بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قوله : لا لامر الله تعقلون ، يتوهم من كلامه أن هذه الفقرات من أجزاء الزيارة ، لا سيما وقد سقط من النسخ ما مر في رواية الاحتجاج من قوله عليه‌السلام إذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى والينا فقولوا كما قال الله تعالى : سلام على آل يسين فقوله : سلام على آل ياسين أول الزيارة أو ما بعده ، فيكون ذكر الاية للاستشهاد ، لا لان تذكر في الزيارة وإنما أعدنا هاهنا للاختلاف الكثير بينهما.

«قوله» عليه‌السلام ومن تقديره منائح العطاء ، المنائح جمع المنيحة وهي العطية وتطلق غالبا في منحة اللبن كالناقة أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك ، فيكون المراد بها الفوائد الدنيوية لكونها عارية ، والتعميم أظهر.

و «قوله» منايح إما منصوب بمفعولية التقدير ، فقوله : إنفاذه مبتدأ ومن تقديره خبره ، وبكم متعلق بانفاذه ، والمعنى أن من جملة ما قدر الله تعالى في عطاياه أن جعل إنفاذها محتوما مقرونا بالحصول أو بعضها ببعض ببركتكم و وسيلتكم ، فما شئ منه إلا أنتم سببه ، وإفراد ضمير إنفاذه لرجوعه إلى العطاء أو مرفوع فيحتمل وجوها :

«الاول» أن يكون منائح العطاء مبتدأ ومن تقديره خبره ، وقوله بكم إنفاذه جملة مستأنفة فكان سائلا سأل كيف قدره فقال : بكم إنفاذه.

«الثانى» أن يكون إنفاذه بدل اشتمال لقوله ، منائح العطاء ، والمعنى من تقديره إنفاذ منائح العطاء بكم.

«الثالث» أن يكون قوله منائح العطاء مبتدأ وقوله بكم إنفاذه خبره ، و يكون الجملة مع الظرف المتقدم جملة أي من تقديره هذا الحكم وهذه القضية.

قوله : خياره لوليكم نعمة ، أي كل ما اختاره لوليكم من الراحة والبلايا والمصائب فهو نعمة له ، بخلاف المصائب التي ترد على أعدائكم فانها انتقام وسخط «قوله عليه‌السلام» يا صاحب المرأى والمسمع أي الذي يرى الخلائق ويسمع كلامهم من غير أن يروه «قوله» بعين الله أي بعلمه أو بحفظه وحراسته ، قال

١٢١

الفيروز آبادي : (١) أنت على عيني إي في الاكرام والحفظ جميعا وصنع ذلك على عين وعينين ، وعمد عينين أي تعمده بجد ويقين ، وها هو عرض عين : أي قريب وقال : (٢) الحفيظة الحمية والغضب والذب عن المحارم.

«قوله عليه‌السلام» وخاتمته أي خاتمه الاخر أو خاتمة أمر الامامة والخلافة.

«قوله عليه‌السلام» ما استأثرت به مشيتكم أي اختارته يقال : استأثر بالشئ أي استبد به وخص به نفسه ، وفي بعض النسخ المصححة القديمة والممحو ما استأثرت به سنتكم بدون حرف النفي ، فالمعنى أن قدركم في الواقع بلغ إلى درجة يجري القضاء على وفق مشيتكم ، وجهل قدركم في الناس بحيث يمحون ويتركون ما جرت به سنتكم.

والحرد القصد وحرد يحرد حرودا أي تنحى عن قومه ونزل منفردا ولم يخالطهم والحرد أيضا الغضب. قوله عليه‌السلام فيما دنت أي اعتقدت وجعلته ديني أو عبدت الله به «قوله عليه‌السلام» أنت الجاه أي ذوالجاه والقدر والمنزلة.

«قوله عليه‌السلام» : أسألك باسمك الذي خلقته أي القائم عليه‌السلام وهو الاسم الذي استأثر به ولم يخبر به أحدا من خلقه كما مر في باب الاسماء من كتاب التوحيد ولا يبعد أن يكون في الاصل من ذاتك ، فيكون الضمير راجعا إلى الاسم ، أو يكون خلقت بدون الضمير أي خلقت الاشياء من ذلك الاسم.

«قوله» يا ابن شجرة طوبى وسدرة المنتهى قال الكفعمي ـ رحمه‌الله ـ قلت يريد أنه عليه‌السلام صاحبهما والعالم بهما والمرتقى فضله عليهما ، ومن سنة العرب إضافة العظيم إلى العظيم إذا أرادوا المدح ، فيقولون الكعبة بيت الله ، والحجاج وفد الله ، وأهل القرآن هم أهل الله ، والسلطان ظل الله في الارض ، ويقولون للرجل الجلد : ابن الايام ، وللسيد : ابن جلا ، وابن أقوال هو المنطيق المقتدر على الكلام

__________________

(١) القاموس ج ٤ ص ٢٥٢.

(٢) القاموس ج ٢ ص ٣٩٥.

١٢٢

وابن مدينتها وابن بلدتها وابن نجدتها العالم بها انتهى كلامه ـ رحمه‌الله ـ (١).

وأينع الثمرحان قطافه ونضج ، وغرد الطائر كفرح وغرد تغريدا وأغرد وتغرد رفع صوته وطرب به ، والهد الهدم الشديد والكسر ، والقد القطع المستأصل أو المستطيل أو الشق طولا ، والقصف الكسر ، والمطرد كمنبر رمح صغير ، والتخريق لا يناسبه ولعل فيه تصحيفا ، وقال الجزري : (٢) الوطئ في الاصل الدوس بالقدم فسمي به الغزو والقتل لان من يطأ على الشئ برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته ومنه الحديث ، اللهم اشدد وطاتك على مضر أي خذهم أخذا شديدا انتهى ، والمنون الموت ، وزخرف الدنيا زينتها وأصله الذهب ثم اطلق على كل مزين ، والزبرج بالكسر : الزينة من وشي أو جوهر والذهب والردء : بالكسر العون ، والصناديد جمع الصنديد بالكسر وهو السيد الشجاع والابطال جمع البطل بالتحريك وهو الشجاع.

«قوله عليه‌السلام» وناهش ذؤبانهم في بعض النسخ ناوش يقال : نهشه أي عضه أو أخذه بأضراسه والمناوشة المناولة في القتال ، والذؤبان بالهمز جمع الذئب وذؤبان العرب صعاليكهم ولصوصهم «قوله عليه‌السلام» فأضبت على عداوته ، يقال : أضب على الشئ إذا أمسكه ، وفي بعض النسخ بالصاد المهملة والنون ، يقال : أصن على الامر إذا أصر فيه وأكب على الامر أقبل ولزم ، والمنابذة المحاربة وأقصاه أبعده ، وندب الميت كنصر بكاه وعدد محاسنه.

«قوله» فلتدر الدموع الدر السيلان ، وفي كثير من النسخ فلتذرف من قولهم ذرف الدمع أي سال والعج رفع الصوت ، والامت الانخفاض والارتفاع والاختلاف في الشئ. والذحل طلب المكافاة بالجناية «قوله عليه‌السلام» وافترى في بعض النسخ القديمة على من اعتدى وانتزى ، والانتزاء الوثوب إلى الشر «قوله» من عقيد عز أي الذي عقد وشد عليه العز فلا يفارقه أو عز معقود ، ومنه ما ورد

__________________

(١) مصباح الكفعمى ص ٤٩٥.

(٢) النهاية ج ٤ ص ٢٣١.

١٢٣

في الدعاء : أسألك بمعاقد العز من عرشك ، أو المعنى حليف العز ومعاهده كما يقال فلان عقيد الكرم أي لا يفارقه كأنه وقعت المعاقدة بينهما ، والاثيل المتأصل أي ذو مجد أصيل ، والمساماة المفاخرة والمغالبة في السمو والرفعة.

«قوله» لا يجازى ، كذا في النسخ والاظهر لا يحاذى بالحاء المهملة والذال المعجمة أي لا يحاذيه ويماثله مجدا ، أو بالجيم والراء المهملة من المجاراة في الكلام والمسابقة ولعله أظهر ، والتلاد القديم ، والمضاهاة المشابهة «قوله عليه‌السلام» من نصيف شرف أي سهيم شرف مأخوذ من النصف كأنه نصف الشرف وساير الخلق نصفه والنصيف أيضا العمامة ، فيمكن أن يكون على الاستعارة أي أنه مزين الشرف وقال الجوهري (١) المناغاة المغازلة والمرأة تناغي الصبى أي تكلمه بما يعجبه ويسره ، وقال : (٢) القذى في العين والشراب ما يسقط فيه ، وقذيت عينه تقذى إذا سقطت في عينه قذاة.

«قوله عليه‌السلام» هل يتصل يومنا منك بغده : أي نراك يوما بعد يوم ، أو المراد باليوم أيام الفراق وبالغد أيام الوصال و «قوله» فنحظى من الحظوة وهي القدر والمنزلة من باب علم ، ونقع بالماء كمنع روي وأنقعه الماء أرواه ، والصدى بالتحريك العطش «قوله» دابر المتكبرين أي آخر من يبقى منهم كناية عن استيصالهم ، والجث القطع وانتزاع الشجر من أصله ، ويقال : استعداه أي استعانه واستنصره ، والعدوى النصرة ، والاسى بالفتح مقصورا الحزن ، و الجوى كذلك المرض وداء الجوف إذا تطاول ، والغليل شدة العطش وحرارة الجوف.

«قوله» : والتائقون أي المشتاقون وأدحضه أبطله ، والادالة الغلبة ، وقال في النهاية (٣) في الحديث إن الرحم أخذت بحجزة الرحمن أي اعتصمت

__________________

(١) الصحاح ج ٦ ص ٢٥١٣.

(٢) الصحاح ج ٦ ص ٢٤٦٠.

(٣) النهاية ج ١ ص ٢٣٦ وفيه والنبى آخذ بحجزة الله بدل ياليتنى.

١٢٤

به والتجأت إليه مستجيرة ، وأصل الحجزة موضع شد الازار ، ثم قيل للازار حجزة للمجاورة فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسك بالشئ والتعلق به ، و منه الحديث الاخر يا ليتني آخذ بحجزة الله أي بسبب منه.

«قوله عليه‌السلام» : والغرة الحميدة قال الكفعمى (١) أي البيضاء المحمودة والاغر الابيض المشرق ، ومنه سمي النجم بالغرار لبياضه وإشراقه ، والغرة ابيضاض في جبهة الفرس والغرة الحسن.

«قوله عليه‌السلام» وأكحل ناظري في بعض النسخ وأكحل مرهي ، يقال : مرهت العين مرها إذا فسدت لترك الكحل ، فاسناد الاكحال إليه مجاز ، والازر الشدة والقوة والظهر ، ودمدم القوم طحنهم فأهلكهم والتدمير الاهلاك ، والحوب بالضم والفتح الاثم.

«قوله» والائمة من بعده قال الكفعمي في الحاشية (٢) : أي صل عليه أولا ثم صل عليهم ثانيا من بعد أن تصلي عليه ، ويريد بالائمة من بعده أولاده لانهم علماء أشراف ، والعالم إمام من اقتدى به ، ويدل عليه قوله : والائمة من ولده في الدعاء المروي عن المهدي عليه‌السلام انتهى.

أقول : على المعنى الذي ذكره لقوله : من بعده ، يحتمل أن يكون المراد بالائمة آباءه الطاهرين أي بعد أن صليت عليه صل على آبائه الطاهرين ، و يحتمل أن يكون المراد بالائمة بعده الائمة الذين يرجعون إلى الدنيا بعد ظهوره وكثير من الاخبار يدل على وجودهم بعده أيضا ، وقد سبق القول فيه في كتاب الغيبة.

__________________

(١) مصباح الكفعمى ص ٥٥١.

(٢) مصباح الكفعمى ص ٥٥٠.

١٢٥

٨

* «(باب)» *

* «(الزيارات الجامعة التى يزار بها كل امام)» *

* «(صلوات الله عليهم وفيه عدة زيارات)» *

(الزيارة الاولى) :

١ ـ ن : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن علي بن حسان قال : سئل الرضا عليه‌السلام عن إتيان أبي الحسن موسى عليه‌السلام فقال : صلوا في المساجد حوله ، ويجزي في المواضع كلها أن تقول : السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على امناء الله وأحبائه ، السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله ، السلام على مساكن ذكر الله ، السلام على مظهري أمر الله ونهيه ، السلام على الدعاة إلى الله ، السلام على المستقرين في مرضاة الله ، السلام على الممحصين في طاعة الله ، السلام على الادلاء على الله ، السلام على الذين من والاهم فقد وال الله ، ومن عاداهم فقد عادى الله ، ومن عرفهم فقد عرف الله ، ومن جهلهم فقد جهل الله ، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ، ومن تخلى منهم فقد نخلى من الله.

اشهد الله أني سلم لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم ، مؤمن بسركم و علانيتكم مفوض في ذلك كله إليكم ، لعن الله عدو آل محمد من الجن والانس من الاولين والاخرين ، وأبرأ إلى الله منهم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

هذا يجزي في الزيارات كلها وتكثر من الصلاة على محمد وآله ، وتسمي واحدا واحدا بأسمائهم ، وتبرأ من أعدائهم ، وتخير ما شئت من الدعاء لنفسك والمؤمنين والمؤمنات (١).

٢ ـ مل : محمد بن الحسين بن مت الجوهري ، عن الاشعرى ، عن هارون بن

__________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ٢٧١.

١٢٦

مسلم ، عن على بن حسان مثله (١).

٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن الاشعري مثله (٢).

بيان : قوله على الممحصين بالحاء المشددة المفتوحة من التمحيص وهو تخليص الذهب وغيره عما يشوبه ويستعمل بمعنى الاختبار والامتحان أي الذين صفاهم الله من الرياء والشرك ومدانس الاخلاق والافعال بسبب طاعته ، ويمكن أن يقرأ بصيغة اسم الفاعل وقرأ الكفعمي ـ رحمه‌الله (٣) بالضاد المعجمة وقال : أي المخلصين في طاعة الله فلا يعتريهم فيها رياء ولا سمعة ، والمحض الشئ الخالص من لبن أو ود أو نسب انتهى. والاول هو الموافق للنسخ المعتبرة وفي بعض النسخ المخلصين بفتح اللام وكسرها.

(الزيارة الثانية)

٤ ـ ن : الدقاق والسناني والوراق والمكتب جميعا عن الاسدي ، عن البرمكي عن النخعي قال : قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم : علمني يا ابن رسول الله قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم فقال : إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غسل ، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : الله أكبر الله أكبر ثلاثين مرة ، ثم امش قليلا وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك ، ثم قف وكبر الله عزوجل ثلاثين مرة ، ثم ادن من القبر وكبر الله أربعين مرة تمام مائة تكبيرة ثم قل :

السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ، ومعدن الرحمة ، وخزان العلم ، ومنتهى الحلم ، واصول الكرم وقادة الامم ، وأولياء النعم ، وعناصر الابرار ، ودعائم الاخيار ، وساسة العباد ،

__________________

(١) كامل الزيارات ص ٣١٥.

(٢) الكافى ج ٤ ص ٥٧٨ ـ ٥٧٩.

(٣) مصباح الكفعمى س ٥٠٥.

١٢٧

وأركان البلاد ، وأبواب الايمان ، وامناء الرحمن ، وسلالة النبيين ، وصفوة المرسلين ، وعترة خيرة رب العالمين ، ورحمة الله وبركاته.

السلام على أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأعلام التقى ، وذوي النهى واولي الحجى ، وكهف الورى ، وورثة الانبياء ، والمثل الاعلى ، والدعوة الحسنى وحجج الله على أهل الدنيا والاخرة والاولى ، ورحمة الله وبركاته ، السلام على محال معرفة الله ، ومساكن بركة الله ، ومعادن حكمة الله ، وحفظة سر الله ، و حملة كتاب الله ، وأوصياء نبي الله ، وذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، ورحمة الله وبركاته.

السلام على الدعاة إلى الله ، والادلاء على مرضاة الله ، والمستوفرين في أمرالله ، والتامين في محبة الله ، والمخلصين في توحيد الله ، والمظهرين لامر الله ونهيه ، وعباده المكرمين ، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، و رحمة الله وبركاته.

السلام على الائمة الدعاة ، والقادة الهداة ، والسادة الولاة ، والذادة الحماة ، وأهل الذكر ، واولي الامر ، وبقية الله وخيرته ، وحزبه وعيبة علمه وحجته وصراطه ، ونوره وبرهانه ورحمة الله وبركاته.

أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، كما شهد الله لنفسه ، وشهدت له ملائكته ، واولو العلم من خلقه ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، وأشهد أن محمدا عبده المنتجب ، ورسوله المرتضى ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

وأشهد أنكم الائمة الراشدون المهديون ، المعصومون المكرمون المقربون المتقون ، الصادقون المصطفون ، المطيعون لله ، القوامون بأمره ، العاملون بإرادته ، الفائزون بكرامته ، إصطفاكم بعلمه ، وارتضاكم لغيبه ،

١٢٨

واختاركم لسره ، واجتباكم بقدرته ، وأعزكم بهداه ، وخصكم ببرهانه ، وانتجبكم لنوره ، وأيدكم بروحه ، ورضيكم خلفاء في أرضه ، وحججا على بريته ، وأنصارا لدينه ، وحفظة لسره ، وخزنة لعلمه ، ومستودعا لحكمته ، وتراجمة لوحيه ، واركانا لتوحيده ، وشهداء على خلقه ، وأعلاما لعباده ، ومنارا في بلاده وأدلاء على صراطه ، عصمكم الله من الزلل ، وآمنكم من الفتن ، وطهركم من الدنس ، وأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا.

فعظمتم جلاله ، وأكبرتم شأنه ، ومجدتم كرمه ، وأدمتم ذكره ، ووكدتم ميثاقه ، وأحكمتم عقد طاعته ، ونصحتم له في السر والعلانية ، ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبذلتم أنفسكم في مرضاته ، وصبرتم على ما أصابكم في جنبه ، وأقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ، و نهيتم عن المنكر ، وجاهدتم في الله حق جهاده ، حتى أعلنتم دعوته ، وبينتم فرائضه وأقمتم حدوده ، ونشرتم (١) شرايع أحكامه ، وسننتم سنته ، وصرتم في ذلك منه إلى الرضا ، وسلمتم له القضاء ، وصدقتم من رسله من مضى.

فالراغب عنكم مارق ، واللازم لكم لاحق ، والمقصر في حقكم زاهق والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه ، وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم ، وحسابهم عليكم ، وفصل الخطاب عندكم ، وآيات الله لديكم ، وعزائمه فيكم ، ونوره وبرهانه عندكم ، وأمره إليكم.

من والاكم فقد والى الله ، ومن عاداكم فقد عادى الله ، ومن أحبكم فقد أحب الله ، ومن أبغضكم فقد أبغض الله ، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله ، أنتم السبيل الاعظم ، والصراط الاقوم ، وشهداء دار الفناء ، وشفعاء دار البقاء ، و الرحمة الموصولة ، والاية المخزونة ، والامانة المحفوظة ، والباب المبتلى به الناس.

من أتاكم (فقد) نجى ، ومن لم يأتكم (فقد) هلك * إلى الله تدعون ، وعليه

__________________

(١) فسرتم خ ل.

١٢٩

تدلون وبه تؤمنون ، وله تسلمون ، وبأمره تعملون ، وإلى سبيله ترشدون ، وبقوله تحكمون ، سعد (والله) من والاكم ، وهلك من عاداكم ، وخاب من جحدكم ، وضل من فارقكم ، وفاز من تمسك بكم ، وأمن من لجأ إليكم ، وسلم من صدقكم وهدي من اعتصم بكم ، من اتبعكم فالجنة مأواه ، ومن خالفكم فالنار مثواه ، ومن جحدكم كافر ، ومن حاربكم مشرك ، ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم.

أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى ، وجار لكم فيما بقي ، وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة ، طابت وطهرت بعضها من بعض ، خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين ، حتى من علينا بكم ، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلواتنا (١) عليكم ، وما خصنا به من ولايتكم ، طيبا لخلقنا وطهارة لانفسنا ، وتزكية لنا ، وكفارة لذنوبنا ، فكنا عنده مسلمين (٢) بفضلكم ، ومعروفين بتصديقنا إياكم.

فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين ، وأعلى منازل المقربين ، وأرفع درجات المرسلين ، حيث لا يلحقه لاحق ، ولا يفوقه فايق ، ولا يسبقه سابق ، ولا يطمع في إدراكه طامع ، حتى لا يبقى ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ، ولا جاهل ، ولا دني ولا فاضل ، ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ، ولا جبار عنيد ، ولا شيطان مريد ، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم ، وعظم خطركم ، وكبر شأنكم ، وتمام نوركم ، و صدق مقاعدكم ، وثبات مقامكم ، وشرف محلكم ، ومنزلتكم عنده ، وكرامتكم عليه ، وخاصتكم لديه ، وقرب منزلتكم منه.

بأبي أنتم وامي وأهلي ومالي واسرتي ، اشهدالله واشهدكم أني مؤمن بكم وبما آمنتم به ، كافر بعدوكم وبما كفرتم به ، مستبصر بشأنكم ، وبضلالة

__________________

(١) صلاتنا خ ل.

(٢) مسمين خ ل.

١٣٠

من خالفكم موال لكم ولاوليائكم ، مبغض لاعدائكم ومعادلهم ، سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم ، محقق لما حققتم ، مبطل لما أبطلتم ، مطيع لكم ، عارف بحقكم مقر بفضلكم ، محتمل لعلمكم ، محتجب بذمتكم ، معترف بكم ، مؤمن بايابكم ، مصدق برجعتكم ، منتظر لامركم ، مرتقب لدولتكم ، آخذ بقولكم ، عامل بأمركم مستجير بكم ، زائر لكم ، عائذ بكم ، لائذ بقبوركم ، مستشفع إلى الله عز وجل بكم ، ومتقرب بكم إليه ، ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجى وإرادتى ، في كل أحوالي وامورى.

مؤمن بسركم وعلانيتكم ، وشاهدكم وغائبكم ، وأولكم وآخركم ، ومفوض في ذلك كله إليكم ، ومسلم فيه معكم ، وقلبي لكم مسلم ، ورأيي لكم تبع ونصرتي لكم معدة ، حتى يحيي الله تعالى دينه بكم ويردكم في أيامه ، ويظهركم لعدله ، ويمكنكم في أرضه.

فمعكم معكم لا مع عدوكم ، آمنت بكم ، وتوليت آخركم بما توليت به أولكم ، وبرئت إلى الله عزوجل من أعدائكم ، ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم ، والجاحدين لحقكم ، والمارقين من ولايتكم ، والغاصبين لارثكم ، والشاكين فيكم ، والمنحرفين عنكم ، ومن كل وليجة دونكم ، وكل مطاع سواكم ، ومن الائمة الذين يدعون إلى النار.

فثبتني الله أبدا ما حييت على موالاتكم ، ومحبتكم ودينكم ، ووفقنى لطاعتكم ، ورزقني شفاعتكم ، وجعلنى من خيار مواليكم ، التابعين لما دعوتم إليه وجعلني ممن يقتص آثاركم ، ويسلك سبيلكم ، ويهتدي بهداكم ، ويحشر في زمرتكم ، ويكر في رجعتكم ، ويملك في دولتكم ، ويشرف في عافيتكم ، ويمكن في أيامكم ، وتقر عينه غدا برؤيتكم.

بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي ومالي ، من أراد الله بدأ بكم ، ومن وحده قبل عنكم ، ومن قصده توجه بكم ، موالي لا احصي ثناءكم ، ولا أبلغ من المدح كنهكم ، ومن الوصف قدركم ، وأنتم نور الاخيار ، وهداة الابرار ، وحجج الجبار ، بكم فتح الله وبكم يختم ، وبكم ينزل الغيث ، وبكم يمسك السماء أن

١٣١

تقع على الارض إلا باذنه ، وبكم ينفس الهم ، وبكم يكشف الضر ، وعندكم ما نزلت به رسله ، وهبطت به ملائكته ، وإلى جدكم بعث الروح الامين.

وإن كانت الزيارة لاميرالمؤمنين فقل : «وإلى أخيك بعث الروح الامين»

آتاكم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين ، طاطأ كل شريف لشرفكم ، وبخع (١) كل متكبر لطاعتكم ، وخضع كل جبار لفضلكم ، وذل كل شئ لكم ، وأشرقت الارض بنوركم وفاز الفائزون بولايتكم ، بكم يسلك إلى الرضوان ، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمان.

بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي ومالي ، ذكركم في الذاكرين ، وأسماؤكم في الاسماء ، وأجسادكم في الاجساد ، وأرواحكم في الارواح ، وأنفسكم في النفوس ، وآثاركم في الاثار ، وقبوركم في القبور ، فما أحلى أسماءكم ، وأكرم أنفسكم ، وأعظم شأنكم ، وأجل خطركم ، وأوفى عهدكم ، وأصدق وعدكم.

كلامكم نور ، وأمركم رشد ، ووصيتكم التقوى ، وفعلكم الخير ، وعادتكم الاحسان ، وسجيتكم الكرم ، وشأنكم الحق والصدق والرفق ، وقولكم حكم و حتم ، ورأيكم علم وحلم وحزم ، إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه.

بأبي أنتم وامي ونفسى ، كيف أصف حسن ثنائكم ، واحصي جميل بلائكم وبكم أخرجنا الله من الذل ، وفرج عنا غمرات الكروب ، وأنقذنا بكم من شفا جرف الهلكات ومن النار.

بأبي أنتم وامي ونفسي ، بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا ، وأصلح ما كان فسد من دنيانا ، وبموالاتكم تمت الكلمة ، وعظمت النعمة ، وائتلفت الفرقة ، و بموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ، ولكم المودة الواجبة ، والدرجات الرفيعة والمقام المحمود ، والمكان المعلوم عندالله عزوجل ، والجاه العظيم ، والشأن الكبير ، والشفاعة المقبولة.

__________________

(١) نخع خ ل نجع خ ل.

١٣٢

ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة ، إنك أنت الوهاب ، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.

ياولي الله إن بيني وبين الله عزوجل ذنوبا لا يأتي عليها إلا (١) رضاكم ، فبحق من ائتمنكم على سره ، واسترعاكم أمر خلقه ، وقرن طاعتكم بطاعته ، لما استوهبتم ذنوبي ، وكنتم شفعائى ، فاني لكم مطيع ، من أطاعكم فقد أطاع الله ، ومن عصاكم فقد عصى الله ، ومن أحبكم فقد أحب الله ، ومن أبغضكم فقد أبغض الله.

اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الاخيار الائمة الابرار ، لجعلتهم شفعائي ، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك ، أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم ، وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم ، إنك أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، وسلم تسليما كثيرا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل (٢).

(الوداع) إذا أردت الانصراف فقل : السلام عليكم سلام مودع ، لا سئم ولا قال ولا مال ، ورحمة الله وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوة إنه حميد مجيد ، سلام ولي غير راغب عنكم ، ولا مستبدل بكم ولا مؤثر عليكم ، ولا منحرف عنكم ، ولا زاهد في قربكم ، لا جعله الله آخر العهد من زيارة قبوركم ، وإتيان مشاهدكم والسلام عليكم ، وحشرني الله في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني من حزبكم وأرضاكم عني ، ومكنني من دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملكنى في أيامكم وشكر سعي بكم ، وغفر ذنبي بشفاعتكم ، وأقالل عثرتي بمحبتكم (٣) وأعلى كعبي بموالاتكم ، وشرفني بطاعتكم ، وأعزني بهداكم ، وجعلني ممن أنقلب مفلحا منجحا ، غانما سالما ، معافا غنيا ، فائزا برضوان الله وفضله وكفايته ، بأفضل ما

__________________

(١) الا رضى الله ورضاكم خ.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٢٧٢ ـ ٢٧٧.

(٣) بحبكم خ ل.

١٣٣

ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ومحبيكم وشيعتكم ، ورزقني الله العود ثم العود أبدا ما أبقاني ربي ، بنية صادقة ، وإيمان وتقوى وإخبات ، ورزق واسع حلال طيب.

اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم ، والصلاة عليهم ، وأوجب لي المغفرة والرحمة والخير والبركة والتقوى والفوز والنور والايمان ، و حسن الاجابة ، كما أوجبت لاوليائك العارفين بحقهم ، الموجبين طاعتهم ، والراغبين في زيارتهم المتقربين إليك وإليهم.

بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي ومالي ، اجعلوني في همكم ، وصيروني في حزبكم ، وأدخلوني في شفاعتكم ، واذكروني عند ربكم ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام ، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل (١).

بيان : «قوله عليه‌السلام» : وعليك السكينة أي اطمينان القلب بذكر الله و تذكر عظمته وعظمة أوليائه ، والوقار اطمينان البدن ، وقيل بالعكس ومقاربة الخطا إما لكثرة الثواب أو للوقار ، وموضع الرسالة أي مخزن علم جميع رسل الله عليهم الصلاة والسلام أو القوم الذين جعل الله الرسول منهم ، والاول أظهر.

ومختلف الملائكة أى محل نزولهم وعروجهم ، ومهبط الوحى ، بفتح الباء وكسرها إما باعتبار هبوطه على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيوتهم أو عليهم لغير الشرايع والاحكام كالمغيبات أو الاعم في ليلة القدر وغيرها ، فيكون في الشرايع للتأكيد والتبيين ، وقد مر القول فيه في كتاب الامامة ، ومعدن الرحمة ، بكسر الدال لان الرحمات الخاصة والعامة ، إنما تنزل على القوابل بسببهم كما مر تحقيقه.

وخزان العلم فان جميع العلوم التي نزلت من السماء في الكتب الالهية

__________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨.

١٣٤

أوجرت على ألسنة الانبياء مخزونة عندهم مع ما نزلت أو تنزل عليهم في ليلة القدر وغيرها كما سبق بيانه ، ومنتهى الحلم : أى محل نهاية الحلم ، أو ذا نهايته أو نهايته مبالغة ، والحلم : إما بمعنى الاناة وكظم الغيظ ، أو العقل ، و الاول أظهر.

واصول الكرم الكريم الجواد المعطي أو الجامع لانواع الخير والشرف والفضايل ، والمعنيان وكمالهما فيهم ظاهران ، أو المراد أنهم أسباب كرم الله تعالى على العباد في الدنيا والاخرة.

وقادة الامم أي طوايف هذه الامة إلى معرفة الله وطاعته في الدنيا بالهداية وإلى درجات الجنان في الاخرة بالشفاعة ، أو قادة مؤمني جميع الامم في الاخرة فان لهم الشفاعة الكبرى ، بل في الدنيا أيضا ، لان بالتوسل إلى أنوارهم المقدسة اهتدى الانبياء واممهم.

وأولياء النعم أي النعم الظاهرة والباطنة ، فان بهم تنزل البركات وبهم يفوز الخلق بالسعادات ، وعناصر الابرار : بكسر الصاد جمع عنصر بضمتين ، وقد يفتح الصاد : وهو الاصل والحسب ، أي هم اصول الابرار لانتسابهم إليهم و اهتدائهم بهم ، أو لانهم إنما وجدوا ببركتهم ، أو لانه خلف كل منهم خلفا وهو سيد الابرار.

ودعائم الاخيار جمع دعامة بكسر الدال وهي عماد البيت ، وهم سادة الاخيار وبهم استنادهم ، وعليهم اعتمادهم ، وساسة العباد : جمع السائس أي ملوك العباد وخلفاء الله عليهم.

وأركان البلاد فإن نظام العالم بوجود الامام ، وأبواب الايمان أي لا يعرف الايمان إلا منهم ، أو لا يحصل بدون ولايتهم ، والسلالة بالضم ما انسل من الشئ ، والولد ، والصفوة مثلثة الفاء الخلاصة والنقاوة ، والخيرة بكسر الخاء وسكون اليآء وفتحها المختار ، على أئمة الهدى : أي الهدى يلزمهم ويتبعهم فهم أئمته ، أو هم أئمة الناس في الهداية وهذا أظهر ، والدجى جمع الدجية

١٣٥

بالضم فيهما وهي الظلمة.

وأعلام التقى الاعلام جمع علم وهو العلامة والمنار والجبل ، أي إنهم معروفون عند كل أحد بالتقوى ، ولا يعرف التقوى إلا منهم ، والنهى بالضم العقل وجمع نهية أيضا وهي العقل ، والحجى كإلى العقل والفطنة ، وكهف الورى أي ملجأ الخلايق في الدين والاخرة والدنيا ، وورثة الانبياء أي ورثوا علوم الانبياء وآثارهم كالتابوت ، والعصا ، وخاتم سليمان ، وعمامة هارون ، وغيرها كما مر في كتاب الامامة.

والمثل الاعلى أي مثل الله نوره تعالى بهم في آية النور ، والافراد لانه مثل بجميعهم مع أن نورهم واحد ، والمثل ايضا يكون بمعنى الحجة والصفة ، فهم حجج الله والمتصفون بصفاته ، كأنهم صفاته على المبالغة ، والدعوة الحسنى الحمل على المبالغة أي أهل الدعوة الحسنى ، فإنهم يدعون الناس إلى طريق النجاة ، أو المراد أنهم الذين فيهم الدعوة الحسنى من إبراهيم عليه‌السلام حيث قال «فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم» (١) وقال «ومن ذريتي» (٢) كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله: أنا دعوة أبي إبراهيم ، والاخرة والاولى : الاولى تأكيد للدنيا أو المراد بأهل الاخرة أهل الملة الاخرة ، وكذا الاولى.

وحملة كتاب الله أي عندهم تمام الكتاب على ما نزل ، من غير نقص وتغيير ومعناه وتأويله وبطونه. وذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شمل اميرالمؤمنين عليه‌السلام تغليبا ، أو هذه الفقرة مختصة بغيره عليه‌السلام وسيأتي في الجامعة الكبيرة وورثة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلا يحتاج إلى تكلف ، والمستقرين في أمر الله : أي في أوامره عاملين بها أو في أمر الخلافة.

وفي بعض النسخ المستوفرين أي الذين يعملون بأوامر الله أكثر من سائر الخلق ، والتامين في محبة الله في بعض النسخ القديمة والنادمين بالنون من

__________________

(١) ابراهيم : ٣٧.

(٢) البقرة : ١٢٤.

١٣٦

النمو أي نشأوا في بدو سنهم في محبته ، أو في كل آن وزمان يزدادون في حبه ، والذادة الحماة : الذود الطرد والدفع أي يدفعون عن دين الله ما يبطله ويحمون عباد الله عما يهلكهم ويضلهم.

وبقية الله أي بقية خلفاء الله في الارض من الانبياء والاوصياء ، إشارة إلى قوله تعالى (بقية الله خير لكم إن كنتم تعلمون) أو الذين بهم أبقى الله على العباد ورحمهم فالحمل للمبالغة فيكون إشارة إلى قوله تعالى (اولوا بقية) (١) والاول اظهر.

والعيبة الصندوق ، ونوره أي الذين نوروا العالم بعلم الله وهدايته ، أو بنور الوجود ايضا ، لانهم علل غائية له ، والعزيز الغالب القاهر الذي لا يصل أحد إلى كبريائه والحكيم المحكم لافعاله العالم بالحكم والمصالح ، القوامون بأمره أي الامامة أو الاعم أو المقيمون لغيرهم على الطاعة بأمره.

اصطفاكم بعلمه أي عالما بأنكم مستأهلون لذلك الاصطفاء ، أو لان يجعلكم خزان علمه أو بأن جعلكم كذلك.

وارتضاكم لغيبه إشارة إلى قوله تعالى (فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول) (٢) إما بكون الرسول في الاية شاملا لهم على التغليب أو بكون المراد به معنى آخر أعم من المعنى المصطلح ، ويحتمل أن لا يكون إشارة إليها ويكون المقصود في الاية ، حصر علم الغيب بلا واسطة في الرسل ، وأما علمهم عليهم‌السلام فإنما هو بتوسط الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله، ويظهر من كثير من الروايات أن لفظة من في الاية ليست بيانية ، وأن المراد بالموصول أميرالمؤمنين أو مع سائر الائمة عليهم‌السلام ، فانهم المرتضى من الرسول أي ارتضاهم بأمر الله للوصاية والخلافة فلا يحتاج إلى تكلف.

واجتباكم بقدرته إشارة إلى علو مرتبة اجتبائهم ، حيث نسبه إلى قدرته مؤميا إلى أن مثل ذلك من غرايب قدرته أو لاظهار قدرته ، ويحتمل أن يكون المراد أعطاكم قدرته وأظهر منكم الامور التي هي فوق طاقة البشر بقدرته ،

__________________

(١) هود : ٨٦ و ١١٦.

(٢) الجن : ٢٧.

١٣٧

كما قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ، ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية.

وخصكم ببرهانه أي بالحجج والدلائل ، أو المعجزات ، أو القرآن ، أو الاعم من الجميع وهو أظهر.

وأيدكم بروحه أي الروح الذي اختاره ، وهو روح القدس الذي هو معهم يسددهم كما مر ، وتراجمة لوحيه التراجمة بكسر الجيم جمع الترجمان بالضم والفتح ، وهو الذي يفسر الكلام بلسان آخر والمراد هنا مفسر القرآن وسائر ما اوحي إلى نبينا وساير الانبيآء صلوات الله عليه وعليهم.

واركانا لتوحيده : أي لا يقبل التوحيد من أحد إلا إذا كان مقرونا بالاعتقاد بولايتهم ، كما ورد في أخبار كثيرة أن مخالفيهم مشركون ، وأن كلمة التوحيد في القيامة تسلب من غير الشيعة ، أو أنهم لو لم يكونوا لم يتبين توحيده فهم أركانه ، أو المعنى أن الله جعلهم أركان الارض ليوحده الناس وفيه بعد.

وشهداء على خلقه كما قال تعالى (لتكونوا شهداء على الناس) وقد سبق في الاخبار الكثيرة ، أن أعمال العباد تعرض عليهم ، ومنارا في بلاده أي يهتدي بهم أهل البلاد ، وأدلاء على صراطه : أي دينه القويم في الدنيا ، والصراط المعروف في الاخرة.

وآمنكم من الفتن أي في الدين ، وأذهب عنكم الرجس أي الشرك والشك والمعاصي كلها ، ووكدتم ميثاقه أي الميثاق المأخوذ على الارواح ، أو الاعم منه ومما أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الخلق ، على ما أصابكم في جنبه أي في طاعته وحقه أو قربه وجواره ، كما قالوا في قوله تعالى (على ما فرطت في جنب الله) وصرتم في ذلك أي في الجهاد أو في كل من الامور المتقدمة ، وكلمة في تحتمل السببية.

منه إلى الرضا : أي رضا الله عنكم أو رضاكم عن الله.

فالراغب عنكم مارق أي خارج من الدين ، واللازم لكم لاحق ، أي بكم أو بالدرجات العالية ، ويقال : زهق الباطل أي اضمحل وزهق السهم إذا جاوز

١٣٨

الهدف ، وإليكم أي كل حق يرجع اليكم بالاخرة فإنكم الباعث لوصوله إلى الخلق أو في القيامة يرجع إليكم فأن حسابهم عليكم. وإياب الخلق اليكم ، الاياب بالكسر الرجوع أي رجوع الخلق في الدنيا لجميع امورهم اليهم وإلى كلامهم وإلى مشاهدهم ، أو في القيامة للحساب وهو اظهر. فالمراد بقوله تعالى (إن إلينا إيابهم) أي إلى أوليائنا كما دلت عليه أخبار كثيرة.

وفصل الخطاب عندكم أي الخطاب الفاصل بين الحق والباطل ، وآيات الله لديكم أي آيات القرآن أو معجزات الانبياء.

وعزائمه فيكم أي الجد والاهتمام في التبليغ والصبر على المكاره والصدع بالحق ، فيكم وردت ، وعليكم وجبت ، أو الواجبات اللازمة التي لم يرخص في تركها إنما وجب على العباد لكم كوجوب متابعتكم والاعتقاد بامامتكم وجلالتكم وعصمتكم ، أو ما أقسم الله به في القرآن كالشمس والقمر والضحى أنتم المقصودون بها ، أو القسم بها إنما هو لكم ، وقيل أي كنتم آخذين بالعزائم دون الرخص ، أو السور العزائم ، أو ساير الايات نزلت فيكم ، أو قبول الواجبات اللازمة إنما هو بمتابعتكم ، أو الوفاء بالمواثيق والعهود الالهية في متابعتكم.

وأمره إليكم أي أمر الامامة وظاهره يؤمي إلى التفويض (١) والرحمة

__________________

(١) كان الانسب من شيخنا المؤلف رحمه‌الله التعبير بيوهم بدل يومى فان قوله عليه السلام في الزيارة : وأمره اليكم لا يومى إلى التفويض بعد أن كان التفويض مما نبرأ منه تبعا لائمتنا عليهم‌السلام وقد أمرونا في كثير من الاحاديث بلعن المفوضة وحتى قرنوهم بالغلاة ونعتوهم بالكفر والشرك.

وقد سبق من شيخنا المؤلف رحمه‌الله في الجزء السابع ص ٢٩٥ ط (كمبانى) نقلا عن عيون أخبار الرضا (ع) رواية حديث أبى هاشم الجعفرى حين سأل الامام الرضا عليه‌السلام عن الغلاة والمفوضة فقال : الغلاة كفار والمفوضة مشركون ، من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوجهم أو تزوج اليهم أو أمنهم أو ائتمنهم

١٣٩

الموصولة أي الغير المنقطعة فإن كل إمام بعده إمام ، كما فسر قوله تعالى (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) بذلك في بعض الاخبار ، أو الموصولة بين الله وبين خلقه.

والاية المخزونة أي هم علامة قدرة الله تعالى وعظمته ، لكن معرفة ذلك كما ينبغي مخزونة إلا عن خواص أوليائهم ، وفيه إشارة إلى أن الايات في بطون الايات هم الائمة عليهم‌السلام كما مر في الاخبار ، وقد قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه : ما لله آية أكبر منى.

والامانة المحفوظة أي يجب على العالمين حفظهم وبذل أنفسهم وأموالهم في حراستهم ، أو المراد ذو الامانة بمعنى أن ولايتهم الامانة المحفوظة المعروضة

__________________

على أمانة أو صدق حديثهم وأعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عزوجل وولاية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وولايتنا أهل البيت.

وكذلك خبر يزيد بن عمير المروى في العيون أيضا وقال فيه : دخلت على على ابن موسى الرضا (ع) بمرو فقلت له يا ابن رسول الله روى لنا عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : لا جبر ولا تفويض أمر بين أمرين فما معناه؟ فقال : من زعم أن الله عزوجل فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه (ع) فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك.

ونحو هذين الخبرين مما أوضح معنى تفويض أمر الخلق إلى الائمة وأبطل قول المفوضة وأوجب لعنهم ومقاطعتهم. فكل ما ورد في هذه الزيارة الجامعة ـ وغيرها مما يوهم ظاهره التفويض ولا يومى إلى ذلك ، فانما هو محمول على رعايتهم عليهم‌السلام لامر خلقه عزوجل وقيامهم بينهم باعلاء دينه اذ أنهم (ع) حججه على خلقه وأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

ويزيد ما قلناه ايضاحا ما جاء في آخر الزيارة المذكورة من قوله (ع) واسترعاكم أمر خلقه أى جعلكم رعاة لامرهم وولاة عليهم وأين هذا من التفويض المنهى عنه والملعون قائله؟

١٤٠