


كتاب الميراث
كتاب الميراث (١)
______________________________________________________
(١) ففي خبر ابن
مسعود عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (تعلموا الفرائض وعلّموها الناس ، فإني امرؤ مقبوض وإن
العلم سيقبض ، وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما)
(.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (تعلموا الفرائض فإنها من دينكم ، فإنها نصف العلم ، وهو
ينسى ، وهو أول شيء ينتزع من أمتي) .
واختلفوا في
نصفيته للعلم ، فقيل : لأنه مختص بإحدى حالتي الإنسان ، وهي حالة الممات ، بخلاف
سائر العلوم فإنها تختص بحال الحياة.
وقيل : لأنه مختص
بأحد سببي الملك ، وهو السبب الاضطراري للتمليك بالموت في قبال السبب الاختياري
للتمليك من بيع وإجارة ، والإرث مختص بالسبب الأول وبقية العلوم مختصة بالثاني.
وقيل : إن العلم
قسمان ، قسم يقصد فيه بالذات التعلم والتعليم والعمل تابع ، وقسم بالعكس ، والأول
الإرث والفرائض والثاني باقي الفقه.
وقيل : إنه نصف
العلم باعتبار المشقة ، لأن معرفته وتعلم مسائله فيه مشقة عظيمة ، بخلاف باقي
العلوم.
__________________
وهو (١) : مفعال
من الإرث (٢) ، وياؤه منقلبة عن واو (٣) ، أو من الموروث(٤)
وهو على الأول (٥)
: «استحقاق إنسان بموت آخر بنسب أو سبب (٦) شيئا بالأصالة (٧).
وعلى الثاني (٨) :
«ما يستحقه (٩) إنسان ..» إلى آخر بحذف الشيء (١٠) وهو أعم من «الفرائض» (١١)
______________________________________________________
ـ وقيل : إنه نصف
العلم باعتبار الثواب ، لما روي أن ثواب مسألة من الفرائض ثواب عشرة من غيره.
(١) أي الميراث ،
وأصله موراث ، قلبت واوه ياء لكسر ما قبلها ، وهذا الوزن أعني مفعال من أوزان اسم
الآلة ، واسم الآلة فيه جهة مصدرية وجهة اسمية.
فإن لوحظت الأولى
، فالميراث هو استحقاق الإنسان بموت الآخر شيئا ، إذا كان بينهما نسب أو سبب.
وإن لوحظت الثانية
دون الأولى ؛ فالميراث هو ما يستحقه الإنسان بموت الآخر شيئا إذا كان بينهما نسب
أو سبب.
(٢) إن لوحظت
الجهة المصدرية في اسم الآلة.
(٣) لكسر ما
قبلها.
(٤) إن لوحظت
الجهة الاسمية في اسم الآلة.
(٥) أي من الإرث.
(٦) احتراز عن
الوصية.
(٧) احتراز عن
الوقف الذري ، فلو كان الوقف على الأولاد ثم على أولادهم فيصدق على انتقال الموقوف
من الأولاد إلى أولادهم عند موت الأوائل أنه استحقاق إنسان بموت آخر شيئا ، إلا
أنه ليس في أصل الشرع بل بسبب عروض الوقف.
(٨) أي الموروث.
(٩) وهو المنتقل
من المورث إلى الوارث.
(١٠) والسبب في
حذفه لأن الشيء الوارد في تعريف الإرث هو عين المستحق ، وقد ذكر أولا في التعريف
الثاني.
(١١) تعريض
بالكثير من الفقهاء ، حيث عبروا عنه بكتاب الفرائض ، ووجه الأعمية : أن الفرائض
جمع فريضة بمعنى السهم ، والفريضة هي المنصوص عليها في الكتاب والسنة ، ـ
مطلقا (١) ، إن
أريد بها (٢) المفروض بالتفصيل.
وإن أريد بها (٣)
ما يعمّ الإجمال (٤) كإرث أولي الأرحام ، فهو بمعناه (٥) ، ومن ثمّ كان التعبير
بالميراث أولى (٦).
(وفيه فصول)
(الأول)
البحث(في الموجبات) (٧) للإرث(والموانع) منه (٨).
(يوجب الإرث) أي يثبته شيئان : (النسب والسبب ،) (فالنسب) هو (٩): الاتصال بالولادة بانتهاء أحدهما إلى الآخر ،
كالأب والابن (١٠) ، أو بانتهائهما إلى ثالث (١١) ،
______________________________________________________
ـ كالنصف للأخت والربع والثمن للزوجة
وهكذا ، فهي لا تشمل إرث القرابة المستفاد من قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ)
بخلاف الإرث فإنه
يشمل الفرائض المنصوصة وإرث القرابة.
(١) قيد للعموم أي
عموما مطلقا ، لا من وجه.
(٢) بالفرائض.
(٣) بالفرائض.
(٤) أي ما يعم
السهام المفروضة والمنصوص عليها في الكتاب والسنة وإرث القرابة.
(٥) أي فلفظ
الفرائض كلفظ الإرث معنى.
(٦) وجه الأولوية
: أن انطباق الإرث على إرث القرابة بلا تأويل ، بخلاف لفظ الفرائض فإن انطباقه على
إرث القرابة بحاجة إلى تأويل بعد كونه موضوعا لما هو مفروض تفصيلا.
(٧) والمراد بها
الأسباب.
(٨) من الإرث.
(٩) تعريف له بما
له من معنى عرفي ، وليس للشارع فيه معنى خاص.
(١٠) فانتهاء
اتصال الابن من جهة العلو ، وانتهاء اتصال الأب من جهة النزول ، ولا يتجاوز أحدهما
الآخر.
(١١) كالأخوين
يرجعان إلى أب واحد ، والعم وابن أخيه يرجعان إلى أب العم وجد ابن الأخ وهو واحد.
__________________
مع صدق اسم النّسب
عرفا (١) على الوجه الشرعي (٢).
وهو ثلاث مراتب (٣)
، لا يرث أحد من المرتبة التالية مع وجود واحد من المرتبة السابقة ، خال (٤) من
الموانع.
فالأولى : (الآباء) دون آبائهم (٥) (والأولاد) وإن نزلوا.
(ثم) الثانية : (الإخوة) والمراد بهم : ما يشمل الأخوات للأبوين ، أو أحدهما (٦) (والأجداد) والمراد بهم : ما يشمل الجدات(فصاعدا. وأولاد
الإخوة) والأخوات(فنازلا) ذكورا وإناثا.
وأفردهم عن الإخوة
(٧) لعدم إطلاق اسم الإخوة عليهم فلا يدخلون ، ولو قيل(٨):
______________________________________________________
(١) ليخرج البعيد
، لأن كل بني آدم ينتهي إلى ثالث وهو آدم عليهالسلام.
(٢) قيد ليخرج
الانتساب بالزنا ، وإن سمي نسبا عرفا ، والمراد بالوجه الشرعي ما كان بوطء صحيح أو
ما بحكمه كوطء الشبهة.
(٣) أي النسب ،
المرتبة الأولى : الأبوان من غير ارتفاع والأولاد ، ذكرانا وإناثا ، وإن نزلوا.
المرتبة الثانية :
الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا ، والأجداد وإن علوا.
المرتبة الثالثة :
الأخوال والأعمام والخالات والعمات وأولادهم وإن نزلوا بشرط صدق اسم القرابة عليهم
، وإلا لعمّم النسب وبطل الولاء.
وفي كل هذه
المراتب تجري قاعدة منع الأبعد بالأقرب ، فالولد يمنع ولد الولد ، والأخ يمنع ابن
أخيه ، والعم يمنع ابنه وهكذا.
وهنا إشكال حاصله
: لو كان الولد يمنع ولد الولد ويمنع الإخوة ، فلم جعل ولد الولد من الطبقة الأولى
، والإخوة من الطبقة الثانية.
والجواب : قد جعل
ولد الولد من الطبقة الأولى لأنه يرث مع وجود الأب ، كما يرث الولد مع وجود الأب ،
والمساوي للمساوي مساو.
(٤) صفة لواحد من
المرتبة السابقة ، وإلا لو كان فيه مانع الإرث لانتقل الإرث إلى ما يوجد في
المرتبة التالية.
(٥) أي آباء
الآباء.
(٦) أحد الأبوين.
(٧) أي أفرد
المصنف أولاد الإخوة عن الإخوة.
(٨) لو وصلية ،
والمعنى لا يدخل أولاد الإخوة تحت الإخوة وإن قال المصنف : الإخوة وإن نزلوا.
وإن نزلوا ونحوه.
بخلاف الأجداد والأولاد (١).
(ثم) الثالثة : (الأعمام والأخوال) للأبوين ، أو أحدهما (٢) وإن علوا كأعمام الأب والأم ،
وأعمام الأجداد(وأولادهم) فنازلا ذكورا وإناثا.
(والسبب) (٣) هو الاتصال بالزوجية ، أو الولاء (٤). وجملته (٥) (أربعة الزوجية) من الجانبين مع دوام العقد ، أو شرط الإرث على الخلاف (٦) (و) ولاء(الإعتاق) (و) ولاء(ضمان الجريرة) (و) ولاء(الإمامة).
والزوجية من هذه
الأسباب تجامع جميع الورّاث ، والإعتاق لا يجامع النسب ، ويقدّم على ضمان الجريرة
المقدّم على ولاء الإمامة فهذه أصول موجبات الإرث.
وأما الموانع
فكثيرة قد سبق بعضها (٧) ويذكر هنا بعضها في تضاعيف الكتاب (٨) ، وغيره (٩) ، وقد
جمعها المصنف في الدروس إلى عشرين (١٠) وذكر هنا ستة :
______________________________________________________
(١) فالجد يطلق
على الأدنى والأعلى ، والولد يطلق على الابن وابنه ، فلذا عبر المصنف بالأجداد
وأراد الجد وما على ، وعبر بالأولاد وأراد به الولد وإن نزل.
(٢) أحد الأبوين.
(٣) وهو قسيم
النسب ، وهما موجبا الإرث ، إلا أن السبب في هذا الكتاب قد أريد به السبب الخاص
وهو الاتصال بما عدا الولادة من زوجية أو ولاء.
(٤) بفتح الواو ،
وأصله القرب والدنو ، والمراد تقرب أحد الشخصين بالآخر على وجه يوجب الإرث بغير
نسب ولا زوجية.
(٥) أي جملة
السبب.
(٦) إذا كان العقد
منقطعا وقد اشترط الإرث في متن العقد ، فمع عدم الشرط لا توارث ، ومع شرط التوارث
خلاف ، قد تقدم في كتاب النكاح.
(٧) كاللعان
والدين المستغرق للتركة والزنا.
(٨) كتاب الإرث.
(٩) غير كتاب
الإرث.
(١٠) وهي : ١ ـ الرق
، ٢ ـ الكفر ، ٣ ـ القتل ، ٤ ـ اللعان ، ٥ ـ الزنا ، ٦ ـ التبرؤ عند السلطان من
جريرة الابن وميراثه ، ٧ ـ الشك في النسب ، ٨ ـ الغيبة المنقطعة ، ٩ ـ الدين
المستغرق ، ١٠ ـ العلم باقتران موت المتوارثين ، ١١ ـ الحمل ما لم ينفصل حيّا ،
أحدها : الكفر (١)
(ويمنع الإرث) للمسلم(الكفر) بجميع أصنافه ، وإن انتحل معه الإسلام(فلا يرث الكافر) حربيا أم ذميا أم خارجيا أم ناصبيا أم غاليا (٢) (المسلم) وإن لم يكن مؤمنا
(٣) (والمسلم يرث الكافر) (٤) ويمنع ورثته
______________________________________________________
ـ ١٢ ـ بعد الدرجة
مع وجود أقرب ، ١٣ ـ عقد المريض على امرأة ما لم يأذن الورثة ، ١٤ ـ الطفل يقع من
غير استهلال ولا تعلم حياته ، ١٥ ـ اشتباه الوارث بالعبد ، ١٦ ـ المنع بقدر الحبوة
، ١٧ ـ المنع بمقدار الكفن ، ١٨ ـ المنع بقدر الوصية فيما دون الثلث ، ١٩ ـ كون
العين موقوفة ، ٢٠ ـ كون العبد جانيا فلا يرثه الورثة لو استرقه المجني عليه أو
وليه.
(١) اتفق المسلمون
على أن الكفر يمنع الكافر من إرث المسلم للأخبار ، منها : خبر أبي خديجة عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (لا يرث الكافر المسلم ، وللمسلم أن يرث الكافر ، إلا أن
يكون المسلم قد أوصى للكافر بشيء) .
(٢) لأن المراد
بالكافر في الخبر من كان خارجا عن الإسلام ، سواء كان قد دخل فيه أولا كالمرتد ،
وسواء كان مع كفره منتحلا للإسلام كالناصبي ، وسواء أقرّ على دينه كالكتابي الذمي
أو لا ، كل ذلك عملا بعموم الخبر.
(٣) أي على ولاية
أمير المؤمنين وبنيه المعصومين عليهمالسلام. لعموم الخبر السابق.
(٤) بلا خلاف فيه
بيننا ، ففي خبر عبد الرحمن بن أعين عن أبي جعفر عليهالسلام : (في النصراني يموت ، وله ابن مسلم ، أيرثه؟ قال : نعم ،
إن الله (عزوجل) لم يزدنا بالإسلام إلا عزا ، فنحن نرثهم وهم لا يرثونا) ، وخبر سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن المسلم هل يرث المشرك؟ قال : نعم ، فأما
المشرك فلا يرث المسلم) .
وخالف أكثر العامة
للنبوي (لا يتوارث أهل ملتين) ، وهو محمول على نفي التوارث من الجانبين ، لأن التفاعل
يقتضي ذلك ، وهذا لا ينفي ثبوت الإرث من أحد الطرفين ، وهذا ما صرحت به الأخبار ،
ففي رواية جميل وهشام عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أنه قال : فيما روى الناس عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : لا يتوارث أهل ملتين ، قال : نرثهم ولا يرثونا ،
إن الإسلام لم يزده في حقه إلا شدة) وفي خبر أبي العباس : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا يتوارث أهل ملتين ، يرث هذا هذا ويرث هذا هذا ،
إلا أن المسلم يرث الكافر ـ
__________________
الكفار ، وإن
قربوا وبعد (١). وكذا يرث المبتدع من المسلمين لأهل الحق ولمثله (٢) ، ويرثونه على
الأشهر (٣).
وقيل : يرثه المحق
، دون العكس.
(ولو لم يخلّف المسلم قريبا مسلما كان ميراثه للمعتق (٤) ،
ثمّ ضامن الجريرة ، ثم الإمام عليهالسلام. ولا يرثه الكافر
بحال) ، بخلاف الكافر
فإن الكفّار يرثونه مع فقد الوارث المسلم ، وإن بعد كضامن الجريرة. ويقدّمون (٥)
على الإمام عليهالسلام.
(وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته) (٦) بين الورثة ، حيث يكونون متعددين(شارك) في الإرث بحسب
حاله(إن كان مساويا) لهم في المرتبة ، كما لو كان الكافر ابنا والورثة إخوته(وانفرد) بالإرث(إن كان أولى) منهم كما لو
______________________________________________________
ـ والكافر لا يرث
المسلم) .
(١) أي وإن قرب
الكفار الورثة ، وبعد المسلم الوارث.
(٢) لعموم أدلة
التوارث بين المسلمين ، وبدعته لا تخرجه عن الإسلام ، وخالف المفيد فمنع إرث
المعتزلي والمرجئ وأهل الحشوية من المؤمن ، وقال في الجواهر : «ولعل الوجه فيه
إطلاق الكفر على المخالفين في بعض الأخبار ، وهو محمول على الكفر الإيماني دون
الإسلامي».
(٣) بل المشهور
لأن المخالف ليس كثيرا.
(٤) وإن كان
المسلم قد ترك وراثا كفارا فلا يرثوه ، بلا خلاف فيه بعد ما عرفت من عدم إرث
الكافر للمسلم.
(٥) أي الورثة
الكفار ، وإن اختلفوا في الملل والنحل ، لأن الكفر ملة واحدة ، نعم شرط التوارث
فقد الوارث المسلم غير الإمام ، ولو منعهم الإمام المعصوم لما ثبت أصلا إرث بينهم
لوجود الإمام دائما ، وهذا الحكم لا خلاف فيه من أحد.
(٦) أي قسمة
الميراث ، فله حصة ، فإن انفرد فالميراث كله له ، وإن شارك فله نصيبه بلا خلاف فيه
، ففي خبر ابن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من أسلم على ميراث قبل أن يقسّم فله ميراثه ، وإن أسلم
بعد ما قسّم فلا ميراث له) ومثله غيره.
__________________
كانوا إخوة مسلما
كان المورّث أم كافرا (١) ، ونماء التركة كالأصل (٢).
(ولو) أسلم بعد القسمة (٣) ، أو (كان الوارث واحدا
فلا مشاركة) (٤) ، ولو كان الوارث الإمام (٥) حيث يكون المورّث مسلما ففي
تنزيله (٦) منزلة الوارث الواحد ، أو اعتبار نقل التركة إلى بيت المال ، أو توريث
المسلم مطلقا (٧) أقوال.
ووجه الأول واضح (٨)
دون الثاني ، والأخير مروي.
______________________________________________________
(١) لإطلاق
الأدلة.
(٢) لأن النماء
المتجدد بعد الموت هو ميراث قبل القسمة.
(٣) فلا يرث ، بلا
خلاف فيه ، ولأخبار تقدم بعضها.
(٤) لأن الميراث
قد انتقل إلى الوارث الوحيد من حين موت المورّث.
(٥) فعلى المشهور
أن الذي أسلم أولى بالميراث من الإمام ، لخبر أبي بصير قال : (سألت أبا جعفر عليهالسلام : عن رجل مسلم مات وله أم نصرانية ، وله زوجة وولد مسلم ،
فقال عليهالسلام : إن أسلمت أمه قبل أن يقسّم ميراثه أعطيت السدس ، قلت :
فإن لم يكن له امرأة ، ولا ولد ، ولا وارث له سهم في الكتاب من المسلمين ، وأمه
نصرانية وله قرابة نصارى ممن له سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين ، لمن يكون ميراثه؟
قال : إن أسلمت
أمه فإن جميع ميراثه لها ، وإن لم تسلم أمه وأسلم بعض قرابته ممن له سهم في الكتاب
فإن ميراثه له) .
وذهب الشيخ في
المبسوط وابن حمزة إلى التفصيل فإذا كان إسلام الوارث قبل نقل التركة إلى بيت
المال فيرث ، وإلا فلا ، وقال في المسالك : «ووجهه غير واضح» ، وقال في الجواهر : «ولم
نعرف لهم مستندا».
وذهب الشيخ في
النهاية وابن البراج إلى أنه لا يرث الكافر إذا أسلم لأن الإمام كالوارث الواحد ،
فلا قسمة في حقه فينتقل المال من المورّث إلى الإمام عند الموت فيكون اسلام الكافر
ولا ميراث.
إلا أنه ردّ
للأخبار التي تقدم بعضها ، ولذا قال في الجواهر : «إنه اجتهاد في مقابل النص».
(٦) أي تنزيل
الإمام.
(٧) سواء نقل
المال إلى بيت المال أو لا.
(٨) لأنه لا قسمة
في حق الوارث الواحد ، ولكنه اجتهاد في قبال النص.
__________________
ولو كان الوارث
أحد الزوجين (١) ، فالأقوى : أن الزوج كالوارث المتحد ، والزوجة كالمتعدد لمشاركة
الإمام عليهالسلام لها دونه (٢) وإن كان غائبا (٣).
ولو كان الإسلام
بعد قسمة البعض (٤) ، ففي مشاركته في الجميع (٥) أو في الباقي (٦) أو المنع منهما (٧)
أوجه أوسطها (٨) الوسط.
(والمرتد عن فطرة) وهو الذي انعقد (٩) وأحد أبويه مسلم(لا تقبل توبته) (١٠)
______________________________________________________
(١) بحيث كان للمورّث
زوج أو زوجة ، ووارث كافر قد أسلم.
فإن كان الوارث هو
الزوج فلا يصدق على الوارث الآخر أنه أسلم على ميراث قبل القسمة لأن الميراث انتقل
بتمامه إلى الزوج من حين الموت ، غايته يأخذ الزوج نصيبه بالفرض والباقي بالرد.
وإن كان الوارث هو
الزوجة فالزوجة تأخذ نصيبها بالفرض ، ولا ردّ عليها ، والباقي للإمام ، فإن انتقل
المال إلى بيت الإمام فلا شيء للكافر إذا أسلم بعد ذلك ، وإن لم ينتقل فالباقي له
، هذا ما عليه المشهور ، وذهب الشيخ والقاضي ابن البراج إلى أن الكافر لو أسلم
يأخذ ما يفضل عن نصيب الزوجة ، وفيه : إن هذا يتم في الزوجة قبل مشاركة الإمام لها
لا مطلقا.
(٢) دون الزوج فلا
يشاركه الإمام.
(٣) أي الإمام.
(٤) أي كان إسلام
الكافر الوارث بعد قسمة بعض الميراث.
(٥) في جميع
الميراث كما هو قول العلامة في التحرير والقواعد والإرشاد ، لأن الميراث هو الجميع
، والجميع لم يقسّم بعد حسب الفرض.
(٦) أي باقي
الميراث الذي لم يقسّم كما هو قول المشهور ، لأن الباقي ميراث أسلم عليه قبل قسمته
، وأما ما قسّم فقد ارتفع عنوان الميراث عليه بالقسمة.
(٧) من الجميع
والباقي ، فلا يرث الكافر لو أسلم بعد قسمة البعض ولم يعرف قائله ، وقال في الجواهر
«فما عن بعضهم من احتمال العدم ـ عدم المشاركة مطلقا ـ لصدق القسمة في الجملة في
غاية الضعف».
(٨) أعدلها.
(٩) ماؤه.
(١٠) جرى الديدن
على ذكر المرتد الفطري في باب الإرث ، لأن ماله يقسّم على ورثته وإن كان حيا إذا
كان رجلا ، واستطردوا بذكر بعض الأحكام المترتبة على الارتداد هذا من ـ
ظاهرا وإن قبلت
باطنا على الأقوى (١) (وتقسّم تركته) بين ورثته بعد قضاء ديونه منها ، إن كان عليه دين(وإن لم يقتل) بأن فات السلطان ، أو لم تكن يد المستوفي (٢) مبسوطة(ويرثه المسلمون لا غير) (٣) لتنزيله منزلة المسلم (٤) في كثير من الأحكام كقضاء
عبادته الفائتة زمن الردة (٥).
(و) المرتد(عن غير فطرة) (٦) وهو الذي انعقد ولم يكن أحد أبويه مسلما لا يقتل معجّلا ،
بل(يستتاب) (٧) عن الذنب الذي ارتدّ بسببه(فإن تاب ، وإلا
قتل) ولا يقسّم ماله
حتى يقتل ، أو يموت ، وسيأتي بقية حكمه في باب الحدود إن شاء الله تعالى.
(والمرأة لا تقتل بالارتداد) (٨) ، لقصور عقلها(ولكن تحبس وتضرب
أوقات)
______________________________________________________
ـ جهة ، ومن جهة
أخرى فلا تقبل توبته ظاهرا بمعنى وجوب قتله لو ارتد وإن تاب ، لصحيح محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليهالسلام (من رغب عن
الإسلام وكفر بما أنزل الله على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد إسلامه فلا توبة له ، ووجب قتله ، وبانت امرأته ،
فليقسّم ما ترك على ولده) . ومثله غيره.
(١) أي بينه وبين
الله ، وذهب المشهور إلى عدم قبولها باطنا عملا بإطلاق الأخبار المتقدم بعضها ،
والحق قبولها باطنا لوجوب التوبة عليه فلو لم تقبل باطنا لكان لغوا.
(٢) للأحكام.
(٣) فلو كان وارثه
الأقرب كافرا فلا يرث ، بل ينتقل الميراث إلى الوارث المسلم الأبعد.
(٤) والمسلم لا
يرثه الكافر.
(٥) وأما وجوب
قتله وبينونة امرأته وتقسيم ماله فلدليل خاص.
(٦) ذكر المرتد
الملي في باب الإرث ليس في محله ، لأن قسمة ماله متوقفة على قتله ، وهذا ما يتساوى
فيه مع الجميع بخلاف المرتد الفطري فإن قسمة ماله ثابتة من حين الارتداد وإن لم
يقتل.
(٧) لأخبار كثيرة
منها : ما كتبه أمير المؤمنين عليهالسلام إلى عامله (أما من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم
تزندق فاضرب عنقه ولا تستتبه ، ومن لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه ، فإن تاب
وإلا فاضرب عنقه) .
(٨) سواء كان
ارتدادها عن فطرة أو ملة ، لأخبار منها : خبر الحسن بن محبوب عن أبي ـ
__________________
(الصلوات (١) حتى تتوب ، أو تموت ، وكذلك الخنثى) للشك في ذكوريته المسلّطة على قتله.
ويحتمل أن يلحقه
حكم الرجل ، لعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من بدّل دينه فاقتلوه» (٢) ، خرج منه المرأة فيبقى
الباقي (٣) داخلا في العموم إذ لا نصّ على الخنثى بخصوصه وهذا متجه لو لا أن
الحدود تدرأ بالشبهات.
(و) ثانيها(القتل) أي قتل الوارث لولاه المورّث (٤) وهو (مانع) من الإرث(إذا كان عمدا ظلما) (٥) إجماعا ، مقابلة له بنقيض مقصوده ، ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ميراث للقاتل» (٦) واحترزنا بالظلم عما لو قتله حدّا
أو قصاصا ونحوهما من القتل بحق (٧) فإنه لا يمنع.
______________________________________________________
ـ عبد الله عليهالسلام (المرأة إذا ارتدت
استتيبت ، فإن تابت ورجعت ، وإلا خلّدت في السجن وضيّق عليها في حبسها) .
(١) كما في خبر
غياث بن إبراهيم (لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة ، وتمنع الطعام والشراب إلا ما يمسك
نفسها ، وتلبّس خشن الثياب ، وتضرب على الصلوات) .
(٢) سنن ابن ماجة
ج ٢ كتاب الحدود الباب الثاني.
(٣) المشتمل على
الخنثى.
(٤) قتل الوارث من
باب إضافة المصدر إلى فاعله ، ولولاه أي لو لا القتل ، والمعنى : إن القاتل يرث
المورّث لو لا القتل ، فلو بدل الوارث بالقاتل لارتفع الإبهام.
(٥) لأخبار منها :
صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ميراث للقاتل) .
وموثق أبي بصير عن
أبي عبد الله عليهالسلام (لا يتوارث رجلان
قتل أحدهما صاحبه) وقال في المسالك : «والحكمة الكلية فيه أنه لو ورثنا القاتل
لم يأمن مستعجل الإرث أن يقتل مورّثه ، فاقتضت المصلحة حرمانه مؤاخذة له بنقيض
مطلوبه».
(٦) الوسائل الباب
ـ ٧ ـ من أبواب موانع الإرث حديث ١.
(٧) لخبر غياث بن
إبراهيم (سألت جعفر بن محمد عليهمالسلام عن طائفتين من المؤمنين إحداهما ـ
__________________
(ولو كان) قتله(خطأ) محضا(منع من الدية خاصة) على أظهر الأقوال (١) ، لأنه جامع بين النصين ، ولأن الدية
يجب عليه (٢) دفعها إلى الوارث للآية (٣) ، ولا
______________________________________________________
ـ باغية والأخرى
عادلة اقتتلوا ، فقتل رجل من أهل العراق أباه أو ابنه أو أخاه أو حميمه ، وهو من
أهل البغي وهو وارثه ، أيرثه؟ قال : نعم ، لأنه قتله بحق) .
والتعليل عام.
(١) الأقوال ثلاثة
:
الأول : إنه يرث
مطلقا وإليه ذهب المفيد وسلّار والمحقق لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته عن رجل قتل
أمه أيرثها؟ قال : إن كان خطأ ورثها ، وإن كان عمدا لم يرثها) ومثله غيره.
الثاني : إنه لا
يرث مطلقا وإليه ذهب ابن أبي عقيل لعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صحيح هشام بن سالم المتقدم (لا ميراث للقاتل) ، ولخصوص
رواية الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام (ولا يرث الرجل
أباه إذا قتله وإن كان خطأ) وفي نسخة (ولا يرث الرجل الرجل).
الثالث : إنه يرث
ما عدا الدية وإليه ذهب المشهور جمعا بين الدليلين ، ولأن الدية يجب عليه دفعها
إلى الوارث على تقدير كونه الخطأ شبيه العمد ، وتدفعها عاقلته على تقدير كونه خطأ
محضا ، وعلى الأول يجب الدفع إلى نفسه لو قلنا بإرثه من الدية وهو لغو ، وعلى
الثاني يجب الدفع إليه من العاقلة عوضا عما جنى وهو غير معقول ، ولرواية عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : (ترث المرأة من مال زوجها ومن ديته ، ويرث الرجل من
مالها وديتها ، ما لم يقتل أحدهما صاحبه فإن قتل أحدهما صاحبه عمدا فلا يرثه من
ماله ولا من ديته ، وإن قتله خطأ ورث من ماله ولا يرث من ديته) وهي نص في المقام ، مع أن ذكر الزوجين ليس مخصصا بل يعمم
الحكم لغيرهما من الورثة من باب إسقاط الخصوصية.
(٢) على القاتل
إذا كان القتل شبيه العمد.
(٣) وهي قوله
تعالى (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ
إِلىٰ أَهْلِهِ) النساء الآية : ٩٢.
__________________
شيء من الموروث
للقاتل يدفع إليه (١). والدفع إلى نفسه لا يعقل (٢) وبه (٣) صريحا رواية عامية (٤).
وقيل (٥) : يمنع
مطلقا (٦) ، لرواية الفضيل بن يسار عن الصادق عليهالسلام : «لا يرث الرجل الرجل إذا قتله ، وإن كان خطأ» (٧).
وقيل : يرث مطلقا (٨)
، لصحيحة عبد الله بن سنان عنه عليهالسلام في رجل قتل أمّه أيرثها؟ قال : «إن كان خطأ ورثها ، وإن
كان عمدا لم يرثها (٩)» وترك الاستفصال (١٠) دليل العموم فيما تركته مطلقا ومنه
الدية (١١). ورواية الفضيل مرسلة (١٢)
______________________________________________________
(١) في الخطأ
المحض ، فالدية على العاقلة فلو ورث القاتل منها لوجب على العاقلة أن تدفع إليه
عوضا عما جنى وهو غير معقول.
(٢) في الخطأ شبيه
العمد فالدية عليه فلو ورث القاتل منها لوجب عليه أن يدفع لنفسه وهو لغو.
(٣) بالمنع من
الدية خاصة.
(٤) وهي رواية
عمرو بن شعيب المتقدمة.
(٥) وهو قول ابن
أبي عقيل.
(٦) من الدية
وغيرها.
(٧) الوسائل الباب
ـ ٩ ـ من أبواب موانع الإرث حديث ٣ ، وفي نسخة «ولا يرث الرجل أباه» ، وعلى هذه
النسخة فيكون الحكم مختصا بالابن فقط لا في مطلق الوارث القاتل.
(٨) من الدية
وغيرها وهو قول المفيد وسلّار والمحقق.
(٩) الوسائل الباب
ـ ٩ ـ من أبواب موانع الإرث حديث ٢.
(١٠) أي عدم
التفصيل.
(١١) أي مما
تركته.
(١٢) فسندها قد
روي بطريقين :
الأول : محمد بن
يعقوب بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن رجل عن محمد بن سنان عن حماد بن عثمان
عن فضيل بن يسار.
الثاني : محمد بن
يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلّى بن محمد عن بعض أصحابه عن حماد بن عثمان عن فضيل
بن يسار.
فلا تعارض الصحيح (١).
وفي إلحاق شبه العمد
به (٢) أو بالخطإ (٣) قولان ، أجودهما الأول لأنه (٤) عامد في الجملة.
ووجه العدم : كونه
خاطئا كذلك (٥) ، ولأن التعليل (٦) بمقابلته (٧) بنقيض مقصوده لا يجري فيه (٨).
ولا فرق بين الصبي
والمجنون وغيرهما (٩) ، لكن في إلحاقهما بالخاطئ أو العامد (١٠) نظر ، ولعل الأول
أوجه (١١).
ولا بين المباشر
والسبب (١٢) في ظاهر المذهب (١٣) ، للعموم (١٤).
(ويرث الدية) (١٥) دية المقتول سواء وجبت أصالة كالخطإ وشبهه ، أم صلحا
______________________________________________________
(١) وهو صحيح عبد
الله بن سنان.
(٢) بالعمد ، كما
عن الفضل والقديمين والعلامة في القواعد وفخر المحققين وجماعة.
(٣) كما عن
المعظم.
(٤) لأن القاتل.
(٥) في الجملة.
(٦) وهو حكمة منع
القاتل من الإرث.
(٧) بمقابلة
القاتل.
(٨) لأنه لم يقتل
مورّثه ليستعجل إرثه.
(٩) في انطباق
عنوان القاتل عليه ، وغيرهما كالنائم والساقط من غير اختيار.
(١٠) عند قتل
العمد ، لأن عند قتلهما خطأ فلا معنى للقول بأنه قتل عمدي.
(١١) إلحاق عمدهما
بالخطإ لرفع التكليف عنهما ، ودليل الثاني أن العمد تابع للقصد وهو حاصل في الصبي
والمجنون ، وهو ضعيف لرفع حكم العمد عنهما لرفع القلم عنهما.
(١٢) في صدق
القاتل عليهما ، والمراد بالمباشر هو الذي باشر القتل ، وبالسبب هو الذي حفر حفرة
في الطريق ـ مثلا ـ أو في غير أرضه بحيث من يقع فيها يقتل ، وقد ذهب الفاضل الهندي
في كشف اللثام والصدوق والكليني إلى عدم صدق القاتل على المسابب ، وهو ضعيف.
(١٣) مذهب
الإمامية كأن المخالف معدوم.
(١٤) عموم لفظ
القاتل الشامل لهما.
(١٥) اختلف
الأصحاب في وارث الدية على أقوال :
كالعمد (١) (كلّ مناسب) للمقتول(ومسابب له) كغيرها من أمواله ، لعموم آية «أولي الأرحام (٢)» فإنهم
جمع مضاف.
(وفي) إرث(المتقرب بالأم) لها (٣) (قولان) مأخذهما : ما سلف (٤) ، ودلالة
______________________________________________________
ـ الأول : يرثها
من يرث غيرها من أمواله وإليه ذهب الشيخ في المبسوط وموضع من الخلاف وابن إدريس في
أحد قوليه لعموم آية (وَأُولُوا
الْأَرْحٰامِ) وهي مطلق يشمل الدية وغيرها.
الثاني : يرثها من
عدا المتقرب بالأم ، ذهب إليه الشيخ في النهاية وأتباعه وابن إدريس في القول الآخر
لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن أمير المؤمنين
عليهالسلام قضى أن الدية يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم إذا لم
يكن على المقتول دين إلا الإخوة من الأم والأخوات من الأم ، فإنهم لا يرثون من
الدية شيئا) . ولرواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (الدية يرثها
الورثة على فرائض المواريث إلا الاخوة من الأم فإنهم لا يرثون من الدية شيئا) .
ولخبر عبيد بن
زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يرث الإخوة من
الأم من الدية شيئا) .
وهذه الروايات وإن
دلت على حرمان الإخوة للأم لكن يعمم الحكم إلى كل متقرب إلى الميت بها بالأولى لأن
الإخوة للأم هم إخوته من أمه ، وهم أقرب إليه من أخواله وأولادهم.
الثالث : يمنع من
الدية من تقرب إلى الميت بالأم وحدها ، ومن تقرب إلى الميت بالأب وحده ، ويرثها من
يتقرب إلى الميت بالأبوين ، وهو قول الشيخ في موضع من الخلاف ، وهو كما ترى لا
دليل عليه.
والأولى الاقتصار
على مورد النص وهو منع إخوة الميت من أمه من الدية فقط.
(١) لأن الأصل في
العمد القتل إلا أن يعفو ولي الدم ويأخذ المال عوضا عن عفوه. ففي خبر إسحاق عن أبي
عبد الله عليهالسلام (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر
الأموال) .
(٢) الأنفال الآية
: ٧٥.
(٣) للدية.
(٤) من الآية.
__________________
رواية محمد بن قيس
، وعبد الله بن سنان وعبيد بن زرارة (١) عن الباقر والصادق عليهماالسلام بحرمان الإخوة من الأم ، وألحق غيرهم من المتقرب بها بهم (٢)
، لمفهوم الموافقة (٣) واستقر به المصنف في الدروس بعد حكمه بقصر المنع على موضع
النص.
(ويرثها الزوج والزوجة) (٤) في الأشهر (٥) ، ورواية السكوني (٦) بمنعهما ضعيفة ، أو
محمولة على التقية(ولا يرثان القصاص) (٧) اتفاقا(و) لكن(لو صولح على الدية) في العمد(ورثا منها) (٨) كغيرها من الأموال ، وغيرهما من الورّاث (٩)
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ١٠ ـ من أبواب موانع الإرث حديث ٤ و ٢ و ٥.
(٢) والمعنى :
ألحق غير الإخوة من المتقرب إلى الميت بالأم بالإخوة.
(٣) بل للقياس
ولذا كان المتعين الاقتصار على الإخوة للأم.
(٤) أي يرث كل
منهما دية الآخر ، لوجود المقتضي وعدم المانع ، أما الأول فلعموم ما دل على
التوارث بين الزوجين مما ترك الآخر ، وأما الثاني فلأن ما يتوهم أنه مانع هو رواية
السكوني عن جعفر عن أبيه (أن عليهالسلام كان لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا ، ولا يورث الرجل من
دية امرأته شيئا ، ولا الإخوة من الأم من الدية شيئا) .
وهي ضعيفة
بالسكوني لأنه عامي ومحمولة على التقية لمعارضتها لأخبار ، منها : خبر عبيد بن
زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام (للمرأة من دية
زوجها ، وللرجل من دية امرأته ما لم يقتل أحدهما صاحبه) (.
(٥) ليس إشارة إلى
خلاف ، بل إشارة إلى وجود خبر مخالف.
(٦) الوسائل الباب
ـ ١١ ـ من أبواب موانع الإرث حديث ٤.
(٧) لأن القصاص
يثبت لولي الدم للتشفي ، ولا نسب في الزوجية من حيث هي زوجته توجب الولاية على
دمه.
(٨) من الدية ،
لأنها كسائر أمواله فيصدق عليها الميراث ، وفي خبر إسحاق عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا قبلت دية العمد فصارت مالا ، فهي ميراث كسائر
الأموال) (.
(٩) أي غير
الزوجين يرث من الدية أيضا.
__________________
للعموم (١).
(و) ثالثها(الرقّ) وهو (مانع) من الإرث(في الوارث) (٢) وإن كان المورّث مثله. بل يرثه الحرّ (٣) وإن كان ضامن
جريرة ، دون الرقّ وإن كان ولدا(و) في(المورّث) (٤) فلا يرث الرقّ قريبه الحرّ وإن قلنا بملكه ، بل ماله
لمولاه بحقّ الملك ، لا بالإرث ، مطلقا (٥).
(ولو كان للرقيق) ولد الميّت(ولد) حرّ(ورث جدّه (٦) ، دون الأب) ، لوجود المانع فيه دونه (٧) ، ولا يمنع برقّ أبيه(وكذا الكافر والقاتل لا يمنعان) من الإرث(من يتقرب بهما) ، لانتفاء المانع منه دونهما (٨).
______________________________________________________
(١) في خبر إسحاق
المتقدم (فهي ميراث كسائر الأموال).
(٢) للأخبار منها
: خبر عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يرث عبد حرا) ، وخبر علي بن رئاب (قال أبو عبد الله عليهالسلام : العبد لا يرث) .
(٣) أي يرث الميت
وارثه الحر وإن كان بعيدا ، ولا يرثه وارثه العبد وإن كان قريبا. ففي خبر مهزم عن
أبي عبد الله عليهالسلام (في عبد مسلم وله
أمّ نصرانية وللعبد ابن حر ، قيل : أرأيت إن ماتت أمّ العبد وتركت مالا؟ قال :
يرثها ابن ابنها الحر) .
(٤) أي الرق مانع
من إرثه ، فلا يرثه أقرباؤه لأن العبد وما يملك لمولاه ، فالمال لمولاه حينئذ.
(٥) سواء في ذلك
القن والمكاتب والمشروط والمدبّر.
(٦) أي يرث ولد
العبد جدّه دون أبيه.
(٧) أي لوجود مانع
الإرث في الأب دون ابنه ، وقد تقدم خبر مهزم (أرأيت إن ماتت أم العبد وتركت مالا ،
قال عليهالسلام : يرثها ابن ابنها الحر) ورواية الفضل بن عبد الملك قال (سألت
أبا عبد الله عليهالسلام عن المملوك والمملوكة هل يحجبان إذا لم يرثا؟ قال عليهالسلام : لا) .
(٨) أي لانتفاء
مانع القتل والكفر من الولد دون الكافر والقاتل فالمانع موجود.
وبعبارة أخرى : إن
القاتلية والكفر في الأب لا تصلح للمانعية في ابنه لأخبار منها : خبر ـ
__________________
(والمبعّض) (١) أي من تحرّر بعضه وبقي بعضه رقّا(يرث بقدر ما فيه من الحرية ، ويمنع) من الإرث(بقدر الرقية) ، فلو كان للميت ولد نصفه حر ، وأخ حر فالمال بينهما نصفان
(٢) ، ولو كان نصف الأخ حرا أيضا فللابن النصف ، وللأخ الربع (٣). والباقي للعمّ
الحر إن كان ، فلو كان نصفه حرا (٤) فله الثمن والباقي لغيره من المراتب المتأخرة
عنه. وهكذا(ويورّث المبعّض كذلك) (٥) فإذا
______________________________________________________
ـ جميل عن أحدهما عليهالسلام (في رجل قتل أباه
قال : لا يرثه وإن كان للقاتل ولد ورث الجدّ المقتول) وفي خبره الآخر (لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو والده ،
ولكن يكون الميراث لورثة القاتل) .
وقد تقدم خبر أبي
بصير في رجل مسلم قد مات وأمه نصرانية فقال عليهالسلام : (وإن لم تسلم أمه وأسلم بعض قرابته ممن له سهم في الكتاب
فإن ميراثه له) .
(١) يرث بقدر ما
فيه من الحرية ويمنع بقدر ما فيه من الرقية ، بلا خلاف فيه بيننا للأخبار ، منها :
معتبرة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام (المكاتب يرث
ويورّث على قدر ما أدى) وفي خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام في مكاتب كانت تحته امرأة حرة (فقضى أنه يرث بحساب ما أعتق
منه) .
وخالف جماعة من
العامة فحكم بعضهم بأنه لا يرث ولا يورث ، وقال بعضهم : إنه يرث ولا يورّث ، ويرد
قولهم ما أوردوه من النبوي (في العبد يعتق بعضه يرث ويورّث على قدر ما أعتق منه) .
(٢) لأنه لو لم
يكن للميت ولد سوى العبد لكان له على تقدير حريته المال كله ، فله نصفه على تقدير
نصف الحرية ، والنصف الآخر من الميراث لمن بعده من الطبقات وهو الأخ في المقام.
(٣) لأن له النصف
على تقدير حريته فله نصفه على تقدير نصف حريته ونصف النصف ربع.
(٤) أي العم ، فله
الربع على تقدير حريته فيكون له الثمن الذي هو نصف الربع على تقدير نصف حريته.
(٥) على ما فيه من
الحرية وقد تقدم دليله.
__________________
كان نصفه حرا
فلمولاه نصف تركته ، ولوارثه الحرّ النصف وهكذا.
(وإذا أعتق) الرقّ(على ميراث قبل قسمته فكالإسلام) (١) قبل القسمة يرث إن كان الوارث متعددا ولم يقتسموا التركة
، ويمنع مع اتحاده ، أو سبق القسمة على عتقه إلى آخر ما ذكر.
(وإذا لم يكن للميّت وارث سوى المملوك أشتري من التركة) (٢) ولو قهرا على مولاه (٣). والمتولي له (٤) الحاكم الشرعي ،
فإن تعذّر تولاه غيره كفاية (٥) (وأعتق وورث) باقي التركة(أبا كان) الرق(للميّت أو ولدا أو غيرهما) من الأنساب على الأشهر (٦) ، أما الأبوان (٧) والأولاد (٨)
فموضع وفاق ، وبه نصوص
______________________________________________________
(١) بحيث لو أعتق
قبل القسمة فله نصيبه وإن كان بعد القسمة فلا ميراث له ، بلا خلاف فيه ، ففي صحيحة
محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام (من أعتق على
ميراث قبل أن يقسّم الميراث فهو له ، ومن أعتق بعد ما قسّم فلا ميراث له) . وخبر ابن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام (من أعتق على
ميراث قبل أن يقسّم فله ميراثه ، وإن أعتق بعد ما قسّم فلا ميراث له) .
(٢) يشترى من
التركة ويعتق ويعطى باقي الميراث بلا خلاف فيه ، ففي خبر سليمان بن خالد عن أبي
عبد الله عليهالسلام (كان أمير
المؤمنين عليهالسلام يقول في الرجل الحر يموت وله أم مملوكة : تشترى من مال
ابنها ثم تعتق ثم تورث) وخبر عبد الله بن سنان (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول في رجل توفي وترك مالا وله أمّ مملوكة : تشترى أمه
وتعتق ثم يدفع إليها بقية المال) .
(٣) بلا خلاف لأن
عتقه واجب على مالكه فيجبر على بيعه لو امتنع.
(٤) للشراء والعتق
، لأنه من وظائفه.
(٥) غير الحاكم
لأن الشراء والعتق من الأمور الحسبية.
(٦) لوقوع الخلاف
في ما عدا الأب.
(٧) اقتصر الصدوق
على الأم فقط.
(٨) اقتصر سلار
على الأبوين.
__________________
كثيرة (١).
وربما قيل بعدم فك
الأولاد (٢) والأول هو المذهب.
وأما غيرهما من
الأرحام (٣) فببعضه (٤) نصوص غير نقية السند (٥) ، ولم يفرّق أحد بينهم (٦) فحكم
الأكثر بفكّ الجميع (٧) ، وتوقف العلامة في المختلف لذلك (٨) ، وله وجه.
وفي شراء الزوجة
رواية صحيحة (٩) ،
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ٢٠ ـ من أبواب موانع الإرث ، وقد تقدم خبر سليمان بن خالد وخبر ابن سنان
الواردان في الأم ، وأما الأب ففي مرسل ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا مات الرجل
وترك أباه وهو مملوك ، أو أمه وهي مملوكة ، أو أخاه أو أخته ، وترك مالا ، والميت
حرّ أشتري مما ترك أبوه أو قرابته ، وورث ما بقي من المال) وأما الأولاد ففي خبر جميل بن دراج (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يموت وله ابن مملوك قال : يشترى ويعتق ثم يدفع
إليه ما بقي) .
وخبر إسحاق بن
عمار قال (مات مولى لعلي عليهالسلام فقال : انظروا هل تجدون له وارثا ، فقيل له : إن له ابنتين
باليمامة مملوكتين ، فاشتراهما من مال الميت ثم دفع إليهما بقية الميراث) .
(٢) وهو قول سلّار.
(٣) أي غير
الأبوين والأولاد.
(٤) وهو الأخ
والأخت.
(٥) وهو مرسل ابن
بكير المتقدم الوارد في الأخت والأخ.
(٦) بين بقية
الأرحام مما عدا الأولاد والأبوين.
(٧) لأن النصوص
وإن وردت في الأخ والأخت لكن عمموا الحكم لعدم خصوصية لهما.
(٨) لأجل عدم نقاء
السند.
(٩) وهي صحيحة
سليمان بن خالد (قال أبو عبد الله عليهالسلام : كان أمير المؤمنين عليهالسلام إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها
ثم ورّثها) .
__________________
وحمل عليها (١)
الزوج بطريق أولى (٢).
ولو قصر المال عن
قيمته (٣) ففي فكه قولان ، أشهرهما : العدم. وقوفا فيما خالف الأصل على موضع
الوفاق. وهذا يتجه في غير من اتفق على فكه (٤) وفيه (٥) يتجه شراء الجزء وإن قلّ.
عملا بمقتضى الأمر (٦) بحسب الإمكان (٧) ، ولحصول الغرض به في الجملة (٨).
وعلى المشهور (٩)
لو تعدد الرقيق وقصر المال عن فكّ الجميع وأمكن أن يفك
______________________________________________________
(١) على الزوجة.
(٢) لأنه أكثر
نصيبا وأقوى سببا ولذا رد عليه دونها.
(٣) قيل لا يفك
ويكون الميراث للإمام عليهالسلام وهو المشهور بين الأصحاب ، لأن الفك على خلاف الأصل فيقتصر
فيه على موضع اليقين وصف ما لو كان المال بقدر قيمة الرق أو أزيد ، ولأصالة عدم
وجوب الفك خرج منه ما إذا وفت التركة بالقيمة فيبقى الباقي.
وقيل : يفك بما
وجد من الميراث ويسعى في الباقي ، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور ، وقال في الجواهر
عنه : «لم نتحقق قائله».
(٤) أي وعدم الفك
متجه في غير الأبوين والأولاد أما فيهما فيجب الفك لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.
(٥) من اتفق على
فكه.
(٦) بوجوب الشراء
والعتق الوارد في الأخبار المتقدمة.
(٧) لأن الميسور
لا يسقط بالمعسور.
(٨) أي فك الجزء
تحصيل لغرض تمليك الوارث إذا كان عبدا للميراث. وفي تفصيل الشارح ضعف لأن الأمر
بفك جميع الأرحام وارد في مرسل ابن بكير المنجبر بعمل الأصحاب.
(٩) المشهور على
عدم الفك إذا لم تف التركة بالعتق ، فلو كان الرقيق القريب متعددا ومتساوي الدرجة
وقصرت التركة عن شراء الجميع ووفّت ببعضهم ففيه ثلاثة أوجه :
الأول : التخيير ،
لأن الأمر بوجوب شراء العبد ثابت ، والتركة غير وافية للجميع فيتعين فك أحدهم ،
ولا ترجيح لأحدهم فيتخير في فك أحدهم.
الثاني : القرعة
لأنها لكل أمر مشكل.
الثالث : عدم الفك
، وهو الأشهر بل المشهور بل في السرائر نفي الخلاف ، لأن الفك على خلاف الأصل
فيقتصر فيه على موطن اليقين وهو ما لو وفت التركة بقيمة المملوك ، والمفروض أن
المملوك متعدد والميراث لا يفي بقيمتهم.
به البعض ففي فكه
بالقرعة ، أو التخيير ، أو عدمه أوجه.
وكذا الإشكال لو
وفت حصة بعضهم بقيمته (١) وقصر البعض ، لكن فك الموفي هنا أوجه (٢).
وظاهر النصوص (٣)
توقف عتقه بعد الشراء على الإعتاق كما يظهر من العبارة (٤) ، فيتولاه من يتولى
الشراء (٥).
(ولا فرق بين أم الولد ، والمدبّر ، والمكاتب المشروط ،
والمطلق (٦) الذي لم يؤدّ شيئا) من مال الكتابة(وبين القنّ) ، لاشتراك الجميع في أصل الرقية ، وإن تشبّث بعضهم بالحرية
، والنهي عن بيع أم الولد مخصوص بغير ما فيه تعجيل لعتقها ، لأنه زيادة في مصلحتها
(٧) التي نشأ منها المنع (٨) فيصح (٩)
______________________________________________________
(١) فلو فرض أن
التركة مائة دينار ، والورثة اثنان فلكل واحد خمسون ، إلا أن قيمة أحدهم خمسون
والآخر أزيد لمزية فيه فيأتي نفس الإشكال من القرعة والتخيير أو عدم الفك.
(٢) بدون تخيير
ولا قرعة ، لأن حصته تفي بذلك فيكون هو المرجح لعتقه.
(٣) وهي حسنة جميل
بن دراج وصحيحة سليمان بن خالد فهما الدالتان على عتقه بعد الشراء ، أما بقية
الأخبار فلا تدل على العتق بعد الشراء.
ففي الأولى قال عليهالسلام (يشترى ويعتق) وفي
الثانية (كان أمير المؤمنين عليهالسلام إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها).
(٤) عبارة المصنف.
(٥) أي يتولى
الإعتاق ، وهو الحاكم وقد تقدم الكلام فيه.
(٦) لا فرق بين
الجميع للعموم الوارد في الأخبار الآمرة بشراء العبد وعتقه.
فلا يتوهم ترجيح
القن على غيره بدعوى أن الغير قد تشبث بالحرية كالمكاتب وأم الولد.
إن قلت : لو كان
الجميع على نسق واحد فيصح شراء أم الولد وإخراجها من مال سيدها ثم عتقها ، مع أنه
قد ورد النهي عن بيعها.
قلت : النهي مخصوص
بغير ما فيه تعجيل عتقها كما لو كان الشراء لأجل الانتقال إلى مالك آخر.
(٧) أي شراؤها
وعتقها.
(٨) أي مصلحتها هي
القاضية بالنهي عن بيع أم الولد كما ورد في الخبر.
(٩) شراؤها من أجل
العتق.
بطريق أولى (١).
ولو كان المطلق قد
أدّى شيئا (٢) وعتق منه بحسابه فكّ الباقي وإن كان يرث بجزئه الحر ، لأن ما قابل
جزءه الرقّ من الإرث بمنزلة من لا وارث له.
(و) رابعها(اللعان) (٣) وهو (مانع من الإرث) بين الزوجين (٤) وبين الزوج والولد المنفي به (٥) من جانب
الأب والولد (٦) (إلا أن يكذّب) الأب(نفسه) في نفيه (٧) (فيرثه الولد من
غير عكس) (٨)
______________________________________________________
(١) ووجهه : أن
العبد القن الذي لم يرد فيه نهي عن شرائه وبيعه ولم يلاحظ مصلحة تعجيل عتقه يصح
فكه من الميراث ، فأم الولد التي لوحظت مصلحة تعجيل عتقها بالنهي عن بيعها ففكها
أولى.
(٢) أي المكاتب
المطلق ، والفرق بينه وبين المكاتب المشروط هو : أن الأول يتحرر منه بمقدار ما
يدفع إلى سيده بخلاف الثاني فلا يتحرر منه شيء حتى يدفع تمام ما عليه.
(٣) ظاهر العبارة
أن اللعان من جملة الموانع ، مع أن اللعان ملحق بالموانع كما عليه المشهور ، فاللعان
سبب لسقوط النسب فلا إرث لعدم مقتضيه بخلاف الكفر والقتل والرق فالمقتضي للإرث
موجود وهو النسب ، فلذا ألحق اللعان الذي يوجب نفي المقتضي بالموانع التي يفترض
فيها وجود المقتضي.
(٤) لأن اللعان
موجب لبطلان سبب الزوجية ففي حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (وإن لا عن لم تحل
له أبدا) .
(٥) باللعان.
(٦) أي أن اللعان
مانع من الجهتين فالولد المنفي لا يرث أباه ، ولا الأب يرثه ، لسقوط النسب بينهما
بالملاعنة ، ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام (إن ميراث ولد
الملاعنة لأمّه ، فإن لم تكن أمّه حيّة فلأقرب الناس إلى أمه أخواله) وفي خبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام في اللعان (فسألته من يرث الولد؟ فقال : أمّه ، فقلت : أرأيت
إن ماتت الأم فورثها الغلام ثم مات الغلام بعد ، من يرثه؟ فقال : أخواله) .
(٧) نفي الولد.
(٨) ففي خبر محمد
بن مسلم (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل لاعن امرأته وانتفى من ـ
__________________
وهل يرثه حينئذ (١)
أقارب الأب مع اعترافهم به (٢) ، أو مطلقا (٣) ، أو عدمه مطلقا (٤) أوجه ، أشهرها
: الأخير ، لحكم الشرع بانقطاع النّسب فلا يعود (٥) ، وإنما ورثه الولد بالتكذيب
بدليل خارج.
ولو اتفق للولد
قرابة من الأبوين ، وأخرى من الأمّ كالأخوة (٦) اقتسموه بالسوية ، لسقوط نسب الأب
، ولو كان المنفي توأمين توارثا بالأمومة (٧).
(و) خامسها(الحمل) (٨) وهو (مانع من الإرث إلا أن ينفصل حيا) (٩). فلو
______________________________________________________
ـ ولدها ، ثم أكذب
نفسه بعد الملاعنة وزعم أن ولدها ولده هل تردّ عليه؟ قال : لا ، ولا كرامة لا تردّ
عليه ولا تحلّ له إلى يوم القيامة. إلى أن قال. فقلت : إذا أقرّ به الأب هل يرث
الأب؟ قال : نعم ولا يرث الأب الابن) .
(١) حين تكذيب
الأب نفسه.
(٢) ذهب العلامة
في القواعد إلى جعل التوارث بين أقارب الأب بعد اعترافهم به سواء اعترف الأب أو لا
وجها.
(٣) سواء اعترف
الأقارب بالولد أو لا فيرثه المتقرب بالأب ويرثه الولد.
(٤) أي عدم الإرث
بينهما سواء اعترف الأقارب به أم لا.
(٥) أما حكمه
بالانقطاع فهو عند اللعان وتقدم النص في ذلك ، ولا يعود النسب لو كذب الأب نفسه
للاستصحاب.
(٦) بأن كان للولد
الملاعن إخوة من أبويه وإخوة من أمه ، فالجميع متقرب إليه من ناحية الأم فقط لأن
قرابة الأب سقطت باللعان.
(٧) بحيث لو مات
أحدهما ورثه الآخر بقرابته من أمه لسقوط نسب الأب.
(٨) وهو من لواحق
الموانع لعدم المقتضي للإرث فيه ، لأن المقتضي ولادته حيا.
(٩) ففي صحيح
الفضيل (سأل الحكم بن عتبة أبا جعفر عليهالسلام عن الصبي يسقط من أمّه غير مستهلّ أيورث ، فأعرض عنه فأعاد
عليه فقال : إذا تحرك تحركا بيّنا ورّث ، فإنه ربما كان أخرس) .
ومنه يعلم إرادة
المثال من نصوص الاستهلال كصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يصلى على
المنفوس وهو المولود الذي لم يستهلّ ولم يصح ، ولم يورّث من الدية ولا من غيرها ،
فإذا استهلّ فصلّ عليه وورّثه) .
__________________
سقط ميتا لم يرث ،
لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «السقط لا يرث ولا يورّث» (١) ولا تشترط حياته عند موت
المورّث بل لو كان نطفة ورث ، إذا انفصل حيا ، ولا يشترط استقرار حياته بعد
انفصاله ولا استهلاله ، لجواز كونه أخرس ، بل مطلق الحياة المعتبرة بالحركة البينة
(٢) ، لا بنحو التقلّص الطبيعي (٣) كما لو خرج بعضه حيا وبعضه ميتا (٤).
وكما يحجب الحمل
عن الإرث إلى أن ينفصل حيا يحجب غيره ممن هو دونه ليستبين أمره. كما لو كان للميت
امرأة أو أمة حامل وله إخوة (٥) فيترك الإرث حتى تضع.
نعم لو طلبت
الزوجة الإرث أعطيت حصة ذات الولد ، لأنه المتيقن (٦) ، بخلاف الإخوة.
ولو كان هناك
أبوان أعطيا السدسين (٧) ، أو أولاد (٨) أرجئ سهم ذكرين (٩) ،
______________________________________________________
(١) مما روته
العامة.
(٢) كالبكاء
والعطاس والتثاؤب وامتصاص الثدي ففي خبر ربعي عن أبي عبد الله عليهالسلام يقول في المنفوس إذا تحرك ورّث ، إنه ربما كان أخرس) وفي خبره الآخر (إذا سقط من بطن أمّه فتحرك تحركا بيّنا ،
يرث ويورّث فإنه ربما كان أخرس) .
(٣) كالتقلص في
العصب واختلاج العضو الذي يحدث للضغط.
(٤) فلا يرث ، فهو
كما لو خرج ميتا ، لأن إرثه مشروط بخروجه حيا.
(٥) أي للميت ،
فلا يعطى الإخوة من الميراث لاحتمال خروج الحمل حيا فإنه يحجب إخوة الميت.
(٦) لأن الزوجة
لها الثمن سواء خرج الحمل حيا أو لا ، نعم لو خرج ميتا فيكمل لها إلى الربع.
(٧) لأنهما حصّة
الأبوين على فرض خروج الحمل حيا ، فلو خرج ميتا فيكمل لهما نصيبهما.
(٨) أولاد الميت
الذين هم إخوة الحمل.
(٩) للحمل.
__________________
لندور الزائد ،
فإن انكشف الحال بخلافه (١) استدرك زيادة ونقصانا.
ويعلم وجود الحمل
حال موت المورّث بأن يوضع حيا لدون ستة أشهر منذ موته (٢) ، أو لأقصى الحمل (٣) إن
لم توطأ الأمّ وطئا يصلح استناده إليه (٤) فلو وطئت ولو بشبهة لم يرث ، لاحتمال
تجدده (٥) مع أصالة عدم تقدمه.
وسادسها : الغيبة
المنقطعة (٦) وهي مانعة من نفوذ الإرث ظاهرا (٧) حتى يثبت الموت شرعا. وقد نبّه
عليه بقوله : (والغائب غيبة منقطعة) بحيث لا يعلم خبره(لا يورث حتى تمضي
له) من حين ولادته(مدة لا يعيش مثله إليها عادة) (٨) ، ولا عبرة بالنادر ، وهي (٩) في زماننا مائة وعشرون سنة (١٠)
، ولا يبعد الآن (١١) الاكتفاء بالمائة ، لندور التعمير إليها في هذه البلاد (١٢).
فإذا مضت للغائب
المدة المعتبرة حكم بتوريث من هو موجود حال الحكم.
ولو مات له قريب
في تلك المدة (١٣) ، عزل له نصيبه منه (١٤) وكان بحكم ماله (١٥).
______________________________________________________
(١) بخلاف ما
أرجئ.
(٢) موت المورث.
(٣) وهو سنة.
(٤) استناد الحمل
إلى هذا الوطء.
(٥) تجدد الحمل
بعد وطء الشبهة ، ومع الاحتمال لا يمكن نسبته إلى الوطء السابق بالإضافة إلى أصالة
عدم تقدم الحمل عن الوطء اللاحق.
(٦) أي التي ينقطع
فيها خبر الغائب ، وهو المفقود.
(٧) لاحتمال
حياته.
(٨) وهو المشهور
بين المتأخرين.
(٩) المدة
المعتادة للحياة بين بني البشر.
(١٠) كما قدرها
بعضهم كما في المسالك.
(١١) في زمن
الشارح.
(١٢) البلاد
الشامية.
(١٣) المدة
المعتادة للحياة.
(١٤) عزل للمفقود
نصيبه من قريبه الذي مات.
(١٥) أي المعزول.
والحكم بالتربص
بميراث الغائب المدّة المذكورة هو المشهور بين الأصحاب ، وهو مناسب للأصل (١) ،
لكن ليس به (٢) رواية صريحة. وما ادعي له من النصوص (٣) ليس دالا عليه (٤).
وفي المسألة أقوال
أخر مستندة إلى روايات بعضها صحيح.
منها (٥) : أن
يطلب أربع سنين في الأرض فإن لم يوجد قسّم ماله بين
______________________________________________________
(١) وهو استصحاب
حياته.
(٢) بهذا الحكم من
التربص.
(٣) وهي صحيحة
هشام بن سالم (سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم عليهالسلام وأنا جالس فقال : إنه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجرة
، ففقدناه ، وبقي من أجره شيء ـ وفي التهذيب ولا نعرف له وارثا ـ قال عليهالسلام : فاطلبوه ، قال : قد طلبناه فلم نجد ، فقال : مساكين
وحرّك يديه فأعاد عليه فقال : أطلب واجهد ، فإن قدرت عليه وإلا فهو كسبيل مالك حتى
يجيء له طالب ، فإن حدث بك حدث فأوصي به إن جاء له طالب يدفع إليه) ، وهو ظاهر في استمرار حياة الغائب حتى تحصيل العلم بموته
، وهو لا يتم إلا بمضي مدة لا يعلم ببقائه بعدها. ورواية معاوية بن وهب عن أبي عبد
الله عليهالسلام (في رجل كان له
على رجل حق ففقده ، ولا يدري أين يطلبه ، ولا يدري أحيّ هو أم ميت؟ ولا يعرف له
وارثا ولا نسبا ولا ولدا قال : أطلبه ، قال : فإن ذلك قد طال فأتصدق به؟ قال عليهالسلام : أطلبه) . ووجه الدلالة كالسابق. ومثله غيره من النصوص.
(٤) للفرق بين
مورد الأخبار وهو المفقود الذي لا يعلم وارثه وبين المفقود الذي يعرف وارثه كما في
مقامنا.
(٥) من الأقوال
وهو قول الصدوق والمرتضى وأبو الصلاح وقواه في الدروس ومال إليه في المختلف ، ويدل
عليه موثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام (المفقود يحبس
ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ، فإن لم يقدر عليه قسّم ماله بين
الورثة) .
وموثق إسحاق بن
عمار (قال لي أبو الحسن عليهالسلام : المفقود يتربّص بماله أربع سنين ثم يقسّم) (.
ويؤيده ما تقدم من
الحكم باعتداد زوجته بعد أربع سنين عدة الوفاة بعد طلبه في الأرض ، ولذا حملت هذه
الأخبار على ما لو بحث عنه في الأرض في هذه المدة.
__________________
ورثته. ذهب إليه
المرتضى والصدوق. وقواه المصنف في الدروس وجنح إليه العلامة ، وهو قوي مروي.
ويؤيده الحكم السابق باعتداد زوجته عدة الوفاة ، وجواز تزويجها بعدها (١) ، ولو لم
يطلب كذلك (٢) فالعمل على القول المشهور.
وقيل : يكفي
انتظاره عشر سنين من غير طلب (٣). وهو مروي (٤) أيضا.
(ويلحق بذلك (٥) الحجب (٦)
______________________________________________________
(١) بعد أربع
سنين.
(٢) أي أربع سنين.
(٣) وهو قول ابن
الجنيد.
(٤) ويدل عليه
صحيحة علي بن مهزيار (سألت أبا جعفر الثاني عليهالسلام عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة ، فغاب الابن في
البحر وماتت المرأة فادّعت ابنتها أن أمها كانت صيّرت هذه الدار لها ، وباعت
أشقاصا منها وبقيت في الدار قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا ، وهو يكره أن
يشتريها لغيبة الابن ، وما يتخوّف أن لا يحل شراؤها وليس يعرف للابن خبر ، فقال لي
: ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة؟ قال : ينتظر به غيبة عشر سنين ثم يشتري ،
فقلت : إذا انتظر به غيبة عشر سنين يحلّ شراؤها؟ قال : نعم) .
وذهب المفيد إلى
جواز قسمة ميراثه لورثته الملاء مع ضمانهم له على تقدير ظهوره ويدل عليه موثق
إسحاق بن عمار عن أبي الحسن الأول عليهالسلام (سألته عن رجل كان
له ولد فغاب بعض ولده فلم يدر أين هو؟ ومات الرجل فأي شيء يصنع بميراث الرجل
الغائب من أبيه؟ قال : يعزل حتى يجيء ، قلت : فعلى ماله زكاة؟ قال : لا حتى يجيء
، قلت : فإذا جاء يزكّيه؟ قال : لا ، حتى يحول عليه الحول في يده ، قلت : فقد
الرجل فلم يجيء ، قال : إن كان ورثة الرجل ملاء بماله اقتسموه بينهم فإذا هو جاء
ردّوه عليه) .
(٥) بالموانع.
(٦) الحجب لغة هو
المنع ، وألحق بالموانع لأن الوارث إن كان ممنوعا لأمر راجع إلى الغير فذلك الحجب
وإن كان لأمر حاصل فيه فذلك المنع ، وخصّ الفقهاء المانع بالثاني لذا كان ـ
__________________
(وهو تارة عن أصل الإرث (١) كما في حجب القريب) في كل مرتبة(البعيد) عنها وإن كان قريبا في الجملة(فالأبوان
والأولاد) وهم أهل المرتبة
الأولى(يحجبون (٢) الإخوة والأجداد) : أهل المرتبة الثانية ، (ثم الإخوة) وأولادهم(والأجداد) وإن علوا(يحجبون (٣) الأعمام والأخوال ، ثم هم) أي الأعمام والأخوال(يحجبون أبناءهم)
(٤) ثم أبناؤهم للصلب يحجبون أبناءهم أيضا. وهكذا وكذا
الأولاد للصلب والإخوة يحجبون أبناءهم. فكان ينبغي التعرض لهم ، لكن ما ذكره على
وجه بيان حكم الحجب لا للحصر.
ولو أعيد ضمير «هم»
إلى المذكورين في كل مرتبة لدخل الأولاد والإخوة ، وتبيّن : أنهم يحجبون أولادهم ،
لكن يشكل بالأجداد فإنه يستلزم أن يحجبوا الآباء والجدّ البعيد يحجب القريب. وهو
فاسد ، وإن صحّ حجب الأجداد لأولادهم الذين هم الأعمام والأخوال ، إلا أنه مستغنى
عنهم بالتصريح بذكرهم.
______________________________________________________
ـ الأول ملحقا به.
والحجب على قسمين
حجب حرمان وهو الحجب عن الإرث بالكلية وحجب نقصان وهو الحجب عن نصيبه الأعلى إلى
الأدنى.
(١) وهو حجب
الحرمان.
(٢) ففي خبر محمد
بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (لا يرث مع الأم
ولا مع الأب ولا مع الابن ولا مع الابنة إلا الزوج والزوجة) .
(٣) أي أهل
المرتبة الثانية يمنعون أهل المرتبة الثالثة ، ففي خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام (الخال والخالة
يرثان إذا لم يكن معهما أحد ، إن الله تبارك وتعالى يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ) وخبر أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام (سئل عن ابن عم
وجد ، قال عليهالسلام : المال للجد) .
(٤) أي أن أهل
المرتبة الثالثة يمنع الأقرب منهم الأبعد لقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ) .
__________________
والضابط أنه : متى
اجتمع في المرتبة الواحدة طبقات ورث الأقرب إلى الميت فيها فالأقرب.
(ثم القريب) مطلقا (١) (يحجب المعتق. والمعتق
و) من قام مقامه (٢)
يحجب(ضامن الجريرة (٣). والضامن يحجب الإمام (٤) ، والمتقرب إلى
الميت بالأبوين) في كل مرتبة من مراتب القرابة(يحجب المتقرب) إليه(بالأب مع تساوي الدرج (٥) كأخوة من أبوين مع إخوة من أب ، لا مع اختلاف الدرج ، كأخ
لأب مع ابن أخ لأب وأمّ فإنّ الأقرب أولى من الأبعد وإن متّ (٦) الأبعد بالطرفين
دونه (٧).
______________________________________________________
(١) من أي مرتبة
كان يمنع المعتق لقوله تعالى : (وَأُولُوا
الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ
اللّٰهِ) ، ولأخبار منها : خبر علي بن يقطين (سأل أبا الحسن عن
الرجل يموت ويدع أخته ومواليه ، قال : المال لأخته) وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (قضى أمير
المؤمنين عليهالسلام في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات ، فقرأ هذه الآية (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ) فدفع الميراث إلى الخالة ولم يعط المولى) .
(٢) وهم ذريته.
(٣) كما سيأتي إن
شاء الله تعالى.
(٤) ففي خبر محمد
بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (من مات وليس له
وارث من قرابته ، ولا مولى عتاقه قد ضمن جريرته فماله من الأنفال) وفي خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (من مات وترك دينا
فعلينا دينه وإلينا عياله ، ومن مات وترك مالا فلورثته ، ومن مات وليس له موالي
فماله من الأنفال) .
(٥) أي التساوي في
الدرجة ، ففي صحيح يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليهالسلام (ابنك أولى بك من
ابن ابنك ، وابن ابنك أولى بك من أخيك ، وأخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك ،
وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك) الخبر.
(٦) أي اتصل.
(٧) أي بالأبوين
دون القريب فإنه متصل بطرف واحد.
__________________
(إلا في ابن عم للأب والأم فإنه يمنع العمّ للأب) خاصة(وإن كان) العم(أقرب منه (١) ، وهي مسألة إجماعية) منصوصة (٢)
______________________________________________________
(١) من ابن العم
للأب والأم.
(٢) قال الشارح في
المسالك «مع أن الأخبار الواردة بها ليست معتبرة الإسناد ، فلا مستند لها إلا
الإجماع ، وحيث كانت مخالفة للأصل يجب الاقتصار فيها على محل الوفاق ، وهو ما إذا
كان الوارث ابن عم لأب وأم مع عم لأب لا غير». نعم في محكي الفقيه قال : «فإن ترك
عما لأب ، وابن عمّ لأب وأم ، فالمال كله لابن العم للأب والأم ، لأنه قد جمع
الكلالتين كلالة الأب وكلالة الأم ، وذلك بالخبر الصحيح المأثور عن الأئمة عليهمالسلام» .
وفي فقه الرضا «وكذا
لو ترك خالا وابن عم فالخال أولى ، لأن ابن العم قد نزل ببطن ، إلا أن يترك عما
لأب وابن عم لأب وأم فإن الميراث لابن العم للأب والأم ، لأن ابن العم جمع كلالتين
كلالة الأب وكلالة الأم ، فعلى هذا يكون الميراث» .
وقال المفيد في
المقنعة «لأن ابن العم يتقرب إلى الميت بسببين ، والعم يتقرب بسبب واحد».
وظاهر كلام الصدوق
والمفيد أن المسألة جارية على وفق القواعد ، فالمتقرب إلى الميت بسببين يمنع
المتقرب للميت بسبب ويلزمهم تقديم ابن العم سواء تعدد أو لا وسواء تعدد العم أو لا
وسواء دخل معهم زوجة أو زوج وسواء دخل معهم خال أو خالة وسواء كان ابن العم ذكرا
أو أنثى وكان المتقرب للميت عما أو عمة ، مع أن هذه الفروع ليس الحكم فيها بتقديم
ابن العم فيستكشف أن التقديم ليس جاريا على وفق القواعد.
وقد سمعت كلام
الشهيد الثاني في المسالك وهنا في الروضة من أنها إجماعية ، وقال ابن إدريس : إنهم
أجمعوا على العين والصورة والصبغة ، بمعنى أن التقديم في خصوص ابن العم للأبوين
على العم للأب فقط ، وهذا الكلام ظاهره أن التقديم بسبب الإجماع وهو الحجة لو لا
ما يظهر من البعض كصاحب الجواهر وغيره أن المستند هو خبر الحسن بن عمارة (قال أبو
عبد الله عليهالسلام : أيّما أقرب ابن عم لأب وأم أو عم لأب؟ قلت : حدثنا أبو
إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه كان يقول : أعيان بني الأم أقرب من بني العلات ، قال :
فاستوى جالسا ثم قال : جئت بها من عين صافية ، إن عبد الله أبا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخو أبي طالب لأبيه وأمه) .
__________________
خرجت بذلك (١) عن
حكم القاعدة (٢).
ولا يتغيّر الحكم (٣)
بتعدد أحدهما (٤) ، أو تعددهما (٥) ، ولا بالزوج والزوجة المجامعين لهما (٦) لصدق
الفرض (٧) في ذلك كله.
وفي تغيره (٨)
بالذكورة والأنوثة (٩) قولان أجودهما : ذلك (١٠) لكونه خلاف الفرض المخالف للأصل ،
فيقتصر على محله.
ووجه العدم (١١) :
اشتراك الذكر والأنثى في الإرث والمرتبة والحجب في الجملة (١٢) ،
______________________________________________________
ـ والخبر عام يشمل
كل الصور المتقدمة التي ألزمنا بها الصدوق والمفيد ، ولا وجه لتخصيصه في ابن العم
للأبوين مع العم للأب إلا أن يقال إن المخصص هو الإجماع أو ذيل الخبر حيث اقتصر
الإمام عليهالسلام على أبي طالب وأبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأجل الإشارة من أن أمير المؤمنين عليهالسلام هو أولى بميراث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من عمه العباس لو لا وجود فاطمة الزهراء عليهاالسلام.
وعلى كل فالحكم في
هذه الصورة على خلاف قاعدة تقديم الأقرب للميت وإن انتسب إليه بطرف على الأبعد وإن
انتسب إليه بطرفين ، فلا بدّ من الاقتصار عليها لعدم وجود عموم وإطلاق يتمسك به في
غير هذه الصورة.
(١) بالإجماع أو
بالنص أو بهما.
(٢) وهي تقديم
الأقرب للميت وإن اتصل به بطرف على الأبعد وإن انتسب إليه بطرفين.
(٣) في تقديم ابن
العم.
(٤) فيما لو تعدد
ابن العم أو العم.
(٥) فيما لو تعدد
ابن العم للأبوين والعم للأب.
(٦) لابن العم
والعم.
(٧) لأن ابن العم
للأبوين مع العم للأب كما هو مورد الإجماع أو النص صارت في جميع هذه الصور.
(٨) تغير الحكم
بتقديم ابن العم.
(٩) كأن يكون بنت
عم لأبوين مع عم لأب ، أو ابن عم لأبوين مع عمة لأب.
(١٠) أي التغير.
(١١) عدم التغير.
(١٢) بمعنى اشتراك
العم والعمة في السببية وكذا ابن العم وبنت العم.
وهو مذهب الشيخ
فألحق العمة بالعمّ (١).
وكذا الخلاف في
تغيّره (٢) بمجامعة الخال.
فقيل : يتغير
فيكون المال بين العمّ والخال ، لأنه (٣) أقرب من ابن العمّ ، ولا مانع له (٤) من
الإرث بنصّ ولا إجماع ، فيسقط ابن العمّ رأسا ، ويبقى في الطبقة عمّ وخال ،
فيشتركان. لانتفاء مانع العم حينئذ (٥) ، ذهب إلى ذلك عماد الدين بن حمزة ، ورجّحه
المصنف في الدروس ، وقبله المحقق في الشرائع.
وقال قطب الدين الراوندي
ومعين الدين المصري : المال للخال وابن العم ، لأن الخال لا يمنع العمّ فلأن لا
يمنع ابن العم الذي هو أقرب (٦) أولى.
وقال المحقق
الفاضل سديد الدين محمود الحمصي : المال للخال ، لأن العمّ محجوب بابن العم ، وابن
العم محجوب بالخال.
ولكل واحد من هذه
الأقوال وجه وجيه (٧) ، وإن كان أقواها الأول وقوفا فيما خالف الأصل (٨) على موضع
النص والوفاق ، فيبقى عموم آية أولي
______________________________________________________
(١) وكذا بنت العم
بابنه.
(٢) تغير الحكم
بتقديم ابن العم.
(٣) أي الخال ففي
خبر سلمة بن محرز عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال : في ابن عم
وخالة ، المال للخالة ، وفي ابن عم وخال ، قال : المال للخال) .
(٤) للخال.
(٥) حين سقوط ابن
العم بالخال ويكون المال أثلاثا ثلثاه للعم وثلث للخال.
(٦) أي أقرب من
العم.
(٧) وهناك قول
رابع ذكره في المسالك ولم ينسبه لقائله وهو «حرمان العم والخال والمال كله لابن
العم ، فالخال مساو للعم في الرتبة ، وابن العم يمنع العم ومانع أحد المتساويين
مانع للآخر وإلا لما كانا متساويين».
(٨) من تقديم
القريب على البعيد.
__________________
الأرحام (١) التي
استدل بها الجميع على تقديم الأقرب خاليا من المعارض.
وتوقف العلامة في
المختلف لذلك (٢) وقد صنف هؤلاء الأفاضل على المسألة رسائل تشتمل على مباحث طويلة
، وفوائد جليلة.
(أما الحجب عن بعض الإرث) دون بعض (٣) (ففي) موضعين ، أحدهما : (الولد) ذكرا أو أنثى فإنه يحصل به(الحجب) للزوجين(عن نصيب الزوجيّة الأعلى) إلى الأدنى (٤) (وإن نزل) الولد (٥) (و) كذا(يحجب) الولد(الأبوين عما زاد عن السدسين) واحدهما عما زاد عن السدس (٦) (إلا) أن يكونا (٧) أو
أحدهما (٨)
______________________________________________________
(١) الأنفال الآية
: ٧٥.
(٢) لتضارب
الأقوال والوجوه.
(٣) وهو المسمى
بحجب النقصان ، وهو أن يحجبه عن نصيبه الأوفر إلى الأدنى.
(٤) الأعلى هو
النصف للزوج والربع للزوجة إذا لم يكن ولد ، والأدنى هو الربع للزوج والثمن للزوجة
إذا كان للميت ولد.
وذلك لقوله تعالى (وَلَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ
أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ
وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ
بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ
يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
مِمّٰا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ) ولأخبار منها : خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (لا يرث مع الأم ،
ولا مع الأب ، ولا مع الابن ، ولا مع الابنة إلا الزوج والزوجة ، لا ينقص من النصف
شيئا إذا لم يكن ولد ، والزوجة لا تنقص من الربع شيئا إذا لم يكن ولد ، فإذا كان
معهما ولد فللزوج الربع وللمرأة الثمن) .
(٥) لإطلاق الأدلة
السابقة بشرط كونه ولدا للميت لا للوارث.
(٦) لقوله تعالى (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) ، سواء كان الولد ذكرا أو أنثى وإن نزل لإطلاق الدليل.
(٧) الأبوان.
(٨) أحد الأبوين.
__________________
(مع البنت) الواحدة(مطلقا) (١) أي سواء كان معها الأبوان أم أحدهما فإنهما لا يحجبان ولا
أحدهما عن الزيادة عن السدس بل يشاركانها فيما زاد عن نصفها وسدسيهما بالنسبة (٢)
______________________________________________________
(١) سواء كانت مع
الأبوين أو أحدهما.
(٢) لأن الباقي هو
(١ / ٦) ، فيقسم على الأبوين والبنت على نسبة سهامهم والحاصل : (١ / ٢) للبنت+ (٢
/ ٦) للأبوين (٣+ ٢) ٦ ٥ / ٦ ، والباقي سدس يقسم أخماسا. خمساه للأبوين وثلاثة
أخماسه للبنت ، هذا إذا كانت البنت مع الأبوين ولو كانت مع أحد الأبوين فالحاصل : (١
/ ٢) للبنت+ (١ / ٦) لأحد الأبوين (٣+ ١) / ٦ ٤ / ٦ ، والباقي (٢ / ٦) يقسم أرباعا
، ثلاثة أرباعه للبنت وربعه لأحد الأبوين.
وللتفصيل نقول :
إن التركة في الصورة الأولى من ثلاثين ناشئة من ضرب ستة التي هي المخرج بالخمسة
التي هي قدر نصيب الورقة من الباقي وعليه : (١٥ / ٣٠) بالفرض للبنت+ (١٠ / ٣٠)
بالفرض للأبوين ٢٥ / ٣٠ ، والباقي (٥ / ٣٠) يقسم أخماسا ، ثلاثة أخماسه للبنت وهو (٣
/ ٣٠) ، وخمساه للأبوين وهو (٢ / ٣٠) فالنتيجة للبنت (١٥ / ٣٠ بالفرض+ ٣ / ٣٠
بالرد) ١٨ / ٣٠ ، ولكلا الأبوين : (١٠ / ٣٠ بالفرض+ ٢ / ٣٠ بالرد) ١٢ / ٣٠ ، فيكون
لكل واحد من الأبوين (٦ / ٣٠). والحاصل للبنت ثلاثة أخماس التركة وكل من الأبوين
خمس ، ويدل عليه نصوص منها : صحيح محمد بن مسلم (أقرأني أبو جعفر عليهالسلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخطّ علي عليهالسلام بيده فوجدت فيها : ـ إلى أن قال ـ ووجدت فيها : رجل ترك
أبويه وابنته ، فللابنة النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس ، يقسم المال على خمسة
أسهم فما أصاب ثلاثة فللابنة وما أصاب سهمين فللأبوين) .
وأما التركة في
الصورة الثانية فهي من أربعة عشرين ناشئة من ضرب ستة التي هي المخرج بالأربعة التي
هي حصص الورثة وعليه :
(١٢ / ٢٤ بالفرض للبنت+
٤ / ٢٤ لأحد الأبوين بالفرض) ١٦ / ٢٤ ، والباقي ٨ / ٢٤ يقسم أرباعا ، ثلاثة أرباعه
للبنت والباقي لأحد الأبوين فالنتيجة : للبنت (١٢ / ٢٤ بالفرض+ ٦ / ٢٤ بالرد) ١٨ /
٢٤ ولأحد الأبوين (٤ / ٢٤ بالفرض+ ٢ / ٢٤ بالرد) ٦ / ٢٤ ، وعليه فيكون للبنت ثلاثة
أرباع التركة ولأحد الأبوين الربع الأخير ، ويدل عليه ـ
__________________
(أو البنات) أي البنتين فصاعدا(مع أحد الأبوين)
(١) فإنهن لا يمنعنه (٢) عما زاد (٣) أيضا (٤) ، بل يردّ
عليهنّ وعليه ما بقي من المفروض بالنسبة كما سيأتي تفصيله ،
______________________________________________________
ـ بالخصوص رواية
حمران بن أعين عن أبي جعفر عليهالسلام (في رجل ترك ابنته
وأمه قال :إن الفريضة من أربعة أسهم ، فإن للبنت ثلاثة أسهم وللأم السدس سهم ،
وبقي سهمان ، فهما أحق بهما من العم وابن الأخ والعصبة ، لأن البنت والأم سمّي
لهما ولم يسم لهم ، فيردّ عليهما بقدر سهامهما) .
(١) لأنه مع
الأبوين فالسهام على قدر التركة فالبنتان لهما الثلثان بالفرض والأبوان لهما الثلث
الذي هو السدسان فالمجموع تمام التركة فلا ردّ.
وأما مع أحد
الأبوين ، فالبنتان الثلثان وأحد الأبوين السدس فالمجموع (٥ / ٦) والباقي (١ / ٦)
يقسم عليهم بحسب سهامهم فيردّ أخماسا فأربعة أخماسه للبنتين وخمسه لأحد الأبوين.
وتفصيله للبنتين (٢٠
/ ٣٠ بالفرض وهو الثلثان+ ٥ / ٣٠ لأحد الأبوين بالفرض وهو السدس) فالمجموع ٢٥ / ٣٠
، والباقي ٥ / ٣٠ يرد أخماسا أربعة أخماسه للبنات وخمسه لأحد الأبوين.
فحصة البنات : (٢٠
/ ٣٠ بالفرض+ ٤ / ٥ بالرد) ٢٤ / ٣٠.
وحصة أحد الأبوين
: (٥ / ٣٠ بالفرض+ ١ / ٣٠ بالرد) ٦ / ٣٠.
وخالف في ذلك ابن
الجنيد فحكم بحجب البنتين أحد الأبوين عما زاد عن السدس ، فأحد الأبوين له السدس
والباقي من التركة وهو الثلثان مع السدس الباقي عن السهام للبنتين فيكون للبنتين
خمسة أسداس التركة ولأحد الأبوين سدس تمسكا بموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل مات وترك
ابنتيه وأباه ، قال : للأب السدس وللابنتين الباقي) .
وفيه : إنها
معارضة برواية حمران بن أعين التي ورد فيها التعليل بأن من سمّي له يردّ عليه بقدر
سهامه وكلّ من البنتين وأحد الأبوين له نصيب مفروض فلا بدّ من الرد عليهما.
(٢) لا يمنعن أحد
الأبوين.
(٣) عن فرضه من
السدس.
(٤) كما لم تمنع
البنت الواحدة.
__________________
ولو كان معهنّ
أبوان استغرقت سهامهم الفريضة فلا ردّ فمن ثمّ (١) أدخلهما في قسم الحجب.
وفي المسألة قول
نادر (٢) بحجب البنتين فصاعدا أحد الأبوين عما زاد عن السدس ، لرواية أبي بصير (٣)
عن الصادق عليهالسلام وهو متروك (٤).
(و) ثانيهما (٥): (الإخوة ، تحجب الأمّ عن الثلث إلى السدس (٦) بشروط) خمسة :
الأول(وجود الأب) (٧) ليوفروا عليه ما حجبوها عنه ، وإن لم يحصل لهم
______________________________________________________
(١) أي من كون
البنتين يمنعن الأبوين عن زيادة السدس أدخلت البنتان في حجب النقصان بخلاف البنتين
مع أحد الأبوين فإن لأحد الأبوين سدسا وزيادة كما تقدم.
(٢) أي في مسألة
البنتين مع أحد الأبوين قول لابن الجنيد وقد تقدم.
(٣) الوسائل الباب
ـ ١٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد حديث ٧.
(٤) أي القول
النادر لأنه مخالف للتعليل في رواية حمران بن أعين المتقدمة.
(٥) ثاني الموضعين
من حجب النقصان.
(٦) لقوله تعالى :
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كٰانَ
لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا
أَوْ دَيْنٍ) .
(٧) على المشهور
ودليلهم الآية المتقدمة ، فظاهرها أن الإخوة يحجبون عند ما يرثه أبواه ، ولخبر
بكير عن أبي عبد الله عليهالسلام (الأم لا تنقص عن
الثلث أبدا ، إلا مع الولد والإخوة إذا كان الأب حيا) (.
وخالف الصدوق فلم
يشترط في حجب الأم وجود الأب لخبر زرارة (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : امرأة تركت زوجها وأمها وإخوتها لأمها ، وإخوة لأبيها
وأمها فقال : لزوجها النصف ولأمها السدس وللإخوة من الأم الثلث وسقط الإخوة من
الأم والأب) . وخبره الآخر عنه عليهالسلام (في أم وأخوات لأب
وأم وأخوات لأم ، أن للأم السدس ولكلالة الأب الثلثين ولكلالة الأم السدس) . وهما ظاهران في أن الإخوة
__________________
منه شيء. فلو كان
معدوما (١) لم يحجبوها عن الثلث.
(و) الثاني(كونهم رجلين) أي ذكرين(فصاعدا ، أو أربع نساء ، أو رجلا) أي ذكرا(وامرأتين) أي ابنتين (٢) وإن لم يبلغا (٣) ، والخنثى هنا كالأنثى ،
للشك في الذكورية الموجب للشك في الحجب ، واستقرب المصنف في الدروس هنا (٤) القرعة
(٥).
(و) الثالث(كونهم إخوة للأب والأمّ ، أو للأب) أو بالتفريق (٦) فلا تحجب كلالة الأم (٧).
(و) الرابع(انتفاء) موانع الإرث من(القتل والكفر
والرق عنهم) (٨) وكذا
______________________________________________________
ـ يحجبون الأم عما
زاد عن السدس وإن لم يكن الأب حيا ، وهما محمولان على التقية لموافقتهما للعامة
لأن فيهما توريث الإخوة مع الأم وهو ممنوع عندنا.
(١) اي الأب.
(٢) للأب ، وهما
أختا الميت ولو عبّر بالأختين لكان أولى.
(٣) لأخبار منها :
صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يحجب الأم من
الثلث إذا لم يكن ولد إلا أخوان أو أربع أخوات) وخبر العلاء بن فضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام (ولا يحجبها إلا
أخوان أو أخ وأختان ، أو أربع أخوات لأب ، أو لأب وأم ، أو أكثر من ذلك ، والمملوك
لا يحجب ولا يرث) والأخبار أطلقت لفظ الأخ والأخت وهو شامل لأخوة الميت
وأخواته ذكورا وإناثا سواء كانوا بالغين أو لا ، ولذا بدّل الشارح لفظ المصنف
بالرجل والمرأتين بالذكر والأنثيين.
(٤) أي في الحجب.
(٥) لأنها لكل أمر
مشكل ، وفيه أنها تجري بعد تعذر جريان جميع الأصول العملية والموضوعية ومقامنا ليس
منه.
(٦) بمعنى أن
بعضهم إخوة لأب وأم والبعض الآخر إخوة لأب.
(٧) لأخبار منها :
خبر العلاء بن فضيل المتقدم ، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام (في الإخوة من
الأم لا يحجبون الأم عن الثلث) .
(٨) عن الإخوة ،
أما القتل فعلى المشهور للإجماع المحكي عن الشيخ في الخلاف ، وتردد ـ
__________________
اللعان (١) ،
ويحجب الغائب (٢) ما لم يقض بموته شرعا.
(و) الخامس(كونهم منفصلين بالولادة (٣) لا حملا) (٤) فلا يحجب الحمل ولو بكونه متمما للعدد المعتبر فيه (٥)
على المشهور ، إما لعدم إطلاق اسم الإخوة عليه (٦) حينئذ ، أو لكونه لا ينفق عليه
الأب وهو (٧)
علة التوفير عليه (٨).
______________________________________________________
ـ المحقق ، وعن
الصدوق والعماني وابن أبي عقيل أنه ليس بشرط في الإخوة لعدم الدليل.
وأما العتق ففي
خبر العلاء بن فضيل المتقدم (والمملوك لا يحجب ولا يرث) ، وأما الكفر ففي خبر محمد بن مسلم سألت أبا عبد الله عليهالسلام (عن المملوك
والمشرك يحجبان إذا لم يرثا؟ قال عليهالسلام : لا) ومثله غيره.
(١) لأن بالملاعنة
يسقط النسب بين الأب وولده ، فإذا كان له إخوة من أبيه وأمه فهو أخوهم من أمه فقط
، فلو مات أحدهم فلا يحجب الأم لأنه أخوه من أمه.
(٢) لإحرازه جميع
الشرائط ، وكونه غائبا ليس بمانع ما لم يقض بموته شرعا.
(٣) على المشهور
للشك في تحقق الإخوة ما دام حملا لأنه قد يصير سقطا ، ولخبر العلاء بن فضيل عن أبي
عبد الله عليهالسلام (إن الطفل والوليد
لا يحجبك ولا يرث إلا من أذن بالصراخ ، ولا شيء أكنه البطن وإن تحرك) ، ولانتفاء العلة في الحمل وهي إنفاق الأب فالإخوة يحجبون
الأم عما زاد عن السدس حتى يوفروا على الأب للإنفاق عليهم.
(٤) قيل بأنه يحجب
وأنه متمم للعدد ، والقائل غير معروف كما في المسالك والجواهر ، نعم في الدروس جعل
عدم حجبه قولا مشعرا بتمريضه وهذا كاشف عن كون الحمل عنده حاجبا ، وهو ضعيف بما
سمعت.
(٥) في الحجب.
(٦) على الحمل
لاحتمال سقوطه.
(٧) أي الإنفاق.
(٨) على الأب ،
كما في خبر ابن أذينة (فإن كان له إخوة ـ يعني الميت ـ إخوة لأب وأم ، أو إخوة لأب
فلأمه السدس وللأب خمسة أسداس وإنما وفّر للأب من أجل عياله) وفي ـ
__________________
وفي الثاني منع
ظاهر (١). والعلة غير متحققة (٢) ، وفي الدروس جعل عدم حجبه (٣) قولا ، مؤذنا
بتمريضه (٤).
ويشترط سادس (٥) ،
وهو كونهم أحياء عند موت المورّث (٦) فلو كان بعضهم ميتا ، أو كلّهم عنده (٧) لم
يحجب ، وكذا لو اقترن (٨) موتاهما أو اشتبه التقدم والتأخر (٩) ، وتوقف المصنف في
الدروس لو كانوا غرقى من حيث إن فرض موت كل واحد منهما يستدعي كون الآخر حيا
فيتحقق الحجب (١٠). ومن
______________________________________________________
ـ خبر علي بن سعيد
عن زرارة (وإنما صار لها السدس وحجبها الإخوة من الأب والإخوة من الأب والأم لأن
الأب ينفق عليهم فوفّر نصيبه وانتقصت الأم من أجل ذلك) .
(١) إذ الإنفاق
على الحمل متحقق ولو بالإنفاق على أمه ، ولذا كانت نفقة الحامل أكثر.
(٢) أي غير منصوصة
، وفيه : قد عرفت التنصيص عليها في الخبرين السابقين نعم هما مرويان عن زرارة لا
عن المعصوم عليهالسلام ، إلا أن رواية زرارة كانت حجة وترجع الأصحاب إليه في باب
الإرث لأنه قد اطلع على صحيفة الفرائض المكتوبة بخط علي ، وكان هو الذي يميز بين
أخبار التقية وغيرها فراجع أخبار الإرث تجد صدق ما قلنا.
(٣) عدم حجب
الحمل.
(٤) بأن أتى به
بلفظ قيل.
(٥) أي يشترط شرط
سادس.
(٦) إذ لو كانوا
أمواتا عند موت المورّث الذي هو أخوهم لم يحجبوا ضرورة أن المنصرف من الإخوة
الحاجبين للأم من الآية هم الإخوة الأحياء قال تعالى : (فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ
فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ).
(٧) أي كلهم موتى
عند موت المورّث.
(٨) لم يحجب.
(٩) فكذا لا حجب
لأن الشك في تقدم موت أحدهما شك في حياة أخ الميت عند موت المورّث ، والشك فيه
موجب للشك في الحجب والأصل عدمه.
(١٠) فيما لو
كانوا غرقى واشتبه المتقدم بالمتأخر ، أما لو علم تحقق موتهما معا فلا يأتي هذا
الفرض ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فعلى احتمال التقدم والتأخر ففرض المورّث ميتا
أولا يستدعي أن يكون أخوه حيا حال وفاته فيتحقق حجبه.
__________________
عدم القطع بوجوده (١)
والإرث حكم شرعي (٢) فلا يلزم منه اطراد الحكم بالحياة.
قال : ولم أجد في
هذا كلاما لمن سبق.
والأقوى عدم الحجب
، للشك (٣) ، والوقوف في ما خالف الأصل (٤) على مورده.
ـ وسابع ـ وهو المغايرة
(٥) بين الحاجب والمحجوب. فلو كانت الأمّ أختا لأب (٦) فلا حجب كما يتفق ذلك في
المجوس ، أو الشبهة ، بوطء الرجل ابنته فولدها أخوها لأبيها(٧).
(الفصل الثاني)
(في) بيان(السّهام) المقدّرة (٨) (و) بيان(أهلها) (٩). وهي في كتاب الله تعالى) ستة :
الأول ـ (النّصف) (١٠) وقد ذكر في ثلاثة مواضع. قال تعالى : (وَإِنْ كٰانَتْ).
______________________________________________________
(١) بوجود أخ
المورّث حيا حال وفاة المورّث وهذا هو الوجه الثاني.
(٢) دفع وهم ،
وحاصل الوهم : لو لم يحكم بوجود أخ المورّث لزم أن لا يحكم بإرثه من أخيه ، وقد
حكموا بإرثه كما سيأتي في ميراث الغرقى.
والدفع : أن الإرث
حكم شرعي ورد من الشارع في خصوص الإرث ولا يلزم منه اطراد حكم الحياة في أخ
المورّث حتى يتحقق حجبه ، فوجوده مشكوك فلا يكون حاجبا وإن كان وارثا بنص خاص.
(٣) في وجود أخ
المورّث فلا يكون حاجبا.
(٤) من إرث الغرقى
فيحكم بإرث أخ المورّث.
(٥) إذ لا يتصور
عقلا بأن يحجب الإنسان نفسه.
(٦) أي أخت الميت
لأبيه وهي أمه.
(٧) فلو مات الولد
فهي أمه وهي أخته من أبيه ، فهل هي من حيثية كونها أختا تحجب نفسها من حيثية كونها
أما إذا كان هناك بقية العدد ، وقد عرفت العدم.
(٨) في الكتاب ،
وهي ستة : الربع والثلث وضعفهما ونصفهما.
(٩) أهل السهام.
(١٠) وهو سهم
لثلاثة ، للبنت وللزوج مع عدم الولد من الزوجة ، وللأخت للأبوين أو للأب.
يعني البنت (وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) (١) (وَلَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ
أَزْوٰاجُكُمْ) (٢) (وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ
مٰا تَرَكَ) (٣).
(و) الثاني. نصف النصف وهو (الربع) (٤) وهو مذكور فيه (٥) في موضعين أحدهما : (فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا
تَرَكْنَ) (٦) ، وثانيهما : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا
تَرَكْتُمْ) (٧).
(و) الثالث. نصفه (٨) وهو (الثمن) (٩) ذكره الله تعالى مرة واحدة في قوله : (فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا
تَرَكْتُمْ) (١٠).
(و) الرابع.(الثلثان) (١١) ذكره الله تعالى في موضعين.
أحدهما في البنات
قال : (فَإِنْ كُنَّ
نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ) (١٢).
وثانيهما في
الأخوات. قال تعالى : (فَإِنْ
كٰانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ)(١٣).
(و) الخامس. نصفه (١٤)
______________________________________________________
(١) النساء الآية
: ١١.
(٢) النساء الآية
: ١٢.
(٣) النساء الآية
: ١٧٦.
(٤) وهو سهم
لاثنين ، للزوج مع وجود ولد الزوجة ، وللزوجة مع عدم وجود ولد للزوج.
(٥) في القرآن.
(٦) النساء الآية
: ١٢.
(٧) النساء الآية
: ١٢.
(٨) أي نصف نصف
النصف.
(٩) وهو سهم لواحد
وهو سهم الزوجة مع وجود ولد الزوج.
(١٠) النساء الآية
: ١٢.
(١١) وهو سهم
لاثنين : سهم البنتين فصاعدا إذا انفردن عن الإخوة ، وسهم الأختين فصاعدا للأبوين
أو للأب.
(١٢) النساء الآية
: ١١ ، ووجه الدلالة أن الله ذكر النصف للبنت والثلثين لما فوق البنتين ولما يذكر
حكم الاثنتين ، لكن الأخبار الآتية دلت على أن حكم الاثنتين كحكم الثلاث.
(١٣) النساء الآية
: ١٧٦.
(١٤) نصف الثلثين.
وهو (الثلث) (١) وقد ذكره الله تعالى في موضعين أيضا قال تعالى : (فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) (٢) وقال : (فَإِنْ كٰانُوا). أي أولاد الأم. (أَكْثَرَ مِنْ
ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ) (٣).
(و) السادس. نصف نصفه (٤). وهو (السدس) (٥) وقد ذكره الله تعالى في ثلاثة مواضع ، فقال : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ) (٦). (فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ
فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) (٧) وقال في حق
أولاد الأم : (وَلَهُ أَخٌ أَوْ
أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)(٨).
وأما أهل هذه
السهام فخمسة عشر :
(فالنصف لأربعة : الزوج مع عدم الولد) للزوجة(وإن نزل) سواء كان منه أم من غيره (٩) (والبنت) الواحدة ، (والأخت للأبوين والأخت للأب) مع فقد أخت الأبوين (١٠) (إذا لم يكن ذكر) في الموضعين (١١).
(والربع لاثنين : الزوج مع الولد) للزوجة وإن نزل(والزوجة) وإن تعددت
______________________________________________________
(١) وهو سهم
لاثنين ، سهم للأم إذا لم يكن للميت إخوة حاجبة ، وسهم كلالة الأم أي إخوة الميت
من أمه إذا كانوا اثنين فما زاد.
(٢) النساء الآية
: ١١.
(٣) النساء الآية
: ١٢.
(٤) أي نصف نصف
الثلثين.
(٥) وهو سهم
لثلاثة ، سهم لكل واحد من الأبوين مع وجود ولد للميت ، وسهم الأم إذا كان لها حاجب
من الإخوة ، وسهم الواحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى.
(٦) النساء الآية
: ١١.
(٧) النساء الآية
: ١١.
(٨) النساء الآية
: ١٢.
(٩) أي الولد لصدق
ابن الزوجة عليه لقوله تعالى : (فَإِنْ كٰانَ
لَهُنَّ وَلَدٌ) .
(١٠) لأن المتقرب
للميت بالطرفين يمنع المتقرب له بطرف واحد مع تساوي الدرجة.
(١١) موضع الأخت
وموضع البنت ، أما مع الذكر فالبنت والأخت ترث بالقرابة على قاعدة الذكر مثل حظ
الأنثيين.
__________________
(مع عدمه) (١) للزوج.
(والثمن لقبيل واحد) وهو (الزوجة وإن تعددت مع الولد) وإن نزل.
(والثلثان لثلاثة : البنتين فصاعدا. والأختين لأبوين فصاعدا.
والأختين للأب) ـ مع فقد المتقرب بالأبوين ـ فصاعدا(كذلك) إذا لم يكن ذكر في الموضعين (٢).
(والثلث لقبيلين : للأم مع عدم من يحجبها) من الولد والإخوة(وللأخوين ، أو
الأختين ، أو للأخ والأخت فصاعدا من جهتها) (٣) ولو قال : للاثنين فصاعدا من ولد الأمّ ذكورا أم إناثا أم
بالتفريق كان أجمع.
(والسدس لثلاثة : للأب مع الولد) ذكرا كان أم أنثى وإن حصل له مع ذلك (٤) زيادة بالردّ ،
فإنها بالقرابة (٥) ، لا بالفرض(وللأمّ معه) أي مع الولد ، وكذا مع الحاجب من الإخوة(وللواحد من كلالة الأمّ) أي أولادها.
سمّي الإخوة (٦)
كلالة من الكلّ وهو الثقل ، لكونها ثقلا على الرجل (٧) لقيامه بمصالحهم مع عدم
التولد (٨) الذي (٩) يوجب مزيد الإقبال والخفة على النّفس أو من الإكليل وهو ما
يزيّن بالجوهر شبه العصابة ، لإحاطتهم بالرجل كإحاطته (١٠) بالرأس.
______________________________________________________
(١) عدم الولد
للزوج.
(٢) في البنتين
والأختين وإلا فيرثن بالقرابة.
(٣) جهة الأم.
(٤) أي حصل للأب
مع السدس ، كما تقدم من اجتماع الأب والبنت فله زيادة على السدس ربع الباقي بعد
إخراج النصف للبنت ، إلا أن الزائد بالقرابة.
(٥) أي الزيادة عن
السدس.
(٦) إخوة الميت.
(٧) أبي الميت.
(٨) أي مع عدم كون
الكلالة أولادا للأب لأنهم إخوة الميت من أمه.
(٩) أي التولد
منه.
(١٠) كإحاطة
الإكليل.
هذا حكم السهام
المقدّرة منفردة (١). وإما منضمة بعضها إلى بعض فبعضها يمكن ، وبعضها يمتنع.
وصور اجتماعها (٢)
الثنائي (٣) مطلقا (٤) إحدى وعشرون ، حاصلة من ضرب السّهام الستة في مثلها (٥) ثم
حذف المكرر منها وهو خمسة عشر (٦).
______________________________________________________
(١) فيما لو وجد
واحد فمن له سهم في الكتاب.
(٢) أي السهام.
(٣) يذكر عادة
الاجتماع الثنائي ، ويقاس عليه غيره من الثلاثي فصاعدا.
(٤) الممتنع منها
والممكن بعد حذف المكرر.
(٥) لأن النصف
كسهم قد يجتمع مع النصف والربع والثمن والثلثين والثلث والسدس ، وكذا غيره من
السهام الباقية. فيكون المجموع ستا وثلاثين صورة.
(٦) أي المكرر ،
لأنك لو نظرت إلى النصف فتراه مجتمعا مع الستة ثم لو نظرت إلى الربع لرأيته مجتمعا
مع الستة بما فيها النصف ، فيكون اجتماع النصف مع الربع مكررا في الصورتين ولو
نظرت إلى سهم ثالث لتكررت صورتان ، وفي السهم الرابع تتكرر ثلاث صور ، وفي السهم
الخامس تتكرر أربع صور ، وفي السهم السادس تتكرر خمس صور فيكون مجموع المتكرر خمس
عشرة صورة. وإليك التفصيل مع بيان الممكن والممتنع.
صور اجتماع النصف
:
١ ـ النصف مع
النصف ـ ممكن ـ كأخت وزوج.
٢ ـ النصف مع
الربع ـ ممكن ـ كأخت وزوجة أو كبنت وزوج.
٣ ـ النصف مع
الثمن ـ ممكن ـ كبنت وزوجة.
٤ ـ النصف مع
الثلثين ـ ممتنع ـ لزيادتهما عن الفريضة.
٥ ـ النصف مع
الثلث ـ ممكن ـ كزوج وأم.
٦ ـ النصف مع
السدس ـ ممكن ـ كبنت وأم ، أو زوج وواحد من كلالة الأم.
صور اجتماع الربع.
٧ ـ الربع مع
النصف ـ مكرر في النصف ـ.
٨ ـ الربع مع
الربع ـ ممتنع لاستحالة اجتماع زوجين مع موت أحدهما ـ.
٩ ـ الربع مع
الثمن ـ ممتنع ـ لأن الثمن نصيب الزوجة مع الولد وهذا لا يجتمع مع الولد وهذا لا
يجتمع مع نصيبها بدون الولد ولا يجتمع مع نصيب الزوج مع الولد.
١٠ ـ الربع مع
الثلثين ـ ممكن ـ كزوج وبنتين.
١١ ـ الربع مع
الثلث ـ ممكن ـ كزوجة مع أم.
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ ١٢ ـ الربع مع
السدس ـ ممكن ـ كزوج وأحد الأبوين إذا كان للميت ولد ، وزوج مع واحد من كلالة
الأم.
صور اجتماع الثمن.
١٣ ـ الثمن مع
النصف ـ مكرر في النصف ـ.
١٤ ـ الثمن مع
الربع ـ مكرر في الربع ـ.
١٥ ـ الثمن مع
الثمن ـ ممتنع ـ لأنه نصيب الزوجة مع الولد ولا يوجد لغيرها حتى تجتمع معه.
١٦ ـ الثمن مع
الثلثين ـ ممكن ـ كزوجة مع ابنتين للميت.
١٧ ـ الثمن مع
الثلث ـ ممتنع لأن الثمن نصيب الزوجة مع إذا كان للميت ولد وهو لا يجتمع مع الثلث
لأن الثلث إما للأم مع عدم الولد ، والولد قد فرض في ثمن الزوجة فلا يجتمعان ،
وإما لكلالة الأم وهم من الطبقة الثانية فلا يرثون إذا كانت الزوجة لها الثمن
الكاشف عن وجود ولد للميت وهو من الطبقة الأولى.
١٨ ـ الثمن مع
السدس ـ ممكن ـ كزوجة وأحد الأبوين إذا كان للميت ولد.
صور اجتماع
الثلثين.
١٩ ـ الثلاثان مع
النصف ـ مكرر في النصف ـ.
٢٠ ـ الثلاثان مع
الربع ـ مكرر في الربع ـ.
٢١ ـ الثلاثان مع
الثمن ـ مكرر في الثمن ـ.
٢٢ ـ الثلاثان مع
الثلثين ـ ممتنع ـ لزيادتهما عن الفريضة ولعدم اجتماع البنتين مع الأختين لاختلاف
الرتبة.
٢٣ ـ الثلاثان مع
الثلث ـ ممكن ـ كالأختين للميت من أبيه مع كلالة الأم إن تعددوا.
٢٤ ـ الثلاثان مع
السدس ـ ممكن ـ كبنتين مع أحد الأبوين.
٢٥ ـ الثلث مع
النصف ـ مكرر في النصف ـ
٢٦ ـ الثلث مع
الربع ـ مكرر في الربع ـ
٢٧ ـ الثلث مع
الثمن ـ مكرر في الثمن ـ
٢٨ ـ الثلث مع
الثلثين ـ مكرر في الثلثين ـ
٢٩ ـ الثلث مع
الثلث ـ ممتنع ـ لأن الثلث سهم الأم إذا لم يكن للميت ولد ، ومعها لا تعطى كلالة
الأم الذين لهم الثلث لأنهم طبقة ثانية.
٣٠ ـ الثلث مع
السدس ـ ممتنع ـ لأن الثلث إما للأم وإما لكلالة الأم مع التعدد ، وعلى ـ
منها ثمان ممتنعة (١)
، وهي : واحدة من صور اجتماع النصف مع غيره وهو (٢) : اجتماعه مع الثلثين ،
لاستلزامه (٣) العول (٤) ، وإلا فأصله واقع ، كزوج مع أختين فصاعدا لأب ، لكن يدخل
النقص عليهما فلم يتحقق الاجتماع مطلقا (٥).
واثنتان من صور
اجتماع الرّبع مع غيره ، وهما : اجتماعه مع مثله (٦) ، لأنه سهم الزوج مع الولد ،
والزوجة لا معه (٧)
______________________________________________________
ـ الأول لا تجتمع
مع من فرض له السدس وهو أحد الأبوين إذا كان للميت ولد ، أو للأم مع وجود الحاجب
على فرض وجوب الأب وإلا لو كان الأب موجودا فليس لها الثلث ، أو لواحد من كلالة
الأم لأنه من الطبقة الثانية.
وعلى الثاني
فكلالة الأم مع التعدد وطبقة ثانية لا تجتمع مع من فرض له السدس وهو أحد الأبوين
إذا كان للميت ولد لأنه من الطبقة الأولى ، أو الأم مع وجود الحاجب لأنها كذلك من
الطبقة الأولى ، أو الواحد من كلالة الأم لأننا فرضنا الكلالة متعددة فكيف نفرضها
واحدا.
صور اجتماع السدس.
٣١ ـ السدس مع
النصف ـ مكرر في النصف ـ
٣٢ ـ السدس مع
الربع ـ مكرر في الربع ـ
٣٣ ـ السدس مع
الثمن ـ مكرر في الثمن ـ
٣٤ ـ السدس مع
الثلثين ـ مكرر في الثلثين ـ
٣٥ ـ السدس مع
الثلث ـ مكرر في الثلث ـ
٣٦ ـ السدس مع
السدس ـ ممكن ـ كأب مع أم مع وجود ولد للميت.
وعليه فالمكرر خمس
عشرة صورة ، والممتنع ثماني صور ، والممكن ثلاث عشرة صورة.
(١) وهي ١ ـ النصف
مع الثلثين ، ٢ ـ الربع مع الربع ، ٣ ـ الربع مع الثمن ، ٤ ـ الثمن مع الثمن ، ٥ ـ
الثمن مع الثلث ، ٦ ـ الثلثان مع الثلثين ، ٧ ـ الثلث مع الثلث ، ٨ ـ الثلث مع
السدس.
(٢) أي الغير.
(٣) أي استلزام
الاجتماع.
(٤) وهو زيادة
السهام عن الفريضة.
(٥) بعد دخول
النقص على الأختين.
(٦) اجتماع الربع
مع الربع.
(٧) لا مع الولد.
فلا يجتمعان ،
واجتماعه (١) مع الثّمن ، لأنه نصيبها (٢) مع الولد وعدمه (٣) ، أو نصيب الزوج معه
(٤).
واثنتان من صور
الثّمن مع غيره ، وهما : هو مع مثله ، لأنه نصيب الزوجة وإن تعددت خاصة (٥). وهو
مع الثّلث ، لأنه نصيب الزوجة مع الولد ، والثلث نصيب الأم لا معه (٦) ، أو
الاثنين من أولادها لا معهما (٧).
وواحدة من صور
الثلثين ، وهي : هما مع مثلهما ، لعدم اجتماع مستحقهما متعددا في مرتبة واحدة (٨)
مع بطلان العول (٩).
واثنتان من صور
الثلث ، وهما : اجتماعه مع مثله ، وإن فرض في البنتين والأختين. حيث إن لكلّ واحدة
ثلثا ، إلا أن السّهم هنا هو جملة الثلثين ، لا بعضهما.
وهو مع السّدس ، (١٠)
، لأنه نصيب (١١) الأمّ مع عدم الحاجب ، والسّدس نصيبها معه (١٢) ، أو مع الولد
فلا يجامعه (١٣).
______________________________________________________
(١) أي الربع.
(٢) أي لأن الثمن
نصيب الزوجة.
(٣) وعدم الولد
فيكون نصيبها الربع ولا يجتمعان.
(٤) مع الولد
فيكون له الربع مع أن الثمن للزوجة مع الولد ولا يمكن اجتماع الزوجين معا في مسألة
الإرث.
(٥) فلا يكون فرض
ثمن آخر.
(٦) لا مع الولد.
(٧) أي لا مع الأم
ولا مع الأولاد مع أن الثمن نصيب الزوجة مع الولد.
(٨) لعدم اجتماع
البنتين مع الأختين المفروض لكل منهما الثلثان.
(٩) لزيادة السهام
على الفريضة.
(١٠) أي الثلث مع
السدس.
(١١) أي الثلث.
(١٢) أي نصيب الأم
مع الحاجب.
(١٣) أي مع الولد
فيكون نصيبها السدس وهو لا يجامع الثلث المعطى للأم على تقدير عدم الولد ، والفرق
بين المقالين تارة في الولد وأخرى في الإخوة الحاجب للأم عما زاد عن السدس.
ويبقى من الصور
ثلاث عشرة (١) ، فرضها واقع صحيح قد أشار المصنف منها إلى تسع بقوله.
(ويجتمع النصف مع مثله) كزوج وأخت لأب(ومع الرّبع) كزوجة وأخت كذلك (٢) وكزوج وبنت(و) مع(الثمن) كزوجة وبنت. وقد
تقدم أنّه لا يجتمع (٣) مع الثلثين ، لاستلزامه العول(و) يجتمع(مع الثلث) كزوج وأمّ. وككلالة الأمّ المتعددة مع أخت لأب(و) مع(السدس) كزوج وواحد من
كلالة الأم ، وكبنت مع أمّ ، وكأخت لأب مع واحد من كلالة الأمّ.
(ويجتمع الربع والثمن مع الثلثين) فالأول (٤) كزوج وابنتين وكزوجة وأختين لأب ، والثاني (٥)
كزوجة وابنتين.
(ويجتمع الربع مع الثلث) كزوجة وأمّ. وزوجة مع متعدد من كلالة الأم.
______________________________________________________
(١) وهي :
١ ـ النصف مع
النصف.
٢ ـ النصف مع
الربع.
٣ ـ النصف مع
الثمن.
٤ ـ النصف مع
الثلث.
٥ ـ النصف مع
السدس.
٦ ـ الربع مع
الثلثين.
٧ ـ الربع مع
الثلث.
٨ ـ الربع مع
السدس.
٩ ـ الثمن مع
الثلثين.
١٠ ـ الثمن مع السدس.
١١ ـ الثلثان مع
الثلث.
١٢ ـ الثلثان مع
السدس.
١٣ ـ السدس مع
السدس.
(٢) أي لأب.
(٣) أي النصف.
(٤) الربع مع
الثلثين.
(٥) الثمن مع
الثلثين.
ومع السدس (١)
كزوجة وواحد من كلالة الأمّ وكزوج وأحد الأبوين مع ابن.
(ويجتمع الثمن مع السدس) كزوجة وابن وأحد الأبوين.
ويجتمع الثلثان مع
الثلث (٢) ، كإخوة لأمّ مع أختين فصاعدا لأب ومع السدس (٣) كبنتين وأحد الأبوين.
وكأختين لأب مع واحد من كلالة الأمّ.
ويجتمع السّدس مع
السّدس (٤) كأبوين مع الولد (٥).
فهذه جملة الصّور
التي يمكن اجتماعها بالفرض ثنائيا وهي ثلاث عشرة.
(وأمّا) صور(الاجتماع لا بحسب الفرض) بل بالقرابة اتفاقا (٦) (فلا حصر له) (٧) لاختلافه باختلاف الوارث كثرة وقلة ، ويمكن معه (٨) فرض
ما امتنع (٩) لغير العول (١٠) ، فيجتمع الرّبع مع مثله في بنتين وابن (١١) ومع
الثمن (١٢) في زوجة وبنت وثلاث بنين (١٣) ،
______________________________________________________
(١) أي يجتمع
الربع مع السدس ، وهي أول الصور من الصور الممكنة التي تركها المصنف.
(٢) ثاني الصور
الممكنة التي تركها المصنف.
(٣) أي يجتمع
الثلثان مع السدس وهي ثالث الصور الممكنة التي تركها المصنف.
(٤) رابع الصور
الممكنة التي تركها المصنف.
(٥) فلكل واحد من
أبويه السدس.
(٦) قيد للاجتماع
بالقرابة.
(٧) للاجتماع
بالقرابة.
(٨) مع الاجتماع
بالقرابة.
(٩) اجتماعه
بالفرض.
(١٠) والمعنى : ما
امتنع اجتماعه في الاجتماع بالفرض يمكن اجتماعه في الاجتماع بالقرابة بشرط أن يكون
امتناعه ناشئا من العول الذي هو زيادة السهام عن الفريضة فإنه ممتنع سواء كان
السهم بالفرض أو بالقرابة.
(١١) فالابن له
النصف ولكل بنت ربع على قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين فاجتمع ربع البنت الأولى مع
ربع البنت الأخرى ، مع أن الربع مع مثله بحسب الفرض لا يجتمعان كما في الصورة
الثامنة.
(١٢) أي ويجتمع
الربع مع الثمن.
(١٣) فالزوجة لها
الثمن والباقي وهو سبعة أثمان يقسم على البنين والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين ،
فالذكر له ٢ / ٨ والبنت لها ١ / ٨ وعليه فاجتمع ثمن البنت مع ربع الذكر ، وقد ـ
والثّلث مع السّدس
في زوج وأبوين (١) ، وعلى هذا.
وإذا خلّف الميت
ذا فرض أخذ فرضه ، فإن تعدد في طبقة (٢) أخذ كلّ فرضه ، فإن فضل من التركة شيء عن
فروضهم ردّ عليهم (٣) على نسبة الفروض (٤) مع تساويهم في الوصلة (٥) عدا الزوج
والزوجة (٦) والمحجوب عن الزيادة (٧).
(ولا ميراث) عندنا(للعصبة) (٨) على تقدير زيادة الفريضة عن السّهام (٩) (إلا مع)
______________________________________________________
ـ كان ممتنعا بالفرض
كما في الصورة التاسعة.
(١) فالزوج له
النصف والأم لها الثلث والباقي للأب والباقي ١ / ٦ لأن نصيب الزوج ٣ / ٦ ونصيب
الأم ٢ / ٦ ، وقد اجتمع ثلث الأم مع سدس الأب ، مع أنه كان ممتنعا بالفرض كما في
الصورة الثلاثين.
(٢) كأم وبنت
فالأولى لها السدس والثانية النصف.
(٣) على المتعددين
من ذوي الفرائض في الطبقة الواحدة.
(٤) ففي مثال الأم
والبنت يبقى ٢ / ٦ ويردّ عليهما أرباعا ثلاثة أرباعه للبنت والربع الأخير منه
للأم.
(٥) أي في الطبقة.
(٦) وسيأتي الكلام
فيهما إن شاء الله في جواز الرد وعدمه.
(٧) كالأم مع وجود
إخوة للميت وبنت وأب ، فالبنت لها النصف والأم لها السدس لوجود الحاجب من الإخوة ،
والأب له سدس فيبقى سدس ، لا يرد منه على الأم لوجود الحاجب لها عما زاد عن السدس
، بل يقسم بين الأب والبنت أرباعا.
(٨) محركة ، وهو
كل ذكر قريب إلى الميت ما عدا الولد والوالد ، سواء كان هذا الذكر من الطبقة
الأولى كابن الابن ، أو من الطبقة الثانية كالأخ وابن الأخ ، أو من الطبقة الثالثة
كالعم وابن العم).
(٩) فالباقي لمن؟
فالإمامية على أن الباقي يقسم على ذوي الفروض بقدر سهامهم ، وقالت العامة : إن
الباقي يعطى للعصبة ، ومثاله : ما لو اجتمع بنت مع أخ ، فالبنت لها النصف بالفرض
ويردّ عليها الباقي بالقرابة عندنا ، وعلى مذهب العامة يعطى النصف الباقي للأخ
لأنه من العصبة ، وكذا لو كان بنت مع ابن الابن ، فالنصف لها بالفرض والباقي بالرد
عندنا ، وعند العامة أن الباقي لابن الابن وهكذا.
ففي خبر الحسين
الرزّاز (أمرت من يسأل أبا عبد الله عليهالسلام المال لمن هو؟ للأقرب أو ـ
(عدم القريب) أي الأقرب منهم ، لعموم آية أولي الأرحام ، وإجماع أهل
البيت عليهمالسلام (١) ، وتواتر
أخبارهم بذلك (٢) (فيردّ) فاضل الفريضة(على البنت
والبنات (٣) ، والأخت والأخوات (٤) للأب والأم ، أو للأب) مع فقدهم (٥) (وعلى الأمّ (٦) ،)
______________________________________________________
ـ العصبة؟ فقال :
المال للأقرب والعصبة في فيه التراب) وخبر سلمة بن محرز (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إن رجلا مات وأوصى إلى بتركته وترك ابنته ، فقال لي :
أعطها النصف ، قال : فأخبرت زرارة بذلك فقال لي : اتّقاك إنما المال لها ، قال :
فدخلت عليه بعد فقلت : أصلحك الله إن أصحابنا زعموا أنك اتّقيتني فقال : لا والله
ما اتقيتك ، ولكنّي اتقيت عليك أن تضمن ، فهل علم بذلك أحد؟ قلت : لا ، قال :
فأعطها ما بقي) وخبر حمّاد بن عثمان (سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجل ترك أمّه وأخاه ، قال : يا شيخ تريد على الكتاب؟
قلت : نعم ، قال : كان عليّ عليهالسلام يعطي المال الأقرب فالأقرب ، قلت : فالأخ لا يرث شيئا؟ قال
: قد أخبرتك أن عليا عليهالسلام كان يعطي المال الأقرب فالأقرب) .
بل لو التزمنا
بالعصبة لكان نصيب العم أكثر من نصيب الابن في ما لو ترك الميت ابنا وثماني وعشرين
بنتا ، فكل بنت لها جزء من الثلاثين وله جزءان ، أما لو ترك عما وثماني وعشرين
بنتا ، فالبنات لهن الثلثان وهو عشرون جزءا والباقي وهو الثلث وهو عشرة أجزاء للعم
فيكون نصيب العم أكثر من نصيب الابن.
(١) لا يشترط
إجماعهم بل يكفي قول أحدهم ، وإنما هذا إشارة إلى ابن عباس وأمثاله ممن كان منقطعا
إليهم عليهمالسلام في الفقه ، ورأي ابن عباس في عدم التعصيب مشهور ومبثوث في
كتب العامة.
(٢) بعدم التعصيب.
(٣) فيما لو
اجتمعن مع الأخ أو ابن الابن أو العم.
(٤) إذا كان معهن
ابن أخ أو عم.
(٥) أي فقد الأخت
والأخوات للأبوين والأولى تأنيث الضمير ، لإمكان إرجاعه باعتبار الورثة.
(٦) إذا اجتمعت مع
الأخ وابنه ومع العم.
__________________
(وعلى كلالة الأمّ (١) مع عدم وارث في درجتهم) وإلا اختص غيرهم من الإخوة للأبوين (٢) ، أو للأب بالردّ
دونهم (٣).
(ولا يردّ على الزّوج والزوجة (٤) إلا مع عدم كلّ وارث عدا
الإمام) بل الفاضل عن
نصيبهما لغيرهما من الورّاث ولو ضامن الجريرة.
______________________________________________________
(١) فيما لو كان
معها عم.
(٢) لو اجتمعوا مع
كلالة الأم.
(٣) دون كلالة
الأم ، أما لو اجتمع الإخوة للأبوين مع الأخت والأخوات فالأخت ترث بالقرابة لا
بالفرض.
(٤) مع وجود وارث
غير الإمام وهذا مما لا خلاف فيه ، ولكن لو فقد الوارث ما عدا الإمام فهل يردّ على
الزوج والزوجة فنقول : أما الزوج فيرد عليه على المشهور للأخبار منها :
صحيحة أبي بصير (كنت
عند أبي عبد الله عليهالسلام فدعا بالجامعة فنظر فيها فإذا امرأة ماتت وتركت زوجها لا
وارث لها غيره ، المال له كله) ، وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (في امرأة توفيت
ولم يعلم لها أحد ، ولها زوج ، فقال : الميراث لزوجها) ، خلافا للديلمي من الميل أن الباقي للإمام ولا يردّ على
الزوج لموثق جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يكون ردّ على
زوج ولا على زوجة) ، وحمل على ما لو كان مع الزوج وارث غير الإمام.
وأما الزوجة فقد
اختلف في الرد عليها على أقوال :
القول الأول : عدم
الرد وهو المشهور لصحيح أبي بصير (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره قال : إذا لم
يكن غيره فله المال ، والمرأة لها الربع وما بقي فللإمام) ، وخبر محمد بن مروان عن أبي جعفر عليهالسلام (في رجل مات وترك
امرأة ، قال : لها الربع ويدفع الباقي إلى الإمام) بناء على أن المراد من المرأة هو الزوجة كما هو الظاهر.
وخبر الصحاف (مات
محمد بن أبي عمير وأوصى إليّ وترك امرأة ، ولم يترك وارثا غيرها ، فكتبت إلى العبد
الصالح عليهالسلام ، فكتب إليّ : اعط المرأة الربع واحمل الباقي إلينا) .
القول الثاني :
الرد عليها كالزوج وهو للمفيد لصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : ـ
__________________
ولو فقد من عدا
الإمام من الورّاث ففي الرد عليهما مطلقا (١) أو عدمه مطلقا (٢) ، أو عليه مطلقا ،
دونها مطلقا (٣) ، أو عليهما (٤) إلا حال حضور الإمام عليهالسلام فلا يردّ عليها خاصة (٥) أقوال. مستندها (٦) : ظواهر
الأخبار المختلفة ظاهرا والجمع بينها (٧).
والمصنف اختار هنا
القول الأخير (٨)
______________________________________________________
ـ (قلت له : رجل
مات وترك امرأته قال : المال لها) .
القول الثالث :
التفصيل بالرد عليها مع غيبة الإمام ، وعدم الرد مع حضوره ، وهو المحكي عن الصدوق
والشيخ ويحيى بن سعيد والعلامة والشهيد بحمل نصوص الرد على زمن الغيبة ونصوص عدم
الرد على زمن حضوره ، وفيه : إن نصوص الرد على الزوجة هو خبر أبي بصير عن أبي عبد
الله عليهالسلام ، والإمام حي ظاهر وقد أمر بكون المال لها فكيف يحمل هذا
الخبر على زمن عدم حضوره.
نعم حمل الشيخ
الخبر الصحيح بالرد على الزوجة إذا كانت قريبة للزوج واستشهد على ذلك بخبر محمد بن
القاسم البصري (سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن رجل مات وترك امرأة قرابة ، ليس له قرابة غيرها ، قال :
يدفع المال كله إليها) .
(١) مع حضور
الإمام أو عدمه ، وهو القول الأول في مسألة الزوج والقول الثاني في مسألة الزوجة
كما عليه المفيد.
(٢) مع حضور
الإمام أو عدمه ، وهو القول الثاني في مسألة الزوج والقول الأول في مسألة الزوجة.
(٣) وهو القول
الأول في مسألة الزوج مع القول الأول في مسألة الزوجة كما عليه المشهور.
(٤) على الزوج
والزوجة.
(٥) فلا يرد على
الزوجة بخلاف الزوج فإنه يرد عليه ولو كان الإمام حاضرا ، وهو القول الأول في
مسألة الزوج والقول الثالث في مسألة الزوجة كما عليه الصدوق والشيخ والشهيد
وغيرهم.
(٦) أي مستند هذه
الأقوال.
(٧) عطف على
الظواهر وهو أحد أسباب نشوء الأقوال.
(٨) أي في اللمعة
قد اختار بأنه يرد على الزوج مطلقا ويرد على الزوجة إلا إذا كان الإمام حاضرا فلا
يرد عليها.
__________________
كما يستفاد (١) من
استثنائه (٢) من المنفي (٣) المقتضي (٤) لإثبات الردّ عليهما (٥) دون الإمام مع
قوله : (والأقرب إرثه) أي الإمام(مع الزوجة إن كان
حاضرا).
أما الردّ على الزوج
مطلقا (٦) فهو المشهور ، بل ادعى جماعة عليه الإجماع وبه أخبار كثيرة ، كصحيحة أبي
بصير عن الصادق عليهالسلام : أنه قرأ عليه فرائض علي عليهالسلام فإذا فيها : «الزوج يجوز المال كلّه إذا لم يكن غيره» (٧).
وأما التفصيل في
الزوجة (٨) فللجمع بين رواية أبي بصير عن الباقر عليهالسلام أنه سأله عن امرأة ماتت وتركت زوجها ولا وارث لها غيره قال
عليهالسلام : «إذا لم يكن غيره فله المال ، والمرأة لها الرّبع ، وما
بقي فللإمام» (٩).
ومثلها رواية محمد
بن مروان عن الباقر عليهالسلام (١٠) وبين صحيحة
أبي بصير عن الباقر عليهالسلام أنه قال له : رجل مات وترك امرأة قال عليهالسلام : «المال لها» (١١) بحمل هذه (١٢) على حالة الغيبة (١٣) ،
وذينك (١٤) على حالة الحضور (١٥)
______________________________________________________
(١) أي القول
الأخير.
(٢) استثناء القول
الأخير.
(٣) وهو لا يردّ
على الزوج والزوجة.
(٤) أي الاستثناء.
(٥) على الزوج
والزوجة.
(٦) مع حضور
الإمام وعدمه.
(٧) الوسائل الباب
ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٢.
(٨) فيرد عليها مع
غياب الإمام ، ولا يرد عليها مع حضوره.
(٩) الوسائل الباب
ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٨.
(١٠) الوسائل
الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٧.
(١١) الوسائل
الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٩ ، إلا أنه مروي عن أبي عبد الله عليهالسلام.
(١٢) صحيحة أبي
بصير.
(١٣) غيبة الإمام.
(١٤) روايتا أبي
بصير وابن مروان عن الباقر عليهالسلام.
(١٥) حضور الإمام عليهالسلام.
حذرا من التناقض.
والمصنف في الشرح (١)
اختار القول الثالث (٢) ، المشتمل على عدم الردّ عليها مطلقا (٣) محتجا بما سبق (٤)
فإنّ ترك الاستفصال (٥) دليل العموم وللأصل (٦) الدال على عدم الزيادة على المفروض
(٧).
وخبر الردّ (٨)
عليها مطلقا (٩) وإن كان صحيحا إلا أنّ في العمل به مطلقا (١٠) اطراحا لتلك
الأخبار ، والقائل به نادر جدا ، وتخصيصه بحالة الغيبة بعيد جدا ، لأن السؤال فيه
للباقر عليهالسلام في «رجل مات» بصيغة الماضي وأمرهم عليهمالسلام حينئذ ظاهر ، والدفع إليهم ممكن ، فحمله على حالة الغيبة
المتأخرة عن زمن السؤال عن ميّت بالفعل بأزيد من مائة وخمسين سنة أبعد ـ كما قال
ابن إدريس ـ مما بين المشرق والمغرب.
وربما حمل (١١)
على كون المرأة قريبة للزوج ، وهو (١٢) بعيد عن الإطلاق (١٣) إلا أنه وجه في الجمع
(١٤). ومن هذه الأخبار (١٥) ظهر وجه القول بالردّ عليهما
______________________________________________________
(١) شرح الارشاد.
(٢) وهو قول
المشهور في المسألتين ، بالرد على الزوج مطلقا وبعدم الرد على الزوجة مطلقا.
(٣) مع حضور
الإمام وعدمه.
(٤) من صحيح أبي
بصير وخبر محمد بن مروان عن الباقر عليهالسلام.
(٥) أي ترك
التفصيل بين الحضور وعدمه.
(٦) أصالة عدم
إرثها.
(٧) على الربع فلا
ردّ عليها مطلقا.
(٨) وهو صحيحة أبي
بصير الثانية.
(٩) على الزوجة مع
حضور الإمام وعدمه.
(١٠) حضورا وغيبة.
(١١) والحمل للشيخ
كما تقدم.
(١٢) أي هذا
الحمل.
(١٣) في الخبر.
(١٤) ويؤيده خبر
محمد بن القاسم فراجع.
(١٥) وهي صحيحة
أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام في الزوج ، وصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام أيضا في الزوجة.
مطلقا كما هو ظاهر
المفيد ، وروى جميل في الموثق عن الصادق عليهالسلام «لا يكون الردّ
على زوج ولا زوجة» (١) وهو دليل القول الثاني ، وأشهرها الثالث (٢) (ولا عول (٣)
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٨.
(٢) وهو الرد على
الزوج مطلقا وعدم الرد على الزوجة مطلقا.
(٣) العول هو
زيادة السهام عن الفريضة بحيث يدخل النقص على ذوي السهام بالنسبة ، وسمّي عولا من
الزيادة فيقال : عالت الفريضة أي زاد سهامها ، أو من النقصان حيث نقصت الفريضة عن
السهام ، أو من الميل ومنه قوله تعالى : (ذٰلِكَ
أَدْنىٰ أَلّٰا تَعُولُوا) وسميت الفريضة عائلة لميلها بالجور على أهل السهام
بنقصانها عليهم.
وأمثلة العول
كثيرة منها : ما لو كانت الفريضة ستة أسهم فعالت إلى سبعة ، في مثل الزوج والأختين
للأبوين ، فإن الزوج له النصف وهو ثلاثة من ستة ، وللأختين الثلثان وهما أربعة من
ستة فتزيد السهام واحدا.
أو تعول الفريضة
إلى ثمانية ، كما إذا كان معهم أخت لأم ، فإن لها السدس وهو واحد من ستة فتكون
السهام ثمانية مع أن الفريضة ستة.
أو تعول إلى تسعة
، بأن كانت كلالة الأم متعددة فلها الثلث ، وهو اثنان من ستة ، فتكون السهام تسعة
والفريضة ستة.
وقال الشارح في
المسالك «وقد اختلف المسلمون في هذه المسألة ، فذهب الجمهور منهم إلى القول بالعول
، بأن يجمع السهام كلها وتقسم الفريضة عليها ليدخل النقص على كل واحد بقدر فرضه ،
كأرباب الديون إذا ضاق المال عن حقهم ، وأول مسألة وقع فيها العول في الإسلام في
زمن عمر ، حين ماتت امرأة في عهده عن زوج وأختين ، فجمع الصحابة وقال لهم : فرض
الله تعالى جدّه للزوج النصف وللأختين الثلثين ، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين
حقهما ، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه ، فأشيروا عليّ ، فاتفق رأي أكثرهم
على العول ، ثم أظهر ابن عباس (رضوان الله عليه) الخلاف وبالغ فيه».
وأدلتنا على عدم
العول هي : أنه يستحيل أن يجعل الله المال نصفين وثلثا كما لو اجتمع زوج مع أخت
لأب مع كلالة الأم ، أو ثلثين ونصفا كما في اجتماع الزوج مع أختين لأب ، ونحو ذلك
مما لا يفي بالمال ، وإلا لكان جاهلا أو عابثا ، تعالى الله عن ذلك علوا ـ
__________________
(في الفرائض) أي لا زيادة في السّهام عليها (١) على وجه يحصل النقص على
الجميع بالنسبة (٢) ، وذلك (٣) بدخول الزوج والزوجة (٤)
______________________________________________________
ـ كبيرا ولأخبار
متواترة منها : خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (السهام لا تعول) ، ومثله صحيح الفضلاء زرارة وبريد والفضيل وابن مسلم ، وصحيح ابن
مسلم (أقرأني أبو جعفر عليهالسلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخط عليّ عليهالسلام بيده ، فإذا فيها : إن السهام لا تعول) ، وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام في كتابه إلى المأمون (والفرائض على ما أنزل الله في كتابه
، ولا عول فيها) .
والسبب في عدم
العول هو : أن الله قد جعل السهام للأبوين من الطبقة الأولى مع وجود الولد ، وللبنتين
من الطبقة الأولى ، وسهامهم تمام الفريضة فلو أدخل معهم زوج أو زوجة لعالت الفريضة
، إلا أن الله جل جلاله قد جعل ذوي السهام على قسمين ، قسم له سهم ، وإن أزيل عنه
فله سهم آخر ، كالزوج فله النصف وإلا فالربع ، والزوجة لها الربع وإلا فالثمن ،
والأم لها الثلث مع عدم الولد وإلا فمع وجود الحاجب فلها السدس وقسم آخر له سهم
وإن أزيل عنه فلم يحدّد له سهما آخر ، كالبنتين فلهما الثلثان.
فعدم العول ناشئ
من تقديم ذوي السهام من القسم الأول فيعطى سهمه ، والباقي من التركة يعطى لذوي
السهام من القسم الثاني ، فيدخل النقص على البنات دون الزوج والزوجة والأم ، فلو
اجتمع زوج وبنتان وأم ، فللزوج النصف لأنه من القسم الأول ، وكذا للأم السدس ،
والباقي وهو السدسان وهو ثلث الفريضة للبنتين ، وهذا ما صرحت به الأخبار وسيأتي
بعضها.
(١) على الفرائض.
(٢) بنسبة سهامهم
، وهو تفسير للمنفي لا للنفي.
(٣) أي العول ،
وزيادة السهام على الفريضة.
(٤) أي أن العول
بسبب دخولهما على الورثة من ذوي السهام ، لأنهما خارجان عن النسب ، وبيان ذلك :
أن ذوي السهام من
الطبقة الأولى الأم والأب والبنت والبنات ولو اجتمعوا فلا عول ، كاجتماع البنتين
مع الأبوين فالثلثان مع الثلث تمام الفريضة ، فلو دخل الزوج أو الزوجة معهم لحصل
العول. ـ
__________________
(بل) على تقدير الزيادة (١) (يدخل النقص) عندنا (٢) (على الأب (٣)
والبنت والبنات ، والأخت والأخوات (٤) للأب والأم ، أو للأب) خلافا للجمهور حيث جعلوه (٥) موزّعا على الجميع (٦) بإلحاق
السهم الزائد للفريضة ، وقسمتها (٧) على الجميع سمّي هذا القسم عولا ، إما من
الميل ومنه قوله تعالى : (ذٰلِكَ
أَدْنىٰ أَلّٰا تَعُولُوا) (٨) ، وسميت
الفريضة عائلة على أهلها لميلها بالجور عليهم بنقصان سهامهم ، أو من عال الرجل إذا
كثر عياله لكثرة السّهام فيها ، أو من عال إذا غلب ، لغلبة أهل السّهام بالنقص ،
أو من عالت الناقة ذنبها إذا رفعته لارتفاع الفرائض على أصلها بزيادة السّهام ،
وعلى ما ذكرناه (٩) إجماع أهل البيت عليهمالسلام ، وأخبارهم به متظافرة ، قال الباقر عليهالسلام : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «إن الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السّهام لا تعول
على ستة لو يبصرون وجهها لم تجز ستة» (١٠). وكان ابن عباس
______________________________________________________
ـ وذوو السهام من
الطبقة الثانية أخت الميت من أبيه فلها النصف ، وأختاه من أبيه فلهما الثلثان ،
وكلالة الأم الثلث لو تعددت ، والسدس لو انفردت ، ولو اجتمعوا فلا عول كاجتماع
الأختين من الأب مع كلالة الأم المتعددة ، ولو دخل الزوج أو الزوجة معهم لحصل
العول.
(١) أي زيادة
السهام عن الفريضة ، شروع في السر بعدم العول.
(٢) عند الإمامية.
(٣) سيأتي الكلام
فيه وأنه لا يدخل عليه نقص.
(٤) وذلك لأنهن من
ذوي السهام القسم الثاني ، الذي لم يفرض الله له إلا سهما واحدا فلو أزيل عنه لكان
له الباقي.
(٥) حيث جعل
الجمهور النقص.
(٦) جميع ذوي
السهام.
(٧) قسمة السهام
بما فيها السهم الزائد.
(٨) النساء الآية
: ٣.
(٩) من عدم العول
في الفرائض لدخول النقص على القسم الثاني من ذوي السهام دون القسم الأول.
(١٠) الوسائل
الباب ـ ٦ ـ من أبواب موجبات الإرث حديث ٩ و ١٤ والسبب في حصرها بالستة لأن السهام
كلها تنقسم على ستة ففي خبر أبي عمر العبدي عن علي بن أبي طالب عليهالسلام (الفرائض من ستة
أسهم ، الثلثان أربعة أسهم ، والنصف ثلاثة أسهم ، ـ
(رضياللهعنه) يقول : من شاء
باهلته عند الحجر الأسود أن الله لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا (١).
وقال أيضا (٢) : «سبحان
الله العظيم أترون أن الذي أحصى رمل عالج (٣) عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا ،
فهذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث! فقال له زفر (٤) : يا أبا العباس (٥)
فمن أوّل من أعال الفرائض؟ قال : عمر لما التفّت الفرائض عنده ودفع بعضها بعضا قال
: والله ما أدري أيّكم قدّم الله وأيّكم أخّر؟ وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسّم
عليكم هذا المال بالحصص». ثم قال ابن عباس : وأيم الله لو قدم من قدّم الله (٦)
وأخر من أخر الله (٧) ما عالت فريضة.
فقال له زفر :
وأيها قدّم وأيها أخّر؟ فقال : كل فريضة لم يهبطها الله(عزوجل) عن فريضة إلا إلى
فريضة فهذا ما قدّم الله ، وأما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها ولم يكن لها
إلا ما بقي فتلك التي أخر الله ، وأما التي قدم
______________________________________________________
ـ والثلث سهمان ،
والربع سهم ونصف ، والثمن ثلاثة أرباع سهم) .
(١) كما لو اجتمع
زوج وأخت للميت من أبيه وكلالة الأم المتعددة ، والخبر قد رواه الجمهور عن ابن
عباس راجع المسالك الجزء الثاني ص ٣٢٣ الطبعة الحجرية.
(٢) ابن عباس ،
وهذا مما روته الخاصة.
(٣) قال في
المصباح المنير «ورمل عالج ، جبال متواصلة ، يتصل أعلاها بالدهناء ، والدهناء بقرب
اليمامة ، وأسفلها بنجد ، ويتسع اتساعا كثيرا ، حتى قال البكري : رمل عالج يحيط
بأكثر أرض العرب» ، ونقل عن بعضهم العالج : ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض.
(٤) زفر بن أوس
البصري كما في الخبر.
(٥) كنية عبد الله
بن العباس.
(٦) وهو القسم
الأول من ذوي السهام الذين فرض لهم سهم وإن أزيلوا عنه فقد فرض لهم سهم آخر.
(٧) وهو القسم
الثاني من ذوي السهام ، الذين فرض لهم سهم ، وإن أزيلوا عنه فلهم الباقي لأنه لم
يفرض الله لهم سهما آخر.
__________________
فالزوج له النصف
فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع ولا يزيله عنه شيء والزوجة لها الرّبع
فإذا زالت عنه صارت إلى الثّمن لا يزيلها عنه شيء.
والأمّ لها الثلث
فإذا زالت عنه صارت إلى السّدس ولا يزيلها عنه شيء.
فهذه الفروض التي
قدّم الله(عزوجل).
وأما التي أخّر
الله ففريضة البنات والأخوات لها النصف والثلثان فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك (١)
لم يكن لهن إلا ما بقي ، فإذا اجتمع ما قدّم الله وما أخّر بدئ بما قدّم الله
وأعطي حقه كاملا فإن بقي شيء كان لمن أخر الله (٢) ، الحديث.
وإنما ذكرناه مع
طوله ، لاشتماله على أمور مهمة.
منها : بيان علة
حدوث النّقص على من ذكر (٣).
واعلم أن الوارث
مطلقا (٤) إما أن يرث بالفرض خاصة وهو من سمّى الله في كتابه له سهما بخصوصه ، وهو
الأمّ والإخوة من قبلها ، والزوج والزوجة حيث لا ردّ (٥) ، أو بالقرابة خاصة وهو
من دخل في الإرث بعموم الكتاب في آية أولي الأرحام (٦) كالأخوال والأعمام ، أو يرث
بالفرض تارة ، وبالقرابة أخرى وهو الأب والبنت وإن تعددت والأخت للأب كذلك ، فالأب
مع الولد يرث بالفرض (٧) ، ومع غيره (٨) ، أو منفردا بالقرابة(٩).
______________________________________________________
(١) عن النصف
والثلثين.
(٢) الوسائل الباب
ـ ٧ ـ من أبواب موجبات الإرث حديث ٦.
(٣) من ذوي السهام
القسم الثاني.
(٤) سواء كان إرثه
بالفرض أو بالقرابة.
(٥) لأنه مع الرد
فيرثون الرد بالقرابة.
(٦) الأنفال الآية
: ٧٥.
(٧) فله السدس.
(٨) غير الولد
كاجتماعه مع الزوج والزوجة أو مع الأم.
(٩) فالباقي له.
والبنات يرثن مع
الولد بالقرابة (١) ، ومع الأبوين بالفرض (٢).
والأخوات يرثن مع
الإخوة بالقرابة (٣) ، ومع كلالة الأمّ بالفرض (٤) أو يرث بالفرض والقرابة معا ،
وهو ذو الفرض على تقدير الردّ عليه (٥).
ومن هذا التقسيم
يظهر أن ذكر المصنف الأب مع من يدخل النقص عليهم من ذوي الفروض ليس بجيد لأنّه مع
الولد (٦) لا ينقص عن السّدس ومع عدمه (٧) ليس من ذوي الفروض (٨). ومسألة العول
مختصة بهم (٩) وقد تنبه لذلك (١٠) المصنف في الدروس فترك ذكره (١١) ، وقبله
العلامة في القواعد ، وذكره في غيرها (١٢) والمحقق في كتابيه (١٣).
والصواب تركه (١٤).
(مسائل خمس)
(الأولى ـ إذا انفرد كلّ) واحد(من الأبوين) فلم يترك الميت قريبا في
______________________________________________________
(١) على قاعدة
للذكر مثل حظ الأنثيين.
(٢) فلهن الثلثان.
(٣) على قاعدة
للذكر مثل حظ الأنثيين.
(٤) فلهن الثلثان
وكلالة الأم المتعددة لها الثلث ، ولو انفردت فلها السدس.
(٥) فالرد
بالقرابة وفرضه بالفرض.
(٦) لأن الأب.
(٧) عدم الولد.
(٨) لأنه يرث
بالقرابة الباقي.
(٩) بذوي الفروض.
(١٠) بأن الأب لا
يدخل عليه النقص لأنه ليس من ذوي الفروض.
(١١) ذكر الأب.
(١٢) أي ذكر
العلامة الأب فيمن دخل عليهم النقص في غير القواعد.
(١٣) الشرائع
ومختصر النافع.
(١٤) ترك الأب
فيمن يدخل عليهم النقص من ذوي الفرائض.
مرتبته (١) سواه(فالمال) كله(له ، لكن للأمّ ثلث المال بالتسمية) (٢) لأنه (٣) فرضها حينئذ (٤) (والباقي بالرد) (٥) أما الأب فإرثه للجمع بالقرابة إذ لا فرض له حينئذ (٦)
كما مرّ(ولو اجتمعا (٧) فللأم الثلث مع عدم الحاجب) من الإخوة(والسدس مع الحاجب
والباقي) من التركة عن
الثلث أو السدس(للأب).
(الثانية ـ للابن المنفرد المال (٨) ، وكذا للزائد) عن الواحد من الأبناء(بينهم بالسوية
(٩) ، وللبنت المنفردة النصف تسمية والباقي ردّا (١٠) وللبنتين فصاعدا الثلثان
تسمية (١١) والباقي ردّا (١٢) ولو اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين
(١٣) ،)
______________________________________________________
(١) مرتبة أحد
الأبوين.
(٢) لقوله تعالى :
(فَلِأُمِّهِ
الثُّلُثُ) .
(٣) لأن الثلث.
(٤) أي حين عدم
وجود ولد للميت.
(٥) لبطلان
التعصيب ولقوله تعالى : (وَأُولُوا
الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ) .
(٦) حين عدم الولد
للميت.
(٧) فالأم لها
الثلث فرضا إن لم يكن له إخوة ، ومعهم فلها السدس لقوله تعالى : (فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ
فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) ، والباقي للأب لآية أولي الأرحام.
(٨) لأنه لا فرض
له فيرث الجميع بالقرابة لآية أولي الأرحام.
(٩) فهم سواء في
المال لعدم الترجيح فالأصل التساوي.
(١٠) فلها النصف
لقوله تعالى : (وَإِنْ كٰانَتْ
وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ، والباقي ردّ عليها لبطلان التعصيب عندنا ولآية أولي
الأرحام.
(١١) لقوله تعالى
: (فَإِنْ كُنَّ
نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ) .
(١٢) لبطلان
التعصيب ، ولآية أولي الأرحام.
(١٣) لقوله تعالى
: (يُوصِيكُمُ
اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) .
__________________
(ولو اجتمع مع الولد) ذكرا كان أم أنثى متحدا أم متعددا(الأبوان (١) فلكلّ) واحد منهما(السدس والباقي) من المال(للابن) (٢) إن كان الولد المفروض ابنا(أو البنتين (٣) ،
أو الذكور والإناث على ما قلناه) (٤) للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
(ولهما) أي الأبوين(مع البنت الواحدة
السدسان (٥) ولها النصف (٦) والباقي) وهو السدس(يردّ) على الأبوين والبنت(أخماسا) على نسبة الفريضة (٧).
فيكون جميع التركة
بينهم (٨) أخماسا (٩). للبنت ثلاثة أخماس ولكل واحد منهما خمس ، والفريضة حينئذ (١٠)
من ثلثين ، لأن أصلها ستة : مخرج السدس (١١) والنصف (١٢) ثم يرتقي (١٣) بالضرب في
مخرج الكسر (١٤) إلى ذلك (١٥).
______________________________________________________
(١) قال تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ) .
(٢) بالقرابة.
(٣) فلهما الثلثان
بالفرض ، والباقي هنا ثلثان.
(٤) من الإرث
بالقرابة على قاعدة الذكر مثل حظ الأنثيين.
(٥) بالفرض.
(٦) بالفرض.
(٧) أي على نسبة
سهامهم فالبنت لها ٣ / ٦ وهو النصف ، والأبوان لهما ٢ / ٦ وحصتهم خمسة أسداس ،
فيقسم السدس على خمسة ، ثلاثة أخماسه للبنت وخمساه للأبوين.
(٨) بين الأبوين
والبنت.
(٩) كما ستعرف.
(١٠) حين وجود
الباقي وهو السدس ، ونريد أن نقسمه على خمسة بمقدار سهامهم.
(١١) الذي هو نصيب
كل واحد من الأبوين.
(١٢) الذي هو نصيب
البنت.
(١٣) المخرج.
(١٤) وهو الخمسة.
(١٥) ثلاثين.
والحاصل : [١٥ (نصف التركة فرضا للبنت) + ٣ (ثلاثة أخماس السدس بالرد للبنت أيضا)
+ ١٠ (سدسان للأبوين بالفرض) + ٢ (خمسا السدس للأبوين بالرد] / ٣٠ ٣٠ / ٣٠ فالبنت
لها ١٨ / ٣٠ وهو ثلاثة أخماس المجموع ، والأبوان لهما ١٢ / ٣٠ وهو خمسا المجموع.
__________________
هذا إذا لم يكن
للأم حاجب عن الزيادة على السدس(ومع الحاجب يردّ) الفاضل(على البنت والأب) خاصة(أرباعا) والفريضة حينئذ (١) من أربعة وعشرين (٢). للأمّ سدسها :
أربعة. وللبنت اثنا عشر بالأصل (٣) ، وثلاثة (٤) بالردّ ، وللأب أربعة بالأصل (٥)
وواحد بالردّ (٦) (ولو كان بنتان فصاعدا مع الأبوين فلا ردّ) لأن الفريضة حينئذ بقدر السّهام (٧).
(و) ولو كان البنتان فصاعدا(مع أحد الأبوين خاصة يردّ السدس) الفاضل عن سهامهم عليهم جميعا(أخماسا) على نسبة السّهام (٨).
(ولو كان) مع الأبوين ، أو أحدهما ، والبنت ، أو البنتين فصاعدا(زوج أو زوجة (٩) أخذ) كلّ واحد من الزوج والزوجة(نصيبه الأدنى) وهو الربع أو الثمن
______________________________________________________
(١) حين ردّ
الباقي على الأب والبنت فقط.
(٢) حاصلة من ضرب
الستة بالأربعة التي هي حصص البنت والأب.
(٣) بالفرض.
(٤) لأنها ثلاثة
أرباع السدس الذي هو أربعة.
(٥) بالفرض.
(٦) لأن الواحد هو
ربع السدس الذي هو أربعة ، وخالف معين الدين البصري فجعل السدس الباقي أخماسا
ثلاثة منه للأب ، وخمسان للأب ، لأن سهم الأم المحجوبة للأب لا للبنت ، لكن
المشهور خلافه لأن الباقي يقسم على ذوي السهام بحسب سهامهم.
(٧) فالأبوان لهما
السدسان والبنتان لهما الثلثان ، وهذا تمام الفريضة.
(٨) للبنتين ٤ / ٦
وهو الثلثان ، ولأحد الأبوين ١ / ٦ فالباقي ١ / ٦ يقسم على خمسة وهي سهام البنتين
وأحد الأبوين ، وأربعة أخماسه للبنتين وخمسه الأخير لأحد الأبوين.
فالبنتان لهما :
٢٠ بالفرض+ ٤ بالرد ٢٤.
ولأحد الأبوين : ٥
بالفرض+ ١ بالرد ٦.
(٩) فهي ثماني
مسائل :
فالأولى : الأبوان
مع البنت مع الزوج ، وفيها عول وذلك :
١ / ٣ للأبوين+ ١
/ ٢ للبنت+ ١ / ٤ للزوج (٨+ ١٢+ ٦) / ٢٤ ٢٦ / ٢٤.
والثانية : أبوان
مع بنت وزوجة ، وفيها تعصيب وذلك :
١ / ٣ للأبوين+ ١
/ ٢ للبنت+ ١ / ٨ للزوجة (٨+ ١٢+ ٦) / ٢٤ ٢٣ / ٢٤.
والثالثة : أحد
الأبوين مع بنت وزوج ، وفيها تعصيب وذلك : ـ
(وللأبوين السدسان) إن كانا(ولأحدهما السدس) والباقي للأولاد.
(وحيث يفضل) من الفريضة شيء بأن كان (١) الوارث بنتا واحدة وأبوين
وزوجة(٢) ،
______________________________________________________
ـ ١ / ٦ لأحد
الأبوين+ ١ / ٢ للبنت+ ١ / ٤ للزوج (٤+ ١٢+ ٦) / ٢٤ ٢٢ / ٢٤.
والرابعة : أحد
الأبوين مع بنت وزوجة ، وفيها تعصيب وذلك :
١ / ٦ لأحد
الأبوين+ ١ / ٢ للبنت+ ١ / ٨ للزوجة (٤+ ١٢+ ٣) / ٢٤ ١٩ / ٢٤.
والخامسة :
الأبوان مع بنتين وزوج ، وفيها عول وذلك :
١ / ٣ للأبوين+ ٢
/ ٣ للبنتين+ ١ / ٤ للزوج (٨+ ١٦+ ٦) / ٢٤ ٣٠ / ٢٤.
والسادسة :
الأبوان مع البنتين وزوجة ، وفيها عول وذلك :
١ / ٣ للأبوين+ ٢
/ ٣ للبنتين+ ١ / ٨ للزوج (٨+ ١٦+ ٣) / ٢٤ ٢٧ / ٢٤.
والسابعة : أحد
الأبوين مع بنتين وزوج ، وفيها عول وذلك :
١ / ٦ لأحد
الأبوين+ ٢ / ٣ للبنتين+ ١ / ٤ للزوج (٤+ ١٦+ ٦) / ٢٤ ٢٦ / ٢٤.
والثامنة : أحد
الأبوين مع بنتين وزوجة ، وفيها تعصيب وذلك :
١ / ٦ لأحد
الأبوين+ ٢ / ٣ للبنتين+ ١ / ٨ للزوج (٤+ ١٦+ ٣) / ٢٤ ٢٣ / ٢٤.
ففي مسائل التعصيب
يردّ الفاضل على ذوي السهام ما عدا الزوج والزوجة بحسب سهامهم ، ومسائل التعصيب
أربعة وسيأتي التفصيل إن شاء الله تعالى.
وفي مسائل العول
فيقدم القسم الأول من ذوي السهام وهو الزوج والزوجة والأم ، ولا يرث القسم الثاني
من ذوي السهام إلا الباقي.
(١) شروع في مسائل
التعصيب الأربعة.
(٢) وهي المسألة
الثانية في الشرح ، وقد تقدم أنها :
(٨ للأبوين+ ١٢
للبنت+ ٣ للزوجة) / ٢٤ ٢٣ / ٢٤ ، فالباقي ١ / ٢٤ يرد على الأبوين والبنت أخماسا
لأن للبنت ٣ / ٦ ، وللأبوين ٢ / ٦ ، فالمجموع ٥ / ٦ ، ويكون للبنت من الباقي ثلاثة
أخماسه ، وخمسان للأبوين لكل واحد خمس.
وعليه فنضرب ٢٤
مخرج الفريضة بخمسة مخرج حصصهم فتكون الفريضة من ١٢٠.
٤٠ للأبوين
بالفرض+ ٦٠ للبنت بالفرض+ ١٥ للزوجة بالفرض / ١٢٠ ١١٥ / ١٢٠ والباقي ٥ / ١٢٠ ثلاثة
أخماسه للبنت وخمساه للأبوين وعليه :
فحصة البنت : ٦٠
بالفرض+ ٣ بالرد ٦٣.
وحصة الأبوين : ٤٠
بالفرض+ ٢ بالرد ٤٢.
وحصة الزوجة : ١٥
بالفرض ١٥ ـ
أو بنتين وأحد
الأبوين وزوجة (١) ، أو بنتا وأحدهما وزوجا (٢) ،
______________________________________________________
ـ فالمجموع ١٢٠.
هذا إذا لم يكن
للميت إخوة تحجب الأم عما زاد عن السدس ، فإن كان إخوة تحجب فالباقي يقسم بين الأب
والبنت أرباعا وعليه فنضرب مخرج الفريضة ٢٤ بأربعة التي هي قدر سهامهم فتكون
الفريضة : ٣٢ للأبوين+ ٤٨ للبنت+ ١٢ للزوجة / ٩٦ ٩٢ / ٩٦ والباقي ٤ / ٩٦ ، ثلاثة
أرباعه للبنت والربع الأخير للأب.
فحصة الأب : ١٦
بالفرض+ ١ بالرد ١٧.
وحصة الأم : ١٦
بالفرض ١٦
وحصة البنت : ٤٨
بالفرض+ ٣ بالرد ٥١
وحصة الزوجة : ١٢
بالفرض ١٢
فالمجموع ٩٦.
(١) وهي المسألة
الثامنة في الشرح ، وقد تقدم أنها :
(٤ لأحد الأبوين
بالفرض+ ١٦ للبنتين بالفرض+ ٣ للزوجة بالفرض) / ٢٤ ٢٣ / ٢٤.
والباقي ١ / ٢٤
يقسم على البنتين وأحد الأبوين أخماسا بقدر حصصهم لأن حصصهم خمسة ، ٤ / ٦ للبنتين و
١ / ٦ لأحد الأبوين ، فلا بد أن نضرب مخرج الفريضة ٢٤ بالخمسة فالفريضة من ١٢٠.
[(٢٠ لأحد الأبوين
بالفرض) + (٨٠ للبنتين بالفرض) + (١٥ للزوجة بالفرض)] / ١٢٠ ١١٥ / ١٢٠ والباقي ٥ /
١٢٠ ينقسم أخماسا ، أربعة أخماسه للبنتين ، وخمسه الباقي لأحد الأبوين.
فحصة أحد الأبوين
: ٢٠ بالفرض+ ١ بالرد ٢١
وحصة البنتين : ٨٠
بالفرض+ ٤ بالرد ٨٤
وحصة الزوجة : ١٥
بالفرض ١٥
فالمجموع ١٢٠
(٢) هذه هي
المسألة الثالثة ، وقد تقدم أنها :
[(٤ لأحد الأبوين
بالفرض) + (١٢ للبنت بالفرض) + (٦ للزوج بالفرض)] / ٢٤ ٢٢ / ٢٤ والباقي ٢ / ٢٤ يرد
على البنت وأحد الأبوين أرباعا ، ثلاثة أرباعه للبنت ، وربعه الأخير لأحد الأبوين
، وبما أن الباقي لا ينقسم أرباعا فنضرب مخرج الفريضة بأربعة ، فتكون الفريضة من
٩٦ ، وعليه :
[(١٦ لأحد الأبوين
بالفرض) + (٤٨ للبنت بالفرض) + ٢٤ للزوج بالفرض)] / ٩٦ ـ
أو زوجة (١) (يردّ) على البنت أو
البنتين فصاعدا ، وعلى الأبوين أو أحدهما مع عدم الحاجب ، أو على الأب خاصة معه(بالنسبة) دون الزوج والزوجة.
(ولو دخل نقص) (٢) بأن كان الوارث أبوين وبنتين مع الزوج (٣) ، أو الزوجة(٤)،
______________________________________________________
ـ ٨٨ / ٩٦ والباقي
٨ / ٩٦
فالبنت لها : ٤٨
بالفرض+ ٦ بالرد ٥٤
وأحد الأبوين له :
١٦ بالفرض+ ٢ بالرد ١٨
والزوج له : ٢٤
بالفرض ٢٤
فالمجموع ٩٦
(١) وهي المسألة
الرابعة في الشرح وقد تقدم أنها :
[(٤ لأحد الأبوين
بالفرض) + (١٢ للبنت بالفرض) + (٣ للزوجة بالفرض)] / ٢٤ ١٩ / ٢٤ والباقي ٥ / ٢٤
يرد على أحد الأبوين والبنت أرباعا بقدر حصصهم ، فنضرب مخرج الفريضة بأربعة فتكون
الفريضة من ٩٦
[(١٦ لأحد الأبوين
بالفرض) + (٤٨ للبنت بالفرض) + (١٢ للزوجة بالفرض)] / ٩٦ ٧٦ / والباقي ٢٠ / ٩٦.
فحصة البنت : ٤٨
بالفرض+ ١٥ بالرد ٦٣
وحصة أحد الأبوين
: ١٦ بالفرض+ ٥ بالرد ٢١
وحصة الزوجة : ١٢
بالفرض ١٢
فالمجموع ٩٦
(٢) شروع في مسائل
العول.
(٣) وهي المسألة
الخامسة المتقدمة في الشرح ، وهي :
(٨ للأبوين+ ١٦
للبنتين+ ٦ للزوج) / ٢٤ ٣٠ / ٢٤
فيعطى الزوج الربع
لأنه فرضه لا ينقص عنه ، وكذا الأبوان يرثان فرضهما من دون نقص ، فالمعطى لهما (٨
/ ٢٤+ ٦ / ٢٤) ١٤ / ٢٤ ، والباقي ١٠ / ٢٤ يعطى للبنتين لأنهما من القسم الثاني من
ذوي السهام بحيث إذا أزيل هذا القسم عن فرضه كان له الباقي.
(٤) وهي المسألة
السادسة المتقدمة في الشرح ، وهي :
(٨ للأبوين+ ١٦
للبنتين+ ٣ للزوج) / ٢٤ ٢٧ / ٢٤
فالزوجة مع
الأبوين يأخذون حصتهم من دون نقص فالمعطى لهم : ٨+ ٣ / ٢٤ ١١ / ٢٤ ، والباقي ١٣ /
٢٤ للبنتين.
أو بنتا وأبوين مع
الزوج (١) ، أو بنتين وأحد الأبوين معه (٢) (كان) النقص(على البنتين فصاعدا) أو البنت(دون الأبوين والزوج) لما تقدم.
(ولو كان مع الأبوين) خاصة(زوج (٣) ، أو زوجة (٤) فله نصيبه الأعلى) لفقد الولد(وللأم ثلث الأصل) مع عدم الحاجب ، وسدسه معه (٥) (والباقي للأب) ولا يصدق اسم النّقص عليه (٦) هنا (٧)
______________________________________________________
(١) هي المسألة
الأولى المتقدمة وهي : (٨ للأبوين+ ١٢ للبنت+ ٦ للزوج) / ٢٤ ٢٦ / ٢٤
فيعطى الزوج
والأبوان فرضهما من دون نقص ، فالمعطى لهما ٨+ ٦ / ٢٤ ١٤ / ٢٤ والباقي ١٠ / ٢٤
يعطى للبنت.
(٢) مع الزوج وهي
المسألة السابعة وهي : (٤ لأحد الأبوين+ ١٦ للبنتين+ ٦ للزوج) / ٢٤ ٢٦ / ٢٤.
فيعطى الزوج واحدا
لأبوين فرضهما ، وهو : (٤+ ٦) / ٢٤ ١٠ / ٢٤ ، والباقي ١٤ / ٢٤ يعطى للبنتين.
(٣) فله النصف
لعدم الولد للميت ، وللأم الثلث إن لم يكن لها حاجب ، فالمعطى لهما : (٣ للزوج+ ٢
للأم) / ٦ ٥ / ٦ ، والباقي ١ / ٦ يعطى للأب بالقرابة لأن لا فرض له في صورة عدم
الولد.
ولو كان للأم حاجب
فتعطى السدس والمعطى لها وللزوج : (٣+ ١) / ٦ ٤ / ٦ ، والباقي ٢ / ٦ للأب.
(٤) فلها الربع
لعدم الولد للميت ، وللأم الثلث مع عدم الحاجب فالمعطى لهما :
(٣ للزوجة+ ٤ للأم)
/ ١٢ ٧ / ١٢ ، والباقي ٥ / ١٢ للأب بالقرابة.
ومع الحاجب
فالمعطى للأم والزوجة : (٣+ ٢) / ١٢ ٥ / ١٢ ، والباقي ٧ / ١٢ للأب بالقرابة.
(٥) أي سدس الأصل
مع الحاجب.
(٦) على الأب.
(٧) مع عدم الولد
للميت ، وذلك ففي مسألة الزوج تعطى الأم ٢ / ٦ وهو ثلث مع عدم الحاجب ويعطى الأب ١
/ ٦ ، ومع الحاجب تعطى ١ / ٦ ويعطى الأب ٢ / ٦ وهو ثلث.
وفي مسألة الزوجة
تعطى الأم ٤ / ١٢ وهو ثلث مع عدم الحاجب ويعطى الأب ٥ / ١٢ وهو ثلث ونصف السدس.
ومع الحاجب تعطى
الأم ٢ / ١٢ وهو سدس ، ويعطى الأب ٧ / ١٢ ، وهو نصف ونصف السدس. ـ
لأنه حينئذ لا
تسمية له (١) ، وهذا (٢) هو الذي أوجب إدخال الأب فيمن ينقص عليه كما سلف.
(الثالثة ـ أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم) سواء كان الأبوان (٣) موجودين أم أحدهما أم لا على أصح
القولين (٤) ، خلافا للصدوق حيث
______________________________________________________
ـ فلم تنقص حصة
الأب عن حصة الأم إلا في صورة واحدة وهي فيما لو اجتمع الأبوان مع الزوج مع عدم
الحاجب للأم ، فتعطى الثلث ويكون للأب السدس ، فمن هنا توهم أن النقص داخل عليه
إلا أنه مردود لأن الأب هنا لم يرث بالفرض وإنما بالقرابة.
(١) أي لأن الشأن
والواقع حين اجتماع الأبوين مع الزوج لا تسمية للأب.
(٢) أي نقصان حصة
الأب عن الأم فيما لوا اجتمعا مع الزوج.
(٣) أبوا الميت.
(٤) هل يشترط في
توريث أولاد الأولاد عدم أبوي الميت أم لا ، ذهب الصدوق في الفقيه والمقنع إلى
الاشتراط لخبر سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن الأول عليهالسلام (بنات الابنة يقمن
مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات ولا وارث غيرهن ، وبنات الابن يقمن مقام الابن
إذا لم يكن للميت أولاد ولا وارث غيرهن) ولفظ ـ لا وارث غيرهن ـ نفي للوالدين لا غير ، ومثله صحيح
عبد الرحمن بن الحجاج .
ويؤيده : أن
الأبوين في مرتبة الولد الصلبي للميت ، والولد الصلبي أقرب إلى الميت من ولد الولد
فيكون المساوي للأقرب أقرب.
وذهب الأكثر إلى
توريث ولد الولد وإن كان أبوا الميت موجودين ، لأخبار منها : خبر محمد بن سماعة (دفع
إليّ صفوان كتابا لموسى بن بكير فقال : هذا سماعي من موسى بن بكير وقراءة عليه ،
فإذا فيه : موسى بن بكير عن علي بن سعيد عن زرارة قال : هذا ما ليس فيه اختلاف عند
أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام وأبي جعفر عليهالسلام ـ وذكر مسائل إلى أن قال ـ ولا يرث أحد من خلق الله مع
الولد إلا الأبوان والزوج والزوجة ، فإن لم يكن ولد كان ولد الولد ـ ذكورا كانوا
أو إناثا ـ فإنهم بمنزلة الولد ، وولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين ،
وولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات ، ويحجبون الأبوين والزوجين عن
سهامهم الأكثر ، وإن سفلوا ببطنين وثلاثة وأكثر ، يرثون ما يرث الولد للصلب ،
ويحجبون ما يحجب الولد للصلب) وهو نص في المطلوب ، ومثله غيره. ـ
__________________
شرط في توريثهم
عدم الأبوين(ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به) (١) فلابن البنت ثلث ، ولبنت الابن ثلثان ، وكذا مع التعدد.
هذا هو المشهور بين الأصحاب رواية وفتوى.
وقال المرتضى
وجماعة : يعتبر أولاد الأولاد بأنفسهم ، فللذكر ضعف الأنثى وإن كان يتقرب بأمّه
وتتقرب الأنثى بأبيها ، لأنهم أولاد حقيقة فيدخلون في عموم (يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي
أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (٢) ، إذ لا شبهة
في كون أولاد الأولاد ـ وإن كنّ إناثا ـ أولادا ، ولهذا حرمت حلائلهم بآية : (وَحَلٰائِلُ
______________________________________________________
ـ وأجيب عن
التأييد بأنه إخراج للولد النازل عن الطبقة الأولى ، مع أنه لم يدخل فيها إلا لأنه
يرث مع أب الميت وأمه.
(١) على المشهور ،
فيرث ولد البنت نصيب أمه ذكرا كان أو أنثى ، ويرث ولد الابن نصيب أبيه ذكرا كان أو
أنثى ، للأخبار منها ما تقدم كخبر محمد بن سماعة وصحيح عبد الرحمن ، ولصحيح عبد
الرحمن الآخر عن أبي عبد الله عليهالسلام (بنات البنت يرثن
إذا لم يكن بنات ، كن مكان البنات) .
وذهب المرتضى وابن
إدريس ومعين الدين المصري وجماعة إلى أن أولاد الأولاد يتقاسمون الميراث كتقاسم
الأولاد الصلبيين من غير اعتبار من تقربوا به ، فلو خلف بنت ابن وابن بنت لكان
للذكر الثلثان وللأنثى الثلث.
واحتجوا بأن ولد
الولد ولد حقيقة فيندرج تحت قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ
اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، ولذا استدل على تحريم حلائلهم بقوله تعالى : (حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ) وعلى تحريمهم على أبوي الميت بقوله تعالى : (وَبَنٰاتُكُمْ) وعلى جواز إبداء زينة أم الميت لهم بقوله تعالى : (أَوْ أَبْنٰاءِ بُعُولَتِهِنَّ) .
وردّ بأن الأخبار
المتقدمة مخصصة لعموم الأبناء الوارد في هذه الآيات فلا بد من التمسك بها.
(٢) النساء الآية
: ١١.
__________________
أَبْنٰائِكُمُ) (١) ، وحرّمت بنات
الابن والبنت بقوله تعالى : (وَبَنٰاتُكُمْ) (٢) ، وأحلّ رؤية
زينتهنّ لأبناء أولادهنّ مطلقا بقوله تعالى : (أَوْ
أَبْنٰائِهِنَّ أَوْ أَبْنٰاءِ بُعُولَتِهِنَّ) (٣) كذلك إلى غير
ذلك من الأدلة (٤) ، وهذا كله حق لو لا دلالة الأخبار الصحيحة على خلافه هنا (٥)
كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليهالسلام قال : بنات الابنة يقمن مقام الابنة إذا لم يكن للميت ولد
ولا وارث غيرهن (٦) ، وصحيحة سعد بن أبي خلف عن الكاظم عليهالسلام قال : بنات الابنة يقمن مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات
ولا وارث غيرهن ، وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت أولاد ولا وارث
غيرهن (٧) ، وغيرهما (٨) وهذا هو المخصص لآية الإرث.
فإن قيل : لا
دلالة للروايات على المشهور ، لأن قيامهن (٩) مقامهم (١٠) ثابت على كل حال في أصل
الإرث ، ولا يلزم منه القيام في كيفيته (١١) وإن احتمله (١٢) ، وإذا قام الاحتمال
لم يصلح لمعارضة الآية الدالة بالقطع على أن (لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
قلنا : الظاهر من
قيام الأولاد مقام الآباء والأمهات تنزيلهم منزلتهم لو كانوا موجودين مطلقا (١٣)
وذلك يدل على المطلوب مضافا إلى عمل الأكثر ، ولو تعدد
______________________________________________________
(١) النساء الآية
: ٢٣.
(٢) النساء الآية
: ٢٣.
(٣) النور الآية :
٣١.
(٤) المتضمنة لفظ
الولد ، وقد جعله الفقهاء وشاملا لولد الولد.
(٥) على خلاف أن
ولد الولد ولد موضوعا وحكما ، وهنا أي في باب إرثهم.
(٦) الوسائل الباب
ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد حديث ٤.
(٧) الوسائل الباب
ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد حديث ٣.
(٨) راجع الباب
السابع من أبواب ميراث الأبوين والأولاد من الوسائل.
(٩) أي قيام بنات
البنت وبنات الابن.
(١٠) مقام البنت
والابن.
(١١) كيفية الإرث.
(١٢) أي احتمل
القيام للكيف.
(١٣) أي في جانب
الذكورية والأنوثية ، فنفرض بنت الابن ابنا ، وابن البنت بنتا في الميراث.
أولاد الأولاد في
كل مرتبة ، أو في بعضها فسهم كل فريق(يقتسمونه بينهم) كما اقتسم آباؤهم((لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ)) (١) (وإن كانوا) أي الأولاد المتعددون(أولاد بنت) على أصح القولين (٢) ، لعموم قوله تعالى : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ) ولا معارض لها هنا.
وقيل (٣) : يقتسم
أولاد البنت بالسوية كاقتسام من ينتسب إلى الأمّ كالخالة والإخوة للأم ، ويعارض
بحكمهم (٤) باقتسام أولاد الأخت للأب متفاوتين (٥).
(الرابعة ـ يحبى) أي يعطى(الولد الأكبر) (٦)
______________________________________________________
(١) لدخولهم تحت
قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ
اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وهذا مما لا خلاف فيه في أولاد الابن.
(٢) وهو المشهور
لدخولهم تحت عموم الآية.
(٣) والقائل هو
الشيخ في المبسوط والقاضي إنهم يقتسمونه بالسوية ، لأن المتقرب إلى الميت بالأنثى
يقتسم نصيبه بالسوية مثل كلالة الأم المتعددة ، وهم إخوة الميت من أمه فلهم الثلث
بالسوية.
وفيه : إن هذا
قياس لا نقول به ومنقوض بأولاد أخت الميت فلهم ميراث أمهم مع أن المال بينهم على
قاعدة (لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
(٤) بحكم الفقهاء
بما فيهم الشيخ والقاضي.
(٥) (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ).
(٦) هذه المسألة
من منفردات الإمامية ومن ضروريات مذهبهم ، وخالفهم فيها العامة ، ومستند الإمامية
أخبار متواترة عن الأئمة عليهمالسلام.
منها : صحيح ربعي
عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا مات الرجل
فلأكبر ولده سيفه ومصحفه وخاتمه ودرعه) وحسنة حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا هلك الرجل
وترك بنين فللأكبر الدرع والسيف والخاتم والمصحف ، فإن حدث به حدث فللأكبر منهم) ومرسل ابن أذينة عن أحدهما عليهماالسلام (إذا ترك الرجل
سيفا وسلاحا فهو لابنه ، فإن كان له بنون فهو لأكبرهم) وصحيح ربعي الآخر عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا مات الرجل
فسيفه ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله وراحلته وكسوته لأكبر ولده ، فإن كان الأكبر ابنة
ـ
__________________
أي أكبر الذكور (١)
إن تعددوا وإلا فالذكر (٢) (من تركة أبيه) زيادة على غيره من الورّاث(بثيابه ، وخاتمه
، وسيفه ، ومصحفه) (٣).
وهذا الحباء (٤)
من متفردات علماءنا ، ومستنده روايات كثيرة عن أئمة الهدى.
والأظهر : أنه على
سبيل الاستحقاق (٥).
______________________________________________________
ـ فللأكبر من
الذكور) وخبر شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله عليهالسلام (الميت إذا مات ،
فإن لابنه السيف والرحل والثياب ثياب جلده) .
(١) لإخراج الولد
الأكبر إن كان أنثى.
(٢) كما دل عليه
مرسل ابن أذينة المتقدم (فهو لابنه فإن كان له بنون فهو لأكبرهم) ، وعليه فالمراد
من الأكبر : من ليس هناك ذكر أكبر منه ، سواء وجد غيره أو لا.
(٣) المشهور على
تخصيص الحبوة بهذه الأربعة ، وهذه الأربعة لم توجد في رواية بخصوصها لأن الروايات
مختلفة في تعداد الحبوة ، نعم في صحيحة ربعي الثانية ذكرت هذه الأربعة وزيادة
الكتب والرحل والراحلة ، ولم يقل أحد بدخول هذه الزيادة في الحبوة إلا ما يظهر من
الصدوق حيث ذكر الرواية في الفقيه وهو ملتزم بأنه لا يروي فيه إلا ما يعمل به ،
فالاقتصار على هذه الأربعة مع أنها ليست مذكورة في رواية بخصوصها مشكل ، وربما قيل
إن الإجماع هو مستند التخصيص بالأربعة وقال في المسالك «ولا يخفى ما فيه فإن
الإجماع خصوصا بين الأصحاب لا بد له من مستند والمستند غير ظاهر».
(٤) كعطا لفظا
ومعنى.
(٥) ذهب الأكثر
إلى الحبوة على نحو الوجوب للأخبار المصرحة بأن الحبوة للولد الأكبر ، واللام تفيد
الاستحقاق له سواء أفادت الملكية منه كقولنا : المال لزيد ، أو الاختصاص كقولنا :
المسجد للمصلي بمعنى أن منافع المسجد للمصلي ، وهذا لا يتم إلا على القول بالوجوب
فلو كان رضا الورثة شرطا في الحبوة فلا تكون الحبوة للأكبر اختصاصا واستحقاقا.
وذهب المرتضى وابن
الجنيد وأبو الصلاح والعلامة في المختلف أنها على نحو الاستحباب ، لأن ترجيح
الأكبر ببعض الميراث على خلاف الأصل ومخالف لعموم قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي
أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، فيقتصر فيه على محل ـ
__________________
وقيل : على سبيل
الاستحباب ، وفي الروايات ما يدل على الأول لأنه (١) جعلها (٢) فيها له (٣) بالأم
المفيدة للملك ، أو الاختصاص أو الاستحقاق.
والأشهر : اختصاصه
بها (٤) مجانا (٥) ، لإطلاق النصوص به (٦).
وقيل : بالقيمة
اقتصارا فيما خالف الأصل ونص الكتاب على موضع الوفاق.
والمراد بثيابه :
ما كان يلبسها ، أو أعدها للّبس وإن لم يكن لبسها (٧) ، لدلالة العرف على كونها
ثيابه ولباسه ، وثياب جلده على ما ورد في الأخبار (٨). ولو فصّلت ولم تكمل خياطتها
ففي دخولها وجهان. من إضافتها إليه (٩) بذلك (١٠)
______________________________________________________
ـ اليقين وهو
الاستحباب ، ويؤيده اختلاف الروايات في مقدار ما يحبى به الأكبر فهناك أخبار زادت
على الأربعة بحيث لو عمل بها على نحو الوجوب بالاستلزام إجحافا بحق الورثة
فالاستحباب أنسب لهذا الاختلاف.
(١) لأن الشأن
والواقع.
(٢) جعل الحبوة.
(٣) في الأخبار
للأكبر.
(٤) اختصاص الأكبر
بالحبوة.
(٥) لإطلاق النصوص
المتقدمة ، ولأصالة براءة ذمة المحبو من قيمتها ، وهذا ما عليه الأكثر ، وذهب
السيد المرتضى وابن الجنيد إلى أنه بالقيمة لقوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي
أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وغيره. من آيات الإرث التي تقتضي مشاركة الجميع فيما يخلفه
الميت من سيف ومصحف وغيرهما ، فلو خصصنا الأكبر بهذه الأشياء من دون القيمة فنكون
قد تركنا العمل بظواهر آيات الإرث القاضية بمشاركة الجميع في الجميع ، فاحتساب
الحبوة عليه بالقيمة يكون أوفق للجمع بين آيات الإرث وأدلة الحبوة.
وفيه : إن هذا
اطراح لأخبار الحبوة.
(٦) باستحقاق
الولد الأكبر للحبوة.
(٧) لصدق ثياب
جلده كما في خبر شعيب العقرقوفي على هذا كله.
(٨) خبر شعيب
العقرقوفي المتقدم.
(٩) إلى الميت.
(١٠) بالتفصيل
فيصدق عنوان الثياب.
__________________
ومن عدم صدق كونها
ثيابا بالإضافات المذكورة عرفا (١).
والأقوى : أن
العمامة منها (٢) وإن تعددت ، أو لم تلبس إذا اتخذها له ، وكذا السراويل ، وفي
دخول شد الوسط (٣) نظر (٤).
أما الحذاء ونحوه (٥)
مما يتخذ للرجل فلا (٦) ، وكذا لو كان المتخذ لشد الوسط غير ثوب (٧) ، وفي بعض
الأخبار إضافة السلاح ، والدرع والكتب ، والرحل ، والراحلة. ولكنّ الأصحاب أعرضوا
عنه (٨) وخصوها بالأربعة (٩) ، مع أنها (١٠) لم تذكر في خبر مجتمعة ، وإنما اجتمعت
في أخبار والرواية الجامعة لهذه الأشياء صحيحة (١١) ، وظاهر الصدوق اختيارها (١٢)
، لأنه ذكرها في الفقيه مع التزامه أن لا يروي فيه إلا ما يعمل به ، ولم يذكر
الأصحاب الدرع ، مع أنه ذكر في عدة أخبار.
والاقتصار على ما
ذكروه أولى (١٣) إن لم يناف الأولوية أمر آخر (١٤).
أما غير الدرع من
آلات الحرب كالبيضة (١٥)
______________________________________________________
(١) لأنه ما لم
تخط لا تسمى ثوبا حتى تندرج تحت ثيابه.
(٢) من الثياب للعرف.
(٣) وهو الحزام.
(٤) ناشئ من صدق
الثياب عليه.
(٥) كالجورب.
(٦) لعدم صدق
الثياب عليه.
(٧) أي من غير
القماش كالمأخوذ من الجلد.
(٨) عن هذا البعض.
(٩) وهي الثياب
والخاتم والسيف والمصحف.
(١٠) أن الأربعة.
(١١) وهي صحيحة
ربعي الثانية المتقدمة ، الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد
حديث ١.
(١٢) اختيار
الصحيحة الشاملة لغير الأربعة.
(١٣) اقتصارا على
ما خالف الأصل على موطن اليقين والوفاق.
(١٤) كما لو كان
المحبو طفلا وباقي الورثة إناثا ، فالاحتياط يقتضي مراعاة جانبه.
(١٥) توضع على
الرأس.
فلا يدخل قطعا (١)
، لعدم دخوله في مفهوم شيء مما ذكر.
وفي دخول القلنسوة
والثوب من اللبد (٢) نظر ، من عدم دخولهما في مفهوم الثياب ، وتناول الكسوة
المذكورة في بعض الأخبار (٣) لهما.
ويمكن الفرق ،
ودخول الثاني دون الأول : بمنع كون القلنسوة من الكسوة ، ومن ثمّ لم يجز (٤) في
كفارة اليمين المجزي فيها (٥) ما يعد كسوة.
ولو تعددت هذه
الأجناس فما كان منها (٦) بلفظ الجمع (٧) كالثياب تدخل أجمع ، وما كان بلفظ الوحدة
كالسيف والمصحف (٨) يتناول واحدا ، ويختص (٩) ما كان يغلب نسبته إليه (١٠) ، فإن
تساوت تخيّر الوارث (١١) واحدا منها على الأقوى ويحتمل القرعة (١٢).
والعمامة من جملة
الثياب فتدخل المتعددة (١٣) ، وفي دخول حلية السيف ، وجفنه (١٤) ، وسيوره (١٥) ،
وبيت المصحف وجهان : من تبعيتها (١٦)
______________________________________________________
(١) لعدم دخوله
تحت السيف والخاتم والثياب والمصحف.
(٢) مصنوع من شعر
أو صوف.
(٣) صحيح ربعي
الثاني الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد حديث ١.
(٤) أي الأول وهو
القلنسوة.
(٥) في كفارة
اليمين.
(٦) من هذه
الأجناس وهي الثياب والخاتم والسيف والمصحف.
(٧) في الأخبار.
(٨) والخاتم أيضا.
(٩) الواحد من هذه
الأجناس.
(١٠) إلى الميت.
(١١) المحبو.
(١٢) لأنها لكل
أمر مشكل.
(١٣) أي لو تعددت
العمامة فتدخل كلها في الحبوة.
(١٤) أي غمده.
(١٥) قال في مصباح
المنير : (السير الذي يعدّ من الجلد جمعه سيور مثل فلس وفلوس).
(١٦) تبعية
المذكورات ، وهو وجه الدخول.
لهما (١) عرفا ،
وانتفائها (٢) عنهما حقيقة.
والأقوى : دخولها (٣).
ولا يشترط بلوغ
الولد ، للإطلاق (٤) ، وعدم ظهور (٥) الملازمة بين الحبوة والقضاء.
وفي اشتراط
انفصاله حيّا حال موت أبيه نظر : من عدم صدق الولد الذكر حينئذ (٦). ومن تحققه (٧)
في نفس الأمر (٨) وإن لم يكن ظاهرا ومن ثمّ عزل له نصيبه من الميراث.
ويمكن الفرق : بين
كونه جنينا تاما متحقق الذكورية في الواقع حين الموت ، وبين كونه علقة ، أو مضغة ،
أو غيرهما (٩).
والأقوى : الأول (١٠).
وعدم اشتراط (١١) انتفاء قصور نصيب كل وارث عن
______________________________________________________
(١) للسيف
والمصحف.
(٢) أي انتفاء هذه
المذكورات.
(٣) لتقديم العرف
على اللغة.
(٤) في الأخبار
لأنها صرحت بالولد الأكبر وأكبر الذكور ، واشترط ابنا إدريس وحمزة في السرائر
والوسيلة بلوغه وسيأتي دليله.
(٥) قد يتوهم أن
الحبوة في قبال القضاء عن الميت ، والقضاء لا يكلف به إلا البالغ فتكون الحبوة
للبالغ من الولد الأكبر ولذا اشترط بلوغه وفيه أن الملازمة بين الحبوة والقضاء مما
لم توجد في الأخبار ، وإنما هي أمر منتزع ، ولا يصح الاعتماد عليه في ابتناء
الأحكام الشرعية.
(٦) حين كونه
حملا.
(٧) تحقق الولد
الأكبر.
(٨) في عالم
الأجنة.
(٩) فلا يصدق عليه
الذكر.
(١٠) اشتراط
انفصاله حيا ، لا أقل من الانصراف.
(١١) عطف على
الأول ، والمعنى والأقوى عدم الاشتراط ، فقد ذهب العلامة في القواعد إلى اشتراط أن
لا يقصر نصيب كل وارث عن الحبوة لئلا يلزم الإجحاف ، ويردّ بإطلاق الأخبار.
قدرها ، وزيادتها (١)
عن الثلث ، للعموم (٢).
وفي اشتراط خلوّ
الميت عن دين (٣) أو عن دين مستغرق للتركة (٤) وجهان من انتفاء الإرث (٥) ، على
تقدير الاستغراق ، وتوزيع الدين (٦) على جميع التركة (٧) ، لعدم الترجيح (٨).
فيخصها منه (٩) شيء وتبطل بنسبته (١٠). ومن إطلاق النص (١١) ، والقول (١٢)
بانتقال التركة إلى الوارث وإن لزم المحبو ما قابلها (١٣) من الدين إن أراد فكها ،
ويلزم على المنع (١٤) من مقابل الدين ـ إن لم يفكه ـ المنع من
______________________________________________________
(١) عطف على
انتفاء قصور نصيب ، والمعنى : والأقوى عدم اشتراط زيادة الحبوة عن الثلث ، بحيث لو
زادت فلا حبوة للإطلاق ، وقد اشتراط بعضهم في الحبوة أن لا تزيد عن الثلث ولم
يعرف.
(٢) والأولى القول
للإطلاق ، وهو تعليل لعدم اشتراط زيادة الحبوة عن الثلث ولعدم اشتراط انتفاء قصور
نصيب كل وارث عنها.
(٣) فلو كان عليه
دين فلا حبوة لأكبر ولده الذكور.
(٤) كما اشترطه
جماعة ، لعدم الإرث حينئذ لأن الميراث سيبذل في وفاء الدين ، وفي الدين غير المستغرق
يبطل من الحبوة بمقدار ما يوزع عليها من الدين ورد بأن النص مطلق ولم يقيد الحبوة
بعدم الدين على الميت ، وفيه أن النص وإن كان مطلقا إلا أن الحبوة نوع من الإرث ،
وهو مشروط بعدم الدين كما في قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ) .
(٥) دليل
الاشتراط.
(٦) على تقدير عدم
استغراقه للتركة.
(٧) فيبطل من
الحبوة بما يخصها من الدين.
(٨) تعليل لتوزيع
الدين على جميع التركة بما فيها الحبوة.
(٩) فيخص الحبوة
من الدين.
(١٠) وتبطل الحبوة
بنسبة ما يخصها.
(١١) دليل عدم
الاشتراط.
(١٢) دليل ثان
لعدم الاشتراط.
(١٣) ما قابل
الحبوة.
(١٤) منع المحبو
من الحبوة بما يقابل الدين إن لم يفكه.
__________________
مقابل الوصية
النافذة إذ لم تكن (١) بعين مخصوصة خارجة عنها (٢) ومن مقابل الكفن الواجب (٣) وما
في معناه (٤) ، لعين ما ذكر (٥) ويبعّد ذلك بإطلاق النص ، والفتوى بثبوتها (٦) ،
مع عدم انفكاك الميت عن ذلك (٧) غالبا ، وعن الكفن حتما.
والموافق للأصول
الشرعية (٨) البطلان (٩) في مقابلة ذلك كله (١٠) إن لم يفكه المحبوّ بما يخصه لأن
الحبوة نوع من الإرث واختصاص فيه (١١) ، والدين والوصية ، والكفن ، ونحوها (١٢)
تخرج من جميع التركة ، ونسبة الورثة إليه (١٣) على السواء.
نعم لو كانت
الوصية بعين من أعيان التركة خارجة عن الحبوة فلا منع (١٤) كما لو كانت تلك العين
معدومة ولو كانت الوصية ببعض الحبوة اعتبرت (١٥) من الثلث (١٦) كغيرها من ضروب
الإرث إلا أنها تتوقف على إجازة المحبوّ خاصة (١٧).
______________________________________________________
(١) الوصية.
(٢) عن الحبوة.
(٣) والمنع من
الحبوة بما يخصها من الكفن الواجب.
(٤) في معنى الكفن
من سائر أسباب التجهيز.
(٥) لأن الوصية
والكفن حقّ كالدين ، فإذا كان الدين مانعا من الإرث والحبوة لأنه حق فكذلك الوصية
والكفن لأنهما حقّ.
(٦) أي وإطلاق
الفتوى بثبوت الحبوة ، وقد عرفت لابدّية التقييد بالآية الشريفة.
(٧) من الوصية.
(٨) لأن حق الدين
متعلق بالتركة كما هو مفاد الآية الشريفة المتقدمة.
(٩) بطلان الحبوة.
(١٠) من الدين
والوصية والكفن.
(١١) في الإرث.
(١٢) مما يتعلق
بالتركة كأسباب تجهيز الميت.
(١٣) إلى ما ذكر
مما يتعلق بالتركة.
(١٤) من الحبوة.
(١٥) الوصية.
(١٦) ثلث الحبوة ،
لأن الثلث للميت.
(١٧) إذا زادت
الوصية عن ثلث الحبوة.
ويفهم من الدروس :
أن الدين غير المستغرق غير مانع لتخصيصه (١) المنع (٢) بالمستغرق (٣) واستقرب
ثبوتها (٤) حينئذ (٥) لو قضى الورثة الدين من غير التركة ، لثبوت الإرث حينئذ (٦)
، ويلزم مثله (٧) في غير المستغرق بطريق أولى.
وكذا الحكم (٨) لو
تبرع متبرع بقضاء الدين ، أو أبرأه (٩) المدين مع احتمال انتفائها (١٠) حينئذ (١١)
مطلقا (١٢) ، لبطلانها (١٣) حين الوفاة بسبب الدين(١٤).
وفيه : أنه بطلان
مراعى (١٥) ، لا مطلقا (١٦).
(وعليه) أي على المحبو (قضاء ما فاته) أي فات الميت(من صلاة وصيام). وقد تقدم تفصيله وشرائطه في بابه (١٧).
______________________________________________________
(١) تخصيص المصنف
في الدروس.
(٢) عن الحبوة.
(٣) بالدين
المستغرق.
(٤) ثبوت الحبوة.
(٥) حين
الاستغراق.
(٦) حين قضاء
الورثة للدين من غير التركة.
(٧) من ثبوت
الحبوة على تقدير إيفاء الدين من غير التركة.
(٨) بثبوت الحبوة.
(٩) أبرأ الميت ،
كل ذلك لانتفاء الحق المالي الذي تعلق بالتركة والذي كان مانعا من الحبوة فلو
ارتفع لثبتت الحبوة.
(١٠) مع احتمال
انتفاء الحبوة.
(١١) أي حين تعلق
حق مالي وهو الدين بالتركة.
(١٢) قضاه الورثة
من غير التركة أو أبرأه المدين أو تبرع الأجنبي.
(١٣) لبطلان
الحبوة.
(١٤) فينتقل
الميراث إلى المدين.
(١٥) بعدم وفاء
الدين.
(١٦) وإن استوفي.
(١٧) من كتاب
الصلاة ، هذا وقد عرفت عدم الملازمة بين الحبوة وبين قضاء ما فات الميت من صلاة
وصيام لإطلاق النص ، وإلا لو قلنا بالملازمة فلا حبوة لو كان الذكر الأكبر صغيرا
غير مكلف ، وكذا لا قضاء عليه لو لم يترك الميت حبوة ، وكذا لا حبوة إذا لم يكن
على الميت قضاء.
(و) المشهور أنه (١) (يشترط) في المحبو (أن لا يكون سفيها
(٢) ، ولا فاسد الرأي) (٣) أي الاعتقاد بأن يكون مخالفا للحقّ ، ذكر ذلك (٤) ابن
إدريس وابن حمزة (٥) وتبعهما الجماعة ، ولم نقف له (٦) على مستند.
وفي الدروس نسب
الشرط إلى قائله مشعرا بتمريضه (٧). وإطلاق النصوص يدفعه.
ويمكن إثبات الشرط
الثاني خاصة إلزاما للمخالف بمعتقده (٨) كما يلزم (٩) بغيره من الأحكام (١٠) التي
تثبت عنده لا عندنا ، كأخذ سهم العصبة منه وحلّ مطلّقته ثلاثا لنا ، وغيرهما (١١)
وهو حسن.
وفي المختلف اختار
استحباب الحبوة كمذهب ابن الجنيد وجماعة ، ومال إلى قول السيد باحتسابها بالقيمة
واختار في غيره (١٢) الاستحقاق مجانا.
______________________________________________________
(١) أن الشأن
والواقع.
(٢) فمع إطلاق
النص يشكل هذا الاشتراط بعد كون السفه غير مانع من الاستحقاق وإن منع من التصرف.
(٣) أي مخالفا
بعقيدة الولاية ، وكذا لا دليل على هذا الشرط بعد كون النص مطلقا ، نعم بناء على
قاعدة الإلزام المستفادة من قول أبي الحسن عليهالسلام في خبر علي بن أبي حمزة (ألزموهم بما ألزموا أنفسهم) فلو كان الذكر الأكبر فاسد الرأي فلا يعطى الحبوة إلزاما
لما يراه من عدم استحقاقه لذلك.
(٤) من اشتراط عدم
السفه وعدم فساد الرأي.
(٥) في السرائر
والوسيلة.
(٦) للاشتراط.
(٧) بأن جعله
بصيغة قيل.
(٨) لأنه لا يرى
استحقاقه للحبوة.
(٩) المخالف.
(١٠) كالتعصيب.
(١١) كحق الشفعة
بالجوار.
(١٢) غير المختلف.
__________________
(و) كذا(يشترط أن يخلف الميت مالا غيرها) (١) وإن قل ، لئلا يلزم الإجحاف بالورثة ، والنصوص خالية عن
هذا القيد ، إلا أن يدّعى أن الحباء يدل بظاهره عليه (٢).
(ولو كان الأكبر أنثى أعطي) الحبوة(أكبر الذكور) إن تعددوا وإلا فالذكر وإن كان أصغر منها وهو مصرّح في
صحيحة ربعي عن الصادق عليهالسلام (٣).
(الخامسة ـ لا يرث الأجداد مع الأبوين) ، ولا مع أحدهما ، ولا مع من هو في مرتبتهما (٤) ، وهو
موضع وفاق إلا من ابن الجنيد في بعض الموارد (٥) (و) لكن(يستحب لهما (٦) الطعمة) لأبويهما (٧)
______________________________________________________
(١) غير الحبوة.
(٢) أي بظاهر
الحباء بحسب معناه على وجوب بقاء شيء للورثة ، لأن الحبوة هي إعطاء لشخص زيادة عن
غيره ، فلا بد أن يبقى للغير شيء. وفيه : إن لفظ الحبوة لم يرد في النصوص وإنما
هو لفظ شائع على ألسنة الفقهاء.
(٣) الثانية : قال
عليهالسلام : (إذا مات الرجل فسيفه ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله وراحلته
وكسوته لأكبر ولده ، فإن كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور) .
(٤) أي مرتبة
الأبوين وهم الأولاد ، فلا يرث مع الأولاد والأبوين أحد من الأجداد على المشهور
لقوله تعالى : (وَأُولُوا
الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ) والأبوان أقرب إلى الميت من الأجداد ، ولأخبار منها : خبر
أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل مات وترك أباه وعمّه وجدّه فقال : حجب الأب الجد عن
الميراث وليس للعم ولا للجد شيء) .
ونسب الخلاف إلى
ابن الجنيد فتارة نسب إليه أن الفاضل عن سهام البنت والأبوين وهو السدس للأجداد ،
وأجيب بأنه محمول على الطعمة وسيأتي البحث فيها ، وأخرى نسب إليه أن الطعمة واجبة
في قبال المشهور أنها مستحبة ، وعلى كل فلم يحرز خلافه في هذه المسألة.
(٥) وهو ما لو
اجتمع بنت مع أبوين فيبقى سدس فيعطى للجد.
(٦) لأبوي الميت.
(٧) أي أبوي أبوي
الميت ، فيستحب للأبوين أو أحدهما إطعام الجد أو الجدة أو كليهما على ـ
__________________
(حيث يفضل لأحدهما (١) سدس فصاعدا فوق السدس) المعين لهما (٢) ، على تقدير مجامعتهما للولد فيستحب لهما (٣)
إطعام هذا السدس الزائد (٤).
ولو زاد نصيبهما
عنه (٥) فالمستحب إطعام السدس خاصة (٦).
(وربما قيل) والقائل ابن الجنيد : يستحب أن يطعم(حيث يزيد نصيبه عن)
______________________________________________________
ـ تقدير اجتماعهما
السدس ويدل عليه أخبار كثيرة منها : حسنة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أطعم الجدة السدس) وخبر زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أطعم الجدة السدس ولم يفرض لها شيئا) وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن الله فرض
الفرائض فلم يقسم للجد شيئا ، وإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أطعمه السدس فأجاز الله له ذلك) (.
(١) لأحد الأبوين.
(٢) للأبوين إذا
اجتمعا مع الولد.
(٣) للأبوين.
(٤) وهذا لا يتم
على تقدير وجود ولد للميت ، نعم على تقدير عدمه فلأمه الثلث مع عدم الحاجب والسدس
معه والباقي للأب وحينئذ يستحب لهما إعطاء الجد السدس طعمة.
ودليل هذا
الاشتراط هو لو لم يكن للأبوين إلا سدس لكل منهما فلو أطعم الجد السدس فلم يبق
لهما شيء فلا معنى للطعمة حينئذ ، بل لا بد من زيادة نصيب المطعم عن السدس حتى
يبقى له شيء وهذا محل وفاق.
وذهب المشهور إلى
اشتراط أن يبقى للمطعم سدس لأنه حصته المفروضة على تقدير وجود الولد ، فعلى تقدير
عدمه لا بد أن يبقى سدس لو أطعم.
ونسب لابن الجنيد
عدم اشتراط بقاء السدس للمطعم ، بل يكفي أن يبقى له شيء وإن كان أقل من السدس
المفروض لأحد الأبوين على تقدير وجود ولد للميت. وردّ بأنه يلزم منه تفضيل الأجداد
على الأبوين ، حيث كان للجد السدس طعمة ولأحد الأبوين أقل من السدس.
(٥) أي نصيب
الأبوين عن السدس المفروض لهما على تقدير إطعام السدس طعمة للجد.
(٦) للأخبار
المتقدمة.
__________________
(السدس) وإن لم تبلغ الزيادة سدسا والأشهر الأول.
(وتظهر الفائدة) بين القولين(في اجتماعهما مع
البنت (١) أو أحدهما مع البنتين (٢) فإن الفاضل) من نصيب أحد الأبوين (٣) (ينقص عن سدس) الأصل(فيستحب له (٤) الطعمة على القول الثاني) دون الأول ، لفقد الشرط وهو زيادة نصيبه عن السدس بسدس.
والمشهور أن قدر
الطعمة ـ حيث يستحب ـ سدس الأصل (٥).
وقيل : سدس ما حصل
للولد (٦) الذي تقرب به (٧).
وقيل : يستحب مع
زيادة النصيب عن السدس إطعام أقل الأمرين من سدس الأصل (٨) ، والزيادة (٩) بناء
على عدم اشتراط بلوغ الزيادة سدسا. والأخبار (١٠) ناطقة باستحباب طعمة السدس ، وهي
(١١) تنافي ذلك (١٢).
______________________________________________________
(١) فلكل واحد من
الأبوين السدس وللبنت النصف ويبقى سدس يرد عليهم أخماسا ، وقد زاد نصيب كل من
الأبوين عن السدس بحيث لو أطعم الجد السدس فيبقى له شيء وإن كان دون السدس
المفروض.
(٢) فالبنتان لهما
الثلثان وأحد الأبوين له السدس فيبقى سدس يرد عليهم أخماسا.
(٣) لو أطعم الجد
السدس.
(٤) لأحد الأبوين.
(٥) أي سدس أصل
التركة لا سدس حصة المطعم لظاهر الأخبار.
(٦) الذي هو أب
الميت أي سدس حصة المطعم ، وهو قول منسوب لابن الجنيد.
(٧) أي سدس حصة
الولد المطعم الذي تقرب الجد إلى الميت به.
(٨) فيما لو كان
المطعم له نصيب من الميت على تقدير عدم وجود ولد للميت فحصته تكون ثلثا فما زاد
إذا لم يكن حاجب للأم.
(٩) فيما لو اجتمع
مع الأبوين ولد للميت كبنت ، فحصة كل واحد من الأبوين سدس بالفرض وخمس السدس بالرد
، أو اجتمع أحد الأبوين مع بنتين فله السدس بالفرض وخمس السدس بالرد.
(١٠) قد تقدم
بعضها.
(١١) أي الأخبار.
(١٢) من كون سدس
حصة المطعم ومن كون أقل الأمرين من السدس والزيادة.
والاستحباب مختص
بمن (١) يزيد نصيبه كذلك (٢) لأبويه ، دون أبوي الآخر (٣) فلو كانت الأم محجوبة
بالإخوة فالمستحب إطعام الأب خاصة ولو كان معهما (٤) زوج من غير حاجب (٥) فالمستحب
لها خاصة. ولو لم يكن سواهما (٦) ولا حاجب (٧) استحب لهما (٨) وإنما يستحب طعمة
الأجداد (٩) من الأبوين (١٠) ، فلا يستحب للأولاد (١١) طعمة الأجداد (١٢) للأصل (١٣)
، ولو كان أحد الجدين مفقودا فالطعمة للآخر (١٤) ، فإن وجدا (١٥) فهي بينهما (١٦)
بالسّوية.
(القول ـ في ميراث
الأجداد والإخوة)
وفيه مسائل :
______________________________________________________
(١) يراد به أحد
الأبوين.
(٢) عن سدس الأصل
بسدس.
(٣) فلو فرض أن الأم
محجوبة بالإخوة فلها السدس والباقي للأب ، فيستحب للأب فقط دون الأم أن يطعم أبويه
دون أبوي أم الميت ، لأنه هو الظاهر من الأخبار.
(٤) مع الأبوين.
(٥) للأم ، فالأم
لها الثلث فرضا والزوج له النصف والباقي وهو السدس للأب ، فالمستحب الإطعام للأم
فقط لأبويها دون أبوي أبوي الميت.
(٦) سوى الأبوين.
(٧) للأم.
(٨) للأبوين إطعام
أبويهما ، لأن الأم لها الثلث فرضا والباقي وهو الثلثان للأب بالقرابة.
(٩) أي أجداد
الميت.
(١٠) أبوي الميت.
(١١) الذين هم
أبوا الميت.
(١٢) أي أجداد
أبوي الميت.
(١٣) وهو أصالة
عدم الطعمة عند الشك فيها.
(١٤) بتمام السدس.
(١٥) الجدان.
(١٦) أي فالطعمة
بينهما بالسوية للعدل وعدم اعتبار الذكورة والأنوثة ، والذكر مثل حظ الأنثيين إنما
هو جار في الإرث لا في الطعمة.
(الأولى ـ للجد) إذا انفرد(وحده المال) كلّه (١) (لأب) (٢) كان(أو لأم (٣) ، وكذا الأخ للأب والأم ، أو للأب) على تقدير انفراده (٤) ، (ولو اجتمعا) أي الأخ والجد(وكانا) معا(للأب فالمال بينهما نصفان) (٥).
(وللجدة المنفردة لأب) كانت ، (أو لأمّ المال) (٦).
(ولو كان جدا ، أو جدة ، أو كليهما لأب مع جد) واحد ، (أو جدة أو كليهما لأم فللمتقرب) من الأجداد(بالأب الثلثان) اتحد أم تعدد(للذكر مثل حظّ
الأنثيين) على تقدير التعدد
، (وللمتقرب بالأم) من الأجداد(الثلث) اتحد أم تعدد(بالسّوية) على تقدير التعدد (٧).
______________________________________________________
(١) لآية أولي
الأرحام ، فإنه أقرب إلى الميت من عمه وخاله.
(٢) أي أبو أب
الميت.
(٣) أي أبو أم
الميت.
(٤) فله المال كله
لآية أولي الأرحام ، ولقوله تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ
لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ وَهُوَ
يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ) ولخبر عبد الله بن سنان (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل مات وترك أخاه ولم يترك وارثا غيره ، قال : المال
له) .
(٥) لخبر عبد الله
بن سنان المتقدم (قلت : فإن كان مع الأخ للأم جدّ؟ قال : يعطى الأخ للأم السدس
ويعطى الجد الباقي ، قلت : فإن كان الأخ للأب؟ قال : المال بينهما سواء) ، ولأن
كلا منهما يتقرب إلى الميت بالأب فمقتضى العدل تقسيم المال بينهما بالسوية.
(٦) لآية أولي
الأرحام ولرواية سالم (إن عليا عليهالسلام أعطى الجدة المال كله) .
(٧) هاهنا حكمان :
الأول : أن
المتقرب من الأجداد للميت بالأب له الثلثان ، والمتقرب للميت بالأم له الثلث ، على
المشهور لأن المتقرب إلى الميت بواسطته يرث نصيب الواسطة ، فالمتقرب بالأب يأخذ
نصيب الأب وهو الثلثان ، والمتقرب بالأم يأخذ نصيب الأم وهو الثلث ففي خبر أبي
أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن في كتاب عليّ عليهالسلام أن كل ذي رحم ـ
__________________
هذا هو المشهور
بين الأصحاب ، وفي المسألة أقوال نادرة :
منها : قول
الصّدوق : للجد من الأم مع الجد للأب أو الأخ للأب السدس ، والباقي للجد للأب ، أو
الأخ.
ومنها : أنه لو
ترك جدّته : أمّ أمه ، وأخته للأبوين (١) فللجدة السدس.
______________________________________________________
ـ بمنزلة الرحم
الذي يجرّ به) .
وفي خبر يونس عن
رجل عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا التفّت
القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه ، فإن استوت قام كل واحد مقام قريبه) .
ولخصوص موثق محمد
بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (إذا لم يترك
الميت إلا جده أبا أبيه ، وجدته أم أمه ، فإن للجدة الثلث وللجد الباقي) .
وخالف في ذلك
الصدوق أن الجد للأم له السدس والباقي للجد للأب تنزيلا لهما منزلة الإخوة ، فجد
الميت لأمه يتقرب إليه بالأم كأخ الميت من أمه وكلالة الأم المتحدة لها السدس ،
والباقي لإخوة الميت من أبيه الذين هم بمنزلة أجداد الميت بالأب.
وخالف في ذلك ابن
أبي عقيل العماني أيضا فأعطى الجدة للأم السدس وأعطى الجدة للأب النصف والباقي يرد
عليهما بالنسبة ، لو لم يكن إلا جدة لأم وجدة لأب ، تنزيلا لهما منزلة الأختين
أختا لأب وأختا لأم وأيضا خالف في ذلك الفضل بن شاذان حيث أعطى الجدة لأم السدس
تنزيلا لها منزلة الكلالة إذا اجتمعت مع أخت لأبوين.
وأيضا خالف في ذلك
ابن زهرة والقطب الكيدري حيث نزلوا الجد والجدة للأم منزلة كلالة الأم فإن اتحدت
فلها السدس وإن تعددت فلها الثلث بالسوية. وعلى كل فيجمع هذه الأقوال الأربعة
المخالفة لقول المشهور أنها نزلت أجداد الميت لأمه منزلة كلالة الأم ، بخلاف قول
المشهور فإنه أعطى أجداد الميت لأمه نصيب الأم. وقال في المسالك عن هذه الأقوال «ولم
نقف على مأخذ هذه الأقوال إلا إلحاق الأجداد بكلالة الأم وضعفه ظاهر».
الحكم الثاني : إن
أجداد الميت لأبيه يقتسمون الثلثين على قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين لأنها الأصل
في باب الإرث ، وأجداد الميت لأمه يقتسمون الثلث بالسوية لأن الأصل في المتقرب إلى
الميت بأمه هو ذلك ككلالة الأم المتعددة فلهم الثلث بالسوية.
(١) وهو قول الفضل
بن شاذان.
__________________
ومنها : أنه لو
ترك جدّته : أمّ أمّه ، وجدّته : أمّ أبيه (١) ، فلأمّ الأم السدس ، ولأم الأب
النصف ، والباقي يردّ عليهما بالنسبة. والأظهر الأول.
(الثانية ـ للأخت للأبوين ، أو للأب منفردة النصف تسمية (٢)
، والباقي ردّا (٣) ، وللأختين فصاعدا الثلثان) تسمية(والباقي ردّا) وقد تقدم(وللإخوة والأخوات من الأبوين ، أو من الأب) مع عدم المتقرب بالأبوين(المال) أجمع(للذكر الضعف) (٤) : ضعف الأنثى.
(الثالثة ـ للواحد من الإخوة والأخوات للأمّ) على تقدير انفراده(السدس) تسمية ، (وللأكثر) من واحد(الثلث بالسوية) ذكورا كانوا أم إناثا أم متفرقين (٥) (والباقي) عن السدس في
الواحد (٦) ،
______________________________________________________
(١) وهو قول ابن
أبي عقيل.
(٢) قد تقدم في
باب السهام.
(٣) بالقرابة لآية
أولي الأرحام.
(٤) لأن قاعدة
للذكر مثل حظ الأنثيين هي الأصل في باب الإرث ، ولا يأتي فرض النصف للبنت وفرض
الثلثين للبنتين لأنه مختص بعدم وجود ذكر ، ففي خبر بكير عن أبي جعفر عليهالسلام (ـ إلى أن قال ـ :
وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ، ذلك كله إذا لم يكن للميت
ولد أو أبوان) .
(٥) لقوله تعالى :
(وَإِنْ كٰانَ
رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ
وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ
ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ) والأخبار هي التي صرحت بكون الكلالة هي كلالة الأم ، ففي
خبر بكير بن أعين عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (الذي عنى الله في قوله ـ (وَإِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ
كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ
شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ) ـ إنما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأم خاصة) .
(٦) من كلالة
الأم.
__________________
وعن الثلث في
الأزيد (١) يردّ عليهم (٢) (ردّا).
(الرابعة ـ لو اجتمع الإخوة من الكلالات) الثلاث (٣) (سقط كلالة الأب
وحده) بكلالة الأبوين (٤)
، (ولكلالة الأم السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كان أكثر
بالسوية) كما مرّ ، (ولكلالة الأبوين الباقي) اتحدت أم تعددت(بالتفاوت) للذكر مثل حظّ الأنثيين على تقدير التعدد مختلفا (٥).
(الخامسة ـ لو اجتمع أخت للأبوين مع واحد من كلالة الأمّ ،
أو جماعة أو أختان لأبوين مع واحد من كلالة الأمّ فالمردود) وهو الفاضل (٦) من الفروض(على قرابة
الأبوين) وهو الأخت ، أو
الأختان على الأشهر (٧). وتفرد الحسن بن أبي
______________________________________________________
(١) من واحد من
كلالة الأم كما لو لم يكن هناك وارث للميت غير كلالة الأم.
(٢) على الإخوة من
كلالة الأم ، والرد لآية أولي الأرحام ، ولبطلان التعصيب عندنا ، ولأخبار منها :
رواية ابن سنان (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل ترك أخاه لأمه ولم يترك وارثا غيره ، قال عليهالسلام : المال له) .
(٣) الإخوة
للأبوين والإخوة للأب والإخوة للأم.
(٤) حتى لو كان من
كلالة الأبوين أنثى وكان من كلالة الأب ذكر ، وحتى لو كان من كلالة الأبوين واحد
وكان من كلالة الأب متعدد لأن المتقرب إلى الميت بسببين يحجب المتقرب إلى الميت
بسبب لخبر يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليهالسلام (أخوك لأبيك وأمك
أولى بك من أخيك لأبيك) .
(٥) بالذكورة
والأنوثة.
(٦) ففي الصورة
الأولى للأخت من الأبوين النصف ، ولكلالة الأم المتحدة السدس والباقي سدسان ، وفي
الصورة الثانية فالأخت للأبوين لها النصف ولكلالة الأم المتعددة الثلث والباقي
سدس.
وفي الصورة
الثالثة فالأختان لهما الثلثان وللواحد من كلالة الأم السدس ، والباقي سدس.
(٧) لخبر بكير بن
أعين (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها وإخوتها وأخواتها لأبيها
، فقال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الأم الثلث ـ
__________________
عقيل ، والفضل بن
شاذان بأن الباقي يردّ على الجميع بالنسبة أرباعا (١) ، أو أخماسا(٢).
(السادسة ـ الصورة بحالها) بأن اجتمع كلالة الأمّ مع الأخت أو الأختين(لكن كانت الأخت ، أو الأخوات للأب وحده ففي الردّ على قرابة الأب هنا) (٣)
______________________________________________________
ـ الذكر والأنثى
فيه سواء ، وما بقي فهو للإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأن
السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ولا الإخوة من الأم من ثلثهم ، لأن الله (عزوجل)
يقول : (فَإِنْ كٰانُوا
أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ) ، وإن كانت واحدة فلها السدس ، والذي عنى الله تبارك
وتعالى في قوله ـ (وَإِنْ كٰانَ
رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ
وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ
ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ) ـ إنما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأم خاصة ، وقال في
آخر سورة النساء : ـ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ
لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ) ـ يعني أختا لأب وأم أو أختا لأب ـ (فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ
وَهُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ وَإِنْ كٰانُوا
إِخْوَةً رِجٰالاً وَنِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ) ـ ، فهم الذين يزادون وينقصون) الخبر.
(١) كما في الصورة
الأولى فالباقي سدسان يرد أرباعا على حسبة سهام الورثة فثلاثة أرباع الباقي للبنت
والربع الأخير منه لكلالة الأم المتحدة.
(٢) كما في الصورة
الثانية والثالثة ، ففي الثانية فالباقي سدس يقسم أخماسا على نسبة سهامهم ، ثلاثة
أخماسه للأخت ، وخمسا الباقي لكلالة الأم المتعددة.
وفي الثالثة
فالباقي سدس يقسم أخماسا أيضا على قدر نصيبهم ، أربعة أخماسه للأختين والخمس
الأخير منه للواحد من كلالة الأم.
هذا ولا مستند
لقولهما ولذا قال في الجواهر : «خلافا للمحكي عن الفضل والحسن ـ إلى أنه قال ـ ولا
ريب في ضعفه بعد النص والإجماع».
(٣) أي فيما لو
كانت الكلالة من الأب فقط ، وهذا ما ذهب إليه الصدوق والشيخ في النهاية والخلاف
وابن البراج وأبو الصلاح وأكثر المتأخرين ، لأن من كان عليه الخسران فله الجبران ،
أما النقص فيدخل عليهن كما لو دخل زوج في البين ، فللزوج النصف ولكلالة الأم
المتعددة الثلث ، والباقي سدس لكلالة الأب ، وكذا لو كانت كلالة الأم متحدة التي
لها السدس فالباقي سدسان ، وكلاهما أنقص من فرضهن الذي هو الثلثان إن كانت كلالة ـ
__________________
خاصة ، أو عليهما (١)
(قولان) مشهوران.
أحدهما قول
الشيخين وأتباعهما : يختص به (٢) كلالة لأب ، لرواية محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام «في ابن أخت لأب ،
وابن أخت لأمّ. قال : لابن الأخت للأم السدس ، ولابن الأخت للأب الباقي (٣)» وهو
يستلزم كون الأم كذلك (٤) ، لأن الولد إنما يرث بواسطتها ، ولأن النقص يدخل على
قرابة الأب ، دون الأخرى ، ومن كان عليه الغرم فله الغنم(وثبوته) أي ثبوت الردّ
على قرابة الأب خاصة(قويّ) للرواية (٥) ، والاعتبار (٦).
والثاني ـ قول
الشيخ أيضا (٧) وابن إدريس والمحقق وأحد قولي العلامة يردّ عليهما (٨) لتساويهما
في المرتبة (٩) وفقد المخصّص (١٠) ، استضعافا للرواية فإن في طريقها علي بن فضّال
وهو فطحي ، ومنع اقتضاء دخول النقص الاختصاص (١١) ،
______________________________________________________
ـ الأب متعددة ،
أو النصف إن كانت كلالة الأب واحدة.
ولرواية محمد بن
مسلم (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن ابن أخت لأب وابن أخت لأم ، قال عليهالسلام : لابن الأخت من الأم السدس ، ولابن الأخت للأب الباقي) لكن في طريقها علي بن فضال وهو من الفطحية إلا أنه ثقة.
(١) على كلالة
الأب وكلالة الأم بنسبة سهامهم ، وإليه ذهب الإسكافي والحلي والمحقق والشيخ في
المبسوط استضعافا للخبر المتقدم ، ولتساويهما في النسبة إلى الميت.
(٢) بالرد.
(٣) الوسائل الباب
ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الإخوة والأجداد حديث ١.
(٤) كأبنائها ،
وهي أخت الميت.
(٥) وهي خبر ابن
مسلم المتقدم.
(٦) من كان عليه
الخسران فله الجبران.
(٧) في المبسوط
فقط.
(٨) على كلالة
الأب وكلالة الأم.
(٩) فكل منهما
يتقرب إلى الميت بواسطة.
(١٠) الموجب
لتخصيص الرد بكلالة الأب.
(١١) بالرد ،
والمعنى ليس دخول النقص عليهم سببا في كون الزيادة لهم.
__________________
لتخلفه (١) في
البنت مع الأبوين (٢).
وأجاب المصنف
عنهما (٣) بأن ابن فضّال ثقة وإن كان فاسد العقيدة.
وتخلّف الحكم في
البنت لمانع (٤). وهو وجود معارض (٥) يدخل (٦) النقص عليه (٧) أعني الأبوين (٨).
(السابعة ـ تقوم كلالة الأب مقام كلالة الأبوين عند عدمهم
(٩) في كل موضع) انفردت (١٠) ،
______________________________________________________
(١) لتخلف
الاقتضاء بين النقص والرد.
(٢) فلو اجتمعا
بدون زوج فالرد عليهما ولو كان معهم زوج فالنقص على البنت فقط.
(٣) عن استضعاف
الرواية ومنع الاعتبار.
(٤) إن المقتضي
إرجاع النقص على البنت والأبوين ، إلا أن الأبوين من ذوي السهام والفروض المقدّمة
على البنت وإن كانت من ذوي السهام ، لأن الأبوين من ذوي السهام الذين إذا أزيلوا
عنها رجعوا إلى سهم آخر ، بخلاف البنت فإنها وإن كانت من ذوي السهام إلا أن لها
الباقي لو أزيلت عن سهمها ، ولو لا هذا لكان النقص داخلا على الأبوين كدخوله على
البنت.
(٥) وهو عدم تنزل
الأبوين عن فرضهما الثاني بعد نزولهما عن فرضهما الأول.
(٦) ضمير الفاعل
راجع إلى المعارض.
(٧) على سهم البنت
لأن لها الباقي لو أزيلت عن فرضها.
(٨) أي المعارض.
(٩) بلا خلاف فيه
، لأنه مع اجتماع الكلالتين ، تمنع كلالة الأبوين كلالة الأب خاصة ، ومع عدمها
تقوم كلالة الأب مقامها ففي خبر بكير بن أعين عن أبي عبد الله عليهالسلام (ـ إلى أن قال ـ وقال
في آخر سورة النساء ـ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ
لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ـ) يعني أختا لأب وأم أو أختا لأب ـ (فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ
وَهُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ وَإِنْ كٰانُوا
إِخْوَةً رِجٰالاً وَنِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ) فهم الذين يزادون وينقصون ، وكذلك أولادهم هم الذين يزادون
وينقصون) فنزل كلالة الأب مقام كلالة الأبوين عند فقدها.
(١٠) فلها المال
ويقسم بينهم على قاعدة الذكر مثل حظ الأنثيين.
__________________
أو جامعت كلالة
الأم (١) ، أو الأجداد (٢) ، أو هما (٣) فلها (٤) مع كلالة الأم ما زاد عن السدس (٥)
، أو الثلث (٦) ومع الأجداد ما فصّل في كلالة الأبوين من المساواة (٧) ، والتفضيل (٨)
والاستحقاق بالقرابة (٩) إلا أن تكون إناثا فتستحق النصف ، أو الثلثين تسمية.
والباقي ردّا إلى آخر ما ذكر في كلالة الأبوين.
(الثامنة ـ لو اجتمع الإخوة والأجداد فلقرابة الأم من
الإخوة والأجداد الثلث بينهم بالسوية) (١٠) ذكورا كانوا أم إناثا ، أم ذكورا وإناثا متعددين في
الطرفين أم
______________________________________________________
(١) فلكلالة الأم
الثلث أو السدس ، والباقي لكلالة الأب.
(٢) فينزل الجد
مكان الأخ والجدة مكان الأخت ويقسم المال بينهم على قاعدة الذكر مثل حظ الأنثيين.
(٣) أي اجتمعت
كلالة الأب مع كلالة الأم مع الأجداد ، وسيأتي الحكم فيها.
(٤) لكلالة الأب.
(٥) إن كانت كلالة
الأم واحدا.
(٦) إن كانت كلالة
الأم متعددة.
(٧) كما لو اجتمعت
كلالة الأب مع الأجداد للأب فينزل الجد منزلة الأخ والجدة منزلة الأخت ويقسم المال
على قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين ، فالمساواة بين الجد والأخ من كلالة الأب وبين
الجدة لأب والأخت من كلالة الأب.
(٨) كما لو اجتمعت
كلالة الأب مع الأجداد لأم ، فالأجداد لهم الثلث نصيب الواسطة التي يتقربون بها
إلى الميت ، والباقي وهو الثلثان لكلالة الأب ، والثلثان أكثر فلذا وقعت المفاضلة.
(٩) كما لو كانت
كلالة الأب منفردة فإنها ترث بالقرابة ولا فرض لها إلا أن تكون الكلالة إناثا لا
ذكر فيها ، فإن كانت بنتا فلها النصف تسمية والباقي ردّ ، وإن كانت أكثر فلها
الثلثان تسمية والباقي ردّ.
(١٠) فينزل
الأجداد للأم منزلة الإخوة ويعطى الجميع الثلثان بالسوية ، بلا خلاف فيه ، ولأخبار
منها مرسل الحسن بن عقيل (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أملى على عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام في صحيفة الفرائض أن الجد مع الإخوة يرث حيث ترث الإخوة
ويسقط حيث تسقط ، وكذلك الجدة أخت مع الأخوات ، ترث حيث يرثن وتسقط حيث يسقطن) .
__________________
متحدين ، (ولقرابة الأب من الإخوة ، والأجداد الثلثان بينهم للذكر ضعف الأنثى (١) كذلك)
(٢). فلو كان المجتمعون فيهما (٣) جدّا وجدّة للأم ، وأخا
وأختا لها ، وجدا وجدة للأب ، وأخا وأختا له فلأقرباء الأم الثلث : واحد من ثلاثة
أصل الفريضة ، وسهامهم أربعة (٤) ولأقرباء الأب اثنان منها (٥) ، وسهامهم ستة (٦)
فيطرح المتداخل (٧) والعددان يتوافقان بالنصف (٨) فيضرب الوفق (٩) وهو اثنان في
ستة (١٠) ثم المرتفع في أصل الفريضة (١١) يبلغ ستة وثلاثين ، وثلثها (١٢) لأقرباء
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه
ولأخبار منها : صحيح الفضلاء زرارة وبكير ومحمد بن مسلم وبريد عن أحدهما عليهماالسلام (إن الجد مع
الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا) .
وخبر إسماعيل
الجعفي (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجد فقال : يقاسم الإخوة ما بلغوا وإن كانوا مائة ألف)
.
(٢) متعددين في
الطرفين أو متحدين.
(٣) في الأجداد
والإخوة.
(٤) لأن الثلث
ينقسم بينهم بالسوية أرباعا.
(٥) أي من ثلاثة
التي هي أصل الفريضة.
(٦) أي أقرباء
الأب ، وكانت ستة لأن الذكر ضعف الأنثى فهما ذكران ولهما أربعة وأنثيان ولهما
اثنان.
(٧) المتداخل إذا كان
أحد العددين ينقسم على الآخر بدون كسر ، فالآخر داخل في الأول بمعنى ما ينقسم عليه
الأول ينقسم عليه الثاني ، والتداخل هنا هو الاثنان ، حصة أقرباء الأب من أصل
الفريضة بالنسبة للستة التي هي سهامهم.
(٨) أي عدد سهام
أقرباء الأب مع عدد سهام أقرباء الأم ، فالأربعة متوافقة مع الستة بالنصف الذي هو
اثنان ، والتوافق هو أن يكون كلا العددين ينقسم على عدد ثالث من غير كسر.
(٩) وفق العددين
السابقين.
(١٠) التي تداخلت
فيها الاثنان.
(١١) وهو مخرج كسر
الفريضة وهو ثلاثة.
(١٢) ثلث الستة
والثلاثين وهو اثنى عشر.
__________________
الأم الأربعة لكل
ثلاثة ، وثلثاها (١) لأقرباء الأب الأربعة بالتفاوت فلكل أنثى أربعة ، ولكل ذكر
ثمانية.
وكذا الحكم لو كان
من طرف الأم أخ وجدّ ، ومثلهما من طرف الأب وإن اختلفت الفريضة (٢).
ولو كان اجتمع من
طرف الجدودة للأم جدا واحدا ، أو جدة مع الأجداد والإخوة المتعددين من طرف الأب (٣)
، فللجد أو الجدة للأم الثلث ، والباقي للإخوة والأجداد للأب بالسوية مع تساويهم
ذكورية وأنوثية وبالاختلاف مع الاختلاف.
ولو فرض جدة لأم ،
وجد لأب وأخ لأب (٤) فلكل واحد منهم ثلث.
ولو كان بدل الجد
للأب جدة فلها ثلث الثلثين (٥): ـ اثنان من تسعة (٦) ـ وكذا لو كان بدل الأخ أختا
فلها ثلثهما (٧).
______________________________________________________
(١) ثلثا الستة
والثلاثين وهما أربعة وعشرون.
(٢) فلأقرباء الأم
الثلث بالسوية ولأقرباء الأب الثلثان بالسوية ، فالفريضة من ستة ، ثلثها لأقرباء
الأم لكل واحد واحد وثلثاها لأقرباء الأب وهما أربعة لكل واحد اثنان.
(٣) فالمتقرب
بالأم واحد إما جد أو جدة ، والمتقرب بالأب متعدد ، فالمتقرب بالأم وإن كان واحدا
له الثلث لأنه نصيب الواسطة التي يتقرب بها إلى الميت ، وكلالة الأم من الإخوة بأن
له السدس للنص ، وأما المتقرب بالأب فله الثلثان فمع تعددهم واتحادهم بالذكورة كما
لو ترك جدا لأب وإخوة لأب ، أو تعددوا واتحدوا بالأنوثة كما لو ترك جدة لأب وأخوات
لأب فالمال الذي هو الثلثان بينهم بالسوية ، ومع تعددهم واختلافهم ذكورة وإناثا
فالذكر مثل حظ الأنثيين.
(٤) فالمتقرب
بالأم له الثلث ، والباقي وهو الثلثان يقسم على جد لأب وأخ لأب بالسوية ،.
فكل واحد له
الثلث.
(٥) أي فللجدة لأب
ثلث الثلثين وللأخ لأب ثلثا الثلثين.
(٦) أي من تسعة
التي هي أصل الفريضة فثلثها ثلاثة للجدة لأم ، وثلث ثلثيها وهو اثنان للجدة لأب ،
وثلثا ثلثيها وهو أربعة للأخ لأب.
(٧) أي للأخت من
أب ثلث الثلثين ، وثلثا الثلثين للجد لأب ، وهذا تمام الثلثين ، والثلث الباقي من
الفريضة للجدة لأم.
ولو خلّف أخا أو
أختا لأم مع الأجداد مطلقا (١) للأب ، فللأخ أو الأخت السدس ، والباقي للأجداد ،
ولو تعدد الإخوة للأم فلهم الثلث وهذا بخلاف الجد والجدة للأم فإن له الثلث وإن
اتحد (٢).
ولو خلّف الجدين
للأم ، أو أحدهما مع الإخوة للأم ، وجدا أو جدة للأب فللمتقرب بالأمّ من الجدودة
والإخوة الثلث ، وللجدة للأب الثلثان وعلى هذا قس ما يرد عليك.
(التاسعة ـ الجد وإن علا يقاسم الإخوة) (٣) ولا يمنع بعد الجد الأعلى بالنسبة إلى الجد الأسفل
المساوي للإخوة ، لإطلاق النصوص (٤) بتساوي الإخوة والأجداد الصادق بذلك (٥) ، (و) كذا(ابن الأخ وإن نزل يقاسم الأجداد) (٦) الدّنيا وإن كانوا (٧)
______________________________________________________
(١) واحدا أو
متعددا ذكرا كان أو أنثى.
(٢) لأنه يرث نصيب
الواسطة وهي الأم ، غايته إخوة الميت من أمه لهم السدس مع الاتحاد للنص القرآني.
ففي موثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (إذا لم يترك
الميت إلا جدّه أبا أبيه وجدّته أم أمّه فإن للجدة الثلث وللجد الباقي) .
(٣) لصدق الجد على
الأعلى ، فيندرج تحت الأخبار الدالة أن الجد مع الإخوة كأحدهم ، وقد تقدم بعضها.
نعم يشترط في إرث الجد الأعلى عدم الجد الأسفل لأنه مع وجوده يكون أقرب للميت
فيحجبه لآية أولي الأرحام.
(٤) الوسائل الباب
ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الإخوة والأجداد.
(٥) بكون الأعلى
جدا كالأسفل.
(٦) لأن ابن الأخ
يقوم مقام أبيه فيأخذ نصيبه ، بلا خلاف فيه وللأخبار منها : خبر محمد بن مسلم (نشر
أبو جعفر عليهالسلام صحيفة ، فأول ما تلقاني فيها ابن أخ وجد المال بينهما
نصفان ، فقلت : جعلت فداك إن القضاة عندنا لا يقضون لابن الأخ مع الجد بشيء فقال
: إن هذا الكتاب بخط عليّ وإملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم) وخبر القاسم بن سليمان عن أبي عبد الله عليهالسلام (أن عليّا عليهالسلام كان يورّث ابن الأخ مع الجد ميراث أبيه) .
(٧) أي الأجداد
الدنيا.
__________________
مساوين للإخوة
المتقدمين رتبة على أولادهم (١) لما ذكر.
(وإنما يمنع الجدّ) بالرفع(الأدنى) والجدّة وإن كانا للأم(الجدّ) بالنصب(الأعلى) وإن كان للأب (٢) ، دون أولاد الإخوة (٣) مطلقا (٤) وكذا
يمنع كل طبقة من الأجداد من فوقها ولا يمنعهم (٥) الإخوة.(ويمنع الأخ) وإن كان للأم ومثله الأخت(ابن الأخ) وإن كان للأبوين لأنهما جهة واحدة (٦) يمنع الأقرب منها
الأبعد(وكذا يمنع ابن الأخ) مطلقا (٧) (ابن ابنه) مطلقا (٨) (وعلى هذا القياس) يمنع كلّ أقرب بمرتبة وإن كان للأمّ الأبعد وإن كان
للأبوين ، خلافا للفضل بن شاذان من قدمائنا حيث جعل للأخ من الأم السدس ، والباقي
لابن الأخ للأبوين كأبيه (٩) وكذا الحكم في الأولاد المترتبين (١٠) محتجا باجتماع
السببين (١١).
ويضعف بتفاوت
الدرجتين (١٢) المسقط لاعتبار السبب (١٣).
______________________________________________________
(١) أولاد الإخوة.
(٢) لأن الأدنى
أقرب إلى الميت من الأعلى فهو أولى بالميراث لآية أولي الأرحام.
(٣) أي فالجد وإن
كان أدنى لا يمنع أولاد الإخوة المنزلين منزلة الإخوة المساوين في الرتبة للأجداد.
(٤) وإن نزلوا.
(٥) يمنع الأجداد
العليا.
(٦) وهي الإخوة.
(٧) لأب كان أو
لأم لأنه أقرب.
(٨) لأب كان أو
لأم.
(٩) فإن له الباقي
بالقرابة.
(١٠) فيما لو
اجتمع ابن أخ لأم مع ابن ابن أخ للأبوين.
(١١) أي يتصل إلى
الميت بالطرفين.
(١٢) حيث إن ابن
الأخ ليس في درجة الأخ.
(١٣) ويدل عليه
مرسل يونس عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا التفت
القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه ، فإن استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه) .
__________________
(العاشرة ـ الزوج والزوجة مع الإخوة) وأولادهم(والأجداد) مطلقا (١) (يأخذان نصيبهما
الأعلى) وهو النصف والربع
(٢) ، (ولأجداد الأم (٣) أو الإخوة للأم (٤) ، أو القبيلتين (٥)
ثلث الأصل ، والباقي لقرابة الأبوين) الأجداد والإخوة (٦) ، (أو) لإخوة(الأب مع عدمهم) فلو فرض أن قرابة الأم جد ، وجدة ، وأخ ، وأخت ، وقرابة
الأب كذلك مع الزوج فللزوج النصف :
ثلاثة من ستة أصل
الفريضة ، لأنها (٧) المجتمع من ضرب أحد مخرجي النصف (٨) والثلث في الآخر (٩) ،
ولقرابة الأم الثلث : اثنان ، وعددهم (١٠) أربعة ولقرابة الأب واحد (١١) وعددهم
ستة ينكسر على الفريقين (١٢) ويدخل النصيب في السّهام (١٣) وتتوافق (١٤) فيضرب وفق
أحدهما في الآخر (١٥) ، ثم المجتمع في أصل الفريضة (١٦) تبلغ اثنين وسبعين (١٧).
______________________________________________________
(١) لأب كانوا أو
لأم.
(٢) لأنه لا أولاد
للميت.
(٣) الثلث فإنه
نصيب الواسطة ، ويقتسمونه بينهم بالسوية.
(٤) لهم الثلث
فرضا بالسوية.
(٥) من الأجداد
والإخوة للأم فلهم الثلث بالسوية تنزيلا للجد منزلة الأخ وتنزيلا للجدة منزلة
الأخت.
(٦) على قاعدة
للذكر مثل حظ الأنثيين.
(٧) لأن الستة.
(٨) وهو اثنان
والنصف للزوج.
(٩) ومخرج الثلث
ثلاثة ، والثلث لقرابة الأم.
(١٠) أي عدد
سهامهم من الثلث أربعة.
(١١) أي واحد من
ستة وهو السدس وهو الباقي بعد نصيب الزوج وقرابة الأم.
(١٢) أي حصة كل من
الفريقين ينكسر على عدد سهامهم.
(١٣) فيدخل الواحد
في الستة والاثنان في الأربعة.
(١٤) الأربعة
والستة التي هي سهام القرابتين.
(١٥) فإما أن يضرب
وفق الأربعة ـ الذي هو اثنان ـ بالستة ، وإما أن يضرب وفق الستة ـ الذي هو ثلاثة ـ
بالأربعة والحاصل هو اثنى عشر.
(١٦) فيضرب الاثنى
عشر بستة أصل الفريضة.
(١٧) ٣٦ للزوج وهو
النصف+ ٢٤ لقرابة الأم وهو الثلث لكل من الجد والجدة والأخ ـ
(الحادية عشرة ـ لو ترك ثمانية أجداد (١) : الأجداد الأربعة
لأبيه) (٢) أي جدّ أبيه (٣) ، وجدّته لأبيه (٤) ، وجدّه وجدّته (٥)
لأمّه (٦) (ومثلهم لأمه) (٧). وهذه الثمانية أجداد الميت في المرتبة الثانية (٨) ، فإن
كلّ مرتبة تزيد عن السابقة بمثلها ، فكما أن له (٩) في الأولى أربعة ففي الثانية
ثمانية وفي الثالثة ستة عشر وهكذا(فالمسألة) يعني أصل مسألة الأجداد الثمانية(من ثلاثة أسهم) وهي (١٠) مخرج ما فيها (١١) من الفروض وهو (١٢) الثلث (١٣) وذلك هو ضابط أصل
كل مسألة في هذا الباب.
______________________________________________________
ـ والأخت ستة+ ١٢
لقرابة الأب الذي هو الباقي لكل من الجد والأخ أربعة وللجدة والأخت اثنان ٧٢.
(١) قد جرت عادة
الفقهاء على ذكر مرتبة الأجداد الدنيا وهم أجداد الميت الأربعة ، ويذكرون مرتبة
أجداد أب الميت وأمه وهي المرتبة الثانية من مراتب الأجداد حتى يقاس عليها باقي
المراتب من الأجداد مع ندرة هذه المراتب ومرتبة أجداد أب الميت وأمه بالنسبة للميت
هم ثمانية : أربعة أجداد لأبيه ، وأربعة أخرى أجداد لأمه.
(٢) لأب الميت.
(٣) جد أب الميت.
(٤) أي وجدة أب
الميت ، لأبيه أي لأب أب الميت.
(٥) أي جد وجدة أب
الميت.
(٦) أي لأم أب
الميت.
(٧) أي لأم الميت.
(٨) لأن أجداد
الميت في المرتبة الأولى هم أربعة وهم أجداده وفي المرتبة الثانية ثمانية وهم
أجداد أب الميت وأمه. وفي المرتبة الثالثة ستة عشر وهم أجداد أجداد الميت.
(٩) للميت.
(١٠) الثلاثة.
(١١) في مسألة
أجداد الميت الثمانية.
(١٢) أي الفرض.
(١٣) وهو فرض
أجداد أم الميت الأربعة ينقسم عليهم بالسوية ، والباقي لأجداد أب الميت الأربعة
ينقسم أثلاثا ، ثلثاه لمن يتقرب إلى أب الميت بالأب على قاعدة الذكر مثل حظ
الأنثيين وثلث الباقي لمن يتقرب إلى أب الميت بالأم وينقسم على قاعدة للذكر مثل حظ
الأنثيين ، وعليه فالثلثان ينقسم أثلاثا ، ولثلثه ثلث ولثلثيه ثلث فلا بد أن ينقسم
على ـ
(سهم) من الثلاثة(لأقرباء الأم) وهو ثلثها(لا ينقسم) على عددهم(وهو أربعة ،
وسهمان لأقرباء الأب لا ينقسم) على سهامهم وهي (١) تسعة (٢) لأن ثلثي الثلثين لجد أبيه
وجدته لأبيه بينهما أثلاثا ، وثلثه لجد أبيه وجدته لأمه أثلاثا أيضا ، فترتقي سهام
الأربعة (٣) إلى تسعة فقد انكسرت (٤) على الفريقين وبين عدد كل فريق ونصيبه مباينة(٥).
وكذا بين العددين (٦)
فيطرح النصيب (٧) ويضرب أحد العددين في الآخر (٨) (ومضروبهما) (٩) أي مضروب الأربعة في التسعة(ست وثلاثون) ثم يضرب المرتفع في أصل الفريضة وهو الثلاثة(ومضروبها في الأصل (١٠) مائة وثمانية ، ثلثها) :
______________________________________________________
ـ تسعة ، وهو أقل
عدد لثلثه ثلث ولثلثيه ثلث.
وثلث الفريضة
ينقسم على أربعة ، فنضرب الأربعة بالتسعة فالحاصل ستة وثلاثون ، فنضربها في أصل
الفريضة ، فالحاصل مائة وثمانية.
ثلثها لأجداد أم
الميت الأربعة وهو : ٣٦ يعطى كل جد تسعة.
وثلثاها لأجداد أب
الميت الأربعة وهو : ٧٢ ، وثلث الاثنين والسبعين ٢٤ ينقسم على أجداد أب الميت لأمه
على قاعدة الذكر مثل حظ الأنثيين فيعطى الجد ١٦ والجدة ثمانية.
وثلثا الاثنين
والسبعين ٤٨ ، ينقسم على أجداد أب الميت لأبيه على قاعدة للذكر ضعف الأنثى فيعطى
الجد ٣٢ والجدة ١٦.
هذا ما عليه الشيخ
وجماعة بل نسب إلى الشهرة استنادا إلى أن من يتقرب إلى الميت بأب لا بد أن يعطى
على قاعدة للذكر ضعف الأنثى.
(١) أي سهام
أقرباء الأب.
(٢) لأن أجداد
الأب لهم الثلثان ، وهذا ينقسم أثلاثا ، لثلثه ثلث ولثلثيه ثلث ، وأقل عدد ينقسم
بهذا الشكل هو التسعة.
(٣) من أجداد أب
الميت.
(٤) السهام.
(٥) بين التسعة
والأربعة ، وبين الواحد والأربعة.
(٦) أي عدد سهام
كل فريق وهي التسعة والأربعة.
(٧) نصيب كل فريق
من الثلث والثلثين لأنهما متداخلان في سهام كل فريق.
(٨) أي يضرب سهام
كل فريق بالآخر.
(٩) أي الست
والثلاثين.
(١٠) وهو ثلاثة.
ست وثلاثون(ينقسم على) أجداد أمّه(الأربعة) بالسوية ، ثمانية ، فلجد الأب وجدته لأبيه ثلثا ذلك (١) :
ثمانية وأربعون ، ثلثها للجدّة : ستة عشر. وثلثاها للجدّ : اثنان وثلاثون ، ولجد
الأب وجدته لأمه أربعة وعشرون ، ثلثا ذلك للجد : ستة عشر. وثلثه للجدة ثمانية.
هذا هو المشهور
بين الأصحاب ، ذهب إليه الشيخ وتبعه الأكثر ، وفي المسألة قولان آخران : ـ
أحدهما للشيخ معين
الدين المصري (٢) : أن ثلث الثلث لأبوي أمّ الأم بالسوية ، وثلثاه لأبوي أبيها
بالسوية أيضا. وثلث الثلثين لأبوي أم الأب بالسوية ، وثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثا ،
فسهام قرابة الأم ستة وسهام قرابة الأب ثمانية عشر فيجتزأ بها (٣) لدخول الأخرى (٤)
فيها وتضرب في أصل المسألة يبلغ أربعة وخمسين ، ثلثها : ثمانية عشر لأجداد الأم ،
منها (٥) اثنا عشر لأبوي أبيها بالسوية ، وستة لأبوي أمها كذلك (٦) ، وستة وثلاثون
لأجداد الأب ، منها اثنا عشر لأبوي أمه بالسوية ، وأربعة وعشرون لأبوي أبيه
أثلاثا. وهو ظاهر (٧).
والثاني (٨) ،
للشيخ زين الدين محمد بن القسم البرزهي : أن ثلث الثلث
______________________________________________________
(١) ثلثا الاثنين
والسبعين.
(٢) أجداد الأم
لهم ثلث الفريضة ، وهذا الثلث ينقسم أثلاثا ، ثلثاه لأجداد الأم لأبيها ، وثلثه
لأجداد الأم لأمها ، والجميع ينقسم بالسوية لأن من يتقرب بالأم لا تفاضل بين ذكره
وأنثاه.
والباقي من
الفريضة وهو الثلثان ، ثلثاهما لأجداد الميت لأبيه على قاعدة الذكر ضعف الأنثى
وثلثهما لأجداد أب الميت لأمه بالسوية ، لأن التقرب إلى أب الميت بالأم فتأتي
قاعدة التسوية.
(٣) بالثمانية
عشر.
(٤) وهي الستة.
(٥) من الثمانية
عشر.
(٦) بالسوية.
(٧) أي تقسيمه
ظاهر.
(٨) أي القول
الثاني.
لأبوي أم الأم
بالسوية ، وثلثيه لأبوي أبيها أثلاثا وقسمة أجداد الأب كما ذكره الشيخ ، وصحتها
أيضا من أربعة وخمسين لكن يختلف وجه الارتفاع ، فإن سهام أقرباء الأم هنا ثمانية
عشر وأقرباء الأب تسعة تداخلها (١) فيجتزى بضرب الثمانية عشر في الثلاثة أصل
الفريضة.
ومنشأ الاختلاف :
النظر إلى أن قسمة المنتسب إلى الأم بالسوية ، فمنهم من لاحظ الأمومة في جميع
أجداد الأم (٢) ، ومنهم من لاحظ الأصل (٣) ، ومنهم من لاحظ الجهتين (٤).
(الثانية عشرة ـ أولاد الإخوة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم
(٥) ، ويأخذ كل) واحد من الأولاد(نصيب من يتقرب به) فلأولاد الأخت المنفردة للأبوين أو الأب ، النصف (٦)
تسمية. والباقي ردّا ، وإن كانوا ذكورا ، ولأولاد الأخ للأب المنفرد المال وإن كان
أنثى قرابة ، ولولد الأخ أو الأخت للأم السدس وإن تعدد الولد ، ولأولاد الإخوة
المتعددين لها (٧) الثلث ، والباقي لأولاد المتقرب بالأبوين إن وجدوا ، وإلا
فللمتقرب بالأب ، وإلا ردّ الباقي على ولد الأخ للأم وعلى هذا القياس باقي
الأقسام.
______________________________________________________
(١) أي تدخل
التسعة في الثمانية عشر.
(٢) وهو قول
المشهور ، بأن لاحظ أن جميع أجداد الأم ينتسبون إلى الميت بالأم فالتقسيم بالسوية
فيكون قد لاحظ الانتساب إلى الأم من ناحية الميت فقط.
(٣) وهو الجد ،
والمراد ملاحظة حال الجد إلى الميت فهل ينتسب إلى أب الميت أو أمه بالأب أو الأم ،
فإن انتسب إلى أب الميت بالأب فعلى قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن انتسب إلى
أب الميت أو أمه بالأم فعلى التسوية كما هو القول الثاني.
(٤) وهو القول
الثالث حيث لاحظ الأمومة من ناحية الميت والأمومة من ناحية انتساب الجد إلى أب
الميت أو أمه وهذا ينحصر في أجداد أم الميت من أمها فقط فلا بد من التسوية والباقي
على قاعدة للذكر ضعف الأنثى ، هذا وقال الشارح في المسالك : «وليس هنا دليل قاطع
يرجح أحد الأقوال ، وإن كان الأشهر الأول» وقال في الجواهر : «والجميع كما ترى ،
حتى المشهور مجرد اعتبارات لا تصلح مدركا للحكم الشرعي».
(٥) عدم الإخوة وقد
تقدم أنه لا خلاف فيه.
(٦) نصيب الواسطة.
(٧) للأم.
واقتسام الأولاد
مع تعددهم واختلافهم ذكورية وأنوثية كآبائهم : (فإن كانوا أولاد
كلالة الأم فبالسوية) أي الذكر والأنثى سواء(وإن كانوا أولاد كلالة الأبوين أو الأب فبالتفاوت) للذكر مثل حظّ الأنثيين.
(القول في ميراث
الأعمام والأخوال وأولادهم) (١)
وهم أولو الأرحام
، إذ لم يرد على إرثهم نص في القرآن بخصوصهم وإنما دخلوا في آية أولي الأرحام ،
وإنما يرثون مع فقد الإخوة وبنيهم ، والأجداد (٢) فصاعدا على الأشهر ، ونقل عن «الفضل»
أنّه لو خلف خالا وجدة لأمّ اقتسما المال نصفين.
(وفيه مسائل ـ الأولى ـ العمّ) المنفرد(يرث المال) (٣) أجمع لأب كان أم لأم(وكذا العمة) المنفردة.
______________________________________________________
(١) هم أهل الطبقة
الثالثة ، فلا يرث أحد منهم مع وجود واحد من أهل الطبقة الثانية ، بلا خلاف فيه ،
ولأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (الخال والخالة
يرثان إذا لم يكن معهم أحد يرث غيرهم ، إن الله تبارك وتعالى يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحٰامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ) ، وخبر أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام (سئل عن ابن عم
وجد ، قال : المال للجد) وخبر يزيد الكناسي عن أبي عبد الله عليهالسلام (وابن أخيك من
أبيك أولى بك من عمك) .
ولذا قال الشارح
في المسالك : «وهذه المرتبة مأخوذة من آية أولي الأرحام ، وليست مذكورة بخصوصها في
القرآن ، ولكن وردت بها أيضا نصوص صحيحة ، واستنباط باقي أحكامها بالنظر».
ونقل عن الفضل أنه
لو خلف الميت خالا وجدة لأم فالمال بينهما نصفين ، ويؤيده خبر أبي بصير عن أبي عبد
الله عليهالسلام (عن رجل ترك خالة
وجدّة قال : المال بينهما) وسنده ضعيف بأبي سمينة فإنه غال كذاب.
(٢) أي وفقد
الأجداد.
(٣) لآية أولي
الأرحام وكذا العمة.
__________________
(وللأعمام) أي العمين فصاعدا المال بينهم(بالسوية و) (١) كذا(العمات) مطلقا فيهما (٢).
(ولو اجتمعوا) : الأعمام والعمات (٣) (اقتسموه بالسوية
إن كانوا) جميعا أعماما أو
عمات(لأم) أي إخوة أب الميت من أمّه خاصة(وإلا) يكونوا لأم خاصة
، بل للأبوين ، أو للأب(فبالتفاوت) : للذكر مثل حظّ الأنثيين.
(والكلام في قرابة الأب وحده) (٤) من الأعمام والأخوال(كما سلف في
الإخوة) من أنها لا ترث
إلا مع فقد قرابة الأبوين مع تساويهما في الدرجة واستحقاق الفاضل عن حقّ قرابة
الأمّ من السدس والثلث وغير ذلك.
(الثانية ـ للعم الواحد للأم (٥) أو العمة) الواحدة لها(مع قرابة الأب) أي
______________________________________________________
(١) مقتضى العدل
مع فقدان الترجيح.
(٢) أي سواء كان
الأعمام والعمات لأب أم لأم.
(٣) فإن كانوا
إخوة أب الميت من أبيه وأمه أو من أبيه فالمال بينهم على قاعدة الذكر ضعف الأنثى ،
بلا خلاف ، ولرواية سلمة بن محرز عن أبي عبد الله عليهالسلام (في عم وعمة ،
للعم الثلثان وللعمة الثلث) .
وإن كانوا إخوة أب
الميت من أمه ففيه خلاف ، ذهب الصدوق وابن زهرة والفضل والمفيد والمحقق إلى أنهم
يرثون على قاعدة للذكر ضعف الأنثى لإطلاق خبر سلمة المتقدم.
وذهب العلامة في
القواعد والشهيد في الدروس بل عن الرياض والكفاية نفي الخلاف من أن المال يقسم
بينهم بالسوية ، لأن التسوية مقتضى العدل خرج منه ما خرج من الأعمام والعمات لأب
بالنص فيبقى الباقي تحته.
(٤) أي أعمام
وعمات الميت فهم إخوة أب الميت من أبيه ، فيرثون عند فقد إخوة أب الميت من أبويه ،
وذلك لأن المتقرب إلى الميت بالطرفين أولى ، ولخبر يزيد الكناسي عن أبي عبد الله عليهالسلام (وعمك أخو أبيك
لأبيه وأمه أولى بك من عمك أخ أبيك لأبيه) .
(٥) شروع في
اجتماع الأعمام ، فلو اجتمع عمومة الميت إخوة أبيه من أبيه وأمه وإخوة أب ـ
__________________
العم أو العمة
للأب الشامل للأبوين وللأب وحده(السدس ، وللزائد) عن الواحد (١) مطلقا (٢) (الثلث) بالسوية كما في الإخوة(والباقي) عن السدس والثلث من المال(لقرابة الأب) والأم أو الأب مع فقده(وإن كان) قرابة الأب(واحدا) ذكرا أو أنثى ، ثم إن تعدد واختلف بالذكورة والأنوثة
فللذكر مثل حظ الأنثيين كما مرّ.
(الثالث ـ للخال (٣) ، أو الخالة ، أو هما (٤) ، أو الأخوال) أو الخالات(مع الانفراد
المال بالسوية) لأب كانوا أم لأم أم لهما.
(ولو) اجتمعوا(وتفرقوا) (٥) بأن خلف خالا لأبيه أي أخا أمّه لأبيها ،
______________________________________________________
ـ الميت من أمه ،
فالمتقرب إلى أب الميت من أمه له السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كان متعددا ،
يقسم عليهم بالسوية لأنهم يرثون الميت كما يرثون أباه لو مات ، فلو مات أبو الميت
فهم إخوته من كلالة الأم لهم الثلث بالسوية ، فكذلك هم من كلالة الأم بالنسبة
لابنه ، وهذا لا خلاف فيه.
وأما المتقرب إلى
أب الميت من أبيه وأمه فله الباقي عن السدس أو الثلث يقسم بينهم على قاعدة للذكر
ضعف الأنثى وكذلك هذا بلا خلاف فيه.
(١) من أعمام
الميت الذين هم إخوة أبيه من أمه.
(٢) سواء كانوا
ذكورا أو إناثا أو مختلفين.
(٣) المال كله لو
انفرد بلا خلاف فيه ، لآية أولي الأرحام ، ولخبر سلمة بن محرز عن أبي عبد الله عليهالسلام (في ابن عم وخال ،
قال : المال للخال) ، وكذا الكلام في الخالة.
(٤) الخال والخالة
لو انفردا. فلهما المال بالسوية ، أما أن المال لهما لآية أولي الأرحام ، وأما أنه
بالسوية لرواية الدعائم عن جعفر بن محمد عليهالسلام (في من ترك خالا
وخالة وعما وعمة ، فللخال والخالة الثلث بينهما سواء) .
(٥) أخوال وخالات
الميت بحيث بعضهم إخوة أم الميت من أبويها وبعضهم إخوة أم الميت من أبيها فقط
وبعضهم إخوة أم الميت من أمها.
فتسقط كلالة الأب
من الخؤولة بكلالة الأبوين ، ولكلالة الأم الثلث مع التعدد بالسوية ، والسدس إذا
لم يكن إلا واحد منها ، والباقي عن الثلث أو السدس لكلالة الأبوين بالسوية بينهم ـ
__________________
وخالا لأمّه أي
أخاها لأمها خاصة ، وخالا لأبويه أي أخاها لأبويها ، أو خالات كذلك أو مجتمعين(سقط كلالة الأب) وحدها بكلالة الأبوين(وكان لكلالة الأمّ السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كان
أكثر بالسوية) وإن اختلفوا في الذكورة والأنوثة(ولكلالة الأب
الباقي بالسوية) أيضا على الأظهر ، لاشتراك الجميع في التقرب بالأم ونقل الشيخ في الخلاف عن
بعض الأصحاب أنهم يقتسمونه للذكر ضعف الأنثى وهو نادر.
(الرابعة ـ لو اجتمع الأعمام والأخوال) (١) أي الجنسان ليشمل الواحد منهما
______________________________________________________
ـ لأصالة التسوية
بعد ما كانوا متقربين إلى الميت بواسطة الأم. هذا هو المشهور.
ونقل عن بعضهم أن
المال بتمامه ينقسم بالسوية على كلالة الأبوين وكلالة الأم من الخؤولة لأن الجميع
متقرب إلى الميت بواسطة الأم وإلا فلو اقتضى التفضيل هنا لكان الثلث بالسوية
لكلالة الأم من الخؤولة والزائد لكلالة الأبوين من الخؤولة على قاعدة للذكر ضعف
الأنثى ، لأن هذه الكلالة تتصل بأم الميت بأبيها فلا تجري قاعدة التسوية بل قاعدة
التفضيل.
(١) فيما لو اجتمع
أعمام الميت وأخواله ، كان للأخوال الثلث سواء كانوا واحدا أو أكثر ، ذكرا أو أنثى
، وسواء كانوا إخوة أم الميت لأبويها أو لأمها أو لأبيها.
والباقي وهو
الثلثان للأعمام سواء كانوا واحدا أو أكثر ، وسواء كانوا إخوة أب الميت لأبويه أو
لأبيه ، أو لأمه ، وهو المشهور بين الأصحاب وذلك لأن كل طرف يأخذ نصيب الواسطة
فالأعمام يأخذون نصيب الأب والأخوال يأخذون نصيب الأم ، ويدل عليه أيضا خبر أبي
أيوب عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن العمة بمنزلة
الأب والخالة بمنزلة الأم وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكل ذي رحم فهو بمنزلة الرحم
الذي يجرّ به ، إلا أن يكون هناك وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل ترك عمته
وخالته قال : للعمة الثلثان وللخالة الثلث) .
وذهب جماعة منهم
ابن أبي عقيل والمفيد والقطب الكيدري ومعين الدين المصري تنزيل الخؤولة والعمومة
منزلة الإخوة ، فالواحد من الأخوال له السدس ، وإن تعدد فله الثلث ، والباقي
للأعمام ، فإن كانت عمة فلها النصف والباقي ردّ عليها وعلى من معها من الخؤولة
بنسبة سهامهم. ـ
__________________
والمتعدد(فللأخوال الثلث وإن كان واحدا لأم على الأصح ، وللأعمام الثلثان وإن كان
واحدا) ، لأن الأخوال
يرثون نصيب من تقربوا به وهو الأخت (١) ونصيبها الثلث والأعمام يرثون نصيب من
يتقربون به وهو الأخ (٢) ونصيبه الثلثان.
ومنه يظهر عدم
الفرق بين اتحاد الخال وتعدده ، وذكوريته وأنوثيته ، والأخبار مع ذلك متظافرة به.
ففي صحيحة أبي
بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام أن في كتاب علي(صلوات الله عليه) «رجل مات وترك عمه وخاله؟ فقال : للعمّ الثلثان ، وللخال
الثلث» (٣).
وأن فيه (٤) أيضا (٥)
: «أن العمة بمنزلة الأب والخالة بمنزلة الأم ، وبنت
______________________________________________________
ـ وقال في الجواهر
عن هذا القول : «واضح الفساد بل هو كالاجتهاد في مقابل النص ، من دون داع حتى
الاعتبار ، ضرورة كونهم إخوة لأب الميت وأمه لا له». وقال في المسالك عنه : «والأخبار
حجة عليه».
هذا من جهة ومن
جهة أخرى فقد نقل عن ابن أبي عقيل من أنه بناء على القول الثاني لو كان هناك عم
فله النصف والباقي عن سهمه وسهم من يجتمع معه من الخؤولة يرد عليهم بالنسبة ، وفي
هذا اشتباه واضح لأن العم لو صح تنزيله منزلة أخ الميت فلا فرض له بل يرث بالقرابة
، بخلاف العمة المنزلة منزلة أخت الميت الذي لها النصف فرضا.
ومن جهة ثالثة
فعلى القول المشهور ، فالثلث بين الأخوال بالسوية لأنهم متقربون إلى الميت بالأم
ولدلالة خبر الدعائم السابق ، والثلثان بين الأعمام ففيه تفصيل : فإن كانوا إخوة
أب الميت من أبويه أو من أبيه فعلى قاعدة للذكر ضعف الأنثى ، وإن كانوا إخوة أب
الميت من أمه فبالتساوي عند جماعة وبالتفاوت عند جماعة أخرى كما مرّ الخلاف فيه ،
وإن كانوا من القبيلين فالمتقرب إلى أب الميت من أمه فله الثلث إن كان متعددا
بالسوية والسدس إن كان واحدا ، والباقي للمتقرب إلى أب الميت من أبويه أو أبيه
فعلى قاعدة للذكر ضعف الأنثى.
(١) أي الذي
تقربوا به إلى الميت هو أختهم التي هي أم الميت.
(٢) الذي هو أب
الميت.
(٣) الوسائل الباب
ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال حديث ١.
(٤) في كتاب علي.
(٥) كما في خبر
أبي أيوب عن أبي عبد الله عليهالسلام الذي أورده الشارح بتمامه ، الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب
ميراث الأعمام والأخوال حديث ٦.
الأخ بمنزلة الأخ.
قال : وكلّ ذي رحم فهو بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت
منه فيحجبه».
ومقابل الأصح قول
ابن أبي عقيل : إن للخال المتحد السدس وللعم (١) النصف حيث يجتمع العم والخال ،
والباقي يردّ عليهما بقدر سهامهما وكذا لو ترك عمة وخالة ، للعمة النصف ، وللخالة
السدس ، والباقي يردّ عليهما بالنسبة. وهو نادر ومستنده غير واضح.
وقد تقدم ما يدل
على قدر الاستحقاق (٢) وكيفية القسمة لو تعددوا. فلو كانوا متفرقين (٣) فللأخوال
من جهة الأم (٤) ثلث الثلث ، ومع الاتحاد سدسه والباقي من الثلث للأخوال من جهة الأب
(٥) وإن كان واحدا. والثلثان للأعمام ، سدسهما للمتقرب منهم بالأم (٦) إن كان
واحدا ، وثلثهما إن كان أكثر بالسوية ، وإن اختلفوا في الذكورية والأنوثية.
والباقي للأعمام المتقربين بالأب (٧) بالتفاوت (٨).
(الخامسة ـ للزوج والزوجة مع الأعمام والأخوال نصيبه الأعلى) : النصف (٩) أو الربع (١٠) (وللأخوال) وإن اتحدوا أو كانوا لأم كما مرّ(الثلث من الأصل) (١١)
______________________________________________________
(١) وقد عرفت أنه
اشتباه لأن العم المنزّل منزلة الأخ الذي لا يرث بالفرض بل بالقرابة.
(٢) أي استحقاق
الأخوال والأعمام عند الانفراد.
(٣) كل من الأعمام
والأخوال.
(٤) أي إخوة أم
الميت من أمها.
(٥) أي إخوة أم
الميت من أبيها.
(٦) أي إخوة أب
الميت من أمه.
(٧) أي إخوة أب
الميت من أبيه.
(٨) على قاعدة
للذكر ضعف الأنثى.
(٩) للزوج.
(١٠) للزوجة.
(١١) أصل التركة ،
لأنهم يأخذون نصيب أختهم التي هي أم الميت وفيه خلاف سيأتي.
لا من الباقي(وللأعمام الباقي) (١) وهو (٢) السدس على تقدير الزوج (٣) ، وهو مع الربع (٤)
على تقدير الزوجة (٥).
ولو تفرق الأعمام
والأخوال مع أحد الزوجين أخذ (٦) نصيبه الأعلى ، وللأخوال الثلث ، سدسه (٧) لمن
تقرب بالأم منهم (٨) إن كان واحدا وثلثه (٩) إن كان (١٠) أكثر ، والباقي من الثلث
للأخوال من قبل الأبوين ، أو الأب. والباقي (١١) بعد نصيب أحد الزوجين والأخوال
للأعمام سدسه (١٢) للمتقرب منهم بالأم (١٣) إن كان واحدا ، وثلثه (١٤) إن كان أكثر
(١٥) بالسوية ، والباقي (١٦) للمتقرب منهم بالأبوين ، أو بالأب بالتفاوت (١٧).
ولو اجتمع الزوجان
مع الأعمام خاصة ، أو الأخوال فلكلّ منهما (١٨) نصيبه
______________________________________________________
(١) لأن العم يأخذ
نصيب أخيه الذي هو الواسطة إلى الميت.
(٢) أي الباقي.
(٣) فالزوج له
النصف والخؤولة لها الثلث فالباقي سدس.
(٤) أي السدس مع
الربع.
(٥) فالزوجة لها
الربع والخؤولة لها الثلث فالمجموع (٥ ، ١ / + ٢ / ٦) ٥ ، ٣ / ٦ فالباقي ٥ ، ٢ / ٦
، فالواحد : سدس. والواحد ونصف : ربع.
(٦) أحد الزوجين.
(٧) سدس الثلث.
(٨) من الخؤولة ،
أي إخوة أم الميت من أمها.
(٩) ثلث الثلث.
(١٠) إن كان
المتقرب بالأم من الخؤولة.
(١١) من التركة.
(١٢) سدس الباقي.
(١٣) أي للعمومة
الذين هم إخوة أبي الميت من أمه.
(١٤) ثلث الباقي.
(١٥) أي إن كان
المتقرب من العمومة بأبي الميت من أمه أكثر من واحد.
(١٦) والباقي من
نصيب العمومة.
(١٧) للذكر ضعف
الأنثى.
(١٨) من الزوجين.
الأعلى كذلك (١).
والباقي للأعمام ، أو للأخوال وإن اتحدوا (٢) ، ومع التعدد واتفاق الجهة كالأعمام
من الأب خاصة ، أو من الأم ، أو الأخوال كذلك (٣) يقتسمون الباقي كما فصل (٤).
ولو اختلفت (٥)
كما لو خلّفت زوجا وخالا من الأم ، وخالا من الأبوين أو الأب ، فللزوج النصف ،
وللخال من الأمّ سدس الأصل كما نقله المصنف في الدروس عن ظاهر كلام الأصحاب ، كما
لو لم يكن هناك زوج ، لأن الزوج لا يزاحم المتقرب بالأم (٦) ، وأشار إليه هنا
بقوله :
(وقيل : للخال من الأمّ مع الخال من الأب والزوج ـ ثالث
الباقي) تنزيلا لخال
الأمّ (٧) منزلة الخؤولة (٨) حيث تقرب بالأم (٩) وخال الأب منزلة العمومة (١٠) حيث
تقرب به (١١). وهذا القول لم يذكره المصنف في الدروس ، ولا العلامة حيث نقل
الخلاف.
(وقيل : سدسه) أي سدس الباقي. وهذا القول نقله المصنف في الدروس والعلامة
في القواعد والتحرير عن بعض الأصحاب ولم يعيّنوا قائله.
______________________________________________________
(١) كما لو اجتمع
مع الأعمام والأخوال.
(٢) حتى لو كان
واحدا.
(٣) من الأب خاصة
أو من الأم.
(٤) فالأخوال
والأعمام من الأم يقتسمون المال بالسوية ، والأعمام من الأب يقتسمونه بالتفاوت.
(٥) اختلفت جهة
العمومة أو الخؤولة.
(٦) من الأخوة
فكذا الخؤولة.
(٧) أي خال الميت
وهو أخ أم الميت من أمها.
(٨) فيما لو
اجتمعت مع العمومة.
(٩) أي تقرب خال
الميت إلى أم الميت بأمها ، كما تقرب خال الميت إلى الميت بأم الميت.
(١٠) أي خال الميت
الذي تقرب إلى أم الميت بأبيها كالعم الذي تقرب إلى الميت بأبي الميت.
وبعبارة أخرى :
فقد نزّل أخا أم الميت من أمها منزلة الخال ، وأخاها من أبيها منزلة العم.
(١١) بأبي أم
الميت.
واختار المصنف في
الدروس والعلامة وولده السعيد أن له (١) سدس الثلث ، لأن الثلث نصيب الخؤولة ،
فللمتقرب بالأمّ منهم (٢) سدسه (٣) مع اتحاده (٤) وثلثه مع تعدده (٥).
ويشكل بأن الثلث
إنما يكون نصيبهم (٦) مع مجامعة الأعمام ، وإلا (٧) فجميع المال لهم (٨) فإذا
راحمهم أحد الزوجين زاحم المتقرب منهم بالأب ، وبقيت حصة المتقرب بالأم وهو السدس
مع وحدته ، والثلث مع تعدده خالية عن المعارض (٩).
ولو كان مع أحد
الزوجين أعمام متفرقون فلمن تقرّب منهم بالأم سدس الأصل ، أو ثلثه بلا خلاف على ما
يظهر منهم (١٠) ، والباقي للمتقرب بالأب.
ويحتمل على ما
ذكروه في الخئولة أن يكون للعمّ للأمّ سدس الباقي خاصة (١١) ، أو
______________________________________________________
(١) لخال الميت ،
وهو أخو أمه من أمها.
(٢) من الخؤولة.
(٣) سدس الثلث.
(٤) اتحاد المتقرب
بالأم من الخؤولة.
(٥) ثلث الثلث مع
تعدد المتقرب بالأم من الخؤولة.
(٦) نصيب الخؤولة.
(٧) فمع عدم
مجامعتهم للأعمام كما هو المفروض في مسألتنا.
(٨) للخئولة.
(٩) وفيه : إن
الخؤولة مع الزوج كالأم مع الزوج لأنهم يأخذون نصيبها عند فقدها ، فالأم لها النصف
والزوج له النصف الآخر ، فالخئولة كلهم لهم النصف يقسم بينهم ، ثلثه أو سدسه لمن
تقرب إلى أم الميت من أمها والباقي لمن تقرب إلى أم الميت من أبيها.
ومفروض مسألتنا
خال لأم مع خال لأب مع زوج فيكون للزوج نصف التركة ، وللخال لأم سدس الباقي ،
وخمسة أسداس الباقي للخال للأب ، وبه تعرف بطلان بقية الأقوال من أن له ثلث الباقي
أو ثلث الأصل ، وأما القول بأن له سدس الثلث فقد بيّن الشارح بطلانه.
(١٠) والحق أن
للعم لأم سدس الباقي بعد فرض الزوج وهو النصف ، وهذا ما جزم به في الجواهر وهو
الحق الموافق للقواعد وقال : «وإن قال في الرياض : إنه لا خلاف فيه يظهر ، وبه صرح
في المسالك والروضة ، وغيرهما من كتب الجماعة ، لكن فيه إنه لا يخفى على من لاحظ
المقام عدم تحقق إجماع في المسألة لقلة من تعرض لها).
(١١) وهو الحق مع
كون العم للأم واحدا.
ثلثه (١) أو سدس
الثلثين (٢) خاصة ، أو ثلثهما (٣) بتقريب ما سبق.
(السادسة عمومة الميت وعمامته) لأب وأم ، أو لأحدهما(وخئولته وخالاته) كذلك (٤) وأولادهم وإن نزلوا عند عدمهم(أولى من عمومة أبيه (٥) وعماته وخئولته وخالاته ومن عمومة أمه وعماتها
وخئولتها وخالاتها) ، لأنهم أقرب منهم بدرجة.
(ويقومون) أي عمومة الأب والأم وخئولتها(مقامهم عند عدمهم
(٦) وعدم أولادهم وإن نزلوا) ويقدّم الأقرب منهم إلى الميت وأولاده فالأقرب فابن العم
مطلقا أولى من عم الأب ، وابن عم الأب أولى من عم الجد ، وعم الجد أولى من عم أب
الجد. وهكذا ، وكذا الخؤولة ، وكذلك الخال للأم (٧) أولى من عم الأب.
ويقاسم كلّ منهم
الآخر مع تساويهم في الدرجة ، فلو ترك الميت عمّ أبيه وعمّته ، وخاله وخالته ،
وعمّ أمّه وعمّتها ، وخالها وخالتها ورثوا جميعا ، لاستواء درجتهم. فالثلث لقرابة
الأمّ (٨) بالسوية (٩) على المشهور ، والثلثان لقرابة الأب (١٠): عمومة وخئولة ،
ثلثهما (١١)
______________________________________________________
(١) ثلث الباقي مع
كون العم للأم متعددا.
(٢) في قبال سدس
الثلث للخال كما هو قول المصنف في الدروس والعلامة وولده السعيد ، لأن العم له
الثلثان في قبال ثلث للخال.
(٣) أي ثلث
الثلثين إذا كان العم للأم متعددا.
(٤) لأب وأم أو
لأحدهما.
(٥) أبي الميت ،
وهذا محل وفاق ولخبر أبي أيوب المتقدم (وكل ذي رحم فهو بمنزلة الرحم الذي يجرّ به
إلا أن يكون هناك وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه) .
(٦) عند عدم عمومة
الميت وعماته وأخواله وخالاته.
(٧) أي خال الميت
وهو أخو أم الميت من أمها.
(٨) لأنهم يرثون
نصيب الواسطة التي يتقربون بها إلى الميت وهي الأم. ونصيبها الثلث وهذا قول
المشهور تبعا للشيخ في النهاية.
(٩) على المشهور
لاشتراك الكل في التقرب إلى الميت بالأم.
(١٠) لأن الثلثين
نصيب الأب الذي يتقربون به إلى الميت.
(١١) ثلث الثلثين.
__________________
للخال والخالة
بالسوية (١) ، وثلثاهما (٢) للعمّ والعمة أثلاثا (٣).
وصحتها (٤) من
مائة وثمانية كمسألة الأجداد الثمانية ، إلا أن الطريق هنا : أن سهام أقرباء الأب
ثمانية عشر (٥) توافق سهام أقرباء الأم (٦) الأربعة بالنصف (٧) ، فيضرب نصف أحدهما
في الآخر ثم المجتمع في أصل الفريضة وهو ثلاثة (٨).
وقيل (٩) لخال
الأم وخالتها ثلث الثلث بالسوية ، وثلثاه لعمها وعمتها
______________________________________________________
(١) لأنهم يتقربون
إلى أبي الميت بواسطة أمه فيأخذون نصيبها منه ، وقاعدة التسوية هي الأصل في
الخؤولة.
(٢) أي ثلث
الثلثين.
(٣) للذكر ضعف
الأنثى.
(٤) صحة الفريضة.
(٥) لأنه أقل عدد
ينقسم أثلاثا ، ولثلثه تنصيف ، ولثلثيه ثلث.
(٦) أربعة.
(٧) فنضرب
الثمانية عشر باثنين الذي هو نصف الأربعة ، أو نضرب الأربعة بتسعة الذي هو نصف
الثمانية عشر.
(٨) وتكون الفريضة
على هذا النحو :
لأقرباء الأم : ٣٦
، ثلث الفريضة ويكون كل من عمها وعمتها وخالها وخالتها تسعة.
لأقرباء الأب : ٧٢
، ثلثا الفريضة ، فيعطى خال الأب وخالته ٢٤ لكل واحد اثنا عشر ، ويعطى عم الأب
وعمته ٤٨ ، للعم ٣٢ وللعمة ١٦.
(٩) وهو المحقق
الطوسي إنّ الثلث لأقرباء الأم يقسم أثلاثا ، ثلثه لخال الأم وخالتها ، وثلثاه لعم
الأم وعمتها ، كل ذلك بالسوية كمذهب معين الدين المصري في مسألة الأجداد.
فسهام أقرباء الأم
ستة لأنه أقل عدد لثلثه نصف ، ولثلثيه نصف ، وسهام أقرباء الأب ثمانية عشر وهما
متداخلان ، فيضرب أصل الفريضة بثمانية عشر ، فالمجموع أربعة وخمسون.
ثلثها ١٨ لأقرباء
الأم ، وثلث ١٨ ٦ ، تعطى لخال الأم وخالتها بالسوية ، وثلثاه ١٢ ، تعطى لعم الأم
وعمتها بالسوية.
وثلثا الفريضة ٣٦
لأقرباء الأب ، فيعطى الثلث لخال الأب وخالته بالسوية فيكون لكل واحد ستة لأن
الثلث اثنا عشر ، ويعطى الثلثين لعم الأب وعمته بالتفاوت فيكون للعم ـ
بالسوية. فهي
كمسألة الأجداد على مذهب معين الدين المصري.
وقيل (١) :
للأخوال الأربعة الثلث بالسوية ، وللأعمام الثلثان : ثلثه لعم الأم وعمتها بالسوية
أيضا ، وثلثاه لعم الأب وعمته أثلاثا وصحتها من مائة وثمانية كالأول.
(السابعة ـ أولاد العمومة والخؤولة يقومون مقام آبائهم) وأمّهاتهم(عند عدمهم (٢)
ويأخذ كلّ منهم نصيب من يتقرب به) فيأخذ ولد العمة ـ وإن كان أنثى ـ الثلثين ، وولد الخال
وإن كان ذكرا الثلث (٣) ، وابن العمة مع بنت العم الثلث كذلك (٤) ، ويتساوى ابن
الخال وابن الخالة (٥) ، ويأخذ أولاد العم للأم السدس إن كان واحدا (٦) ، والثلث
إن كان أكثر (٧) والباقي لأولاد العم للأبوين ، أو للأب.
وكذا القول في
أولاد الخؤولة المتفرقين. ولو اجتمعوا جميعا (٨). فلأولاد الخال الواحد أو الخالة
للأم سدس الثلث ، ولأولاد الخالين أو الخالتين أو هما (٩) ثلث الثلث ، وباقيه (١٠)
______________________________________________________
ـ ستة عشر وللعمة
ثمانية ، لأن الثلثين أربعة وعشرون.
(١) كما استظهره
كاشف اللثام.
(٢) فابن العم
أقرب إلى الميت من عم أبيه كما أن عم الميت أقرب إليه من عم أبيه ، ففي خبر أبي
أيوب المتقدم (وكل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به) .
(٣) لأن العمة لها
الثلثان لو اجتمعت مع الخال الذي له الثلث.
(٤) لأنه يأخذ
نصيب الواسطة التي هي العمة هنا ، وتأخذ بنت العم الثلثين.
(٥) لأن الخال
والخالة متساويان.
(٦) أي العم لا
أولاده.
(٧) لأن العم للأم
له السدس مع الاتحاد والثلث مع التعدد.
(٨) أولاد الخؤولة
وأولاد العمومة ، وأولاد الخؤولة بعضهم ابن خال لأم وبعضهم ابن خال لأب وكذا في
أولاد العمومة.
(٩) أولاد الخال
والخالة.
(١٠) باقي الثلث
المعطى لأولاد الخؤولة.
__________________
للمتقرب منهم (١)
بالأب ، وكذا القول في أولاد العمومة المتفرقين بالنظر إلى الثلثين. وهكذا.
(ويقتسم أولاد العمومة من الأبوين) إذا كانوا إخوة (٢) مختلفين بالذكورية والأنوثية(بالتفاوت) (٣) للذكر مثل حظّ الأنثيين(وكذا) أولاد العمومة(من الأب) حيث يرثون مع فقد المتقرب بالأبوين.
(و) يقتسم(أولاد العمومة من الأم بالتساوي (٤) ، وكذا أولاد الخؤولة
مطلقا) (٥) ولو جامعهم زوج أو زوجة فكمجامعته لآبائهم ، فيأخذ النصف
، أو الربع ومن تقرّب بالأمّ نصيبه الأصلي من أصل التركة ، والباقي لقرابة الأبوين
، أو الأب.
(الثامنة ـ لا يرث الأبعد مع الأقرب في الأعمام والأخوال) وإن لم يكن من صنفه (٦). فلا يرث ابن الخال ولو للأبوين مع
الخال (٧) ولو للأم ، ولا مع العمّ مطلقا (٨) ، ولا ابن العم مطلقا (٩) مع العمة
كذلك (١٠) ولا مع الخال مطلقا (١١) (و) كذا(أولادهم) لا يرث الأبعد منهم عن الميت مع الأقرب إليه كابن ابن العم
مع ابن العم ، أو ابن الخال.
(إلا في مسألة ابن العم) للأبوين(والعم) للأب فإنها خارجة من القاعدة (١٢)
______________________________________________________
(١) من أولاد
الخؤولة.
(٢) أي الأعمام.
(٣) كتقسيم ميراث
العمومة للأبوين.
(٤) كتقسيم ميراث
العمومة للأم.
(٥) أي بالتساوي
سواء كانوا أولاد خئولة من الأم أو من الأبوين أو من الأب أو متفرقين.
(٦) أي وإن لم يكن
البعيد من صنف القريب.
(٧) لأن الخال
أقرب.
(٨) سواء كان أخو
أبي الميت من أمه أو من أبيه أو من كليهما.
(٩) سواء كان أبوه
أخا لأبي الميت من أبويه أو من أمه أو من أبيه.
(١٠) أي ولو كانت
أختا لأبي الميت من أمه.
(١١) سواء كان
الخال أخا لأم الميت من أبويها أو من أمها أو من أبيها فلا يرث معه ابن العم لأن
الخال أقرب.
(١٢) قاعدة تقديم
الأقرب على الأبعد.
بالإجماع وقد
تقدمت. وهذا بخلاف ما تقدم في الإخوة والأجداد فإن قريب كل من الصنفين (١) لا يمنع
بعيد الآخر.
والفرق : أن ميراث
الأعمام والأخوال ثبت بعموم آية أولي الأرحام ، وقاعدتها تقديم الأقرب فالأقرب
مطلقا (٢) ، بخلاف الإخوة والأجداد فإنّ كلّ واحد ثبت بخصوصه من غير اعتبار الآخر
فيشارك البعيد القريب ، مضافا إلى النصوص الدالة عليه (٣) ، فروى سلمة بن محرز عن
أبي عبد الله عليهالسلام قال في ابن عمّ وخالة : المال للخالة. قال : وقال في ابن
عم وخال : المال للخال» (٤).
وأما النصوص
الدالة على مشاركة الأبعد من أولاد الإخوة للأقرب من الأجداد فكثيرة جدا ، ففي
صحيحة محمد بن مسلم قال : «نظرت إلى صحيفة ينظر فيها أبو جعفر عليهالسلام قال : وقرأت فيها مكتوبا : ابن أخ وجدّ المال بينهما سواء.
فقلت لأبي جعفر عليهالسلام : إن من عندنا لا يقضي بهذا القضاء لا يجعلون لابن الأخ مع
الجدّ شيئا! فقال أبو جعفر عليهالسلام : أما إنه إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخطّ علي عليهالسلام (٥). وعن محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : حدثني جابر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولم يكن يكذب جابر ـ أن ابن الأخ يقاسم الجدّ (٦).
(التاسعة ـ من له سببان) (٧) أي موجبان للإرث ، أعم من السبب السابق
______________________________________________________
(١) الأخوة
والأجداد.
(٢) وإن لم يكونوا
من صنف واحد.
(٣) على تقديم
الأقرب على الأبعد في مسألة الأعمام والأخوال.
(٤) الوسائل الباب
ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال حديث ٤.
(٥) الوسائل الباب
ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأخوة والأجداد حديث ٥.
(٦) الوسائل الباب
ـ ٥ ـ من أبواب ميراث الأخوة والأجداد حديث ٣.
(٧) المراد بالسبب
موجب الإرث الذي هو مقسم السبب الخاص والنسب ، فإذا اجتمع لشخص سببان ورث بهما ما
لم يمنع أحد السببين الآخر ولم يكن من هو أقرب إلى الميت منه في السببين ، فلو كان
شخص أقرب للميت منه بسبب ورث من له السببان بالسبب الثاني.
والسببان إما سبب
خاص ونسب كمثل زوجة هي بنت عم ، فإذا لم يكن للميت أقرب منها بالنسب ورثت حصة
الزوجية وحصة بنت العم. ـ
فإن هذا يشمل
النسب(يرث بهما) إذا تساويا في المرتبة(كعمّ هو خال) كما إذا تزوّج أخوه لأبيه أخته لأمه فإنه يصير عمّا
لولدهما للأب ، خالا للأمّ فيرث نصيبهما لو جامعه غيره كعم آخر أو خال. وهذا مثال
للنسبين. أما السببان بالمعنى الأخص فيتفقان كذلك (١) في زوج هو معتق ، أو ضامن
جريرة.
(ولو كان أحدهما) أي السببان بالمعنى الأعم(يحجب الآخر (٢)
ورث) من جمعهما(من جهة) السبب(الحاجب) خاصة(كابن عم هو أخ لأم) فيرث بالأخوّة ، هذا في النسبين. وأما في السببين الذين يحجب أحدهما الآخر
كالإمام
______________________________________________________
ـ وإمّا أن يكون
السببان نسبيين كعم للميت هو خاله ، وهذا يتم فيما لو تزوج شخص بامرأة فأولدت له
ولدا ثم طلقها ، فتزوج المطلّق ثانية وأتت له بولد وتزوجت المطلّقة بآخر فأتت له
ببنت ، ولا حرمة ولا نسب بين الولد من الرجل المطلق وامرأته الثانية وبين البنت من
المطلّقة وزوجها الثاني فيجوز أن يتزوج هذا الولد من تلك البنت فلو تزوج وأتت له
بولد فهو بالنسبة لابن المطلق والمطلقة ابن أخ وابن أخت ، فلو مات الولد فابن
المطلق والمطلقة عم وخال فهذا العم والخال يرث نصيب العمومة والخؤولة إن لم يجامعه
أحد من الأعمام والأخوال ، ولو جامعه عم آخر كان نصيب العمومة بينهما ، ونصيب
الخؤولة له بمفرده ، ولو جامعه خال كان نصيب الخؤولة بينهما مع انفراده بنصيب
العمومة ، ولو جامعه عم وخال كان نصيب العمومة بينه وبين العم الآخر ، ونصيب
الخؤولة بينه وبين الخال الآخر ، بشرط أن يكون العم الآخر مثله ، عما للميت لأب
فلو كان العم الآخر لأبوين منعه من نصيب العمومة ، ولا يشترط ذلك في الخال لأن
الخال الآخر لو كان لأبوين لكان هو خالا لأم فله سدس الثلث.
وإما أن يكون
السببان سببين خاصين كمعتق وزوج ، كمن أعتق أمته ثم تزوجها فإنه يرث بالزوجية
وبولاء العتق.
(١) إذا تساويا في
الرتبة.
(٢) مثاله في
النسبيين كأخ لأم هو ابن عم لأب ، وذلك لو تزوج رجل امرأة فأولدت له ولدا ثم مات
الرجل ، فتزوجها أخوه فأنجبت له ولدا أيضا فالولد الثاني أخو الولد الأول من أمه ،
وابن عمه من أبيه ، فلو مات أحدهما فالآخر يرثه بالأخوة الحاجبة لنصيب أبناء
العمومة.
ومثاله في السببين
الخاصين كالإمام عليهالسلام وهو معتق ، فيرث الإمام الميت بولاء العتق دون ولاء
الإمامة.
ومثاله في النسب
والسبب كعم أو أخ وهو معتق ، فالنسب يحجب السبب.
إذا مات عتيقه
فإنه يرث بالعتق لا بالإمامة وكمعتق هو ضامن جريرة.
ويمكن فرض أنساب
متعددة لا يحجب أحدها الباقي كابن ابن عم لأب ، هو ابن ابن خال لأم ، هو ابن بنت
عمة ، هو ابن بنت خالة (١)
وقد يتعدد (٢)
كذلك (٣) مع حجب بعضها لبعض كأخ لأم هو ابن عم ، وابن خال (٤).
(القول في ميراث
الأزواج)
(و) الزوجان(يتوارثان) ويصاحبان جميع الورثة (٥)
______________________________________________________
(١) قد تقدم تصور
شخص هو عمّ وخال للميت ، فأخته تكون عمة وخالة أيضا ، فلو كان لهذا العم الخال ولد
ولأخته بنت وتزوجا وأنجبا ولدا. فهذا الولد بالنسبة للميت ابن ابن عم وابن ابن خال
، وكذلك هو ابن بنت عمة وابن بنت خالة.
(٢) النسب.
(٣) أكثر من
طرفين.
(٤) وذلك لو تزوج
شخص بامرأة فأتت له بولد ثم طلقها فتزوجت المطلقة بخاله فأولدت له ولدا. فالولد
الأول أخو الولد الثاني من أمه ، وابن خال الولد الثاني من أبيه ثم لو تزوج الولد
الأول امرأة فأتت له بولد ، ثم طلقها فتزوجت بالولد الثاني فأتت له بولد فابن
الولد الأول هو أخو ابن الولد الثاني من أمه لأن أمهما واحدة.
وابن الولد الأول
هو ابن عم ابن الولد الثاني لأن أبويهما إخوة من الأم وابن الولد الأول هو ابن ابن
خال أبي أبي الولد الثاني ، لأن جد ابن الولد الأول هو خال جد الولد الثاني.
ولا يمكن فرض ابن
خال قريب مع كونهما إخوة لأم إلا إذا وطأ الأخ أخته وهذا لا يتم إلا بالشبهة أو
على مذهب المجوس ، وعبارة الشارح تأبى ذلك لأن ظاهرها كون الأنساب المتعددة بحسب
العقد الصحيح عندنا وهذا لا يتم إلا في ابن ابن الخال البعيد ، ولا ضير فيه ما دام
يصدق الابن على ابن الابن ، ويصدق الخال على البعيد كصدقه على القريب.
وعليه فابن الولد
الأول يرث ابن الولد الثاني بالأخوة الحاجبة عن العمومة والخؤولة.
(٥) لعموم الآية (وَلَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ
أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ
وَلَدٌ فَلَكُمُ ـ
مع خلوهما من
الموانع (١) (وإن لم يدخل) الزوج (٢) (إلا في المريض (٣) الذي تزوج في مرضه فإنه لا يرثها ، ولا ترثه(إلا أن يدخل ، أو يبرأ) من مرضه فيتوارثان بعده وإن مات قبل الدخول ، ولو كانت
المريضة هي الزوجة توارثا وإن لم يدخل
______________________________________________________
ـ الرُّبُعُ
مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ
وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ
فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ
مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ) .
وللمرسل عن أبي
جعفر عليهالسلام : (إن الله أدخل الزوج والزوجة على جميع أهل المواريث فلم
ينقصهما من الربع والثمن) .
(١) كالقتل والكفر
والرق.
(٢) بل كان مجرد
العقد وذلك لصدق الزوجية بينهما ، ولأخبار. منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (سألته عن الرجل يتزوج المرأة ثم يموت قبل أن يدخل بها
فقال : لها الميراث وعليها العدة أربعة أشهر وعشرا ، وإن كان سمّى لها مهرا يعني
صداقا فلها نصفه ، وإن لم يكن سمّى لها مهرا فلا مهر لها) .
(٣) وهو الذي تزوج
في حال المرض ، ومات فيه قبل الدخول ، فنكاحه باطل ولا إرث لها ولا مهر ، جزم بذلك
الأكثر من غير أن يذكر خلاف ، للأخبار منها : خبر زرارة عن أحدهما عليهالسلام (ليس للمريض أن
يطلق وله أن يتزوج ، فإن هو تزوج ودخل بها فهو جائز ، وإن لم يدخل بها حتى مات في
مرضه ، فنكاحه باطل ولا مهر لها ولا ميراث) .
وخبر أبي ولّاد عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (عن رجل تزوج في مرضه فقال : إذا دخل بها فمات في مرضه
ورثته ، وإن لم يدخل بها لم ترثه ونكاحه باطل) .
نعم نسب الحكم في
الدروس إلى الشهرة مشعرا بتردده فيه ، إلا أن الأخبار تقطع هذا التردد ، وعليه فلو
تزوج بها وكان مريضا وقد دخل ثم مات فترثه ، ولو لم يمت في مرضه بل في مرض آخر بعد
شفائه من الأول فترثه وإن لم يدخل لأن العقد لم يكن في المرض المتصل بالموت ، ولو
كانت هي المريضة مرض الموت ورثها كمثل إرث الزوج من الزوجة الصحيحة حين العقد بعد
عدم المانع إذ المانع في إرثها منه ، لا في إرثه منها.
__________________
على الأقرب
كالصحيحة (١) عملا بالأصل (٢).
وتخلّفه (٣) في
الزوج (٤) لدليل خارج (٥) لا يوجب إلحاقها به (٦) ، لأنه قياس(٧).
(والطلاق الرجعي (٨) لا يمنع من الإرث) من الطرفين(إذا مات أحدهما
في العدة الرجعية) ، لأن المطلقة رجعيا بحكم الزوجة ، (بخلاف البائن) فإنه لا يقع بعده توارث في عدته (٩) (إلا) أن يطلق وهو (في المرض) (١٠) فإنها ترثه إلى سنة ،
______________________________________________________
(١) أي كالزوجة
غير المريضة.
(٢) الموجب
للتوارث بين الزوجين عند موت أحدهما.
(٣) تخلف الأصل
الموجب للتوارث.
(٤) فلا ترثه.
(٥) وهو الأخبار.
(٦) إلحاق الزوجة
بالزوج ، بحيث لو ماتت هي في مرضها فلا يرثها الزوج.
(٧) لأن الإلحاق.
(٨) المطلقة
الرجعية ترث زوجها ، ويرثها ، إذا وقع موت أحدهما في العدة للأخبار منها : صحيح
محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (إذا طلقت المرأة ثم توفي زوجها وهي في عدة منه لم تحرم
عليه ، فإنها ترثه ويرثها ما دامت في الدم من حيضتها الثانية من التطليقتين
الأولتين ، فإن طلقها الثالثة فإنها لا ترث من زوجها شيئا ولا يرث منها) .
وصحيح الحلبي عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا طلق الرجل وهو صحيح لا رجعة له عليها لم يرثها ،
وقال عليهالسلام : وهو يرث ويورث ما لم تر الدم من الحيضة الثالثة إذا كان
له عليها رجعة) .
ومقتضى التعليل
الوارد في هذه الأخبار : (إذا كان له عليها رجعة) و (وهي في عدة منه لم تحرم عليه)
أن الطلاق لو كان بائنا لا رجعة للزوج فيه لم يرث ولم ترثه وهذا ما ورد في صحيح
الحلبي المتقدم : (لا رجعة له عليها لم يرثها).
(٩) عدة الطلاق
البائن.
(١٠) ذهب المشهور
إلى أن الزوج لو كان مريضا وطلقها بائنا أو رجعيا ورثته إلى مدة سنة ، إذا مات في
مرضه ولم تتزوج ، ولا يرثها إن ماتت ، أما عدم إرثه منها لانقطاع العصمة ، ـ
__________________
ولا يرثها هو (على ما سلف) في كتاب الطلاق ، ثم الزوجة إن كانت ذات ولد (١)
______________________________________________________
ـ وإما إرثها منه
إلى سنة فللأخبار منها : معتبرة أبي العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا طلق الرجل المرأة في مرضه ، ورثته ما دام في مرضه
ذلك وإن انقضت عدتها إلا أن يصح منه ، قلت : فإن طال به المرض ، قال : ما بينه
وبين سنة) .
(١) اعلم أن هذه
المسألة من منفردات مذهب الإمامية كالحبوة وعدم التعصيب وعدم العول وتقديم ابن
العم للأبوين على العم للأب ، وعلى كل حال فقد وقع الاتفاق على حرمان الزوجة في
الجملة من شيء من التركة ولم يخالف إلا ابن الجنيد والبحث يقع في مواضع.
الموضع الأول :
فيما تحرم منه الزوجة وقد اختلف فيه الأصحاب على أقوال :
القول الأول : وهو
المشهور حرمانها من نفس الأرض عينا وقيمة ، سواء كانت الأرض خالية أو مشغولة بزرع
أو بناء ، وحرمانها من عين الآلات والأرض وأبنيتها وتعطى قيمة ذلك ، وإليه ذهب
الشيخ في النهاية وأتباعه كالقاضي ابن البراج وابن حمزة وأبو الصلاح ، وإليه ذهب
المحقق في الشرائع والعلامة في المختلف والشهيد في اللمعة هنا.
ويدل عليه حسنة
الفضلاء ـ زرارة وفضيل وبريد ومحمد بن مسلم وبكير ـ عن الباقر أو الصادق عليهماالسلام : (المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض ، إلا
أن يقوّم الطوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها) .
القول الثاني :
مثل القول الأول بإضافة الشجر إلى الآلات في الحرمان من العين دون القيمة ، وإليه
ذهب أكثر المتأخرين بل قيل إنه المشهور ، بل قال بعضهم إنه عين القول الأول لأن
الخشب الوارد في صحيح الفضلاء المتقدم أعم من خشب الأشجار والخشب المستعمل في
البيوت.
وعلى كل فيدل على
إضافة الشجر صحيح الأحول عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا يرثن النساء من العقار شيئا ، ولهنّ قيمة البناء
والشجر والنخل) .
القول الثالث :
حرمانها من الرباع وهي الدور والمساكن ، دون البساتين والضياع ، وتعطى قيمة الآلات
والأبنية من الدور والمساكن ، وهو قول المفيد وابن إدريس والمحقق في النافع والآبي
في كشف الرموز ، ومال إليه العلامة في المختلف.
لرواية العلاء عن
محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ترث المرأة الطوب ولا ترث ـ
__________________
من الزوج ورثت من
جميع ما تركه كغيرها من الورثة على المشهور ، خصوصا بين
______________________________________________________
ـ من الرباع شيئا)
: ورواية يزيد الصائغ عن أبي جعفر عليهالسلام : (إن النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئا لكن لهنّ قيمة
الطوب والخشب.
قلت : إن الناس لا
يأخذون بهذا ، قال عليهالسلام : (إذا وليناهم ضربناهم بالسوط فإن انتهوا وإلا ضربناهم
بالسيف عليه) ، وهذه الروايات اقتصرت على الرباع دون البساتين ، وفيه :
إن صحيح الفضلاء المتقدم قد صرح بغير الرباع بقوله : (من تربة دار أو أرض) ولفظ
الأرض شامل لأرض البساتين وغيرها الخالية عن الأشجار.
القول الرابع
حرمانها من عين الرباع دون قيمتها فقط ، والباقي من تركة الزوج لجميع الورثة بما
فيهم الزوجة كل بحسب نصيبه.
وهو قول المرتضى
واستحسنه العلامة في المختلف ، فيقتصر على الرباع لأنه القدر المتيقن ، وتحرم من
عينها دون القيمة جمعا بين عموم آيات الإرث وبين هذه الروايات النافية لإرث الزوجة
، فتحمل على أن النفي من عين الرباع فقط. ومذهبه هنا على نحو ما اختاره في الحبوة
من إعطائها للولد الأكبر بالقيمة.
وفيه : إن هذا
القول مناف لصريح الأخبار المتقدمة النافي لإرث الزوجة من الرباع قيمة وعينا وحصر
إرثها في قيمة آلاتها وأبنيتها.
القول الخامس :
عدم حرمانها مطلقا بل ترث كبقية الورثة ، وإليه ذهب ابن الجنيد ، لصحيح ابن أبي
يعفور عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته أو أرضها من
التربة شيئا ، أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟ فقال عليهالسلام : يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت) .
وفيه : إنه لا
يصلح لمعارضة تلك الأخبار المصرحة بحرمانها في الجملة فلا بد من حمله على التقية
خصوصا حرمان الزوجة من الأرض كان مركوزا في ذهن السائل وهذا يدل على شيوعه بين
أصحاب الأئمة (عم) ، وهذا يؤيد أن جواب الإمام بنفي الحرمان محمول على التقية.
الموضع الثاني :
هل الحرمان لمطلق الزوجة أم لخصوص غير ذات الولد من زوجها الميت ، فالمشهور خصوصا
بين المتأخرين أنّ الحرمان لخصوص غير ذات الولد ، وأما ذات الولد فترثه كما يرثها
ودليلهم صحيحة ابن أبي يعفور الدالة على إرث الزوجة كإرث الزوج ـ
__________________
المتأخرين ، وكذا
يرثها الزوج مطلقا (١).
(وتمنع الزوجة غير ذات الولد من الأرض) مطلقا(عينا وقيمة) وتمنع(من)
______________________________________________________
ـ بحملها على خصوص
الزوجة ذات الولد ، ولخصوص حسنة ابن أذينة : (في النساء إذا كان لهنّ ولد أعطين من
الرباع) .
وفيه : إن حسنة
ابن أذينة مقطوعة ، وقال في الجواهر : «ودعوى القطع بكونه ـ أي الخبر ـ من الإمام عليهالسلام واضحة المنع» ، مع أن حمل صحيحة ابن أبي يعفور على الزوجة
ذات الولد لا شاهد له من الأخبار فهو تبرعي.
ولذا ذهب إلى
حرمان الزوجة ذات الولد وغيرها كل من الكليني والمفيد والسيد والشيخ في الاستبصار
والحلي والحلبي والمحقق في النافع وجماعة من المتأخرين بل ادعى ابن إدريس الإجماع
عليه عملا بإطلاق الأخبار الشامل للجميع وهو الأقرب.
الموضع الثالث :
في بيان حكمة الحرمان ، وكما يستفاد من الأخبار أن الزوجة لا نسب بينها وبين
الورثة فلو تزوجت بعد الميت بغيره ، فلو أورثت من أرض زوجها الأول وبيوته لأسكنت
زوجها الجديد في هذه المساكن وسلطته على الدور فيحصل بذلك غضاضة على الورثة وتقع
بينهم وبين الزوج الجديد مفاسد ، فالحكمة الإلهية اقتضت الحرمان حسما لباب النزاع.
ففي رواية محمد بن
مسلم : (قال أبو عبد الله عليهالسلام : ترث المرأة من الطوب ولا ترث من الرباع شيئا ، قلت : كيف
ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئا ، فقال عليهالسلام : ليس لها منهم نسب ترث به ، وإنما هي دخيل عليهم فترث من
الفرع ولا ترث من الأصل ، ولا يدخل عليهم داخل بسببها) ، ورواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إنما جعل للمرأة قيمة الخشب والطوب لئلا تتزوج فتدخل
عليهم من يفسد مواريثهم) ، وفي خبر ميسر بياع الزطي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لأن المرأة ليس لها نسب ترث به ، وإنما هي دخيل عليهم ،
إنما صار هذا كذا لئلا تتزوج المرأة فيجيء زوجها أو ولدها من قوم آخرين فيزاحم
قوما آخرين في عقارهم) .
وهذه الحكمة تقتضي
حرمان الزوجة مطلقا سواء كانت ذات ولد أو لا وهذا يؤيد ما اخترناه سابقا.
(١) سواء كان ذا
ولد منها أو لا.
__________________
(الآلات) أي آلات البناء من الأخشاب والأبواب(والأبنية) من الأحجار والطوب وغيرها(عينا لا قيمة) فيقوّم البناء والدور (١) في أرض المتوفى خالية عن الأرض
باقية فيها إلى أن تفنى بغير عوض على الأظهر ، وتعطى من القيمة الربع ، أو الثمن.
ويظهر من العبارة (٢)
أنها ترث من عين الأشجار المثمرة وغيرها (٣) لعدم استثنائها (٤) فتدخل (٥) في عموم
الإرث ، لأن كلّ ما خرج عن المستثنى ترث (٦) من عينه كغيرها (٧). وهو أحد الأقوال (٨)
في المسألة ، إلا أن المصنف لا يعهد ذلك من مذهبه ، وإنما المعروف منه ومن
المتأخرين حرمانها من عين الأشجار كالأبنية ، دون قيمتها.
ويمكن حمل الآلات
على ما يشمل الأشجار كما حمل هو وغيره كلام الشيخ في النهاية على ذلك مع أنه (٩)
لم يتعرض للأشجار ، وجعلوا كلامه كقول المتأخرين
______________________________________________________
(١) اختلفوا في
طريقة التقويم على ثلاثة أقوال.
الأول : أن تقوّم
الآلات والأشجار بلحاظ بقائها في أرض الغير مجانا إلى أن تفنى ، لأنها كانت كذلك
بحق وإطلاق النصوص يؤيده ، وهذا ما عليه صاحب الرياض والجواهر والشهيد الثاني
وجماعة.
القول الثاني : أن
تقوم باقية في أرض الغير بالأجرة جمعا بين حق الورثة في الأرض وبين حقها في قيمة
الآلات والشجر.
القول الثالث : أن
تقوم الأرض خالية ثم تقوم مع الآلات والأشجار ، ومقدار التفاوت هو قيمة الأشجار
والآلات ، وهذا ما ذهب إليه الصيمري.
والحق هو الأول
لأن الظاهر من النصوص أنها ترث من قيمة ما يوجد في الأرض بما هو باق فيها لا بما
هو هو كما هو مبنى التقويم عند الصيمري.
(٢) عبارة المصنف.
(٣) بل من مطلق
الشجر الذي له قيمة.
(٤) أي لعدم
استثناء الأشجار.
(٥) الأشجار.
(٦) الزوجة.
(٧) من بقية
الورثة.
(٨) وهو القول
الأول المتقدم.
(٩) مع أن الشيخ
في النهاية لم يتعرض للأشجار بل اكتفى بالآلات.
في حرمانها من عين
الأشجار حيث ذكر الآلات ، وهو حمل بعيد على خلاف الظاهر ، ومع ذلك (١) يبقى فرق
بين الآلات هنا (٢) وبينها (٣) في عبارته (٤) في الدروس ، وعبارة المتأخرين حيث
ضموا إليها (٥) ذكر الأشجار (٦) ، فإن المراد بالآلات في كلامهم : ما هو الظاهر
منها ، وهي آلات البناء والدور ، ولو حمل كلام المصنف هنا ، وكلام الشيخ ومن تبعه
على ما يظهر من معنى الآلات ويجعل قولا برأسه في حرمانها (٧) من الأرض مطلقا (٨) ،
ومن آلات البناء عينا ، لا قيمة ، وإرثها من الشجر كغيره (٩) كان أجود (١٠) ، بل
النصوص الصحيحة وغيرها دالة عليه (١١) أكثر من دلالتها (١٢) على القول المشهور بين
المتأخرين (١٣).
والظاهر عدم الفرق
في الأبنية بين ما اتخذ للسكنى ، وغيرها من المصالح كالرحى ، والحمام ، ومعصرة
الزيت ، والسمسم ، والعنب ، والإصطبل ، والمراح ، وغيرها ، لشمول الأبنية لذلك كله
وإن لم يدخل في الرباع المعبر عنه في كثير من الأخبار لأنه جمع ربع وهو الدار (١٤).
______________________________________________________
(١) لو سلّم بحمل
الآلات على ما يشمل الأشجار.
(٢) في اللمعة حيث
إن الآلات تشمل الأشجار.
(٣) وبين الآلات.
(٤) عبارة المصنف.
(٥) إلى الآلات.
(٦) الكاشف عن كون
الآلات لا تشمل الأشجار وإلا لما صح العطف.
(٧) حرمان الزوجة.
(٨) عينا وقيمة.
(٩) كغير الشجر
مما تركه الزوج.
(١٠) وهذا ما
فعلناه سابقا بحيث جعلناه القول الأول في المسألة.
(١١) على الحرمان
للآلات فقط دون الشجر.
(١٢) دلالة
النصوص.
(١٣) من الحرمان
للآلات والشجر عينا لا قيمة ، وهو الحق لصحيح الأحول المتقدم فراجع.
(١٤) المتخذ
للسكنى ، لكن ظاهر بعض النصوص لا ترث من قيمة أي بناء ، ففي خبر يزيد الصائغ عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن النساء هل يرثن من الأرض؟ فقال : لا ـ
ولو اجتمع ذات
الولد والخالية عنه (١) فالأقوى اختصاص ذات الولد (٢) بثمن الأرض أجمع (٣) ، وثمن
ما حرمت الأخرى من عينه ، واختصاصها (٤) بدفع القيمة (٥) دون سائر الورثة (٦) ،
لأن سهم الزوجية منحصر فيهما فإذا حرمت إحداهما من بعضه (٧) اختص بالأخرى (٨) ،
وإن دفع القيمة على وجه القهر لا الاختيار (٩). فهو كالدين (١٠) ، لا يفرّق فيه (١١)
بين بذل الوارث العين ، وعدمه ، ولا بين امتناعه من القيمة ، وعدمه ، فيبقى في
ذمته (١٢) إلى أن يمكن الحاكم إجباره (١٣) على أدائها (١٤) ، أو البيع عليه (١٥)
قهرا كغيره من الممتنعين من أداء الحق ، ولو تعذر ذلك كله بقي في ذمته (١٦)
______________________________________________________
ـ ولكن يرثن قيمة
البناء) ، وهو شامل لكل الأبنية التي ذكرها الشارح ولغيرها.
(١) عن ولد من
الزوج المتوفى.
(٢) بناء على
اختصاص الحرمان بالزوجة الخالية عن الولد ، وقد عرفت ضعفه.
(٣) لأن الثانية
محرومة.
(٤) ذات الولد.
(٥) ممن تحرم
الزوجة الخالية عن الولد من عينه.
(٦) لأن لهما
الثمن فلو حرمت إحداهما من نصف الثمن عينا فعلى الأخرى دفع القيمة حينئذ حتى يبقى
الثمن بينهما.
(٧) عينا.
(٨) وعليها دفع
القيمة ، نعم لو كانت الزوجة واحدة فالدافع للقيمة هم بقية الورثة.
(٩) كما هو ظاهر
النصوص.
(١٠) بمعنى عدم
جواز التصرف في المال حتى يدفع الوارث القيمة للزوجة ، والدين للمدين.
(١١) في وجوب دفع
القيمة.
(١٢) ذمة الوارث.
(١٣) إجبار
الوارث.
(١٤) أداء القيمة.
(١٥) أي بيع ما
حرمت الزوجة من عينه.
(١٦) بقي أداء
القيمة للزوجة في ذمة الوارث.
__________________
إلى أن يمكن
للزوجة تخليصه (١) ولو مقاصّة سواء في ذلك (٢) الحصة (٣) وغيرها (٤).
واعلم أن النصوص
مع كثرتها في هذا الباب خالية عن الفرق بين الزوجتين (٥) ، بل تدل على اشتراكهما
في الحرمان ، وعليه جماعة من الأصحاب. والتعليل الوارد فيها له (٦) وهو الخوف من
إدخال المرأة على الورثة من يكرهون : شامل لهما أيضا (٧) ، وإن كان (٨) في الخالية
من الولد أقوى (٩).
ووجه فرق المصنف
وغيره بينهما (١٠) وروده (١١) في رواية ابن أذينة (١٢) وهي مقطوعة تقصر عن تخصيص
تلك الأخبار الكثيرة (١٣) ، وفيها الصحيح والحسن ، إلا أن في الفرق (١٤) تقليلا
لتخصيص آية إرث الزوجة (١٥) مع وقوع الشبهة بما ذكر (١٦)
______________________________________________________
(١) تخليص ما في
ذمة الوارث من قيمة ما حرمت منه عينا.
(٢) في التقاص.
(٣) أي الحصة التي
حرمت من عينها بالإرث ، غايته تأخذ الحصة هنا من باب التقاص عما لها من القيمة في
ذمة الوارث لا من باب أنها إرث لها.
(٤) غير الحصة من
بقية أموال الوارث.
(٥) ذات الولد
والخالية عنه.
(٦) في النصوص
للحرمان.
(٧) كشمول
الأخبار.
(٨) التعليل.
(٩) لعدم المانع
من الزواج بخلاف ذات الولد فإن نفس الولد مانع لها خصوصا عند الكثرة.
(١٠) بحرمان
الزوجة الخالية دون ذات الولد.
(١١) ورود الفرق.
(١٢) الوسائل
الباب ـ ٧ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٢ ، وقد صرحت بعدم حرمان ذات الولد ، وقد
تقدمت سابقا في الشرح.
(١٣) والمطلقة.
(١٤) بين الزوجتين
وحرمان الخالية عن الولد خاصة.
(١٥) بخلاف
التعميم فإنه تكثير لتخصيص الآية الشريفة ، وفيه : إن تقليل التخصيص ليس بوجه بعد
قيام الدليل على التعميم.
(١٦) من المقطوعة
في تخصيص الحرمان بالخالية عن الولد فضلا عن أنه مذهب المشهور.
في عموم الأخبار (١)
فلعله (٢) أولى من تقليل تخصيص الأخبار (٣) مضافا إلى ذهاب الأكثر إليه (٤).
وفي المسألة أقوال
أخر ، ومباحث طويلة حققناها في رسالة منفردة تشتمل على فوائد مهمة فمن أراد تحقيق
الحال فليقف عليها.
(ولو طلّق) ذو الأربع(إحدى الأربع
وتزوج) بخامسة (٥) (ومات) قبل تعيين
المطلّقة ، أو بعده (٦) (ثم اشتبهت المطلّقة) من الأربع(فللمعلومة) بالزوجية وهي التي تزوج بها أخيرا (٧) (ربع النصيب) الثابت للزوجات وهو (٨) الربع ، أو الثمن(وثلاثة أرباعه
بين) الأربع(الباقيات) التي اشتبهت المطلّقة فيهن بحيث احتمل أن يكون كل واحدة هي المطلقة(بالسوية) (٩).
هذا هو المشهور
بين الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا غير ابن إدريس ، ومستنده رواية أبي بصير عن الباقر
عليهالسلام (١٠) ومحصولها ما
ذكرناه ، وفي طريق
______________________________________________________
(١) فقول المشهور
ومقطوعة ابن أذينة توجب الشبهة في عموم الأخبار لكلتا الزوجتين.
(٢) تقليل تخصيص
الآية الشريفة في إرث الزوجة.
(٣) من باب إضافة
المصدر إلى مفعوله أي تخصيص الأخبار العامة بمقطوعة ابن أذينة ، فجعلها مخصّصة
ليلزم تقليل التخصيص في الآية الشريفة أولى من جعلها عامة غير مخصصة فيلزم تكثير
التخصيص في الآية الشريفة ، ولذا فالتقليل الثاني بمعنى العدم بخلاف التقليل الأول
فإنه على معناه اللغوي.
(٤) إلى الفرق.
(٥) بعد انقضاء
عدة المطلّقة.
(٦) بعد التعيين.
(٧) أي الزوجة
الجديدة لأن المطلقة اشتبهت بالزوجات السابقات.
(٨) النصيب.
(٩) للعدل ولعدم
ترجيح واحدة منهن.
(١٠) سأله : (عن
رجل تزوج أربع نسوة في عقد واحد ، أو قال في مجلس واحد ومهورهن مختلفة ، قال :
جائز له ولهن ، قال : أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلق واحدة من الأربع وأشهد
على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد وهم لا يعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من أهل تلك
البلاد بعد انقضاء عدة تلك المطلّقة ، ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه؟
الرواية علي بن
فضّال وحاله مشهور (١) ، ومع ذلك (٢) في الحكم مخالفة للأصل من توريث من يعلم عدم
إرثه ، للقطع بأن إحدى الأربع غير وارثة.
(و) من ثمّ(قيل) والقائل ابن إدريس : (بالقرعة) (٣) ، لأنها لكلّ أمر مشتبه (٤) أو مشتبه في الظاهر مع تعيينه
في نفس الأمر (٥). وهو هنا كذلك ، لأن إحدى الأربع في نفس الأمر ليست وارثة ، فمن
أخرجتها القرعة بالطلاق منعت من الإرث ، وحكم بالنصيب للباقيات بالسوية وسقط عنها (٦)
الاعتداد (٧) أيضا ، لأن المفروض انقضاء عدّتها (٨) قبل الموت ، من حيث إنه قد
تزوج بالخامسة.
وعلى المشهور (٩)
______________________________________________________
ـ فقال : إن كان
له ولد فإن للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك ، وإن عرفت
التي طلقت من الأربع بعينها ونسبها فلا شيء لها من الميراث وليس عليها العدة ،
قال : ويقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك وعليهن العدة ، وإن لم تعرف
التي طلقت من الأربع قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهنّ جميعا وعليهن
جميعا العدة) .
(١) أنه فطحي.
(٢) ومع الضعف في
السند أن متنه مخالف للأصل لأن توريث الأربعة ثلاثة أرباع الثمن توريث لما يقطع
بكونها غير وارثة واقعا.
(٣) لاستخراج
المطلقة بين النسوة السابقات.
(٤) واقعا وظاهرا.
(٥) أي في الواقع
كما هو مفروض المسألة.
(٦) عن التي خرجت
بالقرعة.
(٧) عدة الوفاة.
(٨) عدة طلاقها.
(٩) وهو الصحيح
لأن ابن فضال ثقة وإن كان فطحيا ، والتوريث لما يقطع بأنه غير وارث إنما كان بحكم
الشارع وهذا لا إشكال فيه ، بالإضافة إلى أن العمل بالقرعة يحتاج إلى جابر لأن
عموم القرعة لكل أمر مشكل ضعيف لكثرة التخصيص الوارد عليه.
__________________
هل يتعدى الحكم (١)
إلى غير المنصوص كما لو اشتبهت المطلقة في اثنتين (٢) ، أو ثلاث خاصة ، أو في جملة
الخمس ، أو كان للمطلّق دون أربع زوجات فطلّق واحدة وتزوج بأخرى وحصل الاشتباه
بواحدة أو بأكثر ، أو لم يتزوج (٣) واشتبهت المطلقة بالباقيات ، أو ببعضهن ، أو
طلق أزيد من واحدة وتزوج كذلك (٤) حتى لو طلّق الأربع وتزوج بأربع واشتبهن ، أو
فسخ نكاح واحدة لعيب وغيره ، أو أزيد وتزوج غيرها ، أو لم يتزوج؟ وجهان.
القرعة ، كما ذهب
إليه ابن إدريس في المنصوص ، لأنه (٥) غير منصوص ، مع عموم أنها (٦) لكل أمر
مشتبه.
وانسحاب الحكم
السابق (٧) في كل هذه الفروع ، لمشاركته (٨) للمنصوص في المقتضي وهو (٩) اشتباه
المطلقة بغيرها من الزوجات ، وتساوي الكل في الاستحقاق (١٠) فلا ترجيح ، ولأنه (١١)
لا خصوصية ظاهرة في قلة الاشتباه وكثرته فالنص على عين لا يفيد التخصيص بالحكم ،
بل التنبيه على مأخذ الحكم (١٢) ، وإلحاقه (١٣)
______________________________________________________
(١) من توريث
المشتبهة.
(٢) بحيث كان عنده
أربع نسوة فطلق واحدة ثم تزوج بأخرى واشتبهت المطلقة باثنتين فقط من نسوته ، أو
بثلاث فقط دون الأربع الذي هو موطن النص أو اشتبهت بالخمسة بما فيها الزوجة
الجديدة وهو خارج مورد النص.
(٣) وقد اشتبهت
المطلقة بنسوته السابقات.
(٤) أي أكثر من
واحدة.
(٥) لأن ما ذكر من
الفروض.
(٦) أن القرعة.
(٧) من توريث
المشتبهة في المنصوص.
(٨) لمشاركة ما
ذكر من الفروع.
(٩) أي المقتضي.
(١٠) أي في احتمال
الاستحقاق.
(١١) لأن الشأن
والواقع.
(١٢) وهو
الاشتباه.
(١٣) إلحاق النص.
بكلّ ما حصل فيه
الاشتباه (١).
فعلى الأول (٢)
إذا استخرجت المطلّقة قسّم النصيب (٣) بين الأربع ، أو ما ألحق بها (٤) بالسوية.
وعلى الثاني (٥)
يقسّم نصيب المشتبه وهو ربع النصيب إن اشتبهت (٦) بواحدة (٧) ، ونصفه (٨) إن
اشتبهت باثنتين بين الاثنتين أو الثلاث (٩) بالسوية ، ويكون للمعينتين نصف النصيب
، وللثلاث ثلاثة أرباعه وهكذا.
ولا يخفى : أن
القول بالقرعة في غير موضع النص هو الأقوى ، بل فيه (١٠) إن لم يحصل الإجماع (١١)
والصلح في الكل (١٢) خير.
(الفصل الثالث ـ في
الولاء)
بفتح الواو وأصله
: القرب والدنوّ ، والمراد هنا : قرب أحد شخصين فصاعدا إلى آخر على وجه يوجب الإرث
بغير نسب ولا زوجية.
وأقسامه ثلاثة كما
سبق : ولاء العتق ، وضمان الجريرة ، والإمامة.
(ويرث المعتق عتيقه إذا تبرّع) بعتقه (١٣) (ولم يتبرّأ) المعتق(من ضمان)
______________________________________________________
(١) وهو الحق
للقطع بعدم دخل كل ما ورد في الخبر في مناط الحكم إلا الاشتباه.
(٢) على القرعة.
(٣) نصيب الزوجية
من الربع أو الثمن.
(٤) بالأربع من
هذه الفروع.
(٥) من توريث
المشتبهة.
(٦) المطلقة.
(٧) وثلاثة أرباع
النصيب للنسوة الثلاث الباقيات.
(٨) نصف نصيب الزوجية.
باثنتين : ونصفه
الآخر للنسوة الاثنتين.
(٩) يقسم ربع
النصيب بين الاثنتين أو نصفه بين الثلاث على نحو اللف والنشر المرتبين.
(١٠) في موضع
النص.
(١١) على العمل
بالنص ، وفيه : لا داعي لترك النص والعمل بالقرعة بعد كون الخبر موثقا.
(١٢) موضع النص
وغيره.
(١٣) المعتق
المنعم يرث بشروط ثلاثة : الأول أن يكون عتقه تبرعا ، والثاني أن لا يتبرأ من ـ
(جريرته) (١) عند العتق مقارنا له ، لا بعده على الأقوى(ولم يخلّف العتيق) وارثا له
______________________________________________________
ـ جريرته ،
والثالث فقدان كل وارث نسبي للميت.
أما الشرط الأول
فالمراد منه ما كان عتقه ليس بواجب عليه ، أما لو كان واجبا عليه كالكفارة والنذور
لا يثبت للمنعم ميراث ، ويدل عليه أخبار منها : خبر ابن أبي الأحوص : (سألت أبا
جعفر عليهالسلام عن السائبة ، فقال : انظروا في القرآن ، فما كان فيه
فتحرير رقبة فتلك السائبة التي لا ولاء عليها لأحد إلا لله ، فما كان ولاؤه لله
فهو لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما كان لرسول الله فإن ولاءه للإمام وجنايته على الإمام
وميراثه له) ، وخبر بريد العجلي : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل كان عليه عتق رقبة فمات قبل أن يعتق رقبة ، فانطلق
ابنه فابتاع رجلا من كسبه ، فأعتقه عن أبيه ، وأن المعتق أصاب بعد ذلك مالا ثم مات
وتركه ، لمن يكون ميراثه؟
قال : إن كانت
الرقبة التي كانت على أبيه في ظهار أو شكر أو واجبة عليه فإن المعتق سائبة لا سبيل
لأحد عليه ، وإن كان توالى قبل أن يموت إلى أحد من المسلمين فضمن جنايته وحدثه كان
مولاه ووارثه إن لم يكن له قريب يرثه ، وإن لم يكن توالى إلى أحد حتى مات فإن
ميراثه لإمام المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين ، وإن كانت الرقبة التي
على أبيه تطوعا وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة فأن ولاء المعتق هو ميراث
لجميع ولد الميت من الرجال ، ويكون الذي اشتراه فأعتقه بأمر أبيه كواحد من الورثة
إذا لم يكن للمعتق قرابة من المسلمين أحرار يرثونه.
وإن كان ابنه الذي
اشترى الرقبة فأعتقها عن أبيه من ماله بعد موت أبيه تطوعا منه من غير أن يكون أبوه
أمره بذلك ، فإن ولاءه وميراثه للذي اشتراه من ماله فأعتقه عن أبيه إذا لم يكن
للمعتق وارث من قرابته) .
(١) جريرة المعتق
، وهذا هو الشرط الثاني ويدل عليه خبر أبي الربيع : (سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن السائبة ، فقال : الرجل يعتق غلامه ويقول له : اذهب حيث
شئت ليس لي من ميراثك شيء ولا عليّ من جريرتك شيء ، ويشهد على ذلك شاهدين) ، وقد تقدم أن السائبة ولاؤها وميراثه للإمام لا للمعتق ،
فيدل الخبر على أن التبري من الجريرة يسقط الإرث بولاء العتق. ثم وقع هنا بحثان :
ـ
__________________
(مناسبا) (١).
(فالمعتق في واجب) (٢) كالكفارة والنذر(سائبة) (٣) أي لا عقل (٤) بينه وبين معتقه ، ولا ميراث.
قال ابن الأثير :
قد تكرر في الحديث ذكر السائبة والسوائب ، كان الرجل
______________________________________________________
ـ الأول : هل
يشترط أن يكون التبري عند العتق كما هو ظاهر الخبر وإليه ذهب الأكثر ، أو أنه يكفي
التبري ولو بعد العتق ، وهذا ما مال إليه صاحب الرياض لإطلاق الخبر الشامل للتبري
بعد العتق خصوصا أن الرواية في الكافي والفقيه هكذا : (ثم يقول له اذهب حيث شئت ليس
لي من ميراثك شيء ولا عليّ من جريرتك شيء).
وثمّ للتراخي
المفيد لتأثير التبري بعد العتق.
وفيه : إن ثمّ
للترتيب الذكري هنا ليس إلا ، فلا بد من الاقتصار على موطن اتفاق وهو التبري عند
العتق لعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الولاء لمن اعتق) كما ورد في خبر محمد بن مسلم عن أبي
عبد الله عليهالسلام ، الشامل للتبري بعد العتق.
البحث الثاني : هل
يشترط الإشهاد في التبري من ضمان جريرته كما هو ظاهر الخبر كما ذهب إليه الشيخ في
النهاية وابن إدريس في السرائر وجماعة ، أو لا يشترط الإشهاد لأن الأمر بالإشهاد
في الخبر من أجل إثبات ذلك عند الحاكم لا من أجل ثبوت عدم الضمان بالتبري واقعا ،
وهذا ما ذهب إليه الأكثر.
(١) أي ذا نسب ،
وهذا هو الشرط الثالث ، بلا خلاف فيه ، ويدل عليه الأخبار الكثيرة منها : خبر علي
بن يقطين : (سأل أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل يموت ويدع أخته ومواليه ، قال : المال لأخته) ، وخبر جابر عن أبي جعفر عليهالسلام : (أن عليا عليهالسلام كان يعطى أولي الأرحام دون الموالي) ، وصحيح أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في امرأة أعتقت رجلا لمن ولاؤه؟ ولمن ميراثه؟ فقال :
للذي أعتقه إلا أن يكون له وارث غيره) .
(٢) تفريع على عدم
الشرط الأول.
(٣) كما تقدم في
خبر ابن أبي الأحوص ، ويكون ولاؤه وميراثه للإمام عليهالسلام.
(٤) لا ضمان
لجريرته.
__________________
إذا أعتق عبدا
فقال : هو سائبة فلا عقل بينهما ولا ميراث.
وفي إلحاق انعتاق
أم الولد بالاستيلاد (١) ، وانعتاق القرابة (٢) ، وشراء العبد نفسه (٣) ـ لو
أجزناه ـ بالعتق (٤) الواجب ، أو التبرع قولان : أجودهما الأول ، لعدم تحقق
الإعتاق الذي هو شرط ثبوت الولاء.
(وكذا لو تبرّأ) المعتق تبرّعا(من ضمان الجريرة) حالة الإعتاق(وإن لم يشهد) على التبري شاهدين على أصح القولين ، للأصل (٥) ، ولأن
المراد من الإشهاد (٦) الإثبات عند الحاكم ، لا الثبوت في نفسه.
______________________________________________________
(١) ذهب الشيخ
وابن حمزة إلى ثبوت الولاء على أم الولد لورثة مولاها بعد انعتاقها من نصيب ولدها
، وفيه : أنه لا يصدق أن مولاها قد أعتقها حتى يكون الولاء له ولورثته ، بل هو
انعتاق قهري من قبل المولى جل جلاله فيلحق بالعتق الواجب كالسائبة.
(٢) كما لو اشترى
الإنسان أباه فانعتق عليه فقد ذهب الشيخ وابن حمزة أن للولد ولاء أبيه سواء اشتراه
اختيارا أو اضطرارا ويشهد لهما موثق سماعة بن مهران : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل يملك ذا رحم ، يحلّ له أن يبيعه أو يستعبده؟ قال :
لا يصلح له أن يبيعه وهو مولاه وأخوه ، فإن مات ورثه دون ولده ، وليس له أن يبيعه
ولا يستعبده) وهذا ما رواه الشيخ في التهذيب وفيه : أن نفس الخبر مرويّ
في الفقيه قال : (لا يصلح له بيعه ولا يتخذه عبدا وهو مولاه وأخوه في الدين ،
وأيهما مات ورثه صاحبه إلا أن يكون له وارث أقرب إليه منه) وهو ظاهر في كون الإرث حاصلا بالقرابة لا بالولاء خصوصا
كون الحكم بالتوارث ثابتا للطرفين ، وهو الموافق للقواعد لأن انعتاق الوالد على
ولده عند التملك لا يسمى عتقا بل انعتاق فلا يؤخذ بالخبر على رواية الشيخ في
التهذيب.
(٣) بناء على صحته
لأن العبد وما يملك لمولاه إلا في المكاتب المطلق والمشروط ، وعلى كل هل يصدق أن
مولاه أعتقه ، ربما يقال إنه يصدق ، وإن ذهب كل من تعرض لهذا الفرع أنه لا يصدق
فيلحق بالعتق الواجب ولا يكون ولاؤه لمولاه.
(٤) متعلق بقوله :
وفي إلحاق.
(٥) وهو أصالة عدم
وجوب الإشهاد عند الشك فيه.
(٦) في خبر أبي
الربيع المتقدم.
__________________
وذهب الشيخ وجماعة
إلى اشتراطه (١) ، لصحيحة ابن سنان عن الصادق عليهالسلام : «من أعتق رجلا سائبة فليس عليه من جريرته شيء ، وليس له
من الميراث شيء ، وليشهد على ذلك» (٢) ، ولا دلالة لها على الاشتراط ، وفي رواية
أبي الربيع عنه عليهالسلام (٣) ما يؤذن
بالاشتراط (٤) وهو قاصر من حيث السند.
(والمنكّل به) من مولاه(أيضا سائبة) (٥) لا ولاء له عليه ، لأنّه لم يعتقه ، وإنما أعتقه الله
تعالى قهرا ومثله من انعتق بإقعاد ، أو عمى ، أو جذام ، أو برص عند القائل به (٦)
لاشتراك الجميع في العلّة ، وهي عدم إعتاق المولى (٧) ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الولاء لمن أعتق» (٨).
(وللزوج والزوجة مع المعتق) ومن بحكمه (٩) (نصيبهما الأعلى) (١٠): النصف ، أو الربع ، والباقي للمنعم أو من بحكمه(ومع عدم المنعم فالولاء للأولاد) (١١) أي أولاد المنعم(الذكور والإناث
على المشهور بين الأصحاب)
______________________________________________________
(١) اشتراط
الإشهاد وقد تقدم الكلام فيه.
(٢) الوسائل الباب
ـ ٤١ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ٢.
(٣) الوسائل الباب
ـ ٤٣ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ٢.
(٤) بل دلالته
كدلالة صحيح ابن سنان من عدم الاشتراط ، حيث قال عليهالسلام : (ويشهد على ذلك شاهدين) فلا داعي للنظر في السند.
(٥) بلا خلاف فيه
لصحيح أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في من نكل بمملوكه فهو حرّ ولا سبيل له عليه ، سائبة يذهب
فيتولى إلى من أحبّ ، فإذا ضمن حدثه فهو يرثه) (.
(٦) بأن هذه
المذكورات توجب انعتاق العبد قهرا.
(٧) بل انعتاق في
الجميع.
(٨) الوسائل الباب
ـ ٣٥ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ١.
(٩) ورثة المعتق.
(١٠) قد تقدم أن
الزوج والزوجة قد أدخلهما الله على جميع الطبقات ، ولهما النصيب الأعلى هنا لعدم
ولد للميت كما هو واضح.
(١١) اختلف
الأصحاب في من يقوم مقام المعتق المنعم على أقوال : ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ الأول : ما ذهب
إليه الصدوق واستحسنه المحقق في الشرائع في أن الولاء ينتقل إلى ورثة المنعم ذكورا
وإناثا وسواء كان المنعم ذكرا أو أنثى للنبوي : (الولاء لحمة كلحمة النسب) والولد ذكرا أو أنثى يشترك في النسب سواء اتصل بذكر أو
أنثى ، ولخبر الدعائم عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (يرث الولاء من يرث الميراث) ومما يدل على أن ولاء المنعم ينتقل إلى ورثته وإن كانوا
أنثى موثق عبد الرحمن بن الحجاج عمن حدثه عن أبي عبد الله عليهالسلام : (مات مولى لحمزة بن عبد المطلب فدفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ميراثه إلى بنت حمزة) فجعل هذا القول هو المشهور بين الأصحاب كما فعل المصنف في
اللمعة ليس في محله.
القول الثاني : ما
ذهب إليه الشيخ في الخلاف وهو عين الأول بشرط كون المنعم رجلا لا امرأة ، لأن
الولاء مع فقدها لعصبتها دون ولدها سواء كانوا ذكورا أو إناثا ، واستدل على
الاستثناء بإجماع الفرقة وهو كما ترى ، وبأخبارهم منها : خبر محمد بن قيس عن أبي
جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين على امرأة أعتقت رجلا واشترطت ولاءه
، ولها ابن ، فألحق ولاءه بعصبتها الذين يعقلون عنها دون ولدها) .
وصحيح يعقوب بن
شعيب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سأله عن امرأة أعتقت مملوكا ثم ماتت ، قال عليهالسلام : يرجع الولاء إلى بني أبيها) .
القول الثالث :
للمفيد إنّ الولاء لأولاد المنعم الذكور دون الإناث ، ذكرا كان المعتق أو أنثى ،
فإن لم يكن للمنعم ولد ذكر ورثه عصبة المعتق المنعم ، وتبعه عليه ابن زهرة في
الغنية لأخبار منها : صحيح محمد بن قيس الآخر عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى عليّ في رجل حرّر رجلا فاشترط ولاءه ، فتوفي الذي
أعتق ـ المنعم ـ وليس له ولد إلا النساء ، ثم توفي المولى ـ المعتق ـ وترك مالا
وله عصبة ، فأحنق في ميراثه بنات مولاه والعصبة ، فقضى بميراثه للعصبة الذين
يعقلون عنه إذا أحدث حدثا يكون فيه عقل) .
ومكاتبة محمد بن
عمر لأبي جعفر عليهالسلام : كما في التهذيب ، وفي الوسائل لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام (عن رجل مات وكان
مولى لرجل وقد مات مولاه قبله ، ـ
__________________
لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الولاء لحمة كلحمة النسب» (١) والذكور والإناث يشتركون
في إرث النسب فيكون كذلك في الولاء ، سواء كان المعتق رجلا أو امرأة.
وفي جعل المصنف
هذا القول هو المشهور نظر والذي صرّح به في شرح الإرشاد : أن هذا قول المفيد واستحسنه
المحقق وفيهما معا نظر (٢) والحقّ أنه قول الصدوق خاصة (٣) ، وكيف كان فليس
بمشهور.
وفي المسألة أقوال
كثيرة أجودها ـ وهو الذي دلت عليه الروايات الصحيحة ـ : ما اختاره الشيخ في
النهاية وجماعة (٤) : أنّ المعتق إن كان رجلا ورثه أولاده
______________________________________________________
ـ وللمولى ابن
وبنات ، فسأله عن ميراث المولى فقال : هو للرجال دون النساء) .
وخبر بريد العجلي
عن أبي جعفر عليهالسلام : (وإن كانت الرقبة على أبيه تطوعا وقد كان أبوه أمره أن
يعتق عنه نسمة فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال) .
القول الرابع :
وهو قول الشيخ في النهاية وتبعه عليه جماعة بل هو المشهور المنصور من أن الولاء
لأولاد المنعم الذكور إن كان المنعم المعتق رجلا ، وإن كان امرأة فالولاء لعصبتها
جمعا بين الأخبار السابقة التي حصرت الولاء بأولاد المنعم الذكور كخبر بريد العجلي
ومكاتبة محمد بن عمر وصحيح محمد بن قيس الثاني والتي جعلت الولاء لعصبة المرأة إن
كانت هي المعتق كصحيح يعقوب بن شعيب وخبر محمد بن قيس الأول ، وهذه الطائفة
الثانية صالحة لتخصيص النبوي : (الولاء لحمة كلحمة النسب) ، بل النبوي أجنبي عن
المقام لأن الخبر هكذا : (الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب) وذيله قرينة
على أن الولاء لا يمكن إسقاطه ولا هبته ولا انتقاله وهو ليس في مقام بيان ورثة
الولاء عند فقدان المنعم ، وأما إعطاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولاء العبد لبنت حمزة فمحمول على أن النبي دفعه بعد ما
تملكه لكونه من عصبة حمزة.
(١) الوسائل الباب
ـ ٤٢ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ٢.
(٢) أي في قولي
المصنف في اللمعة وشرح الإرشاد.
(٣) وفيه : إنه
استحسنه المحقق في الشرائع وقد اعترف الشارح بذلك في المسالك.
(٤) وهو القول
الرابع.
__________________
الذكور دون الإناث
، فإن لم يكن له ولد ذكور ورثه عصبته ، دون غيرهم ، وإن كان امرأة ورثه عصبتها
مطلقا (١).
والمصنف في الدروس
اختار مذهب الشيخ في الخلاف (٢) ، وهو كقول النهاية إلا أنه جعل الوارث للرجل ذكور
أولاده وإناثهم ، استنادا في إدخال الإناث إلى رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن
الصادق عليهالسلام : «أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دفع ميراث مولى حمزة إلى ابنته» (٣) وإلى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الولاء لحمة كلحمة النّسب» (٤) ، والروايتان ضعيفتا
السند ، الأولى بالحسن بن سماعة (٥) ، والثانية بالسكوني (٦) مع أنها عمدة القول
الذي اختاره هنا وجعله المشهور.
والعجب من المصنف
كيف يجعله هنا مشهورا وفي الدروس قول الصدوق خاصة ، وفي الشرح قول المفيد (٧)
وأعجب منه أن ابن إدريس مع اطراحه خبر الواحد الصحيح تمسك هنا بخبر السكوني محتجا
بالإجماع عليه مع كثرة الخلاف ، وتباين الأقوال ، والروايات.
ولو اجتمع مع
الأولاد الوارثين أب (٨) شاركهم على الأقوى (٩).
وقيل : الابن أولى
(١٠) ،
______________________________________________________
(١) سواء كان لها
ولد ذكر أو لا.
(٢) وهو القول
الثاني.
(٣) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب ميراث ولاء العتق حديث ١٠
(٤) الوسائل الباب
ـ ٤٢ ـ من أبواب كتاب العتق حديث ٢.
(٥) لأنه واقفي
إلا أنه ثقة.
(٦) لأنه عامي غير
أنه ثقة يعمل بخبره عند الأصحاب.
(٧) مع أن قوله هو
الثالث المتقدم في الشرح.
(٨) أب للمعتق
المنعم.
(٩) لأن الولاء
يرثه من يرث الميراث كما تقدم في خبر الدعائم ، فلو ترك المنعم مالا كان لأبيه
وأولاده فكذلك الولاء خرجت منه النساء بالنص وخالف ابن الجنيد فحكم باختصاص الولاء
بولد المعتق فقط للأخبار السابقة التي صرحت بالولد ، وفيه إنها منزلة على الغالب
مع عدم بقاء أب المعتق بعده.
(١٠) على نحو
التعيين لا على نحو الأولوية ، والقول لابن الجنيد.
وكذا يشترك الجدّ
للأب والأخ من قبله (١) أن الأم فيبنى إرثها على ما سلف (٢). والأقوى أنها تشاركهم
أيضا ، ولو عدم الأولاد اختص الإرث بالأب.
(ثمّ) مع عدمهم (٣) أجمع يرثه (٤) (الإخوة والأخوات)
(٥) من قبل الأب والأم ، أو الأب(ولا يرثه المتقرب
بالأم) من الإخوة وغيرهم
كالأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات لها (٦) ومستند ذلك كله (٧)
رواية السكوني في اللحمة (٨)
______________________________________________________
(١) من قبل الأب
عند فقد الطبقة الأولى من الأولاد والأب ، وخصه بالأخ من الأب لأن الأخ المتقرب
إلى الميت بالأم لا يرث الولاء كما لم ترث الأم الولاء وسيأتي ، هذا وقد قال في
المسالك : «وخالف ابن الجنيد في التسوية بين الأخ والجد وجعل الجد أولى وهو شاذ ،
بل الأخ أدخل في الحكم لأنه من العاقلة قطعا بخلاف الجد فإن فيه الخلاف».
(٢) من شراكة
النساء في إرث ولاء العتق ، والأخبار قد صرحت بحرمان البنات وهذا إيماء إلى حرمان
الأم ، لأن البنات حرمن من الولاء لخروجهن عن العاقلة فكذا الأم ، فتقوية الشارح
لدخول الأم في إرث الولاء ليس في محله.
(٣) عدم الأولاد
والأب وأيضا الأم على مذهب الشارح.
(٤) يرث الولاء.
(٥) وفيه : إن
الأخبار السابقة خصت الولاء بالعصبة ففي خبر صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام المتقدم : (فقضى بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه إذا أحدث
حدثا يكون فيه عقل) .
والعصبة العاقلة
هي كل ذكر تقرب إلى الميت بالأب ، فذكر الأخوات من الطبقة الثانية والعمات من
الطبقة الثالثة ليس في محله ، بل ذكر الأم سابقا من الطبقة الأولى مع أنها ليست من
العاقلة كذلك ليس في محله ولذا قال صاحب الجواهر : «ومن الغريب ما في المسالك من
موافقته هنا على عدم إرث الإناث من الأخوات والعمات والخالات ومخالفته في الأم ،
فجعلها وارثة كالأب مع عدم دليل يخصها».
(٦) للأم.
(٧) من دخول الأم
والأخوات من قبل الأب.
(٨) الولاء لحمة
كلحمة النسب ، وقد تقدم الخبر.
__________________
خصّ بما ذكرناه (١)
، للأخبار الصحيحة (٢) فيبقى الباقي.
والأقوى أن الإناث
منهم في جميع ما ذكر لا يرثن ، لخبر العصبة (٣) وعلى هذا فيستوي إخوة الأب ، وإخوة
الأبوين لسقوط نسبة الأم ، إذ لا يرث من يتقرب بها وإنما المقتضي التقرب بالأب وهو
مشترك(فإن عدم قرابة المولى) أجمع(فمولى المولى) هو الوارث إن اتفق(ثمّ) مع عدمه فالوارث(قرابة مولى
المولى) على ما فصّل (٤)
، فإن عدم فمولى مولى المولى ثم قرابته.
(وعلى هذا فإن عدموا) أجمع(فضامن الجريرة) وهي الجناية (٥) (وإنما يضمن سائبة)
(٦) كالمعتق في الواجب ، وحرّ الأصل حيث لا يعلم له قريب ،
فلو علم له
______________________________________________________
(١) من عدم إرث
البنات ومن يتقرب بالأم.
(٢) وقد تقدمت
سابقا.
(٣) وهو خبر محمد
بن قيس المتقدم.
(٤) من اختصاص
الإرث بأولاده والعصبة الذكور.
(٥) لغة ، قال
الشارح في المسالك : «هذا العقد كان في الجاهلية يتوارثون به دون الأقارب ، فأقرهم
الله تعالى في صدر الإسلام عليه ، وأنزل فيه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ
أَيْمٰانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) ثم نسخ بالإسلام والهجرة ، فإذا كان للمسلم ولد لم يهاجر
ورثه المهاجر دون ولده ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ
يُهٰاجِرُوا مٰا لَكُمْ مِنْ وَلٰايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ثم نسخ بالتوارث بالرحم والقرابة وأنزل الله تعالى فيه
آيات الفرائض ، وقوله تعالى : (وَأُولُوا
الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ) ، وبقي الإرث بضمان الجريرة منسوخا عند الشافعي مطلقا ،
وعندنا أنه باق لكن على بعض الوجوه لا مطلقا».
(٦) المضمون واحد
من اثنين ، إما معتق في واجب فهو السائبة وإما حرّ الأصل لا وارث له مناسب ، وهذا
لا خلاف فيه ، ويدل على الأول : خبر بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام : (فإن المعتق سائبة لا سبيل لأحد عليه وإن كان توالى قبل
أن يموت إلى احد من المسلمين فضمن جنايته وحدثه كان مولاه ووارثه إن لم يكن قريب
يرثه) ، ويدل على الثاني خبر العلاء عن ابن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام : (سألته عن السائبة والذي كان من أهل الذمة إذا والى أحدا
من المسلمين على أن يعقل عنه فيكون ميراثه له ، أيجوز ذلك قال : نعم) ، وخبر الحذاء : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أسلم ـ
__________________
قريب وارث ، أو
كان له معتق ، أو وارث معتق كما فصّل لم يصح ضمانه.
ولا يرث المضمون
الضامن (١) إلا أن يشترك الضمان بينهما. ولا يشترط في الضامن عدم الوارث ، بل في
المضمون. ولو كان للمضمون زوج ، أو زوجة فله نصيبه الأعلى. والباقي للضامن.
وصورة عقد ضمان
الجريرة أن يقول المضمون (٢) : عاقدتك على أن تنصرني ، وتدفع عني ، وتعقل عني ،
وترثني ، فيقول : قبلت.
ولو اشترك العقد
بينهما قال أحدهما : على أن تنصرني وأنصرك ، وتعقل عني وأعقل عنك ، وترثني وأرثك ،
أو ما أدّى هذا المعنى فيقبل الآخر.
وهو من العقود
اللّازمة فيعتبر فيه ما يعتبر فيها (٣) ، ولا يتعدى الحكم الضامن وإن كان له وارث.
ولو تجدّد للمضمون
وارث بعد العقد ففي بطلانه (٤) ، أو مراعاته بموت المضمون كذلك (٥) وجهان (٦)
أجودهما : الأول لفقد شرط الصحة فيقدح طارئا كما يقدح ابتداء.
______________________________________________________
ـ فتوالى إلى رجل
من المسلمين قال : إن ضمن عقله وجنايته ورثه وكان مولاه) باعتبار أن الذمي إذا أسلم لا وارث له مناسب لأن أهله من الكفار.
(١) لأن ولاء
الضمان عقد بين الطرفين من إيجاب وقبول وإذا تم فالضامن يرث وأما المضمون فهو
بحاجة إلى عقد ثان حتى يكون ضامنا ، إلا أن يقع التضامن بينهما في عقد واحد.
(٢) بل كل لفظ يدل
على المطلوب من ضمان جريرته وحدثه وعقله وله ميراثه فهو كاف.
(٣) من اللفظ
الصريح ومقارنة القبول للإيجاب ونحو ذلك.
(٤) بطلان عقد
الضمان.
(٥) أي فاقدا
للوارث النسبي.
(٦) من أن صحة عقد
الضمان مشروطة بعدم الوارث ، وقد وجد فيمنع صحته استدامة كما يمنع صحته ابتداء.
ومن أن عقد الضمان
قد وجد قبل وجود الوارث فيحكم بصحته وبعد وجود الوارث يشك في بطلانه فتستصحب
الصحة.
__________________
(ثمّ) مع فقد الضامن فالوارث(الإمام عليهالسلام) (١) مع حضوره ، لا بيت المال على الأصح فيدفع إليه يصنع به ما
شاء ، ولو اجتمع معه أحد الزوجين فله نصيبه الأعلى كما سلف.
وما كان يفعله
أمير المؤمنين عليهالسلام من قسمته (٢) في فقراء بلد الميت وضعفاء جيرانه (٣) فهو
تبرع منه.
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه
ويدل عليه أخبار منها : خبر بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام : (وإن لم يكن توالى إلى أحد حتى مات فإن ميراثه لإمام
المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين) .
ومرسل حماد بن
عيسى عن أبي الحسن الأول عليهالسلام : (الإمام وارث من لا وارث له) .
وخبر عمار بن أبي
الأحوص : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن السائبة فقال : انظروا في القرآن مما كان فيه فتحرير رقبة
فتلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لأحد عليها إلا الله ، فما كان ولاؤه لله فهو
لرسول الله ، وما كان ولاؤه لرسول الله فإن ولاءه للإمام ، وجنايته على الإمام
وميراثه له) .
نعم في بعض
الأخبار أن الميراث ينقل إلى بيت مال المسلمين فيكون مالا لجميعهم ، ففي خبر
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله : (من أعتق سائبة فليتوال من شاء ، وعلى من والى
جريرته ، وله ميراثه ، فإن سكت حتى يموت أخذ ميراثه فجعل في بيت المسلمين إذا لم
يكن له وليّ) .
وهو اختيار الشيخ
في الاستبصار والإسكافي ، وحملت على التقية لموافقتها للعامة.
(٢) قسمة إرث من
لا وارث له.
(٣) كما في خبر
خلاد السندي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كان علي عليهالسلام يقول في الرجل يموت ويترك مالا وليس له أحد : أعط المال
همشاريجه) أي أبناء بلده ، ومرسل داود عن أبي عبد الله عليهالسلام : (مات رجل على عهد أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن له وارث ـ
__________________
(ومع غيبته (١) يصرف في الفقراء والمساكين من بلد الميت) ولا شاهد لهذا التخصيص (٢) إلا ما روي من فعل أمير
المؤمنين عليهالسلام (٣) وهو مع ضعف
سنده لا يدلّ على ثبوته في غيبته (٤).
والمرويّ صحيحا عن
الباقر والصادق عليهماالسلام : «أن مال من لا وارث له من الأنفال» (٥) وهي لا تخص ببلد
المال. فالقول بجواز صرفها إلى الفقراء والمساكين من المؤمنين مطلقا (٦) ـ كما
اختاره جماعة منهم المصنف في الدروس ـ أقوى إن لم نجز صرفه (٧) في غيرهم (٨) من
مصرف الأنفال.
وقيل (٩) : يجب
حفظه له كمستحقّه في الخمس وهو أحوط(ولا) يجوز أن(يدفع إلى سلطان الجور مع القدرة) على منعه ، لأنه غير مستحق له عندنا فلو دفعه
______________________________________________________
ـ فدفع أمير
المؤمنين عليهالسلام ميراثه إلى همشهريجة) .
لكنه محمول جمعا
بينه وبين ما تقدم على أنه تبرع منه (صلوات الله عليه).
(١) غيبة الإمام عليهالسلام كما في هذه العصور.
(٢) في فقراء بلد
الميت.
(٣) الوسائل الباب
ـ ٤ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة حديث ١ و ٢ و ٣.
(٤) بل صريحها أن
الفعل كان في حضوره عليهالسلام.
(٥) كما في خبر
العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام ، وكما في خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ولاء ضمان الجريرة
والإمامة حديث ١ و ٣.
(٦) سواء في بلد
الميت أو غيره.
(٧) صرف إرث من لا
وارث له.
(٨) غير المساكين
والفقراء بل في كل ما يقطع برضا الله من مصالح الدين.
(٩) إنه يجب
الوصية به أو الدفن إلى حين ظهوره كسائر حقوقه بل عن ظاهر الخلاف الإجماع عليه كما
في الجواهر ، وهو ضعيف لأن فيه تعريضا لتلفه ، مع أنه لو كان من الأنفال لوجب
القول بتحليله للشيعة حتى ورد في الخبر : (وما كان لنا فهو لشيعتنا) .
__________________
إليه دافع اختيارا
كان ضامنا له ، ولو أمكنه دفعه عنه ببعضه وجب ، فإن لم يفعل ضمن ما كان يمكنه منعه
منه ، ولو أخذه الظالم قهرا فلا ضمان على من كان بيده.
(الفصل الرابع ـ في
التوابع)
[وفيه مسائل] :
(الأولى ـ في ميراث الخنثى (١) ، وهو من له فرج الرجال
والنساء وحكمه أن يورّث (٢) على ما) أي للفرج الذي يبول منه ، فإن بال منهما فعلى الذي(سبق منه)
______________________________________________________
(١) والخنثى من له
فرج الذكر وفرج الأنثى ، وأحدهما أصلي والآخر فرعي زائد ، والخنثى إما ذكر وإما
أنثى إذ لا يعقل وجود طبيعة ثالثة لقوله تعالى : (فَجَعَلَ مِنْهُ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثىٰ) وقوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ
يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ الذُّكُورَ) .
(٢) الخنثى على
قسمين واضح ومشكل ، أما الواضح هو الذي يعرف الأصلي من فرجيه عن الزائد ، ويحكم
بذكوريته أو أنوثيته تبعا لعلامات وهي :
الأولى : البول
فإن بال من أحدهما دون الآخر يحكم بأنه أصلي والآخر زائد ، وهو محل وفاق كما في
المسالك ، ويدل عليه خبر طلحة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كان أمير المؤمنين عليهالسلام يورّث الخنثى من حيث يبول) ، وخبر داود بن فرقد (إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر
، وإن كان يبول من القبل فله ميراث الأنثى) .
الثانية : فإن بال
من كليهما فيعتبر أسبقهما بحيث من يخرج منه البول أولا ، ويدل عليه صحيح هشام بن
سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (يورّث من حيث يبول فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث
فإن كانا سواء ورّث ميراث الرجال وميراث النساء) ، وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عن أبيه عليهماالسلام : (أن عليا عليهالسلام كان يقول : الخنثى يورّث من حيث يبول ، فإن بال منهما
جميعا فمن أيهما سبق البول ورّث منه ، فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ونصف عقل
الرجل) . ـ
__________________
(البول) بمعنى إلحاقه بلازمه من ذكورية وأنوثية ، سواء تقارنا في
الانقطاع أم اختلفا ، وسواء كان الخارج من السابق أكثر من الخارج من المتأخر أم
أقل على الأشهر.
وقيل : يحكم
للأكثر (١).
(ثمّ) مع الخروج منهما دفعة يورّث(على ما ينقطع منه
أخيرا) على الأشهر.
وقيل : أوّلا. ومع
وجود هذه الأوصاف يلحقه جميع أحكام من لحق به ، ويسمى واضحا.
(ثمّ) مع التساوي في البول أخذا وانقطاعا(يصير مشكلا) وقد اختلف الأصحاب في حكمه حينئذ (٢).
______________________________________________________
ـ هذا والكثير
عبّر بالسبق مع أن المفيد والمرتضى والديلمي اعتبروا الغلبة والكثرة ، وقد جمع
صاحب الرياض بينهما بأن الأسبق هو الذي يخرج منه أكثر ولذا كان التعبير بالكثرة
ملازما للأسبق ولذا لم ينقل خلاف في العلامة الثانية ، وقد اعترف بعدم الخلاف
الشارح في المسالك ، فجعل الخلاف فيها كما في الروضة هنا عند قوله : قيل يحكم
بالأكثر ليس في محله ، بعد ما عرفت أنه ملازم للأسبق.
العلامة الثالثة :
فإن بدر البول منهما معا فعلى الذي ينقطع منه البول أخيرا ، وهو ما اختاره الشيخ
وأكثر الأصحاب ويدل عليه المرسل المروي في الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في المولود له ما للرجال وله ما للنساء قال : من أيهما
سبق ، قيل : فإن خرج منهما جميعا ، قال : فمن أيهما استدر ، قيل : فإن استدرا
جميعا ، قال : فمن أبعدهما) بناء على أن معنى الأبعدية هي الأبعدية الزمانية وليس ذلك
إلا الذي ينقطع أخيرا بعد فرض تساويهما ابتداء.
وعن القاضي ابن
البراج أنه لمن ينقطع أولا ، وهو ضعيف لعدم الدليل عليه كما في الرياض ، ونسب إلى
الوهم كما في المسالك ، وعن الصدوق والإسكافي والمرتضى عدم اعتبار الانقطاع أخيرا
علامة.
هذا كله في علامات
الخنثى الواضح. فإن كان فاقدا لهذه العلامات فهو الخنثى المشكل.
(١) وقد عرفت عدم
الخلاف فيه.
(٢) أي في حكم
الخنثى حين كونه مشكلا ، قد اختلفوا في كيفية توريث المشكل على أقوال : ـ
__________________
فقيل : تعدّ
أضلاعه ، فإن كانت ثماني عشرة فهو أنثى ، وإن كانت سبع
______________________________________________________
ـ القول الأول :
للشيخ في الخلاف أنه يعمل فيه بالفرقة مدعيا عليه إجماع الفرقة وأخبارهم ، ومراده
من الأخبار ما ورد أن القرعة لكل أمر مشكل ، ولخصوص أخبار وردت في الخنثى المشكل
منها : خبر إسحاق : (سئل ـ يعني أبا عبد الله عليهالسلام ـ وأنا عنده عن مولود ولد ليس بذكر ولا أنثى وليس له إلا
دبّر كيف يورّث؟ قال : يجلس الإمام عليهالسلام ويجلس معه ناس فيدعو الله ويجيل السهام على أيّ ميراث
يورّثه ميراث الذكر أو ميراث الأنثى ، فأي ذلك خرج ورّثه عليه ، ثم قال : وأيّ
قضية أعدل من قضية يجال عليها بالسهام ، إن الله تبارك وتعالى يقول : (فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) مع أن إجماعه معارض بإجماع غيره فضلا عن ورود أخبار في
كيفية توريث المشكل معارضة لهذه الأخبار.
القول الثاني :
للشيخ المفيد والسيد المرتضى والإسكافي وابن إدريس من أنه يعدّ أضلاعه فإن اختلف
أحد الجانبين عن الآخر عددا فهو ذكر ، وإن تساويا فهو انثى ، ويدل عليه خبر ميسرة
بن شريح وهو طويل ، والشاهد منه أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال عن الخنثى : (جردوها من ثيابها وعدّوا أضلاع جنبيها ،
ففعلوا ثم خرجوا إليه فقالوا له : عدد الجنب الأيمن اثنا عشر ضلعا والجنب الأيسر
أحد عشر ضلعا ، فقال علي عليهالسلام : الله أكبر ايتوني بالحجام فأخذ من شعرها وأعطاها رداء
وحذاء وألحقها بالرجال ، فقال الزوج : يا أمير المؤمنين عليهالسلام ، امرأتي وابنة عمي ألحقتها بالرجال؟ ممن أخذت هذه القضية؟
فقال : إني ورثتها من أبي آدم ، وحواء خلقت من ضلع آدم عليهالسلام ، وأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء بضلع) .
وطعن الأكثر في
سند هذه الرواية إلا أن الصدوق قد رواها بسند صحيح في الفقيه إلا أن في رواية الصدوق أن أضلاعها كانت سبعة عشر ، تسعة
في اليمين وثمانية في اليسار.
القول الثالث :
للشيخ في النهاية والمبسوط والإيجاز وللمفيد والصدوقين وسلّار وابني حمزة وزهرة
والمحقق الطوسي والعلامة وولده والصيمري والفاضل المقداد والشهيدين بل هو المشهور
أنّها تعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث الأنثى ، ويدل عليه خبر هشام بن سالم عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (ـ إلى أن قال ـ فإن خرج منهما سواء فمن حيث ـ
__________________
عشرة : من الجانب
الأيمن تسع ، ومن الأيسر ثمان فهو ذكر (١). وكذا لو تساويا وكان في الأيسر ضلع
صغير ناقص (٢).
ومستند هذا القول
ما روي (٣) من قضاء علي عليهالسلام به معلّلا بأن حوّاء خلقت من ضلع آدم عليهالسلام وإن خالفت (٤) في عدد الأضلاع. وانحصار أمره (٥) بالذكورة
والأنوثة ، بمعنى أنه ليس بطبيعة ثالثة (٦) ، لمفهوم الحصر في قوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ
إِنٰاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ الذُّكُورَ) (٧).
وفي الرواية ضعف.
وفي الحصر منع وجاز خروجه (٨)
______________________________________________________
ـ ينبعث ، فإن
كانا سواء ورّث ميراث الرجال وميراث النساء) ، وخبر إسحاق بن عمار : (فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة
ونصف عقل الرجل) ، وخبر أبي البختري : (فإن لم يبل من واحد منهما حتى يموت
فنصف ميراث المرأة ونصف ميراث الرجل) وحمل أخبار القرعة على من ليس له فرج بل له دبر فقط كما هو
صريحها وسيأتي الكلام فيه ، وأما أخبار عدّ الأضلاع فأعرضوا عنها لضعف في سند
بعضها وعدم موافقتها للواقع لأن الأضلاع متساوية في الجانبين بلا فرق بين الذكر
والأنثى كما نصّ عليه أهل التشريح ، وعن بعض كصاحب الجواهر العمل بعدّ الأضلاع
أولا فإن تعذر فيعمل على تنصيف ميراث الذكر وميراث الأنثى له.
(١) اعتمادا على
رواية الصدوق في الفقيه ، مع أنه في رواية ابن شريح أن الأضلاع في الجانب الأيمن
اثنا عشر ضلعا وفي الأيسر أحد عشر ضلعا.
(٢) فيحكم بأنه
ذكر.
(٣) الوسائل الباب
ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى حديث ٣ و ٤ و ٥.
(٤) أي وإن خالفت
الرواية ما ذكره الأصحاب في عدد الأضلاع ، ففي رواية ميسرة أن الأضلاع في الأيمن
اثنا عشر وفي الأيسر أحد عشر ، والأصحاب ذكروا في الأيمن تسعة أضلع وفي الأيسر
ثمانية أضلع تبعا لرواية الصدوق في الفقيه.
(٥) أمر الخنثى.
(٦) حتى يورث نصف
ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى لا بل لا بد من علامة يعرف بها ولا يوجد إلا عدّ
الأضلاع.
(٧) الشورى آية :
٤٩.
(٨) خروج الحصر.
__________________
مخرج الأغلب (١).
وقيل : يورّث
بالقرعة ، لأنها (٢) لكل أمر مشتبه (٣).
(والمشهور) وبين الأصحاب أنه (٤) حينئذ (٥) يورّث(نصف النصيبين) : نصيب الذكر ونصيب الأنثى ، لموثقة هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام قال : قضى علي عليهالسلام في الخنثى ـ له ما للرجال ، وله ما للنساء ـ قال : «يورّث
من حيث يبول ، فإن خرج منهما جميعا فمن حيث سبق ، فإن خرج سواء فمن حيث ينبعث ،
فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال والنّساء» (٦).
وليس المراد الجمع
بين الفريضتين إجماعا ، فهو (٧) نصفهما ، ولأنّ المعهود في الشرع (٨) قسمة ما يقع
فيه التنازع بين الخصمين مع تساويهما (٩) وهو هنا (١٠) كذلك ، ولاستحالة الترجيح
من غير مرجّح.
(فله مع الذّكر خمسة من اثني عشر) (١١) ، لأن الفريضة على تقدير
______________________________________________________
(١) ولذا قد يكون
من ليس له إلا الدبر فقط.
(٢) لأن القرعة.
(٣) ولخصوص أخبار
في الخنثى قد تقدم بعضها.
(٤) أن الخنثى.
(٥) حين كونه
مشكلا.
(٦) الوسائل الباب
ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الخنثى حديث ١.
(٧) ميراث الخنثى.
(٨) المعهود من
الشرع عند اختلاف الدعويين مع عدم الحجة لأحدهما هو تقسيم المدعى عليهما كما لو
أودع زيد درهما عند عمرو ، وقد أودع عنده ثالث درهما آخر ، وضاع أحد الدرهمين
وتنازع الودعيان في الدرهم الموجود فيحكم بتنصيفه بينهما.
(٩) في عدم الحجة.
(١٠) أي الاختلاف
في كونه ذكرا أو أنثى مع عدم الحجة لترجيح أحدهما.
(١١) على المشهور
وذلك فالخنثى تفرض مرة أنثى ويقسم الميراث عليها وعلى الذكر ، وتفرض مرة ذكر ويقسم
الميراث عليه وعلى الذكر الآخر ، والمجموع المعطى للخنثى في العمليتين ينقسم على
اثنين والحاصل هو نصيبها ، فعلى فرض كونها أنثى فلها أربعة وللذكر ثمانية ، وعلى
فرض أنها ذكر فلها ستة وللذكر الآخر ستة ، فالمعطى لها في العمليتين عشرة ، وإذا ـ
ذكوريته (١) من
اثنين وعلى تقدير الأنوثية من ثلاثة وهما متباينان فيضرب إحداهما في الأخرى ، ثم
يضرب المرتفع (٢) ...
______________________________________________________
ـ قسمت على اثنين
فيكون المعطى لها خمسة من اثني عشر ، والمعطى للذكر في العمليتين أربعة عشر ومع
قسمتها على اثنين فيكون الحاصل للذكر سبعة من اثني عشر.
وهذا يلزم منه
تنصيف النصيبين للخنثى ، وتنصيف نصيب الذكر مع الأنثى ونصيبه مع الذكر فيعطى للذكر
المجتمع معها ، مع أن الرواية قد صرحت بتنصيف النصيبين للخنثى فقط وأما من معها
فيعطى حصته على كل حال من دون تنصيف نصيبه في عمليتين ، ولذا ذهب الشيخ في النهاية
وجعله في المبسوط أنه الأصل واستحسنه العلامة في التحرير إلى طريقة أخرى سماها
بطريق التحقيق وهو :
أن يأخذ الذكر
حصته بما هو ذكر ، وأما الخنثى فيعطى نصف نصيب الذكر والأنثى ، فلو كان للذكر
أربعة لكان للأنثى اثنان فتعطى الخنثى ثلاثة حينئذ التي هي نصف الستة الحاصلة من
مجموع نصيب الذكر والأنثى وهو الأوفق بقوله عليهالسلام : (نصف عقل الرجل ونصف عقل المرأة) .
بخلاف طريقة
المشهور المبنية على أن الخنثى تعطى حصة الأنثى يقينا وللذكر حصته ، فيبقى التفاوت
بين حصة الذكر والأنثى لا يعلم مستحقه فيقسم بينهما بالسوية وهذا بعيد عن ظاهر
الأخبار.
والفرق بين
الطريقتين يظهر في كل الفروض ومثاله : ما لو اجتمع خنثى وذكر فالخنثى على تقدير
الذكورية لها ستة من اثني عشر ، وعلى تقدير الأنوثية لها أربعة من اثني عشر ،
فالمجموع المعطى لها على التقديرين عشرة ، ثم تنقسم على اثنين لأن النصيب على
تقديرين فيكون المعطى لها ٥ / ١٢ هذا ما عليه المشهور.
وأما على طريقة
التحقيق فالخنثى المعطى لها نصف نصيب الذكر ونصف نصيب الأنثى فتكون حصتها ثلاثة
أرباع الذكر دائما فلو كان الذكر له أربعة لكانت الخنثى لها ثلاثة وهكذا.
وحتى بيان الفرق
فيقال للخنثى على طريقة المشهور ٥ / ١٢ وعلى طريقة التحقيق ٣ / ٧ ، فلو اردنا
توحيد المخرجين فنضرب الاثنى عشر بسبعة فالحاصل ٨٤ ، (٣٥ للخنثى على طريقة المشهور)
/ ٨٤ ، (٣٦ على طريقة التحقيق) / ٨٤ ، فالفرق ١ / ٨٤ بين الطريقتين.
(١) الخنثى.
(٢) وهو الستة.
__________________
في اثنين ، وهو (١)
قاعدة مطردة في مسألة الخناثي ، للافتقار إلى تنصيف كل نصيب (٢) وذلك اثنا عشر ،
له منها (٣) على تقدير الذكورية ستة ، وعلى تقدير الأنوثية أربعة فله نصفهما : خمسة
والباقي للذكر.
(ومع الأنثى سبعة) بتقريب ما سبق ، إلا أن له على تقدير الذكورية ثمانية ،
وعلى تقدير الأنوثية ستة ونصفهما سبعة.
(ومعهما) معا (٤) (ثلاثة عشر من
أربعين سهما) ، لأن الفريضة
على تقدير الأنوثية من أربعة (٥) ، وعلى تقدير الذكورية من خمسة (٦) ، ومضروب
إحداهما في الأخرى عشرون ، ومضروب المرتفع في اثنين أربعون. فله (٧) على تقدير
فرضه ذكرا «ستة عشر» (٨) ، وعلى تقديره انثى «عشرة» (٩). ونصفهما ثلاثة عشر ،
والباقي بين الذكر والأنثى أثلاثا.
(والضابط) في مسألة الخنثى(أنّك تعمل
المسألة تارة أنوثية) أي تفرضه (١٠) أنثى(وتارة ذكورية وتعطي كلّ وارث) منه وممن اجتمع معه(نصف ما اجتمع له
في المسألتين) مضافا (١١) إلى ضرب المرتفع في اثنين كما قررناه.
فعلى هذا لو كان
مع الخنثى أحد الأبوين فالفريضة على تقدير الذكورية ستة (١٢) ،
______________________________________________________
(١) ضرب المرتفع
في اثنين.
(٢) لأن النصيب ناتج
من عمليتين حسابيتين على تقديرين ، تقدير أنها انثى وتقدير أنها ذكر.
(٣) للخنثى من
الاثني عشر.
(٤) أي وللخنثى مع
الأنثى والذكر.
(٥) للذكر اثنان
ولكل أنثى واحد.
(٦) للأنثى واحد
ولكل ذكر اثنان.
(٧) للخنثى.
(٨) وستة عشر
للذكر الآخر وثمانية للأنثى.
(٩) ولكل ذكر
عشرون.
(١٠) تفرض الخنثى.
(١١) أي بعد ضرب
المرتفع.
(١٢) فأحد الأبوين
له السدس والباقي للذكر المفروض بالقرابة.
وعلى تقدير
الأنوثية أربعة (١). وهما (٢) متوافقان بالنصف فتضرب ثلاثة في أربعة (٣) ثم
المجتمع في اثنين يبلغ أربعة وعشرين. فلأحد الأبوين خمسة ، وللخنثى تسعة عشر.
ولو اجتمع معه (٤)
الأبوان ففريضة الذكورية ستة (٥) ، وفريضة الأنوثية خمسة (٦). وهما (٧) متباينان
فتضرب إحداهما في الأخرى ، ثم المرتفع في الاثنين ويبلغ ستين. فللأبوين اثنان
وعشرون ، وللخنثى ثمانية وثلاثون.
ولو اجتمع مع خنثى
وأنثى أحد الأبوين ضربت «خمسة» : مسألة الأنوثية (٨) في «ثمانية عشر» : مسألة
الذكورية (٩) لتباينهما تبلغ «تسعين» ثم تضربها في الاثنين (١٠) تبلغ «مائة
وثمانين» ، لأحد الأبوين ثلاثة وثلاثون ، لأن له ستة وثلاثين تارة (١١)
______________________________________________________
(١) فأحد الأبوين
له السدس والبنت لها النصف فرضا والباقي يرد عليهما أرباعا وعليه فالبنت لها ثلاثة
أرباع الفريضة من الفرض والرد وأحد الأبوين له ربع الفريضة من الفرض والرد ، وقد
تقدم الكلام في ذلك.
(٢) الستة
والأربعة.
(٣) أو اثنين في
الستة.
(٤) مع الخنثى.
(٥) الأبوان لهما
الثلث لكل واحد السدس والباقي للذكر بالقرابة.
(٦) فالبنت لها
النصف والأبوان لكل واحد سدس ، فيبقى سدس يرد أخماسا ، فيكون للبنت ثلاثة أخماس
الفريضة من الفرض والرد ، ولكل واحد من الأبوين الخمس.
(٧) الستة
والخمسة.
(٨) أي على تقدير
كون الخنثى أنثى فالفريضة من خمسة لأحد الأبوين السدس وللبنتين الثلثان فيبقى سدس
يرد أخماسا عليهم بحسب حصصهم ، فيكون المعطى للبنتين فرضا وردا أربعة أخماس ولأحد
الأبوين الخمس.
(٩) أي على تقدير
كون الخنثى ذكرا فالفريضة من ثمانية عشر ، لأحد الأبوين السدس وهو ثلاثة وللذكر
عشرة وللأنثى خمسة.
(١٠) لأنه الأصل
في قاعدة الخناثى.
(١١) إذا كان
الخنثى أنثى.
وثلاثين أخرى (١)
فله نصفهما ، وللأنثى واحد وستون ، وللخنثى ستة وثمانون.
فقد سقط من سهام
أحد الأبوين نصف الرد (٢) ، لأن المردود (٣) على تقدير أنوثيتها (٤) ستة وهي فاضلة
(٥) على تقدير الذكورية (٦).
ولو اجتمع معه (٧)
في أحد الفروض (٨) أحد الزوجين ضربت مخرج
______________________________________________________
(١) على تقدير كون
الخنثى ذكرا.
(٢) على تقدير كون
الخنثى ذكرا ، فأحد الأبوين له السدس والباقي للذكر والأنثى بالقرابة فلا يوجد باق
حتى يرد عليهم ، فلا داعي لتنصيفه بعد ضربه بالاثنين وبيانه :
فالفريضة من مائة
وثمانين كما عرفت ، سدسها لأحد الأبوين وهو ثلاثون ، والباقي يقسم بين الذكر
والأنثى أثلاثا فالذكر له مائة والأنثى لها خمسون هذا على تقدير كون الخنثى ذكرا.
وأما على تقدير
كونه أنثى ، فالسدس لأحد الأبوين وهو ثلاثون والثلثان للبنتين وهو مائة وعشرون ،
والباقي ثلاثون يرد عليهم أخماسا ، أربعة أخماسه للبنتين ، فأربعة وعشرون منه
بالرد مع مائة وعشرين فيكون المعطى للبنتين مائة وأربعة وأربعين ، لكل بنت اثنان
وسبعون.
فالخنثى على تقدير
الذكورية لها مائة وعلى تقدير الأنوثية اثنان وسبعون ، فالمجموع في المسألتين
يساوي مائة واثنين وسبعين فلو قسمناها على اثنين لقاعدة الخناثي فالحاصل هو : ستة
وثمانون.
والمعطى لأحد
الأبوين على تقدير الذكورية ثلاثون ، وهو السدس لأن أحد الأبوين له السدس وخمسة
أسداس بين الذكر والأنثى أثلاثا وبما أن الخمسة لا تنقسم على الثلاثة فتضرب الستة
ـ مخرج الفريضة ـ بالثلاثة ، فالحاصل ما ذكرنا ، وعلى تقدير الأنوثية ستة وثلاثون
، وهي السدس مع خمس الباقي ، فقد رددنا على أحد الأبوين على تقدير الأنوثية ستة
ولا بد من تنصيفها لقاعدة الخناثى مع أننا لم نرد على أحد الأبوين على تقدير
الذكورية فلا داعي لتنصيفه ، فالمجموع المعطى لأحد الأبوين ستة وثلاثون ، يقسم على
اثنين فيكون ثلاثة وثلاثين ، فهذه الثلاثة هي نصف الرد على تقدير الأنوثية.
(٣) على أحد
الأبوين.
(٤) أنوثية
الخنثى.
(٥) أي الستة.
(٦) لأنه على
تقدير كون الخنثى ذكرا فلا فاضل.
(٧) مع الخنثى.
(٨) المتقدمة.
نصيبه (١) في
الفريضة ثم أخذت منها (٢) نصيبه (٣) وقسمت الباقي كما سلف (٤) إلّا
______________________________________________________
(١) نصيب أحد
الزوجين.
(٢) من الفريضة.
(٣) نصيب أحد
الزوجين من دون تنصيف ، لأنك لم تضرب الفريضة بمخرج نصيبه ثم ضربت الحاصل باثنين ،
وعدم الضرب بالاثنين في مسألة أحد الزوجين لأن أحد الزوجين له نصيبه المقرر لا
يتغير سواء فرضت الخنثى ذكرا أو أنثى.
(٤) فلو أخذنا
مسألة وهي ما لو اجتمع ذكر وأنثى حقيقيان مع خنثى كما هي المسألة الثالثة المتقدمة
مع زوج ، فلا بد من تصحيح مسألة الخنثى ومشاركيها أولا وقد عرفت أن الفريضة لهم هي
من أربعين ثم تضرب الأربعين في أربعة الذي هو مخرج نصيب الزوج لأن الخنثى
ومشاركيها أولاد للزوجة ، فيصير المجموع مائة وستين.
فيعطى الزوج
أربعين من دون حساب التقديرين لأن له الربع سواء كان الخنثى ذكرا أو أنثى.
والباقي مائة
وعشرون لا بد من تقسيمها على الخنثى والذكر والأنثى فنقول : فعلى تقدير ذكوريتها
فالقسمة على خمسة للذكر خمسان وهو ٤٨ ، وللأنثى خمس وهو ٢٤.
وعلى تقدير
أنوثيتها فالقسمة على أربعة للذكر سهمان وهو ستون ، وللأنثى سهم وهو ثلاثون.
فالمعطى للخنثى
على التقديرين : ٤٨+ ٣٠ ٧٨ ، وينقسم على اثنين فالحاصل : ٣٩.
والمعطى للذكر على
التقديرين : ٤٨+ ٦٠ ١٠٨ ، ينقسم على اثنين فالحاصل ٥٤.
والمعطى للأنثى
على التقديرين : ٢٤+ ٣٠ ٥٤ ، ينقسم على اثنين فالحاصل ٢٧ وعليه فالمعطى للخنثى هنا
مع الزوج يساوي ثلاثة أضعاف المعطى لها على تقدير عدم الزوج وكذا المعطى للذكر
والمعطى للأنثى ، فهنا للخنثى ٣٩ وهناك ١٣ ، وهنا للذكر ٥٤ وهناك ١٨ ، وهنا للأنثى
٢٧ وهناك ٩ ، هذا كله إذا معهم زوج ، وأما إذا كان معهم زوجة ضربت أصل الفريضة بعد
تصحيح مسألة الخنثى مع مشاركيها في مخرج نصيب الزوجة ، والفريضة أربعون فتضرب
بثمانية فالحاصل ٣٢٠.
للزوجة الثمن وهو
: ٣٢٠ / ٨ ٤٠.
والباقي ٢٤٠ يقسم
على الخنثى والذكر والأنثى فيقال : للخنثى على تقدير الذكورية : ١١٢ مع ١١٢ للذكر
الآخر و ٥٦ للأنثى ، لأن الباقي يقسم أخماسا هنا ذكران وأنثى. فللذكر خمسان
وللأنثى خمس.
وللخنثى على تقدير
الأنوثية : ٧٠ مع ٧٠ للأنثى و ١٤٠ للذكر ، لأن الباقي يقسم أرباعا حصتان للذكر
وحصتان للأنثيين.
أنك هنا تقسمه على
ثلاثة (١).
ومن استحق بدون
أحد الزوجين من الفريضة شيئا أخذ قدره ثلاث مرات إن كان زوجا ، وسبع مرات إن كان
زوجة. وعلى هذا قس ما يرد عليك من الفروض.
(الثانية ـ من ليس له فرج) الذكر ولا الأنثى ، إما بأن تخرج الفضلة من دبره ، أو يفقد
الدبر ويكون له ثقبة بين المخرجين يخرج منه الفضلتان ، أو البول (٢) مع وجود الدبر
، أو بأن يتقيأ ما يأكله (٣) ، أو بأن يكون له لحمة رابية يخرج منها الفضلتان كما
نقل ذلك كلّه(يورّث بالقرعة) على الأشهر. وعليه شواهد من الأخبار.
منها صحيحة الفضيل
بن يسار عن الصادق عليهالسلام (٤) : «يكتب على
سهم
______________________________________________________
ـ فالخنثى على
التقديرين : ١١٢+ ٧٠ ١٨٢ ، ونصفها ٩١ للخنثى.
والأنثى على
التقديرين : ٥٦+ ٧٠ ١٢٦ ، ونصفها ٦٣ للأنثى.
والذكر على
التقديرين : ١١٢+ ١٤٠ ٢٥٢ ، ونصفها ١٢٦ للذكر.
هذا واعلم أن حصة
الواحد منهم على تقدير الزوجة يساوي حصته مع عدم الزوجة مضروبة بسبعة ، فالخنثى
هنا ٩١ وهناك ١٣ ، والأنثى هنا ٦٣ وهناك ٩ ، والذكر هنا ١٢٨ وهناك ١٨.
(١) ليس مراده أن
نصيب الخنثى أو مشاركيها على التقديرين ينقسم على ثلاثة ، كيف وقد عرفت أن القسمة
على الاثنين ناشئة من كون النصيب على تقديرين.
بل مراده أن ما
تأخذه الخنثى هنا ـ مع وجود الزوج ـ لو قسمته على ثلاثة لكان عين نصيبها على تقدير
عدم الزوج ، وكذا الأنثى والذكر ، وقد تقدم هذا في الشرح السابق ، فلذا قال الشارح
عقيب هذه الجملة ما مضمونه أن ما تأخذه الخنثى هناك لو ضربته بثلاثة لكان نصيبها
على تقدير وجود الزوج ، والثلاثة ناشئة من كون الفريضة على تقدير عدم الزوج قد
زادت أربع على تقدير وجوده فالربع له والباقي ثلاثة وعلى هذا فالفريضة على تقدير
عدم الزوجة قد زادت على تقدير وجودها ثمان مرات ، فالثمن لها والباقي سبعة فلو
ضربت حصة الخنثى هناك بسبعة لكان الحاصل هو عين نصيبها هنا.
وهذا ما صرح به في
المسالك فراجع.
(٢) عطف على (الفضلتان).
(٣) ويشربه أيضا.
(٤) والخبر بتمامه
: (سأله عن مولود ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء ، قال : يقرع عليه ـ
عبد الله ، وعلى
سهم أمة الله ويجعل في سهام مبهمة ويقول ما رواه الفضيل : «اللهمّ أنت الله لا إله
إلّا أنت عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن
لنا أمر هذا المولود كيف يورّث ما فرضت له في الكتاب» ثم يجيل السّهام ويورّث على
ما تخرج.
والظاهر أنّ
الدعاء مستحب (١) ، لخلوّ باقي الأخبار منه ، وكذا نظائره مما فيه القرعة.
وفي مرسلة (٢) عبد
الله بن بكير : «إذا لم يكن له إلا ثقب يخرج منه البول
______________________________________________________
ـ الإمام أو
المقرع يكتب على سهم عبد الله وعلى سهم أمة الله ، ثم يقول الإمام أو المقرع : اللهم
أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه
يختلفون ، بيّن لنا أمر هذا المولود كيف يورّث ما فرضت له في الكتاب ، ثم تطرح
السهام في سهام مبهمة ثم تجال السهام ، على ما خرج ورّث عليه) ، ومرسل ثعلبة بن ميمون عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سئل عن مولود ليس بذكر ولا أنثى ، ليس له إلا دبر كيف
يورث؟ فقال عليهالسلام : يجلس الإمام ويجلس عنده ناس من المسلمين فيدعون الله ،
وتجال السهام عليه على أيّ ميراث يورّث على ميراث الذكر أو ميراث الأنثى ، فأي ذلك
خرج عليه ورثه ، ثم قال : وأيّ قضية أعدل من قضية تجال عليها السهام يقول الله
تعالى : (فَسٰاهَمَ
فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) .
(١) كما في الدروس
وغيرها ، لخلو مرسل ثعلبة عن خصوص الدعاء المأثور بل فيه الأمر بمطلق الدعاء الدال
على استحبابه ، وعن بعضهم القول بوجوب مطلق الدعاء وإن لم يكن خصوص المأثور تمسكا
بظاهر الأخبار.
(٢) ذهب ابن
الجنيد وابن حمزة وعن الشيخ في الاستبصار الميل إليه أن من لا فرج له يؤمر بالبول
فإن بال على مباله فهو أنثى وإن كان ينحي البول فهو ذكر لمرسل ابن بكير : (في
مولود ليس له ما للرجال ولا ما للنساء إلا ثقب يخرج منه البول ، على أيّ ميراث
يورّث؟ فقال : إن كان إذا بال فنحا بوله ورّث ميراث الذكر ، وإن كان لا ينحي بوله
ورّث ميراث الأنثى) وقد جعلها الشارح في المسالك مقطوعة وفي الوسائل أنها ـ
__________________
فنحّى بوله عند
خروجه عن مباله فهو ذكر ، وإن كان لا ينحي بوله عن مباله فهو أنثى» (١) وعمل بها
ابن الجنيد والأول مع شهرته أصح سندا وأوضحه.
(ومن له رأسان وبدنان على حقو) (٢) بفتح الحاء فسكون القاف : معقد الإزار عند الخصر(واحد) ، سواء كان ما
تحت الحقو ذكرا أم غيره ، لأنّ الكلام هنا في اتحاد ما فوق الحقو وتعدده ، ليترتب
عليه الإرث.
وحكمه : أن ، (يورّث بحسب الانتباه فإذا) كانا نائمين و (نبّه أحدهما
فانتبه الآخر فواحد. وإلّا) ينتبه الآخر(فاثنان) كما قضى به علي عليهالسلام (٣) وعلى
التقديرين (٤) يرثان إرث ذي الفرج الموجود فيحكم بكونهما أنثى واحدة (٥) ، أو
أنثيين (٦) ، أو ذكرا واحدا (٧) ، ...
______________________________________________________
ـ عنهم عليهمالسلام وفي الجواهر أنّها عنهما عليهماالسلام ، مع أن اعتبار القرعة متعين لصحة روايتها وأكثر عددا ،
وهذه ضعيفة بالقطع أو الإرسال.
(١) الوسائل الباب
ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الخنثى حديث ٥.
(٢) ففي الجواهر :
«عن أبي جميلة أنه رأى بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حقو واحد ، متزوجة تغار
هذه على هذه وهذه على هذه ، وعن غيره أنه رأى رجلا كذلك وكانا حائكين يعملان جميعا
على حقو واحد».
(٣) في خبر حريز
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ولد على عهد أمير المؤمنين عليهالسلام مولود له رأسان وصدران على حقو واحد ، فسئل أمير المؤمنين عليهالسلام يورّث ميراث اثنين أو واحدا؟ فقال : يترك حتى ينام ثم يصاح
به فإن انتبها جميعا كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد وبقي الآخر نائما فإنما
يورّث ميراث اثنين) .
وفي السند علي بن
أحمد بن أشيم ومحمد بن القاسم الجوهري وهما مجهولان إلا أنه منجبر بعمل الأصحاب
كما في المسالك وكشف اللثام والجواهر.
(٤) من انتباه
الآخر وعدمه.
(٥) إذا انتبها
معا وللحقو فرج.
(٦) إذا انتبه
أحدهما دون الآخر وللحقو فرج.
(٧) إذا انتبها
معا وللحقو إحليل.
__________________
أو ذكرين (١). ولو
لم يكن له فرج (٢) ، أو كانا معا (٣) حكم لهما (٤) بما سبق.
هذا من جهة الإرث.
ومثله الشهادة ، والحجب ، لو كان أخا (٥).
أما في جهة
العبادة فاثنان مطلقا (٦) ، فيجب عليه غسل أعضائه كلّها ومسحها فيغسل كلّ منهما
وجهه ويديه ويمسح رأسه ويمسحان معا على الرجلين ، ولو لم يتوضأ أحدهما ففي صحة
صلاة الآخر نظر (٧) ، من الشك في ارتفاع حدثه ، لاحتمال الوحدة (٨) فيستصحب المانع
إلى أن يتطهر الآخر ، ولو أمكن الآخر إجبار الممتنع ، أو تولي طهارته ففي الإجزاء
نظر (٩) : من الشك المذكور (١٠) المقتضي لعدم الإجزاء.
وكذا القول لو
امتنع من الصلاة.
والأقوى أن لكلّ
واحد حكم نفسه في ذلك (١١) وكذا القول في الغسل والتيمم ، والصوم.
______________________________________________________
(١) إذا انتبه
أحدهما دون الآخر وللحقو إحليل.
(٢) أقرع عليه.
(٣) فبالعلامات من
خروج البول أو سبقه أو انقطاعه أخيرا.
(٤) لمن لا فرج له
، أو له فرجان.
(٥) لأن مقتضى
إطلاق الخبر بجعله اثنين شامل لباب الشهادات وباب الحجب أيضا.
(٦) سواء انتبها
معا أو لا ، لأن العبادة مشروطة بقصد القربة ، فالإتيان بقصد القربة من أحدهما
موجب للشك في فراغ الذمة ، والاشتغال اليقيني يستدعي صدور القصد منهما معا وهذا
معنى أنهما اثنان في العبادة.
(٧) لاحتمال
كونهما واحدا مع كون الشق الذي توضأ هو لحمة زائدة فيكون الأصلي على غير وضوء
والصلاة مشروطة بالطهارة.
(٨) مع احتمال كون
الأصل غير متوضئ فيستصحب الحدث المانع من دخول الصلاة.
(٩) لأنه يشترط في
الطهارة صدورها من المكلف باختياره ومباشرته.
(١٠) أي الشك في
ارتفاع الحدث الناشئ من الشك في اعتبار الاختيار والمباشرة في طهارة الشق الممتنع.
(١١) في الوضوء
والصلاة بل في كل العبادات لأن النفس الواحدة لا تكون في حال واحدة ذات إرادتين
مختلفتين ، فمع تعدد الإرادة نستكشف أنهما اثنان.
أما في النّكاح (١)
فهما واحد من حيث الذكورة والأنوثة أما من جهة العقد (٢) ففي توقف صحته على رضاهما
معا نظر. ويقوى توقفه فلو لم يرضيا معا لم يقع النّكاح ، ولو اكتفينا برضا الواحد
ففي صحة نكاح الآخر لو كان أنثى إشكال وكذا يقع الإشكال في الطلاق.
وأما العقود
كالبيع فهما اثنان مع احتمال الاتحاد.
ولو جنى أحدهما لم
يقتصّ منه وإن كان عمدا ، لما يتضمن من إيلام الآخر أو إتلافه. نعم لو اشتركا في
الجناية اقتصّ منهما. وهل يحتسبان بواحد ، أو باثنين ، نظر.
وتظهر الفائدة في
توقف قتلهما على ردّ ما فضل عن دية واحد.
ولو ارتدّ أحدهما
لم يقتل ولم يحبس ولم يضرب ، لأدائه إلى ضرر الآخر. نعم يحكم بنجاسة العضو المختص
بالمرتد ، دون المختص بغيره ، وفي المشترك نظر (٣) ، وتبين الزوجة بارتداده مطلقا (٤)
ولو ارتدا معا لزمهما حكمه (٥).
______________________________________________________
(١) المراد به
الوطء بقرينة ذكر العقد فيما بعد وعليه فهو إما واطئ أو موطوء ولا يمكن أن يكون
واطئا وموطوءا معا.
(٢) وهذا يتم فيما
لو كانا أنثيين فيصح لذكر أن يوقع العقد عليهما ، أما لو كانا ذكرين فلا يصح منهما
إيقاع عقدين أو عقد على اثنتين إلا أن يقال بأن الضرورات تبيح المحظورات في كون كل
شق سيطلع على فرج زوجة الشق الآخر.
ويقوى في النظر
أنهما تبعا للعلامة الواردة في الخبر من الانتباه للآخر وعدمه أو تحصيل القطع ولو
من وجود إرادتين مختلفتين فيحكم عليه بأنه اثنان أو واحد في جميع العقود
والإيقاعات والعبادات والطهارات ، إلا في مسألة الوطء فمشكل مع احتمال تحكيم أن
الضرورات تبيح المحظورات.
نعم في القصاص
وإقامة الحد على أحد الشقين بناء على التعدد فممنوع إذا استلزم إيلام وإضرار الشق
الثاني ، والتفصيل الذي أتى به الشارح بين الإرث والشهادات والحجب وبين غيره لا
شاهد له بل إطلاق الخبر بالحكم عليه يدفعه.
(٣) لا داعي
للتنظر بل يحكم بطهارته تبعا لإسلام الشق الآخر.
(٤) سواء قلنا
إنّه اثنان أو واحد.
(٥) حكم الارتداد.
وهذه الفروض ليس
فيها شيء محرر (١). وللتوقف فيها مجال وإن كان الفرض نادرا.
(الثالثة ـ الحمل يورّث (٢) إذا انفصل حيا) مستقرّ الحياة(أو تحرك) بعد خروجه(حركة الأحياء ثمّ
مات) ، ولا اعتبار
بالتقلّص الطبيعي ، وكذا لو خرج بعضه ميتا ، ولا يشترط الاستهلال (٣) ، لأنه قد
يكون أخرس ، بل تكفي الحركة الدالة على الحياة. وما روي من اشتراط سماع صوته حمل
على التقية.
واعلم أن
الاحتمالات الممكنة عادة بأن يفرض ما لا يزيد عن اثنين ، عشرة (٤) أكثرها نصيبا
فرضه ذكرين ، فإذا طلب الولد الوارث نصيبه من التركة
______________________________________________________
(١) في كلمات
الأصحاب.
(٢) قد تقدم البحث
في موانع الإرث من أنه لا يورّث إلا إذا انفصل حيا ، ففي خبر ربعي عن أبي عبد الله
عليهالسلام : (سمعته يقول في المنفوس إذا تحرك ورّث ، إنه ربما كان
أخرس) وفي خبره الآخر : (إذا سقط من بطن أمه فتحرك تحركا بيّنا ، يرث ويورّث فإنه
ربما كان أخرس) ، وقد تقدم أن لا اعتبار بالتقلص الطبيعي فإنه قد يحدث
بالأموات ، وتقدم أنه لا اعتبار بخروج بعضه حيا وبعضه ميتا.
(٣) قد تقدم أن
صوت المنفوس ليس بشرط ، وإنما الشرط تحركه وذلك لجواز كونه أخرس ، وما ورد من
استهلاله كما في رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في ميراث المنفوس قال : لا يرث شيئا حتى يصيح ويسمع
صوته) لا بدّ من حمله على كون الاستهلال قيدا غالبيا ، وقال في الجواهر : «وإن أبيت
فلا مناص من حملها على التقية ممن يرى اعتبار الاستهلال في ميراثه من العامة» وقال
الشارح في المسالك : إن هذا الحمل من الشيخ وتبعه جماعة بعد ما رماها بالضعف.
(٤) فرض للحمل ما
لا يزيد على الاثنين لأن الأغلب عدم الزيادة ، فلو ترك الميت ابنا وحملا أعطي
الابن الثلث وأبقي الثلثان للحمل لاحتمال كونه ذكرين ، وبناء على أن الحمل لا يزيد
عن الاثنين ، فالاحتمالات على هذا التقدير عشرة إما أن يولد ذكر واحد أو أنثى أو
خنثى ، أو ذكران أو أنثيان أو خنثيان ، أو ذكر وأنثى أو ذكر وخنثى أو أنثى وخنثى
أو يسقط ميتا ، وأكثر هذه الاحتمالات نصيبا أن يكون ذكرين ، فلذا يفرض له نصيب ـ
__________________
أعطي منها على ذلك
التقدير. وقد تقدم الكلام في باقي أحكامه.
(الرابعة ـ دية الجنين) (١) وهو الولد ما دام في البطن ، فإذا جنى عليه جان فأسقطه ،
فديته(يرثها أبواه ومن يتقرب بهما) مع عدمهما كما لو ماتا معه أو مات أبوه قبله وأمه معه(أو) من يتقرب(بالأب بالنّسب) كالإخوة(والسبب) كمعتق الأب ، ويفهم من تخصيص الإرث بالمتقرب بالأب عدم إرث
المتقرب بالأم مطلقا (٢). وقد تقدم الخلاف فيه ، وتوقف المصنف في الحكم (٣).
(الخامسة ـ ولد الملاعنة ترثه أمّه) دون أبيه (٤) ، لانتفائه عنه (٥) باللعان حيث
______________________________________________________
ـ ذكرين ، مع أنه
قد يكون الحمل ثلاثة أو أربعة أو خمسة ، وقد نقل الشارح في المسالك عن امرأة
بالأنبار ألقت اثني عشر مولودا.
(١) لا فرق بين
الجنين وغيره ، وقد تقدم أن الدية يرثها المتقرب بالأب مناسبا أو مساببا ، وأما
المتقرب بالام فلا لصحيح ابن سنان : (قضى أمير المؤمنين أن الدية يرثها الورثة على
كتاب الله وسهامهم إذا لم يكن على المقتول دين إلا الأخوة من الأم والأخوات من
الأم فإنهم لا يرثون من الدية شيئا) ومثله غيره ، وقد عدي الحكم إلى الأخوال والخالات والأجداد
لأم بطريق أولى ، وهذا هو مذهب المشهور.
وتقدم أن الشهيد
في الدروس قصر المنع على مورد النص مع أنه في اللمعة توقف في إرث المتقرب بالأم
مطلقا.
وتقدم أن الشيخ في
المبسوط وابن إدريس في أحد قوليه ذهب إلى أن الدية يرثها من يرث غيرها من أموال
المقتول لقوله تعالى : (وَأُولُوا
الْأَرْحٰامِ) .
(٢) سواء كان أخا
للمقتول من أمه كما هو مورد النص أو غيره من الأخوال والأجداد للأم.
(٣) في اللمعة مع
أنه اقتصر على مورد النص في الدروس.
(٤) قد تقدم لسقوط
النسب بينهما باللعان ، ويدل عليه نصوص منها : خبر زرارة الوارد في ولد الملاعنة :
(ترثه أمه فإن ماتت ورثه أخواله) .
(٥) لانتفاء الولد
عن الأب.
__________________
كان اللعان لنفيه(و) كذا يرثه(ولده وزوجته على ما سلف) في موانع الإرث من أن الأب لا يرثه ، أو في باب اللعان من
انتفائه عنه باللعان ، وعدم إرثه الولد (١) ، وبالعكس ، إلّا أن يكذّب الأب نفسه (٢).
أما حكم إرث أمّه
وزوجته وولده فلم يتقدم التصريح به. ويمكن أن يكون قوله : على ما سلف إشارة إلى
كيفية إرث المذكورين بمعنى أن ميراث أمه (٣) وولده وزوجته يكون على حدّ ما فصّل في
ميراث أمثالهم من الأمهات ، والأولاد ، والزوجات.
(ومع عدمهم) أي عدم الأم والولد والزوجة(فلقرابة أمه) الذكر والأنثى(بالسوية) كما في إرث غيرهم من المتقرب بها كالخئولة وأولادهم(ويترتبون) في الإرث على حسب قربهم إلى المورّث(فيرثه الأقرب) إليه منهم(فالأقرب) كغيرهم(ويرث) هو (أيضا قرابة أمّه) (٤) لو كان في مرتبة الوارث دون قرابة أبيه ، إلا أن
______________________________________________________
(١) أي عدم إرث
الأب للولد.
(٢) فيرثه ابنه
ولا يرث الأب الابن بلا خلاف فيه ولأخبار منها خبر محمد بن مسلم (سألت أبا عبد
الله عليهالسلام : عن رجل لاعن امرأته وانتفى من ولدها ثم أكذب نفسه بعد
الملاعنة وزعم أن ولدها ولده هل تردّ عليه قال : لا ولا كرامة ، لا تردّ عليه ولا
تحلّ له إلى يوم القيامة ـ إلى أن قال ـ فقلت : إذا أقرّ به الأب هل يرث الأب؟ قال
: نعم ، ولا يرث الأب الابن) .
(٣) فلها الثلث
تسمية والباقي بالرد لإطلاق الأدلة ويشهد له خبر زرارة المتقدم لقوله عليهالسلام : (ترثه أمه) ، نعم ورد في خبر زرارة الآخر وخبر أبي عبيدة والنص للأول عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في ابن الملاعنة ترث أمه الثلث والباقي للإمام لأن جنايته
على الإمام ، وهما محمولان على التقية لموافقتهما للعامة ، إلا أن الشيخ والصدوق
حملا هاتين الروايتين على ظهور الإمام أو على ما لم يكن للأم عصبة وفيه : إن الأم
أولى من الإمام ولو كان ظاهرا وأولى من عصبتها فالباقي لها لآية أولي الأرحام).
(٤) على المشهور
وذلك لأن نسبه من الأم ثابت فيشمله عموم التوارث ولأخبار منها : خبر ـ
__________________
يكذبوا الأب في
لعانه على قول (١).
(السادسة ـ ولد الزنا) من الطرفين(يرثه ولده وزوجته
، لا أبواه (٢) ، ولا من)
______________________________________________________
ـ زيد الشحام عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (في ابن الملاعنة من يرثه؟ قال : ترثه أمه ، قلت : أرأيت
إن ماتت أمه وورثها ثم مات هو من يرثه؟ قال : عصبة أمه وهو يرث أخواله) .
وذهب الشيخ في
الاستبصار إلى أن ولد الملاعنة يرثهم إذا اعترف الأب به وإلا فلا ، استنادا إلى
حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (فإن لم يدّعه أبوه فإن أخواله يرثونه ولا يرثهم) والعمل بالطائفة الأولى لأنها أشهر وموافقة للكتاب.
(١) وهو قول أبي
الصلاح الحلبي والفاضل في كتبه إلى أن ولد الملاعنة يرث أقارب أبيه إن كذبوا الأب
في دعواه لأن الإقرار كالبيّنة في إثبات النسب ، وذهب المشهور إلى أنه لا يرثهم
ولا يرثونه لانقطاع النسب باللعان فيستصحب ، وتكذيب الأب نفسه في دعواه إقرار منه
بالنسب فيختص حكم الإقرار حينئذ بالمقرّ فلذا كان الابن يرث أباه ولا عكس.
(٢) أما أبوه فلا
توارث بينهما بلا خلاف فيه ولخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أيّما رجل وقع على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادّعى
ولدها فإنه لا يورّث منه شيء ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ولا يورث ولد الزنا
إلا رجل يدعى ابن وليدته) .
والتعليل الوارد (الولد
للفراش وللعاهر الحجر) يفيد نفي النسب بين الزاني والزانية وبين الولد فلا توارث
بينهما.
نعم ذهب الصدوق
وأبو الصلاح الحلبي وابن الجنيد إلى أن ولد الزنا يرث أمه ومن يتقرب بها ويرثونه
على حسب حال ابن الملاعنة لخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (أن عليا عليهالسلام كان يقول : ولد الزنا وابن الملاعنة ترثه أمه وأخوته لأمه
وعصبتها) ، وخبر يونس : (ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل أمه على
ميراث ابن الملاعنة) والأولى ضعيفة لأن في سندها غياث بن كلوب وهو مجهول ،
والثانية مقطوعة ولعلها من كلام يونس ومذهبه.
__________________
(يتقرب بهما) لانتفائه عنهما شرعا فلا يرثانه ، ولا يرثهما ، ولو اختص
الزنا بأحد الطرفين انتفى عنه خاصة ، وورثه الآخر ومن يتقرب به(ومع العدم) أي عدم الوارث له من الولد والزوجة ومن بحكمهما على ما ذكرناه(فالضامن لجريرته) ومع عدمه(فالإمام) وما روي خلاف ذلك (١) من أن ولد الزنا ترثه أمه وإخوته
منها ، أو عصبتها وذهب إليه جماعة كالصدوق والتقي وابن الجنيد فشاذ ، ونسب الشيخ
الراوي إلى الوهم (٢) بأنه كولد الملاعنة(٣).
(السابعة ـ لا عبرة بالتبري من النّسب) عند السلطان (٤) في المنع من إرث
______________________________________________________
(١) من خبر إسحاق
بن عمار وخبر يونس.
(٢) بالنسبة لخبر
إسحاق بن عمار كما في المسالك.
(٣) أي بأن ولد
الزنا كولد الملاعنة ، وحاصل كلام الشيخ أن الرواية واردة في ابن الملاعنة فقط إلا
أن الراوي قد توهم أن ولد الزنا مثله في الحكم فأدخله في الرواية ، وفيه : إن هذا
مستلزم لتكذيب الراوي ولذا قال الشارح في المسالك إنّه حمل بعيد.
(٤) لو تبرأ الأب
من جريرة ابنه ومن ميراثه عند السلطان فقد ذهب الشيخ في النهاية والاستبصار وابن
حمزة في الوسيلة والقاضي في المهذب والكيدري في الإصباح أن الميراث لعصبة أبيه
ويحرم الأب لخبر يزيد بن خليل كما في كتب الفقه أو بريد بن خليل كما في الوسائل عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (عن رجل تبرأ من جريرة ابنه وميراثه ، فمات الابن وترك
مالا من يرثه؟ قال : ميراثه لأقرب الناس إلى أبيه) ، ولمضمرة أبي
بصير : (سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان ومن ميراثه وجريرته لمن
ميراثه؟ فقال : قال علي عليهالسلام : هو لأقرب الناس إلى أبيه) كما في الفقيه ، أو (لأقرب الناس إليه) كما في التهذيب.
وظاهر الخبرين
خصوصا الثاني مع ملاحظة المخلوع الذي يعزل عن الولايات أن المراد من السلطان هو
السلطان الجائر ، إلا أن الخبر الأول ضعيف لجهالة يزيد بن خليل والخبر الثاني مضمر
كما قيل ، وإن كان متنه مع نسبة القيل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام يدل على أنه صادر من المعصوم.
إلّا أن الأكثر قد
ذهب إلى عدم الأثر لهذا التبري لأصالة بقاء النسب ولذا ذهب الشيخ في ـ
__________________
المتبري على
الأشهر ، للأصل (١) ، وعموم القرآن الدال على التوارث مطلقا (٢) (وفيه قول شاذ) للشيخ في النهاية ، وابن البراج(أنه) أي المتبري من نسبه(ترثه عصبة أمّه
(٣) ، دون أبيه لو تبرأ أبوه من نسبه) استنادا إلى رواية أبي بصير عن أحدهما عليهالسلام ، قال : «سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان ومن
ميراثه وجريرته ، لمن ميراثه؟ فقال : قال علي عليهالسلام : هو لأقرب الناس إليه».
ولا دلالة لهذه
الرواية على ما ذكروه لأن أباه أقرب الناس إليه من عصبة أمه (٤) ، وقد رجع الشيخ
عن هذا القول صريحا في «المسائل الحائرية».
(الثامنة ـ في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم) (٥) اعلم أن من شرط التوارث
______________________________________________________
ـ الحائريات إلى
تأييد مذهب الأكثر مع أنه في الاستبصار والنهاية قد ذهب إلى العمل بالخبرين.
والعجب من الشارح
حيث جعل رواية أبي بصير مسندة إلى أحدهما عليهماالسلام مع أنه في المسالك وصفها بأنها مضمرة ، هذا من جهة ومن جهة
أخرى ففي جميع نسخ الروضة المطبوعة : «ترثه عصبة أمه دون أبيه» مع أن الخبر وجميع كتب
الفقه وكلامه في المسالك تدل على أنه «ترثه عصبة أبيه دون أبيه».
(١) أصالة بقاء
النسب.
(٢) تبرأ منه أبوه
أو لا.
(٣) والأصح عصبة
أبيه.
(٤) والصحيح من
عصبة أبيه.
(٥) اعلم أنه من
شرط التوارث العلم بتقدم موت المورّث بحيث يكون الوارث حيا بعد موته ، فمع اقتران
موتهما أو الشك في ذلك لا يثبت الإرث لأن الشك في الشرط شك في المشروط وهذا أصل
حاكم في كل مسائل الإرث ، وخرجت منه صورة واحدة وهي ما لو مات اثنان بينهما نسب
وسبب يتوارثان به بالغرق أو الهدم واشتبه الحال في تقدم موت أحدهما على الآخر ،
فإنه يرث كل منهما الآخر بحيث يفرض موت أحدهما أولا فيرثه الآخر ثم يفرض موت الآخر
أولا فيرثه الأول.
وتوارث الغرقى
والمهدوم عليهم. مشروط بثلاثة شروط :
الأول : أن يكون
لهما أو لأحدهما مال ، وإلا لو لم يكن لهما مال فلا إرث ، ولو كان لأحدهما مال
ورثه الآخر الذي لا مال عنده ثم ينتقل المال إلى وارثه الحي.
الثاني : أن يكون
بينهما توارث وإلا لو غرق أخوان وكان لكل منهما ولد أو لأحدهما فلا توارث بينهما ،
وهذان الشرطان واضحان. ـ
بين المتوارثين
العلم بتأخّر حياة الوارث عن حياة المورّث وإن قل (١) ، فلو ماتا دفعة ، أو اشتبه
المتقدم منهما بالمتأخر (٢) ، أو اشتبه السبق ، والاقتران فلا إرث ، سواء كان
الموت حتف الأنف أم بسبب ، إلا أن يكون السبب الغرق ، أو الهدم على الأشهر. وفيهما
(٣) (يتوارث الغرقى ، والمهدوم عليهم إذا كان بينهم نسب ، أو)
______________________________________________________
ـ الثالث : أن لا
يكون موتهما حتف الأنف ، فلو ماتا حتف أنفهما واشتبه تقدم أحدهما على الآخر فلا
توارث بينهما لخبر القداح عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ماتت أم كلثوم بنت علي عليهالسلام وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة ، ولا يدرى
أيهما هلك قبل ، فلم يورّث أحدهما من الآخر وصلى عليهما جميعا) .
فلا بدّ أن يكون
موتهما بسبب ، وذهب المعظم إلى حصر السبب بالهدم والغرق للأخبار منها : صحيح عبد
الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن القوم يغرقون في السفينة أو يقع عليهم البيت فيموتون
فلا يعلم أيّهم مات قبل صاحبه قال : يورث بعضهم من بعض ، كذلك هو في كتاب علي عليهالسلام) .
وصحيح ابن مسلم عن
أبي جعفر عليهالسلام : (في رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت قال : تورث المرأة من
الرجل ويورث الرجل من المرأة) ومثله غيرهما وذهب الشيخ في النهاية وابن الجنيد وأبو
الصلاح وجماعة إلى تعميم الحكم في كل سبب لأن العلة في التوارث هو اشتباه التقدم
والتأخر في الموت المستند إلى سبب وهي موجودة في غير الغرق والهدم من الأسباب.
وأما ذكر الهدم
والغرق فهي من كلام السائل لا من كلام المعصوم حتى ينحصر السبب فيهما. ويرده ما
تقدم من عدم توريث أمير المؤمنين عليهالسلام لابنته أم كلثوم وولدها لما ماتا معا بغير هدم ولا غرق ،
وما رواه فخر المحققين : «قد روي أن قتلى اليمامة وقتلى صفين لم يرث بعضهم من بعض
بل ورّثوا الأحياء» .
(١) التأخر.
(٢) أي علم بالسبق
وشك في السابق.
(٣) في الهدم
والغرق.
__________________
(سبب) يوجبان (١) التوارث(وكان بينهم مال) ليتحقق به الإرث ولو من أحد الطرفين (٢) (واشتبه المتقدم) منهم(والمتأخر) فلو علم اقتران الموت فلا إرث ، أو علم المتقدم من المتأخر
ورث المتأخر المتقدم دون العكس(وكان بينهم توارث) (٣) بحيث يكون كل واحد منهم يرث من الآخر ولو بمشاركة غيره.
فلو انتفى (٤) كما لو غرق أخوان ولكلّ واحد منهما ولد ، أو لأحدهما فلا توارث
بينهما ، ثم إن كان لأحدهما مال ، دون الآخر صار المال لمن لا مال له ، ومنه إلى
وارثه الحي ، ولا شيء لورثة ذي المال (٥).
(ولا يرث الثاني) (٦)
______________________________________________________
(١) ضمير التثنية
راجع إلى السبب والنسب.
(٢) أي وجود المال
فينتقل المال حينئذ إلى الآخر.
(٣) أي كانت
الموارثة دائرة بينهما وهو الشرط الثاني المتقدم.
(٤) التوارث.
(٥) لأن صاحب
المال إذا كان موروثا انتقل المال منه إلى الآخر مع أن الآخر لا مال له بحسب الفرض
فوارثه لا شيء له ويدل عليه صحيح عبد الرحمن : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدرى أيّهم مات قبل ، قال عليهالسلام : يورث بعضهم من بعض ، قلت : فإن أبا حنيفة أدخل فيها شيئا
قال عليهالسلام : وما أدخل؟ قلت : رجلين أخوين أحدهما مولاي والآخر مولى
لرجل ، لأحدهما مائة ألف درهم والآخر ليس له شيء ركبا في السفينة فغرقا ، فلم يدر
أيّهما مات أولا كان المال لورثة الذي ليس له شيء ولم يكن لورثة الذي له المال شيء
، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : لقد سمعها ، وهو هكذا) .
(٦) شروع في كيفية
الإرث بين الغرقى والمهدوم عليهم ، ذهب الأكثر إلى أن كلا منهما يرث مما تركه
الآخر من ماله الأصلي حتى الوفاة دون ما ورثه كل منهما من الآخر ، بأن يفرض كل
منهما حيا بعد موت الآخر ويأخذ نصيبه منه ، ويدل عليه صحيح عبد الرحمن المتقدم بجعل المال لمن لا شيء له والذي عنده مال لا شيء له وهذا
كاشف عن أن التوريث من مالهم الأصلي حين الوفاة ، ومرسل حمران عمن ذكره عن أمير ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ المؤمنين عليهالسلام : (في قوم غرقوا جميعا أهل البيت ، قال : يورث هؤلاء من
هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء ، ولا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ، ولا يورّث هؤلاء
مما ورثوا من هؤلاء شيئا) .
وصحيح محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (في رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت قال : تورث المرأة من
الرجل ويورث الرجل من المرأة ، معناه يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم ، لا
يورثون مما يورث بعضهم بعضا شيئا) .
واحتجوا له أيضا
بأن الثاني المفروض حياته ثانيا لا يرث من الأول مما ورثه الأول منه إلا بعد فرض
الثاني حيا بعد فرض موته وفرض الحياة بعد الموت محال عادة.
وذهب المفيد
وسلّار إلى أن الثاني يرث من الأول من ماله الأصلي الذي تركه حين الوفاة ومما ورثه
الأول منه ، واحتجا بدليلين :
الأول : إطلاق
أدلة التوارث بينهم ، وفيه أنها مقيدة بما سمعت من تخصيص التوارث بالمال الأصلي.
الثاني : أن
الأضعف نصيبا يجب تقدير حياته أولا في هذه المسألة ، ولا فائدة لهذا الحكم إلا لأن
الثاني يرث مما تركه الأول ومما ورثه الأول منه بيانه :
لو كان الغرقى
اثنين واحدهما أقل نصيبا من الآخر كالزوج والزوجة ، فقد ذهب جماعة منهم الشيخان
وابن إدريس والمحقق في النافع إلى تقديم الأضعف نصيبا بحيث يفرض موت الأكثر نصيبا
أولا فيأخذ الأضعف نصيبه منه ثم يفرض الأضعف ميتا ثانيا ويأخذ الأكثر منه نصيبه
حينئذ ، وفي موردنا يفرض موت الزوج فتأخذ الزوجة نصيبها ثم يفرض موت الزوجة فيأخذ
الزوج نصيبه ، ويدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام : (في رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت ، فقال : تورث المرأة
من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة) ، وخبر عبيد بن زرارة : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت ، فقال : تورث المرأة من
الرجل ثم يورث الرجل من المرأة) ولفظ ثم حقيقة في الترتيب.
وذهب جماعة منهم
الشيخ في الإيجاز وابن زهرة في الغنية والقاضي إلى عدم وجوب ـ
__________________
المفروض موته
ثانيا(مما ورث منه الأول) للنص (١) ، واستلزامه (٢) التسلسل (٣) ،
______________________________________________________
ـ تقديم الأضعف
نصيبا بأن يفرض الأكثر ميتا أولا لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (تورث المرأة من الرجل ويورث الرجل من المرأة) والعطف
بالواو لا يفيد الترتيب بل مطلق الجمع.
وذهب الشارح في
المسالك إلى عدم المنافاة بين الأخبار لقوله : (بأن الجمع المطلق لا ينافي الترتيب
فلا منافاة بين الواو وثم ، بل يجب حمل الواو على ثم كما يجب حمل المطلق على
المقيد). ولذا ذهب بعضهم إلى استحباب التقديم كالشهيد في الدروس.
وعلى كل فوجوب
تقديم الأضعف نصيبا لا تظهر له فائدة إلا إذا كان الثاني يرث من مال الأصلي للأول
ومما ورثه الأول منه.
وردّ بأنه يحتمل
أن يكون وجوب تقديم الأضعف نصيبا من باب التعبد ، لأن أكثر علل الشرائع والمصالح
المعتبرة في نظر الشارع خفية عنا لعجز عقولنا عن إدراكها فضلا عن أنه غير مسموع في
قبال النصوص الصريحة السابقة بحصر الإرث في المال الأصلي. نعم أشكل على قول المفيد
بإشكال عام الورود وهو : أن قول المفيد بتوريث الثاني مما ورثه الأول منه يلزم منه
فرض الثاني حيا بعد موته وهو محال ، مع أن هذا الإشكال وارد على قول الأكثر لأن
الثاني قد فرض حياته بعد فرض موته وإن لم يرث الثاني مما ورثه الأول منه وعليه فهو
عام الورود لا يصلح للاستدلال لأحد القولين.
وأشكل على قول
المفيد أيضا بأنه مستلزم للتسلسل ، لأن الثاني إن ورث مما يرثه الأول منه ، فهذا
يستدعي أن يرث الأول مما ورثه الثاني منه أيضا ، ولو تم لوجب أن يرث الثاني مرة
أخرى من الأول ما ورثه الأول منه بالفرض الثاني وهكذا دواليك وهذا ما يلزم منه
التسلسل.
وأيضا هو غير وارد
لأن الثاني يرث مما ورثه الأول منه لأننا فرضنا أولا أن الأول حيّ والثاني ميت فما
يأخذه الأول من الثاني بالإرث يصير جزءا من ماله ، فلو فرضنا بعد ذلك أن الثاني
حيّ والأول ميت فلا بد أن يرث الثاني من جميع مال الأول بما فيه ما ورثه الأول منه
وإلى هنا ينتهي فرض حياة كلّ منهما ولا يأتي فرض ثالث بأن نفرض الأول حيا حتى يرث
من الثاني ما ورثه الثاني من الأول ، لأن حياة الأول قد فرضت أولا فلا معنى لفرضها
ثانيا.
(١) قد تقدم.
(٢) أي استلزام
توريث الثاني مما ورثه الأول منه.
(٣) قد عرفت بيانه
وعرفت ما فيه من الضعف.
والمحال عادة (١).
وهو فرض الحياة بعد الموت ، لأن التوريث منه (٢) يقتضي فرض موته فلو ورث (٣) ما
انتقل عنه لكان حيا بعد انتقال المال عنه. وهو ممتنع عادة.
وأورد مثله في إرث
الأول من الثاني (٤).
وردّ بأنّا نقطع
النظر عما فرض أولا ونجعل الأول (٥) كأنه المتأخر حياة (٦) ، بخلاف ما إذا ورثنا
الأول من الثاني مما كان قد ورثه الثاني منه فإنه يلزم فرض موت الأول (٧) وحياته (٨)
في حالة واحدة. وفيه تكلف (٩). والمعتمد النص : روى عبد الرحمن بن الحجاج في
الصحيح عن الصادق عليهالسلام : «في أخوين ماتا ، لأحدهما مائة ألف درهم ، والآخر ليس له
شيء ركبا في السفينة فغرقا فلم يدر أيهما مات أولا ، قال : المال لورثة الذي ليس
له شيء» (١٠). وعن علي عليهالسلام في
______________________________________________________
(١) عطف على
التسلسل ، وقد عرفت أنه عام الورود فلا يرد على قول المفيد فقط.
(٢) من الثاني
الذي فرض حياته ثانيا.
(٣) أي الثاني
الذي فرض حياته ثانيا.
(٤) وهو قول
الأكثر ، وتوضيح معناه : أن المحال عادة يرد أيضا على ما لو ورثنا الأول الذي فرض
موته أولا من المال الأصلي للثاني الذي فرض موته ثانيا ، وجعلنا الأول هو المفروض
موته أولا تبعا لمتن الروضة حيث صرح بذلك في عبارته : «ولا يرث الثاني المفروض
موته ثانيا» ، مع أن الثاني الذي هو مفروض موته ثانيا هو بعينه الأول الذي فرض
حياته أولا كما تقدم في الشرح ، فلو جعل الثاني هو المفروض حياته ثانيا لكان هو
الموافق لقول بقية الفقهاء ولكان هو الموافق للثاني الذي بني عليه دليل التسلسل
والمحال عادة ، ولذا عند ما أراد بيان المحال عادة جعل الثاني هو المفروض حياته
ثانيا لا المفروض موته ثانيا فراجع فإنه من مزالّ الأقدام.
(٥) الذي فرض موته
أولا.
(٦) في الفرض
الثاني المبني على فرض موت الثاني.
(٧) لأن الثاني
وارثه.
(٨) لأن الثاني
يرث مما ورثه الأول منه ، وجعل الأول وارثا حينئذ فرض لحياته.
(٩) أي وفي الرد
تكلف بل يكفينا النص الدال على قول الأكثر وهو كاف في بطلان قول المفيد.
(١٠) الوسائل
الباب ـ ٢ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم حديث ١ ، فلو كان الثاني
المفروض حياته ثانيا يرث مما ورثه الأول منه لكان لكل منهما شيء كما هو واضح.
قوم غرقوا جميعا
أهل بيت ما قال : «يرث هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء ، ولا يرث هؤلاء مما ورثوا
من هؤلاء (١).
وهذا حجة على
المفيد وسلّار حيث ذهبا إلى توريث كل (٢) مما ورث منه أيضا ، استنادا إلى وجوب
تقديم الأضعف (٣) في الإرث ، ولا فائدة (٤) إلا التوريث مما ورث منه(٥).
وأجيب بمنع وجوب
تقديمه بل هو على الاستحباب (٦) (و) لو سلم فإنما(يقدّم الأضعف
تعبّدا) لا لعلة معقولة ،
فإن أكثر علله الشرع والمصالح المعتبرة في نظر الشارع خفية عنا تعجز عقولنا عن
إدراكها ، والواجب اتباع النص (٧) من غير نظر إلى العلة. ولتخلفه (٨) مع تساويهما
في الاستحقاق كأخوين لأب فينتفي اعتبار التقديم ويصير مال كل منهما لورثة الآخر (٩).
وعلى اعتبار تقديم
الأضعف ـ وجوبا كما يظهر من العبارة ، وظاهر الأخبار تدل عليه. ومنها صحيحة محمد
بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام (١٠) ، أو
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ٣ ـ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم حديث ١.
(٢) ظاهر العبارة
توريث كلا الطرفين مما ورثه الآخر وهو ليس في محله ، لأن قول المفيد وسلار هو
توريث الثاني المفروض حياته ثانيا مما ورثه الأول منه فقط.
(٣) بأن يفرض
الأكثر نصيبا هو الميت أولا فيرث ذو النصيب الأضعف ولذا قال الشارح إنّ التقديم في
الإرث المستدعي لفرض موت صاحب النصيب الأكثر.
(٤) لهذا التقديم.
(٥) وإلا فما دام
كلّ منهما سيرث من المال الأصلي للآخر فلا يفرق الحال سواء قدمنا الأضعف أو
الأكثر.
(٦) أيضا لا بد
للاستحباب من فائدة وما ذلك إلا لتوريث الثاني مما ورثه الأول منه ، فجعل الحكم
استحبابيا حتى يبطل استدلال المفيد ليس في محله.
(٧) من كون
التوريث من المال الأصلي فقط.
(٨) تخلف تقديم
الأضعف.
(٩) مع أنه لو
قلنا بمقالة المفيد لكان إرث الثاني من الأول أكثر من إرث الأول من الثاني مع أنه
لا دليل على هذا الترجيح بعد كونهما متساويين في الإرث.
(١٠) الوسائل
الباب ـ ٦ ـ من أبواب الغرقى والمهدوم عليهم حديث ٢.
(١١) لأن العطف
بالواو كما في خبر محمد بن مسلم الآخر فراجع ما تقدم في الشرح.
استحبابا (١) على
ما اختاره في الدروس ـ لو غرق الأب وولده قدّم موت الابن فيرث الأب (٢) نصيبه منه
، ثم يفرض موت الأب فيرث الابن نصيبه منه ، ويصير مال كل إلى ورثة الآخر الأحياء ،
وإن شاركهما مساو انتقل إلى وارثه (٣) الحي ما ورثه ، ولو لم يكن لهما وارث صار
مالهما للإمام.
وذهب بعض الأصحاب
إلى تعدي هذا الحكم إلى كل سبب يقع معه الاشتباه كالقتيل ، والحريق ، لوجود العلة (٤).
وهو ضعيف ، لمنع التعليل (٥) الموجب للتعدي مع كونه (٦) على خلاف الأصل فيقتصر فيه
على موضع النص والوفاق ، ولو كان الموت حتف الأنف ، فلا توارث مع الاشتباه إجماعا.
(التاسعة) في ميراث(المجوس) (٧) إذا ترافعوا إلى حكام الإسلام (٨) ، وقد اختلف الأصحاب
فيه (٩):
فقال يونس بن عبد
الرحمن (١٠) : إنهم يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين (١١) ، دون الفاسدين (١٢) ،
وتبعه التقي وابن إدريس ، محتجا (١٣) ببطلان ما سواه (١٤)
______________________________________________________
(١) لأنه الأقل
نصيبا حيث يرث السدس.
(٢) وارث كل من
الغرقى والمهدوم عليهم.
(٣) وهي اشتباه
التقدم في موت أحدهما على الآخر.
(٤) لأن التعليل
غير منصوص حتى يتمسك بعمومه.
(٥) كون الحكم
بالتوارث في مسألة الغرقى والمهدوم عليهم.
(٦) وهو من ينكح
المحرمات كالأخت والبنت باعتقاد حلية ذلك.
(٧) إذا أسلموا أو
إذا ترافعوا إلى حكام المسلمين وهم على دين المجوسية.
(٨) في الميراث
على أقوال ثلاثة.
(٩) من قدمائنا
وتبعه أبو الصلاح وابن إدريس ونقل عن المفيد واختاره العلامة في المختلف.
(١٠) فيما لو تزوج
المجوسي بنت عمه فأولدها فالنسب والسبب صحيحان.
(١١) فيما لو تزوج
المجوسي أخته فأولدها فالنسب والسبب فاسدان.
(١٢) وهو استدلال
ابن إدريس حيث قال في السرائر : (فإذا حكم الحاكم بما لا يجوز في شرع الإسلام فقد
حكم بغير الحق وبغير ما أنزل الله وبغير القسط).
(١٣) ما سوى
الصحيح.
في شرع الإسلام
فلا يجوز لحاكمهم (١) أن يرتب عليه (٢) أثرا.
وقال الشيخ وجماعة
(٣) : يتوارثون بالصحيحين والفاسدين ، لما رواه السكوني عن علي عليهالسلام : «أنه كان يورّث المجوسي إذ تزوج بأمه ، وأخته ، وابنته
من جهة أنها أمه وأنها زوجته (٤)» ، وقول الصادق عليهالسلام لمن سبّ مجوسيا وقال : إنه تزوج بأمه ـ : «أما علمت أن ذلك
عندهم هو النكاح» (٥) بعد أن زبر السابّ. وقوله عليهالسلام : «إن كل قوم دانوا بشيء يلزمهم حكمه» (٦).
وقال الفضل بن
شاذان وجماعة منهم المصنف في هذا المختصر (٧) والشرح (٨): (إنّ المجوس يتوارثون بالنسب الصحيح والفاسد ، والسبب الصحيح لا الفاسد).
أما الأول (٩)
فلأن المسلمين يتوارثون بهما حيث تقع الشبهة ، وهي (١٠) موجودة فيه (١١).
وأما الثاني (١٢)
فلقوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ
بَيْنَهُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ) (١٣) (وَقُلِ
______________________________________________________
(١) لحاكم
المسلمين.
(٢) على ما سوى
الصحيح.
(٣) بل في التحرير
أنه المشهور.
(٤) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب ميراث المجوسي حديث ١.
(٥) وهو مرسل
الشيخ في التهذيب راجع الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ميراث المجوسي حديث ٢.
(٦) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب ميراث المجوسي حديث ٣ وهو مرسل الشيخ أيضا في التهذيب.
(٧) أي اللمعة.
(٨) شرح الإرشاد ،
بل في الرياض نسبته إلى أكثر من تأخر.
(٩) النسب الصحيح
والفاسد.
(١٠) أي الشبهة.
(١١) في المجوسي
حيث يعتقد حلية نكاح الأخت والبنت.
(١٢) وهو السبب
الصحيح دون الفاسد.
(١٣) المائدة
الآية : ٤٩.
الْحَقُّ
مِنْ رَبِّكُمْ) (١). (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِالْقِسْطِ) (٢) ، ولا شيء من
الفاسد بما أنزل الله ، ولا بحق ولا بقسط. وهذا هو الأقوى.
وبهذه الحجة احتج
أيضا ابن إدريس على نفي الفاسد منهما (٣). وقد عرفت فساده (٤) في فاسد النسب (٥).
وأما أخبار الشيخ (٦)
فعمدتها خبر السكوني وأمره واضح (٧). والباقي (٨) لا ينهض على مطلوبه.
وعلى ما اخترناه (٩)
(فلو نكح) المجوسي(أمه فأولدها ورثته بالأمومة وورثه ولدها بالنسب الفاسد ،
ولا ترثه الأم بالزوجية) لأنه (١٠) سبب فاسد.
(ولو نكح المسلم بعض محارمه بشبهة وقع التوارث) بينه وبين أولاده(بالنسب أيضا) وإن كان فاسدا : ويتفرع عليهما (١١) فروع كثيرة يظهر حكمها
مما تقرر في قواعد الإرث:
فلو أولد المجوسي
بالنكاح (١٢) ،
______________________________________________________
(١) الكهف الآية :
٢٩.
(٢) المائدة الآية
: ٤٢.
(٣) من النسب
والسبب ، وقد تقدم كلامه.
(٤) فساد احتجاج
ابن إدريس.
(٥) عند قوله أما
الأول فلأن المسلمين يتوارثون بهما.
(٦) التي استدل
بها على قوله.
(٧) أنه عامي ،
والعجب من الشارح حيث ترك العمل هنا بخبر السكوني لأنه عامي مع أنه في المسالك قال
: «ورواية السكوني قد أودعها المصنفون كتبهم وفتواهم بما فيها غالبا» وهذا يوجب
جبر ضعف السند.
(٨) مرسل الشيخ في
التهذيب كما تقدم.
(٩) وهو التوارث
بالنسب الصحيح والفاسد ، وبالسبب الصحيح دون الفاسد.
(١٠) أي الزواج من
أمه.
(١١) على
المسألتين من زواج المجوسي بمحارمه اعتقادا للحلية ومن زواج المسلم ببعض محارمه
شبهة.
(١٢) المعتقد
حليته.
أو المسلم بالشبهة
من ابنته ابنتين ورثن (١) ماله بالسوية.
فلو ماتت إحداهما (٢)
فقد تركت أمها وأختها فالمال لأمها (٣).
فإن ماتت الأم
دونهما ورثها ابنتاها.
فإن ماتت إحداهما
ورثتها الأخرى.
ولو أولدها بنتا (٤)
ثم أولد الثانية بنتا ، فماله بينهن (٥) بالسوية.
فإن ماتت العليا (٦)
ورثتها الوسطى (٧) دون السفلى (٨).
وإن ماتت الوسطى
فللعليا نصيب الأمّ ، وللسفلى نصيب البنت ، والباقي يردّ أرباعا.
وإن ماتت السفلى
ورثتها الوسطى لأنها أمّ ، دون العليا لأنها جدّة وأخت ، وهما محجوبتان بالأمّ.
وقس على هذا.
(العاشرة ـ مخارج الفروض) (٩) : أقلّ عدد تخرج منه صحيحة (١٠) وهي
______________________________________________________
(١) البنات الثلاث
المال بالسوية لأن السبب الفاسد لا أثر له على قول الشارح فلا ترث إحداهن نصيب
الزوجية.
(٢) إحدى البنتين.
(٣) لو كان أبوها
قد مات سابقا.
(٤) أي اولد إحدى
بنتيه الآتية من السبب الفاسد على ابنته الأولى.
(٥) بين البنات
الخمس بالسوية وهذا بعد عدم وجود الأب.
(٦) أي البنت التي
نكحها أولا والتي أتت له ببنتين اللتين أولدا له بنتين بنكاحين.
(٧) أي بنتها التي
هي أولدتها من أبيها.
(٨) أي بنت بنت
البنت.
(٩) قال الشارح في
المسالك : «كان حق هذه الخاتمة أن تجعل مقدمة لكتاب الفرائض ليحفظ مضمونها وتستعمل
في مسائل الكتاب كما فعل الشهيد في الدروس ، وأما جعلها في الآخر كما فعل المصنف ـ
أي المحقق في الشرائع ـ والأكثر فلا يعلم الطالب مضمونها إلى أن يفرغ عن بحث
المسائل بغير قاعدة يرجع إليها فيقلّ فائدتها ، وقد وقع بسبب ذلك خلل كثير في حساب
الفرائض يقف عليه من تأمل كلام جماعة من الفقهاء في ذلك».
(١٠) أي أقل عدد
تخرج منه الفريضة صحيحة ، اعلم أن هذه المسألة العاشرة تتكلم في ـ
______________________________________________________
ـ شيئين :
الأول : تصحيح
المسائل.
الثاني : قسمة
الفريضة على الورثة.
أما الشيء الأول
فبيانه متوقف على مقدمات :
المقدمة الأولى :
السهام المقدرة في الكتاب ستة كما تقدم وهي : النصف والربع والثمن والثلثان والثلث
والسدس ، ومخرج هذه السهام الستة خمسة ، لأن المخرج هو أقل عدد يخرج منه السهم
صحيحا فالنصف يخرج من اثنين والربع من أربعة والثمن من ثمانية والسدس من ستة ،
والثلثان والثلث من ثلاثة.
المقدمة الثانية :
إما أن يقع في مسألة الإرث سهم واحد كالنصف مثلا أو سهمان فصاعدا ، وعلى الأول
فالمخرج المأخوذ منه ذلك السهم هو أصل المسألة ، فالنصف إن وقع في مسألة الإرث
وحيدا فمخرج الفريضة اثنان ، وإن وقع الثلث فمخرج الفريضة ثلاثة وهكذا.
وعلى الثاني فإن
كان السهمان من مخرج واحد كالثلثين والثلث فمخرج الفريضة من ثلاثة ، وإن كان
السهمان من مخرجين مختلفين فإن كانا متداخلين كالثمن والنصف أو السدس والنصف ،
فأكثر المخرجين هو أصل الفريضة وهو الثمن في المثال الأول والسدس في الثاني.
وإن لم يكن بينهما
تداخل فلينظر هل هما متوافقان كالسدس والربع في مثل زوجة وواحد من كلالة الأم بحيث
كل منهما ينقسم على اثنين فيضرب أحدهما بنصف الآخر.
وإن لم يكن تداخل ولا
توافق فهو التباين كالربع والثلث في مثل زوجة وأم فيضرب أحد المخرجين بالآخر
والحاصل هو مخرج الفريضة. ففي المثال يكون مخرجها من اثني عشر.
المقدمة الثالثة :
بناء على ما تقدم كل فريضة فيها نصف والباقي بالقرابة كزوج وأخ أو نصفان كزوج وأخت
فهي من اثنين.
وكل فريضة فيها
ثلثان والباقي بالقرابة كبنتين أو أختين فلهما الثلثان فرضا والباقي ردا بالقرابة
، أو ثلثان وثلث كأختين من أب مع إخوة من الأم فهو من ثلاثة.
وكل فريضة فيها
ربع والباقي بالقرابة كزوجة وإخوة ، أو ربع ونصف والباقي بالقرابة كزوج وبنت فهي
من أربعة.
وكل فريضة فيها
سدس والباقي بالقرابة كأحد الأبوين مع ابن ، أو فيها سدس ونصف كأخت وواحد من كلالة
الأم فهي من ستة. ـ
(خمسة) (١) للفروض الستة ، لدخول مخرج الثلث في مخرج الثلثين. فمخرج(النصف من اثنين ، والثلث والثلثان من ثلاثة ، والربع من أربعة ، والسدس من
ستة ، والثمن من ثمانية) فإذا كان في الفريضة نصف لا غير كزوج مع المرتبة
______________________________________________________
ـ وكل فريضة فيها
ثمن والباقي بالقرابة كزوجة مع ابن ، أو ثمن مع نصف كزوجة مع بنت فهي من ثمانية.
وكل فريضة فيها
ثلثان وربع كزوج وبنتين ، أو ربع وثلث كزوجة وأم ، أو ربع وسدس كزوج وأم وابن فهي
من اثني عشر.
وكل فريضة فيها
ثمن وثلثان والباقي بالقرابة كزوجة وبنتين ، أو ثمن وسدس والباقي بالقرابة كزوجة
وأحد الأبوين مع ابن فهي من أربعة وعشرين ، وهكذا هذا إذا كان في الفريضة صاحب فرض
سواء كان معه غيره أو لا.
المقدمة الرابعة :
لا بد من تفسير التداخل والتوافق والتباين والتماثل ، أما المتماثلان فهما كل
عددين متساويين كخمسة وخمسة.
وأما المتداخلان
فهما عددان أحدهما أكبر من الآخر بحيث لو أسقطت الأقل من الأكثر مرتين فصاعدا لا
يبقى شيء كالأربعة مع الاثنين والتسعة مع الثلاثة ، فالأقل داخل في الأكثر مرتين
فصاعدا فلذا سميا بالمتداخلين وأما المتوافقان فهما عددان يفنيهما عدد ثالث كالستة
مع العشرة فينقسمان على اثنين ، وكسره النصف فتضرب أحد العددين بنصف الآخر ، ولو
انقسما على ثلاثة فتضرب أحدهما بثلث الآخر وهكذا.
وأما المتباينان
فهما العددان اللذان لا توافق ولا تداخل ولا تماثل بينهما.
المقدمة الخامسة :
إذا لم يكن بين الوراث صاحب فرض ، فأصل المسألة بعدد رءوسهم إذا كانت حصصهم
متساوية كأربعة أولاد ذكور ومخرج الفريضة حينئذ أربعة.
وإن اختلفوا
بالذكورية والأنوثية وكان للذكر ضعف الأنثى فيجعل لكل ذكر سهمان وللأنثى سهم فما
أجتمع فهو أصل الفريضة فمثلا اجتماع ثلاثة ذكور مع بنتين ، فالذكور الثلاثة لهم
سهام ستة مع سهمي الأنثيين فأصل الفريضة من ثمانية.
هذا إذا انقسمت
الفريضة على الورثة بدون كسر وإلا فسيأتي تفصيله.
وإذا كان بين
الوراث صاحب فرض فأصل الفريضة تابع لمخرج سهمه كما تقدم ، فيأخذ صاحب الفرض سهمه
والباقي يقسم على باقي الورثة إذا كانوا متساوين ، ومع اختلاف الذكورية والأنوثية
فعلى قاعدة للذكر ضعف الأنثى ، هذا كله إذا كان الباقي ينقسم بدون كسر وإلا فسيأتي
تفصيله ، هذا تمام الكلام في تصحيح المسائل وأما كيفية قسمة الفريضة على الورثة فستأتي
في المسألة الحادية عشرة.
(١) إشارة إلى
المقدمة الأولى.
الثانية فأصل
الفريضة اثنان ، فإن انقسمت على جميع الورثة بغير كسر ، وإلا عملت كما سيأتي.
إلى أن تصححها من
عدد ينتهي إليه الحساب. وكذا لو كان في الفريضة نصفان(١).
وإن اشتملت على
ثلث ، أو ثلثين ، أو هما فهي من ثلاثة أو على ربع فهي من أربعة. وهكذا.
ولو اجتمع في
الفريضة فروض متعددة (٢) فأصلها أقل عدد ينقسم على تلك الفروض صحيحا :
وطريقه : أن تنسب
بعضها إلى بعض فإن تباينت ضربت بعضها في بعض فالفريضة ما ارتفع من ذلك ، كما إذا
اجتمع في الفريضة نصف وثلث فهي من ستة.
وإن توافقت ضربت
الوفق من أحدهما في الآخر كما لو اتفق فيها ربع وسدس فأصلها اثنا عشر.
وإن تماثلت اقتصرت
على أحدهما كالسدسين.
أو تداخلت فعلى
الأكثر كالنصف والربع. وهكذا.
ولو لم يكن في
الورثة ذو فرض (٣) فأصل المال عدد رءوسهم مع التساوي كأربعة أولاد ذكور ، وإن
اختلفوا في الذكورية والأنوثية فاجعل لكل ذكر سهمين ، ولكل أنثى سهما فما اجتمع
فهو أصل المال.
ولو كان فيهم ذو
فرض وغيره فالعبرة بذي الفرض خاصة كما سبق ، ويبقى حكم تمامها وانكسارها كما
سيأتي.
وحيث توقّف البحث
على معرفة النسبة بين العددين بالتساوي والاختلاف
______________________________________________________
(١) إشارة إلى
المقدمة الثالثة.
(٢) إشارة إلى
المقدمة الثانية.
(٣) إشارة إلى
المقدمة الخامسة.
وتأتّي الحاجة
إليه أيضا فلا بد من الإشارة إلى معناها (١):
فالمتماثلان هما :
المتساويان قدرا.
والمتباينان هما :
المختلفان اللذان إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة (٢) ، أو مرارا (٣) بقي واحد. ولا
يعدّهما (٤) سوى الواحد ، سواء تجاوز أقلهما نصف الأكثر كثلاثة وخمسة ، أم لا
كثلاثة وسبعة.
والمتوافقان هما :
اللذان يعدّهما غير الواحد (٥) ويلزمهما (٦) أنه إذا أسقط أقلهما من الأكثر مرة (٧)
أو مرارا (٨) بقي أكثر من واحد وتوافقهما بجزء ما يعدّهما (٩).
فإن عدهما (١٠)
الاثنان خاصة فهما متوافقان بالنصف ، أو الثلاثة فبالثلث ، أو الأربعة فبالربع.
وهكذا.
ولو تعدد ما
يعدهما من الأعداد فالمعتبر أقلهما جزءا (١١) كالأربعة مع الاثنين (١٢) فالمعتبر
الأربعة.
ثم إن كان أقلهما (١٣)
لا يزيد عن نصف الأكثر ، ونفى الأكثر ولو مرارا ،
______________________________________________________
(١) إشارة إلى
المقدمة الرابعة.
(٢) إذا كان الأقل
أكثر من نصف الأكثر.
(٣) إذا كان الأقل
أقل من نصف الأكثر.
(٤) أي لا ينقسمان
على عدد ثالث غير الواحد.
(٥) أي ينقسمان
على عدد ثالث غير الواحد.
(٦) يلزم
المتوافقين.
(٧) إذا كان الأقل
أكثر من نصف الأكثر.
(٨) إذا كان الأقل
أقل من نصف الأكثر.
(٩) أي الوفق بين
المتوافقين هو كسر العدد الذي ينقسمان عليه ، فالستة والتسعة تنقسمان على ثلاثة
فوفقهما ثلث ، فيضرب أحدهما بثلث الآخر.
(١٠) أي انقسما
على الاثنين خاصة.
(١١) أي كسرا.
(١٢) تمثيل للوفق
المتعدد فهما عدد ثالث ينقسم عليهما الاثني عشر والستة عشر فيؤخذ بالأربعة لأن
كسرها الربع والربع أقل من النصف.
(١٣) شروع في
تعريف المتداخلين.
كالثلاثة والستة ،
والأربعة والاثني عشر ، فهما المتوافقان بالمعنى الأعمّ (١) ، والمتداخلان أيضا.
وإن تجاوزه فهما
المتوافقان بالمعنى الأخص كالستة والثمانية يعدهما الاثنان ، والتسعة والاثني عشر
يعدهما الثلاثة ، والثمانية والاثني عشر يعدهما الأربعة.
ولك هنا (٢)
اعتبار كل من التوافق والتداخل وإن كان اعتبار ما تقل معه الفريضة (٣) أولى (٤) ،
ويسمى المتوافقان ـ مطلقا (٥) ـ بالمتشاركين ، لاشتراكهما في جزء الوفق(٦).
فيجتزى عند
اجتماعهما بضرب أحدهما في الكسر الذي ذلك العدد المشترك (٧) سمي له كالنصف في
الستة والثمانية ، والربع في الثمانية والاثني عشر.
وقد يترامى إلى «الجزء
من أحد عشر» (٨) فصاعدا فيقتصر عليه كأحد عشر مع اثنين وعشرين ، أو اثنين وعشرين
مع ثلاثة وثلاثين ، أو ستة وعشرين مع تسعة وثلاثين فالوفق في الأولين جزء من أحد
عشر ، وفي الأخير من ثلاثة عشر.
(الحادية عشرة (٩) ـ الفريضة إذا كانت بقدر السّهام وانقسمت) على مخارج
______________________________________________________
(١) وعلق سلطان
العلماء بأنه غير معروف هذا المعنى للمتوافقين.
(٢) في المتوافقين
بالمعنى الأعم.
(٣) وهو التداخل.
(٤) وهذا كاشف عن
أن التوافق له معنى واحد وهو المعنى الأخص.
(٥) سواء كانا
بالمعنى الأعم أو الأخص.
(٦) في كسر الوفق.
(٧) وهو الوفق.
(٨) بمعنى أن تقسم
أحد العددين على أحد عشر والحاصل تضربه بالعدد الثاني.
(٩) شروع في تقسيم
الفريضة على الورثة بعد تصحيح مخرج الفريضة ، وكان فيها صاحب فرض أو فروض ، وكانت
الفريضة بقدر السهام لا تعصيب فيها ولا عول ، إذ لو كان فيها تعصيب أو عول فتقدم
الكلام في كيفية المعالجة وسيأتي أيضا ، فنقول : فإذا انقسمت ـ
السهام(بغير كسر فلا بحث كزوج وأخت لأبوين ، أو لأب فالمسألة من سهمين) ، لأن فيها نصفين ومخرجهما اثنان وتنقسم على الزوج والأخت
بغير كسر.
وإن لم تنقسم على
السّهام بغير كسر مع كونها مساوية لها (١) ، فإما أن تنكسر على فريق واحد أو أكثر
، ثم إما أن يكون بين عدد المنكسر عليه (٢) وسهامه وفق بالمعنى الأعم (٣) أو لا ،
فالأقسام أربعة (٤).
______________________________________________________
ـ الفريضة على
جميع الورثة بغير كسر مثل أخت لأب مع زوج فالفريضة من اثنين وكل واحد من الورثة
يأخذ النصف فلا كلام ، وكذلك مثل بنتين وأبوين فالفريضة من ستة لكل واحد من
الأبوين سدس وللبنتين أربعة أسداس لكل بنت سدسان ، ومثل أبوين وزوج فالزوج له
النصف وللأم الثلث والباقي للأب فالفريضة من ستة ويكون للزوج ثلاثة وللأم اثنان
وللأب واحد.
وإن لم تنقسم من
دون كسر فسيأتي الكلام في ذلك.
(١) أي مع كون
الفريضة مساوية للسهام ، فلا يخلو إما أن تنكسر الفريضة على فريق من الوراث أو
أكثر.
وعلى الأولى إما
أن يكون بين عدد هذا الفريق ونصيبه وفق أو تداخل أو لا ، فإذا لم يكن بين عدد
الفريق ونصيبه وفق ولا تداخل فهما متباينان فنضرب أصل الفريضة بعدد الفريق والحاصل
هو الفريضة ومثاله : أبوان وخمس بنات ، فالثلثان اللذان هما أربعة أسداس الفريضة
لا تنقسم على عدد فريق البنات الخمسة بلا كسر ، فيضرب أصل الفريضة بعدد فريق
البنات أي الستة بخمسة والحاصل ثلاثون فيعطى لكل واحد من الأبوين السدس وهو خمسة ،
ويعطى لكل بنت خمس الثلثين وهو أربعة وإذا كان بين عدد الفريق ونصيبه وفق أو تداخل
فيكتفى بالأكثر على تقدير التداخل ، ويضرب أصل الفريضة بوفق عددهن والحاصل هو
الفريضة ومثاله : أبوان وست بنات ، فالثلثان اللذان هما أربعة أسداس الفريضة لا
تنقسم على عدد فريق البنات الستة بلا كسر إلا أن بين عدد فريق البنات وبين نصيبهن
وفق وهو اثنان فيضرب الستة التي هي أصل الفريضة بنصف عددهن الذي هو ثلاثة فالحاصل
ثمانية عشر ، لكل واحد من الأبوين السدس وهو ثلاثة ولكل بنت سدس الثلثين وهو اثنان
، وكان الوفق هو اثنان لأن الاثنين هو وفق عدد الفريق مع نصيبه هنا.
(٢) أي عدد
الفريق.
(٣) الشامل
للتوافق والتداخل.
(٤) الأول : أن
تنكسر على فريق واحد مع التوافق بين عدده ونصيبه. ـ
(فإن انكسرت على فريق واحد ضربت عدده) لا نصيبه(في أصل الفريضة إن عدم الوفق (١) بين العدد والنصيب كأبوين
وخمس بنات). أصل فريضتهم ستة
، لاشتمالها على السدس ومخرجه (٢) ستة و (نصيب الأبوين) منها(اثنان) لا ينكسر عليهما (٣) (ونصيب البنات
أربعة) تنكسر عليهن (٤)
، وتباين (٥) عددهنّ وهو (٦) خمسة لأنك إذا أسقطت أقل العددين من الأكثر بقي واحد(فتضرب) عددهن وهو (الخمسة في الستة : أصل الفريضة) تبلغ ثلاثين ، فكل من حصل له شيء من أصل الفريضة (٧) أخذه
مضروبا في خمسة فهو نصيبه ، ونصيب البنات منها عشرون لكل واحدة أربع.
وإن توافق النصيب
والعدد (٨) كما لو كن (٩) ستا ، أو ثماني فالتوافق (١٠) بالنصف في الأول ، والربع
في الثاني فتضرب نصف عددهن (١١) ، أو ربعه (١٢) في أصل الفريضة تبلغ ثمانية عشر في
الأول (١٣) ، واثني عشر في الثاني (١٤) فللبنات
______________________________________________________
ـ الثاني : أن
تنكسر على فريق واحد مع عدم التوافق بين عدده ونصيبه.
الثالث : أن تنكسر
على أكثر من فريق مع التوافق بين عدد كل فريق ونصيبه.
الرابع : أن تنكسر
على أكثر من فريق مع عدم التوافق بين عدد كل فريق ونصيبه.
(١) وهو القسم
الثاني من الأقسام الأربعة.
(٢) أي السدس.
(٣) على الأبوين
فلكل واحد سدس.
(٤) لأن الأربعة
تنكسر على الخمسة.
(٥) أي الأربعة
تباين.
(٦) أي العدد.
(٧) لما كان
مخرجها ستة.
(٨) وهو القسم
الأول من الأقسام الأربعة.
(٩) أي البنات.
(١٠) بين عددهن
ونصيبهن بالنصف إذا كان عددهن ستا وبالربع إذا كان عددهن ثمان.
(١١) وهو ثلاثة.
(١٢) وهو اثنان.
(١٣) وقد تقدم
تفصيلها.
(١٤) فلكل واحد من
الأبوين السدس وهو اثنان ، ولكل بنت ثمن الثلثين وهو واحد.
اثنا عشر (١)
ينقسم عليهن بغير كسر. وثمانية (٢) كذلك (٣).
(وإن انكسرت على أكثر) من فريق (٤) ، فإما أن يكون بين نصيب كل فريق
______________________________________________________
(١) في الأول.
(٢) في الثاني.
(٣) أي ينقسم
عليهن بغير كسر.
(٤) وهذا إشارة
إلى القسم الثالث والرابع من الأقسام الأربعة ، والانكسار إما أن يستوعب الجميع أو
أن يحصل للبعض الزائد على فريق دون البعض الآخر ، وعلى التقديرين إما أن يكون بين
نصيب كل فريق وعدده وفق أو يكون للبعض أو لا يكون للجميع فالصور ست ، وعلى
التقادير الستة وبعد رد عدد كل فريق إلى جزء الوفق وكسره الآتي من ملاحظة عدد
الفريق مع نصيبه أو بعد بقائه على حاله إن لم يكن هناك وفق بين نصيب الفريق وعدده
، فعدد كل فريق بالنسبة إلى عدد بقية الفرقاء إما أن تكون متماثلة أو متداخلة أو
متوافقة أو متباينة فالحاصل أربع وعشرون صورة.
فلو كان الكسر على
الجميع وكان بين نصيب كل فريق وعدده وفق فيرد عدد كل فريق إلى جزء الوفق ثم تعتبر
الأعداد فإما أن تبقى متماثلة أو متداخلة أو متوافقة أو متباينة.
١ ـ فالتماثل كست
زوجات ويتفق ذلك في المريض يطلق ثم يتزوج ويدخل ثم يموت قبل الحول وثمانية من
كلالة الأم وعشرة من كلالة الأب ، فالفريضة من اثني عشر مخرج الثلث والربع ،
للزوجات ثلاثة توافق عددهن بالثلث ، ولكلالة الأم أربعة توافق عددهم بالربع ،
ولكلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس ، فترد كلا من الزوجات والأخوة من الكلالتين
إلى اثنين ، لأن الاثنين ثلث عدد الزوجات وربع إخوة الأم وخمس إخوة الأب فتتماثل
الأعداد فيجتزئ باثنين فيضرب بها أصل الفريضة فيبلغ أربعة وعشرين ، للزوجات ستة
وهي ربع الأربع والعشرين لكل زوجة واحد ، ولأخوة الأم ثمانية وهي ثلث الفريضة لكل
واحد منهم واحد ، ولأخوة الأب عشرة لكل واحد سهم.
٢ ـ والتداخل كست
زوجات وستة عشر من كلالة الأم وعشرة من كلالة الأب فالفريضة من اثني عشر إلا أن
الوفق بين نصيب الزوجات وعددهن هو الثلث وهو اثنان ، والوفق في كلالة الأم الربع
وهو أربعة والوفق في كلالة الأب الخمس وهو اثنان والاثنان داخلة في الأربعة فيكتفى
بها ويضرب بها أصل الفريضة فيكون الحاصل ثمانية وأربعين ، للزوجات ربعها (١٢) لكل
زوجة اثنان ، ولكلالة الأم الثلث (١٦) لكل واحد سهم ، ولكلالة الأب (٢٠) لكل واحد
اثنان.
٣ ـ والتوافق كست
زوجات وعشرون من كلالة الأب وأربعة وعشرون من كلالة الأم ، ـ
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ والفريضة من
اثني عشر ، والوفق بين نصيب الزوجات وعددهن الثلث وهو اثنان ، والوفق في كلالة
الأم الربع وهو ستة ، والوفق في كلالة الأب الخمس وهو أربعة ، وبين الستة والأربعة
توافق بالنصف فيضرب الستة بنصف الأربعة والحاصل في أصل الفريضة فيكون : ١٢* ١٢ ١٤٤
، وأسقطنا وفق الزوجات لأنه متداخل في وفق غيره.
فللزوجات ربعها (٣٦)
لكل زوجة ٦ ، ولكلالة الأم ثلثها (٤٨) لكل واحد اثنان ، ولكلالة الأب الباقي (٦٠)
لكل واحد ثلاثة.
٤ ـ والتباين كست
زوجات واثني عشر من كلالة الأم وخمسة وعشرين من كلالة الأب ، فالفريضة من اثني عشر
، والوفق في الزوجات الثلث وهو اثنان ، والوفق في كلالة الأم الربع وهو ثلاثة ،
والوفق في كلالة الأب الخمس وهو خمسة ، وبين الاثنين والثلاثة والخمسة تباين فيضرب
بعضها ببعض فالحاصل ثلاثون ، فيضرب بها أصل الفريضة فيكون : ١٢* ٣٠ ٣٦٠.
للزوجات الربع (٩٠)
لكل زوجة ٦ ، ولكلالة الأم الثلث (١٢٠) لكل واحد عشرة ، ولكلالة الأب الباقي (١٥٠)
لكل واحد ستة.
وأما إذا كان
الكسر على الجميع ولا وفق بين نصيب كل فريق وعدده ، فعدد كل فريق مع الآخر إما
متماثل أو متداخل وإما متوافق وإما متباين.
٥ ـ أما التماثل
كثلاثة من كلالة الأب وثلاثة من كلالة الأم ، فالفريضة من ثلاثة لأن في الفريضة
ثلث كلالة الأم ، ونصيب كل فريق لا ينقسم على عدده ولا توافق بينهما ، إلا أن عدد
كل فريق مماثل لعدد الآخر فيكتفى بأحدهما ويضرب به أصل الفريضة فالحاصل : تسعة.
لكلالة الأب
الثلثان (٦) لكل واحد اثنان ، ولكلالة الأم الثلث (٣) لكل واحد واحد.
٦ ـ وأما التداخل
كثلاثة من كلالة الأب وستة من كلالة الأم ، فيكتفى بالستة لأن الثلاثة داخلة فيها
، فيضرب بها أصل الفريضة والحاصل : ١٨.
لكلالة الأب (١٢) لكل
واحد أربعة ، ولكلالة الأم (٦) لكل واحد واحد.
٧ ـ وأما التوافق
كستة من إخوة الأب وأربعة من كلالة الأم ، والوفق بينهما بالنصف فيضرب أحدهما بنصف
الآخر والحاصل اثنا عشر ، فيضرب به أصل الفريضة فتكون : ٣٦ لكلالة الأب (٢٤) لكل
واحد أربعة ، ولكلالة الأم (١٢) لكل واحد ثلاثة.
٨ ـ وأما التباين
كأربعة من كلالة الأب وثلاثة من كلالة الأم فالفريضة من ثلاثة ، والأربعة والثلاثة
متباينة فيضرب أحدهما بالآخر والناتج منهما يضرب بأصل الفريضة فتكون : ٣٦. ـ
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ لكلالة الأب (٢٤)
لكل واحد ستة ، ولكلالة الأم (١٢) لكل واحد أربعة ، وأما إذا كان الكسر على الجميع
وهناك وفق بين نصيب بعض الفرقاء وعددهم دون البعض الآخر ، فلو ردّ عدد الفريق إلى
جزء وفقه فإما أن يكون بينه وبين بقية أعداد الفرقاء الذين لا وفق بين نصيبهم
وعددهم تماثل أو تداخل أو توافق أو تباين.
٩ ـ أما التماثل
كزوجتين وستة من كلالة الأب ، والفريضة من أربعة ، ونصيب الكلالة ثلاثة وعددهم ستة
وهما متوافقان بالثلث ، فلو رد عدد هذا الفريق إلى جزء الوفق وكسره لكان اثنين
حاصلة من قسمة الستة على ثلاثة.
والاثنان تماثل
عدد الزوجات الذي انكسر عليه نصيبهم ولا وفق بينهما ، فيكتفى بأحدهما ونضربه بأصل
الفريضة : ٨.
للزوجات (٢) لكل
زوجة سهم ، ولكلالة الأب (٦) لكل واحد واحد.
١٠ ـ وأما التداخل
كأربع زوجات وستة من كلالة الأب فالفريضة من أربعة ، ونصيب كلالة الأب ثلاثة
وعددهم ستة وهما متوافقان بالثلث ، فلو رد عدد الفريق إلى وفقه لكان اثنين وهما متداخلتان
مع الأربعة عدد الزوجات الذي انكسر عليهن نصيبهن فيكتفى بالأربعة ويضرب بها أصل
الفريضة فالحاصل : ١٦
للزوجات (٤) لكل
زوجة سهم ، ولكلالة الأب (١٢) لكل واحد سهمان.
١١ ـ وأما التوافق
كزوجتين وستة من كلالة الأب وستة عشر من كلالة الأم ، والفريضة من اثني عشر حاصل
ضرب الربع مع الثلث.
ونصيب كلالة الأم
أربعة وعددهن ستة عشر والوفق بينهن بالربع ، فلو رد عددهن إلى جزء الوفق فيكون
أربعة ، وهي توافق الستة عدد كلالة الأب بالنصف فيضرب إحداهما بنصف الآخر فيكون
اثني عشر ، فنضربها بأصل الفريضة فيكون : ١٤٤ ولم ننظر إلى عدد الزوجات لأنه
متداخل مع عدد غيره.
للزوجات الربع (٣٦)
لكل زوجة ١٨ ، ولكلالة الأم (٤٨) لكل واحد ثلاثة ، ولكلالة الأب (٨٤) لكل واحد
عشرة.
١٢ ـ وأما التباين
كزوجتين وخمسة من كلالة الأم وسبعة من كلالة الأب ، فالفريضة من اثني عشر لأنه
مخرج الربع والثلث.
ونصيب كل فريق
ينكسر على عدده ، وأعداد كل فريق متباينة مع أعداد غيره ، فنضرب أعداد الفرقاء
بعضها في بعض فالحاصل : ٧٠ ، ثم نضربها بأصل الفريضة فيكون : ٨٤٠ للزوجتين الربع (٢١٠)
لكل زوجة ١٠٥ ، ولكلالة الأم الثلث (٢٨٠) لكل واحد ٥٦ ، ولكلالة الأب الباقي (٣٥٠)
لكل واحد خمسون. ـ
وعدده وفق ، أو
تباين ، أو بالتفريق (١).
فإن كان الأول (٢)
(نسبت الأعداد بالوفق) ورددت كل فريق إلى جزء وفقه (٣). وكذا لو كان لبعضهم وفق
دون بعض.
(أو) كان(غيره) أي غير الوفق بأن كان بين كل فريق وعدده تباين ، أو بين
بعضها كذلك جعلت كل عدد بحاله ، ثم اعتبرت الأعداد (٤).
فإن كانت متماثلة (٥)
اقتصرت منها (٦) على واحد وضربته في أصل الفريضة.
وإن كانت متداخلة (٧)
اقتصرت على ضرب الأكثر.
وإن كانت متوافقة (٨)
ضربت أحد المتوافقين في عدد الآخر.
وإن كانت متباينة (٩)
ضربت أحدها في الآخر ثم المجتمع في الآخر ، وهكذا(وضربت ما يحصل
منها في أصل المسألة).
______________________________________________________
ـ هذا تمام الكلام
فيما لو كان الكسر في الجميع ، ومنه تعرف فيما لو كان الكسر في البعض الذي هو أكثر
من فريق وفيه اثنا عشر صورة أيضا.
(١) سواء كان كسر
النصيب على العدد في الجميع أو البعض.
(٢) أي وجود وفق
بين النصيب والعدد.
(٣) كما تقدم
تفصيله في الصور الاثني عشر.
(٤) أي الأعداد
الحاصلة إما وفق العدد أو نفس العدد إذا كان هناك تباين.
(٥) كما في الصورة
الأولى والخامسة والتاسعة فيما لو كان الكسر على الجميع وقد تقدم الكلام فيها.
(٦) من الأعداد.
(٧) كما في الصورة
الثانية والسادسة والعاشرة فيما لو كان الكسر على الجميع ، وقد تقدم الكلام فيها.
(٨) كما في الصورة
الثالثة والسابعة والحادية عشرة فيما لو كان الكسر على الجميع ، وقد تقدم الكلام
فيها.
(٩) كما في الصورة
الرابعة والثامنة والثانية عشرة فيما لو كان الكسر على الجميع وقد تقدم الكلام
فيها.
فالمتباينة (١) (مثل زوج وخمسة إخوة لأمّ ، وسبعة لأب فأصلها ستة) ، لأن فيها نصفا وثلثا ومخرجهما ستة ، مضرب اثنين ـ مخرج
النصف ـ في ثلاثة ـ مخرج الثلث ـ لتباينهما(للزوج) منه النصف : (ثلاثة ، وللإخوة
للأم) الثلث(سهمان) ينكسر عليهم(ولا وفق) بينهما وبين الخمسة(وللإخوة للأب سهم) واحد وهو ما بقي من الفريضة ، (ولا وفق) بينه وبين عددهم وهو السبعة ، فاعتبر نسبة عدد الفريقين ، المنكسر عليهما وهو
الخمسة والسبعة إلى الآخر تجدهما متباينين إذ لا يعدهما إلا واحد ولأنك إذا أسقطت
أقلهما من الأكثر بقي اثنان فإذا أسقطتهما من الخمسة مرتين بقي واحد.
(فتضرب الخمسة في السبعة يكون) المرتفع(خمسة وثلاثين تضربها في) ستة(أصل الفريضة يكون) المرتفع(مائتين وعشرة) ومنها تصح.
(فمن كان له) من أصل الفريضة (٢) (سهم أخذه مضروبا
في خمسة وثلاثين فللزوج ثلاثة) من الأصل يأخذها(مضروبه فيها) أي في الخمسة والثلاثين يكون(مائة وخمسة ،
ولقرابة الأم) الخمسة(سهمان) من أصلها تأخذهما(مضروبين فيها)
______________________________________________________
(١) هذا مثال لما
لم ينكسر النصيب على العدد في كل الفرقاء ، بل في البعض الأزيد من واحد ، وقد عرفت
أن له اثنتي عشرة صورة ، وقد مثّل الشارح لواحدة منها ، وحتى تعرف موضعها فنقول :
إن الكسر على أكثر من فريق إما أن يكون بين نصيب كل فريق وعدده المنكسر عليه وفق
أو لا يكون وفق ، أو يكون وفق في البعض دون البعض فالأقسام ثلاثة ، وعلى كل فلو
نظرنا إلى عدد الفريق بعد رده إلى وفقه أو بنفسه إذا لم يكن له وفق مع بقية الأعداد
في كل الفرقاء فإما أن يكون هناك تماثل أو تداخل أو توافق أو تباين فالصور اثنتا
عشرة صورة ، والشارح قد مثل للصورة الأخيرة فيما لو لم يكن بين نصيب كل فريق وعدده
وفق أو تداخل ، مع أن أعداد الفرقاء متداخلة كزوج وخمسة وإخوة من أم وسبعة من أب ،
فالفريضة من ستة ، لأنها مخرج النصف والثلث.
ونصيب كل من
الكلالتين على عددهم منكسر ، نعم لا كسر في نصيب الزوج لأنه واحد ، غير أن لا وفق
ولا تداخل بين نصيب الكلالتين وعددهم ، فنضرب عدد الكلالتين ببعضها فالحاصل : ٣٥ ،
ثم نضربه في أصل الفريضة فيكون : ٢١٠.
للزوج النصف (١٠٥)
، ولكلالة الأم الثلث (٧٠) لكل واحد ١٤ ، ولكلالة الأب الباقي (٣٥) لكل واحد خمسة.
(٢) عند ما كانت
من ستة.
أي في الخمسة
والثلاثين وذلك سبعون(لكل) واحد منهم(أربعة عشر) : خمس السبعين(ولقرابة الأب سهم) من الأصل ومضروبة فيها(خمسة وثلاثون لكل) واحد منهم(خمسة) : سبع المجتمع (١).
وما ذكر مثال
للمنكسر على أكثر من فريق مع التباين ، لكنه لم ينكسر على الجميع.
ولو أردت مثالا
لانكسارها على الجميع أبدلت الزوج بزوجتين (٢) ، ويصير أصل الفريضة اثني عشر :
مخرج الثلث والربع ، لأنها المجتمع من ضرب إحداهما في الأخرى ، لتباينهما
فللزوجتين الربع : ثلاثة ، وللإخوة للأم الثلث : أربعة ، وللإخوة للأب الباقي وهو
خمسة ، ولا وفق بين نصيب كل وعدده ، والأعداد أيضا متباينة ، فتضرب أيها شئت في
الآخر ، ثم المرتفع في الباقي ، ثم المجتمع في أصل الفريضة فتضرب هنا اثنين في
خمسة ، ثم المجتمع في سبعة يكون سبعين ، ثم تضرب السبعين في اثني عشر تبلغ
ثمانمائة وأربعين.
فكل من كان له سهم
من اثني عشر أخذه مضروبا في سبعين.
ولا يعتبر هنا
توافق مضروب المخارج (٣) مع أصل المسألة ، ولا عدمه فلا يقال : العشرة توافق
الاثني عشر بالنصف فتردها إلى نصفها ولا السبعون توافق الاثني عشر بالنصف أيضا.
ولو كان إخوة الأم
ثلاثة صح الفرض أيضا (٤). لكن هنا تضرب اثنين في
______________________________________________________
(١) من ضرب سهم
الأصل في خمسة وثلاثين.
(٢) وهي الصورة
الثانية المتقدمة في الانكسار على الجميع.
(٣) أي مخارج
الأعداد المتباينة للفرقاء وهي سبعون كما في المثال فيما لو ضربت عدد كل فريق بعدد
غيره ، أو العشرة فيما لو ضربت عدد الزوجات بعدد إخوة الأم. أو الأربعة عشر فيما
لو ضربت عدد الزوجات بعدد إخوة الأب ، أو الخمسة والثلاثين فيما لو ضربت عدد كلالة
الأم بعدد كلالة الأب.
(٤) أي لكانت
مثالا للصورة الثانية عشرة من الكسر على جميع الفرقاء مع وجود التباين بين الأعداد
، وذلك فيما لو اجتمع زوجتان مع ثلاثة من كلالة الأم وسبعة من كلالة الأب.
فالفريضة من اثني
عشر وكل نصيب لا ينقسم على عدد فريقه ، وبين عدد الفرقاء تباين ـ
ثلاثة ، ثم في
سبعة تبلغ اثنين وأربعين ، ثم في أصل الفريضة تبلغ خمسمائة وأربعة ، ومن كان له
سهم (١) أخذه مضروبا في اثنين وأربعين.
ولا يلتفت إلى
توافق الاثني عشر (٢) ، والاثنين والأربعين (٣) ، في السدس.
ومثال المتوافقة
مع الانكسار على أكثر من فريق (٤) : ست زوجات ـ كما يتفق في المريض يطلّق ، ثم
يتزوج ويدخل ، ثم يموت قبل الحول ـ وثمانية من كلالة الأمّ ، وعشرة من كلالة الأب.
فالفريضة : اثنا عشر : مخرج الربع والثلث.
وللزوجات ثلاثة
وتوافق عددهن بالثلث ولكلالة الأم أربعة وتوافق عددهن بالربع ولكلالة الأب خمسة
توافق عددهم بالخمس. فترد كلا من الزوجات والإخوة من الطرفين إلى اثنين ، لأنهما
ثلث الأول ، وربع الثاني ، وخمس الثالث فتتماثل الأعداد فيجتزى باثنين فتضربهما في
اثني عشر تبلغ أربعة وعشرين. فمن كان له سهم أخذه مضروبا في اثنين. فللزوجات ستة
ولإخوة الأم ثمانية ، ولإخوة الأب عشرة. لكل سهم.
ومثال المتماثلة (٥)
: ثلاث إخوة من أب. ومثلهم من أمّ. أصل الفريضة ثلاثة والنسبة بين النصيب والعدد
مباينة. والعددان متماثلان فيجتزى بضرب أحدهما في أصل الفريضة تصير تسعة.
______________________________________________________
ـ فنضرب الاثنين
عدد الزوجات بالثلاثة عدد كلالة الأم والحاصل بسبعة عدد كلالة الأب فالناتج هو ٤٢
، ثم يضرب بأصل الفريضة فالحاصل : ٥٠٤ فللزوجتين الربع (١٢٦) لكل زوجة ٦٣ ،
ولكلالة الأم الثلث (١٦٨) لكل واحد ٥٦ ، ولكلالة الأب الباقي (٢١٠) لكل واحد ٣٠.
(١) من أصل
الفريضة أعني اثني عشر.
(٢) الذي هو أصل
الفريضة.
(٣) حاصل ضرب
أعداد الفرقاء بعضها ببعض.
(٤) أي على جميع
الفرقاء وكان بين نصيب كل فريق وعدده توافق وكان الوفق في الجميع متماثلا. وهي
الصورة الأولى المشروحة فلا نعيد.
(٥) فيما لو كان
الكسر على الجميع مع عدم الوفق بين نصيب كل فريق وعدده ، إلا أن أعداد الفرقاء
متماثلة وهي الصورة الخامسة المشروحة سابقا.
ومثال المتداخلة (١)
بين الأعداد كما ذكر ، إلا أنّ إخوة الأم ستة فتجتزى بها وتضربها في أصل الفريضة
تبلغ ثمانية عشر.
وقد لا تكون
متداخلة ثم تؤل إليه (٢) كأربع زوجات وستة إخوة أصل الفريضة أربعة : مخرج الربع ،
ينكسر على الفريقين ، وعدد الإخوة يوافق نصيبهم بالثلث فتردّهم إلى اثنين. وعدد
الزوجات تباين نصيبهنّ فتبقيهن بحالتهن. فيدخل ما بقي من عدد الإخوة في عددهن
فتجتزي به وتضربه في الأربعة يكون ستة عشر.
وبما ذكرناه من
الأمثلة يظهر حكم ما لو كان لبعضها وفق دون الباقي ، أو بعضها متماثل ، أو متداخل
دون بعض.
(الثانية عشرة ـ أن تقصر الفريضة عن السّهام) (٣) وإنما تقصر ، (بدخول أحد
الزوجين) كبنتين وأبوين مع
أحد الزوجين وبنتين وأحد الأبوين مع الزوج وأختين لأب وأختين لأم مع أحد الزوجين.
وهذه مسألة العول(فيدخل النقص على البنت والبنات) إن اتفقن(وعلى قرابة الأب من الأخوات ، لا على الجميع. وقد تقدم).
وهذه العبارة أجود
مما سلف حيث لم يذكر الأب (٤) فيمن يدخل عليه النقص.
(الثالثة عشرة ـ أن تزيد) الفريضة(على السّهام) (٥) كما لو خلّف بنتا واحدة ، أو بنات أو أختا أو أخوات أو
بنتا وأبوين ، أو أحدهما ، أو بنات
______________________________________________________
(١) فيما لو كان
الكسر على الجميع مع عدم الوفق بين نصيب كل فريق وعدده ، إلا أن أعداد الفرقاء
متداخلة وهي الصورة السادسة المشروحة سابقا.
(٢) أي إلى
التداخل ، فيما لو كان الكسر على الجميع مع وجود وفق بين نصيب البعض وعددهم إلا أن
عدد الفريق إذا ردّ إلى وفقه مع أعداد الفرقاء البقية متداخلة وهي الصورة العاشرة
المشروحة سابقا.
(٣) وهي مسألة
العول ، وقد تقدم البحث فيها بالتفصيل.
(٤) هنا مع ذكره
هناك.
(٥) وهي مسألة
التعصيب وقد تقدم الكلام فيها بالتفصيل.
واحدهما.(فيرد الزائد على ذوي السهام عدا الزوج والزوجة والأم مع الإخوة) ، أما مع عدمهم فيرد عليها.
(أو يجتمع ذو سببين) كالأخت من الأبوين(مع ذي سبب واحد) كالإخوة من الأم فيختص الرد بذي السببين(كما مرّ) ولا شيء عندنا للعصبة بل في فيه التراب (١).
(الرابعة عشرة ـ في المناسخات) (٢) وتتحقق بأن يموت شخص ، ثم يموت أحد ورّاثه قبل قسمة تركته
، فإنه يعتبر حينئذ قسمة الفريضتين من أصل واحد ، لو طلب ذلك ، فإن اتحد الوارث
والاستحقاق (٣) كإخوة ستة وأخوات ست لميت ، فمات بعده أحد الإخوة ، ثم إحدى
الأخوات ، وهكذا ، حتى بقي أخ وأخت فمال الجميع بينهما أثلاثا ، إن تقربوا بالأب ،
وبالسوية إن تقربوا بالأم.
وإن اختلف الوارث
خاصة (٤) ، كما لو ترك الأول ابنين ، ثم مات أحدهما وترك ابنا فإن جهة الاستحقاق
في الفريضتين واحدة وهي البنوة لكن الوارث مختلف (٥).
______________________________________________________
(١) ففي خبر حسين
الرزاز قال : (أمرت من يسأل أبا عبد الله عليهالسلام المال لمن هو؟ للأقرب أو للعصبة ، فقال : المال للأقرب
والعصبة في فيه التراب) .
(٢) مفاعلة من
النسخ وهو النقل والتحويل ، وذلك فيما لو مات شخص ثم مات أحد ورثته وأردنا تصحيح
المسألتين من أصل واحد ، فإن عدد الورثة عند موت الأول قد ينسخ بعدد آخر ، وكذا
النصيب.
(٣) بأن كان ورثة
الميت الأول هم ورثة الثاني وكانت الجهة التي يرثون بها واحدة في كلتا المسألتين
ومثاله : ثلاثة من كلالة الأبوين وثلاثة من كلالة الأم ، فمات أحد الأخوة ثم الآخر
ثم ماتت إحدى الأخوات ثم الثانية وبقي أخ وأخت ، فمال الموتى بينهم أثلاثا إن كانت
الجهة واحدة بينهما وبين الميت من الأب ، وبالسوية إن كانت من الأم.
(٤) أما جهة
الاستحقاق فواحدة في كلا الطائفتين من الوراث.
(٥) فورثة الميت
الأول ابناه ، وورثة الميت الثاني ابنه ، مع أن وارث الثاني ابن أخ الوارث الأول
الذي هو ما زال على قيد الحياة.
__________________
أو الاستحقاق خاصة
(١) كما لو مات رجل وترك ثلاثة أولاد ، ثم مات أحد الأولاد ولم يترك غير أخويه.
فإن الوارث فيهما واحد (٢) لكن جهة الاستحقاق مختلفة(٣).
أو اختلفا معا (٤)
فقد تحتاج المسألة إلى عمل آخر غير ما احتاجت إليه الأولى وقد لا تحتاج.
وتفصيله أن نقول :
(لو مات بعض الورثة قبل قسمة التركة) الأولى(صححنا الأولى ، فإن نهض نصيب الميت الثاني بالقسمة على
وراثه) من غير كسر(صحت المسألتان من المسألة الأولى) كزوجة ماتت عن ابن وبنت بعد زوجها وخلف معها ابنا وبنتا ،
فالفريضة الأولى أربعة وعشرون (٥) ونصيب الزوجة منها ثلاثة تصح (٦) على ولديها (٧)
وهنا الوارث والاستحقاق مختلف (٨) وكزوج مع أربع إخوة لأب (٩) ، ثم يموت الزوج عن
ابن وبنتين أو أربعة بنين فتصح المسألتان من الأولى وهي ثمانية (١٠).
______________________________________________________
(١) أما الوراث
فمتحدون.
(٢) وهم ابنا
الميت الأول ، وهما أخوا الميت الثاني.
(٣) فيرثون الأول
بالبنوة والثاني بالأخوة.
(٤) أي الوارث
والاستحقاق كما لو مات شخص وترك أخوين ، ثم مات أحدهما وترك ابنين ، فالوارث مختلف
والاستحقاق مختلف.
(٥) لأنها مخرج
الثمن بعد كون الباقي منقسما أثلاثا.
(٦) أي تنقسم
الثلاثة.
(٧) من غير الزوج
الأول.
(٨) أما ورثة
الأول فزوجته وابن وبنت ، وورثة الثاني ولدها من غير زوجها الأول ، وعلى الأول
فيرثون بالزوجية وبجهة البنوة من الأب وعلى الثاني فيرثون بجهة البنوة من الأم ،
وفيه : أن جهة البنوة واحدة.
(٩) والذي مات هو
الزوجة.
(١٠) لأنها مخرج
النصف الذي هو نصيب الزوج بعد كون الباقي منقسما أرباعا.
وللزوج أربعة
فيعطى ابنه اثنين وبنتيه اثنين في المثال الأول أو كل ابن سهما واحدا في المثال
الثاني ، وهذا كله مثال لاختلاف الوارث مع اختلاف جهة الاستحقاق.
(وإن لم ينهض) نصيب الثاني بفريضته (١) فانظر النسبة بين نصيب الميت
الثاني وسهام ورثته ، فإن كان بينهما وفق(فاضرب الوفق بين
نصيبه وسهام ورثته) من الفريضة لا من النصيب(في المسألة الأولى فما بلغ صحت منه) مثل أبوين وابن (٢) ثم يموت الابن ويترك ابنين وبنتين
فالفريضة الأولى ستة ونصيب الابن منها أربعة ، وسهام ورثته ستة توافق نصيبهم (٣)
بالنصف فتضرب ثلاثة : وفق الفريضة الثانية في ستة (٤) تبلغ ثمانية عشر ومنها تصح
الفريضتان (٥).
وكأخوين من أمّ
ومثلهما من أب وزوج (٦) ، مات الزوج عن ابن وبنتين فالفريضة الأولى اثنا عشر :
مخرج النصف والثلث ، ثم مضروبة (٧) في اثنين لانكسارها (٨) على فريق واحد وهو
الإخوان للأب ، وبين نصيب الزوج منها وهو ستة وفريضته (٩) وهي أربعة توافق بالنصف
، فتضرب الوفق من الفريضة وهو اثنان ، في اثني عشر تبلغ أربعة وعشرين.
ومنها تصح
الفريضتان (١٠).
______________________________________________________
(١) التي نريد
تقسيمها على ورثته ، وتوضيحه أن هنا صورتين :
الأولى : أن يكون
بين نصيب الميت الثاني من فريضة الأول وبين الفريضة الثانية وفق فيضرب وفق الفريضة
الثانية ـ لا وفق نصيب الثاني من الأول ـ بالفريضة الأولى ، فما بلغ تصح منه
الفريضتان.
الثانية : أن لا
يكون هناك وفق وسيأتي تفصيلها.
(٢) هذه هي
الفريضة الأولى وهي من ستة.
(٣) الذي هو
أربعة.
(٤) التي هي
الفريضة الأولى.
(٥) فلكل واحد من
الأبوين السدس (٣) ، وللابن (١٢) ، ثم لكل ابن من أبناء الميت الثاني (٤) ولكل بنت
(٢).
(٦) وهذه هي
الفريضة الأولى وهي من اثني عشر مخرج النصف والثلث.
(٧) أي مضروب مخرج
النصف والثلث الذي هو ستة.
(٨) لانكسار
الستة.
(٩) وهي الفريضة
الثانية فإنها من أربعة للذكر سهمان ولكل بنت سهم.
(١٠) للزوج النصف (١٢)
ولكلالة الأم الثلث (٨) لكل واحد أربعة ، ولكلالة الأب (٤) لكل واحد اثنان ، ثم
نصيب الزوج فيقسم على أربعة ـ سهمان للذكر وسهم لكل أنثى ـ فالذكر له ستة ولكل
أنثى ثلاثة.
(ولو لم يكن) بين نصيب الثاني وسهامه(وفق (١) ضربت
المسألة الثانية في الأولى) فما ارتفع صحت منه المسألتان. كما لو كان ورثة الابن في
المثال الأول (٢) ابنين وبنتا ، فإن سهامهم حينئذ خمسة تباين نصيب مورّثهم (٣)
فتضرب خمسة (٤) في ستة (٥) تبلغ ثلاثين (٦).
وكذا لو كان ورثة
الزوج في المسألة الثانية ابنين وبنتا (٧) فتضرب خمسة في اثني عشر.
(ولو) كانت المناسخات أكثر من فريضتين ، بأن(مات بعض ورثة الميّت الثاني) قبل القسمة أو بعض ورثة الأول ، فإن انقسم نصيب الثالث على
ورثته بصحة وإلا(عملت فيه كما عملت في المرتبة الأولى وهكذا) لو فرض كثرة التناسخ فإن العمل واحد.
______________________________________________________
(١) وهذه هي
الصورة الثانية ، والمعنى عدم التوافق بين نصيب الثاني من الأول وبين فريضته
المنقسمة على ورثته ، فنضرب الفريضة الثانية بالأولى.
(٢) وفي المثال
الأول : الفريضة الأولى أبوان وابن ، وفي الفريضة الثانية ابنان وبنتان ، فتكون
الفريضة الثانية هنا : ابنين وبنتا فالفريضة الثانية أخماسا لكل ذكر خمسان وللبنت
خمس.
(٣) من الفريضة
الأولى الذي هو أربعة.
(٤) الفريضة
الثانية.
(٥) الفريضة
الأولى.
(٦) فالأبوان لهما
السدسان (١٠) لكل واحد خمسة ، وللابن الباقي (٢٠) ، ثم حصة الابن تنقسم على أولاده
أخماسا فكل ذكر له (٨) والأنثى لها (٤).
(٧) فالفريضة
الأولى ماتت زوجة وتركت زوجا وأخوين لأم وأخوين لأب ، ومخرج الفريضة اثنا عشر ،
ونصيب الزوج ستة.
ثم مات الزوج وترك
ابنين وبنتا وسهامهم خمسة ، والستة لا تنقسم على الخمسة فنضرب الفريضة الثانية أي خمسة
بالفريضة الأولى فالحاصل : ٦٠.
للزوج نصفها (٣٠)
لكل ذكر من أبنائه ١٢ وللبنت ٦ ، ولكلالة الأم الثلث (٢٠) لكل أخ عشرة ، ولكلالة
الأب الباقي (١٠) لكل واحد خمسة.
كتاب الحدود
(كتاب الحدود (١)
وفيه فصول)
(الأول في) حد(الزنا) (٢)
______________________________________________________
(١) جمع حد ، وهو
لغة : المنع ، ومنه أخذ الحد الشرعي لكونه ذريعة إلى منع الناس عن فعل الفاحشة ،
وشرعا هو عقوبة خاصة تتعلق بإيلام البدن ، عيّن الشارع كميّتها في جميع الأفراد.
والتعزير لغة :
التأديب ، وشرعا عقوبة أو إهانة لا تقدير لها بأصل الشرع غالبا ، وإلّا فقد ورد
تحديد لبعض أفراد التعزير كتعزير المجامع زوجته في نهار رمضان بخمسة وعشرين سوطا.
ثم قد دل على
تشريع الحدود والتعزير آيات وأخبار كثيرة منها : خبر سدير قال : (قال أبو جعفر عليهالسلام : حد يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين ليلة وأيامها)
. وعن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليهالسلام في قوله تعالى : (يُحْيِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهٰا) قال : (ليس يحييها ، و
لكن يبعث الله
رجلا فيحيون العدل فتحيى الأرض بإحياء العدل ، ولإقامة حد فيه أنفع في الأرض من
القطر أربعين صباحا) .
(٢) من الكبائر ،
بل أجمع على تحريمه كل الملل ، وهو من الأصول الخمسة التي يجب تقريرها في كل شريعة
، والأصول الخمسة هي التي عليها مدار نظام العالم وهي تحريم الزنا ـ
__________________
بالقصر لغة حجازية
، وبالمد تميمية ، (وهو) (١) أي الزنا(إيلاج) أي إدخال الذكر (٢) (البالغ (٣) العاقل
(٤) في فرج امرأة) ، بل مطلق أنثى (٥) قبلا أو دبرا (٦) (محرمة) عليه (٧) (من غير عقد) نكاح بينهما(ولا ملك) (٨) من الفاعل (٩) للقابل(ولا)
______________________________________________________
ـ والقتل ،
والسرقة وترك الضائع والظلم ، وحاصل الجميع ما يوجب الفساد في الأنفس والأولاد
والأموال.
(١) شروع في تحقيق
معنى الزنا ، وأحسن تعاريفه ما عن الرياض : (إيلاج الإنسان وإدخاله فرجه وذكره
الأصلي في فرج امرأة محرمة عليه أصالة من غير عقد نكاح ولو متعة بينهما ، ولا ملك
من الفاعل القابل ، ولا شبهة دارئة).
(٢) ليس المراد به
المذكر في قبال المؤنث كما توهم ، بل آلة المذكر وهي القضيب.
(٣) قيد لإخراج
الصبي لحديث رفع القلم عنه حتى يحتلم.
(٤) قيد لإخراج
المجنون لحديث رفع القلم حتى يفيق ، ولكن هذان الحدان ليسا في محلهما ، لأن الكلام
في تعريف معنى الزنا لا في ثبوت الحد عليه ، والزنا واضح عرفا ففي الخبر : (قال
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لماعز ـ بعد إقراره بالزنا أربعة ـ أتعرف الزنا؟ فقال : هو
أن يأتي الرجل حراما كما يأتي أهله حلالا) .
(٥) لأنه لا يشترط
بلوغ الأنثى ليتحقق الزنا ، بل لو دخل في الصغيرة لكان زنا ويجب عليه الحد دونها ،
نعم لو كانت كبيرة لوجب الحد عليهما.
(٦) على المشهور
كما في المختلف ، أو بلا خلاف كما في الرياض ، لكن عن الوسيلة التردد في دبر
المرأة على قولين ، أحدهما أنه زنا ـ وهو الأثبت ـ ، والثاني أنه لواط ، وعن
المقنعة خصّه في الفرج خاصة وكذا الشيخ في النهاية ، وفيه : إن الزنا عرفا هو
للأعم وهذا ما صرّح به ابن إدريس بالإضافة إلى إطلاق الأخبار الشامل لهما ففي
الخبر : (إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم) .
(٧) بالأصالة ،
وذلك لا يكون إلا إذا كانت أجنبية من دون عقد ولو متعة ، ولا ملك من طرفه ، أما لو
كانت محرمة عليه بالعارض كالحائض والنفساء والمظاهرة ونحوه فلا يتحقق مفهوم الزنا
ولا حدّ عليه لانصراف أخبار حد الزنا عنه.
(٨) لتحقيق الحرمة
بالأصالة وقد عرفت ذلك آنفا.
(٩) أي لو كان
الرجل الفاعل مالكا للمرأة القابل فهي أمته فيجوز نكاحها ، أما لو كانت هي ـ
__________________
(شبهة) (١) موجبة لاعتقاد الحل(قدر الحشفة) (٢) مفعول المصدر (٣) المصدّر به (٤) ويتحقق قدرها بإيلاجها
نفسها ، أو إيلاج قدرها من مقطوعها وإن كان تناولها (٥) للأول (٦) لا يخلو من تكلف
(٧). في حالة كون المولج(عالما) بالتحريم (٨) (مختارا)
______________________________________________________
ـ المالكة فلا يصح
نكاحها بالملك
(١) قيد لمعنى
الزنا الموجب للحد ، لأنه مع الشبهة تدرأ الحدود كما في مرسل الصدوق : (قال رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ادرءوا الحدود بالشبهات) ، والمراد بالشبهة هو اعتقاد حلية وطئها كمن وجد على فراشه
امرأة فاعتقد أنها زوجته.
(٢) يتحقق الزنا
بالإيلاج ، ويتحقق الإيلاج بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها ، ولا يشترط إدخال
تمام العضو حتى يتحقق الإيلاج والإدخال كما احتمله في كشف اللثام مستدلا عليه بما
تقدم : (إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم) الظاهر منه إدخال الجميع ، وذلك لأن المناط على التقاء
الختانين كما في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا التقى الختانان فقد وجب الحد) ، والتقاء الختانان متحقق بإدخال الحشفة فقط.
(٣) أعني الإيلاج.
(٤) أي المأتي به
في صدر التعريف.
(٥) تناول
العبارة.
(٦) إيلاجها
بنفسها.
(٧) لأنه مع
وجودها لا داعي لتقدير قدرها.
(٨) قيد لثبوت
الحد لا لتحقيق معنى الزنا ، فالجاهل القاصر لا حد عليه للبراءة الشرعية والعقلية
، ولصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لو أن رجلا دخل في الإسلام وأقرّ به ، ثم شرب الخمر
وزنى وأكل الربا ولم يتبين له شيء من الحلال والحرام ، لم أقم عليه الحد إذا كان
جاهلا ، إلا أن تقوم عليه البينة أنه قرأ السورة التي فيها الزنا والخمر وأكل
الربا ، وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته ، فإن ركبه بعد ذلك جلدته وأقمت عليه الحد) .
__________________
في الفعل (١).
فهنا قيود :
أحدها : الإيلاج.
فلا يتحقق الزنا بدونه كالتفخيذ وغيره (٢) ، وإن كان محرما يوجب التعزير.
وثانيها : كونه من
البالغ (٣) ، فلو أولج الصبي أدّب خاصة.
وثالثها : كونه
عاقلا (٤) فلا يحدّ المجنون على الأقوى لارتفاع القلم عنه ،
______________________________________________________
(١) مع الإكراه لا
حد ، لسقوط التكليف عقلا عن المكره ولصحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام : (إن عليا عليهالسلام أتي بامرأة مع رجل فجر بها ، فقالت : استكرهني والله يا
أمير المؤمنين ، فدرأ عنها الحد) ومثلها غيرها.
(٢) كاللعب بالعضو.
(٣) قد عرفت أنه
قيد للحد لا لمعنى الزنا.
(٤) قيد للحد لا
لمعنى الزنا ، هذا وقد ذهب الشيخان والصدوق والقاضي وابن سعيد إلى أن المجنون لو
زنى يجلد وإن كان محصنا يرجم لرواية أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد ، وإن كان محصنا
رجم) .
وفي سندها إبراهيم
بن الفضل وهو مجهول بالإضافة إلى معارضته بأخبار تفيد أنه لا حد على المجنون منها
: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام : (في امرأة مجنونة زنت ، قال : إنها لا تملك أمرها ليس
عليها شيء) . فهي وإن كانت واردة في المجنونة لكن تشمل المجنون لأنه لا
يملك أمره أيضا.
وصحيحة فضيل بن
يسار : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا حد لمن لا حد عليه ، يعني لو أن مجنونا قذف رجلا
لم أر عليه شيئا) .
وصحيح حماد بن
عيسى عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام : (لا حد على مجنون حتى يفيق ولا على صبي حتى يدرك ولا على
النائم حتى يستيقظ) فلا بد من حمل الخبر ـ
__________________
ويستفاد من إطلاقه
عدم الفرق بين الحر والعبد ، وهو كذلك وإن افترقا في كمية الحد وكيفيته.
ورابعها : كون
الإيلاج في فرجها فلا عبرة بإيلاجه في غيره من المنافذ وإن حصل به الشهوة
والإنزال. والمراد بالفرج العورة كما نص عليه الجوهري فيشمل القبل والدبر ، وإن
كان إطلاقه على القبل أغلب
وخامسها : كونها
امرأة وهي البالغة تسع سنين ، لأنها تأنيث المرء وهو الرجل ولا فرق فيها بين
العاقلة والمجنونة والحرة والأمة الحية والميتة ، وإن كان الميتة أغلظ كما سيأتي ،
وخرج بها إيلاجه في دبر الذكر فإنه لا يعد زنا وإن كان أفحش (١) وأغلظ عقوبة (٢).
وسادسها : كونها
محرمة عليه. فلو كانت حليلة بزوجية ، أو ملك لم يتحقق الزنا ، وشملت المحرمة
الأجنبية المحصنة (٣) ، والخالية من بعل ، ومحارمه وزوجته الحائض والمظاهرة (٤) ،
والمولى منها (٥) ، والمحرمة وغيرها (٦) وأمته المزوجة ، والمعتدة (٧) والحائض
ونحوها (٨) وسيخرج بعض هذه المحرمات.
وسابعها : كونها
غير معقود عليها ، ولا مملوكة ، ولا مأتية بشبهة ، وبه (٩) يخرج وطء الزوجة
المحرّمة لعارض مما ذكر وكذا الأمة فلا يترتب عليه الحد وإن حرم ولهذا احتيج إلى
ذكره بعد المحرمة (١٠) ،
______________________________________________________
ـ الأول على ما لو
كان جنونه أدواريا وكانت فاحشته حال تعقله.
(١) لكونه أشد
انحرافا من الزنا.
(٢) لأن حده القتل
مطلقا.
(٣) ذات البعل.
(٤) التي ظاهرها
بأن جعلها عليه كظهر أمه.
(٥) التي وقع
الإيلاء بينه وبينها بأن حلف على ترك وطئها.
(٦) كالمعتكفة ،
والصائمة.
(٧) من غيره.
(٨) كالنفساء وهما
وصفان للأمة.
(٩) بهذا القيد.
(١٠) أي احتيج إلى
ذكر هذا القيد السابع بعد قيد المحرمة في تعريف الزنا.
إذ لولاه (١) لزم
كونه (٢) زنا يوجب الحد وإن كان بالثاني يستغنى عن الأول (٣) إلا أن بذلك (٤) لا
يستدرك القيد (٥) ، لتحقق الفائدة مع سبقه والمراد بالعقد : ما يشمل الدائم
والمنقطع ، وبالملك : ما يشمل العين والمنفعة (٦) كالتحليل وبالشبهة (٧). ما أوجب
ظن الإباحة ، لا ما لو لا المحرمية لحللت (٨) كما زعمه بعض العامة.
وثامنها : كون
الإيلاج بقدر الحشفة فما زاد. فلو أولج دون ذلك لم يتحقق الزنا كما لا يتحقق الوطء
لتلازمهما (٩) هنا (١٠) فإن كانت الحشفة صحيحة اعتبر مجموعها ، وإن كانت مقطوعة أو
بعضها اعتبر إيلاج قدرها ولو ملفقا منها ومن الباقي ، وهذا الفرد (١١) أظهر في
القدرية (١٢) منها نفسها (١٣).
وتاسعها : كونه
عالما بتحريم الفعل. فلو جهل التحريم ابتداء لقرب عهده بالدين (١٤) ،
______________________________________________________
(١) لو لا القيد
السابع.
(٢) كون وطأ زوجته
المحرمة عليه لعارض.
(٣) أي وإن كان
بالقيد السابع يستغنى عن قيد المحرمة.
(٤) بذكر الثاني
بعد الأول.
(٥) أي الأول
فيبقى لذكره فائدة كفائدة ذكر كل عام بعده خاص.
(٦) لأنه أعم من
ملك الرقبة وملك منفعة البضع.
(٧) أي والمراد
بالشبهة ، وهي توهم الفاعل أو المفعول أو كليهما أن ذلك الفعل سائغ له ، وذهب أبو
حنيفة إلى أن الرجل لو عقد على امرأة لا يحل له وطؤها كالأم عالما بالتحريم ووطئها
فلا حد عليه ، وكذلك إذا استأجرها للوطء وذلك لأنه وطئ شبهة إذ بالعقد اشتبه.
وفيه : مع الفرض
أنه عالم بالحرمة كيف يشتبه بالعقد.
(٨) له بالعقد.
(٩) أي الإيلاج
والوطء.
(١٠) في باب
الحدود.
(١١) إذا كانت
مقطوعة أو بعضها.
(١٢) عند قول
المصنف : «قدر الحشفة» ، فإنه ينطبق على مقطوع الحشفة ولو بعضها دون ما لو كان
سليم الحشفة.
(١٣) أي من الحشفة
نفسها.
(١٤) قد تقدم
الخبر فيه.
أو لشبهة كما لو
أحلته نفسها فتوهم الحل مع إمكانه في حقه (١) لم يكن زانيا ، ويمكن الغنى عن هذا
القيد بما سبق (٢) لأن مرجعه إلى طروء شبهة. وقد تقدم اعتبار نفيها والفرق (٣) بأن
الشبهة السابقة (٤) تجامع العلم بتحريم الزنا كما لو وجد امرأة على فراشه فاعتقدها
زوجته مع علمه بتحريم وطء الأجنبية وهنا (٥) لا يعلم أصل تحريم الزنا ، غير كاف في
الجمع بينهما (٦) مع إمكان إطلاق الشبهة على ما يعم الجاهل بالتحريم.
وعاشرها : كونه
مختارا. فلو أكره على الزنا لم يحد على أصح القولين (٧) في الفاعل وإجماعا في
القابل. ويتحقق الإكراه بتوعد القادر المظنون فعل ما توعّد به لو لم يفعل (٨) بما
يتضرر به في نفسه (٩) ، ...
______________________________________________________
(١) أي إمكان توهم
الحل في حقه.
(٢) في القيد
السابع من قوله : «ولا مأتية بشبهة».
(٣) بين القيد
التاسع وبين ما ذكر من الشبهة في القيد السابع.
(٤) المذكورة في
القيد السابع.
(٥) في القيد
التاسع ، والحاصل أن السابق مختص بالشبهة الموضوعية وهذا مختص بالشبهة الحكمية.
(٦) لأن إحداهما
موضوعية والأخرى حكمية.
(٧) لا خلاف في
أنه لا حد على الزنا مع الإكراه لسقوط التكليف عقلا عن المكره ، وكذلك لا خلاف في
وقوع الإكراه في طرف المرأة ، ففي صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام في امرأة أقرت على نفسها أنه استكرهها رجل على نفسها ، قال
: هي مثل السائبة لا تملك نفسها فلو شاء لقتلها ، فليس عليها جلد ولا نفي ولا رجم)
ومثلها غيرها.
ولكن وقع الخلاف
في وقوع الإكراه في طرف الرجل ، فعن ابن زهرة أنه لا يقع ، لأن الإكراه يمنع من
انتشار العضو وانبعاث القوى ، وفيه : إن الإكراه على ارتكاب ما حرم الله وليس عن
أصل الشهوة.
(٨) ضمير الفاعل
راجع إلى المكره ، والمفعول به محذوف وتقديره الزنا.
(٩) نفس المكره.
__________________
أو من يجري مجراه (١)
كما سبق تحقيقه في باب الطلاق.
فهذه جملة قيود
التعريف (٢) ومع ذلك فيرد عليه أمور.
الأول : أنه لم
يقيد المولج بكونه ذكرا فيدخل فيه (٣) إيلاج الخنثى قدر حشفته .. إلخ مع أن الزنا
لا يتحقق فيه (٤) بذلك (٥) ، لاحتمال زيادته (٦) ، كما لا يتحقق به الغسل ، فلا بد
من التقييد بالذكر (٧) ليخرج الخنثى.
الثاني : اعتبار
بلوغه وعقله (٨) إنما يتم في تحقق زنا الفاعل ، وأما في زنا المرأة فلا (٩) خصوصا
العقل ، ولهذا يجب عليها الحد بوطئهما لها وإن كان في وطء الصبي يجب عليها الجلد
خاصة (١٠) ، لكنه حد في الجملة بل هو الحد المنصوص في القرآن الكريم(١١).
الثالث : اعتبار
كون الموطوءة امرأة (١٢) وهي كما عرفت مؤنث الرجل.
وهذا إنما يعتبر
في تحقق زناها.
______________________________________________________
(١) أي مجرى الضرر
النفس كالضرر في المال أو الولد أو العرض.
(٢) تعريف الزنا
عند المصنف.
(٣) تعريف المصنف
للزنا.
(٤) في الخنثى.
(٥) بإدخال قدر
الحشفة.
(٦) أي لاحتمال
كون ما أدخله عضوا زائدا ولذا لم يثبت في حقه الغسل.
(٧) إلا أن يقال
إن مراد المصنف من قوله إيلاج الذكر ، أي إيلاج المذكر فلا إشكال.
(٨) وفيه : إنهما
قيدان للحد لا لمعنى الزنا ، وعلى كل فهما شرطان لثبوت الحد على الفاعل.
(٩) إذ يكفي في
تحقق زناها الموجب للحد أن يزني بها الصبي أو المجنون.
(١٠) وإن كانت
محصنة.
(١١) لم ينص
القرآن إلا على الجلد فقط في قوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ
وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ
جَلْدَةٍ وَلٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ
اللّٰهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) .
(١٢) أي اعتبارها
في تعريف المصنف ، هذا بالنسبة لزنا المرأة ، أما الرجل فلا ، إذ يكفي في تحقق
زناها الإيلاج في الصغيرة دون التاسعة.
__________________
أما زنا الفاعل
فيتحقق بوطء الصغيرة كالكبيرة وإن لم يجب به الرجم لو كان محصنا ، فإن ذلك لا
ينافي كونه زنا يوجب الحد كالسابق.
الرابع : إيلاج
قدر الحشفة (١) أعم من كونه من الذكر وغيره لتحقق المقدار فيهما ، والمقصود هو
الأول فلا بد من ذكر ما يدل عليه بأن يقول : قدر الحشفة من الذكر ، ونحوه إلا أن
يدّعى : أن المتبادر هو ذلك وهو محل نظر (٢).
الخامس : الجمع
بين العلم ، وانتفاء الشبهة (٣) غير جيد في التعريف كما سبق إلا أن يخصص العالم
بفرد خاص كالقاصد ، ونحوه (٤).
السادس : يخرج زنا
المرأة العالمة (٥) بغير العالم (٦) كما لو جلست على فراشه متعمدة قاصدة للزنا مع جهله
بالحال فإنه يتحقق من طرفها وإن انتفى عنه ومثله (٧) ما لو أكرهته (٨).
ولو قيل : إن
التعريف لزنا الفاعل خاصة سلّم من كثير مما ذكر (٩) لكن يبقى فيه (١٠) الإخلال (١١)
بما يتحقق به زناها.
______________________________________________________
(١) كما نص عليه
المصنف ، ولم يقيد أنه من القضيب فيشمل ما لو كان قدر الحشفة من الإصبع ولذا كان
عليه أن يقيد أن هذا القدر من القضيب لإخراج غيره.
(٢) لاحتمال كون
الانصراف بدويا ناشئا من كثرة الوجود لا من كثرة الاستعمال.
(٣) لأنه مع كونه
عالما فتنتفي في حقه الشبهة ، ومع انتفاء الشبهة فهو عالم ، فهما متلازمان فيكفي
ذكر أحدهما.
(٤) أو يجعل بكون
انتفاء الشبهة لرفع الجهل في الشبهات الموضوعية ويكون العلم لرفع الجهل في الشبهات
الحكمية وهو المتعين.
(٥) عن تعريف
المصنف ، لأنه اشترط علم الفاعل ولم يشترط علم المفعول بها.
(٦) فيما كانت
زانية بمن يعتقد أنها حلال له ، والجار والمجرور متعلقان بزنا المرأة العالمة.
(٧) في الخروج عن
تعريف المصنف.
(٨) فإنه زنا من
طرفها ولا يشمله تعريف المصنف لأنه اشترط اختيار الفاعل فقط لا الأعم منه ومن
اختيارها.
(٩) وهو الإشكال
الثاني والثالث والسادس.
(١٠) في تعريف
المصنف.
(١١) بمعنى أنه لا
داعي لترك زنا المرأة في مقام تعريف الزنا.
وحيث اعتبر في
الزنا انتفاء الشبهة(فلو تزوج الأم) أي أمّ المتزوج(أو المحصنة) المتزوجة بغيره(ظانا الحل) لقرب عهده من المجوسية ، ونحوها من الكفر ، أو سكناه في
بادية بعيدة عن أحكام الدين(فلا حد) عليه للشبهة والحدود تدرأ بالشبهات.
(ولا يكفي) في تحقق الشبهة الدارئة للحد(العقد) على المحرمة(بمجرده) من غير أن يظن الحل إجماعا ، لانتفاء معنى الشبهة حينئذ (١)
ونبه بذلك على خلاف أبي حنيفة حيث اكتفى به (٢) في درء الحدود ، وهو (٣) الموجب
لتخصيصه (٤) البحث عن قيد الشبهة ، دون غيرها من قيود التعريف.
(ويتحقق الإكراه) على الزنا(في الرجل) على أصح القولين (٥) (فيدرأ الحد عنه به
(٦) كما) يدرأ(عن المرأة بالإكراه لها) لاشتراكهما في المعنى (٧) الموجب لرفع الحكم ، ولاستلزام
عدمه (٨) في حقه (٩) التكليف بما لا يطاق.
وربما قيل (١٠)
بعدم تحققه في حقه (١١) بناء على أن الشهوة غير مقدورة (١٢) وأن الخوف يمنع من
انتشار العضو وانبعاث القوة.
ويضعف بأن القدر
الموجب للزنا وهو تغييب الحشفة غير متوقف على ذلك
______________________________________________________
(١) أي حين عدم
ظنه للحل.
(٢) بالعقد مجردا
ولو كان عالما بالحرمة ، وأنها لا تحل له بالعقد.
(٣) أي خلاف أبي
حنيفة.
(٤) لتخصيص
المصنف.
(٥) وقد تقدم
الكلام فيه.
(٦) عن الرجل
بالإكراه.
(٧) لاشتراك الرجل
والمرأة في معنى الإكراه.
(٨) أي عدم تحقق
الإكراه الموجب لرفع الحكم ولو أكره.
(٩) في حق الرجل.
(١٠) والقائل ابن
زهرة.
(١١) حق الرجل.
(١٢) عند الإكراه.
كله (١) غالبا لو
سلّم توقفه (٢) على الاختيار ، ومنع الخوف منه (٣).
(ويثبت الزنا) (٤) في طرف الرجل والمرأة (٥) (بالإقرار به أربع
مرات مع كمال المقر) ببلوغه (٦) وعقله (٧) (واختياره (٨)
______________________________________________________
(١) انبعاث القوى
وانتشار العضو.
(٢) توقف انتشار
العضو وانبعاث القوى.
(٣) أي وسلّم كون
الخوف مانعا من انتشار العضو.
(٤) فالمشهور أنه
يثبت بالإقرار أربع مرات ، وخالف ابن أبي عقيل فاكتفى بالمرة.
ودليل المشهور
أخبار منها : خبر جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة مرتين ، ولا يرجم
الزاني حتى يقرّ أربع مرات) . ومرسل جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهماالسلام : (لا يرجم الزاني حتى يقرّ أربع مرات بالزنا إذا لم يكن
شهود) .
واحتج ابن أبي
عقيل بصحيحة الفضيل : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : من أقر على نفسه عند الإمام بحق من حدود الله مرة
واحدة ـ حرا كان أو عبدا ، أو حرة كانت أو أمة ـ فعلى الإمام أن يقيم الحد عليه
للذي أقر به على نفسه كائنا من كان ، إلا المحصن فإنه لا يرجم حتى يشهد عليه أربع
شهود) .
وفيه : أن الفرق
بين المحصن وغيره في الإقرار كما هو ظاهر الخبر لم يعمل به ابن أبي عقيل ، ولا فرق
بين العبد والحر بظاهر الخبر ، وهو موافق للعامة ومعارض بغيره فلا بدّ من تقديم
الغير.
(٥) لإطلاق الأدلة
السابقة.
(٦) لأنه لا عبرة
بإقرار الصبي مع رفع القلم عنه فلا يثبت عليه حد ، نعم يؤدب إما لكذبه ، أو لصدور
الفعل منه.
(٧) لا عبرة
بإقرار المجنون مع رفع القلم عنه فلا يثبت عليه الحد.
(٨) لو أكره على
الإقرار فلا يصح بلا خلاف ولا إشكال ، وفي خبر أبي البختري عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (من أقر عند تجريد أو حبس أو تخويف أو تهديد فلا حدّ
عليه) .
__________________
(وحريته (١) ، أو تصديق المولى له) فيما أقر به ، لأن المانع من نفوذه كونه إقرارا في حق
المولى. وفي حكم تصديقه انعتاقه (٢) ، لزوال المانع من نفوذه.
ولا فرق في الصبي
بين المراهق وغيره (٣) في نفي الحد عنه بالإقرار.
نعم يؤدّب لكذبه ،
أو صدور الفعل عنه ، لامتناع خلوه (٤) منهما ولا في المجنون (٥) بين المطبق ومن
يعتوره الجنون أدوارا إذا وقع الإقرار حالة الجنون.
نعم لو أقر حال
كماله (٦) حكم عليه.
ولا فرق في
المملوك بين القن (٧) والمدبر (٨) ، والمكاتب بقسميه (٩) وإن تحرر بعضه ، ومطلق
المبعض (١٠) وأم الولد ، وكذا لا فرق في غير المختار (١١) بين من
______________________________________________________
(١) لأن إقرار
العبد ليس إقرارا في حقه بل في حق مولاه لأنه ملك له ، فيتوقف نفوذه على تصديق
المولى له ، وعليه يحمل صحيح ضريس عن أبي جعفر عليهالسلام : (العبد إذا أقرّ على نفسه عند الإمام مرة أنه قد سرق
قطعه ، والأمة إذا أقرت بالسرقة قطعها) ، وإلا فهي مطروحة ، أو محمولة على التقية.
(٢) كما يتوقف
نفوذ إقرار العبد على تصديق المولى ، كذلك يتوقف نفوذه على انعتاقه بعد الإقرار ،
لأن المقتضي من وقوع الإقرار منه ثابت فإذا ارتفع المانع وهو حق الغير فيه فلا بد
أن يؤثر المقتضي أثره.
(٣) لإطلاق دليل
رفع القلم عن الصبي ، والمراد بالمراهق هو القريب من البلوغ.
(٤) الصبي.
(٥) أي لا فرق في
المجنون ، وكل ذلك لإطلاق دليل رفع القلم عن المجنون.
(٦) لأنه إقرار من
عاقل فينفذ لعموم : (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز).
(٧) الذي لم يتشبث
بالحرية.
(٨) هو الذي يعتق
دبر وفاة سيده.
(٩) المشروط
والمطلق.
(١٠) سواء كان
تبعضه بالمكاتبة أو غيرها ، ولا فرق في هذه الأقسام لأنه إقرار في حق المولى لا في
حقهم.
(١١) أي في المكره
سواء أكره حتى ارتفع قصده أو لا ، لصدق الإكراه في الحالتين.
__________________
ألجئ إليه بالتوعد
، وبين من ضرب حتى ارتفع قصده.
ومقتضى إطلاق
اشتراط ذلك (١) : عدم اشتراط تعدد مجالس الإقرار بحسب تعدده. وهو أصح القولين ،
للأصل ، وقول الصادق عليهالسلام في خبر جميل : «ولا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات» من غير
شرط التعدد فلو اشترط لزم (٢) تأخر البيان (٣).
______________________________________________________
(١) أي مقتضى
إطلاق اشتراط ثبوت الزنا بالإقرار أربعا عدم اشتراط تعدد المجالس بل يكفي لو وقعت
الإقرارات الأربعة في مجلس واحد كما ذهب إليه الأكثر ، لأصالة عدم اشتراط التعدد
في المجالس ، ولخبر جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا يرجم الزاني حتى يقرّ أربع مرات) من دون تقييده بالمجالس الأربعة ، ومثله غيره.
وذهب الشيخ في
الخلاف وابن حمزة إلى اشتراط تعدد المجالس بحيث لو أقرّ أربعا في مجلس واحد لا
يثبت الزنا الموجب للحد لما وقع لماعز في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث أقرّ في أربعة مواضع ، فقد روي من طرق العامة : (أن
ماعز بن مالك جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله إني زنيت ، فأعرض عنه ، ثم جاء من شقه
الأيمن فقال : يا رسول إني زنيت فأعرض عنه ، ثم جاءه فقال : إني قد زنيت ، ثم جاءه
فقال : إني قد زنيت ، قال ذلك أربع مرات ، فقال : أبك جنون؟ قال : لا يا رسول الله
، فقال : فهل أحصنت؟ قال : نعم ، فقال رسول الله : اذهبوا به فارجموه) .
وفي رواية أخرى
أنه قال : (لعلك قبّلت أو غمزت أو نظرت ، قال : لا يا رسول الله ، قال : أنكتها لا
تكني؟ قال : نعم كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر ، قال : فهل تدري ما
الزناء؟ قال : نعم أتيت منها حراما كما يأتي الرجل من امرأته حلالا) .
ومثله ما ورد في
خبر أبي بصير عند ما أتت امرأة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وأقرت أربعا ففي كل مرة يأمرها بالانصراف لوضع الوليد أو
لإرضاعه أو لكفالته.
وفيه : إن تعدد
المجالس في قضية ماعز اتفاقي ولا دلالة في الأخبار على اعتبار تعدد المجالس مع أن
الأمير عليهالسلام قد أمرها بالانصراف في كل مرة لا لتحصيل تعدد المجالس بل
من أجل ما في بطنها.
(٢) أي تعدد
المجالس ولم يذكره الإمام عليهالسلام في خبر جميل.
(٣) عن وقت الحاجة
وهو قبيح.
__________________
وقيل : يعتبر كونه
في أربعة مجالس. لظاهر خبر ماعز بن مالك الأنصاري حيث أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أربعة مواضع والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يردده ويوقف عزمه بقوله : لعلك قبّلت ، أو غمزت ، أو نظرت
الحديث.
وفيه أنه لا يدل
على الاشتراط وإنما وقعت المجالس اتفاقا ، والغرض من تأخيره إتيانه بالعدد
المعتبر.
(ويكفي) في الإقرار به (١) (إشارة الأخرس) (٢) المفهمة يقينا كغيره ويعتبر تعددها أربعا (٣) كاللفظ
بطريق أولى (٤) ، ولو لم يفهمها الحاكم اعتبر المترجم ، ويكفي اثنان (٥) ، لأنهما
شاهدان على إقرار ، لا على الزنا(ولو نسب) المقر(الزنا إلى امرأة) معينة كأن يقول : زنيت بفلانة (٦) (أو نسبته) المرأة المقرة به(إلى رجل)
______________________________________________________
(١) بالزنا.
(٢) بلا خلاف
لإطلاق ما دل على أن إشارة الأخرس كنطق غيره ففي خبر مسعدة بن صدقة قال : سمعت
جعفر بن محمد يقول : (إنك قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من
العالم الفصيح وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك) .
(٣) لما دل على أن
الزنا لا يثبت إلّا بالإقرار أربعا.
(٤) إن اعتبار
التعدد أربعا قد ثبت في اللفظ الدال على الإقرار وضعا ، فاعتبار التعدد أربعا في
الإشارة ـ التي هي فعل ـ الدالة على الإقرار من غير وضع فبطريق أولى.
(٥) لأن الترجمة
شهادة على المعنى المراد من الإشارة ممن يعرفون مداليل أفعال الأخرس ، فيكفي فيها
اثنان وليست شهادة على الزنا حتى يشترط كونهم أربعا.
(٦) لا إشكال في
احتياج ثبوت الزنا في حقه إلى إقراره أربع مرات وهذه واحدة ، وأما ثبوت القذف منه
للمرأة ففيه تردد ، من أن ظاهره القذف عرفا ، وأنه هتك لحرمتها ويؤيد بقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في خبر السكوني : (لا تسألوا الفاجرة من فجر بك ، فكما هان
عليها الفجور يهون عليها أن ترمي البريء المسلم) . وخبره الآخر عن علي عليهالسلام : (إذا سألت الفاجرة من فجر بك فقالت : فلان ، جلدتها حدين
، حدا للفجور ، وحدا لفريتها على الرجل المسلم) . ـ
__________________
معين بأن تقول :
زنيت بفلان(وجب) على المقر(حد القذف) لمن نسبه إليه (١) (بأول مرة) (٢) ، لأنه قذف صريح ، وإيجابه (٣) الحد لا يتوقف على تعدده.
(ولا يجب) على المقر(حد الزنا) الذي أقر به(إلا بأربع مرات) كما لو لم ينسبه إلى معين ، وهذا موضع وفاق ، وإنما الخلاف
في الأول.
ووجه ثبوته ما ذكر
فإنه قد رمى المحصنة أي غير المشهورة بالزنا ، لأنه المفروض ، ومن أنه (٤) إنما
نسبه إلى نفسه بقوله : زنيت. وزناه ليس مستلزما لزناها ، لجواز الاشتباه عليها أو
الإكراه. كما يحتمل المطاوعة وعدم الشبهة ، والعام لا يستلزم الخاص.
وهذا (٥) هو الذي
اختاره المصنف في الشرح. وهو متجه (٦) ، إلا أن الأول أقوى (٧) إلا أن يدعي ما
يوجب انتفاءه عنها كالإكراه والشبهة عملا بالعموم (٨).
ومثله القول في
المرأة وقد روي عن علي عليهالسلام قال : إذا سألت الفاجرة من فجر بك فقالت : فلان جلدتها
حدين : حدا للفجور وحدا لفريتها على الرجل
______________________________________________________
ـ ووجه العدم أنه
نسب الزنا إلى نفسه ، وثبوت الزنا في حقه لا يستلزم ثبوته في حقها لاحتمال أن تكون
مكرهة ، أو مشتبهة.
(١) للذي نسب
الزنا إليه.
(٢) لأن القذف غير
مشروط بتكراره أربعا.
(٣) إيجاب القذف.
(٤) وجه العدم.
(٥) أي عدم الحد.
(٦) لأن الحدود
تدرأ بالشبهات ولم نقطع بأنه أراد قذفها.
(٧) أي ثبوت القذف
أقوى لأن قوله ظاهر في ذلك إلا أن يعقبه بما يدل على كرهها أو اشتباهها.
(٨) بعموم دليل
القذف ، وهو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) .
__________________
المسلم(و) كذا يثبت الزنا(بالبينة كما سلف) في الشهادات من التفصيل.
(ولو شهد به (١) أقل من النصاب) المعتبر فيه (٢) وهو (٣) أربعة رجال (٤) ، أو ثلاثة
وامرأتان (٥)
______________________________________________________
(١) بالزنا.
(٢) في الزنا.
(٣) أي النصاب.
(٤) بلا خلاف ويدل
عليه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) .
(٥) على المشهور
لأخبار منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن شهادة النساء في الرجم ، فقال : إذا كان ثلاثة
رجال وامرأتان ، وإذا كان رجلان وأربع نسوة لم تجز في الرجم) . وصحيحة عبد الله بن سنان : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال ، ولا يجوز في
الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة ، ويجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان) .
وخالف العماني
والمفيد والديلمي إلى أن الزنا لا يثبت بذلك لصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا شهد ثلاثة رجال وامرأتان لم يجز في الرجم) . وهو مؤيد بما دلّ على عدم قبول شهادتهن في الحدود كخبر
غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهالسلام : (لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القود) .
ورجحت الطائفة
الثانية بموافقتها لظاهر القرآن حيث لم يصرح إلّا بأربعة رجال ، ورجحت الطائفة
الأولى بصحيح الحلبي الآخر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن رجل محصن فجر بامرأة فشهد عليه ثلاثة رجال وامرأتان
وجب عليه الرجم ، وإن شهد عليه رجلان وأربع نسوة فلا تجوز شهادتهم ولا يرجم ولكن
يضرب حد الزاني) . وبخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سأله عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة تجوز
شهادتها؟ فقال : تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس ، وقال : تجوز شهادة النساء
في الحدود مع الرجال) إلا أن هذا الخبر المشتمل على الذيل ـ
__________________
أو رجلان وأربع
نسوة (١) وإن ثبت بالأخير الجلد خاصة(حدّوا) (٢) أي من شهد وإن كان واحدا(للفرية) (٣) وهي الكذبة العظيمة ، لأن الله تعالى سمّى من قذف ولم يأت
بتمام الشهداء كاذبا فيلزمه كذب من نسبه وجزم به (٤) من غير أن يكون الشهداء
كاملين وإن كان صادقا في نفس الأمر. والمراد أنهم يحدّون للقذف.
(ويشترط) في قبول الشهادة به (٥) (ذكر المشاهدة) للإيلاج(كالميل في المكحلة) (٦)
______________________________________________________
ـ قد رواه الشيخ
في التهذيب عن القاسم عن أبان عن عبد الرحمن.
وقد رواه مجردا عن
الذيل عن عبد الله بن سليمان تارة وعن عبد الله بن سنان تارة أخرى وقد رواه الكليني مجردا أيضا عن عبد الرحمن ، وهذا ما يوجب احتمال أن يكون الذيل من زيادات الراوي.
(١) على المشهور
لصحيح الحلبي الثاني المتقدم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وإن شهد عليه رجلان وأربع نسوة فلا تجوز شهادتهم ولا
يرجم ولكن يضرب حد الزاني) ، وخالف الصدوقان والعلّامة في المختلف بدعوى أن الشهادة
المذكورة لو أثبتت الزنا الموجب للجلد لأثبتت الزنا الموجب للرجم للتلازم.
وفيه : إنه اجتهاد
في قبال النص المذكور.
(٢) أي من شهد دون
النصاب ، وسيأتي الكلام فيه.
(٣) الافتراء هو
الكذب ، لأن الله سماه كاذبا في قوله تعالى : (لَوْ لٰا
جٰاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا
بِالشُّهَدٰاءِ فَأُولٰئِكَ عِنْدَ اللّٰهِ هُمُ
الْكٰاذِبُونَ) .
(٤) أي من نسب الزنا
وجزم به فهو كاذب
(٥) بالزنا.
(٦) لصحيح الحلبي
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (حد الرجم أن يشهد عليه أربعة أنهم رأوه يدخل ويخرج) . وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا يرجم رجل ولا امرأة حتى يشهد عليه أربعة شهود على
الإيلاج والإخراج) . وفي صحيحه الآخر : (لا يجلد رجل ولا امرأة) ، وفي معتبرة أبي ـ
__________________
فلا يكفي الشهادة
بالزنا مطلقا (١) وقد تقدم في حديث ماعز (٢) ما ينبه عليه ، وروى أبو بصير عن أبي
عبد الله عليهالسلام قال : «لا يرجم الرجل والمرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهداء
على الجماع والإيلاج ، والإدخال كالميل في المكحلة» (٣).
وفي صحيحة الحلبي
عنه قال : «حد الرجم أن يشهد أربعة أنهم رأوه يدخل ويخرج» وكذا لا يكفي دعوى
المعاينة حتى يضموا إليها (٤) قولهم : من غير عقد ، ولا شبهة إلى آخر ما يعتبر.
نعم تكفي شهادتهم به (٥) (من غير علم بسبب التحليل) بناء على أصالة عدمه(فلو لم يذكروا) في شهادتهم(المعاينة) على الوجه المتقدم (٦) (حدوا) للقذف ، دون المشهود عليه ، وكذا لو شهدوا بها ولم يكملوها
بقولهم : ولا نعلم سبب التحليل ونحوه.
______________________________________________________
ـ بصير عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (لا يجب الرجم حتى يشهد الشهود الأربع أنهم قد رأوه
يجامعها) . وفي خبره الآخر : (لا يرجم الرجل والمرأة حتى يشهد عليهما
أربعة شهداء على الجماع والإيلاج والإدخال كالميل في المكحلة) . وفي خبره الثالث : (أنهم رأوه يدخل ويخرج) . ومن هذه الأخبار فاشتراط المعاينة كما عن البعض في محله ،
ودعوى أنه لا تشترط المعاينة بل يكفي مطلق العلم وإلا لانسد باب الشهادة على الزنا
مع أنه قد ثبت الحد على الزنا في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي زمن أمير المؤمنين عليهالسلام.
غير مسموعة بعد
هذا التصريح والاشتراط في هذه الأخبار الصحيحة ، ومع أنه غالب ما ثبت في زمن
المعصومين إنما كان بالإقرار لا بالشهادة فلا تغفل.
(١) من دون ذكر
المشاهدة.
(٢) من قوله : (كما
يغيب المرود في المكحلة).
(٣) وهو خبره
الثاني المتقدم في الشرح.
(٤) إلى المعاينة.
(٥) بالزنا كأن
يشهدوا على المعاينة مع قولهم لا نعلم سببا للتحليل فتكون شهادة على الزنا ،
لأصالة عدم وجود السبب المحلّل عند الشك ، غايته لو ادعى وجود السبب المحلّل من
زوجية أو ملكية يسقط عنه الحد ولا يكلف ببينة.
(٦) من الإيلاج
والإدخال ، لم يحدّ المشهود عليه ، وحدّ الشهود حدا للقذف.
__________________
(ولا بد) مع ذلك(من اتفاقهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان
الواحد ، فلو اختلفوا) في أحدها بأن شهد بعضهم على وجه مخصوص والباقون على غيره ، أو شهد بعضهم
بالزنا غدوة والآخرون عشية ، أو بعضهم في زاوية مخصوصة ، أو بيت والآخرون في غيره(حدوا للقذف) (١).
وظاهر كلام المصنف
وغيره (٢) أنه لا بد من ذكر الثلاثة (٣) في الشهادة والاتفاق عليها ، فلو أطلقوا ،
أو بعضهم حدوا ، وإن لم يتحقق الاختلاف. مع احتمال الاكتفاء بالإطلاق ، لإطلاق
الأخبار السابقة وغيرها.
واشتراط عدم
الاختلاف (٤) حيث يقيدون بأحد الثلاثة.
وكذا يشترط
اجتماعهم حال إقامتها دفعة (٥) بمعنى أن لا يحصل بين
______________________________________________________
(١) لأن كل واحد
من الفعل الواقع على أحد الوجوه غير الفعل الآخر ، فلم يقم على الفعل الواحد أربعة
شهداء.
والكلام في وجوب
تعرض الشهداء لهذه القيود ، فظاهر المحقق والعلّامة اشتراط ذلك فلا يكفي إطلاقهم
الشهادة على الزنا بل لا بد من التصريح بالقيود الثلاثة من الزمان والمكان والفعل
بحيث لو أطلق البعض وقيد الآخرون حدوا ، مع أن ظاهر كلمات المتقدمين كالنصوص خالية
عن اشتراط التقييد بهذه القيود ، نعم لو تعرض الشهود لهذه القيود واختلفوا لحدوا
حينئذ.
(٢) وهو المحقق
والعلّامة.
(٣) الفعل الواحد
والزمان والمكان.
(٤) عطف على
الاكتفاء والمعنى لا يجب عليهم التقييد نعم لو تعرضوا لهذه القيود فيجب أن لا
يختلفوا.
(٥) أي حال إقامة
الشهادة وعليه فلو أقام البعض الشهادة في وقت عدم حضور الباقين على وجه لا يحصل به
اتصال الشهادة عرفا ، حدوا للقذف ولا يرتقب إتمام البينة لأنه لا تأخير في حد ويدل
عليه خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهالسلام : (في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، فقال علي عليهالسلام : أين الرابع؟ قالوا : الآن يجيء فقال علي عليهالسلام : حدوهم فليس في الحدود نظر ساعة) . وخبر عباد البصري : (سألت أبا ـ
__________________
الشهادات تراخ
عرفا ، لا بمعنى تلفظهم بها دفعة وإن كان جائزا.
(ولو أقام بعضهم الشهادة في غيبة الباقي حدوا ولم يرتقب
الإتمام) لأنه لا تأخير في
حد. وقد روي عن علي عليهالسلام في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا فقال علي عليهالسلام : «أين الرابع فقالوا : الآن يجيء فقال علي عليهالسلام : حدّوهم فليس في الحدود نظر ساعة».
وهل يشترط حضورهم
في مجلس الحكم دفعة قبل اجتماعهم على الإقامة (١) قولان (٢) اختار أولهما العلّامة
في القواعد ، وثانيهما في التحرير. وهو الأجود ، لتحقق الشهادة المتفقة (٣) ، وعدم
ظهور المنافي (٤). مع الشك في اشتراط الحضور (٥) دفعة ، والنص لا يدل على أزيد من
اعتبار عدم تراخي الشهادات (٦).
ويتفرع عليهما (٧)
ما لو تلاحقوا (٨) واتصلت شهادتهم بحيث لم يحصل
______________________________________________________
ـ جعفر عليهالسلام عن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا وقالوا : الآن يأتي بالرابع
، قال : يجلدون حد القذف ثمانين جلدة كل رجل منهم) .
(١) إقامة
الشهادة.
(٢) قول باشتراط
اجتماعهم في مجلس الحكم قبل الإدلاء بالشهادة وإليه ذهب العلّامة في القواعد ،
وولده فخر المحققين في إيضاح الفوائد.
وقول بعدم اشتراط
اجتماعهم قبل الإدلاء لعدم الدليل على ذلك وهو مذهب غيرهم.
(٣) أي المتفقة من
الأربع في مجلس واحد بحيث لم يحصل تراخ بين الشهادات.
(٤) لأن المنافي
هو عدم اجتماعهم حال الشهادة والمفروض حصوله ، فعدم حضورهم للمجلس دفعة قبل
الشهادة لا دليل على كونه منافيا للشهادة.
(٥) والأصل عدمه.
(٦) فالنص دال على
اشتراط الاجتماع حال الأداء لا على الاجتماع حال الحضور للمجلس.
(٧) على القولين
من اشتراط حضورهم للمجلس فضلا عن اجتماعهم حال الشهادة ، ومن عدم اشتراط حضورهم
للمجلس مع اشتراط اجتماعهم حال الأداء بحيث لا يحصل التراخي بين الشهادات.
(٨) بالحضور.
__________________
التأخير. فعلى
الأول (١) يحدون هنا بطريق أولى (٢) ، وعلى الثاني (٣) يحتمل القبول وعدمه نظرا (٤)
إلى فقد شرط الاجتماع حالة الإقامة دفعة (٥) ، وانتفاء العلة الموجبة (٦) للاجتماع
وهي تأخير حد القاذف فإنه (٧) لم يتحقق هنا. وحيث يحد الشاهد أولا قبل حضور أصحابه
إما مطلقا (٨) ، أو مع التراخي (٩).
(فإن جاء الآخرون) بعد ذلك(وشهدوا حدوا أيضا) لفقد شرط القبول في المتأخر كالسابق (١٠).
(ولا يقدح تقادم الزنا) (١١)
______________________________________________________
(١) من اشتراط حضورهم
المجلس دفعة.
(٢) لأنهم لو
اجتمعوا حال الشهادة يحدون إن لم يجتمعوا حال الحضور ، فمن باب أولى حدهم إذا لم
يجتمعوا حال الشهادة.
(٣) من اشتراط عدم
التراخي بين الشهادات ، فالتردد ناشئ من اشتراط حضورهم حال الشهادة وإن لم يحصل
التراخي أم يكفي عدم حصول التراخي. وإن كان النص دالا على عدم التراخي بين
الشهادات فلو تلاحقوا حضورا ولم يحصل التراخي فتقبل شهادتهم لأنه لا تأخير في الحد
حينئذ.
(٤) دليل لعدم
قبول الشهادة.
(٥) ولا دليل على
اعتباره كما عرفت.
(٦) دليل لقبول
الشهادة ، و «انتفاء العلة» معطوف على «فقد شرط» ، والمعنى : ونظرا إلى انتفاء
العلة ، والحاصل أن العلة الموجبة لاجتماع الشهود حال أداء الشهادة هي التأخير في
الحد ، ولم يحصل هنا تأخير لعدم التراخي في الشهادات كما هو المفروض ، وبعبارة
أخرى فلو حضر ثلاثة وشهدوا بالزنا فقد ثبت قذفهم له فيحدّون ولا ينتظر حضور الرابع
ليرتفع القذف عنهم لأنه لا تأخير في الحد ، ومع عدم حصول التراخي فلا تأخير في حد
القذف.
(٧) فإن التأخير.
(٨) مع التراخي
أولا بناء على اشتراط الاجتماع حال الأداء.
(٩) فحضروا بعد
مدة.
(١٠) فالمتأخر
يحدّ بنفس مناط حد السابق لفقد شرط القبول ، وهو توالي الشهادات أو اجتماعهم حال
الأداء.
(١١) بحيث أنه زنا
قبل سنة أو أكثر ، وهذا لا يضر في صحة الشهادة لإطلاق الأخبار السابقة.
المشهود به(في صحة الشهادة) للأصل (١) وما روي (٢) في بعض الأخبار من أنه متى زاد عن ستة أشهر لا يسمع
شاذ.
(ولا يسقط) الحد ، ولا الشهادة(بتصديق الزاني
الشهود ولا بتكذيبهم) أما مع التصديق فظاهر (٣) وأما مع التكذيب (٤) فلأن تكذيب المشهود عليه لو
أثر لزم تعطيل الأحكام(والتوبة قبل قيام البينة) (٥) على الزاني(تسقط الحد) عنه جلدا كان أم رجما (٦)
______________________________________________________
(١) أصالة البقاء.
(٢) وهو مرسل جميل
بن دراج عن رجل عن أحدهما عليهماالسلام : (في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى ، فلم يعلم ذلك منه ولم
يؤخذ حتى تاب وصلح ، فقال : إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد ، قال ابن
أبي عمير : فإن كان أمرا قريبا لم تقم؟ قال : لو كان خمسة أشهر أو أقل وقد ظهر منه
أمر جميل لم تقم عليه الحدود) . كما هو موجود في كتب الفقه ، والموجود في الوسائل من قول
ابن أبي عمير : (فإن كان امرأ غريبا) ، والأول أصح لتطابق الجواب فيه مع السؤال.
وعلى كل فهو موافق لقول بعض العامة فمحمول على التقية كما عن الشارح في المسالك.
(٣) لأنه يؤكد
شهادتهم فكيف تسقط خلافا لأبي حنيفة حيث أنه بالتصديق يكون قد أقرّ ومع الإقرار
الواحد لا يثبت عليه الحد حتى يصير أربعا ، وفيه : إن إعمال أدلة الإقرار هنا
تعطيل لأدلة الشهادة.
(٤) بلا خلاف حتى
من أبي حنيفة كما في الجواهر ، لإطلاق الأدلة ، ولأنه لو سقط الحد والشهادة
بالتكذيب للزم تعطيل الأحكام.
(٥) تسقط الحد بلا
خلاف ، لمرسل جميل المتقدم : (في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم ذلك منه
ولم يؤخذ حتى تاب وصلح ، قال : إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد) ، ولأن التوبة تسقط عقوبة الآخرة فإسقاطها لعقوبة الدنيا
أولى.
(٦) بلا خلاف فيه
، فقول الشهيد الثاني هنا على المشهور المشعر بوقوع الخلاف فيه ليس في محله ، لأن
الخلاف في وقوع التوبة بعد قيام البينة لا قبلها ، هذا من جهة ومن جهة أخرى قد
عرفت أن المستند هو مرسل جميل وهذا ما اعترف به الشارح في المسالك ، فما ـ
__________________
على المشهور ،
لاشتراكهما في المقتضي (١) للإسقاط ، (لا) إذا تاب(بعدها) فإنه لا يسقط على المشهور (٢) ، للأصل.
وقيل : يتخير
الإمام في العفو عنه والإقامة. ولو كانت التوبة قبل الإقرار فأولى بالسقوط (٣) ،
وبعده يتخير الإمام في إقامته ، وسيأتي.
(ويسقط) الحد(بدعوى الجهالة (٤) بالتحريم ، (أو الشبهة) (٥) بأن قال : ظننت أنها حلت بإجارتها نفسها ، أو تحليلها ،
أو نحو ذلك (٦) (مع إمكانهما) أي
______________________________________________________
ـ علقه هنا على
هذا الحكم بقوله : «لم نقف على مستند هذه الأحكام لكنها مشهورة» ليس في محله ،
وحاول البعض رفع التناقض بين قوله بأن مراده من المستند هو المستند المعتبر ومرسل
جميل ليس منه.
(١) وهو التوبة.
(٢) للأصل من ثبوت
الحد حين قيام البينة والشك في السقوط حال التوبة فيستصحب ، ويؤيده خبر أبي بصير ـ
وهو مرسل ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل أقيمت عليه البينة بأنه زنى ، ثم هرب قبل أن
يضرب ، قال : إن تاب فما عليه شيء وإن وقع في يد الإمام أقام عليه الحد ، وإن علم
مكانه بعث إليه) بناء على أن المراد به أن إقامة الحد عليه أمر محتم ولذا
لو سقط في يد الإمام أو علم مكانه أقام عليه الحد ، ولكن لو لم يقم عليه الحد وتاب
بينه وبين الله فما عليه شيء في الآخرة.
وذهب المفيد وأبو
الصلاح الحلبي إلى تخيير الإمام بين إقامة الحد وبين العفو كما لو تاب بعد الإقرار
، بعد حمل خبر أبي بصير المتقدم على أنه لو تاب بعد قيام البينة كما هو الظاهر من
تطابق الجواب مع السؤال فلا شيء عليه ، وإن وقع في يد الإمام ولم تصدر منه توبة
أقام عليه الحد ، وهذا الخبر بهذا الحمل هو الدليل لهما إلّا أن الخبر يحتم سقوط
الحد بعد التوبة فدعواهما بالتخيير بين الحد وعدمه لا معنى له ولذا قال الشارح في
المسالك : «ولم نقف على المستند».
(٣) لأن البينة
توجب رده إلى حفيرته لو هرب منها بخلاف الإقرار فلا يجب رده ، فإذا كانت التوبة
تسقط الحد قبل البينة حينئذ فهي تسقطه قبل الإقرار من باب أولى.
(٤) لأنه قريب
العهد في الإسلام وقد تقدم الخبر في ذلك.
(٥) أي بدعوى
الشبهة فلا حد لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
(٦) كالصلح
والهبة.
__________________
الجهالة والشبهة(في حقه) فلو كان ممن لا
يحتمل جهله بمثل ذلك لم يسمع(وإذا ثبت الزنا على الوجه المذكور (١) وجب الحد) على الزاني(وهو أقسام ثمانية).
(أحدها : القتل بالسيف) ونحوه (٢) (وهو للزاني
بالمحرم) النسبي من النساء(كالأم والأخت) والعمة والخالة وبنت الأخ والأخت أما غيره من المحارم بالمصاهرة (٣) كبنت
الزوجة وأمها فكغيرهن من الأجانب على ما يظهر من
______________________________________________________
(١) بالبينة أو
الإقرار.
(٢) كالسكين ،
والقتل يثبت فيمن زنا بذات محرم للنسب كالأم والبنت والأخت وشبهها ، بلا خلاف فيه
، ولأخبار منها : صحيح بكير بن أعين عن أحدهما عليهماالسلام : (من زنى بذات محرم حتى يواقعها ضرب ضربة بالسيف أخذت منه
ما أخذت ، وإن كانت تابعته ضربت ضربة بالسيف أخذت منها ما أخذت ، قال : فمن
يضربهما وليس لهما خصم؟ قال : ذلك إلى الإمام إذا رفعا إليه) . وصحيح جميل بن دراج : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أين يضرب الذي يأتي ذات محرم بالسيف ، أين هذه الضربة؟
قال عليهالسلام : يضرب عنقه أو قال : تضرب رقبته) .
ومرسل عبد الله بن
مهران عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن رجل وقع على أخته قال : يضرب ضربة بالسيف ،
قلت : فإنه يخلص ، قال : يحبس أبدا حتى يموت) .
وخبر عامر بن
السمط عن علي بن الحسين عليهماالسلام : (في الرجل يقع على أخته قال : يضرب ضربة بالسيف بلغت منه
ما بلغت ، فإن عاش خلد في السجن حتى يموت) .
ولقد أجاد صاحب
الرياض بقوله : إن (ظاهر أكثر النصوص المزبورة الاكتفاء بالضربة الواحدة مطلقا أو
في الرقبة وهي لا تستلزم القتل في صريح بعضها ، أي المشتمل على التخليد في الحبس
مع فرض عدم إتيانها عليه).
ومناقشة الجواهر
له بأن الإجماع قد قام على القتل مؤيّدا بصحيح جميل بن دراج الظاهر في القتل
بقرينة قوله : (يضرب عنقه أو رقبته) مضافا إلى النبوي : (من وقع على ذات محرم
فاقتلوه) ٥ غير مسموعة ، أما النبوي فقد ورد من طرق العامة ، وأما صحيح جميل فهو
ظاهر بالضربة الواحدة لا في القتل ، وأما الإجماع فلم يثبت إذ لعلهم اعتمدوا على
هذه النصوص بدعوى أنها ظاهرة في القتل.
(٣) وقع الخلاف في
إلحاق المحرمة بالسبب بالمحرم النسبي ، وكذا المحرم بالرضاع ، ففي ـ
__________________
الفتاوى ،
والأخبار خالية من تخصيص النسبي ، بل الحكم فيها معلق على ذات المحرم مطلقا (١).
أما من حرمت
بالملاعنة والطلاق (٢) وأخت الموقب وبنته وأمه فلا وإن حرمن مؤبدا(٣).
وفي إلحاق المحرم
بالرضاع بالنسب وجه مأخذه إلحاقه في كثير من الأحكام للخبر (٤) ، لكن لم نقف على
قائل به (٥)
______________________________________________________
ـ كشف اللثام قصر
الحكم على المحرم النسبي لأنه المتيقن من النصوص فالمنصرف من المحرم هو النسبي فقط
وإن كان يطلق على غيره لكن لا يتبادر ذلك الغير منه عند إطلاقه.
وذهب المحقق وابن
إدريس وحمزة وزهرة إلى إلحاق زوجة الأب بالمحرم النسبي ، وفي المبسوط والخلاف
والجامع لابن سعيد إلحاق الرضاع بالنسب دون السبب إلا امرأة الأب ، مع أنه لو
بنينا على الإلحاق لوجب تعميم الحكم إلى كل من يحرم نكاحه بسبب أو نسب أو رضاع
فالاقتصار على زوجة الأب من السببي تحكم ، وكذا على الرضاع دون السبب.
(١) لكن المنصرف
منه خصوص النسبي ، لا أقل من كونه قدرا متيقنا فيقتصر عليه لأن التهجم على الدماء
مشكل من دون دليل.
(٢) أي التاسع
الموجب للحرمة المؤبدة.
(٣) ووجهه انصراف
الأدلة عما حرمت تأديبا كما في هذه الأمثلة.
(٤) الأخبار كثيرة
منها : صحيح بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام : (أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) .
وفيه : أن ظاهره
التنزيل من ناحية حرمة النكاح فقط ، لا في كل ما رتب على الأنساب كوجوب نفقة الوالدين
وحرمة عقوقهما ونحو ذلك ، فإنها لم تثبت للأبوين الرضاعيين.
(٥) وقد عرفت أنه
قول للشيخ وليحيى بن سعيد ولذا قال في الرياض : «ومن هنا يظهر ضعف إلحاق المحرم
بالرضاع بالنسب مع عدم ظهور قائل به عدا الشيخ في الخلاف والمبسوط وابن عم الماتن
ـ أي يحيى بن سعيد فإنه ابن عم المحقق صاحب النافع ـ وهما شاذان ، ولذا لم يمل إلى
مختارهما أحد من المتأخرين عدا شيخنا في الروضة مع ظنه عدم ـ
__________________
والأخبار تتناوله (١).
وفي إلحاق زوجة
الأب والابن وموطوءة الأب بالملك بالمحرم النسبي قولان ؛ من دخولهن في ذات المحرم
، وأصالة العدم.
ولا يخفى أن
إلحاقهن بالمحرم ، دون غيرهن من المحارم بالمصاهرة تحكّم (٢).
نعم يمكن أن يقال
: دلت النصوص على ثبوت الحكم في ذات المحرم مطلقا فيتناولهن (٣) وخروج غيرهن (٤)
بدليل آخر كالإجماع (٥) لا ينفي الحكم فيهن مع ثبوت الخلاف (٦) لكن يبقى الكلام في
تحقق الإجماع في غيرهن.
(و) كذا يثبت الحد بالقتل(للذمي إذا زنى بمسلمة) (٧) مطاوعة أو مكرهة (٨) عاقدا عليها أم لا (٩). نعم لو
اعتقده (١٠) حلالا بذلك (١١) لجهله بحكم الإسلام احتمل قبول عذره ، لأن الحد يدرأ
بالشبهة (١٢) ، ...
______________________________________________________
ـ القائل به فقد
جعله وجها».
(١) قد عرفت
العدم.
(٢) بل لو بنينا
على عموم الأخبار لكل محرم لشمل المحرم النسبي والسببي مطلقا.
(٣) أي يتناول
زوجة الأب والابن وموطوءة الأب بالملك.
(٤) كأم الزوجة
وبنتها من ذوات المصاهرة.
(٥) فهو غير موجود
، وإنما الموجود هو انصراف الأخبار عن السببي مطلقا.
(٦) في زوجة الأب
والابن وموطوءة الأب بالملك.
(٧) بلا خلاف فيه
ولأخبار منها : موثق حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سئل عن يهودي فجر بمسلمة فقال : يقتل) ، نعم تخصيصه بالذمي نصرانيا أو حربيا ليس في محله ، بل
يعمم إلى مطلق الكافر ولو كان حربيا ـ كما في الرياض ـ لشمول النص له ، ولأولوية
غير الذمي من الذمي بالحكم لو فجر.
(٨) لإطلاق النص.
(٩) فوجود العقد
كعدمه لأنه لا يصح عقده عليها.
(١٠) أي اعتقد
الوطء.
(١١) بالعقد
عليها.
(١٢) وهو مشتبه.
__________________
وعدمه (١) للعموم
، ولا يسقط عنه القتل بإسلامه (٢).
(والزاني مكرها للمرأة) (٣) والحكم في الأخبار والفتوى معلق على المرأة وهي كما سلف
لا تتناول الصغيرة. ففي إلحاقها (٤) بها هنا نظر من فقد النص ، وأصالة
______________________________________________________
(١) أي ويحتمل عدم
القبول ، لعموم الخبر ، وفيه : إن الخبر عام بمن فجر بمسلمة وهو ظاهر بمن أقدم على
الفاحشة مع علمه بذلك فلا عموم له حتى يشمل المشتبه.
(٢) لأنه بعد ثبوت
الحد لو أسلم نشك في السقوط فيستصحب ، ولخصوص خبر جعفر بن رزق : (قدم إلى المتوكل
نصراني فجر بامرأة مسلمة ، وأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم ، فقال يحيى بن أكثم :
قد هدم إيمانه شركه وفعله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، وقال بعضهم : يفعل به
كذا وكذا ، فأمر المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث عليهالسلام وسؤاله عن ذلك ، فلما قدم الكتاب كتب أبو الحسن عليهالسلام : يضرب حتى يموت ، فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر
ذلك ، وقالوا : يا أمير المؤمنين سله عن هذا ، فإنه شيء لم ينطق به كتاب ولم تجيء
به السنّة.
فكتب : إن فقهاء
المسلمين قد أنكروا هذا وقالوا : لم تجيء به سنّة ولم ينطق به كتاب ، فبيّن لنا
بما أوجبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب عليهالسلام : (بِسْمِ اللّٰهِ
الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ فَلَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا
قٰالُوا آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنٰا
بِمٰا كُنّٰا بِهِ مُشْرِكِينَفَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ
إِيمٰانُهُمْ لَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰاسُنَّتَ اللّٰهِ
الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبٰادِهِ وَخَسِرَ هُنٰالِكَ
الْكٰافِرُونَ) .
قال : فأمر به
المتوكل فضرب حتى مات) ، وذهب الفاضل الهندي في كشف اللثام إلى سقوط الحد عنه لو
أسلم استضعافا للرواية ، ولأن الإسلام يجب ما قبله ، وللاحتياط في الدماء ، ويسقط
عنه الجلد أيضا للأصل.
وفيه : إنه اجتهاد
في قبال هذا النص المنجبر بعمل الأصحاب والمؤيد بالاستصحاب.
(٣) على الزنا ،
فيقتل بلا خلاف ، للأخبار منها : صحيح بريد العجلي : (سئل أبو جعفر عليهالسلام عن رجل اغتصب امرأة فرجها ، قال : يقتل محصنا كان أو غير
محصن) وصحيح زرارة عن أحدهما عليهماالسلام : (في رجل غصب امرأة نفسها قال : يقتل) .
(٤) إلحاق الصغيرة
بالمرأة.
__________________
العدم (١) ، ومن
أن الفعل أفحش والتحريم فيها أقوى (٢).
(ولا يعتبر الإحصان هنا) في المواضع الثلاثة (٣) ، لإطلاق النصوص بقتله ، وكذا لا
فرق بين الشيخ والشاب ، ولا بين المسلم والكافر ، والحر والعبد ، ولا تلحق به
المرأة لو أكرهته (٤) ، للأصل مع احتماله (٥).
(ويجمع له) أي للزاني في هذه الصور (٦) (بين الجلد ، ثم
القتل على الأقوى) جمعا بين الأدلة (٧) ، فإن الآية دلت على جلد مطلق الزاني ، والروايات دلت
على
______________________________________________________
(١) دليل لعدم
ثبوت القتل لعدم النص إذ النص مختص بالمرأة ولأصالة عدم ثبوت القتل عند الشك فيه.
(٢) دليل الثبوت
للأولوية ، وفيه : إنه من القياس المحرم ، ولو ادعى أن لفظ المرأة قد ورد في لسان
السائل مع أن ظاهر الخبر أن القتل قد ثبت للاغتصاب بما هو هو لكانت دعوى غير
بعيدة.
(٣) من الزنا بذات
محرم ، ومن زنا الذمي بالمسلمة ، ومن الزنا بالمرأة كارها لها ، فيثبت القتل سواء
كان محصنا أو لا ، بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، على أنه في المكرهة قد نص على
التعميم لغير المحصن بالإضافة إلى إطلاق النصوص السابقة الواردة في المواضع
الثلاثة ، وكذلك لا فرق ـ للإطلاق ـ بين كونه شيخا أو شابا وبين كونه حرا أو عبدا
، وبين كونه مسلما أو كافرا.
(٤) فلا تقتل
المرأة لو أكرهت الرجل على الزنا بها لعدم تناول النصوص لها ، لأنها مختصة بالرجل
، بالإضافة إلى أصالة عدم القتل لو فعلت للشك فيه.
(٥) احتمال قتلها
لو أكرهته بدعوى أن القتل قد ثبت على الإكراه ولا خصوصية لإكراه الرجل فيعم إكراه
المرأة ، وفيه :
أولا : لو كان
القتل على مطلق الإكراه لوجب الحكم بقتل الرجل إذا اغتصب الصغيرة مع أن الشارح قد
حكم بالعدم.
وثانيا : إن إسقاط
خصوصية الرجل ليس في محله لأن الخبر ولو من ناحية تطابق الجواب مع السؤال ظاهر في
إكراه الرجل فلا يمكن إسقاط خصوصية الرجولية كما لا يمكن إسقاط خصوصية الإكراه فلا
معنى لهذا الاحتمال.
(٦) الثلاث.
(٧) كما ذهب إليه
الشهيدان فقوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ
وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ
جَلْدَةٍ) . ظاهر في جلد كل زان سواء كان زانيا بذات محرم أو كان
مكرها للمرأة أو ـ
__________________
قتل من ذكر ، ولا
منافاة بينهما فيجب الجمع.
وقال ابن إدريس :
إن هؤلاء (١) إن كانوا محصنين جلدوا ، ثم رجموا ، وإن كانوا غير محصنين جلدوا ثم
قتلوا بغير الرجم جمعا بين الأدلة.
وفي تحقق الجمع بذلك
(٢) مطلقا (٣) نظر ، لأن النصوص دلت على قتله بالسيف. والرجم يغايره (٤) ، إلا أن
يقال : إن الرجم أعظم عقوبة (٥) والفعل هنا في الثلاثة أفحش ، فإذا ثبت الأقوى (٦)
للزاني المحصن بغير من ذكره (٧) ففيه (٨)
______________________________________________________
ـ كان ذميا وقد
زنى بمسلمة أو لا فلا بد من الأخذ بإطلاقه بالإضافة إلى الروايات السابقة التي
أوجبت القتل على الزاني في هذه المواضع الثلاثة فالجمع بينهما يقتضي ثبوت الجلد
والقتل عليه.
وفيه : أن
الروايات كانت بصدد بيان الحكم الواقعي لمن زنى في هذه المواضع الثلاثة ولم تذكر
الجلد ، فلو كان الجلد حكما واقعيا أيضا للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو قبيح
، فلا بد من الأخذ بالروايات المتعرضة للزاني بهذه الخصوصيات الثلاثة دون الآية
لأنها مطلقة وسترى موردها فيما بعد ، وهذا ما ذهب إليه المشهور.
وذهب ابن إدريس
إلى قتله تبعا لهذه الروايات وإلى جلده تبعا للآية ، وإلى رجمه إذا كان محصنا لما
دل على الرجم في المحصن وعليه ففي غير المحصن يجلد ثم يقتل وفي المحصن يجلد ثم
يرجم ، وبالرجم نكون قد امتثلنا الأمر بالقتل والأمر بالرجم.
وفيه : بالإضافة
إلى أن النصوص السابقة في هذه المواضع الثلاثة قد اقتصرت على القتل وهي في مقام
بيان الحكم الواقعي ، فلا يصح الاكتفاء بالرجم عن القتل للتغاير بينهما مفهوما
ومصداقا.
(١) أي الزناة في
المواضع الثلاثة.
(٢) بما قاله ابن
إدريس.
(٣) من جميع
الوجوه ، حيث إن الجمع في بعض وجوهه موافق لقول الشارح من الجمع بين الجلد والقتل.
(٤) ففي المحصن لم
نجمع بين جلد مطلق الزاني وقتل الزاني في هذه المواضع الثلاثة.
(٥) من القتل.
(٦) وهو الرجم.
(٧) والذي ذكره هو
الزنا في المواضع الثلاثة.
(٨) أي ففي الرجم
للزاني في هذه المواضع الثلاثة.
أولى (١) مع صدق
أصل القتل به (٢) وما اختاره المصنف أوضح في الجمع (٣).
(وثانيها (٤) : الرجم (٥) ويجب على المحصن) بفتح الصاد (٦) (إذا زنا ببالغة
عاقلة) حرة كانت أم أمة.
مسلمة أم كافرة (٧) (والإحصان (٨) إصابة البالغ العاقل الحر فرجا) أي قبلا(مملوكا له بالعقد الدائم أو الرق) متمكنا بعد ذلك منه بحيث(يغدو عليه ويروح) أي يتمكن منه أول النهار وآخره(إصابة معلومة) بحيث غابت الحشفة ، أو قدرها في القبل(فلو أنكر) من يملك الفرج على الوجه المذكور
______________________________________________________
(١) وهذه الأولوية
استحسانية فلا يصح جعلها مدركا للحكم الشرعي ، مع أن ابن إدريس اقتصر على الرجم
لأنه محقق لمعنى القتل لا لأنه أشدّ.
(٢) بالرجم.
(٣) بل ما ذكره المشهور
هو الواضح والمتعين.
(٤) ثاني أقسام
الحد.
(٥) يثبت على
المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة ، وكذا على المرأة إذا زنى بها بالغ عاقل بلا خلاف
للأخبار منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الرجم حد الله الأكبر والجلد حد الله الأصغر ، فإذا زنى
الرجل المحصن رجم ولم يجلد) . وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مائة جلدة ،
فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم) .
(٦) لأنه محصن
بزوجه ، ويجوز الكسر لأنه أحصن نفسه بالزواج من الغير.
(٧) كل ذلك لإطلاق
الأخبار السابقة.
(٨) قال الشارح في
المسالك : «الإحصان والتحصين في اللغة المنع ، قال الله تعالى : (لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) وقال : (فِي قُرىً
مُحَصَّنَةٍ) ، وورد في الشرع بمعنى الإسلام وبمعنى البلوغ والعقل ، وكل
منهما قد قيل في تفسير قوله تعالى : (فَإِذٰا أُحْصِنَّ
فَإِنْ أَتَيْنَ بِفٰاحِشَةٍ) ، وبمعنى الحرية ومنه قوله تعالى : (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى
الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ) يعني الحرائر ، وبمعنى التزوج ومنه قوله تعالى : (وَالْمُحْصَنٰاتُ مِنَ
النِّسٰاءِ إِلّٰا مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ) يعني المنكوحات ، وبمعنى العفة عن الزنا ومنه قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ) وبمعنى الإصابة في النكاح ومنه قوله تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسٰافِحِينَ) ، ويقال : أحصنت المرأة عفت ، وأحصنها زوجها هي محصنة ،
وأحصن الرجل تزوج».
__________________
(وطء زوجته (١) صدّق) بغير يمين(وإن كان له منها
ولد لأن الولد قد يخلق من استرسال المني) بغير وطء. فهذه قيود ثمانية :
أحدها : الإصابة
أي الوطء قبلا (٢) على وجه يوجب الغسل فلا يكفي مجرد العقد ، ولا الخلوة التامة ،
ولا إصابة الدبر ، ولا ما بين الفخذين ، ولا في القبل على وجه لا يوجب الغسل (٣) ،
ولا يشترط الإنزال (٤) ولا سلامة الخصيتين (٥) فيتحقق (٦) من الخصي ونحوه (٧) ، لا
من المجبوب (٨) وإن ساحق.
وثانيها : أن يكون
الواطئ بالغا (٩) فلو أولج الصبي حتى غيّب مقدار الحشفة لم يكن محصنا وإن كان
مراهقا.
وثالثها : أن يكون
عاقلا (١٠). فلو وطأ مجنونا وإن عقد عاقلا لم يتحقق
______________________________________________________
(١) لعارض يمنعه
من الوطء.
(٢) للأخبار منها
: صحيح رفاعة : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يزني قبل أن يدخل بأهله أيرجم؟ قال عليهالسلام : لا) وصحيح محمد بن مسلم : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرجل يزني ولم يدخل بأهله أيحصن؟ قال : لا ، ولا
بالأمة) ، وظاهر الأخبار أن الدخول هو الدخول في القبل على نحو
يوجب الغسل.
(٣) كل ذلك لخروجه
عن ظاهر الأخبار السابقة.
(٤) لتحقق الإدخال
بغيبوبة الحشفة فقط.
(٥) لتحقق الإدخال
منه.
(٦) الإدخال.
(٧) وهو الذي سحقت
خصيتاه أو لم يكن له خصية من أول الولادة.
(٨) أي مقطوع
الذكر ، ووطؤه مساحقة فلا يتحقق منه إدخال الحشفة لعدمها.
(٩) فلو زنى غير
البالغ وإن كان قد وطئ زوجته فلا حد عليه لرفع القلم عنه ولخصوص أخبار منها : خبر
أبي العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا يحدّ الصبي إذا وقع على المرأة ويحدّ الرجل إذا وقع
على الصبية) .
(١٠) ذهب جماعة
منهم الشيخان إلى ثبوت الرجم على المجنون المحصن لو زنى لخبر أبان بن ـ
__________________
الإحصان ويتحقق
بوطئه عاقلا وإن تجدد جنونه.
ورابعها : الحرية (١)
فلو وطئ العبد زوجته حرة ، أو أمة لم يكن محصنا وإن عتق ما لم يطأ بعده (٢) ، ولا
فرق بين القن والمدبر والمكاتب بقسميه ، والمبعض (٣).
وخامسها : أن يكون
الوطء بفرج فلا يكفي الدبر ، ولا التفخيذ ، ونحوه كما سلف. وفي دلالة الفرج
والإصابة (٤) على ذلك (٥) نظر ، لما تقدم من أن الفرج يطلق لغة على ما يشمل الدبر
وقد أطلقه عليه (٦) فتخصيصه (٧) هنا مع الإطلاق وإن دل عليه العرف (٨) ليس بجيد.
وفي بعض نسخ
الكتاب زيادة قوله قبلا بعد قوله فرجا (٩) وهو تقييد لما
______________________________________________________
ـ تغلب عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد وإن كان محصنا رجم)
، وحملت الرواية على ما لو كان جنونه أدواريا وقد صدر منه الزنا حال تعقله
بدليل ذيله حيث قال عليهالسلام : (والرجل يأتي وإنما يزني إذا عقل كيف يأتي اللذة).
(١) بلا خلاف فيه
وتدل عليه أخبار منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في العبد يتزوج الحرة ثم يعتق فيصيب فاحشة ، فقال : لا
رجم عليه حتى يواقع الحرة بعد ما يعتق) ، وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في العبيد إذا زنى أحدهم أن يجلد خمسين جلدة وإن كان مسلما
أو كافرا أو نصرانيا ولا يرجم ولا ينفى) .
(٢) بعد العتق.
(٣) لإطلاق
الأخبار السابقة.
(٤) الواردين في
تعريف المصنف للإحصان.
(٥) على الوطء
قبلا.
(٦) أي أطلق
المصنف الفرج على ما يشمل الدبر سابقا عند تعريف الزنا.
(٧) أي فتخصيص
المصنف للفرج على القبل هنا.
(٨) حيث أن الفرج
عرفا مختص بالقبل.
(٩) في تعريف
الإحصان.
__________________
أطلق منه (١).
ومعه (٢) يوافق ما سلف.
وسادسها : كونه
مملوكا له (٣) بالعقد الدائم ، أو ملك اليمين فلا يتحقق
______________________________________________________
(١) من الفرج.
(٢) مع التقييد.
(٣) أي كون الفرج
مملوكا للواطىء ، فلو وطئ بشبهة أو زنى فلا يتحقق الإحصان وهو اتفاقي كما في كشف
اللثام ويدل عليه صحيح إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام : (قلت له : ما المحصن يرحمك الله؟ قال : من كان له فرج
يغدو عليه ويروح فهو المحصن) ومثله غيره ، نعم التقييد بالعقد الدائم ليخرج ما لو ملكه
بالعقد المنقطع فإنه لا يحقق الإحصان لأخبار منها : موثق إسحاق بن عمار : (سألت
أبا إبراهيم عليهالسلام عن الرجل إذا هو زنى وعنده السرية والأمة يطؤها تحصنه
الأمة؟ فقال : نعم إنما ذاك لأن عنده ما يغنيه عن الزنا ، قلت : فإن كان عنده أمة
زعم أنه يطأها ، فقال : لا يصدق ، قلت : فإن كان عنده امرأة متعة تحصنه ، قال : لا
، إنما هي على الشيء الدائم) .
ومرسل أبي البختري
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل يتردد في المتعة أتحصنه؟ قال : لا إنما ذلك
على الشيء الدائم عنده) ، كما أن الإحصان يتحقق بوطء الأمة كما هو المشهور ويدل
عليه أخبار منها : موثق إسحاق بن عمار المتقدم وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام : (سألته عن الحر تحته المملوكة هل عليه الرجم إذا زنى؟
قال : نعم) .
وذهب القديمان
والصدوق والديلمي إلى عدم تحقق الإحصان بملك اليمين لصحيح محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليهالسلام : (وكما لا تحصنه الأمة واليهودية والنصرانية إن زنى بحرة
، فكذلك لا يكون عليه حد المحصن إن زنى بيهودية أو نصرانية أو أمة وتحته حرة) ومثله غيره ، والترجيح للطائفة الأولى لموافقتها للأخبار
العامة الدالة على تحقق الإحصان إذا كان عنده فرج يغدو عليه ويروح وهو شامل للأمة
مثل صحيح إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام : (قلت : وما المحصن رحمك الله؟ قال : من كان له فرج ـ
__________________
بوطء الزنا ، ولا
الشبهة وإن كانت (١) بعقد فاسد (٢) ، ولا المتعة.
وفي إلحاق التحليل
بملك اليمين وجه (٣) ، لدخوله فيه من حيث الحل ، وإلا (٤) لبطل الحصر المستفاد من
الآية (٥) ولم أقف فيه هنا على شيء (٦).
وسابعها : كونه
متمكنا منه غدوا ورواحا (٧). فلو كان بعيدا عنه لا يتمكن
______________________________________________________
ـ يغدو عليه ويروح
فهو محصن) .
(١) الشبهة.
(٢) بمعنى اعتقد
أنه صحيح وهو فاسد واقعا فهو لا يحصن.
(٣) لدخول التحليل
في ملك اليمين فكل منهما ينكح بالملك ، غايته أحدهما يملك الرقبة والآخر يملك
منفعة البضع.
(٤) لو لم يدخل
التحليل في ملك اليمين.
(٥) وهي قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ
أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ) ، فقد حصرت الحل باثنين مع أن الوطء يجوز بأربعة بالدائم
والمنقطع وملك اليمين والتحليل ، فيستفاد كما أن الدائم والمنقطع يدخلان في
الزوجية كذلك ملك اليمين والتحليل يدخلان في الملك ، وهذا كاشف عن دخول التحليل في
ملك اليمين ، غايته خرج عدم تحقق الإحصان بالمتعة بدليل خارجي فيبقى الباقي تحت
عموم الآية.
وفيه : إن الآية
عامة في أن الاستغناء يتم في هذه الأربعة لا الإحصان ، مع أن الأخبار قد قيدت
الإحصان بالدائم وبملك اليمين على خلاف في الثاني ، فالأصل في التحليل عدم الإحصان
الموجب لسقوط الرجم.
(٦) من كلمات
الفقهاء.
(٧) أي كون المحصن
متمكنا من الفرج غدوا ورواحا ، وهو كناية عن تمكنه من الوطء متى شاء ويدل عليه
صحيح إسماعيل بن جابر المتقدم : (قلت : وما المحصن رحمك الله؟ قال : من كان له فرج
يغدو عليه ويروح فهو محصن) . وخبر أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في الرجل الذي له امرأة بالبصرة ففجر بالكوفة أن يدرأ عنه
الرجم ويضرب حد الزاني ، وقضى في رجل محبوس في السجن وله ـ
__________________
منه فيهما (١) وإن
تمكن في أحدهما دون الآخر (٢) ، أو فيما بينهما (٣) ، أو محبوسا لا يتمكن من
الوصول إليه (٤) لم يكن محصنا وإن كان قد دخل قبل ذلك. ولا فرق في البعيد بين كونه
دون مسافة القصر وأزيد (٥).
وثامنها : كون
الإصابة معلومة (٦) ، ويتحقق العلم بإقراره بها أو بالبينة ، لا بالخلوة ، ولا
الولد ، لأنهما أعم كما ذكر (٧).
______________________________________________________
ـ امرأة حرّة في
بيته في المصر وهو لا يصل إليها فزنى في السجن ، قال : عليه الحد ـ وفي نسخة يجلد
الجلد ـ ويدرأ عنه الرجم) . ومثله غيره.
(١) أي لا يتمكن
من الفرج في الغدو والرواح.
(٢) أي تمكن في
الغدو دون الرواح أو بالعكس وهما أول النهار وآخره.
(٣) بين أول
النهار وآخره ، هذا كله بناء على حمل الغدو والرواح في الخبر على المعنى الحقيقي
مع أنك عرفت أنه كناية عن التمكن من الوطء وعدم التمكن من الوطء ساعة من نهار لا
يضرّ ، والعجب من الشارح حيث حمله على المعنى الحقيقي هنا جازما به مع أنه أبداه
احتمالا في المسالك حيث قال : «ويحتمل اعتبار حقيقته بمعنى التمكن منه أول النهار
وآخره».
(٤) إلى الفرج.
(٥) اتفقوا على أن
المراد من البعيد هو الذي لا يتمكن من الوصول إلى الفرج من دون تحديد مسافة البعد
سواء قصرت عن مسافة القصر أو زادت.
نعم قد ورد تحديد
البعد بمسافة السفر في أخبار منها : خبر عمر بن يزيد : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن الغائب عن أهله يزني ، هل يرجم إذا كان له
زوجة وهو غائب عنها؟ قال : لا يرجم الغائب عن أهله ولا المملك الذي لم يبن بأهله ،
ولا صاحب المتعة ، قلت : ففي أي حد سفره لا يكون محصنا؟ قال : إذا قصّر وأفطر فليس
بمحصن) . وهي مهجورة عند الأصحاب كما في الجواهر بعد كون المناط في
السفر على عدم التمكن من الفرج متى شاء.
(٦) أي قطعية
بمعنى أن وطأه للفرج الحلال معلوم ، ويعلم بإقراره أو بقيام البينة عليه.
(٧) أما الخلوة
فهي أعم من الوطء كما هو واضح وأما الولد فلاحتمال أنه من استرسال المني المنصب
على فم الفرج كما تقدم سابقا.
__________________
واعلم أن الإصابة
أعم مما يعتبر منها (١) ، وكذا الفرج (٢) كما ذكر. فلو قال : تغيب قدر حشفة (٣)
البالغ .. إلخ في قبل (٤) مملوك له ... إلخ كان أوضح. وشمل إطلاق إصابة الفرج ما
لو كانت صغيرة وكبيرة عاقلة ومجنونة وليس كذلك (٥) ، بل يعتبر بلوغ الموطوءة
كالواطئ ولا يتحقق فيهما بدونه (٦).
(وبذلك) المذكور كله(تصير المرأة
محصنة) أيضا. ومقتضى ذلك
صيرورة الأمة والصغيرة محصنة ، لتحقق إصابة البالغ ... إلخ فرجا مملوكا. وليس كذلك
، بل يعتبر فيها (٧) البلوغ والعقل والحرية كالرجل ، وفي الواطئ البلوغ دون العقل.
فالمحصنة حينئذ : المصابة حرة (٨) بالغة عاقلة من زوج بالغ دائم في القبل بما يوجب
الغسل إصابة معلومة ، فلو أنكرت ذات الولد منه (٩) وطأه لم يثبت إحصانها (١٠) وإن
ادعاه (١١) ويثبت في حقه (١٢).
______________________________________________________
(١) أي أن لفظ
الإصابة الوارد في تعريف المصنف بما له من المعنى أعم مما يعتبر من لفظ الإصابة ،
وذلك لأن الإصابة ظاهرة في الوطء الطبيعي المتحقق فيه إدخال العضو بتمامه مع أن
المراد منها إدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها.
(٢) فإنه لغة أعم
من القبل والدبر مع أن المراد من لفظ الفرج الوارد في التعريف هو خصوص القبل.
(٣) بدل الإصابة.
(٤) بدل الفرج.
(٥) بالنسبة
للصغيرة إذ الإحصان في الواطئ لا يتحقق إلا مع بلوغ الموطوءة.
(٦) أي لا يتحقق
الإحصان في الواطئ والموطوءة بدون البلوغ.
(٧) في المرأة
المحصنة.
(٨) ففي صحيح
الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل أيحصن المملوكة؟ قال : لا يحصن الحر المملوكة ،
ولا يحصن المملوك الحرة) .
(٩) من أبيه.
(١٠) لاحتمال كون
الولد من المني المنصب على فم الفرج.
(١١) أي وإن ادعى
أبو الولد الوطء.
(١٢) أي ويثبت
الإحصان في حق الوالد المدعي للوطء.
__________________
كعكسه (١). وأما
التمكن من الوطء فإنما يعتبر في حقه خاصة فلا بد من مراعاته (٢) في تعريفها أيضا (٣).
ويمكن أن يريد
بقوله : وبذلك تصير المرأة محصنة : أن الشروط المعتبرة فيه (٤) تعتبر فيها بحيث
تجعل بدله بنوع من التكلف فتخرج الصغيرة والمجنونة والأمة وإن دخل حينئذ ما دخل في
تعريفه (٥).
(ولا يشترط في الإحصان الإسلام) (٦) فيثبت في حق الكافر والكافرة مطلقا (٧) إذا حصلت الشرائط.
فلو وطئ الذمي زوجته الدائمة تحقق الإحصان. وكذا لو وطئ المسلم زوجته الذمية حيث
تكون دائمة (٨).
(ولا عدم الطلاق) (٩) فلو زنى المطلّق ، أو تزوجت المطلّقة عالمة بالتحريم ،
______________________________________________________
(١) كأن تدعي هي
الوطء فيثبت إحصانها ، دونه فلا يثبت الإحصان في حقه.
(٢) مراعاة التمكن
من الوطء.
(٣) المرأة
المحصنة ، غايته إذا كان الزوج متمكنا منها قادرا على وطئها متى شاء فهذا يحقق
إحصانه وإحصانها ففي صحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سأله عن امرأة تزوجت برجل ولها زوج ، فقال : إن كان
زوجها مقيما معها في المصر الذي هي فيه تصل إليه ويصل إليها فإن عليها ما على
الزاني المحصن الرجم) .
(٤) في المحصن.
(٥) فقد دخل في
تعريف المحصن ما لو وطئ الصغيرة فيدخل في تعريفها ما لو وطئها الصغير ولا بدّ من
إخراجه.
(٦) لصحيح الحلبي
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (واليهودي يحصن النصرانية والنصراني يحصن اليهودية) .
(٧) وإن كان من
غير ملتها ، أو كانا ذميين أو أحدهما.
(٨) بناء على تجويز
ذلك شرعا.
(٩) فالمطلقة
رجعيا لا تخرج عن الإحصان وكذا المطلق كذلك لأن الرجعية بحكم الزوجة وهو متمكن
منها متى شاء ، بلا خلاف في ذلك للأخبار منها : صحيح يزيد الكناسي : ـ
__________________
أو زنت رجمت(إذا كانت العدة رجعية) ، لأنها في حكم الزوجة وإن لم تتمكن هي من الرجعة كما لا
يعتبر تمكنها من الوطء(بخلاف البائن) ، لانقطاع العصمة به (١) فلا بد في تحقق الإحصان بعده (٢)
من وطء جديد (٣) سواء تجدد الدوام بعقد جديد أم برجوعه في الطلاق حيث رجعت في
البذل.
وكذا يعتبر وطء
المملوك بعد عتقه (٤) وإن كان مكاتبا (٥).
(والأقرب الجمع بين الجلد والرجم في المحصن (٦) وإن كان
شابا) جمعا بين
______________________________________________________
ـ (سألت أبا عبد
الله عليهالسلام عن امرأة تزوجت في عدتها قال : إن كانت تزوجت في عدة طلاق
لزوجها عليها الرجعة فإن عليها الرجم ، وإن كانت تزوجت في عدة ليس لزوجها عليها
الرجعة فإن عليها حد الزاني غير المحصن) .
(١) بالطلاق
البائن.
(٢) بعد الطلاق
البائن.
(٣) منه إليها فهي
بحكم الزوجة الجديدة سواء كان الوطء الجديد بعقد جديد أو رجع بالطلاق بعد ما رجعت
بالبذل.
(٤) بلا خلاف ويدل
عليه صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في العبد يتزوج الحرة ثم يعتق فيصيب فاحشة ، قال : لا
رجم عليه حتى يواقع الحرة بعد ما يعتق) .
(٥) للإطلاق.
(٦) رجم المحصن لا
خلاف فيه وإنما الخلاف في ضم الجلد إليه ، ففي الشيخ والشيخة لم ينقل الخلاف إلا
من العماني على الجمع بين الجلد والرجم ، لأخبار منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (في الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم ، والبكر والبكرة جلد
مائة ونفي سنة من مصره) . وهي محمولة على ما لو كانا محصنين بدليل رواية عبد الله
بن طلحة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما ، وإذا
زنى النصف من الرجال رجم ، ولم يجلد إذا كان قد أحصن وإذا زنى الشاب الحدث السن
جلد ونفي سنة من مصره) .
وفي المرسل عن علي
عليهالسلام : (أنه جلد شراحة الهمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة
وقال : حددتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم) . والعماني اقتصر على ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ الرجم في الشيخ
والشيخة لإطلاق نصوص الرجم منها : موثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مائة جلدة فأما
المحصن والمحصنة فعليهما الرجم) ، وهو محجوج بما دل على تقييدها بالجمع بين الجلد والرجم
في الشيخ والشيخة كما في النصوص المتقدمة.
وأما في الشاب
والشابة إذا كانا محصنين فقد وقع بينهم الخلاف فقد ذهب إلى الجمع بين الجلد والرجم
فيها الشيخان والمرتضى والحلي وعامة المتأخرين كما في الجواهر ، وجعله المرتضى من
منفردات الإمامية لأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (في المحصن والمحصنة جلد مائة ثم الرجم) . وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : (في المحصن والمحصنة جلد مائة ثم الرجم) ، وللجمع بين دلالة الآية بالجلد وبين نصوص رجم المحصن
الشامل للشاب كخبر سماعة المتقدم.
وذهب الشيخ في
النهاية وكتابي الحديث والاستبصار وبنو زهرة وسعيد وحمزة وجماعة من المتأخرين إلى
رجم الشاب المحصن فقط دون الجلد لرواية عبد الله بن طلحة المتقدمة : (وإذا زنى
النصف من الرجال رجم ولم يجلد إذا كان قد أحصن) ولخبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (رجم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يجلد ، وذكروا أن عليا رجم بالكوفة وجلد ، فأنكر ذلك
أبو عبد الله عليهالسلام وقال : ما نعرف هذا ، أي لم يحد رجلا حدين جلد ورجم في ذنب
واحد) . ولصحيحة عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الرجم حد الله الأكبر والجلد حد الله الأصغر ، فإذا زنى
الرجل المحصن رجم ولم يجلد) .
وأشكل بأن رواية
عبد الله بن طلحة ضعيفة السند كما في المسالك وذلك لأن عبد الله بن طلحة مجهول
وكذلك إبراهيم بن صالح الواقع في السند مع أن هذه الرواية هي التي يقع فيها الجمع
بين الأخبار ، لأنها حددت حكم الشيخ وحكم المحصن وحكم غير المحصن وأشكل على رواية
أبي العباس بأنه لا يصح الاعتماد عليها للنصوص الواردة في الشيخ وقد جمعت بين حدين
في ذنب واحد.
ومع ذلك تبقى
صحيحة عاصم بن حميد لا إشكال فيها من ناحية السند وهي صريحة في عدم جلد المحصن
فتصلح دليلا للجمع بين الأخبار ومؤيدا لخبر عبد الله بن طلحة ـ
__________________
دليل الآية (١) ،
والرواية (٢).
وقيل : إنما يجمع
بينهما على المحصن إذا كان شيخا أو شيخة (٣) ، وغيرهما يقتصر فيه (٤) على الرجم (٥).
وربما قيل (٦)
بالاقتصار على رجمه مطلقا (٧).
والأقوى ما اختاره
المصنف ، لدلالة الأخبار الصحيحة عليه (٨). وفي كلام علي عليهالسلام (٩) حين جمع
للمرأة بينهما ، جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ومستند التفصيل (١٠) رواية (١١) تقصر عن ذلك (١٢) متنا (١٣)
وسندا (١٤).
وحيث يجمع بينهما (١٥)
______________________________________________________
ـ فالأقوى أن
المحصن لا يثبت في حقه إلّا الرجم فقط بحمل كل نصوص الجلد والرجم على الشيخ
والشيخة.
(١) وهي قوله
تعالى : (الزّٰانِيَةُ
وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ
جَلْدَةٍ) .
(٢) وهي موثق
سماعة المتقدم.
(٣) بالاتفاق إلا
من العماني.
(٤) في الغير.
(٥) كما هو
الأقوى.
(٦) للعماني.
(٧) أي على رجم
المحصن سواء كان شيخا وعجوزا أو لا.
(٨) أي على الجمع
في المحصن وهي صحيح محمد بن مسلم وصحيح زرارة المتقدمان.
(٩) في مرسل
البيهقي المتقدم.
(١٠) بين الشيخ
والشيخة فالجمع بين الجلد والرجم وبين الشاب والشابة فالرجم فقط.
(١١) وهي رواية
عبد الله بن طلحة.
(١٢) عن التفصيل.
(١٣) أي لم تذكر
حكم الشاب المحصن كما صرح به في المسالك ، وفيه : إنه داخل في النصف من الرجال.
(١٤) قد تقدم ،
غير أنك عرفت وجود صحيح عاصم بن حميد الدال على عدم جلد المحصن.
(١٥) قدم الجلد
وجوبا لئلا يفوت الجلد في العكس بلا خلاف فيه ولأخبار منها : صحيح ـ
__________________
(فيبدأ بالجلد) أولا وجوبا لتحقق فائدته (١) ولا يجب الصبر به (٢) حتى
يبرأ جلده على الأقوى ، للأصل (٣) وإن كان التأخير أقوى في الزجر. وقد روي (٤) أن
عليا عليهالسلام جلد المرأة يوم الخميس ، ورجمها يوم الجمعة.
وكذا القول في كل
حدين اجتمعا ويفوت أحدهما بالآخر فإنه يبدأ بما يمكن معه الجمع ، ولو استويا تخير.
(ثم تدفن المرأة إلى صدرها ، والرجل إلى حقويه) (٥) ...
______________________________________________________
ـ زرارة عن أبي
جعفر عليهالسلام : (أيما رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل ، يبدأ بالحدود
التي هي دون القتل ثم يقتل بعد ذلك) . وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل فقال : كان علي عليهالسلام يقيم الحدود ثم يقتله ولا تخالف عليا) . فما عن بعض العامة من الاكتفاء بالقتل لأنه يأتي على
الجميع لا وجه له.
(١) فائدة الجمع
فلا يفوت الجلد كما في العكس.
(٢) أي بالمحدود
حتى يبرأ جلده ، قيل : نعم كما عن الشيخين وبني زهرة وحمزة والبراج تأكيدا في
الزجر ، وقال ابن إدريس والمتأخرون لا يجب ، وإنما هو مستحب لأن القصد الإتلاف فلا
فائدة في الانتظار مع ما ورد سابقا أنه لا نظرة في الحدود ، وبالأخير تمسك
الأردبيلي في مجمع البرهان على عدم جواز التأخير ، وعن بعضهم أنه يقتل بعد يوم من
جلده كما فعل أمير المؤمنين عليهالسلام ذلك في شراحة حيث جلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة.
(٣) أصالة عدم
وجوب التأخير عند الشك فيه.
(٤) من طرق العامة
فقط وقد تقدم.
(٥) الحقو بفتح
الحاء وهو الخصر ومشد الإزار ، أما في الرجل فقد ورد معتبرة سماعة عن أبي عبد الله
عليهالسلام قال : (تدفن المرأة إلى وسطها ثم يرمي الإمام ويرمي الناس
بأحجار صغار ، ولا يدفن الرجل إذا رجم إلا إلى حقويه) .
وأما في المرأة
فإلى صدرها فهو الأشهر لما روى من طرق العامة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (حفر للغامدية إلى الصدر) ، وما قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام من أنه روي من دفن
ـ
__________________
وظاهره كغيره (١)
: إن ذلك على وجه الوجوب. وهو في أصل الدفن حسن للتأسي أما في كيفيته فالأخبار
مطلقة ، ويمكن جعل ذلك (٢) على وجه
______________________________________________________
ـ شراحة إلى
منكبها أو ثدييها ، مع أنه في معتبرة إسحاق المتقدمة أن الدفن إلى وسطها وفي خبر
أبي مريم ـ وهو صحيح السند ـ عن أبي جعفر عليهالسلام في قضية المرأة التي أقرت أربعا بالزنا في عهد أمير
المؤمنين عليهالسلام ـ إلى أن قال ـ : (ثم أمر بها بعد ذلك فحفر لها حفيرة في
الرحبة وخاط عليها ثوبا جديدا ، وأدخلها الحفيرة إلى الحقو وموضع الثديين) ، كما في الوسائل والفقيه ، مع أنه في الجواهر : (إلى
الحقو دون موضع الثديين) وهو الصحيح لأن الحقو دون الثديين لا في موضع الثديين كما
احتمله بعضهم من أن موضع الثديين تحديد لموطن الحقو.
وعلى كل فالأخبار
المعتبرة تدل على الحفر إلى وسطها المقارب للحقو فلا فرق بينها وبين الرجل أو أن
الفرق كالفرق بين السرة والحقو ، والاختلاف في الروايات ليس بأشد من الاختلاف بين
الفقهاء ، فالأشهر إلى الثديين كما عرفت ، وعن المقنع أن الرجم أن يحفر له حفيرة
مقدار ما يقوم فيها بطوله إلى عنقه ، وعن الغنية والمقنعة التسوية بين الرجل
والمرأة إلى الصدر ، وعن المراسم الحفر للرجل إلى صدره وللمرأة إلى وسطها ، وعن
ابن حمزة نفي الحفر والدفن إذا ثبت الزنا بالإقرار لما روي من أن النبي حفر
للعامرية ولم يحفر للجهنية ، ولما رواه أبو سعيد الخدري في قصة ماعز : (أمرنا رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم برجمه فانطلقنا به إلى بقيع الفرقد فما أوثقناه ولا حفرنا
له حفيرة ورميناه بالعظام والمدر والخرق ثم اشتد واشتددنا حتى أتى الحرة فانتصب
لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت) . إلا أنه معارض بخبر الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليهالسلام ـ إلى أن قال ـ : (وذلك أن ماعز بن مالك أقرّ عند رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالزنا فأمر به أن يرجم فهرب من الحفيرة) .
ولذا مال الشهيد
الثاني في المسالك إلى استحباب أصل الدفن لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حفر للعامرية ولم يحفر للجهنية كما تقدم واستحسن في
الروضة وجوب أصل الدفن للتأسي وأما الكيفية فالمستحب إلى صدرها لأن الوارد إلى
وسطها كما في معتبرة إسحاق.
(١) أي ظاهر
المصنف كغيره من الفقهاء.
(٢) جعل الدفن إلى
الثديين في المرأة.
__________________
الاستحباب ، لتأدي
الوظيفة المطلقة بما هو أعم (١). وروى سماعة عن الصادق عليهالسلام قال : «تدفن المرأة إلى وسطها ، ولا يدفن الرجل إذا رجم
إلا إلى حقويه» ونفى في المختلف البأس عن العمل بمضمونها.
وفي دخول الغايتين
في المغيّا (٢) وجوبا واستحبابا نظر. أقربه العدم (٣) فيخرج الصدر والحقوان عن
الدفن ، وينبغي على الوجوب إدخال جزء منهما (٤) من باب المقدمة(فإن فرّا) (٥) من الحفيرة بعد وضعهما فيها(أعيدا إن ثبت) الزنا(بالبينة (٦) ،
______________________________________________________
(١) من الدفن إلى
الصدر أو غيره.
(٢) من دخول الصدر
والحقو في ما يدفن من المرأة والرجل.
(٣) لعدم مفهوم
الغاية.
(٤) من الصدر
والحقو.
(٥) فإذا كان
الزنا ثابتا بالبينة وجب إعادة المرجوم إلى الحفيرة لأنه محكوم بالإتلاف وإعادته
مقدمة لإتلافه فتجب ، بلا خلاف فيه ، لأخبار سيأتي التعرض لبعضها ، وإذا كان الزنا
ثابتا بالإقرار لم يعد إلى الحفيرة سواء أصابته الحجارة أو لا ـ كما عن المفيد
والحلبي وسلار بل نسب إلى الشهرة ـ لأنه يتضمن الرجوع عن الإقرار أو هو رجوع عن
الإقرار والرجوع عن الإقرار مسقط للرجم وللمرسل : (عن المرجوم يفرّ قال : إذا كان
أقرّ على نفسه فلا يردّ وإن كان شهد عليه الشهود يردّ) .
وعن النهاية
والوسيلة إن فرّ قبل إصابته بالحجارة أعيد وإلا فلا لخبر الحسين بن خالد : (قلت
لأبي الحسن عليهالسلام : أخبرني عن المحصن إذا هرب من الحفيرة هل يردّ حتى يقام
عليه الحد؟ فقال : يردّ ولا يردّ ، قلت : وكيف ذاك؟ فقال : إن كان هو المقرّ على
نفسه ثم هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شيء من الحجارة لم يردّ ، وإن كان إنما قامت
عليه البينة وهو يجحد ثم هرب ردّ وهو صاغر حتى يقام عليه الحد ، وذلك أن ماعز بن
مالك أقرّ عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالزنا فأمر به أن يرجم فهرب من الحفرة ، فرماه الزبير بن
العوام بساق بعير فعقله فسقط فلحقه الناس فقتلوه ، ثم أخبروا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك فقال لهم : فهلا تركتموه إذا هرب يذهب ، فإنما هو
الذي أقرّ على نفسه ، وقال لهم : أما لو كان علي حاضرا معكم لما ضللتم ، ووداه
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بيت مال المسلمين) ، والتفصيل هو المتعين إذا كان الزنا ثابتا بإقراره.
(٦) أصابته
الحجارة أو لا.
__________________
(أو لم تصب الحجارة) بدنهما (١) (على قول) الشيخ وابن البراج ، والخلاف في الثاني خاصة (٢) ،
والمشهور عدم اشتراط الإصابة (٣) ، للإطلاق (٤) ، ولأن فراره بمنزلة الرجوع عن
الإقرار وهو أعلم بنفسه (٥) ، ولأن الحد مبني على التخفيف (٦).
وفي هذه الوجوه
نظر.
ومستند التفصيل (٧)
رواية الحسين بن خالد عن الكاظم عليهالسلام وهو مجهول (٨) (وإلا) يكن ثبوته بالبينة ، بل بإقرارهما وإصابتهما الحجارة على
ذلك القول(لم يعادا) اتفاقا. وفي رواية ماعز أنه لما أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم برجمه هرب من الحفيرة فرماه الزبير بساق بعير فلحقه القوم
فقتلوه ، ثم أخبروا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك فقال : هلا تركتموه إذ هرب يذهب فإنما هو الذي أقر
على نفسه ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أما لو كان عليّ حاضرا لما ضللتم ، ووداه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بيت المال (٩).
______________________________________________________
(١) إذا كان الزنا
ثابتا بإقراره.
(٢) أي فيما لم
تصبه الحجارة وكان الزنا ثابتا بالإقرار.
(٣) فلا يردّ.
(٤) والرواية
المطلقة هي مرسلة الصدوق : (سئل الصادق عليهالسلام عن المرجوم يفرّ ، قال : إن كان أقرّ على نفسه فلا يردّ
وإن كان شهد عليه الشهود يرد) . وهذه المرسلة لا تقاوم الأخبار المقيدة بين إصابة الحجارة
وعدمها كخبر الحسين بن خالد المتقدم وخبر صفوان عن رجل عن أبي بصير عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (قلت له : المرجوم يفرّ من الحفيرة فيطلب؟ قال : لا ،
ولا يعرض له إن كان أصابه حجر واحد لم يطلب ، وإن هرب قبل أن تصيبه الحجارة ردّ
حتى يصيبه ألم العذاب) .
(٥) وهذا غير سديد
إذ لعل هروبه خوفا من ألم الحد فلا يكون رجوعا بعد الإقرار.
(٦) وهو حدّ الزنا
ولذا توقف على شهادة الأربع مع المعاينة وهذا أمر نادر ، إلا أنه أمر استحساني لا
يصلح مدركا للحكم الشرعي.
(٧) بين عدم الرد
إذا أصابته الحجارة والرد إذا لم تصبه الحجارة بناء على أن الزنا ثابت بالإقرار.
(٨) إلا أن خبره
مؤيد بخبر أبي بصير المحمول على الزنا الثابت بالإقرار.
(٩) كما في رواية
الحسين بن خالد المتقدمة.
__________________
وظاهر الحكم بعدم
إعادته سقوط الحد عنه فلا يجوز قتله حينئذ (١) بذلك الذنب ، فإن قتل عمدا اقتص من
القاتل ، وخطأ الدية (٢). وفي الرواية إرشاد إليه (٣). ولعل إيداءه (٤) من بيت
المال لوقوعه منهم خطأ مع كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حكّمهم فيه فيكون كخطإ الحاكم ، ولو فر غيره (٥) من
المحدودين أعيد مطلقا (٦).
(و) حيث يثبت الزنا بالبينة(يبدأ) برجمه(الشهود) وجوبا (٧).
(وفي) رجم(المقر) يبدأ(الإمام عليهالسلام) ويكفي في البداءة مسمى الضرب(وينبغي) على وجه الاستحباب(إعلام الناس) بوقت الرجم ليحضروا ، ويعتبروا ، وينزجر من يشاهده ممن أتى
مثل ذلك ، أو يريده ، ولقوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ
______________________________________________________
(١) حين فراره من
الحفرة بعد إصابة الحجارة له.
(٢) أي وإذا قتل
خطأ فالدية.
(٣) إلى عدم جواز
قتله بعد فراره ولذا قال : (لو كان علي حاضرا لما ضللتم) فيكون قتله ضلالا وهذا
يدل على عدم جواز قتله.
(٤) أي دفع الدية
من بيت المال مع أنه قد قتل خطأ فالدية على عاقلة القاتل لا من بيت المال ، وأجاب
عنه الشارح بأنه لما حكّمهم رسول الله فيه برجمه فلما قتلوه ولم يعرفوا الحكم
فيكون خطؤهم كخطإ الحاكم وخطأ الحاكم من بيت المال.
(٥) أي غير
المرجوم وهو المجلود لثبوت الحد فلا بد من استيفائه ولخبر عيسى بن عبد الله : (قلت
لأبي عبد الله عليهالسلام : الزاني يجلد فيهرب بعد أن أصابه بعض الحد ، أيجب عليه أن
يخلا عنه ولا يردّ كما يجب للمحصن إذا رجم؟ قال : لا ، ولكن يردّ حتى يضرب الحد كاملا.
قلت : فما فرق
بينه وبين المحصن وهو حدّ من حدود الله؟ قال : المحصن هرب من القتل ولم يهرب إلّا
إلى التوبة لأنه عاين الموت بعينه ، وهذا إنما يجلد فلا بد من أن يوفى الحد لأنه
لا يقتل) .
(٦) سواء كان الحد
ثابتا بالبينة أو الإقرار ، ويمكن تعليله لغير المحدود في الزنا فيشمل ما لو وجب
قتله كاللوطي إلّا أن يعارضه التعليل في الخبر المتقدم.
(٧) ففي كشف
اللثام نسبته إلى الأكثر ويدل عليه مرسل صفوان عمن رواه عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا أقرّ الزاني المحصن كان أول من يرجمه الإمام ثم
الناس ، فإذا قامت ـ
__________________
عَذٰابَهُمٰا
طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١) ولا يجب للأصل
(٢).
(وقيل) والقائل ابن إدريس والعلّامة وجماعة : (يجب حضور طائفة) عملا بظاهر الأمر. وهو الأقوى.
(و) اختلف في أقل عدد الطائفة (٣) التي يجب حضورها ، أو يستحب فقال
______________________________________________________
ـ عليه البينة كان
أول من يرجمه البينة ثم الإمام ثم الناس) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (تدفن المرأة إلى وسطها ثم يرمي الإمام ويرمي الناس
بأحجار صغار) المحمول على ما لو أقرت بالزنا أربعا وعن بعض حمله على
الاستحباب لعدم حضور النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رجم ماعز مع أنه قد أقرّ بالزنا ولم يثبت عليه بالبينة ،
مع أنه قيل : لعل عدم حضوره لعذر فهي قضية في واقعة فلا بد من العمل بأخبار بدء
الإمام بالرجم المنجبر سندها بعمل الأصحاب.
(١) النور الآية :
٢ ، ولما روي من فعل أمير المؤمنين عليهالسلام فإنه نادى عند إرادة قيام الحد على الرجل المقر فقال : (يا
معشر المسلمين اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحد ولا يعرفنّ أحدكم صاحبه) ولما أراد إقامة الحد على المرأة المقرة أمر قنبر بالنداء
فيهم بالصلاة جامعة ثم صعد المنبر فقال : (يا أيها الناس إن إمامكم خارج بهذه
المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحد لله ، فعزم عليكم أمير المؤمنين لمّا خرجتم
وأنتم متنكرون) .
(٢) أي أصالة عدم
وجوب الإعلام عند الشك فيه ، وفيه : إن ظاهر الآية الوجوب ، نعم على نحو الكفائي ،
وهذا ما عليه الحلي وجماعة منهم العلّامة ، والذي ذهب إلى الاستحباب جماعة منهم
الشيخ في المبسوط ، وفي الخلاف نفي الخلاف عنه.
(٣) ففي القواعد
والنافع والنهاية والجامع ومجمع البيان والتبيان بل حكي عن ابن عباس أن أقل العدد
واحد لشمول لفظ الطائفة له كما عن الفراء بناء على أن المراد من الطائفة القطعة
بدليل قوله تعالى : (وَإِنْ
طٰائِفَتٰانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) ـ إلى أن قال ـ (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ) فعبر عن كل طائفة بالأخ الذي هو الواحد ، ولخبر غياث بن
إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (في قول الله عزوجل ـ (وَلٰا
تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ) ـ قال : في إقامة الحدود ، وفي قوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا
طٰائِفَةٌ ـ
__________________
العلّامة والشيخ
في النهاية : (أقلها واحد) ، لأنه أقل الطائفة لغة فيحمل الأمر المطلق على أقلّه
لأصالة البراءة من الزائد.
(وقيل) والقائل ابن إدريس : أقلها(ثلاثة) لدلالة العرف عليه فيما إذا قيل : جئنا في طائفة من الناس
، ولظاهر قوله تعالى : (فَلَوْ لٰا
نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي
الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) (١) فإن أقل الجمع
فيما دل عليه الضمير ثلاثة وليتحقق بهم الإنذار (٢).
(وقيل) والقائل الشيخ في الخلاف : (عشرة). ووجهه غير واضح. والأجود الرجوع إلى العرف ، ولعل دلالته
على الثلاثة فصاعدا أقوى.
(وينبغي كون الحجارة صغارا (٣) ، لئلا يسرع تلفه) بالكبار وليكن مما يطلق
______________________________________________________
ـ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ قال : الطائفة واحد) .
وقيل : إن الطائفة
اثنان كما عن عكرمة لقوله تعالى : (فَلَوْ لٰا
نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ) ووجه الاستدلال : إن أقل الفرقة ثلاثة فالنافر منهم إما
اثنان أو واحد.
وعن الشافعي أنها
أربعة لمناسبتها لما اعتبر في الشهادة.
وقيل : إنها عشرة
كما عن الشيخ في الخلاف محتجبا بالاحتياط.
وقيل : إنها ثلاثة
كما عن قتادة وابن إدريس وغيرهما للعرف ولقوله تعالى : (فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ
فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا) والواو للجمع ، وأقله ثلاثة.
(١) التوبة الآية
: ١٢٣.
(٢) أي بالثلاثة
بناء على أن الإنذار متضمن القطع ولا قطع في أخبار الاثنين أو الواحد ، وفيه : إن
الإنذار متضمن تخويفا سواء أفاد قول المنذر قطعا أو ظنا.
(٣) لموثق سماعة
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (تدفن المرأة إلى وسطها ثم يرمي الإمام ويرمي الناس
بأحجار صغار) ، ولأن رميه بحجر كبير كالصخرة يجهز عليه ويقتله فلا يسمى
رجما عند العرف ، ولذا علل الفقهاء عدم رميه بالكبار لئلا يسرع إليه التلف.
هذا مع أن المراد
من الصغار هي المعتدلة لا الصغار جدا لئلا يعذب بطول الضرب مع بقاء الحياة.
__________________
عليه اسم الحجر.
فلا يقتصر على الحصى ، لئلا يطول تعذيبه أيضا.
(وقيل : لا يرجم من لله في قبله حدّ) ، للنهي عنه (١). وهل هو للتحريم ، أو الكراهة؟ وجهان؟ من
أصالة عدم التحريم (٢) ، ودلالة ظاهر النهي عليه (٣). وظاهر العبارة كون القول
المحكي على وجه التحريم ، لحكايته (٤) قولا مؤذنا
______________________________________________________
(١) في خبر ميثم
عن أمير المؤمنين عليهالسلام في المرأة المقرة بالزنا فقال عليهالسلام قبل الرجم وبعد اجتماع الناس : (أيها الناس إن الله عهد
إلى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عهدا ، عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد ، فمن كان لله عليه
مثل ما له عليها فلا يقيم عليها الحد ، قال : فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير
المؤمنين والحسن والحسين عليهمالسلام) وفي خبر ابن أبي عمير عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : (أوتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل قد أقرّ على نفسه بالفجور فقال أمير المؤمنين عليهالسلام لأصحابه : أغدوا غدا عليّ متلثمين ، فقال لهم : من فعل مثل
فعله فلا يرجمه ولينصرف قال : فانصرف بعضهم وبقي بعضهم فرجمه من بقي منهم) وفي مرفوعة ابن خالد : (فمن كان لله في عنقه حق فلينصرف
ولا يقيم حدود الله من في عنقه حد) . وفي خبر الأصبغ عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (نشدت الله رجلا منكم لله عليه مثل هذا الحق أن يأخذ لله
به ، فإنه لا يأخذ لله بحق من يطلبه الله بمثله) وظاهر النهي التحريم.
وذهب المشهور إلى
الكراهة بل في غاية المرام دعوى الاتفاق عليه لأنه لو حمل النهي على التحريم لتعذر
إيجاد شخص ليس لله عليه حد.
وردّ عليهم ابن
إدريس في السرائر بقوله : «وهو غير متعذر لأنه يتوب فيما بينه وبين الله تعالى ثم
يرميه» ، ويؤيد الإشكال ما ورد في خبر ميثم المتقدم لما نادى أمير المؤمنين عليهالسلام بذلك : (فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين
والحسن والحسين عليهمالسلام) ، وبه يضعّف تعليل ابن إدريس لإمكان أن يتوب من حضر عند
نداء أمير المؤمنين عليهالسلام إلّا أن يقال : لا يعلمون بهذا الحكم فلذا تفرقوا.
(٢) دليل الكراهة.
(٣) دليل الحرمة.
(٤) دفع وهم ،
وحاصل الوهم أنه يمكن أن يكون ما حكاه المصنف محمولا على الكراهة ـ
__________________
بتمريضه. إذ لا
يتجه توقفه في الكراهة. وهل يختص الحكم بالحد الذي أقيم على المحدود ، أو مطلق
الحد؟ إطلاق العبارة وغيرها يدل على الثاني. وحسنة زرارة عن أحدهما عليهالسلام قال : أتى أمير المؤمنين عليهالسلام برجل قد أقرّ على نفسه بالفجور فقال أمير المؤمنين عليهالسلام لأصحابه : اغدوا غدا عليّ متلثمين فغدوا عليه متلثمين فقال
لهم : من فعل مثل فعله فلا يرجم فلينصرف (١) ، تدل على الأول ، وفي خبر آخر عنه (٢)
عليهالسلام في رجم امرأة أنه نادى بأعلى صوته : يا أيها الناس إن الله
تبارك وتعالى عهد إلى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم إليّ بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد فمن كان لله عليه
حد مثل ما عليها فلا يقيم عليها الحد (٣) وصدر هذا الخبر يدل بإطلاقه على الثاني (٤)
وآخره يحتملهما (٥) وهو على الأول أدل ، لأن ظاهر المماثلة اتحادهما صنفا (٦). مع
احتمال إرادة ما هو أعم. فإن مطلق الحدود متماثلة في أصل العقوبة.
وهل يفرق بين ما
حصلت التوبة منها (٧) ، وغيره؟ (٨) ظاهر الأخبار والفتوى ذلك ، لأن ما تاب عنه
فاعله سقط حق الله منه. بناء على وجوب قبول التوبة فلم يبق لله عليه حد.
ويظهر من الخبر
الثاني (٩) عدم الفرق ، لأنه قال في آخره : فانصرف الناس
______________________________________________________
ـ فالعبارة تحتمل
ذلك ، والدفع أن حكايته بلفظ قيل المشعر بتمريضه دليل على أنه قول للتحريم وإلّا
فلو كان للكراهة فلا معنى للتوقف.
(١) قد تقدم الخبر
في الشرح.
(٢) وهو خبر ميثم
عن أمير المؤمنين عليهالسلام وقد تقدم.
(٣) فيدل على
الأول.
(٤) حيث قال : (لا
يقيم الحد من لله عليه حد) إلا أنه إطلاق بدوي حيث فسر الحد بمثل ما عليها.
(٥) حيث قال : (فمن
كان لله عليه حد مثل ما عليها) فالتماثل إن كان بالشخص فيدل على الأول وهو الأظهر
وإن كان بالنوع فيدل على الثاني.
(٦) وهو التماثل بالشخص
، هذا فضلا ، وهو المتعين وعليه يحمل الإطلاق في مرفوعة ابن خالد المتقدمة : (فمن
كان لله في عنقه حق فلينصرف ، ولا يقيم حدود الله من في عنقه حد).
(٧) من الفاحشة.
(٨) أي غير التائب
، والضمير راجع إلى الموصول في : (ما حصلت) والمراد منه التائب.
(٩) وهو خبر ميثم
عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
ما خلا أمير
المؤمنين والحسنين عليهالسلام ، ومن البعيد جدا أن يكون جميع أصحابه لم يتوبوا من ذنوبهم
ذلك الوقت (١) ، إلا أن في طريق الخبر ضعفا (٢) (وإذا فرغ من رجمه) لموته(دفن (٣) إن كان قد صلّى عليه بعد غسله وتكفينه حيا) ، أو ميتا ، أو بالتفريق(وإلا) يكن ذلك(جهّز) بالغسل والتكفين والصلاة(ثم دفن). والذي دلت عليه الأخبار والفتوى أنه يؤمر حيا بالاغتسال
والتكفين ثم يجتزى به بعده ، أما الصلاة فبعد الموت ، ولو لم يغتسل غسّل بعد الرجم
، وكفّن وصلّى عليه ، والعبارة قد توهم خلاف ذلك (٤) ، أو تقصر عن المقصود منها.
______________________________________________________
(١) وفيه : إن
احتمال عدم علمهم بأن التوبة قبل الثبوت عند الحاكم توجب سقوط الحد ليس ببعيد فلذا
انصرفوا ، فيكون الخبر ظاهرا في الأول لا الثاني ، نعم الخبر الأول المتقدم في
الروضة وهو قول أمير المؤمنين عليهالسلام في خبر زرارة : (من فعل مثل فعله فلا يرجم فلينصرف) ظاهر
في أنه لا فرق بين التائب وغيره.
(٢) ففيه علي بن
أبي حمزة البطائني وهو كذاب متهم ملعون كما في الخلاصة عن ابن فضال.
(٣) بعد الصلاة
عليه لعدم جواز إهماله ففي النبوي : (لما أمر برجم الجهنية فرجمت صلّى عليها ،
فقال له عمر : تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم
، وهل وجدت توبة أفضل من أن جاءت بنفسها لله) ، وكذا ورد في أخبارنا ما يدل على صلاة أمير المؤمنين عليهالسلام على المرجومة بعد رجمها غير أن الاكتفاء بالصلاة على
المرجوم لأنه قد وقع منه الغسل والتحنيط والتكفين في حال الحياة لخبر كردويه عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (المرجوم والمرجومة يغتسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل
ذلك ويصلى عليهما ، والمقتص منه بمنزلة ذلك يغتسل ويتحنط ويلبس الكفن ويصلى عليه) ، وإن لم يكن قد فعل ذلك بنفسه فإنه يغسل ويحنط ويكفن
ويصلى عليه بعد الرجم كما يفعل بغيره من موتى المسلمين لخبر أبي مريم عن أبي جعفر عليهالسلام عند ما رجم أمير المؤمنين المرأة التي أقرت على نفسها
بالزنا : (فقالوا له : قد ماتت كيف نصنع بها؟ قال : فادفعوها إلى أوليائها ومروهم
أن يصنعوا بها كما يصنعون بموتاهم) .
(٤) ظاهرهما أن
الصلاة عليه حال الحياة.
__________________
(وثالثها الجلد خاصة) مائة سوط(وهو حد البالغ المحصن إذا زنى بصبية) (١) لم تبلغ التسع ، (أو مجنونة) وإن كانت بالغة شابا كان الزاني أم شيخا(وحدّ المرأة (٢) إذا زنى بها طفل) لم يبلغ(ولو زنى بها المجنون) البالغ (٣) (فعليها الحد)
______________________________________________________
(١) أو مجنونة
فعليه الجلد لا الرجم كما عن الشيخ في النهاية ويحيى بن سعيد في جامعه قياسا على
المرأة إذا زنى بها الصبي فلا ترجم وإن كانت محصنة كما في صحيح أبي بصير وسيأتي ،
ولذا علل حكم الجلد هنا بنقص اللذة في الصبية كعلة حكم الجلد في زنا المرأة بالصبي
المنتزعة من صحيح أبي بصير.
وفيه : إن الأدلة
الدالة على ثبوت الرجم مع الإحصان مطلقة تشمل المحصن فيما إذا زنا بالصبية أو
المجنونة ، وتقييدها بزنا المحصن بالصبية والمجنونة قياسا على زنا المرأة بالصبي
ليس في محله لأنه من القياس المحرم ، هذا فضلا عن خصوص موثق ابن بكير عن أبي مريم
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن جارية لم تبلغ وجدت مع رجل يفجر بها قال : تضرب
الجارية دون الحد ويقام على الرجل الحد) فهو لم يصرح بالجلد مع أنه في مقام البيان وحد المحصن هو
الرجم ، ولذا ذهب أبو الصلاح وابن زهرة والحلي وغيرهم إلى وجوب الرجم عليه لأنه
محصن.
(٢) أي الجلد خاصة
حد المرأة المحصنة إذا زنى بها الصبي غير البالغ لصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زنى بامرأة قال :
يجلد الغلام دون الحد وتجلد المرأة الحد كاملا ، قيل له : فإن كانت محصنة قال : لا
ترجم لأن الذي نكحها ليس بمدرك فلو كان مدركا لرجمت) .
وخالف جماعة منهم
ابن إدريس وابن زهرة وأبو الصلاح فأثبتوا الرجم لأنها محصنة ، وفيه : إنه اجتهاد
في قبال النص.
(٣) لأن المجنون
الصغير يصدق عليه لفظ الطفل فيندرج في السابق ، والحكم برجمها أو الرجم والجلد على
الخلاف السابق إذا كانت محصنة عند الأكثر لإطلاق أدلة المحصن ، وخالف يحيى بن سعيد
فساوى بين المجنون والصغير من أنها لا ترجم حينئذ وقال عنه في الجواهر : «وهو مع
شذوذه غير واضح الوجه».
وأما المجنون فقد
اختلف في حكمه فعن الشيخين وجماعة وجوب الحد عليه فإن كان محصنا رجم لخبر أبان بن
تغلب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا زنى المجنون أو المعتوه ـ
__________________
(تاما) وهو الرجم بعد الجلد إن كانت محصنة لتعليق الحكم برجمها في
النصوص على وطء البالغ مطلقا (١) فيشمل المجنون ، ولأن الزنا بالنسبة إليها تام ،
بخلاف زنا العاقل بالمجنونة. فإن المشهور (٢) عدم إيجابه (٣) الرجم ، للنصّ (٤) ،
وأصالة البراءة.
وربما قيل
بالمساواة (٥) ، اطراحا للرواية (٦) ، واستنادا إلى العموم ولا يجب الحد على
المجنونة إجماعا.
(والأقرب عدم ثبوته (٧) على المجنون) ، لانتفاء التكليف الذي هو مناط العقوبة الشديدة على
المحرّم ، وللأصل (٨). ولا فرق فيه بين المطبق وغيره إذا وقع الفعل منه حالته (٩).
وهذا هو الأشهر.
______________________________________________________
ـ جلد الحد وإن
كان محصنا رجم قلت : وما الفرق بين المجنون والمجنونة والمعتوه والمعتوهة؟ فقال :
المرأة إنما تؤتى ، والرجل يأتي وإنما يزني إذا عقل كيف يأتي اللذة وأن المرأة
إنما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها) . وظاهر الرواية أن زناه حال تعقله فيحمل جنونه على
الأدواري ولذا ذهب الشيخ وابن إدريس وعليه المتأخرون إلى عدم الحد على المجنون
لسقوط التكليف عنه.
(١) مجنونا أو لا.
(٢) قال في
الجواهر : «لم نتحققه» نعم هو منقول عن الشيخ وابن سعيد وقد تقدم.
(٣) عدم إيجاب زنا
البالغ بالمجنونة.
(٤) أي النص
الوارد في المرأة إذا زنى بها الصبي وهو صحيح أبي بصير المتقدم ، فقاسوا عليه زنا
البالغ بالصبية والمجنونة بدعوى نقصان اللذة في الجميع.
(٥) بين المجنونة
والعاقلة لو زنى بهما البالغ المحصن فإنه يرجم.
(٦) وهي صحيح أبي
بصير ، والمعرض عنها هو ابن إدريس وابن زهرة وأبو الصلاح حتى حكموا برجم المرأة
إذا زنى بها الصغير مع أن هذا هو مورد الرواية التي حكمت على المرأة بالجلد دون
الرجم وإن كانت محصنة.
(٧) عدم ثبوت
الحد.
(٨) أي البراءة.
(٩) حال الجنون.
__________________
وذهب الشيخان
وتبعهما ابن البراج إلى ثبوت الحد عليه كالعاقل من رجم وجلد ، لرواية أبان بن تغلب
عن الصادق عليهالسلام قال : إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد ، وإن كان
محصنا رجم.
قلت : وما الفرق
بين المجنون والمجنونة ، والمعتوه والمعتوهة؟
فقال : المرأة
إنما تؤتى ، والرجل يأتي ، وإنما يأتي إذا عقل كيف يأتي اللذة ، وإن المرأة إنما
تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها. وهذه الرواية مع عدم سلامة سندها (١)
مشعرة بكون المجنون حالة الفعل عاقلا. إما لكون الجنون يعتريه أدوارا ، أو لغيره (٢)
كما يدل عليه التعليل فلا يدل على مطلوبهم.
(ويجلد) الزاني(أشد الجلد) لقوله تعالى : (وَلٰا
تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ) (٣) ، وروي ضربه
متوسطا (٤).
(ويفرّق) الضرب(على جسده (٥) ، ويتّقى رأسه ووجهه. وفرجه) وقبله
______________________________________________________
(١) لاشتماله على
إبراهيم بن الفضل وهو مجهول الحال حيث لم يمدح ولم يذم.
(٢) كأن يكون
جنونه خفيفا لا يذهب العقل الذي يناط التكليف بوجوده.
(٣) النور الآية :
٢ ، على المشهور ولأخبار منها : موثق إسحاق بن عمار : (سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن الزاني كيف يجلد؟ قال : أشد الجلد ، قلت : فمن فوق
ثيابه؟ قال : بل تخلع ثيابه ، قلت : فالمفتري؟ قال : يضرب بين الضربين جسده كله
فوق ثيابه) وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (حد الزاني كأشد ما يكون من الحدود) .
(٤) وهو مرسل حريز
عمن أخبره عن أبي جعفر عليهالسلام : (يفرّق الحد على الجسد كله ويتّقى الفرج والوجه ويضرب
بين الضربين) مع أنه يمكن حمله على المحدود بغير الزنا بقرينة خبر إسحاق
بن عمار المتقدم.
(٥) لصحيح زرارة
عن أبي جعفر عليهالسلام : (يضرب الرجل الحد قائما والمرأة قاعدة ويضرب على كل عضو
ويترك الرأس والمذاكير) كما في الكافي ، وفي الفقيه : (ويترك الوجه ـ
__________________
ودبره ، لرواية
زرارة عن الباقر عليهالسلام : «يتّقى الوجه والمذاكير» (١) (وروي عنه عليهالسلام قال : «يفرّق
الحد على الجسد ويتّقى الفرج والوجه» (٢).) وقد تقدم استعمال الفرج فيهما ، وأما اتقاء الرأس فلأنه
مخوف على النفس والعين (٣) ، والغرض من الجلد ليس هو إتلافه ، واقتصر جماعة (٤)
على الوجه والفرج تبعا ، للنص (٥).
(وليكن الرجل قائما (٦) مجردا) (٧) مستور العورة(والمرأة قاعدة قد
ربطت)
______________________________________________________
ـ والمذاكير)
ولخبر محمد بن سنان عن الرضا عليهالسلام فيما كتب إليه : (وعلة ضرب الزاني على جسده بأشد الضرب
لمباشرته الزنا واستلذاذ الجسد كله به ، فجعل الضرب عقوبة له وعبرة لغيره وهو أعظم
الجنايات) .
(١) كما في الفقيه
، وفي الكافي ويترك الرأس والمذاكير ، والمذاكير جمع الذكر وهو العضو المخصوص ،
جمع على
غير قياس فرقا
بينه وبين الذكور الذي هو جمع الذكر الذي هو الفحل.
(٢) كما في مرسل
حريز المتقدم.
(٣) ولرواية زرارة
على ما في الكافي.
(٤) منهم الشيخ في
المبسوط والخلاف.
(٥) لرواية زرارة
في الفقيه ولمرسل حريز.
(٦) لصحيح زرارة
المتقدم : (يضرب الرجل الحد قائما والمرأة قاعدة).
(٧) ما عدا عورته
، وعن غاية المرام أنه المشهور لخبر إسحاق بن عمار المتقدم : (قلت : فمن فوق ثيابه؟
قال : بل تخلع ثيابه) وفي خبره الآخر : (بل يجرد) ، وقيل كما عن الشيخ وجماعة أنه يجلد على الحال التي وجد
عليها ، إن كان عاريا فعاريا وإن كان كاسيا فكاسيا ، وقيد ابن إدريس الثوب إن كان
كاسيا بغير المانع من إيصال شيء من الضرب ، وأما المانع كالفروة والجبة المحشوة
فينزع ويترك بقميص أو قميصين لخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (لا يجرد في حد ولا يشنح ـ يعني يمدّ ـ وقال : ويضرب
الزاني على الحال التي وجد عليها ، إن وجد عريانا ضرب عريانا ، وإن وجد وعليه
ثيابه ضرب وعليه ثيابه) .
__________________
(ثيابها عليها) (١) لئلا يبدو جسدها فإنه عورة ، بخلاف الرجل وروي ضرب الزاني
على الحال التي يوجد عليها. إن وجد عريانا ضرب عريانا ، وإن وجد وعليه ثيابه ضرب
وعليه ثيابه ، سواء في ذلك الذكر والأنثى ، وعمل بمضمونها الشيخ وجماعة.
والأجود الأول (٢).
لما ذكرناه من أن بدنها عورة ، بخلافه (٣). والرواية (٤) ضعيفة السند.
(ورابعها الجلد والجز) للرأس(والتغريب (٥) ، ويجب) الثلاثة(على الزاني)
______________________________________________________
(١) لخبر أبي مريم
عن أبي جعفر عليهالسلام عند ما أراد أمير المؤمنين عليهالسلام أن يرجم المرأة المقرة : (فحفر لها حفيرة في الرحبة وخاط
عليها ثوبا جديدا) ، وإن كان واردا في المرجومة لكن يدل على وجوب ستر بدنها
لأنه عورة ، وذهب الصدوق في المقنع إلى أنها تضرب مجردة إن وجدت مجردة ، وأشكل
عليه في المختلف بأن بدنها عورة لا يجوز تجريدها كعورة الرجل على أن خبر طلحة بن
زيد الدال على ضرب الزاني بحسب حالته عند الزنا ظاهر في الرجل فقط ، وقد نسب قول
المقنع إلى الشيخ وجماعة وقال في الجواهر : «وإن كنا لم نتحققه ولكن على كل حال هو
واضح الضعف».
(٢) من تجريد
الرجل وستر المرأة عند الجلد.
(٣) بخلاف الرجل.
(٤) والدالة على
جلد الزاني بحسب الحالة التي وجد عليها ، وهي خبر طلحة بن زيد إلا أنه عامي المذهب
كما في النجاشي ، وفي الفهرست أن كتابه معتمد.
(٥) هذه الثلاثة
ثابتة على البكر بالاتفاق كما في المسالك للنبوي : (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب
عام ، والثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في الشيخ والشيخة أن يجلدا مائة وقضى للمحصن الرجم ، وقضى
في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد
أملكا ولم يدخل بها) هذا بالنسبة للجلد والتغريب ، وأما الجز فقد ورد في صحيحة
حنان : (سأل رجل أبو عبد الله عليهالسلام وأنا أسمع عن البكر يفجر ، ـ
__________________
(الذكر الحر غير المحصن وإن لم يملك) أي يتزوج من غير أن يدخل ، لإطلاق الحكم (١) على البكر.
وهو شامل للقسمين ، بل هو على غير المتزوج (٢) أظهر ، ولإطلاق قول الصادق عليهالسلام في رواية عبد الله بن طلحة : «وإذا زنى الشاب الحدث السن
جلد وحلق رأسه ونفي سنة من مصره». وهو عام فلا يتخصص ، وإلا لزم تأخير البيان.
______________________________________________________
ـ وقد تزوج ففجر
قبل أن يدخل بأهله؟ فقال : يضرب مائة ويجز شعره وينفى من المصر حولا ويفرق بينه
وبين أهله) وفي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام : (سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها فزنى ، ما عليه؟
قال : يجلد الحد ويحلق رأسه ويفرق بينه وبين أهله وينفى سنة) .
ولكن وقع الخلاف
في تفسير البكر فقيل : هو من أملك أي عقد دواما على امرأة ولم يدخل بها ذهب إلى
ذلك الشيخ في النهاية وابنا زهرة وسعيد والكيدري وسلّار والعلّامة في التحرير وذلك
لخبر زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : (الذي لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى ، والذي قد أملك ولم
يدخل بها يجلد مائة وينفى سنة) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في الشيخ والشيخة أن يجلدا مائة وقضى للمحصن الرجم ، وقضى
في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما ، وهما اللذان قد
أملكا ولم يدخل بها) وقد تقدم صحيح الحلبي القريب منه ، وأيضا أخبار الجز
السابقة صريحة في أن الجز والتغريب في المملك الذي لم يدخل.
وذهب الشيخ وابن
إدريس وفخر المحققين في الإيضاح إلى أن المراد بالبكر غير المحصن وإن لم يكن مملكا
لإطلاق بعض الأخبار مثل خبر عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وإذا زنى الشاب الحدث السن جلد ونفي سنة من مصره) وفي خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم والبكر والبكرة جلد
مائة ونفي سنة) ، وهو محمول على المملك جمعا بين الأخبار.
(١) من الجلد
والنفي.
(٢) أي البكر.
__________________
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة : (يختص التغريب بمن
أملك) ولم يدخل ،
لرواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «الذي لم يحصن يجلد مائة جلدة ولا ينفى ، والذي قد
أملك ولم يدخل بها يجلد مائة وينفى» ، ورواية محمد بن قيس عنه عليهالسلام قال : «قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في البكر ، والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة في غير
مصرهما. وهما اللذان قد أملكا ولم يدخلا بها».
وهاتان الروايتان
مع سلامة سندهما يشتملان على نفي المرأة وهو (١) خلاف الإجماع على ما ادعاه الشيخ.
كيف وفي طريق الأولى (٢) موسى بن بكير ، وفي الثانية محمد بن قيس وهو مشترك بين
الثقة وغيره (٣) ، حيث يروي عن الباقر عليهالسلام. فالقول الأول أجود (٤) وإن كان الثاني أحوط من حيث بناء
الحد على التخفيف.
(والجز حلق الرأس) أجمع (٥) ، دون غيره كاللحية ، سواء في ذلك المربّى
______________________________________________________
(١) أي نفي المرأة
، فقد ذهب المشهور على عدم نفيها وادعى الشيخ الإجماع على اختصاص النفي بالرجل ،
ولأن الشهوة غالبة فيهن والغالب أنهن ينزجن من الأقارب والمعارف ، فلو غربت إلى
غير مصرها لخرجت عن أيدي الحفاظ لها من الرجال وقلّ حياؤها لبعدها عن معارفها
وربما اشتدّ فقرها فيصير المجموع سببا لانفتاح باب الفاحشة عليها ، ولقد أجاد
الشارح في المسالك حيث قال : «فإن تم الإجماع فهو الحجة ، وإلّا فمقتضى النص ثبوته
عليهما ـ أي ثبوت النفي على الرجل والمرأة ـ لأنه شامل لهما فراجع ، وهو مختار ابن
أبي عقيل وابن الجنيد ـ إلى أن قال ـ وهذا التعليل لا يقابل النص».
(٢) أي رواية
زرارة وفي سندها موسى بن بكر وهو واقفي كما عن النجاشي.
(٣) هذا واعلم أنه
الثقة برواية عاصم بن حميد كما وقع هنا في الخبر ولذا قال الكاظمي في مشتركاته : (وأنه
أبو عبد الله البجلي برواية عاصم بن حميد عنه) وأبو عبد الله البجلي ثقة عين كوفي
كما في النجاشي.
بل نقل الكاظمي في
مشتركاته عن بعض المحققين قوله : (الذي ينبغي تحقيقه أن محمد بن قيس إن كان راويا
عن أبي جعفر عليهالسلام فالظاهر أنه الثقة إن كان الناقل عنه عاصم بن حميد).
(٤) أي ثبوت
الثلاثة في مطلق البكر ، وقد عرفت أن الجودة في تقييد المطلقات بخصوص المملك.
(٥) كما في صحيح
علي بن جعفر المتقدم حيث قال : (ويحلق رأسه) ، وعن المقنعة والمراسم والوسيلة
تخصيص الجز بشعر الناصية ، لأصالة البراءة عن الزائد ، وفيه : إنه لا معنى ـ
وغيره وإن انتفت
الفائدة في غيره ظاهرا (١).
(والتغريب نفيه عن مصره) (٢) بل مطلق وطنه(إلى آخر) قريبا كان أم بعيدا بحسب ما يراه الإمام عليهالسلام مع صدق اسم الغربة ، فإن كان غريبا غرّب إلى بلد آخر غير
وطنه والبلد الذي غرّب منه(عاما) هلاليا ، فإن رجع إلى ما غرّب منه قبل إكماله أعيد حتى
يكمل بانيا على ما سبق (٣) وإن طال الفصل.
(ولا جزّ على المرأة ، ولا تغريب) (٤) ، بل تجلد مائة لا غير ، لأصالة البراءة ، وادعى الشيخ
عليه الإجماع وكأنه لم يعتدّ بخلاف ابن أبي عقيل حيث أثبت التغريب عليها ، للأخبار
السابقة ، والمشهور أولى بحال المرأة وصيانتها. ومنعها من الإتيان بمثل ما فعلت.
(وخامسها خمسون جلدة (٥) ، وهي حدّ المملوك والمملوكة) البالغين
______________________________________________________
ـ لهذا الأصل مع
وجود الخبر ، نعم جز الرأس الوارد في الخبر وإن كان يعم اللحية لأنها من الرأس إلا
أن المنصرف هو خصوص شعر الهامة دون اللحية.
(١) لعدم التشهير
بحلقه.
(٢) كما في صحيح
الحلبي وصحيح حنان المتقدمين ، والمصر هو الوطن الذي يسكنه ولذا ورد في بعض
الأخبار المتقدمة : (يفرق بينه وبين أهله سنة) ، وعن المبسوط أنه المصر الذي زنى
فيه ، وهذا لا دليل عليه.
(٣) حتى يتحقق
نفيه عن مصره عاما كما جاء في الخبر.
(٤) أما التغريب
فقد تقدم الكلام فيه ، وأما الجز فهو مختص بالرجل بلا خلاف بينهم لظاهر الأخبار
المتقدمة فيبقى أصل البراءة فيها سالما عن المعارض.
(٥) وهي حد
المملوك محصنا كان أو غير محصن ، شيخا أو شابا ، بكرا مملكا أو غير مملك ، ذكرا أو
أنثى ، بلا خلاف فيه للأخبار منها : حسنة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في العبيد إذا زنى أحدهم أن يجلد خمسين جلدة وإن كان مسلما
أو كافرا أو نصرانيا ، ولا يرجم ولا ينفى) ، وصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام وقد سئل عن المكاتب وقد زنى قال : (هو حق الله يطرح عنه من
الحد خمسين جلدة ويضرب خمسين) وصحيحة الحسن بن السري عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا زنى العبد والأمة وهما محصنان فليس عليهما الرجم ،
إنما ـ
__________________
العاقلين (١) (وإن كانا متزوجين ، ولا جز ، ولا تغريب (٢) على أحدهما) إجماعا ، لقوله عليهالسلام : «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها» (٣) وكان هذا (٤)
كل الواجب (٥).
ولا قائل بالفرق (٦).
وربما استدل بذلك (٧)
على نفي التغريب على المرأة ، لقوله تعالى : (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ
مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ) (٨) فلو ثبت
التغريب على الحرة لكان على الأمة نصفها (٩).
______________________________________________________
ـ عليهما الضرب
خمسين نصف جلدة) وخبر عبيد بن زرارة أو بريد العجلي : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أمة زنت؟ قال : تجلد خمسين جلدة ، قلت : فإنها عادت ،
قال : تجلد خمسين ، قلت : فيجب عليها الرجم في شيء من الحالات؟ قال : إذا زنت
ثماني مرات يجب عليها الرجم ـ إلى أن قال ـ وما العلة في ذلك؟ قال : لأن الله (عزوجل)
رحمها أن يجمع عليها ربق الرّق وحدّ الحر) .
(١) لأنه مع عدم
البلوغ أو عدم العقل لا تكليف لرفع القلم عنهما.
(٢) بلا خلاف كما
في الجواهر ، وهو مذهب الأصحاب كما في المسالك ، ولما فيه من الإضرار بالسيد
وتفويت المنفعة عليه ، ولأن التغريب للتشديد والعبد قد اعتاد الانتقال من بلد إلى
آخر فليس في تغريبه تشديد ، بالإضافة إلى أن الإمام عليهالسلام لم يثبت عليه إلّا
الجلد خمسين في كل الحالات كما في خبر عبيد بن زرارة أو بريد العجلي المتقدم فضلا
عن نفي التغريب عنه بالصرامة في خبر محمد بن قيس المتقدم وهو المعتمد. غير أن
الشافعي في التغريب سنة أو نصفها ، قولان له عملا بعموم النص من التغريب على
الزاني غايته نصف الحد المقرّر للزاني ، وقال في الجواهر : «ولا ريب في بطلانه»
للأدلة السابقة.
(٣) سنن ابن ماجة
ج ٢ ص ٨٥٧ ، وفي ما روي من طرقنا غنى وكفاية.
(٤) أي الجلد.
(٥) لأنه في مقام
البيان ولم يذكر إلا الجلد.
(٦) بين العبد
والأمة ، فالخبر الوارد في الأمة يدل على حد العبد حينئذ.
(٧) بعدم الفرق.
(٨) النساء الآية
: ٢٥.
(٩) أي نصف سنة
تغريب المرأة ، مع أن الأمة لا تغريب عليها بالاتفاق فيستكشف عدم ـ
__________________
(وسادسها الحد المبعّض (١) وهو حد من تحرر بعضه فإنه يحد من
حد الأحرار) الذي لا يبلغ
القتل (٢) (بقدر ما فيه من الحرية) أي بنسبته إلى الرقّية(ومن حد العبيد
بقدر العبودية). فلو كان نصفه حرا حد للزنا خمسا وسبعين جلدة : خمسين لنصيب الحرية ، وخمسا
وعشرين للرقّية ، ولو اشتمل التقسيط على جزء من سوط ـ كما لو كان ثلثه رقا فوجب
عليه ثلاثة وثمانون وثلث (٣) ـ قبض على ثلثي السوط وضرب بثلثه. وعلى هذا الحساب (٤).
(وسابعها الضغث) بالكسر وأصله الحزمة (٥) من الشيء ، والمراد هنا القبض
______________________________________________________
ـ تغريب المرأة ،
وهذا الاستدلال للشيخ في الخلاف.
وفيه : إنه دليل
منعكس وذلك أن الأخبار الكثيرة قد دلت على أن الأمة ليس عليها إلّا الجلد فلوجب أن
لا يثبت على المرأة إلّا الجلد دون الرجم وإن اختلف عدده بين الحرة والأمة مع أنه
على خلاف الاتفاق من ثبوت الرجم على المحصنة من النساء.
(١) وهو حد
الأحرار بنسبة ما أعتق منه وحد المماليك بنسبة الرقية ، فمن أعتق نصفه مثلا يحدّ
خمسة وسبعون سوطا ، خمسون لأنها نصف ما على الحر وخمسة وعشرون نصف ما على العبد ،
للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام في المكاتب : (يجلد في الحد بقدر ما أعتق منه) وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في مكاتبة زنت وقد أعتق منها ثلاثة أرباع وبقي الربع ،
فجلدت ثلاثة أرباع الحد حساب الحرة على مائة فذلك خمس وسبعون جلدة ، وربعها على
حساب الخمسين من الأمة اثنا عشر سوطا ونصف ، فذلك سبعة وثمانون جلدة ونصف) (.
(٢) إذ لا قتل على
الرق ، ولعدم صحة تبعيض القتل.
(٣) لأن ثلثي
الحرية ستة وستون سوطا وثلثان ، وثلث الرقية ستة عشر سوطا وثلثان ، فالمجموع ثلاثة
وثمانون سوطا وثلث.
(٤) ويدل عليه
أخبار منها ذيل خبر محمد بن قيس المتقدم برواية الكليني حيث فسر نصف السوط بقوله عليهالسلام : (يؤخذ السوط من نصفه فيضرب به وكذلك الأقل والأكثر) .
(٥) بضم الحاء ،
مجموعة من الحطب أو غيره ، من تحزم إذا شد وسطه بالحزام.
__________________
على جملة من
العيدان ونحوها (١) (المشتمل على العدد) المعتبر في الحد (٢) وضربه به دفعة واحدة مؤلمة بحيث يمسه
الجميع أو ينكبس بعضها على بعض فيناله ألمها ، ولو لم تسع اليد العدد أجمع ضرب به
مرتين فصاعدا إلى أن يكمل ، ولا يشترط وصول كل واحد من العدد إلى بدنه(وهو حد المريض (٣) مع عدم احتماله الضرب المتكرر) متتاليا وإن احتمله في الأيام متفرقا (٤).
(واقتضاء المصلحة التعجيل) ولو احتمل سياطا خفافا فهي أولى (٥) من الضغث فلا يجب
إعادته (٦) بعد برئه مطلقا (٧). والظاهر الاجتزاء في الضغث بمسمى المضروب (٨) به
مع حصول الألم به في الجملة وإن لم يحصل بآحاده ، وقد
______________________________________________________
(١) كالقصب.
(٢) كالمائة
بالنسبة للزنا والثمانين لشرب الخمر.
(٣) بل هو حد
المريض والمستحاضة ، فإذا وجب رجمهما يرجمان بلا خلاف لإطلاق أدلة رجم المحصن
وللنهي عن تعطيل الحدود ولو ساعة ، وأما إذا وجب جلدهما فلا يجلدان توقيا من
السراية إلى القتل أو غيره ، ويتوقع بالحد البرء حينئذ ويدل عليه أخبار منها : خبر
السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أتى أمير المؤمنين عليهالسلام برجل أصاب حدا وبه قروح في جسده كثيرة فقال : أخّروه حتى
يبرأ لا تنكثوها فتقتلوه) وخبر السكوني الآخر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا يقام الحد على المستحاضة حتى ينقطع الدم عنها) .
نعم إذا اقتضت
المصلحة التعجيل ولو لعدم رجاء البرء كالسل والزمانة أو خيف موته فيبقى في ذمته
الحد ضرب بالضغث المشتمل على العدد لأخبار منها : خبر سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أتي النبي برجل كبير البطن قد أصاب محرّما ، فدعا رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعرجون فيه مائة شمراخ ، فضربه مرة واحدة فكان الحد) .
(٤) بأن يضرب كل
يوم بعض الحد.
(٥) لأنه بالسياط
الخفاف يتحقق الحد الأصلي.
(٦) إعادة الحد
لبراءة ذمته فلا موجب للضرب ثانية.
(٧) سواء ضرب
بالسياط ضربا خفيفا أو بالضغث.
(٨) للنص المتقدم.
__________________
روي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل ذلك في مريض زان بعرجون (١) فيه مائة شمراخ فضربه ضربة
واحدة.
ولو اقتضت المصلحة
تأخيره إلى أن يبرأ ثم يقيم عليه الحد تاما فعل. وعليه يحمل ما روي عن تأخير أمير
المؤمنين عليهالسلام حد مريض إلى أن يبرأ.
(وثامنها الجلد) المقدر(و) معه(عقوبة زائدة (٢) وهو حد الزاني في شهر رمضان ليلا ، أو
نهارا) وإن كان النهار
أغلظ حرمة وأقوى في زيادة العقوبة(أو غيره من
الأزمنة الشريفة) كيوم الجمعة وعرفة ، والعيد(أو في مكان شريف) كالمسجد ، والحرم ، والمشاهد المشرفة(أو زنى بميتة (٣) ويرجع في الزيادة إلى رأي)
______________________________________________________
(١) العذق الصغير.
(٢) كمن زنى في
شهر رمضان ليلا أو نهارا عوقب زيادة على الحد بحسب ما يراه الحاكم لانتهاكه حرمة
شهر رمضان ، وكذا لو كان في مكان شريف كالمساجد والمشاهد الشريفة أو زمان شريف بلا
خلاف فيه كما في الجواهر للمرسل : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين
ثم حبسه ليلة ثم دعا به من الغد فضربه عشرين فقال له : يا أمير المؤمنين ضربتني
ثمانين في شرب الخمر ، وهذه العشرون ما هي؟ قال : هذا لتجرئك على شرب الخمر في شهر
رمضان) ومن التعليل يستفاد الحكم لغير مورد الخبر.
(٣) لا فرق بين
الحية والميتة في الزنا ففي خبر الجعفي عبد الله بن محمد عن أبي جعفر عليهالسلام : (في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثم نكحها ، قال : إن
حرمة الميت كحرمة الحي تقطع يده لنبشه وسلبه الثياب ، ويقام عليه الحد في الزنا إن
أحصن رجم ، وإن لم يكن أحصن جلد مائة) ورواية إبراهيم بن هاشم : (لما مات الرضا عليهالسلام حججنا فدخلنا على أبي جعفر عليهالسلام وقد حضر خلق من الشيعة ـ إلى أن قال ـ فقال أبو جعفر عليهالسلام : سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها ، فقال أبي : يقطع
يمينه للنبش ويضرب حد الزنا ، فإن حرمة الميتة كحرمة الحية) ، فزيادة الحد لشناعة الفعل حسب ما يراها الحاكم.
__________________
(الحاكم) الذي يقيم الحد ، ولا فرق بين أن يكون مع الجلد رجم وغيره.
ولو كان الزنا لا جلد فيه ، بل القتل عوقب قبله (١) ، لمكان المحترم ما يراه (٢)
وهذا لا يدخل في العبارة.(٣)
(تتمة ـ لو شهد لها أربع) نساء(بالبكارة بعد شهادة الأربعة بالزنا قبلا فالأقرب درء الحد)
(٤) أي دفعه(عن الجميع) : المرأة والشهود بالزنا ، لتعارض الشهادات ظاهرا فإنه كما
يمكن صدق النساء في البكارة يمكن صدق الرجل في الزنا. وليس أحدهم أولى من الآخر
فتحصل الشبهة الدارئة للحد عن المشهود عليه ، وكذا عن الشهود ، ولإمكان عود
البكارة (٥).
وللشيخ قول بحد
شهود الزنا للفرية. وهو بعيد ، نعم لو شهدن أن المرأة رتقاء (٦) ، أو ثبت أن الرجل
مجبوب (٧)
______________________________________________________
(١) عوقب بالزيادة
قبل القتل لئلا تفوت.
(٢) أي لسبب
المحترم بحسب ما يراه الحاكم.
(٣) أي عبارة
المصنف ، فكون الزيادة على الحد قبل الحد لا تدل عليها عبارة المصنف.
(٤) عن المرأة بلا
خلاف فيه لخبر السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عليهماالسلام : (أنه أتي أمير المؤمنين عليهالسلام بامرأة بكر زعم أنها زنت فأمر النساء فنظرن إليها فقلن هي
عذراء ، فقال عليهالسلام : ما كنت لأضرب من عليها خاتم من الله) وخبر زرارة عن أحدهما عليهماالسلام : (في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا ، فقالت : أنا بكر
فنظر إليها النساء فوجدنها بكرا ، فقال : تقبل شهادة النساء) ولكن هل يحدّ الشهود للفرية؟ قال ابن الجنيد والشيخ في
النهاية وابن إدريس في كتاب الشهادات من السرائر نعم ، لأن تقديم شهادة النساء
مستلزم لرد شهادتهم المستلزم لكذبهم الموجب للقذف.
وغيرهم على أنه لا
حد على الشهود ، لعدم النص عليه مع أنه الإمام عليهالسلام كان في مقام البيان في خبر زرارة المتقدم ، وثانيا يحتمل
صدقهم واقعا بالتحام البكارة بعد الزنا.
(٥) بمعنى
التحامها.
(٦) بحيث كان
الفرج ملتحما لا مدخل للقضيب فيه.
(٧) أي مقطوع
الذكر حتى مقدار الحشفة.
__________________
حدّ الشهود ،
للقذف (١) ، مع احتمال السقوط في الأول (٢) ، للتعارض ، ولو لم يقيدوه بالقبل فلا
تعارض (٣)
(ويقيم الحاكم الحد) مطلقا (٤) (بعلمه) ، سواء الإمام (٥) ونائبه (٦) ،
______________________________________________________
(١) للعلم بكذب
الشهود حينئذ.
(٢) إذ في الثاني
قد ظهر كذبهم إذ لا قضيب له فكيف ادعوا معاينة الإيلاج. وأما الأول فيحتمل صدق
الجميع أما الشهود على الزنا إذ لا فرج إلّا وله قضيب يناسبه هذا فضلا عن إمكان
الدخول قدر الحشفة بدون فض البكارة وحتى لو كانت رتقاء ، وبهذا يحتمل صدق الجميع
عند شهادة النساء ببكارتها وهي ليست برتقاء.
(٣) إذ من الممكن
أن يكون الزنا في الدبر ، بل قد عرفت إمكان الزنا في القبل مع وجود البكارة.
(٤) سواء كان الحد
من حقوق الله أو من حقوق الناس ، غايته يتوقف الثاني على مطالبة أربابه به.
(٥) أي المعصوم ،
وهو لا خلاف فيه لعصمته المانعة من تطرق التهمة ، غايته إن كان الحد من حقوق الله
أقامه من دون توقف ، وإن كان من حقوق الناس توقف إقامته على المطالبة حدا كان أو
تعزيرا ويدل على التفصيل أخبار منها : خبر الحسين بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر
أن يقيم عليه الحد ولا يحتاج إلى بينة مع نظره لأنه أمين الله في خلقه ، وإذا نظر
إلى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزبره وينهاه ويمضي ويدعه ، قلت : وكيف ذلك؟ قال :
لأن الحق إذا كان لله فالواجب على الإمام إقامته وإذا كان للناس فهو للناس) وصحيح الفضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من أقرّ على نفسه عند الإمام بحق أحد من المسلمين فليس
على الإمام أن يقيم عليه الحد الذي أقرّ به عنده حتى يحضر صاحب الحد أو وليه
ويطلبه بحقه) .
(٦) الخاص أو
العام فقد وقع الخلاف فيه ، فذهب المشهور إلى أنه يحكم بعلمه غايته في حق الله
يقيمه مباشرة وفي حقوق الناس يتوقف على المطالبة ، لأن العلم أقوى من الظن الحاصل
من الشهود ، فإذا جاز في الثاني ففي الأول من باب أولى ، ولعموم الأدلة الدالة على
الحد المعلق على وجود الوصف كقوله تعالى : (وَالسّٰارِقُ
وَالسّٰارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا) وقوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ
وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا) ٤ فإذا علم الحاكم ـ
__________________
وسواء علم بموجبه (١)
في زمن حكمه أم قبله ، لعموم قوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ
وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا وَالسّٰارِقُ وَالسّٰارِقَةُ
فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا) ، ولأن العلم أقوى دلالة من الظن المستند إلى البينة ،
وإذا جاز الحكم مع الظن جاز مع العلم بطريق أولى ، وخالف في ذلك ابن الجنيد وقد
سبقه الإجماع ولحقه ، مع ضعف متمسكه بأن حكمه بعلمه تزكية لنفسه (٢) ، وتعريض لها
للتهمة ، وسوء الظن به (٣). فإن التزكية (٤) حاصلة بتولية الحكم ، والتهمة حاصلة
في حكمه بالبينة والإقرار وإن اختلفت (٥) بالزيادة والنقصان. ومثل هذا لا يلتفت
إليه(وكذا) يحكم بعلمه(في حقوق الناس) ، لعين ما ذكر ، وعدم الفارق(إلّا أنه بعد
مطالبتهم) به كما في حكمه
لهم بالبينة والإقرار(حدا (٦) كان) ما يعلم بسببه(أو تعزيرا) (٧) ، لاشتراك الجميع في المقتضي(ولو وجد مع زوجته
رجلا يزني بها فله قتلهما) (٨) فيما بينه
______________________________________________________
ـ بالوصف فلا بد
أن يعمل بالحكم المترتب عليه وإلّا لزم فسقه أو تعطيل الحد.
وقيل : لا يجوز
إقامة الحد بعلم الحاكم وقد نسب هذا القول إلى ابن الجنيد للنبوي في قضية الملاعنة
: (لو كنت راجما من غير بينة لرجمتها) ، ولأن الحكم بعلمه فيه تزكية لنفسه وهذا منهي عنه ، وموجب
للتهمة في حقه ، وفيه : أما الرواية فهي من طرق العامة وأما التزكية والتهمة
فجاريتان في الشهود مع أنه لا يضرهم ذلك فكذلك الحاكم ، بالإضافة إلى أنها أمور
استحسانية لا تصلح مدركا للحكم الشرعي ، وذهب ابن إدريس إلى منع إقامة حدود الله
بعلمه نعم يجوز في حقوق الناس ، وذلك لأن الحدود في حقوق الله مبنية على الرخصة
والمسامحة ـ كما في المسالك ـ فلا يناسبها الحكم بعلمه ، وفيه إنه استحسان محض.
(١) موجب الحد وهو
فعل الزاني أو السارق وهكذا.
(٢) بأنه صادق
فيما علم.
(٣) فقد يتهم بأن
حكمه من أجل عداوته له.
(٤) بيان ضعف دليل
ابن الجنيد ، وكان يكفي في الرد أنها أمور استحسانية.
(٥) أي التهمة كما
لو وقع الإقرار في خلوة ، ويتهم بأنه تهاون في تشخيص الشهادة.
(٦) كحد القذف.
(٧) كما لو أهان
محصنة.
(٨) لو اطلع
الإنسان على زوجته تزني ولم يكن من أهل استيفاء الحدود فمقتضى الأصل عدم ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ جواز استيفاء
الحد منهما بنفسه ، لكن وردت الرخصة في جواز قتل الزوجة والزاني بها ، سواء كان
الزوجان حرين أو عبدين أو مختلفين ، وسواء كان الزوج دخل بها أو لا وسواء كان
العقد دواما أو متعا ، وسواء كان الفعل موجبا للرجم أو للجلد ، نعم لا بد من تقييد
ذلك بمطاوعة الزوجة له وإلّا فلا يجوز قتلها لو اغتصبها الزاني ، وعن ابن إدريس
تقييد الحكم بإحصانهما حتى يثبت قتلهما وإلّا فلا يستحقان إلا الجلد.
ولو قتلهما الزوج
فلا إثم عليه في نفس الأمر ، وإن كان عليه إقامة بينة الزنا ظاهرا لو ادعي عليه
عند الحاكم ، ولو لم يستطع إقامة البينة اقتص منه إذا لم يصدقه ولي الدم ، وإنما
وسيلته مع الفعل باطنا الإنكار ظاهرا أو يوري بما يخرجه عن الكذب ، ففي خبر الفتح
بن يزيد الجرجاني قال لأبي الحسن عليهالسلام : (رجل دخل دار غيره ليتلصص أو للفجور فقتله صاحب الدار ،
فقال : من دخل دار غيره هدر دمه ولا يجب عليه شيء) وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أيّما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم
ففقئوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم وقال : من اعتدى فاعتدي عليه فلا قود له) وخبر سعيد بن المسيب : (أن معاوية كتب إلى أبي موسى
الأشعري : إن ابن أبي الجسرين وجد رجلا مع امرأته فقتله فاسأل لي عليا عن هذا ،
قال أبو موسى : فلقيت عليا عليهالسلام فسألته ـ إلى أن قال ـ فقال : أنا أبو الحسن إن جاء بأربعة
يشهدون على ما شهد وإلّا دفع برمته) .
وهذه الأخبار لا
تدل على مدعاهم ، أما الخبر الأول والثاني فيدلان على جواز قتل الرجل من باب
الدفاع عن العرض ، ولذا لو دخل للواط ولتقبيل زوجته جاز قتله ولو لغير الزوج كالأخ
والأب والولد لكن الدفاع عن العرض مشروط بكون الزوجة كارهة والكره منفي هنا بحسب
الفرض ، ولا يدلان على قتل المرأة لأنها متلبسة بالزنا ، وأما الخبر الثالث فهو
يدل على أن القاتل مطالب بالبينة ظاهرا وإلّا قتل به وهذا لا إشكال فيه ، ولكن لا
يدل على جواز قتله واقعا فضلا عن جواز قتل المرأة.
ولذا ورد في صحيح
داود بن فرقد عدم جواز القتل قال : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قالوا لسعد بن عبادة : أرأيت لو وجدت على بطن ـ
__________________
وبين الله تعالى(ولا إثم عليه) بذلك وإن كان استيفاء الحد في غيره (١) منوطا بالحاكم.
هذا هو المشهور
بين الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا ، وهو مروي أيضا (٢) ، ولا فرق في الزوجة بين
الدائم ، والمتمتع بها ، ولا بين المدخول بها وغيرها ، ولا بين الحرة والأمة ، ولا
في الزاني بين المحصن وغيره ، لإطلاق الإذن المتناول لجميع ذلك.
والظاهر اشتراط
المعاينة على حد ما يعتبر في غيره (٣) ، ولا يتعدى إلى غيرها (٤) وإن كان رحما ،
أو محرما اقتصارا فيما خالف الأصل على محل الوفاق. وهذا الحكم بحسب الواقع كما ذكر(ولكن) في الظاهر(يجب) عليه(القود) مع إقراره بقتله
، أو قيام البينة به(إلا مع) إقامته(البينة) على دعواه(أو التصديق) من
______________________________________________________
ـ امرأتك رجلا ما
كنت صانعا به؟ قال : كنت أضربه بالسيف ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ما ذا يا سعد؟ فقال سعد : قالوا لو وجدت على بطن
امرأتك رجلا ما كنت صانعا به فقلت : اضربه بالسيف ، فقال : يا سعد فكيف بالأربعة
شهود؟
فقال : يا رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد رأي عيني وعلم الله أن قد فعل ، قال : إي والله بعد
رأي عينك وعلم الله أن قد فعل ، إن الله قد جعل لكل شيء حدا وجعل لمن تعدى ذلك
الحد حدا) . وفي رواية أبي مخلّد عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله وزاد : (وجعل ما دون الأربعة الشهداء مستورا على
المسلمين). وهو ظاهر في عدم جواز قتل المرأة والرجل الزانيين بحسب واقع الأمر إلّا
بعد إقامة البينة.
(١) غير الزنا
بالزوجة كما لو كانت قريبة له.
(٢) ما هو مروي قد
تقدم وقد عرفت الإشكال في دلالته ، نعم قال الشهيد في الدروس : (روي أن من رأى
زوجته تزني فله قتلهما) ، وفيه : إنه مرسل بالإضافة إلى أن هذا المرسل لو كان
موجودا قبل الشهيد لوجد في كتب الفقه والأحاديث فمن المحتمل جدا أن يكون قد فهم من
الأخبار المتقدمة هذا الحكم وأورده بعنوان الرواية.
(٣) من مطلق
الزنا.
(٤) إلى غير
الزوجة كالأم والأخت والبنت.
__________________
ولي المقتول ،
لأصالة عدم استحقاقه (١) القتل ، وعدم الفعل المدعى.
وفي حديث سعد بن
عبادة المشهور لما قيل له : لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال :
كنت أضربه بالسيف فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فكيف بالأربعة الشهود إن الله تعالى جعل لكل شيء حدا ،
وجعل لمن تعدى ذلك الحد حدا (٢).
(ومن تزوج بأمة على حرة مسلمة ووطئها قبل الإذن) من الحرة وإجازتها عقد الأمة(فعليه ثمن حد
الزاني) (٣) : اثنا عشر سوطا ونصف. بأن يقبض في النصف (٤) على نصفه(٥).
______________________________________________________
(١) أي أصالة عدم
استحقاق المقتول القتل.
(٢) قد تقدم الخبر
، والمشهور حملوه على مطالبة الزوج بالشهود ظاهرا مع جواز القتل واقعا ، مع أن
صريح الخبر عدم جواز القتل واقعا.
(٣) لخبر منصور بن
حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن رجل تزوج أمة على مسلمة ولم يستأمرها قال :
يفرّق بينهما ، قلت : فعليه أدب؟ قال : نعم اثنا عشر سوطا ونصف ، ثمن حد الزاني
وهو صاغر ، قلت : فإن رضيت المرأة الحرة المسلمة بفعله بعد ما كان فعل؟ قال : لا
يضرب ولا يفرّق بينهما ، يبقيان على النكاح الأول) كما في رواية الشيخ في التهذيب إلّا أن الكليني رواه بنفس
السند والمتن مع ذكر الذمية بدل الأمة ، نعم في خبر حذيفة بن منصور تصريح بالأمة
من دون إشكال وتردد قال : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل تزوج أمة على حرة لم يستأذنها؟ قال : يفرّق بينهما
، قلت : عليه أدب؟ قال : نعم اثنا عشر سوطا ونصف ثمن حد الزاني وهو صاغر) .
(٤) أي عند ضربه
نصف سوط.
(٥) على نصف السوط
لصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال : في نصف الجلدة وثلث الجلدة ، أن يؤخذ بنصف السوط
وثلث السوط) ، وبهذا صرح غير واحد ، كما في الجواهر.
وقيل : ولم يعرف
قائله أنه يضرب بين الضربين الشديد والضعيف فهو تنصيف كيفي ـ
__________________
وقيل : أن يضربه
ضربا بين ضربين.
(ومن افتض بكرا بإصبعه) فأزال بكارتها(لزمه مهر نسائها)
(١) وإن زاد عن مهر السنة إن كانت حرة ، صغيرة كانت أم كبيرة
مسلمة أم كافرة (٢) (ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها) لمولاها على الأشهر (٣). وبه رواية في طريقها طلحة بن زيد (٤)
، ومن ثم قيل بوجوب الأرش (٥) ، وهو ما بين قيمتها بكرا وثيبا ، لأنه (٦) موجب
الجناية على مال الغير وهذا الحكم في الباب عرضي (٧) ، والمناسب فيه (٨) الحكم
بالتعزير لإقدامه على المحرّم.
وقد اختلف في
تقديره (٩) فأطلقه جماعة (١٠) ، وجعله بعضهم من ثلاثين إلى ثمانين (١١) ،
______________________________________________________
ـ والخبر حجة عليه
إذ قد دل على التنصيف الكمّي.
(١) بلا خلاف فيه.
(٢) كل ذلك لإطلاق
الخبر الآتي.
(٣) لرواية طلحة
بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهالسلام : (إذا اغتصب أمة فافتضها فعليه عشر قيمتها وإن كانت حرة
فعليه الصداق) وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في امرأة افتضت جارية بيدها ، قال : عليها مهرها وتجلد
ثمانين) وفي خبره الآخر : (عليها المهر وتضرب الحد) .
(٤) بتري عامي
المذهب ، إلا أن كتابه معتمد كما في الفهرست.
(٥) والقائل ابن
إدريس اطراحا لرواية طلحة بن زيد الدالة على عشر القيمة ، ومال الشارح في المسالك
إلى وجوب أكثر الأمرين من الأرش وعشر الثمن.
(٦) لأن الأرش.
(٧) أي الحكم
بلزوم مهر نسائها في الحرة وعشر قيمتها في الأمة عرضي في باب الحدود.
(٨) في هذا الفعل
الحكم بالتعزير لأنه فعل محرم.
(٩) تقدير
التعزير.
(١٠) كما عن
الصدوق في المقنع ويؤيده صحيح ابن سنان المتقدم.
(١١) كما عن
المفيد.
__________________
وآخرون إلى تسعة
وتسعين (١) ، وفي صحيحة ابن سنان عن الصادق عليهالسلام في امرأة افتضت جارية بيدها : «قال عليها المهر وتضرب الحد
(٢)» وفي صحيحته أيضا أن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى بذلك ، وقال : تجلد ثمانين (٣).
(ومن أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه (٤) ، أو يبلغ
المائة) (٥)
______________________________________________________
(١) كما عن ابن
إدريس ، وعن الشيخ من ثلاثين إلى سبعة وتسعين ، وعن الأكثر أنه يناط برأي الحاكم ،
والسبب في الاختلاف أن صحيح ابن سنان أثبت الحد ، وفي خبره الآخر حدده بثمانين
فهذا يشعر بكونه تعزيرا فاختلفوا في تقديره.
(٢) الوسائل الباب
ـ ٣٩ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.
(٣) الوسائل الباب
ـ ٣٩ ـ من أبواب حد الزنا حديث ٢.
(٤) فلا يكلف
البيان بلا خلاف فيه كما عن الرياض ، وأشكل عليه بأنه تعطيل لحد الله تعالى فلا بد
أن يكلف بالبيان كما لو أقر بحق الآدمي وسكت فيكلف بالبيان.
وهو مردود لإطلاق
الخبر الآتي حيث لم يكلفه المعصوم بذلك ، نعم نذهب أنه يضرب حتى ينهى عن نفسه لخبر
محمد بن قيس عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (في رجل أقرّ على نفسه بحد ولم يسمّ أيّ حد هو ، قال :
أمر أن يجلد حتى يكون هو الذي ينهى عن نفسه في الحد) . ونوقش في السند بأن محمد بن قيس مشترك بين الثقة وغيره
وبأن سهل بن زياد أمره معلوم من التهمة له بالغلو والكذب ، وردّ بأن محمد بن قيس
هو الثقة برواية عاصم بن حميد والأمر في سهل سهل مع انجباره بعمل الأصحاب.
(٥) قد اختلف في
تحديد الضرب ، فقيل : لا يزاد على المائة لأن أعلى الحدود حد الزنا وهو مائة ،
وقيل ـ كما عن ابن إدريس ـ : يجلد أقله ثمانين وأكثره مائة ، لأن أقل حد هو ثمانون
لشرب الخمر ويدل عليه مرسل الصدوق في المقنع : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل أقرّ على نفسه بحد ولم يبين أيّ حد هو ، أن يجلد
ثمانين ، فجلد ثم قال : لو أكملت جلدك مائة ما ابتغيت عليه بينة غير نفسك) هذا وهناك إشكال عام على هذه الأخبار والفتاوى وهو : أنه
قد يكون الحد رجما أو قتلا فكيف يكتفى بالجلد بالإضافة إلى أن الحد لا يثبت
بالإقرار مرة فكيف يجلد بعد إقراره مرة واحدة هذا فضلا عن أنه لو ـ
__________________
والأصل فيه رواية
محمد بن قيس عن الباقر عليهالسلام أن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى في رجل أقر على نفسه بحد ولم يسم أي حد هو قال : أمر
أن يجلد حتى يكون هو الذي ينهى عن نفسه الحد وبمضمونها عمل الشيخ وجماعة ، وإنما
قيده المصنف بكونه لا يتجاوز المائة ، لأنها أكبر الحدود وهو حد الزنا.
وزاد ابن إدريس
قيدا آخر وهو أنه لا ينقص عن ثمانين نظرا إلى أن أقل الحدود حد الشرب.
وفيه نظر (١) إذ
حد القواد خمسة وسبعون (٢) ، والمصنف والعلّامة وجماعة لم يحدوه في جانب القلة كما
أطلق في الرواية ، لجواز أن يريد بالحد التعزير ولا تقدير له قلة ، ومع ضعف
المستند (٣) في كل واحد من الأقوال (٤) نظر.
أما النقصان عن
أقل الحدود (٥) فلأنه وإن حمل على التعزير ، إلا أن تقديره للحاكم لا للمعزّر فكيف
يقتصر على ما يبينه ، ولو حمل (٦) على تعزير مقدّر وجب
______________________________________________________
ـ سلم بالجلد
وبثبوته مرة فقد يكون أزيد من المائة كما لو زنا في مكان محترم أو زمان شريف فتكون
الزيادة بنظر الحاكم لا بنظر المحدود هذا كله بالنسبة للزيادة ، وأما بالنسبة
للأقل فليس أقل حد الثمانين بل الخمسة والسبعين وهي حد القيادة ، بل يمكن أن يكون
مقصوده من الحد التعزير وهو أقل من هذا بكثير على أن التعزير بنظر الحاكم لا بنظر
المحدود حتى يناط الجلد بما إذا نهى عن نفسه.
(١) في قول ابن
إدريس.
(٢) أما لو كان
مستند ابن إدريس مرسل الصدوق فلا إشكال إلّا من ناحية أن مذهبه عدم العمل بأخبار
الآحاد فضلا عن المراسيل.
(٣) من ناحية كون
محمد بن قيس مشتركا بين الثقة وغيره ، وقد عرفت رده.
(٤) الثلاثة
المتقدمة وهي :
الأول : عدم تجاوز
المائة كما عليه المصنف.
الثاني : يضرب ما
بين المائة والثمانين كما عليه ابن إدريس.
الثالث : عدم
تحديد الحد لا من جانب القلة ولا من جانب الكثرة لاحتمال إرادة التعزير منه.
(٥) وهو القول
الثالث.
(٦) أي الحد في
الرواية.
تقييده (١) بما لو
وقف على أحد المقدرات منه (٢) ، مع أن إطلاق الحد على التعزير خلاف الظاهر واللفظ
إنما يحمل على ظاهره ، ومع ذلك فلو وقف على عدد لا يكون حدا (٣) كما بين الثمانين
والمائة أشكل قبوله منه (٤) ، لأنه خلاف المشروع.
وكذا عدم تجاوز
المائة (٥) فإنه يمكن زيادة الحد عنها بأن يكون قد زنى في مكان شريف أو زمان شريف
، ومع ذلك فتقدير الزيادة على هذا التقدير إلى الحاكم ، لا إليه.
ثم يشكل بلوغ
الثمانين (٦) بالإقرار مرة ، لتوقف حد الثمانين على الإقرار مرتين ، وأشكل منه
بلوغ المائة بالمرة والمرتين.
(وهذا) هو بلوغ المائة(إنما يصح إذا
تكرر) الإقرار(أربعا) (٧) كما هو (٨) مقتضى الإقرار بالزنا(وإلا فلا يبلغ المائة). وبالجملة فليس في المسألة فرض يتم مطلقا (٩) لأنا إن
حملنا الحد على ما يشمل التعزير لم يتجه الرجوع إليه (١٠) في
______________________________________________________
(١) أي تقييد الحد
في الفتاوى.
(٢) من التعزير
كخمسة وعشرين سوطا لمن وطء زوجته ، وثمن الحد لمن تزوج أمة على حرة وهكذا.
(٣) إشكال.
(٤) أي قبول العدد
المتوقف عليه من قبل المقرّ ، ووجه الإشكال أنه لا حد بين الثمانين والمائة وهذا
معنى قوله : لأنه على خلاف المشروع وفيه : إن مراد ابن إدريس أنه لا يتجاوز المائة
ولا يقل عن الثمانين تبعا لمرسل الصدوق فيكون الحد إما ثمانين أو مائة ، لا أنه ما
بين المائة والثمانين.
(٥) إشكال على
القول الأول.
(٦) إشكال على قول
ابن إدريس وقول المصنف ، حيث إن الثمانين حد شرب الخمر وهو لا يثبت إلّا بالإقرار
مرتين فكيف ثبت هنا بمرة واحدة ، والمائة حد الزنا وهو لا يثبت إلّا بالإقرار
أربعا فكيف ثبت هنا بمرة واحدة.
(٧) وهذا القيد من
المصنف وإن رفع الإشكال الأخير ، إلا أنه يشكل عليه بأن قيد الأربعة لم يرد في
الرواية.
(٨) أي التكرار
أربعا.
(٩) من الأقوال
السابقة.
(١٠) إلى المحدود
بل يكون بنظر الحاكم.
المقدار ، إلا أن
نخصه بمقدار تعزير من التعزيرات المقدرة. وحينئذ يتجه أنه يقبل بالمرة (١) ، ولا
يبلغ الخمسة والسبعين (٢) ، وإن أقر مرتين لم يتجاوز الثمانين (٣) ، وإن أقر أربعا
جاز الوصول إلى المائة (٤) وأمكن القول بالتجاوز (٥) ، لما ذكر ، مع أنه في الجميع
(٦) كما يمكن حمل المكرر على التأكيد لحد واحد ، يمكن حمله على التأسيس فلا يتعين
كونه حدّ زنا ، أو غيره ، بل يجوز كونه تعزيرات متعددة ، أو حدودا كذلك (٧) مبهمة
، ومن القواعد المشهورة أن التأسيس أولى من التأكيد (٨) ، فالحكم مطلقا (٩) مشكل ،
والمستند ضعيف(١٠).
ولو قيل بأنه مع
الإقرار مرة لا يبلغ الخمسة والسبعين في طرف الزيادة ، وفي طرف النقيصة يقتصر
الحاكم على ما يراه كان حسنا (١١).
(وفي التقبيل) المحرم(والمضاجعة) أي نوم الرجل مع المرأة(في إزار) أي ثوب(واحد) ، أو تحت لحاف واحد (١٢) (التعزير بما دون
الحد) ، لأنه فعل محرم
______________________________________________________
(١) لأن التعزيرات
المقدرة تثبت بالإقرار مرة واحدة.
(٢) لأنها حد
القوّاد ، والتعزيرات دون الحدود ولو بسوط.
(٣) لأنها حد
الشرب وهو يثبت بالمرتين.
(٤) حد الزنا.
(٥) عن المائة إذا
لم ينه عن نفسه فيكون إقرارا منه بأنه زنى في مكان محترم أو زمان شريف ، وهذه
الزيادة تعزير والتعزير يثبت بالمرة ، وسكوته بعد المائة إقرار منه وهذا يكفي في
ثبوت التعزير ، إلا أن هذه الزيادة منوطة بنظر الحاكم لا بنظره.
(٦) أي الإقرار
فيما لو تكرر مرتين أو أربعا.
(٧) متعددة ويكون
كل إقرار عن حد ، ولا شيء من الحدود يثبت بإقرار واحد فلا يثبت الجميع.
(٨) لأن الإفادة
خير من الإعادة عند العرف.
(٩) بالنسبة إلى
جميع الأقوال.
(١٠) قد عرفت عدمه
، مع أنه لعل الحد من أجل ما في إقراره مرة واحدة من شيوع الفاحشة فيكون حدا
مستقلا فلا بد من التمسك بظاهر الرواية.
(١١) وهذا لا يتم
إلّا بناء على أن الحد في الرواية بمعنى التعزير ، وقد اعترف الشارح سابقا ، بأنه
خلاف الظاهر.
(١٢) قد اختلفت
الأخبار بمن وجدا تحت لحاف واحد ، فطائفة تدل على ما دون الحد كصحيح ـ
لا يبلغ حد الزنا
، والمرجع في كمية التعزير إلى رأي الحاكم.
والظاهر أن المراد
بالحد الذي لا يبلغه هنا حد الزنا ، كما ينبه عليه في بعض الأخبار : أنهما يضربان
مائة سوط غير سوط.
(وروى) الحلبي في الصحيح عن الصادق عليهالسلام ورواه غيره أيضا أنهما يجلدان كل واحد(مائة جلدة) حد الزاني ، وحملت (١) على ما إذا أضاف إلى ذلك (٢) وقوع الفعل(٣)
______________________________________________________
ـ حريز عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (إن عليا عليهالسلام وجد رجلا وامرأة في لحاف واحد فجلد كل واحد منهما مائة
سوطا إلّا سوطا) وخبر زيد الشحام عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد فقال : يجلدان
مائة غير سوط) ومثله خبر أبان .
وطائفة تدل على
الحد منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (حد الجلد أن يوجدا في لحاف واحد) وخبر عبد الرحمن بن الحذاء عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد جلد مائة) وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد ، قامت عليهما
البينة بذلك ولم يطلع منهما على ما سوى ذلك جلد كل واحد منهما مائة جلدة) .
والمشهور قد عمل
بالطائفة الأولى ما دون الحد ، إلّا أنهم فهموا من الحد التعزير وهو مناط برأي
الحاكم فلذا اختلفوا في تحديده ففي الشيخ في النهاية أوجب التعزير وأطلق ، وفي
الخلاف جعله أقلّ من الحد ، وعن المفيد أنه ما بين عشر جلدات إلى تسعة وتسعين تبعا
لما يراه الحاكم ، وقال عنه في الجواهر : «لا دليل عليه» ، وعن المحقق وجماعة إلى
أن هذا التعزير منوط بنظر الحاكم مطلقا ، وقد اتفقوا على أن الروايات وإن لم تذكر
إلّا الوجدان تحت لحاف واحد لكن أسقطوا خصوصية هذا النحو من الاستمتاع وعمموه إلى
كل استمتاع دون الزنا كالتقبيل والتفخيذ وكل ما هو دون الفرج.
(١) صحيحة الحلبي.
(٢) أي النوم تحت
لحاف واحد.
(٣) أي وقوع الزنا
وقد علم الإمام بذلك وهذا الجمع للشيخ كما في المسالك ، وعن الصدوق حمل نصوص
المائة على ما لو ثبت الزنا بالبينة أو الإقرار ونصوص المائة إلّا ـ
__________________
جمعا بين الأخبار
، (ولو حملت) المرأة ولا بعل(لها) (١) ولا مولى ولم يعلم وجهه(لم تحد) ، لاحتمال كونه بوجه حلال ، أو شبهة(إلا أن تقر أربعا بالزنا) فتحد
______________________________________________________
ـ واحدا على ما لو
ثبت الزنا بعلم الإمام وقال في الجواهر : «لم أجده لغيره ولا الشاهد عليه».
مع أن حمل نصوص
المائة على التقية غير بعيد لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج : (كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فدخل عليه عبّاد البصري ومعه أناس من أصحابه فقال له : حدثني
عن الرجلين إذا أخذا في لحاف واحد ، فقال له : كان علي عليهالسلام إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحد ، فقال له عبّاد
: إنك قلت لي : غير سوط ، فأعاد عليه ذكر الحد حتى أعاد ذلك مرارا فقال : غير سوط
، فكتب القوم الحضور عند ذلك الحديث) ، وهو ظاهر بكون نصوص المائة للتقية هذا مع أن حد الرجلين
في اللحاف الواحد كحد الرجل والمرأة في اللحاف الواحد لصحيح عبد الله بن سنان عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (حد الجلد في الزنا أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان
يوجدان في لحاف واحد ، والمرأتان توجدان في لحاف واحد) فتبقى نصوص المائة إلّا سوطا فهي محمولة على التعزير وعلى
أن يكون التعزير ما بين الثلاثين إلى تسعة وتسعين جمعا بين ما تقدم وبين رواية
سليمان بن هلال : (سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله عليهالسلام فقال : جعلت فداك ، الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد ،
فقال : ذوا محرم؟ فقال : لا ، قال : من ضرورة؟ قال : لا ، قال : يضربان ثلاثين
سوطا ثلاثين سوطا) .
(١) ولا مولى ، لا
تحد عندنا بالاتفاق ، لأن الحمل لا يستلزم الزنا لاحتمال أن يكون من شبهة أو إكراه
أو دخول مني الغير في فرجها بنحو حلال كما لو دخلت الحمام وجلست على الأرض وكان
عليها مني الغير ، ولأصالة حمل فعل المسلم على الصحة ولأصالة البراءة من وجوب الحد
، فلا يجب علينا حينئذ البحث والفحص عن كيفية الحمل ، وذهب الشيخ في المبسوط
والعلامة في القواعد إلى أنها تسأل فإن أقرت بالزنا أربعا حدت وإلّا فلا ، وهو مما
لا وجه له كما في الجواهر ، وعن مالك حدها ومما تقدم تعرف ضعفه الظاهر.
__________________
لذلك ، لا للحمل(وتؤخر) الزانية الحامل (١)
(حتى تضع الحمل) وإن كان من الزنا ، وتسقيه اللباء ، وترضعه إن لم يوجد له
كافل ثم يقيم عليها الحد إن كان رجما ، ولو كان جلدا فبعد أيام النفاس (٢) إن أمن
عليها التلف ، أو وجد له مرضع ، وإلا فبعده ويكفي في تأخيره عنها : دعواها الحمل
لا مجرد الاحتمال.
(ولو أقر) بما يوجب الحد(ثم أنكر (٣) سقط
الحد إن كان مما يوجب الرجم ولا يسقط غيره) وهو الجلد وما يلحقه (٤).
هذا إذا لم يجمع
في موجب الرجم بينه وبين الجلد (٥) ، وإلا ففي سقوط
______________________________________________________
(١) فلا يقام الحد
ولا القصاص سواء كان جلدا أو رجما ، على الحامل ولو من الزنا حتى تضع ولدها وتخرج
من نفاسها وترضع ولدها إن لم تجد مرضعة بلا خلاف ، لخوف الضرر على ولدها إن كان
جلدا ، ولخوف قتله إن كان رجما إذ السبيل عليها ولا سبيل عليه ولأخبار منها : مرسل
المفيد في الإرشاد عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (أنه قال لعمر وقد أتي بحامل قد زنت فأمر برجمها ، فقال
له علي عليهالسلام : هب لك سبيل عليها ، أيّ سبيل لك على ما في بطنها والله
يقول : (وَلٰا تَزِرُ
وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ) ، فقال عمر : لا عشت لمعضلة ليس لها أبو الحسن ، ثم قال :
فما أصنع بها يا أبا الحسن؟ قال : احتط عليها حتى تلد ، فإذا ولدت ووجدت لولدها من
يكفله فأقم الحد عليها) وفي خبر عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أنه سئل عن محصنة زنت وهي حبلى قال : تقر حتى تضع ما في
بطنها وترضع ولدها ثم ترجم) ومثله غيره.
(٢) لأن النفاس
مرض ولا يقام الحد على المريض إن كان الحد جلدا.
(٣) لو أقر بما
يوجب الرجم ثم أنكر سقط الرجم عنه بلا خلاف لأخبار منها : حسنة الحلبي عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (إذا أقرّ الرجل على نفسه بحد أو فرية ثم جحد جلد ، قلت
: أرأيت إن أقرّ على نفسه بحد يبلغ فيه الرجم أكنت ترجمه؟ قال : لا ، ولكن كنت
ضاربه) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من أقرّ على نفسه بحد أقمته عليه إلّا الرجم فإنه إذا
أقرّ على نفسه ثم جحد لم يرجم) .
(٤) من التغريب
والجز على المشهور ومستندهم الأخبار السابقة ، وذهب الشيخ في الخلاف وابن زهرة في
الغنية وقالا بالسقوط وادعى عليه الشيخ الإجماع بدعوى أن الأقوى الذي هو الرجم
يسقط بالإنكار فسقوط الأضعف أولى ، وفيه : إنه اجتهاد في قبال النص.
(٥) فلو أقرّ بما
يوجب الرجم والجلد معا كزنا المحصن إذا كان شيخا ثم جحد فيسقط ـ
__________________
الحد مطلقا (١)
بإنكاره ما يوجب الرجم نظر ، من إطلاق سقوط الحد الشامل للأمرين ، ومن أن الجلد لا
يسقط بالإنكار لو انفرد فكذا إذا انضم ، بل هنا أولى لزيادة الذنب فلا يناسبه (٢)
سقوط العقوبة مطلقا مع ثبوت مثلها في الأخف. والأقوى سقوط الرجم دون غيره.
وفي إلحاق ما يوجب
القتل (٣) كالزنا بذات محرم أو كرها قولان. من تشاركهما (٤) في المقتضي وهو
الإنكار لما بني على التخفيف ، ونظر الشارع (٥) إلى عصمة الدم ، وأخذه فيه
بالاحتياط. ومن عدم النص عليه (٦) ، وبطلان القياس (٧).
(ولو أقر بحد ثم تاب تخير الإمام (٨) في إقامته عليه) والعفو عنه(رجما كان)
______________________________________________________
ـ الرجم بلا خلاف
ولكن هل يسقط الجلد ، وجه السقوط من إطلاق الروايات الدالة على سقوط موجب الرجم
بالإنكار وهو الموجب للجلد هنا فإذا سقطت موجب الرجم فلا مقتضى للجلد ، ووجه عدم
السقوط من أن الجلد لا يسقط بالإنكار إذا كان منفردا فكذا إذا انضم إلى الرجم.
(١) أي الشامل
للجدل والرجم.
(٢) فلا يناسب الذنب
الأشد.
(٣) بالرجم ، لأن
الرجم قتل ، وما يوجب القتل كالزنا بذات محرم أو الزنا بامرأة كرها لها.
ذهب ابن حمزة وسيد
الرياض إلى إلحاقه بالرجم وأنه يسقط بالإنكار للاحتياط في الدماء ويؤيده مرسل جميل
بن دراج عن أحدهما عليهماالسلام : (إذا أقرّ الرجل على نفسه بالقتل قتل إذا لم يكن عليه
شهود ، فإن رجع وقال : لم أفعل ترك ولم يقتل) .
وغيرهما قد ذهب
إلى عدم الإلحاق ، لخروجه عن النص المعتبر إذ المعتبر وارد في الرجم.
(٤) أي القتل
والرجم فهما مشتركان في الإنكار للحد والحد مبني على التخفيف.
(٥) دليل ثان وهو
المعبر عنه بالاحتياط في الدماء.
(٦) على القتل ،
وهو دليل لعدم الإلحاق.
(٧) وفيه : من ذهب
إلى الإلحاق لم يتمسك بالقياس وإنما بالمرسلة المتقدمة.
(٨) في إقامة الحد
عليه أو العفو عنه ، وعلى المشهور سواء كان الحد رجما أم جلدا ، وقيده ابن إدريس
بالرجم دون الجلد. ـ
__________________
الحد(أو غيره) على المشهور ، لاشتراك الجميع في المقتضي (١) ولأن التوبة إذا أسقطت تحتم أشد
العقوبتين (٢) ، فإسقاطها لتحتم الأخرى (٣) أولى ، ونبه بالتسوية بينهما على خلاف
ابن إدريس حيث خص التخيير بما إذا كان الحد رجما ، وحتم إقامته لو كان جلدا محتجا
بأصالة البقاء (٤) ، واستلزام التخيير تعطيل الحد المنهي عنه في غير موضع الوفاق (٥)
، وينبغي على قول ابن إدريس إلحاق ما يوجب القتل بالرجم ، لتعليله بأنه يوجب تلف
النفس ، بخلاف الجلد.
(الفصل الثاني)
(في اللواط) (٦)
______________________________________________________
ـ ومستند المشهور
أخبار منها : مرسل البرقي : (جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فأقرّ بالسرقة ، فقال له : أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال :
نعم سورة البقرة ، قال : قد وهبت يدك لسورة البقرة ، فقال الأشعث : أتعطل حدا من
حدود الله؟ فقال : وما يدريك ما هذا ، إذا قامت البينة فليس للإمام أن يعفو ، وإذا
أقرّ الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام إن شاء عفا وإن شاء قطع) ، والتعليل عام يشمل كل ما يوجب الحد ومنه الزنا.
وخبر تحف العقول
عن أبي الحسن الثالث : (وأما الرجل الذي اعترف باللواط فإنه لم يقم عليه البينة
وإنما تطوع بالإقرار من نفسه ، وإذا كان للإمام الذي من الله أن يعاقب عن الله كان
له أن يمنّ عن الله ، أما سمعت قول الله : (هٰذٰا
عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ) ولم تصرح الروايتان بالتوبة ، إلّا أن الثانية مشعرة بها
لقوله : (تطوع بالإقرار) ، والتطوع لا يكون إلا عن توبة وندم.
(١) أي الجلد
والرجم يشتركان في الاعتراف بالذنب.
(٢) وهو الرجم.
(٣) وهو الجلد.
(٤) بقاء الجلد
بعد ثبوت موجبه من الإقرار.
(٥) إذ موضع
الوفاق في سقوط تحتم الرجم.
(٦) وهو وطء
الذكران من الآدميين ، واشتقاقه من فعل قوم لوط ، وحرمته ضروري من الدين ، ويدل
عليه مضافا إلى الكتاب أخبار كثيرة منها : رواية الحضرمي عن أبي ـ
__________________
وهو وطء الذكر.
واشتقاقه من فعل قوم لوط(والسحق) (١) وهو دلك فرج المرأة بفرج أخرى(والقيادة) (٢) وسيأتي أنها الجمع بين فاعلي هذه الفواحش.
أما الأول(فمن أقر بإيقاب ذكر) (٣) أي إدخال شيء من الذكر في دبره ولو
______________________________________________________
ـ عبد الله عليهالسلام : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من جامع غلاما جاء يوم القيامة جنبا لا ينقيه ماء الدنيا
، وغضب الله عليه ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيرا ثم قال : إن الذكر يركب الذكر
فيهتز العرش) وفي خبره الآخر : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وإن الرجل ليؤتى من حقبه فيحبسه الله على جسر جهنم حتى
يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يؤمر به إلى جهنم فيعذب بطبقاتها طبقة طبقة حتى يرد
إلى أسفلها ولا يخرج منها) .
وخبر السكوني عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي) .
(١) وهو وطء
المرأة مثلها ، وهو في أصحاب الرس كاللواط في قوم لوط وحرمته كذلك من الضروريات
ففي خبر بشير النبال : (رأيت عند أبي عبد الله عليهالسلام رجلا فقال له : ما تقول في اللواتي مع اللواتي فقال : لا
أخبرك حتى تحلف لتحدثن بما أحدثك النساء قال : فحلف له فقال : هما في النار عليهما
سبعون حلة من نار ، فوق تلك الحلل جلد جان غليظ من نار ، عليهما نطاقان من نار
وتاجان من نار فوق تلك الحلل ، وخفان من نار وهما في النار) .
(٢) وهي الجمع بين
اثنين على الفاحشة ، والحرمة ضرورية ففي الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ومن قاد بين امرأة ورجل حراما حرم الله عليه الجنة ومأواه
جهنم وساءت مصيرا ولم يزل في سخط الله حتى يموت) .
(٣) الإيقاب مطلق
الإدخال ولو بعض الحشفة ، وعن الفاضل حدّه بغيبوبة الحشفة ولا دليل له فتحرم أخت
الموقب وبنته وأمه على الموقب ، وأما بالنسبة للحد فاشترطوا مقدار الحشفة وقال في
الرياض : (وظاهرهم الاتفاق على ذلك) ولعله لأن الحدود مبنية على التخفيف.
__________________
مقدار الحشفة.
وظاهرهم هنا الاتفاق على ذلك (١) وإن اكتفوا ببعضها (٢) في تحريم أمه وأخته وبنته
في حالة كون المقر(مختارا) (٣) غير مكره على الإقرار(أربع مرات) (٤) ولو في مجلس واحد(أو شهد عليه
أربعة رجال) (٥) عدول(بالمعاينة) للفعل كالزنا(وكان) الفاعل المقر ، أو المشهود عليه(حرا بالغا (٦) عاقلا (٧) قتل) (٨).
واعتبار بلوغه
وعقله واضح ، إذ لا عبرة بإقرار الصبي والمجنون ، وكذا لا يقتلان ولو شهد عليهما
به (٩) ، لعدم التكليف.
______________________________________________________
(١) أي بالنسبة
للحد لا بدّ من غيبوبة الحشفة أو مقدارها.
(٢) ببعض الحشفة
لتحقق معنى الإيقاب.
(٣) إذ لا أثر مع
الإكراه.
(٤) وظاهرهم
الاتفاق عليه للأخبار منها : خبر مالك بن عطية عن أبي عبد الله عليهالسلام : (بينما أمير المؤمنين عليهالسلام في ملاء من أصحابه إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين
إني أوقبت على غلام فطهرني ، فقال له : يا هذا امض إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك ،
فلما كان من غد عاد إليه فقال له : يا أمير المؤمنين : إني أوقبت على غلام فطهرني
، فقال له : اذهب إلى منزلك لعلّ مرارا هاج بك حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته الأولى
، فلما كان في الرابعة قال له : يا هذا إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيّهن شئت ، قال : وما هنّ
يا أمير المؤمنين؟ قال : ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت ، أو دهداه : (إهداء)
من جبل مشدود اليدين والرجلين أو إحراق بالنار.
قال : يا أمير
المؤمنين أيّهن أشدّ عليّ؟ قال : الإحراق بالنار ، قال : فإني قد اخترتها) .
(٥) بلا خلاف فيه
، ولا يوجد نصوص تدل على اعتبار أربعة شهود في اللواط والمساحقة ، غايته قد استفيد
الحكم من أن اللواط لا يثبت إلّا بالإقرار أربعا كما تقدم في خبر مالك بن عطية
وغيره فلا بد من أربعة شهود مثل الزنا.
(٦) لأن إقرار
العبد غير نافذ لأنه إقرار في حق الغير فيتوقف على تصديق المولى ، هذا بخصوص
الإقرار وأما الشهادة عليه فحكمه حكم الحر لإطلاق أدلة قتل اللوطي.
(٧) فمع عدمهما لا
حد عليهما لرفع القلم عنهما.
(٨) سيأتي الدليل
عليه بلا فرق بين المحصن وغيره وبين الحر وغيره.
(٩) باللواط.
__________________
أما الحرية فإنما
تعتبر في قبول الإقرار ، لأن إقرار العبد يتعلق بحق سيده فلا يسمع ، بخلاف الشهادة
عليه فإنه لا فرق فيها بينه وبين الحر فيقتل حيث يقتل ، وكذا لو اطلع عليها الحاكم
، وبالجملة فحكمه حكم الحر ، إلا في الإقرار وإن كانت العبارة توهم خلاف ذلك (١).
ويقتل الفاعل(محصنا) كان(أو لا) (٢). وقتله(إما بالسيف ، أو الإحراق)
______________________________________________________
(١) إذ اشتراط
الحرية في القتل يوهم أنه لا يقتل مطلقا حتى بالشهادة عليه مع أنه لا يقتل العبد
في خصوص الإقرار ، لأنه ليس إقرارا في حق نفسه.
(٢) مع الإيقاب ،
بلا خلاف فيه ، وفي المسالك : «مذهب الأصحاب أن حد اللائط الموقب القتل ليس إلّا».
ويتخير الإمام في
جهة قتله إما بالسيف أو إلقاء من شاهق أو إحراقه بالنار وهذا ما دل عليه خبر مالك
بن عطية المتقدم أو بالرجم أو بإلقاء جدار عليه ، أما الرجم فلخبر السكوني عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي) وخبره الآخر : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إذا كان الرجل كلامه كلام النساء ومشيته مشية النساء
ويمكّن من نفسه ينكح كما تنكح المرأة فارجموه ولا تستحيوه) .
وأما إلقاء الجدار
عليه فليس عليه نص خاص ولذا قال في الجواهر : «نعم لم أقف على الأخير ـ أي إلقاء
الجدار ـ إلّا ما في كشف اللثام من أن فيه خبرا عن الرضا عليهالسلام ، وهو وإن كان مرسلا إلّا أنه كضعف غيره منجبر بما عرفت».
نعم يوجد في
المقنع للصدوق : (واعلم أن عقوبة من لاط بغلام أن يحرق بالنار أو يهدم عليه حائط
أو يضرب ضربة بالسيف) وفي فقه الرضا : (ومن لاط بغلام فعقوبته أن يحرق بالنار أو
يهدم عليه حائط أو يضرب ضربة بالسيف) .
ويعارض هذه
الطائفة طائفة أخرى تدل على أن اللواط كالزنا فالمحصن يقتل رجما وغير المحصن يجلد
منها : رواية العلاء بن الفضيل : (قال أبو عبد الله عليهالسلام : حد اللوطي مثل حد الزاني ، وقال : إن كان قد أحصن رجم
وإلّا جلد) ورواية حماد بن عثمان : (قلت لأبي ـ
__________________
(بالنار ، أو الرجم) بالحجارة وإن لم يكن بصفة الزاني (١) المستحق للرجم(أو بإلقاء جدار عليه أو بإلقائه من شاهق) كجدار رفيع. يقتل مثله.
(ويجوز الجمع بين اثنين منها) (٢) أي من هذه الخمسة بحيث يكون(أحدهما الحريق) ، والآخر أحد الأربعة بأن يقتل بالسيف ، أو الرجم أو الرمي
به (٣) ، أو عليه (٤) ثم يحرق زيادة في الردع.
______________________________________________________
ـ عبد الله عليهالسلام : رجل أتى رجلا؟ قال : عليه إن كان محصنا القتل ، وإن لم
يكن محصنا فعليه الجلد ، قلت : فما على المؤتى به؟ قال : عليه القتل على كل حال
محصنا كان أو غير محصن) .
والترجيح للطائفة
الأولى لأن الثانية محمولة على ما إذا لم يوقب لخبر سليمان بن هلال عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (في الرجل يفعل بالرجل ، قال : إن كان دون الثقب فالجلد
، وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب بالسيف ضربة أخذ السيف منه ما أخذ ، فقلت له : هو
القتل ، قال : هو ذاك) .
نعم هذا الحمل وهو
القتل لمن أوقب مطلقا لا يعارضه إلا صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وإن كان ثقب وكان محصنا رجم) ومرسل ابن أبي عمير عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الذي يوقب أن عليه الرجم إن كان محصنا ، وعليه الجلد
إن لم يكن محصنا) ، وهذان الخبران محمولان على التقية كما فعل الشيخ.
(١) أي وإن لم يكن
رجم اللوطي كرجم الزاني من وضعه في حفرة إلى وسطه أو حقويه ، لأن رجم اللوطي لا
يشترط فيه ذلك.
(٢) يجوز أن يجمع
بين واحد من هذه المذكورات في قتل اللوطي وبين إحراقه بلا خلاف في ذلك كما في الجواهر
لصحيح عبد الرحمن العرزمي في اللوطي الذي أتي به في زمن عمر : (فما تقول يا أبا
الحسن؟ قال : اضرب عنقه فضرب عنقه ثم أراد أن يحمله فقال عليهالسلام : مه إنه قد بقي من حدوده شيء ، قال : أي شيء بقي؟ قال :
ادع بحطب فدعا عمر بحطب ، فأمر به أمير المؤمنين عليهالسلام فأحرق به) (.
(٣) أي الرمي
باللوطي من شاهق.
(٤) أو إلقاء
الجدار عليه.
__________________
(والمفعول به يقتل كذلك (١) إن كان بالغا عاقلا مختارا ،
ويعزر الصبي) (٢) فاعلا ومفعولا.
(ويؤدب المجنون) كذلك (٣) ، والتأديب في معنى التعزير هنا وإن افترقا من
حيث إن التعزير يتناول المكلف وغيره ، بخلاف التأديب (٤).
وقد تحرر من ذلك
أن الفاعل والمفعول إن كانا بالغين قتلا حرين كانا أم عبدين أم بالتفريق. مسلمين
كانا أم بالتفريق وإن كانا صبيين أو مجنونين ، أو بالتفريق أدّبا ، وإن كان أحدهما
مكلفا والآخر غير مكلف قتل المكلف وأدب غيره.
(ولو أقر به دون الأربع لم يحد) كالإقرار بالزنا(وعزر) بالإقرار (٥) ولو مرة ، ويمكن اعتبار المرتين كما في موجب
كل تعزير وسيأتي (٦) ، وكذا الزنا ولم يذكره ثم.
______________________________________________________
(١) ما يجري في
الفاعل يجري في المفعول ، بلا خلاف ، وقد تقدم خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إذا كان الرجل كلامه كلام النساء ومشيته مشية النساء
ويمكن من نفسه ينكح كما تنكح النساء فارجموه ولا تستحيوه) .
(٢) ويدل عليه خبر
أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام بامرأة وزوجها ، قد لاط زوجها بابنها من غيره وثقبه ، وشهد
عليه بذلك الشهود ، فأمر به عليهالسلام فضرب بالسيف حتى قتل ، وضرب الغلام دون الحد ، وقال : أما
لو كنت مدركا لقتلتك لإمكانك إياه من نفسك بثقبك) .
(٣) فاعلا أو
مفعولا ، نعم عن الشيخين وجماعة من ثبوت الحد على المجنون دون المجنونة استنادا
إلى وجوبه عليه في الزنا ، وقد عرفت أن الأصل ممنوع مع أن إعطاء حكم الزنا للوطي
قياس لا نقول به.
(٤) فإنه مختص
بالصبي.
(٥) لثبوت الفسق
بذلك ، وقد ناقش سيد الرياض في ذلك حيث لم يعزّر أمير المؤمنين عليهالسلام في الإقرارات الثلاثة قبل أن تتم أربعا على ما في خبر مالك
بن عطية المتقدم.
(٦) في مسائل حد القذف.
__________________
(ولو شهد) عليه به(دون الأربعة) أو اختل بعض الشرائط (١) وإن كانوا أربعة(حدوا للفرية ويحكم الحاكم فيه (٢) بعلمه) كغيره من الحدود ، لأنه (٣) أقوى من البينة(ولا فرق) في الفاعل والمفعول(بين العبد والحر هنا) أي في حالة علم الحاكم ، وكذا لا فرق بينهما مع البينة كما
مر ، وهذا منه مؤكد لما أفهمته عبارته سابقا من تساوي الإقرار والبينة في اعتبار
الحرية (٤).
(ولو ادعى العبد الإكراه) من مولاه عليه(درئ عنه الحد) (٥) دون المولى ، لقيام القرينة على ذلك (٦) ، ولأنه شبهة
محتملة فيدرأ الحد بها (٧) ، ولو ادعى الإكراه من غير مولاه فالظاهر أنه كغيره (٨)
وإن كانت العبارة تتناوله (٩) بإطلاقها(ولا فرق) في ذلك كله (١٠) (بين المسلم
والكافر) ، لشمول الأدلة (١١)
لهما
(وإن لم يكن) الفعل(إيقابا كالتفخيذ أو) (١٢) جعل الذكر(بين الأليين) بفتح الهمزة ،
______________________________________________________
(١) كفسق أحد
الشهود أو اختلاف شهادتهم.
(٢) في اللواط.
(٣) لأن العلم.
(٤) وقد عرفت أن
الإقرار نافذ في حق الحر دون العبد.
(٥) إذ لا تكليف
مع الإكراه.
(٦) من كون العبد
محلا للإكراه من سيده.
(٧) بدعوى
الإكراه.
(٨) ممن يعترف
باللواط ويدعي الإكراه ، فلا تقبل دعواه بخلاف الزنا فلو ادعت المرأة الإكراه قبل
منها لأنها محل لذلك وللأخبار وقد تقدم خبر أبي عبيدة فراجع.
(٩) تتناول ما لو
ادعى العبد الإكراه من غير سيده.
(١٠) من قتل اللوطي
فاعلا أو مفعولا مع الإيقاب.
(١١) أدلة قتل
اللوطي.
(١٢) يجلد إن لم
يكن محصنا ويرجم إن كان محصنا كما عن الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط والقاضي
أبو الصلاح وجماعة جمعا بين الأخبار المتقدمة في ما لو أوقب فراجع.
وعن الانتصار
والغنية بل قيل إنه المشهور أنه يجلد سواء كان محصنا أو لا لخبر سليمان بن هلال عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (إن كان دون الثقب فالحد وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب
بالسيف) . ـ
__________________
والياءين
المثناتين من تحت من دون تاء بينهما(فحده مائة جلدة) للفاعل والمفعول مع البلوغ والعقل والاختيار كما مر(حرا كان) كل منهما ، (أو عبدا ، مسلما أو كافرا محصنا أو غيره) على الأشهر ، لرواية سليمان بن هلال عن الصادق عليهالسلام قال : «إن كان دون الثقب فالحد ، وإن كان ثقب أقيم قائما
ثم ضرب بالسيف».
والظاهر أن المراد
بالحد الجلد.
(وقيل يرجم المحصن) ، ويجلد غيره جمعا بين رواية العلاء بن الفضيل عن الصادق عليهالسلام أنه قال : حد اللوطي مثل حد الزاني. وقال : إن كان قد أحصن
رجم ، وإلّا جلد وقريب منها رواية حماد بن عثمان ، وبين ما روي من قتل اللائط مطلقا
(١).
وقيل : يقتل مطلقا
(٢) ، لما ذكر ، والأخبار من الطرفين غير نقية السند ، والمتيقن المشهور ، والأصل
عدم أمر الآخر.
(ولو تكرر منه الفعل) الذي لا يوجب القتل ابتداء (٣) (مرتين مع تكرار الحد) عليه بأن حدّ لكل مرة(قتل في الثالثة) (٤) ، لأنه كبيرة وأصحاب الكبائر
______________________________________________________
ـ وذهب الصدوقان
وابن الجنيد إلى وجوب القتل إن لم يوقب وإما الإيقاب فهو الكفر لخبر حذيفة بن
منصور عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سأله عن اللواط ، فقال : بين الفخذين وسأله عن الموقب ،
فقال : ذلك الكفر بما أنزله الله على نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم) .
(١) سواء كان
محصنا أو لا ، وهذه الأخبار قد تقدمت سابقا.
(٢) وإن لم يوقب
كما عن الصدوقين وابن الجنيد.
(٣) كالتفخيذ.
(٤) كما عن ابن
إدريس لصحيح يونس عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام : (أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في
الثالثة).
وذهب المشهور إلى
أنه يقتل في الرابعة لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الزاني إذا زنا يجلد ثلاثا ويقتل في الرابعة) وهي وإن
كانت واردة في الزنا إلّا أنه لا فرق بين الزنا واللواط خصوصا ما ورد سابقا أن حكم
اللواط كحكم الزنا ، وعليه فهذه الرواية خاصة ومستند ابن إدريس عام ولا بد من
تقديم الخاص ، وللاحتياط في الدم.
__________________
مطلقا (١) إذا
أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة ، لرواية يونس عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام قال : «أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين
قتلوا في الثالثة».
(والأحوط) وهو الذي اختاره المصنف في الشرح قتله(في الرابعة) لرواية أبي بصير قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : الزاني إذا جلد ثلاثا يقتل في الرابعة» ، ولأن الحد مبني
على التخفيف ، وللاحتياط في الدماء ، وترجّح هذه الرواية بذلك (٢) ، وبأنها خاصة ،
وتلك عامة. فيجمع بينهما بتخصيص العام بما عد الخاص. وهو الأجود ، ولم لم يسبق حده
مرتين لم يجب سوى الجلد مائة (٣).(ولو تاب قبل قيام
البينة سقط الحد عنه قتلا) كان الحد(أو رجما أو جلدا) على ما فصّل (٤).
(ولو تاب بعده لم يسقط الحد ، وكذا) لو تاب(مع الإقرار ولكن يتخير الإمام في المقر) قبل التوبة(وبين العفو
والاستيفاء) كالزنا (٥).
(ويعزر من قبّل غلاما بشهوة) (٦) بما يراه الحاكم ، لأنه من جملة المعاصي ،
______________________________________________________
(١) سواء كانت
الكبيرة لواطا أو لا.
(٢) بكون الحد
مبنيا على التخفيف وبالاحتياط.
(٣) لأن النص
الدال على قتله قيّد القتل بما إذا حد سابقا ، فمع عدم الجلد سابقا يشك في قتله
فالأصل عدمه.
(٤) في الزنا.
(٥) فقد تقدم مرسل
البرقي : (إذا قامت البينة فليس للإمام أن يعفو ، وإذا أقرّ الرجل على نفسه فذاك
إلى الإمام إن شاء عفا وإن شاء قطع) .
(٦) بلا خلاف ،
لكون التقبيل بشهوة من المحرمات التي فيها التعزير بحسب ما يراه الحاكم.
وقيّد التقبيل
بالشهوة ليخرج ما لو كان التقبيل برأفة أو صداقة دنيوية أو عادة عرفية فلا حرج فيه
ولا إثم بل قد روي استحباب تقبيل القادم من مكة بلا خلاف ، وهذا لا فرق فيه بين
الرجل والمرأة في الفاعل ولا بين الصغير والصغيرة في المفعول به ، نعم في خبر
إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في محرم قبّل غلاما بشهوة قال : يضرب ـ
__________________
بل الكبائر المتوعد
عليه بخصوصه بالنار ، فقد روي «أن من قبّل غلاما بشهوة لعنته ملائكة السماء ،
وملائكة الأرضين ، وملائكة الرحمة ، وملائكة الغضب وأعدّ له جهنم وساءت مصيرا» (١)
وفي حديث آخر «من قبّل غلاما بشهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» (٢).
(وكذا) يعزر(الذكران المجتمعان تحت إزار واحد مجردين وليس بينهما رحم) أي قرابة(من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين) على المشهور (٣).
______________________________________________________
ـ مائة) . وحمل تغليظه على الإحرام فيكون فيه جهتان للتعزير ولذا
ساوى الحد ، وإلا فالتعزير لا بد أن يكون أقلّ من الحد.
(١) مستدرك
الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٣.
(٢) مستدرك
الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب النكاح المحرم حديث ٤.
(٣) ذهب إليه
الشيخ وابن إدريس والمحقق وأكثر المتأخرين جمعا بين خبر سليمان بن هلال : (سأل بعض
أصحابنا أبا عبد الله عليهالسلام فقال : جعلت فداك ، الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد ،
قال : ذوا رحم؟ فقال : لا ، قال : أمن ضرورة؟ قال : لا ، قال : يضربان ثلاثين سوطا)
، وبين خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجلين يوجدان في لحاف واحد فقال : يجلدان غير سوط
واحد) والأخبار لم تشترط التجرد من الثياب فاشتراط كما في فتاوى الأصحاب ليس في
محله ، نعم لو كان القيد أنهما ناما تحت لحاف واحد بريبة جلدا كان أولى.
وكذلك التقييد
بعدم الرحمية بينهما لأن الغالب من غير الأرحام يكون نومهم بريبة إذا اجتمعوا تحت
لحاف واحد ، وعليه فلو كانا أخوين وكان نومهما بريبة فلا بد من ثبوت الحكم عليهما
بتنقيح المناط.
وذهب الصدوق وابن
الجنيد إلى الجلد مائة تمام الحد لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (حد الجلد أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يجلدان إذا
وجدا في لحاف واحد الحد ، والمرأتان تجلدان إذا وجدتا في لحاف واحد) ، وحسنة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كان علي عليهالسلام إذا أخذ الرجلين في لحاف ضربهما الحد ، وإذا أخذ المرأتين
في لحاف ضربهما الحد) ومثلها غيرها.
__________________
أما تحديده في
جانب الزيادة فلأنه ليس بفعل يوجب الحد كملا. فلا يبلغ به ، ولقول الصادق عليهالسلام في المرأتين تنامان في ثوب واحد فقال : تضربان فقلت : حدا؟
قال : لا وكذا قال في الرجلين (١) ، وفي رواية ابن سنان (٢) عنه عليهالسلام : «يجلدان حدا غير سوط واحد».
وأما في جانب
النقيصة فلرواية سليمان بن هلال عنه قال : يضربان ثلاثين سوطا.
وطريق الجمع
الرجوع فيما بين الحدين إلى رأي الحاكم ، والتقييد بنفي الرحم بينهما ذكره المصنف
كغيره. تبعا للرواية (٣).
ويشكل بأن مطلق
الرحم لا يوجب تجويز ذلك (٤) ، فالأولى ترك القيد ، أو التقييد بكون الفعل محرّما.
(والسّحق يثبت بشهادة أربعة رجال) عدول ، لا بشهادة النساء منفردات ، ولا منضمات(أو الإقرار أربعا) من البالغة الرشيدة الحرة المختارة كالزنا (٥) (وحدّه مائة جلدة
(٦) حرة كانت كل واحدة منهما أو أمة. مسلمة أو كافرة. محصنة أو)
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ١٠ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١٦.
(٢) قد تقدمت في
الشرح سابقا.
(٣) مع أنه عليه
أن يقيد بغير الضرورة كما في الرواية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فعدم الرحمية
لإثبات أن النوم لريبة فالاولى الاقتصار عليه.
(٤) أي نومهما تحت
لحاف واحد.
(٥) وقد تقدم أن
إثباته كإثبات اللواط فراجع ، نعم لا تقبل شهادتهن منفردات لما ورد من عدم قبول
شهادتهن في الحدود إلّا ما خرج مثل خبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا تجوز شهادة النساء في الحد ولا في القود) .
(٦) كما عليه
الأكثر لموثق زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : (السحاقة تجلد) وظاهر الحد مائة لأنه في قبال الرجم ، وللمرسل عن أمير
المؤمنين عليهالسلام : (السحق في النساء كاللواط في الرجال ولكن فيه جلد مائة ،
لأنه ليس فيه إيلاج) ، وعن الشيخ في النهاية والقاضي وأبو الصلاح وابن حمزة
أنها ترجم مع الإحصان وتجلد مع عدمه لصحيح ابن ـ
__________________
(غير محصنة. فاعلة أو مفعولة) ولا ينتصف هنا في حق الأمة (١). ويقبل دعواها إكراه
مولاتها كالعبد (٢) ، كل ذلك (٣) مع بلوغها وعقلها ، فلو ساحقت المجنونة ، أو
الصغيرة أدّبتا خاصة ، ولو ساحقتهما بالغة حدّث دونهما.
وقيل : ترجم مع
الإحصان ، لقول الصادق عليهالسلام (٤) : «حدها حد
الزاني» وردّ بأنه أعم من الرجم فيحمل على الجلد جمعا.
(وتقتل) المساحقة(في الرابعة (٥) لو تكرر الحد ثلاثا). وظاهرهم هنا عدم الخلاف وأن حكمنا بقتل الزاني واللائط في
الثالثة كما اتفق في عبارة المصنف.
(ولو تابت قبل البينة سقط الحد) لا إذا تابت بعدها(ويتخير الإمام لو
تابت بعد الإقرار) كالزنا واللواط.
______________________________________________________
ـ أبي حمزة وهشام
وحفص عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أنه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال :
حدها حد الزاني ، فقالت المرأة : ما ذكر الله ذلك في القرآن؟ فقال عليهالسلام : بلى ، قالت : أين؟ قال : هنّ أصحاب الرس) ، وحد الزاني مشترك بين الجلد والرجم والتفريق بينهما
بالإحصان وعدمه.
وفيه : إن حد
الزاني أعم من الرجم والجلد فيحمل على الجلد جمعا بينها وبين موثق زرارة والمرسل.
هذا ما أشكل عليه ،
إلّا أنه سيأتي أن
حكم المحصنة هو الرجم في مسألة ما لو ساحقت المحصنة بكرا من نصوص صحيحة السند فلا
بد من العمل بها حينئذ.
(١) أي الحد في
باب المساحقة لعموم الدليل المتقدم الشامل لكل ما ذكر.
(٢) لأن المساحقة
كاللواط فكل ما ثبت هناك يثبت هنا.
(٣) من جلدها مائة
بالإقرار أو الشهادة.
(٤) في صحيح ابن
أبي حمزة وهشام وحفص المتقدم.
(٥) على الخلاف
المتقدم في باب اللواط كما صرح به غير واحد كما في الجواهر ، فجعل الشارح المسألة
هنا غير خلافية ليس في محله خصوصا بعد تصريحه في المسالك بأن الكلام في هذه
المسألة كالكلام في نظائرها هذا من جهة ومن جهة أخرى العجب من المصنف أنه حكم
بالقتل هنا في الرابعة وفي الزنا واللواط في الثالثة مع أن الجميع من واد واحد.
__________________
(وتعزر الأجنبيتان إذا تجردتا تحت إزار) بما لا يبلغ الحد (١) (فإن عزرتا مع
تكرار الفعل مرتين حدتا في الثالثة) (٢) فإن عادتا عزرتا مرتين ثم حدتا في الثالثة(وعلى هذا) أبدا.
وقيل : تقتلان في
الثالثة.
وقيل : في
الرابعة. والمستند ضعيف وقد تقدم وجه التقييد بالأجنبيتين.
(ولو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت البكر (٣) فالولد للرجل) لأنه مخلوق
______________________________________________________
(١) من ثلاثين إلى
تسعة وتسعين على المشهور ، ومن تمام الحد عند غيره كما تقدم في باب اللواط.
(٢) حدا كاملا أي
جلد مائة وعليه مشهور المتأخرين ، وذهب ابن إدريس إلى القتل في الثالثة لأن النوم
تحت لحاف واحد كبيرة وأصحاب الكبائر يقتل فاعلها في الثالثة كما تقدم.
وذهب الشيخ في
النهاية وابن البراج والعلامة في المختلف إلى قتلهما بالرابعة لرواية أبي خديجة عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (لا ينبغي لامرأتين تنامان في لحاف واحد إلا وبينهما
حاجز ، فإن فعلتا نهيتا عن ذلك ، فإن وجدتا في الثالثة حدتا ، فإن وجدتا في
الرابعة قتلتا) ، ولضعف المستند وللاحتياط في التهجم على الدماء لم يذهب
المشهور إلى القتل في الرابعة وإنما التعزير في كل مرة والجلد في كل ثالثة.
(٣) ذهب الشيخ
وأتباعه أنه على المرأة الرجم وعلى الصبية الجلد بعد الوضع ، ويلحق الولد بالرجل
وتلزم المرأة بالمهر للبكر لصحيح ابن مسلم : (سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهماالسلام يقولان : بينما الحسن بن علي في مجلس أمير المؤمنين عليهالسلام إذ أقبل قوم فقالوا : يا أبا محمد أردنا أمير المؤمنين ،
قال : وما حاجتكم؟ قالوا : أردنا أن مسأله عن مسألة ، قال : وما هي تخبرونا بها؟
قالوا : امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جارية بكر
فساحقتها فوقعت النطفة فيها فحملت ، فما تقول في هذا؟
فقال الحسن :
معضلة وأبو الحسن لها ، وأقول : فإن أصبت فمن الله ومن أمير المؤمنين وإن أخطأت
فمن نفسي ، فأرجو أن لا أخطئ إن شاء الله ، يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر
الجارية البكر في أول وهلة لأن الولد لا يخرج منها حتى تشق فتذهب عذرتها ، ثم ترجم
المرأة لأنها محصنة وينتظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها ويرد الولد إلى أبيه صاحب
النطفة ثم تجلد الجارية الحدّ ، فانصرف القوم من عند الحسن عليهالسلام فلقوا أمير ـ
__________________
من مائه ، ولا
موجب لانتفائه عنه ، فلا يقدح كونها (١) ليست فراشا له ، ولا يلحق بالزوجة قطعا ،
ولا بالبكر على الأقوى (٢) (وتحدان) المرأتان حد السحق (٣) ، لعدم الفرق فيه بين المحصنة
وغيرها (٤) (ويلزمها) أي الموطوءة (٥) ضمان(مهر المثل للبكر)
______________________________________________________
ـ المؤمنين عليهالسلام فقال : ما قلتم لأبي محمد وما قال لكم؟ فأخبروه ، فقال :
لو أنني المسئول ما كان عندي فيها أكثر مما قال ابني) ومثله غيره.
وناقش ابن إدريس :
أولا : بأن
الأصحاب لا يرجمون المساحقة فكيف حكم برجم المساحقة في الخبر.
وثانيا : بأن
الولد غير مولود على فراش الرجل لأن الجارية ليست زوجة ولا ملكا له فكيف يلحق به.
وثالثا : إلزام
المهر على الفاعلة ليس في محله لأن البكر ليست مكرهة بل مطاوعة ولذا تجلد ولا مهر
لبغي فكيف يكون لها مهر. وبعضهم وافقه على إشكال الرجم ترجيحا لما دل على الجلد ،
وأما الإشكالان الأخيران فمردودان أما الولد فيلحق بالرجل لأنه من نطفته فيلحق به
شرعا وعرفا وهذا أصل خرج منه ماء الزاني للنص فيبقى الباقي.
وأما المهر لأن
المرأة سبب في إذهاب عذرة البكر ، ودية العذرة مهر نسائها فقياسها على الزانية في
سقوط دية العذرة ليس في محله لأن الزانية أذنت في الافتضاض وأما البكر فلم تأذن ،
هذا فضلا عن أن النص السابق حائز على شرائط العمل به لأنه صحيح ويوافقه غيره من
الأخبار فلا بد من العمل به ، ولعل رجمها إما لخصوصية في هذه المسألة وإما لأن حكم
المحصنة إذا ساحقت هو الرجم وهو الظاهر كما عليه الشيخ وجماعة ويؤيده صحيح ابن أبي
حمزة وهشام وحفص عن أبي عبد الله المتقدم سابقا فراجع.
(١) كون البكر.
(٢) قال الشارح في
المسالك : «إلحاقه بها وجهان من حيث إنه ولدته من غير زنا فيلحق بها ، ومن انتفاء
سبب الإلحاق وهو العقد الصحيح أو الشبهة لأنه بحكم الزنا ولهذا يجب عليها الحد وهو
أقوى».
(٣) وهو الجلد على
مبنى الشارح.
(٤) وقد عرفت
الفرق فضلا عن دلالة الصحيحة عليه فترجم المحصنة وتجلد البكر.
(٥) أي زوجة
الرجل.
__________________
لأنها سبب في
إذهاب عذرتها ، وديتها مهر نسائها ، وليست كالزانية المطاوعة ، لأن الزانية أذنت
في الافتضاض ، بخلاف هذه.
وقيل : ترجم
الموطوءة استنادا إلى رواية ضعيفة السند (١) مخالفة لما دل على عدم رجم المساحقة
مطلقا (٢) من الأخبار الصحيحة (٣).
وابن إدريس نفى
الأحكام الثلاثة.
أما الرجم فلما
ذكرناه ، وأما إلحاق الولد بالرجل فلعدم ولادته على فراشه والولد للفراش ، وأما
المهر فلأن البكر بغي بالمطاوعة فلا مهر لها. وقد عرفت جوابه.
(والقيادة : الجمع بين فاعلي الفاحشة) من الزنا واللواط والسحق(وتثبت بالإقرار
مرتين (٤) من الكامل) بالبلوغ والعقل والحرية(المختار) غير المكره ، ولو أقر مرة واحدة عزر(أو بشهادة شاهدين (٥) ذكرين عدلين(والحد) للقيادة(خمس وسبعون جلدة (٦) حرا كان) القائد(أو عبدا. مسلما) كان(أو كافرا.)
______________________________________________________
(١) وقد عرفت أنها
صحيحة السند بالإضافة إلى تصريحه بالصحة في المسالك ، فضلا عن موافقتها لعدة أخبار
وقد عقد لها صاحب الوسائل بابا فراجع ، وهذا ما يوجب الاطمئنان بصدورها.
(٢) سواء كانت
محصنة أو لا.
(٣) وقد عرفت أن
التي حكمت بجلد المساحقة هي موثق زرارة والمرسل عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، بل الصحيح قد دل على رجم المحصنة.
(٤) فلا نص خاص في
ذلك ، فيجب أن يكتفي بالإقرار مرة ، ولكن ظاهرهم الاتفاق على المرتين هنا وقال سيد
الرياض : «ومستندهم غير واضح» ، نعم عن المراسم والمختلف أن كل ما فيه بينة شاهدين
من الحدود فالإقرار فيه مرتان ، وفيه : إن تم الإجماع فهو وإلّا فعموم نفوذ
الإقرار يوجب الاكتفاء بالواحد.
وعن التحرير أنه
لو أقرّ مرة عزر لما مرّ في نظائره من أنه فعل محرّم من الكبائر ، وكل ما كان من
الكبائر يوجب إقراره أكثر من مرة الحد فلا بدّ أن يعزّر في المرة الأولى ، وكما
ترى أرسله من دون دليل قد استند عليه.
(٥) بلا خلاف فيه
لعموم أدلة البينة ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات أو منضمات لما مرّ من عدم
قبول شهادتهن في الحد كما في خبر غياث بن إبراهيم المتقدم.
(٦) ثلاثة أرباع
حد الزاني بلا خلاف فيه لخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام :
(رجلا) كان(أو امرأة).
(وقيل) والقائل الشيخ : يضاف إلى جلده أن(يحلق رأسه ويشهّر) في البلد(وينفى) عنه إلى غيره من الأمصار من غير تحديد لمدة نفيه(بأول مرة) ، لرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ووافقه المفيد على ذلك ، إلا أنه جعل النفي في الثانية(ولا جزّ على المرأة ، ولا شهرة ، ولا نفي) (١) للأصل ، ومنافاة النفي لما يجب مراعاته من ستر المرأة.
(ولا كفالة في حد) (٢) بأن يكفل لمن ثبت عليه الحد إلى وقت متأخر عن
______________________________________________________
ـ (سأله عن القواد
فقال عليهالسلام : يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني خمسة وسبعين سوطا وينفى من
المصر الذي هو فيه) وهو عام يشمل الرجل والمرأة والمسلم والكافر والحر والعبد.
إلّا أنهم اختلفوا
في ثبوت آخر مع الجلد ، فعن الشيخ في النهاية أثبت مع الجلد حلق الرأس وشهرته في
البلد والنفي من بلده إلى غيره ، وعن المفيد يجلد في المرة الأولى ويحلق رأسه
ويشهّر فإن عاد ثانية جلد ونفي وتبعه أبو الصلاح وسلّار ، وزاد أبو الصلاح فإن عاد
ثالثة جلد وإن عاد رابعة استتيب فإن تاب قبلت توبته وجلد وإن أبى التوبة قتل ، وإن
تاب في الرابعة ثم أحدث بعد التوبة خامسة قتل على كل حال.
والرواية لم تذكر
مع الجلد إلّا النفي ، وادعى الإجماع كما في الانتصار والغنية على الحلق والتشهير
، وهذا هو مستند قول الشيخ.
ولا يوجد ما يدل
على قول المفيد ، نعم ما ذكره أبو الصلاح يؤيده ما قاله ابن زهرة في الغنية : «وروي
أنه إن عاد ثالثة جلد فإن عاد رابعة عرضت عليه التوبة فإن أبى قل ، وإن أجاب قبلت
توبته وجلد فإن عاد خامسة بعد التوبة قتل من غير أن يستتاب» إلا أن المشهور بين
المتأخرين اقتصروا على الضرب لأن في طريقها محمد بن سليمان وهو مشترك بين الثقة
وغيره فيقتصر في مقام العمل بها على القدر المتيقن وهو الجلد ، وأما غيره من النفي
والتشهير والحلق فمشكوك فالأصل البراءة بعد ضعف ما رواه ابن زهرة.
(١) نفي الثلاثة
عن المرأة موطن اتفاق كما في الجواهر ، لأن الخبر محمول على الرجل ففي المرأة
فالأصل العدم مضافا إلى أن النفي والشهرة يخالف صون المرأة ووجوب الحفاظ عليها حتى
لا تقع في طريق الفاحشة.
(٢) الكفالة هي
تأخير الحد بطلب من شخص مع كفالته بإحضاره ، وهي منفية سواء كان ـ
__________________
وقت ثبوته(ولا تأخير فيه) (١) ، بل يستوفى متى ثبت ، ومن ثم حدّ شهود الزنا قبل كمالهم
في مجلس الشهادة (٢) وإن كان الانتظار يوجب كمال العدد(إلا مع العذر) المانع من إقامته (٣) في ذلك الوقت(أو توجه ضرر به)
(٤) فتشرع الكفالة والتأخير إلى وقت القدرة(ولا شفاعة في إسقاطه) (٥) ،
______________________________________________________
ـ الحد للزنا أو
لغيره بلا خلاف فيه لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا كفالة في حد) .
(١) في الحد ، فلا
يؤخر ولو ساعة بعد ثبوت موجبه ، ففي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام : (ليس في الحدود نظر ساعة) وفي مرسل الصدوق عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (إذا كان في الحد لعلّ أو عسى فالحد معطّل) .
(٢) كما في خبر
السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام : (في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، فقال علي عليهالسلام : أين الرابع؟ قالوا : الآن يجيء ، فقال علي عليهالسلام : حدّوهم فليس في الحدود نظر ساعة) .
(٣) كما لو كان في
شدة البرد أو شدة الحر أو في أرض العدو ، فقد وردت الأخبار بالنهي عن إقامته في
هذه الموارد الثلاثة ، ففي مرسل داود : (مررت مع أبي عبد الله عليهالسلام بالمدينة في يوم بارد وإذا رجل يضرب بالسياط ، فقال أبو
عبد الله عليهالسلام : سبحان الله في مثل هذا الوقت يضرب؟ قلت له : وللضرب حدّ
، قال : نعم إذا كان في البرد ضرب في حر النهار ، وإذا كان في الحر ضرب في برد
النهار) وفي خبر إسحاق عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا تقام الحدود بأرض العدو مخافة أن تحمله الحمية فيلحق
بالعدو) .
(٤) بالحد على
المحدود كما لو كان مريضا أو امرأة حامل.
(٥) بلا خلاف فيه
لأخبار منها : خبر المثنى الحنّاط عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأسامة بن زيد : لا يشفع في حد) وخبر محمد بن قيس عن أبي ـ
__________________
لأنه حق الله ، أو
مشترك (١) ولا شفاعة في إسقاط حق الله تعالى. قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا كفالة في حد وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لا يشفعن أحد في حدّ» وقال عليهالسلام : ليس في الحدود نظرة ساعة.
(الفصل الثالث ـ في
القذف) (٢)
(وهو الرمي بالزنا ، أو اللواط (٣) مثل قوله : زنيت) بالفتح(أو لطت ، أو)
______________________________________________________
ـ جعفر عليهالسلام : (كان لأم سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمة فسرقت من قوم ، فأتى بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فكلمته أم سلمة فيها فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أم سلمة هذا حدّ من حدود الله لا يضيع ، فقطعها رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا يشفعنّ أحد في حد إذا بلغ الإمام فإنه لا يملكه ،
واشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم) .
(١) بين حق الله
وحق الناس كحد القذف.
(٢) وهو لغة الرمي
، وكأن الساب الذي يسبّ الآخر بالفعل الشنيع من الزنا أو اللواط يكون قد رماه
بالكلمة المؤذية.
وهو من الكبائر بل
من السبع الموبقات ففي صحيح مسعدة بن صدقة : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام : الكبائر القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله والأمن
من مكر الله وقتل النفس التي حرم الله وعقوق الوالدين وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل
الربا بعد البينة والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنة والفرار من الزحف) .
(٣) والرمي بهما
موطن وفاق ، وأما الرمي بالسحق فذهب بعضهم كابن الجنيد والمحقق إلى تحققه بالرمي
به ، لأن السحق كالزنا من ثبوت الحد فيه واعتبار شهادة الأربع والإقرار كذلك ،
وذهب العلّامة وابن إدريس إلى العدم للأصل ، ولحصر الفرية في ثلاثة وجوه ـ ليس
الرمي بالسحق منها ـ في حسنة ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن الفرية ثلاث ـ يعني ثلاث وجوه ـ : رمي الرجل بالزنا
، وإذا قال إن أمه زانية ، وإذا ادعي لغير أبيه ، فذلك فيه حدّ ثمانون) .
وفيه : إن الحصر
إضافي إذ لم يذكر الرمي باللواط مع أنه وفاقي.
__________________
(أنت زان أو لائط وشبهه) من الألفاظ الدالة على القذف(مع الصراحة (١)
والمعرفة) (٢) أي معرفة القاذف(بموضوع اللفظ بأي
لغة كان) وإن لم يعرف
المواجه معناه ، ولو كان القائل جاهلا بمدلوله فإن عرف أنه يفيد فائدة يكرهها
المواجه عزر (٣) ، وإلا فلا(أو قال لولده الذي أقر به (٤). لست ولدي) أو لست لأبيك ، أو زنت بك أمك ، ولو لم يكن قد أقرّ به
لكنه لاحق به شرعا بدون الإقرار فكذلك ، لكن له دفع الحد باللعان ، بخلاف المقرّ
به فإنه لا ينتفي مطلقا (٥) (ولو قال لآخر) غير ولده : (زنا بك أبوك ، أو
يا ابن الزاني حدّ للأب) خاصة (٦) ، لأنه قذف له دون المواجه ، لأنه لم ينسب إليه فعلا لكن يعزر له
كما سيأتي ، لتأذيه به.
(ولو قال : زنت بك أمك أو يا ابن الزانية حد للأم ، ولو قال
: يا ابن الزانيين فلهما ، ولو قال : ولدت من الزنا (٧) فالظاهر القذف للأبوين) ، لأن تولده
______________________________________________________
(١) أي تكون
الألفاظ ظاهرة في نسبة الزنا أو اللواط إلى المواجه.
(٢) أي معرفة
القاذف بما دفع له اللفظ لغة أو عرفا ، وإن لم يعرف المخاطب ، وجهل المخاطب لا يضر
، كما أن جهل المتكلم بما وضع له اللفظ لا يحقق مفهوم الرمي والقذف بالفعل الشنيع
من الزنا ونحوه.
(٣) لإقدامه على
الفعل المحرم وإن لم يعرف ماهيته.
(٤) أو حكم له به
شرعا ، فقال له : لست ولدي ، فيجب عليه الحد بلا خلاف ، لأنه قذف لأمه صراحة ، وفي
خبر السكوني عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (من أقرّ بولد ثم نفاه وجب الحد وألزم الولد) (.
(٥) سواء لاعن
القاذف أو لا.
(٦) لأن القذف
حقيقة للأب دون الولد ، وإن كان الولد هو المخاطب بالكلام ، نعم يعزّر القاذف لأنه
قد أذّى المخاطب بتوجيه قذف أبيه إليه بلا خلاف فيه.
(٧) ففي وجوب الحد
قولان :
الأول : ثبوت الحد
ـ وهو الأشهر ـ لتصريحه بالقذف لكن وقع الاشتباه في متعلق القذف الذي هو مستحق
الحد ولذا ذهب الشيخان والقاضي والمحقق في النكت أنه للأم ، لاختصاصها بالولادة ،
وقد عدّى القاذف الولادة إلى الزنا بحرف الجر ، ومقتضاه نسبة الأم إلى الزنا فيكون
قد خصّ الأم بالقذف ، وذهبت جماعة إلى أن القذف للأبوين لأن ـ
__________________
إنما يتحقق بهما
وقد نسبه (١) إلى الزنا فيقوم بهما (٢) ويثبت الحد لهما ، ولأنه الظاهر عرفا.
وفي مقابلة الظاهر
كونه قذفا للأم خاصة ، لاختصاصها بالولادة ظاهرا.
ويضعف بأن نسبته (٣)
إليهما واحدة ، والاحتمال قائم فيهما (٤) بالشبهة فلا يختص أحدهما به (٥).
وربما قيل
بانتفائه لهما (٦) ، لقيام الاحتمال بالنسبة إلى كل واحد وهو دارئ للحد إذ هو
شبهة.
والأقوى الأول إلا
أن يدعي (٧) الإكراه ، أو الشبهة في أحد الجانبين فينتفي حده.
(ومن نسب الزنا إلى غير المواجَه) كالأمثلة السابقة(فالحد للمنسوب
إليه ويعزر للمواجه أن تضمن شتمه وأذاه) كما هو الظاهر في الجميع.
______________________________________________________
ـ الولادة لا تتم
إلا بهما فنسبة الولادة إلى الزنا هي نسبة الوالدين إليه ، وهو أحد قولي العلّامة.
القول الثاني :
إنه لا يثبت لأحد الأبوين ولا للمخاطب حدّ على القاذف ، أما المخاطب وهو الولد فلم
ينسب الفعل إليه ، وإما الأبوان فلأن اللفظ المذكور يحتمل أن يحمل على نسبة الزنا
للأم لأن الأب مشتبه أو مكره ، ويحتمل أن يحمل على نسبة الزنا للأب لأن الأم كذلك
، ويحتمل أن يحمل على نسبة الزنا للوالدين ، فإذا تعدد الاحتمال لم يعلم كونه قذفا
صريحا لأحدهما ، وحد القذف متوقف على مطالبة المقذوف ، ومع عدم تعينه فلا يثبت
الحد ، وفيه : إن الحد لا يخرج عن الأبوين فلو اجتمعا وطالبا بالحد فوجب أن يثبت
لأن المستحق للحد لا يعدوهما فلا يمكن إسقاط الحد حينئذ.
(١) نسب التولد.
(٢) أي التولد
قائم بالأبوين.
(٣) نسبة التولد.
(٤) في الأبوين.
(٥) باحتمال
الشبهة بل يعمهما.
(٦) بانتفاء القذف
للأبوين.
(٧) القاذف.
(ولو قال لامرأة : زنيت بك (١) احتمل الإكراه فلا يكون قذفا
لها) لأن المكره غير
زان ، ومجرد الاحتمال كاف في سقوط الحد ، سواء ادعاه القاذف أم لا ، لأنه شبهة
يدرأ بها الحد.
(ولا يثبت الزنا في حقه إلّا بإقرار أربع مرات) كما سبق (٢).
ويحتمل كونه قذفا
، لدلالة الظاهر عليه ، ولأن الزنا فعل واحد يقع بين اثنين ، ونسبة أحدهما إليه
بالفاعلية ، والآخر بالمفعولية.
وفيه أن اختلاف
النسبة يوجب التغاير والمتحقق منه كونه هو الزاني.
والأقوى أنه قذف
لها ، لما ذكر (٣) ، ولرواية محمد بن مسلم عن الباقر (٤)
______________________________________________________
(١) سواء كانت
امرأته أو لا ، ففي كونه قذفا لها قولان :
الأول : أنه قذف
لها لأن الزنا فعل واحد يقع من اثنين ونسبته إلى أحدهما بالفاعلية وإلى الآخر
بالمفعولية ، فإذا اعترف بنسبة الفاعلية إليه فيكون قد اعترف بنسبة المفعولية
إليها ، وهذا ما ذهب إليه المفيد والشيخ في النهاية والمبسوط وأتباعه.
الثاني : عدم كونه
قذفا لأن نسبة الفاعلية إليها لا تستدعي نسبة مفعولية الزنا إليها ، لاحتمال أن
تكون مكرهة وإليه ذهب ابن إدريس والمحقق والعلّامة وجماعة.
وأشكل على القول
الثاني بأن لفظ : (زنيت بك) ظاهر في القذف واحتمال الإكراه لا معنى له بدليل ما لو
قال شخص عن آخر : «إنه منكوح في دبره» فإنه قذف يوجب الحد بالإجماع مع احتمال
الإكراه.
والإشكال مردود
لأن الإكراه في النساء عادة بخلاف الإكراه في الرجال فهو نادر أو معدوم ، والأقوى
أنه ليس بقذف لاحتمال الإكراه ولصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (في رجل قال لامرأته : يا زانية ، أنا زنيت بك ، قال عليهالسلام : عليه حد واحد لقذفه إياها ، وأما قوله : أنا زنيت بك فلا
حد عليه إلا أن يشهد على نفسه أربع مرات عند الإمام) .
(٢) في باب الزنا
واللواط وصريح صحيح ابن مسلم المتقدم دال عليه.
(٣) من دلالة
الظاهر عليه عرفا ، وفيه : قد تقدم ضعفه.
(٤) وهي الصحيح
المتقدم بدعوى أن صورها قد أوجب الحد عليه لأنه قال لها : أنا زنيت بك ، وفيه : إن
الحد في الصور لأنه قال لها : يا زانية ، وأما قوله : «أنا زنيت بك» مجردا كما هو
مفروض المسألة هنا فقد صرح ذيل الخبر بعدم الحد.
__________________
(والديوث والكشخان والقرنان (١) قد تفيد القذف في عرف
القائل فيجب الحد للمنسوب إليه) مدلول هذه الألفاظ من الأفعال ، وهو أنه قواد على زوجته أو
غيرها من أرحامه(وإن لم تفد) ذلك(في عرفه) نظرا إلى أنها لغة غير موضوعة لذلك ، ولم يستعملها أهل
العرف فيه(وأفادت شتما) لا يبلغ حد النسبة إلى ما يوجب الحد(عزّر) القائل كما في كل
شاتم بمحرّم. والديوث الذي لا غيرة له قاله الجوهري.
وقيل : الذي يدخل
الرجال على امرأته. قال تغلب : والقرنان والكشخان لم أرهما في كلام العرب. ومعناه
عند العامة مثل معنى الديوث أو قريب منه.
وقيل : القرنان من
يدخل على بناته ، والكشخان من يدخل على أخواته.
(ولو لم يعلم) القائل(فائدتها أصلا) بأن لم يكن من أهل العرف بوضعها لشيء من ذلك ، ولا اطلع
على معناها لغة(فلا شيء عليه وكذا) القول(في كل قذف جرى على لسان من لا يعلم معناه) لعدم قصد شيء من القذف ولا الأذى وإن أفاد في عرف المقول
له(والتأذي) (٢) أي قول ما يوجب أذى المقول له من
______________________________________________________
(١) هذه الألفاظ
الثلاثة غير موضوعة لمعنى بحسب أصل اللغة وإنما هي ألفاظ تداولتها العامة فيما
بينهم ، وقد اختلف في تحديد معانيها العرفية ولذا قال الشارح في المسالك : «هذه
الألفاظ ليست موضوعة لغة لمعنى يوجب القذف ، وإنما هي ألفاظ عرفية يرجع فيها إلى
عرف القائل ، فإن أفادت القذف لزمه الحد وإلّا فلا ، قال تغلب : القرنان والكشخان
لم أرهما في كلام العرب ، ومعناه عند العامة مثل معنى الديوث أو قريب منه ، وقد
قيل : إن الديوث هو الذي يدخل الرجال على امرأته ، وقيل : القرنان يدخلهم على
بناته ، والكشخان على أخواته ، وعلى هذا فإن كان ذلك متعارفا عند القاذف ثبت عليه
الحد ترجيحا لجانب العرف على اللغة ، وإلا فإن أفادت فائدة يكرهها المواجه دون ذلك
ـ أي دون الزنا واللواط والقيادة لهما ـ فعليه التعزير ، وإن انتفى الأمران فلا شيء».
ومنه تعرف ضعف ما
أطلقه صاحب الجواهر عن أهل اللغة : (القرنان القذف بالأخت والكشخان القذف بالأم
والديوث القذف بالزوجة).
(٢) أي لو قال شخص
لآخر قولا يوجب أذيته كقوله : «يا خسيس أو يا حقير أو يا وضيع ، أو يا فاسق ، أو
يا خائن ، ونحو ذلك مما يوجب الأذية ولم يصل إلى حد القذف ، فعليه ـ
الألفاظ الموجبة
له مع العلم (١) بكونها مؤذية وليست موضوعة للقذف عرفا ولا وضعا (والتعريض) (٢) بالقذف دون التصريح به(يوجب التعزير) ، لأنه محرم(لا الحد) لعدم القذف الصريح(مثل قوله : هو
ولد حرام) هذا يصلح مثالا
للأمرين ، لأنه يوجب الأذى وفيه تعريض بكونه ولد زنا ، لكنه محتمل لغيره بأن يكون
ولد بفعل محرم وإن كان من أبويه بأن استولده حالة الحيض أو الإحرام عالما. ومثله
لست بولد حلال ، وقد يراد به عرفا أنه ليس بطاهر الأخلاق ، ولا وفيّ بالأمانات
والوعود ، ونحو ذلك فهو أذى على كل حال. وقد يكون تعريضا بالقذف.
(أو أنا لست بزان) (٣) هذا مثال للتعريض بكون المقول له أو المنبه عليه
______________________________________________________
ـ التعزير بلا
خلاف للأخبار.
منها : خبر أبي
مريم عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في الهجاء بالتعزير) وخبر جرّاح المدائنيّ عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال : إذا قال الرجل أنت خبيث أو أنت خنزير فليس فيه
حدّ ولكن فيه موعظة وبعض العقوبة) وخبر قرب الإسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهماالسلام : (في رجل قال لرجل : يا شارب الخمر يا آكل الخنزير قال :
لا حدّ عليه ولكن يضرب أسواطا) .
(١) لأنه مع الجهل
لم يقصد أذيته.
(٢) أي التعريض
بالقذف دون التصريح به كقوله : إنه ليس بولد حلال أو إنه ولد حرام ، فهو تعريض
بالقذف لاحتمال إرادة الزنا ولاحتمال أنه انعقدت نطفته حال الحيض أو الإحرام أو
أنه غير نقي القلب وليس بطاهر النفس وغير حسن الأخلاق إذ يطلق ابن الحلال في العرف
على المتصف بنقاوة القلب أو طهارة النفس أو الأخلاق الصالحة.
فإنه يعزر بلا
خلاف لصحيح عبد الرحمن : (سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن رجل سبّ رجلا بغير قذف فعرّض به هل يجلد؟ قال : لا ،
عليه تعزير) .
وخالف ابن إدريس
في لفظ : «ولد الحرام» وجعله كولد الزنا موجب لحد القذف لأنهما عند العرف واحد ،
وفيه : إن العرف كثيرا ما يطلق هذا اللفظ على خبيث النفس وسيّئ الأخلاق وقبيح
الفعل ، ومعه لا يكون هذا اللفظ صريحا في القذف ، ولا أقل من الاحتمال الموجب
لسقوط الحد لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
(٣) فلا حدّ
لاعتبار التصريح في ألفاظ القذف تمسكا بصحيح عبد الرحمن حيث التعريض ـ
__________________
زانيا ، (ولا أمي زانية) تعريض بكون أم المعرّض به زانية.
(أو يقول لزوجته : لم أجدك عذراء) (١) أي بكرا فإنه تعريض بكونها زنت قبل تزويجه وذهبت بكارتها
مع احتماله (٢) غيره (٣) بأن يكون ذهابها بالنزوة (٤) أو الحرقوص (٥) فلا يكون
حراما. فمن ثم كان تعريضا ، بل يمكن دخوله فيما يوجب التأذي مطلقا (٦). وروى زرارة
عن أبي جعفر عليهالسلام في رجل قال لامرأته : لم أجدك عذراء قال : «ليس عليه شيء
، لأن العذرة تذهب بغير جماع» وتحمل على أن المنفي الحد ، لرواية أبي بصير عن
الصادق عليهالسلام أنه قال : يضرب.
(وكذا يعزر بكل ما) أي قول(يكرهه المواجَه) ، بل المنسوب إليه وإن لم
______________________________________________________
ـ موجبا للتعزير ،
وإن كان قد قصد لازم المعنى من نسبة الزنا إلى المخاطب.
(١) فعليه التعزير
لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل قال لامرأته : لم أجدك عذراء ، قال : يضرب فإنه
يوشك أن ينتهي) وحمل الضرب على التعزير دون الحد مع أنه يشملهما لخبر يونس
عن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل قال لامرأته : لم تأتني عذراء ، قال : ليس بشيء
لأن العذرة تذهب بغير جماع) فيكون المنفي في الخبر هو الحد.
وخالف في ذلك ابن
عقيل فأوجب الحد لصحيح ابن سنان : (إذا قال الرجل لامرأته لم أجدك عذراء وليست له
بينة يجلد الحد ويخلى بينه وبين امرأته) وحمل على ما لو قال ذلك مع قرينة تدل على إرادة نسبة الزنا
إليها ، وإلّا فالاقتصار على هذا اللفظ المحتمل أن يكون مقصوده ذهاب بكارتها بغير
الزنا مع العلم بأنه يشترط التصريح بالقذف ليس في محله.
(٢) احتمال قوله :
لم أجدك عذراء.
(٣) غير الزنا.
(٤) أي القفزة.
(٥) بالضم دويبة
كالبرغوث حمّتها كحمّة الزنبور والقراد ، تدخل في فروج الجواري كما عن قاموس
اللغة.
(٦) سواء عرّض
بالزنا أو لا.
__________________
يكن حاضرا ، لأن
ضابط التعزير فعل المحرم وهو غير مشروط بحضور المشتوم(مثل الفاسق ،
وشارب الخمر وهو مستتر) (١) بفسقه وشربه فلو كان متظاهرا بالفسق لم يكن له حرمة(٢).
(وكذا الخنزير والكلب والحقير والوضيع) والكافر والمرتد ، وكل كلمة تفيد الأذى عرفا ، أو وضعا مع
علمه بها فإنها توجب التعزير(إلا مع كون المخاطب مستحقا للاستخفاف) به ، لتظاهره بالفسق فيصح مواجهته بما تكون نسبته إليه حقا
، لا بالكذب.
وهل يشترط مع ذلك (٣)
جعله على طريق النهي (٤) فيشترط شروطه أم يجوز الاستخفاف به مطلقا (٥) ظاهر النص
والفتاوى الثاني والأول أحوط.
(ويعتبر في القاذف) الذي يحد(الكمال) بالبلوغ والعقل (٦) (فيعزر الصبي)
______________________________________________________
(١) وقد تقدم
البحث في التأذي.
(٢) فلو كان
المقول له مستحقا للاستخفاف به إما لكفره أو لتجاهره بالفسق أو لكونه صاحب بدعة
فلا حد ولا تعزير في توجيه كلام يؤذيه بلا خلاف فيه بل ففي الخبر : (إذا جاهر
الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة) وفي النبوي : (إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا
البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم وأهينوهم ـ وفي نسخة وباهتوهم ـ) .
نعم أذيتهم بالقول
مشروط بعدم كونه قذفا لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (نهى عن قذف من ليس على الإسلام إلا أن يطلع على ذلك
منهم ، وقال : أيسر ما يكون أن يكون قد كذب) (.
(٣) مع كونه
مستحقا للاستخفاف.
(٤) أي النهي عن
المنكر.
(٥) ولو لدواعي
هزلية.
(٦) بلا خلاف فيه
، ففي صحيح الفضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا حدّ لمن لا عليه حد ، يعني لو أن مجنونا قذف رجلا لم
أر عليه شيئا ، ولو قذفه رجل فقال له : يا زاني لم ـ
__________________
خاصة(ويؤدب المجنون) (١) بما يراه الحاكم فيهما. والأدب (٢) في معنى التعزير كما
سلف(وفي اشتراط الحرية في كمال الحد) فيحد العبد والأمة أربعين ، أو عدم الاشتراط فيساويان
الحرّ(قولان) (٣) أقواهما وأشهرهما الثاني ، لعموم (وَالَّذِينَ
______________________________________________________
ـ يكن عليه حد) وفي خبر أبي مريم عن أبي جعفر عليهالسلام : (سأله عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل هل يحدّ؟ قال : لا
، وذلك لو أن رجلا قذف الغلام لم يحد) وهي تدل على اشتراط البلوغ والعقل في القاذف والمقذوف.
(١) بشرط أن يكون
ذا شعور والصبي مميزا وإلّا فلا وجه للتعزير لا عقلا ولا شرعا.
(٢) أي التأديب في
معنى التعزير وإن كان التعزير يشمل المكلف وغيره بخلاف التأديب فإنه يختص بغير
المكلف.
(٣) فعلى المشهور
شهرة عظيمة أنه لا تشترط الحرية وحد العبد كحد الحر لعموم الآية : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) ولحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين ، قال : هذا من حقوق
الناس) ومن التعليل يستفاد كلما كان من حقوق الناس لا ينتصف الحد
على العبد وخبر سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل إذا قذف المحصنة جلد ثمانين ، حرا كان أو
مملوكا) ومثله غيره من الأخبار.
وذهب الصدوق في
الهداية والشيخ في المبسوط إلى أنه لو كان عبدا فيضرب نصف حد الحر لأصالة البراءة
عن الزائد ، ولقوله تعالى : (فَإِنْ أَتَيْنَ
بِفٰاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ
مِنَ الْعَذٰابِ) ولخبر القاسم بن سليمان : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن العبد إذا افترى على الحر كم يجلد؟ قال : أربعين) .
وأجيب بأن مع عموم
آية القذف وتلك الأخبار ينقطع الأصل ، والآية التي استدل بها الشيخان مختصة بالزنا
لا بالقذف ، وخبر القاسم بن سليمان شاذ كما صرح نفس الشيخ في التهذيب فلا يعمل به.
ـ
__________________
يَرْمُونَ
الْمُحْصَنٰاتِ) (١) ولقول الصادق عليهالسلام في حسنة الحلبي : «إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين جلدة»
وغيرها من الأخبار. والقول بالتنصيف على المملوك للشيخ في المبسوط ، لأصالة
البراءة من الزائد ، وقوله تعالى : (فَإِنْ أَتَيْنَ
بِفٰاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ
الْعَذٰابِ) (٢) ولرواية
القاسم بن سليمان عنه (٣).
ويضعف بأن الأصل
قد عدل عنه للدليل ، والمراد بالفاحشة (٤) : الزنا كما نقله المفسرون ويظهر (٥) من
اقترانهن بالمحصنات (٦). والرواية (٧) مع ضعف سندها (٨) وشذوذها لا تعارض الأخبار
الكثيرة ، بل الإجماع على ما ذكره المصنف وغيره ، والعجب أن المصنف في الشرح (٩)
تعجب من المحقق والعلّامة حيث نقلا فيها قولين ولم يرجحا أحدهما مع ظهور الترجيح.
فإن القول بالأربعين نادر جدا (١٠) ثم تبعهم (١١) على ما تعجب منه هنا.
(ويشترط في المقذوف الإحصان) (١٢) وهو يطلق على التزويج كما في قوله
______________________________________________________
(١) النور الآية :
٤.
(٢) النساء الآية
: ٢٥.
(٣) عن الصادق عليهالسلام.
(٤) في الآية التي
استدل بها الشيخان.
(٥) أي كون المراد
من الفاحشة هو الزنا.
(٦) أي اقتران
الإماء بالمحصنات ، ووجه الظهور أن الفاحشة التي تأتي بها المحصنة لا بد أن تكون
الزنا.
(٧) رواية القاسم
بن سليمان.
(٨) لأن القاسم بن
سليمان لم يمدح ولم يذم.
(٩) شرح الإرشاد.
(١٠) تعليل لتعجب
المصنف من المحقق والعلامة لأن القول بالأربعين نادر فلا بد من ترجيح قسيمه فلم
تركا الترجيح.
(١١) أي ثم المصنف
تابعهم على عدم الترجيح هنا في اللمعة.
(١٢) قد تقدم أن
الإحصان يطلق على التزويج وعلى الإسلام وعلى الحرية وعلى غيرها ، والمراد منه هنا
البلوغ والعقل والحرية والإسلام والعفة ، فمن استكملها وجب الحد بقذفه وإلا ـ
تعالى : (وَالْمُحْصَنٰاتُ مِنَ
النِّسٰاءِ) (١). و (مُحْصَنٰاتٍ غَيْرَ
مُسٰافِحٰاتٍ) (٢) وعلى الإسلام
ومنه قوله تعالى : (فَإِذٰا
أُحْصِنَّ) (٣) ، قال ابن
مسعود : إحصانها إسلامها (٤). وعلى الحرية ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ
طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنٰاتِ) (٥) ، وقوله تعالى
: (وَالْمُحْصَنٰاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَالْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتٰابَ) (٦) ، وعلى اجتماع
الأمور الخمسة التي نبه عليها هنا بقوله : (وأعني) بالإحصان هنا (البلوغ والعقل.
والحرية. والإسلام. والعفة فمن اجتمعت فيه) هذه الأوصاف الخمسة(وجب الحد بقذفه ،
وإلا) تجتمع بأن فقدت
جمع أو أحدها بأن قذف صبيا ، أو مجنونا ، أو مملوكا ، أو كافرا أو متظاهرا بالزنا(فالواجب التعزير) كذا أطلقه المصنف والجماعة غير فارقين بين المتظاهر بالزنا
______________________________________________________
ـ التعزير ، بلا
خلاف فيه ، أما البلوغ والعقل فقد تقدم دليلهما ، وأما الحرية فلأخبار منها : صحيحة
أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من افترى على مملوك عزّر لحرمة الإسلام) وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الحر يفتري على المملوك قال : يسأل فإن كانت أمه حرة
جلد الحد) ومثله غيره.
وأما الإسلام
فلخبر إسماعيل بن الفضل : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الافتراء على أهل الذمة وأهل الكتاب هل يجلد المسلم
الحد في الافتراء عليهم؟ قال : لا ، ولكن يعزّر) ، ومثله غيره.
وأما العفة فقد
تقدم من كان متجاهرا بالفسق فلا حرمة له.
(١) النساء الآية
: ٢٤.
(٢) النساء الآية
: ٢٥.
(٣) النساء الآية
: ٢٥.
(٤) غير أن سياق
الآية يدل على أنه بمعنى الزواج لا الإسلام.
(٥) النساء الآية
: ٢٥ ، قال تعالى : (وَمَنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنٰاتِ
الْمُؤْمِنٰاتِ فَمِنْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ) وهي ظاهرة بدليل التقابل أن الإحصان بمعنى الحرية.
(٦) النساء الآية
: ٥.
__________________
وغيره. ووجهه عموم
الأدلة. وقبح القذف مطلقا (١) ، بخلاف مواجهة المتظاهر به بغيره (٢) من أنواع
الأذى كما مر ، وتردد المصنف في بعض تحقيقاته في التعزير بقذف المتظاهر به. ويظهر
منه الميل إلى عدمه محتجا بإباحته استنادا إلى رواية البرقي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة» (٣). وفي
مرفوع محمد بن بزيع : «من تمام العبادة الوقيعة في أهل الريب» (٤). ولو قيل بهذا
لكان حسنا.
(ولو قال لكافر أمه مسلمة (٥) : يا بن الزانية فالحد لها) ، لاستجماعها لشرائط وجوبه ، دون المواجه(فلو) ماتت أو كانت
ميتة و (ورثها الكافر فلا حد (٦) ، لأن المسلم لا يحدّ للكافر بالأصالة فكذا بالإرث ،
ويتصور إرث الكافر
______________________________________________________
(١) سواء تظاهر
بالفاحشة أو لا.
(٢) أي المتظاهر
بالزنا بأن يخاطب بغير الزنا من أنواع الأذى فجائز كما تقدم ، وفيه : إن المتظاهر
بالزنا لو خوطب بما يفعل فلا حد لأنه لا حرمة له كما في الخبر وسيأتي الاستشهاد به
من الشارح.
(٣) الوسائل الباب
ـ ١٥٤ ـ من أبواب أحكام العشرة حديث ٤.
(٤) لم أعثر عليه
عاجلا في الوسائل والمستدرك.
(٥) يا ابن
الزانية فالحد لها دون المواجه ، لأنها مسلمة مستجمعة لشرائط الإحصان ، فعليه حد
قذفها إن طالبت.
(٦) حد القذف
يورّث بلا خلاف ولا إشكال للأخبار منها : خبر عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن الحد لا يورث
كما تورث الدية والمال والعقار ، ولكن من قام به من الورثة وطلبه فهو وليه ، ومن
تركه ولم يطلبه فلا حق له ، وذلك مثل رجل قذف رجلا وللمقذوف أخوان ، فإن عفا
أحدهما عنه كان للآخر أن يطالبه بحقه ، لأنها أمهما جميعا والعفو إليهما جميعا)
وليس إرثه على حد
إرث المال بحيث يكون لكل واحد حصة بل هو مجرد ولاية على استيفائه فالواحد من
الورثة له الحق بالمطالبة بتمام الحد ، إلا أنك عرفت أن الكفر مانع من إرث المال
فيكون مانعا من إرث الحد ، فلا يقام الحد على المسلم القاذف لأن المسلم لا يحدّ
للكافر لو قذفه فكيف يحدّ له لو كان الحد بالإرث.
__________________
للمسلم (١) على
تقدير موت المسلم مرتدا عند الصدوق وبعض الأصحاب ، أما عند المصنف فغير واضح (٢)
وقد فرض المسألة كذلك في القواعد (٣) ، لكن بعبارة أقبل من هذه للتأويل (٤).
(ولو تقاذف المحصنان) بما يوجب الحد(عزرا (٥) ولا حد على أحدهما ، لصحيحة أبي ولاد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجلين قذف كل واحد منهما صاحبه بالزنا في بدنه فقال :
يدرأ عنهما الحد وعزّرهما.
______________________________________________________
(١) إذا كان هناك
كافر أسلم ثم ارتد ومات فعلى المشهور كان ميراثه لولده المسلم ولو لم يكن له وارث
إلا الكافر ورثه الإمام حينئذ ، وذهب ابن بابويه والشيخ في النهاية أن ميراثه
لولده الكافر عند عدم المسلم من الورّاث اعتمادا على رواية ابن أبي عمير عن
إبراهيم بن عبد الحميد (قلت للصادق عليهالسلام : نصراني أسلم ثم رجع إلى النصرانية ثم مات ، قال : ميراثه
لولده النصراني ، ومسلم تنصّر ثم مات قال : ميراثه لولده المسلمين) والخبر دال على إرث الكافر للمسلم بشرط أن يكون مرتدا وأن
يكون ارتداده مليا ، فلو سلم بهذا القول فيقتصر على المرتد الملي وإلا فقد عرفت أن
الكافر لا يرث المسلم لأن الكفر مانع.
(٢) إذ عبارته هنا
(فلو ورثها الكافر فلا حد) ، ولم يبين كيف يرثها الكافر مع أن المفروض أن الكفر
مانع من الإرث إلا في
خصوص المرتد
الملي.
(٣) أي فرض
العلاقة إرث الكافر للمسلم.
(٤) إذ قال في
القواعد (ولو قال لكافر أمه مسلمة : يا ابن الزانية وإن كانت ميتة ، ولا وارث لها
سوى الكافر لم يحد) ووجه الأقبلية : أن ظاهر العبارة أن الكافر يرثها ولكن من
المحتمل أن يكون مراده أنه لا وارث لها سوى كافر ولم يحكم العلاقة بإرثه إذ لم يقل
ورثها بخلاف المصنف حيث حكم بإرث الكافر من المسلم فافهم.
(٥) ويسقط الحد
بلا خلاف فيه لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (عن رجلين افترى
كل واحد منهما على صاحبه قال : يدرأ عنهما الحد ويعزران) وصحيح أبي ولّاد عن أبي عبد الله عليهالسلام (أتي أمير
المؤمنين عليهالسلام برجلين ، قذف كلّ منهما صاحبه بالزنا في بدنه فدرأ عنهما
الحد وعزّرهما) (.
__________________
(ولو تعدد المقذوف تعدد الحد (١) ، سواء اتحد القاذف ، أو
تعدد) ، لأن كل واحد
سبب تام في وجوب الحد فيتعدد المسبب.
(نعم لو قذف) الواحد(جماعة بلفظ واحد) بأن قال : أنتم زناة ونحوه(واجتمعوا في
المطالبة) له بالحد(فحد واحد ، وإن افترقوا) في المطالبة(فلكل واحد حد) لصحيحة جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل افترى على قوم جماعة
______________________________________________________
(١) سواء كان
القذف من واحد أولا ، أما لو تعدد المقذوف والقاذف فيتعدد الحد وهذا واضح لعموم
أدلة وجوب حد القاذف. وأما لو تعدد المقذوف والقاذف واحد كأن يقذف فلانا وفلانا
وفلانا فيتعدد الحد سواء جاءوا به مجتمعين أو متفرقين بلا خلاف فيه إلا من
الإسكافي وسيأتي بيان مذهبه ، ومستند المشهور قاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب وخبر
بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام (في الرجل يقذف
القوم جميعا بكلمة واحدة فإذا لم يسمهم فإنما عليه حدّ واحد وإن سمّى فعليه لكل
واحد حد) ، وصحيح الحسن العطار عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل قذف قوما
جميعا ، فقال : بكلمة واحدة ، قال : نعم ، قال : يضرب حدا واحدا ، وإن فرّق بينهم
في القذف ضرب لكل واحد منهم حدا) .
وصدره دال على أنه
لو قذفهم بكلمة واحدة فعليه حدّ واحد بشرط أن يأتوا به مجتمعين ، وأما لو طالبوا
به متفرقين فلكل واحد حدّ اعتمادا على صحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته عن رجل
افترى على قوم جماعة قال : إن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا ، وإن أتوا به
متفرقين ضرب لكل منهم حدا) ، وخبر محمد بن حمران عن أبي عبد الله (سألته عن رجل افترى
على قوم جماعة ، فقال : إن أتوا به مجتمعين به ضرب حدا واحدا ، وإن أتوا به
متفرقين ضرب لكلّ رجل حدا) ٤ ، وعن الإسكافي فلو قذف الجميع بلفظ واحد فعليه حد
واحد سواء أتوا به متفرقين أو مجتمعين ، وإن قذفهم مع تسمية كل واحد فإن جاءوا به
مجتمعين فعليه حد واحد ، وإن تفرقوا فلكل واحد حدّ ، ونفى عنه العلامة في المختلف
البأس ، اعتمادا على صحيح جميل المتقدم في الاجتماع والتفريق في المطالبة ،
واعتمادا على صحيح العطار وخبر بريد فيما لو كان ذلك مع تسمية كل واحد منهم ، وأن
لو كان بلفظ واحد من دون تسمية فعليه حدّ واحد ، على عكس جمع المشهور.
__________________
قال : «إن أتوا به
مجتمعين ضرب حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا».
وإنما حملناه على
ما لو كان القذف بلفظ واحد مع أنه أعم (١) جمعا بينه وبين صحيحة الحسن العطار عنه عليهالسلام في رجل قذف قوما جميعا قال عليهالسلام : بكلمة واحدة؟ قلت : نعم ، قال : يضرب حدّا واحدا فإن
فرّق بينهم في القذف ضرب لكل واحد منهم حدا بحمل الأولى (٢) على ما لو كان القذف
بلفظ واحد (٣) والثانية على ما لو جاءوا به مجتمعين.
وابن الجنيد(رحمهالله) عكس فجعل القذف بلفظ واحد موجبا لاتحاد الحد مطلقا (٤) ، وبلفظ متعدد موجبا
للاتحاد إن جاءوا مجتمعين ، وللتعدد إن جاءوا متفرقين ، ونفى عنه في المختلف البأس
محتجا بدلالة الخبر الأول (٥) عليه وهو أوضح طريقا. (٦)
وفيه نظر (٧) ،
لأن تفصيل الأول (٨) شامل للقذف المتحد والمتعدد فالعمل به يوجب التفصيل فيهما (٩).
______________________________________________________
(١) فيشمل ما لو
كان القذف بكلمة واحدة للجميع أو مع تسمية الجميع.
(٢) أي صحيحة
جميل.
(٣) بخلاف
الإسكافي فقد حملها على ما لو كان القذف مع تسمية كل واحد.
(٤) أتوا مجتمعين
أو متفرقين في المطالبة.
(٥) أي صحيح جميل.
(٦) لأن الرواة في
سنده كلهم إماميون ثقات بخلاف صحيح العطار فإن في سنده أبان وهو مشترك بين الثقة
وغيره ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فصحيح جميل يدل على تفصيل الإسكافي بدعوى أن لفظ (جماعة)
الوارد في الصحيح هو صفة للقذف المدلول عليه بالفعل ، فيكون القذف متعددا.
وفيه : إن لفظ (جماعة)
صفة للقوم بحسب الظاهر فيكون الصحيح شاملا لما تعدد القذف أو اتحد فلا بد من ضمه
إلى صحيح العطار المفصل بين وحدة القذف فعليه حدّ واحد وبين تعدده فيتعدد الحد.
(٧) أي في قول ابن
الجنيد الذي نفى عنه البأس العلامة في المختلف.
(٨) أي صحيح جميل.
(٩) بعد الجمع
بينه وبين صحيح العطار.
والظاهر أن قوله
فيه (١) : «جماعة» صفة للقوم ، لأنه أقرب وأنسب بالجماعة ، لا للقذف (٢) ، وإنما
يتجه قوله (٣) لو جعل (٤) صفة للقذف المدلول عليه بالفعل ، وأريد بالجماعة القذف
المتعدد (٥). وهو بعيد جدا.
(وكذا الكلام في التعزير (٦) فيعزر قاذف الجماعة بما يوجبه (٧) بلفظ متعدد (٨) متعددا (٩)
مطلقا ، (١٠) وبمتحد (١١)
______________________________________________________
(١) أي قول السائل
في صحيح جميل.
(٢) كما هو مستند
العلامة في المختلف.
(٣) قوله ابن
الجنيد
(٤) اي لفظ جماعة
(٥) كما استدل
بذلك العلامة هذا كله اذا كان مستند ابن الجنيد خصوص صحيح جميل كما جعله العلامة
مع انك قد عرفت ان الجمع بين الاخبار قد يكون مستندا لقول ابن الجنيد وقد يكون
مستندا لقول المشهور.
(٦) فلو قذف جماعة
من المماليك أو المجانين أو الكفار الذين لا يثبت عليه الحد بقذفهم ، فعليه
التعزير لقذفهم ، لكن لو قذفهم مع تسمية كل واحد فعليه تعزير لكل واحد سواء أتوا
به مجتمعين أو متفرقين ، ولو قذفهم بلفظ واحد فإن أتوا به مجتمعين فعليه تعزير
واحد ، وإن أتوا به متفرقين فلكل واحد تعزير ، هذا ما عليه المشهور ودليلهم
الأولوية لأن التفصيل المذكور ثابت في الحد فثبوته في التعزير الذي هو أقل من الحد
كميّة من طريق أولى ، وذهب ابن إدريس إلى عدم ثبوت التفصيل المذكور في التعزير
لقاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب مع منع الأولوية المذكورة لأنها من القياس الممنوع.
وذهب جماعة منهم
المحقق في الشرائع بأنه لا معنى للاختلاف ضمن لأن التعزير منوط بنظر الحاكم ، وليس
له حد محدود فهو يؤدب قاذف الجماعة بما يراه سواء كان بعنوانه عدة تعزيرات أو
بعنوان تعزير واحد وسواء كان قذفهم بلفظ واحد أو متعدد.
(٧) فيراد من
الموصول التعزير ، وضمير الفاعل راجع إلى القذف.
(٨) بأن قذف كل
واحد باسمه.
(٩) متعلق بفعل (يعزّر)
، والمعنى فيعزر تعزيرات متعددة أن قذف الجماعة بأسمائهم لكل واحد حدّ.
(١٠) أتوا به
مجتمعين أو متفرقين في المطالبة.
(١١) عطف على قوله
(بلفظ متعدد) ، أي قذفهم بلفظ واحد من دون تسمية لكل واحد منهم ، فيعزّر تعزيرات
متعددة إن جاءوا به متفرقين.
إن جاءوا به
متفرقين ، ومتحد (١) إن جاءوا به مجتمعين ، ولا نص فيه (٢) على الخصوص ، ومن ثم
أنكره ابن إدريس وأوجب التعزير لكل واحد مطلقا (٣) محتجا بأنه قياس (٤) ، ونحن
نقول بموجبه (٥) ، لأنه قياس مقبول ، لأن تداخل الأقوى يوجب تداخل الأضعف بطريق
أولى ، ومع ذلك فقول ابن إدريس لا بأس به.
في هذا الفصل(«مسائل» حد القذف ثمانون جلدة (٦) إجماعا ، ولقوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ) إلى قوله : (فَاجْلِدُوهُمْ
ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) (٧) ، ولا فرق في
القاذف بين الحر والعبد على أصح القولين (٨) ، ومن ثم أطلق(ويجلد) القاذف(بثيابه (٩)
______________________________________________________
(١) عطف على قوله (متعددا)
أي يعزّر قاذف الجماعة تعزيرا متحدا أي واحدا إن قذف الجماعة بلفظ واحد من دون
تسمية لكل واحد إن جاءوا به مجتمعين.
(٢) في التعزير.
(٣) اجتمعوا أو
تفرقوا في المطالبة ، وكان القذف بلفظ واحد أو متعدد.
(٤) ردّ على مستند
المشهور من جريان التفصيل في التعزير لأنه جار في الحد بطريق أولى.
(٥) أي بموجب
القياس هذا لأنه من قسم الأولوية العقلية فيكون خارجا عن القياس الممنوع المنحصر
في القياس المساوي ، وهذا ردّ من الشارح على ابن إدريس.
وفيه : إن أدلة
القياس تشمل المادي والأولى ، نعم الأولوية اللفظية حجة إلا أنها راجعة إلى دلالة
اللفظ وظهوره وهذا خارج تخصصا عن القياس المنهي عنه بجميع أقسامه.
(٦) بلا خلاف فيه
وتدل عليه الآية الشريفة (وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) وللأخبار قد تقدم بعضها.
(٧) النور الآية :
٤.
(٨) قد تقدم
الخلاف فيه وعرفت أن الأصح عدم التفريق لأنه من حقوق الناس.
(٩) ولا يجرد ،
وعليه الاتفاق للأخبار منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا ينزع من ثياب القاذف إلا الرداء) وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام (يجلد الزاني أشدّ
الحدين ، قلت : فوق ثيابه ، قال : لا ولكن يخلع ثيابه ، قلت : فالمفتري؟ قال : ضرب
بين الضربين فوق الثياب يضرب جسده كله) .
__________________
المعتادة (١) ،
ولا يجرد كما يجرد الزاني ، ولا يضرب ضربا شديدا ، بل(حدا متوسطا (٢) ،
دون ضرب الزنا ، ويشهّر (٣) القاذف(ليجتنب شهادته).
(ويثبت) القذف(بشهادة عدلين) (٤) ذكرين (٥) ، لا بشهادة النساء منفردات ، ولا منضمات وإن
كثرن(والإقرار مرتين (٦) من مكلّف حر مختار (٧). فلا عبرة بإقرار الصبي ، والمجنون ، والمملوك مطلقا (٨) ،
والمكره عليه. ولو انتفت البينة والإقرار فلا حد ولا يمين على المنكر (٩).
(وكذا ما يوجب التعزير) (١٠) لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين عدلين ، أو
______________________________________________________
(١) فالمعتاد منها
غير مانع من التألم ، وأما إذا لم تكن معتادة ولبسها لتجنب الألم فإنها تنزع.
(٢) كما دل عليه
خبر إسحاق المتقدم ولخبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الزاني أشد ضربا من شارب الخمر ، وشارب الخمر أشدّ ضربا
من القاذف ، والقاذف أشد ضربا من التعزير) .
(٣) بمعنى يعلم
الناس بحاله لتتجنب شهادته كما يشهر شاهد الزور ، بقوله تعالى : (وَلٰا تَقْبَلُوا لَهُمْ
شَهٰادَةً أَبَداً) ، وهو لا يتحقق إلا بالتشهير.
(٤) بلا خلاف
لعموم ما دل على حجية الشهادة.
(٥) لما مرّ من أن
قول النساء منفردات أو منضمات غير مسموع في الحدود.
(٦) قال في
الجواهر «لا أجد فيه خلافا وإن لم نظفر بنص خاص فيه ، وعموم إقرار العقلاء يقتضي
الاجتزاء به مرة ، اللهم إلا أن يكون من جهة بناء الحدود على التخفيف فينزل إقراره
منزلة الشهادة على نفسه فيعتبر فيها التعدد».
(٧) أما المكلف
فهو البالغ العاقل إذ لا عبرة بإقرار الصبي والمجنون لحديث رفع القلم ، واعتبار
الحرية لأن إقرار العبد في حق الغير لا في حق نفسه ، واعتبار الاختيار إذ مع
الإكراه لا أثر لإقراره لحديث الرفع.
(٨) سواء كان قنا
أو لا.
(٩) بمعنى لو أنكر
القذف وقد ادعاه عليه غيره مع عدم الشهادة من قبل المدعى ولا إقرار بالنسبة للمدعي
عليه ، فلا يطالب المنكر باليمين في الحدود لأنها مبنية على التخفيف.
(١٠) من حقوق الله
تعالى ، فإنه يثبت بشاهدين بلا خلاف ، لعموم ما دل على اعتبار البينة ، ـ
__________________
الإقرار من المكلف
الحر المختار.
ومقتضى العبارة
اعتباره مرتين مطلقا ، (١) وكذا أطلق غيره مع أنه (٢) تقدم حكمه (٣) بتعزير المقر
باللواط دون الأربع الشامل للمرة ، إلا أن يحمل ذلك على المرتين فصاعدا.
وفي «الشرائع» نسب
اعتبار الإقرار به مرتين إلى قول مشعرا بتمريضه ولم نقف على مستند هذا القول (٤).
(وهو) أي حد القذف(موروث) (٥) لكل من يرث المال : من ذكر وأنثى لو مات المقذوف قبل
استيفائه والعفو عنه(إلا للزوج والزوجة (٦) ، وإذا كان الوارث جماعة) فلكل واحد منهم المطالبة به. فإن اتفقوا على استيفائه فلهم
حد واحد ،
______________________________________________________
ـ ويثبت بالإقرار
مرتين على المشهور لكن لا نص فيه مع أن إقرار العقلاء على أنفسهم عام يقتضي
الاجتزاء بالمرة ولذا نسب هذا الحكم إلى القيل المحقق في الشرائع مشعرا بتمريضه ،
وقد عرفت أن الحدود مبنية على التخفيف فينزل إقراره منزلة الشهادة على نفسه فلذا
اعتبر فيه التعدد كما اعتبر فيها.
(١) أي اعتبار
الإقرار مرتين مطلقا في ثبوت التعزير سواء كان في القذف أو اللواط أو غيرهما.
(٢) الشأن
والواقع.
(٣) حكم المصنف
بالتعزير دون الأربع وهو شامل للمرة.
(٤) وقد عرفت
مستنده.
(٥) إذا لم يكن قد
استوفاه المقذوف ولم يعف عنه ، بلا خلاف فيه للأخبار منها : موثق الساباطي عن أبي
عبد الله عليهالسلام (إن الحد لا يورث
كما تورث الدية والمال والعقار ، ولكن من قام به من الورثة وطلبه فهو وليه ، ومن
تركه ولم يطلبه فلا حق له ، وذلك مثل رجل قذف رجلا وللمقذوف أخوان ، فإن عفا
أحدهما عنه كان للآخر أن يطالبه بحقه) .
(٦) وما شابههما
من الأسباب إلا الإمام على قول ولكن ليس له العفو ، وعليه الإجماع كما في التقية
وقال في الرياض : «هو الحجة».
__________________
وإن تفرقوا في
المطالبة ولو عفا بعضهم(لم يسقط) عنه شيء(بعفو البعض) ، بل للباقين استيفاؤه كاملا (١) على المشهور (٢).
(ويجوز العفو) من المستحق الواحد والمتعدد(بعد الثبوت كما
يجوز قبله) (٣) ولا اعتراض للحاكم ، لأنه حق آدمي تتوقف إقامته على
مطالبته ويسقط
______________________________________________________
(١) قد تقدم حكمه
في موثق الساباطي.
(٢) علّق الشارح
بقوله : (نبّه بالمشهور على أن مستند الحكم رواية عمار ، وهي مع ما يعلم بحاله
مقطوعة ، لكن لا نعلم مخالفا في ذلك) انتهى.
هذا والساباطي
واقفي رواياته ليست مقطوعة لأن الشيخ في التهذيب قد رواها عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام.
(٣) حد القذف قابل
للإسقاط لأنه من حقوق الآدميين القابلة للسقوط بالإسقاط وغيره ، بلا فرق بين قذف
الزوجة وغيرها ، ولا فرق في العفو قبل مراجعة الحاكم وقبل الثبوت أو بعده ، لأن
العفو أصل في كل حق آدمي ولخبر ضريس عن أبي جعفر عليهالسلام (لا يعفى عن
الحدود التي لله دون الإمام ، فأما ما كان من حق الناس في حد فلا بأس بأن يعفى عنه
دون الإمام) .
نعم لو عفا فليس
له المطالبة بعد العفو للأصل ولخبري سماعة ، وفي أحدهما عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته عن الرجل
يفتري على الرجل ثم يعفو عنه ، ثم يريد أن يجلده الحد بعد العفو ، قال : ليس ذلك
له بعد العفو) .
خلاف للشيخ في
الاستبصار والتهذيب وليحيى بن سعيد من عدم العفو للزوجة بعد المرافعة لصحيح ابن
مسلم (سألته عن الرجل يقذف امرأته ، قال : يجلد ، قلت : أرأيت إن عفت عنه ، قال :
لا ولا كرامة) وقد حمل الخبر على ما لو كان العفو بعد المطالبة ، وفيه :
إنه حمل بلا شاهد ، ولذا ذهب الشيخ الصدوق اعتمادا على هذه الرواية إلى عدم جواز
العفو عن الزوج لو قذفها مطلقا قبل المرافعة أو بعدها ، والرواية مضمرة قد أعرض
عنها المشهور فترد إلى أهلها.
__________________
بعفوه ، ولا فرق
في ذلك بين قذف الزوج لزوجته ، وغيره ، خلافا للصدوق حيث حتّم عليها استيفاءه ،
وهو شاذ.
(ويقتل) القاذف(في الرابعة لو تكرر الحد ثلاثا) (١) على المشهور ، خلافا لابن إدريس حين حكم بقتله في الثالثة
كغيره من أصحاب الكبائر ، وقد تقدم الكلام فيه ، ولا فرق بين اتحاد المقذوف ،
وتعدده هنا (٢) (ولو تكرر القذف) لواحد(قبل الحد فواحد) (٣) ولو تعدد المقذوف تعدد الحد مطلقا (٤) إلا مع اتحاد
الصيغة كما مرّ.
(ويسقط الحد بتصديق المقذوف) (٥) على ما نسبه إليه من الموجب للحد(والبينة) على وقوعه منه(والعفو) أي عفو المقذوف عنه ، (وبلعان الزوجة) لو كان القذف لها. وسقوط الحد في الأربعة لا كلام فيه ،
لكن هل يسقط مع ذلك
______________________________________________________
(١) إذا تكرر الحد
بتكرر القذف مرتين قتل في الثالثة كما عن ابن إدريس لصحيح يونس (إن أصحاب الكبائر
يقتلون في الثالثة) ، وقيل : يقتل في الرابعة ، وهو المشهور ، للاحتياط في
التهجم على الدم وقد مضى نظيره فراجع.
(٢) في تكرار حد
القذف ، فالمدار على تكرار الحد كفعل ، والحد كفعل يثبت بالتفصيل المتقدم فيما لو
قذف الجميع بلفظ واحد أو متعدد وجاءوا مطالبين به متفرقين أو مجتمعين.
(٣) بلا خلاف
لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (في الرجل يقذف
الرجل فيعود عليه بالقذف ـ أي يكرر ـ قال : إن قال له إن الذي قلت لك حق لم يجلد ،
وإن قذفه بالزنا بعد ما جلد ففيه الحد ، وإن قذفه قبل أن يجلد بعشر قذفات لم يكن
عليه إلا حدّ واحد) .
(٤) أي سواء حد
قبل قذف الثاني أو لا.
(٥) قد عرفت أن من
شروط الحد على القاذف إحصان المقذوف ، وإحصانه مشتمل على عفته ، فمع تصديقه للقاذف
يتبين في نفس الأمر أنه غير عفيف فلا حد على القاذف ، وعليه فالحد يسقط عن القاذف
إما بالبينة كما في الآية أو بتصديق المقذوف أو بعفوه ، وهذه الثلاثة مشتركة ،
ويزاد أمر رابع في قذف الزوجة فإن الحد يسقط عن الزوج باللعان وقد تقدم في كتابه.
__________________
التعزير (١)؟
يحتمله ، خصوصا في الأخيرين (٢) ، لأن الواجب هو الحد وقد سقط والأصل عدم وجوب
غيره ، ويحتمل ثبوت التعزير في الأولين (٣) لأن قيام البينة والإقرار بالموجب لا
يجوز القذف ، لما تقدم من تحريمه مطلقا (٤) ، وثبوت التعزير به (٥) للمتظاهر
بالزنا (٦) فإذا سقط الحد بقي التعزير على فعل المحرّم ، وفي الجميع (٧) ، لأن
العفو عن الحد لا يستلزم العفو عن التعزير ، وكذا اللعان (٨) ، لأنه بمنزلة إقامة
البينة على الزنا (٩) (ولو قذف المملوك فالتعزير له لا للمولى (١٠) فإن عفي لم يكن لمولاه المطالبة كما أنه لو طالب فليس
لمولاه العفو (و) لكن(يرث المولى تعزير عبده) وأمته(لو مات) المقذوف(بعد قذفه) ، لما تقدم من أن الحد يورث ، والمولى وارث مملوكه (١١).
(ولا يعزّر الكفار لو تنابزوا بالألقاب) (١٢) أي تداعوا بألقاب الذم(أو عيّر)
______________________________________________________
(١) وجهان من أن
الثابت عليه هو الحد وقد سقط ولا دليل على ثبوت التعزير ، ومن أن القذف وإن جاز
إظهاره عند الحاكم لإقامة الحد عليه لكن يجوز مع البينة ، فإذا عدمت فهو أمر محرم
ومن الكبائر التي يثبت فيها التعزير كما تقدم.
(٢) العفو واللعان.
(٣) تصديق المقذوف
والبينة.
(٤) سواء كان
القاذف صادقا أو كاذبا.
(٥) بالقذف.
(٦) فلغيره من باب
أولى.
(٧) أي يحتمل ثبوت
التعزير في الجميع ، أما الأولان فلما ذكر وأما الأخيران فلأن العفو إلخ ...
(٨) لا يسقط فيه
التعزير كالعفو.
(٩) وفيه : إن
إطلاق الآية تدل على عدم الحد وعدم التعزير لو جاء بالشهادة أولا عن زوجته.
(١٠) لأن القذف له
فهو من حقه ، وهذا مما يحق له التعرف فيه من دون الرجوع إلى مولاه لأنه ليس من
حقوق المالية.
(١١) قد عرفت أن
القذف وإن كان موروثا إلا أنه لا يرثه الزوج والزوجة وكل من يتقرب به بسبب أن
الإمام على قول ، ولذا علّق الشارح (نسب في الشرائع ذلك إلى القيل مشعرا بتمريضه
ولم نقف على مستنده).
(١٢) التنابز
بالألقاب بين المسلمين يوجب التعزير لأنه فعل محرم ، وأما بين الكفار فلا تعزير ـ
(بعضهم بعضا بالأمراض) من العور والعرج وغيرهما ، وإن كان المسلم يستحق بها
التعزير.
(إلا مع خوف) وقوع(الفتنة) بترك تعزيرهم على ذلك فيعزرون حسما لها (١) بما يراه
الحاكم.
(ولا يزاد في تأديب الصبي على عشرة أسواط ، وكذا المملوك) (٢) ، سواء كان التأديب لقذف أم غيره ..
وهل النهي عن
الزائد على وجه التحريم أم الكراهة؟ ظاهره الأول والأقوى الثاني ، للأصل ، ولأن
تقدير التعزير إلى ما يراه الحاكم.
______________________________________________________
ـ على المشهور ،
بل لم يذكر فيه خلاف كما في المسالك ، نعم في الشرائع نسبه إلى القيل مشعرا
بتمريضه ، ولعل مستند عدم التعزير هو استحقاق الكافر للاستخفاف به بخلاف المسلم
إلا أنه لا نص عليه.
(١) للفتنة.
(٢) لمرسل الفقيه
: (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يحلّ لوال يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجلد أكثر من
عشرة أسواط إلا في حد) وظاهرة الحرمة في الزيادة على العشرة ، ويؤيده خبر حماد بن
عثمان : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : في أدب الصبي والمملوك ، فقال : خمسة أو ستة وأرفق) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن أمير المؤمنين عليهالسلام ألقى صبيان الكتّاب ألواحهم بين يديه ليخير بينهم ، فقال :
أما إنها حكومة والجور فيها كالجور في الحكم ، أبلغوا معلمكم إن ضربكم فوق ثلاث ضربات
في الأدب أقتص منه) وخبر زرارة بن أعين ، (سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن المملوك كم أضربه؟ قال : ثلاثة أربعة خمسة) .
ولكن حملت الزيادة
، على العشرة على الكراهة لأن التعزير بنظر الحاكم ، نعم يجب أن يكون تأديب الصبي
والمملوك بداعي التأديب الراجع إلى مصلحة المضروب ، لا بداعي الغضب والدواعي
النفسانية ولذا قال في الجواهر : «فينبغي أن يعلم أن مفروض الكلام في التأديب
الراجع إلى مصلحة الصبي مثلا ، لا ما يثيره الغضب النفساني فإن المؤدّب حينئذ قد
يؤدب».
__________________
(ويعزر كل من ترك واجبا ، أو فعل محرما) (١) قبل أن يتوب(بما يراه الحاكم
، ففي الحر لا يبلغ حدّه) أي مطلق حده فلا يبلغ أقله وهو خمسة وسبعون. نعم لو كان المحرم من جنس ما
يوجب حدا مخصوصا كمقدمات الزنا فالمعتبر فيه حد الزنا. وكالقذف بما لا يوجب الحد
فالمعتبر فيه حدّ القذف(وفي) تعزير(العبد لا يبلغ حده) كما ذكرناه.
(وسابّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ،
______________________________________________________
(١) بشرط أن يكون
المحرم أو ترك الواجب من الكبائر لا الصغائر بلا خلاف فيه ، لأن الصغائر مكفر عنها
باجتناب الكبائر لقوله تعالى (إِنْ تَجْتَنِبُوا
كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ
سَيِّئٰاتِكُمْ) ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لا بدّ أن يكون قد ردعه أولا
بالنهي ثم بالتوبيخ فإن لم يرتدع يعزر بالضرب والدليل عليه نفس التدرج في أخبار
النهي عن المنكر من القلب إلى اللسان إلى اليد ، ولذا قال صاحب الرياض بعد إيراد
مضمون ما تقدم : «فلا دليل على التعزير إلا في مواضع مخصوصة».
ومن جهة ثالثة
فالتعزير منوط بنظر الحاكم حسب ما يراه ، لكن بشرط أن لا يبلغ حد الحر في الحر وهو
مائة ، ولا حد العبد في العبد وهو خمسون.
وقيل : يجب أن لا
يبلغ أدنى الحد في الحر وهو خمسة وسبعون وأن لا يبلغ أدنى الحد في العبد وهو
أربعون.
وقيل : إن ما ناسب
الزنا من المحرمات يجب أن لا يبلغ حده وإن تجاوز حد غيره وما ناسب القذف أو الشرب
أن لا يبلغ حدهما ، وفيما لا مناسب له أن لا يبلغ أدنى الحدود وهو خمسة وسبعون
سوطا ، والأخير للشيخ والفاضل في المختلف.
وقد ورد في خبر
حماد بن عثمان أنه يضرب دون حد العبد ، والخبر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت له : كم التعزير؟ قال : دون الحد ، قلت : دون
ثمانين ، قال : لا ، ولكن دون أربعين فإنها حد المملوك ، قلت : وكم ذاك؟ قال : على
قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل وقوة بدنه) والعمل عليها قوي إذ كل موارد التعزير أدنى من أربعين.
(٢) يقتل بلا خلاف
فيه ، للأخبار منها : صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سئل عمن شتم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يقتله الأدنى فالأدنى قبل أن يرفع إلى ـ
__________________
(أو أحد الأئمة (١) عليهمالسلام يقتل) ويجوز قتله لكل
من أطلع عليه(ولو من غير إذن الإمام) (٢) أو الحاكم (٣) (ما لم يخف) القاتل(على نفسه ، أو ماله ، أو على مؤمن) نفسا أو مالا (٤) فينتفي الجواز ، للضرر ، قال الصادق عليهالسلام أخبرني أبي أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : الناس فيّ أسوة سواء من سمع أحدا يذكرني بسوء
فالواجب عليه
______________________________________________________
ـ الإمام) ، وخبر محمد بن مسلم : (قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أرأيت لو أن رجلا سبّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيقتل؟ قال : إن
لم تخف على نفسك فاقتله) ، ولذا قيّد الحكم بما لم يخف على الضرر على نفسه أو ماله
مما يكون فواته فيه ضرر على النفس أو عرضه.
(١) فكذلك يقتل
بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح هشام بن سالم : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول في رجل سبّ به لعليّ عليهالسلام : فقال لي : حلال الدم ، والله لو لا أن تعمّ بريئا) ، وخبر العامري : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أيّ شيء تقول في رجل سمعته يشتم عليا عليهالسلام ويبرأ منه ، فقال لي : والله هو حلال الدم ، وما ألف منهم
برجل منكم ، دعه) .
(٢) كما هو صريح
صحيح هشام بن سالم المتقدم ، وخالف في ذلك المفيد والفاضل واشتراط إذن الإمام لخبر
عمار السجستاني : (إن أبا عبد الله بن النجاشي سأل الصادق عليهالسلام فقال : إني قتلت ثلاثة عشر رجلا من الخوارج ، كلهم سمعتهم
يبرأ من عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال : لو كنت قتلتهم بأمر الإمام لم يكن عليها في قتلهم
شيء ، ولكنك سبقت الإمام فعليك ثلاثة عشر شاة تذبحها بمنى وتصدق بلحمها) وحمل على الاستحباب لقصور سنده.
(٣) لخبر علي بن
جعفر : (أخبرني أخي موسى عليهالسلام : ـ إلى أن قال ـ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أخبرني أبي أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إن الناس في أسوة سواء ، من سمع أحدا يذكرني فالواجب
عليه أن يقتل من شتمني ، ولا يرفع إلى السلطان ، والواجب على السلطان إذا دفع إليه
أن يقتل من نال مني) .
(٤) بالنسبة
للمؤمن.
__________________
أن يقتل من شتمني
ولا يرفع إلى السلطان ، والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني.
وسئل عليهالسلام عن من سمع يشتم عليا عليهالسلام وبرئ منه قال : فقال لي : هو والله حلال الدم ، وما ألف
رجل منهم برجل منكم دعه. وهو إشارة إلى خوف الضرر على بعض المؤمنين.
وفي إلحاق
الأنبياء عليهمالسلام بذلك وجه قوي (١) ، لأن تعظيمهم وكمالهم قد علم من دين
الإسلام ضرورة فسبهم ارتداد.
وألحق في التحرير
بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمه وبنته (٢) من غير تخصيص بفاطمة(صلوات الله عليها).
ويمكن اختصاص
الحكم بها عليهالسلام (٣) للإجماع على
طهارتها بآية التطهير (٤). وينبغي تقييد الخوف على المال بالكثير المضر فواته ،
فلا يمنع القليل بالجواز وإن أمكن منعه الوجوب. وينبغي إلحاق الخوف على العرض
بالشتم ونحوه على وجه لا يتحمل عادة بالمال بل هو أولى بالحفظ (٥).
(ويقتل مدّعي النبوة) بعد نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لثبوت ختمه للأنبياء من الدين ضرورة فيكون دعواها كفرا (٦).
______________________________________________________
(١) وادعى في
الغنية عليه الإجماع ، ولأن كما لهم وتعظيمهم علم من دين الإسلام ضرورة فسبهم
ارتداد ، وفيه : إنه لا يدل على قتله إذ ليس كل مرتد يقتل إلا إذا كان فطريا ،
ولمرسل الطبرسي عن الرضا عن آبائه عليهمالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (من سب نبيا قتل ومن سب صاحب نبي جلد) .
(٢) مراعاة لقدره.
(٣) إلا أن يرجع
السب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقتل كما لو سب أم النبي بعنوان أنها أم للنبي أو بنته
كذلك.
(٤) الأحزاب الآية
: ٣٣.
(٥) لأن المال
يبذل لحفظ العرض وليس العكس.
(٦) فيقتل إذا كان
مرتدا فطريا ، والأولى الاستدلال بالأخبار التي أوجبت قتله مطلقا سواء ـ
__________________
(وكذا) يقتل(الشاك في نبوة نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم) (١) أو في صدقه(إذا كان على ظاهر
الإسلام) احترز به (٢) عن
إنكار الكفار لها كاليهود والنصارى فإنهم لا يقتلون بذلك ، وكذا غيرهم من فرق
الكفار وإن جاز قتلهم بأمر آخر (٣).
(ويقتل الساحر) (٤)
______________________________________________________
ـ كان مرتدا فطريا
أو مليا منها : خبر ابن أبي يعفور : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إن بزيعا يزعم أنه نبي فقال : أن سمعته يقول ذلك فاقتله
، قال : فجلست إلى جنبه غيرة مرة فلم يمكنّي ذلك) ، وخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام : (قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أيها الناس إنه لا نبي بعدي ولا سنة بعد سنتي ، فمن ادعى
ذلك فدعواه وبدعته في النار ، فاقتلوه) ، وخبر ابن فضال عن الرضا عليهالسلام (إلى أن قال ولا
نبي بعده إلى يوم القيامة فمن ادعى بعده نبيا أوتي بكتاب بعده فدمه مباح لكل من
سمع منه) .
(١) أو في صدقه ،
فإنه يقتل بلا خلاف فيه لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (من شك في الله
وفي رسوله فهو كافر) ولخبر الحارث بن المغيرة (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : لو أن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : والله ما أدري أنبي أنت أم لا ، كان يقبل منه؟ قال
: لا ، ولكن كان يقتله ، إنه لو قبل ذلك ما أسلم منافق أبدا) .
(٢) احترز بالتقيد
(إذا كان على ظاهر الإسلام).
(٣) كما لو كانوا
محاربين.
(٤) إن كان مسلما
ويؤدب إن كان كافرا ، بلا خلاف فيه للأخبار ، منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل ، قيل : يا
رسول الله ، لم لا يقتل ساحر الكفار؟ فقال : لأن الكفر أعظم من السحر ، ولأن السحر
والشرك مقرونان) .
وخبر زيد بن علي
عن آبائه عليهمالسلام : (سئل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الساحر ، فقال : إذا جاء رجلان عدلان فشهدا بذلك فقد
حلّ دمه) ، وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن عليا عليهالسلام كان يقول : من تعلم شيئا من السحر كان آخر عهده بربه ،
وحدّه القتل إلا أن يتوب) .
__________________
وهو من يعمل
بالسحر (١) وإن لم يكن مستحلا (٢) (إن كان مسلما
ويعزّر) الساحر(الكافر) قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ساحر المسلمين يقتل ، وساحر الكفار لا يقتل» قيل : يا
رسول الله ولم لا يقتل ساحر الكفار؟ فقال : لأن الكفر أعظم من السحر ، ولأن السحر
والشرك مقرونان (٣) ، ولو تاب الساحر قبل أن يقام عليه الحد سقط عنه القتل ،
لرواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليهالسلام «أن عليا عليهالسلام كان يقول : من تعلم شيئا من السحر كان آخر عهده بربه وحده
القتل إلا أن يتوب». وقد تقدم في كتاب البيع تحقيق معنى السحر وما يحرم منه.
(وقاذف أم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مرتد يقتل) (٤) إن لم يتب(ولو تاب لم تقبل) توبته(إذا كان) ارتداده(عن فطرة) كما لا تقبل توبته في غيره (٥) على المشهور (٦) ، والأقوى
قبولها وإن لم يسقط عنه القتل. ولو كان ارتداده عن ملة قبل إجماعا. وهذا بخلاف ساب
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن ظاهر النص والفتوى وجوب قتله وإن تاب. ومن ثم قيده هنا
خاصة (٧) ، وظاهرهم أن سابّ الإمام كذلك (٨).
(الفصل الرابع)
(في الشرب) (٩)
______________________________________________________
(١) بل في خبر
إسحاق المتقدم قتل المتعلم وإن لم يعمل.
(٢) أي ولم يكن
يرى حلية السحر ، لأن النص عام يشمل المستحل وغيره ، وعن بعض اختصاصه بالمستحل
وقال في الجواهر : «لم نتحققه وعلى تقديره غير واضح الوجه».
(٣) فكما أن عقاب
المشرك مؤخر إلى يوم القيامة فكذلك عقاب السحر بخلاف المسلم.
(٤) لأن القذف
بمعناه المصطلح إنكار للضرورة الدينية من أن أمهات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عفيفات لم تنجسهن الجاهلية بأنجاسها.
(٥) غير القذف.
(٦) فقدم البحث
فيه في كتاب الإرث ، وفيه : إنه تكليف بما لا يطاق فلذا اختار الشارح قبولها.
(٧) أي قيد المصنف
الحكم بكونه إذا كان ارتداده عن فطرة ولازمه إذا كان ارتداده مليا فتقبل توبته
ويسقط الحد.
(٨) يقتل وإن تاب
لعموم النصوص المتقدمة.
(٩) أي في حد شرب
المسكر.
أي شرب المسكر ،
ولا يختص عندنا بالخمر (١) ، بل يحرم جنس كل مسكر ، ولا يختص التحريم بالقدر
المسكر منه(فما أسكر جنسه) أي كان الغالب فيه الإسكار وإن لم يسكر بعض الناس لإدمانه
أو قلة ما تناول منه ، أو خروج مزاجه عن حد الاعتدال(يحرم) تناول(القطرة منه) (٢) فما فوقها.
(وكذا) يحرم(الفقاع) (٣) وإن لم يسكر ، لأنه عندنا بمنزلة الخمر ، وفي بعض الأخبار
هو خمر مجهول. وفي آخر هو خمر استصغره الناس (٤) ولا يختص التحريم بتناولهما صرفا (٥)
، بل يحرمان(ولو مزجا بغيرهما) وإن استهلكا بالمزج (٦).
(وكذا) يحرم عندنا(العصير) العنبي(إذا غلى) (٧) بأن صار أسفله أعلاه
______________________________________________________
(١) أي لا يختص
التحريم بالخمر ، والخمر هو المسكر المتخذ من العنب ، سواء كان المسكر متخذا من
التمر أو العنب أو الزبيب أو العسل أو الشعير أو الحنطة أو الذرة خلافا لأبي حنيفة
حيث أباح بعضها ، وقد تقدم الكلام في باب الأشربة المحرمة.
(٢) بلا خلاف للنصوص
الكثيرة منها : خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن رجل شرب حسوة خمر ، قال : يجلد ثمانين ، قليلها
وكثيرها حرام) ، وقد تقدم الكلام في باب الأشربة المحرمة.
(٣) بلا خلاف
للأخبار منها : خبر عمار بن موسى : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفقاع ، فقال : هو خمر) ، وخبر الحسن بن الجهم وابن فضال : (سألنا أبا الحسن عليهالسلام عن الفقّاع فقال : هو خمر مجهول وفيه حد شارب الخمر) .
(٤) وهو خبر
الوشاء عن الرضا عليهالسلام ، الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الأشربة المحرمة حديث ١.
(٥) للمسكر
والفقاع.
(٦) لخبر عمر بن
حنظلة قال : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما ترى في قدح من مسكر يصبّ عليه الماء حتى تذهب عاديته
ويذهب سكره؟ فقال : لا والله ، ولا قطرة قطرت في حبّ إلا أهريق ذلك الحبّ) ، واستشكل الأردبيلي والفاضل الهندي في صدق اسم المسكر على
المستهلك بالماء ، وفيه : إنه اجتهاد في قبال النص.
(٧) سواء كان
الغليان بنفسه أو بالنار ، وإن لم يقذف الزبد ، فيحرم بلا خلاف فيه ويدل عليه ـ
__________________
(واشتد) بأن أخذ في القوام وإن قل ، ويتحقق ذلك (١) بمسمى الغليان
إذا كان بالنار (٢).
واعلم أن النصوص
وفتوى الأصحاب ومنهم المصنف في غير هذه العبارة مصرحة بأن تحريم العصير معلق على
غليانه من غير اشتراط اشتداده. نعم من حكم بنجاسته جعل النجاسة مشروطة بالأمرين (٣).
______________________________________________________
ـ الأخبار الكثيرة
منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كل عصير اصابه النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه ويبقى
ثلثه) وحسنة حماد بن عثمان عنه عليهالسلام : (لا يحرم العصير حتى يغلي) ، خبر حماد بن عثمان الآخر عنه عليهالسلام : (سألته عن شرب العصير ، قال : تشرب ما لم يغل ، فإذا غلى
فلا تشربه ، قلت : جعلت فداك : أي شيء الغليان؟ قال : القلب) .
والنصوص لم تشترط
في حرمته إلا الغليان ، وقد اعتبر في القواعد الغليان أو الاشتداد ، والمراد
بالغليان هو قلب أسفله أعلاه كما في الخبر وهو المعنى العرفي له ، والمراد
بالاشتداد أن يحصل له ثخانة وكثافة ، إلا أن الاشتداد لم يدل عليه دليل ومنه تعرف
ضعف قول العلامة في القواعد ، مع أنه قد اكتفى بالغليان فقط في التحرير والمختلف ،
وتعرف ضعف قول المحقق في المعتبر من أنه يحرم عند الغليان ولا ينجس إلا مع
الاشتداد.
هذا من جهة ومن
جهة أخرى فالنصوص لم تصرح إلا بحرمته ، وأما نجاسته فلا ، ولذا ذهب البعض إلى
طهارته ، وقد حققنا المسألة في باب الطهارة وقلنا إن الأخبار قد صرحت بحرمته
باعتبار أنه أحد أفراد المسكر إلا أنه فرد خفي فلا بد من الحكم بنجاسته إذا ثبتت
حرمته ولذا شاع بين المتأخرين كما في المسالك ، القول بنجاسته.
ومن جهة ثالثة
يحدّ شاربه ثمانين جلدة وهو إجماعي كما في التنقيح وغيره وقال في الرياض : «ولم
أقف على حجة معتدّ بها سواه» ، نعم على القول بأنه من أفراد المسكر الخفية فيكفي
التمسك بعموم أدلة جلد شارب المسكر.
(١) أي الاشتداد.
(٢) للقول
بالتلازم بين الغليان والاشتداد إذا كان الغليان بالنار أما لو كان الغليان بنفسه
فلا ، وفيه : أنه لا تلازم بين مجرد وأوله وبين الاشتداد كما هو الظاهر بالوجدان.
(٣) من الغليان
والاشتداد.
__________________
والمصنف هنا جعل
التحريم (١) مشروطا بهما ، ولعله بناء على ما ادعاه في الذكرى من تلازم الوصفين ،
وأن الاشتداد مسبّب عن مسمى الغليان : فيكون قيد الاشتداد هنا مؤكدا.
وفيه نظر ، والحق
أن تلازمهما مشروط يكون الغليان بالنار كما ذكرناه ، أما لو غلى وانقلب بنفسه
فاشتداده بذلك (٢) غير واضح (٣). وكيف كان فلا وجه لاشتراط الاشتداد في التحريم ،
لما ذكرناه من إطلاق النصوص بتعليقه على الغليان ، والاشتداد وإن سلّم ملازمته لا
دخل له في سببية التحريم.
ويمكن أن تكون
النكتة في ذكر المصنف له (٤) اتفاق القائل بنجاسته على اشتراطه فيها (٥) ، مع أنه
لا دليل ظاهرا على ذلك مطلقا (٦) كما اعترف به المصنف في غير هذا الكتاب ، إلا أن
يجعلوا الحكم بتحريمه دليلا على نجاسته (٧). كما ينجس العصير لما صار خمرا وحرم.
وحينئذ فتكون نجاسته مع الاشتداد مقتضى الحكم بتحريمه معه (٨) ، لأنها مرتبة عليه (٩)
، وحيث صرحوا باعتبار الاشتداد في النجاسة وأطلقوا القول بالتحريم بمجرد الغليان
لزم أحد الأمرين :
إما القول بعدم
ترتب النجاسة على التحريم (١٠) ، أو القول بتلازم الاشتداد والغليان ، لكن لما لم
يظهر للنجاسة دليل سوى التحريم الموجب لظن كونه كالخمر وغيره من الربوبات المسكرات
لزم اشتراك التحريم والنجاسة في معنى واحد وهو
______________________________________________________
(١) لا النجاسة.
(٢) أي بما لو غلى
بنفسه.
(٣) وكذا الغليان
بالنار إذا كان في أوله.
(٤) للاشتداد.
(٥) أي اشتراط
الاشتداد في النجاسة.
(٦) أي على
النجاسة سواء كان قبل الاشتداد أو بعده أو قبل الغليان أو بعده.
(٧) وهو الصحيح
باعتبار أنه من الأفراد الخفية للمسكر.
(٨) أي بتحريم
العصير مع الاشتداد.
(٩) أي لأن
النجاسة مرتبة على التحريم.
(١٠) لأن شرط
النجاسة مغاير لشرط التحريم.
الغليان مع
الاشتداد (١) ، ولما كانا متلازمين كما ادعاه (٢) لم يناف تعليق التحريم على
الغليان تعليقه على الاشتداد للتلازم ، لكن في التصريح بتعليقه عليهما (٣) تنبيه
على مأخذ الحكم (٤) ، وجمع (٥) بين ما أطلقوه في التحريم ، وقيدوه في النجاسة.
وهذا حس (٦) لو
كان (٧) صالحا لدليل النجاسة ، إلا أن عدم دلالته أظهر (٨) ولكن المصنف في البيان
اعترف بأنه لا دليل على نجاسته إلا ما دل على نجاسة المسكر وإن لم يكن مسكرا فرتب
بحثه عليه (٩).
(و) إنما يحرم العصير بالغليان إذا(لم يذهب ثلثاه به
، ولا انقلب خلًّا) فمتى تحقق أحدهما حلّ وتبعته الطهارة أيضا.
أما الأول فهو
منطوق بالنصوص (١٠).
______________________________________________________
(١) بل الغليان
فقط ، ولم يشترط الاشتداد في النجاسة إلا المحقق في المعتبر ، والعلامة في القواعد
، فراجع.
(٢) المصنف سواء
كان الغليان بالنار أو بنفسه ، أو بالنار فقط كما ادعاه الشارح فقط ، وقد عرفت منع
التلازم.
(٣) أي بتعليق
التحريم على الغليان والاشتداد.
(٤) من أن دليل
النجاسة هو نفس التحريم ، وذلك لأن النجاسة مشروط بالاشتداد على قول والتحريم على
الغليان كما هو ظاهر النصوص والفتاوى ، فتقييد التحريم بالغليان والاشتداد تنبيه
على أن التحريم هو دليل الحكم بالنجاسة المشروطة بالاشتداد.
(٥) عطف على (تنبيه).
(٦) أتعب الشارح
نفسه الشريفة للجمع بين وضعي الاشتداد والغليان في التحريم ، مع أنك قد عرفت أن
الاشتداد لا أثر له في الأخبار ، وأن الغليان فقط هو شرط التحريم والنجاسة ولا
داعي لهذا البحث في الجمع.
(٧) أي التحريم.
(٨) بدعوى أن
الإمام في مقام البيان ولم يصرح إلا بالتحريم فهو أدل على الطهارة منه على النجاسة
، وقد عرفت أنه في مقام بيان أنه من الأفراد الخفية للمسكر فيحقه حكمه من التحريم
والنجاسة.
(٩) من أن التحريم
هل هو دليل على النجاسة وإن لم يكن العصير مسكرا ، وأما لو كان مسكرا فيندرج تحت
عموم أدلة حرمة ونجاسة المسكر.
(١٠) وقد تقدم
بعضها في أول البحث فراجع.
وأما الثاني
فللانقلاب إلى حقيقة أخرى وهي مطهرة (١). كما لو انقلب الخمر خلا مع قوة نجاسته (٢)
بالإضافة إلى العصير ، ولو صار دبسا (٣) قبل ذهاب الثلثين ففي طهره وجهان أجودهما
العدم ، مع أنه فرض نادر ، عملا بالاستصحاب مع الشك في كون مثل ذلك (٤) مطهرا (٥).
(ويجب الحدّ ثمانون جلدة (٦)
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيتبع
الحكم الماهية ، وبما أن ماهية الخل الطهارة فيحكم بطهارته.
(٢) أي فالانقلاب
مطهر للخمر إذا انقلب خلا مع أن نجاسة الخمر مدلول النصوص حرامة ، فبالأولى الحكم
بطهارة العصير إذا انقلب خلا مع أن نجاسته محل خلاف.
(٣) قال في
المسالك «لا فرق مع عدم ذهاب ثلثيه في تحريمه بين أن يصير دبسا وعدمه ، لإطلاق
النصوص باشتراط ذهاب الثلثين ـ إلى أن قال ـ مع أن هذا فرض بعيد ، لأنه لا يصير
دبسا حتى يذهب أربعة أخماسه بالوجدان فضلا عن الثلثين.
ويحتمل الاكتفاء
بصيرورته دبسا على تقدير إمكانه لانتقاله عن اسم العصير كما يطهر بصيرورته خلا
كذلك» انتهى.
والاحتمال الثاني
أقوى ، لأن النصوص المصرحة باشتراط ذهاب الثلثين في حليته بشرط إبقاء كونه عصيرا.
(٤) من الانقلاب
إلى الدبس.
(٥) ولا يجري
الاستصحاب بعد القطع بكونه قد خرج عن ماهية العصير إلى ماهية أخرى يأخذ حكمها وهي
الدبس ، مع أنك عرفت أنه فرض غير ممكن فلا داعي للبحث في حكمه.
(٦) بلا خلاف فيه
للأخبار الكثيرة منها : موثق إسحاق بن عمار : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل شرب حسوة خمر ، قال : يجلد ثمانين جلدة قليلها
وكثيرها حرام) ، وصحيح بريد بن معاوية : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إن في كتاب علي عليهالسلام يضرب شارب الخمر ثمانين وشارب النبيذ ثمانين) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في تعليل الثمانين للحد : (أنه عليهالسلام قال : إذا شرب الرجل الخمر فسكر هذى ، فإذا هذى افترى ،
فإذا فعل ذلك فاجلدوه جلد المفتري ثمانين) .
__________________
(بتناوله) أي تناول شيء مما ذكر من المسكر (١) والفقاع (٢) والعصير (٣).
وفي إلحاق الحشيشة بها (٤) قول حسن (٥) ، مع بلوغ المتناول (٦) وعقله ، واختياره ،
وعلمه(وإن كان كافرا إذا تظاهر به) (٧) أما لو استتر (٨) ، أو كان صبيا ، أو مجنونا ، أو مكرها ،
أو مضطرا لحفظ الرمق ، أو جاهلا بجنسه ، أو تحريمه فلا حد وسيأتي التنبيه على بعض
القيود. ولا فرق في وجوب الثمانين بين الحر والعبد على الأشهر (٩) ،
______________________________________________________
(١) كما في صحيح
بريد بن معاوية المتقدم.
(٢) كما في خبر
ابن الجهم وابن فضال المتقدم سابقا.
(٣) للإجماع
المتقدم كما في الرياض ، ولشمول أخبار المسكر له باعتباره أنه من أفراده.
(٤) أي بالثلاثة.
(٥) باعتبار أن
الجميع مسكر ، ووجه عدم الإلحاق أن أدلة وجوب الحد منصرفة إلى المسكر المائع
بالأصالة ، والخشية ليس منه.
(٦) شروع في قيود
ثبوت الحد على شارب المسكر ، أما البلوغ والعقل فلحديث رفع القلم ، وأما الاختيار
والعلم فلحديث رفع عن امتي تسعة أشياء منها الجهل وعدم العلم والإكراه.
وقيّد المصنف
الشارب بكونه متناولا وهو قيد خامس ليعم الشرب أو أخذه ممزوجا بغيره من الأدوية
وغيرها ولذا قال في المسالك «المراد بالتناول إدخاله إلى البطن بالأكل والشرب
خالصا وممزوجا بغيره ، سواء بقي مع مزجه مميزا أو لا ، ويخرج من ذلك استعماله
بالاحتقان والسعوط حيث لا يدخل الحلق ، لأنه لم يعدّ تناولا فلا يحدّ به وإن حرم».
(٧) إن وصلية ،
والكافر لا يحدّ إذا شربها متسترا في بيته للأخبار منها : موثق أبي بصير عن أحدهما
عليهماالسلام : (كان عليّ عليهالسلام يجلد الحر والعبد واليهودي والنصراني في الخمر والنبيذ
ثمانين ، قلت : ما بال اليهودي والنصراني؟ قال : إذا أظهروا ذلك في مصر من الأمصار
، لأنهم ليس لهم أن يظهروا شربها) ، وصحيح أبي بصير الآخر : (حد اليهودي والنصراني والمملوك
في الخمر والفرية سواء ، وإنما صولح أهل الذمة على أن يشربوها في بيوتهم) .
(٨) الكافر.
(٩) للأخبار منها
: خبرا أبي بصير المتقدمين وهما قد صرحا بالتسوية بين العبد والحر في الجلد
ثمانين. ـ
__________________
لرواية أبي بصير ،
وبريد بن معاوية ، وزرارة عن الصادق عليهالسلام (١).
(وفي العبد قول) للصدوق(بأربعين) (٢) جلدة نصف الحر ، ونفى عنه في المختلف البأس. وقواه المصنف
في بعض تحقيقاته ، لرواية أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليهالسلام في مملوك قذف حرا.
قال : يحدّ ثمانين
، هذا من حقوق المسلمين ، فأما ما كان من حقوق الله(عزوجل) فإنه يضرب نصف الحد.
قلت : الذي من حقوق
الله ما هو؟
قال : إذا زنى ،
أو شرب الخمر فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحد ، وحمله الشيخ على التقية ،
وروى يحيى بن أبي العلاء عنه عليهالسلام : حد
______________________________________________________
ـ ومنها : ما
يشمله بإطلاقه كخبر بريد بن معاوية : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إن في كتاب علي عليهالسلام يضرب شارب الخمر ثمانين ، وشارب النبيذ ثمانين) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : (إذا شرب الرجل الخمر فسكر هذى ، فإذا هذى افترى ، فإذا
فعل ذلك فاجلدوه جلد المفتري ثمانين) .
(١) قد تقدم أن
الخبر عن أبي جعفر عليهالسلام ، وقد صرح بذلك أيضا في المسالك.
(٢) لخبر أبي بكر
الحضرمي : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن عبد مملوك قذف حرا ، قال : يجلد ثمانين هذا من حقوق
المسلمين ، فأما ما كان من حقوق الله فإنه يضرب نصف الحد ، قلت : الذي من حقوق
الله ما هو؟ قال : إذا زنى أو شرب الخمر فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحد) ، ويؤيده خبر حماد بن عثمان : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : التعزير كم هو؟ قال : دون الحد ، قلت : دون ثمانين؟ قال
: لا ولكن دون الأربعين فإنها حد المملوك) وهو شامل لكل حد للمملوك.
وخبر الحضرمي
معلّل فهو المقدم عند التعارض لكونه آبيا عن التخصيص إلا أن المشهور الأول.
__________________
المملوك نصف حد
الحر (١) من غير تفصيل (٢). وخصه (٣) بحد الزنا.
والتحقيق أن
الأحاديث من الطرفين غير نقية الإسناد وأن خبر التنصيف أوضح (٤) ، وأخبار المساواة
أشهر.
(ويضرب الشارب) (٥) ومن في معناه (٦) (عاريا) مستور العورة(على ظهره وكتفيه) وسائر جسده(ويتّقى وجهه ،
وفرجه ، ومقاتله. ويفرّق الضرب على جسده) غير ما ذكر (٧) (ولو تكرر الحد قتل
في الرابعة) (٨) ، لما رواه الصدوق في
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ٦ ـ من أبواب المسكر حديث ٩.
(٢) بين حق الله
وحق الناس ، ويؤيده أيضا خبر حماد بن عثمان المتقدم.
(٣) أي الشيخ.
(٤) لأنه معلّل.
(٥) غير المرأة
عاريا مستور العورة ، فيضرب على ظهره وكتفيه وسائر جسده ويتقى وجهه وفرجه ومقاتله
للصحيح أبي بصير (سألته عن السكران والزاني قال : يجلدان بالسياط مجردين بين
الكتفين ، فأما الحد في القذف فيجلد على ما به ضربا بين الضربين) ، وعن الشيخ في المبسوط أنه يضرب بدون تجريده من ثيابه ،
لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بالضرب ولم يأمر بالتجريد وهو ضعيف لما سمعت في الخبر.
(٦) وهو مطلق
المتناول للمسكر وأنه لم يكن بطريق الشراب ، وأيضا شارب الحشيشة على قول الشارح
لأنه يدخل دخانها وهو ليس بشرب حقيقة.
(٧) من الفرج
والمقاتل والوجه.
(٨) ذهب المشهور
إلى أنه يقتل في الثالثة للنصوص المستفيضة منها : صحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليهالسلام (من شرب الخمر
فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد فاقتلوه) وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد
الثالثة فاقتلوه) وصحيح سليمان بن خالد الآخر (كان أمير المؤمنين عليهالسلام يجلد في النبيذ المسكر ثمانين كما يضرب في الخمر ، ويقتل
في الثالثة كما يقتل صاحب الخمر) ويؤيده صحيح يونس عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام (أصحاب الكبائر
كلها إذا أقيم عليهم الحدود مرتين قتلوا في الثالثة) . ـ
__________________
الفقيه مرسلا أنه
يقتل في الرابعة (١) ، ولأن الزنا أعظم منه ذنبا ، وفاعله يقتل في الرابعة كما
مضى. فهنا أولى. وذهب الأكثر إلى قتله في الثالثة ، للأخبار الكثيرة الصحيحة
الصريحة في ذلك بخصوصه ، وصحيحة يونس عن الكاظم عليهالسلام يقتل «أصحاب الكبائر كلهم في الثالثة إذا أقيم عليهم الحد
مرتين». وهذا أقوى. والمرسل غير مقبول مطلقا (٢) خصوصا مع معارضة الصحيح ويمنع قتل
الزاني في الرابعة وقد تقدم(ولو شرب مرارا) ولم يحد(فواحد) (٣) كغيره مما يوجب الحد
______________________________________________________
ـ وذهب الشيخ في
الخلاف والمبسوط والصدوق في المقنع إلى أنه يقتل في الرابعة واستدل الشيخ في
الخلاف بالنبوي (من شرب الخمر فاجلدوه ، ثم إن من شرب فاجلدوه ، ثم إن شرب فاجلدوه
، ثم إن شرب فاقتلوه) ، ولأن الزنا أعظم من الشرب ولذا يجلد في الزنا مائه وفي
الشرب ثمانين ، مع أنه لا يقتل في الزنا إلا في الرابعة فيكون في الشرب كذلك من
باب أولى ، وللاحتياط في الدماء. وفيه : عدم حجية النبوي لأنه من طرق العامة فضلا
عن عدم مقاومته للنصوص الصريحة والصحيحة على قتله في الثالثة ، ولأنه يقتل في
الثالثة في الزنا على قول ، وقد تقدم ، ولا معنى لوجوب الاحتياط في الرابعة مع
وجود هذه النصوص الصحيحة الدالة على قتله في الثالثة ، فإن الاحتياط هنا موجب لطرح
الهداية وهذا لا يجوز لأن فيهما حكما إلزاميا.
(١) قال في
الوسائل : «قال الصدوق في الفقيه : وروي أنه يقتل في الرابعة» وقال الشيخ في الوسائل أيضا : «قال الكليني : قال جميل :
وروي عن بعض أصحابنا أنه يقتل في الرابعة ، قال ابن أبي عمير : كأن المعنى أن يقتل
في الثالثة ، ومن كان إنما يؤتى به يقتل في الرابعة» فهذا المرسل عن الصدوق تارة وعن جميل كما في الكافي تارة
أخرى لا يصلح لمعارضة النصوص السابقة فضلا عن أن قول ابن أبي عمير يدل على شيوع
الحكم بقتله في الثالثة فلذا حمل المرسل على من يؤتى به في الرابعة إلى الإمام
بحيث لم يتحقق إتيانه مع حده ثلاث مرات بل مرتين فيقتل عند إتيانه للإمام ثالثا
وإلا كان بالنسبة لشربه رابعة.
(٢) مع المعارض
أولا ، وإن كان مع المعارض أولى بعدم القبول ، فكيف إذا كان المعارض متعددا وصحيح
السند.
(٣) بلا خلاف فيه
لصدق اسم الشرب على الجميع مع عدم تخلل الحد حتى يحسب مرة ، ـ
__________________
(ويقتل مستحل الخمر (١) إذا كان عن فطرة) ولا يستتاب ، لأنه مرتد من حيث إنكاره ما علم من دين
الإسلام ضرورة.
(وقيل) : والقائل الشيخان : (يستتاب) شاربها عن فطرة. فإن تاب وإلا قتل والأقوى الأول.
نعم لو كان عن ملة
استتيب قطعا كالارتداد بغيره فإن تاب وإلا قتل وتستتاب المرأة مطلقا (٢).
(وكذا يستتاب) الرجل(لو استحل بيعها فإن امتنع) من التوبة(قتل) (٣) كذا
______________________________________________________
ـ سواء اختلف جنس
المشروب أو اتحد.
(١) لأنه قد كفر
بإنكار ما علم ضرورة أنه من الدين ، فيقتل إذا كان عن فطرة لأن هذا هو حكم المرتد
الفطري ولا يستتاب.
وذهب الشيخان إلى
أن مستحل الخمرة يستتاب ، فإن تاب أقيم عليه الحد ، وإن امتنع قتل من غير فرق بين
الفطري والملي ، لا لما رواه المفيد (أنه ردت العامة والخاصة أن قدامة بن مظعون
شرب الخمر ، فأراد عمر أن يحدّه ، فقال : لا يجب عليّ الحد ، إن الله يقول : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ جُنٰاحٌ فِيمٰا طَعِمُوا
إِذٰا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا) فدرأ عنه عمر الحد.
فبلغ ذلك أمير
المؤمنين عليهالسلام فمشى إلى عمر فقال : ليس قدامة من أهل هذه الآية ولا من
سلك سبيله في ارتكاب ما حرّم الله ، إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون
حراما ، فاردد قدامة فاستتبه مما قال ، فإن تاب فأقم عليه الحد ، وإن لم يتب
فاقتله فقد خرج عن الملة ، فاستيقظ عمر لذلك وعرف قدامة الخبر فأظهر التوبة
والإقلاع فدرأ عنه القتل ولم يدر كيف يحدّه ، فقال لعلي عليهالسلام : أشر عليّ ، فقال : حده ثمانين جلدة ، إن شارب الخمر إذا
شربها سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فجلده عمر ثمانين جلدة). وحمل الخبر
على كون المنكر لحرمة الخمر لشبهة في حقه لقرب سهوه بالإسلام مثلا كقدامة فيتجه
قول الشيخين حينئذ.
(٢) سواء كان
ارتدادها عن فطرة أو ملة ، وقد تقدم البحث فيه في كتاب الإرث فراجع.
(٣) اعلم أنه لا
نصوص على كفر منكر الضرورة ، وإنما هو حكم تبعا للقواعد بحيث إن إنكار الضرورة
موجب لتكذيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتكذيبه موجب للكفر ، وعليه فلا داعي لجعل الإنكار في
خصوص الضرورة كما فعل المشهور أو في خصوص ما تم عليه إجماع ـ
أطلقه المصنف من
غير فرق بين الفطري والملي ، ولو باعها غير مستحل عزّر (١).
(ولا يقتل مستحلّ) شرب(غيرها) أي غير الخمر من المسكرات ، للخلاف فيه بين المسلمين. وهو
كاف في عدم كفر مستحله وإن أجمعنا على تحريمه.
وربما قيل (٢)
بإلحاقه بالخمر وهو نادر ، وأولى بالعدم (٣) مستحل بيعه.
(ولو تاب الشارب) للمسكر(قبل قيام البينة) عليه(سقط الحد) عنه (٤) (ولا يسقط) الحد لو كانت توبته(بعدها) أي بعد قيام البينة لأصالة البقاء وقد تقدم مثله.
(و) لو تاب(بعد إقراره) بالشرب(يتخير الإمام) بين إقامته عليه ، والعفو ،
______________________________________________________
ـ جميع المسلمين
ولم يقع فيه الخلاف كما فسر الضرورة بذلك الشارح في المسالك بل إن ما ثبت على نحو
العلم أنه من الدين فإنكاره موجب للكفر لأنه موجب لتكذيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بنظر المنكر العالم ، ومنه تعرف ضعف ما قاله المصنف
والشارح في مستحل بيع الخمر أو مستحل غير الخمر من المسكرات بدعوى أن حكمها مختلف
فيه.
(١) لإقدامه على
الفعل المحرم ، وقد عرفت سابقا ثبوت التعزير على ارتكاب الكبائر بحسب ما يراه
الحاكم.
(٢) وهو قول ابن
إدريس.
(٣) عدم الإلحاق.
(٤) بلا خلاف فيه
، ودليلهم الإجماع ولذا قال في الرياض بعد ما حكى الإجماع (وهو الحجة مضافا إلى
جميع ما مرّ في الزنا من الأدلة) ، وأغلب الظن أن الحكم بالسقوط هنا من باب القياس
على الزنا الذي هو أشد وإن تاب بعدها لم يسقط على المشهور للاستصحاب خلافا لأبي
الصلاح فجوّز للإمام العفو عنه وقال في الرياض عنه (وحجته غير واضحة).
ولو تاب قبل
الإقرار فيسقط الحد عنه ، وإن تاب بعده فالمشهور أن الإمام مخيّر بين العفو
والاستيفاء لتخيره في باب الزنا واللواط اللذين هما أعظم من الشرب.
وذهب ابن إدريس
إلى وجوب الاستيفاء وذلك لأن التوبة لا توجب التخيير إلا في الرجم فقط مع بطلان
القياس عندنا ، وقول ابن إدريس أقوى اقتصارا على مورد النص في التخيير ، وفي غير
مورد النص فيرجع إلى الأصول العملية ، والأصل العملي هنا يقتضي بقاء الحد فيجب
استيفائه.
لأن التوبة إذا
أسقطت تحتم أقوى العقوبتين (١) وهو القتل فإسقاطها (٢) لأدناهما (٣) أولى.
وقيل : يختص الحكم
بما يوجب القتل ، ويتحتم هنا (٤) استيفاؤه عملا بالأصل والأول أشهر.
(ويثبت) هذا الفعل(بشهادة عدلين (٥)
، أو الإقرار مرتين) (٦) مع بلوغ المقر (٧) ، وعقله ، واختياره ، وحريته(ولو شهد أحدهما بالشرب ، والآخر بالقيء (٨)
______________________________________________________
(١) في الزنا وهو
القتل.
(٢) أي إسقاط
التوبة.
(٣) وهو الجلد.
(٤) في حد الشرب.
(٥) بلا خلاف فيه
لعموم ما دل على اعتبار البينة ، واشتراط العدلين من الرجال لما مرّ من عدم اعتبار
شهاد النساء لا منفردات ولا منضمات في الحدود.
(٦) على المشهور
وادعى عليه الشيخ في المبسوط الإجماع ، ولا نص عليه خاص وإنما لتنزيل إقراره منزلة
الشهادة على نفسه فيعتبر فيه التعدد كما يعتبر فيها.
(٧) قد تقدم أن
إقرار الصبي والمجنون والمكره والعبد لا عبرة به لحديث رفع القلم وحديث الرفع ولأن
إقرار العبد في حق غيره لا في حق نفسه.
(٨) وجب الحد على
المشهور ، بل عن الخلاف والتنقيح والسرائر دعوى الإجماع عليه ، والأصل فيه خبر
الحسين بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه عليهمالسلام قال (أتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر ،
فشهد عليه رجلان أحدهما خصيّ وهو عمرو التميمي والآخر المعلّى بن الجارود ، فشهد
أحدهما أنه رآه يشرب ، وشهد الآخر أنه رآه يقيء الخمر ، فأرسل عمر إلى ناس من
أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم أمير المؤمنين عليهالسلام فقال لأمير المؤمنين عليهالسلام : ما تقول يا أبا الحسن ، فإنك الذي قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنت أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق ، فإن هذين قد اختلفا
في شهادتهما؟ قال : ما اختلفا في شهادتهما وما قاءها حتى شربها) .
وفي الطريق ضعف
لأن فيه موسى بن جعفر البغدادي وهو مجهول الحال ، وجعفر بن ـ
__________________
قيل : يحد لما روي
عن علي عليهالسلام) في حق الوليد (١) لمّا شهد عليه واحد بشربها ، وآخر بقيئها
فقال علي عليهالسلام : (ما قاءها إلا وقد شربها) قال المصنف في الشرح (٢) : عليها فتوى الأصحاب ولم أقف فيه
على مخالف ، لكن العلامة جمال الدين بن طاوس قال في الملاذ : لا أضمن درك طريقه (٣).
وهو مشعر بالتوقف ، وكذلك العلامة استشكل الحكم في القواعد من حيث إن القيء وإن
لم يحتمل إلا الشرب ، إلا أن مطلق الشرب لا يوجب الحد ، لجواز الإكراه. ويندفع بأن
الإكراه خلاف الأصل ، ولأنه لو كان كذلك لادعاه ، ويلزم من قبول الشهادة كذلك (٤)
قبولها لو شهدا معا بالقيء (٥) نظرا إلى التعليل المذكور.
وقد يشكل ذلك (٦)
بأن العمدة في الأول (٧) الإجماع كما ادعاه ابن إدريس
______________________________________________________
ـ يحيى وهو مجهول
العين ، وعبد الله بن عبد الرحمن وهو مشترك بين الثقة وغيره ، ولذا قال السيد جمال
الدين بن طاوس في ملاذ الشيعة : لا أضمن درك طريقه ، وهو مشعر بتردده ، وكذلك تردد
فيه المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد حيث إن القيء وإن استلزم الشرب إلا أن
مطلق الشرب لا يكفي في إثبات الحد بل لا بد من وقوعه على وجه الاختيار.
وردّ إشكال السند
بأنه منجبر بعمل الأصحاب المؤيد بدعوى الإجماع كما عن جماعة ، وردّ أشكال المتن
بأن الأصل عدم الإكراه ، ولو كان الإكراه واقعا لادّعاه ، ولو ادعى الاكراه سمع
منه بلا بينة ولا يمين لما تقدم من أن قول المنكر مقبول بلا يمين لأن الحدود تدرأ
بالشبهات.
(١) كما في
المسالك والرياض وغيرهما ، إلا أنه في الوسائل والجواهر أنه في حق قدامة بن مظعون.
(٢) شرح الإرشاد.
(٣) الدرك هو
العيب ، والمراد أن طريقه معيوب أو يحتمل العيب فلا أتعهد بصحته.
(٤) بحيث شهد
أحدهما على الشرب والآخر على القيء.
(٥) نظرا إلى
التعليل الوارد فيها : ما قاءها حتى شربها ، وهذا ما ذهب إليه الشيخ جماعة بل قيل
إنه المشهور ، واقتصر بعضهم على مورد النص فلا تقبل الشهادة لو شهدا بالقيء
لاحتمال أن القيء مستلزم لمطلق الشرب ، وفيه : أنه مندفع بما سمعت سابقا.
(٦) قبول الشهادة
على القيء.
(٧) وهو الشهادة
على الشرب والقيء.
وهو منفي في
الثاني (١) واحتمال الإكراه يوجب الشبهة وهي تدرأ الحد وقد علم ما فيه. نعم يعتبر
إمكان مجامعة القيء للشرب المشهود به (٢) ، لو شهد أحدهما أنه شربها يوم الجمعة ،
وآخر أنه قاءها قبل ذلك ، أو بعده بأيام لم يحد ، لاختلاف الفعل ولم يقم على كل
فعل شاهدان(ولو ادعى الإكراه قبل) ، لاحتماله فيدرأ عنه الحد ، لقيام الشبهة(إذا لم يكذبه الشاهد) (٣) بأن شهد ابتداء بكونه مختارا ، أو أطلق الشهادة بالشرب ،
أو القيء ثم أكذبه في الإكراه لمّا ادعاه.
(ويحد معتقد حلّ النبيذ) (٤) المتخذ من التمر(إذا شربه) ولا يعذر (٥) في الشبهة (٦) بالنسبة إلى الحد وإن أفادته (٧)
درء القتل لإطلاق النصوص الكثيرة ، بحد شاربه كالخمر ، وأولى بالحد لو شربه محرّما
له ولا يقتل أيضا (٨) كالمستحل (٩) (ولا)
______________________________________________________
(١) في الشهادة
على القيء فقط.
(٢) فلا بد أن
يجامع القيء المشهور به للشرب المشهور به لتكون الشهادة من اثنين على فعل واحد ،
أما لو شهد أحدهما بأنه شربها يوم الجمعة وشهد الآخر أنه قاءها يوم الخميس فهي شهادة
من اثنين على فعلين بل هي شهادتان.
(٣) فمع التكذيب
لا تسمع دعوى الإكراه لوجود البينة على عكسها.
(٤) ادعى سيد
الرياض الاتفاق على عدم سقوط الحد لو اعتقد الحلية وشرب لإطلاق أدلة حد الشارب ،
وفيه :
أولا : لا معنى
لتخصيص الكلام من المصنف في النبيذ بل يعم سائر المسكرات التي وقع الخلاف بين
المسلمين في حرمته.
وثانيا : كيف يحد
مع أنه جاهل بالحرمة بل معتقد بالحلية ، وحديث الرفع حاكم هنا حتى لو كان مقصرا في
مقدمات العلم بالحلية كما لو شرب النبيذ بعنوان أنه ماء فالجهل عذر في الشبهة
الحكمية كالشبهة الموضوعية.
(٥) وقد عرفت عذره
للجهل.
(٦) وهي شبهة حلية
النبيذ كما عن أبي حنيفة.
(٧) أي أفادت
الشبهة الشخص المعتقد للحلية.
(٨) أي معتقد
الحلية لو شرب النبيذ لا يقتل ، ولكن قد عرفت مع تكرار الحد لا بد من قتله لو كان
شربه في كل مرة موجبا للحد وقد حدّ.
(٩) أي لا يقتل
معتقد الحلية بخلاف المستحل للخمر فإنه يقتل ، وذلك لوضوح حكم الخمر بالحرمة بخلاف
النبيذ فإنه مختلف فيه ، وفيه : قد عرفت أن المدار في كفر المنكر ـ
(يحد الجاهل بجنس المشروب) (١) فاتفق مسكرا(أو بتحريمه (٢) ،
لقرب إسلامه) (٣) أو نشوئه في بلاد بعيدة عن المسلمين يستحل أهلها الخمر
فلم يعلم تحريمه ، والضابط إمكانه (٤) في حقه.
(ولا من اضطره العطش (٥) أو) اضطر إلى(إساغة اللقمة بالخمر) بحيث
______________________________________________________
ـ والمستحل على
إنكار ما علم ثبوته في الدين حتى يكون موجبا لتكذيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعليه فالمستحل يقتل إن علم بحرمة الخمر ، ولذا لو اعتقد
الحلية وشرب الخمر وكان اعتقاده لشبهة معذورا فيها كما لو كان قريب عهد في الإسلام
فلا يقتل فضلا عن سقوط حد الشرب عنه وهذا لا خلاف فيه بين الأصحاب لحكم العقل بكون
الجهل عذرا ، ولخبر ابن بكير عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال : شرب رجل
الخمر على عهد أبي بكر ، فرفع إلى أبي بكر ، فقال له : أشربت خمرا؟ قال : نعم ،
قال : ولم وهي محرّمة؟ قال : إني أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون
الخمر ويستحلونه ، ولو علمت أنها حرام اجتنبتها ، فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال :
ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر : معضله وليس لها إلا أبو الحسن.
فقال أبو بكر :
أدعوا لنا عليا ، فقال عمر : يؤتى الحكم في بيته ، فقاما والرجل معهما ومن حضرهما
من الناس حتى أتوا أمير المؤمنين عليهالسلام فأخبراه بقصة الرجل.
فقال عليهالسلام : ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار ،
من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه
قرأ عليه آية التحريم ، فخلى سبيله وقال له : إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد) .
(١) لأن الجهل عذر
في الشبهة الموضوعية كما تقدم.
(٢) لأن الجهل عذر
أيضا في الشبهة الحكمية كما تقدم.
(٣) تعليل للجهل
بالتحريم ، وهذا مورد خبر ابن بكير المتقدم.
(٤) إمكان الجهل.
(٥) ذهب المشهور
ومنهم الشيخ في النهاية إلى جواز الشرب حينئذ ، لأهمية حفظ النفس ولنفي الحرج
والضرر ، وللأخبار منها : خبر عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام (عن الرجل أصابه
عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا ، قال : يشرب منه قوته) .
ومنه : تعرف جواز
إساغة اللقمة بالخمر والمسكر إذا توقف حفظ النفس على ذلك وذهب ـ
__________________
خاف التلف بدونه.
(ومن استحل شيئا من المحرمات المجمع عليها) من المسلمين بحيث علم تحريمها (١) من الدين ضرورة(كالميتة ، والدم ، والربا ، ولحم الخنزير) ونكاح المحارم ، وإباحة الخامسة والمعتدة ، والمطلقة ثلاثا(قتل إن ولد على الفطرة) لأنه مرتد. وإن كان ملّيّا استتيب فإن تاب وإلا قتل (٢) ،
كل ذلك إذا لم يدّع شبهة ممكنة في حقه ، وإلا قبل منه.
ويفهم من المصنف
وغيره أن الإجماع كاف في ارتداد معتقد خلافه وإن لم يكن معلوما ضرورة وهو يشكل في
كثير من أفراده على كثير من الناس.
(ومن ارتكبها غير مستحل) لها(عزّر) (٣) إن لم يجب الحد كالزنا والخمر ، وإلا دخل التعزير فيه.
وأمثلة المصنف مستغنية عن القيد (٤) وإن كان العموم (٥) مفتقرا إليه
(ولو أنفذ الحاكم إلى حامل لإقامة حد فأجهضت) أي أسقطت حملها خوفا(فديته) أي دية الجنين(في بيت المال) (٦) ، ...
______________________________________________________
ـ الشيخ في المبسوط
إلى عدم الجواز لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (المضطر لا يشرب
الخمر لأنها لا تزيده إلا شرا ، ولأنه إن شربها قتلته فلا يشرب منها قطرة) .
ولخبر الفضل بن
شاذان عن الإمام الرضا عليهالسلام (والمضطر لا يشرب
الخمر لأنها تقتله) .
(١) فالعلم
بالحرمة هو المدار على كفر المنكر ، وليس المدار على كونه الحكم مجمعا عليه وقد
تقدم سابقا.
(٢) وقد تقدم في
أكثر من مورد حكم المرتد الفطري والملي.
(٣) لما تقدم أن
التعزير على فعل الكبائر التي لا حدّ لها.
(٤) أما الأمثلة
فهي الميتة والدم والربا ولحم الخنزير فهي مستغنية عن قيد (أن لم يجب فيها الحد).
(٥) أي فعل
الكبائر يوجب التعزير إن لم يكن مستحلا.
(٦) على الأكثر ،
لأن قتله خطأ محض من الحاكم إذ لم يقصد باستدعائها قتل الجنين وإلا كان نفس
الاستدعاء موجبا للقتل ويكون من شبيه العمد ، وخطأ الحكام من بيت المال كما ـ
__________________
لأنه (١) من خطأ
الحكّام في الأحكام وهو محله (٢) (وقضى علي عليهالسلام في مجهضة خوّفها عمر) حيث أرسل إليها ليقيم عليها الحد : أن دية جنينها(على عاقلته) أي عاقلة عمر ، لا في بيت! المال(ولا تنافي بين
الفتوى) بكون صدوره (٣)
عن انفاذ
______________________________________________________
ـ هو المعروف ،
وذهب ابن إدريس إلى أن قتله وأن كان خطأ إلا أن دية الخطأ على العاقلة أي عاقلة
الحاكم محتجا برواية يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام (كانت امرأة تؤتى
فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروعها وأمر أن يجاء بها إليه ففزعت المرأة فأخذها الطلق
فذهبت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهلّ الغلام ثم مات ، فدخل عليه من روعة
المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله ، فقال له بعض جلسائه : يا أمير المؤمنين ما
عليك من هذا شيء ، وقال بعضهم : وما هذا؟ قال : سلموا أبا الحسن عليهالسلام فقال لهم أبو الحسن عليهالسلام : لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم ، ولئن كنتم برأيكم قلتم لقد
أخطأتم ، ثم قال : عليك دية الصبي) ورواه المفيد في الإرشاد مرسلا إلا أنه قال في الأخير : (فقال
عليّ عليهالسلام : الدية على عاقلتك لأن قتل الصبي خطأ تعلق بك ، فقال :
أنت نصحتني من بينهم ، لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي ، ففعل ذلك أمير
المؤمنين عليهالسلام) .
وأجيب عن الرواية
بجوابين :
الأول : إنه لم
يرسل إليها بعد ثبوت موجب الحد عليها ، وإنما أرسل إليها قبل ذلك ، فلذا كانت الدية
على العاقلة وإلا فلو أرسل إليها بعد ثبوت موجب الحد فالدية من بيت المال.
الثاني : إن عمر
لم يكن حاكما شرعيا بحسب الواقع فلذا كانت الدية على عاقلته ، وإلا لو كان حاكما
فالدية من بيت المال وفي الأول نظر لأن جواز الإرسال خلف الغريم لا يتوقف على ثبوت
الحد فإن مجرد الدعوى عليه كافية.
وفي الثاني أيضا :
بأن عمر وإن لم يكن حاكما شرعيا بحسب الواقع إلا أن أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن يتجاهر بذلك أمام الصحابة ولو تجاهر لم يقبلوا منه
، فالأولى في الجواب ما قاله الشارح في المسالك : (من أن الرواية لم ترد بطريق
معتبر والرجوع إلى الأصول المقررة متعين ، وهي تقتضي كون الدية من بيت المال).
(١) أي إسقاط
الجنين.
(٢) أي بيت المال
محل خطأ الحكام.
(٣) أي صدور
الإجهاض.
__________________
الحاكم بيت المال
، (والرواية) لان عمر لم يكن حاكما شرعيا وقد تسبب بالقتل خطأ فتمون
الدية على عاقلته ، او لان عمر لم يرسل إليها بعد ثبوت ما ذكر عنها. ولعل هذا أولى
بفعل علي عليهالسلام لأنه ما كان في وقته يتجاهر بمعنى الأول (١) ، ولا كان
يقبل ذلك منه خصوصا بعد فتوى جماعة من الصحابة بخلاف قوله عليهالسلام ، ونسبته إياهم إلى الجهل ، أو الغش (٢) ، وتعليله (٣)
بكونه قد قتله خطأ.
(ومن قتله الحد ، أو التعزير فهدر) (٤) بالسكون أي لا عوض لنفسه ، سواء
______________________________________________________
(١) من كون عمر
ليس بحاكم شرعي.
(٢) وقد ورد في
نفس الواقعة قوله عليهالسلام : (إن كان القوم قد قاربوك لها فقد غشوك وإن كانوا قد
ارتابوا فقد قصروا ، الدية على عاقلتك) .
(٣) عطف على قوله
: (فتوى الصحابة) والمعنى : أن تعليله يكون القتل خطأ بعد فتوى الصحابة بأنه لا شيء
عليه ظاهر في أن أمير المؤمنين عليهالسلام لا يقبل منه لو تجاهر بعدم شرعية عمر.
(٤) أي لا دية له
على المشهور ، سواء كان الحد أو للناس ، وعن الشيخ أنه مذهبنا لصحيح الحلبي عن أبي
عبد الله عليهالسلام (أيّما رجل قتله
الحد أو القصاص فلا دية له) ولفظ (أي) من صيغ العموم وكذلك اللام في الحد والقصاص تفيد
العموم لكل حد من حدود الله وحدود الناس ، ومثله خبر أبي الصباح الكناني عن أبي
عبد الله عليهالسلام (من قتله الحد فلا
دية له) .
وعن المفيد أن
الإمام ضامن إذا كان الحد للناس لخبر الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليهالسلام (من ضربناه حدا من
حدود الناس فمات فلا دية له علينا ، ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن ديته
علينا) .
وعن الشيخ في
الاستبصار جعل الدية من بيت مال المسلمين إذا كان الحد للناس جمعا بين صحيح الحلبي
الثاني للدية بمعنى نفيها من مال الإمام وبين خبر الثوري المثبت لها ، بمعنى
إثباتها من بيت المال.
وعن الشيخ في
المبسوط أن من قتله التعزير فديته من بيت مال المسلمين بخلاف الحد ـ
__________________
كان لله أم لآدمي
، لأنه فعل سائغ فلا يتعقبه الضمان ، ولحسنة الحلبي عن الصادق عليهالسلام أيما رجل قتله الحد ، أو القصاص فلا دية له ، و «أي» من
صيغ العموم ، وكذا «الحد» عند بعض الأصوليين.
(وقيل) : يضمن(في بيت المال) وهذا القول مجمل قائلا (١) ، ومحلا (٢) ، ومضمونا فيه (٣)
، فإن المفيد قال : يضمن الإمام دية المحدود للناس ، لما روي أن عليا عليهالسلام كان يقول : من ضربناه حدا من حدود الله فمات فلا دية له
علينا ، ومن ضربناه حدا في شيء من حقوق الناس فمات فإن ديته علينا (٤). وهذا
القول يدل على أن الخلاف في حد الناس ، وأن الضّمان في بيت مال الإمام ، لا بيت
مال المسلمين.
وفي الاستبصار :
الدية في بيت المال جمعا بين الأحاديث ، ويظهر من المبسوط : أن الخلاف في التعزير
وصرح به غيره. بناء على أن الحد مقدر والتعزير اجتهادي.
وفيه نظر ، لان
التعزير ربما كان من امام معصوم لا يفعل بالاجهاد الذي يجوز فيه الخطا ، والحق ان
الخلاف فيهما معا (٥) وان عدم الضمان مطلقا (٦) أوجه ، لضعف مستمسك الضمان (٧).
______________________________________________________
ـ لأن الحد محدود
من قبل الشارع والحاكم محسن بامتثاله الأمر فلا دية عليه لو أدى الحد إلى القتل ،
بخلاف التعزير فلو أدى إلى القتل لكانت زيادته الموجبة للقتل خطأ من الحاكم وخطأ
الحكام في بيت المال.
(١) لم يعرف
قائله.
(٢) إن الضمان من
بيت المال أو من مال الحاكم.
(٣) من أن الضمان
في الحدود مطلقا أو في خصوص حدود الناس.
(٤) هذا خبر الحسن
بن صالح المتقدم إلا أنه مروي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وأما المروي عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين فهو مرسل
الصدوق وقد أورد في الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٤.
(٥) في الحد
والتعزير.
(٦) في الحد أو
التعزير.
(٧) ومستند الضمان
هو إما مرسل الصدوق وهو واضح الضعف لإرساله وإما خبر الحسن ـ
(ولو بان فسوق الشهود) (١) بفعل يوجب القتل(بعد القتل ففي
بيت المال) : مال المسلمين ،
دية المقتول(لأنه من خطأ الحاكم) ولا ضمان على الحاكم ، ولا على عاقلته.
(الفصل الخامس ـ السرقة)
(ويتعلق الحكم) وهو هنا (٢) القطع(بسرقة البالغ (٣)
______________________________________________________
ـ بن صالح الثوري
فلأن الثوري زيدي تبري متروك العمل بما يختص بروايته.
(١) بحيث أقام
الحاكم الحد بالقتل تبعا لشهادة البينة ثم بان فسق الشهود ، فلا يضمن الحاكم ولا
عاقلته ، والدية من بيت مال المسلمين ، بلا خلاف فيه إلا من الحلبي ، لأن قتله كان
خطأ من الحاكم وخطأ الحاكم في بيت المال. وذهب الحلبي إلى أن الدية من ماله وهو
واضح الضعف بعد كونه غير مقصر في تحقيق شرائط الشهادة.
(٢) في باب
السرقة.
(٣) فلو سرق الطفل
لا يحدّ وإنما يؤدب بما يراه الحاكم ، ولو تكررت سرقته إلى الخامسة فما فوق وفاقا
للمشهور لحديث رفع القلم عن الصبي.
وعن الشيخ في
النهاية وتبعه أبو الصلاح والعلاقة في المختلف إلى أنه يعفى عن الصبي أولا فإن عاد
أدب فإن عاد حكت أنامله حتى تدمى ، فإن عاد قطعت أنامله ، فإن عاد قطع كما يقطع
البالغ استنادا إلى أخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (عن الصبي يسرق
قال : يعفى عنه مرة ومرتين ويعزّر في الثالثة ، فإن عاد قطعت أطراف أصابعه ، فإن
عاد قطع أسفل من ذلك) .
وصحيح الحلبي عن
أبي عبد الله عليهالسلام (إذا سرق الصبي
عفي عنه ، فإن عاد عزّر ، فإن عاد قطع أطراف الأصابع ، فإن عاد قطع أسفل من ذلك) ، وهذه الأخبار على كثرتها لا تدل على التفصيل الذي ذهب
إليه الشيخ فضلا عن أن بعضها دل على عدم التعزير في المرة الأولى وبعضها دل على
عدمه في الأولى والثانية وفي بعضها التخيير بين قطع الأنامل أو الحك حتى الإدماء
في المرة الثانية كما في صحيح ابن سنان الآخر ، وفي بعضها قطع اليد مطلقا كالبالغ كما في خبر محمد بن
مسلم ، وفي بعضها التعليق على مشيئة الله الظاهر في تخيير الحاكم كما في خبر علي
بن جعفر عن أخيه عليهالسلام (سألته ـ
__________________
العاقل (١)
المختار (٢) (من الحرز (٣) بعد هتكه) وإزالته(بلا شبهة) (٤) موهمة للملك عارضة للسارق ، أو للحاكم (٥) ، كما لو ادعى
السارق ملكه مع علمه (٦) باطنا بأنه ليس ملكه(ربع دينار) (٧) ذهب خالص مضروب بسكة المعاملة(أو) مقدار(قيمته)
______________________________________________________
ـ عن الصبي يسرق
ما عليه؟ قال : إذا سرق وهو صغير عفي عنه ، فإن عاد قطعت أنامله ، وإن عاد قطع
أسفل من ذلك أو ما شاء الله) ، والحاصل من اختلاف الأخبار أن الحاكم يؤدبه بهذه الأمور
أو بغيرها مما يراه مناسبا للمصلحة وهذا ما حملت الأخبار عند المشهور ، والأولى
التقيد بما ورد من التعزير في هذه الأخبار خصوصا لمن بلغ سبع سنين ، وبقطع الأصابع
لمن بلغ تسع سنين كما جاء في الأخبار.
(١) فلا يقطع
المجنون بلا خلاف لحديث رفع القلم ولكن يؤدب بما يراه الحاكم ، وفي التحرير
للعلامة نسبة التأديب إلى القيل مشعرا بالتردد ، ووجهه كما في المسالك (ولعله لعدم
تميزه الموجب لارتداعه بالتأديب على المعاودة) ثم قال الشارح فيه : (ولكن هذا
يختلف باختلاف المجانين فإن منهم من يردعه التأديب وهو الأكثر ، ومنهم من لا يشعر
بذلك ؛ والجنون فنون ، وإناطة التأديب برأي الحاكم يحصل المطلوب).
هذا كله في الجنون
المطبق ، وأما الأدواري فإن سرق حال جنونه فكذلك ، ولو سرق عند إفاقته ثم جنّ قبل
قيام الحد فيحدّ للاستصحاب.
(٢) فلا يحد
المكره على السرقة لحديث الرفع.
(٣) وهو الموضع
الحصين ، وحرز كل شيء بحسبه فبعض الأشياء حرزها أن توضع في بيت مقفل وبعضها في
صندوق مقفل ، ولا تحديد للحرز في الشريعة وإنما هو راجع للعرف والعادة.
نعم اشتراط الحرز
بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر السكوني عن أمير المؤمنين عليهالسلام (لا يقطع إلا من
ثقب ثقبا أو كسر قفلا)
(٤) من السارق ،
أما لو اشتبه وظن أن المال ماله فهتك الحرز لا يقطع لأن الحدود تدرأ بالشبهات ، بل
لا يعدّ عند العرف سارقا.
(٥) ولو كانت شبهة
الحاكم ناشئة من دعوى السارق أنه قد اشتبه عليه الأمر.
(٦) علم السارق.
(٧) لا قطع إلا في
ربع دينار من الذهب الخالص المضروب عليه السكة أو ما بقيمته على ـ
__________________
كذلك (١) (سرا) (٢) من غير شعور المالك به مع كون المال المسروق(من غير مال ولده) (٣)
______________________________________________________
ـ المشهور للأخبار
منها : النبوي (لا قطع إلا في ربع دينار) .
وصحيح محمد بن
مسلم (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : في كم يقطع السارق؟ قال : في ربع دينار ، قلت له : في
درهمين؟ قال : في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ.
قلت له : أرأيت من
سرق أقلّ من ربع دينار هل يقع عليه حين سرق اسم السارق ، وهل هو عند الله سارق؟
قال : كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه فهو يقع عليه اسم السارق وهو عند
الله سارق ، ولكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر ، ولو قطعت أيدي السرّاق فيما
أقل هو من ربع دينار لألغيت عامة الناس مقطعين) .
وذهب الصدوق إلى
أن القطع بخمس الدينار فصاعدا لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (أدنى ما يقطع فيه
السارق خمس الدينار) ومثله صحيح الحلبي .
وذهب ابن أبي عقيل
إلى اعتبار الدينار لصحيح الثمالي (سأل أبا جعفر عليهالسلام في كم يقطع السارق فجمع كفيه وقال : في عددها من الدراهم) وحمل ما قابل المشهور على التقية.
(١) من الذهب
الخالص.
(٢) فلو هتك الحرز
قهرا ظاهرا فهو غاصب وليس بسارق.
(٣) فلو سرق
الوالد مال ولده فلا قطع بلا خلاف للخبر (أنت ومالك لأبيك) ولفحوى ما دل على عدم قتل الأب بالولد وعدم جلده لو قذفه
كما في صحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل قذف ابنه بالزنا قال : لو قتله ما قتل به وإن قذفه
لم يجلد له) .
وألحق أبو الصلاح
الأم بالأب ونفى عنه العلامة في المختلف البأس ، لأنها أحد الأبوين ولاشتراكها في
وجوب التعظيم بل هي أولى بالبر والاعظام ، وألحق بعض العامة كل من ـ
__________________
أي ولد السارق(ولا) مال(سيده) (١) ، وكونه(غير مأكول في عام سنت) (٢) بالتاء الممدودة وهو الجدب والمجاعة ، يقال : أسنت القوم
إذا أجدبوا فهذه عشرة قيود.
قد أشار إلى
تفصيلها بقوله : (فلا قطع على الصبي والمجنون) إذا سرقا كذلك (٣) (بل التأديب) خاصة وإن تكررت منهما السرقة ، لاشتراط الحد بالتكليف.
وقيل (٤) : يعفى
عن الصبي أول مرة ، فإن سرق ثانيا أدب ، فإن عاد ثالثا حكّت أنامله حتى تدمى ، فإن
سرق رابعا قطعت أنامله ، فإن سرق خامسا قطع كما يقطع البالغ.
ومستند هذا القول
أخبار كثيرة صحيحة وعليه الأكثر (٥) ، ولا بعد في تعيين
______________________________________________________
ـ تجب نفقته على
الآخر بين الفروع والأصول ، وردّ كما في المسالك بقوله : (وتخصيص العموم بمثل هذه
الأدلة لا يخفى ما فيه).
(١) بلا خلاف فيه
للأخبار : منها صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (إذا سرق عبد أو
أجير من مال صاحبه فليس عليه قطع) .
(٢) أسنت القوم
أجدبوا ، وأصله من السنة قلبوا الواو تاء ليفرقوا بينه وبين قولهم أسنى القوم إذا
قاموا سنة في موضع ، وقال الفراء : إن الهاء أصلية إذا وجدوها ثالثة قلبوها تاء
فيقال : أصابتهم السنت بالتاء ورجل سنت كثير الخير) عن الصحاح.
والمراد أنه لا
قطع على من سرق مأكولا في عام المجاعة بلا خلاف ويدل عليه أخبار منها : مرسل زياد
القندي عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يقطع السارق
في سنة المحل في شيء مما يؤكل مثل الخبز واللحم وأشباه ذلك) .
وخبر السكوني عن
أبي عبد الله عليهالسلام (لا يقطع السارق
في عام سنت ، يعني عام مجاعة) ومرسل عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليهالسلام (كان أمير
المؤمنين عليهالسلام لا يقطع السارق في أيام المجاعة) (.
(٣) بهذه القيود
المذكورة.
(٤) للشيخ في
النهاية وتبعه أبو الصلاح والعلامة في المختلف وقد تقدم.
(٥) وهو مخالف لما
قاله في المسالك وغيره في غيره من (عدم ثبوت القطع على الصبي مطلقا وهو المشهور
بين المتأخرين).
__________________
الشارع (١) نوعا
خاصا من التأديب ، لكونه لطفا وإن شارك خطاب التكليف في بعض أفراده (٢).
ولو سرق المجنون
حال إفاقته لم يسقط عنه الحد بعروض الجنون واحترزنا بالاختيار عما لو أكره على
السرقة فإنه لا يقطع. وشمل إطلاق الشرطين (٣) الذكر والأنثى (٤) ، والحر والعبد (٥)
إلّا على وجه يأتي ، والبصير والأعمى (٦) ، والمسلم والكافر ، لمسلم وكافر إذا كان
ماله محترما(ولا) قطع(على من سرق من غير حرز) كالصحراء ، والطريق ، والرحا ، والحمام ، والمساجد ،
ونحوها من المواضع المنتابة والمأذون في غشيانها مع عدم مراعاة المالك لماله(ولا من حرز) في الأصل(بعد أن هتكه غيره) (٧) بأن فتح قفله ، أو بابه ، أو نقب جداره فأخذ هو. فإنه لا
قطع على أحدهما ، لأن المهتّك لم يسرق والسارق لم يأخذ من الحرز(ولو تشاركا في الهتك) بأن نقباه ولو بالتناوب عليه(فأخرج أحدهما
المال قطع المخرج خاصّة) (٨) ، لصدق هتكه الحرز وسرقته منه ، دون من شاركه في الهتك.
كما لو
______________________________________________________
(١) أي أن هذا التفصيل
في حكم الصبي الذي هو مدلول الأخبار إنما هو نوع من أنواع التأديب ، والتأديب يشمل
الصبي فلا إشكال حينئذ برفع الحد عنه لرفع القلم ، وتعيين الشارع لنوع من أنواع
التأديب جائز لكون التأديب لطفا من الشارع على عباده.
(٢) أي وإن شارك
هذا النوع من التأديب خطاب التكليف للبالغ في بعض الأفراد وهو القطع.
(٣) من البلوغ
والعقل.
(٤) بلا خلاف فيه
لعموم الأدلة.
(٥) لإطلاق الأدلة
خلافا للحنفية حيث فصلوا بين الآبق وغيره من كون الآبق لو سرق لا يقطع.
(٦) لإطلاق الأدلة
وكذا بالنسبة للمسلم والكافر.
(٧) فلو أخذ المال
بعد ما هتك الغير الحرز فلا حد عليهما ، وإن جاءا معا بقصد التعاون بلا خلاف فيه
ضرورة عدم صدق اسم السارق على من هتك الحرز وعدم صدق الآخذ من الحرز على من أخذ
المال ، نعم يجب على الآخذ رد المال وعلى من هتك الحرز إصلاح ما أفسد ، وعن بعض
العامة أنه يجب القطع على من أخذ لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى إسقاط الحد ، وهو واضح
الفساد بناء على أصولنا لعدم حجية الاستحسان.
(٨) لأنه السارق
دون الآخر بلا خلاف فيه ولا إشكال.
انفرد به (١) (ولو أخرجاه (٢) معا قطعا) إذا بلغ نصيب كل واحد نصابا ، وإلا فمن بلغ نصيبه النصاب (٣)
وإن بلغ المجموع نصابي فصاعدا على الأقوى.
وقيل : يكفي بلوغ
المجموع نصابا في قطع الجميع ، لتحقق سرقة النصاب وقد صدر عن الجميع فيثبت عليهم
القطع. وهو ضعيف ولو اشتركا في الهتك ثم أخرج أحدهما المال إلى قرب الباب فأدخل
الآخر يده وأخرجه قطع (٤) ، دون الأول ، وبالعكس لو أخرجه الأول إلى خارجه فأمره
فحمله الآخر (٥).
ولو وضعه في وسط
النقب ، أو الباب فأخذه الآخر ففي قطعهما أو عدمه عنهما وجهان (٦) : أجودهما
الثاني ، لانتفاء الإخراج من الحرز فيهما.
______________________________________________________
(١) بالهتك.
(٢) بعد ما تشاركا
في الهتك قطعا لصدق السارق عليهما بلا خلاف فيه.
(٣) وهذا يتضمن
صورا :
الأولى : لم يبلغ
مقدار الإخراج عند كل واحد حد النصاب ولكن يبلغ المجموع حد النصاب.
الثانية : لم يبلغ
مقدار المجموع حد النصاب فضلا عن نصيب كل واحد ، ففي الصورة الأولى ذهب الشارح في
المسالك وسيد الرياض إلى عدم القطع على كليهما لعدم تحقق سرقة ما بلغ النصاب لكل
واحد ، ولهذا لا قطع في الصورة الثانية ، وعن الشيخ في النهاية والاقتصاد والصدوق
في المقنع وبني زهرة وحمزة وسعيد القطع عليهما في الصورة الأولى التي بلغ المجموع
حد النصاب لإرادة الجنس من السارق في النصوص لا خصوص الشخص ، نعم لا قطع في الصورة
الثانية.
الثالثة : لم يكن
نصيب كل واحد ، بل كان نصيب أحدهما النصاب فما زاد والآخر دونه وإن بلغ المجموع
نصابين فما زاد ، فعلى قول المسالك والرياض فالقطع على من بلغ نصيبه حد النصاب دون
الآخر ، وعلى قول الشيخ وأتباعه القطع أيضا لأن المجموع بلغ نصابين فضلا عن النصاب
الواحد.
(٤) فالقطع على من
أخرج المال إلى خارج الباب لصدق اسم إخراج المال من حرزه عليه دون الآخر خلافا
لأبي حنيفة من عدم القطع عليهما بدعوى عدم صدق الإخراج من الحرز عليهما وهو ضعيف
ضرورة صدق الإخراج على أحدهما.
(٥) فالقطع على
المخرج لا الحامل
(٦) عن الشيخ في
المبسوط وتبعه عليه أبو الصلاح لا قطع على أحدهما ، لأن كل واحد ـ
ووجه الأول تحققه
منهما بالشركة كتحقق الهتك بها (١) (ولا مع توهم الملك)
(٢) أو الحل (٣) فظهر غير ملك وغير حلال كما لو توهمه ماله
فظهر غيره ، أو سرق من مال المديون الباذل بقدر (٤) ماله معتقدا إباحة الاستقلال
بالمقاصة.
وكذا لو توهم ملكه
للحرز (٥) أو كونهما (٦) أو أحدهما لابنه.
(ولو سرق من المال المشترك ما يظنه قدر نصيبه) (٧) وجواز مباشرته القسمة
______________________________________________________
ـ منهما لم يخرجه
من كمال الحرز وتمامه ، وعن ابن إدريس قال : (إن الذي يقتضيه أصول مذهبنا أن القطع
على الآخذ الخارج لأنه نقب وهتك الحرز وأخرج المال منه ـ إلى أن قال ـ فمن أسقط
القطع عنه فقد أسقط حدا من حدود الله بغير دليل بل بالقياس والاستحسان ـ إلى أن
قال ـ ولا ينبغي أن تعطل الحدود بحسن العبارات وتزويقها وصقلها وتوريقها وهو قوله
ما أخرجه عن كمال الحرز ، أي شيء هذه المغالطة؟ بل الحق أن يقال : أخرجه من الحرز
أو من غير الحرز ، ولا عبارة عند التحقيق سوى ذلك ، وما لنا حاجة إلى المغالطات
بعبارات كمال الحرز) انتهى كلامه.
وذهب جماعة إلى
القطع عليهما لأن الإخراج تم بتعاونهما فهو كما لو أخرجاه دفعة ، ولأنه يصير ذريعة
إلى إسقاط الحد.
(١) بالشركة.
(٢) فلا قطع مع
الشبهة وقد تقدم.
(٣) فلا قطع مع
اعتقاد الحلية.
(٤) متعلق بسرق ،
أي سرق قدر حاله من المديون الباذل مقاصة متوهما الحل ، فهنا لا قطع مع اعتقاد
الحلية ، نعم تجوز المقاصة للمديون الممتنع بشرط إذن الحاكم الشرعي.
(٥) فأراد أخذ
ماله فهتك الحرز وأخرج مال الغير منه فلا قطع عليه ، لأن هتكه للحرز باعتقاد أنه
تصرف في ماله ، نعم يضمن مال الغير الموجود فيه.
(٦) الحرز والمال.
(٧) بتوهم أن له
ذلك بدون إذن الشريك ، فإنه شبهة فلا قطع لأن الحدود تدرأ بالشبهات ، حتى لو فرض
زيادة نصيبه عن نصاب السرقة ، بلا فرق بين كون المال المشترك قابلا للقسمة وهو
مثلي كالحبوب أو غير قابل وهو قيمي كالثياب ، وذهب العلامة في القواعد إن هذا يتم
في ما هو قابل للقسمة ليمكن فرض تعاطيه القسمة بنفسه من دون إذن الشريك فتكون شبهة
تدرأ الحد ، أما لو كان المال غير قابل للقسمة فيما هو قيمي قطع لأنه لا يجري فيه
تحقق الشبهة لأن إذن الشريك فيه واضح ـ
بنفسه(فزاد نصابا فلا قطع) للشبهة كتوهم الملك فظهر عدمه فيه (١) أجمع ، بل هنا أولى (٢). ولو علم عدم
جواز تولي القسمة كذلك (٣) قطع (٤) أن بلغ نصيب الشريك نصابا ، ولا فرق بين قبوله (٥)
القسمة وعدمه على الأقوى.
(وفي السرقة) أي سرقة بعض الغانمين(من مال الغنيمة)
(٦) حيث يكون له نصيب منها(نظر) منشأه اختلاف الروايات. فروى محمد بن قيس عن
______________________________________________________
ـ وفيه : إنه نقاش
في الصغرى وإنما الكلام فيما لو فرض توهم جواز القسمة فلا حد عليه.
(١) أي ظهر عدم
ملكه في المال المأخوذ بأجمعه.
(٢) أي التوهم
الدارئ للحد أولى هنا لتحقق ملكه بالجملة في المال المشترك دون تحقق الملك في
الفرع السابق.
(٣) بنفسه بدون
إذن الشريك.
(٤) إن كان قد أخذ
من مال الشريك ما يوازي نصاب السرقة لعموم الأدلة مع عدم الشبهة الدارئة.
(٥) قبول المال
المشترك للقسمة وعدمه وهذا رد على العلامة في القواعد.
(٦) وقع الخلاف
بينهم فذهب المفيد وسلّار وفخر الدين والمقداد إلى عدم القطع لخبر محمد بن قيس عن
أبي جعفر عليهالسلام (أن عليا عليهالسلام قال : في رجل أخذ بيضة من الغنم ، فقالوا : قد سرق اقطعه ،
فقال : إني لم أقطع أحدا له فيما أخذ شرك) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام (أربعة لا قطع
عليهم : المختلس والغلول ومن سرق من المغنم وسرقة الأجير فإنها خيانة) .
وذهب الإسكافي
والشيخ والقاضي والعلامة بل في المسالك نسبته إلى الأكثر إلى أنه يقطع لو أخذ أكثر
من نصيبه بما يوازي نصاب السرقة لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل سرق من
المغنم أيّ شيء الذي يجب عليه أيقطع؟ قال : ينظر كم نصيبه ، فإن كان الذي أخذ أقل
من نصيبه عزّر ودفع إليه تمام ماله ، وإن كان أخذ مثل الذي له فلا شيء عليه ، وإن
كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن وهو ربع دينار قطع) ، والعمل بهذه الصحيحة أولى لصحتها ولأنها مفصلة.
__________________
الباقر عليهالسلام عن علي عليهالسلام في رجل أخذ بيضة من المغنم فقال : إني لم أقطع أحدا له
فيما أخذ شرك. وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليهالسلام أن أمير المؤمنين(عليه الصلاة
والسلام) قطع في البيضة
التي سرقها رجل من المغنم (١) ، وروى عبد الله بن سنان عنه عليهالسلام أنه قال : ينظركم الذي نصيبه؟ فإذا كان الذي أخذ أقل من
نصيبه عزّر ودفع إليه تمام ماله ، وإن كان الذي أخذ مثل الذي له فلا شيء عليه ،
وإن كان أخذ فضلا بقدر ربع دينار قطع ، وهذه الرواية أوضح سندا من الأوليين (٢) ،
وأوفق بالأصول. فإن الأقوى أن الغانم يملك نصيبه بالحيازة (٣) فيكون شريكا ويلحقه
ما تقدم من حكم الشريك في توهمه حلّ ذلك ، وعدمه وتقييد القطع بكون الزائد بقدر
النصاب. فلو قلنا بأن القسمة كاشفة عن ملكه بالحيازة فكذلك ، ولو قلنا بأن الملك
لا يحصل إلا بالقسمة (٤) اتجه القطع مطلقا (٥) مع بلوغ المجموع نصابا ، والرواية
الثانية (٦) تصلح شاهدا له. وفي إلحاق ما للسارق فيه حق كبيت المال (٧) ، ومال
الزكاة ، والخمس نظر ، واستقرب
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ٢٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٣ ، وقد جعلها الشارح من الأدلة على عدم وجوب
القطع ليس في محله ، بل هي من أدلة وجوب القطع إذا كان قد أخذ أكثر من نصيبه
بمقدار نصاب السرقة.
(٢) أما خبر محمد
بن قيس ففي سنده سهل بن زياد والأمر فيه واضح ومحمد بن قيس مشترك بين الثقة وغيره
، إلا أنه الثقة برواية عاصم بن حميد ، وأما خبر عبد الرحمن فهو صحيح السند فضلا
عن أنه من أدلة القطع ، من أدلة عدم القطع.
(٣) واقعا وتكون
القسمة كاشفة عن مقدار ما يملكه بالحيازة ، وعلى هذا فتتوافق الرواية مع القاعدة.
(٤) بالحيازة
فتكون القسمة مملكة لا كاشفة عن التمليك.
(٥) من غير
التفصيل السابق بأن مآخذه إن ساوى نصيبه فلا شيء عليه وإن زاد على نصيبه وكان
الزائد بمقدار نصاب السرقة قطع ، نعم بشرط كون المأخوذ على هذا القول بمقدار نصاب
السرقة.
(٦) أي صحيح عبد
الرحمن بن أبي عبد الله من كون القسمة مملكة لا كاشفة عن التمليك ، لأن أمير
المؤمنين عليهالسلام قطعه بمجرد أخذه البيضة من دون اعتبار زيادة قيمتها عن
نصيبه ، وفيه : إن الرواية مجملة من هذه الناحية كما أنها مجملة من كونه من
الغانمين أولا.
(٧) ففي القواعد
الجزم بالقطع إن زاد على نصيبه بقدر النصاب وإلا فلا قطع وقد سبقه إلى ذلك الشيخ
في الخلاف مدعيا الإجماع على ذلك. ـ
العلامة عدم القطع(ولا فيما نقص عن ربع دينار ، ذهبا خالصا مسكوكا) بسكة المعاملة عينا ، أو قيمة على الأصح.
وفي المسألة أقوال
نادرة : اعتبار دينار (١). وخمسة (٢) ودرهمين (٣) والأخبار الصحيحة دلت على الأول
ولا فرق فيه (٤) بين عين الذهب ، وغيره (٥).
فلو بلغ العين ربع
دينار وزنا غير مضروب ولم تبلغ قيمته قيمة المضروب فلا قطع (٦) ، ولو انعكس بأن
كان سدس دينار مصوغ قيمته ربع دينار قطع على
______________________________________________________
ـ ثم استغرب
العلامة في القواعد عدم القطع لعدم تعين شيء منها لمالك بعينه ، ولا تقدير لنصيب
أحد من الشركاء ولا أقل من الشبهة ، ويؤيده خبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله
عليهالسلام (إن عليا عليهالسلام أتي برجل سرق من بيت المال ، فقال : لا تقطعه فإن له فيه
نصيبا) ويعارضه خبر علي بن أبي رافع عن أمير المؤمنين عليهالسلام (في عقد لؤلؤ
استعارته ابنته من خازن بيت المال عارية مضمونة ، فقال : لو كانت أخذت العقد على
عير عارية مضمونة لكانت إذن أول هاشمية قطعت يدها في سرقة) وحملها في كشف اللثام على ما لو كانت ابنته عليهالسلام ليس لها نصيب في بيت المال.
(١) كما عن
العماني وقد تقدم.
(٢) كما عن الصدوق
وقد تقدم.
(٣) لخبر إسحاق بن
عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل سرق من
بستان غدقا قيمته درهمان ، قال : يقطع به) ، وقال في الجواهر لم نتحقق القائل به ، بعد ما حمل الخبر
على مدعى الصدوق من خمس الدينار لأن الدينار عشرة دراهم ، وعليه فليس هو قولا في
قبال قول الصدوق.
(٤) في المسروق.
(٥) مما يبلغ
قيمته ربع دينار ، بلا خلاف فيه ، لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يقطع يد
السارق إلا في شيء تبلغ قيمته مجنا وهو ربع دينار) .
(٦) لأن الدينار
لغة وعرفا حقيقة في المسكوك من الذهب ، فإذا تبلغ قيمة المسروق ربع ـ
__________________
الأقوى (١). وكذا
لا فرق بين علمه بقيمته ، أو شخصه ، وعدمه (٢) ، فلو ظن المسروق فلسا فظهر دينارا
، أو سرق ثوبا قيمته أقل من النصاب فظهر مشتملا على ما يبلغه ولو معه (٣) قطع على
الأقوى (٤) ، لتحقق الشرط ، ولا يقدح عدم القصد إليه (٥) لتحققه (٦) في السرقة
إجمالا. وهو كاف ولشهادة الحال بأنه لو علمه لقصده (٧). وشمل إطلاق العبارة (٨)
إخراج النصاب دفعة : ومتعددا. وهو كذلك
______________________________________________________
ـ دينار فلا قطع
وإن بلغ قيمته ربع دينار ذهبي غير مسكوك خلافا للشيخ في الخلاف والمبسوط فلم يعتبر
السكة والضرب بحمل الدينار على الذهب فقط ، وهو شاذ كما في الجواهر والرياض.
(١) لصدق سرقة ربع
دينار مسكوك ، وعلى قول الشيخ المتقدم فلا قطع لأن المسروق سدس دينار وليس بربع.
(٢) فلو علم
السارق أنه شخص المسروق هو ربع دينار أو علم أن قيمته تبلغ ربع دينار قطع بلا كلام
أما لو سرق ربع
دينار بظن أنه فلس فيقطع لتحقق شرط القطع وهو سرقة ربع دينار.
وكذا لو سرق ثوبا
ظنا منه أنه يساوي فلسا فتبين أنه يساوي النصاب فيقطع لتحقق شرط القطع.
(٣) بأن سرق الثوب
وقد تبين أنه مشتمل على شيء لو انضم إلى الثوب لبلغ المجموع النصاب ، وأما السابق
بأن سرق الثوب فتبين أنه مشتمل على ما يبلغ النصاب من دون ضم الثوب.
(٤) لم يحك الخلاف
عن أحد.
(٥) أي عدم القصد
إلى سرقة النصاب.
(٦) لتحقق شرط
القطع وهو سرقة النصاب ، لأنه لا يشترط في القطع القصد إلى سرقة النصاب.
(٧) وفيه : إنه لا
يحاسب على النية.
(٨) أي عبارة
المصنف في أول الفصل بقوله : (ويتعلق الحكم بسرقة البالغ العاقل من الحرز بعد هتكه
بلا شبهة ربع دينار أو قيمته) وهو يشمل ما لو سرق ربع دينار دفعة أو دفعات
بالإطلاق.
وقد اختلفت أقوال
الفقهاء في اشتراط اتحاد إخراج النصاب وعدمه ، فذهب أبو الصلاح إلى الاشتراط مطلقا
، لأنه لما هتك الحرز أولا وأخرج دون النصاب فلا يجب عليه القطع لفقد الشرط ، فلما
عاد ثانيا لم يخرج من حرز فلا قطع وإن بلغ الثاني نصابا فضلا عن ـ
إلا مع تراخي
الدفعات. بحيث لا يعد سرقة واحدة ، أو اطلاع المالك بينهما فينفصل ما بعده ،
وسيأتي حكايته لهذا المفهوم (١) قولا مؤذنا بعدم اختياره(ويعتبر اتحاد الحرر (٢) فلو أخرج النصاب من حرزين لم يقطع(إلا أن يشملهما ثالث) فيكونان في حكم الواحد.
وقيل : لا عبرة
بذلك (٣) ، للعموم(ولا في الهاتك) للحرز(قهرا) أي هتكا ظاهرا ، لأنه لا يعد سارقا بل غاصبا (٤) ، أو
مستلبا.
______________________________________________________
ـ كونه مكملا
للنصاب.
وذهب القاضي ابن
البراج إلى عدم الاشتراط مطلقا ورجحه المحقق لصدق إخراج النصاب في الدفعات ، مع
أصالة عدم اشتراط اتحاد الإخراج فيتناوله عموم الأدلة الدالة على قطع سارق النصاب.
وتردد الشيخ بين
القولين وكذا ابن إدريس ، واختلفت آراء العلامة ففي القواعد فصّل بين قصر الزمان
بين الإخراجين وعدمه ، فجعل الأول بمنزلة المتحد دون الثاني ، وفي المختلف فصّل
بأمر آخر فحكم بالقطع مع التعدد إن هتك الحرز ولم يشتهر بين الناس هتكه ، أما إذا
هتك الحرز في المرة الأولى واشتهر بين الناس فلا قطع في المتعدد الذي يبلغ قيمة
المسروق فيه نصاب السرقة لخروجه عن كونه حرزا بالاشتهار.
وفصّل في التحرير
بتفصيل ثالث من وجوب القطع على سرقة النصاب بالإخراج المتعدد إن لم يتخلل بينها
اطلاع المالك ولم يطل الزمان بحيث يسمى سرقة واحدة ، وأما إذا تخلل بينها اطلاع
المالك فلا قطع وإن بلغ المجموع النصاب لعدم اتحاد السرقة بنظر العرف ، والشارح
أخذ بالأخير من تفصيلات العلامة
(١) وهو إخراج
النصاب دفعة أو دفعات كما ذهب إليه القاضي فيحكيه قولا مؤذنا بعدم اختياره.
(٢) لأنه مع
التعدد في الحرز تصدق سرقتان ، فلو كانت كل سرقة أقل من ربع دينار فلا قطع وإن بلغ
المجموع النصاب ، نعم لو كان الحرزان في داخل حرز ثالث بحيث يسمى الإخراج منهما
سرقة واحدة فعليه القطع إن بلغ المجموع النصاب.
(٣) باتحاد الحرز
ولم يعرف قائله ، ومستنده عموم أدلة قطع السارق سواء اتحد الحرز أو لا.
(٤) الاستلاب هو
الاختلاس ، ففي خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام (ليس على الذي يستلب
قطع) ومثله غيره.
__________________
(وكذا المستأمن) بالإيداع ، والإعارة ، والضيافة ، وغيرها (١) (لو خان لم يقطع) ، لعدم تحقق الهتك(ولا من سرق من مال ولده) (٢) وإن نزل (٣) ، (وبالعكس) (٤) وهو ما لو سرق الولد مال والده وإن علا(أو سرقت الأم) مال ولدها(يقطع) كل منهما ، لعموم الآية خرج منه الوالد فيبقى الباقي. وقال
أبو الصلاح(رحمهالله) : لا تقطع الأم بسرقة مال ولدها كالأب ، لأنها أحد
الوالدين ، ولاشتراكهما في وجوب الإعظام. ونفى عنه في المختلف البأس ، والأصح
المشهور والجد للأم كالأم (٥).
(وكذا) لا يقطع(من سرق المأكول المذكور) في عام المجاعة(وإن استوفى) باقي(الشرائط) لقول الصادق عليهالسلام (٦) «لا يقطع
السارق في عام سنت : ، يعني في عام مجاعة ، وفي خبر آخر (٧) كان أمير المؤمنين عليهالسلام لا يقطع السارق في أيام المجاعة. وعن الصادق عليهالسلام (٨) قال : لا يقطع
السارق في سنة المحل في كل شيء يؤكل مثل الخبز ، واللحم ، وأشباه ذلك والمطلق في
الأولين مقيد بهذا الخبر ، وفي الطريق ضعف وإرسال (٩) لكن العمل به (١٠) مشهور ولا
راد له.
______________________________________________________
(١) كالإجارة ،
لعدم تحقق الحرز بالنسبة إليهم ، ففي خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : أربعة لا قطع عليهم : المختلس والغلول ومن سرق من
الغنيمة وسرقة الأجير فإنها خيانة) ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يقطع الأجير
والضيف إذا سرقا لأنهما مؤتمنان) .
(٢) وقد تقدم.
(٣) الولد
كالحفيد.
(٤) الواو
استئنافية.
(٥) يقطع لو سرق
من مال ولدها للعموم مع عدم شمول المخصص له.
(٦) في خبر
السكوني وقد تقدم.
(٧) وهو مرسل عاصم
بن حميد وقد تقدم.
(٨) وهو مرسل زياد
القندي وقد تقدم.
(٩) في خبر السكوني
ضعف لأنه عامي ، والأخيران مرسلان.
(١٠) بالحكم من
عدم القطع في سنة المجاعة.
__________________
وأطلق المصنف
وغيره الحكم كذلك من غير تقييد بكون السارق مضطرا إليه ، وعدمه تبعا لإطلاق النص (١)
، وربما قيده بعضهم بكونه مضطرا وإلا قطع إذ لا دخل للمجاعة مع غنى السارق ولا بأس
به. نعم لو اشتبه حاله اتجه عدم القطع أيضا عملا بالعموم (٢) وبهذا يندفع ما قيل :
إن المضطر يجوز له أخذه قهرا في عام المجاعة وغيره ، لأن المشتبه حاله لا يدخل في
الحكم (٣) مع أنّا نمنع من جواز أخذ المضطر له قهرا مطلقا (٤) ، بل مع عدم إمكان
إرضاء مالكه بعوضه كما سبق وهنا الثابت الحكم بكونه لا قطع إذا كان مضطرا مطلقا (٥)
وإن حرم عليه
______________________________________________________
(١) حيث لم يقيد
الحكم في الأخبار بكونه مضطرا إليه ، وعن الشيخ في المبسوط التفصيل بين المضطر
وغيره فأوجب القطع على غير المضطر ، وتبعه عليه بعض المتأخرين كصاحب الجواهر وغيره
وذلك لأن تقييد السنة بالمجاعة يفيد الاضطرار عند السارق وإلا فإذا لم يكن مضطرا
فالسنة كغيرها بالنسبة إليه وأشكل على ذلك بأن التقييد سنين المجاعة بالمضطر ليس
في محله ، لأن المضطر يجوز له أخذ مال الغير ولو سرقة إن توقف رفع الاضطرار عليه
بلا فرق بين عام المجاعة وغيره فلا معنى لحمل نصوص المجاعة على المضطر فقط.
ورده الشارح بأن
لو لا نصوص المجاعة لكان المشتبه حاله أنه مضطر تقطع يده لعموم دليل القطع ، خرج
منه المضطر عقلا فيبقى تحته الباقي بما فيه المشتبه ، أما مع نصوص المجاعة
المقيّدة بالاضطرار يخرج منها القادر والباقي يبقى تحتها بما فيه المشتبه ، فلذا
كان للنصوص سنوات المجاعة فائدة غير فائدة المضطر فافهم.
(٢) أي بعموم نصوص
سنوات المجاعة.
(٣) أي حكم جواز
الأخذ قهرا.
(٤) أي أمكن تحصيل
رضا المالك أولا ، وهذا جواب ثان من الشارح وحاصله : أن المضطر يجوز له الأخذ قهرا
بشرط عدم إمكان إرضاء المالك ، أما مع إمكان الإرضاء فيشترط الرضا كما تقدم في باب
الأطعمة والأشربة
وعليه فهناك فرق
بين نصوص المجاعة المحمولة على الاضطرار وبين حكم المضطر ، ومع التغاير لا يستغنى
أحدهما عن الآخر ، لأن نصوص المجاعة تدل على عدم القطع لمن سرق مال الغير ولو أمكن
تحصيل رضا ذلك الغير ، وحكم المضطر قهرا مشروط بعدم تحصيل رضا المالك.
(٥) مع إمكان
تحصيل الرضا وعدمه.
أخذه (١) ، فالفرق
واضح. والمراد بالمأكول هنا (٢) مطلق المأكول بالقوة أو فعلا (٣) كما ينبه عليه
المثال في الخبر(وكذا) لا يقطع(العبد) (٤) لو سرق مال سيده وإن انتفت عنه الشبهة ، بل يؤدب ، أما لو
سرق مال غيره فكالحر(ولو كان العبد من الغنيمة فسرق منها لم يقطع) (٥) ، لأن فيه (٦) زيادة إضرار (٧). نعم يؤدب بما يحسم جرأته.
(وهنا مسائل الأولى ـ لا فرق بين إخراج) السارق (٨) (المتاع بنفسه أو
بسببه مثل)
______________________________________________________
(١) إذا أمكن
تحصيل رضا المالك.
(٢) في السرقة
الحاصلة في عام المجاعة.
(٣) بالقوة ما كان
محتاجا إلى صناعة وإصلاح حتى يؤكل ويدل عليه لفظ اللحم الوارد في مرسل زياد القندي
المتقدم (مثل الخبز واللحم وأشباه ذلك) وهو شامل للمطبوخ وغيره ، ولذا قال الشارح
كما ينبه عليه المثال في الخبر.
وعن بعضهم
الاقتصار على المأكول فعلا للانسباق من الخبر ولأن الخبز ظاهر في المأكول فعلا ،
وهو ضعيف لما تقدم من قرينة ذكر اللحم.
(٤) قد تقدم
الكلام فيه.
(٥) بلا خلاف لأخبار
منها : صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (قضى أمير
المؤمنين عليهالسلام في رجلين سرقا من مال الله ، أحدهما عبد حال الله ، والآخر
من عرض الناس ، فقال : أما هذا فمن مال الله ليس عليه شيء ، مال الله أكل بقصة
بعضه بعضا ، وأما الآخر فقدمه وقطع يده) .
وخبر السكوني عن
أبي عبد الله عليهالسلام (قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : عبدي إذا سرقني لم أقطعه ، وعبدي إذا سرق غيري قطعته ،
وعبد الإمارة إذا سرق لم أقطعه لأنه فيء) .
(٦) في قطع يد عبد
الغنيمة.
(٧) على الغانمين
فالضرر داخل عليهم بالسرقة من الغنيمة ، ويزاد بقطع يد عبد الغنيمة.
(٨) من شروط القطع
في السرقة أن يخرج السارق النصاب من حرزه بعد هتكه ، والإخراج يتم إما بالمباشرة
بأن يخرجه بنفسه وإما بالتسبيب كأن يربطه بحبل ويشده إلى الخارج أو يضعه على دابة
في داخل الحرز ويسوقها أو يقودها إلى خارجه ، بل وكذا إذا سارت بنفسها حتى خرجت أو
على جناح طير من شأنه العود إلى السارق ، ففي الجميع يتحقق ـ
__________________
(أن يشده بحبل) ثم يجر به من خارج الحرز(أو يضعه على دابة) في الحرز ويخرجها به(أو يأمر غير مميز) من صبي ، أو مجنون(بإخراجه) فإن القطع يتوجه على الآمر ، لا على الصبي والمجنون لضعف
المباشر في جنب السبب لأنهما كالآلة له.
(الثانية ـ يقطع الضيف والأجير) (١) إذا سرقا مال المضيف والمستأجر(مع الإحراز من دونه) أي دون كل منهما على الأشهر.
وقيل : لا يقطعان
مطلقا (٢) استنادا إلى أخبار ظاهرة في كون المال غير محرز
______________________________________________________
ـ الإخراج المنسوب
إلى السارق.
وكذا لو أمر صبيا
غير مميز أو مجنونا كذلك بالإخراج فأخرجه فالقطع على الآمر لا على المخرج لأن
الصبي والمجنون هنا كالآلة ، نعم لو كان الصبي مميزا فلا قطع على الآمر لأن الصبي
هنا ليس كالآلة.
(١) أما الأجير
فإذا أحرز المال دونه وسرق فهو كغيره من السارقين ، يقطع على المشهور بين الأصحاب
للآية ولعموم الأخبار وذهب الشيخ في النهاية إلى عدم القطع استنادا إلى رواية
سليمان بن خالد (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يستأجر أجيرا يسرق من بيته ، هل تقطع يده فقال :
هذا مؤتمن ليس بسارق ، هذا خائن) ومثله غيره وقد حملت هذه الأخبار عند المشهور ما لو كان
المستأجر قد استأمنه على المال ولم يحرز المال دونه كما وقع بذلك التصريح في رواية
الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل استأجر
أجيرا فأقعده على متاعه فسرقه فقال : هو مؤتمن .
وأما الضيف فالقول
بعدم قطعه مطلقا أحرز المال دونه أو لا للشيخ في النهاية وجماعة منهم ابن الجنيد
والصدوق وابن إدريس ومستندهم موثق سماعة (الأجير والضيف امينان ليس يقع عليهما حد
السرقة) وخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (الضيف إذا سرق لم
يقطع ، وإذا أضاف الضيف ضيفا فسرق ، قطع ضيف الضيف) .
وأيضا قد حمل
المشهور هذه الأخبار على ما لو لم يحرز المال دونه فلا قطع ويكون مؤتمنا حينئذ ،
أما لو أحرز المال دونه فليس بمؤتمن ولا بد من قطعه.
(٢) أحرز المال من
دونهما أو لا.
__________________
عنهما (١).
فالتفصيل حسن.
نعم لو أضاف الضيف
ضيفا بغير إذن صاحب المنزل فسرق الثاني قطع ، لأنه (٢) بمنزلة الخارج (٣) (وكذا) يقطع(الزوجان) (٤) أي كل منهما بسرقة مال الآخر(مع الإحراز) عنه ، وإلا فلا.
(ولو ادعى السارق الهبة ، أو الإذن له) (٥) من المالك في الأخذ(أو الملك حلف
المالك (٦) ولا قطع) ، لتحقق الشبهة بذلك (٧) على الحاكم وإن انتفت عن السارق في نفس الأمر.
(الثالثة ـ الحرز) (٨) لا تحديد له شرعا فيرجع فيه إلى العرف وضابطه(ما)
______________________________________________________
(١) بدليل التعليل
بأنهما مؤتمنان.
(٢) ضيف الضيف.
(٣) لأنه دخل من
دون إذن المالك.
(٤) إذا سرق
أحدهما من مال الآخر بقدر النصاب ، وكان الآخر قد أحرز المال دونه ، فيقطع السارق
منهما بلا خلاف لعموم الأدلة ، نعم مع عدم الإحراز فلا قطع لعدم تحقق شرطه ، وكذا
لا بأس بسرقة الزوجة مقدار النفقة إذا منعها منها كما يرشد إليه خبر هند حين قالت
للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إن أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني وولدي إلا ما آخذ
منه سرا وهو لا يعلم ، فهل عليّ فيه شيء؟ فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)
(٥) بحيث قال صاحب
المنزل : سرقت هذا المتاع فقال المخرج للمتاع : وهبته لي ، أو أذنت لي في إخراجه ،
سقط الحد للشبهة ، ولحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته عن رجل
أخذوه وقد حمل كارة من الثياب ، فقال : صاحب البيت أعطانيها ، فقال عليهالسلام :يدرأ عنه القطع ، إلا أن تقوم عليه البينة ، فإن قامت
عليه البينة قطع) .
(٦) لأنه المنكر
للهبة أو الإذن أو دعوى الملك من قبل السارق.
(٧) بما ادعاه
السارق.
(٨) لا شبهة في
اعتبار الحرز في ثبوت قطع يد السارق ، وإنما الكلام في حقيقة الحرز ، فالشارع
اعتبر الحرز ولم يبين له حدا بطريق معتبر يعتمد عليه ، لأن ما ورد في تحديد ـ
__________________
(كان ممنوعا بغلق أو قفل) وما في معناه(أو دفن في
العمران أو كان مراعى) بالنظر(على قول) (١) ...
______________________________________________________
ـ حقيقته هو خبر
السكوني عن أمير المؤمنين عليهالسلام : قال (لا يقطع إلا من نقب بيتا أو كسر قفلا) ونحوه مرسل جميل عن أحدهما عليهماالسلام ، والطريقان ضعيفان ، فالأول بالسكوني لأنه عامي والثاني
بالإرسال.
وما كان هذا شأنه
لا بد أن يرجع فيه إلى العرف ، وقد دل العرف على أن القفل على الظرف الذي لا ينقل
عادة كالبيت والصندوق الكبير حرز له ، والفلق على الدار والدفن للمال حرز لهما في
الجملة ، والصندوق المقفل حرز للثّياب ، والإصطبل والمراح مع القفل والباب حرز
للدواب والمواشي.
وذهب الشيخ في
الخلاف إلى أن كل موضع حرز لشيء من الأشياء ولا يخفى ما فيه فإن قارعة الطريق
ليست حرزا لشيء
وذهب في النهاية
إلى أن كل موضع ليس لغير مالكه الدخول إليه إلا بإذنه فهو حرز وادعى عليه الإجماع
في التبيان والغنية وفي كنز العرفان نسبته إلى أصحابنا ، وأشكل ابن إدريس على هذا
القول بأن الدار المفتوحة التي ليس لها باب ليس لغير مالكها الدخول إلا بإذنه ولا
يجب القطع بالسرقة منها لأنها لا تصلح حرزا لشيء على الإطلاق. واعتذر العلامة في
المختلف عن الشيخ بأن مراده (ليس لغير المالك الدخول إليه) هو سلب القدرة لا سلب
الجواز الشرعي ، فغير المالك لا يقدر على الدخول لا أنه لا يجوز له الدخول ، وقال
عنه الشارح في المالك بأنه حمل بعيد.
(١) إذا كان
المسروق مأخوذا من المواضع المطروقة كالأرحية والحمامات والمواضع المأذون دخولها
كالمساجد ، فمع غير مراعاة المالك لماله فهو غير محرز ، والسرقة منه لا توجب قطعا
لليد ، وأما مع المراعات من المالك لماله بالنظر فهل هي محرزة أو لا؟.
ذهب الشيخ في
المبسوط والخلاف إلى كونها محرزة ، ولو سرقت يجب القطع على السارق لقطع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سارق رداء صفوان بن أمية من المسجد مع كون المسجد غير محرز
إلا بمراعاة المالك لماله ، والرواية وردت بطرق متعددة منها : صحيح الحلبي عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (إن صفوان بن أمية كان مضطجعا في المسجد الحرام ، فوضع
رداءه وخرج يهريق الماء فوجود دراءه قد سرق حين رجع إليه ، فقال : من ذهب بردائي؟ فذهب
يطلبه ، فأخذ صاحبه فرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : اقطعوا يده ، فقال ـ
__________________
لقضاء العادة
بإحراز كثير من الأموال بذلك (١) ، وحكايته قولا بشعر بتمريضه كما ذهب إليه جماعة (٢)
، لقول علي عليهالسلام (٣) : لا يقطع إلا
من نقب بيتا أو كسر قفلا وفي طريقه ضعف.
ويمكن أن يقال :
لا يتحقق الحرز بالمراعاة إلا مع النظر إليه ومع ذلك (٤) لا تتحقق السرقة ، لما
تقدم من أنها لا تكون إلا سرا ومع غفلته عنه ولو نادرا لا يكون مراعيا له فلا
يتحقق إحرازه بها (٥) فظهر أن السرقة لا تتحقق مع المراعاة
______________________________________________________
ـ الرجل : تقطع
يده من أجل ردائي يا رسول الله؟ قال : نعم ، فقال : فأنا أهبه له ، فقال رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم : فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إليّ) .
وأشكل على هذا
القول بأن الرواية لا تدل على مراعاة صفوان لتوبة لأنه خرج من المسجد هذا بالإضافة
إلى أنه لو اشترط النظر في تحقيق الحرز لكان المأخوذ تحت النظر مأخوذا قهرا ولكان
الآخذ غاصبا لا سارقا.
ولذا فرض الشيخ في
المبسوط أن حرز الثوب مثلا أن يتكئ عليه أو ينام أو يتوسده ، واحتج بحديث صفوان
عند ما سرق منه الرداء وكان متوسدا عليه كما روته العامة .
نعم صحيح الحلبي
المتقدم يصلح دليلا لقول ابن أبي عقيل من كون السارق يقطع في أيّ موضع سرق ، وفيه
: أنه مناف لاعتبار الحرز نصا وفتوى.
وعن بعضهم أنه فسر
الحرز بما على سارقه خطر لكون المسروق ملحوظا غير مضيّع إما بنظر دائم أو نظر
معتاد ، وعلى هذا يحمل صحيح الحلبي المتقدم وبه يتم الجمع بينه وبين روايات اعتبار
الحرز ، لأن سارق الرداء من المسجد على خطر من أن يطلع عليه صاحبه.
(١) أي بالنظر.
(٢) أي إلى
التمريض.
(٣) في خبر
السكوني ومرسل جميل ، وحصر القطع بالكسر والثقب دليل على أن النظر ليس حرزا يوجب
القطع لذا جعله المصنف قولا ، مع أن التمريض ناشئ من عدم دلالة صحيح جميل لا تمسكا
بخبر السكوني كما تقدم.
(٤) أي ومع النظر
الدائم فالمأخوذ يكون غصبا وقهرا لا سرقة.
(٥) بالمراعاة من
المالك بالنظر الدائم ، إلا أن يقال : إن المدار على النظر المعتاد الذي لا ينافيه
الغفلة للحظة أو لحظات.
__________________
وإن جعلناها حرزا.
وللشيخ قول (١)
بأن الحرز كل موضع لم يكن لغير المتصرف فيه الدخول إليه إلا بإذنه ، وينتقض بالدار
المفتحة الأبواب في العمران وصاحبها ليس فيها.
وقيل : ما يكون
سارقه على خطر خوفا من الاطلاع عليه ، وينتقض بذلك أيضا (٢). وعلى الأول (٣) تخرج
المراعاة دون الثاني ، والأولى الرجوع فيه (٤) إلى أموال العرف ، وهو يختلف
باختلاف الأموال ، فحرز الأثمان والجواهر ، الصناديق المقفلة ، والأغلاق الوثيقة
في العمران. وحرز الثياب وما خفّ من المتاع وآلات النحاس : الدكاكين والبيوت
المقفلة في العمران ، أو خزانتها المقفلة وإن كانت هي مفتوحة عليهالسلام (٥).
والإصطبل حرز
الدواب مع الغلق ، وحرز الماشية في المرعى عين الراعي على ما تقرر. ومثله متاع
البائع في الأسواق والطرقات ، واحترز بالدفن في العمران عما لو وقع خارجه فإنه لا
يعد حرزا وإن كان في داخل بيت مغلق ، لعدم الخطر على سارقه ، وعدم قضاء العرف به (٦).
(والجيب ، والكم الباطنان حرز (٧) لا الظاهران) والمراد بالجيب الظاهر : ما
______________________________________________________
(١) وهو قوله في
النهاية وقد تقدم.
(٢) أي بالدار
المفتوحة وصاحبها ليس فيها فالسارق على خطر من الاطلاع عليه مع أنها ليست حرزا.
(٣) من قول الشيخ
في النهاية ، تخرج المراعاة عن كونها حرزا لأن الحرز بناء على هذا القول هو عدم
الإذن ، وعلى التعريف الثاني للحرز فتكون المراعاة حرزا.
(٤) في الحرز.
(٥) أي الدكاكين
والبيوت.
(٦) أي بكونه حرزا
للمال.
(٧) على المشهور
بين الأصحاب ، ومستندهم خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (أتي أمير المؤمنين بطرّار ، قد طرّ دراهم من كمّ
رجل ، فقال : إن كان قد طرّ من قميصه الأعلى لم أقطعه ، وإن كان قد طرّ من قميصه
الداخل قطعته) . وخبر مسمع بن سيار ـ
__________________
كان في ظاهر الثوب
الأعلى (١) ، والباطن ما كان في باطنه ، أو في ثوب داخل مطلقا (٢).
أما الكم الظاهر
فقيل (٣) : المراد به ما كان معقودا في خارجه ، لسهولة قطع السارق له فيسقط ما في
داخله ولو في وقت آخر ، وبالباطن ما كان معقودا من داخل كم الثوب الأعلى ، أو في
الثوب الذي تحته مطلقا (٤).
وقال الشيخ في
الخلاف : المراد بالجيب الباطن : ما كان فوقه قميص آخر ، وكذا الكم (٥) سواء شده
في الكم من داخل ، أم من خارج.
وفي المبسوط :
اختار في الكم عكس ما ذكرناه ، فنقل عن قوم أنه إن جعلها في جوف الكم وشدها من
خارج فعليه القطع ، وإن جعلها من خارج
______________________________________________________
ـ عن أبي عبد الله
عليهالسلام (أن أمير المؤمنين
عليهالسلام قد أتي بطرار قد طرّ من رجل فقال : إن كان قد طرّ من قميصه
الأعلى لم أقطعه ، وإن كان قد طرّ من قميصه الأسفل قطعناه) ، هذا والروايات فصلت بين القميص الأعلى والأسفل عند تعدد
قمصان المسروق منه ، والفقهاء فصلوا بين الجيب والكم الظاهرين دون الباطنين ، لأن
موطن الأشياء في القميص سابقا إنما كان في الكم والجيب.
(١) أي في خارجه.
(٢) أي في ثوب تحت
الثوب الأعلى سواء كان الجيب في الثوب التحتاني من خارج أو داخل وهو الذي يدل عليه
ظاهر الخبر.
(٣) قال الشيخ في
المبسوط : (وأما إن شده في كمه كالصرة ففيه القطع عند قوم سواء جعله في جوف كمه
وشده كالصرة من خارج الكم أو شده من داخل حتى صارت الصرة في جوف كمه ، وقال قوم :
إن جعلها من جوف الكم وشدها من خارج فعليه القطع وإن جعلها من خارج وشدها من داخل
فلا قطع وهو الذي يقتضيه مذهبنا) وهو ظاهر في أن هذا القول في الشرح عن بعض
العامة.
(٤) أي الكم
الباطني هو كم الثوب التحتاني الذي فوقه ثوب آخر ، سواء شده من داخل أو خارج ، وهو
الذي يقتضيه ظاهر الأخبار المتقدمة بل صريحها ، وعليه لا معنى للنزاع في تحديد
الكم الظاهر والباطن وأنه المشدود من داخل أو خارج.
(٥) وهو الصحيح
المدلول عليه بالأخبار المتقدمة.
__________________
وشدها فلا قطع ،
قال : وهو الذي يقتضيه مذهبنا والأخبار في ذلك (١) مطلقة (٢) في اعتبار الثوب
الأعلى والأسفل فيقطع في الثاني ، دون الأول ، وهو موافق للخلاف ومال إليه في
المختلف وجعله المشهور ، وهو في الكم حسن (٣).
أما في الجيب فلا
ينحصر الباطن منه فيما كان فوقه ثوب آخر ، بل يصدق به (٤) وبما كان في باطن الثوب
الأعلى (٥) كما قلناه.
(الرابعة ـ لا قطع في سرقة الثمر على شجرة) (٦) وإن كان محرزا بحائط وغلق ، لإطلاق النصوص الكثيرة بعدم
القطع بسرقته مطلقا(وقال العلامة) جمال الدين(ابن المطهر) رحمهالله وتبعه ولده فخر المحققين : (إن كانت الشجرة
داخل حرز فهتكه وسرق الثمرة قطع) لعموم الأدلة الدالة على قطع من سرق من حرز فتختص روايات
الثمرة بما كان منها في غير حرز. بناء على الغالب من كون
______________________________________________________
(١) في جهة الشد.
(٢) من الداخل أو
الخارج.
(٣) وكذا في
الجيب.
(٤) أي يصدق الجيب
الباطن بما كان فوقه ثوب آخر.
(٥) لصدق الجيب
الباطني عرفا وهو صحيح ، إلا أن لفظ الجيب الباطني لم يرد في الأخبار حتى يقال ذلك
، بل الشارع اشترط في القطع أن يكون المسروق من الثوب التحتاني فانتبه.
(٦) على المشهور
بين الأصحاب للأخبار منها : خبر الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليهالسلام (لا يقطع من سرق
شيئا من الفاكهة ، وإذا مرّ بها فليأكل ولا يفسد) .
وهي مطلقة سواء
كان الشجر في حرز كالدار المقفلة أو لا كالشجرة الموجودة في الصحراء وعلى قارعة
الطريق ، وهي مخالفة للأصول المقررة من ثبوت القطع بالسرقة من الحرز ، ولذا ذهب
العلامة في القواعد وتبعه ولده فخر المحققين إلى التفصيل بين كون الشجرة محرزة
فسرقة ثمرها توجب القطع وبين غيرها فلا قطع ويؤيده خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد
الله عليهالسلام (في رجل سرق من
بستان عذقا قيمته درهمان ، قال : يقطع به) ، إلا أن المشهور
أعرض عنها من ناحية تحديد المسروق بدرهمين.
__________________
الأشجار في غير
حرز كالبساتين (١) والصحارى. وهذا حسن مع أنه يمكن القدح في الأخبار الدالة على
عدم القطع بسرقة الثمر ، إذ ليس فيها خبر صحيح ، لكنها كثيرة والعمل بها مشهور ،
وكيف كان فهو غير كاف (٢) في تخصيص ما عليه الإجماع (٣) فضلا عن النصوص الصريحة
الصحيحة ولو كانت مراعاة بنظر المالك فكالمحرزة إن ألحقناه (٤) بالحرز.
(الخامسة ـ لا يقطع سارق الحر (٥) وإن كان صغيرا) لأنه لا يعد مالا(فإن)
______________________________________________________
(١) فالغالب فيها
سابقا محرم تسويرها.
(٢) أي عمل
المشهور بالأخبار الكثيرة غير الصحيحة سندا.
(٣) من ثبوت القطع
بالسرقة من الحرز.
(٤) أي نظر
المالك.
(٥) من سرق حرا
وباعه فلا يقطع كما ذهب إليه جماعة منهم المحقق لأن الحر ليس بمال ، وسرقه المال
شرط في ثبوت حد القطع وذهب الشيخ في النهاية وتبعه في جماعة بل عن التنقيح أنه
المشهور إلى القطع ، لكن لا من حيث سرقته للمال بل من جهة كونه مفسدا في الأرض
استنادا للأخبار منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن أمير المؤمنين
عليهالسلام أتي برجل قد باع حرا فقطع يده) .
وخبر عبد الله بن
طلحة (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يبيع الرجل وهما حران ، يبيع هذا هذا ، وهذا هذا
، ويفران من بلد إلى بلد فيبيعان أنفسهما ويفران بأموال الناس ، قال : تقطع
أيديهما لأنهما سارقا أنفسهما وأموال الناس) .
وخبر طريف (سألت
جعفر بن محمد عليهماالسلام عن رجل سرق حرة فباعها ، فقال : فيها أربعة حدود ، أما
أوّلها فسارق تقطع يده) .
وصريح الأولى عدم
اشتراط صغر المسروق ، وهذا ما أطلقه الشيخ في النهاية وجماعة ، إلا أن الشيخ في
المبسوط قيده بالصغر وتبعه جماعة على ذلك نظرا إلى أن الكبير متحفظ بنفسه فلا
تتحقق سرقته ولا معنى لفرضه.
وأشكل على القول
بأن النصوص صرحت بكون القطع لحد السرقة لا لكونه للفساد في الأرض ، على أن حكم
المفسد في الأرض لا يختص بالقطع بل يتخير الإمام بين قطعه ـ
__________________
(باعه قيل) والقائل الشيخ وتبعه العلامة : (قطع) كما يقطع السارق
، لكن لا من حيث إنه سارق ، بل(لفساده في الأرض) وجزاء المفسد القطع(لا حدا) بسبب السرقة.
ويشكل بأنه إن كان
مفسدا فاللازم تخير الحاكم بين قتله ، وقطع يده ورجله من خلاف (١) إلى غير ذلك من
أحكامه (٢) لا تعيين القطع خاصة.
وما قيل : من أن
وجوب القطع في سرقة المال إنما جاء لحراسته (٣) وحراسة النفس أولى فوجوب القطع فيه
(٤) أولى لا يتم أيضا ، لأن الحكم معلق على مال خاص يسرق على وجه خاص : ومثله لا
يتم في الحر (٥). ومطلق صيانته (٦) غير مقصودة في هذا الباب كما يظهر من الشرائط ،
وحمل النفس عليه (٧) مطلقا لا يتم (٨) ، وشرائطه (٩) ...
______________________________________________________
ـ كذلك وقطع رجله
من خلاف وبين قتله.
وعلّل العلامة في
المختلف حكم القطع لمن سرق الحر وباعه انتصارا للشيخ بأن القطع قد ثبت في سرقة
المال ليكون الحد دافعا لحراسة المال ، مع أن حراسة النفس أولى فالقطع في سرقة
النفس يكون أولى ، وفيه : إنه من القياس الممنوع ، نعم لو سرقه ولم يبعه أدّب بما
يراه الحاكم لاختصاص الأخبار بالبيع بعد السرقة خلافا للمحكي عن المبسوط والسرائر
من ثبوت القطع عليه ، لأن القطع قد ثبت للسرقة كما هو صريح الأخبار مع غض البصر عن
البيع وهو الأولى.
(١) بأن تقطع يده
اليمنى ورجله اليسرى.
(٢) كالنفي في
الأرض.
(٣) أي لحراسة
المال.
(٤) في الحر
المسروق.
(٥) لأن الحر ليس
بمال.
(٦) أي صيانة
المال غير مقصودة في باب السرقة ، بل صيانة المال الخاص في حرزه إذا بلغ ربع
دينار.
(٧) على المال
الخاص بالشرائط المذكورة في ثبوت الحد.
(٨) سواء كانت
النفس لها مالية كالعبد أو لا ، وسواء كانت السرقة سرا أو لا.
(٩) شرائط المال
الخاص المسروق الموجب للحد لا تجري في سرقة الصغير الحر وبيعه لأن الحر ليس بمال.
لا تنتظم في
خصوصية سرقة الصغير وبيعه دون غيره (١) من تفويته (٢) ، وإذهاب أجزائه (٣). فإثبات
الحكم بمثل ذلك (٤) غير جيد ، ومن ثمّ حكاه المصنف قولا.
وعلى القولين (٥)
لو لم يبعه لم يقطع ، وإن كان عليه ثياب أو حلي تبلغ النصاب ، لثبوت يده عليها.
فلم تتحقق سرقتهما (٦).
نعم لو كان صغيرا
على وجه (٧) لا تتحقق له اليد اتجه القطع بالمال ومثله سرقة الكبير بمتاعه وهو
نائم ، أو سكران ، أو مغمى عليه ، أو مجنون.
(ويقطع سارق المملوك الصغير حدا) (٨) إذا بلغت قيمته النصاب ، وإنما أطلقه
______________________________________________________
(١) دون غير البيع
كالقتل وقطع بعض أعضائه.
(٢) بالقتل.
(٣) بقطع بعض
أعضائه.
(٤) أي لو تم
القطع في سرقة الصغير وبيعه قياسا على سرقة المال لوجب أن يتم القطع في سرقة
الصغير وقتله أو قطع بعض أعضائه لأن في الجميع تفويت للنفس مع أنه يلتزم بذلك.
(٥) من القطع
وعدمه ، لو لم يبعه لم يقطع ولكن عرفت أن القطع أولى تبعا لظاهر الأخبار كما عن
المبسوط والسرائر.
(٦) أي لم تتحقق
سرقة الثياب والحلي لعدم ثبوت اليد عليهما ، نعم لو فرض سرقة المال مع سرقة الحر
اتجه القطع حينئذ إذا بلغت النصاب.
(٧) كما لو كان
نائما أو وليدا حديثا.
(٨) من سرق مملوكا
صغيرا لا يميز بين سيده وغيره تقطع يده حدا بلا خلاف فيه ، إذا كانت السرقة
مستجمعة للشرائط كالحرز وبلوغ النصاب ، وذلك لأن المملوك مال لسيده فيصدق أنه سرق
مال الغير إلى آخر الشرائط المعتبرة في القطع.
وأما لو كان
المملوك كبيرا فلا قطع لسرقته ، لأنه متحفظ بنفسه إلا أن يكون نائما أو ما في حكمه
كالسكران بحيث لا يعرف سيده من غيره فإنه كالصغير حينئذ.
ولا فرق في ذلك
بين القن والمدبّر وأم الولد لأن الجميع مال لسيده ، نعم إذا كان العبد مكاتبا وقد
تحرر منه شيء فقد استشكل الفاضل في القواعد من كون السيد غير تام المالية فيه ومن
كونه لم يخرج عن مالية سيده مطلقا والوجه الثاني أولى فلذا جزم غيره بأن سيده إن
كان له ما يوازي نصاب السرقة فيقطع سارق المكاتب حينئذ لتحقق شرط الحد من القطع.
كغيره بناء على
الغالب (١) ، واحترز بالصغير عما لو كان كبيرا مميزا فإنه لا يقطع بسرقته ، إلا أن
يكون نائما ، أو في حكمه أو أعجميا لا يعرف سيده من غيره ، لأنه حينئذ كالصغير.
ولا فرق بين القن
والمدبّر وأم الولد دون المكاتب ، لأن ملكه غير تام ، إلا أن يكون مشروطا (٢)
فيتجه إلحاقه بالقن ، بل يحتمل في المطلق أيضا إذا بقي منه ما يساوي النصاب ، لأنه
في حكم المملوك في كثير من الأحكام.
(السادسة ـ يقطع سارق الكفن من الحرز) (٣) ومنه القبر بالنسبة إليه لقول أمير
______________________________________________________
(١) من كون
المملوك الصغير يساوي نصاب السرقة غالبا.
(٢) بحيث إذا عجز
عن أداء قسط من مال المكاتبة فيرد بتمامه إلى الرقية.
(٣) أي من القبر ،
لأن القبر حرز له بلا خلاف فيقطع لشمول الأدلة له ، ولأخبار منها : خبر الجعفي (كنت
عند أبي جعفر عليهالسلام وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها
ثيابها ثم نكحها ، فإن الناس قد اختلفوا علينا ، طائفة قالوا : اقتلوه ، وطائفة
قالوا : أحرقوه ، فكتب إليه أبو جعفر عليهالسلام : إن حرمة الميت كحرمة الحيّ ، تقطع يده لنبشه وسلبه
الثياب ، ويقام عليه الحد في الزنا إن أحصن رجم وإن لم يكن أحصن جلد مائة) .
وخبر أبي الجارود
عن أبي جعفر عليهالسلام (قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : يقطع سارق الموتى كما يقطع سارق الأحياء) .
وذهب الصدوق إلى
أنه لا يقطع وإن أخذ مقدار النصاب ، إلا أن ينبش مرارا فيقطع لحد النباش لا لحد
السرقة لأن القبر ليس حرزا للكفن من حيث هو قبر فلا يكون الآخذ له أخذا له من حرزه
، لكن مع تكرر النبش تقطع يده لأخبار منها : خبر علي بن سعيد عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته عن رجل أخذ
وهو ينبش ، قال : لا أرى عليه قطعا إلا أن يؤخذ وقد نبش مرارا فاقطعه) .
وفي خبره الآخر (إذا
لم يكن النبش له بعادة لم يقطع ويعزّر) .
وخبر الفضيل (النباش
إذا كان معروفا بذلك قطع) .
وردّ بأن هذه
الأخبار يمكن حملها على أن حد النباش هو القطع ولا تدل على أن القبر
__________________
المؤمنين عليهالسلام (١) : يقطع سارق
الموتى كما يقطع سارق الأحياء ، وفي صحيحة حفص بن البحتري عن الصادق عليهالسلام حد النباش حد السارق (٢).
وهل يعتبر بلوغ
قيمة الكفن النصاب؟ قولان مأخذهما إطلاق الأخبار هنا (٣) ، واشتراط مقدار النصاب
في مطلق السرقة. فيحمل هذا المطلق عليه (٤) أو يحمل على إطلاقها (٥) تغليظا عليه ،
لشناعة فعله.
وقوله : (والأولى اشتراط بلوغ النصاب) يدل على ميله (٦) إلى عدم الاشتراط
______________________________________________________
ـ ليس حرزا للكفن
جمعا بينها وبين ما تقدم الكلام في أنه يقطع سارق الكفن مطلقا وإن لم يبلغ النصاب
، أو يشترط بلوغه النصاب ، فذهب المفيد وسلّار وابنا زهرة وحمزة بل نسب إلى الأكثر
إلى أنه يشترط بلوغه النصاب جمعا بين هذه الأخبار وبين الأخبار الدالة على أن حد
السرقة مشروط ببلوغ المسروق النصاب ، بل خبر الفقيه عن أمير المؤمنين عليهالسلام (أنه قطع نبّاش
القبر ، فقيل له : أتقطع في الموتى؟ فقال : إنا لنقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا)
ظاهر في أن الشروط واحدة في سرقة الأحياء والأموات.
وذهب ابن إدريس
إلى اشتراط بلوغ النصاب في المرة الأولى دون الثانية والثالثة ، وقال في الجواهر :
(ولكنه لم نجد لغيره بل هو قد رجع عنه في آخر كلامه على أنه كما ترى غير واضح
الوجه ولا المستند).
وذهب الشيخ في
الاستبصار إلى أنه يقطع لو سرق الكفن مطلقا أو اعتاد النبش وإن لم يخرج الكفن جمعا
بين الأخبار ، وقال المحقق عنه إنه جيد إلا أن الأحوط اعتبار النصاب في كل مرة.
(١) في خبر أبي
الجارود وقد تقدم.
(٢) الوسائل الباب
ـ ١٩ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.
(٣) في سرقة
الكفن.
(٤) أي يحمل ما
أطلق من الأخبار في سرقة الكفن على الاشتراط في مطلق السرقة.
(٥) أي تبقى أخبار
سرقة الكفن على إطلاقها وإن لم يبلغ النصاب من أجل التغليظ على السارق لشناعة فعله
وهو دليل من لم يشترط بلوغ الكفن النصاب.
(٦) لأنه عبّر عن
الاشتراط بالأولى.
__________________
لما ذكرناه ،
ولظاهر الخبر الصحيح المتقدم فإنه جعل (١) حده حد السارق وهو أعم من أخذه النصاب
وعدمه ، بل من عدم أخذه شيئا إلّا أنه مخصوص بالأخذ إجماعا (٢) فيبقى الباقي على
العموم.
وفيه نظر (٣) ،
لأن تخصيصه بذلك (٤) مراعاة للجمع (٥) يقتضي تخصيصه بالنصاب (٦). والخبر الأول (٧)
أوضح دلالة (٨) ، لأنه جعل قطعه كقطعه (٩) ، وجعله (١٠) سارقا فيعتبر فيه شروطه.
وكذا قول علي عليهالسلام (١١) : إنّا لنقطع
لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا.
وقيل (١٢) : يعتبر
النصاب في المرة الأولى خاصة ، لأنه بعدها مفسد. والأظهر اشتراطه مطلقا (١٣).
______________________________________________________
(١) أي فإن الخبر
الصحيح جعل حد النباش كحد السارق ، وفيه : إنه وارد في النبّاش وإن لم يأخذ الكفن
ولكن منافي سارق الكفن وإن لم ينبش.
(٢) وفيه : إن
المخصوص بالأخذ هو السارق لا النباش وقد تقدم عن بعض أن حكم النباش هو حكم السارق
إذا كان معتادا للنبش.
(٣) لأن الخبر
الصحيح المتقدم له إطلاقان ، إطلاق من ناحية الأخذ وعدمه ، وإطلاق من ناحية الأخذ
بمقدار النصاب وعدمه ، فإذا قيد إطلاقه الأول جمعا بينه وبين الإجماع المدعى
بالأخذ فلا بد أن يقيد إطلاقه الثاني جمعا بينه وبين ما دل على اشتراط النصاب ،
فالتمسك به لإثبات عدم اشتراط بلوغ النصاب ليس في محله.
(٤) بالأخذ.
(٥) بينه وبين
الإجماع.
(٦) جمعا بينه
وبين ما دل على اشتراط النصاب.
(٧) أي خبر أبي
الجارود عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٨) للتشبيه بين
سرقة الميت وسرقة الحيّ ، فكما يشترط النصاب في الثاني فيشترط في الأول.
(٩) أي جعل الخبر
قطع سارق الموتى كقطع سارق الأحياء.
(١٠) أي وجعل
الخبر الأول النبّاش سارقا ، وفيه : إن الخبر الأول ناظر للسارق لا للنباش وقد
عرفت التغاير بينهما إذ قد ينبش شخص ويسرق آخر.
(١١) في مرسل
الفقيه ، الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٨.
(١٢) وهو قول ابن
إدريس المتقدم.
(١٣) في كل مرة.
(ويعزّر النباش) (١) سواء أخذ أم لم يأخذ ، لأنه فعل محرم فيستحق التعزير(ولو تكرر منه) النبش (٢) (وفات الحاكم جاز قتله) لمن قدر عليه من حيث إفساده ، وقد روي أن عليا عليهالسلام (٣) أمر بوطء
النباش بالأرجل حتى مات ، ولو سرق من القبر غير الكفن فلا قطع (٤) ، لأنه ليس بحرز
له ، والعمامة من جملة الكفن المستحب (٥) ...
______________________________________________________
(١) في المرة
الأولى ، لأن النبش فعل محرم من الكبائر ، ويدل عليه رواية علي بن سعيد المتقدمة (إذا
لم يكن النبش له بعادة لم يقطع وعزّر) .
(٢) فبعض الأخبار
قد دل على أن حكمه القطع كخبر حفص البختري عن أبي عبد الله عليهالسلام حد النباش حد
السارق) ، وخبر عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله عليهالسلام (أن عليا عليهالسلام قطع نباشا) ، وخبر الفضيل المتقدم عن أبي عبد الله عليهالسلام (النباش إذا كان
معروفا بذلك قطع) . وبعض الأخبار قد دل على أن حكمه القتل كمرسل أبي يحيى
الواسطي عن أبي عبد الله عليهالسلام (أتي أمير
المؤمنين عليهالسلام بنبّاش فأخّر عذابه إلى يوم الجمعة ، فلما كان يوم الجمعة
ألقاه تحت أقدام الناس فما زالوا يتوطئونه بأرجلهم حتى مات) ، ومرسل ابن أبي عمير (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل نبّاش ، فأخذ أمير المؤمنين عليهالسلام بشعره فضرب به الأرض ، ثم أمر الناس أن يطئوه بأرجلهم
فوطئوه حتى مات) ، والقطع والقتل من أحكام المفسد.
وعن المقنعة
والنهاية والجامع لابن سعيد أنه يقتل فيما بعد الأولى إن تكرر عليه التعزير وقد
فات السلطان وهرب منه ، وفيه : إن النصوص خالية عن الإشارة إلى فوته من يد
السلطان.
وعن الشيخ حمل
القتل على ما لو تكرر عليه الحد وقد أقيم عليه لأن أصحاب الكبائر يقتلون في
الثالثة إذا أقيم عليه الحد سابقا.
(٣) كما في مرسل
ابن أبي عمير ومرسل أبي يحيى الواسطي المتقدمين.
(٤) كما لو سرق
غير الكفن من الأموال كالحلي والثياب كما عليه بعض العادات لمصاحبة الميت ، وعدم
القطع لأن القبر ليس حرزا لها وإن كان حرزا للكفن.
(٥) ذهب العلامة
في القواعد إلى أن العمامة ليست من الكفن استنادا إلى أخبار منها : ـ
__________________
فتعتبر معه في
القيمة على الأقوى ، لا كغيره (١) كما ذهب إليه العلامة استنادا إلى ما ورد في بعض
الأخبار من أنها ليست من الكفن ، لأن الظاهر أنه يريد أنها ليست من الكفن الواجب
بقرينة ذكر الخرقة الخامسة معها (٢) ، مع الإجماع على أنها منه (٣).
ثم الخصم للنباش (٤)
: الوارث إن كان الكفن منه ، والأجنبي إن كان منه.
ولو كان من بيت
المال فخصمه الحاكم ، ومن ثم لو ذهب الميت بسيل ونحوه وبقي الكفن رجع إلى أصله.
(السابعة ـ تثبت السرقة بشهادة عدلين) (٥) مفصّلين لها بذكر ما يعتبر في القطع من الشرائط ، (أو الإقرار مرتين (٦)
______________________________________________________
ـ صحيح زرارة (قلت
لأبي جعفر عليهالسلام : العمامة للميت من الكفن هي؟ قال : لا) ، والقبر ليس حرزا لغير الكفن فلا يقطع لو سرقها.
وحملت هذه الأخبار
النافية على أن العمامة ليست من الكفن الواجب جمعا بينها وبين أخبار دلت على أن
العمامة من الكفن مثل صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (ثم الكفن قميص
غير مزرور ولا مكفوف ، وعمامة يعصّب بها رأسه ويرد فضلها على رجليه) .
(١) أي وليست
العمامة كغير الكفن.
(٢) مع العمامة
(٣) على أن الخرقة
الخامسة من الكفن.
(٤) لا يقال : إن
الكفن ليس ملكا للميت فلا يصدق على السارق أنه سرق مال الغير ، لأنه يقال : إن
الكفن من مال الوارث إن كان الكفن منه أو من التركة ، ومن مال الأجنبي إن تبرع به
للميت ، ومن بيت المال إن لم يتبرع به أحد ، وعليه فالقطع ثابت عند مطالبة الوارث
أو الأجنبي أو الحاكم.
(٥) بلا خلاف فيه
، لما دل على اعتبار التعدد في البينة ، ولخصوص خبر جميل بن دراج عن بعض أصحابنا
عن أحدهما عليهماالسلام (لا يقطع السارق
حتى يقرّ بالسرقة مرتين ، فإن رجع ضمن السرقة ، ولم يقطع إذا لم يكن مشهود) .
(٦) على المشهور
بين الأصحاب للأخبار منها : خبر جميل المتقدم وخبر الدعائم عن أمير ـ
__________________
(مع كمال المقرّ) بالبلوغ والعقل (١) ، ورفع الحجر بالسفه (٢) بالنسبة إلى
ثبوت المال ، والفلس بالنسبة إلى تنجيزه(وحريته (٣) ،
واختياره (٤) فلا ينفذ إقرار الصبي وإن كان مراهقا ، ولا المجنون مطلقا (٥)
، ولا السفيه في المال. ولكن يقطع ، وكذا المفلس لكن يتبع بالمال بعد زوال الحجر ،
ولا العبد بدون موافقة المولى ، لتعلقه بمال الغير ، أما لو صدّقه (٦) فالأقرب
القطع وثبوت المال ، وبدونه يتبع بالمال إذا أعتق وأيسر ، ولا المكره فيهما (٧).
______________________________________________________
ـ المؤمنين عليهالسلام (أتاه رجل فقال :
يا أمير المؤمنين : إني سرقت ، فانتهره ، فقال : يا أمير المؤمنين إني سرقت ، فقال
: تشهد على نفسك مرتين فقطعه) .
وفي الفقه الرضوي (ولا
يقطع السارق حتى يقر مرتين إذا لم تكن شهود) .
وعن الصدوق
الاكتفاء بالمرة لصحيح الفضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا أقرّ الرجل
الحر على نفسه مرة واحدة عند الإمام قطع) وهو موافق لبعض العامة فيحمل على التقية.
(١) بلا خلاف لأنه
لا عبرة بإقرار الصبي والمجنون لحديث رفع القلم.
(٢) فالسفيه محجور
عليه فلو أقر بالسرقة مرتين لا يؤخذ بإقراره بالنسبة للمال لأنه ممنوع من التصرف
المالي ، وإن كان يقطع.
ولو كان الحجر
للمفلس فإذا ارتفع الفلس جاز للغير المطالبة بالمال الذي اعترف المفلس بسرقته
لوجود المقتضي من الإقرار وعدم المانع بحسب الفرض لأن الفلس قد ارتفع.
(٣) يشترط في نفوذ
لإقرار عدم الرقية لأن إقرار العبد في حق مولاه ، وهذا لا خلاف فيه ولصحيح الفضيل
عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا أقرّ العبد
على نفسه بالسرقة لم يقطع وإذا شهد عليه شاهدان قطع) ، نعم بالنسبة للمال يثبت على العبد ويتبع به بعد العتق.
(٤) بلا خلاف فيه
، فلا قطع على المكره والساهي والغافل والنائم والمغمى عليه والسكران لو أقرّ بهذه
الحالات لحديث الرفع.
(٥) لا بالنسبة
للقطع ولا بالنسبة للمال.
(٦) أي صدق المولى
عبده في إقراره فيكون إقرارا من المولى فيثبت ويكون الضمان على المولى لأن العبد
من جملة أمواله ، نعم إذا لم يصدقه فلا قطع ويتبع بالمال العبد بعد عتقه.
(٧) في القطع
والمال.
__________________
(ولو ردّ المكره) على الإقرار (١) (السرقة بعينها لم
يقطع) على الأقوى ، لأن
وجود العين في يده لا يدل على السرقة ، والإقرار وقع كرها فلا يعتد به.
وقيل : يقطع ، لأن
ردها قرينة السرقة كدلالة قيء الخمر على شربها ولحسنة سليمان بن خالد عن الصادق عليهالسلام في رجل سرق سرقة فكابر عنها فضرب فجاء بها بعينها هل يجب
عليه القطع؟ قال : نعم ولكن لو اعترف ولم يجيء بالسرقة لم تقطع يده ، لأنه اعترف
على العذاب.
ولا يخفى ضعف
العمل بالقرينة (٢) في هذا الباب ، والفرق بين القيء والمجيء بالسرقة ، فإن القيء
يستلزم الشرب ، بخلاف المتنازع فيه فإنه أعم منه.
وأما الخبر فظاهر
الدلالة ، إلا أن إثبات الحكم به مجردا مشكل (٣) ..
(ولو رجع) عن الإقرار بالسرقة اختيارا(بعد الإقرار
مرتين لم يسقط الحد) (٤) ، لثبوته بالإقرار السابق فلا يقدح فيه الإنكار كغيره من
الحدود.
______________________________________________________
(١) لو ردّ نفس
السرقة بعينها ، فعن النهاية والمهذب والجامع والمختلف أنه يقطع ، لأن رد السرقة
قرينة على فعلها كالقيء فإنه قرينة على شرب الخمر ، ولحسنة سليمان بن خالد عن أبي
عبد الله عليهالسلام (عن رجل سرق سرقة
فكابر عنها فضرب فجاء بها بعينها ، أيقطع؟ قال عليهالسلام : نعم ، وإذا اعترف ولم يأت بها فلا قطع لأنه اعترف على
العذاب) .
وذهب ابن إدريس
والعلامة في أكثر كتبه واستحسنه المحقق وتبعه أكثر من تأخر إلى عدم القطع لأن
الإقرار عن عذاب فلا عبرة به ، وردها بعينها دليل على وجود المال عنده ، ووجود
المال أعم من سرقته بخلاف القيء فإنه ملازم للشرب.
(٢) وهي أن الرد
مستلزم للسرقة.
(٣) لكونه من غير
الصحاح فضلا عما علم من أن الحدود مبنية على العلم والرد يستلزم السرقة ظنا لأنه
أعم منها.
(٤) للاستصحاب ،
ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل أقرّ على
نفسه بحد ثم جحد بعد ، فقال : إذا أقرّ على نفسه عند الإمام أنه سرق ثم جحد قطعت
يده وإن رغم ـ
__________________
(ويكفي في الغرم) للمال المسروق(الإقرار به مرة) واحدة ، لأنه إقرار بحق مالي فلا يشترط فيه تعدد الإقرار ،
لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز (١) وإنما خرج الحد (٢) بدليل خارج كقول
الصادق عليهالسلام في رواية جميل (٣) : لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين.
(الثامنة ـ يجب) على السارق (٤) (إعادة العين) مع وجودها ، وإمكان إعادتها
______________________________________________________
ـ أنفه) ، وعن الشيخ في النهاية وكتابي الحديث والقاضي وابن زهرة
والعلامة في المختلف سقوط القطع لمرسل جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يقطع السارق
حتى يقرّب بالسرقة مرتين ، فإن رجع ضمن السرقة ولم يقطع إذا لم يكن شهود) والأول أشهر وموافق للقواعد.
(١) الوسائل الباب
ـ ٣ ـ من أبواب الإقرار حديث ٢.
(٢) واشترط فيه
تعدد الإقرار.
(٣) وقد تقدمت
أكثر من مرة.
(٤) يجب على
السارق وإن أقيم عليه الحد وقطعت يده إعادة العين المسروقة بعينها إن كانت باقية ،
وإن تلفت أغرم مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت قيمية ، موسرا كان أو معسرا
غايته مع الإعسار يرجئ حتى الإيسار للأخبار منها : خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (السارق يتبع
بسرقته وإن قطعت يده ، ولا يترك أن يذهب بمال امرئ مسلم) .
وخبر سليمان بن
خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا سرق السارق
قطعت يده وأغرم ما أخذ) .
ومرفوع صالح بن
سعيد عن أحدهما عليهماالسلام سألته عن رجل يسرق فتقطع يده بإقامة البينة عليه ولم يردّ
ما سرق ، كيف يصنع به في مال الرجل الذي سرق منه ، أو ليس عليه رده ، وإن ادعى أنه
ليس عنده قليل أو كثير وعلم ذلك منه ، قال عليهالسلام : يستسعى حتى يؤدي آخر درهم سرقه) .
__________________
(أو رد مثلها) إن كانت مثلية ، (أو قيمتها) إن كانت قيمية(مع تلفها) ، أو تعذر ردها ، ولو عابت ضمن أرشها (١) ، ولو كانت ذات
أجرة لزمه مع ذلك أجرتها (٢) (ولا يغني القطع عن إعادتها) ، لأنهما حكمان متغايران : الإعادة لأخذ مال الغير عدوانا
والقطع حد عقوبة على الذنب.
(التاسعة ـ لا قطع) على السارق(إلا بمرافعة
الغريم له) (٣) وطلب ذلك من
______________________________________________________
ـ وخالف أبو حنيفة
فقال : لا أجمع عليه بين القطع والغرم للعين التالفة ، فإن غرم له سقط القطع ، وإن
سكت المالك حتى قطع سقط الغرم ، وقال أبو عبد الله عليهالسلام مشيرا إلى فتواه في البغل المعضوب المعروفة والشبيهة بهذه
في مخالفة الواقع (من هذه وشبهها تحبس السماء قطرها) .
(١) فعليه أرش
النقصان لأنه ضامن لقاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدي ، وكذا لو زادت قيمة أو عينا
فللمالك لأن الزيادة تابعة للعين في الملك.
(٢) أي مع ضمان
عينها ونقصان أرشها يلزمه ضمان أجرتها لأنه بسرقته فوّت منافعها على المالك فيكون
ضامنا لأنه متعد.
ولو مات صاحبها
دفعت العين إلى ورثته وإن لم يكن له وارث فإلى الإمام عليهالسلام بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر حمزة بن حمران (سألت أبا
عبد الله عليهالسلام عن سارق عدا على رجل من المسلمين فعقره وغصب ماله ، ثم إن
السارق بعد تاب ، فنظر إلى مثل المال الذي كان غصبه وحمله إليه وهو يريد أن يدفعه
إليه ويتحلل منه مما صنع منه ، فوجد الرجل قد مات ، فسأل معارفه هل ترك وارثا ،
فقالوا : لا ، وقد سألني أن أسألك عن ذلك حتى ينتهي إلى قولك ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إن كان الرجل الميت توالى أحدا من المسلمين فضمن جريرته
وحدثه وأشهد بذلك على نفسه فإن ميراث الميت له ، وإن كان الميت لم يتوال إلى أحد
حتى مات فإن ميراثه لإمام المسلمين ، فقلت : فما حال الغاصب؟ فقال : إذا هو أوصل
المال إلى إمام المسلمين فقد سلم ، وأما الجراحة فإن الجراح تقتص منه يوم القيامة)
.
(٣) قطع السارق
موقوف على مطالبة المسروق بالقطع بأن يرفعه إلى الحاكم ، فلو لم يرفعه إلى الحاكم
لا تقطع يده وإن قامت عليه البينة حسبة ، أو علم الحاكم بالسرقة ، أو أقرّ بالسرقة
عند الحاكم مرتين لنصوص منها : خبر الحسين بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ
__________________
الحاكم(ولو قامت) عليه(البينة) بالسرقة أو أقرّ مرتين(فلو تركه) المالك(أو وهبه المال سقط) القطع ، لسقوط موجبه قبل تحتمه(وليس له العفو) عن القطع(بعد المرافعة) وإن كان قبل حكم الحاكم به ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لصفوان بن أمية حين سرق رداؤه فقبض على السارق وقدّمه إلى
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم وهبه : «ألا كان ذلك قبل أن تنتهي به إليّ». وقال
الصادق عليهالسلام : إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام ، وذلك قول الله(عزوجل) : (وَالْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ
اللّٰهِ) ، فإذا انتهى إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه ، (وكذا لو ملك) السارق(المال) المسروق(بعد المرافعة لم يسقط)
______________________________________________________
ـ (الواجب على
الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه الحد ولا يحتاج إلى بينة
مع نظره ، لأنه أمين الله في خلقه ، وإذا نظر إلى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزبره
وينهاه ويمضي ويدعه.
قال : كيف ذلك؟
قال عليهالسلام : لأن الحق إذا كان لله فالواجب على الإمام إقامته ، وإذا
كان للناس فهو للناس) ، وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط لو أقر السارق على نفسه
مرتين قطع بدون مطالبة المسروق لعموم نصوص الإقرار السابقة ، وفيه : إنها مقيّدة
بهذا الخبر وأمثاله.
وعليه فلو وهب
المالك المال المسروق للسارق قبل الرفع إلى الإمام سقط الحد ، وكذا لو عفى عنه بلا
خلاف لنصوص منها : خبر سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام (من أخذ سارقا
فعفى عنه فذاك له ، فإذا رفعه إلى الإمام قطعه ، فإن قال الذي سرق منه أنا أهب له
لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفعه إليه ، وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام
وذلك قول الله تعالى : (وَالْحٰافِظُونَ
لِحُدُودِ اللّٰهِ) ، فإذا انتهى إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه) .
وصحيح الحلبي
الوارد في سارق رداء صفوان عن أبي عبد الله عليهالسلام (ـ إلى أن قال ـ تقطع
يده لأجل ردائي يا رسول الله ، قال : نعم ، قال : فأنا أهبه له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إليّ ، قلت : فالإمام بمنزلته
إذا رفع إليه؟ قال : نعم ، وسألته عن العفو قبل أن ينتهي إلى الإمام ، فقال : حسن)
ويفرّع على ذلك لو
ملك السارق العين المسروقة قبل المرافعة سقط الحد لما سمعته من الهبة التي لا فرق
بينها وبين غيرها من وجود التملك ، نعم لو ملكها بعد المرافعة لا يسقط الحد.
__________________
القطع(ويسقط بملكه) له(قبله) لما ذكر.
(العاشرة ـ لو أحدث) السارق (١) (في النصاب قبل
الإخراج) من الحرز(ما ينقص قيمته) عن النصاب بأن خرق الثوب ، أو ذبح الشارة(فلا قطع) ، لعدم تحقق الشرط وهو إخراج النصاب من الحرز ، ولا كذا لو
نقصت قيمته بعد الإخراج وإن كان قبل المرافعة.
(ولو ابتلع النصاب) (٢) كالدينار واللؤلؤة(قبل الخروج فإن
تعذّر إخراجه فلا حدّ) ، لأنه كالتالف وإن اتفق خروجه بعد ذلك وإن لم يتعذر خروجه عادة قطع ، لأنه
يجري مجرى إيداعه في وعاء ويضمن المال على التقديرين ، وأرش النقصان.
______________________________________________________
(١) لو أحدث
السارق في المال قبل إخراجه من الحرز حدثا يوجب نقصان قيمته عن نصاب السرقة ثم
أخرجه ، مثل خرقه للثوب أو ذبحه للشاة فلا قطع بالاتفاق ، لعدم صدق شرط القطع من
إخراج ما قيمته ربع دينار من الحرز ، وإن كان ضامنا لما أحدثه بالمال لأنه متعد.
ولو أخرج النصاب
من حرزه فنقصت قيمته بفعله أو فعل غيره ، أو نقصت قيمته للسوق بعد الإخراج فعليه
القطع لتحقق شرطه من إخراج النصاب من حرزه ، خلافا لأبي حنيفة من عدم القطع إذا
نقصت قيمته بعد الإخراج للسوق وهو غير واضح المستند.
(٢) لو ابتلع
النصاب داخل الحرز فإن استهلك بالابتلاع كالطعام لا يقطع لأنه لم يخرج النصاب من
حرزه ، نعم عليه الضمان لإتلافه مال الغير.
وإن لم يستهلك
بالابتلاع لكن تعذر خروجه من المعدة عادة فهو بحكم التالف فلا يقطع لأنه لم يخرج
النصاب من حرزه نعم عليه الضمان.
وهذا المتعذر
إخراجه من المعدة لو خرج اتفاقا بعد خروجه من الحرز فلا قطع ضرورة عدم صدق إخراج
المال عن حرزه بعد عدم القصد إلى الإخراج لأنه قد اعتقد بكونه تالفا فكيف قصد
إخراجه من حرزه.
وإن لم يستهلك
بالابتلاع ولم يتعذر إخراجه من المعدة فعليه القطع لأنه يجري مجرى ما لو أودعه في
وعاء وخرج به ، ولو اتفق فساده داخل المعدة على خلاف العادة فذهب الشارح في
المسالك إلى عدم القطع وذهب بعض العامة إلى القطع ، والأولى الحكم بالقطع إذا
تيقنا بقاءه داخل الجوف حال الإخراج ، ولو تيقنا فساده حال الإخراج فلا قطع ، وإن
شككنا فلا قطع للشبهة وهي دارئة للحد.
(ولو أخرجه) أي أخرج النصاب(من الحرز الواحد
مرارا) (١) بأن أخرج كل مرة دون النصاب واجتمع من الجميع نصاب(قيل : وجب القطع) ذهب إلى ذلك القاضي ابن البراج ، والعلامة في الإرشاد ، لصدق سرقة النصاب من
الحرز فيتناوله عموم أدلة القطع ، ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم من سرق ربع دينار فعليه القطع (٢). وهو متحقق هنا.
وقيل : لا قطع
مطلقا (٣) ما لم يتحد الأخذ ، لأصالة البراءة ، ولأنه لما هتك الحرز وأخرج أقل من
النصاب لم يثبت عليه القطع ، فلما عاد ثانيا لم يخرج من حرز ، لأنه كان منبوذا قبله
فلا قطع ، سواء اجتمع منهما معا نصاب أم كان الثاني وحده نصابا من غير ضميمة.
وفرّق العلامة في
القواعد بين قصر زمان العود ، وعدمه فجعل الأول بمنزلة المتحد ، دون الثاني. وفصّل
في التحرير فأوجب الحد إن لم يتخلل اطلاع المالك ولم يطل الزمان بحيث لا يسمى (٤)
سرقة واحدة عرفا. وهذا أقوى (٥) ، لدلالة العرف على اتحاد السرقة مع فقد الشرطين
وإن تعدد الإخراج. وتعددها (٦) بأحدهما.
(الحادية عشرة ـ الواجب) (٧) في هذا الحد أول مرة(قطع الأصابع
الأربع)
______________________________________________________
(١) قد تقدم البحث
فيه مفصلا فلا يفيد.
(٢) سنن البيهقي ج
٨ ص ٢٥٤ ، مع تغيير بالألفاظ فالنبوي الوارد (لا قطع إلا في ربع دينار).
(٣) سواء كانت
الدفعات متقاربة زمانا أو لا ، وهذا القول لأبي الصلاح الحلبي.
(٤) إن تحقق
أحدهما.
(٥) وله تفصيل
ثالث في المختلف أيضا وقد تقدم سابقا.
(٦) عطف على اتحاد
السرقة ، والمعنى : ولدلالة العرف على تعدد السرقة بأحد الشرطين.
(٧) الواجب في هذا
الحد أول مرة قطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى وتترك الراحة والإبهام بلا خلاف
فيه للأخبار منها : المرسل عن الحارث بن حصيرة قال : (مررت بحبشي وهو يستقي
بالمدينة فإذا هو أقطع ، فقلت له : من قطعك؟ قال : قطعني خير الناس ، إنّا أخذنا
في سرقة ونحن ثمانية نفر فذهب بنا إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام فأقررنا بالسرقة ، فقال لنا : تعرفون أنها حرام؟ فقلنا :
نعم ، فأمر بنا فقطعت أصابعنا من ـ
وهي ما عدا
الإبهام(من اليد اليمنى ويترك له الراحة والإبهام) هذا إذا كان له خمس أصابع.
أما لو كانت ناقصة
(١) اقتصر على الموجود من الأصابع وإن كانت واحدة عدا الإبهام ، لصحيحة الحلبي عن
الصادق عليهالسلام قال : قلت له : من أين يجب القطع؟ فبسط أصابعه وقال : من
هاهنا ، يعني من مفصل الكف (٢). وقوله في رواية أبي بصير : القطع من وسط الكف ولا
يقطع الإبهام (٣) ، ولا فرق بين كون المفقود خلقة ، أو بعارض ولو كان له إصبع
زائدة لم يجز قطعها (٤) ، حملا على المعهود ، فلو توقف تركها (٥) على إبقاء إصبع
أخرى (٦) وجب (٧) ولو كان على
______________________________________________________
ـ الراحة وخلّيت
الإبهام ، ثم أمر بنا فحبسنا في بيت يطعمنا فيه السمن والعسل حتى برئت أيدينا ، ثم
أمر بنا فأخرجنا وكسانا فأحسن كسوتنا ثم قال لنا : إن تتوبوا وتصلحوا فهو خير لكم
يلحقكم الله بأيديكم في الجنة ، وإلّا تفعلوا يلحقكم الله بأيديكم إلى النار) وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف وترك الإبهام
ولم يقطعها ، وأمرهم أنّ يدخلوا إلى دار الضيافة ، وأمر أيديهم أن تعالج فأطعمهم
السمن والعسل واللحم حتى برئوا فدعاهم فقال : يا هؤلاء إن أيديكم سبقتكم إلى النار
، فإن تبتم وعلم الله منكم صدق النية تاب عليكم وجررتم أيديكم إلى الجنة ، فإن لم
تتوبوا ولم تقلعوا عمّا أنتم عليه جرّتكم أيديكم إلى النار) .
(١) اجتزئ بقطع
الموجود من الأصابع ما عدا الإبهام ، بلا خلاف لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.
(٢) الوسائل الباب
ـ ٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ١.
(٣) الوسائل ـ ٤ ـ
من أبواب حد السرقة حديث ٢.
(٤) لظهور الأخبار
المتقدمة في قطع الأصابع الأربعة المعروفة فقط ، وما زاد فلا يجب قطعه.
(٥) أي ترك
الزائدة.
(٦) أصلية.
(٧) أي وجب إبقاء
الأصلية حينئذ لأن الزائدة يحرم إتلافها ويجب إبقاؤها ، وبقاؤها متوقف على إبقاء
الأصلية فيجب إبقاء الأصلية من باب المقدمة.
__________________
المعصم كفان قطع
أصابع الأصلية إن تميزت ، وإلا فإشكال (١).
(ولو سرق ثانيا) (٢) بعد قطع يده(قطعت رجله اليسرى
من مفصل القدم ، وترك العقب) يعتمد عليه حالة المشي ، والصلاة ، لقول الكاظم عليهالسلام (٣) : تقطع يد
السارق ، ويترك إبهامه ، وصدر راحته ، وتقطع رجله ويترك له عقبه يمشي عليها.
والظاهر أنه لا
التفات إلى زيادة الأصبع هنا (٤) ، لأن الحكم مطلق في القطع
______________________________________________________
(١) ناشئ من وجوب
قطع الأصلية وبما أنها مشتبهة فيتوقف تحصيل الامتثال على قطعهما.
ومن أن الزائد
يحرم إتلافها ويجب إبقائها ، وحفظها متوقف على حفظ الجميع للاشتباه ، ويحتمل
القرعة لأنها لكل أمر مشكل.
(٢) بعد قطع يده
فتقطع رجله اليسرى بلا خلاف للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (القطع من وسط
الكف ولا يقطع الإبهام ، وإذا قطعت الرجل ترك العقب ولم يقطع) .
خبر سماعة بن
مهران (إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف ، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم ،
فإن عاد استودع السجن ، فإن سرق في السجن قتل) .
وصحيح عاصم بن
حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (قضى أمير
المؤمنين عليهالسلام في السارق إذا سرق قطعت يمينه ، وإذا سرق مرة أخرى قطعت
رجله اليسرى ، ثم إذا سرق مرة أخرى سجنه وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط
ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها ، فقال : إني لأستحي من الله أن أتركه لا ينتفع
بشيء ولكني أسجنه حتى يموت في السجن وقال : ما قطع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من سارق بعد يده ورجله) .
(٣) في خبر إسحاق
بن عمار ، الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٤.
(٤) أي في الرجل
اليسرى ، بل يقطع الزائد لأن الحكم قد تعلق بقطع الرجل مهما كانت أصابعها ، وفيه :
إن هذا يأتي في اليد اليمنى لأن الحكم قد تعلق بقطعها كما في خبر صحيح عاصم بن
حميد المتقدم ، ويكفينا قوله تعالى : (وَالسّٰارِقُ
وَالسّٰارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا) .
__________________
من المفصل من غير
نظر إلى الأصابع ، مع احتماله (١) ، ولو كان قدمان على ساق واحد فكالكف (٢).
(وفي) السرقة(الثالثة) بعد قطع اليد والرجل(يحبس أبدا) (٣) إلى أن يموت ، ولا يقطع من باقي أعضائه.
(وفي الرابعة) بأن سرق من الحبس ، أو من خارجه لو اتفق خروجه لحاجة ، أو
هرب به(يقتل) (٤).
(ولو ذهبت يمينه (٥) ...
______________________________________________________
(١) أي احتمال عدم
قطع الزائد لأن المعهود هو قطع القدم من المفصل بأصابعها الخمسة فقط ، وهو ضعيف إذ
إبقاء الأصبع الزائد يستدعي إبقاء شيء من القدم بخلاف إبقاء الزائد من اليد فهو
وإن واجب ترك الكف إلا أنه لا يجب قطع الكف في اليد ولذا فرّق بين الزائد في اليد
فيترك والزائد في الرجل فيقطع.
(٢) من اعتبار
الأصلية إن تميزت وإلا فإشكال.
(٣) بلا خلاف فيه
للأخبار وقد تقدم بعضها.
(٤) بلا خلاف فيه
للأخبار وقد تقدم بعضها.
(٥) فهنا مسائل :
الأولى : لا تقطع
اليسار مع وجود اليمين الصحيحة بلا خلاف للأخبار المتقدمة بل تقطع اليمين.
الثانية : لو كانت
اليمين شلاء واليسار صحيحة لا تقطع اليسار ، بل تقطع اليمين لعموم الأدلة الموجبة
لقطع اليمين.
الثالثة : لو كانت
اليسار شلاء واليمين صحيحة ، فمقتضى الأدلة قطع اليمين لوجود المقتضى لقطعها
وانتفاء المانع ، إذ المانع ليس إلا شكل اليسرى ولم يثبت كونه مانعا شرعا ، ولصحيح
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل أشلّ اليد
اليمنى أو أشل الشمال فسرق ، قال : تقطع يده اليمنى على كل حال) .
وذهب ابن الجنيد
إلى اليسار إذا كانت شلاء لم تقطع اليمين لأن الشلاء كالمعدومة فلو قطعت اليمين
والحال هذه لبقي بلا يدين ، ولم يعهد من حكمة الشارع إبقاءه بدون يدين ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ ولمرسل المفضل
بن صالح عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا سرق الرجل
ويده اليسرى شلاء لم تقطع يمينه ولا رجله)
ولو كانتا شلاءين
فلا قطع عنده بالأولى ، وعند المشهور تقطع اليمين على كل حال ، والمرسل لا يقاوم
الصحيح المتقدم فالمتعين هو قول المشهور.
الرابعة : لو لم
يكن له يسار ، إما مقطوعة في قصاص أو معدومة خلقة ، وكانت له يمين صحيحة فإذا سرق
هل يقطع؟
ذهب الشيخ في
المبسوط وتبعه الأكثر أنه تقطع اليمين لعموم الأدلة ، وذهب ابن الجنيد إلى أنه لا
تقطع يمينه لأنه لم يعرف من حكمة الشارع تركه بلا يدين ولصحيح عبد الرحمن بن
الحجاج عن ابن عبد الله عليهالسلام (لو أن رجلا قطعت
يده اليسرى في قصاص فسرق ما يصنع به؟ فقال : لا يقطع ولا يترك بغير ساق) .
الخامسة : لو كانت
له يمين حين السرقة وذهبت قبل القطع فهل تقطع اليسار أو يسقط الحكم بالقطع ، فلا
خلاف بينهم في سقوط الحكم ولا تقطع اليسار لأن الحكم قد تعلق باليمين ، ويذهب
الحكم بذهابها.
السادسة : لو سرق
ولا يمين له إما خلقة وإما قصاصا ، فهل يسقط الحكم أو يتعلق باليسار أو برجله
قال الشيخ في
النهاية : تقطع يساره لعموم قوله تعالى : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا) الصادق على قطع اليسار ، غايته تقديم اليمنى عليها للأخبار
عند وجودها ، فإذا لم توجد قطعت اليسار لوجوب امتثال الأمر.
وقال في المبسوط :
ينتقل إلى رجله اليسرى لأنها محل القطع حدا للسرقة بعد قطع اليمين ، واليمين هنا
مفقودة فينتقل إلى الرجل.
والأولى القول
بسقوط الحكم لأنه تعلق باليمين فيذهب بذهابها كما في المسألة الخامسة.
السابعة : لو لم
يكن له يد يمنى ولا يسرى وسرق أول مرة ، فعن المبسوط أنه تقطع رجله اليسرى لما
تقدم ، وعن النهاية أنه تقطع الرجل اليمنى لأنها أقرب لليد اليمنى ، والأولى القول
بسقوط الحكم لأنه تعلق باليمنى فيذهب بذهابها. ـ
__________________
(بعد السرقة لم يقطع اليسار) (١) ، لتعلق الحكم بقطع اليمين وقد فاتت ، أما لو ذهبت اليمين
قبل السرقة بغيرها (٢) ففي قطع اليد اليسرى ، أو الرجل قولان. ولو لم يكن له يسار (٣)
قطعت رجله اليسرى قطع به العلامة وقبله الشيخ. كما أنه لو لم يكن له رجل حبس (٤).
ويحتمل سقوط قطع
غير المنصوص (٥) مرتبا وقوفا في التجري على الدم المحترم على موضع اليقين ، ولأنه
تخط عن موضع النص من غير دليل ، ولظاهر قول علي عليهالسلام (٦) : إني لأستحي
من ربي أن لا أدع له يدا يستنجي بها أو رجلا يمشي عليها ، وسأل عبد الله بن هلال
أبا عبد الله عليهالسلام عن علة قطع اليد اليمنى ورجله اليسرى فقال : ما أحسن ما سألت
إذا قطعت يده اليمنى ، ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام.
فإذا قطعت يده اليمنى ، ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما (٧).
______________________________________________________
ـ الثامنة : ولو
سرق ولا يد ولا رجل ، ففي النهاية حبس دائما لأن الحبس قد ثبت عقوبة في السرقة عند
فقد اليد والرجل ، وهو فاقد لهما ، وفيه : إن الحبس عقوبة إنما يثبت بعد قطع اليد
والرجل عقوبة ، والشرط هنا غير متحقق فالأقرب القول بسقوط الحكم لما تقدم ، وقد
توقف جماعة في هذه الثلاثة الأخيرة لعدم النص وقال المحقق في الشرائع : «وفي الكل
إشكال من حيث إنه تخط عن موضع القطع فيقف على إذن الشارع وهو مفقود» ، وقد عرفت أن
مقتضى القواعد سقوط الحكم لذهابه بذهاب موضوعه كما وقع الاتفاق على ذلك في المسألة
الخامسة.
(١) المسألة
الخامسة.
(٢) أي بغير
السرقة وهي المسألة السادسة.
(٣) المسألة
السابعة.
(٤) وهي المسألة
الثامنة.
(٥) أي ففي السرقة
الأولى تقطع اليمين على كل حال وفي الثانية تقطع الرجل اليسرى على كل حال ، وفي
المرة الثالثة الحبس وإلا فلا حكم عليه عند اختلال أي قيد من القيود المذكورة.
(٦) في صحيح عبد
الرحمن بن الحجاج ، الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٩.
(٧) الوسائل الباب
ـ ٥ ـ من أبواب حد السرقة حديث ٨.
(ويستحب) بعد قطعه(حسمه بالزيت المغلي) (١) إبقاء له وليس بواجب للأصل. ومئونته عليه إن لم يتبرع به
أحد أو يخرجه الحاكم من بيت المال.
(الثانية عشرة ـ لو تكررت السرقة) (٢) ولم يرافع بينها(فالقطع واحد) ، لأنه
______________________________________________________
(١) للنبوي (أنه
أتي بسارق فقال : اذهبوا فاقطعوه ثم احسموه) ، ولخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (أتي أمير
المؤمنين عليهالسلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف وترك الإبهام
ولم يقطعها ، وأمرهم أنّ يدخلوا إلى دار الضيافة ، وأمر بأيديهم أن تعالج) ، ولخبر حذيف بن منصور عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوم لصوص قطعت أيديهم في زمن أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : (يا قنبر ضمّهم إليك فداو كلومهم وأحسن القيام
عليهم فإذا برئوا فأعلمني) .
نعم مئونته على
السارق وليس على الحاكم ، نعم يجوز للحاكم إخراجه من بيت المال لأنه معدّ لمصالح
المسلمين ومداواتهم من مصالحهم.
(٢) لو تكررت
السرقة ولم يرافع بينها ثم ظفر به ، فالحد واحد عليه بلا خلاف كما في الجواهر ،
بشرط أن تكون البينتان قد أقيمتان دفعة أو أقرّ بالسرقتين دفعة واحدة لخبر بكير بن
أعين عن أبي جعفر عليهالسلام (في رجل سرق فلم
يقدر عليه ، ثم سرق مرة أخرى فأخذ ، فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى
والسرقة الأخيرة.
فقال عليهالسلام : تقطع يده بالسرقة الأولى ، ولا تقطع رجله بالسرقة
الأخيرة ، فقال : كيف ذاك؟ فقال عليهالسلام : لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى
والأخيرة قبل أن تقطع بالسرقة الأولى ، ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى
ثم أمسكوا حتى تقطع يده ، ثم شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى) .
وقد اختلفوا في أن
القطع للأولى أو للأخيرة ، فعن الكافي والمقنعة والمقنع والقواعد أن القطع للأولى
لدلالة الرواية على ذلك ، وعن المحقق أنه للأخيرة لأنه أخذ بها ، وفيه : أنه
اجتهاد في قبال النص.
وقيل : تظهر
الفائدة بين القولين فيما لو عفى من له الحكم بالقطع ، فإن قلنا إن القطع للأولى
وعفى أصحاب المال المسروق بالسرقة الأولى فيسقط الحد ولو عفى أصحاب المال المسروق
بالأخيرة لا يسقط ، والعكس على القول الثاني. ـ
__________________
حدّ فتتداخل
أسبابه لو اجتمعت كالزنا ، وشرب الخمر.
وهل هو بالأولى ،
أو الأخيرة؟ قولان.
وتظهر الفائدة
فيما لو عفى من حكم بالقطع له والحق أنه يقطع على كل حال حتى لو عفى الأول قطع
بالثاني ، وبالعكس. هذا إذا أقرّ بها دفعة أو شهدت البينات بها كذلك.
(ولو شهدا عليه بسرقة ، ثم شهدا عليه بأخرى قبل القطع (١)
فالأقرب عدم تعدد القطع) كالسابق ، لاشتراكهما في الوجه وهو كونه حدا فلا يتكرر بتكرر سببه إلى أن
يسرق بعد القطع.
وقيل : تقطع يده
ورجله ، لأن كل واحدة توجب القطع فتقطع اليد للأولى ، والرجل للثانية. والأصل عدم
التداخل.
ولو أمسكت البينة
الثانية حتى قطعت يده ، ثم شهدت ففي قطع رجله قولان (٢) أيضا ، وأولى بالقطع هنا
لو قيل به ثمّ.
______________________________________________________
ـ وردّ كما في كشف
اللثام بأنه لا عفو بعد المطالبة وحسب الفرض أن البينات قد أقيمت عند الحاكم فلا
مجال للعفو ، وفيه : إن البينة قد تقوم حسبة مغ غياب أصحاب المال فيجوز لهم العفو
، نعم لو اتى صاحب المال بالسارق وأقيمت البينة فلا عفو حينئذ.
ورد الفائدة
الشارح في المالك بقوله : (والحق أنه يقطع على كل حال حتى لو عفى أحدهما قطع
بالأخرى ، لأن كل واحدة سبب تام في استحقاق القطع مع المرافعة ، وتداخل الأسباب
على تقدير الاستيفاء لا يقتضي تداخلها مطلقا لأنه على خلاف الأصل) وأشكل عليه في
الجواهر بأنه اجتهاد وفي قبال النص.
(١) فلم تجتمع
البينات دفعة ولكن كانت الثانية قبل القطع للأولى ، فذهب الصدوق والشيخ في النهاية
والخلاف إلى أنه تقطع اليد للأولى ورجله للثانية ، وادعى الشيخ في الخلاف الوفاق
عليه ، واستدلوا برواية بكير بن أعين المتقدمة بحسب ذيله.
وقول الشيخ في
المبسوط عن هذا القول وتبعه عليه الحلي والفاضلان والشهيدان وغيرهم من المتأخرين
إلى أنه تقطع يده بالأولى فقط لأن رواية ابن أعين أثبتت القطع للرجل اليسرى بعد
قطع اليد الأولى ، ومفروض مسألتنا أن اليد لم تقطع للأولى فلا مجال للتمسك بها ولا
بد من الاحتياط في الدم.
(٢) أقول للشيخ في
النهاية وابني حمزة وسعيد والصدوق إلى أنه تقطع رجله اليسرى بالثانية ـ
والأقوى عدم القطع
أيضا ، لما ذكر (١) ، وأصالة البراءة وقيام الشبهة الموجبة لدرء الحد. ومستند
القطع رواية بكير بن أعين عن الباقر عليهالسلام وفي الطريق ضعف (٢).
(الفصل السادس ـ في
المحاربة)
(وهي (٣) ...
______________________________________________________
ـ بعد قطع يده
بالأولى تمسكا بذيل خبر بكير المتقدم وهو نص في ذلك وقول للشيخ في المبسوط وابن
إدريس والعلامة في التحرير والمختلف بل عن المحقق الاعتراف بقوته إلى أنه لا تقطع
رجله اليسرى بالثانية ، لضعف خبر بكير بن أعين بسهل بن زياد وللاحتياط في الدماء
فلا بد من التوقف.
وفيه : إن الخبر
معمول به عند الأصحاب بحسب صدره فسنده منجبر على أن الأمر في سهل سهل.
(١) من التداخل في
الأسباب.
(٢) علّق الشارح
بقوله : (في طريقها سهل بن زياد وهو ضعيف مع أنه رواها عن الحسن بن محبوب ولم توجد
في كتاب مشيخته).
(٣) عرّف المحارب
بأنه كل من جرّد السلاح لإخافة الناس ، وهو شامل للذكر والأنثى عند المشهور ، بل
عن كنز العرفان نسبته إلى القدماء ، لعموم الآية (إِنَّمٰا
جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا) وللأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (من شهر السلاح في
مصر من الأمصار فعقر اقتص منه ونفي من تلك البلد) ولفظ (من) عام ، وخالف في ذلك ابن الجنيد فخص المحارب
بالذكور فقط ، وهو قول بعض العامة أيضا ، نظرا إلى ضمير المذكر في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ
اللّٰهَ) مع عود الضمائر عليه بالتذكير ، وفيه : إنه يراد منه كل من
وصف بالمحاربة وهو شامل للإناث ، ولو سلم تخصيصه بالرجال فالأخبار عامة تشمل الأنثى.
والتعريف شامل
للصغير والكبير ، ولا بدّ من تقييده بالمكلف لأن الحدّ منوط بالتكليف ، وإن كان
الصغير يضمن المال والنفس مع الإتلاف كما يضمن ما يتلفه في غير هذا الفرض.
__________________
(تجريد (١) السلاح (٢) برا أو بحرا (٣) ، ليلا أو نهارا (٤)
، لإخافة الناس في مصر وغيره ، من ذكر أو أنثى ، قوي أو ضعيف (٥) من أهل الريبة أم لا (٦). قصد الإخافة أم لا (٧) على أصح
الأقوال ، لعموم الآية (٨) المتناول لجميع من ذكر.
وخالف ابن الجنيد
فخص الحكم بالرجال بناء على أن الضمير في الآية للذكور.
ودخول الإناث فيهم
مجاز.
______________________________________________________
(١) وهو إظهار
السلاح وحمله للمقاتلة.
(٢) خص أبو حنيفة
المحارب بمن شهر السلاح من الحديد ، واحتمله العلامة في التحرير ، وعند الأكثر ما
يشمل حتى المحدد والعصا وكل ما يحقق عنوان المحاربة لعموم الأدلة.
(٣) وسواء كان في
مصر أو بادية لصدق عنوان المحاربة تمسكا بعموم الآية والأخبار ، وبعض العامة حضه
في البرد في المواضع البعيدة عن العمران ، وهو ضعيف بما سمعت.
(٤) لعموم الآية
ولخبر ضريس عن أبي جعفر عليهالسلام (من حمل السلاح
بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة) .
(٥) فلو ضعف
المجرّد للسلاح عن الإخافة بسلاحه ، فهل ينطبق عليه عنوان المحاربة إشكال ،
لانطباق عنوان المحاربة لغة لتجريده السلاح ، وعدم الانطباق عرفا لعدم تحقق
الإخافة ، وذهب المحقق والشارح في المسالك إلى الانطباق إذا قصد الإخافة ، ومع عدم
القصد فلا.
(٦) ذهب الأكثر
إلى عدم اشتراط أن يكون من أهل الريبة لعموم الآية والأخبار ، وذهب الشيخ في
النهاية والقاضي والراوندي والشهيد في الدروس إلى اشتراط كونه من أهل الريبة
استنادا إلى مفهوم خبر ضريس المتقدم ، وردّ بأن مفهومها من حمل السلاح في الليل
ولم يكن من أهل الريبة فهو ليس بمحارب ، ولا تفيد عدم حكم المحارب على من قصد
الإخافة ولم يكن من أهل الريبة.
(٧) أما في الضعيف
فقد عرفت اشتراط القصد عند الشارح في المسالك وأما في القوي فكذلك ، ولذا قال في
الجواهر : «ولكن في الروضة قصد الإخافة أم لا على أصح الأقوال ، وإن كنا لم نجده
قولا صريحا لأحد ، وعلى تقديره فلا ريب في شذوذه وإن كان قد يستدل له بإطلاق
الأدلة» ولكن الإطلاق منزل عرفا على قصد الإخافة فلو شهر السلاح لا لقصد الإخافة
بل للتباهي به فلا يعدّ محاربا عرفا.
(٨) المائدة الآية
: ٣٣ وقد تقدمت.
__________________
وفيه مع تسليمه أن
في صحيحة محمد بن مسلم (١) «من شهر السلاح» ، و «من» عامة حقيقة للذكور والإناث ،
والشيخان (٢) حيث شرطا كونه من أهل الريبة وعموم النص يدفعه ، وأخذ «تجديد السلاح»
تبع (٣) فيه الخبر (٤) ، وإلا فالأجود عدم اعتباره. فلو اقتصر على الحجر والعصا
والأخذ بالقوة فهو محارب ، لعموم الآية ، وشمل إطلاقه (٥) كغيره الصغير والكبير ،
لعموم الأدلة.
ويشكل في الصغير
فإن الحد مشروط بالتكليف خصوصا القتل ، وشرط ابن الجنيد فيه البلوغ ورجحه المصنف
في الشرح ، وهو حسن.
(لا الطليع) (٦) للمحارب وهو الذي يرقب له من يمر بالطريق فيعلمه به ، أو
يرقب له من يخاف عليه منه فيحذره منه(والردء) (٧) بكسر الراء فسكون الدال فالهمز وهو المعين له في ما يحتاج
إليه من غير أن يباشر متعلّق المحاربة فيما فيه أذى الناس ، وإلا كان محاربا.
(ولا يشترط) في تحقق المحاربة(أخذ النصاب) (٨) ، ولا الحرز (٩) ، ولا أخذ شيء ، للعموم.
(وتثبت) المحاربة(بشهادة ذكرين عدلين (١٠) ، وبالإقرار) بها(ولو)
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب حد المحارب حديث ١.
(٢) أي وخالف
الشيخان ومقصوده الشيخ والقاضي كما صرح بذلك في المسالك.
(٣) أي تبع المصنف
في هذا القيد.
(٤) وهو صحيح محمد
بن مسلم المتقدم.
(٥) أي إطلاق
تعريف المصنف للمحارب كتعريف غيره للكبير والصغير.
(٦) وهو المراقب
للمحارب ليخبره بمن يمرّ على الطريق ، أو يترقب له ممن يخاف المحارب منه ، فلا يصدق
عليه عنوان المحارب فلا يشمله حكمه.
(٧) وهو المعين
للمحارب فيما يحتاج إليه من غير أن يباشر معه ما يحقق عنوان المحاربة عليه كأن
يعينه على ضبط الأموال عند سلبها أو إمداده بالطعام وتسليته ونحو ذلك.
(٨) لأن المحارب
صادق على من جرّد السلاح لإخافة الناس.
(٩) أي هتك الحرز.
(١٠) بلا خلاف ولا
إشكال لعموم ما دل على اعتبار البينة العادلة.
(مرة) (١) واحدة ، لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، خرج منه
ما اشترط فيه التكرار بدليل خارج ، فيبقى غيره على العموم(مع كمال المقر) (٢) وحريته (٣) واختياره (٤).
(ولا تقبل شهادة بعض المأخوذين لبعض (٥) ، للتهمة). نعم لو شهد اثنان على بعض اللصوص أنهم أخذوا مال غيرهما
وشهد ذلك الغير على بعض آخر ، غير الأول أنه أخذ الشاهدين حكم بالجميع ، لعدم
التهمة (٦) ، وكذا لو قال الشاهدان : عرضوا لنا جميعا وأخذوا هؤلاء خاصة (٧).
(والحد) للمحارب (٨) (القتل ، أو الصلب
، أو قطع يده اليمنى ورجله)
______________________________________________________
(١) لعموم حديث (إقرار
العقلاء وعلى أنفسهم جائز) نعم عن الديلمي في المراسم والعلامة في المختلف أن كل حد
يثبت بشهادة عدلين فيعتبر فيه الإقرار مرتين ، وردّ بأنه لا دليل على هذه الكلية
فالمحكّم عموم الإقرار.
(٢) ببلوغه وعقله
لحديث رفع القلم.
(٣) لأن إقرار
العبد إقرار في حق الغير فلا يؤخذ به إلا إذا صدّقه المولى.
(٤) إذ لا عبرة
بإقرار المكره لحديث الرفع.
(٥) بأن يكون
المحارب قد أخذ من أهل القافلة ، فلو شهد بعضهم على أنه قد أخذ حال البعض الآخر لا
تقبل الشهادة للتهمة الحاصلة منهم على القاطع ، ولخبر محمد بن الصلت عن الرضا عليهالسلام سأله (عن رفقة كانوا في طريق ، قطع عليهم الطريق وأخذوا
اللصوص فشهد بعضهم لبعض ، قال : لا تقبل شهادتهم إلا بإقرار من اللصوص أو شهادة من
غيرهم عليهم) .
(٦) وفيه أن
التهمة حاصلة إذا كان اللصوص قد تعرض للجميع وإن كان بعض اللصوص قد أخذ مال بعض
أهل القافلة ، والبعض الآخر من اللصوص سطا على البعض الآخر من القافلة ، فشهد كل
فريق للآخر مع تغاير الآخذ لإطلاق الخبر المتقدم.
(٧) فالقبول مبني
على أن التهمة منفية لعدم الأخذ من الشاهدين ، وإطلاق الخبر ينفي القبول فتأمل.
(٨) فهو القتل أو
الصلب أو القطع مخالفا بمعنى قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى أو النفي ، ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ ويدل عليه قوله
تعالى : (إِنَّمٰا
جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا
أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلٰافٍ أَوْ يُنْفَوْا
مِنَ الْأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيٰا وَلَهُمْ فِي
الْآخِرَةِ عَذٰابٌ عَظِيمٌ) . واختلف الأصحاب في هذه العقوبات أنها على نحو التخيير أو
الترتيب حسب جناياتهم ، فذهب المفيد والصدوق والديلمي والحلي والعلامة في أحد
قوليه ، بل قيل : عليه أكثر المتأخرين إلى أنها على نحو التخيير لأن (أو) للتخيير
لغة ويدل عليه خبر أبي حمزة عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام (أن عليا عليهالسلام قال : فوّض الله إلى الناس في كفارة اليمين كما فوّض إلى
الإمام في المحارب أن يضع ما يشاء ، وقال : كل شيء في القرآن أو فصاحبه فيه
بالخيار) ، ولحسنة جميل بن دراج وقد نقلها الشارح في المتن.
وذهب الشيخ
وأتباعه وأبو الصلاح والعلامة في أحد قوليه بل في كشف اللثام بعد نسبته إلى أكثر
الكتب قد ادعى عليه الإجماع وأنها على نحو الترتيب بحسب جناياتهم ويدل عليه صحيح
بريد بن معاوية (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله (عزوجل) : (إِنَّمٰا
جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ) ، قال : ذلك على الإمام يفعل ما شاء ، قلت : فمفوّض ذلك
إليه؟ قال : لا ولكن نحو الجناية) .
واختلفوا في
الترتيب فعن النهاية والمهذب وفقه الراوندي والتلخيص للعلامة إلى أنه يقتل قصاصا
إن قتل بشرط أن يكون المقتول مكافئا له ولم يعف الولي ، وإن عفى أو كان المقتول
غير مكافئ قتله الإمام حدا ، ولو قتل وأخذ المال استعيد منه المال عينا أو قيمة
وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ثم يقتل ويصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفا
ونفي ، ولو جرح ولم يأخذ المال أقتص منه ونفي ، ولو اقتصر على شهر السلاح نفي لا
غير.
ومستند هذا
التفصيل روايات منها : رواية عبد الله بن إسحاق المدائنيّ عن أبي عبد الله عليهالسلام عند ما سأله عن آية (إِنَّمٰا
جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ) ، قال عليهالسلام : (خذها أربعا بأربع ، إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض
فسادا فقتل قتل ، وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده
ورجله من خلاف ، ـ
__________________
(اليسرى) للآية الدالة بأو على التخيير وإن احتملت غيره (١) لما روي
صحيحا (٢) أن «أو» في القرآن للتخيير حيث وقع ، ولحسنة جميل بن دراج (٣) عن الصادق
عليهالسلام حيث سأله عن قوله تعالى : (إِنَّمٰا
جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ) الآية ، وقال : أي شيء عليه من هذه الحدود التي سمّى الله(عزوجل)؟ قال عليهالسلام : ذاك إلى الإمام إن شاء قطع ، وإن شاء صلب ، وإن شاء نفى
، وإن شاء قتل ،
______________________________________________________
ـ ومن حارب الله
ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ من المال نفي من الأرض) .
وصحيح محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (من شهر السلاح في
مصر من الأمصار فعقر اقتص منه ونفي من تلك البلدة ، ومن شهر السلاح في مصر من
الأمصار وضرب وعقر وأخذ المال ولم يقتل فهو محارب ، فجزاؤه جزاء المحارب وأمره إلى
الإمام إن شاء قتله وصلبه ، وإن شاء قطع يده ورجله ، قال : وإن ضرب وقتل وأخذ
المال فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة ثم يدفعه إلى أولياء المقتول
فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه) وخبر عبيد بن بشر الخثعمي (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قاطع الطريق ، وقلت : الناس يقولون : إن الإمام فيه مخيّر
أيّ شيء شاء صنع؟ قال : ليس أي شيء شاء صنع ولكنه يصنع بهم على قدر جنايتهم ، من
قطع الطريق فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله وصلب ، وإن لم يقتل قطعت يده ورجله ،
ومن قطع الطريق فلم يأخذ مالا ولم يقتل نفي من الأرض) .
والتفصيل المذكور
لا يستفاد من واحد من هذه الروايات وإنما يجمع بينها على اختلاف فيها ليتم هذا
القول ، وذهب الشيخ في التبيان والمبسوط والخلاف إلى أنه إن قتل قتل ، وإن قتل
وأخذ المال قتل وصلب ، وإن اقتصر على أخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف ولم يقتل ،
وإن اقتصر على الإخافة فالنفي.
(١) أي غير التخيير
لأن أو قد تكون بمعنى الواو.
(٢) وقد تقدم في
خبر أبي حمزة.
(٣) وقد تقدم
تخريجها في الهامش.
__________________
قلت : ينفى إلى
أين؟ قال عليهالسلام : ينفى من مصر إلى آخر وقال : إن عليا عليهالسلام نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة ومثله حسنة بريد ، أو
صحيحته عنه عليهالسلام (١).
ولم يذكر المصنف
هنا النفي ولا بد منه ، لأنه أحد أفراد الواجب المخير في الآية ، والرواية (٢)
وليس في المسألة قول ثابت يشتمل على تركه. ولعل تركه سهوا.
نعم لو قتل
المحارب تعين قتله (٣) ولم يكتف بغيره من الحدود ، سواء قتل مكافئا أم لا ، وسواء
عفا الولي أم لا ، على ما ذكره جماعة من الأصحاب (٤) ، وفي بعض أفراده نظر (٥).
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة : إن ذلك لا على جهة التخيير ، بل(يقتل إن قتل قودا) إن طلب الولي قتله(أو حدا) إن عفا عنه ، أو لم يطلب ، (وإن قتل وأخذ
المال قطع مخالفا ، ثم قتل وصلب) مقتولا.
(وإن أخذ المال لا غير) قليلا كان أم كثيرا من حرز وغيره(قطع مخالفا ونفي) ولا يقتل.
(ولو جرح ولم يأخذ مالا) ولا قتل نفسا ولو بسراية جراحته(اقتص منه)
______________________________________________________
(١) قد تقدمت ،
وهي دالة على الترتيب بحسب الجناية لا على التخيير.
(٢) رواية جميل بن
دراج المتقدمة في المتن.
(٣) بناء على
القول بالترتيب ، وأما على القول بالتخيير فقد يختار الإمام غير القتل ، وهذا كله
في القتل بما هو حدّ ، وأما قتله قصاصا فهو بيد أولياء الدم وقد يعفون ، وقول
الشارح فيما بعد : سواء عفى الولي أم لا ، شاهد على أن المراد من القتل بما هو حد.
(٤) وهم أصحاب
القول بالترتيب وقد تقدمت الإشارة إليهم.
(٥) أي بعض أفراد
الحكم بقتله على كل حال نظر من ناحية أن قتله ليس حدا بل بعنوان القصاص فلا بد أن
يكون المقتول مكافئا ولم يعف الولي ، ولذا قال في الجواهر «فلو عفى ولي الدم أو
كان المقتول ممن لا يقتص له من القاتل سقط القتل قصاصا وثبت حدا مخيّرا بينه وبين
باقي الأفراد ولعله إلى هذا نظر شيخنا في الروضة حيث تنظّر في ما أطلقه الجماعة من
تعين القتل في تلك الصورة).
بمقدار الجرح(ونفي).
(ولو اقتصر على شهر السلاح والإخافة) فلم يأخذ مالا ولم يقتل ولم يجرح(نفي لا غير).
ومستند هذا
التفصيل روايات لا تخلو من ضعف في سند ، وجهالة (١) ، واختلاف في متن تقصر بسببه
عن إفادة ما يوجب الاعتماد عليه ومع ذلك (٢) لم يجتمع جميع ما ذكر من الأحكام في
رواية منها وإنما يتلفق كثير منه (٣) من الجميع (٤) ، وبعضه لم نقف عليه في رواية (٥)
، وبسبب ذلك (٦) اختلف كلام الشيخ «رحمهالله» أيضا ففي النهاية ذكر قريبا مما ذكر
هنا ، وفي الخلاف أسقط القطع على تقدير قتله وأخذه المال ولم يذكر حكم ما لو جرح ،
ولكن يمكن استفادة حكمه من خارج. فإن الجارح عمدا يقتصّ منه مطلقا (٧) فالمحارب
أولى ، ومجرد المحاربة (٨) يجوّز النفي وهي حاصلة معه.
لكن فيه أن القصاص
حينئذ (٩) ليس حدا فلا وجه لإدخاله في بابه (١٠) ، ولو لوحظ جميع ما يجب عليه لقيل
مع أخذه المال : إنه يؤخذ منه عينه ، أو مثله ، أو قيمته مضافا إلى ما يجب عليه (١١)
...
______________________________________________________
(١) إلا رواية
محمد بن مسلم فهي صحيحة إلا أنها لا تفي بهذا التفصيل وقد تقدمت.
(٢) أي ومع الضعف
والجهالة والاختلاف.
(٣) من التفصيل
المذكور.
(٤) أي جميع
الروايات.
(٥) وهو فيما لو
جرح وأخذ المال ، أو جرح فقط ، نعم في صحيح محمد بن مسلم تعرض للعقر الذي هو الجرح
لكن لا يوافق ما في التفصيل المذكور.
(٦) من كون بعض
الأحكام في التفصيل غير موجودة في الروايات ، مع اختلاف في الروايات وضعف
أسانيدها.
(٧) سواء كان
محاربا أو لا.
(٨) تجوّز النفي ،
فإذا كانت مع الجرح فأيضا ينفى مع الاقتصاص منه ، ولوضوح هذا الحكم لم يذكره الشيخ
في الخلاف.
(٩) حين استفادته
من الخارج.
(١٠) أي باب
المحاربة بما هو حد.
(١١) على المحارب
من قتل أو صلب أو قطع.
وهو (١) خروج عن
الفرض (٢) ، أو قصور في الاستيفاء (٣).
وفي هذا التقسيم (٤)
مع ذلك تجاوز لما يوجد في الروايات (٥) وليس بحاصر للأقسام ، فإن منها (٦) أن يجمع
بين الأمور كلها فيقتل ويجرح آخر ، ويأخذ المال.
وحكمه ، مضافا إلى
ما سبق (٧) أن يقتص منه للجرح قبل القتل ، ولو كان في اليد (٨) ، أو الرجل فقبل
القطع أيضا ، ومنها (٩) ما لو أخذ المال وجرح (١٠) ، ومنها ما لو قتل وجرح ولم
يأخذ المال ، وحكمهما (١١) الاقتصاص للجرح (١٢) ، والقطع في الأولى (١٣) والقتل في
الثانية.
(ولو تاب) المحارب(قبل القدرة عليه سقط الحد) (١٤) من القتل والقطع.
______________________________________________________
(١) أي أخذ المال
عينا أو قيمة.
(٢) إذ المفروض
التكلم في حد المحارب فقط.
(٣) أي إذا جوزنا
التكلم عن استرداد المال من المحارب عند البحث في حكم المحارب ولم نذكر المال
فيكون تقصيرا في استيفاء ما يجب على الحاكم عمله ضد المحارب.
(٤) أي تقسيم
الشيخ في النهاية.
(٥) والتجاوز هو
الحكم على المحارب فيما لو جرح سواء أخذ المال أو لا ، والروايات لم تذكر حكم
الجرح إلا رواية محمد بن مسلم على ما تقدم ، وعرفت أن حكم الجرح فيها مغايرا لحكم
الجرح في هذا التفصيل ، ولهذا التجاوز نعرف أن مراد الشارح من التقسيم هو تقسيم
الشيخ في النهاية ، لأن تقسيمه في الخلاف لم يذكر فيه حكم من جرح بل أسقطه كما
صرّح بذلك الشارح سابقا.
(٦) من الأقسام.
(٧) في تقسيم
الشيخ في النهاية من قطع يده ورجله مخالفا وقتله وصلبه أن يقتص منه للجرح قبل
القتل.
(٨) أي كان الجرح
في اليد.
(٩) من الأقسام
التي لم يذكرها الشيخ في النهاية.
(١٠) حيث لم يذكر
الشيخ في التقسيم السابق إلا الجرح مع عدم أخذه للمال.
(١١) أي حكم
القسمين الأخيرين.
(١٢) لأنه جرح في
كلا القسمين.
(١٣) أي في
المسألة الأولى المفروضة من القسمين.
(١٤) سقط الحد
كغيره من الحدود بلا إشكال ويدل عليه قوله تعالى : (إِنَّمٰا
جَزٰاءُ الَّذِينَ ـ
والنفي(دون حق الآدمي) من القصاص في النفس ، والجرح ، والمال(وتوبته بعد الظفر) أي ظفر الحاكم به(لا أثر لها في
إسقاط حد أو غرم) لمال ، (أو قصاص) في نفس ، أو طرف أو جرح. بل يستوفى منه جميع ما تقرر.
(وصلبه) (١) على تقدير اختياره (٢) ، أو وجود مرتبته (٣) في حالة كونه(حيا أو مقتولا (٤) على اختلاف القولين) فعلى الأول ، الأول ، وعلى الثاني الثاني.
(ولا يترك) على خشبته (٥) ...
______________________________________________________
ـ يُحٰارِبُونَ
اللّٰهَ وَرَسُولَهُ) ـ إلى قوله ـ (إِلَّا الَّذِينَ
تٰابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ
اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ومرسل داود الطائي عن أبي عبد الله عليهالسلام في المحارب (وإذا أخذ ولم يقتل قطع وإن هو فرّ ولم يقدّر
عليه ثم أخذ قطع إلا أن يتوب فإن تاب لم يقطع) هذا بالنسبة لحق الله ، وأما حقوق الأوليين فيما لو قتل أو
جرح أو أخذ المال فلا يسقط إلا بإسقاط المستحق ولا مدخل للتوبة فيه.
وأما لو تاب بعد
الظفر به والقدرة عليه فلا يسقط الحد بلا خلاف فيه للاستصحاب.
(١) اعلم أن الصلب
أحد أقسام حد المحارب ، فعلى القول بالتخيير يصلب حيا ، وإلا إذا قتل وصلب فيكون
الإمام قد اختار قسمين من أقسام الواجب المخير ، وعلى القول بالترتيب فإنه يصلب
بعد القتل إن قتل وأخذ المال ، وعليه فعلى القول بالتخيير يصلب حيا فإن مات في
الأيام الثلاثة من صلبه فهو وإلا أجهز عليه بالقتل لأنه يحرم إبقاؤه مصلوبا أكثر
من ثلاثة كما سيأتي.
(٢) أي على تقدير
اختيار الإمام له بناء على القول بالتخيير.
(٣) أي مرتبة
الصلب بناء على القول بالترتيب.
(٤) فيصلب حيا على
القول بالتخيير ويصلب مقتولا على القول بالترتيب.
(٥) مصلوبا أزيد
من ثلاثة أيام بلا خلاف للأخبار منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام (أن أمير المؤمنين
عليهالسلام صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام ، ثم أنزله في اليوم الرابع
فصلّى عليه ودفنه) وخبره الآخر عنه عليهالسلام (أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا تدعوا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل فيدفن) . ـ
__________________
حيا ، أو ميتا ،
أو بالتفريق (١) (أزيد من ثلاثة أيام) من حين صلبه ولو ملفقة (٢).
والظاهر أن
الليالي غير معتبرة ، نعم تدخل الليلتان المتوسطتان تبعا للأيام ، لتوقفها عليهما
، فلو صلب أول النهار وجب إنزاله عشية الثالث مع احتمال اعتبار ثلاث ليال مع
الأيام بناء على دخولها في مفهومها (٣).
(وينزل) بعد الثلاثة أو قبلها (٤) (ويجهّز) بالغسل ، والحنوط ، والتكفين ، إن صلب ميتا أو اتفق موته
في الثلاثة ، وإلا جهز (٥) عليه قبل تجهيزه.
(ولو تقدم غسله وكفنه) وحنوطه قبل موته(صلّى عليه) (٦) بعد إنزاله(ودفن).
(وينفى) (٧) على تقدير اختيار نفيه أو وجود مرتبته(عن بلده) الذي هو بها
______________________________________________________
ـ وعن بعض العامة
أنه يترك حتى يسيل صديدا ، وعن آخر منهم حتى يسيل صليبه وهو الدبر ، وسمي الصلب
صلبا لسيلان صليب المصلوب وهو الورك ، وهما كما ترى بعد ما سمعت من النصوص.
(١) بأن صلب حيا
ثم مات على الخشبة ، وعلى كل فلا يبقى أزيد من ثلاثة أيام من حين صلبه لا من حين
موته ، لأنه المنساق من الأخبار الناهية عن إبقاء المصلوب أكثر من ثلاثة أيام.
(٢) بأن صلب في
وسط اليوم الأول فيبقى إلى وسط يوم الرابع ، إلا أن النصوص المتقدمة أعم من ذلك ،
فلو صلب في أي جزء من اليوم يصدق عليه أنه مصلوب ذلك اليوم.
(٣) أي دخول
الليالي في مفهوم الأيام ، والظاهر أن اليوم يبدأ من غروب شمس اليوم السابق ولذا
اعتبر الله دخول شهر رمضان عند هلاله بعد غروب شمس آخر يوم من شعبان.
(٤) إشارة إلى عدم
وجوب إبقائه مصلوبا ثلاثة أيام إذ يجوز إنزاله بعد تحقق عنوان الصلب هذا من جهة
ومن جهة أخرى يحرم إبقاؤه أكثر من ثلاثة أيام.
(٥) إذا لم يتحقق
قتله بالصلب لأن المراد من صلبه قتله ، فإن لم يتحقق القتل به وانتهى أمده فلا بد
من تحقق القتل بغيره.
(٦) كما في نظائره
من موتى المسلمين ، وتقديم الغسل والكفن والحنوط جائز للمصلوب وقد تقدم البحث فيه
في بابه.
(٧) المراد بالنفي
أن ينفى من بلده ويكتب إلى كل بلد يأوي إليه بالمنع من مؤاكلته ومشاربته ومجالسته
ومبايعته للأخبار ، منها : خبر المدائنيّ عن الإمام الرضا عليهالسلام (قلت : كيف ـ
إلى غيرها(ويكتب إلى كل بلد يصل إليه بالمنع من مجالسته ، ومؤاكلته ، ومبايعته) وغيرها من المعاملات إلى أن يتوب فإن لم يتب استمر النفي
إلى أن يموت(ويمنع من دخول بلاد الشرك فإن مكّنوه) من الدخول(قوتلوا حتى
يخرجوه) (١) وإن كانوا أهل ذمة أو صلح (٢).
(واللص محارب) (٣) بمعنى أنه بحكم المحارب في أنه(يجوز دفعه) ولو
______________________________________________________
ـ ينفى وما حد
نفيه؟ قال : ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر آخر غيره ، ويكتب إلى أهل
ذلك المصر بأنه منفي فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه
فيفعل ذلك به سنة ، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم
السنة) .
وتقييد النفي
بالسنة تبعا للخبر هو المحكي عن ابن سعيد ، والأكثر ذهبوا إلى أن النفي حتى يتوب
أو يموت تمسكا بإطلاق حسنة جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام (سأله عن النفي
إلى أين؟ قال عليهالسلام : من مصر إلى مصر آخر) مع حمل خبر المدائنيّ في تقييد النفي بالسنة على ما لو تاب
، وفيه : إن الحمل لا شاهد له ولا بد من تقييد خبر جميل بخبر المدائنيّ.
وعن بعض العامة أن
المراد بالنفي هو السجن ، وهو مجموع بما سمعت من الأخبار.
(١) كما في خبر
المدائنيّ المتقدم (قلت : فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها ، قال : إن توجه إلى أرض
الشرك ليدخلها قوتل أهلها).
(٢) لأن عليهم
نفيه ، وإلا فيكونوا قد نقضوا شروط الذمة أو الصلح.
(٣) كما في إطلاق
الفتاوى تبعا للنصوص منها : خبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام (اللص محارب لله
ورسوله فاقتلوه ، فما دخل عليك فعليّ) وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عن أبيه عليهماالسلام (إذا دخل عليك
اللص يريد أهلك ومالك فإن استطعت أن تبدره وتضربه فابدره واضربه ، وقال : اللص
محارب لله ورسوله فاقتله فما منك منه فهو عليّ) .
فاللص محارب من
ناحية كيفية الدفاع وإذا قتل فلا دية إلا أن الفقهاء قيدوا حكم دفاع اللص بالقواعد
المقررة ، فإذا كان يريد المال فيجوز دفعه ولو بالمحاربة مع عدم التعزير ـ
__________________
بالقتال(ولو لم يندفع إلا بالقتل كان) دمه(هدرا) أما لو تمكن الحاكم منه لم يحده حد المحارب مطلقا (١)
وإنما أطلق عليه اسم المحارب تبعا لإطلاق النصوص. نعم لو تظاهر بذلك (٢) فهو محارب
مطلقا وبذلك قيده (٣) المصنف في الدروس ، وهو حسن.
(ولو طلب) اللص(النفس وجب) على المطلوب نفسه(دفعه إن أمكن) مقتصرا فيما يندفع به على الأسهل فالأسهل (٤) ، فإن لم
يندفع إلا بقتله فهدرا(وإلا) يمكن دفعه(وجب الهرب) ، لأنه أحد أفراد ما يدفع به عن النفس الواجب حفظها.
وفي حكم طلبه
النفس طلبه الفساد بالحريم في وجوب دفعه مع الإمكان.
ويفهم منه أنه لو
اقتصر على طلب المال لم يجب دفعه وإن جاز ، وسيأتي البحث في ذلك كله.
(ولا يقطع المختلس) (٥) وهو الذي يأخذ المال خفية من غير الحرز(ولا)
______________________________________________________
ـ بالنفس ، أما مع
التعزير فلا يجب دفعه لخبر أبي بصير (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرجل يقاتل عن ماله ، فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من قتل دون ماله فهو بمنزلة شهيد ، فقلنا : أيقاتل
اللص؟ فقال : إن يقاتل فلا بأس أما لو كنت أنا لتركته) .
وإن كان اللص يريد
مع المال العرض أو النفس فيجب دفعه مطلقا ففي مرسل أبان بن عثمان عن الحلبي عن أبي
عبد الله عليهالسلام (قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله ، فما أصابك فدمه في
عنقي) .
(١) سواء أخذ
المال أو لا ، نعم مع أخذه للمال من حرزه يقطع.
(٢) بأن جرّد
السلاح لإخافة الناس.
(٣) أي قيد اللص
بعدم تظاهره بالمحاربة وإلا فهو محارب.
(٤) تبعا للتدرج
في النهي عن المنكر ، ولا يؤخذ بالأخبار المتقدمة المجوّزة للقتل مطلقا لضعف
سندها.
(٥) وهو الذي يأخذ
الأموال من صاحبه خلسة ففي خبر أبي بصير عن أحدهما عليهماالسلام (قال ـ
__________________
(المستلب) (١) وهو الذي يأخذه جهرا ويهرب مع كونه غير محارب(ولا المحتال (٢) على) أخذ(الأموال بالرسائل الكاذبة) ونحوها(بل يعزر كل واحد منهم بما يراه الحاكم) ، لأنه فعل محرم لم ينص الشارع على حده. وقد روى أبو بصير
عن أحدهما عليهالسلام «قال : قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : لا أقطع في الدغارة المعلنة (٣) ـ
______________________________________________________
ـ أمير المؤمنين عليهالسلام : لا أقطع في الدغارة المعلنة وهي الخلسة ولكن أعزر) وفي خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام (قضى أمير
المؤمنين عليهالسلام في رجل اختلس ثوبا من السوق ، فقالوا : قد سرق هذا الرجل ،
فقال : لا أقطع في الدغارة المعلنة ولكن أقطع من يأخذ ثم يخفي) .
(١) ويدل عليه خبر
عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام (ليس على الذي
يستلب قطع) لأنه لم يأخذ المال سرا من حرز بل أخذه جهرا من دون تجريد
السلاح وإلا فيكون محاربا.
(٢) ففي صحيح
الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل أتى رجلا
وقال : أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا وكذا ، فأعطاه وصدقه ، فقال له : إن
رسولك أتاني فبعثت إليك معه بكذا وكذا ، فقال : ما أرسلته إليك وما أتاني بشيء ،
فزعم الرسول أنه قد أرسله وقد دفعه إليه.
فقال عليهالسلام : إذا وجد عليه بينة أنه لم يرسله قطع يده ، وإن لم يجد
بينة. فيمينه بالله ما أرسلته ويستوفي الآخر من الرسول المال.
قلت : أرأيت أن
زعم أنه حمله على ذلك الحاجة ، فقال عليهالسلام : يقطع لأنه سرق مال الرجل) (.
وحملها الشيخ على
أن القطع لإفساده لا لسرقته ، وفيه : إن ظاهرها أن القطع للسرقة ، والمشهور حملوها
على أنها قضية في واقعة ولم يأخذوا بها لأن المحتال لا يصدق عليه عنوان السارق
شرعا ولا المحارب حتى يقطع ، نعم يعزر لأنه أتى بمجرم ، وعن بعض أنه يشهّر به
لتتحذر الناس منه كما في المقنعة والنهاية والسرائر ، وحمل ذلك على ما لو رأى
الحاكم مصلحة في ذلك.
(٣) أي الصريحة ،
والدغارة لغة الرفع ، كأنه يدفعه عن ماله بالخلسة يأخذه للمال.
__________________
وهي الخلسة ـ ولكن
أعزره وفي حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قطع من أخذ المال بالرسائل الكاذبة وإن حملته عليه الحاجة»
وحملها الشيخ في قطعه حدا ، لإفساده ، لا لأنه سارق ، مع أن الرواية صريحة في قطعه
للسرقة(ولو بنّج غيره) (١) أي أطعمه البنج حتى ذهب عقله ، عبثا أو لغرض(أو سقى مرقدا وجنى) على المتناول بسببه(شيئا ضمن) ما جناه(وعزّر) على فعله المحرم ويستثنى من ذلك ما لو استعمله للدواء ،
فإنه جائز حيث يتوقف عليه ، لمكان الضرر ، أو يكون قدرا لا يضر بالمزاج.
(الفصل السابع ـ في
عقوبات متفرقة)
(فمنها ـ إتيان البهيمة) وهي ذات الأربع من حيوان البر والبحر (٢).
وقال الزجاج : هي
ذات الروح التي لا تميّز سميت بذلك لذلك (٣) وعلى الأول فالحكم مختص بها فلا يتعلق
الحكم بالطير والسمك ونحوهما (٤) وإن حرم الفعل (٥) ، وعلى الثاني (٦) يدخل.
والأصل (٧) يقتضي الاقتصار على ما تحقق دخوله خاصة والعرف يشهد له (٨).
(إذا وطأ البالغ العاقل (٩) بهيمة عزّر (١٠) ...)
______________________________________________________
(١) وأخذ أمواله
لا قطع عليه لعدم صدق المحارب أو السارق عليه ، ولكن يعزر بما يراه الحاكم لأنه
فعل محرما من الكبائر.
(٢) فيخرج الطير
والحشرات.
(٣) أي سميت
بالبهيمة لإبهامها من جهة النطق والفهم والتمييز.
(٤) مما يدرج
ويدبّ على اثنين كالدجاجة والبط والإوز.
(٥) بأن كان وطئها
محرما ولكن لا يترتب عليه الأحكام التي ستذكر.
(٦) أي على تعريف
الزجاج.
(٧) وهو هنا القدر
المتيقن لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
(٨) أي للمعنى
الأول.
(٩) لأن التكليف
منوط بهما لحديث رفع القلم.
(١٠) بلا إشكال
كما في الجواهر ، ويدل عليه نصوص منها : خبر الفضيل وربعي عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل يقع على
البهيمة ، قال عليهالسلام : ليس عليه حد ولكن يضرب
(وأغرم ثمنها) (١) وهو قيمتها حين الوطء لمالكها إن لم تكن ملكا للفاعل
(وحرم أكلها إن كانت مأكولة) (٢) أي مقصودة بالأكل عادة كالنعم الثلاثة(ونسلها)
______________________________________________________
ـ تعزيرا) وخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام (سئل عن راكب البهيمة
فقال : لا رجم عليه ولا حد ولكن يعاقب عقوبة موجعة) لكن في رواية إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم موسى عليهالسلام تقديره بخمسة وعشرين سوطا ، وحملت على أنها بيان لأحد أفراد التعزير إذا رأى الإمام
المصلحة في ذلك.
وفي خبر أبي بصير
عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل أتى بهيمة
فأولج ، قال : عليه الحد) وخبره الآخر في الكافي (قال : عليه حد الزاني) ، وعن الشيخ في كتابيه بأن ما دل على التعزير محمول على ما
دون الإيلاج وما دل على الحد محمول على الإيلاج ، وقد حملتا عند غيره على التقية.
وفي صحيح جميل بن
دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل أتى بهيمة
، قال : يقتل) ومثله مرسل سليمان بن هلال عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وحملت على ما لو تكرر منه الفعل وتكرر التعزير فإنه يقتل
في الثالثة.
(١) كما تدل عليه
أخبار منها : خبر إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم موسى عليهالسلام (في الرجل يأتي
البهيمة ، قال : إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار ولم ينتفع
بها ، وضرب هو خمسة وعشرون سوطا ، ربع حد الزاني ، وإن لم تكن البهيمة له قوّمت
وأخذ ثمنها منه ودفع إلى صاحبها وذبحت وأحرقت بالنار ولم ينتفع بها وضرب خمسة
وعشرون سوطا ، فقلت : وما ذنب البهيمة؟ فقال : لا ذنب لها ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل هذا وأمر به لكيلا يجتزئ الناس بالبهائم وينقطع النسل)
.
(٢) فتحريم لحمها
مما يدل عليه خبر مسمع عن أبي عبد الله عليهالسلام (أن أمير المؤمنين
عليهالسلام سئل عن البهيمة التي تنكح فقال : حرام لحمها وكذلك لبنها) ، وفي خبر إسحاق بن عمار المتقدم (ولم ينتفع بها) وحسنة سدير عن أبي جعفر عليهالسلام (ويغرّم قيمة
البهيمة لصاحبها لأنه أفسدها عليه وتذبح وتحرق إن كانت مما يؤكل لحمه ، وإن كانت
مما يركب
__________________
المتجدد بعد الوطء
، لا الموجود حالته (١) وإن كان حملا على الأقوى (٢).
وفي حكمه (٣) ما
يتجدد من الشعر ، والصوف ، واللبن ، والبيض(ووجب ذبحها
وإحراقها) ، لا لكونه عقوبة
لها ، بل إما لحكمة خفية ، أو مبالغة في إخفائها لتجتنب إذ يحتمل اشتباه لحمها
بغيره لو لا الإحراق فيحل على بعض الوجوه (٤).
(وإن كانت غير مأكولة) أصلا (٥) ، أو عادة (٦) والغرض الأهم غيره كالفيل ، والخيل
، والبغال ، والحمير(لم تذبح) (٧) وإن حرم لحمها على الأقوى (٨) (بل تخرج من بلد الواقعة) إلى غيره قريبا كان أم بعيدا (٩) ...
______________________________________________________
ـ ظهره غرّم
قيمتها وجلد دون الحد ، وأخرجها من المدينة التي فعل بها إلى بلاد أخرى حيث لا
تعرف فيبيعها فيها كيلا يعيّر بها صاحبها) وهي شاملة لحرمة لبنها وصوفها ووبرها وبيضها بل ونسلها
الأعم من الموجود حال الوطء أو المتجدد ، وذبحها وإحراقها إما تعبدا من الشارع
وإما للردع عن هذا الفعل الشنيع وإما من أجل أن لا يعيّر صاحبها بها كلما شوهدت ،
وهذا الحكم ثابت في البهيمة سواء كان الواطئ كبيرا أو صغيرا مختارا أو مكرها عاقلا
أو مجنونا وإن كان التعزير مختصا بالمكلف فقط.
(١) أي حال الوطء
فإنه نسل قبل الوطء فلا يحرم.
(٢) ولعله أخرجه
عن عموم التحريم لأنه قد انعقد قبل الوطء فهو كالنسل المتولد منها قبل الوطء ، إلا
أنك عرفت أن الحمل يحرم لأن الانتفاع به انتفاع بها وهي موطوءة فيندرج تحت عموم
التحريم.
(٣) أي حكم النسل
المتجدد.
(٤) أي فيحل لحمها
، وذلك لو لا الإحراق لبقيت ، ولو بقيت فقد تشتبه بالمحلّلة المذبوحة ، ومع
الاشتباه فقد تحل عند ما تصير الشبهة غير محصورة ، أو لو لم تحرق فقد يغفل المالك
أو ينسى ويتناول لحمها.
(٥) كالهرة.
(٦) بحيث كان
المقصود ركوبها كالخيل.
(٧) بل تخرج إلى
بلد آخر كما في النصوص المتقدمة ، وعن بعض العامة أنها تذبح.
(٨) قيد لعدم
الذبح ، في قبال من قال بذبحها من العامة.
(٩) لإطلاق النص ،
وعن بعض ولم يعرف أنه يشترط بعد البلد بحيث لا يظهر للواطىء فيه ـ
__________________
على الفور (١).
وقيل : يشترط بعد
البلد بحيث لا يظهر فيه خبرها عادة ، وظاهر التعليل يدل عليه ، ولو عادت بعد
الإخراج إلى بلد الفعل لم يجب إخراجها (٢) ، لتحقق الامتثال(وتباع) بعد إخراجها ، أو
قبله (٣) إن لم يناف الفورية إما تعبدا (٤) ، أو لئلا يعير فاعلها بها ، أو مالكها
(٥).
(وفي الصدقة به) (٦) أي بالثمن الذي بيعت به ، المدلول عليه (٧) بالبيع ، عن
المالك إن كان هو الفاعل ، وإلا عن الفاعل(أو إعادته على
الغارم) (٨) وهو المالك (٩)، ...
______________________________________________________
ـ خبرها عادة ويدل
عليه تعليل خبر سدير المتقدم ، وفيه : إن التعليل اقتضى عدم معرفته بما فعل في بلد
البيع ، وقد يتحقق في البلد القريب فاشتراط بعده لا معنى له حينئذ.
(١) لأن المنصرف
من النصوص فورية الأمور المذكورة من تغريم وبيع وإحراق ، وإن لم نقل بدلالة الأمر
على الفورية.
(٢) لتحقق الإجزاء
بالإخراج الأول ، وفيه : إن الأمر بالإخراج ليس أمرا بالإخراج مرة واحدة ، بل بجنس
الإخراج كيلا يعيّر الفاعل ، فلا بد من الإخراج مرة ثانية لو عادت وهكذا.
(٣) أي قبل
الإخراج على شخص من بلد آخر موجود في بلد الفعل ، إن لم يناف البيع فورية الإخراج.
(٤) أي إخراجها
وبيعها في بلد آخر إما للتعبد بالنص الوارد في ذلك.
(٥) بأن يعيّر
بأنها موطوءة ، وظاهر حسنة سدير المتقدمة أن التعيير للمالك فراجع.
(٦) أي بالثمن
الذي بيعت به ، فذهب الشيخ وابن حمزة بوجوب التصدق بثمنها على الفقراء والمساكين
سواء كان الواطئ مالكا بها أو لا ، وعلّل بأنه عقوبة عن الجناية فلا يناسبها عود
الثمن إلى المالك ، لأن المالك قد أخذ القيمة من الواطئ فالثمن لا مالك له فلا بد
من التصدق به ، وذهب غيرهما إلى عود الثمن على الغارم لأنه دفع ثمنها إلى المالك
مع أن العقوبة عن الجناية هو التعزير وليس التصدق بالثمن ، وذهب ابن إدريس إلى عود
الثمن على المالك لاستصحاب بقاء ملكه ، وفيه : إنه قد خرجت البهيمة عن ملكه
بالتغريم فكيف يعود الثمن عليه.
(٧) على الثمن.
(٨) وهو الواطئ
كما عرفت.
(٩) بناء على قول
ابن إدريس اعتمادا على أن الغارم هو الخاسر ، والمالك قد خسر البهيمة ـ
لكونه غارما
للبهيمة ، أو الفاعل (١) ، لكونه غارما للثمن(وجهان) ، بل قولان ووجه الأول (٢) كون ذلك عقوبة على الجناية فلو
أعيد إليه (٣) الثمن لم تحصل العقوبة ، ولتكون الصدقة مكفرة لذنبه.
وفيه نظر ، لأن
العقوبة بذلك (٤) غير متحققة ، بل الظاهر خلافها (٥) لتعليل بيعها في الأخبار في
بلد لا تعرف فيه كي لا يعير بها ، وعقوبة الفاعل حاصلة بالتعزير ، وتكفير الذنب
متوقف على التوبة وهي كافة (٦).
ووجه الثاني (٧)
أصالة بقاء الملك على مالكه (٨) ، والبراءة من وجوب الصدقة. والأخبار خالية عن
تعيين ما يصنع به ، وكذا عبارة جماعة من الأصحاب.
ثم إن كان الفاعل
هو المالك فالأصل في محله ، وإن كان غيره فالظاهر أن تغريمه القيمة يوجب ملكه لها
، وإلا (٩) لبقي الملك بغير مالك ، أو جمع للمالك بين العوض والمعوض وهو غير جائز.
وفي بعض الروايات «ثمنها»
(١٠) كما عبر المصنف وهو عوض المثمن
______________________________________________________
ـ بالوطء ، وقد
عرفت صفقه.
(١) وهو المتعين.
(٢) أي التصدق.
(٣) إلى الواطئ ،
باعتبار أنه أصبح مالكا للبهيمة بالتغريم.
(٤) بالتصدق.
(٥) خلاف الصدقة
بالثمن.
(٦) أي التوبة.
(٧) أي عود الثمن
على الغارم.
(٨) ولازمه عود
الثمن عليه.
(٩) وإن لم يكن
التغريم موجبا لتملك الواطئ للزم أحد أمرين ، إما بقاء البهيمة على ملك المالك
الأول ولازمه الجمع بين البهيمة والغرامة وهو جمع بين العوض والمعوض وهذا باطل
عقلا ، وإما خروجها عن ملك الأول وعدم دخولها في ملك الواطئ ولازمه بقاء الملك من
دون مالك وهو باطل أيضا.
(١٠) كما في رواية
إسحاق بن عمار المتقدمة (وإن لم تكن البهيمة له قوّمت وأخذ ثمنها منه ـ
المقتضي لثبوت
معاوضة ، وهو السر في تخصيص المصنف لهذه العبارة.
وفي بعض الروايات «قيمتها»
(١) وهي أيضا عوض وهذا (٢) هو الأجود.
ثم إن كان بمقدار
ما غرمه للمالك (٣) أو أنقص فالحكم واضح (٤) ولو كان
______________________________________________________
ـ ودفع إلى صاحبها
وذبحت وأحرقت بالنار) والتعبير بالثمن يدل على تملك الفاعل الواطئ ، إذ لا يكون
الثمن إلا في البيع ، غايته بيع قهري على المالك والواطئ.
(١) كما في حسنة
سدير المتقدمة (يجلد دون الحد ويغرّم قيمة البهيمة لصاحبها) .
(٢) أي وعود الثمن
على الفاعل هو الأجود دون التصدق به.
(٣) أي تارة يكون
الثمن مساويا للغرامة وأخرى يكون ناقصا عنها وثالثة يكون زائدا عليها.
فعلى القول
بالتصدق أو أن الثمن للمالك فلا إشكال ، وكذا لا إشكال لو كان الثمن للفاعل وكان
مساويا لأنه بمقدار ما دفع رجع إليه ، وكذا لا إشكال لو كان الثمن ناقصا عن
الغرامة لأن التفاوت يتحمله لما أقدم عليه من فعله الشنيع ، وإنما الكلام فيما لو
كان الثمن زائدا عنها ، فيرجع إليه بمقدار غرامته ، وأما الزائد فهل للغارم أو
المالك أو التصدق به وجوه ثلاثة؟
دليل الوجه الأول
أن الفاعل قد تملك البهيمة بالغرامة ، ومقتضى ذلك أن يعود ثمنها إليه بالغا ما بلغ
، ولذا كان الثمن ناقصا عنها فيتحمل النقصان ومن كان عليه الغرم فله الغنم.
ودليل الوجه
الثاني أنه لو كان الزائد للفاعل لتحقق له ربح ، إذا انتقلت إليه البهيمة بالغرامة
بسبب الوطء وانتقلت عنه بأزيد من الغرامة عند البيع ، ولا يليق الربح بحاله لفعلته
الشنيعة وردّ : بأن عدم اللياقة كلام استحساني وإلا فمقتضى القواعد عود الربح إليه
لأنه المالك.
ودليل الوجه
الثالث أن البهيمة ليست في ملك المالك والفاعل ولذا لا يشترط إذنهما في البيع ، فالزائد
عن الغرامة من دون مالك فلا بد من التصدق به ، غايته ما يساوي الغرامة من الثمن
يعود إلى الفاعل بسبب الغرامة ليس إلا.
وردّ : بأن الملك
بلا مالك غير معقول فهو باطل ، وعدم اشتراط إذنهما في البيع ليس دليلا على عدم
ملكية أحدهما وذلك لأنه لا يعتبر إذن المالك مع وجود إذن الشارع.
(٤) لعدم وجود
الزيادة.
__________________
أزيد فمقتضى
المعاوضة أن الزيادة له (١) لاستلزامها (٢) انتقال الملك إلى الغارم كما يكون
النقصان عليه ، ويحتمل دفعها (٣) إلى المالك ، لأن الحيوان ملكه وإنما أعطي عوضه
للحيلولة (٤) فإذا زادت قيمته كانت له لعدم تحقق الناقل للملك ، ولأن إثبات
الزيادة (٥) للفاعل إكرام ونفع لا يليقان بحاله.
وفي المسألة
احتمال ثالث وهو الصدقة بالزائد عما غرم وإن لم نوجبها (٦) في الأصل ، لانتقالها (٧)
عن ملك المالك بأخذ العوض ، وعدم انتقالها إلى ملك الفاعل ، لعدم وجود سبب
الانتقال (٨) ، ورد ما غرم إليه (٩) لا يقتضي ملك الزيادة. فتتعين الصدقة.
ويدل على عدم
ملكهما (١٠) عدم اعتبار إذنهما في البيع.
ويضعف باستلزامه (١١)
بقاء الملك بلا مالك ، وأصالة عدم انتقاله بعد تحققه في الجملة وإن لم يتعين (١٢)
، وعدم استئذانهما بحكم الشارع لا ينافي الملك كما
______________________________________________________
(١) للفاعل
الواطئ.
(٢) أي لاستلزام
المعارضة عند التغريم.
(٣) دفع الزيادة.
(٤) دفع دخل ، أما
الدخل فهو : إذا كانت البهيمة في ملك المالك الأول فلم أوجبتم الغرامة على الفاعل
، والدفع : إن الغرامة لأنه حال بين المالك وملكه بسبب الوطء ، لأنه أفسدها عليه
فلا يصح أن تبقى في ملكه ، وفيه : إن الحيلولة إن فسرت بوجوب بيع البهيمة فقط فلا
معنى للتغريم ، وإن فسرت ببيعها على الفاعل فما زاد على الغرامة يجب أن يرجع إلى
الفاعل لأنه مالكها.
(٥) دليل ثان لكون
الزيادة للمالك ، وقد عرفت ما فيه.
(٦) أي لم نوجب
الصدقة في أصل الثمن.
(٧) لانتقال
البهيمة عن ملك المالك.
(٨) إذ ما يتوهم
أنه السبب هو الغرامة ، وهي للحيلولة ليس إلا.
(٩) أي إلى الفاعل
لا يقتضي رد ما زاد.
(١٠) المالك
والفاعل.
(١١) أي باستلزام
هذا الاحتمال من الصدقة كون البهيمة عند البيع بلا مالك.
(١٢) أي أن ملك
البهيمة متحقق إما للمالك وإما للغارم والأصل عدم الانتقال وإن كنا لم نعرف المالك
الفعلي.
في كثير من موارد
المعاوضات الإجبارية. وعلى تقدير انتقالها إلى الفاعل ففي وقت الانتقال وجهان (١).
أحدهما : أنه
بمجرد الفعل ، لأنه السبب التام في الغرم فيكون هو الناقل ، ولاعتبار قيمتها عنده.
والثاني : كون وقت
دفع العوض ليتحقق به المعاوضة الإجبارية.
وتظهر الفائدة
فيما لو تلفت قبل دفع العوض (٢) ، فعلى الأول يكون من مال الفاعل ، وعلى الثاني من
مال المالك.
وفيما جني عليها
قبله (٣). فالأرض للفاعل على الأول ، وللمالك على الثاني.
وأما مئونتها بعد
دفع العوض إلى زمن البيع في غير البلد وأرشها ونماؤها فللفاعل إن قلنا بملكه بدفع
العوض (٤) ، وكذا تلفها قبل البيع فإنه عليه (٥) على كل حال.
واحترز بالبالغ
العاقل عن الطفل والمجنون فلا يتعلق بهما (٦) جميع هذه
______________________________________________________
(١) هل وقت الوطء
أو وقت الغرامة ، ودليل الأول أن الوطء هو السبب التام في الغرامة ، فيكون الوطء
هو السبب في الانتقال ، فيكون الانتقال من حين الوطء ، ولأن الغرامة لا بدّ من
اعتبار قيمتها وقت الوطء كما هو ظاهر الأخبار المتقدمة وهذا دليل على أن الانتقال
وقت الوطء ولذا لوحظت قيمتها حال الوطء. ودليل الثاني أن الغرامة ثمن كما أن
البهيمة مثمن فلا يتحقق دخول المثمن في ملك المشتري إلا عند خروج الثمن من ملكه
للتعارض بينهما.
(٢) فعلى الأول
فهي من مال الفاعل وعليه دفع الغرامة ، وعلى الثاني فهي من مال المالك وبعد تلفها
فلا وجود لها فلا غرامة عليه.
(٣) أي قبل دفع
العوض فلها نفس الحكم السابق.
(٤) أو من حين
الوطء ، نعم على القول بالتصدق فيكون الجميع كالأصل يتصدق به ، وعلى القول بأنها
للمالك فيرجع فيه إلى المالك.
(٥) أي من ينفق على
البهيمة فهو على الفاعل ، إذا قلنا بملكه أو بالتصدق وأما إذا قلنا ببقائها على
ملك المالك فالمئونة على المالك لا على الفاعل ، ومنه تعرف الضعف في إطلاق الشارح
حيث قال : على كل حال.
(٦) بالطفل
والمجنون.
الأحكام (١) وإن
تعلق بهما بعضها (٢).
أما التحريم (٣) فالظاهر
تعلقه بمطلق الذكر (٤) كما سلف (٥).
وأما الحد فينتفي
عن غير المكلف وإن أدّب ، ويلزم من تحريمها : وجوب إتلافها ، لئلا تشتبه كما هو
الحكمة فيه (٦) فيستوي فيه الجميع أيضا (٧).
وبقي بيع ما لا
يقصد لحمه وإخراجه (٨) وهو منفي في فعل الصغير (٩) ، لأن الحكم معلق في النصوص على
فعل الرجل ، وظاهر الفتوى يوافقه.
وأما المجنون فإن
الرجل يتناوله (١٠) ، والتقييد بالبالغ العاقل يخرجه. ولعل اقتران الحكم في النصوص
المعبر فيها بالرجل بالحدّ قرينة إرادة المكلف فيخرج المجنون ، وهذا أجود. وقوفا
فيما خالف الأصل على موضع اليقين. أما وطء
______________________________________________________
(١) بما فيها
التعزير.
(٢) كالتغريم على
وليهما والذبح والإحراق أو البيع.
(٣) تحريم
البهيمة.
(٤) وإن كان
الواطئ صغيرا أو مجنونا.
(٥) في باب
الأطعمة.
(٦) في الإحراق.
(٧) من وطئ الصغير
والمجنون والبالغ والعاقل.
(٨) إلى بلد آخر.
(٩) لأن البيع في
بلد آخر من أجل عدم التعيير وهو غير ثابت في وطء الصغير ، وفيه : إن التعيير ليس
من جهة بلوغ الواطئ بل من جهة كون البهيمة موطوءة وهذا لا فرق فيه بين وطء الصغير
والكبير ، هذا من جهة ومن جهة أخرى إن قلت : إن النصوص علقت الحكم بالبيع والإخراج
على الرجل فيخرج الصغير وهذا ما أورده الشارح قلت : إن لفظ الرجل قد ورد في السؤال
والمورد لا يخصص الوارد.
(١٠) أي فإن لفظ
الرجل الوارد في النصوص والفتاوى يتناول المجنون ، إلا أن العقل حاكم بعدم التكليف
عليه فلا بد من تقييده ، وهذا متعين بالنسبة للحد وأما بالنسبة لبقية الأحكام من
البيع والإحراق والذبح فلا كما عرفت سابقا ومنه تعرف ضعف ما أتى به الشارح من جعل
العاقل البالغ هو مورد اليقين فلا بد من الاقتصار على مورد اليقين في جميع أحكام
وطء البهيمة.
الخنثى فلا يتعلق
به حكم (١) وهو وارد (٢) على تعبير المصنف ـ فيما سبق ـ الحكم بالتحريم على وطء
الإنسان. ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأنثى (٣) ، ولا بين وطء القبل والدبر (٤).
ولو انعكس الحكم
بأن كان الآدمي هو الموطوء فلا تحريم للفاعل (٥) ولا غيره من الأحكام ، للأصل (٦).
وحيث يحكم بتحريم
موطوء الطفل والمجنون يلزمهما قيمته (٧) لأنه (٨) بمنزلة الإتلاف ، وحكمه غير مختص
بالمكلف فإن كان لهما مال ، وإلا أتبعا به بعد اليسار.
ولو كان المقصود
منه الظهر (٩) فلا شيء عليهما (١٠) ، إلا أن يوجب نقص
______________________________________________________
(١) لاحتمال عدم
كونه ذكرا وأن ما أدخله كان لحمة زائدة ، مع القطع بأن وطء الأنثى للبهيمة لا حكم
له لأن الأحكام السابقة مختصة بالذكر.
(٢) أي وطء الخنثى
يكون إشكالا واردا على عبارة المصنف في كتاب الأطعمة عند ما رتب الأحكام المذكورة
على موطوء الإنسان ، وهو يشمل موطوء الخنثى ، وأيضا يرد على عبارة المصنف هنا ،
حيث جعل المصنف الأحكام مترتبة على وطء البالغ العاقل وهو شامل للخنثى.
(٣) أي لا فرق في
البهيمة الموطوءة بين الذكر والأنثى لإطلاق النصوص وتوقف البعض كما في الجواهر ،
واحتمل اختصاص الحكم بالأنثى لدعوى انصراف الأخبار وفيه : إن لفظ البهيمة أعم من
الذكر والأنثى فلا معنى لهذا الانصراف.
(٤) لصدق إتيان
البهيمة عليهما.
(٥) أي لا يحرم
أكل لحم البهيمة الواطئ.
(٦) من البراءة في
التعزير على المفعول الآدمي ، ومن استصحاب حلية لحمها ولبنها وما تنتجه ، ومن
أصالة عدم وجوب ذبحها وعدم إحراقها وعدم إخراجها وعدم بيعها ، لأن الأحكام السابقة
ثابتة في النصوص إذا كانت البهيمة موطوءة لا واطئة.
(٧) أي يلزم الطفل
والمجنون قيمة الموطوء.
(٨) لأن الوطء.
(٩) أي من
الموطوء.
(١٠) لعدم وجوب
إخراج الموطوء وبيعه لأن هذه الأحكام منوطة بكون الواطئ بالغا عاقلا ، وقد عرفت
ضعفه سابقا.
القيمة. لتحريم
لحمه ، أو لغيره (١) فيلزمهما الأرش.
ولو كان الواطئ بالغا
(٢) وبيع في غير البلد لغير العالم بالحال (٣) فعلم أحتمل قويا جواز الفسخ (٤) مع
استلزامه نقص القيمة بالنسبة إلى العالم ، لأنه حينئذ عيب.
(والتعزير) الثابت على الفاعل(موكول إلى نظر
الإمام عليهالسلام) أو من قام مقامه (٥) كما في كل تعزير لا تقدير له شرعا. وقد ورد مطلقا (٦) في
كثير من الأخبار (٧).
(وقيل) والقائل الشيخ (٨) : إن قدره(خمسة وعشرون سوطا) لحسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (٩) ، ورواية
إسحاق بن عمار عن الكاظم عليهالسلام ، والحسن بن خالد عن الرضا عليهالسلام.
(وقيل) : يحدّ(كمال الحد) (١٠) مائة جلدة حد الزاني ، لصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل أتى بهيمة فأولج قال : «عليه الحد» ، وفي أخرى «حد
الزاني» (١١).
______________________________________________________
(١) أو لنفرة
الناس عن الموطوء فإنه موجب لنقصان القيمة.
(٢) لأن غير
البالغ لا يجب بيع موطوءة على مبناه.
(٣) لأنه مع علمه
بالحال فيكون قد أقدم مع علمه فلا يكون مغبونا.
(٤) لكون الوطء
عيبا فيها ، وهذا ما يستلزم نقصان القيمة بالنسبة للعالم فيكون عيبا موجبا للفسخ.
(٥) كالحاكم
الشرعي.
(٦) أي ورد
التعزير من دون تقييد.
(٧) وقد تقدم
بعضها فراجع.
(٨) بشرط عدم
الإيلاج.
(٩) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ١ ، وقد أوردها مع رواية إسحاق بن عمار ورواية
الحسين بن خالد تحت رقم واحد.
(١٠) هو للشيخ
بشرط الإيلاج.
(١١) الوسائل
الباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٨.
(وقيل : القتل) (١) لصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل أتى بهيمة قال : يقتل (٢).
وجمع الشيخ في
الاستبصار بين هذه الأخبار بحمل التعزير على ما إذا كان الفعل دون الإيلاج ، والحد
إذا أولج حد الزاني وهو الرجم أو القتل إن كان محصنا ، والجلد إذا لم يكن محصنا ،
وبحمل أخبار القتل على ما إذا تكرر منه الفعل ثلاثا مع تخلل التعزير لما روي (٣)
من قتل أصحاب الكبائر مطلقا إذا أقيم عليهم الحد مرتين والتعزير يطلق عليه الحد (٤).
ولكن يبقى على الثاني (٥) خبر الحد منافيا للتعزير بما دونه.
(ويثبت) هذا الفعل(بشهادة عدلين (٦)
، وبالإقرار مرة) (٧) في جميع الأحكام
______________________________________________________
(١) ليس قولا لأحد
، نعم وردت الرواية به وقد حملت على ما لو تكرر منه الفعل وقد تقدم ذلك مشروحا
فراجع.
(٢) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم حديث ٦.
(٣) في خبر يونس ،
الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ١.
(٤) إن قلت : إن
خبر يونس اشترط القتل بعد تكرار الحد مرتين ، ولم يثبت هنا حد بل تعزير قلت : إن
الحد يطلق على التعزير فلا إشكال.
(٥) أي على الحمل
الثاني من حمل خبر القتل على ما لو تكرر الفعل منه ثلاثا مع تخلل التعزير ، وذلك
فحمل لفظ الحد الوارد في خبر القتل على التعزير مع أن التعزير دون الحد فهو مناف
لكمال الحد الوارد في خبر أبي بصير ، هذا وقد عرفت أن خبري أبي بصير محمولان على
التقية فلا إشكال.
(٦) لعموم أدلة
البينة ، وعن ظاهر المبسوط اشتراط أربعة رجال أو ثلاثة مع امرأتين ، وقال في
الجواهر «وهو على تقديره لا دليل له سوى القياس على الزنا الذي ليس من مذهبنا».
(٧) ذهب ابنا حمزة
وإدريس والعلامة في المختلف إلى اشتراط الإقرار مرتين ، لأن كل حد يثبت بشهادتين
لا بد فيه من الإقرار مرتين.
وفيه : إن الأصل
في الإقرار ثبوته مرة واحدة لعموم إقرار العقلاء وعلى أنفسهم جائز ، إلا ما خرج
بنص خاص ، وهو منفي هنا ، ولذا ذهب المشهور إلى إثباته بمرة واحدة.
ثم إن كان الفاعل
المقرّ قد فعل ذلك في بهيمة له ، فتثبت جميع الأحكام من التعزير والذبح والحرق أو
البيع والإخراج لأن الإقرار ثابت في حق نفسه وماله وإن كانت البهيمة لغيره
فالتعزير يثبت بإقراره لأنه في حق نفسه ، وأما بقيمة الأحكام فهي تتعلق ـ
(وإن كانت الدابة له) لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز خرج منه ما افتقر إلى
التعدد بنص خاص فيبقى غيره ، (وإلا) تكن الدابة له(ف) الثابت بالإقرار مطلقا (١) (التعزير) خاصة دون غيره من الأحكام المذكورة لأنه إقرار في حق الغير
فلا يسمع(إلا أن يصدقه المالك) فتثبت باقي الأحكام ، لزوال المانع من نفوذه حينئذ. هذا
بحسب الظاهر.
أما في نفس الأمر (٢)
فإن كانت له ، هل يجب عليه فعل ما ذكر من الذبح والإحراق؟ الظاهر ذلك ، لقوله عليهالسلام في الرواية السابقة (٣) : إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فإذا
ماتت أحرقت بالنار ولم ينتفع بها.
______________________________________________________
ـ بالبهيمة وهي
مال الغير فلا تثبت هذه الأحكام في حال الغير إلا إذا صدقه الغير ، وبالتصديق
ينفذ.
(١) مرة كان أو
أكثر.
(٢) فلا يخلو
الأمر إما أن تكون البهيمة له وإما لغيره ، فإن كانت له وكانت البهيمة مما يؤكل
لحمها عادة فيجب عليه ذبحها وإحراقها لظاهر النصوص منها رواية إسحاق المتقدمة عن
الكاظم عليهالسلام (في الرجل يأتي
البهيمة فقال عليهالسلام : إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار ولم
ينتفع بها) ، وهي عامة سواء اعترف عند الحاكم أو لا ، وسواء قامت عليه
البينة أو لا وإن كانت البهيمة مما يراد ظهرها عادة أو أصلا فهل يجب عليه بيعها
وإخراجها إلى بلد آخر وجهان :
وجه العدم للأصل ،
ولأن النصوص قد دلت على بيعها وإخراجها إذا كانت الدابة لغيره حتى لا يعيّر بذلك
صاحبها ، والمفروض عدم إفشاء الأمر مع كون الدابة له لا لغيره ووجه الثبوت ، لأن
البيع والإخراج ثابت للبهيمة الموطوءة وهنا قد تحقق الوطء ، والتعليل السابق
الموجود في حسنة سدير معارض بالتعليل الوارد في خبر إسحاق بن عمار من أجل أن لا
يجتزئ بها وينقطع النسل فيكون التعليل تعبديا ففي خبر إسحاق بن عمار (قلت : وما
ذنب البهيمة؟ فقال عليهالسلام : لا ذنب لها ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل هذا وأمر به لكيلا يجتزئ الناس بالبهائم وينقطع النسل)
.
(٣) وهي رواية
إسحاق بن عمار.
__________________
ولو لم تكن مأكولة
ففي وجوب بيعها خارج البلد وجهان. أجودهما العدم ، للأصل ، وعدم دلالة النصوص عليه
، وللتعليل بأن بيعها خارجه ليخفى خبرها.
وهو مخفي هنا.
ولو كانت لغيره (١)
فهل يثبت عليه الغرم ويجب عليه التوصل إلى إتلاف المأكولة بإذن المالك ولو بالشراء
منه : الظاهر العدم. نعم لو صارت ملكه بوجه من الوجوه وجب عليه إتلاف المأكولة ،
لتحريمها في نفس الأمر.
وفي وجوب كونه (٢)
بالذبح ثم الإحراق وجه قوى (٣) ، ولو لم تنتقل إلى ملكه لكن ذبحها المالك ، أو
غيره لم يحل للفاعل الأكل من لحمها لعلمه بتحريمه.
وكذا القول في
نسلها ، ولبنها ، ونحوه.
(ومنها (٤)
______________________________________________________
(١) هذا هو الشق
الثاني ، فإن كانت البهيمة مما يراد لحمها فهل يجب على الفاعل في نفس الأمر
إتلافها بالذبح والإحراق ويجب التوصل إلى ذلك ولو بالشراء من المالك وجهان بل
قولان :
لأن النصوص قد
صرحت بوجوب ذبحها وإحراقها إذا علم منه الفعل الشنيع وهو هنا منتف وهذا ما استظهره
الشارح ، والحق هو القول الآخر من وجوب ذبحها وإحراقها لأن النصوص حرّمت لحم
الموطوءة مطلقا كما في خبر مسمع المتقدم سابقا عن أبي عبد الله عليهالسلام (أن أمير المؤمنين
عليهالسلام سئل عن البهيمة التي تنكح فقال : حرام لحمها وكذلك لبنها) ، وإذا حرم لحمها حرم الانتفاع بها فيجب إتلافها ولو توقف
على شرائها من المالك بالإضافة إلى التعليل التعبدي الوارد في رواية إسحاق
المتقدمة (فقال عليهالسلام : لا ذنب لها ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل هذا وأصر به لكيلا يجتزئ الناس بالبهائم وينقطع النسل)
ولو كانت مما يراد
ظهرها فلا يجب على الفاعل إخراجها وبيعها في بلد ولو بالشراء من المالك لعدم العلم
بفعله الشنيع فلا يعيّر بذلك مالكها.
(٢) كون الإتلاف.
(٣) لدلالة النصوص
عليه.
(٤) أي ومن
العقوبات المتفرقة.
__________________
(وطء الأموات) (١) زنا ولواطا(وحكمه حكم
الأحياء) في الحد ،
والشرائط(و) يزيد هنا أنه(تغلظ عليه العقوبة) بما يراه الحاكم(إلا أن تكون) الموطوءة(زوجته) (٢) ، أو أمته المحللة له(فيعزر) خاصة ، لتحريم وطئها ، ولا يحد لعدم الزنا إذ لم تخرج
بالموت عن الزوجية ومن ثم جاز له تغسيلها.
(ويثبت) هذا الفعل(بأربعة) شهود ذكور (٣) (على الأقوى) كالزنا واللواط ،
______________________________________________________
(١) إن وطء الميتة
من بنات آدم كوطء الحية في تعلق الإثم والحد واعتبار الإحصان وعدمه بلا خلاف فيه
للأخبار منها : خبر عبد الله بن محمد الجعفي (كنت عند أبي جعفر عليهالسلام وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها
ثيابها ونكحها ، فإن الناس قد اختلفوا علينا في هذا ، فطائفة قالوا : اقتلوه ،
وطائفة قالوا : أحرقوه ، فكتب إليه : إن حرمة الميت كحرمة الحي ، حدّه أن تقطع يده
لنبشه وسلبه الثياب ويقام عليه الحد في الزنا ، إن أحصن رجم وإن لم يكن أحصن جلد
مائة) ومنه تعرف أن اللواط بالميت كاللواط بالحي لعموم قوله : (إن حرمة الميت كحرمة
الحي) ، نعم الجناية في الميت أفحش ، ولذا تغلظ عليه العقوبة زيادة عن الحد بما
يراه الحاكم من المصلحة بلا خلاف في التغليظ لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليهالسلام (في الذي يأتي
المرأة وهي ميتة ، وزره أعظم من ذلك الذي يأتيها وهي حية) .
(٢) فيقتصر على
التأديب له بما يراه الحاكم لأنه أقدم على فعل محرم ، وأما سقوط الحد فهو مما لا
خلاف فيه لبقاء العلقة الزوجية ولذا جاز له تغسيلها.
(٣) ذهب الشيخان
وابنا حمزة وسعيد إلى أنه يثبت بشاهدين وعن المختلف اختياره لعموم أدلة البينة ،
ولأنه شهادة على فعل واحد وهو زنا الحي بالميتة ، بخلاف الزنا بالحيّة فهو شهادة
على اثنين فيحتاج إلى تعدد البينة ولذا احتيج الزنا بالحية إلى أربعة شهود ويدل
عليه خبر إسماعيل بن أبي حنيفة عن أبي حنيفة (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : كيف صار القتل يجوز فيه شاهدان والزنا لا يجوز فيه إلا
أربعة شهود ، والقتل أشدّ من الزنا فقال عليهالسلام : لأن القتل فعل واحد والزنا فعلان ، فمن ثمّ لا يجوز إلا
أربعة شهود ، على الرجل شاهدان وعلى المرأة شاهدان) .
ولأنه فعل واحد
تجوز فيه شهادة اثنين فقد اقتصر على شهادة الاثنين في وطء البهيمة ـ
__________________
لأنه زنا ولواط في
الجملة (١) ، بل أفحش فيتناوله عموم أدلة توقف ثبوته على الأربعة.
وقيل : يثبت
بشهادة عدلين ، لأنه شهادة على فعل واحد يوجب حدا واحدا كوطء البهيمة ، بخلاف
الزنا واللواط بالحي فإنه يوجب حدين فاعتبر فيه الأربعة ، لأنها شهادة على اثنين.
وفيه نظر ،
لانتقاضه بالوطء الإكراهي والزنا بالمجنونة فإنه كذلك (٢) مع اشتراط الأربعة
إجماعا. والمتحقق اعتبار الأربعة من غير تعليل (٣) ، بل في كثير من النصوص ما
ينافي تعليله (٤) ، وإن توقف الزنا (٥) على الأربعة ، والقتل على الاثنين مع أنه
أعظم ، دليل على بطلان القياس. والإقرار فرع الشهادة (٦). فحيث اعتبرنا
______________________________________________________
ـ لأنه فعل واحد.
وذهب المشهور ، بل
قيل لا خلاف فيه بين المتأخرين إلى أنه يعتبر فيه أربعة شهود لأنه زنا فيتناوله
عموم أدلته ، وأما خبر إسماعيل المتقدم فبالإضافة إلى ضعف سنده يحتمل حمل التعليل
على الحكمة ولا يجب اطرادها ، على أنه لو حمل التعليل المطرد فهو منقوض بالشهادة
على الزنا بالمكرهة وعلى الزنا بالنائمة والمجنونة فهو فعل واحد لا يوجب إلا حدا
واحدا فيجب فيه الاقتصار حينئذ على شهادة اثنين مع أنهم اعتبروا الأربعة ، هذا
وإذا ثبت لا بدية الأربعة فيكفي فيه ثلاثة رجال وامرأتين لما مرّ في الزنا.
(١) ليس قيدا
لإخراج شيء بل هو إشارة إلى أن غالب الزنا واللواط في الأحياء.
(٢) أي أن الزنا
بالمكرهة والمجنونة فعل واحد يوجب حدا واحدا.
(٣) أي أن الأخبار
اشترطت الأربعة في الزنا من دون تعليله بأنه فعلان.
(٤) لأن الكثير من
النصوص أوجبت شهادة الأربع على فعل الزاني بما هو فعل واحد لا بما هو فعلان منها :
خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (لا يجب الرجم حتى
يشهد الشهود الأربع أنهم قد رأوه يجامعها) .
(٥) عطف على قوله
: (بل في كثير من النصوص ما ينافي تعليله) والمعنى : إن ثبوت الأربعة في الزنا
والاثنين في القتل مع أن القتل أعظم دليل على بطلان القياس ومنه تعرف بطلان قياس
الزنا بالميتة على وطء البهيمة مع أن الزنا بالميتة أعظم.
(٦) بلا خلاف فيه
فمن اعتبر أربعة شهود فلا بد أن يعتبر الإقرار أربعا ، ومن اقتصر على شاهدين فلا
بد من الاكتفاء بالاقرار مرتين.
__________________
الأربعة يثبت بها (١)
(أو إقراره أربع مرات) بشرائطها السابقة (٢). ومن اكتفى بالشاهدين اكتفى بالإقرار
مرتين. وحيث ألحقنا الميت بالحي فما يثبت بشهادة النساء في الزنا بالحية يثبت هنا
على الأقوى (٣) ، للعموم (٤) مع احتمال العدم (٥) لقيام الشبهة الدارئة للحد ، وما
تقدم (٦).
(ومنها ـ الاستمناء) (٧) وهو استدعاء إخراج المني(باليد) (٨) أي يد المستمني
______________________________________________________
(١) أي يثبت
الإقرار بالأربعة.
(٢) من كون المقر
كاملا ببلوغه وعقله وحريته واختياره.
(٣) كامرأتين
وثلاثة رجال كما هو محل الوفاق في الزنا ، أو أربعة نساء ورجلين كما هو خلاف هناك.
(٤) أي عموم أدلة
الزنا الشامل للزنا بالميتة.
(٥) استشكل بذلك
العلامة في القواعد ، ولعله من أجل ابتناء الحدود على التخفيف فلا تقبل شهادتهن
إلا على موطن النص وهو الزنا بالحية ، وأما الزنا بالميتة فيبقى قولهن مردودا لعدم
قبول قولهن في الحدود.
(٦) من عدم قبول
شهادتين في الحدود إلا ما خرج بالنص وهذا ليس منه.
(٧) فهو محرم
فعليه التعزير للأخبار منها : خبر أحمد بن عيسى عن أبي عبد الله عليهالسلام (سأله عن الخضخضة
، فقال عليهالسلام : إثم عظيم قد نهى الله عنه في كتابه وفاعله كناكح نفسه ،
ولو علمنا بمن يفعله ما أكلت معه ، فقال : بيّن لي يا بن رسول الله من كتاب الله
فيه ، فقال : قول الله (فَمَنِ
ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ) الآية ، وهو مما وراء ذلك ، فقال الرجل : أي أكبر الزنا أو
هي؟ فقال : هو ذنب عظيم) .
وهذا التعزير
كغيره منوط بنظر الإمام ، وفي خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن أمير المؤمنين
عليهالسلام أتي برجل عبث بذكره فضرب يده حتى أحمرت ثم زوجه من بيت
المال) .
ومثله رواية زرارة
عن أبي جعفر عليهالسلام ٣ ، وهما محمولان على أن هذا ما قد رآه الإمام رادعا لهما
، وأما التزويج فهو ليس بلازم على الإمام وإنما هو تدبير استصلاحي يتبع فيه نظر
الحاكم.
(٨) بل هو استدعاء
إخراج المني بيده أو بشيء من أعضائه أو أعضاء غيره سوى الزوجة ـ
__________________
(وهو) حرام(يوجب التعزير) بما يراه الحاكم لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ
حٰافِظُونَإِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ) ـ إلى قوله ـ (فَمَنِ
ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ
العٰادُونَ) (١) وهذا الفعل
مما وراء ذلك ، وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه لعن الناكح كفه (٢). وفي معنى اليد إخراجه بغيرها من
جوارحه. وغيرها (٣) مما عدا الزوجة ، والمملوكة. وفي تحريمه بيد زوجته ومملوكته
المحللة له وجهان (٤) من وجود المقتضي للتحريم وهو إخراج المني ، وتضييعه بغير
الجماع. وبه قطع العلامة في التذكرة. ومن منع كون ذلك هو المقتضي ، وعدم تناول
الآية (٥) والخبر (٦) له ، إذ لم يخص حفظ الفرج في الزوجة ، وملك اليمين بالجماع (٧)
فيتناول محل النزاع.
وفي تعدي التحريم (٨)
إلى غير أيديهما من بدنهما غير الجماع احتمال.
وأولى بالجواز هنا
لو قيل به ثم لأنه ضرب من الاستمتاع(وروي) بسند ضعيف
______________________________________________________
ـ والأمة المحلّلة
له.
(١) المؤمنون
الآية : ٥ ـ ٦ ـ ٧.
(٢) مستدرك
الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب النكاح الدائم حديث ٢.
(٣) أي غير
أعضائه.
(٤) بل قولان ،
الحرمة وإليه ذهب العلامة في التذكرة لتضييع الماء بغير الجماع ولذا حرم الإنزال
بيده لما فيه من التضييع ، والجواز لدلالة الآية عليه لقوله تعالى : (إِلّٰا عَلىٰ
أَزْوٰاجِهِمْ) فلا يجب حفظ الفرج عن الزوجة بأي وجه من وجوه الاستمتاع
وهذا منه ، وليس تضييع المني حراما وإلا لحرم الإنزال بالتفخيذ في الزوجة والأمة.
(٥) فقوله تعالى :
(فَمَنِ
ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ) لا يشمله لاندراجه تحت الاستثناء وهو قوله تعالى : (إِلّٰا عَلىٰ
أَزْوٰاجِهِمْ).
(٦) المتقدم في
المتن إذ لا يصدق عليه أنه ناكح نفسه.
(٧) بل يجوز مطلق
الاستمتاع للزوجة بالفرج ، وهذا منه.
(٨) أي إذا قلنا
بتحريم الاستمناء بيد الزوجة فلا بد أن نقول بتحريم الاستمناء ببقية أعضاء بدنها
ما عدا الفرج لما في ذلك من تضييع المني كما هو دليل العلامة المتقدم ، وقد عرفت
ضعفه.
__________________
عن أبي جعفر (١)
وأبي عبد الله (٢) (عما) (أن عليا عليهالسلام ضرب يده) أي يد رجل استمنى بيده ، وفي الأخرى عبث بذكره إلى أن أنزل(حتى أحمرت) يده من الضرب(وزوجه من بيت المال) وهو مع ما في سنده حكم في واقعه مخصوصة بما رآه ، لا أن
ذلك (٣) تعزيره مطلقا.
(ويثبت) ذلك(بشهادة عدلين (٤) والإقرار مرة) واحدة (٥) ، لعموم الخبر إلا ما أخرجه الدليل من اعتبار
العدد وهو هنا منفي. وقال ابن إدريس يثبت بالإقرار مرتين وظاهره أنه لا يثبت بدونه
فإن أراد ذلك فهو ضعيف ، لما ذكرناه.
(ومنها ـ الارتداد ، وهو الكفر بعد الإسلام أعاذنا الله مما
يوبق الأديان) (٦) والكفر يكون بنية ، وبقول كفر ، وفعل مكفّر فالأول العزم
على الكفر (٧) ولو في وقت مترقب. وفي حكمه (٨) التردد فيه (٩). والثاني (١٠) كنفي
الصانع لفظا ، أو الرسل ، وتكذيب رسول (١١) ، وتحليل محرم بالإجماع (١٢) كالزنا ،
وعكسه (١٣)
______________________________________________________
(١) كما في رواية
زرارة المتقدمة ، وفي السند ابن فضال وهو واقفي.
(٢) كما في رواية
طلحة بن زيد المتقدمة ، وفي السند محمد بن سنان وأمره معلوم فقد نسب إلى الغلو
وطلحة بن زيد عامي.
(٣) وهو الضرب حتى
الاحمرار.
(٤) لعموم أدلة
البينة وهو مما لا خلاف فيه.
(٥) لعموم إقرار
العقلاء على أنفسهم جائز ، خرج منه ما يعتبر فيه التعدد للنص الخاص وهو مفقود هنا.
وذهب ابن إدريس
إلى اشتراط التعدد في الإقرار وهو ضعيف كما في المسالك.
(٦) أي يفسدها.
(٧) فهو موجب
للكفر لأنه مخالف لاعتقاد الأصول.
(٨) حكم العزم.
(٩) أي التردد في
الكفر.
(١٠) وهو الكفر
بالقول.
(١١) جعله منكرا
ليدل على العموم.
(١٢) وقد تقدم أن
المناط هو تحليل محرم معلوم عنده ، فالمناط على ثبوته بالعلم لا على ثبوته
بالإجماع.
(١٣) وهو تحريم
حلال ثبتت حليته بالعلم عنده أو عند الجميع كالنكاح.
كالنكاح ، ونفي
وجوب مجمع عليه (١) كركعة من الصلوات الخمس ، وعكسه (٢) كوجوب صلاة سادسة يومية.
والضابط إنكار ما
علم من الدين ضرورة ، ولا فرق في القول بين وقوعه عنادا (٣) ، أو اعتقادا (٤) ، أو
استهزاء (٥) حملا على الظاهر (٦) ويمكن رد هذه الأمثلة إلى الأول (٧) حيث يعتقدها
من غير لفظ. والثالث (٨) ما تعمده استهزاء صريحا بالدين ، أو جحودا له (٩) كإلقاء
مصحف ، أو بعضه في قاذورة قصدا ، أو سجود لصنم.
ويعتبر فيما خالف
الإجماع : كونه مما يثبت حكمه في دين الإسلام ضرورة كما ذكر (١٠) لخفاء كثير من
الإجماعيات على الآحاد (١١) ، وكون الإجماع من أهل
______________________________________________________
(١) والأولى ففي
وجوب ثابت عنده ، إذ الكثير من الإجماعات لا تقيد حتى الظن.
(٢) أي إيجاب ما
علم نفيه.
(٣) بحيث أنكرها
عنادا مع اليقين القلبي بالثبوت.
(٤) بحيث أنكرها
لفظا مع عدم اليقين بالثبوت.
(٥) بحيث يعتقد
بها ولكن أنكرها لفظا من باب الاستهزاء والسخرية بها.
(٦) قيد
للاستهزاء.
(٧) بمعنى إجراء
هذه الأمثلة الثلاثة في القسم الأول بحيث لا يعتقد بالأصول عنادا وإن قام الدليل
عنده ، أو لا يعتقد بها لأن اعتقاده على خلافها أو لا يعتقد بها استهزاء وإن قام
الدليل عنده عليها والأولى تفسير كلامه بتفسير آخر وهو : أن الأمثلة المتقدمة من
نفي الصانع وتكذيب رسول وتحليل حرام وتحريم حلال ونفي وجوب ما ثبت أو إثبات ما علم
نفيه كما تجري باللفظ تجري في الاعتقاد بأن يعتقد نفي الصانع وتكذيب الرسول وهكذا
من غير تلفظ بلفظ ، ويساعده قوله فيما بعد : (حيث يعتقدها من غير لفظ).
(٨) وهو الكفر
بصدور فعل مكفّر.
(٩) أي يفعل فعلا
فيه استهزاء بالدين أو جحود به كإلقاء المصحف في القاذورة أو السجود لصنم.
(١٠) ليكون نفيه
نفيا لضرورة من ضروريات الدين ، ونفي الضرورة مستلزم لنفي النبوة ، ومن هنا تعرف
أن المدار على نفي ما هو معلوم أنه من الدين فيثبت نفي النبوة به ، وليس المدار
على نفي ما ثبت بالإجماع.
(١١) أي آحاد
المسلمين ، فما خفي عنهم لا يكون من الأمور الضرورية لأن الضروري ما ـ
الحل والعقد (١)
من المسلمين فلا يكفر المخالف في مسألة خلافية (٢) وإن كان نادرا(٣).
وقد اختلفت عبارات
الأصحاب وغيرهم في هذا الشرط (٤) فاقتصر بعضهم على اعتبار مطلق الإجماع ، وآخرون
على إضافة ما ذكرناه (٥) وهو الأجود (٦) ، وقد يتفق للشيخ «رحمهالله» الحكم بكفر
مستحل ما خالف إجماعنا خاصة (٧) كما تقدم نقله عنه في باب الأطعمة. وهو نادر (٨) ،
وفي حكم الصنم (٩) ما يقصد به العبادة للمسجود له فلو كان مجرد التعظيم مع اعتقاد
عدم استحقاقه للعبادة لم يكن كفرا (١٠) ، بل بدعة قبيحة وإن استحق التعظيم بغير
هذا النوع (١١) ، لأن الله تعالى لم ينصب السجود تعظيما لغيره.
(ويقتل) المرتد (١٢) (إن كان) ارتداده(عن فطرة) الإسلام لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من
______________________________________________________
ـ علمه الجاهل
فضلا عن العالم ، وفيه أن المدار على نفي ما علمه المنكر سواء علمه غيره أو لا.
(١) تقييد الإجماع
به لا معنى له ، نعم عليه أن يقيده بما كان إجماعا بين المسلمين ليكون ضروريا.
(٢) لأنها مما لم
يجمع عليها المسلمون.
(٣) أي المخالف.
(٤) وهو كون
الإجماع ضروريا.
(٥) من كونه
ضروريا.
(٦) ليكون نفيه
مستلزما لنفي النبوة الموجب للكفر.
(٧) أي ما كان
ضروريا في المذهب لا في الدين.
(٨) أي لم يذهب
إليه أحد سوى الشيخ ، وقد عرفت أن المناط على إنكار المعلوم ولا يستوحش من قلة
سالكي الحق.
(٩) أي وفي حكم
السجود للصنم الموجب للكفر كل سجود يقصد به العبادة للمسجود له.
(١٠) لعدم نفيه
لما ثبت من أن السجود بعنوان العبادة منحصر في السجود لله (جل وعلا).
(١١) من السجود ،
هذا تقسيم الشارح للكفر ولغيره تقسيم آخر ، والمدار في الجميع على عدم الاعتقاد
وبالله وعدم الاعتقاد وبالنبوة الخاصة ، فكل ما ينافي اعتقاد هذين الأصلين فهو
موجب للكفر.
(١٢) المرتد إما
عن فطرة وإما عن ملة ، والمرتد الفطري من كان مسلما وقد ارتد فلا تقبل ـ
بدل دينه فاقتلوه»
(١) وصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام «من رغب عن
الإسلام وكفر بما أنزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد إسلامه فلا توبة له ، وقد وجب قتله ، وبانت منه امرأته
، ويقسم ما تركه على ولده» (٢) وروى عمار (٣) عن الصادق عليهالسلام قال : «كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم نبوته وكذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه ، وامرأته
بائنة منه يوم ارتد فلا تقربه ، ويقسّم ماله على ورثته وتعتد امرأته عدة المتوفى
عنها زوجها ، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه» (ولا تقبل توبته) ظاهرا (٤) لما ذكرناه ، وللإجماع فيتعين قتله مطلقا (٥).
وفي قبولها باطنا قول قوي (٦). حذرا من تكليف ما لا يطاق لو كان
______________________________________________________
ـ توبته ويتحتم
قتله وتبين منه زوجته وتعتد عدة الوفاة وتقسم أمواله بين ورثته. بلا خلاف في شيء
من ذلك للأخبار منها : صحيح الحسين بن سعيد (قرأت بخط رجل إلى أبي الحسن الرضا عليهالسلام : رجل ولد على الإسلام ثم كفر وأشدك وخرج عن الإسلام هل
يستتاب ، أو يقتل ولا يستتاب؟ فكتب عليهالسلام : يقتل) .
وصحيح علي بن جعفر
(سأل أخاه عليهالسلام عن مسلم ارتد ، قال : يقتل ولا يستتاب ، قال : نصراني أسلم
ثم ارتد عن الإسلام ، قال : يستتاب فإن رجع وإلا قتل) .
وخبر عمار
الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام (كل مسلم بين
مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم نبوته وكذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه ، وامرأته
بائنة منه يوم ارتد فلا تقربه ، ويقسّم ماله على ورثته ، وتعتدّ امرأته عدة
المتوفي عنها زوجها ، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه) .
(١) كما في خبر
دعائم الإسلام ، مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد المرتد حديث٢.
(٢) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب حد المرتد حديث ٢.
(٣) قد تقدم
الخبر.
(٤) بمعنى لو تاب
فلا يسقط حكم القتل عنه وبينونة امرأته وقسمة أمواله بين ورثته ، فهي ثابتة على كل
حال.
(٥) تاب أو لا.
(٦) بمعنى أنه لا
يعاقب في الآخرة ، والدليل إما أن يبقى مكلفا أو لا ، وعلى الثاني يلزم ـ
__________________
مكلفا بالإسلام ،
أو خروجه عن التكليف ما دام حيا كامل العقل ، وهو باطل بالإجماع ، وحينئذ (١) فلو
لم يطلع أحد عليه (٢) ، أو لم يقدر على قتله (٣) ، أو تأخر قتله بوجه وتاب قبلت
توبته فيما بينه بين الله تعالى ، وصحت عباداته ومعاملاته ، وطهر بدنه ، ولا يعود
ماله وزوجته إليه بذلك (٤) عملا بالاستصحاب ، ولكن يصح له (٥) تجديد العقد عليها
بعد العدة ، وفي جوازه فيها وجه (٦) ، كما يجوز للزوج العقد على المعتدة عنه
بائنا.
وبالجملة فيقتصر
في الأحكام بعد توبته على الأمور الثلاثة (٧) في حقه ، وحق غيره وهذا أمر آخر وراء
القبول باطنا.
(وتبين منه زوجته ، وتعتد للوفاة) وإن لم يدخل على الأصح (٨) لما تقدم (٩) (وتورث أمواله) الموجودة حال الردة(بعد قضاء ديونه) السابقة عليها (١٠) (وإن)
______________________________________________________
ـ خروجه عن
التكليف وهو حائز لشرائطه وهو باطل عقلا وعلى الأول فلو كان مكلفا ولا يقبل منه
واقعا للزم التكليف بالمحال وهو محال ، فيتعين قبول توبته واقعا حينئذ.
(١) أي وحين القول
بقبول توبته واقعا.
(٢) عند كفره.
(٣) أي أو لم يقدر
الحاكم على قتله.
(٤) أي بتوبته وإن
حكمنا بقبولها واقعا.
(٥) لكونه مسلما
بتوبته.
(٦) أي جواز العقد
في العدة وجه ناشئ من كون حرمة العقد على الأجنبية في العدة خوفا من اختلاط مائه
بماء غيره ، وهذا منتف هنا لأن الجميع ماؤه ، ولذا يجوز للزوج العقد على البائنة في
عدتها ، ونقيده بالبائنة لأن الرجعية ليست بحاجة إلى عقد بل يكفي الرجوع والعدول
عن الطلاق.
(٧) من تحتم قتله
واعتداد زوجته وتقسيم أمواله.
(٨) لأن المرتد
الفطري بحكم الميت لوجوب قتله ، فضلا عن التصريح بعدة الوفاة في خبر عمار الساباطي
المتقدم ، وهو شامل للدخول وعدمه وقد أورد فخر المحققين دليل العدم بأنه نكاح قد
انفسخ بغير الموت قبل الدخول فلا يجب فيه العدة للأصل ، وفيه : إنه اجتهاد في قبال
النص.
(٩) من خبر عمار.
(١٠) على الردة ،
لأن الدين متعلق بأصل التركة ، دون الديون بعد الردة فهي لا تتعلق بأصل المال
لانتقاله إلى الورثة بالارتداد.
(كان حيا باقيا) ، لأنه في حكم الميت في ذلك.
وهل يلحقه باقي
أحكامه (١) من إنفاذ وصاياه السابقة على الردة ، وعدم قبوله التملك بعدها (٢) نظر
من مساواته له (٣) في الأحكام ، وكونه حيا (٤) ولا يلزم من مساواته الميت في جملة
من الأحكام (٥) إلحاقه به مطلقا (٦). ولو أدخلنا المتجدد في ملكه كالاحتطاب
والاحتشاش صار إرثا (٧) ، وعلى هذا لا ينقطع إرثه ما دام حيا وهو بعيد (٨) ومعه (٩)
ففي اختصاص وارثه عند ارتداده به (١٠) أو عند التكسب (١١)
______________________________________________________
(١) أي هل يلحق
المرتد الذي لم يقتل حكم الميت من نفوذ وصاياه حال إسلامه وجهان وذكر الشارح
دليلهما.
(٢) بعد الردة.
(٣) دليل الإلحاق
والمعنى أن المرتد بحكم الميت في كل شيء فتنفذ وصاياه السابقة على الردة.
(٤) دليل عدم
الإلحاق والمعنى أن المرتد ما زل حيا فكيف تنفذ وصاياه السابقة المقيدة بعد الموت
، والموت لم يتحقق.
(٥) من تقسيم ماله
واعتداد زوجته عدة الوفاة.
(٦) أي إلحاق
المرتد بالميت في كل حكم لعدم الدليل على العموم.
(٧) لحكم الشارع
بكونه إرثا بين ورثته.
(٨) وجه البعد ،
أن القول بكون ماله إرثا منافيا لقبول توبته واقعا ، لأنه مع قبول التوبة فهو مسلم
ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس ، نعم تحمل الأخبار على تقسيم ماله أي ماله
الموجود حال الردة لا المتجدد بعد التوبة.
(٩) أي ومع القول
بأن كل مال يدخل في ملك المرتد يصير إرثا بين الورثة ، فيصح التساؤل أن الوارث
بملكه من حين الردة أو من حين التكسب.
(١٠) والمعنى ففي
اختصاص وارثه بالمال منه ارتداده ، ودليله لأن الردة هي سبب انتقال الورثة.
(١١) لا من حين
الردة لأنه لا مال له بحسب الفرض حال الردة لأنه متجدد ، وتظهر الفائدة فيما لو
كان للمرتد ولدان عند الارتداد ، ومات أحدهما عن ولد قبل التكسب ، فعلى الأول يكون
المال المتجدد بين الولد وعمه ، وعلى الثاني يختص العم بالمال المتجدد لأنه الوارث
حال التكسب ، وبهذا علّق الشارح بقوله : (منشأهما كون سبب الانتقال هو الارتداد
فيكون المعتبر هو الوارث عنده ، وتظهر الفائدة فيما لو كان للمرتد ولدان عند ـ
وجهان ويعتبر في
تحقق الارتداد البلوغ (١) والعقل والاختيار (٢).
(ولا حكم لارتداد الصبي ، والمجنون ، والمكره) لكن يؤدب الأولان. والسكران في حكم المجنون (٣) فلا يرتد
بتلفظه في حالته بكلمة الكفر أو فعله (٤) ما يوجبه (٥) ، كما لا يحكم بإسلامه
بكلمة الإسلام لو كان كافرا.
وإلحاقه بالصاحي
في وجوب قضاء العبادات لا يوجب إلحاقه به مطلقا (٦)
______________________________________________________
ـ الارتداد ، ومات
أحدهما عن ولد قبل التكسب ، فعلى الأول يكون المال المكتسب بين الولد وعمه ، وعلى
الثاني يختص به العم لأنه الوارث حينئذ ، كما لو ارتد عن ولد وولد ولد).
(١) لحديث رفع
القلم ، ولكن يؤدب إذا كان مميزا ، وعن الشيخ في الخلاف قد اعتبر إسلام المراهق
وحكم بقتله لو ارتد إن لم يتب للخبر (الصبي إذا بلغ عشر سنين أقيمت عليه الحدود
التامة واقتص منه ، وتنفذ وصيته وعتقه) وهو مع شذوذه معارض بما هو أقوى منه فلا يلتفت إليه.
(٢) لعدم الحد على
المجنون والمكره لحديث رفع القلم وحديث الرفع ، ولكن يؤدب المجنون إذا كان له شعور
وتمييز.
(٣) لارتفاع العقل
في كليهما ، غايته في المجنون غير اختياري وفي السكران بالاختيار.
خلافا للشيخ حيث
ألحق السكران بالصاحي في الارتداد والإسلام ، بحيث لو ارتد حال السكر أو أسلم في
هذه الحال فيترتب الأثر عليه ، بدليل أنه يجب على السكران قضاء ما فاته من
العبادات حال السكر كما يحكم على الصاحي وهذا كاشف عن ثبوت التكليف في حقه.
وردّ بأن العقل
شرط في التكليف وهو مرتفع حال السكر فلا بد أن يرتفع المشروط ، وأما وجوب القضاء
عليه بعد الصحوة فإنما هو بأمر جديد ، نعم لو دل نفس دليل الأداء على القضاء لكان
كاشفا عن ثبوت التكليف في حقه حال السكر وأنى له بإثبات ذلك.
(٤) فعل السكران.
(٥) ما يوجب
الكفر.
(٦) في جميع
الأحكام لكون القضاء بأمر جديد.
__________________
مع العلم بزوال
عقله الرافع للخطاب.
وكذا لا حكم لردة
الغالط ، والغافل ، والساهي ، والنائم ، ومن رفع الغضب قصده (١) وتقبل دعوى ذلك
كله (٢) ، وكذا الإكراه مع القرينة كالأسر.
وفي قبول دعوى عدم
القصد (٣) إلى مدلول اللفظ مع تحقق الكمال نظر من الشبهة الدارئة للحد (٤) ، وكونه
خلاف الظاهر (٥).
(ويستتاب) المرتد (٦) (إن كان) ارتداده(عن كفر) أصلي(فإن تاب ، وإلا قتل ، ومدة الاستتابة ثلاثة أيام (٧) في
المروي) عن الصادق عليهالسلام بطريق ضعيف.
______________________________________________________
(١) والمغمى عليه
أيضا ، لعدم العبرة بألفاظهم لأنها صدرت من غير قصد لمعانيها ، ويدل على البعض خبر
علي بن عطية عن أبي عبد الله عليهالسلام (كنت جالسا عنده
وسأله رجل عن رجل يجيء من الشيء على حد الغضب ، يؤاخذه الله ، فقال : الله أكرم
من أن يستغلق عبده) .
(٢) ترجيحا لحقن
الدم ولاستصحاب الإسلام ، ولدرء الحد بالشبهات.
(٣) من دون غفلة
ولا غلط ولا سهو ، وإنما لم يقصد المعنى فقط وهو ملتفت إلى ذلك.
(٤) وجه عدم الحد.
(٥) وجه ثبوت
الحد.
(٦) يستتاب المرتد
الملي فإن تاب وإلا قتل ، بلا خلاف للأخبار وقد تقدم بعضها.
وخالف بعض العامة
فجعل جميع أقسام المرتد واحدا وحكمه أن يستتاب وإلا قتل ، وهو ضعيف بما سمعت من
النصوص.
وخالف أبو حنيفة
والشافعي وجعلا الاستتابة مستحبة وليست بواجبة لعموم النبوي (من بدّل دينه فاقتلوه)
، وهو ضعيف لأن ظاهر الأمر في الاستتابة في النصوص المتقدمة أنه للوجوب.
(٧) ذهب الشيخ إلى
عدم تحديد المدة بل ترجىء ما دام يؤمل منه الاستتابة كما في المبسوط وعليه العمل
بين المشهور ، وقيل ولم يعرف القائل كما في الجواهر أن مدة الاستتابة ثلاثة أيام
لخبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن أمير المؤمنين
قال : المرتد يعزل ـ
__________________
والأقوى تحديدها
بما يؤمل معه عوده ، ويقتل بعد اليأس منه وإن كان (١) من ساعته.
ولعل الصبر عليه
ثلاثة أيام أولى رجاء لعودته (٢) ، وحملا للخبر على الاستحباب.
(و) المرتد عن ملة(لا يزول ملكه (٣) عن أمواله إلا بموته) ولو بقتله لكن
______________________________________________________
ـ عن امرأته ولا
تؤكل ذبيحته ويستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل يوم الرابع) .
ورد بأن في السند
محمد بن الحسن بن شمون وهو ضعيف جدا وفاسد المذهب ولا يلتفت إليه ولا إلى وصفاته
وسائر ما ينسب إليه كما في الخلاصة ، بالإضافة إلى أنه من رضى بخبر أبي الطفيل (أن
بني ناجية قوما كانوا يسكنون الأسياف ، وكانوا قوما يدعون في قريش نسبا وكانوا
نصارى فأسلموا ، ثم رجعوا عن الإسلام ، فبعث أمير المؤمنين عليهالسلام معقل بن قيس التميمي فخرجنا معه ، فلما انتهينا إلى القوم
جعل بيننا وبينه أمارة ، فقال : إذا وضعت يدي على رأسي فضعوا فيهم السلاح ، فأتاهم
فقال : ما أنتم عليه؟ فخرجت طائفة فقالوا : نحن نصارى فأسلمنا لا نعلم دينا خيرا
من ديننا فنحن عليه ، وقالت طائفة : نحن كنا نصارى ثم أسلمنا ثم عرفنا أنه لا خير
من الدين الذي كنا عليه ، فرجعنا إليه ، فدعاهم إلى الإسلام ثلاث مرات فأبوا ،
فوضع يده على رأسه ، قال : فقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم ، فأتى بهم عليا عليهالسلام فاشتراهم مصقلة بن هبيرة بمائة ألف درهم فأعتقهم ثم حمل
إلى عليّ (عليه الصلاة والسلام) خمسين ألفا فأبى أن يقبلها ، قال : فخرج بها
فدفنها في داره ولحق بمعاوية ، قال : فخرّب أمير المؤمنين عليهالسلام داره وأجاز عتقهم) والخبر ظاهر في عدم وجوب الاستتابة ثلاثة أيام.
(١) أي وإن كان
اليأس من ساعة الارتداد.
(٢) حتى مع اليأس
احتياطا بالدم وحملا للخبر على الاستحباب.
(٣) بلا خلاف فيه
، للاستصحاب مع عدم وجود نص دال على خروج المال عن ملكه بالردة ، ولا يزول إلا
بموته ولو كان موته بالقتل كغيره ، وتركته لورثته المسلمين دون غيرهم ، فإن لم يكن
له وارث مسلم فهو للإمام دون أقربائه من الكفار.
وأيضا لا خلاف ـ كما
في الجواهر ـ أنه يحجر الحاكم على أمواله ، والتحجير هو منعه ـ
__________________
يحجر عليه بنفس
الردة عن التصرف فيها فيدخل في مكله ما يتجدد ويتعلق به الحجر ، وينفق عليه منه ما
دام حيا (١) (و) كذا(لا) تزول(عصمة نكاحه (٢) إلا ببقائه على الكفر بعد خروج العدة) التي تعتدها زوجته من حين ردته(وهي عدة الطلاق) فإن خرجت ولما يرجع بانت منه(وتؤدى نفقة واجب
النفقة) عليه من والد ،
وولد ، وزوجة ، ومملوك(من ماله) (٣) إلى أن يموت(ووارثهما) أي المرتدّين فطريا ومليا ورثتهما(المسلمون ، لا بيت المال) عندنا ، لما تقدم (٤) ولو لم يكن لهما(وارث) مسلم(فالإمام) ولا يرثهما الكافر مطلقا (٥) ، لأنهما (٦) مرتبة فوق الكافر (٧) ودون المسلم (٨).
(والمرأة لا تقتل (٩) وإن كانت) ردتها(عن فطرة ، بل تحبس دائما ، وتضرب)
______________________________________________________
ـ من التصرف فيها
حتى ما يتجدد له من ملك جديد بعد الردة باحتطاب واتهاب وتجارة وغير ذلك ، لئلا
يتصرف فيها بالإتلاف مما فيه الضرر على وارثه المسلم ، فالمال بعد الردة بحكم
الموقوف على الوارث نعم إن عاد إلى الإسلام فهو أحق بماله من غيره.
(١) أي وينفق على
المرتد المحجور عليه من ماله ما دام حيا سواء كان في ضمن مدة الاستتابة أو بعدها ،
لأنه ما لم يتحقق قتله يبقى المال في ملكه ، غايته محجور عليه بالتصرف ليس إلا.
(٢) ينفسخ العقد
بينه وبين زوجته بمجرد ردته لعدم جواز نكاح الكافر على المسلمة ابتداء واستدامة ،
ويجب عليها أن تعتد عدة الطلاق ، فإن تاب داخل العدة فهو أحق بزوجته ، وإن تاب
خارج العدة فهو بحاجة إلى عقد جديد.
(٣) لأن المال ما
زال على ملكه فيخرج من المال ديونه ونفقة نفسه ومن يجب عليه نفقته كولده ووالده
وزوجته ضرورة أنه ما زال مخاطبا بالإنفاق غايته محجور عليه فلا يخرجها بنفسه بل
يخرجها الحاكم نيابة عنه.
(٤) في كتاب
الإرث.
(٥) أي سواء كان
لهما وارث مسلم أو لا ، لأن الكفر مانع من الإرث كما تقدم.
(٦) المرتد الفطري
والملي.
(٧) لتشرفهما
بالإسلام مدة.
(٨) لخروجهما عن
الإسلام ، وليس هذا الاستحسان دليلا على منع إرث الكافر لهما بل الدليل ما تقدم في
كتاب الإرث من كون الكفر مانعا.
(٩) بل تحبس دائما
وتضرب أوقات الصلاة بلا خلاف للأخبار ، منها : صحيح حريز عن أبي ـ
(أوقات الصلوات) بحسب ما يراه الحاكم (١) (وتستعمل) في الحبس(في أسوإ الأعمال ، وتلبس أخشن الثياب) المتخذة للّبس عادة(وتطعم أجشب الطعام) وهو ما غلظ منه وخشن قاله ابن الأثير ، ويعتبر فيه عادتها (٢)
فقد يكون الجشب حقيقة في عادتها صالحا ، وبالعكس يفعل بها ذلك كله(إلى أن تتوب (٣) ، أو تموت) لصحيحة الحلبي (٤) عن أبي عبد الله عليهالسلام وغيرها في المرتدة عن الإسلام قال عليهالسلام : «لا تقتل ، وتستخدم خدمة شديدة ، وتمنع عن الطعام
والشراب إلا ما يمسك نفسها ، وتلبس أخشن الثياب ، وتضرب على الصلوات».
وفي خبر آخر عنه عليهالسلام (٥) «المرأة
تستتاب فإن تابت ، وإلا حبست في السجن وأضرّ بها» ولا فرق فيها بين الفطرية
والملية. وفي إلحاق الخنثى بالرجل ، أو بالمرأة وجهان تقدما في الإرث وأن الأظهر
إلحاقه بالمرأة (٦).
(ولو تكرر الارتداد) (٧) والاستتابة من الملي(قتل في الرابعة) ، أو الثالثة على
______________________________________________________
ـ عبد الله عليهالسلام (لا يخلد في السجن
إلا ثلاثة : الذي يمسك على الموت والمرأة ترتد عن الإسلام والسارق بعد قطع اليد
والرجل) .
وصحيح حماد عن أبي
عبد الله عليهالسلام (في المرتدة عن
الإسلام لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة ، وتمنع الطعام والشراب إلا ما تمسك نفسها ،
وتلبس خشن الثياب وتضرب على الصلوات) .
(١) بالنسبة
للضرب.
(٢) أي ما يعتبر
جشبا بحسب عادتها.
(٣) لمرسل ابن
محبوب عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام (والمرأة إذا
ارتدت عن الإسلام استتيبت ، فإن تابت وإلا خلدت في السجن وضيّق عليها في حبسها) وهو ظاهر في أنها لو تابت فلا شيء عليها.
(٤) أشير إليه في
الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب حد المرتد حديث ١.
(٥) وهو خبر عباد
بن صهيب ، الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب حد المرتد حديث ٤.
(٦) للشك في
ذكورية الخنثى الموجب للشك في قتله ، لأن القتل مختص بالمرتد الذكر ، والحدود تدرأ
بالشبهات.
(٧) من الملي مع
تخلل الاستتابة وتوبته في كل مرة ، فقال الشيخ في الخلاف يقتل في الرابعة ـ
__________________
الخلاف السابق ،
لأن الكفر بالله تعالى أكبر الكبائر وقد عرفت أن أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة
، ولا نص هنا بالخصوص (١) والاحتياط في الدماء يقتضي قتله في الرابعة.
(وتوبته الإقرار بما أنكره) (٢) فإن كان الإنكار لله ، وللرسول فإسلامه بالشهادتين ولا
يشترط التبري من غير الإسلام (٣) وإن كان آكد ، وإن كان مقرا بهما منكرا عموم
نبوته صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤) لم تكف
الشهادتان ، بل لا بد من الإقرار بعمومها ، وإن كان بجحد فريضة علم ثبوتها من
الدين ضرورة فتوبته الإقرار بثبوتها على وجهها (٥) ، ولو كان باستحلال محرم
فاعتقاد تحريمه مع إظهاره (٦) إن كان أظهر الاستحلال. وهكذا(ولا تكفي الصلاة) في إسلام الكافر مطلقا (٧) وإن كان
______________________________________________________
ـ مدعيا عليه الإجماع
، وفي المبسوط قال : «روي عنهم عليهمالسلام أن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة».
نعم في خبر يونس
عن أبي الحسن الماضي (أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في
الثالثة) ، غير أن الاحتياط في الدماء ولما قاله الشيخ في المبسوط
أنه مروي يقتضي القتل في الرابعة.
وقد ورد في خبر
علي بن حديد (قيل لجميل بن دراج فما تقول : إن تاب ثم رجع عن الإسلام قال : يستتاب
، قيل : فما تقول إن تاب ثم رجع؟ قال : لم أسمع في هذا شيئا ولكنه عندي بمنزلة
الزاني الذي يقام عليه الحد مرتين ثم يقتل بعد ذلك) إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليه لأنه فتوى لجميل وليس قولا
لمعصوم.
(١) قد عرفت أن
الشيخ في المبسوط أشار إلى أن القتل في الرابعة مروي.
(٢) لو أقرّ بما
كان سببا في خروجه عن الإسلام لكان إقراره موجبا لدخوله في الدين حينئذ.
(٣) لأن الإسلام
ناف لغيره من الاعتقادات المضلة.
(٤) كما لو اعتقد
أن الرسول بين العرب فقط فلا بد من الإقرار بعموم النبوة.
(٥) من وجوب أو
استحباب.
(٦) أي مع إظهار
اعتقاد التحريم.
(٧) سواء كان كفره
بالنية أو بالقول أو بالفعل ، فقد ذهب بعض العامة إلى أن الكافر يكفي ـ
__________________
يجحدها ، لأن
فعلها أعم من اعتقاد وجوبها فلا يدل عليه وإن كان كفره (١) بجحد الإلهية ، أو
الرسالة وسمع تشهده فيها ، لأنه لم يوضع شرعا ثمّ للإسلام ، بل ليكون جزء من
الصلاة وهي لا توجبه ، فكذا جزؤها ، بخلاف قولها منفردة لأنها موضوعة شرعا له.
(ولو جنّ بعد ردته) (٢) عن ملة(لم يقتل) ما دام مجنونا ، لأن قتله مشروط بامتناعه من التوبة ولا
حكم لامتناع المجنون ، أما لو كان عن فطرة قتل مطلقا.
(ولا يصح له تزويج ابنته) (٣) المولّى عليها ، بل مطلق ولده لأنه محجور عليه في نفسه ،
فلا تثبت ولايته على غيره ، ولأنه كافر وولاية الكافر مسلوبة عن المسلم.
(قيل : ولا أمته) (٤) ...
______________________________________________________
ـ في رجوعه أن
يصلي في دار الكفر ، أما لو صلى في دار الإسلام فلا لاحتمال التقية.
وردّ بأن الصلاة
أعم من إسلامه لاحتمال الرياء فيها ولو في دار الكفر.
(١) إن وصليه ،
والمعنى أن الصلاة لا تدل على إسلامه إذا كان كفره بسبب جحوده الألوهية أو النبوة
وإن تشهد بالشهادتين في الصلاة ، وذلك لأن الصلاة لم توضع شرعا للدلالة على إسلامه
فكذلك جزؤها أعني التشهد بطريق أولى ، نعم لو تشهد الشهادتين منفردة فهذا يدل على
إسلامه لأن الشهادتين موضوعة للدلالة على الإسلام شرعا ، وفيه : إن الشهادتين
منفردة تدل على الإسلام لما في معناها من الإقرار بالألوهية والنبوة فكذلك لها نفس
هذا المعنى حال كونها جزءا في الصلاة.
(٢) وقبل استتابته
لا يقتل ، لأن القتل مشروط بامتناعه عن التوبة ولا حكم لامتناع المجنون ، نعم لو
طرأ الجنون بعد الامتناع المبيح لقتله قتل كما يقتل الفطري مطلق إذا جن بعد ردته
سواء امتنع أو لا لوجوب قتله على كل حال.
(٣) لا يصح للمرتد
الفطري والملي أن يزوج ابنته المسلمة بلا خلاف ، لقصور ولايته على التسلط على
المسلم لقوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ
اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) .
ويزاد في الملي
أنه محجور عليه في نفسه فلا تكون له الولاية على غيره من باب أولى.
(٤) فعن المحقق في
الشرائع والعلامة في التحرير أنه يصح للمرتد تزويج أمته لاستصحاب ـ
__________________
مسلمة كانت الأمة
أم كافرة (١) ، لما ذكر في البنت ، واستقرب في التحرير بقاء ولايته عليها مطلقا (٢)
مع جزمه في القواعد بزوالها كالولد. وحكايته هنا قولا يشعر بتمريضه. نظرا إلى
الأصل (٣) وقوة الولاية المالكية مع الشك في المزيل ، وثبوت الحجر يرفع ذلك كله.
(ومنها ـ الدفاع عن النفس والمال والحريم وهو جائز في الجميع (٤) مع عدم ظن العطب (٥). وواجب في
الأول (٦) والأخير (٧) (بحسب القدرة) ومع العجز يجب الهرب مع الإمكان ، أما الدفاع عن المال فلا
يجب إلا مع اضطراره إليه.
______________________________________________________
ـ الولاية
المالكية الثابتة له قبل الارتداد ، وذهب العلامة في القواعد والشهيد في الدروس
إلى زوال الولاية المالكية عن الأمة فلا يصح له تزويجها لانتفاء السبيل له عليها ،
وللحجر الثابت عليه المانع من التصرف في الأمة ، لأنها مال ولا يصح له التصرف المالي.
(١) فيستدل على
عدم صحة تزويجها له بالحجر.
(٢) سواء كانت
الأمة مسلمة أو كافرة.
(٣) أي الاستصحاب.
(٤) بلا خلاف ولا
إشكال للأخبار منها : خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام (إذا دخل عليك رجل
يريد أهلك : ومالك فأبدره بالضربة إن استطعت ، فإن اللص محارب لله ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما تبعك منه من شيء فهو عليّ) .
(٥) سيأتي البحث
فيه.
(٦) وهو الدفاع عن
النفس ، ووجوبه لوجوب حفظ النفس وإن علم بالهلاك ، لأنه هالك بدون الدفاع أيضا.
(٧) وهو الدفاع عن
العرض للأخبار منها : خبر غياث المتقدم ومرسل البرقي عن الإمام الرضا عليهالسلام (عن الرجل يكون في
السفر ومعه جارية له فيجيء قوم يريدون أخذ جاريته أيمنع جاريته من أن تؤخذ وإن
خاف على نفسه القتل؟ قال : نعم.
قلت : وكذلك إذا
كانت معه امرأة؟ قال : نعم ، قلت : وكذلك الأم والبنت وابنة العم والقرابة يمنعهن
وإن خاف على نفسه القتل؟ قال : نعم ، قلت : وكذلك المال يريدون أخذه في سفر فيمنعه
وإن خاف القتل؟ قال : نعم) .
__________________
وكذا يجوز الدفع في
غير من ذكر (١) مع القدرة ، والأقرب وجوبه مع الضرورة ، وظن السلامة(معتمدا) في الدفاع مطلقا (٢)
(على الأسهل) فالأسهل (٣) كالصياح ، ثم الخصام ثم الضرب ، ثم الجرح ، ثم
التعطيل (٤) ، ثم التدفيف (٥).
______________________________________________________
ـ وخبر أبي مريم
عن أبي جعفر عليهالسلام (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قتل دون مظلمته فهو شهيد ، ثم قال : يا أبا مريم هل
تدري ما دون مظلمته؟ قلت : جعلت فداك ، الرجل يقتل دون أهله ودون ماله وأشباه ذلك
، فقال : يا أبا مريم إن من الفقه عرفان الحق) ، وهذه النصوص تجوز الدفاع عن العرض وإن استلزم قتل النفس
، إلا أن العلامة في التحرير وغيره استشكل في ذلك ، وذهب إلى جواز حفظ العرض إن
سلمت النفس وإلا لوجب حفظ النفس وهو مقدم على حفظ العرض ، وهو اجتهاد في قبال
النصوص المتقدمة ، نعم لو عجز عن الدفاع واستطاع الهرب بعرضه أو بنفسه فيجب حينئذ.
وأما الدفاع عن
المال فمقتضى رواية غياث المتقدمة وجوب الدفاع إلا أنه محمول على الجواز لخبر أبي
بصير (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرجل يقاتل عن ماله ، فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من قتل دون ماله فهو بمنزلة شهيد ، فقال له : أيقاتل
أفضل؟ فقال : إن لم يقاتل فلا بأس ، أما أنا لو كنت لتركته ولم أقاتل) ولا يجب الدفاع عن ماله إلا إذا كان حفظ النفس متوقفا على
المال فيكون الدفاع عن ماله دفاعا عن نفسه ، ومن باب أولى إذا علم بإتلاف نفسه فلا
يجب عليه الدفاع عن ماله بل يحرم ، ومن هنا تعرف أن قيد الشارح مع عدم ظن العطب
إنما هو قيد في الدفاع عن المال مطلقا وفي الدفاع عن الحريم على قول.
(١) وهو الدفاع عن
نفس الغير وحريمه وماله ، بلا إشكال للأخبار منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم) .
(٢) سواء كان
الدفاع عن نفسه وماله وحريمه أو الدفاع عن الغير كذلك.
(٣) مع النصوص
مطلقة ، وذلك لما تقدم من ضعف سند الكثير منها فلا بدّ من تقييدها بالقواعد
الشرعية المقررة في النهي عن المنكر.
(٤) بأن يعطل أحد
أعضائه.
(٥) بمعنى أن يجهز
عليه فيقتله ، من دفّ بمعنى أجهز عليه.
__________________
(ودم المدفوع هدر (١) حيث يتوقف) الدفاع على قتله ، وكذا ما يتلف من ماله إذا لم يمكن
بدونه.
(ولو قتل) الدافع(كان كالشهيد) في الأجر (٢) ، أما في باقي الأحكام من التغسيل والتكفين
فكغيره (٣) (ولا يبدأ إلا مع العلم) (٤) أو الظن(بقصده) ولو كفّ كف عنه. فإن عاد عاد ، فلو قطع يده مقبلا ورجله
مدبرا ضمن الرجل. فإن سرتا (٥) ضمن النصف قصاصا (٦) أو دية (٧) ، ولو أقبل بعد ذلك
(٨) فقطع عضوا
______________________________________________________
(١) بلا خلاف
للنصوص منها خبر غياث المتقدم.
(٢) لما تقدم من
خبر بصير (من قتل دون ماله فهو بمنزلة شهيد) ، وأما بقية أحكامه مثل التغسيل
والتحنيط وغيرهما فيبقى تحت عموم الأدلة من وجوبها.
(٣) من موتى
المسلمين.
(٤) لا إشكال ولا
خلاف ـ كما في الجواهر ـ أنه لا يجوز للدافع أن يبدأ بالدفاع ما لم يتحقق قصد
المهاجم من أنه يريد نفسه أو عرضه أو ماله ولو بالطريق الظني ، لأنه يكفي عادة
الظن بالعدوان في الشروع بالدفاع.
وعلى ما تقدم فله
دفعه ما دام مقبلا عليه ، ومع إدباره يجب الكف لعدم قصد الهجوم فلو قطع يده مقبلا
ورجله مدبرا فلا شيء عليه في قطع اليد لأنه مدافع وعليه ضمان قطع الرجل لأنه متعد
، وكذا لو ضربه معطله وانتهى الهجوم فلا يجوز للدافع أن يضربه فيما بعد أو يقتله
ولو فعل ضمن.
(٥) أي اليد
والرجل فمات المهاجم فيثبت على المدافع القصاص في النفس بعد ردّ نصف الدية عليه
لأن المقتول قد قتل بسببين ، قطع اليد وقطع الرجل ، وأحدهما غير مضمون دون الآخر ،
فيثبت على القاطع القتل في قبال القتل إلا أنه يرد عليه نصف الدية في قبال السبب
غير المضمون.
وعن الشيخ في
المبسوط أن عليه نصف الدية فقط ، واعترف في الجواهر بعدم وضوح مستنده.
(٦) على قول
المشهور.
(٧) على قول
الشيخ.
(٨) أي قطع
المدافع يد المهاجم مقبلا ، رجله مدبرا في المرة الأولى ، ثم عاد المقطوع مهاجما
فقطع المدافع عضوا ثالثا كيده الأخرى مثلا ، وسرت جميع الجراحات حتى مات فيثبت على
المدافع إما القتل مع رد ثلثي الدية عليه على المشهور وإما أن يدفع ثلث الدية على
قول الشيخ وهكذا.
ثالثا رجع الضمان
إلى الثلث.
(ولو وجد مع زوجته ، أو مملوكته ، أو غلامه) أو ولده (١) (من ينال دون
الجماع (٢) فله دفعه) بما يرجو معه الاندفاع كما مر(فإن أتى الدفع
عليه ، وأفضى إلى قتله) حيث لم يمكن دفعه بدونه(فهو هدر ، ولو قتله في منزله فادعى) القاتل(إرادة) المقتول(نفسه ، أو ماله) أو ما يجوز مدافعته عنه وأنه لم يندفع إلا بالقتل(فعليه البينة أن الداخل كان معه سيف مشهور مقبلا على رب المنزل) وإن لم تشهد بقصده القتل ، لتعذر العلم به فيكتفى بذلك ،
لدلالة القرائن عليه المرجحة لصدق المدعي.
(ولو اطلع على عورة قوم) (٣) ولو إلى وجه امرأة ليست بمحرم للمطلع
______________________________________________________
(١) باعتبار أنهما
من جملة عرضه ، وأن اللواط فحش من الزنا.
(٢) فإن أراد
الجماع فقد تقدم في باب الزنا أن له قتل من يريد الزنا مطلقا من دون التدرج من
الأسهل إلى غيره.
وإن أراد دون
الجماع فلا إشكال ولا خلاف في وجوب دفعه من الأسهل إلى غيره متدرجا ، فإن أتى
الدفع عليه وقتل فدمه هدر للأخبار منها : خبر غياث بن إبراهيم المتقدم عن جعفر عن
أبيه عليهماالسلام (إذا دخل عليك رجل
يريد أهلك ومالك فأبدره بالضربة إن استطعت ، فإن اللص محارب لله ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما تبعك منه من شيء فهو عليّ) .
هذا كله فيما بينه
وبين الله ، وأما في مقام الإثبات فلو ادعى أن المقتول كان يريد نفسه أو عرضه أو
ماله فقتله فهو المدعي فإن صدقه ورثة المقتول فهو وإلا فإن أقام البينة على أن
المقتول كان يريد ذلك فيسقط عنه الضمان وإذا لم يمكن له ذلك فالقول قول ورثة
المقتول ، نعم بما أن قصد النفس والعرض والمال مما لا يمكن للرائي أن يعلمه لأن
القصد من الأمور النفسانية الخفية فيكفي في البينة أن تشهد بعلامات مفيدة
للاطمئنان على قصد الداخل كشهر سيفه ونحو ذلك.
(٣) بقصد النظر
إلى ما يحرم عليه منهم ، فلهم زجره إذ هو من المدافعة عن الحريم ، فلو أصرّ فرموه
بحجر أو عود فاتفق قتله كانت الجناية هدرا بلا خلاف فيه للأخبار منها : رواية
العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا اطلع رجل على
قوم يشرف عليهم أو ينظر ـ
__________________
(فلهم زجره ، فإن امتنع) وأصرّ على النظر جاز لهم رميه بما يندفع به ، فإن فعلوا(فرموه بحصاة ونحوها فجني عليه كان هدرا) ولو بدروه من غير زجر ضمنوه (١) (والرحم) الذي يجوز نظره
للمطلع عليهم(يزجر لا غير (٢) إلا أن يكون) المنظور امرأة(مجردة فيجوز رميه
بعد زجره) كالأجنبي ،
لمساواته له في تحريم نظر العورة. ويجب التدرج في المرمي به من الأسهل إلى الأقوى
على وجه ينزجر به ، فإن لم يندفع إلا برميه بما يقتله فهدر ولا فرق بين المطلع من
ملك المنظور وغيره حتى الطريق ، وملك الناظر (٣) ، ولو كان المنظور في الطريق لم
يكن له رمي من ينظر إليه ، لتفريطه (٤) نعم له زجره ، لتحريم نظره مطلقا (٥) (ويجوز دفع الدابة الصائلة)
______________________________________________________
ـ من خلل شيء لهم
فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقئوا عينه فليس عليهم غرم ، وقال : إن رجلا اطلع من خلل
حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أي خبيث ، أما والله لو ثبتّ لي لفقأت عينك) .
وصحيح الحلبي عن
أبي عبد الله عليهالسلام (أيّما رجل اطلع
على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقئوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم) .
(١) مقتضى إطلاق
النصوص المتقدمة جواز المبادرة إلى الضرب والقتل والجرح من دون التقييد بالزجر ،
إلا أنهم قيدوا النصوص بقواعد النهي من المنكر لضعف سند الكثير منها ، ولقد أجاد
صاحب الجواهر حيث مال إلى العمل بإطلاق النصوص لأن كثرتها توجب الاطمئنان بصدورها
فلا بد من العمل بإطلاقها من دون تقييدها بقواعد التدرج المقررة في باب النهي عن
المنكر.
(٢) إذا نظر إلى
ما يجوز له النظر منهن فيجوز لصاحب المنزل زجره ، نعم لو نظر إلى موطن لا يجوز
للرحم النظر إليه كما لو كانت المرأة مجردة جاز زجره ورميه على النحو المتقدم في
الأجنبي.
(٣) إذا كان
المنظور داخل البيت.
(٤) أي تفريط
المنظور بحيث خرجت إلى الطريق على نحو يمكن معه النظر إلى محاسنها.
(٥) أي لتحريم نظر
الناظر سواء كان المنظور على نحو يسمح بالنظر إلى محاسنه أو لا ، وسواء كان
المنظور في الطريق أو لا.
__________________
(عن نفسه (١) ، فلو تلفت بالدفع) حيث يتوقف عليه(فلا ضمان) ولو لم تندفع إلا بالقتل جاز قتلها ابتداء (٢) ، ولا ضمان
عليه (ولو أدّب الصبيّ). بل مطلق الولد الصغير(وليّه (٣) ، أو
الزوجة زوجها فماتا ضمن ديتهما في ماله على قول) جزم به في الدروس ، لاشتراط التأديب بالسلامة.
ويحتمل عدم الضمان
، للإذن فيه فلا يتعقبه ضمان حيث لا تفريط كتأديب الحاكم وكذا معلم الصبية(ولو عضّ على يد غيره فانتزعها (٤) فندرت أسنانه) بالنون أي سقطت(فهدر) لتعديه(وله) أي للمعضوض(التخلص) منه(باللكم ،)
______________________________________________________
(١) وعن ماله ،
فلو تعيبت أو تلفت بالدفع فلا ضمان بلا خلاف ، لأنه كما يجوز دفع أذى الغير الداخل
عليه فيجوز دفع أذى ماله المتوجه إليه.
(٢) ولا معنى
للتدرج من الزجر إلى الصياح إلى الدفع إلى الضرب ، لأنها ليست بذات شعور ، نعم لو
توقف الدفع على ضربها فلا يجوز قتلها.
(٣) لو ضرب الأب
أو الجد الابن للتأديب فاتفق موته فعلى الولي الضارب الدية من ماله لأن الإذن
بالضرب يرفع الإثم ولا ينافي الضمان لعموم أدلته ولذا اشترط في جواز الضرب للتأديب
السلامة.
وإنما الخلاف في
تأديب الزوجة فالشيخ وجماعة ذهبوا إلى أن الحكم فيها كالحكم في الولد ، وبه قطع
العلامة في الإرشاد.
والمحقق وجماعة
استشكلوا في ذلك من حيث إن ضربها تعزير سائغ قد ورد الأمر به في الكتاب فلا ضمان
كالتعزير السائغ من الحاكم ، وردّ الفرق بينهما واشترط في الجميع أن يكون الضرب
للتأديب ، فلو كان الضرب للتشفي أو لغيره من الدواعي فإنه يضمن ، ومنه تعرف الحكم
في ضرب المعلم وإن أذن الولي فعليه الضمان.
(٤) لو عضّ على يد
إنسان ظلما ، فانتزع المعضوض يده فندرت وأسقطت أسنان العاضّ كان ذلك هدرا بلا خلاف
فيه ، لأن سحب المعضوض يده دفاع وفي الدفاع لا ضمان وإلى ما روته العامة (أن رجلا
فعل ذلك فأتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأهدر سنه) .
وخالف ابن أبي
ليلى من العامة فحكم بالضمان ، وهو محجوج بما سمعت.
ولو تعذر التخلص
فعليه أن ينتقل من الأسهل إلى غيره كضربه وجرحه وهكذا فلو تعسر جاز أن يبعجه بسكين
ولو أدى إلى قتله لما عرفت من جواز الدفاع.
__________________
(والجرح ، ثم السكين ، والخنجر) ونحوها(متدرجا) في دفعه(إلى الأيسر) ، فإن انتقل إلى الصعب مع إمكان ما دونه ضمن ، ولو لم
يندفع إلا بالقتل فعل ، ولا ضمان.
كتاب القصاص
(كتاب القصاص)
القصاص ـ بالكسر (١)
ـ وهو اسم (٢) لاستيفاء مثل الجناية من قتل ، أو قطع ، أو ضرب ، أو جرح. وأصله
اقتفاء الأثر. يقال : قصّ أثره إذا تبعه فكأن المقتص يتبع أثر الجاني فيفعل مثل
فعله.
(وفيه فصول : الأول).
(في قصاص النفس. وموجبه (٣) : إزهاق النفس) أي إخراجها ، قال
______________________________________________________
(١) وهو فعال من
قصّ أثره إذا تتبعه ومنه قوله تعالى : (وَقٰالَتْ
لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) أي اتبعي أثره ، والمراد به هنا استيفاء أثر الجناية من
قتل أو قطع أو جرح أو ضرب ، فكأن المقتصّ يتّبع أثر الجاني فيفعل مثل فعله ويدل
عليه الكتاب والسنة ، ومن الأول قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي
الْقِصٰاصِ حَيٰاةٌ يٰا أُولِي الْأَلْبٰابِ) وقوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ
ذٰلِكَ كَتَبْنٰا عَلىٰ بَنِي إِسْرٰائِيلَ أَنَّهُ مَنْ
قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسٰادٍ فِي الْأَرْضِ
فَكَأَنَّمٰا قَتَلَ النّٰاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيٰاهٰا
فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً) وقوله تعالى : (وَإِنْ
عٰاقَبْتُمْ فَعٰاقِبُوا بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ بِهِ)
(٢) أي اسم مصدر.
(٣) أي سببه ،
والمراد بسبب قصاص النفس هو قتل النفس المحترمة وعرّف بأنه إزهاق النفس ـ
__________________
الجوهري : زهقت
نفسه زهوقا أي خرجت ، وهو هنا مجاز في إخراجها عن التعلق بالبدن إذ ليست داخلة فيه
حقيقة كما حقق في محله(المعصومة) التي لا يجوز إتلافها ، مأخوذ من العصم وهو المنع(المكافئة) لنفس المزهق لها في الإسلام ، والحرية ، وغيرهما من الاعتبارات الآتية(عمدا) قيد في الإزهاق أي
إزهاقها في حالة العمد ، وسيأتي تفسيره(عدوانا) احترز به عن نحو المقتول قصاصا فإنه يصدق عليه التعريف ،
لكن لا عدوان فيه فخرج به.
ويمكن إخراجه بقيد
المعصومة ، فإن غير المعصوم أعم من كونه بالأصل كالحربي ، والعارض كالقاتل على وجه
يوجب القصاص ، ولكنه أراد بالمعصومة : ما لا يباح إزهاقها للكل.
وبالقيد الأخير (١)
إخراج ما يباح قتله بالنسبة إلى شخص دون شخص آخر.
______________________________________________________
ـ المعصومة
المكافئة عمدا وعدوانا.
والمراد بإزهاق
النفس إخراجها ، قال الجوهري : «زهقت نفسه زهوقا أي خرجت ، والإزهاق مجاز في
الإخراج هنا ، لأن النفس متعلقة بالبدن وليست داخلة حقيقة فيه ، فيعبر عن قطع
الصلة بين النفس والبدن بالخروج». والمراد بالمعصومة هي التي لا يجوز إتلافها ،
مأخوذ من العصم أي المنع فتخرج النفس غير المعصومة كالكافر الحربي والمحارب واللص
ونحوها.
والمراد بالمكافئة
هي النفس المكافئة لنفس القاتل في الإسلام والحرية والبلوغ والعقل وغير ذلك من
الشرائط الآتية.
والتقييد بالعمد
لإخراج قتل النفس خطأ ، ولإخراج قتل الصبي والمجنون الذي لا يتحقق منهما العمد بعد
أن كان عمدهما خطأ.
والتقييد بالعدوان
لإخراج قتل القاتل ، فإن قتله ليس عدوانا وإن كان عمدا ، لأنه بحق وعليه فالمراد
من العدوان هو القتل بغير حق.
وترك المحقق في
النافع قيد العدوان استغناء عنه بقيد المعصومة ، إذ المقتول قصاصا أو دفاعا غير
معصوم النفس والدم بالنسبة للقاتل ، وإن كان معصوما بالنسبة إلى غيره.
وردّ بأنه لا بد
من قيد العدوان ، لأن المراد بالمعصومة هو أنه لا يباح إزهاقها لكل مسلم ، ونفس
المقتول قصاصا أو دفاعا لا يباح إزهاقها للكل ، وإن أبيح قتله بالنسبة للورثة.
(١) أي ويمكن
بالقيد الأخير.
فإن القاتل معصوم
بالنسبة إلى غير ولي القصاص.
ويمكن أن يريد
بالعدوان : إخراج فعل الصبي والمجنون. فإن قتلهما للنفس المعصومة المكافئة لا يوجب
عليهما القصاص ، لأنه (١) لا يعد عدوانا ، لعدم التكليف وإن استحقا التأديب. حسما
للجرأة. فإن العدوان هنا بمعنى الظلم المحرّم وهو منفي عنهما.
ومن لاحظ في
العدوان المعنى السابق (٢) احتاج في إخراجهما (٣) إلى قيد آخر فقال : هو إزهاق
البالغ العاقل النفس المعصومة انتهى.
ويمكن إخراجهما
بقيد العمد ، لما سيأتي من تفسيره بأنه قصد البالغ إلى آخره. وهو أوفق بالعبارة (٤)
(فلا قود بقتل المرتد) (٥) ونحوه من الكفار الذين لا عصمة لنفوسهم. والقود ـ بفتح
الواو ـ : القصاص سمّي قودا ، لأنهم يقودون الجاني بحبل وغيره ، قاله الأزهري.
(ولا يقتل غير المكافئ) كالعبد بالنسبة إلى الحر (٦).
وإزهاق نفس الدابة
المحترمة (٧) بغير إذن المالك ، وإن كان محرما ، إلا أنه
______________________________________________________
(١) لأن قتلهما.
(٢) هو القتل بغير
حق ولذا أخرج المقتول قصاصا به.
(٣) أي إخراج قتل
الصبي وقتل المجنون.
(٤) لأن إخراجهما
بالعمد إذا تحقق كما هو الواقع ، فلا معنى لإخراجهما بالقيد الذي بعده.
(٥) القود بفتح
القاف والواو ، وهو القصاص ، يقال : أقدت القاتل بالقتيل ، أي قتلته به ، وسمي
قودا لأنهم يقودون الجاني بحبل أو غيره قاله الأزهري.
ولا قود بقتله
لأنه يجب قتله كما تقدم في باب الحدود ، ومثله الكفار الذين يجوز قتلهم كالكافر
الحربي ، وسيأتي أن القصاص شرطه التساوي في الدين.
(٦) لأن القصاص
شرطه التساوي في الحرية والرقية كما سيأتي.
(٧) لا ينطبق
عليها موجب القصاص ، لأن إزهاقها وإن كان محرما لأنه إتلاف مال محترم فهو تعد
ويضمن ، ولكن لا ينطبق عليها أنها معصومة إن فسرت بأنها ما لا يجوز إزهاقها لكل
مسلم ، لأنه يجوز إزهاقها بالنسبة لمالكها وإن فسرت المعصومة بأنها ما لا يجوز
إزهاقها لشخص دون آخر فلا تخرج عن التعريف بهذا القيد ، وإنما تخرج بقيد المكافئة.
يمكن إخراجه بالمعصومة
حيث يراد بها : ما لا يجوز إتلافه مطلقا (١) ، ولو أريد بها (٢) : ما لا يجوز
إتلافه لشخص دون آخر ـ كما تقدم (٣) ـ خرجت بالمكافئة.
وخرج بقيد «العمد»
القتل خطأ وشبهه (٤) فإنه لا قصاص فيهما.
(والعمد يحصل بقصد البالغ (٥) إلى القتل بما يقتل غالبا) (٦) وينبغي قيد «العاقل» أيضا (٧) ، لأن عمد المجنون خطأ ،
كالصبي ، بل هو أولى بعدم القصد
______________________________________________________
(١) أي لا يجوز
إزهاقها لكل مسلم.
(٢) بالمعصومة.
(٣) عند ما أخرج
المقتول قصاصا بقيد المعصومة وهذا كاشف عن تفسيرها بما لا يباح إزهاقها لشخص دون
آخر.
(٤) أي شبه الخطأ.
(٥) تحقق العمد
بالقصد هو المتبادر لغة وعرفا ، وتقييد القصد بالبالغ للأخبار منها : صحيح ابن
مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عمد الصبي وخطأه واحد) .
وخبر إسحاق بن
عمار عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (أن عليا عليهالسلام يقول : عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة) .
(٦) إما أن يستعمل
آلة تقتل غالبا كالسيف ، أو يستعمل آلة ويكرر استعمالها حتى يتحقق القتل كتكرار
الضرب بالعصا حتى الموت ، فالفعل في المثالين قاتل ، بل لو صدر منه الفعل القاتل
فهو قاتل عمدا وإن لم يقصد القتل ويدل عليه إطلاق خبر أبي الصباح الكناني والحلبي
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يقلع عنه الضرب حتى
مات ، أيدفع إلى وليّ المقتول فيقتله؟ قال : نعم ولكن لا يترك يعبث به ولكن يجيز
عليه بالسيف) ، ومثله خبر موسى بن بكير ، وخبر سليمان بن خالد .
(٧) في تحقق العمد
للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (كان أمير المؤمنين عليهالسلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا) .
وخبر إسماعيل بن
زياد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أن محمد بن أبي بكر كتب إلى أمير المؤمنين عليهالسلام يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا ، فجعل الدية على قومه ،
وجعل خطأه وعمده سواء) .
__________________
من الصبي المميز (١).
وبعض الأصحاب جعل العمد هو القصد إلى القتل إلخ ... من غير اعتبار القيدين (٢)
نظرا إلى إمكان قصدهما الفعل ، فاحتاج إلى تقييد ما يوجب القصاص بإزهاق البالغ
العاقل كما مر.
(قيل : أو) يقتل(نادرا) (٣) إذا اتفق به القتل. نظرا إلى أن العمد يتحقق بقصد القتل
من غير نظر إلى الآلة فيدخل في عموم أدلة العمد وهذا أقوى.
(وإذا لم يقصد القتل بالنادر) (٤) أي بما يقع به القتل نادرا(فلا قود وإن اتفق)
______________________________________________________
(١) لتحقق العمد
من الصبي المميز بالقصد ، بخلاف المجنون الفاقد للشعور والمسلوب منه قصد الفعل.
(٢) أي البلوغ
والعقل ، كالمحقق ، لأن العمد متقوم بالقصد والقصد قد يصدر من الصبي والمجنون ،
ولأجل إخراج عمد الصبي والمجنون عن موجب القصاص عرّف موجب القصاص بأنه إزهاق
البالغ العاقل لنفس معصومة إلى آخر القيود.
(٣) لو قصد القتل
واستعمل آلة أو فعلا لا تقتل غالبا فاتفق القتل فهو قتل عمدي ، على الأشهر بل نسب
إلى الأكثر كما في كشف اللثام لأن العمد متقوم بالقصد وهو متحقق هنا بالإضافة إلى
إطلاق الأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (العمد كل ما اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا
أو بوكزة فهذا كله عمد) .
وخبر أبي بصير عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات كان
عمدا) .
ولم يعرف المخالف
ولذا قال في الجواهر : «لم أجد فيه خلافا» ، ولعله للاحتياط في الدم إذا استعمل
آلة غير قاتلة ، فغاية ما صدر منه قصد القتل ، وقصد القتل مع الآلة غير القاتلة
كقصد القتل بلا ضرب بها أصلا غير موجب للقتل ، وفيه : إنه لا يمكن الاحتياط مع
ظهور الأخبار في كونه عمدا.
(٤) بحيث لم يقصد
القتل ولم يستعمل آلة قاتلة كأن ضربه بالكف فمات ، فقد ذهب المشهور إلى أنه شبيه
العمد لعدم تحقق قصد القتل ، فينتفي العمد لأنه متقوم بالقصد ، وللأخبار منها :
خبر يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن ضرب رجل رجلا بعصا أو حجر فمات من ضربة واحدة قبل أن
يتكلم فهو يشبه العمد) .
__________________
(الموت كالضرب بالعود الخفيف ، أو العصا) الخفيفة في غير مقتل بغير قصد القتل ، لانتفاء القصد إلى
القتل ، وانتفاء القتل بذلك عادة ، فيكون القتل شبيه الخطأ.
وللشيخ قول بأنه ـ
هنا ـ عمد استنادا إلى روايات ضعيفة أو مرسلة لا تعتمد في الدماء المعصومة (١).
(أما لو كرر ضربه بما لا يحتمل (٢) مثله بالنسبة إلى بدنه) ، لصغره ، أو
______________________________________________________
ـ وصحيحة أبي
العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت له : أرمي الرجل بالشيء الذي لا يقتل مثله ، قال :
هذا خطأ) .
وخبره الآخر عنه عليهالسلام : (سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة ، أهو أن يعتمد
ضرب الرجل ولا يعتمد قتله ، فقال : نعم) وهي صريحة بانتفاء العمد عند عدم قصد القتل كما في المقام
، وكذلك صحيحة أبي العباس وزرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله ، والخطأ أن
يتعمده ولا يريد قتله فيقتله بما لا يقتل مثله) .
وذهب الشيخ في
المبسوط إلى أنه عمد يجب فيه القود لصحيح الحلبي المتقدم : (إن العمد كل من اعتمد
شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة) ، ولخبر أبي بصير المتقدم : (لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو
بآجرة أو بعود فمات كان عمدا) ، ولخبر جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهماالسلام : (قتل العمد كلما عمد به الضرب ففيه القود) .
وردّ بأن هذه
الأخبار محمولة على ما لو قصد القتل ، والمفروض عدمه في مقامنا.
(١) فالمرسل هو
خبر جميل بن دراج ، والضعيف هو خبر أبي بصير وذلك لوقوع علي بن أبي حمزة في السند
، وكذلك خبر الحلبي لوقوع محمد بن عيسى عن يونس وهو ضعيف كما في المسالك ، وفيه :
أن الشارح قد اعتمد قول ابن الوليد من أن ما انفرد به محمد بن عيسى عن يونس لا
يعتمد عليه ، والأقوى قبول قوله فقد أثنى عليه الفضل بن شاذان ويقول ليس في أقرانه
مثله فلذا وصفنا الخبر بالصحيح ، ومع ذلك ، يصلح مستندا لقول الشيخ لأنه محمول على
ما لو قصد القتل.
(٢) أي بما لا
يحتمله مثله ، بالنسبة إلى زمانه وبدنه من حيث الضعف والمرض والصغر ـ
__________________
مرضه ، (وزمانه) لشدة الحر أو
البرد(فهو عمد) ، لأنه حينئذ يكون الضرب بحسب العوارض مما يقتل غالبا.
(وكذا لو ضربه دون ذلك) (١) من غير أن يقصد قتله(فأعقبه مرضا فمات) ، لأن الضرب مع المرض مما يحصل معه التلف ، والمرض مسبّب
عنه ، وإن كان لا يوجبه منفردا.
ويشكل بتخلف
الأمرين معا ، وهما : القصد إلى القتل وكون الفعل مما يقتل غالبا ، والسببية غير
كافية في العمدية (٢) ، كما إذا اتفق الموت بالضرب بالعود الخفيف ، ولو اعتبر هنا
القصد (٣) لم يشترط أن يتعقبه المرض.
(أو رماه بسهم ، أو بحجر غامز) أي كابس على البدن لثقله(أو خنقه بحبل ولم)
______________________________________________________
ـ ونحوها من الحر
والبرد فمات فهو عمد ، بلا خلاف ولا إشكال سواء قصد القتل أو لا لأنه قاصد للفعل
المميت فهو بمنزلة ما لو قصد القتل ، ولمرسل يونس المتقدم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وإن علاه وألح عليه بالعصا أو بالحجارة حتى يقتله فهو
عمد يقتل به) ، وصحيح الحلبي وأبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يقلع عنه الضرب حتى
مات ، أيدفع إلى وليّ المقتول فيقتله؟ قال : نعم) .
(١) أي ضربه بما
يتحمله مثله مع عدم قصد القتل فأعقبه المرض المسبّب له الموت فهو عمد ، لأن المرض
صيّر الضرب سببا للقتل بواسطته ، وفيه : كيف يحكم عليه بالعمد مع انتفاء قيدي
العمد من قصد القتل ومن كون الفعل قاتلا بحسب الغالب.
(٢) لا يقال : إن
الضرب سبب للموت بواسطة المرض فلذا كان عمدا فإنه يقال : لا تكفي السببية في
انطباق العمدية ما لم يتحقق أحد قيدي العمدية وهما منتفيان هنا بحسب الفرض. ولذا
لو اتفق موته بالضرب بعود خفيف مع عدم قصد القتل فهو ليس عمدا بالاتفاق.
(٣) لا يعتبر
القصد إلى القتل في هذا الفرع ولذا لم يذكره المصنف وقد نبّه على ذلك الشارح أيضا
وذلك لأن العمدية هنا متحققة بحسب مبنى المصنف من سببيّة الضرب للموت بواسطة المرض
، وأما لو اعتبر القصد إلى القتل فلا داعي لذكر المرض المسبّب للموت والمسبّب عن
الضرب وعليه فاشتراط المرض دليل على أنه غير قاصد للقتل.
__________________
(يرخ عنه حتى مات (١) ، أو بقي المخنوق ضمنا) (٢) بفتح الضاد وكسر الميم أي مزمنا(ومات) بذلك(أو طرحه في النار فمات) (٣) منها(إلّا أن يعلم قدرته على الخروج) (٤) لقلتها ، أو كونه في طرفها يمكنه الخروج بأدنى حركة
فيترك. لأنه حينئذ قاتل نفسه.
(أو) طرحه(في اللجّة) (٥) فمات منها ولم يقدر على الخروج أيضا إلى آخره.
______________________________________________________
(١) عادة الفقهاء
أنهم يعرّفون العمد ثم يقسمونه إلى ما يحصل بالمباشرة وإلى ما يحصل بالتسبيب ،
والمراد بالأول هو أن يصدر الفعل من الفاعل والمترتب عليه الموت مباشرة ، والمراد
بالثاني هو أن الفعل الصادر من الفاعل لا يترتب عليه الموت مباشرة وإنما يكون
الفعل مسببا للموت كحفر البئر بقصد القتل ، فالموت ليس مستندا للحفر بل لوقوع
المقتول فيها غير أن الحفر كان سببا في جعل خطي المقتول سببا في قتله.
وذكروا للأول
الذبح والخنق باليد وسقي السم القاتل بإيجاره في حلقه والضرب بالسيف والسكين
والضرب بالحجر الغامز أي الكابس على بدنه لثقله والجرح في المقتل ولو بغرز الإبرة
، وذكروا للثاني حفر البئر في طريق الغير وتقديم الطعام المسموم فأكل منه الآخر مع
عدم علمه بأنه مسموم وهكذا.
وربما أن النصوص
خالية عن لفظي المباشرة والتسبيب كان التفريق بينهما غير مجد نعم ورد في النصوص
القتل العمدي وعليه فكل ما صدق عليه هذا العنوان فهو عمد سواء كان بالمباشرة أو
بالتسبيب ولذا قال في الجواهر : «ولكن التحقيق عدم الثمرة لذلك ، بعد صدق اسم
القتل عمدا أو خطأ بهما ، إذ ليس في شيء من الأدلة عنوان الحكم بلفظ المباشرة أو
السبب ، وإنما الموجود ـ قتل متعمدا ـ ونحوه ، فالمراد في القصاص مثلا على صدقه».
ولعل لهذا خلّط
المصنف بين أمثلة القسمين مع عدم ذكره للتقسيم بين المباشرة والتسبيب ، فيصدق على
الأمثلة الثلاثة أنه قتل عمدي إما من جهة قصد القتل وإما من جهة كون الفعل الصادر
قاتلا بحسب الغالب.
(٢) أي خنقه
بالحبل وتركه باقي النفس إلا أنه أبقاه مريضا بسبب الخنق فمات من ذلك المرض فيصدق
القتل العمدي إما لقصد القتل وإما لكون الفعل قاتلا على نحو التسبيب.
(٣) إن لم يكن
قادرا على الخروج منها إما لكون النار في حفيرة لا يمكن له الخروج منها وإما لكونه
خفيف الحركة فقهرته النار وإما لكونه مكتوفا ونحو ذلك فيصدق عليه القتل العمدي إما
لقصد القتل وإما لكون الفعل قاتلا بحسب الغالب.
(٤) فترك الخروج
تخاذلا حتى مات فلا قصاص على الفاعل ، لأن المفعول قد أعان على نفسه بلبثه الذي هو
كون غير كون الإلقاء فيستند القتل إلى المفعول لا إلى الفاعل.
(٥) وهو غير قادر
على الخروج من الماء سواء كان يعلم السباحة أو لا ، فهو عمد وفيه القصاص. ـ
وربما فرق بينهما (١)
وأوجب ضمان الدية في الأول ، دون الثاني ، لأن الماء لا يحدث به ضرر بمجرد دخوله ،
بخلاف النار ويتجه وجوبها (٢) مع عدم العلم باستناد الترك إلى تقصيره ، لأن النار
قد تدهشه (٣) وتشنج أعضاءه بالملاقاة فلا يظفر بوجه المخلص.
ولو لم يمكنه
الخروج من الماء إلا إلى مغرق آخر فكعدمه (٤) ، وكذا من أحدهما إلى الآخر (٥) ، أو
ما في حكمه (٦). ويرجع في القدرة وعدمها إلى إقراره بها (٧) ، أو قرائن الأحوال.
(أو جرحه عمدا فسرى) الجرح عليه(ومات) (٨) وإن أمكنه المداواة (٩) لأن
______________________________________________________
ـ ولو ألقاه وهو
قادر على الخروج وتركه حتى مات فلا قصاص على الفاعل لأن المفعول قد أعان على نفسه
، ولو شك في قدرته على الخروج وعدمها فالأصل الضمان مع عدم العلم بالمسقط إذ قد
يتحير أو يندهش فيعجز عن الخروج.
(١) لم أجد من قال
بالفرق ولعله احتمال من الشارح ليس إلا ، والفرق هو الضمان في الإلقاء في النار
دون الضمان في الإلقاء في الماء وذلك لأن الماء لا تحدث ألما بمجرد الدخول بخلاف
النار.
ورد هذا الفارق
بأن الضمان بسبب الدخول هو ضمان الضرر لا ضمان الدية ، فلا يثبت ضمان الدية إلا
بعد الموت مع العلم بعدم قدرته على الخروج وهذا جار في الإلقاء في الماء.
(٢) أي الدية عند
الشك في قدرته على الخروج.
(٣) وكذا الماء
فلا وجه لتخصيص البحث في الإلقاء في النار فقط.
(٤) أي الخروج من
مفرق إلى آخر كالعدم إذ لا فائدة منه ما دام أنه غريق على كل حال.
(٥) أي من النار
إلى الماء وبالعكس ولكن لا قدرة له للخروج من الثاني فهو كالأول في عدم القدرة على
الخروج.
(٦) أي فيما لو
كان قادرا على الخروج من الماء إلى ما هو بحكم الماء الذي يغرق فيه ، كما لو كان
قادرا على الخروج من الماء إلى متلف كالسبع أو إلى وقوع من شاهق وهكذا.
(٧) أي إقرار
المقتول بالقدرة وذلك قبل الإلقاء.
(٨) مع عدم نفع
الدواء لهذا الجرح أو مع عدم إمكانه المداواة فسرى الجرح حتى مات فعلى الفاعل
القود بلا خلاف ولا إشكال لصدق القتل عمدا.
(٩) وترك التداوي
تقصيرا فحكموا على الجاني القود أيضا لصدق القتل عمدا ، وفيه ما تقدم من أن الموت
مستند إلى تهاونه لا إلى الجاني وإن كان الجرح مضمونا على الجاني فيتحمل ضرر الجرح
لا ضرر القتل.
السراية مع تركها
من الجرح المضمون ، بخلاف الملقى في النار مع القدرة على الخروج فتركه تخاذلا ،
لأن التلف حينئذ مستند إلى الاحتراق المتجدد ، ولو لا المكث لما حصل (١).
وأولى منه ما لو
غرق بالماء (٢) ، ومثله (٣) ما لو فصده فترك المفصود شدّه (٤) ، لأن خروج الدم هو
المهلك والفاصد سببه. ويحتمل كونه كالنار ، لأن التلف مستند إلى خروج الدم المتجدد
الممكن قطعه بالشد.
(أو ألقى نفسه من علوّ على إنسان) (٥) فقتله قصدا (٦) ، أو كان مثله يقتل غالبا (٧). ولو كان
الملقي له غيره (٨) بقصد قتل الأسفل قيد به مطلقا (٩) ،
______________________________________________________
(١) وكذلك الموت
في فرعنا مستند إلى تهاونه لا إلى فعل الجاني.
(٢) أي وأولى من
الإلقاء في النار مسألة الإلقاء في الماء من عدم القصاص على الجاني في المسألتين
لو أمكن له الخروج ولم يخرج تخاذلا.
ووجه الأولوية :
أن الفرق بتمامه مستند إلى استمرار الكون في الماء المستند إلى تخاذل الغريق دون
أن يكون نفس الإلقاء وابتداء الكون في الماء سببا في الغريق بخلاف مسألة الإلقاء
في النار فإن الاحتراق وإن حصل عن استمرار الكون المستند إلى تخاذل المفعول إلا أن
ابتداء الكون المستند إلى فعل الفاعل له أثر في الضرر وإن لم يصل إلى درجة
الاحتراق.
(٣) أي ومثل الجرح
الذي سرى فأوجب الموت.
(٤) أي شد مكان
الفصد إلى أن سرى الدم فمات ، فإن هلاكه مستند إلى سريان الجرح ومن آثاره والجرح
مضمون فيكون أثره مضمونا ، وفيه : إن الهلاك مستند إلى تقصيره في الشد لأن خروج
الدم الموجب للموت مستند إلى تقصيره في ترك الشد فيكون قد أعان على نفسه وهذا ما
ذهب إليه المشهور هنا.
(٥) فهلك الأسفل
فعلى الأعلى القود لأنه قتل عمدي إما لقصده القتل وإما لكون الفعل قاتلا غالبا
وهما شرطا القتل العمدي.
(٦) أي قصد القتل
بالوقوع وإن لم يكن الوقوع قاتلا غالبا.
(٧) وإن لم يقصد
القتل.
(٨) لو ألقى الأول
الثاني من مكان مرتفع على ثالث بقصد قتل الثالث ، فلو قتل كان القود على الأول
لأنه قتل عمدي ، لأنه المسبّب للفعل وهو قاصد للقتل وهو أحد شرطي العمد ، والمباشر
وهو الثاني لا شيء عليه لأنه كالآلة هنا لوقوعه بغير اختياره.
(٩) أي قيد الملقي
بالمقتول سواء كان الإلقاء مما يقتل غالبا أو لا لقصده القتل.
وبالواقع (١) إن
كان الوقوع مما يقتل غالبا ، وإلا (٢) ضمن ديته ، ولو انعكس انعكس (٣).
(أو ألقاه من مكان شاهق) (٤) يقتل غالبا ، أو مع قصد قتله(أو قدّم إليه
طعاما مسموما (٥) يقتل مثله) كميّة وكيفية(ولم يعلمه) بحاله(أو جعله) أي الطعام المسموم(في منزله (٦) ولم
يعلمه به).
ولو كان السم مما
يقتل كثيره خاصة فقدّم إليه قليله بقصد القتل فكالكثير (٧) ، وإلا فلا (٨) ،
ويختلف باختلاف الأمزجة والخليط أما لو وضعه في طعام نفسه ، أو في ملكه ، فأكله
غيره بغير إذنه فلا ضمان (٩). سواء قصد بوضعه قتل الآكل (١٠) كما لو علم دخول
الغير داره كاللّص أم لا ، وكذا لو دخل بإذنه
______________________________________________________
(١) وهو الثاني
والمعنى : قيد الملقي بالواقع ـ الذي هو الثاني ـ إن مات بالإلقاء مع كون الوقوع
مما يقتل غالبا وإن لم يقصد قتله لتحقق أحد شرطي العمد.
(٢) أي وإن لم يكن
الوقوع يقتل غالبا هذا من جهة ولم يقصد الملقي قتل الواقع الذي هو الثاني ومع ذلك
مات بالإلقاء فهو شبيه العمد فعليه الدية فقط.
(٣) أي لو قصد
الملقي قتل الثاني بالوقوع ، فإن مات الثاني فعليه القود لقصده القتل وإن لم يكن
الوقوع مما يقتل غالبا ، ولو مات الثالث فعليه القود إن كان الوقوع مما يقتل غالبا
، وإن لم يكن الوقوع قاتلا غالبا فعليه الدية لأنه شبيه العمد بعدم فرض عدم قصد
القتل بالنسبة للثالث.
(٤) فهو قتل عمدي
إما لكونه مما يقتل غالبا وإما لقصد القتل.
(٥) فهو عمد لقصده
القتل بالتقديم ولكون الطعام المسموم مما يقتل غالبا.
(٦) فهو قتل عمدي
، واستشكل فيه بأنه لم يقدمه للأكل ليكون تسبيبا فالمباشر وهو الآكل أقوى من السبب
، وردّ بأن المباشرة في الأكل ساقطة لجهله بالحال فكأنه قدمه إليه بلا فرق بينهما.
(٧) في أنه قتل
عمدي لقصد القتل وإن كان ما قدم لا يقتل غالبا.
(٨) أي فلا عمد
لعدم قصد القتل بعد فرض كون القليل مما لا يقتل غالبا ، نعم عليه الدية لأنه شبيه
العمد.
(٩) من قصاص أو
دية ، للأصل بعد أن كان الآكل متعديا بأكله من الطعام بغير إذن المالك فضلا عن عدم
الإذن بالدخول.
(١٠) لعدم صدق
عنوان التعدي حينئذ.
وأكله بغير إذنه (١).
(أو حفر بئرا بعيدة القعر في طريق) ، أو في بيته بحيث يقتل وقوعها غالبا ، أو قصده(ودعا غيره إلى المرور عليها مع جهالته) بها (٢) (فوقع فمات) (٣).
أما لو دخل بغير
إذنه فوقع فيها فلا ضمان (٤) وإن وضعها لأجل وقوعه كما لو وضعها للّص.
(أو ألقاه في البحر فالتقمه الحوت إذا قصد إلقام الحوت) (٥) أو كان وجوده (٦) والتقامه غالبا في ذلك الماء(وإن لم يقصد) إلقامه ولا كان غالبا فاتفق ذلك (٧) (ضمنه أيضا على قول) لأن الإلقاء كاف في الضمان ، وفعل الحوت أمر
______________________________________________________
(١) فيصدق أن
الآكل متعديا فلا ضمان على الواضع.
(٢) أي جهالة
المارّ بالبئر.
(٣) فهو قتل عمدي
لقصد القتل أو لكون الوقوع مما يقتل غالبا.
(٤) لعدم تعديه
على الواقع ، لعدم دعوته له بالمرور.
(٥) لو ألقاه في
الماء بقصد التقام الحوت له فالتقمه سواء كان قبل الوصول إلى الماء أو بعده ،
فعليه القود بلا خلاف ولا إشكال ، لأنه قتل عمدي لتحقق شرطيه من قصد القتل ومن كون
إلقائه إلى الحوت مما يقتل غالبا.
(٦) أي وجود الحوت
، فلو رماه إلى الماء مع قصد الرمي إلى الماء مع وجود الحوت فيه غالبا والتقامه له
فيكون قصد الرمي إلى الماء قصدا لالتقام الحوت له فعليه القود بالاتفاق لاندراجه
تحت الفرع السابق حينئذ.
(٧) بأن ألقاه في
الماء مع قصد الرمي في الماء وليس وجود الحوت غالبا في ذلك فاتفق وجوده والتقامه ،
فذهب الشيخ والعلامة أن عليه القود لأن الإلقاء في الماء إتلاف بحسب العادة فيكون
الفعل مما يقتل غالبا وبه يتحقق القتل العمدي ، وهو مثل ما ألقاه من علو يقتل مثله
فأصابته سكين في القعر فقتلته فعليه القود بالاتفاق فكذلك في موردنا ، وأيضا هو
قتل عمدي لتحقق قصد القتل غايته قصد قتله بالإلقاء إلى الماء فتحقق قتله بسبب آخر
وهو التقام الحوت له وتحقق الموت بغير السبب الذي قصده لا يضرّ لأن القصد إلى سبب
معين قصد إلى مطلق السبب ضرورة تحقق المطلق في المقيد ، ومطلق السبب صادق على
الابتلاع.
وعن جماعة منهم
المحقق عدم القود لأن تلفه بالتقام الحوت غير مقصود وما قصد من موته بالإلقاء في
البحر لم يتحقق وعليه فلم يتحقق ما قصده ليكون عمدا فعليه الدية ـ
زائد عليه ، كنصل
منصوب في عمق البئر الذي يقتل غالبا ، ولأن البحر مظنة الحوت ، فيكون قصد إلقائه
في البحر كقصد إلقامه الحوت (١).
ووجه العدم أن
السبب الذي قصده لم يقتل به والذي قتل به غير مقصود فلا يكون عمدا وإن أوجب الدية.
وحكاية المصنف له قولا يشعر بتمريضه. وقد قطع به العلامة ، وهو حسن ، لأن الغرض
كون الإلقاء موجبا للضمان كما ظهر من التعليل (٢). وكذا الخلاف (٣) لو التقمه
الحوت قبل وصوله إلى الماء من حيث إن الإلقاء في البحر إتلاف في العادة (٤). وعدم
قصد إتلافه بهذا النوع (٥) والأول أقوى (٦).
(أو أغرى به كلبا عقورا فقتله ولا يمكنه التخلص) منه (٧). فلو أمكن بالهرب أو قتله أو الصياح به ونحوه فلا
قود ، لأنه أعان على نفسه بالتفريط. ثم
______________________________________________________
ـ فقط ، وفيه :
إنه عمد لتحقق قصد القتل وإن لم يتحقق القتل بعين السبب المقصود ، إذ لا يشترط في
العمد قصد سبب القتل وأن يكون القتل بنفس السبب المقصود ، بل يشترط قصد القتل
وتحقق القتل المقصود بأي سبب كان.
(١) إذا كان وجود
الحوت غالبا ، وحسب الفرض عدم الغلبة ومعه فلا دليل على الملازمة بين القصدين ،
بالإضافة إلى أن الشيخ والعلامة لم يستدلا بهذا التلازم بين القصدين.
(٢) تعليل الشارح
بقوله السابق : «لأن الإلقاء كاف في الضمان».
(٣) أي وقع الخلاف
بينهم كالخلاف في الفرع السابق.
(٤) فعليه الضمان.
(٥) فلا ضمان.
(٦) أي الضمان.
(٧) وكان الكلب
العقور مما يقتل غالبا ، أو لم يكن كذلك إلا نادرا إلا أنه قصد القتل به فهو عمد
وعليه القود ، لأن الكلب كالآلة التي لا ينسب إليها القتل ، وإن كان للكلب شبه
اختيار إلا أن القاتل حقيقة وعرفا هو المغري وليس الكلب ، هذا كله إذا لم يمكنه
التخلص ، وأما إذا أمكنه التخلص ولو بالهرب أو بالصياح ونحوه ولم يفعل حتى قتل فلا
قود على المغري لأن المقتول قد أعان على نفسه بالتفريط.
نعم إن كان التخلص
تخلصا من القتل فقط بعد أذية كالعضة مما لا يمكن التخلص منها فيضمن ضرر العضة فقط.
إن كان التخلص
الممكن من مطلق أذاه (١) فكإلقائه في الماء فيموت مع قدرته على الخروج ، وإن لم
يمكن إلا بعد عضة لا يقتل مثلها فكإلقائه في النار كذلك (٢) فيضمن جناية لا يمكنه
دفعها (٣).
(أو ألقاه إلى أسد (٤) بحيث لا يمكنه الفرار منه) فقتله ، سواء كان في مضيق أم برية(أو أنهشه حية قاتلة فمات (٥) أو طرحها عليه فنهشته فهلك) أو جمع بينه وبينها في مضيق ، لأنه مما يقتل غالبا.
(أو دفعه في بئر حفرها الغير) متعديا بحفرها أم غير متعد في حالة كون الدافع(عالما بالبئر) (٦) ، لأنه مباشر للقتل فيقدم على السبب لو كان (٧) (ولو جهل) الدافع بالبئر(فلا قصاص عليه) (٨) لعدم القصد إلى القتل حينئذ لكن عليه الدية ، لأنه شبيه
عمد.
______________________________________________________
(١) القتل وغيره.
(٢) أي مع قدرته
على الخروج.
(٣) أي فيضمن
المغري جناية لا يمكن للمقتول دفعها.
(٤) البحث فيه
كالبحث في إغراء الكلب العقور به ، بلا خلاف فيه بيننا ، نعم يزيدون هنا قيدا وهو
: سواء كان الإلقاء إليه في مضيق أو في برية خلافا لبعض العامة حيث فرق بينهما
فحكم بالقود في الأول دون الثاني.
وردّ بأن المفروض
لا يمكنه التخلص ، نعم لو أمكنه الخلاص سواء كان الإلقاء في مضيق أو في برية ولم
يتخلص فلا ضمان لأن المقتول فرّط في حفظ نفسه.
(٥) بأن يقبض على
حية وينهشها بدنه فيموت ، فعليه القود لأنه مباشر للإتلاف لأن الحية كالآلة ، وكذا
لو طرحه إليها أو ألجأه إليها فيأتي الكلام السابق من إمكان التخلص فلا ضمان ، ومن
عدم إمكان التخلص فالضمان.
وذهب بعض العامة
إلى أنه لو جمع بينه وبينها في مضيق فنهشته فمات فلا قود على الفاعل ، لأن الحية
تهرب من الإنسان في المضيق بخلاف السبع ، وفيه : إن المفروض عدم التمكن من الخلاص
فلا بد من الضمان ، فلو هربت كما قاله هذا البعض لكان قادرا على الخلاص فلو لم
يتخلص ثم تعرض لها فلا ضمان حينئذ لتفريطه.
(٦) فلو حفر الأول
بئرا فوقع الثاني بها بدفع من الثالث فالقاتل هو الدافع دون الحافر بلا خلاف ولا
إشكال ، لأن المباشر للقتل هو الدافع ، والحافر وإن كان سببا إلا أنه سبب بعيد
والمباشر أقوى منه ، إذ استند الإلقاء إلى فعل الدافع دون أن يستند إلى المباشر.
(٧) أي لو كان قتل
، بمعنى لو قتل المدفوع بالإلقاء.
(٨) لعدم قصده إلى
القتل ، ولا قصاص على الحافر أيضا لعدم قصده القتل بالحفر.
(أو شهد عليه زورا بموجب القصاص فاقتص منه) (١) لضعف المباشر بإباحة الفعل بالنسبة إليه فيرجح السبب(إلا أن يعلم الولي التزوير ويباشر) القتل(فالقصاص عليه) ، لأنه حينئذ قاتل عمدا بغير حق.
(وهنا مسائل)
(الأولى ـ لو أكرهه على القتل (٢) فالقصاص على المباشر) لأنه القاتل عمدا
______________________________________________________
(١) لو شهد اثنان
على رجل بالقتل أو الارتداد ، أو شهد أربعة عليه بالزنا بما يوجب القتل فحكم
الحاكم بقتله فقتل ، ثم تبيّن أن الشهادة كانت زورا وبهتانا ، فالمباشر للقتل وهو
الجلاد والآمر به وهو الحاكم لا ضمان عليهما ، لأن الشهود هم السبب والسبب مقدّم
هنا على المباشر والآمر ، لعدم تعدي المباشر والآمر لاعتمادهما على البينة ويدل
عليه أخبار منها : مرسل ابن محبوب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا ، ثم رجع أحدهم بعد
ما قتل الرجل ، فقال عليهالسلام : إن قال الراجع وهمت ضرب الحد وغرّم الدية ، وإن قال
تعمدت قتل) .
وخبر مسمع بن عبد
الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى في أربعة شهداء على رجل أنهم رأوه مع امرأة يجامعها
فرجم ، ثم رجع واحد منهم ، فقال : يغرم ربع الدية إذا قال شبّه عليّ ، فإن رجع
اثنان وقالا شبّه علينا غرما نصف الدية ، وإن رجعوا وقالوا شبّه علينا غرموا الدية
، وإن قالوا شهدنا بالزور قتلوا جميعا) .
نعم لو علم الحاكم
بزور الشهود ومع ذلك أمر بالقتل كان القصاص عليه دون الشهود لقصده إلى القتل مع
كون المباشر أقوى لكون القتل مستندا إلى أمره.
(٢) لو توعد
الظالم شخصا بالقتل إن لم يقتل الآمر ، فلو أقدم المكره على قتل الآخر فالقصاص على
المباشر دون الآخر المكره ، بل لا دية عليه ولا كفارة نعم يحبس حتى الموت ، بلا
خلاف فيه ، وذلك لعدم تحقق الإكراه عندنا في القتل ويدل عليه صحيحة زرارة عن أبي
جعفر عليهالسلام : (في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله ، قال : يقتل به الذي
قتله ، ويحبس الآمر بقتله في الحبس حتى يموت) . وخالف في ذلك بعض العامة فأوجب القصاص على الآمر دون
المباشر محتجا بأنه قتله دفعا عن نفسه فأشبه قتل ـ
__________________
ظلما ، إذ لا
يتحقق حكم الإكراه في القتل عندنا ، ولو وجبت الدية (١) كما لو كان المقتول غير
مكافئ فالدية على المباشر أيضا(دون الآمر) فلا قصاص عليه ، ولا دية(ولكن يحبس الآمر) دائما(حتى يموت) ويدل عليه مع الإجماع صحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله فقال : «يقتل به الذي قتله
، ويحبس الآمر بقتله في الحبس حتى يموت» هذا إذا كان المقهور (٢).
(ولو أكره الصبي غير المميز (٣) ، أو المجنون فالقصاص على
مكرههما) لأن المباشر
حينئذ كالآلة. ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد (٤).
______________________________________________________
ـ الصائل ، وأجيب
بمنع القياس مع وجود الفارق بين الموردين.
(١) يعني لو أكره
على القتل فقتل ولم تجب إلا الدية إما لعفو ولي الدم عن القاتل وإما لكون المقتول
غير مكافئ للقاتل ، فالدية حينئذ على المباشر دون الآمر لما تقدم.
(٢) لأنها شرائط
التكليف.
(٣) وكذا المجنون
فالقصاص على المكره بلا خلاف لأنهما بالنسبة كالآلة في نسبة الفعل.
وأما الصبي المميز
فذهب الشيخ في المبسوط والنهاية إلى أنه يقتص منه إن بلغ عشرا ، وعن الصدوق
والمفيد في المقنع والمقنعة إلى أنه يقتص منه إن بلغ خمسة أشبار لخبر السكوني عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص
منه وإذا لم يكن بلغ خمسة أشبار قضى بالدية) ، والمشهور ذهبوا إلى أنه لا تكليف في حقه لنصوص أن عمد
الصبي وخطأه واحد وقد تقدمت.
(٤) أما الحر فقد
تقدم وأما العبد فلو أمر السيد عبده بالقتل فقتل ، ففي خبر إسحاق بن عمار عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله ، فقال : يقتل
السيد به) ، وفي خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : وهل عبد الرجل إلا كسوطه أو كسيفه؟ يقتل السيد ويستودع
العبد في السجن) . فقد حملهما الشيخ في الخلاف على ما لو كان العبد صغيرا أو
كبيرا غير مميز ، وفي التهذيب جعلهما مخالفين للقرآن حيث نطق أن (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، ثم حملهما على ما لو كان عادة السيد أن ـ
__________________
(ويمكن الإكراه فيما دون النفس) (١) عملا بالأصل (٢) في غير موضع النص (٣) كالجرح وقطع اليد
فيسقط القصاص عن المباشر(ويكون القصاص على المكره) بالكسر على الأقوى ، لقوة السبب بضعف المباشر بالإكراه
خصوصا لو بلغ الإكراه حد الإلجاء.
ويحتمل عدم
الاقتصاص منه (٤) ، لعدم المباشرة فتجب الدية ويضعّف (٥) بأن المباشرة أخص من
سببية القصاص فعدمها أعم من عدمه.
(الثانية ـ لو اشترك في قتله جماعة) (٦) ...
______________________________________________________
ـ يأمر عبده بقتل
الناس ، والأوفق ترك العمل بهما لأن صحيح زرارة المتقدم بإطلاقه معارض لهما وهو
مقدم عليهما لموافقته للقواعد.
(١) بحيث أكرهه
على ما دون قتل الآخر وإلا قتل ، فيجوز له الإقدام على الفعل المكره عليه ، ولا شيء
على المكره لعدم العدوان بسبب الإكراه ، والقصاص على الآمر المسبّب الذي هو أقوى
من المباشر.
واستشكل العلامة
في القواعد بأن الآمر المسبّب لم يباشر القتل ولم يلجئه إليه إلجاء فتثبت الدية
دون القصاص لعدم مباشرته للقتل ، وفيه : إن الأقوائية في السبب على المباشرة المقتضية
لثبوت الدية على الآمر هي بعينها تقتضي القصاص منه.
(٢) من تحقق
الإكراه الموجب لرفع التكليف في كل فعل كان التوعد على تركه أزيد من فعله.
(٣) وهو القتل إذ
لا يتحقق الإكراه فيه كما تقدم.
(٤) من السبب
المكره.
(٥) والحاصل أن
سبب القصاص ليس منحصرا في المباشرة حتى يرتفع القصاص عند ارتفاع المباشرة ، بل قد
يثبت القصاص مع عدم المباشرة كما في مسألة حافر البئر ليقع به الغير الجاهل بالحال
، وعليه فالمباشرة أخص من القصاص ، فلا محالة يكون عدمها أعم من عدمه إذ قد يثبت
عدم المباشرة ولا يثبت عدم القصاص كما في مسألة حافر البئر.
(٦) لو اشترك
جماعة في قتل واحد كان الوليّ بالخيار بين قتل الجميع وبين قتل البعض ، فإن قتل
الولي واحدا من القتلة فقد استوفى حقّه ، ويردّ على المقتول قصاصا ما زاد من ديته
عن جنايته ويكون الرد من القتلة الباقين ، وإن قتل الجميع أو أزيد من واحد فيلزم الولي
أن يرد عليهم الزائد عن جنايتهم ، فمثلا لو كان القتلة اثنين وقتل الولي أحدهما
فالمقتول قد أهدر نصفه بجنايته ، ويرد القاتل المتروك النصف الثاني ، ولو كان
القتلة اثنين وقتلهما ـ
بأن ألقوه من شاهق
(١) ، أو في بحر. أو جرحوه جراحات مجتمعة ، أو متفرقة ولو مختلفة كمية وكيفية فمات
بها(قتلوا به) جميعا إن شاء الولي(بعد أن يرد عليهم
ما فضل عن ديته) فيأخذ كل واحد ما فضل من ديته عن جنايته(ولو قتل البعض
فيرد الباقون) من الدية(بحسب جنايتهم فإن فضل للمقتولين فضل) عما ردّه شركاؤهم(قام به الولي). فلو اشترك ثلاثة في قتل واحد واختار وليه قتلهم أدى إليهم
ديتين يقتسمونها بينهم بالسوية فنصيب كل واحد منهم ثلثا دية ويسقط ما يخصه من
الجناية وهو الثلث الباقي.
ولو قتل اثنين أدى
الثالث ثلث الدية عوض ما يخصه من الجناية ويضيف الولي إليه دية كاملة ، ليصير لكل
واحد من المقتولين ثلثا دية. وهو فاضل ديته عن جنايته ، ولأن الولي استوفى نفسين
بنفس فيرد دية نفس.
______________________________________________________
ـ الولي فعلى
الولي لكل واحد نصف نفس لا تدارك لها إلا بالدية فيرد على وليّ كلّ منهما نصف
الدية وهكذا ، ويدل عليه أخبار منها : خبر الفضيل بن يسار قلت لأبي جعفر عليهالسلام : (عشرة قتلوا رجلا فقال : إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعا
وغرّموا تسع ديات ، وإن شاءوا تخيروا رجلا وأدى التسعة الباقون إلى أهل المقتول
الآخر عشر الدية على كل رجل منهم ، ثم الولي بعد يلي أدبهم وحبسهم) .
وخبر ابن مسكان عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجلين قتلا رجلا : إذا أراد أولياء المقتول قتلهما
أدوا دية كاملة وقتلوهما وتكون الدية بين أولياء المقتولين ، فإن أرادوا قتل
أحدهما فقتلوه أدى المتروك نصف الدية إلى أهل المقتول) ، وعن بعض العامة أنه ليس للولي إلا قتل واحد منهم ويأخذ
حصة الآخرين ، وعن بعض آخر منهم أن الولي له الحق في قتل الجميع من غير رد عما زاد
عن جنايتهم ، وقال في الجواهر : «كما ترى مجرد تهجس وتخمين لا يوافق عقلا ولا نقلا».
(١) لا فرق في
السبب الذي اشتركوا به في قتله سواء صدر من كل واحد سبب قاتل أو اجتمعوا على سبب
واحد قاتل ، وسواء كانت المشاركة بينهم بالتساوي أو بالتفاوت ما دام قد تحقق قصد
القتل من الجميع لتحقق اشتراكهم في القتل وهو المدار في الحكم على ما ورد في
النصوص.
__________________
ولو قتل واحدا أدى
الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية ولا شيء على الولي.
ولو طلب الدية
كانت عليهم بالسوية إن اتفقوا على أدائها وإلا فالواجب تسليم نفس القاتل.
هذا كله مع اتحاد
ولي المقتول ، أو اتفاق المتعدد على الفعل الواحد (١) ، ولو اختلفوا فطلب بعضهم
القصاص ، وبعض الدية قدّم مختار القصاص بعد رد نصيب طالب الدية منها (٢). وكذا لو
عفا البعض إلا أن الرد هنا على القاتل (٣) وستأتي الإشارة إليه.
(الثالثة ـ لو اشترك في قتله) (٤) أي قتل الذكر(امرأتان قتلتا به
ولا رد) إذ لا فاضل لهما
عن ديته ، وله قتل واحدة وترد الأخرى ما قابل جنايتها وهو ديتها ولا شيء للمقتولة(ولو اشترك) في قتله(خنثيان) مشكلان(قتلا به) إن شاء الولي كما يقتل الرجلان والمرأتان المشتركتان(ويرد عليهما نصف دية الرجل (٥) بينهما نصفان) لأن دية كل واحد نصف دية رجل ونصف دية امرأة وذلك ثلاثة
أرباع دية الرجل فالفاضل لكل واحد من نفسه عن جنايته ربع دية الرجل. ولو اختار قتل
أحدهما (٦)
______________________________________________________
(١) أي اتفاق
أولياء المقتول المتعددين على الفعل الواحد من القصاص أو الدية.
(٢) من الدية ،
والرد من بقية أولياء المقتول.
(٣) أي في صورة ما
لو عفا بعض أولياء المقتول ، فيرد على القاتل حصة من عفا والدافع هو بقية أولياء
المقتول.
(٤) بحيث اشتركت
امرأتان في قتله ، فإن شاء الولي قتلهما ولا ردّ ولا فاضل لهما عن دية المقتول ،
لأن دية المرأة نصف دية الرجل ، ولصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (في امرأتان قتلتا رجلا عمدا ، قال : تقتلان به ما يختلف
فيه أحد).
ولو اختار الولي
قتل إحداهنّ ، فالمقتولة لا شيء لها لأن نفسها تساوي نصف نفس الرجل وهذا هو مقدار
جنايتها ، وعلى المتروكة أن تدفع إلى الولي نصف دية الرجل.
(٥) لأن دية
الخنثى نصف دية الرجل ونصف دية المرأة ، وهذا ما يساوي ثلاثة أرباع دية الرجل ،
فديتهما دية رجل ونصف ، فلو قتلهما الولي فعليه أن يضمن ما زاد عن جنايتهما وهو
النصف ، وهذا النصف يقسم على أوليائهما مناصفة لكل واحد ربع.
(٦) كان على الولي
ما زاد من دية الخنثى عن جنايته وهو الربع ، لأن ديته ثلاثة أرباع دية الرجل
وجنايته على النصف لأنه مشترك مع غيره في قتل رجل ، وهذا الربع المردود على ـ
رد عليه ربع دية
هو ثلث ديته ودفع الباقي (١) نصف دية الرجل فيفضل للولي ربع ديته (٢).
(ولو اشترك) في قتل الرجل(نساء قتلن) (٣) جمع إن شاء الولي(ويرد عليهن ما
فضل عن ديته) فلو كن ثلاثا
فقتلهن رد عليهن دية امرأة بينهن بالسوية ، أو أربعا فدية امرأتين كذلك (٤) وهكذا.
ولو اختار في الثلاث قتل اثنتين ردت الباقية ثلث ديته بين المقتولتين بالسوية ،
لأن ذلك (٥) هو الفاضل لهما عن جنايتهما.
______________________________________________________
ـ ولي الخنثى
نسبته إلى دية الخنثى الثلث لأن دية الخنثى ثلاثة أرباع ، وأما المتروك فعليه نصف
دية الرجل يدفع منها الربع الذي يستحقه الخنثى المقتول فيدفعه إلى وليه ، ويدفع
الربع الآخر إلى ولي المقتول الأول.
(١) أي الخنثى
المتروك.
(٢) ربع دية
المقتول الأول.
(٣) بحيث كانت
النساء أكثر من اثنتين ، فلو كن ثلاثا وقتلهن الولي كان عليه رد دية امرأة على
الجميع ، لأن الاثنتين منهن بمساواة دية الرجل فيكون الفاضل عن جنايتهن دية امرأة.
ولو قتل اثنتين
منهن فلا رد عليه ، ولكن ترد الثالثة المتروكة ثلث دية الرجل وهو مقدار جنايتها
على أولياء القتيلتين بالسوية.
ولو قتل واحدة
منهن فترد الباقيتان على أولياء المقتولة ثلث ديتها ، وهو الفارق بين ديتها
وجنايتها ، فديتها نصف دية الرجل وجنايتها ثلث دية الرجل والفارق بين النصف والثلث
هنا هو ثلث دية المرأة ، وترد الباقيتان على ولي المقتول نصف دية الرجل ، فالولي
قد استوفى مقدار دية الرجل بحيث كان النصف في قبال قتل امرأة والنصف الآخر أخذه
دية والباقيتان قد دفعتا بمقدار جنايتهما وهو ثلثا دية الرجل فدفعتا إلى ولي
المقتول نصف دية الرجل وإلى ولي المقتولة ثلث ديتها والمجموع ثلث دية الرجل فلو
فرضنا أن دية الرجل تسعة فدية المرأة نصفها أربعة ونصف ، وجنايتها ثلاثة التي هي
الثلث ، والفارق بين جنايتها وديتها واحد ونصف ، وهو ثلث الأربعة ونصف ، هذا من
جهة ومن جهة أخرى فلو ضممنا الأربعة ونصف التي هي نصف دية الرجل مع الواحد ونصف
الذي هو ثلث دية المرأة لكان المجموع ستة ، وهو ثلثا دية الرجل وهذا هو مقدار
جناية الباقيتين.
(٤) يردها الولي
عليهن بالسوية.
(٥) وهو ثلث دية
الرجل.
وهو ثلث ديتهما (١)
، أو قتل واحدة ردت الباقيتان على المقتولة ثلث ديتها (٢). وعلى الولي نصف دية
الرجل. وكذا قياس الباقي.
(ولو اشترك) في قتل الرجل(رجل وامرأة) (٣) واختار الوليّ قتلهما(فلا رد للمرأة) إذ لا فاضل لها من ديتها عما يخص جنايتها(ويرد على الرجل نصف ديته) لأنه الفاضل من ديته عن جنايته والرد(من الولي إن قتلهما) ، أو من المرأة لو لم تقتل ، لأنه مقدار جنايتها.
______________________________________________________
(١) أي ثلث دية
الرجل هو ثلث دية المرأتين كما هو واضح.
(٢) وهو الفاضل من
ديتها عن جنايتها.
(٣) فعلى كل واحد
نصف دية الرجل ، فإن اختار الولي قتلهما فلا شيء للمرأة لأن جنايتها وهي نصف دية
الرجل تساوي ديتها فلا يبقى لها شيء ، وأما الرجل القاتل فجنايته نصف ديته فلو
قتله الولي فعليه نصف ديته هذا ما ذهب إليه المشهور وهو الموافق للقواعد المقرّرة.
وعن المقنعة للشيخ المفيد أن الرد وهو نصف دية الرجل يرده الولي على الرجل والمرأة
إذا قتلهما أثلاثا ، ثلثان للرجل وثلث للمرأة ، وذلك لأن الجناية أثلاثا يتحمل
الرجل منها ثلثين وتتحمل المرأة الثلث الباقي ، لأن الجاني من الرجل والمرأة هو
نفس ونصف نفس ، وقد جنى على نفس فتكون الجناية أثلاثا ، فتتحمل المرأة ثلث دية
الرجل وهذا جنايتها مع أن ديتها نصف دية الرجل فلها التفاوت على الولي والتفاوت هو
ثلث نصف دية الرجل أو فقل هو ثلث ديتها ويتحمل الرجل ثلثي دية الرجل وهذا جنايته
مع أن ديته دية رجل كاملة فله التفاوت على الولي والتفاوت هو ثلث نصف دية الرجل ،
فإذن النصف الذي يرده الولي يقسم أثلاثا ، ثلثاه للرجل وثلثه للمرأة.
وردّ : بأن الجاني
نفسان وليس نفسا ونصف نفس ، والنفسان جنتا على نفس واحدة ، غايته دية نفسها نصف
دية نفس الرجل.
ولو اختار الولي
قتل المرأة فقط فلا شيء عليها لأن ديتها بقدر جنايتها وعلى الرجل المتروك نصف دية
الرجل يدفعه للولي ، ولم يخالف المفيد في هذا الفرع ، مع أنه على مبناه المتقدم
فيثبت للمرأة ثلث ديتها لأن الجناية عليها ثلث دية الرجل وليس النصف.
ولو اختار الولي
قتل الرجل فقط فعلى المرأة المتروكة أن تدفع إلى أولياء الرجل المقتول قصاصا نصف
ديته بمقدار جنايتها ، والولي قد استوفى حقه نفسا بنفس مساوية ، وذهب الشيخ في
النهاية وتبعه القاضي في المهذب إلى أنها ترد على الرجل نصف ديتها لا نصف دية
الرجل ، وأجاب المحقق عن ذلك في نكت النهاية بأنه وهم ، لأنه لا بد من دفع جنايتها
وهي نصف دية الرجل لا نصف ديتها.
(ولو قتلت المرأة) خاصة فلا شيء لها و (رد الرجل على
الولي نصف الدية) مقابل جنايته. هذا هو المشهور بين الأصحاب وعليه العمل.
وللمفيد(رحمهالله) قول بأن المردود على تقدير قتلهما يقسم بينهما أثلاثا : للمرأة ثلثه بناء على
أن جناية الرجل ضعف جناية المرأة لأن الجاني نفس ونصف نفس جنت على نفس فتكون
الجناية بينهما أثلاثا بحسب ذلك.
وضعفه ظاهر ،
وإنما هما نفسان جنتا على نفس فكان على كل واحدة نصف ، ومع قتلهما فالفاضل للرجل
خاصة ، لأن القدر المستوفى أكثر قيمة من جنايته بقدر ضعفه ، والمستوفى من المرأة
بقدر جنايتها فلا شيء لها كما مر. وكذا على تقدير قتله خاصة (١).
(الرابعة ـ لو اشترك عبيد في قتله) (٢) أي قتل الذكر الحر فللولي قتل الجميع ، أو البعض ، فإن
قتلهم أجمع(رد عليهم ما فضل من قيمتهم عن ديته إن كان) هناك(فضل ثم) على تقدير الفضل لا يرد على الجميع كيف كان بل(كل عبد نقصت قيمته عن جنايته أو ساوت) قيمته جنايته(فلا رد له ،
وإنما الرد لمن زادت قيمته عن جنايته) ما لم تتجاوز دية الحر فترد إليها (٣). فلو كان العبيد
ثلاثة
______________________________________________________
(١) فالفاضل للرجل
خاصة وهو نصف الدية إلا أن الدافع هو المرأة المتروكة.
(٢) من المقرّر أن
دية العبد ما يساوي قيمته إلا أن تزيد على دية الحر فترد إليها ولا يزاد للعبد
أكثر من الحر وسيأتي دليله إن شاء الله تعالى ، وعليه فلو اشترك عبيد في قتل رجل
فإن كانوا اثنين فعلى كل واحد نصف دية الرجل ، فلو قتلهما الولي وكان قيمة كل عبد
نصف دية الرجل فلا شيء عليه ، وإن زادت قيمة أحدهما ردّ الولي على سيده ما زاد من
قيمته عن جنايته ، وإن نقصت قيمته عن جنايته فلا شيء للولي لأن له نفس العبد ،
ويدل على أنه لو نقصت قيمته عن جنايته فلا شيء للولي ، صحيح ضريس : (سألت أبا عبد
الله عليهالسلام عن امرأة وعبد قتلا رجلا ـ إلى أن قال ـ وإن كانت قيمة
العبد أقل من خمسة آلاف درهم فليس لهم إلا العبد) ، ومنه تعرف حكم ما لو قتل البعض فقط.
(٣) أي فترد دية
العبد إلى دية الحر.
__________________
قيمتهم عشرة آلاف درهم
فما دون بالسوية وقتلهم الولي فلا رد (١) ، وإن زادت قيمتهم عن ذلك فعلى كل واحد
ثلث دية الحر ، فمن زادت قيمته عن الثلث ردّ على مولاه الزائد ومن لا فلا.
(الخامسة ـ لو اشترك حر وعبد في قتله (٢) فله) أي لوليه(قتلهما) معا(ويرد على الحر نصف ديته) لأنها الفاضل عن جنايته(وعلى مولى العبد
ما فضل من قيمته عن نصف الدية إن كان له فضل) ما لم يتجاوز دية الحر فترد إليها(وإن قتل أحدهما (٣) فالرد على الحر من مولى العبد أقل الأمرين من جنايته (٤)
وقيمة عبده) إن اختار قتل
الحر ، لأن الأقل إن كان هو الجناية وهو نصف دية المقتول فلا يلزم الجاني سواها ،
وإن كان هو قيمة العبد فلا يجني الجاني على أكثر من نفسه ولا يلزم مولاه الزائد.
ثم إن كان الأقل هو قيمة العبد فعلى الولي (٥) إكمال نصف الدية لأولياء الحر.
(والرد على مولى العبد (٦) من) شريكه(الحر) إن اختار الوليّ العبد(وكان له)
______________________________________________________
(١) لأن قيمتهم
عشرة آلاف بحسب الفرض وجنايتهم هي عشرة آلاف التي هي دية الرجل الحر المقتول.
(٢) أي قتل الحر
الذكر ، فعلى كل واحد نصف دية الرجل قصاصا ، فإن اختار الولي قتلهما ، فقد استوفى
من الحر نفسا كاملة وجنايتها نصف فعلى الولي النصف الآخر لأولياء المقتول قصاصا ،
وأما العبد فإن كانت قيمته بقدر نصف دية الحر فقد استوفى المولى الحق من رقبته ولا
شيء عليه ، وإن نقصت قيمته عن جنايته التي هي نصف الدية فلا شيء على مولاه لأن
الجاني لا يجني على أكثر من نفسه ، وإن زادت قيمته عن جنايته فيردّ الولي المستوفي
على مولى العبد الزائد ما لم تتجاوز القيمة دية الحر فترد إليها.
(٣) أي فإذا اختار
الولي قتل أحدهما ، فإن قتل الحر خاصة فيرد الولي المستوفي على أولياء الحر
المقتول قصاصا نصف ديته كما هو واضح ، ويلزم مولى العبد عند قتل الحر خاصة بأقل
الأمرين من جناية العبد وقيمته ، لأن الأقل إن كان هو القيمة ، فلا يلزم مولاه
الزائد عن القيمة بالنسبة للجناية لأن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه ، وإن كان
الأقل هو الجناية فلا يلزم العبد سوى بجنايته ، وهذا الرد من مولى العبد إنما يكون
لولي المقتول قصاصا والتفاوت يتحمله الولي المستوفي حتى يرد على ولي المقتول قصاصا
نصف ديته.
(٤) جناية العبد.
(٥) المستوفي لحقه
بقتل الحر.
(٦) أي وإن اختار
الولي قتل العبد خاصة ، فإن كانت قيمته نصف دية الحر فما دون فلا ـ
(فاضل) من قيمته عن جنايته بأن تجاوزت قيمته نصف دية الحر ، ثم إن
استوعبت قيمته الدية فله جميع المردود من الحر وإن كانت أقل فالزائد من المردود عن
قيمته بعد حط مقابل جنايته لولي المقتول.
(وإلا) يكن له فضل بأن كانت قيمة العبد نصف دية الحر أو أنقص(ردّ) الحر عوض جنايته
وهو نصف الدية(على المولى) إن شاء.
هذا هو المحصل في
المسألة (١) وفيها أقوال أخر مدخولة (٢) (ومنه يعرف حكم
اشتراك العبد والمرأة) في قتل الحر (٣) (وغير ذلك) من الفروض كاشتراك كل
______________________________________________________
ـ شيء لمولاه
وكان للولي المستوفي على الحر نصف الدية الذي تعلق به بسبب جنايته.
وإن زادت قيمته عن
جنايته وبلغت دية الحر أو أزيد فعلى الحر المتروك أن يدفع نصف دية الرجل إلى مولى
العبد فقط ، لأن ولي الدم قد استوفى حقه بقتل نفس بنفس ، وكان قيمة النفس تساوي
دية قتيله.
وإن زادت قيمة
العبد عن جنايته ولم تبلغ دية الحر ، فما زاد من قيمته عن جنايته لمولاه ويأخذها
من الولي المستوفي ، وعلى الحر المتروك نصف دية الرجل يدفعها للولي المستوفي.
ولو لم يقتلهما
فعلى الحر نصف الدية ، وعلى مولى العبد أقل الأمرين من جنايته وقيمة عبده لما تقدم
، ويتخير ولي الدم بين استرقاق العبد وأخذه العوض المذكور إن كانت الجناية بمقدار
قيمته ، وإن زادت القيمة استرق منه بقدر الجناية لا غير.
(١) بحسب القواعد الشرعية
وعليه عمل الأكثر.
(٢) كقول أبي
الصلاح لو اختار ولي الدم قتلهما ، فيرد الولي قيمة العبد على مولاه وعلى ورثة
الحر بالتساوي ، لأن الحر في قبال الحر فلا بد أن يضمن ولي الدم قيمة العبد لأنه
استوفى حقه من الحر ، وإن قتل الحر خاصة فعلى مولى العبد نصف دية الحر لورثة
المقتول قصاصا ، وإن قتل العبد خاصة فعلى الحر المتروك نصف قيمة العبد لسيده.
وكقول الشيخ في
النهاية والمفيد في المقنعة وابن البراج في المهذب ، أنه لو اختار ولي الدم قتلهما
فيرد الولي قيمة العبد على مولاه فقط ، ولو قتل الحر فيؤدي سيد العبد نصف دية الرجل
إلى ورثة المقتول قصاصا أو يسلّم العبد إليهم ، ولو قتل العبد فليس لمولاه شيء
أبدا.
(٣) فالولي له
قتلهما معا ، ولا شيء عليه للمرأة لأن جنايتها بقدر ديتها ، وأما العبد فإن كانت
جنايته تساوي قيمته فلا شيء على الولي المستوفي ، وإن كانت قيمته أزيد فيرد الولي
المستوفي الزيادة على مولاه ما لم تزد على دية الحر فترد إليها. وإن كانت قيمته
أنقص من ـ
من الحر والعبد
والمرأة مع الخنثى (١) واجتماع الثلاثة وغيرها (٢).
وضابطه : اعتبار
دية المقتول (٣) إن كان حرا. فإن زادت عن جنايته (٤) دفع إليه الزائد ، وإن ساوت (٥)
، أو نقصت (٦) اقتصر على قتله ، وقيمة العبد كذلك ما لم تزد عن دية الحر ورد
الشريك الذي لا يقتل ما قابل جنايته من دية المقتول (٧) على الشريك ، إن استوعب
فاضل ديته (٨) أو قيمته للمردود ، وإلا رد الفاضل إلى الوليّ. وكذا القول لو كان
الاشتراك في قتل امرأة ، أو خنثى (٩) ، ويجب تقديم الرد على الاستيفاء (١٠) في
جميع الفروض.
______________________________________________________
ـ جنايته فلا شيء
على مولاه لأن العبد لا يجني على أكثر من نفسه.
ولو قتل المرأة
خاصة فلا رد عليها ، لأن جنايتها بقدر ديتها ، ولا يجب على مولى العبد إلا أقل
الأمرين من جنايته وقيمته ، فلو كانت قيمته أزيد من جنايته واسترقه ولي الدم فعليه
الزائد عن الجناية إلى مولاه ، ولو قتل العبد خاصة فعلى المرأة المتروكة أن تدفع
نصف دية الرجل لوليه ، والعبد إن ساوت قيمته جنايته أو كانت أنقص فلا ردّ على
مولاه ، وإن زادت ردّ الولي على المولى ما زاد عن جنايته.
(١) فيكون القاتل
أربعة.
(٢) والمعنى :
كاجتماع الثلاثة فقط فهو فرض ، أو اجتماع غير الثلاثة كاجتماع الحر مع تبعض العبد
وهذا فرض وهكذا.
(٣) أي دية
المقتول قصاصا.
(٤) كما إذا قتل
حر بحرة فيرد إليه الزائد.
(٥) كما لو قتل حر
بحرّ.
(٦) كما إذا قتلت
حرة بحرّ ، لأن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه.
(٧) أي من دية
المقتول ظلما ، والمعنى : أن المتروك يدفع بمقدار جنايته من المقتول ظلما إلى
المقتول قصاصا إذا كان المقتول قصاصا قد استوفي منه بأزيد من جنايته ، فيما لو كان
الزائد المستوفى بمقدار ما يرد الشريك المتروك ، وإلا فلو كان المقتول قصاصا قد
استوفى منه بمقدار جنايته ، فالشريك المتروك يرد ما قابل جنايته على ولي الدم.
(٨) أي إن استوعب
فاضل دية المقتول قصاصا أو فاضل قيمة العبد المقتول قصاصا للمردود من قبل الشريك.
(٩) أي ما تقدم
كان الاشتراك في قتل الرجل ، ويأتي نفس الكلام لو اشترك في قتل امرأة أو خنثى.
(١٠) يجب رد
الفاضل من قيمته أو ديته عن جنايته قبل استيفاء القصاص ، فمثلا لو اشترك ـ
(القول في شرائط
القصاص)
وهي خمسة (فمنها ـ التساوي
في الحرية أو الرق (١) فيقتل الحرّ بالحر) سواء كان القاتل ناقص الأطراف ، عادم الحواس والمقتول صحيح
، أو بالعكس ، لعموم الآية ، سواء تساويا في العلم ، والشرف ، والغنى ، والفقر ،
والصحة ، والمرض ، والقوة ، والضعف والكبر ، والصغر ، أم تفاوتا وإن أشرف المريض
على الهلاك (٢) ،
______________________________________________________
ـ رجل وامرأة في
قتل رجل ، وأراد الولي قتلهما فعليه رد فاضل دية الرجل ثم يقتله ، ولو اختار قتل
الرجل فقط ردت المرأة عليه نصف دية الرجل ثم يقتص الولي.
وقد ذهب إليه
المحقق والعلامة في القواعد بدليل أن لوجود زيادة المستوفى على الحق لا يجوز للولي
القتل ، نعم بعد الرد يصح للولي أن يستوفي تمام النفس بعضها قصاصا وبعضها ردا.
وأشكل عليهما بأن
المقتول قصاصا لا يستحق الفاضل ما لم يستوف الولي ، ولذا تضمنت الأخبار الرد على
الورثة وهذا يفيد أن الرد بعد القتل ، والإنصاف أن الأخبار صرحت بالرد بعد القتل
كما في خبر أبي بصير الوارد في اشتراك غلام وامرأة في قتل الرجل ، وصرحت بالرد
قبل القتل كما في صحيحي ابن مسكان والحلبي الواردين في قتل الرجل امرأة ، وكما في صحيح أبي مريم
الأنصاري عن أبي جعفر عليهالسلام الوارد في قصاص الأعضاء ، وهي توجب التخيير أو تحمل على أن
الرد قبل الاستيفاء إذا كان الرد من الولي فلا يجوز له الاستيفاء قبل الرد ، وعلى
أن الرد بعد الاستيفاء إذا كان من الشريك لأن الشريك لا يثبت في ذمته مال إلا إذا
استوفيت جنايته من غيره وهو الأولى.
(١) بمعنى أن الحر
يقتل بالحر ولا يقتل بالعبد ، ويقتل العبد بالعبد ويدل عليه الكتاب ، ومنه قوله
تعالى : (يٰا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصٰاصُ فِي الْقَتْلىٰ
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثىٰ
بِالْأُنْثىٰ) والنصوص كثيرة وما تقدم من الآية فيه الكفاية.
(٢) أي وإن كان
المقتول مريضا مشرفا على الهلاك أو طفلا مولودا فإنه يقتل بهما الحر البالغ الصحيح
لعموم الآية المتقدمة.
__________________
أو كان الطفل
مولودا في الحال.
(و) الحر(بالحرة (١) مع رد) وليها عليه(نصف الدية) ، لأن ديته ضعف ديتها ، وبالخنثى مع رد ربع الدية (٢) ،
والخنثى بالمرأة (٣) مع رد الربع عليه كذلك.
(والحرة بالحرة) ولا رد إجماعا(والحر (٤) ولا
يرد) أولياؤها على
الحر شيئا
______________________________________________________
(١) ولكن مع رد
فاضل ديته ، وهو النصف بلا خلاف للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أحدهما عليهماالسلام : (إن قتل رجل امرأة ، وأراد أهل المرأة أن يقتلوه أدّوا
نصف الدية إلى أهل الرجل) . وخبره الآخر عن أحدهما عليهماالسلام : (قلت له : رجل قتل امرأة ، فقال : إن أراد أهل المرأة أن
يقتلوه أدّوا نصف ديته وقتلوه وإلا قبلوا نصف الدية) .
(٢) أي ويقتل الحر
بالخنثى مع رد ربع الدية على ولي الرجل ، والربع هو التفاوت بين الديتين.
(٣) أي ويقتل
الخنثى بالمرأة مع رد ربع الدية من أوليائها على أوليائه لأنه التفاوت بين
الديتين.
(٤) أي وتقتل
الحرة بالحر ، ولا فاضل للمقتول ظلما ولا ردّ ، وهو المعروف من المذهب كما في
المسالك ويدل عليه أخبار منها : صحيح ابن سنان : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام في امرأة قتلت زوجها متعمدة ، قال : إن شاء أهله أن
يقتلوها قتلوها وليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه) .
وصحيح الحلبي عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (وإن قتلت المرأة الرجل قتلت به ليس لهم إلا نفسها) (.
وخبر هشام بن سالم
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في المرأة تقتل الرجل ما عليها؟ قال : لا يجني الجاني
على أكثر من نفسه) ، ولا يوجد مخالف ، نعم قد ورد في خبر أبي مريم الأنصاري
عن أبي جعفر عليهالسلام أن على أوليائها رد الفاضل ، والخبر : (في امرأة قتلت رجلا
، قال : تقتل ويؤدي وليّها بقية المال) ، وقال الشيخ في كتابي الأخبار : وهذه شاذة لم يروها غير
أبي مريم وهي مخالفة للأخبار ولظاهر القرآن في قوله : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) .
__________________
(على الأقوى) ، لعموم (النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) (١) وخصوص صحيحتي
الحلبي ، وعبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام الدالتين على ذلك صريحا ، وإن الجاني لا يجني على أكثر من
نفسه.
ومقابل الأقوى
رواية أبي مريم الأنصاري عن الباقر عليهالسلام في امرأة قتلت رجلا قال : «تقتل ويؤدي وليها بقية المال»
وهي مع شذوذها لا قائل بمضمونها من الأصحاب. قال المصنف في الشرح : وليس ببعيد
دعوى الإجماع على هذه المسألة.
وأولى منه قتل
المرأة بالخنثى ، ولا ردّ (٢). وقتل الخنثى بالرجل كذلك (٣).
(ويقتص للمرأة من الرجل في الطرف من غير رد (٤) حتى تبلغ) دية الطرف
______________________________________________________
ـ وفي الرياض
والجواهر أنه يحكى عن الراوندي العمل بها وحملها على يسار المرأة والصحاح الدالة
على عدم الرد على إعسارها ، وهو مردود للنص المتقدم بأنها لا تجني على أكثر من
نفسها.
(١) أي لقوله
تعالى : (وَكَتَبْنٰا
عَلَيْهِمْ فِيهٰا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) .
(٢) من أوليائها
على أولياء الخنثى بالربع ، ووجه الأولوية أنه لا يجب على أوليائها الرد فيما لو
كان المقتول ظلما رجلا فمن باب أولى لا يجب عليهم الرد فيما لو كان خنثى لاحتمال
كونه امرأة.
(٣) أي بالأولوية
، وذلك لأنه يحتمل أن يكون الخنثى رجلا فلا رد من أوليائه على أولياء الرجل فيما
لو كانا رجلين.
(٤) لا خلاف ولا
إشكال في أنه يقتص للمرأة من الرجل في الأطراف من غير رد ، وتتساوى ديتهما في ذلك
ما لم تبلغ جراحة المرأة ثلث دية الرجل أو تتجاوزه على الخلاف الآتي ، فإن بلغت
الثلث ترجع إلى النصف من دية الرجل ، فلا يقتص لها منه إلا مع رد التفاوت ويدل على
ذلك الأخبار ، وقد ذكر الشارح خبرين وبه كفاية.
يبقى أن المشهور
جعلوا التساوي بين جراحة المرأة وجراحة الرجل قبل الوصول إلى الثلث ، فإن بلغت
الجراحة الثلث فما زاد ترجع إلى النصف ، ودليلهم الأخبار التي ذكر الشارح بعضها.
وذهب الشيخ في
النهاية إلى أنها ترجع إلى النصف إن جاوزت الثلث اعتمادا على أخبار ـ
__________________
(ثلث دية الحر) فصاعدا(فتصير على النصف) وكذا البحث في الجراح يتساويان فيها دية وقصاصا ما لم تبلغ
ثلث الدية فإذا بلغته ردت المرأة إلى النصف.
ومستند التفصيل
أخبار كثيرة منها : صحيحة أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : قلت له :
ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال : عشر من الإبل. قلت : قطع
اثنتين؟ قال : عشرون من الإبل. قلت : قطع ثلاثا؟ قال : ثلاثون من الإبل. قال : قلت
: قطع أربعا؟ قال : عشرون من الإبل ، قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه
ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون! إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق ، فنبرأ
ممن قاله ، ونقول : الذي جاء به شيطان! فقال عليهالسلام : مهلا يا أبان ، إنّ هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث
رجعت إلى النصف. يا أبان إنك أخذتني بالقياس ، والسنة إذا قيست محق الدين» (١).
وروى تفصيل الجراح
جميل بن دراج عنه عليهالسلام «قال سألت أبا عبد
الله عليهالسلام عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص قال : نعم في الجراحات ،
حتى تبلغ الثلث سواء ، فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل وسفلت المرأة» (٢).
وقال الشيخ(رحمهالله) : ما لم تتجاوز الثلث (٣) ، والأخبار الصحيحة حجة المشهور.
______________________________________________________
ـ منها : خبر سماعة
: (سألته عن جراحة النساء ، فقال : الرجال والنساء في الدية سواء حتى تبلغ الثلث ،
فإذا جازت الثلث فإنها مثل نصف دية الرجل) .
وخبر ابن أبي
يعفور : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل قطع إصبع امرأة ، فقال : تقطع إصبعه حتى تنتهي إلى
ثلث المرأة فإذا جاز الثلث أضعف الرجل) ، وأخبار المشهور أكثر وأصح.
(١) الوسائل الباب
ـ ٤٤ ـ من أبواب ديات الأعضاء حديث ١.
(٢) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب قصاص الطرف حديث ٣.
(٣) أي الرجل
والمرأة متساويان ما لم تتجاوز جراحات المرأة ثلث دية الرجل ، وعليه فإن ساوت
الثلث فهي مساوية له.
__________________
إذا تقرر ذلك فلو
قطع منها ثلاث أصابع استوفت مثلها منه قصاصا من غير رد (١). ولو قطع أربعا لم تقطع
منه الأربع إلا بعد رد دية إصبعين.
وهل لها القصاص في
اصبعين من دون رد (٢)؟ وجهان ، منشؤهما وجود المقتضي لجوازه كذلك ، وانتفاء
المانع. أما الأول (٣) فلأن قطع إصبعين منها يوجب ذلك (٤) فالزائد أولى.
وأما الثاني (٥)
فلأن قطع الزائد (٦) زيادة في الجناية فلا يكون سببا في منع ما ثبت أولا (٧) ومن
النص (٨) الدال على أنه ليس لها الاقتصاص في الجناية الخاصة إلا بعد الرد(٩).
ويقوى الإشكال (١٠)
لو طلبت القصاص في ثلاث ، والعفو في الرابعة
______________________________________________________
(١) كما نص عليه
خبر أبان المتقدم.
(٢) إذا قطع لها
الأربع ، والفرق بين الفرع السابق وهذا الفرع أن المرأة في الفرع السابق قطعت له
أربعا مع الرد لو قطع لها أربعا ، وهنا لو قطع لها أربع فهل يجوز لها أن تقطع له
اصبعين من دون رد لأن جراحاتها على النصف من جراحاته إذا بلغت الثلث ، وقد بلغته
هنا.
(٣) أي المقتضي ،
لأن لها قطع إصبعين إذا قطع منها إصبعين ، فلها قطع إصبعين إذا قطع أربع.
(٤) أي قطع إصبعين
من الرجل.
(٥) أي انتفاء
المانع ، لأن قطع ما زاد عن الإصبعين من أصابعها ليس بمانع من القصاص بقطعها
إصبعين من أصابع الرجل.
(٦) أي الزائد عن
الإصبعين.
(٧) من قطع
الإصبعين.
(٨) وجه عدم
الجواز ، وذلك لأن الأخبار قد دلت إما على أخذ الدية عشرين من الإبل كما في خبر
أبان لو قطع لها أربع أصابع ، أو القصاص مع رد عشرين عليه كما يستفاد من خبر جميل
المتقدم ، وموردنا من قطع إصبعين بدون ردّ لا يندرج تحتهما.
(٩) كما يستفاد من
خبر جميل ، وترك النص الدال على أن لها عشرين من الإبل كما هو نص خبر أبان.
(١٠) ووجه
الأقوائية كونه مخالفا للنصوص ، حيث لم يذكر هذا الحكم في خبر.
وعدم إجابتها هنا
أقوى.
وعلى الأول (١)
تتخير بين قطع إصبعين من غير رد ، وبين قطع أربع مع رد دية إصبعين.
ولو طلبت الدية
فليس لها أكثر من دية إصبعين.
هذا إذا كان القطع
بضربة واحدة (٢) ، ولو كان بأزيد (٣) ثبتت لها دية الأربع ، أو القصاص في الجميع
من غير رد ، لثبوت حكم السابق (٤) فيستصحب.
وكذا حكم الباقي (٥).
(ويقتل العبد بالحر (٦) والحرة) وإن زادت قيمته عن الدية ، ولا يردّ على مولاه الزائد (٧)
ـ لو فرض ـ كما لا يلزمه الإكمال ـ لو نقص ـ (وبالعبد)
______________________________________________________
(١) أي جواز
القصاص في إصبعين.
(٢) كما هو الظاهر
من النصوص.
(٣) من ضربة.
(٤) إذ كل ما جنى
عليها جناية يثبت لها حكمها ، فالجناية السابقة بالضربة الأولى كانت بإصبعين فيثبت
لها القصاص بإصبعين ، وعند الجناية الثانية نستصحب الأولى مع ثبوت القصاص لها
بإصبعين لهذه الجناية اللاحقة.
(٥) أي الجناية
الثانية فلها القصاص بإصبعين فالمجموع أربع أصابع من غير رد.
(٦) بلا خلاف
للأخبار منها : صحيح زرارة عن أحدهما عليهماالسلام : (في العبد إذا قتل الحر دفع إلى أولياء المقتول فإن
شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا استرقوه) .
ومعتبرة سماعة عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (يقتل العبد بالحر ولا يقتل الحر بالعبد) ، ومنه تعرف جواز قتله بالحرة.
(٧) لأن الجناية
تعلقت برقبته والقصاص نفس بنفس ، بالإضافة إلى أنها لو زادت قيمته عن دية الحر
فترد إليها ، ولذا لو نقصت قيمته عن دية المقتول ظلما فلا يلزم المولى بالإكمال
لأن القاتل لا يجني على أكثر من نفسه.
__________________
(وبالأمة) (١) سواء كانا لمالك واحد (٢) أم مالكين (٣) ، وسواء تساوت
قيمتهما أم اختلفت.
(وتقتل الأمة بالحر والحرة وبالعبد والأمة) مطلقا (٤).
(وفي اعتبار القيمة هنا) أي في قتل المملوك مثله(قول) (٥) فلا يقتل الكامل بالناقص ، إلا مع ردّ التفاوت على سيد
الكامل ، لأن ضمان المملوك يراعى فيه المالية فلا يستوفى الزائد بالناقص بل
بالمساوي.
ويحتمل جواز
القصاص مطلقا (٦) من غير رد لقوله تعالى : (النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) (٧) ، وقوله (٨): (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ
بِالْعَبْدِ) (٩) أما قتل
الناقص بالكامل
______________________________________________________
(١) بلا خلاف
لقوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصٰاصُ فِي الْقَتْلىٰ
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) ولقوله تعالى : (النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) .
(٢) أي القاتل
والمقتول لإطلاق الآيتين المتقدمتين ، ولخبر إسحاق بن عمار سألت أبا عبد الله عليهالسلام : (عن رجل له مملوكان قتل أحدهما صاحبه ، أله أن يقيده به
دون السلطان إن أحبّ ذلك؟ قال : هو ما له يفعل به ما شاء ، إن شاء قتل وإن شاء عفا)
.
(٣) فلو تساوت
قيمة القاتل والمقتول فلا إشكال ، ولو زادت قيمة القاتل عن المقتول ، فعن العلامة
في القواعد وتبعه عليه غيره أن مولى المقتول لو قتل العبد القاتل قصاصا فعليه رد
التفاوت على مولاه ، لأن قيمة المملوك بمنزلة الدية في غيره ، و
عن ابن حمزة في
الوسيلة أنه لا ردّ وإن كان هناك تفاوت لإطلاق ما سمعته من النصوص ولأن العبد لا
يجني على أكثر من نفسه ولذا توقف العلامة في التحرير.
(٤) سواء كانا
لمالك أو مالكين مع تفاوت القيمة وعدمه لإطلاق النصوص المتقدمة.
(٥) قد تقدم أنه
للعلامة في القواعد.
(٦) مع التفاوت في
القيمة وعدمه.
(٧) المائدة الآية
: ٤٥.
(٨) أي قوله
تعالى.
(٩) البقرة الآية
: ١٧٨.
__________________
فلا شبهة فيه ،
ولا يلزم مولاه الزائد عن نفسه مطلقا (١).
(ولا يقتل الحر بالعبد) (٢) إجماعا ، وعملا بظاهر الآية (٣) ، وصحيحة الحلبي ، وغيره
عن الصادق عليهالسلام : «لا يقتل الحر بالعبد» ورواه العامة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤) وادعى في
الخلاف إجماع الصحابة عليه.
وهذا الحكم ثابت
له وإن اعتاد قتل العبيد (٥) عملا بعموم الأدلة وإطلاقها.
______________________________________________________
(١) أي ولا يلزم
مولى القاتل أن يدفع الزائد من جنايته عن نفسه إلى مولى المقتول ، سواء كان الزائد
قليلا أو كثيرا كما عن بعض المحشين ، أو سواء قلنا بعكسه بوجوب الرد أو لا كما عن
بعض آخر ، أو سواء كان في جناية أو قتل كما عن بعض ثالث.
(٢) لا يقتل الحر
ولو كان أنثى بالعبد ولو كان أمة بلا خلاف فيه ، لأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (لا يقتل الحر بالعبد ، وإذا قتل الحرّ العبد غرّم ثمنه
وضرب ضربا شديدا) (.
ومعتبرة سماعة عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (يقتل العبد بالحر ولا يقتل الحر بالعبد ، ولكن يغرّم
ثمنه ويضرب ضربا شديدا حتى لا يعود) ، بلا فرق بين عبد نفسه وعبد غيره ، وبين القنّ والمدبّر
وأم الولد والمكاتب والمشروط والمطلق ، وسواء كانت قيمة العبد أقل من دية الحر أو
أكثر أو مساوية.
(٣) وهي قوله
تعالى : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ
وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) .
(٤) فقد روت
العامة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا يقتل حر بعبد) .
(٥) لإطلاق ما
تقدم من الأدلة ، وذهب الشيخ وابنا حمزة وزهرة وسلّار وأبو الصلاح ، وعن الغنية
نفي الخلاف فيه ، أنه إذا اعتاد الحر قتل العبيد قتل حسما للجرأة ، سواء كان عبدا
له أو لا ، ويدل عليه أخبار منها : خبر الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليهالسلام : (في رجل قتل مملوكه أو مملوكته ، قال : إن كان المملوك
له أدّب وحبس إلا أن يكون معروفا بقتل المماليك فيقتل به) .
وخبر يونس عنهم عليهمالسلام : (سئل عن رجل قتل مملوكه ، قال : إن كان غير معروف ـ
__________________
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة : (إن اعتاد قتلهم
قتل حسما لجرأته) ، وفساده ، واستنادا إلى روايات لا تنهض في مخالفة ظاهر الكتاب وصحيح الأخبار
وفتوى أكثر الأصحاب. وعلى هذا القول فالمرجع في الاعتياد إلى العرف. وهل يردّ على
أولياء الحر ما فضل من ديته عن قيمة المقتول الذي تحققت به العادة قيل :نعم نظرا
إلى زيادته عنه كما لو قتل امرأة. والأخبار خالية من ذلك ، والتعليل بقتله لإفساده
لا يقتضيه (١).
(ولو قتل المولى عبده) أو أمته(كفّر) كفارة القتل (٢) ، (وعزّر) (٣) ولا يلزمه شيء غير ذلك على الأقوى (٤). وقيل : تجب
الصدقة بقيمته استنادا إلى رواية
______________________________________________________
ـ بالقتل ضرب ضربا
شديدا وأخذ منه قيمة العبد ويدفع إلى بيت مال المسلمين ، وإن كان متعوّدا للقتل
قتل به) . وردّ بأن الأخبار ظاهرة في قتل الحر المعتاد إذا قتل عبده
لا عبد غيره ، هذا فضلا عن ضعف خبر الجرجاني لأنه مجهول الحال ولضعف خبر يونس لأنه
مقطوع ، فلذا لا بد من التمسك بإطلاق النصوص السابقة من عدم جواز قتل الحر بالعبد
سواء كان عبده أو لا ، كما هو المحكي عن الصدوق والمفيد وابني البراج وحمزة
والطبرسي والصهرشتي وابن إدريس والفاضلين بل عليه كافة الأصحاب عدا من سمعت من
أصحاب القول الأول.
ثم وقع الخلاف
بناء على أن المعتاد يقتل ، فهل يقتل قصاصا أو حدا للفساد ، ويترتب عليه فائدة ،
فإذا قلنا أنه حد للفساد فلا ردّ على الحر وإن كانت ديته أكثر من قيمة العبد الذي
قتل به ، وإن قلنا أنه يقتل قصاصا فيردّ على الحر التفاوت بين ديته وقيمة العبد
إذا كان العبد لغيره ، وهو المحكي عن الوسيلة والمراسم والجامع. وفيه : إن الأخبار
لم تصرح بالرد مع أنها في مقام البيان ، ولذا ذهب أكثر القائلين بقتل المعتاد إلى
عدم الرد لأن قتله من باب كونه حدا للفساد.
(١) أي لا يقتضي
الرد.
(٢) وهي كفارة جمع
وقد تقدم البحث في ذلك في باب الكفارات.
(٣) لما دل عليه
خبر الجرجاني ويونس المتقدمين وغيرهما.
(٤) ذهب جماعة
منهم الشيخان وأبو الصلاح وابن البراج والطبرسي وبنو زهرة وإدريس وحمزة إلى أنه
يغرّم قيمته ويتصدق به إذا كان عبدا له لخبر يونس المتقدم : (وأخذ منه ـ
__________________
ضعيفة ، ويمكن
حملها على الاستحباب.
(وقيل : إن اعتاد ذلك قتل) كما لو اعتاد قتل غير مملوكه ، للأخبار السابقة ، وهي
مدخولة السند ، فالقول بعدم قتله مطلقا (١) أقوى.
(وإذا غرم الحر قيمة العبد (٢) أو الأمة) بأن كانا لغيره(لم يتجاوز بقيمة
العبد دية الحر ، ولا بقيمة المملوكة دية الحرة) ، لرواية الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إذا قتل الحر العبد غرم قيمته وأدّب قيل : فإن كانت
قيمته عشرين ألف درهم؟ قال : لا يجاوز بقيمة عبد دية الأحرار» (٣).
______________________________________________________
ـ قيمة العبد
ويدفع إلى بيت مال المسلمين) ، وخبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن أمير المؤمنين عليهالسلام رفع إليه رجل عذّب عبده حتى مات ، فضربه مائة نكالا وحبسه
سنة وغرّمه قيمة العبد فتصدق بها عنه) ، ومرسل يونس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل قتل مملوكه أنه يضرب ضربا وجيعا وتؤخذ منه قيمته
لبيت المال) . وخبر يونس الأول مقطوع والآخر مرسل وخبر مسمع ضعيف لوقوع
محمد بن الحسن بن شمون في سنده وهو ضعيف غال ولوقوع عبد الله الأصم وهو ضعيف أيضا
، ومن هنا توقف في الحكم بالتغريم والصدقة جماعة منهم المحقق والفاضل والمقداد
والأردبيلي وحملوها على الاستحباب لضعف سندها.
(١) سواء كان عبدا
له أو لا.
(٢) أي إذا قتل
الحر عبد الغير لا يقتل به ، ولكن يغرم قيمته يوم قتله ولا يتجاوز بالعبد دية الحر
ولا بالمملوكة دية الحرة بلا خلاف فيه ويدل عليه أخبار منها : خبر ابن مسكان عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (دية العبد قيمته وإن كان نفيسا ، فأفضل قيمته عشرة آلاف
درهم ولا يجاوز به دية الحر) .
وعن ابن حمزة من
ردّ قيمة العبد إلى أقل من دية الحر ولو بدينار تفريقا بين الحر والعبد ، وهو
اجتهاد في قبال النص إذ النص لم يمنع التساوي وإنما منع التجاوز.
وعن الشافعي ومالك
من اعتبار القيمة ما بلغت وهو واضح الفساد بعد عدم دليل لهم ومخالفته لنصوص أهل البيت
عليهمالسلام.
(٣) الوسائل الباب
ـ ٤٠ ـ من أبواب ديات النفس حديث ٤. ـ
__________________
(ولا يضمن المولى جناية عبده) (١) على غيره لأن المولى لا يعقل عبدا(وله)
______________________________________________________
(١) بمعنى لو قتل
العبد حرا عمدا فلا تكون جنايته في رقبة مولاه للأخبار منها : خبر هشام بن سالم عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (لا يجني الجاني على أكثر من نفسه) .
وخبر الصدوق : (قضى
أمير المؤمنين عليهالسلام في مكاتب قتل ـ إلى أن قال ـ العبد لا يغرّم أهله وراء
نفسه شيئا) ، ولكن وليّ الدم بالخيار بين قتله واسترقاقه بلا خلاف فيه
لنصوص منها : صحيح زرارة عن أحدهما عليهماالسلام : (في العبد إذا قتل الحر دفع إلى أولياء المقتول ، فإن
شاءوا قتلوه وإن شاءوا استرقّوه) .
ولكن وقع الخلاف
بينهم في أن ولي الدم إذا أراد استرقاقه فهل يتوقف على رضا مولى العبد قولان ،
ظاهر النصوص أنه لا يتوقف ، ومن أن القتل العمدي يوجب القصاص ولا يثبت المال عوضا
عنه إلا بالتراضي واسترقاقه من جملة أفراد المال.
ولو جرح العبد حرا
عمدا جرحا موجبا للقصاص ، فإن كانت الجراحة تحيط برقبته كان للمجروح الخيار بين
استرقاقه والاقتصاص منه لصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في عبد جرح حرا قال : إن شاء الحر اقتص منه وإن شاء
أخذه إن كانت الجراحة تحيط برقبته) ، وإن كانت الجناية لا تحيط برقبته كان للمجروح الخيار بين
الاقتصاص منه والاسترقاق بمقدار الجناية.
وإن طالب الدية
عند إحاطة الجراحة برقبته أو لا ، فإن دفع المولى فعليه أرش الجناية بالغا ما بلغت
سواء سادت قيمته أو لا ، وهو قول الشيخ ، وقال الشيخ في الخلاف إنه يدفع أقل
الأمرين من قيمته وأرش الجناية فإذا كان الأقل هو القيمة فلأن العبد لا يجني على
نفسه أكثر منها ، وإن كان الأقل هو الأرش فلأنه غاية ما جنى فلا يتحمل الأكثر ،
هذا كله ما لو قتل أو جرح العبد حرا عمدا ، وكذلك ما لو قتل أو جرح عبدا عمدا.
وأما لو قتل أو
جرح خطأ فليس في رقبته القصاص وإنما هو الدية وكان مولاه بالخيار بين فكه ودفعه
إلى أولياء المقتول يسترقونه سواء الذي هدر منه قتلا أو جناية تحيط برقبته أو
ببعضها ، غايته إن أحاطت ببعضها فيسترقونه بمقدار الجناية ، وليس لمولى المجني
عليه أو وليّه هذا التخيير بل التخيير بيد مولى العبد الجاني لأنه ما زال على ملك
سيده ، وجنايته ليست سببا في رفع الملك إلا برضا سيده ، خرج منه ما لو كان القتل
أو الجرح ـ
__________________
(الخيار إن كانت) الجناية صدرت عن المملوك(خطأ بين فكّه
بأقل الأمرين : من أرش الجناية. وقيمته) ، لأن الأقل إن كان هو الأرش فظاهر ، وإن كانت القيمة فهي
بدل من العين فيقوم مقامها وإلا لم تكن بدلا ، ولا سبيل إلى الزائد ، لعدم عقل
المولى. وقيل : بأرش الجناية مطلقا. والأول أقوى(وبين تسليمه) إلى المجني عليه أو وليه ليسترقه أو يسترق منه ما قابل
جنايته.
(وفي العمد التخيير) في الاقتصاص منه ، أو استرقاقه(للمجني عليه ، أو وليه).
(والمدبر) في جميع ذلك(كالقن) (١) فيقتل إن قتل عمدا حرا ، أو عبدا ، أو
______________________________________________________
ـ بالعمد للنصوص ،
هذا من جهة ومن جهة أخرى فلو أراد المولى فكه فهل يفكه بأرش الجناية بالغا ما بلغت
أو بالأقل من أرش الجناية وقيمته فيجري الخلاف السابق وإن كان القول الثاني هو
الأوفق.
(١) سواء كان عمدا
أو خطأ أو كان قتلا أو جناية أو كان المجني عليه حرا أو عبدا ، لكن وقع الكلام في
موردين :
الأول : إن المدبر
لو جنى جناية تستغرق قيمته ولم يفكه المولى واسترقه ولي الدم فهل بموت مولاه ينعتق
قضاء لحق التدبير أو يبطل التدبير لثبوت الجناية في حقه وانتقاله إلى ولي آخر ،
ذهب الشيخان إلى الأول ، وابن إدريس وعامة المتأخرين إلى الثاني وتوقف المحقق في
الشرائع ، واحتج الأولون بحسنة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت له : مدبر قتل رجلا من يضمن عنه؟ قال : يصالح عنه
مولاه فإن أبى دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتى يموت الذي دبره ، ثم يرجع حرا لا
سبيل عليه) ، واحتج الآخرون بصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن مدبّر قتل رجلا عمدا ، قال : يقتل به ، قلت :
وإن قتل خطأ ، قال : يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم فإن شاءوا استرقوا وليس
لهم قتله ، ثم قال : يا أبا محمد إن المدبّر مملوك) . وقد عرفت أن حكم المملوك هو الاسترقاق الدائم ، ورجح صحيح
أبي بصير لأن التدبير جائز كالوصية فيبطل بما يوجب خروجه عن الملك كالبيع.
الثاني : على
القول بعدم بطلان التدبير والحكم بعتقه بعد موت مولاه فهل يسعى في ـ
__________________
يدفع إلى ولي
المقتول يسترقه ، أو يفديه مولاه بالأقل كما مر.
ثم إن فداه ، أو
بقي منه شيء بعد أرش الجناية بقي على تدبيره وإلّا بطل. ولو مات مولاه قبل
استرقاقه وفكّه فالأقوى انعتاقه ، لأنه لم يخرج عن ملكه بالجناية فعلا ، وحينئذ
فيسعى في فكّ رقبته من الجناية إن لم توجب قتله حرا.
(وكذا المكاتب المشروط (١) والمطلق الذي لم يؤد شيئا) (٢) ولو أدى شيئا منها (٣) تحرر منه بحسابه ، فإذا قتل حرا
عمدا قتل به ، وإن قتل مملوكا فلا قود
______________________________________________________
ـ شيء لأولياء
المقتول؟ قيل : لا لإطلاق حسنة جميل المتقدمة ، وقال الشيخ : يسعى في دية المقتول
إن كان حرا وفي قيمته إن كان عبدا ، وقال الصدوق : يسعى في قيمة نفسه لرواية هشام
بن أحمد : (سألت أبا الحسن عليهالسلام عن مدبّر قتل رجلا خطأ؟ قال : أيّ شيء رويتم في هذا الباب؟
قال : روينا عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : نقل برمته إلى أولياء المقتول ، فإذا مات الذي
دبّره عتق ، قال : سبحان الله فيطلّ دم امرئ مسلم ، قلت : هكذا روينا ، قال :
غلطتم على أبي ، نقل برمته إلى أولياء المقتول فإذا مات الذي دبره استسعى في قيمته)
.
وقيل : يسعى في
أقل الأمرين من قيمة نفسه ومن دية المقتول إن كان حرا وقيمته إن كان عبدا جمعا بين
الأدلة.
وذهب الشهيد
الثاني على ما في المسالك : إنه إذا استرقه ولي الدم بالفعل قبل موت مولاه بطل
التدبير ، وإلا عتق بموت مولاه وسعى بفك قيمته إذا كانت جنايته لا توجب قتلا وإلا
لكان لولي الدم قتله ولو كان مدبرا.
(١) وهو الذي
اشترط عليه مولاه أنه ردّ في الرق إذا عجز عن دفع تمام مال المكاتبة ، فهو كالقن
له نفس الأحكام السابقة.
(٢) وهو الذي لم
يشترط عليه مولاه الشرط السابق ، إلا أنه لم يدفع شيئا فهو كالقن له نفس الأحكام
السابقة.
(٣) من المكاتبة
فيتحرر منه بمقدار ما دفع ، وحينئذ فإن قتل عمدا من كان مثله مساويا له في الحرية
أو أزيد قتل به ، وإن كان أقل منه كما لو قتل عبدا قنا فلا قتل لعدم التساوي ولكن
تتعلق جنايته بذمته ، فما يقابل نصيب الحرية يدفع بإزائها مالا وما يقابل نصيب
الرقية كان ولي الدم بالخيار بين الاسترقاق منه بمقداره وبين الدية بحسب هذا
المقدار ، ـ
__________________
وتعلقت الجناية
بما فيه من الرقية مبعضة (١) ، فيسعى في نصيب الحرية ، ويستوفى الباقي منه (٢) ،
أو يباع فيه.
ولو كان القتل خطأ
فعلى الإمام (٣) بقدر ما فيه من الحرية والمولى بالخيار في الباقي كما مر (٤) ،
سواء أدى نصف ما عليه فصاعدا أم لا وكذا القول في كل مبعض.
ولا يقتل المبعض
مطلقا (٥) بمن انعتق منه أقل مما انعتق من الجاني كما لا
______________________________________________________
ـ هذا فإذا فداه
مولاه تبقى الكتابة بحالها وإذا دفعه إلى أولياء المقتول بطلت الكتابة في هذا
البعض من الرقية ، وهم بالخيار بين إبقائه في مالهم وبين بيعه على الغير بمقدار
ذلك البعض ، ولو كان القتل خطأ فما يقابل نصيب الحرية تتحمله العاقلة ومع عدمها
فعلى الإمام ، وما يقابل نصيب الرقية فيأتي فيه نفس الكلام السابق ، وهذا ما عليه
أكثر المتأخرين وتقتضيه القواعد ، وفي بعض الأخبار دلالة عليه.
وفي المسألة أقوال
أخر منها : أن المطلق لو أدى نصف ما عليه فهو وإن تحرر منه نصفه إلا أنه بمنزلة
الحر فيأخذ حكم الحر ، فعلى العاقلة وعند عدمها فعلى الإمام نصيب الجناية مطلقا
عند الخطأ ، وعليه عند العمد ، ذهب إلى ذلك الصدوق وهو مذهب للشيخ في الاستبصار ،
ومستندهما رواية علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام : (وسألته عن المكاتب إذا أدى نصف ما عليه ، قال : هو
بمنزلة الحر في الحدود وغير ذلك من قتل وغيره) .
ومنها : أن ما
قابل نصيب الرقية فعلى مولاه ، وما قابل نصيب الحرية فعلى الإمام ، وهو مذهب الشيخ
في النهاية واختاره ابن إدريس وهو قول الصدوق.
(١) أي تعلقت
الجناية بالنسبة بين الحرية والرقية ، ولكل حكم.
(٢) أي يستوفى
الباقي من الجناية بمقدار الرقية من العبد ، والاستيفاء إما باسترقاقه وإما بدفع
مولاه ، ولو امتنع المولى عن الدفع فيجوز بيعه بمقدار رقيته.
(٣) لأنه عاقلته
عند فقدان الحر من عاقلته.
(٤) أي فالمولى
بالخيار بالباقي من الجناية المتعلق بمقدار رقيته ، فإما أن يفكه بأقل الأمرين من
قيمة هذا البعض وأرش ما تعلق به من الجناية ، وإما أن يدفعه إلى أولياء المقتول
يسترقونه بمقدار جناية الرقية.
(٥) سواء تبعض
بالكتابة أو بغيرها ، والمعنى لا يقتل بالذي هو أقل منه حرية ولا يقتل بالقن لعدم
التساوي في الحرية.
__________________
يقتل بالقن ،
ويقتل بمن تحرر منه مثله أو أزيد. كما يقتل بالحر (١) (ولو قتل حر حرين (٢) فصاعدا فليس لهم) أي لأوليائهم(إلا قتله) لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يجني الجاني على أكثر من نفسه» (٣) ولا فرق بين قتله
لهم جميعا ومرتبا. ولو عفا بعضهم فللباقي القصاص (٤).
______________________________________________________
(١) لتحقق
التساوي.
(٢) فإن اجتمع
أولياء المقتولين في الاستيفاء فليس لهم إلا نفسه ، وليس لهم مع قتله دية حتى يكون
قتله بنفس والدية بنفس ثانية ، بلا خلاف للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (وليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه) .
وخبر هشام بن سالم
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا يجني الجاني على أكثر من نفسه) خلافا لبعض العامة فأوجب الدية مع القتل وهو كما ترى.
ولو اصطلحوا كان
لكل مقتول ديته لأنه لا يطل دم امرئ مسلم ، ثم لو قتله الأولياء جميعا بأن تمكنوا
من ضرب عنقه دفعة أو وكّلوا من يقتله كان قتله استيفاء لحقهم ، ولو بدر أيّ
الوليين إلى قتله فقد استوفي حق الجميع سواء كان القاتل قد قتلهما معا أو على
التعاقب وسواء بدر ولي المقتول السابق أو اللاحق ، نعم لو تشاحّ الأولياء في
البدار إلى قتله قدّم ولي الأول ، وإذا قتلهما دفعة أو أشكل الأمر أقرع بينهم لأن
القرعة لكل أمر مشكل.
ولو أراد أحد
الوليين قتله دون الآخر فهل يستحق الآخر الدية من تركة المقتول قولان ، أحدهما نعم
كما عن ابني الجنيد وزهرة وفخر المحققين والمقداد ، لأنه لو لم تثبت الدية للثاني
للزم طلّ دم امرئ مسلم وهو منهي عنه ، وعن المشهور أن ليس للثاني دية ، لأن الأصل في القصاص
القتل وبعد قتل ولي أحد المقتولين له قد فات محل حق الثاني فلا دية له حينئذ لأن
دية العمد لا تثبت إلا صلحا والصلح متوقف على وجود القاتل وهو منتف بقتل ولي
أحدهما.
(٣) هذا وارد عن
أبي عبد الله عليهالسلام في خبر هشام بن سالم وليس نبويا ، نعم أورد ابن أبي جمهور الأحسائي هذا النبوي
: (لا يجني الجاني على أكبر من نفسه) .
(٤) كأن كان
الباقي وليا للمقتول أولا أو ثانيا.
__________________
وهل لبعضهم
المطالبة بالدية ، ولبعض القصاص؟ وجهان. من ظاهر الخبر (١) وتعدد المستحق (٢) ،
وكذا (٣) في جواز قتله بواحد (٤) أما الأول ، أو بالقرعة ، أو تخييرا (٥) وأخذ
الدية من ماله للباقين. نعم لو بدر واحد منهم فقتله عن حقه استوفاه ، وكان للباقين
الدية ، لفوات محل القصاص إن قلنا بوجوبها (٦). حيث يفوت وسيأتي. وظاهر العبارة
منع ذلك كله (٧) لتخصيصه (٨) حقهم بقتله.
(ولو قطع) الحر(يمين اثنين) حرين (٩) (قطعت يمينه بالأول
ويسراه بالثاني)
______________________________________________________
(١) المتقدم لا
يجني الجاني على أكثر من نفسه ، ولازمه عدم ثبوت الدية للباقي.
(٢) لأنه مع عدم
ثبوت الدية للباقي فيلزم طل دم امرئ مسلم.
(٣) أي الوجهان
السابقان يأتيان.
(٤) إما المقتول
الأول أو الذي أخرجته القرعة عند قتلهما دفعة أو أشكل الأمر.
(٥) والتخيير
للحاكم.
(٦) أي بوجوب
الدية للباقين حيث يفوت حمل القصاص وقد تقدم أنه قول ابن الجنيد وجماعة.
(٧) أي منع ثبوت
الدية في هذه التفاصيل.
(٨) لتخصيص
المصنف.
(٩) قطعت يمينه
للأول ، ويسراه للثاني بلا خلاف فيه لخبر حبيب السجستاني عن أبي جعفر عليهالسلام : (سألته عن رجل قطع يدين لرجلين اليمنيين ، فقال : يا
حبيب تقطع يمينه للذي قطع يمينه أولا ، وتقطع يساره للرجل الذي قطع يمينه أخيرا ،
لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأول.
فقلت : إن عليا عليهالسلام إنما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ، فقال : إنما
كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق الله ، فأما يا حبيب حقوق المسلمين ، فإنه تؤخذ لهم
حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يدان ، والرجل باليد إذا لم يكن
للقاطع يد.
فقلت له : أو ما
تجب عليه الدية وتترك له رجله؟ فقال : إنما تجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس
للقاطع يدان ولا رجلان فثمّ تجب عليه الدية لأنه ليس له جارحة يقاصّ منها) .
__________________
لتساوي اليدين في
الحقيقة ، وإن تغايرا من وجه يغتفر عند تعذر المماثلة من كل وجه ، ولصحيحة حبيب (١)
السجستاني عن أبي جعفر عليهالسلام في رجل قطع يدين لرجلين اليمينين فقال عليهالسلام : «يا حبيب يقطع يمينه للذي قطع أولا ويقطع يساره للذي قطع
يمينه أخيرا لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأول».
ولو قطع يد ثالث (٢)
قيل : قطعت رجله لقوله عليهالسلام في هذه الرواية : (والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان.
فقلت له : أما توجب له الدية وتترك رجله؟ فقال : إنما توجب عليه الدية إذا قطع يد
رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان. فثم توجب عليه الدية ، لأنه ليس له جارحة يقاصّ
منها ولأن المساواة الحقيقية لو اعتبرت لم يجز التخطي من اليمنى إلى اليسرى.
وقيل : ينتقل هنا
إلى الدية ، لفقد المماثل الذي يدل قوله تعالى : (أَنَّ النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) (٣) عليه ، والخبر
يدفع فقد التماثل (٤) ويدل على مماثلة الرجل لليد شرعا وإن انتفت لغة وعرفا. نعم
يبقى الكلام في صحته (٥) فإن الأصحاب وصفوه بالصحة مع أنهم لم ينصوا على توثيق
حبيب. ولعلهم أرادوا بصحته فيما عداه فإنهم كثيرا ما يطلقون ذلك (٦). وحينئذ (٧)
فوجوب الدية أجود. وأولى منه لو
______________________________________________________
(١) لم ينص على
توثيق حبيب في كتب الرجال كما في المسالك ، ومع ذلك وصفت روايته بالصحة لوقوع
الحسن بن محبوب المجمع على تصحيح ما يصح عنه في سندها ، ولورودها في الكتب الثلاثة
وهذا ما يفيد الاطمئنان بصدورها.
(٢) فذهب المشهور
إلى أنه تقطع رجله اليمنى ، أما رجله فلخبر حبيب المتقدم : (والرجل باليد إذا لم
يكن للقاطع يد) ، وأما كونها يمينا فللمماثلة. وذهب ابن إدريس إلى سقوط القصاص
وثبوت الدية لفوات المحل بعد قطع اليدين ، وأما الرجل باليد فلا تماثل بينهما
بخلاف اليدين بعد تضعيف الخبر لكون حبيب لم ينص على توثيقه.
(٣) المائدة الآية
: ٤٥.
(٤) رد من الشارح
على ابن إدريس.
(٥) أي صحة الخبر.
(٦) أو لوقوع
الحسن بن محبوب في مسنده وهو الأولى.
(٧) أي وحين عدم
صحة خبر حبيب.
قطع يد رابع
وبعدها (١) ، فالدية قطعا.
(ولو قتل العبد حرين (٢) فهو لأولياء الثاني إن كان القتل) أي قتله للثاني(بعد الحكم به
للأول) بأن اختار الأول
استرقاقه قبل جنايته على الثاني ، وإن لم
______________________________________________________
(١) أي أولى
بالدية بناء على عدم صحة الخبر ، وعند المشهور تقطع رجله اليسرى للخبر وعند ابن
إدريس تثبت الدية ، نعم لو قطع يد خامس وهذا هو مراد الشارح بقوله «وبعدها» فلا
جارحة له فلا بد من الدية وهذا ما نص عليه الخبر.
(٢) فإن قتلهما
دفعة واحدة اشترك وليّهما فيه بلا خلاف ، ولو قتلهما على التعاقب كان لأولياء
الأخير كما ذهب إليه الشيخ في النهاية ، لانتقاله بالجناية إلى ولي الأول ، فإذا
جنى الثانية انتقل من الأول إلى الثانية ، ولخبر علي بن عقبة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد ، قال : هو لأهل
الأخير من القتلى إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا استرقوا ، لأنه إذا قتل الأول استحق
أولياؤه ، فإذا قتل الثاني استحق منهم فصار لأولياء الثاني ، فإذا قتل الثالث
استحق من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث ، فإذا قتل الرابع استحق من أولياء
الثالث فصار لأولياء الرابع ، إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا استرقوا) .
وذهب المشهور حتى
الشيخ في الاستبصار إلى أنه لولي الثاني إن حكم الحاكم به للأول ، ومع عدم الحكم
فيشتركان فيه لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : (في عبد جرح رجلين قال : هو بينهما إن كانت الجناية
محيطة بثمنه ، قيل له : فإن جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار ، قال
: هو بينهما ما لم يحكم به الوالي في المجروح الأول ، فإن جنى بعد ذلك جناية فإن
جنايته على الأخير) ، والخبر الأول ضعيف لوقوع الحسن بن أحمد بن سلمة في سنده
وهو لم يمدح ولم يذم ، فضلا عن أنه غير معارض لصحيح زرارة ضرورة أن الجناية لا
توجب انتقاله وإنما هي سبب في استحقاق الاسترقاق فلا بد أن يحكم الحاكم أنه لهم
حتى يستحقونه فعلا ، أو يختارون الاسترقاق حتى يكون عبدا لهم فإذا جنى جناية ثانية
فينتقل عنهم إلى أولياء المقتول الثاني على الخلاف بينهم ، فذهب الشيخ في
الاستبصار إلى أن أولياء المقتول الأول لا يملكون العبد إلا إذا حكم الحاكم ، وذهب
المحقق وتبعه المشهور إلى أنه يكفي اختيار أولياء المقتول الأول لأن حكم الحاكم
تبعا لاختياره ولذا جعل الخيار للولي بين الاسترقاق والقتل كما تقدم في الكثير من
النصوص.
__________________
يحكم به حاكم
لبراءته من الجناية الأولى باسترقاقه لها (١) (وإلا) تكن جنايته على الثاني بعد الحكم به للأول(فهو بينهما). لتعلق حقهما معا به ، وهو على ملك مالكه ، ولصحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام في عبد جرح رجلين ، قال : «هو بينهما إن كانت الجناية تحيط
بقيمته قيل له : فإن جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار؟ قال : هو
بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول. قال : فإن جنى بعد ذلك جناية؟ قال :
جنايته على الأخير».
وقيل : يكون
للثاني ، لصيرورته لأولياء الأول بالجناية الأولى فإذا قتل الثاني انتقل إلى
أوليائه ، ولرواية علي بن عقبة عن الصادق عليهالسلام في عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟ قال : فقال : «هو
لأهل الأخير من القتلى إن شاءوا قتلوه وإن شاءوا استرقوه ، لأنه إذا قتل الأول
استحقه أولياؤه. فإذا قتل الثاني استحق من أولياء الأول فصار لأولياء الثاني.
وهكذا وهذا الخبر مع ضعف سنده يمكن حمله على ما لو اختار أولياء السابق استرقاقه
قبل جنايته على اللاحق ، جميعا بينه ، وبين ما سبق. وكذا الحكم لو تعدد مقتوله (٢).
(وكذا لو قتل عبدين) (٣) لمالكين يستوعب كل منهما قيمته(أو) قتل(حرا وعبدا) كذلك (٤) فإن موليي العبدين يشتركان فيه ما لم يسبق مولى الأول إلى
______________________________________________________
(١) أي لمّا رضي
أولياء المقتول الأول الاسترقاق وقد استرقوه وأصبح عبدا لهم خرج من تبعة الجناية
الأولى فلو جنى فيما بعد فيخرج عن ملكهم إلى ملك ولي المقتول الثاني.
(٢) أي كان أكثر
من اثنين.
(٣) وكانت قيمة كل
واحد منهما تستوعب قيمة القاتل ، فإن كان القتل دفعة فلا إشكال في اشتراك الموليين
في الحق قصاصا واسترقاقا ، وإن كان على التعاقب فهو لأولياء العبد الثاني إن حكم
الحاكم أو اختار مولى الأول الاسترقاق ، وإن لم يحكم الحاكم ولم يختر المولى شيئا ثم
جنى جناية بعد جنايته الأولى فقد ذهب المشهور إلى تعلق الجنايتين برقبته ولا وجه
لترجيح إحداهما على الأخرى ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى تقديم الجناية الأولى لسبق
الاستحقاق ، وفيه : إن سبق أحد السببين لا يوجب ذلك لأن مجرد الجناية لا توجب
انتقاله عن ملك مالكه الأصلي ما لم يختار ولي الدم الاسترقاق والمفروض عدمه ، ونفس
الحكم فيما لو قتل حرا وعبدا وكان قيمة العبد المقتول ظلما تستوعب قيمة القاتل.
(٤) أي تستوعب
قيمته قيمة القاتل.
استرقاقه قبل
جنايته على الثاني ، فيكون لمولى الثاني وكذا ولي الحر ومولى العبد. ولو اختار
الأول المال (١) ورضي به المولى تعلّق حق الثاني برقبته.
وقيل : يقدم
الأوّل لأن حقه أسبق ويسقط الثاني ، لفوات محل استحقاقه. والأول أقوى.
(ومنها التساوي في الدين (٢). فلا يقتل مسلم بكافر حربيا
كان) الكافر(أم ذميا) ومعاهدا كان الحربي أم لا(ولكن يعزر) القاتل(بقتل الذمي والمعاهد) لتحريم قتلهما(ويغرم دية الذمي) ويستفاد من ذلك (٣) جواز قتل الحربي بغير إذن
______________________________________________________
(١) أي اختار
الدية ولم يختر الاسترقاق ولا القتل ، فالدية تثبت في ذمة مولى العبد القاتل فهي
بحاجة إلى رضاه ويسقط حق الأول عن العبد ، فلو جنى العبد فيما بعد جناية كانت
متعلقة برقبته.
(٢) أي ومن شرائط
القصاص التساوي في الدين ، فلا يقتل المسلم بالكافر مطلقا سواء كان حربيا أم ذميا
أم مستأمنا ، بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ
اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) وإثبات القصاص لوارث الكافر إن كان كافرا سبيل واضح ،
وللأخبار منها : خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (لا يقاد مسلم بذمي في القتل ولا في الجراحات) .
وعن بعض العامة
ومنهم أبو يوسف صاحب أبي حنيفة أنه يقتل به ، وقد قال الشاعر في ذلك :
يا قاتل المسلم
بالكافر
|
|
جرت وما العادل
كالجائر
|
يا من ببغداد
وأطرافها
|
|
من فقهاء الناس
أو شاعر
|
جار على الدين
أبو يوسف
|
|
بقتله المسلم
بالكافر
|
فاسترجعوا
وابكوا على دينكم
|
|
واصبروا فالأجر
للصابر
|
نعم يعزر المسلم
إن كان الذي قتله ممن يحرم قتله كالذمي والمستأمن ، بخلاف الحربي منهم فإنه مهدور
الدم فلا يعزر المسلم لو قتله عمدا وإن لم يستأذن الإمام عليهالسلام ، وكذلك يغرّم دية الذمي بلا خلاف في ذلك.
(٣) أي يستفاد من
حصر التعزير بقتل الذمي والمعاهد أنه لو قتل الحربي فلا تعزير.
__________________
الإمام ، وإن توقف
جواز جهاده عليه (١) ، ويفرق بين قتله وقتاله جهادا ، وهو كذلك ، لأن الجهاد من
وظائف الإمام (٢). وهذا يتم في أهل الكتاب (٣) لأن جهادهم يترتب عليه أحكام غير
القتل تتوقف على الحاكم ، أما غيرهم فليس في جهاده إلّا القتل ، أو الإسلام.
وكلاهما لا يتوقف تحقيقه على الحاكم لكن قد يترتب على القتل أحكام أخر مثل أحكام
ما يغنم منهم ونحوه وتلك وظيفة الإمام أيضا.
(وقيل) (٤) ـ والقائل جماعات من الأصحاب منهم الشيخان ، والمرتضى
والمحقق ، والعلامة في أحد قوليه ، والمصنف في الشرح (٥) مدعيا الإجماع فإن
______________________________________________________
(١) على إذن
الإمام عليهالسلام.
(٢) تعليل لاحتياج
الجهاد لإذنه عليهالسلام ، بخلاف قتل الحربي فإنه ليس من وظائف الإمام عليهالسلام.
(٣) أي كون جهادهم
من وظائف الإمام ، لأن جهادهم قد ينتهي إلى قبول الجزية وتعيين قدرها ، وقد ينتهي
إلى الإسلام ، وقد ينتهي إلى القتال ، وتعيين واحد منها بحاجة إلى الحاكم.
وأما جهاد غيرهم
فهو دائر بين القتال وإسلامهم ، وكلاهما غير متوقف على الحاكم ، لأنهم إن أسلموا
فهو وإلا فيجب القتال شرعا ، نعم بعد قتالهم تترتب أحكام مثل تقسيم الغنيمة بينهم
، وهي متوقفة على الحاكم إلا أنها أجنبية عن أهل الجهاد الذي هو مفروض الكلام.
(٤) ما تقدم لا
كلام فيه ، ولكن لو قتل المسلم ذميا وكان معتادا على قتل الكفار فقد وقع الخلاف في
حكمه على أقوال :
الأول : يقتل
قصاصا بعد أن يردّ أولياء المقتول فاضل دية المسلم عن دية الذمي ، وإليه ذهب
المشهور للأخبار منها : صحيح إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت له : رجل قتل رجلا من أهل الذمة ، قال : لا يقتل به
إلا أن يكون متعوّدا للقتل).
الثاني : إنه يقتل
حدا لا قصاصا لإفساده في الأرض وهو قول ابن الجنيد وأبو الصلاح الحلبي.
الثالث : إنه لا
يقتل به ، وهو قول ابن إدريس ، وتردد المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد
والشهيد في اللمعة ، والنصوص المتقدم بعضها حجة على هذين القولين الأخيرين.
(٥) شرح الإرشاد.
المخالف ابن إدريس
وقد سبقه الإجماع (١) ـ : إنه(إن اعتاد قتل أهل الذمة اقتصّ منه بعد رد فاضل ديته).
ومستند هذا القول
مع الإجماع المذكور : رواية إسماعيل بن الفضل عن الصادق عليهالسلام «قال : سألته عن
دماء المجوس ، واليهود ، والنصارى هل عليهم وعلى من قتلهم شيء إذا غشوا المسلمين
وأظهروا العداوة لهم والغش؟ قال : لا ، إلّا أن يكون متعودا لقتلهم ، قال : وسألته
عن المسلم هل يقتل بأهل الذمة وأهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال : لا إلا أن يكون معتادا
لذلك لا يدع قتلهم فيقتل وهو صاغر» (٢).
وأنه مفسد في
الأرض (٣) بارتكاب قتل من حرم الله قتله.
والعجب أن ابن
إدريس احتج على مذهبه (٤) بالإجماع على عدم قتل المسلم بالكافر وهو استدلال في
مقابلة الإجماع. قال المصنف في الشرح : والحق أن هذه المسألة إجماعية ، فإنه لم
يخالف فيها أحد سوى ابن إدريس وقد سبقه الإجماع ، ولو كان هذا الخلاف مؤثرا في
الإجماع لم يوجد إجماع أصلا ، والإجماع على عدم قتل المسلم بالكافر يختص بغير
المعتاد.
وأعجب من ذلك نقل
المصنف ذلك (٥) قولا مشعرا بضعفه ، بعد ما قرره من الإجماع عليه ، مع أن تصنيفه
لهذا الكتاب بعد الشرح.
واحتج في المختلف
لابن إدريس برواية محمد بن قيس عن الباقر عليهالسلام قال : «لا يقاد مسلم بذمي» (٦) وأجاب (٧) بأنه مطلق فيحمل
على المفصل (٨).
______________________________________________________
(١) فمخالفته لا
تضر فلذا ادعى المصنف الإجماع ، وأنت خبير أن هكذا إجماع مبني على قاعدة اللطف ،
وقد حرر في محله عدم حجيته.
(٢) الوسائل الباب
ـ ٤٧ ـ من أبواب القصاص في النفس حديث ١.
(٣) دليل ثالث على
قتل المسلم المتعوّد ، وفيه : إن هذا الدليل يوجب قتله حدا بخلاف الدليلين
السابقين فإنهما ظاهران في قتله قصاصا من ناحية رد فاضل الدية.
(٤) من عدم قتل
المسلم بالذمي وإن كان معتادا.
(٥) أي قتل المسلم
المتعود بالذمي كما في اللمعة هنا.
(٦) الوسائل الباب
ـ ٤٧ ـ من أبواب القصاص في النفس حديث ٥.
(٧) أي العلامة عن
الاستدلال المذكور.
(٨) وهو خبر
إسماعيل المتقدم.
وفيه (١) : إنه (٢)
نكرة في سياق النفي فيعم ، ومعه (٣) يخص العام بالمخصص المفصل (٤) ، والمناقشة
لفظية (٥). والأقوى المشهور.
ثم اختلف القائلون
بقتله ، فمنهم من جعله قودا كالشيخ ومن تبعه ، فأوجبوا رد الفاضل من ديته.
ومنهم من جعله حدا
، لفساده ، وهو العلامة في المختلف ، وقبله ابن الجنيد وأبو الصلاح.
ويمكن الجمع بين
الحكمين (٦) فيقتل لقتله وإفساده ، ويرد الورثة الفاضل.
وتظهر فائدة
القولين (٧) في سقوط القود بعفو الولي ، وتوقفه على طلبه (٨) على الأول ، دون
الثاني. وعلى الأول (٩) ففي توقفه على طلب جميع أولياء المقتولين
______________________________________________________
(١) أي في جواب
العلامة.
(٢) أي خبر محمد
بن قيس.
(٣) مع العموم.
(٤) فكيف جعله
العلامة مطلقا محمولا على مقيده ، بل عاما محمولا على مخصصه.
(٥) بل قد يطلق
لفظ المطلق على العام في بعض الأحيان بحسب ما له من المعنى اللغوي.
(٦) وظاهر الأخبار
أن قتله قصاصا خصوصا خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا قتل المسلم النصراني ، فأراد أهل النصراني أن
يقتلوه قتلوه وأدّوا فضل ما بين الديتين) المحمول على المتقوّد ، فلو كان حدا فلا
معنى لرد فاضل ديته ولا لكون قتله بيد أهل المقتول النصراني بل بيد الحاكم ، هذا
من جهة ومن جهة أخرى فإذا ضعف القول بكونه حدا يظهر ضعف قول الشارح بالجمع بين
الحكمين ولذا قال في الجواهر : «ومن الغريب ما في الروضة من احتمال القول بالقتل
حدا مع رد فاضل الدية ، إذ هو ـ مع أنه إحداث قول يمكن دعوى الإجماع المركب على
خلافه ، وإن سبقه إليه الكركي في حاشية الكتاب ـ غير واضح الوجه ومناف لما سمعته
من النصوص».
(٧) فعلى القول
بقتله قصاصا يسقط القتل بعفو الولي ، ويتوقف القتل على طلبه ، وعلى القول بكونه
حدا فيجب قتله على كل حال وبيد الحاكم.
(٨) أي توقف القود
على طلب الولي.
(٩) أي على القول
بكون قتله قصاصا ، فلا يقتل إلا إذا كان معتادا كما هو المفروض ، ولازمه أنه قد
قتل جماعة من الكفار حتى يصدق الاعتياد في حقه ، وحينئذ فهل المعتبر طلب جميع
أولياء المقتولين أو طلب ولي المقتول الأخير الذي قد قتله بعد الاعتياد ، ـ
أو الأخير خاصة
وجهان ، منشؤهما : كون قتل الأول جزء من السبب ، أو شرطا فيه. فعلى الأول الأول ،
وعلى الثاني الثاني. ولعله أقوى.
ويتفرع عليه أن
المردود عليه هو الفاضل عن ديات جميع المقتولين ، أو عن دية الأخير. فعلى الأول
الأول أيضا وعلى الثاني الثاني.
والمرجع في
الاعتياد إلى العرف (١) وربما يتحقق بالثانية ، لأنه مشتق من العود (٢) فيقتل فيها
(٣) ، أو في الثالثة. وهو الأجود ، لأن الاعتياد شرط في القصاص فلا بد من تقدمه
على استحقاقه.
(ويقتل الذمي بالذمي) (٤) وإن اختلفت ملتهما كاليهودي والنصراني(وبالذمية (٥) مع الرد) أي رد أولياؤها عليه فاضل ديته عن دية الذمية وهو نصف ديته(وبالعكس) (٦) ...
______________________________________________________
ـ وجهان مبنيان
على أن الاعتياد هل هو جزء في سبب قتله أو شرط ، فإن قلنا إنه جزء السبب ، فيكون
قتل كل واحد منهم جزءا لأن جزء الجزء جزء فيكون القتل متوقفا على طلب الجميع.
وإن قلنا إنه شرط
للسبب لأن السبب هو قتل الذمي بعد الاعتياد ، فالقتل حينئذ متوقفا على طلب ولي
الأخير فقط. إلا أن ظاهر النصوص هو رضا ولي المقتول الأخير فقط.
(١) كما في كل لفظ
ليس للشارع فيه مصطلح خاص.
(٢) ويتحقق العود
بالثانية فيجب قتله في الثالثة حينئذ.
(٣) أي في الثانية
، وهو ليس في محله لأن قتله بعد الاعتياد.
(٤) وإن اختلفت
ملتهما ، بلا خلاف فيه ، لقوله تعالى : (النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) ولخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقول : يقتص اليهودي والنصراني والمجوسي بعضهم من بعض
، ويقتل بعضهم بعضا إذا قتلوا عمدا) .
(٥) أي يقتل الذمي
بالذمية ، بلا خلاف لنفس الأدلة السابقة ، بعد ردّ فاضل ديته على أوليائه ، كما
يقتل المسلم بالمسلمة بعد ردّ فاضل الدية على أوليائه.
(٦) أي تقتل
الذمية بالذمي ، بلا خلاف فيه لنفس الأدلة السابقة ، ولا يستحق ولي المقتول ـ
__________________
تقتل الذمية
بالذمي مطلقا (١) (وليس عليها غرم) كالمسلمة إذا قتلت بالمسلم ، لأن الجاني لا يجني على أكثر
من نفسه.
(ويقتل الذمي بالمسلم (٢) ويدفع ماله) الموجود على ملكه حالة القتل (٣)
______________________________________________________
ـ ظلما إذا أراد
القتل إلا نفس الجاني لما ورد في خبر هشام بن سالم : (لا يجني الجاني على أكثر من
نفسه) .
(١) أي بدون رد.
(٢) لو قتل الذمي
مسلما عمدا ، رفع القاتل وماله إلى أولياء المقتول ، وهم مخيرون بين قتله
واسترقاقه على المشهور ، ويدل عليه خبر ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليهالسلام : (في نصراني قتل مسلما فلما أخذ أسلم ، قال : اقتله به ،
قيل : وإن لم يسلم ، قال : يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا ، وإن شاءوا
عفوا ، وإن شاءوا استرقوا ، قيل : وإن كان معه عين ـ مال ـ قال : دفع إلى أولياء
المقتول هو وماله) .
بلا فرق في ماله
بين المساوي لفاضل دية المسلم والزائد عليه لعموم الأخبار خلافا للصدوق من جواز
الأخذ من ماله بمقدار التفاوت بين دية المسلم والذمي ، ولا فرق بين كون المال مما
ينقل وغيره للإطلاق.
هذا وقد وقع
الخلاف بين المشهور في أن أخذ ماله هل لكونه قد خرج عن الذمة بقتله المسلم عمدا ،
ولما خرج صار حربيا فيجوز قتله أو استرقاقه وأخذ ماله كما ذهب إليه الفاضل الهندي
وابن زهرة وغيرهما ، أو أن جواز الأخذ لماله لكونه حكما لقتله المسلم كما هو ظاهر
النص المتقدم ، وإلا لو كان أخذ ماله لكونه خارجا عن الذمة لجاز لغير أولياء
المقتول أخذ ماله وهو على خلاف الفتوى والنص ، وذهب ابن إدريس إلى عدم جواز أخذ
ماله إن أرادوا قتله ، نعم إن استرقوه فهو وماله لأولياء المقتول لأن العبد وما
يملك لمولاه.
ووقع الخلاف بينهم
أيضا في استرقاق ولده الصغار ، فذهب المفيد وسلار وابن حمزة إلى استرقاقهم للتبعية
لأبيهم المسترق لأنه صار حربيا بقتله المسلم والحربي يجوز استرقاقه هو وأولاده
الصغار ، وغيرهم على العدم ولا يجوز
استرقاقهم
لاستصحاب حريتهم ولمنع التبعية لأن جناية الأب لا تتخطاه إذ لا تزر وازرة وزر أخرى
ولخلو النص المتقدم عن ذلك مع أنه في مقام البيان ، ومما تقدم تعرف أنه لم يخرج عن
أحكام الذمة فيبقى أولاده كذلك.
(٣) ظاهره حال
الجناية مع أن ظاهر النصوص أن يدفع هو وماله حال القصاص.
__________________
(وولده الصغار) غير المكلفين (١) (إلى أولياء المسلم) على وجه الملك(على قول) الشيخ المفيد وجماعة ، وربما نسب إلى الشيخ أيضا. ولكن قال
المصنف في الشرح : إنه لم يجده في كتبه.
وإنما نسب الحكم
إلى القول ، لعدم ظهور دلالة عليه ، فإن رواية ضريس التي هي مستند الحكم خالية عن
حكم أولاده ، وأصالة حريتهم لانعقادهم عليها. وعموم : (لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرىٰ) (٢) ينفيه. ومن ثم
رده ابن إدريس وجماعة.
ووجّه القول بأن
الطفل يتبع أباه فإذا ثبت له الاسترقاق شاركه فيه ، وبأن المقتضي لحقن دمه واحترام
ماله وولده : هو التزامه بالذمة وقد خرقها بالقتل فيجري عليه أحكام أهل الحرب.
وفيه : إن ذلك
يوجب اشتراك المسلمين فيهم ، لأنهم فيء أو اختصاص الإمام عليهالسلام بهم ، لا اختصاص أولياء المقتول.
والأجود :
الاقتصار على ما اتفق عليه الأصحاب ووردت به النصوص من جواز قتله ، والعفو ،
والاسترقاق له ، وأخذ ماله.
(وللولي استرقاقه إلا أن يسلم) قبله (٣) (فالقتل لا غير) لامتناع استرقاق المسلم ابتداء ، وأخذ ماله باق على
التقديرين (٤).
______________________________________________________
(١) لأن المكلف
يخرج عن تبعية أبويه ، فلو أسلم أو كفر يترتب عليه حكمه وإن كان على خلاف ما ذهب
إليه أبواه.
(٢) الأنعام الآية
: ١٦٤.
(٣) أي قبل
الاسترقاق فيتعين إما القتل وإما العفو ، بلا إشكال فيه ولا خلاف ويدل عليه حسنة
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في نصراني قتل مسلما فلما أخذ أسلم ، قال : اقتله به ،
قيل : فإن لم يسلم قال يدفع إلى أولياء المقتول هو وماله) وخبر ضريس المتقدم.
(٤) أسلم أو لم
يسلم ، غايته مع عدم الإسلام يؤخذ ماله ويسترق ، وفيه : إن جواز أخذ ماله مبني على
فرض عدم إسلامه كما نص عليه الخبر فإذا أسلم فلا يجوز أخذ ماله لأنه لا ـ
__________________
(ولو قتل الكافر مثله ثم أسلم القاتل (١) فالدية) عليه لا غير(إن كان المقتول
ذميا) ، لامتناع قتل
المسلم بالكافر في غير ما استثني (٢) ، ولو كان المقتول الكافر غير ذمي (٣) فلا
قتل على قاتله مطلقا ، ولا دية.
(وولد الزنا (٤) إذا بلغ وعقل وأظهر الإسلام مسلم يقتل به
ولد الرشيدة) بفتح الراء
وكسرها : خلاف ولد الزنا ، وإن كان لشبهة ، لتساويهما في الإسلام ، ولو قتله قبل
البلوغ لم يقتل به. وكذا لا يقتل به المسلم مطلقا (٥) عند من يرى أنه كافر وإن
أظهر الإسلام.
(ويقتل الذمي بالمرتد) (٦) فطريا كان أم مليا. لأنه محقون الدم بالنسبة إليه ، لبقاء
علقة الإسلام (٧) ، وكذا العكس على الأقوى (٨) لتساويهما في أصل الكفر ،
______________________________________________________
ـ يحل مال امرئ
مسلم إلا عن طيب نفس ، نعم يتعين قتله قصاصا وهذا اقتصر عليه خبرا ضريس وابن سنان.
(١) فلا يقتل به
لعدم المساواة ، بلا خلاف ولا إشكال ، ويلزم القاتل الدية إذا كان المقتول ذا دية
، وأما إذا كان حربيا فلا شيء على القاتل لجواز قتل الحربي كما تقدم.
(٢) من صورة
الاعتياد.
(٣) أي كان حربيا
فلا شيء على قاتله سواء كان قاتله مسلما أو لا ، معاهدا أو ذميا ، ولا شيء عليه
من قتل أو دية لأن الحربي مهدور الدم.
(٤) فلو قتل ولد
الزنا ولد الرشيدة ، فإنه يقتل به لتساويهما في الإسلام ، نعم من حكم بكفره وأنه
أظهر الإسلام لا يقتله به لعدم التساوي ، وبناء على الأول فلا بد من اشتراط البلوغ
والعقل في ولد الزنا حين القتل العمدي ليكون مسلما ذا تكليف ، وأما ما قبل البلوغ
والإسلام فهو ليس بمسلم إلا بالتبعية والمفروض أنه منفي شرعا عمن تولد منه أبا
وأما.
(٥) سواء كان قبل
البلوغ أو بعده فلا يقتل المسلم به عند من يحكم بكفره بعد البلوغ كابن إدريس.
(٦) ولو كان
المرتد عن فطرة ، بلا خلاف ولا إشكال ، لأن المرتد محقون الدم بالنسبة إليه فيندرج
تحت عموم أدلة القصاص وإن كان مباح الدم بالنسبة للمسلمين.
وعن الشافعية أنه
لا يقتل به لأنه مباح الدم فلا يجب القصاص بقتله كما لا يجب القصاص بقتل الذمي
حربيا.
(٧) ولذا يجب عليه
قضاء ما فاته من العبادات حال الردة.
(٨) أي يقتل
المرتد بالذمي ، فقد تردد العلامة في القواعد بقتله ، لأن المرتد متحرم بالإسلام ـ
كما يقتل اليهودي
بالنصراني ، أما لو رجع الملي إلى الإسلام فلا قود ، وعليه دية الذمي.
(ولا يقتل به المسلم) (١) وإن أساء بقتله ، لأن أمره إلى الإمام عليهالسلام(والأقرب : أن لا دية) للمرتد مطلقا (٢) بقتل المسلم له(أيضا) لأنه بمنزلة الكافر (٣) الذي لا دية له ، وإن كان قبل
استتابة الملي (٤) ، لأن مفارقته للكافر بذلك (٥) لا يخرجه عن الكفر ، ولأن مقدر
الدية شرعي فيقف ثبوتها على الدليل
______________________________________________________
ـ ولذا يجب عليه
قضاء ما فاته حال الردة ، وكذلك يمنع أن يرثه الذمي ولا يجوز استرقاقه ويمنع أن
ينكح الذمية وهذه اللوازم كاشفة عن أنه أشرق من الذمي وأن الذمي أسوأ حالا منه ،
فلا يقتل به لعدم التساوي في الدين.
وذهب العلامة في
التحرير والإرشاد والشيخ في الخلاف والمبسوط والمحقق في الشرائع وغيرهم إلى أن
المرتد يقتل بالذمي للتساوي في الكفر كما يقتل اليهودي بالنصراني لأنهما من ملة
واحدة باعتبار أن الكفر ملة واحدة.
نعم لو رجع المرتد
إلى الإسلام فلا يقتل بالذمي وإن صدرت الجناية حال ردته لعموم (لا يقاد مسلم بذمي)
، ولكن عليه دية الذمي.
(١) أي لو قتل
المسلم مرتدا فلا يقتل به قطعا بلا خلاف ولا إشكال لعدم التساوي في الدين.
ووقع الخلاف في
الدية ، فعن المحقق والعلامة أنه لا دية على المسلم لأن المرتد مباح الدم ، وإن
كان قتله إلى الإمام فقتله من دون إذنه يوجب إثما ولا يوجب دية. ويحتمل وجوب الدية
لأنه محقون الدم بالنسبة إلى غير الإمام ، وهو ضعيف لأن الإمام لا يقتله بعنوان حق
خاص بل لكونه مباح الدم ، غايته اشتراط إذن الإمام لعدم لزوم الهرج والمرج لو
جوزنا القتل بدون إذنه.
(٢) فطريا كان أو
ملّيا.
(٣) استدل الشارح
على عدم وجوب الدية بقتل المرتد بدليلين :
الأول : إن المرتد
كافر فيأخذ حكمه ، والكافر لا دية له إلا ما خرج بالدليل كالذمي.
الثاني : إن الدية
تقدير شرعي لا تثبت إلا بدليل ، والمفروض عدمه فنتمسك بالبراءة.
(٤) لأنه كافر
حينئذ ، ولا دية لكافر.
(٥) أي
بالاستتابة.
__________________
الشرعي وهو منتف ،
ويحتمل وجوب دية الذمي (١) لأنه أقرب منه إلى الإسلام. فلا أقل من كون ديته كديته
، مع أصالة البراءة من الزائد. وهو ضعيف (٢).
(ومنها انتفاء الأبوة (٣) ـ فلا يقتل الوالد وإن علا (٤)
بابنه) وإن نزل لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يقاد لابن من أبيه» (٥) والبنت كالابن إجماعا ، أو
بطريق أولى (٦) ، وفي بعض الأخبار عن الصادق عليهالسلام : «لا يقتل والد بولده ويقتل الولد
______________________________________________________
(١) أي ويحتمل
وجوب دية المرتد ، وقد تقدم دليله مع تضعيفه ، غايته أن دية المرتد هي دية الذمي
وذلك لأن المرتد أشرف حالا من الذمي لبقاء علقة الإسلام فيه فتثبت دية الذمي في
حقه قطعا والزائد مشكوك ننفيه بالبراءة.
(٢) أي احتمال
الدية.
(٣) أي ومن شرائط
القصاص أن لا يكون القاتل أبا للمقتول ، فلو قتل الوالد ولده لا يقتل به بلا خلاف
فيه للأخبار منها : صحيح حمران عن أبي عبد الله عليهالسلام : (لا يقاد والد بولده ، ويقتل الولد إذا قتل والده عمدا) .
وصحيحة الحلبي عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن الرجل يقتل ابنه أيقتل به ، قال : لا) (.
وخبر الفضيل بن
يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام : الفضيل (لا يقتل الرجل بولده إذا قتله ، ويقتل الولد
بوالده إذا قتل والده) .
نعم على الوالد
كفارة القتل وهي كفارة الجمع لعموم أدلتها ، ويعزره الحاكم بما يراه لخبر جابر عن
أبي جعفر عليهالسلام (في الرجل يقتل
ابنه أو عبده ، قال : لا يقتل به ولكن يضرب ضربا شديدا وينفى عن مسقط رأسه) وهو محمول على ما لو رآه الحاكم مصلحة.
(٤) أي الجد وأبيه
وهكذا ، كما صرح به غير واحد بناء على إطلاق لفظ الأب عليهم لغة وعرفا ، وتردد
المحقق في ذلك واقتصر على الأب الأدنى لكونه المتبادر من النصوص.
(٥) الوسائل الباب
ـ ٣٢ ـ من أبواب القصاص حديث ١١ ، والحديث : (يا علي لا يقتل والد بولده).
(٦) فالوالد لا
يقتل بالابن مع أنهما ذكران ، فعدم قتله بالبنت مع أن ديتها نصف دية الذكر أولى.
__________________
بوالده» (١) وهو
شامل للأنثى وعلّل أيضا (٢) بأن الأب كان سببا في وجوب الولد ، فلا يكون الولد
سببا في عدمه ، وهو لا يتم في الأم.
(ويعزر) الوالد بقتل الولد(ويكفّر ، وتجب
الدية) لغيره من الورثة (٣)
(ويقتل باقي الأقارب (٤) بعضهم ببعض كالولد بوالده ، والأم
بابنها) والأجداد من
قبلها (٥) ، وإن كانت لأب ، والجدات مطلقا (٦) ، والأخوة والأعمام ، والأخوال
وغيرهم.
ولا فرق في الوالد
بين المساوي لولده في الدين والحرية ، والمخالف فلا يقتل الأب الكافر بولده المسلم
، ولا الأب العبد بولده الحر للعموم ولأن المانع شرف الأبوة. نعم لا يقتل الولد
المسلم بالأب الكافر ، ولا الحر بالعبد ، لعدم التكافؤ.
(ومنها كمال العقل (٧) ـ فلا يقتل المجنون بعاقل ولا مجنون) سواء كان
______________________________________________________
(١) وهو خبر
الفضيل الآخر ، غير الخبر المتقدم ، الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب القصاص في
النفس حديث ٤.
(٢) أي علل عدم
قتل الوالد بولده ، لأنه سبب في وجود الولد فلا يحسن أن يصير الولد سببا في عدم
الوالد ، وهذا التعليل من العامة وهو منقوض بالأم ، فالأم سبب في وجود الولد مع
أنها تقتل به بلا خلاف فيه بيننا لعموم ما دلّ على القصاص ، وعدم المخصص إذ
الأخبار أخرجت الأب فقط.
وعن الإسكافي منا
والعامة أنها لا تقتل به قياسا على الأب وهو مردود لحرمة القياس.
(٣) لأن القتل
مانع من الإرث كما تقدم في كتاب الإرث ، والدية من جملة مال المقتول.
(٤) بلا خلاف
لعموم أدلة القصاص وعدم شمول المخصص إلا للأب ، وخالف الإسكافي منا والعامة
فاستثنوا الجدات قياسا على الأجداد.
(٥) أي من قبل
الأم ، وإن كانت الأجداد من قبلها من ناحية أبيها.
(٦) جدات لأم أو
لأب.
(٧) أي ومن شرائط
القصاص كمال العقل ، فلا يقتل المجنون لو قتل عاقلا بلا خلاف ، لحديث رفع القلم ،
ولأخبار خاصة في المقام منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (كان أمير المؤمنين عليهالسلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا) .
__________________
الجنون دائما أم
أدوارا إذا قتل حال جنونه(والدية) ثابتة(على عاقلته) ، لعدم قصده القتل فيكون كخطإ العاقل ، ولصحيحة محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «كان أمير المؤمنين عليهالسلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمدا».
وكما يعتبر العقل
في طرف القاتل كذا يعتبر في طرف المقتول (١). فلو قتل العاقل مجنونا لم يقتل به ،
بل الدية إن كان القتل عمدا ، أو شبهه وإلا فعلى العاقلة (٢). نعم لو صال المجنون
عليه ولم يمكنه دفعه إلا بقتله فهدر (٣).
______________________________________________________
ـ وخبر إسماعيل بن
زياد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أن محمد بن أبي بكر كتب إلى أمير المؤمنين عليهالسلام يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا ، فجعل الدية على قومه ،
وجعل خطأه وعمده سواء) .
والأخبار مطلقة
سواء كان المقتول مجنونا أو عاقلا ، وسواء كان القاتل مجنونا مطبقا أو أدواريا
بشرط صدور الفعل منه حال الجنون.
(١) فلا يقتل
العاقل بالمجنون بلا خلاف فيه ، لصحيح أبي بصير : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل قتل رجلا مجنونا ، قال : إن كان المجنون أراده
فدفعه عن نفسه فلا شيء عليه من قود ولا دية ، ويعطى ورثته الدية من بيت مال
المسلمين ، وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه ،
وأرى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله (عزوجل)
ويتوب إليه) (.
(٢) بلا خلاف في
كل ذلك ولا إشكال ويقتضيه الخبر المتقدم والقواعد.
(٣) ظاهره أنه لا دية
له وهو المشهور ، وعن المفيد وابن سعيد أن الدية من بيت مال المسلمين لخبر أبي
بصير المتقدم ولخبر أبي الورد : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أو لأبي جعفر عليهماالسلام : أصلحك الله ، رجل حمل عليه رجل مجنون فضربه المجنون ضربة
، فتناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله ، فقال : أرى أن لا يقتل به ولا يغرم
ديته وتكون ديته على الإمام ، ولا يبطل دمه) وقد أعرض المشهور عن الذيل الموجب للدية على الإمام ، لأن
المجنون محارب ، ودفع المحارب لا يوجب دية إن توقف على قتله كما تقدم في مسألة
المحارب.
__________________
(ولا يقتل الصبي ببالغ) ولا صبي (١) (بل تثبت الدية على
عاقلته) بجعل عمده خطأ
محضا إلى أن يبلغ وإن ميّز ، لصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «عمد الصبي وخطؤه واحد» وعنه (٢) أن عليا عليهالسلام كان يقول : «عمد الصبيان خطأ تحمله العاقلة» واعتبر في
التحرير مع البلوغ الرشد وليس بواضح (٣).
(ويقتل البالغ بالصبي) (٤) ...
______________________________________________________
ـ وفيه : يحتمل
الفرق بين المحارب العاقل والمجنون ويكفي في إثباته هذان الخبران واحدهما صحيح.
(١) لأن البلوغ
شرط في القصاص بلا خلاف ، لحديث رفع القلم ولأخبار خاصة منها : صحيح محمد بن مسلم
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عمد الصبي وخطأه واحد) .
وخبر إسحاق بن
عمار عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (أن عليا عليهالسلام كان يقول : عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة) .
وعن الشيخين
والصدوقين أنه يقتص منه إذا بلغ خمسة أشبار لرواية السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن أمير المؤمنين عليهالسلام سئل عن رجل وغلام اشتركا في قتل رجل ، فقال : إذا بلغ
الغلام خمسة أشبار اقتص منه ، وإن لم يكن قد بلغ خمسة أشبار قضى بالدية) .
وعن الشيخ في
النهاية والمبسوط والاستبصار أنه يقتص منه إذا بلغ عشرا ، اعتمادا على رواية تدل
على ذلك ، وقد اعترف في الجواهر بعدم عثوره عليها وقال : «إنه لم نظفر بها مسندة
كما اعترف به غير واحد من الأساطين». نعم في رواية سليمان بن حفص والحسن بن راشد
عن العسكري عليهالسلام : (إذا بلغ ثمان سنين فجائز أمره في ماله وقد وجبت عليه
الفرائض والحدود) إلا أنه لا عامل بها.
وقال الشارح في
المسالك : «والحق أن هذه الروايات مع ضعف سندها شاذة مخالفة للأصول الممهدة ، بل
لما أجمع عليه المسلمون إلا ما شذّ فلا يلتفت إليها».
(٢) عن أبي عبد
الله عليهالسلام.
(٣) قال في
الجواهر : «لا وجه له إلا أن يريد به كمال العقل لا الرشد بالمعنى المصطلح».
(٤) وفاقا للمشهور
، وهو المذهب كما في المسالك ، ولم يخالف إلا أبو الصلاح. ـ
__________________
على أصح القولين ،
لعموم «(النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ») (١) وأوجب أبو
الصلاح في قتل البالغ (٢) الدية كالمجنون لاشتراكهما في نقصان العقل ، ويضعف بأن
المجنون خرج بدليل خارج وإلا كانت الآية متناولة له بخلاف الصبي مع أن الفرق
بينهما متحقق.
(ولو قتل العاقل) من يثبت عليه بقتله القصاص(ثم جنّ (٣) اقتصّ
منه) ولو حالة الجنون
، لثبوت الحق في ذمته عاقلا ، فيستصحب كغيره من الحقوق.
(ومنها أن يكون المقتول محقون الدم) (٤) أي غير مباح القتل شرعا(فمن أباح)
______________________________________________________
ـ ومستند المشهور
عموم أدلة القصاص ولمرسل بن فضال عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كل من قتل شيئا صغيرا أو كبيرا بعد أن يتعمد فعليه القود)
، وهو منجبر بعمل الأصحاب.
ومستند أبي الصلاح
قد اختلف فيه ، فعن كشف اللثام لم نظفر له بمستند ، وفي المسالك أن الدليل هو
قياسه على العاقل لو قتل مجنونا لاشتراكهما في نقص في العقل ، وردّ أنه قياس لا
نقول به بالإضافة إلى وجود الفارق وهو أن الصبي عنده عقل بخلاف المجنون.
والحق أن المستند
هو التعليل في خبر أبي بصير المتقدم في قتل المجنون حيث ورد فيه : (فلا قود لمن لا
يقاد منه) وهو عام يشمل المجنون والصبي فلا يكون استدلاله قياسا.
(١) المائدة الآية
: ٤٥.
(٢) من باب إضافة
المصدر إلى فاعله ، والمفعول هو الصبي.
(٣) لم يسقط القود
بلا خلاف ، سواء ثبت القتل بالبينة أو بالإقرار للاستصحاب ، ولخبر بريد العجلي : (سئل
أبو جعفر عن رجل قتل رجلا عمدا فلم يقم عليه الحد ولم تصح الشهادة حتى خولط وذهب
عقله ، ثم إن قوما آخرين شهودا عليه بعد ما خولط أنه قتله.
فقال : إن شهدوا
عليه أنه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علة من فساد عقل قتل به ، وإن لم يشهدوا
عليه بذلك وكان له مال يعرف دفعت إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل ، وإن لم
يترك مالا أعطي الدية من بيت المال ، ولا يبطل دم امرئ مسلم) ، وعن بعض العامة المنع من الاقتصاص منه ما دام مجنونا.
(٤) أي ومن شرائط
القصاص أن يكون المقتول محقون الدم بالنسبة للقاتل ، وهو احتراز عن ـ
__________________
(الشرع قتله) لزناء ، أو لواط ، أو كفر(لم يقتل به) قاتله وإن كان بغير إذن الإمام ، لأنه مباح الدم في الجملة
وإن توقفت المباشرة على إذن الحاكم فيأثم بدونه خاصة.
والظاهر عدم الفرق
بين استيفائه (١) بنوع القتل الذي عينه الشارع كالرجم والسيف ، وغيره لاشتراك
الجميع في الأمر المطلوب شرعا وهو إزهاق الروح.
(ولو قتل من وجب عليه قصاص غير الولي قتل به) لأنه محقون الدم بالنسبة إلى غيره (٢).
(القول في ما يثبت به
القتل)
(وهو ثلاثة (٣) : الإقرار به ، والبينة عليه ، والقسامة) بفتح القاف وهي الأيمان يقسّم على أولياء الدم. قاله
الجوهري.
(فالإقرار يكفي فيه المرة) (٤) ، لعموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» وهو
______________________________________________________
ـ مباح الدم شرعا
كالمرتد والزاني واللائط ومن ثبت عليه الحد ، فإن قتله لا يوجب القصاص على القاتل
وإن كان آثما لكونه بغير إذن الإمام ، فلا قود على القاتل لأن المقتول مباح الدم
في الجملة.
(١) أي استيفاء
القتل الذي أباحه الشارع.
(٢) أي غير ولي
الدم ، فيكون قتله عدوانا موجبا للقصاص.
(٣) حصره بالثلاثة
مما لا خلاف فيه ولا إشكال ، وسيأتي دليل كل واحد منها.
(٤) وفاقا للأكثر
لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) ، ولخبر الحسن بن صالح : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل وجد مقتولا ، فجاء رجلان إلى وليه ، فقال أحدهما : أنا
قتلته عمدا ، وقال الآخر : أنا قتلته خطأ ، فقال : إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس
له على صاحب الخطأ سبيل ، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل) ، الظاهر منه قبول الإقرار مرة واحدة ، ومثله غيره من
الأخبار.
وذهب الشيخ وابنا
إدريس والبراج ويحيى بن سعيد والطبرسي إلى أنه يشترط فيه التعدد ، ـ
__________________
يتحقق بالمرة حيث
لا دليل على اعتبار التعدد.
وقيل : تعتبر
المرتان وهو ضعيف(ويشترط فيه أهلية المقر) (١) بالبلوغ والعقل(واختياره وحريته) فلا عبرة بإقرار الصبي والمجنون والمكره والعبد ما دام رقا
ولو بعضه ، إلا أن يصدّقه مولاه فالأقرب القبول (٢) لأن سلب عبارته هنا إنما كان
لحق المولى حيث كان له نصيب في نفسه فإذا وافقه زال المانع. مع وجود المقتضي وهو :
قبول إقرار العقلاء على أنفسهم.
ووجه عدم القبول
مطلقا (٣) : كونه مسلوب أهلية الإقرار كالصبي
______________________________________________________
ـ عملا بالاحتياط
في الدماء ، ولأنه لا ينقص عن الإقرار بالسرقة الذي يشترط فيه التعدد ففيه أولى.
وردّ بأن الاحتياط
معارض بالاحتياط بعدم بطلان دم امرئ مسلم ، وعن الثاني أنه قياس لا نقول به.
(١) أي ويشترط في
المقر أهلية المقر من البلوغ لسلب عبارة الصبي شرعا لحديث رفع القلم ، ومن العقل
لحديث رفع القلم ، ومن الاختيار لحديث الرفع ، وعليه فلا عبرة بإقرار الصبي وإن
كان مراهقا ولا المجنون ولا المكره ولا الساهي والغافل والنائم والسكران.
ويشترط في المقر
الحرية ، فلا عبرة بإقرار العبد لأنه إقرار في حق المولى مع أن الإقرار نافذ في حق
نفسه ، ولخبر أبي محمد الوابشي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن قوم ادعوا على عبد جناية تحيط برقبته فأقر
العبد بها ، فقال : لا يجوز إقرار العبد على سيده) ولا فرق في العبد بين القن وأم الولد والمدبر والمكاتب ،
وإن انعتق بعضه ، نعم مع عتق البعض ينفذ إقراره بمقدار نصيبه من الحرية لكن لا
يقاد منه ، بل تؤخذ الدية منه بحساب حريته.
(٢) لوجود المقتضى
وعدم المانع ، أما الأول فهو ثبوت الإقرار ، وأما الثاني فلأن المانع هو كونه في
حق الغير ، ومع تصديق المولى فيكون قد أذن السيد لعبده بالتصرف في نفسه.
(٣) سواء صدقه
المولى أو لا ، وهو ليس قولا لأحد ، وإنما هو احتمال وقد وجّهه الشارح من كون
العبد مسلوب العبارة كالصبي فإقراره كالعدم ، هذا فضلا عن أن تصديق المولى لا أثر
له إذ ليس للمولى قطع العبد أو جرحه فكيف يكون تصديق المولى إقرارا في حق عبده
الموجب لقطعه. ـ
__________________
والمجنون ، لأن
العبودية صفة مانعة منه كالصبا ، ولأن المولى ليس له تعلق بدم العبد ، وليس له
جرحه ، ولا قطع شيء من أعضائه فلا يقبل مطلقا.
ولا فرق في ذلك
بين القن والمدبر ، وأم الولد ، والمكاتب وإن انعتق بعضه كمطلق المبعض (١). نعم لو
أقر بقتل يوجب عليه الدية لزمه منها بنسبة ما فيه من الحرية ، ولو أقر بالعمد (٢)
ثم كمل عتقه اقتص منه لزوال المانع.
(ويقبل إقرار السفيه والمفلس بالعمد) (٣) ، لأن موجبه القود وإنما حجر عليهما في المال فيستوفى منهما
القصاص في الحال.
(ولو أقرّا بالخطإ (٤) الموجب للمال على الجاني لم يقبل من
السفيه) مطلقا (٥) (ويقبل من المفلس) لكن لا يشارك المقر له الغرماء على الأقوى وقد تقدم في بابه.
(ولو أقر واحد بقتله عمدا ، وآخر بقتله خطأ تخير الولي) (٦) في تصديق من
______________________________________________________
ـ وفي الدليلين
ضعف لأنهما على خلاف ظاهر خبر الوابشي المتقدم من كون المنع من نفوذ إقرار العبد
لكونه في حق سيده ، وهذا يقتضي أن إقراره يقتضي النفوذ لو لا المانع ، فإذا صدّقه
المولى فيرتفع المانع فلا بدّ أن يؤثر المقتضي أثره.
(١) وإن كان تبعضه
ليس بالمكاتبة ، كما لو كان مشتركا بين اثنين وأعتق أحدهما نصيبه منه.
(٢) أي لو أقر
المبعّض بالعمد ثم كمل عتقه بعد إقراره ، فينفذ إقراره في حقه لوجود المقتضى من
الإقرار ، وعدم المانع لارتفاع حق الغير فيه بارتفاع العتق.
(٣) أي يقبل إقرار
المحجور عليه بالقتل العمدي ، لأن المحجور عليه ممنوع من التصرف المالي وموجب
العمد هو القتل وهو ليس ممنوعا من التصرف في نفسه ، فتشمله عمومات أدلة القصاص ،
ويستوفى منه القصاص من غير انتظار لفك حجره ، سواء كان حجره لسفه أو فلس.
(٤) الشبيه بالعمد
الموجب لثبوت الدية عليه لا على العاقلة ، فيثبت المال في ذمته بإقراره بالقتل إذا
كان الحجر لفلس لأن الحجر إنما هو تحفظا على حق الغرماء ، وأما إذا كان الحجر
لسفيه فلا ينفذ إقراره لأن الحجر إنما هو للمنع من التصرف المالي مطلقا لأنه غير
صالح للتصرف.
ثم إذا أقرّ
المفلس وثبتت الدية في ذمته فهل يشارك ولي الدم الغرماء في مال المفلس أو لا ، وقع
الخلاف بينهم وقد تقدم في باب الحجر.
(٥) لا في ماله
ولا في ذمته.
(٦) في تصديق
أحدهما ، بلا خلاف فيه إلا من ابن زهرة ، لأن إقرار كل منهما سبب في ـ
شاء منهما وإلزامه
بموجب جنايته. لأن كل واحد من الإقرارين سبب مستقل في إيجاب مقتضاه على المقر به ،
ولما لم يمكن الجمع تخير الولي وإن جهل الحال كغيره (١) وليس له على الآخر سبيل.
(ولو أقر بقتله عمدا (٢) فأقر آخر ببراءة المقر) مما أقر به من قتله(وأنه هو)
______________________________________________________
ـ إيجاب مقتضاه
على المقرّ به ، ولا يمكن الجمع بين الأمرين فلا بد أن يتخير إن جهل الحال وليس له
على الآخر سبيل ، ولخبر الحسن بن صالح المتقدم ، وذهب ابن زهرة إلى أن الولي
بالخيار بين قتل المقرب بالعمد وبين أخذ الدية منهما نصفين ، وهو ضعيف لأنه اجتهاد
في قبال النص ، وذهب بعض العامة إلى قتلهما معا ، أو أخذ الدية منهما وهو واضح
الفساد إذ لا دليل عليه.
(١) من موارد
التخيير.
(٢) فأقر آخر أنه
هو الذي قتله ، ورجع الأول عن إقراره ، درئ عنهما القصاص والدية ، وودي المقتول من
بيت المال ، كما هو المشهور ، بل عن كشف الرموز لا أعرف مخالفا ، استنادا إلى
رواية علي بن إبراهيم عن أبيه قال : أخبرني بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل وجد في خربة ، وبيده سكين ملطخ بالدم وإذا رجل مذبوح
يتشحّط في دمه ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ما تقول؟
قال : أنا قتلته ،
قال : فاذهبوا به فأقيدوه به ، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعا فقال : لا تعجلوا ،
وردوه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فردوه.
فقال : والله يا
أمير المؤمنين ما هذا قتل صاحبه ، أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام للأول : ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال : يا أمير
المؤمنين ، ما كنت أستطيع أن أقول وقد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي
سكين متلطخ بالدم والرجل متشحط في دمه ، وأنا قائم عليه وخفت الضرب فأقررت ، وأنا
رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة فأخذني البول فدخلت الخربة ، فوجدت الرجل يتشحط
في دمه فقمت متعجبا ، فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني.
فقال عليهالسلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن ، وقولوا له : ما
الحكم فيهما؟
فذهبوا إلى الحسن عليهالسلام وقصوا عليه قصتهما ، فقال الحسن عليهالسلام : قولوا لأمير المؤمنين عليهالسلام : إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيى هذا ، وقد قال الله تعالى :
(وَمَنْ
أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً) ، يخلّى عنهما وتخرج دية المذبوح من بيت المال) ـ
__________________
(القاتل ورجع الأول) عن إقراره(ودي المقتول من
بيت المال) إن كان موجودا(ودرئ) أي رفع(عنهما القصاص كما قضى به الحسن في حياة أبيه علي عليهالسلام) معللا «بأن
الثاني إن كان ذبح ذاك فقد أحيا هذا وقد قال الله(عزوجل) : (وَمَنْ
أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً) (١) ، وقد عمل
بالرواية أكثر الأصحاب مع أنها مرسلة مخالفة للأصل والأقوى تخيير الولي في تصديق
أيهما شاء والاستيفاء منه كما سبق.
وعلى المشهور لو
لم يكن بيت مال كهذا الزمان أشكل درء القصاص (٢) عنهما ، وإذهاب حق المقر له ، مع
أن مقتضى التعليل ذلك.
ولو لم يرجع الأول
عن إقراره فمقتضى التعليل بقاء الحكم أيضا (٣) والمختار التخيير مطلقا (٤).
(وأما البينة ـ فعدلان ذكران) (٥). ولا عبرة بشهادة النساء (٦) ، منفردات ولا
______________________________________________________
ـ وناقش فيها
الشارح في المسالك من أنها مرسلة مخالفة للأصل من ثبوت الحق على أحدهما ، وأن الحق
لا يعدوهما فكيف يسقط عنهما القصاص ، وبعد عدم العمل بالرواية فهذا الفرع مندرج
تحت ما لو أقر شخصان في أن كلّا منهما قد قتله فيتخير الولي في الاستيفاء.
وفيه : إن الرواية
عليها عمل الأصحاب كما في التنقيح وغاية المرام ، وعن السرائر نسبتها إلى رواية
أصحابنا فهي منجبرة بذلك فلا بد من العمل بها.
(١) المائدة الآية
: ٣٢.
(٢) فبعد عدم
القصاص وعدم الدية من المقرين ، فكذلك لا دية له من بيت المال لعدمه وفي هذا إبطال
لدم المسلم وهو مخالف للكثير من النصوص من عدم إبطاله.
وردّ بأن ظاهر
التعليل في الخبر : (إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيى هذا) يوجب عدم القصاص وإن عدم
بيت المال وعليه فتوى المشهور.
(٣) من سقوط
القصاص وأن الدية من بيت المال ، وفتاوى الأصحاب تقييد الحكم برجوع الأول عن
إقراره اقتصارا على ما خالف الأصل على المتيقن.
(٤) سواء رجع
الأول أو لا ، وسواء وجد بيت المال أو لا ، بناء على مبناه من عدم الأخذ بالرواية
المتقدمة فلا بد من الحكم بكون الولي بالخيار في الاستيفاء.
(٥) بلا خلاف
لعموم أدلة البينة وقد تقدم البحث فيه في باب الشهادات.
(٦) أما منفردات
فلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر محمد بن الفضيل عن الإمام ـ
منضمات ، ولا
بالواحد مع اليمين (١) ، لأن متعلقهما المال (٢) وإن عفى المستحق على مال (٣).
وقيل : بالشاهد والمرأتين الدية وهو شاذ.
(ولتكن الشهادة صافية عن الاحتمال (٤) ، فلو قال : جرحه ،
لم يكف حتى يقول : مات من جرحه) ، لأن الجرح لا يستلزم الموت مطلقا (٥).
(ولو قال : أسأل دمه ، تثبت الدامية خاصة) ، لأنها المتيقن من إطلاق
______________________________________________________
ـ الرضا عليهالسلام : (لا يجوز شهادتهن في الطلاق ولا في الدم) .
أما لو كن منضمات
مع الرجال كرجل وامرأتين فذهب الشيخ وابن إدريس إلى عدم القبول عملا بالقاعدة
المشهورة من كون شهادتهن لا تقبل إلا بالمال أو فيما لا يجوز النظر إليه للرجال.
وذهب الشيخ في
المبسوط والمحقق إلى قبول شهادتهن كذلك ويترتب عليه القود ، وذهب الشيخ في النهاية
وابن الجنيد وأبو الصلاح والقاضي والفاضل في المختلف إلى أنه يثبت ذلك ولكن تجب به
الدية دون القود.
وهذا الخلاف ناشئ
من اختلاف الأخبار فبعضها يدل على قبول شهادتهن في الدم كصحيح جميل بن دراج عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ قال : في القتل وحده ،
إن عليا عليهالسلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم) وبعضها يدل على عدم القبول في الدم كصحيح محمد بن الفضيل
المتقدم ، وقد تقدم البحث في باب الشهادات فراجع.
(١) كما هو
المشهور بل عن الرياض الاتفاق عليه ، وتقدم دليله في باب الشهادات.
(٢) أي متعلق
شهادة النساء منضمات وشهادة الواحد مع اليمين.
(٣) أي عفا ولي
الدم عن القصاص فعفا على مال وهو الدية ، ومع ذلك لا يثبت بشهادة ما ذكر ، لأن
المال هنا عرضي وإنما المشهود به هو القتل وموجبه القصاص.
(٤) يعتبر في
الشهادة على الجناية وغيرها أن تكون مفسّرة ومصرّحة بالغرض ، فإذا كانت على القتل
فشرطها أن تضيف الهلاك إلى فعل المشهود عليه ، لأن الشهادة هنا على القتل ، وكل
شهادة ليست بهذا الشرط فلا تكون شهادة على القتل كما هو واضح.
(٥) قليلا كان أو
كثيرا وضعيفا كان أو قويا.
__________________
اللفظ ، ثم يبقى
الكلام في تعيين الدامية فإن استيفاءها مشروط بتعيين محلها فلا يصح بدونه.
(ولا بد من توافقهما على الوصف الواحد) (١) الموجب لاتحاد الفعل(فلو اختلفا زمانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله غدوة ، والآخر عشيّة(أو مكانا) بأن شهد أحدهما أنه قتله في الدار ، والآخر في السوق(أو آلة) بأن شهد أحدهما
أنه قتله بالسكين والآخر بالسيف(بطلت الشهادة) لأنها شهادة على فعلين ، ولم يقم على كل واحد إلا شاهد
واحد ولا يثبت بذلك لوث (٢) على الأقوى للتكاذب. نعم لو شهد أحدهما بإقراره والآخر
بالمشاهدة لم يثبت (٣) وكان لوثا ، لإمكان صدقهما ، وتحقق الظن به.
(وأما القسامة (٤) ...
______________________________________________________
(١) لا خلاف ولا
إشكال في أنه يشترط في شهادة الشاهدين تواردها على الوصف الواحد في القتل وغيره ،
فلو شهد أحدهما أنه قتله غدوة والآخر عشية ، أو بالسكين والآخر بالسيف ، أو بالقتل
في مكان والآخر في غيره ، لم تقبل شهادتهما لأنه لم يثبت على فعل واحد شهادة
اثنين.
(٢) اللوث ـ كما
سيأتي ـ فيما لو ادعى ولي الدم على قوم بأنهم قتلوه وكان معه أمارة على الظن بصدقه
كالشاهد الواحد وشهادة النساء ونحو ذلك مما سيأتي تفصيله.
وعليه فمع اختلاف
الشاهدين في الوصف إلا أنهما متفقان في أصل القتل فهل هذا يوجب صدق المدعي فيما لو
ادعى القتل على قوم فيكون لوثا كما ذهب إليه الشيخ في المبسوط.
أو أنه لا يحصل
بذلك صدق المدعي لأنهما متكاذبان في الوصف فيتساقطان ولا يحصل الظن بشهادتهما على
أصل القتل فلا يتحقق لوث وهذا ما ذهب إليه غيره ، بالإضافة إلى أن اللوث متحقق
بشهادة الواحد مع عدم المعارض ، والمعارض هنا موجود.
(٣) أي القتل ،
وكان لوثا لتوريث ذلك الظن بصدق المدعى.
(٤) القسامة لغة
للأولياء الذين يحلفون على دعوى الدم ، وفي لسان الفقهاء للأيمان ، وفي الصحاح
القسامة هي الأيمان تقسّم على الأولياء في الدم ، وهي على التقديرين اسم أقيم مقام
المصدر فيقال : أقسم إقساما وقسامة ، كما يقال : أكرم إكراما وكرامة ، ولا اختصاص
لها بأيمان الدماء لغة لكن الفقهاء خصّوها بها.
وصورتها : أن يوجد
قتيل في موضع لا يعرف من قتله ولا تقوم بينه ، ويدّعي الولي على ـ
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ أحد أو جماعة
وتقترن الواقعة بما يشعر بصدق المدعي في دعواه ويقال له اللوث فيحلف على ما يدعيه
ويحكم له على ما سيأتي تفصيله ، والأصل في القسامة أخبار كثيرة منها : خبر العجلي
: (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن القسامة ، فقال : الحقوق كلها البيّنة على المدعي
واليمين على المدعى عليه إلا في الدم خاصة ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم فوجدوه قتيلا ،
فقالت الأنصار : إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للطالبين : أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته ، فإن
لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيده برمته ، فقالوا : يا رسول الله ما
عندنا شاهدان من غيرنا ، وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره ، فوداه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من عنده ، وقال : إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا
رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فيكفّ عن قتله ،
وإلا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ، وإلا أغرموا
الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون) .
والقسامة خالفت
غيرها من أيمان الدعاوي بأمور :
منها : كون اليمين
ابتداء على المدعي مع أن اليمين في غيرها على المنكر.
ومنها : تعدد
الحالفين مع أن الأمر في غيرها وحدة الحالف.
ومنها : جواز حلف
الإنسان لإثبات حق غيره في إثبات الدعوى ، أو حلفه لنفي الدعوى عن غيره عند حلف
الخمسين لصالح المدعى عليه.
ولو لم تجتمع شروط
القسامة فالحكم فيها كغيرها من الدعاوى كيفا وكما ، عملا بالعموم الوارد في
الأخبار الكثيرة من أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
ثم لما كانت
القسامة منوطة بقرينة تفيد صدق المدعى ، فهذه القرينة تسمى باللوث ، وقد ذكروا
طرقا لهذه القرينة :
منها : أن يوجد
قتيل في قبيلة أو قرية صغيرة أو محلة منفصلة عن البلد فهو لوث في حقهم ، بحيث لو
ادعى الولي على بعضهم كان له أن يقسم ويثبت القتل حينئذ على المدعى عليه.
ومنها : لو وجد
قتيل في مكان كان معه جماعة قبل القتل ثم تفرقوا عنه.
ومنها : لو وجد
قتيل وبجانبه رجل معه سلاح متلطخ بالدم فهو لوث ، ولو كان بقربه ـ
__________________
ـ (فتثبت مع اللوث ، ومع عدمه (١) : يحلف المنكر يمينا واحدة) على نفي الفعل(فإن نكل) عن اليمين(حلف المدعي يمينا
واحدة) بناء على عدم
القضاء بالنكول(ويثبت الحق) على المنكر بيمين المدعي(ولو قضينا
بالنكول قضي عليه) به بمجرده.
(واللوث أمارة يظن بها صدق المدعي) فيما ادعاه من القتل(كوجود ذي سلاح
ملطخ بالدم عند قتيل في دمه) أما لو لم يوجد القتيل مهرق الدم لم يكن وجود الدم مع ذي
السلاح لوثا(أو وجد) القتيل(في دار قوم أو قريتهم) حيث لا يطرقها غيرهم(أو بين قريتين) لا يطرقهما غير أهلهما(وقربهما) إليه(سواء) ولو كان إلى إحداهما أقرب اختصت باللوث (٢). ولو طرق
القرية غير أهلها (٣) اعتبر في ثبوت اللوث مع ذلك ثبوت العداوة بينهم وبينه(وكشهادة العدل)
______________________________________________________
ـ سبع لم يوجب ذلك
لوثا في حقه.
ومنها : لو رأينا
شخصا من بعيد يحرك يده كما يفعل من يضرب بالسيف أو السكين ، ثم وجدنا في نفس
الموضع قتيلا ، فهو لوث في حق ذلك الرجل.
ومنها : ما إذا
شهد عدل واحد فهو لوث في حق المشهود عليه ، وإن لم تكن بشهادة الواحد بينة.
ومنها : ما لو شهد
الصبيان أو النساء مما لا تقبل شهادتهم إما مطلقا أو في الدم ، ولكن أفاد خبرهم
الظن ، فالمشهور على عدم كونه لوثا ، لأنه غير معتبر شرعا ، وبعضهم ذهب إلى أنه
لوث ما دام قد أفاد ظنا بصدق المدعي.
(١) عدم اللوث فلا
تأتى القسامة ويفعل في هذه الواقعة كما يفعل في بقية الوقائع.
(٢) لحسنة الحلبي
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن الرجل يوجد قتيلا في القرية أو بين القريتين ،
قال : يقاس ما بينهما فأيهما كانت أقرب ضمنت) ومثلها غيرها من الأخبار.
(٣) فعن النهاية
والمراسم أن اللوث يثبت عليهم إن كانت عداوة بينه وبينهم ، وعن بعض أنه إذا وجد
القتيل ليلا لا نهارا يثبت اللوث عليهم ، وفيه : إن المدار على حصول الظن بصدق
المدعي ، وقرائن الأحوال تختلف أشد الاختلاف فالمدار على حصول الظن.
__________________
الواحد بقتل
المدعى عليه به (١) (ولا الصبي ولا الفاسق) والكافر (٢) وإن مأمونا في مذهبه.
(أما جماعة النساء والفسّاق فتفيد اللوث مع الظن) بصدقهم ويفهم منه : إن جماعة الصبيان لا يثبت بهم اللوث ،
وهو كذلك ، إلا أن يبلغوا حد التواتر ، وكذا الكفار والمشهور حينئذ ثبوته بهم ،
ويشكل بأن التواتر يثبت القتل لأنه أقوى من البينة واللوث يكفي فيه الظن ، وهو قد
يحصل بدون تواترهم.
(ومن وجد قتيلا في جامع عظيم (٣) أو شارع) يطرقه غير منحصر(أو في فلاة أو في
زحام على قنطرة ، أو جسر ، أو بئر أو مصنع (٤) غير مختص بمنحصر)
______________________________________________________
(١) أي يشهد
بالقتل على من ادعى عليه القتل.
(٢) ذهب جماعة إلى
عدم ثبوت اللوث بشهادتهم معللين بعدم اعتبار إخبارهم شرعا ، وعن كشف اللثام زيادة
المرأة وإن كانت ثقة ، والمحقق وجماعة قد حكموا بأن شهادة الصبيان لا الصبي الواحد
، والكفار لا تثبت لوثا ما لم تبلغ حد التواتر ، وأما الفساق والنساء فيثبت اللوث
بشهادتهم مع ارتفاع التواطؤ على الكذب ، وأشكل على الجميع بأن اللوث يدور مدار
الظن وهو قد يتحقق بواحد من هذه الأمور بالإضافة إلى أنه لو اشترط في قبول إخبار
الفساق والنساء العلم بارتفاع التواطؤ عن الكذب ، فهو شرط التواتر ، والتواتر يفيد
العلم ، وحجية العلم أقوى من حجية البينة فيجب الحكم بثبوت القتل لا بثبوت اللوث.
(٣) أو على قنطرة
، أو جسر ، أو في موطن زحام ، فديته على بيت مال المسلمين ، ما لم يحصل لوث على
معيّن بلا خلاف ، ويدل عليه أخبار منها : خبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : من مات في زحام الناس يوم الجمعة أو يوم عرفة أو على
جسر لا يعلمون من قتله فديته من بيت المال) .
وخبر أبي بصير عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (إن وجد قتيل بأرض فلاة أديت ديته من بيت المال ، فإن
أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم) .
(٤) مجمع ماء
المطر في البراري.
__________________
(فديته على بيت المال).
(وقدرها) أي قدر القسامة(خمسون يمينا
بالله تعالى في العمد) إجماعا (١) (والخطأ) على الأشهر (٢).
وقيل : خمسة
وعشرون لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام والأول أحوط وأنسب بمراعاة النفس ، [ولو تعدد المدعى عليه (٣)
فعلى كل واحد خمسون على الأقوى].
يحلفها المدعي (٤)
مع اللوث إن لم يكن له قوم(فإن كان للمدعي قوم)
______________________________________________________
(١) ويدل عليه
الأخبار وقد تقدم بعضها ، وخالف ابن حمزة فاعتبر خمسة وعشرين في العمد إذا كان
هناك شاهد واحد ، وقال في الجواهر عنه : «وهو مع ندرته غير واضح الوجه عدا ما قيل
من أنه مبني على أن الخمسين بمنزلة شاهدين وهو اعتبار ضعيف لا تساعده الأدلة».
(٢) سواء كان خطأ
محضا أو شبيها بالعمد ، للاحتياط في الدماء ، وعن جماعة منهم الشيخ والقاضي وابن
حمزة والفاضل بل قيل إنه المشهور أن عليه خمسة وعشرين يمينا لصحيح عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في القسامة خمسون رجلا في العمد وفي الخطأ خمسة وعشرين
رجلا) . ومثله غيره ، وهو المتعين.
(٣) فلو حلف
المدعى وقومه كفاه خمسين يمينا من غير خلاف ، للنصوص السابقة ، وإن توجهت اليمين
على المدعى عليهم ففي اشتراط كل واحد منهم العدد المعتبر أو الاكتفاء بحلف الجميع
للعدد المعتبر قولان ، أولهما للشيخ في المبسوط وثانيهما له في النهاية ، واحتج
الشيخ للثاني بإجماع الفرقة وأخبارها وأصالة براءة الذمة عن الزائد واستدل له : بأن
المدعى به جناية واحدة لاتحاد موضوعها وقد قرّر الشارع عليها خمسين يمينا فتقسط
الخمسين عليهم ، والأصح الأول لأن الدعوى واقعة على كل واحد منهم بالدم ومن حكم
الدعوى بالدم حلف المنكر خمسين ، ومعنى كلام الشارح في المتن : ولو تعدد المدعى
عليه فعلى كل واحد من المدعى عليهم خمسون على الأقوى.
(٤) لو ادعى الولي
القتل على شخص مع اللوث فإن حلف هو وقومه ، وهم أقاربه سواء كانوا دارئين أو لا ،
فهو لإطلاق النصوص ، ولو عدم القوم أو امتنعوا أو امتنع البعض ـ
__________________
والمراد بهم هنا
أقاربه وإن لم يكونوا وارثين(حلف كل) واحد(منهم يمينا) إن كانوا خمسين.
(ولو زادوا) عنها(اقتصر على) حلف(خمسين والمدعي من جملتهم) ويتخيرون في تعيين الحالف منهم.
(ولو نقصوا عن الخمسين كررت عليهم) أو على بعضهم حسبما يقتضيه العدد إلى أن يبلغ الخمسين ،
وكذا لو امتنع بعضهم كررت على الباذل متساويا ومتفاوتا وكذا لو امتنع البعض من
تكرير اليمين(وتثبت القسامة في الأعضاء (١)
______________________________________________________
ـ لعدم علمه
بالحال حلف المدعى لوحده ، أو مع من يوجد من قومه العدد المعتبر.
وإذا كان قومه أقل
من العدد المعتبر في القسامة كررت عليهم الأيمان بالسوية أو بالتفريق أو بالتخيير
بينهم ، كما لو زاد عددهم عن العدد المعتبر فلهم الخيار في تعيين الحالف للعدد
المعتبر.
وقال في الجواهر
عن هذا التفصيل وقد أجاد فيما قاله : «وإن لم يستفد صريحا من أخبار القسامة إلا
أنه لا خلاف أجده فيه بل عليه الإجماع كما في الغنية ، بل يمكن استفادته أيضا من
التأمل في النصوص فإنه وإن ذكر في بعضها الأمر بأن يقسم خمسون رجلا ، إلا أن في آخر : فليتموا قسامة خمسين رجلا» انتهى كلامه.
(١) تثبت القسامة
مع اللوث في الأعضاء وهو موطن وفاق بينهم ، وإنما الكلام في عددها ، فعن ابن إدريس
وسلّار بل هو مذهب الأكثر ، إن كان دية العضو تبلغ دية كاملة كما لو كان العضو
واحدا في البدن كاللسان والأنف أو قطعت كلتا اليدين أو الرجلين فخمسون يمينا ، ولو
قطع إصبعا فخمس أيمان وهكذا.
وقال الشيخ وجماعة
: إن العضو الذي فيه الدية فقسامته ست أيمان كما لو قطع كلتا اليدين ، فلو قطع بعض
الأصابع أو يدا واحدة فبحسابه من ست اعتمادا على رواية ظريف بن ناصح عن عبد الله
بن أيوب عن أبي عمرو المتطبّب قال : (عرضت على أبي عبد الله عليهالسلام ما أفتى به أمير المؤمنين عليهالسلام في الديات ـ إلى أن قال ـ والقسامة جعل في النفس على العمد
خمسين رجلا ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا ، وعلى ما بلغت ديته من
الجروح ألف دينار ستة نفر ، وما كان دون ذلك فحسابه من ستة نفر) الحديث. والعمل بها متعين لروايتها بعدة أسانيد ، وبعضها
صحيح.
__________________
(بالنسبة) أي بنسبتها إلى النفس في الدية فما فيه منها الدية فقسامته
خمسون كالنفس ، وما فيه النصف فنصفها وهكذا.
وقيل : قسامة
الأعضاء الموجبة للدية ست أيمان وما نقص عنها فبالنسبة.
والأقوى الأول.
(ولو لم يكن له قسامة) أي قوم يقسمون ـ فإن القسامة تطلق على الأيمان وعلى المقسم
ـ وعدم القسامة إما لعدم القوم أو وجودهم مع عدم علمهم بالواقعة فإن الحلف لا يصح
إلا مع علمهم بالحال أو لامتناعهم عنها تشهيا فإن ذلك غير واجب عليهم مطلقا (١) (أو امتنع) المدعي(من اليمين) وإن بذلها قومه أو بعضهم(أحلف المنكر
وقومه خمسين يمينا) (٢) ببراءته(فإن امتنع) المنكر من الحلف أو بعضه (٣) (ألزم الدعوى) (٤) وإن بذلها قومه ، بناء على القضاء بالنكول ، أو
______________________________________________________
(١) مع العلم
وعدمه ما لم يوجب تضييع الحق.
(٢) بلا خلاف فيه
ولو كانوا أقل كررت عليهم على نحو ما سمعته في المدعى لإطلاق النصوص المتقدمة.
(٣) أو بعض الحلف
، وهو المقدار الواقع عليه عند التوزيع فيما لو كان قومه الحالفون أقل من خمسين.
(٤) على الأشهر
إما بناء على القضاء بمجرد النكول ، وقد تقدم الخلاف في ذلك في باب القضاء ، وإما
في خصوص القسامة وإن لم نقل به في بقية الموارد للأخبار منها : صحيح بريد العجلي
المتقدم : (وإلا حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ،
وإلا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذ لم يقسم المدّعون) .
وخبر علي بن
الفضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا وجد رجل مقتول في قبيلة قوم حلفوا جميعا ما قتلوه
ولا يعلمون له قاتلا ، فإن أبوا أن يحلفوا أغرموا الدية فيما بينهم في أموالهم) .
وقال الشيخ في
المبسوط للمنكر رد اليمين على المدعي كما في غير المقام لعموم أدلة جواز رد اليمين
على المدعي ، وعليه فلو جوزنا ذلك فهل تردّ القسامة أم يكتفى بيمين واحدة ، وظاهر
عبارته أنه ترد القسامة وهو واضح الضعف لعدم الدليل عليه بعد دلالة النصوص على
الحكم بتغريم الدية بمجرد النكول.
__________________
بخصوص هذه المادة
من حيث إن أصل اليمين هنا (١) على المدعي وإنما انتقل إلى المنكر بنكوله (٢) فلا
تعود إليه كما لا تعود من المدعي إلى المنكر بعد ردها عليه (٣).
(وقيل) والقائل الشيخ في المبسوط : (له ردّ اليمين
على المدعي) كغيره من
المنكرين(فيكفي) حينئذ اليمين(الواحدة) كغيره (٤) وهو ضعيف لما ذكر.
(ويستحب للحاكم العظة) للحالف(قبل الأيمان) كغيره (٥) بل هنا أولى (٦) وروى السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء أولياء المقتول
ببينة وإلا خلى سبيله (٧) وعمل بمضمونها الشيخ. والرواية ضعيفة ، والحبس تعجيل
عقوبة لم يثبت موجبها ، فعدم جوازه أجود.
(الفصل الثاني ـ في
قصاص الطرف) (٨)
والمراد به ما دون
النفس وإن لم يتعلق بالأطراف المشهورة
______________________________________________________
(١) في القسامة.
(٢) بنكول المدعي
فلا تعود إليه.
(٣) أي بعد رد
اليمين من المنكر على المدعي في غير القسامة.
(٤) أي غير القتل.
(٥) أي غير القتل
أيضا.
(٦) لكونه قتلا.
(٧) الوسائل الباب
ـ ١٢ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ١ ، وأصل المسألة لو اتهم رجل بالدم والتمس الولي
من الحاكم حبسه حتى يحضر بينة ، ففي إجابته تردد ، فعن الشيخ وجماعة نعم ، استنادا
إلى رواية السكوني المتقدمة ، وعن غيرهم العدم ، لأن السند ضعيف بالسكوني لأنه
عامي ، والحبس تعجيل عقوبة لا مقتضى له.
(٨) المراد بالطرف
ما دون النفس ، وهو أعم من الأطراف المشهورة كاليد والرجل والأذن والأنف كالجرح في
البطن أو الظهر ونحوهما ، وهو مما لا خلاف فيه ويدل عليه بالإضافة إلى النصوص
المستفيضة التي سيأتي بعضها قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي
الْقِصٰاصِ حَيٰاةٌ يٰا أُولِي الْأَلْبٰابِ) وهو شامل لقصاص الطرف ، وقوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصٰاصٌ) .
__________________
(وموجبه) (١) بكسر الجيم أي سببه(إتلاف العضو) وما في حكمه (٢) (بالمتلف غالبا) وإن لم يقصد الإتلاف(أو بغيره) أي غير المتلف غالبا(مع القصد إلى
الإتلاف) كالجناية على
النفس.
(وشروطه (٣) : شروط قصاص النفس) من التساوي في الإسلام والحرية أو كون المقتص منه أخفض
وانتقاء الأبوة إلى آخر ما فصّل سابقا ، (ويزيد هنا) على شروط النفس اشتراط(التساوي) أي تساوي العضوين المقتص به ومنه(في السلامة) أو عدمها أو كون المقتص منه أخفض(فلا تقطع اليد
الصحيحة بالشلاء) (٤) وهي الفاسدة(ولو بذلها) (٥) أي بذل اليد الصحيحة(الجاني) ، لأن بذله لا يسوغ قطع ما منع الشارع من قطعه ، كما لو
بذل قطعها بغير قصاص.
______________________________________________________
(١) أي سببه ،
والمراد منه سبب قصاص الطرف ، وهو ما سمعته في قصاص النفس إما بإتلاف العضو بما
يتلفه عادة سواء قصد الإتلاف أو لا ، وإما إتلاف العضو بما لا يتلفه عادة مع قصد
الإتلاف ، ضرورة عدم الفرق بين النفس والطرف ، لأن المدار على صدق العمد ، ومناطه
واحد في كليهما.
(٢) إما أن يراد
به ما في حكم إتلاف العضو كشكل اليد فإنه في حكم قطع اليد وإما أن يراد به ما في
حكم العضو كالبطن والظهر فإنهما في حكم اليد من ناحية القصاص.
(٣) أي شروط
القصاص ، وهي كشروط قصاص النفس من اعتبار التساوي في الدين والحرية وانتفاء الأبوة
، واشتراط البلوغ والعقل وكونه محقون الدم ، بلا خلاف فيه ، لإطلاق الكثير من
الأخبار المتقدمة في قصاص النفس ، ويزاد في قصاص الأطراف التساوي في السلامة
والتساوي في المحل مع وجوده ، والتساوي بالمساحة في الشجاج طولا وعرضا.
(٤) بلا خلاف فيه
لخبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل قطع يد رجل شلاء قال : عليه ثلث الدية) .
(٥) فلا يصح قطعها
في قبال الشلاء كما عن العلامة والشهيدين ، لأنه كما لا يصح قتل المسلم بالذمي
والحر بالعبد وإن رضي الجاني فكذلك هنا. وعن العلامة في القواعد والشيخ في المبسوط
والفاضل الهندي أنه يصح قطعها مع البذل للأصل ، ولا يضمن القاطع التفاوت.
__________________
(وتقطع) اليد(الشلاء بالصحيحة) (١) ، لأنها دون حق المستوفى(إلا إذا خيف) من قطعها (٢) (السراية) إلى النفس ، لعدم انحسامها(فتثبت الدية) حينئذ.
وحيث يقطع الشلاء
يقتصر عليها ، ولا يضم إليها أرش التفاوت.(وتقطع اليمين
باليمين (٣) لا باليسرى ، ولا بالعكس) كما لا تقطع السبابة بالوسطى
______________________________________________________
(١) لعموم أدلة
القصاص ، وليس للمقتص أن يطلب الفرق بينهما ، لأن الصحيحة والشلاء متساويتان في
الجرم والمحل ، والاختلاف في الصفة لا يقابل بالمال كالرجولية والأنوثية فلو قتلت
المرأة بالرجل فلا شيء حينئذ لوليه على وليها.
(٢) بحيث يحكم أهل
الخبرة بأن الشلاء لا تنحسم لو قطعت ، لبقاء أفواه عروقها منفتحة ، أو احتملوا ذلك
احتمالا راجحا ، فيعدل حينئذ عن القصاص إلى الدية تفصيا من خطر السراية إلى النفس
، لأن النفس أهم من الطرف بلا خلاف في ذلك كله.
(٣) هذا هو الشرط
الثاني وهو التساوي في المحل مع وجوده ، فتقطع اليمين باليمين ، ولا تقطع اليمين
باليسرى كما لا تقطع اليسرى باليمين مع وجود ما ذكرنا عند الجاني ، بلا خلاف فيه ،
نعم لو لم تكن للجاني يمين وقد جنى على يمين الغير تقطع يساره ، ولو لم تكن له لا
يمين ولا يسار قطعت رجله اليمنى ، ومع عدمها تقطع رجله اليسرى استنادا إلى رواية
حبيب السجستاني المتقدمة وقد وصفها الأكثر بالصحيحة قال : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين ، فقال : يا حبيب تقطع
يمينه للذي قطع يمينه أولا ، وتقطع يساره للذي قطعت يمينه أخيرا ، لأنه إنما قطع
يد الرجل الآخر ويمينه قصاص للرجل الأول.
قال : فقلت إن
عليا عليهالسلام إنما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ، فقال : إنما
كان يفعل ذلك في ما يجب من حقوق الله تعالى ، فأما ـ يا حبيب ـ حقوق المسلمين فإنه
تؤخذ لهم حقوقهم في القصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يدان ، والرجل باليد إذا لم
يكن للقاطع يد.
فقلت له : أما
توجب عليه الدية وتترك له رجله؟
فقال : إنما تجب
عليه الدية إذا قطع يد رجل ، وليس للقاطع يدان ولا رجلان ، فثمّ تجب عليه الدية ،
لأنه ليس له جارحة يقاص منها) ، وقد تقدم الكلام في صحتها.
والحاصل : لابدية
التساوي في المحل المسمى بالتماثل فالعين اليمنى باليمنى ، والسبابة بالسبابة وكذا
في بقية الأصابع وبقية الأطراف إلا ما خرج بالدليل.
__________________
ونحوها ، ولا
بالعكس.
(فإن لم تكن له) أي لقاطع اليمين(يمين فاليسرى فإن
لم تكن له يسرى فالرجل) اليمنى فإن فقدت فاليسرى(على الرواية) التي رواها حبيب السجستاني عن الباقر عليهالسلام.
وإنما أسند الحكم
إليها (١) ، لمخالفته (٢) للأصل من حيث عدم المماثلة بين الأطراف خصوصا بين الرجل
واليد ، إلا أن الأصحاب تلقوها بالقبول ، وكثير منهم لم يتوقف في حكمها هنا. وما
ذكرناه من ترتيب الرجلين مشهور ، والرواية خالية عنه ، بل مطلقة في قطع الرجل لليد
حيث لا يكون للجاني يد.
وعلى الرواية لو
قطع أيدي جماعة قطعت يداه ورجلاه للأول فالأول ، ثم تؤخذ الدية للمتخلف ولا يتعدى
هذا الحكم إلى غير اليدين مما له يمين ويسار كالعينين والأذنين وقوفا فيما خالف
الأصل على موضع اليقين.
وهو الأخذ
بالمماثل ، وكذا ما ينقسم إلى أعلى وأسفل كالجفنين والشفتين ، لا يؤخذ الأعلى
بالأسفل ، ولا بالعكس.
(ويثبت) القصاص(في الحارصة) من الشجاج(والباضعة
والسمحاق والموضحة) (٣) وسيأتي تفسيرها(ويراعى) في الاستيفاء(الشجة) العادية(طولا وعرضا) (٤) فيستوفى بقدرها في البعدين(ولا يعتبر قدر
النزول مع صدق الاسم)
______________________________________________________
(١) إلى الرواية.
(٢) لمخالفة الحكم
المذكور.
(٣) الحارصة ما
تقشر الجلد ، والشجاج جمع شجة وهي في الرأس ، والباضعة ما بضعت اللحم ، والسمحاق
هي التي نفذت إلى أول العظم ، والموضحة هي التي نفذت إلى العظم وأوضحته.
(٤) هذا هو الشرط
الثالث ، وهو التساوي بالمساحة في الشجاج طولا وعرضا ، بلا خلاف فيه ، ويدل عليه عموم
أدلة القصاص كقوله تعالى : (فَعٰاقِبُوا
بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ) وقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ
بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) .
__________________
أي اسم الشجة
المخصوصة من حارصة وباضعة وغيرها ، لتفاوت الأعضاء بالسمن والهزال. ولا عبرة
باستلزام مراعاة الطول والعرض استيعاب رأس الجاني لصغره (١) دون المجني عليه ،
وبالعكس. نعم لا يكمل الزائد عنه من القفا ولا من الجبهة ، لخروجهما عن موضع
الاستيفاء ، بل يقتصر على ما يحتمله العضو ويؤخذ للزائد بنسبة المتخلف إلى أصل
الجرح من الدية ، فيستوفى بقدر ما يحتمله الرأس من الشجة وينسب الباقي إلى الجميع
، ويؤخذ للفائت بنسبته ، فإن كان الباقي ثلثا فله ثلث دية تلك الشجة وهكذا.
(ولا يثبت) القصاص(في الهاشمة) (٢) للعظم(والمنقّلة) له(ولا في كسر العظام لتحقق التغرير) (٣) بنفس المقتص منه ، ولعدم إمكان استيفاء نحو الهاشمة
والمنقلة من غير زيادة ولا نقصان.
(ويجوز) القصاص(قبل الاندمال) (٤) أي اندمال جناية الجاني لثبوت أصل
______________________________________________________
ـ نعم لا يعتبر في
الشجاج العمق ، بل غاية ما يعتبر اسم الشجة ، لتفاوت الرءوس في السمنة والهزال
وغلظ الجلد ورقته على وجه لو اعتبر النزول والعمق لانتفى القصاص ، ولذا لم يعتبر
كما لم يعتبر الصغر والكبر في الأطراف العادية ، ولذا قال الشيخ في المبسوط : «العمق
في الشجاج كالمساحة في الأطراف».
(١) أي لو كانت
مساحة الجناية مقدارا معينا من الطول والعرض إلا أنها استوعبت رأس المجني عليه ،
فيجب القصاص بحسب مساحة الجناية من رأس الجاني وإن لم تستوعب رأسه ، لأن المساحة
هي موطن القصاص وليس كل الرأس لاحتمال تفاوتهما صغرا وكبرا.
وعليه فلو كانت
المساحة في رأس المجني عليه بمقدار ثلثي رأسه إلا أنها بمقدار رأس الجاني مساحة
فلا بد من القصاص ، ولو كانت المساحة من الجناية أكبر من رأس الجاني فيقتص منه
بمقدار رأسه ولا ينزل إلى الوجه أو الرقبة لإتمام المساحة لأنهما عضوان وراء الرأس
، وما تبقى من الجناية لم يستوف تؤخذ ديته بالنسبة إلى أصل الجرح.
(٢) الهاشمة هي
توجب كسر العظم في الرأس أو في غيره كما عن بعض ، والمنقّلة هي التي تؤدي إلى نقل
العظام عن مواضعها ، فلا يثبت فيها القصاص لأنها توجب عادة زيادة الاستيفاء أو
إتلاف عضو آخر ، فينتقل إلى الدية.
(٣) أي جعله عرضة
للهلاك خصوصا في عظام الرأس.
(٤) أي قبل اندمال
جرح المجنى عليه مع احتمال سرايته إلى إتلاف النفس ، وإليه ذهب ـ
الاستحقاق(وإن كان الصبر) إلى الاندمال(أولى) حذرا من السراية الموجبة لتغير الحكم.
وقيل : لا يجوز ،
لجواز السراية الموجبة للدخول (١).
(ولا قصاص إلا بالحديد) (٢) لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا قود إلا بحديد» ، (فيقاس الجرح) طولا وعرضا بخيط وشبهه(ويعلّم طرفاه) في موضع الاقتصاص(ثم يشق من إحدى
العلامتين إلى الأخرى) ولا تجوز الزيادة فإن اتفقت عمدا اقتص من المستوفى (٣) ، أو خطأ فالدية (٤)
ويرجع إلى قوله فيهما (٥) بيمينه ، أو لاضطراب المستوفى منه (٦) ، فلا شيء
لاستنادها إلى تفريطه ، وينبغي ربطه على خشبة ونحوها لئلا يضطرب حالة الاستيفاء.
______________________________________________________
ـ الشيخ في الخلاف
عملا بعموم أدلة القصاص ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز القصاص قبل الاندمال
لموثق إسحاق بن عمار عن جعفر عليهالسلام : (إن عليا كان يقول : لا يقضى في شيء من الجراحات حتى تبرأ)
وهو المتعين وإن كان المشهور قد ذهب إلى الأول.
(١) أي لدخول قصاص
الطرف في قصاص النفس فيلزم زيادة الاستيفاء ، بالإضافة إلى خبر إسحاق المتقدم.
(٢) بحديد حاد غير
مسموم ، ولا كالّ كالسكين والسيف ونحوهما ، لخبر الجعفريات : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا قود إلا بالسيف) ومثله خبر دعائم الإسلام .
(٣) لأنه متعد
بالزيادة.
(٤) سواء كان خطأ
محضا أو شبيه العمد ، ولو زاد المستوفي فادعى الجاني أن الزيادة عمدا وأنكر
المستوفي فالقول قوله مع يمينه.
(٥) في العمد
والخطأ.
(٦) بحيث كانت
الزيادة بسبب هذا الاضطراب ، فلا شيء على المستوفي لاستناد التفريط إلى المستوفى
منه ، ولو ادعى المستوفي الاضطراب وأنكره المستوفى منه فالقول قول الأخير مع
يمينه.
__________________
(ويؤخر قصاص الطرف) من الحر والبرد(إلى اعتدال
النهار) حذرا من السراية (١).
(ويثبت القصاص في العين) (٢) للآية(ولو كان الجاني بعين واحدة والمجني عليه باثنتين قلعت عين
الجاني وإن استلزم عماه) (٣) ، فإن الحق أعماه ، ولإطلاق قوله تعالى : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (٤) ولا ردّ (٥).
(ولو انعكس (٦) بأن قلع عينه) أي عين ذي العين الواحدة(صحيح العينين)
______________________________________________________
(١) أي السراية
إلى إتلاف النفس ، بخلاف قصاص النفس فإنه لا يؤخر ما دام المطلوب إزهاق نفسه.
(٢) بلا خلاف
لقوله تعالى : (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) .
(٣) بلا خلاف
لقوله تعالى : (الْعَيْنَ
بِالْعَيْنِ) ، وللأخبار منها : خبر محمد بن قيس : (قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أعور فقأ عين صحيح ، قال : تفقأ عينه ، قلت : يبقى أعمى
، قال : الحق أعماه) ، وفي حكم الأعور من ذهبت عينه بجناية أوجبت قودا.
(٤) المائدة الآية
: ٤٥.
(٥) من المستوفي
على الأعور بسبب العمى لإطلاق النصوص.
(٦) بأن فقأ
الصحيح عين الأعور ، سواء كانت عين الأعور تالفة حلقة أو بآفة من الله تعالى ، فلا
خلاف بين الأصحاب في ثبوت الدية عليه كاملة ـ أعني دية النفس ـ لأن عين الأعور جميع
بصره ، وإذهاب البصر يوجب الدية إذا وقع التراضي بينهما على الدية.
وأما إذا أراد
الأعور الاقتصاص من الصحيح فيقتص منه بعين في قبال عينه ، ولكن هل له مع ذلك نصف
الدية كما ذهب إليه الشيخ في النهاية والعلامة وابنا سعيد والبراج والطبرسي
والصهرشتي وأبي الصلاح وغيرهم ، لأن الصحيح أذهب جميع بصره واستوفى منه نصف البصر
فيبقى عليه دية النصف ، ولرواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت : أن تفقأ إحدى عيني
صاحبه ويعقل له نصف الدية ، وإن شاء أخذ دية كاملة ، ويعفى عن عين صاحبه) ، وخبر عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن رجل صحيح ـ
__________________
فأذهب بصره(اقتص له بعين واحدة) لأن ذلك هو المماثل للجناية.
(قيل) ـ والقائل ابن الجنيد والشيخ في أحد قوليه وجماعة ـ : (وله مع القصاص) على ذي العينين(نصف الدية) لأنه أذهب بصره أجمع وفيه الدية ، وقد استوفى منه ما فيه
نصف الدية وهو العين الواحدة فيبقى له النصف ، ولرواية محمد بن قيس عن الباقر عليهالسلام قال : «قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت ، ان تفقأ إحدى عيني
صاحبه ويعقل له نصف الدية وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفو عن عين صاحبه» ومثلها رواية
عبد الله بن الحكم عن الصادق عليهالسلام.
ونسبة المصنف
الحكم إلى القيل مشعرة بردّه أو توقفه ، ومنشؤه قوله تعالى : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (١) فلو وجب معها
شيء آخر لم يتحقق ذلك (٢) خصوصا على
______________________________________________________
ـ فقأ عين رجل
أعور ، فقال : الدية كاملة فإن شاء الذي فقئت عينه أن يقتص من صاحبه ويأخذ منه خمسة
آلاف درهم فعل ، لأن له الدية كاملة وقد أخذ نصفها بالقصاص) .
ونقل عن المفيد
والشيخ في الخلاف وابن إدريس ومال إليه المحقق والعلامة في التحرير أنه مع القصاص
لا ردّ للأصل ، ولعموم قوله تعالى : (الْعَيْنَ
بِالْعَيْنِ) ، وردّ بمنع عمومية العين فإنه مفرد معرّف لا عموم فيه حتى
يتمسك به ، ولو سلّم بأن فيه عموما فهو مخصص بالأخبار الواردة في عين الأعور ،
وردّ أيضا بأن قوله تعالى المتقدم إنما هو حكاية عن التوراة ولا يلزم حكمها في
شرعنا ، وأجيب عنه بأن الآية مقررة في شرعنا لرواية زرارة عن أحدهما عليهماالسلام في قوله تعالى : (أَنَّ النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) الآية (قال عليهالسلام : هي محكمة) ، وهي محكمة أيضا لقوله تعالى عقيب هذه الآية : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا
أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ) ومن للعموم تشمل المسلمين مع أن الظلم حرام وتركه واجب ولا
يتم ترك الظلم إلا بالحكم بمضمون الآية السابقة.
(١) المائدة الآية
: ٤٥.
(٢) من مقابلة
العين للعين.
__________________
القول بأن الزيادة
على النص نسخ (١) وأصالة البراءة من الزائد ، وإليه ذهب جماعة من الأصحاب منهم
المحقق في الشرائع والعلامة في التحرير من موافقته في المختلف للأول وتردده في
باقي كتبه.
وللتوقف وجه (٢)
وإن كان الأول لا يخلو من قوة وهو اختيار المصنف في الشرح.
وأجيب عن الآية
بأن العين مفرد محلى فلا يعم ، والأصل يعدل عنه للدليل.
وما قيل من أن
الآية حكاية عن التوراة (٣) فلا يلزمنا مندفع بإقرارها في شرعنا لرواية زرارة عن
أحدهما عليهالسلام «أنها محكمة» (٤)
ولقوله تعالى بعدها : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ) (٥) ومن للعموم ،
والظلم حرام ، فتركه واجب ، وهو لا يتم إلا بالحكم بها.
وقد ينقدح الشك في
الثاني (٦) باحتمال كونه معطوفا على اسم إنّ فلا يدل
______________________________________________________
(١) فإذا كانت
الآية نصا فلا محالة ، يكون الخبران الدالان على نصف الدية أيضا زيادة على النص ،
ولازمه أن يكون الخبران ناسخين للآية لأنهما متضمنان ما لا يوجد في النص ، مع أنه
لا يجوز نسخ الكتاب إلا بالقطعي والخبران غير مقطوعي الصدور.
وفيه : إن الآية
نص على التقابل بالعينين وهي مطلقة من ناحية الزيادة فيكون الخبران مقيدين لهذا
الإطلاق.
(٢) لما ذكر من
دلالة الآية وأصالة البراءة مع عدم صلاحية الروايتين لمعارضة ذلك ، وفيه أن الجميع
قد حكم بتمام الدية لو رضي بالدية ، ولازمه أنه لا بد من الرد بعد القصاص فيما لو
اقتص بمقدار نصف الدية ، هذا فضلا عن أن الخبرين معتبران لأن أحدهما صحيح السند
وهو خبر محمد بن قيس ولا تعارض بينهما وبين الآية ، لأنهما مقيدان لإطلاقها.
(٣) لأن أولها :
وكتبنا عليهم فيها.
(٤) أي غير
منسوخة.
(٥) المائدة الآية
: ٤٥.
(٦) أي في
الاستدلال بقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ) بدعوى أنه يحتمل
أن يكون معطوفا على اسم إن في الجملة السابقة ويكون المعنى والله العالم : وكتبنا
عليهم فيها (أَنَّ النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) ... وكتبنا عليهم (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ).
على بقائه عندنا
لو لا النص على كونها محكمة.
(ولو ذهب ضوء العين مع سلامة الحدقة (١) قيل) في طريق الاقتصاص منه بإذهاب بصرها مع بقاء حدقتها : (طرح على الأجفان) أجفان الجاني(قطن مبلول وتقابل بمرآة محماة مواجهة الشمس) بأن يفتح عينيه ، ويكلّف النظر إليها(حتى يذهب الضوء) من عينه(وتبقى الحدقة).
والقول باستيفائه
على هذا الوجه هو المشهور بين الأصحاب ، ومستنده رواية رفاعة عن أبي عبد الله عليهالسلام «إن عليا عليهالسلام فعل ذلك في من لطم عين غيره فأنزل فيها الماء وأذهب بصرها»
وإنما حكاه قولا للتنبيه على عدم دليل يفيد انحصار الاستيفاء فيه ، بل يجوز بما
يحصل به الغرض من إذهاب البصر ، وإبقاء الحدقة بأي وجه اتفق ، مع أن في طريق
الرواية ضعفا وجهالة (٢) يمنع من تعيين ما دلت عليه وإن كان جائزا.
______________________________________________________
(١) لو جنى عليه
فأذهب ضوء عينه دون الحدقة ، فالواجب في القصاص المماثلة كغيره من الموارد ،
وحينئذ فالقصاص يكون بإذهاب الضوء مع بقاء الحدقة بأي وسيلة اتفق ذلك وهو الذي
يوافق الأصل ، إلا أن المشهور اشترطوا أن يكون ذلك بطرح القطن المبلول على أجفان
الجاني ويقابل بمرآة محماة بمواجهة الشمس حتى تذوب الناظرة وتبقى الحدقة ، استنادا
إلى رواية رفاعة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (إن عثمان ـ عمر ـ أتاه رجل من قيس بمولى له قد لطم
عينه فأنزل الماء فيها وهي قائمة ليس يبصر بها شيئا ، فقال له : أعطيك الدية فأبى
، فأرسل بهما إلى علي عليهالسلام وقال : احكم بين هذين ، فأعطاه الدية فأبى قال : فلم
يزالوا يعطونه حتى أعطوه ديتين فقال : ليس أريد إلا القصاص ، قال : فدعا علي عليهالسلام بمرآة فحماها ثم دعا بكرسف فبلّه ثم جعله على أشفار عينيه
وعلى جوانبها ثم استقبل بعينيه عين الشمس قال : وجاء بالمرآة وقال : انظر فنظر
فذاب الشحم وبقيت عينه قائمة وذهب البصر) .
وذهبت جماعة إلى
أن الرواية لا تفيد حصر إذهاب البصر بهذه الطريقة ، فيجوز بغيرها بإلقاء الكافور
في العين كما قبل ، أو بغير ذلك.
(٢) ففي السند ابن
فضال وهو واقفي وسليمان الدهان وهو مجهول الحال.
__________________
(ويثبت) القصاص(في الشعر (١) إن أمكن) الاستيفاء المماثل للجناية بأن يستوفى ما ينبت على وجه
ينبت ، وما لا ينبت كذلك على وجه لا يتعدى إلى فساد البشرة ، ولا الشعر زيادة عن
الجناية ، وهذا أمر بعيد ومن ثم منعه جماعة ، وتوقف آخرون منهم العلامة في
القواعد.
(ويقطع ذكر الشاب بذكر الشيخ (٢) ، وذكر المختون بالأغلف ،
والفحل بمسلول الخصيتين) ، لثبوت أصل المماثلة ، وعدم اعتبار زيادة المنفعة ونقصانها ، كما تقطع يد
القوي بيد الضعيف ، وعين الصحيح بالأعشى (٣) ، ولسان الفصيح بغيره. نعم لا يقطع
الصحيح بالعنين (٤). ويثبت في العكس.
(وفي الخصيتين (٥) وفي إحداهما القصاص إن لم يخف) بقطع الواحدة(ذهاب)
______________________________________________________
(١) بلا فرق بين
شعر الأهداب واللحية والحاجبين وشعر الرأس والبدن لعموم أدلة القصاص.
وذهب جماعة إلى أن
إذهاب الشعر مستلزم لإفساد البشرة وهو زيادة في الاستيفاء فلا بد من الحكم بالدية
ابتداء لتعذر القصاص ، ويدل عليه إطلاق خبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية كاملة ، فإذا نبتت فثلث
الدية) ، ومرسل علي بن حديد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت له : الرجل يدخل الحمام فيصب عليه صاحب الحمام ماء
حارا فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت فقال : عليه الدية كاملة) حيث حكم بالدية ابتداء من دون الاستفصال عن إمكان القصاص
وعدمه.
(٢) يثبت القصاص
في الذكر بلا خلاف ولا إشكال لعموم أدلة القصاص ، فيتساوى ذكر الشاب بذكر الشيخ
والفحل بمسلول الخصيتين والأغلف بالمجنون ، ولم يخالف إلا مالك فلم يثبت القصاص
بين ذكر الفحل وذكر مسلول الخصيتين لأنه لا منفعة فيه لعدم مائه ، وفيه : إن ذلك
نقص في الماء لا في نفس العضو.
(٣) الذي لا يبصر
بالليل فقط.
(٤) كما لا تقطع
الصحيحة بالشلاء والحر بالعبد لعدم المساواة لأن العنن كالشلل في اليد ، نعم يقطع
العنين بالصحيح كما تقطع الشلاء بالصحيحة بلا خلاف في ذلك كله.
(٥) يثبت القصاص
فيها بلا خلاف فيه لعموم أدلة القصاص ، بل يثبت القصاص في إحداهما ـ
__________________
(منفعة الأخرى) ، فإن خيف فالدية ، ولا فرق في جواز الاقتصاص فيهما بين
كون الذكر صحيحا وعدمه ، لثبوت أصل المماثلة.
(وتقطع الأذن الصحيحة بالصمّاء) (١) لأن السمع منفعة أخرى خارجة عن نفس الأذن ، فليس الأمر
كالذكر الصحيح والعنين ، حتى لو قطع أذنه فإن زال سمعه فهما جنايتان (٢) ، نعم لا
تؤخذ الصحيحة بالمخرومة (٣) بل يقتص إلى حد الخرم ، ويؤخذ حكومة الباقي. أما الثقب
فليس بمانع (٤).
______________________________________________________
ـ مع التساوي في
المحل إلا أن يخشى ذهاب منفعة الأخرى فلا يجوز ويتعين أخذ الدية لتعذر القصاص
حينئذ.
بلا خلاف في ذلك
سواء كان المجني عليه صحيح الذكر أو عنينا وسواء كان الجاني صحيح الذكر أو عنينا
لثبوت أصل المماثلة في الخصيتين.
وقد ادعي أن أصل
العنن في الخصيتين وعليه فلو كان المجني عليه عنينا واعتدي عليه بقطع خصيتيه فلا
يجوز قطع خصيتي الجاني للزيادة في الاستيفاء ، وهو العنن مع الاقتصاص منه بقطع
خصيتيه ، إلا أن هذه الدعوى مردودة لعدم ثبوتها ، على أن الجاني قد أبطل الإيلاد
من الغير فللغير إبطال ذلك منه.
(١) بلا خلاف ولا
إشكال لعموم أدلة القصاص ، لأن مرض الصمم ليس في الأذن وإنما هو في الصماخ أو ما
ورائه من ناحية الدماغ.
(٢) لما سمعت أن
الصمم ليس في الأذن الخارجية وإنما في الصماخ أو ما ورائه.
(٣) المخرومة هي
الناقصة كما في المسالك ، وقد ذهب الشيخ وابن حمزة والفاضل والشهيدان إلى عدم
اقتصاص الصحيحة بالمخرومة لأنه ظلم ، كما لا تقطع الصحيحة بالشلاء ، نعم يقتص إلى
حد الخرم والحكومة فيما بقي.
وفي كشف اللثام
وغيره أنه تقتص الصحيحة بتمامها بعد رد دية الخرم على المقتص منه لعموم قوله تعالى
: (الْأُذُنَ
بِالْأُذُنِ) .
(٤) أي تؤخذ
الصحيحة بالمثقوبة بلا خلاف ، لأن الثقب مما يعدّ كمالا في النساء ، وفي غيرهن وإن
كان ليس كمالا إلا أنه لا يفوت معه شيء من العضو فلا يغيّر حكم الأذن كما لم
يغيّر ماهية الأذن.
__________________
(والأنف الشام بالأخشم) (١) بالمعجمتين وهو الذي لا يشم ، لأن منفعة الشّم خارجة عن
الأنف ، والخلل في الدماغ ، لا فيه. وكذا يستوي الأقنى والأفطس والكبير والصغير.
(واحد المنخرين بصاحبه) (٢) المماثل له في اليمين واليسار ، كما يعتبر ذلك في نحوهما
من الأذنين واليدين ، وكما يثبت في جميعه فكذا في بعضه ، لكن ينسب المقطوع إلى
أصله (٣) ويؤخذ من الجاني بحسابه ، لئلا يستوعب بالبعض أنف الصغير ، فالنصف بالنصف
، والثلث بالثلث ، وهكذا
(وتقلع السن بالسن المماثلة) كالثنية بالثنية ، والرباعية بالرباعية والضرس به (٤).
وإنما يقتصّ إذا
لم تعد المجني عليها (٥) ، ويقض أهل الخبرة بعودها(ولو)
______________________________________________________
(١) الأخشم هو
عادم حاسة الشم ، فيؤخذ الشامّ بالأخشم بلا خلاف فيه ولا إشكال لعموم أدلة القصاص
، ولأن الشم من الدماغ فالخلل يكون منه لا من الأنف.
والحكم ثابت بلا
فرق بين الأنف الكبير والصغير والأقنى والأفطس ، والأقنى من كان أنفه محدودبا
والأفطس من كانت أرنبة أنفه كبيرة ومنتشرة.
(٢) اليمين
باليمين واليسار باليسار ، بلا خلاف فيه ولا إشكال لعموم أدلة القصاص مع اشتراط
التماثل في المحل لعموم قوله تعالى : (فَعٰاقِبُوا
بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ بِهِ) .
(٣) فإن كان
المقطوع نصف الأنف فيقطع من الجاني نصف أنفه ، ولا يجوز القصاص بالمساحة هنا ،
بمعنى أن يحسب مقدار ما قطع من أنف المجني عليه ويؤخذ بذلك المقدار من أنف الجاني
، لاحتمال أن يكون أنف المجني عليه كبيرا وأنف الجاني صغيرا بحيث يكون أنف الجاني
بمقدار نصف أنف المجني عليه وهذا ما يلزم منه القصاص بأنف الجاني بتمامه في قبال
نصف أنف المجني عليه ، فلذا عدل عن المساحة إلى النسبة إلى أصل الأنف.
(٤) أي بالضرس ،
فاشتراط التماثل بلا خلاف فيه ولا إشكال لعموم قوله تعالى : (فَعٰاقِبُوا بِمِثْلِ مٰا
عُوقِبْتُمْ بِهِ) ، فالسن بالسن والرباعية بالرباعية والناب بالناب والضاحك
بمثله والضرس كذلك ، والناجذ المسمى بضرس العقل كذلك أيضا.
(٥) أي أن السن لو
قلعت وحكم أهل الخبرة بعودها فلا يقتص من الجاني إلى أن تمضي مدة يجعل معها اليأس
من العود ، وعن المبسوط وغاية المراد عدم الخلاف فيه ، وإن لم يحكم أهل الخبرة
بعودها أو حكموا بعدم العود استوفي الحق من الجاني ، فإن لم تعد فلا كلام ، ـ
__________________
(عادت السن فلا قصاص) كما أنه لو قضي بعودها أخّر إلى أن يمضي مدة القضاء ، فإن
لم تعد اقتص ، وإن عادت بعده لأنها حينئذ هبة جديدة ، وعلى هذا (١) فيقتص وإن عادت
على هذا الوجه (٢) لأنها ليست بدلا عادة ، بخلاف ما تقضي العادة بعودها ، ولو
انعكس الفرض بأن عادت سن الجاني بخلاف العادة لم يكن للمجني عليه إزالتها ، لما
ذكر (٣) (فإن عادت) السن المقتضي بعودها عادة(متغيرة فالحكومة) وهو الأرش ، لتفاوت ما بينهما صحيحة ومتغيرة كما هي.
(وينتظر بسن الصبي) (٤) الذي لم تسقط سنه ونبت بدلها ، لقضاء العادة
______________________________________________________
ـ وإن عادت قبل
القصاص فإن كانت ناقصة أو متغيرة كان فيها الحكومة ، والحكومة أن يفرض المجني عليه
عبدا وتقدر قيمته بين كونه مقلوع السن مدة ثم نبتت متغيرة أو ناقصة وبين كونه بسن
في تلك المدة وما بعدها والسن صحيحة.
ولو عادت كما كانت
فلا قصاص ولا دية بلا خلاف ، ولكن مع الأرش لأنه نقص دخل على المجني عليه فلا يهدر
ومع عدم الأرش ظلم ، ولكن اختلفوا في تقديره ، فقيل : يفرض عبدا ويقوّم مقلوعها
مدة وغير مقلوعها أصلا والتفاوت هو الأرش ، وقيل : إن الأرش هو أرش ذلك الجرح
الحاصل بالقلع.
ولو عادت بعد
القصاص فلا شيء للجاني لأن سنه قد ذهبت قصاصا بسبب جنايته ، وسنّ المجني عليه
العائدة هبة من الله تعالى.
(١) أي على ما
تقرر.
(٢) أي بعد
القصاص.
(٣) من كونها هبة
من الله تعالى ، وحق المجني عليه قد استوفاه بقلع السن أولا من الجاني.
(٤) لا خلاف في
أنه ينتظر بها ، لقضاء العادة بعودها عند الصبي وينتظر بذلك إلى حد اليأس ، وعن
العلامة الانتظار سنة ، ويعجب منه الشهيد على ما قيل : «بأني لم أقف عليه في كتب
الأصحاب ولا سمعته من أحد من الفضلاء».
وعلى كل فلو عادت
ففيها الحكومة بلا خلاف لمرسل جميل عن أحدهما عليهماالسلام : (في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثم تنبت ، قال : ليس
عليه قصاص وعليه الأرش) .
وقال الشيخ :
المراد بالأرش هو أرش الجرح وإسالة الدم ، وقال آخرون : المراد به تفاوت ـ
__________________
بعودها(فإن لم تعد) على خلاف العادة(ففيها القصاص ، وإلا فالحكومة) وهو أرش ما بين كونه فاقد السن زمن ذهابها وواجدها ، ولو
عادت متغيرة أو مائلة فعليه الحكومة الأولى ونقص الثانية (١) (ولو مات الصبي قبل اليأس من عودها فالأرش) (٢).
(ولا تقلع سن بضرس) ، ولا ثنية برباعية ، ولا بناب ، (ولا بالعكس) وكذا يعتبر العلو والسفل واليمين واليسار وغيرها من الاعتبارات المماثلة (٣).
(ولا أصلية بزائدة ، ولا زائدة بزائدة مع تغاير المحل) بل الحكومة فيهما ، ولو اتحد المحل قلعت
(وكل عضو وجب القصاص فيه لو فقد انتقل إلى الدية) ، لأنها قيمة العضو حيث لا يمكن استيفاؤه.
(ولو قطع إصبع رجل ، ويد آخر) (٤) مناسبة لذات الأصبع(اقتص لصاحب)
______________________________________________________
ـ ما بين كونه
فاقد السن زمن ذهابها وواجدها لو كان عبدا.
ولو لم تعد كان
فيها القصاص كما عليه المشهور لعموم قوله تعالى : (السِّنَّ بِالسِّنِّ) ، وقيل : ولم يعرف قائله بعدم القصاص لأن سن الصبي فضلة
وسن البالغ أصلية فلا تتحقق المماثلة ، إلا أنه ضعيف بعد صدق الاسم عليهما.
(١) هكذا في النسخ
المطبوعة للروضة ، والأولى فعليه حكومة الأولى ونقص الثانية ، كما ذهب إليه الشيخ
في المبسوط والعلّامة في القواعد أمّا الحكومة للأولى لقلعها وأمّا النقص للثانية
لأن النقص من فعله ، واستشكل فيه بأن النقص ليس من فعله ، بل قلع الأولى وقد تحمل
الحكومة ويقتصر عليها.
(٢) فالأرش لوارثه
لاحتمال العود بعد الموت ، وردّ عليهم الشيخ بأن القلع متحقق والعود متوهم فعلى
الجاني الدية وليس الأرش إلا أنها دية ما قلع.
(٣) تحقيقا
للتماثل في القصاص لقوله تعالى : (فَعٰاقِبُوا
بِمِثْلِ مٰا عُوقِبْتُمْ بِهِ) .
(٤) بأن قطع إصبع
رجل من يده اليمنى وقطع اليد اليمنى لآخر ، فيقتص للأول من إصبعه لسبقه ، ويقتص
للثاني عن يده
إلا أن يد الجاني
ناقصة فيرجع على الثاني بدية إصبع لعدم استيفاء تمام حقه ومنه يعرف الحكم في عكس
الفرع المذكور.
__________________
(الأصبع إن سبق) في الجناية ، لسبق استحقاقه إصبع الجاني قبل تعلق حق
الثاني باليد المشتملة عليها(ثم يستوفى لصاحب اليد) الباقي من اليد ويؤخذ دية الأصبع ، لعدم استيفاء تمام حقه
فيدخل فيما تقدم من القاعدة ، لوجوب الدية لكل عضو مفقود(ولو بدأ) الجاني(بقطع اليد قطعت يده) للجناية الأولى(وألزمه الثاني
دية إصبع) لفوات محل
القصاص.
(الفصل الثالث ـ في
اللواحق)
(الواجب في قتل العمد القصاص (١) ، لا أحد الأمرين من الدية
والقصاص) كما زعمه بعض
العامة ، لقوله تعالى : (النَّفْسَ
بِالنَّفْسِ) (٢) وقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصٰاصُ فِي
الْقَتْلىٰ الْحُرُّ بِالْحُرِّ) (٣) الآية ،
وصحيحة الحلبي ، وعبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلا أن يرضى أولياء
المقتول أن يقبلوا الدية فإن رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية ، إلى آخره.
______________________________________________________
(١) قتل العمد
يوجب القصاص ، لا الدية ، عينا لا تخييرا ، على المشهور ويدل عليه قوله تعالى : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ
بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) ولصحيحة الحلبي وعبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سمعته يقول : من قتل مؤمنا متعمدا قيد به إلا أن يرضى
أولياء المقتول أن يقبلوا الدية) .
وذهب ابن الجنيد
إلى أن ولي المقتول عمدا بالخيار بين القصاص والدية والعفو ، للنبويين فالأول : (من
قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقتل) والآخر : (من أصيب بدم أو خبل ـ والخبل الجراح ـ فهو
بالخيار بين إحدى ثلاث إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو) . والنبويان مرويان من غير طرقنا فلا يقاومان ما سمعت من
الأدلة.
(٢) سورة المائدة
: الآية ٤٥.
(٣) سورة البقرة :
الآية ١٧٨.
__________________
(نعم لو اصطلحا على الدية جاز) للخبر (١) ، ولأن القصاص حق فيجوز الصلح على إسقاطه بمال (٢)
(ويجوز الزيادة عنها) (٣) أي عن الدية(والنقيصة مع
التراضي) أي تراضي الجاني
والولي ، لأن الصلح إليهما فلا يتقدر إلا برضاهما(وفي وجوبها) أي الدية(على الجاني (٤) بطلب الولي وجه) بل قول لابن الجنيد(لوجوب حفظ نفسه
الموقوف على بذل الدية) فيجب مع القدرة ، ولرواية الفضيل عن الصادق عليهالسلام قال : «والعمد هو القود ، أو رضى ولي المقتول» (٥). ولا
بأس به وعلى التعليل لا يتقدر بالدية ، بل لو طلب منه أزيد وتمكن منه وجب.
(ولو جنى على الطرف ومات (٦) واشتبه استناد الموت إلى
الجناية فلا قصاص في النفس) ، للشك في سببه ، بل في الطرف خاصة.
______________________________________________________
(١) أي صحيح
الحلبي وعبد الله بن سنان المتقدم.
(٢) لعموم أدلة
الصلح كقوله تعالى : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) .
(٣) أي ويجوز
الصلح بأزيد من الدية كما يجوز بالأنقص بلا خلاف ولا إشكال لعموم أدلة الصلح.
(٤) لو طلب ولي
الدم الدية فهل يجب على الجاني القبول بها إن أمكنه دفعها حفظا لنفسه من القتل ،
كما يجب على الجاني القبول بالأزيد منها صلحا مع إمكان الدفع حفظا لنفسه ، ذهب ابن
الجنيد إلى ذلك وقواه الفاضل وولده ، ونفى عنه البأس الشهيد الأول وعن الكركي أنه
جيد ، وذهب المشهور إلى عدم الوجوب إذ لا دليل على حفظ النفس في المقام بعد تعلق
حق الغير بها والأمر بإعطاء القصاص مع أن الأمر متوجه إلى الجاني.
(٥) الوسائل الباب
ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، حديث ١٣ ، ووجه الاستدلال إذا كان العمد منوطا برضا
ولي المقتول بالدية فيجب على الجاني حينئذ القبول.
وفيه : إن الاقتصار
على رضا ولي المقتول مع السكوت عن رضا القاتل ، لأن القاتل غالبا ما يقبل بدفع
الدية لا لأن الدفع واجب عليه على كل حال إذا رضي ولي المقتول.
(٦) وشك في سبب
موته واحتمل أنه مستند إلى سراية الجرح ، فلا خلاف ولا إشكال في أنه يقتصر على
القصاص في جناية الجرح لأنهما المتيقنة ، ولا يثبت القصاص في النفس إلا بالبينة أو
الإقرار.
__________________
(ويستحب إحضار شاهدين (١) عند الاستيفاء احتياطا) في إيقاعه على الوجه المعتبر(وللمنع من حصول
الاختلاف في الاستيفاء) فينكره الولي فيدفع بالبينة.
(وتعتبر الآلة) (٢) أي تختبر بوجه يظهر حالها(حذرا من) أن يكون وقد وضع المستوفي فيها(السم وخصوصا في الطرف) ، لأن البقاء معه مطلوب والسم ينافيه غالبا(فلو حصل منها) أي من الآلة المقتص بها في الطرف(جناية بالسم ضمن
المقتص) إن علم به ، ولو
كان القصاص في النفس أساء واستوفى ولا شيء عليه.
(ولا يقتص إلا بالسيف (٣) فيضرب العنق لا غير) إن كان الجاني أبانه ، وإلا
______________________________________________________
(١) فطنين بمواقع
الاستيفاء وشرائطه احتياطا في الدماء ، ولأنه لو حصلت مجاحدة بين المقتص وأولياء
المقتص منه فيمكن إقامة الشهادة حينئذ.
ومع تعبير أكثر من
واحد بالاستحباب قال في الجواهر : «وإن كنا لم نعثر على أثر فيه بالخصوص ، وما
سمعته أقصاه الإرشاد ـ إلى أن قال ـ ولكن الأمر في الندب سهل للتسامح».
(٢) لا يجوز
استيفاء القصاص بالآلة المسموعة ، ولا إشكال في تحريم ذلك في قصاص الطرف ، لأن
المقصود في قصاص الطرف إبقاء النفس غالبا بعد القصاص ، مع أن الاستيفاء بالآلة
المسمومة إجهاز عليه فيكون قد قتله عمدا فيضمن المقتص.
وأما في قصاص
النفس فهو وإن كان المقصود منه إزهاق النفس إلا أنه بالسم يوجب إفساد البدن وتقطعه
وتعذر تغسيله وهتك حرمته بل هو بمنزلة المثلة به ، وهو ما لو قطعه بعد القتل كما
عن المبسوط. فيحرم حينئذ وإن لم يوجب قصاصا على المقتص.
(٣) بلا خلاف ،
فلو قتل بالسيف أو بغيره كالإحراق أو الفرق أو بالمنع عن الطعام فلا يقتص منه بنفس
الطريقة التي قتل بها بل يقتص منه بالسيف ، لخبر موسى بن بكر عن الإمام الكاظم عليهالسلام : (في رجل ضرب رجلا بعصا ، فلم يرفع العصا حتى مات ، قال :
يدفع إلى أولياء المقتول ولكن لا يترك يتلذّذ به ولكن يجاز عليه بالسيف) ومثله غيره.
وقال ابن الجنيد :
يجوز قتله بمثل القتلة التي قتل بها لقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ
بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) وللنبوي الوارد من طرق العامة : (من حرّق حرّقناه ومن غرّق
ـ
__________________
ففي جوازه نظر من
صدق استيفاء النفس بالنفس (١) وزيادة الاستيفاء (٢) وبقاء حرمة الآدمي بعد موته (٣)
، واستقرب في القواعد المنع.
(ولا يجوز التمثيل به) أي بالجاني بأن يقطع بعض أعضائه(ولو كانت جنايته تمثيلا أو) وقعت(بالتغريق والتحريق والمثقل) بل يستوفى جميع ذلك بالسيف.
وقال ابن الجنيد :
يجوز قتله بمثل القتلة التي قتل بها ، لقوله تعالى : (بِمِثْلِ مَا
اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) (٤) وهو متجه لو
لا الاتفاق على خلافه.
(نعم قد قيل) والقائل الشيخ في النهاية وأكثر المتأخرين : أنه مع جمع
الجاني بين التمثيل بقطع شيء من أعضائه وقتله(يقتص) الولي منه(في الطرف ، ثم
يقتص في النفس إن كان الجاني فعل ذلك بضربات) متعددة ، لأن ذلك بمنزلة جنايات متعددة (٥) وقد وجب القصاص
بالجناية الأولى ، فيستصحب ، ولرواية محمد بن قيس عن أحدهما عليهماالسلام (٦) ، ولو فعل ذلك
بضربة واحدة لم يكن عليه
______________________________________________________
ـ غرّقناه) وفي نبوي آخر كذلك : (أن يهوديا رضخ رأس جارية بالحجارة ،
فأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم فرضخ رأسه بالحجارة) ، ولأن القصاص للتشفي ولا يحصل إلّا إذا قتل القاتل بمثل
ما قتل به ، والأول أولى لقوة أدلته بعد كون النبويين لا يقاومان أخبارنا المروية
عن أئمتنا عليهمالسلام ، وأما كون القصاص للتشفي إلى آخر ما ذكره فإنه استحسان
محض والآية مخصصة بالأخبار الحاصرة للقتل بالسيف.
(١) دليل جواز قطع
رأس الجاني وإن لم يقطع رأس المجني عليه.
(٢) دليل العدم ،
لأن الزيادة محرمة.
(٣) دليل ثان لعدم
الجواز ، وحاصله أن الزيادة مثلة لبقاء حرمة الآدمي بعد موته ، وفي أدلة العدم ضعف
لأن النصوص السابقة قد حصرت القصاص بالسيف ، والمتبادر منه هو ضرب العنق وإن لم
يكن بمثل ما قتل به الجاني.
(٤) سورة البقرة :
الآية ١٩٤.
(٥) قد تقدم أن مع
تعدد الضربات تتعدد الجنايات عرفا ، ويكون لكل جناية حكمها.
(٦) (في رجل فقأ
عين رجل وقطع أنفه وأذنيه ثم قتله ، فقال : إن كان فرّق ذلك اقتص منه ـ
__________________
أكثر من القتل (١).
وقيل : يدخل قصاص
الطرف في قصاص النفس مطلقا (٢) ذهب إليه الشيخ في المبسوط والخلاف ، ورواه أبو عبد
الله عن الباقر عليهالسلام (٣). والأقرب
الأول (٤).
______________________________________________________
ـ ثم يقتل ، وإن كان
ضربه ضربة واحدة ضربت عنقه ولم يقتص منه) ومثله حسنة حفص البختري : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل ضرب على رأسه فذهب سمعه وبصره واعتقل لسانه ثم مات
، فقال : إن كان ضربه ضربة بعد ضربة اقتص منه ثم قتل ، وإن كان أصابه هذا من ضربة
واحدة قتل ولم يقتص منه) .
(١) كما هو صريح
النصوص المتقدمة.
(٢) سواء وقع ذلك
بضربة واحدة أو بضربات.
(٣) كذا في كل نسخ
الروضة المطبوعة التي بأيدينا ، والصحيح ورواه أبو عبيدة ـ أعني الحذاء ـ عن
الباقر عليهالسلام ، والخبر صحيح : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه
حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله ، قال : إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات
الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له فإنه ينتظر به سنة فإن مات فيما بينه وبين
السنة أقيد به ضاربه ، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله أغرم
ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله ، قلت : فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال : لا
لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية ،
ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان
إلا أن يكون فيهما الموت بواحدة ، وتطرح الأخرى فيقاد به ضاربه) وذيله محل الشاهد.
(٤) اعلم أن
الفقهاء قد اختلفوا في هذه المسألة على أقوال :
الأول : الدخول
مطلقا وهو قول الشيخ في الكتابين.
الثاني : عكسه عدم
الدخول مطلقا وإليه ذهب الشيخ في المبسوط والخلاف أيضا وتبعه ابن إدريس لعموم قوله
تعالى : (فَمَنِ
اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ
عَلَيْكُمْ) ولاستصحاب حكم الجناية الأولى.
__________________
(ولا يقتص بالآلة الكالة) (١) التي لا تقطع أو لا تقتل (٢) إلا بمبالغة كثيرة لئلا
يتعذب المقتص منه سواء في ذلك النفس والطرف(فيأثم) المقتص(لو فعل) ولا شيء عليه سواه.
(ولا يضمن المقتص سراية القصاص) (٣) لأنه فعل سائغ فلا يتعقبه ضمان ، ولقول الصادق عليهالسلام في حسنة الحلبي : «أيّما رجل قتله الحد في القصاص فلا دية
له» (٤) ، وغيرها (٥).
وقيل : ديته في
بيت المال استنادا إلى خبر ضعيف (٦).
______________________________________________________
ـ الثالث :
التفصيل بين الضربة والضربات ، ففي الضربة يدخل الأضعف في الأقوى ، وإليه ذهب
الشيخ في النهاية وأكثر المتأخرين ، لقوة دليله فضلا عن أنه صحيح أبي عبيدة يدل
عليه من ناحية صدره ولو إيماء.
(١) بلا خلاف فيه
تجنبا للتعذيب ، وللنبوي : (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة) ، ولكن لو فعل أساء وعزّر لأنه فعل محرم ولا شيء عليه.
(٢) الأول في قصاص
الطرف والثاني في قصاص النفس.
(٣) بلا خلاف فيه
للنصوص منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من اقتص منه فهو قتيل القرآن) .
وخبر محمد بن مسلم
عن أحدهما عليهماالسلام : (ومن قتله القصاص فلا دية له) .
وخبر أبي الصباح
الكناني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن رجل قتله القصاص ، له دية؟ فقال : لو كان ذلك
لم يقتص من أحد ، وقال : من قتله الحد فلا دية له) .
(٤) الوسائل الباب
ـ ٢٤ ـ من أبواب قصاص النفس حديث ٩ ، وفي الوسائل : «قتله الحد أو القصاص فلا دية
له».
(٥) تقدم بعضها.
(٦) ذهب الشيخ في
الاستبصار إلى ذلك اعتمادا على خبر الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من ضربناه حدا من حدود الله فمات فلا دية له علينا ،
ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن ديته علينا) ، وقال ابن إدريس في السرائر : «إن قول ـ
__________________
(ما لم يتعد) حقه (١) فيضمن حينئذ الزائد قصاصا ، أو دية.
(وأجرة المقتص من بيت المال) (٢) ، لأنه من جملة المصالح(فإن فقد) بيت المال(أو كان هناك) ما هو (أهم منه) كسد ثغر ، ودفع عدو ولم يسع لهما(فعلى الجاني) ، لأن الحق لازم له فتكون مئونته عليه.
وقيل : على المجني
عليه ، لأنه لمصلحته.
(ويرثه) أي القصاص (٣) ...
______________________________________________________
ـ الشيخ هنا مخالف
للقرآن والإجماع ، وإن راوي الخبر زيدي وهو الحسن بن صالح».
(١) فيضمن ويدل
عليه خبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عمن أقيم عليه الحد ، أيقاد منه أو تؤدى ديته؟
قال : لا ، إلا أن يزاد على القود) .
(٢) إذا لم يستوفه
الولي ، فأجرة المقتص من بيت المال لأنه معدّ للمصالح وهذا منها ، فإذا لم يكن بيت
مال ، أو كان وكان هناك ما هو أهم منها كالجهاد ولم يف بيت المال بالجميع كانت
الأجرة على الجاني دون المستوفي كما عن الخلاف لأنها من مئونة التسليم الواجب على
الجاني ، فهي كأجرة الكيّال الواجبة على البائع.
وعن المبسوط أنها
واجبة على المستوفي لأن المقتص عامل له فأجرته عليه ، وما على الجاني إلّا التمكين
وليس الفعل وهو الأقرب.
(٣) يتولى القصاص
من يرث المال ما عدا الزوج والزوجة كما عليه الأكثر بلا فرق بين الذكر والأنثى
لعموم أدلة الإرث كقوله تعالى : (وَأُولُوا
الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ
اللّٰهِ) مع ضميمة إطلاق قوله تعالى : (فَقَدْ
جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً) بناء على إرادة الوارث من الولي في الآية.
وأما استثناء
الزوج والزوجة فهو موضع وفاق كما في المسالك لأن القصاص يثبت للولي للتشفي ولا نسب
في الزوجية ، نعم مع التراضي بالدية فالدية مال للمقتول يلحقه حكم غيره من الأموال
المنقولة فيكون تركة بين الورثة بما فيهم الزوجان وقد تقدم الكلام في باب الإرث.
__________________
(وأرث المال) مطلقا (١) (إلا الزوجين) لعموم آية أولي الأرحام (٢) خرج منه الزوجان بالإجماع (٣)
فيبقى الباقي.
(قيل : ترثه العصبة) وهم الأب ومن تقرب به(لا غير) دون الأخوة والأخوات من الأم ومن يتقرب بها من الخؤولة
وأولادهم. وفي ثالث يختص المنع بالنساء (٤) لرواية أبي العباس عن الصادق عليهالسلام والأول أقوى.
(ويجوز للولي الواحد المبادرة) (٥) إلى الاقتصاص من الجاني(من غير إذن)
______________________________________________________
ـ وذهب الشيخ في
النهاية والاستبصار وجماعة منهم المحقق في الشرائع وادعى ابن إدريس عليه عدم
الخلاف إلى أن الذي يتولى القصاص هم الورثة إلا المتقرب بالأم لصحيح ابن سنان : (قال
أبو عبد الله عليهالسلام : قضى أمير المؤمنين عليهالسلام أن الدية يرثها الورثة إلا الإخوة والأخوات من الأم فإنهم
لا يرثون من الدية شيئا) ، ومثلها خبر سليمان بن خالد وخبر محمد بن قيس وخبر عبيد بن زرارة . والخبر وإن كان واردا في الإخوة والأخوات إلا أن الحكم
يعمم لكل متقرب بها بالأولى لأن الإخوة أقرب من الأخوال وأولادهم ، هذا وأيضا قد
دل الخبر على عدم إرثهم من الدية إلا أنه دال بالأولوية على عدم إرثهم القصاص ،
لأن الدية فرع القصاص.
وذهب الشيخ في
المبسوط ، ونقل عن ابن البراج إلى أن النساء ليس لهن عفو ولا قود سواء تقربن بالأب
أو الأم لمعتبرة أبي العباس البقباق عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت : هل للنساء قود أو عفو؟ قال : لا ، وذلك للعصبة) ، وقال علي بن الحسن بن فضال الراوي لهذا الخبر : «وهذا
خلاف ما عليه أصحابنا» ، فلذا حمل على التقية.
(١) ذكرا أو أنثى.
(٢) سورة الأنفال
: الآية ٧٥.
(٣) يستشعر من
كلامه أن الزوجين من الأرحام ، والخروج تخصيصي مع أنك عرفت أن الخروج تخصص إذ لا
نسب في الزوجية.
(٤) سواء تقربن
بالأب أو الأم.
(٥) لو كان ولي
الدم واحدا فهل يجوز له استيفاء القصاص من دون إذن الإمام أو نائبه الخاص أو العام
، ذهب إلى ذلك الشيخ في المبسوط والفاضل وولده والشهيدان ـ
__________________
(الإمام) ، لقوله تعالى : (فَقَدْ
جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً) (١) ، لأنه حقه ،
والأصل براءة الذمة من توقف استيفاء الحق على استئذان غير المستحق(وإن كان استئذانه أولى) (٢) لخطره ، واحتياجه إلى النظر(وخصوصا في قصاص
الطرف) ، لأن الغرض معه
بقاء النفس ، ولموضع الاستيفاء حدود لا يؤمن من تخطيها لغيره. وذهب جماعة إلى وجوب
استئذانه مطلقا (٣). فيعزّر لو استقل (٤) واعتدّ به.
(وإن كانوا جماعة توقف) (٥) الاستيفاء(على إذنهم أجمع) ، سواء كانوا حاضرين أم لا ، لتساويهم في السلطان ،
ولاشتراك الحق فلا يستوفيه بعضهم ،
______________________________________________________
ـ والأردبيلي بل
عن الرياض نسبته إلى أكثر المتأخرين بل وعامتهم ، لعموم قوله تعالى : (فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ
سُلْطٰاناً) . وتوقف الاستيفاء على الإذن ينافي إطلاق سلطنته وقال الشيخ
في الخلاف واختاره العلّامة في القواعد وعن الغنية نفي الخلاف عنه إلى أنه يحتاج
إلى الإذن لأن استيفاء القصاص محتاج إلى النظر والاجتهاد لاختلاف الناس في شرائط
ثبوته وفي كيفية الاستيفاء ، ولأن الدماء أمر خطير فلا وجه لتسلط الآحاد عليه لئلا
يلزم الهرج والمرج ، ولأنه عقوبة تتعلق ببدن الآدمي فلا بد من مراقبة الحاكم كحد
القذف ، ويشعر بذلك خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل ولا
جراحة) .
وعن المهذب البارع
أن توقف قصاص الطرف على الإذن لا خلاف فيه ، وإنما الخلاف في توقف قصاص النفس على
الإذن.
(١) سورة الإسراء
: الآية ٣٣.
(٢) وجه الأولوية
من أجل الخروج عن شبهة الخلاف خصوصا في الطرف حيث ادعى ابن البراج عدم الخلاف في
الإذن.
(٣) في الطرف وفي
النفس.
(٤) على القول
بالاستئذان فلو استوفاه الولي من دون الإذن فعليه التعزير في المبسوط ، ونفاه في
الخلاف ، مع أنه لا بد من التعزير لأنه فعل محرم ، نعم لا دية عليه ولا قصاص لأنه
قد استوفى حقه وإن كان آثما لعدم أخذه الإذن.
(٥) فلو كان ولي
الدم متعددا فهل يتوقف الاستيفاء على اجتماع الأولياء ، اختلف في ذلك ـ
__________________
ولأن القصاص موضوع
للتشفي ولا يحصل بفعل البعض.
(وقيل) والقائل به جماعة منهم الشيخ والمرتضى مدعين الإجماع : (للحاضر) من الأولياء(الاستيفاء) من غير ارتقاب حضور الغائب ولا استئذانه(ويضمن) المستوفي(حصص الباقين من الدية) لتحقق الولاية للحاضر فيتناوله العموم ، ولبناء القصاص على
التغليب ، ومن ثم لا يسقط بعفو البعض على مال أو مطلقا (١) ، بل للباقين الاقتصاص
مع أن القاتل قد أحرز بعض نفسه (٢) فهنا أولى (٣).
وتظهر الفائدة (٤)
في تعزير المبادر إليه وعدمه ، أما قتله فلا ، لأنه مهدر بالنسبة إليه.
(ولو كان الولي صغيرا (٥) وله أب أو جد لم يكن له) أي لوليه من الأب
______________________________________________________
ـ على قولين ،
أحدهما : إنه لا يجوز الاستيفاء إلا بعد الاجتماع على المشهور كما عن غاية المرام
، لأنه حق مشترك. ثانيهما : ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط والخلاف وابنا حمزة
وزهرة بل عن الشيخ والسيد المرتضى الإجماع عليه أنه يجوز المبادرة لكل منهم مع
ضمان حصص الباقين لتحقق الولاية لكل واحد بانفراده فيتناوله عموم قوله تعالى : (فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ
سُلْطٰاناً) ، ولأن القصاص مبني على التغليب بمعنى لو عفا بعضهم أو
طالب بالدية مع كون البعض لا يرضى إلا بالقصاص ، قدّم حق من يطالب بالقصاص مع ضمان
حقوق الآخرين المطالبين بالدية.
(١) فيما لو كان
العفو بلا مال.
(٢) بالعفو.
(٣) لأن الغائب قد
لا يعفو ويطالب بالقصاص كالحاضر.
(٤) فعلى الأول لو
بادر بعضهم فإنه يعزّر لأنه فعل محرما لأنه استوفى حقه وحق غيره ، ولكن لا قصاص
عليه لأن المجني عليه بالنسبة إليه مهدور الدم ، وعلى الثاني لو بادر أحدهم فلا
إثم ولا تعزير ولكن يضمن حصص الباقين.
(٥) فهل يؤخر
الاستيفاء إلى أن يبلغ وكذا المجنون حتى يفيق أو لا ، ذهب الشيخ في المبسوط
والخلاف إلى الأول لأن حق الاستيفاء للصغير والمجنون ، وهما قاصران عن أهلية
الاستيفاء فيتعين تأخيره ، وأما ولاية الأب والجد على الصغير فهي قاصرة عن شمولها
لمثل هذا الحق.
__________________
والجد(الاستيفاء إلى بلوغه) ، لأن الحق له ولا يعلم ما يريده حينئذ ، ولأن الغرض التشفي ولا يتحقق
بتعجيله قبله وحينئذ فيحبس القاتل حتى يبلغ.
(وقيل) والقائل الشيخ وأكثر المتأخرين : (تراعى المصلحة) فإن اقتضت تعجيله جاز ، لأن مصالح الطفل منوطة بنظر الولي ، ولأن التأخير
ربما استلزم تفويت القصاص. وهو أجود.
(وفي حكمه المجنون).
(ولو صالحه بعض) الأولياء (١) (على الدية لم يسقط
القود عنه للباقين على)
______________________________________________________
ـ وذهب الشيخ أيضا
والمحقق والعلّامة وولده بل وأكثر المتأخرين إلى أن لولي الطفل والمجنون جواز
الاستيفاء لعموم الولاية له مع وجود المصلحة وبناء على الأول فيجب حبس القاتل حتى
يبلغ الصبي ويفيق المجنون لكونه مقدمة لحفظ حقهما ، وهو ممنوع لأن الواجب هو القتل
، وأما حبسه فهو تعجيل عقوبة لا مبرر لها ، ويشتد الإشكال في المجنون إذ يحتمل عدم
إفاقته فهل يحبس إلى الأبد.
(١) المشهور بين
الأصحاب أنه لو عفا بعض الأصحاب على مال أو بدونه فلا يسقط حق الباقين من القود ،
ولكن من أراد القصاص عليه أن يرد على المقتول مقدار نصيب من عفا ، وعلى الولي
مقدار نصيبه إذا كان رضاه في قبال مال.
لأن الولاية لكل
واحد منهم لعموم قوله تعالى : (فَقَدْ
جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً) ، ولصحيح أبي ولّاد الحناط : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام في رجل قتل وله أب وأم وابن ، فقال الابن : أنا أريد أن
أقتل قاتل أبي ، وقال الأب : أنا أعفو ، وقالت الأم : أنا آخذ الدية ، فقال عليهالسلام : فليعط الابن أم المقتول السدس من الدية ، ويعطي ورثة
القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا ، وليقتله) .
وفي قباله روايات
تدل على سقوط القصاص منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : (في رجلين قتلا رجلا عمدا وله وليّان ، فعفا أحد
الوليّين ، فقال : إذا عفا عنهما بعض الأولياء درئ عنهما القتل وطرح عنهما من
الدية بقدر حصة من عفا ، وأدّى الباقي من أموالهما إلى الذي لم يعف) ، إلّا أن المشهور لم يعملوا بها فحملوها ـ
__________________
(الأشهر) لا نعلم فيه خلافا. وقد تقدم ما يدل عليه ورواه الحسن بن
محبوب عن أبي ولاد عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل قتل وله أب وأم وابن؟ فقال الابن : أنا أريد أن
أقتل قاتل أبي ، وقال الأب : أنا أعفو ، وقالت الأم : أنا آخذ الدية! قال : «فليعط
الابن أم المقتول السدس من الدية ، ويعطي ورثة القاتل السدس من الدية حق الأب الذي
عفا عنه وليقتله ، وكثير من الأصحاب لم يتوقف في الحكم.
وإنما نسبه المصنف
إلى الشهرة لورود روايات بسقوط القود ، وثبوت الدية كرواية زرارة عن الباقر عليهالسلام.
(و) على المشهور(يردون) أي من يريد القود(عليه) أي على المقتول(نصيب المصالح) من الدية وإن كان قد صالح على أقل من نصيبه ، لأنه قد ملك
من نفسه بمقدار النصيب فيستحق ديته.
(ولو اشترك الأب والأجنبي في قتل الولد (١) اقتص من الأجنبي
وردّ الأب نصف الدية عليه) (٢) وكذا لو اشترك المسلم والكافر في قتل الذمي فيقتل الكافر
إن شاء الولي ويرد المسلم نصف ديته(وكذا الكلام في) اشتراك(العامد والخاطئ) فإنه يجوز قتل العامد بعد أن يرد عليه نصف ديته(والراد هنا العاقلة) : عاقلة الخاطئ لو كان الخطأ محضا ولو كان شبيه عمد فالخاطئ.
(ويجوز للمحجور عليه) (٣) للسفه والفلس(استيفاء القصاص
إذا كان بالغا)
______________________________________________________
ـ إما على التقية
وإما على ما لو كان الذي يريد القصاص لا يريد أن يضمن حصة من عفا.
(١) إذا كان هناك
مانع لقتل القاتل إما لكونه أبا للمقتول أو لكون القتل قد صدر خطأ أو لكون القاتل
مسلما والمقتول ذميا فقد عرفت سقوط القصاص فكذلك لو اشترك أكثر من واحد في القتل
وكان أحد الشريكين كذلك ، وبناء عليه فعلى الشريك الذي لم يثبت عليه القصاص أن
يدفع نصف الدية إلى الشريك الذي ثبت عليه القصاص على فرض قتله ، إلا في القتل
الخطائي فالدافع هو العاقلة.
(٢) عمل الأجنبي
على فرض قتله.
(٣) لا خلاف في أن
مستحق القصاص إذا كان محجورا عليه وكان مسلوب العبارة كالصبي والمجنون فلا أثر
لعفوه ، لأنه مسلوب العبارة شرعا واستيفاء القصاص على الخلاف من ـ
(عاقلا) ، لأن القصاص ليس بمال فلا يتعلق به الحجر فيهما ، ولأنه
موضوع للتشفي وهو أهل له ، (ويجوز له العفو) أيضا عنه(والصلح على مال) لكن لا يدفع إليه.
(وفي جواز استيفاء) ولي المقتول مديونا (١) (القصاص من دون
ضمان الدين)
______________________________________________________
ـ أنه يستوفيه
وليه مع المصلحة أو ينتظر به حتى يكمل.
وإذا كان المحجور
عليه غير مسلوب العبارة سواء كان لفلس أو سفه فله استيفاء القصاص لاختصاص الحجر
عليهما بالمال والقصاص ليس منه ، ولهما العفو سواء كان بمال أو لا ، فإن كان بمال
فهو ليس تصرفا في مال بل هو تكسب والتكسب ليس محرما عليها ، غايته هذا المال يرجع
إلى غرماء المفلس إذا كان الحجر لإفلاس ، وإلى مال السفيه. ويمنع من التصرف فيه ،
وإن كان العفو مجردا عن التقابل بالمال فجائز لأن المحجور عليه لا يجب عليه التكسب.
(١) المديون حال
من المقتول ، وعليه فلو قتل عمدا وعليه دين فإن أخذ الورثة الدية صرفت في ديون
المقتول ووصاياه كباقي أمواله بلا خلاف ولا إشكال لرواية عبد الحميد بن سعيد : (سألت
أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا وأخذ أهله الدية من
قاتله ، أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال : نعم ، قلت : وهو لم يترك شيئا؟
قال عليهالسلام : إن أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا الدين) .
ثم لو أراد الورثة
استيفاء القصاص فهل يجب عليهم ضمان ما عليه من الديون ، ذهب ابن إدريس وجماعة إلى
جواز الاستيفاء من دون الضمان ، للأصل من عدم وجوب الضمان ولعموم قوله تعالى : (فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ
سُلْطٰاناً) .
وذهب الشيخ في
النهاية والقاضي وابن زهرة بل قيل : إنه المشهور ، إلى أنه لا يجوز الاستيفاء مع
عدم الضمان لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل يقتل وعليه دين وليس له مال ، فهل للأولياء أن
يهبوا دمه لقاتله؟ فقال : إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل ، فإن وهب أولياؤه دمه
للقاتل فجائز ، وإن أرادوا القود فليس لهم ذلك حتى يضمنوا الدية للغرماء) ، إلا أن الخبر نفسه قد رواه الشيخ في التهذيب : (إن أصحاب
الدين هم الخصماء للقاتل فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل ضمنوا الدية ـ
__________________
(على الميت قولان) أصحهما الجواز ، لأن موجب العمد القصاص ، وأخذ الدية
اكتساب ، وهو غير واجب على الوارث في دين مورثه ، ولعموم الآية (١). وذهب الشيخ
وجماعة إلى المنع استنادا إلى روايات مع سلامة سندها (٢) لا تدل على مطلوبهم (٣).
(ويجوز التوكيل في استيفائه) (٤) ، لأنه من الأفعال التي تدخلها النيابة إذ لا تعلق لغرض
الشارع فيه بشخص معين(فلو عزله) الموكل(واقتص) الوكيل(ولما)
______________________________________________________
ـ للغرماء وإلّا
فلا) فالضمان عند الهبة لا عند استيفاء القصاص بعد ما كان القصاص حقا لهم وليس فيه
تفويت على الغرماء بخلاف العفو.
وفي خبر ثالث قد
جعل الضمان على الورثة عند العفو ، وعلى الإمام عند القتل وهو خبر أبي بصير عن علي
بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسى عليهالسلام ـ إلى أن قال ـ : (إن وهبوا دمه ضمنوا الدين ، قلت : فإن
أرادوا قتله؟ قال : إن قتل عمدا قتل قاتله وأدى عنه الإمام الدين من سهم الغارمين)
.
فهذه الرواية مع
تبدل متنها ، لا تصلح أن تكون مستندا للحكم.
(١) سورة الإسراء
: الآية ٣٣.
(٢) لأن الجميع قد
رواه أبو بصير وهو مشترك بين الثقة وغيره.
(٣) لتبدل متنها.
(٤) أي استيفاء
القصاص ، وهو مما لا خلاف فيه ولا إشكال ، لأن الشارع لم يتعلق له غرض في استيفاء
القصاص بشخص معيّن ، بل يريد نفس إيقاع الفعل ، وهو مما تجوز فيه الوكالة بلا
إشكال ، ثم لو لم يعزله واستمر على ذلك حتى استوفى الوكيل الحق ، فلا كلام لأنه قد
وقع موقعه كما لو فعله الموكل. ولو رجع الموكل بالوكالة فلا يخلو الأمر فإما أن
يعلم الوكيل بالعزل أو لا ، فإن علم الوكيل بالعزل قبل الاستيفاء ومع ذلك استوفى
فعلى الوكيل القصاص لأنه متعد ، وإن لم يعلم بالعزل قبل الاستيفاء فعلى الخلاف
المتقدم في كتاب الوكالة فإن قلنا أنه لا ينعزل إلا بالعلم بالعزل فلا شيء عليه
لو استوفى كمثل ما لو استوفى ثم عزله. وإن قلنا أنه ينعزل بمجرد العزل وإن لم يعلم
، فلو استوفى الوكيل فلا قصاص عليه لأنه مأذون به ظاهرا فليس بمتعد ، ولكن عليه
الدية للمباشرة ويرجع فيها على الموكل للتغرير.
__________________
(يعلم) بالعزل(فلا شيء عليه) (١) من قصاص ولا دية لأن الوكيل لا ينعزل إلا مع علمه بالعزل
كما تقدم فوقع استيفاؤه موقعه.
أما لو عفا الموكل
(٢) فاستوفى الوكيل بعده (٣) قبل العلم فلا قصاص أيضا لكن عليه الدية لمباشرته ،
وبطلان وكالته بالعفو ، كما لو اتفق الاستيفاء بعد موت الموكل ، أو خروجه (٤) عن
أهلية الوكالة ، ويرجع بها (٥) على الموكل لغروره بعدم إعلامه بالعفو ، وهذا يتم
مع تمكنه من الإعلام ، وإلا فلا غرور ، ويحتمل حينئذ (٦) عدم وجوبها على الوكيل ،
لحصول العفو بعد وجود سبب الهلاك (٧) كما لو عفا بعد رمي السهم.
(ولا يقتص من الحامل (٨) حتى تضع) وترضعه اللباء مراعاة لحق الولد
______________________________________________________
(١) بناء على أنه
لا ينعزل بمجرد العزل.
(٢) نفس الصورة
السابقة إلا أن الموكل لم يعزل الوكيل وإنما عفا عن الجاني ، فالعفو تارة قبل
استيفاء الوكيل وأخرى بعده ، فإن كان بعده فلا حكم له ولا أثر لعدم موضوعه ، وإن
كان قبله فإن علم الوكيل بالعفو ومع ذلك استوفى القصاص ، فعليه القصاص لأنه متعد ،
وإن لم يعلم فلا قصاص عليه إلا أنه تجب الدية للمباشرة ويرجع فيها على الموكل
للتغرير.
(٣) بعد العفو.
(٤) أي الموكل.
(٥) أي بالدية.
(٦) أي حين عدم
التمكن من الإعلام.
(٧) وهو التوكيل
في الاستيفاء.
(٨) المرأة الحامل
لا يقام عليها القصاص قبل الوضع ، لما في إقامته من إهلاك الجنين مع أنه بريء لا
يهلك بجريرة غيره ، ولقوله تعالى : (فَقَدْ
جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً فَلٰا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) وقتل الجنين معها إسراف في القتل ، بلا فرق بين أن يكون
الولد من حلال أو حرام ، وكذلك لا فرق بين كون نشوء تكونه قبل وجوب العقوبة أو
بعده ، ثم إذا وضعته فلا بدّ من تأخير القصاص حتى ترضعه اللباء ، لأنه لا يعيش إلا
به غالبا.
ثم إذا أرضعته
اللباء فإن لم يكن هناك من يرضعه ولو بلبن بهيمة فيجب الصبر إلى حين وجود مرضعة
يعيش بها لئلا يموت.
__________________
(ويقبل قولها في الحمل (١) وإن لم تشهد القوابل) به ، لأن له أمارات قد تخفى على غيرها ، وتجدها من نفسها
فتنتظر المخيلة (٢) إلى أن تستبين الحال.
وقيل : لا يقبل
قولها مع عدم شهادتهن ، لأصالة عدمه ، ولأن فيه دفعا للولي عن السلطان الثابت له
بمجرد الاحتمال (٣) والأول أجود ، ولا يجب الصبر بعد ذلك (٤) إلا أن تتوقف حياة
الولد على إرضاعها فينتظر مقدار ما تندفع حاجته.
(ولو هلك قاتل العمد (٥) ، ...
______________________________________________________
(١) لو ادعت
المرأة الحمل وشهدت لها القوابل الأربعة بذلك ، فيثبت الحمل بلا خلاف ، لأن شهادة
النساء الأربع كافية في ثبوته ، وإن تجمدت دعواها عن شهادة القوابل ، قيل : لا
يؤخذ بدعواها لأن فيه دفعا للولي عن سلطانه المنصوص عليه في قوله تعالى : (فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ
سُلْطٰاناً) ، وذهب الفاضل وجماعة أنه يؤخذ بدعواها حتى يقطع بالعدم ،
لأن للحيض أمارات ظاهرة وخفية ، ومع خفاء الأمارات فيتعذر إقامة البينة عليها
ومقتضى الاحتياط مراعاة قولها حتى يثبت العكس.
(٢) بصيغة اسم
الفاعل ، والمراد أن الأمارة التي أوجبت العلم بوجود الحمل لا بد من التريث
لأجلها.
(٣) عند اللوث.
(٤) بعد الوضع
وإرضاع اللباء.
(٥) قد عرفت أن
موجب العمد هو القصاص لا غير على مبني المشهور ، وعلى مبني ابن الجنيد هو التخيير
بين القصاص والدية ، وعلى الثاني فلو هلك قاتل العمد فيتعين وجوب الدية بعد فوات
محل القصاص ، وعلى الأول فهل يقع بدل للقصاص بعد فوات محله؟ فقد اختلفت كلمات
الأصحاب في ذلك.
فذهبت جماعة منهم
الشيخ في المبسوط وابن إدريس مدعيا الإجماع إلى العدم ، لأن الثابت هو القصاص
بالأصالة وقد فات محله بالهلاك ، ولا تثبت الدية إلا بالتراضي والمفروض هلاك
الجاني.
وذهب الأكثر منهم
الشيخ في النهاية وابن زهرة مدعيا الإجماع إلى وجوب الدية في تركة ـ
__________________
(فالمروي) عن الباقر عليهالسلام (١) (أخذ الدية من ماله ، وإلا يكن) له مال(فمن الأقرب) إليه(فالأقرب) وإنما نسب الحكم إلى الرواية لقصورها عنه من حيث السند
فإنهما روايتان في إحداهما ضعف ، وفي الأخرى إرسال لكن عمل بها جماعة ، بل قيل أنه
إجماع ويؤيده قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يطل دم امرئ مسلم» وذهب ابن إدريس إلى سقوط القصاص
لا إلى بدل لفوات محله بل ادعى عليه الإجماع وهو غريب (٢).
واعلم أن
الروايتين دلتا على وجوب الدية على تقدير هرب القاتل إلى أن مات. والمصنف جعل
متعلق المروي هلاكه مطلقا (٣) وليس كذلك مع أنه في
______________________________________________________
ـ الجاني لقوله عليهالسلام : (لا يبطل دم امرئ مسلم) فإذا فات القصاص لفوات موضوعه فتثبت الدية.
ولخبر أبي بصير : (سألت
أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل قتل رجلا متعمدا ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه ، قال
: إن كان له مال أخذت الدية من ماله ، وإلا فمن الأقرب فالأقرب ، فإن لم يكن له
قرابة أدّاه الإمام فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم) .
وخبر البزنطي عن
أبي جعفر عليهالسلام : (في رجل قتل رجلا عمدا ثم فرّ ، فلم يقدر عليه حتى مات ،
قال : إن كان له مال أخذ منه ، وإلا أخذ من الأقرب فالأقرب) والخبران صريحان في الدية عند تفويت القصاص بهروبه مع وجوب
التمكين عليه مع أن فتوى المشهور على مطلق هلاكه ولو كان الهلاك بسبب عدم تقصيره ،
ولذا ذهب البعض إلى اختصاص وجوب الدية في مورد ما لو كان هلاكه بسبب تقصيره في عدم
التمكين للولي حتى يقتص.
وأشكل على الخبرين
بأن الأول ضعيف لأن أبا بصير مشترك ، وبأن الثاني مرسل لأن البزنطي لم يدرك الإمام
الباقر عليهالسلام ، وأجيب بأن المراد من أبي جعفر في الخبر الثاني الجواد
وقد أدركه البزنطي فلا إرسال.
(١) وهو خبر
البزنطي وقد عرفت أنه مروي عن الجواد عليهالسلام.
(٢) لذهاب الأكثر
إلى عكسه مع دعوى ابن زهرة الإجماع على عكسه أيضا.
(٣) سواء هرب أو
لم يهرب.
__________________
الشرح أجاب عن حجة
المختلف «بوجوب الدية (١) من حيث إنه فوّت العوض (٢) مع مباشرة إتلاف العوض (٣)
فيضمن البدل» بأنه لو مات فجأة (٤) أو لم يمتنع من القصاص ولم يهرب حتى مات لم
يتحقق منه تفويت. قال : اللهم إلا أن تخصص الدعوى بالهارب فيموت. وبه نطقت الرواية
، وأكثر كلام الأصحاب ، وهذا مخالف لما أطلقه هنا كما لا يخفى.
______________________________________________________
(١) كلام المختلف.
(٢) أي فوّت
الجاني العوض ، والمراد به القصاص.
(٣) أي مباشرة
إتلاف الجاني المعوّض وهو المقتول فلا بد أن يضمن البدل وهو الدية ، لأنه بدل
القصاص.
(٤) جواب المصنف
في الشرح عن حجة المختلف.
كتاب الديات
(كتاب الديات)
الديات جمع دية (١)
، والهاء عوض عن واو فاء الكلمة يقال : وديت القتيل : أعطيت ديته وفيه فصول أربعة
:
(الأول)
(في مورد الدية) بفتح الميم وهو موضع ورودها مجازا (٢). والمراد بيان ما
تجب فيه الدية من أنواع القتل (إنما تثبت الدية بالأصالة في الخطأ) (٣) المحض(وشبهه) (٤) وهو العمد الذي يشبه الخطأ. واحترز بالأصالة عما لو وجبت
صلحا فإنها تقع حينئذ عن العمد(فالأول) (٥) وهو الخطأ المحض(مثل أن يرمي
حيوانا)
______________________________________________________
(١) بكسر الدال
وتخفيف الياء ، وتشديدها لحن ، والهاء فيها عوض عن فاء الكلمة إذ الأصل فيها ودي
كوعد ، فتقول : وعد يعد عدة ووعدا وأيضا تقول : ودى يدي وديا ودية.
ووديت القتيل أي
أديت ما لا دية له ، ويقال للدية عقلا لمنعها من الجرأة على الدم ، لأن بها يعصم
الجاني من القتل ، ومن معاني العقل المنع.
والمراد بالدية :
هي المال الواجب بالجناية على الحر في النفس أو ما دونها ، سواء كان له تقدير شرعي
أو لا ، وربما اختصت الدية بالأول ، ويسمى الثاني بالحكومة أو الأرش.
(٢) ووجه المجاز
أن الخطأ سبب للدية وليس محلا لها ، فالتعبير بالمورد عن السبب مجاز ، والمراد من
المورد ما يجب فيه الدية.
(٣) تعيينا كما
تقدم في القصاص.
(٤) أي شبه الخطأ
وهو المسمى بشبيه العمد وتقدم أيضا في كتاب القصاص.
(٥) أي الخطأ
المحض ، وضابط التفريق بين الأقسام الثلاثة للقتل هو : فإذا قصد القتل أو ـ
(فيصيب إنسانا ، أو إنسانا معينا فيصيب غيره) ومرجعه إلى عدم قصد الإنسان ، أو الشخص (١). والثاني لازم
للأول.
(والثاني) وهو الخطأ الشبيه بالعمد ، وبالعكس (٢) : أن يقصدهما (٣)
بما لا يقتل غالبا وإن لم يكن عدوانا(مثل أن يضرب
للتأديب) ضربا لا يقتل
عادة(فيموت) المضروب.
(والضابط) في العمد وقسيميه : (إن العمد هو أن
يتعمد الفعل والقصد) بمعنى أن يقصد قتل الشخص المعين.
وفي حكمه (٤) تعمد
الفعل ، دون القصد إذا كان الفعل مما يقتل غالبا كما سبق(٥).
(والخطأ المحض أن لا يتعمد فعلا ولا قصدا) بالمجني عليه وإن قصد الفعل في غيره.
(و) الخطأ(الشبيه بالعمد أن يتعمد الفعل) ويقصد إيقاعه بالشخص المعين(ويخطئ في القصد
إلى القتل) أي لا يقصد ، مع
أن الفعل لا يقتل غالبا. (فالطبيب يضمن (٦) ...
______________________________________________________
ـ قتل بما يقتل
غالبا فهو عمد لتحفقه عرفا فيهما ، وإن قصد الفعل ولم يقصد القتل وكان الفعل مما
لا يقتل غالبا فاتفق موته فهو شبيه العمد ، وإن لم يقصد القتل ولم يقصد إيقاع
الفعل المعين على الشخص المعين إلا أنه اتفق وقوع الفعل على الشخص المعين وأماته
فهو الخطأ المحض ، كما لو قصد رمي طائر فأصاب إنسانا فقتله.
(١) أي الشخص
المعين.
(٢) أي العمد
الشبيه بالخطإ.
(٣) أي يقصد
الإنسان أو الشخص المعين بشرط عدم قصد القتل بالفعل الذي لا يقتل غالبا ولذا قيده
الشارح بقوله : لم يكن عدوانا.
(٤) أي حكم قصد
القتل.
(٥) في باب القصاص
من أن العمد متحقق بقصد القتل أو بصدور الفعل القاتل غالبا.
(٦) لو أتلف
الطبيب المريض بعلاجه ، فتارة يكون الطبيب قاصرا بالمعرفة أو كان المعالج طفلا أو
مجنونا بدون إذن الولي أو كان المعالج بالغا ولم يأذن في العلاج فلا خلاف في أنه ـ
(في ماله ما يتلف بعلاجه) نفسا وطرفا (١) ، لحصول التلف المستند إلى فعله ، ولا يطلّ
دم امرئ مسلم ، ولأنه قاصد إلى الفعل مخطئ في القصد. فكان فعله شبيه عمد(وإن احتاط واجتهد وأذن المريض) ، لأن ذلك لا دخل له في عدم الضمان هنا ، لتحقق الضمان مع
الخطأ المحض. فهنا أولى (٢) وإن اختلف الضامن (٣).
وقال ابن إدريس :
لا يضمن مع العلم والاجتهاد ، للأصل ولسقوطه بإذنه ،
______________________________________________________
ـ يضمن ما أتلفه
لقاعدة الضمان على كل متلف خصوصا في الدماء لأنه لا يبطل دم امرئ مسلم.
إن قلت : الطبيب
يقدم على العلاج من باب الإحسان ومقدمة لحفظ النفس وعليه فلا ضمان.
قلت : وإن وجب
العلاج حفظا للنفس إلا أنه لا ينافي الضمان الذي هو من باب الأسباب وإسناد التلف
إلى فاعله كما لو أدّب الرجل زوجته أو ولده لمصلحة المضروب بل قد يجب التأديب ومع
ذلك يضمن لو أتلفه الضرب.
وأخرى يكون الطبيب
حاذقا ، وهو العارف في العلم والعمل وأذن له المريض في العلاج ، ففي الضمان قولان
، ذهب ابن إدريس إلى عدم الضمان للأصل ، ولأن الضمان يسقطه الإذن ، ولأنه فعل سائغ
شرعا بل واجب كفائيا فلا يستعقبه الضمان ، وإنما الذي يتعقبه الضمان هو المنهي
عنه.
وذهب الشيخان وابن
البراج وأبو الصلاح والطبرسي والفاضل وغيرهم إلى أنه يضمن لمباشرته الإتلاف ،
لقاعدة الضمان على المتلف ، والإذن إنما كان للعلاج وليس إذنا في الإتلاف ،
والجواز أو الوجوب الشرعي لا ينافي الضمان كما لا ينافيه التأديب ، ولرواية
السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أن عليا عليهالسلام ضمّن ختّانا قطع حشفة غلام) بحملها على ما لو أذن الولي ، على أنه يمكن حمل الرواية
على ما لو لم يأذن الولي ـ وهو بعيد ـ إلا أن الخبر ضعيف لأن السكوني عامي والأكثر
يطرحون ما ينفرد به.
وعلى القول
بالضمان ، فيكون من مال الطبيب بلا خلاف ولا إشكال لكون الفعل شبيه العمد بعد قصد
الفعل وإن لم يقصد القتل.
(١) أي ما أوجب
القتل أو أتلف العضو.
(٢) لأنه شبيه
العمد.
(٣) حيث إن الضامن
في الخطأ هو العاقلة ، وفي شبيه العمد هو نفس الفاعل.
__________________
ولأنه فعل سائغ
شرعا فلا يستعقب ضمانا.
وفيه : أن أصالة
البراءة تنقطع بدليل الشغل (١). والإذن في العلاج لا في الإتلاف ، ولا منافاة بين
الجواز والضمان ، كالضارب للتأديب وقد روي أن أمير المؤمنين عليهالسلام ضمّن ختانا قطع حشفة غلام والأولى الاعتماد على الإجماع
فقد نقله المصنف في الشرح وجماعة لا على الرواية لضعف سندها بالسكوني.
(ولو أبرأه) المعالج (٢) من الجناية قبل وقوعها(فالأقرب الصحة) ، لمسيس الحاجة إلى مثل ذلك إذ لا غنى عن العلاج.
______________________________________________________
(١) أي دليل
الاشتغال.
(٢) فإذا أبرأ
المريض الطبيب من الضمان قبل العلاج فهل يبرأ؟ قيل : نعم ، والقائل به الشيخان
وأبو الصلاح وفخر المحققين بل في المسالك أنه المشهور لرواية السكوني عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلّا فهو ضامن)
، ولأن العلاج مما تمسّ الحاجة إليه فلو لم يشرع الإبراء لتعذر العلاج لإعراض
الأطباء عن الطبابة بسبب الضمان.
وقيل : لا يبرأ ،
والقائل به ابن إدريس ، لأنه إسقاط حق قبل ثبوته مع احتمال حمل الخبر على البراءة
بعد الجناية ، والحاجة الماسّة لا تصلح دليلا لتشريع الحكم ، مع أن الرواية ضعيفة
بالسكوني هذا فضلا عن عدم الموجب لأخذ البراءة من وليّ المريض مع أنه في كمال
العقل وأهلية التصرف فلو كانت البراءة كافية في عدم الضمان فلتكن منه لا من وليه.
وأجيب عن إشكال
المتن بجوابين :
الأول : للمحقق في
نكت النهاية حيث قال : «وإنما عدل إلى الولي لأنه المطالب على تقدير التلف ، فلما
شرّع الإبراء قبل الاستقرار لمكان الضرورة صرف إلى من يتولى المطالبة بتقدير وقوع
ما يبرأ منه» انتهى ، وفيه : إن الولي وإن كان هو المطالب على تقدير وقوع الجناية
لكن لا يرفع هذا سلطنة المريض على نفسه قبل وقوع الجناية فيجب أخذ البراءة من
المريض لا من وليّه.
والثاني : بأن
الولي المقصود من الخبر هو المريض ، لأنه يتولى المطالبة بالضمان إذا كانت الجناية
لا توجب الهلاك ، وفيه : إنه على خلاف ظاهر الخبر.
__________________
وإذا عرف الطبيب
أنه لا مخلص له عن الضمان توقف عن العمل مع الضرورة إليه ، فوجب في الحكمة شرع
الإبراء. دفعا للضرورة ، ولرواية السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من تطبّب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلّا فهو
ضامن» وإنما ذكر الولي ، لأنه هو المطالب على تقدير التلف فلما شرع الإبراء قبل
الاستقرار صرف إلى من يتولى المطالبة. وظاهر العبارة (١) أن المبرئ المريض. وحكمه
كذلك (٢) للعلة الأولى.
ويمكن بتكلف إدخاله
(٣) في الولي (٤).
أو لأن المجنى
عليه إذا أذن في الجناية سقط ضمانها فكيف بإذنه في المباح (٥) المأذون في فعله.
ولا يخفى عليك ضعف
هذه الأدلة فإن الحاجة لا تكفي في شرعية الحكم بمجردها ، مع قيام الأدلة على
خلافه. والخبر سكوني (٦) ، مع أن البراءة (٧) حقيقة لا تكون إلا بعد ثبوت الحق ،
لأنها إسقاط لما في الذمة من الحق وينبه عليه (٨) أيضا أخذها من الولي إذ لا حق له
قبل الجناية وقد لا يصار إليه بتقدير عدم بلوغها القتل إذا أدت إلى الأذى. ومن ثم
ذهب ابن إدريس إلى عدم صحتها (٩) قبله. وهو حسن (١٠) ...
______________________________________________________
(١) أي عبارة المصنف.
(٢) أي لو أبرأه
المريض لسقط الضمان عن الطبيب بنفس العلة الأولى من مسيس الحاجة إلى الطبابة.
(٣) أي إدخال
المريض.
(٤) فيتطابق كلام
المصنف مع الخبر ، ويرتفع الإشكال عن الخبر كما تقدم ولكن قد عرفت أنه على خلاف
الظاهر.
(٥) وهو الطبابة.
(٦) إشكال في مسند
الخبر.
(٧) إشكال في متن
الخبر.
(٨) على ضعف
الخبر.
(٩) أي عدم صحة
الإبراء قبل وقوع الجناية.
(١٠) هذا ولا بد
من التنبيه على فوائد : ـ
(والنائم يضمن) (١) ما يجنيه(في مال العاقلة) لأنه مخطئ في فعله
______________________________________________________
ـ الأولى : إن هذا
فيما لو تولى الطبيب العلاج بنفسه. وأما لو قال : أظن أن هذا الدواء نافع لهذا
المرض ، أو لو كنت أنا لفعلت كذا ففعل المريض ما قاله الطبيب فلا ضمان على الطبيب
لعدم المباشرة ، وللأصل مع الشك.
الثانية : قد وردت
أخبار تصرح بعدم الضمان منها : خبر إسماعيل بن الحسن المتطبب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إني رجل من العرب ولي بالطب بصر ، وطبي طب عربي ولست
آخذ عليه صفدا ، قال : لا بأس ، قلت : إنّا نبط الجرح ونكوي بالنار ، قال : لا بأس
، قلت : ونسقي هذه السموم الاسمحيقون والفاريقون ، قال : لا بأس ، قلت : إنه ربما
مات ، قال : وإن مات) ومثله غيره من الأخبار إلا أن تحمل على عدم المباشرة من
الطبيب أو على أخذ البراءة من المريض.
الثالثة : وردت
الأخبار الكثيرة بالحث على التطبيب منها : خبر أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كان المسيح (على نبينا وآله وعليهالسلام) يقول : إن التارك شفاء المجروح من جرحه شريك لجارحه لا
محالة ، وذلك أن الجارح أراد فساد المجروح والتارك لإشفائه لم يشأ صلاحه ، فإذا لم
يشأ صلاحه فقد شاء فساده اضطرارا) وفي المرسل : (أن موسى (على نبينا وآله وعليهالسلام) مرض فعاده بنو إسرائيل ووصفوا له دواء فامتنع منه ، فأوحى
الله إليه إن الله يأمره بذلك وإلّا لم يشفه) ، وهما يدلان على وجوب المعالجة على الطبيب إذا كان المريض
بحاجة إليها وعلى وجوب السعي على المريض إذا توقف مرضه على ذلك.
(١) النائم غير
الظئر ـ والظئر هي المرضعة لغير ولدها وسيأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى ـ إذا
أتلف نفسا أو طرفا بانقلابه أو بحركته على وجه يستند الإتلاف إليه ، فذهب الشيخ في
النهاية والمفيد في المقنعة وابن سعيد في الجامع والعلامة في التحرير إلى أنه شبيه
العمد ، فتكون الدية في ماله ، وهو الذي استقر عليه ابن إدريس في سرائره ونسبه إلى
الرواية حيث قال : (وروي أن من نام فانقلب على غيره فقتله كان ذلك شبيه العمد
يلزمه الدية في ماله خاصة ، وليس عليه القود).
وذهب المتأخرون
إلى أنه من الخطأ المحض ، لأن النائم غير عامد في فعله ولا في قصده ، والخطأ في
الفعل والقصد هو ضابط الخطأ المحض فتكون الدية على العاقلة ، ـ
__________________
وقصده (١). فيكون
خطأ محضا.
(وقيل) والقائل الشيخ(رحمهالله) : إنه يضمنه(في ماله) جعلا له من باب الأسباب (٢) ، لا الجنايات والأقوى الأول
اطرادا للقاعدة (٣).
(وحامل المتاع يضمن (٤) لو أصاب به إنسانا في ماله) (٥). أما أصل الضمان
______________________________________________________
ـ وأما الرواية
فلم يشر إليها أحد غير ابن إدريس فمثلها مرسلة ، فلا تصلح لتخصيص الأصول القطعية
في تشخيص الخطأ المحض.
(١) أي غير قاصد
للفعل ، وغير قاصد للقتل.
(٢) أي جعلا لفعل
النائم من باب الأسباب ، فيكون فعله سببا للإتلاف فيضمن لقاعدة الضمان.
(٣) أي قاعدة
الخطأ المحض في الجنايات ، وإلّا لو تمسكنا بعموم قاعدة الضمان لما كان هناك مورد
للخطأ المحض الجاري في إتلاف النفس والطرف المسمى بالجناية.
(٤) من حمل على
رأسه متاعا فكسره أو أصاب به إنسانا فقتله أو جرحه ، كان عليه ضمان المال التالف
أو الجناية الحاصلة من فعله ، والضمان في ماله لرواية داود بن سرحان عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر
منه ، قال : هو ضامن) .
واستشكل في
المسالك على سند الرواية بأن فيه سهل بن زياد ، وعلى متنها من أنه مخالف للقواعد ،
لأن الضمان لا يكون في ماله في الجنايات إلا إذا قصد الفعل ليكون شبيه العمد ،
وهنا لم يقصد بالحمل ضرب الغير بالمتاع فهو من الخطأ المحض ، وردّ إشكاله بأن
الأمر في سهل سهل على أن الرواية مروية بطريق صحيح في الفقيه ، والأولى القول بأنه
إذا كان مأمونا فلا ضمان وإذا كان غير مأمون فعليه الضمان ويدل عليه صحيح أبي بصير
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل يستأجر الحمال فيكسر الذي يحمل عليه أو يهريقه
قال : إن كان مأمونا فليس عليه شيء وإن كان غير مأمون فهو ضامن) ويؤيده أن خبر داود بن سرحان المروي في الفقيه فقد قال عليهالسلام : (هو مأمون) بدل هو ضامن ، وهذا ما يؤكد عدم كون فعله من
الأسباب الموجبة للضمان.
(٥) متعلق بقوله :
يضمن.
__________________
فلاستناد تلفه إلى
فعله ، وأما كونه في ماله فلقصده الفعل الذي هو سبب الجناية.
ويشكل إذا لم يقصد
الفعل بالمجنى عليه. فإنه حينئذ يكون خطأ محضا كما مر ، إلا أنهم أطلقوا الحكم
هنا.
(وكذا) يضمن(المعنّف بزوجته (١) جماعا) قبلا ، أو دبرا(أو ضما فيجني
عليها) في ماله أيضا ،
وهو واضح ، لقصده الفعل وإنما أخطأ في القصد وكذا القول في الزوجة إذا أعنفت به.
وللشيخ قول بأنهما
إن كانا مأمونين فلا شيء عليهما ، وإن كانا متهمين فالدية ، استنادا إلى رواية
مرسلة. والأقوى الأول ، لرواية سليمان بن خالد عن الصادق عليهالسلام ، ولتحقق الجناية وليست بخطإ محض ، ونفي التهمة ينفي العمد
، لا أصل القتل.
______________________________________________________
(١) إذا أعنف
الرجل بزوجته جماعا في قبل أو دبر ، أو ضمّا فماتت فعليه الدية من ماله ، وكذا
الزوجة لو أعنفت بزوجها ولو ضما فعليها ديته من مالها ، وعليه مشهور المتأخرين ،
لأن المعنّف قد قصد الفعل الذي لا يقتل غالبا وهو ضابط شبيه العمد ، ولصحيح سليمان
بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سئل عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت من عنفه ،
قال : الدية كاملة ولا يقتل الرجل) وخبر زيد عن أبي جعفر عليهالسلام : (في رجل نكح امرأة في دبرها فألح عليها حتى ماتت من ذلك
، قال : عليه الدية) .
وذهب الشيخ في
النهاية وابن سعيد في الجامع إلى أنه لو كان مأمونا فلا شيء عليه ، لمرسلة يونس
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن رجل أعنف على امرأته ، وامرأة أعنفت على زوجها
فقتل أحدهما الآخر ، فقال : لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين ، فإن اتّهما ألزما
باليمين بالله أنهما لم يردا القتل) .
وأشكل على الخبر
بأنه مرسل وبأن في سنده صالح بن سعيد وهو مجهول ولا جابر للخبر ، ومتنه الحاكم
بدون شيء عليهما مخالف للقواعد القطعية في تشخيص شبيه العمد الموجب للدية في مال
الجاني ، بل يمكن حمل الخبر على ما لو ادعى على الآخر العمد حتى يثبت القود فيحلف
حتى ترتفع التهمة بالعمد وهذا خارج عن موردنا ، لأن الكلام في أصل القتل المتحقق
مع عدم العمد فهل يلحق بالخطإ المحض أو بشبيهه.
__________________
(والصائح بالطفل (١) ، أو المجنون ، أو المريض) مطلقا (٢) (أو الصحيح على حين
غفلة يضمن) في ماله أيضا ،
لأنه خطأ مقصود.
(وقيل) والقائل الشيخ في المبسوط : إن الضامن(عاقلته) جعلا له من قبيل
الأسباب وهو ضعيف (٣) ، ولأن ضمان الغير جناية غيره على خلاف الأصل. فلا يصار إليه
بمثل ذلك (٤).
ولو كان الصياح
بالصحيح الكامل على غير غفلة فلا ضمان ، لأنه ليس من أسباب الإتلاف ، بل هو اتفاقي
، لا بسبب الصيحة ، إلا أن يعلم استناده إليها فالدية.
______________________________________________________
(١) الصياح كغيره
من الأفعال الصادرة عن الإنسان ، فيرجع فيها إلى القواعد المقررة في باب الجنايات
، وعليه فلو صاح ببالغ صحيح غير غافل فمات فلا دية لعدم العلم باستناد الموت إلى
الصيحة ، بل قيل : للعلم بعدم استناد الموت للصيحة لأن الموت حينئذ اتفاقي ، نعم
لو قامت قرائن على استناد الموت إلى الصيحة توجب العلم اتجه الضمان في ماله لأنه
شبيه العمد ، إذ لم يقصد الصائح القتل وقصد الفعل الذي لم يقتل غالبا فاتفق الموت.
وأما الصياح
بالبالغ الغافل بحيث فاجأه بالصيحة فمات ، أو الصياح بالطفل سواء كان غافلا أو لا
، وكذا الصياح بالمجنون والمريض مع غفلتهما أو بدونها فلو تحقق الموت فيلزمه الدية
في ماله لأنه شبيه العمد حيث لم يقصد القتل وقد قصد الفعل الذي لم يقتل غالبا
بالنسبة للمذكورين ، هذا ما عليه الأكثر.
وذهب الشيخ إلى أن
الدية على العاقلة جعلا له من باب الأسباب ، وهو ضعيف لأن الأسباب تقتضي كون الدية
عليه لا على العاقلة كما التزم به في النائم. هذا من جهة ومن جهة أخرى فتفريق
المشهور بين الغافل وغيره وبين البالغ وغيره وبين الصحيح والمريض ليس في محله على
نحو الإطلاق بل يجب أن ينصب الكلام في كيفية الصيحة وسامعها وزمانها ومكانها وغير
ذلك من أحوالها بحيث إن أوجبت القتل كانت الدية في ماله بل وإن قصد بها القتل كانت
قتلا عمديا موجبا للقصاص.
وإن لم توجب القتل
ولم يقصد بها القتل أيضا كانت من شبيه العمد بلا فرق بين الجميع تحكيما للقواعد
المقررة في تشخيص شبيه العمد ، وموردنا منه.
(٢) غافلا كان أو
لا.
(٣) إذ لو كان من
الأسباب كما هو الحق لوجبت الدية في ماله لكونه شبيه العمد.
(٤) أي بقاعدة
الأسباب ، بل بما تقرر في باب الجنايات.
(والصادم) لغيره (١) (يضمن في ماله دية
المصدوم) ، لاستناد التلف
إليه مع قصد الفعل(ولو مات الصادم فهدر) لموته بفعل نفسه إن كان المصدوم في ملكه أو مباح ، أو طريق
واسع.
(ولو وقف المصدوم في موضع ليس له الوقوف فيه) فمات الصادم بصدمه(ضمن) المصدوم(الصادم) ، لتعديه بالوقوف فيما ليس له الوقوف فيه(إذا لم يكن له) أي للصادم(مندوحة) في العدول عنه كالطريق الضيق.
(ولو تصادم حران (٢) فماتا فلورثة كل) واحد منهما(نصف ديته ويسقط)
______________________________________________________
(١) إذا صدم الأول
الثاني ، فمات المصدوم فديته من مال الصادم ، إذا قصد الصدم دون القتل ، وإذا قصد
القتل أو كان الصدم مما يقتل غالبا فالقصاص ، وأما الصادم لو مات فدمه هدر إذا كان
المصدوم في ملكه أو في موضع مباح أو في طريق واسع أو نحو ذلك مما لا تفريط فيه من
المصدوم سواء كان الصادم قاصدا أم لا بلا خلاف في شيء من ذلك.
ولو كان المصدوم
في طريق المسلمين الضيّق فمات الصادم من الصدمة فقد ذهب الشيخ في المبسوط إلى أن
المصدوم يضمن دية الصادم ، لأنه فرّط بوقوفه في موضع ليس له الوقوف فيه ، كما إذا
جلس في الطريق الضيّق فعثر به إنسان مما كان السبب للقتل أقوى من المباشر.
وأشكل عليه بعدم
إتلاف الصادم لا تسبيبا ولا مباشرة بالنسبة للمصدوم ، لأن موت الصادم إنما حصل
بفعل الصادم ، وأما الوقوف فإنما هو من مرافق المشي ، والمشي جائز فالوقوف مثله
فلا يستعقب ضمانا.
هذا كله إذا كان
المشي من الصادم لا عن قصد التصادم ، أما لو كان قاصدا لذلك وله مندوحة ومع ذلك
قصد السير على نحو يقطع معه بالصدمة فدمه هدر ، وعليه ضمان المصدوم.
(٢) بالغان عاقلان
قاصدان للتصادم دون القتل ، وكان التصادم مما لا يقتل غالبا ، فماتا فهو من شبيه
العمد فيكون لورثة كل واحد منهما نصف الدية ويسقط النصف الآخر ، لأن موت كل منهما
قد استند إلى فعله وفعل غيره ، فيهدر النصف مقابل فعله ويضمن شريكه النصف الآخر ،
كما لو جرح نفسه وجرحه غيره فمات ، فيسقط نصف الدية وهذا مما لا خلاف فيه بيننا ،
وعن بعض العامة وجوب الدية تامة على كل منهما وهو ضعيف لكون الفعل مشتركا بينه
وبين غيره.
(النصف) لاستناد موت كل منهما إلى سببين : أحدهما من فعله ، والآخر
من غيره فيسقط ما قابل فعله وهو النصف.
(ولو كانا فارسين) (١) بل مطلق الراكبين(كان على كل منهما) مضافا إلى نصف الدية(نصف قيمة فرس
الآخر) إن تلفت بالتصادم(ويقع التقاص) في الدية والقيمة ويرجع صاحب الفضل.
هذا إذا استند
الصدم إلى اختيارهما ، أما لو غلبتهما الدابتان (٢) احتمل كونه كذلك (٣). إحالة
على ركوبهما مختارين فكان السبب من فعلهما ، وإهدار الهالك (٤) إحالة على فعل
الدابتين. ولو كان أحدهما فارسا ، والآخر راجلا (٥) ضمن الراجل نصف دية الفارس ،
ونصف قيمة فرسه والفارس نصف دية الراجل ، ولو كانا صبيين (٦) والركوب منهما فنصف
دية كل على عاقلة الآخر ، لأن فعلهما خطأ
______________________________________________________
(١) بلا فرق بين
اتحاد جنس المركوب واختلافه وإن تفاوتا في القوة والضعف كما لا يفرّق بين الراجلين
، فلو تصادم الراكبان فماتا وهلكت دابتهما ، فأما الدية كما مرّ ، وأما الدابة
فنصف قيمة الدابة على شريكه مقابل فعله ، والنصف الآخر هدر مقابل لفعله ، وأوجب
بعض العامة كمال القيمة والدية وهو ضعيف كما تقدم.
(٢) بحيث غلبت
الدابتان وجرى الاصطدام ، والراكبان مغلوبان لا يستطيعان إيقاف دابتيهما ففيه
وجهان.
الأول : إن
هلاكهما وهلاك الدابتين حينئذ هدر ، لأنه لا اختيار للراكبين فهو من جناية الدواب
غير الصائلة فهو كما لو تلفوا بالآفة السماوية.
الثاني : الحكم
هنا كما لو كانا غير مغلوبين ، لأن الركوب بالاختيار وما بعد الركوب وإن كان خارجا
عن الاختيار إلّا أنه مستند إلى الركوب الاختياري فيكون اختياريا ، لأن الامتناع
بالاختيار لا ينافي الاختيار.
وفيه : إن هذا يتم
لو علما قبل الركوب بأنه ستخرج الدابتان عن الاختيار بعد الركوب مع أن مفروض
المسألة أعم من ذلك.
(٣) أي الضمان في
الدية وقيمة الدابة مناصفة.
(٤) أي ويحتمل
إهدار الهالك من الراكب والمركوب.
(٥) فنصف الهالك
من كل جانب على الجانب الآخر ، والنصف الآخر هدر وإن اختلفا قوة وضعفا في التصادم
كالجراحات وإن اختلفا في الجراحة موضعا وشدة وضعفا.
(٦) فإن كان
الركوب منهما فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر ، بلا خلاف ، لأن عمدهما خطأ ولا
تقصير من وليّهما.
مطلقا (١) ، وكذا
لو أركبهما وليهما (٢) ، ولو أركبهما أجنبي ضمن ديتهما معا.
(ولو كانا عبدين بالغين (٣) فهدر) ، لأن نصيب كل منهما هدر وما على صاحبه فات بموته لا يضمنه
المولى. ولو مات أحدهما خاصة (٤) تعلقت قيمته (٥) برقبة الحي. فإن هلك قبل
استيفائها منه فاتت ، لفوات محلها ، ولو كان أحدهما حرا ، والآخر عبدا (٦) فماتا
تعلقت نصف دية الحر برقبة العبد ، وتعلقت نصف قيمة العبد بتركة الحر فيتقاصان. ولو
مات أحدهما خاصة تعلقت جنايته بالآخر كما مر.
(ولو قال الرامي حذار) (٧) بفتح الحاء وكسر آخره مبنيا عليه. هذا هو
______________________________________________________
(١) سواء قصد
التصادم أو لا ، لأن عمدهما خطأ.
(٢) بشرط أن يكون
الركوب لمصلحتهما فالضمان على عاقلة الصبيين وليس على الولي ، لأنه يجوز له هذا
الفعل ، نعم لو أركبهما الولي لغير مصلحة لهما أو أركبهما الأجنبي فإن ضمان دية كل
منهما بتمامها على المركّب وكذا قيمة الدابتين.
(٣) سقطت جنايتهما
بلا خلاف ولا إشكال ، لأن نصيب كل واحد منهما هدر باعتبار كونه الجاني على نفسه ،
وما على صاحبه من النصف الآخر قد فات بتلفه لأن جناية العبد تتعلق برقبته ولا يضمن
المولى عن عبده شيئا سواء كانت جنايته عمدا أو خطأ.
(٤) أي أحد
العبدين ، فتتعلق نصف قيمة الميت برقبة الحي وأما نصفه الآخر فهو هدر في قبال
فعله.
وإذا تعلقت في
رقبة الحي نصف قيمة الميت فلا يضمنه المولى ، لأن جناية العبد على رقبته فإن صار
حرا فيؤديه وإلّا لو مات فلا شيء لأن المولى لا يضمن.
(٥) والصحيح تعلق
نصف قيمته.
(٦) فيتعلق نصف
دية الحر برقبة العبد لأن المولى لا يضمن عنه شيئا ، ربما أن العبد قد مات فلا شيء
عليه لفوات المحل ، وأما نصف قيمة العبد ففي تركة الحر وإن زادت عن نصف دية الحر
فتتحقق المقاصة كما في المسالك وللسيد أخذ الزيادة ، وعن بعضهم أن للمولى نصف قيمة
العبد في تركة الحر وإن زادت بدون تقاصّ ، لأن نصف دية الحر ليس في عنق المولى بل
في ماله وبالخصوص في العبد وقد فات بموته.
(٧) إذا مرّ شخص
بين الرماة في مكان مباح له المرور فيه ، فأصابه سهم أحدهم فقتله ، فالدية على
عاقلة الرامي بلا خلاف كما في الجواهر ، لكون الرامي لم يقصد القتل ولم يقصد إيقاع
الفعل بالمقتول وإلا لو قصد أحدهما لكان عليه القصاص. ـ
الأصل في الكلمة ،
لكن ينبغي أن يراد هنا ما دل على معناها(فلا ضمان) مع سماع المجني عليه ، لما روي من حكم أمير المؤمنين عليه
الصلاة والسلام فيه. وقال : قد أعذر من حذّر ، ولو لم يقل : حذار ، أو قالها في
وقت لا يتمكن المرمي من الحذر ، أو لم يسمع فالدية على عاقلة الرامي.
(ولو وقع من علو على غيره) (١) قاصدا للوقوع عليه(ولم يقصد القتل
فقتل)
______________________________________________________
ـ ولو قال الرامي
حذار ، أو أي لفظ آخر يدل على التحذير حيث يسمع المرمى ويمكنه الحذر والعدول ولم
يعدل فأصابه السهم فقتله فلا شيء على العاقلة لخبر محمد بن الفضيل عن الكناني عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (كان صبيان في زمن عليّ عليهالسلام يلعبون بأخطار لهم ، فرمى أحدهم بخطره فدقّ رباعية صاحبه ،
فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأقام الرامي البينة ، بأنه قال : حذار ، فدرأ عنه
القصاص وقال : قد أعذر من حذّر) .
والخبر وإن لم
يصرح بنفي الدية إلا أن التحذير كما يرفع القصاص يرفع الدية لأنه معذور ، والمعذور
لا شيء عليه.
(١) فقتل الأسفل ،
فإن قصد الواقع القتل أو قصد الوقوع وكان مما يقتل غالبا فهو عمد يقاد به ، وإن
كان الوقوع مما لا يقتل غالبا وقد قصده ولم يقصد القتل فهو شبيه العمد ، وإن وقع
مضطرا إلى الوقوع أو قصد الوقوع لغير ذلك فاتفق وقوعه عليه فقتل فهو خطأ محض
فالدية على العاقلة.
وأما لو ألقته
الريح أو زلق مما لا يسند إليه الفعل فهو غير مختار فلا ضمان عليه ولا على عاقلته
بلا خلاف حيث لا يصدق نسبة القتل إليه ولو خطأ مضافا إلى النصوص منها : صحيح محمد
بن مسلم عن أحدهما عليهالسلام : (في الرجل يسقط على الرجل فيقتله ، فقال : لا شيء عليه)
، وصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن رجل وقع على رجل فقتله ، فقال : ليس عليه شيء) بناء على أن الوقوع على النحو المفروض.
وذهب ابن إدريس في
سرائره والعلّامة في تحريره إلى أن دية الأسفل من بيت المال لئلا يبطل دم امرئ
مسلم ، وأشكل عليه بأنه شبيه المقتول بالصاعقة أو بأي آفة سماوية ولا تكون ديته من
بيت مال المسلمين.
__________________
(فهو شبيه عمد) يلزمه الدية في ماله(إذا كان الوقوع
لا يقتل غالبا) ، وإلا فهو عامد.(وإن وقع مضطرا) إلى الوقوع ، (أو قصد الوقوع
على غيره) ، أو لغير ذلك(فعلى العاقلة) دية جنايته ، لأنه خطأ محض ، حيث لم يقصد الفعل الخاص المتعلق بالمجني عليه
وإن قصد غيره.
(أما لو ألقته الريح ، أو زلق) فوقع بغير اختياره(فهدر جنايته) على غيره(ونفسه).
وقيل : تؤخذ دية
المجني عليه من بيت المال(ولو دفع) الواقع من إنسان غيره (١) (ضمنه الدافع وما
يجنيه) لكونه سببا في
الجنايتين.
وقيل : دية الأسفل
على الواقع ويرجع بها على الدافع ، لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام. والأول أشهر.
(وهنا مسائل)
(الأولى (٢) ـ من دعا غيره ليلا فأخرجه من منزله) بغير سؤاله ، (فهو ضامن)
______________________________________________________
(١) أي لو دفع
الواقع دافع ، فوقع على أسفل فقتل الأسفل ، فإذا قصد الدافع القتل أو كان الدفع
مما يقتل غالبا فعلى الدافع القود ، وإلّا فعلى الدافع دية الأسفل.
وذهب الشيخ في
النهاية والتهذيب والاستبصار أن دية الأسفل على الواقع ، ويرجع بها على الدافع
لرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل دفع
رجلا على رجل فقتله ، قال : فالدية على الذي وقع على الرجل لأولياء المقتول ،
ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه ، قال : وإن أصاب المدفوع شيء فهو على الدافع)
، وباعتبار مخالفتها للقاعدة في التسبيب حيث إن القاعدة تقتضي كون الجناية
على الدافع لا على الواقع لأن السبب أقوى من المباشر فلم يعمل بها المشهور.
(٢) من دعا غيره
فأخرجه ليلا من منزله فهو له ضامن حتى يرجع إلى البيت على المشهور ، وذهب ابن
إدريس إلى أنه إذا كان غير متّهم فليس بضامن ، وإذا كان متهما لعداوة فإخراجه لوث
يثبت القسامة إذا ادعى الأولياء القتل عليه ، وهو مردود لخبر عبد الله بن ميمون عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو ضامن حتى يرجع إلى ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ بيته) . ورواية عمرو بن أبي المقدام قال : (كنت شاهدا عند البيت
الحرام ورجل ينادي بأبي جعفر المنصور وهو يطوف ، ويقول : يا أمير المؤمنين ، إن
هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إليّ ، وو الله ما أدري ما
صنعا به ، فقال لهما أبو جعفر : ما صنعتما به؟ فقالا : يا أمير المؤمنين كلّمناه ثم
رجع إلى منزله ، فقال لهما : وافياني غدا صلاة العصر في هذا المكان ، فوافياه من
الغد وحضرته ، فقال لجعفر بن محمد عليهماالسلام وهو قابض على يده : يا جعفر ، اقض بينهم ، فقال : يا أمير
المؤمنين ، اقض بينهم أنت.
فقال : بحقي عليك
إلّا قضيت بينهم ، فخرج جعفر عليهالسلام فطرح له مصلى من قصب فجلس عليه ثم جاء الخصماء فجلسوا
قدامه ، فقال : ما تقول؟ فقال : يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إن هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فو الله ما رجع
إليّ ، وو الله ما أدري ما صنعا به؟
فقال : ما تقولون؟
فقالا : يا ابن رسول الله كلّمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال جعفر عليهالسلام : يا غلام ، اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلّا
أن يقيم البينة أنه قد ردّه إلى منزله.
يا غلام ، نحّ هذا
واضرب عنقه ، فقال : يا بن رسول الله ، والله ما قتلته أنا ، ولكن أمسكته فجاء هذا
فوجأه فقتله.
فقال : أنا ابن
رسول الله ، يا غلام نحّ هذا واضرب عنق الآخر ، فقال : يا بن رسول الله والله ما
عذبته ولكن قتلته بضربة واحدة ، فأمر أخاه فضرب عنقه ، ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه
وحبسه في السجن ، ووقّع على رأسه يحبس عمره ويضرب في كل سنة خمسين جلدة) وهذان الخبران نص على أنه ضامن له.
هذا فإن عدم
المخرج من منزله ولم يعرف له أثر فهو ضامن لديته بلا خلاف فيه ، لأن الأخبار قد
دلت على ضمانه ، والثابت من الضمان ضمان ديته بعد الشك في ثبوت القود للشك في سببه
وهو القتل.
وإن وجد مقتولا
فإن ادعى المخرج قتله على غيره وأقام البينة فقد برئ بلا خلاف ولا ـ
__________________
(له إن وجد مقتولا ، بالدية على الأقرب) أما ضمانه في الجملة (١) ، فهو موضع وفاق ، ورواه عبد الله
بن ميمون عن الصادق عليهالسلام قال : إذا دعا الرجل أخاه بالليل فهو ضامن له حتى يرجع إلى
بيته ، ورواه عبد الله بن المقدام عنه عليهالسلام في حديث طويل وفيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا
أن يقيم البينة أنه رده إلى منزله.
وأما ضمانه بالدية
(٢) فللشك في موجب القصاص فينتفي للشبهة والضمان المذكور في الأخبار يتحقق بضمان
الدية ، لأنها بدل النفس.
وأما تخصيصه (٣)
الضمان بما لو وجد مقتولا فلأصالة البراءة من الضمان دية ونفسا حتى يتحقق سببه وهو
في غير حالة القتل مشكوك فيه.
______________________________________________________
ـ إشكال ، فإن عدم
البينة فعن المفيد والفاضل في الإرشاد أن عليه القود ، وعن الغنية الإجماع على
سقوط القود ، وفي النهاية نسبته إلى الراوية وفي السرائر إلى الروايات. ومن ذهب
إلى سقوط القود قد وقع الخلاف بينهم فعن ابن إدريس في سرائره والعلّامة في المختلف
أنه يثبت بالإخراج ليلا مع العداوة اللوث ، فلو حلف أولياء المقتول القسامة أنه
قتله فيقتل به وإلّا فعليه أن يحلف القسامة حتى ترتفع عنه التهمة والآخرون حكموا
بثبوت الدية فقط لأنه له ضامن كما سمعته من النصوص.
ولو وجد ميتا فعن
ابن إدريس والشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة وابن حمزة في الوسيلة والمحقق في
النافع والآبيّ في كشف الرموز أنه يضمن الدية لإطلاق النصوص بالضمان ، مضافا إلى
قاعدة عدم بطلان دم امرئ مسلم ، وعن العلّامة في التحرير والمختلف والمحقق في
الشرائع وجماعة أنه لا يضمن الدية ضرورة أن الضمان من أجل احتمال القتل وهو منتف
هنا ، ولذا لو أقام بينة على أن القاتل غيره لم يضمنه إجماعا مع أن القدر المتيقن
من النصوص هو الضمان عند القتل ، فيكون غيره لا ضمان فيه لأصالة البراءة.
(١) أعم من القصاص
والدية.
(٢) عند عدم الأثر
وهو القدر المتيقن من الضمان على كل حال الوارد في النصوص.
(٣) أي تخصيص
المصنف الضمان بالدية فيما لو وجد مقتولا مستلزما لعدم الضمان دية ونفسا فيما لو
لم يعرف له أثر لعدم العلم بسبب الضمان وهو القتل ، وفيه : قد عرفت عدم الخلاف في
وجوب ضمان الدية فيما لم يعرف له أثر ، نعم جعل الضمان بالدية فيما لو وجد مقتولا
هو قول في المسألة فراجع.
(ولو وجد ميتا ففي الضمان نظر) من إطلاق الأخبار وفتوى الأصحاب (١) ضمانه الشامل لحالة
الموت ، بل للشك فيه (٢). ومن أصالة البراءة (٣) ، والاقتصار في الحكم المخالف
للأصل على موضع اليقين وهو القتل ، ولأنه مع الموت لم يوجد أثر القتل ، ولا لوث ،
ولا تهمة ، وعلى تقديرها (٤) فحكمه حكم اللوث ، لا أنه يوجب الضمان مطلقا (٥) ،
وإلى الضمان ذهب الأكثر ، بل حكموا به مع اشتباه حاله.
ثم اختلفوا في أن
ضمانه مطلقا (٦) هل هو بالقود ، أو بالدية. فذهب الشيخ وجماعة إلى ضمانه بالقود إن
وجد مقتولا ، إلا أن يقيم البينة على قتل غيره له ، والدية إن لم يعلم قتله.
واختلف كلام
المحقق فحكم في الشرائع بضمانه بالدية إن وجد مقتولا وعدم الضمان لو وجد ميتا. وفي
النافع بضمانه بالدية فيهما (٧) ، وكذلك العلّامة (٨) فحكم في التحرير بضمان الدية
مع فقده ، أو قتله حيث لا يقيم البينة على غيره ، وبعدمها لو وجد ميتا. وفي
المختلف بالدية مع فقده ، وبالقود إن وجد مقتولا مع التهمة والقسامة ، إلّا أن
يقيم البينة على غيره ، وبالدية إن وجد ميتا مع دعواه موته حتف أنفه ، ووجود اللوث
، وقسامة الوارث ، وتوقف في القواعد والإرشاد في الضمان مع الموت.
والأجود في هذه
المسألة : الاقتصار بالضمان على موضع الوفاق (٩) لضعف
______________________________________________________
(١) دليل الضمان
بالدية ، حيث إن الفتاوى لم تفصّل بين ما إذا وجد ميتا أو مقتولا.
(٢) وذلك عند عدم
الأثر فيشك في سبب الضمان وهو القتل.
(٣) دليل عدم
الضمان.
(٤) أي تقدير
التهمة. فحكمها حكم اللوث من ثبوت الضمان بعد القسامة ، لا أن الضمان يثبت مطلقا
ولو قبل القسامة.
(٥) ولو قبل
القسامة.
(٦) سواء وجد ميتا
أو مقتولا أو عدم أثره ، هذا وأراد الشارح استعراض أقوال الفقهاء في المسألة.
(٧) في الموت
والقتل.
(٨) أي وكذلك
اختلف كلام العلّامة.
(٩) وهو ما لو وجد
مقتولا.
أدلته (١) فإن في
سند الخبرين من لا تثبت عدالته (٢) ، والمشترك بين الضعيف والثقة (٣) ، وأصالة
البراءة تدل على عدم الضمان في موضع الشك (٤) مع مخالفة حكم المسألة للأصل (٥) من
ضمان الحر (٦) بإثبات اليد عليه ، واللازم من ذلك (٧): ضمانه بالدية إن وجد مقتولا
ولا لوث هناك (٨) ، وإلّا (٩) فبموجب ما أقسم عليه الولي من عمد ، أو خطأ ومع عدم
قسامته يقسم المخرج ، وعدم ضمانه (١٠) إن وجد ميتا ، للشك مع احتمال موته حتف أنفه
، ومن يعتمد الأخبار يلزمه الحكم بضمانه مطلقا (١١) إلى أن يرجع لدلالتها على ذلك
،
ثم يحتمل كونه (١٢)
القود مطلقا ، لظاهر الرواية ، والدية (١٣) لما مر ، والتفصيل (١٤) ولا فرق في
الداعي بين الذكر والأنثى ، والكبير والصغير ، والحر
______________________________________________________
(١) أي أدلة
الضمان.
(٢) وهو عمرو بن
أبي المقدام ، أنظر الخلاصة فقد نقل تضعيفه عن بعضهم.
(٣) كجعفر بن محمد
في خبر ابن ميمون ، ومحمد بن الفضيل في خبر عمرو بن أبي المقدام.
(٤) عند عدم الأثر
له.
(٥) إذ الأصل أن
الحر لا يضمن بوضع اليد عليه لأنه ليس بمال بخلاف العبد.
(٦) من باب إضافة
المصدر إلى مفعوله.
(٧) أي اللازم من
الاقتصار في الضمان على موضع الوفاق.
(٨) بحيث لم تكن
أمارة تفيد الظن بأنه القاتل.
(٩) فإن كان هناك
لوث فإن ادعى ولي المقتول القتل وحلف القسامة فيثبت القتل ومع عدم حلف الولي فيحلف
المنكر القسامة.
(١٠) عطف على قوله
: ضمانه بالدية إن وجد مقتولا ، وعدم الضمان هنا للشك في تحقق سبب الضمان ، وهو
القتل إذ يحتمل أنه مات حتف أنفه.
(١١) سواء وجد
مقتولا أو ميتا أو عدم الأثر.
(١٢) أي يحتمل أن
الضمان المنصوص في الأخبار المطلقة هو القود مطلقا سواء وجد ميتا أو مقتولا أو عدم
الأثر مع احتمال أن يكون الضمان هو الدية مطلقا في الجميع مع احتمال أن يكون
الضمان على التفصيل فإن وجد مقتولا فالقود وإن وجد ميتا أو معدوم الأثر فالدية.
(١٣) عطف على
القود والمعنى : ويحتمل كونه الدية في الجميع لإطلاق الأخبار.
(١٤) عطف على
القود والمعنى : ويحتمل كونه ضمانا على التفصيل المتقدم من القود عند القتل ومن
الدية عند الموت وعدم الأثر.
والعبد ، للعموم (١)
، أو الإطلاق (٢) ولا بين أن يعلم سبب الدعاء وعدمه ، ولا بين أن يقتل بسبب الدعاء
وعدمه ، ولا في المنزل بين البيت وغيره ، ويختص الحكم بالليل (٣) فلا يضمن المخرج
نهارا ، وغاية الضمان وصوله إلى منزله (٤) وإن خرج بعد ذلك ، ولو ناداه وعرض عليه
الخروج مخيرا له من غير دعاء (٥) ففي إلحاقه بالإخراج نظر. وأصالة البراءة تقتضي
العدم مع أن الإخراج والدعاء لا يتحقق بمثل ذلك (٦).
(ولو كان إخراجه بالتماسه (٧) الدعاء فلا ضمان) ، لزوال التهمة ، وأصالة البراءة. ويحتمل الضمان ، لعموم
النص (٨) والفتوى ، وتوقف المصنف في الشرح هنا ، وجعل السقوط احتمالا ، وللتوقف
مجال حيث يعمل بالنص (٩) ، وإلا فعدم الضمان أقوى(١٠).
نعم لا ينسحب
الحكم لو دعا غيره فخرج هو قطعا ، لعدم تناول النص والفتوى له(١١) ...
______________________________________________________
(١) كما في خبر
عمرو بن أبي المقدام.
(٢) كما في خبر
عبد الله بن ميمون.
(٣) وعليه فتوى
الأصحاب ، لأن ضمان الحر على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع اليقين.
(٤) وبعد الوصول
فيرتفع الضمان عن المخرج.
(٥) أي بدون طلب
الخروج.
(٦) من النداء
والتخيير وهو استقراب للعدم.
(٧) أي بالتماس
المخرج فلا ضمان ، لزوال التهمة ولأصالة البراءة وهو أشبه بالخروج منه بالإخراج
الوارد في النصوص.
(٨) لأنه يصدق
عليه إخراج من الغير له وإن كان بالتماسه.
(٩) لأن الوارد في
خبر ابن ميمون المتقدم : (إذا دعا الرجل أخاه) وهو منصرف عن الإخراج بالتماس
المخرج.
(١٠) وحيث لا يعمل
بالنص لأنه ضعيف سندا ، فالحكم بالضمان على خلاف الأصل فيقتصر فيه على المتيقن وهو
ما لو وجد مقتولا وكان الإخراج بالليل وكان بدعاء المخرج ، أما مع التماس المخرج
فيرجع إلى الحكم بعدم ضمان الحر.
(١١) لأنه خروج
حقيقة وليس إخراجا.
ولو تعدد الداعي (١)
اشتركوا في الضمان حيث يثبت قصاصا ودية كما لو اشتركوا في الجناية ، ولو كان
المدعو جماعة ضمن الداعي مطلقا (٢) كل واحد منهم باستقلاله على الوجه الذي فصّل.
(الثانية ـ لو انقلبت الظئر) (٣) بكسر الظاء المشالة فالهمز ساكنا : المرضعة غير ولدها(فقتلت الولد) بانقلابها نائمة(ضمنته في مالها إن كان) فعلها المظاءرة وقع(للفخر) به(وإن كان للحاجة).
______________________________________________________
(١) اشتركوا في
الضمان لاشتراكهم في الإخراج.
(٢) سواء كان
الداعي واحدا أو متعددا.
(٣) أي لو انقلبت
المرضعة على غير ولدها الذي ترضعه فقتل ، فقد ذهب الشيخ والصدوق والعلّامة في
الإرشاد إلى أنها إن طلبت الرضاع للمفاخرة فديته من مالها ، وإن طلبت الرضاع
للضرورة من حاجة أو فقر فديته على عاقلتها ، ومستندهم خبر محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليهالسلام : (أيّما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه
فقتلته فإن عليها الدية كاملة من مالها خاصة إن كانت إنما ظئرت طلبا للعز والفخر ،
وإن كانت إنما ظئرت من الفقر فإن الضمان على عاقلتها) ومثله خبر عبد الرحمن بن سالم الوارد في المتن وخبر الحسين بن خالد .
وذهب أكثر
المتأخرين إلى أن الدية على العاقلة مطلقا حيث إن سند الأخبار مشتمل على ضعف
وجهالة يمنع من العمل بها بالإضافة إلى مخالفتها للقواعد حيث إن فعل النائم خطأ
محض حيث لم يقصد القتل ولم يقصد إيقاع الفعل بالمقتول ، وطلب الفخر والعز لا يخرج
الفعل عن وصفه بالخطإ الموجب للدية على العاقلة.
وذهب المفيد
وسلّار وابنا زهرة وإدريس إلى أن الدية من مالها مطلقا ، لأن إضجاعها الصبي إلى
جانبها شبيه العمد ، وهو ضعيف إذ جعل الصبي إلى جانبها ليس فيه قصد القتل ولا هو
بالفعل القاتل غالبا ، ومن هنا تعرف حكم الأم لو انقلبت على ولدها فالدية على
عاقلتها ، بل حتى لو كان إرضاع الأم له طلبا للفخر والعز ضرورة خروجها عن نصوص
الظئر فتبقى على قاعدة الخطأ المحض.
وعن الشهيد إلحاق
الأم بالظئر وهو ضعيف لعدم الدليل على ذلك بل الدليل على عدمه.
__________________
والضرورة إلى
الأجرة والبر (١) (فهو) أي الضمان لديته(على عاقلتها).
ومستند التفصيل
رواية عبد الرحمن بن سالم عن الباقر عليهالسلام قال : أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه
فقتلته فإنما عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظائرت طلب العز والفخر ، وإن
كانت إنما ظائرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها ، وفي سند الرواية ضعف ، أو جهالة
(٢) تمنع من العمل بها وإن كانت مشهورة ، مع مخالفتها للأصول من أن قتل النائم خطأ
على العاقلة أو في ماله على ما تقدم.
والأقوى أن ديته
على العاقلة مطلقا (٣) (ولو أعادت الولد فأنكره أهله صدقت) (٤) ، لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ولأنها أمينة(إلا مع كذبها) يقينا (٥) (فيلزمها الدية حتى
تحضره أو من يحتمله) لأنها لا تدّعي موته وقد تسلمته فيكون في ضمانها ، ولو ادعت الموت فلا ضمان (٦)
، وحيث تحضر من يحتمله يقبل وإن كذبت سابقا ، لأنها أمينة لم يعلم كذبها ثانيا.
(الثالثة ـ لو ركبت جارية أخرى (٧) فنخستها ثالثة فقمصت
المركوبة) أي
______________________________________________________
(١) أي بر صاحب
الولد بها.
(٢) علّق الشارح
بقوله : «رواها في التهذيب بطريقين : أحدهما فيه محمد بن أسلم وهو ضعيف غال والآخر
فيه جماعة مجهولون».
(٣) سواء كانت
المظاءرة للفخر أو للحاجة.
(٤) بلا خلاف
لصحيح الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل استأجر ظئرا فدفع إليها ولده ، فغابت بالولد سنين
ثم جاءت بالولد وزعمت أمه أنها لا تعرفه وزعم أهلها أنهم لا يعرفونه ، قال عليهالسلام : ليس لهم ذلك فليقبلوه فإنما الظئر مأمونة) .
(٥) إما لقصور سنّ
من أحضرته عن الولد وإما لزيادته سنا ، وإما لغير ذلك فيلزمها الدية حتى تحضره أو
تحضر من يحتمل أنه الولد ، وعليها الدية مع عدم الإحضار للشك في سبب القصاص.
(٦) لأنها مأمونة
بنص الخبر المتقدم.
(٧) لو ركبت جارية
أخرى فنخست ثالثة المركوبة ، فقمصت فوقعت الراكبة فماتت ، فقد ـ
__________________
نفرت ورفعت يديها
وطرحتها(فصرعت الراكبة فماتت فالمروي) عن أمير المؤمنين عليهالسلام بطريق ضعيف(وجوب ديتها على
الناخسة والقامصة نصفين) وعمل بمضمونها الشيخ وجماعة. وضعف سندها يمنعه.
(وقيل) وقائله المفيد ونسبه إلى الرواية وتبعه جماعة منهم المحقق
والعلّامة في أحد قوليهما : (عليهما) أي الناخسة والقامصة(الثلثان) ويسقط ثلث الدية ، لركوبها عبثا ، وكون القتل مستندا إلى
فعل الثلاثة ، وخرّج ابن إدريس ثالثا وهو وجوب الدية بأجمعها على الناخسة إن كانت
ملجئة للمركوبة إلى القموص ، وإلا فعلى القامصة.
______________________________________________________
ـ روى أبو جميلة
عن سعد الإسكاف عن الأصبغ قال : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في جارية ركبت أخرى فنخستها ثالثة فقمصت المركوبة فصرعت
الراكبة فماتت أن ديتها نصفان على الناخسة والمنخوسة) (.
وعمل بمضمونها
الشيخ وجماعة ، إلا أن أبا جميلة هو المفضل بن صالح كان يضع الحديث كما في الخلاصة
، وسعد الإسكاف ضعيف في الحديث كما في رجال النجاشي هذا فضلا عن أن متن الخبر
مخالف للقواعد حيث المتجه هو الضمان على الناخسة لأن الموت مستند إلى فعلها ،
ودعوى انجبارها بعمل المشهور غير مسموعة لأن العامل بها هو الشيخ وأتباعه.
وعن المفيد في
المقنعة وابن زهرة في الغنية والمحقق والعلّامة في المختلف على الناخسة والقامصة
ثلثا الدية ، ويسقط الثلث لركوبها عبثا ، ونسب ذلك إلى قضاء أمير المؤمنين عليهالسلام ، ففي الإرشاد للمفيد قال : (إن عليا عليهالسلام رفع إليه خبر جارية حملت جارية على عاتقها عبثا ولعبا ،
فجاءت جارية أخرى فقرصت الحاملة فقفزت لقرصها فوقعت الراكبة فاندق عنقها فهلكت ،
فقضى على القارصة بثلث وعلى القامصة بثلثها ، وأسقط الثلث الباقي لركوب الواقصة
عبثا القامصة ، فبلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمضاه) .
وذهب ابن إدريس
على مبناه من عدم العمل بالخبر الواحد خصوصا إذا كان مخالفا للقواعد المقررة كما
هو في موردنا إلى أن الناخسة إذا كانت ملجئة للقامصة فتمام الدية على الناخسة ،
وإلّا فتمام الدية على القامصة ، لأنه مع الإلجاء فيسند الفعل إلى الناخسة ومع
عدمه فيسند إلى القامصة ، واختاره العلامة في الإرشاد والآبي في كشف رموزه.
__________________
أما الأول فلأن
فعل المكره مستند إلى مكرهه فيكون توسط المكره كالآلة فيتعلق الحكم بالمكره.
وأما الثاني
فلاستناد القتل إلى القامصة وحدها حيث فعلت ذلك مختارة. وهذا هو الأقوى.
ولا يشكل بما
أورده المصنف في الشرح (١) من أن الإكراه على القتل لا يسقط الضمان (٢) ، وإن
القمص في الحالة الثانية ربما كان يقتل غالبا فيجب القصاص (٣) ، لأن الإكراه (٤)
الذي لا يسقط الضمان : ما كان معه قصد المكره إلى الفعل ، وبالإلحاء يسقط ذلك
فيكون كالآلة. ومن ثمّ وجب القصاص على الدافع ، دون الواقع حيث يبلغ الإلجاء.
والقمص لا يستلزم الوقوع (٥) بحسب ذاته فضلا عن كونه مما يقتل غالبا فيكون من باب
الأسباب (٦) ، لا الجنايات نعم لو فرض استلزامه له (٧) قطعا وقصدته (٨) توجه
القصاص إلا أنه خلاف الظاهر (٩).
(الرابعة (١٠) ـ روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليهالسلام في لص جمع)
______________________________________________________
(١) شرح الإرشاد.
(٢) لأن المكره
يبقى له اختياره ، ومع الاختيار يسند إليه الفعل.
(٣) فلم الحكم
بالدية.
(٤) رد للأول ،
وهو أن المراد بالإكراه ما أوصل إلى حد الإلجاء وهو ما يرفع القصد ويصير المكره كالآلة.
(٥) رد للثاني ،
والمراد واضح منه.
(٦) فغاية ما يوجب
ضمان الدية كالأسباب في تلف الأموال ولا يوجب القود.
(٧) أي استلزام
القمص للوقوع والسقوط.
(٨) أي وقصدت
القامصة الوقوع وكان مما يقتل غالبا.
(٩) أي استلزام
القمص للوقوع وكونه مما يقتل غالبا أو أن قصد القامصة هو الوقوع.
(١٠) روى عبد الله
بن طلحة عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ كما في الكافي والتهذيب ، وفي الفقيه عن يونس عن عبد
الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام والثاني صحيح ـ (سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق
متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسه فواقعها ، فتحرك ابنها فقام
فقتله بفأس كان معه ، فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج ـ
(ثيابا ، وطأ امرأة ، وقتل ولدها فقتلته) المرأة : (أنه هدر) أي دمه باطل لا عوض له(وفي ماله أربعة
آلاف درهم) عوضا عن البضع(ويضمن مواليه) وورثته(دية الغلام) الذي قتله.
______________________________________________________
ـ حملت عليه
بالفأس فقتلته ، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد.
فقال عليهالسلام : اقض في هذا كما وصفت لك ، فقال : يضمن مواليه الذين
طلبوا بدمه دية الغلام ، ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم بمكابرتها على
فرجها ، إنه زان وهو في ماله غرامة ، وليس عليها في قتلها إياه شيء لأنه سارق) وزاد في الكافي : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود) .
وهذه الرواية بحسب
شهادة غير واحد لم يعمل بها أحد من الأصحاب لمخالفتها للأصول.
أولا : إن قتل
العمد يوجب القود ، والقود على السارق وقد فات بقتله فلم تضمن عاقلته دية الصبي ،
وردّ هذا الإشكال بأن الواجب في قتل العمد هو القود مع إمكانه ، فإذا فات فتثبت
الدية ، وأما إذا قلنا بأن الواجب في قتل العمد أحد أمرين إما القود وإما الدية
كما ذهب إليه البعض كما تقدم فمع فوات محل القود تثبت الدية لا محالة ، ويؤيده خبر
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام : (قلت له : دخل رجل على امرأة وهي حبلى فوقع عليها فقتل
ما في بطنها فوثبت عليه فقتلته ، قال : ذهب دم اللص هدرا وكانت دية ولدها على
المعقلة) .
ثانيا : الواجب في
الوطء مكرها مهر المثل ، فلم حكم بأربعة آلاف درهم خصوصا أن الإشكال يسند على قول
من ذهب أن مهر المثل لا يتجاوز مهر السنة وهو مائتا درهم ، وأجيب بأنه يحتمل أن
يكون مهر المثل لهذه المرأة هذا المقدار المذكور في الخبر ، مع منع كون مهر المثل
لا يتجاوز مهر السنة على أنه لو سلّم فإنما هو فيما إذا وقع في ضمن عقد ، لا في
الجناية التي يغلب عليها جانب المالية.
ثالثا : السارق
يجب قطع يده فقط لا قتله ، حتى يكون دمه هدرا ، وأجيب بأن دمه هدر لأنه محارب
والمرأة قتلته دفاعا عن مالها.
رابعا : قتلها له
بعد قتل ابنها يكون قصاصا فتسقط دية الغلام ، فكيف تثبت على العاقلة ، وأجيب بأنها
قتلته دفاعا ، نعم لو قتلته قودا بابنها فلا شيء على أوليائه.
__________________
ووجه الأول : أنه
محارب يقتل إذا لم يندفع إلّا به وبحمل المقدّر من الدراهم على أنه مهر أمثالها.
بناء على أنه لا يتقدّر بالسنة لأنه جناية يغلب فيها جانب المالية ، كما يضمن
الغاصب قيمة العبد المغصوب (١) وإن تجاوزت دية الحر.
ووجه ضمان دية
الغلام مع أنه مقتول عمدا : فوات محل القصاص ، وقد تقدم (٢). وبهذا التنزيل لا
تنافي الرواية الأصول ، لكن لا يتعين ما قدّر فيها (٣) من عوض البضع ، ولو فرض قتل
المرأة له قصاصا عن ولدها سقط غرم الأولياء أو أسقطنا الحق (٤) ، لفوات محل القصاص
فلا دية ، وإن قتلته دفاعا (٥) ، أو قتلته لا لذلك (٦) قيدت به.
(وعنه عليهالسلام) بالطريق السابق (٧) (في صديق عروس قتله
الزوج) لما وجده
______________________________________________________
(١) لأن الغاصب
يؤخذ بأشق الأحوال ولا تكون قيمة العبد ردا إلى دية الحر.
(٢) في آخر كتاب
القصاص.
(٣) من أربعة آلاف
درهم ، لأنه محمول على أنه مهر أمثال المرأة المذكورة في الخبر فقط.
(٤) عطف على قوله
: ولو فرض ، والمعنى لو قتلته دفاعا وأسقطنا الدية عن اللص لفوات محل القصاص فلا
دية على الأولياء ، كما لو قتلته قصاصا.
(٥) إن وصلية
متعلقة بما قبلها.
(٦) أي لا للدفاع
ولا للقصاص فيكون قتله عدوانا فتقاد به.
(٧) روى عبد الله
بن طلحة عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ كما في الكافي والتهذيب ، وفي الفقيه روى يونس بن عبد
الرحمن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وهو طريق صحيح ـ : (قلت له : رجل تزوج امرأة فلما كان
ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة ، فلما دخل الرجل يباضع
أهله ثار الصديق واقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق ، وقامت المرأة فضربت الزوج
ضربة فقتلته بالصديق ، فقال عليهالسلام : تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج) .
والحجلة بفتح
الجيم ، وهو بيت يزيّن بالثياب والأسرة والستور قاله الجوهري ، ولم يعمل بها أحد
من الأصحاب لضعف سندها الأول ، مع أنك عرفت أن سندها الثاني صحيح ، ومخالفتها
للقواعد لأن من دخل ليفجر بامرأة فدمه هدر فلا موجب لتضمين المرأة دية الصديق ،
ولذا استقرب المحقق أن دم الصديق هدر وجزم به المحقق الكركي وفخر ـ
__________________
عندها في الحجلة
ليلة العرس(فقتلت) المرأة(الزوج) أنها(تقتل به) أي بالزوج(وتضمن دية الصديق) بناء على أنها سبب تلفه ، لغرورها إياه.
(والأقرب أنه) أي الصديق(هدر إن علم) بالحال ، لأن للزوج قتل من يجد في داره للزنا فسقط القود
عن الزوج.
ويشكل بأن دخوله
أعم من قصد الزنا ولو سلّم منعنا الحكم بجواز قتل مريده مطلقا (١) ، والحكم
المذكور (٢) في الرواية مع ضعف سندها (٣) في واقعة مخالفا للأصول (٤). فلا يتعدى (٥)
فلعله علم بموجب ذلك (٦).
______________________________________________________
ـ المحققين
والحلبي ، وفي نكت النهاية للمحقق أن ضمانها لدم الصديق لأنها غرّته بإدخالها إلى
حجلتها ، ولعله لا يعلم بأنها متزوجة ، ولذا قوّى الشهيد الأول أن دمه هدر إن علم
بحالها بأنها متزوجة.
وأشكل الشارح في
المسالك بأن دخوله لحجلتها أعم من قصد الزنا فلا يدل الدخول على أنه قد همّ بالزنا
ليصدق عليه أنه دخله للفجور ليكون دمه هدرا ، ولو سلّم فلا يجوز قتل من همّ بالزنا
إلا إذا كان متلبسا بالفعل.
وعن العلامة في
التحرير أن ضمانها لدية الصديق لأنها أخرجته من منزله ليلا ، وفيه : إن الرواية لا
تدل على ذلك مع أنه لو أخرجته نهارا أو أعلمته بالحال بأنها متزوجة فيجب أن لا
تضمن مع أن الرواية على ضمانها مطلقا.
(١) سواء تلبس
بالفعل أو لا ، وفيه : إنه مخالف لنصوص إهدار من دخل دار غيره للفجور ، فإنها
مطلقة تشمل من لم يتلبس بالفعل ما دام قد دخل وهو قاصد للزنا ، منها : خبر
الجرجاني عن أبي الحسن عليهالسلام : (في رجل دخل دار رجل للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار
، أيقتل أم لا؟ قال : اعلم من دخل دار غيره فقد أهدر دمه ولا يجب عليه شيء) .
(٢) مبتدأ وخبره (في
واقعة).
(٣) قد عرفت أن
لها سندا صحيحا.
(٤) لأن دم الصديق
إما هدر وإما تضمين الزوج له ، فضمانه على الزوجة يكون مخالفا لهذه الأصول.
(٥) فلا يتجاوز
بالحكم عن نفس الواقعة المسئول عنها الإمام عليهالسلام.
(٦) أي لعل الإمام
علم بموجب الدية على الزوجة ولذا حكم به.
__________________
(وروى محمد بن قيس) (١) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قضى أمير
______________________________________________________
(١) روى عاصم بن
حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في أربعة شربوا مسكرا فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا
، فقتل اثنان وجرح اثنان ، فأمر المجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة ، وقضى
بدية المقتولين على المجروحين ، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية ،
فإن مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شيء) .
بل روى الشيخ في
التهذيب بسند متصل إلى عبد الله بن الحكم : (سألته عن أربعة نفر كانوا يشربون في
بيت فقتل اثنان وجرح اثنان ، قال : يضرب المجروحان حد الخمر ، ويغرمان قيمة
المقتولين وتقوّم جراحتهما فيردّ عليهما مما أديا من الدية) .
وعلى كل فالرواية
الأولى قد رواها محمد بن قيس وهو الثقة برواية عاصم بن حميد عنه ، فلا معنى
للإشكال من هذه الناحية فضلا عن أنه قد عمل بمضمونها الكثير من الأصحاب وهو جابر
لضعف سندها ، إلا أنه قد أشكل على الرواية من ناحية المتن بأمور : أولا : إن
الاجتماع المذكور والاقتتال لا يقتضي أن يكون القاتل هو المجروح حتى تكون دية
القتيل عليه.
ثانيا : لا يستلزم
أن تكون الجراحة من المقتولين ، إذ لعل أحد المجروحين قد جرح الآخر.
ثالثا : ما عن
الشهيد في شرح الإرشاد أنه إذا حكم بأن المجروحين قاتلان فلم لا يقادان بالقتيلين
، وأجيب بأن القتل قد وقع حالة السكر فلا يكون العمد موجبا للقصاص بل هو شبيه
العمد الموجب للدية فقط.
رابعا : ما عن
الشهيد أيضا في شرح الإرشاد أنه إذا كانت الجراحة من القتيلين. فلو فرض أن
المجروحين قد ماتا فيما بعد ، فلم لا تؤخذ دية القتيل لهما من أولياء المقتولين ،
وأجيب بأن الموت فيما بعد لم يعلم استناده عن الجرح حتى يضمن المقتولين ذلك ،
والمتيقن ضمان دية الجرح فقط.
خامسا : الجرح إذا
كان عمدا فإنه يوجب القصاص لا الدية ، وأجيب بأن الانتقال إلى الدية لفوات محل
القصاص لأنه بحسب الفرض قد صدر الجرح من اللذين قتلا.
ولهذه الإشكالات
أو بعضها استقرب الشارح في المسالك أن تكون الواقعة تستوجب ـ
__________________
المؤمنين عليهالسلام(في أربعة سكارى فجرح اثنان) منهم(وقتل اثنان) ولم يعلم القاتل والجارح : (يضمنهما الجارحان
بعد وضع جراحاتهما) من الدية.
وفي الرواية مع
اشتراك محمد بن قيس (١) الذي يروي عن الباقر عليهالسلام بين الثقة وغيره : عدم استلزام الاجتماع المذكور والاقتتال
: كون القاتل هو المجروح (٢) ، وبالعكس (٣) فيختص حكمها بواقعتها ، لجواز علمه عليهالسلام بما أوجبه. نعم يمكن الحكم بكون ذلك (٤) لوثا يثبت الفعل
بالقسامة من عمد أو خطأ وقتل وجرح.
______________________________________________________
ـ لوثا على
المجروحين ، فإن ادعى عليهما وليّ القتيلين العمد أو الخطأ فمع القسامة يثبت القتل
عليهما ، وإلا لحلف المجروحين القسامة لرفع التهمة عنهما خصوصا أن الرواية السابقة
معارضة برواية السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كان قوم يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم
فرفعوا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فسجنهم ، فمات منهم رجلان وبقي رجلان ، فقال أهل المقتولين
: يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا ، فقال علي عليهالسلام للقوم : ما ترون؟ فقالوا : نرى أن تقيدهما ، قال عليهالسلام : فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه؟ قالوا :
لا ندري.
فقال عليهالسلام : بل اجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة ، وآخذ دية
جراحة الباقين من دية المقتولين) وذكر إسماعيل بن الحجاج بن أرطاة عن سماك بن حرب عن عبد
الله بن أبي الجعد قوله : (كنت أنا رابعهم فقضى عليّ عليهالسلام هذا القضية فينا) .
واستقرب هذا الحكم
بجعل الدية على عاقلة الأربعة جماعة من الأصحاب لأنه لا يبطل دم امرئ مسلم من دون
ترجيح لأحد على آخر ، وفيه : إن الفعل قد وقع حالة السكر فهو من شبيه العمد فالدية
على الفاعل لا على العاقلة وبهذا تعرف أن الحكم في الرواية الأخيرة أيضا مخالف
للأصول المقررة في تشخيص العمد والخطأ.
(١) وقد عرفت أنه
الثقة برواية عاصم بن حميد عنه.
(٢) هذا هو
الإشكال الأول المتقدم.
(٣) أي كون
الجراحة من المقتولين وهذا هو الإشكال الثاني.
(٤) من الاجتماع
المذكور والاقتتال.
__________________
وأما ما استشكله
المصنف في الشرح على الرواية من أنه إذا حكم بأن المجروحين قاتلان (١) فلم لا
يستعدى منهما ، وأن إطلاق الحكم بأخذ دية الجرح ، وإهدار الدية لو ماتا (٢) لا يتم
أيضا وكذا الحكم بوجوب الدية في جراحتهما (٣) ، لأن موجب العمد القصاص. فيمكن دفعه
: بكون القتل وقع منهما حالة السكر فلا يوجب إلّا الدية على أصح القولين (٤). وفرض
الجرح (٥) غير قاتل كما هو ظاهر الرواية ، ووجوب دية الجرح (٦) لوقوعه أيضا من
السكران كالقتل أو لفوات محل القصاص.
والحق الاقتصار
على الحكم باللوث وإثبات ما يوجبه فيهما(وعن أبي جعفر
الباقر (٧) عن علي عليهالسلام في ستة غلمان
بالفرات فغرق) منهم(واحد) وبقي
______________________________________________________
(١) هذا هو
الإشكال الثالث.
(٢) هذا هو
الإشكال الرابع.
(٣) هذا هو
الإشكال الخامس.
(٤) لكونه شبيه
العمد وهو دفع للإشكال الأول.
(٥) رد للإشكال
الثاني.
(٦) رد للإشكال
الثالث ، وأما الإشكالان الأخيران فقد عرفت ردهما.
(٧) روى محمد بن
قيس عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ـ كما في التهذيب ـ (رفع إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ستة غلمان كانوا في الفرات ، فغرق واحد منهم فشهد ثلاثة
منهم على اثنين أنهما غرّقاه ، وشهد اثنان على الثلاثة أنهم غرّقوه ، فقضى علي عليهالسلام بالدية ، ثلاثة أخماس على الاثنين وخمسين على الثلاثة) . ورواه في الكافي وفي موضع من التهذيب عن السكوني عن أبي
عبد الله عليهالسلام ، ورواه في الفقيه مرسلا وكذا المفيد في إرشاده ومقنعته ،
وكذا في النهاية والغنية ، والسند الأول صحيح برواية عاصم بن حميد عنه. فالتشكيك
بالسند ليس في محله ، والقول بأنها متروكة كذلك ليس في محله لأن الصدوق والشيخ
أورداها في الفقيه والنهاية وهما ملتزمان بصحة ما فيهما من الأخبار ، نعم عن المحقق
في نكت النهاية والعلّامة في التحرير أنها قضية في واقعة لمخالفتها للقواعد من حيث
قبول شهادة المشهود عليه على الشاهد ، ومن حيث قبول ـ
__________________
خمسة(فشهد اثنان) منهم(على ثلاثة) أنهم غرّقوه ، (وبالعكس) شهد الثلاثة على الاثنين أنهم غرّقوه فحكم(أن الدية أخماس) على كل واحد منهم خمس(بنسبة الشهادة) وهي أيضا مع ضعف سندها(قضية في واقعة) مخالفة لأصول المذهب فلا يتعدى (١) ، والموافق لها (٢) من
الحكم : أن شهادة السابقين إن كانت مع استدعاء الولي وعدالتهم قبلت ثم لا تقبل
شهادة الآخرين ، للتهمة ، وإن كانت الدعوى على الجميع ، أو حصلت التهمة عليهم (٣)
لم تقبل شهادة أحدهم مطلقا (٤) ويكون ذلك لوثا يمكن إثباته بالقسامة.
واعلم أن عادة
الأصحاب جرت بحكاية هذه الأحكام هنا بلفظ الرواية نظرا إلى مخالفتها للأصل ،
واحتياجها ، أو بعضها في ردها إليه (٥) إلى التأويل ، أو التقييد ، أو للتنبيه على
مأخذ الحكم المخالف للأصل وقد يزيد بعضهم التنبيه على ضعف المستند تحقيقا لعذر
اطراحها.
(الخامسة (٦) ـ يضمن معلم السباحة) المتعلم(الصغير) غير البالغ لو جنى
______________________________________________________
ـ شهادة الصبيان
مع أن شهادتهم لا تقبل ، ولذا ذهب البعض إلى أن الواقعة تقتضي لوثا وتجري أحكام
القسامة.
(١) الحكم.
(٢) للأصول.
(٣) أي تهمة القتل
على الخمسة لوجود عداوة بينهم وبين الغريق.
(٤) سابقا كان في
الإدلاء بالشهادة أو لا.
(٥) إلى الأصل.
(٦) لو سلّم
الوليّ ولده لمعلم السباحة فغرق الولد بالتفريط ضمنه المعلم في ماله ، لأنه تلف
بسببه ، ولم يقصد القتل فيكون شبيه العمد.
وأما لو غرق الولد
من غير تفريط من المعلم فعن جماعة منهم المحقق على ما هو ظاهر الشرائع أنه لا يضمن
لأن القتل لا يسند إلى المعلم إلا مع التفريط والمفروض عدمه.
وذهبت جماعة منهم
العلّامة في الإرشاد إلى الضمان مطلقا ، فرّط المعلم أو لا ، لما ورد من ضمان
الطبيب الحاذق وضمان الصانع وإن اجتهد وكان حاذقا وإن لم يفرّطا وعن العلّامة في
التحرير التوقف عند عدم التفريط إذ لا يسند القتل إلى المعلم حتى يضمن ، ومن إطلاق
ضمان الطبيب والصانع وإن لم يفرّط.
عليه بها(في ماله) ، لأنه شبيه عمد ، سواء فرّط أم لا على ما يقتضيه إطلاق العبارة. ويؤيده ما
روي من ضمان الصانع وإن اجتهد.
وفي القواعد علّل
الضمان بالتفريط. ومقتضاه أنه لو لم يفرط فلا ضمان ، وتوقف في التحرير في الضمان
على تقدير عدمه. هذا إذا كان قد دفعه إليه وليه ومن بحكمه (١) ، وإلا ضمن الصغير
مطلقا قطعا (٢) ، وفي حكمه المجنون.
(بخلاف البالغ الرشيد) (٣) فإنه لا يضمنه وإن فرّط ، لأنه في يد نفسه.
(ولو بنى مسجدا في الطريق (٤) ضمن) للعدوان بوضعه فيما لا يصح الانتفاع فيه بما ينافي
الاستطراق ، (إلا أن يكون) الطريق(واسعا) زائدا عن القدر المحتاج إليه ، للاستطراق كزاوية في الطريق
، أو كونه زائدا عن المقدار شرعا.
واعلم أن الطريق
مؤنث سماعي فكان ينبغي إلحاق التاء في خبره(ويأذن الإمام له) في عمارته فلا ضمان حينئذ. وهذا يدل على عدم جواز إحياء
الزائد من الطريق عن المقدر بدون إذن الإمام ، وفي الدروس أطلق جواز إحياء الزائد
وغرسه والبناء فيه ، وكذا أطلق في التحرير جواز وضع المسجد في القدر الزائد. وهو
حسن مع عدم الحاجة إليه (٥) بحسب العادة في تلك الطريق ، وإلا فالمنع أحسن.
______________________________________________________
(١) كالوصي.
(٢) سواء فرّط أو
لا ، لعدم جواز التصرف في الصغير بدون إذن الولي.
(٣) باعتبار كونه
عاقلا فهو في يد نفسه فلا يضمن المعلم وإن فرّط ، وعن البعض أنه يضمن مع التفريط ،
لأن البالغ في الماء ليس في يده بل في يد المعلم بخلاف الحر في غير الماء فهو بيد
نفسه ويختار ما يشاء.
(٤) قال الشيخ في
المبسوط : إن كان واسعا بإذن الإمام عليهالسلام لم يضمن ما يتلف بسببه ، وكذا إذا لم يأذن وبناه للمصلحة
العامة ، وأما إذا بناه لنفسه ضمن.
وعن جماعة منهم
المحقق في الشرائع استبعاد أن يأذن الإمام في بناء المسجد في الطريق وردّ عليهم أن
هذا الاستبعاد في محله لو كان المسجد يضرّ بالمارة مع أنه يجوز إحياء الزائد عن
الطريق وحريمه المقدّر شرعا سواء كان ذلك لمصلحة عامة أو خاصة.
وعليه فلو بناه في
الزائد عن الطريق وحريمه في أرض الموات فلا يكون متعديا فلا ضمان عليه ، نعم لو
بنى في المكان الضيق من الطريق لكان عدوانا يستعقبه الضمان.
(٥) أي مع عدم
الحاجة إلى الزائد عن حريم الطريق وهو خمسة أذرع أو سبعة.
(ويضمن واضع الحجر (١) في ملك غيره) مطلقا (٢) إذا حصل بسببه جناية(أو طريق مباح) عبثا ، أو لمصلحة نفسه ، أو ليتضرر به المارة. أما لو وضعه لمصلحة عامة كوضعه
في الطين ليطأ الناس عليه أو سقّف به ساقية فيها ونحوه فلا ضمان ، لأنه محسن. وبه
قطع في التحرير.
(السادسة (٣) ـ لو وقع حائطه (٤) المائل بعد علمه بميله) إلى الطريق ، أو ملك الغير(وتمكنه من إصلاحه) بعد العلم وقبل الوقوع(أو بناه مائلا
إلى الطريق)
______________________________________________________
(١) لو وضع رجل
حجرا في ملكه فعثر به آخر فلا يضمن دية العاثر كما صرح بذلك غير واحد ، ولو كان في
ملك غيره أو في طريق مسلوك فيضمن دية العاثر لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن الشيء يوضع على الطريق فتمرّ الدابة فتنفر بصاحبها
فتعقره فقال عليهالسلام : كل شيء مضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه) وصحيح الكناني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من أضرّ بشيء في طريق المسلمين فهو له ضامن) . وهذه الأخبار دالة على أنه لو وضعه للضرر فهو ضامن ، وأما
لو وضعه لمصلحتهم فلا ضمان عليه لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل ، ومنه تعرف
لو وضعه في ملك الغير مع إذنه فلا ضمان.
(٢) عبثا كان أو
لمصلحة.
(٣) لا يضمن صاحب
الحائط المبني في ملك صاحب الجدار ، إذا وقع وتلف إنسان أو غيره بسبب وقوعه ،
لكونه مسلطا على ماله بعد عدم التفريط منه. ولو بناه في مكان مباح ملاصقا للشارع ،
فإن كان مستويا فسقط من غير ميل ولا استهدام فلا ضمان لأنه تصرف فيما يجوز به شرعا
، ولو بناه في ملكه مائلا فسقط فلا ضمان لأن له التصرف في ملكه كيف شاء.
ولو بناه في ملكه
أو في المباح وكان مائلا إلى الشارع يثبت الضمان إذ هو تصرف في الشارع بما لا يجوز
لكل مسلم أن يتصرف فيه.
ولو بناه في ملكه
أو في المباح مستويا ثم مال إلى الشارع وسقط فيضمن إذا تمكن من الإزالة ولم يزله ،
وأما لو وقع قبل التمكن فلا ضمان لعدم التعدي.
(٤) سواء كان في
ملكه أو في مباح.
__________________
ابتداء. ومثله ما
لو بناه على غير أساس مثله (١) (ضمن) (٢) ما يتلف بسببه من نفس ، أو مال ، (وإلا) يتفق ذلك بقيوده
أجمع (٣) بأن لم يعلم بفساده حتى وقع مع كونه مؤسّسا على الوجه المعتبر في مثله ،
أو علم ولكنه لم يتمكن من إصلاحه حتى وقع ، أو كان ميله إلى ملكه ، أو ملك أذن فيه
ولو بعد الميل(فلا) ضمان ، لعدم العدوان ، إلا أن يعلم على تقدير علمه بفساده
، كميله إلى ملكه (٤) بوقوع أطراف الخشب والآلات إلى الطريق فيكون كميله إلى
الطريق ، ولو كان الحائط لمولى عليه (٥) فإصلاحه وضمان حدثه متعلق بالولي(ولو وضع عليه إناء) ونحوه (٦) (فسقط) فأتلف(فلا ضمان إذا كان) الموضوع(مستقرا) على الحائط(على العادة) ، لأن له التصرف في ملكه كيف شاء فلا يكون عاديا ، ولو لم
يكن مستقرا استقرار مثله ضمن للعدوان بتعريضه للوقوع على المارة والجار. ومثله ما
لو وضعه على سطحه (٧) أو شجرته الموضوعة في ملكه ، أو مباح.
(ولو وقع الميزاب) (٨) المنصوب إلى الطريق(ولا تفريط) بأن كان مثبتا على
______________________________________________________
(١) أي بناه على
أساس ضعيف لمثل هذا الحائط.
(٢) للتعدي.
(٣) بحيث لو انتفى
قيد مما تقدم فلا يضمن.
(٤) بحيث يعلم أنه
مائل إلى ملكه ويعلم بأنه لو سقط سيسقط في ملكه لكن الآلات التي فيه كالأخشاب ستقع
في ملك الغير فيضمن حينئذ للتعدي.
(٥) كالصبي ، كان
الضمان على الولي مع التفريط كما عن العلّامة في التحرير.
(٦) فسقط وأتلف
فلا ضمان ، لأن له التصرف في حائطه فلا يكون وضعه عدوانا فلا يستعقبه الضمان بلا
خلاف ولا إشكال ، نعم لو وضعه مائلا إلى الطريق ضمن كما في القواعد كمثل ما لو بنى
الحائط مائلا إلى الطريق ، وكذا لو وضعه على وجه يسقط مثله فيضمن كمثل ما لو بنى
الحائط على أساس ضعيف.
(٧) أي ومثل الوضع
على الحائط ، فلا ضمان في الجميع لأنه تصرف في ملكه ما لم يكن عدوانا.
(٨) نصب الميازيب
إلى الطرق جائز ، وعليه عمل الناس في جميع الأعصار والأمصار ، وعن السرائر نفي
الخلاف عنه ، وفي المروي : (كان للعباس ميزاب إلى المسجد وكان رخّص له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلعه عمر يوما لما قطر عليه منه ، فخرج العباس فقال له : أتقلع
ميزابا نصبه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بيده؟ فقال عمر : والله لا ينصبه إلا من رقى على ظهري ،
فرقى العباس ـ
عادة أمثاله(فالأقرب عدم الضمان) للإذن في وضع الميازيب شرعا كذلك فلا يتعقبه الضمان ، ولأصالة البراءة.
وقيل : يضمن وإن
جاز وضعه ، لأنه سبب الإتلاف وإن أبيح السبب كالطبيب ، والبيطار ، والمؤدّب (١) ،
ولصحيحة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليهالسلام قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن ، ولرواية
السكوني عن الصادق عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من أخرج ميزابا ، أو كنيفا ، أو أوتد وتدا ، أو أوثق
دابة ، أو حفر بئرا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن ، وهو نص في
الباب لو صح طريقه (٢).
______________________________________________________
ـ على ظهره فنصبه
في الجدار) ، وفي طرقنا : (أنه نصبه أمير المؤمنين عليهالسلام من غير رضا عمر) .
ولكن على نحو لا
يضرّ بالمارة ، فإذا سقط الميزاب أو سقط شيء منه فهلك به إنسان أو مال ففي الضمان
قولان :
الأول : ما اختاره
الشيخ المفيد وابن إدريس من عدم الضمان لأنه من ضرورة البناء ، وللإذن في وضعه
شرعا فلا يستعقبه الضمان.
الثاني : ما ذهب
إليه الشيخ في المبسوط والخلاف وابن زهرة في الغنية أنه يضمن ، والإذن في وضعه
بشرط السلامة ، فمع عدم السلامة لا بد أن يضمن ، ولصحيحة أبي الصباح الكناني عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (من أضرّ بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كل شيء يضرّ بطريق المسلمين فصاحبه ضامن) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أخرج ميزابا ، أو كنيفا ، أو وتدا ، أو أوثق دابة ،
أو حفر بئرا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فهو له ضامن) وهي نص في الباب.
(١) فإنهم مأذونون
في عملهم ومع ذلك فعليهم الضمان عند التلف.
(٢) لأن السكوني
عامي.
__________________
وفصل آخرون (١)
فحكموا بالضمان مطلقا (٢) إن كان الساقط الخارج منه عن الحائط ، لأن وضعه في
الطريق مشروط بعدم الإضرار كالروشن والساباط ، وبضمان النصف إن كان الساقط الجميع
، لحصول التلف بأمرين أحدهما غير مضمون لأن ما في الحائط منه بمنزلة أجزاء الحائط
وقد تقدم أنها لا توجب ضمانا (٣) حيث لا تقصير في حفظها.
(وكذا) القول(في الجناح والروشن) (٤) لا يضمن ما يتلف بسببهما ، إلا مع التفريط ، لما ذكر (٥)
، وعلى التفصيل لو كانت خشبة موضوعة في حائط ضمن النصف إن سقطت أجمع ، وإن انتصفت
وسقط الخارج عنه ، أو كانت موضوعة على غير ملكه ضمن الجميع هذا كله في الطريق
النافذة (٦) أما المرفوعة (٧) فلا يجوز
______________________________________________________
(١) منهم العلّامة
، وذلك لأن الميزاب تارة يكون بحذاء الحائط مسمرا عليه وأخرى يكون بعضه في الحائط
والبعض الآخر خارجا عن الحائط.
فعلى الأول لا
يضمن مثله مثل ما لو سقط الحائط ، وعلى الثاني فإن سقط من الميزاب ما هو خارج عن
الحائط فقط فعليه الضمان ، وإن سقط من أصله فالضمان لعموم الأخبار السابقة وعدم
الضمان كاملا لأن التلف قد حصل من مباح مطلق وهو ما كان مسمرا في الحائط ومن مباح
بشرط السلامة ، وهو ما كان خارجا عن الحائط وعليه فيضمن النصف لأن سبب التلف سببان
: أحدهما غير مضمون والآخر مضمون.
(٢) نفسا ومالا
بتمام الدية لا بنصفها.
(٣) ومنه تعرف عدم
الضمان في الميزاب المسمّر بحذاء الحائط.
(٤) الجناح ما
يخرج عن الحائط لا لإرادة الضوء ، بل لتوسعة البيت تشبيها له بجناح الطائر ،
والروشن ما يخرج عن الحائط لإرادة الضوء وهو شبيه الجناح ، والساباط هو سقف ما بين
حائطه والحائط المقابل والطريق بينهما ، وهذا السقف يضم إلى البيت من أجل التوسعة.
وعليه فيجوز إخراج
الرواشن والأجنحة والساباطات إذا لم تضرّ بالمارة ، بحيث تكون رفيعة لا يتضرر بها
الراكب ولا الحامل ولا غيرهما ، ولو أضرت منع صاحبها منها وضمن ما يتولد منها من
التلف.
ومع عدم الضرر فلو
سقطت وأتلفت فالخلاف فيها كالخلاف في الميزاب من عدم الضمان مطلقا للإذن الشرعي ،
ومن الضمان لعموم الأخبار ، ومن التفصيل.
(٥) من الإذن
الشرعي فلا يستعقب ضمانا.
(٦) أي النافذة
إلى طريق أخرى.
(٧) وهي الممنوعة
عن النفوذ لكونها ملك لجماعة تنتهي إلى أبوابهم فقط.
فعل ذلك فيها ،
إلا بإذن أربابها (١) أجمع ، لأنها ملك لهم وإن كان الواضع أحدهم ، فبدون الإذن
يضمن مطلقا (٢) ، إلا القدر الداخل في ملكه لأنه سائغ لا يتعقبه ضمان.
(السابعة (٣) ـ لو أجّج نارا في ملكه) ولو للمنفعة (٤) (في ريح معتدلة ،
أو ساكنة ولم تزد) النار(عن قدر الحاجة) التي أضرمها لأجلها(فلا ضمان) ، لأن له التصرف في ملكه كيف شاء(وإن عصفت) (٥) الريح بعد إضرامها(بغتة) ، لعدم التفريط.(وإلا) يفعل كذلك بأن كانت الريح عاصفة حالة الإضرام على وجه يوجب
ظن التعدي إلى ملك الغير ، أو زاد عن قدر الحاجة وإن كانت ساكنة(ضمن) سرايتها إلى ملك
غيره. فالضمان على هذا مشروط بأحد الأمرين (٦): الزيادة أو عصف الريح.
وقيل : يشترط
اجتماعهما معا (٧).
وقيل : يكفي ظن
التعدي (٨) إلى ملك الغير مطلقا (٩). ومثله القول في
______________________________________________________
(١) ممن يجوز له
الاستطراق فيها.
(٢) سواء سقط
الجميع أو البعض الخارجي.
(٣) لو أجج نارا
فتارة في ملك الغير وأخرى في ملكه ، فإن أججها في ملك الغير فإنه يضمن لأنه عدوان
محض سواء قصد الإتلاف أم لا ، وإن أججها في ملكه فمع عدم احتمال التعدي لا يضمن
ولو اتفق أنها سرت إلى ملك الغير بلا خلاف فيه بشرط عدم تجاوز قدر الحاجة منها لأن
له التصرف في ملكه.
وإن زادت على قدر
الحاجة مع غلبة الظن بالتعدي كما في أيام الأهوية فإنه يضمن لو سرت بلا خلاف ولا
إشكال لكونه متعديا حينئذ.
وعن المحقق أنه
يضمن إن غلب على ظنه التعدي بسبب الأهوية وإن لم تزد عن قدر الحاجة ، وعن الشهيد
أنه يكفي أحدهما إما ظن التعدي وإما الزيادة عن قدر الحاجة.
(٤) منفعة نفسه
بلا قصد العدوان.
(٥) إن وصلية.
(٦) هو قول
الشهيد.
(٧) هو موطن وفاق.
(٨) هو قول
المحقق.
(٩) سواء زاد عن
قدر الحاجة أو لا.
إرسال الماء وقد
تقدم الكلام في ذلك كله في باب الغضب ولا وجه لذكرها في هذا المختصر مرتين.
(ولو أجج في موضع ليس له ذلك فيه) كملك غيره(ضمن الأنفس
والأموال) مع تعذر التخلص
في ماله (١) ، ولو قصد الإتلاف فهو عامد يقاد في النفس مع ضمان المال ، ولو أججها
في المباح (٢) فالظاهر أنه كالملك ، لجواز التصرف فيه.
(الثامنة (٣) ـ لو فرط في حفظ دابته فدخلت على أخرى فجنت) عليها
______________________________________________________
(١) أي يضمن في
ماله ، لأنه شبيه العمد بدون قصد الإتلاف ، ومع قصد الإتلاف يكون عمدا موجبا
للقصاص بلا خلاف ولا إشكال.
(٢) لم أجد من
خالف في أن حكمه حكم ما لو أجج في ملكه.
(٣) لو هجمت دابة
على أخرى فجنت الداخلة ، فعن الشيخين والديلمي والقاضي وابن حمزة ضمن مالكها ، وإن
جنت المدخول عليها كان هدرا بلا خلاف ولا إشكال ، أما الأول فلخبر مصعب بن سلام
التميمي عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أبيه عليهالسلام : (أن ثورا قتل حمارا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرفع ذلك إليه وهو في أناس من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر
، فقال : يا أبا بكر اقض بينهم ، فقال : يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ما عليها
شيء ، فقال : يا عمر ، اقض بينهم ، فقال مثل قول أبي بكر ، فقال : يا علي اقض
بينهم ، فقال : نعم يا رسول الله ، إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن
أصحاب الثور ، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم ، فرفع
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يده إلى السماء فقال : الحمد لله الذي جعل منّي من يقضي
بقضاء النبيين) .
إلا أن السند ضعيف
مع عدم الجابر له وهذا يمنع من العمل به على إطلاقه ، فلذا ذهب المحقق وجماعة
المتأخرين إلى تقييد الضمان بكون مالك البهيمة الداخلة قد فرّط في حفظها ويدل عليه
مرسل الحلبي عن أبي جعفر عليهالسلام : (بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا إلى اليمن ، فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومرّ يعدو ،
فمرّ برجل فنفحه برجله فقتله ، فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه فرفعوه إلى
علي عليهالسلام ، فأقام صاحب الفرس البينة عند علي عليهالسلام أن فرسه أفلت من داره ونفح الرجل فأبطل علي عليهالسلام دم ـ
__________________
(ضمن) جنايتها ، لتفريطه(ولو جني عليها) أي جنت المدخول عليها على دابته(فهدر) ولو لم يفرط في
حفظ دابته بأن انتقلت من الإسطبل الموثوق ، أو حلها غيره فلا ضمان ، لأصالة
البراءة.
وأطلق الشيخ
وجماعة ضمان صاحب الداخلة ما تجنيه ، لقضية علي عليهالسلام في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. والرواية ضعيفة السند فاعتبار التفريط وعدمه متجه.
(ويجب حفظ البعير المغتلم) (١) أي الهائج لشهوة الضراب ، (والكلب العقور) وشبههما على مالكه(فيضمن) ما يجنيه(بدونه (٢) إذا علم) بحاله وأهمل حفظه ، ولو جهل حاله ، أو علم ولم يفرط فلا
ضمان.
وفي إلحاق الهرة
الضارية بهما (٣) قولان من استناد التلف إلى تفريطه في
______________________________________________________
ـ صاحبهم ، فجاء
أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن عليا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا ،
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن عليا ليس بظلّام ولم يخلق للظلم ، إن الولاية لعليّ
من بعدي والحكم حكمه والقول قوله ، ولا يردّ حكمه وقوله وولايته إلا كافر ، ولا
يرضى ولايته وقوله وحكمه إلا مؤمن ، فلما سمع اليمانيون قول رسول الله في عليّ ،
قالوا : يا رسول الله رضينا بحكم علي عليهالسلام فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هو توبتكم عما قلتم) .
(١) المغتلم هو
الهائج من شهوة الضراب ، فيجب حفظ الدابة الصائلة والبعير المغتلم والكلب العقور
والفرس العضوض والبغل الرامح بلا خلاف فيه لقاعدة الضرر ، ولخبر الحلبي عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (سئل عن بختيّ اغتلم فقتل رجلا ، فجاء أخو الرجل فضرب
الفحل بالسيف فعقر ، فقال : صاحب البختي ضامن للدية ، ويقتص ثمن بختيه) ومثله غيره ، نعم لو جهل المالك حال الدابة ، أو علم ولم
يفرّط في الحفظ فلا ضمان بلا خلاف لأصالة البراءة بعد عدم كونه متعديا.
(٢) بدون الحفظ.
(٣) بالبعير
والكلب ، فقال الشيخ : يضمن بالتفريط مع الضراوة وتبعه عليه ابن حمزة وابن إدريس
والعلّامة ، واستبعد المحقق الضمان إذ لم تجر العادة بربطها وحفظها بخلاف الدواب ،
نعم اتفقوا على جواز قتلها كقتل غيرها من المؤذيات.
__________________
حفظها ، وعدم
جريان العادة بربطها. والأجود الأول. نعم يجوز قتلها(ولو دافعها عنه
إنسان فأدى الدفع إلى تلفها ، أو تعيبها فلا ضمان) ، لجواز دفعها عن نفسه فلا يتعقبه ضمان ، لكن يجب الاقتصار
على ما يندفع به. فإن زاد عنه ضمن. وكذا لو جنى عليها لا للدفع(وإذا أذن له قوم في دخول دار (١) فعقره كلبها ضمنوه) وإن لم يعلموا أن الكلب فيها حين دخوله ، أو دخل بعده ،
لإطلاق النص والفتوى ، وإن دخلها بغير إذن المالك لم يضمن ولو أذن بعض من في الدار
، دون بعض. فإن كان ممن يجوز الدخول مع إذنه (٢) اختص الضمان به وإلا فكما لو لم
يأذن (٣) ، ولو اختلفا في الإذن قدم المنكر (٤).
(التاسعة (٥) ـ ...
______________________________________________________
(١) فعقره كلبها ،
ضمنوا إن دخل بإذنهم وإلا فلا ضمان بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر السكوني عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم فقال : لا ضمان
عليهم ، فإن دخل بإذنهم ضمنوا) ، وإطلاق النص عدم الفرق بين كون الكلب حاضرا في الدار عند
الدخول وعدمه ، وعدم الفرق بين علمهم بكونه يعقر الداخل وعدمه ، وعدم الفرق بين
علمهم بوجود الكلب حين الدعوة وعدمه.
(٢) كصاحب الدار
أو وكيله.
(٣) فيما لو كان
الإذن من الطفل أو الضيف أو الخادم.
(٤) للأصل لأن
البينة على المدعي واليمين على من أنكر ، والمنكر هنا هو صاحب الدار فيقدم قوله مع
يمينه.
(٥) يضمن راكب
الدابة ما يجنيه يديها بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر العلاء بن الفضيل عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته
فتصيب برجلها ، قال : ليس عليه ما أصابت برجلها ، وعليه ما أصابت بيدها ، وإذا
وقفت فعليه ما أصابت بيدها ورجلها ، وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها) ، وصحيح الحلبي عنه عليهالسلام : (سئل عن الرجل يمرّ على طريق من طرق المسلمين فتصيب
دابته إنسانا برجلها فقال : ليس عليه ما أصابت برجلها ولكن عليه ما ـ
__________________
(يضمن راكب الدابة ما تجنيه بيديها ورأسها) (١) دون رجليها (٢) (والقائد لها كذلك)
(٣) يضمن جناية يديها ورأسها خاصة(والسائق يضمنها مطلقا (٤) وكذا) يضمن جنايتها مطلقا(لو وقف بها
الراكب (٥) ، أو القائد) (٦) ومستند التفصيل أخبار كثيرة ، نبّه في بعضها على الفرق
بأن الراكب والقائد يملكان يديها ورأسها ويوجهانها كيف شاءا ، ولا يملكان رجليها ،
لأنهما خلفهما. والسائق يملك الجميع.
(ولو ركبها اثنان (٧) تساويا) في الضمان ، لاشتراكهما في اليد والسببية إلا أن يكون
أحدهما ضعيفا ، لصغر أو مرض ، فيختص الضمان بالآخر ، لأنه المتولي أمرها.
______________________________________________________
ـ أصابت بيدها ،
لأن رجلها خلفه إن ركب ، فإن كان قائدها فإنه يملك بإذن الله يدها يضعها حيث يشاء)
.
(١) فالضمان كما
ذهب إليه الشيخ في المبسوط والفاضلان والشهيدان وغيرهم لمساواة الرأس لليدين في
التمكن من حفظهما ، وذهب الشيخ في الخلاف إلى عدم الضمان لأصالة البراءة وللاقتصار
على المتيقن فيما خالف الأصل من الضمان مع عدم التفريط.
(٢) لصريح النصوص
المتقدمة.
(٣) أي كالراكب
فيضمن ما تجنيه بيديها دون رجليها لذيل صحيح الحلبي المتقدم ، وأما الرأس فنفس
الخلاف المتقدم.
(٤) أي الذي
يسوقها من خلفها فيضمن ما تجنيه بيديها ورجليها بلا خلاف ولذيل خبر العلاء
المتقدم.
(٥) بلا خلاف فيه
لخبر العلاء بن فضيل المتقدم.
(٦) لأن حكمه حكم
الراكب.
(٧) اشتركا في
الضمان ، وعن كشف اللثام أن الأصحاب قاطعون به لصدق الراكب على كل منهما مع أن
الضمان على الراكب فيتناصفان الضمان ، ولخبر سلمة بن تمام عن علي عليهالسلام : (في دابة عليها ردفان فقتلت الدابة رجلا أو جرحت ، فقضى
في الغرامة بين الردفين بالسوية) .
__________________
(ولو كان صاحبها معها) (١) مراعيا لها(فلا ضمان على
الراكب) وبقي في المالك
ما سبق من التفصيل باعتبار كونه سائقا ، أو قائدا (٢) ولو لم يكن المالك مراعيا
لها بل تولى أمرها الراكب ضمن دون المالك.
(ويضمنه مالكها) (٣) الراكب أيضا(لو نفّرها فألقته) ، لا أن ألقته بغير سببه ، ولو اجتمع للدابة سائق ، وقائد (٤)
، أو أحدهما وراكب ، أو الثلاثة اشتركوا في ضمان المشترك واختص السائق بجناية
الرجلين.
ولو كان المقود أو
المسوق قطارا (٥) ففي إلحاق الجميع بالواحد حكما وجهان : من صدق السوق والقود
للجميع ، ومن فقد علة الضمان وهي القدرة على حفظ ما يضمن جنايته. فإن القائد لا
يقدر على حفظ يدي ما تأخر عن الأول غالبا ، وكذا السائق بالنسبة إلى غير المتأخر.
وهذا أقوى. نعم لو ركب
______________________________________________________
(١) فلا ضمان على
الراكب إذا كان صاحبها مراعيا لها كما ذهب إليه المحقق في النافع والعلّامة في
القواعد ، ويشكل ذلك على إطلاقه إلا إذا كان المالك هو الموكل بحفظها وسيرها دون
الراكب وذلك فيما لو كان طفلا أو صغيرا ، وهذا لا اختصاص له بالراكب بل لا ضمان
على القائد إذا فرض كون المراعاة بيد المالك.
(٢) فإن كان سائقا
فيضمن الجميع ، وإن كان قائدا فلا يضمن ما تجنيه برجلها.
(٣) أي ويضمن مالك
الدابة راكبها ، إذا ألقته بتنفيره ، لأنه متعد حينئذ ، نعم لو ألقته بدون تنفير
المالك فلا ضمان كما صرح بذلك جماعة لأصالة البراءة بعد عدم التعدي وعدم التفريط
من المالك.
(٤) فلو اجتمع
سائق وقائد وراكب فيضمن الجميع موطن الاشتراك وهو ما جنته بيديها ورأسها ، ويختص
السائق بضمان جناية الرجلين ؛ ولو اجتمع سائق وقائد اشتركا في جناية اليدين والرأس
وينفرد السائق بجناية الرجلين ، ومثله ما لو اجتمع سائق وراكب ، ولو اجتمع قائد
وراكب اشتركا في جناية اليدين والرأس ولا يضمنان جناية الرجلين.
(٥) بحيث كان كل
واحد من الإبل تلو الآخر مرتبطا به ، فالمسوق هو الذي يسوقها من خلف والمقود هو
الذي يقودها من أمام ، فهل يلحق القطار بالواحد حكما وجهان ، من صدق القود أو
السوق فحكم الجميع كحكم الواحد وهذا ما ذهب إليه في الوسيلة ، ومن فقد علة الضمان
وهي القدرة على الحفظ ، فالقائد لا يقدر على حفظ يديّ ما تأخر عن الأول ، والسائق
بالنسبة إلى غير المتأخر.
واحدا وقاد الباقي
تعلق به حكم المركوب ، وأول المقطور ، وكذا لو ساق مع ذلك واحدا ، أو أكثر.
(العاشرة (١) ـ يضمن المباشر لو جامعه السبب دونه) لأنه أقوى وأقرب (٢). هذا مع علم المباشر بالسبب(ولو جهل المباشر ضمن السبب). فالسبب(كالحافر) للبئر في غير ملكه ، (و) المباشر(كالدافع) فيها. فالضمان على الدافع ، دون الحافر ، إلا أن تكون
البئر مغطاة ولا يعلم بها الدافع فالضمان على الحافر ، لضعف المباشر بالجهل(ويضمن أسبق السببين) (٣) لو اجتمعا(كواضع الحجر)
______________________________________________________
(١) يضمن المباشر
لو جامعه السبب ، كالدافع إلى البئر مع حافره ، فالأول مباشر والثاني سبب ،
والذابح مع الممسك فالأول مباشر والثاني سبب ، وجاذب المنجنيق مع واضع الحجر في
كفته.
وضمان المباشر
لكونه أقوى من السبب ، ولأن القتل أو التلف مستند إلى المباشر لا إلى السبب ، لأن
التلف والقتل من فعل المباشر عرفا ، بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، إلا إذا ضعف
المباشر وكان السبب أقوى كما لو جهل المباشر حال السبب فإنه يضمن المسبّب كمن حفر
بئرا في غير ملكه وغطاها فدفع غيره ثالثا ولم يعلم بالبئر فالضمان على الحافر لأنه
السبب في التلف بلا خلاف فيه.
(٢) الأقوائية لأن
التلف يسند إليه ، والأقربية واضحة.
(٣) إذا اجتمع
سببا الهلاك قدّم الأول منهما ، والمراد بالأول هو الأسبق جناية ، ووجه ضمانه دون
الثاني أنه بالجناية قد تحققت نسبة الضمان إليه قبل الثاني فيستصحب ، كما لو حفر
بئرا في محل عدوانا ـ في غير ملكه ـ ووضع الآخر حجرا قريبا من البئر فعثر رجل
بالحجر فوقع في البئر فمات ، فالضمان على واضع الحجر لأنه متعد وصاحب الجناية أولا
وإن كان حفر البئر قبل وضع الحجر. ومثله من حفر بئرا عدوانا وقام الآخر بنصب سكين
في قعرها عدوانا ، فوقع ثالث في البئر فأصابته السكين فقتل فالضمان على الحافر.
وفي المسألة
احتمالان آخران :
الأول : تساوي
السببين في الضمان لأن التلف حصل منهما ، وكلاهما متعد ولا ترجيح لأحدهما على
الآخر.
الثاني : ترجيح
السبب الأقوى كما لو كان السكين قاطعا في قاع البئر مع كون عمق البئر لا يقتل
غالبا فيختص الضمان بناصب السكين دون حافر البئر ، إلا أن القول الأول عليه العمل
دون هذين الاحتمالين ، وهما احتمالان أوردهما المحقق في الشرائع.
(وحافر البئر فيعثر بالحجر فيقع في البئر فيضمن واضع الحجر) لأنه أسبق السببين فعلا وإن تأخر الوضع عن الحفر ، ولو
تقدم الحافر كما لو نصب إنسان سكينا في قعر البئر فوقع فيها إنسان من غير عثار
فأصابته السكين فمات فالضمان على الحافر.
هذا إذا كانا
متعديين (١) (فلو كان فعل أحدهما في ملكه فالضمان على الآخر) ، لاختصاصه بالعدوان.
(الحادية عشرة (٢) ـ لو وقع واحد في الزبية) بضم الزاي المعجمة وهي
______________________________________________________
(١) أما لو كان
أحدهما متعديا دون الآخر كما لو حفر إنسان بئرا في ملكه فقام الآخر فنصب سكينا في
القاع فالضمان على الناصب للسكين لأنه متعد.
(٢) حول مسألة
الزبية المشهورة ، والزبية بضم الزاء ، حفيرة تحفر للأسد ، وسميت بذلك لأنهم كانوا
يحفرون له الحفيرة في موضع عال فوق الأكمة ومنه المثل : بلغ السّيل الزبا ، والزبا
جمع زابية مثل روابي جمع رابية ، وقد صغرت فسميت زبية أي حفيرة.
وهذه لها واقعة
مشهورة في كتب الخاصة والعامة وهي : لو وقع أحد في زبية الأسد فتعلق بثان ، وتعلق
الثاني بثالث ، وتعلق الثالث برابع فافترسهم الأسد ، فما الحكم؟ وقد قضى أمير
المؤمنين عليهالسلام في ذلك ، وفي نقل قضائه روايتان.
الأولى : خبر محمد
بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في أربعة اطلعوا في زبية الأسد ، فخرّ أحدهم فاستمسك
بالثاني ، واستمسك الثاني بالثالث ، واستمسك الثالث بالرابع حتى أسقط بعضهم بعضا
على الأسد ، فقتلهم الأسد ، فقضى بالأول فريسة الأسد ، وغرّم أهله ثلث الدية لأهل
الثاني ، وغرّم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية ، وغرّم الثالث لأهل الرابع الدية
كاملة) والخبر صحيح ، فما في المسالك أنها ضعيفة لاشتراك محمد بن
قيس ليس في محله ، لأنه الثقة برواية عاصم بن حميد عنه كما اعترف بصحتها أكثر من
واحد.
والرواية الثانية
: هي رواية مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن قوما احتفروا زبية للأسد فوقع فيها الأسد فازدحم
الناس عليها ينظرون إلى الأسد ، فوقع رجل فتعلق بآخر ، فتعلق الآخر بآخر ، والآخر
بآخر ، فجرحهم الأسد فمنهم من مات من جراحة الأسد ومنهم من أخرج فمات ، فتشاجروا
في ذلك حتى أخذوا السيوف ، ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ فقال أمير
المؤمنين عليهالسلام : هلموا أقضي بينكم فقضى أن للأول ربع الدية والثاني ثلث
الدية والثالث نصف الدية والرابع الدية كاملة ، وجعل ذلك على قبائل الذين ازدحموا
، فرضي بعض القوم وسخط بعض ، فرفع ذلك إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبر بقضاء أمير المؤمنين عليهالسلام فأجازه) .
وهذه الرواية
ضعيفة بسهل بن زياد والأمر فيه سهل ، وضعيفة بمحمد بن الحسن بن شمون فهو غال ملعون
، وبعبد الله بن عبد الرحمن الأصم فهو غال ضعيف كان من كذبة أهل البصرة كما نص
عليه علماء الرجال.
نعم ما روي من طرق
العامة يوافق هذه الرواية الثانية إلا أن الأولى مشهورة وعليها عمل المشهور ،
وهناك من توقف عن العمل بها وجعلها قضية في واقعة لمخالفتها للقواعد إلا أن من عمل
بها قد وجّهها.
والتوجيه هو أن
الأول لم يعتد عليه أحد فهو فريسة الأسد ، إلا أن الثاني قد قتله الأول فيستحق
الدية إلا أنه يسقط منها بحسب ما جنى وهو قد جنى قتل الثالث والرابع فيسقط من ديته
الثلثان لأنه جنى على الثالث والرابع ويبقى له ثلث لأنه جني عليه.
والثالث قد قتله
اثنان ، وهما الأول والثاني وهو قد قتل واحدا وهو الرابع ، فيستحق تمام الدية إلا
أنه يسقط منه بمقدار ما جنى وهو الثلث ويبقى له الثلثان ، وأما الرابع فقد قتله
ثلاثة وهو لم يقتل أحدا فيستحق تمام الدية ، إلا أن هذا التوجيه ضعيف من جهتين :
أولا : فلا يلزم
من قتله لغيره سقوط حصته عن قاتله.
وثانيا : يجب أن
يكون ثلثا دية الثالث على الثاني والأول مع أنه في الرواية هما على الثاني فقط ،
ويجب أن تكون الدية الكاملة للرابع على الثلاثة مع أنها في الرواية على الثالث
فقط. وحاول ابن أبي عقيل في كتابه المستمسك على ما نقل عنه أن يدفع الضعف من الجهة
الثانية بدعوى أن دية الرابع على الثلاثة وإنما نسبت إلى الثالث فقط لأن الثالث له
على من قتله ثلثا الدية فيضيف إليها الثلث الذي عليه من دية الرابع فتصير دية
كاملة ، وتدفع إلى الرابع.
وثلثا دية الثالث
على الثاني والأول إلا أن الثاني سيأخذ ثلثا من الأول ويضيف إليه ثلثا فيصير
المجموع ثلثين فيدفعان إلى الثالث ولذا نسبت الثلثين إلى الثاني. فالأول سيدفع
ثلثا للثاني والثاني يضم إليه ثلثا ويدفع الثاني الثلثين للثالث ، والثالث يضم
إليها ثلثا فتصير ـ
__________________
الحفرة تحفر للأسد
سميت بذلك لأنهم كانوا يحفرونها في موضع عال ، وأصلها الزابية التي لا يعلوها
الماء وفي المثل بلغ السيل الزبا(فتعلق) الواقع(بثان ، والثاني بثالث ، والثالث برابع) فوقعوا جميعا(فافترسهم الأسد
ففي رواية محمد بن قيس عن الباقر عن علي عليهالسلام أنه قضى في ذلك.
أن الأول فريسة الأسد) لا يلزم أحدا(ويغرم أهله ثلث الدية للثاني ، ويغرم الثاني للثالث ثلثي
الدية ويغرم الثالث للرابع الدية كاملة) وعمل بها أكثر الأصحاب. لكن توجيهها على الأصول مشكل ،
ومحمد بن قيس كما عرفت مشترك وتخصيص حكمها بواقعتها ممكن ، فترك العمل بمضمونها
مطلقا (١) متوجه.
وتوجيهها بأن
الأول لم يقتله أحد. والثاني قتله الأول ، وقتل هو (٢) الثالث والرابع. فقسطت
الدية على الثلاثة فاستحق منها بحسب ما جني عليه. والثالث قتله اثنان وقتل هو
واحدا فاستحق ثلثين كذلك. والرابع قتله الثلاثة فاستحق تمام الدية ، تعليل بموضع
النزاع (٣) ، إذ لا يلزم من قتله لغيره سقوط شيء من ديته عن قاتله.
وربما قيل (٤) بأن
دية الرابع على الثلاثة بالسوية ، لاشتراكهم جميعا في سببية قتله وإنما نسبها إلى
الثالث ، لأن الثاني استحق على الأول ثلث الدية فيضيف إليه ثلثا آخر ويدفعه إلى
الثالث فيضيف إلى ذلك ثلثا آخر ويدفعه إلى الرابع.
وهذا مع مخالفته
لظاهر الرواية لا يتم في الآخرين (٥) ، لاستلزامه كون دية
______________________________________________________
ـ دية كاملة
فيدفعها إلى الرابع.
وهذه المحاولة
ليست في محلها لأنها على خلاف ظاهر الخبر ، ولأنها على خلاف القواعد لأن الثالث
سبب في قتل الرابع فعليه دية الرابع بتمامها ، وكون الثاني قد قتل الثالث لا يسقط
حق الرابع عن الثالث ، وكذلك في الثالث والثاني ، ولذا ذهبت جماعة إلى أنها قضية
في واقعة لا يتعدى عنها إلى غيرها إذ لعل الإمام اطلع على ما يوجب ذلك فيها.
(١) سواء كان في
الزبية أو غيرها ، وسواء كانوا أربعة أو لا.
(٢) أي الثاني.
(٣) خبر قوله :
وتوجيهها.
(٤) توجيه ابن أبي
عقيل.
(٥) وهما الثاني
والثالث وإن تم في الرابع.
الثالث على
الأولين (١) ، ودية الثاني على الأول. إذ لا مدخل لقتله من بعده في إسقاط حقه كما
مر ، إلا أن يفرض كون الواقع عليه سببا في افتراس الأسد له فيقرب (٢) ، إلا أنه
خلاف الظاهر (٣).
(وفي رواية أخرى) رواها سهل بن زياد عن ابن شمون عن عبد الله الأصم عن مسمع
عن أبي عبد الله عليهالسلام أن عليا عليهالسلام قال : (للأول ربع الدية وللثاني ثلث الدية ، وللثالث نصف الدية ،
وللرابع الدية كاملة) وجعل ذلك(كله على عاقلة المزدحمين) ووجهت بكون البئر حفرت عدوانا ، والافتراس مستندا إلى
الازدحام المانع من التخلص. فالأول مات (٤) بسبب الوقوع في البئر ، ووقوع الثلاثة
فوقه ، إلا أنه بسببه ، وهو ثلاثة أرباع السبب فيبقى الربع على الحافر ، والثاني
مات بسبب جذب الأول وهو ثلث السبب ووقوع الباقيين فوقه وهو ثلثاه ووقوعهما عليه من
فعله فيبقى له ثلث ، والثالث مات من جذب الثاني ووقوع الرابع وكل منهما نصف السبب
، لكن الرابع من فعله فيبقى له نصف ، والرابع موته بسبب جذب الثالث فله كمال
الدية.
والحق أن ضعف
سندها يمنع من تكلف تنزيلها. فإن سهلا عامي ، وابن شمون غال والأصم ضعيف فردها
مطلقا (٥) متجه.
______________________________________________________
(١) أي الثاني
والأول مناصفة فيجب أن يأخذ الثاني من الأول النصف ويدفع النصف ، ولاستلزامه كون
دية الثاني على الأول فقط بتمامها مع أن الرواية لم تصرح بذلك.
(٢) التوجيه ،
بحيث يصير قتل كل واحد من الثاني والثالث مستندا إلى مجموع الجاذب له والواقع عليه
لكن الوقوع عليه من فعله فيسقط ضمانه فيبقى من الدية النصف على الجاذب له ، فيبقى
نصف دية الثالث على الثاني لا ثلثاها ، ونصف دية الثاني على الأول لا الثلث ، ولذا
قال الشارح : يقرب ، ولم يقل : يتم.
(٣) أي ظاهر الرواية
لأن الافتراس من ناحية الجذب له ، لا من ناحية الأعم من الجذب له والوقوع عليه.
(٤) بسببين : بسبب
حفر البئر وبسبب وقوع الثلاثة عليه ، مع أن وقوع الثلاثة من فعله فيسقط من ديته
بمقدار فعله فيبقى له الربع ، وهو على الحافر لأنه حفره عدوانا مع أن الرواية قد
جعلته على عاقلة المزدحمين ، والأولى جعل السبب الأول هو الازدحام لا حفر البئر.
(٥) سواء كان في
الزبية أو الحفيرة وسواء كانوا أربعة أو أقل أو أزيد.
وردها المصنف بأن
الجناية إما عمد أو شبهه وكلاهما يمنع تعلق العاقلة به (١) ، وأن في الرواية «فازدحم
الناس عليها ينظرون إلى الأسد» وذلك ينافي ضمان حافر البئر (٢). وحيث يطرح الخبران
فالمتجه ضمان كل دية من أمسكه أجمع ، لاستقلاله بإتلافه. وهو خيرة العلّامة في
التحرير.
الفصل الثاني ـ في
التقديرات
وفيه مسائل :
(الأولى ـ في النفس ، دية العمد أحد أمور ستة يتخير الجاني في دفع ما شاء منها (٣). وهي :
______________________________________________________
(١) أي بالعمد أو
شبهه.
(٢) كما في
التوجيه ، ومع أنك عرفت أن الأولى جعل السبب هو الازدحام فلا يأتي الإشكال.
(٣) لا خلاف بين
الأصحاب في كون دية العمد واحدا من أمور ستة وهي : مائة من مسان الإبل ومائتا بقرة
وألف دينار وعشرة آلاف درهم وألف شاة ومائتا حلة من حلل اليمن ويدل عليه الأخبار
منها : صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال : (سمعت ابن أبي ليلى يقول : كانت الدية في
الجاهلية مائة من الإبل فأقرها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة وفرض على أهل الشاة
ألف شاة ثنية وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم وعلى أهل
اليمن الحلل مائتي حلة ، قال عبد الرحمن بن الحجاج : فسألت أبا عبد الله عليهالسلام عما روى ابن أبي ليلى فقال : كان علي عليهالسلام يقول : الدية ألف دينار وقيمة الدينار عشرة دراهم وعشرة
آلاف لأهل الأمصار ، وعلى أهل البوادي مائة من الإبل ولأهل السواد مائة بقرة أو
ألف شاة) .
وصحيح جميل بن
دراج : (في الدية قال : ألف دينار أو عشرة آلاف درهم ، ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل
، ومن أصحاب الإبل الإبل ، ومن أصحاب الغنم الغنم ، ومن أصحاب البقر البقر) ، ومرسل يونس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الدية عشرة آلاف درهم أو ألف دينار أو مائة من الإبل) ، وما ورد معارضا لها لا بد من تأويله أو رده إلى أهله فقد
ورد حصر الدية في الإبل كما في صحيحة محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما ـ
__________________
(مائة من مسان الإبل) (١) وهي الثنايا فصاعدا (٢). وفي بعض كلام المصنف أن المسنة
من الثنية إلى بازل عامها.
(أو مائتا بقرة) (٣) وهي ما يطلق عليه اسمها.
______________________________________________________
ـ عن أحدهما عليهماالسلام : (في الدية قال : هي مائة من الإبل وليس فيها دنانير ولا
دراهم ولا غير ذلك) (.
وقد ورد في أخبار
أن قيمة كل بعير عشرون شاة منها صحيحة معاوية بن وهب : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن دية العمد فقال : مائة من فحولة الإبل المسانّ ، فإن لم
يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم) وهذه لا عامل بها ، فضلا عن معارضتها بما دل على أن الدية
ألف شاة فلا بد من حملها على التقية لموافقتها للعامة كما في المغني لابن قدامة
على ما قيل.
وقد ورد أن الدية
إذا كانت من الدراهم فهي اثنا عشر ألف درهم ففي صحيح عبيد الله بن زرارة عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (الدية ألف دينار أو اثنا عشر درهم) ومثله صحيح ابن سنان .
وأما دليل تخيير
الجاني في دفع ما شاء منها فسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
(١) قد تقدم خبر
معاوية بن وهب فقال عليهالسلام : (مائة من فحولة الإبل المسانّ) ومثله غيره ، والمسنّة
كما نقل الشيخ في المبسوط عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (المسنّة هي الثنيّة فصاعدا) وعن حواشي الشهيد : (المسنّة
من الثنيّة إلى بازل عامها) ، وفي المهذب البارع وغيره (المسانّ جمع مسنّة وهي من
الإبل ما دخل في السادسة وتسمى الثنيّة أيضا ، فإن دخلت في السابعة فهي الرباع
والرباعية ، فإن دخلت في الثامنة فهي السديس بكسر الدال ، فإن دخلت في التاسعة فهي
بازل أي طلع نابه ، فإن دخلت في العاشرة فهي بازل عام ثم بازل عامين) ، وفي
القاموس : «والمراد بالمسانّ الكبار» وعن المغرب : «الثني من الإبل الذي أثنى أي نبتت
ثنيته وهو ما استكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة».
(٢) سواء كان
رباعيا أو سديسا أو بازلا.
(٣) اشترط في
المهذب البارع والجامع لابن سعيد كون البقرة مسنة ، وليس لهما دليل بعد كون البقر
اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والمسنّ وغيره.
__________________
(أو مائتا حلّة) بالضم(كل حلة ثوبان (١) من برود اليمن) (٢) هذا القيد للتوضيح ، فإن الحلة لا تكون أقل من ثوبين قال
الجوهري : الحلة إزار ورداء لا تسمى حلة حتى تكون ثوبين. والمعتبر اسم الثوب (٣).
(أو ألف شاة) وهي ما يطلق عليها اسمها (٤).
(أو ألف دينار) أي مثقال ذهب خالص (٥).
(أو عشرة آلاف درهم) (٦).
(وتستأدى) دية العمد(في سنة واحدة) (٧) لا يجوز تأخيرها عنها بغير رضى
______________________________________________________
(١) كما نص عليه
أكثر الأصحاب وأهل اللغة ، فقال أبو عبيدة ـ كما في الصحاح ـ : (الحلل وبرود اليمن
، والحلة إزار ورداء ، لا تسمى حلة حتى تكون ثوبين) ، وعن النهاية الأثيرية : (الحلة
واحدة الحلل ، وهي برود اليمن ولا تسمى حلّة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد) ، وعن
المصباح المنير : (الحلة بالضم لا تكون إلّا ثوبين من جنس واحد).
(٢) كما في
السرائر والشرائع والنافع والتحرير وغيرها ، وقد دل عليه صحيح عبد الرحمن المتقدم
، وزاد في السرائر : أو من برود نجران ، وقال في الجواهر : «لم أجد له شاهدا».
(٣) لا مجرد ما
يستر العورة كما ربما يتوهم.
(٤) بلا خلاف فيه
من غير فرق بين الذكر والأنثى.
(٥) بلا خلاف فيه
، ففي موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (دية المسلم عشرة آلاف من الفضة وألف مثقال من الذهب ،
وألف من الشاة) ، هذا واعلم أن الدية توازي (٣٦٠٠) غراما من الذهب الخالص
لأن المثقال الشرعي يساوي (٦ ، ٣) غراما ، وهي تعادل خمسمائة ليرة عثمانية من
الذهب الخالص كما في الدرة البهية للسيد الأمين.
(٦) بلا خلاف فيه
، والدية تساوي حينئذ (٢٥٢٠٠) غراما من الفضة الخالصة لأن الدرهم الشرعي يساوي (٥٢
، ٢) غراما.
(٧) بلا خلاف فيه
، لصحيح أبي ولّاد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كان عليّ عليهالسلام يقول : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ، وتستأدى دية العمد
في سنة) ، وعن أبي حنيفة أن أجلها إلى ثلاث سنين وهو ضعيف ، فلا
يجب على الجاني المبادرة إلى إتمامها قبل تمام الحول ، كما لا يجوز تأخيرها عن
السنة إلّا برضا المستحق.
__________________
المستحق ، ولا يجب
عليه المبادرة إلى أدائها قبل تمام السنة وهي(من مال الجاني) (١) حيث يطلبها الولي.
(ودية الشبيه) للعمد (٢) ...
______________________________________________________
(١) بلا خلاف ،
لما ورد في خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : العاقلة لا تضمن عمدا ولا إقرارا ولا صلحا) ومثله خبر أبي بصير ، فضلا عن الأخبار المصرحة بكون دية العمد على الجاني منها
: مضمرة سماعة :(سألته عمّن قتل مؤمنا متعمدا هل له من توبة؟ قال : لا ، حتى يؤدي
ديته إلى أهله ويعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ، ويستغفر الله ويتوب إليه ويتضرع
، فإني أرجو أن يتاب عليه إذا فعل ذلك ، قلت : فإذا لم يكن له مال؟ قال : يسأل
المسلمين حتى يؤدي ديته إلى أهله) .
(٢) كدية العمد
لأن الدية أحد هذه الأمور الستة المتقدمة ، كما هو إطلاق النصوص المتقدمة ، نعم
دية شبيه العمد مخففة عن دية العمد بشيئين : الأول : في سن الإبل ، ففي العمد لا
بد أن تكون مسنّة وهي ما دخلت في السادسة ، وفي شبيه العمد فالمائة من الإبل موزعة
: ثلاث وثلاثون حقة وهي ما أكملت الثالثة وقد دخلت في الرابعة ، وثلاث وثلاثون بنت
لبون وهي التي كمل لها سنتان ودخلت في الثالثة ، وأربعة وثلاثون ثنيّة طروقة الفحل
وهي التي كمل لها الخامسة ودخلت في السادسة ، كما عن النهاية والقواعد واللمعة
والروضة والنافع وغيرها ، بل عن الخلاف دعوى إجماع الفرقة وإخبارها به ، وفي
النافع أنه أشهر الروايتين ، وفي المفاتيح أنه المشهور وبه روايتان ، والمقصود هما
خبر أبي بصير وخبر العلاء بن فضيل وكلاهما غير دال على ما قالوه ، وذلك ففي خبر
أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (دية الخطأ إذا لم يرد الرجل القتل مائة من الإبل أو
عشرة آلاف من الورق أو ألف من الشياه ، وقال : دية المغلظة التي تشبه العمد وليست
بعمد أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل ، ثلاثة وثلاثون حقة ، وثلاثة وثلاثون جذعة
وأربع وثلاثون ثنيّة كلها طروقة الفحل) . فالخبر قد دل على الجذعة وهي التي دخلت في الخامسة مع
أنهم اكتفوا ببنت لبون وهي التي دخلت في الثالثة.
ومثله خبر العلاء
بن فضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (والدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب
بالحجر والعصا بالضربة والاثنتين فلا يريد قتله فهي أثلاث : ـ
__________________
مائة من الإبل
أيضا ، إلا أنها دونها (١) في السن ، لأنها(أربع وثلاثون
ثنية) سنها خمس سنين (٢)
فصاعدا(طروقة الفحل) حوامل (٣) (وثلاث وثلاثون بنت
لبون) سنها سنتان
فصاعدا.(وثلاث وثلاثون حقة) سنها ثلاث سنين فصاعدا(أو أحد الأمور
الخمسة) المتقدمة.
(وتستأدى في سنتين) يجب آخر كل حول نصفها(من مال الجاني) أيضا (٤).
______________________________________________________
ـ ثلاث وثلاثون
حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية كلها خلفة من طروقة الفحل) (والخلفة بفتح الخاء وكسر اللام وهي الحامل.
ولذا ذهبت جماعة
منهم المحقق إلى الاعتماد على هذين الخبرين فاستبدلوا ثلاث وثلاثين بنت لبون بثلاث
وثلاثين جذعة ، إلا أن الخبرين ضعيفان ، أما الأول فلاشتماله على علي بن أبي حمزة
البطائني وهو ضعيف ، والثاني يشتمل على محمد بن سنان وهو لم يثبت توثيقه ، ولذا
ذهب الصدوق في المقنع وابن يحيى في الجامع وابن زهرة في الغنية والعلّامة في
التحرير إلى أن أسنان الإبل هي : ثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة وأربعون خلفة
استنادا على صحيح عبد الله بن سنان : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر
أن دية ذلك تغلّظ ، وهي مائة من الإبل منها أربعون خلفة من بين ثنية إلى بازل
عامها ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون) (.
الفارق الثاني :
في الزمن ، فدية شبيه العمد تستأدى في سنتين كما عن المفيد ونسب إلى الشهرة وادعى
عليه الشيخ في المبسوط الإجماع ، ويؤيّد أن دية العمد إلى سنة ودية الخطأ إلى ثلاث
سنين فيتعين أن تكون دية شبيه العمد إلى سنتين ، وعن ابن حمزة أنها تؤدى إلى سنة
إن كان موسرا وإلا في سنتين ، وليس له دليل ولا موافق كما في الجواهر.
(١) أي دون الإبل
في العمد.
(٢) أي أكملت
الخمس فصاعدا.
(٣) تقييد لطروقة
الفحل ، لأن الطروقة هي ما بلغت من السن بحيث تقبل الطروقة ، لكن قيّدت بالحوامل
لما ورد في خبر العلاء بن فضيل المتقدم من كونها خلفة ، والخلفة هي الحامل كما
عرفت.
(٤) للإجماع عن
أكثر من واحد ، بعد حصر تحمل العاقلة لدية الخطأ فقط ، وعن الحلبي أنها ـ
__________________
وتحديد أسنان
المائة بما ذكر أحد الأقوال في المسألة. ومستنده روايتا أبي بصير والعلاء بن
الفضيل عن الصادق عليهالسلام واشتملت الأولى على كون الثنية طروقة الفحل ، والثانية على
كونها خلفة بفتح الخاء فكسر اللام وهي الحامل فمن ثمّ فسرناها بها (١) وإن كانت
بحسب اللفظ أعم ، لكن في سند الروايتين ضعف.
وأما تأديتها في
سنتين فذكره المفيد وتبعه الجماعة ولم نقف على مستنده وإنما الموجود في رواية أبي
ولّاد (٢) : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين وتستأدى دية العمد في سنة.
(وفيها) أي في دية العمد (٣) (رواية أخرى) وهي صحيحة عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط ، أو العصا ، أو
الحجر : إن دية ذلك تغلّظ وهي مائة من الإبل. منها أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل
عامها ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون وهذه هي المعتمد لصحة طريقها. وعليها
العلامة في المختلف والتحرير ، وهو في غيرهما على الأول (٤).
والمراد ببازل
عامها ما فطر نابها أي انشق في سنته وذلك في السنة التاسعة ، وربما بزل في الثامنة
، ولما كانت الثنية ما دخلت في السنة السادسة كان المعتبر من الخلفة ما بين ذلك ،
ويرجع في معرفة الحامل إلى أهل الخبرة فإن ظهر الغلط
______________________________________________________
ـ على العاقلة وهو
واضح الفساد إذ لا دليل عليه ، وتحمل العاقلة للدية على خلاف الأصل فيقتصر فيه على
المتيقن من دية الخطأ فقط.
(١) أي فسرنا
الطروقة بالحامل.
(٢) عن أبي عبد
الله عليهالسلام ، وهي صحيحة السند ، والتمسك بإطلاق ذيلها يقتضي أن تكون
دية شبيه العمد إلى سنة أيضا ، وفيه : إن الرواية ليس لها إطلاق لشبيه العمد بل هي
في مقام تحديد أجل دية الخطأ والعمد ، فيبقى أجل شبيه العمد مجمل فيأتي استحسان
المشهور من أنه بين الأجلين ، لأن شبيه العمد أغلظ من الخطأ وأخفّ من العمد.
(٣) أي شبيه
العمد.
(٤) أي والعلّامة
في غير المختلف والتحرير على القول الأول.
__________________
وجب البدل ، وكذا
لو أسقطت قبل التسليم وإن أحضرها قبله.
(ودية الخطأ) المحض (١) (عشرون بنت مخاض ،
وعشرون ابن لبون وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة) وعلى ذلك دلت صحيحة ابن سنان السابقة(وفيه رواية أخرى) وهي رواية العلاء بن الفضل عنه عليهالسلام قال : في قتل الخطأ مائة من الإبل خمس وعشرون بنت مخاض
وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وقد عرفت أن الأولى
صحيحة الطريق دون الثانية ، وليته (٢) (رحمهالله) عمل بالصحيحة في الموضعين (٣) مع أنها أشهر رواية وفتوى.
______________________________________________________
(١) دية الخطأ
المحض كدية العمد لإطلاق النصوص المتقدمة إلا أنها مخففة من جهتين :
الأولى : من ناحية
سنّ الإبل ، فعن الأكثر أنها عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون وثلاثون بنت لبون
وثلاثون حقة ، لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة ، وثلاثون ابنة لبون وعشرون
بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر) .
وعن ابن حمزة
التمسك برواية أخرى ، وهي رواية العلاء بن فضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في قتل الخطأ من الإبل خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون
بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة) ، وطريقها ضعيف لأنه مشتمل على محمد بن يونس عن محمد بن
سنان ، وابن سنان لم يثبت توثيقه ولا مدحه.
وعن الشيخ في
المبسوط وابن إدريس في السرائر أن دية الخطأ من الإبل عشرون بنت مخاض وعشرون ابن
لبون وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة ، وهو مما لا دليل عليه كما اعترف به
غير واحد.
الناحية الثانية :
أن دية الخطأ تستأدى في ثلاث سنين ، في كل سنة ثلثها بلا خلاف لصحيح أبي ولّاد عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (كان عليّ عليهالسلام يقول : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين وتستأدى دية العمد
في سنة) .
(٢) أي الشهيد
الأول.
(٣) من شبيه العمد
والخطأ.
__________________
(وتستأدى) الخطأ(في ثلاث سنين) كل سنة ثلث ، لما تقدم.
ومبدأ السنة من
حين وجوبها (١) ، لا من حين حكم الحاكم(من مال العاقلة
(٢) ، أو أحد الأمور الخمسة) ولا يشترط تساويها قيمة بل يجوز دفع أقلها على الأقوى (٣)
، وكذا لا يعتبر قيمة الإبل (٤) ، بل ما صدق عليه الوصف.
وما روي من اعتبار
قيمة كل بعير بمائة وعشرين درهما (٥) محمول على الأغلب ، أو الأفضل ، وكذا القول
في البقر. والغنم والحلل (٦).
(ولو قتل في الشهر الحرام) (٧) وهو أحد الأربعة : ذو القعدة وذو الحجة
______________________________________________________
(١) أي من حين
وقوع القتل.
(٢) بلا خلاف فيه
بيننا للأخبار منها : معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (أن عليا كان يقول : عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة) وهي دالة على أن كل خطأ على العاقلة ، وعن المفيد وسلّار
أن العاقلة ترجع على الجاني بعد التأدية وهو لا دليل عليه.
(٣) لأن التخيير
بيد العاقلة في الخطأ ، بلا خلاف في ذلك.
(٤) لإطلاق
النصوص.
(٥) كما في صحيح
ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وقيمة كل بعير مائة وعشرون درهما أو عشرة دنانير ، ومن
الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة) ، وفي صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (مائة من فحول الإبل المسانّ فإن لم يكن إبل فمكان كل
جمل عشرون من فحولة الغنم) .
(٦) بحيث لا يعتبر
قيمتها ، بل المعتبر هو صدق الاسم.
(٧) الأشهر الحرم
رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم الحرام ، فمن قتل فيها فعليه دية كاملة وثلث من أي
الأجناس ، والثلث تغليظ ، بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيحة كليب الأسدي : (سألت
أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال : دية وثلث) .
__________________
والمحرم ورجب(أو في الحرم) (١) الشريف المكي(زيد عليه ثلث دية) من أي الأجناس كان لمستحق الأصل (٢) (تغليظا) عليه لانتهاكه
حرمتهما.
أما تغليظها
بالقتل في أشهر الحرم فإجماعي. وبه نصوص كثيرة.
وأما الحرم فألحقه
الشيخان وتبعهما جماعة ، لاشتراكهما (٣) في الحرمة وتغليظ قتل الصيد فيه (٤)
المناسب لتغليظ غيره. وفيه نظر بيّن (٥).
وألحق به بعضهم (٦)
ما لو رمى في الحل فأصاب في الحرم ، أو بالعكس.
______________________________________________________
(١) حرم مكة زاده
الله شرفا ، فقد ذهب الشيخان المفيد في المقنعة والطوسي في المبسوط والخلاف
والنهاية أنه يغلّظ عليه ، وعليه دية وثلث ، وهو مذهب الأكثر كما في كشف اللثام.
وذهب المحقق
والفاضل والشهيدان وغيرهم إلى العدم لعدم الدليل على ذلك ، حتى قال المحقق في نكت
النهاية : «ونحن نطالب الشيخين بدليل ذلك» ، نعم في صحيحة زرارة : (قلت لأبي جعفر عليهالسلام : رجل قتل رجلا في الحرم قال : عليه دية وثلث) بناء على أن الحرم بفتح الحاء ، مع أنه لو قرئ بضم الحاء
والراء فيكون المراد منه هو الأشهر الحرم ويؤيده ما في الجواهر : «وقد حضرني نسخة
من الكافي معتبرة جدا وقد أعرب فيها الحرم بضمتين».
(٢) أي الدية.
(٣) أي الأشهر
الحرم والحرم المكي.
(٤) في الحرم
المكي ، وهذا دليل ثان لإلحاق الحرم المكي بالأشهر الحرم ، وذلك لأن قتل الصيد فيه
مغلّظ فهو يناسب تغليظ قتل النفس.
(٥) لأنه قياس
محض.
(٦) أي بالحرم
المكي ما لو رمى سهما وهو في الحل فأصاب من في الحرم فيلزمه التغليظ أيضا لصدق
القتل في الحرم ، ولو رمى سهما وهو في الحرم فأصاب من في الحل فقتله فوجهان ، من
عدم صدق القتل بالحرم فلا يجب التغليظ ، ومن حصول سبب القتل في الحرم ، وفي الثاني
ضعف ظاهر إذ لا يصدق القتل في الحرم.
__________________
وهو ضعف في ضعف (١).
والتغليظ مختص بدية النفس فلا يثبت في الطرف (٢) وإن أوجب الدية للأصل.
(والخيار إلى الجاني في الستة في العمد والشبيه) (٣) ، لا إلى ولي الدم. وهو ظاهر (٤) في الشبيه ، لأن لازمه
الدية ، أما في العمد فلما كان الواجب القصاص وإنما تثبت الدية برضاه (٥) كما مر (٦)
لم يتقيد الحكم بالستة ، بل لو رضي بالأقل ، أو طلب الأكثر وجب الدفع مع القدرة ،
لما ذكر من العلة (٧) فلا يتحقق التخيير حينئذ (٨) وإنما يتحقق (٩) على تقدير
تعينها عليه مطلقة.
ويمكن فرضه (١٠)
فيما لو صالحه على الدية وأطلق (١١) ، أو عفا عليها (١٢) ،
______________________________________________________
(١) إذ لم يثبت
التغليظ في الحرم فكيف يثبت فيما لو رمى من الحرم.
(٢) ذهب بعض
العامة إلى إثبات التغليظ فيه ، وقال الشارح في المسالك : «ولا دليل عليه عندنا
ولا قائل به من أصحابنا».
(٣) أما في شبيه
العمد فلا خلاف فيه لأن النصوص المتقدمة ظاهرة في التخيير له ، وأما في العمد
فالأصل فيه القصاص ولا تثبت الدية إلّا بالتراضي بين القاتل وولي الدم ، وما دام
المدار على التراضي فلو تراضيا على تعيين واحد من الستة أو على الأقل من الدية أو
الأكثر أو غير الدية لجاز ، وقد تقدم في كتاب القصاص.
(٤) أي الخيار.
(٥) برضا وليّ
الدم.
(٦) في كتاب
القصاص.
(٧) قد ذكر في
كتاب القصاص أنه يجب على القاتل دفع الدية مع القدرة إذا طلبها ولي الدم لوجوب حفظ
النفس ، فكذلك يجب دفع الزائد لعين هذا التعليل.
(٨) أي حين طلب
ولي الدم شيئا من الدية أو الأكثر أو الأقل وقلنا بوجوب البذل على الجاني فلا
يتحقق تخيير للجاني.
(٩) الخيار
للجاني.
(١٠) فرض تعين
الدية عليه مطلقة ، وله تسع صور.
(١١) هذه الصورة
الأولى ، وذلك فيما لو صالح ولي الدم القاتل على الدية ولم يعين واحدا من الأمور
الستة.
(١٢) هذه الصورة
الثانية ، وذلك فيما لو عفا ولي الدم عن القاتل بشرط الدية ولم يعين واحدا منها.
أو مات القاتل (١)
أو هرب (٢) فلم يقدر عليه وقلنا بأخذ الدية من ماله ، أو بادر بعض الشركاء (٣) إلى
الاقتصاص بغير إذن الباقين أو قتل في الشهر الحرام (٤) وما في حكمه فإنه يلزمه ثلث
دية ، زيادة على القصاص ، أو قتل الأب ولده (٥) ، أو قتل العاقل مجنونا (٦) ، أو
جماعة على التعاقب (٧) فقتله الأول وقلنا بوجوب الدية حيث يفوت المحل.
(والتخيير) بين الستة(إلى العاقلة في
الخطأ) (٨) وثبوت التخيير في الموضعين (٩) هو المشهور ، وظاهر النصوص
يدل عليه.
وربما قيل (١٠) :
بعدمه ، بل يتعين الذهب والفضة على أهلهما ، والأنعام
______________________________________________________
(١) هذه الصورة
الثالثة ، وذلك فيما لو مات القاتل فقد فات محل القصاص فتثبت الدية في ماله
والخيار بتعيين واحد منها بيد الورثة.
(٢) هذه هي الصورة
الرابعة ، فلو هرب القاتل وقلنا بأخذ الدية من ماله فالخيار حينئذ له بالتعيين.
(٣) الصورة
الخامسة ، فلو كان ولي الدم متعددا وقام بعضهم وقتل القاتل بغير إذن الباقين ، ضمن
للبقية حصتهم من الدية إذا لم يرضوا بالقتل ، والتخيير في الدفع للذي اقتص
(٤) الصورة
السادسة ، فيلزم الجاني الدية وثلثها ، ودفع الثلث يتخير الجاني في تعيين صنفه ،
وكذا القتل في الحرم المكي على القول بالإلحاق.
(٥) الصورة
السابعة ، فلا ترد على الأب كما تقدم في كتاب القصاص ، وإنما عليه الدية فيتخير في
تعيينها.
(٦) الصورة
الثامنة ، وقد مرّ في كتاب القصاص أنه لا قود عليه ، وإنما عليه الدية وهو بالخيار
في تعيينها.
(٧) الصورة
التاسعة ، فلو قتل جماعة على التعاقب وقتل بالأول فيلزمه الدية للباقين حيث فات
محل القصاص ، والتخيير حينئذ لورثة الجاني.
(٨) قد تقدم أن
ظاهر النصوص المتقدمة ذلك.
(٩) من شبه العمد
والخطأ ، والتخيير للجاني في الأول وللعاقلة في الثاني.
(١٠) لا قائل به ،
وإنما بعض النصوص صرحت بذلك منها : صحيح جميل بن دراج : (في الدية ، قال : ألف
دينار أو عشرة آلاف درهم ، ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل ، ومن أصحاب الإبل الإبل ،
ومن أصحاب الغنم الغنم ، ومن أصحاب البقر البقر) ، ومثله ـ
__________________
على أهلها. والحلل
على أهل البز (١). والأقوى الأول.
(ودية المرأة النصف من ذلك كله (٢) ، والخنثى) المشكل(ثلاثة أرباعه) في الأحوال الثلاثة (٣) وكذا الجراحات والأطراف (٤) على
النصف ما لم يقصر عن ثلث الدية فيتساويان.
وفي إلحاق الحكم (٥)
بالخنثى نظر (٦). والمتجه العدم للأصل.
(ودية الذمي) (٧) يهوديا كان أم نصرانيا أم مجوسيا ثمانمائة درهم على
الأشهر
______________________________________________________
ـ صحيح عبد الرحمن
المتقدم ، وقد حملت هذه الأخبار على الغالب من عادة الناس.
(١) أي أهل
الثياب.
(٢) أي من الأمور
الستة ، بلا خلاف فيه وقد تقدم الكلام فيه في كتاب القصاص ، ومثله الخنثى.
(٣) العمد وشبيهه
والخطأ.
(٤) أي جراحات المرأة
وقطع أطرافها ، فهي على النصف من جراحات الرجل وقطع أطرافه إن جاوزت ثلث الدية أو
ساوت الثلث فصاعدا على الخلاف بين الشيخ وغيره ، وإلا فالتساوي.
(٥) من تنصيف
جراحات المرأة وقطع أطرافها ما لم يقصر عن ثلث دية الرجل.
(٦) فهل يتساوى مع
المرأة أو يكون على قياس ديته ، والمتجه عدم التساوي للشك في كونه امرأة والأصل
العدم.
(٧) بشرط أن يكون
حرا فديته ثمانمائة درهم ، بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح ليث المرادي : (سألت
أبا عبد الله عليهالسلام عن دية اليهودي والنصراني والمجوسي قال : ديتهم سواء
ثمانمائة درهم) ومثله صحيح ابن
مسكان .
نعم في صحيح أبان
بن تغلب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم) ، وصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذمة فديته كاملة) (.
وفي خبر أبي بصير عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ـ
__________________
رواية وفتوى وروي
صحيحا أن ديته كدية المسلم ، وأنها أربعة آلاف درهم ، والعمل بها نادر ، وحملها
الشيخ على من يعتاد قتلهم فللإمام أن يكلفه ما شاء منهما (١) كما له قتله.
(و) دية(الذمية نصفها) (٢) أربعمائة درهم ، ودية أعضائهما وجراحاتهما من ديتهما كدية
أعضاء المسلم وجراحاته من ديته. وفي التغليظ بما يغلظ به على المسلم نظر من عموم
الأخبار ، وكون التغليظ على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع الوفاق (٣). ولعل
الأول أقوى ، وكذا تتساوى دية الرجل منهم والمرأة إلى أن تبلغ ثلث الدية فتنتصف
كالمسلم (٤) ، ولا دية لغير الثلاثة (٥) من أصناف الكفار مطلقا (٦)
(و) دية(العبد قيمته (٧) ما لم تتجاوز دية الحر فترد إليها) إن تجاوزتها
______________________________________________________
ـ ودية المجوسي
ثمانمائة درهم) .
وقد حملت على
التقية لفتوى بعض العامة بكون الدية أربعة آلاف درهم كما عن الشافعي وإسحاق وأبي
ثور وعمرو بن دينار وعكرمة والحسن وعطا وسعيد بن المسيب بل نقل عن عمر وعثمان أيضا
كما في كتاب المغني لابن قدامة.
وقد أفتى بعضهم
بكون ديتهم دية المسلم كعلقمة ومجاهد والشعبي والثوري والنخعي وأبي حنيفة.
(١) من دية المسلم
ومن أربعة آلاف درهم بحسب ما يراه من المصلحة الموجبة لردعه ، والحمل على التقية
أولى لعدم الشاهد على حمل الشيخ.
(٢) أي نصف دية
الذمي بلا خلاف فيه ، ويدل عليه إطلاقات ما دل على أن دية المرأة نصف دية الرجل.
(٣) وهو المقتول
المسلم ، وقد توقف في التغليظ العلّامة في التحرير.
(٤) علق الشارح
بقوله : «هذا التفصيل مشهور بين الأصحاب ولم نقف على مستنده».
(٥) اليهودي
والنصراني والمجوسي.
(٦) سواء كانوا من
أهل الحرب أو من أهل العهد ، بلغتهم الدعوة أو لا ، بلا خلاف فيه كما في الجواهر ،
لعدم الاحترام لهم ، ولأن دمهم هدر وكما لا يثبت على قاتلهم القصاص فلا يثبت عليه
الدية.
(٧) قد تقدم
الكلام في ذلك كله في كتاب القصاص.
__________________
وتؤخذ من الجاني (١)
إن كان عمدا ، أو شبه عمد ، ومن عاقلته إن كان خطأ ، ودية الأمة قيمتها ما لم
تتجاوز دية الحرة.
ثم الاعتبار بدية
الحر المسلم إن كان المملوك مسلما ، وإن كان مولاه ذميا على الأقوى (٢) ، وبدية
الذمي إن كان المملوك ذميا وإن كان مولاه مسلما.
ويستثنى من ذلك (٣)
: ما لو كان الجاني هو الغاصب فيلزمه القيمة وإن زادت عن دية الحر.
(ودية أعضائه وجراحاته بنسبة دية الحر) (٤) فيما له مقدر منها (٥) (والحر أصل له في
المقدّر) (٦) ففي قطع يده نصف قيمة. وهكذا(وينعكس في غيره)
______________________________________________________
(١) إن كانت عمدا
أو شبهه ، ومن العاقلة إذا كانت خطأ ، بلا إشكال ولا خلاف لإطلاق أدلة الدية ، وعن
ابن الجنيد جعل الدية في الخطأ على العبد إذا كان قاتلا لأنه مال.
(٢) أي لو كان
العبد رقا لذمي ، فديته قيمته على أن تتجاوز الدية ، ولكن هل المعتبر دية المسلم
أو الذمي وجهان على ما في المسالك : (منشأهما اعتبار حال المقتول مضافا إلى عموم
الأدلة السابقة ، ومن أن زيادة القيمة بسبب الإسلام ، والذمي لا يستقر ملكه على
المسلم ، وعموم ما روي أن العبد لا يتجاوز بقيمته دية مولاه والأصح الأول).
(٣) أي يستثنى من
أن قيمة العبد لا تتجاوز دية الحر فيما لو كان الجاني غاصبا له ، فيؤخذ بقيمته
بالغا ما بلغت ، لأن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال ، وهذا ما عليه الأكثر ، وقد ذهب
الشيخ في المبسوط والخلاف إلى العدم مساويا بين الغاصب وغيره لأصالة البراءة.
(٤) أي فما في
أعضاء الحر وجراحاته الدية كاملة ففي العبد تكون قيمته كاملة ، كاللسان ، وما في
أعضاء الحر نصف الدية أو عشرها ففي العبد نصف القيمة أو عشرها كاليد والإصبع ، هذا
كله إذا كان العضو المجني عليه له دية مقدّرة في الشرع وإلا فالحكومة على ما تقدم
في كتاب القصاص.
(٥) أي في الأعضاء
التي لها تقدير من الدية شرعا.
(٦) أي الحر أصل
للعبد في المقدر بحسب الشرع ، فمثلا قد قدّر الشارع في قطع اللسان من الحر الدية
كاملة فلو قطع لسان العبد فتكون القيمة كاملة وهكذا ، وأما ما لا تقدير له كإذهاب
أرنبة أنفه فالعبد هو الأصل ، بمعنى أن الحر يفرض عبدا ثم يقوّم سليما عن الجناية
ويقوّم مصيبا ، وما هو التفاوت يحسب على الدية ، فلو كان التفاوت العشر مثلا فله
عشر الدية وهكذا.
فيصير العبد أصلا
للحر فيما لا تقدير لديته من الحر ، فيفرض الحر عبدا سليما في الجناية وينظر كم
قيمته حينئذ ويفرض عبدا فيه تلك الجناية ، وينظر قيمته وتنسب إحدى القيمتين إلى
الأخرى ويؤخذ له من الدية بتلك النسبة.
(ولو جني عليه) (١) أي على المملوك(بما فيه قيمته) كقطع اللسان والأنف. والذكر(تخير مولاه في
أخذ قيمته ، ودفعه إلى الجاني وبين الرضى به) بغير عوض ، لئلا يجمع بين العوض والمعوض.
هذا إذا كانت
الجناية عمدا ، أو شبهه ، فلو كانت خطأ لم يدفع إلى الجاني ، لأنه لم يغرم شيئا ،
بل إلى عاقلته على الظاهر (٢) إن قلنا : إن العاقلة تعقله.
ويستثنى من ذلك
أيضا (٣) : الغاصب لو جنى على المغصوب بما فيه قيمته فإنه يؤخذ منه القيمة
والمملوك على أصح القولين ، لأن جانب المالية فيه ملحوظة ، والجمع بين العوض
والمعوض مندفع مطلقا (٤) ، لأن القيمة عوض الجزء الفائت ، لا الباقي ، ولو لا
الاتفاق عليه هنا (٥) اتجه الجمع مطلقا (٦) ، فيقتصر في دفعه (٧)
______________________________________________________
(١) أي لو جني على
المملوك بما يساوي قيمته كما لو قطعت يداه أو لسانه فليس لمولاه المطالبة بالقيمة
حينئذ إلّا بعد دفعه للجاني لئلا يجمع مولاه بين العوض والمعوض ، ولرواية أبي مريم
عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في أنف العبد أو ذكره أو شيء يحيط بقيمته أنه يؤدى إلى
مولاه قيمة العبد ويأخذ العبد) .
(٢) إشارة منه إلى
الخلاف في أن العاقلة هل تضمن الخطأ في الديات فقط أو يعم الجراحات والأعضاء ،
وسيأتي بحثه إن شاء الله تعالى.
(٣) أي من أن
المولى لا يجمع بين المعوض والعوض ما لو كان الجاني على العبد غاصبا له ، فقد تقدم
أنه يؤخذ بأشق الأحوال فيجب عليه رد العبد إلى المولى لأنه مغصوب ، ويجب عليه دفع
قيمة الجناية بسبب فعله ، وهذا ما ذهب إليه ابن إدريس والمحقق.
وقد ذهب الشيخ إلى
أنه لا فرق بين الغاصب وغيره لعموم رواية أبي مريم المتقدمة.
(٤) في الغاصب وغيره
، ووجه الدفع قد ذكره الشارح.
(٥) من عدم الجمع
بين العوض والمعوض في العبد المجني عليه.
(٦) في الغاصب
وغيره.
(٧) أي في دفع
محذور الجمع بين العوض والمعوض.
__________________
على محل الوفاق (١).
(الثانية (٢) في شعر الرأس) (٣) أجمع(الدية) إن لم ينبت لرجل كان أم لغيره ، لرواية سليمان بن خالد
وغيرها(وكذا في شعر اللحية) للرجل (٤) ، أما لحية المرأة (٥) ففيها الأرش مطلقا (٦).
وكذا الخنثى المشكل (٧) (ولو نبتا) (٨) شعر الرأس
______________________________________________________
(١) فيما لو كان
الجاني غير غاصب.
(٢) أي المسألة
الثانية من مسائل الفصل الثاني في التقديرات.
(٣) صغيرا كان أو
كبيرا ، وسواء كان الشعر كثيفا أو خفيفا ، فإن لم ينبت فالدية كاملة لصحيح سليمان
بن خالد : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل صبّ ماء حارا على رأس رجل فأسقط شعره فلا ينبت أبدا
، قال عليهالسلام : الدية) ، وخبر سلمة بن تمام : (أهرق رجل على رأس رجل قدرا فيها
مرق فذهب شعره فاختصما في ذلك إلى علي عليهالسلام ، فأجله سنة فلم ينبت شعره فقضى عليه بالدية) . وهذه الروايات وإن ذكرت الرجل لكن يجري حكمها في المرأة
لأن المدار على ثبوت الدية لشعر الرأس ، بل فيها أولى لأن شعرها أحد الجمالين ،
ولخبر عبد الله بن سنان الآتي.
(٤) لمعتبرة
السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية كاملة ، فإذا نبتت فثلث
الدية) ومثلها خبر مسمع بن عبد الملك ، وعن المفيد في شعر الرأس وشعر اللحية أن في كل منهما إذا
لم ينبت مائة دينار وقد ذكر أن به رواية ، ولم تثبت كما في المسالك ولذا عبر أكثر
من واحد بعدم المستند له في ذلك.
(٥) ففيها الأرش
لأن إنبات اللحية ليس من خصائصها فلا يكون التعدي في إذهاب اللحية عدوانا على
المرأة بإذهاب عضو من أعضائها حتى يتمسك بأن إذهاب العضو الوحيد في البدن فيه
الدية ، وما هو متعدد ففيه نصف الدية.
(٦) نبتت اللحية
أم لا.
(٧) لاحتمال أنه
أنثى ، ولا يمكن الحكم بالدية كاملة إلا بعد إثبات رجوليته وهي مشكوكة فالأصل
العدم.
(٨) فلو نبت شعر
الرأس بعد الجناية فقد ذهب الصدوق والشيخ إلى أن فيه ثلث الدية لخبري ـ
__________________
واللحية بعد
الجناية عليهما(فالأرش) إن لم يكن شعر الرأس لامرأة(ولو نبت شعر رأس
المرأة ففيه مهر نسائها) وفي الشعرين (١) أقوال هذا أجودها.
(وفي شعر الحاجبين خمسمائة دينار) (٢) وهي نصف الدية ، وفي كل واحد
______________________________________________________
ـ السكوني ومسمع
المتقدمين والواردين في اللحية.
وذهب الشيخ في
النهاية وبنو حمزة وإدريس وسعيد والفاضل وغيرهم إلى الأرش حيث لم يثبت لها تقدير
شرعي ، لأن الخبرين المتقدمين واردان في اللحية لا في الرأس ، فعطف حكم الرأس على
اللحية قياس بالإضافة إلى ضعف سند الخبرين المتقدمين ، فخبر السكوني مشتمل على
النوفلي ولم يثبت توثيقه مع كون السكوني عاميا ، وخبر مسمع مشتمل على سهل بن زياد
والأمر فيه سهل ، وعلى محمد بن الحسن بن شمون والثاني ضعيف ، وعلى عبد الله بن عبد
الرحمن الأصم وهو ضعيف أيضا.
هذا كله بالنسبة
لشعر رأس الرجل ، ولو نبت شعر رأس المرأة بعد الجناية ففيه مهر نسائها بلا خلاف
فيه إلا من الإسكافي فجعل فيه ثلث الدية ، وهو مع شذوذه لا دليل عليه مضافا إلى
خبر عبد الله بن سنان : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك فما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ قال :
يضرب ضربا وجيعا ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها ، فإن نبت أخذ منه مهر
نسائها وإن لم ينبت أخذ منه الدية كاملة.
قلت : فكيف صار
مهر نسائها إن نبت شعرها؟ فقال : يا بن سنان إن شعر المرأة وعذرتها شريكان في
الجمال فإذا ذهب بأحدهما فقد وجب لها المهر كاملا) وأما شعر لحية الرجل فلو نبت بعد الجناية ففيه الثلث كما
عن الشيخ استنادا إلى خبري مسمع والسكوني المتقدمين ، وهما ضعيفا السند فلذا ذهب
عامة المتأخرين إلى الأرش باعتبار عدم التقدير الشرعي له.
(١) شعر الرأس
وشعر اللحية.
(٢) بحيث كل حاجب
فيه نصف ذلك أي مائتان وخمسون دينارا وفاقا للمشهور لخبر أبي عمرو المتطبب عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (من إفتاء أمير المؤمنين عليهالسلام إن أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا
دينار وخمسون دينارا ، وما أصيب منه فعلى حساب ذلك) ، وعن الغنية أن في شعر الحاجبين الدية كاملة وادعى على ـ
__________________
منهما نصف ذلك.
هذا هو المشهور ،
بل قيل : إنه إجماع.
وقيل : فيهما
الدية كغيرهما مما في الإنسان منه اثنان.
ولو عاد شعرهما
فالأرش على الأظهر.
(وفي بعضه) أي بعض كل واحد من الشعور المذكورة(بالحساب) أي يثبت فيه من الدية المذكورة بنسبة مساحة محل الشعر المجني عليه إلى محل
الجميع وإن اختلف كثافة وخفة.
والمرجع في نبات
الشعر وعدمه إلى أهل الخبرة ، فإن اشتبه فالمروي أنه ينتظر سنة (١) ثم تؤخذ الدية
إن لم يعد ولو طلب الأرش قبلها (٢) دفع إليه ، لأنه (٣) إما الحق (٤) ، أو بعضه (٥).
فإن مضت ولم يعد أكمل له على الدية(وفي الأهداب) (٦) بالمعجمة والمهملة جمع هدب بضم الهاء فسكون الدال وهو شعر
الأجفان(الأرش)
______________________________________________________
ـ ذلك الإجماع
مستدلا بعموم أن فيما كان في البدن اثنان ففيه الدية ، وهو مخصص بالخبر المتقدم.
ثم إن المشهور لم
يفصّل بين الإنبات بعد الجناية وعدمه ، وعن الغنية إذا نبتا ففيه الأرش ، وعن
سلّار إذا نبت ففيه ربع الدية ، وقال في الجواهر : «لم نقف له على دليل».
(١) كما في خبر
سلمة بن تمام المتقدم.
(٢) قبل السنة.
(٣) أي الأرش.
(٤) على تقدير
الإنبات فيما بعد.
(٥) على تقدير عدم
الإنبات فيما بعد.
(٦) الأربعة ، وهي
الشعور النابتة على الأجفان الأربعة ، فقد ذهب الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا
عليه الإجماع وغيره بل قيل إنه الأكثر إلى أن في الأهداب الدية كاملة لعموم ما كان
في البدن اثنان ففيه الدية.
وذهب القاضي ابن
البراج إلى أن في الأهداب نصف الدية وقال في الجواهر عنه : «لا موافق له ولا دليل
لا من عموم ولا من خصوص».
وذهب غيرهم إلى
الأرش لأنه لا تقدير شرعي لها ، ولو قلع شعر الأجفان بقلع الأجفان فيسقط أرش الشعر
وعليه دية الأجفان وهي دية كاملة كشعر الساعدين فيما لو قطع الساعدان فأرش شعر الساعد
ساقط حينئذ.
(على قول) ابن إدريس والعلّامة في أكثر كتبه كشعر الساعدين وغيره (١)
، لأصالة البراءة من الزائد حيث لا يثبت له مقدر.
(والدية على قول آخر) للشيخ والأكثر منهم العلّامة في القواعد ، للحديث العام
الدال على أن كل ما في البدن منه واحد ففيه الدية ، أو اثنان ففيهما الدية (٢).
وفيها قول ثالث للقاضي : أن فيهما نصف الدية كالحاجبين. والأول أقوى.
(الثالثة ـ في العينين (٣) : الدية ، وفي كل واحدة النصف.
صحيحة) كانت العين ، (أو حولاء ، أو عمشاء) وهي ضعيفة البصر مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها(أو جاحظة) وهي عظيمة المقلة أو غير ذلك كالجهراء (٤) والرمدى وغيرها.
أما لو كان عليها
بياض فإن بقي البصر معه تاما فكذلك (٥) ، ولو نقص (٦)
______________________________________________________
(١) كشعر الساقين.
(٢) لخبر هشام بن
سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية ، وفي أحدهما
نصف الدية ، وما كان فيه واحد ففيه الدية) ومثله غيره.
(٣) فيهما معا
الدية ، وفي كل واحدة منهما نصف الدية ، بلا خلاف فيه بيننا لأخبار منها : صحيح
هشام بن سالم المتقدم ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية ، مثل اليدين
والعينين ، قلت : رجل فقئت عينه؟ قال : نصف الدية) . وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل يكسر ظهره ، قال : فيه الدية كاملة ، وفي
العينين الدية وفي إحداهما نصف الدية) .
والنصوص شاملة
للعين سواء كانت صحيحة أو عمشاء أو حولاء أو جاحظة ، وخالف ابن حمزة في الوسيلة
فجعل دية العمشاء ثلث الدية ، وقال في الجواهر عنه : «لم نعرف له دليلا صالحا».
(٤) وهي التي لا
تبصر في الشمس.
(٥) أي ففيها نصف
الدية لبقاء العضو وفائدته فتشمله الأدلة.
(٦) أي البصر.
__________________
نقص من الدية
بحسبه ، ويرجع فيه إلى رأي الحاكم (١).
(وفي الأجفان) الأربعة (٢) (الدية ، وفي كل
واحد الربع) للخبر العام.
وقيل في الأعلى :
ثلثا الدية ، وفي الأسفل الثلث.
وقيل في الأعلى :
الثلث ، وفي الأسفل : النصف فينقص دية المجموع بسدس الدية. استنادا إلى خبر ظريف
وعليه الأكثر ، لكن في طريقه ضعف وجهالة (٣).
______________________________________________________
(١) بل الأولى
الرجوع إلى رأي أهل الخبرة في ذلك.
(٢) الدية كاملة
بلا خلاف فيه ، وإنما الخلاف في تقدير دية كل جفن على ثلاثة أقوال :
ذهب الشيخ في
المبسوط وتبعه الفاضل وولده والشهيدان إلى أن في كل جفن ربع الدية لحديث هشام بن
سالم المتقدم : (كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية ، وفي أحدهما نصف الدية)
، وأشكل عليه بالإضمار من جهة السند وفيه : إنه ثقة فالظاهر أنه يرويه عن
الإمام هذا وقد رواه الصدوق في الفقيه مسندا عن أبي عبد الله عليهالسلام بالإضافة إلى صحيح عبد الله بن سنان المتقدم المؤيد له.
وأشكل عليه من ناحية المتن بأن الأجفان أربعة في الإنسان وليست اثنين فلا يشملها
الخبر ، وردّ بتنزيل جفني كل عين بمنزلة الواحد.
وذهب الشيخ في
الخلاف وابن إدريس في السرائر وادعى الأول عليه الإجماع إلى أن في الأعلى من
الأجفان الثلثين ، وفي الأسفل من الأجفان الثلث ، ونسبه الشيخ إلى رواية أصحابنا ،
وقال عنه في الجواهر : «وعلى كل حال فلم نقف له على دليل سوى الدعوى المزبورة التي
لم نقف فيها على خبر ، كما اعترف به غيرنا أيضا ، بل ولا مفت غيره ممن تقدمه بل هو
قد خالف نفسه فيما سمعته من المبسوط».
وذهب ابن الجنيد
والمفيد والشيخ في النهاية وابن البراج وأبو الصلاح وغيرهم إلى أن في الأعلى من الأجفان
ثلث دية العين وفي الأسفل نصفها ويسقط سدس الدية لرواية ظريف بن ناصح عن أمير
المؤمنين عليهالسلام في كتابه المشهور في الديات : (إن أصيب شفر العين الأعلى
فشتر فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، وإن أصيب
شفر العين الأسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا ، فما أصيب
منه فعلى حساب ذلك) .
(٣) اعلم أن الخبر
قد رواه المحمدون الثلاثة ، وقد عرض هذا الكتاب على أبي عبد الله وأبي ـ
__________________
وربما قيل بأن هذا
النقص (١) إنما هو على تقدير كون الجناية من اثنين ، أو من واحد بعد دفع أرش
الجناية للأولى ، وإلا (٢) وجب دية كاملة إجماعا. وهذا هو الظاهر من الرواية (٣) ،
لكن فتوى الأصحاب مطلقة (٤) ولا فرق بين أجفان صحيح العين وغيره (٥) حتى الأعمى
ولا بين ما عليه هدب وغيره.
(ولا تتداخل) دية الأجفان(مع العينين) لو قلعهما معا ، بل تجب عليه الديتان ، لأصالة عدم التداخل(وفي عين ذي الواحدة (٦) كمال الدية إذا كان)
______________________________________________________
ـ الحسن الرضا ،
وقد عمل به الفقهاء وهذه قرائن تفيد الاطمئنان بصدوره فالتوقف فيه ليس في محله.
(١) هو قول ابن
البراج في المهذب البارع ، وحاصله : إن الجناية حاصلة من اثنين بحيث جنى الأول على
الأسفل فعليه نصف الدية فلو جنى الثاني على الأعلى فعليه ثلث الدية.
(٢) لو كانت
الجناية من واحد دفعة واحدة.
(٣) لا يخفى أن الرواية
غير ظاهرة في ذلك إذ تكلمت في الجفن الأعلى قبل الأسفل فكيف تكون ظاهرة في كون
الجناية على الأعلى بعد الجناية على الأسفل.
(٤) من غير تفصيل
بين الجناية الواحدة وتعددها.
(٥) لصدق الجفن
فتشمله الأدلة.
(٦) أي في عين
الأعور ، والبحث تارة في عينه الصحيحة وأخرى في المعيبة ، أما في الصحيحة فالدية
كاملة إذا كان العور خلقة أو بآفة سماوية بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح محمد
بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت ، أن تفقأ إحدى عيني
صاحبه ويعقل له نصف الدية ، وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفو عن عين صاحبه) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في عين الأعور الدية كاملة) .
وأما لو كان العور
قد استحق ديته لجناية غيره عليه فإذهاب الصحيحة فيه نصف الدية بلا خلاف فيه وذلك :
لأن عينه المعيبة لو ذهبت خلقة أو بآفة سماوية لكانت عينه الصحيحة بمنزلة العينين
ففيها الدية كاملة ، ولو كانت المعيبة قد ذهبت بجناية فعينه الصحيحة بمنزلة إحدى
العينين ففيها نصف الدية لأن المعيبة قد استحق عوضها فتكون دية الصحيحة على أصلها.
__________________
العور(خلقة ، أو بآفة من الله سبحانه) ، أو من غيره حيث لا يستحق عليه أرشا كما لو جنى عليه
حيوان غير مضمون(ولو استحق ديتها) وإن لم يأخذها أو ذهبت في القصاص(فالنصف في الصحيحة) أما الأول (١) فهو موضع وفاق على ما ذكره جماعة.
وأما الثاني (٢)
فهو مقتضى الأصل في دية العين الواحدة ، وذهب ابن إدريس إلى أن فيها هنا (٣) ثلث
الدية خاصة وجعله الأظهر في المذهب وهو وهم (٤).
(وفي خسف) العين(العوراء) (٥) وهي هنا الفاسدة(ثلث ديتها) حالة كونها(صحيحة) على الأشهر ، وروي ربعها. والأول أصح طريقا ، سواء كان
العور من الله تعالى أم من جناية جان ، وسواء أخذ الأرش أم لا. ووهم ابن إدريس هنا
______________________________________________________
(١) فيما لو كانت
المعيبة بآفة سماوية أو خلقة.
(٢) فيما لو كانت
المعيبة بجناية غيره وقد استحق ديتها.
(٣) أي في الصحيحة
لو كانت المعيبة بجناية غيره.
(٤) إذ لا دليل له.
(٥) هذا هو الشق
الثاني من المسألة فلو ذهبت المعيبة المعبر عنه بالخسف ففيه روايتان :
الأولى : رواية
عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل فقأ عين رجل ذاهبة وهي قائمة ، قال : عليه ربع
دية العين) وعمل بمضمونها المفيد وسلّار ، مع أن عبد الله بن سليمان
مجهول الحال وفي السند المفضل بن صالح وهو ضعيف.
الثانية : صحيح
بريد عن أبي جعفر عليهالسلام : (في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي وأنثييه ثلث
الدية) مؤيدا بصحيح أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام : (سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس ، فقال :
إن كان ولدته أمه وهو أخرس ، فعليه ثلث الدية) ٣. وقد عمل بمضمونها الأكثر منهم
الشيخ والمحقق والعلّامة.
__________________
ففرق هنا أيضا (١)
كالسابق وجعل في الأول النصف ، وفي الثاني الثلث.
(الرابعة ـ في الأذنين الدية (٢) ، وفي كل واحدة النصف) سميعة كانت أم صماء (٣) ، لأن الصمم عيب في غيرها(وفي) قطع(البعض) (٤) منها(بحسابه) بأن تعتبر مساحة المجموع من أصل الأذن وينسب المقطوع إليه
ويؤخذ له من الدية بنسبته إليه ، فإن كان المقطوع النصف فالنصف ، أو الثلث فالثلث
وهكذا.
وتعتبر الشحمة في
مساحتها حيث لا تكون هي المقطوعة(وفي شحمتها ثلث ديتها) على المشهور وبه رواية ضعيفة (٥) (وفي خرمها (٦) ثلث ديتها) على ما
______________________________________________________
(١) فجعل في خسف
العوراء نصف الدية إن كانت مصيبة خلقة أو بآفة سماوية ، والثلث إن كانت معيبة
بجناية جان ، وهذا التفصيل مما لا دليل عليه.
(٢) فيها الدية ،
وفي كل واحدة منهما النصف ، بلا خلاف لعموم خبر هشام بن سالم وغيره : (كل ما كان
في الإنسان اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية) ، والأخبار الخاصة في الأذن كثيرة.
(٣) بلا خلاف فيه
، لأن النقص ليس في الأذن بل في الدماغ.
(٤) إذا لم يكن
هذا البعض شحمتها ، لأن في الشحمة تقدير خاص ، وعليه فلو قطع بعضها فبحسابه من
ديتها ، بلا خلاف فيه ، لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (في الأذنين إذا قطعت إحداهما فديتها خمسمائة دينار ،
وما قطع منها فبحساب ذلك) ، واستثناء الشحمة لخبر مسمع عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أن عليا عليهالسلام قضى في شحمة الأذن ثلث دية الأذن) .
(٥) وهي رواية
مسمع المتقدمة ، وسندها مشتمل على ابن شمون وعبد الله بن الأصم وهما في غاية الضعف
إلا أنه منجبر بعمل الأصحاب.
(٦) ذهب الشيخ في
النهاية إلى أن في خرمها ثلث الدية ، واستدل على ذلك في الخلاف بإجماع الفرقة
وأخبارها ، وقد فسر ابن حمزة والفاضل في الوسيلة والتبصرة كلامه بأن الخرم للأذن ،
ولكن ابن إدريس فسّر كلام الشيخ بخرم الشحمة وأن فيها الثلث أي ثلث دية الشحمة ،
وقال عنه العلامة في المختلف : هو تأويل بلا دليل والصحيح التفصيل بأن ـ
__________________
ذكره الشيخ وتبعه
عليه جماعة ، وفسره ابن إدريس بخرم الشحمة وثلث دية الشحمة مع احتماله إرادة الأذن
، أو ما هو أعم ولا سند لذلك يرجع إليه.
(الخامسة ـ في الأنف (١) الدية ، سواء قطع مستأصلا ، أو) قطع(مارنه) خاصة وهو ما لان منه في طرفه الأسفل يشتمل على طرفين
وحاجز.
وقيل : إن الدية
في مارنه خاصة (٢) ، دون القصبة حتى لو قطع المارن والقصبة معا فعليه دية وحكومة
للزائد وهو أقوى. ولو قطع بعضه (٣) فبحسابه من المارن.
______________________________________________________
ـ الخرم إن كان
للشحمة ففيه ثلث دية الشحمة ، وإن كان للأذن ففيه ثلث دية الأذن ويدل عليه عموم
خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في كل فتق ثلث الدية) مؤيدا بخبر مسمع عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى في خرم الأنف ثلث دية الأنف) .
(١) وفيه الدية
كاملة إذا استؤصل كله ، وكذا إذا قطع مارنه وهو ما لان منه ، أما الأول فلأنه واحد
في بدن الإنسان ففيه الدية فيشمله خبر هشام بن سالم المتقدم ، ولصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الأنف إذا استؤصل جدعه الدية) ومعتبرة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي الأنف إذا قطع الدية كاملة) .
وأما الثاني
فلأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الأنف إذا قطع المارن الدية) .
(٢) هو خيرة الشيخ
في المبسوط على ما نقل عنه حيث قال : «إن قطع المارن مع القصبة كان في المارن
الدية وفي القصبة الحكومة» ، وتبعه ابن البراج في المهذب البارع وابن حمزة في
الوسيلة ، ووجهه أنه بعد الاتفاق على ثبوت الدية في المارن فلا بدّ للجناية على
القصبة من عوض ، وما هو إلا الحكومة.
وفيه : إن هذا لو
تعددت الجناية ، أما لو كانت الجناية دفعة واحدة واستوعبت المارن والقصبة لكان
استئصالا للأنف وفيه الدية فقط لما سمعته من النصوص.
(٣) أي بعض المارن
، فينسب المقطوع إلى مجموع المارن ، ويؤخذ له من دية المارن بنسبته.
__________________
(وكذا لو كسر ففسد (١). ولو جبر على صحة فمائة دينار) (٢) وعلى غير صحة (٣) مائة وزيادة حكومة(وفي شلله) (٤) وهو فساده : (ثلثا ديته) صحيحا ، وفي قطعه أشل (٥) : الثلث(وفي روثته) (٦) بفتح الراء وهي الحاجز بين المنخرين :
______________________________________________________
(١) فتجب الدية
على ما صرح به الشيخان والفاضلان والحلبي وابن حمزة ، بل عن الرياض أنه لا خلاف
فيه ، لأنه كالإبانة فكما في الإبانة الدية فكذلك في الفساد.
(٢) بلا خلاف فيه
كما عن الرياض ويؤيده ما ورد في خبر ظريف من ثبوت المائة في كسر الظهر إذا جبر على
غير عيب فعن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وإن انكسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة
دينار) .
(٣) بأن جبر معوجا
ففيه المائة وزيادة ، أما المائة فللكسر ، وأما الزيادة فهي حكومة العوج.
(٤) ثلثا ديته بلا
خلاف فيه كسائر شلل الأعضاء التي يعطى للشلل ثلثا دية ذلك العضو ، ويدل عليه صحيح
الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا يبست منه الكف فشلّت أصابع الكف كلها فإن فيها ثلثي
الدية دية اليد ، وإن شلت بعض الأصابع وبقي بعض فإن في كل إصبع شلّت ثلثي ديتها ،
وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت أصابع القدم) ومن الواضح لا خصوصية لليد والقدم والساق بل هو جار في كل
الأعضاء.
(٥) أي قطع المارن
حال كونه مشلولا ففيه ثلث الدية ، ويكون لشلله ثلثا الدية ولقطعه الثلث وهذه دية
كاملة ، ويدل عليه خبر الحكم عن أبي جعفر عليهالسلام : (وكلما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح) .
(٦) نصف الدية على
المشهور كما في المسالك استنادا إلى خبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (فإن قطع روثة الأنف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية) ، إلا أن الخلاف في تفسير روثة الأنف ففي نفس الخبر قد
فسرت الروثة بطرف الأنف وهو الموافق لأصل اللغة وهي المعروفة بالأرنية ، وعن جماعة
من الفقهاء أنها الحاجز بين المنخرين ، وفيه : إن الحاجز يسمونه بالوتيرة بالإضافة
إلى أنه قد ورد في خبر ظريف المتقدم أن في الحاجز خمسين دينارا.
__________________
(الثلث ، وفي كل منخر : ثلث الدية) (١) على الأشهر ، لأن الأنف الموجب للدية يشتمل على حاجز
ومنخرين ولرواية غياث عن الصادق عليهالسلام أن عليا عليهالسلام قضى به.
وقيل : النصف ،
لأنه ذهب نصف المنفعة ونصف الجمال ، واستضعافا لرواية غياث به (٢) لكنه أشهر موافقا
(٣) لأصالة البراءة من الزائد.
(السادسة (٤) ـ ...
______________________________________________________
ـ وذهب الشهيد
وجماعة إلى أن في الروث الثلث لقاعدة تقسيط الدية على أجزاء العضو ، والأنف منقسم
إلى ثلاثة أعضاء منخران والحاجز بينهما ، وفيه : إنه مؤلف من أربعة أجزاء منخران
والحاجز والأرنبة فيجب أن يكون للحاجز المفسّر به الروثة الربع ، ولذا قال الشارح
في المسالك عن الثلث بأنه لا مستند له.
(١) على المشهور
لرواية غياث عن أبي جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام : (أنه قضى في شحمة الأذن بثلث دية الأذن ، وفي الإصبع
الزائد ثلث دية الإصبع ، وفي كل جانب من الأنف ثلث دية الأنف) ، وخبر العرزمي عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (وفي خشاش الأنف كل واحد ثلث الدية) ، والخشاش بكسر الخاء عويد يجعل في أنف البعير يشدّ به
الزمام ليكون أسرع لانقياده ، فهو تسمية المحل باسم الحال مجازا.
وذهب الشيخ وتبعه
ابن إدريس إلى أن في كل منخر نصف الدية ، لأنه إذهاب نصف المنفعة ونصف الجمال وفي
البدن منه اثنان فأحدهما فيه نصف الدية.
وعن ابن زهرة أن
في كل منخر ربع الدية لأن المارن الذي فيه الدية مؤلف من أربعة أجزاء ، منخران
وحاجز وأرنبة ، فتقسط الدية عليها فكل جزء ربع ، ويردّ هذان القولان بما سمعت من
النصوص ، فهي وإن كانت ضعيفة السند إلا أنها منجبرة بعمل الأصحاب.
(٢) لأن غياث بن
إبراهيم عامي.
(٣) أي الحكم
بالثلث أشهر ، ولأصالة البراءة من الزائد عن الثلث.
(٤) في الشفتين
الدية كاملة بلا خلاف ، للأخبار منها : صحيح هشام بن سالم وصحيح عبد الله بن سنان
المتقدمين وهما عامان ، ولخصوص صحيح يونس : (أنه عرض على أبي الحسن الرضا عليهالسلام كتاب الديات ، وكان فيه : في ذهاب السمع كله ألف دينار ـ إلى
ـ
__________________
(في كل من الشفتين نصف الدية) للخبر العام (١) وهو صحيح ، لكنه مقطوع (٢)
______________________________________________________
ـ أن قال ـ والشفتين
إذا استوصلا ألف دينار) .
ولكن الخلاف في
تقدير كل شفة على تقدير انفرادها على أقوال :
الأول : التسوية
بينهما في وجوب نصف الدية لكل واحدة ، ذهب إليه الحسن بن أبي عقيل واستحسنه المحقق
والعلّامة في القواعد لصحيح هشام العام : (كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما
الدية وفي أحدهما نصف الدية) ، ولمعتبرة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الشفتان العليا والسفلى سواء في الدية) ولخبر زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الشفتين الدية وفي العينين الدية وفي إحداهما نصف
الدية) .
القول الثاني : إن
في العليا الثلث وفي السفلى الثلثين ، ذهب إليه المفيد والشيخ في المبسوط وسلّار
وأبو الصلاح وابن زهرة مدعيا عليه الإجماع ، بل عن المفيد : «أن السفلى تمسك
الطعام والشراب ، وشينها أقبح من شين العليا وبهذا أثبتت الآثار عن أئمة الهدى عليهمالسلام».
القول الثالث : إن
في العليا خمسا الدية وفي السفلى ثلاثة أخماس ، ذهب إليه الصدوق والشيخ في النهاية
واختاره العلّامة في المختلف استنادا إلى رواية أبي جميلة عن أبان بن تغلب عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (في الشفة السفلى ستة آلاف درهم وفي العليا أربعة آلاف ،
لأن السفلى تمسك الماء) وأبو جميلة ضعيف.
القول الرابع : إن
في العليا النصف وفي السفلى الثلثين ، واختاره ابن الجنيد ، ونقله المحقق عن ابن
بابويه استنادا إلى رواية ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وإذا قطعت الشفة العليا واستؤصلت فديتها خمسمائة دينار
ـ إلى أن قال ـ : ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت ثلثا الدية) .
وأشكل عليه بأن
فيه زيادة عن الدية في الشفتين ، فلا وجه له.
(١) وهو حديث هشام
بن الحكم.
(٢) كما في
التهذيب ، ولكنه مسند إلى أبي عبد الله عليهالسلام كما في الفقيه بالإضافة إلى أنه مؤيد بصحيح ابن سنان عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية) .
__________________
وتعضده رواية
سماعة عن الصادق عليهالسلام قال : الشفتان العليا والسفلى سواء في الدية.
(وقيل في السفلى الثلثان) لإمساكها الطعام والشراب وردها اللعاب وحينئذ ففي العليا
الثلث.
وقيل : النصف (١).
وفيه مع ندوره اشتماله على زيادة لا معنى لها.
وفيهما قول رابع
ذهب إليه جماعة منهم العلامة في المختلف وهو أن في العليا : أربعمائة دينار ، وفي
السفلى : ستمائة ، لما ذكر (٢) ولرواية أبان بن تغلب عن الصادق عليهالسلام. وفي طريقها ضعف (٣).
(وفي بعضها بالنسبة مساحة) ففي نصفها النصف ، وفي ثلثها الثلث.
وهكذا وحد الشفة
السفلى (٤) ما تجافى عن اللثة مع طول الفم ، والعليا كذلك متصلا بالمنخرين مع طول
الفم ، دون حاشية الشدقين (٥) (ولو استرختا (٦) فثلثا الدية) ، لأن ذلك بمنزلة الشلل فلو قطعتا بعد ذلك فالثلث.(ولو تقلصتا) (٧)
______________________________________________________
(١) في العليا ،
وهو القول الرابع المتقدم في الشرح.
(٢) من كون السفلى
تمنع الماء وتمسك الطعام وتردّ اللعاب.
(٣) بأبي جميلة ،
ولذا علّق الشارح : «في طريقها أبو جميلة المفضل بن صالح وهو كذّاب وضا».
(٤) عرضا ما تجافى
عن اللثة مع طول الفم طولا ، وحدّ العليا كذلك وهو ما تجافى عن اللثة متصلا
بالمنخرين مع طول الفم ، وهو الحد العرفي لهما كما صرح به غير واحد من أصحابنا ،
وبعض العامة ذهب إلى عدم القصاص فيهما لعدم حد لهما ، وبعضهم ذهب إلى أن حدهما ما
ينبو عند طباق الفم ، وثالث منهم إلى أنه إذا قطع لم ينطبق الباقي على الشفة
الأخرى ، وفي هذه التفسيرات ضعف لعدم مساعدة العرف عليها.
(٥) لأن الشدق
زاوية الفم عند فتحه.
(٦) فثلثا الدية ،
لأن الاسترخاء شلل لهما وقد عرفت أن الشلل في العضو موجب لثلثي الدية ، كما عرفت
أن قطع الأشل فيه ثلث الدية.
(٧) بحيث لا تنطبق
على الأسنان ، فلا ينتفع بها بحال ، فذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه تجب الدية لأنه
كالإتلاف ، ووجّه كلام الشيخ بأن مع التقلص تزول المنفعة المخلوقة ـ
أي انزوتا على وجه
لا ينطبقان على الأسنان ضد الاسترخاء(فالحكومة) ، لعدم ثبوت مقدر لذلك فيرجع إليها.
وقيل : الدية ،
لزوال المنفعة المخلوقة لأجلها والجمال فيجري وجودها مجرى عدمها.
ويضعف بأن ذلك لا
يزيد على الشلل وهو لا يوجب زيادة على الثلثين ، مع أصالة البراءة من الزائد على
الحكومة.
(السابعة (١) ـ في استئصال اللسان) بالقطع بأن لا يبقى شيء منه(الدية ،)
______________________________________________________
ـ لأجلها ويزول
جمالها ، بل توجب شينا فيكون وجودها متقلصة كالعدم وفي العدم الدية.
وردّ بأن التقلص
عيب فتثبت الحكومة مع عدم التقدير الشرعي ، على أن التقلص لا يزيد عن الشلل وفي
الشلل الثلثان فكيف يكون في التقلص الدية الكاملة بالإضافة إلى أصالة البراءة عن
وجوب الزائد عن الحكومة.
(١) في قطع اللسان
الدية بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح هشام بن الحكم وصحيح ابن سنان العامين
المتقدمين ، ومنها : صحيح العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في لسانه الدية كاملة) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي اللسان إذا قطع الدية كاملة) .
وإذا قطع من
اللسان الصحيح شيء فالمعتبر بحروف المعجم حينئذ ولا تعتبر المساحة ، بحيث تبسط
الدية على الحروف فما نطق به فهو وإلا فيأخذ دية ذلك الحرف على المشهور للأخبار منها
: صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا ضرب الرجل على رأسه بعصا فثقل لسانه ، فقال : يعرض
عليه حروف المعجم فما أفصح منها فلا شيء عليه وما لم يفصح به كان عليه الدية وهي
تسعة وعشرون حرفا) كما في الكافي والتهذيب وفي الفقيه «وهي ثمانية وعشرون
حرفا».
وخبر السكوني عن
أبي عبد الله عليهالسلام قال : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي البعض ، فجعل ديته على حروف
المعجم ، ثم قال : تكلم بالمعجم فما نقص من كلامه فبحساب ذلك ، والمعجم ثمانية
وعشرون حرفا ، فجعل ـ
__________________
(وكذا فيما) أي في قطع ما(يذهب به الحروف) أجمع وهي ثمانية وعشرون حرفا(وفي) إذهاب(البعض بحساب) الذاهب من(الحروف) بأن تبسط الدية عليها أجمع فيؤخذ للذاهب من الدية بحسابه
ويستوي في ذلك اللسنية (١) وغيرها. والخفيفة والثقيلة لإطلاق النص.
ولا اعتبار هنا
بمساحة اللسان. فلو قطع نصفه فذهب ربع الحروف فربع الدية خاصة ، وبالعكس.
وقيل : يعتبر هنا
أكثر الأمرين من الذاهب من اللسان ومن الحروف لأن اللسان عضو متحد في الإنسان ففيه
الدية. وفي بعضه بحسابه والنطق منفعة توجب الدية كذلك. وهذا أقوى.
(وفي لسان الأخرس ثلث الدية) (٢) تنزيلا له منزلة الأشل ، لاشتراكهما
______________________________________________________
ـ ثمانية وعشرين
جزءا فما نقص من كلامه فبحساب ذلك) ، وقال الشيخ الحر في وسائله : «هذا أقوى وأشهر ، وما تضمن
كونها تسعا وعشرين فيه اضطراب ، لأن في رواية الصدوق في ذلك الحديث بعينه ثمانية
وعشرين والله أعلم» ، انتهى.
وتتساوى الحروف في
توزيع الدية عليها سواء منها اللينة وغيرها ، ثقيلها وخفيفها بلا خلاف فيه لإطلاق
النصوص المتقدمة ، وعن بعض العامة اعتبار اللينة فقط ، لأنه لا حظّ للسان في غيرها
وهو اجتهاد في قبال النص.
وذهب الشيخ
والفاضل والشهيدان وسيد الرياض فاعتبروا أكثر الأمرين من الذاهب من اللسان ومن
الحروف ، لأن اللسان عضو واحد في بدن الإنسان وفيه الدية من غير اعتبار الحروف ،
ولأن النطق بالحروف منفعة متحدة في الإنسان وفيها الدية من غير اعتبار اللسان
وعليه فإذا كان الذاهب من اللسان أكثر وجب دية الزائد من حيث اللسان وكذا العكس ،
وفيه : إنه اجتهاد في قبال النص المتقدم مع أنه لو سلم لوجب تعدد الدية لا التداخل
بين الديتين.
(١) وهي الحروف
اللينة.
(٢) إذا قطع بلا
خلاف فيه للأخبار منها : صحيح بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليهالسلام : (في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي وأنثييه ثلث
الدية) .
__________________
في فساد العضو
المؤدي إلى زوال المنفعة المقصودة منه(وفي بعضه بحسابه) مساحة (١).
(ولو ادعى الصحيح ذهاب نطقه بالجناية) (٢) التي يحتمل ذهابه بها(صدّق بالقسامة) خمسين يمينا ، بالإشارة لتعذر إقامة البينة على ذلك وحصول
الظن المستند إلى الإمارة بصدقه فيكون لوثا.
(وقيل : يضرب لسانه بإبرة فإن خرج الدم أسود صدّق) من غير يمين ، على ما يظهر من الرواية(وإن خرج أحمر كذّب) والمستند رواية الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليهالسلام. وفي طريقها ضعف وإرسال.
______________________________________________________
(١) لا منفعة لعدم
قدرته على النطق فالمنفعة مفقودة ، بلا خلاف في ذلك كله ولا إشكال كما في نظائره
كالشفتين والأذنين.
(٢) صدق مع
القسامة ، بلا خلاف ممن تعرض لهذا الفرع كما في الجواهر ، وذلك لتعذر البينة على
ذلك مع حصول الظن المستند إلى الأمارة لصدقه فيكون لوثا موجبا للقسامة.
وعليه فإن ادعى
ذهاب كل النطق فعليه قسامة خمسين وإلا فبحسابه.
نعم في رواية
الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (سئل عن رجل ضرب رجلا على هامته فادعى المضروب أنه لا
يبصر شيئا ولا يشم الرائحة وأنه قد ذهب لسانه ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن صدق فله ثلاث ديات فقيل : يا أمير المؤمنين فكيف يعلم
أنه صادق؟
فقال : أما ما
ادّعاه أنه لا يشم رائحة فإنه يدنى منه الحراق فإن كان كما يقول وإلا نحّى رأسه
ودمعت عينه ، فأما ما ادّعاه في عينيه فإنه يقابل بعينيه الشمس فإن كان كاذبا لم
يتمالك حتى يغمض عينيه ، وإن كان صادقا بقيتا مفتوحتين ، وأما ما ادّعاه في لسانه
فإنه يضرب على لسانه بإبرة فإن خرج الدم أحمر فقد كذب ، وإن خرج الدم أسود فقد صدق)
.
إلا أن الرواية
ضعيفة السند بمحمد بن الوليد فإنه فطحي وبمحمد بن فرات وهو ضعيف جدا غال لا يكتب
حديثه بل نقل أنه ادعى النبوة وهو لم يدرك الأصبغ فيكون مع الضعف إرسال.
__________________
(الثامنة ـ في الأسنان) (١) بفتح الهمزة(الدية ، وهي ثمان
وعشرون سنا) (٢) توزع الدية عليها متفاوتة كما يذكر ، منها(في المقاديم الاثني عشر) وهي الثنيتان والرباعيتان ، والنابان من أعلى ، ومثلها من
أسفل(ستمائة دينار) في كل واحدة خمسون.
______________________________________________________
(١) ففي جميع
الأسنان الدية كاملة بلا خلاف فيه ، ويدل عليه رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (إذا قطع الأنف من المارن ففيه الدية تامة ، وفي أسنان
الرجل الدية تامة) ، ومثله غيره وسيأتي.
(٢) بلا خلاف فيه
بين الأصحاب وخالف في ذلك الشافعي فجعلها اثنين وثلاثين سنا بضميمة أضراس العقل
الأربعة المسماة بالنواجذ وهو محجوج بخبر الحكم بن عتيبة : (قلت لأبي جعفر عليهالسلام : بعض الناس في فيه اثنان وثلاثون سنا ، وبعضهم له ثمانية
وعشرون سنا فعلى كم تقسّم دية الأسنان؟ فقال : الخلقة إنما هي ثمانية وعشرون سنا
اثنا عشرة في مقاديم الفم وست عشرة في مواخيره ، فعلى هذا قسمة دية الأسنان ، فدية
كل سن من المقاديم إذا كسرت حتى تذهب خمسمائة درهم ، فديتها كلها ستة آلاف درهم ،
وفي كل سنّ من المواخير إذا كسرت حتى تذهب فإن ديتها مائتان وخمسون درهما وهي ست
عشرة سنا ، فديتها كلها أربعة آلاف درهم ، فجميع دية المقاديم والمواخير من
الأسنان عشرة آلاف درهم ، وإنما وضعت الدية على هذا فما زاد على ثمانية وعشرين سنا
فلا دية له وما نقص فلا دية له هكذا وجدناه في كتاب علي عليهالسلام) ، وهو مؤيد بما رواه في الفقيه عن قضايا أمير المؤمنين عليهالسلام : (أنه قضى في الأسنان التي تقسّم عليها الدية : أنها
ثمانية وعشرون سنا ، ستة عشر في مواخير الفم واثنا عشر في مقاديمه ، فدية كل سن من
المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون دينارا يكون ذلك ستمائة دينارا ، ودية كل سن من
المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون دينارا فيكون
ذلك أربعمائة دينار ، فذلك ألف دينار ، فما نقص فلا دية له وما زاد فلا دية له) .
نعم ورد في بعض
الأخبار التسوية بين الأسنان وأن في كل سن خمسمائة درهم كصحيح عبد الله بن سنان عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (الأسنان كلها سواء ، في كل سن خمسمائة درهم) ، ومعتبرة سماعة : (سألته عن الأسنان فقال : هي سواء في
الدية) إلا أنها محمولة على التقية لموافقتها للعامة.
__________________
(وفي المآخير) الستة عشر أربعة من كل جانب من الجوانب الأربعة : ضاحك ،
وثلاثة أضراس(أربع مائة) في كل واحد خمسة وعشرون.
(ويستوي) في ذلك(البيضاء ، والسوداء ، والصفراء خلقة) (١) بأن كانت قبل أن تثغر (٢) متغيرة ثم نبتت كذلك ، أما لو
كانت بيضاء قبل أن تثغر ثم نبتت سوداء رجع إلى العارفين ، فإن حكموا بكونه (٣)
لعلة فالحكومة (٤) ، وإلّا فالدية ، (وتثبت دية السن
بقلعها مع سنخها) (٥) إجماعا ، وبدونه (٦) مع استيعاب ما يبرز عن اللثة على
الأقوى(٧).
(وفي الزائدة) عن العدد المذكور (٨) (ثلث الأصلية) بحسب ما تقرر لها ،
______________________________________________________
(١) لا فرق بين
الجميع لإطلاق الأخبار المتقدمة.
(٢) أي بالنسبة
لأسنان الطفل.
(٣) بكون التغير.
(٤) في قلعها.
(٥) أي بقلعها من
أصلها الثابت في اللثة ، وهو مما لا خلاف فيه وهو القدر المتيقن من النصوص
المتقدمة.
(٦) أي بدون القلع
مع السنخ.
(٧) وقد نسبه في
مجمع البرهان إلى الأكثر ، لصدق السن على ما شاهدته زائدا عن اللثة كما عن المبسوط
، وذهب البعض لأصالة البراءة عن ثبوت الدية بل له الدية بقدر المكسور لأن السن
يطلق على العضو بما فيه السنخ الداخل في اللثة فلذا يقال : قلع سنه وانكشفت اللثة
عن سنه ونحو ذلك.
(٨) لا خلاف ولا
إشكال في أن قلع الزائدة إذا كانت منضمة إلى البواقي في القلع فلا دية لها للنصوص
المتقدمة ، وإنما الكلام في قلع الزائدة منفردة ، فقد نسب إلى المشهور أن في القلع
حينئذ ثلث دية الأصلية ، فإن كانت في المقاديم فثلث الخمسين دينارا وإن كانت في
المآخير فثلث والخمسة وعشرين دينارا ، لما ورد في أن قطع الإصبع الزائدة ثلث دية
الأصلية كما في معتبرة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة) .
__________________
بمعنى أنها إن
كانت في الأضراس فثلث الخمسة والعشرين وفي المقاديم فثلث الخمسين. هذا(إن قلعت منفردة) عن الأصلية المتصلة بها(ولا شيء فيها) لو قلعت(منضمة) إليها كما لو قطع العضو المقدر ديته المشتمل على غيره.
وقيل : فيه حكومة
لو انقلعت منفردة ، بناء على أنه لا تقدير لها شرعا.
والأشهر الأول.
(ولو اسودت السن بالجناية ولمّا تسقط فثلثا ديتها) (١) ، لدلالته (٢) على فسادها(وكذا) يجب الثلثان(في انصداعها) (٣) وهو تقلقلها ، لأنه في حكم الشلل (٤) ،
______________________________________________________
ـ وفيه : إن قياس
الأسنان على الأصابع قياس باطل ، ولذا ذهب البعض منهم المفيد في المقنعة والمحقق
في نكت النهاية وابن زهرة في الغنية إلى الحكومة ، إلا أن يدعى أن للزائد ثلث دية
الأصلي قاعدة مطردة في كل الأعضاء كما يظهر من كلام المسالك ومجمع البرهان إلا أنه
محل للنظر لعدم الدليل على ذلك.
(١) بلا خلاف محقق
كما في الجواهر والرياض لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (السن إذا ضربت انتظر بها سنة فإن وقعت أغرم الضارب
خمسمائة درهم وإن لم تقع واسودت أغرم ثلثي الدية) ، نعم يعارضها خبران :
الأول : مرسلة
أبان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : إذا اسودت الثنية جعل فيها الدية) .
والثاني : خبر
ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (فإذا اسودت السن إلى الحول ولم تسقط فديتها دية الساقطة
خمسون دينارا) إلا أنه لا عامل بهما كما في الجواهر.
وللشيخ في المبسوط
قول بالحكومة ، وهو مندفع بالنص السابق ، هذا واعلم أن الحكم مختص بالسواد دون
بقية الألوان التي يرجع فيها إلى الحكومة.
(٢) أي لدلالة
الاسوداد.
(٣) كما قطع بذلك
جماعة منهم الشيخان وابن حمزة والفاضل وقد صرحوا بوجود رواية في ذلك ، إلا أنه لم
تصل إلينا كما اعترف أكثر من واحد بذلك ، ولذا ذهب المحقق وجماعة إلى الحكومة.
(٤) والشلل فيه
ثلثا الدية للأخبار منها : صحيح الفضيل بن يسار : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام
__________________
وللرواية لكنها
ضعيفة (١).
(وقيل) في انصداعها : (الحكومة) ، لعدم دليل صالح على التقدير وإلحاقه بالشلل بعيد ، لبقاء
القوة في الجملة. والمشهور الأول ولو قلعها قالع بعد الاسوداد (٢) أو الانصداع (٣)
فثلث ديتها(وسن الصبي) (٤) الذي لم تبدل أسنانه
______________________________________________________
ـ عن الذراع إذا
ضرب فانكسر منه الزند ، فقال : إذا يبست منه الكف فشلت أصابع الكف كلها فإن فيها
ثلثي الدية ، دية اليد ، ـ إلى أن قال ـ وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت
أصابع القدم) الظاهر في عدم اختصاص حكم الشلل بعضو دون آخر ، وفيه منع
لعدم صدق الشلل على الانصداع لبقاء بعض المنافع في السن المتصدعة.
(١) والمراد
بالرواية هي الرواية التي صرح بوجودها البعض ولم يعثر عليها ، والحكم عليها بالضعف
تبعا للمحقق في الشرائع حيث قال : «وفي الرواية ضعف».
(٢) فعلى المشهور
ثلث ديتها لأن في اسودادها الثلثان ، فلا يبقى للقلع إلا الثلث ولخبر العرزمي عن
جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (جعل في السن السوداء ثلث ديتها) ، والخبر ضعيف بيوسف بن الحارث ومحمد بن عبد الرحمن
العرزمي.
وذهب الشيخ في
النهاية وابن سعيد إلى أن في القلع ربع الدية لخبر عجلان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في دية السن الأسود ربع دية السن) ويؤيده خبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (فإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها اثنا عشر دينارا ونصف
دينار) بناء على رواية الكافي والتهذيب.
وذهب الشيخ في
المبسوط وتبعه بعض المتأخرين إلى الحكومة ، وفيه : إن الرجوع إلى الحكومة بعد عدم
الدية المقدرة من قبل الشارع وقد عرفت تقديرها في النصوص السابقة.
(٣) بناء على أن
الانصداع له ثلثا الدية وقد عرفت ضعف المستند ، فالأصح هو الحكومة كما ذهب إليه
البعض.
(٤) ذهب المشهور
إلى أنه لو قلع سن الصغير أو كسرت تماما فينتظر بها سنة فإن نبتت لزم الأرش لمرسل
جميل عن أحدهما عليهماالسلام : (في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثم ـ
__________________
(ينتظر بها) مدة يمكن أن تعود فيها عادة.(فإن نبتت فالأرش) لمدة ذهابه(وإلا) تعد(فدية المتغر) بالتاء المشددة مثناة ، ومثلثة. والأصل المثتغر بهما (١)
فقلبت الثاء تاء ثم أدغمت. ويقال : المثغر بسكون المثلثة ، وفتح الثالثة المعجمة
وهو الذي سقطت أسنانه الرواضع التي من شأنها السقوط ونبت بدلها ، ودية سن المثغر
ما تقدم من التفصيل في مطلق السن (٢).
(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة منهم العلّامة في المختلف : (فيها بعير مطلقا) (٣) ، لما روي من أن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى بذلك. والطريق ضعيف.
فالقول به كذلك.
(والتاسعة ـ اللّحيين) بفتح اللام. وهما : العظمان اللذان ينبت على بشرتهما
اللحية ، ويقال لملتقاهما : الذّقن بالتحريك المفتوح ، ويتصل كل واحد منهما بالأذن
، وعليهما نبات الأسنان السفلى.
إذا قلعا منفردين
عن الأسنان كلحيي الطفل ، والشيخ الذي تساقطت أسنانه
______________________________________________________
ـ تنبت قال : ليس
عليه قصاص وعليه الأرش) وإلا للزم الدية لإطلاق النصوص المتقدمة الواردة في
الأسنان بلا فرق بين الرجل وغيره.
وذهب الشيخ في
المبسوط وابن فهد في المهذب وابن زهرة في الغنية وابن حمزة في الوسيلة إلى أن دية
سن الصبي بعير مطلقا نبتت أو لم تنبت ، لخبر مسمع عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن عليا عليهالسلام قضى في سن الصبي قبل أن يثغر بعيرا في كل سن) ولخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى في سن الصبي إذا لم يثغر ببعير) ، وهما ضعيفان ، أما الأول فبابن شمون والأصم وأما الثاني
فبابن بطة وأبي المفضل.
(١) بالتاء
والثاء.
(٢) بلا فرق بين
الرجل وغيره.
(٣) نبتت أو لا.
__________________
(الدية) (١) وفيهما(مع الأسنان : ديتان) (٢) وفي كل واحد منهما (٣) : نصف الدية منفردا. ومع الأسنان
بحسابها (٤).
(العاشرة ـ في العنق إذا كسر فصار أصور) أي مائلا : (الدية (٥) ، وكذا
لو منع الازدراد (٦) ، ولو زال) الفساد ورجع إلى الصلاح(فالأرش) لما بين المدتين ، ولو لم يبلغ الأذى ذلك ، بل صار
الازدراد ، أو الالتفات عليه عسرا فالحكومة (٧).
(الحادية عشرة ـ في كل من اليدين نصف الدية) (٨) سواء اليمين
______________________________________________________
(١) بلا خلاف بين
الأصحاب لما دل من الأخبار المتقدمة أن كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية
وفي كل واحد منهما نصف الدية.
(٢) دية للحيين
ودية للأسنان بلا خلاف بين أصحابنا.
(٣) من اللحيين.
(٤) أي بحساب
الأسنان الساقطة مع اللحيين أو أحدهما.
(٥) بلا خلاف بين
الأصحاب ، لخبر مسمع عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : في القلب إذا أرعد فطار الدية ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : في الصّعر الدية ، والصّعر أن يثنى عنقه فيصير في ناحية)
.
نعم في خبر ظريف
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وإن اعترى الرجل من ذلك صعّر لا يستطيع أن يلتفت فديته
خمسمائة دينار) إلا أنه لا عامل به كما اعترف بذلك في الجواهر.
(٦) لأن هذه
المنفعة أعظم من الذوق الذي في ذهابه الدية.
(٧) لعدم التقدير
الشرعي لهذا العيب.
(٨) وفيهما الدية
كاملة بلا خلاف بين الفقهاء للأخبار العامة والخاصة ، كخبر هشام بن سالم عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما
نصف الدية وما كان فيه واحد ففيه الدية) وخبر زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في اليد نصف الدية وفي اليدين جميعا الدية وفي الرجلين
كذلك) .
__________________
والشمال (١) (وحدّها المعصم) (٢) بكسر الميم فسكون العين ففتح الصاد وهو المفصل الذي بين
الكف والذراع وتدخل دية الأصابع في ديتها حيث يجتمعان (٣).
(وفي الأصابع) (٤) حيث تقطع(وحدها ديتها) وهي دية اليد. فلو قطع آخر بقية اليد فالحكومة خاصة (٥) (ولو قطع معها) أي مع اليد(شيء من الزند) (٦) بفتح الزاي. والمراد شيء من الذراع ، لأن الزند على ذكره
الجوهري : هو موصل طرف الذراع بالكف(فحكومة زائدة) على دية اليد لما قطع من الزند. أما لو قطعت من المرفق ،
أو المنكب فدية اليد خاصة ، والفرق : تناول اليد لذلك (٧) حقيقة ، وانفصاله بمفصل
محسوس. كأصل اليد ، بخلاف ما إذا قطع شيء من الزند. فإن اليد إنما صدقت عليها من
الزند والزند من جناية لا تقدير فيها (٨) فيكون فيها الحكومة ، كذا فرق المصنف
وغيره.
وفيه نظر. ومثله
ما لو قطعت من بعض العضد(وفي العضدين : الدية) (٩) ، للخبر العام بثبوتها للاثنين فيما في البدن منه اثنان(وكذا في الذراعين).
______________________________________________________
(١) لإطلاق
النصوص.
(٢) بلا خلاف فيه
كما في كشف اللثام والجواهر.
(٣) بلا خلاف
لإطلاق النصوص المتقدمة الدالة على أن كل يد فيها نصف الدية وهذا شامل لليد مع
الأصابع.
(٤) لو قطعت
منفردة فدية الأصابع وهي خمسمائة دينار ، بلا خلاف فيه ، للأخبار منها : صحيح عبد
الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية في كل إصبع عشر من
الإبل) .
(٥) بلا خلاف فيه
كما في الجواهر لعدم التقدير الشرعي له حينئذ.
(٦) ففي اليد
خمسمائة دينار وفي الزائد الحكومة على المشهور وذهب ابن إدريس إلى اعتبار المساحة
في الزائد ، وقد تنظر فيه الشارح في الروضة باعتبار صدق قطع اليد على المجموع فلا
يجب إلا دية اليد كما لو قطع اليد من المرفق أو المنكب.
(٧) للمرفق أو
المنكب.
(٨) أي في الجناية
الزائدة على الزند.
(٩) لصحيح هشام بن
سالم المتقدم ، بلا خلاف فيه.
__________________
هذا إذا قطعا
منفردين عن اليدين (١) ، وأحدهما عن الآخر.
أما لو قطعت اليد
من المرفق ، أو الكتف فالمشهور أن فيه دية اليد كما تقدم (٢).
ويحتمل أن يريد (٣)
ما هو أعم من ذلك (٤) حتى لو قطعها من الكتف وجب ثلاث ديات ، لعموم الخبر. فإنه
قول في المسألة (٥) ، ووجوب دية اليد وحكومة في الزائد فإنه قول ثالث (٦). وكلام
الأصحاب هنا لا يخلو من إجمال (٧) ، أو اختلاف أو إخلال وكذلك الحكم لا يخلو من
إشكال (٨) (وفي اليد الزائدة الحكومة) (٩) وتتميز عن الأصلية بفقد البطش أو ضعفه وميلها عن السمت
______________________________________________________
(١) بأن قطعت
اليدان أولا ثم الذراعان ثم العضدان ولذا قال الشارح عقيب هذه الجملة : «وأحدهما عن
الآخر».
(٢) لصدق اليد على
المقطوع فيكون فيه دية اليد فقط.
(٣) أي المصنف.
(٤) عند قوله : «وفي
العضدين الدية وكذا في الذراعين» بحيث يكون مراده : أن في قطع اليد من الكتف ثلاث
ديات دية لليد ودية للعضد ودية للذراع ، لا أن قطع اليد مطلقا فيه الدية وقطع
العضد منفردا وكذا الذراع فيه الدية.
والقول بثلاث ديات
لقطع اليد من الكتف وجه في المسألة كما في المسالك لعموم صحيح هشام بن سالم
المتقدم.
(٥) وقد صرح بكونه
وجها في المسالك.
(٦) بناء على أن
الزائد لا يستوعب الذراع أما مع الاستيعاب فدية اليد فقط.
(٧) وهذا مخصوص في
كلام الشيخ في المبسوط حيث حكم بالحكومة في الزائد عن اليد المحددة بالزند وجعل
الحكومة تكثر كلما كانت الزيادة أكثر وقال : «إن جميع ذلك فيه مقدّر ذكرناه في
تهذيب الأحكام» مع أنه في التهذيب لا يوجد حكم مخصوص لهذا الغرض ، وإنما فيه أن ما
في الإنسان منه اثنان ففي كل واحد نصف الدية ليس إلا.
(٨) بالنسبة ما لو
قطع اليد وشيء من الزند فقد تنظر الشارح في حكومة الزائد بعد صدق اليد على
المجموع فتجب دية اليد فقط.
(٩) ذهب الشيخ في
المبسوط إلى ثلث دية اليد الأصلية ، لأن في قطع الإصبع الزائد ثلث دية الإصبع
الأصلي كما في الخبر وقد تقدم ، وفيه : إنه قياس لا نقول به فلا بد من الرجوع إلى
الحكومة.
الطبيعي ، ونقصان
خلقتها ولو في إصبع ، ولو تساوتا فيها (١) فإحداهما زائدة لا بعينها ففيهما جميعا
دية وحكومة (٢).
وقيل في الزائدة :
ثلث دية الأصلية. ففيهما هنا دية وثلث ولو قطعت إحداهما خاصة احتمل ثبوت نصف دية
يد وحكومة (٣) لأنها نصف المجموع وحكومة خاصة للأصل(وفي الأصبع) (٤) مثلث الهمزة والباء(عشر الدية) ليد
______________________________________________________
(١) أي في الخلقة.
(٢) فالدية
للأصلية والحكومة للزائدة.
(٣) أي ونصف
الحكومة ، وبعبارة أخرى فإذا كانت في اليد الأصلية والزائدة دية وحكومة ففي
إحداهما المشتبهة نصف المجموع كما عن المبسوط والتحرير والإرشاد ، لتكافؤ
الاحتمالين من أن المقطوع هي الأصلية أو الزائدة فالتنصيف مقتضى العدل.
وذهب غيرهم إلى أن
المقطوعة لم يحرز أنها أصلية حتى تثبت دية اليد فلا محالة يكون الأصل هو الحكومة
حيث لم يثبت تقدير شرعي هنا ما لم تصل الحكومة إلى أكثر من دية اليد فترد إليها
لأن الزائدة لا تزيد عن الأصلية بالقيمة.
(٤) ذهب المشهور
إلى أن في الإصبع عشر الدية بلا فرق بين أصابع اليدين وأصابع الرجلين للأخبار منها
: صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية ، في كل إصبع عشر
من الإبل) .
وعن جماعة منهم
الشيخ في الخلاف وابن حمزة في الوسيلة أن في قطع الإبهام ثلث دية اليد أو الرجل ،
وفي كل واحد من البواقي سدس دية اليد أو الرجل لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة
وستون دينارا وثلثا دينار ـ إلى أن قال ـ وفي الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد
ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار) وفي طريقه ضعف لا يقاوم الطائفة الأولى المشتملة على صحاح.
وعن الحلبي ثلث
دية اليد للإبهام وفي كل إصبع من البواقي عشر الدية هذا في اليد وأما في الرجل
فالتساوي بين الجميع.
وعن ابن زهرة في
الغنية ثلث دية اليد للإبهام وفي كل إصبع من البواقي عشر الدية بلا فرق بين أصابع
اليد والرجل ، وكلاهما ضعيفان لعدم المستند.
__________________
كانت أم لرجل ،
إبهاما كانت أم غيرها على الأقوى ، لصحيحة عبد الله بن سنان وغيرها.
وقيل في الإبهام :
ثلث دية العضو. وباقي الثلثين يقسم على سائر الأصابع (١).
(وفي الأصبع الزائدة ثلث دية الأصلية (٢) ، وفي شللها) (٣) أي شلل الأصبع مطلقا (٤) (ثلثا ديتها ، وفي) قطع(الشلاء الثلث الباقي) (٥) من ديتها ، سواء كان الشلل خلقة أم بجناية جان (٦) (وفي الظفر) (٧) بضم الظاء المشالة والفاء(إذا لم)
______________________________________________________
(١) فيكون لكل
إصبع سدس ، لأن الباقي من أصابع اليد الواحدة أربعة.
(٢) بلا خلاف فيه
للأخبار منها : معتبرة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة) .
(٣) أي شلل
الأصابع ثلثا ديتها لرواية الحكم بن عتيبة عن أبي جعفر عليهالسلام : (وكلما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح) ومثلها غيرها.
(٤) بلا فرق بين
الإبهام وغيره ، وبين أصابع اليد والرجل ، ولا بين الزائدة وغيرها.
(٥) بلا خلاف لما
دل على أن الشلل فيه ثلثا الدية فيكون الثلث الباقي لقطع المشلول مؤيدا بصحيح أبي
بصير عن أبي جعفر عليهالسلام : (سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس فقال : إن
كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه ثلث الدية ـ إلى أن قال ـ وكذلك القضاء في العينين
والجوارح) الدال على أن كل جارحة إذا كانت مشلولة فعلى قاطعها ثلث
ديتها.
(٦) لإطلاق النصوص
المتقدمة.
(٧) ذهب المشهور
إلى أن في الظفر عشرة دنانير إذا لم ينبت ، وكذا إذا نبت أسود لخبر مسمع بن عبد
الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في الظفر إذا قطع ولم ينبت أو خرج أسود فاسدا عشرة دنانير
، فإن خرج أبيض فخمسة دنانير) والسند ـ
__________________
(ينبت ، أو نبت أسود عشرة دنانير ولو نبت أبيض فخمسة) دنانير على المشهور.
والمستند رواية
ضعيفة وفي صحيحة عبد الله بن سنان في الظفر خمسة دنانير وحملت على ما لو عاد أبيض
جمعا وهو غريب (١). وفي المسألة قول آخر (٢) وهو : وجوب عشرة دنانير متى قلع ولم
يخرج ، ومتى خرج أسود فثلثا ديته ، لأنه في معنى الشلل (٣) ، ولأصالة براءة الذمة
من وجوب الزائد (٤) مع ضعف المأخذ ، وبعد مساواة عوده لعدمه أصلا (٥). وهو حسن (٦).
(الثانية عشرة ـ في الظهر (٧) إذا كسر الدية) ، لصحيحة الحلبي عن الصادق عليهالسلام في الرجل يكسر ظهره فقال : فيه الدية كاملة(وكذا لو احدودب) (٨)
______________________________________________________
ـ مشتمل على ابن
شمون والأصم وهما ضعيفان إلا أن السند منجبر بعمل الأصحاب كما في الجواهر ، ومع
ذلك تركها جماعة وعملوا بإطلاق صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي الظفر خمسة دنانير) وهو شامل للإنبات المتجدد وعدمه وشامل فيما لو نبت أسود
أيضا ، إلا أن الخبر محمول عند المشهور على ما لو خرج أبيض جمعا بينه وبين ما
تقدم.
(١) لأنه حمل
للصحيح على ما يوافق الضعيف.
(٢) وهو لابن
إدريس.
(٣) أي الاسوداد.
(٤) عن ثلثي
الدية.
(٥) فكيف تساوت
حالتان عدم عوده وعوده أسود عند المشهور.
(٦) وقال عنه في
الجواهر : «إنه كالاجتهاد في قبال النص» ، فإن ترك خبر مسمع يقتضي العمل بصحيح ابن
سنان وهو لا يوافق التفصيل بين عدم عوده فعشرة دنانير وبين عوده أسود فثلثا الدية.
(٧) لا خلاف في
كسر الظهر الدية بين الأصحاب للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل يكسر ظهره ، قال : فيه الدية كاملة) .
(٨) بلا خلاف ويدل
عليه صحيح يونس أنه عرض على أبي الحسن الرضا عليهالسلام كتاب الديات ، وكان فيه : (والظهر إذا أحدب ألف دينار) .
__________________
أو صار بحيث لا
يقدر على القعود (١) (ولو صلح فثلث الدية) (٢). هذا هو المشهور ، وفي رواية ظريف : إذا كسر الصلب فجبر
على غير عيب فمائة دينار ، وإن عثم (٣) فألف دينار(ولو كسر فشلّت
الرجلان (٤) فدية له) أي لكسره(وثلثا دية للرجلين) لأنهما دية شلل كل عضو بحسبه(ولو كسر الصلب) وهو الظهر(فذهب مشيه وجماعه
فديتان) (٥) إحداهما للكسر ، والأخرى لفوات منفعة الجماع ، ذكر ذلك
الشيخ في الخلاف وتبعه عليه الجماعة ، واقتصر المحقق والعلّامة في الشرائع
والتحرير على حكايته عنه قولا إشعارا بتمريضه. وعليه لو عادت إحدى المنفعتين وجبت
دية واحدة ، ولو عادت ناقصة فدية ، وحكومة عن نقص العائدة ، إلا أن يكون العود
بصلاح الصلب. فالثلث كما مر مضافا إلى ذلك (٦).
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه
ويدل عليه صحيح بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس
أن فيه الدية) .
(٢) ذهب المشهور
إلى أن الظهر لو كسر ثم صلح من دون عيب ففيه ثلث الدية قياسا على اللحية إذا نبتت
والساعد إذا صلح على غير عيب ، وهو قياس إذ لا دليل على اطراده لذا ذهب جماعة إلى
أن فيه مائة دينار لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وإن انكسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة
دينار ، وإن عثم فديته ألف دينار) .
(٣) جبر العظم
المكسور مع التواء.
(٤) ففيه دية
كاملة وثلثا الدية ، أما الدية فلكسر الظهر وأما ثلثا الدية فلشلل الرجلين ، وقد
عرفت أن الشلل فيه ثلثا دية الصحيح.
(٥) دية لكسر
الظهر ودية لذهاب منفعة الجماع ويدل عليه صحيح إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه
وانقطع جماعه وهو حيّ بست ديات) الدال على أن في انقطاع الجماع دية كاملة ، فتوقف المحقق
في الشرائع في الحكم ليس في محله.
(٦) من دية
المنفعة الفائتة.
__________________
(الثالثة عشرة ـ في النخاع) (١) وهو الخيط الأبيض في وسط فقر الظهر إذا قطع(الدية) كاملة ، لأنه
واحد في الإنسان ، ومع ذلك لا قوام له بدونه.
(الرابعة عشرة ـ الثديان) (٢) وهما للرجل والمرأة ، ولكن ذكر هنا (٣) حكمهما لها (٤)
خاصة وهو أن(في كل واحد) منهما(نصف دية المرأة) سواء اليمين واليسار. وهو موضع وفاق(وفي انقطاع اللبن) عنهما(الحكومة (٥) ، وكذا لو تعذر نزوله) (٦) ، لأنه حينئذ بمنزلة المنقطع(وفي الحلمتين) (٧) وهما : اللتان في رأسهما كالزر يلتقمهما الطفل(الدية) لو قطعتا
منفردتين(عند الشيخ) ، لأنهما مما في الإنسان منه اثنان فيدخلان في الخبر العام
، ونسبه إلى الشيخ مؤذنا برده لأنهما كالجزء من الثديين اللذين فيهما جميعا الدية
ففيهما الحكومة خاصة ، لأصالة البراءة
______________________________________________________
(١) ففي قطعه الدية
كاملة بلا خلاف فيه كما في الجواهر ولا إشكال ، لأنه عضو واحد في البدن فيعمه
الضابط المتقدم.
(٢) ففي قطعهما
الدية كاملة وفي كل واحد نصف الدية ، بلا خلاف فيه ويدل عليه الخبر العام من أن كل
ما في الإنسان منه اثنان ففيه الدية وفي أحدهما نصف الدية ، وصحيح أبي بصير عن أبي
جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل قطع ثدي امرأته ، قال : إذن أغرمه لها نصف الدية) (.
(٣) أي المصنف.
(٤) أي حكم
الثديين للمرأة.
(٥) لأنها جناية
لا مقدّر لها شرعا فليس إلا الحكومة.
(٦) بأن لم يكن
وقت الجناية لبن لكن تعذر نزوله في وقته ، بخلاف الفرع المتقدم فاللبن موجود عند
الجناية لكنه انقطع.
(٧) بالنسبة
للمرأة ففيهما الدية كما عن الشيخ في المبسوط والفاضل وابني حمزة وإدريس للخبر
العام بأن ما كان في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية.
واستشكل المحقق من
حيث إن الدية في الثديين والحلمتين بعضهما ، وأجيب بانتقاضه باليدين والأنف فإنهما
بعض البدن ويجب فيهما الدية مع أنهما بعض مما يجب له الدية ، وردّ بأنها خرجت
وأمثالها بالنص الخاص ، وأما مورد نزاعنا فلا ، فالأولى فيه الحكومة.
__________________
من الزائد(وكذا حلمتا الرجل) (١) فيهما : الدية عند الشيخ في المبسوط والخلاف ، لما ذكر (٢).
(وقيل) والقائل ابن بابويه ، وابن حمزة : (في حلمتي الرجل : الربع) : ربع الدية(وفي كل واحدة الثمن) استنادا إلى كتاب ظريف.
وقيل : فيهما
الحكومة خاصة ، واستضعافا لمستند غيرها.
(الخامسة عشرة ـ في الذكر (٣) مستأصلا ، أو الحشفة) فما زاد(الدية) لشيخ كان أم لشاب أم لطفل صغير ، قادر على الجماع أم عاجز(ولو كان مسلول الخصيتين) (٤) لأنه مما في الإنسان منه واحد فتثبت فيه الدية مطلقا (٥)
(وفي بعض)
______________________________________________________
(١) فذهب الشيخ في
المبسوط وابن إدريس والفاضل في جملة من كتبه إلى أن فيهما الدية كاملة للخبر
العام.
وذهب الصدوق وابن
حمزة إلى ثمن الدية في كل حلمة استنادا لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وفي حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة وخمسة وعشرون دينارا)
وقد استشكل الشارح بذلك لضعف السند مع أن بعض طرقه صحيح كما تقدم ، وذهب إلى
الحكومة وقواه فخر المحققين.
(٢) من الخبر
العام.
(٣) ففي قطعه
الدية لصحيح يونس : (والذكر إذا استؤصل ألف دينار) ، وفي قطع الحشفة فما فوق الدية كاملة للأخبار منها : صحيح
الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي الذكر إذا قطعت الحشفة فما فوق الدية) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي الذكر إذا قطع من موضع الحشفة الدية) ، بلا فرق بين ذكر الغلام والرجل لإطلاق النصوص المتقدمة ،
ولخصوص صحيح بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام : (في ذكر الغلام الدية كاملة) ومثله غيره.
(٤) لو وصلية ،
والدية كاملة لإطلاق النصوص المتقدمة.
(٥) سواء كان لشاب
أو شيخ أو صبي أو من سلّت خصيتاه.
__________________
(الحشفة بحسابه) (١) أي حساب ذلك البعض منسوبا إلى مجموعها خاصة.
(وفي) ذكر(العنين ثلث الدية) (٢) ، لأنه عضو أشل ، وديته ذلك كما أن في الجناية عليه صحيحا
حتى صار أشل ثلثي ديته.
ولو قطع بعض ذكر
العنين (٣) اعتبر بحسابه من المجموع ، لا من الحشفة ، والفرق بينه وبين الصحيح :
أن الحشفة في الصحيح هي الركن الأعظم في لذة الجماع ، بخلافها في العنين ، لاستواء
الجميع في عدم المنفعة ، مع كونه عضوا واحدا. فينسب بعضه إلى مجموعه على الأصل.
(السادسة عشرة ـ في الخصيتين) (٤) معا(الدية ، وفي كل واحدة نصف) ، للخبر العام.
______________________________________________________
(١) بحساب هذا
البعض بالنسبة للحشفة لا لجميع الذكر ضرورة أن الدية مقدرة للحشفة.
(٢) على المشهور
باعتبار أن العنن شلل ودية المشلول على ثلث دية الصحاح.
وقد خالف القاضي
وجماعة إلى ثبوت الدية كاملة لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام : في ذكر الصبي الدية وفي ذكر العنين الدية) . وهو المتعين.
(٣) أي بعض حشفته
، فقد اعتبروا نسبة المقطوع إلى مجموع الذكر لا الحشفة بخلاف الصحيح للفرق بينهما
حيث كان الحشفة في الصحيح هي الركن الأعظم في لذة الجماع ولذا ورد بخصوصها الدية.
بخلاف حشفة العنين
فيستوي مجموع الذكر في عدم المنفعة ، وهذا لازمه أن لا يكون في حشفة العنين الدية
بناء على أن في ذكر العنين ثلث الدية فقط كما ذهب إليه المشهور ، وأما قد عرفت أن
الدية كاملة في ذكر العنين فلا بد أن يكون في حشفته كحشفة الصحيح الدية كاملة
لإطلاق النصوص المتقدمة الواردة في خصوص الحشفة. وعليه لا بد من اعتبار نسبة
المقطوع إلى الحشفة في العنين كالصحيح لا إلى مجموع الذكر.
(٤) الدية كاملة
بلا خلاف للخبر العام ولخصوص صحيح يونس : (والبيضتين ألف دينار) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي البيضتين الدية) . ـ
__________________
(وقيل) والقائل به جماعة منهم الشيخ في الخلاف وأتباعه. والعلّامة
في المختلف : (في اليسرى الثلثان) ، وفي اليمنى الثلث ، لحسنة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام ، وغيرها ، ولما روي من أن الولد يكون من اليسرى ، ولتفاوتهما
في المنفعة المناسب لتفاوت الدية.
ويعارض باليد
القوية الباطشة والضعيفة ، والعين كذلك. وتخلق الولد منها
______________________________________________________
ـ هذا والمشهور
على أن لكل خصية نصف الدية للتساوي بينهما ولخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وفي خصية الرجل خمسمائة دينار) .
وعن الصدوق في
الهداية والشيخ في الخلاف والقاضي في المهذّب وسلّار وابني حمزة وسعيد إلى أن في
اليسرى ثلثا الدية وفي اليمنى الثلث الباقي لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد
الله عليهالسلام : (قلت : فرجل ذهبت إحدى بيضتيه؟ فقال : إن كانت اليسار
ففيها ثلثا الدية ، قلت : ولم ، أليس قلت ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف
الدية؟ فقال : لأن الولد من البيضة اليسرى) ، ولخبر أبي يحيى الواسطي مرفوعا إلى أبي عبد الله عليهالسلام : (الولد يكون من البيضة اليسرى فإذا قطعت ففيها ثلثا
الدية وفي اليمنى ثلث الدية) .
وقال الشارح في المسالك
: «وقد أنكر بعض الأطباء انحصار التولد في الخصية اليسرى ، ونسبه الجاحظ في حياة
الحيوان إلى العامة ، وقوة المنفعة لا تؤثر في زيادة الدية كما لا تزيد اليد
الباطشة عن الضعيفة وكذلك العين ولو صح نسبة التولد إلى الأئمة عليهالسلام : لم يلتفت إلى إنكار منكره ولكن عرفت حاله) ، وفيه : إن
خبر ابن سنان صحيح وهو خاص فلا بد من تقديمه على التسوية المستفادة من الخبر العام
وإنكار الأطباء له كاشف عن عدم اطلاعهم الكامل على الواقع بعد ما ثبت ذلك عن
المعصومين عليهمالسلام.
هذا من جهة ومن
جهة أخرى فقد ذهب ابن الجنيد إلى أن في اليمنى نصف الدية وفي اليسرى تمام الدية
لأن الولد منها ففي فواتها تفوت منفعة تامة فتجب الدية لذلك كغيرها من المنافع وهو
كالاجتهاد في قبال النص.
__________________
لم يثبت. وخبره
مرسل (١) وقد أنكره بعض الأطباء.
(وفي أدرتهما) (٢) بضم الهمزة فسكون الدال ففتح الراء وهي انتفاخهما(أربعمائة دينار ، فإن فحج) بفتح الفاء فالحاء المهملة فالجيم أي تباعدت رجلاه أعقابا
مع تقارب صدور قدميه(فلم يقدر على المشي) قيد زائد على الفحج ، لأن مطلقه يمكن معه المشي. قال
الجوهري : الفحج بالتسكين مشية الأفحج. وتفحّج في مشيته مثله ، وفي حكمه إذا مشى
مشيا لا ينتفع به(فثمانمائة دينار) على المشهور. ومستنده كتاب ظريف.
(السابعة عشرة ـ في الشفرين) (٣) بضم الشين. هما : اللحم المحيط بالفرج
______________________________________________________
(١) أي خبر التولد
من اليسرى وهو يريد خبر الواسطي وقد عرفت أنه مرفوع ولكن خبر ابن سنان قد صرح بكون
التولد من اليسرى وهو صحيح.
(٢) أربعمائة
دينار بلا خلاف في ذلك ، فإن أوجب الانتفاخ فحج الرجل بحيث تتباعد فخذاه بسبب ذلك
فلم يقدر على المشي فثمانمائة دينار لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وإن أصيب رجل فأدر خصيتاه كلتاهما فديته أربعمائة دينار
، فإن فحج فلم يقدر على المشي إلا مشيا لا ينفعه فديته أربعة أخماس دية النفس
ثمانمائة دينار) وهو صحيح في بعض طرقه والشهرة توجب وهنه لو فرضت ، ولا
يعارضه خبر معاوية بن عمار قال : (تزوج جار لي امرأة فلما أراد مواقعتها رفسته
برجلها ففتقت بيضته فصار أدر ، فكان بعد ذلك ينكح ويولد له فسألت أبا عبد الله عليهالسلام عن ذلك ، وعن رجل أصاب سرة رجل ففتقها ، فقال عليهالسلام : في كل فتق ثلث الدية) لأن البحث في الانتفاخ المجرد عن الفتق.
(٣) ففي قطعهما
الدية كاملة وفي قطع الواحد منهما نصف الدية بلا خلاف فيه للخبر العام ولخصوص صحيح
عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن في كتاب علي عليهالسلام لو أن رجلا قطع فرج امرأته لأغرمنه لها ديتها) المحمول على الشفرين لتبادرهما من الفرج ولكون القطع لهما
لأنهما ظاهران.
ولا فرق بين
السليمة والرتقاء والقرناء والصغيرة والكبيرة والبكر والثيب لعموم الخبر العام
ولإطلاق صحيح ابن سيابة.
__________________
إحاطة الشفتين
بالفم(الدية) وفي كل واحدة النصف(من السليمة
والرتقاء) والبكر ، والثيب
، والكبيرة ، والصغيرة.(وفي الركب) (١) بالفتح محركا وهو من المرأة مثل موضع العانة من الرجل(الحكومة).
(الثامنة عشرة ـ في الإفضاء الدية (٢) وهو تصيير مسلك البول
والحيض واحدا).
وقيل : مسلك الحيض
والغائط (٣). وهو أقوى في تحققه (٤) فتجب الدية
______________________________________________________
(١) الحكومة لعدم
المقدر الشرعي له.
(٢) فلها الدية
كاملة إذا كان المفضي أجنبيا بلا خلاف فيه ويدل على ذلك صحيح سليمان بن خالد : (سألت
أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم
تلد فقال : الدية كاملة) ، ورواه الصدوق عن أمير المؤمنين عليهالسلام .
وإذا كان المفضي
زوجها فإن كان لها تسع سنين فلا شيء عليه ، وإن لم تبلغ تسع سنين فإن طلقها فلها
الدية وإن أمسكها فلا شيء عليه ويدل عليه صحيح حمران بن أعين عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك ، فلما دخل بها
افتضها فأفضاها فقال : إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه ،
وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين دخل بها فافتضها فإنه
قد أفسدها وعطلها على الأزواج فعلى الإمام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها ولم يطلقها
حتى تموت فلا شيء عليه) ومثلها خبر بريد بن معاوية .
وذهب المشهور إلى
الدية قبل بلوغها تسع سنين أمسك أو طلق اعتمادا على صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من وطئ امرأته قبل تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن) ، ومثله صحيحه الآخر وخبر طلحة بن زيد .
إلا أنها مطلقة لا
بد من تقييدها بصحيح حمران المتقدم.
(٣) قد تقدم في
كتاب النكاح.
(٤) في تحقق
الإفضاء.
__________________
بأيهما كان ،
لذهاب منفعة الجماع معهما. ولا فرق بين الزوج وغيره إذا كان قبل بلوغها ، وتختص (١)
بغيره بعده (٢) (وتسقط عن الزوج إذا كان بعد البلوغ) ، لأنه فعل مأذون فيه شرعا (٣) إذا لم يكن بتفريط ، وإلا
فالمتجه ضمان الدية كالضعيفة التي يغلب الظن بإفضائها (٤) (ولو كان قبله (٥) ضمن مع المهر ديتها) (٦) إن وقع بالجماع ، لتحقق الدخول الموجب لاستقراره ، ولو
وقع بغيره بني استقراره (٧) على عدم عروض موجب التنصيف (٨) (وأنفق) الزوج(عليها حتى يموت أحدهما) (٩) وقد تقدم في النكاح أنها تحرم عليه مؤبدا مضافا إلى ذلك
وإن لم تخرج عن حباله بدون الطلاق ، وكذا لا تسقط عنه النفقة وإن طلقها ، لصحيحة
الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : عليه الإجراء عليها ما دامت حية.
وفي سقوطها
بتزويجها (١٠) بغيره وجهان من إطلاق النص بثبوتها إلى أن
______________________________________________________
(١) الدية.
(٢) أي بغير الزوج
بعد البلوغ.
(٣) أي الوطء
الموجب للإفضاء.
(٤) بحيث كان
وطؤها موجبا لإفضائها ولو ظنا ومع ذلك أقدم الزوج فيكون ضامنا للدية لأنه مفرّط.
(٥) أي لو كان
الإفضاء قبل البلوغ وكان الإفضاء من الزوج.
(٦) فالمهر للدخول
والدية للإفضاء ، وقد تعرض الأصحاب إلى المهر هنا مع أنه يدور مدار الدخول لئلا
يتوهم دخوله في الدية ، هذا إذا تحقق الإفضاء بالوطء ، أما لو أفضاها بغيره لم
يستقر المهر في الزوجية ولا يلزمه مهر في الأجنبية لأنه منوط بالدخول وهو مفقود.
(٧) أي استقرار
المهر.
(٨) كالطلاق قبل
الوطء فإنه يوجب تنصيف المهر.
(٩) لصحيح الحلبي
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن رجل تزوج جارية فوقع عليها فأفضاها قال : عليه
الإجراء عليها ما دامت حية) .
(١٠) أي سقوط
النفقة ، فذهب المعظم إلى عدم السقوط لإطلاق صحيح الحلبي المتقدم المغيّى بالموت ،
لا بالطلاق أو بالزواج من الغير وعن ابن فهد والصيمري وفخر المحققين تقييد وجوب
الإنفاق بما إذا لم تتزوج بغيره ، لأن الإنفاق لعلة تعطيلها على الأزواج وهي ـ
__________________
يموت أحدهما ، ومن
حصول الغرض بوجوبها على غيره (١) ، وزوال الموجب لها (٢) ، وإن العلة عدم صلاحيتها
لغيره بذلك (٣) ، وتعطلها عن الأزواج وقد زال فيزول الحكم.
وفيه منع انحصار
الغرض في ذلك (٤) ، ومنع العلية المؤثرة (٥) وزوال الزوجية لو كان كافيا لسقطت
بدون التزويج (٦). وهو باطل اتفاقا.
(التاسعة عشرة ـ في الأليين) (٧) وهما : اللحم الناتئ بين الظهر والفخذين(الدية. وفي كل واحدة النصف) إذا أخذت إلى العظم الذي تحتها ، وفي ذهاب بعضهما بقدرة (٨)
، فإن جهل المقدار قال في التحرير : وجبت حكومة (٩).
ويشكل بما لو قطع
بزيادة مقداره عن الحكومة ، أو نقصانه مع الجهل بمجموع المقدار ، فينبغي الحكم
بثبوت المحقق منه (١٠) كيف كان.
(العشرون ـ الرجلان فيهما الدية (١١) وفي كل واحدة النصف
وحدّهما مفصل)
______________________________________________________
ـ منتفية بعد
تزويجها بغيره مع امتناع وجوب النفقة بالزوجية على أكثر من واحد ، وفيه : إن
الإنفاق للإفضاء لا للزوجية.
(١) أي بوجوب
النفقة على غير المفضي.
(٢) للنفقة ،
والموجب هو العلقة الزوجية.
(٣) أي الإفضاء
وهو المعبّر عنه بتعطيلها على الأزواج.
(٤) رد للدليل
الأول وحاصله : إن الإنفاق عقوبة له للإفضاء ، ولم تكن النفقة من باب الزوجية حتى
تنتفي إذا تزوجت بغيره وصارت النفقة الزوجية على الزوج الجديد.
(٥) رد للدليل
الثاني وحاصله : إن الإنفاق للإفضاء وليس للزوجية حتى ينتفي بانتفائها.
(٦) أي الإنفاق
وهو رد للدليل الثالث.
(٧) ففي قطعهما
الدية كاملة وفي الواحد منهما نصف الدية للخبر العام المتقدم مرارا.
(٨) أي بقدر
الذاهب بالنسبة للمجموع.
(٩) والأولى هو
الصلح.
(١٠) أي المتيقن
للأصل.
(١١) بلا خلاف فيه
للخبر العام ، ولأخبار خاصة منها : معتبرة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الرجل الواحدة نصف الدية) ، بلا فرق بين اليمنى واليسرى.
__________________
(الساق) (١) وإن اشتملت على الأصابع.(وفي الأصابع
منفردة الدية (٢) وفي كل واحدة عشر) ، سواء الإبهام وغيره. والخلاف هنا كما سبق(ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل) بالسوية (٣) (و) دية(الإبهام) مقسومة(على اثنين) بالسوية أيضا.(وفي الساقين) وحدّهما الركبة(الدية (٤) ، وكذا
في الفخذين) ، لأن كل واحد
منهما مما في الإنسان منه اثنان.
هذا إذا قطعا
منفردين عن الرجل ، وقطع الفخذ منفردا عن الساق أما لو جمع بينهما ، أو بينها.
ففيه ما مر في اليدين من احتمال دية واحدة إذا قطع من المفصل (٥) ودية وحكومة (٦).
وتعدد الدية بتعدد موجبه (٧). والكلام في الإصبع الزائدة والرجل (٨) ما تقدم (٩).
(الحادية والعشرون ـ في الترقوة) (١٠) بفتح التاء فسكون الراء فضم القاف
______________________________________________________
(١) فالرجل تطلق
من المفصل ومن الركبة ومن الفخذ ، فالقطع من أي موضع من هذه المواضع موجب للدية
لصدق قطع الرجل.
(٢) كأصابع اليدين
، والخلاف هنا من ناحية زيادة دية الإبهام أو بالتساوي جار هنا لوحدة الدليل.
(٣) لأنه مؤلف من
ثلاثة أنامل فتقسم ديته عليها.
(٤) إذا قطعت
الرجل من المفصل أولا ثم قطعت الساقان ، ففيهما الدية ، وكذا في قطع الفخذين بلا
خلاف فيه للخبر العام.
(٥) أي من أصل
الفخذ.
(٦) إذا قطعت
القدم مع شيء من الساق.
(٧) بحيث تكون دية
للقدم ودية للساق ودية للفخذ.
(٨) أي الزائدة.
(٩) في اليد.
(١٠) ففي كسرها
إذا جبرت على غير عثم ولا عيب أربعون دينارا ، وفي صدعها أربعة أخماس دية كسرها ،
وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا وفي نقل عظامها نصف دية كسرها ، وفي نقبها ربع دية
كسرها ، على المشهور ـ على ما قيل ـ بين الأصحاب لمعتبرة ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وفي الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب
أربعون دينارا ، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس كسرها اثنان وثلاثون دينارا ، فإن
ـ
وهي العظم الذي
بين ثغرة النحر ، والعاتق (١) (إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا) روي ذلك في كتاب ظريف. ولو جبرت على عيب احتمل استصحاب
الدية كما لو لم تجبر ، والحكومة رجوعا إلى القاعدة.
ويشكل (٢) لو نقصت
عن الأربعين ، لوجوبها فيما لو عدم العيب فكيف لا تجب معه. ولو قيل بوجوب أكثر
الأمرين كان حسنا.(وترقوة المرأة كالرجل) في وجوب الأربعين عملا بالعموم (٣) ولو كان ذميا فنسبتها
إلى دية المسلم من ديته (٤).
(وفي كسر عظم من عضو خمس دية) ذلك(العضو (٥) ، فإن صلح على)
______________________________________________________
ـ أوضحت فديتها
خمسة وعشرون دينارا وذلك خمسة أجزاء من ثمانية من ديتها إذا انكسرت ، فإن نقل منها
العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون دينارا ، فإن نقبت فديتها ربع دية كسرها عشرة
دنانير) .
وأما إذا جبرت على
عيب أو عثم فالخبر لم يتعرض لحكمه والمرجع فيه الحكومة ، وقد حكم الشيخ في المبسوط
والخلاف في الترقوتين الدية ، ولعله ناظر إلى غير الكسر مما يوجب قطعها وعدم
صلاحها بالمرة.
(١) من كل جانب.
(٢) أي الحكومة.
(٣) بعموم خبر
ظريف.
(٤) فتكون ترقوة
الذمي باثنين وثلاثين درهما.
(٥) على المشهور ،
وجعل الشارح كتاب ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام هو المستند كما في المسالك ، مع أن خبر ظريف موزع على
أبواب الفقه في الوسائل لكن النظر في متفرقاته يعطي أن خمس دية العضو في كسر
المنكب والعضد والمرفق والكف والورك والركبة والساق والقدم والساعد كما في رواية
الكافي بالنسبة للأخير ، إذا صلحت على غير عثم ولا عيب في جميع المذكورات مع أن المشهور قد التزم بأربعة أخماس دية كسره لو صلح على
صحة فلا يكون خبر ظريف دالا على قول المشهور كما اعترف بذلك في مفتاح الكرامة.
ونقل عن المحقق في كتاب نكت النهاية : (إن هاتين المسألتين يعني مسألة الكسر والرض
ذكرهما الشيخان وتبعهما المتأخرون ولم يشيروا إلى المستند».
__________________
(صحة فأربعة أخماس دية كسره ، وفي موضحته ربع دية كسره (١)
، وفي رضه ثلث دية) ذلك(العضو) (٢).
وفي بعض نسخ
الكتاب ثلثا ديته بألف التثنية. والظاهر أنه سهو ، لأن الثلث هو المشهور والمروي(فإن صلح) المرضوض(على صحة فأربعة أخماس دية رضه) ولو صلح بغير صحة فالظاهر استصحاب ديته (٣) (وفي فكه (٤) بحيث يتعطل العضو ثلثا ديته) ، لأنه ذلك بمنزلة الشلل(فإن صلح على صحة
فأربعة أخماس دية فكه) ولو لم يتعطل (٥) فالحكومة ، هذا هو المشهور. والأكثر لم يتوقفوا في حكمه ،
إلا المحقق في النافع فنسبه إلى الشيخين. والمستند كتاب ظريف مع اختلاف يسير.
فلعله نسبه إليهما ، لذلك.
(الثانية والعشرون ـ في كل ضلع مما يلي القلب) (٦) أي من الجانب الذي فيه
______________________________________________________
(١) على المشهور
لخبر يونس وابن فضال عن الإمام الرضا عليهالسلام : (ودية موضحته ربع دية كسره) .
(٢) هذا إذا لم
يبرأ ، وإن برئ من غير عيب فأربعة أخماس دية رضه ، وقد سمعت كلام المحقق في الرض
والكسر وأنه هنا دون مستند ، إلا أنه في خبر ظريف في رض كل من المنكب والمرفق
والورك والركبة إذا انجبر على عثم ثلث دية النفس ، بعد حمل المرضوض على المنكبين والمرفقين والوركين
والركبتين وإن ورد في الخبر بلفظ المفرد فيكون دليلا للمشهور.
(٣) أي ثلث دية
العضو كما لو لم يصلح.
(٤) أي فك العظم
عن العضو بحيث يتعطل العضو فثلثا الدية ، وإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية
فكه على المشهور وفي خبر ظريف ما يدل على ذلك ، بالإضافة إلى دعوى أن ذلك بمنزلة
الشلل في العضو وقد عرفت أن الشلل موجب لثلثي الدية.
(٥) أي العضو بعد
فك العظم عنه فالحكومة لعدم المقدر الشرعي.
(٦) على المشهور
لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وفي الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر منها
ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا ، وفي صدعه اثنا عشر دينارا ونصف ، ودية نقل عظامها
سبعة دنانير ونصف ، وموضحته على ربع دية كسره ، ونقبه ـ
__________________
القلب(إذا كسرت خمسة وعشرون دينارا ، وإذا كسرت) تلك الضلع(مما يلي العضد
عشرة دنانير) ويستوي في ذلك
جميع الأضلاع والمستند كتاب ظريف(ولو كسر عصعصه) (١) بضم عينيه وهو عجب الذنب بفتح عينه وهو عظمه يقال : إنه
أول ما يخلق ، وآخر ما يبلى(فلم يملك) حيث كسر(غائطه) ولم يقدر على إمساكه(ففيه الدية) ، لصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه فقال : فيه الدية كاملة.
والبعصوص هو العصعص ، لكن لم يذكره أهل اللغة فمن ثم عدل المصنف عنه إلى العصعص
المعروف لغة.
وقال الراوندي :
البعصوص عظم رقيق حول الدبر.
(ولو ضرب عجانه) (٢) بكسر العين وهو ما بين الخصية ، والفقحة(فلم يملك غائطه ولا بوله ففيه الدية) أيضا(في رواية) إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام ونسبه إلى الرواية ، لأن إسحاق فطحي وإن كان ثقة. والعمل
بروايته مشهور كالسابق (٣) وكثير من الأصحاب لم يذكر فيه خلافا.
______________________________________________________
ـ مثل ذلك ، وفي
الأضلاع مما يلي العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر ، ودية صدعه سبعة دنانير
، ودية نقل عظامه خمسة دنانير ، وفي موضحة كل ضلع منها ربع دية كسره ديناران ونصف
، فإن نقب ضلع منها فديتها ديناران ونصف) ، وابن إدريس لم يفرق في دية الأضلاع فحكم بأن دية كل ضلع
خمسة وعشرين دينارا ولا دليل له على هذا الإطلاق.
(١) بحيث لا يملك
استه فالدية كاملة لصحيح سليمان بن خالد : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه ما فيه من الدية؟ فقال :
الدية كاملة) .
(٢) فلم يملك
غائطه ولا بوله ففيه الدية كاملة لمعتبرة إسحاق بن عمار : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في الرجل يضرب على عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله أن في
ذلك الدية كاملة) .
(٣) كالخبر السابق
الذي عمل به المشهور.
__________________
(ومن افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها) بفتح الميم وهو مجمع البول(فلم تملك بولها
فديتها) (١) لخرق المثانة(ومهر مثل نسائها) للافتضاض على الأشهر لتفويت تلك المنفعة الواحدة في البدن
، ولرواية هشام بن إبراهيم عن أبي الحسن عليهالسلام ، لكن الطريق ضعيف(٢).
(وقيل : ثلث ديتها) ، لرواية ظريف أن عليا عليهالسلام قضى بذلك وهي أشهر ، لكن الأولى أولى لما ذكرناه (٣) وإن
اشتركتا في عدم صحة السند (٤).
(ومن داس بطن إنسان (٥) حتى أحدث) بريح ، أو بول ، أو غائط(ديس بطنه) حتى يحدث كذلك(أو يفتدي ذلك
بثلث الدية على رواية) السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام أن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى بذلك ، وعمل بمضمونها الأكثر ونسبه المصنف إلى الرواية
لضعفها ومن ثم أوجب جماعة الحكومة ، لأنه المتيقن وهو قوي.
______________________________________________________
(١) على المشهور
لخبر هشام بن إبراهيم عن أبي الحسن عليهالسلام : (الدية) ، وقال في الفقيه : «وأكثر روايات أصحابنا في ذلك الدية
كاملة» .
لكن في خبر أبي
عمرو المتطبب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل افتض جارية بإصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها
فجعل لها ثلث الدية مائة وستة وستين دينارا وثلثي دينار ، وقضى لها عليه بصداق مثل
نساء قومها) ، ومثلها خبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، والأخيران أشهر.
(٢) فالخبر مرسل
وهشام بن إبراهيم مشترك بين الثقة وغيره.
(٣) من تفويت
المنفعة الوحيدة في البدن فيكون فيها دية كاملة.
(٤) وقد عرفت أن
خبر ظريف صحيح في بعض طرقه.
(٥) بحيث خرج منه
البول أو الغائط فعليه ثلث الدية أو يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه لمعتبرة السكوني
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (رفع إلى أمير المؤمنين عليهالسلام رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه ، فقضى عليه أن يداس
بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث ، أو يغرم ثلث الدية)
__________________
(القول في دية
المنافع وهي ثمانية أشياء :
(الأول ـ في ذهاب العقل الدية) كاملة (١) (وفي) ذهاب(بعضه بحسابه) أي حساب الذاهب من المجموع(بحسب نظر الحاكم)
(٢) إذ لا يمكن ضبط الناقص على اليقين.
وقيل : يقدر
بالزمان فإن جنّ يوما وأفاق يوما فالذاهب النصف أو جنّ يوما وأفاق يومين فالثلث
وهكذا(ولو شجه فذهب عقله لم تتداخل) دية الشجة ودية العقل ، بل تجب الديتان(وإن كان بضربة واحدة) وكذا لو قطع له عضوا غير
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه
لصحيح أبي عبيدة الحذّاء قال : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه
حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله ، قال : إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات
الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له ، فإنه ينتظر به سنة فإن مات فيما بينه وبين
السنة أقيد به ضاربه ، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله أغرم
ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله ، قلت : فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال : لا ،
لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية) . وتتداخل الجنايتان قد ذهب إليه الشيخ في النهاية وابن
سعيد في الجامع اعتمادا على الخبر المذكور وذهب المحقق في الشرائع وجماعة إلى عدم
تداخل الجنايتين للأصل ولصحيح إبراهيم بن عمرو عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه
وانقطع جماعه وهي حيّ بست ديات) ، وقد تقدم الكلام فيه.
(٢) على رأي جماعة
إذ لا طريق إلى تقدير النقصان كي توزع عليه الدية.
وذهب الشيخ في
المبسوط وابن حمزة في الوسيلة والعلّامة في القواعد إلى التقدير بالزمان : فلو جنّ
يوما وأفاق يوما كان الذاهب نصف العقل ، أو جنّ يوما وأفاق يومين فيكون الذاهب
الثلث ، وهذا تخمين واستحسان ولا دليل شرعي عليه فلا يصلح أن يكون مستندا للحكم
الشرعي ، فالأولى الرجوع إلى الحكومة أو الصلح.
__________________
الشجة فذهب عقله(ولو عاد العقل بعد ذهابه) وأخذ ديته(لم تستعد الدية)
(١) لأنه هبة من الله تعالى مجددة(إن حكم أهل الخبرة (٢) بذهابه بالكلية) أما مع الشك في ذهابه فالحكومة.
(الثاني ـ السمع (٣) وفيه الدية) إذا ذهب من الأذنين معا(مع اليأس) من عوده(ولو رجا) أهل الخبرة(عوده) ولو بعد مدة(انتظر ، فإن لم
يعد فالدية) كاملة(وإن عاد فالأرش) لنقصه زمن فواته(ولو تنازعا في ذهابه) فادعاه المجني عليه وأنكره الجاني ، أو قال : لا أعلم صدقه
وحصل الشك في ذهابه(اعتبر حاله عند الصوت العظيم ، والرعد القوي ، والصيحة عند
غفلته ، فإن تحقق) الأمر بالذهاب وعدمه حكم بموجبه(وإلا حلف القسامة)
(٤) وحكم له ، والكلام في ذهابه بشجة
______________________________________________________
(١) لخبر أبي حمزة
الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام : (قلت له : ـ جعلت فداك ـ ما تقول في رجل ضرب رأس رجل
بعمود فسطاط فأمّه ـ يعني ذهب عقله ـ؟ قال : عليه الدية ، قلت : فإن عاش عشرة أيام
أو أقل أو أكثر فرجع إليه عقله أله أن يأخذ الدية؟ قال : لا ، قد مضت الدية بما
فيها) .
(٢) قيد لعدم
استعادة الدية ، لأنه قال في المسالك بعد إيراد خبر أبي حمزة : «وفي الطريق جهالة
ولو قيل بالرجوع إلى أهل الخبرة في ذلك فإن قضوا بذهابه بالكلية لم ترجع وإلّا
فالحكومة كانت حسنا».
(٣) وفي ذهابه
الدية بلا خلاف فيه للأخبار منها : الخبر العام.
ومنها : صحيح يونس
: (أنه عرض كتاب الديات على أبي الحسن الرضا عليهالسلام وكان فيه : في ذهاب السمع كله ألف دينار) ، وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل ضرب رجلا في أذنه بعظم فادعى أنه لا يسمع قال :
يترصد ويستغفل وينتظر به سنة فإن سمع أو شهد عليه رجلان أنه يسمع وإلا حلفه وأعطاه
الدية ، قيل : يا أمير المؤمنين فإن عثر عليه بعد ذلك أنه يسمع قال : إن كان الله
ردّ عليه سمعه لم أر عليه شيئا) .
(٤) لصحيح سليمان
بن خالد.
__________________
وقطع أذن كما تقدم
من عدم التداخل.
(وفي) ذهاب(سمع إحدى الأذنين) أجمع(النصف) (١) نصف الدية(ولو نقص سمعها) من غير أن يذهب أجمع(قيس إلى الأخرى) بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة ثم يصاح به بصوت لا يختلف
كمية كصوت الجرس حتى يقول : لا أسمع ، ثم يعاد عليه ثانيا من جهة أخرى فإن تساوت
المسافتان صدق ، ولو فعل به كذلك في الجهات الأربع كان أولى ، ثم تسد الصحيحة
وتطلق الناقصة وتعتبر بالصوت كذلك حتى يقول : لا أسمع ، ثم يكرر عليه الاعتبار كما
مر ، وينظر التفاوت بين الصحيح والناقص ويؤخذ من الدية بحسابه (٢).
وليكن القياس في
وقت سكون الهواء في مواضع معتدلة(ولو نقصا معا (٣) قيس إلى أبناء سنه) من الجهات المختلفة بأن يجلس قرنه بجبنه ، ويصاح بهما
بالصوت المنضبط من مسافة بعيدة لا يسمعه واحد منهما ، ثم يقرب المنادي شيئا
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه
للخبر العام.
(٢) ففي رواية أبي
بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل وجىء في أذنه فادعى أن إحدى أذنيه نقص من سمعها
شيئا ، قال : تسدّ التي ضربت سدا شديدا ويفتح الصحيحة فيضرب له بالجرس ، ويقال له
: اسمع ، فإذا خفي عليه الصوت علّم مكانه ، ثم يضرب به من خلفه ويقال له : اسمع
فإذا خفي عليه الصوت علم مكانه ، ثم يقاس ما بينهما فإن كان سواء علم أنه قد صدق ،
ثم يؤخذ به عن يمينه فيضرب به حتى يخفى عليه الصوت ثم يعلّم مكانه ، ثم يؤخذ به عن
يساره فيضرب به حتى يخفى عليه الصوت ثم يعلّم مكانه ، ثم يقاس فإن كان سواء علم أنه
قد صدق ، ثم تفتح أذنه المعتلّة وتسدّ الأخرى سدا جيدا ثم يضرب بالجرس من قدامه ثم
يعلم حتى يخفى عليه الصوت ، يصنع به كما صنع أول مرة بأذنه الصحيحة ثم يقاس فضل ما
بين الصحيحة والمعتلّة فيعطى الأرش بحساب ذلك) ، وبما أن الرواية ضعيفة السند بعلي بن أبي حمزة البطائني
فاكتفى الأصحاب بما يتيقن من صدقه ولو بتكرير الامتحان من جهتين دون الجهات الأربع
وإن كان للجهات الأربع أولى كما قال الشارح.
(٣) أي السمعان.
__________________
فشيئا ـ إلى أن
يقول ـ : القرن سمعت فيعرف الموضع ثم يدام الصوت ويقرب إلى أن يقول المجني عليه :
سمعت فيضبط ما بينهما من التفاوت ، ويكرر كذلك ويؤخذ بنسبته من الدية حيث لا يختلف
، ويجوز الابتداء من قرب كما ذكر (١).
(الثالث ـ في ذهاب الإبصار) (٢) من العينين معا(الدية) وفي ضوء كل عين نصفها ، سواء فقأ الحدقة أم أبقاها ، بخلاف
إزالة الأذن وإبطال السمع منها ، وسواء صحيح البصر والأعمش والأخفش ومن في حدقته
بياض لا يمنع أصل البصر (٣). وإنما يحكم بذهابه(إذا شهد به
شاهدان) عدلان (٤) (أو صدقة)
______________________________________________________
(١) في دعوى نقصان
سمع إحدى الأذنين ، وهذه التجربة في معرفة نقص السمع في الأذنين معتبرة لأنها تفيد
الاطمئنان ولخبر القداح ـ الوارد في دعوى نقصان البصر ـ عن أبي عبد الله عن أبيه عليهماالسلام : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل قد ضرب رجلا حتى نقص من بصره ، فدعا برجل من أسنانه
ثم أراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دية ما انتقص من بصره) .
(٢) ففي ذهابه من
العينين الدية كاملة وفي ذهابه من إحداهما نصف الدية بلا خلاف فيه للخبر العام
ولخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (والضوء كله من العينين ألف دينار) ، ولصحيح إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه
وانقطع جماعه وهو حيّ بست ديات) ومثلها غيرها. وهي ظاهرة في وجوب الدية بذهاب البصر ولو
بقيت الحدقة ، نعم لو قلع الحدقتين ففيهما الدية كاملة وفي إحداهما نصف الدية ولو
كان بسببها قد ذهب الضوء أيضا لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي العينين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية) ، ولخبر زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وفي العينين الدية وفي إحداهما نصف الدية) ، بخلاف السمع والأذن فإن في ذهاب كل منهما الدية كاملة
لأن السمع ليس في الأذن بل بما ورائها بخلاف الضوء والبصر فإنه في العين.
(٣) لإطلاق النصوص
المتقدمة.
(٤) لعموم حجية
البينة.
__________________
(الجاني (١) ، ويكفي) في إثباته(شاهد وامرأتان إن
كان ذهابه من غير عمد) ، لأنه حينئذ يوجب المال وشهادتهما مقبولة فيه (٢) ، هذا كله مع بقاء الحدقة
، وإلا لم يفتقر إلى ذلك(٣).
(ولو عدم الشهود) حيث يفتقر إليهما وكان الضرب مما يحتمل زوال النظر معه(حلف) المجني عليه(القسامة (٤) إذا كانت العين قائمة) وقضي له.
وقيل : يقابل
بالشمس فإن بقيتا مفتوحتين صدق ، وإلا كذب لرواية الأصبغ عن أمير المؤمنين عليهالسلام وفي الطريق ضعف.
(ولو ادعى نقصان) بصر(إحداهما قيست إلى الأخرى) كما ذكر في السمع.
______________________________________________________
(١) فهو إقرار في
حقه فيكون نافذا.
(٢) أي شهادة
النساء مقبولة في الأمور المالية كما تقدم في كتاب الشهادات.
(٣) لأنه مع ذهاب
الحدقة فلا داعي للبرهان مع بروز العيان.
(٤) بلا خلاف بين
من تعرض له كما في الجواهر ، لخبر يونس وابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام عند ما عرضا عليه كتاب ظريف : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام إذا أصيب الرجل بإحدى عينيه فإنها تقاس ببيضة تربط على
عينه المصابة وينظر ما منتهى عينه الصحيحة ، ثم تغطى الصحيحة وينظر ما منتهى نظر
عينه المصابة فيعطي ديته من حساب ذلك ، والقسامة مع ذلك من الستة الأجزاء على قدر
ما أصيب من عينه ، فإن كان سدس بصره حلف هو وحده وأعطي ، وإن كان ثلث بصره حلف هو
وحلف معه رجل واحد ، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه رجلان ، وإن كان ثلثي بصره
حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر ، وإن كان أربعة أخماس بصره حلف هو وحلف معه أربعة نفر
، وإن كان بصره كله حلف هو وحلف معه خمسة نفر) .
وقد ورد في خبر
الأصبغ عن أمير المؤمنين عليهالسلام فيمن ادعى ذهاب بصره بالجناية : (فأما ما ادّعاه في عينيه
فإنه يقابل بعينيه الشمس فإن كان كاذبا لم يتمالك حتى يغمّض عينيه وإن كان صادقا
بقيتا مفتوحتين) من دون اشتراط القسامة وفي طريق الخبر ضعف بمحمد بن فرات
مع عدم إمكان روايته عن الأصبغ فيكون الخبر مرسلا.
__________________
وأجود ما يعتبر به
ما روي صحيحا عن الصادق عليهالسلام (١) أن تربط عينه
الصحيحة ويأخذ رجل بيضة ويبعد حتى يقول المجني عليه : ما بقيت أبصرها فيعلم عنده ،
ثم تشد المصابة ، وتطلق الصحيحة وتعتبر كذلك ، ثم تعتبر في جهة أخرى ، أو في
الجهات الأربع فإن تساوت صدق وإلا كذب ، ثم ينظر مع صدق ما بين المسافتين ويؤخذ من
الدية بنسبة النقصان(أو) ادعى(نقصانهما قيستا إلى أبناء سنه) (٢) بأن يوقف معه وينظر ما يبلغه نظره ثم يعتبر ما يبلغه نظر
المجني عليه ويعلم نسبة ما بينهما(فإن استوت
المسافات الأربع (٣) صدق ، وإلا كذب). وحينئذ فيحلف الجاني على عدم النقصان (٤) إن ادعاه (٥)
وإن قال : لا أدري لم يتوجه عليه اليمين ، ولا يقاس النظر في يوم غيم (٦) ، ولا في
أرض مختلفة الجهات (٧) لئلا يحصل الاختلاف بالعارض.
(الرابع ـ في إبطال الشم) (٨) من المنخرين معا(الدية) ومن أحدهما خاصة
______________________________________________________
(١) وهو صحيح
معاوية بن عمار ، الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ديات المنافع ، حديث ١ ، ومثله
غيره بالإضافة إلى خبر يونس وابن فضال المتقدم.
(٢) لصحيح عبد
الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه عليهماالسلام : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل قد ضرب رجلا حتى نقص من بصره ، فدعا برجل من أسنانه
ثم أراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دية ما انتقص من بصره) .
(٣) بالنسبة لقياس
نقصان بصره عن بصر أبناء سنه قياسا على ما ورد في قياس العين المصابة على الصحيحة.
(٤) لأنه منكر.
(٥) أي ادعى عدم
النقصان فيكون منكرا لما ادعاه المجني عليه من النقصان.
(٦) لعدم ظهور
القياس فيه ولخبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليهالسلام : (لا تقاس عين في يوم غيم) ومثله معتبرة السكوني .
(٧) حزونة وسهولة
وعلوا وهبوطا لأنه يمنع من معرفة الحال فلا يظهر القياس فيها.
(٨) ففي إذهابه من
المنخرين الدية كاملة ومن أحدهما نصفها بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح عاصم بن
حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (ضرب رجل رجلا ـ
__________________
نصفها(ولو ادعى ذهابه) وكذبه الجاني عقيب جناية يمكن زواله بها(اعتبر بالروائح
الطيبة ، والخبيثة) ، والروائح الحادة ، فإن تبين حاله حكم به(ثم) أحلف(القسامة) (١) إن لم يظهر بالامتحان وقضي له(وروي) عن أمير المؤمنين
عليهالسلام بالطريق السابق في البصر(تقريب الحراق) بضم الحاء وتخفيف الراء وتشديده من لحن العامة قاله
الجوهري. وهو ما يقع فيه النار عند القدح أي يقرب بعد علوق النار به(منه فإن دمعت عيناه ونحى أنفه فكاذب ، وإلا فصادق). وضعف طريق الرواية بمحمد بن الفرات يمنع من العمل بها (٢)
، وإثبات الدية بذلك (٣) ، مع أصالة البراءة.
(ولو ادعى نقصه (٤) قيل : يحلف ويوجب له الحاكم شيئا بحسب
اجتهاده)
______________________________________________________
ـ في هامته على
عهد أمير المؤمنين عليهالسلام فادعى المضروب أنه لا يبصر بعينه شيئا وأنه لا يشم رائحة وأنه
قد خرس فلا ينطق ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن كان صادقا فقد وجبت له ثلاث ديات النفس ـ إلى أن قال
ـ : وأما ما ادعاه في خياشيمه وأنه لا يشم رائحة فإنه يستبرأ ذلك بحراق يدنى من
أنفه فإن كان صحيحا وصلت رائحة الحراق إلى دماغه ودمعت عيناه ونحّى برأسه) كما في
رواية الصدوق وفي رواية الكافي : (فإنه يدنى منه الحراق فإن كان كما يقول وإلا
نحّى رأسه ودمعت عينه) وقد رواه في الكافي مرسلا.
(١) من باب
الاستظهار وإلا فالخبر المتقدم خاليا عنها.
(٢) اعلم أن هذا
الخبر قد رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباتة وطريقه مشتمل على محمد بن فرات وقد رواه
الكافي مرسلا وقد رواه الصدوق مسندا له إلى قضايا أمير المؤمنين وسند الصدوق صحيح
فراجع.
(٣) أي وضعف
الطريق يمنع إثبات الدية بهذا الامتحان الوارد في الخبر مع أصالة البراءة عنها
إلّا إذا استظهرنا بالقسامة.
(٤) قيل يحلف كما
عن المبسوط إذ لا طريق إلى البينة والامتحان ويوجب الحاكم له بما يؤدي إليه
اجتهاده ، وتبعه عليه الفاضل.
وفيه : إن حلف
المدعي على خلاف الأصل مع أن الأصل البراءة ، ويمكن القول بحلف المدعي بناء على
تقسيم القسامة على ستة أجزاء كما سمعته في البصر لخبر يونس وابن فضال المتقدم.
__________________
إذ لا طريق إلى
البينة ، ولا إلى الامتحان. وإنما نسبه إلى القول ، لعدم دليل عليه مع أصالة
البراءة ، وكون حلف المدعي خلاف الأصل وإنما مقتضاه حلف المدعى عليه على البراءة.
(ولو قطع الأنف فذهب الشم فديتان) (١) إحداهما للأنف ، والأخرى للشم ، لأن الأنف ليس محل القوة
الشامة فإنها منبثة في زائدتي مقدم الدماغ المشبهتين بحلمتي الثدي تدرك ما يلاقيها
من الروائح ، والأنف طريق للهواء الواصل إليها.
ومثله قوة السمع ،
فإنها مودعة في العصب المفروش في مقعر الصماخ يدرك ما يؤدي إليها الهواء فلا تدخل
دية إحداهما في الأخرى.
(الخامس ـ الذوق (٢) قيل) والقائل العلّامة قاطعا به وجماعة : (فيه الدية) كغيره من الحواس ، ولدخوله في عموم قولهم عليهالسلام : كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية ، ونسبه إلى القيل
، لعدم دليل عليه بخصوصه ، والشك في الدليل العام فإنه كما تقدم مقطوع (٣) (ويرجع فيه (٤) عقيب الجناية) التي يحتمل إتلافها له(إلى دعواه مع
الأيمان) البالغة مقدار
القسامة (٥) ، لتعذر إقامة البينة
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه
كالسمع والأذن لأن الأصل عدم التداخل بعد أن كانا جنايتين ذاتا ومحلا لأن الشم ليس
في الأنف بل في الدماغ.
(٢) قال في
الجواهر ـ ولقد أجاد ـ : «ويمكن أن يقال فيه الدية لقولهم عليهمالسلام : كل ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية ، بل جزم به الحلي
وابن حمزة ويحيى بن سعيد والفاضل على ما حكي عن بعضهم ، لكن قد يشكل بما أسلفناه
سابقا من تبادر العضو الواحد منه لا المنفعة ، والأصل البراءة ، فيتجه حينئذ فيه
الحكومة ، وعلى كل حال فيرجع فيه عقيب الجناية التي يترتب عليها مثله غالبا إلى
دعوى المجني عليه مع الاستظهار بالأيمان كما صرح به الفاضل وغيره لأنه من اللوث
فيجري عليه حكمه ، نعم لو لم يكن ثمة لوث لعدم أمارة تقتضيه ، ولا أمكن امتحانه
بالأشياء المرة جدا كان القول قول الجاني في إنكاره للأصل ، ومع تحقق النقصان يقضي
الحاكم بما يحسم المنازعة تقريبا ، لعدم تقدير له شرعا ، وعدم إمكان معرفة النسبة
فيه).
(٣) وفيه : إنه
صحيح السند لكن هو ظاهر في الأعضاء لا في المنافع.
(٤) في الذوق.
(٥) وهي الخمسين ،
وهذا لا دليل له ظاهرا نعم من الممكن تقسيم القسامة على الأجزاء الستة الواردة في
المنافع كما تقدم في البصر لخبري يونس وابن فضال.
عليه ، وامتحانه
وفي التحرير يجرب بالأشياء المرة المقرة (١) ثم يرجع مع الاشتباه إلى الأيمان ومع
دعواه النقصان يقضي الحاكم بعد تحليفه بما يراه من الحكومة تقريبا على القول
السابق(٢).
(السادس ـ في تعذر الإنزال للمني) حالة الجماع (٣) (الدية) ، لفوات الماء المقصود للنسل وفي معناه تعذر الإحبال (٤) ،
والحبل (٥) وإن نزل المني ، لفوات النسل ، لكن في تعذر الحبل دية المرأة إذا ثبت
استناد ذلك إلى الجناية ، وألحق به إبطال الالتذاذ بالجماع (٦) لو فرض مع بقاء
الإمناء والإحبال. وهو بعيد ، ولو
______________________________________________________
(١) وفي نسخه (المنقرة)
والمقرة أي المرّة.
(٢) الوارد في
الشم.
(٣) على المشهور ،
للخبر العام من أن كل ما كان في الإنسان منه واحد ففيه الدية ولخبر سماعة عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية
كاملة) ، ولصحيح إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه
وانقطع جماعه وهو حيّ بست ديات) .
وفيه : إن الخبر
العام مختص بالأعضاء ولا يشمل المنافع ، وخبر سماعة وارد في كسر الظهر المستوجب
لعدم إنزال الماء وليس ظاهرا في مطلق عدم الإنزال ولو بغير كسر الظهر ، نعم فلا
يبقى إلا الخبر الأخير الظاهر في عدم إنزال الماء من لفظ انقطاع الجماع الوارد
عقيب ذهاب الفرج بالعنن.
(٤) أي في معنى
عدم إنزال الماء ، وأوجب الفاضل في عدم الإحبال وإن كان ينزل الدية كاملة للخبر
العام ، وقد عرفت عدم شموله للمنافع.
(٥) بالنسبة
للمرأة واستدل له بخبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة
لم تلد ، قال : الدية كاملة) وفيه : إن الدية للإفضاء لا لعدم الحبل.
(٦) أي ألحق بعدم
الإنزال ، وفي القواعد الدية لبطلان الالتذاذ بالطعام أو بالجماع بناء للخبر العام
، وقد عرفت عدم شموله للمنافع.
__________________
فرض (١) فالمرجع
إليه فيه (٢) مع وقوع جناية تحتمله مع القسامة (٣) ، لتعذر الاطلاع عليه من غيره.
(السابع ـ في سلس البول) (٤) وهو نزوله مترشحا لضعف القوة الماسكة(الدية) على المشهور ،
والمستند رواية غياث بن إبراهيم وهو ضعيف ، لكنها مناسبة لما يستلزمه من فوات
المنفعة المتحدة ولو انقطع (٥) فالحكومة.
(وقيل : إن دام إلى الليل ففيه الدية ، و) إن دام(إلى الزوال) ففيه(الثلثان ، وإلى ارتفاع النهار) ففيه(ثلث) الدية ، ومستند التفصيل رواية إسحاق بن عمار عن
______________________________________________________
(١) أي فرض بطلان
الالتذاذ مع بقاء الإنزال.
(٢) أي فالمرجع
إلى المجني عليه في بطلان الالتذاذ ، لا إلى أهل الخبرة ، لأنه أمر لا يعرف إلا من
قبله.
(٣) الظاهرة في
الخمسين لأنها توجب الدية كاملة ، مع أنك عرفت احتمال أن تكون منقسمة على ستة
أجزاء كما تقدم في بقية المنافع.
(٤) ففيه الدية
على المشهور لخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (أن عليا عليهالسلام قضى في رجل ضرب حتى سلس بوله بالدية كاملة) ويؤيده خبر إسحاق بن عمار : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في الرجل يضرب على عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله : أن
في ذلك الدية كاملة) .
وذهب الشيخ وبنو
حمزة وسعيد وإدريس والمقداد وسيد الرياض أنه إذا دام إلى الليل ففيه الدية ، وإن
كان إلى الزوال فثلثا الدية ، وإن كان إلى ارتفاع النهار فثلث الدية لخبر إسحاق بن
عمار الآخر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سأله رجل ـ وأنا عنده ـ عن رجل ضرب رجلا فقطع بوله فقال
له : إن كان البول يمرّ إلى الليل فعليه الدية لأنه قد منعه المعيشة ، وإن كان إلى
آخر النهار فعليه الدية ، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية ، وإن كان إلى
ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية) .
ونقل الفاضل في
القواعد الدية إلى الليل ونصفها إلى الظهر وثلثها إلى الضحوة عن البعض ولم يعرف
قائله وليس له مستند.
(٥) أي انقطع
السلس وبرئ فالحكومة لعدم المقدر له شرعا.
__________________
الصادق عليهالسلام معللا الأول بمنعه المعيشة وهو يؤذن بأن المراد معاودته
كذلك في كل يوم كما فهمه منه العلّامة ، لكن في الطريق إسحاق وهو فطحي ، وصالح بن
عقبة وهو كذاب غال فلا التفات إلى التفصيل. نعم يثبت الأرش في جميع الصور حيث لا
دوام (١).
(الثامن ـ في إذهاب الصوت) (٢) مع بقاء اللسان على اعتداله وتمكنه من التقطيع والترديد(الدية) ، لأنه من
المنافع المتحدة في الإنسان ، ولو أذهب معه حركة اللسان فدية وثلثان (٣) ، لأنه في
معنى شلله وتدخل دية النطق بالحروف في الصوت ، لأن منفعة الصوت أهمها النطق ، مع
احتمال عدمه ، للمغايرة.
الفصل الثالث
(الشجاج) (٤) بكسر الشين جمع شجة بفتحها وهي الجرح المختص بالرأس
والوجه ، ويسمى في غيرهما جرحا بقول مطلق (٥) (وتوابعها) (٦) مما خرج عن
______________________________________________________
(١) في جميع آنات
النهار.
(٢) بلا خلاف فيه
لخبر يونس عند ما عرض كتاب الديات على أبي الحسن الرضا عليهالسلام وكان فيه : (في ذهاب السمع كله ألف دينار ، والصوت كله من
الغنن والبحح ألف دينار) .
(٣) فالدية لذهاب
الصوت والثلثان لحركة اللسان لأنه ذهاب حركته بمعنى شلله ، وهذا ما نص عليه
العلامة في التحرير ، وفيه : إن ذهاب حركة اللسان لا يدرجه تحت الشلل بل يدرجه تحت
ذهاب النطق ، وفي ذهابه الدية ، وفي الفرض ديتان كما لذهاب النطق ولذهاب الصوت
لأنهما منفعتان متباينتان ذاتا ومحلا فالنطق من اللسان والصوت من تقطيع الهواء
الخارج من الجوف.
واستشكل العلّامة
في القواعد في ذلك لأن معظم الصوت من النطق ولذا حكم بدية واحدة.
(٤) فهي الجرح المختص
بالرأس والوجه ويسمى في غيرهما جرحا وهي على المشهور ثمان : الحارصة والدامية
والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقّلة والمأمومة.
(٥) غير مقيد.
(٦) أي توابع
الشجاج الثماني وسيأتي الكلام فيها.
__________________
الأقسام الثمانية
من الأحكام (وهي) أي الشجاج(ثمان : الحارصة
وهي القاشرة للجلد وفيها بعير (١). والدامية وهي التي تقطع الجلد وتأخذ في اللحم
يسيرا وفيها : بعيران (٢) والباضعة وهي الآخذة كثيرا في اللحم) ولا يبلغ سمحاق العظم(وفيها : ثلاثة
أبعرة وهي المتلاحمة) (٣) على الأشهر.
وقيل : إن الدامية
هي الحارصة ، وإن الباضعة مغايرة للمتلاحمة فتكون الباضعة هي الدامية بالمعنى
السابق ، واتفق القائلان على أن الأربعة الألفاظ (٤) موضوعة لثلاثة معان ، وإن
واحدا منها مرادف ، والأخبار مختلفة أيضا ففي رواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله
عليهالسلام في الحارصة وهي الخدش بعير ، وفي الدامية بعيران ، وفي
رواية مسمع عنه عليهالسلام في الدامية بعير ، وفي الباضعة بعيران ، وفي المتلاحمة
ثلاثة (٥) ، والأولى تدل على الأول ، والثانية على الثاني ، والنزاع لفظي (٦).
______________________________________________________
(١) بلا خلاف في
ذلك إلا من الإسكافي أن فيها نصف بعير ، وهو مع شذوذه لا يعرف له مستند ، ويدل على
المشهور معتبرة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الخرصة شبه الخدش بعير ، وفي الدامية بعيران ، وفي
الباضعة وهي ما دون السمحاق ثلاث من الإبل ، وفي السمحاق وهي دون الموضحة أربع من
الإبل ، وفي الموضحة خمس من الإبل) وفي خبر السكوني عبّر عن الخارصة بالدامية ، وهو عن أبي
عبد الله عليهالسلام : (أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قضى في الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين وفي المتلاحمة
ثلاثة أبعرة وفي السمحاق أربعة أبعرة) .
(٢) وهي المعبر
عنها بالباضعة في خبر السكوني وتدل عليه معتبرة منصور أيضا.
(٣) كما في خبر
السكوني وتدل عليه معتبرة منصور المتقدمة.
(٤) وهي الحارصة
والدامية والباضعة والمتلاحمة.
(٥) الوسائل الباب
ـ ٢ ـ من أبواب ديات الشجاج والجراح حديث ٦ ، ومثله خبر السكوني المتقدم.
(٦) لأن جعل
البعير في الدامية دليل على أن المراد منها الخارصة.
__________________
(والسمحاق) بكسر السين المهملة وإسكان الميم(وهي التي تبلغ السمحاقة وهي الجلدة) الرقيقة(المغشية للعظم) ولا تقشرها(وفيها أربعة
أبعرة) (١) والموضحة وهي التي تكشف عن وضح(العظم) وهو بياضه وتقشر
السمحاقة(وفيها خمسة أبعرة) (٢).
(والهاشمة وهي التي تهشم العظم) أي تكسره وإن لم يسبق بجرح(وفيها عشرة أبعرة
(٣) أرباعا) على نسبة ما يوزع
في الدية الكاملة من بنات المخاض ، واللبون ، والمحقق ، وأولاد اللبون ، فالعشرة
هنا بنتا مخاض ، وابنا لبون ، وثلاث بنات لبون ، وثلاث حقق(إن كان خطأ وأثلاثا) على نسبة ما يوزع في الدية الكاملة(إن كان شبيها) بالخطإ فيكون ثلاث حقق ، وثلاث بنات لبون ، وأربع خلف
حوامل. بناء على ما دلت عليه صحيحة ابن سنان من التوزيع (٤).
وأما على ما
اختاره المصنف (٥) فلا يتحقق بالتحرير ، ولكن ما ذكرناه منه
______________________________________________________
(١) لدلالة خبري
منصور بن حازم والسكوني وكذا خبر مسمع المتقدمين على ذلك.
(٢) لدلالة خبر
منصور بن حازم المتقدم ومثله غيره.
(٣) لخبر السكوني
: (أن عليا عليهالسلام قضى في الهاشمة بعشر من الإبل) .
والخبر مطلق ، لكن
في الشرائع والقواعد والمبسوط أن العشرة أرباعا على هذا النحو : بنتا مخاض وابنا
لبون وثلاث بنات لبون وثلاث حقق ، إن كان ذلك خطأ ، وإن كان شبيه العمد فثلاث بنات
لبون وثلاث حقق وأربع خلف ، وقال في الجواهر : «وإن لم نقف على نص عليه هنا
بالخصوص ويمكن أن يكون حملوه على النفس».
(٤) في دية النفس
، والخبر صحيح ابن سنان : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر أن
دية ذلك تغلّظ وهي مائة من الإبل : منها أربعون خلفه من بين ثنيّة إلى بازل عامها
، وثلاثون حقّة وثلاثون بنت لبون ، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة وثلاثون ابنة لبون
وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر) .
(٥) في أصل الدية
الكاملة بالنسبة لشبيه العمد من أربع وثلاثين ثنية وثلاث وثلاثين بنت لبون وثلاث
وثلاثين حقة تبعا لخبر أبي بصير كما تقدم البحث في ذلك فلا يتحقق التحرير المذكور
هنا بالنسبة.
__________________
مبرئ أيضا ، لأنه
أزيد سنا في بعضه (١).
(والمنقلة) بتشديد القاف مكسورة(وهي التي تحوج
إلى نقل العظم) إما بأن ينتقل عن محله إلى آخر ، أو يسقط.
قال المبرد :
المنقلة ما يخرج منها عظام صغار وأخذه من النقل بالتحريك وهي الحجارة الصغار.
وقال الجوهري : هي
التي تنقل العظم أي تكسره حتى يخرج منها فراش العظام بفتح الفاء قال : وهي عظام
رقاق تلي القحف(وفيها خمسة عشر بعيرا (٢).
والمأمومة
وهي التي تبلغ أم الرأس أعني الخريطة التي تجمع الدماغ) بكسر الدال ولا تفتقها(وفيها ثلاثة
وثلاثون بعيرا) (٣) على ما دلت عليه صحيحة الحلبي وغيره.
وفي كثير من
الأخبار ـ ومنها صحيحة معاوية بن وهب ـ : فيها ثلث الدية فيزيد ثلث بعير وربما جمع
بينها (٤) بأن المراد بالثلث ما أسقط منه الثلث (٥) ، ولو دفعها من غير الإبل لزمه
إكمال الثلث (٦) ، محررا والأقوى وجوب الثلث (٧).
______________________________________________________
(١) وهو في الخلف
الحوامل.
(٢) بلا خلاف فيه
لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام : (والمنقلة خمس عشرة من الإبل) ومثله غيره.
(٣) بلا خلاف فيه
لصحيح الحلبي المتقدم : (والمأمومة ثلاث وثلاثون بعيرا من الإبل) ، وصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في الشجة المأمومة ثلث الدية) .
(٤) بين هذه
الصحاح.
(٥) أي ثلث بعير
لإطلاق صحيح الحلبي المتقدم.
(٦) ثلث الدية
لإطلاق صحيح معاوية بن وهب وغيره.
(٧) ثلث الدية حتى
لو كان من الإبل ، ويرده إطلاق صحيح الحلبي المتقدم.
__________________
(وأما الدامغة ، وهي التي تفتق الخريطة) الجامعة للدماغ(وتبعد معها
السلامة) من الموت(فإن مات) بها(فالدية (١) وإن فرض أنه سلم قيل : زيدت حكومة على المأمومة) ، لوجوب الثلث بالأمة فلا بد لقطع الخريطة من حق آخر وهو
غير مقدر فالحكومة ، وهو حسن. فهذه جملة الجراحات الثمانية المختصة بالرأس
المشتملة على تسعة أسماء.
(ومن التوابع : الجائفة وهي الواصلة إلى الجوف) من أي الجهات كان(ولو من ثغرة
النحر وفيها ثلث الدية) (٢) بإضافة ثلث البعير هنا اتفاقا.
(وفي النافذة في الأنف) (٣) بحيث تثقب المنخرين معا ولا تنسد(ثلث)
______________________________________________________
(١) فالدامغة توجب
بعد السلامة وتقتضي القصاص أو الدية ، وعلى تقديرها فهي أزيد من دية المأمومة لعدم
المقدر الشرعي لها ، نعم لو مات فالدية كما هو واضح.
(٢) بلا خلاف فيه
للأخبار منها : صحيح معاوية بن وهب : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الشجة المأمومة فقال : ثلث الدية والشجة الجائفة ثلث
الدية) ، ورواية زيد الشحام : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الشجة المأمومة فقال : فيها ثلث الدية وفي الجائفة ثلث
الدية) وهذان الخبران وغيرهما وإن كانا ظاهرين في الشجة الجائفة
في خصوص الرأس لكن في معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : (وفي الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر
منها ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا ـ إلى أن قال ـ : وفي الجائفة ثلث دية النفس
ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، وإن نفذت من الجانبين كليهما رمية أو
طعنة فديتها أربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار) ، فهي ظاهرة في الجائفة في البدن ، فجعل الجائفة الموجبة
لثلث الدية في خصوص الرأس كما عن الأردبيلي ليس في محله.
(٣) على المشهور
لمعتبرة ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (فإن قطع روثة الأنف ـ وهي طرفه ـ فديته خمسمائة دينار ،
وإن نفذت فيه نافذة لا تنسد بسهم أو رمح فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون
دينارا وثلث دينار ، وإن كانت نافذة فبرئت والتأمت فديتها خمس دية (روثة) الأنف
مائة دينار ، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك ، وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين إلى
الخيشوم وهو الحاجز بين المنخرين فديتها عشر دية روثة الأنف خمسون دينارا ، لأنه
النصف ، وإن كانت نافذة في أحد المنخرين أو الخيشوم إلى المنخر الآخر ـ
__________________
(الدية ، فإن صلحت) وانسدت(فخمس الدية).
(وفي النافذة في أحد المنخرين) خاصة(عشر الدية) إن صلحت وإلا فسدس الدية (١) ، لأنها (٢) على النصف فيهما (٣)
، والمستند كتاب ظريف ، لكنه (٤) أطلق العشر في إحداهما كما هنا (٥) ، والتفصيل
فيه (٦) كالسابق (٧) للعلامة.
(وفي شق الشفتين (٨) حتى تبدو الأسنان ثلث ديتهما) (٩) سواء استوعبهما
______________________________________________________
ـ فديتها ستة وستون
دينارا وثلثا دينار) .
(١) لم يذكر خبر
ظريف عشر الدية عند صلاحه ، وإنما ذكره العلامة ووجهه أن صلاح المنخرين فيه خمس
الدية عند صلاحه فلا بد أن يكون في أحدهما عشر الدية لأنه على النصف ، ولم يذكر
خبر ظريف سدس الدية عند عدم صلاحه وقد ذكره العلامة ووجهه أن خبر ظريف قد ذكر ثلث
الدية في المنخرين عند عدم صلاحه ففي المنخر الواحد يكون السدس لأنه على النصف.
(٢) أي النافذة في
أحد المنخرين.
(٣) في المنخرين.
(٤) خبر ظريف.
(٥) كما في المتن
ولم يخصص العشر فيما لو صلح ، ولم يذكر الخبر دية عدم الصلاح وهي السدس.
(٦) في أحد
المنخرين صلاحا وفسادا.
(٧) كالمنخرين.
(٨) لمعتبرة ظريف
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (فإن انشقت حتى تبدو الأسنان ثم دوويت وبرأت والتأمت
فديتها مائة دينار فذلك خمس دية الشفّة إذا قطعت واستؤصلت ، وما قطع منها فبحساب
ذلك ، وإن شترت فشينت شينا قبيحا فديتها مائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث
دينار ، ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت ثلثا الدية ستمائة وستة وستون دينارا وثلثا
دينار ، فما قطع منها فبحساب ذلك ، فإن انشقّت حتى تبدو الأسنان منها ثم برأت
والتأمت فديتها مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، وإن أصيبت فشينت شينا
قبيحا فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار وذلك نصف ديتها) (.
(٩) مع عدم الصلاح
، وهو موافق للخبر بالنسبة للشفة العليا ، وأما في السفلى فلا لأن الدية
__________________
الشق أم لا(ولو برأت) الجراحة(فخمس ديتهما) (١).
وفي شق إحداهما
ثلث ديتها إن لم تبرأ (٢) ، فإن برأت فخمسها استنادا إلى كتاب ظريف.
(وفي احمرار الوجه بالجناية) (٣) من لطمة وشبهها(دينار ونصف).
(وفي اخضراره ثلاثة دنانير) (٤).
(وفي اسوداده ستة) (٥) لرواية إسحاق بن عمار(و) المشهور أن هذه الجنايات الثلث(في البدن على النصف) (٦) والرواية خالية عنه (٧) ، وظاهرها أن ذلك يثبت
______________________________________________________
ـ في الخبر نصف
دية قطعها ، ودية قطعها ثلثا الدية الكاملة فيكون ثلث الدية الكاملة لا ثلث ديتها.
(١) بناء على عدم
التنصيف بينهما وإنما دية الشفة العليا النصف وخمسه مائة دينار ، ودية الشفة
السفلى ثلثا الدية وخمسهما مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار كما في الخبر.
(٢) قد عرفت أن
الخبر قد نص على نصف ديتها إن لم تبرأ بالنسبة للسفلى.
(٣) لا خلاف في
ذلك بين الأصحاب ويدل عليه معتبرة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في اللطمة يسود أثرها في الوجه أن أرشها ستة دنانير ، فإن
لم تسود واخضرّت فإن أرشها ثلاثة دنانير ، فإن احمرّت ولم تخضر فإن أرشها دينار
ونصف) ولا خصوصية للطمة بل يجري الحكم في مطلق الجناية الموجبة لاحمرار الوجه ،
ولذا عبر الماتن بالجناية وعلّق عليه الشارح من لطمه وغيرها.
(٤) بلا خلاف فيه
ويدل عليه خبر إسحاق بن عمار المتقدم.
(٥) على الأكثر
لرواية إسحاق المتقدمة ، وذهب جماعة منهم السيدان إلى أن الدية ثلاثة دنانير بدعوى
الإجماع عليه وهو كالاجتهاد في قبال النص.
(٦) على المشهور
لرواية إسحاق وعلى رواية الصدوق حيث زاد في آخره : (وفي البدن نصف ذلك) .
مع أن رواية
الكليني والشيخ خالية عن هذا القيد لذا توقف المحقق في الشرائع والنافع بل مال
المحقق الأردبيلي إلى العدم وذهب إلى الحكومة.
(٧) قد عرفت أن
رواية الصدوق قد دلت عليه.
__________________
بوجود أثر اللطمة
ونحوها في الوجه وإن لم يستوعبه ولم يدم فيه عرفا (١).
وربما قيل باشتراط
الدوام (٢) ، وإلا فالأرش ، ولو قيل بالأرش مطلقا (٣) لضعف المستند إن لم يكن
إجماع كان حسنا. وفي تعدي حكم المروي إلى غيره من الأعضاء التي ديته أقل (٤) كاليد
والرجل بل الإصبع وجهان (٥) ، وعلى تقديره (٦) فهل يجب فيه بنسبة ديته إلى دية
الوجه ، أم بنسبة ما وجب في البدن إلى الوجه وجهان (٧).
ولما ضعف مأخذ
الأصل كان إثبات مثل هذه الأحكام أضعف ، وإطلاق الحكم يشمل الذكر والأنثى
فيتساويان في ذلك (٨) وسيأتي التنبيه عليه أيضا.
(ودية الشجاج) المتقدمة(في الوجه والرأس سواء) (٩) ، لما تقرر من أنها لا تطلق إلا عليها.
______________________________________________________
(١) أي لم يدم أثر
اللطمة في الوجه طويلا.
(٢) قال في
الجواهر : «وهو مع عدم معروفية قائله ضعيف لمخالفته للإطلاق المزبور».
(٣) دام الأثر أو
لا.
(٤) أي أقل من دية
الوجه وكان له مقدر شرعي.
(٥) لكن إطلاق
النص المتقدم عدم الفرق بين أعضاء البدن كلها ما له مقدّر شرعا وما لا مقدر له
كذلك.
(٦) تقدير التعدي.
(٧) والثاني هو
المتعين لإطلاق النص المتقدم.
(٨) لإطلاق النص
إلحاقا لهذه المذكورات بالجراح التي لم تبلغ ثلث الدية.
(٩) بلا خلاف فيه
لخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الموضحة في الوجه والرأس سواء) ورواية الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليهالسلام : (سألته عن الموضحة في الرأس كما هي في الوجه؟ فقال :
الموضحة والشجاج في الوجه والرأس سواء في الدية ، لأن الوجه من الرأس) ، نعم يعارضهما خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في السمحاق وهي التي دون الموضحة خمسمائة درهم ، وفيها
إذا كانت في الوجه ضعف الدية على قدر الشين) فهي مرسلة ـ
__________________
(وفي البدن بنسبة دية العضو إلى الرأس) ففي حارصة اليد نصف بعير (١) ، وفيها (٢) في أنملة إبهامها
(٣) نصف عشر (٤) وهكذا.
(وفي النافذة في شيء من أطراف الرجل مائة دينار) (٥) على قول الشيخ وجماعة ، ولم نقف على مستنده (٦) ، وهو مع
ذلك يشكل بما لو كانت دية الطرف تقصر عن المائة كالأنملة إذ يلزم زيادة دية
النافذة فيها (٧) على ديتها ، بل على دية أنملتين حيث يشتمل الإصبع على ثلاث.
وربما خصها بعضهم (٨)
بعضو فيه كمال الدية ولا بأس به إن تعين العمل بأصله ، ويعضده أن الموجود في كتاب
ظريف ليس مطلقا (٩) كما ذكروه ، بل قال (١٠) : وفي الخد إذا كانت فيه نافذة يرى
منها جوف الفم فديتها مائة
______________________________________________________
ـ لا تقاوم ما
تقدم من الأخبار. فضلا عن أن دية السمحاق أربعة أبعرة لا خمسمائة درهم.
(١) لأن دية اليد
نصف دية الوجه أو الرأس ، وقد تقدم أن الحارصة في الرأس بعير ففي اليد يكون نصف
بعير.
(٢) أي في
الحارصة.
(٣) أي إبهام
اليد.
(٤) أي نصف عشر
البعير ، لأن الأنملة ديتها نصف دية الإصبع ، ودية الإصبع عشر دية الرأس.
(٥) كما عن الشيخ
وأتباعه على ما في المسالك لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام الذي عرفت صحة بعض طرقه : (وأفتى في النافذة إذا نفذت من
رمح أو خنجر في شيء من البدن في أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار) .
(٦) وقد قال في
المسالك : «هذا القول للشيخ وأتباعه استنادا إلى كتاب ظريف» ، ولذا علّق الشارح
هنا : «مستنده كتاب ظريف وقد عرفت حاله».
(٧) في الأنملة.
(٨) أي خص دية
النافذة التي هي مائة دينار ، ولم يعرف هذا البعض.
(٩) حتى للأطراف
التي ديتها أقل من دية النافذة ، وحتى لمطلق النافذة.
(١٠) أي الإمام عليهالسلام في كتاب ظريف.
__________________
دينار (١).
وتخصيصهم الحكم
بالرجل (٢) يقتضي أن المرأة ليست كذلك فيحتمل الرجوع فيها إلى الأصل من الأرش ، أو
حكم الشجاج بالنسبة وثبوت خمسين دينارا على النصف كالدية وفي بعض فتاوى المصنف أن
الأنثى كالذكر في ذلك ففي نافذتها مائة دينار أيضا.
(وكلما ذكر في الدينار فهو منسوب إلى صاحب الدية التامة (٣)
، والمرأة الكاملة (٤) ، وفي العبد والذمي بنسبتها إلى النفس) (٥).
كتب المصنف على
الكتاب في تفسير ذلك أن ما ذكر فيه لفظ الدينار من الأبعاض كالنافذة والاحمرار
والاخضرار فهو واجب للرجل الكامل ، والمرأة الكاملة ، فإذا اتفق في ذمي ، أو عبد
أخذ بالنسبة ، مثلا النافذة فيها مائة دينار.
ففي الذمي ثمانية
دنانير (٦) وفي العبد عشر قيمته ، وكذا الباقي.
(ومعنى الحكومة والأرش) (٧) فيما لا تقدير لديته واحد وهو (أن يقوم)
______________________________________________________
(١) الوسائل الباب
ـ ٦ ـ من أبواب ديات الأعضاء حديث ١ ، ولكن في الوسائل : (مائتا دينار) وهو سهو ،
ووجه التأييد أن الدية للنافذة بشرط إظهار جوف الفم ، وليس لمطلق النافذة.
(٢) قال في
المسالك : «وفي نافذة المرأة أوجه ، أجودها الحكومة مطلقا عملا بالأصل ، وكونها
على النصف من الرجل فيثبت فيها خمسون دينارا مطلقا ، ومساواتها للرجل في ذلك لأنها
إنما تنتصف في جناية تبلغ الثلث وهنا ليس كذلك». وفي الجواهر عن بعضهم أنه صرّح
بالتنصيف ، ومقتضى الأصل أنها تساوي الرجل ما لم تبلغ الجراحات ثلث دية النفس.
(٣) وهو الرجل
المسلم الحر.
(٤) بالإسلام
والحرية.
(٥) أي بنسبة الشجاج
إلى الدية الكاملة لهما.
(٦) لأن دية
النافذة عشر الدية الكاملة للرجل المسلم الحر فعشر النافذة في الذمي ثمانية
دنانير.
(٧) فهما واحد
اصطلاحا.
المجني عليه(مملوكا) وإن كان حرا(تقديرا صحيحا) على الوصف المشتمل عليه حالة الجناية.
(وبالجناية) (١) وتنسب إحدى القيمتين إلى الأخرى(ويؤخذ من الدية) أي دية المجني عليه كيف اتفقت(بنسبته).
فلو قوم العبد
صحيحا بعشرة ، ومعيبا بتسعة وجب للجناية عشر دية الحر ويجعل العبد أصلا للحر في
ذلك (٢) ، كما أن الحر أصل له (٣) في المقدر (٤) ، ولو كان المجني عليه مملوكا
استحق مولاه التفاوت بين القيمتين ولو لم ينقص بالجناية كقطع السلع (٥) ، والذكر (٦)
، ولحية المرأة فلا شيء ، إلا أن ينقص حين الجناية بسب الألم فيجب (٧) ما لم
يستوعب القيمة ففيه ما مر (٨) ، ولو كان المجني عليه قتلا أو جرحا خنثى مشكلا ففيه
نصف دية ذكر ونصف دية أنثى.
ويحتمل دية أنثى ،
لأنه المتيقن (٩). وجرحه (١٠) فيما لا يبلغ ثلث الدية كجرح الذكر كالأنثى ، وفيما
بلغه ثلاثة أرباع دية الذكر بحسبه (١١).
(ومن لا ولي له فالحاكم وليه (١٢) يقتص له من المتعمد) ، ويأخذ الدية في الخطأ والشبيه.
______________________________________________________
(١) أي ويقوم
المجني عليه بالجناية مملوكا وإن كان حرا.
(٢) في الجنايات
التي لا مقدر لها شرعا.
(٣) للعبد.
(٤) شرعا.
(٥) بكسر السين
وهو الزائد في الجسد كالغدة بين الجلد واللحم.
(٦) فقطع ذكر
العبد موجب لزيادته.
(٧) أي الأرش ما
لم يستوعب قيمة العبد.
(٨) من تخيير
مولاه بين أخذ قيمته ودفعه إلى الجاني وبين الرضا به بغير عوض لئلا يجمع بين العوض
والمعوض.
(٩) أي لأن احتمال
أنه أنثى متيقن ، والشك في ذكوريته فالأصل العدم.
(١٠) مبتدأ وخبره
كجرح الذكر.
(١١) بحسب ذلك
الجرح.
(١٢) بلا خلاف ولا
إشكال لصحيح أبي ولّاد الحناط : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل ـ
(وقيل) والقائل الشيخ وأتباعه والمحقق
والعلّامة ، بل كاد يكون إجماعا : (ليس له العفو عن القصاص ، ولا الدية) ، لصحيحة
أبي ولاد عن الصادق عليهالسلام في الرجل يقتل وليس له ولي إلا الإمام : إنه ليس
للإمام أن يعفو وله أن يقتل ويأخذ الدية وهو يتناول العمد والخطأ.
وذهب ابن إدريس
إلى جواز عفوه عن القصاص والدية كغيره من الأولياء ، بل هو أولى بالحكم ، ويظهر من
المصنف الميل إليه حيث جعل المنع قولا ، وحيث كانت الرواية صحيحة وقد عمل بها
الأكثر فلا وجه للعدول عنها.
(الفصل الرابع ـ في
التوابع)
(وهي أربعة : الأول ـ في دية الجنين) وهو الحمل في بطن أمه وسمي به لاستتاره فيه (١) من
الاجتنان وهو الستر فهو بمعنى المفعول.
(في النطفة إذا استقرت في الرحم) واستعدت للنشوء(عشرون دينارا (٢)
______________________________________________________
ـ قتل مسلما عمدا
فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلا أولياء من أهل الذمة من قرابته ، فقال : على
الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته دينه الإسلام ، فمن أسلم منهم فهو وليّه
يدفع القاتل إليه فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية ، فإن لم يسلم أحد
كان الإمام وليّ أمره فإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين ،
لأن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين.
قلت : فإن عفا عنه
الإمام ، فقال : إنما هو حق جميع المسلمين ، وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ
الدية وليس له أن يعفو) .
ولذا ذهب الأكثر
إلى عدم العفو ، وذهب ابن إدريس إلى جواز العفو عن القصاص والدية كغيره من
الأولياء بل هو أولى بالعفو ، وهو اجتهاد في مقابل النص الصحيح.
(١) أي وسمى الحمل
بالجنين لاستتاره في بطن أمه.
(٢) البحث فيه
منقسم إلى قسمين : تارة عند تمامية خلقه وقبل ولوج الروح فيه وهو المسمى بالجنين
وأخرى قبل تمامية خلقه.
فلو لم يتم خلقه
ففيه قولان : أحدهما للشيخ في المبسوط وموضع من الخلاف وكتابي ـ
__________________
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ الأخبار أن فيه
غرة عبد أو أمة.
والأكثر على تفصيل
لصحيح محمد بن مسلم : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة فقال : عليه عشرون
دينارا ، فقلت : يضربها فتطرح العلقة فقال : عليه أربعون دينارا ، فقلت فيضربها
فتطرح المضغة فقال : عليه ستون دينارا ، فقلت : فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم ،
فقال : عليه الدية كاملة ، وبهذا قضى أمير المؤمنين عليهالسلام) . والمراد بالدية الكاملة دية الجنين وهي مائة دينار بعد
حمل صيرورة العظم له على تمامية الخلقة قبل ولوج الروح لأخبار منها : خبر سليمان
بن صالح عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في النطفة عشرون دينارا ، وفي العلقة أربعون دينارا ،
وفي المضغة ستون دينارا ، وفي العظم ثمانون دينارا فإذا كسي اللحم فمائة دينار ،
ثم هي ديته حتى يستهل فإذا استهل فالدية كاملة) ، وخبر ظريف عن أمير المؤمنين : (جعل دية الجنين مائة
دينار ، وجعل منيّ الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة أجزاء ، فإذا كان جنينا قبل أن
تلجه الروح مائة دينار ، ـ إلى أن قال ـ : فجعل للنطفة خمس المائة عشرين دينارا
وللعلقة خمسيّ المائة أربعين دينارا ، وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين دينارا ،
وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانين دينارا ، فإذا كسا اللحم كانت له مائة كاملة ،
فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح ، فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكرا ،
وإن كان أنثى فخمسمائة دينار) ، ومستند الشيخ أخبار الغرة منها : صحيح داود بن فرقد عن
أبي عبد الله عليهالسلام : (جاءت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها فألقت جنينا ،
فقال الأعرابي : لم يهل ولم يصح ومثله يطل ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : اسكت سجاعة ، عليك غرة وصيف عبد أو أمة) ، وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن رجلا جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ضرب امرأة حبلى فأسقطت سقطا ميتا فأتى زوج المرأة إلى
النبي فاستعدى عليه ، فقال الضارب : يا رسول الله ، ما أكل ولا شرب ولا استهلّ ولا
صاح ولا استبشر ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنك رجل سجاعة فقضى فيه رقبة) ، وقد حملها الشيخ على ما لو لم تتم خلقته جمعا بينها وبين
صحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في امرأة شربت دواء وهي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها ،
قال : إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فإن عليها دية تسلمها
إلى أبيه ، وإن كان جنينا علقة أو مضغة فإن عليها أربعين دينارا أو غرة تسلمها إلى
أبيه) . ـ
__________________
(ويكفي) في ثبوت العشرين(مجرد الإلقاء في
الرحم) مع تحقق
الاستقرار(ولو أفزعه) أي أفزع المجامع ـ المدلول عليه بالمقام (مفزع) وإن كان هو
المرأة(فعزل فعشرة دنانير) (١) بين الزوجين أثلاثا (٢).
ولو كان المفزع
المرأة فلا شيء لها (٣) ، ولو انعكس انعكس إن قلنا بوجوب الدية عليه مع العزل
اختيارا (٤) لكن الأقوى عدمه وجواز الفعل. وقد تقدم (٥).
(وفي العلقة) وهي القطعة من الدم تتحول إليها النطفة(أربعون دينارا ، وفي المضغة) وهي القطعة من اللحم بقدر ما يمضغ(ستون دينارا).
(وفي العظم) أي ابتداء تخلقه من المضغة(ثمانون دينارا).
(وفي التام الخلقة قبل ولوج الروح فيه مائة دينار (٦) ذكرا
كان) الجنين(أو)
______________________________________________________
ـ وفيه : إن أخبار
الغرة توافق العامة فلا بد من حملها على التقية ، هذا والمراد بالغرة هو العبد أو
الأمة.
(١) بلا خلاف لخبر
ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (في منيّ الرجل يفرغ عن عرسه فيعزل عنها الماء ولم يرد
ذلك نصف خمس المائة عشرة دنانير) .
(٢) لأنهما أبوان
له ، والإرث بين الأبوين أثلاثا.
(٣) لأنها السبب
في الإتلاف.
(٤) من دون إذن الزوجة
فعليه عشرة دنانير كما عن الشيخ والقاضي وأبي الصلاح وابن حمزة وابن زهرة والمحقق
في كتاب النكاح والفاضل لكونه مفوتا للمني فيكون كغيره.
وفيه : أنه لا
دليل على وجوب الدية عليه ، بل الدليل على العدم لصحيح محمد بن مسلم : (سألت أبا
عبد الله عليهالسلام : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن العزل ، فقال : ذاك إلى الرجل) وبهذا تعرف أن المني ليس حقا للزوجة وأن هناك فرقا بين
الزوج وغيره.
(٥) في كتاب
النكاح.
(٦) على المشهور
للأخبار منها : خبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ إلى أن قال : (فإذا كسا اللحم فمائة دينار ، ثم هي مائة
حتى يستهل فإذا استهلّ فالدية كاملة) ،
__________________
(أنثى) (١).
ومستند التفصيل
أخبار كثيرة منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام.
وقيل : متى لم تتم
خلقته ففيه غرة عبد ، أو أمة صحيحا (٢) لا يبلغ الشيخوخة ، ولا ينقص سنه عن سبع
سنين ، لرواية أبي بصير (٣) وغيره عن أبي عبد الله عليهالسلام. والأول أشهر فتوى ، وأصح رواية.
(ولو كان) الجنين(ذميا) أي متولدا عن ذمي ملحقا به(فثمانون درهما) (٤)
______________________________________________________
ـ ومرسل ابن مسكان
عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ إلى أن قال ـ : (فإذا تم الجنين كان له مائة دينار ،
فإذا أنشئ فيه الروح فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكرا ، وإن كان أنثى
فخمسمائة دينار) ، وخالف العماني فأوجب فيه الدية كاملة لصحيح أبي عبيدة عن
أبي عبد الله عليهالسلام في امرأة طرحت ولدها بشرب الدواء : (إن كان له عظم قد نبت
عليه اللحم وشق له السمع والبصر فإن عليها دية تسلمها إلى أبيه) وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : (فقلت : فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم فقال : عليه
الدية كاملة) ، وهما لا يصلحان للمعارضة بعد إمكان إرادة المائة دينار
من الدية الكاملة ، وعبر عن المائة بالدية لأنها دية الجنين قبل ولوج الروح جمعا
بينها وبين ما تقدم من الأخبار.
(١) لإطلاق الأخبار
المتقدمة.
(٢) أي غير معيب ،
ولا يوجد في الأخبار تحديده بين الشيخوخة والسبع سنين ، وإنما أخبار الغرة مختلفة
ففي خبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها خمسمائة درهم) (. وفي خبر عبيد بن زرارة : (قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إن الغرة قد تكون بمائة دينار وتكون بعشرة دنانير فقال :
بخمسين) ، وموثق إسحاق عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها أربعون دينارا) .
(٣) الوسائل الباب
ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء حديث ٥.
(٤) على المشهور ،
لأن النسبة بين دية الجنين المسلم ودية أبيه هي العشر فتكون هي النسبة ـ
__________________
عشر دية أبيه. كما
أن المائة عشر دية المسلم ، وروي ضعيفا عشر دية أمه(ولو كان مملوكا
فعشر قيمة الأم المملوكة) (١) ذكرا كان أم أنثى مسلما كان أم كافرا اعتبارا بالمالية.
ولو تعدد ففي كل واحدة عشر قيمتها كما تتعدد ديته (٢) لو كان حرا.
(ولا كفارة هنا) أي في قتل الجنين في جميع أحواله ، لأن وجوبها (٣) مشروط
بحياة القتيل (٤).
(ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر ، ونصف للأنثى) (٥) وإن خرج ميتا (٦) مع تيقن حياته في بطنها ، فلو احتمل كون
الحركة لريح وشبهها لم يحكم بها (٧).
______________________________________________________
ـ بين دية الجنين
الذمي ودية أبيه ، والعشر هنا ثمانون درهما.
لكن ورد في خبر
مسمع عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن أمير المؤمنين عليهالسلام قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية أمه) ، ومثله خبر السكوني وقد أعرض عنهما المشهور وحملهما العلّامة على ما لو أسلمت
أمه قبل الجناية فيلحق بها حكما ودية.
(١) لخبر السكوني
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في جنين الأمة عشر قيمتها) ولم يخالف إلا الشيخ في
المبسوط فذهب إلى أن ذلك مختصا بالأنثى فلو كان الجنين ذكرا فعشر قيمة الأب ، وهو
لا مستند له كما اعترف بذلك في الجواهر.
(٢) دية الجنين.
(٣) وجوب الكفارة.
(٤) والمفروض
عدمها في الجنين.
(٥) بلا خلاف فيه
ويدل عليه الأخبار منها : خبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف
دينار كاملة إن كان ذكرا ، وإن كان أنثى فخمسمائة دينار) .
(٦) إن وصلية.
(٧) أي بالحياة.
__________________
(ومع الاشتباه) أي اشتباه حاله هل هو ذكر أو أنثى فعلى الجاني(نصف الديتين) (١). دية الذكر ودية الأنثى ، لصحيحة عبد الله بن سنان (٢) ،
وغيرها.
وقيل : يقرع لأنها
لكل أمر مشكل.
ويضعف بأنه لا
إشكال مع ورود النص الصحيح بذلك وعمل الأصحاب حتى قيل : إنه إجماع. ويتحقق
الاشتباه(بأن تموت المرأة ويموت) الولد(معها) ولم يخرج(مع العلم بسبق الحياة) أي حياة الجنين على موته ، أما سبق موته على موت أمه وعدمه
فلا أثر له.
(وتجب الكفارة) بقتل الجنين حيث تلجه الروح (٣) كالمولود.
وقيل : مطلقا (٤)
(مع المباشرة) لقتله (٥) لا مع التسبيب كغيره.
______________________________________________________
(١) على المشهور
لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وإن قتلت امرأة وهي حبلى متمّ فلم يسقط ولدها ولم يعلم
أذكر هو أو أنثى ، ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها فديته نصفين ، نصف دية الذكر ونصف
دية الأنثى ودية المرأة كاملة بعد ذلك) ، وخبر عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (دية الجنين خمسة أجزاء ـ إلى أن قال ـ : وإن قتلت
المرأة وهي حبلى ولم يدر أذكرا كان ولدها أم أنثى فدية الولد نصف دية الذكر ونصف
دية الأنثى ، وديتها كاملة) .
وذهب ابن إدريس
إلى القرعة لأنها لكل أمر مشكل ، وفيه : لا معنى للذهاب إلى القرعة مع وجود الخبر
خصوصا خبر ظريف الذي علمت صحة بعض طرقه.
(٢) لا يوجد خبر
لابن سنان في هذا الفرع ، نعم الخبر هو لابن مسكان ولعله سهو من الشارح هذا من جهة
، ومن جهة أخرى قد صرح الشارح في المسالك بأن خبر ابن مسكان ليس بصحيح لاحتمال عدم
اتصاله بالإمام عليهالسلام مع أنه لا يصغى إليه لكثرة أخبار ابن مسكان عن أبي عبد
الله عليهالسلام كما في مفتاح الكرامة ، ومن جهة ثالثة قد ناصر الشارح ابن
إدريس في الذهاب إلى القرعة فراجع.
(٣) لتحقق القتل
بخلاف ما قبل الولوج فلم يتحقق القتل ، مع أن الكفارة تدور مدار القتل.
(٤) ولجته الروح
أو لا كما عن العلّامة في التحرير ، وفيه عدم صدق القتل قبل ولوج الروح.
(٥) اعلم أن
الفاضل والشهيدين خصوا وجوب الكفارة في القتل العمدي عند المباشرة لا مع ـ
__________________
(وفي أعضائه وجراحاته بالنسبة) إلى ديته (١) ففي قطع يده خمسون دينارا ، وفي حارصته دينار
، وهكذا ، ولو لم يكن للجناية مقدر فالأرش وهو تفاوت ما بين قيمته صحيحا ومجنيا
عليه بتلك الجناية من ديته (٢) (ويرثه وارث المال (٣) الأقرب فالأقرب).
(وتعتبر قيمة الأم) (٤) لو كانت أمة(عند الجناية) لأنها وقت تعلق الضمان(لا) وقت(الإجهاض) وهو الإسقاط.
(وهي) أي دية الجنين(في مال الجاني إن
كان) القتل(عمدا) حيث لا يقتل به(أو شبيها) بالعمد(وإلا ففي مال العاقلة) (٥) كالمولود.
______________________________________________________
ـ التسبيب لعدم
صدق نسبة القتل في التسبيب المذكور وإن ضمن الدية ، وناقشهم سيد الرياض وتمام
الكلام قد تقدم في بحث الكفارات.
(١) بالنسبة
للجنين قبل ولوج الروح ، أما بعد ولوج الروح فيه فهو مثل غيره من الذكور والإناث.
بلا خلاف في ذلك
لخبر ظريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من
جراح الذكر والأنثى والرجل والمرأة كاملة) فجعل الدية من مائة دليل على أن الجنين تام الخلقة ولم
تلجه الروح فلو قطعت يداه ففيها مائة دينار ولو قطعت إحداهما ففيها خمسون وهكذا.
(٢) بعد فرضه عبدا
لأن العبد أصل للحر في غير المقدّر.
(٣) أي يرث الجنين
، والمراد ديته والحكم واضح المستند ، خلافا لليث بن سعيد فلا ترثه إلا أمه لأنه
بمنزلة العضو منها ، وهو ضعيف لعدم الدليل عليه.
(٤) في الجنين
المملوك لو أسقط فقد تقدم أن ديته عشر قيمة الأم المملوكة ، والحساب على قيمتها
وقت الضمان وهو عند الجناية لا عند الإجهاض.
(٥) قال في
الجواهر : «بلا خلاف أجده بيننا ، بل في كشف اللثام التصريح بعدم الفرق في ذلك بين
دية الجنين قبل ولوج الروح بجميع مراتبه وبين ولوج الروح فيه ، وكأنهم جعلوا
الجناية على الجنين مطلقا بحكم القتل بالنسبة إلى الأحكام المزبورة ، وظاهرهم
الاتفاق عليه مضافا إلى النصوص في بعض الأحكام المزبورة ، ولولاه لأمكن الإشكال في
ضمان العاقلة في صورة عدم تحقق القتل كما في الجناية عليه قبل ولوج الروح فيه ،
خصوصا بعد إطلاق النصوص الضمان على الجاني».
__________________
وحكمها في التقسيط
والتأجيل كغيره (١).
(وفي قطع رأس الميت المسلم الحر مائة دينار) (٢) سواء في ذلك الرجل
______________________________________________________
(١) ففي العمد سنة
وفي شبيهه سنتان وفي الخطأ ثلاث سنين.
(٢) على المشهور
للأخبار منها : مرسل محمد بن الصباح عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث : (أن المنصور سأله عن رجل قطع رأس رجل بعد موته ،
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : عليه مائة دينار ، فقيل : كيف صار عليه مائة دينار؟ فقال
أبو عبد الله عليهالسلام : في النطفة عشرون وفي العلقة عشرون وفي المضغة عشرون وفي
العظم عشرون وفي اللحم عشرون ، (ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ
خَلْقاً آخَرَ) ، وهذا هو ميتا بمنزلته قبل أن تنفخ فيه الروح في بطن أمه
جنينا ، فسأله : الدراهم لمن هي لورثته أم لا؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : ليس لورثته فيها شيء إنما هذا شيء أتي إليه في بدنه
بعد موته يحجّ بها عنه أو يتصدق بها عنه ، أو تصير في سبيل من سبيل الخبر) ، وخبر حسين بن خالد عن أبي الحسن عليهالسلام قال : (سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن رجل قطع رأس ميت فقال : إن الله حرّم منه ميتا كما حرّم
منه حيا ، فمن فعل بميّت فعلا يكون في مثله اجتياح نفس الحي فعليه الدية ، فسألت
عن ذلك أبا الحسن عليهالسلام فقال : صدق أبو عبد الله عليهالسلام ، هكذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قلت : فمن قطع رأس
ميّت أو شقّ بطنه أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحيّ فعليه دية النفس كاملة ،
فقال : لا ، ولكن ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تلج فيه الروح وذلك مائة
دينار وهي لورثته ، ودية هذا له لا للورثة ، قلت : فما الفرق بينهما؟ قال : إن
الجنين أمر مستقبل مرجوّ نفعه ، وهذا قد مضى وذهبت منفعته ، فلما مثّل به بعد موته
صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره ، يحج بها عنه ويفعل بها أبواب الخير والبر من
صدقة أو غيره) .
وذهب المفيد إلى
أنه لو قطع رأس الميت كأنه يريد قتله فعليه ديته حيا وإلا فالمائة دينار لصحيح عبد
الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في رجل قطع رأس الميت قال : عليه الدية لأن حرمته ميتا
كحرمته وهو حيّ) ، ومثله صحيح ابن مسكان عنه عليهالسلام وفيه : إنها محمولة على المائة دينار لأنها دية الميت الذي
هو بمنزلة الجنين قبل ولوج الروح جمعا بينها وبين ما تقدم من الأخبار.
__________________
والمرأة والصغير
والكبير ، للإطلاق (١) ، والمستند أخبار كثيرة. منها حسنة سليمان بن خالد (٢) عن
أبي الحسن عليهالسلام وفيها أن ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تنشأ فيه
الروح. وقد عرفت أن الذكر والأنثى فيه سواء ، وفي خبر آخر رواه الكليني مرسلا عن
الصادق عليهالسلام أنه أفتى بذلك للمنصور حيث قطع بعض مواليه رأس آخر بعد
موته.
وعلل وجوب المائة
: بأن في النطفة عشرين دينارا ، وفي العلقة عشرين وفي المضغة عشرين ، وفي العظم
عشرين قال : (ثُمَّ
أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ) ، وهذا هو ميت بمنزلته قبل أن تنفخ فيه الروح في بطن أمه
جنينا.
(وفي شجاجه وجراحه بنسبته) (٣) ففي قطع يده خمسون دينارا وفي قطع إصبعه عشرة دنانير ،
وفي حارصته دينار وهكذا.
وهذه الدية ليست
لورثته ، بل(تصرف في وجوه القرب) عن الميت ، للأخبار المذكورة فارقا فيها بينه وبين الجنين
حيث تكون ديته لورثته بأن الجنين مستقبل مرجو نفعه قابل للحياة عادة بخلاف الميت
فإنه قد مضى وذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره
يحج بها عنه ويفعل بها أبواب البر والخير من الصدقة وغيرها.
وقال المرتضى (٤)
: تكون لبيت المال ، والعمل على ما دلت عليه الأخبار.
______________________________________________________
(١) بالنسبة
للمسلم الحر ، وأما المملوك والذمي فيحتمل عشر قيمته بالنسبة للأول وعشر ديته
بالنسبة للثاني كما صرح بذلك في المسالك احتمالا ، وجزم به العلامة في القواعد
لاختصاص النصوص بالمسلم والحر فغيرهما على الأصل من العدم.
(٢) والصحيح حسنة
حسين بن خالد.
(٣) بلا خلاف
ويؤيده بل يدل عليه صحيحة صفوان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أبى الله أن يظن بالمؤمن إلا خيرا ، وكسرك عظامه حيا
وميتا سواء) وتنزيله منزلة الجنين قبل ولوج الروح وقد تقدم ثبوت الدية في أعضائه
وجوارحه.
(٤) وابن إدريس
أيضا أن ديته لبيت مال المسلمين لرواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قلت : ميت قطع رأسه ، قال عليهالسلام : الدية ، قلت : فمن يأخذ ديته؟ ـ
ولو لم يكن
للجناية مقدر أخذ الأرش لو كان حيا منسوبا إلى الدية (١) ، ولو لم يبن الرأس بل
قطع ما لو كان حيا لم يعش مثله فالظاهر وجوب مائة دينار أيضا عملا بظاهر الأخبار (٢).
وهل يفرق هنا (٣) بين العمد والخطأ كغيره (٤) حتى الجنين؟ يحتمله ، لإطلاق التفصيل
(٥) في الجناية على الآدمي وإن لم يكن حيا كالجنين ، وعدمه (٦) بل يجب على الجاني
مطلقا (٧) وقوفا فيما خالف الأصل (٨) على موضع اليقين (٩) مؤيدا بإطلاق الأخبار (١٠)
، والفتوى بأن الدية على الجاني مع ترك الاستفصال في واقعة الحال السابقة (١١)
الدال على العموم (١٢).
______________________________________________________
ـ قال : الإمام ،
هذا لله وإن قطعت يمينه أو شيء من جوارحه فعليه الأرش للإمام) ، وفيه : مع ضعف السند لا يقاوم الأخبار المتقدمة ، مع
إمكان حمله على أنها تدفع للإمام لأنه أخبر بمواردها فيصرفها في وجوه البر وهو بها
أبصر ، ولذا قال المفيد في المقنعة على ما حكي عنه : «يقبضها إمام المسلمين أو من
نصبه للحكم في الرعية ويتصدق عن الميت بها».
(١) فيؤخذ الأرش
بالنسبة لديته التي هي مائة دينار كما في الجنين.
(٢) لخبر الحسين
بن خالد المتقدم : (فمن قطع رأس ميت أو شقّ بطنه ، أو فعل به ما يكون فيه اجتياح
نفس الحيّ فعليه دية النفس كاملة).
(٣) في الجناية
على الميت.
(٤) من الأحياء
حتى الجنين حيث فرق بين العمد والخطأ فيه.
(٥) أي التفصيل
بين العمد والخطأ حيث إن الأخبار الدالة عليه مطلقة تشمل الجناية على الحي والميت
معا ، وقد تقدمت سابقا في أول الديات.
(٦) بالرفع أي
وعدم الفرق.
(٧) أي يجب على
الجاني على الميت سواء كان عمدا أو خطأ.
(٨) من جعل الدية
على العاقلة حيث إنه على خلاف الأصل.
(٩) وهو الحي
والجنين فقط.
(١٠) المتقدمة في
الجناية على الميت.
(١١) عند ما سئل
الإمام عمن قطع رأس الميت.
(١٢) صفة لترك
الاستفصال.
__________________
وهل يجوز قضاء
دينه من هذه الدية وجهان ، من عدم دخوله في إطلاق الصدقة ووجوه البر ، وكون قضاء
الدين ملازما للإرث ، لظاهر الآية (١) ، ومن أن نفعه بقضاء دينه أقوى ، ونمنع عدم
دخوله في البر ، بل هو من أعظمها ، ولأن من جملتها (٢) قضاء دين الغارم وهو من
جملة أفراده (٣). وهذا أقوى (٤) ولو كان الميت ذميا فعشر ديته ، أو عبدا فعشر
قيمته (٥) ويتصدق بها عنه كالحر ، للعموم (٦).
(الثاني ـ في العاقلة) التي تحمل دية الخطأ سميت بذلك (٧).
أما من العقل وهو
الشد ومنه سمي الحبل عقالا ، لأنها تعقل الإبل بفناء ولي المقتول المستحق للدية ،
أو لتحملهم العقل وهو الدية وسميت الدية بذلك ، لأنها تعقل لسان ولي المقتول ، أو
من العقل وهو المنع ، لأن العشيرة كانت تمنع القاتل بالسيف في الجاهلية ثم منعت
عنه في الإسلام بالمال (٨).
(وهم (٩) : من تقرب) إلى القاتل(بالأب) كالإخوة والأعمام وأولادهما(وإن)
______________________________________________________
(١) لظاهر الآية :
سورة النساء الآية : ١١ (فَلِأُمِّهِ
السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ).
(٢) أي جملة وجوه
البر.
(٣) أي وقضاء دين
الميت من جملة أفراد قضاء دين الغارم.
(٤) ومال إليه
المحقق في نكت النهاية واستظهره صاحب الجواهر وكاشف اللثام.
(٥) قد تقدم أنه
أورده احتمالا ، وهنا جزم به تبعا للعلامة في القواعد وقد تقدم مستنده.
(٦) أي عموم
الأخبار المتقدمة.
(٧) قال في
الجواهر : «لعقلها الإبل التي هي الدية بفناء ولي الدم ، أو لعقلها أي منعها
القاتل من القتل ، أو لعقلهم عنه أي تحملهم العقل وهو الدية عنه».
(٨) قال في
المسالك : «قال العلماء (رحمهمالله) : وتغريم غير الجاني خارج عن الأقلية الظاهرة
، إلا أن القبائل في الجاهلية كانوا يقومون بنصرة من جنى منهم ويمنعون أولياء
القتل من أن يدركوا بثأرهم ويأخذوا من الجاني حقهم ، فجعل الشرع بدل تلك النصرة
بذل المال حيث لا يكون الجاني متعمدا آثما ، وربما شبه إعانة الأقارب بتحمل الدية
بإعانة الأجانب الذين غرّموا لإصلاح ذات البين بصرف سهم من الزكاة إليهم وأجلّت
على العاقلة نظرا لهم ليتحملوا ما تحملوا في مدة الأجل فلا يشقّ عليهم أداؤه).
(٩) أي العاقلة ،
فهي العصبة لصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير ـ
(لم يكونوا وارثين في الحال).
وقيل (١) : من يرث
دية القاتل لو قتل ، ولا يلزم من لا يرث ديته شيئا مطلقا(٢).
وقيل (٣) : هم
المستحقون لميراث القاتل من الرجال العقلاء من قبل أبيه وأمه. فإن تساوت القرابتان
كإخوة الأب وإخوة الأم كان على إخوة الأب الثلثان ، وعلى إخوة الأم الثلث.
وما اختاره المصنف
هو الأشهر بين المتأخرين ، ومستند الأقوال غير نقي.
______________________________________________________
ـ المؤمنين عليهالسلام على امرأة أعتقت رجلا واشترطت ولائه ولها ابن ، فألحق
ولائه بعصبتها الذين يعقلون عنه دون ولدها) .
والعصبة على
المشهور من يتقرب بالأب كالإخوة وأولادهم والعمومة وأولادهم مع عدم اشتراط كونه من
أهل الإرث في الحال ، وهذا هو معناها لغة كما عن النهاية الأثيرية والصحاح.
(١) هو للشيخ في
النهاية وردّ بأن الزوجين ومن يتقرب بالأم يرثون من الدية وليسوا بعصبة.
(٢) ولو كان من
الرجال وممن يتقرب بالأب.
(٣) وهو لابن
الجنيد والمستند رواية سلمة بن كهيل : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل قد قتل رجلا خطأ ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : من عشيرتك وقرابتك ـ إلى أن قال ـ : فكتب إلى عامله على
الموصل : أما بعد ـ إلى أن قال ـ : ثم انظر فإن كان رجل منهم يرثه له سهم في
الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية ، وخذه بها نجوما في ثلاث
سنين ، فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب
وكان له قرابة من قبل أبيه وأمه سواء في النسب ففضّ الدية على قرابته من قبل أبيه
وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ، ثم اجعل الدية على قرابته
من قبل أبيه ثلثي الدية واجعل على قرابته من قبل أمه ثلث الدية) والخبر ضعيف لأن سلمة بن كهيل بتري مذموم.
__________________
(ولا تعقل المرأة (١) والصبي والمجنون (٢) والفقير (٣) عند) استحقاق(المطالبة) وهو حلول أجل الدية وإن كان غنيا أو عاقلا وقت الجناية وإن
ورثوا جميعا من الدية.
(ويدخل) في العقل(العمودان) (٤) : الآباء والأولاد وإن علوا أو سفلوا ، لأنهم أخص القوم
وأقربهم ، ولرواية سلمة بن كهيل عن أمير المؤمنين عليهالسلام في القاتل الموصلي حيث كتب إلى عامله يسأل عن قرابة فلان
من المسلمين فإن كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من
قرابته فألزمه الدية وخذ بها نجوما في ثلاث سنين الحديث. وفي سلمة ضعف. والأولوية
هنا ممنوعة (٥) لأنه حكم مخالف للأصل والمشهور عدم دخولهم فيه (٦) ، لأصالة
______________________________________________________
(١) لخروجها عن
مفهوم العصبة ولصحيح الأحوال قال : (قال ابن أبي العوجاء : ما بال المرأة المسكينة
الضعيفة تأخذ سهما واحدا ويأخذ الرجل سهمين؟ فذكر ذلك بعض أصحابنا لأبي عبد الله عليهالسلام فقال : إن المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا معقلة وإنما
ذلك على الرجال) وقريب منها خبر إسحاق بن محمد النخعي .
(٢) لحديث رفع
القلم.
(٣) على المشهور
وادعى عليه الإجماع.
(٤) على ما ذهب
إليه الإسكافي والمفيد والشيخ في النهاية والحلي وابن سعيد بل نسب في الإيضاح إلى
الشهرة ، وذلك لأن العصبة هم المحيطون به من الذكور فتشمل الأب والابن.
وذهب الشيخ في
المبسوط والخلاف وابن حمزة وابن فهد بل نسب إلى المشهور عدم الدخول لصحيح محمد بن
قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام على امرأة أعتقت رجلا واشترطت ولاءه ولها ابن فألحق ولاءه
بعصبتها الذين يعقلون عنه دون ولدها) ٣ وفيه : إن الولد كما هو صريح الرواية خارج
عمن له الولاء لا أنه خارج عن عصبتها.
(٥) لأن الأولوية
في الإرث لا تجري في العقل لأنه حكم على خلاف الأصل فيقتصر فيه على المتيقن.
(٦) أي في العقل.
__________________
البراءة ، وقد روي
أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فرض دية امرأة قتلتها أخرى على عاقلتها وبرأ الزوج والولد (١).
(ومع عدم القرابة) الذي يحكم بدخوله(فالمعتق) للجاني (٢). فإن لم يكن فعصابته ، ثم معتق المعتق ، ثم
عصابته ثم معتق أبي المعتق ، ثم عصابته كترتيب الميراث ، ولا يدخل ابن المعتق
وأبوه وإن علا ، أو سفل على الخلاف (٣) ، ولو تعدد المعتق اشتركوا في العقل
كالإرث.
(ثم) مع عدمهم أجمع(فعلى ضامن
الجريرة) (٤) إن كان هناك ضامن(ثم) مع عدمه ، أو فقره فالضامن(الإمام) من بيت المال (٥).
______________________________________________________
(١) قد صرح الشيخ
الحر في هامش الوسائل الباب الثاني من أبواب العاقلة أن الخبر من حديث العامة ،
وراجع سنن ابن ماجة ج ٢ ح ٢٦٤٨.
(٢) بلا خلاف فيه
لصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إذا ولي الرجل فله ميراثه وعليه معقلته) الدالة على أن من له الولاء فعليه العقل. ولذا ورد في صحيح
إسماعيل بن الفضل : (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل إذا أعتق أله أن يضع نفسه حيث شاء فتولى من أحبّ؟
فقال : إذا أعتق لله فهو مولى للذي أعتقه ، وإذا أعتق فجعل سائبة فله أن يضع نفسه
ويتولى من شاء) .
(٣) المتقدم في
دخول الأب والابن في العاقلة.
(٤) لصحيح هشام بن
سالم المتقدم ، وغيره.
(٥) بلا خلاف ويدل
عليه أخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في من أعتق عبدا سائبة أنه لا ولاء لمواليه عليه فإن شاء
توالى إلى رجل من المسلمين فليشهد أنه يضمن جريرته وكل حدث يلزمه فإذا فعل ذلك فهو
يرثه ، وإن لم يفعل ذلك كان ميراثه يردّ على إمام المسلمين) مع ضميمة أن من له الولاء فعليه العقل ، ولمرسل يونس عن
أحدهما عليهماالسلام : (في الرجل إذا قتل رجلا خطأ فمات قبل أن يخرج إلى أولياء
المقتول من الدية أن الدية على ورثته ، فإن لم يكن له عاقلة ـ
__________________
(ولا تعقل العاقلة عمدا) محضا ، ولا شبيها به ، وإنما تعقل الخطأ المحض (١) (و) كذا(لا) تعقل(بهيمة) (٢) إذا جنت على إنسان وإن كانت جنايتها مضمونة على المالك
على تقدير تفريطه.
وكذا لا تعقل
العصبة قتل البهيمة (٣) ، بل هي كسائر ما يتلفه من الأموال.
(ولا جناية العبد) (٤) بمعنى أن العبد لو قتل إنسانا خطأ ، أو جنى عليه لا تعقل
عاقلته جنايته ، بل تتعلق برقبته كما سلف.
(وتعقل الجناية عليه) (٥) أي تعقل عاقلة الحر الجاني على العبد خطأ جنايته عليه.
كما تعقل جنايته على الحر (٦) ، لعموم ضمان العاقلة الجناية على الآدمي.
______________________________________________________
ـ فعلى الوالي من
بيت المال) .
ولخبر عمار بن أبي
الأحوص : (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن السائبة فقال : انظروا في القرآن فما كان فيه فتحرير
رقبة ، فتلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لأحد عليها إلا الله ، فما كان ولاؤه
لله فهو لرسول الله ، وما كان ولاؤه لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن ولاءه للإمام وجنايته على الإمام وميراثه له) .
(١) بلا خلاف ويدل
عليه أخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام : (لا تضمن العاقلة عمدا ولا إقرارا ولا صلحا) وقد تقدم الكلام في أول باب الديات.
(٢) بل جنايتها
على مالكها مع تفريطه وقد تقدم الكلام في ذلك.
(٣) لو قتلها
إنسان خطأ وذلك لأن تحميل العاقلة خطأ الغير على خلاف الأصل فيقتصر فيه على
المتيقن ، وهو جناية الآدمي على الآدمي فقط.
(٤) لأن جناية
العبد تتعلق برقبته كما تقدم في باب القصاص.
(٥) على العبد لو
كان الجاني حرا وكانت الجناية خطأ لعموم أخبار العاقلة ، وعن العلامة أن الجناية
الخطائية على العبد على الجاني فقط ، لأن العبد من جملة الأموال ، وهذا على خلاف
إطلاق أخبار العاقلة.
(٦) أي كما تعقل
جناية الحر على الحر.
__________________
وقيل : لا تضمن
العاقلة الجناية عليه أيضا ، بل إنما تعقل الديات (١) والمأخوذ عن العبيد قيمة لا
دية كسائر قيم الأموال المتلفة ، وبه قطع في التحرير في باب العاقلة ، وجعله
تفسيرا لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تعقل العاقلة عبدا (٢). والأجود الأول ، وعليه نزل
الحديث (٣) ، وبه (٤) جزم في أول الديات منه أيضا (٥) كغيره من كتبه.
وبالجملة فإنما
تعقل العاقلة إتلاف الحر الآدمي مطلقا (٦) إن كان المتلف صغيرا ، أو مجنونا ، أو
خطأ إن كان مكلفا ، لا غيره (٧) من الأموال وإن كان حيوانا.
وشمل إطلاق المصنف
ضمان العاقلة : دية الموضحة فما فوقها وما دونها (٨).
وهو في الأول محل
وفاق ، وفي الثاني خلاف. منشؤه عموم الأدلة على
______________________________________________________
(١) والدية مختصة
بالحر.
(٢) ففي دعائم
الإسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام : (لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا) .
(٣) أي على الأول
من عدم عقل جناية العبد على غيره.
(٤) بالأول.
(٥) من التحرير.
(٦) سواء كان
إتلافه على الحر أو على العبد ، وعمدا أو خطأ.
(٧) أي لا غير
الآدمي.
(٨) تضمن العاقلة
دية الموضحة فما زاد ، بلا خلاف بينهم.
وما دون الموضحة
فذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط والحلي في السرائر إلى أنها تضمن أيضا لعموم أخبار
تضمين العاقلة.
وذهب المشهور إلى
العدم لخبر أبي مريم عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام أن لا يحمل على العاقلة إلا الموضحة فصاعدا) .
__________________
تحملها للدية من
غير تفصيل ، وخصوص قول الباقر عليهالسلام في موثقة أبي مريم الأنصاري قال : قضى أمير المؤمنين عليهالسلام : أنه لا يحمل على العاقلة إلا الموضحة فصاعدا مؤيدا
بأصالة البراءة من الحكم المخالف للأصل وهذا هو الأشهر.
(وعاقلة الذمي نفسه) (١) ، دون عصبته وإن كانوا كفارا(ومع عجزه) عن الدية(فالإمام) عاقلته ، لأنه يؤدي الجزية إليه. كما يؤدي المملوك الضريبة
إلى مولاه فكان بمنزلته وإن خالفه في كون مولى العبد لا يعقل جنايته ، لأنه ليس
مملوكا محضا كذا عللوه (٢). وفيه نظر.
(وتقسط) الدية على العاقلة (٣) (بحسب ما يراه
الإمام) من حالتهم في
الغنى والفقر ، لعدم ثبوت تقديره شرعا فيرجع إلى نظره.
(وقيل) والقائل الشيخ في أحد قوليه وجماعة : (على الغني نصف دينار ، وعلى الفقير ربعه) ، لأصالة براءة الذمة من الزائد على ذلك.
______________________________________________________
(١) لا خلاف في أن
دية جناية الذمي وإن كانت خطأ في ماله دون عاقلته ، وإن عجز لعدم المال عقلها
الإمام عليهالسلام لصحيح أبي ولّاد عن أبي عبد الله عليهالسلام : (ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو
جراحة ، إنما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام
المسلمين ، لأنهم يؤدون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده ، وهم مماليك
للإمام فمن أسلم منهم فهو حر) .
(٢) بل هكذا ورد
في الخبر الصحيح.
(٣) قد وقع الخلاف
على ثلاثة أقوال :
الأول : التفصيل
بين الغني والفقير فعلى الأول نصف دينار وعلى الثاني ربعه ، وهو للشيخ في المبسوط
والخلاف وللقاضي والعلّامة في القواعد والإرشاد ، واستدلوا على ذلك بأنه من باب
الاقتصار على المتيقن ، والزائد مشكوك.
القول الثاني : إن
أمر التقسيم بيد الإمام عليهالسلام أو نائبه على حسب ما يراه من المصلحة ، وقيل : إنه القول
المشهور بينهم.
القول الثالث :
لصاحب الجواهر وجماعة أن التقسيط على الجميع بالسوية بعد إطلاق أدلة تضمين العاقلة
، ومقتضى العدل يقتضي التسوية بينهم.
__________________
والمرجع فيهما (١)
إلى العرف ، لعدم تحديدهما شرعا والأول أجود.
(والأقرب الترتيب في التوزيع) فيأخذ من أقرب الطبقات أولا ، فإن لم يحتمل (٢) تخطى إلى
البعيدة ، ثم الأبعد ، وهكذا ينتقل مع الحاجة إلى المولى ، ثم إلى عصبته ، ثم إلى
مولى المولى ، ثم إلى الإمام (٣).
ويحتمل بسطها على
العاقلة أجمع من غير اختصاص بالقريب ، لعموم الأدلة.
وعلى القول
بالتقدير (٤) لو لم تسع الطبقة القريبة الدية بالنصف والربع انتقل إلى الثانية. وهكذا
إلى الإمام حتى لو لم يكن له إلا أخ غني أخذ منه نصف دينار. والباقي على الإمام.
(ولو قتل الأب ولده عمدا فالدية لوارث الابن) إن اتفق ولا نصيب للأب منها(فإن لم يكن) له وارث(سوى الأب فالإمام (٥) ، ولو قتله خطأ فالدية على العاقلة ،
ولا يرث الأب منها شيئا) على الأقوى (٦) ، لأن العاقلة تتحمل عنه جنايته فلا يعقل تحملها له ، ولقبح
أن يطالب الجاني غيره بجناية جناها ، ولو لا الإجماع على ثبوتها على العاقلة لغيره
(٧) لكان العقل يأبى ثبوتها عليهم مطلقا (٨).
وقيل : يرث منها
نصيبه إن قلنا بإرث القاتل خطأ هنا (٩) ، لعموم وجوب الدية على العاقلة ،
وانتقالها إلى الوارث ، وحيث لا يمنع هذا النوع من القتل الإرث يرث الأب لها أجمع
، أو نصيبه عملا بالعموم (١٠) ، ولو قلنا : إن القاتل
______________________________________________________
(١) في الغني
والفقير.
(٢) أي لم يسع
الأخذ من الأقرب ولم يف بالدية.
(٣) وهو مناف
لإطلاق أدلة تضمين العاقلة الشامل للجميع بالسوية.
(٤) أي النصف
والربع كما ذهب إليه الشيخ.
(٥) لأن القتل
مانع من الإرث وقد تقدم في بابه.
(٦) وقد تقدم
الكلام في باب الإرث.
(٧) لغير الجاني
القاتل.
(٨) أي يأبى العقل
ثبوت الدية على العاقلة سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ.
(٩) أي في الدية.
(١٠) أي بعموم
أدلة إرث الأب من ابنه.
خطأ لا يرث مطلقا
، أو من الدية فلا بحث. وكذا القول لو قتل الابن أباه خطأ (١).
(الثالث ـ في الكفارة) اللازمة للقاتل بسبب القتل مطلقا (٢) (وقد تقدمت) في كتابها وأنها (٣) كبيرة مرتبة في الخطأ وشبهه وكفارة جمع في العمد (٤).
(ولا تجب مع التسبيب كمن طرح حجرا) فعثر به إنسان فمات(أو نصب سكينا في
غير ملكه فهلك بها آدمي) وإن وجبت الدية ، وإنما تجب مع المباشرة(وتجب بقتل الصبي
(٥) والمجنون) ممن هو بحكم المسلم كما تجب بقتل المكلف ويستوي فيها الذكر والأنثى. والحر
والعبد مملوكا للقاتل ولغيره(لا بقتل الكافر) (٦) وإن كان ذميا ، أو معاهدا(وعلى المشتركين) في القتل وإن كثروا(كل واحد كفارة) (٧) كملا(ولو قتل) القاتل(قبل التكفير في العمد) (٨) ، أو مات قبل
______________________________________________________
(١) وقد تقدم في
باب الإرث.
(٢) عمدا أو خطأ.
(٣) أي كفارة
القتل.
(٤) وقد تقدم الكلام
في ذلك أيضا ، هذا واعلم أن الكفارة قد ترتبت على عنوان القاتل ، والقاتل يصدق مع
المباشرة بلا خلاف بين الفقهاء ، وأما مع التسبيب فعند صدق عنوان القاتل كما لو
حفر بئرا بقصد قتل حيوان فوقع فيه إنسان فمات فهو قتل خطأ ، ولو حفره بقصد قتل
إنسان فوقع فيه الغير ومات فهو قتل عمدي وهكذا فالمدار في موارد والتسبيب على صدق
عنوان القاتل حتى تثبت الكفارة.
(٥) بلا خلاف ولا
إشكال لصدق عنوان قتل المؤمن عليه بلا فرق بين الصبي والبالغ والعاقل والمجنون
والذكر والأنثى والحر والعبد ولو كان عبدا للقاتل ، بل المشهور وجوب الكفارة لقتل
الجنين بعد ولوج الروح لعموم أخبار الكفارة المتقدمة في بابها.
(٦) بلا خلاف لأن
الكفارة لقتل المؤمن كما يستفاد من الأدلة والكافر خارج تخصصا ، بلا فرق في الكافر
بين الذمي وغيره.
(٧) بلا خلاف
لإطلاق أدلة وجوب الكفارة.
(٨) لا خلاف في
وجوب الكفارة على القاتل عمدا إذا رضي ولي الدم بالدية لإطلاق الأخبار المتقدمة في
باب الكفارات.
ولو قتله ولي الدم
فهل عليه كفارة في ماله؟ ففي ذلك قولان :
الأول عدم الوجوب
وإليه ذهب الشيخ في المبسوط وابن إدريس في السرائر وابن فهد ـ
التكفير(أخرجت الكفارات الثلاث من) أصل(ماله إن كان) له مال ، لأنه حق مالي فيخرج من الأصل وإن لم يوص به
كالدين ، وكذا كل من عليه كفارة مالية فمات قبل إخراجها ، وغلبوا عليها (١) هنا
جانب المالية وإن كان بعضها بدنيا كالصوم ، لأنها في معنى عبادة واحدة فيرجح فيها
حكم المال كالحج ، وإنما قيد بالعمد ، لأن كفارة الخطأ وشبهه مرتبة ، والواجب قد
يكون ماليا كالعتق والإطعام ، وبدنيا كالصيام ، والحقوق البدنية لا تخرج من المال
إلا مع الوصية بها. ومع ذلك تخرج من الثلث كالصلاة ، وحينئذ فالقاتل خطأ إن كان
قادرا على العتق ، أو عاجزا عنه وعن الصوم أخرجت الكفارة من ماله كالعامد ، وإن
كان فرضه الصوم لم تخرج إلا مع الوصية فلذا قيد ، لافتقار غير العمد إلى التفصيل.
(الرابع ـ في الجناية على الحيوان) الصامت : (من أتلف ما تقع
عليه الذكاة) سواء كان مأكولا
كالإبل والبقر والغنم أم لا كالأسد والنمر والفهد(بها) (٢) أي بالتذكية بغير إذن مالكه(فعليه أرشه) (٣) وهو تفاوت ما بين قيمته حيا ومذكّى مع
______________________________________________________
ـ في المهذب وابن
حمزة في الوسيلة لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام : (كفارة الدم إذا قتل الرجل مؤمنا متعمدا فعليه أن يمكّن
نفسه من أوليائه ، فإن قتلوه فقد أدى ما عليه إذا كان نادما على ما كان منه عازما
على ترك العود ، وإن عفا عنه فعليه أن يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين
مسكينا وأن يندم على ما كان منه ويعزم على ترك العود ويستغفر الله تعالى أبدا ما
بقي) .
والثاني الوجوب
وهذا ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف والعلّامة في المختلف والتحرير للاستصحاب وأنها
من حقوق الله المتعلقة بالمال فلا تسقط بالموت ، وفيه : إنه كالاجتهاد في قبال
النص ، نعم عليك القول بوجوب الكفارة في ماله لو مات بغير القود للاستصحاب.
(١) على كفارة
القتل.
(٢) أي أتلفه
بالتذكية.
(٣) بلا خلاف بين
الأصحاب لأن الحيوان لم يخرج عن ملك مالكه بالتذكية فلا محالة فلم يخسر المالك إلا
التفاوت بين كونه حيا وبينه ميتا فله هذا التفاوت.
__________________
تحقق النقصان ، لا
قيمته (١) ، لأن التذكية لا تعد إتلافا محضا ، لبقاء المالية غالبا ، ولو فرض عدم
القيمة أصلا كذبحه في برية لا يرغب أحد في شرائه لزمه القيمة ، لأنه حينئذ مقدار
النقص (٢).
(وليس للمالك مطالبته بالقيمة) كملا(ودفعه إليه على الأقرب) (٣) لأصالة براءة ذمة الجاني مما زاد على الأرش ، ولأنه باق
على ملك مالكه فلا ينتقل عنه إلا بالتراضي من الجانبين.
وخالف في ذلك
الشيخان وجماعة فخيروا المالك بين إلزامه بالقيمة يوم الإتلاف وتسليمه إليه ، وبين
مطالبته بالأرش نظرا إلى كونه مفوتا لمعظم منافعه فصار كالتالف.
وضعفه ظاهر (٤) (ولو أتلفه لا بها (٥) فعليه قيمته يوم تلفه إن لم يكن غاصبا) (٦) ، لأنه يوم تفويت ماليته الموجب للضمان(ويوضع منها (٧) ما له قيمة من الميتة) كالشعر والصوف والوبر والريش وفي الحقيقة ما وجب هنا (٨)
غير
______________________________________________________
(١) أي لا قيمة
الحيوان أجمع ، لأن الحيوان لم يتلف بالتذكية بل نقص.
(٢) أي لأن اللازم
من قيمة الحيوان أجمع هو مقدار النقص على المالك.
(٣) هل للمالك دفع
المذبوح والمطالبة بالقيمة؟ قيل : نعم وهو اختيار الشيخين في المقنعة والنهاية
وجماعة نظرا إلى إتلافه أهم منافعه فهو حينئذ بحكم التالف ، وقيل : لا ، كما عن
الشيخ في المبسوط والمتأخرين كما في الجواهر لأنه إتلاف لبعض منافعه فقط فيضمن
التلف فقط مع بقاء المالية عرفا للحيوان المذبوح.
(٤) لأنه باق على
ماليته عرفا وليس بحكم التالف.
(٥) أي أتلف
الحيوان لا بالتذكية ، فيضمن الجاني قيمته يوم إتلافه كغيره من الأموال بلا خلاف
فيه ولا إشكال ، ومستنده واضح ، نعم لو بقي في الحيوان المقتول ما له مالية كالصوف
والشعر والوبر والريش مما ينتفع به من الميتة فهو باق للمالك ويسقط من القيمة
بإزائه.
(٦) وإلا لو كان
غاصبا فقد قيل يؤخذ بيوم التلف وقيل بيوم الأداء ، وقيل بأعلى القيم وقد تقدم
الكلام فيه في باب الغصب.
(٧) من القيمة
التي يدفعها الجاني.
(٨) ما نافية.
الأرش ، لكن لما
كان المضمون أكثر القيمة اعتبرها.
ولو كان المتلف
غاصبا فقيل : هو كذلك.
وقيل : يلزمه أعلى
القيم من حين الغصب إلى حين الإتلاف. وهو أقوى وقد تقدم ، فمن ثم أهمله(ولو تعيب بفعله) من دون أن يتلف كأن قطع بعض أعضائه ، أو جرحه ، أو كسر شيئا من عظامه(فلمالكه الأرش) (١) إن كانت حياته مستقرة ، وإلّا فالقيمة على ما فصل (٢)
وكذا لو تلف بعد ذلك بالجناية (٣).
(وأما) لو أتلف(ما لا تقع عليه الذكاة (٤) ففي كلب الصيد أربعون)
______________________________________________________
(١) وهو التفاوت
بين قيمتي الصحيح والمعيب ، لأن الأجزاء مضمونة لدخالتها في مالية الحيوان.
نعم في فقأ العين
فالمشهور على الأرش ، والشيخ وجماعة منهم المحقق في الشرائع أن على الجاني ربع
القيمة لصحيح أبي العباس عن أبي عبد الله عليهالسلام : (من فقأ عين دابة فعليه ربع ثمنها) ١ ، وصحيح محمد بن
قيس عن أبي جعفر عليهالسلام : (قضى علي عليهالسلام في عين فرس فقئت ربع ثمنها يوم فقئت العين) ٢ وقريب منهما
صحيح عمر بن أذينة ٣.
(٢) أي المصنف من
كونها قيمة يوم التلف إن لم يكن غاصبا.
(٣) فيضمن القيمة
أيضا.
(٤) لا خلاف بين
الأصحاب أن إتلاف الخمر وآلات اللهو وما لا يقبل التذكية كالكلب والخنزير لا يوجب
الضمان لعدم كونه مالا شرعا.
إلا أن يكون
الخنزير للذمي فيضمن لأنه مال عنده بشرط قيام الذمي بشرائط الذمة لمعتبرة غياث بن
إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام : (أن عليا عليهالسلام ضمّن رجلا أصاب خنزير النصراني) ٤ ، ولخبر مسمع بن عبد
الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أن أمير المؤمنين عليهالسلام رفع إليه رجل قتل خنزيرا فضمنه ، ورفع إليه رجل كسر بربطا
فأبطله) ٥ بحمل الخنزير على أنه ملك للذمي جمعا بين النصوص ، والدال على القيام
بشرائط الذمة صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا ولا
يأكلوا لحم الخنزير ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ ولا بنات الأخت فمن فعل ذلك
منهم برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسول ـ
__________________
(درهما) (١) على الأشهر رواية وفتوى.
وقيل (٢) : قيمته (٣)
كغيره من الحيوان القيمي إما لعدم ثبوت المقدار (٤) أو لرواية السكوني عن الصادق عليهالسلام أن أمير المؤمنين عليهالسلام : حكم فيه بالقيمة.
وبين التعليلين
بون بعيد (٥) ، وخصه الشيخ (٦) بالسلوقي نظرا إلى وصفه في
______________________________________________________
ـ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : وليست لهم اليوم ذمة) بحمله على التستر في أكل لحم الخنزير.
وأما كلب الغنم
والحائط والزرع والصيد ففيه كلام سيأتي.
(١) على المشهور
للأخبار منها : معتبرة الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (دية الكلب السلوقي أربعون درهما) ، ومعتبرة عبد الأعلى بن أعين عن أبي عبد الله عليهالسلام : (في كتاب علي عليهالسلام دية كلب الصيد أربعون درهما) .
وذهب الشارح إلى
أن الروايات ضعيفة السند فالأجود الضمان بالقيمة ، وفيه : إنها منجبرة بعمل
الأصحاب.
وذهب ابن الجنيد
إلى أن في كلب الصيد قيمته بشرط عدم تجاوزها أربعين درهما ، ومع التجاوز فالأربعون
جمعا بين ما تقدم وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام : (قال أمير المؤمنين عليهالسلام ، فيمن قتل كلب الصيد ، قال : يقوّمه ، وكذلك البازي ،
وكذلك كلب الغنم ، وكذلك كلب الحائط) .
ثم هل المراد بكلب
الصيد هو المعلّم سواء كان سلوقيا أو لا ، أو خصوص السلوقي ، وهو المنسوب إلى قرية
سلوق باليمن أكثر كلابها معلّمة ، فالأكثر على الأول والشيخان على الثاني ، ومن
الواضح أن السلوقي هو إشارة إلى كلب الصيد المعلم وهذا يشمل غير السلوقي في البين.
(٢) وهو الإسكافي.
(٣) بشرط عدم
تجاوز الأربعين.
(٤) شرعا فالمتجه
الضمان بالقيمة ، لكن عرفت أن مستند حكم ابن الجنيد هو الجمع بين الأخبار
المتقدمة.
(٥) بين عدم ثبوت
المقدار شرعا وبين الحكم بالقيمة تبعا لرواية السكوني.
(٦) بل الشيخان.
__________________
الرواية ، وهو
نسبة إلى سلوق قرية باليمن أكثر كلابها معلمة ، والباقون حملوه على المعلم مطلقا
للمشابهة.
(وفي كلب الغنم كبش) (١) وهو ما يطلق عليه اسمه ، لعدم تحديد سنه شرعا ولا لغة ،
لرواية أبي بصير عن أحدهما.
(وقيل) والقائل الشيخان وابن إدريس وجماعة : في قتله(عشرون درهما) ، لرواية ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليهالسلام وهي ضعيفة مرسلة ، والعجب من ابن إدريس المانع من الخبر
الواحد مطلقا كيف يذهب هنا إلى ذلك ، لكن لعله استند إلى ما توهمه من الإجماع ، لا
إلى الرواية.
وفي قول ثالث أن
الواجب فيه القيمة كما مر (٢).
(وفي كلب الحائط) (٣) وهو البستان أو ما في معناه (٤) (عشرون درهما) على المشهور ، ولم نقف على مستنده والقول بالقيمة أجود.
______________________________________________________
(١) على الأكثر
لرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : (دية الكلب السلوقي أربعون درهما ـ إلى أن قال ـ : ودية
كلب الغنم كبش ودية كلب الزرع جريب من برّ ، ودية كلب الأهل قفيز من تراب لأهله) .
وذهب البعض بل قيل
المشهور كما في كشف اللثام أن ديته عشرون درهما لمرسل ابن فضال عن أبي عبد الله عليهالسلام : (دية كلب الصيد أربعون درهما ، ودية كلب الماشية عشرون
درهما ، ودية الكلب الذي ليس للصيد ولا للماشية زنبيل من تراب على القاتل أن يعطي
وعلى صاحبه أن يقبل) .
وقيل : إن ديته
قيمته لخبر السكوني المتقدم ، وهو الأولى بعد حمل نصوص التقدير على تقديره في
أزمنة صدور الأخبار المتقدمة.
(٢) في كلب الصيد.
(٣) ذهب المشهور
إلى أن ديته عشرون درهما ، وليس له مستند كما اعترف بذلك غير واحد ، فالمتعين
القول بالقيمة تبعا لخبر السكوني المتقدم.
(٤) ككلب الدار.
__________________
(وفي كلب الزرع (١) قفيز من طعام) وهو في رواية أبي بصير المتقدمة ، وخصه (٢) بعض الأصحاب
بالحنطة. وهو حسن(ولا تقدير لما عداها (٣) ، ولا ضمان على قاتلها) وشمل إطلاقه (٤) كلب الدار (٥) وهو أشهر القولين فيه ، وفي
رواية أبي بصير عن أحدهما أن في كلب الأهل قفيز من تراب واختاره بعض الأصحاب.
(أما الخنزير (٦) فيضمن للذمي مع الاستتار به بقيمته عند
مستحليه) إن أتلفه. وبأرشه
كذلك إن أعابه(وكذا لو أتلف المسلم عليه) أي على الذمي المستتر. وترك التصريح بالذمي لظهوره ، ولعل
التصريح كان أظهر(خمرا ، أو آلة لهو (٧) مع استتاره) بذلك ، فلو أظهر شيئا منهما فلا ضمان على المتلف مسلما كان
أم كافرا فيهما.
(ويضمن الغاصب (٨) قيمة الكلب السوقية) ، لأنه مؤاخذ بأشق الأحوال. وجانب المالية معتبر في حقه
مطلقا(بخلاف الجاني) فإنه لا يضمن إلا المقدر الشرعي ، وإنما يضمن الغاصب
القيمة(ما لم تنقص عن المقدر الشرعي) فيضمن
______________________________________________________
(١) ذهب المشهور
إلى أن ديته قفيز من بر لرواية أبي بصير المتقدمة وإلى أن المراد بالبر هو الطعام
بل هو خصوص الحنطة واستجوده في المسالك ، وذهب جماعة إلى عدم وجوب شيء لقتله لعدم
الدليل الموجب لذلك ، وذهب الصدوق إلى أن فيه زنبيلا من تراب وعلى القاتل أن يعطي
وعلى صاحب الكلب أن يقبل لمرسل ابن فضال المتقدم.
(٢) أي خص الطعام.
(٣) لما عدا هذه
المذكورات.
(٤) أي إطلاق
المصنف بقوله : لما عداها.
(٥) وذهب ابن
الجنيد إلى أن في كلب الدار زنبيلا من تراب لخبر أبي بصير المتقدم وهو المسمى بكلب
الأهل كما في الرواية.
(٦) فقد تقدم
الكلام فيه.
(٧) لأنها من ذوات
المالية بنظر الذمي المستتر قياسا على الخنزير وإن كان في خبر مسمع المتقدم عدم
الضمان بكسر البربط مطلقا.
(٨) لأن يده يد
عدوان وقد تقدم في كتاب الغصب أخذه بأشق الأحوال ، فمن ثم اختلف حكمه عن حكم
الجاني.
المقدر. وبالجملة
فيضمن الغاصب أكثر الأمرين من القيمة والمقدر الشرعي.
(ويضمن صاحب الماشية جنايتها ليلا ، لا نهارا) (١) على المشهور ، والمستند رواية السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أبيه قال : كان علي عليهالسلام لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويقول على صاحب الزرع حفظه
، وكان يضمن ما أفسدته ليلا ، وروي ذلك عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
(ومنهم) وهم جلة المتأخرين كابن إدريس ، وابن سعيد ، والعلّامة(من اعتبر التفريط) في الضمان(مطلقا) ليلا ونهارا. إما استضعافا للرواية ، أو حملا لها على ذلك (٣).
قال المصنف (٤) :
والحق أن العمل ليس على هذه الرواية ، بل إجماع الأصحاب. ولما كان الغالب حفظ
الدابة ليلا ، وحفظ الزرع نهارا أخرج الحكم عليه وليس في حكم المتأخرين رد لقول
القدماء فلا ينبغي أن يكون الاختلاف هنا إلا في مجرد العبارة عن الضابط أما المعنى
فلا خلاف فيه. انتهى.
ولا يخفى ما فيه (٥)
وكيف كان فالأقوى اعتبار التفريط وعدمه.
______________________________________________________
(١) على المشهور
لرواية عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهالسلام : (كان علي عليهالسلام لا يضمّن ما أفسدت البهائم نهارا ، ويقول : على صاحب الزرع
حفظ زرعه وكان يضمّن ما أفسدت البهائم ليلا) .
وذهب المتأخرون
إلى الضمان مع اعتبار التفريط وعدمه مع العدم بلا فرق بين الليل والنهار لضعف
الخبر المذكور.
(٢) ففي غوالي
اللآلي عن الشهيد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (أنه قضى في ناقة البراء بن عازب لما أفسدت حائطا أن على
أهل الحائط حفظها نهارا وعلى أهل الماشية حفظها ليلا) .
(٣) من كون
التفريط إنما يحدث ليلا من أهل الماشية دون النهار.
(٤) في شرح
الإرشاد.
(٥) قال الشارح في
المسالك : (وظاهر الخلاف معنوي لأن مقتضى التفصيل أن ما جنته البهائم نهارا غير
مضمون على أربابها سواء فرّط في حفظها أو لا ، لأن على صاحب ـ
__________________
(وروى) محمد بن قيس (١) عن أبي جعفر عليهالسلام(في بعير بين أربعة عقله أحدهم فوقع في بئر فانكسر : أن على الشركاء ضمان حصته
، لأنه حفظ وضيعوا روى) ذلك أبو جعفر عليهالسلام(عن أمير المؤمنين) صلوات الله وسلامه عليه وهو مشكل على إطلاقه ، فإن مجرد وقوعه أعم من تفريطهم
فيه ، بل من تفريط العاقل ، ومن ثم أوردها المصنف كغيره بلفظ الرواية.
ويمكن حملها على
ما لو عقله وسلمه إليهم ففرطوا ، أو نحو ذلك والأقوى ضمان المفرط منهم ، دون غيره
، والرواية حكاية في واقعة محتملة للتأويل.
(وليكن هذا آخر اللمعة ، ولم نذكر سوى المهم) من الأحكام(وهو المشهور بين
الأصحاب). هذا بحسب الغالب
، وإلا فقد عرفت أنه ذكر أقوالا نادرة غير مشهورة ، وفروعا غير مذكورة.
______________________________________________________
ـ الزرع حفظه
نهارا ، وأن ما جنته ليلا مضمون مطلقا لأن الحفظ متعلق بمالك البهائم.
ولو فرض عدم
تفريطه في حفظها فإن جنايتها ليلا مضمونة نظرا إلى تعليق الحكم على الليل والنهار
، لا على التفريط وعدمه ، خلاف مدلول اللفظ ، وكيف كان فالرجوع إلى التفريط وعدمه
هو الأظهر).
(١) في الصحيح عن
أبي جعفر عليهالسلام : (قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في أربعة أنفس شركاء في بعير ، فعقله أحدهم فانطلق البعير
يعبث بعقاله فتردى فانكسر ، فقال أصحابه للذي عقله : أغرم لنا بعيرنا ، قال : فقضى
بينهم أن يغرموا له حظه ، من أجل أنه أوثق حظه فذهب حظهم بحظّه منه) .
والحكم بإطلاقه
مشكل لأن مجرد وقوعه أعم من كونه بتفريطهم ، بل ومن تفريط العاقل ، ولذا قال
المحقق في نكت النهاية : «إن صحت هذه الرواية فهي حكاية في واقعة ، ولا عموم
للوقائع ، فلعله عقله وسلمه إليهم ففرطوا ، وغير ذلك» فالأقوى الضمان على المفرّط
دون غيره.
انتهى كتاب الديات
ولله الحمد أولا
وأخيرا
__________________
(والباعث عليه) أي على المذكور والمدلول عليه بالفعل ، أو على تصنيف
الكتاب وإن كان اسمه مؤنثا(اقتضاء) أي طلب(بعض الطلاب) وقد تقدم بيانه(نفعه الله وإيانا
به) وجميع المؤمنين ،
ونفع بشرحه كما نفع بأصله بحق الحق وأهله(والحمد لله وحده
وصلاته على سيّدنا محمّد النبيّ ، وعترته المعصومين الّذين أذهب الله عنهم الرّجس
وطهّرهم تطهيرا).
هذا آخر كلام
المصنف(قدس الله روحه) ، ونحن نحمد الله تعالى على توفيقه وتسهيله لتأليف هذا
التعليق ، ونسأله من فضله وكرمه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، موجبا لثوابه
الجسيم ، وأن يغفر لنا ما قصرنا فيه من اجتهاد ، ووقع فيه من خلل في إيراد إنه هو
الغفور الرحيم.
وفرغ من تسويده
مؤلفه الفقير إلى عفو الله ورحمته «زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي»
عامله الله تعالى بفضله ونعمه وعفا عن سيئاته وزلاته بجوده وكرمه على ضيق المجال ،
وتراكم الأهوال الموجبة لتشويش البال خاتمة ليلة السبت وهي الحادية والعشرون من
شهر جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وتسعمائة من الهجرة النبوية حامدا مصليا. اللهم
صلّ على محمد وآل محمد ، واختم لنا بالخير.
الفهرس
(كتاب الميراث)
كتاب
الميراث................................................................. ٥
تعريف
الإرث................................................................. ٧
الفصل
الأول : في الموجبات والموانع.............................................. ٨
موجب
الأرث............................................................... ١١
موانع
الإرث................................................................. ١١
الكفر...................................................................... ١١
القتل....................................................................... ١٦
الرق....................................................................... ٢٢
اللعان...................................................................... ٢٨
الحمل...................................................................... ٢٩
الغيبة
المنقطعة............................................................... ٣١
حجب
الإرث............................................................... ٣٣
الفصل
الثاني : في السهام وأهله................................................ ٤٦
مسائل
خمس في ميراث الأبوين والأولاد......................................... ٦٧
الأولى
: في إرث الأبوين...................................................... ٦٧
الثانية
: في إرث الأولاد....................................................... ٧٥
الثالثة : إرث
أولاد الأولاد.................................................... ٧٥
الرابعة
: في الحياة............................................................ ٧٨
الخامسة
: استحباب طعمة الأجداد............................................ ٨٨
القول
في ميراث الأجداد والأخوة............................................... ٩١
إرث
الأجداد................................................................ ٩٢
إرث
الأخوة والأخوات........................................................ ٩٤
لو
اجتمع الأخوة والأجداد.................................................... ٩٩
منع
الإرث عن الجد والأخ................................................... ١٠٣
اجتمع
الزوج مع الأخوة والأجداد............................................. ١٠٤
لو
ترك ثمانية أجداد......................................................... ١٠٥
القول
في ميراث الأعمام والأخوال وأولادهم.................................... ١٠٩
الأعمام
والعمات........................................................... ١٠٩
الأخوال
والخالات.......................................................... ١١١
اجتماع
الأعمام والأخوال.................................................... ١١٢
الزوج
مع الأعمام والأخوال.................................................. ١١٤
الفرق
بين العمومة والخؤولة للأب والأم........................................ ١١٨
أبناء
الأعمام والأخوال...................................................... ١٢٠
القول
في ميراث الأزواج..................................................... ١٢٤
الفصل
الثالث في الولاء..................................................... ١٣٧
ولاء
الأعناق............................................................... ١٣٧
ولاء
ضمان الجزيرة.......................................................... ١٤٦
ولاء
الإمامة............................................................... ١٤٨
الفصل
الرابع : في التوابع.................................................... ١٥٠
ميراث
الخنثى.............................................................. ١٥٠
من
ليس له فرج............................................................ ١٦٠
من
له رأسان وبدنان........................................................ ١٦٢
ميراث
الحمل.............................................................. ١٦٥
ميرات
ولد الملاعنة......................................................... ١٦٦
ميراث
ولد الزنا............................................................ ١٦٨
لا
عبرة بالتبري من النسب.................................................. ١٦٩
ميراث
الغرقى والمهدوم عليهم................................................. ١٧٠
ميراث
الجوس.............................................................. ١٧٧
مخارج
الفروض............................................................. ١٨٠
كيفية
توزيع التركة.......................................................... ١٨٥
مسألة
العول............................................................... ١٩٥
زيادة
الفريضة على السهام................................................... ١٩٥
في
المناسخات.............................................................. ١٩٦
(كتاب الحدود)
كتاب
الحدود.............................................................. ٢٠١
الفصل
الأول : حد الزنا.................................................... ٢٠٢
تعريف
الزنا................................................................ ٢٠٣
قيود
حد الزنا.............................................................. ٢٠٥
ما
يثبت به الزنا............................................................ ٢١٢
البينة
على الزنا............................................................. ٢١٧
أقسام
حد الزنا............................................................. ٢٢٥
القتل
بالسيف............................................................. ٢٢٥
الرجم..................................................................... ٢٣١
الجلد..................................................................... ٢٥٢
الجلد
والجز والتغريب........................................................ ٢٥٦
خمسون
جلدة.............................................................. ٢٥٩
الحد
المبعض............................................................... ٢٦١
الضغث................................................................... ٢٦١
الجلد
وزيادة................................................................ ٢٦٣
لو
شهد بالبكارة بعد شهادة الزنا............................................. ٢٦٤
من
افتض بكرا باصبعه...................................................... ٢٧٠
في
التقبيل والمضاجعة والتمزيز................................................ ٢٧٤
لو
أقر بحد ثم تاب......................................................... ٢٧٨
الفصل
الثاني : في اللواط والسحق والقيادة..................................... ٢٧٩
اللواط.................................................................... ٢٨٠
السحق................................................................... ٣٨٩
القيادة.................................................................... ٢٩٣
الفصل
الثالث : في القذف.................................................. ٢٩٦
سبب
النبي والأئمة عليهم السلام............................................. ٣١٩
مدعي
النبوة............................................................... ٣٢١
الساحر................................................................... ٣٢٢
الفصل
الرابع : في الشرب................................................... ٣٢٣
حد
معتقد حل النبيذ....................................................... ٣٣٧
من
قتله الحد أو التعزيز...................................................... ٣٤١
الفصل
الخامس : السرقة.................................................... ٣٤٣
مسائل
في السرقة........................................................... ٣٥٧
الفصل
السادس : في المحاربة................................................. ٣٨٧
الفصل
السابع : في عقوبات متفرقة........................................... ٤٠١
إتيان
البهيمة.............................................................. ٤٠١
وط
الأموات............................................................... ٤١٥
الاستمناه................................................................. ٤١٧
الاتداد.................................................................... ٤١٩
(كتاب القصاص)
كتاب
القصاص........................................................... ٤٣٩
قصاص
النفس............................................................. ٤٤٠
موجب
القصاص........................................................... ٤٤١
تعريف
العمد.............................................................. ٤٤٣
مسائل
في القصاص........................................................ ٤٥٤
لو
أكرهه على القتل........................................................ ٤٥٤
لو
اشترك في قتله جماعة..................................................... ٤٥٦
لو
اشترك في قتله نساء...................................................... ٤٥٨
لو
اشترك في قتله حر وعيد.................................................. ٤٦٢
شرائط
القصاص........................................................... ٤٦٥
التساوي
في الحرية والرقية.................................................... ٤٦٥
التساوي
في الدين.......................................................... ٤٨٤
انتفاء
الأبوة................................................................ ٤٩٣
كمال
العقل............................................................... ٤٩٤
أن
يكون المقتول محقون بالدم................................................ ٤٩٧
القول
في ما يثبت به القتل................................................... ٤٩٨
الإقرار
بالقتل.............................................................. ٤٩٩
البينة..................................................................... ٥٠٢
القسامة................................................................... ٥٠٤
٢ ـ قصاص الطرف...................................................... ٥١١
٣ ـ لواحق القصاص..................................................... ٥٢٦
(كتاب الديات)
كتاب
الديات............................................................. ٥٤٤
الفصل
الأول : مورد الدية................................................... ٥٤٥
مسائل
في الدية............................................................ ٥٥٨
١ ـ من دعا غيره ليلاً.................................................... ٥٥٨
٢ ـ لو انقلبت الظئر فقتلت الولد.......................................... ٥٦٤
٣ ـ لو ركبت جارية أخرى فنسختها ثالثة................................... ٥٦٥
٤ ـ من وطأ امرأة وقتل ولدها فقتلته........................................ ٥٦٧
٥ ـ يضمن معلم السباحة الصغير.......................................... ٥٧٤
٦ ـ لو وقع حائطه المائل مع علمه بميله..................................... ٥٧٦
٧ ـ لو أجج ناراً في ملكه................................................. ٥٨٠
٨ ـ لو فرط في حفظ دابته فجنت على أخرى............................... ٥٨١
٩ ـ يضمن راكب الدابة ما تجنيه........................................... ٥٨٣
١٠ ـ يضمن المباشر لو جامعه السبب...................................... ٥٨٦
١١ ـ لو وقع واحد بزبية فتعلق بثان والثاني بثالث............................ ٥٨٧
الفصل
الثاني : في التقديرات................................................. ٥٩١
في
النفس................................................................. ٥٩١
دية
الذمي والذمية.......................................................... ٦٠٢
دية
المملوك................................................................ ٦٠٣
في
شعر الرأس............................................................. ٦٠٦
في
شعر الحاجبين........................................................... ٦٠٧
في
العينين................................................................. ٦٠٩
في
الأجفان................................................................ ٦١٠
في
الأنف................................................................. ٦١٤
في
الشفتين................................................................ ٦١٦
في
اللسان................................................................. ٦١٩
في
الأسنان................................................................ ٦٢٢
في
اللحيين................................................................ ٦٢٦
في
العنق.................................................................. ٦٢٧
في
اليدين والأصابع......................................................... ٦٢٧
في
الظهر إذا كسر.......................................................... ٦٣٢
في
النخاع................................................................. ٦٣٤
في
الثديين................................................................. ٦٣٤
في
الذكر والحشفة.......................................................... ٦٣٥
في
الخصيتين............................................................... ٦٣٦
في
الشفرين................................................................ ٦٣٨
في
الإفضاء................................................................ ٦٣٩
في
الآليين................................................................. ٦٤١
في
الرجلين................................................................ ٦٤١
في
الترقوة.................................................................. ٦٤٢
في
كسر عظم من عضو..................................................... ٦٤٣
في
الضلع................................................................. ٦٤٦
لو
ضرب عجانة........................................................... ٦٤٥
من
افتض بكرا بإصبعه...................................................... ٦٤٦
من
داس بطن انسان حتى أحدث............................................. ٦٤٦
القول
في دية المنافع......................................................... ٦٤٧
في
ذهاب العقل............................................................ ٦٤٧
في
ذهاب السمع........................................................... ٦٤٨
في
ذهاب الإبصار.......................................................... ٦٥٠
في
إبطال الشم............................................................. ٦٥٢
في
الذوق................................................................. ٦٥٤
في
تعذر الإنزال............................................................ ٦٥٥
في
سلس البول............................................................. ٦٥٦
في
إذهاب الصوت......................................................... ٦٥٧
الفصل
الثالث : الشجاع وتوابعها............................................ ٦٥٧
توابع
الشجاج.............................................................. ٦٦١
النافذة
في أحد التخزين..................................................... ٦٦٢
في
شق الشفتين............................................................ ٦٦٢
في
احمرار الوجه واسوداده واخضراره........................................... ٦٦٣
معنى
الحكومة والأرش....................................................... ٦٦٦
من
لا ولي له.............................................................. ٦٦٧
الفصل
الرابع : في التوابع.................................................... ٦٦٨
دية
الجنين................................................................. ٦٦٨
في
أعضاء الجنين........................................................... ٦٧٤
في
قطع رأس الميت المسلم................................................... ٦٧٥
في
العاقلة................................................................. ٦٧٨
في
الكفارة................................................................. ٦٨٦
في
الجناية على الحيوان....................................................... ٦٨٧
|