كتاب الطلاق (١)

وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض (٢) بصيغة «طالق» (٣) (وفيه فصول).

الفصل الأول

(في أركانه وهي) أربعة(الصيغة ، والمطلّق ، والمطلّقة ، والاشهاد) على الصيغة ،

(واللفظ الصريح) من الصيغة (٤) (أنت ، أو هذه ، أو فلانة) ويذكر

______________________________________________________

(١) هو لغة حلّ القيد ، ويطلق على الإرسال والترك فيقال : ناقة طالق أي مرسلة ترعى حيث تشاء ، وطلّقت القوم إذا تركتهم ، وشرعا إزالة قيد النكاح بصيغة طالق وشبهها.

(٢) ليخرج الخلع والمباراة ، فإنهما بعوض.

(٣) ليخرج الفسخ بالعيب والتدليس.

(٤) لا إشكال ولا خلاف في أن النكاح بعد وقوعه عصمة مستفادة من الشرع ولا تزول إلا بما جعلها الشارع رافعا لها ، فيجب التوقف على موضع الرفع والاذن ، ولا ريب أن الطلاق قد شرّع للرفع فيلزم في الطلاق الاقتصار فيه على المأذون الشرعي فقط ، هذا والبحث في ثلاث جهات.

(الأولى) : المشهور على تعيين الزوجة المطلقة لفظا أو نية ، وإلا فمع عدم التعيين لا طلاق لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو أو خليّة ، قال عليه‌السلام : هذا كله ليس بطلاق ، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي ، يريد بذلك الطلاق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين) (١) ، وهو ظاهر في اعتبار اليقين ، وخبر محمد بن أحمد بن مطهر (كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام : إني تزوجت أربعة نسوة ولم أسأل عن أسمائهن ثم إني أردت طلاق إحداهن و

تزويج امرأة أخرى؟ فكتب عليه‌السلام : أنظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهن فتقول : اشهدوا أن فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ، ثم تزوج الأخرى إذا انقضت العدة) (٢) ، وهو نص في التعيين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث ٣.


اسمها ، أو ما يفيد التعيين ، (أو زوجتي (١) مثلا طالق). وينحصر عندنا في هذه اللفظة (٢) (فلا يكفي أنت طلاق) وإن صح إطلاق المصدر على اسم الفاعل

______________________________________________________

ومنهما تعرف ضعف ما عن الشيخ في المبسوط وابن البراج والمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والشهيد في شرح القواعد عدم الاعتبار ، فلو كان له زوجتان وقال : إحدى زوجتيّ طالق ، ولم ينو طلاق واحدة معينة صح وتستخرج بالقرعة كما عليه المحقق في الشرائع ، لأن القرعة لكل أمر مشكل ، أو يرجع إلى تعيينه كما عليه العلامة في القواعد.

والتعيين إما باسمها لفظا المميز لها عن غيرها ، أو بالإشارة الرافعة للاشتراك ، أو بذكر زوجتي حيث لا غيرها ، وسيأتي البحث في الجهتين الباقيتين.

(١) حيث لا يكون غيرها.

(٢) الجهة الثانية من البحث أن صيغة الطلاق منحصرة في مادة الطلاق على المشهور ، فلو قال الزوج : أنت خليّة من الزوج أو بريئة منه أو حبلك على غاربك أو ألحقي بأهلك أو بائنة أو حرام أو بتة ، أي مقطوعة الزوجية ، أو بتلة أي متروكة النكاح ، أو اغربي عني أو اذهبي أو اخرجي وما شابه من هذه الألفاظ غير مادة الطلاق لم يقع الطلاق سواء نوى الطلاق أم لا ، للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم المتقدم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو خلية ، قال عليه‌السلام : هذا كله ليس بشي‌ء ، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي يريد بذلك الطلاق ويشهد على ذلك رجلين عدلين) (١) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت منّي خليّة أو برية أو بتة أو بائن أو حرام؟ قال عليه‌السلام : ليس بشي‌ء) (٢) ومثلها غيرها.

وعن ابن الجنيد والشارح في المسالك وقوعه بلفظ (اعتدي) لصحيح محمد بن مسلم المتقدم ، ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الطلاق أن يقول لها : اعتدّي أو يقول لها : أنت طالق) (٣) ، والأول قد رواه العلامة في المختلف كما عن جامع البزنطي بدون لفظ (اعتدي) ، وهما موافقان للعامة ومعارضان بما دل على الحصر بمادة الطلاق كخبر ابن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤.


وقصده (١) فصار (٢) بمعنى طالق وقوفا (٣) على موضع النص ، والاجماع ، واستصحابا للزوجية ، ولأن المصادر إنما تستعمل في غير (٤) موضوعها مجازا وإن كان في اسم الفاعل شهيرا. وهو (٥) غير كاف في استعمالها (٦) في مثل

______________________________________________________

سماعة قال : (ليس الطلاق إلا كما روى بكير بن أعين أن يقول لها وهي طاهر من غير جماع : أنت طالق ، ويشهد شاهدي عدل ، وكل ما سوى ذلك فهو ملغى) (١).

ومنه تعرف ضعف ما عن الشهيد من توسعة صيغة الطلاق لتشمل الكتابات الظاهرة في إرادة معنى الطلاق ، ومن التوسعة ليشمل الألفاظ الصريحة في الطلاق كالتسريح والفراق وما شاكل تمسكا بعموم الأدلة الدالة على الطلاق من غير تقييد.

والجهة الثالثة من البحث أن تكون الصيغة بالجملة الاسمية على نحو (أنت طالق) أو زوجتي أو هذه بما يفيد التعيين ، فلا يكفي : أنت طلاق أو مطلقة وما شاكل ذلك ، وخالف الشيخ في موردين :

الأول : إنه يقع الطلاق بقوله : أنت مطلّقة كما عن المبسوط.

الثاني : إنه يقع الطلاق ما لو سئل الزوج هل طلقت امرأتك فيقول : نعم ، ووافقه في الثاني بعض أتباعه والعلامة والمحقق وصاحب الحدائق.

ويشهد للمشهور النصوص الحاصرة لصيغة الطلاق بصيغة (طالق) مع إضافة ما يعيّن المطلقة ، ولم يستدل الشيخ على ما ذهب إليه من وقوعه بلفظ (أنت مطلقة ، مع أنه أشبه بالإخبار منه إلى الإنشاء.

نعم استدل الشيخ وتابعوه في المورد الثاني بخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (في الرجل يقال له : أطلقت امرأتك؟ فيقول : نعم ، قال عليه‌السلام : قد طلقها حينئذ) (١) ، وهو مع ضعف سنده غير صالح لمعارضة ما تقدم من النصوص الدالة على الحصر.

(١) أي قصد اسم الفاعل من المصدر

(٢) أي المصدر.

(٣) تعليل لعدم كفاية المصدر.

(٤) وهو الأعيان هنا.

(٥) أي المجاز المشهور.

(٦) استعمال المصادر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٦.


الطلاق (١).

ولا من المطلّقات ، (ولا مطلّقة (٢) ، ولا طلّقت (٣) فلانة على قول مشهور) لأنه (٤) ليس بصريح فيه (٥) ، ولأنه إخبار ، ونقله (٦) إلى الإنشاء على خلاف الأصل فيقتصر فيه (٧) على موضع الوفاق ، وهو صيغ العقود فاطراده (٨) في الطلاق قياس ، والنص دلّ فيه (٩) على طالق ، ولم يدل على غيره فيقتصر عليه (١٠) ، ومنه يظهر جواب ما احتج به القائل بالوقوع وهو الشيخ في أحد قوليه استنادا إلى كون صيغة الماضي في غيره (١١) منقولة إلى الإنشاء ، ونسبة المصنف البطلان إلى القول مشعر بميله إلى الصحة.

(ولا عبرة) عندنا(بالسراح والفراق) وإن عبّر عن الطلاق بهما في القرآن الكريم بقوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ) (١٢) ، (أَوْ فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (١٣) ، لأنهما عند الإطلاق لا يطلقان عليه (١٤) فكانا كناية عنه ، لا صراحة فيهما. والتعبير بهما (١٥) لا يدلّ على جواز ايقاعه بهما.

______________________________________________________

(١) لأنه أمر توقيفي.

(٢) ردّ على الشيخ.

(٣) لم أجد من خالف فيه إلا ما نسبه الشارح هنا إلى الشيخ في أحد قوليه ، مع أنه في المسالك قد جزم بأن الشيخ لا يقول بالصحة فيه.

(٤) أي القول الأخير (طلّقت فلانة).

(٥) في الطلاق.

(٦) أي نقل الأخبار في صيغة الماضي.

(٧) في النقل.

(٨) أي اطراد النقل.

(٩) في الطلاق.

(١٠) على الطلاق.

(١١) غير الطلاق.

(١٢) سورة البقرة آية : ٢٢٩.

(١٣) سورة الطلاق آية : ٣٠.

(١٤) على الطلاق.

(١٥) عن الطلاق كما ورد في القرآن.


(و) كذا(الخلية والبرية) وغيرهما من الكنايات كالبتة ، والبتلة ، وحرام ، وبائن ، واعتدّي(وإن قصد الطلاق) لأصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت شرعا ما يزيله.

(وطلاق الأخرس بالإشارة) المفهمة له (١) ، (والقاء القناع) على رأسها

______________________________________________________

(١) للطلاق ، اعلم أن المشهور على اشتراط العربية في صيغة الطلاق ، لأن الأصل عصمة الفروج واستصحاب حكم العقد إلى أن يثبت المزيل ، والمتيقن من المزيل هو الطلاق بالعربية كما هو الوارد في النصوص الحاصرة المتقدمة.

وعن الشيخ في النهاية وجماعة الاجتزاء بغير العربية مما هو مرادف لصيغة (أنت طالق) لخبروهب بن وهب المعروف بالكذب عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (كل طلاق بكل لسان فهو طلاق) (١) ، وهو مع ضعف السند لا جابر له ، ثم لا يقع الطلاق بالإشارة بلا خلاف فيه ، للأصل وظاهر النصوص السابقة الدالة على حصر الطلاق بالصيغة ، إلا مع العجز عن النطق ، فيقع حينئذ بالإشارة المفهمة لإرادة إنشاء الطلاق ، ولذا يصح طلاق الأخرس وعقده وإيقاعه بالإشارة الدالة على ذلك بلا إشكال ولا خلاف ، للأخبار.

منها : صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم ، قال : أخرس هو؟ قلت : نعم ، ويعلم منه بغضّ لامرأته وكراهة لها ، أيجوز أن يطلّق عنه وليّه؟ قال : لا ، ولكنه يكتب على ذلك ، قلت : فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلّقها؟ قال : بالذي يعرف به من أفعاله ، مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها) (٢) ، وخبر السكوني (طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها ويعتزلها) (٣) ، وخبر أبان بن عثمان (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن طلاق الأخرس؟ قال : يلفّ قناعها على رأسها ويجذبه) (٤) ، وخبر يونس (في رجل أخرس كتب في الأرض بطلاق امرأته ، قال : إذا فعل فيها قبل الطهر بشهور وفهم عنه كما يفهم عن مثله ، ويريد الطلاق ، جاز طلاقه على السّنّة) (٥) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها ثم يعتزلها) (٦).

نعم في صحيح البزنطي تقديم الكتابة على الإشارة ، ولأنها أضبط وأدل على المراد ولذا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣ و ٢ و ٤ و ٥.


ليكون (١) قرينة على وجوب سترها منه (٢) ، والموجود في كلام الأصحاب الإشارة خاصة (٣) ، وفي الرواية (٤) القاء القناع فجمع المصنف بينهما (٥) ، وهو (٦) أقوى دلالة.

والظاهر أن القاء القناع من جملة الإشارات ، ويكفي منها (٧) ما دلّ على قصده (٨) الطلاق كما يقع غيره من العقود ، والايقاعات ، والدعاوى ، والأقارير.

(ولا يقع) الطلاق(بالكتب (٩)

______________________________________________________

قدمها ابن إدريس على الإشارة ، وعن الصدوقين اعتبار إلقاء القناع على رأس المرأة حتى يرى أنها قد حرمت عليه تبعا للوارد في خبر السكوني وخبر أبان وخبر أبي بصير ، ومنهم من خيّر بين الإشارة وبين إلقاء القناع ، ومنهم من جمع بينهما ، والحق الاكتفاء بالإشارة المفهمة لصحيح البزنطي الدال على كفاية كل فعل يعرف به ، مع حمل إلقاء القناع على أنه من جملة أفراد الإشارة.

(١) الإلقاء.

(٢) أي وجوب ستر المرأة من الأخرس.

(٣) من دون ذكر إلقاء القناع ، ولكن قد عرفت كلام الصدوقين من الحصر بالإلقاء.

(٤) قد تقدم ذكرها ، وقد عرفت صحيح البزنطي الدال على كفاية مطلق الإشارة.

(٥) بين الإشارة وإلقاء القناع.

(٦) أي الجمع.

(٧) من الإشارة.

(٨) بلا حاجة إلى الجمع بين الإشارة والإلقاء.

(٩) لا خلاف في عدم وقوع الطلاق بالكتابة من الحاضر القادر على النطق ، كما أنه لا خلاف من وقوع الطلاق بالكتابة من الحاضر العاجز عن النطق على ما تقدم دليله في طلاق الأخرس ، وإنما الخلاف في صحة الطلاق بالكتابة من الغائب عن زوجته إذا كان قادرا على النطق ، والمشهور على العدم وهو مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا عليه الإجماع ، ويشهد لهم صحيح زرارة (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل كتب بطلاق امرأته أو عتق غلامه ثم بدا له فمحاه ، قال عليه‌السلام : ليس ذلك بطلاق ولا عتاق حتى يتكلم به) (١) ، وصحيحه الآخر المضمر (سألته عن رجل كتب إلى امرأته بطلاقها أو كتب بعتق مملوكه ولم ينطق به لسانه ، قال : ليس بشي‌ء حتى ينطق به) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢ و ١.


بفتح الكاف مصدر كتب كالكتابة (١) من دون تلفّظ ممن يحسنه (٢) (حاضرا) كان الكاتب ، (أو غائبا) على أشهر القولين (٣) ، لأصالة بقاء النكاح ، ولحسنة (٤) محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام «إنما الطلاق أن يقول : أنت طالق» الخبر ، وحسنة (٥) زرارة عنه عليه‌السلام في رجل كتب بطلاق امرأته قال : «ليس ذلك بطلاق».

وللشيخ قول بوقوعه به (٦) للغائب ، دون الحاضر ، لصحيحة أبي حمزة الثمالي عن الصادق عليه‌السلام «في الغائب لا يكون طلاق حتى ينطق به لسانه ، أو يخطه بيده ، وهو يريد به الطلاق». وحمل (٧)

______________________________________________________

وعن الشيخ في النهاية وقوعه ، وتبعه عليه ابنا حمزة والبراج والشارح في المسالك لصحيح أبي حمزة الثمالي (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، أو اكتب إلى عبدي بعتقه ، يكون ذلك طلاقا أو عتقا؟

قال عليه‌السلام : لا يكون طلاقا ولا عتقا حتى ينطق به لسانه أو يخطّه بيده وهو يريد الطلاق أو العتق ، ويكون ذلك منه بالأهلة والشهور ، ويكون غائبا عن أهله) (١).

هذا وقال في المسالك : (وأجيب بحمله على حالة الاضطرار ويكون لفظة (أو) للتفصيل لا للتخيير ، وفيه نظر ، لأن الرواية صريحة في أن المطلّق يقدر على التلفظ ، لأنه قال : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، فلا وجه لحمله على حالة الاضطرار ، لأن من قدر على هذا اللفظ قدر على قول : هي طالق) انتهى ، هذا وقد حمل صحيح الثمالي على التقية لموافقته العامة الذين أوقعوا الطلاق بالكتابة كالكناية ، لأنها أحد الخطابين وأحد اللسانين المعربين عما في الضمير ، ومنه تعرف ضعف ترجيح الشارح لهذا الخبر كما في المسالك.

(١) فهي أيضا مصدر.

(٢) أي يحسن التلفظ.

(٣) في الغائب.

(٤) قد جعلها حسنة لاشتمال سندها على إبراهيم بن هاشم وهو ممن لم يمدح ولم يذم ، وقد تقدم ذكرها عند البحث في مادة الصيغة وجعلناها صحيحة ، لأنه من شيوخ الإجازة ، وهذا ما يغني عن التوثيق.

(٥) كذلك حسنة عنده لاشتمال سندها على إبراهيم بن هاشم ، ونحن قد جعلناها صحيحة لما تقدم.

(٦) أي بوقوع الطلاق بالكتب.

(٧) أي الصحيح المذكور.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.


على حالة الاضطرار جمعا (١).

ثم على تقدير وقوعه (٢) للضرورة (٣) ، أو مطلقا (٤) على وجه (٥) الشاهدين لكتابته حالتها (٦) ، لأن ذلك (٧) بمنزلة النطق بالطلاق فلا يتم إلا بالشاهدين ، وكذا يعتبر رؤيتهما (٨) إشارة العاجز ، (ولا بالتخيير (٩) للزوجة بين الطلاق

______________________________________________________

(١) أي جمعا بين الأخبار ، وقد عرفت ما في هذا الجمع.

(٢) أي وقوع الطلاق بالكتابة.

(٣) كما هو مقتضى الجمع.

(٤) من غير التقييد بالضرورة كما هو مذهب الشيخ.

(٥) وهو حال غياب الزوج عن زوجته ، هذا واعلم أنه على القول بالاكتفاء بالكتابة فلا بدّ أن يكتب الطلاق بخطه حتى يقع كما صرح بذلك في الصحيح المتقدم حيث قال عليه‌السلام (لا يكون طلاقا أو عتقا حتى ينطق به لسانه أو يخطه بيده) ، وعليه فلا يكفي كتابة غيره وإن أمره بذلك ، ثم على هذا القول فلا بدّ من قصد الطلاق بالكتابة مع حضور شاهدين يشاهدان الكتابة ، ولكن هل يشترط رؤيتهما حال الكتابة أم تكفي روايتهما للكتابة ولو بعد الانتهاء منها وجهان ، واستجود الشارح الأول ، لأن الطلاق بالكتابة كالطلاق باللفظ ، وكما تعتبر الشهادة حين النطق فتعتبر كذلك حين الكتابة لا بعدها.

(٦) أي حالة الكتابة.

(٧) أي الطلاق بالكتابة.

(٨) أي رؤية الشاهدين لإشارة العاجز حال صدورها.

(٩) إذا خيّر الزوج زوجته بين الطلاق والبقاء ، فإنه يقع الطلاق لو اختارت نفسها والفراق كما عند العامة ، وقد اختلفت فيه كلمات أصحابنا ، والأصل فيه قوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا وَزِينَتَهٰا فَتَعٰالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرٰاحاً جَمِيلاً ، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ وَالدّٰارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللّٰهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنٰاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (١).

والمشهور على أن اختيار نفسها بقصد الطلاق بعد تخييره لها لا حكم له ، لأن النكاح عصمة مستفادة من الشارح ولا ترفع إلا بما ثبت أنه رافع ، ولا دليل هنا على كون التخيير المذكور رافعا ، وللأخبار.

منها : موثق العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل خيّر امرأته فاختارت

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآيتان : ٢٨ ، ٢٩.


والبقاء ، بقصد الطلاق(وإن اختارت نفسها في الحال) على أصح القولين ، لما

______________________________________________________

نفسها بانت منه؟ قال عليه‌السلام : لا إنما هذا شي‌ء كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة ، أمر بذلك ففعل ، ولو اخترن أنفسهن لطلّقهن ، وهو قول الله عزوجل : ((قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا وَزِينَتَهٰا فَتَعٰالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرٰاحاً جَمِيلاً)) (١) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الخيار فقال : وما هو وما ذاك ، إنما ذاك شي‌ء كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) ، وخبره الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل إذا خيّر امرأته قال : إنما الخيرة لنا ليس لأحد ، وإنما خيّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمكان عائشة ، فاخترن الله ورسوله ولم يكن لهنّ أن يخترن غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٣) ، وخبره الثالث (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني سمعت أباك يقول : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّر نسائه ، فاخترن الله ورسوله فلم يمسكهنّ على طلاق ، ولو اخترن أنفسهن لبنّ ، فقال : إن هذا حديث كان يرويه أبي عن عائشة ، وما للناس والخيار ، إنما هذا شي‌ء خصّ الله به رسوله) (٤)ومثلها غيرها.

وعن ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمرتضى وظاهر الصدوق وقوع الفرقة للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا خيّرها وجعل أمرها بيدها في قبل عدتها من غير أن يشهد شاهدين فليس بشي‌ء ، وإن خيّرها وجعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق برجعتها ، وإن اختارت زوجها فليس بطلاق) (٥)، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يخيّر امرأته أو أباها أو أخاها أو وليّها فقال : كلهم بمنزلة واحدة إذا رضيت) (٦) ، وصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : قد جعلت الخيار إليك فاختارت نفسها قبل أن تقوم؟ قال عليه‌السلام : يجوز ذلك عليه) (٧)، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : رجل خيّر امرأته ، فقال : إنما الخيار ما داما في مجلسهما فإذا تفرقا فلا خيار لها) (٨)، وصحيح حمران (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : المخيّرة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما ، لأن العصمة ـ بينهما خ ل ـ قد بانت منها ساعة كان ذلك منها ومن الزوج) (٩) ومثلها غيرها من النصوص أيضا.

وقد رجّح الشارح في المسالك الطائفة الثانية لأنها أكثر عددا وأصح سندا وأظهر دلالة ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٢ و ٣ و ١٤.

(٦ و ٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١٦ و ١٧ و ١٢ و ١١.


مر (١) ، وقول الصادق عليه‌السلام (٢) «ما للناس والخيار إنما هذا شي‌ء خصّ الله به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» وذهب ابن الجنيد إلى وقوعه به (٣) لصحيحة حمران عن الباقر عليه‌السلام «المخيّرة تبين من ساعتها من غير طلاق» وحملت على تخييرها (٤) بسبب

______________________________________________________

وفيه أن الترجيح للأولى لأن الترجيح بصفات الراوي إنما هو بعد الترجيح بالشهرة ، وبعد فقدان المرجح الدلالتي ، وهنا تحمل الطائفة الثانية على التقية لموافقتها للعامة فلذا اعرض عنها المشهور ، وقد حمل العلامة في المختلف أخبار الوقوع على ما إذا طلقت بعد التخيير كما يشعر به قوله عليه‌السلام في موثق العيص المتقدم (ولو اخترن أنفسهن لطلقهن) ، إلا أنه حمل غير سديد ، لأن ذلك لا يقتضي كون التخيير على النور وأنه يقع في المجلس كما في خبر زرارة المتقدم وغيره.

ثم على القول بوقوع الطلاق بهذا التخيير ، فهل يقع رجعيا كما في صحيح محمد بن مسلم المتقدم وإليه ذهب ابن أبي عقيل ، أو يقع بائنا لخبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : (إذا اختارت نفسها فهي تطليقة بائنة ، وهو خاطب من الخطاب ، وإن اختارت زوجها فلا شي‌ء) (١) ، وخبر يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا ترث المخيّرة من زوجها شيئا في عدتها ، لأن العصمة قد انقطعت فيما بينها وبين زوجها من ساعتها ، فلا رجعة له عليها ولا ميراث بينهما) (٢) ، وقد نسب إلى بعضهم ، وقد جمع ابن الجنيد بين الأخبار أنه إذا وقع التخيير بعوض كان بائنا ، وإلا كان رجعيا.

وعلى القول بالوقوع فيقع الطلاق عند قولها : اخترت نفسي أو الفراق أو الطلاق كما هو ظاهر النصوص المتقدمة ، ويشترط فيه ما يشترط في الطلاق من عدم كونها في الحيض ووقوعه في طهر غير المواقعة وحضور شاهدين للتصريح به في بعض الأخبار المتقدمة.

وعلى القول بالوقوع يشترط وقوع اختيار المرأة في نفس مجلس الخيار وبه أفتى ابن أبي عقيل ، ويشهد له خبر زرارة المتقدم ، ثم هذا كله إذا لم يكن تخييره إياها على نحو التوكيل في الطلاق إن شاءت ، وإلا فيكون جائزا عند من جوّز وكالة المرأة فيه.

(١) من أصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت المزيل شرعا.

(٢) كما في الخبر الثالث لمحمد بن مسلم المتقدم.

(٣) أي وقوع الطلاق بتخيير الزوجة.

(٤) أي تخيير الزوجة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٩ و ١٠.


غير الطلاق كتدليس ، وعيب جمعا (١).

(ولا معلقا (٢) على شرط) وهو (٣) ما أمكن وقوعه ، وعدمه (٤) كقدوم المسافر ، ودخولها الدار ، (أو صفة) وهو (٥) ما قطع بحصوله عادة كطلوع الشمس وزوالها. وهو (٦) موضع وفاق منا ، إلا أن يكون الشرط (٧) معلوم الوقوع له (٨) حال الصيغة (٩) كما لو قال : أنت طالق إن كان الطلاق يقع بك ، وهو يعلم وقوعه على الأقوى (١٠) ، لأنه (١١)

______________________________________________________

(١) لم أعثر على من ذهب إلى هذا الحمل ، على أن صريح أخبار الوقوع تنافيه.

(٢) أي ولا يقع الطلاق معلقا على شرط ، يشترط في الطلاق تجرد صيغته عن الشرط ، وهو ما أمكن وقوعه وعدمه كقدوم المسافر ، وتجرده عن الصيغة ، وهي ما قطع بحصولها عادة لطلوع الشمس ، بلا خلاف فيه ، وقد ادعى عليه الإجماع كما في الانتصار والإيضاح والتنقيح والسرائر ، وليس عليه نص خاص كما اعترف بذلك الشارح في المسالك وغيره في غيره ، نعم استدل عليه في الجواهر بظهور النصوص الحاصرة عليه ، وقد تقدم بعضها ، واستدل عليه بأن التعليق مناف للجزم المعتبر في الإنشاء فلذا اشترط التنجيز في العقود والإيقاعات مطلقا ، ولأن النكاح أمر ثابت متحقق فلا يزول إلا بسبب متحقق ، وهو وقوع الطلاق من غير تعليق ، لأنه مع التعليق يكون سببا مشكوكا والأصل عدمه.

(٣) أي الشرط.

(٤) أي وعدم الوقوع.

(٥) أي الصفة ، وقد ذكّر الضمير باعتبار المذكور.

(٦) عدم وقوع الطلاق معلقا.

(٧) وكذا الصفة ، إلا أن يكون المراد بالشرط هنا الأعم.

(٨) للزوج.

(٩) بخلاف ما تقدم فالصفة غير واقعة حال الصيغة.

(١٠) ذهب الشيخ إلى البطلان نظرا إلى صورة الشرط وردّ بأن التعليق على الشرط يبطل الصيغة من حيث عدم التنجيز ، فلو علّقه على أمر حاصل حين الطلاق وهو عالم بالحصول فلا ينافي التنجيز حينئذ ، بل الشرط المذكور لا يرد منه التعليق المنافي للتنجيز ، بل مثله يساق لبيان إرادة الوقوع البتة كما في قول القائل : أما بعد فإني فاعل ، والمعنى مهما يكن من شي‌ء فإني فاعل ، وأي شي‌ء يكن في الدنيا.

(١١) أي الطلاق.


حينئذ (١) غير معلق ، ومن الشرط تعليقه (٢) على مشيئة الله تعالى (٣).

(ولو فسر الطلقة بأزيد من الواحدة (٤) كقوله : أنت طالق ثلاثا(لغا)

______________________________________________________

(١) أي حين كون الشرط معلوم الوقوع للزوج حال الصيغة.

(٢) أي تعليق الطلاق.

(٣) نعم لا بأس بذلك إن كان للتبرك لا للتعليق.

(٤) لو فسر الطلقة باثنين أو ثلاثة كأن يقول : أنت طالق اثنين أو ثلاثة ، فقد اتفقوا على عدم وقوع أكثر من طلقة واحدة ، ولكن هل يقع طلقة واحدة كما عن الشيخ في النهاية والمرتضى في أحد قوليه والحلي والمحقق والعلامة وهو المشهور سيما عند المتأخرين ، أو يقع الطلاق باطلا من أصله كما عن المرتضى في الانتصار وابن أبي عقيل وابني حمزة وسلّار ويحيى بن سعيد ، واستدل للأول بجملة من الأخبار: منها : صحيح أبي بصير الأسدي ومحمد بن علي الحلبي وعمر بن حنظلة جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الطلاق ثلاثا في غير عدة إن كانت على طهر فواحدة ، وإن لم تكن على طهر فليس بشي‌ء) (١) ، وصحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن الذي يطلّق في حال طهر في مجلس ثلاثا؟ قال : هي واحدة) (٢)، وخبر عمرو بن البراء (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن أصحابنا يقولون : إن الرجل إذا طلّق امرأته مرة أو مائة مرة فإنما هي واحدة ، وقد كان يبلغنا عنك وعن آبائك أنهم كانوا يقولون : إذا طلّق مرة أو مائة مرة فإنما هي واحدة ، فقال عليه‌السلام : هو كما بلغكم) (٣)ومثلها غيرها ، ويؤيده الاعتبار لوجود المقتضي من وقوع الطلاق الواحد إذ قال : أنت طالق ، مع عدم صلاحية التفسير للمانعية ، بل قوله (ثلاثا) تأكيد للطلاق ، ولكن هذا الزائد ملغى لأن الثلاث تقع مع تخلل الرجعة وهي مفقودة في المقام. واستدل للثاني أيضا بجملة من النصوص.

منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من طلّق ثلاثا في مجلس فليس بشي‌ء ، من خالف كتاب الله عزوجل ردّ إلى كتاب الله عزوجل) (٤) ، ومكاتبة عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه‌السلام (روى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يطلق امرأته ثلاثا بكلمة واحدة على طهر بغير جماع بشاهدين : أنه يلزمه تطليقة واحدة ، فوقّع بخطه : أخطأ على أبي عبد الله عليه‌السلام ، إنه لا يلزم الطلاق ، ويردّ إلى الكتاب والسنة إن شاء الله) (٥)ومثلها غيرها.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣ و ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٨ و ١٩.


(التفسير) ووقع واحدة ، لوجود المقتضي وهو (١) أنت طالق ، وانتفاء المانع ، إذ ليس إلا الضميمة (٢) وهي (٣) تؤكده ولا تنافيه ، ولصحيحة جميل (٤) ، وغيرها في الذي يطلّق في مجلس ثلاثا. قال : هي واحدة.

وقيل : يبطل الجميع ، لأنه (٥) بدعة لقول الصادق عليه‌السلام (٦) : «من طلق ثلاثا في مجلس فليس بشي‌ء ، من خالف كتاب الله ردّ إلى كتاب الله ، وحمل (٧) على إرادة عدم وقوع الثلاث التي أرادها (٨).

______________________________________________________

وهي محمولة على التقية كالأخبار الدالة على وقوع الثلاث كخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام أن عليا عليه‌السلام كان يقول : إذا طلق الرجل المرأة قبل أن يدخل بها ثلاثا في كلمة واحدة فقد بانت منه ولا ميراث بينهما ولا رجعة ولا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره) (١).

ويؤيد هذا الجمع خبر أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال : كنت عنده فجاء رجل فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثا ، قال : بانت منه ، قال : فذهب ثم جاء رجل آخر من أصحابنا فقال : رجل طلّق امرأته ثلاثا فقال : تطليقة ، وجاء آخر فقال : رجل طلّق امرأته ثلاثا فقال : ليس بشي‌ء ، ثم نظر إليّ فقال : هو ما ترى ، قلت : كيف هذا؟ قال : هذا يرى أن من طلّق امرأته ثلاثا حرمت عليه ، وأنا أرى أن من طلق امرأته ثلاثا على السنة فقد بانت منه ، ورجل طلق امرأته ثلاثا وهي على طهر فإنما هي واحدة ، ورجل طلّق امرأته ثلاثا على غير طهر فليس بشي‌ء) (٢).

(١) أي المقتضي.

(٢) وهي قوله (ثلاثا).

(٣) أي الضميمة تؤكد الطلاق.

(٤) عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام ، وقد تقدمت.

(٥) أي تفسير الطلاق بأزيد من واحدة.

(٦) كما في صحيح أبي بصير المتقدم.

(٧) أي قول عليه‌السلام (فليس بشي‌ء).

(٨) أي المطلّق ، ولا يحمل على بطلان الجميع ، ألا ترى إلى قوله عليه‌السلام فيما بعد حيث

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١٦.


.................................................................................................

______________________________________________________

أوجب الرد إلى كتاب الله عزوجل ، وهو دال على إمضاء الواحدة ، ففي خبر الكلبي النسابة عن الصادق عليه‌السلام في حديث (قلت له : رجل قال لامرأته : أنت طالق عدد نجوم السماء ، فقال : ويحك أما تقرأ سورة الطلاق؟ قلت : بلى ، قال : فاقرأ ، فقرأت : (فطلقوهنّ لعدتهن وأحصوا العدة) ، فقال : أترى هاهنا نجوم السماء ، قلت : لا ، فقلت : فرجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا ، فقال : تردّ إلى كتاب الله وسنة نبيه ، ثم قال : لا طلاق إلا على طهر من غير جماع بشاهدين مقبولين) (١) وصحيح شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث (قلت : فطلقها ثلاثا في مقعد ، قال : تردّ إلى السنة فإذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة) (٢) ومثله خبر الوابشي (٣).

نعم إذا كان المطلّق مخالفا يعتقد الثلاث لزمته بلا خلاف فيه ظاهرا للأخبار.

منها : خبر علي بن أبي حمزة (سأل أبا الحسن عليه‌السلام عن المطلقة على غير السنة أيتزوجها الرجل؟ قال عليه‌السلام : الزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم ، وتزوجوهنّ فلا بأس بذلك) (٤) ، وخبر جعفر بن سماعة (سئل من امرأة طلّقت على غير السنة ، ألي أن أتزوجها؟ فقال : نعم ، فقلت له : الست تعلم أنه علي بن حنظلة روى : إياكم والمطلقات ثلاثا على غير السنة ، فإنهن ذوات أزواج؟ فقال : يا بنيّ ، رواية علي بن أبي حمزة أوسع على الناس ، روى عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم ، وتزوجهنّ فلا بأس بذلك) (٥)، وخبر عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا ، قال : إن كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك) (٦) ، وخبر العلوي عن أبيه (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن تزويج المطلقات ثلاثا ، فقال لي : أن طلاقكم ثلاثا لا يحلّ لغيركم ، وطلاقهم يحلّ لكم ، لأنكم لا ترون الثلاث شيئا ، وهم يوجبونها) (٧) ، ومرسل الفقيه (وقال عليه‌السلام : من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم) (٨) ، وخبر ابن طاوس (قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : إن لي ابن أخ زوجته ابنتي ، وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق فقال : إن كان من أخوانك فلا شي‌ء عليه ، وإن كان من هؤلاء فأبنها منه ، فإنه عنى الفراق ، قلت : أليس قد روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : إياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس فإنهن ذوات الأزواج فقال :

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥ و ٤ و ١٣.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥ و ٦ و ٧.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٩ و ١٠.


(ويعتبر في المطلّق البلوغ (١)

______________________________________________________

ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء ، إنه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم) (١).

ومن هذه الأخبار الدالة على الإلزام فكل شي‌ء صحيح عندهم فاسد عندنا كالطلاق المعلّق والحلف به والطلاق في طهر المواقعة والحيض وبغير شاهدين ، يرتب عليه أحكام الصحيح عليهم من باب الإلزام ، بل يجوز لنا تناول كل ما هو دين عندهم ففي خبر عبد الله بن محرز (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه ، فقال : المال كله لابنته ، وليس للأخت من الأب والأم شي‌ء ، فقلت : فإنا قد احتجنا إلى هذا والميت رجل من هؤلاء الناس وأخته مؤمنة عارفة ، قال : فخذ لها النصف ، خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم وقضائهم وقضاياهم ، خذهم بحقك في أحكامهم وسنتهم ، كما يأخذون منكم فيه ، قال ابن أذينة : فذكرت ذلك لزرارة ، فقال : إن على ما جاء به ابن محرز لنورا) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن الأحكام قال : تجوز على أهل كل ذي دين ما يستحلون) (٣).

(١) شروع في شروط المطلق ، وهي أربعة.

الأول : البلوغ بلا خلاف فيه في الجملة للأخبار.

منها : خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل طلاق حائز الإطلاق المعتوه أو الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره) (٤) ، وخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس طلاق الصبي بشي‌ء) (٥)، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يجوز طلاق الصبي ولا السكران) (٦)، فلا عبرة بطلاق الصبي قبل التمييز ، بل وبعده قبل بلوغه عشرا ، وإنما الكلام في طلاق الصبي المميّز والبالغ عشر سنين فعن الشيخين المفيد والطوسي وأتباعهما بل قيل هو المشهور بين المتقدمين صحة طلاق الصبي البالغ عشرا لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين) (٧)، مؤيدا بما دل على جواز طلاق الصبي قبل أن يحتلم كموثق سماعة (سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته ، قال : إذا طلّق للسنة ووضع الصدقة في موضعها فلا بأس وهو جائز) (٨)، وموثق جميل عن أحدهما عليهما‌السلام (يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل وصدقته ووصيته وإن لم يحتلم) (٩).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ميراث الأخوة والأجداد حديث ٢ و ٥.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ١ و ٤ و ٢ و ٧.

(٩) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب كتاب الوقوف والصدقات حديث ٢.


فلا يصح طلاق الصبي وإن أذن له الولي (١) ، أو بلغ عشرا على أصح (٢) القولين(والعقل (٣) فلا يصح طلاق المجنون المطبق مطلقا (٤) ، ولا غيره (٥) حال جنونه(ويطلق الولي) وهو الأب والجد له (٦) مع اتصال جنونه بصغره (٧) ، والحاكم عند

______________________________________________________

وعن ابن إدريس ومشهور المتأخرين عدم صحة طلاق الصبي مطلقا ما لم يحتلم تمسكا بالأخبار المتقدمة المؤيدة بحديث رفع القلم (١) ، وبحديث الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (لا يجوز طلاق الغلام حتى يحتلم) (٢).

(١) لسلب عبارة الصبي شرعا ، وهذا القيد لدفع توهم صحة طلاق الصبي عند اذن الولي.

(٢) متعلق بقوله (أو بلغ عشرا).

(٣) الشرط الثاني المعتبر في المطلق العقل ، بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر السكوني المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه أو الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره) (٣) ، وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن طلاق المعتوه الذاهب العقل ، أيجوز طلاقه؟ قال : لا ، وعن المرأة كذلك أيجوز بيعها وعتقها ، قال : لا) (٤) ، وخبر زكريا بن آدم عن الرضا عليه‌السلام (عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن لم يتزوج بعد ، فقال : لا يجوز) (٥)ومثلها غيرها.

(٤) أي أبدا.

(٥) أي غير المطبق.

(٦) للأب.

(٧) قد ، عرفت عدم جواز طلاق الصبي والمجنون ، وعليه فلا يجوز للولي أن يطلق عن الصبي بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟

قال : إذا كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم ، قلت : فهل يجوز طلاق الأب؟ قال عليه‌السلام : لا) (٦) ، ومثله موثق عبيد بن زرارة (٧) ، وخبر الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

الله عليه‌السلام (عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير؟ قال عليه‌السلام : لا بأس ، قلت : يجوز طلاق الأب؟ قال عليه‌السلام : لا) (١).

نعم للولي أن يطلق عن المجنون في الجملة كما هو المشهور بين الأصحاب لصحيح أبي خالد القماط (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل الأحمق الذاهب العقل أيجوز طلاق وليّه؟ قال عليه‌السلام : ولم لا يطلق ، قلت : لا يؤمن إن طلّق هو أن يقول غدا : لم أطلّق ، أو لا يحسن أن يطلق؟ قال عليه‌السلام : ما أرى وليّه إلا بمنزلة السلطان) (٢) وخبره الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في طلاق المعتوه قال عليه‌السلام : يطلق عن وليّه فإني أراه بمنزلة الإمام عليه) (٣) وخبر شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المعتوه الذي لا يحسن أن يطلق يطلّق عنه وليّه على السنة) (٤).

وهذه الأخبار وإن كانت واردة في المعتوه الذي هو ناقص العقل إلا أنها تشمل المجنون بطريق أولى.

وعن الشيخ في الخلاف والحلي المنع للنبوي (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (٥) ، والزوج هو الذي له ذلك دون غيره ، وفيه أن النبوي مع تسليم سنده لا ينافي ذلك ، لأن طلاق الولي كطلاقه كما يجوز طلاق الوكيل.

هذا وعلى المشهور يشترط في طلاق الولي المصلحة والغبطة للمولّى عليه ، ثم الفرق بين جواز طلاق الولي عن المجنون دون الصبي هو أنه لو لم يجعل للولي الطلاق عن المجنون للزم تضرر المجنون وهو منفي في الشريعة ، بخلاف الطفل فنكاحه منوط بالمصلحة وعذره متوقع الزوال ، فلو كان عدم الطلاق ضروريا فيرجئ إلى حين البلاغ ليطلق بخلاف المجنون فلا يرجى زوال عذره حتى يطلق بنفسه ثم على المشهور من جواز طلاق الولي عن المجنون الفرق بين من بلغ وهو فاسد العقل وبين من جنّ بعد بلوغه ، غايته أن من بلغ وهو فاسد العقل فوليّه أبوه وجده ، وأما من جن بعد بلوغه فوليّه الحاكم الشرعي على ما حرر في كتاب الحجر ، ثم هذا كله في الجنون المطبق فلو كان الجنون يعتريه أدوارا لم يجز الطلاق منه حالة الدور ، لأن ترقب عقله أقرب من ترقب بلوغ الصبي ، ومع ذلك أطلق المحقق وجماعة من جواز طلاق الولي عن المجنون من دون

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.


عدمهما (١) ، أو مع عدمه (٢) (عن المجنون) المطبق مع المصلحة(لا عن الصبي) ، لأن له (٣) أمدا يرتقب ويزول نقصه فيه (٤) ، وكذا المجنون ذو الأدوار (٥).

ولو بلغ الصبي فاسد العقل طلق عنه الولي حينئذ (٦) ، واطلق جماعة من الأصحاب جواز طلاق الولي عن المجنون من غير فرق بين المطبق ، وغيره ، وفي بعض الأخبار دلالة عليه (٧). والتفصيل (٨) متوجه ، وبه قطع في القواعد (٩).

واعلم أن الأخبار غير صريحة في جوازه (١٠) من وليه (١١) ، ولكن فخر

______________________________________________________

تفصيل بين المطبق والأدواري.

(١) عدم الأب والجد.

(٢) أي عدم اتصال جنونه بصغره.

(٣) للصبي.

(٤) في ذلك الأمر ، فحجر الصبي له أمد يتوقع زواله بالبلوغ بخلاف المجنون فلا أمد له.

(٥) فله أمر يتوقع زواله غالبا في زمن صحوته.

(٦) حين بلوغه فاسد العقل.

(٧) على عدم الفرق بين المطبق وغيره ، وهي الأخبار المتقدمة ، ولكن قد عرفت أن محمولة على المطبق فقط عند المشهور.

(٨) بين المطبق وغيره ، بجواز طلاق الولي عن الأول دون الثاني.

(٩) بل عليه المشهور كما عرفت.

(١٠) أي جواز طلاق المجنون.

(١١) حاكما كان أم أبا أو جدا ، هذا وقال الشارح في المسالك عن قصور دلالة الأخبار على ذلك : (لأن السائل وصف الزوج بكونه ذاهب العقل ثم يقول له الإمام : ما له لا يطلق ، مع الإجماع على أن المجنون ليس له مباشرة الطلاق ولا أهلية التصرف ، ثم تعلل السائل عدم طلاقه بكونه منكر الطلاق أو لا يعرف حدوده ثم يجيبه بكون الولي بمنزلة السلطان) انتهى. فإشكال الشارح مبني على كون الروايات ناظرة إلى المجنون ، ومثله لا يصح له إيقاع الطلاق ولا السؤال عن السبب في عدم طلاقه كما وقع من المعصوم عليه‌السلام ، وفاته أن الروايات ناظرة إلى المعتوه الذي هو ناقص العقل ، ومثله تصح مباشرته للطلاق ولذا صح السؤال من المعصوم عن السبب في عدم طلاقه ، نعم إذا كان نقصان عقله إلى حد عدم العقل فهو من مراتب المجنون وقد حكم في الروايات بجواز طلاق وليه وهو محل الشاهد فيها ، فلذا أوردناه على المطلب.


المحققين ادعى الاجماع على جوازه (١) فكان (٢) أقوى في حجيته منها (٣). والعجب أن الشيخ في الخلاف ادعى الإجماع على عدمه (٤).

(و) كذا(لا) يطلق الولي(عن السكران (٥) ، وكذا المغمى عليه ، وشارب المرقد كالنائم ، لأن عذرهم متوقع الزوال(والاختيار (٦) فلا يقع طلاق المكره) كما

______________________________________________________

(١) أي جواز طلاق المجنون من وليه.

(٢) أي الإجماع المذكور.

(٣) من الأخبار ، والعجب أن المشهور ذهب إلى الحكم استنادا إلى هذه الأخبار ، وإجماع الفخر إجماع مدركي لا حجية فيه ، فكيف يكون أقوى في الحجية منها.

(٤) أي عدم جواز طلاق المجنون من وليّه ، هذا وقال الشارح في المسالك : (والعجب هنا أن الشيخ فخر الدين ادعى في شرحه الإجماع على جواز طلاق الولي عن المجنون المطبق ، مع دعوى الشيخ الإجماع على عدمه وموافقة ابن إدريس له ، والحق أن الإجماعين ممنوعان) انتهى.

(٥) قد عرفت اشتراط العقل في المطلق ، فلا يصح طلاق المجنون ، وكذا السكران ومن غلب على عقله بإغماء أو شرب وما شاكل ذلك ، لعدم القصد في الجميع مع أنه شرط في صحة الطلاق ، وللأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن طلاق السكران؟ فقال عليه‌السلام : لا يجوز ولا عتقه) (١) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (سألته عن طلاق السكران فقال : لا يجوز ولا كرامة) (٢)، وخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس طلاق السكران بشي‌ء) (٣) ، وخبر زكريا بن آدم عن الرضا عليه‌السلام (عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن لم يتزوج؟ فقال عليه‌السلام : لا يجوز) (٤).

ولا يطلق الولي عن السكران كما لا يصح عن النائم والمغمى عليه ، لاشتراك الجميع في أن لهم أمدا يرتقب بخلاف المجنون المطيق ، بعد عموم النبوي (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (٥).

(٦) الشرط الثالث المعتبر في المطلّق الاختيار ، بلا خلاف فيه ولا إشكال للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن طلاق المكره وعتقه ، فقال : ليس

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤ و ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٧.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.


لا يقع شي‌ء من تصرفاته (١) عدا ما استثني (٢) ويتحقق الإكراه (٣)

______________________________________________________

طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق) (١) ، وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لو أن رجلا مسلما مرّ بقوم ليسوا بسلطان فقهروه حتى يتخوف على نفسه أن يعتق أو يطلق ففعل لم يكن عليه شي‌ء) (٢)، وخبر يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يجوز طلاق في استكراه ـ إلى أن قال ـ وإنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراه ولا إضرار) (٣)بالإضافة إلى حديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. (٤) ، وعليه فلا يصح طلاق المكره ، والاختيار المقابل للإكراه هو صدور الفعل عن طيب نفس ورضا ، وليس المراد بالاختيار هو القصد الذي هو الشرط الرابع من شروط المطلق ، فما عن بعضهم من الاستدلال على اعتبار الاختيار بعدم القصد إلى الطلاق ليس في محله.

(١) أي تصرفات المكره ، كبيعه وشرائه وإجارته وهبته وبقية عقوده وإيقاعاته.

(٢) كإكراهه على بيع ماله من قبل الحاكم لأداء دينه ، أو للإنفاق على زوجته وأقاربه ونحو ذلك.

(٣) جرت عادة الفقهاء على ذكر الإكراه وشرح موضوعه في هذا المقام ، فلذا قال الشارح في المسالك : (وقد جرت عادة الفقهاء بذكر حدّ الإكراه في هذا المحل مع الاحتياج إليه فيما قبله من العقود وغيرها) ، وقال في الجواهر : (ولكن جرت عادة المصنفين من العامة والخاصة التعرض لموضوعه في المقام) انتهى.

هذا والمرجع في معنى الإكراه هو العرف والعفة بعد عدم وضع شرعي له ، والمعنى العرفي له هو حمل الغير ما يكرهه بتخويف مما يحذره ، ولكن هذا المعنى العرفي لا يتحقق إلا بأمور ثلاثة.

الأول : كون المكره قادرا على فعل ما توعد به.

الثاني : غلبة الظن أن يفعل ذلك مع امتناع المكره.

الثالث : أن يكون ما توعد به مضرا بالمكره في خاصة نفسه أو من يجري مجرى نفسه من أبيه وولده وغيرهما ، من قتل أو جرح أو ضرب شديد أو حبس أو شتم أو إهانة أو استخفاف.

والضرب والشتم والاستخفاف والإهانة تختلف باختلاف الناس وأحوالهم ، فربّ وجيه تنقّص فيه الكلمة الواحدة فضلا عن الضربة بخلاف المتبذل ، وليس كذلك الجرح والقتل

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٢ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ و ١٦ ـ من أبواب جهاد النفس.


بتوعده (١) بما يكون مضرا (٢) به في نفسه ، أو من يجري مجراه (٣) بحسب حاله (٤) مع قدرة المتوعد (٥) على فعل ما توعّد به ، والعلم (٦) ، أو الظن أنه (٧) يفعله به (٨) لو لم يفعل (٩).

ولا فرق بين كون المتوعّد به قتلا ، وجرحا ، وأخذ مال (١٠) وإن قلّ ، وشتما ، وضربا ، وحبسا (١١) ويستوي في الثلاثة الأول (١٢) جميع الناس.

أما الثلاثة الأخيرة (١٣) فتختلف باختلاف الناس فقد يؤثر قليلها في الوجيه الذي ينقصه (١٤) ذلك (١٥) ،

______________________________________________________

اللذان يستوي فيهما جميع الناس من جهة الألم.

وكذلك يتحقق الإكراه بالتوعد بأخذ المال لكنه مختلف باختلاف حال الناس في اليسار وضده فمنهم من لا يضر بحاله أخذ عشرة دراهم ، ومنهم يضره أخذ درهم واحد ، وعن البعض منا تبعا لبعض العامة أن التوعد بأخذ المال ليس إكراها ، وهو كما ترى.

(١) أي توعد المكره هذا هو الأمر الثالث المتقدم.

(٢) أعم من الضرر النفسي والعرض والمالي.

(٣) من الأقارب.

(٤) جار ومجرور متعلق بقوله (مضرا به).

(٥) هذا هو الأمر الأول المتقدم.

(٦) مبتدأ خبره أن يفعله ، وهذا هو الأمر الثاني المتقدم.

(٧) أي أن المكره بالكسر.

(٨) أي يفعل المتوعد به بالمكره.

(٩) أي لو لم يفعل المكره الطلاق.

(١٠) رد على من لم يجعل الإكراه متحققا بأخذ المال.

(١١) وكذا الاستخفاف والإهانة.

(١٢) وهي القتل والجرح وأخذ المال ، ولكن في المسالك حصر الاستواء في القتل والجرح ، وأما أخذ المال فيختلف باختلاف الناس.

(١٣) من الشتم والضرب والحبس.

(١٤) من التنقيص بمعنى التعيب والقدح.

(١٥) وهو القليل من الأمور الثلاثة الأخيرة.


وقد يحتمل بعض الناس شيئا منها (١) لا يؤثر في قدره ، والمرجع في ذلك (٢) إلى العرف ، ولو خيّره المكره بين الطلاق ، ودفع مال غير مستحق (٣) فهو اكراه ، بخلاف ما لو خيّره بينه (٤) ، وبين فعل يستحقه الآمر من مال ، وغيره (٥) ، وإن حتّم أحدهما (٦) عليه. كما لا إكراه (٧) لو ألزمه بالطلاق ففعله (٨) قاصدا إليه ، أو على طلاق معينة فطلق غيرها (٩) ، أو على طلقة فطلق أزيد (١٠).

ولو أكرهه على طلاق إحدى الزوجتين فطلق معينة (١١) فالأقوى أنه إكراه.

______________________________________________________

(١) من الثلاثة الأخيرة وإن كثر.

(٢) من التنقيص في الأمور الثلاثة الأخيرة.

(٣) أي غير واجب الدفع عليه ، وكذا لو خيره بين الطلاق وبين كل فعل غير واجب عليه ولا اختصاص لخصوص المال فهو إكراه كما هو المعنى العرفي للفظ الإكراه.

(٤) بين الطلاق.

(٥) وغير المال مما يستحقه المكره بالكسر كما لو قال : طلق زوجتك وإلا قتلتك قصاصا ، وكان القصاص مستحقا عليه للمكره ، أو خيّره بين الطلاق وبين حق واجب عليه كما لو خيّر الحربي بين الطلاق والإسلام ، أو خيّر المرتد كذلك فلا معنى للإكراه حينئذ.

(٦) أي أحدهما غير المعيّن عليه ، وإلا مع حتم أحدهما عليه فهو المكره به خاصة.

(٧) لا خلاف ولا إشكال في أنه لو حصل ما يرفع به ظهور الكراهة ، أو حصل ما يظهر به الاختيار صح الطلاق ، ولكن هناك موارد قد التبس فيها الأمر من حصول الاختيار وارتفاع الكراهة.

فمنها : ما لو أكره عن الطلاق فطلق ناويا ، فعن التحرير والمسالك والروضة هنا وقوع الطلاق وعدم الإكراه ، أما وقوع الطلاق فلحصول اللفظ والقصد ، وأما عدم الإكراه إذ هو غير مكره على النية وإن أكره على التلفظ ، وقيل : إنه يقع باطلا لتحقق الإكراه ، إذ لو لا الإكراه لما فعله ، ولأن الإكراه أسقط أثر اللفظ ومجرد النية لا أثر لها.

(٨) أي فعل الطلاق قاصدا إليه وناويا.

(٩) ومن جملة الموارد التي يتضح فيها ظهور الاختيار ما لو أكرهه على طلاق واحدة معينة فطلق غيرها ، فلا شبهة هنا في وقوع الطلاق وعدم تحقق الإكراه ، لأن الواقع منه مباين لما أكرهه عليه من كل وجه.

(١٠) فلو أكرهه على طلقة واحدة فطلق ثلاثا فإنه يشعر برغبته وأشاع صدره للطلاق ، فلا إكراه حينئذ ويقع الجميع واحدة.

(١١) فلو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه لا على التعيين فطلق واحدة بعينها فقيل : يقع


إذ لا يتحقق فعل مقتضى أمره (١) بدون إحداهما (٢) ، وكذا القول في غيره (٣) من العقود والايقاع (٤) ، ولا يشترط التورية (٥) بأن ينوي غيرها (٦) وإن أمكنت (٧).(والقصد (٨) ،

______________________________________________________

الطلاق ، لأنه مختار في تعيينها ، ولأنه لما عدل عن الإبهام إلى التعيين فقد زاد ما أكره عليه ، لأن المكره عليه هو طلاق إحداهما وهو أمر كلي وليس الأمر بالأمر الكلي أمرا بالجزئي المعين بل هو أمر بالقدر المشترك بين الجزئيات.

وقد احتمل قويا في المسالك عدم وقوع الطلاق وأن الإكراه متحقق ، لأن متعلق الإكراه وإن كان كليا لكنه يتأدى بفرده ، وطلاق الواحدة من زوجاته أحد أفراده ، نعم لو كان الإكراه على الإبهام بأن أكرهه على قول : إحدى زوجاتي طالق مثلا ، فعدل إلى التعيين فهو ليس بإكراه ويصح الطلاق.

(١) أي أمر المكره عليه.

(٢) أي إحدى الزوجتين.

(٣) غير الطلاق.

(٤) فما يقع عن إكراه لا أثر له كالطلاق الواقع عن إكراه.

(٥) لا يعتبر في الحكم ببطلان طلاق المكره التورية ، وإن كان يحسنها ، لأن المقتضي لعدم وقوع الطلاق هو الإكراه وهو متحقق بلا فرق بين إمكان التورية وعدمها كما ذهب إليه الشارح في المسالك وجماعة ، والحق لا يصدق عنوان الإكراه مع قدرته على التورية تحقيقا لمعنى الإكراه ، لأنه مع قدرته على التورية ولم يفعل لا يصدق عنوان الإكراه.

(٦) بأن يتلفظ باسم زوجته لو أكره على طلاقها ويريد غيرها المسماة باسمها.

(٧) أي التورية.

(٨) الشرط الرابع من شروط المطلق القصد بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق) (١) ، وخبر اليسع عن أبي جعفر عليه‌السلام (لو أن رجلا طلّق على سنة وعلى طهر من غير جماع وأشهد ولم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا) (٢).

هذا والمطلّق بحسب قصده للفظ والمعنى على أحوال أربعة ، أن يكون اللفظ صادرا من غير قصد ، كاللفظ الصادر من النائم أو الغالط ، وأن يكون اللفظ مقصودا منه دون معناه كما لو قال : أنت طالق على وزن أنت قائم ، وأن يكون اللفظ مقصودا وكذا المعنى

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤ و ١.


(فلا عبرة بعبارة الساهي ، والنائم ، والغالط (١).

والفرق بين الأول والأخير : أن الأول لا قصد له مطلقا (٢) والثاني (٣) له قصد إلى غير من طلقها فغلط وتلفظ بها (٤).

ومثله (٥) ما لو ظن زوجته أجنبية بأن كانت في ظلمة ، أو أنكحها له وليه ، أو وكيله ولم يعلم (٦) ، ويصدّق في ظنه ظاهرا (٧) وفي عدم القصد لو ادعاه (٨) العدة الرجعية ، ولا يقبل في غيرها (٩) ، إلا مع اتصال الدعوى بالصيغة (١٠) ،

______________________________________________________

بالإرادة الاستعمالية دون الجدية كالهازل ، وأن يكون اللفظ مقصودا وكذا المعنى بالإرادة الاستعمالية والجدية ، لا إشكال في صحة الطلاق في الرابع لأنه مقصود ، كما لا إشكال في عدم صحة الطلاق في غيره لأن الطلاق كبقية الإيقاع والعقود من الأمور القصدية ، ومع عدم القصد للفظ أو المعنى لا يتحقق عنوان الإيقاع أو العقد.

(١) وكذا الهازل.

(٢) لا للفظ ولا للمعنى ، وكذا النائم.

(٣) أي الأخير.

(٤) فهو غير قاصد للفظ.

(٥) ومثل الغالط.

(٦) أي ولم يعلم الزوج إنكاحها له.

(٧) أي يصدق المطلق لو ادعى أن ظنه قائم على أن زوجته أجنبية فلذا طلقها ، أو أن ظنه قائم على عدم إنكاح وليه لها.

(٨) أي ادعى عدم القصد بحيث أوقع الطلاق ثم قال : لم أقصد الطلاق قبل منه ظاهرا ودين بنيته باطنا ، وإن تأخر تفسيره ما لم تخرج من العدة ، لأنه إخبار عن نيته ولا يمكن الاطلاع عليها إلا من قبله ، فكان قوله مقبولا كنظائره من الأمور التي لا تعلم إلا من المخبّر على المشهور بلا فرق بين كون الزوجة في العدة الرجعية وغيرها وعن الشارح وجماعة أن الحكم كذلك ما دامت المرأة في العدة الرجعية لأن للزوج الرجعة ، ودعواه عدم القصد يقوم مقام الرجعة حينئذ كما لو أنكر الطلاق ، بخلاف ما لو كانت المرأة في العدة البائنة فليس للزوج الرجوع وإن كان عدم القصد يقوم مقام الرجعة.

(٩) غير العدة الرجعية من العدة البائنة.

(١٠) أي مع اتصال دعواه عدم القصد بصيغة الطلاق ، فتكون الدعوى قرينة متصلة لا توجب انعقاد الطلاق ، فلذا لا يصح سواء كانت المرأة في الرجعية أو البائنة.


واطلق جماعة من الأصحاب قبول قوله في العدة من غير تفصيل (١).

(ويجوز توكيل الزوجة في طلاق نفسها (٢) ، وغيرها) كما يجوز

______________________________________________________

(١) بين الرجعية والبائنة ، ولا بين اتصال الدعوى بالصيغة وعدم الاتصال كما هو المشهور.

(٢) المشهور على عدم اعتبار المباشرة وأن الوكالة جائزة في الطلاق لصحيح سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يجعل أمر امرأته إلى رجل فقال : اشهدوا إني قد جعلت أمر فلانة إلى فلان فيطلّقها أيجوز ذلك؟ فقال عليه‌السلام : نعم) (١) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : في رجل جعل طلاق امرأته بيد رجلين فطلّق أحدهما وأبى الآخر ، فأبى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يجبيز ذلك حتى يجتمعا جميعا على طلاق) (٢) ومثلها غيرها.

وعن الشيخ وابني البراج وحمزة جواز الوكالة عن الغائب دون الحاضر جمعا بين ما تقدم وبين خبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجوز الوكالة في الطلاق) (٣)بحمل هذه على الحاضر دون تلك فهي محمولة على الغائب ، وفيه أنه جمع تبرعي لا شاهد له من الأخبار مع إعراض المشهور عنه بعد ضعف سنده.

ومنه تعرف ضعف ما ذهب إليه الحسن بن سماعة من اعتبار المباشرة مطلقا لنفس خبر زرارة المتقدم ، وتوقف فيه الكليني.

وعلى المشهور فهل يجوز أن يوكلها في طلاق نفسها كما هو المشهور أيضا ، لأنه فعل يقبل النيابة والمحل قابل فجاز كما لو وكل غيرها من النساء أو توكلت هي في طلاق غيرها ، وعن الشيخ في المبسوط عدم الجواز ، لأن القابل لا يكون فاعلا ، ولظاهر قوله عليه‌السلام (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (٤) بدعوى أنه يقتضي عدم جواز التوكيل مطلقا وخرج من غير المرأة بدليل من خارج فتبقى هي على أصل المنع.

ولا يخفى ضعف دليليه ، أما الأول فالمغايرة بين القابل والفاعل في توكيل المرأة طلاق نفسها حاصل ، إذ يكفي في التغاير الاعتبار ، وهما مختلفان بالحيثية فالمرأة فاعل بالوكالة وقابل بالأصالة ، والخبر مع ضعف سنده لا يفيد الحصر ، وعلى تقدير التسليم بالحصر فما أخرج غيرها من الوكلاء عنه يخرجها لتناوله لها ، ومنه تعرف ضعف توقف المحقق السبزواري والمحدث الكاشاني والبحراني في ذلك.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.


توليها (١) غيره (٢) من العقود (٣) ، لأنها (٤) كاملة فلا وجه لسلب عبارتها فيه (٥) ، ولا يقدح كونها بمنزلة موجبة وقابلة على تقدير طلاق نفسها ، لأن المغايرة الاعتبارية كافية. وهو (٦) مما يقبل النيابة (٧) فلا خصوصية للنائب ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الطلاق بيد من أخذ بالساق» لا ينافيه (٨) ، لأن يدها مستفادة من يده (٩) ، مع أن دلالته (١٠) على الحصر (١١). ضعيفة (١٢).

(ويعتبر في المطلّقة الزوجية (١٣)

______________________________________________________

(١) تولي الزوجة.

(٢) أي غير الطلاق.

(٣) الإيقاعات أيضا.

(٤) أي الزوجة.

(٥) في الطلاق بخلاف الصبي والمجنون فإنهما مسلوبا العبارة فلا تصح وكالتهما لا فيه ولا في غيره من العقود والإيقاعات.

(٦) أي الطلاق.

(٧) لأن صحته غير متوقفة على مباشرة الزوج له.

(٨) أي لا ينافي في قبول الطلاق للنيابة.

(٩) أي يد الزوج.

(١٠) أي دلالة النبوي.

(١١) أي حصر الطلاق بيد الزوج.

(١٢) لأن الجملة الاسمية والابتداء لا يفيدان الحصر وليسا من أدواته ، بخلاف تقديم ما حقه التأخير أو أدوات الحصر كإنما والاستثناء بعد النفي ونحوهما.

(١٣) شروع في شروط المطلقة وهي خمسة ، الأول الزوجية ، وهو مما لا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (أنه سئل عن الرجل قال : كل امرأة أتزوجها ما عاشت أمي فهي طالق ، فقال عليه‌السلام : لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن رجل قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، وإن اشتريت فلانا فهو حر ، وإن اشتريت هذا الثوب فهو في المساكين ، فقال : ليس بشي‌ء ، لا يطلق إلا ما يملك ، ولا يعتق إلا ما

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.


فلا يقع بالأجنبية وإن علقه (١) على النكاح ، ولا بالأمة (٢) ، (والدوام (٣) فلا يقع بالمتمتع بها ، (والطهر (٤) من الحيض ، والنفاس إذا كانت المطلّقة مدخولا بها)

______________________________________________________

يملك ، ولا يصدّق إلا ما يملك) (١) ، وخبر النضر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك ، ولا يتم بعد إدراك) (٢)ومثلها غيرها ومنهما تعرف عدم الصحة لو علّق الطلاق على التزويج بأن قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، بلا فرق بين تعيين الزوجة كما في المثال وعدم التعيين كما لو قال : إن تزوجت فزوجتي طالق بلا خلاف في ذلك ردا على من خالف من العامة في تعليق الطلاق على التزويج.

(١) أي الطلاق.

(٢) فلو أوقع الطلاق على الموطوءة بالملك فلا حكم له ، وبقيت محلّلة بأصل الملك بلا خلاف فيه بعد حصر سبب الحلّ بالعقد أو الملك في قوله تعالى : (إِلّٰا عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ) (٣) ، وحصر الطلاق بعد النكاح فينحصر رفع سبب الحل الناشئ من الملك برفعه ، إما بالبيع أو العتق أو الهبة ونحو ذلك من وجوه النقل.

(٣) الشرط الثاني من شروط المطلقة دوام العقد ، فلا يقع الطلاق بالمتمتع بها ، بلا خلاف فيه ، بل تبين المتمتع بها بانقضاء المدة أو بهبتها المدة للأخبار.

منها : صحيح عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث في المتعة (فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق) (٤) ، وخبر الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (والمتعة ليس فيها طلاق) (٥) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في المتعة ليست من الأربع ، لأنها لا تطلق ولا ترث وإنما هي مستأجرة) (٦) ، ومنه تعرف ضعف ما في الجواهر من قوله : (وإن لم يحضرني من النصوص ما يدل على عدم وقوع الطلاق بالمستمتع بها) انتهى.

(٤) الشرط الثالث من شروط المطلقة خلوها من الحيض والنفاس إذا كان الزوج حاضرا وقد دخل بها ، بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال :

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢ و ٤.

(٣) سورة المعارج ، الآية : ٣١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المتعة حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المتعة حديث ٤.


.................................................................................................

______________________________________________________

الطلاق لغير السنة باطل) (١) ، وصحيح عمر بن أذينة عن زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمّر بن يحيى كلهم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (إذا طلق الرجل في دم النفاس أو طلّقها بعد ما يمسّها فليس طلاقه إياها بطلاق) (٢) ، وصحيح عمر بن أذينة عن بكير بن أعين وغيره عن أبي جعفر عليه‌السلام (كل طلاق لغير العدة فليس بطلاق ، أن يطلقها وهي حائض أو في دم نفاسها أو بعد ما يغشاها قبل أن تحيض فليس طلاقه بطلاق) (٣).

واشتراط الخلو من الحيض والنفاس غير معتبر في موارد وهي : الحامل وغير المدخول بها وما كان زوجها غائبا ، أما الحامل وغير المدخول بها فلا يشترط الخلو من الحيض والنفاس بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بطلاق خمس على كل حال : الغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والحبلى ، والتي قد يئست من المحيض) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (خمس يطلقهنّ أزواجهن متى شاءوا : الحامل المستبين حملها ، والجارية التي لم تحض ، والمرأة التي قد قعدت من المحيض ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم يدخل بها) (٥)، وصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (خمس يطلقن على كل حال : الحامل والتي قد يئست من المحيض والتي لم يدخل بها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تبلغ المحيض) (٦).

وأما الصغيرة واليائسة فاشتراط الخلو لا معنى له ، لأنهما من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، حيث لا حيض ولا نفاس عندهما حتى يشترط خلوهما وأما ما لو كان زوجها غائبا فلا يشترط خلوها من الحيض والنفاس بلا خلاف فيه للأخبار التي قد تقدم بعضها.

نعم وقع الخلاف بينهم في قدر الغيبة الموجب لجواز الطلاق في الحيض ، فعن جماعة كالمفيد ووالد الصدوق والعماني والديلمي والحلبي أنه يجوز مطلقا من دون تقدير للمدة تمسكا بالأخبار المتقدمة المطلقة ، وبصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (عن

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢ و ٥ و ٩.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥.


(حائلا (١) حاضرا زوجها معها) فلو اختلت أحد الشروط الثلاثة (٢) بأن كانت غير مدخول بها ، أو حاملا إن قلنا بجواز حيضها (٣) ، أو زوجها غائب عنها ، صح طلاقها وإن كانت حائضا ، أو نفساء ، لكن ليس مطلق الغيبة كافيا في صحة طلاقها ، بل الغيبة على وجه مخصوص.

وقد اختلف في حد الغيبة المجوّزة له (٤) على أقوال أجودها (٥) مضي مدة

______________________________________________________

الرجل يطلق امرأته وهو غائب؟ قال عليه‌السلام : يجوز طلاقه على كل حال وتعتد امرأته من يوم طلقها) (١).

وعن الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة تقديرها بشهر لموثق إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا) (٢)، وخبر ابن سماعة (سألت محمد بن أبي حمزة متى يطلق الغائب؟ فقال : حدثني إسحاق بن عمار أو روى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام أو أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا مضى له شهر) (٣).

وعن الإسكافي والعلامة في المختلف تقديرها بثلاثة أشهر لصحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلق حتى تمضي ثلاثة أشهر) (٤)، وموثق إسحاق بن عمار (قلت لأبي إبراهيم : الغائب الذي يطلق أهله كم غيبته؟ قال : خمسة أشهر ستة أشهر ، قلت : حد دون ذا ، قال : ثلاثة أشهر) (٥).

وعن الشيخ في الاستبصار والحلي والعلامة في أكثر كتبه والمحقق وهو المشهور بين المتأخرين أنه يقدّر انتقالها من طهر وطئها فيه إلى طهر آخر ، وعليه يحمل اختلاف الأخبار ، لأن عادات النساء في الحيض مختلفة بالنسبة إلى الشهر والثلاثة والأربعة والأزيد ، فالميزان على العلم بانتقالها من طهر إلى آخر ، وبه يتم الجمع بين الأخبار.

(١) أي غير حامل.

(٢) من الدخول وبعد كونها حائلا ومن حضور زوجها معها.

(٣) أي حيض الحامل على ما حرر في كتاب الحيض.

(٤) للطلاق وإن تبني أنها في الحيض.

(٥) وهو المشهور.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥ و ٧ و ٨.


يعلم أو يظن انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى غيره (١). ويختلف ذلك (٢) باختلاف عادتها ، فمن ثمّ اختلف الأخبار في تقديرها (٣) ، واختلف بسببها (٤) الأقوال ، فإذا حصل الظن (٥) بذلك (٦) جاز طلاقها وإن اتفق كونها حائضا حال الطلاق ، إذا لم يعلم بحيضها حينئذ (٧) ولو بخبر من يعتمد على خبره (٨) شرعا ، وإلا (٩) بطل وفي حكم علمه بحيضها علمه بكونها في طهر المواقعة (١٠) على الأقوى.

______________________________________________________

(١) أي إلى طهر آخر.

(٢) أي انتقالها من طهر إلى آخر.

(٣) أي تقدير الغيبة.

(٤) أي بسبب الأخبار المختلفة.

(٥) وكذا العلم بطريق أولى.

(٦) أي بانتقالها من طهر وطئها فيه إلى طهر آخر.

(٧) حين الطلاق ، هذا وعلى القول بوجوب التربص للغائب مدة حتى يطلق زوجته ، فلو تربص المدة ثم طلق وتبين دافعا أنها في طهر غير طهر المواقعة فلا إشكال في صحة الطلاق لاجتماع شرائطه المعتبرة في صحته واقعا وظاهرا ، ولو طلق ثم تبين كونها حائضا حال الطلاق فلا خلاف ولا إشكال في صحة الطلاق لاجتماع شرائطه المعتبرة في صحته ظاهرا إذ قد أمر بالتربص وفعل ، ويشهد له خبر أبي بصير (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يطلّق امرأته وهو غائب ، فيعلم أنه يوم طلقها كانت طامثا ، قال عليه‌السلام : يجوز) (١).

(٨) كالعدلين.

(٩) بأن كان عالما بحيضها حين الطلاق فيبطل الطلاق ، لأن الأخبار الدالة على جواز طلاق الغائب من دون اشتراط خلوها من الحيض والنفاس ظاهرة في جهله بحال الزوجة ، وأما مع علمه فهو كالحاضر فيشترط طلاقه بخلوها حينئذ.

(١٠) قال في المسالك : (لو طلقها بعد انقضاء المدة المعتبرة ولكن اتفق له مخبر يجوز الاعتماد عليه شرعا بأنها حائض بسبب تغير عادتها ، ففي صحة الطلاق حينئذ وجهان : أجودهما العدم ، وكذا لو أخبره ببقائها في طهر المواقعة ، أو بكونها حائضا حيضا آخر بعد الطهر المعتبر في صحة الطلاق ، لاشتراك الجميع في المقتضي للبطلان ، وصحة طلاقه غائبا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٦.


وفي المسألة (١) بحث عريض قد حققناه في رسالة مفردة من أراد تحقيق الحال فليقف عليها.

وفي حكم الغائب من لا يمكنه معرفة حالها (٢) لحبس ونحوه مع حضوره (٣) ، كما أن الغائب (٤) الذي يمكنه معرفة حالها ، أو قبل انقضاء المدة المعتبرة (٥) ، في حكم الحاضر.

ويتحقق ظن انقضاء نفاسها (٦)

______________________________________________________

مشروطة بعدم الظن بحصول المانع) انتهى والمانع هو وجودها في حيض أو في طهر المواقعة.

(١) وهي طلاق الغائب.

(٢) حال الزوجة وأنها حائض أو في طهر.

(٣) أي مع حضور الزوج ، هذا واعلم أنه لو كان حاضرا ولكن لا يمكنه الوصول إلى الزوجة واستعلام حالها لحبس ونحوه فالمشهور بين الأصحاب على أنه بمنزلة الغائب فيما مر من الحكم والأقوال ، ويشهد له صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أصلها ، وهي في منزل أهلها وقد أراد أن يطلقها وليس إليها فيعلم طمثها إذا طمثت ، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت ، فقال عليه‌السلام : هذا مثل الغائب عن أهله ، يطلق بالأهلة والشهور) (١).

وأنكر ابن إدريس إلحاق غير الغائب به محتجا بأصالة بقاء الزوجية ، وبأن حمله عليه قياس ، وهو ضعيف مع النص الصحيح الصريح على الإلحاق الرافع للأصل ، وغير المحوج إلى القياس.

(٤) أي لو كان غائبا عنها ولكن يمكنه استعلام حالها فإنه يكون بحكم الحاضر بلا خلاف فيه ، لظهور أخبار الغائب في ما لا يمكن استعلام حالها ، وغيره كالحاضر الذي لا يصح طلاقه إلا بالشروط المعتبرة في الصحة.

(٥) التي جعلت حدا للغيبة المجوّزة للطلاق.

(٦) قد تقدم جواز طلاق الحامل ، وتقدم جواز طلاق الغائب وإن كانت زوجته حائضا ، والنفاس كالحيض فلو فارقها ولم يحتمل وضعها ونفاسها فيجوز الطلاق على كل حال لأنها حامل ، ولو احتمل وضعها ونفاسها فلا بد من مضي مدة يقع فيها الوضع وأكثر

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.


بمضي زمان تلد فيه (١) عادة وأكثر (٢) النفاس بعدها (٣) ، أو عادتها (٤) فيه (٥). ولو لم يعلم ذلك كلّه ولم يظنه تربص ثلاثة أشهر كالمسترابة (٦).

______________________________________________________

النفاس حتى تطهر ليصح طلاقها حينئذ.

(١) في الزمان الماضي.

(٢) عطف على الزمان ، والمعنى : يمضي زمان وأكثر النفاس.

(٣) أي بعد الولادة بناء على عدم استمرار الدم فوق العشرة.

(٤) عطف على أكثر النفاس ، والمعنى بمضي زمان وعادتها في النفاس إذا استمر الدم فوق العشرة بحسب حالها.

(٥) في النفاس.

(٦) هي من سنّ من تحيض ولا تحيض لخلقة أو عارض فيشترط في صحة طلاقها مضي ثلاثة أشهر من حين المواقعة بلا خلاف فيه لصحيح إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (عن المسترابة من الحيض كيف تطلّق؟ قال : تطلق بالشهور) (١) ، ومرسل العطار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المرأة يستراب بها ومثلها تحمل ومثلها لا تحمل ولا تحيض ، وقد واقعها زوجها كيف يطلقها إذا أراد طلاقها؟ قال عليه‌السلام : ليمسك عنها زوجها ثلاثة أشهر ثم يطلقها) (٢).

وفي المسالك وتبعه بعض من تأخر عنه أنه لا يلحق باسترابة من تعتاد الحيض في كل مدة تزيد عن ثلاثة أشهر ، فإن تلك لا استرابة فيها ، بل هي من أقسام ذوات الحيض يجب استبراؤها بحيضة وإن توقف على ستة أشهر أو أزيد.

وعلى كل قال الشارح في المسالك (وأطلق عليها اسم الاسترابة تبعا للنص وإلا فقد يحصل مع انقطاع حيضها في هذا السن استرابة بالحمل وقد لا يحصل) انتهى ، ولما عمم المسترابة لمسترابة الحيض والحمل فلذا جعل من لم يعلم انقضاء نفاسها ووضعها ولم يظنه كالمسترابة في الحيض من ناحية الحكم.

ثم لم يذكر الشهيدان الشرط الرابع من شروط المطلقة وهو أن تكون مستبرئة ، بمعنى أن يقع طلاقها في طهر لم يطأها فيه بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمر بن يحيى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (إذا طلق الرجل في دم النفاس أو

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العدد حديث ١٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.


(والتعيين (١) أي تعيين المطلّقة لفظا ، أو نية ، فلو طلق إحدى زوجتيه لا

______________________________________________________

طلقها بعد ما يمسها فليس طلاقه إياها بطلاق) (١) ، وصحيح البزنطي عن الرضا عليه‌السلام (عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين ، فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشهادة عدلين) (٢) ومثلها غيرها. نعم تستثنى اليائس والصغيرة والحامل وغير المدخول بها من هذا الشرط للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس بطلاق خمس على كل حال : الغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي لم يدخل بها ، والحبلى ، والتي قد يئست من المحيض) (٣) وصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (خمس يطلقن على كل حال : الحامل ، والتي قد يئست من المحيض والتي لم يدخل بها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تبلغ المحيض) (٤)ومثلها غيرها.

(١) الشرط الخامس من شروط المطلقة ، على المشهور ، لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو خلية ، قال عليه‌السلام : هذا كله ليس بطلاق ، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي ، يريد بذلك الطلاق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين) وهو ظاهر في اعتبار التعيين ، وخبر محمد بن أحمد بن مطهر (كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام : إني تزوجت أربعة نسوة ولم أسأل عن أسمائهن ، ثم إني أردت طلاق إحداهن وتزويج امرأة أخرى؟ فكتب عليه‌السلام : انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهن فتقول : اشهدوا أن فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ، ثم تزوج الأخرى إذا انقضت العدة) (٥)وهو نص في التعيين.

وعن الشيخ في المبسوط وابن البراج والمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والشهيد في شرحه عدم اعتبار التعيين ، فلو كان له زوجتان فقال : إحدى زوجتي طالق ولم ينو طلاق واحدة معينة صح ، وتستخرج بالقرعة كما عليه المحقق في الشرائع ، لأنها لكل أمر مشكل ، أو يرجع في التعيين إليه كما عليه العلامة في القواعد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث ٣.


بعينها بطل(على الأقوى) لأصالة بقاء النكاح فلا يزول إلا بسبب محقق السبيبة (١) ، ولأن الطلاق أمر معين فلا بد له من محل معين ، وحيث لا محلّ فلا طلاق ، ولأن الأحكام من قبيل الأعراض فلا بد لها من محل تقوم به ، ولأن توابع الطلاق من العدة وغيرها لا بدّ لها من محل معين.

وقيل : لا يشترط (٢) وتستخرج المطلقة بالقرعة أو يعين (٣) من شاء ، لعموم مشروعية الطلاق ، ومحلّ المبهم (٤) جاز أن يكون مبهما ، ولأن إحداهما زوجة وكل زوجة يصح طلاقها ، وقواه المصنف في الشرح ، ويتفرع على ذلك (٥) العدة.

فقيل : ابتداؤها من حين الايقاع (٦).

وقيل : من حين التعيين (٧) ، ويتفرع عليه (٨) أيضا فروع كثيرة (٩) ليس هذا (١٠) موضع ذكرها.

______________________________________________________

والقول بعدم التعيين محجوج بالأخبار المتقدمة ، واستدل على الأول أيضا بأن الطلاق أمر معيّن فلا بدّ له من محل معين ، وحيث لا محل فلا طلاق ، وبأن الأحكام من قبيل الأعراض فلا بد لها من محل تقوم به ، وأن الطلاق لدفع قيد النكاح ، والنكاح لم يقع في الخارج إلا على شخص بعينها ، فلا بد أن يكون الطلاق كذلك ، وبأن الطلاق له توابع من العدة ونحوها ، ولا بدّ للتوابع من محل معين فكذا المتبوع وهو الطلاق ، وهذه أمور استحسانية أو عقلية ظنية لا داعي لها بعد وجود الأخبار.

(١) وهو الطلاق مع التعيين.

(٢) أي التعيين.

(٣) أي المطلّق.

(٤) المبهم هو الطلاق ومحله الزوجة وهو أشبه بالمصادرة.

(٥) أي جواز الطلاق من غير تعيين.

(٦) أي إيقاع صيغة الطلاق ، وهو قول للشيخ ، لأن الطلاق يقع من وقت اللفظ لأنه جزم بالطلاق فلا يجوز تأخيره ، نعم محله غير معين فيؤمر بالتعيين.

(٧) كما رجحه العلامة في القواعد والتحرير ، لأن الطلاق لا يؤثر إلا في المحل المعين.

(٨) أي جواز الطلاق من غير تعيين.

(٩) منها حرمة زوجاته جمع إلى أن يعين واحدة منها.

(١٠) لأن الكتاب مبني على الاختصار ، ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع المسالك ، ولكن


.................................................................................................

______________________________________________________

ضعف المبنى يكفينا مئونة الاشتغال بها.

هذا ولم يتعرض الشهيدان للإشهاد بالتفصيل مع أنه من جملة الأركان الأربعة للطلاق ، والإشهاد شرط في صحة الطلاق بالاتفاق لقوله تعالى : (أَوْ فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) (١) ، وللأخبار :

منها : صحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (وإن طلقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إياها بطلاق) (٢) ، وخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من طلق بغير شهود فليس بشي‌ء) (٣)وخبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : إني طلّقت امرأتي للعدة بغير شهود ، فقال : ليس طلاقك بطلاق فارجع إلى أهلك) (٤)، وفي خبره الآخر (قدم رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام بالكوفة فقال : إني طلّقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أجامعها ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمرك الله؟ فقال : لا ، فقال : اذهب فإن طلاقك ليس بشي‌ء) (٥).

هذا ولا بدّ من اجتماع الشاهدين فلا يجزي لو كانا متفرقين ، لظاهر الأدلة المتقدمة وخصوص صحيح البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن رجل طلّق امرأته عن طهر من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر؟ فقال عليه‌السلام : إنما أمر أن يشهدا جميعا) (٦).

وتشترط الذكورة في الشاهدين فلا تقبل شهادة النساء في الطلاق للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن شهادة النساء في النكاح؟ قال : تجوز إذا كان معهن رجل ، وكان علي عليه‌السلام يقول : لا أجيزها في الطلاق) (٧) ، وخبر داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث (وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الإنكار ، ولا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين) (٨)، وخبر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (فإن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد وامرأتين ، قال عليه‌السلام : لا تجوز شهادة النساء في الطلاق وتجوز شهادتهن مع غيرهن في

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ٢.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ٦ و ٩ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ٢ و ٣٥.


الفصل الثاني

(في أقسامه) (١) وهو (٢) ينقسم أربعة أقسام(وهي) (٣) ما عدا المباح وهو (٤) متساوي الطرفين (٥) من الأحكام (٦) الخمسة ، فانه (٧) لا يكون كذلك (٨) بل إما راجح ، أو مرجوح مع المنع (٩) من النقيض وتعيّنه (١٠) أم لا (١١) ،

______________________________________________________

الدم إذا حضرنه) (١).

ويكفي في الشهادة سماعهم الصيغة لصحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (عن رجل كانت له امرأة طهرت من محيضها فجاء إلى جماعة فقال : فلانة طالق يقع عليها الطلاق ولم يقل : اشهدوا؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٢) ، وصحيح صفوان عن الرضا عليه‌السلام (سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال : فلانة طلاق ، وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم : اشهدوا ، أيقع الطلاق عليها؟ قال : نعم هذه شهادة) (٣).

(١) أي أقسام الطلاق.

(٢) أي الطلاق.

(٣) أي الأقسام الأربعة.

(٤) أي المباح.

(٥) أي فعله كتركه على حد سواء.

(٦) جار ومجرور متعلق بقوله : متساوي الطرفين.

(٧) أي فإن الطلاق.

(٨) أي مباحا.

(٩) بالنسبة للراجح ، فالراجح مع المنع من النقيض هو الواجب وبدون المنع من النقيض هو المستحب.

(١٠) أي تعين النقيض هذا بالنسبة للمرجوح ، فالمرجوح مع تعين النقيض هو الحرام ، لأن الفعل إذا كان مرجوحا وقد تعين نقيضه الذي هو الترك فهو عين حرمته ، وأما المرجوح مع عدم تعين النقيض فهو المكروه ، وعلى كل فقول الشارح : (مع المنع من النقيض وتعينه) متعلق بالراجح والمرجوح على نحو اللف والنشر المرتبين.

(١١) أي مع عدم المنع من النقيض بالنسبة للراجح ، ومع عدم تعين النقيض بالنسبة للمرجوح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١ و ٢.


وتفصيلها (١) أنه (٢): (إما حرام وهو (٣) طلاق الحائض ، لا مع المصحح له (٤) وهو (٥) أحد الأمور الثلاثة السابقة أعني عدم الدخول أو الحمل ، أو الغيبة ، (و) كذا(النفساء ، وفي طهر جامعها فيه) وهي غير صغيرة ، ولا يائسة ، ولا حامل مع علمه بحالها (٦) أو مطلقا (٧) نظرا (٨) إلى أنه لا يستثنى للغائب إلا كونها حائضا عملا بظاهر النص (٩).

(والثلاث من غير رجعة) والتحريم هنا (١٠) يرجع إلى المجموع من حيث هو مجموع ، وذلك لا ينافي تحليل بعض أفراده وهو الطلقة الأولى (١١) إذ لا منع منها إذا اجتمعت الشرائط.

______________________________________________________

(١) أي تفصيل أقسام الطلاق.

(٢) أي أن الطلاق.

(٣) كل طلاق على غير شروطه يقع باطلا فلو أتى به كذلك معتقدا شرعيته فهو محرم ، ولكن اختص المحرم عندهم بثلاث :

الأول : طلاق الحائض والنفساء مع حضور الزوج بعد الدخول ، وكذا مع غيبته دون المدة المشترطة ، وكذا طلاق المسترابة قبل ثلاثة أشهر.

الثاني : طلاق الزوجة في طهر قد واقعها فيه مع عدم اليأس والصغر والحمل.

الثالث : طلاق الثلاث من غير رجعة بينها.

وهذا الحصر اصطلاحي وإلا فالطلاق بدون الإشهاد وبدون الصيغة المعتبرة بالحل وإن أتى به بعنوان المشروعية فهو محرم.

(٤) للطلاق حال الحيض.

(٥) أي المصحح.

(٦) بأنها في طهر المواقعة.

(٧) أي سواء كان عالما أو جاهلا.

(٨) تعليل للإطلاق.

(٩) وقد تقدم ، أما طهر المواقعة فلا يستثنى وإن كان جاهلا ، وقد تقدم فيه البحث عند قول الشارح سابقا (وفي حكم علمه بحيضها علمه بكونها في طهر المواقعة على الأقوى).

(١٠) في الثلاث من غير رجعة.

(١١) بحيث لو وقع الثلاث من غير رجعة فإنه يقع طلقة واحدة على المشهور على ما تقدم بيانه سابقا.


(وكله) أي الطلاق المحرم بجميع أقسامه(لا يقع) بل يبطل(لكن يقع في) الطلقات(الثلاث) من غير رجعة(واحدة) وهي الأولى (١) ، أو الثانية على تقدير وقوع خلل في الأولى (٢) ، أو الثالثة على تقدير فساد الأوليين.

(وإما مكروه ، وهو الطلاق مع التئام الأخلاق) أي أخلاق الزوجين فإنه ما من شي‌ء مما أحله الله تعالى أبغض إليه من الطلاق (٣). وذلك (٤) حيث لا موجب له.

(وإما واجب ، وهو طلاق المولي (٥) ، والمظاهر (٦) فإنه يجب عليه (٧) أحد الأمرين الفئة (٨) ، أو الطلاق كما سيأتي ، فكل واحد منهما يوصف بالوجوب التخييري ، وهو (٩) واجب بقول مطلق (١٠).

______________________________________________________

(١) أي والتطليقة الواحدة هي صيغة الأولى إذا وقعت الثلاث من غير رجعة على نحو الترتيب ، كما لو قال : أنت طالق أنت طالق أنت طالق ، وهذا لا يأتي لو وقع الثلاث مرسلا كما لو قال : أنت طالق ثلاثا ، بحيث لو وقع خلل في الصيغة الأولى فلا صيغة أخرى لا ثانية ولا ثالثة.

(٢) في الصيغة الأولى.

(٣) ففي خبر أبي هاشم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الله عزوجل يحب البيت الذي فيه العرس ويبغض البيت الذي فيه الطلاق ، وما من شي‌ء أبغض إلى الله عزوجل من الطلاق) (١) ، وصحيح ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما من شي‌ء مما أحلّه الله أبغض إليه من الطلاق ، وإن الله عزوجل يبغض المطلاق الذوّاق) (٢)، ومرسل الطبرسي (تزوجوا ولا تطلّقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش) (٣).

(٤) أي الطلاق المبغوض إلى الله.

(٥) من أولى يولي إيلاء ، وهو الحلف على ترك وطئ الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر.

(٦) وهو من يشبّه من يملك نكاحها بظهر محرمة عليه أبدا بنسب أو رضاع.

(٧) على المولي والمظاهر.

(٨) أي الرجوع مع الكفارة.

(٩) أي الطلاق هنا.

(١٠) من غير تقييد له بالتخييري أو التعييني.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٢ و ٥ و ٧.


(وإما سنة (١) ، وهو الطلاق مع الشقاق) بينهما (٢) ، (وعدم رجاء الاجتماع) والوفاق (٣) ، (والخوف من الوقوع في المعصية (٤) يمكن أن يكون هذا (٥) من تتمة شرائط سنّته على تقدير الشقاق ، ويمكن كونه فردا برأسه. وهو الأظهر ، فإن خوف الوقوع في المعصية قد يجامع اتفاقهما فيسنّ (٦) تخلصا من الخوف المذكور إن لم يجب كما وجب النكاح له (٧).

(ويطلق الطلاق السني (٨) المنسوب إلى السنة(على كل طلاق جائز شرعا).

والمراد به الجائز بالمعنى الأعم(وهو ما قابل الحرام) ويقال له : طلاق السنة بالمعنى الأعم. ويقابله البدعي وهو الحرام ، ويطلق السني على معنى أخص من الأول وهو أن يطلق على الشرائط (٩) ، ثم يتركها حتى تخرج من العدة (١٠) ويعقد عليها

______________________________________________________

(١) أي مستحب.

(٢) بين الزوجين.

(٣) عطف على (الاجتماع) ففي خبر محمد بن حماد الحارثي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خمس لا يستجاب لهم : رجل جعل بيده طلاق امرأته وهي تؤذيه وعنده ما يعطها ولم يخلّ سبيلها ، ورجل أبق مملوكه ثلاث مرات ولم يبعه ، ورجل مرّ بحائط مائل وهو يقبل إليه ولم يسرع المشي حتى سقط عليه ، ورجل أقرض رجلا مالا فلم يشهد عليه ، ورجل جلس في بيته وقال : اللهم ارزقني ولم يطلب) (١) ، وخبر خطاب بن مسلمة (دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام وأنا أريد أن أشكو إليه ما ألقى من امرأتي من سوء خلقها ، فابتدأني فقال : إن أبي زوجني مرّة امرأة سيئة الخلق فشكوت ذلك إليه فقال : ما يمنعك من فراقها؟ قد جعل الله ذلك إليك فقلت فيما بيني وبين نفسي : قد فرّجت عني) (٢).

(٤) بالزنا مع الغير مثلا أو مطلق المعصية.

(٥) أي الخوف من الوقوع في المعصية.

(٦) أي الطلاق.

(٧) أي للخوف من الوقوع في المعصية.

(٨) أي المشروع في قبال المحرم ، وهو البدعي ، وهو كل طلاق غير مشروع يؤت به بعنوان المشروعية.

(٩) أي شرائط الطلاق.

(١٠) أي العدة الرجعية.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٥ و ٣.


ثانيا ويقال له : طلاق السنة بالمعنى الأخص (١) ، وسيأتي ما يختلف من حكمهما (٢).

(وهو) أي الطلاق السني بالمعنى الأعم (٣) (ثلاثة) أقسام : (بائن) لا يمكن للمطلق الرجوع فيه ابتداء (٤) (وهو ستة (٥) : طلاق غير المدخول بها (٦) دخولا يوجب الغسل في قبل ، أو دبر ، (واليائسة) من الحيض. ومثلها لا يحيض (٧) (والصغيرة (٨)

______________________________________________________

(١) في قبال الطلاق الذي يتعقبه الرجوع في العدة ، وهو الطلاق العدي.

(٢) أي حكم الطلاق بالمعنى الأخص والطلاق بالمعنى الأعم.

(٣) وهو كل مشروع هذا واعلم أن المعروف بين الأصحاب هو تقسيم الطلاق إلى بائن ورجعي ، والرجعي إلى العدي وغيره ، وفي الشرائع والتحرير والمتن هنا تقسيم الطلاق بالمعنى الأعم إلى بائن ورجعي وعدي ، وهو مشكل من ناحية أن جعل العدي قسيما للرجعي مع أنه قسم منه.

(٤) وإن أمكن الرجوع في بعض أقسامه كالخلع والمباراة بعد رجوعها في البذل.

(٥) بلا إشكال ولا خلاف كما في الجواهر.

(٦) للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (العدة من الماء) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة فقد بانت منه ، وتزوج من ساعتها إن شاءت) (٢) ، وخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها ـ إلى أن قال ـ وليس لها عدة تتزوج من ساعتها) (٣).

(٧) وهي من بلغت الخمسين أو الستين سنة على ما تقدم في كتاب الحيض.

(٨) وإن دخل بها وهي من لم تبلغ سن المحيض وهو التسع ، للأخبار.

منها : خبر ابن الحجاج (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ثلاث يتزوجن على كل حال : التي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، قلت : ومتى تكون كذلك؟ قال : إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، والتي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قلت : ومن يكون كذلك؟ قال : ما لم تبلغ تسع سنين فإنها لا تحيض ومثلها لا

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٣ و ٨.


إذ لا عدة لهذه الثلاث ولا رجوع (١) إلا في عدة(و) طلاق(المختلعة. والمباراة (٢). ما لم ترجعا في البذل) فإذا رجعتا صار رجعيا (٣) (والمطلقة ثالثة) ثلاثة (٤) (بعد رجعتين) كل واحدة (٥) عقيب طلقة إن كانت حرة ، وثانية بينها (٦) وبين الأولى رجعة إن كانت أمة(٧).

(ورجعي (٨) ، وهو ما للمطلّق فيه الرجعة) ، سواء(رجع أو لا) فإطلاق الرجعي عليه (٩)

______________________________________________________

تحيض ، والتي لم يدخل بها) (١) ومثلها غيرها من الأخبار ، إلا أن اليائسة عن الحيض هي من بلغت الستين محمول على القرشية لمرسل الصدوق (روي أن المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش) (٢)وتتمة البحث في كتاب الحيض.

(١) تعليل لعدم العدة الرجعية في الثلاث.

(٢) ففي صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الخلع والمباراة تطليقة بائن ، وهو خاطب من الخطّاب) (٣) ، وفي خبر داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في المختلعة قال : (عدتها عدة المطلقة وتعتدّ في بيتها ، والمختلعة بمنزلة المباراة) (٤).

(٣) على ما سيأتي بيانه في محله.

(٤) تفسير لثالثة بمعنى أن ثلاثة أنسب من ثالثة لتعلق الحكم بالثلاثة.

(٥) من الرجعتين.

(٦) بين الثانية.

(٧) ومن هنا تعرف أن الطلاق البائن على ثلاثة أقسام.

الأول : من لا عدة لها وهي اليائسة والصغيرة وغير المدخول بها.

الثاني : من لها العدة ولا يمكن للزوج الرجوع في الجملة وهي المختلعة والمباراة.

الثالث : من لها العدة ولا إمكان للزوج بالرجوع إليها في العدة مطلقا وهي المطلقة ثلاثا بينها رجعتان.

(٨) وهو قسيم البائن ، وهو ما عدا البائن الذي عرفت أن أقسامه ستة ، بلا خلاف فيه سواء اعتدت بالإقراء أو الشهور أو الوضع ، وسواء راجع أم لم يراجع إلا أن للمطلق الرجعة في العدة.

(٩) على هذا الطلاق.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب العدد حديث ٥ و ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢.


بسبب جوازها فيه (١) كإطلاق الكاتب على مطلق الإنسان من حيث صلاحيته لها (٢).

(و) الثالث(طلاق العدة ، وهو أن يطلّق على الشرائط ثم يرجع في العدة ويطأ ، ثم يطلق في طهر آخر) وإطلاق العدّي عليه من حيث الرجوع فيه (٣) في العدة وجعله قسيما للأولين (٤) يقتضي مغايرته لهما مع أنه أخص من الثاني (٥) ، فإنه من جملة أفراده ، بل أظهرها (٦) حيث رجع في العدة ، فلو جعله (٧) قسمين ثم قسم الرجعي إليه (٨) وإلى غيره (٩) كان أجود.

(وهذه) أعنى المطلقة للعدة(تحرم في التاسعة أبدا (١٠) إذا كانت حرة ، وقد تقدم (١١) أنها تحرم في كل ثالثة حتى تنكح زوجا غيره ، وإن المعتبر طلاقها للعدة

______________________________________________________

(١) أي بسبب جواز الرجعة في هذا الطلاق.

(٢) للكتابة وإن لم يكن كاتبا بالفعل.

(٣) في الطلاق.

(٤) من البائن والرجعي.

(٥) أي الرجعي.

(٦) أي أظهر الأفراد.

(٧) أي الطلاق.

(٨) إلى العدي.

(٩) وهو الرجعي الذي لم يرجع الزوج في العدة وإن جاز له الرجوع وهو المسمى بالسني بالمعنى الأخص.

(١٠) المشهور بين الأصحاب على أن المطلقة تسعا للعدة تحرم مؤبدا للإجماع كما عن جماعة ، ولخبر المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طلق امرأته ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض ، ثم تزوجها ثم طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض ، ثم تزوجها ثم طلقها من غير أن يراجع ، ثم تركها حتى حاضت ثلاث حيض؟ قال عليه‌السلام : له أن يتزوجها أبدا ما لم يراجع ويمسّ) (١) ، وهو دال على عدم الحرمة الأبدية بغير طلاق العدة ، ولازمه الحرمة الأبدية لو كان الطلاق عديا.

(١١) الفصل الثالث من المحرمات من كتاب النكاح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١٣.


مرتين من كل ثلاثة ، لأن الثالث لا يكون عديا حيث لا رجوع فيها فيه (١) (وما عداه (٢) من أقسام الطلاق الصحيح وهو ما إذا رجع فيها (٣) وتجرد عن الوطء ، أو بعدها (٤) بعقد جديد وإن وطئ(تحرم) المطلقة(في كل ثالثة للحرة (٥) ، وفي كل ثانية للأمة).

وفي إلحاق طلاق المختلعة إذا رجع في العدة بعد رجوعها في البذل والمعقود عليها (٦) في العدة الرجعية به (٧) قولان (٨) : منشؤهما. من أن (٩) الأول (١٠) من أقسام البائن والعدّي من أقسام الرجعي ، وأن شرطه (١١) الرجوع

______________________________________________________

(١) أي في العدة في هذا الطلاق.

(٢) أي عدا الطلاق العدي.

(٣) في العدة.

(٤) أي بعد العدة.

(٥) ولا تحرم مؤبدا عليه في التاسعة وهذا هو الفارق بين الطلاق العدي وغيره.

(٦) أي وفي إلحاق طلاق المعقود عليها.

(٧) بالعدي.

(٨) لو رجع بعد رجوع المختلعة في البذل أو عقد عليها في العدة الرجعية فهل يلحق بالعدي فيهما فتحرم في التاسعة أبدا أو لا يلحق به فلا تحرم قولان ، منشأ القول بعدم التحريم أن المختلعة من أقسام البائن والعدي من أقسام الرجعي فلا يلحق به ، والمعقود عليها في العدة الرجعية لا تحرم في التاسعة لأن شرط التحريم في التاسعة هو الرجوع في العدة ومع العقد لا رجوع.

ومنشأ القول بالتحريم أن رجوع المختلعة في البذل يصيّر الطلاق رجعيا ، والعقد في الرجعة بمعنى الرجعة فيلحقان بالعدي فتحرم في التاسعة.

هذا وقوّى الشارح إلحاق طلاق المختلعة بالعدي دون المعقود عليها في العدة ، أما الأول لتحقق الرجوع في العدة بعد رجوعها في البذل ، وأما الثاني فلا يلحق بالعدي لعدم تحقق الرجوع في العدة مع منع كون العقد بمعنى الرجعة فإنه وإن ساواها معنى لكن لا يلحق بها.

(٩) دليل عدم التحريم وعدم الإلحاق.

(١٠) وهو طلاق المختلعة.

(١١) أي شرط العدي ، وهو وجه عدم إلحاق المعقود عليها بالعدي.


في العدة والعقد الجديد (١) لا يعد رجوعا. ومن (٢) أن رجوعها في البذل صيّره (٣) رجعيا. وأن العقد (٤) في الرجعي بمعنى الرجعة.

والأقوى إلحاق الأول (٥) به (٦) ، دون الثاني (٧) لاختلال (٨) الشرط (٩) ومنع الحاق المساوى بمثله (١٠)

(والأفضل في الطلاق أن يطلق على الشرائط) المعتبرة في صحته (١١) ، (ثم يتركها حتى تخرج من العدة ، ثم يتزوجها إن شاء. وعلى هذا).

وهذا هو طلاق السنة بالمعنى الأخص ، ولا تحرم المطلقة به (١٢) مؤبدا (١٣) أبدا. وإنما كان أفضل ، للأخبار الدالة عليه (١٤) ، وإنما يكون أفضل حيث تشترك

______________________________________________________

(١) في العدة الرجعية.

(٢) دليل التحريم والإلحاق.

(٣) أي صيّر طلاق المختلعة الذي هو من أقسام البائن.

(٤) وجه إلحاق المعقود عليها بالعدي.

(٥) وهو طلاق المختلعة.

(٦) بالعدي.

(٧) وهو طلاق المعقود عليها في العدة الرجعية.

(٨) تعليل لعدم إلحاق الثاني بالعدي.

(٩) وهو الرجوع في العدة.

(١٠) أي ومنع إلحاق العقد بالرجوع وإن ساواه معنى.

(١١) صحة الطلاق.

(١٢) بالطلاق غير العدي.

(١٣) في التاسعة على ما تقدم بيانه.

(١٤) لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الطلاق الذي يحبه الله ، والذي يطلّق الفقيه ، وهو العدل بين الرجل والمرأة أن يطلّقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين وإرادة من القلب ثم يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء) (١) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام (سألته عن الطلاق ما حدّه ، وكيف ينبغي للرجل أن يطلّق؟ قال : السنة أن يطلّق عند الطهر واحدة ثم يدعها حتى تمضي عدتها) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٣ و ٢.


أفراده في أصل الأفضلية وجوبا ، أو ندبا ، لاقتضاء افعل التفضيل الاشتراك في أصل المصدر ، وما يكون مكروها ، أو حراما لا فضيلة فيه (١).

(وقد قال بعض الأصحاب (٢) وهو عبد الله بن بكير : (إن هذا الطلاق لا يحتاج إلى محلل بعد الثلاث (٣) ، بل استيفاء العدة الثالثة يهدم التحريم استنادا إلى

______________________________________________________

(١) فلا يكون طلاق السنة بالمعنى الأخص أفضل حينئذ ، هذا واعلم أنه لم يرد توصيف هذا الطلاق بالأفضل في الأخبار حتى نخصّه بما إذا كان واجبا أو مندوبا ، وإنما ورد توصيفه بالسنة وهو يشمل المكروه.

(٢) علّق الشارح هنا بقوله : (قد استعمل الأصحاب لفظ الصاحب في غير الإمالي من الشيعة كما ذكره المصنف ، قال العلامة في الخلاصة : إسحاق بن عمار شيخ من أصحابنا وكان فطحيا) انتهى.

(٣) قد عرفت الفرق بين الطلاق العدي والطلاق السني فمن ناحية الموضوع فالرجوع في الأول في العدة وفي الثاني بعد انقضاء العدة بعقد جديد ، ومن ناحية الحكم فالطلاق العدي ينشر الحرمة الأبدية في التاسعة بخلاف الطلاق السني فلا ينشر الحرمة الأبدية.

ولكن الطلاق العدي ثلاثا موجب للتحريم الموجب للتحليل عند ما تنكح زوجا غيره ، فهل الطلاق السني كذلك ، فعلى المشهور نعم للأخبار الكثيرة.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طلّق امرأته ثم تركها حتى انقضت عدتها ثم تزوجها ثم طلقها من غير أن يدخل بها حتى فعل ذلك بها ثلاثا قال : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره) (١) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الرجل يطلّق امرأته تطليقة ثم يراجعها بعد انقضاء عدتها ، فإذا طلّقها الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره) (٢).

وعن ابن بكير أن هذا الطلاق السني بالمعنى الأخص لا يحتاج إلى محلّل في الثالثة ، لأن استيفاء عدتها في الثالثة يهدم التحريم لما رواه ابن بكير نفسه عن زرارة في الصحيح قال (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : الطلاق الذي يحبه الله تعالى والذي يطلق الفقيه ، وهو العدل بين المرأة والرجل أن يطلّقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين وإرادة من القلب ، ثم يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء ، فإذا رأت الدم في أول قطرة من الثالثة وهو آخر القروء ، لأن الأقراء هي الأطهار ، فقد بانت منه وهي أملك بنفسها ، فإن شاءت تزوجته وحلّت له بلا زوج ، فإن فعل هذا بها مائة مرة هدم ما قبله وحلّت له بلا زوج ، وإن

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٤ و ٩.


رواية زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «الطلاق الذي يحبه الله

______________________________________________________

راجعها قبل أن تملك نفسها ثم طلقها ثلاث مرات يراجعها ويطلقها لم تحلّ له إلا بزوج) (١).

وهذه الرواية مع شذوذها وعدم عمل الأصحاب ، ومعارضتها لما هو أقوى منها قد رواها عبد الله بن بكير وهو فطحي المذهب لا يعتمد على روايته ، وفيها قادح آخر ، وهو أن عبد الله بن بكير كان يفتي بمضمونها وقد راجعه أصحاب الأئمة عليهم‌السلام في الأمر فقال : هذا مما رزقني الله من الرأي كما في خبر رفاعة عن أبي عبد الله عليهم‌السلام (سألته عن رجل طلّق امرأته حتى بانت منه وانقضت عدتها ثم تزوجت زوجا آخر فطلّقها أيضا ثم تزوجت زوجها الأول أيهدم ذلك الطلاق الأول؟ قال : نعم.

قال ابن سماعة ـ وهو من جملة رواة هذا الخبر ـ : وكان ابن بكير يقول : المطلّقة إذا طلّقها زوجها ثم تركها حتى تبين ثم تزوجها فإنما هي على طلاق مستأنف ، قال : وذكر الحسين بن هاشم أنه سأل ابن بكير عنها فأجابه بهذا الجواب فقال له : سمعت في هذا شيئا؟ قال : رواية رفاعة.

قال ابن هاشم : إن رفاعة روى إذا دخل بينهما زوج ، فقال ابن بكير : زوج وغير زوج عندي سواء ، فقلت : أسمعت في هذا شيئا؟ قال : لا ، هذا مما رزق الله من الرأي.

قال ابن سماعة : وليس نأخذ بقول ابن بكير ، فإن الرواية إذا كان بينهما زوج) (٢) ، وخبر عبد الله بن المغيرة (سألت عبد الله بن بكير عن رجل طلّق امرأته واحدة ثم تركها حتى بانت منه ثم تزوجها ، قال : هي معه كما كانت في التزويج ، قلت : فإن رواية رفاعة إذا كان بينهما زوج ، فقال لي عبد الله : هذا زوج ، وهذا مما رزق الله من الرأي) (٣).

هذا وقد احتمل الشيخ في التهذيب أن هذا الحكم من رأيه وقد أسنده إلى زرارة في الخبر المتقدم نصرة لمذهبه حيث قال الشيخ في الكتاب المذكور ملخصا : (هذه الرواية طريقها ابن بكير ، وقد قدّمنا أنه قال حين سئل عن هذه المسألة : هذا مما رزق الله من الرأي ، ولو كان سمع ذلك من زرارة لكان يقول : نعم رواية زرارة ، ويجوز أن يكون أسند ذلك إلى زرارة نصرة لمذهبه لما رأى أصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه ، وليس هو

معصوما لا يجوز عليه هذا ، بل وقع منه من العدول عن مذهب الحق إلى اعتقاد مذهب

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١٢.


تعالى والذي يطلق الفقيه وهو العدل (١) بين المرأة والرجل أن يطلقها في استقبال الطهر (٢) بشهادة شاهدين وإرادة من القلب ، ثم يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء فإذا رأت الدم في أول قطرة من الثالثة (٣) وهو آخر القرء ، لأن الاقراء هي الأطهار فقد بانت منه وهي أملك بنفسها فإن شاءت تزوجته وحلت له (٤) ، فإن فعل هذا بها مائة مرة هدم ما قبله وحلت بلا زوج» الحديث.

وإنما كان ذلك (٥) قول عبد الله ، لأنه قال حين سئل عنه : هذا مما رزق الله من الرأي (٦). ومع ذلك (٧) رواه بسند صحيح وقد قال الشيخ (٨) : إن العصابة أجمعت على تصحيح ما يصحّ عن عبد الله بن بكير ، وأقروا له بالفقه والثقة (٩).

______________________________________________________

الفطحية ما هو معروف من مذهبه ، والغلط في ذلك أعظم من إسناده فيما يعتقد صحته بشبهة إلى بعض أصحاب الأئمة عليهم‌السلام) (١) انتهى.

ومع كل هذا فالعجب من الشيخ حيث وثّقه في الفهرست بقوله (عبد الله بن بكير فطحي المذهب إلا أنه ثقة) (٢) ، وقال عنه الكشي (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ، وأقروا لهم بالفقه ـ إلى أن قال ـ ستة نفر : جميل بن دراج وعبد الله بن مسكان وعبد الله بن بكير وحماد بن عيسى وحماد بن عثمان وأبان بن عثمان) (٣).

(١) توصيف للطلاق.

(٢) أي الطهر الذي هو بعد طهر المواقعة.

(٣) من الحيضة الثالثة.

(٤) وفي الخبر على ما في الوسائل : (وحلّت له بلا زوج).

(٥) من عدم الاحتياج إلى المحلل بعد الثلاث.

(٦) كما في خبري رفاعة وابن المغيرة المتقدمين.

(٧) ومع تصريحه بأنه رأي له.

(٨) أي الطوسي.

(٩) كما في كتاب الكشي ، ولكن صحت النسبة للشيخ لأن كتاب الكشي لم يصل إلينا وإنما الواصل هو اختيار الشيخ لمعرفة الرجال من كتاب الكشي.

__________________

(١) التهذيب ج ٨ ص ٣٥.

(٢) فهرست الشيخ ص ١٠٦ تحت رقم (٤٥٢).

(٣) اختيار معرفة الرجال ص ٦٧٣ تحت رقم ٧٠٥ ، طبع مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.


وفيه (١) نظر ، لأنه فطحي المذهب (٢) ، ولو كان ما رواه (٣) حقا لما جعله رأيا له (٤) ، ومع ذلك (٥) فقد اختلف سند الرواية عنه فتارة أسندها إلى رفاعة (٦) ، وأخرى إلى زرارة ، ومع ذلك نسبه (٧) إلى نفسه. والعجب من الشيخ ـ مع دعواه الاجماع المذكور (٨) ـ أنه قال (٩) : إن إسناده إلى زرارة وقع نصرة لمذهبه الذي أفتى به لما رأى أن أصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه. قال (١٠) : وقد وقع منه من العدول عن اعتقاد مذهب الحق إلى الفطحية ما هو معروف. والغلط في ذلك (١١) أعظم من الغلط في إسناد فتيا يعتقد صحته لشبهة دخلت عليه إلى بعض أصحاب الأئمة عليه‌السلام(والأصح احتياجه إليه (١٢) أي إلى المحلل ، للأخبار الصحيحة الدالة عليه (١٣) ، وعموم القرآن الكريم (١٤) ،

______________________________________________________

(١) أي في كلام الشيخ المذكور.

(٢) وهو من يعتقد بإمامة عبد الله الأفطح ، وهو من ابنا الإمام الصادق عليه‌السلام ، فكيف تقر العصابة له بالفقه والثقة مع أنه غير عادل.

(٣) أي ما رواه عن زرارة.

(٤) بل قال : نعم رواية زرارة ، إذ مع النص يلغوا الاجتهاد.

(٥) مع عدم عدالته لأنه فطحي ، ومع إسناد القول إلى رأيه كما في خبري رفاعة وابن المغيرة المتقدمين.

(٦) كما في خبر رفاعة المتقدم فراجع.

(٧) أي نسب الحكم من عدم الاحتياج إلى المحلّل بعد الثلاث.

(٨) على تصحيح ما يصح عنه.

(٩) كما في التهذيب على ما تقدم نقله.

(١٠) أي الشيخ في التهذيب.

(١١) في العدول عن مذهب الحق.

(١٢) أي احتياج الطلاق الثالث إلى المحلّل.

(١٣) وقد تقدم بعضها.

(١٤) وهو قوله تعالى : (الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ ، فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ) ـ إلى قوله تعالى ـ (فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (١) ، وهو عام يشمل الطلاق البائن والرجعي ، سواء كان عديا أم سنيا بالمعنى الأخص.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآيتان : ٢٢٩ ، ٢٣٠.


بل لا يكاد يتحقق في ذلك (١) خلاف ، لأنه لم يذهب إلى القول الأول (٢) أحد من الأصحاب على ما ذكره جماعة ، وعبد الله بن بكير ليس من أصحابنا الإمامية ، ونسبة المصنف له إلى أصحابنا التفاتا منه إلى أنه (٣) من الشيعة في الجملة ، بل من فقهائهم على ما نقلناه عن الشيخ وإن لم يكن إماميا. ولقد كان ترك حكاية قوله في هذا المختصر أولى(٤).

(ويجوز طلاق الحامل أزيد من مرة (٥)

______________________________________________________

(١) في الاحتياج إلى المحلّل بعد الثلاث.

(٢) عدم الاحتياج إلى المحلّل.

(٣) أي أن ابن بكير.

(٤) لبناء المصنف في هذا الكتاب كما صرح به في آخره على الاقتصار على المشهور بين الأصحاب.

(٥) لا خلاف بين الأصحاب في أنه يجوز طلاق الحامل مرة للأخبار.

منها : خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام (خمس يطلقن على كل حال : الحامل المتبين حملها ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي قد جلست عن المحيض) (١) ومثله غيره.

وإنما الكلام في جواز طلاقها أكثر من مرة ، فعن ابن الجنيد المنع من الطلاق للعدة إلا بعد مضي شهر لصحيح يزيد الكناسي (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن طلاق الحبلى ، فقال : يطلّقها واحدة للعدة بالشهور والشهود ، قلت : فله أن يراجعها؟ قال : نعم وهي امرأته ، قلت : فإن راجعها ومسّها ثم أراد أن يطلّقها تطليقة أخرى ، قال : لا يطلّقها حتى يمضي لها بعد ما يمسّها شهر) (٢) وهو محمول على الاستحباب جمعا بينه وبين موثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن رجل طلّق امرأته وهي حامل ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها ثم طلقها الثالثة في يوم واحد ، تبين منه؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٣).

وعن الشيخ في النهاية وابني البراج وحمزة المنع من الطلاق للسنة ، وتجويز الطلاق للعدة ، أما الثاني فلما تقدم من موثق إسحاق وغيره ، وأما الأول ، فلأن الطلاق السني بالمعنى الأخص هو أن يعقد عليها بعد انقضاء عدتها ، ولا تنقضي عدة الحامل إلا بالوضع ، وبه تخرج عن كونها حاملا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١١ و ١٠.


مطلقا (١) على الأقوى(ويكون طلاق عدة إن وطأ) بعد الرجعة ثم طلق ، وإلا يطأ بعدها (٢) (فسنة بمعناه الأعمّ). وأما طلاق السنة بالمعنى الأخص فلا يقع بها (٣) لأنه (٤) مشروط بانقضاء العدة ، ثم تزويجها ثانيا كما سبق (٥) ، وعدة الحامل لا

______________________________________________________

وعن الصدوقين المنع من الطلاق ثانيا ما دامت حاملا للأخبار الناهية عن ذلك.

منها : صحيح الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام (طلاق الحامل واحد فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه) (١) ، وصحيح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (طلاق الحامل واحدة وعدتها أقرب الأجلين) (٢)، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الحبلى تطلّق تطليقة واحدة) (٣)، وخبر محمد بن منصور الصيقل عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يطلّق امرأته وهي حبلى قال : يطلّقها ، قلت : فيراجعها؟ قال : نعم يراجعها ، قلت : فإنه بدا له بعد ما راجعها أن يطلقها ، قال : لا حتى تضع) (٤).

وهذه الأخبار لا تقاوم ما دل على جواز تعدد طلاق الحامل.

منها : خبر إسحاق بن عمار المتقدم ، وموثقه الآخر (قلت لأبي إبراهيم عليه‌السلام : الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها ثم يطلّقها الثالثة ، قال عليه‌السلام : تبين منه ولا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره) (٥)، وموثقه الثالث عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام (عن الحبلى تطلّق الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، قال عليه‌السلام : نعم ، قلت : ألست الذي قلت لي إذا جامع لم يكن له أن يطلّق؟ قال عليه‌السلام : إن الطلاق لا يكون إلا على طهر قد بان ، أو حمل قد بان ، وهذه قد بان حملها) (٦)، وتحمل أخبار النهي على عدم جواز تعدد طلاقها للسنة بالمعنى الأخص كما عرفت ، كما فصّل الشيخ وجماعة بين طلاق العدي فيجوز التعدد والطلاق السنّي بالمعنى الأخص فلا يجوز التعدد وإليه ذهب المشهور بين المتأخرين.

(١) سواء مضى في طلاق العدة شهر أو لا.

(٢) بعد الرجعة.

(٣) بالحامل.

(٤) أي طلاق السنة بالمعنى الأخص.

(٥) كما سبق عند قول الماتن (والأفضل في الطلاق أن يطلق على الشرائط ثم يتركها حتى تخرج من العدة ثم يتزوجها إن شاء).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١ و ٣ و ٤.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٧ و ٦ و ٨.


تنقضي إلا بالوضع ، وبه (١) تخرج عن كونها حاملا فلا يصدق أنها طلقت طلاق السنة بالمعنى الأخص ما دامت حاملا ، إلا أن يجعل وضعها قبل الرجعة كاشفا عن كون طلاقها السابق طلاق سنة بذلك المعنى (٢) ، والأقوال هنا (٣) مختلفة كالأخبار ، والمحصّل ما ذكرناه.

(والأولى تفريق الطلقات (٤) على الأطهار) بأن يوقع كل طلقة في طهر غير طهر الطلقة السابقة(لمن أراد أن يطلق ويراجع) أزيد من مرة (٥).

______________________________________________________

(١) بالوضع.

(٢) أي بالسنة بالمعنى الأخص ، لأنه لم يتحقق الرجوع في العدة ، بل انقضت عدتها بالوضع ولم يرجع فيتعين عليه العقد إذا أراد الرجوع ، وعلى هذا فقوله : (إلا أن يجعل وضعها قبل الرجعة) فمعناه إلا أن يجعل وضعها قبل العقد الجديد.

(٣) في طلاق الحامل.

(٤) أي الطلقات الثلاث.

(٥) إذا طلق الحائل طلاقا رجعيا ثم راجعها فإن واقعها وطلّقها في طهر آخر صح بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث قال : (وأما طلاق العدة الذي قال الله عزوجل : فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ، فإذا أراد الرجل منكم أن يطلّق امرأته طلاق العدة فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضها ، ثم يطلّقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين ويراجعها من يومه ذلك إن أحب ، أو بعد ذلك بأيام قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها حتى تحيض ، فإذا حاضت وخرجت من حيضها طلّقها تطليقة أخرى من غير جماع يشهد على ذلك ، ثم يراجعها أيضا متى شاء قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة ، فإذا خرجت من حيضتها الثالثة طلّقها التطليقة الثالثة بغير جماع ويشهد على ذلك ، فإذا فعل ذلك فقد بانت منه ولا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره) (١).

ولو طلق الحائل طلاقا رجعيا ثم راجعها وطلقها في طهر آخر بدون مواقعة صح الطلاق على المشهور لصحيح عبد الحميد بن عوّاض ومحمد بن مسلم (سألنا أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طلّق امرأته وأشهد على الرجعة ولم يجامع ثم طلّق في طهر آخر على السنة ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١.


وهذه الأولوية (١) بالإضافة إلى ما يأتي بعده (٢) ، وإلا (٣) فهو (٤) موضع الخلاف (٥) ، وإن كان أصح الروايتين صحته (٦) ، وإنما الأولى (٧) المخرج من

______________________________________________________

أتثبت التطليقة الثانية بغير جماع؟ قال : نعم إذا هو أشهد على الرجعة ولم يجامع كانت التطليقة ثابتة) (١) ، وصحيح البزنطي عن الرضا عليه‌السلام (عن رجل طلق امرأته بشاهدين ثم راجعها ولم يجامعها بعد الرجعة حتى طهرت من حيضها ، ثم طلقها على طهر بشاهدين. أيقع عليها التطليقة الثانية وقد راجعها ولم يجامعها؟ قال : نعم) (٢)ومثلها غيرها.

وعن ابن أبي عقيل أنه لا يجوز الطلاق الثاني إلا بعد المواقعة لموثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (عن الرجل يطلق امرأته في طهر من غير جماع ثم يراجعها في يومه ذلك ثم يطلقها ، تبين عنه بثلاث تطليقات في طهر واحد؟ فقال عليه‌السلام : خالف السنة ، قلت : فليس ينبغي له إذا هو راجعها أن يطلقها إلا في طهر؟ قال : نعم ، قلت : حتى يجامع؟ قال : نعم) (٣) ، وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال عليه‌السلام : في الرجل يطلق امرأته له أن يراجع ، وقال : لا يطلق التطليقة الأخرى حتى يمسّها) (٤)ومثلها غيرها وقد حملها جماعة منهم الشارح على الكراهة وأخبار الجواز على الإباحة ، ومنه يتبين أن الطلاق الثاني في طهر آخر بعد المراجعة بدون المواقعة مكروه.

(١) في قول المصنف (الأولى تفريق الطلقات على الأطهار) وإن لم يواقع.

(٢) وهو ما لو أوقع الطلقات الثلاث في طهر واحد في قول المصنف الآتي : (ولو طلق مرات في طهر واحد).

(٣) أي وإن لم تكن الأولوية إضافية لما بعده.

(٤) أي تفريق الطلقات على الأطهار من دون مواقعة بعد المراجعة.

(٥) ولم يخالف إلا ابن أبي عقيل كما تقدم.

(٦) أي صحة تفريق الطلقات على الأطهار من دون مواقعة بعد المراجعة ، وقد عرفت أن الدليل عليه هو صحيحة محمد بن مسلم وعبد الحميد ، وصحيح البزنطي وغيرهما بخلاف القول الآخر.

(٧) تعريض بالماتن ، لأن الأولوية لتفريق الطلقات على الأطهار مع مواقعة بعد المراجعة فإن

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٣ و ٢.


الخلاف أن يراجع ويطأ ، ثم يطلق في طهر آخر فإن الطلاق هنا يقع إجماعا.

(ولو طلق مرات في طهر واحد (١) بأن يطلق ويراجع ، ثم يطلق ويراجع. وهكذا ثلاثا(فخلاف أقربه الوقوع مع تخلل الرجعة) بين كل طلاقين ، لعموم القرآن (٢) ، والاخبار الصحيحة بصحة الطلاق (٣) إن أراده في الجملة إلا ما أخرجه الدليل (٤) ، وروى (٥) إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قلت له رجل طلق امرأته ، ثم طلقها بشهود ، ثم راجعها بشهود ، ثم راجعها بشهود ، ثم طلقها بشهود تبين منه قال : نعم قلت : كل ذلك في طهر واحد قال : تبين منه.

وهذه الرواية من الموثق (٦) ، ولا معارض لها ، إلا رواية (٧) عبد الرحمن بن

______________________________________________________

الطلاق الثاني صحيح بلا خلاف على ما تقدم بيانه سابقا ، بخلاف تفريق الطلقات على الأطهار مع عدم المواقعة بعد المراجعة فالطلاق الثاني مختلف فيه.

(١) بحيث لم يطأ بينها ، وذلك فيما لو طلق الحائل ثم راجعها ثم طلقها في نفس طهرها من دون مواقعة صح الطلاق الثاني على المشهور لموثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام (قلت له : رجل طلّق امرأته ثم راجعها بشهود ثم طلقها ثم بدا له فراجعها بشهود ، ثم طلقها بشهود ، تبين منه؟ قال : نعم ، قلت : كل ذلك في طهر واحد؟ قال : تبين منه) (١) وعن ابن أبي عقيل المنع من الطلاق الثاني لأنه مجرد عن المواقعة بعد المراجعة متمسكا بصحيح ابن الحجاج وموثق إسحاق بن عمار المتقدمين ، وفيه أنه قد عرفت حملهما على الكراهة.

(٢) وهو قوله تعالى : (الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ) (٢).

(٣) جار ومجرور متعلق بقوله (لعموم القرآن والأخبار الصحيحة) أي العموم المذكور في الكتاب والأخبار دال على صحة هذا الطلاق.

(٤) وهو الطلاق الثاني الواقع في طهر المواقعة بعد المراجعة.

(٥) دليل ثان للصحة.

(٦) لأن إسحاق بن عمار ثقة إلا أنه فطحي.

(٧) وكذا الموثق الآخر لإسحاق بن عمار وقد تقدم ، ومن جهة أخرى فرواية ابن الحجاج صحيحة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٥.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.


الحجاج عن الصادق عليه‌السلام في الرجل يطلق امرأته له أن يراجعها قال : لا يطلق التطليقة الأخرى حتى يمسها. وهي (١) لا تدل على لبطلانه (٢) ، نظرا (٣) إلى أن النهي (٤) في غير العبادة لا يفسد (٥).

واعلم أن الرجعة بعد الطلقة (٦) تجعلها (٧) بمنزلة المعدومة بالنسبة إلى اعتبار حالها (٨) قبل الطلاق (٩) وإن بقي لها (١٠) أثر في الجملة. كعدها (١١) من الثلاث فيبقى حكم الزوجية بعدها (١٢) كما كان قبلها (١٣) فإذا كانت مدخولا بها قبل الطلاق ، ثم طلقها وراجع ، ثم طلق يكون طلاقه طلاق مدخول بها ، لا طلاق (١٤)

______________________________________________________

(١) أي صحيحة ابن الحجاج.

(٢) أي بطلان الطلاق الثاني في نفس طهر الطلاق الأول بعد المراجعة من دون المواقعة.

(٣) تعليل لعدم البطلان.

(٤) في قوله عليه‌السلام (لا يطلق التطليقة الأخرى حتى يمسّها).

(٥) والتعليل عليل ، بل عدم البطلان للجمع بينها وبين أخبار الجواز فتحمل على الكراهة ، وإلا فهذا النهي لو لا المعارض لكان دالا على الفساد باعتبار دلالته على أن المسّ شرط في صحة الطلاق الثاني.

(٦) لو طلقها بعد الدخول ثم راجع في العدة ثم طلق قبل المواقعة لزمها استئناف العدة لبطلان الأولى بالرجعة المقتضية لفسخ الطلاق وعود النكاح السابق ، وعليه فالرجعة ليست سببا لإنشاء نكاح جديد بل هي فسخ للطلاق ، وعلى هذا البيان فلو طلقها بعد الدخول ثم راجع في العدة ثم طلق قبل المواقعة لكان الطلاق الثاني طلاق امرأة مدخول بها فيكون طلاقا رجعيا ، وقال الشارح في المسالك : (وهذا مما لا خلاف فيه ولكنه محل توهم).

(٧) أي تجعل الرجعة الطلقة.

(٨) أي حال الزوجة.

(٩) لأن الرجعة فسخ للطلاق الحادث وعود للنكاح السابق.

(١٠) للطلقة.

(١١) أي كعدّ الطلقة.

(١٢) أي بعد الرجعة.

(١٣) أي كما كان حكم الزوجية قبل الرجعة.

(١٤) هذا هو محل التوهم.


غير مدخول بها نظرا (١) إلى أن الرجعة بمنزلة التزويج الجديد فيكون طلاقها بعده (٢) واقعا على غير مدخول بها ، لما عرفت (٣) من أن الرجعة أسقطت حكم الطلاق ، ولو لا ذلك (٤) لم يمكن الطلاق ثلاثا (٥) ، وان فرّق الطلقات على الاطهار من غير دخول والروايات الصحيحة ناطقة بصحتها (٦) حينئذ (٧) ، وكذا فتوى الأصحاب إلا من شذّ (٨). وحينئذ (٩) فيكون الطلاق الثاني رجعيا ، لا بائنا وإن وقع بغير مدخول بها بالنسبة إلى ما بعد الرجعة فإنها (١٠) مدخول بها قبلها (١١). وهو (١٢) كاف.

______________________________________________________

(١) تعليل للمنفي أي لكون الطلاق طلاق غير مدخول بها.

(٢) بعد الرجوع.

(٣) تعليل للنفي في قوله (لا طلاق غير مدخول بها).

(٤) أي لو لا إسقاط حكم الطلاق بالرجعة.

(٥) باعتبار أن مفروض المسألة فيما لو طلق بعد الدخول ثم راجعها في العدة وقبل المواقعة طلّقها ثانيا فلو لم تكن الرجعة أسقطت حكم الطلاق الأول حتى يكون الطلاق الثاني طلاقا لمدخول بها للزم أن يكون الطلاق الثاني طلاقا لغير مدخول بها ، وغير المدخول بها لا عدة لها ، ومع عدم العدة فلا يمكن للمطلق الرجوع بعد الطلاق الثاني حتى يتأتى منه وقوع الطلاق الثالث ، مع أن موثق إسحاق بن عمار المتقدم صريح في وقوع الطلاق الثالث بالنحو المذكور ، وهو عن أبي الحسن عليه‌السلام (قلت له : رجل طلّق امرأته ثم راجعها بشهود ثم طلقها ثم بدا له فراجعها بشهود ثم طلقها فراجعها بشهود تبين منه؟ قال : نعم ، قلت : كل ذلك في طهر واحد ، قال : تبين منه) (١) ، بل وكذا صحيح محمد بن مسلم وعبد الحميد بن عواض وصحيح البزنطي المتقدمون.

(٦) أي بصحة الطلقات الثلاث المفرّقة على الأطهار.

(٧) أي حين عدم المجامعة بعد المراجعة.

(٨) وهو ابن أبي عقيل وقد تقدم الكلام فيه.

(٩) أي وحين كون الرجعة مسقطة لحكم الطلاق الحادث مع رجوع عقد النكاح السابق

(١٠) أي المطلقة.

(١١) أي قبل الرجعة عند النكاح السابق الذي عاد بالرجعة.

(١٢) أي الدخول قبل الرجعة عند النكاح السابق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٥.


(وتحتاج) المطلقة مطلقا (١) (مع كمال) الطلقات(الثلاث إلى المحلل (٢) ، للنص) والاجماع ومخالفة من سبق ذكره (٣) في بعض موارده (٤) غير قادح فيه (٥) بوجه (٦).

______________________________________________________

(١) من أي أنواع الطلاق بائنا أو رجعيا ، وسواء كان الرجعي عديا أو سنيا بالمعنى الأخص.

(٢) لا إشكال ولا خلاف معتدّ به في أن كل امرأة حرة استكملت الطلاق ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا غيره غير المطلّق ، سواء كانت مدخولا بها أو لم تكن ، راجعها في العدة وواقعها أو لم يواقعها ثم طلقها ثم راجعها كذلك ثم طلقها ، أو لم يراجعها في العدة بل تركها إلى أن انقضت عدتها ثم تزوجها بعقد جديد ثم طلقها ، وهكذا ثلاثا ، لعموم قوله تعالى : (الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ) ـ إلى قوله تعالى ـ (فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ، فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يَتَرٰاجَعٰا إِنْ ظَنّٰا أَنْ يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ) (١) ، وللأخبار الكثيرة.

منها : خبر زرارة بن أعين وداود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : (والذي يطلق الطلاق الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ثلاث مرات وتزوج ثلاث مرات لا تحل له أبدا) (٢) ، وهو ظاهر في انقضاء عدتها عقيب كل طلاق ثم الرجوع إليها بعقد جديد ، وخبر أبي بصير (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المرأة التي لا تحلّ لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ، قال : هي التي تطلّق ثم تراجع ثم تطلّق ثم تراجع ثم تطلق الثالثة فهي التي لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ويذوق عسيلتها) (٣) ، وهو ظاهر في الطلاق العدي ، والسابق في الطلاق السني بالمعنى الأخص ، ومثلهما غيرهما.

ولم يخالف إلا ابن بكير حيث ذهب إلى عدم التحريم في الثالثة في الطلاق السني بالمعنى الأخص ، لأن استيفاء العدة يهدم تحريم الثالثة وقد تقدم الكلام فيه سابقا فلا نعيد.

(٣) وهو ابن بكير.

(٤) أي بعض موارد الطلاق ، وهو الطلاق السني بالمعنى الأخص.

(٥) في الإجماع.

(٦) لأنه فطحي ، ولأنه قد صرح بأنه رأيه وليس رواية يرويها ، وعلى كل فلم يذكر الشهيدان شروط المحلّل وهي أربعة :

__________________

(١) سورة البقرة ، الآيتان : ٢٩ ، ٢٣٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

الأول : البلوغ فلا يكفي غير البالغ وإن دخل بها بعقد على المشهور لمكاتبة علي بن الفضل الواسطي (كتبت إلى الرضا عليه‌السلام : رجل طلّق امرأته الطلاق الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ، فيتزوجها غلام لم يحتلم؟ قال عليه‌السلام : لا حتى يبلغ ، فكتبت إليه : ما حدّ البلوغ؟ فقال عليه‌السلام : ما أوجب على المؤمنين الحدود) (١).

ومنه تعرف ضعف ما عن ابن الجنيد والشيخ في أحد قوليه من الاكتفاء بالمراهق غير البالغ وجنح إليه الشارح في المسالك لضعف الخبر ، مع أنه منجبر بعمل الأصحاب.

الشرط الثاني : الوطي بالاتفاق بين جميع المسلمين ما عدا سعيد بن المسيب فاكتفى بالعقد ، ويدل عليه الأخبار الكثيرة.

منها : النبوي (أنه جاءت امرأة رفاعة القرطي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : كنت عند رفاعة فبتّ طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وأنه طلقني قبل أن يمسّني فتبسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) (٢) ، وخبر أبي حاتم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يطلق امرأته الطلاق الذي لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ، ثم تزوجها رجل آخر ولم يدخل بها؟ قال عليه‌السلام : لا حتى يذوق عسيلتها) (٣) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (من طلّق امرأته ثلاثا ولم يراجع حتى تبين فلا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ، فإذا تزوجت زوجا ودخل بها حلّت لزوجها الأول) (٤) ومثلها غيرها. وظاهر ذوق العسيلة لا بدّية كون الوطي في القبل فلا يكفي الوطي في الدبر ، وظاهر أيضا لا بدّية كون الوطي على نحو يوجب الغسل وهو ما كان بغيبوبة الحشفة وظاهرهم الاتفاق على ذلك.

نعم المشهور على عدم اعتبار الانزال لإطلاق الأدلة ، وعن جماعة منهم صاحب الجواهر الاستشكال فيه باعتبار أن ذوق العسيلة من الجانبين ظاهر في لذة الجماع التي لا تتحقق إلا مع الإنزال.

الشرط الثالث : أن يكون ذلك بالعقد الصحيح فلا يكفي وطئ الشبهة فضلا عن الوطي المحرم أو العقد الفاسد بلا خلاف فيه ، لظاهر قوله تعالى : (حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (٥) وهو غير صادق على وطئ الشبهة أو الحرام أو العقد الفاسد فضلا عن الأخبار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١.

(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٧٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١ و ٢.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٠.


.................................................................................................

______________________________________________________

منها : صحيح الفضيل عن أحدهما عليهم‌السلام (سألته عن رجل زوج عبده أمته ثم طلقها تطليقتين ، يحلّ له أن يراجعها إن أراد مولاها؟ قال : لا ، قلت : أفرأيت إن وطأها مولاها أيحل للعبد أن يراجعها قال : لا ، حتى تزوج زوجا غيره ويدخل بها ، فيكون نكاحا مثل نكاح الأول) (١) ومثله غيره.

الشرط الرابع : أن يكون العقد دائميا فلا يكفي نكاح المتعة بلا خلاف فيه ، للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (عن رجل طلق امرأته ثلاثا ثم تمتّع فيها رجل آخر هل تحلّ للأول؟ قال عليه‌السلام : لا) (٢) ، وموثق هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل تزوج امرأة ثم طلقها فبانت منه ثم تزوجها رجل آخر متعة هل تحلّ لزوجها الأول؟ قال : لا حتى تدخل فيما خرجت منه) (٣)وخبر الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : رجل طلّق امرأته طلاقا لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ، فتزوجها رجل متعة ، أتحلّ للأول؟ قال : لا ، لأن الله يقول : فإن طلّقها (فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهٰا) ، والمتعة ليس فيها طلاق) (٤). هذا والمحلّل يهدم الطلقة والاثنتين كما يهدم الثلاث على المشهور شهرة عظيمة للأخبار.

منها : موثق رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طلّق امرأته حتى بانت منه وانقضت عدتها ثم تزوجت زوجا آخر فطلّقها أيضا ثم تزوجها زوجها الأول ، أيهدم ذلك الطلاق الأول؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٥) ، وخبر معاوية بن حكيم قال : (روى أصحابنا عن رفاعة بن موسى أن الزوج يهدم الطلاق الأول ، فإن تزوجها فهي عنده مستقبلة ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يهدم الثلاث ولا يهدم الواحدة والثنتين) (٦)وخبر عبد الله بن عقيل بن أبي طالب (اختلف رجلان في قضية إلى علي عليه‌السلام وعمر ، في امرأة طلّقها زوجها تطليقة أو اثنتين فتزوجها آخر فطلقها أو مات عنها فلما انقضت عدتها تزوجها لأول ، فقال عمر : هي على ما بقي من الطلاق ، وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سبحان الله يهدم الثلاث ولا يهدم واحدة) (٧) ومثلها غيرها.

وقد نسب الشيخ في الخلاف إلى بعض الأصحاب عدم الهدم للأخبار وهي كثيرة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٢.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٢ و ٣ و ٤.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة ثم تركها حتى مضت عدتها فتزوجت زوجا غيره ثم مات الرجل أو طلقها فراجعها زوجها الأول؟ قال عليه‌السلام : هي عنده على تطليقتين باقيتين) (١) ، وصحيح منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في امرأة طلّقها زوجها واحدة أو اثنتين ثم تركها حتى تمضي عدتها ، فتزوجها غيره فيموت أو يطلقها فيتزوجها الأول ، قال عليه‌السلام : هي عنده على ما بقي من الطلاق) (٢)ومثلها غيرها ، وقد أنهاها في الحدائق إلى سبع روايات ، وهي وإن كانت أكثر عددا وأصح سندا وموافقة للكتاب حيث إن إطلاق الآية الكريمة هو الاحتياج إلى المحلّل بعد الطلاق الثالث سواء تخلل نكاح زوج غيره أم لا ، وموافقة للاحتياط ، ومع كل ذلك فلا بدّ من ردها لإعراض المشهور عنها وموافقتها للعامة بعد ما عرفت أن عدم الهدم هو قول عمر على ما في خبر عبد الله بن عقيل المتقدم ، وهو قول الشافعي ومالك والأوزاعي وابن أبي ليلى وزفر والشيباني وغيرهم ، ومنه تعرف ضعف ما عدا عن الحدائق من العمل بأخبار عدم الهدم ، وتعرف ضعف التردد عن العلامة في التحرير.

هذا ولو ادعت المطلقة ثلاثا أنها تزوجت وقد انقضت عدتها من الزوج الآخر وكان ذلك ممكنا في تلك المدة فيجوز للزوج الأول تزويجها لصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طلق امرأته ثلاثا فبانت منه فأراد مراجعتها فقال لها : إني أريد مراجعتك فتزوجي زوجا غيري ، فقالت له : قد تزوجت زوجا غيرك ، وحللت لك نفسي ، أيصدق قولها ويراجعها وكيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : إذا كانت المرأة ثقة صدقت في قولها) (٣) وعلى المشهور فلو وطأها المحلّل وطئا محرما شرعا كالوطء في حال الإحرام أو في الصوم الواجب أو في حال الحيض فإنه يحصل التحليل ، لأن الحلية لم تعلق إلا على العقد الصحيح الدائم والدخول ، وأما اعتبار حلية الدخول وجوازه فلا دليل عليه وإطلاق الأدلة على عدم اعتباره ، وعن الشيخ وابن الجنيد عدم الحلية إذ التحريم معلوم ولا دليل على أن هذا الوطي محلّل ، ولنصوص ذوق العسيلة فهي ظاهرة في الذوق المباح ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يبيح المحرم.

وفيه أن إطلاق الأدلة على عدم اعتبار حلية الدخول هو الدليل على أن الوطي المحرم مبيح ، وأما نصوص ذوق العسيلة فلم تتضمن الأمر بالذوق كي يقال إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٦ و ٩٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١.


(ولا يلزم الطلاق (١) بالشك) فيه (٢) لتندفع الشبهة الناشئة من احتمال وقوعه ، بل تبقى (٣) على حكم الزوجية ، لأصالة عدمه (٤) ، وبقاء النكاح.

لكن لا يخفى الورع في ذلك (٥) فيراجع إن كان الشك في طلاق رجعي ، ليكون على يقين من الحل ، أو في البائن (٦) بدون ثلاث جدّد النكاح ، أو بثلاث (٧) أمسك عنها وطلقها ثلاثا (٨) لتحل لغيره يقينا ، وكذا يبني على الأقل لو شك في عدده (٩) ، والورع الأكثر (١٠).

______________________________________________________

يأمر بالمحرم ، بل هي متضمنة لحكم وضعي وهو الحلية على فرض ذوق العسيلة ، والذوق كما يتحقق بالدخول الحلال يتحقق بالمحرم.

(١) أي لا يجب الطلاق عند الشك فيه بحيث لو شك المطلق في إيقاع أصل الطلاق لم يلزمه الطلاق لرفع الشك ، لأن الأصل عدم الطلاق ولأصالة بقاء النكاح ، ولا يستحب بالخصوص خلافا للشافعي ، نعم لا ريب في رجحان الاحتياط القاضي بالاعتناء بهذا الشك.

(٢) أي في الطلاق.

(٣) أي المرأة.

(٤) عدم الطلاق.

(٥) في الطلاق المشكوك.

(٦) أي وإن كان الشك في طلاق بائن.

(٧) أي وإن كان الشك في الطلاق الثالث.

(٨) أي ثالثا.

(٩) لو علم بأصل الطلاق وشك في عدده بنى على الأقل ، لأنه المتيقن ويستصحب العدم في الزائد خلافا لمالك فأوجب الأكثر كما إذا تحقق بوجود نجاسة في ثوبه ولم يعرف قدرها ، فإنه يأخذ بالأكثر ويغسل جميع أطراف الاشتباه ، وردّ بالفرق بين الأمرين حيث لا قدر معلوم للنجاسة حتى يستصحب أصل العدم فيما عداه مع أنه يتقن النجاسة فيستصحب وجودها إلى أن يحرز يقين الطهارة ، وهو لا يتم إلا بتطهير جميع أطراف الاشتباه بخلاف المقام فإن قدر الطلاق من واحدة أو اثنتين معلوم والزائد مشكوك فيستصحب أصالة عدمه ، ولو أردنا تشبيه المقام على النجاسة لكان مثاله ما لو تحققت النجاسة في طرف الثوب وشككنا في إصابتها طرفا آخر ، وحينئذ فلا يجب غسل الموضع المشكوك.

إن هذا لا ينفي رجحان الاحتياط في الزوج القاضي بالاعتناء بالأكثر وهذا حكم آخر.

(١٠) أي والورع أن يبني على الأكثر.


(ويكره للمريض الطلاق (١) للنهي عنه في بعض الأخبار المحمولة على الكراهة جمعا بينها ، وبين ما دلّ على وقوعه (٢) ، صريحا(فإن فعل (٣) توارثا) في العدة(الرجعية) من الجانبين (٤) كغيره (٥) ، (وترثه هي في البائن ، والرجعي إلى سنة) من حين الطلاق (٦) ، للنص والاجماع.

______________________________________________________

(١) يكره للمريض أن يطلق زيادة على كراهة الطلاق ، بلا خلاف فيه للجمع بين الأخبار الناهية.

منها : موثق زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يجوز طلاق المريض ويجوز نكاحه) (١) وصحيحه الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ليس للمريض أن يطلّق وله أن يتزوج) (٢)وبين الأخبار المجوّزة.

منها : صحيح الحلبي (أنه سئل عن رجل يحضره الموت فيطلّق امرأته هل يجوز طلاقه؟

قال : نعم وإن مات ورثته ، وإن مات لم يرثها) (٣).

(٢) أي وقوع طلاق المريض.

(٣) أي طلق حال المرض.

(٤) بلا خلاف فيه لموثق زرارة (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يطلق المرأة ، قال : ترثه ويرثها ما دام له عليه رجعة) (٤) ، وصحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل امرأته توارثا ما كانت في العدة ، فإذا طلّقها التطليقة الثالثة فليس له عليها رجعة ولا ميراث بينهما) (٥)، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا طلّقت المرأة ثم توفي عنها زوجها وهي في عدة منه لم تحرم عليه ، فإنها ترثه ويرثها ما دامت في الدم من حيضتها الثانية من التطليقتين الأولتين ، فإن طلّقها الثالثة فإنها لا ترث من زوجها شيئا ولا يرث منها) (٦) ، ومثلها غيرها وهي مطلقة تشمل المريض.

(٥) أي كغير المريض.

(٦) فالمطلق لا يرثها في البائن ولا بعد العدة الرجعية على المشهور ، لانتفاء الزوجية بعد انقطاع العصمة بينهما فأصالة عدم الإرث بحالها ، وللأخبار التي تقدم بعضها ، وهي مصرحة بعدم إرثه منها في الطلقة الثالثة وهي طلاق بائن كما في صحيح محمد بن قيس وغيره المتقدمين.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٣ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٣ و ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٤ و ١٠.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

وعن الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة أنه يرثها في العدة البائنة لخبر يحيى الأزرق عن أبي الحسن عليه‌السلام (المطلقة ثلاثا ترث وتورث ما دامت في عدتها) (٢) ، وخبر عبد الرحمن عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام (سألته عن رجل يطلّق امرأته آخر طلاقها ، قال : نعم يتوارثان في العدة) (٢) ، وهي لا تقاوم ما تقدم من الأخبار.

نعم لا خلاف ولا إشكال في أنها ترثه سواء كان طلاقها بائنا أو رجعيا ما بين الطلاق إلى سنة ، لا أزيد من ذلك ولو لحظة للأخبار.

منها : صحيح أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا طلق الرجل المرأة في مرضه ورثته ما دام في مرضه ذلك وإن انقضت عدتها إلا أن يصح منه ، قلت : فإن طال به المرض؟ فقال عليه‌السلام : ما بينه وبين سنة) (٣) ، وموثقه الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : رجل طلق امرأته وهو مريض تطليقة وقد كان طلّقها قبل ذلك تطليقتين ، قال : فإنها ترثه إذا كان في مرضه ، قلت : فما حدّ ذلك؟ قال : لا يزال مريضا حتى يموت وإن طال ذلك إلى سنة) (٤)ومثله صحيحه الثالث (٥)، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل طلّق امرأته وهو مريض حتى مضى لذلك سنة ، قال : ترثه إذا كان في مرضه الذي طلقها لم يصح بين ذلك) (٦)ومثلها غيرها ، هذا وعلى المشهور أنها ترثه إلى السنة سواء كان الطلاق للإضرار بها أم لا ، لإطلاق النصوص المتقدمة ، وعن الشيخ في الاستبصار والعلامة في المختلف اختصاص ذلك فيما إذا كان الطلاق للإضرار بها ويشهد له موثق سماعة (سألته عليه‌السلام عن رجل طلّق امرأته وهو مريض ، قال عليه‌السلام : ترثه ما دامت في عدتها وإن طلّقها في حال إضرار فهي ترثه إلى سنة ، فإن زاد على السنة يوما واحدا لم ترثه ، وتعتدّ منه أربعة أشهر وعشرا عدة المتوفّى عنها زوجها) (٧)، ومفهومه عدم الارث إلى السنة مع عدم قصر الإضرار بالطلاق ، ويشهد لهما أيضا مرسل يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته ما العلة التي من أجلها إذا طلّق الرجل امرأته وهو مريض في حال الإضرار ورثته ، ولم يرثها ، وما حدّ الإضرار عليه؟ فقال : هو الإضرار ، ومعنى الإضرار منعه إياها ميراثها منه ، فألزم الميراث عقوبة) (٨).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١٣ و ١٢.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١ و ٨ و ١١ و ٧ و ٤.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ٧.


وربما علل بالتهمة بإرادة إسقاط إرثها فيؤاخذ بنقيض مطلوبه (١) ، وهو (٢) لا يتم حيث تسأله الطلاق ، أو تخالعه ، أو تبارئه (٣).

والأقوى عموم الحكم (٤) ، لإطلاق النصوص(ما لم تتزوج) بغيره (٥) ، (أو يبرأ من مرضه (٦)

______________________________________________________

ودعوى إرادة الحكمة من الإضرار لا العلة فلا يدور الحكم مدارها كما في الجواهر على خلاف ظاهر الخبرين.

(١) وهذا ما صرحت به الأخبار المتقدمة.

(٢) أي التعليل بالتهمة.

(٣) فعلى قول الشيخ في الاستبصار والعلامة في المختلف لا ترث لانتفاء التهمة في هذه الموارد الثلاثة ، ويؤيده خبر محمد بن القاسم الهاشمي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا ترث المختلعة ولا المبارأة ولا المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئا ، إذا كان ذلك منهن في مرض الزوج وإن مات ، لأن العصمة قد انقطعت منهن ومنه) (١).

وعلى المشهور أنها ترث وإن انتفت التهمة لثبوت علة الحكم من مرض الزوج حين الطلاق ، وهي موجودة في هذه الموارد الثلاثة ، والأقوى ما عليه غير المشهور ، لأن المشهور قد فهموا من الأخبار أن الإضرار حكمة فلا يدور الحكم مدارها وهو على خلاف الظاهر.

(٤) لموضع التهمة وغيره كما عليه المشهور.

(٥) بلا خلاف فيه لخبر الحذاء ومالك بن عطية عن أبي الورد لكليهما عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا طلق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ثم مكث في مرضه حتى انقضت عدتها ، فإنها ترثه ما لم تتزوج ، فإن كانت تزوجت بعد انقضاء العدة فإنها لا ترثه) (٢) ، وخبر عبد الرحمن بن الحجاج عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل طلق امرأته وهو مريض قال : إن مات في مرضه ولم تتزوج ورثته ، وإن كانت تزوجت فقد رضيت بالذي صنع ، لا ميراث لها) (٣).

(٦) الذي طلقها فيه بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل المرأة في مرضه ورثته ما دام في مرضه ذلك وإن انقضت عدتها ، إلا أن يصح منه) (٤) ومفهومه فإذا صح منه فلا ترث ، ومثله غيره من الأخبار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٥ و ٦ و ١.


فينتفي ارثها بعد العدة الرجعية (١) وإن مات في أثناء السنة.

وعلى هذا (٢) لو طلق أربعا في مرضه ، ثم تزوج أربعا ودخل بهن (٣) ومات في السنة مريضا قبل أن تتزوج المطلقات (٤) ورث الثمان الثمن (٥) ، أو الربع (٦) بالسوية.

ولا يرث أزيد من أربع زوجات اتفاقا إلا هنا ، ولا يلحق الفسخ في المرض بالطلاق عملا بالأصل (٧).

______________________________________________________

(١) قيّد العدة بالرجعية ، لأن الارث منتفي قبل انقضاء العدة البائنة بل لا إرث في البائنة من حين الطلاق على تقدير صحته من مرضه.

(٢) أي الحكم بإرثها منه في البائن والرجعي إلى حين السنة على تقدير طلاقه في مرض الموت.

(٣) هذا واعلم أن نكاح المريض صحيح مع الدخول على المشهور للأخبار.

منها : موثق عبيد بن زرارة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المريض أله أن يطلق امرأته في تلك الحال؟ قال : لا ولكن له أن يتزوج إن شاء ، فإن دخل بها ورثته ، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل) (١) ، وصحيح أبي ولّاد الحناط عنه عليه‌السلام (عن رجل تزوج في مرضه؟ فقال عليه‌السلام : إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته ، وإن لم يدخل بها لم ترثه ونكاحه باطل) (٢) ، وصحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (ليس للمريض أن يطلّق وله أن يتزوج ، فإن هو تزوج ودخل بها فهو جائز ، وإن لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل ، ولا مهر لها ولا ميراث) (٣).

ومنه تعرف ضعف توقف المحقق في الشرائع والشهيد في الدروس.

(٤) لأن عدم زواجهن شرط في إرثهن.

(٥) حصة الزوجة مع وجود ولد للميت بالسوية بينهن.

(٦) حصة الزوجة مع عدم الولد للميت بالسوية بينهن.

(٧) الأصل عدم الإرث ، ويرفع اليد عنه بعد انقطاع عصمة الزوجية بينهما بمقدار دلالة الدليل ، والدليل قد دل على ما لو طلّق المريض أما لو فسخ في مرضه فلا دليل على إرثها منه فالأصل باق من دون معارض ، مع أن إلحاق الفسخ بالطلاق قياس لا نقول به.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب ميراث الأزواج حديث ١ و ٣.


(والرجعة (١) تكون بالقول (٢). مثل رجّعت وارتجعت) متصلا بضميرها فيقول : رجعتك وارتجعتك. ومثله راجعتك ، وهذه الثلاثة صريحة ، وينبغي (٣) إضافة إليّ ، أو إلى نكاحي ، وفي معناها (٤) رددتك وأمسكتك لورودهما في القرآن قال تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذٰلِكَ (٥)) ،

______________________________________________________

(١) وهي بفتح الراء أفصح ، وهي لغة المرة من الرجوع ، واصطلاحا ردّ المرأة المطلقة إلى النكاح السابق ، ولا خلاف بين المسلمين في مشروعيتها ، ويدل عليه قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذٰلِكَ إِنْ أَرٰادُوا إِصْلٰاحاً) (١) والأخبار.

منها : خبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي للرجل أن يطلّق امرأته ثم يراجعها وليس له فيها حاجة ثم يطلقها ، فهذا الضّرار الذي نهى الله عزوجل عنه ، إلا أن يطلّق ثم يراجع وهو ينوي الإمساك) (٢) ، وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن قول الله عزوجل : (لٰا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرٰاراً لِتَعْتَدُوا) ، قال عليه‌السلام : الرجل يطلّق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلّقها يفعل ذلك ثلاث مرات ، فنهى الله عزوجل عن ذلك) (٣).

(٢) الرجعة تكون بالقول أو بالفعل بلا خلاف في ذلك ، أما الأول فكل لفظ دال على إنشاء معنى الرجعة بالصراحة أو الكناية فهو كاف ، على حسب غيرها من المعاني التي يراد إبرازها بالألفاظ الدالة عليها.

ومن ألفاظ الصريحة قوله : راجعتك وارتجعتك مطلقا أو مع إضافة قوله : إلى نكاحي ، ومع الإضافة فهو أصرح.

ومن الألفاظ غير الصريحة قوله : رددتك أو أمسكتك خصوصا بعد ورودهما في القرآن ، فالأول قد ورد في قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) (٤) ، والثاني في قوله تعالى : (فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ) (٥).

(٣) ليكون أصرح.

(٤) أي معنى الثلاثة الصريحة.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٢.

(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.


(فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ (١)) ولا يفتقر إلى نية الرجعة (٢) ، لصراحة الألفاظ.

وقيل : يفتقر إليها (٣) في الأخيرين ، لاحتمالهما (٤) غيرها (٥) كالإمساك باليد ، أو في البيت ، ونحوه (٦) ، وهو حسن.

(وبالفعل (٧) كالوطء ، والتقبيل ، واللمس بشهوة) ، لدلالته (٨) على الرجعة كالقول. وربما كان أقوى منه (٩) ، ولا تتوقف إباحته (١٠) على تقدم رجعة (١١) ، لأنها زوجة ، وينبغي تقييده (١٢)

______________________________________________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.

(٢) لا بد من قصد المعنى الذي هو الرجعة ، وبه يتحقق نية الرجعة ، نعم مقصود الشارح من المنفي هو القرينة المعرّبة عن نية الرجعة ، فلا يشترط قصدها بعد صراحة الألفاظ في معنى الرجعة.

(٣) أي إلى القرينة المعربة عن الرجعة.

(٤) أي احتمال الأخيرين.

(٥) غير الرجعة.

(٦) كردها إلى أهلها.

(٧) قد عرفت عدم الخلاف في تحقق الرجعة بالفعل كالوطء لدلالته على الرجعة كالقول ، ويشهد له صحيح محمد بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من غشي امرأته بعد انقضاء العدة جلد الحدّ ، وإن غشيها قبل انقضاء العدة ، كان غشيانه إياها رجعة لها) (١).

والفعل غير مختص بالوطء بالاتفاق بل يشتمل التقبيل واللمس بشهوة أو بدونها ، ونحو ذلك مما لا يحلّ إلا للزوج ، ولا يفتقر الفعل المحقق للرجعة إلى تقدم الرجعة اللفظية عليه ، لأنها زوجة ما دامت في العدة فله فعل ذلك وغيره بها من دون تقدم رجوع في البين.

(٨) أي لدلالة الفعل.

(٩) ربما كان الفعل أقوى من القول في الدلالة.

(١٠) أي إباحة الفعل المحقق للرجعة.

(١١) باللفظ.

(١٢) أي تقييد الفعل المحقق للرجعة ، هذا واعلم أنه قد وقع الخلاف في اعتبار قصد الرجعة

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب حد الزنا حديث ١.


بقصد الرجوع به ، أو بعدم قصد غيره (١) ، لأنه أعمّ (٢) خصوصا لو وقع منه سهوا (٣) ، والأجود اعتبار الأول (٤).

(وإنكار الطلاق رجعة (٥) لدلالته (٦) على ارتفاعه (٧) في الأزمنة الثلاثة ، ودلالة الرجعة (٨)

______________________________________________________

بالفعل المحقق لها ، كما عن الرياض لأن الرجوع أمر وجودي اعتباري يؤثر في رفع أثر الطلاق فلا معنى لتحققه بدون قصده فلا عبرة بالفعل إن وقع سهوا أو غفلة أو مع عدم قصد الرجعة أو قصد عدم الرجعة ، أو لا يعتبر قصد الرجعة كما عن المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد ، لأنها زوجة فله أن يفعل ما شاء وإن لم يقصد الرجوع ولإطلاق صحيح محمد بن القاسم المتقدم حيث قال عليه‌السلام (وإن غشيها قبل انقضاء العدة كان غشيانه إياها رجعة لها).

(١) غير الرجوع.

(٢) أي لأن الفعل أعم من الرجوع.

(٣) كما لو ظن أنها زوجته فوطئها.

(٤) وهو تقييده بقصد الرجوع.

(٥) لو أنكر الزوج الطلاق في العدة كان ذلك رجعة منه بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، لأن الإنكار متضمن للتمسك بالزوجية كما عن المحقق في الشرائع ، ولأن الإنكار أبلغ من الرجعة بألفاظها الدالة عليها ، لدلالة ألفاظ الرجعة على رفع الطلاق في غير الماضي ، ودلالة الإنكار على رفع الطلاق مطلقا كما في المسالك.

والأولى الاستدلال بصحيح أبي ولّاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن امرأة ادّعت على زوجها أنه طلّقها تطليقة ، طلاق العدة طلاقا صحيحا ، يعني على طهر من غير جماع وأشهد لها شهودا على ذلك ثم أنكر الزوج بعد ذلك؟ فقال عليه‌السلام : إن كان إنكار الطلاق قبل انقضاء العدة فإن إنكاره للطلاق رجعة لها ، وإن كان أنكر الطلاق بعد انقضاء العدة ، فإن على الإمام أن يفرّق بينهما بعد شهادة الشهود ، بعد ما تستحلف أن إنكاره للطلاق بعد انقضاء العدة ، وهو خاطب من الخطاب) (١).

(٦) أي دلالة الإنكار.

(٧) أي ارتفاع الطلاق.

(٨) بألفاظها الدالة عليها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١.


على رفعه (١) في غير الماضي ، فيكون (٢) أقوى دلالة عليها (٣) ضمنا (٤) ، ولا يقدح فيه (٥) كون الرجعة من توابع الطلاق فتنتفي (٦) حيث ينتفي المتبوع (٧) ، لأن غايتها (٨) التزام (٩) ثبوت النكاح ، والإنكار يدل عليه (١٠) فيحصل المطلوب منها (١١) وإن أنكر سبب شرعيتها (١٢).

______________________________________________________

(١) أي رفع الطلاق.

(٢) أي الإنكار.

(٣) على الرجعة من ألفاظ الرجعة.

(٤) أي التزاما.

(٥) في الإنكار ، هذا وقد قيل ولم يعرف القائل : إن الرجعة مترتبة على الطلاق ، وتابعة له ، وإنكار الطلاق إنكار للرجعة ، لأن إنكار المتبوع إنكار للتابع ، وعليه فلا يكون الإنكار رجعة ، وإلا لكان الإنكار سببا لثبوت الرجعة كما هو المدعى ولثبوت عدمها كما بيّناه ، وما هو إلا سبب للنقيضين وهو محال.

(٦) أي الرجعة وهي تابع.

(٧) وهو الطلاق عند الإنكار.

(٨) أي غاية الرجعة ، وهو تعليل لعدم القدح ، ورد للقيل المتقدم.

(٩) أي التمسك بالزوجية.

(١٠) على الالتزام بثبوت النكاح.

(١١) من الرجعة.

(١٢) أي سبب شرعية الرجعة ، والسبب هو الطلاق ، هذا والأحسن منه ما قاله في المسالك في مقام الرد (لأن الشارع إذا جعل إنكار الطلاق رجعة ـ كما في صحيح أبي ولّاد والمتقدم ـ فقد قطع التبعية المذكورة ، أو يجعل الإنكار كناية عن الرجعة ، ولا يراد منه حقيقته ، فإن المقصود حينئذ من إنكار الطلاق إعادة النكاح المتحقق في الرجعة بكل لفظ دلّ عليه ، وهذا منه) انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

هذا ولا يجب الإشهاد في الرجعة بلا خلاف فيه ولا إشكال نعم هو مستحب للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الذي يراجع ولم يشهد ، قال عليه‌السلام : يشهد أحب إليّ ولا أرى بالذي صنع بأسا) (١) ، وصحيح الفاضلين زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن الطلاق لا يكون بغير شهود ، وإن الرجعة بغير شهود

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٢.


(ولو طلق الذمية (١) جاز مراجعتها ولو منعنا من ابتداء نكاحها دواما) لما تقدم (٢) من أن الرجعة ترفع حكم الطلاق فيستصحب حكم الزوجية السابقة ، لا أنها (٣) تحدث حكم نكاح جديد ، ومن ثم (٤) أمكن طلاقها ثلاثا قبل الدخول بعدها (٥) استصحابا (٦) لحكم الدخول السابق (٧) ، ولأن (٨) الرجعية زوجة ، ولهذا

______________________________________________________

رجعة ، ولكن ليشهد بعد فهو أفضل) (١).

(١) أي لو كانت عنده ذمية فأسلم ثم طلّقها رجعيا ثم راجعها ، فقد قيل : لا يجوز ، لأن الرجعة كالعقد المستأنف ، والمفروض عدم جواز العقد الدائم على الذمية ابتداء ، والعقد الأول قد وقع حال كفر الزوج وقد انفسخ بالطلاق.

ولكن مقتضى القواعد وعليه فتوى الأصحاب أنه يجوز الرجوع ، لأنها لم تخرج عن الزوجية بعد كون الرجعة فسخا للطلاق وعودا للنكاح السابق ، فهي كالمستدامة التي لم يطلقها ولذا جاز له أن يطئها ويكون الوطي محققا للرجعة.

على أن النكاح الأول لو كان زائلا بالطلاق الرجعي لكان العائد بالرجعة إما الأول أو غيره ، والأول مستلزم لإعادة المعدوم ، والثاني منتف بالاتفاق وإلا لتوقف على رضاها ، ومن هنا يتبين أن الطلاق الرجعي ليس سببا. في زوال النكاح الأول ، بل السبب هو الطلاق مع انقضاء العدة ولم يتحقق كلا الجزءين في المقام.

(٢) عند قول الشارح (واعلم أن الرجعة بعد الطلقة تجعلها بمنزلة المعدومة).

(٣) أي الرجعة.

(٤) أي ومن كون الرجعة ترفع حكم الطلاق.

(٥) أي بعد الرجعة ، لأنه لو تزوج أولا فوطأ ثم طلق ثم راجع من دون وطئ ثم طلق ، فلو كانت الرجعة إحداثا لعقد نكاح لكان الطلاق بعد الرجعة طلاق بغير المدخول بها ، ولا عدة لها ، فلا يمكن له الرجوع حتى يطلق الطلاق الثالث ، مع أنه قد تقدم سابقا وقوع الطلاق ثلاثا على ما في الأخبار الصحيحة المتقدمة ، وهذا كاشف عن كون الرجعة رفعا للطلاق الحادث وعودا للنكاح السابق الذي وطئ بعده فلو طلق بعد الرجعة لكان طلاقا للمدخول بها ، ولها عدة ويجوز له أن يراجع حينئذ فيطلق الطلاق الثالث.

(٦) تعليل لإمكان الطلاق ثلاثا.

(٧) أي السابق على الرجعة ، والمتأخر عن عقد النكاح الأول.

(٨) تعليل ثان لكون الرجعة رافعة لحكم الطلاق وليست محدّثة لحكم نكاح جديد ، ووجهه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٣.


يثبت لها (١) أحكام الزوجية (٢) ، ولجواز (٣) وطئه (٤) ابتداء من غير تلفظ بشي‌ء(٥).

وربما يخيّل المنع هنا (٦) من حيث إن الطلاق إزالة قيد النكاح ، والرجعة تقتضي ثبوته (٧) ، فإما أن يثبت بالرجعة عين النكاح الأول أو غيره. والأول (٨) محال ، لاستحالة إعادة المعدوم ، والثاني (٩) يكون ابتداء (١٠) ، لا استدامة.

ويضعّف بمنع زوال النكاح أصلا ، بل إنما يزول بالطلاق ، وانقضاء العدة ولم يحصل(١١).

(ولو أنكرت الدخول عقيب الطلاق) لتمنعه من الرجعة (١٢) قدّم قولها

______________________________________________________

أن الرجعة لو كانت عقدا جديدا لما كان المطلقة رجعية بحكم الزوجة.

(١) للرجعية.

(٢) من التوارث ووجوب الإنفاق عليها ؛ ووقوع الظهار واللعان والإيلاء بها ، وجواز تغسيل الزوج لها والعكس.

(٣) تعليل ثالث لكون الرجعة رافعة لحكم الطلاق وليست محدّثة لحكم نكاح جديد ، ووجهه أن الرجعة لو كانت عقدا جديدا لما كانت المطلقة الرجعية مما يجوز وطئها ابتداء.

(٤) أي وطئ المطلق طلاقا رجعيا ، وهو من باب إضافة المصدر إلى فاعله.

(٥) يدل على الرجعة.

(٦) في مراجعة الذمية.

(٧) أي ثبوت النكاح.

(٨) أي عين النكاح الأول.

(٩) أي غير النكاح الأول.

(١٠) ولا يصح تزويج الذمية بالعقد الدائم ابتداء.

(١١) أي السبب بكلا جزئيه.

(١٢) لو طلّق وراجع فأنكرت الدخول بها ، وزعمت أنه لا عدة عليها ولا رجعة ، وهو قد ادعى الدخول كان القول قولها مع يمينها ، لأصالة عدم الدخول ، وإذا حلفت بطلت رجعته في حقها ، ولا نفقة لها ولا سكنى ولا عدة عليها ، ولها أن تنكح في الحال.

وأما هو فليس له أن ينكح أختها ولا أربعا سواها لاعترافه بأنها زوجته ، ويلزم بتمام المهر لاعترافه بالدخول ، مع أنها لا تدعى إلا النصف فإن كانت قد قبضت المهر فليس له مطالبتها بشي‌ء ، وإن لم تكن قبضته فليس لها إلا أخذ النصف ، وقد تقدم تفصيله في كتاب النكاح.


(وحلفت) لأصالة عدم الدخول ، كما يقدّم قوله لو أنكره (١) ليسقط عنه نصف المهر.

ثم مع دعواه الدخول يكون مقرا بالمهر وهي مقرة على نفسها بسقوط نصفه ، فإن كانت قبضته فلا رجوع له بشي‌ء عملا باقراره ، وإلا (٢) فلا تطالبه إلا بنصفه عملا بانكارها ، ولو رجعت إلى الاقرار بالدخول (٣) لتأخذ النصف (٤) ففي ثبوته لها ، أو توقفه (٥) على اقرار جديد منه (٦) وجهان ، وأولى بالعدم (٧) لو كان رجوعها (٨) بعد انقضاء العدة (٩) على

تقدير الدخول.

(ورجعة الأخرس بالإشارة) المفهمة لها (١٠) ، (وأخذ القناع) عن رأسها لما

______________________________________________________

(١) لو انعكس الحكم السابق بأن ادعت المرأة الدخول وأنكر الزوج ، فالقول قوله مع يمينه لأصالة عدم الدخول ، وإذا حلف فلا رجعة له ، ولا نفقة عليه ولا سكنى لنفي دعواها بيمينه ، وعليها العدة أخذا بإقرارها.

(٢) وإن لم تكن قبضته.

(٣) بعد إنكارها الدخول ، بحيث لو أنكرت الدخول فليس لها إلا النصف فلو أخذته ثم اعترفت بالدخول فهل لها أخذ النصف الآخر لأنها منعت منعه بسبب الإنكار ، وقد ارتفع الآن عند اعترافها بالدخول أم لا بد من إقرار مستأنف من جهة الزوج وجهان كما في المسالك.

(٤) أي النصف الآخر.

(٥) أي توقف النصف الآخر لها.

(٦) من الزوج ، لأن إقراره السابق بكون تمام المهر لها عند دعواه الدخول لم يؤثر في تمليكها تمام المهر لإنكارها الدخول ، فلا بد من إقرار جديد حتى يؤثر في تمليكها تمام المهر.

(٧) أي بعدم ثبوت النصف الآخر لها.

(٨) أي رجوعها إلى الإقرار بالدخول بعد الإنكار.

(٩) أي العدة المفروضة على تقدير الدخول ، لأن لا عدة مع عدم الدخول ، والدخول محل النزاع هنا.

(١٠) للرجعة ، هذا واعلم أن المشهور على أن رجعة الأخرس كغيرها من عقوده وإيقاعاته تكون بالإشارة المفهمة لها.

وعن الصدوقين اختصاص رجعته بأخذ القناع من رأسها ، وهو واضح الفساد لعدم الدليل الصالح على هذا التقييد ، نعم في النافع للمحقق نسب هذا القول إلى الرواية ،


تقدم (١) من أن وضعه عليه (٢) إشارة إلى الطلاق ، وضد العلامة (٣) علامة الضد (٤) ، ولا نص هنا (٥) عليه (٦) بخصوصه فلا يجب الجمع بينهما (٧) ، بل يكفي الإشارة مطلقا (٨).

(ويقبل قولها في انقضاء العدة (٩)

______________________________________________________

وكذا الشيخ وابن البراج ، مع أن المروي في خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما في الكافي (طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها ، ويضعها على رأسها ويعتز لها) (١) ، ومثله خبر أبي بصير عنه عليه‌السلام (٢).

وهو مروي في الطلاق ولعله فهموا من الضدية ، بمعنى أن ضد العلامة علامة الضد ، فضد وضع القناع على الرأس الذي هو علامة الطلاق بأخذه القناع عن رأسها ، ويكون الأخذ علامة لضد الطلاق من الرجعة.

هذا والقياس باطل ، نعم لو أفاد أخذ القناع عن رأسها الرجعة ، كان ذلك من جملة إشاراته الدالة على الرجعة ، وليس هو سبب مستقل للرجوع.

(١) عند البحث في صيغة الطلاق حول كيفية طلاق الأخرس.

(٢) أي وضع القناع على الرأس.

(٣) العلامة هي وضع القناع على الرأس وضدها أخذ القناع عن الرأس.

(٤) فوضع القناع علامة الطلاق ، وأخذه علامة ضد الطلاق ، وهو الرجعة.

(٥) في الرجعة.

(٦) على أخذ القناع.

(٧) بين الإشارة المفهمة للرجعة وأخذ القناع كما هو ظاهر المتن.

(٨) سواء قلنا في أن أخذ القناع دلالة على الرجوع أم لا.

(٩) سيأتي أن العدة تكون بالاطهار إذا كانت مستقيمة الحيض ، وبالشهور لمن لا تحيض وهي من سنّ من تحيض وبوضع الحمل للحامل ، وعليه فإذا اختلفا بعد الطلاق فادعت المرأة انقضاء العدة لتمنعه من الرجعة ، وادعى هو بقاء العدة لإثبات جواز رجوعه ، فالقول قولها مع يمينها لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : (العدة والحيض للنساء إذا ادعت صدّقت) (٣) ، ومرسل الطبرسي في مجمع البيان عن الصادق عليه‌السلام (في قوله تعالى : (وَلٰا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مٰا خَلَقَ اللّٰهُ فِي أَرْحٰامِهِنَّ) ، قال عليه‌السلام : قد فوّض

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق حديث ٣ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب العدد حديث ١.


(في الزمان المحتمل) ، لانقضائها (١) فيه (٢) (وأقله (٣) ستة وعشرون يوما ولحظتان) إن كانت معتدة بالاقراء (٤). وذلك بأن يطلق وقد بقي من الطهر لحظة (٥) ، ثم تحيض أقل الحيض ثلاثة أيام ، ثم تطهر أقل الطهر عشرة ، ثم تحيض. وتطهر كذلك (٦) ثم تطعن (٧) في الحيض لحظة.

(و) هذه اللحظة(الأخيرة دلالة على الخروج) من العدة ، أو من الطهر الثالث ، لاستبانته (٨)

______________________________________________________

الله إلى النساء ثلاثة أشياء : الحيض والطهر والحمل) (١).

نعم لا بدّ أن تكون دعواها بانقضاء العدة في زمن يمكن فيه الانقضاء ، وأقل المدة المحتملة لانقضاء عدة الحرة ، وهي مستقيمة الحيض ستة وعشرون يوما ولحظتان ، لأن عدتها ثلاثة أطهار ، والطهر الذي يقع فيه الطلاق يحسب لها طهر ، وعليه فلو كانت في طهر من دون جماع فطلقها وبعد لحظة حاضت ، وكان حيضها ثلاثة أيام ثم طهرت أقل الطهر عشرة أيام ، ثم حاضت أقل الحيض ثلاثة ثم طهرت أقل الطهر عشرة ، وبه تحقق لها ثلاثة أطهار ، فلا بد من لحظة من حيضها الجديد لتخرج من العدة ، والمجموع ستة وعشرون يوما ولحظتان ، لحظة بعد وقوع الطلاق لتحقيق الطهر الأول ، ولحظة أخرى لتحقق الطهر الثالث وللخروج من العدة ، وليست هذه اللحظة الثانية جزءا من العدة ، وربما قيل كما عن الشيخ : هي منها ، لتوقف انقضاء العدة على تحققها ، وهو كما ترى لا يدل على المدعى ، ولذا جاز لها العقد في هذه اللحظة الأخيرة ، ولا يجوز للمطلق أن يرجع في هذه اللحظة الأخيرة بعد انقضاء العدة قبلها.

(١) أي انقضاء العدة.

(٢) في الزمان المحتمل.

(٣) أي أقل الزمان المحتمل.

(٤) أي الأطهار ، وهذه عدة مستقيمة الحيض من الحرائر.

(٥) ويحسب لها طهر.

(٦) أي تحيض ثلاثة أيام أقل الحيض ، وتطهر عشرة أيام أقل الطهر.

(٧) أي تشرع.

(٨) أي لظهوره ، والضمير راجع إلى الطهر الثالث.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب العدد حديث ٢.


بها (١) (لا جزء) من العدة ، لأنها (٢) ثلاثة قروء وقد انقضت قبلها (٣) فلا تصح الرجعة فيها (٤) ويصح العقد (٥).

وقيل : هي منها (٦) ، لأن الحكم بانقضائها (٧) موقوف على تحققها (٨) وهو (٩) لا يدل على المدعى (١٠).

هذا (١١) إذا كانت حرة (١٢) ، ولو كانت أمة فأقل عدتها ثلاثة عشر يوما ولحظتان (١٣) ، وقد يتفق نادرا انقضاؤها (١٤) في الحرة (١٥) بثلاثة وعشرين يوما وثلاث لحظات ، وفي الأمة بعشرة وثلاث (١٦)

______________________________________________________

(١) باللحظة الأخيرة.

(٢) أي العدة.

(٣) أي وقد انقضت العدة قبل هذه اللحظة الأخيرة.

(٤) في اللحظة الأخيرة هذا بالنسبة للمطلّق.

(٥) أي عقد جديد بالنسبة للمطلّقة.

(٦) أي اللحظة الأخيرة من العدة.

(٧) أي بانقضاء العدة.

(٨) أي تحقق اللحظة الأخيرة.

(٩) أي الحكم بانقضاء العدة الموقوف على تحقق اللحظة الأخيرة.

(١٠) من كون اللحظة الأخيرة جزءا من العدة ، بل الحكم المذكور كاشف عن انقضاء العدة في اللحظة الأخيرة.

(١١) أي كون أقل العدة ستة وعشرين يوما ولحظتين.

(١٢) ومستقيمة الحيض.

(١٣) لأن عدة الأمة الممزوجة طهران كما عليه المشهور كما سيأتي في بابه بشرط أن تكون مستقيمة الحيض ، ويتحققان فيما لو طلقها في طهر من غير جماع وبعد لحظة حاضت فيحتسب لها طهر وقد حاضت ثلاثة أيام أقل الحيض وطهرت أقل الطهر عشرة أيام ، وبهذا تتحقق عدتها ، ولكن لا بد من لحظة أخيرة من حيضها ليظهر طهرها الثاني أو للكشف عن انقضاء عدتها ، فيكون المجموع ثلاثة عشر يوما ولحظتين.

(١٤) أي عدة الطلاق.

(١٥) أي الحرة المستقيمة الحيض.

(١٦) أي بعشرة أيام وثلاث لحظات.


بأن يطلقها بعد الوضع (١) وقبل رؤية دم النفاس بلحظة ، ثم تراه لحظة (٢) ، ثم تطهر عشرة (٣) ، ثم تحيض ثلاثة ، ثم تطهر عشرة (٤) ، ثم ترى الحيض لحظة (٥) والنفاس معدود بحيضة.

ومنه (٦) يعلم حكم الأمة (٧) ، ولو ادعت ولادة تام (٨) فإمكانه (٩) بستة أشهر ولحظتين من وقت النكاح (١٠) لحظة للوطء ، ولحظة للولادة (١١) وإن ادعتها (١٢) بعد الطلاق بلحظة ، ولو ادعت ولادة سقط مصور ، أو مضغة ، أو علقة اعتبر إمكانه عادة (١٣).

______________________________________________________

(١) فلم تكن حال الطلاق حاملا لتكون عدتها بوضع الحمل.

(٢) فهذه لحظتان ، اللحظة الأولى لتحقق الطهر الأول ، واللحظة الثانية لتحقق الحيضة الأولى ، لأن النفاس معدود بحيضة.

(٣) وهذا هو الطهر الثاني.

(٤) وهذا هو الطهر الثالث ، وبه تم ثلاثة أطهار التي هي عدة المطلقة غير الحامل من ذوات الحيض.

(٥) وهذه هي اللحظة الثالثة ، وهي لتحقق الطهر الثالث ، أو للكشف عن انقضاء العدة.

(٦) ومن التفصيل في الحرة.

(٧) بأن يطلقها بعد الوضع وقبل رؤية النفاس بلحظة ، ثم تراه لحظة ثم تطهر عشرة ، وبه قد تم لها طهران ، ثم ترى الحيض لحظة لتخرج من العدة ، والمجموع عشرة أيام وثلاث لحظات.

(٨) أي مولود تام الخلقة ، فلو طلق الحامل فعدتها إلى حين الوضع ، فلو ادعت انقضاء العدة بالوضع لتمنعه من الرجوع ، وأنكر الزوج وضعها بعد اعترافه بحملها قبل قولها مع يمينها بلا خلاف لما تقدم.

وأقل زمن محتمل للوضع ستة أشهر ولحظتان من يوم النكاح ، لحظة لإمكان الوطي ، ولحظة للولادة ، وستة أشهر أقل الحمل ، ولو ادعت الوضع بأقل من ذلك لم تصدّق.

(٩) أي فإمكان وضع المولود التام.

(١٠) أي من وقت العقد.

(١١) مع ضميمة ستة أشهر لأقل الحمل.

(١٢) أي ادعت لحظة الولادة ، وإن وصلية. لأنها مصدقة في دعواها الوضع كتصديق في دعواها الحمل والحيض على ما في الخبر المتقدم.

(١٣) كما عن غير واحد.


وربما قيل (١) : إنه (٢) مائة وعشرون يوما ولحظتان في الأول (٣) ، وثمانون يوما ولحظتان في الثاني (٤) ، وأربعون كذلك (٥) ، في الثالث (٦) ولا بأس به.

(وظاهر الروايات أنه (٧)

______________________________________________________

(١) ولم يعرف القائل منا ولكن عليه الأخبار.

منها : النبوي (يجمع أحدكم في بطن أمه أربعون يوما نطفة ، وأربعون يوما علقة ، وأربعون يوما مضفة ثم تنفتح فيه الروح) (١) ، وموثق ابن الجهم عن الرضا عليه‌السلام (قال أبو جعفر عليه‌السلام : إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ، ثم تصير علقة أربعين يوما ، ثم تصير مضفة أربعين يوما ، فإذا كمل أربعة أشهر بعث الله ملكين خلّاقين) (٢) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (فتصل النطقة إلى الرحم فتردد فيه أربعين يوما ، ثم تصير علقة أربعين يوما ، ثم تصير مضفة أربعين يوما) (٣)، وخبر محمد بن إسماعيل أو غيره عن أبي جعفر عليه‌السلام (أربعين ليلة نطفة وأربعين ليلة علقة ، وأربعين ليلة مضفة ، فذلك تمام أربعة أشهر ، ثم بعث الله ملكين خلّاقين) (٤).

عليه فلو ادعت أنه يسقط مصور فلا بد أن يمضي من حين عقد النكاح مائة وعشرون يوما ولحظتان ، لحظة للوطي ولحظة للوضع ، ومائة وعشرون يوما وهي أربعة أشهر لزمن تكونه بالتمام ما قبل نفخ الروح.

ولو ادعت أنه مضفة فلا بدّ أن يمضي من حين عقد النكاح ثمانون يوما ولحظتان ، لحظة للوطي ولحظة للوضع ، وثمانون يوما لصيرورته مضفة كما في الأخبار المتقدمة ، لأن الأربعين يوما في الرحم للنطفة وأربعين أخرى للعلقة ولو ادعت أنه علقة فلا بدّ من مضي أربعون يوما ولحظتان من حين العقد ، لحظة للوطي ولحظة للوضع وأربعون يوما لصيرورته علقة ، وهذا ما استحسنه الشارح في المسالك ومال إليه في الحدائق.

(٢) أي الإمكان العادي.

(٣) في السقط المصوّر.

(٤) في سقط المضغة.

(٥) أي مع لحظتين.

(٦) في سقط العلقة.

(٧) أن الشأن والواقع.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ١ ص ٢٦٦.

(٢ و ٣) فروع الكافي ج ٦ ص ١٣.

(٤) فروع الكافي ج ٦ ص ١٦.


(لا يقبل منها غير المعتاد (١) إلا بشهادة أربع من النساء المطلعات على باطن أمرها. وهو قريب) عملا بالأصل (٢) والظاهر (٣) ، واستصحابا (٤) لحكم العدة ، ولإمكان إقامتها البينة عليه (٥).

ووجه المشهور : أن النساء مؤتمنات على أرحامهن ولا يعرف إلا من جهتهن غالبا (٦) ، وإقامة البينة عسرة على ذلك (٧). غالبا ، وروى زرارة في الحسن (٨) عن

______________________________________________________

(١) بحسب حال المرأة ، وأصل المسألة أنه قد عرفت أنه يقبل قولها بانقضاء العدة في الزمان المحتمل لهذا الانقضاء على ما تقدم بيانه ، بلا فرق بين دعوى المرأة المعتاد لحالها وغيرها ، لإطلاق النصوص المتقدمة على المشهور.

والشهيد في اللمعة هنا ذهب إلى قبول قولها بانقضاء العدة في الزمن المحتمل بالبيان المتقدم ، إذا كان ذلك من عادتها ، وإلا فلو كانت عادتها على خلاف ذلك فادعت الانقضاء في أقل الزمان المحتمل لا يقبل قولها إلا بشهادة أربع نساء مطلقات على باطن أمرها ، ونسبه إلى ظاهر الروايات ، مع أنه لا يوجد إلا المرسل ـ كما في الجواهر ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (أنه قال في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض ، أنه يسأل نسوة من بطانتها هل كان حيضها فيما مضى على ما ادعت ، فإن شهدت صدقت ، وإلا فهي كاذبة) (١) ، وحملت الرواية على التهمة لقاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح بعد ضعف سندها ، وكثرة المعارض لها والدال على تصديق النساء في الحيض والحمل والطهر وقد تقدم بعضها.

(٢) وهو إحالة عدم انقضاء العدة.

(٣) أي ظاهر المرأة ، لأن عادتها على خلاف ما ادعته من الانقضاء في الزمن المحتمل.

(٤) لأنها بعد الطلاق هي في العدة ، فلو ادعت الانقضاء على خلاف عادتها نشك في ارتفاع حكم العدة عنها ، فيستصحب المتيقن السابق ، وحكم العدة من عدم جواز خروجها من البيت وعدم جواز عقدها على غير المطلق وهكذا.

(٥) على غير المعتاد من حالها.

(٦) فيؤخذ بقولهن سواء كان ذلك على وفق عادتها ومعتادها أم لا.

(٧) من تغير عادتها ومعتادها.

(٨) وصف الرواية (٢) بالحسن لاشتمال سندها على إبراهيم بن هاشم ، وهو لم يمدح ولم يذم ، وقد وصفناها سابقا بالصحة لأنه من شيوخ الإجازة ، وهذا ما يغني عن التوثيق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الحيض حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العدد حديث ١.


الباقر عليه‌السلام. قال : «العدة والحيض للنساء إذا ادعت صدّقت».

والأقوى المشهور.

الفصل الثالث في العدد (١)

جمع عدة ، وهي مدة تتربص فيها المرأة لتعرف براءة رحمها من الحمل (٢) ، أو

______________________________________________________

(١) جمع عدة من العدد ، لاشتمالها عليه غالبا ، والعدة اسم من الاعتداد ، وقد يكون مصدرا فتقول : اعتدت المرأة اعتدادا وعدة وشرعا العدة اسم لمدة معدودة تتربّص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها ، أو للتعبد أو للتفجع على الزوج ، والعدة لبراءة الرحم كعدة المدخول بها ، والعدة للتعبد كعدة الوفاة في غير المدخول بها ، والعدة للتفجع كعدة الوفاة في المدخول بها.

هذا وما كان لبراءة الرحم عن نكاح أو وطء محترم يسمى بالعدة ، وما كانت البراءة عن وطء ملك يسمى بالاستبراء.

وما كان لبراءة الرحم والزوجان باقيان عند الطلاق واللعان والفسوخ يسمى عدة طلاق ، وحكم العدة عن وطء الشبهة ملحق بالسابق ، وما كان لبراءة الرحم بسبب موت الزوج تسمى عدة وفاة.

هذا وقد شرعت العدة صيانة للأنساب وتحصينا لها من الاختلاط ، والأصل فيها قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ) (١) ، هذا في عدة الحائل مستقيمة الحيض ، وقوله تعالى : (وَاللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسٰائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلٰاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ ، وَأُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (٢) وهذا في عدة الحائل المسترابة والحامل.

وقوله تعالى : (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمٰا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهٰا) (٣) وهذا في غير المدخول بها.

وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (٤) ، وهذا في عدة الوفاة.

(٢) وهي الحائل المدخول بها ، والحامل أيضا ، لأن عدتها وضع الحمل.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨.

(٢) سورة الطلاق ، الآية : ٤.

(٣) سورة الأحزاب ، الآية : ٤٩.

(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٤.


تعبدا (١) ، (ولا عدة على من لم يدخل بها الزوج) من الطلاق ، والفسخ (٢) (إلا في)

______________________________________________________

(١) كما في عدة الوفاة لغير المدخول بها ، وكان عليه زيادة (أو للتفجع على الزوج) وهي عدة الوفاة في المدخول بها.

(٢) لا عدة على غير المدخول بها بالاتفاق لقوله تعالى : (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمٰا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهٰا) (١) ، والأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس عليها عدة ، تزوّج من ساعتها إن شاءت ، وتبينها تطليقة واحدة ، وإن كان فرض لها مهرا فنصف ما فرض) (٢) ، وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة فقد بانت منه ، وتزوج من ساعتها إن شاءت) (٣) ومثلها غيرها ، وكذا لا عدة على الصغيرة واليائسة على المشهور للأخبار.

منها : موثق ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثلاث تتزوجن على كل حال : التي لم تحض ومثلها لا تحيض ، قلت : وما حدها؟ قال : إذا أتى لها أقل من تسع سنين ، والتي لم يدخل بها ، والتي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، قلت : وما حدها؟ قال : إذا كان لها خمسون سنة) (٤) ، وصحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن التي قد يئست من المحيض والتي لا يحيض مثلها ، قال : ليس عليها عدة) (٥) ، ومرسل جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا يحمل مثلها ، فقال : ليس عليها عدة وإن دخل بها) (٦) ومثلها غيرها.

وعن السيد المرتضى وابني شهرآشوب وزهرة أنهما تعتدان ثلاثة أشهر لجملة من الأخبار.

منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الجارية التي لم تدرك الحيض ، قال : يطلقها زوجها بالشهور) (٧) ، وخبر أبي بصير قال : (عدة التي لم تبلغ المحيض ثلاثة أشهر ، والتي قعدت عن المحيض ثلاثة أشهر) (٨) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عدة المرأة التي لا تحيض ، والمستحاضة التي لا تطهر ، والجارية التي قد يئست ولم تدرك الحيض ثلاثة أشهر) (٩) وهي لا تصلح لمقاومة ما تقدم لضعف سند

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٤٩.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العدد حديث ٤ و ٣.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العدد حديث ٤ و ١ و ٢.

(٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العدد حديث ٧ و ٦ و ٨.


(الوفاة فيجب) على الزوجة مطلقا (١) الاعتداد(أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حرة(٢)

______________________________________________________

غالبها ، على أنه يمكن حملها على المسترابة ، وإن أبيت عن هذا الحمل فلا بدّ من ردها إلى أهلها لإعراض المشهور عنها وصحة وكثرة معارضها.

(١) دائمة أو متمتع بها ، دخل بها أو لا ، مسلمة أو ذمية.

(٢) عدة الحرة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام ، بلا خلاف فيه بالجملة لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (١) ، وللأخبار الكثيرة التي سيمرّ عليك بعضها.

ثم مقتضى إطلاق الآية عموم الحكم لكل امرأة صغيرة كانت أو كبيرة ، بالغا كان الزوج أو غير بالغ حرا كان أو عبدا ، دخل بها أم لم يدخل ، ويدل عليه أيضا الأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن لم يكن دخل بها وقد فرض لها مهرا فلها نصف ما فرض لها ، ولها الميراث وعليها العدة) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يموت وتحته امرأة لم يدخل بها ، قال : لها نصف المهر ولها الميراث كاملا وعليها العدة كاملة ومثلها غيرها ، نعم ورد عدم العدة على غير المدخول بها ، قال : لها نصف المهر ولها الميراث كاملا وعليها العدة كاملة) (٣) ومثلها غيرها ، نعم ورد عدم العدة على غير المدخول بها في خبر محمد بن عمر الساباطي (سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها ، قال : لا عدة عليها ، وسألته عن المتوفى عنها زوجها قبل أن يدخل بها ، قال : لا عدة عليها ، هما سواء) (٤) ، وهو ضعيف السند وغير صالح لمعارضة ما تقدم ، ومحتمل للتقية ويشهد له موثق عبيد بن زرارة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن رجل طلق امرأته من قبل أن يدخل بها أعليها عدة؟ قال : لا ، قلت له : المتوفى عنها زوجها قبل أن يدخل بها أعليها عدة؟ قال : أمسك عن هذا) (٥) وهو مشعر بالتقية.

ثم هل هذا مختص بالحرة المنكوحة بالعقد الدائم كما عن جماعة منهم المفيد والمرتضى والعماني وسلّار وأما عدة المتمتع بها من الوفاة فشهران وخمسة أيام لخبر ابن أبي شعبة الحلبي عن أبيه عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل تزوج امرأة متعة ثم

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب العدد حديث ٣ و ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب العدد حديث ٤ و ٥.


وإن كان زوجها عبدا(ونصفها) شهران وخمسة أيام(إن كانت أمة (١) وإن كان

______________________________________________________

مات عنها ما عدتها؟ قال : خمسة وستون يوما) (١).

وهو مرسل ، وفي طريقه علي بن الحسين الطاهري ، وهو واقفي شديد التعصب على من خالفه من الإمامية ، وهو معارض بطائفة من الأخبار.

منها : صحيح ابن الحجاج (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ثم يتوفى عنها زوجها ، هل عليها العدة؟ فقال : تعتدّ أربعة أشهر وعشرا) (٢) ، وصحيح زرارة (سألت أبا جعفر عليه‌السلام : ما عدة المتعة إذا مات عنها الذي تمتع بها؟ قال : أربعة أشهر وعشرا ، ثم قال : يا زرارة كل النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرة كانت أو أمة ، وعلى أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين فالعدة أربعة أشهر وعشرا) (٣) وعلى الأخيرة عمل المشهور ، وقد تقدم هذا البحث في آخر فصل المتعة من كتاب النكاح.

(١) وكانت حائلا على المشهور للأخبار.

منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عدة الأمة التي يتوفى عنها زوجها شهران وخمسة أيام) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم وجميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأمة إذا توفي عنها زوجها فعدتها شهران وخمسة أيام) (٥) وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (سمعته يقول : طلاق العبد للأمة تطليقتان ـ إلى أن قال ـ وإن مات عنها زوجها فأجلها نصف أجل الحرة شهران وخمسة أيام) (٦) ، ومثلها غيرها ، وهي تشمل الأمة المتمتع بها والدائم.

وعن ابن ادريس والعلامة في المختلف وجماعة أنها كالحرة في عدة الوفاة ، لصحيح زرارة المتقدم (يا زرارة كل النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرة كانت أو أمة ، وعلى أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين فالعدة أربعة أشهر وعشرا) (٧) ، ويؤيده صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن الأمة والحرة كلتيهما إذا مات عنها زوجها سواء في العدة ، إلا أن الحرة تحدّ والأمة لا تحدّ) (٨) ، وخبر سليمان بن خالد عن أبي عبد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب العدد حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ٦ و ٩ و ١٠.

(٧) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ٢.


زوجها حرا على الأشهر ، ومستنده صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام قال : «الأمة إذا توفي عنها زوجها فعدتها شهران وخمسة أيام».

وقيل : كالحرة استنادا إلى عموم الآية (١) ، وبعض الروايات وتخصيصهما (٢) بغيرها (٣) طريق الجمع ، (سواء دخل بها أو لا) صغيرة كانت أم كبيرة ولو يائسة ، دائما كان النكاح أم منقطعا.

(وفي باقي الأسباب) الموجبة للفرقة (٤) (تعتد ذات الأقراء) جمع قرء بالفتح ،

______________________________________________________

الله عليه‌السلام (عدة المملوكة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا) (١).

وحملها الشيخ عن كون الأمة ذات ولد فتعتد عدة الحرة ، فالأقوال حينئذ ثلاثة وسيأتي للبحث صلة عند عدة الأمة المتوفى عنها زوجها إذا كانت أم ولد من سيدها في آخر فصل العدد فانتظر.

(١) وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (٢).

(٢) أي تخصيص العمومين ، عموم الآية وعموم بعض الروايات بغير الأمة طريق الجمع.

(٣) أي بغير الأمة.

(٤) بين الزوجين من طلاق أو فسخ ، وهذا شروع في عدة الطلاق ، والمطلقة إما حائل أو حامل ، والحائل إما مستقيمة الحيض أو مسترابة.

ومستقيمة الحيض هي التي يأتيها حيضها في كل شهر مرة على عادة النساء ، وفي معناها معتادة الحيض فيما دون الثلاثة أشهر ، وربما قيل كما عن الشارح هنا بأنها التي تكون لها في الحيض عادة مضبوطة وقتا ، سواء انضبط العدد أم لا ، وفيه : أن معتادة الحيض فيما زاد على ثلاثة أشهر لا تعتد بالأقراء وإن كانت لها في الحيض عادة وقتا وعددا ، كما سيأتي بيانه.

وعلى كل فمستقيمة الحيض تعتد بثلاثة أقراء بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ) (٣) ، وللأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ٥.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٤.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨.


.................................................................................................

______________________________________________________

زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (المطلقة تعتدّ في بيتها ، ولا ينبغي لها أن تخرج حتى تنقضي عدتها ، وعدتها ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر إلا أن تكون تحيض) (٢) ، ومثلها غيرها والقروء بالفتح والضم يجمع على أقراء وقروء وأقرأ ، وقال بعض أهل اللغة كما في المسالك : إنه بالفتح الطهر ويجمع على فعول كحرب وحروب ، وضرب وضروب ، والقرء بالضم الحيض ويجي‌ء على أقراء كقفل وأقفال ، إلا أن المشهور عدم الفرق بين الفتح والضم وأنه يقع على الطهر والحيض إما بالاشتراك اللفظي أو المعنوي.

وعلى كل فالمراد بالقرؤ هو الطهر هنا على المشهور للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (القرء ما بين الحيضتين) (٣) ، ومثله صحيح محمد بن مسلم (٤) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الأقراء هي الأطهار) (٥) ، وصحيح زرارة (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : سمعت ربيعة الرأي يقول : من رأيي أن الأقراء التي سمّى الله عزوجل في القرآن إنما هو الطهر فيما بين الحيضتين ، فقال عليه‌السلام : كذب ، لم يقل برأيه ، ولكنه إنما بلغه عن علي عليه‌السلام ، فقلت : أكان علي عليه‌السلام يقول ذلك؟ فقال عليه‌السلام : نعم إنما القرء الطهر ، الذي يقرأ فيه الدم فيجمعه فإذا جاء المحيض دفعه) (٦) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عدة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء ، والقرء جمع الدم بين الحيضتين) (٧) ، ومثلها غيرها.

نعم ورد أن القرء هو الحيض في أخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عدة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء وهي ثلاث حيض) (٨) ، وموثق عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام (قال علي عليه‌السلام : إذا طلق الرجل المرأة فهو أحق بها ما لم تغتسل من الثالثة) (٩) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الرجل يطلّق امرأته تطليقة على طهر من غير جماع يدعها حتى تدخل في قرئها الثالث ، ويحضر غسلها ثم يراجعها ويشهد على رجعتها ، قال : هو أملك بها ما لم تحلّ لها الصلاة) (١٠).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العدد حديث ٧.

(٩ و ١٠) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب العدد حديث ١٢ و ١٥.


والضم وهو الطهر ، أو الحيض(المستقيمة الحيض) بأن يكون لها فيه (١) عادة مضبوطة وقتا ، سواء انضبط عددا أم لا(مع الدخول (٢) بها المتحقق (٣) بإيلاج الحشفة ، أو قدرها من مقطوعها قبلا (٤) أو دبرا على المشهور وإن لم ينزل(بثلاثة)

______________________________________________________

وجمع المفيد بين الأخبار بحمل أخبار الطهر من القروء على ما لو كان الطلاق في مستقبل الطهر ، وبحمل أخبار الحيض من القروء على ما لو كان الطلاق في آخر الطهر ، وهو ممنوع لأنه فرع التكافؤ بين الطائفتين ، مع أن الطائفة الثانية محمولة على التقية لموافقتها لبعض العامة ، على أنه جمع تبرعي لا شاهد له من الأخبار.

(١) في الحيض ، وقد عرفت ما فيه.

(٢) لأنه بدون الدخول فلا عدة للمطلقة حينئذ كما تقدم.

(٣) صفة للدخول.

(٤) قد تقدم عدم العدة على غير المدخول بها بالاتفاق ، ومقتضى إطلاق الأدلة أن العدة على الدخول ولو لم ينزل بلا خلاف فيه ويشهد له أخبار كثيرة.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل دخل بامرأة ، قال عليه‌السلام : إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة) (١) ، وصحيح حفص عنه عليه‌السلام (إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة والغسل) (٢) ، وصحيح عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام (قال : سأله أبي وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه ولم يمسّها ولم يصل إليها حتى طلّقها هل عليها عدة منه؟ فقال عليه‌السلام : إنما العدة من الماء ، قيل له : فإن كان واقعها في الفرج ولم ينزل؟ فقال عليه‌السلام : إذا أدخله وجب الغسل والمهر والعدة) (٣) ، وبه يظهر أنه لا بدّ من رفع اليد عن ظاهر خبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (العدة من الماء) (٤) الظاهر في اشتراط الإنزال.

هذا والدخول الموجب للعدة هو الدخول في القبل الموجب للغسل كما هو صريح بعض الأخبار المتقدمة ، وقد تقدم في بابه أن الذي يوجب الغسل هو إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها ، ولكن فلو أدخلهما دبرا فهل تجب العدة كما عليه المشهور ، لإطلاق النصوص المتقدمة ، أو لا تجب العدة كما عن العلامة في التحرير لانصراف النصوص السابقة إلى خصوص الفرد الشائع وهو الوطء في القبل لأنه المندوب إليه والمحثوث عليه ، على أن بعض النصوص ظاهر في خصوص القبل وهو قوله عليه‌السلام في صحيح

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المهور حديث ٣ و ٤ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العدد حديث ١.


(أطهار (١) أحدها (٢) ما بقي من طهر الطلاق بعده (٣) وإن قل (٤) ، وغير مستقيمة الحيض (٥)

______________________________________________________

حفص المتقدم (إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة) ، وقد توقف سيد الرياض والبحراني في حدائقه.

(١) وتبين برؤية الدم من الحيضة الثالثة.

(٢) أي أحد الأطهار الثلاثة.

(٣) أي بعد الطلاق.

(٤) أي الباقي وكان لحظة ، وهو المعروف بينهم للأخبار :

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : أصلحك الله رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين ، فقال عليه‌السلام : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها وحلّت للأزواج ، قلت له : أصلحك الله ، إنّ أهل العراق يروون عن علي عليه‌السلام أنه قال : هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، فقال : فقد كذبوا) (١) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (المطلقة إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه) (٢) ، وموثقه الثالث عنه عليه‌السلام (أول دم رأته من الحيضة الثالثة فقد بانت منه) (٣) ، وموثق الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : رجل طلق امرأته ، قال : هو أحق برجعتها ما لم تقع في الدم من الحيضة الثالثة) (٤) ومثلها غيرها ووجه الاستدلال بها أنه لا يصح انقضاء عدتها برؤية الدم من الحيضة الثالثة إلا إذا احتسب الباقي من طهر الطلاق من جملة الأطهار الثلاثة ، التي هي عدة المطلقة.

(٥) ما زال الكلام في مستقيمة الحيض ، فلو استمر معها الدم وجاوز العشرة رجعت إلى عادتها في زمن الاستقامة فتجعلها حيضا والباقي استحاضة ، ويلحق بالأول حكم الحيض وبالباقي حكم الطهر إلى وقت العادة من الشهر الثاني والثالث ، وبمجرد رؤية الدم من الثالث المحكوم بكونه حيضا تنقضي عدتها.

ولو لم تكن لها عادة لكونها مبتدئة أو مضطربة أو ناسية فترجع إلى الصفات ، أي صفات الحيض على ما تقدم بيانها في كتاب الحيض ، لأن الصفات طريق شرعي لمعرفة الحيض ، وتجعل واجد الصفات حيضا والباقي استحاضة ، ويلحق بالأول حكم الحيض وبالباقي حكم الطهر ، ويشهد له مرسل جميل عن أحدهما عليهما‌السلام (تعتدّ المستحاضة بالدم إذا كان

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٧ و ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب العدد حديث ٢.


ترجع إلى التمييز (١) ، ثم إلى عادة نسائها (٢) إن كانت مبتدأة ، ثم تعتد (٣) بالشهور.

(وذات الشهور (٤) وهي التي لا يحصل لها الحيض بالمعتاد ، وهي في سن من)

______________________________________________________

في أيام حيضها ، أو بالشهور إن سبقت لها ، فإن اشتبها فلم تعرف أيام حيضها من غيرها ، فإن ذلك لا يخفى ، لأن دم الحيض دم عبيط حارّ ، وإن دم الاستحاضة دم أصفر بارد) (١).

ولو اشتبه الدم ولا يتحقق بالتمييز بالصفات فترجع إلى عادة نسائها من أقربائها أو أقرانها على ما تقدم في باب الحيض ، ويدل عليه خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام عن عدة المستحاضة؟ فقال : تنظر قدر أقرانها فتزيد يوما أو تنقص يوما ، فإن لم تحض فلتنظر إلى بعض نسائها فلتعتد بأقرانها) (٢).

ولكن الرجوع إلى عادة أقرانها أو أقربائها مخصوص بالمبتدئة كما تقدم في الحيض ، ولو اختلفن أو فقدن ـ أي أقرانها أو أقربائها ـ فتعتد بالشهور كفاقد التمييز من المضطربة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عدة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر والجارية التي قد يئست ولم تدرك الحيض ثلاثة أشهر) (٣) ومثله غيره.

(١) أي التمييز بين دم الحيض ودم الاستحاضة ، وذلك بالرجوع إلى الصفات ، وهذا في المبتدئة والمضطربة والناسية.

(٢) أي ومع فقد التمييز ترجع إلى عادة أقرانها أو أقربائها وهذا مختص بالمبتدئة.

(٣) ومع فقد نسائها في المبتدئة أو اختلافهن ترجع إلى الشهور كما ترجع المضطربة والناسية عند فقد التمييز.

(٤) شروع في عدة المسترابة ، وهي من لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فتعتد من الطلاق والفسخ مع الدخول بثلاثة أشهر إذا كانت حرة ، بلا خلاف فيه لقوله تعالى : (وَاللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسٰائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلٰاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ) (٤) المتناول آخره للفرض ، وللأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عدة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر) (٥) ، وخبر محمد بن حكيم عن العبد الصالح عليه‌السلام (قلت له :

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب العدد حديث ٨.

(٤) سورة الطلاق ، الآية : ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العدد حديث ٧.


(تحيض) سواء كانت مسترابة (١) كما عبّر به كثير أم انقطع عنها الحيض لعارض من مرض ، وحمل ، ورضاع ، وغيرها (٢) تعتد(بثلاثة أشهر) هلالية (٣) إن طلقها عند الهلال (٤) ، وإلا (٥)

______________________________________________________

المرأة الشابة التي لا تحيض ومثلها يحمل طلّقها زوجها ، قال : عدتها ثلاثة أشهر) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عدة التي لم تحض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر) (٢) ، ومثلها غيرها. ومقتضى النصوص عدم الفرق في المسترابة بين كون عدم الحيض خلقة أو لعارض من حمل أو رضاع أو غيرهما ، ويدل عليه بالخصوص موثق أبي العباس (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طلّق امرأته بعد ما ولدت وطهرت وهي امرأة لا ترى دما ما دامت ترضع ، ما عدتها؟ قال : ثلاثة أشهر) (٣).

(١) المسترابة هي التي حصل لها ريبة الحمل فيما إذا تأخر حيضها عن عادتها ، وكثيرا ما تطلق المسترابة في كلام الأصحاب على من لا تحيض وهي في سنّ من تحيض سواء كانت مسترابة الحمل أم لا ، وسواء تيقنت الحمل أو عدمه.

(٢) أي غير المرض والحمل والرضاع.

(٣) بلا خلاف ولا إشكال لانصراف الشهر في الأخبار المتقدمة إلى الهلالي في عرف الشارع ، ويشهد له خبر أبي مريم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل كيف يطلّق امرأته وهي تحيض في كل ثلاثة أشهر حيضة واحدة؟ قال عليه‌السلام : يطلّقها تطليقة واحدة في غرّة الشهر إذا انقضت ثلاثة أشهر من يوم طلقها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب) (٤).

(٤) كما هو مضمون خبر أبي مريم المتقدم.

(٥) وإن لم يكن الطلاق عند الهلال ، بل طلقها في أثناء الشهر اعتدت بهلالين لتمكنها منهما ، وأخذت من الثالث بقدر الفائت من الشهر الأول ، ليتحقق صدق الأهلة الثلاثة عرفا كما في الجواهر وغيره.

وعن المحقق في الشرائع والشارح في المسالك يجب إكمال الثالث ثلاثين ، لأن الشهر الأول لم يتفق كونه هلاليا فينتقل إلى الشهر العرفي الذي هو الثلاثون ، وفي المسألة قول ثالث بانكسار الجميع ويسقط اعتبار الأهلة فيهما ، لأن الأول منكسر ولا يتم إلا ببعض ما يليه فينكسر الثاني وهكذا.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العدد حديث ٨ و ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العدد حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العدد حديث ٣.


أكملت المنكسر (١) ثلاثين بعد الهلالين على الأقوى.

(والأمة) تعتد(بطهرين) إن كانت مستقيمة الحيض (٢) ، (أو خمسة وأربعين يوما) إن لم تكن (٣).

(ولو رأت) الحرة(الدم في الأشهر) الثلاثة(مرة أو مرتين (٤)

______________________________________________________

(١) خاصة.

(٢) في الطلاق مع الدخول وكانت بالغة غير يائسة سواء كانت تحت حر أو عبد على المشهور لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن حر تحته أمة ، أو عبد تحته حرة كم طلاقها وكم عدتها؟ فقال : السنة في النساء في الطلاق فإن كانت حرة فطلاقها ثلاثا وعدتها ثلاثة أقراء ، وإن كان حر تحته أمة فطلاقه تطليقتان وعدتها قرءان) (١) ، وهو صريح في اتحاد القرء في الحرة والأمة.

وعن القديمين أن عدة الأمة حيضتان لبعض الأخبار.

منها : صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (طلاق العبد للأمة تطليقتان وأجلها حيضتان) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عدة الأمة حيضتان) (٣) ، وخبر سليمان بن خالد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام (عن الأمة إذا طلقت ما عدتها؟

فقال : حيضتان أو شهران حتى تحيض) (٤) ، وهي محمولة على التقية.

(٣) أي لم تكن تحيض وهي من سنّ من تحيض فعدتها شهر ونصف سواء كانت تحت حر أو عبد بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام (طلاق الأمة تطليقتان ـ إلى أن قال ـ فإن كانت قد قعدت عن المحيض فعدتها شهر ونصف) (٥) ، ومضمر سماعة (وقال : عدة الأمة التي لا تحيض خمسة وأربعون يوما) (٦).

(٤) قد تقدم أن عدة من لا تحيض وهي من سن من تحيض ثلاثة أشهر ، وعليه فعدتها بالشهور بشرط وصفها من أنها لا تحيض أبدا.

وأما من تحيض في الشهرين أو الثلاثة مرة على خلاف عادة النساء ، إذ العادة هي الحيض في كل شهر مرة فعدتها الأقراء لإطلاق أدلة ثلاثة قروء في عدة المطلقة ، وأما لو كانت

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب العدد حديث ٣ و ٤ و ٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ٧.


.................................................................................................

______________________________________________________

لا تحيض إلا بعد ثلاثة أشهر أو أزيد مرة فإنها تعتد بالأشهر دون الأقراء ، بلا خلاف في ذلك للأخبار.

منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة التي يطلقها زوجها وهي تحيض في كل ثلاثة أشهر حيضة؟ قال عليه‌السلام : إذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدتها يحسب لها لكل شهر حيضة) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : (في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة ، أو في سنة أو في سبعة أشهر ، والمستحاضة التي لم تبلغ الحيض ، والتي تحيض مرة ويرتفع مرة ، والتي لا تطمع في الولد ، والتي قد ارتفع حيضها وزعمت أنها لم تيأس ، والتي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم فذكر أن عدة هؤلاء كلهنّ ثلاثة أشهر) (٢) ، وصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن التي لا تحيض إلا في ثلاث سنين أو في أربع سنين؟ قال عليه‌السلام : تعتد بثلاثة أشهر ثم تتزوج إن شاءت) (٣) ، وصحيح أبي مريم عنه عليه‌السلام (عن الرجل كيف يطلق امرأته وهي تحيض في كل ثلاثة أشهر حيضة واحدة؟ قال عليه‌السلام : يطلّقها تطليقة واحدة في غرة الشهر ، فإذا انقضت ثلاثة أشهر من يوم طلاقها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب) (٤).

وأما من كان يأتيها الحيض ثم انقطع عنها ولم يعلم سببه ومثلها يحيض فتعتد بالشهور أو الأطهار بمعنى لو سبقت الشهور الثلاثة بغير حيض فهو عدتها ، وإن مضى لها ثلاثة أطهار قبل مضي ثلاثة شهور خالية من الحيض فتعتد بالأطهار بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (أمران أيهما سبق بانت منه المطلقة المسترابة ، تستريب الحيض ، إن مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه ، وإن مرّت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين أشهر بانت بالحيض ، قال ابن أبي عمير : قال جميل : وتفسير ذلك إن مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت فهذه تعتدّ بالحيض على هذا الوجه ، ولا تعتد بالشهور ، وإن مرت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها فقد بانت) (٥) ، ومثله موثقه الآخر عنه عليه‌السلام (٦).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العدد حديث ٢ و ١ و ١١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العدد حديث ٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب العدد حديث ٥ و ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

وعلى ما تقدم فلو كانت المطلقة قد انقطع عنها الحيض فتعتد بالأشهر ، فلو رأت في الشهر الثالث مثلا حيضا بطلت العدة بالأشهر ، لأن شرط الأشهر خلوها من الدم فيها ، وتحسب الماضي قرءا لها ، لأن القرء ما كان نهايته الحيض وعليها تكميل العدة بالإقراء ، فإن كمل لها ثلاثة أقراء ولو في أزيد من ثلاثة أشهر اعتدت بها ، وإن فرض بعد ذلك انقطاع الدم عنها بالحيضة الثانية أو الثالثة فقد استرابت بالحمل. وحينئذ يجب عليها التربص تسعة أشهر من حين الطلاق لأنه أقصى مدة الحمل كما هو المشهور في ذلك ، ثم إذا ظهر لها حمل اعتدت بوضعه وإن لم يظهر حمل فقد علم ظاهرا براءة الرحم ومع ذلك تعتد بثلاثة أشهر بعد التسعة ، وتكون هذه الأشهر الثلاثة بعد أقصى الحمل بمنزلة الأقراء ، لأنها ممن لا تحيض ، وهو الذي اختاره الأكثر لخبر سورة بن كليب (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود طلاق السنة ، وهي ممن تحيض فمضى ثلاثة أشهر فلم تحض إلا حيضة واحدة ثم ارتفع حيضتها حتى مضى ثلاثة أشهر أخرى ولم تدر ما رفع حيضتها؟

فقال عليه‌السلام : إن كانت شابة مستقيمة الطمث فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلا حيضة ثم ارتفع طمثها فلا تدري ما رفعها ، فإنها تتربص تسعة أشهر من يوم طلقها ثم تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر ، ثم تزوج إن شاءت) (١).

وهذه الرواية مع اشتهار العمل بمضمونها مخالفة للأصل في اعتبار الحمل بتسعة أشهر من حين الطلاق ، وهو مخالف لجميع الأقوال المتقدمة في أقصى الحمل ، لأن مدته معتبرة من آخر وطء لا من حين الطلاق.

وهي مخالفة لاعتدادها بثلاثة أشهر بعد العلم ببراءة رحمها من الحمل. وقد قيل كما عن الشيخ في النهاية إنها تصبر سنة لأنها أقصى مدة ، ثم إن ظهر حمل اعتدت بوضعه وإلا اعتدت بعدها بثلاثة أشهر لخبر عمار الساباطي (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل عنده امرأة شابة وهي تحيض في كل شهرين أو ثلاثة حيضة واحدة ، كيف يطلقها زوجها؟ فقال عليه‌السلام : أمر هذه شديد ، هذه تطلّق طلاق السنة تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود ، ثم تترك حتى تحيض ثلاث حيض متى حاضتها فقد انقضت عدتها.

قلت له : فإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض فقال : يتربص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ثم قد انقضت عدتها) (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العدد حديث ١.


ثم احتبس (١) إلى أن انقضت الأشهر(انتظرت تمام الأقراء (٢) ، لأنها (٣) قد استرابت بالحمل غالبا(فإن تمت) الأقراء قبل أقصى الحمل انقضت عدتها (٤) ، (وإلا (٥) صبرت تسعة أشهر (٦)

______________________________________________________

ويأتي عليها ما ورد على الأول مع ضميمة أن المعصوم عليه‌السلام لم يحكم عليها بالتربص سنة من ناحية أقصى الحمل ، بل قد وردت السنة في كلام السائل من ناحية عدم ثبوت ثلاث حيض في السنة.

وعلى كل فالشهرة على الرواية الأولى وهي الحول عمدة بينهم ، ويؤيدها صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (سمعت أبا إبراهيم يقول : إذا طلق الرجل امرأته فادعت حبلا انتظر بها تسعة أشهر ، فإن ولدت وإلا اعتدت بثلاثة أشهر ، ثم قد بانت منه) (١) ، وموثق ابن حكيم عن أبي الحسن عليه‌السلام قلت له : (المرأة الشابة التي يحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها كم عدتها؟ قال : ثلاثة أشهر ، قلت : فإنها ادعت الحبل بعد ثلاثة أشهر ، قال : عدتها تسعة أشهر ، قلت : فإنها ادعت الحبل بعد تسعة أشهر ، قال : إنما الحمل تسعة أشهر ، قلت : تزوج ، قال : تحتاط بثلاثة أشهر ، قلت : فإنها ادعت بعد ثلاثة أشهر ، قال : لا ريبة عليها تزوج إن شاءت) (٢).

وهذه الأخبار ظاهرة في أن الثلاثة أشهر بعد التسعة ليس من باب الاعتداد ، بل من باب الاحتياط للحمل لاحتمال كون الحمل باقيا ولذا استدل بها على أن غاية الحمل هو سنة.

(١) أي الدم.

(٢) وعدتها بالأقراء لا بالشهور ، لعدم خلو الأشهر الثلاثة من الدم.

(٣) أي الحرة.

(٤) وكانت عدتها بالأقراء.

(٥) أي وإن لم تتم الأقراء قبل أقصى الحمل.

(٦) وهي أقصى الحمل كما عليه المشهور من حين الطلاق هذا وقد علّق الشارح في الحاشية على هذا القول كما في الطبعة الحجرية بقوله : (هذا الحكم وهو التربص تسعة أشهر أو سنة ثم الاعتداد بعده هو المشهور بين الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا ، والمروي فيه خبر عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام المشتمل على التربص سنة وثلاثة أشهر ، وأما التربص تسعة فليس بمروي ، لكنه عليه أكثر الأصحاب ، والعمل به أقوى ، وإن لم نقل

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢.


على أشهر القولين ، (أو سنة (١) على قول ، (فإن وضعت ولدا ، أو اجتمعت الأقراء الثلاثة (٢) فذاك (٣) هو المطلوب في انقضاء العدة ، (وإلا يتفق) أحد الأمرين (٤) (اعتدت بعدها) أي بعد التسعة ، أو السنة(بثلاثة أشهر إلا أن يتم الأقراء قبلها (٥) فيكتفى بها (٦).

وقيل (٧) : لا بد من وقوع الثلاثة الاقراء بعد أقصى الحمل كالثلاثة الأشهر (٨).

والأول (٩) أقوى ، وإطلاق النص (١٠) والفتوى يقتضي عدم الفرق بين استرابتها بالحمل ، وعدمه (١١) في وجوب التربص تسعة ، أو سنة ، ثم الاعتداد (١٢)

______________________________________________________

بأنها أقصى الحمل مطلقا ، لأنها أقصاه غالبا تقريبا ، والأصل براءة الذمة من التربص فيما زاد ، مع ضعف سند الرواية ، وقد روى محمد بن مسلم وأبو بصير في الصحيح وزرارة في الحسن أن من مضى عليه ثلاثة أشهر لا تحيض فيها تبين بالثلاثة من غير تفصيل ، فيمكن الاستدلال بها على الاكتفاء بالتسعة ، وإن لم يكن ثمة نص ، إن لم نقل بالاكتفاء بما هو أقل ، حيث إن ظاهر الأصحاب الاتفاق على عدم انقضاء العدة بما دون التسعة) انتهى. وهو غريب منه ، لأن القول بالتسعة مروي في خبر سورة بن كليب ، وهو بنفسه قد رواها في المسالك وجعلها مستند التسعة.

(١) وهي أقصى الحمل من حين الطلاق.

(٢) أي اجتمعت في أقصى الحمل.

(٣) من الولد أو الأقراء الثلاثة.

(٤) من الولد أو الأقراء الثلاثة.

(٥) أي قبل الثلاثة أشهر بعد أقصى الحمل.

(٦) لتحقق الأقراء الثلاثة الموجبة لانقضاء العدة.

(٧) لم أعثر على هذا القائل.

(٨) الواقعة عقيب أقصى الحمل.

(٩) من وقوع ثلاثة أشهر بعد أقصى الحمل.

(١٠) من خبر سورة والساباطي.

(١١) عدم الريب في الحمل إذا أتاها الحيض في الأشهر الثلاثة ثم احتبس عنها الدم في الحيضة الثانية أو الثالثة.

(١٢) بثلاثة أشهر.


بعدها (١) حتى لو كان زوجها غائبا عنها (٢) فحكمها كذلك (٣) وإن كان ظاهر الحكمة (٤) يقتضي اختصاصه (٥) بالمسترابة (٦).

واحتمل المصنف في بعض تحقيقاته الاكتفاء بالتسعة (٧) لزوجة الغائب محتجا بحصول مسمى العدة (٨) ، والدليل في محل النزاع (٩) ، وهذه أطول عدة تفرض.

والضابط أن المعتدة المذكورة (١٠) إن مضى لها ثلاثة أقراء قبل ثلاثة أشهر انقضت عدتها بها (١١) ، وإن مضى عليها ثلاثة أشهر لم تر فيها دم حيض انقضت عدتها بها (١٢) ، وإن (١٣) كان لها عادة مستقيمة فيما زاد عليها (١٤) بأن كانت ترى الدم في كل أربعة أشهر مرة ، أو ما زاد ، أو نقص (١٥) بحيث يزيد عن ثلاثة (١٦) ولو بلحظة ، ومتى رأت في الثلاثة دما ولو قبل انقضائها (١٧) بلحظة فحكمها ما

______________________________________________________

(١) بعد التسعة أو السنة.

(٢) أو حاضرا ولم يقربها مدة مديدة.

(٣) من وجوب التربص تسعة أو سنة ثم الاعتداد أو ثلاثة أشهر.

(٤) من وجوب التربص أقصى الحمل.

(٥) أي اختصاص الحكم بوجوب التربص أقصى الحمل ثم الاعتداد بثلاثة أشهر.

(٦) وهو صريح صحيح ابن الحجاج وموثق ابن حكيم المتقدمين فراجع ، ولكن ليس فيهما ما يوجب تقييد الحكم بالمسترابة.

(٧) أي تسعة أشهر.

(٨) وهي ثلاثة أشهر بيض من دون حيض فيها ، وهي حاصلة في ضمن التسعة.

(٩) أي دليل المصنف هو عين محل النزاع ، وهو مصادرة غير مسموعة ، في قبال إطلاق النص والفتوى.

(١٠) وهي المطلقة غير الحامل.

(١١) بثلاثة أقراء.

(١٢) بثلاثة أشهر بيض لم تر فيها دم حيض.

(١٣) وصلية.

(١٤) على ثلاثة أشهر.

(١٥) عن الأربعة أشهر.

(١٦) أي ثلاثة أشهر.

(١٧) أي انقضاء ثلاثة أشهر.


فصل سابقا من انتظار أقرب الأمرين من تمام الأقراء ، ووضع الولد ، فإن انتفيا (١) اعتدت بعد تسعة (٢) أشهر بثلاثة أشهر ، إلا أن يتم لها ثلاثة أقراء قبلها (٣) ، ولو مبنية (٤) على ما سبق (٥) ، ولا فرق (٦) بين أن يتجدد لها دم حيض آخر في الثلاثة (٧) ، أو قبلها (٨) وعدمه (٩).

(وعدة الحامل وضع الحمل (١٠))

______________________________________________________

(١) أي الأمران من الأقراء ووضع الولد.

(٢) على أشهر القولين ، وبعد سنة على قول.

(٣) قبل الثلاثة أشهر الواقعة بعد أقصى الحمل.

(٤) لو وصلية ، والمعنى ولو كانت هذه الأقراء الثلاثة مبنية على ما سبق من القرء قبل التربص سنة أو تسعة أشهر ، بحيث رأت الحيض في الأشهر الثلاثة بعد الطلاق ثم تربصت تسعة أشهر ثم رأت حيضتين بعد التسعة قبل إكمال الثلاثة أشهر الواقعة بعد التربص أقصى الحمل.

(٥) أي ما سبق التربص أقصى الحمل.

(٦) أي لا فرق في الحكم المذكور من التربص أقصى الحمل تسعة أشهر أو سنة ثم تعتد ثلاثة أشهر لمن حاضت في ثلاثة أشهر بعد الطلاق ثم احتبس عنها الدم سواء حاضت حيضا آخر في ضمن التسعة أو في ضمن الثلاثة بعدها أو لم تحض ، ما دام لم يتحقق لها ثلاث حيض فلا بد من التربص أقصى الحمل مع ثلاثة أشهر بعدها من باب الاعتداد.

(٧) أي ثلاثة أشهر بعد التربص أقصى الحمل.

(٨) أي قبل الثلاثة المذكورة.

(٩) أي عدم تجدد حيض لها سوى الحيض الأول الذي قد أتاها قبل التربص.

(١٠) عدة الحامل وضعها لقوله تعالى : (وَأُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١) وللأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (طلاق الحبلى واحدة ، وإن شاء راجعها قبل أن تضع ، فإن وضعت قبل أن يراجعها فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب) (٢) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه) (٣) ، هذا كله على المشهور شهرة عظيمة ، وعن الصدوق وابن

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب العدد حديث ٨ و ١.


أجمع (١)

______________________________________________________

حمزة أقرب الأجلين من الوضع ومن الأقراء والأشهر ، بمعنى أنه إذا مرت بها ثلاثة أشهر فقد انقضت عدتها ولا تحلّ للأزواج حتى تضع ما في بطنها ، وإن وضعت الحمل بعد طلاقه فقد بانت منه وحلّت للأزواج لخبر الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (طلاق الحامل واحدة ، وعدتها أقرب الأجلين) (١) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (طلاق الحامل واحدة ، وأجلها أن تضع حملها ، وهو أقرب الأجلين) (٢) ومثلها غيرها ، وهي لا تصلح لمعارضة النص القرآني.

وعلى المشهور من كون عدتها بالوضع ، فهي ستبين منه ولو كان الوضع بعد الطلاق بلحظة لإطلاق النصوص المتقدمة ، ولخصوص خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا طلقت المرأة وهي حامل فأجلها أن تضع حملها وإن وضعت من ساعتها) (٣) ، هذا ولا بد من خروجه بأجمعه فلا تنقضي العدة لو خرج بعضه لعدم صدق وضع الحمل حينئذ ، وكذا تنقضي العدة لو تم وضع الحمل ولو ميتا لصدق وضع الحمل بعد إطلاق الأدلة ، ولا فرق في توقف انقضاء العدة على وضع الحمل بين طول المدة وقصرها فقد يكون لحظة وقد يكون سنة لأنها أقصى الحمل ، ولا فرق في ذلك بين الحرة والأمة كل ذلك لإطلاق الأدلة المتقدمة.

ثم لو كان حملها باثنين فلا تبين إلا بعد وضع الثاني كما عن الشيخ في الخلاف والمبسوط والحلي والعلامة والمحقق وجماعة بل هو المشهور تمسكا بإطلاق النصوص المتقدمة التي لا تصدق إلا بعد وضع الثاني ، وعن الشيخ في النهاية وابن البراج وابن حمزة والإسكافي والمحدث البحراني والحر العاملي أنها تبين بوضع الأول ولكن لا يجوز لها نكاح الأزواج إلا بعد ولادة الثاني لخبر عبد الرحمن البصري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل طلّق امرأته وهي حبلى وكان في بطنها اثنان ، فوضعت واحدا وبقي واحد ، قال : تبين بالأول ولا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها) (٤) ، وهو ضعيف السند لاشتماله على الحسن بن سماعة وهو واقفي وعلى جعفر بن سماعة وهو مجهول أو ضعيف بعد عدم الانجبار لإعراض الأصحاب عنه فلا يمكن الاعتماد عليه.

(١) أي بتمامه فلا يكفي وضع البعض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب العدد حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب العدد حديث ٦ و ٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب العدد حديث ١.


كيف وقع (١) إذا علم أنه (٢) نشؤ آدمي(وإن كان علقة (٣) ووضعته (٤) بعد الطلاق بلحظة ، ولا عبرة بالنطفة(في غير الوفاة (٥) ، وفيها (٦) بأبعد الأجلين من وضعه ، ومن الأشهر (٧) الأربعة والعشرة الأيام في الحرة ، والشهرين والخمسة الأيام في الأمة.

______________________________________________________

(١) أي كيف وقع الحمل تاما أو غير تام ، فبوضعه تنقضي العدة ولو كان سقطا لإطلاق النصوص المتقدمة ، ولخصوص موثق ابن الحجاج عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن الحبلى إذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تمّ أو لم يتمّ ، أو وضعته مضغة ، فقال : كل شي‌ء يستبين أنه حمل أو لم يتمّ فقد انقضت عدتها وإن كان مضغة) (١).

والمضغة هي السقط الذي يكون في الرحم أكثر من ثمانين يوما ، وإنما الكلام بينهم في النطفة والعلقة.

أما النطفة وهي التي تبقى في الرحم أربعين يوما فلو خرجت فهل تنقضي العدة بوضعها كما عن الشيخ والعلامة في التحرير لإطلاق الأدلة بعد كون النطفة مبدأ نشوء الآدمي ، أو لا عبرة بوضعها بل لا بد من الاعتداد بالشهور أو الأقراء للشك في كونها قد صارت حملا بعد كون النصوص المتقدمة ظاهرة في انقضاء العدة بوضع الحمل ، وعليه فالميزان في انقضاء العدة هو صدق الحمل لا كونه مبدأ النشوء للآدمي ، ولا يصدق الحمل على النطفة ولا أقل من الشك في ذلك فلا يصح التمسك بإطلاق الأدلة المتقدمة ، ويشعر به اقتصار موثق ابن الحجاج المتقدم على المضغة الدال ولو إشعارا بأن غير المضغة لا تنقضي العدة بوضعه.

ومما ذكرناه يظهر حكم العلقة وهي التي تكون في الرحم ما بين الأربعين يوما إلى الثمانين لعدم صدق الحمل عليها ولا أقل من الشك مع إشعار الموثق المتقدم على أن العدة لا تنقضي إلا بالمضغة لا بالأقل منها ، وإن وافق المحقق وجماعة الشيخ هنا على انقضاء العدة بالعلقة ، ولكن قد عرفت ما فيه.

(٢) أن الواقع.

(٣) دون النطفة ، وقد عرفت الكلام في العلقة أيضا.

(٤) أي الحمل.

(٥) متعلق بقول الماتن (وعدة الحامل وضع الحمل في غير الوفاة).

(٦) أي في الوفاة.

(٧) قد تقدم أن عدة الحائل المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام إذا كانت حرة ، وشهران وخمسة أيام إذا كانت أمة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب العدد حديث ١.


(ويجب الحداد على الزوجة المتوفى عنها زوجها (١) في جميع مدة العدة

______________________________________________________

وأما لو كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين من المدة المذكورة ووضع الحمل بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الحامل المتوفى عنها زوجها قال : تنقضي عدتها آخر الأجلين) (١) ، وموثق سماعة قال : (المتوفى عنها زوجها الحامل أجلها آخر الأجلين ، إن كانت حبلى فتمت لها أربعة أشهر وعشر ولم تضع فإن عدتها إلى أن تضع ، وإن كانت تضع حملها قبل أن يتمّ لها أربعة أشهر وعشر تعتدّ بعد ما تضع تمام أربعة أشهر وعشر ، وذلك أبعد الأجلين) (٢) ، وموثق ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الحبلى المتوفى عنها زوجها عدتها آخر الأجلين) (٣) ، وخالف في ذلك العامة فجعلوا عدتها وضع الحمل كالطلاق ولو بعد لحظة ، وجعلوا آية (أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ) (٤) عامة في المطلقة والمتوفى عنها ، وفاتهم أن آية عدة الوفاة (٥) تقتضي أربعة أشهر وعشرا والجمع بينهما يقتضي القول بأبعد الأجلين.

(١) يجب على المتوفى عنها زوجها الحداد ما دامت في العدة للأخبار.

منها : خبر محمد بن مسلم (ليس لأحد أن يحدّ أكثر من ثلاث ، إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها) (٦) ، ومرسل الواسطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يحدّ الحميم على حميمه ثلاثا ، والمرأة على زوجها أربعة أشهر وعشرا) (٧).

والحداد فعال من الحدّ وهو لغة المنع ، وشرعا تمنع نفسها عن التزين في بدنها وثوبها وكحلها وطيبها ، والأصل فيه الأخبار.

منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن مات عنها يعني وهو غائب فقامت البينة على موته فعدتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشرا ، لأن عليها أن تحدّ عليه في الموت أربعة أشهر وعشرا ، فتمسك عن الكحل والطيب والأصباغ) (٨) ، وصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن المتوفى عنها زوجها قال : لا تكتحل للزينة ولا تطيّب ولا تلبس ثوبا مصبوغا ، ولا تبيت عن بيتها ، وتقضي الحقوق ، وتمتشط بغسلة ، وتحج

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢ و ٥.

(٤) سورة الطلاق ، الآية : ٤.

(٥) سورة الطلاق ، الآية : ٢٣٤.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب العدد حديث ٥ و ٦.

(٨) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب العدد حديث ١.


(وهو (١) ترك الزينة من الثياب ، والادهان ، والطيب ، والكحل الأسود (٢) ، والحناء ، وخضب الحاجبين بالسواد ، واستعمال الاسفيداج (٣) في الوجه ، وغير ذلك مما يعدّ زينة عرفا. ولا يختص المنع بلون خاص من الثياب ، بل تختلف ذلك باختلاف البلاد ، والأزمان والعادات ، فكل لون يعد زينة عرفا يحرم لبس الثوب المصبوغ به ، ولو احتاجت إلى الاكتحال بالسواد لعلة جاز ، فإن تأدت الضرورة باستعماله ليلا ومسحه نهارا وجب وإلا اقتصرت على ما تتأدى به الضرورة ، ولا يحرم عليها التنظيف (٤) ، ولا دخول الحمام ، ولا تسريح الشعر ، ولا السواك ، ولا قلم الأظفار ، ولا السكنى (٥) في المساكن العالية ، ولا استعمال الفرش الفاخرة ،

______________________________________________________

وإن كان في عدتها) (١) والغسلة بالكسر الطيب وما تجعله المرأة في شعرها عند الامتشاط كما عن مجمع البحرين والصحاح ، وعن القاموس ما تجعله المرأة في شعرها عند الامتشاط وما يغسل به الرأس من خطمي ونحوه ، والمتيقن منه ما لم يشتمل على الطيب والصبغ للنهي عن التزين ، وخبر زرارة الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المتوفى عنها زوجها ليس لها أن تطيب ولا تزيّن حتى تنقضي عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام) (٢) ، وخبر أبي العباس (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المتوفى عنها زوجها ، قال : لا تكتحل لزينة ولا تطيب ولا تلبس ثوبا مصبوغا ولا تخرج نهارا ولا تبيت عن بيتها ، قلت : أرأيت إن أرادت أن تخرج إلى حق كيف تصنع؟ قال : تخرج نصف الليل وترجع عشاء) (٣).

وعلى كل فالمستفاد من النصوص هو ترك ما يعدّ زينة عرفا من الثياب والأدهان والكحل والحناء والطيب وغير ذلك ، وهذا مختلف باختلاف العادات ، ومنه يظهر الوجه في جواز التنظف ودخول الحمام وتسريح الشعر والسواك وقلم الأظفار والسكنى في المساكن العالية واستعمال الفرش الفاخرة وغير ذلك مما لا يعدّ مثله زينة لها في العرف والعادة.

(١) أي الحداد.

(٢) بل كل كحل تتزين به.

(٣) كلمة فارسية ، ما يلوّن به الخدّ

(٤) هذا وما بعده لا يحرم عليها لعدم كونه زينة عند العرف.

(٥) لأن الحداد في البدن لا في المكان فلا يحرم السكنى في المساكن العالية ، ولا في الفراش

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب العدد حديث ٥ ، ٦).

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب العدد حديث ٣.


ولا تزيين أولادها وخدمها (١) ، ولا فرق (٢) بين الزوجة الكبيرة ، والصغيرة الحائل والحامل إذا كانت حرة.

(وفي الأمة قولان المروي) صحيحا عن الباقر عليه‌السلام(أنها لا تحد) ، لأنه قال : «إن الحرة والأمة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة إلا أن الحرة تحد والأمة لا تحد».

وهذا هو الأقوى ، وذهب الشيخ في أحد قوليه (٣) وجماعة إلى وجوب الحداد عليها ، لعموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلّا على زوج أربعة أشهر وعشرا». وفيه مع سلامة

______________________________________________________

فلا يحرم استعمال الفرش الفاخرة.

(١) لأن المحرم الزينة عليها لا على من يتعلق بها من أولاد وخدم.

(٢) أي في وجوب الحداد بين الصغيرة والكبيرة والمسلمة والذمية والمدخول بها وغيرها ، والحائل والحامل والمتمتع بها والدائم لإطلاق أدلة الحداد المتقدمة ، وعن السرائر للحلي والمختلف للعلامة وجماعة عدم ثبوت الحداد في الصغيرة ، لأن الحداد حكم شرعي وتكليف سمعي لا يثبت إلا في حق البالغ ، والمشهور على التعميم لأنه يجب على وليها أن يجنبها ما تجتنبه الكبيرة.

وعلى المشهور أيضا اختصاص ذلك بالحرة المتوفي عنها زوجها لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن الأمة والحرة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة ، إلا أن الحرة تحدّ والأمة لا تحد) (١).

وعن الشيخ في المبسوط والحلي في السرائر وسلار وأبي الصلاح وابن حمزة إيجاب الحداد على الأمة كالحرة للنبوي (لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا) (٢) وهو مطلق كإطلاق بعض الأخبار المتقدمة.

وفيه : أنه مطلق ويقيّد بصحيح زرارة المتقدم.

(٣) وهو قوله في المبسوط ، مع أنه في النهاية وافق المشهور على التفصيل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب العدد حديث ٩ ، وسنن البيهقي ج ٧ ص ٤٣٧ ، وسنن ابن ماجه ج ١ ص ٦٧٤ رقم الحديث ٢٠٨٦.


السند (١) أنه (٢) عام ، وذاك (٣) خاص فيجب التوفيق بينهما بتخصيص العام ، ولا حداد على غير الزوج مطلقا (٤) ، وفي الحديث (٥) دلالة عليه (٦) ، بل مقتضاه (٧) أنه (٨) محرّم.

والأولى حمله (٩) على المبالغة في النفي والكراهة.

______________________________________________________

(١) إذ هو مرسل.

(٢) أي النبوي.

(٣) أي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٤) من أقارب الزوجة لا في الثلاثة ولا فيما زاد.

(٥) أي النبوي.

(٦) أي على عدم وجوب الحداد على غير الزوج.

(٧) أي مقتضى النبوي.

(٨) أي الحداد على غير الزوج في غير الثلاث ، وأما في الثلاث فهناك تصريح بالجواز.

(٩) أي حمل النبوي في الحداد على غير الزوج فوق الثلاث قال في المسالك : (لا يجب الحداد على غير الزوج من الأقارب ، ولا يحرم سواء زاد على ثلاثة أيام أم لا ، للأصل ، وحرّم بعض العامة الحداد على غير الزوج زيادة على ثلاثة أيام لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ثم ذكر النبوي المتقدم ـ ويمكن أن يستدل به على كراهية ما زاد على الثلاثة للتساهل في أدلة الكراهة كالسنة ، بخلاف التحريم لتوقفه على ثبوت الخبر) انتهى ، هذا ولا حداد على أقارب الميت وبناته ولا إمائه وإن كنّ موطوءات أو أمهات أولاد له ، للأصل ، بعد جعل وجوب الحداد في الأخبار على خصوص زوجته.

ثم لو مات الزوج بعد الطلاق الرجعي فتعتد المطلقة حرة كانت أو أمة عدة الوفاة بلا خلاف فيه ، لأنها زوجة ما دامت في العدة فتشملها أدلة عدة الوفاة ، ولجملة من الأخبار.

منها : صحيح جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام (في رجل طلّق امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة ، ثم مات عنها؟ قال عليه‌السلام : تعتد بأبعد الأجلين أربعة أشهر وعشرا) (١) وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (أيّما امرأة طلقت ثم توفي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ولم تحرم عليه ، فإنها ترثه ثم تعتدّ عدة المتوفى عنها زوجها) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب العدد حديث ٥ و ٣.


(والمفقود إذا جهل خبره (١)

______________________________________________________

وأما لو كان الطلاق بائنا كالطلاق الخلعي فمات في العدة أتمت عدة الطلاق فقط ولا تعتد عدة الوفاة بلا خلاف فيه ، لأنها أجنبية عنه فضلا عن ظهور الأخبار المتقدمة بالمطلقة الرجعية حيث قال عليه‌السلام في صحيح ابن قيس المتقدم (قبل أن تنقضي عدتها ولم تحرم عليه) ومفهومه لو حرمت عليه فلا تعتد عدة الوفاة.

نعم ورد في خبر علي بن إبراهيم عن بعض أصحابنا (في المطلقة البائنة إذا توفي عنها زوجها وهي في عدتها قال : تعتدّ بأبعد الأجلين) (١) ولضعف سنده وإعراض المشهور عنه لا يعتمد عليه ، ثم إن الحداد في عدة الوفاة واجب مستقل بحيث لو أخلت به ولو عمدا إلى أن انقضت العدة حلّت للأزواج ولكن هي آثمة بترك الحداد كما عليه المشهور وهو الظاهر من أدلة الحداد ، وعن أبي الصلاح وغيره الحكم ببطلان العدة في الإخلال العمدي بالحداد ويجب الاستئناف ، وردّ بأنه لا دليل على شرطية الحداد في عدة الوفاة.

ثم يختص الحداد بعدة الوفاة وأما في عدة الطلاق فلا يجب بلا خلاف فيه ، بل يستحب للمطلقة الرجعية التزين من أجل تشويق زوجها للأخبار.

منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المطلقة تعتدّ في بيتها وتظهر له زينتها لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) (٢) ، وخبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المطلقة تكتحل وتختضب وتطيب وتلبس ما شاءت من الثياب ، لأن الله عزوجل يقول : لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، لعلها أن تقع في نفسه فيراجعها) (٣) ومثلها غيرها.

نعم ورد وجوب الحداد في عدة الطلاق في خبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن علي عليه‌السلام (المطلقة تحدّ كما تحدّ المتوفى عنها زوجها ، ولا تكتحل ولا تطيب ، ولا تختضب ولا تمتشط) (٤) ، ولا ريب في ضعف سنده فلا يصلح لمعارضة ما تقدم ، وقد حمله الشيخ على البائنة استحبابا ، وهو محمول على ما لو كان تزينها لسوء لخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام (سألته عن المطلقة لها أن تكتحل وتختضب أو تلبس ثوبا مصبوغا؟ قال : لا بأس إذا فعلته من غير سوء) (٥).

(١) اعلم أن الغائب إذا علمت حياته فهو كالحاضر ، وإن علم موته اعتدت زوجته منه عدة وفاة ، وإن جهل خبره وكان له ولي ينفق عليها أو كان للزوج مال يمكن الإنفاق منه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب العدد حديث ٦.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٢ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب العدد حديث ٦.


.................................................................................................

______________________________________________________

عليها فلا خيار لها وإن أرادت ما تريد النساء وطالت المدة عليها فهي حينئذ مبتلاة فلتصبر بلا خلاف فيه لأصالة بقاء عصمة النكاح ، وللأخبار.

منها : صحيح الحلبي (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن المفقود؟ فقال عليه‌السلام : المفقود إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب فيها فإن لم يوجد له أثر ، أمر الوالي وليّه أن ينفق عليها ، فما أنفق عليها فهي امرأته.

قلت : فإنها تقول فإني أريد ما تريد النساء؟ قال عليه‌السلام : ليس ذلك لها ، ولا كرامة ، فإن لم ينفق عليها وليّه أو وكيله أمره أن يطلّقها فكان ذلك عليها طلاقا واجبا) (١).

وصحيح بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المفقود كيف يصنع بامرأته؟ فقال : ما سكتت عنه وصبرت فخل عنها ، وإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين ثم يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه فليسأل عنه ، فإن خبّر عنه بحياة صبرت ، وإن لم يخبر عنه بحياة حتى تمضي أربع سنين دعا ولي الزوج المفقود ، فقيل له : هل للمفقود مال ، فإن كان للمفقود مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته ، وإن لم يكن له مال ، قيل للولي : انفق عليها ، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوج ما أنفق عليها ، وإن أبى أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلق تطليقة في استقبال العدة وهي طاهر فيصير طلاق الولي طلاق الزوج ، فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلّقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته وهي عنده على تطليقتين ، وإن انقضت العدة قبل أن يجي‌ء ويراجع فقد حلّت للأزواج ولا سبيل للأول عليها) (٢).

قال الصدوق : وفي رواية أخرى : (أنه إذا لم يكن للزوج ولي طلّقها الوالي ويشهد شاهدين عدلين فيكون طلاق الوالي طلاق الزوج ، وتعتدّ أربعة أشهر وعشرا ثم تتزوج إن شاءت) (٣).

وصحيح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في امرأة غاب عنها زوجها أربع سنين ولم ينفق عليها ولم تدر أحي هو أم ميت ، أيجبر وليّه عن أن يطلّقها؟ قال عليه‌السلام : نعم ، وإن لم يكن له ولي طلقها السلطان قلت : فإن قال الولي : أنا أنفق عليها ، قال عليه‌السلام : فلا يجبر على طلاقها ، قلت : أرأيت أن قالت أنا أريد مثل ما تريد النساء ولا أصبر ولا أقعد كما أنا؟

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٤ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

قال عليه‌السلام : ليس لها ذلك ولا كرامة إذا أنفق عليها) (١) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن عليا عليه‌السلام قال في المفقود : لا تتزوج امرأته حتى يبلغها موته أو طلاق أو لحوق بأهل الشرك) (٢) ، وموثق سماعة (سألته عن المفقود؟ فقال : إن علمت أنه في أرض فهي منتظرة له أبدا حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاق ، وإن لم تعلم أين هو في الأرض ولم يأتها منه كتاب ولا خبر تأتي الإمام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين فيطلب في الأرض ، فإن لم يوجد له خبر حتى يمضي الأربع سنين أمرها أن تعتدّ أربعة أشهر وعشرا ، ثم تحلّ للأزواج ، فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدتها فليس له عليها رجعة ، وإن قدم وهي في عدتها أربعة أشهر وعشرا فهو أملك برجعتها) (٣) إلى غير ذلك من النصوص.

ومقتضى هذه الأخبار أنه إذا أنفق عليها من ماله أو أنفق عليها وكيله أو وليّه فيجب عليها الصبر ، نعم لو أنفق عليها متبرع أجنبي فلا يجب عليها الصبر ولها الخيار لإطلاق الأخبار المتقدمة فما في المسالك والروضة والجواهر والرياض من أنه إذا أنفق عليها متبرع فلا خيار لها ليس في محله.

هذا من جهة ومن جهة أخرى يتوقف الطلاق والاعتداد على رفع أمرها إلى الحاكم ولو مضت لها مائة سنة فلو لم ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فلا طلاق ولا عدة بل تبقى على حكم الزوجية.

ومن جهة ثالثة أن الفحص في زمن الأربع لا بدّ أن يكون للحاكم ، وأن مبدأ الأربع سنين المضروبة من حين رفع الأمر إلى الحاكم كما هو ظاهر أو صريح الأخبار.

ومن جهة رابعة فلا تبين بدون طلاق كما عليه المشهور ، غايته أن طلاقها بيد الولي ولو لم يفعل طلّقها الوالي ، وعن ظاهر الشيخين وابن البراج والحلي والمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد كفاية أمر الحاكم لها بالاعتداد من دون طلاق ، لأن خبر سماعة ومرسل الصدوق المتقدمين قد صرحا بأن العدة أربعة أشهر وعشرا ، وهي عدة وفاة وهي غير محتاجة إلى الطلاق ، وفيه : أن في مرسل الصدوق الجمع بين الطلاق وبين كونها أربعة أشهر وعشرا فضلا عن التصريح بالطلاق في صحاح الحلبي وبريد والكناني المتقدمة. ومن جهة خامسة قد اتفق الجميع إلا من ندر أن العدة عدة وفاة ، والمخالف

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث ٢.


وكان لزوجته من ينفق (١) عليها(وجب عليها التربص) إلى أن يحضر ، أو تثبت وفاته ، أو ما يقوم مقامها (٢) (وإن لم يكن له (٣) ولي ينفق عليها) ولا متبرع (٤) ، فإن صبرت فلا كلام وإن رفعت أمرها إلى الحاكم بحث عن أمره(وطلب أربع سنين) من حين رفع أمرها إليه في الجهة التي فقد فيها إن كانت معينة ، وإلا ففي الجهات الأربع حيث يحتمل الأربع ، (ثم يطلقها الحاكم) بنفسه ، أو يأمر الولي به.

والأجود تقديم أمر الولي به (٥) فإن امتنع طلق الحاكم ، لأنه (٦) مدلول الأخبار الصحيحة (٧) (بعدها) أي بعد المدة ، ورجوع الرسل ، أو ما في حكمه (٨).

(وعند) بعده (٩) (والمشهور) بين الأصحاب(أنها تعتد عدة الوفاة) ، وفي خبر سماعة دلالة عليه (١٠) ، لأنه (١١) لم يذكر الطلاق وقال : «بعد مضي أربع سنين أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا» وباقي الأخبار مطلقة (١٢) ، إلا أن ظاهرها (١٣) أن العدة عدة الطلاق حيث حكم فيها (١٤) بأنه يطلقها ، ثم تعتد ، وفي حسنة

______________________________________________________

غير معلوم ، غايته على القول المشهور القاضي بالطلاق تكون العدة عدة طلاق بمقدار عدة الوفاة ، ويكون لهذا الطلاق خصوصية من ناحية تضمنه معنى الوفاة فلذا كانت عدته مخصوصة من أنها بمقدار عدة الوفاة ، وهذا ما يقتضيه الجمع بين الأخبار.

(١) من وكيل للزوج أو ولي.

(٢) أي مقام الوفاة من الارتداد واللحوق بأهل الشرك كما في خبر السكوني المتقدم.

(٣) للمفقود.

(٤) قد عرفت ضعفه.

(٥) بالطلاق.

(٦) أي تطليق الحاكم بعد امتناع الولي المأمور بالطلاق.

(٧) وهي صحاح بريد والحلبي والكناني المتقدمة.

(٨) أي حكم رجوع الرسل من أجوبة الرسائل.

(٩) أي بعد الطلاق.

(١٠) على أنها تعتد عدة الوفاة.

(١١) أي خبر سماعة.

(١٢) من ناحية العدة.

(١٣) أي ظاهر الأخبار الباقية.

(١٤) في الأخبار الباقية.


بريد (١) دلالة عليه (٢) ، لأنه (٣) قال فيها : «فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها فبدا له أن يراجعها فهي امرأته (٤) ، وهي عنده على تطليقتين وإن انقضت العدة قبل أن يجي‌ء ويراجع فقد حلت للأزواج ولا سبيل للأول عليها» وفي الرواية دلالة على أنه إذا جاء في العدة لا يصير أحق بها إلا مع الرجعة (٥) ، فلو لم يرجع بانت منه.

ووجهه (٦) أن ذلك (٧) لازم حكم الطلاق الصحيح ، وإنما نسب المصنف القول (٨) إلى الشهرة لضعف مستنده (٩).

وتظهر الفائدة (١٠) في المقدار (١١) والحداد (١٢) والنفقة (١٣) (وتباح) بعد العدة

______________________________________________________

(١) بل هي صحيحة على ما في الكافي ، لأن إبراهيم بن هاشم الوارد في سندها من شيوخ الإجازة ، وهذا ما يغني عن التوثيق.

(٢) على أن العدة عدة طلاق.

(٣) أي لأن المعصوم عليه‌السلام.

(٤) ولا رجعة إلا في عدة الطلاق.

(٥) لقوله عليه‌السلام : (فبدا له أن يراجعها فهي امرأته).

(٦) أي وجه كون المفقود لا يصير بها إلا مع الرجعة.

(٧) أي لابدية الرجعة ليصير أحق بها وإلا فقد بانت منه.

(٨) من أنها تعتد عدة الوفاة بعد الطلاق.

(٩) وهو خبر سماعة ومرسل الصدوق ، والثاني ضعيف بالإرسال والأول بسماعة حيث هو واقفي ، والراوي عنه زرعة فكذلك واقفي ، ولكن لا بد من القول بالطلاق وأن عدته عدة وفاة كما هو قضية الجمع بين الأخبار لخصوصية هذا الطلاق المتضمن للحكم بوفاة الزوج ، وهذا قاض بخصوصية عدته من أنها عدة وفاة.

(١٠) بين المشهور من كون عدتها عدة وفاة وبين عدتها عدة طلاق أعني ثلاثة أطهار كما هو ظاهر بعض النصوص على ما تقدم بيانه في الروضة ، وإلا فقد عرفت اتفاق الجميع إلا من ندر ولم يعرف المخالف على أن عدتها عدة طلاق بمقدار عدة الوفاة.

(١١) أي مقدار العدة.

(١٢) فيجب في عدة الوفاة دون عدة الطلاق.

(١٣) فتجب في عدة الطلاق دون عدة الوفاة ، هذا وبناء على أنها عدة طلاق بمقدار عدة الوفاة فتجب النفقة دون الحداد.


(للأزواج) ، لدلالة الأخبار عليه (١) ، ولأن ذلك (٢) هو فائدة الطلاق(فإن جاء) المفقود(في العدة فهو أملك بها) وإن حكم بكونها (٣) عدة وفاة بائنة ، للنص (٤) (وإلا) يجي‌ء في العدة(فلا سبيل له عليها) سواء وجدها قد(تزوجت) بغيره ، (أو لا) أما مع تزويجها فموضع وفاق وأما بدونه (٥) فهو أصح القولين ، وفي الرواية السابقة (٦) دلالة عليه ، ولأن حكم الشارع بالبينونة بمنزلة الطلاق (٧) ، فكيف مع الطلاق (٨) ، والحكم بالتسلط (٩) بعد قطع السلطنة (١٠) يحتاج إلى دليل وهو منفي.

ووجه الجواز (١١) بطلان ظن وفاته (١٢) فيبطل ما يترتب عليه (١٣). وهو متجه إن لم نوجب طلاقها بعد البحث ، أما معه (١٤) فلا (١٥).

______________________________________________________

(١) على أنها تباح للأزواج بعد العدة.

(٢) أي إباحتها للأزواج بعد العدة.

(٣) أي بكون العدة.

(٤) وهو خبر سماعة ومرسل الصدوق المتقدمين.

(٥) أي بدون التزويج فلا سبيل له عليها لخبر سماعة وصحيح بريد المتقدمين ، وهذا هو المشهور.

وعن الشيخ في النهاية والخلاف وفخر المحققين أنه أولى بها كما لو جاء بالعدة ، وادعى الشيخ أن به رواية ، وقال في

المسالك : (لم نقف عليها بعد التتبع التام ، وكذا قال جماعة ممن سبقنا) انتهى.

(٦) أي صحيح بريد.

(٧) بناء على عدم الاحتياج إلى الطلاق وإنما يكتفي بأمر الحاكم بالاعتداد كما عن ظاهر الشيخين وابن البراج والحلي وجماعة كما تقدم.

(٨) الذي هو قول المشهور.

(٩) أي بتسلط المفقود لو رجع على المرأة.

(١٠) عند الطلاق وانقضاء العدة.

(١١) أي جواز رجوع المفقود إلى المرأة بعد انقضاء العدة.

(١٢) ويبطل هذا الظن برجوعه.

(١٣) من أمر الحاكم بالاعتداد فضلا عن دعوى الشيخ لوجود رواية به كما تقدم.

(١٤) مع الطلاق كما هو قول المشهور.

(١٥) هذا واعلم أن الحكم المذكور في أصل المسألة مختص بالزوجة الدائمة دون التمتع بها ، لتصريح الأخبار المتقدمة بطلاقها والإنفاق عليها ، وهما مختصان بالدائمة ، نعم لا فرق


(وعلى الإمام أن ينفق عليها من بيت المال طول المدة) أي مدة الغيبة إن صبرت ، ومدة البحث إن لم تصبر (١) ، هذا إذا لم يكن له (٢) مال ، وإلا انفق الحاكم منه (٣) مقدما على بيت المال.

(ولو أعتقت الأمة في أثناء العدة أكملت عدة الحرة (٤) إن كان الطلاق رجعيا ، أو عدة وفاة (٥)

______________________________________________________

بين الحرة والأمة في ذلك ، كما لا فرق في الزوج بين الحر والعبد ، واعلم أن الحكم المذكور مختص بالزوجة دون الميراث ونحوه مما يترتب على موته ، وعليه لا بدّ من الانتظار في قسمة ماله إلى انتهاء عمره الطبيعي بحسب العادة كما ذكر في باب الميراث لحرمة القياس عندنا ، بعد اختصاص الأخبار المتقدمة بالزوجة فقط.

(١) لأن بيت المال معدّ لمصالح المسلمين وهذا منه.

(٢) للمفقود.

(٣) من مال المفقود كما في صحيح بريد المتقدم.

(٤) قد تقدم أن عدة الطلاق في الأمة طهران على المشهور ، وعليه فلو أعتقت ثم طلّقت فعدتها عدة الحرة ثلاثة أطهار ، بلا خلاف ولا إشكال ضرورة كونها حرة مطلقة فتندرج في أدلتها.

ولو طلّقت طلاقا رجعيا ثم أعتقت في العدة أكملت عدة الحرة ، ولو كانت بائنا ثم أعتقت أكملت عدة الأمة بلا خلاف في ذلك للجمع بين الأخبار ، ففي صحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في أمة كانت تحت رجل فطلّقها ثم أعتقت قال : تعتد عدة الحرة) (١) ، وفي خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا طلق الرجل المملوكة فاعتدت بعض عدتها منه ثم أعتقت فإنها تعتد عدة المملوكة) (٢) ، بحمل الأول على الرجعي والثاني على البائن بشهادة خبر أبي أيوب الخراز عن مهزم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في أمة تحت حر طلقها على طهر بغير جماع تطليقة ، ثم أعتقت بعد ما طلقها بثلاثين يوما ولم تنقض عدتها ، فقال : إذا أعتقت قبل أن تنقضي عدتها اعتدت عدة الحرة من اليوم الذي طلّقها وله عليها الرجعة قبل انقضاء العدة ، فإن طلّقها تطليقتين واحدة بعد واحدة ثم أعتقت قبل انقضاء عدتها فلا رجعة له عليها ، وعدتها عدة الإماء) (٣).

(٥) بحيث كانت في عدة وفاة زوجها فأعتقها مولاها فعليها عدة الحرة أربعة أشهر وعشرة

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب العدد حديث ٣ و ٤ و ٢.


أما الأول (١) فلأنها (٢) في حكم الزوجة وقد اعتقت (٣) وأما الثاني (٤) فلرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥) ، ولو كان (٦) بائنا أتمت عدة الأمة ، للحكم بها (٧) ابتداء (٨) ، وصيرورتها (٩) بعد العتق (١٠) أجنبية منه فلا يقدح عتقها في العدة (١١).

(والذمية كالحرة في الطلاق ، والوفاة على الأشهر (١٢) بل لا نعلم القائل

______________________________________________________

أيام ، بلا خلاف فيه لصحيح جميل وهشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في أمة طلّقت ثم أعتقت قبل أن تنقضي عدتها ، قال : تعتدّ بثلاث حيض ، فإن مات عنها زوجها ثم أعتقت قبل أن تنقضي عدتها فإن عدتها أربعة أشهر وعشرا) (١).

ويمكن الاستدلال بخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل اعتق وليدة عند الموت فقال : عدتها عدة الحرة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا) (٢) ، بحمل كلامه (عند الموت) أي بعد موت زوجها ، وهذا ما استدل به الشارح هنا ، ولكن ظاهرها أنه عند موت سيدها.

(١) وهو ما لو كان الطلاق رجعيا.

(٢) أي الأمة المطلقة.

(٣) فهو مثل كما أعتقت زوجته ثم طلقها فعليها عدة الحرة ، وفيه : أنه لا يخرجها عن كونها أمة قد طلّقت فيجب لها عدة الأمة ولو بالاستصحاب إلى ما بعد العتق ، فالمتعين الاستدلال بالجمع بين الأخبار كما تقدم.

(٤) ما لو كانت في عدة وفاة زوجها فأعتقها مولاها.

(٥) قد عرفت ضعف الاستدلال به فلا نعيد.

(٦) أي الطلاق.

(٧) أي بعدة الأمة.

(٨) وهذا الحكم جار في الطلاق الرجعي أيضا ، ولذا أشكلنا به سابقا ، نعم التفريق بينهما للجمع بين الأخبار.

(٩) أي صيرورة الأمة.

(١٠) والظاهر هو القول قبل العتق من حين الطلاق.

(١١) أي عدة الأمة.

(١٢) عدة الذمية الحرة كعدة المسلمة الحرة بلا خلاف فيه ، نعم نسب الفاضل إلى بعض

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب العدد حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب العدد حديث ٦.


بخلافه ، نعم روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن نصرانية كانت تحت نصراني فطلقها هل عليها عدة مثل عدة المسلمة فقال : لا ، إلى قوله : قلت فما عدتها إن أراد المسلم أن يتزوجها قال : «عدتها عدة الأمة حيضتان ، أو خمسة وأربعون يوما» الحديث. والعمل على المشهور ، وتظهر فائدة الخلاف (١) لو جعلنا عدة الأمة في الوفاة نصف عدة الحرة كما سلف (٢) ، ولو جعلناها (٣) كالحرة فلا إشكال هنا في عدة الوفاة للذمية (٤) ، ويبقى الكلام مع الطلاق (٥).

(وتعتد أم الولد من وفاة زوجها (٦) لو كان مولاها قد زوجها من غيره بعد

______________________________________________________

الأصحاب الخلاف ولم يعرف المخالف كما اعترف بذلك غير واحد.

لإطلاق أدلة العدد المتناولة للمسلمة والذمية ، ولخصوص صحيح السراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : النصرانية مات عنها زوجها وهو نصراني ، ما عدتها؟ قال : عدة الحرة المسلمة أربعة أشهر وعشرا) (١).

نعم في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن نصرانية كانت تحت نصراني فطلّقها هل عليها عدة من مثل عدة المسلمة؟ فقال : لا) (٢) وهي شاذة لا عامل بها ، على أنه يمكن حملها على أنها مملوكة فلا تعارض كما قاله البعض ، وفيه أن ذيلها ظاهر في كونها حرة حيث قال (فما عدتها إن أراد المسلم أن يتزوجها قال : عدتها عدة الأمة حيضتان أو خمسة وأربعون يوما) (٣).

(١) بين المشهور وصحيح زرارة.

(٢) فعدة الحرة أربعة أشهر وعشرة وعدة الأمة شهران وخمسة أيام.

(٣) أي عدة الأمة في الوفاة.

(٤) من كون عدتها أربعة أشهر وعشرا سواء كان عدتها كعدة الحرة أو كعدة الأمة بعد تساويهما في العدة.

(٥) حيث عدة الحرة في الطلاق ثلاثة أطهار ، وعدة الأمة في الطلاق طهران.

(٦) قد تقدم أن عدة الأمة لو توفي عنها زوجها شهران وخمسة أيام على المشهور هذا إذا كانت حائلا ، وأما لو كانت حاملا فأبعد الأجلين.

وأما لو كانت الأمة أم ولد من سيدها وقد زوجها من الغير فتوفي زوجها فتعتد عدة

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب العدد حديث ١.


أن صارت أم ولده ، (أو من وفاة سيدها) لو لم يكن حين وفاته مزوّجا لها(عدة الحرة) لرواية إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه‌السلام في الأمة يموت سيدها قال : «تعتد عدة المتوفى عنها زوجها».

وقيل : لا عدة عليها من وفاة سيدها ، لأنها ليست زوجة كغيرها من إمائه الموطوءات من غير ولد ، فإن عدتهن من وفاة المولى الواطئ قرء واحد (١).

وهذا القول (٢) ليس ببعيد لمن لم يعمل بالخبر الموثق فإن خبر إسحاق

______________________________________________________

الحرة سواء كان للزوج ولد منها أم لا على الأشهر لصحيح وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل كانت له أم ولد فزوجها من رجل فأولدها غلاما ، ثم إن الرجل مات فرجعت إلى سيدها ، أله أن يطأها؟ قال عليه‌السلام : تعتدّ من الزوج أربعة أشهر وعشرا ثم يطأها بالملك بغير نكاح) (١) ومثله صحيح سليمان بن خالد (٢).

وعن المفيد وسلّار وابن أبي عقيل وابن الجنيد أن عدتها شهران وخمسة أيام مطلقا لإطلاق أدلة عدة الأمة المتوفى عنها زوجها ، والتي تقدم بعضها في أول فصل العدد كصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (طلاق العبد للأمة تطليقتان ـ إلى أن قال ـ وإن مات عنها زوجها فأجلها نصف الحرة شهران وخمسة أيام) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم وجميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأمة إذا توفي عنها زوجها فعدتها شهران وخمسة أيام) (٤).

هذا كله إذا كان الميت الزوج وهو غير المولى ، فلو كان الميت مولاها وهي أم ولد منه ولم تكن مزوجة من غيره فتعتد عدة الحرة من موت المولى كما عن الشيخ في المبسوط والحلبي والحلي وابن حمزة والعلامة في موضع من التحرير والشهيد هنا في اللمعة بل نسب إلى المشهور ، واستدل له العلامة في المختلف بموثقة إسحاق بن عمار (سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الأمة يموت سيدها ، قال : تعتدّ عدة المتوفى عنها زوجها) (٥).

وعن ابن إدريس عدم العدة عليها من موت مولاها ، لأنها ليست بزوجة وحكم العدة مختص بالزوجة بل تستبرئ بحيضة كغيرها من الإماء المنتقلة من مالك إلى آخر ، ونفى عنه البأس العلامة في المختلف ، وجزم به في موضع من التحرير.

(١) أي حيضة كما سيأتي.

(٢) من أنه لا عدة عليها من وفاة سيدها.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ٣ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ١٠ و ٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب العدد حديث ٤.


كذلك (١) ، والأجود الأول (٢) ، ولو مات سيدها وهي مزوجة من غيره فلا عدة عليها قطعا ولا استبراء (٣) ، وكذا لو مات سيدها قبل انقضاء عدتها (٤) أما لو مات بعدها (٥) وقبل دخوله (٦) ففي اعتدادها (٧) منه (٨) أو استبرائها (٩) نظر (١٠). من إطلاق النص (١١) باعتداد أم الولد من سيدها. وانتفاء (١٢) حكمة العدة والاستبراء ، لعدم الدخول (١٣).

______________________________________________________

(١) أي موثق ، لأن إسحاق بن عمار ثقة فطحي.

(٢) وهو أنها تعتد عدة الحرة من وفاة سيدها إذا كانت أم ولد.

(٣) بلا خلاف فيه ، لصحيح داود الرقي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المدبرة إذا مات مولاها : إن عدتها أربعة أشهر وعشرا من يوم يموت سيدها إذا كان سيدها يطأها) (١).

فهي وإن كانت واردة في المدبرة إلا أنها تدل على الحكم في مفروض مسألتنا بالفحوى ، لأن الأمة مع حريتها إذا كانت مدبرة لا تعتد بالأربعة أشهر وعشرا عند عدم وطء المالك لها فالأولى أن لا تعتد بهذه المدة مع رقيتها هذا كله في العدة ، وأما الاستبراء فهو مخصوص بنقلها من مالك إلى آخر يطأها ، وهو مفقود في المقام لأنها مزوجة وإن نقلت من مالك إلى آخر ، إلا أنه لا يصح للثاني وطؤها إلا بعد فسخ عقدها.

(٤) أي قبل انقضاء عدتها من وفاة زوجها ، ودليله عدم وطء السيد لها الموجب لعدم العدة منه كما تقدم في الفرع السابق.

(٥) أي لو مات السيد بعد انقضاء عدة الوفاة من زوجها.

(٦) أي دخول السيد.

(٧) أي اعتداد أم الولد.

(٨) من المولى كما هو القول المشهور في الفرع المتقدم.

(٩) بحيضة ولا عدة لها لأنها ليست بزوجة كما هو القول الآخر المقابل للمشهور.

(١٠) فالتنظير للاعتداد والاستبراء معا.

(١١) أي النص الدال على عدة الوفاة لسيدها وعدة الاستبراء بحيضة ، وهو دليل الاعتداد أو الاستبراء.

(١٢) دليل عدم الاعتداد وعدم الاستبراء.

(١٣) أي عدم دخول المولى بعد انقضاء عدتها من وفاة سيدها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب العدد حديث ٧.


وسقوط حكم السابق (١) بتوسط التزويج(ولو اعتق السيد أمته) الموطوءة (٢) سواء كانت أم ولد أم لا(فثلاثة اقراء) لوطئه إن كانت من ذوات الحيض ، وإلا (٣) فثلاثة أشهر (٤).

(ويجب الاستبراء) للأمة (٥)

______________________________________________________

(١) أي حكم الدخول السابق من المولى.

(٢) منه.

(٣) أي وإن لم تكن ذوات الحيض ومثلها يحيض.

(٤) على المشهور للأخبار.

منها : صحيح داود الرقي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث (قيل له : فالرجل يعتق مملوكته قبل موته بيوم أو ساعة ثم يموت فقال : فهذه تعتدّ بثلاث حيض أو ثلاثة قروء من يوم أعتقها سيدها) (١) ، وصحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يعتق سريّته أيصلح أن يتزوجها بغير عدة؟ قال : نعم ، قلت : فغيره؟ قال : لا حتى تعتدّ ثلاثة أشهر) (٢) بحمل الأول على ذوات الحيض والثاني على غيرها ، ويشهد لهذا الجمع موثق أبي بصير عنه عليه‌السلام (إن أعتق الرجل جاريته ثم أراد أن يتزوجها مكانه فلا بأس ، ولا تعتدّ من مائه وإن أرادت أن تتزوج من غيره فلها مثل عدة الحرة) (٣).

وعن ابن ادريس أوجب عليها الاستبراء بحيضة ، لأن العدة مختصة بالزوجة المطلقة ، والمعتقة ليست كذلك ، والنصوص المتقدمة حجة عليه.

(٥) قد تقدم في كتاب البيع في فصل بيع الحيوان من وجوب استبراء الأمة بحيضة عند بيعها بلا خلاف فيه للأخبار وقد تقدم بعضها كموثق سماعة (سألته عن رجل اشترى جارية وهي طامث أيستبرئ رحمها بحيضة أخرى أم تكفيه هذه الحيضة ، قال : لا بل تكفيه هذه الحيضة ، فإن استبرأها بأخرى فلا بأس ، وهي بمنزلة فضل) (٤).

والاستبراء إذا كان المالك الأول قد وطأها وإلا فلا يجب لصحيح حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل يشتري الأمة من رجل فيقول : إني لم أطأها ، فقال : إن وثق به فلا بأس أن يأتيها) (٥).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب العدد حديث ٧ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.


(بحدوث الملك) (١) على المتملك (٢) ، (وزواله) على الناقل (٣) بأي وجه كان من وجوه الملك إن كان قد وطئ(بحيضة) واحدة(إن كانت تحيض ، أو بخمسة وأربعين يوما إذا كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض).

والمراد بالاستبراء ترك وطئها قبلا ودبرا في المدة المذكورة ، دون غيره من وجوه الاستمتاع (٤) ، وقد تقدم البحث في ذلك مستوفى ، وما يسقط معه الاستبراء

______________________________________________________

والمشهور على عدم اختصاص الاستبراء بالبيع ، بل كل من ملك أمة بوجه من وجوه التملك من بيع أو هبة أو إرث أو صلح أو استرقاق أو غير ذلك وجب عليه استبراؤها خلافا لابن إدريس حيث خصّه بالبيع فقط للأصل ، وهو ضعيف لأن ذكر البيع في النصوص المتقدمة من باب المثال حيث هو الغالب في أسباب التملك ولخبر الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (نادى منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الناس يوم أوطاس : أن استبرءوا سباياكم بحيضة) (١).

(١) من بيع أو هبة أو إرث أو استرقاق أو غيره.

(٢) اسم فاعل فعند حدوث الملك يجب الاستبراء على المملّك.

(٣) أي ويجب الاستبراء على الناقل عند زوال الملك ، والمعنى يجب الاستبراء على الناقل والمنقول إليه معا لكنه إذا أخبر الناقل بالاستبراء سقط عن المنقول إليه.

أما الحكم الأول فللأخبار.

منها : موثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الاستبراء على الذي يبيع الجارية واجب إن كان يطأها ، وعلى الذي يشتريها الاستبراء أيضا) (٢).

وأما الحكم الثاني فكذلك للأخبار.

منها : مرسل المفيد في المقنعة (روي أنه لا بأس أن يطأ الجارية من غير استبراء لها إذا كان بايعها قد أخبره بالاستبراء وكان صادقا في ظاهره مأمونا) (٣) ، والفقه الرضوي (فإن كان البائع ثقة وذكر أنه استبرأها جاز نكاحها من وقتها ، وإن لم يكن ثقة استبرأها المشتري بحيضة) (٤).

(٤) على المشهور وخالف الشيخ في المبسوط وحكم بحرمة جميع الاستمتاع في زمن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٦.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب بيع الحيوان حديث ٤.


في باب البيع (١) فلا حاجة إلى الإعادة في الإفادة.

الفصل الرابع في الأحكام

(يجب الانفاق) على الزوجة(في العدة الرجعية (٢) مع عدم نشوزها قبل)

______________________________________________________

الاستبراء ، وشمول ترك الوطء للدبر كما عن المحقق الكركي وجماعة ، وعن المحقق وجماعة اختصاصه بالفرج فقط ، وقد تقدم كل ذلك مستوفى في فصل الحيوان من كتاب البيع فراجع.

(١) ويسقط الاستبراء عند إخبار البائع الثقة بالاستبراء ، وإذا كانت الأمة لامرأة ، أو تكون الأمة يائسة أو صغيرة أو حائضا.

(٢) بلا خلاف فيه ولا إشكال للأخبار.

منها : صحيح سعد بن أبي خلف (سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام عن شي‌ء من الطلاق فقال عليه‌السلام : إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها ، وملكت نفسها ولا سبيل له عليها ، وتعتدّ حيث شاءت ولا نفقة لها.

قلت : أليس الله يقول : لا تخرجوهنّ من بيوتهن ولا يخرجن ، قال : إنما عنى بذلك التي تطلّق تطليقة بعد تطليقة ، فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتى تطلّق الثالثة ، فإذا طلّقت الثالثة فقد بانت منه ولا نفقة لها ، والمرأة التي يطلّقها الرجل تطليقة ثم يدعها حتى يخلو أجلها فهذه أيضا تقعد في منزل زوجها ولها النفقة والسكنى حتى تنقضي عدتها) (١) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (المطلّقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها ، إنما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة) (٢) ومثلها غيرها.

ومنها تعرف عدم النفقة للمطلقة البائن إذا كانت حائلا ، وأما إذا كانت حاملا فتجب النفقة حتى تضع لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولٰاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّٰى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (٣) ، وللأخبار.

منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يطلق امرأته وهي حبلى قال : أجلها أن تضع حملها وعليه نفقتها حتى تضع حملها) (٤) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (الحامل أجلها أن تضع حملها وعليه نفقتها بالمعروف حتى تضع

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب النفقات حديث ١ و ٢.

(٣) سورة الطلاق ، الآية : ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب النفقات حديث ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

(حملها)) (١) ومثلها غيرها.

وقد اختلفوا في أن النفقة هل هي للحمل كما عليه الأكثر ، لأن النفقة هنا تدور مدار الحمل ، لأنها لو كانت حائلا فلا نفقة لها ، ولما وجبت النفقة بوجود الحمل وسقطت بعدمه دل على أن النفقة للحمل.

أو النفقة للأم كما عليه ابن حمزة وجماعة لأن النفقة لو كانت للحمل لوجبت نفقته دون نفقتها مع أن الأخبار المتقدمة قد صرحت بنفقتها ، وأيضا لو كانت النفقة للحمل لوجبت على الجد مع فقر الأب كما لو كان الحمل منفصلا لأنه من الأقارب ، وأيضا لو كانت النفقة للحمل لسقطت إذا كان الحمل موسرا بإرث أو وصية قد قبلها وليّه لأنها من نفقة الأقارب حينئذ مع أنهم لا يلتزمون ، وأيضا لو كانت النفقة للحمل لكانت نفقة للأقارب وهي غير مقدّرة بحال الزوج بخلاف نفقة الزوجة فإنها مقدرة بحال الزوجة.

هذا كله في المعتدّة عدة طلاق ، وأما المعتدة عدة وفاة فلا نفقة لها إذا لم تكن حاملا بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة المتوفى عنها زوجها هل لها نفقة؟ فقال عليه‌السلام : لا) (٢) ولا يعارضها إلا صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من ماله) (٣) ، وهو مطروح أو مؤوّل على ما سيأتي.

وأما إذا كانت حاملا فعلى قولين ، فعن ابن أبي عقيل والمفيد والمحقق وابن إدريس والعلامة وسائر المتأخرين أنه لا نفقة لها لإطلاق خبر زرارة المتقدم ، ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الحبلى المتوفى عنها زوجها أنه لا نفقة لها) (٤) ، ولخبر الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها هل لها نفقة؟ قال : لا) (٥) ومثلها غيرها.

وعن مشهور المتقدمين وجوب الإنفاق عليها من مال الحمل لصحيح أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها) (٦).

وفيه أنه لا ينافي عدم النفقة من مال زوجها المتوفى ، فالطائفة الأولى تصرح بعدم النفقة

__________________

(١) المصدر السابق حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب النفقات حديث ٣ و ٤ و ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب النفقات حديث ١.


(الطلاق (١) ، وفي زمن العدة (٢) كما كان (٣) في صلب النكاح (٤) شروطا (٥) وكمية وكيفية (٦) (ويحرم عليها الخروج من منزل الطلاق (٧) وهو المنزل الذي طلقت وهي

______________________________________________________

لها من مال الميت ، وإن كان لها النفقة من مال ولدها كما هو صريح صحيح الكناني ، وعليه لا تعارض ، وبهذا جمع الشيخ ، وعلى مال الولد يحمل صحيح محمد بن مسلم المتقدم الذي قلنا أنه مؤوّل بما سيأتي.

ثم إن الرجعية لها النفقة في زمن العدة على ما تقدم وهي بحكم الزوجة ، فيعتبر فيما يجب لها ما يعتبر في الزوجة ، فلو كانت ناشزة لا تستحق النفقة ولا السكنى في العدة كما لا تستحقها في صلب النكاح لتعديها.

ثم الحكم في الرجعية بلا فرق بين المسلمة والذمية لإطلاق الأدلة.

(١) بحيث لو كانت ناشزة قبل الطلاق وقد بقيت على نشوزها إلى ما بعده فلا نفقة لها ولا سكنى.

(٢) أي عدم نشوزها في زمن العدة بحيث لو نشزت في زمن العدة بأن خرجت من مسكنها بغير إذنه فتسقط نفقتها وسكناها ، نعم لو عادت إلى الطاعة عاد الاستحقاق بحاله ، لارتفاع المانع.

(٣) أي الإنفاق.

(٤) حال كونها زوجة قبل الطلاق.

(٥) حيث هو مشروط بعدم النشوز.

(٦) على ما هو مفصل في باب النفقات من كتاب النكاح.

(٧) لا خلاف ولا إشكال في استحقاق المطلقة الرجعية للسكنى في زمن عدتها ، سواء كانت حاملا أم حائلا لقوله تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١) ، وللأخبار.

منها : صحيح سعد بن أبي خلف (إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها وملكت نفسها ، ولا سبيل له عليها ، وتعتد حيث شاءت ولا نفقة لها.

قلت : أليس الله عزوجل يقول : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ، فقال عليه‌السلام : إنما عنى بذلك التي تطلّق تطليقة بعد تطليقة فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتى تطلق الثالثة) (٢) الحديث وقد تقدم بتمامه سابقا وموثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب العدد حديث ١.


فيه إذا كان مسكن أمثالها وإن لم يكن (١) مسكنها (٢) الأول ، فإن كان (٣) دون حقها فلها طلب المناسب ، أو فوقه (٤) فله ذلك (٥) وإنما يحرم الخروج مع الاختيار (٦).

______________________________________________________

(عن المطلقة أين تعتدّ؟ فقال : في بيت زوجها) (١) ، وخبر أبي الصباح الكناني عنه عليه‌السلام (تعتد المطلقة في بيتها ولا ينبغي للزوج إخراجها ولا تخرج هي) (٢) ومثلها غيرها.

هذا والإسكان جزء من النفقة الواجبة للمطلقة الرجعية ، ولكن خصّ الإسكان بالكلام للأمر فيه بخصوصه في الآية المتقدمة هذا من جهة ومن جهة أخرى فوجوب إسكانها من حيث كونه جزءا من النفقة مشروط باستحقاقها للنفقة ، فلو كانت ناشزا فلا سكنى لها كما لا نفقة لها ، ومن جهة ثالثة إضافة الآية المتقدمة البيت إلى الزوجة بقوله تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) ، والإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة وقد صحت الإضافة هنا بملابسة السكنى ، وأضاف الماتن البيت إلى الطلاق باعتبار وقوعه فيه ، وإلا فهو بيت للزوج وعلى المطلقة البقاء فيه لحرمة خروجها من بيته إلا بإذنه.

(١) أي منزل الطلاق.

(٢) أي المسكن الذي كانت تسكنه قبل الطلاق.

(٣) أي منزل الطلاق.

(٤) أي كان منزل الطلاق فوق المناسب لها.

(٥) أي فللزوج إخراجها إلى المناسب.

(٦) لا إشكال ولا خلاف في حرمة خروجها من منزل الطلاق في زمن العدة للآية المتقدمة وكذا الأخبار المتقدمة ، نعم مع الاضطرار فيجوز لها الخروج بلا خلاف فيه لمكاتبة الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام (في امرأة طلقها زوجها ولم يجر عليها النفقة للعدة ، وهي محتاجة ، هل يجوز لها أن تخرج وتبيت عن منزلها للعمل أو الحاجة؟ فوقّع عليه‌السلام : لا بأس بذلك إذا علم الله الصحة منها) (٣).

ومنه يعلم أن المدار على مقدار ما تتأدى به الضرورة كما عن صاحب الجواهر وجماعة ، وعن الأشهر كما في الرياض فلو اضطرت للخروج فلتخرج بعد انتصاف الليل وتعود قبل الفجر لموثق سماعة بن مهران (سألته عن المطلقة أين تعتدّ؟ قال : في بيتها لا تخرج ، وإن أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل ولا تخرج نهارا ، وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها) (٤) وهو محمول على ما لو تأدت الضرورة بذلك.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العدد حديث ٤ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب العدد حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب العدد حديث ١.


ولا فرق بين منزل الحضرية والبدوية (١) البرية والبحرية ، ولو اضطرت إليه (٢) لحاجة خرجت بعد انتصاف الليل وعادت قبل الفجر مع تأديها (٣) بذلك ، وإلا خرجت بحسب الضرورة ، ولا فرق في تحريم الخروج بين اتفاقهما (٤) عليه وعدمه على الأقوى (٥) ،

______________________________________________________

(١) منزل البدوية من صوف وشعر كمنزل الحضرية من حجر وطين ، ولا فرق في أن البدوية تعتد في المنزل الذي طلقت فيه كما تعتد الحضرية في المنزل الذي طلّقت فيه ، ثم لو طلقها وهي في السفينة ولم تكن السفينة مسكنا لها بأن كانت مسافرة مثلا فيسكنها حيث شاء كغيرها من المسافرات إلى أن يعود من السفر فيسكنها في بيته ، ولو كانت السفينة مسكنا لها بأن كان زوجها ملاحا اعتدت فيها ، لأن السفينة حينئذ بيتها بمنزلة الدار للحضرية والخيمة للبدوية ، وهذه الأخيرة هي التي عبّر الشارح عنها بالبدوية البحرية.

(٢) إلى الخروج.

(٣) أي تأدي الحاجة.

(٤) أي اتفاق المطلق والمطلقة.

(٥) لا خلاف في أنه كما لا يجوز لها الخروج من بيته اختيارا فلا يجوز له إخراجها من بيته للآية الشريفة : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ) (١).

بل لا يجوز الخروج ولو اتفقا عليه كما عليه الأكثر ، بل يمنعهما الحاكم من ذلك ، لأن عدم الخروج من البيت حق لله تعالى وهذا مدلول الآية المتقدمة حيث حرّمت الخروج على كل منهما ، بل في الكشاف للزمخشري إنما جمع بين النهيين ليشعر بأن لا يأذنوا وليس لإذنهم أثر.

وعن جماعة جواز الخروج لو اتفقا عليه منهم الفضل بن شاذان وأبو الصلاح الحلبي والعلامة في التحرير وقواه صاحب الجواهر ، لأن عدم الخروج حق للزوج ، لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض) (٢) ، وخبر أبي العباس (لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض) (٣) ، وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المطلقة تحج في عدتها إن طابت نفس

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العدد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب العدد حديث ٧.


لأن ذلك (١) من حق الله تعالى ، وقد قال تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ) (٢) بخلاف زمن الزوجية فإن الحق لهما ، واستقرب في التحرير جوازه بإذنه (٣) وهو بعيد.

ولو لم تكن حال الطلاق في مسكن وجب العود إليه على الفور (٤) إلا أن تكون في واجب كحج فتتمه كما يجوز لها ابتداؤه (٥) ،

______________________________________________________

زوجها) (١).

ولذا نقل عن الفضل بن شاذان (أن معنى الخروج والإخراج ليس هو أن تخرج المرأة إلى أبيها أو تخرج في حاجة لها أو في حق بإذن زوجها ، مثل مأتم وما أشبه ذلك ، وإنما الخروج والإخراج أن تخرج مراغمة ويخرجها مراغمة فهذا الذي نهى الله عنه ـ إلى أن قال ـ إن أصحاب الأثر وأصحاب الرأي وأصحاب التشيع قد رخّصوا لها في الخروج الذي ليس على السخط والرغم ، وأجمعوا على ذلك) (٢).

(١) أي عدم خروجها من بيتها.

(٢) سورة الطلاق ، الآية : ١.

(٣) أي جواز خروجها بإذن المطلق.

(٤) بناء على أن عدم الخروج حق لله فلا يجوز الخروج ولو اتفقا عليه كما عليه الأكثر على ما تقدم ، وقد عرفت جواز الخروج بإذنه ، فلو طلقها في حال السفر فلا يجب العود إليه فورا ، نعم لو عاد وجب عليه إسكانها في بيته.

(٥) أي ابتداء سفر الحج ، قد تقدم عدم جواز خروجها من بيته بغير إذنه إلا للضرورة ، فلا تخرج في الحج المندوب بدون إذنه لعدم الضرورة بلا خلاف فيه ويشهد له خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المطلقة تحج في عدتها إن طابت نفس زوجها) (٣) ، وموثق سماعة بن مهران (وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها) (٤) ، بعد تقييد الثاني بدون إذن الزوج للجمع بين الخبرين ، وبعد تقييدهما بالحج المندوب والموسع ، لأن حج الواجب المضيق سواء كان حج الإسلام أو المنذور فتخرج ولو بدون إذنه ، لأنه من

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٢) فروع الكافي ج ٦ ص ٩٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب العدد حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب العدد حديث ١.


ولو كانت (١) في سفر مباح ، أو مندوب ففي وجوب العود (٢) إن أمكن إدراكها (٣) جزء من العدة أو مطلقا (٤) ، أو تتخير بينه (٥) ، وبين الاعتداد في السفر أوجه من إطلاق (٦) النهي عن الخروج من بيتها فيجب عليها تحصيل الكون به (٧) ، ومن عدم (٨) صدق النهي هنا (٩) لأنها غير مستوطنة (١٠) ، وللمشقة (١١) في العود ، وانتفاء الفائدة (١٢) حيث لا تدرك جزء من العدة ، كل ذلك مع إمكان الرجوع ، وعدم الضرورة إلى عدمه (١٣).

(و) كما يحرم عليها الخروج(يحرم عليه الإخراج) ، لتعلق النهي بهما في الآية(إلا أن تأتي بفاحشة) مبينة (١٤) (يجب بها الحد ، أو تؤذي أهله) بالقول ، أو

______________________________________________________

الضرورة ، كما أنها تخرج في كل واجب مضيق أيضا بلا خلاف في ذلك كله.

(١) أي المطلقة حال الطلاق ، وهذا التفريع مبني على عدم جواز الخروج ولو اتفقا معا لأنه حق لله تعالى ، وقد عرفت ضعفه.

(٢) إلى المسكن.

(٣) أي إدراك المطلقة لجزء من العدة في المسكن.

(٤) فيجب العود أدركت أم لا.

(٥) بين العود.

(٦) دليل لوجوب العود سواء أدركت أو لا.

(٧) أي بالبيت ، لأنه كما أن الأمر بالشي‌ء يقتضي النهي عن ضده ، فكذلك النهي عن الشي‌ء يقتضي الأمر بضده.

(٨) دليل عدم وجوب العود ، بل تتخير بينه وبين الاعتداد في السفر.

(٩) فيما لو كان الطلاق حال السفر.

(١٠) والنهي مختص بالمستوطنة بالبيت ليصح توجيه الخطاب لها بعدم الخروج منه.

(١١) دليل ثان على عدم وجوب العود.

(١٢) دليل ثالث على عدم وجوب العود.

(١٣) أي عدم الرجوع ، وإلا فمع الضرورة للرجوع فيجب ، أو عدم الضرورة إلى عدم السفر وإلا فمع الضرورة للسفر فلا يجب العود عليها.

(١٤) لا خلاف في ذلك لقوله تعالى : (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١).

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ١.


الفعل فتخرج في الأول (١) لإقامته ثم ترد إليه عاجلا (٢) ، وفي الثاني (٣) تخرج إلى مسكن آخر (٤) يناسب حالها من غير عود (٥) إن لم تتب ، وإلا (٦) فوجهان أجودهما جواز ابقائها في الثاني (٧)

______________________________________________________

وإنما الخلاف في المراد من الفاحشة المبينة ، فقيل ما يجب به الحد ، لأنه هو المتبادر من الفاحشة عرفا.

وقيل وهو المشهور هي أعم من ذلك ، وأدناه أن تؤذي أهله ، وهو المروي عن ابن عباس في تفسير الآية كما في المسالك ، وفي مجمع البيان هو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (١) ، وهو الذي يقتضيه الجمع بين الأخبار ، ففي مرسل الصدوق (سئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، قال : إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد) (٢) وفي خبر محمد بن علي بن جعفر (سأل المأمون الرضا عن ذلك فقال : يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها ، فإذا فعلت فإن شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل) (٣) ، ومرسل إبراهيم بن هاشم عن الرضا عليه‌السلام (في قوله عزوجل : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، قال : أذاها لأهل زوجها وسوء خلقها) (٤) ، ومرسل علي بن أسباط عن الرضا عليه‌السلام قال : (الفاحشة أن تؤذي أهل زوجها وتسبّهم) (٥).

فإذا تقرر ذلك فتخرج لإقامة الحد ثم تعاد إلى المسكن بعد الفراغ وقوفا فيما خالف الأصل على محل الضرورة ، وقيل : لا يجب ردها إليه ، لأن إخراجها مستثنى من النهي فوجوب ردها محتاج إلى دليل.

ولو خرجت لاذى أهل زوجها فيجب على الزوج نقلها إلى منزل آخر مناسب لها ، ويراعي الأقرب إلى مسكن العدة فالأقرب.

(١) أي للحد.

(٢) اقتصارا على ما خالف الأصل على محل الضرورة.

(٣) أي لأذية أهله.

(٤) بحيث يلاحظ فيه الأقرب إلى مسكن العدة فالأقرب.

(٥) أي من غير إعادتها إليه ثانيا.

(٦) بأن تابت.

(٧) أي في البيت الثاني.

__________________

(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٠٤.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب العدد حديث ٣ و ٢ و ١ و ٦.


للإذن في الإخراج (١) معها (٢) مطلقا (٣) ، ولعدم الوثوق بتوبتها ، لنقصان عقلها ودينها.

نعم يجوز الرد (٤) فإن استمرت عليها (٥) وإلا أخرجت وهكذا.

واعلم أن تفسير الفاحشة في العبارة (٦) بالأول (٧) هو ظاهر (٨) الآية ، ومدلولها لغة ما هو أعم منه (٩) ، وأما الثاني (١٠) ففيه روايتان مرسلتان (١١) والآية غير ظاهرة فيه (١٢) ، لكنه مشهور بين الأصحاب ، وتردد في المختلف لما ذكرناه (١٣) وله وجه.

(ويجب الانفاق) في العدة(الرجعية على الأمة (١٤) كما يجب على الحرة(إذا)

______________________________________________________

(١) أي إخراجها من البيت الأول.

(٢) مع أذية أهله.

(٣) تابت أو لا.

(٤) أي يجوز الرد إلى البيت الأول بعد توبتها.

(٥) على التوبة.

(٦) أي عبارة الماتن.

(٧) وهو ما أوجب الحد.

(٨) أي الظاهر عرفا.

(٩) من الظاهر العرفي.

(١٠) وهو أذية أهله.

(١١) وهما مرسل إبراهيم بن هاشم ومرسل ابن أسباط المتقدمين.

(١٢) في الثاني.

(١٣) من عدم ظهور الآية فيه بعد كون دليله ضعيف السند بالإرسال.

(١٤) قد تقدم في فصل النفقات من كتاب النكاح أن نفقة العبد على سيده ، وتقدم في كتاب النكاح أن شرط النفقة هو التمكين التام ، وتقدم أن التمكين التام هو التمكين في كل وقت وزمان ، ولازم ما تقدم أن نفقة الأمة على مولاها ، إلا إذا أمكّن المولى الزوج منها ليلا ونهارا ، فتكون النفقة على زوجها.

أن قلت : إنه قد تقدم في فصل عقد الإماء أنه يجوز للمولى منع الأمة نهارا لحق الخدمة وتمكين الزوج منها ليلا ، ولازمه أن يكون التمكين بالنسبة إليها هو التمكين ليلا فقط ويلزم به النفقة.


(أرسلها مولاها ليلا ونهارا) ليتحقق به (١) تمام التمكين كما يشترط ذلك (٢) في وجوب الانفاق عليها (٣) قبل الطلاق ، فلو منعها (٤) ليلا ، أو نهارا ، أو بعض واحد (٥) منهما فلا نفقة لها ولا سكنى ، لكن لا يحرم عليه (٦) إمساكها نهارا للخدمة وإن توقفت عليه (٧) النفقة ، وإنما يجب عليه (٨) إرسالها ليلا وكذا الحكم قبل الطلاق (٩).

(ولا نفقة للبائن) طلاقها(إلا أن تكون حاملا (١٠) فتجب لها (١١) النفقة والسكنى حتى تضع لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولٰاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّٰى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١٢) ولا شبهة في كون النفقة بسبب الحمل ، لكن هل هي له أولها قولان (١٣)

______________________________________________________

قلت : جواز منع الأمة نهارا لحق خدمته لا ينافي عدم النفقة لها بسبب انتفاء التمكين التام المفسّر بأنه التمكين كل حين في كل مكان ، وظاهرهم عدم الخلاف فيه ، بل ادعى الإجماع سيد الرياض عليه. هذا كله في الأمة المزوجة ومثله في المطلقة الرجعية ، لأنها بحكم الزوجة.

(١) بالإرسال ليلا ونهارا.

(٢) من الإرسال ليلا ونهارا.

(٣) على الأمة.

(٤) أي منع المولى إرسالها.

(٥) أي بعض الليل أو بعض النهار.

(٦) على المولى.

(٧) أي على الإمساك نهارا بحيث مع الإمساك لا نفقة.

(٨) على المولى.

(٩) من عدم حرمة إمساكها نهارا وإن وجب عليه إرسالها ليلا ، ولكن لا نفقة مع الإمساك النهاري لعدم تحقق التمكين التام.

(١٠) قد تقدم البحث في أنه لا نفقة للبائن الحائل ، وتقدم البحث في ثبوت النفقة للبائن الحامل.

(١١) للحامل البائن.

(١٢) سورة الطلاق ، الآية : ٦.

(١٣) تقدم عرضهما في أول هذا الفصل والمشهور على أنها للحمل ، وعن ابن حمزة أنها للحامل. وتبعه عليه جماعة.


أشهرهما الأول (١) للدوران (٢) وجودا وعدما (٣) كالزوجية.

ووجه الثاني (٤) أنها (٥) لو كانت للولد (٦) لسقطت عن الأب بيساره (٧) كما لو ورث (٨) أخاه لأبيه ، وأبوه قاتل لا يرث ، ولا وارث غير الحمل (٩) ، ولوجبت (١٠) على الجد مع فقر الأب (١١) ، لكن التالي فيهما (١٢) باطل فالمقدم (١٣) مثله (١٤).

وأجيب بمنع البطلان فيهما (١٥).

______________________________________________________

(١) بأن النفقة للحمل.

(٢) أي دوران النفقة للحمل.

(٣) فمع وجود الحمل تجب النفقة ومع عدمه لا تجب ، وبهذا نستكشف أن النفقة للحمل ، كما استكشفنا أن النفقة للزوجية ، لأن المرأة قبل عقد النكاح لا تجب نفقتها وبعد العقد تجب فنستكشف أن النفقة من أجل كونها زوجة.

(٤) أي أن النفقة للحامل وليس للحمل.

(٥) أي النفقة.

(٦) أي للحمل لكانت من نفقة الأقارب ، وهذه النفقة تسقط مع يسار المنفق عليه.

(٧) أي يسار الحمل.

(٨) أي الحمل.

(٩) أو أوصى إليه بشي‌ء وقبل أبوه بها.

(١٠) أي نفقة الحمل.

(١١) لأن نفقة الأقارب تثبت على الأبعد مع فقر الأقرب ، على ما تقدم بيانه في باب النفقات من كتاب النكاح.

(١٢) في هاتين الصورتين ، والتالي هو سقوطها عن الأب بسبب يسار الحمل ، وثبوتها على الجد مع فقر الأب.

(١٣) أي المقدم في هاتين الصورتين ، والمقدم هو كون النفقة للحمل فتكون من نفقة الأقارب.

(١٤) أي مثل التالي في البطلان.

(١٥) أي في تالي الصورتين السابقتين ، بحيث نلتزم بسقوط النفقة عن الأب مع يسار الحمل ، ونلتزم بثبوت النفقة على الجد مع فقر الأب ، هذا وقال سيد الرياض : (واستند الجانبان إلى اعتبارات واهية ربما استشكل التمسك بها في إثبات الأحكام الشرعية ، ولكن بعضها المتعلق بالثاني ـ أي بالحمل ـ قوية معتضدة بالشهرة المحكية فالمصير إليه لا يخلو من قوة) انتهى.


وتظهر فائدة القولين (١) في مواضع ،

منها : إذا تزوج الحرّ أمة شرط مولاها رق الولد وجوزناه (٢).

وفي العبد (٣) إذا تزوج أمة أو حرة وشرط مولاه (٤) الانفراد برق الولد (٥) ، فإن جعلناها (٦) للحمل (٧) فلا نفقة على الزوج (٨) ، أما في الأول (٩) فلأنه (١٠) ملك لغيره (١١) وأما في الثاني (١٢) فلأن العبد لا يجب عليه نفقة أقاربه (١٣) ، وإن جعلناها (١٤) للحامل (١٥) ،

______________________________________________________

(١) من أن النفقة للحمل أو للحامل.

(٢) أي وقلنا بجواز هذا الشرط في الشريعة ، وإلا قد تقدم أن الولد يلحق باشرف أبويه من ناحية الإسلام والحرية ، والأب هنا حر فالولد مثله في الحرية ، والثمرة بأنه لا نفقة على الزوج الحر على القول المشهور القاضي بكون النفقة للحمل وأنها نفقة الأقارب ، لأن نفقة الرقيق على مولاه ، بخلاف ما إذا قلنا أن النفقة للحامل فالنفقة على الزوج حينئذ.

(٣) أي وتظهر فائدة القولين في العبد.

(٤) أي مولى العبد.

(٥) وجوزنا هذا الشرط إذا تزوج العبد من الحرة ، والثمرة بأنه لا نفقة على الزوج العبد على المشهور من كون النفقة للحمل ، لأن الولد حينئذ ملك للمولى فنفقته عليه ، والحمل وإن كان ابنا للعبد الزوج ، إلا أن العبد لا تجب عليه نفقة أقاربه.

وعلى القول الآخر من كون النفقة للحامل فالنفقة على الزوج العبد غايته تكون في ذمة المولى أو في كسب العبد على الخلاف المتقدم في كتاب النكاح.

(٦) أي النفقة.

(٧) كما هو المشهور.

(٨) في الصورتين السابقتين ، حرا كان أو عبدا.

(٩) أي في صورة ما لو تزوج الحر أمة.

(١٠) أي الحمل.

(١١) أي ملك لغير الزوج ، وهو ملك لمولى الأمة ، ونفقة العبد على مولاه.

(١٢) أي في صورة ما لو تزوج العبد على أمة أو حرة.

(١٣) والحمل من جملة أقاربه ، لأنه ابنه ، بل نفقته هنا على مولاه.

(١٤) أي النفقة.

(١٥) كما عليه ابن حمزة وجماعة.


وجبت (١) ، وهو (٢) في الأول (٣) ظاهر وفي الثاني (٤) في كسب العبد ، أو ذمة مولاه على الخلاف.

وتظهر الفائدة (٥) أيضا فيما لو كان النكاح فاسدا والزوج حرا فمن جعل النفقة لها (٦) نفاها هنا ، إذ لا نفقة للمعتدة عن غير نكاح له حرمة ، ومن جعلها (٧) للحمل (٨) فعليه (٩) ، لأنها نفقة ولده.

(ولو انهدم المسكن (١٠) الذي طلقت فيه(أو كان مستعارا فرجع مالكه) في العارية ، (أو مستأجرا انقضت مدته أخرجها إلى مسكن يناسبها) ويجب تحري الأقرب إلى المنتقل عنه فالأقرب اقتصارا على موضع الضرورة ، وظاهره (١١) كغيره أنه لا يجب تجديد استئجاره ثانيا وإن أمكن (١٢) ،

______________________________________________________

(١) أي وجبت النفقة على الزوج.

(٢) أي وجوب الإنفاق.

(٣) ما لو كان الزوج حرا.

(٤) أي ما لو كان الزوج عبدا.

(٥) أي فائدة القولين.

(٦) للحامل كما هو قول غير المشهور.

(٧) أي جعل النفقة.

(٨) كما هو القول المشهور.

(٩) أي فالنفقة على الزوج الحر.

(١٠) قد عرفت أن المطلقة مأمورة بملازمة مسكن الطلاق مع الاختيار ، فلو انهدم مسكن الطلاق على نحو لا يقبل الإصلاح جاز إخراجها منه إلى غيره ، وكذا لو كان مسكن الطلاق مستعارا وقد رجع به المعير ، أو مستأجرا فانقضت المدة.

ولكن في المستعار والمستأجر يجب على الزوج أن يطلبه من المالك ولو بأجرة توصلا إلى تحصيل الواجب من إسكانها في مسكن الطلاق بدون إخراج ، فإن امتنع المالك أو طلب أكثر من أجرة المثل نقلها المطلق إلى مسكن آخر ، كما في المسالك.

وإذا جاز له إخراجها إلى مسكن غيره ، فعليه تحري الأقرب فالأقرب اقتصارا في الإخراج على محل الضرورة كما عن المبسوط والتحرير وغيرهما.

(١١) أي ظاهر الماتن كغيره من الفقهاء.

(١٢) أي الاستئجار.


وليس ببعيد وجوبه (١) مع إمكانه (٢) ، تحصيلا للواجب (٣) بحسب الإمكان وقد قطع في التحرير بوجوب تحري الأقرب ، وهو الظاهر فتحصيل نفسه (٤) أولى (٥).

(وكذا لو طلقت في مسكن لا يناسبها أخرجها إلى مسكن مناسب (٦) متحريا للأقرب فالأقرب كما ذكر (٧) (ولو مات فورث المسكن جماعة لم يكن لهم قسمته (٨) حيث ينافي القسمة سكناها ، لسبق حقها (٩) إلا مع انقضاء عدتها.

(هذا إذا كانت حاملا وقلنا لها السكنى) مع موته كما هو أحد القولين (١٠)

______________________________________________________

(١) أي وجوب استئجاره.

(٢) أي مع إمكان الاستئجار عند عدم تمنع المالك من ذلك.

(٣) وهو إسكان المطلقة في مسكن الطلاق بدون إخراج.

(٤) أي نفس مسكن الطلاق ولو بتجديد استئجاره مع الإمكان.

(٥) وكذا استئجار البيت الذي كان مستعارا بعد رجوع مالكه في العارية.

(٦) فلو كان مسكن الطلاق دون مستحقها وكانت راضية به حال الزوجية لم يجب عليها الرضا بعد الطلاق ، بل لها المطالبة بمسكن يليق بها ، لاستصحاب جواز المطالبة الثابت لها قبل الطلاق.

(٧) اقتصارا في الإخراج على محل الضرورة.

(٨) قد تقدم أنه لا نفقة للمعتدة عدة وفاة إذا كانت حائلا بالاتفاق ، وكذا لا نفقة لها إذا كانت حاملا على المشهور بين المتأخرين وعليه فلو طلقها وأسكنها في منزل الطلاق لأنها معتدة بالطلاق الرجعي ، ثم مات في أثناء العدة ، فتنقلب عدتها إلى عدة وفاة فإذا كانت حاملا فلا يجوز للورثة قسمة هذا المنزل ، لأن في قسمته ضررا عليها بعد كون النفقة ، ومنها السكنى ، ثابتة للمعتدة عدة الوفاة وهي حامل كما عليه مشهور المتقدمين.

وعلى مبنى مشهور المتأخرين من أن المعتدة عدة وفاة لا سكن ولا نفقة لها وإن كانت حاملا فللورثة قسمة المسكن ، لأنه مالهم بعد كون الإنسان مسلّطا على ماله.

وعن الشيخ إطلاق عدم جواز قسمتهم للمسكن إلا بإذنها أو بعد انقضاء عدتها ، لأنها استحقت السكنى فيه على صفة وهي المطلقة الرجعية قبل موت الزوج فالحق لها لأنها أسبق.

وفيه : أنه لا ينطبق على شي‌ء من أصولنا بعد انقلاب عدتها إلى عدة وفاة ، فالواجب بناء جواز القسمة وعدمه على ثبوت النفقة والسكنى لها إذا كانت حاملا أو لا.

(٩) إشارة إلى دليل الشيخ.

(١٠) وهو قول مشهور المتقدمين.


في المسألة. وأشهر الروايتين أنه لا نفقة للمتوفى عنها ولا سكنى مطلقا (١) فيبطل حقها من المسكن ، وجمع في المختلف بين الأخبار (٢) بوجوب نفقتها من مال الولد لا من مال المتوفي(وإلا) تكن حاملا أو قلنا : لا سكنى للحامل المتوفى عنها (٣) (جازت القسمة) ، لعدم المانع منها (٤) حينئذ (٥) (وتعتد زوجة الحاضر من حين السبب) الموجب للعدة (٦) من طلاق أو فسخ وإن لم تعلم به(وزوجة الغائب في الوفاة من حين بلوغ الخبر بموته(٧)

______________________________________________________

(١) سواء كانت حاملا أم لا ، وهو قول المشهور بين المتأخرين.

(٢) أي أخبار المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا وقد تقدم الكلام فيه.

(٣) وإن كانت حاملا كما هو مشهور المتأخرين.

(٤) من القسمة.

(٥) أي حين عدم حملها على قول مشهور المتقدمين ، أو حين القول بعدم النفقة لها وإن كانت حاملا كما هو قول مشهور المتأخرين.

(٦) عدة الطلاق تبدأ من زمن وقوع الطلاق وإن لم تعلم الزوجة به على المشهور للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا طلّق الرجل وهو غائب فليشهد على ذلك ، فإذا مضى ثلاثة أقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدتها) (١) ، وصحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية كلهم عن أبي جعفر عليه‌السلام (أنه قال في الغائب إذا طلّق امرأته : فإنها تعتد من اليوم الذي طلّقها) (٢).

وهذه الأخبار هي الحجة على أبي الصلاح الحلبي حيث ذهب إلى زمن عدة الطلاق من حين بلوغ خبره إلى الزوجة بدعوى أن العدة عبادة محتاجة إلى النية ، ولا تتأتى منها النية إلا عند بلوغ الخبر.

(٧) تبدأ عدة الوفاة من حين بلوغ الخبر إلى الزوجة على المشهور للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في رجل يموت وتحته امرأة وهو غائب؟ قال عليه‌السلام : تعتدّ من يوم يبلغها وفاته) (٣) ، وصحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام (أنه قال في الغائب عنها زوجها إذا توفي قال : المتوفى عنها تعتدّ من يوم يأتيها الخبر ، لأنها تحدّ عليه) (٤) ، وصحيح البزنطي عن

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب العدد حديث ١ و ٣.


وإن لم يثبت (١) شرعا ، لكن لا يجوز لها التزويج إلا بعد ثبوته (٢) (وفي الطلاق من حين الطلاق).

والفرق مع النص ثبوت الحداد على المتوفى عنها ، ولا يتم إلا مع بلوغها الخبر بموته ، بخلاف الطلاق (٣) ، فعلى هذا (٤) لو لم يبلغها الطلاق إلا بعد مضي مقدار العدة جاز لها التزويج بعد ثبوته (٥) ، بخلاف المتوفى عنها.

______________________________________________________

أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (المتوفى عنها زوجها تعتدّ من يوم يبلغها ، لأنها تريد أن تحدّ عليه) (١) ومثلها كثير ، ومقتضى الأخبار أن عدتها من حين بلوغ الخبر وإن لم يكن الخبر بالبينة الشرعية. وعن ابن الجنيد أنها تعتد من حين الموت إن قامت البينة الشرعية ، وإلا فمع فقد البينة تعتد من حين بلوغ الخبر إليها لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك؟ فقال : إذا كانت حبلى فأجلها أن تضع حملها ، وإن كانت ليست بحبلى فقد مضت عدتها إذا قامت لها البينة أنه مات في يوم كذا وكذا ، وإن لم يكن لها بينة فلتعتد من يوم سمعت) (٢) بل ذهب إلى ذلك في المطلقة أيضا لخبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من المطلقة يطلقها زوجها ولا تعلم إلا بعد سنة ، والمتوفى عنها زوجها ولا تعلم بموته إلا بعد سنة؟ قال عليه‌السلام : إن جاء شاهدان عدلان فلا تعتدان ، وإلا تعتدان) (٣) ، وهما لا يصلحان لمعارضة ما تقدم فلا بد من حملهما على التقية.

وعن الشيخ في التهذيب أن المتوفى عنها زوجها تعتد من يوم وفاة الزوج إذا كانت المسافة قريبة ليوم أو يومين أو ثلاثة ، وإلا فمن يوم يبلغها الخبر لصحيح منصور بن حازم (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في المرأة يموت زوجها أو يطلقها وهو غائب قال : إن كانت مسيرة أيام فمن يوم يموت زوجها ، وإن كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر ، لأنها لا بد من أن تحدّ له) (٤) ، وهو أيضا لا يصلح لمعارضة ما تقدم.

(١) أي الموت ، لعدم كون الخبر بينة شرعية.

(٢) أي ثبوت الموت شرعا.

(٣) فالعدة فيه لاستبراء الرحم ، والاستبراء يحصل وإن لم تعلم بطلاقه إذا انقضت عدتها.

(٤) من ثبوت العدة من حين الطلاق وإن لم تعلم.

(٥) أي ثبوت الطلاق عندها.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب العدد حديث ٤ و ١٠ و ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب العدد حديث ١٢.


وقيل : تشتركان (١) في الاعتداد من حين بلوغ الخبر (٢) ، وبه روايات والأشهر الأول ، ولو لم نوجب الحداد على الأمة (٣) فهي كالمطلقة (٤) عملا بالعلة المنصوصة(٥).

______________________________________________________

(١) أي المتوفى عنها زوجها والمطلقة.

(٢) وإلا فمع قيام البينة الشرعية فمن حين الموت أو الطلاق كما عن ابن الجنيد على ما تقدم.

(٣) كما هو المشهور على ما تقدم ، بخلاف من أوجب الحداد على الأمة كالحرة وهو الشيخ في المبسوط والحلي في السرائر وسلّار وأبو الصلاح وابن حمزة.

(٤) من أنها تعتد من حين الوفاة لا من حين بلوغ الخبر ، لأن النصوص المتقدمة أوجبت الاعتداء في الوفاة من حين بلوغ الخبر ، لأنها تحد عليه ، ولا حداد في الأمة فيجب أن تعتد من حين الوفاة حينئذ.

(٥) إلا أن يقال بأنها حكمة وليست بعلة ، فلا تدور الأحكام مدارها وجودا وعدما ، بل لا بد من التمسك بإطلاق الأخبار المتقدمة الشاملة للحرة والأمة من أنها تعتد من حين بلوغ الخبر في عدة الوفاة ولذا قال سيد الرياض : (فجمود الروضة على العلة ونفي العدة عن الأمة وجعلها كالمطلقة لعله ضعيف جدا ، ولذا لم يمل إليه في المسالك أصلا) انتهى.


كتاب الخلع والمباراة



(كتاب الخلع والمباراة (١)

وهو (٢) طلاق بعوض مقصود ، لازم (٣) لجهة الزوج ، ويفترقان بأمور تأتي.

______________________________________________________

(١) الخلع بضم الخاء اسم مصدر من الخلع بفتحها ، وهو النزع ، لأن كلا من الزوجين لباس للآخر ، قال تعالى : (هُنَّ لِبٰاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبٰاسٌ لَهُنَّ) (١) ، فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه.

والمبارأة قد تقلب الهمزة ألفا ، وهي المفارقة ، وكل منهما طلاق بعوض لازم من جهة الزوج ، ويشترط فيهما ما يشترط في الطلاق ، ويشترط فيهما رضاها بالبذل ، ويشترط في الخلع كراهتها له ، ويشترط في المباراة كراهة كل منهما لصاحبه وعدم زيادة العوض على المهر.

وعلى كل فلا خلاف في مشروعيتهما قال الله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٢) هذا وعن الشيخ وتبعه ابن زهرة وأبو الصلاح الحلبي وابن البراج وجوب الخلع عند تحقق موضوعه من كراهية المرأة له مع بذلها العوض ، لأن النهي عن المنكر واجب ، والنهي يتم بهذا الخلع فيجب.

وفيه : منع المقدمة الثانية مع أن الأصل عدم وجوبه ولذا ذهب الأكثر إلى العدم.

(٢) أي كل من الخلع والمبارأة.

(٣) صفة للطلاق.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨٧.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.


والخلع بالضم اسم لذلك (١) مأخوذ منه (٢) بالفتح استعارة من خلع الثوب وهو (٣) نزعه لقوله تعالى : (هُنَّ لِبٰاسٌ لَكُمْ) (وصيغة الخلع (٤) أن يقول الزوج : خلعتك على كذا ، أو أنت مختلعة (٥) على كذا) أو خلعت فلانة أو هي مختلعة على كذا(ثم يتبعه بالطلاق) على الفور فيقول بعد ذلك : فأنت طالق(في القول الأقوى (٦) لرواية موسى بن بكر عن الكاظم عليه‌السلام قال : المختلعة يتبعها بالطلاق ما دامت في العدة».

______________________________________________________

(١) أي للطلاق بعوض مقصود.

(٢) أي مأخوذ من الخلع بالفتح.

(٣) أي خلع الثوب.

(٤) البحث في الخلع إما في الصيغة وإما في الشروط وإما في اللواحق ،.

(٥) لا إشكال عندهم ولا خلاف في وقوع الخلع بصيغة الماضي الصريحة في الإنشاء على ما تقرر في إنشاء العقود والإيقاعات ، وعليه فيقع الخلع بقول الزوج : خلعتك أو خالعتك.

وأما لو أتى بالخلع على نحو الجملة الاسمية كأن يقول : أنت أو فلانة مختلعة ، فظاهرهم الاتفاق عليه هنا وإن توقفوا في الجملة الاسمية في غيره ، لكن قد عرفت صحة الإنشاء بكل لفظ يدل عليه ، ولعل هذا الاتفاق هنا مؤيدا لما ذهبنا إليه.

(٦) ذهب الشيخ وابن زهرة وابن ادريس وهو ما اختاره الشهيد في اللمعة هنا إلى أن الخلع بمجرده لا يقع ما لم يتبع بالطلاق ، ونسب أيضا لجعفر بن سماعة والحسن بن سماعة وعلي بن رباط وابن حذيفة من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام لخبر موسى بن بكر عن العبد الصالح عليه‌السلام (قال علي عليه‌السلام : المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة) (١).

وعن المفيد والصدوق وابن أبي عقيل وسلّار وابن حمزة والعلامة في المختلف والتحرير والشهيد في شرح الإرشاد بل هو المشهور كما صرح بذلك غير واحد أن الخلع يقع بمجرده من دون إتباعه بالطلاق للنصوص الكثيرة.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عدة المختلعة عدة المطلقة ، وخلعها طلاقها وهي تجزي من غير أن يسمّى طلاقا) (٢) ، وصحيح ابن بزيع سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام (عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع ، هل تبين منه بذلك ، أو تكون امرأته ما لم يتبعها بالطلاق؟ فقال عليه‌السلام : تبين منه وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ٤ و ٩ و ٨.


وقيل : يقع بمجرده من غير اتباعه به (١) ، ذهب إليه المرتضى وابن الجنيد وتبعهم العلامة في المختلف والتحرير والمصنف في شرح الارشاد ، لصحيحة محمد بن إسماعيل بن نوح بن بزيع أنه قال للرضا عليه‌السلام : في حديث قد روي لنا أنها لا تبين حتى يتبعها بالطلاق قال : «ليس ذلك إذن خلعا» فقلت : تبين منه قال : «نعم» وغيرها من الأخبار والخبر السابق ضعيف السند مع إمكان حمله على الأفضلية ، ومخالفته لمذهب العامة فيكون أبعد عن التقية مع تسليمه (٢) لا يكفي في المصير إليه (٣) ،

______________________________________________________

قلت : فإنه قد روي لنا أنها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق؟ قال عليه‌السلام : ليس ذلك إذا خلع ، فقلت : تبين منه؟ قال عليه‌السلام : نعم) (١) ، وصحيح سليمان بن خالد (قلت : أرأيت إن هو طلّقها بعد ما خلعها أيجوز عليها؟ فقال : ولم يطلقها وقد كفاه الخلع ، ولو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا) (٢) ومثلها غيرها من النصوص.

وهذه النصوص أكثر عددا وأصح سندا فلا بد من العمل بها ، إلا أن الشيخ قد حملها على التقية لموافقتها للعامة ، وفيه أن موافقة العامة القاضية بالحمل على التقية هي من المرجحات الصدورية ولكن لم يثبت أن العامة قائلون بذلك بل ظاهر صحيح سليمان بن خالد على العكس بحيث قال عليه‌السلام : (ولو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا) ، والغريب حمل هذه النصوص الكثيرة الصحيحة على التقية لأجل خبر واحد وهو خبر موسى بن بكر المتقدم المشتمل على ابن فضال وهو واقفي ، وعلى إبراهيم بن أبي سماك وموسى بن بكر وهما واقفيان ضعيفان ، بالإضافة إلى أن الخبر لا يدل على وجوب إتباع الخلع بالطلاق بلا فصل كما هو مدعى الشيخ ، بل يدل على جواز إيقاع الطلاق في العدة ، فما يدل عليه لا يقولون به ، وما يقولون به لا يدل عليه ، على أنه يمكن حمله على جواز الطلاق في عدة المختلعة إذا رجعت في البذل ثم رجع في العقد ثم يطلقها.

(١) أي من غير إتباع الخلع بالطلاق.

(٢) أي تسليم مخالفته لمذهب العامة ، لأنه لم يعلم أن العامة تقول بعكسه.

(٣) لأنه كما أمرنا بأخذ ما خالف العامة أمرنا بأخذ المشهور بين الأخبار وبما يكون رواية أعدل وأصح ، بناء على التساوي بين المرجحات عند التعارض ، وإلا بناء على تقديم المرجحات الصدورية وهي موافقة الكتاب ومخالفة العامة على المرجحات السندية وهي الترجيح بصفات الراوي لا يأتي هذا الإشكال من الشارح.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ٩ و ٨.


وترك الأخبار الصحيحة ، وهو (١) على ما وصفناه (٢) فالقول الثاني أصح.

ثم إن اعتبرنا إتباعه بالطلاق فلا شبهة في عده طلاقا (٣) ، وعلى القول الآخر هل يكون فسخا ، أو طلاقا قولان أصحهما الثاني ، لدلالة الأخبار الكثيرة عليه (٤) فيعدّ فيها (٥) ، ويفتقر إلى المحلل بعد الثلاث وعلى القولين (٦) لا بد من

______________________________________________________

(١) أي الخبر الأول وهو خبر موسى بن بكر.

(٢) من الضعف.

(٣) أي عدّ الخلع طلاقا على القول المشهور ويدل عليه قوله عليه‌السلام في صحيح الحلبي (وخلعها طلاقا وهي تجزي من غير أن يسمّى طلاقا) (١) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإذا قالت ذلك من غير أن يعلمها حلّ له ما أخذ منها ، وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها ، وكانت بائنا بذلك ، وكان خاطبا من الخطّاب) (٢).

وعلى قول الشيخ أنه فسخ وأحتج له بأن الخلع المذكور فرقة عري عن صريح الطلاق ونيّته فيكون فسخا كسائر الفسوخ ، وفيه أنه اجتهاد في قبال النص المتقدم ، وذهب المشهور إلى أنه طلاق ولو قلنا بأنه فسخ عند تجرده عن الطلاق لهذه النصوص المتقدمة وتظهر الثمرة بين القولين في عدّه من الطلقات الثلاثة المحرمة على قول المشهور ، وعلى قول الشيخ فلا.

(٤) على كون الخلع المجرد عن الطلاق طلاقا.

(٥) أي في الطلقات الثلاث.

(٦) من كون الخلع فسخا أو طلاقا فهو من قبيل المعاوضة بين الزوج والزوجة فهي تبذل العوض في قبال طلاقه إياها ، وهذا يتم بأحد أمرين إما تقدم سؤالها الطلاق بعوض على وجه الإنشاء ، بأن تقول على وجه الإنشاء : بذلت لك كذا على أن تخلعني ، فيقول : خلعتك أو خالعتك على ما بذلت ، وإما أن يبتدئها بالخلع المذكور المتضمن للعوض فتقبل المرأة بعده بلا فصل ينافي المعاوضة ، وبدون ذلك يقع الخلع باطلا ، بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، لأن الخلع من المعاوضات فلا بد من مقارنته للعوض ، ويشعر به الخبر المروي في الكافي عن ابن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (لكل مطلقة متعة إلا المختلعة فإنها اشترت نفسها) (٣) ، وخبر البقباق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المختلعة إن رجعت في شي‌ء من الصلح يقول : لأرجعنّ في بضعك) (٤).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ٤ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب الخلع حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الخلع حديث ٣.


قبول المرأة عقيبه (١) ، بلا فصل معتد به ، أو تقدم سؤالها له قبله (٢) كذلك (٣) (ولو أتى بالطلاق مع العوض (٤) فقال أنت طالق على كذا (٥) مع سبق سؤالها له (٦) ، أو مع قبولها بعده (٧) كذلك (٨) (أغنى عن لفظ الخلع) وأفاد فائدته (٩) ، ولم يفتقر (١٠) إلى ما يفتقر إليه الخلع من كراهتها له خاصة (١١) ، لأنه طلاق بعوض لا خلع.

(وكل ما صح أن يكون مهرا (١٢) من المال المعلوم ، والمنفعة ، والتعليم ،

______________________________________________________

(١) أي عقيب الخلع المقترن بالعوض.

(٢) أي تقدم سؤال المرأة للخلع المقترن بالعوض قبل إنشاء صيغة الخلع من الزوج.

(٣) أي بلا فصل معتدّ به.

(٤) لو وقع الطلاق منه بصيغة : أنت طالق ، مع العوض من قبلها ، في صورة كراهية الزوجية ، فإن قصد معنى الخلع بالصيغة المتقدمة فيقع الخلع بلا إشكال فيه ، لما عرفت من عدم اعتبار لفظ خاص في إنشاء الخلع ، ومن إفراده الطلاق بعوض.

وإن لم يقصد معنى الخلع فهل يقع الطلاق بعوض في صورة كراهية الزوجة خلعا ، فالظاهر كذلك ، لأن حقيقة الخلع هو ذلك من الطلاق بعوض مع كراهية الزوجة ولا يعتبر فيه عنوان آخر قصدي حتى يعتبر قصده ، فقصد الطلاق بعوض في صورة الكراهية المذكورة قصد لعنوان الخلع الذي هو موضوع الحكم فيقع الطلاق بائنا حينئذ ، ومما يدل على ذلك كله الأخبار المتقدمة الصريحة بأن الخلع طلاق.

(٥) أي على كذا من العوض.

(٦) أي مع سبق سؤال المرأة للطلاق بعوض.

(٧) أي مع قبولها بالطلاق بعوض بعد إنشائه.

(٨) أي بلا فصل معتدّ به.

(٩) أي وأفاد الطلاق بعوض في صورة كراهية الزوجة فائدة الخلع.

(١٠) أي الطلاق بعوض.

(١١) من دون كراهة منه ، وظاهره أن الطلاق بعوض أعم من الخلع فيشترط الكراهة في الثاني دون الأول ، وقال عنه في الجواهر : (كما أنه بذلك يظهر أنه لا وجه لدعوى أعميّة الطلاق بالعوض من الخلع فيشترط الكراهة في الثاني دون الأول ، كما وقع من ثاني الشهيدين في المقام وغيره ، ضرورة عدم الدليل ، بل ظاهر الأدلة خلافها) انتهى.

(١٢) على ما تقدم بيانه في كتاب النكاح.


وغيرها(صح أن يكون فدية (١) في الخلع ، (ولو تقدير فيه) أي في المجعول فدية في طرف الزيادة والنقصان بعد أن يكون متمولا(فيجوز (٢) على أزيد مما وصل إليها منه) من مهر ، وغيره (٣) ، لأن الكراهة منها فلا يتقدر (٤) عليها في جانب الزيادة ، (ويصح بذل الفدية منها (٥) ، ومن وكيلها) الباذل له من مالها ، (وممن)

______________________________________________________

(١) قد تقدم في كتاب النكاح أن كل ما يملكه المسلم من عين أو دين أو منفعة يصح جعله مهرا إذا كان متمولا ، وعليه فكل ما يصح تملكه يجوز أن يكون مهرا ويجوز أن يكون فدية في الخلع بلا خلاف فيه لظاهر قوله تعالى : (فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (١) ، وظاهر الأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (المبارأة يؤخذ منها دون الصداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شئت ، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر) (٢) ، وخبر سماعة (سألته عن المختلعة فقال : لا يحل لزوجها ـ إلى أن قال ـ وله أن يأخذ من مالها ما قدر عليه ، وليس له أن يأخذ من المبارأة كل الذي أعطاها) (٣) ومثلها غيرها.

ومقتضى هذه الأخبار أنه لا تقدير في العوض ، بل يجوز ولو كان زائدا عما وصل إليها من المهر ، بل جواز الفداء بكل متمول قلّ أو كثر وهو مما لا خلاف فيه أيضا ، نعم اشترط بعضهم كونه معلوما لأن الشارع لم يمض المعاوضة المشتملة على الجهالة ، ولذا اشترط تعيينه إما بالإشارة كهذا الموجود وإما بالوصف الرافع للغرر ، وإما بالمشاهدة.

(٢) أي الفداء.

(٣) كالهبة.

(٤) أي الفداء.

(٥) من الزوجة بلا خلاف ولا إشكال ، لأنه هو مورد الآية والأخبار ، ففي الآية قوله تعالى : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٤) ، وفي صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المختلعة التي تقول لزوجها : اخلعني وأنا أعطيك ما أخذت منك) (٥) الحديث ومثله غيره.

وكذا يصح البذل من وكيلها الباذل من مالها لعموم أدلة الوكالة أو إطلاقها بعد كون الوكيل بمنزلة الموكل.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الخلع حديث ١ و ٤.

(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الخلع حديث ٤.


(يضمنه) في ذمته(بإذنها) فيقول للزوج : طلق زوجتك على مائة وعلي ضمانها.

والفرق بينه (١) وبين الوكيل أن الوكيل يبذل من مالها بإذنها وهذا من ماله بإذنها.

وقد يشكل هذا (٢) بأنه ضمان ما لم يجب (٣) ، لكن قد وقع مثله (٤) صحيحا (٥) فيما لو قال راكب البحر لذي المتاع : ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه (٦) ، وفي ضمان (٧) ما يحدثه المشتري من بناء ، أو غرس على قول ، وفي أخذ الطبيب البراءة قبل الفعل (٨).

(وفي) صحته (٩)

______________________________________________________

ولكن هل يصح البذل من مال الباذل بإذنها ليرجع به عليها ، وهو المسمى بالبذل من الضامن فيقول للزوج : طلّق زوجتك على مائة وعليّ ضمانها) ، والفرق بينه وبين الوكيل واضح إذ الوكيل يبذل من مالها بإذنها ، وهذا يبذل من ماله بإذنها ليرجع عليها بما بذله عنها بعد ذلك ، قد يقال بالجواز كما في الروضة هنا ، لأن دفع الضامن للفداء بمنزلة إقراضه لها ، وإن كان بصورة الضمان ، فهو يدفع حينئذ من مالها الذي أقرضها إياه ، والمشهور على المنع ، لعدم تصور قرضه لها ما دام المبذول أمرا كليا في الذمة ، كما لا يتصور شغل ذمته به للخالع ، لأن من جملة موارد ضمان ما لم يجب ولم يثبت ، وسيأتي له تتمة عند البحث في بذل المتبرع من ماله بغير إذنها.

(١) بين الضامن.

(٢) أي البذل من الضامن.

(٣) أي ما لم يثبت.

(٤) أي مثل هذا الضمان الذي لم يجب.

(٥) في بعض الموارد سيذكرها الشارح وفيه أن وقوع الضمان لغير الثابت في بعض الموارد بدليل من خارج لا يفيد الحكم بصحته هنا مع فقدان الدليل.

(٦) فهو ضمان للمتلف قبل وقوع التلف.

(٧) أي ضمان شخص للبائع ما يحدثه المشتري من بناء أو غرس ، فعلى تقدير فسخ البائع فالضامن يضمن ما يحدثه المشتري من نقص في المبيع ، وهو ضمان واقع قبل العقد أو التسليم فهو ضمان ما لم يجب.

(٨) ويأخذ الطبيب البراءة من المريض أو وارثه ، وهو مثال للبراءة من الضمان ، إلا أنه متضمن لضمان ما لم يجب.

(٩) أي صحة البذل من المتبرع بالبذل من ماله بغير إذنها ، وبهذا يفترق عن السابق ، إذ


من(المتبرع) بالبذل من ماله(قولان (١) أقربهما المنع) ، لأن الخلع من عقود المعاوضات فلا يجوز لزوم العوض لغير صاحب المعوض كالبيع ، ولأنه تعالى أضاف الفدية إليها في قوله : (فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٢) وبذل الوكيل والضامن بإذنها كبذلها فيبقى المتبرع على أصل المنع ، ولأصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت المزيل ، ولو قلنا بمفهوم الخطاب (٣) فالمنع أوضح وحينئذ (٤) فلا يملك الزوج البذل ، ولا يقع الطلاق إن لم يتبع به (٥) ،

______________________________________________________

السابق هو البذل من ماله بإذنها هذا من جهة ومن جهة أخرى فالبذل من ماله بإذنها يسمى بالبذل من الضامن ، والبذل من ماله بغير إذنها يسمى بالبذل من الأجنبي فافهم.

(١) فالمشهور على عدم الصحة ، بل في المسالك : (لم يعرف القائل بالجواز منا) ، واستدل له بأن الخلع من عقود المعاوضة فلا يجوز أن يكون العوض من غير صاحب المعوّض كالبيع ، بالإضافة إلى أنّ المستفاد من الكتاب والسنة على ما تقدم عرضه أن الفدية مشروعة منها ولو بواسطة وكيلها ، وحينئذ تترتب أحكام الخلع ، أما لو كان البذل من المتبرع فيبقى على أصل المنع وعدم ترتب آثار الخلع عليه عند الشك في ذلك ، فضلا عن أصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت المزيل ، ولم يثبت عند البذل من المتبرع للشك في صحته.

هذا والقول بالصحة لجميع من خالفنا من العامة إلا من شذّ منهم كما في المسالك ، بناء على أن الخلع فداء وليس معاوضة ، ويصح الافتداء من الأجنبي كما يصح المال من الأجنبي للطلاق.

وفيه : لو سلم أنه فداء فهو فداء خاص قد ترتبت عليه الأحكام الشرعية كما هو ظاهر الأدلة ، وهذا الفداء الخاص هو البذل من الزوجة ، وأما من غيرها فيبقى على أصل المنع.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.

(٣) أي لو قلنا بمفهوم المخالفة ، والمراد منه مفهوم اللقب في قوله تعالى : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (١) ، والمعنى لو قلنا بمفهوم اللقب فالمنع أوضح إذ الآية تدل على ثبوت الجناح فيما لو افتدى غيرها.

هذا ولكن مفهوم اللقب من أضعف المفاهيم كمفهوم العدد والمكان والزمان.

(٤) أي حين القول بعدم صحة بذل المتبرع.

(٥) أي لم يتبع الخلع بالطلاق.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.


فإن أتبع به كان رجعيا (١).

ووجه الصحة (٢) أنه (٣) افتداء وهو (٤) جائز من الأجنبي كما تقع الجعالة منه (٥) على الفعل لغيره وإن كان (٦) طلاقا.

والفرق بين الجعالة (٧) ، والبذل (٨) تبرعا أن المقصود من البذل جعل الواقع (٩) خلعا ليترتب عليه (١٠) أحكامه المخصوصة (١١) ، لا مجرد بذل المال في مقابلة الفعل (١٢) ، بخلاف الجعالة فإن غرضه (١٣) وقوع الطلاق بأن يقول : طلّقها وعليّ ألف ، ولا مانع من صحته (١٤) ، حتى لا يشترط في إجابته (١٥) الفورية والمقارنة لسؤاله ، بخلاف الخلع (١٦) ، ولو قلنا بصحته (١٧) من الأجنبي فهو خلع

______________________________________________________

(١) البطلان البذل الموجب لبطلان الخلع فلم يبق إلا صيغة الطلاق ، وهي قاضية بكون الطلاق رجعيا ، بخلاف ما لو صح الخلع فالطلاق بائن.

(٢) أي صحة بذل المتبرع من ماله بغير إذنها كما هو مفروض المسألة.

(٣) أي الخلع وليس معاوضة.

(٤) أي الافتداء.

(٥) من المتبرع الأجنبي.

(٦) أي فعل الغير.

(٧) أي جعل الأجنبي مالا على أن يطلقها.

(٨) أي بذل الأجنبي مالا حتى يختلعها.

(٩) أي ما يصدر من الزوج من الفرقة.

(١٠) على الخلع.

(١١) أي أحكام الخلع المخصوصة ، من وقوعه بائنا وأنه لازم من جهة الزوج ، وأنه يصح الرجوع في البذل.

(١٢) الذي هو الطلاق.

(١٣) أي غرض الأجنبي من الجعالة.

(١٤) أي صحة الجعل من الأجنبي ، لأن الجعالة على ما تقدم في بابها أنها على كل عمل محلّل يتعلق به غرض صحيح عقلائي ، والطلاق منه.

(١٥) أي إجابة الأجنبي عند الجعالة.

(١٦) فإنه مشروط بذلك على ما تقدم بيانه.

(١٧) أي بصحة البذل.


لفظا وحكما (١) ، فللأجنبي أن يرجع في البذل ما دامت في العدة فللزوج حينئذ (٢) أن يرجع في الطلاق وليس للزوجة هنا (٣) رجوع في البذل ، لأنها لا تملكه فلا معنى لرجوعها فيه.

ويحتمل عدم جواز الرجوع هنا مطلقا (٤) اقتصارا فيما خالف الأصل (٥) على موضع اليقين وهو (٦) رجوع الزوجة فيما بذلته خاصة.

وفي معنى التبرع ما لو قال (٧) : طلقها على ألف من مالها (٨) وعليّ ضمانها ، أو على عبدها (٩) هذا كذلك (١٠) فلا يقع الخلع (١١) ولا يضمن (١٢) ، لأنه ضمان ما لم يجب وإن جاز ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه ، لمسيس الحاجة بحفظ النفس ثمّ دون هذا ، وللإنفاق على ذلك (١٣) على خلاف الأصل (١٤)

______________________________________________________

(١) أي فهو خلع لفظا وحكما كما لو بذلت الزوجة من مالها.

(٢) حين رجوع الأجنبي في البذل.

(٣) عند بذل الأجنبي.

(٤) لا للأجنبي الباذل ولا للزوجة.

(٥) إذا الأصل في المعاوضات اللزوم ، والخلع معاوضة.

(٦) أي موضع اليقين.

(٧) أي الأجنبي.

(٨) بغير إذنها ، هذا وقد تقدم الفارق بين مسألة بذل الضامن وبذل الأجنبي ، أن الضامن يبذل من ماله بإذنها والأجنبي يبذل من ماله بغير إذنها.

وفي المقام فالأجنبي يبذل من مالها بغير إذنها ، فالمتبرع هنا يشابه الأجنبي من ناحية التبرع ، ويشابه الوكيل من ناحية كون البذل من مالها.

(٩) بأن قال : طلقها على عبدها هذا.

(١٠) أي وعليّ ضمانها.

(١١) لعدم كون البذل من مالها بإذنها ، وقد ثبت سابقا صحة الخلع في هذا المورد فقط ، فيبقى غيره على أصل المنع.

(١٢) أي الأجنبي المتبرع لأنه ضمان ما لم يجب فلا يصح ، وصحته في بعض الموارد لدليل لا تقتضي صحته هنا مع فقدان الدليل.

(١٣) أي على صحة الضمان في قوله : الق متاعك في البحر وعليّ ضمانه.

(١٤) إذ الأصل عدم جواز ضمان ما لم يجب.


فيقتصر عليه (١).

(ولو تلف العوض) المعين المبذول (٢) (قبل القبض (٣) فعليها ضمانه (٤) مثلا) أي بمثله إن كان مثليا ، (أو قيمة) إن كان قيميا ، سواء أتلفته باختيارها أم تلف بآفة من الله تعالى أم أتلفه أجنبي (٥) ، لكن في الثالث (٦) يتخير الزوج بين الرجوع عليها وعلى الأجنبي (٧) وترجع هي على الأجنبي لو رجع (٨) عليها إن أتلفه (٩) بغير إذنها ، ولو عاب (١٠) فله أرشه ، (وكذا تضمن) مثله أو قيمته(لو ظهر استحقاقه لغيرها (١١) ولا يبطل الخلع ، لأصالة الصحة ، والمعاوضة هنا ليست حقيقية كما

______________________________________________________

(١) على موضع الوفاق.

(٢) من قبل الزوجة.

(٣) أي قبل قبض الزوج.

(٤) لو تلف العوض المبذول قبل القبض لم يبطل الخلع بلا خلاف فيه ولا إشكال ، لأصالة الصحة في العقود.

نعم حكم ببطلان البيع إذا تلف العوض قبل القبض وهو لقيام ، دليل خاص ، مفقود في المقام ، فيبقى غير البيع على أصل الصحة.

ومع تلف العوض المبذول من قبلها فعليها ضمانه بالمثل أو القيمة ، لأن الزوج ما زال على استحقاقه للعوض المبذول ، ومع

تلف عينه يرجع إلى المثل أو القيمة ، بلا خلاف فيه منا ولا إشكال.

وعن بعض العامة أنه ينتقل إلى مهر المثل عند تلف العوض المبذول وهو ضعيف جدا لعدم الدليل عليه ، إذ الدليل على ضمان المثل أو القيمة عند تلف العين ، لأنهما أقرب للتالف.

(٥) لأن العوض المبذول قبل القبض مضمون على الزوجة ، لثبوت يدها عليه.

(٦) عند إتلاف الأجنبي للعوض المبذول.

(٧) تخيير الزوج بالرجوع على الزوجة أو الأجنبي لتعاقب أيديهما الضامنة على العوض ، نعم يستقر الضمان على الأجنبي إن أتلفه عدوانا.

(٨) أي رجع الزوج.

(٩) أي أتلف الأجنبي العوض.

(١٠) أي عاب العوض المبذول من قبل الزوجة قبل قبض الزوج ، لم يبطل الخلع وعليها أرشه لنفس الدليل السابق الوارد في التلف.

(١١) لو خالعها على عين فبانت مستحقة للغير ، فعن الشيخ في المبسوط وتبعه عليه جماعة أنه


في البيع (١) فلا يؤثر بطلان العوض المعين في بطلانه (٢) ، بل ينجبر (٣) بضمانها المثل ، أو القيمة.

ويشكل (٤) مع علمه (٥) باستحقاقه حالة الخلع ، لقدومه على معاوضة فاسدة (٦) إن لم يتبعه بالطلاق ، ومطلقا (٧) من حيث (٨) إن العوض لازم لماهيته (٩) وبطلان اللازم يستلزم بطلان الملزوم (١٠).

والمتجه البطلان مطلقا (١١)

______________________________________________________

يبطل الخلع ، لأن الخلع معاوضة ، وهي تبطل ببطلان أحد العوضين كالبيع وغيره.

وعن المحقق في الشرائع وجماعة عدم بطلان الخلع ، لأصالة الصحة في العقود ، ولأن الخلع ليس معاوضة حقيقية ، إذ المعاوضة الحقيقية ما كان المقصود الأصلي فيها العوض ، فإذا ظهر استحقاق أحد العوضين لم يحصل ما هو المقصود منهما فيحكم بالبطلان.

بخلاف الخلع الذي هو في الأصل طلاق وفكّ قيد النكاح إلا أنه مشتمل على ثبوت معاوضة ، فلا يلزم من بطلان العوض بطلان أصل العقد ، بل ينجبر أصل العقد عند بطلان العوض بضمان المثل أو القيمة.

ثم الحكم بالصحة على تقدير كون الزوج جاهلا باستحقاق العوض ، أما لو كان عالما فيبطل الخلع ، لأنه لم يقصد عقدا صحيحا بخلاف ما إذا جهل.

(١) تمثيل للمنفي من المعاوضة الحقيقية التي يكون المقصود الأصلي فيها هو العوضان.

(٢) أي بطلان الخلع.

(٣) أي الخلع.

(٤) أي الحكم بصحة الخلع.

(٥) أي علم الزوج.

(٦) فلم يقصد المعاوضة الصحيحة حتى يقع الخلع صحيحا.

(٧) أي مع جهله أيضا مشكل.

(٨) شروع في عرض دليل الشيخ القائل ببطلان الخلع لو ظهر العوض مستحقا.

(٩) أي ماهية الخلع ، لأن الخلع معاوضة فلا محالة يبطل إذا بطل العوض.

(١٠) وفيه أن لازم ماهية الخلع هو العوض المطلق لا العوض الخاص ، فلا يلزم من بطلان العوض الخاص بطلان الخلع لقيام المثل أو القيمة مقامه ، هذا كله إذا كان الخلع معاوضة حقيقية ، وأما إذا كان مشتملا على المعاوضة فعدم بطلان الخلع وإن بطل العوض أظهر.

(١١) سواء كان الزوج عالما باستحقاق العوض أم جاهلا.


إن لم يتبعه بالطلاق ، وإلا (١) وقع رجعيا.

(ويصح البذل من الأمة (٢) بإذن المولى) فإن أذن في عين من أعيان ماله تعينت (٣) ، فإن زادت عنها (٤) شيئا من ماله وقف (٥) على إجازته فإن رد (٦) بطل فيه (٧)

______________________________________________________

(١) فإن اتبعه بالطلاق فيقع الطلاق رجعيا ، لبطلان البذل والخلع فلم يبق إلا صفة الطلاق القاضية بكونه رجعيا في قبال ما لو قلنا أن الخلع صحيح فإن الطلاق يقع بائنا.

(٢) يصح البذل من الأمة بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، ولكن هذا البذل إما أن يكون بإذن المولى أو لا.

وعلى الأول فإذا كان بإذنه فإما أن يبين العوض المبذول أو يطلق ، فإن بيّنه فلا يخلو إما أن يكون العوض المبيّن عينا أو دينا ، فإن كان عينا من أعيان ماله فيصح البذل والخلع ويملك الزوج تلك العين.

وإن كان العوض المبيّن دينا تعلق الدين في ذمة المولى لا في كسبها إن كانت ذات كسب ، ولا في خصوص ما في يدها من مال السيد ، كما حرّر في كتاب النكاح في مهر العبد في النكاح المأذون فيه وسيأتي تفصيله في كتاب العتق.

وإن لم يبيّنه انصرف إلى الافتداء بمهر المثل لها كانصراف الأمر بالشراء إلى قيمة المثل بلا خلاف في ذلك كله.

ثم على هذه التقادير التي يكون البذل مأذونا فيه من قبل المولى فلو زادت الأمة على البذل المأذون ، قيل : يصح الخلع وتكون الزيادة لازمة لذمتها تتبع بها بعد العتق واليسار ، وأما مقدار المأذون فيه فعلى المولى للاذن ، وهذا القول لم يعرف قائله ، نعم ذهب إليه الشارح هنا كما سيأتي.

وعن المحقق في الشرائع وجماعة أنه يصح الخلع ويكون الجميع في ذمتها ، لأن الاذن ظاهر في كون المأذون هو تمام العوض ، فلو كان بعضه فلا إذن فيه وتلزم بالجميع بعد العتق واليسار.

وأما إذا لم يأذن المولى بالبذل فسيأتي الكلام فيه عند تعرض الشارح.

(٣) أي العين.

(٤) أي زادت الأمة عن العين شيئا من مال المولى.

(٥) أي وقف الزائد على إجازة المولى.

(٦) أي رد المولى البذل في الزائد.

(٧) أي بطل البذل في الزائد.


وفي صحة الخلع (١) ، ويلزمها (٢) مثله أو قيمته تتّبع به بعد العتق ، أو بطلانه (٣) الوجهان (٤) ، وكذا (٥) لو بذلت شيئا من ماله (٦) ولم يجزه ، ولو أجاز فكالإذن المبتدأ(٧).

وإن أذن (٨) في بذلها في الذمة (٩) ، أو من ماله من غير تعيين (١٠) (فإن عين قدرا) تعين وكان الحكم مع تخطيه (١١) ما سبق (١٢) ، (وإلا) يعين قدرا(انصرف) إطلاق الإذن(إلى) بذل(مهر المثل) كما ينصرف الإذن في البيع إلى ثمن المثل نظرا إلى أنه (١٣) في معنى المعاوضة وإن لم تكن حقيقية ، ومهر المثل عوض البضع فيحمل الإطلاق عليه (١٤)

______________________________________________________

(١) خبر مقدم ، وهذا على تقدير بطلان البذل في الزائد.

(٢) أي يلزم الأمة مثل الزائد أو قيمته.

(٣) أي بطلان الخلع.

(٤) أي الوجهان السابقان فيما لو ظهر العوض مستحقا ، فإن قلنا : إن الخلع معاوضة حقيقية كما عليه الشيخ فيبطل الخلع عند بطلان البذل في الزائد ، وإن قلنا إن الخلع طلاق إلا أنه مشتمل على معاوضة فإذا بطل البذل في الزائد فلا يبطل أصل العقد إلا أنه منجبر بمثل الزائد أو قيمته يتبع به ذمتها بعد العتق واليسار.

(٥) أي الوجهان المذكوران من صحة الخلع وبطلانه المبنيان على كون المخلع معاوضة حقيقية أو أنه مشتمل على المعاوضة.

(٦) أي مال المولى.

(٧) فالإجازة هي إذن بعد العقد كما أن الاذن إجازة قبل العقد ، ولو أجازه فيصح الخلع بلا إشكال ولا خلاف ، ويتعين البذل من مال المولى حينئذ.

(٨) جملة شرطية وجوابها كلام المصنف الآتي : فإن عيّن قدرا ، وليست وصلية كما فسرها البعض كما هو واضح.

(٩) أي ذمة المولى ، بحيث كان العوض المأذون فيه مبيّنا من قبل المولى وكان دينا.

(١٠) أي تعيين خصوص عين من أعيانه.

(١١) أي تخطي القدر المعيّن المأذون فيه.

(١٢) من توقف الزائد على إجازته ، وإن رد بطل فيه ، ومع البطلان ففي صحة الخلع أو بطلانه فالوجهان السابقان.

(١٣) أي الخلع.

(١٤) على مهر المثل.


(ولو لم يأذن) لها في البذل مطلقا (١) (صح) الخلع في ذمتها (٢) دون كسبها (٣) (وتبعت به بعد العتق (٤) كما لو عاملها (٥) بإقراض وغيره (٦) ، ولا إشكال (٧) هنا (٨) وإن علم (٩) بالحال ، لأن العوض صحيح متعلق بذمتها وإن امتنع قبضه حالا خصوصا مع علمه بالحكم (١٠) لقدومه (١١) عليه ، وثبوت (١٢) العوض في الجملة (١٣) ، بخلاف بذل العين (١٤)

______________________________________________________

(١) بوجه من الوجوه السابقة فلم يأذن في البذل لا في عين أمواله ولا في ذمته ، هذا وإذا بذلت من غير إذنه فلا يخلو إما أن تبذل عينا من أمواله أو أن تبذل دينا.

فإن بذلت عينا من أموال السيد فالخلع على عين مال مستحقة للغير فيأتي فيها الوجهان السابقان ، من بطلان الخلع لأنه معاوضة حقيقية ، تبطل ببطلان العوض كما عليه الشيخ ، ومن أن الخلع طلاق مشتمل على معاوضة ، فلا يبطل أصل العقد إذا ظهر بطلان العوض إلا أنه منجبر بضمان الزوجة لمثله أو قيمته كما عليه المحقق وجماعة ، غايته هنا يتّبع بالمثل أو القيمة للأمة بعد عتقها ويسارها.

وإن بذلت دينا ولم يأذن المولى فيصح الخلع وتتّبع بالبذل بعد عتقها ويسارها.

(٢) سواء كان المبذول عينا أو دينا ، أما إذا كان دينا فلا خلاف ، وأما إذا كان عينا فعلى قول المحقق وجماعة وهو القول المنصور.

(٣) لأن كسبها مال للمولى ، ولا يصح ثبوت البذل في ماله مع عدم إجازته.

(٤) واليسار أيضا.

(٥) أي الزوج وكانت المعاملة بغير إذن المولى.

(٦) الإقراض هو الدين ، وغيره كالهبة المشروطة بعوض والبيع والإجارة ونحوهما.

(٧) أي لا إشكال في صحة الخلع.

(٨) عند بذل الأمة دينا بغير إذن المولى.

(٩) أي الزوج.

(١٠) أي خصوصا مع علم الزوج بكون العوض بعد عتقها ويسارها.

(١١) أي قدوم الزوج على العوض بعد العتق واليسار ، وهو تعليل لصحة الخلع مع علم الزوج بالحال والحكم.

(١٢) عطف على قوله (لقدومه عليه).

(١٣) أي وإن كان العوض بعد العتق واليسار.

(١٤) أي بذل عين من أعيان أموال السيد مع عدم إذنه ، فيصح الخلع مع جهل الزوج بالحال ، أما مع علمه بالحال فيشكل الحكم بالصحة لقدومه على معاوضة فاسدة ، فلم يقصد


حيث لا يصح (١) ، لخلو الخلع عن العوض (٢) ، ولو بذلت (٣) مع الإطلاق (٤) أزيد من مهر المثل فالزائد كالمبتدإ بغير إذن (٥).

(والمكاتبة المشروطة كالقنّ (٦) فيتعلق البذل بما في يدها (٧) مع الإذن وبذمتها (٨) مع عدمه (٩) إن كان مطلقا (١٠) ، وإن كان (١١) معينا ولم يجز المولى بطل (١٢) ، وفي صحة الخلع (١٣) ،

______________________________________________________

المعاوضة الصحيحة حتى يقع الخلع صحيحا ، بل يشكل الحكم بصحة الخلع حتى لو كان جاهلا بالحال على ما تقدم تحريره في مسألة ما لو ظهر العوض مستحقا للغير.

(١) أي لا يصح الخلع.

(٢) وهو مبني على كون الخلع معاوضة حقيقية ، ولازمه بطلان الخلع لو لم يأذن المولى في بذلها لعين من أمواله ، لأنه مع عدم الاذن يبطل العوض ، ومع بطلان العوض يبطل الخلع لأنه معاوضة حقيقية.

(٣) أي الأمة.

(٤) أي إطلاق الاذن من قبل المولى وعدم تعيين البذل في قدر مخصوص.

(٥) بحيث تتبع به بعد العتق واليسار ، ولازمه أن المأذون فيه هو من مال المولى ، وقد عرفت أنه قول لم يعرف قائله ، وعرفت أن قول المحقق وجماعة أنه تتبع بالجميع بعد العتق واليسار فراجع.

(٦) القن هو المتمحض في الرقية وما تقدم كان في القن ، والمشروطة بحكمها ، لأن المشروطة لا تخلص من محض الرق إلا بأداء جميع المال ، فهي قبله بحكم القن.

وأما المكاتبة المطلقة التي تتحرر بمقدار ما تدفع لسيدها ، وقد أطلق الشيخ والمحقق وجماعة أن بذلها صحيح من غير اعتراض المولى عليها واستشكل فيه الشارح هنا وفي المسالك على ما سيأتي بيانه.

(٧) من مال السيد لانصراف الاذن إلى ذلك كما هو واضح.

(٨) أي ويتعلق البذل بذمتها ، وتتّبع به بعد العتق واليسار كالقن.

(٩) أي عدم الاذن.

(١٠) أي كان البذل من الأمة غير معيّن في عين مخصوصة.

(١١) أي البذل من الأمة.

(١٢) أي بطل الخلع بناء على أنه معاوضة حقيقية ، فهي تبطل ببطلان أحد العوضين كما هو قول الشيخ.

(١٣) بناء على أنه طلاق مشتمل على معاوضة ، فبطلان العوض لا يلزم منه بطلان أصل


ولزوم المثل ، أو القيمة تتبع به (١) الوجهان (٢) (وأما) المكاتبة(المطلقة فلا اعتراض عليها (٣) للمولى مطلقا (٤) هكذا أطلق الأصحاب تبعا للشيخ رحمه‌الله.

وفي الفرق (٥) نظر لما اتفقوا عليه في باب الكتابة من أن المكاتب مطلقا (٦) ممنوع من التصرف المنافي للاكتساب ومسوّغ فيه (٧) من غير فرق بينهما (٨) ، فالفدية (٩) إن كانت غير اكتساب كما هو الظاهر ، لأن (١٠) العائد إليها (١١) البضع وهو (١٢) غير مالي (١٣) لم يصح (١٤) فيهما (١٥) ، وإن اعتبر كونه (١٦) معاوضة وأنه (١٧) كالمال من وجه (١٨) وجب الحكم بالصحة (١٩)

______________________________________________________

العقد ، بل ينجبر بالمثل أو القيمة ، وتتبع به بعد العتق واليسار ، كما هو قول المحقق وجماعة.

(١) أي تتبع الأمة بالمثل أو القيمة بعد العتق واليسار.

(٢) أي الوجهان السابقان في استحقاق العوض للغير.

(٣) أي لا اعتراض للمولى عليها فيما بذلت.

(٤) سواء كان بذلها عينا أو دينا في ذمتها ، وسواء كان المبذول يساوي مهر المثل أم أزيد.

(٥) بين المكاتبة المطلقة والمشروطة ، بحيث لا اعتراض للمولى على الأولى دون الثانية.

(٦) سواء كان مطلقا أم مشروطا.

(٧) عطف على قوله (ممنوع) أي والمكاتب مطلقا مسوّغ له في الاكتساب.

(٨) بين المطلق والمشروط.

(٩) أي بذل المال في قبال البضع.

(١٠) تعليل لعدم كون الفدية اكتسابا.

(١١) إلى الأمة عند بذل المال.

(١٢) أي البضع.

(١٣) فلا يكون أخذه اكتسابا.

(١٤) أي البذل.

(١٥) في المطلقة والمشروطة.

(١٦) أي كون بذل المال في قبال البضع.

(١٧) أي البضع.

(١٨) لأنها تستطيع أن تتزوج بآخر بمهر أزيد مما افتدت به.

(١٩) أي بصحة البذل ولا اعتراض للمولى.


فيهما (١) ، والأصحاب لم ينقلوا في ذلك (٢) خلافا. لكن الشيخ رحمه‌الله في المبسوط حكى في المسألة أقوالا. الصحة مطلقا (٣). والمنع مطلقا (٤). واختار التفصيل (٥) وجعله (٦) الموافق لأصولنا وتبعه الجماعة.

والظاهر أن الأقوال التي نقلها للعامة كما هي عادته. فإن لم تكن المسألة إجماعية فالمتجه عدم الصحة فيهما (٧) إلا بإذن المولى.

(ولا يصح الخلع إلا مع كراهتها) له (٨)

______________________________________________________

(١) في المطلقة والمشروطة.

(٢) في التفريق بين المطلقة والمشروطة ، وأن المولى لا اعتراض له على الأولى دون الثانية.

(٣) في المشروطة والمطلقة.

(٤) في المشروطة والمطلقة.

(٥) بين المطلقة والمشروطة وللمولى اعتراض الثانية دون الأولى.

(٦) أي جعل الشيخ التفصيل.

(٧) في المطلقة والمشروطة.

(٨) شروع في الشرائط ، وهي تارة تتعلق بالخالع وأخرى بالمختلعة وثالثة تكون خارجة عنهما.

فأما شرائط الخالع فيعتبر فيه شروط أربعة ، وهي البلوغ والعقل والاختيار والقصد بلا خلاف فيه ولا إشكال ، سواء قلنا أنه طلاق أو فسخ ، فلا يصح خلع الصبي والمجنون لأنهما مسلوبا العبارة ، ولا يصح خلع المكره ، على ما تقدم في كتاب الطلاق ، ولا يصح خلع من غير قصد كالواقع في حال السكر والغضب الرافع للقصد ، لأن الخلع معاوضة ، ومع عدم القصد إليه لا يتحقق المنشأ منه على ما تقدم في كتاب الطلاق أيضا.

وأما شرائط المختلعة فيعتبر فيها مع الدخول الطهر الذي لم يجامعها فيه مع حضوره وأن تكون غير يائسة وإلا فمع عدم الدخول أو اليأس فلا يشترط طهرها وكذا لا يشترط طهرها في الحمل على ما تقدم بيانه في الطلاق.

ويشترط فيها اختصاصها بالكراهية له خاصة بلا خلاف فيه للأخبار الآتي بعضها ، وإنما الكلام في مطلق الكراهة كما عليه المحقق وغيره من المتأخرين ، أو لا بد من إسماعها معاني الأقوال الدالة على كراهتها والمنصوص عليها في الأخبار كما عن الشيخ ومشهور المتقدمين لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال : لا يحلّ خلعها حتى تقول


(فلو طلقها (١)

______________________________________________________

لزوجها : والله لا أبرّ لك قسما ، ولا أطيع لك أمرا ، ولا أغتسل لك من جنابة ، ولأوطينّ فراشك ، ولآذننّ عليك بغير إذنك ، وقد كان الناس يرخّصون فيما دون هذا ، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما أخذ منها) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المختلعة التي تقول لزوجها : اخلعني وأنا أعطيك ما أخذت منك ، فقال : لا يحلّ له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول : والله لا أبرّ لك قسما ولا أطيع لك أمرا ، ولآذننّ في بيتك بغير إذنك ، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها حلّ له ما أخذ منها) (٢) ، وخبر سماعة بن مهران (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لا يجوز للرجل أن يأخذ من المختلعة حتى تتكلم بهذا الكلام كله ، فقال : إذا قالت : لا أطيع الله فيك حلّ له أن يأخذ منها ما وجد) (٢) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال : إذا قالت المرأة لزوجها جملة : لا أطيع لك ، مفسرا وغير مفسّر ، حلّ له ما أخذ منها ، وليس له عليها رجعة) (٤) ، ومثلها غيرها.

وهذه الأخبار مختلفة في ما تقوله المرأة ولم تتفق على صيغة واحدة ، وهذا كاشف عن أن المدار على الكراهية وليس على النطق بهذه الأقوال ، نعم لما كانت الكراهية لا تعلم غالبا إلا بالقول لذا صرحت الأخبار بلا بدية التلفظ ، ومما يؤيد أن المدار على المدلول من الكراهة ، ولا خصوصية للدال المنصوص قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٥) ، ومن الواضح أنها مع كراهتها له يخاف ألا تقيم حدود الله ، بالإضافة إلى أن سبب النزول هي جميلة زوجة ثابت بن قيس فقد (أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأظهرت الكراهة منه فنزلت الآية ، وكان قد أصدقها حديقة ، فقال ثابت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترد الحديقة؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما تقولين؟ قالت : وأزيده ، فقال : لا ، حديقة فقط ، فاختلعت منه (٦) وهي ظاهرة في كفاية الكراهة فقط ، فالأقوى ما عليه مشهور المتأخرين.

وأما الشروط التي تكون خارجة عن الخالع والمختلعة فهي حضور شاهدين عدلين ، وعدم تعليق العقد على شرط على ما تقدم بيانه ودليله في كتاب الطلاق ، هذا والشهيدان هنا لم يذكرا إلا كراهية المرأة للزوج خاصة.

(١) أي خالعها وكانت الصيغة مشتملة على صيغة الطلاق.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الخلع حديث ٣ و ٤ و ٢ و ١.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.

(٦) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣١٣.


والأخلاق ملتئمة (١) (ولم تكره بطل البذل ووقع الطلاق رجعيا (٢) من حيث البذل ، وقد يكون بائنا من جهة أخرى ككونها غير مدخول بها ، أو كون الطلقة ثالثة(ولو أكرهها على الفدية فعل حراما (٣) للاكراه بغير حق(ولم يملكها (٤) بالبذل) لبطلان تصرف المكره إلا ما استثني (٥) (وطلاقها رجعي) من هذه الجهة لبطلان الفدية ، فلا ينافي كونه بائنا من جهة أخرى إن اتفقت (٦).

______________________________________________________

(١) أي لا كراهة بينهما لم يصح الخلع ولا يملك الفدية بلا خلاف ولا إشكال لما تقدم من النصوص الدالة على اعتبار كراهيتها له.

(٢) إذا بطل البذل لكونها غير كارهة له ، أو كانت مكرهة على البذل ، أو بذلت ما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير فيبطل الخلع لاشتراطه بالبذل كما هو واضح بلا خلاف فيه.

وإنما الكلام في أنه هل يقع طلاقا رجعيا إن كان المورد مما له الرجعة فيه وإلا يقع بائنا ، أو أنه لا يقع طلاق أبدا على أقوال ثلاثة :

الأول : أنه يقع الطلاق رجعيا أو بائنا على اختلاف مورده سواء كان الخلع بصيغته من دون اتباعه بالطلاق أو مع اتباعه به ، وإليه ذهب صاحب الجواهر ، لأن الخلع بنفسه طلاق ، وإن كان مورده خاصا ، فتارة يصح وأخرى يبطل لفقد شرط من شروطه ، ولكنه لا يبطل أصل الطلاق الحاصل به ، كما يؤمئ إليه ما دلّ من الأخبار على صيرورة الطلاق رجعيا لو رجعت بالبذل على ما سيأتي بيانه.

الثاني : بطلان الطلاق رجعيا أو بائنا ، لأن المقصود وهو الخلع غير واقع ، والواقع وهو الطلاق غير مقصود ، فما قصد لم يقع ، والواقع المتنازع فيه من الطلاق غير مقصود فكيف يقع؟ وإليه ذهب البحراني في حدائقه.

الثالث : التفصيل بين إتباع الخلع بالطلاق فلو بطل الخلع فيقع الطلاق رجعيا أو بائنا ، وبين عدم إتباعه بالطلاق فإذا بطل الخلع لا يقع طلاق في البين وإليه ذهب المحقق في الشرائع والشارح في المسالك ، لأنه مع الاقتصار على الخلع لا يتحقق طلاق إذا فسد الخلع ، ومع إتباعه بالطلاق فلو بطل الخلع فتبقى صيغة الطلاق القاضية بوقوعه إما رجعيا وإما بائنا بحسب مورده.

(٣) بلا خلاف ولا إشكال ، ضرورة كون الإكراه بغير حق ظلما ، والظلم محرم.

(٤) أي الفدية.

(٥) كالمماطل.

(٦) أي الجهة الأخرى ككونها غير مدخول بها أو كون الطلقة ثالثة.


(نعم (١)

______________________________________________________

(١) أصل المسألة هو : إذا أتت بالفاحشة جاز عضلها لتفدي نفسها ، لقوله تعالى : (وَلٰا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مٰا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١).

وقضية الاستثناء جواز الفصل مع إتيانهن بالفاحشة ، هذا وأصل العضل هنا مضاره الزوجة والتضييق عليها بسوء العشرة لتضطر إلى الافتداء منه بمالها ، لأن العضل لغة هو التضييق والمنع.

واختلف في معنى الفاحشة فقيل هي الزنا كما عن الحسن وأبي قلابة والسدي ، وقيل : هي المعصية كما في التبيان ومجمع البيان وأحكام القرآن للرواندي ، وقد اختاره الطبري ونسب إلى أنه المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام كما في مجمع البيان وقيل كما في المسالك : كل ما يوجب الحد مطلقا ، ولم يعرف قائله ، وقيل : هي النشوز ونسب إلى ابن عباس على ما في مجمع البيان ، ومن هذه الأقوال تعرف ضعف ما في المسالك حيث قال : (فقيل هو الزنا ، وقيل ما يوجب الحد مطلقا ، وقيل كل معصية ، وكون الحكم على خلاف الأصل ينبغي معه الاقتصار على محل الوفاق ، وهو الأول ، لأنه ثابت على جميع الأقوال) انتهى.

ووجه الضعف أن الزنا غير ثابت على القول الرابع المنسوب لابن عباس من أنها النشوز.

وأيضا وقع الخلاف بينهم في أن الآية منسوخة أو لا ، فقيل : إنها منسوخة بآية الحد وهي قوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ) (٢) فقد كان للرجل قبل نزول آية الحد أن يعضل الزانية لتفدي نفسها فلما نزلت آية الحد حرم أخذ المال بالإكراه.

وهذا القول ليس لواحد منا ، بل هو لبعض العامة كما اعترف به في المسالك وكشف اللثام حيث قال الشارح في المسالك : (واعلم أن القول الذي حكاه المصنف من كون الآية منسوخة تبع فيه الشيخ في المبسوط ، وهو قول بعض العامة ، وأما أصحابنا فلا يعرف ذلك لهم ، ولم ينقله أحد من الأصحاب عنهم ، ولكن الشيخ يحكي في المبسوط أقوالهم ويختار منها ما يرجّح عنده ، وقد نقل القول بكونها منسوخة بقوله وقيل ، وهو ضعيف المستند) انتهى ، وضعف أنها منسوخة لعدم التنافي بينها وبين آية الحد ، لجواز عضلها لتفدي نفسها مع إقامة الحد عليها ، على أن الأصل عدم النسخ عند الشك فيه.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٩.

(٢) سورة النور ، الآية : ٢.


(لو أتت بفاحشة مبيّنة (١) وهي الزنا.

وقيل : ما يوجب الحد مطلقا (٢).

وقيل : كل معصية (٣) (جاز عضلها) وهو منعها بعض حقوقها أو جميعها من غير أن يفارقها(لتفتدي نفسها) لقوله تعالى : (وَلٰا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مٰا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (٤) والاستثناء من النهي إباحة ، ولأنها إذا زنت لم يؤمن أن تلحق به ولدا من غيره وتفسد فراشه ، فلا تقيم حدود الله تعالى في حقه فتدخل في قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٥).

وقيل (٦) : لا يصح ذلك (٧) ولا يستبيح (٨) المبذول مع العضل ، لأنه (٩) في معنى الإكراه ، ولقوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‌ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (١٠). والمشروط (١١) عدم عند عدم شرطه (١٢).

وقيل : إن الآية الأولى منسوخة بآية الحد ولم يثبت (١٣) ، إذ لا منافاة بينهما (١٤)

______________________________________________________

(١) أي ظاهرة.

(٢) وإن لم يكن زنا.

(٣) حتى ما لا حدّ فيه.

(٤) سورة النساء ، الآية : ١٩.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩ ، ويصح حينئذ خلعها على ما بذلت.

(٦) لم يعرف القائل به منا.

(٧) أي عضلها حتى تبذل لتفدي نفسها.

(٨) أي الزوج.

(٩) أي العضل.

(١٠) سورة النساء ، الآية : ٤.

(١١) من الأكل الهني‌ء المري‌ء.

(١٢) من عدم طيبة النفس به بسبب العضل.

(١٣) أي النسخ.

(١٤) بين الآيتين ، لعدم المنافاة بين جواز عضلها لتفدي نفسها وإقامة الحد.


والأصل عدم النسخ ، وعلى الأول (١) هل يتقيد جواز العضل ببذل ما وصل إليها منه من مهر ، وغيره فلا يجوز الزيادة عليه (٢) أم لا يتقيد (٣) إلا برضاه (٤) ، اختار المصنف الأول (٥) حذرا من الضرر العظيم ، واستنادا إلى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجميلة

______________________________________________________

(١) من جواز العضل.

(٢) على الواصل كما عليه الشهيد في بعض تحقيقاته حذرا من الضرر العظيم ، واستنادا إلى النبوي (أن جميلة زوجة ثابت بن قيس أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأظهرت الكراهة منه فنزلت الآية ـ آية العضل ـ وكان قد أصدقها حديقة ، فقال ثابت : يا رسول الله ترد الحديقة؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما تقولين؟ قالت : وأزيده ، فقال : لا ، حديقة فقط ، فاختلعت منه) (١) ، وفي بعض ألفاظ الخبر كما في المسالك : (أما الزيادة فلا ، ولكن حديقته).

والخبر ظاهر في عدم جواز الزيادة على الواصل إليها منه.

وعن الأكثر جواز الزيادة لإطلاق الاستثناء في قوله تعالى : (وَلٰا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مٰا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (٢) ، ولعدّ الأصحاب هذا خلعا ، والبذل فيه غير متقيّد بقدر مخصوص.

وفي الاستدلال الجانبين نظر ، أما استدلال الشهيد ففيه أن بذل الزائد لو كان ضررا لجرى مثله في الخلع ، ولوجب عدم بذل الزائد فيه حينئذ مع أن بذل الزائد في الخلع جائز بالاتفاق ، وأما الخبر فلا دلالة فيه على موضع النزاع لأن المرأة المذكورة ليست من هذا الباب ، أعني التي يجوز عضلها لفاحشتها ، بل زوجة جميل كانت كارهة له على أصل قاعدة الخلع وهو مريد لها هذا من جهة ومن جهة أخرى فتقييد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البذل بالحديقة لكون الزوج طلبها ، وإلا لجازت الزيادة بالاتفاق.

وأما استدلال الأكثر فالآية غير مطلقة لأن المستثنى منه فيها مقيّد ببعض ما أعطاها ، والاستثناء تابع له كما هو الواضح وإطلاق الخلع على موردنا من العضل أول الكلام ، لأن الخلع مشروط بكراهتها له وقد لا تكون كارهة. فالأولى الاستدلال على جواز بذل الزائد بأصالة عدم الاشتراط.

(٣) أي لا يتقيد جواز العضل بقدر مخصوص.

(٤) أي رضا الزوج كما عليه الأكثر.

(٥) وهو التقييد.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣١٣.

(٢) سورة النساء ، الآية : ١٩.


بنت عبد الله بن أبي لما كرهت زوجها ثابت بن قيس وقال لها : أتردين عليه حديقته قالت: نعم وأزيده ، لا حديقته (١) فقط.

ووجه الثاني (٢) إطلاق الاستثناء (٣) الشامل للزائد ، وعدّ الأصحاب مثل هذا خلعا (٤) ، وهو (٥) غير مقيد (٦).

وفيه (٧) نظر ، لأن المستثنى منه (٨) إذهاب بعض ما أعطاها فالمستثنى هو ذلك البعض فيبقى المساوي (٩) والزائد على أصل المنع ، فإن خرج المساوي بدليل آخر (١٠)

______________________________________________________

(١) هذا مقول قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أشار إليه بقوله : واستنادا إلى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هذا والخبر كما رواه صاحب الغوالي (أن جميلة بنت عبد الله بن أبي كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس ، فكانت تبغضه ويحبها ، فأتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا أنا ولا ثابت ، لا يجمع رأسي ورأسه شي‌ء ، والله ما أعيب عليه في دين ولا خلق ، ولكنّي أكره الكفر في الإسلام ، ما أطيقه بغضا ، إن رفعت جانب الخباء فرأيته وقد أقبل في عدة ، فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة ، وأقبحهم وجها ، فنزلت آية الخلع ، وكان قد أصدقها حديقة ، فقال ثابت : يا رسول الله ، فلتردّ عليّ الحديقة ، قال : فما تقولين؟

قالت : نعم وأزيده ، قال : لا ، الحديقة فقط ، فقال لثابت : خذ منها ما أعطيتها وخلّ عن سبيلها ، فاختلعت منه بها ، وهو أول خلع وقع في الإسلام) (١).

(٢) أي القول الثاني من عدم تقييد جواز العضل بما وصل إليها منه.

(٣) أي الاستثناء الوارد في الآية وهو قوله تعالى : (إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (٢).

(٤) بل هو صريح خبر الغوالي المتقدم.

(٥) أي الخلع.

(٦) أي غير مقيّد بعدم الزيادة ، بخلاف المبارأة فإنها مقيّدة بعدم الزيادة.

(٧) أي في الوجه الثاني.

(٨) أي المستثنى منه في الآية المتقدمة.

(٩) أي المساوي لما أعطاها الزوج.

(١٠) وفيه : إنه إذا ثبت أصل المنع فلا دليل لخروج المساوي.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من كتاب الخلع حديث ٣.

(٢) سورة النساء ، الآية : ١٩.


بقي الزائد ، وإطلاق الخلع عليه (١) محل نظر ، لأنها (٢) ليست كارهة ، أو الكراهة غير مختصة بها (٣) بحسب الظاهر ، وذكرها (٤) في باب الخلع لا يدل على كونها منه (٥).

(وإذا تم الخلع فلا رجعة للزوج (٦) قبل رجوعها في البذل(وللزوجة)

______________________________________________________

(١) على مثل هذا الطلاق الذي عضلها في البذل فيه.

(٢) أي الزوجة التي أتت بفاحشة ليست كارهة قبل العضل.

(٣) لأن ظاهر الفصل ثبوت الكراهة للزوج أيضا مع المرأة فتكون من المبارأة.

(٤) أي ذكر مسألة عضل الزوجة التي أتت بفاحشة.

(٥) أي من الخلع ، هذا وكان على الشارح أن يذكر النظر في القول الأول كما فعل في المسالك ، وقد تقدم وجه ضعفه فلا نعيد.

(٦) لا خلاف ولا إشكال أنه إذا صح الخلع فلا رجعة له للأخبار

منها : صحيح ابن بزيع (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع ، هل تبين منه بذلك؟ أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال عليه‌السلام : تبين منه ، وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت) (١) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (ولا رجعة للزوج على المختلعة ولا على المبارأة إلا أن يبدو للمرأة فيردّ عليها ما أخذ منها) (٢) ، وموثق أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المختلعة إن رجعت في شي‌ء من الصلح يقول : لأرجعنّ في بضعك) (٣).

ومنها يعرف أنها إذا رجعت في البذل يرجع إليها إن شاء بلا خلاف فيه أيضا. وإنما الكلام في موارد

الأول : هل يعتبر في رجوعها اتفاقهما على ذلك فلو لم يرض الزوج برجوعها في البذل فلا يجوز لها الرجوع كما عن ابن حمزة والشارح في المسالك ونفى عنه البأس في المختلف واستدل له بأن الخلع عقد معاوضة فيعتبر في فسخه رضاهما ، أو لا يعتبر رضاهما في جواز رجوعها في البذل بل يجوز رجوعها في البذل وإن لم يرض الزوج كما هو المشهور لإطلاق النصوص ، بل لصريح صحيح ابن بزيع المتقدم (وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت) ، وهو ظاهر في كفاية رضاها فقط.

المورد الثاني : هل يعتبر في صحة رجوعها فيما بذلت إمكان رجوعه في الطلاق ، بحيث

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ٩.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الخلع حديث ٤ و ٣.


(الرجوع في البذل ما دامت في العدة) إن كانت ذات عدة ، فلو خرجت عدتها ، أو لم يكن لها عدة كغير المدخول بها ، والصغيرة ، واليائسة فلا رجوع لها مطلقا (١) (فإذا رجعت) هي حيث يجوز لها الرجوع صار الطلاق رجعيا يترتب عليه أحكامه (٢) من النفقة ، وتحريم الأخت (٣) والرابعة (٤) (ورجع هو إن شاء) ما دامت العدة باقية ولم يمنع من رجوعه مانع كما (٥) لو تزوج بأختها ، أو رابعة قبل رجوعها (٦)

______________________________________________________

لو كان الطلاق بائنا ولها عدة ، كالطلاق الثالث فهو بائن ولها عدة لأنه مدخول بها غير يائس فلا يجوز لها الرجوع في البذل لأنه لا يمكن للزوج أن يرجع هنا ، لأن الطلاق بائن على كل حال بحسب مورده ، وهذا هو المشهور بين الأصحاب.

وذهب المحقق في الشرائع والعلامة في التبصرة وجماعة إلى عدم اعتبار ذلك تمسكا بإطلاق الأخبار ، واستدل للمشهور بصحيح ابن بزيع وموثق أبي العباس المتقدمين ، الدالين على التلازم بين جواز رجوعها وجواز رجوعه ، ولا أقل من أن التلازم هو مفاد النصوص فقط ، فيبقى جواز رجوعها في مورد عدم جواز رجوعه على أصالة عدم الجواز.

المورد الثالث : فإذا رجعت المرأة بالبذل وجاز للزوج الرجوع فهل يترتب على المرأة أحكام العدة الرجعية من وجوب النفقة والسكنى وتجديد عدة الوفاة لو مات في هذه العدة إلى آخر الأحكام أو لا ، وجهان أو قولان كما في الجواهر.

استدل للأول أن المراد من العدة الرجعية هو ما جاز للزوج الرجوع فيها ، وهنا بعد رجوع المرأة في البذل يجوز للزوج الرجوع فهي في عدة رجعية حينئذ واستدل للثاني بأن العدة ابتدأت على البينونة وأن الخلع طلاق بائن ، وهذا ما يوجب سقوط جميع أحكام العدة الرجعية ، فإذا رجعت في البذل نشك في رجوع أحكام العدة الرجعية وإن جاز للزوج الرجوع ، والاستصحاب يقتضي عدم الرجوع.

(١) أي أصلا ، لأنه يشترط في صحة رجوعها إمكان رجوعه.

(٢) أي أحكام الطلاق الرجعي. وقد تقدم الكلام فيه في المورد الثالث.

(٣) لأن الرجعية بحكم الزوجة ويحرم الجمع بين الأختين.

(٤) أي الرابعة من الزوجات غير المطلقات ، فلا تصح لأن الرجعية زوجة فتكون الجديدة حينئذ خامسة.

(٥) تمثيل للمانع.

(٦) أي رجوعها في البذل.


إن جوزناه (١).

نعم لو طلقها (٢) بائنا في العدة (٣) جاز له الرجوع (٤) حينئذ (٥) فيها (٦) ، لزوال المانع ، ولو كان الطلاق (٧) بائنا (٨) مع وجود العدة كالطلقة الثالثة ففي جواز رجوعها في العدة وجهان. من إطلاق (٩) الإذن فيه (١٠) المتناول له (١١). ومن أن (١٢) جواز رجوعها في البذل مشروط بإمكان رجوعه في النكاح بالنظر إلى الخلع ، لا بسبب أمر خارجي (١٣)

______________________________________________________

(١) أي جوّزنا تزويجه بالأخت أو الرابعة قبل رجوعها بالبذل ، وهذا إشارة إلى أنه يحتمل أنه لا يجوز التزويج بالأخت أو الرابعة قبل رجوعها في البذل ، لأنه متزلزل كالرجعي فيكون في حكم الرجعي ، وإن كان بحسب الظاهر هو بائن بالفعل.

(٢) أي طلق الأخت أو الرابعة.

(٣) أي عدة المختلعة الأولى.

(٤) أي الرجوع إلى المختلعة الأولى.

(٥) أي حين طلاق الأخت أو الرابعة.

(٦) أي في عدة المختلعة الأولى إن رجعت هي بالبذل.

(٧) أي طلاق المختلعة.

(٨) أي أن الطلاق الخلعي لو كان بائنا من غير جهة الخلع كما لو كان ثالثا مع ثبوت العدة لكونها مدخولا بها غير يائس ففي جواز رجوع المختلعة في البذل في أثناء العدة وجهان ، تقدم الكلام فيه في المورد الثاني سابقا.

(٩) دليل لجواز الرجوع في البذل كما عن المحقق والعلامة.

(١٠) في رجوعها بالبذل.

(١١) أي لرجوعها في البذل في هذا المقام ، وهو عدم إمكان رجوعه في الطلاق.

(١٢) دليل على عدم جواز الرجوع في البذل كما هو المشهور.

(١٣) مراد الشارح أن جواز رجوعها مشروط بإمكان رجوعه في الجملة بالنظر إلى أصل الخلع ، وإن امتنع رجوعه بسبب أمر خارجي يمكن زواله ، كالتزويج بالأخت أو الرابعة حيث يمكن زواله بالطلاق البائن أو موتهما ، فلذا لم يمنع التزويج المذكور لو ارتفع قبل رجوع المختلعة في البذل.

أما لو لم يمكن الرجوع للزوج بالنظر إلى أصل الخلع والمراد به أصل الطلاق ، كما في مقامنا حيث وقع الطلاق بائنا لأنه ثالث ، فلا يجوز لها الرجوع في البذل لأنه مشروط بإمكان رجوعه في الطلاق.


يمكن زواله كتزويجه بأختها ، ولأنه (١) برجوعها يصير الطلاق رجعيا ، وهذا (٢) لا يمكن أن يكون رجعيا.

ولا يخفى أن هذين (٣) مصادرة على المطلوب (٤).

لكن المشهور المنع. والوجهان (٥) آتيان فيما لو رجعت ولمّا يعلم (٦) حتى خرجت العدة حيث يمكنه الرجوع لو علم. من إطلاق (٧) الإذن لها في الرجوع ، ولزوم (٨) الإضرار به (٩).

______________________________________________________

(١) لأن الشأن والواقع ، وهو دليل ثان على عدم جواز رجوعها في البذل ، وهو راجع في الحقيقة إلى الأول.

(٢) أي هذا الطلاق الثالث.

(٣) وهما دليل عدم جواز رجوعها في البذل.

(٤) لأنهما عين المتنازع فيه ، لأنه لم لا يجوز أن ترجع هي في البذل وإن لم يمكنه الرجوع في الطلاق.

(٥) من جواز رجوعها في البذل في أثناء العدة وعدم الجواز.

(٦) أي ولما يعلم الزوج بالرجوع ، وبناء على اشتراط التلازم وهو أنه لا يصح لها الرجوع في البذل إلا إذا أمكن له الرجوع في الطلاق فقد وقع البحث بينهم في أنه هل للزوجة الرجوع فيما بذلت من دون أن يعلم الزوج بذلك إلا بعد العدة كما عن العلامة في القواعد نظرا إلى تحقق شرط جواز رجوعها ، وهو جواز الرجوع للزوج واقعا وإن لم يعلم به.

أم ليس لها ذلك كما عن جماعة نظرا إلى أن شرط جواز رجوعها هو علم الزوج برجوعها ليكون له الرجوع إذا أراد ، ويدل عليه موثق أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المختلعة إن رجعت في شي‌ء من الصلح يقول : لأرجعنّ في بضعك) (١) وهو ظاهر في صورة علمه برجوعها ، ولا أقل أنه القدر المتيقن فيبقى غيره على أصالة عدم جواز الرجوع.

(٧) دليل على جواز رجوعها وإن لم يعلم الزوج بذلك في العدة ، ويكون شرط رجوعها في البذل إمكان رجوعه في

الطلاق وإن لم يعلم به.

(٨) دليل على عدم جواز رجوعها إن لم يعلم الزوج بذلك في العدة ، ويكون شرط رجوعها في البذل علمه بالرجوع ليكون له الرجوع إذا أراد.

(٩) ووجه الإضرار أنه لو صح رجوعها بالبذل من غير علمه للزم العود عليه بالبذل مع

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الخلع حديث ٣.


والأقوى الجواز (١) هنا (٢) ، للإطلاق (٣) ، ولأن (٤) جواز رجوعه (٥) مشروط بتقدم رجوعها (٦) فلا يكون (٧) شرطا فيه (٨) ، وإلا (٩) دار (١٠) ، والإضرار (١١) حصل باختياره حيث أقدم على ذلك (١٢) مع أن له (١٣) طريقا إلى الرجعة في

______________________________________________________

فوات البضع عليه ، وهو عين الضرر وهو منفي بالشريعة.

(١) أي جواز رجوعها في البذل.

(٢) وإن لم يعلم الزوج بذلك في العدة.

(٣) أي إطلاق الأدلة الدالة على جواز رجوعها في البذل ، وفيه أن موثق أبي العباس المتقدم هو من جملة الأدلّة على جواز رجوعها في البذل ، وهو ظاهر في صورة علمه برجوعها.

(٤) دليل ثان على الجواز.

(٥) أي رجوع الزوج في الطلاق.

(٦) أي رجوع الزوجة في البذل.

(٧) أي رجوع الزوج في الطلاق.

(٨) في رجوع الزوجة في البذل.

(٩) أي وإن كان جواز رجوعه شرطا في رجوعها كما هو مقتضى اشتراط علمه بالرجوع في جواز رجوعها في البذل.

(١٠) وقد رده الشارح في المسالك بقوله : (والدور إنما يلزم لو توقف رجوعها على رجوعه بالفعل ، أما إذا توقف على جوازه بالقوة بمعنى تمكنه من الرجوع بعد رجوعها فلا) انتهى.

والمعنى أن الذي هو شرط في رجوعها علمه بالرجوع حتى يمكن له الرجوع إليها بعد رجوعها إذا شاء ، وتمكنه من الرجوع إليها بعد رجوعها هو الشرط في رجوعها ، مع أن رجوعها شرط في رجوعه الفعلي لا في تمكنه من الرجوع المذكور فلم يتكرر الحد الأوسط حتى يلزم الدور.

(١١) دفع لدليل عدم جواز رجوعها عند عدم علم الزوج بذلك ، وحاصله أن الضرر المنفي هو الضرر الناشئ من الغير ، أما الضرر الناشئ من نفس المكلف فلا ينفي حكما ، وهنا الضرر ناشئ من نفس الزوج حيث أقدم على خلعها وهو عالم بجواز رجوعها وإن لم يعلم بذلك فهو الذي أقدم على تفويت البضع.

(١٢) أي على الخلع الذي من حكمه جواز رجوعها على هذا الوجه.

(١٣) أي للزوج ، وهذا جواب ثان عن دليل الإضرار ، وهو جواب مبني على عدم الضرر بخلاف الجواب الأول فإنه قد سلم بالضرر إلا أنه من قبل نفسه.


الأوقات المحتملة (١) إلى آخر جزء من العدة.

(ولو تنازعا في القدر) أي قدر الفدية(حلفت) (٢) لأصالة عدم زيادتها عما تعترف به منها ، (وكذا) يقدم قولها مع اليمين(لو تنازعا في الجنس) مع اتفاقهما (٣) على القدر (٤) بأن اتفقا على أنها (٥) مائة لكن ادعى أنها (٦) دنانير وادّعت أنها دراهم ، لأصالة(٧)

______________________________________________________

(١) أي المحتملة لرجوع الزوجة وإن لم يعلم الزوج بالرجوع.

(٢) لو اتفقا على الجنس واختلفا في القدر بأن قال : بذلت ألفا ، فقالت : مائة ، فلا إشكال وظاهرهم عدم الخلاف فيه أن يقدم قولها مع يمينها ، لأن المائة قدر متفق عليه بينهما ومختلفان في الزائد ، وهي منكرة لموافقة قولها أصالة عدم الزيادة.

(٣) إذا اتفقا على وقوع الطلاق بعوض مبذول من جانبها ، واتفقا على قدره واختلفا في جنسه بأن قال : بذلت مائة دينار ، فقالت : بل مائة درهم ، قدّم قولها مع يمينها كما عليه الأكثر ، لأن الزوج هو المدعي بحسب ظاهر كلامه ، وهي بحسب ظاهر كلامها منكرة لما يدعيه الزوج ، ويوافق قولها أصالة البراءة مما يدعيه.

وفي المسالك والروضة هنا أنها تحلف يمينا جامعة بين نفي ما يدعيه وإثبات ما تدعيه ، وفيه أن المنكر وظيفته اليمين على نفي دعوى الخصم فقط ، وأما ما تدعيه فهو ثابت عليها بلا يمين لثبوته بإقرارها.

هذا وعن بعض العامة أنهما يتحالفان ، لأن كلا منهما مدّع ومدّع عليه ، ولا جامع بين دعوى الذهب والفضة ، ومع التحالف يثبت مهر المثل ولا يحكم بفسخ أو انفساخ الطلاق لاتفاقهما على وقوعه بعوض مبذول ، وفي المبسوط جعله أولى ، واستحسنه الشارح في المسالك.

قلت : إن الخلع إذا كان معاوضة حقيقية واختلفا في جنس العوض ، فكل منهما مدع ومدع عليه ، لأن تشخيص المعاوضة بما يدعيه أحدهما من العوض مغاير للمعاوضة على ما يدعيه الآخر ، وتجري ضابطة التحالف ، إلا أن الخلع طلاق بحسب واقعه وإن اشتمل على معاوضة من الفداء في قبال البضع ، فالخلع واقع على كل حال ، والزوج مدع والمرأة غير مدعية على الزوج شيئا فلا بد من قاعدة اليمين على من أنكره كما عليه الأكثر.

(٤) أي الفدية.

(٥) أي الزوج.

(٦) أي المائة.

(٧) تعليل لتقديم قولها مع اليمين ، وهي أصالة البراءة مما يدعيه.


عدم استحقاق ما يدعيه ، ولأنه مدّع (١) فعليه البينة ، فتحلف يمينا جامعة بين نفي ما يدعيه ، وإثبات ما تدعيه (٢) فينتفي مدعاه ، وليس له (٣) أخذ ما تدعيه (٤) ، لاعترافه بأنه لا يستحقه (٥). وينبغي جواز أخذه (٦) مقاصة ، لا أصلا (٧).

ويحتمل تحالفهما لأن كلا منهما منكر لما يدعيه صاحبه ، وهي (٨) قاعدة التحالف ، وحينئذ (٩) فيسقط ما تداعياه بالفسخ (١٠) أو الانفساخ (١١) ، ويثبت مهر المثل ، إلا أن أصحابنا أعرضوا عن هذا الاحتمال رأسا ، ومخالفونا جزموا به(أو الإرادة) (١٢)

______________________________________________________

(١) أي مدع بحسب ظاهر قوله.

(٢) لا داعي للحلف على ما تدعيه حتى يثبت

أولا : لأن المنكر لا يحلف على إثبات ما يدعيه بل يحلف على نفي دعوى الخصم.

وثانيا : أن ما يدعيه المنكر ثابت في حقه لإقراره به.

(٣) أي للزوج.

(٤) أي تدعيه المرأة من مائة درهم ، لأنه يدعي ثبوت مائة دينار ، والدينار مغاير للدرهم ، إذ الأول من الذهب والثاني من الفضة.

(٥) أي لا يستحق ما تدعيه المرأة.

(٦) أي أخذ الزوج لما تدعيه المرأة من باب التقاص ، وليس من باب الاستحقاق ، وفيه أنه قد ثبت في كتاب القضاء قاعدة إذهاب اليمين بحق المدعي ، وأنه لا يجوز التقاص بعد اليمين بلا خلاف فيه بينهم.

(٧) أي من كل وجه.

(٨) أي مسألة إنكار كل منهما لما يدعيه الآخر.

(٩) أي حين التحالف.

(١٠) بأن يفسخ كل منهما ما يدعيه من دون يمين.

(١١) بسبب اليمين.

(١٢) بحيث اتفقا على ذكر القدر ، واتفقا على عدم ذكر الجنس لفظا ، واتفقا على أنهما قد أرادا جنسا معينا اتفقت إرادتهما عليه ، ولكن الآن اختلفا في ذلك الجنس الذي أراداه حالة العقد ، بأن قالت له : طلقني على ما مائة فطلقها بها ، ثم قال : أردنا بها مائة دينار ، فقالت : بل مائة درهم ، فعن المحقق وجماعة أن القول قولها مع يمينها ، لأن العقد صحيح في نفسه حيث اتفقا على إرادة جنس معين والإرادة كافية في صحة العقد وإن لم يتلفظ بها ، وحينئذ فيرجع الاختلاف في الإرادة إلى الاختلاف في الجنس المعين ، فيرجع


مع اتفاقهما عليها (١) بأن اتفقا على ذكر القدر وعدم ذكر الجنس لفظا ، وعلى إرادة جنس معين لكن اختلفا في الجنس المراد.

وإنما كان القول قولها فيها (٢) ، لأن الاختلاف في إرادتها ولا يطّلع عليها إلا من قبلها فيقدم قولها فيها (٣).

ويشكل بأن المعتبر إرادتهما معا للجنس المعين ، ولا تكفي إرادتها خاصة ، وإرادة كل منهما لا يطلع عليها إلا من قبله (٤).

ولو علل (٥) بأن الإرادة إذا كانت كافية عن ذكر الجنس المعين (٦) كان الاختلاف فيها (٧) اختلافا في الجنس المعين (٨) فتقديم قولها من هذه الحيثية (٩) لا

______________________________________________________

إليها فيه ، ولأن الاختلاف في إرادتها ولا يطّلع عليها إلا من قبلها.

وفيه أن الاختلاف في الجنس المعين لا يقتضي الرجوع إليها وتقديم قولها ، بل يقتضي التحالف كما هو قول في المسألة ، وبأن الاختلاف هنا يرجع إلى تعيين ما اتفقا عليه من الإرادة ، فالمعتبر إرادتهما معا لا إرادتها فقط ، وإرادة كل منهما لا يطلع عليها إلا من قبله ، فلذا استوجه الشارح في المسالك التحالف وهو القول الثاني في المسألة ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه يبطل الخلع هنا ، لأن البذل هنا أصبح مجهولا وهو يقتضي الفساد ، وفيه أن المجهولية المانعة هي الواقعة حال العقد ، مع أنهما متفقان على عدمها وإنما حصلت الجهالة بتنازعهما في المراد.

(١) على الإرادة وحينئذ فالاختلاف على المراد من الجنس.

(٢) في مسألة الإرادة.

(٣) في الإرادة ، وهذا هو قول المحقق وجماعة.

(٤) أي من قبل كل منهما.

(٥) أي علّل الحكم بتقديم قولها بما يأتي فلا إشكال.

(٦) والإرادة كافية لأنه لا يشترط في صحة البذل ذكر الجنس لفظا ، بل يكفي في الصحة إرادته.

(٧) في الإرادة.

(٨) ومع الاختلاف في الجنس المعين يقدم قول المرأة مع يمينها على ما تقدم بيانه.

(٩) أي حيثية كون الاختلاف اختلافا في الجنس المعين فلا إشكال ، لأن الإشكال وارد لو كان تقديم قولها من جهة كون الاختلاف في الإرادة ، فتخصيص تقديم إرادتها دون إرادتهما مشكل.


من جهة تخصيص الإرادة.

وقال الشيخ : يبطل الخلع هنا (١) مع موافقته (٢) على السابق (٣) ، وللقول بالتحالف هنا (٤) وجه كالسابق (٥).

ولو كان اختلافهما في أصل الإرادة (٦) مع اتفاقهما على عدم ذكر الجنس فقال أحدهما : أردنا جنسا معينا ، وقال الآخر : إنا لم نرد ، بل اطلقنا ، رجع النزاع إلى دعوى الصحة والفساد. ومقتضى القاعدة تقديم مدعيها (٧) منهما مع يمينه.

ويحتمل تقديم منكرها (٨)

______________________________________________________

(١) في الإرادة.

(٢) أي موافقة الشيخ.

(٣) من تقديم قولها مع اليمين إذا كان الاختلاف في الجنس ، والفرق بين قوليه غير واضح ، لأن الاختلاف في الإرادة راجع إلى الاختلاف في الجنس ، فلم حكم ببطلان الخلع في الأول وبصحته مع تقديم قولها في الثاني.

(٤) في الإرادة.

(٥) أي فيما لو اختلفا في الجنس مع اتفاقهما على القدر.

(٦) بحيث يدعي أحدهما إرادة جنس والآخر ينكرها ، وذلك لو اتفقا على عدم ذكر الجنس ، فقال أحدهما : أردنا جنسا معينا ، وقال الآخر : لم نرد جنسا بل أطلقنا ، فيرجع النزاع إلى دعوى الصحة والفساد ، لأن مدعي إرادة الجنس يدعي صحة الخلع ، والآخر يدعي بطلانه ، لأن الخلع مشروط بتحديد العوض جنسا وقدرا.

ومن المعلوم تقديم مدعي الصحة مع يمينه ، لأصالة الصحة في العقود ، وعن التحرير تقديم قول المرأة هنا سواء كانت دعواها الإرادة أم عدمها ، لأن مرجع النزاع إلى وجود إرادتها وعدمه ، ولا يطلع عليها إلا من قبلها فيقدم قولها مع يمينها ، وفيه : ما تقدم أن مرجع الاختلاف والنزاع إلى إرادتهما معا لا إلى إرادتها فقط ، وإرادة كل منهما لا يطلع عليها إلا من قبله.

وعن القواعد تقديم منكر الإرادة لموافقة قوله أصالة عدم الإرادة ، فيحلف ويحكم ببطلان الخلع ، وفيه أنهما متفقان على وقوع الخلع بعوض مبذول من جانبها ، فلا تسمع دعوى منكر إرادة الجنس حينئذ.

(٧) أي مدعي الصحة وهو مدعي إرادة الجنس.

(٨) أي منكر الإرادة.


والبطلان (١) ، لأصالة عدمها (٢). وهو ظاهر القواعد ، وتقديم (٣) قول المرأة ، لرجوع النزاع إلى إرادتها كما هو ظاهر التحرير ،

وفيه ما ذكر (٤).

(ولو قال : خلعتك على ألف في ذمتك فقالت : بل في ذمة زيد حلفت على الأقوى (٥) ، لأنه مدع وهي منكرة لثبوت شي‌ء في ذمتها فكانت اليمين عليها. وقال ابن البرّاج : عليه اليمين ، لأن الأصل في مال الخلع أن يكون في ذمتها ، فإذا ادعت كونه (٦) في ذمة غيرها لم تسمع ، لأصالة عدم انتقالها عن ذمتها. وعلى الأول (٧) لا عوض عليها ، ولا على زيد ، إلا باعترافه (٨) ، وتبين منه بمقتضى دعواه (٩).

ومثله (١٠) ما لو قالت (١١):

______________________________________________________

(١) أي بطلان الخلع مع اليمين.

(٢) أي عدم الإرادة.

(٣) أي ويحتمل تقديم قول المرأة.

(٤) من أن النزاع يرجع إلى إرادتهما معا لا إلى إرادتها خاصة.

(٥) وهو قول الشيخ ومشهور المتأخرين ، لأصالة براءة ذمتها من العوض ، ولأنه يدعي شغل ذمتها ، فهو المدعي وهي المنكرة فيقدم قولها مع يمينها ، ولو حلفت فيسقط عنها العوض ، ولا يلزم زيدا بمجرد دعوى الرجل بل يتوقف على اعترافه بذلك ، وتبين المرأة منه بمجرد دعواه ، لأنه معترف بخلعها على الوجه الصحيح شرعا.

وعن ابن البراج أن القول قوله مع يمينه ، وعليها البينة ، لأن الأصل في حال الخلع أن يكون في ذمة الزوجة ، وفيه أنه أصل غير ثابت بناء على جواز التبرع من الأجنبي.

(٦) أي كون حال الخلع.

(٧) من تقديم قولها مع اليمين.

(٨) أي اعتراف زيد.

(٩) أي دعوى الزوج ، لأنه معترف بخلعها على الوجه الصحيح شرعا.

(١٠) أي ومثل الفرع المتقدم من تقديم قولها مع اليمين.

(١١) أي فيما لو قالت في جواب دعواه السابقة عند ما قال : خلعتك على ألف في ذمتك ، فقالت : بل خالعك فلان والعوض عليه ، فهي منكرة لوقوع العقد معها ، فيقدم قولها مع اليمين لأصالة براءة ذمتها من العوض ، ولأصالة عدم وقوع العقد منها ، ولا شي‌ء


بل خالعك فلان والعوض عليه ، لرجوعه (١) إلى إنكارها الخلع من قبلها ، أما لو قالت : خالعتك على ألف ضمنها فلان عني ، أو دفعتها ، أو أبرأتني ، ونحو ذلك (٢) فعليها المال مع عدم البينة (٣).

(والمبارأة) وأصلها المفارقة. قال الجوهري (٤) : تقول : بارأت شريكي إذا فارقته ، وبارأ الرجل امرأته (٥) (وهي كالخلع (٦) في الشرائط والأحكام(إلا أنها) تفارقه (٧) في أمور :

منها : أنها (٨) (تترتب على كراهية كل من الزوجين) لصاحبه. فلو كانت

______________________________________________________

للزوج على الأجنبي لاعترافه بأن الخلع لم يجر معه ، وتحصل البينونة لاعتراف الزوج بوقوع الخلع على الوجه الصحيح ، وهذا مبني على صحة تبرع الأجنبي ، نعم لو قلنا بفساد تبرع الأجنبي كما هو المشهور فهي تدعي فساد الخلع وهو يدعي صحته فيقدم قوله مع يمينه كما هو واضح لقاعدة تقديم مدعي الصحة على مدعي الفساد.

(١) أي رجوع النزاع.

(٢) بحيث يدعي عليها عوض الخلع فتعترف بلزومه لها ابتداء ، وتعترف بوقوع العقد معها ، ولكن ادعت أنه ضمنه عنها فلان ، أو أبرأها منه ، أو دفعته إليه فهي المدعية وهو المنكر ، لأصالة عدم وصول حقه من مال الخلع إليه بعد اعترافها بثبوت هذا الحق له ، فيقدم قوله مع يمينه ، ولا يقبل قولها إلا بالبينة.

(٣) أي مع عدم البينة منها وصدور اليمين منه.

(٤) في الصحاح.

(٥) أي إذا فارقها.

(٦) اعلم أن المبارأة طلاق بعوض مترتب على كراهة كل من الزوجين صاحبه ، ولها أحكام تخصها ، وأحكام تشترك مع الخلع فيها ، وشرائط الخالع والمختلعة والعوض أحكام مشتركة ، فلذا اقتصروا على الأحكام التي تخص المباراة وهي قليلة

منها : أن المباراة مشروطة بكراهية كل من الزوجين بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : موثق سماعة (سألته عن المباراة كيف هي؟ فقال : يكون للمرأة شي‌ء على زوجها من مهر أو من غيره ، ويكون قد أعطاها بعضه فيكره كل واحد منهما صاحبه ، فتقول المرأة لزوجها : ما أخذت منك فهو لي وما بقي عليك فهو لك ، وأبارئك فيقول الرجل لها : فإن أنت رجعت في شي‌ء مما تركت فأنا أحق ببضعك) (١).

(٨) أي المباراة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلع والمبارأة حديث ٣.


الكراهة من أحدهما خاصة ، أو خالية عنهما (١) لم تصح بلفظ المباراة. وحيث كانت الكراهة منهما(فلا تجوز الزيادة) في الفدية(على ما أعطاها) من المهر (٢) ، بخلاف الخلع حيث كانت الكراهة منها (٣) فجازت الزيادة (٤) ، ونبّه (٥) بالفاء (٦) على كون هذا الحكم (٧) مرتبا على الكراهة منهما ، وإن كان (٨) حكما آخر يحصل به الفرق بينها (٩) ، وبين الخلع.

(و) منها (١٠)

______________________________________________________

(١) أي كانت المباراة خالية عن كراهة الزوجين.

(٢) ومن جملة الأحكام التي تختص بها المبارأة أنه لا يحلّ له الزائد عما أعطاها بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (المباراة يؤخذ منها دون الصداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شئت) (١) ، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المبارأة تقول المرأة لزوجها ـ إلى أن قال ـ ولا يحلّ لزوجها أن يأخذ منها إلا المهر فما دونه) (٢) ، ومرسل الصدوق (روي أنه لا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها ، بل يأخذ منها دون مهرها ، والمبارأة لا رجعة لزوجها عليها) (٣).

وإنما الخلاف في أنه هل يجوز له أخذ المهر كملا كما عليه المشهور كما هو مفاد صحيح أبي بصير المتقدم ، أو لا بد أن يأخذ ما دون المهر كما عن الصدوقين والعماني كما هو مفاد صحيح زرارة ومرسل الصدوق المتقدمين.

(٣) من الزوجة.

(٤) فهو اعتبار عقلي غير منصوص.

(٥) أي المصنف.

(٦) في قوله (فلا تجوز الزيادة على ما أعطاها).

(٧) من عدم جواز الزيادة.

(٨) أي عدم جواز الزيادة.

(٩) بين المباراة.

(١٠) أي ومن الأمور التي تفارق المباراة الخلع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الخلع حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الخلع حديث ٤ و ٢.


أنه (١) (لا بد منها من الاتباع بالطلاق (٢) على المشهور ، بل لا نعلم فيه مخالفا ، وادعى جماعة أنه اجماع ، (ولو قلنا في الخلع : لا يجب) اتباعه بالطلاق ، وروي أنها (٣) لا تفتقر

______________________________________________________

(١) أن الشأن والواقع.

(٢) في المبارأة.

(٣) أي إتباع صيغتها بالطلاق ، على المشهور بين الأصحاب ، وادعى عليه الإجماع المحقق في الشرائع وجماعة ، وإن تم فهو الحجة وإلا فالأخبار الواردة في المقام تدل على افتقار صيغتها إلى الطلاق وهي : خبر حمران (سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يتحدث قال : المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما ، لأن العصمة منها قد بانت ساعة كان ذلك منها ومن الزوج) (١) ، وموثق جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المبارأة تكون من غير أن يتبعها الطلاق) (٢) ، وصحيح ابن بزيع (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع هل تبين منه بذلك ، أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق ، قال : تبين منه) (٣).

وقد حملها الشيخ على التقية وفيه : أن المباراة لا يستعملها العامة كما في المسالك ، ولا يعتبرون فيها ما يعتبره أصحابنا ، بل يجعلونها من جملة كنايات الخلع أو الطلاق ، فلا وجه لحمل ما ورد من أحكامها على التقية ، مع أنه لا معارض لها من الأخبار حتى تحمل على التقية.

وقد حملها صاحب الجواهر على ما لو كانت المبارأة بصيغة الخلع فلا تحتاج إلى الطلاق ، وحمل فتوى الأصحاب على الاحتياج إلى الطلاق فيما لو كانت المباراة بغير صيغة الخلع بل بالكنايات ، وفيه أنه على خلاف ظاهر النصوص والفتاوى نعم قال الشيخ في التهذيب : الذي عمل عليه في المبارأة أنه لا يقع بها فرقة ما لم يتبعها بطلاق ، وهو مذهب جميع أصحابنا المحصلين من تقدم منهم ومن تأخر ، وفي كلامه إيذان بوجود المخالف ، لأنه نسب القول إلى المحصلين من الأصحاب لا إلى الأصحاب مطلقا.

وعلى كل فإن هذه الأخبار الدالة على عدم إتباع المبارأة بالطلاق بمرأى منهم ومسمع وقد أعرضوا عنها فيشكل الاعتماد عليها ، واتفاقهم على نحو يفيد الإجماع الكاشف عن قول المعصوم أشكل ، والاحتياط سبيل النجاة.

(٤) أي المبارأة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الخلع حديث ٣ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الخلع حديث ٩.


أيضا إلى الاتباع ، وربما كان به قائل ، لأن الشيخ نسب في كتابي (١) الحديث القول بلزوم اتباعها بالطلاق إلى المحصلين من أصحابنا ، وهو يدل بمفهومه على مخالف منهم غير محصّل. والمحقق في النافع نسبه إلى الشهرة وكيف كان فالعمل به (٢) متعين.

وصيغتها(بارأتك) بالهمزة (٣) (على كذا) فأنت طالق.

ومنها أن صيغتها لا تنحصر في لفظها ، بل تقع بالكنايات الدالة عليها كفاسختك على كذا أو أبنتك ، أو بتتك ، لأن البينونة تحصل بالطلاق وهو صريح ، بخلاف الخلع على القول المختار فيه (٤) ، وينبغي على القول بافتقاره (٥) إلى الطلاق أن يكون كالمباراة.

(ويشترط في الخلع والمباراة شروط الطلاق) من كمال الزوج (٦) ، وقصده ، واختياره (٧) ، وكون المرأة طاهرا طهرا لم يقاربها فيها بجماع إن كانت مدخولا بها حائلا غير يائسة ، والزوج حاضرا ، أو في حكمه (٨) ، وغيرها من الشروط.

______________________________________________________

(١) وهما التهذيب والاستبصار.

(٢) بالاتباع.

(٣) قد تقدم عدم اعتبار لفظ خاص في الخلع ، وكذا الكلام في صيغة المبارأة كما في الخلع من الافتقار إلى بذل من المرأة والقبول من الزوج ، وأن يقول : بارأتك على كذا فأنت طالق ، ولو قال : بدلا من بارأتك : فاسختك أو أبنتك أو بنتك أو غيره من الألفاظ الدالة على الفرقة متبعا لها بالطلاق صح ، لأن الطلاق بالعوض ليس إيقاعا خارجا عن الخلع أو المبارأة ، بل هو إما خلع وإما مباراة ، فإن قصد به الخلع وقد جمع شروطه فهو خلع ، وإن قصد به المبارأة وقد جمع شروطها فهو مبارأة وإلا فهو طلاق رجعي أو بائن بحسب مورده.

وعلى كل فالطلاق المتعقب للصيغة هو كاف في البينونة مهما كان اللفظ الدال على الفرقة في المبارأة.

(٤) من أنه لا يجب إتباع الخلع بالطلاق.

(٥) أي بافتقار الخلع.

(٦) من البلوغ والعقل.

(٧) وهذه الأمور الأربعة شروط للزوج.

(٨) أي حكم الزوج الحاضر وهو الغائب القادر على استعلام حالها ، وقد تقدم في الخلع أن الخلع وكذا المبارأة طلاق فيشترط فيهما جميع شرائط الطلاق ، والدليل هو الدليل.


كتاب الظهار



(كتاب الظهار (١)

______________________________________________________

(١) الذي هو مصدر (ظاهر) مثل (قاتل) مأخوذ من الظهر ، وفي مصباح المنير (ظاهر من امرأته ظهارا مثل قاتل قتالا ، وتظهر إذا قال لها : أنت عليّ كظهر أمي ، إنما خصّ ذلك بالظهر ، لأن الظهر من الدابة موضع الركوب ، والمرأة مركوبة وقت الغشيان ، فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة ، ثم شبّه ركوب الزوجة بركوب الأم الذي هو ممتنع ، وهو استعارة لطيفة) انتهى.

هذا وكان الظهار في الجاهلية طلاقا محرّما أبدا ، فغيّر الشارع حكمه إلى التحريم ولزوم الكفارة بالعود.

ثم إن حقيقته الشرعية تشبيه الزوج زوجته بمحرمة عليه نسبا أو رضاعا أو مصاهرة على ما سيأتي من الخلاف فيه ، والأصل فيه قوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللّٰهُ قَوْلَ الَّتِي تُجٰادِلُكَ فِي زَوْجِهٰا وَتَشْتَكِي إِلَى اللّٰهِ ، وَاللّٰهُ يَسْمَعُ تَحٰاوُرَكُمٰا إِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسٰائِهِمْ ، مٰا هُنَّ أُمَّهٰاتِهِمْ ، إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ ، وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ، وَإِنَّ اللّٰهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ، وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا ، ذٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللّٰهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ شَهْرَيْنِ مُتَتٰابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعٰامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ، ذٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللّٰهِ وَرَسُولِهِ ، وَتِلْكَ حُدُودُ اللّٰهِ ، وَلِلْكٰافِرِينَ عَذٰابٌ أَلِيمٌ) (١).

والسبب في نزولها على ما في صحيح حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إن امرأة من المسلمين أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله إن فلانا زوجي قد نثرت له بطني ، وأعنته على دنياه وآخرته ، د فلم ير مني مكروها ، وأنا أشكوه إلى الله وأليك ، قال : فما تشكينه؟ قالت : إنه قال لي اليوم : أنت عليّ حرام كظهر

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآيات : ١ ـ ٤.


.................................................................................................

______________________________________________________

أمي ، وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمري.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنزل الله عليّ كتابا أقضي به بينك وبين زوجك ، وأنا أكره أن أكون من المتكلفين فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله وإلى رسوله ، وانصرفت فسمع الله محاورتها لرسوله وما شكت إليه فأنزل إليه عزوجل بذلك قرآنا : بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ـ إلى قوله تعالى ـ وإن الله لعفوّ غفور ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المرأة فأتته فقال لها : جئني بزوجك فأتته به ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد أنزل الله فيك قرآنا فقرأ عليه ما أنزل الله من قوله : قد سمع إلى قوله وإن الله لعفوّ غفور.

فضمّ امرأتك إليك فإنك قد قلت منكرا من القول وزورا قد عفا الله عنك وغفر لك فلا تعد. فانصرف الرجل وهو نادم على ما قال لامرأته ، وكره الله ذلك للمؤمنين بعد ، فأنزل الله عزوجل : (الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا) ، يعني ما قال الرجل الأول لامرأته : أنت عليّ حرام كظهر أمي ، قال : فمن قالها بعد ما عفا الله وغفر للرجل الأول فإن عليه تحرير رقبة ـ إلى آخر الآيات المتقدمة ثم قال : ـ فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا) (١).

وهذا الرجل الذي هو مورد نزول آية الظهار هو أوس بن الصامت على ما في خبر أبان وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رجل على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له : أوس بن الصامت ، وكان تحته امرأة يقال لها : خولة بنت المنذر) (٢) الحديث ، وفي خبر النعماني عن علي عليه‌السلام قال : (وأما المظاهرة في كتاب الله فإن العرب كانت إذا ظاهر الرجل منهم من امرأته حرمت عليه إلى آخر الأبد ، فلما هاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان بالمدينة رجل من الأنصار يقال له : أوس بن الصامت ، وكان أول رجل ظاهر في الإسلام فجرى بينه وبين امرأته كلام فقال لها : أنت عليّ كظهر أمي ، ثم إنه ندم على ما كان منه ، فقال : ويحك إنا كنا في الجاهلية تحرم علينا الأزواج في مثل هذا قبل الإسلام ، فلو أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسأليه عن ذلك فجاءت المرأة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبرته) (٣) الحديث.

إذا تقرر ذلك فاعلم أن الظهار محرم بلا خلاف فيه بين العلماء لتوصيفه بالمنكر وبالزور في الآية المتقدمة ، وهما محرمان مع تصريح صحيح حمران المتقدم بقوله (فجعل الله عقوبة

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الظهار حديث ١ و ٤.


وهو فعال من الظهر ، اختصّ به (١) الاشتقاق (٢) ، لأنه (٣) محل الركوب في المركوب ، والمراد به هنا (٤) تشبيه المكلف من يملك نكاحها بظهر محرمة عليه أبدا بنسب ، أو رضاع. قيل : أو مصاهرة (٥) ، وهو (٦) محرم وإن ترتبت عليه الأحكام (٧) لقوله (٨) تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) (٩) ، لكن قيل : إنه لا عقاب فيه(١٠) ،

______________________________________________________

من ظاهر بعد النهي هذا).

وقيل : إنه لا عقاب فيه بمعنى لا عقاب عليه في الآخرة ، لتعقيبه بالعفو في قوله تعالى : (وَإِنَّ اللّٰهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (١) وهو يستلزم نفي العقاب ، وهو قول لم يتحقق أنه لواحد من أصحابنا كما في الجواهر ـ وقال في المسالك عنه : (هذا القول ذكره بعض المفسرين ولم يثبت عن الأصحاب) وعلى كل ففيه نظر واضح لأن توصيفه نفسه بالعفو والغفران لا يستلزم فعليتهما ، وذكر التوصيف بعد الفعل المحرم لا يدل على العفو عنه ألا ترى قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ فِيمٰا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلٰكِنْ مٰا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكٰانَ اللّٰهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٢) ولم يذهب أحد إلى نفي العقاب عما تعمدته القلوب.

وهذا كله بالنظر إلى نفس الآية الشريفة ، وإلا فقد عرفت التصريح في صحيح حمران بأن العفو إنما هو لأول الفاعلين فقط وأن الظهار معصية موجبة للكفارة.

(١) أي بالظهر.

(٢) أي اشتقاق الظهار دون البطن ونحوه.

(٣) أي الظهر.

(٤) أي والمراد بالظهار في الشرع ، وهو بيان لحقيقته الشرعية.

(٥) وسيأتي الكلام فيه.

(٦) أي الظهار.

(٧) قد يقال : إن النهي يقتضي الفساد ، فيجب عدم ترتب الأحكام على المحرم لأنه فاسد ، ولكنه يقال : إن النهي في غير العبادات لا يقتضي الفساد ، ولذا تترتب عليه الأحكام.

(٨) تعليل لحرمة الظهار.

(٩) سورة المجادلة ، الآية : ٢.

(١٠) في الظهار.

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٢.

(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٥.


لتعقبه (١) بالعفو.

ويضعّف بأنه (٢) وصف مطلق (٣) فلا يتعين كونه (٤) عن هذا الذنب المعين)

(وصيغته (٥)

______________________________________________________

(١) أي لتعقب الظهار المحرم بالعفو في الآية الشريفة.

(٢) أي بأن العفو.

(٣) بمعنى أننا لا نشك في أنه تعالى عفو غفور سواء عفى عن هذا الذنب الخاص أم لم يعف.

(٤) أي كون العفو.

(٥) أي صيغة الظهار ، اعلم أن موضع الوفاق من صيغ الظهار قوله : أنت عليّ كظهر أمي ففي خبر أبان وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (فقالت : يا رسول الله إن زوجي قال لي : أنت علي كظهر أمي) (١) وفي صحيح حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (قالت : إنه قال لي اليوم : أنت عليّ حرام كظهر أمي) (٢) ، وفي خبر النعماني عن علي عليه‌السلام في حديث : (وكان أول رجل ظاهر في الإسلام فجرى بينه وبين امرأته كلام فقال لها : أنت عليّ كظهر أمي) (٣).

وكذا يتحقق فيما لو قال بدل (أنت) : هذه أو فلانة أو زوجتي المعينة أو ما شاكل ذلك من الألفاظ الدالة على تمييزها بلا خلاف فيه ، لظهور المثالية فيما ورد من النصوص بلفظ (أنت).

وكذا لا عبرة باختلاف ألفاظ الصلات فلو قال بدل (عليّ) : منّي وعندي ولديّ ومعي أو نحو ذلك ، لظهور المثالية فيما ورد من النصوص بلفظ (عليّ) ، بل الظاهر عدم اعتبار الصلة فلو قال : أنت كظهر أمي صح كما لو قال : أنت طالق كما عليه الأكثر. وعن العلامة في التحرير عدم الصحة ، لأن الزوجة في حبسه دون حبس غيره فلا داعي لذكر الصلة هنا فلو قال : أنت طالق ، فالمفهوم منه أنها طالق من خصوص زوجها بخلاف الظهار فالزوجة محرمة على غير الزوج حرمة ظهر أمه عليه ، فلو قال الزوج لها : أنت كظهر أمي ، فقد يريد أنها على غيره كظهر أمه عليه ولذا لا بد من ذكر الصلة في الظهار ، وإن استغنى الطلاق عنها.

وكذا لا عبرة باختلاف ألفاظ التشبيه فلو قال : أنت علي مثل ظهر أمي صح الظهار بلا خلاف فيه لظهور المثالية فيما ورد من النصوص بلفظ (كظهر).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الظهار حديث ١ و ٢ و ٤.


(هي) ، أو أنت ، أو هذه ، أو فلانة (١) (عليّ) ، ونحوه (٢) ، أو محذوف الصلة (٣) (كظهر أمي ، أو أختي ، أو بنتي) أو غيرهن (٤) من المحرمات(ولو (٥) من الرضاع على الأشهر) في الأمرين وهما : وقوعه (٦) بتعليقه (٧) بغير الأم من المحارم النسبيات. ومحرمات (٨) الرضاع مطلقا (٩).

ومستند عموم الحكم في الأول (١٠)

______________________________________________________

(١) وهذه هي الألفاظ الدالة على تمييزها.

(٢) مثل مني وعندي ولديّ ومعي وهذه هي الألفاظ الدالة على اختلاف الصلة.

(٣) كقوله : أنت كظهر أمي.

(٤) كالجدة والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت.

(٥) لو وصلية.

(٦) أي الأمران.

(٧) وقوع الظهار.

(٨) أي ووقوعه بتعليقه بمحرمات الرضاع.

(٩) حتى الأم.

(١٠) أي في وقوع الظهار بتعليقه بغير الأم من المحارم النسبيات ، هذا واعلم أن المشهور على الوقوع لصحيح زرارة (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الظهار ، فقال : هو من كل ذي محرم من أمّ أو أخت أو عمة أو خالة ، ولا يكون الظهار في يمين) (١) ، وصحيح جميل (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقول لامرأته : أنت عليّ كظهر عمته أو خالته ، قال : هو الظهار) (٢) ومرسل يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث الظهار (قال عليه‌السلام : وكذلك إذا هو قال : كبعض المحارم فقد لزمته الكفارة) (٣).

وعن الشيخ في الخلاف وابن إدريس أنه لا يقع بغير الأم عملا بظاهر قوله تعالى : (الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسٰائِهِمْ مٰا هُنَّ أُمَّهٰاتِهِمْ ، إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ) (٤) ، وصحيح سيف التمار (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقول لامرأته : أنت عليّ كظهر أختي أو عمتي أو خالتي ، قال : إنما ذكر الله الأمهات ، وإن هذا لحرام) (٥).

وأورد عليهم الشارح في المسالك : (بأن تخصيص الأم في الآية لا ينفي غيرها ، كما

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الظهار حديث ١ و ٢ و ٤.

(٤) سورة المجادلة ، الآية : ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الظهار حديث ٣.


مع أن ظاهر الآية ، وسبب الحكم (١) تعلقه (٢) بالأم صحيحتا (٣) زرارة ، وجميل عن الباقر والصادق عليهما الصلاة والسلام الدالتان عليه (٤) صريحا ، ولا شاهد (٥) للتخصيص بالأم النسبية في قوله تعالى : (مٰا هُنَّ أُمَّهٰاتِهِمْ) ، لأنه (٦) لا ينفي غير الأم (٧) ، ونحن نثبت غيرها (٨) بالأخبار الصحيحة ، لا بالآية ولا في صحيحة (٩) سيف التمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له الرجل يقول لامرأته : أنت عليّ كظهر أختي ، أو عمتي ، أو خالتي قال : فقال : «إنما ذكر الله تعالى الأمهات وإن هذا لحرام» ، لأن (١٠) عدم ذكره (١١) لغيرهن (١٢)

______________________________________________________

لا يدل على ثبوته ، ونحن نثبته بالأخبار الصحيحة ، لا بالآية ، وعدم ذكر غير الأمهات المحتج به في رواية سيف لا يدل على نفيه أيضا ، مع أنه أجاب بالتحريم ولعل السائل استفاد مقصوده منه ، إذ ليس في السؤال ما يدل على موضع حاجته) انتهى. والأولى الرد بأن صحيح سيف لا يمكن معارضة الصحيحين المتقدمين المؤيدين بالشهرة بل بدعوى الإجماع.

(١) أي سبب حكم الظهار هو قول أوس بن الصامت لزوجته : أنت عليّ كظهر أمي كما تقدم في صحيح حمران وخبر أبان المتقدمين (١).

(٢) أي تعلق الظهار بالأم فقط.

(٣) خبر لقوله (ومستند الحكم).

(٤) على عموم حكم الظهار بغير الأم.

(٥) رد للدليل الأول الذي تمسك به المخالف.

(٦) أي قوله تعالى.

(٧) أي لا ينفي الظهار عن غير الأم ، لأن الآية تثبت الظهار بالأم ، وإثبات الشي‌ء لا يعني نفيه عما عداه.

(٨) غير الأم.

(٩) عطف على قوله تعالى ، والمعنى ولا شاهد للتخصيص بالأم النسبية في صحيحة سيف.

(١٠) تعليل لعدم الشاهد فيها للتخصيص.

(١١) أي عدم ذكر الله في الصحيح المتقدم.

(١٢) أي لغير الأمهات.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الظهار حديث ٢ و ١.


لا يدل على الاختصاص (١) ، ولا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة (٢) ، أو الخطاب (٣) ، لأنه عليه‌السلام أجاب بالتحريم ، ولعل السائل استفاد مقصوده منه إذ ليس في السؤال ما يدل على موضع حاجته.

ومستند عمومه (٤) في الثاني (٥) قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يحرم من الرضاع ما يحرم من

______________________________________________________

(١) أي اختصاص الظهار بالأمهات فقط.

(٢) أي وقت الامتثال.

(٣) أي وقت صدوره ، والفرق بينهما واضح على أنه قد حرر في محله من علم الأصول ، هذا واعلم أن الشارح قد حمل قوله عليه‌السلام في صحيح سيف (وإن هذا لحرام) على أن المذكور في الآية من الظهار المتعلق بالأمهات حرام ، ولكن حكم الظهار غير مختص بهن.

وعليه يأتي أشكال عليه بأن السائل قد سأل عن حكم الظهار المتعلق بغير الأمهات فلو كان جواب المعصوم عليه‌السلام عن الظهار بالأمهات مع السكوت عن غيرهن للزم منه تأخير الجواب عن وقت الحاجة أو الخطاب وهو قبيح.

ورده الشارح بأن قوله عليه‌السلام (إن هذا لحرام) جواب بالتحريم وإن كان مختصا بالأمهات إلا أن السائل قد يفهم مقصوده منه ، ومقصوده هو حكم الظهار في غير الأمهات خصوصا أنه ليس في السؤال ما يدل على حاجته وأنها تحقيق حرمة زوجته بهذه الأقوال ، إذ لعل حاجته تحقيق حرمة نفس هذه الأقوال وإن لم يكن مبتلى بها.

وفيه أنه ظاهر في عدم حرمة الظهار بغير الأمهات ، لأنه استشهد بذكر الله بالأمهات فقط في مقام الجواب عن سؤال الظهار بغيرهن ، وعليه فالأولى في مقام الرد أنه لا يصلح لمعارضة ما تقدم على العموم.

(٤) أي عموم حكم الظهار.

(٥) أي شمول الظهار للمحرمات الرضاعية كما هو المشهور لصحيح زرارة المتقدم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الظهار فقال : هو من كل ذي محرم من أمّ أو أخت أو عمة أو خالة) (١) مع ضميمة النبوي (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) (٢).

وعن الشيخ في الخلاف وابن إدريس العدم ، لأن حرمة الظهار ناشئة من التشبيه بالنسب ولا يلزم من كون التشبيه بالنسب سببا في تحريم الظهار أن يكون التشبيه بالرضاع سببا في التحريم ، إذ النبوي ما يحرم بنفس النسب يحرم بنفس الرضاع ، وليس فيه دلالة على

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الظهار حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ١.


النسب» ، وقول الباقر عليه‌السلام في صحيحة زرارة : «هو من كل ذي محرم من أم ، أو أخت ، أو عمة ، أو خالة» الحديث ، وكل (١) من ألفاظ العموم يشمل المحرمة رضاعا (٢). ومن في الخبر (٣) تعليلة مثلها في قوله تعالى : (مِمّٰا خَطِيئٰاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نٰاراً) (٤) ، وقوله (٥) ويغضى من مهابته ، أو بمعنى الباء مثلها في قوله تعالى : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) (٦). والتقدير يحرم لأجل (٧) الرضاع ، أو بسببه (٨) ما يحرم لأجل النسب ، أو بسببه ، والتحريم في الظهار بسبب النسب ثابت في الجملة اجماعا فيثبت بسبب الرضاع كذلك (٩)

______________________________________________________

أن ما يحرم بالتشبيه بالنسب يحرم بالتشبيه بالرضاع.

وردّ بأن لفظ (من) في النبوي (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) إما أن تكون تعليلية كما في قوله تعالى : (مِمّٰا خَطِيئٰاتِهِمْ أُغْرِقُوا) (١) ، وإما أن تكون بمعنى الباء كما في قوله تعالى : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) (٢) ، وعلى كلا التقديرين مضمونه أن ما يحرم لأجل النسب أو بسببه يحرم لأجل الرضاع أو بسببه ، وكلاهما مفيد للمطلوب هنا ، لأنه على كليهما يكون التشبيه بالرضاع كالتشبيه بالنسب سببا في التحريم.

(١) أي ولفظ (كل) الوارد في صحيح زرارة المتقدم.

(٢) وفيه أنه منصرف إلى خصوص النسبي كما عليه صاحب الجواهر وجماعة ، ويؤيده قوله تعالى: (مٰا هُنَّ أُمَّهٰاتِهِمْ ، إِنْ أُمَّهٰاتُهُمْ إِلَّا اللّٰائِي وَلَدْنَهُمْ) (٣) وهو ظاهر في خصوص النسبي.

(٣) أي النبوي.

(٤) سورة نوح ، الآية : ٢٥.

(٥) أي وقول الشاعر ، وهو الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين عليه‌السلام والبيت هو :

يغضى حياء ويغضى من مهابته

فما يكلّم إلا حين يبتسم

(٦) سورة الشورى ، الآية : ٤٢.

(٧) بناء على أن (من) تعليلية.

(٨) بناء على أن (من) بمعنى الباء.

(٩) أي في الجملة.

__________________

(١) سورة نوح ، الآية : ٢٥.

(٢) سورة الشورى ، الآية : ٤٢.

(٣) سورة المجادلة ، الآية : ٢.


وحينئذ (١) فيندفع ما قيل : من أن الظهار سببه (٢) التشبيه بالنسب ، لا نفس النسب ، فلا يلزم من كون التشبيه بالنسب سببا في التحريم كون التشبيه بالرضاع سببا فيه (٣) ، لما (٤) قد عرفت من الملازمة (٥) ، ويمكن أن ينبه بالأشهر (٦) على ثالث (٧) وهو اختصاص التشبيه (٨) بمن ذكر ، وهو (٩) محرمات النسب والرضاع ، دون غيرهن ، لتخرج المحرمات مؤبدا بالمصاهرة (١٠) فقد قيل : بوقوعه (١١) بالتشبيه

______________________________________________________

(١) أي وحين ثبوت تحريم الظهار بسبب الرضاع للملازمة.

(٢) أي سبب تحريمه.

(٣) في التحريم.

(٤) تعليل للاندفاع.

(٥) بين النسب والرضاع.

(٦) أي ويكن أن ينبّه المصنف بقوله (ولو من الرضاع على الأشهر).

(٧) أي قول ثالث.

(٨) أي اختصاص التشبيه المحرّم.

(٩) أي من ذكر.

(١٠) المشهور على عدم وقوع الظهار لو شبّهها بالمحرّمة بالمصاهرة تحريما مؤبدا كأم الزوجة وبنت زوجته المدخول بها ، وبزوجة أبيه أو بزوجة ابنه للاستصحاب بعد كون الأدلة من الكتاب والسنة على اختصاص حكم الظهار بالمحرّم من النسب والرضاع فقط.

وعن العلامة في المختلف الوقوع ، لأن المحرّمة بالمصاهرة كالمحرمة بالنسب والرضاع في أن التشبيه بكل منهما منكر وزور بعد حرمة وطء كل منهما ، فيحرم عليه وطئ المشبّهة بواحدة منهن ، ووافقه عليه ولده فخر المحققين في شرح الإيضاح ، وفيه أنه تحريم الظهار بسبب التشبيه بالمحرّم عليه مؤبدا علة مستنبطة وليست منصوصة ، فهو عين القياس المحرم.

ولذا قال الشارح في المسالك : (نعم يمكن الاحتجاج له بصحيحة زرارة السابقة عن الباقر عليه‌السلام ، وفيها قال : هو من كل ذي محرم ، فتدخل المحرمات بالمصاهرة مؤبدا في العموم ، ولا ينافيه قوله بعد ذلك في الرواية : أما أختا أو عمة أو خالة ، لأن تعداد الثلاثة للمثال لا للحصر ، للإجماع على عدم انحصار ذي المحرم في الثلاثة ، والتمثيل بذي المحرم النسبي لا يفيد الحصر فيه ، وفي هذا القول) انتهى.

وفيه ما قد عرفته من انصرافه إلى المحرم النسبي فقط.

(١١) أي بوقوع الظهار.


بهن (١) ، للاشتراك في العلة ، وهي (٢) التحريم المؤبد ، ولعموم قوله عليه‌السلام من كل ذي محرم ، ولا ينافيه قوله عليه‌السلام بعد ذلك «من أم ، أو أخت أو عمة» ، لأن ذكرهن للمثال ، لا للحصر إذ المحرم النسبي أيضا غير منحصر فيهن. ولم يقل أحد باختصاص الحكم (٣) بالثلاثة (٤) ، لكن المشهور عدم وقوعه (٥) متعلقا بهن (٦).

(ولا اعتبار بغير لفظ الظهر) من أجزاء البدن كقوله : أنت عليّ كبطن أمي ، أو يدها ، أو رجلها ، أو فرجها (٧) ، لأصالة الإباحة ، وعدم التحريم بشي‌ء من

______________________________________________________

(١) بالمحرم بالمصاهرة مؤبدا.

(٢) أي العلة.

(٣) من حرمة الظهار.

(٤) من الأم والأخت والعمة.

(٥) أي وقوع الظهار.

(٦) بالمحرمات بالمصاهرة.

(٧) أو شعرها أو غير ذلك من أجزائها بلا فرق بين ما يتوقف حياتها عليه أو لا يتوقف ، ولا بين ما حلّته الحياة من الأجزاء وغيره كما عليه المرتضى والمتأخرون ، لأصالة الإباحة ، ولأن الظهار مشتق من الظهر وصدق المشتق يستدعي صدق المشقق منه ، ولصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث أنه سأله كيف الظهار فقال : (يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع : أنت عليّ حرام مثل ظهر أمي ، وهو يريد بذلك الظهار) (١) وصحيح جميل المتقدم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقول لامرأته : أنت عليّ كظهر عمته أو خالته ، قال : هو الظهار) (٢) وهما مشعران بالحصر.

وعن الشيخ في الخلاف والصدوق في المقنع والقاضي ابن البراج وابن حمزة الوقوع لخبر سدير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : الرجل يقول لامرأته : أنت عليّ كشعر أمي أو ككفها أو كبطنها أو كرجلها ، قال : ما عنى به إن أراد به الظهار فهو الظهار) (٣) ، ومرسل يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفها أو ككعبها ، أيكون ذلك

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.


الأقوال ، إلا ما أخرجه الدليل ، ولدلالة الآية (١) ، والرواية (٢) على الظهر (٣) ، ولأنه (٤) مشتق منه (٥) فلا يصدق بدونه (٦).

وقيل : يقع بجميع ذلك (٧) استنادا إلى رواية ضعيفة ، ولو علقه (٨) بما يشمل الظهر كالبدن والجسم (٩) فالوجهان (١٠) ، وأولى بالوقوع (١١) (ولا التشبيه)

______________________________________________________

الظهار؟ وهل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر؟ قال : المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال : هي عليه كظهر أمه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشي‌ء منها ينوي بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كل قليل منها أو كثير) (١).

وهي صريحة في عدم الاختصاص فتقدم على ما يفيد الحصر إشعارا ، وردّ بأن الثاني مرسل وبأن الأول ضعيف السند لاشتماله على سهل بن زياد وهو ضعيف غال وعلى غياث بن إبراهيم وهو متبري ، وعلى محمد بن سليمان وهو ضعيف أو مشترك بينه وبين الثقة ، وعلى أبيه وحاله كحال ابنه ، وحال سدير أقرب إلى الضعف كما في المسالك.

(١) وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (٢).

(٢) وهي صحيحتا زرارة وجميل المتقدمتان.

(٣) أما دلالة الرواية فلاشتمالها على قوله : أنت عليّ كظهر أمي ، وأما دلالة الآية على أن سبب نزولها إنما هو في أوس بن الصامت القائل لزوجته : أنت عليّ كظهر أمي على ما في صحيح حمران المتقدم فراجع.

(٤) أي الظهار.

(٥) من الظهر.

(٦) أي فلا يصدق المشتق بدون صدق المشتق منه.

(٧) من أجزاء البدن.

(٨) أي علق الظهار.

(٩) كأن يقول : هي عليّ كبدن أمي أو كجسمي أمي.

(١٠) من الوقوع وعدمه.

(١١) أي وما يشمل الظهر أولى بالوقوع من غير الظهر ، لأن ما يشمل الظهر يدل عليه بالفحوى ، ووجهه بعيد ، لأن الدال على الوقوع هو خبر سدير ومرسل يونس المتقدمات وهما يدلان على الوقوع بغير لفظ الظهر من غير اعتبار أولوية لواحد منها ، خصوصا أن

__________________

(١) المصدر السابق حديث ١.

(٢) سورة المجادلة ، الآية : ٣.


(بالأب (١) وإن عين ظهره ، (أو الأجنبية (٢) وإن شاركا (٣) في التحريم ، (أو أخت (٤) الزوجة) ، لأنه تحريمها غير مؤبد ، ويفهم من تخصيصها بالذكر من بين المحرمات بالمصاهرة الميل إلى التحريم بهن (٥) وإلا (٦) لكان التمثيل بمن حرم منهن مؤبدا أولى (٧).

(أو مظاهرتها منه (٨) ، لأصالة عدم التحريم في ذلك كله ، وكون التحريم حكما شرعيا يقف على مورده (ولا يقع إلا منجزا (٩) غير معلق على شرط ، ولا

______________________________________________________

القائل بالعدم يشترط صدق المشتق منه عند صدق المشتق ، ومن الواضح عدم صدق الظهر ولو عبّر بما يشمله كالبدن والجسم.

(١) لا يقع الظهار لو قال : كظهر أبي أو أخي أو عمي ، بلا خلاف فيه ، لأصالة الإباحة إلا ما خرج بالدليل وهذا ليس منه ، ولأن الرجل ليس محلا للاستمتاع ولا في معرض الاستحلال.

خلافا لبعض العامة حيث حكم بوقوع الظهار بالتشبيه بمحارم الرجال قياسا على محارم النساء.

(٢) فلا يقع الظهار لو قال : أنت علي كظهر فلانة وهي أجنبية عنه ، بلا خلاف فيه ، لأصالة الإباحة إلا ما خرج بالدليل وهذا ليس منه.

(٣) كل من الأب والأجنبية شارك الأم في التحريم.

(٤) فلو شبّهها بأخت الزوجة مما يحرم في حال لا مطلقا فهي محرمة جمعا فحكمها حكم الأجنبية في جميع الأحكام لأن تحريمها يزول بفراق الأخت بلا خلاف فيه وكذا لو شبهها بعمة الزوجة أو خالتها فهي تحريم على وجه مخصوص لكن حكمها حكم الأجنبية.

(٥) بالمحرمات بالمصاهرة.

(٦) أي وإن لم يكن المصنف مائلا إلى التحريم.

(٧) أي أولى من ذكر من حرم منهن جمعا.

(٨) فلا عبرة بمظاهرة الزوجة للزوج بأن تقول : أنت عليّ كظهر أبي أو أمي ، لأن الظهار من أحكام الرجال كالطلاق بلا خلاف فيه.

(٩) فلا يصح تعليق الظهار على شرط أو صفة ، كما عليه السيد وبنو زهرة وإدريس والبراج وسعيد ، لمنافاة التعليق لإنشاء العقد والإيقاع ، ولمرسل ابن فضال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الظهار إلا على موضع الطلاق) (١) كما في رواية الفقيه وفي رواية الكافي : (إلا على

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الظهار حديث ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

مثل موضع الطلاق) ، ومن المعلوم عدم وقوع الطلاق معلقا بل يعتبر فيه التنجيز.

ولخبر القاسم بن محمد الزيات (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إني ظاهرت من امرأتي ، فقال : كيف قلت؟ قال : قلت أنت عليّ كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا ، فقال لي : لا شي‌ء عليك ولا تعد) (١) ، ومرسل ابن بكير عن رجل (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إني قلت لامرأتي : أنت عليّ كظهر أمي إن خرجت من باب الحجرة فخرجت ، فقال : ليس عليك شي‌ء.

فقلت : إني أقوى على أن أكفّر ، فقال : ليس عليك شي‌ء ، فقلت : إني أقوى على أن أكفّر رقبة ورقبتين ، فقال : ليس عليك شي‌ء قويت أو لم تقو) (٢).

وردّ بأنها ضعيفة السند إما للإرسال وإما لضعف أو مجهولية راويها ، على أن مرسل ابن فضال حيث حكم بكون الظهار لا يقع إلا على مثل موقع الطلاق ظاهر في اعتبار شرائط الطلاق من كون المرأة في غير طهر المواقعة مع شاهدين عدلين ، وهي لا تصلح لمعارضة الأخبار الدالة على وقوع الظهار معلّقا وهي : صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الظهار ظهاران فأحدهما أن يقول : أنت عليّ كظهر أمي ثم يسكت فذلك الذي يكفّر ، فإذا قال : أنت عليّ كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا ، ففعل وحنّث فعليه الكفارة حين يحنث) (٣) وصحيح ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الظهار ضربان : أحدهما فيه الكفارة قبل المواقعة والآخر بعده ، فالذي يكفّر قبل المواقعة الذي يقول : أنت عليّ كظهر أمي ولا يقول : إن فعلت بك كذا وكذا ، والذي يكفر بعد المواقعة الذي يقول : أنت عليّ كظهر أمي إن قربتك) (٤) ومثله مضمره الآخر (٥) ، وخبره الثالث (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا قال الرجل لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي لزمه الظهار ، قال لها دخلت أو لم تدخلي ، خرجت أو لم تخرجي ، أو لم يقل لها شيئا فقد لزمه الظهار) (٦).

هذا وقد عرفت في بحث الطلاق الفرق بين الصفة والشرط وإن اشتركا في أصل التعليق ، حيث إن المراد من الصفة ما يعلم تحققها قطعا ، والمراد من الشرط ما لا يعلم تحققه فقد يقع وقد لا يقع ، هذا واعلم أن الماتن في شرح الإرشاد واللمعة والشارح في المسالك والروضة جعلا القول بالجواز مختصا بما إذا علّقه على الشرط دون الصفة ،

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من كتاب الظهار حديث ٤ و ٣.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من كتاب الظهار حديث ٧ و ١ و ٨ و ١٢.


صفة كقدوم زيد (١) ، وطلوع الشمس (٢) كما لا يقع الطلاق معلقا إجماعا ، وإنما كان مثله لقول (٣) الصادق عليه‌السلام «لا يكون الظهار إلا على مثل موقع الطلاق» ، ولرواية القاسم بن محمد قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، إني ظاهرت من امرأتي فقال : «يف قلت» قال : قلت أنت عليّ كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا. فقال : «لا شي‌ء عليك ولا تعد» ، ومثله روى ابن بكير عن أبي الحسن عليه‌السلام.

(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة : (يصح تعليقه على الشرط) وهو ما يجوز وقوعه في الحال وعدمه كدخول الدار ، (لا على الصفة) وهي ما لا يقع في الحال قطعا ، بل في المستقبل (٤) كانقضاء الشهر ، (وهو قوي) لصحيحة حريز عن الصادق عليه‌السلام قال : «الظهار ظهاران فأحدهما أن يقول : أنت عليّ كظهر أمي ثم يسكت فذلك الذي يكفّر قبل أن يواقع ، فإذا قال أنت عليّ كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا ففعل (٥) وجبت عليه الكفارة حين يحنث» وقريب منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عنه عليه‌السلام ، فخرج الشرط (٦) عن المنع بهما (٧) وبقي غيره (٨) على أصل المنع.

وأما أخبار المنع من التعليق مطلقا (٩) فضعيفة جدا ، لا تعارض الصحيح مع إمكان حملها (١٠)

______________________________________________________

وتبعهما عليه سيد الرياض ، وقال في الجواهر : (واحتمال الفرق بين الشرط والصفة في غاية البعد بل يمكن القطع بفساده) انتهى.

(١) مثال للشرط.

(٢) مثال للصفة.

(٣) أي وإنما كان الظهار مثل الطلاق.

(٤) أي بل يقع قطعا في المستقبل.

(٥) وفي الخبر (وحنث).

(٦) وكذا الصفة ، إذ لا فرق بينهما من ناحية التعليق.

(٧) أي بالصحيحين المذكورين.

(٨) وهو الصفة.

(٩) سواء كان التعليق على الشرط أم على الصفة.

(١٠) حمل أخبار المنع.


على اختلال بعض الشروط غير الصيغة كسماع الشاهدين فإنه (١) لو لم يكن ظاهرا (٢) لوجب (٣) ، جمعا بينهما (٤) لو اعتبرت (٥).

(والأقرب صحة توقيته بمدة) كأن يقول : أنت علي كظهر أمي إلى شهر أو سنة مثلا (٦) ،

______________________________________________________

(١) أي الحمل المذكور.

(٢) وهو كذلك غير ظاهر.

(٣) أي لوجب الحمل على قاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ، وفيه : أنه في الجمع العرفي لا التبرعي ، ومقامنا من الثاني.

(٤) أي بين ما دل على المنع مطلقا وبين ما دل على جواز التعليق.

(٥) أي اعتبرت أخبار المنع ، لأن الجمع فرع التعارض ، والتعارض فرع تكافؤ الأدلة ، ومع ضعف أحد الطرفين فلا يصلح لمعارضة الطرف الآخر.

(٦) لو قيّد الظهار بمدة معينة كيوم أو شهر أو إلى شهر أو سنة كأن يقول : أنت علي كظهر أمي شهرا أو يوما أو سنة أو إلى شهر أو سنة فقد اختلف فيه الأصحاب على أقوال :

الأول : عدم الصحة كما عن الشيخ في المبسوط وابن البراج والحلي لأنه لم يؤبد التحريم ، فأشبه ما إذا شبّهها بامرأة لا تحرم عليه على التأبيد ، ولصحيح سعيد الأعرج عن موسى بن جعفر عليه‌السلام (في رجل ظاهر امرأته يوما ، قال عليه‌السلام : ليس عليه شي‌ء) (١) ، وفي هذا الاستدلال نظر أما الأول فهو وجه اعتباري لا يصلح مستندا للحكم الشرعي ، وأما الخبر فأكثر النسخ على إبدال (يوما) بلفظ (فوفى) ويكون الخبر (عن رجل ظاهر امرأته فوفى ، قال عليه‌السلام : ليس عليه شي‌ء).

واختلاف النسخ مانع عن الاستدلال به على المدعى ، مع أنه لو كانت النسخة (يوما) لما كان لازمه عدم الصحة مطلقا ، لأن الظهار بمجرده لا يوجب شيئا عليه ، وإنما تجب الكفارة بالعود قبل انقضاء المدة ، ولما كانت المدة قصيرة فإذا صبر حتى مضى الوقت فليس عليه شي‌ء.

القول الثاني : الصحة كما عن ابن الجنيد وإليه مال العلامة في المختلف واستجوده الشارح في المسالك ، لأن الظهار المقيد بوقت معين منكر من القول وزور كالظهار المطلق ، ولعموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (٢) فهو يشمل الظهار

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الظهار حديث ١٠.

(٢) سورة المجادلة ، الآية : ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

المؤقت كما يشمل الظهار المطلق ، وكذلك عموم الأخبار كصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الظهار فقال : هو من كل ذي محرم من أم أو أخت أو عمة أو خالة) (١) ، ولخصوص خبر سلمة بن صخر قال : (كنت رجلا أصيب من النساء ما لا يصيب غيري ، فلما دخل رمضان خفت أن أصيبها فيتتابع بي حتى أصبح ، فتظاهرت منها حتى ينسلخ رمضان ، فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذا انكشف شي‌ء منها فما لبثت أن نزوت عليها ، فلما أصبحت أتيت قومي فذكرت ذلك لهم وسألتهم أن يمشوا معي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : لا والله ، فأتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكرت له ذلك.

فقال : اعتق رقبة ، فقلت : والذي بعثك بالحق نبيا ، ما أملك رقبة غيرها ، وضربت بيدي على صفحة رقبتي ، فقال : صم شهرين ، فقلت : هل أصبت ما أصبت إلا من الصيام ، فقال : أطعم ستين مسكينا ، فقلت : والذي بعثك بالحق نبيا وحشين (٢) ، ما لنا من طعام ، فقال : اذهب إلى صدقة بني زريق فليدفع إليك وسقا من تمر ، فأطعم ستين مسكينا ، وكل أنت وعيالك الباقي.

قال : فرجعت إلى قمي فقلت : ما وجدت عندكم إلا الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السعة وحسن الخلق ، وقد أمر لي بصدقتكم) (٣).

وفيه أن هذا الخبر الأخير ليس من مرويات الأصحاب بل هو من طرق العامة كما اعترف بذلك غير واحد منهم صاحب الجواهر ، وعموم الآية والروايات لا يشمل الظهار المقيّد ، لأن المنصرف من الظهار هو الظهار المطلق خصوصا بعد أن كان الظهار في الجاهلية للحرمة مؤبدا ولم يشرّعه الشارع بل جعله من المحرمات وجعله لا يفيد الحرمة المؤبدة بل يوجب الكفارة ، وعليه فالمراد من الظهار حينئذ هو خصوص المطلق فقط كما كان عليه الكفار في الجاهلية ، ومنه تعرف أن المطلق هو الموصوف بالزور والمنكر لا المقيد.

القول الثالث : التفصيل فإن زادت المدة عن مدة التربص على تقدير المرافعة وقع وإلا فلا ، ومدة التربص من حين الترافع وعدم الطلاق هو ثلاثة أشهر ، وإليه مال الشارح في

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الظهار حديث ١.

(٢) بفتح الواو وكسر الحاء وفتح الشين ، الوحش الجائع من الناس وغيرهم لخلوه من الطعام كما في لسان العرب ج ٦ ص ٣٦٩.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الظهار حديث ٤.


لعموم الآيات (١) ، والروايات ، ولأن الظهار كاليمين القابلة للاقتران بالمدة (٢) ، وللأصل (٣) ، ولحديث سلمة بن قيس بن صخر أنه ظاهر من امرأته إلى سلخ رمضان واقره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمره بالتكفير للمواقعة قبله (٤) ، واقراره حجة كفعله وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقيل : لا يقع مطلقا (٥) ، لأن الله تعالى علق حلّ الوطي في كل المظاهرين بالتكفير (٦) ، ولو وقع (٧) مؤقتا أفضى إلي الحلّ (٨)

______________________________________________________

المسالك وقواه العلامة في المختلف ، ودليله أن الظهار يلزمه التربص من الزوجة مدة ثلاثة أشهر من حين الترافع وعدم الطلاق ، وهو يدل بالاقتضاء على أن مدته تزيد عن ذلك ، وإلا لو قصرت مدته عن الثلاثة أشهر فينتفي الحكم بالتربص ، وانتفاء الحكم بالتربص دال على انتفاء الظهار من باب دلالة انتفاء اللازم على انتفاء الملزوم.

وفيه : أن المرافعة حكم من أحكام الظهار وهي غير لازمة فجاز أن لا ترافعه فتحتاج إلى معرفة حكم الظهار على هذا التقدير ، وجاز أن لا يعلمها بإيقاعه ولكنه يريد معرفة حكم الظهار على هذا التقدير ، مع أن الحكم بتربصها في هذه المدة على تقدير المرافعة محمول على ما إذا كان مؤبدا أو مؤقتا بزيادة عنها ، فإذا قصرت كان حكمه تحريم العود إلى أن يكفر من غير أن يتوقف على المرافعة كما في المسالك.

(١) وفيه : أن التمسك بالعموم يصح لو كان يطلق على الموقت اسم الظهار لغة وشرعا ، مع أنك قد عرفت اختصاص الظهار بالمؤبد فقط.

(٢) وفيه أن الظهار حقيقته شرعية ، وقياسها على اليمين ليس في محله.

(٣) وهو أصالة عدم اشتراط التأبيد ، وفيه أنه لا معنى للأصل بعد كون الثابت من الظهار هو المؤبد فقط.

(٤) أي قبل انسلاخ رمضان.

(٥) أي سواء كان توقيته بثلاثة أشهر أم لا ، فهو إطلاق بالنسبة إلى التفصيل الآتي.

(٦) أي إذا أراد المظاهر العود إلى وطئ زوجته فعليه الكفارة ، لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا) (١).

(٧) أي الظهار.

(٨) أي حل الوطي.

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٣.


بغيره (١) ، واللازم (٢) كالملزوم (٣) في البطلان.

وربما فرّق بين المدة الزائدة على ثلاثة أشهر ، وغيرها (٤) ، لعدم المطالبة بالوطء قبلها (٥) ، وهي (٦) من لوازم وقوعه (٧) ، وهو (٨) غير كاف في تخصيص العموم(٩).

(ولا بد من حضور عدلين (١٠) يسمعان الصيغة كالطلاق ، فلو ظاهر ولم يسمعه الشاهدان وقع لاغيا ، (وكونها (١١) طاهرا من الحيض ، والنفاس) مع

______________________________________________________

(١) أي بغير التكفير ، لأنه بانتهاء المدة ارتفع الظهار وجاز له الوطي من دون كفارة حينئذ.

(٢) وهو الإفضاء إلى الحل بغير التكفير.

(٣) وهو الظهار الموقت.

(٤) أي وغير الزائدة على ثلاثة أشهر فيصح الظهار في الأول دون الثاني.

(٥) أي قبل ثلاثة أشهر لأنها مدة التربص.

(٦) أي مدة التربص ثلاثة أشهر من حين الترافع وعدم الطلاق.

(٧) أي وقوع الظهار ، فلو كان معلقا على الأقل من ثلاثة أشهر فلا يجوز لها المطالبة لانتفاء التربص ، وبانتفاء التربص يستكشف انتفاء الظهار حينئذ.

(٨) أي ما ذكر من الدليل على التفصيل المذكور.

(٩) أي عموم الآية والروايات ، لأن المرافعة غير لازمة فجاز أن لا ترافعه ، على أن المرافعة مختصة بما إذا كان الظهار مؤبدا أو مؤقتا بزيادة عن الثلاثة أشهر على تفصيل قد تقدم.

(١٠) شروع في الشرائط ، وهي تارة في وقوع الظهار وأخرى في المظاهر وثالثة في المظاهرة.

أما في وقوع الظهار فلا إشكال ولا خلاف في أن شرطه سماع شاهدين عدلين على نحو الطلاق لصحيح حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب ، ولا يكون ظهار إلا في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين) (١) ، ومرسل ابن الفضال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق) (٢).

(١١) شروع في شرائط المظاهرة فيشترط فيها أن تكون طاهرا طهرا لم يواقعها فيه إذا كان زوجها حاضرا وكان مثلها يحيض بلا إشكال ولا خلاف للأخبار

منها : مرسل ابن الفضال المتقدم (لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق) (٣) ،

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الظهار حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الظهار حديث ٣ و ١ و ٢.


حضور الزوج ، أو حكمه (١) ، وعدم الحبل كالطلاق ، وكان عليه (٢) أن ينبه عليه ، ولعله أهمله لظهور أن هذه (٣) شرائط الطلاق(وأن لا يكون قد قربها في ذلك الطهر) مع حضوره (٤) أيضا (٥) كما سبق ، فلو غاب وظن انتقالها منه إلى غيره وقع منه مطلقا (٦) (وأن يكون (٧) المظاهر كاملا) بالبلوغ ، والعقل(قاصدا) فلا يقع ظهار

______________________________________________________

وصحيح حمران المتقدم (ولا يكون ظهار إلا في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين) (١) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في حديث أنه سأله كيف الظهار؟ فقال : يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع : أنت عليّ حرام مثل ظهر أمي ، وهو يريد بذلك الظهار) (٢).

ومنها يعرف ما إذا كان زوجها غائبا وهو قادر على استعلام حالها فحكمه حكم الزوج الحاضر ، ومنها يعرف حكم ما لو كان غائبا وهو غير قادر على معرفة حالها أو ما لو كان حاضرا وكانت يائسة أو صغيرة أو حبلى فيصح الظهار من دون هذا الشرط بلا خلاف فيه ـ كما في الجواهر ـ ولا إشكال.

(١) وهو ما لو كان غائبا وهو قادر على استعلام حالها.

(٢) على عدم الحبل أو على حضور الزوج وما في حكمه.

(٣) أي شرائط الظهار.

(٤) أي حضور الزوج أو ما في حكمه.

(٥) أي أن هذا القيد من حضور الزوج كما هو قيد في كونها طاهرا هو قيد في عدم المواقعة كما سبق في كتاب الطلاق.

(٦) صادف الحيض أو لا ، كما حرر في كتاب الطلاق.

(٧) شروع في شرائط المظاهر ، هذا ولا خلاف ولا إشكال في أنه يعتبر فيه البلوغ والعقل والقصد والاختيار كما يعتبر في المطلق ، لمرسل ابن فضال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق) ولخصوص موثق عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا طلاق إلا ما أريد به الطلاق ولا ظهار إلا ما أريد به الظهار) (٣) ، وخبر عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الظهار الواجب فقال : الذي يريد به الرجل الظهار بعينه) وعليه فلا يصح ظهار الطفل ولا المجنون ولا المكره ولا فاقد القصد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الظهار حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الظهار حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.


الصبي ، والمجنون ، وفاقد القصد بالإكراه والسكر ، والإغماء ، والغضب إن اتفق (١).

(ويصح من الكافر) على أصح القولين (٢) ، للأصل (٣) ، والعموم ، وعدم المانع ، إذ (٤) ليس (٥) عبادة يمتنع وقوعها منه (٦) ، ومنعه الشيخ ، لأنه (٧) لا يقر

______________________________________________________

بالسكر أو الإغماء أو الغضب ولذا ورد في صحيح حمران المتقدم عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب) (١) ومنه تعرف ضعف ما عن بعض العامة من عدم اعتبار القصد.

(١) أي اتفق الغضب الذي فقد معه القصد.

(٢) كما عليه الأكثر لعموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (٢) ، وغيره من عمومات السنة.

ومنعه الشيخ في المبسوط والخلاف وابن الجنيد والقاضي ابن البراج استنادا إلى أن من يصح ظهاره تصح الكفارة منه لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) (٣) والكافر لا تصح منه الكفارة ، لأنها عبادة تفتقر إلى النية ، والنية متعذرة منه بسبب الكفر ، ولأن الظهار يفيد تحريما يصح إزالته بالكفارة كما هو المقرر في شرعنا والكافر لا يعتقد بشرعنا حتى يكون الظهار موجبا للتحريم عنده.

وردّ بمنع عدم صحة الكفارة من الكافر ، بل صحتها متوقفة على شرط وهو الإسلام وهو قادر على تحصيله.

وأجيب عن الثاني بأن الكافر مكلف بالفروع لإطلاق أدلتها أقرّ بالشرع أو لم يقرّ ، والظهار من قبيل السبب لترتب أحكامه الشاملة للكافر ، وعليه فإذا صدر منه الظهار ثبت في حقه حكم الظهار وإن لم يقرّ به.

(٣) أي أصالة عدم اشتراط الإسلام في صحة الظهار.

(٤) تفسير لعدم المانع من وقوع الظهار من الكافر.

(٥) أي ليس الظهار عبادة.

(٦) من الكافر.

(٧) أي الكافر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الظهار حديث ١.

(٢) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٣) سورة المجادلة ، الآية : ٣.


بالشرع ، والظهار حكم شرعي ، ولأنه لا تصح منه الكفارة لاشتراط نية القربة فيها (١) ، فيمتنع منه الفئة (٢) ، وهي (٣) من لوازم وقوعه.

ويضعف بأنه (٤) من قبيل الأسباب (٥) وهي (٦) لا تتوقف على اعتقادها ، والتمكن من التكفير متحقق بتقديمه (٧) الإسلام ، لأنه قادر عليه ، ولو لم يقدر على العبادات لامتنع تكليفه بها عندنا ، وإنما تقع منه (٨) باطلة لفقد شرط مقدور.

(والأقرب صحته (٩) بملك اليمين (١٠)

______________________________________________________

(١) في الكفارة لأنها عبادة.

(٢) أي الرجوع إلى الزوجة ، لأن الرجوع متوقف على الكفارة.

(٣) أي الفئة والرجوع إلى الزوجة بعد التكفير من لوازم وقوع الظهار ، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.

(٤) أي الظهار.

(٥) الموجبة للأحكام من تحريم الزوجة وغير ذلك ، وهذه الأحكام عامة تشمل الكافر سواء أقرّ بها أم لا.

(٦) أي الأسباب والمراد بها الأحكام المترتبة على الظهار.

(٧) أي تقديم الكافر.

(٨) أي وإنما تقع العبادات من الكافر بالملة لفقد الإسلام مع أنه شرط مقدور منه.

(٩) أي صحة الظهار.

(١٠) هل يقع الظهار بالموطوءة بالملك فالمشهور بين المتأخرين على الوقوع لدخولها في عموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (١) والأمة من النساء كما دخلت في عموم قوله تعالى : (وَأُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ) (٢) ولذا حرمت أم الموطوءة بالملك بالاتفاق وللأخبار

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سئل عن الظهار على الحرة والأمة ، قال : نعم) (٣) وصحيحه الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الظهار من الحرة والأمة؟ قال : نعم) (٤) ، وموثق إسحاق بن عمار (سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن الرجل يظاهر من جاريته فقال : الحرة والأمة في ذا سواء) (٥) ، وصحيح حفص عن أبي عبد الله

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٢) سورة المجادلة ، الآية : ٣٧.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب الظهار حديث ٢ و ٥ و ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

أو أبي الحسن عليهما‌السلام (في رجل كان له عشر جوار فظاهر منهن جميعا بكلام واحد ، فقال : عليه عشر كفارات) (١) ومثلها غيرها ، ومقتضى هذه الأخبار عدم الفرق في الأمة بين القن والمدبرة وأم الولد ، بل في المبسوط (روى أصحابنا أن الظهار يقع بالأمة والمدبرة وأم الولد) (٢) وعن ابن أبي عقيل وبني حمزة وإدريس والبراج والمفيد وأبي الصلاح وسلّار أنه لا يقع بالأمة ، للأصل من عدم التحريم ، ولمرسل ابن فضال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق) (٣) ومن المعلوم عدم وقوع الطلاق في الأمة ، وأيضا كان الظهار في الجاهلية طلاقا كما تقدم والطلاق لا يقع بالأمة ، ولخصوص خبر حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه ، قال : يأتيها وليس عليه شي‌ء) (٤) ، هذا مع ضميمة أن النساء ظاهرة في الزوجة والأمة غير زوجة فلا تكون الأمة مشمولة لآية الظهار خصوصا أن سبب نزولها إنما كان في زوجة أوس بن الصامت وهي زوجة حرة.

وفيه : أما الأصل فهو مقطوع بالأخبار الصحيحة الدالة على الوقوع ، لأن الأصل يتم مع عدم وجود دليل يخرج عنه ، وأما مرسل ابن فضال فهو محمول على شرائط الزوجة المظاهر منها والمطلقة ، وليس محمول على كل ما هو شرط في الطلاق يكون شرطا في الظهار ، ولو سلم أنه عام حتى للزوجة بشرط كونها حرة فهو مخصص بالأخبار الصحيحة المتقدمة الدالة على وقوع الظهار بالأمة.

وأما كون الظهار في الجاهلية طلاقا وهو مختص بالحرة فهو مناف لما نقل عنهم ـ كما في المسالك ـ من أنهم كانوا يظاهرون من الأمة ويعتزل سيدها فراشها وأما خبر حمزة بن حمران الدال على عدم وقوع الظهار بالأمة فلا يصلح لمعارضة ما تقدم من الأخبار الصحيحة الدالة على وقوع الظهار لضعف سنده وموافقته للعامة.

وأما كون النساء مختصا بالزوجة فلا يشمل الأمة ولا تندرج تحت آية الظهار ففيه منع اختصاص النساء بالزوجة ، ولذا اندرجت الأمة تحت قوله تعالى : (وَأُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ) (٥)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب الطهار حديث ٣.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الظهار حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الظهار حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب الظهار حديث ٦.

(٥) سورة النساء ، الآية : ٢٧.


ولو مدبرة ، أو أم ولد ، لدخولها (١) في عموم (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (٢) كدخولها (٣) في قوله تعالى : (وَأُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ) (٤) فحرمت أم الموطوءة بالملك ، ولصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام قال : وسألته عن الظهار على الحرة والأمة فقال : نعم. وهي (٥) تشمل الموطوءة بالملك ، والزوجية.

وذهب جماعة إلى عدم وقوعه (٦) على ما لا يقع عليه الطلاق (٧) ، لأن المفهوم من النساء الزوجة (٨) ، ولورود السبب (٩) فيها (١٠) ، ولرواية حمزة بن حمران عن الصادق عليه‌السلام فيمن يظاهر أمته ، قال : «يأتيها وليس عليه شي‌ء» ، ولأن الظهار كان في الجاهلية طلاقا وهو (١١) لا يقع بها ، وللأصل (١٢). ويضعف بمنع الحمل (١٣) على الزوجة ، وقد سلف (١٤) ، والسبب (١٥) لا يخصص ، وقد حقق في

______________________________________________________

فحرمت أمة الموطوءة بالملك بالاتفاق.

وأما كون سبب نزول آية الظهار هو زوجة أوس وهي حرة ففيه أن المورد لا يخصص الوارد كما هو الواضح ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوصية المورد ، وقد حرر في محله.

(١) أي الأمة.

(٢) سورة المجادلة ، الآية : ٢.

(٣) أي دخول الأمة.

(٤) سورة النساء ، الآية : ٢٧.

(٥) أي صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة.

(٦) أي وقوع الظهار.

(٧) والطلاق لا يقع على الأمة فكذا الظهار.

(٨) والأمة ليست بزوجة فلا تكون مشمولة لآية الظهار.

(٩) أي سبب نزول آية الظهار.

(١٠) أي في الزوجة ، وهي زوجة أوس على ما تقدم سابقا.

(١١) أي الطلاق.

(١٢) أصالة عدم التحريم عند الشك فيه فيما لو ظاهر الأمة.

(١٣) أي حمل النساء.

(١٤) في قول الشارح عند ما قال : (كدخولها في قوله تعالى : (وَأُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ).

(١٥) أي سبب نزول آية الظهار لا يخصص الوارد.


الأصول ، والرواية (١) ضعيفة السند (٢) ، وفعل الجاهلية لا حجة فيه ، وقد نقل أنهم كانوا يظاهرون من الأمة أيضا ، والأصل قد اندفع بالدليل (٣).

وهل يشترط كونها (٤) مدخولا بها (٥) قيل : لا ، للأصل ، والعموم.

(والمروي) صحيحا(اشتراط الدخول) روى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما قال : «لا يكون ظهارا ، ولا إيلاء حتى يدخل بها» ، وفي صحيحة الفضل بن يسار أن الصادق عليه‌السلام قال : «لا يكون ظهارا ، ولا إيلاء حتى يدخل بها» وهذا (٦) هو الأصح ، وهو (٧) مخصص للعموم بناء على أن خبر الواحد حجة ويخصص عموم الكتاب(ويكفي الدبر (٨) ، لصدق الوطء به كالقبل.

______________________________________________________

(١) أي خبر حمزة بن حمران.

(٢) لاشتمالها على ابن فضال وابن بكير وهما فطحيان.

(٣) وهو عموم الآية وجملة من الأخبار الصحيحة.

(٤) أي كون المرأة المظاهرة.

(٥) فقد ذهب المفيد والمرتضى وسلار وابن إدريس وابن زهرة عدم اشتراط الدخول تمسكا بعموم الآية (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (١) ، وذهب الشيخ والصدوق وأكثر المتأخرين إلى اشتراط الدخول للأخبار.

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (في المرأة التي لم يدخل بها زوجها ، قال : لا يقع عليها إيلاء ولا ظهار) (٢) ، وصحيح الفضيل بن يسار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل مملك ظاهر من امرأته ، قال : لا يلزم ، ثم قال : وقال لي : لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها) (٣).

وهذه الأخبار صالحة لتخصيص عموم الكتاب ، نعم من عمل بالعموم هنا وهم أصحاب القول الأول فقد التزم بعدم حجية الخبر الواحد إما مطلقا وإما في مقام تخصيص عموم الكتاب ، وكلاهما ضعيف كما حرر في الأصول ، ومنه تعرف ضعف التوقف كما هو ظاهر المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد.

(٦) أي اشتراط الدخول.

(٧) أي المروي.

(٨) فعلى القول باشتراط الدخول فيقع ولو كان الوطي دبرا كما تقدم البحث فيه في فصل

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الظهار حديث ٢ و ١.


(ويقع الظهار بالرتقاء (١) والقرناء (٢) والمريضة التي لا توطأ (٣) كذا ذكره المصنف وجماعة ، وهو (٤) يتم على عدم اشتراط الدخول (٥) ، أما عليه (٦) فلا (٧) ، لإطلاق النص (٨) باشتراطه (٩) ، من غير فرق بين من يمكن ذلك (١٠) في حقه بالنظر إليه (١١) ، وإليها (١٢) ، وغيره (١٣) ، ولكن ذكر ذلك (١٤) من اشترط الدخول

______________________________________________________

المهر من كتاب النكاح وغيره ، وعلى القول بالاشتراط فيتناول تقييد الظهار بالدخول للصغيرة وإن حرم الدخول بها ، إذا كانت مدخولا بها ، ويتناول الكبيرة والمجنونة والعاقلة والرتقاء على تقدير وطئها في الدبر ، لأن الصغر والجنون والعيب لا مدخلية لها في الأحكام الوضعية بعد تحقق شرط الظهار الموجب للتحريم ، وهو الدخول ، وإن كان الدخول بنفسه محرما كوطي الصغيرة.

هذا كله على القول بالاشتراط وأما على القول بالعدم فدخول الجميع في حكم الظهار أوضح بعد ثبوت عنوان النساء على الجميع.

(١) والرتق بالتحريك هو الفرج الملتحم الذي لا يمكن معه الجماع.

(٢) والقرن هو لحم أو عظم ينبت في الفرج يمنع من الجماع.

(٣) أي لا توطأ حال الظهار مع تحقق الدخول قبل الظهار.

(٤) أي وقوع الظهار في الرتق والقرناء والمريضة.

(٥) بعد صدق عنوان النساء عليهن.

(٦) أي على اشتراط الدخول.

(٧) أي لا يتم ما ذكره المصنف وجماعة ، بدعوى عدم إمكان وطء من ذكر ، وفيه : ما قاله الآقا جمال : (يمكن أن يخصّ كلامهم على تقدير الاشتراط بما إذا كان صيرورتها رتقاء أو قرناء أو مريضة إنما وقعت بعد الدخول ، ومثله القول في الخصّ والمجبوب ، ويمكن أيضا في الرتقاء والقرناء وقوع الوطي دبرا ، فصحة الظهار فيهما لا ينافي اشتراط الدخول أصلا لتعميهم في الدخول كما صرح به المصنف) انتهى.

(٨) وهو صحيحا محمد بن مسلم والفضيل بن يسار المتقدمان.

(٩) باشتراط الدخول.

(١٠) أي الدمول.

(١١) إلى الزوج.

(١٢) إلى الزوجة.

(١٣) أي ومن لا يمكن الدخول في حقه بالنظر إليه أو إليها.

(١٤) من وقوع الظهار بالرتقاء وأختيها.


كالمصنف ، ومن توقف (١) كالعلامة والمحقق.

ويمكن أن يكون قول المصنف (٢) هنا (٣) من هذا القبيل (٤). وكيف كان (٥) فبناء الحكم (٦) على اشتراط الدخول غير واضح (٧) ، والقول بأنه (٨) إنما يشترط حيث يمكن (٩) تحكم (١٠) ، ومثله (١١) حكمهم بوقوعه (١٢) من الخصي والمجبوب حيث يمتنع الوطء منهما (١٣).

(وتجب الكفارة بالعود (١٤)

______________________________________________________

(١) أي توقف في حكم الاشتراط.

(٢) من وقوع الظهار بالرتقاء وأختيها.

(٣) مع أنه اشترط الدخول.

(٤) أي قبيل من ذكر وقوع الظهار بالرتقاء وأختيها مع أنه متوقف في الاشتراط فيرد عليه ما يرد عليهم على ما تقدم.

هذا وقال الشارح : (ويمكن أن يكون قول المصنف) لأنه يمكن أن يقول المصنف على عدم الاشتراط وقد نسب الاشتراط إلى الرواية ، وقد عرفت أنه على عدم اشتراط الدخول يصح القول بوقوع الظهار بالرتقاء وأختيها.

(٥) أي وكيف كان مراد المصنف.

(٦) من وقوع الظهار بالرتقاء وأختيها.

(٧) وفيه : أن وضوحه ظاهر إذ يمكن أن يكون الدخول قد تحقق قبل الرتق والقرن والمرض ويمكن أن يكون قد تحقق بالدبر.

(٨) بأن الدخول.

(٩) وأما في الرتقاء والقرناء والمريضة فحيث لا يمكن كما هو المفروض من الشارح فلا يشترط.

(١٠) أي بلا دليل على هذا التخصيص.

(١١) أي ومثل حكمهم بوقوع الظهار في الرتقاء وأختيها مع أنهم يشترطون الدخول أو هم متوقفون في الحكم بالاشتراط.

(١٢) أي بوقوع الظهار.

(١٣) ويمتنع الوطي منهما حالة الظهار وعليه فيمكن تحقق الدخول منهما قبل الظهار ، على أن الدخول غير ممتنع من الخصيّ كما هو الواضح وكذا المجبوب إذ بقي له بمقدار الحشفة.

(١٤) لا خلاف ولا إشكال في عدم وجوب الكفارة بمجرد الظهار ، بل إنما تجب بالعود لقوله


.................................................................................................

______________________________________________________

تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) (١).

ولكن اختلفوا في معنى العود على أقوال ثلاثة :

الأول : إنه إرادة الوطء وهو المشهور بين الأصحاب ، بل عن البيان والتبيان الاتفاق عليه للأخبار :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل يظاهر من امرأته ثم يريد أن يتم على طلاقها ، قال : ليس عليه كفارة ، قلت : إن أراد أن يمسّها ، قال : لا يمسّها حتى يكفّر) (٢) ، وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفارة؟ قال : إذا أراد أن يواقع امرأته ، قلت : فإن طلقها قبل أن يواقعها أعليه كفارة؟ قال : لا سقطت عنه الكفارة) (٣) ، وخبر أبي بصير (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : متى تجب الكفارة على المظاهر؟ قال : إذا أراد أن يواقع ، قلت : فإن واقع قبل أن يكفّر؟ قال : عليه كفارة أخرى) (٤).

القول الثاني : أن العود هو إمساك على النكاح وإن قلّ زمانا ، وهذا ما عليه ابن الجنيد والمرتضى وبعض العامة ، لأن صيغة الظهار تقتضي التحريم المؤبد ، والتحريم المؤبد لا يكون إلا بالفرقة الحاصلة بالطلاق ، فلو لم يطلق عقيب الظهار فقد عاد في قوله ، بمعنى خالفه ونقضه ، ولذا يقال : عاد فلان في قوله أي خالفه ونقضه ويقال : عاد فلان في هبته.

وبناء عليه لما جعل المولى الكفارة على العدد إلى ما قال من الظهار كما في الآية المتقدمة ، فقد جعل الكفارة على ما لو خالف ما قاله من الظهار ، ولا يخالفه إلا بإمساكها على النكاح لأن الظهار يقتضي التحريم الموجب للبينونة ، وهي لا تحصل إلا بالطلاق ، والإمساك على النكاح يخالف الطلاق المذكور.

ويردّه النصوص المتقدمة حيث جعلت الكفارة على إرادة المسّ والمواقعة ، وليست على الإمساك على النكاح.

القول الثالث : ما عن بعض العامة من أن العود هو نفس الوطي ، ويرده قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا ، ذٰلِكُمْ

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الظهار حديث ٨ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب الظهار حديث ٦.


(وهي (١) أنّث الضمير لتوسطه (٢) بين مذكر (٣) ومؤنث (٤) ، أحدهما مفسر للآخر قاعدة مطردة ، أي المراد من العود(إرادة الوطء) لا بمعنى وجوبها (٥) مستقرا بإرادته (٦) ،

______________________________________________________

تُوعَظُونَ بِهِ وَاللّٰهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١) وهو دال على أن الكفارة على العود ، وجعلها قبل أن يتماسا فدلّ على أن العود يتحقق قبل الوطي ، وما هو إلا إرادة الوطي.

(١) أي العود وقد أنّث الضمير باعتبار الخبر ، لأن الضمير إذا وقع بين المرجع المذكر وخبره المؤنث فمراعاة الخبر أولى كقوله تعالى : (فَلَمّٰا رَأَى الشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ : هٰذٰا رَبِّي) (٢) ولم يقل : هذه ربي.

(٢) أي توسط الضمير.

(٣) وهو المرجع.

(٤) وهي الخبر.

(٥) أي وجوب الكفارة.

(٦) أي بإرادة الوطي ، بحيث يكون وجوب الكفارة بعد إرادة الوطي مطلقا وغير معلق على شرط آخر ، بل هو مشروط أيضا بالوطء بالفعل فهو شرط متأخر ، وعليه لو أراد الوطي فلا يثبت وجوب الكفارة من حينه وجوبا مستقرا ، بل تجب الكفارة بشرط الوطي المتأخر ، بحيث لو فارقها بعد إرادة الوطي فلا كفارة حينئذ لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، وهذا ما عليه المشهور لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفارة؟ قال : إذا أراد أن يواقع امرأته ، قلت : فإن طلقها قبل أن يواقعها أعليه كفارة؟ قال : لا سقطت عنه الكفارة) (٣) ، وهو ظاهر في كون الوطي شرطا متأخرا لوجوب الكفارة حين إرادة الوطء.

وعن العلامة في التحرير أن وجوب الكفارة مستقر عند إرادة الوطي من دون توقفه على الوطي المتأخر ، وهو المعبر عنه بالوجوب المستقر ، وعليه فلو أراد الوطي وجبت الكفارة ، وإن طلقها قبل الوطي ، لأن الله تعالى رتب وجوب الكفارة على العود المفسّر بإرادة الوطي لقوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) (٤) ، ومقتضى الإطلاق

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٢) سورة الأنعام الآية : ٧٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الظهار حديث ٤.

(٤) سورة المجادلة ، الآية : ٣.


بل(بمعنى تحريم وطئها حتى يكفّر) فلو عزم (١) ولم يفعل ولم يكفر ، ثم بدا له في ذلك (٢) فطلقها سقطت عنه الكفارة ، ورجح في التحرير استقرارها به (٣) محتجا بدلالة الآية ، وهي قوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) (٤) عليه (٥).

وفي الدلالة (٦) عليه (٧) نظر ، وإنما ظاهرها (٨) وجوبها (٩) بالعود قبل أن يتماسا ، لا مطلقا (١٠) ، وإنما يحرم الوطء عليه به (١١) لا عليها (١٢) ، إلا أن تكون معاونة له (١٣) على الاثم فيحرم (١٤) لذلك (١٥) ، لا للظهار ، فلو تشبهت عليه على وجه لا تحرم عليه ، أو استدخلته وهو نائم لم يحرم عليها (١٦) ، لثبوت الحل لها

______________________________________________________

وجوب الكفارة عند إرادة الوطي وإن لم يتحقق الوطي.

وفيه : أن التقييد نشأ من صحيح الحلبي المتقدم.

(١) على الوطء.

(٢) في الوطء.

(٣) أي استقرار الكفارة بالعود من دون التوقف على الوطي المتأخر.

(٤) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٥) أي على استقرار الكفارة بالعود ، وهو متعلق بقول الشارح : (بدلالة الآية).

(٦) أي دلالة الآية.

(٧) على استقرار الكفارة بالعود.

(٨) أي ظاهر الآية.

(٩) وجوب الكفارة.

(١٠) بحيث أن وجوبها غير مشروط بالوطء ، بل ظاهرها قابل لتقييد هذا الوجوب بشرط الوطي.

(١١) أي يحرم الوطي على الزوج بسبب الظهار.

(١٢) أي على الزوجة ، الأصل حلية الوطء لكل من الزوجين بعد ثبوت العقد بينهما إلا ما خرج بالدليل ، والدليل قد دل على حرمة الوطء على الزوج عند الظهار ، فيبقى الوطء للزوجة حلالا على الأصل حينئذ.

(١٣) أي إلا أن تكون الزوجة معاونة للزوج على الوطء المحرم عليه.

(١٤) أي يحرم الوطء عليها.

(١٥) أي للإعانة على الإثم.

(١٦) أي لم يحرم الوطء على الزوجة في الصورتين لعدم تحقق المعاونة على الإثم بسبب عدم الإثم على الزوج فيهما.


قبله (١) والأصل (٢) بقاؤه ، ويفهم من قوله (٣) : بمعنى تحريم وطئها حتى يكفر ، أن غير الوطء من ضروب الاستمتاع لا يحرم عليه (٤) وهو أحد القولين في المسألة

______________________________________________________

(١) قبل الظهار.

(٢) وهو الاستصحاب.

(٣) أي قول الماتن.

(٤) على الزوج ، هذا واعلم أن الوطي محرم على الزوج المظاهر قبل التكفير ، ولكن هل يحرم عليه قبل التكفير ما دون الوطي كالقبلة والملامسة وجميع الاستمتاعات المحرمة على غير الزوج كما عن الشيخ والعلامة في القواعد وجماعة.

أو لا يحرم عليه قبل التكفير إلا خصوص الوطي كما عليه المشهور ، والاختلاف ناشئ من الاختلاف في معنى المسيس في قوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا) (١).

فالمسيس حقيقة تلاقي الأبدان لغة وهو أعم من الوطي ، والأصل عدم النقل وعدم الاشتراك وعليه فيحرم عليه جميع الاستمتاعات قبل التكفير ، ويؤيده أنه مقتضى التشبيه بالأم التي يحرم فيها غير الوطء من جميع ضروب الاستمتاع.

وردّ دليلهم الأول إما بكون المسيس كناية مشهورة عن الوطي كما عن الكركي ، وإما بكون المسيس يطلق على الوطي كما في قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ) (٢) والأصل في الإطلاق الحقيقة وأشكل على الجواب الثاني بأن المسيس لو كان للوطء فهو أيضا لمطلق تلاقي الأبدان وهذا ما يلزم منه النقل أو الاشتراك ، فإن وضع للوطء بعد الإعراض عن معنى التلاقي فهو النقل ، وبدون الإعراض فهو الاشتراك ، بخلاف ما لو كان موضوعا لمطلق التلاقي ، فاستعماله في خصوص الوطء في آية المهر مجاز ، لأنه استعمال للفظ في بعض أفراده ، والمجاز خير من النقل والاشتراك ، ووجه الخيّرية أن المجاز فيه وحدة الوضع ، والنقل والاشتراك مستلزمان لتعدد الوضع ، والأصل عدم التعدد.

ومن هنا ذهب الشارح إلى جواب ثالث وحاصله أن المسيس موضوع لمطلق التلاقي ، وقد استعمل في آيتي المهر والظهار في الوطي من باب استعمال اللفظ في بعض أفراده ، ولكنه استعمال حقيقي.

لأن المعنى الموضوع له لفظ المسيس معنى عام ، متواطئ له مصاديق كثيرة فلو استعمل

__________________

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٧.


لظاهر قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا (١)) إذ الظاهر منه (٢) الوطء كما في قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) (٣) وإن كان (٤) بحسب اللغة أعم منه (٥) حذرا من الاشتراك (٦) ، ولا يرد استلزامه (٧) النقل ، والاشتراك خير منه (٨) ، لإنّا نجعله (٩) متواطئا على معنى يشترك فيه كثير ، وهو (١٠) تلاقي الأبدان مطلقا (١١) ، وإطلاقه (١٢) على الوطء استعمال اللفظ في بعض أفراده (١٣).

______________________________________________________

اللفظ في مصداق منها لكان استعمالا في عين ما وضع له.

وعلى كل فاستعمال المسيس في الوطي استعمالا حقيقيا كما تقدم أولى من الاستعمال المجازي ، لأن المجاز بحاجة إلى قرينة والأصل عدمها ، وعلى كل فإذا ثبت استعمال لفظ المسيس في الوطي في آية الظهار فيلزم عدم حرمة ما دون الوطي قبل التكفير ، لأن التكفير قد علّق على الوطي فقط ، وهذا كاشف عن حلية ما دونه من دون تكفير في البين.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فالجواب عن دليلهم الثاني سيأتي.

(١) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٢) من المسيس.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٣٧.

(٤) المسيس.

(٥) من الوطء.

(٦) فهو موضوع للتلاقي فقط وقد استعمل في الوطي من دون وضع ثان لئلا يلزم الاشتراك ، إذ الأصل عدمه لعدم تعدد الوضع.

(٧) أي استلزام استعماله في الوطي للنقل ، لأنه موضوع للتلاقي ولو استعمل في الوطي استعمالا حقيقيا للزم نقله من المعنى العام إلى الخاص.

(٨) من النقل باعتبار عدم الإعراض في الاشتراك بخلاف النقل فإنه مستلزم للإعراض ، والأصل عدمه.

(٩) أي المسيس.

(١٠) أي المعنى الذي يشترك فيه الكثير.

(١١) بجماع وغيره.

(١٢) أي إطلاق المسيس.

(١٣) أي في بعض أفراد المعنى ، باعتبار وجود المعنى العام فيه من دون ملاحظة خصوصية الفرد فهو استعمال حقيقي من دون استلزام للنقل ولا للاشتراك.


وهو (١) أولى منهما (٢) ، ومن المجاز (٣) أيضا ، ومنه (٤) يظهر جواب ما احتج به الشيخ على تحريم الجميع (٥) استنادا إلى إطلاق المسيس.

وأما الاستناد (٦) إلى تنزيلها (٧) منزلة المحرمة مؤبدا فهو مصادرة (٨).

هذا كله إذا كان الظهار مطلقا (٩) ، أما لو كان مشروطا (١٠) لم يحرم حتى يقع الشرط (١١) ، سواء كان الشرط الوطء أم غيره.

______________________________________________________

(١) أي استعمال اللفظ في بعض أفراده استعمالا حقيقيا.

(٢) من النقل والاشتراك ، لاستلزامهما تعدد الوضع ، بخلافه فإنه لا يستلزم التعدد ، والأصل عدم التعدد.

(٣) بناء على أن استعمال اللفظ في بعض أفراده هو استعمال مجازي ، فالاستعمال المذكور إذا كان حقيقيا أولى ، لأن المجاز بحاجة إلى قرينة والأصل عدمها.

(٤) أي ومن كون المسيس قد أريد به الوطي في آية الظهار من باب استعمال اللفظ في بعض أفراده استعمالا حقيقيا.

(٥) أي جميع ضروب الاستمتاع.

(٦) هذا عرض لدليلهم الثاني وحاصله أن تشبيه المرأة بالأم التي حرم فيها جميع ضروب الاستمتاع يقتضي حرمة جميع ضروب الاستمتاع من المرأة.

(٧) أي تنزيل الزوجة.

(٨) وفيه : أن التشبيه كما اقتضى حرمة الوطي يقتضي حرمة باقي الاستمتاع ، فالقول بأنه مصادرة ليس في محله ، نعم هذا التشبيه بما هو لا يقتضي التحريم ما لم يأت الدليل الشرعي ، والدليل الشرعي هو الآية وقد عرفت أنها لا تدل إلا على حرمة الوطي ، فرجع دليلهم الثاني إلى الأول.

(٩) أي غير معلق على شرط أو صفة.

(١٠) بناء على صحة تعليقه على الشرط أو الصفة ، وقد تقدم صحة تعليقه لوجود الأخبار الصحيحة عليه.

(١١) قد تقدم أنه إذا ظاهر زوجته حرم عليه الوطي حتى يكفر ، هذا في الظهار المطلق ، وأما في الظهار المشروط كما لو قال : أنت عليّ كظهر أمي إن دخلت الدار أو كلمت زيدا ، جاز الوطي ما لم يحصل الشرط ، لأنه مع عدم الشرط ينتفي المشروط الذي هو الظهار ، ومع انتفاء الظهار فلا حرمة.

نعم لو تحقق الشرط بأن دخلت الدار أو كلت زيدا كما في المثال المتقدم وقع الظهار


ثم إن كان هو (١) الوطء تحقق (٢) بالنزع فتحرم المعاودة قبلها (٣) ، ولا تجب قبله (٤) وإن طالت مدته على أصح القولين حملا (٥) على المتعارف.

(ولو وطأ قبل التكفير عامدا) (٦)

______________________________________________________

الموجب للتحريم سواء طال الزمان حتى تحقق الشرط أم قصر ، وحينئذ فلو وطأ قبل حصول الشرط لم يكفر ، ولو وقع الشرط وجبت الكفارة قبل الوطي.

هذا كله من جهة ومن جهة أخرى فلو كان الوطي هو الشرط بأن قال : أنت عليّ كظهر أمي إن وطئتك ، ثبت الظهار بعد فعله ، كغيره من الشرائط ، وبعد ثبوت الظهار تجب الكفارة قبل العود إلى الوطي ثانيا.

وعن الشيخ في النهاية والصدوق أنه تجب الكفارة بنفس الوطي الأول ، لأن ابتداءه هو الشرط واستمراره وطئ ثان ، وهو بعيد ، ضرورة أن الوطي أم عرفي وهو صادق من حين الابتداء إلى حين النزع ، والإطلاق في الوطي كشرط محمول على المتعارف ، والمشروط إنما يقع بعد وقوع الشرط لا قبله أو في أثنائه قبل تحققه ، هذا بالإضافة إلى أن استدامة الأفعال ليست أفعالا مستقلة كاستمرار القيام والجلوس مثلا.

نعم لو نزع قضيبه كاملا ثم عاد إلى الوطي ثانيا وإن كان في نفس الزمن فتجب الكفارة لصدق تعدد الوطء حينئذ.

(١) أي الشرط.

(٢) أي تحقق الشرط.

(٣) أي فتحرم المعاودة إلى الوطي قبل الكفارة.

(٤) أي لا تجب الكفارة قبل النزع وإن طالت مدة الوطي الأول.

(٥) أي حملا للفظ الوطء الوارد شرطا على المتعارف.

(٦) قد تقدم أنه إذا ظاهر امرأته حرم عليه الوطي حتى يكفر ، فلو وطئ قبل الكفارة فالمشهور على تعدد الكفارة للأخبار :

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (قلت : إن أراد أن يمسّها؟ قال : لا يمسّها حتى يكفّر ، قلت : فإن فعل فعليه شي‌ء؟ قال : إي والله إنه لآثم ظالم ، قلت : عليه كفارة غير الأولى؟ قال : نعم يعتق أيضا رقبة) (١) ، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : متى تجب الكفارة على المظاهر؟ قال : إذا أراد أن يواقع ، قلت : فإن واقع قبل أن يكفّر؟ قال : عليه كفارة أخرى) (٢) ، وخبر حسن

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب الظهار حديث ٤ و ٦.


حيث يتحقق التحريم (١) (فكفارتان) إحداها للوطء ، والأخرى للظهار ، وهي (٢) الواجبة بالعزم (٣) ، ولا شي‌ء على الناسي ، وفي الجاهل وجهان (٤) ، من أنه (٥) عامد (٦). وعذره (٧) في كثير من نظائره.

(ولو كرر الوطء) (٨) قبل التكفير عن الظهار وإن كان قد كفر عن الأول

______________________________________________________

الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : رجل ظاهر من امرأته فلم يف ، قال : عليه الكفارة من قبل أن يتماسا ، قلت : فإنه آتاها قبل أن يكفّر قال : بئس ما صنع ، قلت : عليه شي‌ء؟ قال : أساء وظلم ، قلت : فيلزمه شي‌ء؟ قال : رقبة أيضا) (١).

وعن الإسكافي عدم تعدد الكفارة لأخبار :

منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن الرجل إذا ظاهر من امرأته ثم غشيها قبل أن يكفّر فإنما عليه كفارة واحدة ويكفّ عنها حتى يكفر) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (فإن واقع قبل أن يكفر؟ قال : يستغفر الله ويمسك حتى يكفّر) (٣) ، ومثلها غيرها وقد حملها الشيخ على ما لو وقع منه جهلا أو نسيانا ويؤيده خبر الرفع رفع عن أمتي الخطأ والنسيان إلى قوله وما لا يعلمون(٤).

(١) وذلك بأن كان الظهار مطلقا أو قد تحقق شرطه إذا كان مشروطا.

(٢) أي الأخرى التي للظهار.

(٣) أي العزم على الوطي.

(٤) التفريق بين الناسي والجاهل بعد شمول خبر الرفع لهما ليس في محله.

(٥) دليل لوجوب الكفارتين.

(٦) أي عامد إلى الفعل وجاهل بحكمه ، وهو مثل الناسي عامد للفعل ناسي للحكم.

(٧) أي عذر الجاهل بسبب جهله.

(٨) قد علمت أنه إذا وطئ قبل التكفير لزمه كفارتان ، واحدة للوطي وأخرى للظهار ، فلو كرر الوطي قبل التكفير فتتكرر كفارة الوطي دون كفارة الظهار ، وإن كفّر عن الوطي الأول كما هو المشهور لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه قال : إذا واقع المرة الثانية قبل أن يكفر فعليه كفارة أخرى ، ليس في هذا اختلاف) (٥) فضلا عن أصالة عدم

__________________

(١) المصدر السابق حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من كتاب الظهار حديث ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب جهاد النفس من كتاب الجهاد.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب الظهار حديث ١.


(تكررت الواحدة) وهي التي وجبت للوطء ، دون كفارة الظهار فيجب عليه ثلاث (١) للوطء الثاني (٢) ، وأربع للثالث (٣) وهكذا ، ويتحقق تكراره (٤) بالعودة بعد النزع التام ، (وكفارة الظهار بحالها) لا تتكرر بتكرر الوطء.

(ولو طلقها طلاقها بائنا (٥) ، أو رجعيا وانقضت العدة حلت له من غير)

______________________________________________________

تداخل المسببات ، فيتعدد المسبب بتعدد السبب.

وعن ابن حمزة أنه إذا كفّر عن الوطي ثم وطئ ثانيا قبل كفارة الظهار فعليه كفارة للوطي ، وإلا لو لم يكفّر عن الأول فلو كرر الوطي فلا يلزمه إلا كفارة واحدة ، للوطي لأصالة تداخل المسببات ، وهو اجتهاد في قبال النص المتقدم كما في الجواهر ، ولأصالة عدم تداخل المسببات.

(١) أي ثلاث كفارات.

(٢) كفارتان للوطي وواحدة للظهار.

(٣) ثلاث للوطي وواحدة للظهار.

(٤) أي تكرار الوطي.

(٥) إذا ظاهرها ثم طلقها طلاقا رجعيا ثم راجعها لم تحلّ له حتى يكفّر ، بلا خلاف فيه ، لأنها حينئذ بحكم الزوجة.

ولو طلقها طلاقا بائنا أو رجعيا فتركها حتى بانت منه ثم جدّد نكاحها ففي عود الظهار قولان ، أحدهما للمشهور أنه لا يعود لأصالة البراءة ، ولأن الموجب للكفارة هو العود بالعقد الأول ، وقد انتفى ، وإلى أنها تصير بالطلاق البائن أو بالخروج عن العدة أجنبية والظهار كما لا يقع ابتداء بالأجنبية لا يقع بها استدامة فلا محالة ينهدم الظهار ، ولخصوص صحيح بريد بن معاوية (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلّقها تطليقة؟ فقال عليه‌السلام : إذا طلّقها تطليقة فقد بطل الظهار وهدم الطلاق الظهار.

قلت : فله أن يراجعها؟ قال عليه‌السلام : نعم هي امرأته فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسا.

قلت : فإن تركها حتى يخلو أجلها وتملك نفسها ثم تزوجها بعد هل يلزمه الظهار قبل أن يمسّها؟ قال عليه‌السلام : لا قد بانت منه وملكت نفسها) (١). وهو مروي عن بريد بن معاوية كما في الفقيه ، ومروي عن يزيد الكناسي كما في الكافي.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.


(تكفير) ، لرواية بريد العجلي (١) وغيره ، ولصيرورته (٢) بذلك (٣) كالأجنبي ، واستباحة الوطء (٤) ليس بالعقد الذي لحقه التحريم ، وروي أن ذلك (٥) لا يسقطها (٦) ، وحملت (٧) على الاستحباب ، ولو راجع في الرجعية عاد التحريم (٨) قطعا.(وكذا (٩) لو ظاهر من أمة) هي زوجته(ثم اشتراها) من مولاها (١٠) ، لاستباحتها حينئذ (١١) بالملك ، وبطلان حكم العقد (١٢) كما بطل حكم السابق (١٣) في السابق ، وكذا يسقط حكم الظهار لو اشتراها غيره (١٤) وفسخ العقد (١٥) ، ثم

______________________________________________________

وعن سلّار وأبي الصلاح الحلبي عود حكم الظهار ولو بالتزويج بعد العدة البائنة ، لخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام (عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها بعد ذلك بشهر أو شهرين فتزوجت ، ثم طلقها الذي تزوجها فراجعها الأول ، هل عليه الكفارة للظهار الأول؟ قال : نعم عتق رقبة أو صيام أو صدقة) (١) وحمله الشيخ على التقية لموافقته لمذهب بعض المخالفين ، أو على الاستحباب كما عن الشارح.

(١) على ما في الفقيه ، وفي الكافي رواية يزيد الكناسي.

(٢) أي صيرورة أي المظاهر.

(٣) فيما لو طلقها بائنا أو طلقها رجعيا وخرجت من العدة.

(٤) بعد العقد الجديد.

(٥) أي العقد الجديد.

(٦) أي لا يسقط الكفارة.

(٧) أي الرواية الدالة على عدم سقوط الكفارة بذلك.

(٨) أي تحريم الظهار ، ولا تجب الكفارة ، إلا إذا أراد الوطي.

(٩) أي تسقط الكفارة.

(١٠) لو ظاهر من زوجته الأمة ثم اشتراها من مولاها ، بطل العقد لما تقدم أن البضع لا يستباح بسببين ، وحينئذ لو وطأها بالملك الجديد لا تجب الكفارة ، وظاهرهم عدم الاختلاف فيه ، لأنه كما لو طلقها بعد الظهار وتزوجها بعد انقضاء العدة.

(١١) أي حين الشراء.

(١٢) الذي لحقه الظهار هنا.

(١٣) أي حكم العقد السابق الذي لحقه الظهار في الفرع السابق.

(١٤) غير الزوج.

(١٥) أي عقد النكاح الذي لحقه الظهار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الظهار حديث ٩.


تزوجها المظاهر بعقد جديد (١).

(ويجب تقديم الكفارة على المسيس) لقوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا) (٢) (ولو ماطل) بالعود (٣) ، أو التكفير (٤) (رافعته (٥) إلى الحاكم فينظره ثلاثة أشهر) من حين المرافعة(حتى يكفّر ويفي‌ء) أي يرجع عن الظهار مقدما للرجعة (٦) على الكفارة كما مر(أو يطلق ويجبره على ذلك (٧) بعدها) أي بعد المدة(لو امتنع) فإن لم يختر أحدهما ضيق عليه (٨) في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما ، ولا يجبره على أحدهما عينا ، ولا يطلق عنه (٩) ، كما لا يعترضه (١٠) لو صبرت.

______________________________________________________

(١) فتزوجها من مولاها الثاني بعقد جديد فلا كفارة عليه ، للأصل بعد كون الظهار قد لحق العقد الأول ، وهذا عقد ثان.

(٢) سورة المجادلة ، الآية : ٣.

(٣) أي بالعزم على الوطي الموجب للكفارة.

(٤) بحيث عزم على العود ولم يكفر ، مع أن حل الوطي متوقف على الكفارة.

(٥) إذا صبرت الزوجة على ترك الزوج وطئها بعد المماطلة المذكورة فلا اعتراض لأحد عليها ، بلا خلاف فيه ولا إشكال ، لأن الحق لها ويجوز لها أن تصبر عليه.

وإن لم تصبر رفعت أمرها للحاكم ، والحاكم يخيّره بين العود والتكفير وبين الطلاق ، وأنظره للتفكير في ذلك ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، فإذا انقضت المدة ولم يختر أحدهما حبسه وضيّق عليه في المطعم والمشرب ، بأن يمنعه عما زاد على سدّ الرمق حتى يختار أحدهما ، ولا يجبره على الطلاق تعيينا ولا يطلّق عنه ، ولا على التكفير بخصوصه ، وظاهرهم الاتفاق عليه كما صرح بذلك غير واحد ، ويؤيده خبر أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ، قال : إن آتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ، وإلا ترك ثلاثة أشهر فإن فاء وإلا أوقف حتى يسأل : لك حاجة في امرأتك أو تطلّقها ، فإن فاء فليس عليه شي‌ء وهي امرأته ، وإن طلّق واحدة فهو أملك برجعتها) (١).

وضعف سنده وقصور دلالته منجبران بعمل الأصحاب قاطبة.

(٦) أي لنية الرجوع وهو العزم على الوطي ، لأنه هو الموجب للكفارة على ما تقدم.

(٧) من الكفارة بعد الرجوع أو الطلاق.

(٨) بعد الحبس كما في الجواهر.

(٩) أي ولا يطلق الحاكم عن الزوج الممتنع بعد المدة المذكورة.

(١٠) أي لا يعترض الحاكم الزوج.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب الظهار حديث ١.



كتاب الايلاء



(كتاب الايلاء (١)

وهو مصدر آلى يولي إذا حلف مطلقا(و) شرعا(هو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة) المدخول بها قبلا (٢) أو مطلقا(أبدا (٣) ، أو مطلقا) من غير تقييد بزمان ، (أو زيادة (٤) على أربعة أشهر ، للإضرار بها) فهو (٥) جزئي من جزئيات

______________________________________________________

(١) وهو لغة الحلف ، وشرعا حلف الزوج على ترك وطء زوجته الدائمة المدخول بها قبلا مطلقا أو زيادة عن أربعة أشهر ، للإضرار بها ، وعليه فليس له حقيقة شرعية أو متشرعية ، بل معناه الشرعي من مصاديق معناه اللغوي ، وإطلاق الإيلاء الذي هو الحلف على حلف الزوج إلى آخر ما ذكر هو من باب إطلاق الكلي على فرده.

والأصل فيه قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ فٰاؤُ فَإِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ فَإِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١) هذا وقد كان الإيلاء طلاقا في الجاهلية كالظهار ، وغيّر الشارع الأقدس حكمه وجعل له أحكاما وشرائط خاصة.

ثم إن هذا الإيلاء إن جمع شرائطه فهو إيلاء وإلا فهو يمين كما ذكره غير واحد بل أرسلوه إرسال المسلمات.

(٢) متعلق بالوطء المذكور ، لا بالمدخول بها ، والمعنى أنه حلف على ترك وطئها قبلا ، أو مطلقا بمعنى قبلا ودبرا معا.

(٣) أي دائما بحيث عمّم لكل زمن.

(٤) بحيث قيد الترك بما يزيد عن أربعة أشهر.

(٥) أي الإيلاء المبحوث عنه هنا.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآيتان : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.


الإيلاء الكلي ، أطلق عليه (١). والحلف فيه (٢) كالجنس يشمل الايلاء الشرعي وغيره (٣) ، والمراد (٤) الحلف بالله تعالى كما سيأتي.

وتقييده (٥) بترك وطء الزوجة يخرج اليمين على غيره (٦) ، فإنه (٧) لا يلحقه أحكام الايلاء الخاصة به (٨) ، بل (٩) حكم مطلق اليمين ، وإطلاق الزوجة يشمل الحرة ، والأمة المسلمة ، والكافرة (١٠) ، وخرج بها (١١) الحلف على ترك وطء الأمة الموطوءة بالملك. وتقييدها (١٢) بالدائمة ، والمتمتع بها فإن الحلف على ترك وطئهما (١٣) لا يعدّ ايلاء ، بل يمينا مطلقا فيتبع (١٤) الأولى في الدين ، أو الدنيا ، فإن تساويا (١٥) انعقد يمينا يلزمه حكمه ، وكذا (١٦) الحلف على ترك وطء الدائمة مدة لا تزيد عن أربعة أشهر (١٧).

______________________________________________________

(١) أي أطلق الإيلاء الكلي على جزئي من جزئياته.

(٢) في تعريف الإيلاء الشرعي.

(٣) لأنه يشمل كل حلف ويمين.

(٤) أي المراد من الإيلاء الشرعي ، هو الحلف بالله تعالى لأنه يمين كما سمعت.

(٥) أي تقييد الحلف.

(٦) كالحلف على ترك الاستمتاع بها كالتقبيل والملامسة وغيرهما.

(٧) فإن الحلف على ترك غير الوطي من استمتاع الزوجة.

(٨) بالإيلاء الشرعي.

(٩) أي بل يلحقه.

(١٠) لإطلاق الأدلة كما سيأتي بيانه.

(١١) بالزوجة.

(١٢) أي تقييد الزوجة بالدائمة لإخراج المتمتع بها.

(١٣) الأمة والمتمتع بها.

(١٤) أي يتبع الحلف على ترك وطئ الأمة والمتمتع بها في الانعقاد وعدمه ما هو الأولى في الدين والدنيا ، فإن كان متعلق اليمين المذكور على خلاف الأولى فلا ينعقد ، بخلاف ما لو كان مساويا أو هو أولى فينعقد اليمين فيه ويلزمه حكمه.

(١٥) أي متعلق اليمين مع عكسه.

(١٦) أي يتبع الأولى على ما هو المفصّل سابقا.

(١٧) فإن كان متعلقه على خلاف الأولى لا ينعقد ، وإلا ينعقد يمينا مطلقا ويلزمه حكمه.


وزدنا في التعريف قيد المدخول بها لما هو المشهور بين الأصحاب من

______________________________________________________

هذا واعلم أن الماتن لم يذكر شروط المولى منها ، وقد ذكرها الشارح هنا فلا بد من التعرض لها بالتفصيل وهي :

يشترط فيها أن تكون منكوحة بالعقد ، لا بالملك بلا خلاف فيه لعدم اندراج المملوكة الموطوءة بالملك في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (١) بدليل ذكر الطلاق في ذيل الآية ، ولا طلاق في الأمة ولخبر البزنطي عن الرضا عليه‌السلام (سألته عن الرجل يؤلي من أمته؟ فقال : لا : كيف يؤلي وليس لها طلاق) (٣) ويشترط فيها أن تكون بالعقد الدائم كما هو المشهور لصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا إيلاء على الرجل من المرأة التي يتمتع بها) (٣).

وعن المرتضى وقوع الإيلاء بالمتمتع بها لعموم الآية (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (٤) ، وهو ضعيف بما سمعت وبقوله تعالى : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ فَإِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٥) بعد قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (٦) ولا طلاق في المتمتع بها فلا عموم في الآية حينئذ ويشترط أن تكون مدخولا بها بلا خلاف فيه كما في كشف اللثام للأخبار :

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في غير المدخول بها قال : لا يقع عليها إيلاء ولا ظهار) (٧) ، وخبر الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقع الإيلاء إلا على امرأة قد دخل بها زوجها) (٨) ومثلها غيرها.

هذا وقد تقدم الخلاف في اشتراط الدخول في الظهار ، ولم ينقل خلافا هنا قال الشارح في المسالك : (وربما قيل به أيضا هنا لكنه نادر) انتهى. هذا وبعد ما سمعت شيئا من أدلة الإيلاء فهي مطلقة تشمل المسلمة والكافرة وتشمل الأمة والحرة إذا نكحت الأولى بالعقد لا بالملك ، وتشمل الإيلاء الواقع من الزوج حرا كان أو عبدا.

هذا من جهة ومن جهة أخرى لا ينعقد الإيلاء حتى يكون الحلف على ترك الوطي دائما أو مقرونا بما يزيد عن أربعة أشهر بلا خلاف فيه ولا إشكال ، ولازمه أنه لو كان على

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

(٣) التهذيب ج ٨ ص ٨ حديث ٢٣.

(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٦.

(٥ و ٦) سورة البقرة ، الآيتان : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٧) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الظهار حديث ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٢.


اشتراطه من غير نقل الخلاف فيه (١) ، وقد اعترف المصنف في بعض تحقيقاته بعدم وقوفه على خلاف فيه ، والأخبار الصحيحة مصرحة باشتراطه فيه (٢) وفي الظهار ، وقد تقدم بعضها (٣) ، وقيد القبل ، أو مطلقا احترازا عما لو حلف على ترك وطئها دبرا فإنه لا ينعقد ايلاء (٤) كما لا تحصل الفئة به (٥).

واعلم أن كل موضع لا ينعقد ايلاء مع اجتماع شرائط اليمين يكون (٦) يمينا ، والفرق بين اليمين ، والايلاء مع اشتراكهما في أصل الحلف والكفارة الخاصة. جواز مخالفة اليمين في الايلاء ، بل وجوبها (٧) على وجه مع الكفارة ، دون اليمين المطلقة (٨) ، وعدم اشتراط انعقاده (٩) مع تعلقه بالمباح بأولويته (١٠) دينا ، أو دنيا ، أو تساوي (١١) طرفيه ، بخلاف اليمين (١٢) ، واشتراطه (١٣) بالإضرار

______________________________________________________

ترك الوطي أقل من ذلك فلا إيلاء لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : رجل آلى أن لا يقرب امرأته ثلاثة أشهر ، فقال : لا يكون إيلاء حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر) (١) ،

(١) في الاشتراط.

(٢) أي في اشتراط الدخول في الإيلاء.

(٣) في الظهار.

(٤) لأن حقها هو الوطي قبلا في كل أربعة أشهر كما تقدم في كتاب النكاح ، فلو حلف ترك وطئها دبرا أصلا ينافي حقها ولا يكون إيلاء في البين.

(٥) أي بالوطء دبرا ، والمراد أنه لا تتحقق الفئة بالوطء دبرا بل لا بد من الوطي قبلا بعد وقوع الإيلاء كما سيأتي بيانه.

(٦) أي يكون الحلف على ترك الوطي مع عدم شرائط الإيلاء يمينا.

(٧) أي وجوب المخالفة على نحو التخيير بين مخالفة الإيلاء أو الطلاق.

(٨) فلا تجوز المخالفة.

(٩) أي انعقاد الإيلاء.

(١٠) متعلق بقوله (بانعقاده).

(١١) عطف على قوله (بأولويته).

(١٢) فإنه يشترط في متعلقه التساوي أو الأولوية بحيث لا ينعقد إذا كان مورده مرجوحا.

(١٣) أي اشتراط الإيلاء.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٢.


بالزوجة (١) كما علم من تعريفه (٢) فلو حلف على ترك وطئها لمصلحتها كإصلاح لبنها ، أو كونها مريضة كان يمينا ، لا ايلاء ، واشتراطه (٣) بدوام عقد الزوجة ، دون مطلق اليمين (٤) ، وانحلال اليمين على ترك وطئها بالوطء (٥) دبرا مع الكفارة ، دون الايلاء إلى غير ذلك من الأحكام المختصة بالايلاء المذكورة في بابه (٦).

(ولا ينعقد الايلاء) كمطلق اليمين(إلا باسم (٧) الله تعالى) المختص به أو

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه ، فلو حلف لصلاح اللبن أو لتدبير في مرض لم يكن له حكم الإيلاء ، بل كان يمينا ، لخبر السكوني عن أبي عبد الله (أتى رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، إن امرأتي أرضعت غلاما ، وإن قلت : والله لا أقربك حتى تفطميه فقال : ليس في الإصلاح إيلاء) (١).

(٢) أي تعريف الإيلاء ، بخلاف اليمين فلا يشترط فيه ذلك.

(٣) أي الإيلاء.

(٤) فلا يشترط في انعقاد مطلق اليمين دوام العقد.

(٥) متعلق بقوله (وانحلال) والمعنى لو حلف على ترك وطئها مطلقا فإنه يحنث لو وطئها دبرا وعليه الكفارة بخلاف الإيلاء فلو حلف على ترك وطئها مطلقا فلا تتحقق الفئة بالوطء دبرا.

(٦) أي باب الإيلاء.

(٧) لا إشكال ولا خلاف أن الإيلاء لا ينعقد إلا باسم الله تعالى أو بأسمائه الخاصة به أو الغالبة عليه لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا أرى للرجل أن يحلف إلا بالله تعالى) (٢) وصحيح علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام في حديث : (وليس لخلقه أن يقسموا إلا به عزوجل) (٣) وللنبوي (من كان حالفا فليحلف بالله أو فليصمت) (٤) والإيلاء من أفراد مطلق اليمين ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (ليس لخلعة أن يقسموا إلا به) (٥) ولخصوص صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما رجل آلى من امرأته ، والإيلاء أن يقول : والله لا أجامعك كذا وكذا) (٦) الحديث.

وإذا تقرر ذلك فلا بد من التلفظ بالله تعالى أو باسمه ولا يكفي نية الحلف ، نعم لا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

(٢ و ٣ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من كتاب الإيمان حديث ٤ و ١ و ٣.

(٤) سنن البيهقي ج ١ ص ٢٨.

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.


الغالب كما سبق تحقيقه في اليمين ، لا بغيره (١) من الأسماء وإن كانت معظمة ، لأنه (٢) حلف خاص ، وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ومن كان حالفا فليحلف بالله تعالى ، أو فليصمت» ولا تكفي نيته (٣) ، بل يعتبر كونه(متلفظا به (٤) ولا يختص بلغة ، بل ينعقد(بالعربية وغيرها) لصدقه (٥) عرفا بأي لسان اتفق ، (ولا بد في المحلوف عليه) وهو (٦) الجماع في القبل(من اللفظ الصريح) الدال عليه (٧) (كادخال الفرج في الفرج) ، أو تغييب الحشفة فيه (٨) ، (أو اللفظة المختصة بذلك) لغة وعرفا وهي

______________________________________________________

يشترط التلفظ بالعربية لعدم الدليل على اعتبارها بل يقع الحلف بكل لسان لصدق الإيلاء والحلف معه ، ومما تقدم يظهر أنه لا ينعقد فيما لو كان الحلف بالكعبة أو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أحد الأئمة عليهم‌السلام مما هو محترم.

(١) بغير الله تعالى.

(٢) أي الإيلاء ، وهو تعليل لاشتراط الحلف بالله دون غيره.

(٣) أي نية الحلف بالله.

(٤) باسم الجلالة.

(٥) أي لصدق الحلف.

(٦) أي المحلوف عليه.

(٧) أي على الجماع في القبل هذا واعلم أنه إذا كان متعلق الإيلاء صريحا في الجماع في القبل فهو ، كإدخال الفرج في الفرج ، أو يأتي باللفظة المختصة بهذا الفعل عرفا.

وإذا كان متعلق الإيلاء غير صريح في الجماع في القبل كلفظي الجماع والوطي ، فإنهما موضوعان لغة لغيره ، ويعبر بهما عنه عرفا ، فإن قصد بهما الإيلاء وقع بلا خلاف ولا إشكال ، كما لا خلاف ولا إشكال في عدم وقوعه لو قصد بهما غيره ، وفيه أن لفظي الجماع والوطي من ألفاظ الجماع في القبل عرفا ، وإن كانا موضوعين لغيره لغة ، وعليه فهما من الألفاظ الصريحة فيقع الإيلاء بهما من دون اشتراط قصد الإيلاء زيادة عن قصد المعنى من لفظهما ويدل عليه صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الإيلاء ما هو؟ فقال : هو أن يقول الرجل لامرأته : والله لا أجامعك كذا وكذا) (١) الخبر ، ولم يذكر قصد الإيلاء زيادة على التلفظ بلفظ الجماع.

(٨) في فرج المرأة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.


مشهورة (١).

(ولو تلفظ بالجماع ، أو الوطء وأراد الايلاء صح) ، وإلا (٢) فلا ، لاحتمالهما (٣) إرادة غيره (٤) ، فإنهما وضعا لغة لغيره (٥) وإنما كنّي بهما عنه (٦) عدولا عما يستهجن إلى بعض لوازمه (٧) ثم اشتهر فيه (٨) عرفا فوقع به (٩) مع قصده.

والتحقيق أن القصد (١٠) معتبر في جميع الألفاظ وإن كانت صريحة ، فلا وجه لتخصيص اللفظين به (١١). واشتراكهما أو إطلاقهما لغة على غيره (١٢) لا يضر مع إطباق العرف على انصرافهما إليه (١٣). وقد روى أبو بصير في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن الايلاء ما هو؟ قال : «هو أن يقول الرجل لامرأته : والله لا أجامعك كذا وكذا الحديث ، ولم يقيده (١٤) بالقصد فإنه (١٥) معتبر مطلقا (١٦) ،

______________________________________________________

(١) ولكن في المسالك جعلها مختصة بذلك عرفا فقط ، وهذا ينافي ما ذكره هنا أنها موضوعة لغة وعرفا.

(٢) أي وإن لم يرد الإيلاء.

(٣) أي احتمال لفظي الجماع والوطي ، وهو تعليل لعدم صحة الإيلاء عند عدم قصده.

(٤) غير الإيلاء.

(٥) لغير الجماع في القبل ، فالوطي هو الجماع كما في مجمع البحرين ، والجماع هو غشيان الرجل المرأة ، وهو أعم من الوطي في القبل.

(٦) عن الجماع في القبل.

(٧) وهو الغشيان الذي هو لازم الوطي في القبل.

(٨) أي ثم اشتهر لفظا الجماع والوطي في الجماع في القبل.

(٩) أي فوقع الإيلاء بلفظ الجماع والوطي مع قصد الإيلاء.

(١٠) أي قصد المعنى.

(١١) بالقصد ، والمراد من اللفظين هو الجماع والوطي.

(١٢) أي غير الوطي في القبل.

(١٣) إلى الوطي في القبل.

(١٤) أي لم يقيّد لفظ الجماع الوارد في الخبر بالقصد.

(١٥) أي القصد.

(١٦) في هذين اللفظين وفي غيرهما من الألفاظ الصريحة.


بل أجاب به (١) في جواب «ما هو» (٢) المحمول (٣) على نفس الماهية ، فيكون (٤) حقيقة (٥) الايلاء ، ودخول غيره (٦) من الألفاظ الصريحة حينئذ (٧) بطريق أولى فلا ينافيه (٨) خروجها (٩) عن الماهية المجاب بها.

نعم يستفاد منه (١٠) أنه لا يقع بمثل المباضعة ، والملامسة والمباشرة التي يعبر بها عنه (١١) كثيرا وإن قصده (١٢) ، لاشتهار (١٣) اشتراكها (١٤) ، خلافا لجماعة حيث حكموا بوقوعه بها (١٥).

______________________________________________________

(١) أي بلفظ الجماع.

(٢) الوارد في سؤال السائل.

(٣) صفة لقوله : (ما هو) وقد أريد به لفظه.

(٤) أي يكون الجماع الذي أجاب به الإمام عليه‌السلام هو حقيقة الإيلاء.

(٥) خبر لقوله : (فيكون).

(٦) أي غير الجماع ، هذا وهم وحاصله : أن الجواب عن حقيقة الإيلاء بالجماع فقط دليل على خروج غيره من الألفاظ الصريحة ، مع أنها دالة على حقيقة الإيلاء قطعا ، وجواب أن الاقتصار على لفظ الجماع في مقام بيان حقيقة الإيلاء ، لأن الصريح داخل من باب أولى فلا داعي لذكره.

(٧) حين كون الجواب عن حقيقة الإيلاء بلفظ الجماع فقط.

(٨) أي لا ينافي الدخول المذكور.

(٩) فاعل لقوله (فلا ينافيه) والمراد بالخروج هو الخروج عن الجواب وعدم ذكرها في جواب الماهية المسئول عنها.

(١٠) من صحيح أبي بصير المتقدم ، والحاصل أنه يستفاد من صحيح أبي بصير عدم وقوع الإيلاء بالمباضعة والمباشرة والملامسة ونحوها ، لإتيانه في الجواب بما يدل على الجماع في القبل بلفظ صريح عرفا ، فلا يقع بغيره مما لا يدل عليه لا لغة ولا عرفا وإن عبّر بها عن الجماع قبلا في العرف كثيرا إلا أنه لم يصل إلى حد الانصراف ، فلو وصل إلى هذا الحد لكان مثله مثل لفظ الجماع الدال على الإيلاء من دون قصد إلا قصد معناه فقط.

(١١) أي التي يعبر بهذه المذكورات عن الجماع قبلا.

(١٢) أي قصد الجماع قبلا فلا يقع الإيلاء بهذه المذكورات.

(١٣) تعليل لعدم وقوع الإيلاء بها وإن قصده.

(١٤) إذ هي مشتركة بين الجماع وغيره.

(١٥) أي بوقوع الإيلاء بهذه المذكورات مع قصد الجماع قبلا منها.


نعم لو تحقق في العرف انصرافها (١) ، أو بعضها إليه (٢) وقع به (٣).

ويمكن أن تكون فائدة تقييده (٤) بالإرادة أنه (٥) لا يقع عليه (٦) ظاهرا بمجرد سماعه موقعا للصيغة بهما ، بل يرجع إليه في قصده فإن اعترف بإرادته (٧) حكم عليه (٨) به ، وإن ادعى عدمه (٩) قبل ، بخلاف ما لو سمع منه الصيغة الصريحة فإنه لا يقبل منه دعوى عدم القصد ، عملا بالظاهر من حال العاقل المختار ، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فيرجع إلى نيته.

(ولو كنى بقوله : لا جمع رأسي ورأسك مخدّة (١٠) واحدة ، أو لا ساقفتك) بمعنى لا جمعني وإياك سقف (١١) (وقصد الايلاء) أي الحلف على ترك وطئها

______________________________________________________

(١) أي انصراف هذه المذكورات فتكون كلفظ الجماع والوطي.

(٢) إلى الجماع في القبل.

(٣) أي وقع الإيلاء في المنصرف إلى الجماع.

(٤) أي تقييد الماتن للجماع أو الوطي بالإرادة.

(٥) أي أن الإيلاء ، وهو غير ما أراده أولا من التعليل بقول الشارح : لاحتمالها إرادة غيره حيث إنه يرد عليه ما تقدم سابقا.

هذا والفائدة هي أنه إذا تلفظ بلفظ الجماع أو الوطي فلا يحكم عليه بالإيلاء ظاهرا بمجرد السماع لنطقه بهما ، بل يرجع إليه في القصد فإن اعترف بإرادة الإيلاء حكم عليه به ، وإن ادعى عدم القصد قبل بخلاف الصيغة الصريحة فإنها تدل ظاهرا على قصد الإيلاء فلا يقبل منه دعوى عدم القصد ، لأن الفاعل المختار بحسب الظاهر أن يكون عنده قصد لمعنى اللفظ الذي تلفظ به فلو ادعى عدمه لا يقبل منه.

(٦) على من نطق بلفظ الجماع أو الوطي.

(٧) أي إرادة الإيلاء.

(٨) على المعترف.

(٩) أي عدم قصد الإيلاء.

(١٠) بكسر الميم سميت بذلك لأنها موضع الخدّ عند النوم.

(١١) وضابطه أنه أتى بلفظ يصلح أن يكون كناية عن الجماع في القبل فهل يقع به الإيلاء مع قصده أو لا؟ قولان ، ذهب الشيخ في الخلاف والحلي والعلامة إلى عدم الوقوع بل هو الأشهر لاحتمال هذه الألفاظ لغير الجماع في القبل احتمالا ظاهرا فلا يزول بها حل الوطء المتحقق. ولأصالة الحل عند الشك في ارتفاعه ، ولأن الطلاق لا يقع بالكناية مع


(حكم الشيخ) والعلامة في المختلف(بالوقوع) ، لأنه (١) لفظ استعمل عرفا فيما نواه فيحمل عليه (٢) كغيره من الألفاظ ، ولدلالة ظاهر الأخبار عليه حيث دلت (٣) على وقوعه (٤) بقوله : لأغيضنّك ، فهذه (٥) أولى ، وفي حسنة (٦) بريد عن

______________________________________________________

قصده فكذا الإيلاء.

وعن الشيخ في المبسوط واستحسنه المحقق وذهب إليه العلامة في المختلف إلى الوقوع ، لإطلاق أدلة الإيلاء ، ولأنه لفظ قد استعمل عرفا فيما نواه فيحمل عليه كغيره من الألفاظ ، وللأخبار :

منها : صحيح بريد بن معاوية (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في الإيلاء : إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته ولا يمسّها ولا يجمع رأسه ورأسها فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر ، فإذا مضت أربعة أشهر وقف ، فإما أن يفي‌ء فيمسّها وإما أن يعزم على الطلاق فيخلّي عنها) (١) وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : سألته عن الإيلاء ما هو؟ فقال : هو أن يقول الرجل لامرأته : والله لا أجامعك كذا وكذا ، ويقول : والله لأغيظنّك فيتربص بها أربعة أشهر) (٢) الخبر.

وجمع الرأسين من كنايات الجماع وكذا الفيض وأشكل على الخبر الأول بأنه ليس بصريح في وقوع الإيلاء بالكناية لاحتمال كون الواو للجمع لا للتخيير فيتعلق الإيلاء بالجميع ، وهو مشتمل على المسّ والمقاربة ، ويعبّر عن الجماع بهما كثيرا عند العرف ، هذا والقاعدة هو كفاية كل لفظ يدل على المعنى المقصود ولو بالمجاز أو الكناية ما لم يأت دليل دال على اشتراط صراحة الألفاظ وهو مفقود في المقام.

(١) أي لأن المذكور من الكنايات.

(٢) على ما نواه.

(٣) الأخبار.

(٤) وقوع الإيلاء بالكناية.

(٥) أي هذه الكنايات المذكورة في المتن أولى بالدلالة ، لشيوع التعبير بها عن الجماع عرفا بخلاف الكناية الواردة في الخبر فإنها غير شائعة في مقام التعبير عن الجماع.

(٦) بل هي صحيحة لأن إبراهيم بن هاشم الوارد في سندها من شيوخ الإجازة وهذا ما يغني عن التوثيق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.


الصادق عليه‌السلام أنه قال : «إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته ، ولا يمسها ، ولا يجمع رأسه ورأسها فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر».

والأشهر عدم الوقوع ، لأصالة الحل (١) ، واحتمال الألفاظ (٢) لغيره (٣) احتمالا ظاهرا فلا يزول الحلّ المتحقق بالمحتمل (٤) ، والروايات ليست صريحة فيه (٥).

ويمكن كون الواو في الأخيرة (٦) للجمع فيتعلق الايلاء بالجميع ، ولا يلزم تعلقه بكل واحد (٧).

واعلم أن اليمين في جميع هذه المواضع (٨) تقع (٩) على وفق ما قصده من مدلولاتها ، لأن اليمين تتعين بالنية حيث تقع الألفاظ محتملة ، فإن قصد بقوله : لا جمع رأسي ورأسك مخدة نومهما مجتمعين عليها انعقدت (١٠) كذلك (١١) حيث لا أولوية في خلافها (١٢) ، وإن قصد به (١٣)

______________________________________________________

(١) لأن كل شي‌ء حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه فتدعه.

(٢) وهي الكنايات.

(٣) لغير الجماع في القبل.

(٤) بل يستصحب المتيقن.

(٥) في الوقوع بالكناية ، أما الثانية المذكورة في كلام الشارح فقد تقدم وجه عدم الظهور وأما الأولى فلم أجد من أشكل على ظهورها ، وهي الموافقة لمقتضى قواعد اللغة من الاكتفاء بكل لفظ دال على المقصود ولو بالمجاز أو الكناية.

(٦) في الرواية الثانية.

(٧) حتى يتعلق بمحل النزاع.

(٨) التي لم يقع فيها إيلاء.

(٩) أي تنعقد على وفق ما قصده من هذه الألفاظ ، وهذا ما أشرنا إليه سابقا أنه في كل مورد لم يقع الإيلاء لفقد شرط من شروطه فإنه ينعقد يمينا.

(١٠) أي اليمين بدون إيلاء.

(١١) أي نومهما مجتمعين عليها.

(١٢) أي في خلاف اليمين ، لأنه لو كان هناك أولوية في خلاف متعلقها لما انعقدت ، لأنه يشترط في متعلق اليمين عدم المرجوحية.

(١٣) أي بقوله : لا جمع رأسي ورأسك مخدة.


الجماع انعقد (١) كذلك (٢) ، وكذا غيره (٣) من الألفاظ حيث لا يقع الايلاء به (٤).

(ولا بد من تجريده (٥) عن الشرط والصفة (٦) على أشهر القولين لأصالة عدم الوقوع في غير المتفق عليه ، وهو (٧) المجرد عنهما (٨).

وقال الشيخ في المبسوط والعلامة في المختلف : يقع معلقا عليهما ، لعموم القرآن السالم عن المعارض. والسلامة (٩) عزيزة (١٠).

(ولا يقع (١١) لو جعله يمينا (١٢) كأن يقول : «إن فعلت كذا فو الله لا

______________________________________________________

(١) أي اليمين بدون إيلاء.

(٢) على الجماع.

(٣) أي غير قوله السابق : لا جمع رأسي ورأسك مخدة.

(٤) من ذلك الغير.

(٥) أي تجريد الإيلاء.

(٦) ذهب الشيخ في الخلاف وابن إدريس والعلامة في أحد قوليه وابنا حمزة وزهرة ويحيى بن سعيد إلى تجريد الإيلاء عن الشرط والصفة ، لأصالة عدم وقوعه لو علّق ، واحتج عليه الشيخ في الخلاف بإجماع الغرفة مع أنه قال الشيخ في المبسوط بوقوعه معلقا على الشرط والصفة وقواه العلامة في المختلف ، لأن الإيلاء من مصاديق الحلف ، والحلف يقع معلقا ، ولعموم قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ) (١) ، وأما النصوص المتقدمة التي فسرت الإيلاء منجزا إنما سيقت لبيان صيغته بالنسبة إلى المحلوف به والمحلوف عليه ، لا غير ذلك مما يشمل المفروض.

(٧) أي المتفق عليه.

(٨) عن الشرط والصفة.

(٩) أي سلامة العموم عن مخصص له.

(١٠) أي نادرة ولذا قيل : ما من عام إلا وقد خص وإذا ثبتت السلامة فهذا ما يقوّي العمل بالعموم.

(١١) أي الإيلاء.

(١٢) بأن يحلف على ترك وطئها إن دخلت الدار من باب الزجر لها عن الدخول.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٦.


جامعتك» قاصدا تحقيق الفعل (١) على تقدير المخالفة (٢) زجرا لها عما علقه عليه (٣) ، وبهذا (٤) يمتاز (٥) عن الشرط مع اشتراكهما في مطلق التعليق فإنه لا يريد من الشرط إلا مجرد التعليق (٦) ، لا الالتزام في المعلق عليه (٧).

ويتميزان (٨)

______________________________________________________

إن قلت : لا فرق بينه وبين الإيلاء المعلق على الشرط وقد حكم الماتن سابقا ببطلانه فلا معنى لإعادته.

قلت : الفرق واضح ، فجعل الإيلاء يمينا ممنوع عندنا بالاتفاق بخلاف الإيلاء المعلق على الشرط فهو مختلف فيه ، وجعل الإيلاء يمينا هو أن يعلقه على شرط بقصد الزجر عنه بخلاف تعليق الإيلاء على الشرط فلا يقصد من الشرط إلا مجرد وقوعه ، فيكون الإيلاء مرادا عند وقوع الشرط من غير قصد الانزجار عنه ، ولأن جعل الإيلاء يمينا يقتضي الالتزام بترك الشرط تحقيقا لمعنى الانزجار ، بخلاف تعليق الإيلاء على الشرط فلا يقتضي الالتزام بتركه لعدم قصد الانزجار عنه ، ولأن الشرط في اليمين إما فعله وإما فعلها ليصح الزجر عنه بخلاف الشرط في صورة تعليق الإيلاء عليه فهو أعم من فعلهما وفعل غيرهما ، لأن المقصود منه هو مجرد الوقوع.

وعليه فهما متشاركان صورة في التعليق مختلفان معنى وحكما بالوجوه الأربعة المتقدمة.

يبقى الدليل على عدم وقوع الإيلاء يمينا ، لأنه معلق على الشرط وقد عرفت أن الإيلاء لا ينعقد مع التعليق وعليه فلا يقع إيلاء.

ولأن الإيلاء هو مجموع قوله : والله لا أجامعك ، واليمين لا يكون إلا بالله فقط ، فلو جعل تمام الجزاء المعلّق يمينا للزم جعل المجموع يمينا وهو باطل ، وعليه فلا ينعقد الإيلاء المذكور يمينا بحسب هذا الدليل كما لا ينعقد إيلاء بحسب الدليل السابق.

(١) من ترك الجماع.

(٢) أي مخالفتها للشرط.

(٣) أي زجرا لها عن الشرط الذي علّق الفعل عليه.

(٤) أي بالزجر عن الشرط.

(٥) أي اليمين.

(٦) أي تعليق الإيلاء على مجرد وقوعه.

(٧) المعلق عليه هو الشرط ولا يريد منه في الإيلاء الالتزام بتركه من باب الزجر عنه كما في اليمين.

(٨) أي الشرط في الإيلاء المعلق ، واليمين المذكور.


أيضا بأن الشرط أعم من فعلهما (١) ، واليمين لا تكون متعلقة إلا بفعلها ، أو فعله (٢).

وعدم وقوعه (٣) يمينا ، بعد اعتبار تجريده (٤) عن الشرط (٥) ، واختصاص (٦) الحلف بالله تعالى واضح.

(أو حلف بالطلاق (٧) أو العتاق) بأن قال : إن وطأتك ففلانة ـ إحدى زوجاته ـ طالق أو عبده حر ، لأنه (٨) يمين بغير الله تعالى.

(ويشترط في المولي الكمال بالبلوغ والعقل والاختيار والقصد (٩) إلى مدلول لفظه ، فلا يقع من الصبي والمجنون والمكره والساهي والعابث به ونحوهم ممن لا يقصد الايلاء(ويجوز (١٠) من العبد (١١) بدون إذن مولاه اتفاقا حرة كانت زوجته

______________________________________________________

(١) أي فعل الزوجين ، فهو أعم منه ومن فعل غيرهما لأن المقصود منه مجرد الوقوع.

(٢) ليصح الزجر عنه.

(٣) أي وقوع الإيلاء.

(٤) تجريد الإيلاء.

(٥) وهو الدليل على عدم وقوعه إيلاء.

(٦) هو الدليل على عدم وقوعه يمينا.

(٧) مذهب الأصحاب أن الإيلاء يختص باليمين بالله تعالى ، لأنه من أفراد مطلق الحلف ، ولا حلف إلا بالله ، وعن بعض العامة أن الإيلاء لا يختص بالحلف بالله فلو حلف بالطلاق أو العتاق أو الصدقة فيقع الإيلاء ، وهو ضعيف لما سمعت.

ومثال الأول كأن يقول : إن جامعتك فأنت أو فلانة من زوجاته طالق.

ومثال الثاني كأن يقول : إن جامعتك فعبدي حر.

ومثال الثالث كأن يقول : إن جامعتك فمالي صدقة.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فعبارة الماتن (أو حلف بالطلاق) أنه لو حلف بالطلاق على ترك وطئها ولم يحلف بالله فلا يقع الإيلاء كما لا يقع لو جعله يمينا.

(٨) أي الحلف بالطلاق أو العتاق.

(٩) لا خلاف ولا إشكال في اعتبار البلوغ والعقل والاختيار والقصد في المولي لما تقدم من الأدلة العامة الدالة على اشتراطها في غيره من العقود والإيقاعات.

(١٠) أي الإيلاء.

(١١) بلا إشكال ولا خلاف لعموم أدلة الإيلاء ، مع عدم حق المولى في وطئه أو تركه.


أم أمة ، إذ لا حق لسيده في وطئه لها (١) ، بل له (٢) الامتناع منه (٣) وإن أمره (٤) به(ومن (٥) الكافر(الذمي) لإمكان وقوعه منه (٦) حيث يقرّ بالله تعالى ، ولا ينافيه (٧) وجوب الكفارة المتعذرة منه (٨) حال كفره ، لامكانها (٩) في الجملة (١٠) كما تقدم في الظهار ، وكان ينبغي أن يكون فيه (١١) خلاف مثله (١٢) للاشتراك في العلة (١٣) ، لكن لم ينقل هنا (١٤) ، ولا وجه للتقييد (١٥) بالذمي ، بل الضابط الكافر

______________________________________________________

(١) أي في وطئ العبد لزوجته.

(٢) للعبد.

(٣) من الوطء.

(٤) أي أمر المولى العبد بالوطء.

(٥) أي ويجوز الإيلاء من الذمي وغيره من الكفار المقرين بالله ، فيصح الحلف بالله منهم ، وامتناع صحة الكفارة ـ التي هي عبادة ـ منهم ما داموا كفارا لا يقدح في صحة الإيلاء ، لأن الشرط في صحة الكفارة مقدور عليه بتقديمهم الإسلام ، هذا وقال في المسالك : (والتقييد بالذمي من حيث اعترافه بالله تعالى ، وينبغي أن لا يكون على وجه الحصر فيه ، بل الضابط وقوعه من الكافر المقرّ بالله تعالى ليتوجه حلف به) انتهى.

هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يخالف أحد هنا في وقوع الحلف من الكافر المقرّ بالله حتى من الشيخ ، مع أنه خالف في وقوع الظهار منه باعتبار امتناع صحة الكفارة منه ما دام كافرا ، وكان على الشيخ أن لا يخالف في الظهار بعد موافقته في الإيلاء لأن المقتضي في كليهما واحد.

(٦) أي لإمكان وقوع الإيلاء من الكافر الذمي.

(٧) أي لا ينافي جواز الإيلاء.

(٨) من الكافر الذمي ، لأن الكفارة عبادة متوقفة على النية ، ولا تتأتى النية من الكافر.

(٩) أي إمكان الكفارة.

(١٠) بأن يسلم ويكفر.

(١١) في الإيلاء.

(١٢) أي مثل الظهار.

(١٣) وهي عدم صحة الكفارة من الكافر.

(١٤) لكن لم ينقل الخلاف هنا في الإيلاء.

(١٥) أي لتقييد الكافر.


المقرّ بالله تعالى ليمكن حلفه به (١).

(وإذا تم الايلاء) بشرائطه(فللزوجة المرافعة (٢) إلى الحاكم(مع امتناعه عن)

______________________________________________________

(١) بالله.

(٢) قد تقدم أنه يعتبر في الإيلاء أن يكون على ترك الوطي أبدا أو مطلقا ، أو مدة تزيد عن أربعة أشهر لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (رجل آلى أن لا يقرب امرأته ثلاثة أشهر فقال : لا يكون إيلاء حتى يحلف أكثر من أربعة أشهر) (١).

ولو وقع الإيلاء فللزوج مهلة وهي أربعة أشهر بعد الانعقاد لا يطالب فيها بشي‌ء ولكن إن وطئ فيها كفّر وانحل الإيلاء ويشهد له صحيح بكير بن أعين وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام (إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته فليس لها قول ولا حق في الأربعة أشهر ، ولا أثم عليه في كفّه عنها في الأربعة أشهر ، فإن مضت الأربعة أشهر قبل أن يمسّها فسكتت ورضيت فهو في حل وسعة ، فإن رفعت أمرها ، قيل له : إما أن تفي‌ء فتمسها وإما أن تطلق ، وعزم الطلاق أن يخلّي عنها فإذا حاضت وطهرت طلّقها وهو أحق برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء ، فهذا الإيلاء الذي أنزله الله تعالى في كتابه وسنة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢).

ولو مضت المدة فإن صبرت فلا كلام ، لأن الحق لها ولها إسقاطه ، وإلا رفعت أمرها للحاكم الشرعي ليفي‌ء أو يطلق ، فإن فاء بمعنى وطئها ينحل الإيلاء وعليه الكفارة كما عن المشهور ويشهد له خبر منصور بن حازم (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل آلى من امرأته فمرت أربعة أشهر قال : يوقف فإن عزم الطلاق بانت منه وعليها عدة المطلقة ، وإلا كفّر عن يمينه وأمسكها) (٣) فما عن الشيخ في المبسوط من عدم الكفارة ليس في محله.

وإن طلّق فقد خرج من حقها ويقع الطلاق رجعيا إن لم يكن ما يقتضي البينونة ، لأن الرجعي هو الأصل في الطلاق ولصحيح بكير وبريد المتقدم.

وإن امتنع عن الأمرين بعد مرافعة الحاكم حبس وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يفي‌ء أو يطلق بلا خلاف فيه للأخبار :

منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الإيلاء هو أن يحلف الرجل على امرأته أن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٣.


(الوطء فينظره الحاكم أربعة أشهر (١) ثم يجبره بعدها على الفئة) وهي وطؤها قبلا ولو بمسماه (٢) بأن تغيب الحشفة وإن لم ينزل مع القدرة (٣) أو إظهار العزم عليه (٤) أول أوقات الإمكان مع العجز(أو الطلاق (٥) فإن فعل أحدهما وإن (٦) كان الطلاق رجعيا خرج من حقها (٧) وإن امتنع منهما (٨) ضيّق عليه في المطعم والمشرب ولو بالحبس حتى يفعل أحدهما ، وروي أن «أمير المؤمنين عليه‌السلام» كان يحبسه في حظيرة من قصب ويعطيه ربع قوته حتى يطلق(ولا يجبره) الحاكم(على أحدهما عينا (٩)

______________________________________________________

لا يجامعها ، فإن صبرت عليه فلها أن تصبر ، وإن رفعته إلى الإمام أنظره أربعة أشهر ، ثم يقول له بعد ذلك : إما أن ترجع إلى المناكحة وإما أن تطلق ، فإن أبى حبسه أبدا) (١) وخبر ابن هلال عن الرضا عليه‌السلام قال : (ذكر لنا أن أجل الإيلاء أربعة أشهر بعد ما يأتيان السلطان فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن شاء أمسك وإن شاء طلق ، والإمساك مسيس) وخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المولى إذا أبى أن يطلّق قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يجعل له حظيرة من قصب ويحبسه فيها ويمنعه من الطعام والشراب حتى يطلّق) (٣) ، وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أمير المؤمنين إذا أبى المولى أن يطلّق جعل له حظيرة من قصب ، وأعطاه ربع قوته حتى يطلّق) (٤).

(١) من حين الإيلاء ، لا من حين المرافعة ، لأن الأربعة أشهر من حين الإيلاء حق له وليس لها المطالبة كما تقدم. وسيأتي البحث فيه مفصلا.

(٢) بمسمى الوطي.

(٣) أي القدرة على الوطي.

(٤) على الوطي.

(٥) عطف على قول الماتن : (على الفئة).

(٦) وصلية.

(٧) وإن كان له حق الرجوع عليها ، غايته إن رجع بالطلاق يرجع حكم الإيلاء كما سيأتي.

(٨) من الطلاق والفئة.

(٩) الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، لأن الشارع خيّره بين الأمرين على ما في

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٦ و ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٣.


ولا يطلق عنه (١) بل يخيره بينهما.

(ولو آلى مدة معينة) تزيد عن الأربعة(ودافع) فلم يفعل أحد الأمرين (٢) (حتى انقضت) المدة(سقط حكم الايلاء (٣) ، لانحلال اليمين بانقضاء مدته (٤) ، ولم تلزمه الكفارة مع الوطء وإن اثم بالمدافعة(ولو اختلفا في انقضاء المدة) المضروبة (٥) (قدّم قول مدعي البقاء) مع يمينه ، لأصالة عدم الانقضاء(ولو اختلفا في زمان وقوع الايلاء حلف من يدعي تأخره) ، لأصالة عدم التقدم ، والمدعي للانقضاء في الأول (٦) هو الزوجة ، لتطالبه بأحد الأمرين ، ولا يتوجه كونها (٧) منه (٨) ، أما الثاني (٩)

______________________________________________________

النصوص السابقة فلا يجبر إلا على ما وجب عليه شرعا.

(١) أي ولا يطلق الحاكم عنه بلا خلاف فيه للنبوي (الطلاق بيد من أخذ بالساق) (١) ، ولفحوى النصوص السابقة الدالة على حبسه والتضييق عليه حتى يفي‌ء أو يطلق.

(٢) من الفئة والطلاق.

(٣) ولا تلزمه الكفارة مع الوطي بعد انقضاء المدة ، لأن الكفارة تجب مع الحنث في اليمين ، ولا يتحقق الحنث إلا مع الوطي في المدة المعينة ، والمفروض انقضاؤها ومع الانقضاء يسقط حكم اليمين ، بلا فرق في الحكم بين ما لو رافعته إلى الحاكم وألزمه بأحد الأمرين أو لم ترافعه ، لاشتراكهما في المقتضي ، نعم يأثم بالمرافعة على تقدير المطالبة من الزوجة.

(٤) أي مدة الإيلاء.

(٥) لو اختلفا في انقضاء المدة المضروبة للتربص وهي أربعة أشهر بأن ادعت المرأة انقضاءها لتلزمه بالفئة أو الطلاق ، وادعى هو بقاءها ، فالقول قول من يدعي بقاءها ، لأصالة عدم انقضائها ، ولأن مرجع دعوى انقضائها إلى تقدم زمان الإيلاء ومن يدعي البقاء يدعي تأخر زمان الإيلاء ، والأصل عدم التقدم.

ومثله ما لو اختلفا في زمان إيقاع الإيلاء فالقول قول من يدعي تأخره لأصالة عدم التقدم.

(٦) في النزاع في الانقضاء.

(٧) أي كون الدعوى بالانقضاء.

(٨) من الزوج.

(٩) أي النزاع الثاني وهو النزاع في زمن وقوع الإيلاء.

__________________

(١) كنز العمال ج ٥ ص ١٥٥ رقم الحديث ٣١٥١.


فيمكن وقوعها (١) من كل منهما ، فتدعي هي تأخر زمانه (٢) إذا كان مقدرا بمدة لم تمض (٣) قبل المدة المضروبة (٤) فترافعه ليلزم بأحدهما ، ويدّعي (٥) تقدمه (٦) على وجه تنقضي مدته (٧) قبل المدة المضروبة (٨) ليسلم من الالزام بأحدهما ، وقد يدعي تأخره (٩) على وجه لا تتم الأربعة المضروبة (١٠) ، لئلا يلزم (١١) إذا جعلنا مبدأها (١٢) من حين الايلاء ، وتدّعي هي تقدمه (١٣) لتتم (١٤).

(ويصح الايلاء من الخصي والمجبوب (١٥) إذا بقي منه قدر يمكن معه

______________________________________________________

(١) أي وقوع الدعوى بتقدم زمن وقوع الإيلاء.

(٢) أي زمان وقوع الإيلاء.

(٣) هذه المدة التي قيد الإيلاء بها.

(٤) أي المضروبة للتربص ، بحيث حلف على ترك وطئها خمسة أشهر.

(٥) أي الزوج.

(٦) أي تقدم زمن وقوع الإيلاء.

(٧) أي مدة الإيلاء.

(٨) وهذا كله مبني على أن المدة المضروبة للتربص من حين الترافع لا من حين الإيلاء.

(٩) تأخر زمن وقوع الإيلاء.

(١٠) إذا جعلناه مضروبة للتربص من حين الإيلاء.

(١١) أي لئلا يلزم الزوج بأحد الأمرين من الفئة أو الطلاق.

(١٢) مبدأ المدة المضروبة للتربص.

(١٣) تقدم زمن وقوع الإيلاء.

(١٤) أي تتم دعواها في إلزام الزوج بأحد الأمرين.

(١٥) لا إشكال ولا خلاف في صحة الإيلاء من الخصيّ الذي يولج ولا ينزل ، لعموم أدلة الإيلاء ، وكذا لا إشكال ولا خلاف في صحة الإيلاء من المجبوب الذي بقي من آلته ما يتحقق به اسم الجماع للعموم أيضا.

وفي تحقق الإيلاء من المجبوب الذي لم يبق من آلته ما يتحقق به اسم الجماع خلاف ، فعن الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع والعلامة في التحرير والإرشاد والتبصرة الوقوع لعموم أدلة الإيلاء ، وعن الشارح في المسالك وجماعة العدم لأن متعلق الإيلاء هو وطئ الزوجة وهو ممتنع في مفروض مسألتنا ، فيكون الحلف حلفا على الممتنع ، وهو باطل ، ولأنه يشترط في الإيلاء الإضرار بالزوجة وهو غير متحقق في المقام لأنه منفي بانتفاء موضوعه.


الوطء إجماعا ، ولو لم يبق ذلك فكذلك (١) عند المصنف وجماعة ، لعموم الآيات ، وإطلاق الروايات.

والأقوى عدم الوقوع ، لأن متعلق اليمين (٢) ممتنع (٣) كما لو حلف أن لا يصعد إلى السماء ، ولأن شرطه (٤) الاضرار بها ، وهو (٥) غير متصور هنا (٦) (وفئته (٧) على تقدير وقوعه منه (٨) (العزم على الوطء مظهرا له) أي للعزم عليه(معتذرا من عجزه) ، وكذا فئة الصحيح (٩) (لو انقضت المدة وله مانع من الوطء) عقلي كالمرض ، أو شرعي كالحيض (١٠) ، أو عادي كالتعب ، والجوع ، والشبع.

______________________________________________________

(١) أنه يصح الإيلاء منه.

(٢) أي الإيلاء من المجبوب غير القادر على الوطي.

(٣) فيكون الحلف على تركه عبثا.

(٤) شرط الإيلاء.

(٥) أي الإضرار بالزوجة.

(٦) لانتفاء موضوعه.

(٧) أي فئة المجبوب الذي لا يمكنه الوطي.

(٨) على تقدير وقوع الإيلاء من المجبوب.

(٩) أي تكون فئته بالعزم على الوطي إذا كان الصحيح معذورا في ترك الوطي ، هذا واعلم أنه إذا انقضت مدة التربص وكان هناك مانع يمنع من الوطي فلا يخلو إما أنه يكون المانع من جهتها كالحيض والمرض والإحرام والنفاس والاعتكاف والصيام فليس لها المطالبة بالفئة بمعنى الوطي الفعلي بلا خلاف فيه لأنه معذور والحال هذه ولا مضارة لها.

ولكن هل لها المطالبة بالفئة بمعنى العزم على الوطي فعن الشيخ المنع لأن الامتناع من جهتها وفيه : أن عدم قبول المحل كعدم القدرة من الفاعل فكما يلزم العاجز عن الوطي بإظهار العزم كذلك يلزم هنا ولذا ذهب جماعة منهم المحقق في الشرائع والشارح في المسالك بأن لها المطالبة بفئة العاجز عن الوطي.

وأما أن يكون المانع من جهته كالمرض والإحرام والصوم ففئته بإظهار العزم على الوطي ، لأن فئة القادر هو الوطي في القبل وإن كان عاجزا عن ذلك ففئته باللسان وهو أن يرجع عن الإيذاء والإضرار بلا خلاف فيه.

(١٠) مانع من جهتها ، وفي هذا رد على الشيخ حيث لم يوجب عليه الفئة باللسان في خصوص هذا المورد.


(ومتى وطأ) المولي(لزمته الكفارة (١) ، سواء كان في مدة التربص (٢) أو قبلها لو جعلناها (٣) من حين المرافعة(أو بعدها (٤) لتحقق الحنث في الجميع ، وهو (٥) في غير الأخير (٦) موضع وفاق ، ونفاها فيه (٧) الشيخ في المبسوط ، لأصالة البراءة ، وأمره به (٨) المنافي للتحريم (٩) الموجب للكفارة ، والأصح أنه (١٠)

______________________________________________________

(١) إذا وطئ في مدة التربص بناء على أنها من حين الإيلاء لزمته الكفارة بلا خلاف لقوله تعالى : (فَكَفّٰارَتُهُ إِطْعٰامُ عَشَرَةِ مَسٰاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ، أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ ، ذٰلِكَ كَفّٰارَةُ أَيْمٰانِكُمْ إِذٰا حَلَفْتُمْ) (١).

ولو وطئ بعد المدة فكذلك كما هو الأكثر لإطلاق الآية المتقدمة ولخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل آلى من امرأته فمرت به أربعة أشهر قال عليه‌السلام : يوقف فإن عزم الطلاق بانت منه وعليها عدة المطلقة وإلا كفّر عن يمينه وأمسكها) (٢) ، ومرسل العياشي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل إذا بانت المرأة من الرجل هل يخطبها من الخطّاب؟ قال : يخطبها على تطليقتين ولا يقربها حتى يكفّر يمينه) (٣).

وعن الشيخ في المبسوط أنه لا كفارة لأصالة البراءة بعد الشك أو الظن بخروج هذا الفرض كما دل على وجوب الكفارة عند الحنث ، ولأنه يجب عليه الوطي بعد المدة فينحل اليمين لأنه يشترط في متعلقه أن لا يكون مرجوحا وعليه فلا كفارة مع الحنث ، وفيه أنه لا أصل مع عموم الأدلة ، ولأن الإيلاء يخالف مطلق اليمين بأحكام ، وهذا منها ، وهو كون متعلقه مرجوحا فينعقد إذا كان ايلاء ولا ينعقد إذا كان يمينا.

(٢) إن جعلناها من حين الإيلاء.

(٣) أي جعلنا مدة التربص.

(٤) بعد مدة التربص.

(٥) أي لزوم الكفارة.

(٦) الأخير هو ما بعد مدة التربص.

(٧) في الأخير.

(٨) أي وأمر المولي بالوطء ، وهو من باب إضافة المصدر لمفعوله.

(٩) أي تحريم الوطي الناشئ من الحلف على تركه.

(١٠) أي أن الوطي بعد مدة التربص.

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ٨٩.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٣ و ٤.


كغيره ، لما ذكر (١) ، ولقوله تعالى : (ذٰلِكَ كَفّٰارَةُ أَيْمٰانِكُمْ إِذٰا حَلَفْتُمْ) (٢) ولم يفصّل ، ولقول الصادق عليه‌السلام في من آلى من امرأته فمضت أربعة أشهر : «يوقف فإن عزم الطلاق بانت منه ، وإلا كفر يمينه وأمسكها».

(ومدة الايلاء من حين الترافع (٣) في المشهور كالظهار ، لأن ضرب المدة إلى

______________________________________________________

(١) من تحقق الحنث.

(٢) سورة المائدة ، الآية : ٨٩.

(٣) المشهور بين الأصحاب أن مدة التربص من حين المرافعة لا من حين الإيلاء ، لخبر العباس بن هلال عن الرضا عليه‌السلام (ذكر لنا أن أجل الإيلاء أربعة أشهر بعد ما يأتيان السلطان ، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن شاء أمسك وإن شاء طلّق ، والإمساك المسيس) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (فإن صبرت عليها فلها أن تصبر وإن رفعته إلى الحاكم أنظره أربعة أشهر ثم يقول له بعد ذلك : إما أن ترجع إلى المناكحة وإما أن تطلق) (٢) ، وخبر البزنطي عن الرضا عليه‌السلام (سأله صفوان وأنا حاضر عن الإيلاء فقال : إنما يوقف إذا قدّمه إلى السلطان فيوقفه السلطان أربعة أشهر ثم يقول له : إما أن تطلق وإما أن تمسك) (٣) ، وخبر أبي مريم (أنه سأله عن رجل آلى من امرأته قال : يوقف قبل الأربعة أشهر وبعدها) (٤).

مؤيدا بأن ضرب المدة حكم شرعي باق على العدم الأصلي فيتوقف ثبوته على حكم الحاكم ، ولأصالة عدم التسلط على الزوج بحبس أو غيره إلا مع تحقق سببه.

ومن ابن أبي عقيل وابن الجنيد والعلامة في المختلف وولده في الإيضاح والشارح في المسالك وغيرهم أنها من حين الإيلاء لظاهر قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) (٥) حيث رتب التربص على الإيلاء فلا يشترط غيره ، وصحيح بريد بن معاوية (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في الإيلاء : إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته ولا يمسّها ولا يجمع رأسه ورأسها فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر ، فإذا مضت أربعة أشهر وقف فإما أن يفي‌ء فيمسّها وإما أن يعزم على الطلاق) (٦) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيّما رجل آلى من امرأته ، والإيلاء أن يقول : والله لا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٧.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الإيلاء حديث ٦ و ٥ و ٣.

(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.


الحاكم (١) فلا يحكم بها قبلها (٢) ، ولأنه (٣) حقها فيتوقف على مطالبتها ، ولأصالة عدم التسلط على الزوج بحبس ، وغيره (٤) قبل تحقق السبب (٥).

وقيل : من حين الايلاء عملا بظاهر الآية حيث رتب التربص عليه (٦) من غير تعرض للمرافعة ، وكذا الأخبار. وقد تقدم في الخبر السابق (٧) ما يدلّ عليه. وفي حسنة (٨) بريد عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا يكون ايلاء ما لم يمض أربعة أشهر ، فإذا مضت وقف ، فإما أن يفي‌ء ، وإما أن يعزم على الطلاق». فعلى هذا (٩) لو لم ترافعه حتى انقضت المدة أمره (١٠)

______________________________________________________

أجامعك كذا وكذا ـ إلى أن قال ـ فإنه يتربص به أربعة أشهر ثم يؤخذ بعد الأربعة أشهر فيوقف) (١) ، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الإيلاء ما هو؟ فقال : هو أن يقول الرجل لامرأته : والله لا أجامعك كذا وكذا ـ إلى أن قال ـ فيتربص بها أربعة أشهر ثم يؤخذ فيوقف بعد الأربعة أشهر فإن فاء ، وهو أن يصالح أهله فإن الله غفور رحيم ، وإن لم يف جبر على أن يطلّق) (٢).

والطائفة الأولى من الأخبار ضعيفة السند فلا تصلح لمعارضة هذه الأخبار الصحيحة مع أن توقف ضرب المدة على حكم الحاكم بحاجة إلى دليل وهو منفي ، وهذه الأخبار الصحيحة هي التي أخرجت ضرب المدة من حكم العدم الأصلي إلى حين الإيلاء ، وهذه الأخبار هي التي قطعت أصالة عدم التسلط على الزوج.

(١) لأن ضربه بالمدة حكم شرعي متوقف على حكم الحاكم.

(٢) أي لا يحكم بالمدة قبل المرافعة.

(٣) أي الوطي حق للزوجة.

(٤) من التضييق في الطعام والشراب.

(٥) ولا نجزم بتحقق السبب إلا بانقضاء المدة بعد المرافعة.

(٦) على الإيلاء.

(٧) وهو خبر منصور بن حازم الوارد في ثبوت الكفارة بالوطء بعد مدة التربص.

(٨) بل هي صحيحة ، وقد نقلها بالمعنى.

(٩) من كون مدة التربص من حين الإيلاء.

(١٠) أي أمر الحاكم الزوج.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١.


بأحد الأمرين منجزا (١)

(ويزول حكم الايلاء بالطلاق البائن (٢) ، لخروجها (٣) عن حكم الزوجية. والظاهر أن هذا الحكم (٤) ثابت وإن عقد عليها ثانيا في العدة (٥) ، لأن العقد لم يرفع حكم الطلاق ، بل أحدث نكاحا جديدا كما لو وقع (٦) بعد العدة ، بخلاف الرجعة في الرجعي (٧) ولو كان الطلاق رجعيا خرج من حقها (٨) ،

______________________________________________________

(١) أي بلا مهلة وانتظار.

(٢) اعلم أنه لو اختار المولى الطلاق صح ووقع رجعيا ما لم يكن ما يقتضي البينونة ، لأن الرجعي هو الأصل في الطلاق ولصحيح بريد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإذا مضت الأربعة أشهر وقف فإما أن يفي‌ء فيمسّها وإما أن يعزم على الطلاق فيخلي عنها حتى إذا حاضت وطهرت من محيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين ، ثم هو أحق برجعتها ما لم تمض الثلاثة أقراء) (١) وهذا ما عليه الأكثر ، وربما قبل بوقوعه بائنا ولم يعرف المخالف بعينه وإن أرسله بعض كما في الجواهر لصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المولي إذا وقف فلم يفي‌ء طلّق تطليقة بائنة) (٢) ومثله خبره الآخر (٣) ، وهي لا تصلح لمعارضة ما تقدم بعد إعراض الأصحاب عنها ، وعليه فإن استمر على الطلاق حتى خرجت من العدة فهو وإن رجع عاد الإيلاء لرجوع العقد الذي تعلق به الحلف ، لأن الحلف تعلق بالزوجية وهي ناشئة من العقد الأول فيدور الحلف مداره وجودا وعدما.

ولذا لو طلقها بائنا فيزول حكم الإيلاء لزوال العقد الذي تعلق به الحلف ، فلو عقد عليها ثانيا في أثناء العدة البائنة أو عقد عليها بعد انقضاء العدة الرجعية فلا يعود حكم الإيلاء الثابت للعقد الأول بلا خلاف في ذلك ولا إشكال.

(٣) أي المولى منها.

(٤) من زوال الإيلاء بالطلاق.

(٥) أي العدة البائنة.

(٦) أي العقد الثاني.

(٧) فلا يسقط حكم الإيلاء لبقاء زوجية الرجعية ، ولكن بالطلاق الرجعي خرج من حق وطئها.

(٨) بالنسبة لوطئها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الإيلاء حديث ١ و ٥ و ٣.


لكن لا يزول حكم الايلاء إلا بانقضاء العدة ، فلو راجع فيها (١) بقي التحريم (٢).

وهل يلزم حينئذ (٣) بأحد الأمرين (٤) بناء على المدة السابقة (٥) أم يضرب له (٦) مدة ثانية (٧) ، ثم يوقف بعد انقضائها (٨)؟ وجهان. من بطلان (٩) حكم الطلاق (١٠) ، وعود النكاح الأول بعينه (١١) ، ومن ثمّ جاز طلاقها (١٢) قبل الدخول وكان الطلاق رجعيا (١٣) ، بناء على عود النكاح الأول ، وأنها (١٤) في حكم الزوجة ، ومن (١٥) سقوط الحكم عنه (١٦) بالطلاق فيفتقر (١٧) إلى حكم جديد (١٨) ، استصحابا لما قد ثبت (١٩). وبهذا (٢٠) جزم في التحرير.

______________________________________________________

(١) في العدة الرجعية.

(٢) أي تحريم وطئها.

(٣) حين الطلاق الرجعي بعد مدة التربص إلا أنه رجع إليها في العدة.

(٤) من الفئة أو الطلاق.

(٥) أي المدة السابقة للتربص قبل الطلاق.

(٦) بعد الرجوع.

(٧) للتربص.

(٨) بعد انقضاء المدة الثانية.

(٩) دليل للاكتفاء بالمدة السابقة.

(١٠) وقد بطل بالرجوع.

(١١) فتعود أحكامه ومن جملتها احتساب المدة السابقة.

(١٢) أي بعد الرجوع.

(١٣) والمعنى لو لا عود النكاح الأول لكان الطلاق الثاني قبل الدخول طلاقا بائنا ، ومع أنه طلاق رجعي بالاتفاق باعتبار الدخول قبل الطلاق الأول وهذا كاشف عن عود النكاح الأول بالرجعة.

(١٤) دليل ثان للاكتفاء بالمدة السابقة.

(١٥) دليل لضرب مدة ثانية.

(١٦) أي سقوط حكم التربص عن المولي بسبب الطلاق.

(١٧) أي الإلزام بأحد الأمرين.

(١٨) من ضرب مدة ثانية.

(١٩) من سقوط حكم التربص الأول.

(٢٠) أي الاحتياج إلى ضرب مدة ثانية.


ثم إن طلق وفّى (١) ، وإن راجع ضربت له مدة أخرى (٢) وهكذا.

(وكذا يزول حكم الايلاء بشراء الأمة ثم عتقها وتزوجها) بعده (٣) ، لبطلان العقد الأول بشرائها ، وتزويجها بعد العتق حكم جديد كتزويجها بعد الطلاق البائن ، بل أبعد(٤).

ولا فرق (٥) بين تزويجها بعد العتق ، وتزويجها به (٦) جاعلا له (٧) مهرا ، لاتحاد العلة (٨) ، وهل يزول (٩) بمجرد شرائها من غير عتق؟ الظاهر ذلك (١٠) ، لبطلان العقد بالشراء (١١) ، واستباحتها حينئذ (١٢) بالملك. وهو (١٣) حكم جديد غير الأول (١٤) ،

______________________________________________________

(١) أي بعد ضرب المدة الثانية لو طلق المولى فقد وفى بحكم الحاكم من إلزامه بأحد الأمرين.

(٢) وهي مدة ثالثة وهكذا.

(٣) بعد العتق ، إذا آلي الحر من زوجته التي هي أمة الغير ، ثم اشتراها وأعتقها وتزوجها لم يرجع الإيلاء بلا خلاف فيه ولا إشكال ، لأن الإيلاء قد تعلق بالزوجية الآتية من السبب الأول ، وإذا زال السبب الأول زال التحريم لزوال متعلقه ، فلو عادت الزوجية بسبب ثان لا يعود الإيلاء لأصالة البراءة.

ولذا تعرف أن الحل هنا متوقف على مجرد الشراء ، لأن الوطي بالملك سبب جديد غير التزويج الذي كان سببا سابقا فلا داعي للعتق والتزويج كما فرض في كلام الكثير من الفقهاء.

(٤) وجه البعد أن سبب الفراق هنا اثنان الشراء ثم العتق وفي الطلاق واحد.

(٥) في زوال حكم الإيلاء.

(٦) بالعتق.

(٧) للعتق.

(٨) وهي أن الحل هنا بسبب جديد غير السبب الذي تعلق به الإيلاء.

(٩) حكم الإيلاء.

(١٠) أنه يزول.

(١١) إذ لا يستباح البضع بسببين.

(١٢) أي حين الشراء.

(١٣) أي الملك.

(١٤) وهو العقد.


ولكن الأصحاب فرضوا المسألة كما هنا (١).

نعم لو انعكس الفرض (٢) بأن كان الملي عبدا فاشترته الزوجة توقف حلّها له (٣) على عتقه ، وتزويجه ثانيا. والظاهر بطلان الايلاء هنا (٤) أيضا (٥) بالشراء وإن توقف حلّها له على الأمرين (٦) ، كما بطل (٧) بالطلاق البائن وإن لم يتزوجها.

وتظهر الفائدة (٨) فيما لو وطأها بعد ذلك (٩) بشبهة ، أو حراما فإنه لا كفارة (١٠) إن ابطلناه (١١) بمجرد الملك (١٢) والطلاق (١٣).

(ولا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين (١٤) ،

______________________________________________________

(١) من فرض العتق والتزويج بعد الشراء ، مع أن الشراء كاف في إزالة حكم الإيلاء.

(٢) بأن آلى العبد من زوجته الحرة فلو اشترته وأعتقته وتزوج بها فيزول حكم الإيلاء ، لأن الحل ثانيا بسبب جديد غير السبب الذي تعلق به الإيلاء.

بل زوال الإيلاء متوقف على الشراء ، لأنه بالشراء زال العقد الأول الذي تعلق به التحريم كما يزول العقد الأول الذي تعلق به التحريم بالطلاق في غيره ، نعم لو اشترته وزال الإيلاء لا يباح لها بالملك ولا بالعقد ما دام مملوكا لها بل لا بد من العتق والعقد حتى يباح لها حينئذ.

(٣) أي حل وطئها للمولى.

(٤) فيما لو آلى العبد من زوجته الحرة.

(٥) كبطلان الإيلاء بالشراء في الفرع السابق.

(٦) من العتق والتزويج.

(٧) أي الإيلاء.

(٨) في بطلان حكم الإيلاء بالشراء ، ولا تحل له حينئذ إلا بعد العتق والتزويج.

(٩) بعد بطلان حكم الإيلاء بالشراء وقبل العتق والتزويج.

(١٠) لزوال حكم الإيلاء بسبب زوال الزوجية.

(١١) أي أبطلنا الإيلاء.

(١٢) في صورة شراء الحرة زوجها المولي.

(١٣) في صورة الطلاق البائن وإن لم يتزوجها ، نعم لو قلنا أنه لا يبطل الإيلاء إلا بالعتق بعد الشراء لزمته الكفارة.

(١٤) لا إشكال في عدم تكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا قصد التأكيد ، أما إذا أطلق أو قصد التأسيس ففيه صورتان.


سواء(قصد التأكيد (١) وهو تقوية الحكم السابق ، (أو التأسيس) وهو احداث حكم آخر ، أو أطلق (٢) (إلا مع تغاير الزمان (٣) أي زمان الايلاء وهو الوقت المحلوف على ترك الوطء فيه ، لا زمان الصيغة ، بأن يقول : والله لا وطأتك ستة أشهر فإذا انقضت فو الله لا وطأتك سنة ، فيتعدد الايلاء إن قلنا بوقوعه (٤) معلقا على الصفة. وحينئذ (٥) فلها المرافعة لكل منهما ، فلو ماطل في الأول حتى انقضت مدته انحلّ ودخل الآخر وعلى ما اختاره المصنف سابقا من اشتراط تجريده عن الشرط والصفة يبطل الثاني (٦) ، ولا يتحقق تعدد الكفارة بتعدده (٧) ، ولا يقع الاستثناء (٨) موقعه.

(وفي الظهار خلاف أقربه التكرار (٩) بتكرر الصيغة سواء فرّق الظهار أم

______________________________________________________

الأولى : أن يكون المحلوف عليه واحدا وزمانه واحدا وظاهر الأصحاب أنه لا تتكرر الكفارة لصدق الإيلاء مع تعدد اليمين فيكفيه كفارة واحدة وأشكل عليهم الشارح في المسالك بأن كل واحد سبب مستقل في إيجاب الكفارة والأصل عدم التداخل.

الصورة الثانية : أن يكون المحلوف عليه واحدا وهو ترك الوطي والزمان متعددا كما لو قال : والله لا جامعتك خمسة أشهر فإذا انقضت فو الله لا جامعتك سنة ، فقد أتى بيمينين ، الأول منهما منجز والثاني معلق على انقضاء الأول ، وعليه فإن قلنا ببطلان الإيلاء المعلق اختص البحث بالأول ، وإن قلنا بصحته فلها المطالبة بعد مضي أربعة أشهر بموجب الإيلاء الأول ، ولها المطالبة بعد مضي أربعة أشهر من حلول الثاني ، لأن كلا منهما إيلاء له حكمه.

(١) وهو تأكيد الأول بالثاني.

(٢) بأن لم يقصد التأكيد ولا التأسيس.

(٣) أي زمان المحلوف عليه لا زمان الصيغة.

(٤) أي الإيلاء.

(٥) أي حين تعدد الإيلاء.

(٦) لأنه معلق على انقضاء الأول بخلاف الأول فإنه منجز.

(٧) لعدم وقوع التعدد ، باعتبار أن الثاني معلّق وهو باطل على مبنى المصنف سواء تغاير زمن المحلوف عليه أم لا ، ومنه تعرف ضعف استثناء تغاير الزمان في كلام الماتن.

(٨) وهو قول الماتن : (إلا مع تغاير الزمان).

(٩) لو ظاهر من زوجته مرارا وجب عليه بكل مرة كفارة ، سواء فرّق الظهار أم لا ، وسواء عاد لما قال بعد كل ظهار أم لم يعد إلا بعد الأخير كما عليه الأكثر لأصالة تعدد المسبّب


تابعه في مجلس واحد ، وسواء قصد التأسيس أم لم يقصد ما لم يقصد التأكيد ، لصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات ، أو أكثر فقال عليه‌السلام : «قال علي عليه‌السلام : مكان كل مرة كفارة» وغيرها من الأخبار.

وقال ابن الجنيد لا تتكرر إلا مع تغاير المشبهة بها (١) ، أو تخلل التكفير ، استنادا إلى خبر لا دلالة فيه على مطلوبه.

(وإذا وطأ المؤلي ساهيا ، أو مجنونا ، أو لشبهة (٢) لم تلزمه كفارة ، لعدم

______________________________________________________

بتعدد السبب وللأخبار :

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر ما عليه؟ قال : عليه مكان كل مرة كفارة) (١) وصحيحه الآخر عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر فقال : قال علي عليه‌السلام : مكان كل مرة كفارة) (٢) وصحيح الحلبي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات ، قال : يكفّر ثلاث مرات) (٣) وخبر جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فيمن ظاهر من امرأته خمس عشرة مرة قال : عليه خمس عشرة كفارة) (٤) ، وهي مطلقة تشمل ما ذكرناه ، وعن ابن الجنيد التفصيل بتعدد المشبه بها كالأم والأخت فتتعدد الكفارة ، وإذا اتحد والمشبه بها كالأم فتتحد الكفارة وإن فرق الظهار على مجلسين إلا أن يتخلل التكفير فتتعدد الكفارة لأنه مع تعدد المشبه بها تكون حرمتين قد انتهك كل واحدة منهما فيجب لكل واحدة كفارة ولصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل ظاهر من امرأته أربع مرات في مجلس واحد قال : عليه كفارة واحدة) (٥).

وردّ بإمكان حمله على صورة التأكيد ولذا صرح أكثر من واحد بعدم تكرر الكفارة في هذه الصورة بل صرح الفخر في الإيضاح في أن محل الخلاف غير صورة التأكيد ، وعلى كل فلا دلالة فيه على تفصيل ابن الجنيد.

(١) كالأم والأخت وغيرهما.

(٢) إذا وطأ المولي ساهيا أو مجنونا أو اشتبهت بغيرها من حلائله أو نحو ذلك من الأحوال

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من كتاب الظهار حديث ٤ و ١ و ٢ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من كتاب الظهار حديث ٦.


الحنث(وبطل حكم الايلاء عند الشيخ) ، لتحقق الإصابة (١) ، ومخالفة مقتضى اليمين ، كما يبطل لو وطأ متعمدا لذلك (٢) ، وإن (٣) وجهت الكفارة (٤). وتبعه على هذا القول جماعة. ونسبة المصنف القول إليه (٥) يشعر بتمريضه.

ووجهه أصالة البقاء (٦) ، واغتفار الفعل بالأعذار (٧) ، وكون الايلاء يمينا. وهي (٨) في النفي تقتضي الدوام ، والنسيان والجهل لم يدخلا تحت مقتضاها ، لأن الغرض من البعث والزجر في اليمين إنما يكون عند ذكرها ، وذكر المحلوف عليه حتى يكون تركه (٩) لأجل اليمين (١٠). مع أنه (١١) في قواعده استقرب انحلال اليمين مطلقا (١٢) بمخالفة مقتضاها نسيانا وجهلا وإكراها مع عدم الحنث (١٣) ،

______________________________________________________

التي لا يكون بها عامدا فلا إشكال في عدم وجوب الكفارة ، لأنه لا تقصير منه فيندرج تحت عموم من رفع عنه الخطأ والنسيان من الأمة.

وإنما الكلام في انحلال اليمين فالشيخ حكم بالانحلال وبطلان الإيلاء وتبعه عليه جماعة منهم العلامة جازما من غير خلاف ، ووجهه أنه قد أوجد المحلوف عليه وتحققت الإصابة إلا أنه لم يؤاخذ من ناحية تقصيره فكان كما لو خالف عمدا ، وإن اختلفا في وجوب الكفارة وعدمها.

وتوقف فيه المحقق في الشرائع والماتن في اللمعة لأن المراد من اليمين الالتزام بالمتعلق ، ولا يكون ذلك إلا حال التذكر ، فليس الفرض حينئذ متعلقا لليمين حتى تنحل بفعله.

(١) وهي الوطي في القبل مع أنه قد حلف على تركه.

(٢) أي لتحقق الإصابة ومخالفة مقتضى اليمين.

(٣) وصلية.

(٤) في صورة العمد.

(٥) إلى الشيخ.

(٦) أي بقاء الإيلاء بالاستصحاب.

(٧) وكأنه لم يقع.

(٨) أي اليمين.

(٩) ترك المحلوف عليه.

(١٠) وليس ذكر عند الجهل والنسيان.

(١١) أي الماتن.

(١٢) إيلاء كانت أم غيره.

(١٣) أي عدم الحنث الموجب للكفارة.


محتجا بأن المخالفة قد حصلت وهي (١) لا تتكرر ، وبحكم (٢) الأصحاب ببطلان الايلاء بالوطء ساهيا مع أنها (٣) يمين. فنسب الحكم المذكور (٤) هنا (٥) إلى الأصحاب ، لا إلى الشيخ وحده (٦). وللتوقف وجه.

(ولو ترافع الذميان إلينا) في حكم الايلاء(تخيّر الإمام (٧) ، أو الحاكم) المترافع إليه(بين الحكم بينهم بما يحكم على المؤلي المسلم ، وبين ردّهم إلى أهل ملتهم) جمع الضمير للاسم المثنى (٨) تجوزا ، أو بناء على وقوع الجمع عليه (٩) حقيقة

______________________________________________________

(١) أي المخالفة.

(٢) أي ومحتجا بحكم الأصحاب.

(٣) أي مع أن الإيلاء.

(٤) من الانحلال.

(٥) أي في القواعد.

(٦) كما في هذا الكتاب.

(٧) الذميان إذا ترافعا إلينا كان الحاكم بالخيار بين أن يحكم بينهما بمقتضى شرعنا لعموم أدلة الإيلاء وهم مكلفون بالفروع ، ولقوله تعالى : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّٰاسِ بِمٰا أَرٰاكَ اللّٰهُ) (١) ، وبين ردهما إلى أهل نحلتهما ، لإقرارهم عليها كما هو المستفاد من الإعراض عنهم كما في قوله تعالى : (فَإِنْ جٰاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) (١) والمراد بالإعراض عنهم ردهم إلى أحكامهم.

وعن بعض العامة أن الآية منسوخة بقوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ) (٢) ، وليس له شاهد أو دليل مع أن النسخ على خلاف الأصل مع أن الإعراض عنهم من جملة الحكم بما أنزل الله تعالى.

نعم قد يقال ـ كما في الجواهر ـ أن الإعراض عنهم غير الأمر لهما بالرجوع إلى أهل نحلتهما الذي هو من الباطل فلا يؤمر به ، وإقرارهم على الشي‌ء غير الأمر بالرجوع إليه.

(٨) أي جمع الضمير في قوله : ردهم وملتهم ، مع أن المرجع اسم مثنى وهو الذميان.

(٩) على المثنى.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٠٥.

(١) سورة المائدة ، الآية : ٤٢.

(٢) سورة المائدة ، الآية : ٤٩.


كما هو أحد القولين (١) (ولو آلى ثم ارتد (٢) عن ملة(حسب عليه من المدة) التي تضرب له(زمان الردة على الأقوى) ، لتمكنه من الوطء بالرجوع عن الردة فلا تكون (٣) عذرا لانتفاء معناه(٤).

وقال الشيخ : لا يحتسب عليه مدة الردة ، لأن المنع بسبب الارتداد ، لا بسبب الايلاء ، كما لا يحتسب مدة الطلاق منها (٥) لو راجع وإن كان يمكنه (٦) المراجعة في كل وقت (٧).

وأجيب بالفرق بينهما (٨) فإن المرتد إذا عاد إلى الإسلام تبين أن النكاح لم يرتفع (٩) ، بخلاف الطلاق فإنه لا ينهدم بالرجعة (١٠) وإن (١١) عاد حكم النكاح السابق (١٢) كما سبق. ولهذا (١٣) لو راجع المطلقة تبقى معه على طلقتين. ولو كان

______________________________________________________

(١) من أن أقل الجمع اثنان.

(٢) لو آلى ثم ارتد عن غير فطرة ، لأنه لو كان مرتدا عن فطرة فهو كالميت يبطل معه التربص ، وعلى كل فقال الشيخ : لا يحتسب عليه مدة الردة ، لأن المنع بسبب الارتداد الذي هو فاسخ النكاح كالطلاق ، ولم يكن المانع بسبب الإيلاء ، فلا تحتسب مدة الردة من مدة الإيلاء المقتضية لاستحقاق المطالبة بعدها ، كما لا يحتسب زمان العدة لو طلقها بعد الإيلاء.

وعن الأكثر الاحتساب لتمكنه من الوطي مع الردة بإزالة المانع فلا يكون عذرا ، ويفارق العدة بأن المرتد إذا عاد إلى الإسلام يتبين أن النكاح لم ينفسخ ، مع أن الطلاق الماضي مع لحوق الرجعة لا ينهدم ولذا ظهر أثره بتحريمها بالثلاث وإن رجع في الأولين.

(٣) أي الردة.

(٤) وهو عدم التمكن من الوطي.

(٥) من مدة التربص للإيلاء.

(٦) أي المطلق.

(٧) كما كان يمكنه الوطي عند الردة.

(٨) بين الردة والطلاق.

(٩) فينهدم الارتداد.

(١٠) بل تبقى له أحكامه.

(١١) وصلية.

(١٢) ولكنه لا يهدم أحكام الطلاق.

(١٣) أي لعدم انهدام الطلاق.


ارتداده عن فطرة فهو بمنزلة الموت يبطل معها (١) التربص ، وإنما أطلقه (٢) ، لظهور حكم الارتدادين.

______________________________________________________

(١) مع الردة.

(٢) أي أطلق المصنف حكم الارتداد ولم يبين أنه لغير فطرة.



كتاب اللعان



(كتاب اللعان)

______________________________________________________

(١) مصدر لاعن يلاعن ، وقد يستعمل جمعا للعن ، واللعن هو الطرد والإبعاد من الخير والرحمة ، وشرعا مباهلة بين الزوجين على وجه مخصوص ، وسميت لعانا لاشتمالها على كلمة اللعن وخصّت بهذه التسمية ، لأن اللعن كلمة غريبة في مقام الحجج من الشهادات والأيمان ، والشي‌ء يشتهر بما يقع فيه من الغريب ، وعلى ذلك جرى معظم تسميات سور القرآن.

أو أن هذه المباهلة سميت لعانا لأن كلا من الزوجين يبعد عن الآخر بها ، إذ يحرم النكاح بينهما.

والأصل في اللعان قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ ، وَالْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ ، وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ ، وَالْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ) (١).

والأخبار.

منها : ما روته العامة عن ابن عباس من أنه لما نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ) (٢) الآية قال سعد بن معاذ : (يا رسول الله إني لأعلم أنها حق من عند الله تعالى شأنه ، ولكن تعجبت أن لو وجدت لكاعا يفخذها لم يكن لي أن أهيّجه ولا أحرّكه حتى آتي بأربعة شهداء ، فو الله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته ، فما لبثوا حتى جاء هلال بن أمية فقال : يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا يقال له : شريك بن سمحاء فرأيت بعيني وسمعت بأذني ، فكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك فقال سعد : الآن يضرب

__________________

(١) سورة النور ، الآيات : ٦ ـ ٩.

(٢) سورة النور ، الآية : ٤.


وهو لغة المباهلة (١) المطلقة ، أو فعال من اللعن (٢) ، أو جمع له (٣) وهو (٤) الطرد والابعاد من الخير ، والاسم (٥) اللعنة ، وشرعا هو المباهلة بين الزوجين في إزالة حد (٦) ، أو نفي ولد بلفظ مخصوص عند الحاكم.

______________________________________________________

النبي هلال بن أمية وتبطل شهادته في المسلمين.

فقال هلال : والله إني لأرجو أن يجعل الله لي مخرجا فبينما هم كذلك إذا نزل (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبشر يا هلال ، فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا) (١).

وروي أن المعرّض هو عاصم بن عدي الأنصاري قال : (جعلني الله فداك إن وجد رجل مع امرأته فأخبر جلد ثمانين جلدة وردّت شهادته أبدا وفسق ، وإن ضربه بالسيف قتل به ، وإن سكت على غيظ إلى أن يجي‌ء بأربعة شهداء فقد قضيت حاجته ومضى ، اللهم افتح وفرّج واستقبله هلال بن أمية فأتيا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر عاصم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكلّم خولة زوجة هلال فقالت : لا أدري ألغيرة أدركته أم بخل بالطعام ، وكان الرجل نزيلهم ، فقال هلال : لقد رأيتها على بطنها فنزلت الآية ، فلا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينهما) (٢) الخبر.

وفي غوالي اللئالي (روي في الحديث أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن السمحاء ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله ، يجد أحدنا مع امرأته رجلا يلتمس البينة ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال : والذي بعثك بالحق إنني لصادق ، وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد ، فنزل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ)) (٣).

(١) من باهل يباهل أي التضرع إلى الله ، ثم استعمل في طلب اللعنة على الخصم.

(٢) فعلى الأول مصدر مزيد وعلى الثاني مصدر مجرد.

(٣) للعن.

(٤) أي اللعن.

(٥) أي اسم المصدر.

(٦) وهو حد القذف ، لأن الرمي بالزنا قذف.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٩٤.

(٢) تفسير الرازي ج ٦ ص ٣٤٢ طبع عام ١٣٠٧.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤.


(وله (١) سببان : أحدهما رمي الزوجة المحصنة (٢) بفتح الصاد وكسرها(المدخول بها) دخولا يوجب تمام المهر ، وسيأتي الخلاف في اشتراطه (٣) (بالزنا قبلا ، أو دبرا (٤) مع دعوى المشاهدة) للزنا (٥) ،

______________________________________________________

(١) أي للعان.

(٢) أحصنت ـ بالضم ـ المرأة أي عفت فهي محصنة بالكسر ، وأحصنها زوجها فهي محصنة بالفتح ، والمراد بها العفيفة غير المشهورة بالزنا ، وإلا فالمشهورة بالزنا سيأتي أن عليه التقرير ولا لعان ولا حد.

(٣) أي اشتراط الدخول.

(٤) اللعان له سببان والأول منهما هو : رمي الزوجة المحصنة بالزنا ولو دبرا على المشهور ، ويشهد به عموم الآية المتقدمة (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ) (١) ، والأخبار الآتي بعضها.

وعن الصدوق في الفقيه والهداية وظاهر المقنع أنه لا لعان إلا بالسبب الثاني ، وهو نفي الولد لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (لا يكون اللعان إلا بنفي ولد وقال : إذا قذف الرجل بامرأته لا عنها) (٢) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بامرأته ، ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد) (٣).

وهما قاصران سندا وعددا عن معارضة ما تقدم مع تضمن ذيل خبر محمد بن مسلم على ما هو صريح في مختار المشهور أما لو رمى الأجنبية بالزنا فلا لعان ، لاختصاصه بالزوجة كما هو مفاد الآية المتقدمة ، ويثبت عليه حد القذف.

(٥) لا يترتب اللعان بالقذف إلا مع ادعائه المشاهدة ، بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه قال في الرجل يقذف امرأته : يجلد ثم يخلّى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول : إنه قد رأى بين رجليها من يفجر بها) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم (سألته عن الرجل يفتري على امرأته قال : يجلد ثم يخلّى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول : أشهد أني رأيتك تفعلين كذا وكذا) (٥) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا قذف الرجل امرأته فإنه لا يلاعنها حتى يقول : رأيت بين رجليها رجلا يزني بها) (٥).

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢ و ٤.


وسلامتها من الصمم والخرس (١) ، ولو انتفى أحد الشرائط ثبت الحد (٢) من غير لعان ، إلا مع عدم الاحصان (٣) فالتعزير كما سيأتي.

(والمطلقة رجعية زوجة) (٤) بخلاف البائن.

وشمل إطلاق رميها (٥) ما إذا ادعى وقوعه (٦) زمن الزوجية وقبله (٧) ، وهو في الأول موضع وفاق ، وفي الثاني (٨)

______________________________________________________

(١) قد تقدم في كتاب النكاح في بحث أسباب التحريم أن قذف الزوجة الخرساء أو الصماء يوجب التحريم بلا لعان.

(٢) أي حد القذف.

(٣) أي عدم إحصان الزوجة بأن تكون مشهورة بالزنا.

(٤) إذا قذف المطلقة رجعيا كان له اللعان كما كان له الإيلاء والظهار ، لأنها بحكم الزوجة ، بلا فرق أن يكون القذف بملاحظة زمن الزوجية أو زمن العدة.

نعم ليس له اللعان لو قذف المطلقة بائنا ، بل يثبت بالقذف الحد ، سواء قذفها بلحاظ زمن الزوجية أو زمن العدة ، لأنها أجنبية حينئذ بلا خلاف فيه بيننا ، خلافا لبعض العامة حيث أثبت اللعان لو قذفها بلحاظ زمن الزوجية ، وهو ضعيف لما عرفت أن العبرة في زمن القذف وهي أجنبية في هذا الزمن ، نعم لو نفى الولد بعد الطلاق البائن فله اللعان كما سيأتي تفصيله فيما بعد إن شاء الله تعالى.

(٥) أي رمي الزوجة بالزنا كما هو وارد في التعريف.

(٦) أي وقوع الزنا.

(٧) ولكن الادعاء في زمن الزوجية.

(٨) ما لو قذفها زمن الزوجية بالزنا قبل الزواج فحد القذف ثابت بالاتفاق ولكن هل له إسقاطه باللعان ، قال الشيخ في الخلاف : ليس له اللعان باعتبار حالة الزنا فيبقى عموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً وَلٰا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهٰادَةً أَبَداً وَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ) (١).

وقال الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع والشارح في المسالك أنه له الإسقاط باللعان باعتبار حالة القذف ، فيصدق أنه قذف زوجته فيندرج تحت عموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ) (٢) الآية.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٤.

(٢) سورة النور ، الآية : ٦.


قولان : أجودهما ذلك (١) اعتبارا بحال القذف.

(وقيل) والقائل الشيخ والمحقق والعلامة وجماعة : (و) يشترط زيادة على ما تقدم(عدم البينة (٢)

______________________________________________________

(١) من ثبوت اللعان له بالقذف.

(٢) اختلف الأصحاب في أن اللعان هل هو مشروط بعدم البينة من قبل الزوج على الزنا أم لا.

فذهب الشيخ في الخلاف والعلامة في المختلف والتحرير إلى عدم الاشتراط وقواه الشارح في المسالك ، بل يجوز له اللعان ولو كان عنده بينة ، لأصالة عدم الاشتراط ، ولأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا عن بين عويمر وزوجته ولم يسألهما البينة فلو كان عدمها شرطا لسأل ، كما في خبر النعماني مسندا عن علي عليه‌السلام (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رجع من غزوة تبوك قام إليه عويمر بن الحارث فقال : إن امرأتي زنت بشريك بن السمحاط فأعرض عنه ، فأعاد إليه القول فأعرض عنه ، فأعاد عليه ثالثة فقام ودخل فنزل اللعان.

فخرج إليه وقال : ائتني بأهلك فقد أنزل الله فيكما قرآنا فمضى فأتاه بأهله وأتى معها قومها فوافوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يصلي العصر ، فلما فرغ أقبل عليهما وقال لهما : تقدما إلى المنبر فلا عنا ، فتقدم عويمر إلى المنبر فتلا عليهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آية اللعان ، فشهد بالله (أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ وَالْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ) ، ثم شهدت بالله أربع شهادات (إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ) فيما رماها به فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : العني نفسك الخامسة ، فشهدت وقالت في الخامسة : (أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ) فيما رماها به.

فقال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اذهبا فلن يحلّ لك ولن تحلّي له أبدا ، فقال عويمر : يا رسول الله فالذي أعطيتها ، فقال : إن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه) (١).

وعن المشهور اشتراط اللعان بعدم البينة لاشتراط عدم الشهود في الآية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ) (٢) ، ولخبر الغوالي (أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن السمحاء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البينة وإلا حد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله ، يجد أحدنا مع امرأته رجلا يلتمس البينة ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٩.

(٢) سورة النور ، الآية : ٦.


على الزنا على وجه يثبت (١) بها ، فلو كان له بينة لم يشرع اللعان ، لاشتراطه (٢) في الآية بعدم الشهداء ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، ولأن اللعان حجة ضعيفة ، لأنه (٣) إما شهادة لنفسه ، أو يمين فلا يعمل به مع الحجة القوية وهي البينة ، ولأن حدّ الزنا مبني على التخفيف (٤) ،

______________________________________________________

يقول : البينة وإلا حد في ظهرك فقال : والذي بعثك بالحق إنني لصادق ، وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد ، فنزل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ) (١) ، وهو ظاهر في اشتراط عدم البينة ولأنه إذا نكل عن اللعان يحدّ فيلزم حينئذ الحد مع وجود البينة وهذا ما لا يمكن الالتزام به ، ولأن اللعان حجة ضعيفة لأنه إما شهادة لنفسه أو يمين فلا يعمل به مع الحجة القوية التي هي البينة ومع هذه الأدلة لا تجري أصالة عدم الاشتراط ، وعدم سؤال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعويمر وزوجته البينة لاحتمال علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعدم البينة.

وأجيب عن الآية بضعف مفهوم الوصف ، وجواز بنائه على الأغلب ، وأجيب عن قصة هلال بأنها واقعة مخصوصة لا تفيد انحصار الحكم بمضمونها ، بل قد طالبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبينة لعدم الخلاف في أنه لا يندفع حد القذف إلا بالبينة عند عدم تشريع اللعان ، وأجيب عن دليلهم الثالث بأنه يحدّ إذا نكل عن اللعان إذا لم يمكنه رفع الحد بالبينة كما لو أقامها ابتداء بعد القذف ، وأجيب عن دليلهم الرابع بعدم التسليم بكون اللعان حجة ضعيفة وإن كانت شهادة لنفسه بعد ثبوتها بالنص كما ثبتت البينة بالنص.

والأقوى أن اللعان على خلاف الأصل من ناحية إسقاطه الحدّ فيقتصر فيه على المتيقن ، وهو اشتراطه بعدم البينة بعد كون الآية مؤيدا له.

(١) أي يثبت الزنا بالبينة.

(٢) أي اشتراط اللعان.

(٣) أي اللعان.

(٤) علّق الشارح كما في الطبعة الحجرية بقوله : (المراد أن من جملة بناء الحدود على التخفيف أنها لا تثبت بيمين المدعي ولا يتوجه بها على المنكر يمين ، فلو ثبت اللعان هنا مع إمكان البينة ، وهو ـ أي اللعان ـ في معنى اليمين لثبت الحد عليها بلعانه ، وهو في معنى ثبوته عليها بيمينه.

وبناء الحد على التخفيف ينافي ذلك ، فلا يشرع مع إمكان إقامته بالبينة ، فإنه ـ أي الحد ـ مما يثبت بها مطلقا ، ولا ينافي في ذلك ثبوته ـ أي الحد ـ باليمين في اللعان حيث

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤.


فناسب نفي اليمين فيه (١) ، ونسبته (٢) إلى القول يؤذن بتوقفه فيه.

ووجهه (٣) أصالة عدم الاشتراط (٤) ، والحكم في الآية وقع مقيدا بالوصف وهو (٥) لا يدل على نفيه عما عداه (٦) ، وجاز خروجه (٧) مخرج الأغلب ، وقد روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا عن (٨) بين عويمر العجلاني ، وزوجته ولم يسألهما عن البينة(والمعنيّ بالمحصنة العفيفة (٩) عن وطء محرّم لا يصادف ملكا (١٠) وإن اشتمل (١١) على عقد ، لا ما صادفه (١٢) وإن حرم (١٣) كوقت الحيض ، والاحرام ، والظهار (١٤) فلا تخرج به (١٥) عن الاحصان ، وكذا وطء الشبهة (١٦) ، ومقدمات الوطء مطلقا (١٧)

______________________________________________________

يشرع ، لأن ذلك ثبت بالإجماع ، فبقي المختلف فيه معرضا للشبهة المذكورة) انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

(١) في الحد ، واللعان يمين فيناسبه عدم ثبوت الحد باللعان مع وجود البينة ، نعم مع عدم وجودها محل اتفاق.

(٢) أي نسبة المصنف عدم البينة إلى القيل.

(٣) أي وجه التوقف.

(٤) أي عدم اشتراط فقد البينة.

(٥) أي التقييد بالوصف.

(٦) وهذا نفي لمفهوم الوصف.

(٧) أي خروج الوصف المذكور.

(٨) أي أوقع اللعان بينهما.

(٩) أي غير المشهورة بالزنا ، وإلا فالمشهورة به سيأتي حكمها.

(١٠) أي لا يصادف الوطء ملكا ، وإلا لو صادف لكان حلالا ، إذ يستباح البضع بالملك.

(١١) أي الملك.

(١٢) أي صادف الوطء الملك.

(١٣) أي حرم الوطء.

(١٤) مبني على صحة ظهار السيد لأمته.

(١٥) أي بالوطء المصادف للملك وإن حرم.

(١٦) فلا تخرج به عن الإحصان.

(١٧) سواء كانت شبهة أم عمدا ، لأن المدار في اللعان على الزنا بمعنى الوطء قبلا أو دبرا.


(فلو رمى المشهورة بالزنا) ولو مرة (١) (فلا حدّ ولا لعان) بل يعزّر ، (ولا يجوز القذف إلا مع المعاينة للزنا (٢) كالميل في المكحلة) ليترتب عليه (٣) اللعان إذ هو (٤) شهادة ، أو في معناها(لا بالشياع ، أو غلبة الظن) بالفعل فإن ذلك (٥) لا يجوز الاعتماد عليه في ثبوت الزنا.

هذا إذا لم يشترط في الشياع حصول العلم بالخبر فإنه (٦) حينئذ (٧) يكون كالبينة (٨) ، وهي (٩) لا تجوّز القذف أيضا ، أما لو اشترطنا فيه (١٠) العلم لم يبعد الجواز به (١١) ، لأنه (١٢) حينئذ (١٣) كالمشاهدة (١٤).

______________________________________________________

(١) بأن زنت مرة فاشتهرت بها فرماها بهذا الزنا لا بغيره ، فلا حد ولا لعان ، لأن اللعان إنما شرّع صونا لعرضها من الانتهاك ، وعرض المشهورة منتهك ، وظاهرهم التسالم عليه.

(٢) قد تقدم الدليل على اشتراط المشاهدة في اللعان.

(٣) على القذف.

(٤) أي اللعان.

(٥) من الشياع أو غلبة الظن.

(٦) أي فإن الشياع.

(٧) أي حين عدم اشتراط العلم فيه.

(٨) من ناحية حصول الظن من كل منهما.

(٩) أي البينة.

(١٠) في الشياع.

(١١) أي لم يبعد جواز القذف بالشياع المفيد للعلم.

(١٢) أي الشياع.

(١٣) حين إفادته العلم.

(١٤) هذا واعلم أنه قد تقدم اشتراط المشاهدة في اللعان ومع ذلك وقع الخلاف بينهم في أن المعتبر هو المشاهدة بالعين بحيث يسقط اللعان بقذف الأعمى لتعذر المشاهدة منه كما هو المشهور ويقتضيه النصوص السابقة الدالة على اشتراط المشاهدة.

أو أن المعتبر هو العلم وإن لم يدع المشاهدة ومعه يثبت اللعان بقذف الأعمى كما نفى عنه البعد في المسالك باعتبار أن اشتراط المشاهدة محمول على من يمكن ذلك في حقه ، أو على جعل المشاهدة كناية عن العلم ، وهو ضعيف لأنه على خلاف ظاهر النصوص ، وعليه فينحصر لعان الأعمى بنفي الولد فقط.


(الثاني (١) : إنكار من ولد على فراشه بالشرائط السابقة) المعتبرة في الحاق الولد به ، وهي (٢) وضعه لستة أشهر فصاعدا من حين وطئه ، ولم يتجاوز حملها أقصى مدته ، وكونها موطوءته بالعقد الدائم(وإن سكت حال الولادة) ولم ينفه(على الأقوى) (٣) ،

______________________________________________________

(١) أي السبب الثاني للعان وهو إنكار الولد ، بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : خبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (لا يكون اللعان إلا بنفي ولد) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد) (٢).

هذا وقد تقدم في كتاب النكاح شروط إلحاق الولد ، وأنها ثلاثة : موطوءة بالعقد الدائم وأن تأتي به لستة أشهر فصاعدا ما لم يتجاوز أقصى مدة الحمل ، فلو أتت به مع عدم إمكان كونه منه لفقد شرط من شروط الإلحاق فيجب عليه النفي حذرا من لحوق من ليس منه بسكوته بلا خلاف فيه ولكنه ينتفي عنه بلا لعان.

ولو أتت به مع إمكان كونه منه لإحراز شروط الإلحاق فالولد له لقاعدة (الولد للفراش وللعاهر الحجر) ، ولا يجوز له نفيه عنه للنبوي (أيّما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين) (٣) ، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كفر بالله من تبرأ من نسب وإن دقّ) (٤) نعم مع علمه بانتفائه منه يجب نفيه عنه ولا ينتفي إلا باللعان بلا خلاف في ذلك كله.

(٢) أي الشرائط المعتبرة في الإلحاق.

(٣) إذا أتت امرأته بولد مع شرائط الإلحاق فإن أقر بالولد لزمه وليس له أن ينفيه بعد ، بل لا ينتفي لو نفاه بلا خلاف فيه لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام (إذا أقرّ الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه أبدا) (٥).

وإن سكت ولم ينكر الولد مع ارتفاع الأعذار فعن المشهور أنه ليس له إنكاره بعد ذلك إلا أن يؤخر بما جرت العادة به كالسعي إلى الحاكم ، لأن حق النفي على الفور ، لأنه خيار ثبت لدفع الضرر فيقتصر به على مقدار ما تندفع الضرورة بالفورية كخيار العيب والغبن.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب اللعان حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ١.


لأن السكوت أعم من الاعتراف به فلا يدل عليه (١).

وقال الشيخ (٢) : ليس له إنكاره حينئذ (٣) لحكم الشارع بإلحاقه به (٤) بمجرد الولادة العاري عن النفي ، إذ اللحوق لا يحتاج إلى غير الفراش فيمتنع أن يزيل إنكاره حكم الشارع (٥) ، ولأدائه (٦) إلى عدم استقرار الأنساب.

وفيه أن حكم الشارع بالالحاق مبني على أصالة عدم النفي (٧). أو على الظاهر (٨) وقد ظهر خلافه (٩) ، ولو لم يمكنه النفي حالة الولادة إما لعدم قدرته عليه (١٠) لمرض ، أو حبس ، أو اشتغال بحفظ ماله من حرق أو غرق ، أو لص ولم يمكنه الاشهاد (١١) ، ونحو ذلك ، أو لعدم علمه بأن له النفي لقرب عهده بالإسلام ، أو بعده عن الأحكام فلا إشكال في قبوله (١٢) عند زوال المانع ، ولو ادعى عدم العلم به (١٣) قبل مع إمكانه (١٤)

______________________________________________________

وعن المحقق والفاضل والشارح في المسالك أن له إنكاره ، وأن حق النفي على التراخي لأصالة عدم اشتراط الفورية ، ولوجود مقتضي اللعان من نفي الولد مع عدم المانع ، إذ لا يتوهم المانع إلا السكوت وهو أعم من الاعتراف والإقرار به ، فلا يدل عليه.

(١) إذ لا دلالة للعام على الخاص.

(٢) قال في المبسوط وهو قول المشهور.

(٣) حين السكوت حال الولادة.

(٤) لقاعدة الفراش من غير احتياج إلى اعتراف الزوج.

(٥) من إلحاق الولد به.

(٦) ولأداء الإنكار بعد السكوت.

(٧) أصالة عدم نفي الولد عمن ولد على فراشه ، وهذا الحكم بالإلحاق لا يجري حينئذ مع النفي كما هو مفروض مسألتنا.

(٨) من حال الزوجة أنها لا تزني.

(٩) أي خلاف ظاهر الزوجة عند ما نفى الزوج الولد عنه.

(١٠) على النفي.

(١١) أي الاشهاد على النفي قال في المسالك : (وهل يجب عليه الإشهاد على النفي وجهان).

(١٢) أي قبول نفي الولد.

(١٣) أي بأن له النفي.

(١٤) أي إمكان عدم العلم.


في حقه (١) ، وإنما يجوز له نفيه باللعان على أي وجه كان(ما لم يسبق الاعتراف منه (٢) به (٣) صريحا ، أو فحوى) فالأول ظاهر والثاني أن يجيب المبشر بما يدل على الرضا به والاعتراف(مثل أن يقال له : بارك الله لك في هذا الولد فيؤمّن (٤) ، أو يقول : إن شاء الله ، بخلاف) قوله في الجواب : (بارك الله فيك وشبهه) كأحسن الله إليك ورزقك الله مثله ، فإنه لا يقتضي الاقرار (٥) ، لاحتماله غيره (٦) احتمالا ظاهرا.

(ولو قذفها بالزنا ونفى الولد وأقام بينة) بزناها(سقط الحدّ (٧)

______________________________________________________

(١) بأن كان حديث الإسلام أو ناشيا في بادية بعيدة عن أهل الشرع.

(٢) من النافي.

(٣) بالولد ، بحيث لو اعترف به أولا فلا يقبل نفيه فيما بعد وقد تقدم البحث فيه ، نعم الاعتراف به قد يكون صريحا وهو واضح وقد يكون بالفحوى مثل أن يبشّر به فيجيب بما يقتضي الرضا كأن يقال له : بارك الله في مولودك فيقول : آمين أو إن شاء الله تعالى.

أما لو أجاب بما لا يتضمن إقرارا بأن قال مجيبا : بارك الله لك أو أحسن الله إليك لم يكن إقرارا ، ولم يبطل حقه من النفي ، لأنه قصد مكافأة الدعاء بالدعاء.

وعن بعض العامة أنه إقرار وضعفه ظاهر واضح.

(٤) من التأمين وهو قول آمين.

(٥) خلافا لبعض العامة.

(٦) غير الإقرار وهو مكافأة الدعاء بالدعاء.

(٧) لو جمع بين سببي اللعان بأن قذف امرأته ونفى الولد وأقام بينة على ما قذفها به سقط الحد عنه بلا خلاف ولا إشكال ، لأن حد القذف متوقف على القذف مع عدم البينة ، كما هو مفاد قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) (١) ، ومع البينة فلا حد. ولكن لا ينتفي الولد عنه إلا باللعان ، لأن زنا الزوجة لا ينفي الولد عن الفراش ، بعد حكم الشارع بأنه للفراش وللعاهر الحجر ، فإن لا عن انتفى الولد.

وكذا لو لم تكن عنده بينة ولاعن لكلا السببين سقط الحد وانتفى الولد ، ولو لا عن لأحدهما خاصة ترتب عليه حكمه وبقي الآخر.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٤.


عنه لأجل (١) القذف بالبينة (٢) (ولم ينتف عنه الولد إلا باللعان) ، لأنه (٣) لاحق بالفراش وإن زنت أمه كما مر (٤) ، ولو لم يقم بينة كان له اللعان للأمرين (٥) معا ، وهل يكتفى بلعان واحد أم يتعدد. وجهان من أنه (٦) كالشهادة أو اليمين وهما (٧) كافيان على ما سبق عليهما من الدعوي. ومن (٨) تعدد السبب الموجب لتعدد المسبب إلا ما أخرجه الدليل (٩).

(ولا بد من كون الملاعن كاملا) بالبلوغ والعقل (١٠) ، ولا يشترط العدالة (١١) ولا الحرية (١٢) ،

______________________________________________________

(١) تعليل لثبوت الحد.

(٢) تعليل لسقوط الحد ، والباء للسببية.

(٣) أي الولد.

(٤) من أن الولد للفراش وللعاهر الحجر.

(٥) من القذف ونفي الولد.

(٦) أي من أن اللعان وهذا دليل على عدم التعدد.

(٧) أي الشهادة واليمين كافيتان على ما سبق عليهما من الدعاوى وإن تعددت.

(٨) دليل التعدد.

(٩) ولا دليل في البين.

(١٠) لا إشكال ولا خلاف في اعتبار البلوغ والعقل في الملاعن ، فلا يصح لعان الصبي والمجنون ، لسلب عبارتهما شرعا بعد كون اللعان شهادة أو يمينا ، وهما ليسا من أهل الشهادة واليمين ، ولا يترتب على قذف الصبي والمجنون حد حتى يسقط باللعان.

(١١) فيصح لعان الفاسق بلا إشكال ولا خلاف لعموم أدلته.

(١٢) فالمشهور على جواز لعان المملوك لإطلاق أدلته ، وخصوص صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن المرأة الحرة يقذفها زوجها وهو مملوك قال عليه‌السلام : يلاعنها ، وعن الحر تحته أمه فقذفها قال : يلاعنها) (١) ، وصحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال : نعم وبين المملوك والحرة وبين العبد والأمة وبين المسلم واليهودية والنصرانية ولا يتوارثان ، ولا يتوارث الحر والمملوكة) (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سئل عن عبد قذف امرأته قال : يتلاعنان

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢.


ولا انتفاء الحد عن قذف (١) ، ولا الإسلام (٢) ، بل يلاعن(ولو كان كافرا) ، أو

______________________________________________________

كما يتلاعن الأحرار) (١).

وعن المفيد اشتراط الحرية مطلقا وعن الحلي اشتراط الحرية في اللعان للقذف ، لأن اللعان شهادة ولذا قال الله تعالى : (فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ) (٢) والعبد ليس من أهلها ، ولخبر الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (أربع ليس بينهم لعان ، ليس بين الحر والمملوكة ولا بين الحرة والمملوك ولا بين المسلم واليهودية والنصرانية لعان) (٣) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن عليا عليه‌السلام قال : ليس بين خمس من النساء وأزواجهن ملاعنة : اليهودية تكون تحت المسلم فيقذفها والنصرانية ، والأمة تكون تحت الحر فيقذفها ، والحرة تكون تحت العبد فيقذفها ، والمجلود في الفرية ، لأن الله يقول : ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، والخرساء ليس بينها وبين زوجها لعان ، إنما اللعان باللسان) (٤).

وهذان الخبران لا يصلحان سندا لمعارضة ما تقدم ، وهما موافقان للعامة ، واللعان أقرب إلى اليمين منه إلى الشهادة ، ولذا ورد في مرسل ابن أسلم الجبلي عن الرضا عليه‌السلام (وإنما صارت شهادة الزوج أربع شهادات بالله لمكان أربعة شهداء ، مكان كل شاهد يمين) (٥).

(١) ففي خبر السكوني المتقدم نفي اللعان عن المجلود في الغربة ، وفيه : إنه ضعيف السند قد أعرض عنه الأصحاب.

(٢) المشهور على جواز لعان الكافر لإطلاق أدلته ، ويتصور لعانه فيما إذا كان الزوجان كافرين فترافعا إلينا ، أو كانا كافرين فأسلمت الزوجة وأتت بولد يلحقه شرعا فأنكره ، وعن الإسكافي اشتراط الإسلام مطلقا وعن الحلي اشتراطه في اللعان للقذف ، لأن اللعان شهادة والشهادة لا تصح من الكافر ، ويرده أن اللعان يمين كما تقدم في الخبر ويؤيده قوله تعالى : (أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ) (٦) وهو ظاهر باليمين لافتقاره إلى ذكر اسم الله جل وعلا ، واليمين تصح من المسلم والكافر ، ويؤيده أن اللعان يصح من الفاسق مع أنه لا تصح شهادته قطعا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللعان حديث ٣.

(٢) سورة النور ، الآية : ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللعان حديث ١٣ و ١٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب اللعان حديث ٦.

(٦) سورة النور ، الآية : ٦.


مملوكا ، أو فاسقا ، لعموم الآية ، ودلالة الروايات عليه (١).

وقيل : لا يلاعن الكافر ، ولا المملوك بناء على أنه (٢) شهادات كما يظهر من قوله تعالى : (فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ) (٣) وهما (٤) ليسا من أهلها (٥) ، وهو (٦) ممنوع لجواز كونه (٧) أيمانا ، لافتقاره إلى ذكر اسم الله تعالى ، واليمين يستوي فيه العدل والفاسق ، والحر والعبد ، والمسلم والكافر ، والذكر والأنثى وما ذكره (٨) معارض بوقوعه (٩) من الفاسق إجماعا(ويصح لعان الأخرس بالإشارة المعقولة (١٠) إن أمكن معرفته اللعان) كما يصح منه (١١) إقامة الشهادة ، والأيمان ، والاقرار ، وغيرها من الأحكام ، ولعموم الآية.

وقيل : بالمنع ، والفرق (١٢) لأنه (١٣) مشروط بالألفاظ الخاصة دون الاقرار والشهادة فإنهما (١٤)

______________________________________________________

(١) على لعان الكافر والمملوك والفاسق ، وقد عرفت أن الروايات قد وردت في المملوك فقط.

(٢) أي أن اللعان.

(٣) سورة النور ، الآية : ٦.

(٤) أي الكافر والمملوك.

(٥) من أهل الشهادة.

(٦) أي كون اللعان شهادة.

(٧) كون اللعان.

(٨) من كون اللعان شهادة وهي لا تصح من الكافر والمملوك.

(٩) بوقوع اللعان.

(١٠) أي الإشارة المعقولة التي يفهم منها القذف ومعاني الشهادات الخمس ، فيصح لعانه إذا كانت له إشارة معقولة كما يصح بيعه ونكاحه وطلاقه وغيرها.

وعن ابن إدريس المنع نظرا إلى تعذر العلم بالإشارة ، وفيه : إن المفروض العلم بمدلول إشارته وأن إشارته مفهمة ، وإلا فلو لم تكن مفهمة فلا يصح قذفه ولا لعانه ولا سائر تصرفاته لتعذر الوقوف على مراده بلا خلاف في الثاني قطعا.

(١١) من الأخرس.

(١٢) أي الفرق بين لعانه وبين غيره من الشهادة والأيمان والإقرار وغيرها.

(١٣) أي اللعان.

(١٤) أي فإن الإقرار والشهادة.


يقعان بأي عبارة اتفقت ، ولأصالة عدم ثبوته (١) إلا مع تيقنه وهو (٢) منتف هنا.

وأجيب بأن الألفاظ الخاصة إنما تعتبر مع الإمكان ، وإشارته قائمة مقامها (٣) كما قامت في الطلاق وغيره (٤) من الأحكام المعتبرة بالألفاظ الخاصة.

نعم استبعاد فهمه له (٥) موجه ، لكنه غير مانع ، لأن الحكم (٦) مبني عليه (٧).

(ويجب) على ذي الفراش مطلقا (٨) (نفي الولد) المولود على فراشه(إذا عرف اختلال شروط الالحاق (٩) فيلاعن وجوبا ، لأنه لا ينتفي بدونه (١٠) (ويحرم) عليه نفيه(بدونه) أي بدون علمه باختلال شروط الالحاق(وإن ظن انتفائه عنه (١١) بزنا

______________________________________________________

(١) أي أصالة عدم ثبوت اللعان.

(٢) أي اليقين بثبوته.

(٣) أي مقام الألفاظ الخاصة.

(٤) كالزواج.

(٥) أي استبعاد فهم الأخرس للعان مما له وجه.

(٦) من صحة لعان الأخرس.

(٧) أي على فهم الأخرس للعان.

(٨) سواء علم بزنا أمه أم لا ، وسواء وافق صفاته صفات المولود أم لا.

(٩) قد تقدم أنه يجب نفيه مع عدم تحقق شرائط الإلحاق بلا خلاف فيه حذرا من لحوق من ليس منه بسبب سكوته ، وأنه ينتفي من غير لعان.

أما إذا تحققت شروط الإلحاق ظاهرا ولكن ظهر للزوج خاصة عدم التحقق فيما لو أتت به لستة أشهد فصاعدا من حين التزويج ولكن لم يطأها الزوج فيما بينه وبين الله فيجب عليه حينئذ نفيه حذرا من لحوق من ليس منه ، وعليه اللعان لأن الولد للفراش لو لا اللعان حينئذ.

(١٠) بدون اللعان.

(١١) قد تقدم أنه لو أتت به مع إمكان كونه منه لإحراز شرائط الإلحاق فالولد له لقاعدة (الولد للفراش وللعاهر الحجر) ولا يجوز له نفيه عنه مع عدم العلم باختلال شروط الإلحاق للنبوي (أيّما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين) (١) ، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كفر بالله من

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب اللعان حديث ٥.


أمه ، أو غيره (١) (أو خالفت صفاته صفاته (٢) ، لأن ذلك لا مدخل له في الالحاق ، والخالق على كل شي‌ء قدير ، والحكم مبني على الظاهر ويلحق الولد بالفراش دون غيره (٣) ، ولو لم يجد من (٤) علم انتفاءه من (٥) يلاعن بينهما لم يفده نفيه مطلقا (٦).

وفي جواز التصريح به (٧) نظر ، لانتفاء (٨) الفائدة. مع التعريض (٩) بالقذف إن لم يحصل التصريح.

(ويعتبر في الملاعنة الكمال (١٠) ، والسلامة (١١) من الصمم والخرس) فلو قذف الصغيرة فلا لعان ، بل يحدّ (١٢)

______________________________________________________

تبرأ من نسب وإن دقّ) (١).

ولا فرق في الحكم بأن الولد له ويحرم عليه نفيه مع عدم العلم باختلال الشروط سواء ظن بزناها أو ظن بوطئها شبهة أو كان الولد مخالفا له في الخلق والخلق ، بل حتى لو كان الولد مشابها لما أتهمها به ، لأن الولد للفراش.

(١) كما لو ظن بوطئها شبهة.

(٢) أي خالفت صفات الولد صفات الزوج.

(٣) والمراد بالغير هنا العاهر.

(٤) المراد به الزوج الذي علم انتفاء اللحاق به لاختلال شروط الإلحاق عنده.

(٥) المراد الحاكم الذي يلاعنان عنده.

(٦) لا في التصريح ولا في التلويح والتعريض.

(٧) بالنفي.

(٨) تعليل لعدم جواز التصريح بالنفي.

(٩) أي مع كون هذا التصريح بنفي الولد تعريضا بالقذف إن لم يحصل التصريح بالقذف ، مع أن التصريح بالقذف مفسدة على الزوج لأنه موجب لحد القذف عليه ولا يمكن دفعه عنه باللعان لعدم وجود الحاكم.

(١٠) بالبلوغ والعقل بلا خلاف ولا إشكال فلا يصح لعان الصبية والمجنونة لسلب عبارتهما شرعا.

(١١) تقدم في كتاب النكاح وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.

(١٢) حد القذف لعموم الدليل (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠٧ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ١.


إن كانت في محل الوطء (١) كبنت الثماني ، وإلا (٢) عزّر خاصة للسبّ المتيقن كذبه (٣) ولو قذف المجنونة بزنا اضافه إلى حالة الجنون عزّر (٤) ، أو حالة الصحة فالحد (٥) ، وله إسقاطه (٦) باللعان بعد افاقتها ، وكذا لو نفى ولدها (٧) ولو قذف الصماء والخرساء حرمتا عليه أبدا ولا لعان (٨) ،

______________________________________________________

ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) (١).

(١) أي إن كان يمكن وطؤها وإن كان محرما.

(٢) وإن لم يمكن وطؤها.

(٣) لأنه لا يمكن وطؤها.

(٤) لعدم احتمال زناها حينئذ ، إذ الزنا متوقف على القصد وهو منفي في حقها.

(٥) أي حد القذف لعموم دليله المتقدم.

(٦) أي وللزوج إسقاط الحد.

(٧) أي ولد المجنونة فله اللعان بعد إفاقتها لنفي الولد.

(٨) لو قذف زوجته الصماء والخرساء فلا لعان ولكن تحرم عليه مؤبدا بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح أبي بصير (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل قذف امرأته بالزنا وهي خرساء صماء لا تسمع ما قال ، قال عليه‌السلام : إن كان لها بنية فشهدت عند الإمام جلد الحد وفرّق بينها وبينه ثم لا تحلّ له أبدا ، وإن لم يكن لها بينة فهي حرام عليه ما أقام معها ولا إثم عليها منه) (٢) ، وصحيح الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل قذف امرأته وهي خرساء ، قال : يفرّق بينهما) (٣) ، وخبر محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة الخرساء كيف يلاعنها زوجها. قال : يفرّق بينهما ولا تحلّ له أبدا) (٤) ، وقد رواه الشيخ في التهذيب (في المرأة الخرساء يقذفها زوجها) (٥) الخ ... ومن صحيح أبي بصير تعرف أن الحد ثابت عليه بقذفها وهذا ما يقتضيه إطلاق الآية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً) (٦).

وصحيح أبي بصير تضمن (وهي خرساء صماء) ، وهو دال على اعتبار الأمرين معا لعدم العطف فيها وبهذا عبّر جماعة ، إلا أن هذا تبعا للكافي ، وفي التهذيب على ما في

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٤.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب اللعان حديث ٢ و ١ و ٤ وملحقه.

(٦) سورة النور ، الآية : ٤.


وفي لعانهما (١) لنفي الولد وجهان (٢). من (٣) عدم النص (٤) فيرجع إلى الأصل(٥). ومساواته (٦) للقذف في الحكم ، والأوجه الأول (٧) ، لعموم النص (٨). ومنع المساواة (٩) مطلقا (١٠) ، وقد تقدم البحث في ذلك (١١).

(والدوام) فلا يقع (١٢)

______________________________________________________

المسالك (وهي خرساء أو صماء) وهو دالّ على اعتبار أحد الأمرين وهو مذهب الأكثر ، بل ادعى الإجماع في الغنية والسرائر على الاكتفاء بأحدهما ، ويؤيد الاكتفاء بأحدهما تعلق الحكم بالخرساء فقط في صحيح الحلبي ومحمد بن مسلم وخبر محمد بن مروان المتقدمين.

(١) أي لعان الصماء والخرساء.

(٢) اعلم أن النصوص المتقدمة دالة على تحريمها وعدم لعانها بالقذف ، وأما نفي الولد ، فمسكوت عنه.

(٣) دليل لوقوع اللعان في نفي ولد الصماء والخرساء.

(٤) إذ النص المتقدم الدال على عدم اللعان مختص بالقذف.

(٥) والأصل يقتضي اللعان بنفي الولد سواء كانت الزوجة صماء أو خرساء أو غيرهما ، غايته يكون لعانها بالإشارة المفهمة كلعان الأخرس.

(٦) دليل لعدم وقوع اللعان في نفي ولد الصماء والخرساء ، والمعنى أنه نفي الولد مساو للقذف في الحكم في غير الصماء والخرساء ، فيساويه في الحكم فيها ، فالقذف في الصماء يوجب التحريم بلا لعان فكذا نفي الولد.

(٧) من وقوع اللعان في نفي ولد الصماء والخرساء ، ويكون لعانها بالإشارة المفهمة.

(٨) أي لعموم دليل اللعان بالنسبة إلى كل زوجة خرج منه القذف بالزنا للخرساء والصماء ، ويبقى نفي ولدهما تحت العموم.

(٩) بين القذف ونفي الولد.

(١٠) أي من كل وجه.

(١١) أي في منع المساواة ، وتقدم في كتاب النكاح في المسألة العاشرة من فصل المحرمات.

(١٢) أي اللعان ، هذا واعلم أنه لا لعان في المتعة لنفي الولد على المشهور لصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها) (١) ، وصحيح ابن سنان عنه عليه‌السلام (لا يلاعن الحر الأمة ولا الذمية ولا التي يتمتع بها) (٢) ومثلها غيرها.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢.


بالمتمتع بها ، لأن ولدها ينتفي بنفيه (١) من غير لعان(إلا أن يكون اللعان لنفي الحدّ) بسبب القذف فيثبت (٢) ، لعدم المانع (٣) ، مع عموم النص (٤) ، وهذا (٥) جزم من المصنف بعد التردد ، لأنه (٦) فيما سلف (٧) نسب الحكم به (٨) إلى قول (٩).

وقد تقدم (١٠) أن الأقوى عدم ثبوت اللعان بالمتمتع بها مطلقا (١١) وأن المخصص للآية (١٢) صحيحة محمد بن سنان عن الصادق عليه‌السلام.

______________________________________________________

فما عن ابن سعيد في جامعه من وقوع اللعان بالمتمتع بها لنفي الولد ليس في محله ، وما تقدم من الأخبار حجة عليه هذا من جهة ومن جهة أخرى فالمشهور على عدم لعان المتمتع بها مع القذف لنفس الأخبار المتقدمة لأنها نافية للعان مطلقا ، وعن الشيخ المفيد والسيد وقوعه بها للقذف لعموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ) (١) وفيه : إنه قد ثبت في محله جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، وما تقدم من الأخبار يصلح لتخصيص عموم القرآن.

(١) بنفي الزوج.

(٢) أي اللعان.

(٣) من ثبوت اللعان.

(٤) أي عموم آية اللعان.

(٥) أي التصريح بثبوت اللعان لنفي الحد في المتمتع بها.

(٦) أي المصنف.

(٧) في كتاب النكاح في فصل عقد المتعة.

(٨) باللعان للقذف.

(٩) ففي فصل المتعة قال الماتن : (ولا يقع بها طلاق ولا إيلاء ولا لعان إلا في القذف بالزنا) انتهى ، ولم ينسب ثبوت اللعان بالقذف إلى قول ، نعم الشارح قال عقيبه : على قول المرتضى والمفيد ، إلا أن يكون هذا جزءا من اللمعة لا من الروضة.

(١٠) في فصل المتعة من كتاب النكاح.

(١١) في القذف ونفي الولد.

(١٢) أي آية اللعان.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٦.


(وفي اشتراط الدخول) بالزوجة في لعانهما(قولان) (١)

______________________________________________________

(١) المشهور على اعتبار الدخول للأخبار.

منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بأهله) (١) ، ومرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابه (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها ، قال : يضرب الحد ويلى بينه وبينها) (٢) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا تكون الملاعنة ولا الإيلاء إلا بعد الدخول) (٣) ، وخبر محمد بن مضارب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من قذف امرأته قبل أن يدخل بها جلد الحد وهي امرأته) (٤) ، وخبره الآخر (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما تقول في رجل لا عن امرأته قبل أن يدخل بها قال : لا يكون ملاعنا إلا بعد أن يدخل بها يضرب حدا وهي امرأته ويكون قاذفا) (٥).

وعن بعضهم وهو المفيد والعامة في القواعد عدم اشتراط الدخول في اللعان لعموم أدلته ، وفيه : إن ما تقدم صالح لتقييده.

وعن ابن إدريس ثبوت اللعان بالقذف بلا دخول دون نفي الولد بحمل ما دل على اشتراط الدخول على اللعان إذا كان لنفي الولد ، وما دل على عدم الدخول كعموم آية اللعان بحمله على اللعان إذا كان بسبب القذف ، وبه جمع بين القولين المتقدمين.

وفيه : إن جملة من الأخبار المتقدمة الدالة على اشتراط الدخول واردة في القذف فكيف تحمل على عدم الدخول في القذف ، وأما الجمع بين القولين ليس في محله لأن العلامة قد صرح بعدم الدخول في اللعان في قبال القول بالتفصيل فالنزاع معنوي لا لفظي.

هذا والشارح في المسالك والروضة هنا جعل النزاع بين الأصحاب هنا في اللعان بسبب القذف ، وأما بالنسبة لنفي الولد فلا بد من اشتراط الدخول إذ مع عدم الدخول لا يتحقق شرط الإلحاق فلا بدّ من نفيه وينتفي الولد بدون لعان لعدم تحقق شرائط الإلحاق ، وينافيه ما هو المحكي عن المفيد والعلامة في القواعد من ثبوت اللعان بنفي الولد مع عدم الدخول كما في الرياض ، ولذا قال : (وربما أنكر هذا القول ـ أي عدم الدخول في اللعان بنفي الولد ـ جماعة مستبعدين ذلك عن قائله إن وجد ، وهو كما ترى ، لأنه صريح القواعد حيث جعله فيه مقابلا للقول بالتفصيل ، ويحكى عن المفيد في شرح الشرائع للمفلح الصيمري ، ونقل حكايته قولا عن الحلي ، وأما الاستبعاد فهو في غير محله لما عرفت) انتهى.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللعان حديث ٢ و ٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب اللعان حديث ٥ و ٤ و ٨.


مأخذهما عموم (١) الآية ، فإن أزواجهم فيها (٢) جمع مضاف فيعمّ (٣) المدخول بها ، وغيرها ، وتخصيصها (٤) برواية محمد بن مضارب قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في رجل لا عن امرأته قبل أن يدخل بها. قال : «لا يكون ملاعنا حتى يدخل بها يضرب حدا وهي امرأته» والمستند إليه (٥) ضعيف ، أو متوقف فيه (٦) ، فالتخصيص غير متحقق ، ولكن يشكل ثبوته (٧) مطلقا (٨) ، لأن ولد غير المدخول بها لا يلحق بالزوج (٩) فكيف يتوقف نفيه على اللعان. نعم يتم ذلك (١٠) في القذف بالزنا.

فالتفصيل كما ذهب إليه ابن إدريس حسن ، لكنه (١١) حمل اختلاف الأصحاب عليه (١٢). وهو (١٣) صلح من غير تراضي الخصمين ، لأن النزاع

______________________________________________________

(١) دليل عدم اشتراط الدخول.

(٢) في الآية حيث قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ) (١).

(٣) لأن الجمع المضاف من صيغ العموم.

(٤) أي تخصيص الآية وهو دليل اشتراط الدخول.

(٥) وهو محمد بن مضارب.

(٦) ولكنه منجبر بعمل الأصحاب ومؤيدة بغيرها من الأخبار المتقدمة ، وبعضها معتبر كمرسل ابن أبي عمير فإنه صحيح بالنسبة إليه ، ومراسيله كمسانيده إذ لا يروي إلا عن ثقة على ما قيل.

(٧) ثبوت اللعان من غير دخول تبعا لعموم الآية.

(٨) لنفي الولد أو للقذف.

(٩) لعدم تحقق شرائط الإلحاق ، إذ من شرائطها الدخول بالدائمة.

(١٠) من ثبوت اللعان غير المدخول تبعا لعموم الآية.

(١١) أي ابن إدريس.

(١٢) على التفصيل المذكور.

(١٣) أي حمل كلام الأصحاب المتنازعين على التفصيل يقتضي عدم النزاع المعنوي بينهم ، وإنما نزاع لفظي ، إذ مراد من اشترط الدخول خصوص اللعان بالولد ومراد من لم يشترط اللعان بالقذف ، ولكن أطلقوا لفظا.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٦.


معنوي ، لا لفظي بين الفريقين ، بل النزاع لا يتحقق إلا في القذف ، للاجماع (١) على انتفاء الولد عند عدم اجتماع شروط اللحوق بغير (٢) لعان ، وإن كان كلامهم هنا (٣) مطلقا (٤).

(ويثبت) اللعان(بين الحر و) زوجته(المملوكة (٥) لنفي الولد أو) نفي

______________________________________________________

(١) هذا وقد عرفت مخالفة المفيد والعلامة في القواعد حيث لم يشترطوا الدخول في اللعان ولو كان لنفي الولد كما عن سيد الرياض.

(٢) متعلق بقوله (على انتفاء الولد).

(٣) في اشتراط الدخول وعدمه.

(٤) يشمل اللعان لنفي الولد وللقذف.

(٥) قد تقدم أنه يصح لعان المملوك لزوجته الحرة لإطلاق أدلته والأخبار ، وخالف المفيد فاشترط الحرية مطلقا والحلي قد اشترط الحرية في اللعان للقذف لخبرين لا يصلحان لمعارضة ما تقدم.

وأما لو انعكس الفرض بأن كان الزوج حرا وزوجته مملوكة فالمشهور على صحة لعانها لعموم آية اللعان (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ) (١) ، ولخصوص صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن المرأة الحرة يقذفها زوجها وهو مملوك قال : يلاعنها ، وعن الحر تحته أمة فيقذفها قال : يلاعنها) (٢) وصحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال : نعم ، وبين المملوك والحرة وبين العبد والأمة وبين المسلم واليهودية والنصرانية) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الحر يلاعن المملوكة؟ قال : نعم إذا كان مولاها الذي زوجها إياه) (٤) ، ومثلها غيرها.

وعن المفيد وسلّار المنع لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يلاعن الحر الأمة ولا الذمية ولا التي يتمتع بها) (٥) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سألته عن رجل مسلم تحته يهودية أو نصرانية أو أمة ينفي ولدها وقذفها ، هل عليه لعان؟ قال : لا) (٦) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن عليا عليه‌السلام قال : ليس بين خمس من النساء وأزواجهن ملاعنة ـ إلى أن قال ـ والأمة تكون تحت الحر فيقذفها) (٧) ، وخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (أربع ليس بينهم لعان ، ليس بين

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٦.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللعان حديث ١ و ٢ و ٥ و ٤ و ١١ و ١٢.


(التعزير) بقذفها ، للعموم (١) ، وصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن الحر يلاعن المملوكة قال : «نعم إذا كان مولاها الذي زوجها إياه لاعنها» ، وغيرها.

وقيل : لا لعان بينهما مطلقا (٢) استنادا إلى أخبار دلت على نفيه بين الحر والمملوكة ، وحملها (٣) على كونها (٤) مملوكة للقاذف (٥) طريق الجمع بينها (٦) ، وبين ما ذكرناه من وقوعه (٧) بالزوجة المملوكة صريحا.

وفصل ابن إدريس هنا غير جيد فأثبته (٨) مع نفي الولد ، دون القذف ، نظرا إلى عدم الحد به (٩)

______________________________________________________

الحر والمملوكة) (١) الحديث ولكنها قاصرة عن المعارضة عددا وسندا فلا بأس بحملها على الموطوءة بملك اليمين أو على التقية أو على ما إذا تزوجها بغير إذن مولاها ، ومنه تعرف ضعف الجمع بين الأخبار على التفصيل الآتي كما عن فخر المحققين.

وعن ابن إدريس التفصيل بثبوت لعان المملوكة بنفي الولد دون القذف ، وهو المحكي عن الشيخ في الاستبصار وابن حمزة في المراسم بدعوى أن قذف المملوكة لا يوجب الحد فلا داعي لنفيه باللعان بخلاف نفي ولدها فلا ينتفي إلا باللعان إذا كانت زوجة وقد تمت شروط الإلحاق.

وفيه : ان آية اللعان لم تقيّد اللعان لسقوط الحد ، وعليه فجاز أن يكون اللعان لإسقاط التعزير كما كان لإسقاط الحد بعد عموم لفظ الآية.

(١) أي عموم الآية.

(٢) لنفي الولد أو للقذف.

(٣) أي هذه الأخبار النافية.

(٤) أي كون المملوكة.

(٥) ولا لعان بين المولى وأمته بالاتفاق ، إذ يشترط في اللعان العقد الدائم.

(٦) بين الأخبار النافية.

(٧) من وقوع اللعان.

(٨) أي أثبت لعان المملوكة.

(٩) بالقذف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللعان حديث ١٣.


لها (١). ولكن دفع التعزير به (٢) كاف ، مضافا إلى ما دل عليه (٣) مطلقا (٤). ووافقه عليه (٥) فخر المحققين محتجا بأنه (٦) جامع بين الأخبار (٧) ، والجمع بينهما بما ذكرناه (٨) أولى (٩) (ولا يلحق ولد المملوكة بمالكها إلا بالاقرار به (١٠) على أشهر

______________________________________________________

(١) للمملوكة.

(٢) باللعان.

(٣) على اللعان.

(٤) لنفي الحد أو لنفي التعزير كما في عموم الآية.

(٥) على التفصيل.

(٦) بأن التفصيل.

(٧) بين الأخبار النافية والأخبار المثبتة.

(٨) من حمل الأخبار النافية على مملوكة القاذف.

(٩) وجه الأولوية أن بعض الأخبار المثبتة أثبتت اللعان في صورة القذف كما في صحيح الحلبي المتقدم فكيف يمكن القول أن عدم لعان المملوكة في القذف هو طريق الجمع بين الأخبار.

(١٠) الأمة لا تصير فراشا بالملك وإن خلت به وخلى بها بلا خلاف فيه بخلاف النكاح الذي يلحق الولد به بمجرد إمكان تولده منه ، لأن مقصود النكاح هو الاستمتاع والولد ، وملك اليمين قد يقصد به ذلك وقد يقصد به التجارة والاستخدام ، وإذا كان المقصود في النكاح ذلك اكتفى فيه بمجرد الإمكان ، ولكن هل تصير الأمة فراشا بالوطء ، فيه قولان ، ذهب الشيخ في المبسوط والمحقق والعلامة وسائر المتأخرين إلى أن الأمة لا تصير فراشا بالوطء لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن رجلا من الأنصار أتى أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : إني ابتليت بأمر عظيم ، إن لي جارية كنت أطأها فوطئتها يوما وخرجت في حاجة لي بعد ما اغتسلت معها ونسيت نفقة لي فرجعت إلى المنزل لآخذها فوجدت غلاما لي على بطنها ، فعددت لها من يومي ذلك تسعة أشهر فولدت جارية.

فقال لي : لا ينبغي لك أن تقربها ولا تبيعها ولكن أنفق عليها من مالك ما دمت حيا ، ثم أوص عند موتك من مالك حتى يجعل الله عزوجل لها مخرجا) (١) ومثلها غيرها.

وعن الشيخ في ظاهر الاستبصار وابن سعيد في الجامع والشارح في المسالك أنها تصير فراشا بالوطء لأخبار :

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ١.


القولين ، والروايتين(ولو (١) اعترف بوطئها (٢) ، ولو نفاه انتفى بغير لعان) إجماعا (٣) ، وإنما الخلاف في أنه (٤) هل يلحق به (٥) بمجرد إمكان كونه منه وإن لم

______________________________________________________

منها : خبر سعيد بن يسار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وقع على جارية له تذهب وتجي‌ء وقد عزل عنها ولم يكن منه إليها شي‌ء ، ما تقول في الولد؟ قال : أرى أن لا يباع هذا يا سعيد ، قال : وسألت أبا الحسن عليه‌السلام فقال : أتتهمها؟ فقلت : أما تهمة ظاهرة فلا ، قال : أيتهمها أهلك؟ قلت : أما شي‌ء ظاهر فلا ، قال : فكيف تستطيع أن لا يلزمه الولد) (١) وخبره الآخر (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل تكون له الجارية يطيف بها وهي تخرج فتعلق ، قال : يتهمها الرجل أو يتهمها أهله؟ قال : أما ظاهرة فلا قال : إذا لزمه الولد) (٢) فعلى قول الأول من عدم فراشية الأمة بالوطء فلا يلحق الولد بالسيد الواطئ وإن وطأ إلا مع الإقرار بالولد لأن الأصل عدم انتسابه إليه بدون الإقرار.

وعلى القول الثاني من فراشية الأمة بالوطء فلا يلحق الولد بالسيد الواطئ إلا مع ثبوت وطئه لها إما بإقراره بالوطء وإما بالبينة على ذلك بخلاف ولد الزوجة التي هي فراش للزوج بمجرد العقد فإلحاق ولدها يكفي فيه إمكان الوطء ، والفرق بينهما أن فراشية الزوجية متحققة بالعقد مع إمكان وصول الزوج إليها فكان الاعتبار على إمكان الوطء بخلاف فراشية الأمة فإنها لا تتحقق إلا بالوطء فيعتبر ثبوت الوطء في إلحاق الولد ، والوطء من الأمور الخفية فيعتبر إقرار السيد به إن لم تتفق البينة وهي نادرة في هذه المقامات.

هذا من جهة ومن جهة ثانية إن ولد الزوجة إذا كان محكوما به للزوج ظاهرا لا ينتفي عنه إذا نفاه إلا باللعان ، بخلاف ولد الأمة فينتفي بغير لعان ولذا خص اللعان بالزوجين في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ) (٢).

(١) وصلية.

(٢) بناء على عدم فراشية الأمة بالوطء كما هو القول الأول المتقدم ، لأن الأصل عدم انتسابه إليه بدون الإقرار.

(٣) قيد لعدم اللعان لو نفاه.

(٤) أن الولد.

(٥) بالمالك.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٥ و ٢.

(٢) سورة النور ، الآية : ٦.


يقرّ به (١) ، أم لا بدّ من العلم بوطئه ، وإمكان لحوقه به (٢) ، أو اقراره به (٣). فعلى ما اختاره المصنف والأكثر ، لا يلحق به إلا باقراره ، أو وطئه (٤) وإمكان لحوقه به ، وعلى القول الآخر (٥) لا ينتفي إلا بنفيه ، أو العلم بانتفائه عنه.

ويظهر من العبارة (٦) وغيرها من عبارة المحقق والعلامة : أنه (٧) لا يلحق به إلا باقراره ، فلو سكت ولم ينفه ولم يقرّ به لم يلحق (٨) به وجعلوا ذلك (٩) فائدة عدم كون الأمة فراشا بالوطء.

والذي حققه جماعة (١٠)

______________________________________________________

(١) لا معنى لهذا التشقيق بعد ما عرفت الإجماع على عدم فراشية الأمة بالملك وبعد ما عرفت أن الخلاف بينهم في تحقق الفراشية بالوطء وعدمها ، إلا أن يكون مراد الشارح من الخلاف هو الإشكال ، فيكون كلامه إنما الخلاف .. أي إنما الأشكال في أنه هل يلحق به بمجرد إمكان تولده منه كما في ولد الزوجة أو لا ، وعلى كل فلا معنى للإشكال أيضا بعد الإجماع على عدم فراشية الأمة بالملك.

(٢) كما هو مذهب الشيخ في الاستبصار وابن سعيد وهو مبني على فراشية الأمة بالوطء.

(٣) كما هو مذهب الأكثر وهو مبني على عدم فراشية الأمة بالوطء.

(٤) الترديد باعتبار المذهبين ، فالإقرار على مذهب الأكثر والوطء على المذهب الآخر ، وهذان المذهبان مشتركان في أنه لا يلحق بمجرد الإمكان ، ولذا جمعهما في عبارة واحدة مقابلا للاحتمال الأول.

(٥) هو ليس بقول بعد إجماعهم على عدم فراشية الأمة بالملك ، بل هو احتمال بلحوق الولد به بمجرد الإمكان كولد الزوجة ، ولازمه أنه لا ينتفي عنه إلا بنفيه أو مع العلم بانتفائه عنه.

(٦) عبارة الماتن.

(٧) أي ولد المملوكة.

(٨) وإن وطء بناء على عدم فراشية الأمة بالوطء.

(٩) عدم الإلحاق به مع الوطء إلا بالإقرار.

(١٠) وهو فخر المحققين في إيضاحه على شرح قواعد العلامة ، قال الشارح في المسالك : (وقال فخر الدين في شرحه : إن معنى كونها ليست فراشا أنه لا يلحق ولدها به إلا بإقراره أو بوطئها وإمكان لحوقه به ، وكأن حاول بذلك الجمع بين حكم الأصحاب بكونها ليست فراشا مطلقا وبين حكمهم في باب إلحاق الأولاد بلحوق ولد الأمة بالمولى الواطئ وأنه يلزمه الإقرار به حيث


أنه يلحق به باقراره (١) ، أو العلم بوطئه (٢) ، وإمكان لحوقه به ، وإن لم يقرّ به وجعلوا الفرق بين الفراش وغيره : إن الفراش (٣) يلحق به الولد وإن لم يعلم وطؤه ، مع إمكانه (٤) إلا مع النفي (٥) واللعان ، وغيره (٦) من الأمة والمتمتع بها يلحق به الولد إلا مع النفي (٧) ، وحملوا (٨) عدم لحوقه إلا بالاقرار على اللحوق اللازم ، لأنه بدون الاقرار ينتفي بنفيه من غير لعان ، ولو أقر به استقر ولم يكن له نفيه بعده (٩) وهذا هو الظاهر.

وقد سبق في أحكام الأولاد ما ينبّه عليه ، ولو لا هذا المعنى (١٠) لنا فى ما ذكروه هنا (١١) ما (١٢) ، حكموا به فيما سبق من لحوقه به بشرطه (١٣)

القول في كيفية اللعان وأحكامه

(يجب كونه (١٤)

______________________________________________________

يمكن كون منه ، وأنه لو وطأها غيره ألحق به دون تغير من غير تقييد بإقراره به ، فجعل مستند ذلك الوطي الواقع من المولى ، وأقامه مقام الإقرار به من غير أن يعلم بكونه واطئا) انتهى.

(١) بناء على عدم فراشية الأمة بالوطء.

(٢) تنزيلا للوطء منزلة الإقرار بالولد.

(٣) كما في الزوجة الدائمة.

(٤) أي إمكان لحوق الولد به.

(٥) نفي الولد.

(٦) غير الفراش.

(٧) ولو نفاه ينتفي بغير لعان.

(٨) بناء على عدم الفراش في الأمة القاضي بكون الولد منه إلا مع النفي فيعارض مع ما قالوه هنا أن الأمة غير فراش بالوطء ولا يلحق الولد به إلا مع الإقرار ، ولرفع هذا التعارض يحمل كلامهم الثاني بعدم اللحوق إلا بالإقرار على عدم اللحوق اللازم بمعنى لو نفاه ينتفي بغير لعان ، أما لو أقر به فلا يسمع نفيه فيما بعد.

(٩) بعد الإقرار.

(١٠) من أن عدم اللحوق به إلا بالإقرار المحمول على عدم اللحوق اللازم إلا بالإقرار.

(١١) من أن ولد المملوكة لا يلحق بمالكها إلا بإقراره بناء على عدم فراشية الأمة بالوطء.

(١٢) في محل نصب مفعول به لقوله (لنافى).

(١٣) من لحوق ولد المملوكة بمالكها بشرط إمكان كونه منه من غير اعتبار الإقرار به.

(١٤) كون اللعان.


(عند الحاكم (١) وهو هنا الإمام عليه‌السلام(أو من نصبه) للحكم (٢) ، أو اللعان بخصوصه(ويجوز التحكيم فيه) من الزوجين(للعالم المجتهد) وإن كان الإمام ومن نصبه موجودين ، كما يجوز التحكيم في غيره (٣) من الأحكام (٤).

______________________________________________________

(١) لا يصح اللعان إلا عند الحاكم أو منصوبه لذلك ، بلا خلاف فيه لأنه قد ادعى الشيخ في المبسوط الإجماع عليه ، لأن اللعان شهادة أو يمين ولا يسجل بهما إلا الحاكم ، ولأن الحد يقيمه الحاكم فلذا ما يدرؤه ، وللأخبار.

منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الملاعن والملاعنة كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة) (١) الخبر ، وصحيح البزنطي سأل الرضا عليه‌السلام (كيف الملاعنة؟ فقال : يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ، ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره) (٢) الخبر ، ومثلهما غيرها.

والمراد بالحاكم هو الإمام المعصوم عليه‌السلام ، والمراد بمنصوبه من نصبه للحكم عموما أو لخصوص اللعان ، نعم يشترط في منصوبه للعان ما يشترط في غيره ممن نصبه الإمام للحكم بين الناس من الاجتهاد ، لأن اللعان من ضروب الحكم ، لأنه مفتقر إلى سماع الشهادة أو اليمين مع الحكم بالحد أو رفعه مع الحكم بنفي الولد وغير ذلك ، هذا كله في حال الحضور ، وأما في حال الغيبة فمنصوبه هو الفقيه الجامع لشرائط الفتوى لأنه منصوب من قبل الإمام عليه‌السلام على العموم كما تقدم في كتاب القضاء ، فيتولى اللعان كما يتولى غيره من شئون القضاء ولا يتوقف على رضا المتلاعنين.

(٢) عموما.

(٣) غير اللعان.

(٤) قد عرفت أن اللعان لا يصح إلا عند المعصوم عليه‌السلام أو نائبه العام أو الخاص ، وعليه ففي حال الحضور هل يجوز للزوجين تحكيم مجتهد جامع للشرائط ولكن لم ينصبه المعصوم عليه‌السلام أو لا.

فعن الشيخ في الخلاف ولعان المبسوط أنه يصح ، لأنه جامع للشرائط ، وعن الشيخ في قضاء المبسوط أنه لا يصح ، لأن الحكم هنا لا يختص بالزوجين المتراضيين ، بل يتعلق بالولد أيضا ، فلا يؤثر رضاهما في حقه إلا أن يكون بالغا ويرضى بحكمه خصوصا ، ويشترط رضاهما بالحكم بعد الحكم أيضا حتى يصير نافذا. هذا كله من جهة ومن جهة أخرى فقد عبّر المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد عنه بالرجل العامي ، وقال في

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤ و ٥.


وربما أطلق بعض الأصحاب على المحكّم هنا كونه عاميا نظرا (١) إلى أنه غير منصوب بخصوصه ، فعاميته إضافية (٢) ، لا أن المسألة (٣) خلافية (٤) ، بل الاجماع على اشتراط اجتهاد الحاكم مطلقا (٥) ، نعم منع بعض الأصحاب من التحكيم هنا (٦) لأن أحكام اللعان لا تختص بالمتلاعنين فإن نفي الولد يتعلق بحقه (٧) ، ومن ثمّ لو تصادقا (٨) على نفيه لم ينتف بدون اللعان ، خصوصا عند من يشترط تراضيهما بحكمه (٩) بعده (١٠).

والأشهر الأول (١١).

هذا (١٢) كله في حال حضور الإمام عليه‌السلام ، لما تقدم في باب القضاء : من أن قاضي التحكيم لا يتحقق إلا مع حضوره ، أما مع غيبته فيتولى ذلك الفقيه المجتهد ، لأنه (١٣) منصوب من قبل الإمام عموما (١٤)

______________________________________________________

المسالك : (والمراد بالرجل العامي الذي يتراضى به الزوجان الفقيه المجتهد حال حضور الإمام لكنه غير منصوب من قبله ، وسماه عاميا بالإضافة إلى المنصوب فإنه خاص بالنسبة إليه) انتهى.

(١) علة للإطلاق المذكور.

(٢) بالنسبة إلى المنصوب فإنه خاص.

(٣) أي مسألة تحكيم رجل برضا الزوجين.

(٤) أي خلافية في اجتهاد المحكّم وعدمه.

(٥) سواء كان منصوبا أم لا.

(٦) في اللعان.

(٧) بحق الولد ، فلا يؤثر رضاهما في نفيه.

(٨) أي الزوجان.

(٩) بحكم قاضي التحكيم.

(١٠) بعد الحكم.

(١١) وهو صحة التحكيم ولزومه حكمه من غير رضا الولد وعدم اشتراط رضاهما بالحكم بعده.

(١٢) من جواز التحكيم وعدمه.

(١٣) أي الفقيه المجتهد.

(١٤) وقد تقدم الدليل في كتاب القضاء.


كما يتولى غيره (١) من الأحكام ولا يتوقف على تراضيهما (٢) بعده (٣) بحكمه لاختصاص ذلك (٤) على القول به (٥) بقاضي التحكيم (٦).

والأقوى عدم اعتباره (٧) مطلقا (٨).

وإذا حضرا بين يدي الحاكم فليهدأ (٩) الرجل بعد تلقين الحاكم له الشهادة(فيشهد الرجل (١٠) أربع مرات بالله أنه لمن الصادقين فيما رماها به) متلفظا بما

______________________________________________________

(١) غير اللعان.

(٢) تراضي الزوجين.

(٣) بعد اللعان.

(٤) من اشتراط تراضيهما بعده.

(٥) بالتراضي بعده.

(٦) وهو مختص بحال الحضور.

(٧) أي عدم اعتبار التراضي بحكم قاضي التحكيم هنا وفي غيره من أفراد القضاء.

(٨) في اللعان وغيره.

(٩) كما سيأتي بيان دليله.

(١٠) صورة اللعان أن يشهد الرجل بالله أربع مرات أنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا أو في أن الولد ليس من مائة فيقول : أشهد بالله أني لمن الصادقين في ذلك ، ثم يقول في الخامسة : عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين فيما رماها من الزنا أو نفي الولد.

وتقول المرأة أربع مرات أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ، ثم تقول في الخامسة : إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا ، ولا تحتاج إلى ذكر الولد ، لأن لعانها لا يؤثر فيه ولكن لو تعرضت له لم يضر فتقول : وهذا الولد ولده ليستوي اللعان ويتقابلا ، بلا خلاف في ذلك كله ويدل عليه الكتاب العزيز وهو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ وَالْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ وَالْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ) (١).

والأخبار.

__________________

(١) سورة النور ، الآيتان : ٦ ـ ٩.


رمى به فيقول له (١) : قل أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، فيتبعه فيه (٢) ، لأن (٣) اللعان يمين فلا يعتدّ بها قبل استحلاف الحاكم وإن كان فيها (٤) شائبة الشهادة ، أو شهادة (٥) فهي لا تؤدى إلا بإذنه (٦) أيضا ، وإن (٧) نفى الولد زاد (٨)

______________________________________________________

منها : خبر ابن الحجاج قال : (إن عباد البصري سأل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة فقال : إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فرأى مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانصرف الرجل وكان الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته ، فنزل الوحي من عند الله عزوجل بالحكم فيها ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ذلك الرجل فدعاه فقال : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال : نعم ، فقال له : انطلق فائتني بامرأتك فإن الله عزوجل قد أنزل الحكم فيك وفيها ، فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال للزوج : اشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به فشهد ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمسك ووعظه ثم قال : اتق الله فإن لعنة الله شديدة ثم قال : اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين ، قال : فشهد فأمر به فنحّي.

ثم قال للمرأة : اشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به فشهدت ثم قال لها : أمسكي فوعظها ثم قال لها : اتقي الله فإن غضب الله شديد ثم قال لها : اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به فشهدت ففرّق بينهما وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما) (١).

(١) أي فيقول الحاكم للرجل.

(٢) أي فيتبع الرجل الحاكم فيما قال.

(٣) تعليل لكون لعان الرجل بعد تلقين الحاكم.

(٤) في اليمين.

(٥) أو لأن اللعان شهادة.

(٦) بإذن الحاكم.

(٧) شرطية.

(٨) أي زاد الرجل في شهاداته.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ١.


«وأن هذا الولد من زنا وليس مني» كذا عبر في التحرير ، وزاد (١) أنه (٢) لو اقتصر على أحدهما (٣) لم يجز ، ويشكل فيما لو كان اللعان لنفي الولد خاصة من غير قذف فإنه لا يلزم إسناده (٤) إلى الزنا (٥) ، لجواز الشبهة فينبغي أن يكتفي بقوله : إنه لمن الصادقين في نفي الولد المعيّن(ثم يقول) بعد شهادته أربعا : كذلك (٦) (أن لعنة الله عليه) جاعلا المجرور بعلى ياء المتكلم (٧) (إن كان من الكاذبين) فيما رماها به من الزنا أو نفي الولد كما ذكر في الشهادات.

(ثم تشهد المرأة) بعد فراغه من الشهادة واللعنة(أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به) فنقول : اشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا(ثم تقول : أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) فيه (٨) مقتصرة على ذلك (٩) فيهما (١٠).

(ولا بد من التلفظ بالشهادة على الوجه المذكور (١١)

______________________________________________________

(١) أي العلامة في التحرير.

(٢) أي الرجل.

(٣) من كون الولد من الزنا أو أنه ليس منه.

(٤) إسناد الولد.

(٥) ولذا عدّ الأصحاب نفي الولد سببا مستقلا عن القذف.

(٦) أي متابعا قول الحاكم.

(٧) أي يأتي الملاعن بدل قول الحاكم عليه : بلفظ (عليّ).

(٨) فيما رماها به.

(٩) أي على ما ذكرنا من الرمي بالزنا.

(١٠) في الشهادة واللعان ولا تحتاج إلى إثبات الولد لأن إثبات الولد لا يؤثر في لعانها ، نعم لو قالت : وهذا الولد ولده ليستوي اللعان فلا بأس.

(١١) هذا واللعان مشتمل على واجب ومندوب ، أما الواجب فخمسة أمور : الأمر الأول : التلفظ بالشهادة واللعن على الوجه المذكور بلا خلاف فيه ، لأن الأصل عدم ترتيب أثر اللعان على غير موضع النص ، وعليه فلو أبدل صيغة الشهادة بغيرها كقوله : شهدت بالله أو أنا شاهد ، أو أحلف بالله أو أقسم ، وكذا لو بدّل لفظ الجلالة كقوله : أشهد بالرحمن أو الخالق ونحوها ، وكذا لو بدّل كلمة الصدق والكذب الواردة في اللعان بمرادفها ، أو حذف لام التأكيد كقوله : إني من الصادقين أو حذف حرف الجر فقال : إني لبعض


فلو أبدلها (١) بمعناها كأقسم ، أو احلف ، أو شهدت ، أو أبدل الجلالة بغيرها من أسمائه تعالى أو ابدل اللعن ، والغضب ، والصدق ، والكذب بمرادفها (٢) ، أو حذف لام التأكيد (٣) ، أو علقه (٤) على غير «من» كقوله إني لصادق ، ونحو ذلك من التعبيرات لم يصح.

(وأن يكون الرجل قائما (٥) عند ايراده) الشهادة واللعن وإن كانت المرأة حينئذ (٦) جالسة ، (وكذا) تكون(المرأة) قائمة عند ايرادها الشهادة والغضب وإن

______________________________________________________

الصادقين ، أو أبدل اللعن بالإبعاد أو الطرد ، وأبدل لفظ الغضب بالسخط.

فلا يصح في الجميع لأنه خلاف المنقول شرعا ، ومنه تعرف ضعف ما عن بعض العامة من جواز تغيير لفظ (أشهد) بما يفيدها ، وجواز إبدال اللعن بالغصب وبالعكس.

(١) أي أبدل الشهادة.

(٢) مرادف اللعن الإبعاد والطرد ، ومرادف الغضب السخط ومرادف الصدق موافقة الواقع ومرادف الكذب مخالفة الواقع.

(٣) من شهادته إني لمن الصادقين.

(٤) علّق اللعان.

(٥) الأمر الثاني الواجب في اللعان قيام كل منهما عند إيراده الشهادة واللعن ، كما عليه الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع وابن إدريس في سرائره والصدوق في ظاهر المقنع لمرسل الفقيه (وفي خبر آخر ثم يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله أنه لمن الصادقين ـ إلى أن قال ـ ثم تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به) (١) ، ولما روته العامة عن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أنه أمر عويمرا بالقيام فلما تمت شهادته أمر امرأته بالقيام) (٢).

وعن الأكثر ومنهم الشيخ في النهاية والمفيد أنهما يكونان قائمين بين يدي الحاكم عند تلفظ كل منهما ، لصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الملاعن والملاعنة كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة يقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه ، ويبدأ بالرجل ثم المرأة) (٣).

(٦) حين إيراد الرجل الشهادة واللعن.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٣.

(٢) الدر المنثور ج ٥ ص ٢٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٤.


كان الرجل حينئذ جالسا.

(وقيل : يكونان معا قائمين في الإيرادين).

ومنشأ القولين اختلاف الروايات ، وأشهرها وأصحها ما دلّ على الثاني.

(وأن يتقدم الرجل أولا (١) فلو تقدمت المرأة لم يصح عملا بالمنقول من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وظاهر الآية ، ولأن لعانها لإسقاط الحدّ الذي وجب عليها بلعان الزوج(وأن يميز الزوجة من غيرها تمييزا يمنع المشاركة (٢) إمّا بأن يذكر اسمها ويرفع نسبها بما يميزها ، أو يصفها بما يميزها عن غيرها ، أو يشير إليها إن كانت حاضرة.

(وأن يكون الايراد) بجميع ما ذكر(باللفظ العربي الصحيح (٣) إلا مع)

______________________________________________________

(١) الأمر الثالث الواجب في اللعان أن يبدأ الرجل أولا بالشهادة ثم باللعن على الترتيب المذكور ثم المرأة مقدّمة للشهادة على الغضب ، فلو بدأت المرأة باللعان فلا شي‌ء وكان لاغيا لأنه على خلاف الثابت من آية اللعان ومن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في الأخبار المتقدمة ، ولأن لعانها لإسقاط الحد عنها كما هو مقتضى قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ) (١) ، والحد قد ثبت بلعان الزوج فلا بد من تقديم لعانه على لعانها ، فما عن بعض العامة من جواز التقديم ليس في محله ، كما أنه ليس في محله ما عن بعض آخر منهم من جواز تقديم اللعن على الشهادة ، كل ذلك لأنه خلاف المنقول شرعا.

(٢) الأمر الرابع الواجب في اللعان أن يعينها بما يزيل الاحتمال ، كذكر اسمها أو اسم أبيها مع صفاتها المميزة لها عن غيرها ، أو يشير إليها مع حضورها ، لأن اللعان منها فلا بد من تعيينها ، وكذا يجب عليها تعيين الرجل بما سمعت.

(٣) الأمر الخامس الواجب في اللعان أن يكون النطق باللفظ العربي ، لأن النص ورد به فلا عدول عنه عند القدرة ، نعم يجوز العدول عند عدم القدرة ، غايته يأتي بالممكن له باللفظ العربي وإلا لا عن بأي لسان شاء لحصول الفرض من الشهادة واللعن.

ثم إن كان الحاكم يحسن تلك اللغة فلا حاجة إلى المترجم وإلا افتقر إلى اثنين ، ولا يكفي الواحد لأنها شهادة ، ولا يحتاج إلى الأزيد من اثنين لأنها شهادة على اللفظ وعن بعض

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٨.


(التعذّر) فيجتزى بمقدورهما (١) منه (٢) ، فإن تعذر تلفظهما بالعربية أصلا أجزأ غيرها من اللغات من غير ترجيح(فيفتقر الحاكم إلى مترجمين عدلين) يلقيان عليهما الصيغة بما يحسنانه من اللغة(إن لم يعرف) الحاكم(تلك اللغة) ، وإلا باشرها بنفسه ولا يكفي أقل من عدلين حيث يفتقر إلى الترجمة ، ولا يحتاج إلى الأزيد.

(وتجب البدأة) من الرجل(بالشهادة ، ثم اللعن) كما ذكر(وفي المرأة بالشهادة ثم الغضب (٣) وكما يجب الترتيب المذكور تجب الموالاة بين كلماتهما ، فلو تراخى بما يعدّ فصلا ، أو تكلم بخلاله بغيره بطل (٤).

(ويستحب (٥) أن يجلس الحاكم مستدبرا القبلة) ليكون وجههما إليها.

(وأن يقف الرجل عن يمينه ، والمرأة عن يمين الرجل وأن يحضر) من الناس

______________________________________________________

العامة أنه لا بد من أربع شهود لأنها شهادة على الزنا ، وضعفه ظاهر إذ هي شهادة على تلفظه باللعان وكذا تلفظها.

(١) مقدور الزوجين.

(٢) من اللعان بالعربية.

(٣) قد تقدم بحث هذا الترتيب مع دليله.

(٤) لأنه على خلاف المنقول ، فيقتصر في اللعان على المنقول شرعا الذي هو بدون فصل وخال عن غيره.

(٥) شروع في مستحبات اللعان وسننه وهي أمور :

الأول : أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة ليكون وجهه إليهما كجلوسه لغيره من مواضع الحكم ، والثاني من سنته أن يكون الرجل عن يمينه والمرأة مع وليدها عن يمين الرجل لما رواه البزنطي عن الرضا عليه‌السلام فقال له : (أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال : يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ويجعل الرجل عن يمينه ، والمرأة والصبي عن يساره) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الملاعن والملاعنة كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة يقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه ، ويبدأ بالرجل ثم المرأة) (٢).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ٢ و ٤.


(من يستمع اللعان) (١) ولو أربعة عدد شهود الزنا(وأن يعظه الحاكم قبل كلمة اللعنة (٢) ويخوّفه الله تعالى ويقول له : إن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا ، ويقرأ عليه (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَأَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) الآية (٣) ، وأنّ لعنه لنفسه يوجب اللعنة إن كان كاذبا ونحو ذلك(ويعظها قبل كلمة الغضب) بنحو ذلك (٤).

(وأن يغلّظ بالقول (٥)

______________________________________________________

(١) الثالث من السنن أن يحضر جماعة من أعيان البلد وصلحائه ، فإن ذلك أعظم للأمر ، وليعرف الناس ما يجري عليهما من التفريق المؤبد أو حكم القذف أو ثبوت الزنا ، ولما روي (من أنه حضر اللعان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمرو وابن سهل بن سعد) (١) ، وأقل ما تتأدى الوظيفة بأربعة نفر ، لأن الزنا يثبت بهذا العدد فيحضرون لإثباته وقال في الجواهر : (وإن كان لم أقف له على دليل إلا أن الأمر سهل في المندوبات والآداب والوظائف) انتهى.

(٢) ومن السنن أن يعظ الحاكم الرجل ويخوّفه بعد الشهادات وقبل ذكر اللعن ، وكذا المرأة قبل ذكر الغضب ، وتخويفهما بأن يذكر أن عذاب الآخرة أشدّ من عذاب الدنيا ، ففي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (أن عباد البصري سأل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة فقال : إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ إلى أن قال ـ وقال للزوج : أشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين فيما رميتها به فشهد ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمسك ووعظه ثم قال : اتق الله فإن لعنة الله شديدة ثم قال : أشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين فشهد فأمر به فنحّى ثم قال للمرأة : اشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به فشهدت ثم قال لها : امسكي فوعظها ثم قال لها : اتّقي الله فإن غضب الله شديد ثم قال لها : اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به فشهدت) (٢).

(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٧٧.

(٤) بنحو ما وعظ الرجل.

(٥) تغليظ اللعان بالقول والمكان والزمان جائز بالمعنى الأخص ، وصرح بعضهم كما في المسالك باستحباب التغليظ ، واستظهر الشارح في المسالك استحباب التغليظ بالمكان

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٩٤ و ٣٩٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ١.


وهو (١) تكرار الشهادات أربع مرات (٢) ، وهو (٣) واجب. لكنه أطلق الاستحباب نظرا إلى التغليظ بمجموع الأمور الثلاثة (٤) من حيث هو مجموع ، وبما قررناه (٥) صرح في التحرير.

وأما حمله (٦) على زيادة لفظ في الشهادة ، أو الغضب على نحو ما يذكر في اليمين المطلقة (٧) ، كأشهد بالله الغالب الطالب المهلك ، ونحو ذلك ، فإنه (٨) وإن كان ممكنا أو نصّ عليه ، إلّا أنه يشكل باخلاله (٩) بالموالاة المعتبرة في اللفظ المنصوص (١٠) مع عدم الإذن في تخلل المذكور (١١) بالخصوص (١٢).

(والمكان (١٣)

______________________________________________________

والزمان ، وأما التغليظ بالقول فإن فسّر بأنه تكرار الشهادات أربع مرات كما فسره به العلامة في التحرير فلا ريب في وجوبه بل هو ركن في اللعان ، وإن فسر التغليظ بالقول بذكر ما يناسب من أسماء الله تعالى المؤذنة بالانتقام فهو مستحب كما ثبت استحبابه في يمين الدعاوى.

وأما التغليظ بالمكان والزمان فسيأتي.

(١) التغليظ بالقول.

(٢) كما عن العلامة في التحرير.

(٣) تكرار الشهادات.

(٤) بالقول والمكان والزمان.

(٥) من أن الاستحباب بلحاظ المجموع.

(٦) أي حمل التغليظ بالقول.

(٧) وهي يمين الدعاوى فيذكر فيها ما يناسب من أسماء الله بالانتقام.

(٨) أي التغليظ بالقول المفسّر بالزيادة من أسماء الله الدالة على الانتقام.

(٩) أي بإخلال التغليظ المفسر بالزيادة من أسماء الله تعالى.

(١٠) وهو لفظ اللعان.

(١١) من الزيادة بأسماء الله الدالة على الانتقام.

(١٢) والعجب من الشارح حيث حكم هنا بالإخلال وهو القائل في المسالك : (ولا يخلّ بالموالاة لأنه من متعلقاته) انتهى.

(١٣) المراد بالتغليظ بالمكان أن يجري اللعان في أشرف المواضع في البلد ، كبين الركن والمقام إن كانوا في مكة وهو المسمى بالحطيم ، وفي الروضة وهي ما بين قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنبره إن كان في المدينة ، وفي المسجد الأقصى عند الصخرة إن كانوا في بيت المقدس ، وفي


بان يلاعن (١) بينهما في موضع شريف(كبين الركن) الذي فيه الحجر الأسود ، (والمقام) مقام إبراهيم على نبينا وآله وعليه‌السلام وهو المسمى بالحطيم(بمكة ، وفي الروضة) وهي ما بين القبر الشريف والمنبر(بالمدينة ، وتحت الصخرة في المسجد الأقصى ، وفي المساجد بالأمصار) غير ما ذكر (٢) عند المنبر(أو المشاهد الشريفة) للأئمة والأنبياء عليهما لسلام ان اتفق (٣) ، ولو كانت المرأة حائضا فباب المسجد (٤) فيخرج الحاكم إليها ، أو يبعث نائبا (٥) ، أو كانا ذميين فببيعة أو كنيسة (٦) أو مجوسيين فبيت نار ، لا بيت صنم لوثني إذ لا حرمة له ، واعتقادهم غير مرعي (٧).

______________________________________________________

المسجد الجامع عند المنبر إن كانوا في سائر البلدان ، وفي المشاهد المشرفة إن كانوا في بلادها.

(١) أي الحاكم.

(٢) من مكة والمدينة وبيت المقدس.

(٣) أي اتفق وجود المشاهد المشرفة.

(٤) يجوز اللعان في المساجد والجوامع إذا لم تكن المرأة حائضا ، وإلا فمع حيضها فالأنسب أن يكون لعانها عند باب المسجد لأنها أنسب بالتغليظ.

(٥) فيستوفى منها الشهادة ولا يشترط فيه الاجتهاد ، لأنه ليس هو الحاكم.

(٦) لو كان الزوجان من أهل الذمة فالتغليظ عليهم في المكان بأن يكون لعانهما في المواضع التي يعظمونها كالكنيسة للنصارى والبيعة لليهود ، وقال في المسالك : (وهل يلاعن بين المجوس في بيت النار وجهان ، من أنه ليس له حرمة وشرف بخلاف البيعة والكنيسة ، ومن أن المقصود تعظيم الواقعة وزجر الكاذب عن القذف ، واليمين في الموضع الذي يعظمه الحالف أغلظ ، ويجوز أن يراعى اعتقادهم بشبهة الكتاب كما روي في قبول الجزية ، وأما بيت الأصنام فلا عبرة به في لعان الوثنيين مطلقا ، لأنه لا أصل له في الحرمة عند الله تعالى بخلاف السابق ، واعتقادهم غير مراعى بمجرده فيلاعن بينهم في مجلس الحكم) انتهى ، نعم توقف بعض الشافعية في بيت الصنم لمكان التعظيم عندهم.

(٧) هذا ولم يذكر الشهيدان التغليظ بالزمان ، وهو إيقاعه في وقت شريف كيوم الجمعة ، وبعد العصر منه بالخصوص فإن اليمين الكاذبة حينئذ أغلظ عقوبة ، وقد فسر بما بعد العصر قوله تعالى : (تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ) (١) كما في الخبر (٢).

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ١٠٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من كتاب الوصايا حديث ٦.


(وإذا لا عن الرجل سقط عنه الحد (١) ووجب على المرأة (٢) ، لأن لعانه حجة كالبينة(فإذا أقرت بالزنا ، أو) لم تقر ولكن(نكلت) عن اللعان(وجب عليها) الحد(وإن لا عنت سقط عنها).

(ويتعلق بلعانهما) معا(أحكام أربعة) في الجملة (٣) ، لا في كل لعان (٤) (سقوط الحدين عنهما (٥) ، وزوال الفراش (٦) وهذان ثابتان في كل لعان (٧) (ونفي الولد عن الرجل) ، لا عن المرأة إن كان اللعان لنفيه (٨) (والتحريم المؤبد (٩) وهو

______________________________________________________

(١) أي سقط عنه حد القذف بلا خلاف ولا إشكال ، نعم لا يتعين اللعان على الزوج بعد القذف بل إذا امتنع حدّ كالأجنبي إذا قذف ولم يقم البينة ، وعن أبي حنيفة أن قذف الزوج لا يوجب الحد ولكن يوجب اللعان ، ومع امتناعه يحبس حتى يلاعن ، وحينئذ فاللعان عقوبة حده دون الحد ، وضعفه ظاهر.

(٢) أي وبلعان الرجل يثبت حد الزنا على المرأة ، لأن لعانه بمنزلة إقامة البينة ، ويسقط هذا الحد لعانها كما هو ظاهر قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ) (١) ، بلا خلاف في ذلك ولا إشكال وعن أبي حنيفة أن المرأة لا تحدّ بلعانه بل تحبس حتى تلاعن ، وهو مناف لظاهر الآية المتقدمة.

(٣) في المجموع.

(٤) إذ اللعان تارة لنفي حد القذف وأخرى لنفي الولد ، فكل منهما مختص بحكمه.

(٥) عن الزوجين ، فيسقط حد القذف عن الرجل وحد الزنا عن المرأة كما تقدم.

(٦) أي الخروج عن الزوجية فتبطل الزوجية والتوارث.

(٧) سواء كان للقذف أم لنفي الولد.

(٨) لنفي الولد بحيث إن الولد بعد اللعان لا يدعى لأبيه ، ولكن لا يرمى بأنه ابن زنا ، ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المرأة يلاعنها زوجها ويفرّق بينهما إلى من ينسب ولدها؟ قال : إلى أمه) (٢).

(٩) أي تحرم عليه أبدا ففي خبر ابن الحجاج المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام المتضمن لوقوع اللعان بين رجل وزوجته في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنه قال لهما بعد لعانهما : (لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما) (٣) ، نعم عن بعض العامة أنه لو أكذب نفسه كان له أن يجدد نكاحها ، وعن

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من كتاب اللعان حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب اللعان حديث ١.


ثابت مطلقا (١) كالأولين (٢) ، ولا ينتفى عنه (٣) الحد إلا بمجموع لعانه (٤) ، وكذا المرأة ، ولا تثبت الأحكام أجمع (٥) إلا بمجموع لعانهما.

(و) على هذا(لو اكذب نفسه في أثناء اللعان (٦) وجب عليه حد القذف) ولم يثبت شي‌ء من الأحكام (٧) ، (و) لو اكذب نفسه(بعد لعانه) وقبل لعانها ففي

______________________________________________________

بعض آخر منهم القول ببقائهما على الزوجية ، والأخبار المتقدمة حجة عليهم.

نعم قيل بردّ هذه الأحكام الأربعة إلى ثلاثة ، لأن زوال الفراش يدخل في التحريم المؤبد ، وهو قول ضعيف لأن التحريم المؤبد قد يجامع الفراش كما في المفضاة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالفرقة تحصل ظاهرا وباطنا سواء كان الزوج صادقا أم الزوجة بعد لعانهما خلافا لأبي حنيفة فحكم بعدم حصول الفرقة باطنا مع صدقها وهو ظاهر الضعف لمخالفته للأخبار المتقدمة.

(١) في اللعانين ، والمعنى أن التحريم المؤبد ثابت سواء كان اللعان للقذف أم لنفي الولد.

(٢) من سقوط الحد عنهما وزوال الفراش فإنهما ثابتان لكل لعان.

(٣) عن الرجل.

(٤) من الشهادات واللعن.

(٥) وهي الأحكام الأربعة المتقدمة.

(٦) أو نكل عن اللعان أو نكل عن جزء منه ولو كلمة ثبت عليه الحد ، ولكن لا تثبت الأحكام الأربعة المتقدمة ، لأنها مترتبة على إتمام اللعانين ، وبدونه لا يثبت شي‌ء منها ، ويشهد له صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الرجل يقذف امرأته؟ قال عليه‌السلام : يلاعنها ثم يفرّق بينهما فلا تحلّ له أبدا ، فإن أقرّ على نفسه قبل الملاعنة جلد حدا وهي امرأته) (١) وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن رجل لا عن امرأته فحلف أربع شهادات بالله ثم نكل في الخامسة؟ فقال عليه‌السلام : إن نكل عن الخامسة فهي امرأته وجلد ، وإن نكلت المرأة عن ذلك إذا كان اليمين عليها فعليها مثل ذلك) (٢) ومثلها غيرها وكذا الحكم لو أكذبت المرأة نفسها في أثناء اللعان أو نكلت عنه أو عن جزء منه ثبت عليها الحد ولا تثبت

الأحكام الأربعة المتقدمة.

ثم إن الحد هنا هو الرجم لأنها محصنة ولكن بشرط أن يكون اللعان لقذفها بالزنا ، أما لو نفى الولد ولم يقذفها وجوّز الرجل كون الولد لشبهة لم يلزم عليها الحد ، لعدم موجبه.

(٧) أي الأحكام الأربعة المتقدمة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب اللعان حديث ٢ و ٣.


وجوب الحد عليه(قولان) (١) منشؤهما. من سقوط (٢) الحد عنه بلعانه ، ولم يتجدد منه (٣) قذف بعده (٤) ، فلا وجه لوجوبه (٥) ومن أنه (٦) قد أكد القذف السابق (٧) باللعان ، لتكراره (٨)

______________________________________________________

(١) إذا كذب الرجل نفسه بعد لعانه أو بعد لعانهما فقد ذهب الشيخ في النهاية والتهذيب والمحقق في الشرائع والعلامة في أحد قوليه إلى سقوط الحد عنه لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل لا عن امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعد ما ولدت وزعم أنه منه قال : يردّ إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضى التلاعن) (١) ، وصحيحه الآخر (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لا عن امرأته وهي حبلى قد استبان حملها وأنكر ما في بطنها ، فلما وضعت ادّعاه وأقرّ به وزعم أنه منه فقال : يردّ إليه ولده ويرثه ولا يجلد ، لأن اللعان قد مضى) (٢) ، ويؤيده أن الحد قد سقط بلعانه ، ولم يوجد سبب آخر للحدّ إلا تكذيبه نفسه وهو تنزيه لها فلا موجب للحد حينئذ.

وعن الشيخ في المبسوط والمفيد في المقنعة والعلامة في القواعد والشارح في المسالك عدم السقوط لخبر محمد بن فضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن رجل لا عن امرأته وانتفى من ولدها ثم أكذب نفسه هل يردّ عليه ولده؟ فقال : إذا أكذب نفسه جلد الحدّ ، وردّ عليه ابنه ولا ترجع إليه امرأته أبدا) (٣)مؤيدا أنه باللعان أكد القذف لتكراره ، ومؤيدا أيضا بأن الحد قد ثبت عليه بالقذف قبل اللعان فيستصحب إلى أن يعلم المزيل ولا يعلم زواله بلعان ظهر كذبه ، لأن النصوص السابقة الدالة على سقوط الحد باللعان ، إنما هي دالة على سقوطه باللعان الذي هو صادق فيه أو مع اشتباه الحال لا مع كذبه كما هو مفروض في المقام.

وبعد هذا كله فلا بد من ترجيح القول الأول لصحة سند بعض رواياته ، وهو صحيح الحلبي المتقدم.

(٢) دليل لعدم وجوب الحد على الرجل فيما لو أكذب نفسه بعد لعانه.

(٣) من الرجل.

(٤) بعد اللعان.

(٥) أي لوجوب الحد.

(٦) دليل لوجوب الحد على الرجل فيما لو أكذب نفسه بعد لعانه.

(٧) أي السابق على اللعان.

(٨) أي لتكرار الرجل القذف في اللعان.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من كتاب اللعان حديث ٢ و ٤ و ٦.


إياه فيه ، والسقوط (١) إنما يكون مع علم صدقه (٢) ، أو اشتباه حاله ، واعترافه بكذبه (٣) ينفيهما (٤) ، فيكون لعانه قذفا محضا فكيف يكون مسقطا.

(وكذا) القولان (٥) لو اكذب نفسه(بعد لعانهما (٦) لعين ما ذكر في الجانبين(٧).

والأقوى ثبوته (٨) فيهما (٩) لما ذكر (١٠) ، ولرواية محمد بن الفضيل عن الكاظم عليه‌السلام أنه سأله عن رجل لا عن امرأته وانتفى من ولدها ثم اكذب نفسه هل يرد عليه ولده. قال : «إذا اكذب نفسه جلد الحد وردّ عليه ابنه ، ولا ترجع إليه امرأته أبدا» لكن لو كان رجوعه (١١) بعد لعانهما (١٢)

______________________________________________________

(١) أي سقوط الحد.

(٢) أي صدق الرجل في لعانه.

(٣) بكذب اللعان.

(٤) أي ينفي الصدق واشتباه الحال.

(٥) من سقوط الحد وعدم سقوطه.

(٦) لعان الزوجين.

(٧) أي جانبي السقوط وعدمه في الفرع المتقدم.

(٨) ثبوت الحد.

(٩) في الفرعين السابقين فيما لو أكذب نفسه بعد لعانه أو بعد لعانهما.

(١٠) أي لما ذكر سابقا من دليل عدم السقوط.

(١١) أي تكذيب نفسه ورجوعه عن القذف.

(١٢) هذا واعلم أن الأحكام الأربعة المتقدمة من سقوط الحدين وزوال الفراش والتحريم المؤبد ونفي الولد لا تثبت إلا بعد لعانهما فلو أكذب نفسه بعد لعانه فلا يثبت شي‌ء منها ، غايته أن قذفه موجب للحد فهل لعانه الذي أكذب نفسه فيه موجب للسقوط أو لا وقد تقدم الكلام فيه.

وعلى فرض تحقق لعانهما فتثبت الأحكام الأربعة المتقدمة ولكن لو أكذب نفسه بعد لعانهما ، فهل يعود الحد أو لا قد تقدم الكلام فيه ، ولكن لا يعود الفراش ولا يرتفع التحريم بلا خلاف ولا إشكال ، وقد ورد ما يدل عليه في ذيل خبر محمد بن فضيل ، ولكن بعد ما أكذب نفسه بعد لعانهما فقد اعترف بالولد فيؤخذ بمقتضى إقراره ، ولكن فيما عليه لا فيما له ، لإقراره أولا بالانتفاء منه ، فلذا يرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من


(لا يعود الحل (١) ، للرواية (٢) ، وللحكم بالتحريم شرعا (٣) ، واعترافه لا يصلح لإزالته(ولا يرث (٤) الولد) لما ذكر (٥) (وإن ورثه الولد) ، لأن (٦) اعترافه (٧) اقرار في حق نفسه بإرثه منه (٨) ، ودعوى ولادته (٩) قد انتفت شرعا (١٠) فيثبت اقراره على نفسه ولا تثبت دعواه على غيره (١١) ، وكذا لا يرث الولد أقرباء الأب ولا يرثونه إلا مع تصديقهم على نسبه في قول ، لأن الإقرار (١٢) لا يتعدى المقر.

(ولو اكذبت) المرأة(نفسها بعد لعانها (١٣) فكذلك) لا يعود الفراش ولا

______________________________________________________

يتقرب بالأب وترثه الأم ومن يتقرب بها على ما حرر في كتاب الإرث.

(١) أي لا يعود الفراش ، ولا ترجع امرأته إليه.

(٢) أي رواية محمد بن الفضيل.

(٣) بعد لعانهما فيستصحب إلى أن يثبت المزيل ، وتكذيبه نفسه ليس مزيلا لعدم الدليل عليه.

(٤) أي لا يرث الرجل الولد.

(٥) للحكم بعدم إرثه من الولد شرعا بعد لعانهما فيستصحب.

(٦) تعليل لإرث الولد منه.

(٧) أي اعتراف الرجل بالولد بعد لعانهما.

(٨) أي بإرث الولد منه ، فيؤخذ بمقتضى إقرار فيما هو عليه ، لا فيما هو له.

(٩) أي ودعوى الرجل ولادة الولد منه.

(١٠) بعد لعانهما.

(١١) بأن الولد منه حتى يرث الرجل ولده.

(١٢) تعليل لعدم إرث الولد من أقارب الرجل.

(١٣) لما كان لعانها بعد لعانه فلو أكذبت نفسها بعد لعانها فهي أكذبت نفسها بعد لعانهما ، فلا ترتفع الأحكام الأربعة المتقدمة التي ثبتت بعد لعانهما ، هذا ولا يجب عليها الحد حينئذ بدعوى أن تكذيب نفسها إقرار بالزنا ، لأن حد الزنا لا يثبت على المقرّ إلا أن يقرّ به أربع مرات بلا خلاف في ذلك.

نعم لو أقرت به أربع مرات بعد لعانهما فهل يثبت الحد كما هو الأشهر لعموم ما دل على وجوب الحد على من أقرّ أربعا وهو مكلف حرّ مختار ، أو لا يثبت الحد كما هو قول الشيخ في النهاية وابن إدريس وابن سعيد ، لأنها أقرت بزنا سقط حده باللعان لقوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ) (١) ومقتضى إطلاقه عدم عود الحد وإن أقرت بموجبه بعد ذلك أربع مرات.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٨.


يزول التحريم(ولا حد عليها) بمجرد اكذابها نفسها ، لأنه (١) اقرار بالزنا وهو (٢) لا يثبت(إلا أن تقر أربعا) كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، فإذا أقرت أربعا حدّت(على خلاف) في ذلك (٣) منشؤه ما ذكرناه ، من أن الاقرار (٤) بالزنا أربعا من الكامل الحر المختار يثبت حده (٥). ومن (٦) سقوطه (٧) بلعانهما لقوله تعالى : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ) الآية فلا يعود (٨) (ولو قذفها) الزوج(برجل) معيّن(وجب عليه (٩) حدان) أحدهما لها. والآخر للرجل ، لأنه (١٠) قذف لاثنين(وله (١١) إسقاط حدها باللعان) ، دون حد الرجل.

(ولو أقام بينة) بذلك (١٢) (سقط الحدان) كما يسقط حد كل قذف بإقامة

______________________________________________________

(١) أي إكذابها نفسها.

(٢) أي الإقرار بالزنا مرة لا يثبت الحد.

(٣) في الحد عند إقرارها أربعا.

(٤) دليل لثبوت الحد بإقرارها أربعا.

(٥) أي حد الزنا.

(٦) دليل لعدم ثبوت الحد بإقرارها أربعا.

(٧) أي سقوط حد الزنا.

(٨) أي فلا يعود حد الزنا ولو أقرت به أربعا بعد ذلك للإطلاق.

(٩) على الزوج ، هذا واعلم أنه إذا قذف امرأته برجل على وجه قد نسبهما إلى الزنا بأن قال : زنيت بفلان ، كان عليه حدان لأنه قذف لهما ، ولكن له إسقاط حد الزوجة باللعان ولا يسقط حد الرجل ، بلا فرق بين أن يذكر الرجل في شهادات اللعان وعدمه ، بأن قال : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا بفلان ، وعدمه لأن اللعان بالنسبة إلى إسقاط حد القذف المختص بالزوجة فيبقى حكم قذف الرجل باقيا على أصله من الثبوت خلافا لبعض العامة حيث أسقط حد الرجل مع ذكره في لعان الزوج لزوجته ، بدعوى أن اللعان حجة في ذلك الزنا في طرف المرأة فكذا في طرف الرجل ، لأن الواقعة واحدة ، وضعفه ظاهر مما تقدم ، نعم لو أقام بينة سقط الحدان معا ، لأن البينة حجة مطلقا بخلاف اللعان فإنه حجة لإسقاط حد القذف بالنسبة للزوجة فقط.

(١٠) أي قذفها برجل معيّن.

(١١) للزوج.

(١٢) بزناها برجل معيّن.


البينة بالفعل المقذوف به ، وكذا يسقط الحد لو عفى مستحقّه (١) ، أو صدّق (٢) على الفعل ، لكن إن كانت هي المصدقة (٣) ، وهناك نسب لم ينتف بتصديقها (٤) ، لأنه (٥) اقرار في حق الغير (٦).

وهل له (٧) أن يلاعن لنفيه (٨) قولان. من (٩) عموم ثبوته (١٠) لنفي الولد ، وكونه (١١) غير متصور هنا (١٢) ، إذ لا يمكن للزوجة أن تشهد بالله إنه لمن الكاذبين بعد تصديقها إياه (١٣). نعم لو صادقته على أصل الزنا ، دون كون الولد منه (١٤) توجه اللعان منها (١٥) ،

______________________________________________________

(١) أي مستحق الحد كما حرر في باب الحدود.

(٢) أي صدّق المقذوف.

(٣) إذا قذفها فأقرت قبل اللعان لزمها الحد إن أقرت أربعا ، ولا حدّ على الزوج لتصديقها ، ولكن لو كان هناك نسب لم ينتف إلا باللعان ، ويجوز للزوج أن يلاعن لنفيه ، لأن تصادق الزوجين على الزنا لا ينفي النسب ، إذ النسب ثابت بالفراش وهي فراش للزوج ، وهذا ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط.

وعن المحقق والعلامة في القواعد التردد في اللعان لنفي الولد ، لأن اللعان هنا غير مقصور ، لأن الزوجة لا يمكنها أن تقول : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين في نفي الولد عنه مع تصديقها لزوجها على أنها زنت وأن الولد من الزنا ، فإن ذلك هو مفروض المسألة.

نعم يتجه اللعان على تصديقها له على الزنا دون تولد الولد منه.

(٤) أي تصديق الزوجة فيما ادعاه الزوج من الزنا.

(٥) أي تصديقها على زناها القاضي في نفي الولد عن الزوج.

(٦) أي في حق الولد.

(٧) للزوج.

(٨) نفي الولد بعد تصديقها على أنها زنت ، وأن الولد من الزنا.

(٩) دليل لجواز لعان الزوج على نفي الولد.

(١٠) ثبوت اللعان.

(١١) أي كون اللعان وهو دليل على عدم جواز لعان الزوج لنفيه.

(١٢) في صورة تصديقها على أنها زنت وأن الولد من الزنا.

(١٣) أي بعد تصديقها للزوج فيما قذفها به من أن الولد ليس منه لأنها قد زنت برجل معين.

(١٤) من الزنا.

(١٥) من الزوجة.


لإمكان شهادتها بكذبه (١) في نفيه وإن ثبت زناها.

(ولو قذفها فماتت قبل اللعان سقط اللعان (٢) ،

______________________________________________________

(١) أي بكذب الزوج في نفي الولد عنه ، فيكون فائدة لعانها مجرد تكذيبه في نفيه.

(٢) قد تقدم أنه بلعانه يسقط حد القذف منه ويثبت حد الزنا عليها ، وتقدم أنه بلعانهما يسقط الحدان وينفى الولد عن الرجل ويزول الفراش ويثبت التحريم المؤبد.

وعليه فلو ماتت قبل لعانه لم يسقط حد القذف عنه ، وعليه الحد للوارث بناء على أن حد القذف يورّث لعموم أدلة الإرث ، من غير احتياج إلى لعان الوارث ، ولكن لعان الرجل لا ينفي الميراث لبقاء علقة الزواج بينهما فيرثها بعد لعانه ، ولا ينتفي الولد عنه ، لأن زوال الفراش ونفي الولد مترتبان على التلاعن من الجانبين ، وهو لم يحصل بسبب موتها.

وعن الشيخ في النهاية والقاضي ابن البراج وابن حمزة أنه إذا قام رجل من أهلها فلا عنه أيضا سقط الحد عن الرجل وسقط إرثه لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل قذف امرأته وهي في قرية من القرى ، فقال السلطان : ما لي بهذا علم ، عليكم بالكوفة ، فجاءت إلى القاضي لتلاعن فماتت قبل أن يتلاعنا فقالوا هؤلاء لا ميراث لك ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه فلا ميراث له ، وإن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها) (١) وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم‌السلام (في رجل قذف امرأته ثم خرج فجاء وقد توفّيت قال : يخيّر واحدة من اثنتين ، يقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب فيقام عليك الحد ومعطى الميراث ، وإن شئت أقررت فلا عنت أدنى قرابتها إليها ولا ميراث لك) (٢) والخبران ضعيفان ، الأول بالإرسال والثاني برجال الزيدية في سنده مع عدم الجابر لهما ، مع أن الأصل أن لا يقوم غير الزوجة مقامها في اللعان ، ولأن الأصل في الميراث ثبوته بالموت فلا يزول بلعان الرجل وحده ، بالإضافة إلى أن لعان الوارث متعذر غالبا ، لتعذر القطع من الوارث على نفي فعل غيره ، مع عدم كفاية لعانه على نفي العلم إذ يشترط اللعان على نفي الفعل فضلا عن أن الاجتزاء بأي وارث كان مع التعدد ترجيح بلا مرجح.

نعم بعض ما تقدم من الأدلة ضعيف ، لأنه يمكن اطلاع الوارث على عدم فعل الغير حيث يكون الفعل محصورا بأن يدعي عليها أنها زنت في ساعة كذا بفلان ، وقد كان

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب اللعان حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب اللعان حديث ٢.


لتعذره (١) بموتها(وورثها (٢) ، لبقاء الزوجية(وعليه الحد للوارث) بسبب القذف ، لعدم تقدم مسقطه (٣) (وله (٤) أن يلاعن لسقوطه) وإن لم يكن بحضور الوارث ، لأنه (٥) إما شهادات ، أو أيمان. وكلاهما لا يتوقف على حياة المشهود عليه ، والمحلوف لأجله ، ولعموم (٦) الآية وقد تقدم : إن لعانه يسقط عنه الحد ، ويوجب الحد عليها ، ولعانهما يوجب الأحكام الأربعة فإذا انتفى الثاني (٧) بموتها بقي الأول (٨) خاصة فيسقط الحد (٩) (ولا ينتفي الارث بلعانه بعد الموت) كما لا تنتفي الزوجية بلعانه قبله (١٠) (إلا على رواية أبي بصير) عن الصادق عليه‌السلام قال : «إن قام رجل من أهلها فلا عنه فلا ميراث له ، وإن أبى أحد منهم فله الميراث» ، ومثله روى عمرو بن خالد عن زيد عن آبائه عليه‌السلام ، وبمضمونها عمل جماعة.

والروايتان مع إرسال الأولى ، وضعف سند الثانية مخالفتان للأصل من حيث (١١) إن اللعان شرّع بين الزوجين فلا يتعدى ، وإن لعان الوارث متعذر ، لأنه (١٢)

______________________________________________________

الوارث ملازما لها أو للمنسوب إليه في تلك الساعة على وجه يعلم انتفاء الفعل ، كما في نظائره من الشهادات على النفي المحصور ، وبأن المعتبر لعان واحد من طرف الزوجة فيكتفي بلعان واحد من الورّاث ، ومع التعدد يتخيّر الوارث إن بذل الجميع أو يقرع بينهم مع التشاح ، ومع كل هذا فهي تصلح مؤيدا.

(١) أي اللعان.

(٢) أي الزوج.

(٣) أي مسقط حد القذف.

(٤) للزوج.

(٥) أي اللعان.

(٦) دليل ثان على جواز اللعان وإن لم يكن بحضور الوارث.

(٧) وهو لعانهما.

(٨) وهو لعانه.

(٩) أي يسقط حد القذف بسبب لعانه.

(١٠) قبل الموت.

(١١) بيان للأصل ومفاده أن الأصل عدم قيام غير الزوجة مقامها في اللعان.

(١٢) لأن الوارث.


إن أريد مجرد حضوره (١) فليس بلعان حقيقي ، وأن اريد ايقاع الصيغ المعهودة من الزوجة فبعيد ، لتعذر (٢) القطع من الوارث على نفي فعل غيره غالبا ، وايقاعه (٣) على نفي العلم تغيير للصورة المنقولة (٤) شرعا ، ولأن (٥) الارث قد استقر بالموت فلا وجه لإسقاط اللعان المتجدد له (٦).

(ولو كان الزوج أحد الأربعة) الشهود بالزنا(فالأقرب حدها (٧) لأن شهادة

______________________________________________________

(١) بدون تلفظه بالشهادات والغضب.

(٢) وجه الاستبصار.

(٣) أي إيقاع اللعان من الوارث.

(٤) أي تغيير لصورة اللعان المنقولة شرعا ، إذا المنقول هو لعانها على نفي الفعل المنسوب إليها.

(٥) أي والأصل يقتضي أن الإرث.

(٦) للإرث.

(٧) لو شهد أربعة على المرأة بالزنا ، أحدهم الزوج ففي ثبوت حد الزنا عليها بشهادتهم قولان ، فعن الأكثر أنها تحد ، وحدها هنا الرجم لأنها محصنة لخبر إبراهيم بن نعيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا ، أحدهم زوجها ، قال : تجوز شهادتهم) (١).

ويؤيده قوله تعالى في آية اللعان (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ) (٢) ، وهو مشعر بأن نفسه شاهد أيضا لو حصل معه تمام العدد.

وعن الصدوق وابن البراج وجماعة أنها لا تحدّ ، بل يحدّ الشهود. الثلاثة ويلاعن الزوج لخبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها ، قال : يلاعن الزوج ويجلّد الآخرون) (٣) ، ويؤيده قوله تعالى : (لَوْ لٰا جٰاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ) (٤) بناء على رجوع الضمير في (جاءوا) إلى القاذفين ومنهم الزوج ، ولذا لا يقال : جاء الإنسان بنفسه ، فلا بدّ من أربعة شهود غير الزوج القاذف.

والشيخ وجماعة حملوا الخبر الثاني على اختلال بعض شرائط قبول شهادتهم ، وهو ليس

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب اللعان حديث ١.

(٢) سورة النور ، الآية : ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب اللعان حديث ٢.

(٤) سورة النور ، الآية : ١٣.


الزوج مقبولة على زوجته(إن لم تختل الشرائط) المعتبرة في الشهادة (١) (بخلاف ما إذا سبق الزوج بالقذف) فإن شهادته ترد لذلك (٢) ، وهو (٣) من جملة اختلال الشرائط ، (أو اختلّ غيره (٤) من الشرائط) كاختلاف كلامهم في الشهادة ، أو أدائهم الشهادة مختلفي المجلس ، أو عداوة أحدهم لها ، أو فسقه ، أو غير ذلك(فإنها (٥) حينئذ (٦) (لا تحدّ) ، لعدم اجتماع شرائط ثبوت الزنا(ويلاعن الزوج) لإسقاط الحد عنه بالقذف ، (وإلا) يلاعن(حدّ) ، ويحد باقي الشهود للفرية.

واعلم أن الأخبار ، وكلام الأصحاب اختلف في هذه المسألة فروى إبراهيم بن نعيم عن الصادق عليه‌السلام جواز شهادة الأربعة الذين أحدهم الزوج ، ولا معنى للجواز هنا (٧) إلا الصحة التي يترتب عليها (٨) أثرها ، وهو (٩) حد المرأة ، وعمل

______________________________________________________

قولا آخر بل هو عين القول الأول ضرورة عدم الخلاف في عدم السماع مع اختلال الشرائط.

نعم عن السرائر والوسيلة والجامع الجمع بين الخبرين المتقدمين بأنه إذا سبق الزوج بالقذف فلا بد من أربعة شهداء غيره ، لأنه بالقذف ترد شهادته ولذا قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً وَلٰا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهٰادَةً أَبَداً وَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ) (١) ، بل الآية صريحة أنه مع قذفه لا بد من شهادة أربعة ليس الزوج واحدا منهم وأما إذا لم يسبق الزوج بالقذف فيكفي ثلاثة غيره ويكون الزوج رابعا وعليه يحمل خبر قبول شهادتهم.

(١) أي في قبولها.

(٢) للقذف.

(٣) قذف الزوج لزوجته.

(٤) غير قذف الزوج.

(٥) أي الزوجة.

(٦) حين اختلال الشرائط.

(٧) أي في الشهادة.

(٨) على شهادة الأربعة.

(٩) الأثر.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٤.


بها جماعة (١) ، ويؤيدها قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ) فإن ظاهرها (٢) أنه (٣) إذا كان غيره (٤) فلا لعان ، وقوله تعالى (وَاللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) (٥) فإن الظاهر كون الخطاب للحاكم ، لأنه (٦) المرجع في الشهادة فيشمل (٧) الزوج وغيره (٨) ، وروى زرارة عن أحدهما عليه‌السلام في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها قال : «يلاعن ويجلد الآخرون» وعمل بها الصدوق وجماعة ، ويؤيدها قوله تعالى : (لَوْ لٰا جٰاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ) (٩).

والمختار القبول (١٠) ،

ويمكن الجمع بين الروايتين مع تسليم أسنادهما بحمل الثانية (١١) على اختلال شرائط الشهادة كسبق الزوج بالقذف ، أو غيره كما نبه عليه المصنف بقوله : إن لم تختل الشرائط ، وأما تعليلها (١٢) بكون الزوج خصما لها فلا تقبل شهادته عليها ، فهو (١٣) في حيز المنع.

______________________________________________________

(١) بل هو الأكثر.

(٢) أي الآية.

(٣) أي الزوج.

(٤) أي إذا كان غيره متمما للعدد.

(٥) سورة النساء ، الآية : ١٥.

(٦) أي الحاكم.

(٧) أي ظاهر الآية.

(٨) بخلاف ما لو كان الخطاب للأزواج فلا بدّ من أربعة ليس هو منهم.

(٩) سورة النور ، الآية : ١٣ ، وهي ظاهرة في لابدية الأربعة من غير الزوج.

(١٠) قبول شهادتهم وإن كان الزوج واحدا عنهم.

(١١) وهي رواية زرارة الدالة على رد شهادتهم.

(١٢) أي تعليل رواية زرارة الدالة على رد شهادتهم ، لعدم قبول شهادة الزوج في حقها ، لأنه خصم لها حين شهادته عليها ، وشهادة الخصم غير مقبولة على خصمه هذا والتعليل من ابن البراج ليس في محله ، لأنه لا بدّ أن يكون خصما لها قبل شهادته لا بسبب شهادته.

(١٣) أي التعليل.


كتاب العتق



(كتاب العتق (١)

وهو لغة الخلوص ، ومنه (٢) سميت جياد الخيل عتاقا (٣) ، والبيت الشريف عتيقا (٤). وشرعا (٥) خلوص المملوك الآدمي ، أو بعضه من الرق ، وبالنسبة (٦) إلى

______________________________________________________

(١) العتق ـ بالكسر على ما قيل ـ هو الحرية ، وبالفتح مصدر كالإعتاق ، ويقال : عتق العبد أي خرج عن الرق فهو عتيق ، وقال الشارح هنا وفي المسالك تبعا للفاضل في التحرير بأنه لغة هو الخلوص ، ومنه سمي البيت الشريف عتيقا لخلوصه من أيدي الجبابرة ، والخيل الجياد عتاقا ، وشرعا خلوص المملوك الآدمي أو بعضه من الرق بالنسبة إلى مطلق العتق ، وبالنسبة إلى المباشرة ـ التي هي مقصود الكتاب ـ تخليص الآدمي أو بعضه من الرق منجّزا بصيغة مخصوصة.

وعلّق صاحب الجواهر عليه بأنه لم يجد المعنى المزبور فيما حضره من كتب اللغة المتقدمة عليهما ، بل نقل عن الصحاح أن وصف البيت بالعتيق لقدمه ، والخيل بالعتاق لجودتها وأن من معاني العتق الحرية ، ولذا فسّر العتق بالحرية الفاضل المقداد في التنقيح.

(٢) أي ومن الخلوص.

(٣) من الهجنة.

(٤) لخلوصه من أيدي الجبارة ، أو لتخلصه من الطوفان.

(٥) أي والعتق شرعا هو خلوص المملوك الآدمي أو بعضه من الرق ، سواء كان خلوصه قهريا كما لو نكّل به مولاه أو ملكه أحد أبنائه ، أو كان اختياريا كما لو باشر مولاه عتقه بالصيغة المخصوصة ، وهذا بالنسبة إلى مطلق العتق.

(٦) عطف على المعنى الشرعي للعتق ، غير أن المتقدم بالنسبة لمطلق العتق ، وهذا بالنسبة


عتق المباشرة المقصود بالذات من الكتاب (١) تخلص المملوك الآدمي ، أو بعضه من الرق منجزا (٢) بصيغة مخصوصة.(وفيه أجر عظيم (٣) قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) : «من

______________________________________________________

لمباشرة العتق من المولى ، وهو من باب عطف الخاص على العام ، والمباشرة المذكورة هي مقصود كتاب العتق.

(١) أي كتاب العتق.

(٢) أي فعلا.

(٣) اتفق المسلمون على فضل العتق خصوصا في يوم عرفة وعشيتها ، ففي خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يستحب للرجل أن يتقرب إلى الله عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة) (١) ، وفي خبر زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده) (٢) ، وفي خبر إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه رفعه قال : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعتق مؤمنا أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار ، فإن كانت أنثى أعتق الله بكل عضوين منها عضوا منه من النار ، لأن المرأة بنصف الرجل) (٣) ، وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعتق مسلما أعتق الله العزيز الجبار بكل عضو منه عضوا منه النار) (٤) ، وفي صحيح حفص البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يعتق المملوك قال : يعتق الله عزوجل بكل عضو منه عضوا من النار) (٥).

ففي بعضها قد ذكر المملوك ، وفي آخر المسلم وفي ثالث المؤمن ، ومن الممكن الجمع بينها فيكون الجزاء المذكور وهو الفكاك من النار مترتبا على عتق المؤمن.

وهذا لا يقلّل من استحباب مطلق العتق لقوله تعالى : (فَكُّ رَقَبَةٍ) (٦) ، ولأنه قد جعله الله كفارة لقتل المؤمن ولغيره ، ولما فيه من تخليص الآدمي المعصوم الدم من ضرر الرق ، ولما فيه من تمليك الرق منافعه وتكميل أحكامه.

(٤) كما في مرفوع ابن أبي البلاد المتقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب العتق حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب العتق حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٦) سورة البلد ، الآية : ١٣.


أعتق مؤمنا أعتق الله العزيز الجبّار بكلّ عضو عضوا له من النار فإن كان أنثى اعتق الله العزيز الجبّار بكلّ عضوين منها عضوا من النار لأن المرأة نصف الرجل». وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : «من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار» ، ولما فيه من تخليص الآدمي من ضرر الرق وتملكه منافعه ، وتكمّل أحكامه.

ويحصل العتق باختيار سببه (٢) ، وغيره (٣).

فالأول (٤) بالصيغة (٥) المنجزة (٦) ، والتدبير ، والكتابة ، والاستيلاد ، وشراء الذكر أحد (٧) العمودين ، أو المحارم (٨) من النساء ، والأنثى (٩) أحد العمودين ، وإسلام المملوك في دار الحرب قبل مولاه (١٠) مع خروجه منها (١١) قبله ، وتنكيل المولى به (١٢).

______________________________________________________

هذا إذا كان المعتق ذكرا ، وأما لو كان أنثى فالظاهر من العلة المذكورة أنه يعتق من النار العضو في قبال العضو ، ويؤيده مرسل محمد بن جمهور عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن فاطمة بنت أسد قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما : إني أريد أن أعتق جاريتي هذه ، فقال لها : إن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك من النار) (١).

(١) كما في خبر غوالي اللئالي (٢).

(٢) أي سبب العتق.

(٣) أي غير الاختيار.

(٤) وهو حصول العتق باختيار سببه.

(٥) وهو عتق المباشرة.

(٦) أي غير المعلّقة.

(٧) من أبويه وأبنائه.

(٨) عطف على أحد العمودين ، والمعنى وشراء الذكر المحارم من النساء كالأخت والعمة والخالة.

(٩) عطف على الذكر ، والمعنى وشراء الأنثى أحد العمودين.

(١٠) أي قبل إسلام مولاه.

(١١) أي مع خروج المملوك من دار الحرب قبل خروج مولاه.

(١٢) كقطع المولى أنف عبده أو أذنه ، وسيأتي كل في بابه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب العتق حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب العتق حديث ١٣.


والثاني (١) بالجذام ، والعمى ، والإقعاد ، وموت المورّث (٢) ، وكون أحد الأبوين حرا إلا أن يشترط رقه (٣) على الخلاف. وهذه الأسباب ، منها تامة في العتق ، كالاعتاق بالصيغة ، وشراء القريب ، والتنكيل ، والجذام والإقعاد.

ومنها ناقصة تتوقف على أمر آخر ، كالاستيلاد (٤) لتوقفه (٥) على موت المولى وأمور أخر ، والكتابة لتوقّفها على أداء المال ، والتدبير لتوقفه على موت المولى ، ونفوذه (٦) من ثلث ماله ، وموت (٧) المورث ، لتوقفه (٨) على دفع القيمة إلى مالكه ، وغيره مما يفصّل في محله إن شاء الله تعالى.

ويفتقر الأول (٩) إلى صيغة مخصوصة ، (وعبارته الصريحة التحرير (١٠) مثل)

______________________________________________________

(١) وهو حصول العتق بغير اختيار سببه.

(٢) أي موت مورّث العبد فينعتق جبرا كما سيجي‌ء.

(٣) أي رق الولد ، وقد تقدم في كتاب نكاح العبيد والإماء.

(٤) فهو لا يوجب عتق الأمة ما لم ينضم إليه موت المولى ، وبقاء ولدها حيا.

(٥) أي توقف الاستيلاد المؤثر في العتق.

(٦) أي نفوذ تدبير المولى.

(٧) عطف على التدبير والكتابة والاستيلاد.

(٨) أي توقف موت المورّث المؤثر في عتق الوارث.

(٩) وهو العتق بالصيغة المنجزة ، هذا واعلم أنه لا بد لوقوع العتق من صيغة تدل عليه كغيره من الأحكام المتوقف وقوعها على الصيغ الخاصة.

(١٠) قد اتفق الأصحاب ـ كما في المسالك ـ على وقوع العتق بصيغة التحرير ، كأن يقول : أنت أو هو أو فلان حر ، وقد استعمل لفظ التحرير في العتق صراحة في قوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) (١).

واتفقوا أيضا على عدم وقوع العتق بالكناية المحتملة له ولغيره ، وإن قصد العتق بها ، كقوله : فككت رقبتك أو أنت سائبة أو لا سبيل لي عليك ونحو ذلك ضرورة كون المدار على ما ثبت من النصوص في إنشاء العتق ، ولم يثبت فيها ما يدل على كفاية الكناية فضلا عن اشتراط اللفظ الصريح في العتق ، لأنه إيقاع لازم ، والكناية غير صريحة ، ومنه

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ٩٢.


(أنت) مثلا ، أو هذا ، أو فلان(حر). ووقوعه بلفظ التحرير موضع وفاق ، وصراحته فيه (١) واضحة. قال الله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) (وفي قوله : أنت عتيق ، أو معتق خلاف) منشؤه الشك في كونه (٢) مرادفا للتحرير ، فيدل عليه (٣) صريحا أو كناية (٤) عنه فلا يقع به.

(والأقرب وقوعه) به (٥) ، لغلبة استعماله فيه (٦) في اللغة ، والحديث (٧) ، والعرف. وقد تقدم بعضه (٨) ، واتفق الأصحاب على صحته (٩) في قول السيد لأمته : اعتقتك وتزوجتك (١٠) الخ.

______________________________________________________

تعرف ضعف ما عن العامة من كفاية الكناية.

نعم اختلفوا في لفظ الإعتاق كقوله : اعتقتك ومنشؤه ورود لفظ الإعتاق في بعض النصوص الواردة في العتق كما تقدم في كتاب النكاح فيمن قال لأمته : أعتقتك وتزوجتك (١) ، وما ورد (لا عتق إلا ما أريد به وجه الله تعالى) (٢) وما ورد (لا عتق إلا ما طلب به وجه الله عزوجل) (٣) ، ولأن الإعتاق دال على العتق لغة وعرفا وشرعا فضلا عن استعماله الكثير في ذلك ولازمه القطع بوقوعه به ، لأن الإعتاق صريح فيه ، ومنه تعرف ضعف التردد عن المحقق في الشرائع بدعوى احتمال كونه كناية عن العتق.

(١) أي وصراحة التحرير في العتق.

(٢) كون الإعتاق.

(٣) أي فيدل الإعتاق على العتق صريحا ولازمه وقوعه به.

(٤) عطف على قوله (مرادفا) والمعنى والشك في كون الإعتاق كناية عن العتق ، فلا يقع به.

(٥) أي والأقرب وقوع العتق بالإعتاق.

(٦) أي لغلبة استعمال الإعتاق في العتق.

(٧) كالخبر المتقدم (لا عتق إلا ما أريد به وجه الله تعالى) (٤).

(٨) أي قد تقدم بعض استعمال الإعتاق في العتق في نكاح العبيد والإماء.

(٩) أي صحة العتق بالإعتاق.

(١٠) وجعلت مهرك عتقك.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب العتق حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.


(ولا عبرة بغير ذلك (١) من الألفاظ) التي لم توضع له (٢) شرعا(صريحا كان) في إزالة الرق(مثل أزلت عنك الرق ، أو فككت رقبتك ، أو كناية عنه (٣) تحتمل غير العتق(مثل أنت) بفتح التاء(سائبة (٤) ، أو لا ملك لي عليك ، أو لا سلطان ، أو لا سبيل ، أو أنت مولاي (٥) ، ويدخل في غير ذلك (٦) ما دل على الاعتاق بلفظ الماضي (٧) الذي يقع به (٨) غيره (٩) كأعتقتك. بل الصريح (١٠) محضا كحررتك.

وظاهرهم عدم وقوعه (١١) بهما (١٢)

______________________________________________________

(١) أي بغير التحرير والإعتاق ، هذا واعلم أن المعتبر في إنشاء العتق كون اللفظ صريحا فيه وقد ورد النص فيه ، فلو كان صريحا ولم يرد فيه نص ، مثل أزلت عنك الرق ، أو ورد فيه نص ولم يكن صريحا كقوله فككت رقبتك ، فلا يقع العتق بهما ، أما الأول فلأن أسباب العتق توقيفية لأنه عبادة أو شبههما لاشتراط قصد التقرب فيه ، وما كان عبادة يكون توقيفيا فيقتصر فيها على المنصوص ، وأما الثاني فلأن العتق لازم فيقتصر فيه على اللفظ الصريح ، وإن استعمل في العتق في النصوص كما هو المفروض ، إلا أن الاستعمال أعم من الحقيقة.

(٢) للعتق.

(٣) والمعنى أو كان اللفظ كناية عن العتق.

(٤) قال ابن الأثير في نهايته : (قد تكرر في الحديث ذكر السائبة والسوائب ، كان الرجل إذا أعتق عبدا يقال : هو سائبة فلا عقل بينهما ولا ميراث) انتهى.

(٥) المولى يأتي بمعنى السيد ويأتي بمعنى المعتق.

(٦) المراد من (غير ذلك) ما ورد في عبارة الماتن سابقا : (ولا عبرة بغير ذلك من الألفاظ) ، وقد عرفت أن المراد من غير ذلك هو غير التحرير والإعتاق الصريحين والواردين شرعا.

(٧) وهو قوله : أعتقتك.

(٨) بلفظ الماضي.

(٩) غير العتق كالبيع والنكاح.

(١٠) أي ما دل على العتق صراحة وهو التحرير ، فماضيه وهو : حررتك داخل في غير ذلك من عبارة الماتن.

(١١) عدم وقوع العتق.

(١٢) بماضي الإعتاق وماضي التحرير ، هذا وقد عرفت أن المدار على المنصوص مع الصراحة في صيغة العتق ، وعرفت أن التحرير والإعتاق صريحان ، إلا أن المنصوص منهما هو


ولعله لبعد الماضي عن الانشاء ، وقيامه مقامه (١) في العقود على وجه النقل خلاف الأصل فيقتصر فيه (٢) على محله (٣) ، مع احتمال الوقوع به (٤) هنا (٥) ، لظهوره فيه(٦).

(وكذا لا عبرة بالنداء مثل يا حر (٧) ، ويا عتيق ، ويا معتق(وإن قصد التحرير بذلك (٨) المذكور من اللفظ غير المنقول شرعا (٩) ، ومنه (١٠) الكناية (١١) ، والنداء (١٢)

______________________________________________________

(أنت حر وأعتقتك) فقط فلا بد من الاقتصار على هاتين الصيغتين ، ولا يصح إنشاء العتق بغير هما وإن كان مشتقا من التحرير أو الإعتاق.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فالعجب من الشارح حيث استظهر اتفاقهم على عدم وقوع العتق بماضي الإعتاق مع أنه قد صرح سابقا باتفاق الأصحاب على صحة العتق به في قول السيد لأمته : أعتقتك وتزوجتك ومن جهة ثالثة تعرف عدم وقوع العتق بقوله : أنت عتيق أو معتق لأنه غير منصوص ، فما استقربه الماتن وتبعه عليه الشارح سابقا ليس في محله.

(١) أي وقيام الماضي مقام الإنشاء.

(٢) في هذا القيام.

(٣) ومحله العقود دون الإيقاع والعتق إيقاع.

(٤) بلفظ الماضي.

(٥) في العتق.

(٦) أي لظهور ماضي الإعتاق والتحرير في العتق.

(٧) إذا قال لعبده يا حرّ ، وقد قصد النداء وباسمه الموضوع قبل ذلك ، أو أحدث له ذلك الاسم وناداه به لم يعتق قطعا ، لعدم قصد الإنشاء ، وإن قصد التحرير والعتق ، فلا يقع العتق لأنه بغير الصيغة المعهودة شرعا ، وعن بعض العامة الوقوع ،

لأن حرف الإشارة إلى المملوك غير معتبر بخصوصه وإنما الغرض تميّزه وهو حاصل ولو بحرف النداء ، وصيغة التحرير حاصلة بقوله : حرّ أو ما في معناه ، ولا أقل من كونه كناية والعتق يقع بها ، ومما تقدم تعرف ضعفه.

(٨) أي بالنداء.

(٩) إذ المذكور موضوع للنداء ولم ينقل شرعا إلى الإنشاء.

(١٠) أي ومن اللفظ غير المنقول شرعا إلى الإنشاء.

(١١) مثل يا عتيق إن قصد به الإنشاء.

(١٢) مثل يا عتيق إن قصد به النداء.


(كلّه) اقتصارا في الحكم بالحرية على موضع (١) اليقين ، ولبعد النداء عن الإنشاء (٢).

وربما احتمل الوقوع به (٣) من حيث إن حرف الإشارة (٤) إلى المملوك لم يعتبره الشارع بخصوصه ، وإنما الاعتبار بالتحرير ، والاعتاق (٥) واستعمال يا بمعنى أنت ، أو فلان مع القصد (٦) جائز.

ويضعّف بأن غاية ذلك (٧) أن يكون كناية ، لا صريحا فلا يقع به (٨) ، ولا يخرج الملك المعلوم عن أصله (٩).

وحيث لا يكون اللفظ مؤثرا شرعا في الحكم (١٠) لا ينفعه ضم القصد (١١) إليه (١٢). ونبّه (١٣) بالغاية على خلاف من اكتفى بغير الصريح (١٤) إذا انضم إلى النية (١٥) من العامة

ويقوى الإشكال لو كان اسمها حرة فقال : أنت حرة وشك في قصده (١٦) ،

______________________________________________________

(١) وموضعه ما لو كان اللفظ صريحا ومنصوصا.

(٢) أي لبعد النداء عن إنشاء الحرية.

(٣) أي وقوع العتق بالنداء.

(٤) وهو (يا).

(٥) وهما حاصلان عند قول : يا حر ويا عتيق.

(٦) أي قصد العتق والتحرير.

(٧) أي غاية النداء مع قصد التحرير.

(٨) أي فلا يقع العتق بالنداء.

(٩) والملك المعلوم هو العبد المملوك لسيده فيبقى على المملوكية عند الشك في تحقق التحرير بالكناية.

(١٠) في العتق والتحرير.

(١١) أي قصد التحرير.

(١٢) إلى اللفظ غير المؤثر شرعا.

(١٣) أي نبّه الماتن بالغاية وهي قوله (وإن قصد التحرير بذلك).

(١٤) من الكناية والنداء.

(١٥) أي نية التحرير.

(١٦) لو كان اسمها حرة فقال مولاها : أنت حرة ، فإن قصد الإخبار لم تنعتق قطعا لعدم قصد


لمطابقة (١) اللفظ للمتفق على التحرير به (٢) ، واحتمال (٣) الإخبار بالاسم.

والأقوى عدم الوقوع (٤) ، نعم لو صرّح بقصد الإنشاء صح (٥) ، كما أنه لو صرح بقصد الأخبار قبل (٦) ولم يعتق.

(وفي اعتبار التعيين) للمعتق(نظر) (٧) منشؤه : النظر إلى عموم الأدلة الدالة

______________________________________________________

التحرير ، وإن قصد الإنشاء صح قطعا ، لأنه لفظ صريح ومنصوص.

وإن جهل الأمران رجع في قوله إلى نيته ، لأن اللفظ مشترك بين معنيين فيرجع إليه في صرفه إلى أحدهما كما في كل مشترك ، ويقبل قوله في ذلك.

وإن لم يمكن الاستعلام فيه عن نيته لموت ونحوه لم يحكم بالحرية قطعا لعدم اليقين بقصد الإنشاء فتبقى على أصالة الرق ، ومع ذلك تردد المحقق في الشرائع لأن اللفظ صريح في إنشاء العتق والصريح لا يحتاج إلى الإخبار عن القصد ، وفيه أن احتمال الأخبار مساو لاحتمال الإنشاء فلا غلبة لأحدهما على الآخر حتى يحمل اللفظ عليه عند عدم القرينة الخارجية.

(١) وجه وقوع العتق بهذا اللفظ عند الشك في القصد.

(٢) والمتفق على التحرير به هو : أنت حر أو حرة.

(٣) وجه عدم وقوع العتق بهذا اللفظ عند الشك في القصد.

(٤) أي عدم وقوع العتق بهذا اللفظ عند الشك في القصد.

(٥) أي صح العتق.

(٦) أي قبل قوله.

(٧) ذهب الأكثر إلى عدم اشتراط تعيين المعتق ، لإطلاق أدلة العتق ، وعن الشهيد في الدروس التوقف ، وعن الفخر الجزم باشتراط التعيين لعدم صلاحية تعلق الحكم المعيّن بالمبهم ولذا كان الحكم المعيّن لا بد له من محل معين ، وهو ممنوع ، لأن الإبهام واقع في الشرع كثيرا ، وفي موردنا ففي خبر محمد بن مسلم (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يكون له المملوكون فيوصي بعتق ثلثهم فقال : كان علي عليه‌السلام يسهم بينهم) (١) ، وفي خبر محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (إن أبي ترك ستين مملوكا وأوصى بعتق ثلثهم فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم) (٢) ومثلها غيرها فإخراج قدر الثلث بالقرعة دليل على جواز إبهام المعتق وعدم اشتراط تعيينه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦٥ ـ من كتاب العتق حديث ١ و ٢.


على وقوعه (١) بالصيغة الخاصة ، وأصالة (٢) عدم التعيين ، وعدم (٣) مانعية الابهام في العتق شرعا من حيث وقع (٤) لمريض أعتق عبيدا يزيدون عن ثلث ماله ولم يجز الورثة (٥) ، والالتفات (٦) إلى أن العتق أمر معين فلا بد له من محل معين.

وقد تقدّم مثله في الطلاق المصنف رجّح في شرح الإرشاد الوقوع (٧) ، وهنا توقف. وله (٨) وجه إن لم يترجح اعتباره (٩) ، فإن لم يعتبر التعيين فقال : أحد عبيدي حر صحّ ، وعيّن من شاء (١٠).

وفي وجوب الانفاق عليهم (١١) قبله (١٢) ، والمنع من استخدام أحدهم ، وبيعه وجهان. من (١٣) ثبوت النفقة قبل العتق (١٤)

______________________________________________________

وحيث جاز وقوع العتق مبهما فالمرجع إليه في التعيين ، كما لو قال : أحد عبيدي حر صح ورجع في تعيينه إلى مولاه على المشهور ، وقيل يرجع إلى القرعة ، لأنها لكل أمر مشكل ، وهو ضعيف إذ لا معيّن هنا في نفس الأمر حتى يستخرج بالقرعة ، لأن مورد القرعة ما كان معيّنا واقعا مشتبها ظاهرا.

(١) وقوع العتق.

(٢) دليل ثان على عدم التعيين ، والمراد منه أصالة عدم اشتراط التعيين عند الشك في الاشتراط.

(٣) دليل ثالث على عدم اعتبار التعيين.

(٤) أي الإبهام.

(٥) فلم يجيز والزائد في الثلث ، فيعتق من العبيد بقدر ثلث التركة ، ويكون العتق حينئذ متعلقا بالمبهم لا بالمعيّن.

(٦) دليل اشتراط التعيين.

(٧) أي وقوع العتق على المبهم.

(٨) أي للتوقف.

(٩) أي اعتبار وقوع العتق على المبهم ، وقد عرفت قوة الاعتبار.

(١٠) وفي هذا رد على من ذهب إلى التعيين بالقرعة.

(١١) على العبيد اللذين تحرر أحدهم.

(١٢) قبل التعيين.

(١٣) دليل لوجوب الإنفاق عليهم.

(١٤) أي قبل عتق أحدهم المبهم.


ولم يتحقق (١) بالنسبة إلى كل واحد فيستصحب ، واشتباه (٢) الحر منهم بالرق مع انحصارهم فيحرم استخدامهم وبيعهم (٣) ، ومن استلزام (٤) ذلك الانفاق على الحر بسبب الملك (٥) ، والمنع (٦) من استعمال المملوك.

والأقوى الأول (٧) ، واحتمل المصنف استخراج المعتق بالقرعة (٨) ، وقطع بها (٩) لو مات قبل التعيين.

ويشكل كل منهما (١٠) بأن القرعة لاستخراج ما هو معين في نفسه غير متعين ظاهرا ، لا لتحصيل التعيين (١١).

فالأقوى الرجوع إليه فيه (١٢) ، أو إلى وارثه بعده (١٣) ، ولو عدل المعيّن عن

______________________________________________________

(١) أي العتق.

(٢) دليل لمنع استخدامهم وبيعهم.

(٣) كما هو الأصل في الشبهة المحصورة.

(٤) دليل لعدم وجوب الإنفاق عليهم.

(٥) أي بسبب الإنفاق على الملك ، فلا يجب الإنفاق على الملك حتى لا يلزم بالإنفاق على الحر.

(٦) عطف على الإنفاق ، والمعنى ومن استلزام منع استخدام الجميع المنع من استخدام المملوك ، والتالي باطل فالمقدم مثله في البطلان.

(٧) من وجوب النفقة على الجميع ومن منع استخدامهم وبيعهم.

(٨) ولا يرجع إلى المعتق في التعيين ، وقد عرفت ضعفه.

(٩) أي وقطع المصنف بالقرعة لو مات المعتق قبل التعيين ، وإليه ذهب الشيخ ، لأن الوارث غير مطلع على قصد المورّث فلا يمكنه التعيين فيتعين الرجوع إلى القرعة.

وأشكل الشارح في المسالك بأن تعيين المورّث مجرد اشتهاء لا يفتقر إلى شي‌ء آخر بعد صحة العتق مبهما ، والوارث قائم مقامه ، وليس هناك معتق معيّن في نفس الأمر حتى يشتبه على الوارث تعيينه ويشتبه عليه مقصود المورّث.

(١٠) من الاحتمال والقطع.

(١١) وإجراء القرعة هنا لتحصيل التعيين واقعا.

(١٢) والمعنى فالأقوى الرجوع إلى المعتق في التعيين.

(١٣) أي بعد موت المعتق.


من عيّنه لم يقبل (١) ، ولم ينعتق الثاني ، إذ لم يبق للعتق محل ، بخلاف ما لو اعتق معينا واشتبه (٢) ، ثم عدل فإنهما ينعتقان.

(ويشترط بلوغ المولى (٣) المعتق ، (واختياره ورشده (٤) ، وقصده) إلى العتق ، (والتقرب به (٥) إلى الله تعالى) ، لأنه عبادة ، ولقولهم عليه‌السلام : «لا عتق إلا ما أريد

______________________________________________________

(١) أي لم يقبل عدوله لعدم بقاء موضوع العتق بعد تعيينه السابق ، ولازمه بقاء من عدل إليه على أصل الرقية بعد فرض لغوية التعيين اللاحق.

(٢) أي لو أعتق معينا في نفسه ثم نسيه أرجئ حتى يتذكر ، لأن المعيّن هنا معيّن في نفس الأمر بخلاف السابق ، فإن ادعى أنه قد ذكره عمل بقوله وتعيّن من عيّنه للعتق ، فلو عدل إلى غيره بعد ذلك ، فلا يقبل منه هذا العدول ، لأنه إنكار بعد إقرار للغير بحق الحرية هذا بالنسبة للمعدول عنه ، وأما بالنسبة للمعدول إليه فيعتق أيضا مؤاخذة له بإقراره المتأخر.

(٣) يعتبر في المعتق البلوغ على الأكثر لسلب عبارة الصبي ، وخالف الشيخ فجوّز عتق الصبي وصدقته إذا بلغ عشرا لما رواه نفس الشيخ في التهذيب عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا أتى على الغلام عشر سنين ، فإنه يجوز له من ماله ما أعتق وتصدق على وجه المعروف فإنه جائز) (١) ، وفي سندها موسى بن بكر وهو واقفي غير ثقة ، وابن فضال وهو فطحي وإن كان ثقة ، مع أن نفس الشيخ في كتاب الوصايا من التهذيب أوقفها على زرارة في موضع وأسندها إلى الباقر عليه‌السلام في آخر ، فلا تصلح لمعارضة ما دل على سلب عبارة الصبي إلا أن تحمل على أن ابن العشر قد يبلغ بغير السن كما لو خرج منه منّي وهذا أولى من اطراح الرواية ، ويعتبر في المعتق العقل أيضا بالاتفاق لسلب عبارة المجنون ، ويعتبر القصد والاختيار لعدم العبرة بالساهي وبالمكره ، لما تقدم في غيره من الأبواب ، ويعتبر في المعتق أيضا عدم الحجر بسفه أو فلس أو مرض فيما لو زاد عن الثلث ، لأنه ممنوع من التصرف لتعلق حق الغير حينئذ بالعبد المملوك.

(٤) أي غير سفيه.

(٥) بالعتق واشتراط التقرب إلى الله محل اتفاق للأخبار.

منها : صحيح حماد وجماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا عتق إلا ما أريد به وجه الله تعالى) (٢) ، وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا عتق إلا ما طلب به وجه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.


به وجه الله تعالى» (وكونه غير محجور عليه بفلس ، أو مرض فيما زاد على الثلث) فلا يقع من الصبي (١) وإن بلغ عشرا ، ولا من المجنون (٢) المطبق ، ولا غيره في غير وقت كماله ، ولا المكره (٣) ، ولا السفيه (٤) ، ولا الناسي (٥) ، والغافل والسكران ، ولا من غير المتقرب به إلى الله تعالى ، سواء قصد الرياء أم لم يقصد شيئا ، ولا من المفلّس بعد الحجر عليه. أما قبله (٦) فيجوز (٧) وإن استوعب دينه ماله ، ولا من المريض إذا استغرق دينه تركته ، أو زاد المعتق عن ثلث ماله بعد الدين إن كان (٨) ، إلا مع إجازة الغرماء (٩) والورثة (١٠).

وفي الاكتفاء بإجازة الغرماء في الصورة الأولى (١١) وجهان ، من أن (١٢) المنع من العتق لحقهم ، ومن (١٣) اختصاص الوارث بعين التركة.

والأقوى التوقف (١٤)

______________________________________________________

الله عزوجل) (١) ، وخبر عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا طلاق إلا على كتاب الله ولا عتق إلا لوجه الله) (٢).

(١) لاعتبار البلوغ.

(٢) لاعتبار العقل.

(٣) لاعتبار الاختيار.

(٤) لاعتبار الرشد.

(٥) هذا وما بعده لاعتبار القصد.

(٦) أي قبل الحجر.

(٧) لأن دين الغرماء متعلق بالذمة فقط ولم ينتقل إلى المال.

(٨) أي الدين.

(٩) فيما لو استوعب دين المريض تركته.

(١٠) فيما لو زاد المعتق عن ثلث ماله.

(١١) وهو ما لو استوعب دين المريض تركته.

(١٢) دليل للاكتفاء بإجازة الغرماء.

(١٣) دليل لعدم الاكتفاء.

(١٤) أي توقف نفوذ العتق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب العتق حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من كتاب الإيمان حديث ٩.


على إجازة الجميع (١).

(والأقرب صحة مباشرة الكافر) للعتق (٢) ، لإطلاق الأدلة (٣) ، أو عمومها (٤) ، ولأن العتق (٥)

______________________________________________________

(١) من الغرماء الورثة وهذا إذا كان المعتق أزيد من ثلث ماله وإلا فلا معنى لإجازة الورثة.

(٢) للأصحاب في إسلام المعتق ـ بالكسر ـ أقوال :

الأول : ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف والمبسوط من عدم اشتراط إسلام المعتق مطلقا ، لأن العتق فك ملك وتصرف مالي ونفع للغير ، والكافر أهل لذلك ، بل ملكه أضعف من ملك المسلم ففكه أسهل ، ولأن الخبر المتقدم (لا عتق إلا ما أريد به وجه الله) (١) محمول على نفي الكمال لا على نفي الصحة ، ولذا وقع الاتفاق على بطلان عبادة الكافر المحضة ، دون عتقه وصدقته ونحوهما من التصرفات المالية المشتملة على العبادة ترجيحا لجانب المالية على العبادة.

القول الثاني : اشتراط الإسلام ، وإليه ذهب المحقق وابن إدريس والعلامة في أكثر كتبه ، لأن العتق مشروط بنية القربة لصحيح هشام بن سالم المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا عتق إلا ما أريد به وجه الله تعالى) (٢) ، ونية القربة متعذرة من الكافر ، ولذا أجمعوا على بطلان عبادته المشروطة بالنية ، ولأن العبادة ملزومة للثواب حيث تقع صحيحة ، ولا ثواب إلا بدخول الجنة حتى يثاب فيها ، ودخول الجنة ممتنع في حق الكافر ، والأصل في الخبر أن يحمل على نفي الحقيقة لمقام (اللا) النافية للجنس ، وحمله على نفي الكمال لأنه أقرب المجازات إنما يتم بعد كون المعنى الحقيقي غير مراد ، ولا دليل على عدم إرادته.

القول الثالث : ما اشتهر بين المتأخرين من التفصيل بين كون كفره بجحد الألوهية أصلا فلا يصح العتق منه لتعذر قصد القربة منه ، وبين كون كفره بجحد الرسول أو فريضة مع إقراره بالله تعالى كالكتابي فيصح العتق منه ، لإمكان تأتي قصد القربة منه ، والخبر المتقدم لا يدل على أزيد من الإقرار بالله حتى يصح قصد التقرب منه ، ولا يدل على ترتب الثواب في صحة العتق.

(٣) أي أدلة العتق.

(٤) الفرق بين العموم والإطلاق هو : أن المراد من العموم جميع الأفراد بطريق الاستغراق وضعا ، والمراد من الإطلاق فرد واحد لا على نحو التعيين ببركة مقدمات الحكمة.

(٥) دليل ثان على صحة عتق الكافر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.


إزالة ملك (١) ، وملك (٢) الكافر أضعف من ملك المسلم فهو أولى بقبول الزوال ، واشتراطه (٣) بنية القربة لا ينافيه (٤) ، لأن ظاهر الخبر السالف أن المراد منها (٥) إرادة وجه الله تعالى ، سواء حصل الثواب أم لم يحصل.

وهذا القدر ممكن ممن يقرّ بالله تعالى (٦). نعم لو كان الكفر بجحد الالهية مطلقا (٧) توجه إليه (٨) المنع (٩) ، وكونه (١٠) عبادة مطلقا (١١) ممنوع ، بل هو عبادة خاصة يغلب فيها (١٢) فك الملك فلا يمتنع (١٣) من الكافر مطلقا (١٤).

وقيل : لا يقع من الكافر مطلقا (١٥) نظرا إلى أنه (١٦) عبادة تتوقف على القربة ، وأن المعتبر (١٧) من القربة ترتب أثرها من الثواب ، لا مطلق طلبها (١٨) كما ينبه عليه (١٩)

______________________________________________________

(١) والكافر أهل للتصرف في ماله.

(٢) دليل ثالث.

(٣) أي اشتراط العتق.

(٤) لا ينافي العتق من الكافر.

(٥) من نية القربة.

(٦) هذا دليل من فصّل ، مع أن الشارح في مقام الاستدلال على صحة العتق من الكافر مطلقا.

(٧) من كل الجهات.

(٨) إلى الجاحد.

(٩) المنع من صحة العتق.

(١٠) وكون العتق.

(١١) أي محضة.

(١٢) في هذه العبادة الخاصة.

(١٣) أي العتق.

(١٤) أي أصلا.

(١٥) سواء كان جاحدا بالألوهية أم بالرسالة ، أم ببعض الضروريات.

(١٦) أي العتق.

(١٧) تتمة للدليل.

(١٨) أي طلب القربة.

(١٩) على أن المعتبر من القربة ترتب أثرها من الثواب.


حكمهم ببطلان صلاته ، وصومه ، لتعذر القربة منه ، فإن القدر المتعذّر هو هذا المعنى (١) ، لا ما ادعوه أولا (٢) ، ولأن (٣) العتق شرعا ملزوم للولاء (٤) ولا يثبت ولاء الكافر على المسلم (٥) ، لأنه (٦) ، سبيل منفي عنه (٧) ، وانتفاء اللازم (٨) يستلزم انتفاء الملزوم(٩):

وفي الأول (١٠) ما مرّ (١١).

وفي الثاني (١٢) أن الكفر مانع من الارث كالقتل (١٣) ، كما هو مانع في النسب.

______________________________________________________

(١) وهو ترتب أثرها من الثواب في حق الكافر حيث إنه ممنوع من دخول الجنة ، ولا ثواب إلا بدخولها.

(٢) وهو إرادة وجه الله تعالى سواء حصل الثواب أم لم يحصل.

(٣) دليل ثان على عدم صحة العتق من مطلق الكافر.

(٤) أي ولاء العتق ، فيرث الكافر من أعتقه عند موته على تقدير عدم وجود القريب النسبي.

(٥) وهذا يتم بناء على كون المعتق مسلما مع أن المدعي أعم.

(٦) أي الولاء المذكور.

(٧) عن المسلم كما في قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)(١).

(٨) من نفي الولاء.

(٩) وهو نفي العتق.

(١٠) أي الدليل الأول على عدم صحة العتق من مطلق الكافر ، لأن المعتبر من القربة ترتب أثرها من الثواب.

(١١) من كون المراد من القربة هو طلب وجه الله تعالى سواء حصل الثواب أم لم يحصل.

(١٢) أي في الدليل الثاني من كون العتق من مطلق الكافر مستلزما لثبوت ولاء الكافر على المسلم ، وهو منفي شرعا.

(١٣) وحاصله منع الملازمة بين صحة العتق من مطلق الكافر وبين ثبوت ولاء الكافر على المسلم ، وهو منفي شرعا ، ووجه المنع أن الكفر مانع عن الإرث في الولاء كما هو مانع عن الإرث في النسب ، ومثله مثل القتل في الموانع ، وعليه فلا ملازمة لوجود المانع لا لعدم المقتضي.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٤٠.


والحق أن اتفاقهم على بطلان عبادته (١) من الصلاة ، ونحوها (٢) ، واختلافهم في عتقه ، وصدقته ، ووقفه (٣) عند من يعتبر نية القربة فيه (٤) يدل على أن لهذا النوع (٥) من التصرف المالي حكما ناقصا (٦) عن مطلق العبادات من حيث المالية ، وكون (٧) الغرض منها (٨) نفع الغير فجانب المالية فيها أغلب من جانب العبادة ، فمن ثمّ وقع الخلاف فيها (٩) ، دون غيرها من العبادات ، والقول بصحة عتقه (١٠) متجه مع تحقق قصده إلى القربة (١١) وإن لم يحصل لازمها (١٢).

(وكونه) بالجر عطفا على مباشرة الكافر أي والأقرب صحة كون الكافر(محلا) للعتق بأن (١٣) يكون العبد المعتق كافرا ، لكن(بالنذر (١٤) لا غيره) بأن ينذر

______________________________________________________

(١) أي عبادة الكافر.

(٢) كالصيام والحج التي تكون عبادة محضة.

(٣) مما هو مشتمل على جانب المالية.

(٤) في الوقف.

(٥) من أنواع العبادات.

(٦) وهو صحته من الكافر إن تحقق منه قصد القربة وإن لم يترتب عليها أثرها من الثواب.

(٧) عطف على المالية.

(٨) من العبادة المالية كالوقف والصدقة والعتق.

(٩) في العبادة المالية.

(١٠) أي عتق الكافر.

(١١) وذلك عند عدم جحوده بالألوهية.

(١٢) أي لازم القربة ، وهو الثواب ، وعدم حصوله لاقتناع دخول الكافر الجنة ، وعدم حصول الثواب خارج عن الشرط المعتبر في صحة العتق ، إذ المعتبر قصد القربة لا تحقق الثواب.

(١٣) تفسير كون الكافر محلا للعتق.

(١٤) ذهب الأكثر إلى اشتراط إسلام المملوك المعتق لقوله تعالى : (وَلٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (١) وعتق الكافر إنفاق للخبيث في سبيل الله ، وهو منهي عنه والنهي يقتضي الفساد ، ولعدم كون محلا للتقرب إلى الله تعالى ، والتقرب شرط في صحة العتق ، ولخبر سيف بن عميرة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيجوز للمسلم أن يعتق مشركا؟ قال : لا) (٢).

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٦٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٥.


عتق مملوك بعينه وهو كافر ، أما المنع من عتقه (١) مطلقا (٢) فلأنه (٣) خبيث وعتقه انفاق له (٤)

______________________________________________________

وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط وابن سعيد في الجامع عدم الاشتراط وأنه يصح عتق الكافر مطلقا لخبر الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام أعتق عبدا له نصرانيا فأسلم حين أعتقه) (١).

وعن الشيخ في النهاية والاستبصار أنه يصح عتق الكافر مطلقا مع النذر لا مع عدمه جمعا بين الخبرين السابقين بحمل فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام عند ما أعتق النصراني على أنه قد نذر عتقه لئلا ينافي النهي عن عتقه مطلقا كما في خبر سيف.

وفي الأخير ضعف ظاهر إذ الجمع تبرعي لا شاهد له من الأخبار أو العرف ، على أن النذر مشروط برجحان متعلقه المنذور قبل النذر ، والمفروض أنه منهي عنه قبل النذر فلا رجحان ، ومعه لا ينعقد النذر حتى يحمل الخبر عليه.

وفي الأول ضعف ظاهر أيضا ، لأن النهي عن الإنفاق الخبيث لا يستلزم تحريم عتق الكافر ، لأن الخبيث هو الردي‌ء من المال والإنفاق هو الإعطاء إلى الفقير وأين هذا من عتق الكافر ، لأن العتق فك ملك في سبيل الله وفك الملك وإن كان إنفاقا إلا أنه إنفاق من حيث مالية الكافر لا من حيث اعتقاده الخبيث ، وربما كانت ماليته خيرا من مالية العبد المسلم ، فالكافر من حيث ماليته ليس بخبيث ، ولو سلم أن النهي عن إنفاق الخبيث في سبيل الله يشمل عتق الكافر فالنهي المذكور مختص بالصدقة الواجبة لا المستحبة ، للإجماع ولجواز الصدقة المستحبة بالردي‌ء من المال والجيد.

وأما كونه ليس محلا للتقرب إلى الله تعالى فمردود لتوقع إسلامه بعد العتق ، وهو أمر محبوب عند الله فيصح التقرب حينئذ.

نعم خبر سيف الناهي عن عتق المشرك معارض بخبر ابن صالح الدال على الجواز ، وكلاهما ضعيف السند إلا أن خبر سيف مجبور بعمل الأصحاب فلا بد من العمل فيه ، ومنه تعرف ضعف القول الثاني.

(١) من عتق الكافر.

(٢) وإن كان منذورا.

(٣) أي الكافر.

(٤) للخبيث.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٢.


في سبيل الله ، وقد نهى الله تعالى عنه (١) بقوله : (وَلٰا تَيَمَّمُوا (٢) الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (٣) ، ولاشتراط القربة فيه (٤) كما مر ، ولا قربة في الكافر ، ولرواية سيف بن عميرة عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته أيجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال : «لا».

وأما جوازه (٥) بالنذر فللجمع بين ذلك (٦) ، وبين ما روي «أن عليا عليه‌السلام أعتق عبدا نصرانيا فأسلم حين أعتقه» بحمله (٧) على النذر.

والأولى (٨) على عدمه (٩).

وفيهما (١٠) معا نظر ، لأن (١١) ظاهر الآية ، وقول المفسرين أن الخبيث هو الردي‌ء من المال يعطى الفقير. وربما كانت المالية في الكافر خيرا من العبد المسلم ، والانفاق لماليته ، لا لمعتقده الخبيث ، ومع ذلك فالنهي (١٢) مخصوص بالصدقة الواجبة ، لعدم تحريم الصدقة المندوبة بما قلّ وردء حتى بشقّ تمرة اجماعا.

والقربة (١٣) يمكن تحققها في عتق المولى (١٤) الكافر المقر بالله تعالى الموافق (١٥)

______________________________________________________

(١) عن إنفاق الخبيث في سبيل الله.

(٢) أي لا تقصدوا.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٦٧.

(٤) في العتق.

(٥) جواز عتق الكافر.

(٦) بين ما دل على المنع من عتقه.

(٧) بحمل ما روى من فعل أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٨) وهي رواية سيف بن عميرة.

(٩) أي عدم النذر.

(١٠) أي في القولين السابقين.

(١١) شروع في رد دليل المنع ، وهذا رد للدليل الأول.

(١٢) أي النهي في الآية المتقدمة.

(١٣) رد للدليل الثاني من أدلة المنع.

(١٤) من باب إضافة المصدر إلى فاعله كما هو واضح.

(١٥) مفعول به لقوله (في عتق المولى).


له (١) في الاعتقاد ، فإنه يقصد به (٢) وجه الله تعالى كما مر وإن لم يحصل الثواب ، وفي المسلم (٣) إذا ظن القربة بالإحسان إليه (٤) ، وفك رقبته من الرق ، وترغيبه في الإسلام كما روي من فعل علي عليه الصلاة والسلام ، وخبر (٥) سيف مع ضعف سنده (٦) أخص من المدعى (٧) ، ولا ضرورة (٨) للجمع حينئذ (٩) بما لا يدل عليه اللفظ (١٠) أصلا ، فالقول بالصحة مطلقا (١١) مع تحقق القربة (١٢) متجه ، وهو (١٣) مختار المصنف في الشرح (١٤).

(ولا يقف العتق على إجازة المالك) لو وقع من غيره (١٥) ، (بل يبطل عتق)

______________________________________________________

(١) للمولى.

(٢) أي فإن المولى يقصد بعتق موافقه في الاعتقاد.

(٣) أي وفي عتق المسلم للكافر يحصل قصد التقرب إلى الله بما إذا ظن المولى المسلم أن الإحسان إلى الكافر قربة إلى الله ، من حيث أن فك رقبته من الرق ترغيب له في الإسلام.

(٤) إلى الكافر عند عتقه.

(٥) رد للدليل الثالث من أدلة المنع.

(٦) لأنه مشتمل على ابن أبي حمزة البطائني ، وهو واقفي خبيث.

(٧) إذ هو وارد في المشرك والمدعي المنع من عتق مطلق الكافر.

(٨) شروع في رد دليل الجواز المشروط بالنذر.

(٩) أي حين ضعف سند الخبر الدال على المنع مع أنه أخص من المدعى.

(١٠) وهو لفظ الخبرين ، فيكون جمعا تبرعيا.

(١١) وإن لم يكن منذورا كما هو مقتضى خبر الحسن بن صالح المتقدم ، وفيه أنه ضعيف السند أيضا مع كون خبر سيف المتقدم منجبرا بعمل الأصحاب.

(١٢) في عتق المملوك الكافر ، وإلا فلا يصح العتق.

(١٣) أي القول بالصحة مطلقا.

(١٤) أي شرح الإرشاد.

(١٥) أي لو وقع العتق من غير المالك ، هذا واعلم أنه لو أعتق غير المالك لم ينفذ عتقه وإن أجازه المالك على المشهور كما في المسالك ، وقد نفى الخلاف فيه في كشف اللثام والرياض ، لخبر مسمع بن سيّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا عتق إلا بعد ملك) (١) ، وهو

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ صمن كتاب العتق حديث ٢.


(الفضولي) من رأس اجماعا ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا عتق إلا في ملك» ، ووقوعه (١) من غيره بالسراية خروج (٢) عن المتنازع واستثناؤه (٣) إما منقطع ، أو نظرا إلى مطلق الانعتاق ، ولو علق غير المالك العتق بالملك لغى (٤) ،

______________________________________________________

دال على نفي الصحة ، لأنه أقرب المجازات إلى نفي الحقيقة المتعذرة ، ولخبر ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أعتق ما لا يملك فلا يجوز) (١) وما عن ابن أبي ليلى من العامة نفوذ عتق الفضولي مع إجازة المالك وتقويم العبد عليه إن كان موسرا ضعيف بما سمعت.

(١) أي وقوع العتق من غير المالك بالسراية ، والحاصل أن الشريك لو أعتق حصته من العبد لسرى العتق إلى حصة شريكه كما سيأتي ، وهذه السراية عتق من الشريك الأول ، وهو عتق في ملك الغير وهذا مناقض للخبر المتقدم (لا عتق إلا بعد ملك).

(٢) ردّ على الإشكال المتقدم ، والحاصل أن السراية عتق قهري ، والكلام في العتق الاختياري المباشري فلا إشكال.

(٣) أي استثناء العتق القهري الحاصل بالسراية من تحت قاعدة (لا عتق إلا بعد ملك) إما استثناء منقطع باعتبار أن المراد من العتق في القاعدة هو العتق الاختياري المباشري ، وإما استثناء متصل باعتبار أن المراد من العتق في القاعدة هو مطلق الإعتاق الشامل للاختياري والقهري.

(٤) بحيث لو قال غير المالك للعبد : إن ملكتك فأنت حر ، لم ينعتق مع الملك ، بلا خلاف فيه ، لأنه فضولي من غير المالك فلا يقع ، ولأنه تعليق للعتق على الشرط ، وتعليقه مبطل له ، لأن التعليق مناف للجزم في إنشاء العتق وللمرسل في الدعائم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل يقول : إن اشتريت غلاما فهو حر لوجه الله ، وإن اشتريت هذا الثوب فهو صدقة لوجه الله ، وإن تزوجت فلانة فهي طالق فقال عليه‌السلام : ليس ذلك كله بشي‌ء ، إنما يعتق ويطلق ويتصدق بما يملك) (٢) ، نعم يصح تعليق العتق على موت المولى وهو التدبير ، والأصحاب خصوه بمورده للنص وسيأتي البحث فيه ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالتعليق مبطل سواء كان على الشرط أو الصفة ، وقد تقدم مرارا الفرق بينها وأن الشرط ما جاز وقوعه في الحال وعدمه كمجي‌ء زيد ، والصفة ما لا يحتمل وقوعها في الحال ويتعين وقوعها فيما بعد كطلوع الشمس في الغد إذا تقرر بطلان العتق لو علقه غير المالك على الملك فيستثنى منه ما لو جعله نذرا وما في معناه كقوله : لله عليّ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب العتق حديث ٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ صمن كتاب العتق حديث ٧.


إلا أن يجعله (١) نذرا ، أو ما في معناه (٢) ، كلله عليّ اعتاقه إن ملكته ، فيجب (٣) عند حصول الشرط ويفتقر إلى صيغة العتق (٤) وإن (٥) قال : لله عليّ أنه حر إن ملكته على الأقوى.

وربما قيل : بالاكتفاء هنا (٦) بالصيغة الأولى (٧) ، اكتفاء بالملك الضمني كملك القريب آنا ثم يعتق (ولا يجوز تعليقه (٨) على شرط (٩) كقوله : أنت حر إن

______________________________________________________

إعتاقه إن ملكته ، فيجب عتقه عند حصول الشرط لعموم الأمر بالوفاء بالنذر ، وكذا اليمين والعهد.

نعم لا ينعتق العبد بنفسه عند حصول الشرط ، لأن العتق مشروط بانتقال العبد إلى ملك الناذر ولو آنا ما قبل العتق فيتعين عتقه بصيغة العتق حينئذ ، وعن ابن حمزة وهو ظاهر الشهيد صيرورته حرا بدون صيغة العتق لو كان صيغة النذر : لله عليّ أنه حرّ إن ملكته واشتراط انتقاله إلى ملك الناذر مسلّم إلا أنه يكفي الملك الضمني كملك القريب آنا ثم يعتق فيما لو ملك الذكر أحد العمودين أو المحارم من نسائه كأخته وعمته وخالته.

وأجيب أن الالتزام بالملك الضمني لقيام الدليل على انعتاق القريب إذا تملكه قريبه فمقتضى الجمع بينه وبين ما دل على أنه (لا عتق إلا في ملك) يقتضي الالتزام بوجود الملك الضمني آنا ما ثم يعتق.

وأما في المقام فلا دليل على انعتاقه بهذه الصيغة كي يلتزم بالتقدير المذكور ، وأدلة النذر تقتضي وجوب الوفاء بالمنذور على شرائطه الشرعية ، ولا عتق إلا بصيغته فلا بد من الصيغة حينئذ ، نعم لو كانت الصيغة : لله عليّ إعتاقه إن ملكته فلا بد من صيغة العتق بالاتفاق.

(١) ضمير الفاعل راجع إلى غير المالك ، وضمير المفعول راجع إلى عتق العبد إن ملكه.

(٢) من اليمين والعهد.

(٣) أي يجب العتق وفاء للنذر عند حصول شرطه من التملك.

(٤) والافتقار متفق عليه هنا.

(٥) وصلية.

(٦) لو كانت صيغة النذر : لله علي أنه حر إن ملكته.

(٧) وهي صيغة النذر من دون حاجة إلى صيغة العتق.

(٨) أي تعليق العتق عند إنشائه.

(٩) أي شرط بالمعنى الأعم ، فيعم الشرط والصفة.


فعلت كذا (١) ، أو إذا طلعت الشمس (٢) ، (إلا في التدبير فإنه) يجوز أن(يعلق بالموت) كما سيأتي(لا بغيره (٣) ، وإلا (٤) في النذر (٥) حيث لا يفتقر إلى صيغة (٦) إن قلنا به.

(نعم لو نذر عتق عبده عند شرط (٧)

______________________________________________________

(١) تمثيل للشرط.

(٢) تمثيل للصفة ، وقد تقدم تحقيق معناهما.

(٣) أي لا يجوز التعليق في التدبير بغير الموت ، وسيأتي البحث فيه في محله.

(٤) استثناء ثان من عدم جواز تعليق العتق على الشرط.

(٥) وهو النذر الذي لا يحتاج إلى صيغة العتق كما عن بعض على ما تقدم.

(٦) أي صيغة العتق.

(٧) الفرق بينه وبين ما تقدم ، أن ما تقدم كان عن نذر عتق عبد الغير على تقدير تملكه ، وهنا عن نذر عتق عبده عند حصول شرط سائغ هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد عرفت أنه لا يصح تعليق العتق على شرط أو صفة لأنه مناف للجزم ومن جهة ثالثة قد حرر في باب الإيمان والنذور مشروعية التعليق في النذر.

وعليه فلو نذر عتق عبده عند حصول شرط سائغ فلا يخلو إما أن ينذر إعتاقه أو انعتاقه ، والأول كما لو قال : لله علي إعتاق عبدي إن فعل كذا وهو نذر السبب ، والثاني كما لو قال لله علي أنه حر إن فعل كذا ، وهو نذر النتيجة. ولا إشكال في انعقاد النذر وصحته لعموم أدلته ، ولا إشكال في الاحتياج إلى صيغة العتق في الأول لأنه نذر بالعتق ولا عتق إلا بالصيغة ، وإنما الكلام في الاحتياج إلى صيغة العتق في الثاني فظاهر المتن والشرح أنه لا يحتاج إلى صيغة العتق بالخصوص بل تكفي صيغة النذر المعلّقة على الشرط ، وهذا استثناء من تعليق صيغة العتق على الشرط المحكوم ببطلانها سابقا وفيه :

أولا : أنه ليس ذلك من العتق بالصيغة معلقا ، بل هو العتق بالنذر الذي ثبت فيه مشروعية التعليق ، والبحث في إنشاء العتق بصيغته معلّقا.

وثانيا : منع انعقاد النذر إذا تعلق بالآثار والنتائج التي أوقفها الشارع على صيغ خاصة كالنكاح والطلاق والعتق ، وكذا الكلام لو نذر كون المال لزيد ، لأن تمليك الغير مالا بحاجة إلى سبب ، والنذر بما هو نذر ليس من أسباب تمليك الغير ، نعم النذر سبب في وجوب الوفاء بالمنذور ، وعليه فلا بد أن يكون النذر متعلقا بأسباب تمليك الغير.

وثالثا : أنه لا فرق بينه وبين ما تقدم من ناحية نذر العتق المعلّق فلو تم العتق هنا عند تحقق شرط النذر من دون احتياج إلى صيغة العتق ثم هناك ، مع أنهما غير ملتزمين به هناك.


سائغ (١) على ما فصّل (٢) (انعقد) النذر وانعتق مع وجود الشرط إن كانت الصيغة أنه (٣) إن كان كذا من الشروط السائغة فعبدي حر (٤). ووجب عتقه (٥) إن قال : فلله عليّ أن اعتقه.

والمطابق للعبارة (٦) الأول (٧) ، لأنه (٨) العتق المعلق (٩) ، لا الثاني (١٠) فإنه (١١) الاعتاق.

ومثله (١٢) القول فيما إذا نذر أن يكون ماله صدقة ، أو لزيد (١٣) أو أن يتصدق به ، أو يعطيه لزيد (١٤) فإنه (١٥) ينتقل عن ملكه بحصول الشرط في الأول (١٦) ،

______________________________________________________

(١) أي غير مخالف للكتاب أو السنة ، وهو الشرط المشروع.

(٢) أي على ما فصل قريبا في صيغة النذر بحيث تارة تتعلق بالإعتاق وأخرى بالانعتاق.

(٣) أي الشأن والواقع.

(٤) فالنذر قد تعلق بالانعتاق ، وهو نذر النتيجة والأثر.

(٥) عطف على قوله (وانعتق مع وجود الشرط) ، والمعنى انعقد النذر ووجب عتقه عند وجود الشرط إن قال : فلله عليّ أن أعتقه ، ويكون النذر قد تعلق بالإعتاق ، وهو المسمى بنذر السبب.

(٦) أي عبارة المتن عند قوله : (نعم لو نذر عتق عبده عند شرط).

(٧) وهو نذر النتيجة.

(٨) أي الأول.

(٩) والماتن يريد الاستثناء من عدم انعقاد العتق المعلّق ، وفيه : أن الأول قد عرفت أنه نذر معلّق وليس بعتق معلّق بمعنى إنشاء العتق بصيغته معلّقا.

(١٠) وهو نذر السبب.

(١١) فإن الثاني إعتاق ولا بد له من صيغة عند تحقق النذر ، فلا تكون صيغة النذر كافية في عتقه حتى تكون استثناء من صيغ العتق المعلّقة المحكوم ببطلانها.

(١٢) أي ومثل نذر عتق العبد عند شرط.

(١٣) أي ملكا لزيد ، وهذان مثالان لنذر النتيجة.

(١٤) وهذان مثالان لنذر السبب.

(١٥) أي فإن المال المنذور.

(١٦) أي في المثال الأول وهو ما لو نذر أن يكون ماله صدقة.


ويصير ملكا لزيد قهريا (١) ، بخلاف الأخير (٢) ، فإنه (٣) لا يزول ملكه به (٤) ، وإنما يجب أن يتصدق ، أو يعطي زيدا (٥) فإن لم يفعل (٦) بقي على ملكه (٧) وإن حنث. ويتفرع على ذلك (٨) ابراؤه (٩) منه قبل القبض (١٠) فيصح (١١) في الأول (١٢) ، دون الثاني (١٣).

(ولو شرط عليه (١٤) في صيغة العتق(خدمته (١٥)

______________________________________________________

(١) في المثال الثاني وهو ما لو نذر أن يكون ماله ملكا لزيد ، وكلاهما من أمثلة نذر النتيجة.

(٢) وهو نذر السبب بكلا مثاليه.

(٣) أي الشأن والواقع.

(٤) أي لا يزول ملك الناذر بسبب النذر.

(٥) لأنه نذر السبب ، فلا بد من الإيتاء بالسبب المنذور عند تحقق النذر.

(٦) أي لم يفعل الناذر من التصدق أداء الإعطاء.

(٧) أي بقي المنذور على ملك الناذر.

(٨) على التفرقة بين نذر النتيجة ونذر السبب.

(٩) إبراء الناذر من الدفع ، وهو من باب إضافة المصدر إلى مفعوله.

(١٠) وبعد حصول الشرط.

(١١) أي يصح إبراء الناذر من الدفع.

(١٢) وهو نذر النتيجة.

(١٣) أي نذر السبب ، لأن المنذور له لا يملكه في الثاني إلا بعد القبض ، فلا يصح الإبراء منه قبل القبض ، لأنه إسقاط ما لم يجب ، هذا وقد عرفت الإشكال في نذر النتيجة ومنه تعرف الإشكال فيما قدمه الشارح هنا فلا نعيد.

(١٤) على العبد.

(١٥) إذا شرط على العبد أمرا سائغا في نفس العتق صح العتق والشرط ، فيصح العتق لعموم أدلته ، ويصح الشرط لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) ، ولخصوص أخبار.

منها : صحيح أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن رجل قال : غلامي حر وعليه عمالة كذا وكذا ، قال : هو حر وعليه العمالة) (٢) ، وخبر عبد الرحمن عن أبي عبد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب العتق حديث ٢.


مدة مضبوطة (١) متصلة بالعتق ، أو منفصلة ، أو متفرقة مع الضبط(صح) الشرط والعتق ، لعموم «المؤمنون عند شروطهم» ، ولأن منافعه المتجددة ورقبته ملك للمولى فإذا أعتقه بالشرط فقد فك رقبته ، وغير المشترط من المنافع ، وأبقى (٢) المشترط على ملكه فيبقى استصحابا للملك ، ووفاء بالشرط.

وهل يشترط قبول العبد الأقوى العدم ، وهو (٣) ظاهر إطلاق العبارة (٤) لما ذكرناه (٥).

ووجه اشتراط قبوله (٦) أن الاعتاق يقتضي التحرير ، والمنافع تابعة فلا يصح

______________________________________________________

الله عليه‌السلام (أوصى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : إن أبا نيزر ورباحا وجبيرا أعتقوا على أن يعملوا في المال خمس سنين) (١) ومثلها غيرها.

هذا ويكون عتقا مع شرط لا عتقا معلقا على شرط هذا من جهة ومن جهة أخرى لا فرق بين كون الشرط خدمة لمدة معينة أو مالا معينا أو غيرهما ، وإنما الكلام في اعتبار قبول المملوك ورضاه بالشرط وعدمه فظاهر الشرائع أنه لا يشترط القبول من المملوك لأن المشترط مالك له ومستحق لمنافعه وكسبه ، وله الضريبة المقدورة من العبد فهي إيجاب مال من كسبه ، فإذا شرط عليه خدمة أو مالا فقد فكّ ملكه عنه وعن منافعه واستثنى بعضها ، فيبقى هذا البعض على ملك المولى استصحابا ووفاء بالشرط بالإضافة إلى إطلاق النصوص المتقدمة التي لم تشترط قبول العبد.

وقيل يشترط قبوله مطلقا ـ كما عن العلامة في التحرير ـ لاقتضاء التحرير والعتق تبعية المنافع فلا يصح اشتراط شي‌ء منها إلا بقبول المملوك ، وفصّل ثالث وهو العلامة في القواعد فشرط رضاه إن كان المشروط عليه مالا ، ونفاه إن كان خدمة ، والفرق أن الخدمة مستحقة للمولى بالأصالة فشرطها كاستثناء بعض العبد عن النقل بخلاف شرط المال فإنه غير مملوك للمولى فلا بد من رضا العبد في اشتراطه عليه ويدل عليه صحيح حريز وسيأتي التعرض له.

(١) لا بد من التعيين حتى لا يتجهل الشرط فيبطل للغرر.

(٢) أي المولى.

(٣) عدم اشتراط القبول.

(٤) عبارة الماتن لعدم ذكره القبول.

(٥) من كون العبد رقبة ومنفعة ملكا للمولى فيجوز له فك رقبته وبعض منافعه دون البعض الآخر.

(٦) قبول العبد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من كتاب العتق حديث ١.


شرط شي‌ء منها (١) ، إلا بقبوله.

وهل تجب على المولى نفقته (٢) في المدة المشترطة قيل : نعم ، لقطعه (٣) بها (٤) عن التكسب.

ويشكل بأنه لا يستلزم وجوب النفقة كالأجير (٥) ، والموصى بخدمته.

والمناسب للأصل (٦) ثبوتها من بيت المال ، أو من الصدقات (٧) لأن أسباب النفقة مضبوطة شرعا وليس هذا (٨) منها ، وللأصل (٩) ، وكما يصح اشتراط الخدمة يصح اشتراط شي‌ء معين من المال ، للعموم.

لكن الأقوى هنا (١٠) اشتراط قبوله (١١) ، لأن المولى لا يملك إثبات مال في ذمة العبد ، ولصحيحة (١٢) حريز عن الصادق عليه‌السلام.

______________________________________________________

(١) من المنافع.

(٢) نفقة العبد ، وقع النزاع بينهم في أنه إذا شرط المولى عليه خدمة لمدة معينة بعد العتق فهل تجب نفقة العبد المعتق مدة الخدمة على المعتق كما عن ابن الجنيد لقطعه عن التكسب ، أو لا تجب كما عن غيره ، لأن النفقة تابعة للملك والمفروض زواله ، وحينئذ ينعتق عليه من بيت المال أو يستثنى له تكسب مقدار قوته.

(٣) أي لقطع العبد.

(٤) بالخدمة المشترطة.

(٥) تمثيل للمنفي.

(٦) أي علق مدة الشرعية من أنه من لا كسب له وهو غير قادر عليه فنفقته من بيت المال.

(٧) أي الصدقة الواجبة أعني الزكاة.

(٨) أي اشتراط خدمته لمولاه.

(٩) أي أصل البراءة من عدم وجوب الإنفاق على المولى.

(١٠) في اشتراط المال.

(١١) أي قبول العبد ، وهذا هو التفصيل وقد تقدم.

(١٢) فقد رواها الكافي والفقيه عن حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولي مالك ، قال : لا يبدأ بالحرية قبل المال فيقول له : لي مالك وأنت حر ، إن يرضى المملوك فالمال للسيد) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من كتاب العتق حديث ٥.


وقيل : لا يشترط (١) كالخدمة ، لاستحقاقه (٢) عليه (٣) رقا السعي في الكسب كما يستحق الخدمة ، فإذا شرط عليه مالا فقد استثنى من منافعه بعضها.

وضعفه ظاهر (٤).

وحيث يشترط الخدمة لا يتوقف انعتاقه على استيفائها (٥) فإن وفى بها (٦) ، في

______________________________________________________

(١) أي لا يشترط قبول المملوك في اشتراط المال.

(٢) أي استحقاق المولى.

(٣) على العبد حال كونه رقا.

(٤) لأن المولى لا يستحق على العبد حال كونه رقا تحصيل المال ، وإنما يستحق بذل العمل وإن لم يكسب بالإضافة إلى معارضته لصحيح حريز المتقدم.

(٥) لو شرط في صيغة العتق خدمة زمان معين صح العتق والشرط على ما تقدم ، وينعتق العبد بلا خلاف ، فلو قضى العبد آبقا تلك المدة وقد أخلّ بالخدمة لم يعد في الرق بلا خلاف أيضا ولا إشكال ، بل حتى لو أراد المولى إعادته فلا يعود استصحابا لحريته التي ثبتت بصيغة العتق.

ثم ليس للمالك ولا الورثة إلزامه بالخدمة في مثلها من المدة قطعا ، لأن الزمان المعيّن للخدمة قد فات ، وهي ليست مثلية ، ولكن هل يثبت للمولى أو لورثته مطالبة المعتق بأجرة مثل الخدمة في تلك المدة أو لا؟ فعن الشيخ في النهاية وابن الجنيد وجماعة العدم لصحيح يعقوب بن شعيب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا) (١).

وعن المحقق وابن إدريس ومشهور المتأخرين لزوم الأجرة ، لأن الخدمة في زمن معين حق متقوم بالمال فيثبت على من فوّته قيمته ، وهي أجرة المثل ، والخبر الصحيح المتقدم لا ينافيه ، لأنه نفى استخدامها ونحن نقول به ، لأن مدة الخدمة المعينة قد فاتت ، وهي ليست مثلية حتى تلزم بالخدمة فى مثلها ، وإنما عليها أجرة المثل ، والحاصل أن نفي الاستخدام كما في الخبر لا يقتضي نفي الاجرة الثابتة لهم عوضا عما فات عليهم من الحق.

(٦) بالخدمة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من كتاب العتق حديث ١.


وقتها وإلا استقرت أجرة مثلها (١) في ذمته ، لأنها (٢) مستحقة عليه وقد فاتت فيرجع إلى أجرتها ، ولا فرق بين المعتق ، ووارثه في ذلك (٣).

(ولو شرط (٤) عوده في الرق إن خالف شرطا) شرطه عليه في صيغة العتق(فالأقرب بطلان العتق (٥) ، لتضمن الشرط عود من تثبت حريته رقا وهو (٦) غير جائز (٧) ، ولا يرد مثله في المكاتب المشروط (٨) ، لأنه (٩)

______________________________________________________

(١) أي مثل الخدمة في الزمن المعيّن.

(٢) أي الخدمة في الزمن المعين.

(٣) في أنه لا يستحق استخدامها بعد فوات زمن الخدمة ، وإنما له أجرة المثل.

(٤) أي شرط المولى عود العبد إلى الرق إن خالف شرطا قد اشترطه عليه في صيغة العتق ، فعن الشيخ في النهاية والقاضي وجماعة أعيد إلى الرق مع المخالفة عملا بالشرط لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) ، ولموثق إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يعتق مملوكه ويزوّجه ابنته ويشترط عليه إن هو أغارها أن يردّه في الرق ، قال : له شرطه) (٢).

وعن المحقق في نكت النهاية الحكم بشذوذ الرواية وضعف سندها ومنافاتها لأصول المذهب لأنه اشتراط لاسترقاق من ثبتت حريته فيكون شرطا غير سائغ ويتبعه بطلان العتق ، لأن العتق قد قصد بناء على كونه مشروطا ، وإذا فسد الشرط فسد المشروط ، ولذا حكم ببطلان الشرط والعتق وعن ابن إدريس بطلان الشرط دون العتق وتبعه عليه فخر المحققين ، أما بطلان الشرط فلما تقدم ، وأما صحة العتق فلبناء العتق على التغليب.

(٥) والشرط معا.

(٦) أي الشرط.

(٧) أي غير مشروع فيكون فاسدا ومفسدا فيبطل العتق.

(٨) حيث يعتقه مولاه بشرط أن يدفع مالا ويقول له : فإن عجزت فأنت رد في الرق ، فهو عتق مشروط بشرط متضمن لعود من ثبتت حريته رقا ، ويجب أن يكون العتق باطلا مع أنه صحيح بالاتفاق.

(٩) تعليل لعدم الورود ، والحاصل أن المكاتب المشروط لم يخرج عن الرقية وإن تشبث بالحرية فلم يعد إلى الرقية إذ لم يخرج عنها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من كتاب العتق حديث ٣.


لم يخرج عن الرقية وإن تشبث بالحرية بوجه (١) ضعيف ، بخلاف المعتق بشرط (٢). وقول (٣) السيد للمكاتب فأنت ردّ في الرق يريد (٤) به الرق المحض (٥) ، لا مطلق (٦) الرق. وقيل : يصح الشرط ويرجع بالاخلال (٧) للعموم (٨) ، ورواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام أنه سأله عن الرجل يعتق مملوكه ، ويزوجه ابنته ، ويشترط عليه إن أغارها (٩) أن يردّه في الرق. قال : «له شرطه». وطريق الرواية ضعيف (١٠) ومتنها (١١) مناف للأصول ، فالقول بالبطلان أقوي ، وذهب بعض الأصحاب إلى صحة العتق ، وبطلان الشرط ، لبنائه (١٢) على التغليب ، ويضعّف بعدم القصد إليه (١٣)

______________________________________________________

(١) وهو تحرره على تقدير وفائه بتمام المال المشروط عليه.

(٢) فقد خرج عن الرقية فاشتراط عوده إليها فاسد ، بخلاف اشتراط عود العبد الذي لم يخرج عن الرقية إليها.

(٣) دفع وهم ، أما الوهم أن المكاتب المشروط لو لم يخرج عن الرقية فكيف جاز للسيد أن يقول له : أنت رد في الرق.

(٤) دفع الوهم وحاصله أن المكاتب لم يخرج عن الرقية ومعنى قول السيد لعبده : فإن عجزت فأنت رد في الرق المحض الذي ليس بكتابة ، لا أن المراد فإن عجزت فأنت رد في مطلق الرق ، لأن الرد إلى مطلق الرق فرع كونه حرا وقد عرفت عدم حريته.

(٥) الذي ليس بكتابة.

(٦) ومطلق الرق مسبوق بالحرية وقد عرفت عدم حريته.

(٧) أي إخلال الشرط من قبل العبد وهذا الإخلال شرط في عوده إلى الرقية ، وهو شرط نافذ لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١).

(٨) أي عموم (المؤمنون عند شروطهم) (٢).

(٩) أغار فلان أهله أي تزوج عليها.

(١٠) لاشتماله على إبراهيم بن هاشم ، وهو لم يمدح ولم يذم ، وقد تقدم مرارا أنه من شيوخ الإجازة ، وهذا ما يغني عن توثيقه.

(١١) لتضمنه عود الرق بعد الحرية.

(١٢) أي بناء العتق.

(١٣) إلى العتق.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤.


مجردا عن الشرط وهو (١) شرط الصحة كغيره (٢) من الشروط.

(ويستحب عتق) المملوك(المؤمن) ذكرا كان أم أنثى(إذا أتى عليه) في ملك المولى المندوب (٣) إلى عتقه(سبع سنين (٤) ، لقول الصادق عليه‌السلام «من كان مؤمنا فقد عتق بعد سبع سنين أعتقه صاحبه أم لم يعتقه ، ولا تحل خدمة من كان مؤمنا بعد سبع سنين». وهو محمول على تأكد استحباب عتقه ، للاجماع على أنه لا يعتق بدون الاعتاق(بل يستحب) العتق(مطلقا (٥) خصوصا للمؤمن ، (ويكره عتق العاجز عن الاكتساب إلا أن يعينه) بالانفاق (٦) قال الرضا عليه‌السلام : «من اعتق مملوكا لا حيلة له فإن عليه أن يعوله حتى يستغني عنه ، وكذلك كان علي عليه‌السلام

______________________________________________________

(١) أي القصد إلى العتق.

(٢) أي كغير القصد من شروط الصحة ، ومع عدم القصد إلى العتق مجردا فلا بدّ من الحكم ببطلانه كبطلان الشرط.

(٣) أي الذي وجّه إليه الأمر الندبي بالعتق ، وهذا احتراز عن المولى غير البالغ والمجنون فلا يوجّه إليه الأمر الندبي بعتق عبده.

(٤) لخبر محمد بن عبد الله بن زرارة عن بعض آل أعين عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من كان مؤمنا فقد عتق بعد سبع سنين ، أعتقه صاحبه أم لم يعتقه ، ولا تحلّ خدمة من كان مؤمنا بعد سبع سنين) (١).

وهو محمول على استحباب عتقه بعد هذه المدة للاتفاق على أنه لا ينعتق بنفسه ، فالخبر وإن كان مرسلا إلا أن دليل السنن يتأدى بذلك.

(٥) وإن لم تمض عليه سبع سنين في خدمة مولاه ، وقد تقدم في أول هذا الفصل ما يدل على استحباب مطلق العتق.

(٦) لخبر ابن محبوب (كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : وسألته عن الرجل يعتق غلاما صغيرا أو شيخا كبيرا ، أو من به زمانة ولا حيلة له ، فقال : من أعتق مملوكا لا حيلة له فإن عليه أن يعوله حتى يستغني عنه ، وكذلك كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يفعل إذا عتق الصغار ومن لا حيلة له) (٢) ، وصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عمن أعتق النسمة؟ فقال : أعتق من أغنى نفسه) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من كتاب العتق حديث ٣.


يفعل إذا اعتق الصغار ، ومن لا حيلة» له(و) كذا يكره(عتق المخالف (١) للحق في الاعتقاد ، للنهي عنه في الأخبار المحمول على الكراهة جمعا. قال الصادق عليه‌السلام : ما أغنى الله عن عتق أحدكم تعتقون اليوم يكون علينا غدا ، لا يجوز لكم أن تعتقوا إلا عارفا» (ولا) يكره عتق(المستضعف) الذي لا يعرف الحق ولا يعاند فيه ، ولا يوالي أحدا بعينه ، لرواية الحلبي (٢) عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : الرقبة تعتق من المستضعفين؟ قال : نعم.

السراية في العتق

(ومن خواص العتق السراية (٣) وهو انعتاق باقي المملوك إذا أعتق بعضه

______________________________________________________

(١) الكراهة في هذه الموارد كراهة عبادة ، بمعنى قلة الثواب ، لا بمعنى أن في تركه أجرا ، كيف وقد عرفت أن أصل العتق راجح ، هذا والنهي قد ورد في خبر صباح المزني عن ناجية (قال : رأيت رجلا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له : جعلت فداك ، إني أعتقت خادما ، وهو ذا أطلب شراء خادم لي منذ سنين فما أقدر عليها؟ فقال : ما فعلت الخادم؟ فقال : حيّة ، فقال : ردها في مملكتها ، ما أغنى الله عن عتق أحدكم تعتقون اليوم ، ويكون علينا غدا ، لا يجوز لكم أن تعتقوا إلا عارفا) (١) ، والنهي فيه محمول على الكراهة لخبر علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح عليه‌السلام : (فيمن أوصى بعتق نسمه ـ إلى أن قال ـ فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبا) (٢).

(٢) وهي صحيحة السند (٣).

(٣) فمن أعتق جزءا من عبده ولو يسيرا سرى العتق فيه كله ، بلا فرق في المملوك بين الذكر والأنثى ، وبين كون بعضه غير المعتق مملوكا له أو لشريكه ، وبلا فرق في المعتق بين أن يكون مالكا لغيره أو لا ، وهذا كله بشرط كون المعتق صحيحا جائز التصرف ، والمعتق لا مانع من نفوذ العتق فيه ، على المشهور في ذلك كله للأخبار.

منها : خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن رجلا أعتق بعض غلامه ، فقال علي عليه‌السلام : هو حر كله ليس لله شريك) (٤) ، وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.


بشرائط (١) خاصة(فمن أعتق شقصا) بكسر الشين أي جزء(من عبده) أو أمته

______________________________________________________

أبيه عليهما‌السلام (أن رجلا أعتق بعض غلامه ، فقال : هو حر كله ليس لله شريك) (١) مضافا إلى الأخبار الدالة على سراية العتق إذا كان بعضه الآخر مملوكا للغير كالنبوي (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : إن كان موسرا كلّف أن يضمن ، فإن كان معسرا خدمت بالحصص) (٣) وعن السيد جمال الدين أحمد بن طاوس في كتابه ملاذ علماء الإمامية الميل إلى عدم السراية على معتق بعض مملوكه نظرا إلى ضعف سند النصوص المتقدمة مع معارضتها بأخبار أخر.

منها : خبر حمزة بن حمران عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن رجل أعتق نصف جارية ثم قذفها بالزنا ، فقال : أرى أن عليه خمسين جلدة ويستغفر الله عزوجل ـ إلى أن قال ـ قلت : فتغطي رأسها منه حين أعتق نصفها؟ قال : نعم وتصلي وهي مختمرة الرأس ، ولا تتزوج حتى تؤدي ما عليها أو يعتق النصف الآخر) (٤) وهو محمول على أنه لا يملك منها أكثر من النصف ويحتمل أن تكون مكاتبة قد أدت نصف ما عليها بدلالة قوله : حتى تؤدي ما عليها.

وصحيح ابن سنان (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة عتقت ثلث خادمها عند موتها ، أعلى أهلها أن يكاتبوها إن شاء وإن أبوا؟ قال عليه‌السلام : لا ، ولكن لها من نفسها ثلثها وللوارث ثلثاها ، يستخدمها بحساب الذي له منها ، ويكون لها من نفسها بحساب الذي عتق منها) (٥) ، وهو محمول على ما إذا لم يملك غيرها ، وخبر مالك بن عطية عن أبي بصير (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل أعتق نصف جاريته ثم إنه كاتبها على النصف الآخر بعد ذلك ، فقال : فيشترط عليها إن عجزت عن نجومها فإنها رد في الرق) (٦) وهي محمولة على المكاتبة وإن لم يكن لأنه خلاف ظاهرها فترد لأنها لا تصلح لمعارضة ما تقدم الدال على السراية.

(١) وهي اختيار المولى وإيساره وعدم مرض الموت ، وإلا فمع إعساره يستسعى العبد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ٢.

(٢) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ٣ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.


وإن قلّ الجزء سرى العتق فيه أجمع و (عتق كله) وإن لم يملك سواه (١) ، (إلا أن يكون) المعتق(مريضا ولم يبرأ) من مرضه الذي اعتق فيه ، (ولم يخرج) المملوك(من الثلث) أي ثلث مال المعتق فلا يعتق حينئذ أجمع ، بل ما يسعه الثلث(إلا مع الإجازة) من الوارث فيعتق أجمع إن أجازه ، وإلا فبحسب ما أجازه.

هذا (٢) هو المشهور بين الأصحاب ، وربما كان إجماعا ، ومستنده من الأخبار ضعيف ، ومن ثم (٣) ذهب السيد جمال الدين بن طاوس إلى عدم السراية بعتق البعض مطلقا (٤) ، استضعافا للدليل المخرج (٥) عن حكم الأصل (٦) ، ولموافقته (٧) لمذهب العامة مع أنه (٨) قد روى (٩) حمزة بن حمران عن أحدهما عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل أعتق نصف جاريته ثم قذفها بالزنا قال : فقال : «أرى أن عليه خمسين جلدة ويستغفر ربه (١٠)» الحديث. وفي معناه خبران آخران (١١) ، وحملها (١٢) الشيخ على أنه لا يملك نصفها الآخر مع إعساره (١٣).

______________________________________________________

(١) أي لم يكن للمعتق مال سوء المملوك المعتق.

(٢) أي السراية.

(٣) أي ومن ضعف أخبار السراية ، وفيه أن بعضها صحيح مؤيد بالكثر ، وعمل المشهور.

(٤) وإن لم يكن المعتق مريضا ، أو كان مريضا وقد وفّى الثلث بقيمة العبد بتمامه.

(٥) وهو أخبار السراية.

(٦) إذ الأصل عدم السراية ، وأصالة بقاء الملك.

(٧) أي موافقة السريان لمذهب العامة.

(٨) أن الشأن والواقع.

(٩) أي بالإضافة إلى ضعف أخبار السراية وموافقتها للعامة فهناك أخبار تدل على السراية ، ومنها خبر حمزة بن حمران المتقدم.

(١٠) ووجه الاستدلال أنه لو سرى العتق إلى تمامها لكان قذفها كقذف الحرة موجبا لثمانين جلدة ولا معنى لحكم الإمام عليه‌السلام بالأنقص هذا من جهة ومن جهة أخرى فلو أعتق نصفها كما هو المفروض لوجب عليه نصف الحدود هو أربعون مع أن الإمام عليه‌السلام قد حكم عليه بزيادة عشرة إلا أن يكون الزائد من جهة التعزير كما احتمله الشيخ في التهذيب.

(١١) وهما صحيح ابن سنان ، وخبر مالك بن عطية عن أبي بصير المتقدمين.

(١٢) أي الأخبار الثلاثة.

(١٣) أي إعسار المعتق وعدم سعي الجارية في الباقي.


(ولو كان له (١) فيه) أي في المملوك الذي اعتق بعضه(شريك قوّم عليه (٢) نصيبه (٣)) (وعتق) اجمع (٤)

______________________________________________________

(١) للمولى المعتق.

(٢) على المولى المعتق.

(٣) أي نصيب شريكه.

(٤) أي يسري العتق إلى نصيب الشريك ، هذا وقد عرفت أن المشهور على السراية سواء كان غير المعتق من العبد مملوكا للغير أم لا ، غايته إذا كان غير المعتق مملوكا للغير سرى العتق في الجميع ، ويقوّم على المعتق نصيب شريكه إن كان موسرا ، وعن الحلبي إطلاق وجوب السعي على العبد في الفك ، ولازمه عدم تضمين المولى المعتق نصيب شريكه.

ولو قصد الإضرار فكذا يضمن المولى المعتق نصيب شريكه إذا كان موسرا على الأكثر ، وعن الشيخ والقاضي وجوب السعي على العبد في الفك عند عدم قصد الإضرار ولو كان المعتق موسرا.

وعن الإسكافي فمع عدم قصد الإضرار تخيير الشريك بين إلزام المعتق قيمة نصيبه وبين إلزام العبد في وجوب السعي في فك نفسه.

وعليه فالأقوال ثلاثة في صورة إيسار المولى المعتق ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات فقد استدل للأول من تضمين المولى الموسر سواء قصد الإضرار أم لا بصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : إن كان موسرا كلّف أن يضمن ، وإن كان معسرا خدمت بالحصص) (١) ، والنبوي (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله) (٢).

واستدل للثاني من تضمين المولى الموسر عند قصد الإضرار ، وعند عدمه يضمن المعتق بل يسعى العبد في فك رقبته لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه ، فقال : إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله ، وإلا استسعى العبد في النصف الآخر) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ورث غلاما ، وله فيه شركاء فأعتق لوجه الله نصيبه فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة ، وإذا أعتق نصيبه لوجه الله كان الغلام قد أعتق

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧.

(٢) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٢.


(مع يساره) أي يسار المعتق بأن يملك حال العتق زيادة عما يستثنى في الدين من (١) داره ، وخادمه ودابته ، وثيابه اللائقة (٢) بحاله كمية (٣) وكيفية (٤) وقوت يومه

______________________________________________________

من حصة من أعتق ـ إلى أن قال ـ وإن أعتق الشريك مضارا وهو معسر فلا عتق له ، لأنه أراد أن يفسد على القوم حصصهم) (١).

ومقتضى صناعة حمل المطلق على المقيد أن النصوص دالة على القول الثاني الذي ذهب إليه الشيخ والقاضي ، إلا أن الشهرة على خلافه ، نعم ابن إدريس استشكل على هذا القول بأن قصد القربة شرط في صحة العتق والمضارة تنافي القربة فكيف اجتمعا في هذا القول ، ويردّ أنه قد ورد اجتماعهما في صحيح محمد بن مسلم وصحيح الحلبي المتقدمين فما يقال في رفع الأشكال بالنسبة للأخبار يقال في رفعه بالنسبة لقول الشيخ على أن المراد بالإضرار هو إفساد ملك شريكه الملزوم للتقويم ، وهو صريح النصوص السابقة ، وهذا لا ينافي قصد القربة في عتق نصيبه لله تعالى ، وأما القول الثالث من التخيير فقد قال عنه في الجواهر بأنه لا شاهد له ، وأما لو كان المعتق معسرا فسيأتي البحث فيه تفسير ليسار المعتق ، وليس المراد من إيساره أن يعدّ من الأغنياء عرفا بل المراد أن يكون مالكا لقيمة نصيب الشريك فاضلا عن قوته وقوت عياله الواجبي النفقة لظاهر النبوي المتقدم (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله) (٢) ، وهذا في الحقيقة تفسير للموسر الوارد في غير النبوي كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه قال : إن كان موسرا كلّف أن يضمن) (٣).

بل ظاهر النبوي المتقدم أن يكون مالكا لقيمة نصيب الشريك فاضلا عن قوته وقوت عياله ومسكنه وداره وخادمه ودابته وثيابه وكل ما هو محتاج إليه ومن ضروراته كما يستثنى في الدين ، وإلا فلا يصدق عليه أنه صاحب مال ، وعن ظاهر الشرائع عدم استثناء المسكن والخادم وغيرهما ، لأنه استثنى له قوت يومه له ولعياله فقط.

(١) متعلق بقوله : (عما يستثنى).

(٢) صفة لجميع ما ذكر.

(٣) بأن تكون الثياب واحدا أو اثنين أو ثلاثة.

(٤) بأن تكون الثياب من الحرير أو الكتان أو القطن أو غيرها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٢.

(٢) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧.


له (١) ، ولعياله ما (٢) يسع قيمة نصيب الشريك فتدفع إليه (٣) ويعتق.

ولو كان مديونا (٤) يستغرق دينه ماله (٥) الذي يصرف فيه ، ففي كونه موسرا ، أو معسرا قولان (٦) أوجههما الأول ، لبقاء الملك (٧) معه (٨).

وهل تنعتق حصة الشريك بعتق المالك حصته (٩) ،

______________________________________________________

(١) للمعتق.

(٢) مفعول به لقوله : (بأن يملك حالة العتق).

(٣) أي إلى الشريك.

(٤) بعد استثناء ما ذكر.

(٥) أي المال الذي يصرف في العتق.

(٦) الأول : أنه لا يمنع الدين المذكور السراية ، لأنه موسر كما هو ظاهر الشرائع ، لأنه مالك لما في يده من المال المساوي لدينه ، وهو نافذ التصرف فيه ، حتى لو اشترى بما يملك من المال عبدا فأعتقه نفذ ، فكذلك ينفذ عتقه في مفروض مسألتنا ويقوم عليه نصيب الشريك.

الثاني : منع الدين المذكور للسراية ، لأنه معسر كما عن القواعد ، لأنه فقير شرعا وتحلّ له الزكاة.

(٧) أي ملك ما يوجد عنده من المال الذي يصرفه في العتق ، ومع بقاء هذا الملك فهو موسر.

(٨) مع الدين.

(٩) اختلف في وقت انعتاق حصة الشريك مع اجتماع شروط السراية ، فعلى المشهور أنه وقت أداء القيمة إليه ، لأن للأداء مدخلية في الانعتاق ، ولذا لا يعتق مع الإعسار ، ولصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (من كان شريكا في عبد أو أمة قليل أو كثير فأعتق حصته ولم يبعه فليشتره من صاحبه فيعتقه كله ، وإن لم يكن له سعة من المال نظر قيمته يوم أعتق ثم يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق) (١).

والمراد بشرائه منه أداء قيمته نصيبه لعدم اعتبار الشراء الحقيقي بالاتفاق ، وعن ابن إدريس أنه ينعتق وقت صيغة العتق ، لأن ذلك هو مقتضى السراية ، وهو مقتضى الأخبار الدالة عليها كالنبوي (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٣.


أو بأداء قيمتها إليه (١) ، أو بالعتق مراعى بالأداء أقوال. وفي الأخبار ما يدل على الأولين (٢) ، والأخير (٣) طريق الجمع (٤).

وتظهر الفائدة (٥) فيما لو اعتق الشريك حصته قبل الأداء (٦) فيصح (٧) على الثاني (٨) ،

______________________________________________________

كله) (١) ، وخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن رجلا أعتق بعض غلامه فقال علي عليه‌السلام : هو حر كله ليس لله شريك) (٢) ، ولنصوص الإفساد.

منها : خبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه قال : إن ذلك فساد على أصحابه فلا يستطيعون بيعه ولا مؤاجرته ، قال : يقوّم قيمة فيجعل على الذي أعتقه عقوبة ، وإنما جعل ذلك لما أفسده) (٣) ، وخبر سماعة (سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه فقال : هذا فساد على أصحابه ، يقوّم قيمة ، ويضمن الثمن الذي أعتقه ، لأنه أفسده على أصحابه) (٤) ، والإفساد وإنما يحصل بالعتق وعن الشيخ في المبسوط من أن أداء القيمة كاشف عن العتق بالصيغة ، وإليه مال الشارح في المسالك جمعا بين الأخبار ، وقد توقف العلامة في كثير من كتبه وولده والشهيد في شرح الإرشاد مع أنه رجّح في الدروس اعتبار الأداء.

(١) أي بأداء قيمة الحصة إلى الشريك.

(٢) أي القولين الأولين.

(٣) أي القول الأخير.

(٤) أي الجمع بين الأخبار.

(٥) أي فائدة الأقوال الثلاثة.

(٦) أي أداء قيمة الحصة إليه.

(٧) أي عتق الشريك لحصته.

(٨) أي على القول الثاني من أن سريان العتق إلى حصة الشريك متوقف على أداء قيمتها إليه ، ووجه صحة العتق ظاهر ، لمصادفة عتقه لملكه فينفذ.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٥.


دون الأول (١) ، وفي اعتبار (٢) القيمة فعلى الأول (٣) يوم العتق ، وعلى الثاني (٤) يوم الأداء.

والظاهر أن الثالث (٥) كالأول (٦).

وفيما (٧) لو مات قبل الأداء فيموت (٨) حرا على الأول (٩) ، ويرثه

______________________________________________________

(١) أي القول الأول من أن سريان العتق إلى حصة الشريك متوقف على صيغة العتق ، وعلى هذا القول لا يصح عتق الشريك لحصته ، لأنه لم يبق للشريك حصة في العبد ، فلم يصادف عتقه للملك حتى ينفذ.

(٢) أي وتظهر الفائدة في اعتبار قيمة حصة الشريك ، لأن القيمة مترتبة على وقت العتق بالفعل ، فإن كان وقته من حين الصيغة فالمعتبر في القيمة يوم الصيغة ، وإن كان وقته حين الأداء فالمعتبر في القيمة يوم الأداء ، وإن كان العتق من حين الصيغة مراعي بالأداء كما هو القول الثالث فالمعتبر في القيمة يوم الصيغة.

هذا ما أسسه الشهيدان في الدروس والمسالك بالنسبة لاعتبار القيمة ، وعن الأكثر أن المعتبر في القيمة وقت العتق حتى على القول بأن السريان من حين أداء القيمة ، لأن وقت العتق هو وقت الحيلولة بين المالك وملكه بمنعه من التصرف فيه ، ويدل عليه صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوم ورثوا عبدا جميعا فأعتق بعضهم نصيبه منه كيف يصنع بالذي أعتق نصيبه منه؟ هل يؤخذ منه ما بقي؟

فقال : نعم يؤخذ بما بقي منه بقيمته يوم العتق) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث (وإن لم يكن له سعة من مال نظر قيمته يوم اعتق) (٢).

(٣) أي القول الأول من أن السريان من حين الصيغة.

(٤) أي القول الثاني من أن السريان وقت أداء القيمة.

(٥) أي القول الثالث.

(٦) كالقول الأول بحيث يعتبر في القيمة يوم العتق.

(٧) أي وتظهر الفائدة فيما لو مات العبد قبل أداء حصة الشريك.

(٨) أي العبد.

(٩) أي على القول الأول لحصول السريان من حين الصيغة ، ويجب على المعتق قيمة حصة شريكه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٦ و ٣.


وارثه (١) ، دون الثاني (٢) ويعتبر الأداء (٣) في ظهور حريته (٤) على الثالث (٥).

وفيما (٦) لو وجب عليه (٧) حد قبله (٨) فكالحر (٩) على الأول ، والمبعّض (١٠) على الثاني ، وفي الحكم (١١) على الثالث (١٢) نظر (١٣).

وفيما (١٤) لو أيسر (١٥) المباشر (١٦) بعد العتق وقبل الأداء ، فعلى الأول (١٧) لا

______________________________________________________

(١) أي وارث العبد الذي صار حرا.

(٢) أي دون القول الثاني من حصول السريان وقت أداء القيمة ، فلا يموت حرا ، لعدم تحقق السريان ، لأنه قد مات قبل الأداء ، وعليه فلا يجب على المعتق ضمان قيمة حصة شريكه ، وفي هذا الفرض لا يرث إلا سيده الذي هو الشريك.

(٣) أي أداء القيمة.

(٤) أي حرية العبد الذي مات قبل الأداء كما هو المفروض.

(٥) أي على القول الثالث ، ويكون القول الثالث كالقول الثاني في هذا الفرض بالنسبة للأحكام.

(٦) أي وتظهر فائدة الأقوال الثلاثة.

(٧) على العبد.

(٨) قبل أداء قيمة حصة الشريك.

(٩) أي حكمه حكم الحر ، بل هو حر على القول الأول من أن السريان من حين الصيغة.

(١٠) أي حكمه حكم المبعض ، بل هو مبعض على القول الثاني من أن السريان من حين الأداء.

(١١) أي الحكم على العبد الذي وجب عليه حد قبل الأداء ، من أنه حر أو مبعض.

(١٢) أي على القول الثالث من أن السريان من حين العتق مراعي بالأداء.

(١٣) فيحكم بأنه مبعّض نظرا إلى أنه قبل الأداء لا سريان للعتق لاشتراط مراعاة الأداء في السريان على القول الثالث ، ويحكم بأنه حر نظرا إلى أنّ الحرية على القول الثالث ثابتة من حين العتق واقعا والأداء كاشف عن ذلك ظاهرا.

(١٤) أي وتظهر فائدة الأقوال الثلاثة.

(١٥) بعد إعسار.

(١٦) وهو المعتق الذي أعتق نصيبه من العبد المشترك.

(١٧) أي على القول الأول من أن السريان من حين العتق ، فضمان قيمة حصة الشريك على العبد ، لأن المعتق معسرا وقت السريان وإن أيسر فيما بعد.


يجب عليه (١) الفك ، وعلى الثاني (٢) يجب (٣) ، وفي الثالث (٤) نظر (٥) ، والحاقة (٦) بالأول مطلقا (٧) حسن (٨).

(وسعى العبد في باقي قيمته (٩)

______________________________________________________

(١) على المباشر المعتق.

(٢) أي على القول الثاني من أن السريان متوقف على الأداء.

(٣) أي يجب على المباشر للعتق الفك ، وهو الذي يضمن قيمة حصة شريكه ، لأنه موسر حال السريان.

(٤) أي في القول الثالث من أن السريان من حين العتق مراعي بالأداء.

(٥) من أن المباشر للعتق موسرا حال الأداء الذي هو شرط في السريان على القول الثالث ، فقيمة حصة الشريك على المعتق حينئذ ، لأنه موسر.

ومن أن المباشر للعتق معسرا حال العتق ، والمدار في السريان في القول الثالث على وقت العتق ، ومراعاة الأداء شرط كاشف ظاهرا عن وقوع السريان من حين العتق واقعا ، وهو الذي استحسنه الشارح هنا.

(٦) أي إلحاق القول الثالث بالقول الأول.

(٧) في جميع الفروض.

(٨) لأن السريان يتم وقت العتق على القول الثالث ، وإن كان مراعاة الأداء شرط ، إلا أنه شرط كاشف عن وقوع السريان من حين الصيغة ، وعليه فلا فرق بين القول الثالث والأول في الثمرات المترتبة.

(٩) قد تقدم الكلام في تضمين المعتق إذا كان موسرا ، وأما إذا كان معسرا فيسعى العبد في فكّ ما بقي منه ، ولازمه تضمين العبد لحصة الشريك سواء قصد المعتق الإضرار بشريكه أم لا كما عن المشهور ، لإطلاق النبوي (١) وصحيح الحلبي (٢) المتقدمين ، وعن الشيخ والقاضي بطلان العتق مع إعسار المعتق وقصده الإضرار ، ومع عدم قصد الإضرار يسعى العبد في فكّ رقبته ، أما بطلان العتق مع الإعسار وقصد الإضرار لصحيح محمد بن مسلم المتقدم في حديث (وإن أعتق الشريك مضارا وهو معسر فلا عتق له) (٣)، وأما سعي العبد في فك رقبته مع الإعسار وعدم قصد الإضرار فللجمع بين الأخبار ، وقد تقدمت في بحث إيسار المولى.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٧ و ١٢.


بجميع سعيه (١) ، لا بنصيب الحرية خاصة (٢) (مع إعساره (٣) عنه (٤) أجمع ، فإذا أدّى (٥) عتق كالمكاتب المطلق (٦) ، ولو أيسر (٧) بالبعض (٨) سرى عليه (٩) بقدره (١٠) على الأقوى (١١) وسعى العبد في الباقي.

ولا فرق في عتق الشريك (١٢) بين وقوعه (١٣) للاضرار بالشريك ، وعدمه (١٤)

______________________________________________________

(١) أي بجميع كسبه.

(٢) فلا يقسم كسبه على نصيب الرقية ونصيب الحرية ، ويسعى بمقدار ما يثبت من نصيب الحرية فقط ، بل يسعى في جميع كسبه لإطلاق النصوص ، وقد تقدمت في مبحث إيسار المولى ، ولخبر محمد بن علي (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مملوك بين أناس فأعتق بعضهم نصيبه ، قال : يقوّم قيمة ثم يستسعي فيما بقي ، ليس للآخر أن يستخدمه ولا يأخذ منه الضريبة) (١) وهو صريح في أن تمام كسبه مما يجوز صرفه في فكه ، لا بخصوص جزئه الحر.

(٣) أي إعسار المعتق.

(٤) عن باقي قيمته ، وهو قيمة حصة شريكه.

(٥) أي العبد.

(٦) بحيث يتحرر منه بمقدار ما يدفع ، إلى أن يتحرر الجميع عند دفع تمام قيمة حصة الشريك.

(٧) أي المعتق.

(٨) أي ببعض قيمة حصة الشريك.

(٩) على المعتق.

(١٠) أي بقدر ما أيسر.

(١١) لعموم النبوي (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (٢) ، وقيل لا يسرى عليه إلا إذا كان مالكا لقدر قيمته نصيب حصة شريكه أجمع ، وقد جعل أحد القولين كما في المسالك.

(١٢) أي في السريان إلى عتق حصة الشريك.

(١٣) وقوع العتق.

(١٤) أي عدم الإضرار كما عليه المشهور.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٠.

(٢) غوالي اللآلي الجزء الرابع من الطبعة الحديثة ص ٥٨.


مع تحقق القربة المشترطة (١) ، خلافا للشيخ (٢) حيث شرط في السراية مع اليسار قصد الاضرار ، وابطل العتق بالإعسار معه (٣) وحكم (٤) بسعي العبد مطلقا (٥) مع قصد القربة (٦) ، استنادا إلى أخبار ، تأويلها بما يدفع المنافاة بينها وبين ما دل على المشهور طريق الجمع (٧).

(ولو عجز العبد) عن السعي ، أو امتنع منه (٨) ولم يمكن اجباره (٩) ، أو مطلقا(١٠)

______________________________________________________

(١) أي المشترطة في العتق ، وقد عرفت اجتماع القربة مع الإضرار وفي هذا تعريض بابن إدريس حيث استشكل على الاجتماع وقد تقدم.

(٢) وللقاضي.

(٣) مع قصد الإضرار.

(٤) أي الشيخ.

(٥) إذا كان المعتق موسرا أو معسرا.

(٦) وهو لا يتم إلا على القول بالسراية ، وعليه فالشيخ والقاضي حاكمان بالسراية مع قصد القربة مطلقا والتضمين على العبد ، ومع قصد الإضرار فإن كان المعتق موسرا فالسراية والتضمين على المولى ، وإن كان معسرا فيبطل العتق.

(٧) وفيه أنه قد عرفت أن ما دل على المشهور مطلق وطريق الجمع بينه وبين الأخبار المفيدة دال على ما ذهب إليه الشيخ والقاضي.

(٨) من السعي.

(٩) إجبار العبد على السعي.

(١٠) سواء أمكن إجباره أم لا ، هذا واعلم أنه لا يجب على العبد السعي لفك رقبته من حصة الشريك ، ونسبه في الدروس إلى ظاهر الأصحاب ، وعن فخر المحققين الجزم بكونه قهريا ، للأمر بالسعي في الأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (إن كان مضارا كلّف أن يعتقه كله ، وإلا استسعى العبد في النصف الآخر) (١) ، وصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (وإن لم يكن له سعة من مال نظر قيمته يوم أعتق ، ثم يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق) (٢) ، وخبر محمد بن علي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (يقوّم قيمة ثم يستسعى فيما بقي ، ليس للآخر أن يستخدمه ولا يأخذ منه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ٢ و ٣.


في ظاهر كلامهم(فالمهايأة (١) بالهمز(في كسبه (٢) بمعنى أنهما (٣) يقتسمان الزمان بحسب ما يتفقان عليه ، ويكون كسبه في كل وقت لمن ظهر له بالقسمة(وتتناول) المهايأة(المعتاد من الكسب) كالاحتطاب(والنادر (٤) كالالتقاط.

وربما قيل : لا يتناول النادر ، لأنها (٥) معاوضة فلو تناولته (٦)

______________________________________________________

الضريبة) (١).

ولكن لا بد من حمل نصوص السعي على التخيير جمعا بينها وبين نصوص المهاياة الآتية.

(١) الهيئة صورة الشي‌ء وحالته الظاهرة ، وتهايأ القوم إذ جعلوا لكل واحد منهم هيئة معلومة ، والمراد منها هنا النوبة ، هذا ولو وقعت المهايأة بين العبد والشريك الذي هو مالك لبعضه ، على قسمة الزمان بحسب ما يتفقان عليه فما يكسبه في الزمن المختص له فكسبه له ، وما يكسبه في الزمن المختص للشريك فكسبه للشريك صح ذلك بلا خلاف فيه لصحيح محمد بن مسلم (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فأعتق لوجه الله نصيبه فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة ، وإذا أعتق لوجه الله كان الغلام قد أعتق من حصة من أعتق ويستعملونه على قدر ما أعتق منه له ولهم ، فإن كان نصفه عمل لهم يوما وله يوما) (٢) الحديث ، ومرسل حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن رجل أعتق غلاما بينه وبين صاحبه ، قال : قد أفسد على صاحبه ، فإن كان له أعطى نصف المال ، وإن لم يكن له مال عومل الغلام يوما للغلام ويوما للمولى يستخدمه ، وكذلك إذا كانوا شركاء) (٣).

(٢) أي كسب العبد.

(٣) أي العبد والشريك.

(٤) إذا وقعت المهايأة تناولت المعتاد والنادر بلا خلاف فيه لإطلاق الأدلة المتقدمة ، وحينئذ فكل ما يكسبه العبد في نوبته يختص به نادرا أو غيره ، وما يكسبه في نوبة المولى فهو للمولى نادرا أو غيره ، خلافا لبعض العامة فجعل النادر مشتركا بينهما ، لأنه مجهول ، وفيه منع لأن المنفعة في المدة المعلومة مضبوطة بالزمن على وجه يرفع الجهالة ، وخصوصيات الكسب غير مقصودة وإلا لو اعتبرت لزم الجهل مطلقا.

(٥) أي المهايأة.

(٦) أي تناولت النادر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٠.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق حديث ١٢ و ١١.


لجهلت (١) ، والمذهب خلافه ، والأدلة عامة ، والنفقة والفطرة عليهما (٢) بالنسبة (٣).

ولو ملك (٤) بجزئه الحر مالا كالارث (٥) والوصية لم يشاركه المولى فيه (٦) وإن اتفق (٧) في نوبته (٨).

ولو امتنعا (٩) ، أو أحدهما من المهايأة لم يجبر الممتنع (١٠) ، وكان على المولى (١١) نصف أجرة عمله (١٢) الذي يأمره (١٣) به (١٤) ، وعلى المبعض (١٥) نصف أجرة ما يغصبه من المدة ويفوّته اختيارا.

(ولو اختلفا في القيمة (١٦)

______________________________________________________

(١) أي المهايأة بسبب مجهولية النادر حيث إنه مجهول الوجود والقدر.

(٢) على العبد والشريك.

(٣) بنسبة ما أعتق من العبد وما يملك الشريك ، وهذا من جملة أحكام المبعّض.

(٤) أي العبد الذي تحرر بعضه.

(٥) فلو كان نصفه حرا وقد مات أبوه فنصف المال له بنسبة حريته والباقي للطبقة الثانية من الورثة وهكذا.

(٦) في ما ملكه بجزئه الحر.

(٧) أي اتفق ملكه بجزئه الحر.

(٨) أي نوبة المولى.

(٩) أي العبد والشريك.

(١٠) لعدم وجوب المهايأة كعدم وجوب السعي جمعا بين الأخبار على ما تقدم.

(١١) يعطيه للمبعّض.

(١٢) عمل العبد المبعّض.

(١٣) ضمير الفاعل راجع للمولى ، وضمير المفعول راجع للعبد المبعّض.

(١٤) بالعمل.

(١٥) يعطيه للمولى.

(١٦) أي في صورة ضمان المعتق قيمة نصيب شريكه لو اختلف المعتق وشريكه في قيمة العبد ، ولا طريق لمعرفتها لموت العبد ونحوه ، فقال المعتق : قيمته مائة ، فقال الشريك : بل مائتان ، فالقول قول المعتق مع يمينه ، لأنه منكر للزيادة ، ولأصالة براءة ذمته من الزائد كما هو قول صاحب الجواهر والمحقق واستحسنه الشارح في المسالك.

وقيل : القول قول الشريك مع يمينه ، لأنه ينزع نصيبه من يده ، ولا ينزع من يده إلا بما


(حلف الشريك ، لأنه (١) ينتزع من يده (٢) فلا ينتزع إلا بما يقوله ، لأصالة عدم استحقاق ملكه إلا بعوض يختاره ، كما يحلف المشتري لو نازعه الشفيع فيها (٣) ، للعلة(٤).

وقيل : يحلف المعتق ، لأنه (٥) غارم (٦). وربما بني (٧) الخلاف (٨) على عتقه (٩) بالأداء ، أو الاعتاق فعلى الأول (١٠) الأولى (١١) ، وعلى الثاني (١٢) الثاني (١٣) ، وعليه المصنف في الدروس ، لكن قدّم (١٤)

______________________________________________________

يرضيه ، وهو قول في المسألة وهو مختار الماتن في اللمعة. هذا وقد جعل الشهيد في الدروس مبنى القولين على الخلاف السابق من أن السريان من حين صيغة العتق أو من حين أداء القيمة ، فعلى الأول فيقدم قول المعتق لأنه غارم ، وعلى الثاني يقدم قول الشريك لأن ملكه باق فلا ينتزع منه إلا بما يرضيه.

هذا والحق أنه لا داعي لجعل النزاع هنا مبنيا على النزاع المتقدم ، بل لا بد من تقديم قول المعتق لأنه منكر سواء قلنا بأن السراية من حين العتق أو من حين الأداء ، ولذا المحقق في الشرائع قدم قول المعتق لأنه منكر مع أنه حاكم بأن السراية من حين حين الأداء ، وعلى قول الشهيد في الدروس يجب على المحقق أن يقدم قول الشريك.

(١) لأن العبد.

(٢) أي يد الشريك.

(٣) في القيمة ، كما لو باع أحد الشريكين حصته المشاعة وأراد الشريك الآخر أخذ المبتاع من المشتري بالشفعة ، فقال المشترى : إن قيمته مائة ، فقال الشفيع : خمسون ، فيقدم قول المشتري مع يمينه ، لأصالة عدم استحقاق ملكه إلا بعوض يختاره ، لأنه ينزع من يده فلا بد من نزعه بما يقوله.

(٤) أي لأصالة عدم استحقاق ملكه إلا بعوض يختاره.

(٥) أي المعتق.

(٦) أي دافع للقيمة وقد اعترف بما يقوله ، والزائد عنه منكر له فيقدم قوله لأنه منكر.

(٧) كما في الدروس.

(٨) أي الخلاف في تقديم قول أحدهما عند اختلافهما في القيمة.

(٩) متعلق بقوله (بني) والمراد على سريان عتق العبد إلى حصة الشريك.

(١٠) من أن السريان بالأداء.

(١١) أي تقديم قول الشريك ، لأن العبد ما زال على ملكه ، فلا ينزع منه إلا برضاه.

(١٢) من أن السريان من حين عتق الشريك الأول.

(١٣) أي تقديم قول المعتق ، لأنه منكر للزيادة.

(١٤) أي المصنف في الدروس.


على الحلف (١) عرضه (٢) على المقوّمين مع الإمكان (٣).

والأقوى تقديم قول المعتق ، للأصل (٤) ، ولأنه (٥) متلف (٦) فلا يقصر عن الغاصب المتلف (٧).

(وقد يحصل العتق بالعمى (٨) أي عمى المملوك بحيث لا يبصر أصلا لقول

______________________________________________________

(١) أي حلف أحدهما.

(٢) أي عرض العبد.

(٣) كما لو كان العبد حيا ، أو قريب العهد من الموت ، وهذا يخالف ما عليه المصنف هنا من الجزم بالحلف ابتداء.

(٤) أي أصالة براءة ذمته من الزائد فيكون منكرا للزيادة فيقدّم قوله لأنه منكر.

(٥) أي المعتق.

(٦) بمعنى أنه أفسد على شريكه ملكه للعبد ولذا يضمن قيمة حصة شريكه.

(٧) فقول الغاصب مقدم لو اختلف مع المالك في قيمة المغصوب بعد تلفه فكذا في المعتق المتلف ، لأن التلف متحقق في كليهما.

(٨) شروع في زوال الرق بالعوارض ، وهي أمور ، منها العمى والجذام والإقعاد ، بلا خلاف فيها ، للأخبار.

منها : صحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا عمي المملوك فقد عتق) (١) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا عمي المملوك فلا رق عليه ، والعبد إذا جذم فلا رق عليه) (٢) ، وخبر أبي البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : لا يجوز في العتاق الأعمى والمقعد) (٣) ، وفي المختلف عن الإسكافي ابن الجنيد أنه قال : (وفي حديث أهل البيت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا عمي المملوك أو جذم فلا رق عليه ، وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا أصابه زمانة في جوارحه وبدنه ، ومن نكّل بمملوكه فهو حر لا سبيل عليه سائبة) (٤) وهو نص في الإقعاد والزمانة.

وهذا لا يقصر عن الخبر المرسل المنجبر بعمل الأصحاب ، ومعه تعرف ضعف ما قاله الشارح في المسالك : (وأما الإقعاد فلم نقف له على شاهد ، والمصنف في النافع نسبه إلى الأصحاب مؤذنا بعدم وقوفه على دليله ، ولكن لا يظهر فيه مخالف ، حتى ابن إدريس

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من كتاب العتق حديث ١ و ٢ و ٤.

(٤) المختلف ج ٥ ص ٦٢٨.


الصادق عليه‌السلام في حسنة (١) حماد : «إذا عمي المملوك فقد أعتق» وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا عمي المملوك فلا رق عليه ، والعبد إذا جذم فلا رق عليه» ، وفي معناهما أخبار كثيرة(والجذام (٢) وكأنه إجماع ومن ثمّ (٣) لم ينكره ابن إدريس ، وإلا فالمستند ضعيف (٤) ، وألحق به (٥) ابن حمزة البرص ولم يثبت(والاقعاد) ذكره الأصحاب ولم نقف على مستنده (٦) ، وفي النافع نسبه إلى الأصحاب مشعرا بتمريضه ، إن لم تكن (٧) إشارة إلى أنه (٨) إجماع ، وكونه (٩) المستند.

(وإسلام المملوك في دار الحرب سابقا على مولاه (١٠) خارجا (١١) منها (١٢) قبله (١٣)

______________________________________________________

وافق عليه بشبهة أنه إجماع ، وفي الحقيقة الحكمة في انعتاق المملوك بهذه العوارض غير متحققة ، لأن عجزه عن الاكتساب يناسبه استصحاب الرق لتجب نفقته على المولى ، فليقتصر منه على محل الوفاق أو النص الصالح لإثبات الحكم) انتهى.

وعن ابن حمزة إلحاق البرص بالجذام ، ولا دليل له كما اعترف بذلك الشارح في المسالك وصاحب الجواهر.

(١) بل هي صحيحة لاشتمالها على إبراهيم بن هاشم الذي كان من شيوخ الإجازة ، وهذا يغني عن توثيقه.

(٢) عطف على العمى.

(٣) ومن كون الحكم إجماعيا.

(٤) إذ الدال على حكم الجذام هو خبر السكوني ، وهو عامي.

(٥) بالجذام.

(٦) وقد عرفت أن مستنده مرسل ابن الجنيد كما هو المحكي عنه في المختلف.

(٧) هذه النسبة.

(٨) أي حكم الإقعاد.

(٩) وكون الإجماع هو المستند في الحكم المذكور.

(١٠) على إسلام مولاه.

(١١) حال للمملوك.

(١٢) من دار الحرب إلى دار الإسلام.

(١٣) قبل خروج مولاه.


على أصح القولين (١) للخبر ، ولأن إسلام المملوك لا ينافي ملك الكافر له (٢) ، غايته أنه يجبر على بيعه ، وإنما يملك (٣) نفسه بالقهر لسيده (٤) ، ولا يتحقق (٥) ثمّ إلا بالخروج إلينا قبله (٦) ، ولو أسلم العبد بعده (٧) لم يعتق وإن خرج إلينا قبله (٨) ، ومتى ملك نفسه (٩) أمكن بعد ذلك (١٠) أن يسترق مولاه إذا قهره (١١) فتنعكس المولوية(ودفع (١٢) قيمة) المملوك(الوارث (١٣) إلى سيده ليعتق ويرث.

ويظهر من العبارة (١٤)

______________________________________________________

(١) قيد لخروج المملوك من دار الحرب قبل خروج مولاه ، وهذا ما ذهب إليه المشهور للخبر (أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حر ، وأيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد) (١) ، وعن الشيخ في المبسوط والمحقق عدم اشتراط خروجه قبل خروج مولاه ، وبه صرح ابن إدريس لحصول الإسلام للمملوك قبل مولاه ، وإسلامه مانع من ملك الكافر له ، وهو ممنوع ، لأن الإسلام لا يمنع إلا دوام الملك ولذا يجبر الكافر المالك على البيع ولا يمنع أصله.

(٢) للمملوك المسلم.

(٣) أي العبد المسلم.

(٤) أي قهرا عن سيده.

(٥) أي ملك العبد لنفسه قهرا.

(٦) قبل خروج السيد.

(٧) بعد إسلام مولاه.

(٨) قبل خروج مولاه ، لأن الأصل عدم انعتاقه إلا ما دل الدليل عليه ، وقد دل على قبلية إسلام العبد والخروج فيقتصر عليه ، لأنه القدر المتيقن المخالف للأصل.

(٩) أي متى ملك العبد نفسه بالشرطين السابقين من إسلامه قبل إسلام مولاه ومن خروجه إلينا قبل خروج مولاه.

(١٠) بعد ملكه لنفسه.

(١١) أي إذا غلبه في الحرب الناشبة بين المسلمين والكفار.

(١٢) عطف على العمى والجذام والإقعاد وإسلام المملوك.

(١٣) فيما لو مات مورثه ولا وارث له إلا هذا المملوك ، فتدفع من التركة قيمته لسيده حتى يعتقه ويرث ، وسيأتي البحث فيه في كتاب الإرث.

(١٤) أي عبارة الماتن.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب جهاد العدو حديث ١.


انعتاقه (١) بمجرد دفع القيمة ، حيث جعله (٢) سبب العتق ، وكذا يظهر منها (٣) الاكتفاء في عتقه بدفع القيمة من غير عقد (٤) وسيأتي في الميراث أنه يشترى ويعتق ، ويمكن أن يريد كون دفع القيمة من جملة أسباب العتق وإن توقف (٥) على أمر آخر (٦) ، كسببية التدبير (٧) ، والكتابة (٨) ، والاستيلاد (٩).

(وتنكيل المولى بعبده (١٠) في المشهور. وبه (١١) روايتان : إحداهما مرسلة (١٢) ، وفي سند الأخرى جهالة (١٣). ومن ثمّ أنكره (١٤) ابن إدريس.

______________________________________________________

(١) انعتاق المملوك الوارث.

(٢) أي حيث جعل دفع القيمة.

(٣) من عبارة الماتن.

(٤) من البيع والشراء.

(٥) أي العتق.

(٦) من شراء وإجراء صيغة العتق.

(٧) فإن صيغة التدبير من جملة أسباب العتق لتوقف العتق على موت المولى أيضا.

(٨) فصيغة الكتابة من جملة أسباب العتق ، لتوقفها على أداء المال أيضا.

(٩) فهو من جملة أسباب العتق لتوقف العتق على موت المولى أيضا.

(١٠) تنكيل المولى بعبده من أسباب العتق على المشهور للأخبار.

منها : خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن نكّل بمملوكه أنه حر ، لا سبيل له عليه ، سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب ، فإذا ضمن حدثه فهو يرثه) (١) ومرسل جعفر بن محبوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل عبد مثّل به فهو حر) (٢) ، ومرسل الصدوق : (وروي في امرأة قطعت يدي وليدتها أنها حرة لا سبيل لمولاتها عليها) (٣). ومع ذلك فقد خالف ابن إدريس اعتمادا على أصله من عدم العمل بخبر الواحد ، وقد ثبت ضعفه في محله.

(١١) أي بتنكيل المولى بعبده.

(١٢) وهي مرسلة جعفر بن محبوب.

(١٣) وهي خبر أبي بصير فهو مشترك بين الثقة والضعيف ، ومع ذلك فقد وصفها في المختلف بالصحة وتبعه على ذلك صاحب الجواهر.

(١٤) أي أنكر التنكيل.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من كتاب العتق حديث ٢ و ١ و ٣.


وأصل التنكيل : فعل الأمر الفظيع بالغير ، يقال : نكّل به تنكيلا إذا جعله نكالا وعبرة لغيره مثل أن يقطع أنفه ، أو لسانه ، أو أذنيه ، أو شفتيه ، وليس في كلام الأصحاب هنا (١) شي‌ء محرّر ، بل اقتصروا على مجرد اللفظ فيرجع فيه إلى العرف فما يعدّ تنكيلا عرفا يترتب عليه حكمه (٢) والأمة في ذلك (٣) كالعبد. ومورد الرواية (٤) المملوك ، فلو عبّر به (٥) المصنف كان أولى.

(و) قد يحصل العتق(بالملك) فيما إذا ملك الذكر أحد العمودين (٦) أو إحدى المحرمات (٧) نسبا ، أو رضاعا ، والمرأة أحد العمودين(وقد سبق) تحقيقه في كتاب البيع.

ويلحق بذلك مسائل

(لو قيل لمن أعتق بعض عبيده : أأعتقتهم؟) أي عبيدك بصيغة العموم من غير تخصيص بمن أعتقه(فقال : نعم. لم يعتق سوى من أعتقه (٨) ،

______________________________________________________

(١) في معنى التنكيل.

(٢) وهو الانعتاق.

(٣) في التنكيل.

(٤) وهي في خبر أبي بصير المتقدم.

(٥) أي لو عبّر المصنف بالمملوك ليشمل الأمة والعبد لكان أولى.

(٦) من الآباء أو الأبناء.

(٧) كالأخت والعمة والخالة.

(٨) الأصل في هذه المسألة خبر زرعة عن سماعة (قال : سألته عن رجل قال لثلاث مماليك له : أنتم أحرار وكان له أربعة ، فقال له رجل من الناس : أعتقت مماليكك؟ قال : نعم ، أيجب العتق لأربعة حين أجملهم أو هو للثلاثة الذين أعتق؟ فقال : إنما يجب العتق لمن اعتق) (١).

فالخبر ظاهر في انصراف جوابه إلى من باشر عتقهم خاصة ، وبهذا أفتى الشيخ وجماعة ، بل هو الموافق لنفس الأمر ، لأن جوابه إقرار بالعتق ، والإقرار بالعتق ليس من الأسباب الموجبة لإنشاء العتق في الحال ، وإنما هو إخبار عما سبق ، وعليه فلا ينعتق منهم إلا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من كتاب العتق حديث ١.


لأن هذه الصيغة (١) لا تكفي في العتق ، وإنما حكم بعتق من أعتقه بالصيغة السابقة(٢).

هذا بحسب نفس الأمر (٣) ، أما في الظاهر (٤) فإن قوله : نعم عقيب الاستفهام عن عتق عبيده ـ الذي (٥) هو جمع مضاف مفيد للعموم عند المحققين ـ يفيد (٦) الاقرار بعتق جميع عبيده من أوقع عليه منهم (٧) صيغة (٨) ، وغيره (٩) عملا بظاهر اقرار المسلم ، فإن الاقرار (١٠) وإن كان إخبارا عما سبق لا يصدق (١١) إلا

______________________________________________________

من كان قد أعتقهم سابقا.

نعم اشترط العلامة في القواعد أن يكون من أعتقهم سابقا بحدّ الجمع ، لأنه سئل عن عتق عبيده ، ولفظ العبيد جمع مضاف يفيد العموم ، فلا بد أن يكون المعتق جمعا حتى يطابق اللفظ ، وعليه فلا يسمع منه لو قال بعد ذلك : إنما أقررت بعتق الواحد أو الاثنين ، لأنه تأويل لا يطابقه اللفظ.

والشارح في المسالك استشكل في أصل الحكم ، لأنه جوابه إقرار منه بالعتق الوارد في السؤال ، والوارد في السؤال عتق العبيد وهو جمع مضاف يفيد العموم فيكون إقرارا بعتق جميع عبيده لا خصوص من أعتقهم سابقا.

وهو إشكال مردود ، لأن الجواب إقرار منه بمن أعتقه سابقا ، وليس إقرارا بعتق الجميع كما هو مقتضى الجمع المضاف الوارد في السؤال ، ولو كان الجواب إقرارا بمضمون السؤال ، إلا أن مضمون السؤال محمول على من أعتقه سابقا للانصراف.

(١) أي لفظ (نعم) الواقع في جواب السؤال.

(٢) أي بصيغة العتق السابقة على السؤال والجواب.

(٣) أي الواقع.

(٤) أي في دلالة اللفظ.

(٥) أي الاستفهام عن عتق عبيده ، والمراد به خصوص لفظ (العبيد) الوارد في السؤال.

(٦) خبر لقوله (فإن قوله نعم).

(٧) من عبيده.

(٨) صيغة العتق.

(٩) وغير من أوقع عليه صيغة العتق.

(١٠) جواب عن سؤال مقدر ، والسؤال هو : إن قوله نعم إقرار ولكنه إقرار بمضمون السؤال المحمول بل يكون إقرارا بما صدر منه.

(١١) صفة للإخبار.


مع مطابقته لأمر واقع في الخارج سابق (١) عليه (٢) ، إلا أنه (٣) لا يشترط العلم بوقوع (٤) السبب الخارجي ، بل يكفي إمكانه (٥) ، وهو (٦) هنا حاصل ، فيلزم الحكم عليه (٧) ظاهرا (٨) بعتق الجميع (٩) لكل (١٠) من لم يعلم بفساد ذلك (١١).

ولكن الأصحاب اطلقوا القول بأنه لا يعتق إلا من أعتقه من غير فرق بين الظاهر (١٢) ، ونفس الأمر (١٣) تبعا للرواية. وهي ضعيفة (١٤) مقطوعة (١٥) ، وفيها (١٦) ما ذكر (١٧).

______________________________________________________

(١) صفة للأمر الواقع في الخارج.

(٢) على الإقرار.

(٣) أن الشأن الواقع.

(٤) أي لا يشترط العلم بوقوع السبب الخارجي في صحة الإقرار.

(٥) أي إمكان السبب الخارجي السابق على الإقرار.

(٦) أي إمكان السبب الخارجي.

(٧) على المجيب.

(٨) بحسب دلالة لفظ الإقرار الصادر منه.

(٩) جميع عبيدة ، لا خصوص من أعتقهم.

(١٠) متعلق بقوله : (فيلزم الحكم) ، والمراد فكل شخص لم يعلم فساد عتق الجميع عليه أن يحكم على المجيب بمقتضى إقراره أنه أعتق جميع عبيده.

(١١) أي عتق الجميع.

(١٢) بين دلالة لفظ الإقرار الصادر منه.

(١٣) أي الواقع.

(١٤) ضعيفة بسماعة لأنه واقفي.

(١٥) لأنه لم يذكر فيها المسئول ، فلم يعلم أنه المعصوم أو لا.

(١٦) أي في الرواية.

(١٧) أي ما ذكر من الإشكال الحاصل من الجمع المفيد للعموم بحسب ظاهر إقراره وهذا ما يفيد عتق الجميع لا عتق من أعتقهم ، نعم هذا الإشكال مبني على الظاهر ، وإلا ففي نفس الواقع يحمل على خصوص من أعتقهم ، لأن العتق بحاجة إلى صيغة ، والصيغة قد وردت عليهم لا على الجميع وفيه أنه لا معنى للتفريق بين الظاهر ونفس الأمر ، بل يحمل الظاهر على نفس الأمر لأنه قرينة حالية ، ولذا قلنا إن إقراره منصرف إلى خصوص من أعتقهم ، وعليه فلا فرق بين الظاهر ونفس الأمر هنا.


ويقوى الاشكال (١) لو كان من أعتقه سابقا لا يبلغ الجمع (٢) فإن اقراره ينافيه (٣) ، من حيث الجمع (٤) والعموم (٥) ، بل هو (٦) في الحقيقة جمع كثرة لا يطلق حقيقة إلا على ما فوق العشرة فكيف يحمل على الواحد بحسب مدلول اللفظ لو لم يكن اعتق غيره في نفس الأمر.

نعم هذا (٧) يتم بحسب ما يعرفه المعتق ويدين به (٨) ، لا بحسب اقراره (٩) ، لكن الأمر في جمع الكثرة سهل ، لأن العرف لا يفرّق بينه ، وبين جمع القلة (١٠) ، وهو (١١) المحكّم في هذا الباب (١٢).

واشترط بعضهم (١٣) في المحكوم بعتقه ظاهرا (١٤) الكثرة (١٥) ، نظرا إلى مدلول لفظ الجمع (١٦) ، فيلزم عتق ما يصدق عليه الجمع حقيقة (١٧) ، ويكون (١٨)

______________________________________________________

(١) أي الإشكال على الرواية وإطلاق الأصحاب.

(٢) كما لو كان واحدا أو اثنين.

(٣) أي ينافي الحكم بعتق من أعتقهم فقط.

(٤) فالإقرار بلفظ الجمع ومن أعتقهم دونه.

(٥) فالإقرار يفيد العموم الاستغراقي القاضي بعتق الجميع ، ومن أعتقهم ولو كان جمعا فهو ليس بمستغرق لجميع عبيده.

(٦) أي إقراره ، والمراد به لفظ العبيد الوارد في السؤال الذي اعترف به.

(٧) أي الحكم بعتق من أعتقهم كما هو مورد الرواية وإطلاق الأصحاب.

(٨) أي بحسب الواقع.

(٩) أي لفظ إقراره الدال على جميع عبيده.

(١٠) الذي يطلق على ما دون العشرة.

(١١) أي العرف.

(١٢) أي باب مداليل اللفظ.

(١٣) وهو العلامة في القواعد.

(١٤) وهو من أعتقهم سابقا.

(١٥) أي ما يصدق عليه الكثرة وهو ثلاثة فما فوق.

(١٦) وهو لفظ العبيد الوارد في السؤال.

(١٧) وأقله ثلاثة.

(١٨) أي الجمع المحكوم بعتقه.


في غير من أعتقه (١) كالمشتبه (٢) ، واعتذر لهم (٣) عما ذكرناه (٤) بأنه (٥) إذا أعتق ثلاثة من مماليكه يصدق عليه (٦) هؤلاء مماليكي حقيقة (٧) فإذا قيل له : أأعتقت مماليكك؟ فقال : نعم. وهي (٨) تقتضي إعادة السؤال ، وتقريره (٩) فيكون (١٠) اقرارا بعتق المماليك الذين انعتقوا دون غيرهم ، لأصالة (١١) البراءة ، والاقرار إنما يحمل على المتيقن (١٢) لا على ما فيه احتمال (١٣).

ومما قررناه (١٤) يعلم فساد الاعتذار ، للفرق بين قوله : اعتقت مماليكي (١٥) المقتضي للعموم (١٦) ، وبين قوله لثلاثة : هؤلاء مماليكي ، لأنه (١٧)

______________________________________________________

(١) أي من أعتقه سابقا إذا كان أقل من ثلاثة.

(٢) والمعنى لو أعتق سابقا اثنين وقد أجاب بنعم بعد ما سئل بلفظ عتق عبيده ، فيلزم عتق ثلاثة التزاما بمدلول لفظ الإقرار ، فيعتق الاثنان من عبيده اللذين أعتقهما سابقا ، والثالث يعتق من بقية عبيده ويعيّن كما يعيّن المشتبه الذي أعتق واقعا ولم يعلم شخصه ، وتعيينه بالقرعة أو اختيار المعتق.

(٣) أي للأصحاب حيث حكموا بعتق من أعتقه سابقا مع أنه قد أقر بعتق جميع عبيده ، والمعتذر هو فخر المحققين في كتابه إيضاح الفوائد الذي هو شرح لكتاب القواعد لأبيه العلامة.

(٤) من ظهور الإقرار في عتق الجميع فكيف يحمل على عتق من أعتقهم سابقا.

(٥) بأن المعتق.

(٦) أي على المعتق أن يقول : هؤلاء مماليكي ، لأنه جمع منطبق على ثلاثة فالصدق حقيقي.

(٧) قيد للصدق.

(٨) أي كلمة (نعم).

(٩) أي الإقرار به.

(١٠) أي الجواب ب (نعم).

(١١) تعليل لحمل الإقرار على عتق المماليك الذين أعتقهم لأصالة البراءة من عتق غيرهم.

(١٢) والمتيقن هو عتق من أعتقهم.

(١٣) والذي فيه احتمال العتق هو غير من أعتقهم.

(١٤) من إفادة السؤال للعموم القاضي بعتق الجميع بحسب دلالة اللفظ.

(١٥) وهو قد أقرّ به عند قوله (نعم).

(١٦) أي العموم الاستغراقي القاضي بعتق الجميع.

(١٧) أي لأن قوله للثلاثة : هؤلاء مماليكي.


حينئذ (١) يفيد عموم المذكور (٢) ، دون غيره (٣) ، بخلاف المطلق (٤) فإنه (٥) يفيده (٦) في جميع من يملكه بطريق الحقيقة.

وهذا الاحتمال (٧) فيه (٨) من جهة مدلول اللفظ (٩) ، فكيف يتخصص (١٠) بما لا دليل عليه ظاهرا (١١).

نعم لو كان الاقرار في محل الاضطرار كما لو مر بعاشر (١٢) فأخبر بعتقهم (١٣) ليسلم منه (١٤) اتجه القول بأنه لا يعتق إلا ما أعتقه عملا بقرينة الحال (١٥) في الاقرار. وبه (١٦) وردت الرواية (١٧).

______________________________________________________

(١) أي حين تقييدهم بلفظ هؤلاء.

(٢) أي العموم المشار إليه بلفظ هؤلاء.

(٣) أي دون غير المشار إليه.

(٤) اي بخلاف العموم غير المقيد ، فانه يفيد العموم استغراقي القاضي بعتق الجميع.

(٥) أي العموم المطلق غير المقيد بلفظ الإشارة.

(٦) أي يفيد العموم.

(٧) أي العموم الاستغراقي.

(٨) في قول المعتق نعم إذا سئل عن عتق مماليكه.

(٩) لأنه جمع مضاف يفيد العموم الاستغراقي.

(١٠) فيحمل على خصوص من أعتقهم سابقا.

(١١) وفيه أن المخصص هو انصراف السؤال إلى ما صدر منه من العتق.

(١٢) وهو من يأخذ العشور.

(١٣) أي بعتق مماليكه.

(١٤) من العاشر.

(١٥) وهي الاضطرار.

(١٦) أي بالعمل بقرينة الحال القاضية بعتق من أعتقه فقط ، لا عتق الجميع ، وعليه فكذا في موردنا فقرينة الحال هي القاضية بانصراف السؤال إلى عتق من أعتقهم فقط ، والعجب من الشارح كيف فرّق بينهما مع أنهما من واد واحد ، بلا فرق بين عدم الحكم بظاهر إقراره لوجود القرينة أو عدم حصول التحرير بلفظ الإقرار لوجود القرينة كما هو مورد الرواية الآتية.

(١٧) وهي خبر الوليد بن هشام قال : (قدمت من مصر ومعي رقيق فمررت بالعاشر فسألني فقلت : هم أحرار كلهم فقدمت المدينة ، فدخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فأخبرته بقولي


(ولو نذر عتق أول ما تلده فولدت توأمين) أي ولدين في بطن واحد. واحدهما : توأم على فوعل(عتقا (١) معا إن ولدتهما دفعة واحدة ، لأن ما (٢) من صيغ العموم فيشملهما ، ولو ولدتهما متعاقبين عتق الأول خاصة. والشيخ لم يقيّد (٣) بالدفعة تبعا للرواية ، وتبعه جماعة منهم المصنف هنا ، وحملت (٤) على إرادة أول حمل (٥).

هذا إن ولدته (٦) حيا ، وإلا (٧) عتق الثاني (٨) ، لأن الميت لا يصلح للعتق ونذره صحيحا (٩) يدل على حياته التزاما.

______________________________________________________

للعاشر ، فقال : ليس عليك شي‌ء) (١).

(١) لو نذر عتق أول ما تلده فولدت توأمين دفعة ، كانا معا معتقين ، بلا خلاف فيه لعموم لفظ (ما) ، ولخبر الدعائم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من أعتق حملا لمملوكة له ، أو قال لها : ما ولدت أو أول ولد تلدينه فهو حر فذلك جائز ، فإن ولدت توأمين عتقا جميعا) (٢) والخبر مطلق يشمل صورتي ولادتهما معا ومتعاقبا ، وكذا أطلق الحكم كل من الشيخ والقاضي وجماعة بل الأكثر على ما قيل ، والعرف قاض على مجموع التوأمين أنهما أول ما ولدته ولو ولدتهما على التعاقب ، نعم اللغة حاكمة بأن المولود الأول عند ولادتهما على التعاقب هو أول ما ولدته ، إلا أن العرف هو المقدّم في باب مداليل اللفظ غير أن الشارح وجماعة قالوا إنه حسن لو صلحت الرواية لإثبات الحكم ، مع أنها ضعيفة السند جدا ، ولا بدّ من تحكيم العرف إلا أن المنذور هو أول مولود لا أول بطن ، وعليه فيعتق الأول منهما لو ولدتهما متعاقبين ، ويعتقا لو ولدتهما مجتمعين.

(٢) الواردة في قوله (أول ما تلده).

(٣) أي لم يقيد الحكم بعتقهما معا.

(٤) أي الرواية.

(٥) بخلاف ما نحن فيه من نذر أول مولود ، ولا يخفى الفرق بينهما.

(٦) أي الأول.

(٧) أي وإن لم تلد الأول حيا.

(٨) على احتمال كما في الجواهر ، لأن الظاهر تعلق النذر بأول حيّ تلده.

(٩) أي وصحة النذر تدل على أن المنذور لا بدّ أن يكون حيا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من كتاب العتق حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من كتاب العتق حديث ٢.


وقيل (١) : يبطل (٢) لفوات متعلقه (٣) ، ولو ولدته (٤) حرا (٥) ، أو مستحقا للعتق (٦) لعارض فوجهان (٧).

(وكذا (٨) لو نذر عتق أول ما يملكه فملك جماعة) دفعة واحدة بأن (٩) قبل (١٠) شرائهم ، أو تملكهم في عقد واحد (١١) ، أو ورثهم من واحد(عتقوا) اجمع ، لما ذكرناه من العموم (١٢).

(ولو قال : أول مملوك (١٣)

______________________________________________________

(١) على احتمال كما في الجواهر.

(٢) يبطل النذر.

(٣) أي متعلق النذر ، حيث متعلقه في المولود الأول ، وهو ميت لا يصلح للعتق فلا بد من بطلان النذر حينئذ.

(٤) أي الأول.

(٥) كأن ولدته من المولى أو غيره من الأحرار ، ولم تشترط رقية الولد.

(٦) كأن تلده أعمى أو مقعدا أو فيه جذام.

(٧) من أنه لا يصلح للعتق فلا بد من عتق الثاني ، ومن تعلق النذر به وهو غير صالح للعتق فلا بد من بطلان النذر حينئذ.

(٨) والحكم في الفرع السابق من عتق أول ما تلده ولو كان دفعة يأتي في هذا الفرع ، والسبب أن لفظ (ما) عامة وهي واردة في الفرعين ، فتشمل المتعدد إذا ملكهم دفعة كما تشمل المتعدد إذا ولدتهم دفعة.

(٩) تفسير لملكهم دفعة.

(١٠) كما لو اشتراهم له فضولي بعقود متعددة ، فأجاز الجميع دفعة ، وقلنا أن الإجازة ناقلة لا كاشفة ، فيتحقق ملكه لهم من حين الإجازة.

(١١) من شراء أو هبة.

(١٢) أي عموم لفظ (ما) الوارد في صيغة النذر.

(١٣) الفرق بينه وبين ما تقدم ، أن المملوك هنا نكرة في سياق الإثبات فلا يفيد العموم ، بخلاف لفظ (ما) فإنه عام هذا من جهة ومن جهة ثانية لا إشكال في صحة النذر ولو كان المنذور مبهما لعموم أدلة النذر ، ولخصوص ما ستسمعه من النصوص في هذا المقام ، ومن جهة ثالثة لو اتفق أن تملك واحدا أعتق من غير أن ينتظر لملك آخر بعده للصدق العرفي على أنه أول مملوك ، وقد يحتمل أنه لا يعتق إلا إذا ملك غيره حتى


(أملكه فملك جماعة (١) عتق أحدهم بالقرعة) لأن مملوكا نكرة واقعة في الإثبات فلا يعم (٢) ، بل يصدق بواحد فلا يتناول غيره ، لأصالة البراءة ، (وكذا (٣) لو قال : أول مولود (٤) تلده) فلا فرق حينئذ (٥) بين نذر ما تلده ويملكه فيهما (٦) ، نظرا إلى مدلول الصيغة (٧)

______________________________________________________

يصدق على السابق أنه أول مملوك إذ الأوليّة تقتضي وجود ملكين وأحدهما أسبق من الآخر ، إلا أنه احتمال عقلي لا ينزل عليه اللفظ ، بل يحمل على العرف الذي هو حاكم في هذا الباب وقد عرفت ما يقتضيه.

(١) إذا نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة دفعة ففيه أقوال :

الأول : أنه يعتق أحدهم بالقرعة كما عن الأكثر ، لانتفاء الأولوية عن كل منهم ، ولخصوص صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر فورث سبعة جميعا ، قال عليه‌السلام : يقرع بينهم ويعتق الذي يخرج اسمه) (١).

القول الثاني : أنه يتخير ويعتق كما عن الشيخ في التهذيب والمحقق في نكت النهاية والشهيد في شرح الإرشاد لخبر الصيقل (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر فأصاب ستة قال : إنما كانت نيته على واحد فليختر أيهم شاء فليعتقه) (٢) ، وفيه أنه لا يقاوم صحيح الحلبي ، لاشتماله على إسماعيل بن يسار وهو ضعيف وعلى الحسن الصيقل وهو مجهول الحال.

القول الثالث : بطلان النذر ، لأن شرطه وحدة المملوك ولا أولية مع تحقق ملك جماعة دفعة ، مع أن عتق الدفعة غير مقصود والأصل البراءة وهذا ما ذهب إليه ابن إدريس ، وفيه أنه اجتهاد في قبال النص فلا يسمع.

(٢) أي لا يفيد العموم الاستغراقي.

(٣) أي وكذا من الحكم بعدم العموم الاستغراقي.

(٤) فهو نكرة في سياق الإثبات فلا يفيد العموم الاستغراقي.

(٥) حين الإتيان بلفظ النكرة في سياق الإثبات بين كون النذر قد تعلق بعتق أوّل ما تلده أو أول ما يملكه ، وكذا الإتيان بلفظ (ما) المفيد للعموم بلا فرق بين تعلقه بعتق المولود أو المملوك.

(٦) في الصيغتين.

(٧) أي الصيغة الواردة في المقامين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب كيفية الحكم حديث ١٥ من كتاب القضاء.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من كتاب العتق حديث ٣.


في العموم ، وعدمه (١) ، ومن خصّ إحداهما (٢) باحدى العبارتين (٣) والأخرى (٤) بالأخرى (٥) فقد مثّل (٦).

هذا غاية ما بينهما (٧) من الفرق.

وفيه (٨) بحث ، لأن ما (٩) هنا تحتمل المصدرية (١٠). والنكرة المثبتة تحتمل الجنسية (١١) فيلحق الأول (١٢) بالثاني (١٣) ، والثاني (١٤)

______________________________________________________

(١) أي عدم العموم.

(٢) إحدى الصيغتين من لفظ (ما) والنكرة المثبتة.

(٣) أي بإحدى عبارتي نذر الملك أو نذر المملوك.

(٤) أي والصيغة الأخرى.

(٥) أي بالأخرى من العبارتين.

(٦) أي من أتى بالتخصيص فقد أتى به من باب التمثيل كما فعله المحقق في الشرائع حيث قال : (لو نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة قيل يعتق أحدهم بالقرعة وقيل يتخير ويعتق ، وقيل لا يعتق شيئا ، لأنه لم يتحقق شرط النذر) ، وقال : (لو نذر تحرير أول ما تلده فولدت توأمين كانا معتقين) انتهى كلامه.

حيث خصّ مسألة الملك بأول مملوك وخص مسألة الولادة بأول ما تلد ، مع أن ما الموصولة لو تعلقت بالمملوك بأن نذر عتق أول ما يملك فملك جماعة دفعة لعتقوا جميعا ، ومع أن النكرة في سياق الإثبات لو تعلقت بالمولود بأن نذر عتق أول مولود تلده لأتى فيه النزاع المتقدم في الملك.

(٧) ما بين الصيغتين من ما الموصولة والنكرة المثبتة.

(٨) أي وفي الفرق المذكور من عموم (ما) الموصولة ، وعدم عموم النكرة المثبتة.

(٩) أي لفظ (ما).

(١٠) بحيث تنسبك هي وما بعدها بالمصدر فقوله (ما تلده) أي ولادتها ، والمصدر قد أريد به اسم المفعول فالمعنى أول مولود ، وعليه فلا عموم في ذلك.

(١١) والجنس مما يفيد العموم.

(١٢) أي الفرع الأول وهو نذر المملوك إذا كان فيه لفظ (ما) بعد حملها على المصدرية.

(١٣) أي بالفرع الثاني الذي حكمنا فيه بعدم العموم ، ولذا وقع الخلاف فيه بينهم في أن تعيينه بالقرعة أو اختيار المولى.

(١٤) أي الفرع الثاني وهو نذر المولود إذا كان فيه النكرة المثبتة بعد حملها على الجنسية.


بالأول (١) ، ولا شبهة فيه (٢) عند قصده (٣) ، وإنما الشك مع إطلاقه (٤) ، لأنه (٥) حينئذ (٦) مشترك فلا يخصّ بأحد معانيه بدون القرينة ، إلا أن يدّعى وجودها (٧) فيما ادعوه من الأفراد (٨) ، وغير بعيد ظهور الفرد المدّعى (٩) وإن احتمل خلافه. وهو (١٠) مرجح ، مع أن في دلالة الجنسية (١١) على تقدير إرادتها (١٢) ، أو دلالتها (١٣) ـ على العموم (١٤) نظر (١٥) ، لأنه (١٦) صالح للقليل والكثير (١٧).

ثم على تقدير التعدد (١٨) والحمل على الواحد (١٩) يستخرج المعتق بالقرعة كما ذكر (٢٠) ، لصحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام في رجل قال : أول مملوك

______________________________________________________

(١) بالفرع الأول الذي حكمنا فيه بالعموم ، ولذا حكمنا بعتق الجميع لو ملكهم دفعة.

(٢) في الإلحاق المذكور.

(٣) أي قصد الإلحاق بقصد سببه من قصد جنسية النكرة ومصدرية (ما).

(٤) أي إطلاق اللفظ من (ما) والنكرة المثبتة.

(٥) أي اللفظ من (ما) والنكرة المثبتة.

(٦) حين الإطلاق وعدم قصد المصدرية في لفظ (ما) وعدم قصد الجنسية في النكرة المثبتة.

(٧) وجود القرينة.

(٨) أي من الصيغ المذكورة بحيث يحمل لفظ (ما) على الموصولة المفيدة للعموم ، وتحمل النكرة المثبتة على عدم العموم.

(٩) أي المعنى المدعى.

(١٠) أي المعنى المدعى.

(١١) أي على فرض إرادة الجنس.

(١٢) أي إرادة الجنسية أي كونها مرادة وذلك في لفظ (ما) الموصولة.

(١٣) أي كونها مدلولة عليها من لفظ كما في النكرة المثبتة.

(١٤) تعلق بقوله (دلالة الجنسية).

(١٥) اسم إن.

(١٦) أي الجنس.

(١٧) ولذا قال الشارح في المسالك : (فإن صلاحية الجنس للواحد والمتعدد يمنع من حمله على المتعدد بغير قرينة ، والمتيقن منه هو الواحد) انتهى.

(١٨) أي ما لو ملكه أو ولدته متعددا.

(١٩) لأن صيغة النذر مشتملة على النكرة المثبتة.

(٢٠) في قول الماتن ، وهو قول الأكثر.


أملكه فهو حر فورث سبعة جميعا قال : «يقرع بينهم ويعتق الذي قرع» ، والآخر (١) محمول عليه (٢) ، لأنه (٣) بمعناه (٤).

وقد يشكل ذلك (٥) في غير مورد النص (٦) بأن القرعة لإخراج ما هو معلوم في نفس الأمر مشتبه ظاهرا ، وهنا (٧) الاشتباه واقع مطلقا (٨). فلا تتوجه القرعة في غير موضع النص ، إلا أن يمنع تخصيصها (٩) بما ذكر (١٠) نظرا إلى عموم قولهم عليهم‌السلام : «إنها لكل أمر مشتبه» (١١).

لكن خصوصية هذه العبارة (١٢)

______________________________________________________

(١) أي الفرع الآخر فيما لو نذر عتق أول مولود تلده.

(٢) على الفرع الأول فيما لو نذر أول مملوك يملكه ، مع أن الأول غير منصوص ، إلا أنه بحكم الثاني لوحدة المناط فيهما.

(٣) أي الآخر.

(٤) بمعنى الأول.

(٥) من حمل الآخر على الأول.

(٦) والنص وارد في الأول فقط ، وحاصل الإشكال إن مورد القرعة هو المشتبه ظاهرا المعيّن واقعا ، مع أن المنذور هنا مشتبه واقعا وظاهرا ، وحكمنا بعتق أول مملوك لوجود النص فلا يتعدى إلى غيره لأنه على خلاف الأصل.

(٧) في الفرعين معا من عتق أول مملوك وأول مولود.

(٨) ظاهرا وواقعا.

(٩) أي تخصيص القرعة.

(١٠) من أن موردها المشتبه ظاهرا والمعيّن واقعا.

(١١) ففي خبر الدعائم عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم‌السلام (أنهم أوجبوا القرعة فيما أشكل) (١) ، وخبر محمد بن حكيم (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن شي‌ء فقال لي : كل مجهول ففيه القرعة ، قلت له : إن القرعة تخطى‌ء وتصيب ، قال عليه‌السلام : كلما حكم الله به فليس بمخطئ) (٢).

(١٢) هذه العبارة : وهي إن القرعة لكل أمر مشتبه.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب كيفية القضاء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب كيفية القضاء حديث ١١.


لم تصل إلينا مستندة على وجه يعتمد (١) ، وإن كانت مشهورة.

وقيل (٢) : يتخيّر في تعيين من شاء ، لرواية الحسن الصيقل عنه عليه‌السلام في المسألة بعينها.

لكن الرواية ضعيفة السند ، ولو لا ذلك (٣) لكان القول بالتخيير. وحمل القرعة على الاستحباب طريق الجمع بين الأخبار ، والمصنف في الشرح اختار التخيير جمعا (٤) مع اعترافه بضعف الرواية.

وربما قيل (٥) : ببطلان النذر ، لإفادة الصيغة وحدة المعتق ، ولم توجد (٦).

وربما احتمل عتق الجميع (٧) ، لوجود الأولية في كل واحد كما لو قال : من سبق فله كذا فسبق جماعة (٨). والفرق واضح (٩).

(ولو نذر عتق أمته إن وطأها (١٠) فأخرجها عن ملكه) قبل الوطء(ثم أعادها) إلى ملكه(لم تعد اليمين (١١) ، لصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما

______________________________________________________

(١) فقد نسبها المحقق الثاني في جامع المقاصد إلى قولهم عليهم‌السلام ، والوارد سابقا إنما كان بلفظ المجهول والمشكل ومع ذلك فهو ضعيف السند.

(٢) وهو القول الثاني المتقدم في مسألة نذر عتق أول مملوك يملكه.

(٣) أي ضعف السند.

(٤) بين الأخبار.

(٥) وهو القول الثالث المتقدم ، وهو لابن إدريس.

(٦) أي وحدة المعتق.

(٧) هو احتمال وليس قولا.

(٨) فلكل واجد منهم الجعل.

(٩) حيث في مسألة السبق يوجد لفظ (من سبق) وهو للعموم بخلاف مسألة نذر أول مملوك فلا عموم فيه.

(١٠) صح النذر لما تقدم من عموم أدلة النذر ، وقد تقدم أنه ليس من العتق المعلّق بل هو نذر معلّق ، والنذر قابل للتعليق ، وعليه فتعتق بتحقق مسمى الوطء.

(١١) لو أخرجها عن ملكه قبل الوطء انحلّت اليمين ، فلو أعادها بملك مستأنف لم تعد اليمين ، لأنها قد انعقدت بالنسبة للملك الأول فقط ، وهذا ملك جديد ، لأنه قد انعقدت


عليهما‌السلام قال : سألته عن الرجل تكون له الأمة فيقول يوم يأتيها فهي حرة ، ثم يبيعها من رجل ، ثم يشتريها بعد ذلك قال : «لا بأس بأن يأتيها فقد خرجت عن ملكه».

وحمل ما أطلق (١) فيها (٢) من التعليق (٣) على النذر (٤) ليوافق (٥) الأصول (٦) ، ويشهد له (٧) أيضا (٨) تعليله عليه‌السلام الإتيان بخروجها عن ملكه ، ولو لم يكن (٩) منذورا لم يتوقف ذلك (١٠) على الخروج (١١) كما لا يخفى.

ولو عمم النذر (١٢) بما يشمل الملك العائد فلا إشكال في بقاء الحكم ، وفي

______________________________________________________

بالنسبة للملك الأول فقط ، وهذا ملك جديد ، وقد تقدم نظيره في الإيلاء ويدل عليه مضافا إلى ذلك صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام (سألته عن الرجل تكون له الأمة فقال : يوم يأتيها فهي حرة ، ثم يبيعها من رجل ثم يشتريها بعد ذلك ، قال عليه‌السلام : لا بأس بأن يأتيها ، قد خرجت عن ملكه) (١).

وظاهره صحة تعليق العتق على الشرط ، وقد تقدم منعه فلذا حملها الأصحاب على ما لو نذر عتقها إذا وطأها ، ولم يخالف في ذلك إلا ابن إدريس اعتمادا على أصله من منع العمل بخبر الواحد وهو ضعيف.

(١) وهو : فهي حرة يوم يأتيها.

(٢) أي في الصحيحة.

(٣) أي قوله : يوم يأتيها.

(٤) أي على نذر عتقها يوم يأتيها.

(٥) أي يوافق ما أطلق في سؤال الراوي.

(٦) وهي عدم صحة تعليق العتق على الشرط ، مع أن النذر المعلّق صحيح.

(٧) لهذا الحمل على النذر.

(٨) كما كان الحمل لموافقة الأصول فكذا للتعليل.

(٩) أي الإتيان.

(١٠) وهو حل الإتيان.

(١١) لبطلان تعليق العتق فيجوز الوطء سواء خرجت عن مكله أم لا.

(١٢) أي عمم نذر عتقها عند إتيانها ، سواء كان الإتيان في الملك الأول أو المستجدّ ، والتعميم إما بالتصريح وإما بالنية فلا كلام ولا إشكال في عدم الحلّ وبقاء الحكم من العتق عند الوطء.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٩ ـ من كتاب العتق حديث ١.


تعديته (١) إلى غير الوطء من الأفعال ، وإلى غير الأمة وجهان. من كونه (٢) قياسا ، وإيماء (٣) النص إلى العلة (٤) وهي (٥) مشتركة (٦).

والمتجه التعدي ، نظرا إلى العلة ، ويتفرع على ذلك (٧) أيضا (٨) جواز التصرف في المنذور المعلق على شرط لم يوجد (٩) ، وهي (١٠) مسألة إشكالية (١١) ، والعلامة(١٢)

______________________________________________________

(١) أي في تعدية الحكم إلى غير الوطء كما لو قال : يوم أقبّلها فهي حرة ، وكذا تعدية الحكم إلى غير الأمة كما لو قال : يوم أضربه فهو حرّ.

(٢) أي من كون التعدي قياسا وهو دليل لعدم التعدي فيقتصر فيه على المنصوص من الوطء في الأمة.

(٣) أي ومن إيماء ، وهو دليل التعدي.

(٤) أي علة الحكم بجواز إتيانها لأنها قد خرجت عن ملكه ، والخروج عن الملك قد أبطل نذر العتق بالوطء المتعلق بالملك الأول فكذلك يبطل نذر العتق بغيره المتعلق بالملك الأول ، وكذلك يبطل نذر العتق للعبد إذا تعلق بالملك الأول.

(٥) أي العلة لأنها تعمم وتخصص كما ثبت في محله.

(٦) بين الأمة وغيرها ، وبين الوطء وغيره.

(٧) أي على الرواية ولذا قال في المسالك : (وفي الرواية أيضا على تقدير حملها على النذر دلالة على جواز التصرف في المنذور المعلّق على شرط قبل حصول الشرط ، وفيه خلاف مشهور) انتهى كلامه.

(٨) كما تفرع على الرواية جواز إتيانها بسبب خروجها عن ملكه كما هو أصل المسألة.

(٩) أي لم يوجد شرط النذر ، فيصح التصرف في المنذور قبل تحقق شرط النذر كما هو صريح الرواية حيث جوّز بيع الأمة المنذور عتقها عند الوطء لو باعها قبل الوطء ثم اشتراها بعد ذلك.

(١٠) أي مسألة جواز التصرف في المنذور المعلّق على شرط لم يوجد.

(١١) كما تقدم في كتاب الأيمان ، وفيه أن الخلاف فيما لو علّق النذر على شرط لم يكن باختيار المكلف كقدوم زيد وشفاء المريض ، فجواز التصرف في المنذور قبل حصول الشرط مستلزم لعدم إمكان الوفاء بالنذر على تقدير حصول الشرط.

وأما إذا كان الشرط من فعل المكلف باختياره فلا إشكال في جواز التصرف في المنذور قبل حصول شرط النذر ، إذ لا يلزم منه سوى أنه لا يجوز له فعل الشرط ، وهذا مما لا محذور فيه ، ومقامنا من قبيل الثاني لا الأول.

(١٢) راجع إلى أصل الحكم الدال على عدم تحقق النذر لو خرج العبد عن الملك ، وقد أتى


اختار في التحرير عتق العبد لو نذر : إن فعل (١) كذا فهو حر فباعه قبل الفعل ، ثم اشتراه ، ثم فعل (٢) ، وولده (٣) استقرب عدم جواز التصرف في المنذور المعلق على الشرط قبل حصوله (٤) ، وهذا الخبر (٥) حجة عليهما (٦).

(ولو نذر عتق كل مملوك قديم انصرف) النذر(إلى من مضى عليه في ملكه ستة أشهر) فصاعدا على المشهور (٧).

______________________________________________________

بشرط النذر بعد ذلك ، لأن النذر قد تعلق بالملك الأول ، وشرط النذر قد حصل في الملك العائد.

(١) أي فعل الناذر كقوله : إن ضربته فهو حر.

(٢) أي الناذر كأن ضربه ، فقد حكم العلامة حينئذ بعتق العبد ، مع أنه قد خرج عن ملكه ، والنص المتقدم صريح بعدم تحقق العتق المنذور بناء على التعدي.

(٣) أي فخر المحققين ، وهذا راجع إلى التفريع من جواز التصرف في المنذور المعلّق على شرط قبل حصول الشرط.

(٤) قبل حصول الشرط.

(٥) وهو صحيح ابن مسلم.

(٦) أما أنه حجة على العلامة بناء على تعدي الحكم فواضح ولعل العلامة غير قائل بالتعدي ، وأما أنه حجة على فخر المحققين ففيه منع ، إذ يحتمل أن الفخر قد منع فيما لو كان الشرط من غير فعل المكلف ، والخبر قد جوز التصرف في المنذور المعلق قبل حصول الشرط إذا كان من أفعال المكلف وعليه فلا إشكال عليهما من هذه الجهة.

(٧) والأصل فيه مرسل داود النهدي عن بعض أصحابنا قال : (دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ فقال له : رجل قال عند موته : كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله.

قال : نعم ، إن الله عزّ ذكره قال : (حَتّٰى عٰادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) ، فما كان من مماليكه أتى عليه ستة أشهر فهو قديم حر) (١) ، وفي إرشاد المفيد (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل أوصى فقال : اعتقوا عني كل عبد قديم في ملكي ، فلما مات لم يعرف الوصي ما يصنع ، فسئل عن ذلك فقال : يعتق عنه كل عبد له في ملكه ستة أشهر ، وتلا قوله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنٰاهُ مَنٰازِلَ حَتّٰى عٰادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) ، قال المفيد : وقد ثبت أن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من كتاب العتق حديث ١.


وربما قيل (١) : إنه (٢) إجماع ، ومستنده رواية ضعيفة السند ، واعتمادهم الآن على الإجماع ، واختلفوا في تعديه (٣) إلى نذر الصدقة بالمال القديم ونحوه (٤) من حيث (٥) إن القديم قد صار حقيقة شرعية في ذلك (٦) فيتعدى ، ويؤيده (٧) تعليله في الرواية بقوله تعالى : (حَتّٰى عٰادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (٨) فإنه (٩) يقتضي ثبوت القدم بالمدة المذكورة (١٠)

______________________________________________________

العرجون إنما ينتهي إلى الشبه بالهلال في تقوسه وضئولته بعد ستة أشهر من أخذ الثمرة منه) (١) والخبر الثاني قد عبّر بلفظ (العبد) ، وهذا ما عبّر به الشيخ وتبعه المحقق وجماعة ، وتمادى الأمر في العلامة ـ كما في المسالك ـ حيث توقف في تعدي الحكم إلى الأمة ، من حيث إن هذا الحكم على خلاف الأصل ، إذ لا دليل عليه من جهة العرف ولا اللغة ، وإنما مستنده الشرع والرواية ضعيفة السند مرسلة فيقتصر فيها على موردها وهو العبد ، وفيه أن الخبر الأول قد اشتمل على لفظ (المملوك) وهو شامل للذكر والأنثى فلا وجه للتوقف في التعدية ، على أن من عبّر بلفظ العبد إنما يكون تبعا للرواية الثانية أو للتمثيل ليس إلا.

ومنه تعرف ضعف ما عن فخر المحققين حيث اعتذر لأبيه عند عدم التعدي إلى الأمة بأن المسألة إجماعية ، وأن الإجماع لم يقع إلا على العبد فلذا استشكل والده في حكم الأمة ، ووجه الضعف أن مستند الحكم هو الخبران المتقدمان وأحدهما عام يشمل الأمة كما يشمل العبد.

(١) وهو فخر المحققين.

(٢) الحكم بعتق من مضى عليه ستة أشهر ، ولكنه مختص بالعبد كما تقدم.

(٣) أي تعدي الحكم في المملوك القديم إلى كل قديم.

(٤) كإبراء غريمه القديم.

(٥) دليل التعدي.

(٦) أي في ما مضى عليه ستة أشهر.

(٧) أي يؤيد التعدي.

(٨) سورة يس ، الآية : ٣٩.

(٩) أي فإن تعليل المعصوم بقوله تعالى.

(١٠) وهي ستة أشهر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من كتاب العتق حديث ٢.


مطلقا (١) ومن (٢) معارضة اللغة والعرف (٣) ، ومنع (٤) تحققه (٥) شرعا ، لضعف المستند (٦) ، والاجماع (٧) إن ثبت اختصّ بمورده (٨).

والأقوى الرجوع في غير المنصوص (٩) إلى العرف.

وفيه (١٠) لو قصر الكل (١١) عن ستة (١٢) ففي عتق أولهم تملكا (١٣) اتحد أم تعدد ، أو بطلان النذر وجهان.

وعلى الأول (١٤) لو اتفق ملك الجميع دفعة ففي انعتاق الجميع ، أو البطلان (١٥)

______________________________________________________

(١) أي في المملوك وغيره ، وفي نذر العتق ونذر الصدقة وغيرهما.

(٢) دليل عدم التعدي.

(٣) حيث لا يحمل القديم على ما مضى عليه ستة أشهر في اللغة ولا العرف.

(٤) دليل ثان لعدم التعدي.

(٥) أي تحقق القدم بالمدة المذكورة.

(٦) إذ المستند مرسل بكلا طريقيه.

(٧) أي الإجماع المدعى من قبل فخر المحققين.

(٨) من نذر عتق العبد القديم ولذا لا يعدى إلى عتق الأمة فضلا عن التعدي إلى نذر الصدقة وغير العتق.

(٩) وغير المنصوص هو نذر غير العتق ، ولذا قال في المسالك : (والأقوى الرجوع في غير موضع الوفاق إلى العرف ، فإن لم يدل على اتصاف شي‌ء من متعلق النذر بالقدم بطل) انتهى.

(١٠) أي وفي المنصوص وهو نذر العتق.

(١١) أي كل عبيده.

(١٢) أي ستة أشهر.

(١٣) لو ملك جماعة على التعاقب وكانت مدة ملكه للجميع أقل من ستة أشهر فهل يعتق من ملكه أولا ، سواء اتحد أم تعدد ، لكونه قديما بالنسبة إلى من بعده عرفا ، أو يبطل النذر حيث لم يتحقق القديم الذي فسرته الرواية بمضي ستة أشهر على تملكه وجهان.

(١٤) من عتق من ملكهم أولا لأنهم أقدم من غيرهم فلو اتفق ملك الجميع دفعة ففي انعتاق الجميع لتحقق القدم عرفا أو بطلان النذر لفقد وصف القديم شرعا وجهان ، والأولى بطلان النذر في الصورتين لعدم تحقق القدم شرعا.

(١٥) أي بطلان النذر.


لفقد الوصف (١) الوجهان.

والأقوى البطلان فيهما (٢) ، لدلالة اللغة ، والعرف على خلافه (٣) وفقد النص(٤).

واعلم أن ظاهر العبارة (٥) كون موضع الوفاق نذر عتق المملوك ، سواء فيه الذكر والأنثى ، وهو (٦) الظاهر ، لأن مستند الحكم عبّر فيه بالمملوك ، والعلامة جعل مورده (٧) العبد ، واستشكل الحكم (٨) في الأمة كغيرها (٩) من المال ، واعتذر له (١٠) ولده بأن مورد الاجماع العبد وإن كان النص أعم ، لضعفه (١١) ، وإثبات (١٢) موضع الاجماع في ذلك (١٣) لو تمّ لا يخلو من عسر (١٤).

(ولو اشترى أمة نسيئة واعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها (١٥) كما هو

______________________________________________________

(١) أي وصف القدم شرعا ، وهو مضي ستة أشهر.

(٢) في الصورتين.

(٣) على خلاف ما قد تحقق من الملك في الصورتين ، إذ المتحقق هو أقل من ستة أشهر ، وهذا لا يصدق لغة ولا عرفا أنه قديم.

(٤) إذ لا نص على أن القديم هو أقل من ستة أشهر.

(٥) أي عبارة الماتن.

(٦) أي جعل متعلق النذر لفظ المملوك وليس خصوص العبد.

(٧) أي مورد الوفاق.

(٨) من عتق من مضى عليه ستة أشهر.

(٩) أي كغير الأمة عند نذر الصدقة بكل مال قديم.

(١٠) أي واعتذر في الإشكال للعلامة ولده فخر المحققين.

(١١) أي لضعف النص ، تعليل لكون المدرك هو الإجماع وليس النص.

(١٢) رد للاعتذار.

(١٣) أي في العبد فقط دون الأمة.

(١٤) وجه العسر اختلاف عبارات الأصحاب.

(١٥) وجعل عتقها مهرها وحملت ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها ، رجعت هي وولدها رقا للمولى الأول كما عن الشيخ وابن الجنيد وابن البراج لصحيح هشام بن سالم في موضع من التهذيب ، وفي موضع آخر عنه عن أبي بصير ، وفي الكافي صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل وأنا حاضر عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة


مورد الرواية ، (أو تزوجها) بعد العتق(بمهر (١) ، أو مفوّضة (٢) لاشتراك الجميع (٣) في الوجه (٤) (ثم مات ولم يخلّف شيئا) ليوفى منه (٥) ثمنها(نفذ العتق) ، لوقوعه من أصله صحيحا (٦) (ولا تعود رقا) ، لأن الحر لا يطرأ عليه الرقية في

______________________________________________________

فلما قبضها المشتري أعتقها من الغد وتزوجها ، وجعل مهرها عتقها ، ثم مات بعد ذلك بشهر ، فقال عليه‌السلام : إن كان للذي اشتراها إلى سنة مال أو عقدة تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فإن عتقه ونكاحه جائز ، وإن لم يملك مالا أو عقدة تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها ، كان عتقه ونكاحه باطلا ، لأنه عتق ما لا يملك ، وأرى أنها رق لمولاها الأول ، قيل له : وإن كانت علقت من الذي أعتقها وتزوجها ، ما حال ما في بطنها؟ فقال : الذي في بطنها مع أمه كهيئتها) (١) أي كهيئتها في الرقية.

وهو مخالف لقواعد المذهب الدالة على صحة البيع وصحة العتق لمصادفتهما ملكا صحيحا ، ومخالف للقواعد الدالة على انعقاد الولد حرا فلا يعود رقا ، ولذا لم يعمل بالخبر ابن إدريس والمحقق وأكثر المتأخرين ، وهو إما مطروح لأنه مضطرب السند فالشيخ قد رواه تارة عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام من غير واسطة ، وأخرى عن أبي بصير ، بالإضافة إلى أن أبا بصير مشترك بين الثقة وغيره وإما محمول على وقوع العتق في مرض الموت والفرض عدم الثلث له لاستغراق الدين كما عن العلامة في القواعد.

وعلى كل فإذا عمل بالخبر فلا بد من الجمود على كل ما فيه من القيود المحتمل مدخليتها في الحكم المذكور فيقتصر على الأمة ولا يتعدى إلى العبد الذي اشتراه نسيئة فلا يعود رقا ، ويقتصر على ما لو كان ثمنها نسيئة ، نعم يقطع بعدم اعتبار البكارة وبعدم اعتبار الأجل إلى سنة ، وكذا القطع بعدم اعتبار وجود الولد منها ، لأن الحكم قد ثبت عليها قبل السؤال عن حكم الولد منها.

(١) ولم يجعل عتقها مهرها للقطع بعدم مدخلية هذا القيد للحكم المنصوص عليه في الخبر.

(٢) أي مفوضة البضع وهي التي لم يذكر لها مهر في العقد.

(٣) ما لو جعل عتقها مهرها ، أو جعل لها مهرا غير ذلك ، أو تزوجها من دون ذكر مهر في العقد.

(٤) أي في الوجه الذي له مدخلية في الحكم.

(٥) من هذا الشي‌ء.

(٦) لأنه صدر من المالك وقد صادف العتق ملكا له فينفذ.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من كتاب العتق حديث ١.


غير الكافر (١) ، (ولا) يعود(ولدها) منه (٢) رقا أيضا (٣) ، لانعقاده حرا كما ذكر(٤).

(على ما تقتضيه الأصول) الشرعية ، فإن العتق والنكاح صادفا ملكا صحيحا ، والولد انعقد حرا ، فلا وجه لبطلان ذلك (٥).

(وفي رواية هشام بن سالم الصحيحة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : رقها ورق ولدها لمولاها الأول) الذي باعها ولم يقبض ثمنها ولفظ الرواية قال أبو بصير : «سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة فلما قبضها المشتري أعتقها من الغد وتزوجها ، وجعل مهرها عتقها ، ثم مات بعد ذلك بشهر فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن كان للذي اشتراها إلى سنة مال ، أو عقدة (٦) تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها (٧) فإن عتقه ونكاحه جائزان ، وإن لم يملك مالا ، أو عقدة تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فإن عتقه ونكاحه باطل ، لأنه أعتق ما لا يملك ، وأرى أنها رق لمولاها الأول قيل له : فإن كانت قد علقت (٨) من الذي أعتقها وتزوجها ، ما حال الذي في بطنها؟ فقال : «الذي في بطنها مع أمه كهيئتها» (٩).

وهذه الرواية منافية للأصول بظاهرها ، للإجماع على أن المعسر يملك ما اشتراه في الذمة ، ويصح عتقه ، ويصير ولده حرا ، فالحكم يكون عتقه ونكاحه باطلين ، وأنه أعتق ما لا يملك ، لا يطابق الأصول ، ومقتضاها (١٠) أنه متى قصر

______________________________________________________

(١) أما في الكافر فتطرأ الرقية عليه بعد كونه حرا لجواز سببه.

(٢) من المولى الذي اشتراها نسيئة ثم أعتقها وتزوجها.

(٣) كما لا تعود أمه.

(٤) من أن الحر لا يطرأ عليه الرقية.

(٥) من العتق والنكاح وحرية الولد.

(٦) بالضم الضيعة ، والعقدة من الأرض البقعة الكثيرة الشجر كما عن نهاية ابن الأثير.

(٧) أي في ثمن رقبتها.

(٨) علقت المرأة أي جعلت.

(٩) أي كهيئة أمه في كونه رقا.

(١٠) أي مقتضى الرواية.


ماله (١) عن مجموع ثمنها يكون الحكم كذلك (٢) وإن قلّ (٣).

لكن عمل بمضمونها الشيخ وجماعة ، لصحتها (٤) ، وجواز استثناء هذا الحكم (٥) من جميع الأصول لعلة غير معقولة (٦).

وعلى هذا (٧) لا فرق بين من جعل عتقها مهرها ، وغيرها (٨) كما نبه عليه المصنف بقوله (٩) : أو تزوجها بمهر. ولا يتقيد الأجل (١٠) بالسنة ، ولا فرق بين البكر والثيب (١١) ، مع احتمال اختصاص الحكم (١٢) بما قيّد في الرواية (١٣) ، ولو كان بدلها (١٤) عبدا قد اشتراه نسيئة واعتقه ففي الحاقة (١٥) بها (١٦) وجه ، لاتحاد الطريق (١٧).

______________________________________________________

(١) مال المولى الذي اشتراها نسيئة.

(٢) من بطلان البيع والعتق وعود الأم وولدها إلى مولاها الأول ، لعدم إحاطة ما عنده بما عليه من الدين في ثمن رقبتها.

(٣) أي قل القصور.

(٤) بناء على أنها مروية عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام بلا واسطة ، وإلا فلو كانت مع واسطة أبي بصير ، فإنه مشترك بين الثقة وغيره ، فلا يصح وصفها بالصحة حينئذ.

(٥) من بطلان البيع والعتق وعود الأم وولدها إلى مولاها الأول.

(٦) أي غير مفهومة عندنا ، إذ لا مبرّر لبطلان البيع والعتق الصحيحين ، ولا مبرّر لعود الحر رقا.

(٧) أي على هذا الاستثناء الذي عمل به الشيخ وجماعة.

(٨) أي غير هذه الصورة كما لو جعل مهرها مستقلا أو تزوجها بدون مهر.

(٩) أي بقوله السابق.

(١٠) أي أجل النسيئة من ثمنها.

(١١) لأن الوجه في الحكم هو الشراء ممن ليس له مال ، وهو موجود في كل الفروض.

(١٢) من بطلان البيع والعتق وعود الحر رقا.

(١٣) لأن الرواية على خلاف الأصول فيقتصر فيها على موردها المنصوص.

(١٤) أي بدل الأمة.

(١٥) أي إلحاق العبد.

(١٦) بالأمة.

(١٧) من كون الشراء والعتق قد وقع ممن ليس له مال يفي بثمن الرقبة.


وكذا (١) في تعدي الحكم (٢) إلى الشراء نقدا ، أو بعضه (٣) ولم يدفع المال (٤) ، ومضمون الرواية موته (٥) قبل الولادة (٦) ، فلو تقدمت (٧) على موته فأقوى إشكالا في عوده (٨) رقا ، للحكم بحريته من حين ولادته ، بخلاف الحمل ، لإمكان توهم كون الحكم (٩) لتبعية الحمل للحامل (١٠).

ومن خالف ظاهر الرواية ـ وهم الأكثر ـ اختلفوا في تنزيلها فحملها العلامة على كون المشتري مريضا (١١) وصادف عتقه ونكاحه وشراؤه مرض الوفاة فيكون الحكم ما ذكر فيها (١٢) ، لأنه (١٣) حينئذ (١٤) يكون العتق مراعى (١٥) فإذا مات معسرا كذلك (١٦) ظهر بطلانه (١٧).

______________________________________________________

(١) أي له وجه لاتحاد الطريق.

(٢) أي الحكم المذكور في الرواية.

(٣) أي بعضه نقد والباقي نسيئة.

(٤) في الصورتين.

(٥) أي موت المولى الذي اشترى وأعتق وتزوج وأولد.

(٦) أي ولادة الولد.

(٧) أي ولادة الولد.

(٨) أي عود الولد الذي انعقد حرا وقد وضع حرا.

(٩) أي حكم عود الولد رقا كما في الرواية.

(١٠) والحاصل أن الفرق بين كونه حملا ومتولدا أنه يمكن في الحمل توهم تبعية الحمل للحامل ، فإذا حكم برقيتها تبعها الولد ، بخلاف غير الحمل فإنه لا يتوهم فيه التبعية فيتقوى فيه الإشكال.

(١١) مرض الموت.

(١٢) في الرواية.

(١٣) أي الشأن والواقع.

(١٤) أي حين العتق والنكاح والشراء في مرض الموت.

(١٥) بإخراجه من ثلث ماله.

(١٦) أي معسرا عن أداء ثمن العتق.

(١٧) بطلان العتق ، لعدم ثلث ماله حتى ينفذ تصرفه في العتق ، فيكون قد أعتق ما لا يملك ، ولذا يبطل نكاحه وتكون الأم وولدها على ملك مولاها الأول بعد بطلان الشراء والعتق.


ورده المصنف (١) بان ذلك (٢) لا يتم في الولد ، لانعقاده (٣) حال الحكم بحرية أمه (٤) ، والحر المسلم لا يصير رقا ، وهو (٥) لا يقصر عن من تولّد من وطء أمة الغير بشبهة أو شراء فاسد مع جهله (٦).

وحملها (٧) آخرون على فساد البيع ، وينافيه (٨) قوله (٩) في الرواية إن كان له مال فعتقه جائز (١٠) ، وحملت (١١) على أنه (١٢) فعل ذلك (١٣) مضارّة (١٤) والعتق يشترط فيه القربة (١٥) ، وهذا الحمل نقله المصنف (١٦) عن الشيخ طومان بن أحمد العاملي المناري ، ورده (١٧) بأنه (١٨) لا يتم أيضا في الولد (١٩) ،

______________________________________________________

(١) في الدروس.

(٢) من عود الحر رقا.

(٣) أي الولد.

(٤) وفيه أن الحرية لأمه مراعاة حينئذ ، لا مطلقة ، ومع انكشاف عدم حريتها فيما بعد يدل على عدم انعقاده حال كون الأم حرة ، نعم لما كان الأب حرا وقد وطأ أمة الغير شبهة بزعم أنه ملكها وأعتقها وتزوجها فلا بد من كون الولد حرا حينئذ ولذا لا يقصر الولد هنا عمن تولد من وطأ أمة الغير شبهة كما مثّل به الشارح.

(٥) أي الولد الذي انعقد حال الحكم بحرية أمه.

(٦) أي جهله بفساد الشراء.

(٧) أي الرواية.

(٨) أي ينافي هذا الحمل.

(٩) أي قول المعصوم عليه‌السلام.

(١٠) وجه المنافاة لو كان البيع فاسدا لم يجز عتقه سواء كان له مال أم لا.

(١١) أي الرواية.

(١٢) أي المولى الذي اشتراها نسيئة.

(١٣) من عتقها وتزويجها.

(١٤) أي مضارة بالبائع.

(١٥) ولا قربة مع المضارة فلم يتحقق العتق ولا النكاح.

(١٦) في الدروس.

(١٧) أي المصنف.

(١٨) أي بأن هذا الحمل.

(١٩) فكيف يحكم بعوده رقا وقد انعقد وأبوه حر وقد حكم بحرية أمه حال انعقاده.


وردّها (١) ابن إدريس لذلك (٢) مطلقا (٣). وهو (٤) الأنسب.

(وعتق الحامل (٥) لا يتناول الحمل) كما لا يتناوله (٦) البيع (٧) وغيره ، للمغايرة (٨) ، فلا يدخل أحدهما في مفهوم الآخر ، سواء استثناه أم لا وسواء علم به أم لا(إلا على رواية) السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام في رجل اعتق أمة وهي حبلى فاستثنى ما في بطنها قال : «الأمة حرة وما في بطنها حر ، لأن ما في بطنها منها (٩)» وعمل بمضمونها الشيخ وجماعة ، وضعف سندها (١٠) يمنع من العمل بها ، مع أنها ظاهرة في التقية (١١).

______________________________________________________

(١) أي الرواية.

(٢) أي لمخالفتها للأصول مع عدم صحة شي‌ء من هذه المحامل ولو من ناحية الولد الذي حكم برقه وهو حر.

(٣) مضارا وغيره ، مريضا وغيره.

(٤) أي رد الرواية مطلقا.

(٥) قد ورد فيه خبر السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام (في رجل أعتق أمته وهي حبلى واستثنى ما في بطنها ، قال : الأمة حرة وما في بطنها حر ، لأن ما في بطنها منها) (١) وقد عمل بها الشيخ وبنو زهرة والبراج وسعيد.

وعن المشهور عدم التبعية ، لانفصاله عنها فلا ينعتق إلا مع القصد إلى عتقه ، كما لا يدخل في بيعها إلا مع القصد إلى بيعها ، بعد ضعف الخبر بالسكوني وموافقته للعامة ، وعليه فلا يسري العتق من الحامل إلى الحمل وكذا لا يسري من الحمل إلى الحامل ، لأن السراية كما تقدم إنما هي في الأشقاص لا في الأشخاص.

(٦) أي لا يتناول الحمل.

(٧) أي بيع الحامل.

(٨) بين الحمل والحامل ، بسبب انفصاله عنها وجودا وليس هو جزءا منها.

(٩) فيسري عتقها إليه كما لو عتق جزءا منها الذي هو مورد السراية.

(١٠) بالسكوني.

(١١) علّق الشارح بقوله : (لأنها موافقة لمذهب العامة ، والسكوني عامي).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من كتاب العتق حديث ١.



كتاب التدبير والمكاتبة

والاستيلاد



كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد

والنظر في أمور ثلاثة

(الأول ـ التدبير (١) ـ تعليق عتق عبده) أو أمته(بوفاته (٢) تفعيل من الدبر ،

______________________________________________________

(١) التدبير من التفعيل في الدبر ، والمراد به تعليق العتق بدبر الحياة ، وقيل سمى تدبيرا ، لأنه دبّر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه ، وأمر آخرته بإعتاقه ، وهذا راجع إلى الأول ، لأن التدبير في الأمر مأخوذ من لفظ الدبر أيضا ، لأنه نظر في عواقب الأمور والإدبار.

(٢) أي بوفاة المولى ، هذا ولا خلاف في صحة تعليق عتق العبد على وفاة مولاه ، وإنما الكلام في صحته معلّقا على وفاة غيره ، فعلى المشهور الجواز لصحيح يعقوب بن شعيب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : الرجل يكون له الخادم ويقول هي لفلان تخدمه ما عاش ، فإذا مات فهي حرة ، فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ، ثم يجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها إذا أبقت؟ قال : إذا مات الرجل فقد عتقت) (١) ، وخبر محمد بن حكيم (سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام عن رجل زوّج أمته من زوج آخر ، قال لها : إذا مات الزوج فهي حرة فمات الزوج قال : إذا مات الزوج فهي حرة ، تعتدّ عدة المتوفى عنها زوجها ولا ميراث لها منه ، إنما صارت حرة بعد موت الزوج) (٢) ، والخبر الثاني صريح في تدبير العتق بوفاة الزوج ، وعليه فقصر النقل على المخدوم فقط كما ذهب إليه الشارح ليس في محله.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب التدبير حديث ١ و ٢.


فإن الوفاة دبر (١) الحياة(أو تعليقه على وفاة زوج المملوكة) التي دبّرها فعلّق عتقها على وفاة زوجها(أو على وفاة مخدوم العبد) ، أو الأمة أيضا ، لجواز اعارتها للخدمة ، بل هي (٢) المنصوصة كما سيأتي (٣).

وصحته (٤) في الأول (٥) إجماعي ، وفي الأخيرين (٦) (على قول مشهور) ، لأن العتق لمّا قبل التأخير (٧) كقبوله للتنجيز ، ولا تفاوت بين الأشخاص (٨) جاز تعليقه بوفاة غير المالك ممن له ملابسة كزوجية ، وخدمة ، وللأصل (٩) ، ولصحيحة يعقوب بن شعيب أنه سأل الصادق عليه‌السلام عن الرجل يكون له الخادم فيقول :

______________________________________________________

نعم يقتصر في التدبير على المولى والمخدوم والزوج لأنه منصوص ، فيقتصر فيه على مورده ، لأنه على خلاف الأصل ، إذ الأصل عدم صحة تعليق العتق.

وعن ابن إدريس الاقتصار على وفاة المولى فقط ، بدعوى أن هذه أخبار أحاد لا يعمل بها ، وضعفه ظاهر بعد ثبوت حجية الخبر الواحد.

وفي المسالك أنه يصح التدبير على وفاة مطلق الناس وأنه قول في المسألة ، وعن ابن الجنيد أنه يصح تعليقه بموت غير الآدمي ، لاشتراك الجميع في معنى التدبير لغة ، وهو تعليق العتق على الوفاة ، وضعف الأخيرين واضح لأن التدبير على خلاف الأصل فيقتصر فيه على المتيقن المنصوص ، ولا نص إلا على المولى والمخدوم والزوج.

هذا كله من جهة ومن جهة أخرى فالنصوص المتقدمة في التدبير واردة في الأمة ، ويتعدّى إلى العبد مع أن المورد على خلاف الأصل ، لأن خصوصية الذكورية والأنوثية ملغاة للقطع بعدم مدخليتها في صحة التدبير.

(١) بضم الدال والباء.

(٢) أي الأمة التي دبرت بتعليق عتقها على وفاة مخدومها ، وقد أعيرت للخدمة ، فيكون ذكرها أولى من ذكر العبد.

(٣) بل عرفت النص على التدبير المعلق على وفاة الزوج أيضا.

(٤) أي التدبير.

(٥) في التعليق على وفاة المولى.

(٦) من تعليقه على وفاة الزوج والمخدوم.

(٧) في تعليقه على وفاة المولى الذي هو إجماعي.

(٨) من المولى وغيره.

(٩) أي أصالة عدم اشتراط التنجيز ، أو أصالة الجواز.


هي لفلان تخدمه ما عاش فإذا مات فهي حرة فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين ، أو ست سنين ثم يجدها ورثته ألهم أن يستخدموها بعد ما أبقت؟ فقال : «لا ، إذا مات الرجل فقد عتقت». وحملت عليه (١) الزوجية ، لشدة المشابهة (٢). ولا يتعدى إلى غيرهما (٣) لبعده (٤) عن النص.

وربما قيل بالتعدي مطلقا (٥) من غير اعتبار الملابسة ، لمفهوم الدليل الأول (٦).

وفي مقابلة المشهور قول ابن إدريس باختصاصه (٧) بوفاة المولى ، عملا بالمتيقن (٨) ، ودعوى (٩) أنه (١٠) شرعا كذلك (١١) ، ولبطلانه (١٢)

______________________________________________________

(١) أي على المخدوم.

(٢) بل قد قيل بصحة تعليق العتق على وفاة الزوج للنص كما في خبر محمد بن حكيم ، كما عرفت ، وليس من باب قياس الزوجية على المخدومية للمشابهة من ناحية الملابسة.

(٣) أي غير المخدوم والزوج.

(٤) أي بعد الغير.

(٥) سواء كانت ملابسة أم لا ، وعليه فيصح تعليق العتق على مطلق وفاة الآدمي.

(٦) أي لما يفهم من الدليل الأول ، وليس المراد منه المفهوم في قبال المنطوق ، هذا والدليل الأول القاضي بصحة العتق المعلّق على وفاة المولى ، مع أنه لا تفاوت بين الأشخاص ، فيصح تعليقه على وفاة كل آدمي.

(٧) أي التدبير.

(٨) مع ضميمة أن ما ورد في المخدوم والزوج أخبار آحاد ، وهو لا يعمل بها.

(٩) دليل ثان لابن إدريس.

(١٠) أي التدبير.

(١١) أي التدبير شرعا هو تعليق العتق على وفاة المولى ، فلا يتعدى إلى غيره ، وهذا مصادرة كما سيذكره الشارح.

(١٢) دليل ثالث لابن إدريس ، والمراد ولبطلان التدبير بسبب إباق المدبّر.

وحتى يتضح هذا الدليل لا بد من عرض مقدمة وهي : أن المدبر على وفاة مولاه لو آبق بطل تدبيره بلا خلاف فيه لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن جارية مدبّرة أبقت من سيدها سنينا ، ثم جاءت بعد ما مات سيدها بأولاد ومتاع كثير ، وشهد لها شاهدان أن سيدها كان دبّرها في حياته قبل أن تأبق ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : أرى


بالاباق والرواية (١) تضمنت خلافه (٢).

والنص الصحيح (٣)

______________________________________________________

أنها وجميع ما معها للورثة ، قلت : لا تعتق من ثلث سيدها ، فقال : لا ، إنها أبقت عاصية لله عزوجل ولسيدها ، وأبطل الإباق التدبير) (١) ، وخبر العلاء بن رزين عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل دبّر غلاما له فأبق الغلام فمضى إلى قوم فتزوج منهم ولم يعلمهم أنه عبد ، فولد له وكسب مالا ، فمات مولاه الذي دبّره ، فجاء ورثة الميت الذي دبّر العبد فطالبوا العبد فما ترى؟ فقال : العبد وولده رق لورثة الميت ، قلت : أليس قد دبّر العبد؟ فذكر أنه لما أبق هدم تدبيره ورجع رقا) (٢).

إذا تقرر ذلك فلو كان يصح تعليق العتق على وفاة غير المولى من زوج أو مخدوم لوجب الحكم بهدم تدبيره إذا أبق ، مع أن العبد الذي دبر على وفاة المخدوم لو صح لا ينهدم تدبيره لو أبق بلا خلاف لصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام المتقدم (٣) في الروضة ، وقد ذكرناه سابقا.

ومع عدم هدم تدبيره عند إباقه يستكشف أن هذا ليس تدبيرا بل هو عتق معلّق قد استثني للنص المتقدم مما اتفقوا عليه من عدم صحة العتق المعلّق ، وهذا ما ذهب إليه البعض كصاحب الجواهر ، أو أنه لا يعمل بهذا النص ويحكم بحصر التدبير بوفاة المولى وهذا ما ذهب إليه ابن إدريس ، هذا هو حاصل هذا الدليل الثالث الذي استدل به ابن إدريس.

وردّ هذا الدليل بأن الفارق بين حكم التدبيرين ، بهدم الأول بالإباق دون الثاني إنما هو النص ، فضلا عن منع الملازمة بين التدبيرين ، لأن العبد بإباقه عند تدبيره على وفاة المولى قد قابل نعمة السيد بالكفران فقوبل بنقيض ذلك فلذا حكم عليه بهدم تدبيره ، كما قوبل قاتل العمد بحرمانه من الإرث ، بخلاف الأجنبي ، فلم يقابل نعمة الأجنبي بكفرانها حتى يقابل بنقيض ذلك ، إذ التدبير نعمة عليه من سيده وليس من الأجنبي.

(١) أي صحيحة يعقوب بن شعيب.

(٢) أي خلاف بطلان التدبير بسبب الإباق ، لو كان تدبيره على وفاة مخدومه ، مع أنه لو كان تدبيرا لوجب أن يحكم ببطلانه عند إباقه كما حكم ببطلان تدبير الآبق إذا علق تدبيره على وفاة مولاه.

(٣) وهو صحيح يعقوب بن شعيب الوارد في المخدوم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التدبير حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب التدبير حديث ١.


يدفع الاقتصار (١) ، والثاني (٢) مصادرة ، والملازمة (٣) بين اباقه من المالك ، ومن (٤) المخدوم ممنوعة ، للفرق بمقابلة نعمة السيد بالكفران فقوبل بنقيضه (٥) كقاتل العمد في الارث (٦) ، بخلاف الأجنبي (٧).

واعلم أن القول المشهور هو تعديته (٨) من موت المالك إلى المخدوم كما هو (٩) المنصوص ، وأما الحاق الزوج فليس بمشهور (١٠) كما اعترف به (١١) المصنف في الشرح (١٢) ، فالشهرة المحكية هنا (١٣) إن عادت إلى الأخير (١٤) لزم القطع بالأول (١٥) دونه (١٦). وهو (١٧) خلاف الظاهر (١٨) ، بل ينبغي العكس (١٩) وإن

______________________________________________________

(١) أي اقتصار التدبير على وفاة المولى ، وهذا رد للدليل الأول.

(٢) أي دليله الثاني.

(٣) رد لدليله الثالث.

(٤) أي وبين إباقه من المخدوم.

(٥) أي بنقيض الإنعام ، أو بنقيض التدبير ، فلذا هدم التدبير بالإباق.

(٦) فإنه يحرم من التركة ، لأنه أراد من القتل العمدي تعجيل انتقال التركة إليه فعومل بنقيض مقصوده.

(٧) فلا نعمة منه على العبد حتى يكون إباقه كفرانا لهذه النعمة ، بل النعمة من السيد.

(٨) أي تعدية التدبير.

(٩) أي المخدوم.

(١٠) وهذا مناف لما قاله الماتن سابقا أنه مشهور.

(١١) بأنه غير مشهور.

(١٢) أي شرح الإرشاد.

(١٣) في اللمعة.

(١٤) وهذا المخدوم.

(١٥) أي بالزوج ، ولزوم القطع به ، لأنه يكون على المولى المقطوع بصحة التدبير المعلّق على وفاته.

(١٦) دون الأخير ، فلا قطع فيه بل هو على قول مشهور.

(١٧) أي القطع بالزوج دون المخدوم.

(١٨) لأن المخدوم هو المنصوص دون الزوج بحسب دعوى الشارح.

(١٩) من القطع بالمخدوم دون الزوج ، للنص على الأول دون الثاني بحسب دعواه.


عادت (١) إليهما (٢) لم تتم الشهرة في الزوج (٣) إلا أن يجعل له (٤) مع الزوجية الخدمة (٥) ، والوقوف على موضع النص (٦) والوفاق (٧) حسن (٨) (والوفاة) المعلق (٩) عليها(قد تكون مطلقة (١٠) غير مقيدة بوقت ، ولا مكان ، ولا صفة(وقد تكون مقيدة) باحدها كهذه السنة (١١) ،

______________________________________________________

(١) أي الشهرة.

(٢) إلى الزوج والمخدوم.

(٣) كما اعترف الماتن في الدروس ، هذا وقد جعل الأخيرين من الزوج والمخدوم سابقا على قول مشهور ، وهذا لا ينافي نفي الشهرة عن الزوج هنا ، لأن الكلام السابق من الشارح إنما كان تبعا لظاهر عبارة الماتن ، وكلامه هنا إنما كان مبنيا على التحقيق.

(٤) للزوج.

(٥) فيندرج في المخدوم المنصوص ، وعليه فلا داعي لجعله قسيما للمخدوم.

(٦) كما في المخدوم.

(٧) كما في المولى.

(٨) وفيه أنه قد عرفت ورود النص في الزوج وهو خبر محمد بن حكيم المتقدم (١) فراجع أول الفصل من شرحنا.

(٩) أي العتق.

(١٠) المشهور على أن التدبير منقسم إلى مطلق كقوله : إذا مت فأنت حر ، وإلى مقيّد بشرط أو شروط كقوله : إذا متّ في سفري هذا أو في مرضي هذا أو في سنتي هذه أو إذا مت حتف أنفي أو إذا قتلت ، أو في بلد كذا فأنت حر ، فيصح التدبير لإطلاق أدلته ، ولخصوص صحيح ابن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قال : إن حدث بي حدث في مرضي هذا فغلامي فلان حر ، فقال عليه‌السلام : يردّ من وصيته ما شاء ويجيز ما شاء) (٢).

وعليه فلو مات على الصفة المذكورة عتق عبده وإلا فلا ، وعن الشيخ في المبسوط بطلان التدبير المعلّق ، لأنه معلّق على شرط فهو كالعتق المعلّق ، والتعليق مناف للجزم بالإنشاء.

وفيه أنه على خلاف النص المتقدم بالإضافة إلى أن التدبير من أصله معلّق على الوفاة.

فلم يكن التعليق بما ذكر سابقا منافيا للجزم بالإنشاء ، لأنه قد جعل من قيود الموت الذي علق عليه العتق.

(١١) فيما لو قيّد بالوقت.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب التدبير حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من كتاب الوصايا حديث ٨.


أو في هذا البلد (١) ، أو المرض (٢) ، والتعليق عليهما (٣) جائز فلا يتحرر (٤) في المقيد بدون القيد(كما تقدم في الوصية) من جوازها (٥) بعد الوفاة مطلقا ومقيدا.

(والصيغة (٦) في التدبير(أنت حر ، أو عتيق ، أو معتق بعد وفاتي) في المطلق (٧) (أو بعد وفاة فلان) : الزوج ، أو المخدوم ، أو بعد وفاتي هذه السنة ، أو في هذا المرض ، أو في سفري هذا ، ونحو ذلك في المقيد (٨) ، ويستفاد من حصر الصيغة (٩) فيما ذكر : أنه لا ينعقد بقوله : أنت مدبّر (١٠)

______________________________________________________

(١) تقييد بالمكان.

(٢) تقييد بالصفة.

(٣) أي تعليق العتق على الوفاة المطلقة والمقيدة.

(٤) أي العبد المدبّر.

(٥) أي جواز الوصية.

(٦) لا بد من ذكر المملوك أو الإشارة إليه في صيغة التدبير ، لوقوع التدبير عليه ، ولكن لا يشترط لفظ مخصوص بل كل ما يدل عليه حقيقة كلفظ هذا أو أنت أو فلان يصح التعبير به هذا من جهة ومن جهة أخرى فلا بد من ذكر الموت لأن التدبير عتق علّق عليه ولا يشترط فيه لفظ مخصوص أيضا بل يكتفى بكل ما بدل عليه كلفظ بعد وفاتي أو موتي أو انتقالي من هذه الدنيا ونحو ذلك ، ومن جهة ثالثة لا بد أن يأتي بلفظ يدل على إنشاء الحرية للمملوك كلفظ أنت حر ، ولكن لا بدّ أن يكون لفظ صريحا فيه كالحر والعتيق والمعتق ، ولا تشترط الجملة الاسمية بل تكفي الفعلية كقوله : حررتك بعد وفاتي ، نعم ادعى الشارح في المسالك الإجماع على عدم وقوعه بالكناية ، وتبعه على دعوى الإجماع كاشف اللثام ، وفي الجواهر منع الإجماع على عدم الاجتزاء بالكناية مع أن إطلاق أدلة التدبير يشملها ، والصحيح أن التدبير يتحقق بكل لفظ دال عليه من دون استثناء إعمالا للعرف في إنشاء المعاني ، ولم يرد نص من الشارع على ألفاظ مخصوصة.

(٧) أي في التدبير الذي علّق على الوفاة المطلقة.

(٨) أي في التدبير الذي علّق على الوفاة المقيدة.

(٩) قد استفاد الشارح الحصر من باب حصر المبتدأ بالخبر ، والصيغة مبتدأ وما ذكر بعدها خبر.

(١٠) اختلف الأصحاب فيما لو قال : أنت مدبّر أو دبرتك مقتصرا عليه ، فهل هو لفظ صريح في التدبير فيقع به ، كما عن الشيخ في المبسوط والعلامة ، بل في الرياض نسبته إلى جمع كثير ، لأن التدبير ظاهر في معناه وهو العتق دبر الحياة ، وهو معنى مشهور عند كل أحد


مقتصرا عليه (١) ، وهو أحد (٢) القولين في المسألة ، لأن التدبير عتق معلق على الوفاة كما استفيد من تعريفه فينحصر (٣) في صيغة تفيده (٤).

ووجه الوقوع (٥) بذلك (٦) : أن التدبير حقيقة شرعية في العتق المخصوص (٧) فيكون (٨) بمنزلة الصيغة الصريحة فيه (٩) ، وفي الدروس اقتصر على مجرد نقل الخلاف ، والوجه عدم الوقوع ، ولا يقع (١٠) باللفظ مجردا (١١) ، بل(مع القصد إلى ذلك) المدلول (١٢) فلا عبرة بصيغة الغافل ، والساهي ، والنائم ، والمكره.

______________________________________________________

كما أن البيع ظاهر في معناه ، بل التدبير كان معروفا في الجاهلية وقرّره الشارح ، فلم يستعمل التدبير في غير معناه حتى يكون كناية.

وعن المحقق في الشرائع والشيخ في الخلاف عدم وقوع التدبير به ، لخلوه عن لفظ العتق والحرية وعليه فهو إما عتق فلا بد من صريح لفظه ، وإما وصية فلا بدّ من التصريح بالموصى به.

وعن ابن الجنيد وابن البراج أنه يقع بشرط قصد نية العتق دبر الحياة ، لأن اللفظ المذكور كناية عن العتق بعد الوفاة ، فلا يصح الاكتفاء بالكناية إلا مع النية.

ومما تقدم سابقا تعرف صحة الوقوع ، لكفاية كل لفظ دال عليه عرفا.

(١) على اللفظ المذكور الخالي عن العتق والحرية المعلّقين على الوفاة.

(٢) بل الأقوال ثلاثة.

(٣) أي التدبير.

(٤) أي تفيد العتق المعلق على الوفاة ، وما تقدم من اللفظ المذكور خال عن العتق المعلّق على الوفاة.

(٥) أي وقوع التدبير.

(٦) أي بقوله : أنت مدبر.

(٧) وهو المعلّق على الوفاة.

(٨) أي قوله : أنت مدبّر.

(٩) في العتق المخصوص ، الذي هو معلق على الوفاة.

(١٠) أي التدبير.

(١١) لا بدّ من قصد المعنى كما هو الحال في صيغ العقود والإيقاعات ، بلا خلاف في ذلك وعليه فلا عبرة بعبارة الساهي والغالط والسكران ، وكذا المحرج الذي لا قصد له بسبب إكراهه أو إلجائه إلى التدبير على وجه يرتفع معه قصد المعنى.

(١٢) أي المعنى.


(ولا يشترط) في صحته (١) (نية التقرب به (٢) إلى الله تعالى ، وإن توقف عليه (٣) حصول الثواب على الأقوى (٤) ، للأصل (٥) ، ولأنه (٦) وصية (٧) لا عتق بصفة (٨).

وقيل : يشترط (٩) بناء على أنه (١٠) عتق ، وإلا لافتقر إلى صيغة بعد الوفاة (١١) ، وشرطه (١٢) القربة ، ويتفرع عليهما (١٣) صحة تدبير الكافر مطلقا (١٤) أو مع إنكاره (١٥) لله تعالى كما سلف.

(وشرطها) أي شرط صيغة التدبير(التنجيز (١٦) فلو علقها بشرط أو صفة

______________________________________________________

(١) أي صحة التدبير.

(٢) بالتدبير ، هذا وقد وقع الخلاف في اشتراط نية القرية ، فعن الشيخ والمحقق وجماعة عدم الاشتراط ، لأن التدبير من جملة الوصايا كما سيأتي تحقيقه ، وعن المرتضى والحلي والفاضل في المختلف اشتراطها ، لأن التدبير عتق ، ولا عتق إلا ما قصد به وجه الله كما تقدم بيانه.

(٣) على التقرب.

(٤) متعلق بقوله : (ولا يشترط في صحته نية التقرب).

(٥) أي أصالة عدم الاشتراط.

(٦) أي التدبير.

(٧) كما سيأتي بيانه ، ولا يشترط نية التقرب في الوصايا.

(٨) أي بصفة كونه بعد الوفاة.

(٩) أي يشترط في صحته نية التقرب.

(١٠) أي التدبير.

(١١) وهو غير محتاج إلى صيغة العتق بعد الوفاة بالاتفاق.

(١٢) أي العتق.

(١٣) على القولين السابقين.

(١٤) سواء قلنا بجواز عتق مطلق الكافر أم بجوازه إذا كان غير جاحد أم قلنا بعدم جواز عتق مطلق الكافر.

(١٥) أي إنكار الكافر ، وهذا مبني على القول باختصاص عدم وقوع العتق بمن ينكر الله تعالى.

(١٦) يشترط في صيغة التدبير تجريدها عن الشرط والصفة في قول مشهور للأصحاب ، لأن


كأن فعلت (١) كذا ، أو طلعت الشمس (٢) فأنت حر بعد وفاتي بطل(وأن يعلّق (٣) بعد الوفاة بلا فصل (٤) ، فلو قال : أنت حر بعد وفاتي بسنة) مثلا(بطل).

وقيل : يصح فيهما (٥) ويكون (٦) في الثاني (٧) وصية بعتقه (٨). وهو شاذ.

(وشرط المباشر الكمال (٩) بالبلوغ والعقل(والاختيار ، وجواز التصرف) فلا

______________________________________________________

التعليق على الشرط أو الصفة مناف للجزم بالإنشاء ، ولذا اشترط التنجيز في كل عقد وإيقاع ، والتدبير من جملة الإيقاعات ، نعم ثبت مشروعية التعليق فيه على الموت فلا يتعدى إلى غيره ، هذا وقد تقدم مرارا معنى الشرط والصفة من أن الأول هو ما يحتمل وقوعه كقدوم الحاج والثاني هو متحقق الوقوع في المستقبل كطلوع الشمس في الغد ، وعليه فلو قال : إن قدم المسافر فأنت حر بعد وفاتي ، أو قال : إذا أهلّ شهر رمضان مثلا فأنت حر بعد وفاتي لم ينعقد التدبير.

ومما تقدم تعرف ضعف ما عن ابن الجنيد من جواز تعليق التدبير على الشرط والصفة ، والعجب من الشارح في المسالك حيث جعل اعتبار التنجير من دون دليل.

(١) تمثيل للشرط.

(٢) تمثيل للصيغة.

(٣) أي العتق في التدبير.

(٤) على المشهور ، لأن الشرط والصفة منافيان للجزم سواء كانا قبل الموت أو بعده ، وعن ابن الجنيد الصحة ، وعليه فلو قال : أنت حر بعد وفاتي لسنة صح ، وتعرف ضعفه مما تقدم.

(٥) في الصورتين ، سواء كان التعليق قبل الوفاة كما في الصورة الأولى أو بعد الوفاة كما في الصورة الثانية.

(٦) أي التدبير.

(٧) أي المعلّق بعد الوفاة.

(٨) ولازمه أن يعتقه الورثة.

(٩) لا يصح التدبير إلا من بالغ عاقل قاصد مختار جائز التصرف بلا خلاف في الجملة ، فلا يصح تدبير الصبي لسلب عبارته شرعا ، نعم روي إن كان مميزا له عشر سنين صح وصيته وعتقه كما في كتاب العتق ، والتدبير لا يخلو من أحدهما ، ولذا ذهب الشيخ في الخلاف إلى صحة تدبير الصبي إذا كان له عشر سنين ، وقد تقدم ما يفيد في ذلك ، ولا يصح تدبير المجنون لسلب عبارته ، ولا تدبير المكره والسكران ولا الساهي ولا الغالط


يصح (١) من الصبي وإن بلغ عشرا ، ولا المجنون المطبق مطلقا (٢) ولا ذي الأدوار فيه (٣) ، ولا المكره (٤) ، ولا المحجور (٥) عليه لسفه مطلقا (٦) على الأقوى.

وقيل : لا (٧) ، لانتفاء معنى الحجر بعد الموت (٨).

ويضعف بأن الحجر عليه حيا يمنع العبارة الواقعة حالتها (٩) ، فلا تؤثر بعد الموت ، أما المحجور عليه لفلس فلا يمنع منه (١٠) إذ لا ضرر على الغرماء ، فإنه (١١) إنما يخرج بعد الموت من ثلث ماله بعد وفاء الدين ، ومثله (١٢) مطلق وصية المتبرع بها.

وينبغي التنبيه على خروجه (١٣)

______________________________________________________

لاشتراط القصد والاختيار ، ولا تدبير المحجور عليه لسفه ، لأن التدبير تصرف مالي وهو ممنوع منه ، خلافا للشيخ حيث جوّزه لكون التدبير تصرفا بعد الموت ، ومع الموت يرتفع عنه حكم السفه ، ولذا عن التحرير استشكل في الحكم.

وفيه أن التدبير تصرف في الحياة وإن تأخر أثره إلى ما بعد الوفاة ، ولو سلّم أنه تصرف بعد الموت فلا يرتفع عنه حكم السفه وإلا لجاز وصية السفيه بثلثه وهو معلوم البطلان.

وأما المحجور عليه لفلس فسيأتي الكلام فيه.

(١) تفريع على اشتراط الكمال.

(٢) أي أصلا.

(٣) أي في دور الجنون.

(٤) تفريع على اشتراط الاختيار.

(٥) تفريع على اشتراط جواز التصرف.

(٦) أي ولو لوحظ حال بعد الوفاة كما يظهر ذلك من تعليل القول الآخر.

(٧) أي لا يشترط عدم الحجر لسفه.

(٨) إذ ينقطع حكم السفه عنه بعد الموت ، وقد عرفت ضعفه.

(٩) أي حال الحياة.

(١٠) أي فلا يمنع المحجور عليه لفلس من التدبير بلا خلاف فيه ، لعدم الضرر على الغرماء لأن التدبير وصية أو كالوصية يعتبر في نفوذه كونه من الثلث بعد أداء الدين.

(١١) أي التدبير.

(١٢) أي ومثل التدبير في الخروج من الثلث بعد وفاء الدين.

(١٣) أي خروج المحجور عليه لفلس.


من اشتراط جواز التصرف (١) ، إلا أن يدّعى أن المفلس جائز التصرف بالنسبة إلى التدبير وإن كان ممنوعا منه (٢) في غيره (٣).

لكن لا يخلو من تكلف (٤).

(ولا يشترط) في المدبّر(الإسلام (٥) كما لا يشترط (٦) في مطلق الوصية(فتصح مباشرة الكافر) التدبير(وإن كان حربيا) ، أو جاحدا للربوبية ، لما تقدم من عدم اشتراط القربة ، وللأصل (٧) (فإن دبّر) الحربي حربيّا(مثله واسترق أحدهما) بعد التدبير(أو كلاهما بطل التدبير (٨).

أما مع استرقاق المملوك فظاهر ، لبطلان ملك الحربي له (٩) المنافي (١٠) للتدبير.

وأما مع استرقاق المباشر فلخروجه (١١)

______________________________________________________

(١) تعريض بالماتن حيث اشترط جواز التصرف في المباشر ، ولم يستثن المحجور عليه لفلس.

(٢) من التصرف.

(٣) أي في غير التدبير ، وعليه فيكون خروجه تخصصا فلا داعي للتنبيه على إخراجه.

(٤) لأن اشتراط جواز التصرف يفيد العموم الشامل للمحجور عليه لفلس أو سفه.

(٥) هل يشترط في المباشر الإسلام كما عن ابن إدريس أو لا يشترط كما عن المحقق وجماعة ، ومبنى الخلاف فيه على أن التدبير وصية أو عتق ، وعلى الأول فيصح التدبير من الكافر لعدم اشتراط نيّة القربة في الوصايا ، وعلى الثاني يبنى على اشتراط القربة في العتق وعدم الاشتراط ، فإن قلنا باشتراط القربة بمعنى حصول الثواب فلا يصح تدبير مطلق الكافر كما لا يصح عتق الكافر ، وإن قلنا باشتراط القربة بمعنى قصد وجه الله فيصح التدبير من الكافر غير الجاحد بالألوهية كما يصح عتقه ، وإن قلنا بعدم اشتراط القربة في العتق كما هو قول في المسألة فيصح تدبير الكافر كما يصح عتقه.

(٦) أي الإسلام.

(٧) أي أصالة عدم اشتراط الإسلام في مباشر التدبير.

(٨) بلا إشكال لما ذكره الشارح في الروضة مفصّلا.

(٩) للمملوك المسترق.

(١٠) صفة للبطلان.

(١١) أي خروج المباشر.


عن أهلية الملك (١) ، وهو (٢) يقتضي بطلان كل عقد وايقاع جائزين (٣).

(ولو أسلم) المملوك(المدبّر) من كافر(بيع على الكافر) قهرا(وبطل تدبيره (٤) ، لانتفاء السبيل له (٥) على المسلم بالآية ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» وطاعة المولى علو منه (٦) ، والتدبير لم يخرجه (٧) عن الاستيلاء عليه بالاستخدام وغيره.

وقيل : يتخير المولى بين الرجوع في التدبير (٨) فيباع عليه ، وبين (٩) الحيلولة بينه وبينه (١٠) وكسبه للمولى ، وبين استسعائه في قيمته (١١) ، وهو ضعيف لا دليل عليه.

______________________________________________________

(١) لأنه صار عبدا.

(٢) أي الخروج عن أهلية الملك.

(٣) غير لازمين.

(٤) لو دبّر الكافر كافرا مثله فأسلم المملوك بيع على سيده ، سواء رجع في تدبيره أو لم يرجع ، لأنه على كل حال باق على ملكه ومستحق لاستخدامه ، فهو سبيل له عليه ، ولا سبيل للكافر على المسلم لقوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (١) ، وللنبوي (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) (٢).

وعن ابن البراج أنه يتخير بين الرجوع في التدبير فيباع عليه ، وبين الحيلولة بينهما مع كون الكسب للمولى ، وبين استسعاء العبد في قيمته فينفق عليه من كسبه فإن فضل منه شي‌ء فهو للمولى ، وقد اعترف في الجواهر وغيره بعدم الدليل عليه.

(٥) للكافر.

(٦) من المولى.

(٧) لم يخرج المملوك.

(٨) بأن يرجعه إلى الرّق.

(٩) بناء على عدم الرجوع في التدبير فالعمل بأحد الوجهين من الحيلولة أو الاستسعاء.

(١٠) أي بين المولى الكافر وبين عبده المسلم.

(١١) بعد إخراج نفقة العبد من كسبه.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٤٠.

(٢) الجامع الصغير ج ١ ص ١٢٣.


نعم لو مات المولى قبل البيع (١) عتق من ثلثه ، ولو قصر (٢) ولم يجز الوارث فالباقي رقّ ، فإن كان الوارث مسلما فله (٣) ، وإلا بيع عليه (٤) من مسلم.

(ولو حملت المدبّرة من مملوك (٥) بزنا ، أو بشبهة ، أو عقد على وجه يملكه السيد(فولدها مدبّر) كأمه.

______________________________________________________

(١) وقبل الرجوع أيضا.

(٢) أي الثلث عن قيمة العبد المدبّر.

(٣) أي فالباقي للوارث المسلم.

(٤) على الوارث الكافر.

(٥) لو حملت المدبرة بمملوك لمولاها كان مدبّرا كأمه بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح أبان بن تغلب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل دبّر مملوكته ثم زوجها من رجل آخر فولدت منه أولادا ثم مات زوجها وترك أولاده منها ، قال عليه‌السلام : أولاده منها كهيئتها ، فإذا مات الذي دبّر أمهم فهم أحرار) (١) ، وصحيح يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن جارية أعتقت عن دبر من سيدها ، قال : فما ولدت فهم بمنزلتها وهم من ثلثه ، وإن كانوا أفضل من الثلث استسعوا في النقصان) (٢) ، وخبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (ما ولدت الضعيفة المعتقة عن دبر بعد التدبير فهو بمنزلتها ، يرقّون برقها ويعتقون بعتقها ، وما ولد قبل ذلك فهو مماليك لا يرقون برقها ولا يعتقون بعتقها) (٣) ، نعم يعارضها خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن رجل قال : إذا متّ فجاريتي فلانة حرة ، فعاش حتى ولدت الجارية أولادا ، ثم مات ما حالها؟ قال : عتقت الجارية وأولادها مماليك) (٤).

وهو محمول على التقية ، ثم مقتضى إطلاق الأخبار المتقدمة عدم الفرق بين كون الولد من عقد أو زنا أو شبهة ، لأن المدار في الأخبار على ما تلده وهو شامل للجميع وإن كان من الزنا.

ولا يتوهم أنه لو كان من الزنا فلا يلحق بها شرعا ، ولازمه عدم تدبيره لأن المدار على (ما تلده) كما ورد في النصوص وهو شامل لولد الزنا فضلا عن ترجيح جانب المالية في الرق فلذا كان ولدها من الزنا ملكا للمولى دون مولى الزاني ، وعليه فما دام ملكا له سواء كان من عقد أو غيره فتدبير أمه يشمله.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب التدبير حديث ١ و ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب التدبير حديث ٦.


ويشكل (١) في الزنا مع علمها (٢) ، لعدم لحوقه بها شرعا ، لكن الشيخ وجماعة اطلقوا الحكم ، والمصنف في الدروس قيده (٣) بكونه (٤) من مملوك (٥) المدبّر فلو كان من غيره (٦) لم يكن مدبّرا (٧).

واستشكل (٨) حكم الزنا ، والأخبار مطلقة (٩) في لحوق أولادها بها في التدبير حيث يكونون ارقاء. فالقول بالإطلاق (١٠) أوجه.

نعم اشتراط إلحاقهم (١١) بها (١٢) في النسب (١٣) حسن ، ليتحقق النسب.

واعلم أن الولد بفتح الواو واللام ، وبضمها فسكونها (١٤) يطلق (١٥) على الواحد والجمع ، وقد يكون الثاني (١٦) جمعا لولد كأسد وأسد ، ويجوز وطء المدبرة ولا يكون رجوعا(ولو حملت من سيدها صارت أم ولد) ولم يبطل

______________________________________________________

(١) أي الحكم بلحوق الولد في تدبير أمه.

(٢) أي علم الأم بالتحريم ، وقيد العلم بها ، لأنه قد يكون مع علم الأب خاصة فيكون الفعل شبهة منها.

(٣) أي قيد الحكم بلحوق الولد في تدبير أمه.

(٤) أي بكون ولد المدبّرة.

(٥) بحيث كان للسيد أمة وعبدا مدبرين ، وقد زوج السيد أمته من عبده فما ولدته الأم فهو مدبّر كأبويه.

(٦) أي لو كان ولد المدبرة من غير مملوك المدبّر.

(٧) أي ولد المدبّرة.

(٨) أي الماتن في الدروس.

(٩) غير مقيّدة بكون ولد المدبرة من مملوك المدبّر ، وغير مقيدة بكونه من غير الزنا ، بل المدار فيها على (ما تلده) وهو يشمل ولد الزنا.

(١٠) سواء كان ولد المدبّرة من مملوك المدبّر أو من غيره ، وسواء كان بعقد أو شبهة أو زنا.

(١١) أي أولاد المدبّرة.

(١٢) بالمدبرة.

(١٣) وعليه فتخرج صورة الزنا.

(١٤) أي بضم الواو وسكون اللام.

(١٥) بكلا اللفظين.

(١٦) أي بضم الواو وسكون اللام.


التدبير (١) (فتعتق) بعد موته(من الثلث (٢) بسبب التدبير(فإن فضلت (٣) قيمتها عن الثلث(فمن نصيب الولد) يعتق الباقي (٤).

(ولو رجع) المولى(في تدبيرها) ولها ولد (٥) (لم يكن) رجوعه في تدبيرها(رجوعا (٦) في تدبير ولدها) ، لعدم الملازمة بينهما (٧) وتحقق الانفكاك (٨) ، وعدم دلالته عليه (٩) بإحدى الدلالات(ولو صرّح بالرجوع في تدبيره) أي تدبير الولد(فقولان (١٠) :

______________________________________________________

(١) لا خلاف ولا إشكال أن المدبّرة رق يجوز لمولاها التصرف فيها باستخدام ووطء ، وإن حملت منه لم يبطل التدبير ، بل قد اجتمع لها سببان للعتق التدبير والاستيلاد ، والأول أسبق ، وعلى كل فعتقها في السببين متوقف على وفاة سيدها ، فإذا مات والولد حيّ عتقت من ثلث تركته بالتدبير لأنه السبب السابق ، فإن لم يف الثلث بها عتق الباقي منها بالاستيلاد الذي هو السبب المتأخر ، ويحتسب هذا الباقي من نصيب ولدها ، فإن وفّى فهو وإلا استسعت في الباقي ، هذا وخالف الشافعي حيث حكم بإبطال التدبير عند استيلادها ، لأن الاستيلاد أقوى ، إذ هو لازم بخلاف التدبير الذي هو جائز ، وفيه عدم التنافي بينهما حتى يقدم الأقوى ، بل يجتمعان لعتقها ويكون الأول أسبق أثرا كما عرفت. ومما يدل على جواز وطء المدبرة صحيح أبي مريم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن رجل يعتق جاريته عن دبر ، أيطؤها إن شاء أو ينكحها أو يبيع خدمتها ، فقال : أي ذلك شاء فعل) (١).

(٢) اي ثلث تركة المولى.

(٣) أي زادت.

(٤) بسبب الاستيلاد ، وإن وفّى النصيب فهو وإلا استسعت في الباقي.

(٥) بحيث قد حصل لها بعد التدبير ويكون مدبّرا بالتبع كما تقدم.

(٦) سيأتي أن للمولى حق الرجوع في التدبير ، فلو رجع في تدبيرها فلا يكون رجوعا في تدبير ولدها ، لعدم الملازمة بين الأم وولدها ، بل ستعرف أنه لا يجوز للمولى الرجوع في الولد وإن رجع في الأم ، وهذا أكبر دليل على عدم سراية الرجوع إلى تدبير الولد.

(٧) بين الأم وولدها.

(٨) أي الانفكاك الوجودي بين الأم وولدها فلا يكون الدال على أحدهما دالا على الآخر.

(٩) أي عدم دلالة الرجوع في تدبير الأم على الرجوع في تدبير ولدها.

(١٠) عن ابن إدريس والعلامة والفخر والشهيد وأكثر المتأخرين جواز الرجوع في تدبير الولد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب التدبير حديث ١.


أحدهما الجواز (١) كما يجوز الرجوع في تدبيرها ، لكون التدبير جائزا فيصح الرجوع فيه ، والفرع (٢)

______________________________________________________

لعموم الأدلة الدالة على جواز الرجوع في التدبير ، ولأن تدبير الولد فرع عن تدبير أمه ، ولا يزيد الفرع عن أصله ، وعليه فكما جاز الرجوع في تدبير الأم فيجوز الرجوع في تدبير الولد.

وعن الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط وابني البراج وحمزة والمحقق في النافع بل نسب إلى الأكثر عدم جواز الرجوع في تدبير الولد لصحيح أبان بن تغلب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل دبّر مملوكه ثم زوّجها من رجل آخر فولدت منه أولادا ثم مات زوجها وترك أولاده منها ، قال : أولاده منها كهيئتها ، فإذا مات الذي دبّر أمهم فهم أحرار ، قلت له : أيجوز للذي دبّر أمهم أن يردّ في تدبيره إذا احتاج؟ قال : نعم ، قلت : أرأيت إن ماتت أمهم بعد ما مات الزوج وبقي أولادها من الزوج الحر أيجوز لسيدها أن يبيع أولادها ، وأن يرجع عليهم في التدبير؟ قال : لا ، إنما كان له أن يرجع في تدبير أمهم إذا احتاج ورضيت هي بذلك) (١).

وأشكل على الرواية من حيث اشتمالها على كون أبيهم حرا وهذا ما يوجب تبعية الأولاد في الحرية له فكيف حكمت الرواية بأنهم مماليك ، وأشكل أيضا عليها بأنها فرقت بين تدبير الأم وتدبير ولدها من ناحية جواز الرجوع في الأول دون الثاني ، مع أنه تفريق بلا فارق ما دام كل منهما تدبيرا.

ويردّ الإشكال الأول بجواز كون الأولاد مملوكين لاشتراط رقيتهم من مولى الزوجة المملوكة وهذا جائز على ما قد تقدم الخلاف فيه ، ويردّ الإشكال الثاني بأن نفس النص الصحيح المتقدم هو الفارق بين التدبيرين على أن تدبير الأم إنما هو بفعل المالك فيجوز له الرجوع فيه ، بخلاف تدبير الولد الذي هو بالسراية ولا اختيار للمالك فيه فلذا لا يجوز له الرجوع فيه ، وهذا ليس بعزيز ، بل له نظائر فالفسخ بالخيار يقتضي فسخ عقد البيع بالنسبة لشخص المبيع ، ولا يقتضي الفسخ في النماء المنفصل ، بل يبقى النماء للمشتري وإن ردت العين للبائع فكذلك هنا فالرجوع فسخ لما حصل بصيغة التدبير الحاصلة من المولى والمتعلقة بالأم ، ولا يتعلق الفسخ بالتدبير المتعلق بالنماء ـ الذي هو الولد ـ لأن النماء لا يقبل الفسخ ولا الرجوع.

(١) أي يجوز للمولى أن يرجع في تدبير الولد.

(٢) وهو تدبير الولد ، وكان فرعا لأنه متفرع عن تدبير أمه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من كتاب التدبير حديث ١.


لا يزيد على أصله. والثاني (١) وهو الذي اختاره الشيخ مدعيا الاجماع وجماعة منهم المصنف في الدروس.

(و) هو (المروي) صحيحا عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه‌السلام(المنع (٢) ، ولأنه (٣) لم يباشر تدبيره (٤) ، وإنما حكم به (٥) شرعا فلا يباشر ردّه (٦) في الرقّ ، وبهذا يحصل الفرق بين الأصل (٧) والفرع (٨).

(ودخول الحمل (٩) في التدبير للأمّ مروي) في الصحيح عن الحسن بن علي

______________________________________________________

(١) أي القول الثاني.

(٢) خبر قوله (والثاني).

(٣) أي ولأن المولى ، وهو دليل ثان على المنع بعد صحيح أبان الذي هو الدليل الأول.

(٤) أي تدبير الولد.

(٥) بتدبير الولد تبعا لتدبير أمه.

(٦) أي فلا يباشر المولى ردّ الولد في الرق بأن يرجع في تدبيره.

(٧) وهو تدبير الأم الذي صدر بمباشرة المولى.

(٨) وهو تدبير الولد الذي حكم به شرعا للتبعية ، فما باشره المولى فيجوز له الرجوع فيه ، وما لم يباشره فلا يجوز له الرجوع فيه.

(٩) أي الحمل الحاصل قبل التدبير ، وهذا بخلاف الحمل الحاصل بعد التدبير الذي تكلمنا عنه في الفرع السابق فيما لو حملت المدبرة ولو من الزنا فحملها مدبّر.

هذا فلو دبّر حاملا فعن الشيخ في النهاية وابن الجنيد وابن البراج وابن حمزة بل في الدروس نسبته إلى المشهور أنه إذا علم المولى بالحمل فهو مدبّر أيضا ، وإلا فهو رق لخبر الوشاء في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (سألته عن رجل دبّر جارية وهي حبلى ، فقال : إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق) (١).

وعن الشيخ في المبسوط وابن إدريس وجماعة عدم التبعية وإن علم المولى بوجود الحمل ، للأصل ، ولانفصال الحمل عنها وجودا فلا بدّ أن ينفصل عنها حكما ولذا لا يدخل في بيعها وعتقها وغيرهما إلا مع التصريح بالدخول فكذا التدبير ، ولموثق عثمان بن عيسى عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام (سألته عن امرأة دبرت جارية لها فولدت الجارية جارية

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب التدبير حديث ٣.


الوشاء عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن رجل دبّر جاريته وهي حبلى فقال : «إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق».

والرواية كما ترى دالة على اشتراط دخوله (١) بالعلم (٢) به ، لا مطلقا (٣) فكان على المصنف أن يقيده (٤) حيث نسبه (٥) إلى الرواية.

نعم ذهب بعض الأصحاب (٦) إلى دخوله في تدبيرها مطلقا (٧) كما يدخل (٨) لو تجدد (٩) ،

______________________________________________________

نفيسة ، فلم تدر المرأة حال المولودة ، أهي مدبرة أو غير مدبرة ، فقال لي : متى كان الحمل بالمدبرة ، أقبل ما دبّرت أو بعد ما دبّرت؟ فقلت : لست أدري ولكن أجنبي فيهما جميعا ، فقال : إن كانت المرأة دبّرت وبها حبل ولم تذكر ما في بطنها فالجارية مدبرة والولد رق ، وإن كان إنما حدث الحمل بعد التدبير فالولد مدبر في تدبير أمه) (١).

ووجه الاستدلال قوله عليه‌السلام (ولم تذكر ما في بطنها) والمعنى ولم تذكر المرأة ما في بطن الجارية عند التلفظ بصيغة التدبير فالجارية مدبرة والولد رق ، وعليه فيكون المدار على قصد المولى وعدمه بعد حمل خبر الوشاء على صورة القصد ، وهو حمل غير بعيد ، لأن خبر الوشاء قيّد دخول الحمل في تدبير الأم بصورة علم المولى بحبل الجارية ، ويحمل العلم على القصد جمعا بين الخبرين لأن العلم سبب للقصد. وعن القاضي ابن البراج القول بسراية التدبير مطلقا علم المولى بالحمل أو لم يعلم ، والخبران المتقدمان حجة عليه.

(١) أي دخول الحمل في التدبير.

(٢) أي بسبب العلم به.

(٣) حتى مع عدم العلم.

(٤) أي يقيّد دخول الحمل في التدبير.

(٥) أي نسب دخول الحمل في تدبير أمه.

(٦) وهو ابن البراج.

(٧) علم المولى بالحمل أو لا.

(٨) أي يدخل الحمل في تدبير أمه.

(٩) أي لو تجدد الحمل بعد تدبير أمه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من كتاب التدبير حديث ٢.


إلا أنه (١) غير مروي (٢) ، وبمضمون الرواية (٣) أفتى الشيخ في النهاية وجماعة(كعتق الحامل (٤) فإنه يتبعها الحمل على الرواية السابقة (٥).

والأظهر عدم دخوله (٦) فيها (٧) مطلقا (٨) ، وحملت هذه الرواية (٩) على ما إذا قصد تدبير الحمل مع الأم وأطلق العلم على القصد مجازا ، لأنه (١٠) مسبب عنه (١١). وقد روى الشيخ أيضا في الموثق عن الكاظم عليه‌السلام عدم دخوله (١٢) مطلقا (١٣) ، فالحمل (١٤) طريق الجمع.

(ويتحرر المدبّر) بعد الموت (١٥)

______________________________________________________

(١) أي إطلاق دخول الحمل في تدبير أمه.

(٢) فلا يصح نسبة الإطلاق إلى الرواية حينئذ.

(٣) الدالة على تقييد دخول الحمل في التدبير بعلم المولى بوجوده.

(٤) قد تقدم في آخر كتاب العتق أن الحمل لا يتبع الحامل في العتق لانفصاله عنها ، على المشهور ، وتقدم أن الشيخ وبني زهرة والبراج وسعيد على أنه يتبعها في العتق استنادا إلى خبر السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم‌السلام (في رجل أعتق أمته وهي حبلى واستثنى ما في بطنها ، قال : الأمة حرة وما في بطنها حر لأن ما في بطنها منها) (١) ، وتقدم أن السكوني عامي والخبر موافق للعامة.

(٥) وهي خبر السكوني المتقدم.

(٦) أي الحمل.

(٧) في الأم تدبيرا كما لا يدخل عتقا.

(٨) علم المولى أم لا.

(٩) أي رواية الوشاء الواردة في التدبير.

(١٠) أي القصد.

(١١) عن العلم.

(١٢) أي دخول الحمل في تدبير أمه.

(١٣) علم المولى بوجوده أو لم يعلم ما لم يذكره المولى في التدبير.

(١٤) أي حمل خبر الوشاء على صورة قصد تدبير الحمل هو طريق الجمع بين الخبرين.

(١٥) أي بعد موت المولى المدبّر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من كتاب العتق حديث ١.


(من الثلث) كالوصية (١)

______________________________________________________

(١) وقع الخلاف بينهم في أن التدبير وصية كما عن الشيخ في المبسوط والمحقق في النافع والعلامة في بعض كتبه لموثق زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن المدبّر أهو من الثلث؟ قال : نعم وللموصي أن يرجع في وصيته ، أوصى في صحة أو مرض) (١) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (المدبّر من الثلث ، وللرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحة أو مرض) (٢) وعن المشهور أنه بمنزلة الوصية بمعنى أنه عتق معلّق على الوفاة ولكن له أحكام الوصية من جواز الرجوع فيه وخروجه من الثلث وغير ذلك من أحكامها ، لصحيح معاوية بن عمار (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المدبّر فقال : هو بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منها) (٣) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المدبّر مملوك ، ولمولاه أن يرجع في تدبيره ، إن شاء باعه وإن شاء وهبه وإن شاء أمهره ، قال : وإن تركه سيده على التدبير ولم يحدث فيه حدثا حتى يموت سيده فإن المدبّر حر إذا مات سيده وهو من الثلث ، إنما هو بمنزلة رجل أوصى بوصيته ثم بدا له بعد فغيّرها قبل موته ، وإن هو تركها ولم يغيّرها حتى يموت أخذ بها) (٤).

والأقوى أنه بمنزلة الوصية لأنه لو كان وصية محضة لافتقر في عتقه إلى صيغة بعد الموت ، بعد حمل أخبار كونه وصية على أنه بمنزلة الوصية.

هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يلزم من كونه بمنزلتها مساواتها في جميع الأحكام ، بل المراد أنه بمنزلتها في الأحكام المسئول عنها في الأخبار من كونه من الثلث وجواز الرجوع فيه ونحو ذلك مما سيمرّ عليك.

ومن جهة ثالثة لا خلاف ولا إشكال في أن المدبّر ينعتق بموت مولاه من ثلث مال المولى ، فإن خرج منه وإلا تحرر من المدبّر بقدر الثلث ، وعليه فلو لم يكن للمولى سواه عتق ثلثه.

ومن جهة رابعة لما كان التدبير وصية أو بمنزلتها فيأخذ حكمها من كونه من الثلث بعد أداء الدين سواء كان الدين متقدما على التدبير أم متأخرا على المشهور خلافا للشيخ في النهاية والقاضي ابن البراج حيث قدّما التدبير على الدين ، إذا كان التدبير سابقا عليه وإلا قدّم الدين استنادا لصحيح أبي بصير (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل دبّر غلامه

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب التدبير حديث ٢ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب التدبير حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من كتاب التدبير حديث ٣.


(ولو جامع (١) الوصايا) كان كأحدها(قدّم الأول (٢) فالأول) إن لم يكن فيها (٣) واجب (٤) (ولو كان على الميت دين قدّم الدين) من الأصل ، سواء كان (٥) متقدما على التدبير أم متأخرا (٦). ومنه (٧) الوصية بواجب مالي (٨) (فإن فضل) من التركة(شي‌ء (٩) ولم يكن هناك وصية تقدّم عليه (١٠) (عتق من المدبّر ثلث ما بقي (١١) إن

______________________________________________________

وعليه دين فرارا من الدين ، قال : لا تدبير له ، وإن كان دبّره في صحة منه وسلامة فلا سبيل للديان عليه) (١) ، وخبر ابن يقطين (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن بيع المدبّر قال : إذا أذن في ذلك فلا بأس به ، وإن كان على مولى العبد دين فدبّره فرارا من الدين فلا تدبير له ، وإن كان قد دبره في صحة وسلامة فلا سبيل للديان عليه ، ويمضي تدبيره) (٢).

وهما قاصران عن معارضة ما تقدم من إطلاق النصوص الدالة على أنه بمنزلة الوصية وأنه من الثلث. كما في الجواهر.

ومن جهة خامسة لما كان التدبير وصية أو بمنزلتها فلو جامع الوصايا فيكون كأحدها يقدّم الأول منها فالأول من الثلث على ما تقدم في كتاب الوصايا.

(١) أي التدبير.

(٢) أي الأول من الوصايا.

(٣) في الوصايا.

(٤) أي واجب مالي كالخمس والزكاة فإنه مقدم من الأصل على ما تقدم بيانه في كتاب الوصايا.

(٥) الدين.

(٦) على المشهور وفي هذا رد على الشيخ وابن البراج حيث ذهبا إلى التفصيل.

(٧) ومن الدين.

(٨) كالخمس والزكاة.

(٩) بعد تقديم الدين والواجب المالي.

(١٠) على التدبير ، والوصية المقدّمة عليه هي الأسبق ذكرا.

(١١) أي ما بقي من التركة بعد إخراج الدين ، وعليه فيعتق من المدبر بمقدار ثلاثة الباقي من التركة بعد إخراج الدين ، وانعتاق بعض المدبر من الثلث كما هو عبارة الماتن متوقف على كون الثلث لم يف بقيمة العبد ، وإلا لو وفى بقيمته أو زاد عليها عتق تمام العبد المدبّر من

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من كتاب التدبير حديث ٢ و ١.


لم يزد (١) عن قيمته (٢) كغيره (٣) من الوصايا المتبرع بها ، حتى لو لم يفضل (٤) سواه (٥) عتق ثلثه ، فإن لم يفضل عن الدين شي‌ء (٦) بطل التدبير.

ولو تعدد المدبّر والتدبير (٧) بدئ بالأول فالأول (٨) ، وبطل ما زاد عن الثلث إن لم يجز الوارث ، وإن جهل الترتيب (٩) ، أو دبّرهم بلفظ واحد استخرج الثلث (١٠) بالقرعة ، وبالجملة فحكمه (١١) حكم الوصية.

هذا كله إذا كان التدبير متبرعا (١٢) به ، وعلّق على وفاة المولى ليكون (١٣) كالوصية ، فلو كان (١٤)

______________________________________________________

الثلث كما هو واضح ، وكما هو الحال في كل الوصايا المتبرع بها.

(١) أي لم يزد ما بقي من التركة ، وقد أتى الشارح بهذا القيد لتصحيح عبارة الماتن الدالة على عتق بعض المدبر من ثلث ما بقي من التركة.

(٢) أي عن قيمة المدبر ، وإلا فلو ساواها أو زاد عليها لعتق تمام المدبّر من ثلث ما بقي.

(٣) أي كغير المدبّر.

(٤) أي من التركة بعد إخراج الدين.

(٥) سوى المدبّر.

(٦) أي شي‌ء من التركة.

(٧) لو دبّر جماعة من مماليكه ، فإن خرجوا من الثلث فذاك ، وإلا ينظر فإن تعددت صيغة التدبير بأن كان لكل عبد مدبّر صيغة تخصه بدئ بالأول فالأول إلى أن يستوفى الثلث ، لأحقية السابق بعد كون التدبير وصية أو ما هو بمنزلتها ، ولا بد عند تعدد الوصايا من تقديم الأسبق فالأسبق إلى حين استيفاء الثلث.

ولو جهل الأسبق أو اتحدت صيغة التدبير للجميع استخرج بالقرعة بمقدار ثلث التركة ، لأن القرعة لكل أمر مشكل ، وظاهرهم الاتفاق عليه ولم ينقل الخلاف عن أحد.

(٨) عند العلم بالأسبق.

(٩) في صورة تعدد التدبير.

(١٠) أي استخرج ثلث التركة منهم.

(١١) أي حكم التدبير.

(١٢) أي غير واجب عليه بنذر وشبهه.

(١٣) أي التدبير المعلّق على وفاة المولى.

(١٤) أي التدبير المعلّق على وفاة المولى.


واجبا بنذر وشبهه (١) حال الصحة (٢) ، أو معلّقا (٣) على وفاة غيره (٤) فمات (٥) في حياة المولى فهو من الأصل (٦) ،

______________________________________________________

(١) كالعهد واليمين.

(٢) أي حال صحة المولى ، وإلا فلو كان في مرض موت المولى لخرج من الثلث ، كما في كل تصرف في حال الموت.

(٣) أي كان التدبير معلّقا على وفاة غير المولى من الزوج والمخدوم ، وهو غير واجب بنذر وشبهه.

(٤) غير المولى من الزوج والمخدوم.

(٥) أي المعلّق عليه من الزوج والمخدوم.

(٦) أي أصل التركة ، بعد حمل الأخبار المتقدمة الدالة على خروج المدبّر من الثلث على الغالب من كونه معلّقا على موت المولى ، هذا من جهة ومن جهة ثانية فالمدبر على وفاة غير المولى يخرج من الأصل فيما إذا مات المعلّق عليه في زمن حياة المولى لأنه كتعجيل العتق في حال حياة المولى ، فلا بدّ أن يخرج من الأصل ، ولو مات المعلّق عليه بعد موت المولى فلا بدّ أن يخرج من الثلث لأنه كالمعلّق على وفاة المولى.

ومن جهة ثالثة فالمنذور إن كان قد وقع نذره في حال مرض موت المولى فهو من الثلث ، لأن كل تصرفات الإنسان في حال مرض الموت كذلك ، وإن وقع نذره في حال صحة المولى فلا يخلو إما أن يكون المنذور هو التدبير ـ أي صدور التدبير منه ـ وإما العتق بعد الوفاة ومثال الأول قوله : لله عليّ أن أدبر عبدي ، ومثال الثاني قوله : لله علي عتق عبدي بعد وفاتي ، وعليه ، فإن كان الأول فهو من الثلث كما عن الشارح في المسالك والروضة هنا ، لأن العبد بالنذر قد صار واجب التدبير ، فإذا دبّره مولاه فقد خرج عن النذر ولحقه حكم التدبير ، وقد عرفت أن من أحكام التدبير خروجه من الثلث.

وإن كان الثاني فهو من الأصل ، لأنه بالنذر أصبح عتقه بعد الوفاة من الواجب عليه ، والواجبات المالية تخرج من الأصل ، كما لو نذر الصدقة بمال بعد الوفاة ، فإنه يخرج من الأصل لأنه واجب مالي.

وعن التحرير للعلامة المساواة بين الأمرين في الخروج من الأصل ، ونقله في الدروس عن ظاهر الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، وبانعقاده صرح المرتضى في الانتصار.

وهو الأظهر ، لأن الغرض من كلا النذرين التزام الحرية بعد الوفاة ، فتكون الحرية المنذورة من الواجبات المالية فتخرج من الأصل ، وليس الغرض من الأول صدور صيغة التدبير منه حال الحياة فقط.


ولو مات (١) بعد المولى فهو من الثلث أيضا (٢).

هذا (٣) إذا كان النذر مثلا ، لله عليّ عتق عبدي (٤) بعد وفاتي ونحوه.

وأما لو قال : لله عليّ أن أدبّر عبدي (٥) ففي الحاقة (٦) به (٧) في خروجه (٨) من الأصل نظر ، لأن الواجب بمقتضى الصيغة (٩) هو ايقاع التدبير عليه (١٠) ، فإذا فعله (١١) وفى بنذره ، وصار التدبير كغيره (١٢) ، لدخوله (١٣) في مطلق التدبير.

ومثله (١٤) ما لو نذر أن يوصي بشي‌ء (١٥) ثم أوصى به ، أما لو نذر جعله (١٦) صدقة بعد وفاته ، أو في وجه سائغ (١٧)

______________________________________________________

وهذا التفصيل الذي أتى به الشارح وسبقه إليه ابن نما من كون النذر المتعلق بصيغة التدبير مما يخرج من الثلث قد تبع فيه بعض العامة كما في الرياض.

(١) أي المعلّق عليه من مخدوم وزوج.

(٢) كما لو علّق على وفاة المولى.

(٣) أي يخرج من الأصل إذا كان واجبا بنذر وشبهه حال الصحة.

(٤) فهو تمثيل لكون المنذور عتق العبد بعد الوفاة ، فيخرج من الأصل ، لأنه واجب مالي.

(٥) تمثيل لكون المنذور هو التدبير.

(٦) أي النذر الثاني.

(٧) بالنذر الأول.

(٨) أي خروج النذر.

(٩) أي صيغة النذر.

(١٠) على العبد.

(١١) أي فإذا فعل المولى إيقاع التدبير عليه.

(١٢) من أفراد التدبير غير المنذورة من حيث خروج الجميع من الثلث.

(١٣) أي لدخول التدبير المنذور بعد تحقق النذر.

(١٤) أي ومثل نذر التدبير في أنه من الثلث.

(١٥) بحيث كان المنذور هو الوصية ، فلو أوصى فقد وفى بنذره ، وصار الموصى به كغيره من الوصايا يخرج من الثلث.

(١٦) أي جعل الشي‌ء.

(١٧) أي نذر جعل الشي‌ء بعد وفاته في وجه سائغ ، والفرق بين الصدقة والوجه السائغ أن الصدقة مشروطة بالرجحان ليصح التقرب بها إلى الله ، بخلاف الوجه السائغ فيكفي فيه عدم الحرمة.


فكنذر العتق (١).

ونقل المصنف (٢) عن ظاهر كلام الأصحاب (٣) تساوي القسمين (٤) في الخروج من الأصل ، لأن الغرض (٥) التزام الحرية بعد الوفاة ، لا مجرد الصيغة (٦) ، ونقل (٧) عن ابن نما رحمه‌الله الفرق (٨) بما حكيناه (٩). وهو (١٠) متجه ، وعلى التقديرين (١١) لا يخرج (١٢) بالنذر عن الملك (١٣) فيجوز له (١٤) استخدامه (١٥) ووطؤه إن كانت جارية.

نعم لا يجوز نقله (١٦)

______________________________________________________

(١) أي كما لو نذر عتق عبده بعد وفاته ، من أنه يخرج من الأصل ، لأنه واجب مالي ، والخروج من الأصل هو الشأن في كل واجب مالي.

(٢) في الدروس.

(٣) مشعرا بدعوى الإجماع عليه.

(٤) من نذر التدبير ونذر العتق بعد الوفاة.

(٥) أي لأن الغرض من نذر التدبير.

(٦) أي صيغة التدبير.

(٧) أي المصنف في الدروس.

(٨) أي الفرق بين نذر التدبير ونذر العتق.

(٩) من أن نذر التدبير هو نذر لإيقاع صيغة التدبير عليه ، فإذا فعله وفى بنذره وصار التدبير كغيره لدخوله في مطلق التدبير في خروجه من الثلث ، بخلاف نذر العتق بعد الوفاة ، فالعتق حينئذ بعد النذر واجب مالي يخرج من الأصل.

(١٠) أي الفرق.

(١١) من كون النذرين متساويين في الإخراج من الأصل ، ومن كون الفرق بين النذرين بخروج نذر التدبير من الثلث ، ونذر العتق من الأصل.

(١٢) أي المنذور تدبيره أو عتقه.

(١٣) أي عن ملك مولاه ، فيجوز للمولى استخدامه إن كان عبدا ، ووطؤه إن كان أمة ، ولا يجوز له نقله عن ملكه بالاتفاق ، لاستلزامه الحنث في نذره ، ولو أخرجه صح الإخراج ، لأن النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد ، ويأثم وعليه الكفارة في صورة العلم بالنذر.

(١٤) للمولى.

(١٥) أي استخدام المملوك إذا كان عبدا.

(١٦) أي نقل المنذور تدبيره ، وعدم جواز نقله مبني على عدم الفرق بين القسمين ، وإلا فعلى


عن ملكه ، فلو فعل (١) صح (٢) ولزمته الكفارة (٣) مع العلم (٤) ، ولو نقله عن ملكه ناسيا (٥) فالظاهر الصحة (٦) ولا كفارة ، لعدم الحنث (٧). وفي الجاهل وجهان (٨). والحاقة بالناسي قوي. ولو وقع النذر في مرض الموت (٩) فهو (١٠) من الثلث مطلقا(١١).

(ويصح الرجوع في التدبير (١٢) المتبرع به ما دام (١٣) حيا ، كما يجوز الرجوع في الوصية ، وفي جواز الرجوع في الواجب بنذر وشبهه ما تقدم من عدم

______________________________________________________

الفرق بين القسمين فلو نذر تدبيره وبعد التدبير يكون قد وفى بالنذر ، ولا يحرم نقله كسائر أفراد التدبير.

(١) بأن نقله عن ملكه.

(٢) أي صح الفعل والنقل.

(٣) أي كفارة حنث النذر مع الإثم أيضا.

(٤) أي العلم بالحنث.

(٥) أي ناسيا للنذر.

(٦) أي صحة النقل.

(٧) لأن النسيان عذر شرعي.

(٨) من أنه عامد إلى النقل الموجب للحنث ، ومن أنه جاهل للحكم ، والجهل عذر شرعي كالنسيان.

(٩) أي في مرض موت المولى.

(١٠) فالمدبّر المنذور.

(١١) سواء كان المنذور هو التدبير أو العتق بعد الوفاة ، لأن النذر من تصرفات مريض الموت ، والشأن فيها خروجها من الثلث على كل حال.

(١٢) قد ثبت سابقا أن التدبير وصية أو ما هو بمنزلتها ، وعلى كل فيجوز الرجوع فيه كما يجوز الرجوع في الوصية ، وهذا كله في التدبير المتبرع به ، وأما لو كان واجبا بنذر وشبهه فعلى المشهور من أنه واجب مالي يخرج من الأصل فلا يجوز له الرجوع لأن الرجوع عن التدبير حنث للنذر ، وهو غير جائز ، وعلى التفصيل من أن نذر التدبير تدبير يلحقه حكمه بخلاف نذر العتق بعد الوفاة ، فيصح الرجوع في الأول بعد ما تحقق النذر وهو إيقاع صيغة التدبير ، بخلاف الثاني فلا يصح فيه الرجوع لاستلزامه الحنث في النذر.

(١٣) أي المولى.


الجواز (١) إن كانت صيغته لله عليّ عتقه بعد وفاتي (٢) ، ومجي‌ء الوجهين (٣) لو كان متعلق النذر هو التدبير ، من خروجه (٤) عن عهدة النذر بايقاع الصيغة كما حققناه (٥) ، ومن (٦) أنه (٧) تدبير واجب (٨) وقد اطلقوا لزومه (٩).

والرجوع يصح(قولا (١٠) مثل رجعت في تدبيره) وأبطلته ونقضته ونحوه(وفعلا كأن يهب) المدبّر وإن لم يقبض ، (أو يبيع (١١) ،)

______________________________________________________

(١) أي من عدم جواز الرجوع كما لا يجوز النقل.

(٢) أي في نذر العتق بعد الوفاة ، لأن الرجوع مستلزم للحنث في النذر.

(٣) من جواز الرجوع وعدمه.

(٤) دليل لجواز الرجوع ، والمعنى ومن خروج المولى.

(٥) في التفصيل المتقدم.

(٦) دليل لعدم جواز الرجوع.

(٧) أي ومن أن التدبير الذي هو متعلق النذر.

(٨) لا يجوز الرجوع عنه لئلا يلزم الحنث في النذر ، إذ غاية النذر التزام حريته بعد الوفاة لا مجرد الصيغة.

(٩) أي لزوم التدبير الواجب على التقديرين.

(١٠) إذا ثبت جواز الرجوع في التدبير ، فالرجوع قد يكون بالقول ، كقوله : رجعت في هذا التدبير أو أبطلته أو رفعته أو ما أشبه ذلك ، وقد يكون بالفعل ، كأن يهب المدبّر لغيره ، وإن لم يقبضه ، فإنه يبطل التدبير بالهبة ، لدلالتها على الرجوع خلافا لابن حمزة حيث اشترط في صحة الهبة تقديم الرجوع القولي حتى تصح هبته حينئذ.

ومن الرجوع الفعلي عتق المدبّر ، فإنه تعجيل لما تشبث به المدبّر من الحرية ، وقد زاده خيرا ومن جملة الرجوع الفعلي ما لو أوقف المدبّر في سبيل الله ، وإن لم يقبضه لدلالة الوقف على الرجوع كالهبة والخلاف فيه كالخلاف فيها.

(١١) من مصاديق الرجوع الفعلي بيع المدبّر ، لاقتضاء البيع خروجه عن ملكه المنافي لبقاء تدبيره ، ولصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل دبّر مملوكه ثم احتاج إلى ثمنه فقال : هو مملوكه إن شاء باعه وإن شاء أعتقه وإن شاء أمسكه حتى يموت ، فإذا مات السيد فهو حر من ثلثه) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المدبّر مملوك ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب التدبير حديث ١.


(أو يوصي به (١) وإن لم يفسخه (٢) قبل ذلك (٣) ، أو يقصد به (٤) الرجوع على أصح القولين (٥).

ولا فرق (٦) بين قبول الموصى له الوصية ، وردها ، لأن فسخه (٧) جاء من قبل ايجاب المالك (٨) ،

______________________________________________________

ولمولاه أن يرجع في تدبيره ، إن شاء باعه وإن شاء وهبه ، وإن شاء أمهره) (١).

وعن الشيخ في النهاية لا يجوز بيعه قبل أن ينقضي تدبيره ، فلو باعه قبل النقض لا يبطل التدبير ويمضي البيع في خدمته دون رقبته للجمع بين الأخبار المتقدمة الدالة على جواز البيع مطلقا وبين خبر السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (باع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خدمة المدبّر ولم يبع رقبته) (٢) وخبر القاسم بن محمد عن علي قال (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أعتق جارية له عن دبر في حياته قال : إن أراد بيعها باع خدمتها في حياته ، فإذا مات أعتقت الجارية ، وإن ولدت أولادا فهم بمنزلتها) (٣).

وعن الصدوق والعماني أنه لا يجوز بيعه إلا أن يشترط على المشتري أن يعتقه عند موت البائع لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يعتق غلامه أو جاريته في دبر منه ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه؟ فقال : لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته) (٤).

(١) من جملة مصاديق الرجوع الفعلي الوصية بالعبد المدبّر ، لاقتضاء الوصية إخراج الموصى به عن ملك الموصي بعد وفاته وهذا مناف لبقاء تدبير العبد فيبطل ، خلافا للشافعي في أحد قوليه كما في الجواهر.

(٢) أي لم يفسخ المولى التدبير.

(٣) أي قبل هذه المذكورات ، لتضمن هذه المذكورات على الرجوع.

(٤) أي يقصد بما ذكر من الهبة والبيع والوصية ، وعدم اشتراط قصد الرجوع لأن هذه المذكورات متضمنة للرجوع فلا داعي لقصده.

(٥) في الهبة والوصية بخلاف البيع فالأقوال فيه ثلاثة.

(٦) في بطلان التدبير بالوصية.

(٧) أي فسخ التدبير.

(٨) أي فسخ التدبير إنما جاء من إيجاب المالك بلا دخل لقبول الموصى له في ذلك ، وعليه

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من كتاب التدبير حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب التدبير حديث ٤ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب التدبير حديث ٦.


ولا يعود التدبير بعوده (١) مطلقا (٢) (وإنكاره (٣) ليس برجوع) وإن حلف (٤) المولى ، لعدم الملازمة (٥) ،

______________________________________________________

فإذا كان الإيجاب هو المؤثر في فسخ التدبير فلا يعود التدبير لو بطل الإيجاب ، ويبطل الإيجاب عند رد الموصى له ، لأنه مع الرد وعدم القبول لا يؤثر الإيجاب أثره في خروج الموصى به عن ملك الموصي إلى ملك الموصى له.

(١) أي بعود المدبّر إلى ملك مالكه ، وهو دفع لتوهم ، حاصل التوهم أن علة بطلان التدبير هو خروج المدبّر عن ملك مولاه ، فلو عاد إلى ملكه عند بطلان الإيجاب وعدم قبول الموصى له فلا بدّ أن يعود التدبير.

والدفع أن علة التدبير هو إيجاب الوصية ، بإنشاء إخراجه عن الملك وقد تم الإيجاب فلا بد أن يرتفع التدبير ، ومع ردّ الموصى له لا يرتفع الإيجاب لأنه قد وقع غايته لا يؤثر أثره في النقل وهذا شي‌ء آخر.

(٢) سواء كان ذلك في الوصية أو الهبة أو البيع ، فلو وهبه أو باعه بطل التدبير ، وإن ردّ المتهب أو المشتري ، لأن السبب في بطلان التدبير هو إيجاب إنشاء النقل وقد تحقق ، وإن لم يتحقق الانتقال لعدم القبول.

(٣) أي وإنكار التدبير من قبل المولى ليس رجوعا عن التدبير ، لأن الإنكار أعم من الرجوع فكيف يدل عليه ، ووجه الأعمية إمكان استناد الإنكار إلى نسيان التدبير ، والإنكار المستند إلى النسيان لا يدل على الرجوع ، هذا والفرق واضح بين الإنكار الذي هو إنكار أصل إيقاع التدبير ، وبين الرجوع الذي هو إنشاء الرجوع عن التدبير.

وقيل والقائل الشيخ : يكون الإنكار رجوعا ، لأن الإنكار دفع للتدبير في سائر الأزمان فهو أبلغ من الرجوع المقتضي لرفعه في الزمن المستقبل خاصة ، وفيه ما تقدم من عدم التلازم بينهما ، نعم لو قصد بالإنكار الرجوع كان رجوعا إلا في الطلاق فقد ورد النص الصحيح على أن إنكاره رجوع عنه وقد تقدم في بابه.

(٤) لو ادعى العبد التدبير فأنكر المولى ، فالقول قول المولى مع يمينه لأنه منكر ، والكلام في إنكار المولى هنا كالكلام في إنكاره السابق وأنه ليس برجوع ، وأما الحلف فهو ليس رجوعا وإنما يؤكد الإنكار ، والحلف يرفع التدبير ظاهرا ، نعم لا يرفع التدبير واقعا بحيث لو مات السيد وقد وقع منه التدبير واقعا فالعبد حر فيما بينه وبين الله تعالى.

وتظهر الفائدة في عدم رفعه واقعا وأن الحلف ليس رجوعا فيما لو اعترف المولى بعد الحلف بكذبه فيه ، فإن جعلنا الإنكار رجوعا لم يعد العبد مدبّرا باعتراف المولى بالرجوع ، وإن لم نجعله رجوعا فيثبت التدبير ظاهرا كما هو ثابت واقعا.

(٥) بين الإنكار والرجوع ، إذ الأول أعم لاحتمال النسيان.


ولاختلاف اللوازم (١) ، فإن الرجوع يستلزم الاعتراف به (٢) ، وإنكاره (٣) يستلزم عدمه ، واختلاف اللوازم يقتضي اختلاف الملزومات (٤).

ويحتمل كونه (٥) رجوعا ، لاستلزامه (٦) رفعه (٧) مطلقا (٨) وهو (٩) أبلغ من رفعه (١٠) في بعض الأزمان (١١) ، وفي الدروس قطع بكونه (١٢) ليس برجوع إن جعلناه (١٣) عتقا ، وتوقف (١٤) فيما لو جعلناه (١٥) وصية ، ونسب القول بكونه (١٦) رجوعا إلى الشيخ.

وقد تقدم اختياره (١٧) أن إنكار الطلاق رجعة ، والعلامة حكم بأن إنكار سائر العقود الجائزة ليس برجوع إلا الطلاق (١٨).

والفرق بينه (١٩) ،

______________________________________________________

(١) بين الإنكار والرجوع.

(٢) بالتدبير ، إذ الرجوع عنه فرع الإقرار به.

(٣) أي إنكار التدبير يستلزم عدم الاعتراف بالتدبير.

(٤) من الإنكار والرجوع.

(٥) أي كون الإنكار ، وهو قول في المسألة كما في المسالك وغيره.

(٦) أي لاستلزام الإنكار.

(٧) أي رفع التدبير.

(٨) في كل الأزمان.

(٩) أي الرفع في كل الأزمان.

(١٠) أي رفع التدبير.

(١١) وهو الزمن الاستقبالي كما يتحقق ذلك في الرجوع.

(١٢) أي بكون الإنكار.

(١٣) أي جعلنا التدبير.

(١٤) أي المصنف في الدروس بكون الإنكار رجوعا.

(١٥) أي جعلنا التدبير.

(١٦) أي بكون الإنكار.

(١٧) أي اختيار المصنف هنا في اللمعة.

(١٨) لورود النص الصحيح فيه ، وهذا ما صرح به في المسالك أيضا.

(١٩) أي بين التدبير.


وبين غيره (١) غير واضح.

(ويبطل التدبير بالاباق) من مولاه (٢) سواء في ذلك الذكر ، والأنثى لا بالاباق من عند مخدومه المعلق عتقه على موته (٣).

وقد تقدم ما يدل عليه (٤) (فلو ولد له (٥) حال الإباق) أولاد من أمة لسيده ، أو غيره (٦)

______________________________________________________

(١) من سائر العقود والإيقاعات ما عدا الطلاق ، بالقطع من أن الإنكار ليس رجوعا في غيره ، وأما فيه فإن كان عتقا فكذلك وإن كان وصية فمشكل كما عن المصنف في الدروس فهذا غير واضح.

(٢) المدبّر على وفاة مولاه لو آبق بطل تدبيره بلا خلاف فيه لخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن جارية مدبّرة أبقت من سيدها سنينا ، ثم جاءت بعد ما مات سيدها بأولاد ومتاع كثير ، وشهد لها شاهدان أن سيدها كان دبّرها في حياته قبل أن تأبق ، فقال عليه‌السلام : أرى أنها وجميع ما معها للورثة ، قلت : لا تعتق من ثلث سيدها؟ فقال : لا إنها أبقت عاصية لله عزوجل ولسيدها ، وأبطل الإباق التدبير) (١) ، وخبر العلاء بن رزين عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل دبّر غلاما له فأبق الغلام ـ إلى أن قال ـ فقال عليه‌السلام : العبد وولده رق لورثة الميت ، قلت : أليس قد دبّر العبد؟ فذكر أنه لما أبق هدم تدبيره ورجع رقا) (٢).

(٣) أي موت المخدوم بلا خلاف فيه لصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل يكون له الخادم ويقول : هي لفلان تخدمه ما عاش ، فإذا مات فهي حرة فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ، ثم يجدها ورثته ألهم أن يستخدموها إذا أبقت؟ قال : إذا مات الرجل فقد عتقت) (٣) وعليه فالفارق بين الحكمين هو النص ليس إلا ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لو علق عتقه على وفاة الزوج فأبق ، فلا يبطل تدبيره ، لأن بطلان التدبير بالإباق عند التعليق على وفاة المولى على خلاف الأصل فيقتصر فيه على مورده.

(٤) على حكم الإباق من المولى وحكمه من المخدوم والفرق بينهما.

(٥) للمدبّر الآبق.

(٦) أي أمة لغير سيده.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التدبير حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب التدبير حديث ١.


حيث يلحق به (١) الولد ، أو حرة (٢) عالمة بتحريم نكاحه(كانوا ارقاء) مثله (٣) (وأولاده قبله (٤) على التدبير) وإن بطل في حقه ، استصحابا للحكم السابق (٥) فيهم مع عدم المعارض.

(ولا يبطل) التدبير(بارتداد السيد (٦) عن غير فطرة فيعتق لو مات (٧) على ردته ، أما لو كان (٨) عن فطرة ففي بطلانه (٩)

______________________________________________________

(١) بالمدبّر الآبق ، وإلحاق الولد به مبني على تحقق شرائطه من كونه فوق الستة أشهر من حين الوطء ولم يتجاوز أقصى الحمل وأن لا يكون الولد من زنا.

(٢) عطف على قوله (من أمة) والمعنى فلو ولد للمدبّر الآبق حال الإباق ولد من حرة عالمة بتحريم نكاحه ولو من ناحية عدم إذن المولى له لأنه آبق أو لكونها أزيد من النصاب الذي هو حرتان للعبد يلحق الولد بها لأنه من زنا من ناحيتها فلا يأخذ حكمها بالتبعية من ناحية الحرية ، بل يلحق بأبيه ويأخذ حكمه بالتبعية من ناحية الرقية.

(٣) ولا تدبير لهم لبطلان تدبير أبيهم وقد نص على ذلك خبر ابن مسلم وخبر العلاء المتقدمين.

(٤) أي وأولاد الآبق الموجودة قبل الإباق فهم على التدبير ، ولا يبطل تدبيرهم بإباقه ، للاستصحاب الجاري في تدبيرهم من دون معارض وإن بطل تدبيره بإباقه.

(٥) من سراية التدبير إليهم.

(٦) لو ارتد السيد لا عن فطرة بعد التدبير لم يبطل التدبير بلا خلاف فيه ، لعدم خروج ماله عن ملكه بالارتداد ، إذ المرتد الملي لا يقتل بل يستتاب ، وعليه فلو مات السيد المرتد في حال الردة عتق المدبّر من ثلث ماله.

(٧) أي السيد.

(٨) ارتداد السيد.

(٩) أي بطلان تدبير العبد ، فعن المشهور البطلان لزوال ملك المرتد الفطري ، لأنه يجب قتله على كل حال وتنتقل تركته إلى ورثته وإن لم يقتل فعلا ، ومع زوال الملك يبطل التدبير ، إذ لا عتق إلا في ملك.

وعن الشيخ في ظاهر المبسوط عدم البطلان لسبق حق المدبّر على حق الوارث ، فلا ينتقل إليه ، وإذا مات السيد انعتق ثلث المدبّر إذ لا مال للمرتد سواه لانتقال سائر التركة إلى الورثة من حين الارتداد.

نعم نقل الشارح في المسالك وصاحب الجواهر أنه ربما قيل بانعتاقه من حين الارتداد تنزيلا للردة منزلة الموت ، وهو بعيد ، لأنه المرتد الفطري وإن وجب قتله قد لا يقتل لقصور في بسط يد الحاكم أو لهروبه ، فكيف يحكم بعتق المدبر مع أنه معلق على الوفاة.


نظر. من انتقال (١) ماله (٢) عنه في حياته. ومن تنزيلها (٣) منزلة الموت فيعتق بها.

والأقوى الأول ، ولا يلزم من تنزيلها (٤) منزلة الموت في بعض الأحكام (٥) ثبوته (٦) مطلقا (٧) ، وإطلاق العبارة (٨) يقتضي الثاني.

وقد استشكل الحكم (٩) في الدروس ، لما ذكرناه (١٠) (و) كذا(لا) يبطل (١١) (بارتداد العبد إلا أن يلحق بدار الحرب) قبل الموت (١٢) لأنه اباق ، ولو التحق

______________________________________________________

(١) دليل بطلان التدبير ، وهو دليل المشهور.

(٢) مال المرتد الفطري.

(٣) أي تنزيل الردة ، وهو دليل على انعتاقه بمجرد الردة ، وقد ترك قول الشيخ الدال على صحة التدبير وأنه ينعتق بعد وفاة السيد ، إلا أن الانعتاق للثلث على ما تقدم.

(٤) أي تنزيل الردة.

(٥) كعدة الزوجة فإنها تعتد عدة المتوفى عنها ، وانتقال التركة إلى الورثة.

(٦) أي ثبوت التنزيل.

(٧) في كل الأحكام.

(٨) أي وإطلاق عبارة الماتن هنا الشاملة للملي والفطري يقتضي أن يكون حكم الفطري على تنزيل الردة منزلة الموت فينعتق بمجرد الردة وفيه : أن عبارة الماتن وإن كانت شاملة للملي والفطري لكن لا تقتضي ما قاله الشارح بل تقتضي عدم بطلان التدبير حتى في الفطري ، ولعل المصنف قد مال إلى قول الشيخ المتقدم من أنه لا يبطل التدبير ولا ينعتق العبد إلا بعد وفاة السيد المرتد ، ولا ينعتق إلا ثلثه.

(٩) ببطلان التدبير بارتداد السيد عن فطرة.

(١٠) من كون الردة الفطرية بمنزلة الموت فيقتضي انعتاق العبد بها.

(١١) أي التدبير ، لو ارتد المملوك ولو كان عن فطرة فلا يبطل تدبيره وإن حكم بقتله للأصل ، نعم لو التحق بدار الحرب بعد ذلك بطل تدبيره ، لأن الالتحاق بدار الحرب إباق منه لأنه فرار من سيده ، والإباق هادم للتدبير ، وعليه لو مات المدبّر بعد ارتداده وقبل التحاقه بدار الحرب تحرّر لحصول المقتضى ، وعن ابن الجنيد الحكم ببطلان التدبير بسبب الارتداد قياسا على بطلان التدبير بسبب الالتحاق بدار الحرب بدعوى أن الإباق هدم التدبير لأنه معصية للمولى المدبّر ، فيجب أن يكون الارتداد هادما للتدبير لأنه معصية لله ، ومعصية الله أشدّ وفيه أنه قياس مع الفارق ، إذ يصدق الفرار والإباق على الثاني دون الأول ، والنص قد اقتصر على الإباق دون الارتداد.

(١٢) أي قبل موت مولاه.


بعده (١) تحرر من الثلث ، والفارق بين الارتداد والإباق ـ مع أن طاعة الله أقوى (٢) ، فالخروج عنها (٣) أبلغ من الإباق (٤) ـ النص ، وقد يقرّب (٥) بغناء الله تعالى عن طاعته (٦) له ، بخلاف المولى ، مع أن (٧) الإباق يجمع معصية الله تعالى والمولى ، بخلاف الارتداد (٨). فقوة الارتداد ممنوعة.

(وكسب المدبّر في الحياة) أي حياة المولى(للمولى (٩) ، لأنه (١٠) رق) لم يخرج بالتدبير عنها (١١) (ولو استفاده (١٢) بعد الوفاة (١٣) فله (١٤) جميع كسبه أن خرج (١٥) من الثلث ، وإلا (١٦) فبنسبة ما أعتق منه (١٧) ، والباقي) من كسبه(للوارث).

هذا إذا كان تدبيره معلقا على وفاة المولى ، فلو كان معلقا على وفاة غيره (١٨) ،

______________________________________________________

(١) أي لو التحق بدار الحرب بعد موت المولى تحرر من الثلث لحصول المقتضى من التدبير وعدم المانع ، إذ لا يتوهم إلا الالتحاق وهو لم يحصل في زمن حياة المولى ليكون إباقا هادما للتدبير.

(٢) من طاعة المولى.

(٣) عن طاعة الله ، والخروج عنها بالارتداد.

(٤) الذي هو خروج عن طاعة المولى.

(٥) أي يقرّب الفارق بين بطلان التدبير بالإباق وعدم بطلانه بالارتداد.

(٦) أي عن طاعة المرتد.

(٧) فارق ثان.

(٨) فإنه معصية لله تعالى خاصة.

(٩) بلا خلاف فيه ، لأن المدبّر لم يخرج عن ملك مولاه بالتدبير.

(١٠) أي لأن المدبّر.

(١١) عن الرقية.

(١٢) أي استفاد الكسب.

(١٣) أي وفاة المولى.

(١٤) فللمدبّر.

(١٥) أي خرج المدبّر من ثلث تركة سيده ، وجميع كسبه حينئذ له لأنه حر.

(١٦) أي وإن لم يخرج جميعه من ثلث تركة سيده.

(١٧) من كسبه بمقدار ما عتق منه.

(١٨) غير المولى من المخدوم والزوج.


وتأخرت (١) عن وفاة المولى فكسبه بعد وفاة مولاه ككسبه قبلها (٢) لبقائه على الرقية ، ولو ادعى بعد الموت (٣) تأخر الكسب وأنكره (٤) الوارث حلف المدبّر (٥) ، لأصالة عدم التقدم (٦).

(النظر الثاني ـ في الكتابة (٧) واشتقاقها من الكتب (٨) ، وهو الجمع (٩) ، لانضمام بعض النجوم إلى بعض (١٠). ومنه (١١) كتبت الحروف. وهو (١٢) مبني

______________________________________________________

(١) أي وفاة الغير المعلّق عليها عتق العبد.

(٢) قبل وفاة المولى فيكون الكسب للورثة ، لأنه رق لهم فكسبه لهم أيضا.

(٣) أي ادعى العبد تأخر الكسب بعد وفاة المولى.

(٤) أي أنكر تأخر الكسب.

(٥) أي العبد ، لأنه صاحب يد على المال ، فهو المنكر واقعا وتكون الدعوى مال تحت يد العبد بعد تحرره فهو له بحسب الظاهر ، وادعى عليه الوارث أنه اكتسبه قبل تحرره فهو له ، وأنكر ذلك العبد المحرّر فالقول قول المنكر مع يمينه.

(٦) أي أصالة عدم تقدم الكسب على الوفاة هذا تعليل عليل ، لأنه معارض بأصالة عدم تقدم الموت على الكسب.

(٧) قال الشارح في المسالك : (المكاتبة والكتابة مصدران مزيدان مشتقان من المجرد وهو الكتب ، وأصله الضم والجمع ، يقول : كتبت البغلة إذا ضممت بين شفريها بحلقة ، وكتبت القربة إذا أوكيت رأسها.

ومنه الكتابة لما فيها من ضمّ بعض الحروف إلى بعض ، والكتيبة لانضمام بعضهم إلى بعض ، فسمّى هذا العقد كتابة لانضمام النجم فيها إلى النجم ، أو لأنها توثق بالكتابة من حيث إنها منجّمة مؤجلة ، وما يدخله الأجل يستوثق بالكتابة ، ولذلك قال الله تعالى : (إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) انتهى.

(٨) كمصدر مجرد.

(٩) أي الكتب بمعنى الضم والجمع.

(١٠) النجم هو الزمن الذي يحلّ فيه أجل الدين ، لأن العرب كانوا يوقتون بطلوع النجم ، لأنهم لا يعرفون الحساب ، فكانوا يسمون الوقت الذي يحلّ فيه الأداء نجما ، ثم توسعوا حتى سمّوا الوظيفة نجما.

(١١) أي ومن الكتب بمعنى الضم والجمع.

(١٢) أي اشتقاق الكتابة من الكتب بمعنى الضم.


على الغالب (١) ، أو الأصل من وضعها (٢) بآجال متعددة ، وإلا فهو (٣) ليس بمعتبر عندنا (٤) وإن اشترطا الأجل (٥).

(وهي مستحبة (٦)

______________________________________________________

(١) أي هذا الاشتقاق ـ باعتبار ضمّ بعض النجوم إلى بعض ـ مبني على الغالب في الكتابة ، أو هو الأصل فيها إذ كانت الكتابة عند وضعها باعتبار ضم بعض النجوم إلى بعض ، ولكن ضمّ بعض النجوم إلى بعض غير معتبر عندنا في صدق الكتابة فلا ينافيه اتحاد الأجل.

(٢) أي وضع الكتابة.

(٣) أي ضم بعض النجوم إلى بعض بالآجال المتعددة.

(٤) في صدق الكتابة فيكفي اتحاد الأجل.

(٥) أي وإن اشترطنا الأجل في الكتابة.

(٦) ذهب بعض العامة إلى وجوبها لظاهر الأمر في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتٰابَ مِمّٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ، وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) (١).

والأمر محمول عندنا على الاستحباب بالاتفاق ، ولكنه مع الأمانة المفسرة بالديانة ، والاكتساب المفسّر بالمال للأخبار.

منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ، قال : إن علمتم لهم دينا ومالا) (٢) ، وصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام في حديث ، قال : (سألته عن قول الله عزوجل : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ، قال : الخير إن علمت أن عنده مالا) (٣) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قول الله عزوجل : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ، قال : الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويكون بيده عمل يكتسب به ، أو يكون له حرفة) (٤) ، وفي المقنع قال : (وروي في تفسيرها : إذا رأيتموهم يحبون آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فارفعوهم درجة) (٥).

والأخبار قد صرحت باشتراط الديانة ـ لئلا يضيّع العبد ما يحصّله ، بل يصرفه إلى السيد ليعتقه فلذا عبّر بعضهم عنها بالأمانة هذا من جهة ومن جهة أخرى فبعض الأخبار قد

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١ و ٢ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٧.


(مع الأمانة) وهي الديانة(والتكسب) للأمر بها (١) في الآية مع الخير (٢) ، وأقل مراتبه (٣) الاستحباب ، وفسر الخير بهما (٤) لإطلاقه (٥) على الأول (٦) في مثل قوله تعالى : (وَمٰا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّٰهُ) (٧). (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٨) وعلى الثاني (٩) في مثل قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (١٠) و (إِنْ تَرَكَ خَيْراً)(١١)

______________________________________________________

صرّح باشتراط وجود مال عنده إلا أنه محمول على قدرته على التكسب جمعا بين الأخبار.

ومن جهة ثالثة فالمشهور على تأكد الاستحباب مع اجتماع الشرطين عند سؤال المملوك الكتابة لظاهر قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتٰابَ مِمّٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَكٰاتِبُوهُمْ) (١).

وذهب المحقق في النافع إلى تأكد استحباب الكتابة مع التماس العبد ولو كان عاجزا لموثق سماعة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أن ليس عنده قليل ولا كثير ، قال : يكاتبه وإن كان يسأل الناس ، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أنه ليس له مال ، فإن الله يرزق العباد بعضهم من بعض ، والمؤمن معان ، ويقال : المحسن معان) (٢) ، مع أن المشهور كما في المسالك على عدم استحباب الكتابة عند فقد الشرطين أو أحدهما ، وعن المبسوط أنه مكروه ، مع أن النص المتقدم حجة عليهم بالإضافة إلى رجحان العتق مطلقا كما تقدم في بابه الدال على مطلق استحبابها.

(١) بالكتابة.

(٢) أي الخير الموجود في الآية.

(٣) أي مراتب الأمر ، وحمله على الاستحباب هنا اتفاقي كما تقدم.

(٤) أي بالديانة والتكسب ، وقد عرفت أن تفسير الخير بهما إنما هو للأخبار.

(٥) أي إطلاق الخير.

(٦) الديانة.

(٧) سورة البقرة ، الآية : ١٩٧.

(٨) سورة الزلزلة ، الآية : ٧.

(٩) أي ويطلق الخير على الثاني أي التكسب.

(١٠) سورة العاديات ، الآية : ٨.

(١١) في آية الوصية سورة البقرة ، الآية : ١٨٠ ، والخير في الآية هنا المال وسببه التكسب.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.


فحمل عليهما (١) ، بناء على جواز حمل المشترك (٢) على كلا معنييه إما مطلقا (٣) ، أو مع القرينة ، وهي (٤) موجودة لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل:(إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : إن علمتم لهم دينا ومالا ورواه الكليني بسند صحيح.

وحينئذ (٥) يندفع ما قيل : إن استعمال المشترك في معنييه مرجوح (٦) ، أو مجاز (٧) لا يصار إليه (٨).

نعم روى في التهذيب عن الحلبي صحيحا عنه عليه‌السلام في الآية قال : إن علمتم فيهم مالا (٩) بغير ذكر الدين ، والمثبت (١٠) مقدم.

(ويتأكد) الاستحباب (١١) (بالتماس العبد) مع جمعه (١٢) للوصفين (١٣) أما مع عدمهما (١٤) ،

______________________________________________________

(١) أي فحمل لفظ الخير الوارد في آية المكاتبة على الديانة والتكسب في إطلاق واحد.

(٢) وهو الخير هنا.

(٣) ولو مع عدم القرينة.

(٤) أي القرينة موجودة في المقام.

(٥) أي وحين حمل المشترك على كلا معنييه بالقرينة.

(٦) إذ الأصل استعمال اللفظ ولو كان مشتركا في معنى واحد.

(٧) لأن اللفظ المشترك قد وضع بوضعين لمعنيين مع قيد الوحدة ، فاستعماله في المعنيين بدون قيد الوحدة استعمال له في بعض ما وضع له وهو استعمال مجازي.

(٨) لا يصار إليه عند تردد المشترك بين استعماله في معنى واحد من معانيه وهو استعمال حقيقي وبين استعماله في معنييه وهو استعمال مجازي ، والاستعمال الحقيقي مقدم على المجازي ، لاحتياج الثاني إلى قرينة والأصل عدمها.

(٩) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٣.

(١٠) أي الخبر المثبت للشرط الآخر مقدّم على ما لم يثبته ، لأن غير المثبت لم يتعرض لنفيه فلا تعارض بينهما.

(١١) أي استحباب المكاتبة.

(١٢) أي جمع العبد.

(١٣) من الديانة والكسب.

(١٤) أي عدم الوضعين.


أو أحدهما (١) فلا (٢) في ظاهر كلام الأصحاب ، وفي النافع أنها (٣) تتأكد بسؤال المملوك ولو كان عاجزا (٤). فجعل (٥) الاستحباب مع عدم سؤاله مشروطا بالشرطين ، ومعه (٦) يكتفي (٧) بالأول (٨) خاصة (٩) (ولو عدم الأمران (١٠) الصادق (١١) بعدم أحدهما (١٢) ، وعدمهما معا(فهي (١٣) مباحة) على المشهور.

وقيل : مكروهة (١٤).

(وهي (١٥) معاملة) بين المولى ، والمملوك(مستقلة) بنفسها على الأشهر (١٦)

______________________________________________________

(١) أي عدم أحدهما.

(٢) أي فلا يتأكد الاستحباب.

(٣) أي الكتابة المستحبة.

(٤) أي عاجزا عن التكسب.

(٥) أي جعل المحقق في النافع أصل الاستحباب مع عدم التماس العبد مشروطا بالشرطين ، ومع الالتماس يتأكد الاستحباب ولو كان عاجزا وهذا على خلاف ظاهر كلامهم.

(٦) أي ومع سؤال العبد.

(٧) أي يكتفي المحقق في الاستحباب بل وتأكده.

(٨) وهو الديانة.

(٩) من دون اشتراط التكسب ولذا قال : (ولو كان عاجزا).

(١٠) من الديانة والمال.

(١١) صفة لعدم الأمرين.

(١٢) أي بعدم أحد الشرطين وصادق بعدم الشرطين معا ، لأن الكل كما ينتفي بانتفاء جميع أجزائه ينتفي بانتفاء بعض أجزائه.

(١٣) أي الكتابة.

(١٤) كما عن الشيخ في المبسوط ، وقد تقدم ما في هذين القولين.

(١٥) أي المكاتبة.

(١٦) وقع الخلاف بينهم في حقيقة المكاتبة ، فهل هي عتق بصفة كما عن بعض العامة ، والمراد بالصفة هو العوض المعلوم على المملوك إلى أجل مضبوط ، وليس له دليل إلا أن المكاتبة فيها خصائص العتق فهو عتق بعوض ، وهو ضعيف لعدم صدق العتق عليها عرفا ، وعدم قصد العتق في عقد المكاتبة على أن العتق مشروط بالتنجيز والقربة ، وهما منفيان في المكاتبة ، والاتحاد بين العتق والمكاتبة في الغاية أو في بعض الأحكام لا يقتضي


وتختص بوقوعها (١) بين المالك ومملوكه (٢) ، وأن (٣) العوض والمعوّض ملك السيد ، وأن (٤) المكاتب (٥) على درجة بين الاستقلال وعدمه (٦) ، وأنه (٧) يملك من بين العبيد ، ويثبت له (٨)

______________________________________________________

اندراج المكاتبة تحت اسم العتق وإلا لدخل الكثير في المعاملات في بعضها البعض.

وعن أبي الصلاح وابن زهرة وابن إدريس أنها بيع للعبد من نفسه ، لتحقق بعض خواص البيع فيها باعتبار ذكر العوض ، وفيه أن البيع يقتضي المغايرة بين البائع والمشتري وبينها وبين العوضين مع أن المبيع هنا في المكاتبة هو نفس المشتري ، والبيع يقتضي قبول المشتري للملك وهذا يستدعي أهلية المشتري للملك ، والأهلية مفقودة هنا ، إذ المملوك لا يملك ، والبيع يقتضي كون العوض ملكا للمشتري والمعوض ملكا للبائع مع أن العوض والمعوض هنالك العبد وكسبه ملك للبائع الذي هو المولى بالإضافة إلى أنه لو كان بيعا لثبت المال في ذمة العبد وعتق في الحال ، مع أن التالي باطل مضافا إلى صحة سلب اسم البيع عن المكاتبة وتغاير مفهومهما عرفا ، على أن البيع لا يفتقر في صحته إلى ذكر الأجل مع أن الكتابة مشروطة بذكر الأجل كما سيأتي إلى غير ذلك المنافيات لكونها بيعا.

لذلك ذهب المشهور إلى أن المكاتبة معاملة مستقلة خارجة عن قياس المعاملات من جهة أنها دائرة بين السيد والعبد مع أن العبد ملك لسيده وأن العوضين للسيد ، وأن المكاتب على مرتبة متوسطة بين الرق والحرية ، فليس له استقلال الأحرار ولا عجز المماليك ، نعم لما كانت الحاجة داعية إلى المكاتبة لأن السيد قد لا تسمح نفسه بالعتق مجانا والمملوك لا يشمّر عن ساعده للكسب ما لم يكاتب شرعها حينئذ الشارع ورتب عليها أحكاما واغتفر فيها ما لا يغتفر في غيرها.

(١) أي بوقوع المكاتبة.

(٢) مع أن بقية المعاملات تجري بين مالكين أو لا تجري بين المالك وماله ، هذا والشارح قد استدل بهذه الخواص على أن المكاتبة لا تلحق بغيرها بل هي عقد مستقل لعدم وجود هذه الخواص في غيرها.

(٣) خاصيّة ثانية في المكاتبة.

(٤) خاصيّة ثالثة في المكاتبة.

(٥) بعد الكتابة.

(٦) فليس له استقلال الأحرار ولا عجز المماليك.

(٧) أي وأن المكاتب ، وهذه خاصيّة رابعة في المكاتبة.

(٨) للمكاتب وهذه خاصية سادسة في المكاتبة.


أرش الجناية على سيده (١) ، وعليه (٢) الارش للسيد المجني عليه ، وتفارق (٣) البيع باعتبار الأجل (٤) في المشهور ، وسقوط (٥) خيار المجلس ، والحيوان وعدم قبولها لخيار الشرط(وليست (٦) بيعا للعبد من نفسه) وان اشبهته (٧) في اعتبار العوض المعلوم ، والأجل المضبوط على تقدير ذكره (٨) في البيع ، لمخالفتها (٩) له (١٠) في الأحكام ، ولبعد ملك الإنسان (١١) نفسه فلو باعه (١٢) نفسه بثمن مؤجل لم يصح(ولا عتقا (١٣) بصفة) وهي (١٤) شرط عوض معلوم على المملوك في أجل مضبوط. وهو (١٥) وفاق ، خلافا لبعض العامة.

(ويشترط في المتعاقدين الكمال) بالبلوغ ، والعقل (١٦) ،

______________________________________________________

(١) لو جنى سيده عليه.

(٢) وعلى المكاتب.

(٣) أي المكاتبة وهذه خاصية سابعة في المكاتبة.

(٤) أي باعتبار الأجل في المكاتبة في المشهور ويأتي غير المشهور ، وأما البيع فلا يشترط في صحته ذكر الأجل.

(٥) عطف على قوله (باعتبار الأجل) والمعنى والمكاتبة تفارق البيع بسقوط خيار المجلس والحيوان فيها دون البيع ، وكذا لا تقبل لخيار الشرط بخلاف البيع فإنه قابل لذلك.

(٦) أي المكاتبة.

(٧) أي اشبهت البيع.

(٨) أي ذكر الأجل.

(٩) تعليل لعدم كون المكاتبة بيعا.

(١٠) للبيع.

(١١) من باب إضافة المصدر إلى فاعله ، والمعنى عدم جواز تمليك الإنسان لنفسه شيئا ، لأنه لو كان مالكا فلا معنى لتملكه ثانيا لأنه تحصيل الحاصل وهو محال.

(١٢) أي فلو باع المولى عبده لنفس العبد بثمن مؤجل لم يصح ، لأنه تحصيل الحاصل كما تقدم.

(١٣) أي وليست المكاتبة عتقا بصيغة خلافا لبعض العامة.

(١٤) أي الصفة.

(١٥) أي كون المكاتبة ليست عتقا بصيغة ، وهذا وفاقي عندنا خلافا لبعض العامة.

(١٦) لا إشكال ولا خلاف في أنه يعتبر في المولى الموجب البلوغ والعقل والاختيار وجواز


فلا يقع (١) من الصبي وإن بلغ عشرا وجوّزنا عتقه (٢) ، ولا من المجنون المطبق ، ولا الدائر جنونه في غير وقت الافاقة (٣). وهذان (٤) مشتركان بين المولى والمكاتب.

وقد يتخيل عدم اشتراطهما (٥) في المكاتب (٦) ، لأن المولى وليه فيمكن قبوله عنه ، وكذا الأب (٧) والجد والحاكم مع الغبطة. وله وجه وإن استبعده المصنف في الدروس غير مبيّن وجه البعد (٨).

(وجواز تصرف المولى (٩)

______________________________________________________

التصرف ، لأن المكاتبة عقد كبقية العقود ، وقد تقدم ما يدل على اعتبار هذه الأمور الأربعة.

بل ولا يكتفى بمكاتبه المولى الموجب الصبي وإن بلغ عشرا لسلب عبارة الصبي شرعا ، سواء جوزنا عتقه أم لا ، لخروج المكاتبة عن أفراد العتق على ما تقدم.

نعم وقع الخلاف بينهم في اشتراط إسلام الموجب وسيأتي التعرض له.

كما أنه لا إشكال ولا خلاف في بلوغ وعقل العبد القابل لسلب عبارة الصبي والمجنون ، نعم وقع الخلاف بينهم في اشتراط إسلام العبد وسيأتي التعرض له.

(١) أي التعاقد.

(٢) فلا نجوّز مكاتبته للتغاير بينهما.

(٣) وأما في وقت الإفاقة فيصح بلا خلاف لوجود العقل.

(٤) أي الشرطان من البلوغ والعقل.

(٥) أي عدم اشتراط البلوغ والعقل.

(٦) مبني للمفعول وهو العبد.

(٧) أي أبو المكاتب وجده.

(٨) ووجهه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتٰابَ مِمّٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (١) ولا ابتغاء للصبي والمجنون ، هذا فضلا عن أن مقتضى الكتابة وجوب السعي على المكاتب ، والصبي والمجنون لا يجب عليهما السعي كما لا يجب عليهما غيره.

(٩) فلا يصح مكاتبة المولى المحجور عليه ، لأنه ممنوع من التصرف المالي ، والمكاتبة تصرف مالي.

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.


فلا يقع من السفيه بدون إذن الولي (١) ، ولا المفلس بدون إذن الغرماء (٢) ، ولا من المريض (٣) فيما زاد منه (٤) على الثلث بدون إجازة الوارث (٥) ، وإن كان العوض (٦) بقدر قيمته ، لأنها (٧) ملك المولى فليست (٨) معاوضة حقيقية (٩) ، بل في معنى التبرع (١٠) ترجع إلى معاملة المولى على ماله بماله.

ويستفاد من تخصيص الشرط (١١) بالمولى جواز كتابة المملوك السفيه إذ لا مال له يمنع من التصرف فيه. نعم يمنع من المعاملة المالية (١٢) ، ومن قبض المال لو ملكه بعد تحقق الكتابة.

(ولا بد) في الكتابة(من العقد المشتمل على الايجاب (١٣) مثل كاتبتك على أن)

______________________________________________________

(١) ولي السفيه أبوه وجده إذا اتصل سفهه بالبلوغ بحيث بلغ سفيها ، ووليّه الحاكم إذا تجدد سفهه بعد البلوغ.

(٢) لأن المفلس ممنوع من التصرف حفظا لحق الغرماء.

(٣) الذي اتصل مرضه بموته.

(٤) من العبد المكاتب.

(٥) لأن مريض الموت تنفذ تصرفاته في الثلث ، والباقي بحاجة إلى إذن الوارث كما تقدم مرارا.

(٦) أي مال الكتابة الذي هو عوض العبد.

(٧) أي لأن قيمة العبد.

(٨) أي مكاتبة المريض لعبده بقدر قيمته.

(٩) نعم لو كانت معاوضة حقيقية لا تبرع فيها فإنها تنفذ على كل حال ، لأن تقييد تصرفات المريض من الثلث إنما هو في تبرعه.

(١٠) لأن المعاملة الحقيقية هي ما يملك كل من المتعاقدين ما ليس ملكا له ، وهنا المولى يملك العبد وكسبه ، فجعل العبد في قبال الكسب إنما هو تبرع منه فلا بد أن يكون من الثلث لو صدر من المولى في حال الموت.

(١١) أعني جواز التصرف.

(١٢) كالبيع والشراء وينحصر سعيه في التكسب بالأجرة كالأجير ونحوه.

(١٣) لا إشكال ولا خلاف في أن المكاتبة عقد مفتقر إلى الإيجاب والقبول ، كغيره من العقود ، ويكفي في عقد المكاتبة أن يقول المولى : كاتبتك مع تعيين الأجل والعوض ، ويقول العبد : قبلت.


(تؤدي إليّ كذا (١) في وقت كذا (٢) ان اتحد الأجل(أو أوقات كذا) إن تعدد (٣) (فإذا اديت فأنت حر).

وقيل : لا يفتقر إلى إضافة قوله : فإذا اديت إلى آخره ، بل يكفي قصده (٤) ، لأن التحرير غاية الكتابة فهي دالة عليه (٥) ، فلا يجب ذكره (٦) كما لا يجب ذكر غاية البيع وغيره ، خصوصا لو جعلناها (٧) بيعا للعبد من نفسه (٨).

ويضعّف (٩) بأن القصد إليه (١٠) إذا كان معتبرا لزم اعتبار التلفظ بما يدل عليه (١١) ، لأن هذا (١٢) هو الدليل الدال على اعتبار الايجاب والقبول (١٣) اللفظيين

______________________________________________________

ولكن لا يفتقر العقد إلى قول المولى : فإذا أديت فأنت حر مع نية ذلك ، كما عن الشيخ في المبسوط ونسب إلى الأكثر ، لأن هذا القول غاية الكتابة ، والكتابة دالة عليه فلا يجب ذكرها كما لا يجب ذكر غاية البيع والإجارة ، نعم لا بد من قصد ذلك وإن لم يتلفظ.

وعن الشيخ في الخلاف وابن إدريس أنه يجب التلفظ بهذا القول مع قصده ، ومال إليه الفخر والشهيد في نكت الإرشاد ، وقال الشارح في المسالك : (ويتخرج في المسألة قول ثالث ، وهو عدم اشتراط القصد الخاص إلى اللفظ كغيره من الألفاظ الصريحة في معناها) انتهى.

(١) وهذا هو العوض.

(٢) وهذا هو الأجل.

(٣) أي تعدد الأجل.

(٤) أي قصد قوله : فإذا أديت فأنت حر.

(٥) أي فالكتابة دالة على التحرير.

(٦) أي ذكر التحرير.

(٧) أي لو جعلنا المكاتبة.

(٨) لأن البيع متفق فيه على عدم الاحتياج إلى قول البائع : فإذا اشتريته فهو ملك لك ، فتكون المكاتبة مستغنية عن هذه الإضافة الدالة على غايتها.

(٩) أي يضعّف القول بعدم الافتقار إلى ذكر الغاية مع أنه اشترط قصدها.

(١٠) إلى التحرير كغاية للمكاتبة.

(١١) على التحرير كغاية للمكاتبة.

(١٢) وهو كل ما اعتبر قصده فلا بد من لفظ يدل عليه.

(١٣) ولا يكفي فيهما القصد إليهما.


في كل عقد ، ولا يكفي قصد مدلوله (١).

نعم لو قيل : بعدم اعتبار قصده (٢) أيضا (٣) كما في غيره (٤) من غايات العقود اتجه (٥) ، لكن لا يظهر به (٦) قائل (٧) (والقبول مثل قبلت) ورضيت.

وتوقف هذه المعاملة على الايجاب والقبول يلحقها (٨) بقسم العقود ، فذكرها في باب الايقاعات التي يكفي فيها (٩) الصيغة من واحد بالعرض (١٠) تبعا للعتق ، ولو فصلوها ووضعوها في باب العقود كان أجود.

(فإن قال) المولى في الايجاب مضافا إلى ذلك (١١): (فإن عجزت فأنت ردّ) بفتح الراء وتشديد الدال مصدر بمعنى المفعول أي مردود(في الرق فهي (١٢) مشروطة ، وإلا) يقل ذلك (١٣) ، بل اقتصر على الايجاب السابق(فهي مطلقة (١٤).

______________________________________________________

(١) أي مدلول العقد من دون التلفظ بالإيجاب والقبول.

(٢) أي بعدم اعتبار قصد التحرير كغاية للمكاتبة.

(٣) كما لا يعتبر التلفظ به.

(٤) أي في غير التحرير الذي هو غاية المكاتبة.

(٥) أي اتجه القول بعدم الاحتياج إلى التلفظ بما يدل على التحرير وهو قوله : فإذا أديت فأنت حر.

(٦) أي بعدم اعتبار القصد وعدم اعتبار التلفظ.

(٧) وعليه فإذا كان لا بدّ من اعتبار القصد فقد عرفت أنه لا بد من التلفظ بما يدل عليه حينئذ.

(٨) أي يلحق هذه المعاملة أعني المكاتبة.

(٩) في الإيقاعات.

(١٠) أي بالتبع ، وهو متعلق بقوله : (فذكرها).

(١١) أي إلى قوله : كاتبتك على أن تؤدي إليّ كذا في وقت كذا ، فإذا أديت فأنت حر.

(١٢) أي المكاتبة.

(١٣) من قوله : فإن عجزت فأنت رد.

(١٤) الكتابة قسمان : مشروطة ومطلقة ، والمطلقة أن يقتصر على العقد والأجل والعوض والنية بالمعنى المتقدم ، والمشروطة أن يقول مع ذلك : فإن عجزت فأنت رد في الرق للأخبار الكثيرة.


ومن القيد (١) يظهر وجه التسمية (٢).

ويشترك القسمان في جميع الشرائط وأكثر الأحكام ، ويفترقان في أن المكاتب في المطلقة ينعتق منه بقدر ما يؤدي من مال الكتابة ، والمشروط لا ينعتق منه شي‌ء حتى يؤدي الجميع ، والاجماع على لزوم المطلقة ، وفي المشروطة خلاف وسيأتي.

(والأقرب اشتراط الأجل) في الكتابة مطلقا (٣)

______________________________________________________

منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن المكاتب إذا أدّى شيئا عتق بقدر ما أدى إلا أن يشترط مواليه إن هو عجز فهو مردود ، فلهم شرطهم) (١) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (في مكاتب شرط عليه إن عجز أن يردّ في الرق ، قال : المسلمون عند شروطهم) (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته ، فقال : إن الناس كانوا لا يشترطون ، وهم اليوم يشترطون ، والمسلمون عند شروطهم ، فإن كان شرط عليه إن عجز رجع ، وإن لم يشترط عليه لم يرجع) (٣) وغيره كثير.

بلا خلاف في ذلك منا ، والعامة ليس عندهم إلا قسم واحد ، وهو المشروط عندنا فلا يعتق إلا بأداء تمام المال للنبوي (المكاتب عبد ما بقي عليه درهم) (٤) ، وهو محمول على صورة الشرط جمعا بينه وبين ما تقدم.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فمما تقدم من الأخبار تعرف أن العبد في المطلقة ينعتق منه بقدر ما يؤدي ، وفي المشروطة لا ينعتق منه شي‌ء إلا بأداء تمام المال.

(١) وهو قول المولى في العقد : فإن عجزت فأنت ردّ.

(٢) أي تسميه المطلقة ، وهي الخالية عن القيد المذكور ، وتسمية المشروطة وهي المقيدة بالقيد المذكور.

(٣) سواء كانت مشروطة أم مطلقة ، وقع الخلاف بينهم في اشتراط الأجل في الكتابة ، وبعبارة أخرى وقع الخلاف بينهم في اشتراط كون العوض مؤجلا أو أنه يصح حالا.

فعن الأكثر أنه لا بد من ذكر الأجل وكون العوض مؤجلا لدليلين :

الأول : إتباع السلف من عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنهم لا يعقدون الكتابة إلا على عوض مؤجل.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢ و ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٣.

(٤) سنن البيهقي ج ١٠ ص ٣٢٤.


بناء (١) على أن العبد لا يملك شيئا فعجزه حال العقد عن العوض حاصل (٢) ، ووقت الحصول (٣) متوقع مجهول فلا بد من تأجيله (٤) بوقت يمكن فيه (٥) حصوله عادة.

وفيه نظر ، لإمكان التملك عاجلا (٦) ولو بالاقتراض كشراء (٧) من لا يملك شيئا من الأحرار ، خصوصا لو فرض حضور شخص يوعده (٨) بدفع المال عنه بوجه (٩) في المجلس (١٠).

ويندفع ذلك (١١)

______________________________________________________

الثاني : إن العبد عاجز عن أداء العوض الحال ، لأن ما بينه هو للسيد ، وما ليس بيده متوقع الحصول فلا بدّ من ضرب الأجل لئلا يتطرق الجهالة الموجبة للغرر المنهي عنه في الشريعة.

وفي كليهما نظر ، أما في الأول فلأن عمل السلف دال على ثبوت المؤجل والأجل وهو أعم من فساد الحال ، وأما في الثاني فلإمكان تحصيل المال عقيب العقد بالقرض أو بالتبرع أو يكون العوض في العقد على ملح مثلا وهما على مملحة فيمكنه تسليم العوض عقيب العقد مباشرة ، وعليه فلا يلزم بطلان الحال ، فلذا ذهب الشيخ في الخلاف وابن إدريس ويحيى بن سعيد إلى عدم اعتبار الأجل لإطلاق أدلة الكتابة ، واختاره الفاضل في القواعد والشارح في المسالك.

(١) تعليل لاشتراط الأجل.

(٢) لأن كل ما بيده حال العقد فهو لسيده.

(٣) أي وقت حصول مال الكتابة يتوقع حصوله فيما بعد ، فلا بد من تأجيل العوض حتى يتمكن من تحصيله.

(٤) أي تأجيل العوض.

(٥) أي يمكن في الوقت المؤجل تحصيل العوض عادة.

(٦) أي لإمكان تملك العبد العوض عقيب العقد عاجلا.

(٧) أي كما لا يمنع من شراء الحر للمتاع حالا وهو لا يملك شيئا فكذا المقام.

(٨) أي يوعد العبد المكاتب.

(٩) كالهبة ونحوها.

(١٠) أي مجلس عقد المكاتبة.

(١١) أي ما قيل في النظر.


كله بأن العجز حالة العقد حاصل ، وهو المانع (١).

نعم لو كان بعضه (٢) حرا وبيده مال فكاتبه (٣) على قدره (٤) فما دون حالا فالمتجه الصحة ، لأنه (٥) كالسعاية (٦) ، ولو كان (٧) واقفا على معدن مباح يمكنه تحصيل العوض منه في الحال فعلى التعليل بجهالة وقت الحصول (٨) يصح (٩) ، وبالعجز (١٠) حالة العقد يمتنع (١١).

وقيل : لا يشترط الأجل مطلقا (١٢) ، للأصل (١٣) ، وإطلاق الأمر بها (١٤) ، خصوصا على القول بكونها (١٥)

______________________________________________________

(١) وفيه أنه تحكم بدون دليل ، ولذا مال إلى عدم اشتراط الأجل في المسالك.

(٢) أي بعض المكاتب.

(٣) أي كاتبه مولاه.

(٤) أي قدر المال الذي عنده.

(٥) أي المذكور من الكتابة الأخيرة.

(٦) أي سعاية المبعّض في فكاك ما لم يتحرر منه ، فكما لا يشترط في السعاية الأجل فكذلك المقام.

(٧) أي العبد المكاتب.

(٨) وهو قوله : (ووقت الحصول متوقع مجهول فلا بدّ من تأجيله) ، والمراد فإذا كان اشتراط الأجل لأن مال الكتابة متوقع الحصول فيما بعد فلا بد من تأجيله فتصح المكاتبة للواقف على المعدن بعوض حال ، وأما إذا كان اشتراط الأجل لأن العبد عاجز عن المال حالة العقد لأنه ليس أهلا للملك فلذا كان ما في يده لسيده فلا تصح المكاتبة للواقف على المعدن بعوض حال ، وإن كان قادرا على تحصيل العوض من المعدن بعد العقد ، لأنه ليس بأهل للتملك حالة العقد ، وعدم الأهلية للتملك حالة العقد هو المانع.

(٩) أي يصح العوض الحال.

(١٠) أي وعلى التعليل بالعجز.

(١١) أي يمتنع العوض الحال.

(١٢) سواء كانت مطلقة أم مشروطة.

(١٣) أي أصالة عدم الاشتراط.

(١٤) بالمكاتبة ، والمراد إطلاق الأخبار الدالة على المكاتبة.

(١٥) أي بكون المكاتبة.


بيعا ، ويمنع (١) اعتبار القدرة على العوض حالة العقد (٢) ، بل غايته (٣) إمكانها بعده. وهو حاصل هنا (٤).

وحيث يعتبر (٥) أو يراد (٦) يشترط ضبطه كأجل النسيئة (٧) بما لا يحتمل الزيادة والنقصان ، ولا يشترط زيادته (٨) عن أجل واحد عندنا ، لحصول الغرض (٩) ، ولو قصر الأجل بحيث يتعذر حصول المال فيه (١٠) عادة (١١) بطل (١٢) إن علل بالجهالة(١٣)،

______________________________________________________

(١) جملة حالية والمراد ، والحال أنه يمنع.

(٢) أي عقد البيع.

(٣) أي غاية الاعتبار إمكان القدرة بعد عقد البيع.

(٤) أي وإمكان القدرة على العوض بعد العقد حاصل في المكاتبة التي هي من أفراد البيع بناء على القول المذكور.

(٥) أي حيث يعتبر الأجل كما هو القول الأول.

(٦) أي يراد الأجل على القول الآخر.

(٧) أي كالأجل المذكور في بيع النسيئة ، فلا بد من ضبطه بالاتفاق لئلا يلزم من عدم الضبط غرر ، والغرر منهي في الشريعة.

(٨) أي زيادة الأجل ، فيكفي أن يذكر أجلا واحدا للعوض عندنا وعند أكثر العامة لإطلاق أدلة المكاتبة ، خلافا لبعضهم فاشتراط كون الأجل نجمين فصاعدا ، لأنه المعهود من عمل السلف ، ولأن الكتابة مأخوذة من الكتب بمعنى الضم ، وباعتبار ضم النجوم بعضها إلى بعض ، وأقل ما يحصل به ذلك نجمان فصاعدا ، وفيه أن عمل السلف لا يدل على بطلان الأجل الواحد ، على أن الكتابة مأخوذة ، من الكتب بمعنى الضم الذي هو هنا ضم النجوم بعضها إلى بعض مبني على الغالب كما تقدم.

(٩) وهو غرض التأجيل ، فإنه يحصل بأجل واحد.

(١٠) في الأجل القصير.

(١١) بحيث يجعل العوض مائة دينار والأجل ساعة ، ومن المتعذر على الإنسان عادة تحصيل مائة دينار في ساعة.

(١٢) أي بطل عقد المكاتبة.

(١٣) أي إن علّل اشتراط الأجل بالجهالة في قوله : (ووقت الحصول متوقع مجهول فلا بد من تأجيله بوقت يمكن فيه حصوله عادة) وهذا وقت لا يمكن ذلك.


وصح (١) إن علّل بالعجز (٢).

وفي اشتراط اتصاله (٣) بالعقد قولان أجودهما العدم (٤) ، للأصل.

(وحدّ العجز (٥) المسوغ للفسخ في المشروطة بمخالفة شرطه ، فإن شرط

______________________________________________________

(١) أي وصح عقد المكاتبة.

(٢) أي إن علّل اشتراط الأجل بالعجز حيث إنه وقت العقد لا يملك شيئا وليس له أهلية التملك ، وبعد الكتابة يرتفع العجز وتثبت الأهلية فيصح عقد المكاتبة وإن كان الأجل قصيرا لا يمكن تحصيل العوض فيه عادة.

(٣) أي اتصال الأجل.

(٤) أي عدم الاتصال ، لأصالة عدم اشتراط الاتصال ، ولإطلاق أخبار المكاتبة ، ووجه الاشتراط أن المعهود على الاتصال فهو القدر المتيقن ، هذا من جهة ومن جهة ثانية لم يتعرض الشارح لهذا الفرع في المسالك عند تعرض المحقق ، مع أن المحقق في الشرائع قد تردد في الاتصال وعدمه ، وصاحب الجواهر قال إن الخلاف فيه كالخلاف في أجل المتعة ، وفي أجل المتعة ذهب الأكثر إلى عدم اشتراط الاتصال لإطلاق الأدلة ، وذهب صاحب الجواهر وجماعة إلى الاشتراط لأنه المعهود والمتيقن من الأدلة.

(٥) قد عرفت أن المكاتبة على قسمين ، مشروطة ومطلقة ، وعرفت أن المشروطة مشتملة على شرط رده في الرق عند عجزه عن الدفع ، وعليه فإن شرط عليه المولى أنه ردّ في الرق عند تأخير النجم عن محله أو تأخيره إلى نجم آخر أو إلى مدة معينة أتبع شرطه ، لأن المؤمنون عند شروطهم ، وعند الإطلاق فيما لو قال المولى : فإن عجزت فأنت رد في الرق ، فقد اختلف الأصحاب في حد العجز فعن المفيد وابن إدريس والشيخ في الاستبصار وكثير من المتأخرين أن حد العجز هو تأخير النجم عن محله ، سواء بلغ التأخير نجما آخر أم لا لصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (قلت : فما حد العجز؟ قال عليه‌السلام : إن قضاتنا يقولون : إن عجز المكاتب أن يؤخر النجم إلى النجم الآخر حتى يحول عليه الحول ، قلت : فما تقول أنت؟ فقال عليه‌السلام : لا ولا كرامة ليس له أن يؤخر نجما عن أجله إذا كان ذلك في شرطه) (١) وهو ظاهر أيضا في أن النجم إلى الحول ، بحيث يكون التنجيم على السنين ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (عن مكاتبة أدّت ثلثي مكاتبتها وقد شرط عليها إن عجزت فهي ردّ في الرق ونحن في

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.


عليه التعجيز عند تأخير نجم عن محله ، أو إلى نجم آخر أو إلى مدة مضبوطة اتبع شرطه (١) ، وإن اطلق (٢) فحدّه(ان يؤخر نجما عن محله) والمراد بالحد هنا العلامة ، أو السبب الدال على العجز ، لا الحد المصطلح (٣) ، وبالنجم (٤) المال المؤدّى في المدة المخصوصة ، ويطلق (٥) على نفس المدة ، وبتأخيره (٦) عن محله عدم أدائه في

______________________________________________________

حلّ ممّا أخذنا منها ، وقد اجتمع عليها نجمان ، قال عليه‌السلام : تردّ ويطيب لهم ما أخذوا منها ، وقال : ليس لها أن تؤخر بعد حلّه شهرا واحدا إلا بإذنهم) (١).

وعن الشيخ في النهاية وابن البراج أن حد العجز أن يؤخر نجما إلى نجم لموثق إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (أن عليا عليه‌السلام كان يقول : إذا عجز المكاتب لم تردّ مكاتبه في الرق ، ولكن ينتظر عاما أو عامين فإن قام بمكاتبته وإلا ردّ مملوكا) (٢) بناء على أن المراد من النجم العام كما هو الظاهر من صحيح معاوية المتقدم بعد حمل قوله عليه‌السلام (أو عامين) على الندب ، وللمرسل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (لا يرد في الرق حتى يتوالى نجمان) (٣).

ومن تتمة هذا القول لو علم المولى عجز عبده عن فك نفسه فقد تحقق العجز وإن لم يؤخر العبد نجما إلى آخر ، لأنه مع صورة العلم بالعجز فالتأخير إلى نجم آخر عبث ضرورة كون التأخير إلى النجم الآخر لرجاء القدرة المفروض العلم بعدمها ، وردّ هذا القول أما بالنسبة للشق الأول المستدل عليه بالخبرين فهما لا يصلحان لمعارضة الأخبار الصحيحة المتقدمة ، وأما بالنسبة للشق الثاني فالمراد بالعلم هنا هو الظن الغالب لتعذر العلم حقيقة ، ويمكن وقوع خلاف الظن ببذل أحد له تبرعا أو نحو ذلك ، على أن العلم بالعجز إن كان قبل حلول النجم لم يتسلط المولى على الفسخ بغير خلاف ، وإن كان بعد حلول النجم فهو بعينه تأخير النجم عن محله كما هو مقتضى القول الأول.

(١) أي شرط المولى.

(٢) بأن قال : فإن عجزت فأنت رد في الرق.

(٣) وهو الحد المنطقي أعني التعريف.

(٤) أي والمراد بالنجم هنا.

(٥) أي النجم.

(٦) أي والمراد بتأخير النجم عن محله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.


أول وقت حلوله ، وتحديده (١) بذلك (٢) هو الوارد في الأخبار الصحيحة.

وفي المسألة أقوال أخر مستندة إلى أخبار ضعيفة ، أو اعتبار (٣) غير تام (٤) ، وأما المطلقة (٥) فإذا نفذ (٦) بعض النجوم ولم يؤد قسطه فك من سهم الرقاب ، فإن تعذّر (٧) استرق إن لم يكن أدى شيئا ، وإلا (٨) فبحسب ما عجز عنه ، فحدّ العجز المذكور (٩) يصلح له (١٠) بوجه (١١).

(ويستحب) للمولى(الصبر عليه) عند العجز (١٢) ،

______________________________________________________

(١) أي تحديد العجز.

(٢) أي بتأخير النجم عن محله.

(٣) أي دليل اعتباري.

(٤) فالأخبار الضعيفة هي الدليل على أحد شقي مختار الشيخ وابن البراج ، والدليل الاعتباري غير التام هو الدليل على الشق الآخر من مختار الشيخ وابن البراج ، وقد تقدم ، وأما بقية الأقوال في المسألة فلم يتعرض لها سيد الرياض ولا صاحب الجواهر ولا غيرهما ، نعم قال الشارح في المسالك : (وفي المسألة أقوال أخر شاذة أعرضنا عن ذكرها كما أعرض عنه المصنف) انتهى.

(٥) ففي المسالك أنه يردّ إلى الرق إن كان عاجزا عن النجم الأول ، وإن كان عاجزا عن غيره بعد ما أدى الأول فك من سهم الرقاب إن أمكن وإلا ردّ إلى الرق ما بقي منه واستقر عتق مقدار ما أدى منه ، والمراد بالعجز هنا هو المراد من العجز في المشروطة.

وأشكل عليه صاحب الجواهر بعدم الدليل على فسخ المطلقة عند تحقق العجز المذكور ولذا خصّ الأكثر تحقق العجز المذكور في المشروطة فقط.

(٦) أي حلّ.

(٧) أي سهم الرقاب.

(٨) أي وإن كان قد أدّى شيئا فيسترق بحسب ما عجز عنه.

(٩) من أن العجز هو تأخير النجم عن محله.

(١٠) أي للعجز في المطلقة.

(١١) والوجه هو كون الماتن قد تكلم عن حد العجز الشامل للمشروطة والمطلقة ، ولم يتكلم في حد العجز المختص بالمشروطة فقط.

(١٢) يستحب للمولى الصبر على مكاتبه إن عجز بلا خلاف فيه ، لما فيه من الإعانة على التخلص من الرق ، وإنظار للمعسر بالدين ، وللأمر بإنظاره السنة والسنتين كما في موثق


للأمر بانظاره سنة (١) وسنتين (٢) وثلاثا (٣) المحمول على الاستحباب جمعا (والأقرب(٤) لزوم الكتابة من الطرفين) طرف السيد والمكاتب(في المطلقة)

______________________________________________________

إسحاق المتقدم (١) ، ولخبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام (أن عليا عليه‌السلام كان يؤجل المكاتب بعد ما يعجز عامين يتلوّمه ، فإن أقام بحريته وإلا ردّه رقيقا) (٢) ، وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن المكاتب يشترط عليه إن عجز فهو رد في الرق فعجز قبل أن يؤدي شيئا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : لا يرده في الرق حتى يمضي ثلاث سنين ، ويعتق منه بمقدار ما أدى) (٣).

(١) كما في خبر إسحاق المتقدم.

(٢) كما في خبر الحسين بن علوان المتقدم.

(٣) كما في خبر جابر المتقدم.

(٤) اختلف الأصحاب في لزوم عقد المكاتبة وجوازه على أقوال :

القول الأول : اللزوم من الطرفين مطلقة كانت أو مشروطة ، على المشهور لأصالة اللزوم في العقود المستفادة من الآية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٤) ، ولا يتحقق امتثال الوفاء بالعقد إلا على تقدير اللزوم ، إذ الجائز لا يجب الوفاء به قطعا ، والأمر بالوفاء بالعقود عام يشمل كل عقد ، نعم خرج عقد الوديعة والعارية والوكالة لدليل خاص.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فمقتضى اللزوم على العبد وجوب السعي عليه في وفاء مال الكتابة وأدائه إلى المولى فلا يجوز له أن يعجّز نفسه اختيارا لأنه مناف للوفاء بالعقد.

القول الثاني : ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف أن المكاتبة مطلقا ، مطلقة كانت أو مشروطة ، لازمة من طرف المولى جائزة من طرف العبد بدعوى أن العبد متى ما عجز كان لمولاه رده في الرق فله تعجيز نفسه وهو المراد من الجواز من جهته ، وفيه : إننا نمنع أن له التعجيز بل يجب عليه السعي والأداء ، ولو امتنع أجبر على السعي ، نعم لو عصى وعجّز نفسه أو سعى وتحقق العجز حقيقة عن أداء ما عليه كان للمولى حينئذ الفسخ في المشروطة وهذا مما لا نزاع فيه.

القول الثالث : ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط وابن إدريس من أن المكاتبة المطلقة لازمة

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١٦.

(٤) سورة المائدة ، الآية : ١.


(والمشروطة) بمعنى (١) أنه (٢) ليس لأحدهما فسخها إلا بالتقايل مع قدرة المكاتب على الأداء ، ووجوب السعي عليه في أداء المال ، لعموم الأمر بالوفاء بالعقود والكتابة منها (٣) والجمع المحلى (٤) مفيد للعموم ، وخروج نحو الوديعة ، والعارية بنص ويبقى الباقي على الأصل (٥).

وذهب الشيخ (٦) وابن إدريس إلى جواز المشروطة من جهة العبد (٧) بمعنى (٨) أن له (٩) الامتناع من أداء ما عليه فيتخيّر (١٠) السيد بين الفسخ ، والبقاء ، ولزومها من طرف السيد ، إلا على الوجه المذكور (١١).

وذهب ابن حمزة إلى جواز المشروطة مطلقا (١٢) ، والمطلقة من طرف السيد (١٣)

______________________________________________________

من الطرفين ، والمشروطة لازمة من جهة المولى جائزة من طرف العبد ، بدعوى أن العبد متى ما عجز كان لمولاه رده في الرق فله تعجيز نفسه وهو المراد من الجواز من جهته ، وفيه ما تقدم فلا نعيد.

القول الرابع : جواز المشروطة من الطرفين ، والمطلقة جائزة من طرف العبد خاصة وهو قول ابن حمزة ، وهو قول لا شاهد له في الأخبار ولا الاعتبار ولم ينقل عن أحد من أصحاب الأقوال فلذا هو قول غريب ـ كما في المسالك ـ مع مخالفته لأصالة اللزوم في العقود.

(١) تفسير للزوم.

(٢) أن الشأن والواقع.

(٣) أي من العقود.

(٤) وهو لفظ (العقود).

(٥) أي أصالة اللزوم في العقود.

(٦) في المبسوط ، وهو القول الثالث المتقدم.

(٧) مع لزوم المشروطة من جهة المولى ولزوم المطلقة من الجانبين.

(٨) تفسير لجواز المشروطة من جهة العبد.

(٩) أي أن للعبد.

(١٠) عند امتناع العبد عن الأداء.

(١١) وهو امتناع العبد عن الأداء.

(١٢) أي من الجانبين.

(١٣) المنقول عن ابن حمزة أنها لازمة من طرف السيد جائزة ، من طرف العبد وهو الذي صرح


خاصة ، وهو غريب (١). ومن خواص العقود اللازمة أنها لا تبطل بموت المتعاقدين ، وهو (٢) هنا كذلك بالنسبة إلى المولى ، أما موت المكاتب فإنه يبطلها من حيث العجز عن الاكتساب (٣) (ويصح فيها التقايل (٤) كغيرها من عقود المعاوضات.

(ولا يشترط الإسلام في السيد (٥) ، ولا في العبد (٦)

______________________________________________________

به في المسالك والجواهر والرياض وغيرها ، ولعل المنقول هنا من سهو القلم.

(١) لمخالفته لأصالة اللزوم مع عدم الشاهد له من الأخبار والاعتبار.

(٢) عدم البطلان.

(٣) لا من حيث إنه موت.

(٤) التقايل هو رضا الطرفين على فسخ العقد ، وعليه فلو اتفق المولى والعبد على فسخ عقد المكاتبة صح بلا خلاف ولا إشكال لما تقدم في كتاب البيع من عموم أدلة التقايل وعدم اختصاصه بالبيع ، بل يشمل كل عقد من عقود المعاوضات.

(٥) لا يشترط الإسلام في السيد كما عليه الأكثر ، لأن المكاتبة عقد مستقل ولا يشترط في العقود إسلام المتعاقدين ، نعم على القول بكون المكاتبة عتقا بصفة وعلى القول بأن العتق لا يقع من الكافر لتوقفه على نية التقرب المتعذرة من الكافر يمكن القول باشتراط إسلام المولى في المكاتبة ، وهو قول لم يعرف قائله كما في الرياض ، والمقدمتان ممنوعتان على ما تقدم.

(٦) ذهب العلامة في المختلف والشهيدان إلى عدم اعتبار إسلام العبد ، لأن المكاتبة معاملة مستقلة ولا يشترط إسلام المتعاقدين في العقود ، وذهب الأكثر إلى اشتراط إسلامه لظاهر قوله تعالى : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (١) ، وقد فسر الخير الوارد في الآية بالدين والتكسب على ما تقدم من الأخبار ، والكافر لا دين له ، وأيضا لقوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) (٢) المفسر بإيتاء العبد من الزكاة حتى يدفع مال الكتابة عن نفسه ، والكافر لا يستحق الزكاة.

وفيه : إن الخير شرط في رجحان المكاتبة ، وهذا لا يلزم أنه شرط في أصل مشروعيتها إذا الشرط في استحباب شي‌ء لا يلزم منه اشتراطه في إباحة ذلك الشي‌ء ، وعليه فقد حكمنا سابقا باستحباب المكاتبة عند خيرية العبد ، ولا يلزم منه إباحة المكاتبة عند خيرية

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢) سورة النور ، الآية : ٣٣.


بناء على أنها (١) معاملة مستقلة ، والأصل (٢) يقتضي جوازها (٣) كذلك (٤) ، ولو جعلناها عتقا بني على ما سلف في عتق الكافر فاعلا وقابلا.

هذا (٥) إذا لم يكن المولى كافرا والعبد مسلما ، وإلا (٦) أشكل جواز المكاتبة من حيث عدم استلزامها (٧) رفع سلطته عنه (٨) خصوصا المشروطة (٩).

والأقوى عدم جوازها (١٠) ، لعدم الاكتفاء بها (١١) في رفع يد الكافر عن المسلم ، لأنها (١٢)

______________________________________________________

العبد كما هو المدعى هذا بالنسبة للدليل الأول ، وأما بالنسبة للدليل الثاني فإيتاء العبد من الزكاة مشروط باستحقاقه لها ، والكفر مانع كما لو كان العبد المسلم غير محتاج فيتعذر الإيتاء من الزكاة للعبد الكافر كما يتعذر للعبد المسلم الغني ، مع أنه لا قائل بعدم صحة مكاتبة الثاني فكذا الأول.

(١) أي المكاتبة.

(٢) أي أصالة العدم عند الشك في اعتبار شي‌ء.

(٣) أي جواز المكاتبة.

(٤) أي من غير اعتبار الإسلام فيهما.

(٥) أي الحكم بجواز المكاتبة مع عدم اعتبار الإسلام فيهما ، بحيث كان المولى كافرا وعبده كذلك فلا إشكال ، لعدم الإشكال في وضع الكافر يده على مثله.

(٦) أي وإن كان المولى كافرا والعبد مسلما ، ففي صحة مكاتبته تردد ، من حيث إنه يجبر على نقله عن ملكه لنفي سبيل الكافر عن المسلم والكتابة لا توجب الانتقال التام عن الملك إلا بعد أداء المال وهذا دليل بطلان المكاتبة ، ومن حيث استلزام الكتابة لرفع يد المولى عن عبده في الجملة لتثبت المكاتب بالحرية ورفع الحجر عنه في الكثير من الأعمال وأهليته للتملك وهذا ما يوجب رفع سبيل الكافر عن المسلم وهذا دليل عدم بطلان المكاتبة.

(٧) أي عدم استلزام المكاتبة.

(٨) أي رفع سلطنة المولى الكافر عن عبده المسلم.

(٩) فإنه لا ينعتق من العبد في المشروطة شي‌ء إلا بعد أداء جميع المال ، بخلاف المطلقة فإنه ينعتق منه بمقدار ما يؤدي ، وبمقدار ما يؤدي يكون قد رفع يد المولى عنه.

(١٠) أي عدم جواز المكاتبة بين المولى الكافر وعبده المسلم.

(١١) بالمكاتبة.

(١٢) أي لأن المكاتبة.


لا ترفع أصل السبيل (١) ، وهو (٢) بمنزلة الرقّ في كثير من الأحكام بل هو رق (٣) ، ولو كان كفر المولى بالارتداد (٤) فإن كان عن فطرة فعدم صحة كتابته (٥) واضح ، لانتقال ماله عنه (٦) ، وإن كان (٧) عن ملة ففي صحتها (٨) مطلقا (٩) أو مراعا بعوده إلى الإسلام (١٠) ، أو البطلان (١١) أوجه أوجهها الجواز ما لم يكن العبد

______________________________________________________

(١) مع أن المطلوب رفع أصل سبيل الكافر عن المسلم كما في قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (١).

(٢) أي العبد المكاتب.

(٣) لأن رفع الأحكام عنه مثل رفع عجز المماليك ورفع أهلية التملك عنه لا يخرجه عن أصل الرقية فلذا أضرب عن الأول.

(٤) بحيث كان المولى مسلما ثم ارتد فهل يصح مكاتبة عبده أولا ، سواء كان العبد مسلما أو كافرا ، فإذا كان ارتداده عن فطرة لم تصح مكاتبته لزوال ملكه عنه لوجوب قتله على كل حال وانتقال ماله إلى الورثة ، وظاهرهم الاتفاق عليه ، بلا فرق بين كون العبد مسلما أو كافرا.

وإذا كان ارتداده عن ملة فلا تصح مكاتبته ، لأن المرتد الملي كافر وإن لم يقتل فيجب عليه نقل المسلم عن ملكه ولا تقرّ يده عليه فلا تصح مكاتبته ، نعم لو كان العبد كافرا فتصح مكاتبة مولاه له لعدم المانع إذ تقر يد الكافر على مثله ، نعم في الدروس اشترط مكاتبة المرتد الملي لعبده الكافر أن يكون بإذن الحاكم لا بدونه لأن المرتد محجور عليه ، واحتمل المراعاة بإسلامه.

وفيه عدم الدليل على حجر المرتد الملي على أن اشتراط إسلامه في صحة مكاتبة عبده مما لا دليل عليه بعد إقرار يد الكافر على مثله شرعا.

(٥) سواء كان عبده مسلما أم كافرا.

(٦) أي لانتقال مال المرتد الفطري عنه إلى ورثته.

(٧) أي الارتداد.

(٨) أي صحة مكاتبة عبده الكافر.

(٩) الإطلاق في قبال الاحتمال الآتي.

(١٠) كما احتمله في الدروس.

(١١) أي بطلان المكاتبة عند عدم إذن الحاكم لأنه محجور عليه ، وإلا فمع الاذن فلا كما ذهب إليه في الدروس.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٤١.


مسلما بتقريب ما سلف (١).

وقيل (٢) : يشترط إسلام العبد مطلقا (٣) نظرا إلى أن الدين داخل في مفهوم الخير (٤) ، الذي هو شرطها (٥) ، ولأن (٦) المكاتب يؤتى من الزكاة (٧) ويتعذر (٨) هنا (٩).

ويضعّف بأن الخير شرط في الأمر بها (١٠) ، لا في أصل شرعيتها ، والايتاء من الزكاة مشروط باستحقاقه لها (١١) ، وهو (١٢) منفي مع الكفر ، كما ينتفي (١٣) مع عدم حاجته إليها (١٤).

(ويجوز لولي اليتيم أن يكاتب (١٥)

______________________________________________________

(١) من عدم رفع سبيل الكافر عنه بالمكاتبة ، فلا بد من بيعه عليه قهرا فلا تصح المكاتبة حينئذ.

(٢) كما عن الأكثر.

(٣) أي وإن كان مولاه كافرا.

(٤) أي الخبر الوارد في الآية (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (١).

(٥) أي شرط المكاتبة.

(٦) دليل ثان على إسلام العبد.

(٧) كما في آية المكاتبة (وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) (٢).

(٨) أي ويتعذر إيتاء المكاتب الكافر عن الزكاة.

(٩) أي إذا كان العبد كافرا.

(١٠) أي بالمكاتبة ، والمعنى أن الخير شرط في رجحانها.

(١١) أي باستحقاق العبد للزكاة.

(١٢) أي الاستحقاق.

(١٣) أي الاستحقاق.

(١٤) أي مع عدم حاجة العبد إلى الزكاة فيما لو كان مسلما ، مع أنه تصح مكاتبة العبد المسلم الغني عن الزكاة فكذا تصح مكاتبة العبد الكافر الممنوع من الزكاة.

(١٥) ذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز مكاتبة ولي اليتيم لعبد اليتيم ، استنادا إلى أن

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢) سورة النور ، الآية : ٣٣.


(رقيقه (١) مع الغبطة (٢) لليتيم في المكاتبة كما يصح بيعه (٣) وعتقه معها (٤) ، ولصحيحة معاوية بن وهب عن الصادق عليه‌السلام في مكاتبة جارية الأيتام.

وقيل : بالمنع ، لأن الكتابة شبيهة بالتبرع من حيث إنها معاملة على ماله بماله.

والخبر حجة عليه(ويجوز تنجيمها (٥) نجوما متعددة بأن يؤدي في كل نجم قدرا من مالها(بشرط العلم بالقدر (٦)

______________________________________________________

المكاتبة شبيهة بالتبرع ، من حيث إنها معاملة على ماله بماله إذ المال المكتسب تابع للمملوك في الملك.

وذهب غيره إلى الجواز مع اعتبار الغبطة والمصلحة لليتيم في مكاتبة عبده ، كما يجوز بيع الولي لمال اليتيم والتصدق به مع الغبطة لإطلاق قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتٰامىٰ قُلْ : إِصْلٰاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) (١) ، ولخصوص صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : إني كاتبت جارية لأيتام لنا ، واشترطت عليها إن هي عجزت فهي ردّ في الرق ، وأنا في حل مما أخذت منك ، فقال لي : لك شرطك) (٢) ، ولأن الولي موضوع للعمل بمصالحه ، وقد لا يحصل المال بدون المكاتبة بل هو الغالب ، وكسب المملوك بعد العقد ليس مالا محضا للمولى ، وقبله ليس بموجود فلا تكون المكاتبة من ملة على ماله بل على عبده بمال العبد.

(١) أي رقيق اليتيم.

(٢) أي مع المصلحة.

(٣) أي بيع رقيق اليتيم من قبل المولى.

(٤) مع الغبطة.

(٥) أي تنجيم المكاتبة بمعنى جعل العوض نجوما ، وهذا مبني على جواز تعدد الأجل ، وقد تقدم أن بعضهم قد أوجبه ، وقد أعاد هذه المسألة ليرتب عليها الفرع الآتي.

(٦) نجوز المكاتبة على أي عوض شاء المولى ، لإطلاق أدلة المكاتبة ولخصوص مرسل أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل ملك مملوكا ، له مال ، فسأل صاحبه المكاتبة ، أله أن لا يكاتبه إلا على الغلاء؟ قال : نعم) (٣) ، وعليه فيشترط في العوض أن يكون منجما ،

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.


في كل أجل (١) (والأجل (٢) حذرا من الغرر ، سواء تساوت النجوم أجلا ومالا أم اختلفت (٣) ، للأصل (٤) ، وهذا (٥) هو الأصل فيها (٦) ،

______________________________________________________

لاشتراط الأجل في المكاتبة كما تقدم البحث فيه ، ويشترط أن يكون معلوما بلا خلاف فيه لئلا يلزم الغرر في العوض فتبطل المكاتبة ، ويشترط أن يكون النجم وقت الاستحقاق معلوما أيضا على وجه يكون مشخصا للغرر ، ويجوز أن تتساوى النجوم قدرا وأن تختلف بلا خلاف فيه لإطلاق أدلة المكاتبة ، ويشترط أن يكون العوض دينا لا عينا ، لأن العين الموجودة في يد العبد حال الكتابة هي من مال المولى فلا يتحقق المعاوضة بها ، وكما يصح أن يكون العوض عينا مؤجلة يصح أن يكون منفعة كالخدمة والخياطة والبناء وضعها بما يرفع الجهالة.

إذا تقرر ذلك وثبت اشتراط العلم بالعوض وبالنجم فلا بدّ من وصفه إذا كان العوض متفاوتا ، واشتراط وصفه لئلا يلزم الغرر ، وعليه فإن كان العوض من الأثمان ـ أي النقدين ـ وصفه كما يصفه في النسيئة ، وإن كان العوض من العروض ـ وهي غير النقدين من الأمتعة وغيرها ـ وصفه كما يصفه في بيع السلم ضرورة كون المدار في الجميع على ارتفاع الجهالة في العوض ، نعم لا يصح أن يكون العوض مما لا يمكن المسلم كالخمر والخنزير إذا كان المولى مسلما.

(١) والقدر في كل أجل هو النجم ، ولو لا قيد الشارح لكانت عبارة الماتن محمولة على قدر تمام العوض ، وكلاهما صحيح لأن العلم شرط في تمام العوض وفي النجم.

(٢) أي ويشترط العلم بالأجل سواء كان متحدا أم متعددا لئلا يلزم الجهالة الموجبة للغرر المنفي في الشريعة ، فلذا لا يصح أن يقول المولى : كاتبتك على أن تؤدي إليّ كذا في سنة ، بحيث تكون السنة ظرفا للأداء ، وليست علامة الحلول النجم خلافا لابن الجنيد والشيخ في الخلاف فأجازا ذلك وحكما بتخيير العبد بالدفع في مجموع ذلك الوقت ، وتوقف فيه العامة في القواعد.

وفي الجواز نظر لأن الأجل على هذا التقدير مجهول فلم يعرف أنه يؤدي النجم في السنة دفعة أو دفعات ، وأنه يؤديه في أولها أو وسطها أو آخرها ، وما يكون كذلك فهو مجهول موجب للتنازع وهذا هو الغرر المنفي.

(٣) أي اختلفت النجوم في كليهما أو أحدهما.

(٤) أي أصالة عدم التساوي في النجوم أجلا ومالا.

(٥) التنجيم بمعنى قعود الأجل.

(٦) في المكاتبة.


وليس (١) موضع الاشتباه حتى يخص بالذكر ، وإنما موضعه (٢) النجم الواحد (٣) ، ولا يجوز حمل مطلقه (٤) عليه (٥) ، للعلم به (٦) من اشتراط الأجل.

(ولا تصح) الكتابة(مع جهالة العوض (٧) ، بل يعتبر ضبطه (٨) كالنسيئة (٩) ، وإن كان عرضا (١٠) فكالسلم ، ويمتنع فيها (١١) ما يمتنع فيه (١٢) (ولا على عين (١٣) ، لأنها (١٤) إن كانت للسيد فلا معاوضة (١٥) ، وإن كانت لغيره (١٦) فهي (١٧) كجعل ثمن المبيع من مال غير المشتري ، ولو أذن الغير في الكتابة على

______________________________________________________

(١) أي التنجيم.

(٢) أي موضع الاشتباه في المكاتبة.

(٣) حيث جوزه الخاصة ، ومنعه بعض العامة.

(٤) أي لا يجوز حمل قول المصنف حيث قال (يجوز تنجيمها) ، وهو قول مطلق فلا يجوز حمله على النجم الواحد الذي هو كل الاشتباه والخلاف ، لأن هذه الإفادة من جواز المكاتبة على النجم الواحد مستفادة من قوله عند ما اشترط الأجل سابقا بقوله : (والأقرب اشتراط الأجل).

(٥) على النجم الواحد الذي هو موضع الاشتباه.

(٦) بالنجم الواحد.

(٧) للغرر.

(٨) أي ضبط العوض إذا كان من النقدين.

(٩) أي كبيع النسيئة.

(١٠) أي من غير النقدين فضبطه كالضبط في بيع السلم.

(١١) في المكاتبة.

(١٢) في بيع السلم.

(١٣) بل لا بد أن يكون العوض دينا على العبد ، وقد تقدم.

(١٤) أي العين.

(١٥) أي لا معاوضة بها ، لأنها معاوضة على ماله بماله ، هذا إذا كانت العين في يد العبد قبل المكاتبة كما هو مفروض البحث هنا ، نعم لو كانت في يده بعد الكتابة فهي معاوضة على عبده بمال العبد على ما قد تقدم سابقا فلا تغفل.

(١٦) أي وإن كانت العين لغير المولى ولم يأذن المالك فلا تصح المكاتبة كما لا يصح بيع عين لغير المشتري على أن يكون الملك للمشتري والثمن من غيره ، لأن العوض يخرج من كيس من يدخل فيه المعوّض تحقيقا لمعنى البدلية بين المالين.

(١٧) أي المكاتبة.


عين يملكها (١) فهي (٢) في قوة بيع العبد بها فإن جعلناها (٣) بيعا صح (٤) ، وإلا (٥) فوجهان : من الأصل (٦). وكونه (٧) بخلاف المعهود شرعا كما علم من اشتراط الأجل.

(ويستحب أن لا يتجاوز) مال الكتابة(قيمة العبد) يوم المكاتبة (٨) (ويجب) على مولاه(الايتاء) للمكاتب(من الزكاة إن وجبت) الزكاة(على المولى (٩) ، للأمر

______________________________________________________

(١) أي لو كانت العين لغير المولى وقد أذن المالك في جعلها عوضا عن العبد في المكاتبة ، فعلى القول بكون المكاتبة بيعا تصح المكاتبة لصحة البيع ، وفيه : إنه لا يصح البيع ولا المكاتبة إلا إذا كان الاذن أذنا في تمليك العبد لتلك العين ، والعبد ليس أصلا للتملك قبل المكاتبة وعليه فيكون مثل بيع عين لغير المشتري على أن يكون الملك للمشتري والثمن من غيره ، نعم يتصور صحة البيع بالعين المذكورة إذا كان العبد قد اشتراه صاحب العين بها وهذا أجنبي عن المدعى.

وعلى القول بكون المكاتبة ليست بيعا بل هي معاملة مستقلة فوجهان كما سيأتي.

(٢) أي المكاتبة.

(٣) أي المكاتبة.

(٤) أي صح عقد المكاتبة لصحة البيع وقد عرفت ما فيه.

(٥) أي وإن لم تكن بيعا بل كانت معاملة مستقلة.

(٦) أي أصالة عدم اشتراط تملك العبد للعوض. وعليه فتصح المكاتبة.

(٧) أي ومن كونه ، والمعنى ومن كون جعل العين مالا للكتابة ، وهو على خلاف المعهود منها شرعا ، ولذا اشترط الأجل في المكاتبة لأنه المعهود منها شرعا.

(٨) قال في الرياض : (ظاهر الأصحاب الاتفاق على أنه يكره أن يتجاوز قيمته وقت الكتابة ، وحجتهم غير واضحة) انتهى وقال صاحب الجواهر : (لعله لمنافاته للإرفاق والإحسان الذي بني عليه مشروعية الكتابة ، مضافا إلى قاعدة التسامح) انتهى ومعنى ذيل كلامه أنه يكفي في ثبوت الحكم اتفاقهم عليه للتسامح في أدلة السنن ، والحكم هنا استحبابي.

(٩) من كاتب عبده ـ سواء كان المكاتب مطلقا أم مشروطا ـ وجب عليه أن يعينه من زكاته إن وجبت عليه ، ولا حد له قلة ولا كثرة ، بل المدار على صدق اسم إيتاء المال خلافا لبعض العامة ، حيث قدره بالربع ولا شاهد له ، نعم سيأتي ما يدل على استحباب حطّ السدس من النجوم.

والأصل في الحكم قوله تعالى : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ


به في قوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) (١) ولكن من سهم الرقاب إن أوجبنا البسط (٢) ، (وإلا) تجب عليه الزكاة(استحب له الايتاء) وهو (٣) اعطاؤه شيئا(ولا حد له) أي للمؤتى(قلة) ، بل يكفي ما يطلق عليه اسم المال.

(ويكفي الحط من النجوم عنه (٤) ،

______________________________________________________

الَّذِي آتٰاكُمْ) (١) ، والأمر يدل على الوجوب ، وهو ناظر إلى المولى ، والمراد من مال الله هو الزكاة كما عن المحقق وجماعة.

وعن الشيخ وجماعة وجوب إعانة السيد لعبده المكاتب من الزكاة أو غيرها بناء على أن المراد من المال في الآية أعم من الزكاة.

وعن العلامة في المختلف استحباب إعانة السيد لعبده المكاتب من الزكاة أو غيرها ، ولا يوجد لأحدهم شاهد على مدعاه من الآية ، نعم الأخبار تدل على أن المراد من مال الله هو الأعم ولا تدل على وجوب إيتاء الزكاة للعبد المكاتب ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن قول الله عزوجل : (وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) ، قال : الذي أضمرت عليه أن تكاتبه عليه ، لا تقول : أكاتبه بخمسة آلاف وأترك له ألفا ، ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه) (٢) ، وخبر العلاء بن فضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في قوله عزوجل : (فَكٰاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) ، قال : تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها ولا تزيد فوق ما في نفسك ، قلت : كم؟ قال : وضع أبو جعفر عليه‌السلام عن مملوك ألفا من ستة آلاف) (٣) ، وخبر القاسم بن بريد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (سألته عن قول الله عزوجل : (وَآتُوهُمْ مِنْ مٰالِ اللّٰهِ الَّذِي آتٰاكُمْ) ، قال : سمعت أبي يقول : لا يكاتبه على الذي أراد أن يكاتبه ثم يزيد عليه ثم يضع عنه ، ولكن يضع عنه مما نوى أن يكاتبه عليه) (٤) ومقتضى هذه الأخبار استحباب حط بعض النجوم عنه ، وأن الحط بمقدار السدس كما فعل الإمام الباقر عليه‌السلام.

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢) أي بسط الزكاة على الأصناف الثمانية.

(٣) أي الإيتاء.

(٤) أي ويكفي في الإيتاء حط بعض النجوم عنه ، لأن الحطّ بمعنى الإيتاء ، بل الإعانة في

__________________

(١) سورة النور ، الآية : ٣٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢ و ٣.


لأنه (١) في معناه (٢) ، (ويجب على العبد القبول (٣) إن آتاه من عين (٤) مال الكتابة، أو من جنسه (٥) ، لا من غيره (٦) ، ولو أعتق قبل الايتاء (٧) ففي وجوب القضاء(٨)،

______________________________________________________

الحطّ محقّقة وفي الإيتاء موهومة ، فإنه قد ينفق المال في جهة أخرى يتبين أن الحط أولى بالإعانة من الإيتاء والإعطاء.

(١) أي الحط.

(٢) أي في معنى الإيتاء.

(٣) صرح جماعة منهم الماتن في الدروس والشارح في المسالك بوجوب القبول على العبد إن أعطاه من جنس مال الكتابة عملا بظاهر الأمر بالآية المتقدمة ، لأن لو لم يجب القبول على العبد لكان الأمر على المولى بالإيتاء لغوا.

وعن الفخر في الإيضاح وجوب القبول سواء كان المعطى من جنس مال الكتابة أو غيرها تمسكا بظاهر الأمر بالآية المتقدمة.

وفيه : عدم دلالة الآية على وجوب الإيتاء كما تقدم ، على أنه لو سلم للوجوب فلا تلازم بين وجوب الإيتاء ووجوب القبول كما في الجواهر ، على أنه لا حاجة إلى القبول في صورة الحط ، لأن الحط إبراء وإسقاط ما في الذمة ، وهو غير متوقف على القبول.

(٤) وهو المال الذي دفعه العبد بعنوان مال الكتابة.

(٥) أي جنس مال الكتابة.

(٦) أي لا من غير جنس مال الكتابة بحيث لا يجب على العبد القبول حينئذ.

(٧) عتق العبد المكاتب إما بالصيغة من قبل المولى وإما بالانعتاق كما لو طرأ عليه عارض من عمى أو إقعاد.

وعليه فلو عتق قبل إيتاء المولى له من الزكاة الواجبة عليه ، سقط وجوب الإيتاء عن المولى لفوات محله ، لأن محله هو المكاتب ومع العتق لم يكن كاتبا ، وعن بعض العامة يجب بعد العتق الإيتاء كالمتعة في الطلاق ، بحيث على الموسر قدره وعلى المعسر قدره ، وهو ضعيف ، لأن المدار في الإيتاء هو الإعانة على الفكّ وقد تحرر العبد المكاتب بحسب الغرض فلا معنى لإيتائه من الزكاة بعنوان سهم الرقاب.

وعن الشيخ في المبسوط والشهيد في الدروس أنه يجب الإيتاء بعد العتق لأنه كالدين ، حيث قد ثبت حق مالي للعبد في ذمة مولاه قبل العتق ولم يخرج المولى عن عهدة التكليف فعليه القضاء بعد العتق ، وفيه أنه قد ثبت للعبد حق مالي في ذمة المولى بعنوان أنه مكاتب ، وبعد العتق لا مكاتبة فيرتفع الموضوع.

(٨) أي قضاء الإيتاء على المولى.


وكونه (١) دينا على المولى وجه ، رجّحه المصنف في الدروس ، وجعله كالدين ، ولو دفع إليه (٢) من الزكاة وكان (٣) مشروطا فعجّزه (٤) ففي وجوب إخراج الزكاة لغيره (٥) أو ردّها (٦) إلى دافعها لو كان غيره (٧) قول (٨).

ويحتمل ذلك (٩) لو كان (١٠) من الغير تبرعا ، وعدمه (١١) فيهما (١٢) ، لملكه (١٣) له (١٤)

______________________________________________________

(١) أي وكون الإيتاء.

(٢) لو دفع إلى المكاتب زكاة ، سواء كان الدافع هو المولى أم غيره ، وكان المكاتب مشروطا ، ثم عجز فيما بعد فرده المولى إلى الرق ، فلا يجب على المولى إخراج الزكاة التي تحت يد العبد إلى غير العبد من المستحقين ولا يجب على المولى ردّ الزكاة لدافعها إن كان الدافع غير المولى ، لطرو الرقية المحضة بعد الدفع ، مع أن العبد حال الدفع كان أهلا للتملك فيملك ما دفع إليه من الزكاة ، فلو رده المولى إلى الرقية عند عجزه ملك المولى ما بيده ، لأن العبد وما يملك لمولاه.

بالإضافة إلى جريان أصالة براءة ذمة الدافع بعد كون العبد أهلا للتملك حال الدفع فضلا عن أن عود المال إلى المولى بعد فسخ المشروطة إنما هو إحداث ملك جديد له وليس من باب إبطال ما سلف من المكاتبة المشروطة بدليل أن المعاملات الجارية بين العبد المكاتب وغيره لتحصيل الكسب حتى يدفعه إلى المولى بعنوان عوض المكاتبة تبقى صحيحة وإن لم يرض بها المولى.

(٣) أي العبد.

(٤) أي عجز العبد عن الدفع فرده المولى إلى الرق بعد إبطال المكاتبة.

(٥) أي لغير العبد إن كان الدافع للزكاة هو المولى.

(٦) أي رد الزكاة إلى دافعها.

(٧) أي لو كان الدافع غير المولى.

(٨) كما ذهب إليه نفس الشارح في المسالك.

(٩) أي ردّها إلى الدافع ، وهو احتمال وليس قولا لأحد ، والحكم فيه كالحكم في الزكاة.

(١٠) أي الدفع.

(١١) أي ويحتمل عدمه ، أي عدم الرد إلى الدافع.

(١٢) في المدفوع من الزكاة وفي المدفوع تبرعا.

(١٣) أي لملك العبد ، وهو تعليل لعدم الرد إلى الدافع.

(١٤) للمدفوع تبرعا أو واجبا.


وقت الدفع (١) ، وبراءة (٢) ذمة الدافع ، وعوده (٣) إلى المولى إحداث (٤) ، لا إبطال ما سلف (٥) ، ومن ثمّ (٦) بقيت المعاملة السابقة (٧) بحالها وإن لم يرض بها المولى.

(ولو مات المكاتب المشروط قبل كمال الأداء) لمال الكتابة(بطلت (٨) وملك المولى ما وصل إليه من المال وما تركه المكاتب(ولو مات المطلق (٩) ولم يؤد شيئا فكذلك (١٠) ، وإن أدّى (١١)

______________________________________________________

(١) لأن العبد وقت الدفع مكاتب ، والمكاتب له أهلية التملك.

(٢) عطف على قوله (لملكه) وهو دليل ثان على عدم الرد إلى الدافع ، والمعنى براءة ذمة الدافع من دفع الزكاة مرة ثانية ، بعد ما صدر الدفع الأول من أهله ووقع في محله.

(٣) أي عود المدفوع إلى المولى عند ما ردّ المولى عبده إلى الرق.

(٤) أي إحداث ملك جديد.

(٥) أي ما سلف من عقد المكاتبة المشروطة ، فلا يجب على الدافع حينئذ الإخراج ثانيا.

(٦) أي ومن كون عود المدفوع إلى المولى إحداثا وليس إبطالا لما سلف.

(٧) أي السابقة على التعجيز ، والصادرة من العبد حال كونه مكاتبا.

(٨) إذا مات المكاتب المشروط قبل أداء جميع ما عليه بطلت الكتابة ، وإن بقي من العوض شي‌ء يسير ، وكان ما تركه العبد لمولاه ، وكان أولاده رقا أيضا للمولى للأخبار.

منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في مكاتب يموت وقد أدّى بعض مكاتبته وله ابن من جاريته ، قال : إن اشترط عليه إن عجز فهو مملوك رجع ابنه مملوكا والجارية ، وإن لم يكن اشترط عليه أدّى ابنه ما بقي من مكاتبته وورث ما بقي) (١) ومثله صحيح جميل بن دراج (٢).

(٩) لو مات المطلق قبل أداء شي‌ء مما عليه بطلت المكاتبة بلا خلاف فيه ظاهرا ، لأن موضوعها الرقية وغايتها العتق ، فإذا مات فات الموضوع وتعذرت الغاية التي شرع لها العقد.

(١٠) أي تبطل الكتابة.

(١١) لو مات المطلّق بعد أداء شي‌ء من مال الكتابة تحرر منه بحساب ما أدّى وتبطل الكتابة بنسبة الباقي ، ويتحرر من أولاده التابعين له بالرقية بقدر حريته ، وللمولى من تركته بقدر ما فيه من رق ، ولورثته بقدر ما فيه من الحرية ، ويؤدي الوارث التابع له في الحرية

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٣ وملحقه.


شيئا(تحرر منه (١) بقدر المؤدّى) أي بنسبته (٢) من الجميع (٣) ، وبطل منه (٤) بنسبة المتخلف(وكان ميراثه (٥) بين السيد ، ووارثه بالنسبة (٦) فإن كان الوارث حرا فلا شي‌ء عليه (٧)

______________________________________________________

والرقية مما حصل له من التركة من نصيب الحرية ما بقي من مال الكتابة على المشهور شهرة عظيمة لصحيح محمد بن قيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في مكاتب توفى وله مال قال : يقسّم ماله على قدر ما أعتق منه لورثته ، وما لم يعتق منه يحتسب منه لأربابه الذين كاتبوه) (١) وصحيح بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام

(سألته عن رجل كاتب عبدا له على ألف درهم ولم يشترط عليه أنه إن عجز عن مكاتبته فهو ردّ في الرق ، والمكاتب أدّى إلى مولاه خمسمائة درهم ثم مات المكاتب وترك مالا وترك ابنا له مدركا ، قال عليه‌السلام : نصف ما ترك المكاتب من شي‌ء فإنه لمولاه الذي كاتبه ، والنصف الباقي لابن المكاتب ، لأنه مات ونصفه حر ونصفه عبد ، فإذا أدّى إلى الذي كاتب أباه ما بقي على أبيه فهو حرّ ، لا سبيل لأحد من الناس عليه) (٢).

نعم إن لم يكن له مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم كما هي القاعدة في الذي تحرر بعضه ، ويدل عليه بالخصوص هنا خبر مهزم (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المكاتب يموت وله ولد ، فقال : إن كان اشترط عليه فولده مماليك ، وإن لم يكن اشترط عليه سعى ولده في مكاتبة أبيهم وعتقوا إذا أدّوا) (٣) ، وعليه فمع أدائهم ينعتق الأولاد ، ولكن أداؤهم وسعيهم بالسوية وإن اختلفوا في استحقاقهم للإرث إذا كانوا مختلفين بالذكورة والأنوثة.

(١) من المطلق.

(٢) أي بنسبة المؤدي.

(٣) أي جميع مال الكتابة.

(٤) من المطلق.

(٥) أي ميراث المطلق.

(٦) فلوارثه بمقدار ما تحرر منه ، ولمولاه بمقدار ما بقي فيه مفارق.

(٧) أي فلا شي‌ء من مال الكتابة على الوارث الحر ، لأنه غير تابع في الكتابة للعبد المطلق الذي مات.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من كتاب المكاتبة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب موانع الإرث حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب موانع الإرث حديث ٧.


(ويؤدي الوارث التابع له (١) في الكتابة) كولده من أمته (٢) (باقي (٣) مال الكتابة) ، لأنه (٤) قد تحرر منه بنسبة أبيه ، وبقي الباقي (٥) لازما له(وللمولى إجباره (٦) على الأداء) للباقي (٧) (كما له (٨) إجبار المورّث) ، لأنه (٩) دين فله (١٠) اجباره (٦) على أدائه.

وقيل : لا (١١) ، لعدم وقوع المعاملة معه (١٢) ، وفي صحيحة ابن سنان ، وجميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام يقضى مال الكتابة من الأصل ، ويرث

______________________________________________________

(١) للمطلق الذي مات.

(٢) أي أمة العبد ، والمكاتب أهل للتملك.

(٣) مفعول به لقوله : (يؤدي الوارث).

(٤) أي لأن الوارث التابع ، وهذا تعليل لوجوب أداء باقي مال الكتابة على الوارث التابع.

(٥) أي باقي مال الكتابة.

(٦) هل للمولى إجبار الوارث التابع على أداء ما بقي من مال الكتابة ، ولو بالسعي على المشهور كما يجبر من تحرر بعضه على فك باقيه ولخبر مهزم المتقدم.

وعن ابن الجنيد أن الباقي من مال الكتابة يقضى من أصل التركة ، لأنه بحكم الدين وحينئذ يتحرر الأولاد ولهم ما بقي بعنوان الإرث دون أن يكون شي‌ء من الإرث للمولى لخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث أنه قال : (في المكاتب يؤدي بعض مكاتبته ثم يموت ويترك ابنا ويترك مالا أكثر مما عليه من مكاتبته قال : يوفّى مواليه ما بقي من مكاتبته ، وما بقي فلولده) (١) ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (وإن لم يكن اشترط عليه أدّى ابنه ما بقي من مكاتبته وورث ما بقي) (٢) ومثله صحيح الحلبي (٣) ، ولكن لا عامل بها فلذا لا بد من تقديم الطائفة الأخرى عليها.

(٧) من مال الكتابة.

(٨) أي كما للمولى إجبار نفس العبد المطلق قبل موته ـ وهو المورّث ـ على أداء الباقي.

(٩) أي الباقي من مال الكتابة.

(١٠) أي فللمولى إجبار الوارث.

(١١) أي لا يجبر الوارث التابع على أداء الباقى ، بل يخرج الباقي من أصل التركة ويتحرر الأولاد ويكون الباقي لولده إرثا.

(١٢) أي لعدم وقوع معاملة المكاتبة مع الوارث التابع.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢ و ٣ وملحقه.


وارثه ما بقي ، واختاره (١) بعض الأصحاب ، والمشهور الأول.

(وتصح الوصية للمكاتب المطلق (٢) بحساب ما تحرر منه) ، لرواية محمد بن قيس عن الباقر عليه‌السلام «في مكاتب كان تحته امرأة حرة فأوصت له عند موتها بوصية فقضى أنه يرث بحساب ما أعتق منه».

ولو لم يتحرر منه (٣) شي‌ء ، أو كان مشروطا لم تصح الوصية (٤) له مطلقا (٥) على المشهور. واستقرب المصنف في الدروس جواز الوصية للمكاتب مطلقا (٦) ،

______________________________________________________

(١) أي اختار مضمون هاتين الروايتين.

(٢) لو أوصي للمكاتب المطلق الذي تحرر بعضه بوصية ، صح له منها بقدر ما فيه من الحرية ويبطل ما زاد على المشهور لخبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في مكاتب تحته حرة ، فأوصت له عند موتها بوصية فقال أهل المرأة : لا تجوز وصيتها له ، لأنه مكاتب لم يعتق ولا يرث ، فقضى عليه‌السلام أنه يرث بحساب ما أعتق منه ، ويجوز له من الوصية بحساب ما أعتق منه ، وقضى في مكاتب قضى ربع ما عليه فأعتق فأوصي له بوصية فأجاز له ربع الوصية ، قضى في رجل حر أوصى لمكاتبته وقد قضت سدس ما كان عليها فأجاز بحساب ما أعتق منها ، وقضى في وصية مكاتب قد قضى بعض ما كوتب عليه أن يجاز من وصيته بحساب ما أعتق منه أن يجاز من وصيته بحساب ما أعتق منه) (١).

وقيل تصح له مطلقا ، لأنها نوع اكتساب وهو غير ممنوع منه واستقربه الشهيد في الدروس ، وقواه في المسالك لضعف الخبر المذكور إذ محمد بن قيس مشترك بين الثقة وغيره ، وفيه أنه منجبر لعمل الأصحاب فضلا عن رواية عاصم بن حميد عنه ، ورواية عاصم بن حميد عن محمد بن قيس دليل على أنه الثقة دون الضعيف.

(٣) والعجب أن الشارح قد ترك من الرواية محل الاستدلال وهو (ويجوز له من الوصية بحساب ما أعتق منه).

(٤) من المطلق.

(٥) أي أصلا ، بخلاف المتقدم فإنها تصح بمقدار ما تحرر منه ، ووجه عدم الصحة واضح إذ لم يتحر منه شي‌ء ، ولا تصح الوصية له إلا بمقدار ما تحرر منه.

(٦) مشروطا كان أو مطلقا ، أدّى شيئا أو لا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المكاتبة حديث ٢.


لأن قبولها (١) نوع اكتساب ، وهو (٢) أهل له.

وفيه قوة.

هذا إذا كان الموصي غير المولى ، أما هو (٣) فتصح وصيته مطلقا (٤) ويعتق منه (٥) بقدر الوصية ، فإن كانت (٦) بقدر النجوم عتق أجمع ، وإن زادت (٧) فالزائد له (٨) ، ولا فرق بين كون قيمته (٩) بقدر ملك الكتابة ، أو أقل (١٠) ، لأن الواجب (١١) الآن (١٢) هو المال ، مع احتمال اعتبار القيمة (١٣)

______________________________________________________

(١) أي قبول الوصية.

(٢) أي العبد المكاتب.

(٣) أي المولى.

(٤) أي فتصح وصية المولى لعبده المكاتب سواء كان مطلقا أم مشروطا كما هو الأصل ، إذ المكاتب له أهلية التملك فتصح الوصية له ، خرجت عن هذا الأصل فيما لو كان الموصي غير المولى للخبر المتقدم فيقتصر عليه.

وعليه فإذا جازت وصية المولى لعبده المكاتب ، فإن كانت أزيد مما عليه عتق أجمع وكان الزائد له ، وإن لم تكن أزيد فيعتق منه بمقدار الوصية.

(٥) من المكاتب الموصي له.

(٦) أي الوصية.

(٧) أي زادت الوصية عن النجوم.

(٨) أي فالزائد من الوصية للمكاتب بعد تحرره.

(٩) أي قيمة العبد المكاتب الموصى له.

(١٠) أي أقل من قدر مال الكتابة.

(١١) تعليل لعدم الفرق.

(١٢) أي بعد الكتابة ، فالواجب على العبد هو مال الكتابة.

(١٣) أي قيمة العبد ، فلو نقصت القيمة عن الوصية ، فلا ينظر في الوصية إلى الكتابة ولا إلى مالها ، فيعطى الموصى به من جهة الوصية فلو كان الموصى به أزيد من قيمته عتق وأعطي الزائد ، وإن كان ما أوصي له به أقل من مال الكتابة ، لأن هذا حكم القن إذا أوصي له والمكاتب لا يقصر عنه.

والفرق بينه وبين الأول أنه لو كان الموصى له به عشرة دراهم وقيمته خمسة ، ومال الكتابة عليه عشرين ، فعلى الأول يعتق منه نصفه ، لأن الموصى له به نصف مال الكتابة ،


لو نقصت (١) ، فيعتق من الوصية. وله الزائد وإن لم تف (٢) بمال الكتابة ، لأن ذلك حكم القنّ ، والمكاتب لا يقصر عنه.

(وكل ما يشترط في عقد الكتابة مما لا يخالف المشروع لازم (٣) ، لأن الشرط في العقد يصير كالجزء منه (٤) ، فالأمر بالوفاء به (٥) يتناوله (٦) ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) «المؤمنون عند شروطهم» ولو خالف (٧) المشروع كشرط أن يطأ المكاتبة (٨)،أو أمة

______________________________________________________

وعلى الثاني يعتق تمامه ويعطى خمسة وعليه في ذمته للورثة عشرون الذي هو مال الكتابة.

وفي هذا الاحتمال ضعف ، لأن المكاتب خرج عن حكم القن وصار مال الكتابة في ذمته ، فكان اعتبار الوصية على مال الكتابة أولى من اعتبارها على قيمة العبد.

(١) أي القيمة نقصت عن الوصية.

(٢) أي الوصية.

(٣) عقد الكتابة قابل للشروط السائغة كنظائر من عقود المعاوضات ، وعليه فما يشترطه المولى على العبد من عمل مخصوص زمن الكتابة ونحو ذلك يكون لازما ، لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ولعموم (المؤمنون عند شروطهم) (٢) ، نعم لو اشترط على عبده شرطا منافيا لمقتضى العقد كاشتراط عدم الحرية بعد أداء مال الكتابة أو اشترط عليه شرطا منافيا للكتاب والسنة كاشتراط عدم الوطء بعد التحرر أو اشتراط عدم الكسب بعد التحرر أو اشتراط كون الولد المتجدد رقا بعد التحرر بطل الشرط ، لأنه غير سائغ بلا خلاف فيه ، ولكن هل يتبعه فساد العقد لأن الشرط فاسد ومفسد كما هو المشهور أو لا يتبعه فساد العقد لأن الشرط الفاسد غير مفسد كما هو قول وقد تقدم البحث في ذلك مرارا.

(٤) من العقد.

(٥) بالعقد.

(٦) أي يتناول الشرط.

(٧) أي الشرط.

(٨) أي كما لو شرط المولى على أمته المكاتبة أن يطأها ، بطل الشرط ، لأنه على خلاف المشروع ، إذا العبد بعد المكاتبة يخرج عن عجز المماليك ولا يصل إلى استقلال الأحرار ولكن له أهلية التملك فلذا ليس للمكاتب التصرف في ماله ببيع ولا هبة ولا عتق إلا بإذن مولاه ، ولا يجوز للمولى التصرف في ماله إلا بما يتعلق بالاستيفاء وكذا لا يجوز للمولى وطء المكاتبة لا

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية : ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور حديث ٤ من كتاب النكاح.


المكاتب مطلقا (١) ، أو يترك التكسب (٢) ، أو رد المطلق (٣) في الرق حيث شاء ، ونحوه (٤) بطل الشرط ويتبعه بطلان العقد على الأقوى (٥).

(وليس له) أي للمكاتب بنوعيه (٦) (التصرف في ماله (٧) ببيع) ينافي

______________________________________________________

بالملك ولا بالعقد ، لعدم صيرورتها حرة فلا يصلح الوطء بالعقد ، ولخروجها عن محض الرقية فلا يصلح الوطء بالملك بلا خلاف في ذلك ولا إشكال.

(١) أي سواء كان المكاتب مشروطا أم مطلقا ، والمعنى لو شرط المولى على عبده المكاتب أن يطأ أمة عبده المكاتب فهو شرط غير مشروع ، لأنه لا يجوز للمولى التصرف في مال المكاتب إلا بما يتعلق بالاستيفاء ، وهذا ليس منه.

(٢) كما لو شرط المولى على عبده المكاتب أن يترك التكسب زمن الكتابة فإنه شرط مناف لمقتضى عقد الكتابة ، إذ مع ترك التكسب فكيف يحصّل مال الكتابة ، ولو شرط عليه ترك التكسب بعد التحرر فإنه مناف للمشروع ، إذ الشرع قد ورد فيه حثّ الأحرار على الكسب.

(٣) كما لو شرط المولى على عبده المكاتب المطلق أن يرده في الرق حيث شاء فهو شرط مناف للمشروع ، إذ المشروع أن المطلق يتحرر منه بمقدار ما يؤدي.

(٤) أي ونحوه من الشروط غير المشروعة.

(٥) وفي قباله بطلان الشرط دون العقد.

(٦) وهما المطلق والمشروط.

(٧) قد تقدم أن المكاتب له أصلية التملك ، ولكن لا خلاف بينهم في أنه لا يجوز له التصرف في ماله بهبة ولا عتق ولا إقراض إلى غير ذلك من التصرفات المنافية للاكتساب كالعارية والهدية إلا بإذن مولاه للأصل من أن المكاتب لم يخرج بالمكاتبة عن العبودية فلا يجوز له التصرف إلا بإذن مولاه ، نعم جاز له التكسب خاصة اقتضاء للمكاتبة والباقي على الأصل ولصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل مملوك كاتب على نفسه وماله ، وله أمة ، وقد شرط عليه أن لا يتزوج فأعتق الأمة وتزوجها ، قال عليه‌السلام لا يصلح له أن يحدث في ماله إلا الأكلة من الطعام ، ونكاحه فاسد مردود) (١) ، وهو مطلق شامل للمطلق والمشروط ، نعم في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المكاتب لا يجوز له عتق ولا هبة ولا نكاح ولا شهادة ولا حج حتى يؤدي جميع ما عليه إذا كان مولاه قد شرط عليه إن هو عجز فهو رد في الرق) (٢) ومثله غيره اختصاص الحكم بالمشروط ولكن لا عامل بها كما في الجواهر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١ و ٢.


الاكتساب (١) كالبيع نسيئة بغير رهن ، ولا ضمين (٢) ، أو محاباة (٣) أو بغبن ، لا مطلق البيع (٤) ، فإن له (٥) التصرف بالبيع والشراء ، وغيرهما من أنواع التكسب التي لا خطر فيها ، ولا تبرع(ولا هبة (٦) لا تستلزم عوضا زائدا عن الموهوب ، وإلا (٧) فلا منع ، للغبطة ، وفي صحة (٨) العوض المساوي وجه ، إذ لا ضرر حينئذ (٩) كالبيع بثمن المثل والشراء به (١٠) (ولا عتق (١١) ، لأنه (١٢) تبرع محض (١٣) ، ومنه (١٤) شراء من ينعتق عليه (١٥) ، وله (١٦) قبول هبته (١٧) مع عدم الضرر (١٨)

______________________________________________________

(١) أي اكتساب مال الكتابة.

(٢) بل قيل ـ كما في المسالك ـ لا يجوز للمكاتب البيع نسيئة مطلقا ، لأن الرهن قد يتلف والضمين قد يعسر.

(٣) عطف على (نسيئة) والمعنى كالبيع محاباة ، وهو البيع بدون ثمن المثل.

(٤) كما أطلقه الماتن.

(٥) أي للمكاتب.

(٦) أي وليس للمكاتب التصرف في ماله بهبة.

(٧) أي وإن استلزمت الهبة عوضا زائدا من الموهوب فلا منع منها ، وهي الهبة المعوّضة فتجوز ، لأن فيها اكتسابا للمكاتب ، ولكن بشرط قبض العوض قبل إقباض العين الموهوبة كما في المسالك ، لأنه لا يجوز له البيع بدونه القبض ففي الهبة أولى.

(٨) أي وفي صحة الهبة بالعوض المادي.

(٩) أي حين تساوي العوض فلا ضرر على المكاتب الواهب.

(١٠) بثمن المثل.

(١١) أي وليس للمكاتب التصرف في ماله بعتق.

(١٢) أي العتق.

(١٣) أي لا نفع فيه ، والتبرع المحض مناف للاكتساب.

(١٤) أي ومن العتق المنهي عنه.

(١٥) كشراء أحد العمودين أو إحدى المحرمات عليه نسبا أو رضاعا.

(١٦) أي للمكاتب.

(١٧) أي قبول هبة من ينعتق عليه ولكن بشرط أن لا يصير الواهب بعد الهبة فقيرا تجب نفقته على المكاتب ، وأما لو كان الواهب مكتسبا قدر مئونته فصاعدا فيصح للمكاتب قبول الهبة منه لأنه لا يصير فقيرا بالهبة حتى تجب نفقته على المكاتب.

(١٨) أي عدم الضرر على المكاتب.


بأن يكون (١) مكتسبا قدر مئونته فصاعدا.

(ولا اقراض (٢) مع عدم الغبطة ، فلو كان في طريق خطر يكون الاقراض فيه اغبط من بقاء المال ، أو خاف تلفه قبل دفعه ، أو بيعه (٣) ونحو ذلك فالمتجه الصحة (٤) ، ولكنهم (٥) اطلقوا المنع (٦) فيما ذكر (٧) (إلا بإذن المولى) فلو أذن (٨) في ذلك كله (٩) جاز. لأن الحق لهما (١٠) ، وحيث يعتق (١١) بإذنه فالولاء له (١٢) إن عتق ، وإلا فللمولى ، ولو اشترى (١٣) من ينعتق عليه لم يعتق في الحال فإن عتق (١٤) تبعه ، وإلا (١٥) استرقهما (١٦) المولى ، ولو مات العتيق (١٧) في زمن الكتابة وقف ميراثه توقعا لعتق المكاتب (١٨) وحيث لا يأذن المولى فيما لا غبطة فيه ولم يبطله (١٩)

______________________________________________________

(١) أي الواهب ، وهو من ينعتق على العبد المكاتب.

(٢) أي وليس للمكاتب التصرف في ماله بإقراض ودين.

(٣) أي خاف تلفه قبل بيعه.

(٤) أي صحة الإقراض ، لأن المصلحة فيه واضحة.

(٥) أي الفقهاء.

(٦) أي منع المكاتب من التصرف.

(٧) من البيع والهبة والإقراض ولم يقيدوا المنع بما إذا لم تكن هناك مصلحة وغبطة.

(٨) أي المولى.

(٩) من البيع والهبة والإقراض والعتق.

(١٠) للمولى والعبد.

(١١) أي وحيث يعتق المكاتب عبدا له بإذن مولى المكاتب.

(١٢) أي فولاء المعتق للمكاتب إذا تحقق عتق المكاتب وإلا فلو ردّ إلى الرق فالولاء للمولى.

(١٣) أي المكاتب بحيث اشتراه بإذن مولاه.

(١٤) أي فإن عتق المكاتب تبعه من ينعتق عليه.

(١٥) أي وإن لم يعتق المكاتب.

(١٦) ضمير المفعول راجع للمكاتب ومن ينعتق عليه ، ويسترقهما المولى ، لأن المولى عند فسخ المشروطة يرجع المكاتب وما يملكه ملكا للمولى.

(١٧) أي عتيق المكاتب.

(١٨) فإن عتق المكاتب فهو الوارث وإلا فيرثه المولى.

(١٩) أي ولم يصرح بعدم الإذن.


حتى عتق المكاتب نفذ (١). لزوال المانع كالفضولي (٢).

وقيل (٣) : لا (٤) ، لوقوعه على غير الوجه المشروع. وهو (٥) ممنوع(ولا يتصرف المولى في ماله (٦) أيضا (٧) بما ينافي الاكتساب(إلا بما يتعلق بالاستيفاء) مطلقة كانت (٨) أم مشروطة.

(ويحرم عليه (٩) وطء) الأمة(المكاتبة عقدا ، وملكا) بإذنها وغيره (١٠) ، فلو وطأها (١١)

______________________________________________________

(١) أي نفذ هذا التصرف من المكاتب الذي لا غبطة فيه ولم يبطله المولى ، لوجود المقتضي من كون المكاتب له أهلية التصرف في ماله لأنه أهل للتملك ، مع عدم المانع ، إذ المانع هو حفظ حق المولى في مال الكتابة ، والمفروض عدمه لخروجه عن الكتابة بالعتق.

(٢) فإن تصرفاته تنفذ لو صار هو المالك.

(٣) والقائل غير معروف.

(٤) أي لا ينفذ تصرفات العبد الواقعة في زمن كتابته فيما لا غبطة له فيها ولم يبطلها المولى ، لوقوعها على غير الوجه المشروع ، فتكون منهيا عنها كما في الرياض ، وفيه. أن النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد.

(٥) أي القول بعدم النفوذ.

(٦) أي في مال المكاتب ، لا خلاف ولا إشكال في عدم جواز تصرف المولى في مال المكاتب ، لخروجه بالكتابة عن محض الرقبة وانقطاع سلطنة المولى عنه ، إلا بما يتعلق بالاستيفاء بإذن المكاتب.

(٧) أي كما لا يجوز للمكاتب التصرف في ماله إلا بما يتعلق بالاستيفاء فكذا المولى.

(٨) أي الكتابة.

(٩) أي يحرم على المولى وطء أمته المكاتبة ولو برضاها ، بلا خلاف فيه ، فلا يصح وطؤها بالملك لعدم كونها مملوكة محضة ، ولا يصح بالعقد لعدم صيرورتها حرة ، لأن المكاتب على مرتبة بين الرق والعتق.

(١٠) أي وغير الإذن.

(١١) لو وطأها عالمين بالتحريم عزّرا ولم يحدّا للملك ، ولو كان أحدهما عالما عزّر دون الآخر.

ولو كانا جاهلين فلا تعزير ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فلو وطأها فلها مهر المثل عليه ، لأن الوطء من كسبها ولا يجوز له الانتفاع من كسبها بلا عوض ، ولخبر علي بن جعفر عن أخيه عن أبيه عليهما‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجل وقع على مكاتبته فنال من


فعليه المهر (١) وإن طاوعته ، لأنها لم تستقل (٢) بملكه (٣) ليسقط (٤) ببغيها ، وفي تكرر المهر بتكرر الوطء أوجه (٥) ، ثالثها (٦) تكرره (٧) مع تخلل الأداء بين الوطأين ، وإلا (٨) فلا ، وتصير أم ولد لو ولدت منه (٩) ، فإن مات (١٠) وعليها شي‌ء من مال الكتابة عتق باقيها من نصيب ولدها ، فإن عجز النصيب بقي الباقي (١١) مكاتبا

______________________________________________________

مكاتبته فوطأها ، قال : عليه مهر مثلها ، فإن ولدت منه فهي على مكاتبها ، وإن عجزت فردّت في الرق فهي من أمهات الأولاد) (١) ، وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال في مكاتبة يطأها مولاها فتحمل قال : يردّ عليها مهر مثلها وتسعى في قيمتها ، فإن عجزت فهي من أمهات الأولاد) (٢).

بل إطلاق الخبرين يشمل صورة ما لو طاوعته فعليه مهر المثل لها ، لأنها ليست بزانية حتى يسقط مهرها ، ولذا لا تحد وتكون أم ولد ، وعدم الزنا لأنها ملكه.

(١) أي مهر المثل.

(٢) أي لم تستقل الأمة استقلال الاحرار حتى يسقط مهرها ببغيها ، وعدم استقلالها لأنها مملوكة له وإن كانت مكاتبة.

(٣) أي بسبب ملكه لها.

(٤) أي ليسقط المهر بسبب بغيها حيث لا مهر لبغي كما تقدم في كتاب النكاح.

(٥) الوجه الأول : تكرار مهر المثل بتكرر الوطء لتعدد السبب القاضي بتعدد المسبب.

الوجه الثاني : عدم التكرار وإن تكرر الوطء لأصالة البراءة عن المهر الثاني.

الوجه الثالث : التفصيل بين أداء المهر الأول وعدمه ، فمع عدم أدائه فلا مهر ثانيا وإن تكرر الوطء لأصالة البراءة ، ومع الأداء فالمهر الثاني ثابت بالوطء الثاني ، لأن الوطء سبب لثبوت المهر ، حيث إن الوطء من كسبها فلا يجوز للمولى الانتفاع به من غير عوض.

(٦) أي التكرار مطلقا وعدمه مطلقا والتفصيل.

(٧) أي تكرر المهر.

(٨) أي وإن لم يتخلل الأداء بين الوطأين فلا يتكرر المهر.

(٩) من المولى.

(١٠) أي المولى.

(١١) أي الباقي عن نصيب ولدها.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب المكاتبة حديث ١ و ٢.


(وله (١) تزويجها) من غيره(بإذنها) والفرق بينه (٢) ، وبين المولى (٣) أن الملك له (٤) غير تام ، لتشبثها بالحرية. والعقد كذلك (٥) ، لعدم استقلالها ، والبضع لا يتبعض (٦) ، أما الأجنبي فلمّا كان الحق (٧) منحصرا فيهما (٨) وعقد له (٩) بإذنها فقد أباحه (١٠) بوجه واحد.

(ويجوز بيع مال الكتابة (١١) بعد حلوله) ، ونقله (١٢) بسائر وجوه النقل (١٣)

______________________________________________________

(١) أي وللمولى تزويج أمته المكاتبة من غيره بإذنها بلا خلاف فيه ، لأنها مملوكته فلا يصح العقد إلا بإذنه ، ولأن لها أهلية التملك وقد ارتفعت سلطنة المولى عنها فلا يصح العقد إلا بإذنها.

(٢) أي بين الغير.

(٣) حيث لا يجوز تزويجها من المولى ويجوز من غيره ، لأن الملك للمولى غير تام لتشبثها بالحرية فلا يصح الوطء بالملك ، وكذا لا يصح بالعقد لعدم استقلالها ، وأما الغير فحق البضع للمولى وأمته فلو زوجت الأمة نفسها للغير بغير مولاها فقد أباحت نفسها له بوجه واحد.

(٤) للمولى.

(٥) أي غير تام.

(٦) بحيث يوط بعضه بالملك وبعضه بالعقد.

(٧) أي حق البضع.

(٨) في المولى ومكاتبته.

(٩) أي وعقد المولى للأجنبي.

(١٠) أي فقد أباح المولى البضع.

(١١) مال الكتابة ثابت في ذمة العبد ، وهو دين للمولى ، فيجوز للمولى بيعه كما يجوز بيع سائر ديونه ، لأنه معلوم ، ويجوز أيضا نقله بسائر وجوه النقل بشرط أن يكون الدين ثابتا في ذمة العبد ، ولا يكون ثابتا إلا بعد حلول الأجل ، إذ قبل الأجل قد يعجز العبد ويرجع رقا فلا دين. كل ذلك على المشهور بين الأصحاب خلافا للشيخ في المبسوط وابن البراج من عدم جواز بيع مال الكتابة للنهي عن بيع ما لم يقبض (١) ، وفيه : أنه محمول على ما لو كان البائع قد اشتراه ولم يقبضه كما ثبت في محله ، وهنا الشرط مفقود إذ مال الكتابة ثابت للمولى بغير الشراء حيث ثبت له بالكتابة.

(١٢) أي ويجوز نقله.

(١٣) كالهبة والصلح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أحكام العقود من كتاب التجارة.


فيجب على المكاتب تسليمه (١) إلى من صار إليه ، خلافا للمبسوط استنادا إلى النهي عن بيع ما لم يقبض ، وإطلاقه (٢) ممنوع لتقييده (٣) بانتقاله (٤) إلى البائع بالبيع (٥) (فإذا أداه) المكاتب(إلى المشتري عتق) ، لأنه قبضه (٦) كقبض المولى.

ولو قيل بالفساد (٧) ففي عتقه (٨) بقبض المشتري (٩) مع إذنه له (١٠) في القبض وجهان. من أنه (١١) كالوكيل. ومن أن (١٢) قبضه لنفسه ، وهو (١٣) غير مستحق ، ففارق الوكيل بذلك (١٤).

______________________________________________________

(١) أي تسليم مال الكتابة.

(٢) أي وإطلاق النهي.

(٣) أي تقييد النهي.

(٤) أي بانتقال غير المقبوض.

(٥) لا بالكتابة.

(٦) أي قبض المشتري.

(٧) أي بفساد بيع مال الكتابة ، وعلى هذا الفرض فلا يجوز للمكاتب تسليم النجوم للمشتري ، وليس للمشتري مطالبته بها ، لعدم استحقاقه لها ، بل هي باقية على ملك السيد ، ولا يحصل عتق المكاتب إلا بدفعها للسيد كما عن الأكثر ومنهم العلامة في التحرير.

وقيل : يحصل عتق المكاتب بتسليمها إلى المشتري وإن لم يكن مستحقا لها ، لأن السيد سلّطه على القبض وأذن له فيه عند البيع الفاسد ، فيكون المشتري كما لو وكّل في قبض الثمن وهو اختيار الشيخ في المبسوط والعلامة في التحرير ، وفيه عدم اقتضاء البيع الفاسد صدور الإذن بالقبض ، بل يبطل الإذن ببطلان العقد ولذا يكون المبيع المذكور مضمونا على المشتري لو تلف في يده فضلا عن الفارق بين المشتري والوكيل ، فالمشتري قد أذن عند صدور البيع الفاسد بالقبض لنفسه ، والوكيل قد أذن بالقبض عن الموكل.

(٨) أي عتق المكاتب.

(٩) أي قبضه لمال المكاتبة من العبد.

(١٠) مع أذن السيد للمشتري في القبض حال كون الإذن ضمنيا في البيع الفاسد.

(١١) أي من أن المشتري ، وهذا دليل صحة العتق لتحقق القبض.

(١٢) دليل لعدم صحة العتق لعدم تحقق القبض.

(١٣) أي المشتري.

(١٤) أي بأنه قبضه لنفسه.


والوجهان اختارهما العلامة في التحرير (١).

(ولو اختلفا في قدر مال الكتابة (٢) ، أو في) قدر(النجوم) وهي الآجال إما في قدر كل أجل مع اتفاقهما على عددها (٣) ، أو في عددها (٤) مع اتفاقهما على مقدار كل أجل(قدم قول المنكر (٥) وهو (٦) المكاتب في الأول (٧) ، والمولى في الثاني (٨) (مع يمينه) ، لأصالة البراءة من الزائد.

وقيل (٩) : يقدّم قول السيد مطلقا (١٠) ، لأصالة عدم العتق ، إلا بما يتفقان عليه.

(النظر الثالث ـ في الاستيلاد) للاماء بملك اليمين (١١) ،

______________________________________________________

(١) في موضعين من الكتاب كما صرح بذلك في المسالك.

(٢) بأن قال السيد : مال الكتابة ألفان ، وقال العبد : بل ألف مثلا.

(٣) بحيث اتفقا على أن النجوم اثنان ، فقال السيد : النجم إلى سنة فقال العبد : النجم إلى سنتين ، فكان الاختلاف في مدة الأجل والنجم.

(٤) بأن قال السيد : الأجل منقسم إلى ثلاثة نجوم بحيث يحلّ في كل نجم ثلث المال ، فقال العبد : بل إلى أربعة نجوم بحيث يحلّ في كل نجم ربع المال.

(٥) أي قول منكر الزيادة مع يمينه كما عليه الأكثر.

(٦) أي المنكر.

(٧) فيما لو اختلفا في قدر مال الكتابة.

(٨) في الاختلاف في النجوم ، في مدة النجم وعوده.

(٩) والقائل الشيخ في الخلاف.

(١٠) في الصورتين ، سواء اختلفا في المال أو المدة والنجم ، أما في المدة والنجم فمحل اتفاق ، وأما في قدر مال الكتابة فلأن الأصل في المكاتب وكسبه لسيده فالمكاتب يدعي العتق بما يدعيه من المقدار والمولى ينكره والأصل بقاء الرق ، وفيه أن المولى بعد اعترافه بأصل الكتابة وبعد اعترافه باستحقاق العبد للمعتق خرج العبد عن أصالة بقاء الرق فيه وفي ماله ، مع أن المولى يدعي الزيادة في ذمة المكاتب والعبد ينكرها فيكون قوله مقدما في ذلك مع يمينه تحقيقا للأصل المشهور من تقديم قول المنكر مع يمينه.

(١١) الاستيلاد هو طلب الولد عند وطء الأمة بملك اليمين ، مع حصول الولادة ، وهذا الاستيلاد عنوان لجملة من الأحكام الشرعية المخالفة للأصول والقواعد ، كعدم جواز نقلها ، وانعتاقها من نصيب ولدها ، وغير ذلك من الأحكام التي ستمر عليك ، وقد تقدم بعضها فيما سبق.


ويترتب عليه (١) أحكام خاصة كإبطال كل تصرف ناقل للملك عنه (٢) إلى غيره (٣) غير (٤) مستلزم للعتق (٥) ، أو مستلزم (٦) للنقل كالرهن ، وعتقها (٧) بموت المولى قبلها (٨) مع خلو ذمته (٩) من ثمن رقبتها (١٠) ، أو وفاء التركة (١١) وحياة (١٢) الولد ، وغير ذلك (١٣) (وهو (١٤)

______________________________________________________

(١) على الاستيلاد.

(٢) عن المولى.

(٣) أي غير المولى.

(٤) صفة للتصرف الناقل.

(٥) أما لو كان التصرف الناقل مستلزما للعتق كما لو باعها على من تنعتق عليه فيجوز.

(٦) صفة للتصرف ، والمعنى كإبطال كل تصرف مستلزم للنقل كالرهن ، كما لو رهنها على عين فقد يوجب ذلك نقلها إلى ملك المرتهن عند عدم وفاء الدين.

(٧) معطوف على قوله (كإبطال) والمعنى أن من جملة الأحكام الخاصة للاستيلاد عتقها عند موت المولى قبلها وتنعتق من نصيب ولدها.

(٨) أي قبل أم الولد.

(٩) أي ذمة المولى.

(١٠) يجوز بيع أم الولد في ثمن رقبتها إذا كان دينا على المولى ولا وجه له إلا أداؤه سواها ، سواء كان المولى حيا أم ميتا ، وقد تقدم البحث فيه في كتاب البيع فراجع.

(١١) فإذا مات المولى وثمنها دين في ذمته كانت التركة وافية بثمنها فلا يجوز بيعها بل تنعتق من نصيب ولدها ، نعم إذا كان ثمنها دينا ولم تف التركة بثمنها فيجوز بيعها حينئذ.

(١٢) عطف على قوله (خلو ذمته) ، وهو شرط لانعتاقها بموت المولى.

(١٣) أي وغير ذلك من الأحكام الخاصة للاستيلاد.

(١٤) أي الاستيلاد ، ويتحقق بحمل الأمة من سيدها إذا وطأها في ملكه ، فلو وطأ أمة الغير شبهة أو بعقد أو بالتحليل فحملت منه ثم ملكها لم تصر أم ولد له على المشهور شهرة عظيمة خلافا للشيخ في الخلاف وابن حمزة تمسكا بصدق الاستيلاد عرفا على ذلك ، وفيه أنه على خلاف خبر ابن مارد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يتزوج الأمة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء الله لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها ثم يبدو له في بيعها ، قال : هي أمته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك ، وإن شاء أعتق) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الاستيلاد حديث ١.


(يحصل بعلوق (١) أمته منه في ملكه) بما يكون مبدأ نشوء آدمي ولو مضغة (٢) ، لا بعلوق الزوجة الأمة (٣) ، ولا الموطوءة بشبهة (٤) وإن ولدته حرا ، أو ملكهما (٥) بعد على الأشهر ولا يشترط الوطء ، بل يكفي مطلق العلوق منه (٦) ، ولا حلّ الوطء إذا كان التحريم (٧) عارضا كالصوم (٨) ، والإحرام ، والحيض والرهن ، أما الأصلي (٩)

______________________________________________________

فإذن لا بد من حصول الحمل وهي في ملكه ، والخبر مطلق سواء تحقق الوطء أم لا فيكفي مطلق الحمل بلا فرق بين كون الحمل وهي في الملك عن وطء محلّل أو محرم كما لو وطأها وهي في الحيض أو النفاس أو الإحرام أو الظهار أو الرهن. ثم إنه يكفي في إجراء حكم أم الولد عليها حملها بما هو مبدأ إنسان ، ولو علقة بلا خلاف فيه لصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في جارية لرجل وكان يأتيها فأسقطت سقطا منه بعد ثلاثة أشهر ، قال : هي أم ولد) (١) ومنه يعلم أن المراد بأم الولد من حملت بما هو مبدأ نشوء الولد وإلا فالسقط بعد ثلاثة أشهر ليس بولد قطعا ، نعم لو ألقته وهو نطفة فلا تصير بذلك أم ولد لعدم اليقين بكون النطفة مبدأ للنشوء ولعدم العلم باستعدادها للصورة الإنسانية إذ لعلها فاسدة ، بخلاف ما لو ألقته مضغة أو علقة فإنه يعلم بكونها نشوء آدمي ، ثم فائدة حملها بغير الحي مع أنه لا تعتق من نصيبه بسبب موت الولد أو إسقاطه أن تجري عليها أحكام أم الولد من عدم جواز نقلها عن الملك زمن الحمل ونحو ذلك.

(١) أي بحمل.

(٢) دون النطفة.

(٣) فيما لو وطأ أمة الغير بالعقد.

(٤) وهي أمة الغير.

(٥) أي ملك زوجته أو الموطوءة شبهة بعد ذلك.

(٦) أي ولا يشترط حلّ الوطء في صدق أم الولد عليها.

(٧) أي تحريم الوطء.

(٨) كما لو وطأ أمته وهي في صوم أو إحرام أو حيض أو رهن.

(٩) أي تحريم وطء أمته تحريما أصليا كما لو كانت مزوجة من الغير.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الاستيلاد حديث ١.


بتزويج الأمة (١) مع العلم بالتحريم فلا (٢) ، لعدم لحوق النسب (٣).

ويشترط مع ذلك (٤) الحكم بحرية الولد ، فلا يحصل (٥) بوطء المكاتب أمته (٦) قبل الحكم بعتقه (٧) ، فلو عجز (٨) استرق المولى الجميع (٩) ، نعم لو عتق (١٠) صارت أم ولد (١١) وليس له (١٢) بيعها قبل عجزه وعتقه ، لتشبثها بالحرية ، ولا (١٣) بوطء العبد أمته التي ملكه إياها مولاه لو قلنا بملكه (١٤) (وهي (١٥) مملوكة (١٦)

______________________________________________________

(١) أي بسبب تزويج الأمة.

(٢) أي فلا يكفي هذا الوطء المحرّم في لحوق أم الولد عليها.

(٣) أي نسب الولد إليه ، مع أن المناط في الاستيلاد نسبة الولد إليه حتى تعتق من نصيب ولدها عند موت مولاها.

(٤) أي ويشترط في الاستيلاد مع ما ذكر الحكم بحرية الولد من دون خلاف لأن الاستيلاد إنما يثبت تبعا لحرية الولد حتى تعتق من نصيبه عند موت مولاها.

(٥) أي الاستيلاد.

(٦) لعدم حرية الولد.

(٧) أي بعتق المكاتب.

(٨) أي المكاتب عن أداء مال الكتابة.

(٩) من المكاتب وأمته وولدها.

(١٠) أي المكاتب.

(١١) وإن كان الحمل قبل العتق.

(١٢) للمكاتب.

(١٣) أي ولا يحصل الاستيلاد بوطء العبد أمته التي ملكه إياها مولاه ، لعدم حرية الولد التي هي مناط الاستيلاد.

(١٤) أي بملك العبد.

(١٥) أي أم الولد.

(١٦) فهي مملوكة ما دام مولاها حيا بلا خلاف في ذلك ولا إشكال ، فيجوز له التصرف فيها بغير النقل كالوطء والإجارة ، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن أم الولد ، فقال : أمة) (١) ، وخبر ابن بزيع (سألت الرضا عليه‌السلام عن الرجل يأخذ من أم

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستيلاد حديث ١.


يجوز استخدامها ، ووطؤها بالملك ، وتزويجها بغير رضاها ، وإجارتها ، وعتقها.

(ولا تتحرر بموت المولى (١) أي بمجرد موته كما يتحرر المدبّر لو خرج (٢) من ثلث ماله (٣) ، أو اجازه الوارث (٤) (بل) تتحرر(من نصيب ولدها) من ميراثه (٥) من أبيه ، (فإن عجز النصيب) عن قيمتها كما لو لم يخلف سواها وخلّف وارثا سواه (٦)

______________________________________________________

ولده شيئا وهبه لا بغير طيب نفسها من خدم أو متاع ، أيجوز ذلك له؟ فقال : نعم إذا كانت أم ولده) (١).

نعم يجوز بيعها في مواضع مخصوصة أشهرها في ثمن رقبتها إذا كان دينا على المولى ولا وجه له إلى أدائه سواها ، وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب البيع.

(١) لا تتحرر أم الولد بموت المولى ، بل من نصيب ولدها ، إذا كان له نصيب بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيّما رجل ترك سرية لها ولد ، أو في بطنها ولد ، أو لا ولد لها ، فإن كان أعتقها ربها عتقت ، وإن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب الله ، وكتاب الله أحق ، فإن كان لها ولد وترك مالا جعلت من نصيب ولدها) (٢) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (سألته عن الرجل يموت وله أم ولد ، ومعها ولد ، أيصلح للرجل أن يتزوجها؟ قال : أخبرك ما أوصي به عليّ عليه‌السلام في أمهات الأولاد؟ قلت : نعم قال : إن عليا عليه‌السلام أوصى أيّما امرأة منهن كان لها ولد فهي من نصيب ولدها) (٣) ومثلها غيرها.

وعليه فلا تنعتق من أصل التركة ولا من مال ولدها غير نصيبه من التركة ، وكذا لا تنعتق لو لم يكن لولدها نصيب كما لو كان ممنوعا من الإرث لمانع من الموانع فتبقى على الملك للأصل ، لظهور النصوص في عتقها من نصيب ولدها فقط.

(٢) أي المدبر.

(٣) وإن لم يجز الوارث.

(٤) إذا كان المدبّر أكثر من الثلث.

(٥) أي ميراث الولد.

(٦) أي وسوى ولدها ، كما لو مات المولى ولم يترك سواها وكان الورثة متعددين فيعتق منها

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستيلاد حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الاستيلاد حديث ١ و ٥.


(سعت) هي(في المتخلف) من قيمتها عن نصيبه (١) ، ولا اعتبار بملك ولدها من غير الارث ، لأن عتقها عليه (٢) قهري فلا يسري عليه (٣) في المشهور.

وقيل : يقوّم عليه الباقي بناء على السراية بمطلق الملك (٤) (ولا يجوز بيعها ما دام ولدها حيا (٥) ، إلا فيما استثني) في كتاب البيع ، فإذا مات (٦) أو ولدته

______________________________________________________

بمقدار نصيب ولدها منها ، وتسعى في الباقي على المشهور ، يسعى كما يسعى كل من تحرر بعضه ، ولخصوص خبر يونس في حديث : (وإذا ملكها الولد فقد أعتقت بملك ولدها وإن كانت بين شركاء فقد عتقت من نصيب ولدها وتستسعي في بقية ثمنها) (١).

وعن الشيخ في المبسوط وابن الجنيد أن الباقي على ولدها للنبوي (من ملك دراهم فهو حر) (٢) ، وهو ظاهر في ملكه بأجمعه لا ببعضه كما هو المفروض في المقام فلا يصلح لمعارضة ما تقدم.

وعن الشيخ في النهاية أن الباقي على ولدها إذا كان له مال من غير التركة لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل اشترى جارية فولدت منه ولدا فمات ، قال : إن شاء أن يبيعها باعها ، وإن مات مولاها وعليه دين قوّمت على ابنها ، فإن كان ابنها صغيرا انتظر به حتى يكبر ثم يجبر على قيمتها) (٣) ، وهي مهجورة بين الأصحاب.

(١) أي نصيب ولدها من تركة أبيه.

(٢) على الولد.

(٣) أي فلا يسري العتق على الولد إلا بمقدار دلالة النصوص ، وهو ما كان من نصيبه من تركة أبيه.

(٤) سواء كان قهريا أم اختياريا.

(٥) لا إشكال ولا خلاف في عدم جواز بيع أم الولد ما دام الولد حيا إلا في مواضع مخصوصة ، منها بيعها في ثمن رقبتها إذا كان دينا على المولى ولا وجه له إلى أدائه سواها ، وكذا يجوز للوارث بيعها فيه على الوجه المذكور ، ولا يجوز بيعها في غيره من الديون على ما تقدم تفصيله في كتاب البيع.

(٦) أي الولد فلو مات الولد رجعت طلقا وجاز التصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات بلا خلاف فيه ولا إشكال للأخبار :

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاستيلاد حديث ٣.

(٢) سنن ابن ماجه ج ٢ ص ٨٤٣ حديث ٢٥٢٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاستيلاد.


سقطا زال حكم الاستيلاد رأسا ، وفائدة الحكم به (١) ، بوضع العلقة والمضغة فما فوقهما أبطال التصرفات السابقة (٢) الواقعة حالة الحمل ، وإن جاز تجديدها (٣) حينئذ (٤) (وإذا جنت) أم الولد خطأ (٥) تعلقت الجناية برقبتها على المشهور (٦) و (فكها) المولى(بأقل الأمرين من قيمتها ، وارش الجناية) على الأقوى (٧) ، لأن

______________________________________________________

منها : خبر وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في رجل زوج عبدا له من أم ولد له ، ولا ولد لها من السيد ثم مات السيد ، قال : لا خيار لها على العبد ، هي مملوكة للورثة) (١) ، وخبر يونس (في أم ولد ليس لها ولد ، مات ولدها ومات عنها صاحبها ولم يعتقها ، هل يجوز لأحد تزويجها؟ قال : لا هي أمة لا يحلّ لأحد تزويجها إلا بعتق من الورثة) (٢).

(١) أي فوق العلقة والمضغة.

(٢) والتي فيها نقل أو تؤول إليه.

(٣) أي تجديد التصرفات السابقة.

(٤) أي حين وضع العلقة والمضغة وما فوقهما.

(٥) إذا جنب أم الولد عمدا ففي رقبتها بالاتفاق بلا خيار للمولى في الفك ، وإذا جنت خطأ أو شبيه الخطأ تعلقت جنايتها برقبتها ، كغيرها من المماليك ، وللمولى فكّها على المشهور ، واختلفوا في مقدار فكها فعن الشيخ في المبسوط يفكها بأقل الأمرين من أرش الجناية وقيمتها ، لأن الأقل إن كان هو الأرش فظاهر ، وإن كان هو القيمة فهي بدل العين تقوم مقامها ، والجاني لا يجني على أكثر من نفسه.

وعن الشيخ أيضا في الخلاف والمحقق أنه يفكها بأرش الجناية بالغا ما بلغ ، وعلى القولين فالمولى بالخيار بين فكها بما ذكر وبين دفعها إلى المجني عليه ، وفي قبال المشهور قول للشيخ في المبسوط بأن أرش جناية أم الولد على سيدها في حقوق الناس متعلق برقبة مولاها لخبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أم الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها ، ومتى كان من حقوق الله تعالى كالحدود فإن ذلك على بدنها) (٣) ، وفيه أنه محمول على ما لو أراد السيد الفك والفداء جمعا بين الأخبار.

(٦) وفي قباله قول الشيخ في المبسوط بتعلقها برقبة المولى.

(٧) كقول الشيخ في المبسوط أيضا.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الاستيلاد حديث ٤ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب القصاص في النفس حديث ١.


الأقل إن كان هو الارش فظاهر ، وإن كانت القيمة فهي (١) البدل من العين (٢) فيقوم مقامها ، وإلا (٣) لم تكن بدلا ، ولا سبيل إلى الزائد (٤) ، لأن المولى لا يعقل (٥) مملوكا (٦) ، وهذا الحكم (٧) لا يختص بأم الولد ، بل بكل مملوك.

وقيل : بل يفكها بأرش الجناية مطلقا (٨) ، لتعلقها (٩) برقبتها.

ولا يتعين عليه (١٠) ذلك (١١) ، بل يفكها(إن شاء ، وإلا) يفكها(سلّمها) إلى المجني عليه ، أو وارثه ليتملكها فيبطل (١٢) حكم الاستيلاد ، وله (١٣) حينئذ (١٤) بيعها ، والتصرف فيها كيف شاء ان استغرقت الجناية قيمتها(أو يسلّم (١٥) ما قابل الجناية) إن لم تستغرق (١٦) قيمتها.

______________________________________________________

(١) أي القيمة.

(٢) أي عين الأمة التي هي أم الولد مع ضميمة أن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه.

(٣) أي وإن لم تكن القيمة قائمة مقام العين فلا تكون بدلا.

(٤) أي الزائد عن القيمة.

(٥) أي لا يتحمل دية جنايته.

(٦) مع ضميمة أن الجاني لا يجني على أكثر من نفسه.

(٧) من تعلق الجناية برقبة أم الولد.

(٨) بالغا ما بلغ سواء كان هو الأقل من قيمتها أم لا.

(٩) أي لتعلق الجناية برقبة أم الولد.

(١٠) على المولى.

(١١) أي الفك.

(١٢) بطلان حكم الاستيلاد بعد التسليم إلى المجني عليه أو وارثه.

(١٣) أي للمجني عليه.

(١٤) أي حين بطلان حكم الاستيلاد.

(١٥) أي يسلّم المولى من أم الولد ما قابل جنايتها على تقدير عدم استغراق الجناية لقيمتها ، وبه يبطل أيضا حكم الاستيلاد.

(١٦) أي إن لم تستغرق الجناية قيمة أم الولد.



كتاب الإقرار



(كتاب الاقرار (١)

(وفيه فصول)

(الأول ـ الصيغة وتوابعها) : من (٢) شرائط المقرّ ، وجملة من أحكامه (٣) ، المترتبة على الصيغة ، ويندرج فيه (٤) بعض شرائط المقرّ به ، وكان عليه (٥) أن يدرج

______________________________________________________

(١) الإقرار اعتراف كما في الصحاح ومجمع البحرين ، وهو إخبار عن حق سابق على نفسه بلا فرق بين الأعيان والمنافع والحقوق كحق الخيار والشفعة ولا فرق بين حقوق الناس وحقوق الله تعالى كالإقرار بشرب الخمر.

والأصل في مشروعيته قوله تعالى : (كُونُوا قَوّٰامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدٰاءَ لِلّٰهِ وَلَوْ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ) (١) وقد فسر بشهادة المرء على نفسه ، والنبوي (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (٢) ، ومرسل العطار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمنا عليه) (٣).

(٢) بيان للتوابع.

(٣) أي أحكام المقر.

(٤) في هذا الفصل الأول.

(٥) على المصنف.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١٣٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ١.


شرائط المقرّ له أيضا فيه (١) ، وهي (٢) : أهليته للتملك ، وأن لا يكذّب المقرّ ، وأن يكون ممن بملك المقرّ به فلو أقرّ للحائط ، أو الدابة لغا (٣) ، ولو أكذبه (٤) لم يعط (٥) ، ولو لم يصلح (٦) لملكه (٧) ، كما لو أقرّ لمسلم بخنزير ، أو خمر غير محترمة (٨) بطل (٩) ، وإنما أدرجنا ذلك ليتم الباب.

(وهي) أي الصيغة (١٠): (له عندي كذا) ، أو عليّ(أو هذا) الشي‌ء ، كهذا

______________________________________________________

(١) في هذا الفصل الأول.

(٢) أي شرائط المقرّ له.

(٣) أي لغى الإقرار ، لعدم أهلية الحائط والدابة للتملك.

(٤) ضمير الفاعل راجع إلى المقر له ، وضمير المفعول إلى المقرّ.

(٥) لإقراره بعدم استحقاقه.

(٦) أي لم يصلح المقرّ به.

(٧) أي لملك المقرّ له.

(٨) وهي التي لم يقصد منه التخليل.

(٩) أي بطل الإقرار.

(١٠) لما كان الإقرار إخبارا عن حق سابق على نفسه فلا يشترط فيه لفظ مخصوص ، ولا لغة خاصة بل المدار على ما يكون إخبارا ، بلا خلاف فيه ، بل ولا يشترط فيه اللفظ بل تكفي الإشارة الدالة على هذا الإخبار ، وعليه فتعريف الصيغة بأنها اللفظ المتضمن للإخبار عن حق واجب كما في الشرائع وغيره ليس في محله ، بل الصيغة هي الدال ـ سواء كان لفظا أم غيره ـ المتضمن للإخبار عن حق واجب ، وبقيد (المتضمن للإخبار) خرج الإنشاء من سائر العقود والإيقاعات كما يخرج باقي الألفاظ والدوالي التي لا تتناول اخبارا ، وبقيد (الحق) دخل المال عينا ومنفعة والحق من الشفعة والخيار بلا فرق بين حق الله وحق الآدمي ، وقيد (الواجب) يراد به الثابت على النفس فيخرج به الإخبار عن حق مستقبل ، فإنه ليس إخبارا بل هو وعد أو ما في معناه.

ثم إن الألفاظ الدالة على الإقرار منها ما يفيد الإقرار بالدين صريحا كقوله : في ذمتي كذا ، ومنها ما يفيده ظاهرا كقوله : عليّ كذا ، ومنها ما يفيد الإقرار بالعين صريحا كقوله : له في يدي كذا ، ومنها ما يفيده ظاهرا كقوله : عندي كذا ، ومنها ما هو صالح للإقرار بالعين أو الدين كقوله : لديّ.

وتظهر الفائدة بين هذه الألفاظ فيما لو ادعى خلاف مدلول اللفظ فإنه لا يقبل ، وإن


البيت ، أو البستان(له) دون بيتي وبستاني في المشهور (١) ، لامتناع اجتماع مالكين مستوعبين (٢) على شي‌ء واحد ، والاقرار (٣) يقتضي سبق ملك المقر له على وقت الاقرار فيجتمع النقيضان.

نعم لو قال (٤) : بسبب صحيح كشراء ونحوه صح ، لجواز أن يكون له (٥) حق (٦) وقد جعل (٧) داره في مقابلته.

والأقوى الصحة مطلقا (٨) ،

______________________________________________________

ادعى ما يوافقه قبل ، فلو عبّر بما يفيد الدين ثم قال : هو وديعة لم يقبل ، بخلاف ما لو أتى بلفظ صالح للدين أو الوديعة كقوله : له عندي ألف أو لدي ألف له ، ثم فسّره بالوديعة قبل.

(١) لو قال : بيتي هذا أو بستاني لفلان لم يكن إقرارا على المشهور ، لأن الإقرار إخبار عن حق سابق للمقرّ له وليس هو إنشاء ملك له حين الإقرار فلا يصح الجمع بين كون المقر به ملكا للمقر حين الإقرار وبين الإخبار عن كونه ملكا للمقرّ له لحصول التناقض حينئذ لأن الإقرار يقتضي سبق ملك الغير إلى وقت الإقرار والإضافة إلى المقرّ تقتضي عدم السبق المذكور ، وهما متناقضان ، وفيه : أننا نمنع التناقض بين إضافة الدار إلى المقرّ وبين الإخبار بتعلق ملك الغير به ، لأن الإضافة المذكورة تدل على ملك المقر ظاهرا ، والإخبار المذكور يدل على ملك المقر له واقعا ، ولا تناقض بينهما لأن المقر به لا بدّ أن يكون تحت يد المقر ظاهرا حتى يصح له الإقرار به للغير هذا من جهة ومن جهة أخرى فالإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة فلا تدل على الملك ، إذ يكفي في الإضافة وجود الدار عنده ، ومن جهة ثالثة لو قال المقر : بيتي هذا لفلان بسبب شرائه مني لصح الإقرار بالاتفاق ، فكذا يصح هذا القول إقرارا من دون الضميمة لصلاحيته للإخبار ، فلذا ذهب جماعة من المتأخرين إلى قبول الإقرار المذكور ، منهم العلامة في المختلف والشهيد في الدروس وقواه الشارح في المسالك.

(٢) أي غير مشتركين.

(٣) باعتبار أنه إخبار عن حق سابق فيقتضي سبق ملك المقر له إلى وقت الإقرار ، وباعتبار أن إضافة المقر به تقتضي عدم سبق ملك الغير إلى وقت الإقرار فيجتمع النقيضان.

(٤) أي لو قال المقر : بيتي هذا لفلان بسبب شرائه مني لصح الإقرار.

(٥) للمقر له.

(٦) أي حق في ذمة المقر.

(٧) أي جعل المقر داره في مقابلة الحق.

(٨) سواء ذكرت الضميمة أنه انتقل إليه بسبب الشراء أم لا.


لإمكان تنزيل الخالي (١) من الضميمة عليها (٢) ، لأن الاقرار مطلقا (٣) ينزّل على السبب الصحيح مع إمكان غيره (٤) ، ولأن التناقض إنما يتحقق مع ثبوت الملك لهما (٥) في نفس الأمر ، أما ثبوت أحدهما (٦) ظاهرا ، والآخر (٧) في نفس الأمر فلا (٨) ، والحال هنا (٩) كذلك (١٠) ، فإن الإخبار يملك المقرّ له يقتضي ملكه (١١) في الواقع ، ونسبة المقر به إلى نفسه يحمل على الظاهر ، فإنه (١٢) المطابق لحكم الاقرار ، إذ لا بد فيه (١٣) من كون المقر به تحت يد المقر ، وهي (١٤) تقتضي ظاهرا كونه ملكا له (١٥) ، ولأن الإضافة يكفي فيها أدنى ملابسه مثل ، (لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) (١٦) ، فإن المراد : بيوت الأزواج وأضيفت (١٧) إلى الزوجات بملابسة السكنى ، ولو كان (١٨) ملكا لهن لما جاز إخراجهن عند الفاحشة (١٩) ، وكقول أحد

______________________________________________________

(١) أي الإقرار الخالي.

(٢) أي على الضميمة.

(٣) مع الضميمة وعدمها.

(٤) غير السبب الصحيح.

(٥) للمقر والمقر له.

(٦) أي أحد الملكين.

(٧) أي والملك الآخر.

(٨) أي فلا تناقض.

(٩) أي في الإقرار للغير بما أضافه إلى نفسه.

(١٠) فالإضافة تدل على الملك ظاهرا ، والإقرار يدل على الملك واقعا.

(١١) أي ملك المقرّ له.

(١٢) أي الحمل على الظاهر.

(١٣) في الإقرار.

(١٤) أي يد المقر.

(١٥) أي للمقر.

(١٦) سورة الطلاقة الآية : ١ والآية ليس فيها واو في أولها

(١٧) أي البيوت.

(١٨) أي البيت.

(١٩) مع أنه قد أباح الله تعالى إخراجهن عند إتيانهن بالفاحشة حيث قال تعالى : (إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ


حاملي الخشبة : خذ طرفك (١) ، وككوكب الخرقاء (٢) ، وشهادة الله (٣) ، ودينه (٤).

وهذه الإضافة (٥) لو كانت مجازا لوجب الحمل عليه (٦) ، لوجود (٧) القرينة الصارفة عن الحقيقة (٨) ، والمعينة (٩) له ، لأن (١٠) الحكم بصحة اقرار العقلاء ، مع الاتيان باللام (١١) المفيدة للملك والاستحقاق قرينة على أن نسبة المال إلى المقر (١٢) بحسب الظاهر.

وفرّق المصنف (١٣) بين قوله : ملكي لفلان ، وداري ، فحكم بالبطلان في

______________________________________________________

بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١).

(١) فإن هذا يقال للحامل الآخر وإن لم يكن له في الخشبة شي‌ء ، ومع عدم كون الطرف له فإضافته إليه بملابسة حمل ذلك الطرف.

(٢) أشار به إلى قول الشاعر :

إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

سهيل أذاعت غزلها في القرائب

فقد أضاف الكوكب إلى الخرقاء مع أن المراد به كوكب سهيل الذي يطلع في الجنوب عند الشتاء والسبب في الإضافة أن هناك امرأة كانت إذا رأته طلع علمت بدخول الشتاء ففكرت في تهيئة أسباب الشتاء ، من الكسوة وغيرها.

(٣) أي الشهادة التي أمر الله بها أو حكم بها في قوله تعالى : (وَلٰا تَكْتُمُوا الشَّهٰادَةَ) (٢).

(٤) أي دين الله وقد صحت الإضافة باعتبار أن الله هو الذي شرّعه.

(٥) يعني إنا نقول إن الإضافة حقيقية ولا تناقض لما سمعت سابقا ، ولو كانت مجازا فأيضا لا تناقض ، بل عدم التناقض في الثاني أوضح إذ الإضافة المجازية لا تدل على الملك.

(٦) على المجاز.

(٧) تعليل لوجوب الحمل على المجاز ، وقد حرر في محله أن المجاز متوقف على القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي وعلى القرينة المعينة له من بين المعاني المجازية.

(٨) أي المعنى الحقيقي.

(٩) عطف على الصارفة ، والمراد ولوجود القرينة المعيّنة لهذا المجاز من بين المعاني المجازية.

(١٠) تعليل لعدم التناقض بين الإضافة والإقرار ، ولو كانت الإضافة مجازية.

(١١) في قوله : بيتي لفلان.

(١٢) في الإضافة.

(١٣) في الدروس.

__________________

(١) سورة الطلاق ، الآية : ١.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٣.


الأول (١) ، وتوقف في الثاني (٢).

والأقوى عدم الفرق (٣).

وليس منه (٤) ما لو قال : مسكني له ، فإن يقتضي الاقرار قطعا ، لأن إضافة السكنى لا تقتضي ملكية العين ، لجواز أن يسكن ملك غيره.

(أو (٥) له في ذمتي كذا وشبهه) كقوله : له قبلي كذا(ولو علّقه (٦) بالمشيئة (٧) كقوله : إن شئت ، أو إن شاء زيد ، أو إن شاء الله(بطل) الاقرار(إن اتصل) الشرط (٨) ، لأن (٩) الاقرار إخبار جازم عن حق لازم سابق على وقت الصيغة فالتعليق ينافيه (١٠) ، لانتفاء الجزم في المعلق ، إلا أن يقصد في التعليق على مشيئة الله التبرك فلا يضر (١١).

______________________________________________________

(١) أي فيما لو قال : ملكي لفلان ، فالإقرار بالملك للغير مع إضافته لنفسه متناقضان.

(٢) فيما لو قال : داري لفلان ، لأن إضافة الدار تحصل لغير المالك إذ يمكن للمستأجر أن يقول : داري ولا يمكن له أن يقول : ملكي.

(٣) لأن الإضافة في الصورتين لا تدل على أكثر من الملك ظاهرا وهذا لا يناقض الإقرار الدال على ملك الغير واقعا.

(٤) أي وليس من محل الخلاف المتقدم.

(٥) أي من جملة صيغ الإقرار.

(٦) أي علّق الإقرار.

(٧) بل مطلق تعليق الإقرار موجب لبطلانه بلا خلاف فيه سواء علّقه على مشيئة المتكلم أو المقر له أو مشيئة الغير أم علّقه على شرط أو صفة ، والشرط هو غير معلوم الحصول كقدوم زيد والصفة هي كل أمر مقطوع الحصول في المستقبل كطلوع الشمس ، ووجه البطلان أن الإقرار إخبار ، والأخبار يقتضي ثبوت المخبر عنه في الواقع ، مع أن التعليق يقتضي وجود المعلّق على تقدير وجود المعلّق عليه ، فالإخبار عن حق الغير بأنه ثابت على كل حال وبأنه معلق متنافيان.

(٨) أي اتصل الشرط بالإقرار بحيث يصلح أن يكون قرينة فيه ، وإلا فمع عدم الاتصال يصح الإقرار لتمامية جملته مع عدم كون الشرط قرينة على التعليق.

(٩) تعليل لبطلان الإقرار عند تعليقه على المشيئة.

(١٠) أي ينافي الإخبار الجازم عن الحق اللازم.

(١١) لعدم التعليق حينئذ.


وقد يشكل البطلان في الأول (١) بأن الصيغة قبل التعليق تامة الإفادة لمقصود الاقرار. فيكون التعليق بعدها كتعقيبه (٢) بما ينافيه فينبغي أن يلغو المنافي ، لا أن يبطل الاقرار (٣).

والاعتذار بكون الكلام كالجملة الواحدة لا يتم إلا بآخره (٤) ، وارد في تعقيبه (٥) بالمنافي مع حكمهم بصحته (٦).

وقد يفرّق بين المقامين (٧) بأن المراد بالمنافي الذي لا يسمع : ما وقع بعد تمام صيغة جامعة لشرائط الصحة ، وهنا (٨) ليس كذلك لأن من جملة الشرائط التنجيز ، وهو (٩) غير متحقق بالتعليق ، فتلغو الصيغة (١٠).

(ويصح الاقرار بالعربية ، وغيرها) ، لاشتراك اللغات في التعبير عما في الضمير ، والدلالة (١١) على المعاني الذهنية بحسب المواضعة (١٢) ، لكن يشترط في تحقق اللزوم (١٣) علم اللافظ بالوضع ، فلو أقرّ عربي بالعجمية ، أو بالعكس وهو لا يعلم مؤدّى اللفظ لم يقع (١٤) ،

______________________________________________________

(١) أي في غير التعليق على مشيئة الله لاحتمال التبرك.

(٢) أي كتعقيب الإقرار.

(٣) كما سيأتي البحث فيه.

(٤) فيكون التعليق جزءا من الإقرار فيبطل.

(٥) أي تعقيب الإقرار.

(٦) أي بصحة الإقرار المعقّب بالمنافي ، مع أن المنافي لو كان جزءا من الإقرار لما صح الإقرار لعدم كونه إخبارا جازما عن حق لازم للغير.

(٧) مقام الإقرار المعقّب بالمنافي ومقام الإقرار المعقّب بالمشيئة.

(٨) أي في الإقرار المعقّب بالمشيئة.

(٩) أي التنجيز.

(١٠) ويفرّق بينهما أيضا بأن الإقرار المعقّب بالمنافي هو جملتان لكل واحدة حكم بخلاف المقام وهو الإقرار المعقّب بالمشيئة فهو جملة واحدة مؤلفة من شرط وجزاء ولها حكم واحد.

(١١) عطف على قوله : (التعبير).

(١٢) أي بحسب الوضع.

(١٣) أي لزوم الإقرار.

(١٤) أي الإقرار.

(١٥) أي قول اللافظ.


ويقبل قوله (١) في عدم العلم ، إن أمكن (٢) في حقه ، أو صدّقه المقرّ له ، عملا بالظاهر (٣) والأصل (٤) من عدم تجدد العلم بغير لغته ، والمعتبر في الألفاظ الدالة على الاقرار إفادتها (٥) له عرفا ، وإن لم يقع (٦) على القانون العربي ، وقلنا باعتباره (٧) في غيره (٨) من العقود والايقاعات اللازمة ، لتوقف تلك (٩) على النقل (١٠) ، ومن ثمّ لا يصح بغير العربية مع إمكانها (١١).

(ولو علقه بشهادة الغير) فقال : إن شهد لك فلان عليّ بكذا فهو لك في ذمتي ، أو لك عليّ كذا إن شهد لك به فلان(أو قال : إن شهد لك فلان) عليّ بكذا(فهو صادق) ، أو فهو صدق أو حق ، أو لازم لذمتي ونحوه(فالأقرب البطلان (١٢)

______________________________________________________

(١) أي عدم العلم.

(٢) والظاهر كونه لا يعلم غير لغته.

(٣) والأصل عدم تجدد العلم بلغة أخرى.

(٤) أي إفادة الألفاظ للإقرار بحسب العرف ، ولا يشترط في الإقرار صيغة خاصة بل كل ما يدل على الأخبار الجازم عن الحق اللازم.

(٥) أي التعبير.

(٦) أي باعتبار الوقوع على القانون العربي.

(٧) أي في غير الإقرار.

(٨) أي تلك العقود والإيقاعات.

(٩) أي على النقل من الشارع.

(١٠) أي تلك العقود والإيقاعات.

(١١) أي عند إمكان التلفظ باللغة العربية.

(١٢) لو قال : إن شهد لك فلان بكذا فهو صادق ، فهل هو إقرار أو لا ، ذهب الشيخ في المبسوط وابن سعيد في الجامع والعلامة في جملة من كتبه إلى أنه إقرار ، بل نسب إلى الأصحاب كما حكاه فخر المحققين عن والده.

وأكثر المتأخرين ـ كما في المسالك ـ إلى أنه ليس إقرارا ، هذا من جهة ومن جهة أخرى يجري النزاع في الصيغة المذكورة ، وكذا فيما لو قال : إن شهد لك فلان بكذا فهو صدق أو حق ، أو قال : إن شهد لك فلان بكذا فهو في ذمتي أو لازم لذمتي أو هو عليّ ، لعدم الفرق بين الجميع ، لأن الحكم بصدق الشاهد حكم بثبوت المشهود به في الذمة.


.................................................................................................

______________________________________________________

ومن جهة ثالثة قد استدل المثبت بدليلين :

الأول : مفاد الجزاء هو الحكم بصدق الشاهد على تقدير الشهادة ، والصدق هو مطابقة النسبة الكلامية للنسبة الخارجية ، وهذا يقتضي الإخبار عن النسبة الخارجية ، التي هي ثبوت المشهود به في ذمة المقر.

وإذا ثبت حق الغير في ذمة المقر على تقدير الشهادة لثبت حقه وإن لم يشهد ، لعدم الدخل لصدق الشهادة في تحقق النسبة الخارجية ، لأن الصدق هو التطابق بين النسبتين ، فلا بد من تحقق النسبة الخارجية أولا حتى يتحقق الصدق ثانيا ، وكذا لو أنكر الشهادة ، والحاصل إن الإخبار عن حق على تقدير الشهادة به يكون إقرارا به وإن لم يشهد فضلا عن إنكاره للشهادة.

وفيه : أولا : إن مفاد الجزاء في قول المقر هو الحكم بصدق الشاهد على تقدير الشهادة ، وشهادته وإن كانت ممكنة في ذاتها إلا أنها قد تكون ممتنعة في اعتقاد المقرّ ، فيكون قد علّق صدقه على المحال عنده ، ويكون المراد من هذه العبارة أن الممتنع هو شهادة الشخص المذكور لامتناع الكذب عليه ، وليس المراد هو الاعتراف بصدقه على تقدير الشهادة ، وهذا غالب في محاورات الناس نحو قولهم : إن شهد فلان أني لست لأبي فهو ادق ،؟؟؟ يد الحكم بالصدق على تقدير الشهادة ، بل يريد امتناع شهادة الشاهد لامتناع الكذب عليه.

ولا أقل من احتمال ذلك فلا يكون اللفظ المذكور صريحا في الإقرار مع أصالة براءة الذمة.

وثانيا : لو سلمنا أن العبارة المذكورة هي حكم بصدق الشاهد على تقدير الشهادة فهي لا تخرج عن الإقرار المعلّق ، والإقرار المعلّق على شي‌ء لا يفيد الثبوت مطلقا كما في جميع التعليقات ، والشهادة هنا التي هي شرط وإن لم يكن لها مدخلية في ثبوت المقر به في الذمة إلا أن لها مدخلية في الإخبار بالثبوت لأن الفرض أن الإخبار مشروط ، فهو كالإنشاء على تقدير فكما أنه على عدم التقدير لا يكون الإنشاء فعليا فكذلك الإخبار.

الدليل الثاني : الذي تمسك به المثبت أنه بعد إقرار المقرّ بصدق الشاهد على تقدير الشهادة يصدق (كلما لم يكن المال ثابتا في ذمته لم يكن صادقا على تقدير الشهادة) وينعكس بعكس النقيض إلى أنه (كلما كان صادقا على تقدير الشهادة كان المال ثابتا في ذمته) لكن المقدم حق لإقراره ، لأنه حكم بصدقه على تقدير الشهادة فالتالي مثله.

وفيه : إنه من الإقرار المعلّق على تقدير كما تقدم ، مع احتمال أن يكون قد علّق الإقرار على الشهادة لاعتقاده بعدمها لامتناع الكذب على الشاهد ، ولا يكون قد اعترف بالحق


وإن (١) كان قد علّق ثبوت الحق على الشهادة ، وذلك (٢) لا يصدق (٣) إلا إذا كان ثابتا في ذمته الآن ، وحكم بصدقه على تقدير شهادته ، ولا يكون (٤) صادقا إلا إذا كان المشهود به في ذمته ، لوجوب مطابقة الخبر الصادق لمخبره بحسب الواقع إذ ليس للشهادة أثر في ثبوت الصدق ولا عدمه ، فلولا حصول الصدق عند المقر لما علّقه (٥) على الشهادة ، لاستحالة أن تجعله (٦) الشهادة صادقا وليس (٧) بصادق ، وإذا لم يكن للشهادة تأثير في حصول الصدق ـ وقد حكم به (٨) ـ وجب أن يلزمه المال ، وإن أنكر (٩) الشهادة فضلا عن شهادته ، أو عدم شهادته (١٠).

وإنما لم يؤثر هذا كله(لجواز أن يعتقد (١١) استحالة صدقه (١٢) ، لاستحالة شهادته عنده). ومثله في محاورات العوام كثير ، يقول أحدهم : إن شهد فلان أني لست لأبي فهو صادق ، ولا يريد منه إلا أنه لا تصدر عنه الشهادة ، للقطع بعدم تصديقه إياه على كونه ليس لأبيه (١٣) ، وغايته (١٤) قيام الاحتمال ، وهو (١٥) كاف

______________________________________________________

على تقدير الشهادة ، ومع هذا الاحتمال لا تكون العبارة المذكورة صريحا في الإقرار مع أصالة براءة الذمة من الحق.

(١) إن وصلية.

(٢) تعليل لثبوت الحق على تقدير الشهادة.

(٣) أي قول المقر.

(٤) أي المقرّ.

(٥) أي الصدق.

(٦) أي تجعل الشاهد.

(٧) جملة حالية والمعنى والشاهد ليس بصادق.

(٨) أي وقد حكم المقر بصدق الشاهد.

(٩) أي الشاهد.

(١٠) بأن لا يشهد ولا ينكر.

(١١) أي المقرّ.

(١٢) صدق الشاهد.

(١٣) وليس المراد الحكم بصدقه على تقدير شهادته.

(١٤) أي غاية ما ذكر قيام الاحتمال ، وهو كاف في عدم دلالة قول المقر على الإقرار اللازم.

(١٥) أي الاحتمال.


في عدم اللزوم (١) ، وعدم صراحة الصيغة في المطلوب ، معتضدا بأصالة براءة الذمة ، مع أن ما ذكر في توجيه اللزوم معارض (٢) بالاقرار المعلق على شرط بتقريب ما ذكر (٣) ، وكذا (٤) قولهم : إنه يصدق «كلما لم يكن المال ثابتا في ذمته ، لم يكن صادقا على تقدير الشهادة» وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا : «كلما كان صادقا على تقدير الشهادة كان ثابتا في ذمته وإن لم يشهد» «لكن المقدّم حق ، لعموم اقرار العقلاء على أنفسهم جائز» «وقد أقرّ بصدقه على تقدير الشهادة» «فالتالي ، وهو ثبوت المال في ذمته ، مثله (٥)» فإنه (٦) معارض بالمعلّق ، ومنقوض باحتمال الظاهر (٧).

(ولا بد من كون المقرّ كاملا (٨)

______________________________________________________

(١) أي عدم لزوم العبارة المذكورة.

(٢) الإشكال الثاني على الدليل الأول.

(٣) أي ما ذكر سابقا عدم لزوم الإقرار المعلّق.

(٤) وكذا لا يؤثر قولهم ، وهذا رد على الدليل الثاني الذي تمسك به المثبت.

(٥) أي حق أيضا.

(٦) أي الدليل الثاني.

(٧) أي باحتمال أن يعتقد المقر استحالة صدقه كما هو الغالب في مثل هذه العبارة في محاورات الناس.

(٨) شروع في شروط المقر وهي البلوغ والعقل والحرية والاختيار وجواز التصرف ، فلا يصح إقرار الصبي لحديث رفع القلم (١) ، خلافا لبعض العامة حيث جوّز إقرار الصبي بإذن وليه ، وهو كما ترى من الضعف ، لأن عبارته مسلوبة شرعا إخبارا وإنشاء ، وكذا لا يصح إقرار الصبي وإن بلغ عشرا ، نعم إن جوزنا وصيته ووقفه وصدقته عند البلوغ عشرا قبل إقراره بها ، لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به ، ولأن الإقرار بالوصية في معنى الوصية وكذا الإقرار بالوقف والصدقة بلا خلاف في ذلك كله. ولا يصح إقرار المجنون إلا من ذوي الدور وقت الوثوق بعقله ، لحديث رفع القلم (٢) ، وفي معناه السكران لفقدان عقله خلافا لابن الجنيد حيث جوّز إقراره إذا شرب المسكر باختياره ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١١.


بالبلوغ والعقل(خاليا من الحجر للسفه (١) أما الحجر للفلس فقد تقدم في باب الدين اختيار المصنف أنه مانع من الاقرار بالعين ، دون الدين ، فلذا لم يذكره (٢) هنا ، ويعتبر(٣)

______________________________________________________

ويلزمه إقراره كما يلزمه قضاء الصلاة ، وهو قياس لا نقول به.

ولا يصح إقرار العبد ، لعدم أهليته للتملك وبدنه مملوك للغير فلا يقبل إقراره في مال أو حد أو جناية ، فإقراره حينئذ إنما هو في حق الغير لا على نفسه حتى يقبل ، خلافا لبعض العامة فقبله في الحد والقصاص طرفا ونفسا دون المال ، لأن عليا عليه‌السلام قطع عبدا بإقراره ، ولأن الإقرار أولى من البينة ، وفيه عدم ثبوت ما أرسله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام من طرقنا على أنه يمكن أن يكون ذلك بتصديق المولى ، لأنه إقرار العبد بإذن سيده نافذ لأن منع الإقرار إنما هو لحق السيد وقد انتفى بإذنه. فضلا عن الفرق بين البينة والإقرار ، لأن الإقرار نافذ إذا كان في حقه لا في حق غيره.

ولا يصح إقرار المكره بلا خلاف فيه ، لسلب عبارة المكره شرعا ، نعم لو أكره على شي‌ء فعدل عنه إلى الإقرار بغيره صح لعدم الإكراه فيما أقرّ به ، وكذا لو ظهرت عليه أمارات الاختيار كما لو أكره على شي‌ء فأقر بالأزيد منه صح.

ولا يصح إقرار المحجور عليه للسفه بلا خلاف فيه ، لأنه ممنوع من التصرف المالي نعم لا يمنع من التصرف البدني فلذا يقبل إقراره فيه كالحد والقصاص ، وعليه فلو أقر بأمر مشتمل على أمرين ، مال وغيره كالسرقة ، قبل إقراره في الحد دون المال. وأما المحجور عليه لفلس فإن أقرّ بشي‌ء من أعيان أمواله التي قد تعلق بها حق الغرماء فهو إقرار بحق الغير لا يقبل ، وإن أقرّ بشي‌ء في ذمته ثبت وانتظر يساره ، وقد تقدم تمام البحث في الفلس فراجع ، ثم لا يعتبر في المقر العدالة خلافا للشيخ في الخلاف فاعتبرها ولا وجه له ، هذا تمام الكلام في شروط المقر ، وأما شروط المقر له فهي أهليته للتملك بلا خلاف ولا إشكال إذ مع عدمها يلغو الإقرار فلا عبرة به فلو أقر بشي‌ء لجماد بطل ، واشترط العلامة في القواعد عدم تكذيبه للمقرّ ، وتبعه عليه جماعة ، وتبعه عليه جماعة ، وهو ليس بشرط في صحة الإقرار بل هو شرط في نفوذه في حق المقر له ودليله واضح ويشترط في المقر به أن يكون صالحا لملك المقر له ، فلو أقر لمسلم نجم أو خنزير بطل لعدم تحقق الملك ، وهذا تمام الكلام في شروط صيغة الإقرار والمقرّ والمقرّ له والمقرّ به.

(١) في المال دون البدن.

(٢) أي لم يذكر المصنف الحجر للفلس.

(٣) أي في المقر مع ما سلف من الكمال والخلو من الحجر للسفه.


مع ذلك القصد ، والاختيار (١) ، فلا (٢) عبرة باقرار الصبي وإن بلغ عشرا ، إن لم نجز وصيته ووقفه وصدقته ، وإلّا (٣) قبل اقراره بها ، لأن من ملك شيئا ملك الاقرار به ولو أقرّ بالبلوغ أستفسر فإن فسّره بالإمناء (٤) قبل مع إمكانه ، ولا يمين عليه حذرا من الدور(٥).

ودفع المصنف له (٦) في الدروس ـ بأن يمينه موقوف على إمكان بلوغه ، والموقوف على يمينه هو وقوع بلوغه فتغايرت الجهة (٧) ـ مندفع بأن إمكان البلوغ غير كاف شرعا في اعتبار أفعال الصبي وأقواله التي منها يمينه (٨).

ومثله (٩) اقرار الصبية به (١٠) أو بالحيض ، وإن ادعاه (١١) بالسن كلّف البينة ، سواء في ذلك الغريب والخامل (١٢) وغيرهما ، خلافا للتذكرة حيث الحقهما (١٣) فيه (١٤) بمدعي الاحتلام ، لتعذّر إقامة البينة عليهما (١٥) غالبا أو بالإنبات (١٦)

______________________________________________________

(١) وكذا الحرية.

(٢) تفريع على الشروط من أولها.

(٣) أي وإن أجزنا وصيته ووقفه وصدقته.

(٤) أي بخروج المني وقت الاحتلام.

(٥) لأن اليمين موقوف على البلوغ فلو كان البلوغ موقوفا على اليمين لدار.

(٦) للدور.

(٧) أي جهة الموقوف والموقوف عليه.

(٨) بل لا بدّ من وقوع البلوغ.

(٩) أي ومثل إقرار الصبي بالبلوغ.

(١٠) بالبلوغ.

(١١) أي ادعى الصبي البلوغ.

(١٢) الذي لا نباهة له والمراد به غير المشتهر بين أهل بلده.

(١٣) أي ألحق الغريب والخامل في ادعاء السن بمدعي الاحتلام بحيث يقبل قوله مع الإمكان من دون يمين.

(١٤) في ادعاء السنّ.

(١٥) على الغريب والخامل.

(١٦) بأن ادعى الصبي البلوغ بالإنبات.


اعتبر (١) ، فإن محله ليس من العورة ، ولو فرض أنه منها (٢) فهو (٣) موضع حاجة.

ولا بإقرار (٤) المجنون إلا من ذي الدّور وقت الوثوق بعقله ، ولا باقرار غير القاصد كالنائم ، والهازل ، والساهي ، والغالط.

ولو ادعى المقر أحد هذه (٥) ففي تقديم قوله عملا بالأصل (٦) ، أو قول الآخر (٧) عملا بالظاهر (٨) وجهان.

ومثله (٩) دعواه بعد البلوغ وقوعه (١٠) حالة الصبى. والمجنون حالته (١١) مع العلم به (١٢) فلو لم يعلم له حالة جنون حلف نافيه (١٣).

والأقوى عدم القبول في الجميع (١٤) ، ولا باقرار (١٥) المكره فيما أكره على الاقرار به ، إلا مع ظهور إمارة اختياره ، كأن يكره على أمر فيقر بأزيد منه (١٦).

وأما الخلو من السفه فهو شرط في الاقرار المالي ، فلو أقرّ بغيره كجناية

______________________________________________________

(١) أي اعتبر نفس الإنبات فلا بدّ من رؤيته.

(٢) أي لو فرض ، أن محل الإنبات من العورة.

(٣) أي الاعتبار والنظر من موضع الحاجة لأن الضرورات تبيح المحذورات.

(٤) أي ولا عبرة بإقرار المجنون.

(٥) أي أحد هذه المذكورات من النوم والهزل والسهو والغلط.

(٦) إذ الأصل عدم القصد عند الشك فيه.

(٧) وهو المقر له.

(٨) إذ ظاهر المتكلم أنه قاصد لمعنى كلامه.

(٩) أي ومثل هذا الفرع.

(١٠) أي وقوع الإقرار.

(١١) بأن ادعى وقوع إقراره حالة جنونه.

(١٢) أي مع العلم بالجنون في الجملة.

(١٣) أي نافي الجنون ، لأنه منكر.

(١٤) في جميع هذه الصور المتقدمة ترجيحا للظاهر من كون المتكلم قاصدا لمعنى كلامه ، وترجيحا للأصل من عدم الجنون والصبى حالة الإقرار.

(١٥) أي ولا عبرة بإقرار المكره.

(١٦) أو أقر بغيره.


توجب القصاص ، ونكاح ، وطلاق قبل ، ولو اجتمعا (١) قبل في غير المال كالسرقة بالنسبة إلى القطع (٢) ، ولا يلزم بعد زوال حجره ما بطل قبله (٣) ، وكذا يقبل اقرار المفلّس في غير المال مطلقا (٤).

(واقرار المريض من الثلث مع التهمة (٥)

______________________________________________________

(١) المال وغيره.

(٢) أي إلى الحد ولا يقبل بالنسبة للمال المسروق.

(٣) أي قبل زوال الحجر.

(٤) من غير تقييد بشي‌ء ، بخلاف الإقرار بالمال فإنه إن كان بعين قد تعلق فيها حق الغرماء فلا يقبل ، وإن تعلق بمال في الذمة فيقبل وينتظر يساره.

(٥) تقدم البحث في أن وصية المريض من الثلث ولا دخل له في مقامنا ، إذ الكلام في إقراره إذا مات في مرضه ، وقد اختلف فيه الأصحاب بسبب اختلاف الأخبار ، فذهب المشهور أنه ينفذ من الأصل لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، وقيده جماعة منهم الشيخان والمحقق بما إذا لم يكن متهما وإلا لكان من الثلث ، سواء أقر للوارث أم للأجنبي ، ويدل على حكم الوارث صحيح منصور بن حازم (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أوصى لبعض ورثته أن له عليه دينا ، فقال : إن كان الميت مريضا فأعطه الذي أوصي له) (٢) ويدل على حكم الأجنبي صحيح العلاء بيّاع السابري (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة استودعت رجلا مالا فلما حضرها الموت قالت له : إن المال الذي دفعته إليك لفلانة ، وماتت المرأة فأتى أولياؤها الرجل فقالوا له : إنه كان لصاحبتنا مال لا نراه إلا عندك فاحلف لنا ما قبلك شي‌ء ، فيحلف لهم؟ فقال : إن كانت مأمونة عنده فيحلف وإن كانت متهمة فلا يحلف ، ويضع الأمر على ما كان ، فإنما لها من مالها ثلثه) (٣).

وذهب المحقق في النافع إلى أن إقراره للوارث من الثلث مع التهمة وعدمها دون الأجنبي فإنه من الثلث مع التهمة ، ومن الأصل مع عدمها لصحيح إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل أقرّ لوارث له وهو مريض بدين عليه ، قال : يجوز عليه إذا أقرّ به دون الثلث) (٤) وفيه : إنه قابل للتقييد بالتهمة كما في صحيح السابري المتقدم ، وهو غير

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب أحكام الوصايا حديث ٣.


وهي (١) : الظن الغالب بأنه (٢) إنما يريد بالاقرار تخصيص المقرّ له بالمقرّ به ، وأنه (٣) في نفس الأمر كاذب ، ولو اختلف المقرّ له والوارث فيها (٤) فعلى المدعي لها البينة ، لأصالة عدمها ، وعلى منكرها (٥) اليمين ، ويكفي في يمين المقرّ له أنه لا يعلم التهمة (٦) ، لا أنها ليست حاصلة في نفس الأمر (٧) ، لابتناء الاقرار على الظاهر ، ولا يكلف (٨) الحلف على استحقاق المقرّ (٩) به من حيث إنه (١٠) يعلم بوجه استحقاقه ، لأن ذلك غير شرط في استباحة المقرّ به ، بل له أخذه (١١) ما لم يعلم فساد السبب.

هذا كله مع موت المقرّ في مرضه ، فلو برئ من مرضه نفذ من الأصل مطلقا (١٢).

______________________________________________________

صالح للحصر في الوارث ، لورود الوارث في كلام السائل وقد أجاب الإمام طبقا للسؤال وهذا لا يفيد قصر الحكم عليه إذ من الممكن شموله للأجنبي كما عليه المشهور.

هذا والمراد من التهمة هو الظن المستند إلى القرائن الحالية أو المقالية الدالة على أن المقر لم يقصد الإخبار عن الواقع وإنما قصد تخصيص المقر له بشي‌ء من ماله ، أو قصد منع الوارث عن حقه أو بعض حقه والتبرع به للغير ، فلذلك مع التهمة جرى مجرى الوصية في نفوذه من الثلث.

(١) أي التهمة.

(٢) أي المقر.

(٣) أي وأن المقرّ ، وهو من جملة المظنون.

(٤) في التهمة.

(٥) وهو المقر له.

(٦) ولا يطلب منه اليمين على عدم التهمة واقعا ، لأن التهمة فعل الغير ، فلا يحلف على نفي فعل الغير ، بل على عدم العلم به.

(٧) أي ولا يحلف على نفي التهمة واقعا ، لأنه حلف على نفي فعل الغير وهو غير مطلوب.

(٨) أي المقر له وهو المنكر.

(٩) من باب إضافة المصدر لمفعوله.

(١٠) إن المقر له.

(١١) أي بل للمقر له أخذ المقر به.

(١٢) سواء كان متهما في إقراره أم لا ، لأن إقرار بالغ عاقل إلى آخر الشروط مع ارتفاع مرض الموت.


ولا فرق في ذلك (١) بين الوارث والأجنبي.

(وإلا) يكن هناك تهمة ظاهرة(فمن الأصل) مطلقا (٢) على أصح الأقوال.

(وإطلاق الكيل ، والوزن) في الاقرار كأن قال : له عندي كيل حنطة ، أو رطل سمن(يحمل على) الكيل والوزن(المتعارف في البلد (٣) أي بلد المقرّ وإن خالف بلد المقرّ له(فإن تعدد) المكيال والميزان في بلده(عيّن المقرّ) ما شاء منهما(ما لم يغلب أحدهما) في الاستعمال على الباقي(فيحمل على الغالب) ولو تعذّر (٤) استفساره فالمتيقن هو الأقل وكذا القول في النقد (٥).

(ولو أقر بلفظ مبهم صح) اقراره (٦) (وألزم تفسيره (٧) ، واللفظ المبهم

______________________________________________________

(١) في نفوذ الإقرار من الثلث مع التهمة.

(٢) سواء كان الإقرار للوارث أم للأجنبي ، وسواء مات في مرضه أم لا.

(٣) ألفاظ الإقرار محمولة على المتفاهم منها عرفا وإلا فعلى اللغة ، وعليه فلو أطلق الإقرار بالموزون أو المكيل انصرف إلى ميزان وكيل بلد المقر بلا خلاف ولا إشكال في ذلك.

ولو كان النقدان أو الوزنان غالبين ، وهما في الاستعمال سواء رجع في التعيين إلى المقر بلا خلاف فيه ولا إشكال ، نعم لو كان أحدهما غالبا حمل الإقرار على الغالب ، لأن الغلبة هي المرجحة للتعيين.

وحيث يرجع إلى المقرّ يقبل منه ما يفسر به الإطلاق لانحصار معرفة قصده بلفظه ، ولو تعذر الرجوع إليه في التعيين لموت ونحوه فالمتيقن هو الأقل والباقي مشكوك فيه تجري أصالة البراءة على الزائد.

(٤) أي تعذر تعيين المقر حيث يجب الرجوع إليه.

(٥) أي إطلاق النقدين من الذهب والفضة منصرف إلى نقد بلد المقر ، ولو تعدد فيحمل على الغالب ، ومع التساوي فيرجع إلى تعيين المقر ، ومع تعذر الرجوع فالأقل هو المتيقن والباقي مشكوك فيه.

(٦) لا خلاف في صحة الإقرار بالمبهم ، لأن الإقرار إخبار ، وهو قابل للإجمال والتفصيل مع الحاجة إليه إذ ربما يكون في ذمته شي‌ء لا يعلم قدره أو لا يعلم جنسه ويريد التخلص منه فيخبر عنه ليتواطأ هو وصاحبه على الصلح بما يتفقان عليه فلذا فارق الإقرار بقية العقود التي هي إنشاء ، حيث يحتمل الجهالة والإجمال ، وهي لا تحتمل ذلك.

(٧) إذا أقرّ بلفظ مجمل رجع إليه في تفسيره ، فإن فسره بتفسير صحيح قبل منه ، وإن امتنع


(كالمال (١) ، والشي‌ء (٢) ،

______________________________________________________

حبس حتى يبيّن ، لأن البيان واجب عليه ، وإلا فمع عدم البيان مع القدرة يكون ممتنعا من أداء الحق ، والممتنع عن أداء الحق يحبس ، إلا أن يقول نسيت مقداره أو جنسه فلا يتجه الحبس بل يرجع إلى الصلح أو يصبر عليه حتى يتذكر.

(١) لو قال : له عليّ مال ألزم التفسير ، فإن فسره بما يتمول مما هو مصداق للمال قبل تفسيره ، ولو كان قليلا بلا خلاف فيه ولا إشكال لصدق المال على ما فسّره ، والمراد من المتمول هو ما يكون مالا بنظر العرف.

ولو فسره بما لم تجر العادة بتموله كقشر الجوزة أو اللوزة أو حبة من حنطة لم يقبل تفسيره لعدم صدق المال عليه على المشهور ، وخالف العلامة في التذكرة حيث ذهب إلى قبول التفسير ، لأن المال أعم من المتمول عادة ، فالمذكور في التفسير مملوك شرعا وإن لم يكن له قيمة عادة والحقيقة الشرعية مقدمة على العرفية ، فيكون مالا شرعا وإن لم يكن مالا عرفا ، ولذا يحرم أخذه من دون إذن مالكه ويجب رده على تقدير غصبه.

وفيه : أن الملك لا يستلزم إطلاق اسم المال شرعا ، وعلى تقدير الاستلزام فهو ليس بمال عرفا ، والإقرار محمول على المال عند العرف بقرينة قوله (عليّ) القاضي بثبوت شي‌ء في الذمة ، وما لا يتمول لا يثبت في الذمة وإن حرم غصبه ووجب رده.

ثم لا يجوز له تفسير المال بما لا يعدّ مالا عند العرف كردّ السلام وتسميت العاطس والعيادة ، ولا يجوز تفسير المال بالوديعة وإن كانت مالا ، لأن الوديعة في يده وليست عليه ، وهو قد أقر بأنها عليه ، ولا يقبل تفسير المال بالحق كحق الشفعة ، لأنه ليس بمال ، نعم يجوز تفسير المال بأحد الكلاب الأربعة لأنها مال عند من يجوّز بيعها ، وكذا الجرو القابل للتعليم.

لو قال المقر : له عليّ شي‌ء ، ألزم التفسير كما تقدم ، ووجب التفسير بما يثبت في الذمة على المشهور ، وما يثبت في الذمة هو كل ما يتمول عرفا ، وباعتبار أن الشي‌ء أعم من المال فكل ما يقبل تفسير المال به يقبل تفسير الشي‌ء به ، ولا عكس إذ يقبل تفسير الشي‌ء بحد القذف وحق الشفعة لأنهما شي‌ء ولا يقبل تفسير المال بهما ، نعم باعتبار ظهور قوله (عليّ) في ثبوت شي‌ء متمول في الذمة فلا يصح تفسير الشي‌ء بغير المتمول مما يثبت في الذمة.

وعن العلامة في التذكرة والشارح في الروضة والمسالك جواز تفسير الشي‌ء بما لا يتمول عرفا كحبة الحنطة ، لأنها مملوكة شرعا ولذا يحرم غصبها ويجب ردها ، والحقيقة الشرعية مقدمة على العرفية.


(والجزيل (١) ، والعظيم ، والحقير (٢) ، والنفيس ، ومال أيّ مال ، ويقبل تفسيره بما قل ، لأن كل مال عظيم خطره شرعا كما ينبه عليه (٣) كفر مستحله ، فيقبل (٤) في هذه الأوصاف(و) لكن(لا بد من كونه (٥) مما يتموّل) أي يعدّ مالا عرفا(لا كقشرة جوزة ، أو حبة دخن) ، أو حنطة إذ لا قيمة لذلك عادة.

وقيل : يقبل بذلك ، لأنه مملوك شرعا (٦) ، والحقيقة الشرعية مقدمة على العرفية ، ولتحريم أخذه بغير إذن مالكه ، ووجوب ردّه.

ويشكل بأن الملك لا يستلزم إطلاق اسم المال شرعا ، والعرف (٧) يأباه ، نعم يتّجه ذلك (٨) تفسيرا للشي‌ء ، وإن وصفه (٩)

______________________________________________________

وفيه ما تقدم أنه منصرف إلى المتمول العرفي.

(١) لو قال المقر : له عليّ مال جزيل أو عظيم أو خطير أو نفيس أو مال أيّ مال ، ألزم التفسير كما تقدم ، وقبل تفسيره بأقل ما يتمول كما لو أطلق المال ، لأنه يحتمل أن يريد بالوصف أنه عظيم خطره بكفر مستحله ووزر غاصبه ، ويحتمل أن المقر يستعظم القليل ويستكثره لشحه ، فيراه جزيلا أو عظيما ، أو نفيسا ونحو ذلك ، بالإضافة إلى عدم ورود معنى شرعي لهذه الأوصاف ولا تحديد لها في العرف ولا في اللغة ، والناس مختلفة في ذلك ، ولا قدر متيقن منها فلا بد من الأخذ بما فسره المقر ولو كان قليلا من باب الأخذ بالمتيقن.

نعم لم يخالف في ذلك كله إلا ابن الجنيد فخالف في وصف العظيم ، وجعله كالكثير الذي ستسمع الكلام فيه.

(٢) ويقبل تفسيره ولو فسره بالشي‌ء الكثير ، لاحتمال أنه لا يرى قيمة للمال لشرفه فيرى الكثير منه قليلا وحقيرا.

(٣) على عظم خطره شرعا.

(٤) أي يقبل تفسيره ولو بالقليل في هذه الأوصاف.

(٥) أي كون التفسير.

(٦) فيكون مالا شرعا وإن لم يكن مالا عرفا.

(٧) أي وعلى تقدير الاستلزام فالعرف يأباه ، مع أن الأقارير محمولة على العرف لا على الشرع.

(٨) أي التفسير بما لا يتمول عرفا.

(٩) أي وصف الشي‌ء.


بالأوصاف العظيمة لما ذكر (١) ، ويقرب منه (٢) ما لو قال : له عليّ حق.

وفي قبول تفسيرهما (٣) بردّ السلام ، والعيادة ، وتسميت (٤) العطاس وجهان : من إطلاق الحق عليها (٥) في الأخبار (٦) ، فيطلق الشي‌ء لأنه أعم. ومن أنه (٧) خلاف المتعارف وبعدهما عن الفهم في معرض الاقرار (٨). وهو الأشهر.

ولو امتنع (٩) من التفسير ، حبس (١٠) وعوقب عليه ، حتى يفسر ، لوجوبه عليه (١١).

ولو مات قبله (١٢) طولب الوارث به (١٣) إن علمه ، وخلّف (١٤) تركة ، فإن أنكر (١٥) العلم ، وادعاه (١٦) عليه المقرّ له ، حلف (١٧) على عدمه (١٨).

______________________________________________________

(١) تعليل لقبول تفسير الشي‌ء بما لا يتمول عرفا. والمراد بما ذكر ما ذكره سابقا من أنه مملوك شرعا والحقيقة الشرعية مقدمة على العرفية.

(٢) أي من لفظ الشي‌ء الذي يصلح تفسيره بما لا يتمول عرفا.

(٣) أي تفسير الشي‌ء والحق.

(٤) الدعاء له بعد العطاس بقوله : يرحمكم الله.

(٥) أي على المذكورات من رد السلام وتسميت العاطس والعيادة وهو دليل لقبول تفسيرهما بواحدة من هذه المذكورات.

(٦) كما في الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب أحكام العشرة من كتاب الحج ، وهو دليل عدم قبول تفسيرهما بشي‌ء من هذه المذكورات.

(٧) أي أن تفسيرهما بما ذكر.

(٨) وكذا ظاهر قوله (علي) الدال على الثبوت في الذمة مما يتمول أو ما يبذل في إزائه مال.

(٩) أي المقر.

(١٠) لامتناعه عن أداء حق الغير.

(١١) أي لوجوب التفسير على المقرّ.

(١٢) أي لو مات المقر قبل التفسير.

(١٣) بالتفسير.

(١٤) أي المقرّ.

(١٥) أي الوارث بحيث أنكر العلم بمراد المورّث.

(١٦) أي ادعى العلم.

(١٧) أي الوارث.

(١٨) أي على عدم العلم ، لأن الوارث هنا منكر لأصالة عدم العلم.


(ولا فرق) في الإبهام والرجوع إليه (١) في التفسير(بين قوله : عظيم ، أو كثير (٢). لاشتراكهما في الاحتمال.

______________________________________________________

(١) إلى المقرّ.

(٢) لو قال المقر : لك عليّ مال كثير ، ألزم التفسير كما تقدم ، وقبل منه بما يصدق عليه مال وإن قلّ ، لاحتمال أن القليل عنده كثير لشحه ، هذا كله على المشهور ، وذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط أن الكثير هو ثمانون وتبعه ابن زهرة وابن البراج ، وعن ابن الجنيد أن العظيم كالكثير في العدد المذكور ، رجوعا في تفسير الكثير إلى رواية النذر وهي ما أرسله علي بن إبراهيم عن بعض أصحابه قال (لما اعتل المتوكل نذر إن عوفي أن يتصدق بمال كثير ، فلما عوفي سأل الفقهاء عن حدّ المال الكثير فاختلفوا عليه ، فقال بعضهم : مائة ألف ، وقال بعضهم : عشرة آلاف ، فقالوا فيه أقاويل مختلفة ، فاشتبه عليه الأمر ، فقال رجل من ندمائه يقال له صفوان : ألا تبعث إلى هذا الأسود فتسأل عنه؟ فقال له المتوكل : من تعني ويحك؟ فقال : ابن الرضا عليه‌السلام ، فقال له : وهو يحسن من هذا أشياء ، فقال : إن أخرجك من هذا فلي عليك كذا وكذا وإلا فاضربني مائة مقرعة ، فقال المتوكل : قد رضيت يا جعفر بن محمود ، صر إليه وسله عن حد المال الكثير ، فصار جعفر بن محمود إلى أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام فسأله عن حد المال الكثير ، فقال له : الكثير ثمانون ، فقال جعفر : يا سيدي إنه يسألني عن العلة فيه ، فقال أبو الحسن عليه‌السلام : إن الله يقول : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ فِي مَوٰاطِنَ كَثِيرَةٍ) ، فعددنا تلك المواطن فكانت ثمانين) (١).

وخبر أبي بكر الحضرمي (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله رجل عن رجل مرض فنذر لله شكرا إن عافاه أن يتصدق من ماله بشي‌ء كثير ، ولم يسمّ شيئا فما تقول؟ قال : يتصدق بثمانين درهما فإنه يجزيه ، وذلك بيّن في كتاب الله ، إذ يقول لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ فِي مَوٰاطِنَ كَثِيرَةٍ) ، والكثيرة في كتاب الله ثمانون) (٢).

فالمستفاد أن الثمانين هي تحديد لمصداق الكثرة شرعا سواء وقعت الكثرة في نذر أم وصية أم إقرار.

وفيه : أن هذا التحديد على خلاف الأصل فيقتصر به على مورد الرواية وهو النذر ، هذا فضلا عن أن الخبرين المتقدمين لا يدلان على حصر الكثرة بالثمانين ، بل مفادهما أن الثمانين مما توصف بالكثرة ، وهذا لا يمنع وقوع الكثرة على ما دون هذا العدد وقد قال

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب النذر والعهد حديث ١ و ٢.


(وقيل) والقائل الشيخ وجماعة بالفرق ، وأن(الكثير ثمانون (١) كالنذر ، للرواية الواردة به (٢) فيه (٣) ، والاستشهاد (٤) بقوله تعالى : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ فِي مَوٰاطِنَ كَثِيرَةٍ) (٥). ويضعّف مع تسليمه (٦) ببطلان القياس (٧) ، ولاستعمال الكثير في القرآن لغير ذلك (٨) مثل (فِئَةً كَثِيرَةً) (٩) ، و (ذِكْراً كَثِيراً) (١٠). ودعوى

______________________________________________________

تعالى : (اذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً) (١) ، وهو يتم بما دون الثمانين في الذكر ، ولا يمنع من وقوع الكثرة على ما فوق الثمانين كما في قوله تعالى : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً) (٢) ، وعن بعض العامة الموافقة على انحصار الكثير فيما دلت عليه الآية ، لكنه جعل العدد اثنين وسبعين مدعيا أن غزواته وسراياه كانت كذلك ، مع أن المشهور في كتب السير والتواريخ أن غزواته كانت بضعا وعشرين ، وسراياه كانت ستين وفي كثير منها لم يحصل قتال.

وإذا ثبت عدم تحديد الكثرة بالثمانين تعرف ضعف ما عن ابن الجنيد أن العظيم كالكثير في العدد المذكور ، ووجه الضعف أن الكثير قد وردت فيه رواية بحمله على الثمانين ومع ذلك لا يحمل على هذا العدد فكيف بلفظ العظيم مع عدم ورود رواية تدل على حمله على هذا العدد.

(١) في باب الإقرار.

(٢) بكون الكثير ثمانين.

(٣) في النذر.

(٤) من تتمة مضمون الرواية.

(٥) سورة التوبة ، الآية : ٢٥.

(٦) أي تسليم الوارد ، والوارد في النذر مرسل كما تقدم.

(٧) أي قياس الإقرار على النذر ، لأن حمل الكثير على الثمانين على خلاف الأصل فيقتصر فيه على مورد الرواية وهو النذر.

(٨) أي لغير الثمانين.

(٩) كما في قوله تعالى : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً) (٣) ، ومن المقطوع به أنه يراد بالكثير هنا أكثر من الثمانين.

(١٠) كما في قوله تعالى : (اذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً) (٤).

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٤١.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٩.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٩.

(٤) سورة الأحزاب ، الآية : ٤١.


أنه (١) عرف شرعي فلا قياس ، خلاف الظاهر (٢) ، والحاق العظيم به (٣) غريب.

(ولو قال : له عليّ أكثر من مال فلان (٤) لزمه بقدره (٥) وزيادة (٦) ، (و) لو (فسره بدونه (٧)

______________________________________________________

(١) أن حمل الكثير على الثمانين.

(٢) لأنه استعمل في غير الثمانين كثيرا في القرآن.

(٣) أي وإلحاق العظيم بالكثير في حمله على الثمانين كما عن ابن الجنيد غريب ، لأنه قياس في قياس.

(٤) لو قال المقر : لزيد عليّ أكثر من مال عمرو ، ألزم بقدر مال عمرو وزيادة ، والمراد من الزيادة الزيادة العددية كما عن جماعة منهم الشيخ وابن سعيد والشهيد في الدروس ، لأن المتبادر من الكثرة الكثرة العددية.

وعن العلامة في التحرير والإرشاد والتذكرة كفاية الكثرة الاعتبارية ، ولذا لو فسّر المقر قوله السابق بأنه لا يريد الكثرة في المقدار بل في الاعتبار ، وأن مال المقر له دين لا يتطرق إليه الهلاك وهو أكثر بقاء ومنفعة من مال عمرو الذي هو مال عين ، أو أن مال المقر له حلال ، وهو أكثر بركة من مال عمرو الذي هو حرام عليّ لقبل تفسيره ، ويكون القليل من الدين أكثر بقاء من كثير العين ، والقليل من الحلال أكثر بقاء من كثير الحرام ، وعليه فلو فسّر مال زيد الذي أقر به بأقل ما يتمول لقبل تفسيره في المقدار.

وفيه أنه على خلاف المتبادر من الكثرة ، ثم بناء على الكثرة العددية فلا إشكال ولا خلاف في الرجوع إلى المقر في مقام تحديدها ، لأنها مجهولة ، فلو فسرها بما لا يتموّل كحبة حنطة لقبل قوله لصدق الزيادة وإن لم تكن مالا ، لعدم اشتراط المالية في الزيادة بعد صدق المالية على المجموع ، مع أن اشتراط المالية إنما هو في المجموع لا في الزيادة ، وإلى هذا ذهب الشيخ في المبسوط والعلامة في التذكرة والشارح في المسالك.

وقيل : لا يقبل تفسيره لها بما لا يتمول ، لأن المنساق من الأكثرية هو مالية ما يكون به أكثر حال كونه مستقلا ، فلذا لا بد من كون الزيادة متمولة كما عن جامع المقاصد والجواهر.

(٥) أي بقدر مال فلان.

(٦) أي وزيادة عددية.

(٧) أي فسّر مال فلان بما هو أقل منه بحسب الواقع ، بأن قال : كنت : أظن أن مال فلان عشرة مع أنه عشرون بحسب الواقع ، قبل منه ما ادعاه في الظن مما بنى عليه إقراره ، لأن الإنسان يخبر عن ظنه ، لا عن الواقع ، والمال قد يخفى على غير صاحبه كما هو


(وادعى ظن القلة حلف (١) ، لأصالة (٢) عدم علمه به (٣) مع ظهور إن المال من شأنه أن يخفى (٤) (وفسّر (٥) بما ظنه) وزاد عليه (٦) زيادة ، وينبغي تقييده (٧) بإمكان الجهل به (٨) في حقه (٩). ولا فرق في ذلك (١٠) بين قوله قبل ذلك : إني اعلم مال فلان ، وعدمه (١١).

نعم لو كان قد أقر بأنه (١٢) قدر يزيد عما ادعى ظنه (١٣) ، لم يقبل إنكاره ثانيا (١٤) ، ولو تأوّل (١٥) بأن قال : مال فلان حرام ، أو شبهة ، أو عين وما اقررت به حلال ، أو دين ، والحلال والدين أكثر نفعا ، أو بقاء (١٦) ففي قبوله (١٧) قولان :

______________________________________________________

الغالب ، ولكن بشرط عدم العلم بكذبه ، وإلا فلو علم كذبه فيما ادعاه من الظن فلا إشكال ولا خلاف في عدم القبول وأنه يلزم بقدر مال فلان وزيادة.

(١) إن ادعى عليه المقر له بالكذب ، فيكون قد ادعى عليه الزائد وهو ينكره.

(٢) تعليل للحلف وأنه منكر.

(٣) بمال فلان بحسب الواقع.

(٤) فلا يحصل العلم به من الغير ، ويكون الأصل والظاهر موافقين له في دعواه بظن القلة.

(٥) عطف على قوله (حلف).

(٦) على ما فسره من مال فلان بحسب ظنه.

(٧) أي تقييد الحكم بقبول تفسيره المبني على ظن القلة.

(٨) بمال فلان.

(٩) أي في حق المقرّ.

(١٠) أي في الحكم المذكور من قبول تفسيره المبني على ظن القلة.

(١١) لأن العلم إنما هو بالنسبة إلى ما يظهر له ، والظاهر عنده هو ظن القلة كما هو المفروض.

(١٢) أي بأن مال فلان.

(١٣) بحيث قال : مال فلان كذا وكذا ولزيد في ذمتي أكثر منه.

(١٤) فتفسيره المبني على ظن القلة إنكار لما اعترف به أولا فلا يقبل هذا الإنكار بعد ذلك الإقرار.

(١٥) أي تأول الكثرة بالكثرة الاعتبارية.

(١٦) فالحلال أكثر نفعا وبقاء من الحرام واضح ، وأما كثرة الدين نفعا باعتبار الثواب الأخروي ، وكثرته بقاء باعتبار ثبوته في ذمة المديون وهذا ما يرفع عنه الهلاك والتلف.

(١٧) أي قبول التأويل المذكور.


من أن (١) المتبادر كثرة المقدار ، فيكون حقيقة فيها (٢) ، وهي (٣) مقدمة على المجاز (٤) مع عدم القرينة الصارفة ، ومن (٥) إمكان إرادة المجاز ولا يعلم قصده إلا من لفظه فيرجع إليه فيه (٦) ولا يخفى قوة الأول (٧) ، نعم لو اتصل التفسير بالاقرار لم يبعد القبول(٨).

(ولو قال : له عليّ كذا (٩) درهم ، بالحركات الثلاث) : الرفع والنصب والجر

______________________________________________________

(١) دليل لعدم قبول قوله ، لأن المتبادر من الكثرة الكثرة العددية لا الاعتبارية.

(٢) أي فيكون لفظ الكثرة حقيقة في كثرة المقدار.

(٣) أي الحقيقة.

(٤) وهو الكثرة الاعتبارية من كثرة النفع أو البقاء.

(٥) دليل لقبول قوله.

(٦) أي فيرجع إلى المقر في معرفة قصده.

(٧) وهو عدم قبول قوله بالكثرة الاعتبارية.

(٨) لأن التفسير مع الاتصال قرينة متصلة ، فلا ينعقد للكلام ظهور إلا على ضوئها.

(٩) إذا قال : له عليّ كذا ، فهو كما لو قال : له عليّ شي‌ء ، ويقبل تفسيره بما يقبل به تفسير الشي‌ء ، كما صرح بذلك غير واحد من الأصحاب ، وهو الأشهر كما في الرياض ، لأن لفظ (كذا) كناية عن الشي‌ء عرفا كما صرّح بذلك في الصحاح والقاموس.

وعن الشيخ في الخلاف أنه كناية عن العدد ، وعن التنقيح للفاضل المقداد إجماع الأدباء عليه ، وفي المهذب البارع لم يوجد في كلام العرب غير ذلك ، هذا وقد استفاضت كتب اللغة بأن لفظ (كذا) كناية عن العدد ، ومع ذلك فقد اعترفوا بأنه يستعمل عرفا لغير العدد ، واللفظ يحمل على المعنى العرفي لا اللغوي.

وعلى كل فلو فسره بالدرهم مرفوعا ، بأن قال : له عليّ كذا درهم ، كان إقرارا بدرهم واحد ، لأن الدرهم على الرفع يكون بدلا عن لفظ (كذا) ، والتقدير شي‌ء درهم ، وحمله على الواحد من باب الحمل على المتيقن ما لم يفسره بالأزيد ، وهذا مما لا خلاف فيه بينهم.

ولو فسره بالدرهم منصوبا على التمييز ، بأن قال : له عليّ كذا درهما ، كان إقرارا بدرهم واحد أيضا كما هو المشهور ، لأنه منصوب على التمييز كما هو المعروف بين أهل اللغة فيحمل على الواحد من باب الحمل على المتيقن ، ويمكن أن يكون منصوبا على القطع كما عن بعض الكوفيين ، وكأنه قطع ما ابتدأ به وأقرّ بدرهم ، والتقدير : له عليّ كذا أعني درهما ، والنتيجة واحدة بحمله على الواحد من باب الحمل على المتيقن. وعن الشيخ في


.................................................................................................

______________________________________________________

المبسوط والخلاف بعد حمل كذا على أنه كناية عن العدد فلو أتى بلفظ الدرهم منصوبا فيلزمه عشرون درهما ، لأن العشرين أقل عدد مفرد ينصب تمييزه ، ووافقه ابن زهرة في المختلف والعلامة في جملة من كتبه بعد ما حكاه في التذكرة عن أبي حنيفة ، ورجحه في التذكرة بما إذا كان المقر عارفا بأسلوب اللغة بحيث يكون من أهل اللسان ، وإلا فيحمل على الواحد كما عليه المشهور من باب الترجيح للمعنى العرفي.

وفيه عدم فهم العرف من لفظ (كذا) أنه كناية عن العدد ، بل هو بمعنى الشي‌ء ، وهذا ما يوجب الاقتصار على الواحد ، لأنه المتيقن بعد أصالة البراءة عن الزائد.

ولو فسّره بالدرهم مجرورا بأن قال : له عليّ كذا درهم ، كان إقرارا بدرهم واحد ، كما هو المشهور ، من باب الإضافة البيانية كحب الحصيد ، والتقدير : شي‌ء هو درهم.

وعن العلامة في التذكرة بأن هذا صحيح إن لم يمكن تقدير ما هو أقل من الدرهم ، يجعل الشي‌ء جزءا من الدرهم قد أضيف الشي‌ء إليه ، فيلزمه جزء الدرهم ويرجع إليه في التفسير ، لأنه المتيقن لأصالة البراءة من الزائد ، وهذا ما احتمله المحقق في الشرائع واختاره الشارح في المسالك.

وعن الشيخ في المبسوط والخلاف وابن زهرة والعلامة في جملة من كتبه أنه يلزمه مائة درهم ، لأن المائة أقل عدد يكون تمييزه مجرورا.

وفيه ما تقدم من فهم العرف أن لفظ (كذا) كناية عن الشي‌ء وليس كناية عن العدد ، وهذا ما يوجب الاقتصار على الواحد لأنه المتيقن بعد أصالة البراءة من الزائد.

ثم هذا كله بناء على جواز جر التمييز هنا ، كما هو قول الكوفيين من جواز الجر بالإضافة وبلفظ (من) قياسا على العدد الصريح ، وقال الخومي : يجوز الجر على البدل من (ذا) ، لأن لفظ (كذا) مؤلف من كاف التشبيه وذا الإشارية ، وقوله بعيد جدا لأن (كذا) صارت كلمة واحدة ولا يبدل من جزء الكلمة.

نعم على قول الباقي من أهل اللغة لا يجوز الجر بالإضافة ولا بلفظ (من) ، بل لا بدّ من النصب كما نص عليه الرضي وابن هشام وغيرهما ، لأن عجزها وهو (ذا) اسم إشارة ، وهو لا يقبل الإضافة ، وفيه أنه لما ركّب مع الكاف لم يبق على ما كان عليه قبل ذلك لتضمنه بعد التركيب معنى لم يكن موجودا له قبل التركيب ، فلذا جاز إضافته وجر ما بعده.

ولو فسره بالدرهم من غير تحريك كأن قال : له عليّ كذا درهم ، فيحتمل الرفع والجر لو أعرب بعد انتفاء النصب لوجوب إثبات الألف فيه وقفا ، وعلى الرفع والجر يحمل على الواحد كما هو المشهور ، ويحتمل حمله على الجزء من الدرهم ، لأنه لو كان مجرورا لحمل


(والوقف) بالسكون ، وما في معناه (١) (فواحد) (٢) ، لاشتراكه بين الواحد فما زاد وضعا فيحمل (٣) على الأقل (٤) ، لأنه (٥) المتيقن إذا لم يفسره بأزيد ، فإنّ «كذا» كناية عن «الشي‌ء» (٦).

فمع الرفع يكون الدرهم بدلا منه (٧) ، والتقدير : «شي‌ء درهم».

ومع النصب يكون تمييزا له ، وأجاز بعض أهل العربية نصبه على القطع ، كأنه قطع ما ابتدأ به وأقر بدرهم.

ومع الجر تقدّر الإضافة بيانية (٨) ،

______________________________________________________

على الجزء كما هو قول العلامة في التذكرة ، فيكون الجزء متيقنا وتجري أصالة البراءة عن الزائد الآتي من احتمال الرفع.

(١) ما في معنى السكون الوقف بالإشمام والروم وإبدال التاء هاء ، وإلحاق هاء السكت غير أنه لا يتصور هاء السكت هنا ، لأنها تدخل على الفعل الناقص كقوله : قه ، أو تدخل على ما الاستفهامية بعد حذف ألفها مثل قوله مه ولا يتصور الإقرار بمثل هذه الأمور.

ولا يتصور إبدال التاء هاء لأن الدرهم الوارد في المثال غير مختوم بالتاء ، فلا يبقى إلا الإشمام والروم ، والإشمام هو الوقف بحرف مضموم ، والإشعار بحركته بضم الشفتين من دون أن يتلفظ بالضم ، والروم هو الإتيان بحركة الحرف الموقوف عليه ضعيفة لا تبين ، وفي كل منهما يعلم حركة الحرف الموقوف عليه ، فلا فائدة معتد بهما حينئذ ـ ولا داعي لإلحاقهما بالسكون ، فلو تركهما كما فعل غيره من الفقهاء لكان أصح.

(٢) أي فدرهم واحد على جميع التقادير.

(٣) أي لفظ الدرهم.

(٤) وهو الواحد.

(٥) أي الأقل.

(٦) كما هو المشهور.

(٧) أي من الشي‌ء.

(٨) مراده من الإضافة البيانية ما يكون المضاف إليه مبيّنا للمضاف ، وليس مراده منها ما هو المصطلح فيها ، وهو الإضافة بمعنى من ، أي بتقدير (من) ، ويشترط فيها أن يكون بين المضاف والمضاف إليه عموم من وجه كما في نحو خاتم فضة ، وهذا المعنى المصطلح لها غير موجود هنا ، لأن الشي‌ء الذي كنى عنه بلفظ (كذا) أعم مطلقا من الدرهم ، ولا يمكن تقدير لفظ (من) فلا يقال : شي‌ء من درهم.


«كحبّ الحصيد (١)» والتقدير شي‌ء هو درهم.

ويشكل بأن ذلك (٢) وإن صح إلا أنه (٣) يمكن تقدير ما هو أقل منه (٤) ، بجعل الشي‌ء جزء من الدرهم أضيف إليه (٥) ، فيلزمه (٦) جزء يرجع في تفسيره (٧) إليه (٨) ، لأنه (٩) المتيقن ، ولأصالة البراءة من الزائد ، ومن ثمّ (١٠) حمل الرفع والنصب على الدرهم مع احتمالها (١١) أزيد منه (١٢) ، وقيل (١٣) : إن الجر ، لحن يحمل على أخويه (١٤) فيلزمه (١٥) حكمهما.

وأما الوقف فيحتمل الرفع والجر لو أعرب (١٦) ، لا النصب لوجوب (١٧) إثبات الألف فيه (١٨) وقفا ، فيحمل (١٩) على مدلول ما احتمله (٢٠).

______________________________________________________

(١) سورة ق ، الآية : ٩ ، والحصيد هو الحنطة والشعير وكل ما يحصد.

(٢) أي حمل الدرهم على الواحد على تقدير الجر.

(٣) أي أن الشأن والواقع.

(٤) أي من الواحد الصحيح.

(٥) أي أضيف الشي‌ء إلى الجزء من الدرهم.

(٦) ضمير المفعول راجع إلى المقر.

(٧) أي تفسير الجزء من الدرهم.

(٨) إلى المقرّ.

(٩) أي لأن الجزء من الدرهم.

(١٠) أي ومن وجوب الحمل على المتيقن لأصالة البراءة من الزائد.

(١١) أي احتمال الرفع والنصب.

(١٢) من الدرهم الواحد.

(١٣) كما عن مشهور أهل اللغة ما عدا الكوفيين والحوفي.

(١٤) أي يحمل الجر على أخويه من الرفع والنصب.

(١٥) أي يلزم المقرّ.

(١٦) أي لو أعرب لفظ الدرهم.

(١٧) تعليل لعدم احتمال النصب في الدرهم على تقدير الوقف.

(١٨) في الدرهم على احتمال النصب.

(١٩) أي يحمل لفظ الدرهم على تقدير الوقف.

(٢٠) أي ما احتمله من الرفع أو الجر.


فعلى ما اختاره (١) يشتركان (٢) في احتمال الدرهم (٣) ، فيحمل عليه (٤) ، وعلى ما حققناه (٥) يلزمه جزء درهم خاصة ، لأنه (٦) باحتماله الرفع والجر حصل الشك فيما زاد على الجزء ، فيحمل (٧) على المتيقن ، وهو (٨) ما دلت عليه الإضافة (٩).

(وكذا كذا درهما (١٠) ،)

______________________________________________________

(١) أي ما اختاره المصنف من حمل الدرهم على الواحد في الحركات الثلاث.

(٢) أي يشترك الرفع والجر.

(٣) أي الواحد.

(٤) أي فيحمل لفظ الدرهم على الدرهم الواحد.

(٥) من احتمال إرادة جزء الدرهم على تقدير الجر.

(٦) أي لأن الوقف.

(٧) أي لفظ الدرهم على تقدير الوقف.

(٨) أي المتيقن.

(٩) والإضافة قد دلت على جزء الدرهم ، والزائد عن الجزء إلى تمام الدرهم الصحيح مشكوك تجري فيه أصالة البراءة.

(١٠) إذا كرّر لفظ (كذا) بدون عطف كأن يقول : له عليّ كذا كذا ، فقد عرفت أن لفظ (كذا) كناية عن الشي‌ء ، فكأنه قال : له عليّ شي‌ء شي‌ء ، وهو ما يفيد تأكيد المبهم ، ويصح تفسيره بما يفسر به لفظ الشي‌ء ، هذا كله إذا لم يتبعه بالدرهم ، وأن أتبعه بالدرهم فإن جاء به مرفوعا كأن يقوله : له عليّ كذا كذا درهم ، فهو إقرار بدرهم واحد ، لأن الدرهم بدل من المؤكد ، والواحد هو المتيقن وتجري أصالة البراءة في الزائد.

وإن جاء به منصوبا كأن يقول : له عليّ كذا كذا درهما ، فهو إقرار بدرهم واحد أيضا ، لأن الدرهم قد نصب على التمييز أو القطع ، ويبقى لفظ (كذا) الأول مؤكّد والثاني تأكيد ، وهو كناية عن الشي‌ء الذي يصح تفسيره بالواحد لأنه المتيقن مع جريان أصالة البراءة من الزائد.

وإن جاء به مجرورا كأن يقول : له عليّ كذا كذا درهم ، فهو إقرار بدرهم واحد أيضا ، ولفظ (كذا) الأول مؤكد ، والثاني تأكيد وقد أضيف إلى الدرهم إضافة بيانية ، والأول المؤكد كناية عن الشي‌ء الذي يحمل على الواحد لأنه الأقل بعد جريان أصالة البراءة من الزائد. ويحتمل على الجر أن يكون لفظ (كذا) الأول قد أضيف إلى لفظ (كذا) الثاني ، والثاني مضاف إلى الدرهم ويكون المعنى : جزء جزء من درهم ، وجزء الجزء جزء فيلزمه جزء من الدرهم.


(وكذا وكذا درهما (١)

______________________________________________________

وعلى الوقف فينتفي النصب لوجوب إثبات الألف فيه وقفا ، والألف غير موجودة فلا يبقى إلا احتمال الرفع والجر ، فعلى القول الأول يلزمه درهم واحد ، لأنه ثابت على تقديري الجر والرفع ، وعلى الثاني يلزمه جزء الدرهم ، لأنه أقل المحتملات في حالتي الرفع والجر بعد جريان أصالة البراءة من الزائد. وذهب الشيخ إلى أنه مع النصب فيما لو قال : له عليّ كذا كذا درهما يلزمه أحد عشر درهما ، لأنه أقل عدد مركب مع غيره من دون عطف ينتصب تمييزه ، وهو مبني على كون لفظ (كذا) كناية عن العدد ، وفيه ما تقدم أنه كناية عن الشي‌ء عرفا.

وعن العلامة في التذكرة اختيار قول الشيخ إذا كان المقرّ من أهل اللسان عارفا به ، وإلا فقول المشهور من الدرهم الواحد ، وقد تقدم أن ألفاظ الأقارير محمولة على المعنى العرفي.

ثم إن الشيخ والعلامة لم يتكلما إلا على تقدير النصب ، ولم يتكلما على تقدير الرفع والجر ، مع أنه على تقدير الرفع يحمل على الواحد من باب أنه بدل عن لفظ (كذا) الأول المؤكد بعد جعل لفظ (كذا) الثاني تأكيدا كما عليه المشهور.

ولكن على تقدير الجر فلازم قول الشيخ أن يحمل لفظ (الدرهم) المجرور على ثلاث مائة درهم ، لأنه أقل عدد أضيف إليه آخر وقد ميّز بمفرد مجرور ، إذ فوقه أربع مائة إلى تسع مائة ثم مائة مائة ثم مائة ألف ، ثم ألف ألف ، والمائتان وإن كانت أقل وهي في قوة تكرار المائة إلا أنها مثنى والمفروض أن التمييز بالمفرد ، وهذا وإن لم يصرح به لكنه لازم لقوله على تقدير النصب.

(١) إذا كرّر لفظ (كذا) مع العطف بأن قال : له عليّ كذا وكذا ، فيلزمه شيئان قضاء لحق العطف ، ويصح تفسيرهما بما يفسر به لفظ الشي‌ء.

هذا كله إذا لم يتبعهما بالدرهم ، وإن أتبعهما بالدرهم مرفوعا بأن قال : له علي كذا وكذا درهم فيلزم درهم واحد ، لاحتمال أن يريد من (كذا) جزءا من الدرهم بحيث يكون المجموع من المعطوف والمعطوف عليه درهما واحدا ، ولذا أتى بلفظ الدرهم مرفوعا ليكون بدلا عن مجموع المعطوف والمعطوف عليه بلا خلاف فيه بيننا. وعن الشافعي قول بلزوم درهم وزيادة ، لأنه ذكر سببين متغايرين بالعطف ، وقد جعل الدرهم بدلا عن الثاني ويبقى الأول على إبهامه في الشيئية فلا بد من تفسيره بالزائد عن الدرهم المذكور.

وهناك قول ثالث لبعض العامة بأنه يلزمه درهمان ، لأنه ذكر جملتين كل واحدة منهما تقع على الدرهم ، وتكون كناية عنه ، فيكون الدرهم تفسيرا لكل منهما ، كما إذا قال : مائة وخمسون درهما.


(كذلك (١) في حمله على الدرهم مع الحركات الثلاث ، والوقف ، لاحتمال كون «كذا» الثاني تأكيدا للأول (٢) في الأول (٣). والحكم في الاعراب (٤) ما سلف ، وفي الوقف ينزل على أقل الاحتمالات (٥). وكون (٦)

______________________________________________________

وإن أتى بالدرهم منصوبا بأن قال : له عليّ كذا وكذا درهما ، فعلى المشهور بيننا أنه يلزمه درهم واحد ، لأن (كذا) كناية عن الشي‌ء فكأنه قال : شي‌ء وشي‌ء هما درهم ، فيكون قد أراد بالشي‌ء جزء الدرهم بحيث يكون المعطوف والمعطوف عليه درهما واحدا.

وعن الشيخ في المبسوط أنه يلزمه مع النصب أحد وعشرون درهما ، لأنه أقل عددين عطف أحدهما على الآخر ، وميّزا بدرهم منصوب ، إذ فوقه اثنان وعشرون إلى تسعة وتسعين ، فيقتصر على الأقل ، لأنه المتيقن بعد أصالة البراءة من الزائد ، وفيه ما تقدم أنه كناية عن الشي‌ء عرفا ، واللفظ في الأقارير يحمل على المعنى العرفي لا اللغوي.

وإن أتى بالدرهم مجرورا بأن قال : له عليّ كذا وكذا درهم ، فيلزمه جزء درهم وشي‌ء ، كما لو قال : شي‌ء وجزء درهم ولو فسّر الشي‌ء بالجزء الباقي من الدرهم لقبل ، وعليه فلا يلزمه أكثر من درهم ، وهناك قول بأن الجر لحن فيحمل على أخويه من النصب والرفع ، وأقل الاحتمالات على هذين التقديرين هو الدرهم فيحمل اللفظ عليه من باب الاقتصار على المتيقن بعد أصالة البراءة من الزائد الآتي على تقدير النصب ، ومنه تعرف ما لو سكّن آخر الدرهم ولم يعربه ، فالنصب منتفي لعدم وجود الألف فيه ، فلا يبقى إلا الجر والرفع وكلاهما يفيد الحمل على الدرهم كما تقدم.

(١) أي في حمل الدرهم على الواحد في صورة التكرار بلا عطف وفي صورة التكرار مع العطف سواء كان الدرهم بالحركات الثلاث أم بالوقف ، وفيه أنه في صورة التكرار بلا عطف فيحمل على جزء الدرهم على تقدير الجر ، وهذا ما سينبه عليه الماتن فيما بعد فانتظر.

(٢) أي للفظ (كذا) الأول.

(٣) أي في المثال الأول وهو صورة التكرار بغير عطف.

(٤) أي في إعراب لفظ الدرهم في المثال الأول ـ أعني صورة التكرار بغير عطف ـ ما سلف سابقا عند عدم تكرار لفظ (كذا) بحيث إن لفظ الدرهم على الرفع يكون بدلا ، وعلى النصب يكون تمييزا أو منصوبا على القطع ، وعلى الجر يكون مجرورا بالإضافة.

(٥) وأقل الاحتمالات هو جزء الدرهم على تقدير الجر.

(٦) أي ولاحتمال كون ، وهو معطوف على قوله السابق (لاحتمال كون كذا الثاني تأكيدا للأول في الأول).


«كذا» (١) شيئا مبهما ، والثاني (٢) معطوفا عليه (٣) في الثاني (٤) وميّزا (٥) بدرهم على تقدير النصب ، وابدلا (٦) منه (٧) على تقدير الرفع. وبيّنا معا (٨) بالدرهم مع الجر. ونزّل (٩) على أحدهما (١٠) مع الوقف (١١) ، أو أضيف (١٢) الجزء إلى جزء الدرهم في الجر (١٣) على ما اخترناه (١٤) ، وحمل الوقف عليه (١٥) أيضا.

(ولو فسر (١٦) في حالة(الجر) من الأقسام الثلاثة (١٧) (ببعض درهم جاز (١٨) ،

______________________________________________________

(١) وأي كلفظ (كذا) الأول.

(٢) أي لفظ (كذا) الثاني.

(٣) على (كذا) الأول.

(٤) أي في المثال الثاني وهو صورة التكرار مع العطف.

(٥) أي المعطوف والمعطوف عليه.

(٦) أي المعطوف والمعطوف عليه.

(٧) ولفظ (من) هنا بمعنى الباء والمعنى : وأبدلا به ، أي بالدرهم.

(٨) أي أضيفا معا إلى الدرهم إضافة بيانية نظير قوله : بين ذراعي وجبهة الأسد ، فيكون المراد بهما هو الدرهم.

(٩) أي الدرهم.

(١٠) أي الرفع والجر.

(١١) لانتفاء النصب لعدم وجود الألف الذي تثبت فيه وقفا.

(١٢) على تقدير الجر بحيث يراد من (كذا) الأول جزء الدرهم وهو مضاف إلى (كذا) الثاني ، الذي هو مضاف إلى الدرهم ويكون التقدير : جزء جزء الدرهم ، وجزء الجزء جزء وهذا ناظر إلى المثال الأول أعني صورة التكرار بلا عطف ، ويكون قوله (أو أضيف) معطوفا إلى قوله (والحكم في الأعراب ما سلف).

(١٣) فيما لو كان تكرار بلا عطف.

(١٤) في صورة عدم التكرار.

(١٥) أي على جزء الدرهم كما حمل الجر عليه ، لأنه في الوقف يحمل على أقل المحتملات من الجر والرفع.

(١٦) أي لفظ (كذا).

(١٧) وهي صورة عدم التكرار ، وصورة التكرار بغير عطف ، وصورة التكرار مع العطف.

(١٨) أي التفسير.


لإمكانه (١) وضعا (٢) يجعل الشي‌ء المراد ب «كذا» وما ألحق به (٣) كناية عن الجزء.

وفيه : أن قبول تفسيره به (٤) يقتضي صحته (٥) بحسب الوضع ، فكيف يحمل (٦) مع الإطلاق (٧) على ما هو أكثر منه (٨) ، مع إمكان الأقل ، فالحمل عليه (٩) مطلقا (١٠) أقوى.

(وقيل) ـ والقائل به الشيخ وجماعة (١١) ـ : (يتبع في ذلك) المذكور من قوله (١٢) : كذا وكذا كذا ، وكذا وكذا درهم ، بالحركات الثلاث ، والوقف وذلك اثنتا عشرة صورة (١٣) (موازنة (١٤) من الاعداد) جعلا لكذا كناية عن العدد ، لا عن الشي‌ء ، فيكون الدرهم في جميع أحواله تمييزا لذلك العدد ، فينظر إلى ما يناسبه (١٥) بحسب ما تقتضيه قواعد العربية من أعراب المميّز للعدد ويحمل (١٦) عليه (١٧).

______________________________________________________

(١) أي إمكان التفسير.

(٢) أي بحسب المعنى الوضعي للفظ (كذا).

(٣) الضمير في (به) راجع إلى (كذا) ، وما ألحق به هو (كذا) الثاني في صورة التكرار بغير عطف أو مع العطف.

(٤) أي أن قبول تفسير لفظ (كذا) ببعض الدرهم.

(٥) أي صحة التفسير.

(٦) أي لفظ (كذا).

(٧) بدون التفسير.

(٨) من بعض الدرهم.

(٩) على الأقل الذي هو جزء الدرهم.

(١٠) سواء فسر أم لا.

(١١) وهم ابن زهرة والعلامة في جملة من كتبه.

(١٢) أي قول المصنف.

(١٣) حاصلة من ضرب الأقسام الثلاثة في الاحتمالات الأربع ، الآتية من الحركات الثلاث والوقف.

(١٤) أي نظيره.

(١٥) أي فينظر إلى عدد يناسب المذكور من الدرهم المميّز.

(١٦) أي لفظ (كذا).

(١٧) أي على العدد المناسب لهذا الدرهم المميّز.


فيلزمه (١) ـ مع إفراد المبهم (٢) ورفع الدرهم (٣) ـ درهم ، لأن المميز (٤) لا يكون مرفوعا فيجعل بدلا كما مرّ ، ومع النصب (٥) عشرون درهما ، لأنه (٦) أقل عدد مفرد ينصب مميّزه ، إذ فوقه ثلاثون إلى تسعين فيحمل (٧) على الأقل ، ومع الجر (٨) مائة درهم ، لأنه (٩) أقل عدد مفرد فسّر بمفرد مجرور إذ فوقه الألف ، ومع الوقف (١٠) درهم (١١) ، لاحتماله (١٢) الرفع والجر فيحمل (١٣) على الأقلّ (١٤).

ومع تكريره (١٥) بغير عطف ورفع الدرهم (١٦) درهم (١٧) ، لما ذكرنا في الإفراد (١٨) مع كون الثاني تأكيدا للأول ، ومع نصبه (١٩) أحد عشر ، لأنه (٢٠) أقل

______________________________________________________

(١) أي يلزم المقر.

(٢) وهو لفظ (كذا).

(٣) عند قوله : له عليّ كذا درهم.

(٤) أي التمييز.

(٥) عند قوله : له عليّ كذا درهما.

(٦) أي لأن العدد المذكور من العشرين.

(٧) أي لفظ (كذا).

(٨) عند قوله : له عليّ كذا درهم.

(٩) أي لأن العدد المذكور من المائة.

(١٠) عند قوله : له علي كذا درهم.

(١١) أي يلزمه درهم.

(١٢) أي لاحتمال الوقف.

(١٣) أي لفظ (كذا).

(١٤) أي الرفع ، لأنه على الجر يلزمه مائة درهم.

(١٥) أي تكرير المبهم.

(١٦) عند قوله : له عليّ كذا كذا درهم.

(١٧) أي يلزمه درهم.

(١٨) أي إفراد المبهم من غير تكرار ، وما ذكره هو أن التمييز لا يكون مرفوعا فيتعين أن يكون بدلا عن الأول ، وجعل الثاني تأكيدا للأول.

(١٩) أي نصب الدرهم عند قوله : له عليّ كذا كذا درهما.

(٢٠) أي لأن العدد المذكور من أحد عشر.


عدد مركب مع غيره ينصب بعده مميّزه ، إذ فوقه اثنا عشر إلى تسعة عشر فيحمل (١) على المتيقن ، ومع جره (٢) ثلاثمائة درهم ، لأنه (٣) أقل عدد أضيف إلى آخر ، وميّز بمفرد مجرور ، إذ فوقه أربعمائة إلى تسعمائة ، ثم مائة مائة ، ثم مائة ألف ، ثم ألف ألف فيحمل (٤) على المتيقن (٥) ، والتركيب هنا (٦) لا يتأتى ، لأن مميز المركب لم يرد مجرورا.

وهذا القسم (٧) لم يصرح به صاحب القول (٨) ، ولكنه لازم له (٩) ، ومع الوقف (١٠) يحتمل الرفع والجر فيحمل (١١) على الأقل منهما ، وهو (١٢) الرفع(١٣).

ومع تكريره (١٤) معطوفا ورفع الدرهم (١٥) يلزمه درهم ، لما ذكر في الإفراد (١٦) بجعل الدرهم بدلا من مجموع المعطوف والمعطوف عليه. ويحتمل أن

______________________________________________________

(١) أي لفظ (كذا كذا).

(٢) أي جرّ الدرهم عند قوله : له عليّ كذا كذا درهم.

(٣) لأن العدد المذكور من ثلاث مائة.

(٤) أي لفظ (كذا كذا).

(٥) والمتيقن الأقل ، وهو ثلاث مائة.

(٦) أي في صورة الجر.

(٧) وهو الجر في صورة تكرار المبهم بغير عطف.

(٨) وهو الشيخ والجماعة الذين تابعوه.

(٩) أي ولكن هذا القسم هنا لازم لقوله الوارد في المبهم المكرر بغير عطف عند نصب الدرهم.

(١٠) أي الوقف على لفظ الدرهم عند قوله : له عليّ كذا كذا درهم.

(١١) أي لفظ (كذا كذا).

(١٢) أي الأقل.

(١٣) لأنه في صورة الجر يحمل على ثلاثمائة درهم.

(١٤) أي تكرير المبهم.

(١٥) عند قوله : له عليّ كذا وكذا درهم.

(١٦) أي إفراد المبهم من غير تكرير ، وما ذكره هو أن التمييز لا يكون مرفوعا فيتعين أن يكون بدلا ، إلا أنه هنا بدل عن مجموع المعطوف والمعطوف عليه ، وهذا مما لا خلاف فيه بيننا كما تقدم.


يلزمه (١) درهم وزيادة ، لأنه ذكر شيئين متغايرين بالعطف ، فيجعل الدرهم تفسيرا للقريب منهما ، وهو (٢) المعطوف فيبقى المعطوف عليه (٣) على إبهامه ، فيرجع إليه (٤) في تفسيره ، وأصالة البراءة تدفعه (٥).

ومع نصب الدرهم (٦) يلزمه أحد وعشرون درهما ، لأنه (٧) أقل عددين عطف أحدهما على الآخر ، وانتصب المميّز بعدهما ، إذ فوقه اثنان وعشرون إلى تسعة وتسعين فيحمل (٨) على الأقل. ومع جر (٩) الدرهم يلزمه ألف ومائة ، لأنه (١٠) أقل عددين عطف أحدهما على الآخر وميّز بمفرد مجرور ، إذ فوقه (١١) من الاعداد المعطوف عليها المائة (١٢) والألف (١٣) ما لا نهاية له ، ويحتمل جعل الدرهم مميزا (١٤) للمعطوف ، فيكون (١٥) مائة (١٦) ، ويبقى المعطوف عليه مبهما فيرجع إليه (١٧) في

______________________________________________________

(١) كما هو قول عن الشافعي.

(٢) أي يلزم المقر.

(٣) أي القريب.

(٤) إلى المقر.

(٥) أي تدفع هذا الاحتمال بعد حمل لفظ (كذا) على جزء الدرهم ويكون المجموع من الجزءين درهما واحدا ، ولذا كان الدرهم بدلا عن المجموع من المعطوف والمعطوف عليه.

(٦) عند قوله : له عليّ كذا وكذا درهما.

(٧) أي لأن العدد المذكور من أحد وعشرين.

(٨) أي لفظ (كذا وكذا).

(٩) عند قوله : له عليّ كذا وكذا درهم.

(١٠) مبني على تقديم الأكثر في عطف الأعداد إذا كان بعد المائة ، وأما العطف في الأعداد إذا كان قبل المائة فيقدم الأقل فتقول أحد وعشرون.

(١١) أي فوق العدد المذكور من الألف ومائة.

(١٢) كثلاث مائة وأربع مائة وهكذا.

(١٣) كثلاثة آلاف وأربعة آلاف وهكذا.

(١٤) في صورة الجر.

(١٥) أي المعطوف.

(١٦) لأن العدد المذكور من المائة هو أقل عدد مفرد فسّر بمفرد مجرور ، إذ فوقه الألف.

(١٧) إلى المقر.


تفسيره ، وجعله (١) درهما لمناسبة الأعداد المميّزة (٢) ، فيكون التقدير درهم ومائة درهم ، لأصالة (٣) البراءة من الزائد. وهذا القسم (٤) أيضا لم يصرحوا (٥) بحكمه ، ولكنه (٦) لازم للقاعدة (٧).

ومع الوقف عليه (٨) يحتمل الرفع والجر فيحمل (٩) على الأقل ، وهو (١٠) الرفع(١١).

وإنما حملنا العبارة (١٢) على جميع هذه الأقسام (١٣) مع احتمال أن يريد (١٤) بقوله «كذا كذا درهما. وكذا وكذا درهما كذلك» حكمهما (١٥) في حالة النصب ، لأنه (١٦) الملفوظ ، ويكون حكمهما في غير حالة النصب مسكوتا عنه ، لأنه (١٧)

______________________________________________________

(١) أي ويحتمل جعل المعطوف عليه درهما.

(٢) وهو المائة المميّزة بالدرهم ، والحاصل لما كان المعطوف عليه قد فسر بالمائة ، وهي بلا كسر فيناسب تفسير المعطوف بعدد لا كسر فيه ، وهو الدرهم وبهذا ينتفي إرادة جزء الدرهم من المعطوف ، وتنتفي إرادة الأزيد من الدرهم بأصالة البراءة منه.

(٣) تعليل لنفي ما فوق الدرهم في المعطوف عليه ، وأما تعليل نفي ما دون الدرهم فقد تقدم عند قوله لمناسبة الأعداد المميّزة.

(٤) أي الجر في صورة التكرار مع العطف.

(٥) أي الشيخ والجماعة الذين تابعوه.

(٦) أي هذا القسم.

(٧) وهي مراعاة النظير من الأعداد.

(٨) على الدرهم عند قوله : له عليّ كذا وكذا درهم.

(٩) أي لفظ (كذا وكذا).

(١٠) أي الأقل.

(١١) لأنه على الرفع يلزمه درهم ، وعلى الجر يلزمه ألف ومائة أو درهم ومائة درهم.

(١٢) أي عبارة المصنف عند قوله (وكذا كذا درهما ، وكذا وكذا درهما كذلك).

(١٣) من الرفع والنصب والجر والوقف.

(١٤) أي المصنف.

(١٥) أي حكم التكرار بلا عطف والتكرار مع العطف.

(١٦) أي النصب.

(١٧) أي المصنف ، وهذا تعليل لحمل العبارة السابقة على جميع الأقسام دون اختصاصها بحالة النصب فقط.


عقّبه (١) بقوله : «ولو فسر في الجر ببعض درهم جاز» وذلك (٢) يقتضي كون ما سبق شاملا لحالة الجر (٣) ، إذ يبعد كون قوله : «ولو فسر في الجر» تتميما لحكم «كذا» المفرد (٤) لبعده (٥).

وعلى التقديرين (٦) يترتب عليه قوله : «وقيل : يتبع في ذلك موازنه» فعلى ما ذكرناه (٧) تتشعب (٨) الصور إلى اثنتي عشرة ، وهي (٩) الحاصلة : من ضرب أقسام الإعراب الأربعة (١٠) في المسائل الثلاث ، وهي (١١) : كذا المفرد ، والمكرر بغير عطف ، ومع العطف (١٢) ، وعلى الاحتمال (١٣) يسقط من القسمين الأخيرين (١٤) ما زاد (١٥) على نصب المميز فتنتصف الصور.

وكيف كان (١٦) فهذا القول (١٧)

______________________________________________________

(١) أي عقّب قوله السابق.

(٢) أي التعقيب.

(٣) فلذا حملنا العبارة السابقة على جميع هذه الأقسام الشاملة للرفع والنصب والجر والوقف.

(٤) أي غير المعطوف وغير المركب.

(٥) أي بعده لفظا بعد الفصل بالأجنبي.

(٦) من التعميم لجميع الأقسام ، والتخصيص لحالة النصب.

(٧) من التعميم لجميع الأقسام.

(٨) أي تتشعب الصور في قول الشيخ إلى اثنتي عشرة صورة.

(٩) أي الاثنتا عشرة صورة.

(١٠) من الرفع والنصب والجر والوقف.

(١١) أي المسائل الثلاث.

(١٢) أي والمكرر مع العطف.

(١٣) أي احتمال التخصيص بحالة النصب.

(١٤) وهما التكرار بغير عطف ومع العطف.

(١٥) وهو صورة الرفع والجر والوقف فيسقط من صورتي العطف وعدمه عند التكرار ست صور ، ويبقى ست صور ، وهي أربع صور الأفراد ، وصورتا النصب عند التكرار مع العطف وبدونه.

(١٦) أي وكيف كان مراد المصنف من العبارة سواء كان التعميم أم التخصيص في حالة النصب.

(١٧) أي قول الشيخ والجماعة من حمل لفظ (كذا) على أنه كناية عن العدد وينظر إلى نظيره من الأعداد بحسب حركات الدرهم.


ضعيف (١) ، فإن هذه الألفاظ (٢) لم توضع لهذه المعاني (٣) لغة ، ولا اصطلاحا ، ومناسبتها (٤) على الوجه المذكور لا يوجب اشتغال الذمة بمقتضاها (٥) مع أصالة البراءة ، واحتمالها (٦) لغيره (٧) على الوجه الذي بيّن (٨) ، ولا فرق في ذلك (٩) بين كون المقر من أهل العربية وغيرهم ، لاستعمالها (١٠) على الوجه المناسب للعربية (١١) في غير ما ادعوه (١٢) استعمالا شهيرا ، خلافا للعلامة (١٣) حيث فرّق ، وحكم بما ادعاه الشيخ على المقر إذا كان من أهل اللسان ، وقد ظهر ضعفه (١٤).

(و) إنما(يمكن هذا) القول (١٥) (مع الاطلاع على القصد) أي على قصد المقر ، وأنه (١٦) أراد ما ادعاه القائل (١٧) ، ومع الاطلاع لا إشكال.

[في ما لو قال (و (١٨):

______________________________________________________

(١) ووجه الضعف قد تقدم أن لفظ (كذا) كناية عن الشي‌ء عرفا ، ولفظ الإقرار يحمل على المعنى العرفي لا اللغوي.

(٢) من (كذا) المفرد والمركب والمعطوف.

(٣) أي وهي الأعداد الموازنة.

(٤) أي مناسبة هذه الأعداد لتلك الألفاظ باعتبار حركات الدرهم المميّز.

(٥) أي بمقتضى هذه المعاني ، وهي الأعداد الموازنة.

(٦) أي احتمال هذه الألفاظ من كذا المفرد والمركب والمعطوف.

(٧) لغير هذه المعاني وهي الأعداد الموازنة.

(٨) بحملها على الشي‌ء والجزء.

(٩) أي في عدم حمل هذه الألفاظ على تلك المعاني من الأعداد الموازنة.

(١٠) أي استعمال هذه الألفاظ.

(١١) عند ما حملت على الشي‌ء والجزء.

(١٢) من الحمل على العدد الموازن كما فعله الشيخ وجماعة.

(١٣) في التذكرة.

(١٤) أي ضعف تفريق العلامة ، أو ضعف قول الشيخ فيبطل تفريق العلامة المبني عليه ، والثاني أنسب.

(١٥) أي قول الشيخ والجماعة.

(١٦) أي المقر.

(١٧) وهو الشيخ والجماعة.

(١٨) أي القائل.


(لي عليك ألف ، فقال (١) : نعم ، أو أجل ، أو بلى ، أو انا مقر به لزمه (٢) الألف.

أما جوابه بنعم فظاهر ، لأن قول المجاب (٣) إن كان خبرا فهي (٤) بعده (٥) حرف تصديق ، وإن كان (٦) استفهاما محذوف الهمزة فهي (٧) بعده (٨) للإثبات والاعلام. لأن الاستفهام عن الماضي إثباته ب «نعم» ونفيه ب «لا».

وأجل مثله (٩).

وأما بلى فانها وإن كانت لابطال النفي (١٠) ، إلا أن الاستعمال العرفي جوّز وقوعها في جواب الخبر المثبت (١١) كنعم ، والاقرار جار عليه (١٢) لا على دقائق اللغة ، ولو قدّر كون القول (١٣) استفهاما فقد وقع استعمالها (١٤) في جوابه (١٥) لغة

______________________________________________________

(١) أي الآخر.

(٢) أي لزم المجيب.

(٣) وهو : لي عليك ألف.

(٤) أي نعم.

(٥) بعد الخبر.

(٦) أي قول المجاب.

(٧) أي نعم.

(٨) بعد الاستفهام.

(٩) أي مثل لفظ (نعم).

(١٠) لفظ (بلى) مختص بالنفي ، ويفيد إبطاله ، سواء كان النفي مجردا نحو قوله تعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلىٰ وَرَبِّي) (١) ، أم مقرونا بالاستفهام ، نحو قول القائل : أليس زيد بقائم فتقول : بلى ، وإذا أفاد إبطال النفي فلا يكون إقرارا هذا بحسب اللغة ، وأما بحسب العرف زائدة فيصح أن تقع جوابا للخبر المثبت وتكون تصديقا له ، وعليه فتكون إقرارا بمضمونه ، ومقامنا هنا منه ، لأن الوارد خبر مثبت وليس بمنفي بلا خلاف فيه بيننا ، لأن لفظ الإقرار محمول على العرف لا على اللغة.

(١١) ومقامنا منه.

(١٢) على العرف.

(١٣) أي قول القائل : لي عليك ألف.

(١٤) أي استعمال (بلى).

(١٥) الاستفهام.

__________________

(١) سورة التغابن ، الآية : ٧.


وإن قل (١) ، ومنه (٢) قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه : «أترضون أن تكونوا من أرفع أهل الجنة؟ قالوا : «بلى» (٣) ، والعرف (٤) قاض به (٥).

وأما قوله : «انا مقر به (٦) ، فانه (٧) وإن احتمل كونه (٨) مقرا به (٩) لغيره (١٠) ، وكونه (١١) وعدا بالاقرار ، من حيث إن مقرا اسم فاعل يحتمل الاستقبال (١٢) إلا أن المتبادر منه (١٣) كون ضمير «به» عائدا إلى ما ذكره (١٤) المقر له ، وكونه (١٥) اقرارا بالفعل (١٦) عرفا ، والمرجع فيه (١٧) إليه (١٨).

______________________________________________________

(١) أي الاستعمال.

(٢) أي ومن هذا الاستعمال القليل.

(٣) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٥٧٣ الطبعة الأولى بمصر.

(٤) مضافا إلى وقوعه في اللغة.

(٥) أي بكون لفظ (بلى) حرف تصديق إذا وقع بعد الاستفهام.

(٦) لو قال في جواب لي عليك ألف : أنا مقر به أو بما تدعي ، فيلزمه الألف على المشهور ، وعن الدروس أنه غير ظاهر في الإقرار للمخاطب لجواز إرادة الإقرار لغيره ، وغاية اللفظ أنه إقرار بالدعوى ، وهو أعم من الإقرار بها للمخاطب ولغيره ، فلا يكون إقرارا للمخاطب حتى يقول : أنا مقرّ به لك.

وفيه بأن المتبادر عود الضمير في قوله (به) إلى ما ذكره المخاطب من كون الألف له.

(٧) أي الشأن والواقع.

(٨) أي كون المجيب.

(٩) بالألف.

(١٠) لغير المخاطب.

(١١) معطوف على قوله (وإن احتمل كونه) ، والضمير راجع إلى قول المجيب عند ما قال : أنا مقر به.

(١٢) فيكون قوله (أنا مقر به) بقوة قوله : أنا سأقرّ به ، وهو وعد بالإقرار وليس إقرارا.

(١٣) من قول المجيب.

(١٤) من كون الألف للمقر له.

(١٥) أي وكون قول المجيب ، وهو معطوف على قوله (إلا أن المتبادر منه كون ضمير ..).

(١٦) وليس وعدا بالإقرار فيما بعد.

(١٧) في الإقرار.

(١٨) إلى العرف.


وقوى المصنف في الدروس أنه (١) ليس باقرار حتى يقول : لك. وفيه مع ذكر (٢) أنه (٣) لا يدفع لو لا دلالة العرف ، وهي (٤) واردة على الأمرين (٥).

ومثله (٦) أنا مقر بدعواك ، أو بما ادعيت ، أو لست منكرا له ، لدلالة العرف ، مع احتمال أن لا يكون الأخير (٧) اقرارا ، لأنه (٨) أعم.

(ولو قال (٩) : زنه ، أو انتقده ، أو أنا مقر (١٠)

______________________________________________________

(١) أي قول المجيب.

(٢) من أنه على خلاف المتبادر.

(٣) أي أن ما زاده المصنف في الدروس من ضميمة (لك) لا يدفع الاحتمال بأنه ليس إقرارا ، لأننا نحتمل أنه وعد بالإقرار.

(٤) أي دلالة العرف.

(٥) من زيادة (لك) وعدمها.

(٦) أي ومثل قوله : أنا مقر به.

(٧) وهو قوله : لست منكرا.

(٨) أي الأخير أعم من الإقرار ، لوضوح أن عدم الإنكار أعم من الإقرار ، ومع ذلك يحمل على الإقرار للعرف.

(٩) أي لو قال المجيب في جواب لي عليك ألف : زنه أو انتقده أو خذه أو هو ميراثك أو شدّ هيمانك أو هيئ ميزانك ونحوه مما يستعمل في التهكم والاستهزاء لم يكن إقرارا بلا خلاف فيه ، لعدم صدق الإقرار عليه عرفا ، لاحتمال الاستهزاء والتهكم.

(١٠) لو قال المجيب في جواب لي عليك ألف : أنا مقر ، واقتصر ولم يقل : أنا مقر به لم يكن إقرارا ، لأن المقر به غير مذكور فيحتمل كونه المدعى به ، ويحتمل غيره ، ولذا لو فسّر إقراره بأنه يريد منه الإقرار بالله تعالى لم يكن منافيا ، ويحتمل عدّه إقرارا بقرينة صدوره عقيب الدعوى ، واستعماله لغة كذلك كما في قوله تعالى : (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا أَقْرَرْنٰا) (١) ، ولأنه لو جاز تعلقه بغير الدعوى للزم حمله على الهذر ، ولذا لو ادعي عليه الدين فقال : أنا مقر بكون السماء فوقنا والأرض تحتنا لعدّ جوابه هذرا.

وفيه منع القرينة المدعاة وهي صدوره عقيب الدعوى ، إذ يحتمل صدوره عقيب الدعوى مع الاستهزاء فلا يكون إقرارا.

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية : ٨١.


ولم يقل (١) : «به» (لم يكن شيئا) أما الأولان فلانتفاء دلالتهما على الاقرار ، لإمكان خروجهما مخرج الاستهزاء ، فإنه (٢) استعمال شائع في العرف ، وأما الأخير (٣) فلأنه مع انتفاء احتماله الوعد (٤) يحتمل كون المقر به المدّعى وغيره (٥) ، فإنه (٦) لو وصل به قوله «بالشهادتين» أو «ببطلان دعواك» لم يختل اللفظ (٧) لأن المقر به غير مذكور ، فجاز تقديره (٨) بما يطابق المدعى وغيره معتضدا بأصالة البراءة.

ويحتمل عدّه (٩) إقرارا ، لأن صدوره (١٠) عقيب الدعوى قرينة صرفه (١١) إليها (١٢) وقد استعمل لغة كذلك (١٣) ، كما في قوله تعالى : (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا أَقْرَرْنٰا) (١٤) وقوله (١٥) تعالى : (قٰالَ فَاشْهَدُوا) ، ولأنه (١٦) لولاه (١٧)

______________________________________________________

(١) في الأخير.

(٢) أي خروجهما مخرج الاستهزاء.

(٣) وهو قوله : أنا مقر مقتصرا عليه.

(٤) إذ يحتمل أنه وعد بالإقرار ، وعليه فمع التسليم بانتفاء احتمال الوعد في المستقبل.

(٥) أي وغير المدعى.

(٦) فإن الشأن والواقع لو وصل المجيب بقوله السابق قوله بالشهادتين.

(٧) أي لفظ المجيب : أنا مقر.

(٨) أي تقدير المقرّ به.

(٩) أي عد الأخير عند ما قال : أنا مقرّ مقتصرا عليه.

(١٠) أي صدور قوله : أنا مقر.

(١١) أي صرف الأخير عند ما قال : أنا مقر.

(١٢) أي إلى الدعوى.

(١٣) أي في الإقرار بالدعوى.

(١٤) وتتمة الآية : (قٰالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّٰاهِدِينَ) (١).

(١٥) وهذا من تتمة الآية السابقة ، وأتي به للتدليل على صدق الإقرار مع عدم التلفظ بلفظ (به) ، والدليل على صدق إقرارهم طلبه الشهادة منهم.

(١٦) ولأن الشأن والواقع.

(١٧) أي لو لا الإقرار.

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية : ٨١.


لكان (١) هذرا.

وفيه (٢) منع القرينة (٣) لوقوعه (٤) كثيرا على خلاف ذلك (٥) ، واحتمال الاستهزاء مندفع عن الآية (٦). ودعوى الهذرية إنما يتم لو لم يكن الجواب بذلك (٧) مفيدا ولو (٨) بطريق الاستهزاء ، ولا شبهة في كونه (٩) من الأمور المقصودة للعقلاء عرفا المستعمل لغة ، وقيام الاحتمال (١٠) يمنع لزوم الاقرار بذلك (١١).

(ولو قال : أليس لي عليك كذا؟ فقال : بلى ، كان اقرارا (١٢) ، لأن بلى

______________________________________________________

(١) أي لكان قول المجيب : أنا مقر ـ إذا تعلق بغير المدعى ـ هذرا.

(٢) أي وفي هذا الاحتمال.

(٣) وهي صدوره عقيب الدعوى على أنه إقرار بها.

(٤) أي وقوع قوله : أنا مقر عقيب الدعوى.

(٥) أي على خلاف كونه إقرارا بالدعوى.

(٦) والمعنى أن كون الآية مستعملة في هذا المعنى من تعلقه بإقرار الدعوى لا يفيد في غيرها لاحتمال الاستهزاء في غيرها.

(٧) أي بغير الإقرار بالمدعى.

(٨) أي ولو كانت الفائدة هي الاستهزاء بقول القائل : لي عليك ألف.

(٩) أي كون الاستهزاء ونحوه من غير المدعى مما يجعل الجواب مفيدا.

(١٠) أنه يريد بقوله غير المدعى.

(١١) أي بالمدعى.

(١٢) قد تقدم أن لفظ (بلى) مختص بالنفي ، ويفيد إبطاله ، سواء كان النفي مجردا كما في قوله تعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلىٰ وَرَبِّي) (١) أم مقرونا بالاستفهام ، حقيقيا كقول القائل : أليس زيد بقائم فتقول : بلى ، أو توبيخيا كما في قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ، قٰالُوا بَلىٰ) (٢) ، وقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ، قٰالُوا بَلىٰ) (٣) ، وأجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في ردّه ببلى ، ولذلك قال ابن عباس وغيره : لو قالوا : نعم

__________________

(١) سورة التغابن ، الآية : ٧.

(٢) سورة الملك ، الآية : ٨.

(٣) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٢.


حرف يقتضي ابطال النفي (١) ، سواء كان (٢) مجردا (٣) نحو (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلىٰ وَرَبِّي) (٤) أم مقرونا بالاستفهام الحقيقي كالمثال (٥) ، أم التقريري (٦) نحو (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قٰالُوا بَلىٰ) (٧) (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ) (٨). ولأن (٩) أصل ، بلى ، بل (١٠) ، زيدت عليها (١١) الألف ، فقوله (١٢) : بلى ، ردّ لقوله (١٣) : «ليس لي عليك كذا» فإنه (١٤) الذي دخل عليه حرف الاستفهام ، ونفي (١٥)

______________________________________________________

لكفروا ، ووجهه أن لفظ (نعم) تصديق للخبر نفيا أو إثباتا ، فيكون لفظ (نعم) هنا تصديقا للمخبر بنفيه ولذا ثبت كفرهم.

وعلى كل لما اختصت (بلى) بالنفي ، وكانت هي بحسب الأصل (بل) زيد عليها الألف و (بل) يؤتي بها للرد على ما سبق وإبطاله فكذلك (بلى) ، ولما كانت (بلى) مختصة بالنفي ، فتكون نفيا له ، ونفي النفي إثبات ، لذلك كانت (بلى) تبطل النفي وترده ، فإذا وقعت جوابا عن الخبر المنفي أبطلت النفي ، وكان ذلك إقرارا بمضمون الخبر ، لذلك كانت إقرارا في المقام بلا خلاف فيه ولا إشكال.

(١) وإبطال النفي إقرار بالمنفي.

(٢) أي النفي.

(٣) أي مجردا عن الاستفهام.

(٤) سورة التغابن ، الآية : ٧.

(٥) وهو قول القائل : أليس لي عليك كذا ، فقال المجيب : بلى ، بخلاف السابق فإن لفظ (بلى) وقعت جوابا للخبر المثبت ، وهذا هو الفارق بين مقامنا وبين ما تقدم.

(٦) أي الاستفهام التقريري وهو الاستفهام التوبيخي.

(٧) سورة الملك ، الآية : ٨.

(٨) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٢.

(٩) دليل ثان على كون (بلى) بعد النفي إقرارا ، وفيه أنه راجع إلى الدليل الأول.

(١٠) وبل رد لما سبق وإبطال له فكذلك بلى.

(١١) على كلمة (بل).

(١٢) أي فقول المجيب.

(١٣) أي لقول المخاطب.

(١٤) أي فإن النفي.

(١٥) عطف على قوله (رد لقوله).


له (١) ، ونفي النفي إثبات فيكون اقرارا.

(وكذا لو قال : نعم على الأقوى (٢) ، لقيامها (٣) مقام بلى لغة وعرفا أما العرف فظاهر ، وأما اللغة فمنها (٤) قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأنصار : ألستم ترون لهم ذلك؟ فقالوا : «نعم» وقول بعضهم :

أليس اللّيل يجمع أمّ عمرو

وايّانا فذاك بنا تداني

نعم ، وأرى الهلال كما تراه

ويعلوها النّهار كما علاني

ونقل في المغني عن سيبويه وقوع «نعم» في جواب «ألست» (٥) ، وحكى عن جماعة من المتقدمين والمتأخرين جوازه.

والقول الآخر : أنه (٦) لا يكون اقرارا ، لأن «نعم» حرف تصديق كما مرّ ، فإذا ورد على النفي الداخل عليه الاستفهام كان تصديقا له (٧) فينافي الاقرار ،

______________________________________________________

(١) أي للنفي.

(٢) لو قال في جواب أليس لي عليك ألف : نعم ، لم يكن إقرارا كما عن الشيخ في المبسوط ، لأن لفظ (نعم) قد وضع لتقرير ما سبق من السؤال ، فإذا كان نفيا اقتضى تقرير النفي ، فيكون إنكارا وليس إقرارا.

وعن أكثر المتأخرين كما في المسالك أنه إقرار ، لأن لفظ (نعم) بعد النفي عرفا بمعنى (بلى) ، وهذا مستعمل عندهم استعمالا شائعا ، وكما أن لفظ (بلى) بعد النفي إقرار فكذلك لفظ (نعم).

بل قد ورد التصريح بكون لفظ (نعم) بعد النفي كلفظ (بلى) لغة ، ومن جملة من صرح بذلك ابن هشام في المغني ونقله عن سيبويه ، واستشهد على ورود ذلك لغة بقول الشاعر :

أليس الليل يجمع أم عمرو

وإيانا فذاك بنا تداني

نعم وأرى الهلال كما تراه

ويعلوها النهار كما علاني

(٣) أي لقيام نعم.

(٤) فمن اللغة.

(٥) على أن تكون (نعم) تقريرا للمنفي بعد إبطال النفي.

(٦) أن لفظ (نعم).

(٧) للنفي.


ولهذا قيل ـ ونسب (١) إلى ابن عباس ـ : إن المخاطبين بقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ (٢)) لو قالوا : نعم كفروا. فيكون التقدير حينئذ (٣) : ليس لك عليّ ، فيكون انكارا ، لا اقرارا.

وجوابه : انا لا ننازع في إطلاقها (٤) كذلك (٥) ، لكن قد استعملت في المعنى الآخر (٦) لغة كما اعترف به جماعة. والمثبت (٧) مقدم ، واشتهرت (٨) فيه (٩) عرفا ، وردّ (١٠) المحكي عن ابن عباس ، وجوّز الجواب بنعم ، وحمله (١١) في المعنى على أنه لم يكن اقرارا كافيا (١٢) ، لاحتماله (١٣). وحيث ظهر ذلك (١٤) عرفا ووافقته اللغة رجّح هذا المعنى (١٥) ، وقوي كونه (١٦) اقرارا.

______________________________________________________

(١) كما في مغني اللبيب.

(٢) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٢.

(٣) أي حين كون (نعم) تصديقا للنفي.

(٤) أي إطلاق (نعم).

(٥) أي في كونها تصديقا للنفي.

(٦) وهو إبطال للنفي وتقرير للمنفي كلفظ (بلى).

(٧) أي والمثبت من أهل اللغة بأن لفظ (نعم) مستعمل في إبطال النفي وتقرير المنفي مقدم على النافي ، لأن المثبت قد اطلع على ورود هذا الاستعمال بخلاف النافي الذي لم يطلع.

(٨) أي (نعم).

(٩) في المعنى الآخر من كونها إبطالا للنفي وتقريرا للمنفي.

(١٠) أي وردّ المحكي عن ابن عباس بأن الاستفهام التقريري الوارد في الآية خبر موجب وليس بمنفي ، فلذا لو أجابوا بنعم لم يكفروا ، لأن (نعم) بعد الإيجاب تصديق ، وهذا ما نقله ابن هشام في المغني عن السهيلي وغيره.

(١١) أي وحمل قول ابن عباس.

(١٢) أي لم يكن إقرارا كافيا بالربوبية ، لأن لفظ (نعم) محتمل لكونها إبطالا للنفي ، ومحتمل لتصديق النفي ، واللفظ المحتمل لا يكفي في تحقق الإسلام.

(١٣) أي لاحتمال الإقرار بالربوبية.

(١٤) من كونها أبطالا للنفي وتقريرا للمنفي.

(١٥) أي معنى إبطال النفي وتقرير المنفي.

(١٦) أي كون (نعم) بعد النفي.


الفصل الثاني ـ في تعقيب الاقرار بما ينافيه

وهو (١) قسمان : مقبول ومردود (والمقبول منه (٢) الاستثناء (٣) إذا لم)

______________________________________________________

(١) أي التعقيب بالمنافي.

(٢) من التعقيب بالمنافي.

(٣) يصح جريان الاستثناء في الإقرار بلا خلاف فيه بيننا ، خلافا للمحكي عن مالك فمنعه فيه ، ولا ريب في فساده ، نعم يعتبر في الاستثناء الاتصال العادي الذي يصح في الاستعمال عادة ، فلا بأس بالتنفس والسعال وغيرهما بين الإقرار والاستثناء ، مما لا يعدّ معه الاستثناء منفصلا عرفا ، خلافا للمحكي عن ابن عباس حيث جوّزه إلى شهر ونقله سيد الرياض عن الحلي ، وربما حمل كلام الأخير على أنه لو أخبر بالاستثناء في تلك المدة قبل منه ، ولا ريب في ضعفه ، إذ معه يكون منفصلا ، ولا بد من الاتصال في الاستثناء قضاء لحق معناه.

هذا وأحكام الاستثناء كثيرة ، ويقتصر على ثلاثة أحكام منها مما لها الدخل في الإقرار وهي :

الحكم الأول : يكفي في صحة الاستثناء أن يبقى بعده بقية للمستثنى منه ، سواء كانت البقية أقل أو أكثر أو مساوية ، والخلاف في ذلك من أهل الخلاف فعندهم قول بمنع استثناء الأكثر ، وقول بمنع المساوي والأكثر وهو للحنابلة وأبي بكر الباقلاني ، وقول باشتراط بقاء كثرة تقرب من مدلول لفظ المستثنى منه.

والأصح الجواز مطلقا ، لوقوع استثناء الأكثر في اللغة وفي القرآن ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ عِبٰادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطٰانٌ إِلّٰا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغٰاوِينَ) (١) ، ولأن المستثنى منه والمستثنى كالشي‌ء الواحد فلا يتفاوت الحال في الجواز بكثرة المستثنى منه أو قلته نعم استثناء الأكثر مستهجن كما حرر في الأصول ، وهذا لا يضر بالحمل عليه في كتاب الإقرار ، وإنما لا يلتزم به في كلام الشارع المقدس ، وبهذا يندفع الإشكال بين كلامهم هنا في الإقرار بصحة استثناء الأكثر وبين كلامهم هناك في الأصول بمنع استثناء الأكثر ، إذ هو ممنوع في كلام الشارع لأنه مستهجن.

الحكم الثاني : الاستثناء من الإثبات نفي بلا خلاف فيه ، لأن الاستثناء نفي لما قبله ، والنفي من الإثبات نفي ، وأما الاستثناء

من النفي فهو إثبات كما عن الأكثر بين المسلمين

__________________

(١) سورة الحجر ، الآية : ٤٢.


(يستوعب (١) المستثنى منه) ، سواء بقي أقل مما أخرج أم أكثر أم مساو (٢) ، ولأن (٣) المستثنى والمستثنى منه كالشي‌ء الواحد فلا يتفاوت الحال بكثرته (٤) وقلته ،

______________________________________________________

ولم يخالف إلا أبو حنيفة بزعم وجود واسطة بين النفي والإثبات فلا يلزم من نفي النفي إثبات لجواز التوقف.

وفيه أولا : النقض بالاستثناء من الإثبات ، فإن تحقق الواسطة تمنع من إثبات تحقق النفي بعد الاستثناء من الإثبات ، مع أنه قائل بتحقق النفي.

وثانيا : بالنقض أيضا ، أنه لو كان كذلك لما أفاد قولنا لا إله إلا الله إثبات التوحيد ، مع أن الاكتفاء به ثابت بالاتفاق.

وثالثا : بالحل بأنه لا واسطة بين النفي والإثبات لعدم الواسطة بين الوجود والعدم كما تشهد بذلك البداهة والضرورة.

الحكم الثالث : الاستثناء من الجنس بأن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه ، وهو المسمى بالمتصل ، فهو جائز بالاتفاق ، وأما الاستثناء من غير الجنس وهو المسمى بالمنقطع فجائز على الأكثر ، ولوروده في القرآن كما في قوله تعالى : (لٰا يَسْمَعُونَ فِيهٰا لَغْواً إِلّٰا سَلٰاماً) (١) ، وقوله تعالى : (لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) (٢) ، وقوله تعالى : (فَسَجَدُوا إِلّٰا إِبْلِيسَ كٰانَ مِنَ الْجِنِّ) (٣).

والمحكي عن محمد بن الحسن وزفر وأحمد بن حنبل عدم الجواز ، ومما تقدم تعرف ضعفه ، نعم وقع الخلاف بين المجوزين أنه على نحو الحقيقة أو المجاز ، والمحققون على الثاني ، وتظهر الفائدة في أن إطلاقه محمول على الجنس إلا مع قيام القرينة على خلافة ، كقول القائل : له عليّ ألف إلا ثوبا ، فمع عدم القرينة يحمل الألف على الأثواب بناء على الاستعمال الحقيقي ، وعلى الدراهم بناء على الاستعمال المجازي ، وتحقيق المسألة في محله من الأصول.

(١) ضمير الفاعل راجع إلى الاستثناء ، ومع الاستيعاب لا يكون الاستثناء مقبولا ، لعدم الفائدة حينئذ من ذكر المستثنى منه ، نعم مع عدم الاستيعاب تبقى الفائدة بذكر المستثنى منه وهو الدليل الأول على صحة استثناء الأكثر والمساوي والأقل.

(٢) وهذا هو الحكم الأول.

(٣) دليل ثان على صحة مطلق الاستثناء ما لم يستوعب المستثنى منه.

(٤) أي بكثرة المستثنى منه.

__________________

(١) سورة الواقعة ، الآية : ٢٦.

(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٩.

(٣) سورة الحجر ، الآية : ٣٠.


ولوقوعه (١) في القرآن وغيره (٢) من اللفظ الفصيح العربي.

(و) إنما يصح الاستثناء إذا(اتصل (٣) بالمستثنى منه(بما جرت به العادة) فيغتفر التنفس بينهما (٤) والسّعال وغيرهما (٥) مما لا يعد منفصلا عرفا ، ولما كان الاستثناء إخراج ما لولاه (٦) لدخل (٧) في اللفظ (٨) كان المستثنى والمستثنى منه متناقضين (٩).

(فمن الإثبات نفي (١٠) ، ومن النفي إثبات) أما الأول (١١) فعليه إجماع العلماء ، وأما الثاني (١٢) فلأنه (١٣) لولاه (١٤) لم يكن «لا إله إلا الله» يتم به التوحيد ، لأنه (١٥) لا يتم إلا بإثبات الإلهية لله تعالى (١٦) ، ونفيها (١٧) عما عداه

______________________________________________________

(١) دليل ثالث على صحة مطلق الاستثناء ما لم يستوعب ، والوقوع أكبر دليل على الإمكان.

(٢) غير القرآن.

(٣) ومع الانفصال لا يكون استثناء من الكلام السابق ، لانعقاد ظهور السابق ، فيكون الاستثناء كلاما جديدا.

(٤) بين المستثنى والمستثنى منه.

(٥) غير التنفس والسعال.

(٦) أي لو لا الاستثناء.

(٧) ضمير الفاعل راجع إلى ما الموصولة في قوله : (ما لولاه).

(٨) أي لفظ المستثنى منه.

(٩) لأن عموم المستثنى منه يقتضي إدخال المستثنى تحته ، والاستثناء يقتضي إخراجه ، فالتناقض باعتبار الإدخال والإخراج ، أو باعتبار حكم المستثنى منه وحكم المستثنى.

(١٠) أي فالاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات ، وهذا هو الحكم الثاني.

(١١) وهو كون الاستثناء من الإثبات نفيا.

(١٢) وهو كون الاستثناء من النفي إثباتا.

(١٣) أي فلان الثاني.

(١٤) أي لو لا كون الاستثناء من النفي إثباتا.

(١٥) أي لأن التوحيد.

(١٦) كما هو مفاد المستثنى.

(١٧) أي ونفي الألوهية.


تعالى (١) ، والنفي هنا حاصل (٢) ، فلو لم يحصل الإثبات (٣) لم يتم التوحيد.

وعلى ما ذكر من القواعد(فلو قال : له عليّ مائة إلا تسعين فهو اقرار بعشرة (٤) ، لأن المستثنى منه إثبات للمائة ، والمستثنى نفي للتسعين منها (٥) فبقي عشرة.

(ولو قال : الا تسعون) بالرفع(فهو اقرار بمائة) ، لأنه (٦) لم يستثن منها (٧) شيئا ، لأن الاستثناء من الموجب (٨) التام (٩) لا يكون إلا منصوبا ، فلما رفعه (١٠) لم يكن استثناء ، وإنما «إلا» ، فيه (١١) بمنزلة «غير» يوصف بها وبتاليها (١٢) ما قبلها ، ولما كانت المائة مرفوعة بالابتداء كانت التسعون مرفوعة صفة للمرفوع والمعنى : له

______________________________________________________

(١) كما هو مفاد المستثنى منه.

(٢) أي حاصل صراحة قبل الاستثناء بقوله : لا إله.

(٣) أي لو لم يحصل الإثبات من الاستثناء بعد النفي.

(٤) فهو تفريع على الحكم الثاني المذكور في شرحنا ، بل هو تفريع على بعضه ، أعني أن الاستثناء من الإثبات نفي ، وعلى كل فلو قال : له علي مائة إلا تسعين فهو إقرار بعشرة ، لأن هذا الاستثناء هو استثناء من الإثبات ، وهذا ما يقتضي النفي ، فإذا أثبت المائة ثم نفى منها تسعين فالباقي عشرة وهو الذي أقرّ به ، نعم لما نصب المستثنى ، ونصب المستثنى من الموجب التام دليل على إرادة الاستثناء فتكون (إلا) استثنائية لا وصفية.

نعم لو رفع المستثنى فقال (إلا تسعون) ، وكان مراده الجريان على القانون العربي ، فتكون (إلا) حينئذ وصفية بمعنى غير إذ لو كانت استثنائية لنصب ما بعدها ، وعلى كل فمعنى كلامه ، له علي مائة موصوفة بأنها غير تسعين ، وعليه فقد أقر بالمائة ولم يستثني منها شيئا ، وإن وصفها بوصف ما ، ويكون حينئذ قد أقر بالمائة.

(٥) من المائة.

(٦) أي المقر.

(٧) من المائة.

(٨) وهو غير المنفي.

(٩) وهو الذي ذكر فيه المستثنى منه ، وفي قباله المفرّغ.

(١٠) أي فلما رفع المستثنى لم يكن الاستثناء استثناء بل وصفا.

(١١) في الاستثناء المذكور.

(١٢) أي الذي يتلوها.


عليّ مائة موصوفة بأنها غير تسعين ، فقد وصف المقرّ به (١) ولم يستثن منه شيئا ، وهذه الصفة مؤكدة (٢) صالحة للإسقاط (٣) ، إذ كل مائة فهي موصوفة بذلك (٤) ، مثلها «في نفخة واحدة (٥)».

واعلم أن المشهور بين النحاة في ، إلّا الوصفية ، كونها وصفا لجمع منكر كقوله تعالى : (لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا) (٦) والمائة ليست من هذا الباب (٧) ، لكن الذي اختاره جماعة من المتأخرين عدم اشتراط ذلك (٨) ، ونقل في المغني عن سيبويه جواز «لو كان معنا رجل (٩) إلا زيد ، لغلبنا» ، أي غير زيد.)

(ولو قال (١٠) : ليس له عليّ مائة إلا تسعون فهو اقرار بتسعين) ، لأن المستثنى من المنفي التام يكون مرفوعا فلما رفع التسعين علم أنه استثناء من

______________________________________________________

(١) وهو المائة.

(٢) قال ابن هشام في المغني : (إن طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف مخصص له ، وإن خالفه بإفراد أو غيره فالوصف مؤكّد ، ولم أر من أفصح عن هذا) انتهى ، فالوصف المخصص كما في قوله : لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا ، والوصف المؤكد كما في قوله تعالى : (لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا) (١).

(٣) بحيث لو حذفت من الكلام فلا إخلال بالمقصود.

(٤) بأنها غير تسعين.

(٥) فالتاء في (نفخة) دالة على الوحدة ، فالتوصيف بالواحدة يكون من الوصف الصالح للإسقاط بحيث لو حذف فلا إخلال بالمقصود.

(٦) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٢.

(٧) لأن المائة الموصوفة ليست من الجمع المنكر.

(٨) أي عدم اشتراط كون موصوفها جمعا منكرا.

(٩) والرجل هو الموصوف ، وهو مفرد وليس بجمع منكر.

(١٠) هذا تفريع على الحكم الثاني أيضا ، ولكنه تفريع على بعضه ، أعني أن الاستثناء من النفي إثبات ، فإذا نفى المائة ثم أثبت التسعين ، فهو إقرار بالتسعين ، لأنه استثناها من المائة بدليل رفعها ، لأن المستثنى من المنفي التام الذي ذكر فيه المستثنى منه لا بدّ أن يكون مرفوعا.

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٢.


المنفى ، فيكون (١) إثباتا للتسعين بعد نفي المائة(ولو قال : إلا تسعين) بالياء(فليس مقرا (٢) ، لأن نصب المستثنى دليل على كون المستثنى منه موجبا (٣) ، ولما كان ظاهره (٤) النفي حمل على أنّ حرف النفي داخل على الجملة المثبتة المشتملة على الاستثناء ، أعني مجموع المستثنى والمستثنى منه ، وهي (٥) : «له عليّ مائة إلا تسعين» فكأنه قال : المقدار الذي هو مائة إلا تسعين ليس له عليّ ، أعني العشرة الباقية بعد الاستثناء ، كذا قرره المصنف في شرح الارشاد على ، نظير العبارة ، وغيره.

وفيه نظر ، لأن ذلك (٦) لا يتم إلا مع امتناع النصب (٧) على تقدير كونه

______________________________________________________

(١) أي الاستثناء.

(٢) كما هو المشهور كما في المسالك ، لأن نصب المستثنى من المنفي التام غير جائز ، إلا إذا كان نصب المستثنى دليلا على جعل الاستثناء من الموجب التام ، بجعل النفي داخلا على المستثنى والمستثنى منه فكأنه قال : المقدار الذي هو مائة إلا تسعين ليس له عليّ ، والمعنى فالمقدار الذي هو عشرة ليس له عليّ فلا يكون إقرارا بشي‌ء.

وتنظر فيه الشارح في المسالك بأن المستثنى من المنفي التام مما يجوز رفعه ونصبه باتفاق النحاة ، وإن كان الرفع أكثر ، ولذا قرئ بالنصب قوله تعالى : (وَلٰا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) (١) ، وقوله تعالى : (مٰا فَعَلُوهُ إِلّٰا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) (٢).

ثم وجّه قول المشهور بعدم الإقرار عند نصب المستثنى من المنفي التام ، لأنه يحتمل الاستثناء ويحتمل عدمه ، فإن جعلنا النفي داخلا على المستثنى فقط فالاستثناء ويكون إقرارا بالتسعين وإن جعلنا النفي داخلا على مجموع المستثنى منه والمستثنى كما قاله المشهور فلا استثناء ، ولا يكون إقرارا بشي‌ء ، ومع الشك في ثبوت الإقرار فأصالة البراءة جارية.

(٣) أي غير منفي.

(٤) أي ظاهر المستثنى منه.

(٥) أي الجملة المثبتة المشتملة على الاستثناء.

(٦) وهو إدخال النفي على مجموع المستثنى والمستثنى منه.

(٧) أي نصب المستثنى.

__________________

(١) سورة هود ، الآية : ٨١.

(٢) سورة النساء ، الآية : ٥٦.


المستثنى منه منفيا تاما ، لكن النصب جائز حينئذ (١) اتفاقا وإن لم يبلغ رتبة الرفع ، قال ابن هشام (٢) : النصب عربي جيد. فقد قرئ به (٣) في السبع «ما فعلوه إلّا قليلا» (وَلٰا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ).

فالأولى في توجيه عدم لزوم شي‌ء في المسألة (٤) أن يقال ـ على تقدير النصب ـ : يحتمل كونه (٥) على الاستثناء (٦) من المنفي (٧) فيكون اقرارا بتسعين ، وكونه (٨) من المثبت (٩) ، والنفي موجه إلى مجموع الجملة فلا يكون اقرارا بشي‌ء ، فلا يلزمه شي‌ء ، لقيام (١٠) الاحتمال (١١) واشتراك مدلول اللفظ (١٢) لغة ، مع أن حمله (١٣) على المعنى الثاني (١٤) مع جواز الأول (١٥) خلاف الظاهر ، والمتبادر من صيغ الاستثناء هو الأول (١٦) ، وخلافه (١٧) يحتاج إلى تكلف (١٨) لا يتبادر من

______________________________________________________

(١) أي حين كون المستثنى منه منفيا تاما.

(٢) في كتابه (أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك).

(٣) أي في توجيه عدم الإقرار كما ذهب إليه المشهور عند نصب المستثنى ، والمستثنى منه منفي تام.

(٤) بالنصب.

(٥) كون المستثنى.

(٦) خبر لقوله (كونه).

(٧) فيكون النفي داخلا على المستثنى منه فقط.

(٨) أي ويحتمل كونه ، والضمير فيه راجع إلى المستثنى.

(٩) ويكون النفي داخلا على المستثنى منه والمستثنى.

(١٠) تعليل لعدم لزوم شي‌ء على القائل بالجملة السابقة عند نصب المستثنى.

(١١) أي احتمال كون النفي داخلا على المجموع فلا يكون إقرارا.

(١٢) والمراد به لفظ المستثنى المنصوب فيحتمل أن يكون إقرارا ويحتمل عدمه ، ومع الاشتراك لا يحمل على أحد معنييه إلا مع القرينة ، وهي مفقودة.

(١٣) أي حمل المستثنى.

(١٤) وهو كون النفي داخلا على مجموع المستثنى منه والمستثنى.

(١٥) وهو كون النفي داخلا على المستثنى منه فقط.

(١٦) وهو كون النفي داخلا على المستثنى منه فقط.

(١٧) أي وخلاف الأول.

(١٨) بجعل النفي داخلا على المجموع.


الإطلاق ، وهو (١) قرينة ترجيح أحد المعنيين المشتركين ، إلا أن فتواهم المنضم إلى أصالة البراءة وقيام الاحتمال في الجملة يعيّن المصير إلى ما قالوه (٢).

(ولو تعدد الاستثناء وكان بعاطف (٣) كقوله : له عليّ عشرة إلا أربعة ، وإلا ثلاثة(أو كان) الاستثناء(الثاني أزيد من الأول) كقوله له عليّ عشرة إلا أربعة إلا خمسة(أو مساويا له) كقوله في المثال : إلا أربعة إلا أربعة(رجعا جميعا إلى المستثنى منه).

______________________________________________________

(١) أي كون الأول هو الظاهر المتبادر الذي يحتاج خلافه إلى تكلف.

(٢) من عدم لزوم شي‌ء عليه.

(٣) مسألة تعدد الاستثناء متفرعة على الحكم الثاني المتقدم في الشرح ، أعني أن الاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لو تعدد الاستثناء فيجب أن يرجع كل استثناء إلى متلوّه ، بلا خلاف فيه ، لأنه الأقرب ، وعوده إلى المستثنى منه عود إلى البعيد وهو مرجوح لا يصار إليه بدون دليل ، وعوده إلى المستثنى منه والمستثنى موجب للتناقض ، لأن المستثنى والمستثنى منه متخالفان نفيا وإثباتا ، وعليه فلو قال : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة لزمه ثمانية ، ولك في معرفة المتحصّل طريقتان :

الأولى : أن تسقط الأول وتجبر الباقي بالثاني ، وتسقط الثالث وإن كان معك رابع فإنك تجبر به وهكذا إلى الأخير.

الثانية : أن تحطّ الآخر مما يليه ، ثم باقيه مما يليه وهكذا إلى الأول.

فعلى الأولى فالاستثناء الأول ينفي من العشرة المثبتة خمسة ، والثاني يثبت من الخمسة المنفية ثلاثة فتنضم إلى الخمسة الباقية من العشرة فيلزمه ثمانية.

وعلى الثانية فتسقط ثلاثة التي هي الاستثناء الأخير من خمسة التي هي الاستثناء الأول فالباقي اثنان ، وتسقطها من المستثنى منه الذي هو عشرة فيلزمه ثمانية.

وهذا كله إذا لم يكن الاستثناء الثاني مساويا للأول ولا أزيد منه ولا معطوفا على الأول بواو العاطفة وإلا رجع الجميع إلى المستثنى منه ، لأنه مع زيادة الثاني أو مساواته فلو رجع إلى الأول لقربه للزم الاستغراق ، وحتى يصان كلامه عن الهذر لا بد من عود الجميع إلى المستثنى منه ، إن لم يلزم في هذا العود استغراق المستثنى منه ، وإلا لو لزم عود الجميع استغراق المستثنى منه للغى الثاني خاصة مثل قوله : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا خمسة ، فيلغو الثاني خاصة لأنه هو الذي أوجب الفساد وكان إقرارا بخمسة.

ومع عطف الثاني على الأول كقوله : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة للزم عود الجميع إلى المستثنى منه قضاء لحق العطف القاضي باشتراك المتعاطفين في الحكم.


أما مع العطف فلوجوب اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم ، فهما كالجملة الواحدة ، ولا فرق (١) بين تكرر حرف الاستثناء وعدمه (٢) ، ولا بين زيادة الثاني على الأول ، ومساواته له ، ونقصانه عنه (٣).

وأما مع زيادة الثاني على الأول (٤) ، ومساواته (٥) ، فلاستلزام عوده (٦) إلى الأقرب (٧) الاستغراق ، وهو (٨) باطل فيصان كلامه (٩) عن الهذر بعودهما (١٠) معا إلى المستثنى منه.

واعلم أنه لا يلزم من عودهما معا إليه (١١) صحتهما (١٢) ، بل إن لم يستغرق الجميع (١٣) ـ المستثنى منه صح (١٤) كالمثالين (١٥) ، وإلا (١٦) فلا ، لكن إن لزم الاستغراق من الثاني خاصة كما لو قال : له عليّ عشرة إلا خمسة إلا خمسة لغى الثاني خاصة ، لأنه هو الذي أوجب الفساد ، وكذا (١٧) العطف ، سواء كان الثاني

______________________________________________________

(١) أي ولا فرق في العطف.

(٢) فمع تكرر حرف الاستثناء فالمثال كما تقدم في الروضة ، ومع عدم تكرر حرف الاستثناء فالمثال كقوله : له عليّ عشرة إلا أربعة وثلاثة.

(٣) كل ذلك مع العطف.

(٤) بدون العطف كقوله : له عليّ عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة.

(٥) أي ومساواة الثاني للأول.

(٦) عود الثاني.

(٧) الذي هو الأول.

(٨) أي الاستغراق باطل لأنه مع الاستغراق لا تبقى فائدة من ذكر الأول.

(٩) كلام المقر.

(١٠) أي بعود الأول والثاني.

(١١) إلى المستثنى منه.

(١٢) أي صحة العودين ، عود الأول وعود الثاني.

(١٣) جميع الاستثناءات.

(١٤) أي صح العود إلى المستثنى منه.

(١٥) وهما ما لو قال : له عليّ عشرة إلا أربعة إلا خمسة ، وإلا أربعة إلا أربعة.

(١٦) أي وإن استغرق الجميع المستثنى منه فلا يصح العود ، وظاهره أنه لا يصح عود الجميع ، مع أن الفساد لعود الثاني فقط كما سينبه عليه ، لأن الاستغراق من جانبه.

(١٧) أي وكذا إن لزم الاستغراق من الثاني خاصة لغى الثاني.


مساويا للأول كما ذكر (١) أم أزيد كله عشرة إلا ثلاثة وإلا سبعة ، أم أنقص كما لو قدّم السبعة على الثلاثة.

(وإلا يكن) بعاطف ، ولا مساويا للأول ، ولا أزيد منه بل كان أنقص بغير عطف كقوله : له عليّ عشرة إلا تسعة إلا ثمانية(رجع التالي إلى متلوه) لقربه (٢) إذ لو عاد (٣) إلى البعيد (٤) لزم ترجيحه (٥) على الأقرب بغير مرجح ، وعوده (٦) إليهما (٧) يوجب التناقض ، إذ المستثنى والمستثنى منه متخالفان نفيا واثباتا كما مر ، فيلزمه (٨) في المثال تسعة ، لأن قوله الأول (٩) اقرار بعشرة حيث إنه إثبات ، والاستثناء الأول نفي للتسعة منها (١٠) ، لأنه (١١) وارد على إثبات ، فيبقى واحد ، واستثناؤه الثاني إثبات للثمانية ، لأنه (١٢) استثناء من المنفي فيكون مثبتا ، فيضم ما أثبته ، وهو (١٣) الثمانية إلى ما بقي وهو (١٤) الواحد ، وذلك تسعة.

ولو أنه ضمّ إلى ذلك قوله : إلا سبعة إلا ستة حتى وصل إلى الواحد لزمه خمسة ، لأنه (١٥) بالاستثناء الثالث (١٦)

______________________________________________________

(١) فيما لو قال : له عليّ عشرة إلا خمسة وإلا خمسة.

(٢) أي لقرب المتلوّ.

(٣) أي التالي.

(٤) الذي هو المستثنى منه.

(٥) أي ترجيح البعيد.

(٦) أي عود التالي.

(٧) إلى البعيد والمتلو ، وهما المستثنى منه والمستثنى.

(٨) فيلزم المقرّ بناء على رجوع التالي إلى متلوه كما هو الأصل.

(٩) وهو المستثنى منه ، وهو : له علي عشرة.

(١٠) من العشرة.

(١١) أي الاستثناء الأول.

(١٢) أي الاستثناء الثاني.

(١٣) ما أثبته.

(١٤) أي ما بقي.

(١٥) لأن المقر.

(١٦) وهو قوله : إلا سبعة.


نفى سبعة مما اجتمع وهو (١) تسعة فبقي اثنان ، وبالرابع (٢) أثبت ستة (٣) فبقي ثمانية ، وبالخامس (٤) يصير ثلاثة ، وبالسادس (٥) يصير سبعة ، وبالسابع (٦) أربعة ، وبالثامن (٧) ستة ، وبالتاسع (٨) وهو الواحد ينتفي منها واحد فيبقى خمسة.

والضابط (٩) : أن تجمع الاعداد المثبتة (١٠) وهي الأزواج ، على حدة ، والمنفية (١١) وهي الأفراد كذلك (١٢) وتسقط جملة المنفي من جملة المثبت ، فالمثبت

______________________________________________________

(١) ما اجتمع.

(٢) وهو قوله : إلا ستة.

(٣) لأن الاستثناء الرابع استثناء من النفي فيكون إثباتا.

(٤) وهو قوله : إلا خمسة ، وهو استثناء من الإثبات فيكون نفيا ، وإذا نفى من الثمانية خمسة فالباقي ثلاثة.

(٥) وهو قوله : إلا أربعة ، وهو استثناء من النفي فيكون إثباتا ، وإذا أثبت أربعة مع الثلاثة السابقة فيلزمه سبعة.

(٦) وهو قوله : إلا ثلاثة ، وهو استثناء من الإثبات فيكون نفيا ، وإذا نفى ثلاثة من السبعة فالباقي أربعة.

(٧) وهو قوله : إلا اثنان ، وهو استثناء من النفي فيكون إثباتا ، وإذا أثبت اثنين مع الأربعة السابقة فيلزمه ستة.

(٨) وهو قوله : إلا واحد ، وهو استثناء من الإثبات فيكون نفيا ، وإذا نفى واحدا من الستة السابقة فيلزمه خمسة.

هذا كله على الطريقة الأولى ، وهناك طريقة أخرى ، وهي أن تحطّ الآخر مما يليه ، ثم باقيه مما يليه ، وهكذا إلى الأول ، فلو أسقطت الواحد من الاثنين فالباقي واحد ، وتسقطه من ثلاثة فالباقي اثنان ، وتسقطها من أربعة فالباقي اثنان ، وتسقطها من خمسة فالباقي ثلاثة ، وتسقطها من ستة فالباقي ثلاثة ، وتسقطها من سبعة فالباقي أربعة ، وتسقطها من ثمانية فالباقي أربعة ، وتسقطها من تسعة فالباقي خمسة.

(٩) أي ضابط الطريقة الأولى.

(١٠) وهي التي أتت بعد الاستثناء من النفي ، وهي مثبتة ، لأن الاستثناء من النفي إثبات ، والمثبت هو الذي فيه إقرار.

(١١) وهي التي أتت بعد الاستثناء من الإثبات ، وهي منفية ، لأن الاستثناء من الإثبات نفي ، والمنفي لا إقرار فيه.

(١٢) أي تجمعها على حدة.


ثلاثون (١) ، والمنفي (٢) خمسة وعشرون ، والباقي بعد الاسقاط خمسة.

ولو أنه لما وصل إلى الواحد قال : إلا اثنين ، إلا ثلاثة إلى أن وصل إلى التسعة لزمه واحد (٣).

ولو بدأ باستثناء الواحد وختم به (٤) لزمه خمسة ، ولو عكس القسم الأول (٥)

______________________________________________________

(١) لأن المثبت هو الثمانية والستة والأربعة والاثنان ، وهذا عشرون ، وتضاف إلى العشرة التي أثبتها أولا فالمجموع ثلاثون.

(٢) وهو التسعة والسبعة والخمسة والثلاثة والواحد ، وهي خمسة وعشرون.

(٣) لأن الأزواج المثبتة قبل العود كانت ثلاثين ، وبعد العود تكون عشرين حاصلة من الاثنين والأربعة والستة والثمانية ، فالمجموع خمسون ، والأفراد المنفية قبل العود كانت خمسة وعشرين ، وبعد العود تكون أربعة وعشرين أيضا ، وهي الثلاثة والخمسة والسبعة والتسعة من دون الواحد ، لأنه لم يتكرر في العود فالمجموع تسعة وأربعون ، وإذا أسقطت النافي من المثبت فالباقي واحد.

(٤) أي بالواحد بأن قال : له عليّ عشرة إلا واحدا إلا اثنين إلا ثلاثة إلى التسعة ثم قال : إلا ثمانية إلا سبعة إلى الواحد لزمه خمسة ، لأن الأعداد المثبتة قبل العود أربعة وستة وثمانية والحاصل ثمانية عشرة تضاف إلى العشرة التي أثبتها أولا فالمجموع ثمانية وعشرون ولم نحسب الاثنين لسبب سيأتي ذكره ، والمثبتة بعد العود ثمانية وستة وأربعة واثنان فالمجموع عشرون ، وجميع الأعداد المثبتة قبل العود وبعده ثمانية وأربعون.

والمنفية قبل العود الواحد والاثنان والثلاثة والخمسة والسبعة والتسعة ، فالحاصل سبعة وعشرون ، وبعد العود سبعة وخمسة وثلاثة وواحد فالحاصل ستة عشر ، والمجموع ثلاثة وأربعون ، وإذا أسقطنا المنفي من المثبت فالباقي خمسة.

ولم نجعل الاثنين قبل العود من الأعداد المثبتة ، لأنه لما قال : له علي عشرة فهو إثبات ، ولما قال إلا واحدا فهو نفي فيكون قد أقرّ بتسعة ، ولما قال إلا اثنين فهو إثبات بحسب الفرض ويلزمه أنه أقر بأحد عشر وهو مناقض لما قاله سابقا أنه عشرة فيلزم أن يكون نفيا بمعنى أن يرجع مع ما قبله إلى المستثنى منه. فلذلك يحسب مع المنفي لا مع المثبت.

(٥) القسم الأول الوارد في كلام الشارح هو ما لو قال : له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلى الواحد ، فعكسه ما لو بدأ بالواحد وختم بالتسعة فيلزمه واحد لأنه لما قال : له علي عشرة فهو إثبات لها ، ولما قال إلا واحدا فهو نفي فيكون قد أقرّ بتسعة ، ولما قال إلا اثنين فهو إثبات بحسب الفرض ويلزمه أنه أقرّ بأحد عشر ، وهو مناقض لما قاله سابقا أنه عشرة ، فيلزم أن يكون نفيا بمعنى أن يرجع هو مع ما قبله إلى المستثنى منه فيلزمه


فبدأ باستثناء الواحد وختم بالتسعة لزمه واحد ، وهو واضح بعد الإحاطة بما تقدم من القواعد ورتّب عليه ما شئت من التفريع.

(ولو استثنى من غير الجنس صحّ) (١)

______________________________________________________

سبعة ، ولما قال إلا ثلاثة فهو نفي ، لأنه استثناء من الإثبات المفروض فيلزمه أربعة ، ولما قال إلا أربعة فهو إثبات فيلزمه ثمانية ، ولما قال إلا خمسة فهو نفي فيلزمه ثلاثة ، ولما قال إلا ستة فهو إثبات فيلزمه تسعة ، ولما قال إلا سبعة فهو نفي فيلزمه اثنان ، ولما قال إلا ثمانية فهو إثبات فيلزمه عشرة ، ولما قال إلا تسعة فهو نفي فيلزمه واحد.

(١) هذا تفريع على الحكم الثالث المتقدم في شرحنا ، أعني جواز الاستثناء المتصل بلا خلاف ، وجواز الاستثناء المنقطع على قول الأكثر ، والمحققون منهم أنه استعمال مجازي.

وعليه فلو قال : له ألف إلا درهما ، فإن منعنا الاستثناء المنقطع فهو إقرار بتسعمائة وتسعة وتسعين درهما ، لأن إخراج الدرهم من الألف دليل على كون الألف من جنس الدرهم ، لمنع الاستثناء المنقطع ، فيلزمه ألف درهم ما عدا واحد.

وكذلك لو قلنا بجواز الاستثناء المنقطع وأنه حقيقة ، فيجب حمل الألف على جنس الدرهم ، كما هو مقتضى الاستعمال الحقيقي ، ولا يرفع اليد عنه إلا بقرينة وهي مفقودة في المقام.

نعم لو قلنا بجواز الاستثناء المنقطع وأنه مجاز ، فلا بد أن يرجع إليه في تعيين الألف لعدم القرينة على بيان ماهيتها ، فإذا فسّر الألف بالجوز مثلا نظر في قيمتها عند الإقرار لا عند التفسير ، ووضع منها الدرهم المستثنى ، فإن بقي من الألف بقية بعد إخراج الدرهم فهو المقرّ به ، وإن لم يبق شي‌ء كان الاستثناء مستغرقا لتمام المستثنى منه ، وعليه فهل يبطل الاستثناء ليتوجه الإقرار ، وتثبت الألف من ذلك الجنس الذي عينه ، أو يبطل التفسير ليتوجه الإقرار ويكلّف بتفسير الألف بشي‌ء آخر ، فقد ذهب إلى الأول ابن الجنيد والفخر والكركي والشهيدان ، لأن التفسير المذكور في قوة المتقدم وإن كان متأخرا ، لأنه تفسير للألف فهو في قوة الإقرار بها ، وبهذا يثبت الإقرار بالألف على نحو الذي فسره ، ويكون البطلان قد جاء من الاستثناء الذي هو المتأخر ، فيبطل الاستثناء خاصة لأنه وقع مستغرقا ، ويلزمه الألف المفسّرة من دون استثناء شي‌ء منها.

وذهب إلى الثاني العلامة في الإرشاد وجعله وجها في المختلف ، لأن الإقرار بالمستثنى منه والمستثنى قد وقع صحيحا وإنما طرأ البطلان عند عروض التفسير ، فيبطل خاصة ويكلف بتفسير آخر.

هذا كله إذا قال : ألف ولم يحدده ، وأما لو حدد جنسه بأن قال : درهم إلا ثوبا فقد


وإن كان (١) مجازا ، لتصريحه (٢) بإرادته (٣) ، أو لإمكان تأويله (٤) بالمتصل (٥) بأن يضمر قيمة المستثنى ونحوها مما يطابق المستثنى منه(وأسقط) المستثنى باعتبار قيمته(من المستثنى منه (٦) فإذا بقي) منه(بقية) وإن قلّت(لزمت (٧) ، وإلا بطل) الاستثناء ، للاستغراق(كما لو قال : له عليّ مائة إلا ثوبا) هذا مثال الاستثناء من غير الجنس مطلقا (٨) فيصح (٩) ويطالب بتفسير الثوب ، فإن بقي من قيمته بقية من المائة بعد إخراج القيمة (١٠) قبل (١١) ، وإن استغرقها (١٢) بطل الاستثناء على الأقوى والزم بالمائة (١٣) وقيل : بطل التفسير خاصة فيطالب بغيره (١٤).

______________________________________________________

صرح بإرادة المنقطع ، وعليه فعلى القول بمنع الاستثناء المنقطع لغى الاستثناء ويثبت في ذمته ألف درهم ، وعلى القول بالجواز وأنه حقيقة أو مجاز ، فهذا الوارد من الإقرار صحيح لوجود القرينة على إرادة المنقطع منه ، وعليه فيصح الاستثناء ويرجع في بيان قيمة الثوب إليه ، فإن بقي للمستثنى منه بقية فهو وإلا فالقولان السابقان من بطلان الاستثناء أو التفسير.

هذا واعلم أنه قد صرح ابن الحاجب والعضدي والعلامة وجماعة بأنه لا بدّ من إضمار قيمة الثوب ، ونسبوا ذلك إلى علماء الأمصار ، وعليه فيكون الاستثناء متصلا لا منقطعا ويكون المعنى : له علي ألف إلا قيمة الثوب.

(١) أي الاستثناء من غير الجنس.

(٢) أي تصريح المقرّ.

(٣) أي بإرادة المجاز وذلك عند بيان جنس الألف في قوله : له عليّ ألف درهم إلا ثوبا.

(٤) أي تأويل الاستثناء من غير الجنس.

(٥) في قبال المنقطع ، وذلك عند بيان جنس الألف كما لو قال : له عليّ ألف درهم إلا ثوبا.

(٦) من المستثنى منه.

(٧) أي لزمت البقية بمعنى ثبتت في ذمة القائل للإقرار بها.

(٨) سواء بقيت بقية للمستثنى منه بعد الاستثناء أم لا.

(٩) أي يصح الاستثناء من غير الجنس.

(١٠) أي بعد إخراج قيمة الثوب من المائة.

(١١) أي قبل تفسير الثوب.

(١٢) أي استغرق الثوب المائة.

(١٣) وألزم بالمائة بالمعنى الذي فسرها إن لم تكن مفسرة في كلامه.

(١٤) أي يطالب بتفسير آخر.


(والاستثناء المستغرق باطل) اتفاقا (١) (كما لو قال : له) عليّ(مائة إلا مائة) ولا يحمل على الغلط ، ولو ادعاه (٢) لم يسمع منه. هذا إذا لم يتعقبه استثناء آخر يزيل استغراقه (٣) ، كما لو عقّب ذلك بقوله : إلا تسعين فيصح الاستثناءان ، ويلزمه تسعون ، لأن الكلام (٤) جملة واحدة لا يتمّ إلا بآخره ، وآخره (٥) يصيّر الأول غير مستوعب ، فإن المائة المستثناة (٦) منفية لأنها استثناء من مثبت ، والتسعين مثبتة ، لأنها استثناء من منفي ، فيصير جملة الكلام (٧) في قوة : «له تسعون» وكأنه (٨) استثنى من أول الأمر عشرة(٩).

(وكذا) يبطل(الاضراب) عن الكلام الأول(ببل ، مثل : له عليّ مائة ، بل تسعون (١٠)

______________________________________________________

(١) هذا تفريع على الحكم الأول المتقدم في شرحنا ، أعني جواز الاستثناء بشرط بقاء بقية للمستثنى منه ، سواء كانت أقل أم مساوية أم أكثر ، وعليه فلو قال : له علي درهم إلا درهما فيبطل الاستثناء لأنه مستغرق ويثبت الدرهم المقر به ، بل لو ادعى الغلط لم يقبل منه بلا خلاف في ذلك كله ، نعم لو تعقبه باستثناء آخر يزيل استغراقه كما لو قال : له ثلاثة إلا ثلاثة إلا اثنين فيلزمه اثنان ، لأن الاستثنائين بمنزلة الاستثناء الواحد ، والثلاثة ما عدا الاثنين واحد ، وهو المستثنى من الثلاثة فيلزمه اثنان.

(٢) أي ادّعى الغلط.

(٣) أي استغراق الاستثناء الأول.

(٤) في المستثنى والمستثنى منه.

(٥) أي آخر الاستثناء.

(٦) بالاستثناء الأول.

(٧) أي كلام المستثنى منه والمستثنى.

(٨) أي المقر.

(٩) أي كأنه استثنى عشرة باستثناء واحد بأن قال : له مائة إلا عشرة.

(١٠) لفظ (بل) حرف إضراب بما بعدها عما قبلها وعدول عنه ، فيكون الأضراب في المثال المذكور إعراضا عن الإقرار الأول ورجوعا عنه وإنكارا له ، ولا يسمع الرجوع عن الإقرار لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، وهذا بخلاف الاستثناء ، لأن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.


(فيلزمه (١) في الموضعين) وهما (٢) الاستثناء المستغرق (٣) ومع الاضراب(مائة) لبطلان المتعقب في الأول (٤) للاستغراق. وفي الثاني (٥) للاضراب الموجب لإنكار ما قد أقرّ به فلا يلتفت إليه (٦) ، وليس ذلك (٧) كالاستثناء ، لأنه (٨) من متممات الكلام لغة ، والمحكوم بثبوته فيه (٩) هو الباقي من المستثنى منه بعده (١٠) ، بخلاف الاضراب فإنه بعد الايجاب يجعل ما قبل «بل» كالمسكوت عنه بعد الاقرار به فلا يسمع (١١) ، والفارق بينهما (١٢) اللغة.

(ولو قال : له عليّ عشرة من ثمن مبيع لم أقبضه (١٣) ألزم بالعشرة) ولم

______________________________________________________

الاستثناء جزء من الكلام ومن متمماته ، فلو قال : له عشرة إلا واحدة فهو إقرار بالتسعة ، وكأن التسعة لها اسمان ، أحدهما العشرة إلا واحدا ، فكأنه قال من رأس : له علي تسعة ولم تتحقق هنا إقرار بالعشرة ثم رجوع عنها عند ما استثنى.

(١) أي يلزم المقر.

(٢) أي الموضعين.

(٣) وهذا هو الفرع المتقدم.

(٤) وهو الاستثناء المتفرق ، والمتعقب هو الاستثناء المذكور.

(٥) أي ولبطلان المتعقب في الثاني ، والمراد بالثاني الإضراب ، والمتعقب هو ما بعد (بل).

(٦) أي إلى إنكار ما قد أقرّ به أولا.

(٧) أي الأضراب.

(٨) أي لأن الاستثناء.

(٩) في الاستثناء.

(١٠) أي بعد الاستثناء.

(١١) أي لا يسمع الإضراب عما أقر به أولا.

(١٢) بين الأضراب والاستثناء.

(١٣) إذا قال : له عليّ ألف وقطع الكلام ، ثم قال : من ثمن مبيع لم أقبضه ، لزمه الألف بلا خلاف فيه ، لانعقاد ظهور السابق الدال على الإقرار ، وحينئذ فقوله أنه من ثمن مبيع لم أقبضه فلا يقتضي استقرار الثمن في الذمة لجواز تلف المبيع قبل قبضه ، ويقتضي عدم تسليم الثمن إلا بعد تسليم المثمن يكون مجرد دعوى بعدم استحقاق التسليم عليه فلا تسمع لانفصال الثاني عن الأول حكما ولفظا.

وأما لو قال : له علي ألف من ثمن مبيع وقطع الكلام ثم قال : لم أقبضه ، لزمه الألف كما عن العلامة والحلي والكركي وجماعة ، لانعقاد ظهور السابق في الإقرار ، والثاني مجرد


يلتفت إلى دعواه عدم قبض المبيع ، للتنافي (١) بين قوله : عليّ (٢) ، وكونه (٣) لم يقبض المبيع (٤) ، لأن مقتضاه (٥) عدم استحقاق المطالبة بثمنه مع ثبوته (٦) في

______________________________________________________

دعوى بعدم استحقاق التسليم عليه فلا يسمع ، وعن الشيخ في المبسوط والخلاف والقاضي ابن البراج وقواه الفخر ، ونفى العلامة عنه البعد قبول دعواه الأخيرة بعدم استحقاق التسليم عليه ، لأن قوله (من ثمن مبيع) مقبول من حيث اتصاله ، وهو أعم من كونه مقبوضا وغير مقبوض ، فإذا قال بعد ذلك : لم أقبضه ، فقد ذكر بعض محتملاته ، بل ذكر ما يوافق الأصل عند الشك ، إذ الأصل عدم القبض ، فعلى البائع حينئذ إثبات القبض.

وأما لو قال : له علي الف من ثمن مبيع لم أقبضه بحيث أتى بمجموع الكلام متصلا ، فيلزمه الألف ولا يسمع قوله (من ثمن مبيع لم أقبضه) كما عن العلامة والمحقق في النافع والشهيد في اللمعة هنا ، وهو المحكي عن الحلي وابن سعيد ، لأن أول كلامه إقرار بالألف ، وآخر كلامه مناف لذلك ، لأن الإقرار بالألف يقتضي ثبوت المال في ذمته على نحو يستحق أداؤه عليه ، وقوله : لم أقبضه يقتضي عدم تسليم المال ، وهذا مناف للأول فلا يسمع.

وعن الشيخ في المبسوط والخلاف ومال إليه الشارح في المسالك أنه يسمع كلامه الثاني ، لأن الكلام جملة واحدة فلا ينعقد لأول الكلام ظهور حتى يتم ، ولذا ورد في صحيح هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يأخذ بأول الكلام دون آخره) (١) ، ولإمكان صدقه فيما أخبر به ، وأراد التخلص بالإقرار به ، فلو لم يقبل منه وألزم بخلاف ما أقر به لزم انسداد باب الإقرار بالواقع حيث يراد ، وهذا مناف للحكمة ، وعلى كل فالشهيدان هنا اقتصرا على الصورة الثالثة فقط.

(١) تعليل للزوم العشرة عليه مع عدم سماع دعواه الأخيرة.

(٢) وهذا يقتضي وجوب أدائها عليه.

(٣) أي وكون المقرّ.

(٤) وهذا يقتضي عدم استقرار الثمن في الذمة وعدم وجوب تسليمه إلى البائع قبل تسليم المثمن.

(٥) أي مقتضى (كونه لم يقبض البيع).

(٦) أي ثبوت الثمن في ذمة المشتري المقر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب القاضي حديث ٣ من كتاب القضاء.


الذمة ، فإن البائع لا يستحق المطالبة بالثمن إلا مع تسليم المبيع.

وفيه نظر ، إذ لا منافاة بين ثبوته في الذمة (١) ، وعدم قبض المبيع (٢) ، إنما التنافي بين استحقاق المطالبة به (٣) مع عدم القبض (٤) وهو أمر آخر (٥) ، ومن ثمّ ذهب الشيخ إلى قبول هذا الاقرار ، لإمكان أن يكون عليه العشرة ثمنا ولا يجب التسليم قبل القبض ، ولأصالة عدم القبض وبراءة (٦) الذمة من المطالبة به ، ولأن للإنسان أن يخبر بما في ذمته ، وقد يشتري شيئا ولا يقبضه فيخبر بالواقع ، فلو ألزم بغير ما أقرّ به كان ذريعة إلى سد باب الاقرار (٧) ، وهو (٨) مناف للحكمة.

والتحقيق أن هذا (٩) ليس من باب تعقيب الاقرار بالمنافي ، بل هو اقرار بالعشرة ، لثبوتها في الذمة (١٠) ،

______________________________________________________

(١) كما هو مفاد لفظ (عليّ) في أول كلامه عند ما قال : له عليّ عشرة.

(٢) كما هو مفاد آخر كلامه عند ما قال : من ثمن مبيع لم أقبضه ، وعدم التنافي لأن الثمن يثبت ثبوتا غير مستقر.

(٣) بالثمن.

(٤) أي عدم قبض المبيع.

(٥) وفيه أن قوله (له علي عشرة) تقتضي ثبوت العشرة في الذمة على نحو يستحق أداؤها عليه حالا ، ولذا وقع التنافي بينه وبين آخر كلامه.

(٦) أي ولأصالة براءة ذمة المشتري من المطالبة بالثمن.

(٧) أي إلى سد باب الإقرار بالواقع حيث يراد.

(٨) وهو قوله (لم أقبضه).

(٩) أي سدّ باب الإقرار بالواقع.

(١٠) لأن كلامه الأخير (لم أقبضه) وصف زائد عن الإقرار ، فهو لا ينافي الإقرار كما لو وصف العشرة بوصف ما ، وبعبارة أخرى فالعشرة ثابتة على كل حال والنزاع في قبول قوله الأخير وعدمه ، واستحقاق المطالبة بالثمن وعدم قبض المثمن أمر آخر خارج عن مسألة الإقرار بالعشرة كما صرح بذلك الشارح سابقا.

وفيه أن التنافي حاصل من ظهور قوله (له عليّ عشرة) في استحقاق المطالبة حالا فلو ادعى عدم قبض المبيع فقد أتى بالمنافي ، ولذا كان موردنا من باب تعقيب الإقرار بالمنافي ، ولذا وقع النزاع بينهم في سماع كلامه الأخير وعدمه ، لأنه مع

السماع لا يكون الأول إقرارا لعدم تمامية الجملة ، ومع عدم السماع يكون الأول إقرارا فلا يسمع منافيه الذي أتى في آخر الكلام.


وإن سلّم كلامه (١) فهو (٢) اقرار منضم إلى دعوى عين من أعيان مال المقر له ، أو شي‌ء في ذمته (٣) فيسمع الاقرار ولا تسمع الدعوى. وذكره (٤) في هذا الباب (٥) لمناسبة ما (٦).

(وكذا) يلزم بالعشرة لو أقر بها (٧) ثم عقّبه (٨) بكونها (٩) (من ثمن خمر أو خنزير (١٠) ، لتعقيبه الاقرار بما يقتضي سقوطه (١١) ، لعدم (١٢) صلاحية الخمر والخنزير مبيعا يستحق به (١٣) الثمن في شرع الإسلام.

نعم لو قال المقر : كان ذلك من ثمن خمر ، أو خنزير فظننته لازما لي ، وأمكن الجهل بذلك (١٤) في حقه ، توجهت دعواه وكان له تحليف المقر له على

______________________________________________________

(١) أي كلام القائل وأنه أتى بالمنافي بعد الإقرار.

(٢) أي كلامه إقرار بحسب أوله ، ومنضم إلى دعوى عين عند المقر له ، وأنها مبيع يجب تسليمها إلى المقرّ ، هذا إذا كان المبيع عينا ، وأما إذا لم يكن عينا فكلام المقرّ إقرار بالعشرة مع دعوى لشي‌ء مبيع ثابت في ذمة المقر له ، وأنه يجب تسليمه إلى المقر.

(٣) أي ذمة المقر له.

(٤) أي ذكر قول القائل : له عليّ عشرة من ثمن مبيع لم أقبضه.

(٥) أي باب تعقيب الإقرار بالمنافي.

(٦) وهو توهم عدم إلزامه بما أقرّ ، فلو سمعت دعواه الأخيرة فلا يلزم بالدفع الآن وإن ثبتت العشرة في الذمة ، وفيه أن إقراره الأول ظاهر في ثبوت المقر به في الذمة على نحو يقتضي الأداء فعلا فلذا يكون الثاني منافيا له ، ويكون من باب تعقيب الإقرار بالمنافي.

(٧) بالعشرة.

(٨) أي عقّب الإقرار بالعشرة.

(٩) أي بكون العشرة.

(١٠) لزمه المال بلا خلاف فيه كما في الجواهر ، لأن قوله (له عليّ عشرة) يقتضي ثبوتها في الذمة ، وقوله (من ثمن خمر أو خنزير) يقتضي السقوط ، لعدم إمكان ثبوت مال ما ثمنا للخمر أو الخنزير في شرع الإسلام ، فلا يقبل المنافي للإقرار بعد ثبوته.

(١١) أي سقوط الإقرار.

(١٢) تعليل لسقوط الإقرار عند تعقيبه بقوله (من ثمن خمر أو خنزير).

(١٣) أي بالمبيع المذكور.

(١٤) بلزوم ثمن الخمر أو الخنزير.


نفيه (١) إن ادعى (٢) العلم بالاستحقاق ، ولو قال (٣) : لا اعلم الحال ، حلف (٤) على عدم العلم بالفساد ، ولو لم يمكن الجهل بذلك في حق المقر لم يلتفت إلى دعواه.

(ولو قال : له عليّ قفيز حنطة. بل (٥) قفيز شعير لزماه) : قفيز الحنطة

______________________________________________________

(١) أي نفي الظن المذكور.

(٢) أي إن ادعى المقر له.

(٣) أي المقر له.

(٤) أي حلف المقر له.

(٥) لفظ (بل) حرف إضراب ، فإن تلاها جملة كان معنى الإضراب إما إبطال ما سبق نحو قوله تعالى : (وَقٰالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمٰنُ وَلَداً سُبْحٰانَهُ ، بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ) (١) ، وإما الانتقال من غرض إلى آخر نحو قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا) (٢) وإن تلاها مفرد فهي عاطفة ، ثم إن تقدمها إيجاب مثل (قام زيد بل عمرو) فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه فلا يحكم عليه بشي‌ء ، ويثبت الحكم لما بعدها ، وإن تقدمها نفي نحو (ما قام زيد بل عمرو) فهي لتقرير ما قبلها على حالته من النفي ، وجعل ضده لما بعده.

فإذا تقدمها إيجاب وكان ما قبلها وما بعدها مفردين فإن كانا مطلقين مختلفين كقوله : له علي قفيز حنطة بل قفيز شعير ، أو معينين كقوله : له علي هذا الدرهم بل هذا الدرهم ، لم يقبل إضرابه ، فما قبل (بل) إقرار يؤخذ به ولا يسمع إضرابه عنه لأنه إنكار ، وما بعد (بل) إقرار أيضا فيؤخذ ، وعليه فيلزمه ما قبل بل وما بعدها بعد أن كان كل منهما غير الآخر ولا يدخل فيه.

وإن كانا مطلقين كقوله : له عليّ درهم بل درهم ، أو أحدهما مطلق والآخر معيّن مع اتحاد القدر والصنف كقوله : له علي درهم بل هذا الدرهم ، أو له عليّ هذا الدرهم بل درهم لزمه واحد ، للأصل بعد احتمال أن يراد من الثاني عين الأول بمعنى أنه أضرب ليستدرك فذكر أنه ليس عليه إلا ذلك فأعاد الأول ولم يستدرك.

وعن العلامة في القواعد احتمال الاثنين ، ومال إليه الكركي ، وهو الأصح كما عن الفخر في الإيضاح ، لأن (بل) للاستدراك ، والاستدراك متضمن للاعتراف بما قبلها وإنكاره والاعتراف بغيره فيما بعدها ، أو فقل إن شرط صحة استعمال (بل) مغايرة ما

__________________

(١) سورة الأنبياء الآية : ٢٦.

(٢) سورة الأعلى الآيات : ١٤ و ١٥ و ١٦.


والشعير (١) ، لثبوت الأول باقراره ، والثاني بالاضراب.

(ولو قال) : له عليّ(قفيز حنطة ، بل قفيزان (٢) حنطة(فعليه قفيزان) وهما الأكثر خاصة (٣).

(ولو قال : له هذا الدرهم ، بل هذا الدرهم فعليه الدرهمان (٤) ، لاعترافه في الاضراب بدرهم آخر مع عدم سماع العدول (٥).

(ولو قال : له هذا الدرهم ، بل درهم (٦) فواحد) ، لعدم تحقق المغايرة بين المعين ، والمطلق ، لإمكان حمله عليه (٧).

وحاصل الفرق بين هذه الصور يرجع إلى تحقيق معنى «بل» ، وخلاصته (٨) أنها حرف اضراب ، ثم إن تقدمها إيجاب (٩)

______________________________________________________

قبلها لما بعدها ، وهذا ما يقتضي التعدد.

وإن كانا مطلقين وكان أحدهما أكثر لزمه الأكثر كما لو قال : له علي قفيز بل قفيزان ، لزمه الاثنان فقط بلا خلاف فيه بيننا ، لظهور اللفظ في إرادة دخول الأقل في الأكثر ، ولا أقل من الشك مع أصالة براءة الذمة عما زاد عن الاثنين.

وعن بعض العامة وهو داود وزفر أنه يلزمه ثلاثة ، وهي مجموع ما قبلها وما بعدها ، وكذا نفس الكلام لو قال : له علي قفيزان بل قفيز.

(١) أي وقفيز الشعير ، وهذا إذا كانا مطلقين مختلفين ، وهو مما لا خلاف فيه.

(٢) وهذا إذا كانا مطلقين وكان أحدهما أكثر.

(٣) بلا خلاف فيه سواء كان الأكثر متقدما أم متأخرا.

(٤) هذا إذا كانا معينين فعليه الدرهمان بلا خلاف فيه.

(٥) أي مع عدم سماع العدول عن الإقرار بالأول فيلزمه الاثنان.

(٦) فيما إذا كان أحدهما مطلقا والآخر معيّنا مع اتحاد القدر والصنف.

(٧) أي لإمكان حمل المطلق على المعيّن ، وهناك قول بأنه يلزمه اثنان وهو احتمال العلامة ومال إليه الكركي وهو الأصح كما عن الفخر ، لأن (بل) تقتضي مغايرة ما قبلها لما بعدها.

(٨) أي خلاصة التحقيق.

(٩) وكذا لو تقدمها نفي فهي عاطفة ، غايته مع الإيجاب سلب الحكم عما قبلها وجعله لما بعدها ، ومع النفي تقرير لحكم ما قبلها وجعل ضده لما بعدها ، ولكنه لم يذكر النفي ، لأنها مع النفي لا يكون إقرارا بما قبلها.


وتلاها مفرد (١) جعلت ما قبلها كالمسكوت عنه فلا (٢) يحكم عليه (٣) بشي‌ء وأثبت الحكم لما بعدها ، وحيث كان الأول (٤) اقرارا صحيحا استقر حكمه بالاضراب (٥) عنه.

وإن تقدمها (٦) نفي فهي لتقرير ما قبلها على حكمه (٧) ، وجعل ضده لما بعده ، ثم إن كانا (٨) مع الايجاب مختلفين (٩) ، أو معينين (١٠) لم يقبل اضرابه ، لأنه (١١) إنكار للاقرار الأول وهو (١٢) غير مسموع.

فالأول (١٣) ك «له قفيز حنطة ، بل قفيز شعير».

______________________________________________________

(١) وإلا لو كان بعدها جملة لا تكون عاطفة ، بل يكون الأضراب بها إبطاليا أي للدلالة على أن ما قبلها كلام باطل ، وذلك كما في قوله تعالى : (وَقٰالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمٰنُ وَلَداً سُبْحٰانَهُ ، بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ) (١) ، أو يكون الإضراب بها انتقاليا ، أي لمجرد الدلالة على الانتقال من غرض إلى غرض آخر ، نحو قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى ، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا)(٢).

(٢) تفريع على المسكوت عنه ، وهو بيان للسكوت المذكور.

(٣) أي على ما قبلها.

(٤) وهو ما قبلها.

(٥) الباء بمعنى (مع) والمعنى استقر حكمه كما يستقر حكم ما بعدها عند الأضراب عن الأول.

(٦) أي تقدم (بل).

(٧) أي على حكمه من النفي ، وبما أن النفي لا إقرار فيه فلذا اقتصر على صورة الإيجاب.

(٨) أي كان ما قبلها وما بعدها.

(٩) أي مختلفين في الصنف كقوله : له علي قفيز حنطة بل قفيز شعير.

(١٠) وإن كانا متحدين في الجنس كقوله : له عليّ هذا الدرهم بل هذا الدرهم ، وحكم الصورة الثانية كحكم الصورة الأولى.

(١١) أي الأضراب.

(١٢) أي الإنكار المذكور.

(١٣) وهو ما لو كانا مطلقين.

__________________

(١) سورة الأنبياء الآية : ٢٦.

(٢) سورة الأعلى الآيات : ١٤ و ١٥ و ١٦.


والثاني (١) ك «له هذا الدرهم ، بل هذا الدرهم» فيلزمه القفيزان والدرهمان ، لأن أحد المختلفين ، وأحد الشخصين غير داخل في الآخر.

وإن كانا (٢) مطلقين (٣) ، أو أحدهما (٤) لزمه واحد إن اتحد مقدار ما قبل «بل» وما بعدها ك «له درهم (٥) ، بل درهم (٦)» أو «هذا الدرهم بل درهم» أو «درهم ، بل هذا الدرهم (٧)» لكن يلزمه (٨) مع تعيين أحدهما المعين ، وإن اختلفا (٩) كمية ك «له قفيز ، بل قفيزان (١٠)» أو «هذا القفيز ، بل قفيزان (١١)» أو بالعكس (١٢) ، لزمه الأكثر (١٣) ، لكن إن كان المعين هو الأقل (١٤) تعين (١٥) ، ووجب الإكمال.

(ولو قال : هذه الدار لزيد ، بل لعمرو (١٦) دفعت إلى زيد) عملا بمقتضى

______________________________________________________

(١) وهو ما لو كانا معينين.

(٢) أي ما قبلها وما بعدها.

(٣) أي غير معينين كقوله : له علي درهم بل درهم.

(٤) أي أو أحدهما مطلقا والآخر معيّنا مع اتحاد القدر والصنف كقوله : له عليّ هذا الدرهم بل درهم ، أو له عليّ درهم بل هذا الدرهم.

(٥) هذا إذا كانا مطلقين.

(٦) هذا إذا كان أحدهما معينا والآخر مطلقا.

(٧) هذا إذا كان أحدهما مطلقا والآخر معينا.

(٨) أي لكن يلزمه واحد مع تعيين أحدهما المعيّن بحيث كان أحدهما معينا والآخر مطلقا.

(٩) أي اختلف ما قبلها وما بعدها في المقدار بحيث كان أحدهما أكثر من الآخر سواء كانا مطلقين كقوله : له علي قفيز بل قفيزان ، أو كان أحدهما مطلقا والآخر معينا كقوله : له علي قفيز بل القفيزان ، أو بالعكس كقوله : له علي القفيز بل قفيزان.

(١٠) هذا إذا كانا مطلقين.

(١١) هذا إذا كان أحدهما معينا والآخر مطلقا.

(١٢) هذا إذا كان أحدهما مطلقا والآخر معينا.

(١٣) أي الأكثر خاصة بلا خلاف فيه ، والخلاف من أهل الخلاف ، وقد تقدم.

(١٤) كما في المثال المتقدم : له علي القفيز بل قفيزان.

(١٥) أي تعين نفس الأقل ووجب إكمال الأكثر من غيره.

(١٦) قضى بها للأول وغرّم قيمتها للثاني ، أما القضاء بها للأول فلعموم (إقرار العقلاء على


اقراره الأول(وغرم لعمرو قيمتها) ، لأنه (١) قد حال بينه (٢) وبين المقر به باقراره (٣) الأول ، فيغرم له ، للحيلولة الموجبة للغرم(إلا أن يصدقه (٤) زيد) في أنها لعمرو فتدفع (٥) إلى عمرو من غير غرم.

(ولو أشهد (٦)

______________________________________________________

أنفسهم جائز) (١) ، وأما تغريم القيمة للثاني فلأنه قد حال بين الثاني وبين الدار بإقراره بأنها للأول ، فيغرم له القيمة لتعذر وصول الثاني إلى العين بسبب إقراره بها للأول ، ويكون كما لو أتلفها عليه ثم أقرّ بها له. وعن أبي حنيفة عدم التغريم للثاني ، لأن الإقرار الثاني قد صادف ملك الغير لها فلا ينفذ.

وعن ابن الجنيد أنه يرجع إلى مراد المقر ويقبل قوله إن كان حيا وإلا كان المقر به لهما متداعيين بشي‌ء هو في يدهما فيأخذ ذو البينة ، ومع عدمها فيأخذ الحالف ، وإن حلفا اقتسماه.

(١) أي لأن المقرّ.

(٢) أي بين الثاني.

(٣) أي الباء للسببيّة ، والمعنى بسبب إقراره الأول بالدار لزيد.

(٤) أي يصدق المقرّ.

(٥) أي الدار إلا إذا تلفت فعلا فيدفع القيمة.

(٦) هذه مسألة أخرى ، وهي ما لو أشهد شاهدي عدل على أنه قد أقرّ بالبيع لزيد وقبض الثمن منه ، ثم أنكر فيما بعد القبض وادعى أنه أشهد بالقبض تبعا للعادة من غير أن يحصل قبض لإقامة الشهادة خوفا من تعذر الشهود وقت الإقباض ، وهذا أمر معتاد بين المتعاملين.

فهل تسمع دعواه بإنكار القبض ولا يكون منافيا لإقراره السابق المشهود عليه كما هو المعروف بين الفقهاء ، أو لا تسمع دعواه بإنكار القبض لأنها منافية لإقراره السابق المشهود عليه كما هو قول في المسألة ، ولم يعرف القائل به حتى من العامة على ما في الجواهر.

وسماع دعواه بإنكار القبض ، لأنه معترف بإقراره المشهود عليه ولكن يدعيه على الوجه المزبور من كونه تبعا للعادة من دعوى القبض مع عدم حصوله حقيقة لإقامة الشهادة

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.


شاهدي عدل(بالبيع (١) لزيد(وقبض الثمن) منه (٢) (ثم ادعى المواطأة) بينه وبين المقر له على الاشهاد ، من غير أن يقع بينهما بيع (٣) ولا قبض(سمعت دعواه) ، لجريان العادة بذلك (٤) (وأحلف المقر له) على الإقباض (٥) ، أو على عدم المواطأة.

ويحتمل عدم السماع فلا يتوجه اليمين (٦) ، لأنه (٧) مكذب لاقراره (٨).

ويضعّف بأن ذلك (٩) واقع ، تعم به البلوى فعدم سماعها يفضي إلى الضرر المنفي. هذا إذا شهدت البينة على اقراره بهما (١٠) ، أما لو شهدت بالقبض (١١) لم يلتفت إليه(١٢) ،

______________________________________________________

خوفا من عدم الشهود وقت الإقباض الفعلي ، وسماع دعواه لا بمعنى تقديم قوله ، بل بمعنى سماع دعواه وتوجه اليمين على المشتري إن لم يصدقه على ما قاله من عدم حصول القبض ، وأما مع تصديق المشتري له بعدم القبض فلا إشكال.

هذا كله إذا كانت الشهادة على إقراره بالبيع والقبض ثم أنكر حصول القبض الفعلي ، وأما لو شهد الشاهدان بمشاهدة القبض لم يقبل إنكاره بعدم القبض ، ولا يمين على المشتري ، لأن ذلك طعن في البينة وتكذيب لها فلا يلتفت لإنكاره ، وعدم الالتفات ليس من باب تنافي الإقرار ، بل من باب تكذيب الشهادة.

(١) بأن أشهد على إقراره بالبيع لزيد وقبض الثمن منه.

(٢) من زيد.

(٤) بالتواطؤ على دعوى القبض لإمامة الشهادة خوفا من تعذر الشهود وقت القبض الفعلي.

وفيه أن مفروض المسألة عدم إنكار البيع حتى يطالب المقرّ بالثمن من المشتري الذي أقر له سابقا بالقبض ، وإلا فلو أنكر البيع بعد ما أقربه ثم أشهد عليه لا يسمع إنكاره بعد الإقرار كما اعترف بذلك في المسالك.

(٥) أي على أن المقر له قد أقبض الثمن للمقر الذي أنكر القبض فيما بعد.

(٦) أي لا يتوجه اليمين على المقر له.

(٧) أي المقر عند ما ادعى المواطأة على القبض.

(٨) أي لإقراره بالقبض.

(٩) أي بأن المواطأة على القبض مع عدم تحققه واقع في العرف.

(١٠) بالبيع والقبض.

(١١) أي بمشاهدة القبض.

(١٢) أي إلى المقر عند ما ادعى المواطأة.


لأنه مكذب لها (١) ، طاعن فيها ، فلا يتوجه بدعواه يمين (٢).

(الفصل الثالث ـ في الاقرار بالنسب) (٣)

(ويشترط فيه (٤) أهلية المقر (٥) للاقرار ، ببلوغه وعقله(وإمكان الحاق المقرّ به) : بالمقرّ شرعا (٦)

______________________________________________________

(١) للشهادة.

(٢) أي فلا يتوجه بدعواه المواطأة يمين على المقر له ، ويلزم بما شهدت به البينة.

(٣) الإقرار بالنسب كالإقرار بالمال مقبول بلا خلاف فيه ، لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، ولخصوص نصوص سيمرّ عليك بعضها.

(٤) في الإقرار بالنسب.

(٥) الصفات المعتبرة في المقر معتبرة في الإقرار بالنسب ، وتزاد هنا شروط ، فيشترط في الإقرار بالولد ثلاثة شروط :

الأول : إمكان البنوة ، بأن يكون ما يدعيه ممكنا ، فلو أقرّ ببنوة من هو أسنّ منه أو مساويه أو أصغر منه بحيث لا يمكن تولده منه عادة لم يقبل إقراره لتكذيب الحس له.

الشرط الثاني : جهالة النسب ، فلو كان الولد معلوم النسب شرعا لغيره فلا يقبل إقراره لتكذيب الشرع له.

الشرط الثالث : عدم المنازع له ، فلو نازعه منازع في بنوّته لم يقبل إقراره إلا بالبينة ، لأنه مع المنازعة يتعارض الإقراران فلا يلحق الولد به إلا بالبينة إذا وجدت لإحدهما أو القرعة على تقدير عدم البينة ، والقرعة لكل أمر مشكل.

هذا ولا خلاف بينهم في هذه الشروط الثلاثة ، بلا فرق في الولد بين الصغير والكبير والذكر والأنثى ، نعم لا يعتبر تصديق الصغير ، بل ولا يلتفت إلى إنكاره بعد البلوغ ، لثبوت النسب قبل البلوغ فلا ينتفي بإنكاره بلا خلاف في ذلك كله.

ولكن لو أقر ببنوة الكبير فيشترط تصديق الكبير له ، فلو كذّبه لم يثبت النسب ، لأن الإقرار بالنسب متضمن للإقرار في حق الغير ، فهذا الإقرار يقتضي ثبوت النسب من جهة المقرّ ، ولا يثبت من جهة الولد البالغ لأنه إقرار في حق الغير إلا بتصديقه ، والمجنون الكبير في حكم الصغير لعدم أهليته.

(٦) قيد للإمكان ، وهذا هو الشرط الثاني المتقدم

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من كتاب الإقرار حديث ٣.


(فلو أقر ببنوّة المعروف نسبه) ، أو اخوّته (١) أو غيرهما مما يغاير ذلك النسب الشرعي ، (أو) أقر(ببنوة من هو أعلى سنا) من المقر ، (أو مساو) له ، (أو أنقص) منه(بما لم تجر العادة بتولده منه (٢) بطل) الاقرار (٣) ، وكذا المنفي عنه شرعا كولد الزنا وإن (٤) كان على فراشه (٥) ، وولد اللعان (٦) وإن كان الابن يرثه.

(ويشترط التصديق) أي تصديق المقر به للمقر في دعواه النسب(فيما عدا الولد الصغير) ذكرا كان (٧) أم أنثى ، (والمجنون) كذلك (٨) (والميت (٩) وإن كان بالغا عاقلا ولم يكن ولدا (١٠)

______________________________________________________

(١) أي المعروف أخوته.

(٢) من المقر ، وهذا هو الشرط الأول المتقدم.

(٣) أما بطلان الإقرار في الأول لتكذيب الشرع له ، وبطلانه في الثاني لتكذيب الحس له.

(٤) أي ولد الزنا.

(٥) كما لو زنى بامرأة ثم تزوجها فأتت له بولد دون ستة أشهر من حين الدخول بعد التزويج ، وهذا لا يلحق به وإن أقرّ به لتكذيب الشرع له.

(٦) أي وكذا ولد اللعان لا يلحق به ، ولو أقر به يبطل إقراره لتكذيب الشرع له ، نعم بسبب إقراره يرثه الابن وهو لا يرث الابن على ما سيأتي تفصيله في كتاب الإرث.

(٧) أي الولد الصغير.

(٨) أي ذكر أكان أو أنثى.

(٩) أصل المسألة لو مات مجهول النسب فإن كان صبيا وقد أقرّ إنسان ببنوته بعد الموت ثبت نسبه بلا خلاف فيه بين الأصحاب ، ولا يشترط التصديق من الميت الصبي ، لأن اشتراط التصديق ساقط عنه على فرض حياته.

وإن كان بالغا عاقلا وقد أقرّ إنسان ببنوته بعد الموت فكذلك ثبت نسبه بلا خلاف فيه بيننا ، ويكون ما تركه للمقرّ مع عدم وارث غيره ، لأنه أبوه شرعا بالإقرار.

وعن أبي حنيفة أنه لو كان للميت مال فلا يلحق بالمقر لاحتمال أن يكون إقراره لتهمة الحصول على المال ، وفيه أن احتمال التهمة غير قادح مع حياته ويساره وصغره مع فقر المقرّ فكذا بعد موته وكبره ، وكذا.

(١٠) بحيث ادعى المقر بأن الميت أخوه ، وستعرف فيما بعد اشتراط التصديق في الإقرار بالأقارب ، ومراد الشارح أن تصديق الميت ساقط حتى لو ادعى بأنه غير متولد منه بأن ادعى بأنه أخوه ، وسقوط تصديق الميت لعدم إمكانه في حقه فيسقط اعتباره كما سقط في حق الصغير.


أما الثلاثة (١) فلا يعتبر تصديقهم ، بل يثبت نسبهم بالنسبة إلى المقر بمجرد اقراره ، لأن التصديق إنما يعتبر مع إمكانه (٢) ، وهو (٣) ممتنع منهما (٤) ، وكذا الميت مطلقا (٥).

وربما أشكل حكمه (٦) كبيرا مما تقدم (٧). ومن إطلاق اشتراط تصديق البالغ العاقل في لحوقه (٨) ، ولأن (٩) تأخير الاستلحاق إلى الموت بوشك أن يكون (١٠) خوفا من انكاره (١١) ، إلا أن فتوى الأصحاب على القبول (١٢) ، ولا يقدح فيه (١٣) التهمة (١٤) باستيثاق (١٥) مال الناقص (١٦) ، وإرث الميت (١٧).

______________________________________________________

(١) أي الصغير والمجنون والميت.

(٢) أي إمكان التصديق.

(٣) أي إمكان التصديق.

(٤) من الصغير والمجنون لسلب عبارتهما شرعا.

(٥) أي أصلا.

(٦) أي حكم المصنف بعدم اشتراط التصديق من الميت الكبير.

(٧) والذي تقدم هو اعتبار التصديق حيث يمكن ، والإمكان هنا ممتنع وهذا وجه أحد طرفي الإشكال ، وهذا ما يصحح عدم اشتراط التصديق ، والطرف الآخر للإشكال هو اشتراط تصديق البالغ العاقل ، والميت بالغ عاقل بحسب الفرض ، وهذا ما يوجب اشتراط التصديق ولذا يشكل حكمه.

(٨) أي لحوق الكبير.

(٩) دليل ثان للإشكال على عدم اشتراط التصديق في الميت الكبير.

(١٠) أي التأخير.

(١١) أي إنكار الكبير قبل موته.

(١٢) أي قبول الإقرار من دون اشتراط التصديق لعدم إمكانه.

(١٣) في قبول الإقرار مع عدم اشتراط التصديق ، وفي هذا رد على أبي حنيفة.

(١٤) لاحتمال أن يكون إقراره بسبب مال الميت ليرثه.

(١٥) الباء للسببية ، وهو تعليل لعدم قدح التهمة ، والمعنى أنه لا تقدح التهمة في نفوذ إقراره ببنوة الميت الكبير لأنه محل الوثوق لضبط مال الناقص من جنون أو صغر عند الإقرار بهما مع أن التهمة واردة ، ولأنه محل الوثوق لإرث الميت الصغير مع أن التهمة واردة.

(١٦) وهو المجنون والصغير.

(١٧) إن كان صغيرا.


والمراد بالولد هنا (١) الولد الصلب فلو أقر ببنوة ولد ولده فنازلا اعتبر التصديق كغيره (٢) من الأقارب (٣) ، نص عليه المصنف وغيره.

وإطلاق الولد (٤) يقتضي عدم الفرق بين دعوى الأب والأم وهو أحد

______________________________________________________

(١) أي في قبول الإقرار بالبنوة.

(٢) أي كغير ولد الولد.

(٣) وسيأتي التعرض للإقرار بغير الولد من الأقارب ، ويأتي التعرض لاشتراط التصديق هناك.

(٤) وإطلاقه في عبارة الماتن ، هذا وقد صرح غير واحد بعدم الفرق بين الأب والأم في الإقرار ببنوة الولد بالشروط المتقدمة ، لإطلاق أدلة الإقرار ولخصوص صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الحميل؟ فقال عليه‌السلام : وأيّ شي‌ء الحميل؟ قلت : المرأة تسبى من أرضها ومعها الولد الصغير فتقول : هذا ابني ، والرجل يسبى فيلقى أخاه فيقول : هو أخي ويتعارفان ، وليس لهما على ذلك بينة إلا قولهما ، فقال عليه‌السلام : ما يقول من قبلكم؟ قلت : لا يورثونهم ، لأنهم لم يكن لهم على ذلك بينة ، إنما كانت ولادة في الشرك ، فقال عليه‌السلام : سبحان الله إذا جاءت بابنها أو بنتها معها ولم تزل مقرّة ، وإذا عرف أخاه وكان ذلك في صحة من عقلهما ولم يزالا مقرين ورث بعضهم من بعض) (١) ومثلها غيرها.

وعن الفخر في الإيضاح الاختصاص بالأب ، لأن النص الوارد في لحوق الولد بالإقرار إنما جاءت لصيغة الجمع المذكر وهي لا تتناول الإناث ، وردّ في الجواهر (وإن كنا لم نتحققها) ، وتابع الفخر على الاختصاص الشهيدان في الدروس والروضة هنا ، وعلّله الشارح في المسالك بأن ثبوت النسب بالإقرار على خلاف الأصل فيقتصر فيه على إقرار الرجل ، مع وجود الفارق بين الرجل والمرأة لإمكان إقامتها البينة على الولادة ، وهذا ما لا يمكن للرجل أن يقيم البينة عليه.

وظاهر كلامه أن الخبر وارد في إقرار الرجل فيقتصر عليه في مقام مخالفة الأصل ، والخبر الوارد في الرجل هو خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (إذا أقرّ الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه أبدا) (٢).

وفيه أن صحيح عبد الرحمن المتقدم وارد في المرأة فلا بد من الخروج عن الأصل في الأب والأم معا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب ميراث ولد الملاعنة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الملاعنة حديث ٤.


القولين في المسألة ، وأصحهما ـ وهو الذي اختاره المصنف في الدروس ـ الفرق ، وأن ذلك (١) مخصوص بدعوى الأب ، أما الأم فيعتبر التصديق لها ، لورود النص على الرجل فلا يتناول المرأة. واتحاد طريقهما (٢) ممنوع ، لإمكان إقامتها البينة على الولادة دونه (٣) ، ولأن ثبوت نسب غير معلوم (٤) على خلاف الأصل يقتصر فيه (٥) على موضع اليقين(٦).

(و) يشترط أيضا في نفوذ الاقرار (٧) مطلقا (٨) (عدم المنازع (٩) له في نسب المقر به(فلو تنازعا) فيه(اعتبرت البينة) وحكم لمن شهدت له (١٠) (١١) ، فإن فقدت (١٢) فالقرعة ، لأنها لكل أمر مشكل (١٣) ، أو معين (١٤) عند الله مبهم عندنا ، وهو (١٥) هنا كذلك (١٦).

هذا إذا اشتركا (١٧)

______________________________________________________

(١) بيان للفرق ، وذلك إشارة إلى قبول الإقرار ببنوة الغير مع عدم اشتراط التصديق.

(٢) أي طريق الأب والأم ، لاستوائهما في نسبة الولد إليهما.

(٣) دون الأب.

(٤) أي ثبوته بالإقرار ، فثبوت النسب في حق المقر بالإقرار على مقتضى الأصل ، وثبوته في حق المقر به بإقرار غيره على خلاف الأصل.

(٥) في هذا الثبوت.

(٦) وموضع اليقين هو الرجل لورود النص فيه ، وفيه أنك قد عرفت ورود النص في الأم أيضا.

(٧) أي الإقرار ببنوة الغير.

(٨) سواء كان الغير صغيرا أم مجنونا أم ميتا أم غيرهم.

(٩) وهذا هو الشرط الثالث المتقدم.

(١٠) للمقر.

(١١) في نسب المقر به.

(١٢) أي البينة.

(١٣) أي مشكل واقعا وظاهرا.

(١٤) أي لأنها لكل أمر معيّن عند الله مبهم عندنا.

(١٥) أي مورد القرعة.

(١٦) أي معيّن عند الله مبهم عندنا.

(١٧) أي المتنازعان.


في الفراش (١) على تقدير دعوى البنوّة. أو انتفى عنهما (٢) كواطئ (٣) خالية عن فراش لشبهة ، فلو كانت فراشا لأحدهما حكم له به (٤) خاصة ، دون الآخر وإن صادقه (٥) الزوجان (٦) ، ولو كانا (٧) زانيين انتفى عنهما ، أو أحدهما (٨) فعنه ، ولا عبرة في ذلك كله (٩) بتصديق الأم (١٠).

(ولو تصادق اثنان) فصاعدا(على نسب غير التولد (١١) كالأخوة(صح)

______________________________________________________

(١) كما إذا كانت زوجة لكل منهما في زمنين ، ويحتمل تولد الولد في زمن زوجية كل منهما ، بأن لا يتجاوز تولد الولد من طلاق الأول أقصى الحمل ، ولا يتجاوز تولد الولد من دخول الثاني أقل الحمل.

(٢) أي أو انتفى الفراش عنهما.

(٣) تمثيل لكل واحد من المتنازعين.

(٤) أي حكم لصاحب الفراش بالولد خاصة دون المنازع الآخر.

(٥) أي صادق الآخر.

(٦) ظاهر كلامه مشكل ، لأنه لو كان أحد المتنازعين هو صاحب الفراش فكيف يفرض لها زوج حينئذ يصدّق المنازع الآخر ، ويرتفع الإشكال بأن يكون أحد المتنازعين صاحب فراش في زمن سابق يصلح لتولد الولد منه ، وقد طلّقها وتزوجت بغيره ، وبعد الزواج من الغير تنازع المطلق وغيره في الولد ، فالولد للمطلق وإن صادق الزوج الفعلي المنازع الآخر.

(٧) أي المتنازعان.

(٨) أي ولو كان أحدهما زانيا فينتفي الولد عنه.

(٩) من صور التنازع.

(١٠) لأن تصديقها إقرار عليها فلا ينفذ في حق الغير.

(١١) قد تقدم ثبوت النسب بالإقرار في بنوّة الولد إلا إذا كان كبيرا فيشترط تصديقه ، وأما في غير الولد فلا يثبت النسب إلا بتصديق المقر به ، وإلا لزم نفوذ الإقرار في حق الغير فإذا قال : هذا أخي كان معناه أنه ابن أبي أو أمي ، وكذا لو قال : هذا عمى كان معناه أنه ابن جدي أو جدتي ، وفي هذا إلحاق بغير المقر فلا بدّ من تصديق المقر به ، ومع تصديق الغير يثبت النسب بلا خلاف فيه للأخبار.

منها : صحيح عبد الرحمن المتقدم (١) ، وصحيح الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب ميراث الملاعنة حديث ١.


تصادقهما(وتوارثا (١) ، لأن الحق لهما(ولم يتعداهما التوارث) إلى ورثتهما لأن حكم النسب إنما ثبت بالاقرار والتصديق ، فيقتصر فيه (٢) على المتصادقين إلا مع تصادق ورثتهما أيضا.

ومقتضى قولهم (٣) «غير التولد» أن التصادق في التولد (٤) يتعدى «مضافا إلى ما سبق من الحكم بثبوت النسب (٥) في الحاق الصغير مطلقا (٦) ، والكبير مع التصادق ، والفرق بينه (٧) وبين غيره من الأنساب مع اشتراكهما في اعتبار

______________________________________________________

رجلين حميلين جي‌ء بهما من أرض الشرك فقال أحدهما لصاحبه : أنت أخي ، فعرفا بذلك ثم أعتقا ومكثا مقرين بالإخاء ، ثم إن أحدهما مات ، قال عليه‌السلام : الميراث للأخ يصدقان) (١) ومثلها غيرها.

نعم لو قال : هذا ابن ابني فهو إقرار مشروط بتصديق المقر به ، لأنه إقرار في حق الغير ، ودعوى أنه ولد فلا يشترط تصديقه مردودة لأن قبول الإقرار في بنوّة الولد مع عدم تصديقه على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع اليقين ، وهو خصوص الولد الصلبي دون غيره ثم مع تصديق الغير في دعواه النسب يتوارثان ، بلا خلاف فيه للأخبار المتقدمة ، بشرط عدم وارث غيرهما ، وأما مع وجود وارث لهما فلا ينفذ الإقرار على الوارث ، وبعبارة أخرى أن التوارث لا يتعدى إلى غيرهما ، فلو كان للمقر ورثة مشهورون وقد أقر بوجود وارث جديد ، فهو إقرار يقتضي منعهم عن جميع المال إن كان الوارث الجديد أقرب منهم إلى المقر ، أو يقتضي منعهم عن بعض المال إن كان الوارث الجديد مساويا لهم في الرتبة ، ومن المعلوم أن الإقرار غير نافذ في حق الغير ، وهذا بخلاف الإقرار في بنوّة الولد فالنسب لا يقتصر عليهما بل يتعداهما إلى ورثة المقرّ لإطلاق النصوص الواردة في بنوة الولد ، وقد تقدم بعضها.

(١) حيث لا وارث لهما.

(٢) في النسب.

(٣) أي قول الفقهاء.

(٤) إذا كان الولد كبيرا ، لأنه في هذه الصورة يجري اشتراط التصديق.

(٥) من دون تقييده بالمقر والمقر به.

(٦) مع التصديق وعدمه.

(٧) بين الولد الكبير.

__________________

(١) المصدر السابق حديث ٢.


التصادق غير بيّن (١).

(ولا عبرة بإنكار الصغير بعد بلوغه (٢) بنسب (٣) المعترف به صغيرا (٤) ، وكذا المجنون بعد كماله ، لثبوت النسب قبله (٥) فلا يزول بالإنكار اللاحق ، وليس له (٦) إحلاف المقرّ أيضا (٧) ، لأن غايته (٨) استخراج رجوعه (٩) ، أو نكوله (١٠) وكلاهما الآن (١١) غير مسموع ، كما لا يسمع لو نفى (١٢) النسب حينئذ (١٣) صريحا.

(ولو أقرّ العمّ) المحكوم بكونه وارثا ظاهرا(بأخ (١٤) للميت وارث(دفع)

______________________________________________________

(١) والفارق هو إطلاق أدلة ثبوت النسب بالإقرار بالولد ، بخلاف الإقرار بغيره فالمحكّم عموم أدلة الإقرار ، وهي جارية فيما لو أقر على نفسه ، وأما لو أقرّ على غيره فالإقرار غير نافذ إلا بتصديق ذلك الغير.

(٢) كما تقدم ، لأن النسب ثبت قبل البلوغ فلا ينتفي بإنكاره بعد البلوغ بلا خلاف فيه.

(٣) متعلق بقوله (بإنكار الصغير).

(٤) حال للضمير في قوله (به).

(٥) قبل البلوغ بالنسبة للصبي ، وقبل الكمال بالنسبة للمجنون.

(٦) للصبي بعد البلوغ والمجنون بعد الكمال.

(٧) كما ليس له الإنكار بعد البلوغ والكمال.

(٨) أي غاية الحلف.

(٩) أي رجوع المقر عن إقراره حتى لا يحلف إذا كان كاذبا واقعا.

(١٠) أي نكول المقر عن الحلف.

(١١) بعد الإقرار.

(١٢) أي المقر.

(١٣) أي حين ثبوت الإقرار.

(١٤) لو أقر الوارث ظاهرا كالعم بمن هو أولى منه كالأخ ، نفذ إقرار العم في التركة التي تحت يده ، لأنه إقرار في حق نفسه ، ثم لو أقر بعد ذلك بمن هو أولى من المقر به السابق كالولد ، فإن صدقه الأخ دفع جميع التركة إلى الولد لأنه أول منهما.

وإن كذبه الأخ فلا خلاف بينهم في دفع التركة للأخ لأنه استحقها بالإقرار الأول ، لأن الإقرار الثاني للعم مناف للإقرار الأول فلا يسمع في حق الأخ ، فالإقرار الثاني من العم بالنسبة للأخ إقرار في حق الغير فلا ينفذ ، والمشهور على أن العم يغرّم للولد قيمة


(إليه (١) المال) ، لاعترافه (٢) بكونه (٣) أولى منه بالإرث(فلو أقرّ العم بعد ذلك بولد) للميت وارث(وصدّقه الأخ دفع إليه (٤) المال) ، لاعترافهما (٥) بكونه (٦) أولى منهما.

(وإن أكذبه) أي اكذب الأخ العمّ في كون المقرّ به ثانيا ولدا للميت(لم يدفع إليه) (٧) لاستحقاقه (٨) المال باعتراف ذي اليد له ، وهو (٩) العم ، ولم وتعلم أولوية الثاني (١٠) ، لأن العم حينئذ (١١) خارج (١٢) فلا يقبل اقراره في حق الأخ (١٣) (وغرّم العم له) أي لمن اعترف بكونه ولدا(ما دفع إلى الأخ) من المال ، لاتلافه له (١٤) باقراره الأول مع مباشرته (١٥) لدفع المال.

______________________________________________________

التركة ، لأنه فوتها عليه بسبب إقراره الأول فكأنه قال : هذه العين لفلان بل لفلان.

وأشكل عليهم بأن التغريم متعين إذا دفع العم للأخ التركة ثم أقر بمن هو أولى من الأخ كالولد فيكون العم بمنزلة المتلف للتركة حينئذ فيضمن ، وأما على تقدير عدم الدفع فإقراره بأن الأول أخ للميت لا يستلزم كونه وارثا ، بل هو أعم ، فلو أقر بمن هو أولى من الأخ فلا يكون الإقرار الأول تفويتا للتركة على الثاني حتى يضمن.

(١) إلى الأخ.

(٢) أي لاعتراف العم.

(٣) أي بكون الأخ أولى من العم بالإرث.

(٤) بعد الإقرار بالأخ.

(٥) إلى الولد.

(٦) أي لاعتراف العم والأخ.

(٧) أي بكون الولد.

(٨) أي لم يدفع المال إلى الولد.

(٩) أي لاستحقاق الأخ المال بالإقرار الأول من العم.

(١٠) أي صاحب اليد.

(١١) أي الولد.

(١٢) أي حين الإقرار الثاني.

(١٣) لأنه قد أقرّ بالأخ ، فالإقرار بالولد إنما هو إقرار في حق الغير.

(١٤) أي لإتلاف العم للمال الذي دفعه إلى الأخ.

(١٥) أي مباشرة العم لدفع المال إلى الأخ.


ونبه بقوله : غرّم ما دفع ، على أنه (١) لو لم يدفع إليه (٢) لم يغرّم (٣) بمجرد اقراره بكونه أخا ، لأن ذلك (٤) لا يستلزم كونه (٥) وارثا ، بل هو (٦) أعم ، وإنما يضمن (٧) لو دفع إليه المال لمباشرته اتلافه حينئذ (٨).

وفي معناه (٩) ما لو أقرّ بانحصار الارث فيه (١٠) ، لأنه (١١) باقراره (١٢) بالولد بعد ذلك (١٣) يكون (١٤) رجوعا عن اقراره الأول فلا يسمع (١٥) ، ويغرم (١٦) للولد بحيلولته (١٧) بينه (١٨) وبين التركة بالاقرار (١٩) الأول ، كما لو أقر بمال لواحد ثم أقر به لآخر ، ولا فرق في الحكم بضمانه حينئذ (٢٠) بين حكم الحاكم عليه(٢١)

______________________________________________________

(١) على أن العم.

(٢) إلى الأخ.

(٣) أي لم يغرّم قيمة التركة للولد بمجرد إقراره الأول.

(٤) أي إقراره الأول بكونه أخا للميت.

(٥) أي كون الأخ.

(٦) أي بل الأخوة أعم من الوارثية.

(٧) أي وإنما يضمن العم لو دفع إلى الأخ المال ، والضمان بسبب مباشرته الإتلاف.

(٨) أي حين الدفع إلى الأخ.

(٩) أي وفي معنى الدفع إلى الأخ.

(١٠) في الأخ.

(١١) أي لأن الشأن والواقع.

(١٢) أي بإقرار العم بالولد.

(١٣) أي بعد إقرار العم بالأخ ودعوى انحصار الإرث فيه.

(١٤) أي إقرار العم بالولد.

(١٥) لأنه إقرار في حق الأخ ، ولا يسمع الإقرار في حق الغير.

(١٦) أي العم.

(١٧) أي بسبب حيلولة العم ، وهو تعليل للتغريم.

(١٨) أي بين الولد.

(١٩) أي بسبب الإقرار الأول ، وهو تعليل للحيلولة.

(٢٠) أي حين دعوى العم بانحصار الإرث في الأخ.

(٢١) على العم.


بالدفع إلى الأخ ، وعدمه (١) ، لأنه (٢) مع اعترافه بإرثه (٣) مفوّت (٤) بدون الحكم.

نعم لو كان دفعه (٥) في صورة عدم اعترافه (٦) بكونه (٧) الوارث بحكم (٨) الحاكم اتجه عدم الضمان ، لعدم (٩) اختياره (١٠) في الدفع ، وكذا الحكم في كل من أقرّ بوارث أولى منه ، ثم أقرّ بأولى منهما. وتخصيص الأخ والولد مثال ، ولو كان الاقرار الأول بمساو (١١) للثاني كأخ آخر فإن صدقه (١٢) تشاركا (١٣) وإلا غرم للثاني (١٤) نصف التركة على الوجه (١٥) الذي قررناه.

(ولو أقرت الزوجة بولد) للزوج المتوفى (١٦) ،

______________________________________________________

(١) أي عدم حكم الحاكم.

(٢) أي لأن الواقع.

(٣) أي مع اعتراف العم بإرث الأخ.

(٤) أي مفوت للتركة على الولد وإن لم يحكم الحاكم عليه بالدفع إلى الأخ.

(٥) أي دفع العم للمال إلى الأخ.

(٦) أي عدم اعتراف العم.

(٧) أي بكون الأخ.

(٨) متعلق بقوله (إن كان دفعه) والمعنى إن كان دفع العم بسبب حكم الحاكم عليه اتجه عدم الضمان إن لم يعترف العم بانحصار الإرث في الأخ.

(٩) تعليل لعدم الضمان.

(١٠) أي اختيار العم.

(١١) من دون أولوية لأحدهما.

(١٢) أي صدق المقر به الأول للمقر في إقراره الثاني.

(١٣) أي تشارك المتساويان في التركة.

(١٤) أي وإلا غرم المقر للثاني.

(١٥) من أنه يضمن في صورة الدفع للأول ، وفي صورة دعوى انحصار الوارث في الأول ، ولا يضمن في صورة عدم الدفع وفي صورة عدم دعوى انحصار الوارث في الأول ، ولا يضمن في صورة الدفع بحكم الحاكم إن لم يعترف بكونه الوارث.

(١٦) لو كان للميت إخوة وزوجة فلها الربع لعدم الولد للميت ، فلو أقرت بولد للميتا فيكون لها الثمن قضاء لحق إقرارها ، والثمن هو نصف نصيبها على تقدير عدم الإقرار.


ووارثه (١) ظاهرا اخوته(فصدّقها الاخوة) على الولد(أخذ) الولد(المال) الذي بيد الاخوة أجمع (٢) ، ونصف ما في يدها (٣) ، لاعترافهم (٤) باستحقاقه ذلك.

(وإن أكذبوها دفعت (٥) إليه) ما بيدها زائدا عن نصيبها على تقدير الولد ، وهو (٦) (الثمن) ، لأن بيدها ربعا نصيبها على تقدير عدم الولد ، فتدفع إلى الولد نصفه (٧) ، ويحتمل أن تدفع إليه (٨) سبعة أثمان ما في يدها (٩) ، تنزيلا للاقرار على الاشاعة (١٠) ، فيستحق (١١) في كل شي‌ء سبعة أثمانه (١٢) بمقتضى اقرارها.

(ولو انعكس) الفرض بأن اعترف الاخوة بالولد دونها (١٣) (دفعوا إليه) جميع

______________________________________________________

ثم ينظر فإن صدقها الأخوة على ذلك كان الباقي من التركة للولد دون الأخوة.

ولو لم يصدقها الأخوة فلهم ثلاثة أرباع التركة ، لأنها حصتهم من التركة على تقدير عدم الولد مع وجود زوجة لها الربع ، ويكون للزوجة الثمن لوجود ولد للميت بحسب إقرارها ، وكان للولد ثمن ، وهو التفاوت بين حصة الزوجة على تقدير عدم الولد وحصتها على تقدير وجود الولد.

(١) أي وارث الزوج المتوفى ، والواو حالية.

(٢) وهو ثلاثة أرباع التركة.

(٣) ما في يدها الربع فيأخذ نصفه وهو الثمن ، ويترك لها الثمن الذي هو حصتها على تقدير الولد كما هو مقتضى إقرارها.

(٤) أي لاعتراف الأخوة باستحقاق المقر به أن له الباقي بعد نصيب الزوجة.

(٥) أي دفعت الزوجة إلى الولد.

(٦) أي الزائد عن نصيبها على تقدير الولد.

(٧) أي نصف الربع.

(٨) أي أن تدفع الزوجة إلى الولد.

(٩) أي سبعة أثمان الربع الموجود في يدها.

(١٠) أي على إشاعة حق الوارث في جميع التركة ، فالزوجة معترفة بأنه ولد ، وما في يدها ربع التركة ، فله سبع أثمان الربع ولها الثمن الأخيرة ، ويكون الأخوة قد غصبوا الزوجة والولد ثلاثة أرباع التركة بحيث للولد سبعة أثمان ما عند الأخوة ولها الثمن الأخير.

(١١) أي يستحق الولد باعتبار أنه وارث.

(١٢) أي سبعة أثمان ما في يدها ، وكذا يستحق سبعة أثمان ما عند الأخوة من التركة.

(١٣) أي دون الزوجة.


ما بأيديهم ، وهو (١) (ثلاثة أرباع ، ولو أقرّ الولد (٢) بآخر دفع إليه النصف (٣) ، لأن ذلك (٤) هو لازم إرث الولدين المتساويين ذكورية وأنوثيّة(فإن أقرّا) معا(بثالث (٥) دفعا إليه الثلث (٦) أي دفع كل واحد منهما ثلث ما بيده. وعلى هذا لو أقر الثلاثة برابع دفع إليه كل منهم ربع ما بيده (٧).

(ومع عدالة اثنين) من الورثة المقرين(يثبت النسب والميراث (٨) ، لأن

______________________________________________________

(١) أي جميع ما بأيديهم ، لأن الولد أولى بالإرث من الأخوة بخلاف الزوجة ، فإنها على تقدير الولد لها الثمن وعلى تقدير عدمه فلها الربع فلذا لما أقرت بالولد أعطته الفارق بين التقديرين فقط.

(٢) أي ولد الميت.

(٣) أي نصف ما في يده.

(٤) أي دفع النصف.

(٥) أي بولد ثالث.

(٦) أي ثلث ما بيدهما فيكون قد أعطى ثلث النصفين الذي هو ثلث التركة.

(٧) فيكون قد أعطي ربع الأثلاث الثلاثة ، وهو ربع التركة.

(٨) ذهب المشهور إلى عدم ثبوت النسب برجل وامرأتين ، وبرجل ويمين ، وعن الشيخ في المبسوط ثبوته برجل وامرأتين بعد اتفاق الجميع على ثبوته برجلين عدلين ، لأنهما البينة ، وقد تقدم الكلام فيه في باب الشهادات.

وعليه فلو شهد عدلان من الورثة يثبت النسب بلا خلاف فيه كما عن حواشي الشهيد ، بل قيل : إنه محل وفاق حتى من العامة لما دل على حجية البينة ، وإذا ثبت النسب ثبت الميراث على المشهور.

وعن الشيخ في المبسوط أنه إذا ثبت الميراث لزم الخلف في مسألة ما لو شهد أخوان عدلان بابن للميت ، وبيان الدور أن الابن لو ورث لحجب الأخوين وخرجا عن كونهما وارثين فيبطل إقرارهما ، لأنه إقرار ممن ليس بوارث فلا يسمع ، وإذا بطل إقرارهما بطل النسب ، وإذا بطل النسب بطل الإرث فيلزم من ثبوت الميراث عدمه ، وما يلزم من وجوده العدم فهو خلف محال كمحالية الدور.

وردّ بأن الإرث قد ثبت لثبوت النسب ، وثبوت النسب للشهادة لا للإقرار ، وشهادة العدلين تثبت النسب وإن كان الشاهد أجنبيا.

نعم يتوجه الخلف فيما لو أقر بعض الورثة بمن هو أولى منه ، وكان إقراره ليس بشهادة


النسب إنما يثبت بشاهدين عدلين ، والميراث لازمه (١) (وإلا) يكن في المعترفين عدلان(فالميراث حسب) ، لأنه (٢) لا يتوقف على العدالة بل الاعتراف (٣) كما مرّ.

(ولو أقرّ بزوج للميتة (٤)

______________________________________________________

كما لو كان المقر واحدا أو غير عدلين فيقال : لو ورث الابن لحجب الأخوين وخرجا عن كونهما وارثين فيبطل إقرارهما ، لأنه إقرار ممن ليس بوارث فلا يسمع ، وإذا بطل الإقرار بطل النسب ، وإذا بطل النسب بطل الميراث فيلزم من ثبوت الإرث عدمه.

ومع ذلك فلا خلف ، لأن النسب غير ثابت بإقرارهما وهما غير عدلين ، وإنما ثبت الإرث قضاء لإقرارهما ، فلو ورث الابن لحجب الأخوين قضاء لحق الإقرار ، ولو حجبهما فلا يبطل إقرارهما ، لأنه إقرار في حق أنفسهما ، نعم لا يثبت النسب لعدم عدالتهما.

(١) لازم النسب.

(٢) لأن الميراث.

(٣) أي بل متوقف على الاعتراف خاصة ، ولكن الإرث المتوقف على الاعتراف إنما هو من حصة المعترف خاصة كما تقدم.

(٤) لو أقر الوارث بزوج للميتة دفع المقر إلى الزوج نصف ما في يده بنسبة نصيب الزوج ، لأن الزوج يرث من الزوجة النصف مع عدم الولد ، هذا إذا لم يكن المقر ولدا للميتة ، وأما لو كان ولدا فيدفع الربع مما في يده ، لأن نصيب الزوج من الزوجة الربع على تقدير الولد ، وهذا الحكم أطلقه المحقق في الشرائع والنافع والعلامة في القواعد والشهيد في اللمعة هنا وهذا الإطلاق غير مستقيم كما استشكله المحقق الثاني وتبعه الشارح في المسالك ، والروضة هنا ، لأن كلامهم ـ من دفع الوارث المقر إلى الزوج نصف ما في يده بمقدار نصيب الزوج من الزوجة على تقدير عدم الولد ـ إنما يتم إذا كان المقر أخا للميتة ، وأما لو كان المقر أحد الأبوين للميتة فقد يدفع نصف ما في يده للزوج وقد يدفع الأقل وقد لا يدفع شيئا وإليك التفصيل.

فلو كان المقر هو الأب فله تمام التركة ظاهرا قبل الإقرار فلو أقر بوجود زوج دفع له نصف ما في يده الذي هو نصف التركة ، وهو نصيب الزوج من زوجته على تقدير عدم الولد.

وكذا الأم فلها تمام التركة ظاهرا قبل الإقرار فلو أقرت بوجود زوج للميتة ، دفعت له نصف ما في يدها الذي هو نصف التركة ، وأما لو كان المقر أحد الأبوين أو كليهما مع وجود الولد الذكر ، فلو اعترف الأبوان أو أحدهما بوجود الزوج فلا يدفع المقر شيئا إلى


(أعطاه (١) النصف) ، أي نصف ما في يده (٢) (إن كان المقر) بالزوج(غير ولدها) ، لأن نصيب الزوج مع عدم الولد النصف(وإلا) يكن كذلك بأن كان المقر ولدها(فالربع) ، لأنه (٣) نصيب الزوج معه (٤).

والضابط : أن المقر يدفع الفاضل (٥) مما في يده عن نصيبه على تقدير وجود المقر به ، فإن (٦) كان أخا للميتة ولا ولد لها دفع النصف ، وإن كان (٧) ولدا دفع الربع.

وفي العبارة قصور عن تأدية هذا المعنى (٨) ، لأن قوله : «اعطاه النصف إن كان المقرّ غير ولدها» يشمل اقرار بعض الورثة المجامعين (٩) للولد كالأبوين فإن

______________________________________________________

الزوج ، لأن نصيب الأبوين أو أحدهما على تقدير الولد الذكر واحد سواء وجد الزوج أم لا ، فليس في يد المقر حينئذ زيادة يلزمه دفعها بإقراره.

ولو كان المقر الأبوين مع وجود الولد الأنثى فنصيب الأبوين معها على تقدير عدم الزوج الخمسان وعلى تقدير وجود الزوج السدسان ، والتفاوت بينهما هو الذي يلزم المقر دفعه إلى الزوج ، وهو لا يبلغ ربع ما في يدهما. وهناك صور أخرى لا يتم فيها إطلاق كلامهم السابق.

نعم دفع الأشكال منهم صاحب الجواهر بأن كلامهم محمول على صورة اتحاد الوارث المقر أبا كان أو أما أو أخا أو ولدا فيعطي الربع إن كان المقر ولدا ، ويعطى النصف إن كان غيره ، والذي يدل على أن مرادهم صورة اتحاد الوارث المقر هو اتحاد الضمير في كلامهم.

(١) ضمير الفاعل راجع إلى الوارث المقر ، وضمير المفعول إلى الزوج.

(٢) أي يد الوارث المقر ، باعتبار أن جميع التركة له ظاهرا لانحصار الوارث في المقر.

(٣) لأن الربع.

(٤) مع الولد.

(٥) إن تحقق الفاضل سواء بلغ أحد المقدارين من الربع أو النصف أم لا.

(٦) أي المقر.

(٧) أي المقر.

(٨) من دفع المقر للفاضل سواء بلغ أحد المقدارين أم لا.

(٩) أي يصح اجتماعهم مع الولد.


أحدهما لو أقر بالزوج مع وجود ولد يصدق أن المقر غير ولدها مع أنه (١) لا يدفع النصف ، بل قد يدفع ما دونه (٢) وقد لا يدفع شيئا ، فإن الولد إن كان ذكرا والمقر أحد الأبوين لا يدفع (٣) شيئا مطلقا (٤) لأن نصيبه (٥) لا يزاد على السدس على تقدير وجود الزوج وعدمه ، وإنما حصة الزوج مع الابن (٦) ، وإن كان (٧) أنثى والمقرّ الأب يدفع الفاضل مما في يده عن السدس (٨) ،

______________________________________________________

(١) أي مع أن المقر إذا كان أحد الأبوين مع وجود الولد.

(٢) دون النصف.

(٣) أي المقر.

(٤) أي أصلا لا نصفا ولا غيره.

(٥) أي نصيب أحد الأبوين فهو السدس على تقدير الولد الذكر سواء كان هناك زوج أم لا ، فإقراره بالزوج لا يوجب تغيير نصيبه.

(٦) فالابن قد أخذ خمسة أسداس التركة قبل الإقرار ، وبعد الإقرار فإن صدق الابن والمقر على إقراره دفع له ربع التركة الموجودة تحت يده ويبقى للابن سبعة من اثني عشر من التركة تحت يده.

(٧) أي الولد.

(٨) هذا في صورة تعدد البنات واضح ، لأن الأب مع البنات له السدس والبنات لهن الثلثان قبل الإقرار ، ويبقى سدس يردّ عليهم بحسب نصيبهم أي يرد عليهم أخماسا ، فلو أقر الأب بالزوج فيجب على الأب دفع ما زاد عن السدس حينئذ.

وأما في صورة اتحاد البنت فالأب له السدس والبنت لها النصف ، كل ذلك بحسب الفرض والمجموع أربعة أسداس ، والباقي يرد عليهما بحسب نصيبهما فيرد على الأب ربع السدسين الذي هو نصف سدس ، وعلى البنت ثلاثة أرباع السدسين الذي هو سدس ونصف ، فإذا أقر الأب بالزوج فلو أوجبنا على الأب دفع ما زاد عن السدس كما هو ظاهر عبارة الشارح لأوجبنا على البنت دفع ما زاد عن النصف الذي هو فرضها ، فيدفع الأب نصف السدس والبنت سدسا ونصفا ، والمجموع سدسان ، وهذا ثلث التركة ، والثلث أكثر من الربع الذي هو نصيب الزوج.

نعم في هذه الصورة مع وجود الزوج فالأب له السدس والزوج الربع والبنت لها النصف فالمجموع ١١ / ١٢ حاصلة من اثنين للأب وثلاثة للزوج وستة للبنت ، والباقي وهو ١ / ١٢ يرد عليهم بحسب نصيبهم ، وإذا كان كذلك فيرد الأب في مثالنا المتقدم نصف السدس الفاضل عن السدس باستثناء ما يردّ على الأب من واحد على اثني عشر من التركة.


وكذا (١) إن كان (٢) الأم وليس لها حاجب (٣) ومع الحاجب لا تدفع شيئا ، لعدم زيادة ما في يدها عن نصيبها (٤).

ولو كان المقر أحد الأبوين مع عدم وجود الولد الذي هو (٥) أحد ما تناولته العبارة (٦) فقد يدفع نصف ما في يده. كما لو لم يكن وارثا غيره (٧) أو هو الأب مطلقا (٨) ، وقد لا يدفع (٩) شيئا كما لو كان (١٠) هو الأم مع الحاجب (١١).

______________________________________________________

(١) أي يدفع الفاضل عن السدس.

(٢) أي المقر.

(٣) وهذا يتم فيما لو فرض أبوان وبنت قبل الإقرار ، فالنصف للبنت فرضا وللأبوين الثلث ، والمجموع أربعة أخماس ، والباقي وهو السدس يردّ على الأبوين والبنت بالنسبة للسهام ، هذا كله مع عدم وجود حاجب للأم من الأخوة للميت بحجبها عما زاد عن السدس ، وإلا فمع وجوده فيردّ الباقي على الأب والبنت فقط بالنسبة للسهام المختصة بهما فقط.

وعلى كل فلو ردّ على الأم عند عدم الحاجب ثم اعترفت بالزوج فتدفع إليه ما زاد عن السدس مما في يدها ، وهذا الزائد هو أقل من نصف ما في يدها كما هو واضح.

(٤) وهو السدس.

(٥) ضمير عائد إلى أحد الأبوين مع عدم وجود الولد.

(٦) أي عبارة الماتن.

(٧) اسم (لم يكن).

(٨) أي وإن كان مع وارث آخر ، هذا وأما مع عدم وارث آخر فقد تقدم ، وأما مع وجود وارث آخر ولا بدّ أن يكون الأم لأن المفروض هو عدم وجود الولد ، وعليه فلو وجد الأبوان فالأم لها الثلث والباقي للأب فإذا أقرّ الأب بالزوج فالأم لها الثلث فرضا والزوج النصف فرضا كذلك والباقي وهو السدس للأب بالقرابة ، وعليه فيدفع الأب للزوج نصف التركة الموجودة تحت يده ومنه تعرف ما في عبارة الشارح من دفع نصف ما في يده فهو كما ترى ، لأن المدفوع نصف التركة والباقي تحت يد الأب سدسها فكيف يصح ما قاله الشارح من دفع نصف ما في يده.

(٩) أي المقر.

(١٠) أي المقر.

(١١) وقد تقدم لابدية فرض وجود الأب معها في مسألة الحاجب والمفروض عدم وجود الولد فلو ترك الميت أبوين وله إخوة فالأم لها السدس فرضا والباقي للأب فلو أقرت بالزوج


وتنزيل ذلك (١) على الاشاعة (٢) يصحح المسألة (٣) ، لكن يفسد (٤) ما سبق من الفروع (٥) ، لأنها (٦) لم تنزل عليها (٧).

ولقد قصّر كثير من الأصحاب في تعبير هذا الفرع فتأمله في كلامهم.

(وإن أقرّ) ذلك المقرّ بالزوج ولدا كان (٨) أم غيره(بآخر (٩) واكذب نفسه)

______________________________________________________

فلا تدفع شيئا لأن ما في يدها هو عين نصيبها من السدس سواء وجد الزوج أم لا.

(١) أي الإقرار بالزوج للميتة.

(٢) أي أنه يستحق من كل جزء من أجزاء التركة نصيبه المفروض ، فله مما تحت يد المقر النصف مع عدم الولد ، وله الربع مع الولد ، كما أن الموجود من التركة عند الغير يقسّم على هذا الأساس.

(٣) أي المسألة التي قالها المصنف من إعطاء المقر للزوج النصف إذا كان المقر غير ولدها.

(٤) أي هذا التنزيل على الإشاعة.

(٥) من إقرار الزوجة وإقرار الأخوة ، وإقرار الولد بولد آخر مما قد تقدم.

(٦) أي الفروع.

(٧) أي الإشاعة.

(٨) أي المقر.

(٩) أي بزوج آخر ، إذا أقرّ بزوج آخر لم يقبل الإقرار الثاني في حق الزوج الأول بلا خلاف فيه ولا إشكال بمعنى أن ما ثبت للأول لا يزول بسبب إقراره الثاني.

وإنما الكلام بينهم في تغريم المقر للثاني ، فهل يعزم للثاني بمجرد إقرار الثاني أم لا بدّ من تكذيب نفسه بالنسبة لإقراره الأول ، فالمشهور على الثاني ، لأنه مع تكذيب نفسه في إقراره الأول يكون قد اعترف بثبوت الحق للثاني من التركة ، وقد حال بينه وبين حقه بسبب إقراره الأول فيغرّم له ، أما مع عدم التكذيب فالإقرار الثاني غير مسموع مع الحكم بصحة الأول لأنه لا يعقل وجود زوجين للمرأة على وجه تموت عنهما ، فلا يترتب على الإقرار الثاني حينئذ أثّر.

وعن المحقق الثاني والشارح في المسالك والروضة هنا أنه يغرّم للثاني بمجرد إقراره من دون اشتراط تكذيب نفسه بالنسبة لإقراره الأول لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، مع عدم العلم ببطلان زوجية الثاني بل من الممكن هو الزوج وقد كان إقراره

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.


(في) الزوج(الأول أغرم له (١) أي للآخر الذي اعترف به ثانيا ، لاتلافه (٢) نصيبه (٣) باقراره الأول (٤) ، (وإلا) يكذب نفسه(فلا شي‌ء عليه (٥) في المشهور ، لأن الاقرار بزوج ثان اقرار بأمر ممتنع شرعا فلا يترتب عليه أثر.

والأقوى أنه (٦) يغرّم للثاني مطلقا (٧) لأصالة «صحة اقرار العقلاء على أنفسهم» مع إمكان كونه (٨) هو الزوج ، وأنه (٩) ظنه الأول فأقر به (١٠) ثم تبين خلافه ، والغاء الاقرار في حق المقر مع إمكان صحته (١١) مناف للقواعد الشرعية.

نعم لو أظهر لكلامه (١٢) تأويلا ممكنا في حقه (١٣) كتزوجه (١٤) إياها في عدة الأول فظن (١٥) أنه يرثها زوجان فقد استقرب المصنف في الدروس القبول ، وهو متجه.

______________________________________________________

للأول غلطا أو خطأ ، مع أن إلغاء الإقرار في حق المقر مع إمكان صحته مناف للقواعد الشرعية.

نعم إن أظهر لإقراره الثاني تأويلا مقبولا كما لو تزوجها الثاني في عدة الأول فظن المقر أنه زوج يرثها أيضا فالوجه القبول كما استقربه المصنف في الدروس.

وأشكل على هذا القول أن العرف لا يفهم من الثاني إلا اللغوية بعد امتناع زوجين لها على الوجه المذكور ، ولا أقل من الشك في كون الثاني إقرارا والأصل البراءة.

(١) أغرم المقر للآخر.

(٢) أي لإتلاف المقر.

(٣) أي نصيب الآخر.

(٤) أي بسبب إقراره الأول.

(٥) على المقر.

(٦) أن المقر.

(٧) سواء كذّب نفسه في إقراره الأول أم لا.

(٨) كون الثاني.

(٩) وأن المقر قد ظن الثاني هو الأول.

(١٠) بالأول.

(١١) صحة الإقرار.

(١٢) أي لكلامه الثاني.

(١٣) في حق المقر.

(١٤) أي تزوج الثاني.

(١٥) أي فظن المقر أن الواقع حينئذ أنه يرثها زوجان.


(ولو أقر (١) بزوجة للميت فالربع (٢) إن كان المقر غير الولد(أو الثمن (٣) إن كان المقر الولد. هذا (٤) على تنزيله في الزوج.

وعلى ما حققناه (٥) يتم (٦) في الولد خاصة ، وغيره (٧) يدفع إليها (٨) الفاضل مما في يده عن نصيبه (٩) على تقديرها ولو كان بيده (١٠) أكثر من نصيب الزوجة اقتصر على دفع نصيبها.

فالحاصل : أن غير الولد يدفع أقل الأمرين من نصيب الزوجة وما زاد عن نصيبه على تقديرها إن كان معه زيادة ، فأحد الأبوين مع الذكر لا يدفع شيئا (١١) ، ومع الأنثى يدفع الأقل (١٢) ،

______________________________________________________

(١) أي الوارث الظاهري.

(٢) لأن الربع نصيب الزوجة على تقدير عدم الولد للميت ، وهذا يتم في الأخ وأحد الأبوين على تقدير انحصار الوارث في أحدهما.

(٣) لأن الثمن نصيب الزوجة على تقدير وجود ولد للميت.

(٤) أي هذا الحكم المطلق يتم على تنزيل الإقرار على الإشاعة كما فعلنا في مسألة الإقرار بالزوج.

(٥) من عدم تنزيل الإقرار على الإشاعة.

(٦) أي الحكم ، وهو دفع الثمن في الولد خاصة ، وكذلك يتم الحكم بدفع الربع في الأخ وفي أحد الأبوين إذا انحصر الوارث في أحدهما.

(٧) أي غير الولد.

(٨) إلى الزوجة.

(٩) أي نصيب المقر على تقدير وجود الزوجة والمعنى ما يحصله المقر على تقدير عدم الزوجة زيادة عن نصيبه على تقدير وجودها يدفعه إليه إذا اعترف بها.

(١٠) من الفاضل المذكور.

(١١) لأن السدس لأحد الأبوين والباقي للذكر قبل الإقرار ، وبعد الإقرار يبقى السدس لأحد الأبوين فلا يدفع شيئا وتأخذ الزوجة من الذكر إن اعترف بها.

(١٢) فأحد الأبوين له السدس والبنت لها النصف ، والمجموع أربعة أسداس ، والباقي سدسان يردّ عليهما بالنسبة ، فيكون لأحد الأبوين سدس من الفرض وربع السدسين من الرد والمجموع سدس ونصف فلو اعترف بالزوجة فيرد عليها نصف السدس الذي هو الفاضل وهو أقل من نصيب الزوجة الذي هو الثمن.


والأخ يدفع الربع (١) والولد الثمن كما ذكر.

(فإن أقر (٢) بأخرى (٣) وصدقته) الزوجة(الأولى اقتسماه (٤) الربع ، أو الثمن ، أو ما حصل (٥) ، (وإن اكذبتها غرّم) المقر(لها (٦) نصيبها) وهو نصف ما غرّم للأولى إن كان باشر تسليمها كما مر. وإلا فلا.

(وهكذا) لو أقر بثالثة ، ورابعة فيغرّم للثالثة مع تكذيب الأوليين ثلث ما لزمه دفعه ، وللرابعة مع تكذيب الثلاث ربعه (٧).

ولو أقر بخامسة فكالاقرار بزوج ثان فيغرم لها (٨) مع اكذاب نفسه (٩) ، أو مطلقا (١٠) على ما سبق (١١) ، بل هنا (١٢) أولى ، لامكان (١٣) الخامسة الوارثة في المريض إذا تزوج بعد الطلاق وانقضاء العدة ودخل (١٤)

______________________________________________________

(١) لأن الأخ يرث الجميع قبل الإقرار ، وبعد الإقرار فيدفع لها الربع لعدم الولد للميت.

(٢) أي الوارث الظاهري.

(٣) أي بزوجة أخرى ، هذا واعلم أن الإقرار بزوجة أخرى كالإقرار بوارث مساو للأول ، فإن صدقته الأولى فيقسّم الربع أو الثمن عليهما ، وإن لم تصدقه فإن كذّب نفسه بالنسبة للإقرار الأول فيغرّم للثانية نصف نصيب الزوجية من الربع أو الثمن على تقدير تسليم النصيب للزوجة الأولى ، ومع عدم التسليم فلا يغرّم للثانية شي‌ء على ما تقدم تفصيله فيما لو أقر بعين لواحد ثم أقرّ بها للآخر.

(٤) التذكير باعتبار المقر بهما.

(٥) على تقدير إقرار بعض الورثة دون البعض الآخر.

(٦) للثانية.

(٧) أي ربع ما لزمه دفعه.

(٨) للخامسة.

(٩) في إحدى الزوجات السابقات هذا على المشهور.

(١٠) أي وإن لم يكذب نفسه كما هو قول المحقق الثاني والشارح.

(١١) أي ما سبق في الزوج.

(١٢) أي في الزوجة.

(١٣) تعليل للأولوية.

(١٤) أي دخل في الخامسة.


ومات في سنته (١) كما تقدم ويمكن فيه (٢) استرسال الاقرار ولا يقف (٣) عند حد إذا مات في سنته مريضا.

______________________________________________________

(١) في سنة الطلاق فترثه المطلقة والجديدة معا.

(٢) في المريض.

(٣) أي الإقرار.


الفهرس

کتاب الطلاق

كتاب الطلاق ، أركانه......................................................... ٥

الصيغة....................................................................... ٧

طلاق الأخرس................................................................ ٩

الطلاق بالكتابة............................................................. ١١

تخيير الزوجة بالطلاق......................................................... ١٣

تعليق الطلاق............................................................... ١٥

شرائط المطلق................................................................ ١٩

شرائط المطلقة............................................................... ٣٠

الفصل الثاني : أقسام الطلاق................................................. ٤٠

الطلاق السني............................................................... ٤٣

الطلاق الرجعي.............................................................. ٤٥

الطلاق العدي.............................................................. ٤٦

طلاق السنة................................................................ ٤٨

طلاق الحامل................................................................ ٥٣

الحاجة إلى المحلل............................................................. ٦٠

طلاق المريض............................................................... ٦٥

الرجعة...................................................................... ٦٩

الفصل الثالث : في العدد..................................................... ٨٢

عدة المتوفى زوجها............................................................ ٨٤

معنى القرء................................................................... ٨٧


عدة المسترابة................................................................ ٩١

عدة الحامل................................................................. ٩٨

الحداد على الزوج.......................................................... ١٠١

عدة المفقود زوجها.......................................................... ١٠٥

عدة الذمية................................................................ ١١٢

عدة أم الولد.............................................................. ١١٣

وجوب استبراء الأمة........................................................ ١١٦

الفصل الرابع : في الأحكام.................................................. ١١٨

وجوب الانفاق............................................................. ١١٨

حرمة الخروج............................................................... ١٢٠

النفقة على البائن........................................................... ١٢٧

بدء العدة................................................................. ١٣١

كتاب الخلع والمباراة......................................................... ١٣٦

صيغة الخلع................................................................ ١٣٧

البذل..................................................................... ١٤١

اشتراط الكراهة............................................................ ١٥٣

حكم العضل.............................................................. ١٥٧

الرجوع في البذل........................................................... ١٦١

التنازع في القدر............................................................ ١٦٥

المباراة..................................................................... ١٧٠

(كتاب الظهار)

كتاب الظهار.............................................................. ١٧٥

(كتاب الإيلاء)

كتاب الإيلاء.............................................................. ٢١٢

شروط الإيلاء............................................................. ٢١٧

شرائط المولي............................................................... ٢٢٦


مدة الإيلاء................................................................ ٢٣٤

أحكام كفارة الإيلاء........................................................ ٢٣٩

ترافع الذميين.............................................................. ٢٤٣

(كتاب اللعان)

كتاب اللعان.............................................................. ٢٤٦

السبب الأول للعان : القذف................................................ ٢٤٩

السبب الثاني : نفي الولد................................................... ٢٥٥

شروط الملاعن............................................................. ٢٥٨

شروط الملاعنة............................................................. ٢٦٢

ثبوت اللعان............................................................... ٢٦٨

كيفية اللعان............................................................... ٢٧٣

أحكام اللعان.............................................................. ٢٨١

(كتاب العتق)

كتاب العتق............................................................... ٢٩٧

فصل العتق................................................................ ٢٩٩

صيغة العتق................................................................ ٣٠١

شرائط المعتق............................................................... ٣٠٩

استحباب عتق المملوك المؤمن................................................ ٣٢٨

السراية في العتق............................................................ ٣٢٩

أسباب العتق.............................................................. ٣٤٤

مسائل في العتق............................................................ ٣٤٨

(كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد)

التدبير.................................................................... ٣٧٤

صيغة التدبير.............................................................. ٣٨٠

شروط الصيغة............................................................. ٣٨٢


شروط التدبير.............................................................. ٣٨٣

من أحكام التدبير.......................................................... ٣٨٩

الرجوع في التدبير........................................................... ٤٠٠

بطلان التدبير.............................................................. ٤٠٥

الكتابة.................................................................... ٤٠٩

استحبابها................................................................. ٤١٠

شرائط المتعاقدين........................................................... ٤١٥

اشتراط الأجل............................................................. ٤٢٠

أحكام المكاتبة............................................................. ٤٣٣

الاستيلاد................................................................. ٤٥٣

(كتاب الإقرار)

الإقرار.................................................................... ٤٦١

الصيغة وتوابعها............................................................ ٤٦٢

شروط المقر................................................................ ٤٧٢

تفاصيل الإقرار............................................................. ٤٧٨

تعقيب الإقرار بما ينافيه..................................................... ٥٠٩

الإقرار بالنسب............................................................ ٥٣٤

الزبدة الفقهيّة - ٧

المؤلف:
الصفحات: 572