كتاب الصلاة



١ ـ كتاب الصلاة (١)

فصوله أحد عشر :

(الأول. في اعدادها)

(والواجب سبع) (٢) صلوات :

______________________________________________________

(١) اعلم أنّ الصلاة عمود الدين ففي الخبر : (إن عمود الدين الصلاة ، وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم فإن صحت نظر في عمله ، وإن لم تصح لم ينظر في بقية عمله) (١) وفي صحيح معاوية بن وهب : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله (عزوجل) ما هو؟ فقال : ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى ابن مريم عليه‌السلام قال : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا) (٢) ، والأخبار كثيرة على فضلها وأهميتها والمحافظة عليها ، وأنها خير موضوع وهي الميزان والمعيار لسائر أعمال الأنام ، وأن صلاة فريضة خير من عشرين حجة ، وأنه ليس شي‌ء من خدمته تعالى يعدل الصلاة ، وأنه لو يعلم المصلي ما في الصلاة ما انفتل إلى غير ذلك من الآثار. وقال السيد بحر العلوم في درّته :

تنهى عن المنكر والفحشاء

أقصر فهذا منتهى الثناء

(٢) عدها الشهيد سبعا في كتبه وجماعة غيره وهي : اليومية والجمعة والعيدان والآيات ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١.


(اليومية) الخمس الواقعة في اليوم والليلة ، نُسبت إلى اليوم تغليبا ، أو بناء على إطلاقه (١) على ما يشمل الليل (والجمعة والعيدان والآيات والطواف والأموات والملتزم بنذر وشبهه) وهذه الأسماء إمّا غالبة عرفا ، أو بتقدير حذف المضاف فيما عدا الأولى (٢) ، والموصوف فيها (٣). وعدها سبعة أسد مما صنع من قبله حيث عدّوها تسعة بجعل الآيات ثلاثا بالكسوفين (٤).

وفي إدخال صلاة الأموات (٥) اختيار إطلاقها عليها (٦) بطريق الحقيقة الشرعية ، وهو الذي صرّح المصنف باختياره في الذكرى. ونفى الصلاة عما لا فاتحة فيها (٧) ولا طهور (٨) ،

______________________________________________________

والطواف والجنائز وما يوجبه الإنسان على نفسه بنذر وشبهه ، وعدّها المحقق في المعتبر تسعا فقال : «فالواجب تسع : الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والعيدين والكسوف والأموات والزلزلة والآيات والطواف وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهة» ونحوه ما عن القواعد ، فجعلا الكسوف والآيات والزلزلة أقساما متقابلة مع أن الجميع مندرج في صلاة الآيات وهذا ما اقتصر عليه الشهيد.

ثم الدليل على وجوب كل واحدة من المذكورات موكول إلى محله ، وأما عدم وجوب غيرها فهو إجماعي قال في المعتبر : «هو مذهب أهل العلم ، وقال أبو حنيفة : الوتر واجب وهو عنده ثلاث ركعات بتسليمة واحدة لا يزاد عنها ولا ينقص ، وأول وقته بعدّ المغرب والعشاء مقدمة وآخره الفجر» وسيأتي الكلام في ذلك.

(١) أي إطلاق اليوم.

(٢) فيقال : صلاة الجمعة وصلاة العيدين وهكذا.

(٣) أي وبتقدير حذف الموصوف في الأولى فقولهم : اليومية ، يراد به الصلاة اليومية.

(٤) بل عبارة المحقق في المعتبر تدل على أن صلاة الآيات ثلاثا بالآيات والزلزلة والكسوف.

(٥) في أقسام الصلاة الواجبة.

(٦) أي إطلاق الصلاة على صلاة الميت.

(٧) وصلاة الميت لا فاتحة فيها ففي النبوي : «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) (١).

(٨) وصلاة الميت لا طهور فيها ففي الخبر عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ولا صلاة إلا بطهور) (٢).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.


والحكم بتحليلها بالتسليم (١) ينافي الحقيقة.

وبقي من أقسام الصلاة الواجبة صلاة الاحتياط والقضاء ، فيمكن دخولهما في الملتزم ، وهو الذي استحسنه المصنف (٢) ، وفي اليومية (٣) ، لأن الأول مكمل لما يحتمل فواته منها ، والثاني فعلها في غير وقتها ، ودخول الأول (٤) في الملتزم ، والثاني في اليومية ، وله وجه وجيه (٥).

(والمندوب) من الصلاة (لا حصر له) فإن الصلاة خير موضوع ، فمن شاء استقل ومن شاء استكثر (٦) (وأفضله الرواتب) اليومية (٧) التي هي ضعفها (٨) (فللظهر ثمان) ركعات (قبلها (٩) ، وللعصر ثمان ركعات قبلها ، وللمغرب أربع)

______________________________________________________

(١) ففي خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم) (١) وصلاة الميت لا تسليم فيها.

(٢) في الذكرى على ما قيل.

(٣) احتمال ثان.

(٤) احتمال ثالث والمراد بالأول هو صلاة الاحتياط.

(٥) لأن صلاة الاحتياط قد وجبت بطرو حالة الشك على المكلف وهو ملتزم بما يترتب على شكه ، وهو حمل بعيد لأن الملزم هو الشارع وليس للمكلف دخل فالأولى إدخالهما في اليومية.

(٦) ففي النبوي : (الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر) (٢) وفي ثان : (الصلاة خير موضوع استكثر أم استقل) (٣).

(٧) ففي الجواهر : أنه لا ريب فيه ، وعن البعض : أنه من المسلمات بين الأصحاب ، وتستفاد الأفضلية مما ورد من كثرة الحث على فعلها ، وأنها من علامات المؤمن ، وأنها مكملات للفرائض.

(٨) أي أن الرواتب اليومية ضعف اليومية.

(٩) للأخبار منها : خبر الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تُعدّان بركعة) (٤) وخبر حماد بن عثمان : (سألت أبا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١٠.

(٢ و ٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٨ و ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢.


(بعدها ، وللعشاء ركعتان جالسا) (١) أي الجلوس ثابت فيهما بالأصل لا رخصة ، لأن الفرض منهما واحدة ليكمل بها ضعف الفريضة ، وهو يحصل بالجلوس فيهما ، لأن الركعتين من جلوس ثوابهما ركعة من قيام.

(ويجوز قائما) (٢) بل هو أفضل على الأقوى للتصريح به في بعض الأخبار (٣) ، وعدم دلالة ما دلّ على فعلهما جالسا على أفضليته (٤) ، بل غايته الدلالة على الجواز ، مضافا إلى ما دلّ على أفضلية القيام في النافلة مطلقا (٥)

______________________________________________________

عبد الله عليه‌السلام عن صلاة رسول الله عليه‌السلام بالنهار ، فقال : ومن يطيق ذلك ، ثم قال : ولكن ألا أخبرك كيف أصنع أنا؟ فقلت : بلى ، فقال : ثماني ركعات قبل الظهر وثمان بعدها ، قلت : فالمغرب؟ قال أربع بعدها) (١).

(١) لخبر الفضيل المتقدم وحسنة البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام : (وركعتين بعد العشاء من قعود تعدان بركعة من قيام) (٢) وكذا غيرها.

(٢) كما عن الشهيدين والمحقق الثاني والأردبيلي لموثق سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وركعتان بعد العشاء الآخرة يقرأ فيهما مائة آية ، قائما أو قاعدا والقيام أفضل ، ولا تعدهما من الخمسين) (٣) وخبر الحارث بن المغيرة : (وركعتان بعد العشاء الآخرة كان أبي يصليهما وهو قاعد وأنا أصليهما وأنا قائم) (٤).

(٣) لموثق سليمان بن خالد المتقدم ، هذا وقد ينافي القيام كونهما تعدان بركعة واحدة فإن ذلك إنما يكون مع الجلوس فيهما ولكن يقال : إن القيام فضل في نفسه لا يرتبط بالركعتين لأنه مستحب نفسي.

(٤) أي أفضلية الجلوس.

(٥) سواء كان نافلة للعشاء أم لا وسواء كان من النوافل اليومية أم لا ، وما دل على القيام هو خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (إن الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب القيام حديث ٣.


ومحلهما (١) (بعدها) أي بعد العشاء ، والأفضل جعلهما بعد التعقيب (٢) ، وبعد كلّ صلاة يريد فعلها بعدها (٣).

واختلف كلام المصنف في تقديمهما على نافلة شهر رمضان الواقعة بعد العشاء وتأخيرهما عنها ففي النفلية قطع بالأول ، وفي الذكرى بالثاني ، وظاهره هنا (٤) الأول نظرا إلى البعدية (٥) ، وكلاهما حسن (٦).

(وثمان) ركعات صلاة (الليل ، وركعتا الشفع) بعدها ، (وركعة الوتر ، وركعتا الصبح قبلها) (٧) هذا هو المشهور رواية وفتوى ، وروي ثلاث وثلاثون

______________________________________________________

(١) أي محل الركعتين من جلوس للعشاء.

(٢) لخبر أبي العلاء الخفاف الوارد في نافلة المغرب عن جعفر بن محمد عليه‌السلام : (من صلى المغرب ثم عقّب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتين كتبتا له في عليين فإن صلى أربعا كتبت له حجة مبرورة) (١).

(٣) على المشهور لخبر زرارة : (وليكن آخر صلاتك وتر ليلتك) (٢) وصحيحه الآخر : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر) (٣) وهما ظاهران في أن المراد بالوتر هو الوتيرة ، ولذا ورد في خبر المفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت : أصلي العشاء الآخرة فإذا صلّيت صلّيت ركعتين وأنا جالس ، فقال : أما إنها واحدة ولو متّ متّ على وتر) (٤) وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر ، قلت : تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟ قال : نعم إنهما بركعة) (٥).

(٤) في اللمعة.

(٥) المباشرة.

(٦) لكن جعل الوتيرة آخر صلاته كما في خبر زرارة المتقدم أولى.

(٧) أي قبل الصبح ففي خبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (وصلاة الفريضة : الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء الآخرة أربع ركعات والفجر ركعتان ، فجملة الصلاة المفروضة سبع عشرة ركعة ، والسُّنة أربع وثلاثون

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب التعقيب حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٧ و ٨.


بإسقاط الوتيرة (١) ، وتسع وعشرون (٢)

______________________________________________________

ركعة ، منها أربع ركعات بعد المغرب لا تقصير فيها في السفر والحضر وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تُعدان بركعة ، وثمان ركعات في السحر وهي صلاة الليل والشفع ركعتان والوتر ركعة وركعتا الفجر بعد الوتر ، وثمان ركعات قبل الظهر وثمان ركعات بعد الظهر قبل العصر ، والصلاة تستحب في أول الأوقات) (١). ومثله خبر الفضل بن شاذان (٢) وغيره.

(١) للأخبار منها : خبر عبيد الله بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلى العشاء آوى إلى فراشه فلم يصلّ شيئا حتى ينتصف الليل) (٣) وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يقول : كان في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : يا علي ، إلى أن قال. أما الصلاة فالخمسون ركعة) (٤) بناء على أن الساقط هو صلاة الوتيرة ، وخبر محمد بن أبي عمير : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل ما جرت به السنة من الصلاة ، قال : تمام الخمسين) (٥).

(٢) بإسقاط أربع من نافلة العصر مع إسقاط الوتيرة ويدل عليه خبر يحيى بن حبيب : (سألت الرضا عليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله تعالى من الصلاة قال : ستة وأربعون ركعة فرائضه ونوافله ، قلت : هذه رواية زرارة ، قال : أوترى أحدا كان أصدع بالحق منه) (٦) ومرسل الصدوق : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلي بالنهار شيئا حتى تزول الشمس ، وإذا زالت صلّى ثماني ركعات وهي صلاة الأوّابين ، تفتح في تلك الساعة أبواب السماء ويستجاب الدعاء وتهب الرياح ، وينظر الله إلى خلقه ، فإذا فاء الفي‌ء ذراعا صلّى الظهر أربعا ، وصلى بعد الظهر ركعتين ثم صلى ركعتين أخراوين ، ثم صلى العصر أربعا إذا فاء الفي‌ء ذراعا ، ثم لا يصلي بعد العصر شيئا حتى تئوب الشمس ، فإذا آبت وهو أن تغيب صلّى المغرب ثلاثا وبعد المغرب أربعا ثم لا يصلي شيئا حتى يسقط الشفق ، فإذا سقط الشفق صلّى العشاء ثم آوى رسول الله إلى فراشه ولم يصل شيئا حتى يزول نصف الليل ، فإذا زال نصف الليل صلّى ثماني ركعات ، وأوتر في الربع الأخير من الليل بثلاث ركعات فقرأ فيهن فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ويفصل بين ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٥ و ٢٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١ و ٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٥.


وسبع وعشرون (١) بنقص العصرية أربعا (٢) ، أو ستا (٣) مع الوتيرة ، وحمل (٤) على المؤكد منها (٥) لا على انحصار السنة فيها (٦).

______________________________________________________

الثلاث بتسليمة. إلى أن قال. ويصلي ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعيده ، ثم يصلي ركعتي الصبح وهي الفجر إذا اعترض الفجر وأضاء حسنا ، فهذه صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي قبضة الله (عزوجل) عليها) (١).

(١) بإسقاط ست ركعات من نافلة العصر مع إسقاط الوتيرة وهذا مما لم أعثر عليه في الأخبار ، نعم ورد إسقاط ست ركعات بحيث يكون الساقط ركعتين من نافلة المغرب وأربع ركعات من نافلة العصر وإسقاط الوتيرة فيكون الباقي سبعا وعشرين ويدل عليه صحيح زرارة : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إني رجل تاجر أختلف وأتّجر فكيف لي بالزوال والمحافظة على صلاة الزوال وكم نصلّي؟ قال : تصلّي ثماني ركعات إذا زالت الشمس وركعتين بعد الظهر وركعتين قبل العصر فهذه اثنتا عشرة ركعة وتصلي بعد المغرب ركعتين وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة ، منها الوتر ومنها ركعتا الفجر فتلك سبع وعشرون ركعة سوى الفريضة) (٢). نعم قد ورد في خبر عبد الله بن سنان ما يشعر بإسقاط ست ركعات من نوافل العصر قال : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تصل أقل من أربع وأربعين ركعة ، قال : ورأيته يصلي بعد العتمة أربع ركعات) (٣). بناء على أن ما صلاه بعد العتمة هي نافلة المغرب فيتعين أن يكون الساقط ست ركعات من نافلة العصر مع إسقاط الوتيرة.

(٢) بناء على أن المروي تسع وعشرون.

(٣) بناء على أن المروي سبع وعشرون.

(٤) أي المروي من ثلاث وثلاثين وتسع وعشرين وسبع وعشرين.

(٥) من النوافل اليومية.

(٦) كيف وأخبار الواحد والخمسين كثيرة ، منها : خبر الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة) (٤) ومرسل الشيخ عن الإمام العسكري عليه‌السلام : (علامات المؤمن خمس وعدّ منها صلاة الإحدى والخمسين) (٥) ، وخبر أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٩.


(وفي السّفر والخوف) الموجبين للقصر (تنتصف الرباعية (١) ، وتسقط راتبة المقصورة) (٢) ولو قال راتبتها كان أقصر ، فالساقط نصف الراتبة سبع عشرة ركعة ، وهو في غير الوتيرة موضع وفاق ، وفيها على المشهور ، بل قيل إنه إجماعي أيضا.

______________________________________________________

بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (شيعتنا أهل الورع والاجتهاد ، وأهل الوفاء والأمانة ، وأهل الزهد والعبادة ، وأصحاب الإحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة) (١) فالجمع بين الأخبار يقتضي القول إن السنة منحصرة في الواحد والخمسين ثم في الخمسين ثم في الست والأربعين ثم في الأربع والأربعين.

(١) وهي الظهر والعصر والعشاء وهو محل اتفاق وسيأتي الكلام في باب القصر إنشاء الله تعالى.

(٢) أما في نوافل الظهرين فمحل اتفاق للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن الصلاة تطوعا في السفر ، قال : لا تصل قبل الركعتين ولا بعدهما شيئا نهارا) (٢) وخبر أبي يحيى الحناط : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صلاة النافلة بالنهار في السفر فقال : يا بنيّ لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة) (٣) ولهذا التعليل يحكم بسقوط نوافل الظهرين عند الخوف.

وأما نافلة العشاء فسقوطها هو المشهور بل عن المنتهى نسبته إلى ظاهر علمائنا وعن السرائر دعوى الإجماع عليه لإطلاق صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء إلا المغرب ثلاث) (٤) وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله إلا أنه قال : (إلا المغرب فإن بعدها أربع ركعات لا تدعهنّ في سفر ولا حضر) (٥).

وعن النهاية والمهذب البارع جواز فعلها. بل عن الفقيه والعلل والعيون للصدوق أنه قويّ وتبعه عليه الشهيدان لرواية الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (وإنما صارت العتمة مقصورة وليس تترك ركعتاها (ركعتيها) لأن الركعتين ليستا من الخمسين ، وإنما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع) (٦) بالإضافة إلى أن النصوص السابقة قد خصت سقوط نوافل الرباعية في وقت النهار ، والعشاء ليس منها فلا تعارض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١ و ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٣ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٣.


ولكن روى الفضل بن شاذان عن «الرضا» عليه‌السلام عدم سقوطها ، معللا بأنها زيادة في الخمسين تطوعا ، ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتان من التطوّع ، قال المصنف في الذكرى : وهذا قوي لأنه خاص (١) ومعلّل (٢) ، إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه.

ونبّه بالاستثناء (٣) على دعوى ابن إدريس الإجماع عليه ، مع أن الشيخ في النهاية صرّح بعدمه (٤) ، فما قوّاه (٥) في محله.

(ولكلّ ركعتين من النافلة تشهد وتسليم) (٦) هذا هو الأغلب. وقد خرج عنه مواضع ذكر المصنف منها موضعين بقوله : (وللوتر بانفراده) تشهّد وتسليم (٧)

______________________________________________________

(١) فالروايات الدالة على سقوط نوافل الرباعية كصحيح ابن سنان المتقدم عام ، وهذا مختص بنافلة العشاء والخاص مقدم على العام.

(٢) وهذا يزيده قوة في التخصيص.

(٣) أي نبّه المصنف في الذكرى بالاستثناء وعند قوله : إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه.

(٤) أي بعدم السقوط حيث حكم بجواز الوتيرة في السفر ومثله ابن البراج في المهذب البارع ، فكيف ينعقد الإجماع حينئذ.

(٥) المصنف في الذكرى.

(٦) على المشهور ويدل عليه أخبار منها : خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن الرجل يصلي النافلة أيصلح له أن يصلي أربع ركعات لا يسلم بينهن؟ قال عليه‌السلام : لا ، إلا أن يسلّم بين كل ركعتين) (١) وخبر حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وافصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم) (٢) وخبر الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الأذان مثنى مثنى) (٣) وعمومه لغير النوافل اليومية مشكل ولذا قال المقدس الأردبيلي في مجمع البرهان : «الدليل على عدم الزيادة والنقيصة غير ظاهر ، وما رأيت دليلا صريحا صحيحا على ذلك ، نعم ذلك مذكور في كلام الأصحاب والحكم به مشكل».

(٧) إجماعي عن الخلاف والمنتهى والتذكرة وغيرها للأخبار منها : صحيح معاوية بن عمار : (قال لي : اقرأ في الوتر في ثلاثتهن ب (قل هو الله أحد) ، وسلم في الركعتين ، توقظ ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٥.


(ولصلاة الأعرابي) من التشهد والتسليم (ترتيب الظهرين بعد الثنائية) (١) فهي عشر ركعات بخمس تشهدات وثلاث تسليمات كالصبح والظهرين.

وبقي صلوات أخر ذكرها الشيخ في المصباح والسيد رضي الدين بن طاوس في تتماته (٢) يفعل منها بتسليم واحد أزيد من ركعتين (٣) ، ترك المصنف

______________________________________________________

الراقد وتأمر بالصلاة) (١) وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الوتر ثلاث ركعات ، ثنتين مفصولة وواحدة) (٢).

ومال سيد المدارك إلى التخيير بين الفصل والوصل لأخبار منها : خبر أبي ولّاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس أن يصلي الرجل الركعتين من الوتر ثم ينصرف فيقضي حاجته) (٣) وصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن التسليم في ركعتي الوتر فقال : إن شئت سلمت وإن شئت لم تسلم) (٤). إلا أن التخيير مذهب العامة كما في مجمع البرهان فلا بدّ من حملها على التقية.

(١) ففي خبر زيد بن ثابت قال : (أتى رجل من الأعراب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنا نكون في هذه البادية بعيدا من المدينة ولا نقدر أن نأتيك في كل جمعة فدلّني على عمل فيه فضل صلاة الجمعة إذا رجعت إلى أهلي أخبرتهم به ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان ارتفاع النهار فصل ركعتين تقرأ في أول ركعة الحمد مرة وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات ، واقرأ في الثانية الحمد مرة واحدة وقل أعوذ برب الناس سبع مرات ، فإذا سلمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرات ، ثم قم فصلّ ثماني ركعات وتسليمتين واقرأ في كل ركعة منها الحمد مرة وإذا جاء نصر الله والفتح مرة وقل هو الله أحد خمسا وعشرين مرة ، فإذا فرغت من صلاتك فقل : سبحان رب العرش الكريم ـ العظيم ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبعين مرة ، فو الذي اصطفاني بالنبوة ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلي هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول إلا وأنا ضامن له الجنة ، ولا يقوم من مقامه حتى يغفر له ذنوبه ولأبويه ذنوبهما) (٥).

(٢) أي تتمات المصباح.

(٣) فقد ورد صلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة ليلة الجمعة (٦) ، وورد صلاة اثني عشرة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أعداد الفرائض حديث ٧.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أعداد الفرائض حديث ١٠ و ٨ ١٦.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥.


والجماعة استثناءها لعدم اشتهارها وجهالة طريقها ، وصلاة الأعرابي توافقها في الثاني (١) دون الأول.

(الفصل الثاني. في شروطها)

(وهي سبعة) :

(الاول. الوقت)

والمراد هنا وقت اليومية (٢) ، مع أن السبعة شروط لمطلق الصلاة غير

______________________________________________________

ركعة بتسليمة واحدة ليلة الجمعة أيضا (١).

(١) أي في جهالة الطريق فقد نقلها الشيخ في المصباح عن زيد بن ثابت ، فالخبر مرسل بالإضافة إلى أن الشيخ في التهذيب قال عن زيد بأنه حكم بحكم الجاهلية بالنسبة للفرائض.

(٢) وكون اليومية من الواجبات الوقتية كالشمس في رابعة النهار ، إلا أنه ورد في الأخبار الكثيرة الحث على الإتيان بها في أول وقتها ففي صحيح أبان : (كنت صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام بالمزدلفة فلما انصرف التفت إليّ فقال : يا أبان الصلوات الخمس المفروضات من أقام حدودهنّ وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة ، ومن لم يقم حدودهن ولم يحافظ على مواقيتهن لقي الله ولا عهد له ، إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له) (٢) وفي خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن الصلاة إذا ارتفعت في أول وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة تقول : حفظتني حفظك الله ، وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة تقول : ضيعتني ضيّعك الله) (٣) ، ومرسل ابن دراج عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أيما مؤمن حافظ على الصلوات المفروضة فصلّاها لوقتها فليس هذا من الغافلين) (٤) ، وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن ملك الموت قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من أهل بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات عند مواقيت الصلاة) (٥) ، وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى في غير الوقت فلا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ٣ و ٤.


الأموات في الجملة (١) ، فيجوز عود ضمير شروطها إلى المطلق (٢) ، لكن لا يلائمه تخصيص الوقت باليومية إلا أن يؤخذ كون مطلق الوقت شرطا (٣) وما بعد ذكره مجملا (٤) من التفصيل (٥) حكم آخر لليومية ، ولو عاد ضمير شروطها إلى اليومية لا يحسن ، لعدم المميّز (٦) مع اشتراك الجميع (٧) في الشرائط بقول مطلق ، إلا أنّ عوده (٨) إلى اليومية أوفق لنظم الشروط ، بقرينة تفصيل الوقت (٩) وعدم اشتراطه (١٠)

______________________________________________________

صلاة له) (١) وخبر إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عن أبيه ، عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (قال رسول الله عليه‌السلام : لا يزال الشيطان هائبا لابن آدم ذعرا منه ما صلّى الصلوات الخمس لوقتهن ، فإذا ضيّعهنّ اجترأ عليه فأدخله في العظائم) (٢) ، وخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (خصلتان من كانتا فيه وإلا فاعزب ثم اعزب قيل : وما هما؟ قال : الصلاة في مواقيتها والمواظبة عليها والمواساة) (٣) ، وخبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها) (٤) ونحوها كثير.

(١) أي بتكلف وتجوز كما سيأتي.

(٢) أي مطلق الصلاة.

(٣) لا وقتا مخصوصا ، وفيه : إنه ليس بشرط لاحتياج كل فعل إلى الوقت ما دام صادرا عن الفاعل الزماني.

(٤) هو حال من ضمير ذكره ، والضمير راجع إلى الوقت ، والمعنى بعد ذكر مطلق الوقت الذي هو شرط لمطلق الصلاة فما ذكره من التفصيل يكون حكما آخر مختصا باليومية لكن لا ينافي كون مطلق الصلاة مشروطا بمطلق الوقت.

(٥) بيان ل (ما).

(٦) لأن الكلام في مطلق الصلاة وقد ذكر الفصل الأول في أعداد مطلق الصلاة فلا بد أن يكون الضمير في شروطها راجعا إلى مطلق الصلاة.

(٧) جميع الصلوات بما فيها اليومية.

(٨) أي عود الضمير في (شروطها).

(٩) ولم يفصل إلا لليومية.

(١٠) وعدم اشتراط الوقت.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦ و ١٢ و ١٥ و ٢٢.


للطواف والأموات والملتزم (١) إلا بتكلف وتجوّز (٢) ، وعدم اشتراط الطهارة من الحدث والخبث في صلاة الأموات وهي (٣) أحد السبعة ، واختصاص اليومية بالضمير مع اشتراكه (٤) لكونها (٥) الفرد الأظهر من بينها (٦) ، والأكمل (٧) مع انضمام قرائن لفظية بعد ذلك (٨).

(فللظهر) من الوقت (زوال الشمس) (٩) عن وسط السماء وميلها عن دائرة

______________________________________________________

(١) أي الملتزم بنذر وشبهه.

(٢) ولذا قلنا سابقا أن مراده من قيد (في الجملة) هو التجوّز.

(٣) أي الطهارة من الحدث والخبث.

(٤) أي مع اشتراك الجميع في الشرائط فلا داعي لإرجاع الضمير إلى اليومية فقط.

(٥) لكون اليومية وهذا رفع للتوهم السابق.

(٦) من بين الصلوات الواجبة الباقية.

(٧) عطف على الأظهر.

(٨) كتفصيل الأوقات لليومية فقط فهذا كله قرينة على أن المراد من الضمير في شروطها هو خصوص اليومية ، وفيه : إن ضمير (شروطها) كضمير (أعدادها) والثاني راجع إلى مطلق الصلاة فلا بدّ أن يكون الأول كذلك وإن كانت هذه الشروط ليست قيودا لجميع أفراد الصلاة.

(٩) بإجماع المسلمين ويدل عليه قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ) (١) ، وللأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر) (٢) ، وصحيح عبيد بن زرارة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت الظهر والعصر ، فقال عليه‌السلام : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا ، إلا أن هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس) (٣).

وما ورد مخالفا لذلك ككون وقت الظهر بعد الزوال بقدم وبقدمين وبذراع فهو محمول على وقت الفضيلة.

ثم يعرف الزوال بزيادة الظل نحو المشرق بعد انعدامه أو نقصانه من جهة الغرب ـ

__________________

(١) الإسراء الآية : ٧٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥.


نصف النهار (المعلوم بزيد الظلّ) أي زيادته ، مصدران (١) لزاد الشي‌ء (بعد نقصه) وذلك في الظلّ المبسوط (٢) ، وهو (٣) الحادث من المقاييس القائمة (٤) على سطح

______________________________________________________

وتوضيحه : إذا طلعت الشمس حدث لكل شاخص على سطح الأرض ظلّ إلى جهة المغرب ثم لا يزال ينقص هذا الظل كلما ارتفعت الشمس حتى تصل إلى وسط السماء ، وهو خط وهمي فوق سمت الشاخص مارا بقطبي الجنوب والشمال ، فإذا وصلت الشمس إلى هذا الوسط فإن كانت الشمس مسامتة للشاخص وفوق رأسه بالتمام ينعدم ظله وإلا فيبقى له ظل قليل وهو الغالب ، فإذا زالت الشمس عن وسط السماء فإن كان الظل منعدما حدث إلى جهة المشرق وإن كان باقيا قد انتهى نقصه فيبدأ بالازدياد إلى جهة المشرق ثم لا يزال يزيد كلما قربت الشمس إلى المغرب حتى يرجع الظل في المقدار إلى ما كان عليه حين الطلوع.

ثم إن انعدام الظل عند الزوال نادر فلذا اكتفى بالزيادة بعد نقصانه ، ففي مرفوع أحمد بن محمد بن عيسى عن سماعة : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك متى وقت الصلاة؟ فأقبل يلتفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا ، فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت : هذا تطلب؟ قال عليه‌السلام : نعم ، فأخذ العود فنصب بحيال الشمس ثم قال : إن الشمس إذا طلعت كان الفي‌ء طويلا ثم لا يزال ينقص حتى تزول ، فإذا زالت زادت ، فإذا استبنت الزيادة فصل الظهر ، ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر) (١) وفي خبر علي بن أبي حمزة : (تأخذون عودا طوله ثلاثة أشبار وإن زاد فهو أبين فيقام ، فما دام ترى الظل ينقص فلم تزل ، فإذا زاد الظل بعد النقصان فقد زالت) (٢) وفي مرسل الفقيه : (فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته ثم زاد فقد زالت الشمس وتفتح أبواب السماء وتهب الرياح وتقضى الحوائج العظام) (٣)

(١) أي الزيد والزيادة.

(٢) تقييد الظل بالمبسوط لإخراج الظل المنكوس ، وقد عرّفه الشارح في الروض بقوله : «وهو المأخوذ من المقاييس الموازية للأفق فإن زيادته تحصل من أول النهار وتنتهي عند انتهاء نقص المبسوط فهو ضده فلا بدّ من الاحتراز عنه».

(٣) أي الظل المبسوط.

(٤) عموديا فيكون ظلها جانبيا إلى جهة الغرب عند طلوع الشمس ، بخلاف المقاييس الموازية للأفق فيكون ظلها تحتها غالبا عند طلوع الشمس وهذا الظل التحتي هو المسمى بالظل المنكوس.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٢ و ٤.


الأفق ، فإن الشمس إذا طلعت وقع ـ لكلّ شاخص قائم (١) على سطح الأرض (٢) بحيث يكون (٣) عمودا على سطح الأفق (٤) ـ ظل طويل (٥) إلى جهة المغرب ، ثم لا يزال ينقص كلما ارتفعت الشمس حتى تبلغ وسط السماء (٦) فينتهي النقصان إن كان عرض المكان المنصوب فيه المقياس (٧) مخالفا لميل الشمس في المقدار (٨) ويعدم

______________________________________________________

(١) بحيث يكون قيامه مستويا بتسعين درجة من الجوانب الأربعة.

(٢) وإذا كان مستويا يكون أحسن.

(٣) اسمها ضمير راجع إلى الشاخص.

(٤) أي سطح الأرض.

(٥) فاعل ل (وقع).

(٦) وهو خط وهمي مسامت لرأس الشاخص مارا بقطبي الجنوب والشمال يقسّم دائرة الفلك إلى قسمين متساويين.

(٧) أي الشاخص المنصوب على سطح الأرض.

(٨) اعلم أن الشمس في أول يوم من فصل الربيع ـ وهو أول يوم من أيام انتقالها إلى برج الحمل ـ تشرق على خط الاستواء وتسير عليه وتغرب عليه ثم تنحرف نحو الشمال شيئا فشيئا حتى اليوم الأخير من فصل الربيع وهو نهاية برج الجوزاء ، وتكون في نهاية الارتفاع على مدار السرطان ، ثم تأخذ بالرجوع في فصل الصيف إلى آخره حتى تشرق في أول يوم الخريف من نفس المكان الذي أشرقت فيه في أول يوم من فصل الربيع وهما المسميان بيوم الاعتدال الربيعي وبيوم الاعتدال الخريفي.

ثم تأخذ بالانحراف جنوبا حتى نهاية فصل الخريف وتكون في نهاية انخفاضها على مدار الجدي ثم في فصل الشتاء ترجع إلى نقطة الاعتدال الربيعي. وهذه هي دورة الشمس على مدار السنة بالنسبة لخطوط العرض.

فمراد الشارح أن الشاخص إن نصب في مكان على خط عرض مخالف لخط العرض الذي تشرق عليه الشمس فلا ينعدم الظل عند الزوال بل يبقى منه شي‌ء وإن كان الشاخص على خط عرض تشرق عليه الشمس في ذلك اليوم فينعدم ظله عند الزوال.

فمثلا لو نصب الشاخص على خط الاستواء في يومي الاعتدال الربيعي والخريفي أو نصب على مدار السرطان في نهاية فصل الصيف أو نصب على مدار الجدي في نهاية فصل الخريف فلا محالة ينعدم ظله وقت الزوال وهكذا.

هذا واعلم أن الشاخص المنصوب بعد مدار السرطان باتجاه الشمال وبعد مدار الجدي باتجاه الجنوب لا ينعدم ظله في أيام السنة كلها لعدم المسامتة بين خطه والخط الذي ـ


الظل أصلا إن كان بقدره (١) ، وذلك في كلّ مكان يكون عرضه مساويا للميل الأعظم للشمس أو أنقص (٢) عند ميلها (٣) بقدره (٤) وموافقته له (٥) في الجهة (٦).

ويتفق (٧) في أطول أيام السنة (٨) تقريبا (٩) في مدينة الرسول (صلى الله عليه)

______________________________________________________

تشرق عليه الشمس.

ثم اعلم أن أي شاخص يوضع ما بين مدار السرطان ومدار الجدي وهو مدار نهاية ارتفاع الشمس إلى الشمال ونهاية انخفاضها نحو الجنوب ينعدم ظله يومين في السنة ، يوما عند ارتفاعها ويوما عند رجوعها هذا إذا كان بالجهة الشمالية ، أو يوما عند هبوطها ويوما عند رجوعها إن كان في الجهة الجنوبية لخط الاستواء ، نعم إذا نصب الشاخص على عين مدار الجدي أو السرطان فلا ينعدم فيه الظل عند الزوال إلا يوما واحدا وهو يوم غاية ارتفاعها إذا كان على مدار السرطان وهو يوم غاية انخفاضها إذا كان على مدار الجدي.

(١) بأن كان الشاخص وشروق الشمس وسيرها على خط واحد من خطوط العرض.

(٢) اعلم أن المراد من الميل الأعظم للشمس هو سيرها فوق خطي السرطان والجدي أي سيرها في غاية ارتفاعها وسيرها في غاية انخفاضها ، فإذا كان الشاخص على هذين الخطين فينعدم ظله يوما في السنة عند ما تكون الشمس في غاية ارتفاعها وغاية انخفاضها ، وهذا هو المراد بقول الشارح : «يكون عرضه مساويا للميل الأعظم للشمس».

وأما إذا كان الشاخص على خط عرض ما بين مدار السرطان ومدار الجدي فيكون هذا الخط أنقص من خط الميل الأعظم للشمس فالشاخص المنصوب عليه ينعدم ظله إذا أشرقت الشمس على خطه وهذا يتحقق في يومين من أيام السنة كما تقدم.

(٣) ميل الشمس.

(٤) فلو كان بعيدا عن خط الاستواء بدرجتين فلا بد أن تكون الشمس بحسب شروقها وسيرها بعيدة بدرجتين أيضا.

(٥) أي موافقة الميل للقدر.

(٦) بأن يكون الخط بعيدا عن الاستواء بدرجتين من الجهة الشمالية مثلا وكذلك ميل الشمس وشروقها وغروبها ، أما لو كان بعيدا من خط الاستواء بدرجتين شمالا وكان ميل الشمس شروقا وغروبا بعيدا عن الاستواء بدرجتين جنوبا فلا ينعدم الظل بل يكون ظله شماليا.

(٧) أي يتفق الانعدام.

(٨) وهو نهاية فصل الربيع عند ما تكون الشمس على مدار السرطان.

(٩) لا تحقيقا ، لأن خط المدينة (على مشرفها آلاف التحية والسلام) ليس على خط السرطان، ـ


(وآله وسلم) وما قاربها في العرض ، وفي مكة (١) قبل الانتهاء (٢) بستة وعشرين يوما ، ثم يحدث ظلّ جنوبي (٣)

______________________________________________________

لأن خط السرطان على درجة أربع وعشرين من خطوط العرض والمدينة على خط خمسة وعشرين درجة إلا أن الظل لا يكاد يظهر للحس عند الزوال ولذا قال الشارح في المقاصد العلية : «والأولى التمثيل بأطول أيام السنة بمدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن عرضها يناسب الميل الأعظم للشمس وإن خالفه بدقائق لا تكاد تظهر للحس».

(١) ذهب جماعة منهم الشهيد في الذكرى والدروس والمحقق الثاني في جامع المقاصد وحاشية الإرشاد أن انعدام الظل يتم في مكة وصنعاء في أطوال أيام السنة وهو حين نزول الشمس على مدار السرطان.

وقال الشارح في المقاصد العلية : إنه فاسد قطعا وإن الشمس تسامت رءوس أهل مكة وصنعاء مرتين في السنة ، وليس ذلك في زمن واحد ، بل في صنعاء عند كون الشمس في الدرجة الثامنة من برج الثور صاعدة ثم تميل عنه نحو الشمال ويحدث لأهل صنعاء ظل جنوبي عند الزوال إلى أن ينتهي الصعود فتصل الشمس إلى خط السرطان ، ثم ترجع الشمس فإن وصلت إلى الدرجة الثالثة والعشرين من برج الأسد فينعدم الظل عند أهل صنعاء ، لأن خط العرض في صنعاء هو أربع عشرة درجة وأربعون دقيقة.

وأما في مكة فعرضها إحدى وعشرون درجة وأربعون دقيقة فانعدام الظل فيها يكون قبل وصول الشمس إلى مدار السرطان بأيام كثيرة وذلك عند ما تكون الشمس في الدرجة الثامنة من الجوزاء إذا كانت صاعدة وفي الدرجة الثالثة والعشرين من السرطان إذا كانت هابطة.

(٢) أي قبل وصول الشمس إلى مدار السرطان.

(٣) اعلم أن العلامة في المنتهى والتذكرة جعل في هذا اليوم ـ أعني قبل الانتهاء بستة وعشرين يوما ـ انعدام الظل لأهل مكة وصنعاء ، وأن الظل يبقى منعدما إلى أن تصل الشمس إلى مدار السرطان وبعده بستة وعشرين يوما فيكون ذلك مدة اثنين وخمسين يوما ، وقال عنه الشارح في الروض : إنه غلط فاحش من ناحيتين :

أولا : إن هذا يتم لمكة وليس لصنعاء لاختلاف خطوط العرض بين صنعاء ومكة فكيف يتفق انعدام الظل فيهما في يوم واحد؟

وثانيا : إن انعدام الظل يكون في يومين من أيام السنة فقط إذا كان خط العرض للبلد أقل من مدار السرطان أو مدار الجدي فكيف جعل انعدام الظل في اثنين وخمسين يوما؟ ولذا قوله هنا : «ثم يحدث ظل جنوبي» إشارة إلى قول العلّامة فانتبه.

ثم إن الظل جنوبيا في هذا الوقت لأهل مكة لأن الشمس تسير نحو الشمال باتجاه مدار السرطان.


إلى تمام الميل (١) وبعده (٢) إلى ذلك المقدار (٣) ، ثم يعدم (٤) يوما آخر.

والضابط : أن ما كان عرضه زائدا (٥) على الميل الأعظم لا يعدم الظلّ فيه أصلا ، بل يبقى عند زوال الشمس منه بقية تختلف زيادة ونقصانا ببعد الشمس من مسامتة رءوس أهله وقربها ، وما كان عرضه مساويا للميل (٦) يعدم فيه يوما وهو أطول أيام السنة (٧) ، وما كان عرضه أنقص منه (٨) كمكة وصنعاء يعدم فيه يومين عند مسامتة الشمس لرءوس أهله صاعدة وهابطة ، كلّ ذلك مع موافقته (٩) له في الجهة (١٠) كما مرّ.

أما الميل الجنوبي فلا يعدم ظله من ذي العرض (١١) مطلقا (١٢) ، لا كما قاله

______________________________________________________

(١) أي الميل الأعظم وهو نهاية صعودها عند ما تكون على مدار السرطان.

(٢) أي وبعد تمام الميل أيضا يحدث ظل جنوبي.

(٣) وهو ستة وعشرون يوما بعد انتهاء الميل.

(٤) أي الظل لأن الشمس تكون مسامتة لمكة عند هبوطها ، كما كانت مسامتة لها عند صعودها.

هذا واعلم إذا عرفت انعدام الظل في مكة في هذين اليومين من أيام السنة لأن الشمس تكون مسامتة لرءوس أهل البلد ، فإذا كنت في بلد بعيد عن مكة من أي جهة من الجهات وأردت أن تعرف جهة القبلة بالتمام فإذا عرفت وقت زوال الشمس في مكة وأنت في بلدك فانظر إلى الشمس ففي أي جهة كانت فتكون هي جهة القبلة.

(٥) أي فوق مدار السرطان باتجاه القطب الشمالي ، أو فوق مدار الجدي باتجاه القطب الجنوبي ، وقد عرفت أنه لا ينعدم ظله أبدا في تمام أيام السنة.

(٦) أي الميل الأعظم وهو عند كون الشمس على مدار السرطان عند غاية صعودها ، وعند كون الشمس على مدار الجدي في غاية انخفاضها فينعدم ظله يوما واحدا في السنة.

(٧) إذا كانت على مدار السرطان ، وما كان على مدار الجدي فينعدم ظله في يوم وهو أقصر أيام السنة.

(٨) أي من الميل الأعظم ، وهو ما كان واقعا بين مدار السرطان ومدار الجدي فينعدم ظله يومين في السنة يوما عند صعودها ويوما عند انخفاضها.

(٩) أي موافقة عرض البلد أو الشاخص للميل الأعظم.

(١٠) كأن يكونا شماليين أو جنوبيين دون التعاكس.

(١١) أي من ذي العرض الشمالي ، لأن كلّا من الميل الشمالي والجنوبي يعدم ظله من ذي عرضه لا من عرض غيره.

(١٢) سواء كان مساويا له بالمقدار أم لا ، وتوضيحه : فلو كانت الشمس باتجاه الشمال نحو ـ


المصنف رحمه‌الله في الذكرى. تبعا للعلامة. من كون ذلك (١) بمكة وصنعاء في أطول أيام السنة ، فإنه من أقبح الفساد (٢) ، وأول من وقع فيه الرافعيّ من الشافعية ، ثم قلده فيه جماعة منا ومنهم من غير تحقيق للمحل. وقد حرّرنا البحث في شرح الإرشاد (٣).

وإنما لم يذكر المصنف هنا حكم حدوثه بعد عدمه (٤) لأنه نادر (٥) ، فاقتصر على العلامة الغالبة (٦) ، ولو عبّر بظهور الظل (٧) في جانب المشرق. كما صنع في الرسالة الألفية. لشمل القسمين بعبارة وجيزة.

(وللعصر الفراغ) (٨) منها

______________________________________________________

مدار السرطان فما وقع تحت خط الاستواء باتجاه مدار الجدي لا ينعدم ظله سواء كان بعده عن خط الاستواء باتجاه الجنوب يساوي بعد الشمس عن خط الاستواء باتجاه الشمال أم لا.

(١) أي انعدام الظل في بلد تحت خط الاستواء باتجاه الجنوب والشمس باتجاه الشمال فوق خط الاستواء نحو مدار السرطان.

(٢) وقد تقدم ضعفه فلا نعيد.

(٣) أي كتاب روض الجنان وقد نقلنا لك خلاصة مناقشته.

(٤) أي حكم حدوث الظل بعد عدمه وإنما ذكر زيادته بعد نقصانه.

(٥) لأنه يتحقق يوما أو يومين في السنة فيما هو واقع على خط السرطان أو خط الجدي أو ما بينهما.

(٦) وهي زيادة الظل بعد نقصانه.

(٧) وهو أعم من الزيادة والحدوث.

(٨) أي الفراغ من الظهر على المشهور شهرة عظيمة ، ونسب للصدوق بل للصدوقين الخلاف ونوقش في النسبة ، ومستند المشهور أخبار منها : مرسل داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس) (١) وصحيح الحلبي : (سألته عن رجل نسي الأولى والعصر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٧.


(ولو تقديرا) (١) بتقدير أن لا يكون قد صلّاها فإنّ وقت العصر يدخل بمضيّ مقدار فعله الظهر (٢) بحسب حاله من قصر ، وتمام ، وخفة ، وبطء ، وحصول الشرائط ، وفقدها بحيث لو اشتغل بها لأتمها (٣). لا بمعنى جواز فعل العصر حينئذ مطلقا (٤) ، بل تظهر الفائدة لو صلّاها ناسيا قبل الظهر ، فإنها تقع صحيحة إن وقعت بعد

______________________________________________________

جميعا ثم ذكر عند غروب الشمس ، فقال عليه‌السلام : إن كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصل الظهر ثم ليصلّ العصر ، وإن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته فتكون قد فاتتاه جميعا ، ولكن يصلي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصل الأولى بعد ذلك على أثرها) (١).

وعليهما تحمل الأخبار الباقية مثل صحيح عبيد بن زرارة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت الظهر والعصر فقال : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا إلا أن هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما جميعا ، حتى تغيب الشمس) (٢) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر ، فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة) (٣).

(١) لمرسل ابن فرقد المتقدم : (حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات) وهو ظاهر في التقدير لا في الإتيان بالصلاة فعلا ، وظاهر أيضا أن التقدير بلحاظ نفس فعل الصلاة دون مقدماته إلا أن اعتبار المقدمات في التقدير أمرّ مفروغ عنه وإليه ذهب المحقّق والشهيد الثانيين وغيرهما.

(٢) تامة الأفعال والشرائط بحسب حاله.

(٣) أي لو اشتغل بالظهر في هذا الوقت الفائت لأتمها.

(٤) أي حين مضي وقت يستطيع أن يأتي بالظهر فيه فليس له الإتيان بالعصر سواء أتى بالظهر أم لا ، بل إن دخول وقت العصر بعد مضي وقت يستطيع فيه أن يأتي فيه بالظهر تظهر فائدته فيما لو صلى العصر ناسيا للظهر فتكون العصر صحيحة إن وقعت العصر بعد دخول وقت الظهر المذكور لأنه لم يفت إلا الترتيب وهو غير معتبر في حال النسيان لحديث : (لا تعاد الصلاة) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٨.


دخول وقتها المذكور ، وكذا لو دخل قبل أن يتمها (١) (وتأخيرها) أي العصر إلى (مصير الظلّ) الحادث بعد الزوال (مثله) أي مثل ذي الظل وهو المقياس (أفضل) (٢)

______________________________________________________

(١) أي وكذا لو دخل الوقت المشترك بين الصلاتين بعد مضي وقت الظهر المذكور قبل أن يفرغ من العصر ولو بركعة ، فصلاة العصر تكون صحيحة لأنه أدرك وقتها ولو بركعة ومن أدرك ركعة في داخل الوقت فقد أدرك الوقت كله.

(٢) قد اختلفت الأخبار الدالة على وقت الفضيلة فمنها : ما دل على انتهاء الفضيلة بالقدمين كصحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام : (وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان) (١) وخبر عبيد بن زرارة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل وقت الظهر؟ ، قال عليه‌السلام : ذراع بعد الزوال ، قلت : في الشتاء والصيف سواء ، قال : نعم) (٢) بناء على أن الذراع هو ما بين المرفق إلى أطراف الأصابع المساوي للقدمين تقريبا بحسب الوجدان ، ومكاتبة محمد بن الفرج : (إذا زالت الشمس فصل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين ، ثم صل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة أقدام) (٣).

ومنها : ما دل على انتهاء الفضيلة بالقامة كصحيح البزنطي : (سألته عن وقت صلاة الظهر والعصر ، فكتب : قامة للظهر وقامة للعصر) (٤) وخبر محمد بن حكيم : (سمعت العبد الصالح وهو يقول : إن أول وقت الظهر زوال الشمس وآخر وقتها قامة من الزوال ، وأول وقت العصر قامة وآخر وقتها قامتان ، قلت : في الشتاء والصيف سواء؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٥).

والمراد بالقامة هو الذراع للأخبار منها : خبر علي بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في كتاب علي عليه‌السلام القامة ذراع ، والقامتان الذراعان) (٦) وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال له أبو بصير : كم القامة؟ فقال : ذراع ، إن قامة رحل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت ذراعا) (٧) وخبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان الفي‌ء في الجدار صلى الظهر وإذا كان ذراعين صلى العصر ، قلت : الجدران تختلف ، منها قصير ومنها طويل ، قال : إن جدار مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يومئذ قامة ، وإنما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت فريضة) (٨) وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قامة ، فإذا مضى من فيئه ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٢٥ و ٣١ و ١٢.

(٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢٩ و ٢٦ و ١٦ و ٢٨.


.................................................................................................

______________________________________________________

ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر ، ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لا ، قال : من أجل الفريضة إذا دخل وقت الذراع والذراعين بدأت الفريضة وتركت النافلة) (١) وإذا كانت القامة ذراعا باعتبار أن قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت ذراعا ، وجعل وقت الظهر عند الذراع من الفي‌ء ، فيكون الوقت عند صيرورة ظل كل شي‌ء مثله وعليه فلو حمل لفظ القامة على قامة الإنسان وأن مدار فضيلة الظهر عند صيرورة ظل الشخص كمثله فلا تعارض ، وهذا ما تدل عليه طائفة ثالثة من الأخبار منها : موثق زرارة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني ، فلما أن كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال : إن زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم أخبره فحرجت من ذلك فاقرأه مني السلام وقل له : إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر) (٢) ومثلها رواية ابن بكير (٣) ، وخبر معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أتى جبرائيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمواقيت الصلاة فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر ، ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر ، ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ، ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلى العشاء ، ثم أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلى الصبح ، ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلّى الظهر ، ثم أتاه حين زاد من الظل قامتان فأمره فصلّى العصر ، ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلّى العشاء ، ثم أتاه حين نوّر الصبح فأمره فصلّى الصبح ثم قال : ما بينهما وقت) (٤) هذا ولا بدّ من التنبيه على أمرين :

الأول : قد عرفت عدم التعارض بين الأخبار لحمل القدمين على الذراع ، والذراع على القامة أعني قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولذا قال في الجواهر : «وقد جرت العادة بأن تكون قامة الشاخص الذي يجعل مقياسا لمعرفة الوقت ذراعا كما أشارت إليه بعض النصوص ، فلأجل ذلك كثيرا ما يعبر عن القامة بالذراع وعن الذراع بالقامة» والنص الذي أشار إليه صاحب الجواهر هو مرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : (تبيان زوال الشمس أن تأخذ عودا طوله ذراع وأربع أصابع ، فتجعل أربع أصابع في الأرض ، فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته ثم زاد فقد زالت الشمس وتفتح أبواب السماء وتهب الرياح ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث. ٢٧

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٣ و ٣٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥.


.................................................................................................

______________________________________________________

وتقضى الحوائج العظام) (١).

وإذا كانت القامة ذراعا وقد جعل وقت الظهر عند الذراع فيكون وقتها عند صيرورة ظل كل شي‌ء مثله ، وهذا ما عليه المشهور ، وذهب الشيخ في المبسوط والخلاف وسلار في المراسم وابن حمزة في الوسيلة والقاضي ابن البراج إلى أن ما بين الزوال إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله وقت للظهر للمختار فقط ، وأما المعذور والمضطر فيمتد إلى الغروب ، وإلى أن وقت العصر من حين الفراغ من الظهر إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثليه للمختار ، وأما المعذور والمضطر فإلى الغروب تمسكا بالأخبار المتقدمة ، وقد عرفت أنها محمولة على بيان فضيلة الوقت جمعا بينها وبين أخبار الاشتراك الدالة على أن وقت الظهرين إلى الغروب ، وقيل : أربعة أقدام للظهر وثمان للعصر هذا للمختار وما زاد على ذلك حتى تغرب الشمس وقت لذوي الأعذار ، وقال في الجواهر : «وإن كنا لم نقف على قائله مصرحا بجميع ذلك. إلى أن قال. نعم حكي عن مصباح السيد والنهاية وعمل يوم وليلة وموضع من التهذيب تحديد وقت الظهر خاصة للمختار بذلك من غير تصريح بالعصر أصلا. إلى أن قال. ومن الغريب أنه على كثرتها وشدة اختلافها. أي النصوص. لم نعثر على ما يدل منها على تمام هذا القول» انتهى.

نعم ورد في جملة من الأخبار تحديد وقت الظهر للمختار بأربعة أقدام منها : خبر الكرخي : (سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام : متى يدخل وقت الظهر؟ قال : إذا زالت الشمس ، فقلت : متى يخرج وقتها؟ فقال : من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام ، إنّ وقت الظهر ضيّق ليس كغيره. إلى أن قال : فقلت له : لو أن رجلا صلى الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام أكان عندك غير مؤد لها؟ فقال : إن كان تعمد ذلك ليخالف السنة والوقت لم تقبل منه) (٢) وخبر الفضل بن يونس : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة؟ قال : إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلي إلا العصر ، لأن وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم وخرج عنها الوقت وهي في الدم) (٣) وهي لا تصلح لمعارضة ما تقدم أن وقت الظهرين إلى الغروب لضعف أسانيدها ولكون خبر الكرخي ظاهرا في كون التأخير من باب تعمد المخالفة لسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا بقصد الرخصة في التأخير ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الحيض حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

ولكون خبر الفضل محمولا على ذهاب الوقت المشترك وإن كان فرضا بعيدا أو يردّ إلى أهله. وقيل كما عن المقنعة : إن وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يرجع الفي‌ء سبعي الشاخص ، والعصر إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب ، وللمضطر والناسي إلى الغروب وقال عنه في الجواهر : «ولم أعرف له دليلا من الأخبار على كثرتها وشدة اختلافها» وهناك أقوال أخرى غير ظاهرة المستند.

الثاني : ممّا تقدم من وجود وقتين مختلفين للظهر والعصر بالنسبة للفضيلة شاع استحباب التفريق بين الصلاتين وقد توهم استحباب التفريق بأن يأتي بصلاة الظهر عند أول الزوال إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله سواء أتى بنوافلها أم لا ، وأن يأتي بصلاة العصر بعد ما يصير ظل الشاخص مثله إلى المثلين سواء أتى بنوافلها أم لا.

ولكنّ التأمّل في الأخبار يعطي أن وقت الفضيلة للظهرين بالمعنى المتقدم من أجل أداء نوافلهما ، فإذا أراد الإتيان بنوافل الظهر فوقت فضيلتها يمتد إلى المثل ، وإذا أراد الإتيان بنوافل العصر فيمتد وقت فضيلتها إلى المثلين ، أما إذا لم يأت بالنوافل أو لم يكن مريدا ذلك فوقت الفضيلة لكلا الصلاتين عند الزوال إلا أن هذه قبل هذه ويدلّ عليه أخبار كثيرة منها : خبر ابن مسكان عن الحارث بن المغيرة وعمر بن حنظلة ومنصور بن حازم جميعا قالوا : (كنّا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ألا أنبئكم بأبين من هذا ، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلا أن بين يديها سبحة ، وذلك إليك إن شئت طوّلت وإن شئت قصرت) (١) وخبر مسمع بن عبد الملك : (إذا صليت الظهر فقد دخل وقت العصر إلا أن بين يديها سبحة وذلك إليك إن شئت طوّلت وإن شئت قصرت) (٢).

وباعتبار سقوط نوافل الظهرين في السفر فيستحب إتيان المسافر بالظهرين عند الزوال للأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صلاة المسافر حين تزول الشمس لأنه ليس قبلها في السفر صلاة وإن شاء أخّرها إلى وقت الظهر في الحضر غير أن أفضل ذلك أن يصليها في أول وقتها حين تزول) (٣).

وباعتبار أن المؤمن يداوم على صلاة الواحد والخمسين فكان التفريق ديدنهم ، لا باعتبار أن نفس التفريق وإن لم يأت بالنوافل هو أفضل من الجمع بين الفريضتين من دون نوافلهما ولذا صلى الإمام عليه‌السلام بل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمعا عند اضطراره لترك النوافل ففي خبر صفوان الجمال : (صلى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام الظهر والعصر عند ما زالت الشمس بأذان ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.


من تقديمها على ذلك الوقت (١) ، كما أنّ

______________________________________________________

وإقامتين وقال : إني على حاجة فتنفلوا) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان في سفر أو عجّلت به حاجة يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء الآخرة ، قال : وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا بأس أن تعجّل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق) (٢).

وما نقله الشهيد في الذكرى عن كتاب عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في السفر يجمع بين المغرب والعشاء والظهر والعصر ، إنما يفعل ذلك إذا كان مستعجلا ، قال : وقال عليه‌السلام : وتفريقهما أفضل) (٣).

وأفضلية التفريق هنا بمعنى أن يأتي بالظهرين مع النوافل لا بمعنى أن يفرّق بين الظهرين وإن لم يأت بنوافلهما ولذا ورد في خبر محمد بن حكيم عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إذا جمعت بين صلاتين فلا تطوع بينهما) (٤) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام : (الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوع فإذا كان بينهما تطوع فلا جمع) (٥) وخبر منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن صلاة المغرب والعشاء بجمع ، فقال : بأذان وإقامتين ، لا تصل بينهما شيئا هكذا صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٦) باعتبار أنه مع النوافل لا جمع ، بل ورد التعليل بكون وقت الفضيلة للظهر ممتدا إلى المثل والعصر إلى المثلين لمكان النافلة كما في خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لم جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة ، لك أن تتنفّل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيؤك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة) (٧) ، وفي خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وإنما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت فريضة) (٨) ، ومكاتبة محمد بن الفرج : (إذا زالت الشمس فصل سبحتك وأحب أن يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين ، ثم صل سبحتك وأحبّ أن يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة أقدام ، فإن عجّل بك أمر فابدأ بالفريضتين واقض بعدهما النوافل) (٩) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام المنقول عن السرائر : (إنما جعلت القدمان والأربع والذراع والذراعان وقتا لمكان النافلة) (١٠).

(٣) إن أتى بنوافلها وإلا فلا.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ٣ و ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٧ و ٨ و ٩ و ١٠) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣ و ٢٨ و ٣١ و ٣٥.


فعل الظهر قبل هذا المقدر (١) أفضل ، بل قيل بتعينه (٢) بخلاف تأخير العصر.

(وللمغرب ذهاب الحمرة المشرقية) (٣) وهي الكائنة في جهة المشرق ، وحدّه

______________________________________________________

(١) أي قبل أن يصير ظل كل شاخص مثله.

(٢) قد تقدم أنه مذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط وجماعة.

(٣) بالنسبة لابتداء وقتها على المشهور للأخبار منها : صحيح بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا غابت الحمرة من هذا الجانب. يعني من المشرق. فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها) (١) ، ومرسل علي بن أحمد بن أشيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدري كيف ذلك؟ قلت : لا ، قال عليه‌السلام : لأن المشرق مطل على المغرب هكذا. ورفع يمينه فوق يساره. ، فإذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا) (٢) ، ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة وتنفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق ، فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص) (٣) وخبر محمد بن علي : (صحبت الرضا عليه‌السلام في السفر فرأيته يصلي المغرب إذا أقبلت الفحمة من المشرق ، يعني السواد) (٤) ، وخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إنما أمرت أبا الخطاب أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس ، فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب وكان يصلي حين يغيب الشفق) (٥).

وفي المدارك عن المبسوط والانتصار وعلل الشرائع والأحكام وجماعة أن وقتها عند غروب الشمس المعلوم باستتار القرص للأخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها) (٦) ، وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا غاب القرص أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة) (٧) ، وصحيح داود بن فرقد : (سمعت أبي يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام متى يدخل وقت المغرب؟ فقال عليه‌السلام : إذا غاب كرسيّها ، قلت : وما كرسيّها؟ قال عليه‌السلام : قرصها ، فقلت : متى يغيب قرصها؟ قال عليه‌السلام : إذا نظرت إليه فلم تره) (٨) والأخبار في ذلك كثيرة لكن لا بد من تقديم الطائفة الأولى إما لأن غيبوبة القرص لا تتم إلا بارتفاع الحمرة المشرقية لأن جانب المشرق مطل على المغرب كما تقدم في بعض الأخبار وإما لكون الطائفة الثانية محمولة على التقية لموافقتها للعامة.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٣ و ٤ و ٨ و ١٠.

(٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٦ و ٢٠ و ٢٥.


قمة الرأس (١). (وللعشاء الفراغ منها) (٢) ولو تقديرا على نحو ما قرّر للظهر. إلا

______________________________________________________

(١) كما في مرسل ابن أبي عمير المتقدم ولكن ابتداءه من حين ارتفاع الحمرة من مطلع الشمس كما في خبر عمار.

(٢) أي وقت دخول صلاة العشاء عند مضي وقت المغرب ولو تقديرا ويدل عليه النصوص الكثيرة منها : صحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل إلا أن هذه قبل هذه) (١) ، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ) فقال عليه‌السلام : (إن الله افترض أربع صلوات ، أول وقتها زوال الشمس إلى انتصاف الليل ، منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس إلا أن هذه قبل هذه ، ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه) (٢) ، ومرسل داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلّي ثلاث ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء إلى انتصاف الليل) (٣) ومرسل الصدوق : (قال الصادق عليه‌السلام : إذا غابت الشمس فقد حلّ الإفطار ووجبت الصلاة وإذا صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل) (٤).

ثم لهذه الأخبار وغيرها ذهب المشهور إلى أن وقت المغرب يمتد إلى حين يبقى إلى منتصف مقدار ما يصلي العشاء ، وعن الخلاف انتهاء وقتها بذهاب الحمرة المغربية لصحيح زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن لكل صلاة وقتين غير المغرب ، فإن وقتها واحد ، ووقتها وجوبها ، ووقت فوتها سقوط الشفق) (٥) ، وعن المقنعة والنهاية أن ذلك للحاضر ، أما المسافر فيمتد وقتها إلى ربع الليل لصحيح عمر بن يزيد : (وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل) (٦) ، وعن جماعة منهم الشيخ في المبسوط والسيد في الإصباح أن ذهاب الحمرة المغربية وقت للمغرب بالنسبة للمختار ، وأما المعذور فيجوز ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

تأخيرها إلى ربع الليل ، والإنصاف يقتضي حمل نصوص الشفق على وقت الفضيلة وكراهة التأخير عن ذلك ، ونصوص الربع وغيرها على نفي الكراهة في التأخير بالنسبة للمسافر والمضطر والمعذور لأنه هو الجمع العرفي بينها وبين أخبار كون وقت المغرب يمتد إلى منتصف الليل ثم إن المشهور قد ذهب إلى أن وقت العشاء عند ارتفاع الحمرة المشرقية بعد مضي مقدار ثلاث ركعات للمغرب للنصوص المتقدمة ، وعن المقنعة والمبسوط والخلاف أن أول وقتها غروب الحمرة المغربية لظاهر جملة من الأخبار منها : صحيح بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وأول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة وآخر وقتها إلى غسق الليل) (١) ، وصحيح الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : متى تجب العتمة؟ قال عليه‌السلام : إذا غاب الشفق ، والشفق الحمرة) (٢) وهو محمول على وقت الفضيلة جمعا بينها وبين ما تقدم من أن وقت العشاءين عند ارتفاع الحمرة المشرقية ويشهد لهذا الحمل أخبار منها : خبر إسحاق بن عمار : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علة؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (٣) ، وخبر زرارة : (سألت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ، فقالا : لا بأس به) (٤) ، وموثق زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالناس المغرب والعشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة ، وإنما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته) (٥)

ومنها يظهر ضعف ما عن النهاية من أنه يجوز للمسافر والمعذور تقديمها على ذهاب الشفق ولا يجوز لغيرهما.

ثم إن المشهور قد ذهب إلى أن وقت العشاء ممتدّ إلى منتصف الليل للمختار ويشهد لذلك النصوص المتقدمة ، وعن المفيد في المقنعة وال شيخ في جملة من كتبه أن آخر العشاء هو ثلث الليل للمختار وغيره ويشهد لهما جملة من النصوص منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وآخر وقت العشاء ثلث الليل) (٦) ، وخبر معاوية بن عمار : (أن وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل) (٧) وهي محمولة على كراهة التأخير عن ثلث الليل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٨ و ٥ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.


أنه هنا لو شرع في العشاء (١) تماما تامة الأفعال فلا بدّ من دخول المشترك (٢) وهو فيها (٣) ، فتصح مع النسيان بخلاف العصر (٤).

(وتأخيرها) (٥) إلى ذهاب الحمرة (المغربية أفضل) (٦) ، بل قيل بتعينه (٧) كتقديم المغرب عليه (٨).

______________________________________________________

وذهب الشيخ في التهذيب والاستبصار والمبسوط من أن الثلث للمختار والنصف لغيره ، ويرده ما تقدم من النصوص ، نعم يمتد وقت العشاءين إلى طلوع الفجر للمضطر بسبب النوم أم النسيان أو الحيض ونحو ذلك لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء أو نسي فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة) (١) ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في الحيض : (وإن طهرت في آخر الليل فلتصل المغرب والعشاء) (٢) ، وخبر عمر بن حنظلة : (إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء) (٣) ، وفي مرسل الفقيه : (يقضي ويصبح صائما عقوبة) (٤) وإعراض المشهور لا يضرّ لعدم المعارضة بينها وبين أخبار منتصف الليل بحملها على ذوي الأعذار الثلاثة أو مطلقا وإليه ذهب في المعتبر والمدارك.

(١) نسيانا وغفلة.

(٢) أي الوقت المشترك للعشاءين.

(٣) أي والمصلي ما زال في العشاء قبل إتمامها.

(٤) فلو تذكر في أثناء صلاة العصر أنه لم يصل الظهر فلا بد من البطلان لعدم تماميتها غفلة لتكون صحيحة لأن الوقت المختص للظهر لم ينته حيث تذكر قبل إتمام أربع ركعات.

(٥) أي العشاء.

(٦) قد تقدم الكلام فيه.

(٧) كما عن المقنعة والمبسوط والخلاف والنهاية.

(٨) على الشفق المغربي كما عن الخلاف والمبسوط والإصباح للمختار عند الأخيرين.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الحيض الحديث ١٠ و ١٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.


أما الشّفق الأصفر (١) والأبيض (٢) فلا عبرة بهما عندنا.

(وللصبح طلوع الفجر) (٣) الصادق وهو الثاني (٤) المعترض في الأفق.

______________________________________________________

(١) وهو الحادث قبل الشفق الأحمر.

(٢) وهو الحادث بعد الشفق الأحمر. ففي خبر الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : متى تجب العتمة؟ قال : إذا غاب الشفق ، والشفق الحمرة ، فقال عبيد الله : أصلحك الله إنه يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الشفق إنما هو الحمرة وليس الضوء من الشفق) (١).

(٣) للأخبار الكثيرة منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة) (٢) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام : (وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) (٣).

(٤) إجماعي ويشهد له أخبار كثيرة منها : صحيح ليث المرادي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : متى يحرم الطعام على الصائم وتحلّ الصلاة صلاة الفجر؟ فقال عليه‌السلام : إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر) (٤) ، وخبر علي بن عطية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الصبح هو الذي إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض نهر سوراء) (٥) ، وخبر علي بن مهزيار : (كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام معي : جعلت فداك ، قد اختلف موالوك في صلاة الفجر ، فمنهم من يصلي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء ، ومنهم من يصلي إذا اعترض في أسفل الأفق واستبان ولست أعرف أفضل الوقتين فأصلي فيه فإن رأيت أن تعلمني أفضل الوقتين وتحدّه لي. إلى أن قال. فكتب عليه‌السلام بخطه. وقرأته. : الفجر يرحمك الله هو الخيط الأبيض المعترض وليس هو الأبيض صعدا فلا تصل في سفر ولا حضر حتى تبيّنه ، فإن الله تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا ، فقال تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) ، فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم ، وكذلك هو الذي يوجب به الصلاة) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ٦.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.


(ويمتد وقت الظهرين إلى الغروب) اختيارا على أشهر القولين (١) لا بمعنى أن الظهر تشارك العصر في جميع ذلك الوقت ، بل يختصّ العصر من آخره بمقدار أدائها ، كما يختص الظهر من أوله به (٢).

وإطلاق امتداد وقتهما باعتبار كونهما لفظا واحدا (٣) إذا امتدّ وقت مجموعه من حيث هو مجموع إلى الغروب لا ينافي عدم امتداد بعض أجزائه. وهو الظهر.

إلى ذلك (٤) ، كما إذا قيل : يمتدّ وقت العصر إلى الغروب لا ينافي عدم امتداد بعض أجزائها (٥). وهو أولها. إليه.

وحينئذ (٦) فإطلاق الامتداد (٧) على وقتهما (٨)

______________________________________________________

ثم للنصوص المتقدمة ذهب المشهور إلى أن وقتها يمتد إلى حين طلوع الشمس للمختار والمضطر ، وذهب الشيخ في الكثير من كتبه أن ذلك للمضطر وأما المختار فوقت الصبح إلى أن يسفر الصبح المفسر بحدوث الحمرة المشرقية لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام) (١) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لكل صلاة وقتان ، وأول الوقتين أفضلهما ، ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ، ولكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام) (٢) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل إذا غلبته عينه أو عاقه أمر أن يصلي المكتوبة من الفجر ما بين أن يطلع الفجر إلى أن تطلع الشمس) (٣) وقد حملت هذه الأخبار على بيان وقت الفضيلة لصلاة الصبح مع كراهة تأخيرها عن الحمرة المشرقية جمعا بين النصوص.

(١) قد تقدم الكلام فيه.

(٢) أي بمقدار أدائها.

(٣) فيصيران فعلا واحدا.

(٤) أي إلى الغروب.

(٥) أي صلاة العصر وهو ما قبل الأخير.

(٦) أي وحين اعتبارهما فعلا واحدا بلفظ واحد.

(٧) أي الامتداد إلى الغروب.

(٨) على الظهرين.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١ و ٥ و ٧.


بهذا المعنى (١) بطريق الحقيقة لا المجاز ، إطلاقا (٢) لحكم بعض الأجزاء على الجميع أو نحو ذلك (٣).

(و) وقت (العشاءين إلى نصف الليل) (٤) مع اختصاص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، على نحو ما ذكرناه في الظهرين.

(ويمتدّ وقت الصبح حتى تطلع الشمس) (٥) على أفق مكان المصلي وإن لم تظهر للأبصار (٦).

(و) وقت (نافلة الظهر من الزّوال إلى أن يصير الفي‌ء) وهو الظلّ الحادث بعد الزوال ، سمّاه في وقت الفريضة ظلا وهنا فيئا. وهو (٧) أجود. لأنه مأخوذ من «فاء : إذا رجع» مقدار (قدمين) (٨) أي سبعي قامة

______________________________________________________

(١) من كونهما فعلا واحدا.

(٢) تمثيل للإطلاق المجازي وهو رد على المصنف في الذكرى حيث اعتبر أن الإطلاق مجازي من باب إطلاق الجزء على الكل.

(٣) كإطلاق أحد المجاورين على الآخر.

(٤) قد تقدم الكلام فيه.

(٥) قد تقدم الكلام فيه.

(٦) لوجود حائل كالجبل ونحوه.

(٧) أي الفي‌ء.

(٨) كما هو المشهور للأخبار منها : موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة بدأ بالأولى ولم يصل الزوال إلا بعد ذلك ، وللرجل أن يصلي من نوافل الأولى (العصر) ما بين الأولى إلى أن تمضي أربعة أقدام ، فإن مضت الأربعة أقدام ولم يصل من النوافل شيئا فلا يصلّ النوافل) (١) ، وصحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام : (وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان) (٢) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن وقت الظهر فقال : ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ، ثم قال : إن حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قامة ، وكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر ، ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.


المقياس (١) ، لأنها (٢) إذا قسّمت سبعة أقسام يقال لكل قسم «قدم» ، والأصل فيه أن قامة الإنسان غالبا سبعة أقدام بقدمه. (وللعصر أربعة أقدام) فعلى هذا (٣) تقدم نافلة العصر بعد صلاة الظهر أول وقتها (٤) أو في هذا المقدار (٥) ، وتؤخّر الفريضة (٦) إلى

______________________________________________________

لم جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة ، لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع ، فإذا بلغ فيؤك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة) (١) ورواه الشيخ أيضا وزاد فيه : (قال ابن مسكان : وحدثني بالذراع والذراعين سليمان بن خالد وأبو بصير المرادي وحسين صاحب القلانس وابن أبي يعفور ومن لا أحصيه منهم) (٢) إلى غير ذلك من أخبار القدمين والأربعة وأخبار الذراع والذراعين باعتبار أن الذراع قدمان كما تقدم.

وقد حمل المشهور أخبار القدمين على سبعي الشاخص لأن قامة الإنسان بمقدار سبعة أقدام بقدمه بحسب الغالب ونسبة القدمين إلى القامة حينئذ هي ما ذكرنا ، وفيه : إن أخبار القامة المتقدمة في أوقات فريضة الظهرين محمولة على الذراع كما تقدم لأن القامة هي قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن الحائط كان بمقدار الذراع ، فتكون أخبار القدمين والذراع متطابقة مع أخبار المثل منها : خبر أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه‌السلام : (سألته عن وقت الظهر والعصر فقال : وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ، ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين) (٣) وقد تقدم بعضها سابقا.

وذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف والفاضلان في المعتبر والتبصرة والمحقق الثاني إلى أن وقت النافلة إلى المثل والمثلين وما ذلك إلا لأن القدمين تساوي ذراعا وهو مقدار قامة حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا بلغ الظل قدمين أو كان بمقدار القامة فلا فرق.

(١) بل هو تمام قامة المقياس كما تقدم.

(٢) أي القامة.

(٣) أي من كون وقت نافلة العصر أربعة أقدام بالمعنى المتقدم من أنها أربعة أسباع الشاخص وأن وقت فضيلة فريضة العصر وهو ما بعد المثل فتقدم نافلة العصر في وقت فريضتها وتؤخر فريضة العصر إلى وقت فضيلتها.

(٤) بعد القدمين مباشرة.

(٥) أي في مقدار أربعة أقدام.

(٦) أي فريضة العصر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٩.


وقتها ، وهو ما بعد المثل. هذا هو المشهور رواية وفتوى.

وفي بعض الأخبار ما يدلّ على امتداد وقتهما بامتداد وقت فضيلة الفريضة ، وهو زيادة الظلّ بمقدار مثل الشّخص للظهر ومثليه للعصر ، وفيه قوّة (١).

ويناسبه المنقول من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام وغيرهم من السلف من صلاة نافلة العصر قبل الفريضة متصلة بها (٢).

وعلى ما ذكروه من الأقدام لا يجتمعان أصلا (٣) لمن أراد صلاة العصر في وقت الفضيلة ، والمروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتبع الظهر بركعتين من سنّة العصر (٤) ،

______________________________________________________

(١) بل متعين ولا خلاف بينه وبين أخبار القدمين والأربعة كما تقدم.

(٢) أي من اتصال نافلة العصر بفريضتها ويدل عليه خبر رجاء بن أبي الضحاك : (كان الرضا عليه‌السلام إذا زالت الشمس جدّد وضوءه وقام فصلى ست ركعات. إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي الظهر. إلى أن قال. فإذا رفع رأسه قام فصلّى ست ركعات إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ويقنت في الثانية فإذا سلّم أقام وصلى العصر) (١) فهذا مناسب لتحديد المثل لأن أربعة أقدام إذا كانت أربعة أسباع الشاخص على مبنى الشارح وكان وقت فريضة العصر بعد المثل فلا بد من الفصل بين نوافل العصر وفريضتها.

(٣) أي لا يجتمع وقت فضيلة العصر مع وقت فضيلة نافلتها ، وهذا بناء على أن الأقدام أربعة أسباع الشاخص ، وقد عرفت ضعف المبنى.

(٤) ويدل عليه مرسلة الصدوق : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلي بالنهار شيئا حتى تزول الشمس ، وإذا زالت صلّى ثماني ركعات وهي صلاة الأوّابين ، تفتح في تلك الساعة أبواب السماء ويستجاب الدعاء وتهب الرياح وينظر الله إلى خلقه فإذا فاء الفي‌ء ذراعا صلى الظهر أربعا وصلى بعد الظهر ركعتين ، ثم صلى ركعتين أخراوين ثم صلى العصر أربعا) (٢) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلي من النهار شيئا حتى تزول الشمس فإذا زالت قدر نصف إصبع صلّى ثماني ركعات ، فإذا فاء الفي‌ء ذراعا صلى الظهر ثم صلى بعد الظهر ركعتين ، ويصلي قبل وقت العصر ركعتين فإذا فاء الفي‌ء ذراعين صلى العصر) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.


ويؤخر الباقي إلى أن يريد صلاة العصر. وربما أتبعها بأربع (١) وست (٢) وأخّر الباقي (٣).

وهو السرّ في اختلاف المسلمين في أعداد نافلتيهما (٤) ، ولكن أهل البيت أدرى بما فيه (٥).

ولو أخّر المتقدمة على الفرض عنه (٦) لا لعذر نقص الفضل وبقيت أداء ما

______________________________________________________

(١) ويرشد إليه خبر البزنطي : (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إن أصحابنا يختلفون في صلاة التطوع ، بعضهم يصلي أربعا وأربعين ، وبعضهم يصلي خمسين ، فأخبرني بالذي تعمل به أنت كيف هو؟ حتى أعمل بمثله فقال : أصلي واحدة وخمسين ركعة ثم قال : أمسك وعقد بيده ، الزوال ثمانية وأربعا بعد الظهر وأربعا قبل العصر وركعتين بعد المغرب وركعتين قبل العشاء الآخرة وركعتين بعد العشاء من قعود تعدان بركعة من قيام) (١).

(٢) ويدل عليه خبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر وست ركعات بعد الظهر ، وركعتان قبل العصر وأربع ركعات بعد المغرب وركعتان بعد العشاء الآخرة) (٢) الحديث.

(٣) بالنسبة لتقديم ركعتين بعد الظهر فلم يرد خبر بتأخير تمام الستة إلى ما قبل العصر ، وإنما الوارد هو الذي تقدم من تأخير ركعتين ويكون الساقط من نافلة العصر أربع ركعات ، وقد تقدم أنه من مراتب الفضل بعد مرتبة الواحد والخمسين.

(٤) ذهب أحمد بن حنبل إلى استحباب ركعتين بعد الظهر ولم يذكر قبل العصر شيئا وكذا الشافعي في أحد قوليه ، وقوله الآخر أربع ركعات بعد الظهر وأربع ركعات قبل العصر ومثله ما عن مالك وإن كان لا حد للنوافل الراتبة بالنسبة للظهرين عنده ، وعن أبي حنيفة ركعتان بعد الظهر وأربع قبل العصر وإن شاء ركعتين.

(٥) فالإتيان ببعض نوافل العصر بعد الظهر لا يعرف أنه من نوافل العصر إلا من طريق أهل البيت عليهم‌السلام.

(٦) متعلق بقوله : (ولو أخّر) والمعنى أن نافلة الظهرين متقدمة على فرض الظهرين فلو أتى بالفرض قبل النافلة ثم أتى بالنافلة مع بقاء وقتها لا لعذر كان ذلك نقصا في فضلها لأنه مشروط بتقديمها على الفرض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١٦.


بقي وقتها ، بخلاف المتأخر (١) فإن وقتها لا يدخل بدون فعله (٢).

(وللمغرب (٣) إلى ذهاب الحمرة المغربية (٤) ، وللعشاء كوقتها (٥)) فتبقى أداء إلى أن ينتصف الليل ، وليس في النوافل ما يمتد بامتداد وقت الفريضة على المشهور سواها (٦) (وللّيل (٧) بعد نصفه) الأول (إلى طلوع الفجر) الثاني (٨).

______________________________________________________

(١) أي المتأخر عن الفرض من النوافل كنوافل المغرب.

(٢) أي بدون فعل الفرض فلو أتى بالنوافل المغربية قبل المغرب لم تقع صحيحة لأن صحتها مشروطة بالبعدية عن المغرب.

(٣) أي وقت نافلة المغرب.

(٤) على المشهور بل في المدارك : «أنه مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا» لمرسل الصدوق عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلي بالنهار شيئا حتى تزول الشمس.

إلى أن قال. فإذا آبت وهو أن تغيب صلى المغرب ثلاثا وبعد المغرب أربعا ثم لا يصلي شيئا حتى يسقط الشفق فإذا سقط الشفق صلّى العشاء) (١).

وعن الذكرى والدروس والحبل المتين وكشف اللثام والذخيرة الميل إلى امتداد وقتها بامتداد وقت الفريضة لإطلاق أدلة المشروعية بعد قصور الخبر عن تحديد وقتها بالحمرة المغربية لأنه دال على فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون الدلالة على عدم جواز وقوع النافلة بعد الشفق المغربي.

(٥) أي ونافلة العشاء كوقت فريضة العشاء ممتدا إلى منتصف الليل بالاتفاق لإطلاق أدلة مشروعيتها من دون وجود دليل مقيّد بوقت خاص.

(٦) أي سوى نافلة العشاء.

(٧) أي ولنافلة الليل.

(٨) أي الصادق وهو مما لا خلاف فيه ويشهد له مرسل الفقيه : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : وقت صلاة الليل ما بين نصف الليل إلى آخره) (٢) ، وصحيح الفضيل عن أحدهما عليه‌السلام : (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة) (٣) ، وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلّى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه فلا يصلي شيئا إلا بعد انتصاف الليل لا في شهر رمضان ولا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

في غيره) (١) ، وأفضل أوقاتها الثلث الأخير من الليل لصحيح إسماعيل الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (وسألته عن أفضل ساعات الليل ، قال : الثلث الباقي) (٢) ، وخبر المروزي عن الإمام العسكري عليه‌السلام : (فإذا بقي ثلث الليل الأخير ظهر بياض. إلى أن قال. وهو وقت صلاة الليل) (٣) ، بل أفضل أوقات الثلث الأخير ما كان وقت السحر وهو قريب الفجر لخبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (وثمان ركعات في السحر وهي صلاة الليل) (٤) ، ورواية الفضل عن الرضا عليه‌السلام : (وثمان ركعات في السحر) (٥) ، وخبر مرازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : متى أصلي صلاة الليل؟ قال عليه‌السلام : صلها آخر الليل) (٦) ، وموثق سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وثمان ركعات من آخر الليل) (٧) ، وخبر أبي بصير : (وأحب صلاة الليل إليهم آخر الليل) (٨).

نعم يجوز لذوي الأعذار كالمسافر والشاب الذي يصعب عليه القيام في آخر الليل ومن خاف البرد أو الاحتلام والمريض تقديمها على منتصف الليل للأخبار منها : خبر أبي جرير ابن إدريس عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : (صل صلاة الليل في السفر من أول الليل في المحمل والوتر وركعتي الفجر) (٩) ، وخبر محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة الليل أصليها أول الليل؟ قال عليه‌السلام : نعم إني لأفعل ذلك ، فإذا أعجلني الجمّال صليتها في المحمل) (١٠) ، وصحيح ليث عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن صلاة الليل أول الليل في الليالي القصار في الصيف : (فقال عليه‌السلام ، نعم نعم ما رأيت ، ونعم ما صنعت ، يعني في السفر) (١١) ، وصحيح يعقوب الأحمر مثله مع زيادة : (ثم قال : إن الشاب يكثر النوم فأنا آمرك به) (١٢) ، وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن خشيت أن لا تقوم في آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل وأوتر في أول الليل في السفر) (١٣)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥.

(٤) (٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٥ و ٢٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١٦.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢.

(٩ و ١٠ و ١١ و ١٢ و ١٣) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦ و ١١ و ١ و ١٧ و ٢.


والشفع والوتر من جملة صلاة الليل هنا (١) ، وكذا تشاركها في المزاحمة بعد الفجر لو أدرك من الوقت مقدار أربع (٢) ، كما يزاحم بنافلة الظهرين لو أدرك من

______________________________________________________

وخبر الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (إنما جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل في أول الليل لاشتغاله وضعفه وليحرز صلاته فيستريح المريض في وقت راحته وليشتغل المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا خشيت أن لا تقوم آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصلّ صلاتك وأوتر من أول الليل) (٢).

بل لو دار الأمر بين تعجيلها أول الليل وقضائها في النهار فيستحب القضاء للأخبار منها : خبر عمر بن حنظلة : (قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني مكثت ثمانية عشر ليلة أنوي القيام فلا أقوم ، أفأصلي أول الليل؟ قال : لا ، اقض بالنهار فإني أكره أن تتخذ ذلك خلقا) (٣) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام سأله عن صلاة الليل أول الليل لمن تخوّف أن لا يقوم آخر الليل فقال عليه‌السلام : (لا صلاة حتى يذهب الثلث الأول من الليل والقضاء بالنهار أفضل من تلك الساعة) (٤).

(١) من حيث الوقت ، اعلم أن صلاة الليل قد أطلقت في الأخبار وكلمات الأصحاب على الركعات الثمانية كما في خبر معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أما يرضى أحدكم أن يقوم قبل الصبح ويوتر ويصلي ركعتي الفجر ويكتب له بصلاة الليل) (٥) إلا أن الإتيان بالشفع والوتر من ناحية الوقت تابع لصلاة الليل فتصح بعد انتصاف الليل ويشهد له صحيح الفضيل المتقدم : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة) (٦) ومثله غيره.

(٢) بحيث لو أدرك أربع ركعات من صلاة الليل قبل الفجر فيستحب له إتمام صلاة الليل بما فيها الشفع والوتر ثم يأتي بالصبح مع نافلتها لخبر محمد بن النعمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت أنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع أو لم يطلع) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣ و ١٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.


وقتها ركعة (١) ، أما المغربية فلا يزاحم بها مطلقا (٢) إلا أن يتلبّس منها بركعتين فيتمها مطلقا (٣).

(وللصبح (٤) حتى تطلع الحمرة) (٥) من قبل المشرق ، وهو آخر وقت فضيلة

______________________________________________________

(١) لو أتى بركعة من نافلة الظهرين في وقت النافلة فيستحب له إكمال النافلة ولو دخل وقت فضيلة الفريضة ويشهد له خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة بدأ بالأولى ولم يصل الزوال إلا بعد ذلك. إلى أن قال. وإن كان صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها ثم يصلي العصر) (١) إلى آخر الخبر.

(٢) أي لا يزاحم فريضة العشاء بها سواء أتى منها بركعة أم لا.

(٣) فعن ابن إدريس أنه لو تلبّس بركعة منها ثم بلغ وقت فريضة العشاء من سقوط الشفق المغربي أتمها أربعا وقال عنه في الجواهر : «ولعله للقياس على نوافل الظهرين وهو مع أنه حرام عندنا مع الفارق لمزاحمة كل منهما فريضتها لا فريضة أخرى».

وذهب جماعة منهم المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والإرشاد والتحرير والمنتهى والشهيدان إلى أن لو تلبس بركعتين فيتم هاتين الركعتين سواء كانت أوليين أم أخيرتين للنهي عن إبطال العمل.

(٤) أي ولنافلة الصبح.

(٥) فوقتها من حين الانتهاء من صلاة الليل ولو كان قبل الفجر إلى حين ظهور الحمرة المشرقية ويدل على ابتداء وقتها أخبار منها : خبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أول وقت ركعتي الفجر فقال عليه‌السلام : (سدس الليل الباقي) (٢) ، وصحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : عن (ركعتي الفجر أصليهما قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : قال : أبو جعفر عليه‌السلام : احش بهما صلاة الليل وصلّهما قبل الفجر) (٣) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر ، فقال عليه‌السلام : قبل الفجر ، إنهما من صلاة الليل) (٤) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صل ركعتي الفجر قبل الفجر وبعده وعنده) (٥) ومثله غيره ، فوقت نافلة الفجر من حين الفجر الكاذب جمعا بين هذا الخبر وخبر ابن مسلم المتقدم بأن وقتها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥ و ٦ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.


الفريضة (١) ، كالمثل والمثلين للظهرين (٢) والحمرة المغربية للمغرب (٣). وهو يناسب رواية المثل لا القدم (٤).

(وتكره النافلة المبتدئة) (٥) وهي التي يحدثها المصلّي تبرعا ، فإن الصلاة قربان

______________________________________________________

سدس الليل الباقي ، ويجوز تقديمها على الفجر إن صلى صلاة الليل.

وأما انتهاء وقتها بطلوع الحمرة المشرقية فهو المشهور ويدل عليه صحيح علي بن يقطين : (سألت أبا الحسن عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما؟ قال عليه‌السلام : يؤخرهما) (١).

(١) أي الصبح كما تقدم.

(٢) فإن المثل والمثلين وقت فضيلة الفريضتين ونافلتهما.

(٣) فإن الحمرة المغربية وقت لفضيلة المغرب ونافلتها.

(٤) قد عرفت عدم التعارض بين المثل والقدم.

(٥) وهي التي لم يرد فيها نص بالخصوص فيستحب الإتيان بها لأن الصلاة خير موضوع (٢) وقربان كل تقي (٣) كما في الخبر.

إلا أنه يكره الشروع فيها في خمسة أوقات : بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وعند طلوع الشمس حتى تنبسط ، وعند عين استواء الشمس في وسط النهار إلى حين الزوال وعند غروب الشمس للأخبار الكثيرة منها : خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا صلاة بعد العصر حتى تصلي المغرب ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس) (٤) ، وحديث المناهي : (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند استوائها) (٥) ، وخبر سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام. (لا ينبغي لأحد أن يصلي إذا طلعت الشمس لأنها تطلع بقرني شيطان ، فإن ارتفعت وصفت فارقها فتستحب الصلاة ذلك الوقت والقضاء وغير ذلك ، فإذا انتصف النهار قارنها فلا ينبغي لأحد أن يصلي في ذلك الوقت لأن أبواب السماء قد غلّقت فإذا زالت الشمس وهبت الريح فارقها) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب أعداد الفرائض حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب أعداد الفرائض حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦ و ٩.


كلّ تقيّ واحترز بها عن ذات السبب (١) ، كصلاة الطواف ، والإحرام ، وتحية المسجد عند دخوله ، والزيارة عند حصولها ، والحاجة ، والاستخارة ، والشكر ، وقضاء النوافل مطلقا (٢) في هذه الأوقات الخمسة المتعلّق اثنان منها بالفعل (بعد صلاة الصبح) إلى أن تطلع الشمس (والعصر) إلى أن تغرب (و) ثلاثة بالزمان (عند طلوع الشمس) أي بعده حتى ترتفع ويستولي شعاعها وتذهب الحمرة ، وهنا يتصل وقت الكراهتين الفعلي والزماني (٣) (و) عند (غروبها) أي ميلها إلى الغروب

______________________________________________________

(١) اعلم أن النافلة إما مرتبة أو لا ، والثانية إما ذات سبب كصلاة الزيارة والاستخارة والصلوات المستحبة في الأيام والليالي المخصوصة أو لا ، والثاني هي المبتدئة.

وأما النوافل المرتبة فقد ذهبوا إلى عدم كراهة قضائها في هذه الأوقات الخمسة مع أن نصوص الكراهة المتقدمة شاملة لها ولذا ذهب المفيد في المقنعة إلى كراهة ابتداء النوافل وقضائها عند طلوع الشمس وعند غروبها وكذا الشيخ في النهاية.

نعم ورد في خبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في قضاء صلاة الليل والوتر تفوت الرجل أيقضيها بعد صلاة الفجر وبعد العصر؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس بذلك) (١) ، وخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل فاته شي‌ء من الصلوات فذكر عند طلوع الشمس أو عند غروبها ، قال عليه‌السلام : فليصل حين يذكر) (٢) ، ومكاتبة محمد بن يحيى إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (تكون عليّ الصلاة النافلة متى أقضيها؟ فكتب عليه‌السلام : أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار) (٣) ومثلها غيرها ، ومنه يعرف حكم قضاء الفرائض اليومية فلا تكره في هذه الأوقات أيضا. وأما ذات السبب فكذلك لا تكره في هذه الأوقات للأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة : صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها ، وصلاة ركعتي طواف الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت ، هذه يصليهن الرجل في الساعات كلها) (٤) وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام :(خمس صلاة لا تترك على حال : إذا طفت بالبيت وإذا أردت أن تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الجنازة) (٥).

(٢) سواء كانت ليلية أم نهارية وسواء كانت النوافل في أوقات فرائضها كنوافل الظهرين بعد صلاة العصر إلى حين غروب الشمس أم لا.

(٣) أما الفعلي فهو بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس ، والزماني من حين الطلوع إلى أن تنبسط.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٠ و ٢ و ٣ و ١ و ٤.


واصفرارها حتى يكمل بذهاب الحمرة المشرقية.

وتجتمع هنا (١) الكراهتان (٢) في وقت واحد (٣) (و) عند (قيامها) في وسط السماء ووصولها إلى دائرة نصف النهار تقريبا إلى أن تزول (إلا يوم الجمعة) (٤) فلا تكره النافلة فيه عند قيامها (٥) ، لاستحباب صلاة ركعتين من نافلتها حينئذ وفي

______________________________________________________

(١) عند الغروب.

(٢) الفعلية والزمانية من الصلاة بعد صلاة العصر إلى حين الغروب ومن الصلاة عند الغروب.

(٣) وهو حين الغروب.

(٤) اعلم أنه يستحب زيادة أربع ركعات على نوافل الظهرين يوم الجمعة ففي خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (إنما زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات تعظيما لذلك اليوم ، وتفرقة بينه وبين سائر الأيام) (١) ومثله غيره من النصوص إلا أن الإسكافي ذهب إلى زيادة ست ركعات لصحيح سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن الصلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزوال؟ قال عليه‌السلام : ست ركعات بكرة ، وست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة ، وست ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة ، وركعتان بعد الزوال فهذه عشرون ركعة ، وركعتان بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة) (٢) ولكنه مهجور لإعراض الأصحاب عنه.

وتفريقها بأن يأتي ستا عند انبساط الشمس وستا عند ارتفاعها وستا قبل الزوال وركعتين عنده على المشهور ، وليس لهم دليل ظاهر لأن النصوص على خلاف هذا الترتيب ففي صحيح البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام : (في النوافل في يوم الجمعة ست ركعات بكرة ، وست ركعات ضحوة ، وركعتين إذا زالت الشمس ، وست ركعات بعد الجمعة) (٣) ومثله خبر يعقوب بن يقطين (٤) وخبر مراد بن خارجة (٥).

(٥) أي قيام الشمس في وسط السماء وهو المعبّر عنه في الأخبار بالزوال المحمول على ما قبل الزوال وهو عند استوائها في وسط السماء ففي الخبر : (وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذّن وصلى ركعتين فما يفرغ إلا مع الزوال ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر) (٦) وفي الخبر : (سأله عن الركعتين اللتين عند الزوال يوم الجمعة قال : فقال : أما أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ٥.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١٩ و ١٠ و ١٢.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤ و ٢.


الحقيقة هذا الاستثناء منقطع ، لأن نافلة الجمعة من ذوات الأسباب إلا أن يقال بعدم كراهة المبتدئة فيه (١) أيضا عملا بإطلاق النصوص باستثنائه (٢).

(ولا تقدم) النافلة الليلية على الانتصاف (٣) (إلا لعذر) (٤) كتعب وبرد ورطوبة رأس (٥) وجنابة ولو اختيارية يشقّ معها الغسل ، فيجوز تقديمها حينئذ من أوله بعد العشاء بنية التقديم أو الأداء. ومنها الشفع والوتر.

(وقضاؤها أفضل) (٦) من تقديمها في صورة جوازه (٧) (وأول الوقت (٨))

______________________________________________________

(١) في وقت قيام الشمس في وسط السماء يوم الجمعة.

(٢) لخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة) (١) ولكنه محمول على نافلة يوم الجمعة جمعا بينه وبين ما تقدم.

(٣) أي منتصف الليل.

(٤) قد تقدم الكلام فيه.

(٥) عند الشباب.

(٦) قد تقدم الكلام فيه.

(٧) أي جواز التقديم.

(٨) للأخبار الكثيرة منها : خبر ذريح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال جبرئيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفضل الوقت أوله) (٢) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (اعلم أن أوّل الوقت أبدا أفضل فعجّل الخير ما استطعت) ٣ ، وفي خبر معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضلهما) ٤ ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أحب الوقت إلى الله (عزوجل) أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة) ٥ ، وخبر سعيد بن الحسن عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أول الوقت زوال الشمس وهو وقت الله الأول وهو أفضلهما) ٦ ، وخبر الأعشى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن فضل الوقت الأول على الآخر كفضل الآخرة على الدنيا) ٧ ، ومرسلة الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أوله رضوان الله وآخره عفو الله ، والعفو لا يكون إلا عن ذنب) ٨ ، وخبر الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لفضل الوقت الأول على الأخير خير للرجل من ولده وماله) ٩.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٨ و ١٠ و ١١ و ٥ و ٦ و ١٥ و ١٦ و ١٤.


(أفضل) من غيره (إلّا) في مواضع ترتقي إلى خمسة وعشرين ذكر أكثرها المصنف في النفلية (١) وحرّرناها مع الباقي في شرحها ، وقد ذكر منها هنا ثلاثة مواضع.

(لمن يتوقّع زوال عذره) بعد أوله (٢) ، كفاقد الساتر أو وصفه (٣) والقيام ، وما بعده (٤) من المراتب الراجحة على ما هو به إذا رجا القدرة في آخره (٥) ، والماء (٦) على القول بجواز التيمم مع السعة ولإزالة النجاسة غير المعفوّ عنها (ولصائم يتوقع) غيره (فطره) (٧) ومثله من تاقت نفسه إلى الإفطار بحيث ينافي الإقبال على

______________________________________________________

(١) ففي النفلية ذكر خمسة عشر موضعا كما في مفتاح الكرامة.

(٢) بعد أول الوقت ، فذوو الأعذار سواء كان عن استعمال الماء بالنسبة للوضوء أم كان عن تحصيل بقية شرائط الصلاة كتحصيل الساتر ونحوه ، فقد ذهب جماعة إلى أن المتيمم في أول الوقت بناء على جوازه إذا احتمل زوال عذره استحب له تأخير الصلاة ، وإلى أن فاقد بعض شرائط الصلاة التامة إذا احتمل تحصيل الفاقد في أثناء الوقت استحب له تأخير الصلاة ، وبعضهم منع جواز البدار بالنسبة للثاني.

والإنصاف يقتضي القول بأن التيمم والإتيان بالصلاة الفاقدة لبعض شرائطها حكم اضطراري وهو مشروط بالعجز عن امتثال الحكم الاختياري في تمام الوقت ، إذ لو كان قادرا على الإتيان بالحكم الاختياري ولو في آخر الوقت فلا يكون عاجزا حتى ينتقل حكمه إلى البدل فالأقوى عدم جواز البدار مطلقا ووجوب التأخير إلا إذا علم باستمرار العجز كما تقدم في مبحث التيمم ومعه يرتفع موضوع استحباب الصلاة من أول الوقت.

(٣) أي وصف الساتر ككونه طاهرا ومن غير مأكول اللحم ومن غير الحرير والذهب بالنسبة للرجل.

(٤) أي وما بعد الساتر.

(٥) في آخر الوقت.

(٦) أي وفاقد الماء.

(٧) فيستحب للصائم تأخير صلاة المغرب في حق من تتوق نفسه إلى الإفطار أو ينتظره أحد ، ففي خبر زرارة : (وإن كنت ممن تنازعك نفسك للإفطار ، وتشغلك شهوتك عن الصلاة فابدأ بالإفطار ليذهب عنك وسواس النفس اللوامة) (١). وفي صحيح الحلبي : (سئل عن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب آداب الصائم حديث ٥.


الصلاة (وللعشاءين) للمفيض من عرفة (إلى المشعر) (١) وإن تثلّث الليل.

(ويعوّل في الوقت على الظن) (٢) المستند إلى ورد بصنعة أو درس ونحوهما

______________________________________________________

الإفطار أقبل الصلاة أو بعدها؟ فقال عليه‌السلام : إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم ، وإن كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر) (١).

(١) فيستحب لمن أفاض من العرفات تأخير العشاءين إلى الشعر الحرام ولو إلى ربع الليل أو ثلثه لصحيح ابن مسلم : (لا تصلي المغرب حتى تأتي جمعا وإن ذهب ثلث الليل) (٢) وموثق سماعة : (عن الجمع بين المغرب والعشاء الآخرة بجمع ، فقال عليه‌السلام : لا تصلها حتى تنتهي إلى جمع وإن مضى من الليل ما مضى) (٣).

ثم إن أهم المواضع التي يستحب فيها تأخير الصلاة من الموارد الباقية هي :

المورد الرابع : يستحب تأخير مطلق الحاضرة لمن عليه فائتة للأخبار مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا دخل وقت الصلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت) (٤).

المورد الخامس لمدافعة الأخبثين ونحوهما فيؤخر الصلاة لدفعهما لصحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا صلاة لحاقن ولا لحاقنة ، وهو بمنزلة من هو في ثوبه) (٥).

المورد السادس : إذا لم يكن له إقبال على الصلاة فيؤخرها إلى حصوله لخبر عمر بن يزيد : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أكون في جانب المصر فتحضر المغرب وأنا أريد المنزل ، فإن أخّرت الصلاة حتى أصلي في المنزل كان أمكن لي وأدركني المساء أفأصلي في بعض المساجد؟ فقال عليه‌السلام : صل في منزلك) (٦).

المورد السابع : لانتظار الجماعة ففي خبر جميل بن صالح : (سأل الصادق عليه‌السلام : أيهما أفضل يصلي الرجل لنفسه في أول الوقت أو يؤخر قليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان إمامهم؟ قال عليه‌السلام : يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان هو الإمام) (٧) وقد يتعدى من موردها إلى المأموم وإلى التأخير الكثير لما ورد من فضل الجماعة.

(٢) يجب العلم بدخول الوقت حين الشروع بالصلاة لخبر عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه‌السلام : ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب آداب الصائم حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الوقوف بالشعر حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ٧٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


(مع تعذّر العلم) أما مع إمكانه فلا يجوز الدخول بدونه (فإن) صلّى بالظن حيث يتعذّر العلم ثم انكشف وقوعها في الوقت أو (دخل وهو فيها أجزأ) (١) على أصحّ

______________________________________________________

(إذا كنت شاكا في الزوال فصل ركعتين فإذا استيقنت أنها قد زالت بدأت بالفريضة) (١) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام : (في الرجل يسمع الأذان فيصلي الفجر ولا يدري طلع أم لا ، غير أنه يظن لمكان الأذان أنه قد طلع ، قال عليه‌السلام : لا يجزيه حتى يعلم أنه قد طلع) (٢) ، وخبر علي بن مهزيار عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في الفجر : (فلا تصل في سفر أو حضر حتى تتبينه) (٣) مضافا إلى قاعدة الاشتغال ، وعليه فإن أمكن العلم فلا يكفي الظن على المشهور ، وعن الشيخين في المقنعة والنهاية الاكتفاء به.

وإن لم يمكن العلم عند أول الوقت لمانع من غيم ونحوه فقد ذهب جماعة إلى كفاية الظن لجريان مقدمات الانسداد في الوقت الموجبة لحجية الظن عند تعذر العلم ، وفيه : إن الانسداد الصغير هنا غير جار لإمكان الاحتياط بدون عسر أو حرج بالتأخير حتى يقطع بدخول الوقت ، هذا فضلا عن أن من جملة مقدمات الانسداد أن يكون التكليف معلوما ، وهنا لا علم به للشك في دخول الوقت فالأقوى عدم حجية الظن عند تعذر العلم.

(١) إذا علم بدخول الوقت أو ظن به على نحو مشروع عنده كما لو قلنا بحجية الظن عند تعذر العلم ، أو كان الظن معتبرا كما لو ظن بدخول الوقت من المؤذن العارف كما عليه الأخبار ثم تبين مطابقة الواقع فلا كلام لإحراز الصلاة لشرطها من وقوعها داخل الوقت ، ولو تبيّن دخول الوقت في أثنائها ولو قبل السلام فيحكم بالصحة على المشهور لصحيح ابن أبي عمير عن إسماعيل بن رياح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت ، فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك) (٤).

وعن المرتضى والإسكافي والعماني والعلامة في المختلف وابن فهد في موجزه والصيمري والأردبيلي وجماعة البطلان لضعف الخبر بجهالة إسماعيل بن رياح ، وفيه : إنه من مشايخ ابن أبي عمير وقد قيل : إنه لا يروي إلا عن ثقة مع ورود الرواية في الكتب الثلاثة مع كون السند مشتملا على جملة من الأعيان والأجلاء منهم أحمد بن محمد بن عيسى المعروف بكثرة التثبت وهذا كله موجب للوثوق بالصدور فلا بد من العمل به.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.


القولين (وإن تقدّمت) عليه بأجمعها (أعاد) (١) وهو موضع وفاق.

(الثاني. القبلة)

(وهي) عين (الكعبة) (٢)

______________________________________________________

(١) لما دلّ على اعتبار الوقت ولحديث زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود) (١).

(٢) ولصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في رجل صلى الغداة بليل غرّه من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس فأخبر أنه صلى بليل ، قال عليه‌السلام : يعيد صلاته) (٢).

(٢) بل القبلة هي المكان الذي وقع فيه البيت. شرفه الله تعالى. من تخوم الأرض إلى عنان السماء ، بلا خلاف فيه للأخبار منها : مرسل الفقيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أساس البيت من الأرض السابعة السفلى إلى الأرض السابعة العليا) (٣) وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله رجل قال : صليت فوق أبي قبيس العصر فهل يجزي ذلك والكعبة تحتي؟ قال عليه‌السلام : نعم إنها قبلة من موضعها إلى السماء) (٤) وخبر خالد بن أبي إسماعيل : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يصلي على أبي قبيس مستقبل القبلة ، فقال : لا بأس) (٥).

نعم لا يدخل حجر إسماعيل في الكعبة من ناحية الاستقبال وإن وجب إدخاله في الطواف على الأكثر لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الحجر ، أمن البيت هو أم فيه شي‌ء من البيت؟ قال عليه‌السلام : لا ولا قلامة ظفر ، ولكن إسماعيل دفن فيه أمه فكره أن يوطأ فجعل عليه حجرا وفيه قبور الأنبياء) (٦).

وعن العلامة في نهاية الأحكام والتذكرة جواز استقباله لأنه من الكعبة ، وكذلك عن الذكرى بدعوى أنه كان منها في زمن إبراهيم وإسماعيل عليهما‌السلام إلى أن بنت قريش الكعبة فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد اهتم بإدخاله في الكعبة ولأن الطواف يجب خارجه.

مع أنه قد اعترف جماعة بعدم وقوفهم على مستند ذلك فقال في المدارك : «وما ادعاه من النقل لم أقف عليه من طرق الأصحاب» وفي كشف اللثام : «وما حكاه إنما رأيناه في كتب العامة وتخالفه أخبارنا».

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الوضوء حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القبلة حديث ٣ و ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الطواف حديث ١.


(للمشاهد) لها (١) (أو حكمه) (٢) وهو من يقدر على التوجّه إلى عينها بغير مشقة كثيرة لا تتحمل عادة ، ولو بالصعود إلى جبل أو سطح (وجهتها) وهي السّمت الذي يحتمل كونها فيه ويقطع بعدم خروجها عنه لأمارة شرعية (لغيره) أي غير المشاهد ومن بحكمه (٣) كالأعمى.

______________________________________________________

(١) إن الكعبة قبلة مطلقا للقريب والبعيد على المشهور للأخبار منها : مرسلة الصدوق : (قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله (عزوجل) من رجل قتل نبيا ، أو هدم الكعبة التي جعلها الله (عزوجل) قبلة لعباده ، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما) (١) ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن لله (عزوجل) حرمات ثلاثا ليس مثلهن شي‌ء : كتابه وهو حكمة ونور ، وبيته الذي جعله قبلة للناس لا يقبل من أحد توجها إلى غيره ، وعترة نبيكم) (٢).

وعن الشيخين وجماعة أن الكعبة قبلة لمن في المسجد ، والمسجد قبلة لمن في الحرم ، والحرم قبلة لمن خرج عنه ونسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب ويدل عليه مرسل عبد الله بن محمد الحجال عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا) (٣) ، وخبر أبي غرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (البيت قبلة المسجد والمسجد قبلة مكة ومكة قبلة الحرم والحرم قبلة الدنيا) (٤).

وهي لا تصلح لمقاومة الطائفة الأولى لكثرة أخبارها وصحة أسانيدها وعدم القائل بمضمون الخبر الأخير ، نعم عليه حملها على بيان اتساع جهة الاستقبال للبعيد لأن التوجه إلى الحرم توجه إلى المسجد والتوجه إلى المسجد توجه إلى الكعبة كل ذلك بالنسبة للبعيد وإلا لا يمكن القول بجواز استقبال طرف من أطراف الحرم أو المسجد وإن لزم الانحراف عن الكعبة انحرافا كثيرا.

وهذا هو المراد بما نسب إلى جماعة من أن الكعبة هي القبلة للقريب وجهتها للبعيد ، فالمراد بالجهة هي أن استقبال عين القبلة للبعيد متّسع بحيث لو استقبل جهتها لاستقبل القبلة ، ولذا فسّر المحقق في المعتبر الجهة بأنها السمت الذي فيه الكعبة ، وفي التذكرة والنهاية أنها ما يظن أنها الكعبة.

(٢) أي حكم الشاهد وهو القريب من الكعبة ولكن لا يراها لمانع من حائط وغيره.

(٣) أي بحكم غير المشاهد وهو مشاهد أو قريب.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القبلة حديث ٨ و ١٠.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب القبلة حديث ١ و ٤.


وليست الجهة للبعيد محصلة عين الكعبة (١) وإن كان البعد عن الجسم يوجب اتساع جهة محاذاته (٢) ، لأن ذلك لا يقتضي استقبال العين ، إذ لو أخرجت خطوط متوازية من مواقف البعيد المتباعدة المتفقة الجهة (٣) على وجه يزيد على جرم الكعبة لم تتصل الخطوط أجمع بالكعبة ضرورة ، وإلا لخرجت عن كونها متوازية.

وبهذا يظهر الفرق بين العين والجهة ، ويترتّب عليه بطلان صلاة بعض الصفّ المستطيل زيادة من قدر الكعبة لو اعتبر مقابلة العين (٤).

والقول بأن البعيد فرضه الجهة (٥) أصحّ القولين في المسألة ، خلافا للأكثر حيث جعلوا المعتبر للخارج عن الحرم استقباله (٦) ، استنادا إلى روايات ضعيفة.

ثم إن علم البعيد بالجهة بمحراب معصوم أو اعتبار رصديّ (٧) وإلا عوّل على العلامات المنصوبة لمعرفتها نصا (٨) أو استنباطا.

(وعلامة) أهل (العراق ومن في سمتهم) (٩) كبعض أهل خراسان ممن يقاربهم في طول بلدهم (١٠) (جعل المغرب على الأيمن والمشرق على الأيسر) (١١)

______________________________________________________

(١) وهذا غير لازم بل اللازم أن يكون التوجه إلى الجهة موجبا للتوجه إلى الكعبة عرفا.

(٢) أي محاذاة الجسم.

(٣) كصفوف الجماعة التي يزيد طولها على جرم الكعبة.

(٤) فاستقبال الكعبة للبعيد لا يجب أن يكون في محاذاتها بحيث لو خرج منه خط مستقيم لوجب أن يمرّ في جزء من أجزاء الكعبة ، بل استقبالها أن يكون متوجها نحوها عرفا وإن لم يكن بينهما خط مستقيم كما في استقبال الكواكب والأجرام السماوية والأماكن البعيدة.

(٥) بالمعنى المتقدم بحيث يكون استقبال الجهة موجبا لاستقبال الكعبة عرفا فهو راجع إلى استقبال القبلة ولو للبعيد.

(٦) أي استقبال الحرم.

(٧) كما لو علم بزوال الشمس في مكة وهو في بلده في يوم تكون الشمس مسامتة لأهل مكة كما تقدم فتكون جهة الشمس هي جهة الكعبة بالنسبة إليه.

(٨) أي الواردة في الأخبار وسيأتي التعرض لها.

(٩) بحيث يكون سمت قبلتهم متحدا مع سمت قبلة أهل العراق.

(١٠) وكذا بالنسبة لخطوط العرض حتى يتفقان في سمت واحد بالنسبة للتوجه إلى القبلة.

(١١) ولازمه أن يكون قبلتهم نقطة الجنوب ، مع أن الاختيار يقتضي بانحراف قبلة بعض أهل ـ


(والجدي) (١) حال غاية ارتفاعه أو انخفاضه (٢) (خلف المنكب الأيمن) (٣) وهذه العلامة (٤) ورد بها النصّ خاصة علامة للكوفة (٥) وما ناسبها ، وهي موافقة

______________________________________________________

العراق عن الجنوب إلى المغرب بمقدار غير يسير ، بل غالبهم إلا قبلة أهل الموصل وسنجار وهو نادر وقليل. واعلم أن هذه العلامة مستخرجة من علم الهيئة فالأولى اتباع الطرق العلمية المنتشرة في عصرنا كالبوصلة أو معرفة خطوط الطول والعرض لبلد المصلي مع معرفة خطوط الطول والعرض لمكة زادها الله شرفا ثم معرفة القبلة بالنظر إليهما.

(١) بإسكان الدال ، وقيل يصغّره أهل الهيئة فرقا بينه وبين البرج ، وقد أنكر ابن إدريس تصغيره وأنه سأل إمام اللغة في بغداد عن ذلك فقال : لا يصغّر.

(٢) وتقييده بهذين. لما قيل. أنه في هاتين الحالتين يكون محاذيا للقطب وعلى خط نصف النهار المار بالقطبين.

(٣) لأن قبلة أهل العراق منحرفة عن الجنوب إلى المغرب فوجب أن يكون منحرفا من بين المنكبين إلى خلف المنكب الأيمن.

(٤) يعني الجدي خلف المنكب الأيمن.

(٥) ما ورد هو : موثق محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن القبلة فقال عليه‌السلام : ضع الجدي في قفاك وصل) (١) ، ومرسل الصدوق : (قال رجل للصادق عليه‌السلام : إني أكون في السفر ولا أهتدي إلى القبلة بالليل ، فقال : أتعرف الكوكب الذي يقال له جدي؟ قلت : نعم ، قال : اجعله على يمينك ، وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك) (٢).

وخبر إسماعيل بن أبي زياد السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) ، قال : الجدي لأنه نجم لا يزول وعليه بناء القبلة وبه يهتدي أهل البر والبحر) (٣) ونحوه خبره الآخر (٤).

فالأخبار لم تذكر إلا الجدي علامة وقد حمل الخبر الأول على أنه علامة لأهل العراق لأن السائل منهم مع أن التوجه مع جعل الجدي في القفا أي بين المنكبين يستلزم التوجه لنقطة الجنوب لأن الجدي على خط نصف النهار المار بالقطبين ومن الواضح أن قبلة أهل العراق منحرفة عن الجنوب إلى المغرب إلا في بعض بلادها كالموصل وسنجار وعليه فلا يمكن الأخذ بإطلاق الخبر ، وقد حمل ما ورد في مرسل الصدوق من جعل الجدي على ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القبلة حديث ١ و ٢ و ٣ و ٤.


للقواعد المستنبطة من الهيئة وغيرها (١) فالعمل بها متعيّن في أوساط العراق مضافا إلى الكوفة كبغداد والمشهدين والحلة.

وأما العلامة الأولى : فإن أريد فيها بالمغرب والمشرق الاعتداليان (٢). كما صرح به المصنف في البيان ، أو الجهتان اصطلاحا وهما (٣) المقاطعتان لجهتي الجنوب والشمال بخطّين بحيث يحدث عنهما زوايا قوائم. كانت (٤) مخالفة للثانية (٥) كثيرا ، لأن الجدي حال استقامته (٦) يكون على دائرة نصف النهار المارّة بنقطتي الجنوب والشمال ، فجعل المشرق والمغرب على الوجه

______________________________________________________

اليمين بأنه علامة على أواسط العراق كالكوفة وبغداد فقط مع أنه غير ظاهر من الخبر بالإضافة إلى أن هذا الوارد من الأخبار مع إجماله لا يكفي في تعيين القبلة لكل بلد فلذا ذكر الفقهاء علامات مستخرجة من علم الهيئة للبلاد الإسلامية المعروفة ، قال في الجواهر : «إن أكثر العلامات المذكورة في كتب الأصحاب أو جميعها مستخرجة من علم الهيئة» ، فاللازم هو اتباع الطرق المقررة اليوم لأنها أثبت وأدقّ.

(١) كالتجربة والاختبار.

(٢) بحيث إذا وضعا على اليمين والشمال فيكون مستقبلا لنقطة الجنوب فيلزم منه مخالفة ما هو المشاهد من انحراف قبلة أهل العراق عن الجنوب إلى المغرب بمقدار غير يسير ، ويلزم منه مخالفة وضع الجدي خلف المنكب الأيمن لما عرفت أن الجدي على خط نصف النهار المار بالقطبين إذا وضع بين الكتفين ، فإذا وضع خلف المنكب الأيمن فلازمه الانحراف عن الجنوب نحو المغرب وهذا ما ذكره الشارح مفصلا في الشرح.

(٣) أي الجهتان اصطلاحا ، واعلم بأنه لا فرق بين الاعتداليين والجهتين الاصطلاحيتين من ناحية التوجه إلى الجنوب في كليهما ، إلا أن الجهتين اصطلاحا قد فسرها الشارح ، وأما الاعتداليان فهما مشرق الشمس ومغربها في الأيام الاعتدالية وهي يومان من أيام السنة ، فمن كان ساكنا على خط الاستواء فاليوم الاعتدالي الأول هو اليوم الذي تشرق الشمس وتغرب على هذا الخط في أول فصل الربيع عند ما تكون صاعدة واليوم الاعتدالي الثاني هو اليوم الذي تشرق الشمس وتغرب على خط الاستواء في أول فصل الخريف عند ما تكون نازلة.

(٤) أي العلامة الأولى من جعل المغرب على اليمين والمشرق على اليسار.

(٥) أي للجدي حال كونه في غاية ارتفاعه أو انخفاضه خلف المنكب الأيمن.

(٦) واستقامته إنما تكون في غاية ارتفاعه أو انخفاضه.


السابق (١) على اليمين واليسار يوجب جعل الجدي بين الكتفين قضية للتقاطع ، فإذا اعتبر كون الجدي خلف المنكب الأيمن (٢) لزم الانحراف بالوجه عن نقطة الجنوب نحو المغرب كثيرا ، فينحرف بواسطته (٣) الأيمن (٤) عن المغرب نحو الشمال والأيسر عن المشرق نحو الجنوب ، فلا يصحّ جعلهما معا علامة لجهة واحدة ، إلّا أن يدّعى اغتفار هذا التفاوت ، وهو بعيد (٥) خصوصا مع مخالفة العلامة للنص (٦) والاعتبار (٧) فهي (٨) إما فاسدة الوضع أو تختصّ ببعض جهات العراق ، وهي أطرافه الغربية. كالموصل وما والاها. فإن التحقيق أن جهتهم نقطة الجنوب ، وهي موافقة لما ذكر في العلامة (٩).

ولو اعتبرت العلامة المذكورة غير مقيّدة بالاعتدال ولا بالمصطلح بل بالجهتين العرفيتين (١٠) انتشر الفساد كثيرا (١١) ، بسبب الزيادة (١٢) فيهما (١٣) والنقصان

______________________________________________________

(١) من الاعتداليين أو الجهتين اصطلاحا.

(٢) كما هو قضية التحديد في العلامة الثانية.

(٣) أي بسبب انحراف الوجه عن الجنوب نحو المغرب.

(٤) أي الجانب الأيمن.

(٥) إذ يجب التوجه نحو القبلة حتى للبعيد ولا يمكن التوجه نحوها بخطين مختلفين من نقطة واحدة.

(٦) وهو موثق ابن مسلم المتقدم حيث حملت العلامة فيه على قبلة أهل الكوفة وما ناسبها لأن السائل منها وقد جعل الجدي بين الكتفين لا خلف المنكب الأيمن.

(٧) لأن لازم العلامة الأولى استقبال نقطة الجنوب والشاهد انحراف قبلة أهل الكوفة عن الجنوب إلى المغرب.

(٨) أي العلامة الأولى.

(٩) أي العلامة الأولى.

(١٠) الشاملتين لكل مطالع الشمس ومغاربها.

(١١) لاختلاف مطالع الشمس ومغاربها اختلافا يصلى إلى سبع وأربعين درجة.

(١٢) أي زيادة الانحراف.

(١٣) في الجهتين العرفيتين.


الملحق (١) لهما (٢) تارة بعلامة الشام وأخرى بعلامة العراق وثالثة بزيادة عنهما (٣) ، وتخصيصهما (٤) حينئذ بما يوافق الثانية يوجب سقوط فائدة العلامة.

وأما أطراف العراق الشرقية كالبصرة وما والاها من بلاد خراسان فيحتاجون إلى زيادة انحراف نحو المغرب عن أوساطها قليلا ، وعلى هذا القياس (٥) (وللشّام) من العلامات (جعله) أي الجدي في تلك الحالة (٦) (خلف الأيسر) (٧) الظاهر من العبارة كون الأيسر صفة للمنكب بقرينة ما قبله ، وبهذا صرّح في البيان ، فعليه يكون انحراف الشامي عن نقطة الجنوب مشرقا بقدر انحراف العراقيّ عنها مغربا. والذي صرّح به غيره. ووافقه المصنف في الدروس وغيرها. أن الشامي يجعل الجدي خلف الكتف (٨) لا المنكب ، وهذا هو الحقّ الموافق للقواعد ، لأن انحراف الشامي أقلّ من انحراف العراقيّ المتوسط (٩) ، وبالتحرير التام (١٠) ينقص الشامي عنه جزءين من تسعين جزءا مما بين الجنوب والمشرق أو المغرب (١١).

(وجعل سهيل) أول طلوعه (١٢). وهو بروزه عن الأفق. (بين العينين) لا

______________________________________________________

(١) صفة للزيادة والنقصان.

(٢) للجهتين العرفيتين.

(٣) عن علامتي الشام والعراق بالانحراف نحو المغرب كثيرا.

(٤) أي تخصيص الجهتين العرفيتين.

(٥) فكلما ازدادت البلاد الشرقية في الطول شرقا ازدادت انحرافا نحو الغرب حتى يستقبلون عين المغرب في مقام التوجه نحو القبلة.

(٦) أي في غاية ارتفاعه أو انخفاضه عند ما يكون محاذيا لخط نصف النهار.

(٧) كما ذكره جماعة.

(٨) والكتف أقرب إلى ما بين الكتفين من المنكب.

(٩) الذي يسكن أواسط العراق كالكوفة وبغداد.

(١٠) كتاب في علم الهيئة.

(١١) ففي الجواهر : «وذلك لأن بين نقطة الجنوب والمشرق تسعين جزءا ، وبينها وبين نقطة المغرب تسعين جزءا أيضا ، وانحراف الشامي نحو المشرق أحد وثلاثون جزءا من التسعين وانحراف العراقي نحو المغرب ثلاثة وثلاثون جزءا فينقص الشامي عن العراقي جزءين».

(١٢) لأنه يكون منحرفا عن الجنوب إلى المشرق وكلما أخذ في الارتفاع مال إلى الغرب حتى يصل إلى غاية ارتفاعه فيكون على دائرة نصف النهار.


مطلق كونه (١) ولا غاية ارتفاعه (٢) ، لأنه في غاية الارتفاع يكون مسامتا للجنوب ، لأن غاية ارتفاع كل كوكب يكون على دائرة نصف النهار المسامتة له (٣) كما سلف (٤).

(وللمغرب) والمراد به بعض المغرب كالحبشة والنّوبة لا المغرب المشهور (٥) (جعل الثريّا والعيّوق) عند طلوعهما (على يمينه وشماله) الثريا على اليمين ، والعيّوق على اليسار. وأما المغرب المشهور فقبلته تقرب من نقطة المشرق وبعضها يميل عنه نحو الجنوب يسيرا.

(واليمن مقابل الشام) ولازم المقابلة أن أهل اليمن يجعلون سهيلا طالعا بين الكتفين مقابل جعل الشامي له بين العينين ، وأنهم يجعلون الجدي محاذيا لأذنهم اليمنى ، بحيث يكون مقابلا للمنكب الأيسر فإن مقابله يكون إلى مقدّم الأيمن (٦) ، وهذا مخالف لما صرح به المصنف في كتبه الثلاثة وغيره من أن اليمني يجعل الجدي بين العينين وسهيلا غائبا بين الكتفين فإن ذلك. يقتضي كون اليمن مقابلا للعراق (٧) لا للشام.

ومع هذا الاختلاف فالعلامتان مختلفتان أيضا ، فإنّ جعل الجدي طالعا (٨) بين العينين يقتضي استقبال نقطة الشمال (٩) ، وحينئذ فتكون نقطة الجنوب بين الكتفين ، وهي (١٠) موازية لسهيل في غاية ارتفاعه (١١) كما مر لا غائبا (١٢).

______________________________________________________

(١) كما يظهر من عبارة الماتن في اللمعة.

(٢) كما نسب للشهيد أيضا على ما في الجواهر.

(٣) للكوكب.

(٤) في الجدي.

(٥) الشامل لتونس وما بعدها من البلاد الغربية فإن قبلتهم تقرب من نقطة المشرق مع ميل يسير إلى الجنوب.

(٦) أي المنكب الأيمن المحاذي للأذن اليمنى.

(٧) أي لبعضهم وإلا فقد عرفت أن بعضهم يجعله خلف المنكب الأيمن.

(٨) أي حال استقامته.

(٩) لأن الجدي حال استقامته يكون على خط نصف النهار.

(١٠) أي نقطة الجنوب.

(١١) لأنه في هذه الحال يكون على خط نصف النهار.

(١٢) لأن سهيلا عند الغروب يكون مائلا عن الجنوب إلى الغرب.


ومع هذا (١) فالمقابلة (٢) للعراقي (٣) لا للشاميّ ، هذا بحسب ما يتعلق بعباراتهم وأما الموافق للتحقيق : فهو أن المقابل للشام من اليمن هو صنعاء وما ناسبها وهي لا تناسب شيئا من هذه العلامات (٤) ، وإنما المناسب لها (٥) عدن وما والاها فتدبر (٦).

(و) يجوز أن (يعوّل على قبلة البلد) (٧) من غير أن يجتهد (٨) (إلا مع علم الخطأ) فيجب حينئذ الاجتهاد ، وكذا يجوز الاجتهاد فيها (٩) تيامنا وتياسرا وإن لم يعلم الخطأ (١٠)

______________________________________________________

(١) الاختلاف بين العلامتين.

(٢) أي مقابلة اليمين.

(٣) في الجملة.

(٤) أي من جعل سهيل بين الكتفين طالعا وجعل الجدي مقابل الأذن اليمنى.

(٥) لهذه العلامات المذكورة.

(٦) واعلم أن هذه العلامات مستخرجة من علم الهيئة القديم ويجب اتباع علم الهيئة الحديث لأنه أدق وأوسع.

(٧) الاعتماد على قبلة بلد المسلمين في صلاتهم ومحاريبهم وقبورهم مما عليه السيرة القطعية ، وهذا بحال عدم التمكن من العلم كما هو ظاهر المنتهى ، بل هو ظاهر قول غالبهم ، وعن الجواهر أنه يعم صورة التمكن من العلم ، ولا دليل له لأن الاعتماد على قبلة بلد المسلمين من الأمارات المفيدة للظن فلو أمكن تحصيل العلم فلا يجوز ذلك الاعتماد.

نعم إن الاعتماد على قبلة بلد المسلمين إذا لم يعلم بناؤها على الغلط مما يفيد الاطمئنان وهو علم عادي عند العرف.

(٨) كما عن الذكرى وجامع المقاصد ، وهو غير ظاهر الوجه ولذا ذهب الشيخ في المبسوط وغيره إلى وجوب الرجوع إلى الأمارات إذا ظن بعدم صحة قبلة البلد بلا فرق بين أن يكون الظن على خلافها أو بمجرد التيامن أو التياسر.

(٩) في قبلة البلد.

(١٠) ذهب الشهيد في الذكرى وتبعه جماعة على أنه لا يجوز الاجتهاد في قبلة البلد من ناحية الجهة ويجوز في التيامن والتياسر فقال في الذكرى : «ولا يجوز الاجتهاد في الجهة قطعا ، وهل يجوز في التيامن والتياسر ، الأقرب جوازه لأن الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق واتفاقهم ممتنع ، أما الخطأ في التيامن والتياسر فغير بعيد».


والمراد بقبلة البلد محراب مسجده وتوجّه قبوره (١) ونحوه (٢) ، ولا فرق بين الكبير (٣) والصغير. والمراد به بلد المسلمين ، فلا عبرة بمحراب المجهولة (٤) كقبورها ، كما لا عبرة بنحو القبر والقبرين للمسلمين ، ولا بالمحراب المنصوب في طريق قليلة المارّة منهم.

(فلو فقد الأمارات) الدالّة على الجهة المذكورة (٥) هنا وغيرها (٦) (قلّد) العدل (٧) العارف بها رجلا كان أم امرأة حرا أم عبدا.

______________________________________________________

وظاهر كلماتهم أن النزاع في إمكان تحصيل ظن أقوى من الظن الحاصل من استقرار سيرة المسلمين ، وعليه فمن الممكن اختلاف ذلك باختلاف الموارد أما الجزم بعدم الخطأ في قبلة البلد من ناحية الجهة دون التيامن والتياسر فليس في محله.

(١) قبور البلد.

(٢) كالجهة التي يوجّهون إليها ذبحاءهم.

(٣) أي البلد الكبير.

(٤) أي البلد المجهولة أنها من بلاد المسلمين.

(٥) صفة للأمارات.

(٦) مما لم يذكره المصنف وقد ذكرها الفقهاء في مطولاتهم والمستخرجة من قواعد علم الهيئة.

(٧) اعلم أن المدار على العلم بالقبلة فإن تعذر فلا بد من التنزّل إلى الظن للأمر بالتحري في بعض الأخبار كما ستأتي الإشارة إليه ، وعليه الأخذ بالأقوى ثم القوي ثم الضعيف بلا فرق بين أسباب الظن سواء حصل من الأمارات المذكورة أم من تقليد العارف بها سواء كان كافرا أو فاسقا ، بل لو أخبر العدل ولم يحصل الظن بقوله فلا يجوز الاعتماد عليه ولو أخبر الفاسق أم الكافر وحصل الظن بقوله لكونه من أهل الخبرة فيجوز بل يجب الاعتماد عليه هذا كله بحسب مقتضى القواعد ، غير أن الأكثر اشترطوا عدالة المخبر لعدم جواز الركون إلى نبأ الفاسق ، وعن نهاية الأحكام والمختلف للعلامة اشتراط كونه بالغا ، وعن المختلف أيضا اشتراط الذكورية ، وفي الكل تأمل ما دام المدار على الظن الحاصل من خبره ، فإذا حصل الظن جاز الاعتماد على قوله رجلا كان أم امرأة بالغا كان أم صغيرا ، حرا كان أم عبدا.

هذا والأكثر اشترطوا الرجوع إلى العلامات أولا ثم إلى الاعتماد على قول الغير ثانيا ، وعن الشيخ في الخلاف أنه مع فقد الأمارات يجب الصلاة إلى الأربع جهات مع عدم جواز الاعتماد على قول الغير ، وفي المنع من الاعتماد على قول الغير كما في الأخير ومن وجوب الرجوع إلى الأمارات أولا كما في الأول ضعف ظاهر لأن المدار على ـ


ولا فرق بين فقدها (١) لمانع من رؤيتها كغيم ورؤيته (٢) كعمّى وجهل بها كالعامّي مع ضيق الوقت عن التعلم على أجود الأقوال (٣) وهو الذي يقتضيه إطلاق العبارة ، وللمصنف وغيره في ذلك اختلاف.

ولو فقد التقليد (٤) صلّى إلى أربع جهات متقاطعة

______________________________________________________

العمل بالظن من أي سبب كان إلا أن يقال إن الأمارات تفيد ظنا أقوى من الظن الحاصل من الاعتماد على قول الغير ، وهو على إطلاقه ضعيف إذ يختلف باختلاف الموارد كما هو واضح لذي عينين.

(١) أي فقد الأمارات.

(٢) أي ولمانع من رؤيته.

(٣) فمن فقد الأمارات لمانع من رؤيتها فقد ذهب المصنف في البيان والعلامة في المختلف والقواعد إلى جواز الرجوع إلى الغير ، وذهب العلامة في الكثير من كتبه والمصنف في الذكرى إلى وجوب الصلاة إلى أربع جهات مع عدم جواز التقليد في حقه ، وأما من كان أعمى فقد ذهب المشهور إلى جواز التقليد في حقه ومنع الشيخ من التقليد وأوجب عليه الصلاة إلى أربع جهات.

وأما العامي فحكم عليه الشيخ بالصلاة إلى أربع جهات والتقليد ساقط في حقه ، وغيره ذهب إلى جواز التقليد مع ضيق الوقت عن التعلّم وإلا فيجب عليه التعلّم لتحصيل شرائط الواجب العيني.

وهذا كله ساقط لجواز التنزل إلى الظن عند فقد العلم ، فالمدار على الظن من أي سبب والمنع عن بعض أسباب الظن دون البعض الآخر ليس في محله ، والقول بأن الاعتماد على التقليد لا يفيد ظنا مجازفة واضحة.

(٤) المتحيّر وهو الفاقد للعلم بالقبلة ، والفاقد للظن بها عند تعذر الأمارات والتقليد وبقية أسباب الظن ، وحكمه الصلاة إلى أربع جهات ويدل عليه مرسل خراش عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال عليه‌السلام : ليس كما يقولون إذا كان ذلك فليصل لأربع وجوه) (١) ، ومرسل الكافي : (روي أيضا أن المتحيّر يصلي إلى أربعة جوانب) (٢) ، ومرسل الفقيه : (روي في من لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أنه يصلي إلى أربعة جوانب) (٣) بالإضافة إلى موافقة قواعد الاحتياط بالصلاة إلى أربع جهات.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القبلة حديث ٥ و ٤ و ١.


على زوايا قوائم (١) مع الإمكان (٢) فإن عجز اكتفى بالممكن. والحكم بالأربع حينئذ (٣) مشهور ، ومستنده ضعيف واعتباره حسن (٤) ، لأنّ الصلاة كذلك (٥)

______________________________________________________

وذهب جماعة من المتأخرين كالأردبيلي والعلامة والشهيد في الذكرى إلى الاكتفاء بالصلاة لجهة واحدة بل ونسب إلى العماني والصدوق لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يجزي المتحيّر أبدا أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة) (١) ، ومرسل ابن أبي عمير عن زرارة : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قبلة المتحيّر فقال عليه‌السلام : يصلي حيث يشاء) (٢).

وحمل المشهور الطائفة الثانية على عدم سعة الوقت فيختار جهة ويصلي إليها جمعا بين النصوص ، وعن السيد ابن طاوس في كتابه أمان الأخطار من الرجوع إلى القرعة لأنها لكل أمر مشكل وهذا منها ، وفيه : إنه طرح لنصوص الطرفين من غير وجه ظاهر.

(١) حتى يقطع بيقين الاستقبال في أحدها ، أو يقطع بأن القبلة لم تخرج عن حد اليمين واليسار بالنسبة لواحدة منها ، أما مع قطعه الأول فتصح الصلاة وهو ظاهر ، وأما مع قطعه الثاني فتصح الصلاة لأن الجاهل إذا صلى إلى جهة ثم تبيّن عدم خروج القبلة عن حد اليمين والشمال فصلاته صحيحة لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا ، فقال عليه‌السلام له : قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة) (٣) ، ونزلت هذه الآية في قبلة المتحيّر : (وَلِلّٰهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ) ، وخبر الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (من صلى على غير القبلة وهو يرى أنه على القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا إعادة عليه إذا كان فيما بين المشرق والمغرب) (٤) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا صلاة إلا إلى القبلة ، قلت : أين حد القبلة؟ قال عليه‌السلام : ما بين المشرق والمغرب قبلة كله) (٥) هذا كله على المشهور وسيأتي للبحث تتمة فانتظر.

(٢) متعلق بقوله : «صلى إلى أربع جهات» والمراد به سعة الوقت.

(٣) أي حين الإمكان.

(٤) لموافقته للاحتياط.

(٥) إلى الجهات الأربع.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القبلة حديث ٢ و ٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القبلة حديث ١ و ٥ و ٢.


تستلزم إما القبلة أو الانحراف عنها بما لا يبلغ اليمين واليسار ، وهو موجب للصحة مطلقا (١) ، ويبقى الزائد (٢) عن الصلاة الواحدة واجبا من باب المقدمة ، لتوقف الصلاة إلى القبلة أو ما في حكمها (٣) الواجب (٤) عليه (٥) كوجوب الصلاة الواحدة في الثياب المتعدّدة المشتبهة بالنجس لتحصيل الصلاة في واحد طاهر ، ومثل هذا يجب بدون النصّ ، فيبقى النصّ له شاهدا وإن كان مرسلا.

وذهب السيد رضيّ الدين بن طاوس (رحمه‌الله) هنا إلى العمل بالقرعة استضعافا لسند الأربع (٦) مع ورودها لكل أمر مشتبه ، وهذا منه وهو نادر (٧).

(ولو انكشف الخطأ بعد الصلاة) بالاجتهاد أو التقليد حيث يسوغ (٨) أو ناسيا للمراعاة (لم يعد ما كان بين اليمين واليسار) (٩) أي ما كان دونهما إلى جهة

______________________________________________________

(١) سواء بقي الاشتباه أم انتفى وظهرت المخالفة فيما بين اليمين والشمال في داخل الوقت أم خارجه.

(٢) الزائد عن الصلاة التي وقعت باتجاه القبلة.

(٣) أي حكم القبلة ، وهو ما بين المشرق والمغرب كما تقدم.

(٤) صفة للصلاة والمعنى : لتوقف فعل الصلاة الواجب.

(٥) أي على الزائد.

(٦) فإذا جاز تركه لضعفه فسند الاكتفاء بجهة ما من دون القرعة صحيح فلا داعي لتركه.

(٧) أي وهذا المورد من موارد القرعة نادر لأن القرعة غالبا في المعاملات عند تعذر إجراء الأصول كلها.

(٨) أي التقليد بناء على عدم جواز التقليد إلا عند فقد الأمارات الموجبة للظن.

(٩) على المشهور وقد تقدم مستنده ، وذهب المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط والخلاف والنهاية وبنو حمزة وزهرة وإدريس في الوسيلة والغنية والسرائر إلى وجوب الإعادة في الوقت إذا صلى لغير القبلة باجتهاده لصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك أنك صليت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد ، وإن فاتك الوقت فلا تعد) (١) ، وصحيح يعقوب بن يقطين : (سألت عبدا صالحا عليه‌السلام عن رجل صلى في يوم سحاب على غير القبلة ثم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القبلة حديث ١.


القبلة وإن قل (ويعيد ما كان إليهما) (١) محضا (في وقته) لا خارجه.

(والمستدبر) وهو الذي صلى إلى ما يقابل سمت القبلة الذي تجوز الصلاة إليه (٢) اختيارا (يعيد ولو خرج الوقت) (٣) على المشهور ، جمعا بين الأخبار الدالّ

______________________________________________________

طلعت الشمس وهو في وقت أيعيد الصلاة إذا كان قد صلى على غير القبلة وإن كان قد تحرى القبلة بجهده أتجزيه صلاته؟ فقال عليه‌السلام : يعيد ما كان في وقت ، فإذا ذهب الوقت فلا إعادة عليه) (١) ونحوهما غيرهما ، والجمع العرفي يقتضي أن يكون وجوب الإعادة إذا صلى إلى غير القبلة مستدبرا.

وعن بعض أنه لو استبان له أنه قد صلى على غير القبلة فتجب الإعادة في داخل الوقت للنصوص المتقدمة ، ويجب القضاء خارجه لخبر معمر بن يحيى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبينت القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال عليه‌السلام : يعيدها قبل أن يصلي هذه التي قد دخل وقتها) (٢) ، وفيه : مع ضعف سنده وإعراض المشهور عنه يمكن حمله على إرادة وقت الفضيلة من الصلاة الثانية فتكون هذه الرواية متطابقة مع الطائفة الثانية الحاكمة بوجوب الإعادة داخل الوقت وقد عرفت أنها محمولة على استدبار القبلة.

(١) أي إلى اليمين واليسار في داخل الوقت دون خارجه ، أما الإعادة داخل الوقت لما دل على اعتبار القبلة في الصلاة من دون دليل يوجب شمول القبلة لهما بالنسبة للمتحيّر ، إذ الوارد أن قبلة المتحيّر ما بين المشرق والمغرب ، وغيره يكون خارجا.

وأما عدم القضاء في خارج الوقت فهو المشهور ومستندهم الأخبار المتقدمة الدالة على القضاء داخل الوقت دون خارجه وقد عرفت أنها محمولة على غير قبلة المتحيّر مما بين اليمين واليسار.

(٢) إلى سمت القبلة.

(٣) أمّا لو استدبر القبلة ثم تبين الخلاف فإن كان في داخل الوقت يعيد بالاتفاق لما دل على اعتبار القبلة في الصلاة ، وإن كان خارج الوقت فلا يجب القضاء كما عن السيد والحلي والعلامة والشهيد في جملة من كتبهما ، وكذا عن الميسي والشهيد الثاني وجماعة أخذا بالأخبار المتقدمة الدالة على القضاء داخل الوقت دون خارجه وقد عرفت أنها محمولة على غير قبلة المتحيّر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القبلة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القبلة حديث ٥.


أكثرها على إطلاق الإعادة في الوقت (١) ، وبعضها على تخصيصه (٢) بالمتيامن والمتياسر (٣) وإعادة (٤) المستدبر مطلقا.

______________________________________________________

وذهب الشيخان وسلار وابن زهرة والعلّامة في بعض كتبه وكذا الشهيد في اللمعة والشهيد الثاني في الروضة إلى وجوب القضاء بل نسبه الأخير إلى المشهور كما في الشرح وليس لهم شاهد إلا خبر معمر بن يحيى المتقدم ومرسل الشيخ في النهاية : (ورويت رواية أنه إذا كان صلى إلى استدبار القبلة ثم علم بعد خروج الوقت وجب عليه إعادة الصلاة) (١).

هذا والأول قد عرفت إمكان حمله على وقت فضيلة الأخرى لا على خروج وقت الأولى ، والثاني ضعيف جدا لاحتمال أن يكون الشيخ قد نقل مضمون الرواية إذ ما عدا النهاية من كتب الشيخ محكي عنه العدم ، نعم قال الشيخ في النهاية بعد قوله السابق : «وهذا هو الأحوط وعليه العمل» وهو ظاهر في الاعتماد عليه من جهة الاحتياط ولا بأس به.

(١) فتحمل على المستدبر.

(٢) أي تخصيص الحكم بالإعادة.

(٣) وهي الأخبار التي دلت على عدم إعادة من صلى بين المشرق والمغرب فلازمها أن من صلى إلى المشرق والمغرب يعيد صلاته في داخل الوقت دون خارجه جمعا بينها وبين الطائفة التي دلت على مطلق الإعادة داخل الوقت دون خارجه.

(٤) عطف على تخصيصه والمعنى وبعضها على إعادة المستدبر مطلقا ، والمراد بالإطلاق سواء كان داخل الوقت أم خارجه ، وفيه : لا يوجد خبر قد نص على إعادة المستدبر مطلقا إلا مرسل النهاية وقد عرفت أنه وارد في القضاء فقط ، وإلا خبر معمر بن يحيى وهو صريح في القضاء.

نعم يظهر من المسالك أن مراده من الخبر الدال على المستدبر مطلقا هو موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل صلى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته قال : إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه إلى القبلة ساعة يعلم ، وإن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم يحوّل وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة) (٢) حيث قال في المسالك : «لأن الخبر الدال على إعادة المستدبر مطلقا عبّر عنه بلفظ دبر القبلة» وهذا اللفظ لم يرد إلا في الموثّق المتقدم ، وفيه : إنه صريح في داخل

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القبلة حديث ١٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القبلة حديث ٤.


والأقوى الإعادة في الوقت مطلقا (١) لضعف مستند التفصيل (٢) الموجب لتقييد الصحيح (٣) المتناول بإطلاقه موضع النزاع (٤) ، وعلى المشهور كلّ ما خرج عن دبر القبلة إلى أن يصل إلى اليمين واليسار يلحق بهما (٥) ، وما خرج عنهما نحو القبلة يلحق بها (٦).

______________________________________________________

الوقت لا في خارجه ، وقد يحمل على ما لو صلى في آخر الوقت ولم يبق إلا مقدار ركعة ثم علم بأنه مستدبر القبلة بعد إدراك الركعة فيكون قد خرج الوقت ، وهو أقرب إلى التمحّل منه إلى الظهور على أنه لا يسمى قضاء لأنه أدرك من الوقت ركعة فلا يكون الخبر دالا على داخل الوقت وخارجه معا.

(١) للمتيامن والمتياسر والمستدبر وغيرهم ممن كانت قبلته إلى ما بين المشرق والمغرب.

(٢) وهو ما دل على عدم إعادة من صلى ما بين المشرق والمغرب ، وفيه : إن الأخبار الدالة على هذا التفصيل كثيرة منها صحيح السند كصحيح معاوية بن عمار (١) وصحيح زرارة المتقدمين (٢).

(٣) وهي الأخبار الدالة على وجوب الإعادة داخل الوقت دون خارجه لمن استبان أنه صلى على غير القبلة وقد تقدم بعضها كصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٣) وصحيح يعقوب بن يقطين (٤).

(٤) وهو من صلى ثم علم في داخل الوقت أن قبلته ما بين اليمين واليسار.

(٥) أي باليمين واليسار ، وتمسك الشارح لذلك بخبر عمار المتقدّم حيث ورد فيه : (وإن كان متوجها إلى دبر القبلة) فقال في المسالك : «وما كان منه بين خط الاستدبار وخط اليمين واليسار فهو بحكم اليمين واليسار لا الاستدبار ، وإنما كان كذلك لأن الخبر الدال على إعادة المستدبر مطلقا عبّر فيه بلفظ دبر القبلة وهو لا يتحقق إلا بما ذكر» وفيه : إن الاستدبار عرفا يشمل موضع النزاع وهذا كاف ، ثم ما نسبه إلى المشهور من كون موضوع الاستدبار مختصا بما كان في دبر القبلة فقط ليس في محله إذ لم يذهب إليه إلا الشارح في المسالك والفاضل المقداد في التنقيح ، نعم يلحق ما بين اليمين والشمال وبين الاستدبار بهما من ناحية الحكم لا من ناحية الموضوع.

(٦) بالقبلة لأن قبلة المتحيّر ما بين المشرق والمغرب كما تقدم في الأخبار ، ولازمه عدم الإعادة في الوقت وخارجه وهذا ما التزم به المشهور من أن القبلة موضوعا ما بين ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القبلة حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القبلة حديث ١ و ٢.


(الثالث. ستر العورة)

(وهي (١) القبل والدّبر للرجل) (٢) والمراد بالقبل : القضيب والأنثيان وبالدبر :

______________________________________________________

المشرق والمغرب بالنسبة للمتحيّر في محله.

هذا واعلم أن المذكور في النصوص لفظ المشرق والمغرب كما في صحيح معاوية وموثّق عمّار المتقدمين وغيرهما وهو مختص بمن كانت قبلته نقطة الجنوب أو الشمال ، وأما من كانت قبلته نقطة الشرق أو الغرب فقوس الإجزاء في حقه يكون ما بين الشمال والجنوب ولذا عبّر الأكثر بأن قوس الإجزاء للجميع ما بين يمين المصلي ويساره وهو المتعين ، وأما التعبير ما بين المشرق والمغرب في الفتاوى فهو تبعا للنصوص ، والتعبير في النصوص بذلك لأن الراوي قبلته نقطة الجنوب.

واعلم أن نفي القضاء للمتيامن والمتياسر فيما لو تحرى القبلة باجتهاده ثم تبين خطؤه لاختصاص نصوص نفي القضاء بالمجتهد المخطئ ففي خبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده) (١) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة قال : يعيد ولا يعيدون فإنهم قد تحروا) (٢).

فما ورد مطلقا من نفي القضاء لمن تبين خطأ قبلته لا يمكن الاعتماد على إطلاقه لورود هذه النصوص فلا بد من الحكم بالإعادة بالنسبة للناسي أو الغافل أو الجاهل للقواعد الأوّلية من اشتراط استقبال القبلة المقتضية للحكم بالبطلان إلا إذا انكشف مطابقة الواقع.

(١) أي العورة ، واعلم أن البحث مختص بحال الصلاة فالستر في حال الصلاة له كيفية خاصة ويشترط فيه ساتر خاص ويجب مطلقا سواء كان هناك ناظر محترم أم غيره أم لا.

(٢) ويشهد له مرسل الواسطي عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام : (العورة عورتان : القبل والدّبر ، والدبر مستور بالأليتين ، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة) (٣) ، ومرسل الكافي : (فأما الدّبر فقد سترته الأليتان وأما القبل فاستره بيدك) (٤) ، وفي مرسل الصدوق : (الفخذ ليس من العورة) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القبلة حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القبلة حديث ٧.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب الحمام حديث ٢ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب الحمام حديث ٤.


المخرج لا الأليان في المشهور (١) (وجميع البدن (٢))

______________________________________________________

وعن حاشية الإرشاد للكركي : الأولى إلحاق العجان وهو : ما بين حلقة الدبر إلى أصل القضيب. ، وهو غير ظاهر المستند بل صريح النصوص خروجه عن العورة لأنها قد حددت العورة بالقبل والدبر والبيضتين.

وعن القاضي أن العورة ما بين السرة إلى الركبة لخبر حسين بن علوان عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا زوّج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها ، والعورة ما بين السرة والركبة) (١) وهو لو تم حجيته فمحمول على الاستحباب جمعا بين الأخبار.

(١) قيد لتفسير العورة بالقبل والدبر.

(٢) لا خلاف ولا إشكال في وجوب ستر بدن المرأة في الجملة ويشهد له جملة من النصوص كصحيح علي بن جعفر : (أنه سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن المرأة ليس لها إلا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال عليه‌السلام : تلتف فيها وتغطي رأسها وتصلي فإن خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس) (٢).

وإنما الكلام في مواضع وهي : الشعر ، فعن القاضي ابن البراج عدم وجوب ستره وعن الكفاية التأمل فيه وعن الشهيد في ألفيته التوقف فيه ، وعن المدارك والبحار : «ليس في كلام الأكثر تعرض لذكره» ، بل في المدارك : «ربما ظهر منها. أي عبارات أكثر الأصحاب. أنه غير واجب» فقد ورد في خبر عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلي وهي مكشوفة الرأس) (٣) وهو مهجور عند الأصحاب لوجوب ستره كما في جملة من الأخبار منها : خبر الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صلّت فاطمة في درع وخمارها على رأسها ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها) (٤) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سأله عن أدنى ما تصلي فيه المرأة ، قال عليه‌السلام : درع وملحفة فتنشرها على رأسها وتجلل بها) (٥).

والرأس فعن ابن الجنيد عدم وجوب ستره لخبر ابن بكير المتقدم وقد عرفت أنه مهجور بين الأصحاب.

والعنق فعن الألفية للشهيد التوقف في وجوب ستره ويشهد له خبر الفضيل المتقدم من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٥.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٩.


(عدا الوجه) (١) وهو ما يجب غسله منه في الوضوء (٢) أصالة (والكفين) (٣) ظاهرهما وباطنهما من الزّندين (وظاهر القدمين) (٤) دون باطنهما ، وحدّهما مفصل الساق. وفي الذكرى والدروس ألحق باطنهما بظاهرهما ، وفي البيان استقرب ما هنا ، وهو أحوط (للمرأة) ويجب ستر شي‌ء من الوجه والكف والقدم من باب المقدمة (٥) ، وكذا في عورة الرجل.

والمراد بالمرأة الأنثى البالغة ، لأنها تأنيث «المرء» ، وهو الرجل ، فتدخل فيها الأمة البالغة ، وسيأتي جواز كشفها رأسها. ويدخل الشعر فيما يجب ستره ، وبه قطع المصنف في كتبه ، وفي الألفية جعله أولى.

______________________________________________________

جهة الاقتصار على الشعر والأذنين ، وفيه : إن الاقتصار على الشعر والأذنين بالنسبة لنفي وجوب ستر الوجه لأن العنق مستور بالخمار بحسب الغالب.

(١) بالاتفاق ويشهد له خبر الفضيل المتقدم حيث اقتصر على ستر الشعر والأذنين ، وموثق سماعة : (سألته عن المرأة تصلي متنقبة؟ قال عليه‌السلام : إذا كشفت عن موضع السجود فلا بأس به ، وإن أسفرت فهو أفضل) (١) ، فما عن الوسيلة من الاقتصار على موضع السجود ضعيف ، كضعف ما عن الغنية والجمل والعقود من وجوب ستر البدن من دون استثنائه.

(٢) فالنصوص خالية عن ذكر الوجه ، إلا أن الإجماع قد قام على استثنائه فضلا عما تقدم ، والتحديد العرفي للوجه مطابق للموضوع الشرعي منه.

(٣) للإجماع المدعى عن المختلف والمنتهى والمعتبر وجامع المقاصد والروض والذكرى وغيرها.

(٤) أما استثناء القدمين فعلى المشهور ، وتردد فيه في الشرائع لصحيح علي بن جعفر : (عن المرأة ليس لها إلا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال عليه‌السلام : تلتف فيها وتغطي رأسها وتصلي ، فإن خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس) (٢) ومفهوم ذيله دال على وجوب الستر فلذا تردد.

وأما ظاهرهما فقد نص عليه الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر وابن سعيد في جامعه وغيرهم ، ولا دليل يقتضي هذا التخصيص ، فلذا ذهب إلى تعميم الاستثناء جماعة منهم الشهيد في الدروس وظاهر العلامة في التذكرة والتبصرة وابن إدريس في سرائره.

(٥) أي المقدمة العلمية حتى يقطع بالامتثال.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢.


(ويجب كون الساتر طاهرا) (١) فلو كان نجسا لم تصح الصلاة (وعفي عما مرّ) (٢) من ثوب صاحب القروح والجروح بشرطه (٣) ، وما نجس بدون الدرهم من الدم (٤) (وعن نجاسة) ثوب (المربّية للصبي) (٥) بل لمطلق الولد وهو مورد النصّ ، فكان التعميم أولى (ذات الثوب الواحد) (٦) فلو قدرت على غيره ولو بشراء أو استئجار أو استعارة لم يعف عنه ، وألحق بها المربي (٧) ، وبه (٨) الولد المتعدّد (٩).

______________________________________________________

(١) بالاتفاق للأخبار الكثيرة منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم ، قال عليه‌السلام : إن كان علم أنه أصاب ثوبه جنابة قبل أن يصلي ثم صلى فيه ولم يغسله ، فعليه أن يعيد ما صلى) (١) وقد تقدم الكلام فيه في بحث أحكام النجاسات.

(٢) وقد مرّ في بحث أحكام النجاسات.

(٣) وفي بعض النسخ (بشرطيه) وهما السيلان الدائم أو في وقت لا يسع زمن فواته الصلاة وقد تقدم دليله هناك.

(٤) غير الدماء الثلاثة وقد تقدم الكلام في دليله هناك.

(٥) على المشهور لخبر أبي حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سئل عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ، ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال عليه‌السلام : تغسل القميص في اليوم مرة) (٢) وسنده مشتمل على محمد بن يحيى المعاذي وقد استثناء القميون من كتاب نوادر الحكمة وضعّفه العلامة فلذا توقف الأردبيلي وسيد المدارك وصاحب المعالم في الحكم ، وهو منجبر بعمل الأصحاب.

بلا فرق في المربية بين الأم وغيرها للقطع بعدم الفرق لإسقاط خصوصية الأمومة في حكم نجاسة بول المولود ، وبلا فرق بين الصبي والأنثى لشمول المولود الوارد في الخبر لهما وهو المنسوب إلى أكثر المتأخرين ، وعن الشيخ بل نسب إلى الأكثر تخصيص ذلك بالذكر للشك في شمول المولود للأنثى أو يمنع الشمول كما عن بعض.

(٦) كما هو مورد النص.

(٧) بل نسب المنع إلى الأكثر اقتصارا على مورد النص ، وعن العلامة والشهيدين الإلحاق للقطع بعدم مدخلية المربية في حكم بول المولود حتى يقتصر عليها.

(٨) أي الولد الواحد.

(٩) للقطع بعدم مدخلية وحدة الوليد في حكم بوله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.


ويشترط نجاسته ببوله خاصة (١) ، فلا يعفى عن غيره كما لا يعفى عن نجاسة البدن به (٢). وإنما أطلق المصنف نجاسة المربية من غير أن يقيّد بالثوب لأن الكلام في الساتر ، وأما التقييد بالبول فهو مورد النصّ ولكن المصنف أطلق النجاسة في كتبه كلّها.

(ويجب غسله كلّ يوم مرة) (٣) وينبغي كونها (٤) آخر النهار (٥) لتصلي فيه أربع صلوات متقاربة بطهارة ، أو نجاسة خفيفة (و) كذا عفي (عما يتعذّر إزالته فيصلي فيه للضرورة) (٦) ولا يتعيّن عليه الصلاة عاريا خلافا للمشهور (والأقرب تخيير)

______________________________________________________

(١) كما هو مورد النص.

(٢) أي بدن المربية بثوبها لاختصاص النص بالثوب ، مع أنه يقطع بأنه لا مدخلية له في حكم بول الوليد فيجب التعميم ولذا حكي عن بعض المتأخرين ذلك ، اللهم إلا أن يقال إن تطهير الثوب مستلزم لنزعه عن البدن مدة طويلة حتى يجف وهذا موجب للبقاء عارية لأنه لا ثوب عندها غيره ، بخلاف البدن فإنه يمكن تطهيره ثم ليس الثوب من دون هذا المحذور ولعل لهذا الاحتمال لا يقطع بتعميم الحكم إلى البدن.

(٣) كما هو مورد النص.

(٤) أي كون الغسلة.

(٥) كما صرح بذلك جماعة منهم المحقق في الشرائع للتعليل الذي أورده الشارح ، مع أن الخبر مطلق ولذا ذهب أكثر من واحد إلى التخيير بين ساعات النهار.

(٦) إذا انحصر ثوبه في المتنجس ولا يمكن تطهيره لتعذر الماء فإن كان مضطرا للبسه لبرد ونحوه صلى فيه بلا خلاف ولا إشكال للأخبار التي سيأتي التعرض لبعضها ، ولخصوص خبر الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس معه ثوب غيره ، قال عليه‌السلام : يصلي فيه إذا اضطر إليه) (١).

وأما إذا لم يكن مضطرا للبسه بحيث يمكن له نزعه حال الصلاة فهل تجب الصلاة فيه أم يصلي عريانا أم يختار؟ وجوه ثلاثة :

ذهب المشهور إلى الصلاة عريانا ولكن يومي إلى الركوع والسجود إيماء لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل أصابته جنابة وهو في الفلاة وليس عليه إلا ثوب واحد وأصاب ثوبه مني ، قال عليه‌السلام : يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا فيصلي ويومئ ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب النجاسات حديث ٧.


(المختار) وهو الذي لا يضطر إلى لبسه لبرد وغيره (بينه) أي بين أن يصلّي فيه صلاة تامة الأفعال (وبين الصلاة عاريا فيومئ للركوع والسجود) كغيره من العراة قائما (١) مع أمن المطّلع ، وجالسا مع عدمه.

والأفضل الصلاة فيه (٢) مراعاة للتمامية (٣) ، وتقديما لفوات الوصف (٤) على

______________________________________________________

إيماء) (١) ، وموثّق سماعة : (سألته عن الرجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه إلا ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال : يتيمم ويصلي عريانا قاعدا يومئ إيماء) (٢) ، وفي موثقه الآخر مثله إلا أن فيه : (ويصلي عريانا قائما يومئ إيماء) (٣).

وعن الشهيد في البيان وسيد المدارك وصاحب المعالم وكشف اللثام وجوب الصلاة في الثوب النجس لصحيح الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره ، قال عليه‌السلام : يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله) (٤) ، وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : (سألته عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله دم ، يصلي فيه أو يصلي عريانا؟ قال عليه‌السلام : إن وجد ماء غسله وإن لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا) (٥) ، وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يجنب في الثوب وليس معه غيره ولا يقدر على غسله ، قال : يصلي فيه) (٦) ونحوها غيرها.

وذهب المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والمختلف والشهيد في الدروس والذكرى والمحقق الثاني في جامعه وغيرهم إلى التخيير جمعا بين النصوص ، وفيه : إنه جمع بلا شاهد هذا فضلا عن أن صحيح ابن جعفر المتقدم صريح بنفي الصلاة عاريا فلا بد من العمل بأخبار الصلاة بالنجس لأنها أكثر عددا وأصح سندا.

(١) للجمع بين موثقي سماعة بحمل القيام على صورة الأمن من الناظر وحمل موثق القعود على صورة عدم الأمن من الناظر.

(٢) في النجس.

(٣) أي تمامية أفعال الصلاة وهذا هو وجه الأفضلية ، وقد عرفت التعين لترجيح نصوصه على الطائفة الأخرى.

(٤) وهو وصف الطهارة في الساتر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب النجاسات حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب النجاسات حديث ١ و ٣.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب النجاسات حديث ١ و ٥ و ٦.


فوات أصل الستر ، ولو لا الإجماع على جواز الصلاة فيه (١) عاريا. بل الشهرة بتعينه. لكان القول بتعين الصلاة فيه متوجها.

أما المضطر إلى لبسه (٢) فلا شبهة في وجوب صلاته فيه.

(ويجب كونه) أي الساتر (غير مغصوب) (٣) مع العلم بالغصب (٤) (وغير جلد وصوف وشعر) ووبر (من غير المأكول (٥))

______________________________________________________

(١) أي في مورد انحصار الساتر بالنجس.

(٢) في حال الصلاة.

(٣) بالاتفاق لأنه مع العلم بالغصب لا تتأتّى نيّة التقرّب ولخبر إسماعيل بن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لو أن الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم ، ولو أخذوا ما نهاهم الله تعالى عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله تعالى به ما قبله منهم) (١) ، وخبر تحف العقول عن بعض نسخ النهج ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في وصيته لكميل بن زياد : (يا كميل أنظر فيم تصلي؟ وعلى م تصلي؟ ، إن لم يكن من وجهه وحله فلا قبول) (٢) ، ولأن النهي عن الغصب نهي عن جميع التصرفات في المغصوب فتكون حركات الصلاة فيه منهيا عنها والنهي في العبادات مفسد.

(٤) ومع النسيان والجهل به فالصلاة صحيحة لحديث الرفع المشهور (٣).

(٥) يشترط في الساتر الصلاتي أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه بلا خلاف فيه ولا إشكال للأخبار منها : موثّق عبد الله بن بكير : (سأل زرارة أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر ، فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الصلاة في وبر كل شي‌ء حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شي‌ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتى تصلي في غيره مما أحل الله تعالى أكله ، ثم قال : يا زرارة هذا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فاحفظ ذلك يا زرارة ، فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شي‌ء منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح ، وإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شي‌ء منه فاسد ذكاه الذبح أو لم يذكه) (٤).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب خلل الصلاة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.


(إلا الخزّ) (١) وهو دابّة ذات أربع تصاد من الماء ذكاتها كذكاة السمك ، وهي (٢) معتبرة في جلده (٣) لا في وبره (٤) إجماعا (والسّنجاب) (٥) مع تذكيته لأنه ذو نفس.

______________________________________________________

بل لو وقع شعرة منه على اللباس فلا تجوز الصلاة فيه لخبر إبراهيم بن محمد الهمداني : (كتبت إليه : يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية ولا ضرورة فكتب عليه‌السلام : لا تجوز الصلاة فيه) (١).

(١) استثناء الخز مما قد نفي فيه الخلاف كما في التنقيح للفاضل المقداد وللأخبار الكثيرة منها : خبر سليمان بن جعفر الجعفري : (رأيت الرضا عليه‌السلام يصلي في جبة خز) (٢) ، وخبر ابن مهزيار : (رأيت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام يصلي الفريضة وغيرها في جبة خزّ طارويّ ، وكساني جبة خز وذكر أنه لبسها على بدنه وصلى فيها وأمرني بالصلاة فيها) (٣).

وأيضا هي مطلقة تشمل وبر الخز وجلده فما عن الحلي والعلامة في المنتهى والتحرير المنع عن جلود الخز ليس في محله مع أنه قد ورد تعميم الجواز في خبر ابن أبي يعفور : (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من الخزازين فقال له : جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخزّ؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس بالصلاة فيه ، فقال له الرجل : جعلت فداك إنه ميت وهو علاجي وأنا أعرفه ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : أنا أعرف به منك ، فقال له الرجل : إنه علاجي وليس أحد أعرف به مني ، فتبسم أبو عبد الله عليه‌السلام ثم قال له : أتقول إنه دابة تخرج من الماء ، أو تصاد من الماء فتخرج فإذا فقد الماء مات؟ فقال الرجل : صدقت ، جعلت فداك ، هكذا هو ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فإنك تقول : إنه دابة تمشي على أربع وليس هو على حد الحيتان فتكون ذكاته خروجه من الماء ، فقال له الرجل : إي والله هكذا أقول ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : فإن الله تعالى أحله وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها) (٤).

(٢) أي التذكية.

(٣) في جل جلده.

(٤) بشرط جزّه لكونه مما لا تحله الحياة هذا إذا كان الخزّ مما له نفس سائلة.

(٥) على المشهور للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن أشياء منها الفراء والسنجاب فقال عليه‌السلام : لا بأس بالصلاة فيه) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.


قال المصنف في الذكرى : وقد اشتهر بين التجار والمسافرين أنه غير مذكّى ، ولا عبرة بذلك (١) ، حملا لتصرف المسلمين على ما هو الأغلب (٢) (وغير ميتة) (٣) فيما يقبل الحياة كالجلد ، أما ما لا يقبلها (٤) كالشعر ، والصوف فتصحّ الصلاة فيه من ميّت إذا أخذه جزّا ، أو غسل (٥) موضع الاتصال (وغير الحرير) (٦) المحض ،

______________________________________________________

وعن الصدوق والحلي في سرائره بل عن الروض نسبته إلى الأكثر المنع لمعارضته بموثق ابن بكير المتقدم مع أنه لا بد من العمل بها لكثرتها وتخصيص خبر ابن بكير بها.

(١) بهذا المشهور ما لم يحصل علم منه بذلك.

(٢) وهو المذكى. بل حملا لتصرف المسلمين على الصحة.

(٣) يشترط في الساتر الصلاتي أن لا يكون من أجزاء الميتة بلا خلاف فيه للأخبار منها : موثق ابن بكير المتقدم : (فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شي‌ء منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح) (١).

(٤) أي الحياة من أجزاء الميتة كالصوف والشعر والوبر والعظم والقرن والمنقار والظفر والمخلب والريش والظلف والسن والبيضة والأنفحة فهي طاهرة بالاتفاق فتجوز الصلاة فيها للأخبار منها : خبر الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (العظم والشعر والصوف والريش ، كل ذلك نابت لا يكون ميتا) (٢) ، وصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه قال لزرارة ومحمد : اللبن واللبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شي‌ء يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي ، وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصلّ فيه) (٣) ، ومرسل الفقيه عن الصادق عليه‌السلام : (عشرة أشياء من الميتة ذكية : القرن والحافر والعظم والسن والأنفحة واللبن والشعر والصوف والريش والبيض) (٤).

(٥) إذا أخذه نتفا لصحيح حريز المتقدم.

(٦) فيشترط في السائر الصلاتي للرجل أن لا يكون من الحرير بالاتفاق للأخبار منها : صحيح إسماعيل بن سعد الأحوص : (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم؟ فقال عليه‌السلام : لا) (٥) ، ومكاتبة محمد بن عبد الجبار إلى أبي محمد عليه‌السلام : (هل يصلّى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب عليه‌السلام : لا تحل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١٢ و ٣ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.


أو الممتزج (١) على وجه يستهلك الخليط لقلته

______________________________________________________

الصلاة في حرير محض) (١) والثاني عام يشمل ما تتم الصلاة فيه أو لا وهذا ما ذهب إليه الصدوق في الفقيه والعلامة في المنتهى والمختلف والشهيد في البيان وجماعة.

ونسب إلى الأشهر الجواز بما لا تتم الصلاة فيه لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة والإبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلي فيه) (٢) إلا أن سنده مشتمل على أحمد بن هلال وهو مذموم ملعون كما عن الكشي وغال ومتهم في دينه كما عن الفهرست وقد رجع عن التشيّع إلى النصب كما عن سعد بن عبد الله الأشعري على ما في التهذيب ومعه كيف يعمل بالخبر.

نعم المنع من الحرير مختص بالرجل في حال الصلاة وغيرها ، وأما المرأة فيجوز لها لبس الحرير في غير الصلاة بالاتفاق للأخبار منها : خبر جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ويجوز للمرأة لبس الديباج والحرير في غير صلاة وإحرام) (٣) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن الديباج هل يصلح لبسه للنساء؟ قال عليه‌السلام : لا بأس) (٤) ، والخبر الأول صريح في عدم جواز لبس الحرير في الصلاة بالنسبة للنساء وهذا ما ذهب إليه جماعة ، وذهب المشهور إلى الجواز لمرسل ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (النساء (يلبس) يلبسن الحرير والديباج إلا في الإحرام) (٥) واستثناء الإحرام فقط دليل على جواز الصلاة فيه.

وفيه : إن التلازم بين الصلاة والإحرام ثابتة فإذا منع من اللبس في أحدهما فيثبت المنع في الآخر لصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه) (٦).

(١) فلو كان ممزوجا بغيره من دون استهلاك فتجوز الصلاة فيه بالاتفاق للأخبار منها : صحيح البزنطي : (سأل الحسين بن قياما أبا الحسن عليه‌السلام عن الثوب الملحم بالقز والقطن ، والقز أكثر من النصف أيصلّى فيه؟ قال عليه‌السلام : لا بأس قد كان لأبي الحسن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٦ و ٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الإحرام حديث ١.


(للرجل والخنثى) (١) واستثنى منه (٢) ما لا يتم الصلاة فيه كالتّكة والقلنسوة وما يجعل منه في أطراف الثوب ونحوها مما لا يزيد على أربع أصابع مضمومة (٣) ، أما الافتراش له (٤) فلا يعدّ لبسا كالتدثر به (٥) والتوسّد والركوب عليه.

(ويسقط ستر الرأس) (٦) وهو الرقبة فما فوقها (عن الأمة المحضة) التي لم

______________________________________________________

عليه‌السلام منه جبات) (١) ، وخبر إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الثوب يكون فيه الحرير فقال عليه‌السلام : إن كان فيه خلط فلا بأس) (٢).

(١) إمّا احتياطا لاحتمال كونه رجلا واقعا ، وإمّا لأن المنع عن لبس الحرير عام خرجت النساء بدليل فيبقى الباقي الشامل للخنثى.

(٢) من الحرير وقد عرفت ضعفه.

(٣) إذا صح الاستثناء المذكور فلا داعي لهذا التقييد كما عليه الأكثر لعدم الدليل عليه ولذا قال في الروض : «ولم نقف له على مستند في أخبارنا» نعم ذهبت جماعة إلى التقييد بالأربع أصابع مضمومة لما روته العامة عن عمر : (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الحرير إلا في موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع) (٣).

(٤) فجائز على المشهور بعد كون أخبار المنع مختصة باللبس ويشهد لذلك صحيح علي بن جعفر : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الفراش الحرير ومثله من الديباج ، والمصلى الحرير ومثله من الديباج ، هل يصلح للرجل النوم عليه والتكأة والصلاة؟ قال عليه‌السلام : يفترشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه) (٤) ومنه تعرف ضعف ما عن المبسوط حيث منع من افتراشه والاتكاء عليه.

(٥) وقع الخلاف في صدق اللبس على التدثر ففي المدارك : «الأظهر تحريمه لصدق اسم اللبس عليه» وعن جامع المقاصد والمسالك الجواز لعدم الصدق ، وقال في الجواهر : «الظاهر عدم صدقه على الالتحاف والتدثر به» وهو مخصوص بحال الاضطجاع ، وأما في بقية الأحوال فالتدثر به مما يسمى لبسا وبه يتم الجمع بينهم.

(٦) عن الأمة بالاتفاق للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ليس على الأمة قناع) (٥) وصحيح عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه‌السلام : (ليس على الإماء أن يتقنعن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٤.

(٣) كنز العمال ج ٨ حديث ١١٥٧ ، وسنن البيهقي ج ٢ ص ٤٢٣ ، وقد أورد في مستدرك الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.


ينعتق منها شي‌ء ، وإن كانت مدبّرة ، أو مكاتبة مشروطة ، أو مطلقة لم تؤدّ شيئا ، أو أم ولد ، ولو انعتق منها شي‌ء فكالحرة (١) (والصبية) (٢) التي لم تبلغ ، فتصح صلاتها تمرينا (٣) مكشوفة الرأس.

(ولا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم (٤) إلا مع الساق) بحيث يغطّي شيئا

______________________________________________________

في الصلاة) (١) والقناع هو ما يغطي الرأس والعنق. وإطلاق النصوص يقتضي عدم الفرق بين أقسام الأمة من القن والمدبرة والمكاتبة وأم الولد ويشهد له أيضا صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ليس على الأمة قناع في الصلاة ، ولا على المدبرة قناع في الصلاة ، ولا على المكاتبة إذا اشترط عليها مولاها قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى تؤدي جميع مكاتبتها. إلى أن قال ، وسألته عن الأمة إذا ولدت عليها الخمار؟ قال عليه‌السلام : لو كان عليها لكان عليها إذا هي حاضت وليس عليها التقنع في الصلاة) (٢) ، وخالف الحسن البصري فأوجبه على الأمة إذا تزوجت أو اتخذها مولاها لنفسه وهو ضعيف.

(١) بالاتفاق لخبر حمزة بن حمران عن أحدهما عليهما‌السلام : (قلت : فتغطي رأسها منه حين أعتق نصفها؟ قال عليه‌السلام : نعم وتصلي وهي مخمرة الرأس) (٣).

(٢) وهي غير البالغة وحكمها حكم الأمة في عدم وجوب ستر رأسها ورقبتها بالاتفاق للأخبار منها : لمفهوم خبر يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ولا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار) (٤) ، وخبر أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (إذا حاضت الجارية فلا تصلي إلا بخمار) (٥).

(٣) بناء على عدم مشروعية عبادة الصبي.

(٤) لما ورد من المرسل في الوسيلة لابن حمزة : (روي أن الصلاة محظورة في النعل السندي والشمشك) (٦) وقد فهم الفاضلان وجماعة منه أن المنع لأنه يستر ظهر القدم من دون شي‌ء من الساق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٧.


منه فوق المفصل على المشهور ، ومستند المنع ضعيف جدا والقول بالجواز قويّ متين.

(وتستحب) الصلاة (في) النعل (١) (العربية) (٢) للتأسي (٣) (وترك السواد (٤) عدا العمامة والكساء والخفّ) فلا يكره الصلاة فيها سودا وإن كان البياض أفضل مطلقا (٥) (وترك) الثوب (الرقيق) (٦) الذي لا يحكي البدن وإلا لم

______________________________________________________

وفيه : مع إرساله لعل المنع من ناحية عدم التمكن من وضع الإبهامين على الأرض فيهما ، فالأقوى الجواز.

(١) للأخبار الكثيرة منها : خبر عبد الله بن المغيرة : (إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإن ذلك من السنة) (١) ومثله خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٢).

(٢) النصوص خالية عن هذا القيد إلا أن الأصحاب نزلوا النعل على ذلك ، لأنها هي التي لا تمنع من السجود على الإبهامين ولتعارف لبسها عند إطلاق النصوص ، مع أن سيد المدارك والمجلسي في بحاره عمما الحكم لكل نعل تمسكا بإطلاق الأخبار.

(٣) ففي خبر معاوية بن عمار : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يصلي في نعليه غير مرة ولم أره ينزعهما قط) (٣) ، وخبر علي بن مهزيار : (رأيت أبا جعفر عليه‌السلام صلى حين زالت الشمس يوم التروية ست ركعات خلف المقام وعليه نعلاه لم ينزعهما) (٤) ومثلها غيرها.

(٤) بلا خلاف للأخبار منها : المرسل في الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له أصلي في القلنسوة السوداء ، فقال : لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار) (٥) ، ومرسل الكليني : (وروي لا تصل في ثوب أسود فأما الخف أو الكساء أو العمامة فلا بأس) (٦) ، وفي مرسل ثان : (يكره السواد إلا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء) (٧).

(٥) حتى في الخف والعمامة والكساء ، ففي خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر ، وكفّنوا فيه موتاكم) (٨) وخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس من لباسكم شي‌ء أحسن من البياض فالبسوه وكفّنوا فيه موتاكم) (٩).

(٦) لحديث الأربعمائة المروي في الخصال : (عليكم بالصفيق من الثياب ، فإن من رق ثوبه ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٧ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٤ و ٦.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام الملابس حديث ١ و ٣.


تصح (١) ، (واشتمال الصمّاء) (٢) والمشهور أنه الالتحاف بالإزار وإدخال طرفيه تحت يده وجمعها على منكب واحد (٣).

(ويكره ترك التّحنّك) (٤) وهو إدارة جزء من العمامة تحت الحنك (مطلقا) للإمام وغيره بقرينة القيد في الرداء (٥) ، ويمكن أن يريد بالإطلاق تركه في أيّ حال كان وإن لم يكن مصليا ، لإطلاق النصوص باستحبابه والتحذير من تركه ، كقول الصادق (عليه‌السلام) : «من تعمّم ولم يتحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلا نفسه» ، حتى ذهب الصدوق إلى عدم جواز تركه في الصلاة.

(وترك الرّداء) (٦) وهو ثوب أو ما يقوم

______________________________________________________

رق دينه ، لا يقومنّ أحدكم بين يدي الرب (جل جلاله) وعليه ثوب يشف) (١).

(١) أي الصلاة لوجوب ستر العورة لونا وحجما كما تقدم.

(٢) بالاتفاق لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إياك والتحاف الصمّاء ، قلت : وما التحاف الصمّاء؟ قال : أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد) (٢) ومرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : (التحاف الصمّاء هو أن يدخل الرجل رداءه تحت إبطه ثم يجعل طرفيه على منكب واحد) (٣).

(٣) وهو الأيسر كما عن جماعة من أهل اللغة.

(٤) أما في حال الصلاة فعن الصدوق الحرمة قال في الفقيه : (سمعت مشايخنا يقولون لا تجوز الصلاة في طابقية ولا يجوز للمعتم أن يصلي إلا وهو متحنك) ولم يرد خبر خاص بالصلاة بل أخبار النهي عن عدم التحنك مطلقة ففي مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من تعمم ولم يحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه) (٤) ومثله غيره ، وهي ظاهرة في استحباب التحنّك أو كراهة تركة ولو في غير الصلاة وإليه ذهب الفاضل والبهائي وجماعة ، وأما تخصيص كراهة ترك التحنك في الصلاة فقط كما عن جماعة فليس له دليل ظاهر.

(٥) حيث إن كراهة تركه مخصوصة بالإمام.

(٦) يكره ترك الرداء للإمام الذي يؤم المصلين للأخبار منها : خبر سليمان بن خالد عن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٥.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.


مقامه (١) يجعل على المنكبين ثم يردّ ما على الأيسر على الأيمن (٢) (للإمام) (٣). أما غيره من المصلين فيستحب له الرداء (٤) ، ولكن لا يكره تركه بل يكون خلاف الأولى (والنقاب للمرأة (٥) واللثام لهما) (٦) أي للرجل والمرأة ، وإنما يكرهان إذا لم يمنعا شيئا

______________________________________________________

عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل أمّ قوما في قميص ليس عليه رداء فقال : لا ينبغي إلا أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها) (١).

بل لو فقد الرداء فيستحب أن يجعل شيئا على عاتقه مرتديا به ولو حبلا ففي خبر عبد الله بن سنان : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل ليس معه إلا سراويل ، قال : يحلّ التكة منه فيطرحها على عاتقه ويصلي ، قال : وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما) (٢) ، وخبر جميل : (سأل مرازم أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا معه حاضر عن الرجل الحاضر يصلي في إزار مؤتزرا به قال : يجعل على رقبته منديلا أو عمامة يرتدي به) (٣) ، ومرفوع علي بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل يصلي في سراويل ليس معه غيره قال : يجعل التكة على عاتقه) (٤) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أدنى ما يجزيك أن تصلي فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطاف) (٥).

(١) عند فقده ولو تكة السراويل أو منديلا أو عمامة كما في الأخبار المتقدمة.

(٢) وكذا العكس إذا لم يرد كيفية خاصة في النصوص إلا كراهة اشتمال الصماء وقد عرفت معناه.

(٣) كما في خبر سليمان بن خالد.

(٤) لبقية الأخبار ، غايته أن الاستحباب عام إلا أن تركه بالنسبة للإمام مكروه لقوله عليه‌السلام في خبر سليمان المتقدم : (لا ينبغي إلا أن يكون عليه رداء) الظاهر في كراهة الترك ، بخلاف بقية المصلين فإن تركهم له من باب ترك الأولى لعدم التعبير لهم بما يدل على كراهة الترك.

(٥) لمضمر سماعة : (سألته عن المرأة تصلي متنقبة قال : إن كشفت عن موضع السجود فلا بأس به وإن أسفرت فهو أفضل) (٦) وهو ظاهر في كون الإسفار مستحبا وليس بظاهر في كراهة النقاب إذ لعله من باب ترك الأولى.

(٦) ففي خبر سماعة المتقدم : (سألته عن الرجل يصلي فيتلو القرآن وهو متلثم فقال : لا بأس ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٦.


من واجبات القراءة (فإن منعا القراءة حرما) (١) وفي حكمها (٢) الأذكار الواجبة.

(وتكره) الصلاة (في ثوب المتهم بالنجاسة (٣) ، أو الغصب) (٤) في لباسه (و) في الثوب (ذي التماثيل) (٥) أعمّ من كونها مثال حيوان وغيره (٦) (أو خاتم فيه صورة) (٧) حيوان ، ويمكن أن يريد

______________________________________________________

به وإن كشف عن فيه فهو أفضل) (١) ومثله غيره إلا أن الجميع ظاهر في كون ترك اللثام أفضل ، لا في كراهة اللثام.

(١) أي النقاب واللثام ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال : لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة) (٢) ومفهومه مع عدم السماع ففيه بأس.

(٢) أي القراءة.

(٣) ويدل عليه صحيح العيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يصلي في إزار المرأة وفي ثوبها ويعتم بخمارها قال : نعم إذا كانت مأمونة) (٣) ومفهومه إن لم تكن مأمونة فلا إلا أنه محمول على الكراهة لقاعدة الطهارة.

(٤) لنفس مناط النجاسة.

(٥) لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه كره أن يصلّي وعليه ثوب فيه تماثيل) (٤) وصحيح إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سأله عن الصلاة في الثوب المعلّم فكره ما فيه من التماثيل) ٥.

(٦) لإطلاق الأخبار المتقدمة.

(٧) لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك قال : لا تجوز الصلاة فيه) (٦) وهو محمول على الكراهة لخبر علي بن جعفر سأل أخاه عليه‌السلام : (عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل سبع أو طير أيصلّى فيه؟ قال : لا بأس) (٧) ومثله غيره.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١٥.

(٧) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٢٣.


بها (١) ما يعمّ المثال (٢) ، وغاير بينهما تفننا ، والأول أوفق للمغايرة (أو قباء مشدود في غير الحرب) (٣) على المشهور ، قال الشيخ : ذكره علي بن بابويه وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم أجد به خبرا مسندا.

قال المصنف في الذكرى بعد حكاية قول الشيخ : قلت : قد روى العامة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا يصلي أحدكم وهو محزّم» (٤) وهو كناية عن شدّه الوسط ، وظاهر استدراكه لذكر الحديث جعله دليلا على كراهة القباء المشدود ، وهو بعيد (٥). ونقل في البيان عن الشيخ كراهة شدّ الوسط (٦) ، ويمكن الاكتفاء في دليل الكراهة (٧) بمثل هذه الرواية (٨).

(الرابع. المكان) (٩)

الذي يصلّى فيه ، والمراد به

______________________________________________________

ومنه تعرف ضعف ما عن الشيخ في النهاية والمبسوط من الحرمة وتبعه على ذلك جماعة.

(١) بالصورة.

(٢) أي مثال كل شي‌ء حتى لغير ذي الروح.

(٣) على المشهور ، وعن ظاهر المبسوط والمقنعة والوسيلة الحرمة ، وليس هناك مستند للجميع إلا ما قاله الشيخ في التهذيب : «قد ذكر ذلك علي بن الحسين وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم أعرف به خبرا مسندا».

(٤) قد نقل أنه لا يوجد في أخبار العامة ذلك بل الموجود : (نهى أن يصلي الرجل حتى يحتزم) (١).

(٥) لكونه لو سلم بحجيته فهو لا يفيد المدعى إذ قد يحزم بغير قباء ، وقد يكون القباء مشدودا من غير حزام للوسط لكونه ضيقا.

(٦) مطلقا وإن لم يكن عليه قباء.

(٧) كراهة شد الوسط.

(٨) فهي وإن كانت عامية لكن تصلح مدركا للكراهة للتسامح في أدلة السنن.

(٩) من شرائط مكان الصلاة أن يكون مباحا ، ومن شرائطه أن يكون طاهرا ، وبالنسبة للشرط الأول فقد عرّفه جماعة بأنه الفراغ الذي يشغله بدن المصلي أو يستقر عليه ولو بوسائط بحيث لو كان مغصوبا لصدق أنه تصرف في المغصوب المنهي عنه ، وعليه فتصح ـ

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٢ ص ٢٤٠.


هنا (١) ما يشغله من الحيّز ، أو يعتمد عليه ولو بواسطة ، أو وسائط (٢) (ويجب كونه غير مغصوب) (٣) للمصلّي ولو جاهلا بحكمه

______________________________________________________

الصلاة بالقرب من الحائط المغصوب وتحت الخيمة والسقف المغصوبين لعدم صدق التصرف في المغصوب.

وبالنسبة للشرط الثاني فيشترط في المكان أن لا تكون فيه نجاسة متعدية إلى الثوب أو البدن ، وهو بالحقيقة ليس بشرط زائد على شرطية طهارة البدن واللباس في الصلاة ، وكذلك يشترط فيه طهارة محل السجود وإن لم تكن النجاسة متعدية على المشهور لصحيح ابن محبوب : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصّص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليه‌السلام إليّ بخطه : إن الماء والنار قد طهراه) (١) حيث أقرّ الإمام عليه‌السلام السائل على اعتقاده باشتراط طهارة محل السجود.

وعن السيد اشتراط طهارة ما يلاقي بدن المصلي وعن أبي الصلاح وجوب طهارة مواضع المساجد السبعة ويشهد لهما صحيح زرارة : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلي فيه فقال عليه‌السلام : إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر) (٢) فهو ظاهر باشتراط مكان الصلاة مطلقا إما كل ما يلاقي بدن المصلي أو خصوص المساجد السبعة ، وموثق ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الشاذكونة يصيبها الاحتلام أيصلي عليها؟ قال عليه‌السلام : لا) (٣).

ويعارضها صحيح ابن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ، ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفّا؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٤) ولذلك نسب إلى الراوندي وابن حمزة جواز السجود على النجس مع عدم التعدي ، والإنصاف يقتضي الجمع بين الأخبار بحمل أخبار المنع على محل السجود وأخبار الجواز على غيره لصحيح ابن محبوب المتقدم.

(١) أي المراد من المكان هنا بالنسبة للإباحة هو ما يشغله وما يعتمد عليه بحيث لو كان مغصوبا لصدق أنه تصرف في المغصوب المنهي عنه ، والنهي في العبادات مفسد كما قرّر في محله.

(٢) بحيث يصدق مع هذه الوسائط أنه تصرف فيه عرفا.

(٣) لامتناع اجتماع الأمر والنهي بالواحد ذي الوجهين ، فمع تعلق النهي به لأنه مغصوب لا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨١ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.


الشرعي (١) أو الوضعي (٢) لا بأصله (٣) أو ناسيا له (٤) أو لأصله (٥) على ما يقتضيه إطلاق العبارة وفي الأخيرين (٦) للمصنف (رحمه‌الله) قول آخر بالصحة ، وثالث بها (٧) في خارج الوقت خاصة ، ومثله القول في اللباس (٨).

______________________________________________________

يتعلق به الأمر الصلاتي ، ومع عدم الأمر لا يتحقق التقرب بناء على اشتراط قصد الأمر في القربة ، وأما على كفاية قصد الملاك فكذلك لاستحالة التقرب بما هو معصية.

(١) من أن الغصب حرام وهذا ما ذهب إليه العلامة في جملة من كتبه لأن التكليف لا يتوقف على العلم وإلا لزم الدور كما حرّر في الأصول ، وذهب المحقق الثاني والشهيد الثاني في الروض وسيد المدارك إلى الصحة لامتناع تكليف الغافل بلا فرق بين القاصر والمقصر إذ المقصر معاقب على ترك التعلم وليس على نفس الفعل الغصبي وكلام الفريقين مبني على اشتراط قصد الأمر في القربة ، وقد حرّر في محله كفاية قصد الملاك وعليه فالمقرّبية يمكن تحصيلها من الجاهل مطلقا قاصرا أو مقصرا بل ومن الناسي والغافل وكل معذور في ارتكاب الغصب إلا الجاهل بالحكم الوضعي كما سيأتي.

(٢) من أن النهي الغصبي مبطل للصلاة بلا فرق بين اشتراط قصد الأمر في القربة أو لا لأنه مع علمه بالغصب والحرمة لا تتأتى منه القربة.

(٣) أي جاهل بأصل الغصب فصلاته صحيحة لأنه معذور لحديث الرفع (١).

(٤) أي ناسيا للحكم فصلاته باطلة لاستناده إلى تقصيره في التحفظ كما في الروض ، وفيه : ما تقدم من أنه معاقب على التقصير في التحفظ لا على نفس الفعل فتتأتى منه القربة.

(٥) أي ناسيا لأصل الغصب ، قال الشارح في الروض : «وفي إلحاق ناسي الغصب بالعالم فبعيد مطلقا كما اختاره المصنف. أي العلامة. في القواعد ، أو بالجاهل فلا يعيد مطلقا ، أو الإعادة في الوقت خاصة كما اختاره في المختلف أوجه أحوطها الأول» واستدل للبطلان بأن الناسي مفرّط هذا من جهة. ومن جهة أخرى ذهب الشهيد في الدروس والذكرى إلى الإعادة في الوقت خاصة لأن القضاء بحاجة إلى أمر جديد وهو غير ثابت ، والجميع كما ترى لأن الناسي للغصب تتأتى منه القربة إذا قصد الملاك فصلاته صحيحة.

(٦) وهما النسيان للحكم والنسيان للغصب وهو قوله في البيان.

(٧) أي وللمصنف قول ثالث في هاتين الصورتين وهو قوله في الدروس والذكرى.

(٨) لتحقق التصرف بالمغصوب المنهي عنه فيهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب خلل الصلاة حديث ٢.


واحترزنا بكون المصلي هو الغاصب عما لو كان غيره ، فإنّ الصلاة فيه بإذن المالك صحيحة في المشهور (١) ، كلّ ذلك مع الاختيار ، أما مع الاضطرار كالمحبوس فيه فلا منع (٢) (خاليا من نجاسة متعدّية) إلى المصلي (٣) أو محموله (٤) الذي يشترط طهارته (٥) على وجه يمنع من الصلاة ، فلو لم تتعدّ أو تعدّت على

______________________________________________________

(١) قال في الروض : «ولا فرق في فساد الصلاة في المغصوب بين الغاصب وغيره حتى الصحارى المغصوبة خلافا للسيد المرتضى هنا فإنه جوّز الصلاة فيها لغير الغاصب استصحابا لما كانت عليه قبل الغصب» وتبعه الكراجكي على ذلك ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز صلاة غير الغاصب في المغصوب ولو أذن له ، لعدم جواز الصلاة في المغصوب ، ولكن المحقق فهم من عبارته أن الإذن للغاصب لا للمالك ومن الواضح عدم جواز الصلاة في المغصوب مع إذن الغاصب ، وحمل الشهيد كلام الشيخ على أن الإذن للمالك ولا تصح الصلاة في المغصوب حينئذ لأن إذن المالك لا يفيد الإباحة بعد كونه ممنوعا من التصرف.

والأصح في حمل كلام الشيخ في المبسوط ما فهمه ابن إدريس من أن المراد من الإذن هو الإذن المستند إلى شاهد الحال لا إلى تصريح المالك وعليه فغير الغاصب لا يجوز له الصلاة في المغصوب وإن كان شاهد الحال بإذن المالك ما زال باقيا ويكون كلامه ردا على السيد المرتضى.

(٢) بالاتفاق لحديث الرفع (١).

(٣) قد تقدم الكلام فيه.

(٤) أي محمول المصلي ، فقد ذهب جماعة إلى العفو في الصلاة عن المحمول المتنجس لاختصاص دليل الطهارة في اللباس ، وذهب الأكثر إلى عدم العفو لعموم ما دل على المنع عن الصلاة في النجس وهو شامل للمحمول كخبر خيران الخادم : (كتبت إلى الرجل عليه‌السلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلي فيه أم لا؟ فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صل فيه فإن الله تعالى إنما حرّم شربها ، وقال بعضهم : لا تصل فيه ، فكتب عليه‌السلام : لا تصل فيه فإنه رجس) (٢) ولا عموم فيه لأنّه ظاهر في الثوب الملبوس.

(٥) احترازا عما لا تتم الصلاة فيه ، كالجورب والتكة فهو من لباس المصلي ولا تشترط ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب خلل الصلاة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب النجاسات حديث ٤.


وجه يعفى عنه كقليل الدم أو إلى ما لا يتم الصلاة فيه لم يضر (١) (طاهر المسجد) (٢) بفتح الجيم ، وهو القدر المعتبر منه في السجود مطلقا (٣).

(والأفضل المسجد) (٤) لغير المرأة ،

______________________________________________________

طهارته بالاتفاق للأخبار منها : خبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (كل ما كان لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بأن يكون عليه الشي‌ء مثل القلنسوة والتكة والجورب) (١) ومرسل ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل ما كان على الإنسان أو معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس أن يصلي فيه وإن كان فيه قذر ، مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك) (٢) ولهذا الخبر اشترط بعضهم في المحمول المعفو عنه أن لا يكون مما تتم الصلاة فيه.

(١) لعدم الفرق بين العفو ابتداء وفي الأثناء ، ونقل الشارح في المسالك عن البعض دعوى الإجماع على عدم العفو في الأثناء وقال عنه : «وهو غير واضح والإجماع ممنوع».

(٢) تقدم الكلام فيه في أول بحث المكان.

(٣) سواء كانت النجاسة متعدية أم غير متعدية.

(٤) يستحب إيقاع المكتوبة للرجال في المسجد بلا خلاف فيه للأخبار الكثيرة منها النبوي المشهور : (لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده) (٣) ومرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابه : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني لأكره الصلاة في مساجدهم فقال : لا تكره.

إلى أن قال. فأد فيها الفريضة والنافلة واقض ما فاتك) (٤) ، وخبر طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (لا صلاة لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغا صحيحا) (٥) ويتأكد ذلك في جيران المسجد ففي خبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها فأوحى الله إليها وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة ، ولا أظهرن لهم في الناس عدالة ، ولا نالتهم رحمتي ، ولا جاوروني في جنتي) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب النجاسات حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب النجاسات حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٨.


أو مطلقا (١) بناء على إطلاق المسجد على بيتها بالنسبة إليها كما ينبه عليه (وتتفاوت) المساجد (في الفضيلة) بحسب تفاوتها في ذاتها أو عوارضها ككثير الجماعة :

(فالمسجد الحرام بمائة ألف صلاة) (٢) ومنه الكعبة (٣) وزوائده الحادثة (٤) ،

______________________________________________________

هذا كله للرجل وأما المرأة ففي خبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها ، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار) (١) ، وخبر يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (خير مساجد نسائكم البيوت) (٢).

(١) للرجل والمرأة.

(٢) ففي خبر الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام : (قال الباقر عليه‌السلام : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في غيره من المساجد) (٣) ، ومرسل الصدوق : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الصلاة في مسجدي كألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام ، فإن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي) (٤).

(٣) بالنسبة للنوافل ، أما الفريضة فيكره إيقاعها في الكعبة لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (لا تصل المكتوبة في الكعبة) (٥) ، وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تصل المكتوبة في جوف الكعبة) (٦) المحمولان على الكراهة لموثق يونس بن يعقوب : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : حضرت الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة أفأصلي فيها؟ قال عليه‌السلام : صل) (٧) ومنه تعرف ضعف المنع كما عن الشيخ في الخلاف والتهذيب والنهاية وابن البراج في مهذبه ، نعم تجوز الصلاة المكتوبة على سطحها اختيارا كما عليه الأكثر إلا من القاضي حيث جوّز ذلك اضطرارا لحديث المناهي : (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصلاة على ظهر الكعبة) (٨) وهو أولى بالاتباع وإن كان ضعيف السند لعمل الأصحاب ببقية فقراته.

(٤) أي الزوائد الحادثة بعد عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأخبار منها : خبر جميل بن دراج : (قال له الطيّار وأنا حاضر : هذا الذي زيد هو من المسجد؟ فقال : نعم ، إنهم لم يبلغوا بعد ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القبلة حديث ١ و ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القبلة حديث ٦.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب القبلة حديث ١.


وإن كان غيرهما أفضل (١) ، فإن القدر المشترك بينها فضله بذلك العدد ، وإن اختص الأفضل (٢) بأمر آخر لا تقدير فيه ، كما يختصّ بعض المسجد المشتركة في وصف بفضيلة زائدة عما اشترك فيه مع غيره (والنبويّ) بالمدينة (بعشرة آلاف) (٣) صلاة ، وحكم زيادته الحادثة كما مر (وكلّ من مسجد الكوفة والأقصى) سمّي به (٤) بالإضافة إلى بعده عن المسجد الحرام (بألف) صلاة (٥) (و) المسجد (الجامع)

______________________________________________________

مسجد إبراهيم وإسماعيل عليهما‌السلام) (١) وهذا صريح في أن الزائد في عصر أبي عبد الله عليه‌السلام من جملة المسجد ، بل في خبر الحسن بن النعمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عما زادوا في المسجد الحرام فقال : إن إبراهيم وإسماعيل حدّا المسجد الحرام ما بين الصفا والمروة) (٢) وعليه فالخارج عنهما لا يكون من المسجد.

(١) وهو ما كان في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما عدا الكعبة ، إلا أن ظاهر النصوص أن الفضل مشترك بين الجميع بلا تفاوت.

(٢) وهو ما كان في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٣) ففي خبر هارون بن خارجة : (الصلاة في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعدل عشرة آلاف صلاة) (٣) ، ومثله خبر أبي الصامت (٤) ، إلا أنه قد ورد في جملة من الأخبار وهي أكثر عددا أن الصلاة فيه تعدل ألف صلاة ففي خبر جميل بن دراج : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم تعدل الصلاة فيه؟ فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام) (٥).

(٤) أي بالأقصى.

(٥) ففي خبر هارون بن خارجة عن أبي عبد الله في فضل مسجد الكوفة : (وإن الصلاة المكتوبة فيه لتعدل بألف صلاة وإن النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة) (٦).

وفي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة ، وصلاة في المسجد الأعظم مائة صلاة وصلاة في مسجد القبيلة خمس وعشرون صلاة ، وصلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة ، وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة) (٧) ومنه يعرف حكم ما سيأتي من فضل بقية المساجد في المتن.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢ و ٣ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.


في البلد للجمعة ، أو الجماعة وإن تعدّد (بمائة ، و) مسجد (القبيلة) كالمحلة في البلد (بخمس وعشرين ، و) مسجد (السوق باثنتي عشرة).

(ومسجد المرأة بيتها) (١) بمعنى أن صلاتها فيه أفضل من خروجها إلى المسجد (٢) ، أو بمعنى كون صلاتها فيه كالمسجد في الفضيلة (٣) ، فلا تفتقر إلى طلبها (٤) بالخروج ، وهل هو كمسجد مطلق (٥) ، أو كما (٦) تريد الخروج إليه (٧) فيختلف (٨) بحسبه (٩)؟ الظاهر الثاني (١٠).

(ويستحبّ اتخاذ المساجد استحبابا مؤكدا) (١١) فمن بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ، وزيد في بعض الأخبار كمفحص قطاة (١٢) وهو كمقعد الموضع

______________________________________________________

(١) قد تقدم دليله.

(٢) فلا فضل في الصلاة في بيتها إلا إذا أرادت الخروج إلى المسجد ومع ذلك أوقعت الصلاة في البيت وتركت الخروج.

(٣) وإن لم ترد الخروج.

(٤) أي طلب الفضيلة.

(٥) كما هو الاحتمال الثاني المتقدم.

(٦) هكذا في كل النسخ والأولى : «أو كلما».

(٧) إلى المسجد فيكون بيتها أفضل.

(٨) الفضل.

(٩) بحسب الخروج وعدمه.

(١٠) وهو أن الفضل في البيت إذا أرادت الخروج إلى المسجد وقد آثرت عدمه للتستر والصيانة.

(١١) ففي صحيح أبي عبيدة الحذاء : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة. قال أبو عبيدة : فمرّ بي أبو عبد الله عليه‌السلام في طريق مكة وقد سويّت بأحجار مسجدا فقلت له : جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك ، قال : نعم) (١) ، وفي خبر الصدوق في عقاب الأعمال : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه ، أو قال : بكل ذراع منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ودرّ وياقوت وزمرد وزبرجد ولؤلؤ) (٢).

(١٢) ففي خبر هاشم الحلال : (دخلت أنا وأبو الصباح على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال له أبو ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٤.


الذي تكشفه القطاة وتليّنه بجؤجؤها لتبيض فيه ، والتشبيه به مبالغة في الصغر ، بناء على الاكتفاء برسمه حيث يمكن الانتفاع به في أقلّ مراتبه وإن لم يعمل له حائط ونحوه.

قال أبو عبيدة الحذاء راوي الحديث (١) : مرّ بي أبو عبد الله عليه‌السلام في طريق مكة وقد سوّيت بأحجار مسجدا. فقلت : جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك. فقال : نعم.

ويستحبّ اتخاذها (مكشوفة) (٢) ولو بعضها للاحتياج إلى السقف في أكثر

______________________________________________________

الصباح : ما تقول في هذه المساجد التي بنتها الحاج في طريق مكة؟ فقال : بخ بخ ، تيك أفضل المساجد ، من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة) (١).

(١) أي الحديث الأول.

(٢) ويدل عليه خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنى مسجده بالسميط ثم إن المسلمين كثروا فقالوا : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال : نعم ، فزيد فيه وبناه بالسعيدة ، ثم إن المسلمين كثروا فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال : نعم فأمر به فزيد فيه وبنى جداره بالأنثى والذكر ، ثم اشتد عليهم الحرّ فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلّل فقال : نعم ، فأمر به فأقيمت فيه سواري من جذوع النخل ثم طرحت عليه العوارض والخصف والإذخر ، فعاشوا حتى أصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف عليهم ، فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فطيّن ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ، عريش كعريش موسى عليه‌السلام ، فلم يزل كذلك حتى قبض صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) والسميط لبنة لبنة والسعيدة لبنة ونصف والذكر والأنثى لبنتان مختلفتان.

وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المساجد المظلّلة أتكره الصلاة فيها؟ فقال : نعم ، ولكن لا يضركم اليوم ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك) (٣) ، وفي مرسل الفقيه : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسّرها ويأمر بها فتجعل عريشا كعريش موسى) (٤).

وهذه الأخبار تفيد كراهة سقف المساجد بالطين ، وأما سقفها بالعريش عند الحاجة إليها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٦.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٢ و ٤.


البلاد لدفع الحر والبرد.

(والميضاة (١) وهي المطهرة للحدث والخبث على بابها) (٢) لا في وسطها على تقدير سبق إعدادها على المسجدية وإلا (٣) حرم في الخبثية مطلقا (٤) والحدثية إن أضرت بها (٥).

(والمنارة مع حائطها) (٦) لا في وسطها مع تقدمها على المسجدية كذلك (٧) وإلا حرم ، ويمكن شمول كونها مع الحائط استحباب أن لا تعلو عليه (٨) ، فإنها إذا فارقته بالعلوّ فقد خرجت عن المعية وهو مكروه (٩).

(وتقديم الداخل) إليها (يمينه والخارج) منها (يساره) (١٠) عكس

______________________________________________________

فلا بأس من أجل دفع الحر والبرد ، وأما كراهة تظليل المساجد في صحيح الحلبي فتحمل إما على كون المساجد مسقوفة بالطين وإما على تظليلها بتمامها أو على تظليل خاص وإلا فالتظليل أمرّ لا بدّ منه لدفع الحر والبرد ولو في بعض أجزاء المسجد.

(١) وهي إناء كبير يتوضأ منه.

(٢) لخبر إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي إبراهيم عليه‌السلام : (واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم) (١) ، ثم إن الأصحاب أرادوا من الميضاة هو موضع الخلاء والوضوء.

(٣) فإن كان الوسط مسجدا.

(٤) سواء أضرت بالمسجدية أم لا.

(٥) أي أضرت بالمسجدية كاستلزام دخول الجنب إلى المسجد.

(٦) بل في النهاية لا يجوز في وسط المساجد وحمله جماعة على ما لو تقدمت المسجدية على بنائها فيلزم إشغال مكان أساسها بغير الصلاة.

(٧) كالميضاة.

(٨) لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام : (أن عليا عليه‌السلام مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها ثم قال : لا ترفع المنارة إلا مع سطح المسجد) (٢).

(٩) قال الشارح في الروض : «وفي قوله عليه‌السلام في الحديث إلا مع سطح المسجد تقوية لما فسرنا به المعيّة من عدم مجاوزتها الحائط ، إذ لو تمت المعية مع المصاحبة ابتداء وإن علت لم يتم الغرض من قوله عليه‌السلام ناهيا عن التعلية إلا مع سطح المسجد».

(١٠) لخبر يونس عنهم عليهم‌السلام : (الفضل في دخول المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى إذا

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ٢.


الخلاء (١) تشريفا لليمنى فيهما (٢) (وتعاهد نعله) (٣) وما يصحبه (٤) من عصا وشبهه ، وهو استعلام حاله عند باب المسجد احتياطا للطهارة ، والتعهد أفصح من التعاهد لأنه (٥) يكون بين اثنين والمصنف تبع الرواية (٦).

(والدعاء فيهما) أي الدخول والخروج بالمنقول (٧) وغيره (وصلاة التحية (٨))

______________________________________________________

دخلت ، وباليسرى إذا خرجت) (١).

(١) ادعى عليه الإجماع في الغنية وهو العمدة.

(٢) ففي المساجد فتقدم وفي الخلاء فتؤخر.

(٣) بأن يستعلم حاله قبل الدخول إلى المسجد استظهارا للطهارة ، ففي خبر عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم) (٢) ومرسل الطبرسي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (قال : تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد) (٣).

(٤) لوحدة المناط بينه وبين النعال استظهارا في عدم تنجس المساجد.

(٥) أي لأن التعاهد.

(٦) حيث عبّر فيها بالتعاهد ، وفي الصحاح أن التعهد أفصح.

(٧) ففي خبر عبد الله بن الحسن عن أمه عن جدته فاطمة : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا دخل المسجد صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ، فإذا خرج من الباب صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك) (٤) ، وموثق سماعة : (إذا دخلت المسجد فقل : بسم الله والسلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إن الله وملائكته يصلون على محمد وآل محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته ، رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ، وإذا خرجت فقل مثل ذلك) (٥) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا دخلت المسجد فاحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٦) وتغاير مضمون الأخبار دليل على مطلق الدعاء وإن كان المأثور أفضل.

(٨) لخبر أبي ذر : (دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في المسجد جالس فقال لي : يا أبا ذر إن للمسجد تحية ، قلت : وما تحيته؟ قال : ركعتان تركعهما فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٣.


(قبل جلوسه) وأقلّها ركعتان (١) وتتكرر بتكرر الدخول ولو عن قرب وتتأدى بسنة غيرها وفريضة وإن لم ينوها معها (٢) ، لأن المقصود بالتحية أن لا تنتهك حرمة المسجد بالجلوس بغير صلاة ، وقد حصل ، وإن كان الأفضل عدم التداخل.

وتكره إذا دخل والإمام في مكتوبة ، أو الصلاة تقام ، أو قرب إقامتها بحيث لا يفرغ منها قبله (٣) فإن لم يكن متطهّرا ، أو كان له عذر مانع عنها (٤) فليذكر الله تعالى (٥).

وتحية المسجد الحرام الطواف ، كما أن تحية الحرم الإحرام ومنى الرمي (٦).

(ويحرم زخرفتها) (٧) وهو نقشها بالزّخرف ، وهو الذهب ، أو مطلق النقش

______________________________________________________

أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال : خير موضوع فمن شاء أقلّ ومن شاء أكثر) (١).

(١) وهو ظاهر الخبر المتقدم.

(٢) أي وإن لم ينو صلاة التحية مع سنة غيرها.

(٣) أي من صلاة التحية قبل قيام الصلاة حتى يدرك الجماعة من أولها ، وهذه الكراهة لما ورد من الحث على فضل الجماعة ، والإتيان بصلاة التحية في هذه الصور تفويت لفضل الجماعة ولو لبعضه فتكره هذا ما دام أن المنهي هو الجلوس في المسجد قبل الركعتين ، وهما يتحققان ولو بالفريضة كما تقدم.

(٤) عن صلاة التحية.

(٥) لأنه حسن على كل حال.

(٦) سيأتي دليل كل منه في بابه إن شاء الله تعالى.

(٧) أي تزيين المساجد بالذهب على المشهور ، وعلّل بالإسراف وبأنه بدعة حيث لم يعهد في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومرسل الراوندي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لا تزخرفوا مساجدكم كما زخرفت اليهود والنصارى بيعهم) (٢) ، ونوقش الأول بأنه مع قصد تعظيم الشعائر نمنع اندراجه تحت الإسراف المنهي عنه كما هو المصنوع في المشاهد الشريفة ، ونوقش الثاني بأنه ليس كل ما لم يقع في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكون محرما في العصور المتأخرة ، ونوقش الثالث بضعف السند وبأن الزخرف مختلف فيه بين خصوص الذهب أو مطلق التزيين. هذا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.


كما اختاره المصنف في الذكرى ، وفي الدروس أطلق الحكم بكراهة الزّخرفة والتصوير ، ثم جعل تحريمهما قولا. وفي البيان حرّم النقش والزخرفة والتصوير بما فيه روح ، وظاهر الزخرفة هنا النقش بالذهب (١) ، فيصير أقوال المصنف بحسب كتبه (٢) وهو غريب منه (٣).

(و) كذا يحرم (نقشها بالصور) ذوات الأرواح دون غيرها ، وهو (٤) لازم من تحريم النقش (٥) مطلقا (٦) لا من غيره (٧) ، وهو قرينة أخرى على إرادة الزخرفة

______________________________________________________

واختلف الأصحاب فبعضهم ذهب إلى حرمة التزيين بالذهب وبعضهم إلى حرمة مطلق تزيينه ولو بغير الذهب وعن جماعة كراهة التزيين بالذهب وبغيره مع أنه قد ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن المسجد ينقش في قبلته بجصّ أو أصباغ قال : لا بأس به) (١) وهو ظاهر في الجواز ، ثم بعضهم حرم نقش المساجد بالصور من ذوات الأرواح وغيرها كالمحقق في الشرائع ولا دليل له عدا ما تقدم في الزخرفة ، نعم يكره ذلك لخبر عمرو بن جميع (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في المساجد المصورة فقال : أكره ذلك ولكن لا يضركم اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك) (٢).

وذهب البعض إلى أن تصوير ذوات الأرواح محرم فلا بد من حرمة ذلك في المساجد من باب أولى وهو متين.

(١) كما هو معنى الزخرف في جملة من كتب اللغة.

(٢) فكتبه أربعة وأقواله أربعة ، ففي الذكرى حرّم النقش بالذهب وبغيره وتصوير ذوات الأرواح وغيرهم ، وفي البيان حرّم النقش بالذهب وبغيره وتصوير ذي الروح فقط ، وفي اللمعة حرّم النقش بالذهب فقط وتصوير ذوات الأرواح وغيرهم ، وفي الدروس كراهة النقش بالذهب وبغيره وكراهة تصوير ذوات الأرواح وغيرهم.

(٣) لقلة الاختلاف في آرائه بين كتبه فكيف بهذا الاختلاف.

(٤) أي تحريم النقش بالصور.

(٥) إذا فسرنا الزخرفة به.

(٦) بالذهب كان أم بغيره.

(٧) أي لا من غير تحريم النقش مطلقا ، والغير هو تحريم النقش بالذهب فقط كما هو المعنى الأول للزخرفة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ١.


بالمعنى الأول خاصة (١) ، وهذا هو الأجود.

ولا ريب في تحريم تصوير ذي الروح في غير المساجد ففيها أولى (٢) أما تصوير غيره فلا.

(وتنجيسها) (٣) وتنجيس آلاتها (٤) كفرشها لا مطلق إدخال النجاسة إليها في الأقوى (٥)

(وإخراج الحصى منها) (٦) إن كانت فرشا أو جزءا منها (٧) ، أما لو كانت

______________________________________________________

(١) إذ بناء على أن الزخرفة هو الذهب فيكون الحكم بتحريم نقش الصور تأسيسيا ، ولو كانت الزخرفة بمعنى النقش مطلقا لكان الحكم المذكور تأكيديا والتأسيس أولى من التأكيد وهو القرينة الثانية بعد كلام جملة من أهل اللغة على أن الزخرفة هي النقش بالذهب فقط.

(٢) لأنها معدّة للعبادة وأمّا حرمة تصوير ذي الروح فسيأتي دليله في أول كتاب المتاجر.

(٣) للنبوي (جنبوا مساجدكم النجاسة) (١).

(٤) لأنها جزء من المسجد.

(٥) ذهب الأكثر إلى جواز إدخال النجاسة غير المتعدية لجواز دخول المجروح والمسلوس والمستحاضة مع أمن التلويث ، وعن ظاهر كتب العلامة الإطلاق سواء كانت النجاسة متعدية أم لا وهو ضعيف إذ لا دليل عليه.

(٦) وإن فعل أعاده إليها لخبر وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (إذا أخرج أحدكم الحصاة من مسجد فليردّها مكانها أو في المسجد آخر فإنها تسبح) (٢) ، ولخبر زيد الشحام (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخرج من المسجد حصاة قال : فردها أو اطرحها في مسجد) (٣).

وبما أن التعليل بالتسبيح يشعر بكراهة الإخراج وكذا ردها إلى مسجد آخر دليل على عدم دخولها في وقفية المسجد لذا ذهب جماعة منهم المحقق في المعتبر والعلامة في جملة من كتبه والشهيد في الذكرى والدروس والبيان إلى كراهة الإخراج واستحباب ردها.

وعن الشهيد الثاني في الروض والروضة هنا تخصيص الحرمة بالحصى التي هي جزء من فرش المسجد إلا إذا كانت الحصى قمامة فيستحب إخراجها.

(٧) من الفرش.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٣.


قمامة استحب إخراجها ومثلها التراب (١) ، ومتى أخرجت على وجه التحريم (فتعاد) وجوبا إليها أو إلى غيرها من المساجد ، حيث يجوز نقل آلاتها إليه وما لها (٢) لغناء الأول ، أو أولوية الثاني (٣).

(ويكره تعليتها) (٤) بل تبنى وسطا عرفا (والبصاق فيها) (٥) والتنخم (٦) ونحوه وكفارته دفنه. (ورفع الصوت) (٧) المتجاوز للمعتاد ، ولو في قراءة القرآن.

______________________________________________________

(١) أي ومثل الحصى حرمة إن كان فرشا واستحبابا إن كان قمامة.

(٢) عطف على (آلاتها).

(٣) مع أن النص والفتوى على عدم هذا التقييد وهذا كاشف عن عدم كون الحصى داخلة في وقفية المسجدية حتى يجب إرجاعها. نعم يستحب للنص المتقدم.

(٤) لما في ذلك من الاطلاع على عورات الجيران وقد روي أن حائط مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قامة (١).

(٥) لخبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (أن عليا قال : البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه) (٢) ، وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ردّ ريقه تعظيما لحقّ المسجد جعل الله ريقه صحة في بدنه وعوفي من بلوى في جسده) (٣) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (من ردّ ريقه تعظيما لحق المسجد جعل الله ذلك قوة في بدنه وكتب له بها حسنة وحطّ عنه بها سيئة ، وقال : لا تمرّ بداء في جوفه إلا أبرأته) (٤).

(٦) لحديث المناهي (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن التنخع في المساجد) (٥) والتنخع هو التنخم ، ومرفوع ابن العسل (إنما جعل الحصى في المسجد للنخامة) (٦).

(٧) لمرسل ابن أسباط عن أبي عبد الله عليه‌السلام (جنّبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان والأحكام والضالة والحدود ورفع الصوت) (٧) ، وخبر أبي ذر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (يا أبا ذر من أجاب داعي الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة ، فقلت : كيف يعمر مساجد الله؟ قال : لا ترفع فيها الأصوات ولا يخاض فيها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١٠.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤ و ٦ و ٧.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.


(وقتل القمّل) (١) فيدفن (٢) لو فعل (وبري النبل (٣) و) هو داخل في (عمل الصنائع) (٤) وخصّه لتخصيصه في الخبر فتتأكد كراهته (وتمكين المجانين والصبيان) (٥) منها مع عدم الوثوق بطهارتهم ، أو كونهم غير مميّزين ، أما الصبيّ المميّز الموثوق بطهارته المحافظ على أداء الصلوات فلا يكره تمكينه ، بل ينبغي تمرينه كما يمرنّ على الصلاة.

(وإنفاذ الأحكام) (٦)

______________________________________________________

بالباطل ولا يشترى فيها ولا يباع واترك اللغو ما دمت فيها ، فإن لم تفعل فلا تلومنّ يوم القيامة إلا نفسك) (١) ، ومرفوع محمد بن أحمد (رفع الصوت في المساجد يكره) (٢)

(١) اعترف بعضهم بعدم الوقوف على نص دال عليه وقال الشارح في الروض (أسنده في الذكرى إلى الجماعة لأن فيه استقذارا تكرهه النفس)

(٢) لما تقدم من دفن البصاق والنخامة ولما روي في صحيح ابن مسلم (كان أبو جعفر عليه‌السلام إذا وجد قملة في المسجد دفنها في الحصى) (٣)

(٣) لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن سلّ السيف في المسجد وعن بري النبل في المسجد ، قال : إنما بني لغير ذلك) (٤)

(٤) للتعليل الوارد في خبر محمد بن مسلم المتقدم بأن المسجد قد بني لغير ذلك وهذا كله إذا لم يستلزم حفر شي‌ء من المسجد أو وضع آلات توجب تعطيل المسجد وإلا حرم.

(٥) لمرسل ابن أسباط المتقدم.

(٦) لمرسل ابن أسباط المتقدم ، والمراد بالإنفاذ هو الحكم الصادر لقطع الخصومات لا مطلق بيان الأحكام الشرعية للتعليم ونحوه فلم يحتمله أحد من الأصحاب وخص بالقضاء لما فيه من التشاجر ورفع الأصوات والتكاذب وارتكاب الباطل ونحو ذلك مما لا ينبغي وقوعه في المساجد.

لكن يشكل ذلك من أن القضاء من الطاعات والمساجد محل الطاعات والعبادات ، ومن معروفية صدور القضاء عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حتى أن دكة القضاء ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ١.


إما مطلقا (١) ، وفعل عليّ عليه‌السلام له بمسجد الكوفة خارج ، (٢) ، أو مخصوص بما فيه جدال وخصومة ، أو بالدائم لا ما يتفق نادرا ، أو بما يكون الجلوس فيه (٣) لأجلها (٤) لا بما إذا كان لأجل العبادة فاتفقت الدعوى ، لما في إنفاذها حينئذ (٥) من المسارعة المأمور بها ، وعلى أحدها (٦) يحمل فعل علي عليه‌السلام ، ولعله بالأخير أنسب (٧) ، إلا أن دكّة القضاء به (٨) لا تخلو من منافرة (٩) للمحامل.

(وتعريف الضّوالّ) (١٠) إنشادا ونشدانا والجمع بين وظيفتي تعريفها في

______________________________________________________

معروفة فيه إلى يومنا هذا ، بل وعن الشيخ أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقضي في المسجد الجامع ولو كان مكروها ما فعله ، وعن كشف اللثام (أن في بعض الكتب أنه بلغ أمير المؤمنين عليه‌السلام أن شريحا يقضي في بيته فقال : يا شريح ، اجلس في المسجد فإنه أعدل بين الناس وإنه وهنّ بالقاضي أن يجلس في بيته) ، ولذا مال بعض المتأخرين تبعا للشيخ وسلار والحلي إلى عدم الكراهة بل إلى الاستحباب.

نعم حمل النهي الوارد على القضاء المصاحب للجدل والخصومة كما ذهب إليه الراوندي ، وقضاء النبي والولي مجرد عن ذلك ، أو يحمل النهي على دوام القضاء لا ما يتفق نادرا ، أو يحمل النهي على ما لو كان الجلوس في المسجد من أجل القضاء لا ما يتفق إذا كان الجلوس للعبادة والطاعات وعلى الأخير يحمل فعل النبي والولي.

(١) وإن لم يكن فيه خصومة وجدال.

(٢) لما سيأتي من المحامل.

(٣) في المسجد.

(٤) أي لأجل الأحكام.

(٥) حين جلوسه لأجل العبادة.

(٦) ومعه كيف يمكن القول بأن النهي عن إنفاذ الأحكام مطلق؟.

(٧) لأن قضاءه عليه‌السلام في مسجد الكوفة لم يكن نادرا ومن البعيد تجرد الدعاوى عن الخصومات.

(٨) بمسجد الكوفة.

(٩) لأن الإضافة تعطي أن مكانا خاصا في المسجد كان يجلس فيه عليه‌السلام من أجل القضاء ، والأولى جعل النهي عن القضاء في المساجد مخصوصا بغير المعصومين ، وأما المعصوم فيجوز له بدون كراهة وكم للمعصوم من أحكام ينفرد بها.

(١٠) وهو إنشادها لمرسل علي بن أسباط المتقدم ، وكذا نشدانها وهو طلبها والسؤال عنها ففي مرسل الفقيه : (سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا ينشد ضالة في المسجد ، فقال : قولوا له ، لا رد ـ


المجامع وكراهتها في المساجد فعله خارج الباب (وإنشاد الشعر) (١) لنهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه ، وأمره بأن يقال للمنشد «فضّ الله فاك» ، وروي نفي البأس عنه ، وهو غير مناف للكراهة (٢).

قال المصنف في الذكرى : ليس ببعيد حمل إباحة إنشاد الشعر على ما يقلّ منه وتكثر منفعته ، كبيت حكمة ، أو شاهد على لغة في كتاب الله تعالى وسنّة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشبهه ، لأنه من المعلوم أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ينشد بين يديه البيت والأبيات من الشعر في المسجد ولم ينكر ذلك.

______________________________________________________

الله عليك فإنها بنيت لغير ذلك) (١).

نعم ذكر الأصحاب أن تعريف اللقطة إنما في المجامع وقد ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن الضالة أيصلح أن تنشد في المسجد؟ قال : لا بأس) ٢ فالجمع بين النصوص مع رفع الكراهة يقتضي التعريف على أبواب المساجد لا في داخلها.

(١) ففي حديث الناهي (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن ينشد الشعر في المسجد) (٣) ، وخبر جعفر بن إبراهيم عن علي بن الحسين عليهما‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا : فضّ الله فاك ، إنما نصبت المساجد للقرآن) (٤).

نعم ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام (سألته عن الشعر أيصلح أن ينشد في المسجد؟ فقال : لا بأس) (٥) ، وصحيح ابن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن إنشاد الشعر في الطواف فقال : ما كان من الشعر لا بأس به فلا بأس به) (٦).

ولذا ذهب البعض لهذين الخبرين بنفي الكراهة إلى إنشاد القليل مما يكثر نفعه كبيت حكمة أو شاهد في مسألة علمية أو ما كان فيه عظة أو مدح للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ومراثي أبي عبد الله عليه‌السلام لأن كل ذلك عبادة أو راجح ولذا كان من سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في الذكرى أنه ينشدّ بين يديه البيت والأبيات من الشعر في المسجد.

(٢) بل يؤكدها إذ هو نفي للحرمة حينئذ.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٣ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب الطواف حديث ١.


وألحق به بعض الأصحاب ما كان منه موعظة ، أو مدحا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، أو مرثية للحسين عليه‌السلام ، ونحو ذلك لأنه عبادة لا تنافي الغرض المقصود من المساجد ، وليس ببعيد. ونهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمول على الغالب من أشعار العرب الخارجة عن هذه الأساليب.

(والكلام فيها بأحاديث الدنيا) (١) للنهي عن ذلك ومنافاته لوضعها فإنها وضعت للعبادة.

(وتكره الصلاة في الحمّام) (٢) وهو البيت المخصوص الذي يغتسل فيه لا

______________________________________________________

(١) للمرسل عن علي عليه‌السلام : (يأتي في آخر الزمان قوم يأتون المساجد فيقعدون حلقا ذكرهم الدنيا وحب الدنيا ، لا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة) (١) وللتعليل في خبر جعفر بن إبراهيم المتقدم بأن المساجد قد نصبت للقرآن ، وفي مرسل الفقيه المتقدم بأنها بنيت لغير ذلك.

(٢) لمرسل عبد الله بن الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين والماء والحمام والقبور ومسان الطريق وقرى النمل ومعاطن الإبل ومجرى الماء والسبخ والثلج) (٢) ونحوه غيره المحمول على الكراهة جمعا بينه وبين موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في بيت الحمام قال : إذا كان موضعا نظيفا فلا بأس) (٣) هذا كله على المشهور وذهب أبو الصلاح إلى التحريم وهو ضعيف لخبر الجواز.

ثم إن المراد من الحمام هل ما يعم المسلخ وموطن الاغتسال كما هو المعنى العرفي أو مختص بموضع الاغتسال لملاحظة مبدأ الاشتقاق إذ هو مشتق من الحميم وهو الماء الحارّ الذي يغتسل به فلا تتعدى الكراهة إلى مسلخه وبه جزم العلامة في القواعد وتبعه الشارح في الروض ، وذهب العلامة في النهاية إلى كراهة الصلاة في المسلخ لكونه مأوى الشياطين وموضع كشف العورة ولازدحام الناس فيه ودخولهم وخروجهم الموجب لانشغاله عن الصلاة ، نعم ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن الصلاة في بيت الحمام ، فقال : إذا كان الموضع نظيفا فلا بأس ، يعني المسلخ) (٤) ولم يثبت هذا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.


المسلخ وغيره من بيوته وسطحه. نعم تكره في بيت ناره من جهة النار (١) ، لا من حيث الحمام.

(وبيوت الغائط) (٢) للنهي عنه ، ولأن الملائكة لا تدخل بيتا يبال فيه ولو في إناء ، فهذا أولى (و) بيوت (النار) (٣) وهي المعدّة لإضرامها فيها كالأتون والفرن لا

______________________________________________________

التفسير من المعصوم بل يحتمل أن يكون من علي بن جعفر والظاهر أنه من الصدوق راوي الخبر كما ذهب إليه جماعة ، وتفسيره ليس بحجة لأن بيت الحمام ظاهر في موضع الاغتسال بملاحظة مبدأ الاشتقاق أو فيما يعمه والمسلخ عرفا ، فتخصيصه بالمسلخ فقط على خلاف المعنى اللغوي والعرفي وأما سطح الحمام فلا تكره الصلاة عليه لعدم شمول الحمام له مع عدم ورود نص خاص فيه.

(١) وسيأتي دليله.

(٢) على المشهور لخبر محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن جبرئيل أتاني فقال : إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسد ولا إناء يبال فيه) (١) وعليه فما أعدّ للبول والغائط يكون أولى بالحكم ويؤيده خبر عبيد بن زرارة وعن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة) (٢) وعن ظاهر المقنعة عدم الجواز وعن النهاية النهي ولعلهما يريدان الكراهة لأن ما تقدم لا يصلح إلا للكراهة.

(٣) ففي خبر علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي والسراج موضوع بين يديه في القبلة قال : لا يصلح له أن يستقبل النار) (٣) ، وخبر عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يصلي الرجل وفي قبلته نار أو حديد ، قلت : أله أن يصلي وبين يديه مجمرة شبه؟ قال : نعم ، فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحيها عن قبلته ، وعن الرجل يصلي وبين يديه قنديل معلّق وفيه نار إلا أنه بحياله قال : إذا ارتفع كان أشرّ لا يصلي بحياله) (٤).

والنهي محمول على الكراهة لمرفوع الهمداني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه ، إن الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه) (٥) ، وللتوقيع الخارج للأسدي عن صاحب الزمان عليه‌السلام (وأما ما سألت عنه من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٢ و ٤.


ما وجد فيه نار مع عدم إعداده لها (١) ، كالمسكن إذا أوقدت فيه وإن كثر (و) بيوت (المجوس) (٢) للخبر ولعدم انفكاكها عن

______________________________________________________

أمر المصلي والنار والصورة والسراج بين يديه وأن الناس قد اختلفوا في ذلك قبلك ، فإنه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنيران) (١)

وهذه الأخبار ظاهرة في كراهة النار بين يدي المصلي تجاه القبلة وإليه ذهب المشهور مع ذهاب أبي الصلاح إلى التحريم وهو ضعيف ، ولا يوجد نصّ على كراهة الصلاة في بيوت النار أي البيوت المعدّة لإضرام النار كالفرن والأتون وبيت النار في الحمام إلا أن الحكم مشهور بين الأصحاب بل صرح المحقق والشهيد الثانيان بأنه لا فرق بين وجود النار وعدمه حال الصلاة تمسكا بإطلاق اللفظ.

وعن المعتبر وسيد المدارك ونسب إلى ظاهر الأصحاب أن المراد من بيوت النار هي مواضع عبادة النيران وعلله في المدارك بأنها ليست مواضع رحمة فلا تصلح لعبادة الله ، نعم يكفي في إثبات الحكم بالكراهة قولهم لقاعدة التسامح في أدلة السنن.

(١) أي عدم إعداد النار للبيوت.

(٢) ففي خبر الحلبي (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام : عن الصلاة في بيوت المجوس وهي ترش بالماء قال : لا بأس به) (٢) وخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الصلاة في بيوت المجوس فقال : رش وصلّ) (٣) ، ومثله خبر أبي بصير عنه عليه‌السلام (٤) ، وهذه الأخبار لا تدل على كراهة الصلاة فيها بل على استحباب الرش عند الصلاة بالإضافة إلى أنه يحتمل أن يكون المراد من بيوت المجوس هي بيوت النار عندهم التي اتخذت مواضع للعبادة ويشهد له خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في البيع والكنائس وبيوت المجوس فقال : رشّ وصل) (٥) ومثله خبره الآخر (٦) حيث إن عطف بيوت المجوس على البيع والكنائس ظاهر في كونها بيوت عبادة النيران.

نعم ورد في خبر أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تصل في بيت فيه مجوسي ولا بأس بأن تصلي وفيه يهودي أو نصراني) (٧) فإذا كان وجود المجوسي في بيت سببا في كراهة الصلاة لكان الحكم بالكراهة في بيته من باب أولى ، وفيه : إنه استحسان محض لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٢ و ٣.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.


النجاسة (١) ، وتزول الكراهة برشّه (٢).

(والمعطن) (٣) بكسر الطاء واحد المعاطن ، وهي مبارك الإبل عند الماء للشرب (ومجرى الماء) (٤) وهو المكان المعدّ لجريانه وإن لم يكن فيه ماء (والسّبخة) (٥) بفتح الباء واحد السباخ ، وهي الشي‌ء الذي يعلو الأرض كالملح ،

______________________________________________________

نقول به وظاهر الخبر أن وجود المجوسي في مطلق البيوت هو السبب في الكراهة وعليه فترتفع فيما لو وقعت الصلاة في بيته المجرد عن المجوسي.

(١) وهذا تعليل يشمل النصراني واليهودي فلم خصّ بالمجوسي فقط؟

(٢) وقد عرفت أن الرش لا لرفع الكراهة بل هو مستحب عند الصلاة.

(٣) لخبر المعلّى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في معاطن الإبل فكرهه ، ثم قال : إن خفت على متاعك شيئا فرش بقليل ماء وصل) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا تصلّ في أعطان الإبل إلا أن تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل فيه) (٢) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سألته عن الصلاة في معاطن الإبل أتصلح؟ قال : لا تصلح إلا أن تخاف على متاعك ضيعة فاكنس ثم انضح بالماء ثم صلّ) (٣) والمعاطن هي مباركها مطلقا التي تأوي إليها وهذا ما قاله العلامة في المنتهى ونسب إلى الفقهاء كما في الروض ، وعن السرائر أن أهل الشرع لم يخصوا ذلك بمبرك دون مبرك ، نعم عن مشهور أهل اللغة أن المعاطن هي مباركها عند الشرب ليشرب علا بعد نهل وهذا ما صرح به الشهيد الثاني.

ومما يؤيد مطلق المبارك الإطلاق في موثق سماعة (سألته عن الصلاة في أعطان الإبل وفي مرابض البقر والغنم فقال : إن نضحته بالماء وقد كان يابسا فلا بأس بالصلاة فيها) (٤).

(٤) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عشرة مواضع لا يصلي فيها : الطين والماء. إلى أن قال. ومجرى الماء والسبخ والثلج) (٥) وهو المكان المعدّ لجريانه فيه وإن لم يكن ماء تمسكا بإطلاق اللفظ بعد عطفه على الماء في الخبر.

(٥) وهي الأرض المالحة التي يعلوها الملح وتكره الصلاة مع إمكان السجود عليها لا على الملح الموجود وعلى ظاهرها ومستند الحكم مرسل عبد الله بن الفضل المتقدم ومثله غيره.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٥ و ٢ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ مكان المصلي حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٦.


أو بكسرها وهي الأرض ذات السباخ (وقرى النمل) (١) جمع قرية ، وهي مجتمع ترابها حول جحرتها (و) في نفس (الثلج (٢) اختيارا) مع تمكن الأعضاء (٣) ، أما بدونه (٤) فلا مع الاختيار.

(وبين المقابر) (٥) وإليها ولو قبرا (٦)

______________________________________________________

(١) وهي مجتمع ترابها ومستند الحكم مرسل عبد الله بن الفضل : (عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين والماء والحمام والقبور ومسانّ الطريق وقرى النمل) الخبر.

(٢) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم وغيره.

(٣) من الأرض بما فيها الجبهة.

(٤) أي بدون التمكن.

(٥) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم (عشرة مواضع لا يصلّى فيها : الطين والماء والحمام والقبور) ، ولحديث المناهي (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يصلي الرجل في المقابر والطرق والأرحية والأودية ومرابط الإبل وعلى ظهر الكعبة) (١) ، وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة) (٢)

وهي محمولة على الكراهة كما عليه المشهور جمعا بينها وبين صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ فقال : لا بأس به) (٣) ، ومثله صحيح علي بن يقطين (٤) ، وصحيح ابن خلّاد عن الرضا عليه‌السلام : (لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة) (٥).

وترتفع الكراهة إذا كان بينه وبين القبور عشرة أذرع من كل جانب لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الرجل يصلي بين القبور قال : لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه ، وعشرة أذرع من خلفه ، وعشرة أذرع عن يمينه ، وعشرة أذرع عن يساره ، ثم يصلي إن شاء) (٦) ، وعن المفيد المنع من الصلاة بدون الحائل أو البعد ، وعن أبي الصلاح الحرمة وتردد في البطلان لأخبار المنع وهما ضعيفان لأخبار الجواز.

وفي الروض «وألحق الأصحاب بالقبور القبر والقبرين وفي دلالة الأخبار على ذلك نظر».

(٦) بأن يكون في قبلته للنهي في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الصلاة بين القبور ،

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٤.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٤ و ٣ و ٥.


(إلا بحائل (١) ولو عنزة (٢)) بالتحريك ، وهي العصا في أسفلها حديدة مركوزة أو معترضة (أو بعد عشرة أذرع) ولو كانت القبور خلفه ، أو مع أحد جانبيه فلا كراهة (٣).

(وفي الطريق) (٤) سواء كانت مشغولة بالمارة ، أم فارغة إن لم يعطّلها وإلا حرم (٥) (و) في (بيت فيه مجوسيّ) (٦) وإن لم يكن البيت له (وإلى نار مضرمة) (٧)

______________________________________________________

قال : بين خللها ولا تتخذ شيئا منها قبلة ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن ذلك ، وقال : لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا) (١).

(١) فقد ورد استحباب جعل شي‌ء بين يدي المصلي حائلا ففي خبر محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه‌السلام (في الرجل يصلي قال : يكون بين يديه كومة من تراب أو يخط بين يديه بخط) (٢) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان طول رحل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذراعا فإذا كان صلّى وضعه بين يديه يستتر به ممن يمرّ بين يديه) (٣) ومثلها غيرها ، وكلها غير ظاهرة في رفع الكراهة بالصلاة نحو القبر إذا وضع حائلا ولذا قال في الجواهر : «فلم نقف على نص في المقام في الحائل أصلا».

(٢) لخبر إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام (كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنزة في أسفلها عكاز يتوكأ عليها ويخرجها في العيدين يصلي إليها) (٤).

(٣) لأن صلاته ليست بين القبور حتى يشترط الحائل أو البعد المذكور لترتفع الكراهة ، نعم إذا كانت في قبلته فهي كوجود قبر واحد فيها فيشترط الحائل أو البعد حتى ترتفع الكراهة.

(٤) لمرسل عبد الله بن الفضل المتقدم (عشرة مواضع لا يصلى فيها : منها مسان الطرق) (٥) ، وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة في السفر فقال : لا تصلّ على الجادة واعتزل على جانبيها) (٦) ، وخبر الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام (كل طريق يوطأ فلا تصلّ عليه) ٧ بلا فرق بين الجادة العظمى أو غيرها مما يندرج تحت الطريق لخبر ابن الجهم ، والنهي محمول على الكراهة لعموم مسجدية الأرض وهذا ما عليه المشهور وعن ظاهر الفقيه والمقنعة المنع من الصلاة.

(٥) فلو تعطلت المارة بصلاته فسدت الصلاة للنهي عنها بتضرر السالك.

(٦) قد تقدم الكلام فيه في بحث بيوت المجوس.

(٧) قد تقدم البحث فيه في بيوت النار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٣ و ٢ و ٧.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٤ و ٥ و ٦.


أي موقدة ولو سراجا أو قنديلا ، وفي الرواية (١) كراهة الصلاة إلى المجمرة من غير اعتبار الإضرام (٢) ، وهو كذلك ، وبه عبّر المصنف في غير الكتاب ، (أو) إلى (تصاوير) (٣) ولو في الوسادة ، وتزول الكراهة بسترها بثوب ونحوه.

(أو مصحف (٤) ، أو باب مفتوحين) (٥) سواء في ذلك القارئ وغيره ، نعم يشترط الإبصار. وألحق به التوجه إلى كل شاغل من نقش وكتابة ، ولا بأس به ، (أو وجه إنسان) (٦) في المشهور فيه وفي الباب المفتوح ولا نصّ عليهما ظاهرا ،

______________________________________________________

(١) وهي خبر عمار وصحيح علي بن جعفر المتقدمين في بحث بيوت النار.

(٢) وهو سطوع النار وارتفاع لهبها.

(٣) لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (أصلي والتماثيل قدامي وأنا أنظر إليها قال : لا ، اطرح عليها ثوبا ، ولا بأس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك ، وإن كانت في القبلة فألق عليها ثوبا وصل) (١) ومثله وغيره.

(٤) فتكره الصلاة وبين يدي المصلي مصحف مفتوح لخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يصلي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته. قال : لا) (٢) جمعا بينه وبين خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر في نقش خاتمه وهو في الصلاة كأنه يريد قراءته أو في المصحف أو في كتاب في القبلة؟ قال : ذاك نقص في الصلاة وليس يقطعها) (٣) ومنه تعرف ضعف الحرمة عن أبي الصلاح وإن تردد في البطلان ، ثم عن الفاضل والشهيدين التعدية إلى كل منقوش لاشتراك الجميع في العلة ، ثم لا فرق في المصلي بين القارئ وغيره للإطلاق. نعم يشترط عدم المانع من الإبصار كالعمى والظلمة.

(٥) وعن المهذب البارع نسبته إلى الأكثر وعن مجمع البرهان نسبته إلى الأصحاب ، وقد اعترف أكثر من واحد بعدم الدليل عليه ونقل عن المحقق أنه نسب الحكم إلى الحلبي وقال : وهو أحد الأعيان فلا بأس باتباعه ، ويكفي فتواه في مستند الحكم لقاعدة التسامح.

(٦) ذكره جماعة من الأصحاب كما في الروض ، بل قيل إنه المشهور ، ولا دليل عليه ، نعم نسبه المحقق في المعتبر إلى الحلبي وقال : «لا بأس باتباع فتواه لأنه أحد الأعيان» ، وعلّل كما في الروض بحصول التشاغل به ، وبأن فيه تشبيها بالساجد لذلك الشخص ، والتعليل لا يصلح مستندا للحكم الشرعي لأنه استحسان محض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٢.


وقد يعلّل بحصول التشاغل به.

(أو حائط ينزّ من بالوعة) (١) يبال فيها (٢) ، ولو نزّ بالغائط فأولى (٣) ، وفي إلحاق غيره من النجاسات وجه (٤). (وفي مرابض الدواب) (٥) جمع مربض ، وهو مأواها ومقرّها ولو عند الشرب (إلا) مرابض (الغنم) (٦) فلا بأس بها للرواية معللا بأنها سكينة وبركة (٧) (ولا بأس بالبيعة)

______________________________________________________

(١) لمرسل البزنطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المسجد ينزّ حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال : إن كان نزّه من البالوعة فلا تصلّ فيه ، وإن كان نزه من غير ذلك فلا بأس) (١) بعد إسقاط خصوصية المسجدية.

(٢) كما هو مورد النص.

(٣) لأن الغائط أفحش لشدة رائحته ، ولخبر الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أقوم في الصلاة فأرى قدامي في القبلة العذرة فقال : تنح عنها ما استطعت) (٢) والتنحي بمقدار الاستطاعة لأنه قد شرع في الصلاة والخبر ظاهر في كراهة الصلاة إلى حائط ينزّ من بالوعة غائطا وعليه فلا داعي للتمسك بأولوية الغائط على البول بالنسبة للخبر المتقدم.

(٤) استشكل فيه العلامة في النهاية وتردد في التذكرة وكذا التردد في المسالك ، وفي الذكرى الجزم بالكراهة إذا كانت النجاسة ظاهرة وأطلق في المقنعة وفي التلخيص نسبه إلى المشهور ، كلّ ذلك لإسقاط خصوصية البول والغائط في الخبرين المتقدمين.

(٥) وهي الخيل والبغال والحمير لمضمرة سماعة (لا تصلّ في مرابط الخيل والبغال والحمير) (٣) بلا فرق بين الوحشية والأنسية منها ولا بين حضورها وغيابها.

(٦) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الصلاة في مرابض الغنم فقال : صلّ فيها) (٤) ، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم) (٥).

(٧) ففي الروض (لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة) وهذا الخبر مروي من طرق العامة لعدم وجوده في كتبنا فضلا عن أن أخبارنا خالية عن هذا التعليل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ١.


(والكنيسة (١) مع عدم النجاسة). نعم يستحبّ رشّ موضع صلاته منها وتركه حتى يجف (٢).

وهل يشترط في جواز دخولها إذن أربابها؟ احتمله المصنف في الذكرى تبعا لغرض الواقف ، وعملا بالقرينة ، وفيه قوة ، ووجه العدم إطلاق الأخبار بالإذن في الصلاة بها (٣).

(ويكره تقدم المرأة على الرجل ، أو محاذاتها له) (٤) في حالة صلاتهما من دون

______________________________________________________

(١) لصحيح العيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن البيع والكنائس يصلّى فيها؟ قال : نعم) (١) ، وخبر حكم بن الحكم (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وسئل عن الصلاة في البيع والكنائس. فقال : صلّ فيها قد رأيتها ما أنظفها) (٢). نعم ورد في خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سألته عن الصلاة في البيع والكنائس وبيوت المجوس؟ فقال : رشّ وصل) (٣).

(٢) نبّه عليه في المبسوط مع أن الخبر مطلق.

(٣) وأن حالها كحال المساجد فلا يتوقف على إذن الواقف أو الناظر.

(٤) نسب إلى المشهور المنع للأخبار منها : لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن المرأة تصلي عند الرجل فقال عليه‌السلام : لا تصلي المرأة بحيال الرجل إلا أن يكون قدامها ولو بصدره) (٤) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي قال : إن كانت تصلي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه) (٥) ، وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلي والمرأة بحذاه عن يمينه أو عن يساره فقال عليه‌السلام : لا بأس به إذا كانت لا تصلي) (٦) ، وعن السيد والحلي وأكثر المتأخرين الكراهة جمعا بين ما تقدم وخبر جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يصلي والمرأة تصلي بحذاه قال عليه‌السلام : لا بأس) (٧) ، وصحيح ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٦.


حائل (١) ، أو بعد عشرة أذرع (٢) (على) القول (الأصح) والقول الآخر التحريم ، وبطلان صلاتهما (٣) مطلقا (٤) ، أو مع الاقتران ، وإلا المتأخرة عن تكبيرة الإحرام. ولا فرق بين المحرم والأجنبية ، والمقتدية ، والمنفردة ، والصلاة الواجبة ، والمندوبة (٥).

(ويزول) المنع كراهة وتحريما (بالحائل) المانع من نظر (٦) أحدهما الآخر ولو

______________________________________________________

الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام (إنما سميت مكة بكة لأنه يبتك فيها الرجال والنساء ، والمرأة تصلي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ولا بأس بذلك ، وإنما يكره في سائر البلدان) (١).

(١) أما مع الحائل فلا بأس بالاتفاق لصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (في المرأة تصلي عند الرجل قال عليه‌السلام : إذا كان بينهما حاجز فلا بأس) (٢) ، وخبر محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا ينبغي ذلك إلا أن يكون بينهما ستر ، فإن كان بينهما ستر أجزأه) (٣) ومثلها غيرها.

(٢) ومع البعد المذكور فيزول النهي بالاتفاق لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن الرجل يصلي ضحى وأمامه امرأة تصلي بينهما عشرة أذرع ، قال عليه‌السلام : لا بأس ليمض في صلاته) (٤).

(٣) عطف على التحريم.

(٤) سواء ابتدءا معا أم لا وقال في الروض «وكذلك أطلق كثير من الأصحاب» للنهي عن الاجتماع في الموقف المذكور والنهي في العبادات مفسد ، وعن جماعة الجزم ببطلان المتأخر صلاة ، وأما الذي شرع أولا بصلاته فصلاته صحيحة وموثق عمار المتقدم يشعر بصحة صلاة المتقدم حيث قال السائل : (يستقيم له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي) والجواب وجود البأس في صلاته إن لم تكن تصلي خلفه وهذا هو مفهوم كلام الإمام عليه‌السلام ، وحصر البأس في صلاته المتأخرة وقتا دليل على عدم بطلان صلاة المرأة المتقدمة بحسب الوقت كما تقدمت بحسب المكان.

(٥) لإطلاق النصوص المتقدمة.

(٦) حيث عبّر عنه بالستر كما تقدم في الخبر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ١٠.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢.


ظلمة وفقد بصر في قول (١) ، لا تغميض الصحيح عينيه في الأصح (٢) (أو بعد عشرة أذرع) بين موقفهما (ولو حاذى سجودها قدمه فلا منع) (٣) والمروي (٤) في الجواز كونها تصلّي خلفه ، وظاهره تأخّرها في جميع الأحوال عنه ، بحيث لا يحاذي جزء منها جزءا منه ، وبه عبّر بعض الأصحاب ، وهو أجود.

(ويراعى في مسجد الجبهة) بفتح الجيم ، وهو القدر المعتبر منه في السجود ، لا محلّ جميع الجبهة (أن يكون من الأرض (٥) ، أو نباتها غير المأكول والملبوس)

______________________________________________________

(١) وهو اختيار العلامة في التحرير وإطلاق النصوص يدفعه.

(٢) لم يذهب إليه أحد بحسب التتبع ، نعم استشكل في ذلك العلامة في التحرير.

(٣) كما عن جماعة منهم المفيد في المقنعة والمحقق في الشرائع وهو ظاهر المنتهى ، غير أن النصوص قد اشترطت أن يكون الرجل قدامها ولو بصدره كما في صحيح زرارة المتقدم (إلا أن يكون قدّامها ولو بصدره) (١) ، ومنه تعرف ضعف القول الأول وأيضا ما ذهب إليه البعض من تأخر المرأة عن الرجل بحيث لا يحاذي جزءا منه كما استجوده الشارح.

(٤) وهو خبر عمار المتقدم (إن كانت تصلي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه) (٢) ومن القيد الأخير تعرف ضعف ما استجوده الشارح أيضا.

(٥) بالاتفاق للأخبار منها : صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز؟ قال عليه‌السلام : السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس ، ، فقال له : جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال عليه‌السلام : لأن السجود خضوع لله (عزوجل) فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله (عزوجل) فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها) (٣) وخبر الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا يسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا القطن والكتان) (٤) وخبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام (لا يسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا المأكول والقطن والكتان) (٥). ومنها تعرف حكم السجود على ما أنبتته الأرض من غير المأكول والملبوس.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب مكان المصلي حديث ٢ و ٤.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ١ و ٦ و ٣.


(عادة) (١) بالفعل ، أو بالقوّة القريبة منه بحيث يكون من جنسه ، فلا يقدح في المنع توقّف المأكول على طحن وخبز وطبخ ، والملبوس على غزل ونسج وغيرها (٢) ، ولو خرج عنه بعد أن كان منه كقشر اللوز ارتفع المنع لخروجه عن الجنسية (٣) ولو اعتيد أحدهما (٤) في بعض البلاد دون بعض ، فالأقوى عموم التحريم (٥). نعم لا يقدح النادر كأكل المخمصة والعقاقير المتّخذة للدواء من نبات لا يغلب أكله.

(ولا يجوز السجود على المعادن) (٦) لخروجها عن اسم الأرض بالاستحالة ومثلها الرّماد (٧) وإن كان منها (٨) وأما الخزف (٩) فيبنى على خروجه بالاستحالة

______________________________________________________

(١) لأنه الظاهر من صحيح هشام المتقدم (فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس) وعليه فلا بأس بالسجود على ما يؤكل في حالات نادرة كالمرض وعند المخمصة مع أنه غير مأكول بحسب عادتهم.

(٢) قال الشارح في الروض : «فلو توقف الأكل على طبخ ونحوه واللبس على غزل ونسج وخياطة وغيرها لم يؤثر في كونه مأكولا وملبوسا فالمعتبر حينئذ نوع المأكول والملبوس فلا فرق حينئذ بين القطن قبل غزله وبعده ولو اعتبر الفعل لزم جواز السجود على الثوب غير المخيط أو المفصل على وجه لا يصلح للبس عادة وغير ذلك مما هو معلوم البطلان» انتهى ولذا نهي عن السجود على القطن والكتان مطلقا.

(٣) أي جنس الأكل ولو بالقوة بل صار خشبا وهو من غير المأكول عادة.

(٤) اللبس أو الأكل لبعض الأصناف.

(٥) للتمسك بإطلاق ما أكل ولبس في صحيح هشام المتقدم.

(٦) لخروج المعادن عن اسم الأرض واسم ما أنبتته ، نعم لو فرض أن بعض المعادن مما يصدق عليه اسم الأرض فيجوز السجود عليه.

(٧) أي ومثل المعادن الرماد ، لأنه خرج عن اسم النبات بالاستحالة كخروج المعادن ومثله الفحم أيضا.

(٨) أي وإن كان الرماد من الأرض كما لو احترق حجر ما فاستحال رمادا.

(٩) ففي المدارك نسبة الجواز إلى قطع الأصحاب وعن الروض عدم العلم بالمخالف ، وذلك لصدق الأرض عليه وعدم خروجه بالطبخ عن الأرض وإن خرج عن اسم التراب ، ولذا منع البعض من التيمم به لحصر التيمم عنده بالتراب ولم يمنع من السجود عليه لأن دائرة السجود أوسع من دائرة التيمم ولذا جاز السجود على القرطاس ، وقد تقدم الكلام في بحث التيمم فراجع.


عنها (١) ، فمن حكم بطهره لزمه القول بالمنع من السجود عليه ، للاتفاق على المنع مما خرج عنها بالاستحالة وتعليل من حكم بطهره بها (٢) ، لكن لمّا كان القول بالاستحالة بذلك ضعيفا كان جواز السجود عليه قويا.

(ويجوز) السجود (على القرطاس) (٣) في الجملة إجماعا للنص الصحيح الدال

______________________________________________________

نعم ذهب الشيخ إلى أن الخزف لو كان نجسا قبل الاستحالة فيطهر بها عند ما يصير خزفا ، وألزم بأنه إذا كانت الاستحالة مطهرة له لوجب أن يخرج بها عن اسم الأرض ، وعليه فلا يجوز حينئذ السجود عليه ، وقال الشارح في الروض «لكن لما كان القول بذلك ضعيفا لضعف حجته لم يتجه القول بعدم جواز السجود عليه» نعم الأحوط عدم السجود عليه للشك في الاستحالة ، وما تقدم في الخزف يأتي في الآجر بالتمام.

(١) عن الأرض.

(٢) بالاستحالة والمراد أن من حكم بالطهارة ، علّل بالاستحالة ، ومع تحققها فيخرج الخزف عن الأرض فلا يجوز السجود عليه.

(٣) بالاتفاق ويدل عليه أخبار كثيرة منها : صحيح ابن مهزيار (سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه‌السلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا؟ فكتب عليه‌السلام : يجوز) (١) وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة) (٢) وهو ظاهر في جواز السجود على القرطاس المجرد.

وذهب الأكثر لإطلاق النصوص إلى عدم الفرق في القراطيس بين ما كانت متخذة مما يصح السجود عليها أو لا كالمتخذ من القطن والكتان بل والصوف والحرير ، وسواء كانت فيها نورة من دون صبغ أو كانت مصبوغة وسواء كان مكتوبا عليها أو لا ، وعن نهاية الأحكام واللمعة والبيان وحاشية النافع التقييد بالمتخذ من النبات ، وعن حاشية الإرشاد والجعفرية وإرشادها والعزية التقييد بما إذا كان من جنس ما يسجد عليه.

والأخير متعين جمعا بين أخبار القراطيس والأخبار المتقدمة بحصر السجود على الأرض ونباتها غير المأكول والملبوس ، ودعوى أن أخبار القراطيس مطلقة ليس في محلها إذ صحيح داود بن فرقد المتقدم إنما هو بصدد السؤال عن مانعية الكتابة عن السجود على القراطيس وكذلك صحيح جميل المتقدم ، وأما خبر صفوان الجمال الباقي من أخبار الباب ولم نذكره سابقا فهو (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام في المحمل يسجد على القرطاس وأكثر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ٣.


عليه ، وبه (١) خرج عن أصله المقتضي لعدم جواز السجود عليه ، لأنه مركّب من جزءين لا يصح السجود عليهما ، وهما النورة وما مازجها من القطن ، والكتّان ، وغيرهما (٢) ، فلا مجال للتوقف فيه في الجملة والمصنف هنا خصّه بالقرطاس (المتّخذ من النبات) كالقطن والكتّان والقنّب ، فلو اتخذ من الحرير لم يصح السجود عليه ، وهذا إنما يبنى على القول باشتراط كون هذه الأشياء مما لا يلبس بالفعل حتى يكون المتّخذ منها غير ممنوع ، أو كونه غير مغزول أصلا إن جوّزناه فيما دون المغزول ، وكلاهما لا يقول به المصنف (٣) وأما إخراج الحرير فظاهر على هذا لأنه لا يصح السجود عليه بحال.

وهذا الشرط (٤) على تقدير جواز السجود على هذه الأشياء (٥) ليس بواضح

______________________________________________________

ذلك يومئ إيماء) (١) وهو مجمل من ناحية جنس القراطيس فلا إطلاق له.

وعليه فمع الجهل بجنس القراطيس أو مع العلم بكونها مصنوعة مما لا يصح السجود عليه كما هو المتعارف في عصرنا فلا يصح السجود عليها لعدم إحراز شرط الصحة في ما يسجد عليه ، نعم إذا كان القرطاس مأخوذا من جنس ما يسجد عليه فالكتابة عليه لا تضر بالسجود كما في خبر جميل المتقدم بشرط أن لا تستوعب الكتابة جميع أجزاء القرطاس بحيث يقع مسمى السجود على أجزاء القرطاس الخالية عن الكتابة ، لأن الكتابة بالمداد أو بغيره تشكل جرما حائلا بين الجبهة والقرطاس ، نعم إذا لم يبق للكتابة إلا اللون فقط فلا منع ولذا جاز التيمم باليد المخضوبة.

(١) وبالنص.

(٢) كالحرير ، وفيه : إن الغالب وإن كان كذلك أعني المأخوذ من القطن والكتان إلا أن المعمول من القنب كان متعارفا وهو غير مأكول أو ملبوس فيقتصر عليه كما عرفت جمعا بين أخبار القراطيس وأخبار المنع عن المأكول والملبوس من نبات الأرض.

(٣) أو يقال إنّ القطن والكتان قد خرجا عن الملبوس بالفعل والقوة عند ممازجة النورة لهما فلذا جاز السجود عليهما ، وأما القنب فهو مما يتخذ منه الحبال فهو من غير الملبوس والمأكول ولذا قصرنا جواز السجود على القرطاس المأخوذ منه فقط.

(٤) أي المتخذ من النبات.

(٥) وهي القطن والكتان قبل الغزل أو هي من غير الملبوس فعلا عند ممازجة النورة لهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ١.


لأنه تقييد لمطلق النص أو تخصيص لعامّه من غير فائدة (١) ، لأن ذلك (٢) لا يزيله (٣) عن حكم مخالفة الأصل (٤) ، فإن أجزاء النورة المنبثّة فيه بحيث لا يتميّز من جوهر الخليط جزء يتم عليه السجود كافية (٥) في المنع (٦) ، فلا يفيده (٧) ما يخالطها (٨) من الأجزاء التي يصح السجود عليها منفردة.

وفي الذكرى جوّز السجود عليه إن اتّخذ من القنّب (٩) ، واستظهر المنع من المتّخذ من الحرير ، وبنى المتّخذ من القطن والكتان على جواز السجود عليهما ، ويشكل تجويزه القنّب على أصله (١٠) ، لحكمه فيها (١١) بكونه ملبوسا في بعض

______________________________________________________

(١) بناء على أن أخبار الجواز قد نصت على القرطاسية ، وهي مطلقة فيخرج بها عن نصوص التقييد بالأرض ونباتها غير المأكول والملبوس ، وقد عرفت أن أخبار القرطاسية لا تنص على إخراج القرطاس بما هو قرطاس لأنها إما مجملة وإما السؤال فيها بلحاظ الكتابة عليها فلا بد من تقييدها حينئذ بأخبار حصر السجود على الأرض ونباتها غير المأكول والملبوس.

(٢) أي اشتراط كونه متخذا من النبات.

(٣) أي يزيل القرطاس.

(٤) وهو منع السجود إلا على الأرض ونباتها ، وهو ليس منهما.

(٥) خبر لقوله (فإن أجزاء النورة).

(٦) وفيه : ما قاله في كشف اللثام : «إن المعروف أن النورة تجعل أولا في مادة القرطاس ثم يغسل حتى لا يبقى فيها شي‌ء منها» ولذا قال في مفتاح الكرامة «والجواب الصحيح أنّ النورة ليست جزءا منه أصلا ، وإنما توضع مع القنب أولا كما هو الغالب ثم يغسل حتى لا يبقى فيه شي‌ء منها أصلا ، ولهذا لم يتأمل فيه من هذه الجهة أحد من الأصحاب ممن تقدم على الشهيد ، وإني لأعجب منه ومن المحقق الثاني والشهيد الثاني وسبطه كيف يتأملون في ذلك ويقولون إن الحكم خارج عن الأصل ، والصانعون له من المسلمين والنصارى قريبون منهم أو بين أظهرهم ولا يسألونهم عن ذلك» انتهى.

(٧) أي للقرطاس ، وقد عرفت أنه يفيده.

(٨) أي يخالط النورة.

(٩) وهو المتعين كما عرفت.

(١٠) أصل المصنف.

(١١) أي لحكم المصنف في الذكرى بكون القنب ملبوسا في بعض البلاد.


البلاد ، وأن ذلك (١) يوجب عموم التحريم (٢) ، وقال فيها أيضا : في النفس من القرطاس شي‌ء ، من حيث اشتماله على النورة (٣) المستحيلة من اسم الأرض بالإحراق ، قال : إلا أن نقول الغالب جوهر القرطاس أو نقول : جمود النورة يردّ إليها (٤) اسم الأرض.

وهذا الإيراد (٥) متّجه لو لا خروج القرطاس بالنص الصحيح وعمل الأصحاب ، وما دفع به (٦) الإشكال غير واضح (٧) ، فإن أغلبية المسوّغ (٨) لا يكفي مع امتزاجه بغيره (٩) وانبثاث أجزائهما بحيث لا يتميّز ، وكون جمود النورة يردّ إليها اسم الأرض في غاية الضعف ، وعلى قوله (١٠) (رحمه‌الله) لو شكّ في جنس المتخذ منه. كما هو الأغلب. لم يصح السجود عليه ، للشك في حصول شرط الصحة. وبهذا ينسدّ باب السجود عليه غالبا ، وهو غير مسموع في مقابل النصّ وعمل الأصحاب (١١).

______________________________________________________

(١) أي إذا كان متعارفا في بعض البلاد لبسه فيحرم السجود عليه مطلقا.

(٢) وفيه : إن القنب إذا لم يمازجه النورة فنعم وأما القنب الممزوج بالنورة على المعنى المتقدم فلا يصلح لبسه ولو في بعض البلاد ولذا جاز السجود عليه لأنه قد خرج عن الملبوس فعلا أو قوة ، أو أن يقال إنّ لبسه في بعض البلاد على نحو النادر وهذا لا يوجب عموم التحريم إذ الذي يوجب هو القليل في قبال الكثير لا النادر في قبال الغالب الشائع.

(٣) وقد عرفت عدم اشتماله فلا داعي لبقاء شي‌ء في النفس.

(٤) إلى النورة.

(٥) من اشتماله على النورة.

(٦) من أنّ الغالب جوهر القرطاس.

(٧) المراد.

(٨) وهو القنب بناء على حصر القرطاس به في كلامه في الذكرى.

(٩) وهو النورة التي لا يجوز السجود عليها فكيف جوّز السجود على جوهر القرطاس بالإضافة إلى أن جوهره ممزوج بالنورة بحيث صارت جزءا منه.

(١٠) من حصر جواز السجود على القرطاس المتخذ من القنب فقط.

(١١) وفيه إنه ليس ردا للنص ولا لعمل الأصحاب ، لأن جواز السجود على القرطاس إنما هو بعد تحقق موضوعه ومعرفته بالنسبة للمكلف فلو انسدّ هذا الباب في تشخيص الموضوع فلا يكون ردا للحكم كما هو واضح.


(ويكره) السجود (على المكتوب) منه مع ملاقاة الجبهة لما يقع عليه اسم السجود خاليا من الكتابة ، وبعضهم لم يعتبر ذلك ، بناء على كون المداد عرضا لا يحول بين الجبهة وجوهر القرطاس ، وضعفه ظاهر.

(الخامس. طهارة البدن من الحدث والخبث)

(وقد سبق) بيان حكمهما مفصلا (١).

(السادس (٢). ترك الكلام) (٣)

في أثناء الصلاة ،

______________________________________________________

ثم لا داعي لتشديد الشارح على الماتن فيما قاله في الذكرى من حصر الجواز بالقرطاس المتخذ بالقنب بعد ما قال الشارح نفسه في الروض «فالاقتصار فيما خرج عن الأصل على موضع الاتفاق وهو كونه متخذا من غير الملبوس طريق اليقين وسبيل البراءة» وبعد ما قال في المسالك «وقصر الجواز على ما اتخذ من غير الملبوس هو الأحوط وقوفا في الرخصة على موضع اليقين».

(١) أما طهارة البدن من الحدث فقد تقدم البحث في الوضوء والغسل والتيمم وهي توجب رفع الحدث عن البدن ، وأما طهارة البدن من الخبث فقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا في أحكام النجاسات عند قول المصنف والشارح : «وهذه النجاسات العشر يجب إزالتها لأجل الصلاة عن الثوب والبدن».

(٢) والبحث فيه عن قواطع الصلاة.

(٣) تعمد الكلام مبطل للصلاة بالاتفاق للأخبار منها : موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (في الرجل يصيبه الرعاف قال : إن لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته) (٢) وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام فيمن يأخذه الرعاف قال : (وإن تكلم فليعد صلاته) (٣) ثم لا فرق في الكلام المبطل بين وجود مخاطب أو لا للإطلاق ، وكذا لا فرق بين كونه مضطرا أو مختارا لأن حديث الرفع يرفع المؤاخذة ولا يصلح لإثبات صحة الصلاة ، نعم إذا تكلم سهوا فلا تبطل صلاته بلا خلاف للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في الرجل يسهو في ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٦ و ٧.


وهو (١) على ما اختاره المصنف والجماعة. ما تركّب من

______________________________________________________

الركعتين ويتكلم فقال عليه‌السلام : يتمّ ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا شي‌ء عليه) (١) وصحيح ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم فقال عليه‌السلام : يتم صلاته ثم يسجد سجدتين) (٢).

نعم يستثنى من الكلام ذكر الله والدعاء المباح والقرآن فإنه غير مبطل بلا خلاف ويدل عليه موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أيجوز لهما أن يقولا سبحان الله؟ قال عليه‌السلام : نعم ، ويوميان إلى ما يريدان) (٣) وصحيح ابن مهزيار عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه ، قال عليه‌السلام : نعم) (٤) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كلما ذكرت الله (عزوجل) به والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من الصلاة) (٥) وخبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن ذكر السورة من الكتاب يدعو بها في الصلاة مثل قل هو الله أحد ، قال : إذا كنت تدعو بها فلا بأس) (٦) وظاهر الأخير اشتراط قصد الدعاء بالقرآن.

(١) أي الكلام ، اعلم أنه قد وقع الاتفاق بينهم على أن الكلام المبطل هو ما كان بحرفين فصاعدا سواء كانا موضوعين لمعنى أو مهملين بلا خلاف فيه كما عن الذخيرة وادعى عليه الإجماع في الحدائق وهو المنقول عن شمس العلوم وشرح الكافية لنجم الأئمة.

وألحقوا بالكلام المبطل شيئين الأول : ما كان من حرف واحد مفهم لمعنى مثل (ق) من الوقاية ، وفي الحدائق نسبته إلى ظاهر الأصحاب لصدق الكلام عليه لغة وعرفا ، بل هو كلام عند أهل العربية لتضمنه الإسناد المفيد لأن المحذوف منه كالمذكور ، وإن تردد في القواعد ، وعن التذكرة والنهاية والدروس عدم البطلان لكونه لا يخرج عن الحرف الواحد والمبطل ما اشتمل على حرفين فصاعدا.

الثاني : الحرف الذي بعده مدة ناشئة من إشباع حركته ضما أو كسرا أو فتحا ، فإن هذه المدة حرف يلحقها بالواو أو الألف أو الياء فيصير المجموع حرفين وبهما تبطل الصلاة.

وأشكل عليهم الشارح هنا بعد ما استعرض ذلك عنهم بإشكالات ثلاثة :

الأول : تقييد الكلام المبطل بما اشتمل على حرفين فصاعدا ولو كانا مهملين مما لا دليل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.


حرفين (١) فصاعدا ، وإن لم يكن كلاما لغة (٢) ولا اصطلاحا (٣) ، وفي حكمه (٤) الحرف الواحد المفيد (٥) كالأمر من الأفعال المعتلة الطرفين ، مثل «ق» من الوقاية ، و «ع» من الوعاية لاشتماله على مقصود الكلام وإن أخطأ بحذف هاء السّكت (٦) وحرف المد (٧) لاشتماله على حرفين فصاعدا.

ويشكل بأن النصوص خالية عن هذا الإطلاق (٨) ، فلا أقلّ من أن يرجع فيه (٩)

______________________________________________________

عليه ، لأن الكلام الوارد في الأخبار محمول على المعنى العرفي وهو صادق على مطلق اللفظ الصادر وهو مطلق الصوت المقطع من جنس الكلام.

الإشكال الثاني : إن الحرف الواحد المفهم للمعنى مثل (ق) من الوقاية هو كلام عرفا بل أيضا بحسب أهل اللغة والعربية ، أما بحسب أهل اللغة فهو الموضوع لحرفين فصاعدا بشرط الوضع فهو كذلك لأن المقدّر فيها بمنزلة الملفوظ ، وأما بحسب أهل العربية فهو المتضمن للإسناد الخبري أو الإنشائي وهو كذلك ، فلا داعي للتردد فيه كما وقع من العلامة في القواعد ، أو الجزم بالبطلان كما وقع منه ومن الشهيد.

الإشكال الثالث : إن حرف المدّ بما هو هو ليس بحرف ولا حركة وإنما هو زيادة في مطّ الحرف والنفس به وعليه فالمد ليس بحرف حتى يكون مع ما قبله موجبا للبطلان ، وإشكالاته الثلاثة متينة جدا.

(١) موضوعين أو مهملين.

(٢) قد عرفت أن الشائع عند أهل اللغة هو أن الكلام ما تركب من حرفين فصاعدا إذا كان لمعنى فيخرج المهمل.

(٣) قد عرفت أن المصطلح عند أهل العربية كالنحاة هو أن الكلام ما اشتمل على الإسناد التام الخبري أو الإنشائي ، وغيره خارج.

(٤) أي حكم ما تركب من حرفين.

(٥) أي المفيد للمعنى وهو الأمر الأول الملحق عندهم بالكلام.

(٦) لأنه يجب إلحاقها بفعل الأمر إذا كان من حرف واحد.

(٧) والمدّ يحصل من إشباع أواخر الكلم ، والمدة إما ألف أو واو أو ياء ، ومقصود الشارح أن حرف المد مع ما قبله حرفان تبطل الصلاة بهما وهذا هو الأمر الثاني الملحق عندهم بالكلام.

(٨) أي إطلاق كون الكلام ما تركب من حرفين فصاعدا ، موضوعين كانا أو مهملين ، فيجب حمل الكلام المبطل على المعنى العرفي وهذا هو الإشكال الأول.

(٩) في الكلام.


إلى الكلام لغة أو اصطلاحا (١) ، وحرف المدّ (٢). وإن طال مدّه بحيث يكون بقدر أحرف (٣). لا يخرج عن كونه حرفا واحدا في نفسه ، فإن المدّ. على ما حققوه. ليس بحرف ولا حركة ، وإنما هو زيادة في مطّ الحرف والنفس به ، وذلك لا يلحقه بالكلام.

والعجب (٤) أنهم جزموا بالحكم الأول مطلقا (٥) ، وتوقفوا في الحرف المفهم من حيث كون المبطل الحرفين فصاعدا ، مع أنه (٦) كلام لغة واصطلاحا (٧).

وفي اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى وجهان (٨) ، وقطع المصنف بعدم اعتباره. وتظهر الفائدة في الحرفين الحادثين من التنحنح ونحوه (٩) وقطع

______________________________________________________

(١) أي فإن لم يحمل على المعنى العرفي فيجب حمله على المعنى اللغوي أو الاصطلاحي عند أهل العربية ، وأما حمله على ما يخالف الجميع فهو مما لا دليل عليه ، وهذا من تتمة الإشكال الأول.

(٢) هذا هو الإشكال الثالث المتقدم.

(٣) فيقال : مدّ بمقدار خمس ألفات ، ويراد منه التقدير لزمان النطق بالألفات الخمسة لا أن المدّ هو بحقيقته خمس ألفات كما هو واضح.

(٤) شروع في عرض الإشكال الثاني.

(٥) أي جزموا بكون الكلام ما تركب من حرفين موضوعين أو مهملين.

(٦) أي مع أن الحرف المفهم.

(٧) أما لغة فلأنه من حرفين غايته أحدهما مقدر ، وأما اصطلاحا فلأنه مشتمل على الإسناد بين الفعل والفاعل.

(٨) قد عرفت إطباقهم على عدم اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى ، ولذا قال في الجواهر : «فما عن الروضة من أن في اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى وجهين ، وقطع المصنف بعدم اعتباره في غير محله قطعا».

(٩) كالأنين والتأوه ، اعلم أن الصلاة لا تبطل بصوت التنحنح ولا بصوت الأنين والتأوه والنفخ وإن كان هذا الصوت مؤلفا من حرفين ، لخروج ذلك عن مسمى الكلام عرفا ويدل عليه مع ذلك موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته أو أهله لتأتيه ، فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب ، لتنظر من هو ، فقال عليه‌السلام : لا بأس به) (١) ، وخبر إسحاق بن عمار عن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.


العلامة بكونهما حينئذ غير مبطلين ، محتجا بأنهما ليسا من جنس الكلام ، وهو حسن (١).

واعلم أن في جعل هذه التروك من الشرائط تجوّزا ظاهرا ، فإن الشرط يعتبر كونه متقدّما على المشروط ومقارنا له ، والأمر هنا ليس كذلك (٢).

(و) ترك (الفعل الكثير (٣) عادة) وهو ما يخرج به فاعله عن كونه مصليا عرفا. ولا عبرة بالعدد (٤) ، فقد يكون الكثير فيه قليلا كحركة الأصابع ، والقليل

______________________________________________________

رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن المكان يكون عليه الغبار أفأنفخه إذا أردت السجود ، فقال عليه‌السلام : لا بأس) (١) ، نعم ورد في خبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (من أنّ في صلاته فقد تكلم) (٢) وهو محمول على الكراهة جمعا ، أو معرض عنه بين الأصحاب كما عن غير واحد.

(١) وفيه : إن معنى الكلام عرفا ينطبق عليهما بل ينطبق على الحرف الواحد المهمل ، وهذا ما ذهب إليه الشارح أولا فكيف استحسن ذلك من العلامة ، ثم إن ظاهر كلامه أن الشهيد والعلامة قد خالفا بالمهمل وحكما بعدم البطلان ، ونقله عن الشهيد قد عرفت ما قاله فيه صاحب الجواهر ، وأما نقله عن العلامة مع استحسانه له مع أنه على خلاف مبناه فقد قال عنه في الجواهر «وهو أغرب من الأول».

(٢) لأن التروك لا يجب تقدمها على الصلاة وإنما يعتبر مقارنتها فقط.

(٣) بل ترك كلّ فعل تمحى به صورة الصلاة سواء كان الفعل قليلا أو كثيرا بلا خلاف فيه ولا إشكال ، وقد اعترف أكثر من واحد بعدم النص عليه ، فقال في المدارك : «لم أقف على رواية تدلّ بمنطوقها على بطلان الصلاة بالفعل الكثير» ، نعم مستند البطلان هو خروج المصلي عن كونه مصليا بهذا الفعل كما علّله في المعتبر والمنتهى وجماعة ، ومنه تعرف أن المدار على محو صورة الصلاة وليس له ضابط خاص. فقد يكون الكثير قليلا غير ماح لصورة الصلاة كحركة الأصابع ، وقد يكون القليل كثيرا ماحيا لصورة الصلاة كالوثبة الفاحشة ، ومنه تعرف أن عدّ الركعات والتسبيح بالأصابع والسبحة كما هو المتعارف عند بعض المصلين لا يضرّ لعدم محو صورة الصلاة ، ومنه تعرف حكم السكوت الطويل الموجب لمحو صورة الصلاة دون القليل.

(٤) أي عدد الأفعال.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب السجود حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.


فيه كثيرا كالوثبة الفاحشة.

ويعتبر فيه التوالي (١) ، فلو تفرّق بحيث حصلت الكثرة في جميع الصلاة ولم يتحقّق الوصف (٢) في المجتمع (٣) منها لم يضر ، ومن هنا كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحمل أمامة وهي ابنة ابنته ويضعها كلما سجد ثم يحملها إذا قام (٤). ولا يقدح القليل كلبس العمامة والرّداء ومسح الجبهة وقتل الحيّة والعقرب وهما منصوصان (٥).

(و) ترك (السكوت الطويل) المخرج عن كونه مصليا (عادة) ولو خرج به عن كونه قارئا (٦) بطلت القراءة خاصة.

(و) ترك (البكاء) (٧) بالمدّ ، وهو ما اشتمل منه على صوت ، لا مجرّد خروج

______________________________________________________

(١) أي توالي الفعل المنافي بحيث لو فرّق على أجزاء الصلاة لخرج عن كونه ماحيا فلا بأس ، نعم لو أتى به دفعة واحدة وعدّ ماحيا لصورة الصلاة فهو مبطل وهذا هو مراده من التوالي.

(٢) وهو الخروج عن كونه مصليا عرفا.

(٣) أي المجتمع فعلا من دون ضم بقية الأفعال الواقعة في بقية أجزاء الصلاة.

(٤) صحيح مسلم ج ٢ ص ٧٣.

(٥) ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (رجل يرى العقرب والأفعى والحية وهو يصلي أيقتلها؟ قال : نعم إن شاء فعل) (١) ومثله غيره من الأخبار ، وفي خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها. وهي تصلي وترضعه وهي تتشهد) (٢).

(٦) فالسكوت له حدّ لا يضرّ بالصلاة ولا بالقراءة ، وله حدّ يضرّ بالقراءة فقط دون الصلاة وله حد يضرّ بالقراءة والصلاة والمرجع هو العرف.

(٧) تعمد البكاء موجب لبطلان الصلاة على المشهور لخبر النعمان بن عبد السلام عن أبي حنيفة (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال عليه‌السلام : إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصلاة ، وإن كان ذكر ميتا له فصلاته فاسدة) (٣) ، وعن الأردبيلي وجماعة الإشكال فيه لضعف الخبر وفيه : إن عمل الأصحاب به جابر لوهنه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.


الدمع مع احتماله لأنه (١) البكا مقصورا ، والشك في كون الوارد منه في النص مقصورا أو ممدودا ، وأصالة عدم المدّ معارض بأصالة صحة الصلاة ، فيبقى الشك في عروض المبطل مقتضيا لبقاء حكم الصحة.

______________________________________________________

هذا واعلم أن البكاء يمدّ ويقصر فمع المدّ يراد به البكاء المشتمل على الصوت ، ومع القصر يزاد به الدموع فقط وهو المحكي عن الصحاح والخليل والراغب وابن فارس وعن المقاييس نسبته إلى النحويين ، وباعتبار أن المسئول عنه في الرواية كما وصلت إلينا بالمدّ فيكون البكا مقصورا ومجردا عن الصوت فلا بأس به وإن كان لذكر الميت وقد نسب ذلك إلى المشهور بين الأصحاب كما في الحدائق ، هذا ويحتمل أن يكون البكاء في الرواية مقصورا إذ لا توجد نسخ مضبوطة تقطع النزاع مع العلم بتسامح النساخ بالإضافة إلى أن لفظ البكاء بالمد قد وقع في السؤال مع أن الحكم مستفاد من الجواب وهو مشتمل على الفعل (إن بكى) وهو مطلق يشمل الحالتين ، فضلا عن أصالة عدم الزيادة في اللفظ والمعنى عند الشك فيها ، وأيضا لا نسلم بهذا الفرق بين الممدود والمقصور إذ المعنى العرفي أعم ولا بد أن تحمل الرواية عليه.

وفي الكل تأمل أما في الأول فكل النسخ قد جاءت بالممدود فلا داعي لاحتمال غيره ، والثاني أن الفعل وإن كان كذلك إلا أن المراد منه هو الممدود للتطابق بيّن الجواب والسؤال والثالث معارض بأصالة صحة الصلاة لو بكى من دون صوت ، والرابع أن الفرق بين العرف واللغة في عصرنا غير متحقق وأن البكاء فيهما هو ما يشمل المجرد لكن اتفاق أهل اللغة على ما نقل يوجب أن يكون المعنى العرفي في زمن صدور النص متطابقا معه ، وإن كان الاحتياط لا يترك في البكاء المجرد عن الصوت.

ثم اعلم أن الرواية وإن نصت على البكاء لذكر الميت لكن مقابلته مع ذكر الجنة والنار يقتضي أن يكون ذكر الميت من باب المثال لكل ما يكون من الأمور الدنيوية ، نعم إذا صلى ودعا الله بأمر دنيوي لكنه بكى تذللا لله تعالى حتى يقضي حاجته فهو من المرغبات شرعا ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله تعالى فمجده وأثن عليه كما هو أهله وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسل حاجتك ، وتباك ولو مثل رأس الذباب ، إن أبي عليه‌السلام كان يقول : إن أقرب ما يكون العبد من الرب (عزوجل) وهو ساجد باك) (١).

(١) أي مجرد خروج الدمع.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الدعاء حديث ٤.


وإنما يشترك ترك البكاء (للدنيا) كذهاب مال وفقد محبوب ، وإن وقع على وجه قهري في وجه (١) ، واحترز بها عن الآخرة ، فإن البكاء لها. كذكر الجنة والنار ، ودرجات المقرّبين إلى حضرته ، ودركات المبعّدين عن رحمته. من أفضل الأعمال (٢). ولو خرج منه حينئذ (٣) حرفان فكما سلف (٤).

(و) ترك (القهقهة) (٥) وهي : الضحك المشتمل على الصوت وإن لم يكن فيه

______________________________________________________

(١) لا يمكن دفعه ، فلو بكى على نحو الاضطرار تبطل الصلاة على المشهور بل قيل : لم يعرف مخالفا فيه لإطلاق النص ، وحديث الرفع يرفع الإثم ولا يصحح ما وقع منه.

(٢) ففي خبر منصور بن يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حتى يبكي ، فقال : قرة عين والله ، وقال : إذا كان ذلك فاذكرني عنده) (١) وخبر سعد بيّاع السابري (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيتباكى الرجل في الصلاة؟ فقال : بخ بخ ولو مثل رأس الذباب) (٢).

(٣) أي ولو خرج من المصلي حين كون بكائه لذكر الجنة والنار.

(٤) من اشتراط كونهما موضوعين لمعنى فيبطل وإلا فلا وقد استحسنه الشارح الثاني ، ولذا قال في الروض «ولو خرج منه حرفان بحيث لا يصدق عليهما اسم الكلام فكما مرّ في التنحنح ، وقطع المصنف. أي العلامة. هنا أيضا بعدم البطلان بهما» هذا وقد عرفت خروجهما عن اسم الكلام عرفا وليس البطلان لأن الكلام المبطل هو ما تركب من حرفين موضوعين لمعنى دون المهملين.

(٥) فالقهقهة مبطلة للصلاة بالاتفاق للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (القهقهة لا تنفض الوضوء وتنقض الصلاة) (٣) وموثق سماعة (سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة؟ قال : أما التبسم فلا يقطع الصلاة وأما القهقهة فهي تقطع الصلاة) (٤) وفي صحيح ابن أبي عمير عن رهط سمعوه يقول : (إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء ، إنما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة) (٥)

والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والمدّ والترجيع كما عن العين وتهذيب اللغة ، وعليه فلا تكون مطلق الضحك وإن اشتمل على الصوت ، ولكن لا بد من كون المراد من المبطل هو مطلق الضحك لوقوعها في قبال التبسم مع كون الخبر بصدد بيان حكم تمام أفراد الضحك ، والمراد بالخبر هو موثق سماعة المتقدم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٥.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢ و ٣.


ترجيع ، ولا شدة ، ويكفي فيها وفي البكاء مسماهما (١) ، فمن ثم أطلق. ولو وقعت على وجه لا يمكن دفعه ففيه وجهان (٢) ، واستقرب المصنف في الذكرى البطلان.

(والتّطبيق) (٣) وهو : وضع إحدى الراحتين على الأخرى راكعا بين ركبتيه ، لما روي من النهي عنه ، والمستند ضعيف ، والمنافاة به من حيث الفعل (٤) منتفية ، فالقول بالجواز أقوى ، وعليه المصنّف في الذكرى.

(والتكتّف) (٥) وهو : وضع إحدى اليدين على الأخرى بحائل وغيره فوق

______________________________________________________

(١) أي مسمى الضحك والبكاء.

(٢) لم يخالف في البطلان إلا الأردبيلي ، ومستند المشهور عموم النصوص المتقدمة ، ودعوى حديث الرفع والاضطرار والتمسك به كما عن الأردبيلي لا تنفعه لأن الخبر يرفع المؤاخذة فقط.

(٣) فعن أبي الصلاح والشهيد والعلامة في المختلف كراهته ، وعن ابن الجنيد والفاضلين وظاهر الخلاف كما عن الذكرى وأيضا نسب فيها إلى أبي الصلاح التحريم مع أنه في البيان نسب إليه الكراهة ، ونسب إلى ابن مسعود وصاحبيه الأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن الأسود الاستحباب ، بل عن الخلاف للشيخ أن ابن مسعود قائل بوجوبه.

وعلى كل فلا يوجد في ذلك إلا خبر قرب الإسناد المروي عن علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة على) (١) وهذا ما أورده صاحب الجواهر وأورد عليه بأنه ناظر إلى التكتيف.

وإلا ما روته العامة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص (صليت إلى جنب أبي فطبقت يديّ وجعلتهما بين ركبتيّ ، فضرب أبي في يدي فلما انصرف قال : يا بني إنا كنا نفعل ذلك فأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب) وهي مع ضعف سندها لا تدل على النهي عن التطبيق إذ لعل الوضع على الركب هو المستحب فلذا أمروا به فلا يكون غيره مكروها ، ولذا قال البعض كما في المستمسك بأنه لا دليل عليه ظاهرا.

(٤) أي من حيث إنّه فعل كثير فتبطل الصلاة.

(٥) على المشهور للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (الرجل يضع يده

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.


السرة وتحتها بالكف عليه وعلى الزّند ، لإطلاق النهي عن التكفير الشامل لجميع ذلك (إلّا لتقية) فيجوز منه ما تأدت به ، بل يجب ، وإن كان عندهم سنة ، مع ظن الضرر بتركها ، لكن لا تبطل الصلاة بتركها (١) حينئذ (٢) لو خالف (٣) ، لتعلق النهي بأمر خارج بخلاف المخالفة في غسل الوضوء بالمسح (٤) (والالتفات إلى ما وراءه) (٥)

______________________________________________________

في الصلاة وحكى اليمنى على اليسرى فقال : ذلك التكفير لا تفعل) (١) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ولا تكفّر فإنما يفعل ذلك المجوس) (٢) وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (وسألته عن الرجل يكون في صلاته أيضع إحدى يديه على الأخرى بكفّه أو ذراعه؟ قال : لا يصلح ذلك ، فإن فعل فلا يعود له) (٣) وخبره الآخر المتقدم (وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة عمل) (٤).

وذهب أبو الصلاح والمحقق في المعتبر وجماعة إلى الكراهة ويدفعهم النهي الظاهر في التحريم والبطلان ، ثم إن جماعة كالصدوق في الفقيه والمفيد في المقنعة وابن زهرة في الغنية والمحقق في النافع والشرائع اقتصروا على كون التكتف بوضع اليمنى على اليسرى كما هو ظاهر صحيح ابن مسلم المتقدم ، وغيرهم ذهب إلى مطلق وضع إحدى اليدين على الأخرى كما هو صريح بقية النصوص ، إذا صدر منه بداعي التخضع سواء كان بينهما حائل أو لا وسواء كانا فوق السرة أو تحتها وسواء وضع إحدى اليدين على الأخرى أو وضعها على الزند أو الذراع.

نعم إن صدر تقية فلا بأس لعموم أدلة التقية ، وكذا لو صدر بداعي الحك ونحوه فلا بأس لخروجه عن كونه بداعي التخضع المنهي عنه.

(١) التقية.

(٢) أي حين ظن الضرر بتركها.

(٣) وترك التكفير ، لأن النهي حينئذ هو نهي عن ترك التكفير وهو نهي عن وصف خارج عن أفعال الصلاة.

(٤) بحيث وجب عليه غسل القدم تقية فخالف ومسح فالنهي هنا مبطل للوضوء لتعلقه بفعل من أفعال الوضوء وهو المسح.

(٥) ففي الجملة هو مبطل بالاتفاق فإن كان ببدنه أجمع فتبطل الصلاة لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله) (٥).

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢ و ٥ و ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٣.


إن كان ببدنه أجمع ، وكذا بوجهه عند المصنف وإن كان الفرض بعيدا (١) ، أما إلى ما دون ذلك كاليمين واليسار ، فيكره بالوجه (٢) ويبطل بالبدن (٣) عمدا (٤) من حيث الانحراف عن القبلة.

(والأكل والشرب) (٥) وإن كان قليلا كاللقمة ، إما لمنافاتهما وضع

______________________________________________________

ومفهومه إذا لم يكن بكله فلا تبطل الصلاة وإن التفت بالوجه مستدبرا وإليه ذهب العلامة وجماعة ، ويدفعه أن الالتفات بالوجه مستدبرا مبطل للصلاة لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا) (١) والاستدبار بالوجه من مصاديق الالتفات الفاحش إلا أن يقال إن المراد منه ما كان بكل البدن ولكن يدفعه صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام (سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شي‌ء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسّه ، قال : إن كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس وإن كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح) (٢) وعليه يحمل موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة) (٣).

وأما الالتفات بالوجه عن القبلة إلى ما بين اليمين والشمال فلا تبطل الصلاة لخبر عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الالتفات في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال عليه‌السلام : لا ، وما أحب أن يفعل) (٤) وقد حملت على هذه الصورة جمعا بينها وبين ما تقدم ، وخالف فخر المحققين في هذه الصورة وأوجب بطلان الصلاة وهو ضعيف للخبر.

(١) بحيث يبقى البدن مستقبلا والوجه مستدبرا.

(٢) قد عرفت حكم التفات الوجه إلى ما بين اليمين واليسار ، وأما إلى نفس اليمين واليسار فجائز لصحيح علي بن جعفر المتقدم (إذا كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس وإن كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح) فجعل البطلان في النظر إلى المؤخرة فغيره يكون جائزا بل وكذا النظر إلى الجانبين مما يستدعي النظر إلى عين يمين المصلي ويساره ، لكن حكم بالكراهة لإطلاق موثق أبي بصير المتقدم وإن حمل على صورة الاستدبار.

(٣) لأنه مناف للاستقبال الذي هو شرط في صحة الصلاة.

(٤) بل وسهوا لإطلاق النصوص وحديث الرفع قد تقدم أنه لا يرفع إلا المؤاخذة والإثم.

(٥) بلا خلاف فيه لكن اختلفوا في السبب الموجب للبطلان فقيل لكونه أكلا وشربا ويكفي ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢ و ٤ و ٦ و ٥.


الصلاة (١) ، أو لأن تناول المأكول والمشروب ووضعه في الفم وازدرداه أفعال كثيرة (٢) ، وكلاهما ضعيف ، إذ لا دليل على أصل المنافاة (٣) ، فالأقوى اعتبار الكثرة فيهما عرفا (٤) ، فيرجعان إلى الفعل الكثير ، وهو اختيار المصنف في كتبه الثلاثة (إلا في الوتر لمن يريد الصوم) وهو عطشان (فيشرب) (٥) إذا لم يستدع منافيا غيره ، وخاف فجأة الصبح قبل إكمال غرضه منه ولا فرق فيه (٦) بين الواجب والندب.

واعلم أن هذه المذكورات أجمع إنما تنافي الصلاة مع تعمّدها (٧) ، عند

______________________________________________________

حينئذ مسماهما كما عن الشيخ وفيه أنه لا دليل عليه ، وقيل لأنه فعل كثير لان تناول المأكول ومضغه وابتلاعه أفعال متعددة وكذا المشروب كما عن التذكرة ونهاية الأحكام ، وقيل لأنه بالأكل والشرب يعرض عن الصلاة كما عن الشهيد ، والحق كما عن جماعة أنهما يوجبان محو صورة الصلاة عرفا فلذا تبطل الصلاة. نعم لا بد من استثناء ابتلاع بقايا الطعام الباقية في الفم أو بين الأسنان لأنه لا يصدق عليه الأكل ولو صدق فهو لا يوجب محو صورة الصلاة عرفا وهذا الاستثناء متفق عليه أيضا.

(١) كما عن الشيخ.

(٢) كما عن العلامة.

(٣) إذ لا دليل على أن مطلق الأكل والشرب يبطل الصلاة.

(٤) بل الأقوى جعل المناط هو محو صورة الصلاة بهما عرفا بلا فرق بين القليل والكثير.

(٥) لخبر سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إني أبيت وأريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب ، وأكره أن أصبح وأنا عطشان ، وأمامي قلّة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث ، قال عليه‌السلام : تسعى إليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء) (١). نعم قيدت الرواية بما إذا لم يصدر منه المنافي بحيث لا يستدبر القبلة إذا رجع بل يرجع القهقرى ، وهذه الرخصة مقصورة على الماء إذا كان عطشانا وأما إذا لم يكن عطشانا فلا. وكذا يمنع من الأكل في الصلاة لعدم شمول النص له وأيضا مخصوص بمن يريد الصوم ويخشى طلوع الفجر ، ومخصوص بما إذا كان في الوتر وفي حال الدعاء وإن كان الأولى تعميم الرخصة لمطلق النافلة ولو كان في غير الدعاء إذا لا خصوصية للرواية في الوتر وفي الدعاء.

(٦) في الصوم لإطلاق الخبر.

(٧) لأن صدورها سهوا لا يضر لحديث الرفع وهذا ما ذهب إليه الجلّ إن لم يكن الكل وقد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.


المصنف مطلقا (١) ، وبعضها إجماعا (٢) ، وإنما لم يقيّد هنا اكتفاء باشتراطه تركها ، فإن ذلك يقتضي التكليف به (٣) المتوقّف على الذكر ، لأن الناسي غير مكلّف ابتداء ، نعم الفعل الكثير ربما توقّف المصنف في تقييده بالعمد ، لأنه أطلقه في البيان ، ونسب التقييد في الذكرى إلى الأصحاب ، وفي الدروس إلى المشهور ، وفي الرسالة الألفية جعله من قسم المنافي مطلقا (٤) ولا يخلو إطلاقه هنا (٥) من دلالة على القيد (٦) إلحاقا له بالباقي (٧). نعم لو استلزم الفعل الكثير ناسيا انمحاء صورة الصلاة رأسا توجه البطلان أيضا ، لكن الأصحاب أطلقوا الحكم.

(السابع. الإسلام : فلا تصح العبادة) (٨)

مطلقا (٩) فتدخل الصلاة (١٠) (من الكافر) (١١) مطلقا وإن كان مرتدا مليا ،أو

______________________________________________________

عرفت أن حديث الرفع يرفع المؤاخذة فقط ولا يصحح الصلاة لو وقعت هذه المذكورات في أثنائها ولذا استثنى بعضهم صورة النسيان أو الجهل بالحكم الوضعي فحكم بالبطلان.

(١) أي في كل فرد من أفراد هذه المذكورات.

(٢) أي أن الإجماع قام على إبطال بعضها في صورة التعمد وإن ذهب المصنف إلى إبطال جميعها في هذه الصورة.

(٣) أي بالترك.

(٤) سواء صدر عمدا أو لا.

(٥) في اللمعة.

(٦) وهو أن الفعل الكثير ينافي الصلاة في صورة التعمد ، لأنه لم يقيده بالإطلاق بل جعله كغيره ، وقد عرفت أن الجميع عند المصنف مختص بصورة العمد.

(٧) للفعل الكثير بباقي المذكورات.

(٨) لا تصح العبادة من الكفار لاشتراط إيقاعها مع قصد التقرب وهو منفي من الكفار إذ لا يتأتى لهم ، ولذا اشترط الإسلام في صحة العبادات.

(٩) صلاة كان أو غيرها.

(١٠) أي تدخل في العبادة التي لا تصح من الكفار.

(١١) إن قلت : إن عدم تأتي النية من الكفار إنما يتم في الكافر الدهري الذي لا يعرف الله ، وأما غيره ممن جحد أمرا ضروريا فيتأتى منه قصد التقرب ، قلت : مرادهم من نفي التقرب في حق الكافر هو نفي التقرب الموجب لترتب الثواب وهذا لا يمكن في الكافر ـ


فطريا (وإن وجبت عليه) (١).

كما هو قول الأكثر ، خلافا لأبي حنيفة حيث زعم أنه غير مكلف بالفروع فلا يعاقب على تركها ، وتحقيق المسألة في الأصول. (والتمييز) (٢) بأن يكون له قوة يمكنه بها معرفة أفعال الصلاة ليميّز الشرط من الفعل ، ويقصد بسببه فعل العبادة ، (فلا تصح من المجنون (٣) ، والمغمى عليه (٤) و) الصبي (غير المميّز لأفعالها) بحيث لا يفرّق بين ما هو شرط فيها وغير شرط ، وما هو واجب وغير واجب ، إذا نبّه عليه.

(ويمرّن الصبيّ) على الصلاة (لستّ) (٥) ، وفي البيان لسبع (٦) ، وكلاهما

______________________________________________________

المحكوم بدخوله النار ، وفيه : إنه لا دليل على ذلك وإلا للزم عدم صحة عبادات المخالفين لعدم ترتب الثواب عليها ، وسيأتي له تتمة في الحاشية الآتية.

(١) أي وجبت العبادة على الكافر وهذا هو المشهور المعروف عن الإمامية ، وادعى بعضهم الإجماع عليه ويقتضيه عموم أدلة التكليف ، وخالف أبو حنيفة فذهب إلى عدم تكليفهم بالفروع ويؤيده أن تكليف الكافر بالفروع مشكل مع الالتزام بعدم صحتها منه فلو أريد الإتيان بها حال الكفر مع عدم الصحة فهو تكليف ما لا يطاق وهو قبيح عقلا ولو أريد الإتيان بها بعد إسلامه فهو مناف لالتزامهم بأن العبادات الثابتة حال الكفر تسقط بالإسلام للحديث النبوي المشهور : (الإسلام يجب ما قبله) (١).

وردّ بأنهم قادرون على الامتثال الموجب للتقرب برفع الكفر فهو تكليف بالمقدور.

(٢) لأنه مع عدم التمييز فهو كالجمادات ويمتنع تكليفه وهذا واضح عقلا.

(٣) لمنافاة الجنون للنية.

(٤) لأن الإغماء ينافي النية كالجنون.

(٥) لخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الصبي متى يصلي؟ قال : إذا عقل الصلاة ، قلت : متى يعقل الصلاة وتجب عليه؟ قال : لست سنين) (٢).

(٦) لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام (أنا نأمر صبياننا بالصلاة إذا كانوا بين خمس سنين ، فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين) ٣.

__________________

(١) كنز العمال ج ١ حديث ٢٤٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢ و ٥.


مروي ، ويضرب عليها لتسع (١) ، وروي لعشر (٢) ، ويتخير (٣) بين نية الوجوب والندب ، والمراد بالتمرين التعويد على أفعال المكلفين ليعتادها قبل البلوغ فلا يشق عليه بعده.

(الفصل الثالث. في كيفية الصلاة)

(ويستحبّ) (٤) قبل الشروع في الصلاة (الأذان والإقامة) وإنما جعلهما من الكيفية خلافا للمشهور من جعلهما من المقدمات نظرا إلى مقارنة الإقامة لها غالبا (٥) لبطلانها (٦) بالكلام ونحوه (٧) بينها وبين الصلاة ، وكونها أحد

______________________________________________________

(١) لخبر عبد الله بن فضالة عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما‌السلام (يترك الغلام حتى يتم له سبع سنين فإذا تمّ له سبع سنين قيل له : اغسل وجهك وكفيك ، فإذا غسلهما قيل له : صل ، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين فإذا تمت له علّم الوضوء وضرب عليه وأمر بالصلاة وضرب عليها ، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه إن شاء الله) (١).

(٢) لا يوجد خبر يدل على ضرب الطفل لعشر على الصلاة. نعم ورد في خبر الجعفريات مسندا : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء عشر سنين) (٢).

(٣) بل ذكر جماعة تخيير الصبي في كل عبادة بين نية الوجوب ونية الندب ، أما الوجوب لغرض التمرين على الفعل الواجب ، وأما الندب لعدم وجوب العبادة عليه ، بل بعضهم رجح نية الوجوب أو مطلق القربة من دون قصد الوجوب أو الندب لأن عبادات الصبي تمرينية لحديث رفع القلم ، وفيه : إن حديث رفع القلم يرفع الإلزام والمؤاخذة ولا يرفع الرجحان والمشروعية ، بل الأصح أن عباداته مشروعة لإطلاق أدلة التشريع ، نعم لا يقصد الوجوب ولا الندب لعدم الدليل عليه بل يقصد مطلق القربة.

(٤) سيأتي دليله إن شاء الله تعالى.

(٥) التقييد بالغالب إما باعتبار الغلبة في أفراد الصلاة وهي الصلاة اليومية بالنسبة إلى غيرها ، وإما باعتبار أن الغالب في أحوال المصلين مقارنة الإقامة للصلاة ، وغير الغالب هو المصلي الذي يكتفي بإقامة غيره فصلاته غير مقارنة لإقامته.

(٦) أي الإقامة وسيأتي الكلام في أنها لا تبطل ، نعم يكره ذلك.

(٧) كالسكوت الطويل والفعل الكثير.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٧.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٣.


الجزءين (١) فكانا كالجزء المقارن ، كما دخلت النية فيها ، (٢) ، مع أنها خارجة عنها (٣) ، متقدمة عليها (٤) على التحقيق.

وكيفيتهما (بأن ينويهما) (٥) أولا لأنهما عبادة ، فيفتقر في الثواب عليها (٦) إلى النية (٧) ، إلا ما شذ (٨) ، (ويكبّر أربعا في أول الأذان ، ثم التشهّدان) بالتوحيد والرسالة ، (ثم الحيعلات الثلاث ، ثم التكبير ، ثم التهليل ، مثنى مثنى) ، فهذه ثمانية عشر فصلا (٩).

______________________________________________________

(١) وهم ودفع ، أما الوهم : إن الإقامة مقارنة للصلاة وأما الأذان فلا داعي لجعله من كيفية الصلاة ، ودفعه : إن الإقامة أحد جزئي الأذان والإقامة ، فإذا اعتبرت المقارنة بين الصلاة وبين أحد الجزءين فقد اعتبرت أيضا بين الصلاة وبين الجزءين معا.

(٢) في الصلاة بناء على أنها جزء.

(٣) بناء على أنها شرط وهو الصحيح بدليل الوجدان.

(٤) بحيث يقع التقارن بين آخر جزء من النية وأول جزء من التكبير بناء على أن النية إخطارية وقد عرفت أنها على نحو الداعي فلا داعي للبحث في محل النية أنها عند أول التكبير أو بين الألف والراء من تكبيرة الإحرام أو يبتدأ التكبير عند انتهائها.

(٥) أي يأتي بهما بنية التقرب ، فهما متوقفان على نية التقرب لأنهما عباديان بالاتفاق والارتكاز المتشرعي شاهد على ذلك.

(٦) على العبادة.

(٧) أي كل عبادة لا يثاب عليها إلا بنية التقرب ، بل لا تتقوّم العبادة إلا بنية التقرب.

(٨) كالأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى فهي عبادة يترتب عليها الثواب وغير مفتقرة على النية كما قيل هذا بالنسبة للأذان والإقامة ، ويمكن أن يريد بقوله إلا ما شذّ بالنسبة إلى مطلق العبادات كمعرفة الله وإجلاله وتعظيمه والسجود له وسائر التخشعات فإنها عبادة لا تتوقف على النية ، وكذا نفس النية فإنها أمر عبادي لا تتوقف على النية والا لزم التسلسل.

(٩) بالاتفاق ويدل عليه الأخبار منها : خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا ، فعدّ ذلك بيده واحدا واحدا ، الأذان ثمانية عشر حرفا ، والإقامة سبعة عشر حرفا) (١) ، وخبر الحضرمي وكليب الأسدي جميعا عن أبي عبد الله

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.


(والإقامة مثنى) في جميع فصولها وهي فصول الأذان إلا ما يخرجه (ويزيد بعد حيّ على خير العمل قد قامت الصلاة مرتين ويهلّل في آخرها مرة) واحدة.

ففصولها سبعة عشر (١) تنقص عن الأذان ثلاثة ويزيد اثنين ، فهذه جملة الفصول المنقولة شرعا ، (ولا يجوز اعتقاد شرعية غير هذه) الفصول (في الأذان والإقامة كالتشهد بالولاية) (٢) لعلي عليه‌السلام (وأن محمدا وآله خير البرية) أو خير البشر (وإن)

______________________________________________________

عليه‌السلام (حكى لهما الأذان فقال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، حي على خير العمل حي على خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله لا إله إلا الله) (١).

نعم يعارضها طائفة من النصوص مثل صحيح صفوان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى) (٢) وهي لا تقاوم الطائفة الأولى لأنها المشهور وعليها العمل.

(١) إنه مذهب الأصحاب وعليه عمل الطائفة ويدل عليه خبر إسماعيل الجعفي المتقدم ، وما ورد من أنها مثنى مثنى كصحيح صفوان المتقدم أو أنها مرة مرة إلا قول (الله أكبر) فإنه مرتان (٣) ، وغير ذلك فهو غير معمول به وبعضه محمول على التقية.

(٢) الشهادة لعلي عليه‌السلام بالولاية وإمرة المؤمنين ليست جزءا من الأذان أو الإقامة بلا خلاف في ذلك ولا إشكال ، قال الصدوق في الفقيه : «هذا هو الأذان الصحيح. بعد ذكر خبر الحضرمي والأسدي المتقدم. لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة (لعنهم الله) قد وضعوا أخبارا زادوا بها في الأذان : (محمد وآل محمد خبر البرية) مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله (أشهد أن عليا ولي الله) مرتين ، ولا شكّ في أن عليا ولي الله وأمير المؤمنين حقا ، وأن محمدا وآله صلى الله عليهم خير البرية ، لكن ليس ذلك في أصل الأذان ، ثم قال : وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم في جملتنا). وقال الشيخ في النهاية : فأما ما روي في شواذ الأخبار من قول : (إن عليا ولي الله وآل محمد خير البرية) فمما لا يعمل عليه في الأذان والإقامة ، فمن عمل به كان مخطئا» وقال في المبسوط : «وأما قول. أشهد أن عليا أمير المؤمنين وآل محمد خير البرية. على ما ورد في شواذ الأخبار فليس بمعمول عليه في الأذان ولو فعله الإنسان لم يأثم به ، غير أنه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله».

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٩ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣.


(كان الواقع كذلك) فما كل واقع حقا يجوز إدخاله في العبادات الموظّفة شرعا ، المحدودة من الله تعالى ، فيكون إدخال ذلك (١) فيها بدعة وتشريعا ، كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهدا أو نحو ذلك من العبادات. وبالجملة فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان.

قال الصدوق : إن إدخال ذلك فيه من وضع المفوّضة وهم طائفة من الغلاة ، ولو فعل هذه الزيادة ، أو إحداها بنية أنها منه أثم في اعتقاده ، ولا يبطل الأذان بفعله ، وبدون اعتقاد ذلك لا حرج (٢). وفي المبسوط أطلق عدم الإثم به (٣) ، ومثله المصنّف في البيان.

(واستحبابهما ثابت في الخمس) اليومية خاصة (٤) ، دون غيرها من الصلوات

______________________________________________________

(١) بعنوان أنه من أجزاء الأذان والإقامة.

(٢) بل يستحب لخبر الاحتجاج (إذا قال أحدكم : لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل : علي أمير المؤمنين) (١) وهو مطلق يشمل الأذان وغيره ، ولما ورد في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (وصل على النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان وغيره) (٢) فإذا استحب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أثناء الأذان مع الاعتقاد بعدم الجزئية فكذا في غيره مما تقدم.

(٣) وإن اعتقد أنه من الأذان وقد تقدم كلامه.

(٤) بالاتفاق ويشهد له جملة من النصوص منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ليس يوم الفطر ولا يوم والأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس) (٣).

وخبر إسماعيل الجعفي (أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال عليه‌السلام : ليس فيهما أذان ولا إقامة ولكنه ينادي الصلاة ثلاث مرات) (٤).

وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذان وأقم) (٥) وهو محمول على الفرائض الخمسة فقط جمعا بين الأخبار.

__________________

(١) الاحتجاج ج ١ ص ٢٣١ في ضمن احتجاج أمير المؤمنين (ع) في ذيل تفصيل ما كتب على العرش طبع دار النعمان سنة ١٣٨٦ ه‍ ١٩٦٦ م.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٥ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٤.


وإن كانت واجبة. بل يقول المؤذّن للواجب منها : الصلاة ثلاثا (١) بنصب الأولين (٢) ، أو رفعهما (٣) ، أو بالتفريق (٤) (أداء وقضاء (٥) ، للمنفرد والجامع (٦) ، وقيل) والقائل به المرتضى والشيخان (يجبان في الجماعة) (٧) لا بمعنى اشتراطهما في الصحة ، بل في ثواب الجماعة على ما صرح به الشيخ في المبسوط وكذا فسّره به (٨) المصنّف في الدروس عنهم مطلقا (٩).

______________________________________________________

(١) لخبر إسماعيل الجعفي المتقدم مع إلغاء خصوصية مورده.

(٢) أي بنصب لفظ الصلاة في المرة الأولى والثانية وأما في المرة الثالثة فالوقف ، والنصب على تقدير حذف العامل بتقدير : أقيموا الصلاة وأما الوقف في الثالثة فلأن الوقف مع الإعراب غير عربي كما ذكر.

(٣) على أنهما فاعل مع حذف الفعل بتقدير : حضرت الصلاة ، أو كونهما مبتدأ لخبر محذوف والتقدير : الصلاة قائمة أو حاضرة ، أو كونهما خبرا لمبتدإ محذوف والتقدير : هذه الصلاة.

(٤) بالنصب والرفع.

(٥) لإطلاق نصوص مشروعيتهما.

(٦) رجالا أو نساء ، حضرا أو سفرا على المشهور لإطلاق نصوص مشروعيتهما.

(٧) فعن السيد والشيخين وابني حمزة والبراج أنهما واجبان على الرجال في الجماعة ، وعن الغنية والكافي والإصباح إطلاق الوجوب من غير تقييده بالرجال ومستندهم أخبار منها : خبر أبي بصير عن أحدهما عليه‌السلام (أيجزي أذان واحد؟ قال عليه‌السلام : إن صليت جماعة لم يجز إلا أذان وإقامة ، وإن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك يجزئك إقامة إلا الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصّر فيهما كما يقصّر في سائر الصلوات) (١).

ولكنها معارضة بصحيح علي بن رئاب (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام قلت : تحضر الصلاة ونحن مجتمعون في مكان واحد ، أتجزئنا إقامة بغير أذان؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٢) وخبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كان القوم لا ينتظرون أحدا اكتفوا بإقامة واحدة) (٣).

(٨) أي فسر الوجوب بالاشتراط في الثواب.

(٩) أي عن الجميع من دون استثناء لأحد منهم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ ، وذيله في باب ـ ٦ ـ حديث ٧.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٠ و ٨.


(ويتأكدان في الجهرية (١) ، وخصوصا الغداة والمغرب) (٢) بل أوجبهما فيهما الحسن مطلقا (٣) ، والمرتضى فيهما على الرجال (٤) ، وأضاف إليهما (٥) الجمعة ، ومثله ابن الجنيد ، وأضاف الأول الإقامة مطلقا (٦) ، والثاني هي (٧) على الرجال مطلقا (٨) (ويستحبّان للنساء سرا) (٩) ويجوزان جهرا إذا لم يسمع

______________________________________________________

(١) للإجماع عن الغنية وهو الحجة لخلو النصوص عن ذلك ، وعلّل كما في روض الجنان «لأن في توظيف الجهر فيها دلالة على اعتناء الشارع بالتنبيه عليها ، وفي الأذان والإقامة زيادة تنبيه فيتأكد فيها» وهو استحسان محض.

(٢) فعن ابن أبي عقيل وجوبهما مطلقا وعن ابن الجنيد وجوبهما على الرجال لخبر أبي بصير المتقدم (إلا الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصّر فيهما كما يقصّر في سائر الصلوات).

وصحيح صفوان بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا بد في الفجر والمغرب من أذان وإقامة في الحضر والسفر لأنه لا يقصّر فيهما في حضر ولا سفر ، وتجزئك إقامة بغير أذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، والأذان والإقامة في جميع الصلوات أفضل) (١) ومثلها غيرها ، لكنها محمولة على الاستحباب المؤكد جمعا بينها وبين صحيح عمر بن يزيد (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الإقامة بغير الأذان في المغرب ، فقال عليه‌السلام : ليس به بأس وما أحب أن يعتاد) (٢) وإذا ثبت التفكيك في المغرب يثبت في الفجر لعدم التقصير فيهما.

(٣) على الرجال والنساء.

(٤) وكذا ابن الجنيد.

(٥) أي وأضاف السيد المرتضى الجمعة.

(٦) أي أضاف الحسن فأوجب الإقامة في جميع الصلوات على الرجال والنساء.

(٧) أي وأضاف المرتضى أن الإقامة واجبة على الرجال في جميع الصلوات.

(٨) علّق الشارح بقوله : «الإطلاق الأولي لمذهب الحسن بالنسبة إلى الرجال والنساء وقرينته تقييد المرتضى بعده ، والثانية وهي قوله : وأضاف الأول الإقامة مطلقا بالنسبة إلى جميع الخمس بمعنى أنه أوجب الإقامة في الخمس دون الأذان مضافا إلى ما أوجبه فيهما سابقا ، والإطلاق الثالثة للمرتضى في الخمس كذلك لكنه خصّ الوجوب بالرجال» انتهى.

(٩) لأن النساء عورة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٦.


الأجانب من الرجال (١) ، ويعتدّ بأذانهن لغيرهن (٢) (ولو نسيهما) المصلي ولم يذكر حتى افتتح الصلاة (تداركهما ما لم يركع) في الأصح (٣) ، وقيل يرجع

______________________________________________________

(١) مع أنّ لو سمعت الرجال صوتها مع علمها بالسماع فهو محرم كما في الروض قال : «فإن سمعوا مع علمها حرم ولم يعتدّ به للنهي المفسد للعبادة ، ولو لم تعلم صح ، وظاهر المبسوط الاعتداد به مع سماعهم مطلقا وهو ضعيف ، واعتذر له في الذكرى بإمكان أن يقال إن ما كان من قبيل الأذكار وتلاوة القرآن مستثنى كما استثني الاستفتاء من الرجال وتعلمهن منهم والمحاورات الضرورية ، ويندفع بأن ذلك المستثنى للضرورة وهي منتفية هنا» ونوقش بأن النهي غير مفسد لأنه عن أمر خارج عن الأذان والإقامة وهو الجهر بهما فضلا عن أن النهي غير ثابت إذ كونها عورة لا يدل على تحريم سماع صوتها للسيرة القاضية بالجواز.

(٢) من النساء وكذا للرجال المحارم كما عن الروض.

(٣) كما هو المشهور لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم واستفتح الصلاة ، وإن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك) (١) وهو محمول على الاستحباب لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة ، قال عليه‌السلام : فليمض في صلاته فإنما الأذان سنة) (٢).

وعن الشيخ في التهذيب والاستبصار جواز الرجوع قبل الفراغ من الصلاة لصحيح علي بن يقطين (عن الرجل ينسى أن يقيم الصلاة وقد افتتح الصلاة قال عليه‌السلام : إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته ، وإن لم يكن فرغ من صلاته فليعد) (٣). وهو مردود لما قاله العلامة في المختلف من دعوى الإجماع على خلافه فيكون مهجورا عندهم. وإطلاق النص والفتوى شامل للمنفرد وغيره فما عن الشرائع والمبسوط من التقييد بالمنفرد ليس بوجه كما في المسالك.

والنصوص مقيدة بالنسيان فلا تشمل من كان متعمدا للترك فلا يجوز له الرجوع ، وعن الشيخ في النهاية والحلي أنه يرجع ما لم يركع إذا تركهما متعمدا ، وأما إذا تركهما نسيانا فيمضي في صلاته ولا يرجع ، وهو ضعيف إذ ليس له مأخذ فيما بين أيدينا. وذهب المشهور إلى أن ناسي الأذان والإقامة يرجع ، وكذا ناسي الأذان ، وأما ناسي الإقامة فقط ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣.


العامد دون الناسي ، ويرجع أيضا للإقامة لو نسيها ، لا للأذان وحده ، (ويسقطان عن الجماعة الثانية) (١) إذا حضرت لتصلّي في مكان فوجدت جماعة أخرى قد أذّنت وأقامت وأتمّت الصلاة (ما لم تتفرّق الأولى) بأن يبقى منها ولو

______________________________________________________

فلا يرجع اقتصارا في إبطال الصلاة على موضع الوفاق كما في المسالك ، مع أن الشهيد في النفلية نسب إلى المشهور جواز الرجوع في ناسي الإقامة ، وعن الإيضاح وغاية المرام الإجماع على عدم جواز الرجوع في ناسي الأذان.

وعلى كل فالنصوص ظاهرة في جواز الرجوع لناسيهما معا ، وأما غيره فلا دليل عليه.

(١) الداخل للمسجد من أجل الصلاة تسقط عنه الأذان والإقامة إذا كان في المسجد قد أقيمت صلاة الجماعة بأذان وإقامة ولم تتفرق صفوفها ، ويدل عليه الأخبار الكثيرة منها : موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم؟ قال عليه‌السلام : إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى بأذانهم وإقامتهم ، وإن كان تفرق الصف أذّن وأقام) (١).

وخبر أبي علي (كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فأتاه رجل فقال : جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر وانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمتعناه ودفعناه عن ذلك ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : أحسنت ، ادفعه عن ذلك وامنعه أشدّ المنع ، فقلت : فإن دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة؟ قال عليه‌السلام : يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو. يبدر. بهم إمام) (٢).

فالخبر الأول قد دلّ على سقوطهما عن المنفرد ، والثاني عن الجماعة ، ويشترط في السقوط أن يكون الأذان والإقامة لجماعة فيسقطان عن المنفرد والجماعة الثانية حينئذ ، وأما إذا صلى المنفرد بأذان وإقامة فلا يسقطان عن الثاني سواء كان منفردا أو جماعة لاختصاص النصوص بكون الأول جماعة ، وظاهر النصوص أن الجماعة كانت في المسجد فلو قامت جماعة في غير المسجد فهل يسقطان عن المنفرد أو الجماعة التي أدركت الأولى قبل تفرق صفوفها؟ والذي ذهب إليه في الذكرى التعميم لعدم تعقل الفرق ، وفي روض الجنان العدم لأنه خروج عن مورد النص فيقتصر في الرخصة على موردها ، ثم إن تفرق الصف يتحقق بقيام جميع المصلين من أماكنهم فلو بقي بعضهم ولو واحدا متشاغلا بالتسبيح فلا يصدق تفرق الصف حينئذ عرفا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.


واحد معقّبا ، فلو لم يبق منها أحد كذلك وإن لم يتفرق بالأبدان لم يسقطا عن الثانية ، وكذا يسقطان عن المنفرد بطريق أولى (١) ، ولو كان السابق منفردا لم يسقطا عن الثانية مطلقا (٢).

ويشترط اتحاد الصلاتين (٣) ، أو الوقت والمكان عرفا (٤) ، وفي اشتراط كونه مسجدا وجهان (٥) ، وظاهر الإطلاق (٦) عدم الاشتراط (٧) وهو الذي اختاره المصنّف في الذكرى ، ويظهر من فحوى الأخبار أن الحكمة في ذلك مراعاة جانب الإمام السابق في عدم تصوير الثانية بصورة الجماعة ومزاياها ، ولا يشترط العلم بأذان الأولى وإقامتها ، بل عدم العلم بإهمالها لهما (٨) مع احتمال السقوط عن الثانية مطلقا (٩)

______________________________________________________

(١) وجه الأولوية أن الأذان والإقامة في الجماعة آكد منهما في المنفرد ومع ذلك يسقطان في الجماعة فسقوطهما عن المنفرد أولى فضلا عن الأخبار المصرّحة بذلك كخبر أبي بصير المتقدم.

(٢) منفردا أو جماعة اقتصارا في الرخصة على مورد النص.

(٣) كما عن الشيخ في المبسوط وإطلاق الأخبار يقتضي العدم فلو كانت الجماعة الأولى قد صلت الظهر وأتت الجماعة الثانية تريد صلاة العصر لاندرجوا تحت خبر أبي بصير المتقدم ، نعم في خبر أبي علي ذكر الفجر ولكن لم يكن على نحو الاشتراط حتى يثبت اشتراط اتحاد الصلاتين.

(٤) أما اشتراط الوقت فهو لا يزيد عن اشتراط اتحاد الصلاتين وقد عرفت ما فيه ، وأما اشتراط المكان فواضح اقتصارا في الرخصة على موضع النص وهو وحدة المسجد بين الصلاتين.

(٥) بل قولان وقد تقدم الكلام في ذلك.

(٦) أي إطلاق الأخبار.

(٧) وهو صحيح في اتحاد الصلاتين والوقت وأما في المكان والمسجد فلا بدّ من الاشتراط كما سمعت ، بل الحكمة هي مراعاة جانب الإمام الراتب ولذا ورد في ذيل خبر أبي علي المتقدم عن الجماعة الثانية (يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو. يبدر. بهم إمام) وهذا كاشف عن عدم تصوير الصلاة الثانية بصورة الجماعة لجانب الإمام الراتب.

(٨) أي بإهمال الجماعة الأولى للأذان والإقامة حملا لفعل المسلم على الصحيح بمعنى الكامل ثوابا.

(٩) حتى مع العلم بإهمال الأولى لهما.


عملا بإطلاق النص (١) ، ومراعاة الحكمة (٢).

(ويسقط الأذان في عصري عرفة) (٣) لمن كان بها (والجمعة (٤) ، وعشاء) ليلة

______________________________________________________

(١) وفيه أنه ولو وجد فلا بد من حمله على ما لو أذنت الأولى وأقامت لأن غالب النصوص قد صرحت بأذان الأولى وإقامتها.

(٢) المستفادة من خبر أبي علي المتقدم وفيه : إن مراعاة الحكمة فيما لو أتت الأولى بأذان وإقامة كما هو مورد خبر أبي علي ، وفي غير هذا المورد فلا بدّ من التمسك بإطلاق أدلة مشروعية الأذان والإقامة.

(٣) بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (السنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر ، ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان وكذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة) (١).

ومرسل الفقيه : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء ب (جمع) بأذان واحد وإقامتين) (٢).

ومقتضى هذه الأخبار أن الأذان يسقط للصلاة الثانية لمن أراد الجمع لا مع التفريق في خصوص عرفة لمن كان بها وكذا في المزدلفة ، فما يظهر من البعض بسقوط الأذان مع التفريق ولمن كان في خارج عرفة ضعيف جدا.

(٤) أي يسقط أذان عصر يوم الجمعة إذا جمعت بين العصر والظهر أو بين العصر والجمعة ويستدل له بخبر حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام (الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة) (٣) بناء على تفسيره بأذان العصر لأنه ثالث بعد أذان الصبح وأذان الظهر ، أو أنه ثالث بعد الأذان والإقامة للظهر لكن عن جماعة أنه الأذان الثاني للظهر ، الذي ابتدعه عثمان وقد رواه في مجمع البيان عن السائب بن زيد ، وعن بعض أنه ابتدعه معاوية.

وعن الشيخ الاستدلال للحكم بصحيح الفضيل وزرارة وجماعة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين) (٤) ، وقد وردت جملة من النصوص على أنه جمع بين الصلاتين بأذان واحد وإقامتين كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.


(المزدلفة) (١) وهي المشعر ، والحكمة فيه (٢) مع النصّ (٣) استحباب الجمع بين الصلاتين (٤) ، والأصل في الأذان الإعلام ، فمن حضر الأولى صلى الثانية فكانتا كالصلاة الواحدة (٤) ، وكذا يسقط في الثانية عن كل جامع (٦) ولو جوازا (٧)

______________________________________________________

واحد وإقامتين) (١).

وعليه فتخصيص سقوط أذان عصر يوم الجمعة فقط عند الجمع ليس في محله بل يشمل غيره من الأيام ويشمل غير الظهرين من يوم الجمعة وهذا ما أشكله سيد المدارك وهو في محله. وعن ابن إدريس سقوط أذان العصر يوم الجمعة لمن صلى الجمعة دون الظهر ، وهو كما ترى ، وعن المفيد وابن البراج استحباب أذان العصر يوم الجمعة كسائر الأيام ويمكن حمل كلامهما على عدم الجمع بينهما لأنك قد عرفت أن السقوط لعلة الجمع ، ثم إن لفظ «عصري» الوارد في كلام المصنف إنما هو بالنسبة لعرفة والجمعة كما هو واضح.

(١) لمن كان فيها وقد تقدم الكلام فيه.

(٢) في سقوط الأذان في هذه الموارد الثلاثة.

(٣) وهو النصوص الواردة في سقوط الأذان لعصر عرفة ولعشاء المزدلفة وقد تقدمت ، وأما سقوط أذان عصر الجمعة فلا يوجد عليه نص كما عرفت بل ادعى بعضهم عليه الإجماع ليس إلا.

(٤) في هذه الموارد الثلاثة ، وعليه فيكون سقوط أذان الثانية لمكان الجمع لا لخصوصية البقعة أو لخصوص زمن الجمعة.

(٥) فلذا سقط الأذان في الثانية إذ لا داعي للإعلام بها بعد جمعها مع الأولى.

(٦) وقد تقدم دليله وهو التأسي بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوارد في صحيح ابن سنان المتقدم.

(٧) أي ولو كان الجمع جائزا على نحو الرخصة لأن الأصل في الصلاة التفريق ونصوص الجمع واردة على نحو الرخصة فلا يكون الجمع أفضل ، نعم الجمع في عرفة والمزدلفة ويوم الجمعة مستحب أما في عرفة والمزدلفة للأمر بالجمع في صحيح ابن سنان المتقدم ، وفي صحيح ابن مسلم (لا تصل المغرب حتى تأتي جمعا وإن ذهب ثلث الليل) (٢) وفي موثق سماعة (عن الجمع في المغرب والعشاء الآخرة ب (جمع) فقال عليه‌السلام : لا تصلها حتى تنتهي إلى (جمع) وإن مضى من الليل ما مضى) (٣). وأما الأمر بالجمع في يوم الجمعة فلا يوجد في النصوص ما يدل عليه ، نعم ورد أن وقت العصر في يوم الجمعة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الوقوف بالمشعر الحرام حديث ١ و ٢.


والأذان لصاحبة الوقت (١) ، فإن جمع في وقت الأولى (٢) أذّن لها وأقام ثم أقام

______________________________________________________

كوقت الظهر في غيره ، ففي خبر سفيان بن السمط قال : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت صلاة العصر يوم الجمعة؟ فقال : في مثل وقت الظهر في غير يوم الجمعة) (١) ولكن لا يدل على استحباب الجمع بين الصلاتين إذ الجمع بينهما يقتضي عدم تفريقهما بنافلة كما تقدم في المواقيت مع أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقدم العصر ويأتي بها بعد الجمعة فاصلا بينهما ببقية نوافل الجمعة وكان يأتي بالعصر مع الأذان وهذا كاشف عن عدم استحباب الجمع بينهما بحيث لا نافلة بينهما فضلا عن استحباب أذان العصر كما في خبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وربما كان يصلي. أي رسول الله. يوم الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار وبعد ذلك ست ركعات أخر ، وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذّن وصلى ركعتين فما يفرغ إلا مع الزوال ، ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر ويصلي بعد الظهر أربع ركعات ثم يؤذن ويصلّي ركعتين ثم يقيم فيصلي العصر) (٢).

نعم في المعتبر «ويجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذان وإقامتين. كذا قال الثلاثة وأتباعهم. لأن يوم الجمعة تجمع صلواتها وتسقط ما بينهما من النوافل».

وعن النهاية والمنتهى للعلامة : «قال علماؤنا : تجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد وإقامتين لأن يوم الجمعة تجمع بين الصلاتين ويسقط ما بينهما من النوافل فيكتفى فيهما بأذان واحد».

وعليه فلا يوجد إلا الإجماع مع أنه مخالف لنصوص كيفية الإتيان بنوافل الجمعة وقد تقدمت في بحث المواقيت الدالة على وقوع بعض نوافل الجمعة بين الصلاتين وهذا كاشف عن عدم استحباب الجمع بينهما.

(١) فالمناط على أنه إذا جمع في وقت الصلاة الأولى كالجمع بين الظهرين في عرفة فالأذان للأولى وللثانية إقامة فقط ، ولو جمع في وقت الصلاة الثانية كالجمع بين العشاءين في المزدلفة فالأذان للثانية وللأولى إقامة فقط غير أنه يؤذن للثانية ثم يقيم للأولى ثم يقيم للثانية ، وعليه فالأذان لصاحبة الوقت ، لأن الأذان للإعلام وهو مشرّع عند دخول وقت الصلاة فلذا كان دائما لصاحبة الوقت ، هذا على المشهور بينهم.

وعن المحقق والعلامة وجماعة أن الأذان دائما للأولى وهو الظاهر من عبارة المبسوط ويؤيده صحيح ابن سنان المتقدم (السنة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان ، وكذلك المغرب والعشاء بمزدلفة) (٣).

(٢) أي في وقت فضيلة الأولى ، ولازمه لو جمع بعد خروج وقت الفضيلة للصلاتين أن لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.


للثانية ، وإن جمع في وقت الثانية أذّن أولا بنية الثانية ، ثم أقام للأولى ثم للثانية.

وهل سقوطه في هذه المواضع (١) رخصة فيجوز الأذان ، أم عزيمة فلا يشرع ، وجهان (٢) ، من أنه عبادة توقيفية (٣) ، ولا نصّ عليه هنا بخصوصه

______________________________________________________

يكون الأذان لإحداهما.

(١) الثلاثة من الجمعة وعرفة والمزدلفة.

(٢) أما في يوم الجمعة بالنسبة لسقوط أذان العصر فالمحكي عن البيان والروضة هنا وكشف اللثام وغيرها أن السقوط عزيمة وعليه فالأذان للعصر يكون حراما ، وعن المبسوط والعلامة في جملة من كتبه والذكرى وجامع المقاصد وغيرها أن الأذان للعصر مكروه ، وعن الدروس أنه مباح.

وقد عرفت أن العمدة في سقوطه هو الإجماع ، ولو سلم به فهو مجمل لا يدل على أن السقوط للعزيمة أو للرخصة فتبقى أدلة مشروعية الأذان مطلقة وبه يثبت أن سقوطه على نحو الرخصة خصوصا بعد ما سمعت من خبر زريق المتقدم من أذان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعصر يوم الجمعة.

وأما في عرفة والمزدلفة فقد نسب إلى جماعة أن السقوط عزيمة والأذان بدعة ، وعن الشهيد في بعض كتبه والمحقق أنه مكروه وعن الدروس الإباحة ، والوارد هو صحيح ابن سنان المتقدم المصرح بكون السنة إيقاع الصلاة الثانية بلا أذان وهو كاشف عن عدم مشروعية الأذان في هذين الموردين.

وأما سقوط الأذان للثانية عند جمعها مع الأولى في مطلق الجمع فنصوص الجمع الدالة على الإتيان بصلاتين بأذان واحد وإقامتين لا تدل على عدم مشروعية الأذان للصلاة الثانية ، فالأقوى مشروعيته لعموم أدلة مشروعية الأذان.

(٣) شروع في دليل كون السقوط عزيمة وحاصله : أن الأذان عبادة توقيفية فيجب ورود النص على مشروعيته في كل مورد والنص مفقود هنا.

إن قلت : يكفي في مشروعيته عموم أدلة تشريعه.

قلت : إن هذا العموم مخصص بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما صلى بأذان واحد وإقامتين.

وفيه : أن فعل النبي من أذان واحد وإقامتين إنما هو في غير هذه المواضع الثلاثة التي هي محل البحث ، وإنما في الحضر من غير علة حتى يخفف عن أمته ، فالأولى الاستدلال في كل مورد على حدة وقد تقدم التحقيق في ذلك.


والعموم مخصّص بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنه جمع بين الظهرين والعشاءين لغير مانع بأذان وإقامتين ، وكذا في تلك المواضع (١) والظاهر أنه (٢) لمكان الجمع (٣) لا لخصوصية البقعة (٤) ، ومن أنه (٥) ذكر الله تعالى فلا وجه لسقوط أصلا (٦) ، بل تخفيفا ورخصة ويشكل بمنع كونه بجميع فصوله ذكرا (٧) ، وبأن الكلام (٨) في خصوصية العبادة لا في مطلق الذكر ، وقد صرح جماعة من الأصحاب منهم العلامة بتحريمه في الثلاثة الأول (٩) ، وأطلق الباقون سقوطه (١٠) مع مطلق الجمع (١١).

______________________________________________________

(١) أي المواضع الثلاثة المتقدمة ففي مرسل الفقيه المتقدم (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء ب (جمع) بأذان واحد وإقامتين) (١) ، وقد عرفت عدم ورود نص بجمع النبي للظهرين بأذان وإقامتين بل سمعت أنه صلى الظهرين بأذانين كما في خبر زريق المتقدم.

(٢) أي أن جمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأذان واحد وإقامتين.

(٣) قد عرفت أن الجمع هو عدم التنفل بين الفريضتين بحيث يأتي بالثانية عقيب الأولى كما تقدم ذلك في بحث المواقيت ، وقد تقدم ذكر النصوص الدالة على جمع النبي بأذان واحد وإقامتين كما في خبر صحيح الفضيل وزرارة المتقدم (٢). وعليه فيستفاد من الجميع أن من أراد عدم التفريق بين الصلاتين يسقط أذان الثانية في حقه وهذا مورد رابع لسقوط الأذان كان على الشارح بيانه بعد ما أشار إليه هنا.

(٤) وهي عرفة أو المزدلفة.

(٥) أي الأذان وهو دليل على كون السقوط رخصة.

(٦) لأن ذكر الله حسن على كل حال.

(٧) فالحيعلات الثلاثة ليست ذكرا لله تعالى ، ولذا لا يجوز حكايتها في الصلاة بل تبدل بالحوقلة كما نص عليه الشيخ وغيره كما في الروض.

(٨) رد ثان وحاصله أن البحث في الأذان بما هو عبادة موظّفة ومشرّعة قبل الصلاة لا بما هو ذكر لله تعالى.

(٩) وهي عصرا عرفة والجمعة وعشاء المزدلفة.

(١٠) سقوط الأذان من دون توضيح أنه رخصة أو عزيمة.

(١١) سواء كان الجمع في الموارد الثلاثة أو غيرها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.


واختلف كلام المصنف (رحمه‌الله) ففي الذكرى توقّف في كراهته في الثلاثة استنادا إلى عدم وقوفه فيه على نصّ ، ولا فتوى ، ثم حكم بنفي الكراهة وجزم بانتفاء التحريم فيها وببقاء الاستحباب في الجمع بغيرها (١) مؤوّلا الساقط بأنه أذان الإعلام ، وأن الباقي أذان الذكر والإعظام (٢) ، وفي الدروس قريب من ذلك ، فإنه قال : ربّما قيل بكراهته في الثلاثة ، وبالغ من قال بالتحريم ، وفي البيان : الأقرب أن الأذان في الثلاثة حرام مع اعتقاد شرعيته ، وتوقّف في غيرها (٣) ، والظاهر التحريم فيما لا إجماع على استحبابه منها (٤) ، لما ذكرناه (٥).

______________________________________________________

(١) بغير الموارد الثلاثة.

(٢) اعلم أن الأذان على قسمين : أذان إعلام وأذان صلاة ، والذي يدل على الأول جملة كثيرة من النصوص منها :

صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة) (١).

وخبر سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه‌السلام (من أذن سبع سنين احتسابا جاء يوم القيامة ولا ذنب له) (٢).

وخبر سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام (من أذن عشر سنين محتسبا يغفر الله مد بصره وصوته في السماء ، ويصدّقه كل رطب ويابس سمعه ، وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم ، وله من كل من يصلي بصوته حسنة) (٣).

والجميع ظاهر في استحباب الأذان بما هو في نفسه لإعلام الناس دخول الوقت.

والذي يدل على الثاني أخبار كثيرة منها : خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا صلاة إلا بأذان وإقامة) (٤) فما عن البعض من إنكار أذان الإعلام أو إنكار أذان الصلاة ليس في محله.

(٣) غير الثلاثة.

(٤) من هذه المذكورات.

(٥) من أنه توقيفي فلا يشرّع إلا بدليل خاص.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٣ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.


وأما تقسيم الأذان إلى القسمين (١) فأضعف (٢) لأنه عبادة خاصة أصلها الإعلام (٣) ، وبعضها (٤) ذكر ، وبعضها غير ذكر وتأدّي وظيفته بإيقاعه سرا ينافي اعتبار أصله (٥) ، والحيعلات تنافي ذكريته ، بل هو قسم ثالث ، وسنة متّبعة ، ولم يوقعها الشارع في هذه المواضع فيكون بدعة (٦) نعم قد يقال : إن مطلق البدعة ليس بمحرّم (٧) ، بل ربما قسّمها بعضهم إلى الأحكام الخمسة ،

______________________________________________________

(١) من إعلام وصلاة كما عن الشهيد في الذكرى.

(٢) والمراد بأنه أضعف من ضعف كونه رخصة ، وقد عرفت ما في هذا الكلام.

(٣) محصل كلامه أن الأذان شرّع أولا للإعلام ثم استعمل في غيره عند كل صلاة ولو سرا وعليه فلا يكون الأصل معتبرا في كل أذان وأنه أذان إعلامي ، وأيضا لا يمكن القول بكون الأذان ذكريا لأن الحيعلات تنافي ذلك فلذا ذهب إلى أنه قسم ثالث بعد ما خرج عن أصله ، فالقول بالأذان في هذه الموارد الثلاثة وغيرها مع عدم الدليل على مشروعيته يكون بدعة والبدعة حرام ، ومما تقدم تعرف ضعف هذا الكلام أيضا فلا نعيد.

(٤) أي العبادة الأذانية.

(٥) من الإعلام فلا يمكن القول بأن كل أذان هو إعلامي.

(٦) والبدعة محرمة لأخبار منها : صحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل في جماعة (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة. إلى أن قال. ألا وإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار) (١).

(٧) بناء على أن البدعة هي كل أمر حادث لم يكن في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبناء عليه قسمت البدعة إلى الأحكام الخمسة.

فالبدعة الواجبة : كتعلم النحو وحفظ إعراب القرآن والحديث وتدوين أصول الفقه مما له دخل في الاستنباط.

والبدعة المستحبة : كإحداث المدارس وكل إحسان لم يكن في العصر الأول.

والبدعة المحرمة : كمذاهب القدرية والجبرية والمرجئة.

والبدعة المكروهة : كتزيين المساجد وتزويق المصاحف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.


ومع ذلك لا يثبت الجواز (١).

(ويستحب رفع الصوت بهما للرجل) (٢) بل لمطلق الذّكر ، أما الأنثى فتسرّ بهما كما تقدم (٣) ، وكذا الخنثى (٤) ، (والترتيل فيه) (٥) ببيان حروفه وإطالة وقوفه

______________________________________________________

والبدعة المباحة : كتهيئة مآكل ومشارب وملابس ومساكن لم تكن معروفة.

هذا ولكن البدعة هي خصوص الحادث بعد عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعنوان أنها عبادة قد أمر بها كما يرشد إليه خبر الفضلاء المتقدم حيث صرح بكون الجماعة في نافلة بعنوان العبادة أنها بدعة. هكذا قيل ، والأولى جعل البدعة هي إدخال ما ليس من الدين فيه سواء كان في العبادات أو المعاملات لإسقاط خصوصية مورد النص.

(١) فإذا كانت البدعة بالمعنى الأعم من الحرام وغيره فهذا ليس بدليل على كون الأذان حينئذ جائزا بعد كونه بدعة بالمعنى الأعم إذ يحتمل أن يكون له واحد من الأحكام التكليفية الباقية غير الجواز ، هذا وبقي مورد يسقط فيه الأذان والإقامة وهو مشهور الحكم بين الأصحاب فكان على المصنف ذكره أو على الشارح استدراكه لأن اللمعة بنيت على ذكر المسائل المشهورة بين الأصحاب ، وهو ما لو سمع الشخص أذان غيره وإقامته فإنه يسقط عنه على نحو الرخصة ، بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر أبي مريم الأنصاري (صلى بنا أبو جعفر عليه‌السلام في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة. إلى أن قال. فقال عليه‌السلام : وإني مررت بجعفر عليه‌السلام وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك) (١).

وخبر عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه‌السلام (كنا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة فقال : قوموا فقمنا فصلينا بغير أذان ولا إقامة ، قال : ويجزيكم أذان جاركم) (٢).

(٢) في الأذان والإقامة إلا أن في الإقامة أخفض منه في الأذان لصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الأذان فقال : اجهر به وارفع به صوتك ، وإذا أقمت فدون ذلك) (٣) ، وصحيح عبد الرحمن (إذا أذنت فلا تخفين صوتك فإن الله تعالى يأجرك مدّ صوتك فيه) (٤).

(٣) تقدم عند قوله : «ويستحبان للنساء سرا».

(٤) احتياطا لاحتمال كونها أنثى.

(٥) أي في الأذان لخبر الحسن بن السري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأذان ترتيل والإقامة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٥.


من غير استعجال ، (والحدر) هو الإسراع (فيها) (١) بتقصير الوقوف (٢) على كل فصل ، لا تركه (٣) لكراهة إعرابهما حتى لو ترك الوقف أصلا فالتسكين أولى (٤) من الإعراب ، فإنه لغة عربية ، والإعراب مرغوب عنه شرعا (٥) ، ولو أعرب حينئذ (٦) ترك الأفضل ولم تبطل ، أما اللحن (٧) ففي بطلانهما (٨) به وجهان (٩).

______________________________________________________

حدر) (١) وقد فسره الشارح بشيئين : ببيان حروفه وإطالة وقوفه ، أما الأول فيدل عليه صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء والإقامة حدر) (٢) والإفصاح بهما في لفظ الجلالة الواقع في آخر التهليل وفي لفظ الصلاة في (حيّ على الصلاة).

وأما الثاني فيدل عليه أن الحدر هو الإسراع ومقتضى المقابلة بين الإقامة التي هي حدر وبين الأذان أن يكون الثاني في الأذان.

(١) في الإقامة.

(٢) إذ يستحب الوقف عند كل فصل منهما لخبر خالد بن نجيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الأذان والإقامة مجزومان) (٣) وقال ابن بابويه «وفي حديث آخر موقوفان» (٤)

(٣) أي ترك الوقف لأنه مكروه بناء على ما تقدم من الأمر به.

(٤) التسكين غير الوقف لأن التسكين هو تسكين أواخر الكلم بخلاف الوقف فإنه تسكين عند السكوت ، وهو أولى من الإعراب لأنه أقرب للجزم والوقف المأمور بهما في الأخبار من الإعراب.

(٥) للأمر بالوقف في أواخر الفصل ، وعليه فالأعراب المرغوب عنه هو في أواخر الفصل لا مطلقا.

(٦) أي حين كون الإعراب مرغوبا عنه ، لعدم النهي الصريح عن الإعراب إذ ورد الأمر بالجزم مع عدم النهي عن غيره.

(٧) اعلم أن التسكين ليس بلحن لأنه لغة عربية.

(٨) الأذان والإقامة.

(٩) من حيث إن الأذان المنقول غير ملحون فيبطل الملحون وبه قال العلامة في بعض كتبه ، وذهب المشهور إلى العدم لصدق الأذان مع اللحن ، وفصل الشارح في الروض أن عدم الإبطال بشرط عدم الإخلال بالمعنى فلو نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه وصف فتكون الجملة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٣ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٤ و ٥.


ويتّجه البطلان لو غيّر المعنى كنصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعدم تمامية الجملة به بفوات المشهود به لغة وإن قصده ، إذ لا يكفي قصد العبادة اللفظية عن لفظها (و) المؤذّن (الراتب يقف على مرتفع) (١) ليكون أبلغ في رفع الصوت (٢) ، وإبلاغه المصلّين ، وغيره يقتصر عنه (٣) مراعاة لجانبه حتى يكره سبقه به ما لم يفرط بالتأخّر (واستقبال القبلة) (٤) في جميع الفصول خصوصا الإقامة (٥) ، ويكره الالتفات ببعض

______________________________________________________

خالية عن الخبر فيبطل الأذان أو الإقامة ، وكذا لو مدّ لفظة أكبر بحيث صار على صيغة إكبار جمع كبر وهو الطبل.

إن قلت : مع نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا لحن بحسب العربية لأنه وصف.

قلت : من اللحن ما غيّر المعنى المقصود لأن قصده الشهادة له بالرسالة وهذا لم يتحقق ، وقصده من اللفظ ذلك لا ينفعه إذ لا بد من التلفظ بالشهادة له بالرسالة.

(١) لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان طول حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قامة ، فكان عليه‌السلام يقول لبلال إذا أذن : يا بلال اعل فوق الجدار وارفع صوتك بالأذان) (١) ، بل والمنصوب للأذان يستحب أن يكون عدلا لمرسل الفقيه عن علي عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يؤمكم أقرأكم ويؤذن لكم خياركم) (٢).

(٢) فيكون النفع به أتم.

(٣) إما بالوقوف في أسفل من مكانه وإما أن يكون صوته أخفض.

(٤) في الأذان والإقامة لخبر الدعائم عن علي عليه‌السلام (يستقبل المؤذن القبلة في الأذان والإقامة فإذا قال : حي على الصلاة حي على الفلاح ، حوّل وجهه يمينا وشمالا) (٣).

وخبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة ، فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة) (٤). وخبر يونس الشيباني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فإنك في الصلاة) (٥). ومن المعلوم اشتراط الاستقبال في الصلاة ، ولذا ذهب المفيد والسيد وجماعة إلى القول بوجوبه هنا وهو ضعيف لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن رجل يفتتح الأذان والإقامة وهو على غير القبلة ثم يستقبل القبلة ، قال عليه‌السلام : لا بأس) (٦).

(٥) لما قاله الصدوق في المقنع : «ولا بأس أن تؤذن وأنت على غير وضوء مستقبل القبلة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٧ و ٣.

(٣) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٧٥ طبع دار المعارف بمصر.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٢ و ٩.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.


فصوله يمينا وشمالا (١) وإن كان على المنارة عندنا.

(والفصل بينهما بركعتين) (٢) ولو من الراتبة (٣) ، (أو سجدة (٤) ، أو جلسة (٥)) والنصّ ورد بالجلوس (٦) ، ويمكن دخول السجدة فيه فإنها جلوس وزيادة

______________________________________________________

ومستدبرها. إلى أن قال. ولكن إذا أقمت فعلى وضوء ، مستقبل القبلة» (١) ولما تقدم من أن المقيم هو في الصلاة.

(١) خلافا للعامة حيث استحبوا التلوي بالعنق في الحيعلات إذا كان على المنارة ويؤيده ذيل خبر الدعائم المتقدم ، ولكنه محمول على التقية.

(٢) لصحيح سليمان بن جعفر الجعفري (سمعته يقول : أفرق بين الأذان والإقامة بجلوس أو بركعتين) (٢).

(٣) لخبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ومن السنة أن يتنفل بركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الظهر والعصر) (٣). وخبر رجاء بن أبي الضحاك (كان الرضا عليه‌السلام إذا زالت الشمس جدّد وضوءه وقام فصلى ست ركعات. إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي الظهر. إلى أن قال. فإذا رفع رأسه قام فصلّى ست ركعات. إلى أن قال. ثم يؤذن ويصلي ركعتين ويقنت في الثانية فإذا سلّم أقام وصلى العصر) (٤).

(٤) لخبر بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول لأصحابه : من سجد بين الأذان والإقامة فقال في سجوده : سجدت لك خاضعا خاشعا ذليلا ، يقول الله تعالى : ملائكتي وعزتي وجلالي لأجعلن محبته في قلوب عبادي المؤمنين وهيبته في قلوب المنافقين) (٥).

(٥) لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو بتسبيح) (٦) ، وخبر الحسن بن شهاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بدّ من قعود بين الأذان والإقامة) (٧) ، ومرسل ابن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (بين كل أذانين قعدة إلا المغرب فإن بينهما نفسا) (٨).

(٦) وكذا بالسجدة كما تقدم.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢ و ١٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢٤.

(٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٤ و ٤ و ١ و ٧.


مع اشتمالها على مزية زائدة ، (أو خطوة) (١) ولم يجد بها المصنّف في الذكرى حديثا ، لكنها مشهورة (٢) ، (أو سكتة) (٣) وهي مرويّة في المغرب خاصة ، ونسبها في الذكرى إلى كلام الأصحاب مع السجدة والخطوة ، وقد ورد النصّ في الفصل بتسبيحة (٤) ، فلو ذكرها كان حسنا.

(ويختص المغرب بالأخيرتين) الخطوة والسكتة (٥) ، أما السكتة فمرويّة فيه ، وأما الخطوة فكما تقدم ، وروي (٦) فيه الجلسة ، وأنه إذا فعلها كان كالمتشحّط بدمه في سبيل الله فكان ذكرها أولى.

(ويكره الكلام في خلالهما) (٧) خصوصا الإقامة ،

______________________________________________________

(١) ليس لها دليل إلا ما في الفقه الرضوي (وإن أحببت أن تجلس بين الأذان والإقامة فافعل فإن فيه فضلا كثيرا ، وإنما ذلك على الإمام وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى ثم يقول : بالله أستفتح ، وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أستنجح وأتوجه ، اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين) (١).

(٢) وقد تقدم خبر الرضوي بها.

(٣) أي فصل بالسكوت ويدل عليه مرسل ابن فرقد المتقدم وأنها في المغرب خاصة.

(٤) كما في موثق عمار المتقدم.

(٥) فعلى مبنى الشارح والمصنف فالخطوة لا نص فيها ، وفي خبر الرضوي مطلق شامل لغير المغرب ، نعم تختص للمنفرد فقط. وأما السكتة فقد تقدم مرسل ابن فرقد الذي خصّها بالمغرب.

(٦) في المغرب وهو خبر إسحاق الجريري عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من جلس فيما بين أذان المغرب والإقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله) (٢) وخبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من السنة الجلسة بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة وصلاة المغرب ، وصلاة العشاء ليس بين الأذان والإقامة سبحة) (٣) بل من الأخير يستحب الجلسة في صلاة الصبح أيضا بين أذانها وإقامتها.

(٧) أما في الأذان لموثق سماعة (سألته عن المؤذن أيتكلم وهو يؤذن؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس حين يفرغ من أذانه) (٤).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٠ و ١٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان ولا إقامة ، حديث ٦ و ٤ و ١٢.


ولا يعيده به (١) ، ما لم يخرج به (٢) عن الموالاة (٣) ويعيدها به (٤) مطلقا (٥) على ما أفتى به المصنّف وغيره. والنصّ ورد بإعادتها بالكلام بعدها (٦)

(ويستحبّ الطهارة) (٧)

______________________________________________________

وأما في الإقامة لخبر عمرو بن أبي نصر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أيتكلم الرجل في الأذان؟ قال عليه‌السلام : لا بأس ، قلت : في الإقامة؟ قال عليه‌السلام : لا) (١) وخبر أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك) (٢) وهما محمولان على الكراهة جمعا بينهما وبين خبر الحسن بن شهاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن يتكلم الرجل وهو يقيم الصلاة وبعد ما يقيم إن شاء) (٣) وصحيح محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم في أذانه أو في إقامته؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس) (٤).

ولكن الكراهة في الإقامة أشدّ لخبر عمرو بن أبي نصر ، وكذلك تشتد الكراهة بعد قول المؤذن : قد قامت الصلاة لخبر ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يتكلم في الإقامة؟ قال عليه‌السلام : نعم فإذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة ، فقد حرم الكلام على أهل المسجد إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام ، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان) (٥) والحرمة محمولة على الكراهة الشديدة لخبر الحسن بن شهاب المتقدم. نعم ترتفع الكراهة لو تكلم ولو بعد الانتهاء من الإقامة فيما لو كان الكلام له دخل في صلاة الجماعة كما في الخبر المتقدم.

(١) أي لا يعيد الأذان بالكلام لو صدر في أثنائه.

(٢) بالكلام في أثناء الأذان.

(٣) وإلا فيعيد لخروج الأذان عن كيفيته المشروعة.

(٤) أي ويعيد الإقامة بالكلام لصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تتكلم إذا أقمت الصلاة ، فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة) (٦).

(٥) سواء خرجت الإقامة عن الموالاة بالكلام أو لا.

(٦) أي فيما لو كان الكلام بين الإقامة والصلاة ، ومراده من النص هو صحيح ابن مسلم المتقدم وهو غير ظاهر فيما قاله الشارح بل يشمل الكلام في أثناء الإقامة.

(٧) أما في الأذان لخبر الدعائم (لا بأس أن يؤذن الرجل على غير طهر ، ويكون على طهر أفضل) (٧).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة ، حديث ٦ و ٤ و ١٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٠ و ٧ و ٣.

(٧) مستدرك الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢.


حالتهما وفي الإقامة آكد ، وليست (١) شرطا فيهما عندنا (٢) من الحدثين (٣) ، نعم لو أوقعه (٤) في المسجد بالأكبر لغى (٥) ، للنهي المفسد للعبادة (٦)

______________________________________________________

وأما في الإقامة فلما دل على أن من أقام الصلاة فهو في صلاة مثل خبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة) (١) ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا بأس أن يؤذن الرجل من غير وضوء ولا يقيم إلا وهو على وضوء) (٢).

وعن المشهور جعل الطهارة شرطا في كمال الإقامة وهو مما لا دليل عليه بل ورد في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (قلت : فإن أقام هو على غير وضوء أيصلي بإقامته؟

قال : لا) (٣) ، ولكن ذهب الشارح في الروض إلى أن الأذان والإقامة ذكر وليس من شرطه الطهارة ولا يزيد على قراءة القرآن ولعله لهذا اعتبروا الطهارة شرطا للكمال.

(١) أي الطهارة.

(٢) إشارة لخلاف السيد في المصباح والعلامة في المنتهى حيث اشترطا الطهارة في الإقامة وهو الأقوى لما تقدم من الخبر وإشارة إلى خلاف إسحاق بن راهويه من العامة حيث اشترط الطهارة في الأذان وهو مردود للأخبار المتقدمة.

(٣) الأصغر والأكبر.

(٤) أي الأذان وخصّه بالأذان لأن المجنب لا يجوز له الدخول في الصلاة إلا متطهرا فلا بد أن يكون متطهرا منه حال الإقامة بخلاف الأذان فقط إذ لعله منصوب للأذان في البلد فقد يقدم على الأذان وهو مجنب وإن لم يكن مريدا للصلاة عقيبه.

(٥) أي لا يجوز الاعتداد به من جهة سماعه لا من ناحية دخول الوقت ، بل من ناحية سقوط أذان من سمعه.

(٦) وفيه منع إذا النهي للّبث في المسجد وهو جنب وهو لا يتوجه إلى الأذان للمغايرة بينهما بخلاف النهي عن الغصب وقد صلى في المكان المغصوب فالنهي عن الكون الذي هو جزء الصلاة ولذا ذهب الشيخ في الخلاف وغيره إلى الإجزاء لو أذن جنبا في المسجد ، ولم يخالف إلا العلامة والشهيد الثاني فقط.

إن قلت : إن النهي عن أحدهما مستلزم للآخر لأن الأذان موجب للبث ويستلزمه وإذا حرم الملزوم حرم لازمه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٢ و ٨.


(والحكاية لغير المؤذّن) (١) إذا سمع كما يقول المؤذّن وإن كان (٢) في الصلاة ، إلا الحيعلات فيها (٣) فيبدلها بالحوقلة ، ولو حكاها بطلت (٤) ، لأنها (٥) ليست ذكرا ، وكذا يجوز إبدالها في غيرها (٦) ، ووقت حكاية الفصل بعد فراغ المؤذّن

______________________________________________________

قلت : قد يكون اللبث معصية لأنه عازم على ذلك سواء أذن أو لا ، وقد يكون الأذان حال خروجه من المسجد إذا أجنب فيه وهو نائم وعليه فلا ملازمة بينهما.

(١) يستحب حكاية الأذان عند سماعه بالاتفاق للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سمع المؤذن يؤذن قال مثل ما يقوله في كل شي‌ء) (١).

وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام (لا تدعن ذكر الله (عزوجل) على كل حال ، ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر الله (عزوجل) وقل كما يقول المؤذن) (٢).

وظاهر الأخبار عدم الفرق بين أذان الإعلام وأذان الصلاة في جماعة أو منفردا ، وأن تكون الحكاية من غير فصل معتد به.

وظاهرها عدم الفرق بين كون الحاكي في الصلاة أو لا ، بل في قوله عليه‌السلام (لا تدعن ذكر الله (عزوجل) على كل حال) شامل للصلاة على نحو العموم لا الإطلاق ، فما عن المبسوط والخلاف والتذكرة ونهاية الأحكام وغيرهم من نفي استحباب الحكاية في الصلاة لأنّ الإقبال في الصلاة أهم ليس في محله مع أن الحكاية لا تنافي الإقبال الصلاتي ، نعم نص جماعة على وجوب تبديل الحيعلات بالحولقة وإلا بطلت الصلاة لأن الحيعلات من كلام الآدميين المبطل وليست من ذكر الله الجائز في الصلاة على كل حال.

ثم إن الظاهر عدم الفرق في استحباب الحكاية سواء كان المؤذن رجلا أو امرأة وإن كان سماعها على نحو المحرم ، وعن جماعة تخصيص الحكاية بالأذان المشروع للانصراف وهو لا يخلو عن قوة ، وكذا لا تستحب حكاية الأذان المكروه للانصراف كأذان عصري عرفة والجمعة وعشاء المزدلفة وأذان غير المميز ثم إن ظاهر النصوص والفتاوى اختصاص استحباب الحكاية بالأذان دون الإقامة.

(٢) أي السماع.

(٣) في الصلاة.

(٤) أي الصلاة.

(٥) أي الحيعلات.

(٦) غير الصلاة لخبر الدعائم عن علي بن الحسين عليه‌السلام (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا سمع ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١ و ٢.


منه (١) أو معه. وليقطع الكلام إذا سمعه غير الحكاية وإن كان قرآنا (٢) ، ولو دخل المسجد أخّر التحية إلى الفراغ منه (٣).

(ثم يجب القيام) حالة النية ، والتكبير ، والقراءة (٤) ، وإنما قدّمه على النية

______________________________________________________

المؤذن قال كما يقول ، فإذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح حي على خير العمل ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله) (١).

(١) من الفصل.

لتحقق المعية في كليهما لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ما أقول إذا سمعت الأذان؟

قال : اذكر الله مع كل ذاكر) (٢).

(٢) لإطلاق نصوص الحكاية.

(٣) من الأذان جمعا بين الوظيفتين.

(٤) وكذا القيام المتصل بالركوع والقيام بعد الركوع ، هذا واعلم أن جملة من الأصحاب أطلقوا القول بركنية القيام ، وادعي عليه الإجماع كما في المعتبر والمنتهى وكشف اللثام ، بل عن العلامة أنه ركن كيف اتفق ، وكونه ركنا موجب لبطلان الصلاة به زيادة ونقصانا عمدا أو سهوا كما هو معنى الركن عند الفقهاء.

وقد استدلوا على ذلك بالإجماع المدعى وبما دل على وجوب القيام في الصلاة مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (وقم منتصبا ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من لم يقم صلبه فلا صلاة له) (٣) وخبر الهروي عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما فليصل جالسا ، فإن لم يستطع جالسا فليصلّ مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة يومئ إيماء) (٤).

وعن غير واحد الاستشكال بركنية القيام مطلقا لأن من ترك القيام بعد الركوع ناسيا فصلاته صحيحة كما سيأتي مع أنه لو كان ركنا مطلقا لوجب الحكم بالبطلان ولذا عدل الشهيد في بعض فوائده وتبعه جماعة منهم ابن فهد في مهذبه والشهيد الثاني في غاية المرام وروضة إلى أن القيام تابع لما يقع فيه فالقيام إلى النية شرط ، والقيام فيها كحالها مردد بين الركنية والشرطية ، والقيام في التكبير ركن كالتكبير ، والقيام في القراءة واجب ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القيام حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ١٨.


.................................................................................................

______________________________________________________

غير ركني كالقراءة ، والقيام المتصل بالركوع ركن لأن الركوع لا يكون إلا عن قيام ، والقيام بعد الركوع واجب غير ركني وعليه فالركنية المدعاة للقيام حال التكبير وقبل الركوع هي ركنية عرضية ، وعن الوحيد في حاشية المدارك أنه مراد الفقهاء.

نعم جعل صاحب الجواهر أن القيام بمجموعه في الركعة هو الركن نظير ركنية السجود فلا يتحقق نقصه إلا بفقد الركعة للقيام ولازمه ما لو كبّر جالسا ثم قرأ كذلك وقام راكعا وكان ترك القيام سهوا ونسيانا إلا أنه قام بعد الركوع لم يتحقق منه ترك القيام المفسد للصلاة وهو كما ترى هذا كله من ناحية ركنية القيام ، وأما القيام حال النية فهو مبني على كون النية إخطارية وقد عرفت أنها على نحو الداعي وتتحقق عند التكبير.

وأما القيام عند تكبيرة الإحرام فهو متفق عليه ويشهد له جملة من النصوص منها : موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وكذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام نفسي حتى افتتح الصلاة وهو قاعد فعليه أن يقطع صلاته ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم ولا يعتدّ بافتتاحه وهو قاعد) (١). وهو كما يدل على وجوبه حال التكبير يدل على ركنيته حاله أيضا.

وعن الشيخ في المبسوط والخلاف لو أتى ببعض التكبير منحنيا صحت صلاته فقال : «بأن الأصحاب حكموا بصحة هذا التكبير وانعقاد الصلاة به ولم يفصّلوا بين أن يكبر قائما أو يأتي به منحنيا ، فمن ادعى البطلان احتاج إلى دليل» وفيه أنه مخالف لصحيح زرارة المتقدم (من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له).

وأما القيام حال القراءة فهو واجب بالاتفاق لصحيح زرارة المتقدم وغيره ، غايته تركه نسيانا لا يوجب الإعادة لحديث لا تعاد الصلاة إلا من خمس (٢).

وأما القيام الذي قبل الركوع فهو واجب بالاتفاق وللأخبار الكثيرة الذي سيأتي بعضها في مبحث القراءة إلا أنه ركن لكون حقيقة الركوع متوقفة على كونه عن قيام فلو كان جالسا ثم نهض متقوسا إلى حد الركوع فلا يقال له : قد ركع.

وأما القيام بعد الركوع فهو واجب بالاتفاق أيضا للأخبار التي سيأتي بعضها في مبحث الركوع لكن تركه نسيانا لا يوجب الفساد لحديث لا تعاد الصلاة.

ثم إن الذي قسّم القيام وجعل كل قسم له حكم ما يدخل فيه أطلق بأن القيام في القنوت مستحب لأن القنوت مستحب ، واستشكل عليهم المحقق الثاني بأنه متصل بقيام ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب القيام حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.


والتكبير مع أنه لا يجب قبلهما ، لكونه شرطا فيهما والشرط مقدّم على المشروط ، وقد أخّره المصنف عنهما في الذكرى ، والدروس ، نظرا إلى ذلك (١) ، وليتمحّض جزءا من الصلاة (٢) ، وفي الألفية أخّره عن القراءة ليجعله واجبا في الثلاثة ، ولكلّ وجه (مستقلا به) (٣) غير مستند إلى شي‌ء بحيث لو أزيل السناد سقط (مع)

______________________________________________________

القراءة فهو قيام واحد ولا يكون الواحد واجبا ومندوبا ، وردّ عليه الشارح في الروض بأنه ممتد يقبل الانقسام إلى الواجب والندب.

وفيه : أنه لا يجوز بعد القراءة أن يجلس ويقنت ثم يقوم ويركع فإنه من الزيادة في الصلاة ، نعم يجوز ترك القيام في القنوت بترك القنوت ، ولعله هذا هو مرادهم من استحباب القيام وعليه فلا إشكال وكذا الكلام في القيام حال تكبير الركوع.

(١) أي إلى الشرطية بحيث لا يجب قبلهما فلذا أخّره عنهما.

(٢) بالنسبة للقيام حال القراءة فلا يجب إلا بعد النية والتكبيرة فيكونان شرطا في وجوبه وحينئذ يتمحض جزءا من الصلاة ، إذا القيام حال القراءة غير واجب قبلهما بل يجوز تركه لو لم يكمل التكبير.

(٣) يجب في القيام الاستقلال من غير معاونة بمعنى أن لا يكون مستندا إلى شي‌ء بحيث لو أزيل السناد سقط ، لدخوله في مفهوم القيام ولصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا تستند إلى جدار وأنت تصلي إلا أن تكون مريضا) (١) وخبر ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الصلاة قاعدا أو متوكئا على عصا أو حائط ، فقال عليه‌السلام : لا) (٢).

وعن أبي الصلاح الحلبي وسيد المدارك والمجلسي في بحاره والنراقي في المستند والبحراني في حدائقه جواز الاستناد لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الرجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد وهو يصلي؟ أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علة؟ فقال عليه‌السلام : لا بأس) (٣) وموثق ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يصلي متوكئا على عصا أو على حائط فقال عليه‌السلام : لا بأس بالتوكؤ على عصا والاتكاء على الحائط) (٤).

وهي إما محمولة على صورة المرض جمعا بين النصوص أو على التقية لموافقتها للعامة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القيام حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ٢٠.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القيام حديث ١ و ٤.


(المكنة (١) ، فإن عجز) عن الاستقلال في الجميع (ففي البعض) (٢).

ويستند فيما يعجز عنه ، (فإن عجز) عن الاستقلال أصلا (اعتمد) على شي‌ء مقدّما على القعود فيجب تحصيل ما يعتمد عليه ولو بأجرة (٣) مع الإمكان (٤) ، (فإن عجز) عنه (٥) ولو بالاعتماد ، أو قدر عليه (٦) ولكن عجز عن تحصيله (٧) (قعد) مستقلا كما مرّ (٨) ، فإن عجز اعتمد (فإن عجز اضطجع) على جانبه

______________________________________________________

(١) فلو كان مريضا فيجوز الاعتماد لصحيح ابن سنان المتقدم.

(٢) لقاعدة الميسور والمعسور.

(٣) كأن يستأجر الآدمي لوجوب القيام عليه.

(٤) على الأجرة.

(٥) عن القيام.

(٦) أي قدر على القيام معتمدا على الغير.

(٧) أي تحصيل ما يعتمد عليه.

(٨) في القيام بحيث لا يستند إلى شي‌ء حال الجلوس ، اعلم أن القيام الاضطراري بجميع أقسامه من كونه معتمدا أو منحنيا أو مع الميل إلى أحد الجانبين أو مع عدم الاستقرار أو مع التفريج الفاحش بين الرجلين مقدّم على الجلوس لصحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (سألته عن السفينة لم يقدر صاحبها على القيام ، يصلي فيها وهو جالس يومئ أو يسجد؟ قال عليه‌السلام : يقوم وإن حنى ظهره) (١). وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (وأما الفريضة فيحتسب كل ركعة بركعة وهو جالس إذا كان لا يستطيع القيام) (٢) ومع إمكان القيام بأي حال منه فهو مقدم على الجلوس.

وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما حدّ المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا؟ فقال عليه‌السلام : إن الرجل ليوعك ويحرج ولكنه أعلم بنفسه إذا قوي فليقم) (٣).

ومثله غيره من النصوص الدالة على وجوب القيام عند القدرة عليه والجلوس مع العجز ويشترط في الجلوس ما اشترط في القيام من الانتصاب والاستقلال لأن الجلوس بدل وكل ما وجب في القيام وجب في بدله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب القيام حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القيام حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القيام حديث ٣.


الأيمن ، فإن عجز فعلى الأيسر (١) ، هذا هو الأقوى ومختاره في كتبه الثلاثة ويفهم منه هنا التخيير وهو قول.

ويجب الاستقبال حينئذ (٢) بوجهه (٣) ، (فإن عجز) عنهما (استلقى) على ظهره ، وجعل باطن قدميه إلى القبلة ووجهه بحيث لو جلس كان مستقبلا كالمحتضر (٤). والمراد بالعجز (٥) في هذه المراتب حصول مشقة كثيرة لا تتحمّل

______________________________________________________

(١) للنبوي الوارد في الفقيه (المريض يصلي قائما فإن لم يستطع صلى جالسا ، فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيمن فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيسر ، فإن لم يستطع استلقى وأومأ إيماء وجعل وجهه نحو القبلة وجعل سجوده أخفض من ركوعه) (١). وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المريض إذا لم يقدر أن يصلي قاعدا ، كيف قدر صلّى ، إما أن يوجه فيومئ ايماء ، وقال عليه‌السلام : يوجّه كما يوجّه الرجل في لحده وينام على جانبه الأيمن ثم يومئ بالصلاة ، فإن لم يقدر أن ينام على جنبه الأيمن فكيفما ما قدر فإنه له جائز ، وليستقبل بوجهه القبلة ثم يومئ بالصلاة إيماء) (٢).

وتقديم الأيمن هو المشهور لهذه النصوص ، وعن جماعة منهم المحقق في الشرائع والمفيد في المقنعة والسيد وابن حمزة التخيير بين الجانبين لأخبار مطلقة منها : موثق سماعة (سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس قال عليه‌السلام : فليصل وهو مضطجع ، وليضع على جبهته شيئا إذا سجد) (٣).

وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سألته عن المريض الذي لا يستطيع القعود ولا الإيماء كيف يصلي وهو مضطجع؟ قال عليه‌السلام : يرفع مروحة إلى وجهه) (٤). ولا بد من تقييدها بما سمعت لحمل المطلق على المقيد.

(٢) أي حين الاضطجاع.

(٣) لأنه يكون على هيئة المدفون والأمر باستقبال القبلة بوجهه قد تقدم في موثق عمار.

(٤) بلا خلاف فيه ويدل عليه النبوي المتقدم وغيره.

(٥) يراد به العجز العرفي لا العقلي ، لأن العجز المستفاد من الأخبار محمول على العرف لأنهم هم المخاطبون بها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام والإقامة حديث ١٠.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ٥ و ٢١.


عادة ، سواء نشأ منها زيادة مرض ، أو حدوثه ، أو بطء برئه ، أو مجرّد المشقة البالغة ، لا العجز الكلي.

(ويومئ للركوع ، والسجود بالرأس) إن عجز عنهما (١). ويجب تقريب

______________________________________________________

(١) أي عن الركوع والسجود ، والإيماء بدل الركوع والسجود عند العجز عنهما مما لا خلاف فيه ويدل عليه موثق عمار المتقدم (ثم يومئ بالصلاة إيماء) (١). والنبوي المتقدم (فإن لم يستطع استلقى وأومأ إيماء وجعل وجهه نحو القبلة وجعل سجوده أخفض من ركوعه) (٢). ومرسل الفقيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رجل من الأنصار ، وقد شبكته الريح ، فقال : يا رسول الله كيف أصلي؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن استطعتم أن تجلسوه فأجلسوه وإلا فوجهوه إلى القبلة ومروه فليومئ إيماء ويجعل السجود أخفض من الركوع) (٣). وخبر إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه الركوع والسجود ، فقال عليه‌السلام : ليومئ برأسه إيماء ، وإن كان له من يرفع الخمرة فليسجد ، فإن لم يمكنه ذلك فليومئ برأسه) (٤) ومثلها غيرها وهو كثير.

إلا أن جماعة من الأصحاب اشترطوا حال الإيماء وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة لأن ملاقاة الجبهة له واجبة فلا تسقط بتعذر غيرها ويدل عليه موثق سماعة المتقدم (وليضع على جبهته شيئا إذا سجد فإنه يجزئ عنه ولن يكلفه الله ما لا طاقة له به) (٥) وخبر علي بن جعفر المتقدم أيضا (يرفع مروحة إلى وجهه) (٦) ومرسل الفقيه (سئل عن المريض لا يستطيع الجلوس أيصلي وهو مضطجع ويضع على جبهته شيئا؟ قال عليه‌السلام : نعم لم يكلفه الله إلا طاقته) (٧). وربما قيل بالتخيير بين الإيماء والوضع المذكور لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن المريض قال عليه‌السلام : يسجد على الأرض أو على المروحة أو على مسواك يرفعه إليه هو أفضل من الإيماء) (٨).

وقيل بأن الوضع المذكور يدلّ عند تعذر الإيماء لخبر علي بن جعفر المتقدم (عن المريض الذي لا يستطيع القعود ولا الإيماء ، كيف يصلي وهو مضطجع؟ قال عليه‌السلام : يرفع مروحة إلى وجهه ويضع على جبينه ويكبر) (٩).

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ١٠ و ١٥ و ١٦ و ١١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ٥.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ٢١ و ١٤.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ١.

(٩) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ٢١.


الجبهة إلى ما يصح السجود عليه ، أو تقريبه إليها (١) ، والاعتماد بها عليه (٢) ووضع باقي المساجد معتمدا (٣) ، وبدونه (٤) لو تعذر الاعتماد (٥) ، وهذه الأحكام آتية في جميع المراتب السابقة ، وحيث يومئ لهما برأسه يزيد السجود انخفاضا (٦) مع الإمكان ، (فإن عجز) الإيماء به (غمّض عينيه لهما) (٧) مزيدا للسجود تغميضا (وفتحهما) بالفتح (٨) (لرفعهما) (٩) وإن لم يكن مبصرا (١٠) مع إمكان الفتح (١١) قاصدا

______________________________________________________

وقيل : بأن الوضع المذكور للمضطجع والمستلقي فقط مع عدم وجوب الإيماء عليه والجمع بين الأخبار يقتضي القول الأول.

(١) أي تقريب ما يصح السجود إلى الجبهة.

(٢) أي بالجبهة على ما يصح السجود عليه.

(٣) على الأرض.

(٤) أي بدون وضع باقي المساجد.

(٥) مع أنه قيل بإيماء المساجد إلى الأرض حينئذ وهو مما لا دليل عليه.

(٦) للنبوي المتقدم (وجعل سجوده أخفض من ركوعه) (١) وكذا غيره.

(٧) أي للركوع والسجود لمرسل الفقيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يصلي المريض قائما فإن لم يقدر على ذلك صلى جالسا ، فإن لم يقدر أن يصلي جالسا صلى مستلقيا يكبّر ثم يقرأ فإذا أراد الركوع غمّض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع ، فإذا أراد أن يسجد غمّض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود ثم يتشهد وينصرف) (٢) فهو وإن كان واردا في المستلقي إلا أنه يجري في غيره عند تعذر الإيماء.

وعن جماعة منهم سلار وابنا حمزة وسعيد والمحقق والشهيد الثانيين بأن تغميض العينين للسجود أزيد منه للركوع للفرق بينهما وللأمر بزيادة الإيماء للسجود على الركوع ، وعن غيرهم نفي الزيادة لعدم الدليل عليها.

(٨) ليكون فعلا لا مصدرا.

(٩) أي لرفع الركوع والسجود والمراد رفع رأسه منهما.

(١٠) لإطلاق الخبر.

(١١) فتح العين بالنسبة للأعمى.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القيام حديث ١٣.


بالأبدال (١) تلك الأفعال ، وإلّا أجرى الأفعال على قلبه كلّ واحد في محله ، والأذكار على لسانه ، وإلّا أخطرها بالبال ويلحق البدل حكم المبدل في الركنية ، زيادة ونقصانا مع القصد ، وقيل مطلقا (٢).

(والنية) (٣) وهي القصد إلى الصلاة المعينة ، ولمّا كان القصد متوقفا على تعيين

______________________________________________________

(١) جمع بدل ، فيقصد بالبدل فعل المبدل منه.

(٢) قصد البدلية أو لا ، وفيه : إنه يكون مطلق التغميض ركوعا أو سجودا ، ولازمه بطلان الصلاة بزيادته عمدا أو سهوا وهو مما لا يمكن الالتزام به.

(٣) تقدم البحث في الوضوء من أنها هي الإرادة الخاصة وهي الإرادة مع قصد التقرب وتقدم أنها على نحو الداعي وليست بإخطارية إلا أنه يبقى هنا أبحاث :

الأول : اشتراطها في الصلاة ، وهو مما لا خلاف فيه ولا إشكال ، وقد عدّ من الضروريات فضلا عن دعوى الإجماع عليه كما عن جماعة فضلا عن قوله تعالى (وَمٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١) ومن أبرز مصاديق العبادة الصلاة.

الثاني : وقع الكلام بينهم في أنها جزء من الصلاة أو شرط بعد الاتفاق على بطلان الصلاة بتركها عمدا وسهوا ، مع الاتفاق بينهم على أنها ركن ، إذ حقيقة الركن هو ما تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا أو زيادته كذلك ، ولم يتعرضوا للزيادة العمدية أو السهوية في النية لعدم تعقلها أو عدم ثبوت قدحها ، والاتفاق على الركنية لا ينافي الخلاف فيها من أنها جزء أو شرط ، وذهب جماعة منهم المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والمحقق الثاني في جامعه والشهيد الثاني في روضه والآبي في كشفه وسيد المدارك إلى أنها شرط لتقدمها على جميع أفعال الصلاة بما فيها التكبير الذي هو أول أفعال الصلاة وهذا شأن الشرط لأنه مقارن ومتقدم على المشروط ولأنها لو كانت جزءا لافتقرت إلى نية أخرى وهذا مما يلزم منه التسلسل ، وللحديث النبوي (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) (٢) وهو ظاهر على مغايرة العمل للنية.

وذهب الشهيد في الذكرى والعلامة في بعض كتبه وجماعة إلى أنها جزء لمقارنتها للتكبير وما يقارن الجزء يكون جزءا.

وتردد العلامة في التذكرة بين الجزئية والشرطية وهو الظاهر المحكي عن جماعة من ذكر القولين بلا ترجيح ، وفي جامع المقاصد أن فيها خاصة الشرط والجزء معا ، وهذا البحث ـ

__________________

(١) البينة الآية : ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب النية حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

في جزئيتها أو شرطيتها مما لا جدوى فيه كما صرح بذلك غير واحد بعد الاتفاق على وجوبها وعلى بطلان الصلاة بتركها عمدا أو سهوا ، والإعراض حينئذ أولى لعدم الفائدة. الثالث : سواء كانت النية إخطارية أو على نحو الداعي فلا يشترط فيها التلفظ لأن محل النية القلب لأنها إرادة ، وقد نسب الشهيد في الذكرى إلى بعض الأصحاب التلفظ بها لأنه أشدّ عونا على إخلاص القصد ، ورده الشهيد في البيان بأنه مكروه لأنه كلام بعد الإقامة وقد تقدم كراهة الكلام بين الإقامة والصلاة ، وقال الشارح في الروض في بحث تكبيرة الإحرام ووصل التلفظ بالنية بها : «وربما نقل بعض المتأخرين جواز الوصل حينئذ وصل لفظ النية بلفظ التكبير. عملا بظاهر القانون العربي وهو مندفع بأن الموجب لقطعها. أي قطع همزة الله أكبر. ثبت قبل إحداث الناس التلفظ بالنية ، فإنه أمرّ حدث بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد خاصته ، بل بعد كثير من العلماء المتقدمين فإنهم لم يتعرضوا للبحث عن النية ، ولا عن شي‌ء من أحكامها ، بناء على أنها أمرّ مركوز في جبلّة العقلاء حتى أن الإنسان لا يكاد يفعل فعلا خاليا عن القصد والداعي مع كونه عاقلا مختارا ، فلما خلف من بعدهم خلف أضاعوا حدود الأحكام وأهملوا حقائق شرائع الإسلام فنبّههم المتأخرون على النية وقيودها وأوضحوا لهم أحكامها وحدودها ، وهي تكليف سهل وأمر هين ، محصّلها بعث الهمة والقصد إلى فعل الصلاة المعيّنة لله تعالى ، وهذا القدر من القصد لا يتوقف على مساعدة اللسان ، وكيف يتوهم العاقل أن العزم على شي‌ء والقصد إلى فعله يتوقف على التلفظ به ، ولو كان الأمر كذلك لكان الخلق في غالب الأوقات يتكلمون بمقاصدهم إذ لا ينفكون عن المقاصد غالبا فخلاف ذلك صار عن غلبة أمر وهميّ ووسواس شيطاني» انتهى.

وصريح كلامه أنها على نحو الداعي والعجب منه كيف ذهب إلى أنها إخطارية.

الرابع : لا يجب في النية قصد الأداء ولا القضاء ولا القصر ولا التمام ولا الوجوب ولا الندب لعدم الدليل عليه إذ النية في الصلاة بل وفي مطلق العبادات كالنية في بقية الأفعال الاختيارية وتزيد عليها باشتمالها على التقرب إلى الله تعالى وهذا مما لا يوجب قصد هذه الأمور المذكورة.

فما عن المشهور من قصد الأداء والقضاء وعن العلامة من قصد الوجوب والندب مما لا دليل عليه. نعم اتفق الجميع على عدم قصد القصر والتمام.

نعم إذا اشتغلت ذمته بفعل متعدد أو كان الفعل مما ينطبق على صلاتين إحداهما واجبة والأخرى مستحبة كصلاة الصبح ونافلتها فلا بد من القصد إلى أحدهما المعين حتى يتمحض الفعل له كما هو واضح.


المقصود بوجه ليمكن توجه القصد إليه اعتبر فيها (١) إحضار ذات (٢) الصلاة وصفاتها المميّزة لها حيث تكون مشتركة ، والقصد (٣) إلى هذا المعيّن متقرّبا ، ويلزم من ذلك (٤) كونها (معيّنة الفرض) (٥) من ظهر ، أو عصر ، أو غيرهما (والأداء) إن كان فعلها في وقتها ، (أو القضاء) إن كان في غير وقتها (والوجوب) (٦). والظاهر أن المراد به المجعول غاية (٧) ، لأن قصد الفرض يستدعي تميّز الواجب (٨) ، مع احتمال أن يريد به الواجب المميّز (٩) ، ويكون الفرض إشارة إلى نوع الصلاة (١٠) ، لأن الفرض قد يراد به ذلك (١١) إلّا أنه غير مصطلح شرعا (١٢) ، ولقد كان

______________________________________________________

(١) في النية.

(٢) بناء على كون النية إخطارية وقد عرفت ضعفه.

(٣) عطف على (إحضار ذات الصلاة).

(٤) أي من القصد إلى المعين مع إحضار ذاته وخصوصيته.

(٥) قد عرفت وجوب القصد إلى المعين إذا كان الفعل متعددا وعليه فإن كان القصد إلى المعيّن متوقفا على قصد أنها ظهر أو عصر وعلى قصد الأداء أو القضاء وعلى قصد الوجوب أو الندب فهو وإلا فهو مما لا دليل عليه كما تقدم.

(٦) يقصد الوجوب تارة على نحو الوصفية بأن ينوي الإتيان بالصلاة الواجبة قربة إلى الله ، وأخرى على نحو الغائية بأن ينوي الإتيان بالصلاة لوجوبها ، وقد ذهب بعض الأصحاب إلى اشتراط الوجوب تبعا لما قرّره المتكلمون من أنه يجب فعل الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه من الشكر والأمر واللطف ، وظاهرهم أنه يقصد الوجوب على نحو الغائية وهذا ينافي كون الغاية هو التقرب ، هذا من جهة ومن جهة أخرى سواء كان قصد الوجوب على نحو الغائية أو الوصفية فهو مما لا دليل عليه إذ يكفي في مقام النية التقرب إلى الله تعالى فقط.

(٧) بأن ينوي الوجوب على نحو الغائية.

(٨) تعليل لكون قصد الوجوب على نحو الغائية لأنه بعد ما قصد الفرض فيكون قد قصد الوجوب على نحو الوصف فيتعين أن يكون المراد بالوجوب المذكور بعد الفرض أنه على نحو الغائية.

(٩) لأن قصد الفرض قد حقق قصد الظهر مثلا من بين الصلوات الخمس فيبقى مجال القصد وجوبها على نحو الوصفية.

(١٠) من أنها رباعية كالظهر مثلا كما تقدم في الحاشية السابقة.

(١١) أي يراد بالفرض نوع الصلاة.

(١٢) إذ المصطلح أن الفرض هو الواجب.


أولى (١) بناء على أن الوجوب الغائي لا دليل على وجوبه كما نبّه عليه المصنف في الذكرى ، ولكنه مشهور ، فجرى عليه هنا (٢) (أو الندب) إن كان مندوبا ، إما بالعارض كالمعادة (٣) لئلا ينافي الفرض الأول (٤) إذ يكفي في إطلاق الفرض عليه حينئذ (٥) كونه كذلك بالأصل أو ما هو أعم (٦). بأن يراد بالفرض أولا ما هو أعمّ من الواجب ، كما ذكر في الاحتمال (٧) ، وهذا قرينة أخرى عليه (٨) وهذه الأمور كلها مميّزات للفعل المنويّ ، لا أجزاء للنية (٩) ، لأنها أمر واحد بسيط وهو القصد (١٠) ، وإنما التركيب في متعلّقه (١١) ومعروضه وهو الصلاة الواجبة ، أو المندوبة المؤداة ، أو المقضاة ، وعلى اعتبار الوجوب المعلّل يكون آخر المميّزات الوجوب (١٢) ويكون قصده لوجوبه إشارة إلى ما يقوله المتكلمون من أنه يجب فعل الواجب لوجوبه ، أو ندبه ، أو لوجههما (١٣) من الشكر ، أو اللطف ، أو الأمر أو المركب منها (١٤) أو من بعضها على اختلاف

______________________________________________________

(١) أي قصد الوجوب على نحو الوصفية.

(٢) بناء على الاحتمال الأول لا الثاني كما هو واضح.

(٣) أي كالصلاة الواجبة إذا صلاها منفردا ثم أعادها جماعة فإنها مستحبة.

(٤) وهو المذكور قبل الوجوب والندب.

(٥) حين الإعادة أو حين طرء العارض.

(٦) أي يراد من الندب ما كان أعم من المندوب بالعارض وغيره مما كان أصله مندوبا.

(٧) أي احتمال كون الوجوب وصفيا اللازم لكون الفرض قد أريد به نوع الصلاة وهو أعم من الواجب والمندوب.

(٨) أي وعطف الندب على الفرض بناء على تفسير الندب بالمعنى الأخير يكون قرينة على أن المراد من الفرض هو نوع الصلاة وأن الوجوب وصفيّ.

(٩) ولذا لم نشترطها في النية إلا إذا توقف القصد على لمحها فيما لو كان الفعل متعددا.

(١٠) وهذا الكشف عن حقيقة النية هو الدليل على كونها على نحو الداعي وليست إخطارية ، والحاكم هو الوجدان.

(١١) أي متعلق الأمر البسيط.

(١٢) لوجوب تأخير قصد الغاية عن قصد ذيها.

(١٣) أي وجه الوجوب والندب وهو المناط.

(١٤) من المذكورات الثلاثة.


الآراء ، ووجوب ذلك أمر مرغوب عنه ، إذ لم يحققه المحققون فكيف يكلّف به غيرهم؟

(والقربة) (١) وهي : غاية الفعل المتعبد به (٢) ، وهو قرب الشرف لا الزمان والمكان ، لتنزهه تعالى عنهما ، وآثرها (٣) ، لورودها كثيرا في الكتاب والسنّة ولو جعلها لله تعالى كفى.

وقد تلخّص من ذلك : أن المعتبر في النية أن يحضر بباله (٤) مثلا صلاة الظهر الواجبة المؤداة ، ويقصد فعلها لله تعالى ، وهذا أمر سهل ، وتكليف يسير ، قلّ أن ينفك عن ذهن المكلف (٥) عند إرادته الصلاة ، وكذا غيرها (٦) وتجشّمها (٧) زيادة على ذلك وسواس شيطاني ، قد أمرنا بالاستعاذة منه والبعد عنه.

(وتكبيرة الإحرام) (٨) نسبت إليه ، لأن بها يحصل الدخول في الصلاة ويحرم

______________________________________________________

(١) قد تقدم الدليل على اعتبارها في نية الصلاة.

(٢) وهذا ينافي قصد الوجوب الغائي.

(٣) أي وخصها المصنف بالذكر.

(٤) بعد ما صرح بكون النية هي القصد في الشرح وفي الروض كيف يجزم هنا بأنها إخطارية.

(٥) وهذا يتم على أنها على نحو الداعي وإلا إذا كانت إخطارية ، فالانفكاك أمر واضح.

(٦) أي غير الصلاة من العبادات.

(٧) أي تجشم النية.

(٨) سميت به لخبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم) (١) وتسمى بتكبيرة الافتتاح لخبر ناصح المؤذن عن أبي عبد الله عليه‌السلام (فإن مفتاح الصلاة التكبير) (٢) وخبر الصدوق في المجالس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وأما قوله : الله أكبر. إلى أن قال. لا تفتح الصلاة إلا بها) (٣).

ولهذه الأخبار اعتبرت التكبيرة أول الأجزاء الواجبة في الصلاة وأما القيام المقارن للتكبير فهو واجب لأنه شرط في التكبير ، إلا أن التكبير مقدم عليه رتبة فلذا جعل بعضهم القيام أول الأجزاء لهذه الشرطية وهو ضعيف بما سمعت. وبالتكبير يحرم على المصلي ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١٠ و ٧ و ١٢.


ما كان محللا قبلها من الكلام وغيره ، ويجب التلفظ بها باللفظ المشهور (١)

______________________________________________________

المنافيات لظاهر هذه النصوص من كون تحريم الصلاة بها وأنها مفتاح الصلاة ، غير أن هذا متوقف على الإتيان بالتكبيرة بتمامها فحينئذ يحرم عليه منافيات الصلاة وإلا فإذا لم يتمها فيجوز له قطعها والإتيان بالمنافي حينئذ ، ثم إن تركها عمدا أو سهوا مبطل للصلاة بلا خلاف فيه عندنا لجملة من النصوص منها صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح ، قال عليه‌السلام : يعيد (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة ، قال عليه‌السلام : يعيد الصلاة ولا صلاة بغير افتتاح) (٢).

وباعتبار أن حقيقة الركن هو ما أوجب البطلان بنقصانه عمدا أو سهوا ذهب الأصحاب إلى ركنية تكبيرة الإحرام ، وأما زيادتها عمدا أو سهوا فلا دليل على بطلان الصلاة بها إلا الإجماع وفي الحدائق نفي الخلاف فيه ، هذا بالإضافة إلى أن الركن هو ما يوجب البطلان بتركه عمدا أو سهوا من دون التعرض للزيادة كما قيل لأنه هو معناه لغة وعرفا.

(١) وهو : الله أكبر لخبر المجالس المتقدم (وأما قوله : الله أكبر. إلى أن قال. لا تفتح الصلاة إلا بها) (٣) ولمرسل الفقيه (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتم الناس صلاة وأوجزهم ، كان إذا دخل في صلاته قال : الله أكبر ، بسم الله الرحمن الرحيم) (٤).

وعن الإسكافي جواز تعريف (أكبر) وعن بعض الشافعية تقديمه على لفظ الجلالة والفصل بينهما بمثل (سبحانه وعزوجل) وجواز تبديل إحدى الكلمتين أو كليهما بما يرادفها من اللغة العربية.

وفيه : إن العبادات توقيفية فلا مجال للرأي فيها بل لا بد من الاقتصار على ما ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تأسيا به ولقوله : (صلوا كما رأيتموني أصلي) (٥) ويجب أيضا الإتيان بالهمزة على نحو القطع بحيث يقطعها عما قبلها ولا يجوز وصل التكبير بما قبله وجعل الهمزة همزة وصل لأن الوارد عن صاحب الشرع هو القطع بالهمزة. وقد نسب إلى بعض الأصحاب كما في الروض جواز الوصل عملا بقانون اللغة العربية وهو على خلاف التأسي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العبادات التوقيفية فالاحتياط يقتضي البطلان وعدم الاجتزاء بها.

ومما تقدم تعرف لا بدية اللفظ العربي في تكبيرة الإحرام لتوقيفية العبادات وكذا في سائر ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١ و ٧.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١٢ و ١١.

(٥) كنز العمال ج ٤ حديث ١١٩٦.


(بالعربية) تأسيا بصاحب الشرع عليه الصلاة والسلام حيث فعل كذلك وأمرنا بالتأسي به (١) (و) كذا تعتبر العربية في (سائر الأذكار الواجبة) ، أما المندوبة فيصح بها وبغيرها في أشهر القولين (٢) ، هذا مع القدرة عليها (٣) ، أما مع العجز (٤) وضيق الوقت عن التعلم فيأتي بها حسب ما يعرفه من اللغات ، فإن تعدد تخيّر مراعيا ما اشتملت عليه من المعنى ومنه الأفضلية (٥).

(وتجب المقارنة للنية) (٦) بحيث يكبّر عند حضور القصد المذكور بالبال من

______________________________________________________

الأذكار الواجبة من القراءة والتسبيحات في الركوع والسجود وفي الركعتين الأخيرتين ومن التشهد والتسليم.

(١) في الصلاة والخبر قد تقدم.

(٢) بل نسب إلى المشهور وعن جامع المقاصد أنه لا يعلم قائلا بالمنع سوى سعد بن عبد الله ، ومستند المشهور أخبار منها :

مرسل الصدوق عن أبي جعفر عليه‌السلام (لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه (عزوجل) (١).

وعن الحدائق والوحيد المنع لانصرافها إلى جواز الدعاء بغير المأثور ولا إطلاق فيها يشمل غير العربية وهو الأحوط.

(٣) على العربية.

(٤) فلو كان غير عربي فيجب عليه التعلم من باب المقدمة فإن تعذر التعلم لضيق الوقت فيحرم حينئذ بلغته مراعيا في ذلك المعنى العربي من كون (أكبر) على صيغة التفضيل.

(٥) أي صيغة التفضيل في (أكبر).

(٦) بناء على أن النية على نحو الداعي فالمقارنة أمرّ سهل ، وأما بناء على كونها إخطارية كما هو مبنى الشهيدين وغيرهم فقد وقع الكلام في أن المقارنة بين استحضار النية وبين جميع أجزاء التكبيرة أو بينه وبين أول جزء من التكبير ، وقد ذهب الشارح إلى الى الثاني لأن مقارنة النية لأول التكبير موجبة للمقارنة لأول الصلاة لأن جزء الجزء جزء ، وعن الشهيد كما في الروض الأول لأن الدخول في الصلاة إنما يتحقق بتمام التكبير فلا بدّ من استحضارها بتمام أجزائه وقد اتفقوا على أنه لا يجب استحضارها بعد التكبير ولا يستحب لأنه متعذر أو متعسر إذ لا ينفك الإنسان عن الذهول ، مع أنه إذا كانت النية ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب القنوت حديث ٢.


غير أن يتخلّل بينهما زمان وإن قلّ ، على المشهور ، والمعتبر حضور القصد عند أول جزء من التكبير ، وهو المفهوم من المقارنة بينهما في عبارة المصنف ، لكنه في غيره اعتبر استمراره (١) إلى آخره (٢) إلا مع العسر ، والأول أقوى.

(واستدامة حكمها) بمعنى أن لا يحدث نية تنافيها ، ولو في بعض مميّزات المنوي (إلى الفراغ) من الصلاة ، فلو نوى الخروج منها ولو في ثاني الحال قبله (٣) أو فعل (٤) بعض المنافيات كذلك (٥) ، أو الرياء (٦) ولو ببعض الأفعال ونحو ذلك بطلت.

______________________________________________________

على نحو الداعي كما هو الحق فهي مقارنة لجميع أجزاء الصلاة من دون الالتزام باستدامة حكمها إلى آخر الصلاة.

(١) استمرار حضور القصد.

(٢) أي آخر التكبير.

(٣) أي نوى الخروج في الحالة التالية لحالة القصد بالخروج ولا يشترط الخروج في حالة قصد الخروج ، ويكون الضمير في (قبله) راجعا إلى ثاني الحال بحيث نوى الخروج قبل ثاني حال الخروج ، فثاني الحال هو حال الفعلية والحال الأول هو حال القصد للخروج.

(٤) عطف على الخروج والمعنى : نوى فعل بعض المنافيات.

(٥) ولو قبل الانتهاء من الصلاة بعد حال النية.

(٦) أي بأن نوى الرياء. والرياء مناف للقربة وقد وردت أخبار كثيرة على بطلان العبادة به على المشهور إلا من المرتضى حيث ذهب إلى صحتها ، وحمل الأخبار على بطلان ترتب الثواب عليها ، ومن الأخبار خبر السكوني (قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فإذا صعد بحسناته يقول الله (عزوجل) : اجعلوها في سجين ، إنه ليس إيّاي أراد به) (١) ، وخبر يزيد بن خليفة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كل رياء شرك إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس ومن عمل لله كان ثوابه على الله) (٢) ، وخبر علي بن جعفر عن أخيه عن آبائه عليهم‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يؤمر برجال إلى النار. إلى أن قال.

فيقول لهم خازن النار : يا أشقياء ، ما كان حالكم؟ قالوا : كنا نعمل لغير الله ، فقيل لنا : خذوا ثوابكم ممن عملتم له) (٣) وخبر علي بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (وما كان للناس فلا يصعد إلى الله) ٤ ، وخبر علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قال الله ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ٤ و ١ و ٥.


(وقراءة الحمد (١) ، وسورة كاملة) (٢) في أشهر القولين (إلا مع الضرورة) كضيق وقت ، وحاجة يضرّ فوتها ، وجهالة لها مع العجز عن التعلم فتسقط

______________________________________________________

تعالى : أنا أغنى الأغنياء عن الشريك ، فمن أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلا ما كان لي خالصا) (١) فهي وإن كان أكثرها ظاهرا في نفي الثواب إلا أنه ورد النهي عن الرياء ، والنهي عن الرياء مبطل للعبادة ، وقد ورد في قوله تعالى : (فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً وَلٰا يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (٢) وفي خبر مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فاتقوا الله في الرياء فإنه الشرك بالله) (٣).

(١) بالاتفاق للنبوي (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) (٤) وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته ، قال : لا صلاة إلا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات) (٥) ومثله غيره.

(٢) على المشهور لصحيح منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر) (٦) ، وصحيح معاوية بن عمار قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام (أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب؟ قال عليه‌السلام : نعم ، قلت : فإذا قرأت فاتحة القرآن أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة؟ قال : عليه‌السلام : نعم) (٧) ومثلها غيرها.

وعن جماعة منهم : القديمان والديلمي والمحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى وسيد المدارك عدم الوجوب لصحيح علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (سمعته يقول : إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة) (٨).

وهو محمول على حال المرض أو الاستعجال أو الخوف لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها ، ويجوز ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١١.

(٢) الكهف الآية : ١١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١٦.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

(٨) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.


السورة من غير تعويض عنها (١) ، هذا (في) الركعتين (الأوليين) سواء لم يكن غيرهما كالثنائية ، أم كان كغيرها (٢) (ويجزي في غيرهما) من الركعات (الحمد وحدها أو التسبيح) (٣) بالأربع المشهورة (٤) (أربعا) بأن يقولها مرة (٥) (أو تسعا) بإسقاط التكبير من الثلاث على ما دلت عليه رواية حريز (٦)

______________________________________________________

للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار) (١) ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ولا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا) (٢) ، وأما ما ورد من قراءة بعض السورة في الركعة فهو محمول على التقية قطعا لأنه موافق للعامة.

(١) بخلاف الحمد فإن لها عوضا كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

(٢) وغير الثنائية هي الثلاثية والرباعية.

(٣) بلا خلاف فيه للأخبار منها : موثق ابن حنظلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال عليه‌السلام : إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء ، قال : قلت : فأي ذلك أفضل؟ فقال عليه‌السلام : هما والله سواء إن شئت سبحت وإن شئت قرأت) (٣).

(٤) لصحيح زرارة (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما يجزئ من القول في الركعتين الأخيرتين؟

قال عليه‌السلام : أن تقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وتكبر وتركع) (٤).

(٥) كما عن الشيخين والفاضلين والشهيدين وجماعة ونسب إلى الأشهر والأكثر لصحيح زرارة المتقدم.

(٦) عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا كنت إماما أو وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع) (٥) كما في رواية الفقيه ، وإليه ذهب الصدوقان وابن أبي عقيل وأبو الصلاح ، وأما في السرائر فقد نقل الخبر عن كتاب حريز تارة بمثل ما رواه الصدوق في الفقيه لكن مع إسقاط (تكمله تسع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.


(أو عشرا) (١) بإثباته في الأخيرة (أو اثني عشر) بتكرير الأربع ثلاثا ، (٢) ، ووجه الاجتزاء بالجميع (٣) ورود النص الصحيح بها (٤) ، ولا يقدح إسقاط التكبير في الثاني لذلك (٥) ولقيام غيره مقامه ، وزيادة (٦) وحيث يؤدى الواجب بالأربع جاز ترك الزائد (٧) ، فيحتمل

______________________________________________________

تسبيحات) وقوله : (أو وحدك) ، وأخرى نقل الخبر هكذا (إن كنت إماما فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم تكبر وتركع) (١). ولا يمكن الأخذ بزيادة التكبير المروية في السرائر لأن المحكي عن المعتبر والتذكرة والمنتهى نسبة القول بالتسع إلى حريز مع عدم التكبير ، وابن إدريس مقارب لعصرهما.

(١) بإسقاط التكبير في الأولى والثانية من التسبيحات وإثباته في الثالثة كما عن مبسوط الشيخ وجمل السيد والغنية وهداية الصدوق لصحيح حريز المتقدم في رواية الفقيه بناء على أن المراد من قوله عليه‌السلام (ثم تكبر وتركع) أن التكبير غير تكبير الركوع ، وعن المحقق الخونساري في حاشيته على الروضة وسيد المدارك وجماعة الاعتراف بعدم الوقوف له على مستند.

(٢) لخبر رجاء بن أبي الضحاك (صحب الرضا عليه‌السلام من المدينة إلى مرو فكان يسبح في الأخريين يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم يكبر ويركع) (٢). وإليه ذهب الشيخ في النهاية والشهيد في البيان وجماعة.

(٣) أي بواحد من الأربعة وهو قول في المسألة.

(٤) بالمذكورات الأربعة وقد تقدم الخبر على كل واحد منها.

(٥) أي لا يقدح إسقاط التكبير في القول الثاني وهو أن التسبيح تسع من دون تكبير لورود النص الصحيح به.

(٦) غرضه أن التسع وإن كانت أنقص من العشر بالتكبير إلا أنه لا يضر لقيام النص عليه وقد تقدم ولكونه أحد أفراد الواجب المخير ، فكما أن الأربع فرد ثان بدل العشر فالتسع فرد ثالث بدل العشر ، بل التسع أولى لأنه أزيد من الأربع.

(٧) هذا تفريع على الاجتزاء بالجميع ، وحاصله إذا كان الواجب متحققا بالأربع فلا بد أن يكون الزائد عنه مستحبا وهو قول لجماعة ، ويحتمل أن يكون الواجب له عدة أفراد أدناها الأربع وأعلاها الاثنا عشر فإذا تعدى الأربع فيكون قد ترك أحد أفراد الواجب التخييري إلى بدله فلا بد من إكماله ، والقول بأن الترديد في أفراد الواجب بين الأقل والأكثر غير معقول لتحقق الواجب في الأقل على كل حال ولو كان في ضمن الأكثر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٨.


كونه مستحبا ، نظرا إلى ذلك ، وواجبا مخيرا ، التفاتا إلى أنه أحد أفراد الواجب وجواز تركه إلى بدل ، وهو الأربع وإن كان جزؤه كالركعتين ، والأربع في مواضع التخيير ، وظاهر النصّ والفتوى : الوجوب (١) ، وبه صرّح المصنف في الذكرى ، وهو ظاهر العبارة هنا ، وعليه الفتوى.

فلو شرع (٢) في الزائد عن مرتبة فهل يجب عليه البلوغ إلى أخرى؟ يحتمله قضية للوجوب. وإن جاز تركه قبل الشروع. والتخيير ثابت قبل الشروع فيوقعه (٣) على وجهه (٤) ، أو يتركه ، حذرا من تغيير الهيئة الواجبة ووجه العدم : أصالة عدم وجوب الإكمال ، فينصرف إلى كونه ذكر الله تعالى ، إن لم يبلغ فردا آخر (والحمد) في غير الأوليين (أولى) (٥) من التسبيح

______________________________________________________

فلا بد أن يكون الزائد مستحبا مردود بالتخيير بين الاثنتين والأربع في مواضع التخيير بالنسبة للصلاة.

(١) أي وجوب إكمال الزائد عن الأربع لأن الجميع من قبيل أفراد الواجب التخييري لا من قبيل الترديد بين الواجب والمستحب ، والعجب من الشارح حيث جعل ظاهر الفتوى ذلك وهو قد نقل في الروض عن الشهيد في كتبه الثلاثة الاستحباب.

(٢) إذا قلنا بأن الترديد من قبيل الترديد بين أفراد الواجب التخييري وقلنا بوجوب قصد أحد الأفراد من حين الشروع فلا كلام ، وإن لم نقل بوجوب القصد فلو انتهى من أحد الأفراد كالأربع مثلا وشرع في الزائد فهل يجب عليه البلوغ إلى مرتبة الفرد الآخر ، يحتمل ذلك لأن أفراد الواجب محددة فلا بد من الوصول إلى واحد منها ، ويحتمل العدم لأن الزائد عن أحد الأفراد يكون ذكرا لله وهو حسن على كل حال.

(٣) أي الزائد.

(٤) من إيصاله إلى مرتبة من مراتب أفراد الواجب التخييري.

(٥) ذهب الصدوق والحسن بن أبي عقيل والحلي وجماعة إلى أن التسبيح أولى من قراءة الحمد سواء كان منفردا أو إماما أو مأموما لخبر محمد بن عمران ومحمد بن حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال عليه‌السلام : إنما صار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله (عزوجل) فدهش فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة) (١) ، وخبر رجاء بن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣.


مطلقا (١) ، لرواية محمد بن حكيم عن أبي الحسن عليه‌السلام وروي أفضلية التسبيح مطلقا (٢) ، ولغير الإمام (٣) وتساويهما (٤) ، وبحسبها (٥) اختلفت الأقوال واختلف اختيار

______________________________________________________

الضحاك المتقدم (أنه صحب الرضا عليه‌السلام من المدينة إلى مرو فكان يسبح في الأخريين يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم يكبر ويركع) (١) ومداومة الإمام عليه دليل على أفضليته ومثلها غيرها.

وقد ورد أفضلية القراءة في خبر محمد بن حكيم (سألت أبا الحسن عليه‌السلام أيما أفضل ، القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح؟ فقال عليه‌السلام : القراءة أفضل) (٢) وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (يجزيك التسبيح في الأخيرتين ، قلت : أي شي‌ء تقول أنت؟ قال عليه‌السلام : أقرأ فاتحة الكتاب) (٣) وظاهره مداومة المعصوم على قراءة الحمد الدال على أفضليتها.

وعن الشرائع والقواعد وجامع المقاصد بل قيل إنه المشهور على استحباب القراءة للإمام دون المأموم فالتسبيح له أفضل لصحيح معاوية (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين؟ فقال عليه‌السلام : الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وإن شئت فسبح) (٤) ومثله غيره وهو ظاهر في التساوي بالنسبة للمنفرد وعليه موثق ابن حنظلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال عليه‌السلام : إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء ، قال : قلت : فأي ذلك أفضل؟ فقال عليه‌السلام : هما والله سواء إن شئت سبحت وإن شئت قرأت) (٥) والحلف على التسوية لا يمكن حمله على التقية فيتعين حمله على المنفرد جمعا بين النصوص وهو المتعين.

(١) إماما أو مأموما أو منفردا.

(٢) إماما أو مأموما أو منفردا.

(٣) أي روي أفضلية التسبيح لغير الإمام وأما الإمام فيستحب له القراءة كما في صحيح معاوية.

(٤) أي تساوي القراءة والتسبيح لموثق ابن حنظلة.

(٥) أي وبحسب الأخبار المختلفة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٨.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١٠ و ١٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣.


المصنف ، فهنا رجّح القراءة مطلقا ، وفي الدروس للإمام والتسبيح للمنفرد ، وفي البيان جعلهما له (١) سواء ، وتردد في الذكرى والجمع بين الأخبار هنا لا يخلو من تعسف (٢).

(ويجب الجهر) (٣) بالقراءة على المشهور (في الصبح وأوليي العشاءين (٤))

______________________________________________________

(١) أي للمنفرد وجعل القراءة للإمام أفضل.

(٢) ولعله لما قاله في الروض «والقول بأفضلية القراءة للإمام والمساواة بينهما للمنفرد طريق الجمع بين روايتيهما كما ذهب إليه الشيخ في الاستبصار ، لكن تبقى رواية أولوية التسبيح لا طريق إلى حملها إذ لا قائل بأولويته في فرد مخصوص» انتهى.

وفيه : قد عرفت أن أفضلية التسبيح للمأموم لصحيح معاوية المتقدم وعليه فالجمع بين الأخبار خال من التعسف بشهادة نفس الشارح في روضه.

(٣) على المشهور لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه ، وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه فقال عليه‌السلام : أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي‌ء عليه وقد تمت صلاته) (١) وهو ظاهر في وجوب الجهر والإخفات في مواطنهما.

وعن الإسكافي والمرتضى في المصباح عدم الوجوب ومال إليه سيد المدارك لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سألته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة ، هل عليه أن لا يجهر؟ قال عليه‌السلام : إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل) (٢)؟ وفيه : إن الأصحاب قد أعرضوا عنه.

(٤) بلا خلاف فيه لخبر الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في حديث (أن الصلوات التي يجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المارّ أن هناك جماعة فإن أراد أن يصلي صلّى لأنه إن لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع ، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما إنما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيها إلى السماع) (٣).

وخبر يحيى بن أكثم (سأل أبا الحسن الأول عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار وإنما يجهر في صلاة الليل ، فقال عليه‌السلام : لأن النبي كان يغلس بها فقرّبها من الليل) (٤) ، وخبر رجاء بن أبي الضحاك عن الرضا عليه‌السلام (أنه كان يجهر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٣.


(والإخفات في البواقي) للرجل.

والحق أن الجهر والإخفات كيفيتان متضادتان مطلقا (١) ، لا يجتمعان في مادة ، فأقل الجهر : أن يسمعه من قرب منه صحيحا (٢) ، مع اشتمالها (٣) على الصوت (٤) الموجب لتسميته جهرا عرفا ، وأكثره : أن لا يبلغ العلوّ المفرط (٥) ، وأقل السر : أن يسمع نفسه خاصة صحيحا ، أو تقديرا (٦) وأكثره : أن لا يبلغ

______________________________________________________

بالقراءة في المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الليل والشفع والوتر والغداة ويخفي القراءة في الظهر والعصر) (١).

ومورد السؤال في الجميع هو الجهر في القراءة وأما غيرها كالتشهد والتسليم وذكر الركوع والسجود والقنوت فقد ورد في صحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام (سألته عن الرجل هل يصلح له أن يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت؟ قال عليه‌السلام : إن شاء جهر به وإن شاء لم يجهر) (٢).

وهذا كله مخصوص بالرجال بالاتفاق لكونه معلوما ولذا سئل عن الجهر للرجل فقط كما في الخبر الأخير ولخبر ابن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (سأله عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال عليه‌السلام : لا ، إلا أن تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها) (٣).

(١) لا يجتمعان في مورد ، اعلم أن الجهر والإخفات قد وردا وليس لهما ضابط شرعيّ فالمرجع هو العرف ، فما كان فيه ظهور جوهر الصوت فهو الجهر وإلا فهو الإخفات.

(٢) أي سليم السمع.

(٣) أي اشتمال كيفية الجهر.

(٤) أي جوهره.

(٥) وهو المسمى بالصياح فلا يجوز الصياح ولو فعل فالصلاة باطلة ، ففي خبر سماعة (سألته عن قول الله (عزوجل) (وَلٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَلٰا تُخٰافِتْ بِهٰا) ، قال : المخافتة ما دون سمعك والجهر أن ترفع صوتك شديدا) (٤) والنهي في العبادة مفسد.

(٦) عند وجود المانع كالصمم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.


أقل الجهر (١).

(ولا جهر على المرأة) وجوبا (٢) ، بل تتخير بينه وبين السرّ في مواضعه (٣) إذا لم يسمعها من يحرم (٤) استماعه صوتها ، والسرّ أفضل لها مطلقا (٥) ، (وتتخير الخنثى بينهما) (٦) في موضع الجهر إن لم يسمعها الأجنبي ، وإلا تعين الإخفات (٧) ، وربّما قيل : بوجوب الجهر عليها (٨) ، مراعية عدم سماع الأجنبي مع الإمكان ، وإلا وجب الإخفات ، وهو أحوط (٩).

______________________________________________________

(١) وقد نسب الشارح في الروض إلى بعضهم أن أكثره هو أقل مراتب الجهر وردّ عليه بإمكان استعمال الفرد المشترك في جميع الصلوات وهو خلاف الواقع لأن التفصيل قاطع للشركة.

(٢) أي نفي الوجوب وقد تقدم دليله.

(٣) أي مواضع الجهر الواجب على الرجل.

(٤) فإذا سمعها فالأقرب البطلان للنهي كما عن جماعة ، وعن صاحب الحدائق وغيره الإشكال فيه لكونه قد تعلق بأمر خارج عن العبادة إذ تعلق بالجهر والذي هو عبادة هو التلفظ والصوت وقد تقدم الكلام فيه.

(٥) حتى عند عدم سماع من يحرم استماعه ، والأفضلية من باب الاحتياط.

(٦) أي بين الجهر والإخفات في مواضع وجوب الجهر على الرجل لدوران أمره بين كونه رجلا أو امرأة ، والتخيير هنا حكم عقلي ، ثم هل التخيير ابتدائي بحيث لو اختار الجهر في أول مرة فيبقى على الجهر مطلقا وهكذا في الإخفات أو أنه استمراري وجهان؟

هذا كله بحسب عبارة المصنف ولكن الشارح في الروض جعل النزاع في الخنثى من أنها هل تأخذ حكم المرأة أو حكم الرجل وجعلهما قولين ، ولعل من قال بالأول لأن الجهر مختص بالرجل ورجولية الخنثى مشكوكة فلا يجب الجهر للشك في شرطه ، ولعل أيضا من قال بالثاني أن الجهر حكم عام على كل مصل خرج منه النساء والباقي يبقى تحته بما فيه الخنثى.

والشارح كما سترى أكمل عبارة المصنف على نحو استعرض هذين القولين كما سترى.

(٧) وهذا هو حكم المرأة فيكون الخنثى مثلها.

(٨) وهذا هو حكم الرجل فيكون الخنثى مثله.

(٩) لأن الأمر دائر بين التعيين أعني وجوب الجهر وبين التخيير ، والتعيين الذي هو حكم المرأة هنا طريق الاحتياط.


(ثم الترتيل) (١) للقراءة ، وهو لغة : الترسل فيها ، والتبيين بغير بغي ، وشرعا ـ قال في الذكرى ـ : هو حفظ الوقوف ، وأداء الحروف وهو المروي عن ابن عباس ، وقريب منه عن علي عليه‌السلام إلا أنه قال : وبيان الحروف ، بدل أدائها.

______________________________________________________

(١) شروع في مستحبات القراءة وستأتي الإشارة على استحبابه من المصنف ، واستحبابه متفق عليه ويدل عليه قوله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (١) ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ينبغي للعبد إذا صلى أن يرتل في قراءته ، فإذا مرّ بآية فيها ذكر الجنة وذكر النار سأل الله الجنة وتعوذ بالله من النار) (٢) والمرسل عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلا) (٣) وخبر عبد الله بن سليمان (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله (عزوجل) (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) ، قال عليه‌السلام : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : بيّنه تبيانا ، ولا تهذه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية) (٤).

وعن الجوهري في الصحاح أنه لغة «الترسل فيها والتبيين بغير بغي» ، والحاصل أنه التمهل بالقراءة من غير عجلة وهذا ما نص عليه في مجمع البحرين أيضا. وعن الشارح في المسالك والروض أن له تفسيرات متعددة شرعا.

الأول : ما عن المحقق في المعتبر أنه تبيين الحروف من غير مبالغة ونقل أيضا عن الشيخ.

الثاني : ما عن العلامة في النهاية أنه بيان الحروف وإظهارها ولا يمدّها بحيث يشبه الغناء.

الثالث : ما عن الشهيد في الذكرى أنه حفظ الوقوف وأداء الحروف وفي الذكرى أنه المروي عن ابن عباس وعلي عليه‌السلام إلا أنه قال : وبيان الحروف بدل أدائها.

وهذه التفاسير إن رجعت إلى المعنى اللغوي فهو وإلا فالعمدة عليه لنص أهل اللغة عليه ولأنه قد جعل في قبال الهذرمة في المرسل عن علي بن أبي حمزة وهو ما يفيد أن معنى الترتيل هو التمهل بالقراءة من غير عجلة.

__________________

(١) المزمل الآية : ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ١.


(والوقوف) (١) على مواضعه ، وهي ما تمّ لفظه ومعناه (٢) ، أو أحدهما (٣) ، والأفضل : التام ، ثم الحسن ، ثم الكافي ، على ما هو مقرّر في محله ولقد كان يغني عنه (٤) ذكر الترتيل على ما فسّره به المصنّف (٥) ، فالجمع بينهما تأكيد. نعم ، يحسن الجمع بينهما لو فسّر الترتيل بأنه : تبيين الحروف من غير مبالغة كما فسّره به في المعتبر والمنتهى ، أو بيان الحروف وإظهارها من غير مدّ يشبه الغناء كما فسّره به (٦) في النهاية وهو الموافق لتعريف أهل اللغة.

(وتعمّد الإعراب) (٧) إما بإظهار حركاته وبيانها بيانا شافيا بحيث لا يندمج

______________________________________________________

(١) قال الشارح في الروض «والوقوف على مواضعه فيقف على التام ثم على الحسن ثم على الجائز على ما هو مقرر عند القراء تحصيلا لفائدة الاستماع إذ به يسهل الفهم ويحسن النظم ولا يتعين الوقف في موضع ولا يقبح ، بل متى شاء وقف ومتى شاء وصل مع المحافظة على النظم ، وما ذكره القراء قبيحا أو واجبا لا يعنون به معناه الشرعي ، وقد صرح به محققوهم» انتهى.

(٢) وهو المسمى عندهم بالتام لأنه لا تعلق بما بعده لا لفظا ولا معنى وأكثر ما يوجد في الفواصل ورءوس الآيات.

(٣) فإن تم لفظا ولكنه متعلق بما بعده من حيث المعنى فهو المسمى عندهم بالكافي مثل قوله تعالى : (لٰا رَيْبَ فِيهِ).

وإن تم معنى ولكنه متعلق بما بعده من حيث اللفظ فهو المسمى عندهم بالحسن مثل قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ).

وإن كان متعلقا لفظا ومعنى بما بعده فالوقف عليه قبيح كالوقف على المبتدأ أو المضاف.

ثم أضافوا عشرة مواضع وادّعوا أن الوقف عليها وقف غفران ، ورووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (إن من ضمن لي أن يقف على عشرة مواضع ضمنت له الجنة) وأن هناك ثمانية وخمسين وقفا حراما ومن وقف على واحد منها فقد كفر وجعل منها الوقف على (صِرٰاطَ الَّذِينَ) إلى غير ذلك مما زخرفوه واختلقوه من دون دليل يدل عليه.

(٤) عن الوقوف.

(٥) في الذكرى.

(٦) أي كما فسّر العلامة الترتيل بهذا المعنى في النهاية وقد تقدم عرض أقوالهم مع عرض المعنى اللغوي عن الجوهري.

(٧) فالإعراب مع الدرج واجب لأنه جزء الكلمة وإلا فلا دليل على استحبابه.


بعضها في بعض إلى حد لا يبلغ حدّ المنع (١) ، أو بأن لا يكثر الوقوف الموجب للسكون خصوصا في الموضع المرجوح (٢) ، ومثله حركة البناء.

(وسؤال الرحمة والتعوّذ من النقمة) عند آيتيهما (٣) (مستحبّ) خبر الترتيل وماعطف عليه ، وعطفها (٤) بثم الدال على التراخي لما بين الواجب والندب من التغاير (وكذا) يستحب (تطويل السورة (٥) في الصبح) كهل أتاك وعمّ ، لا مطلق التطويل ، (وتوسّطها في الظهر والعشاء) كهل أتاك والأعلى كذلك (٦) ، (وقصرها)

______________________________________________________

(١) بحيث لو وصل الأمر إلى دمج بعضها ببعض فتعمد الإعراب حينئذ واجب وليس بمستحب.

(٢) في الوقف الكافي مثلا.

(٣) لمرسل ابن أبي عمير المتقدم في الترتيل ، ومثله غيره.

(٤) أي المذكورات.

(٥) ذكر المشهور أن المستحب هو قراءة قصار السور من المفصل في الظهرين والمغرب ، ومتوسطاته في العشاء ومطولاته في الصبح ، وقد اعترف أكثر من واحد منهم الشارح في الروض بعدم العثور على مستند لذلك في أخبارنا وإنما اتبع المشهور في ذلك العامة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فالمشهور على أن المفصّل من أول سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى آخر القرآن ، وقيل إن أوله من الحجرات أو من الجاثية أو القتال أو ق وقيل غير ذلك ، ومن جهة ثالثة سمي المفصّل بذلك لكثرة الفصول بين سوره ومطولاته من أوله إلى عمّ ومتوسطاته من عمّ إلى الضحى وقصاره من الضحى إلى آخره.

ومن جهة رابعة فالوارد عندنا في هذا هو رواية سعد الإسكاف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أعطيت السور الطوال مكان التوراة والمئين مكان الإنجيل ، والمثاني مكان الزبور وفضّلت بالمفصّل ثمان وستين سورة وهو مهيمن على سائر الكتب) (١). والعدد المذكور منطبق على كونه من أول سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي خبر دعائم الإسلام (لا بأس أن يقرأ في الفجر بطوال المفصّل وفي الظهر والعشاء الآخرة بأواسطه وفي العصر والمغرب بقصاره) (٢) وهو لم يخالف المشهور إلا في الظهر.

(٦) أي لا مطلق التوسط.

__________________

(١) أصول الكافي ج ٢ كتاب فضل القرآن حديث ١٠.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.


(في العصر والمغرب) بما دون ذلك. وإنما أطلق ولم يخصّ التفصيل بسور المفصّل لعدم النصّ على تعيينه بخصوصه عندنا ، وإنما الوارد في نصوصنا هذه السور وأمثالها (١) لكنّ المصنف وغيره قيّدوا الأقسام بالمفصّل ، والمراد به (٢) ما بعد محمّد (٣) أو الفتح ، أو الحجرات ، أو الصفّ ، أو الصافات إلى آخر القرآن. وفي مبدئه أقوال أخر أشهرها الأول ، سمّي مفصّلا لكثرة فواصله بالبسملة بالإضافة إلى باقي القرآن ، أو لما فيه من الحكم المفصّل لعدم المنسوخ منه.

(وكذا يستحبّ قصر السورة مع خوف الضيق) بل قد يجب (٤) (واختيار هل أتى وهل أتاك في صبح الاثنين) ، وصبح (الخميس) (٥) فمن قرأهما في اليومين

______________________________________________________

(١) كما في صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أما الظهر والعشاء الآخرة تقرأ فيهما سواء ، والعصر والمغرب سواء ، وأما الغداة فأطول ، وأما الظهر والعشاء الآخرة فسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ونحوها ، وأما العصر والمغرب فإذا جاء نصر الله وألهاكم التكاثر ونحوها ، وأما الغداة فعمّ يتساءلون وهل أتاك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيامة وهل أتى على الإنسان حين من الدهر) (١) وخبر عيسى بن عبد الله القمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي الغداة بعمّ يتساءلون وهل أتاك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيامة وشبهها ، وكان يصلي الظهر بسبح اسم والشمس وضحاها وهل أتاك حديث الغاشية وشبهها ، وكان يصلي المغرب بقل هو الله وإذا جاء نصر الله والفتح وإذا زلزلت ، وكان يصلي العشاء الآخرة بنحو ما يصلي في الظهر والعصر بنحو من المغرب) (٢) وهذه الأخبار ظاهرة في إلحاق الظهر بالعشاء لا في العصر والمغرب كما ذهب إليه المشهور.

(٢) بالمفصّل.

(٣) على المشهور ويدل عليه خبر سعد الإسكاف المتقدم.

(٤) مراعاة للوقت.

(٥) لمرسل الفقيه (حكى من صحب الرضا عليه‌السلام إلى خراسان أنه كان يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس في الركعة الأولى الحمد وهل أتى على الإنسان ، وفي الثانية الحمد وهل أتاك حديث الغاشية ، فإن من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه الله شر اليومين) (٣).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.


وقاه الله شرهما ، (و) سورة (الجمعة والمنافقين في ظهريها وجمعتها) (١) على طريق الاستخدام ، وروي (٢) أن من تركهما فيها متعمدا فلا صلاة له ، حتى قيل بوجوب قراءتهما في الجمعة وظهرها لذلك وحملت الرّواية على تأكد الاستحباب

______________________________________________________

(١) على المشهور لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (اقرأ سورة الجمعة والمنافقين فإن قراءتهما سنة يوم الجمعة في الغداة والظهر والعصر) (١) ومرفوع حريز وربعي عن أبي جعفر عليه‌السلام (إذا كان ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون وفي صلاة الصبح مثل ذلك وفي صلاة الجمعة مثل ذلك وفي صلاة العصر مثل ذلك) (٢).

وفي الشرائع نسبة القول بوجوبهما في الظهرين من الجمعة إلى البعض ولعله الصدوق لأنه أمر بالإعادة لو نسيهما لصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من صلى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر) (٣) ، غايته أن الخبر كفتوى الصدوق مختص بالظهر وأما العصر فوجوب قراءتهما فيها مما لم يعرف قائله ولكن الخبر محمول على الاستحباب المؤكد جمعا بينها وللتعبير بالاستحباب في الأخبار المتقدمة ولخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن الجمعة في السفر ما اقرأ فيها؟ قال : اقرأ فيهما بقل هو الله أحد) (٤) وهو ظاهر في استحباب الجمعة والمنافقين جمعا بينه وبين ما تقدم ومنه تعرف وجوبهما في الجمعة كما عن السيد المرتضى.

فالضمير في (ظهريها وجمعتها) راجع إلى الجمعة باعتبار أنها يوم ، والمراد منها سورة الجمعة لإضافة السورة إليها فاختلف المراد من الضمير مع المراد من مرجعه.

(٢) كما في خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشارة لهم ، والمنافقين توبيخا للمنافقين ، ولا ينبغي تركهما فمن تركهما متعمدا فلا صلاة له) (٥) ، وخبر عبد الملك الأحول عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له) (٦) لكنهما محمولان على الاستحباب المؤكد لما سمعت من خبر علي بن يقطين المتقدم ولخبره الآخر (سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام : عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا ، قال عليه‌السلام : لا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٦ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٧٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣ و ٧.


جمعا ، (والجمعة والتوحيد في صبحها) (١) وقيل : الجمعة والمنافقين ، وهو مرويّ أيضا ، (والجمعة والأعلى في عشاءيها) (٢) : المغرب والعشاء ، وروي في المغرب : الجمعة والتوحيد ، ولا مشاحة في ذلك ، لأنه مقام استحباب (٣).

______________________________________________________

بأس بذلك) (١) ومثله غيره.

(١) كما في الكثير من النصوص منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اقرأ في ليلة الجمعة الجمعة وسبح اسم ربك الأعلى ، وفي الفجر سورة الجمعة وقل هو الله أحد) (٢) هذا على المشهور ، وذهب المرتضى وابن بابويه إلى قراءة الجمعة والمنافقين في صبح الجمعة لصحيح زرارة ومرفوع حريز وربعي المتقدمين.

(٢) أي في ليلة الجمعة والذي يدل على الجمعة والأعلى في العشاءين هو خبر أبي بصير المتقدم ، وورد استحباب قراءة الجمعة والمنافقين كما في مرفوع حريز وربعي المتقدم ، وورد استحباب قراءة الجمعة وقل هو الله أحد في مغرب ليلة الجمعة كما في خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة الجمعة وقل هو الله أحد) (٣).

(٣) قال المحقق في المعتبر «ولا مشاحة في ذلك لأنه مقام استحباب» ، نعم ورد الأمر بقراءة إنا أنزلناه في الركعة الأولى وبقل هو الله أحد في الثانية من كل صلاة بل لو عدل عن غيرهما إليهما لما فيهما من الفضل أعطي أجر السورة التي عدل عنها مضافا إلى أجرهما ، ففي خبر الاحتجاج عن صاحب الزمان عليه‌السلام (كتب إلى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري في جواب مسائله حيث سأله عما روي في ثواب القرآن في الفرائض وغيرها أن العالم عليه‌السلام قال : عجبا لمن لم يقرأ في صلاته إنا أنزلناه في ليلة القدر كيف تقبل صلاته؟ وروي ما زكت صلاة لم يقرأ فيها قل هو الله أحد ، وروي أن من قرأ في فرائضه الهمزة أعطي من الثواب قدر الدنيا ، فهل يجوز أن يقرأ الهمزة ويدع هذه السور التي ذكرناها مع ما قد روي أنه لا تقبل صلاته ولا تزكو إلا بهما.

الثواب في السورة على ما قد روي ، وإذا ترك سورة مما فيها من الثواب وقرأ قل هو الله أحد وإنا أنزلناه لفضلهما أعطي ثواب ما قرأ وثواب السورة التي ترك ، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين وتكون صلاته تامة ، ولكنه يكون قد ترك الأفضل).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب قراءة في الصلاة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٤.


(وتحرم) قراءة (العزيمة في الفريضة) (١) على أشهر القولين. فتبطل (٢) بمجرد الشروع فيها عمدا للنهي ، ولو شرع فيها (٣) ساهيا ، عدل عنها وإن تجاوز نصفها ، ما لم يتجاوز موضع السجود ، ومعه (٤) ففي العدول ، أو إكمالها والاجتزاء بها ،

______________________________________________________

(١) على المشهور ولم يعرف الخلاف إلا من ابن الجنيد ، ومستند المشهور خبر زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام (لا تقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم فإن السجود زيادة في المكتوبة) (١) وموثق سماعة (من قرأ (اقرأ باسم ربك) فإذا ختمها فليسجد. إلى أن قال. ولا تقرأ في الفريضة اقرأ في التطوع) (٢).

وذهب ابن الجنيد إلى جواز القراءة مع ترك آية السجدة فإذا فرغ من الصلاة قرأها وسجد ويشهد له خبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال : إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها) (٣).

وهذا منه على مبناه من عدم وجوب السورة والتبعيض جائز فيمكن قراءتها من دون قراءة موجب السجود ، والمتّبع الأول لوجوب السورة كما تقدم ولعمل المشهور بالخبرين السابقين.

(٢) أي الصلاة ، اعلم أنه على القول المشهور المنصور من التحريم إن قرأ سورة فيها عزيمة تبطل الصلاة بمجرد الشروع لأنه إن أكمل السورة فيجب السجود وهو زيادة في المكتوبة وإن ترك موجب السجود لزم الاقتصار على الأقل من السورة وهو ممنوع ، هذا كله إذا كان من نيته الإتمام حين الشروع وإلا لو كان العدم وعدل عنها إلى غيرها قبل تجاوز النصف بشرط أن تكون السجدة في النصف الآخر فلا دليل على بطلان صلاته.

(٣) ساهيا فإن تذكر قبل آية السجدة عدل عنها إلى غيرها وإن كان قد تجاوز النصف لأن نصوص العدول الآتية المقيدة بما لم يبلغ النصف منصرفة عن هذا المقام وظاهرة فيما لو كانت السورة مجزية عند الإكمال بخلاف ما نحن فيه فإنها غير مجزية لو أكملها فضلا عن بطلان الصلاة بها.

(٤) أي مع التجاوز لموضع السجود فذهب الشهيد في البيان إلى الجزم بالعدول مع التذكر بعد قراءة آية السجدة أو بعد الإتمام إذا كان قبل الركوع وتابعه المحقق الثاني وصاحب الجواهر لإطلاق النهي عن قراءة العزيمة المقتضي لعدم الاجتزاء وعن غيرهم أنه صحت صلاته ولا يجب عليه العدول لوقوع ما يخشى منه وهو قراءة آية السجدة ، ثم على هذا

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢ و ٣.


مع قضاء السجود بعدها ، وجهان في الثاني منهما قوة ومال المصنّف في الذكرى إلى الأول ، واحترز بالفريضة عن النافلة ، فيجوز قراءتها فيها (١) ، ويسجد لها في محله ، وكذا لو استمع (٢) فيها إلى قارئ أو سمع (٣) على أجود القولين.

______________________________________________________

القول اختلفوا فهل يجب السجود عند التذكر كما في كشف الغطاء أو يؤخره إلى ما بعد الفراغ من الصلاة كما هو المعروف بينهم أو يومئ بدل السجود كما عن بعض أو يجمع بين الإيماء في الأثناء والسجود بعد الفراغ أقوال أربعة والأحوط الأخير وإن كان الإيماء كاف لخبر أبي بصير (إن صليت مع قوم فقرأ الإمام (اقرأ باسم ربك) أو شيئا من العزائم وفرغ من قراءته ولم يسجد فأومئ إيماء) (١) وخبر سماعة (وإذا ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزيك الإيماء والركوع) (٢) وخبر علي بن جعفر (عن الرجل يكون في صلاة في جماعة فيقرأ إنسان السجدة كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يومئ برأسه ، قال : وسألته عن الرجل يكون في صلاة فيقرأ آخر السجدة فقال عليه‌السلام : يسجد إذا سمع شيئا من العزائم الأربع ثم يقوم فيتم صلاته إلا أن يكون في فريضة فيومئ برأسه إيماء) (٣).

(١) في النافلة بلا خلاف لموثق سماعة المتقدم.

(٢) في النافلة ، لا خلاف في وجوب السجود على من استمع لها للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا قرئ بشي‌ء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء) (٤).

(٣) كما عليه الأكثر لإطلاق خبر ابن جعفر عن أخيه (عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ إنسان السجدة كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يومئ برأسه إيماء) (٥) وعن الشيخ والمحقق والعلامة وجماعة العدم لاختصاص السجود بالاستماع لا بالسماع ويدل عليه خبر ابن سنان (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل سمع السجدة تقرأ ، قال عليه‌السلام : لا يسجد إلا أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو يصلي بصلاته ، فأما أن يكون يصلي في ناحية وأنت تصلي في ناحية أخرى فلا تسجد لما سمعت) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٣ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٣ و ١.


ويحرم استماعها في الفريضة فإن فعل ، أو سمع اتفاقا وقلنا بوجوبه له (١) أومأ لها (٢) وقضاها (٣) بعد الصلاة ، ولو صلّى مع مخالف تقية فقرأها تابعه في السجود ولم يعتد بها (٤) على الأقوى والقائل بجوازها منا (٥) لا يقول بالسجود لها في الصلاة فلا منع من الاقتداء به (٦) من هذه الجهة (٧) ، بل من حيث فعله (٨) ما يعتقد المأموم الإبطال به.

(ويستحب الجهر بالقراءة في نوافل الليل ، والسّر في) نوافل (النهار) (٩) وكذا قيل (١٠) في غيرها من الفرائض (١١) ، بمعنى استحباب الجهر بالليلية منها ،

______________________________________________________

(١) أي بوجوب السجود للسماع.

(٢) وقد تقدم أخبار الإيماء.

(٣) من باب الاحتياط ليس إلا.

(٤) أي بصلاته للزيادة العمدية من السجود مع عدم العلم باغتفار مثل هذا تقية ، وإن كانت التقية ترفع تحريم إبطال الصلاة بزيادة السجود.

(٥) هو ابن الجنيد حيث جوّز قراءة العزائم في الفريضة ولكن لم يجوّز السجود في أثناء الصلاة بل أوجب ترك موجب السجود إلى ما بعد الصلاة. وعليه فالاقتداء بمن يقول بهذا القول وقد قرأ سورة العزيمة من دون موجبها غير مجز ، وعدم الإجزاء لا من ناحية زيادة السجود ، كيف وقد عرفت أن ابن الجنيد قد أوجب ترك موجب السجود في أثناء الصلاة بل من ناحية أن صلاة الإمام بنظر المأموم باطلة لأن الإمام قد أقدم على ما لا يجوز له قراءته وهي سورة العزيمة والمأموم يعتبر أن قراءة سورة العزيمة منهي عنها والنهي يقتضي الفساد.

(٦) أي بهذا القائل منا.

(٧) أي جهة عدم السجود في الصلاة.

(٨) فعل الإمام من قراءة السورة المنهي عنها.

(٩) بلا خلاف فيه لمرسل ابن فضال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (السنة في صلاة النهار بالإخفات والسنة في صلاة الليل بالإجهار) (١).

(١٠) وهو المحقق الثاني في جامعه.

(١١) بشرط أن يكون لها نظير في الليل ونظير في النهار كالكسوفين فصلاة الكسوف يستحب ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.


والسّر في نظيرها نهارا كالكسوفين ، أما ما لا نظير له (١) فالجهر مطلقا (٢) كالجمعة (٣) والعيدين (٤) ، والزلزلة (٥) ، والأقوى في الكسوفين ذلك (٦) ، لعدم اختصاص الخسوف بالليل (وجاهل الحمد (٧) يجب عليه التعلم) مع إمكان وسعة

______________________________________________________

فيها الإسرار لأنها تصلّى نهارا ، وصلاة الخسوف يجهر فيها لأنها تصلّى ليلا وفيه : إنه يستحب الإجهار في الكسوفين بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا وأكثر العامة ، ويدل عليه صحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في صلاة الكسوفين (وتجهر بالقراءة) (١).

(١) تتمة قول المحقق الثاني. والمراد أنه ليس له فردان أحدهما ليلي والآخر نهاري بل له فرد واحد قد يقع نهارا كالعيدين وقد يقع كالزلزلة في بعض الأحيان.

(٢) سواء صلاها بالنهار أو الليل.

(٣) واستحباب الجهر فيها إجماعي ويدل عليه أخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (والقراءة فيها بالجهر) (٢) بل وكذا لو صلاها ظهرا لخبر عمران الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيها بالقراءة؟ قال : نعم والقنوت في الثانية) (٣).

(٤) لخبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعتم في العيدين. إلى أن قال. ويجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة) (٤).

(٥) إلحاقا لها بصلاة الكسوفين لأن جنس الجميع واحد.

(٦) أي الجهر وقد تقدم دليله وهو صحيح زرارة ومحمد بن مسلم ، لا لما قاله الشارح من وقوع خسوف القمر نهارا وذلك قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر من جهة المغرب وقبل ذهاب الحمرة المشرقية وبعد غياب القرص من جهة المشرق.

(٧) يجب عليه تعلمها للإجماع المدعى عن المعتبر والمنتهى وعن العلامة الطباطبائي في مصابيحه «إن ثبت الإجماع كما

في المعتبر والمنتهى وإلا اتجه القول بنفي الوجوب» وذلك لأنه لا دليل على وجوب التعلم إلا وجوب نفس الصلاة مع أنه يمكن له أن يأتي بها مأموما فتسقط عنه قراءة الحمد ، وإلا كون وجوب التعلم نفسيا هو مما لا دليل عليه كما حرر في الأصول.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف والآيات حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.


الوقت (فإن ضاق الوقت قرأ ما يحسن منها) (١) أي من الحمد ، هذا إذا سمّي قرآنا ، فإن لم يسمّ لقلّته فهو كالجاهل بها أجمع.

وهل يقتصر عليه (٢) ، أو يعوّض عن الفائت؟ (٣) ظاهر العبارة الأول (٤) ، وفي الدروس : الثاني وهو الأشهر. ثم إن لم يعلم غيرها (٥) من القرآن كرّر ما يعلمه بقدر الفائت (٦) ، وإن علم ففي التعويض منها (٧) ، أو منه (٨) قولان مأخذهما كون الأبعاض أقرب إليها ، وأن الشي‌ء الواحد لا يكون أصلا وبدلا ، وعلى التقديرين (٩) فيجب المساواة له (١٠) في الحروف (١١) ، وقيل في الآيات (١٢).

______________________________________________________

(١) بلا خلاف ولا إشكال لقاعدة الميسور.

(٢) على ما يعرفه من الحمد بشرط أن يكون قرآنا ، كما عليه جماعة كما عن المعتبر والمنتهى والتحرير ومجمع البرهان والمدارك لأصالة البراءة عن وجوب العوض.

(٣) كما اختاره الشهيد في الذكرى والدروس وابن سعيد في جامعه بل نسب إلى المشهور لوجوب قراءة الحمد ومع التعذر فينتقل إلى البدل وهو العوض عن الفائت.

(٤) حيث لم يقيدها المصنف بالتعويض عن الفائت.

(٥) غير الحمد.

(٦) لأن الذي يعرفه من القرآن منحصر بها فلا بد من تكرار ما يعلمه منها حينئذ.

(٧) من الحمد لأنه أقرب إلى الفائت لكون الجميع من سورة الحمد ، وهو قول العلامة في التذكرة.

(٨) أي من القرآن لعموم قوله تعالى : (فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنْهُ) (١) ، ولأن الشي‌ء الواحد لا يكون أصلا وبدلا وهو قول العلامة في النهاية ، وفي الثاني ضعف لأن الجزء الذي يعرفه يأتي به أولا بالأصالة ويأتي به ثانيا بدلا عما لا يعرفه فتغاير البدل والمبدل منه.

(٩) سواء كان التعويض من الحمد أو من القرآن.

(١٠) أي للفائت.

(١١) كما عن المشهور لوجوب التطابق بين البدل والمبدّل.

(١٢) لقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنٰاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثٰانِي) (٢) فيجب التطابق في الآيات سواء قصرت أو طالت كقضاء أيام الصوم.

__________________

(١) المزمل الآية : ٢٠.

(٢) الحجر الآية : ٨٧.


والأول أشهر.

ويجب مراعاة الترتيب بين البدل والمبدل ، فإن علم الأول أخّر البدل (١) ، أو الآخر قدّمه (٢) ، أو الطرفين وسّطه (٣) ، أو الوسط حفّه به (٤) ، وهكذا. ولو أمكنه الائتمام قدّم على ذلك (٥) ، لأنه في حكم القراءة التامة ، ومثله (٦) ما لو أمكن متابعة قارئ ، أو القراءة من المصحف ، بل قيل بإجزائه (٧) اختيارا ، والأولى اختصاصه بالنافلة ، (فإن لم يحسن) شيئا منها (٨) (قرأ من غيرها بقدرها) (٩) أي

______________________________________________________

(١) لكون المبدل متأخرا.

(٢) أي قدم البدل لكون المبدل متقدما.

(٣) أي وسّط البدل بين الطرفين لكون المبدل كذلك.

(٤) أي حف الوسط بالبدل من حاشيتيه لكون المبدل كذلك.

(٥) أي على البدل ، بل عرفت تقديمه على وجوب التعلم أيضا.

(٦) ومثل الائتمام.

(٧) أي يكون مجزيا حال الاختيار والاضطرار في الفريضة سواء كان قادرا على التعلم أو لا كما عن ظاهر الشرائع والتذكرة ونهاية الأحكام لخبر الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه ، يضع السراج قريبا منه؟ قال عليه‌السلام : لا بأس بذلك) (١).

وعن الشهيدين والمحقق الثاني وجماعة عدم الجواز في الفريضة لخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (عن الرجل والمرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه ويقرأ ويصلي؟ قال عليه‌السلام : لا يعتدّ بتلك الصلاة) (٢) وأصحاب القول الأول حملوا الخبر الثاني على الكراهة جمعا بين الأخبار ، وأصحاب القول الثاني حملوا الخبر الأول على النافلة جمعا بين الأخبار ، والجمع الأول هو الأظهر.

(٨) من الحمد.

(٩) على المشهور للنبوي : (إذا قمت إلى الصلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به ، وإلا فاحمد الله تعالى وهلله وكبره) (٣) وهو ظاهر في أن الانتقال إلى الذكر بعد تعذر قراءة القرآن مطلقا. وفي الشرائع التخيير بين القراءة من غيرها والذكر والنبوي يدفعه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) كنز العمال ج ٤ ص ١٩٤٦.


بقدر الحمد حروفا (١) ، وحروفها مائة وخمسة وخمسون حرفا بالبسملة (٢) ، إلا لمن قرأ مالك فإنها تزيد حرفا ، ويجوز الاقتصار على الأقل ، ثم قرأ السورة إن كان يحسن سورة تامة ولو بتكرارها عنهما مراعيا في البدل المساواة (فإن تعذر) ذلك كلّه ولم يحسن شيئا من القراءة (ذكر الله تعالى (٣) بقدرها) أي بقدر الحمد خاصة ، أما السورة فساقطة كما مر (٤).

وهل يجزي مطلق الذكر (٥)؟ أم يعتبر الواجب في الأخيرتين؟ قولان اختار ثانيهما المصنف في الذكرى لثبوت بدليته عنها (٦) في الجملة. وقيل يجزئ مطلق الذكر وإن لم يكن بقدرها عملا بمطلق الأمر (٧) ، والأوّل أولى ، ولو لم يحسن

______________________________________________________

(١) وقد تقدم دليله.

(٢) بناء على أن الحمد مشتملة على (ملك) لا على (مالك).

(٣) بالتسبيح والتكبير والتهليل والذكر ، فعن المشهور أنه يذكر الله ويسبحه ويهلله ، وعن نهاية الأحكام زيادة التحميد ، وعن الخلاف الاقتصار على الحمد ، وفي اللمعة هنا الاقتصار على الذكر ، وعن الجعفي والكاتب تعيين التسبيح الواجب في الأخيرتين ، وقد تقدم النبوي المشتمل على التحميد والتهليل والتكبير ، وفي النبوي المروي في المنتهى والتذكرة (أنه قال لرجل : قل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وقد رواه في الذكرى إلى قوله : (إلا بالله) وهو مما روته العامة (١).

وهذه الأخبار عامية فالأولى الاقتصار على صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ألا ترى لو أن رجلا دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح ويصلّي) (٢) وظاهره أن التكبير للافتتاح فيقتصر على التسبيح إما مطلقه وإما ما ورد في الركعتين الأخيرتين.

(٤) عند قول المصنف : (إلا مع الضرورة).

(٥) الشامل على التحميد والتهليل والتكبير والتسبيح.

(٦) أي ثبوت بدلية الذكر الواجب عن الحمد كما هو الحكم بالتخيير بينهما في الأخيرتين ، ومقصود الشارح من قوله «في الجملة» أي في الأخيرتين ، ولكن عرفت دلالة صحيح ابن سنان عليه أيضا.

(٧) قال الشارح في الروض «وفي المعتبر اجتزأ بمدلول الخبر النبوي مرة لإطلاق الأمر».

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٢ ص ٣٨١ ، وسنن أبي داود ج ١ الرقم ٨٣٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.


الذكر قيل (١) وقف بقدرها لأنه كان يلزمه عند القدرة على القراءة قيام وقراءة ، فإذا فات أحدهما بقي الآخر ، وهو حسن.

(والضحى وأ لم نشرح سورة) واحدة (والفيل والإيلاف سورة) في المشهور (٢) فلو قرأ إحداهما في ركعة ، وجبت الأخرى على الترتيب ، والأخبار خالية من الدلالة على وحدتهما (٣) وإنما دلت على عدم إجزاء إحداهما ، وفي بعضها (٤) تصريح بالتعدد (٥) مع الحكم المذكور (٦) ، والحكم من حيث الصلاة واحد (٧) ،

______________________________________________________

(١) وهو العلامة في النهاية.

(٢) لمرسل الشرائع «روى أصحابنا أن (الضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة ، وكذا (الفيل) و (لإيلاف)» (١) ومثله مرسل الطبرسي في مجمع البيان (٢) ، وخبر أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الضحى وأ لم نشرح سورة واحدة) (٣) وخبر القاسم بن عروة عن شجرة أخي بشير النبال عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ألم تر ، ولإيلاف سورة واحدة) (٤) ومثله خبر أبي جميلة عنه عليه‌السلام (٥)

ويؤيده عدم جواز الاكتفاء بإحداهما في الصلاة لأخبار منها : صحيح زيد الشحام (صلى بنا أبو عبد الله عليه‌السلام الفجر فقرأ الضحى وأ لم نشرح في ركعة) (٦) وخبر المفضل بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى و (أَلَمْ نَشْرَحْ) ، و (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ) و (لِإِيلٰافِ قُرَيْشٍ)) (٧).

وذهب المحقق في المعتبر إلى أنهما سورتان وإن لم تجز إحداهما دون الأخرى في الصلاة ، بدليل التصريح أنهما سورتان في خبر المفضل ولأن وضعهما في المصحف يدل على ذلك ، والأمر سهل ما دام تجب قراءتهما معا غير أن المراسيل المتقدمة منجبرة باعتماد الأصحاب عليها فالأقوى أنهما سورة واحدة وبينهما البسملة.

(٣) بالنظر إلى صحيح زيد الشحام وخبر المفضل المتقدمين فقط.

(٤) أي بعض الأخبار كما في خبر المفضل بن صالح المتقدم.

(٥) أي تعدد سورتهما.

(٦) أي عدم إجزاء إحداهما فلا بد من ضم الأخرى في الصلاة.

(٧) لأنه لا بد من قراءتهما معا سواء قلنا بكونهما سورة أو سورتين.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٩ و ٤.

(٣ و ٤ و ٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢ وملحقه.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٥.


وإنما تظهر الفائدة في غيرها (١) (وتجب البسملة بينهما) على التقديرين في الأصح (٢) لثبوتها بينهما تواترا ، وكتبها في المصحف المجرّد عن غير القرآن حتى النقط والإعراب ، ولا ينافي ذلك الواحدة لو سلّمت كما في سورة النمل (٣).

______________________________________________________

(١) كالنذر وأخويه.

(٢) أما على تقدير التعدد فواضح بلا خلاف فيه ، وأما على تقدير الوحدة فذهب الأكثر على كون البسملة بينهما لثبوتها في المصاحف عند المسلمين من صدر الإسلام وعن الشيخ والمحقق بل في البحار نسبته إلى الأكثر وفي التبيان ومجمع البيان نسبته إلى الأصحاب من عدم البسملة بينهما لسقوطها من مصحف أبي ، قال في مجمع البيان «وروي أن أبي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه» (١).

(٣) فإن البسملة فيها متعددة ، وفيه نظر لأن البسملة الثانية في سورة النمل جزء آية ولارتباط ما قبلها وما بعدها بها بخلاف المقام.

وبقي هناك أحكام مستحبة وواجبة في القراءة وهي مشهورة فكان على المصنف ذكرها أو على الشارح استدراكها لأن اللمعة مبنية على ذكر المشهورات منها : أن البسملة جزء من كل سورة فيجب قراءتها بالاتفاق للأخبار الكثيرة منها : صحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن السبع المثاني والقرآن العظيم أهي الفاتحة؟ قال عليه‌السلام : نعم ، قلت : بسم الله الرحمن الرحيم من السبع؟ قال عليه‌السلام : نعم هي أفضلهن) (٢).

وخبر ابن عمران الهمداني (كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده بأم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العباسي : ليس بذلك بأس؟ فكتب عليه‌السلام بخطه : يعيدها مرتين على رغم أنفه) (٣) وما ورد من جواز تركها (٤) محمول على التقية لموافقته للعامة ومذهبهم في ذلك مشهور. نعم لا بسملة في سورة براءة بالاتفاق لأنه هو المرسوم في جميع المصاحف.

ويجب الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية بلا كلام لأنها جزء مما يجب الجهر فيه ، وأما في الصلاة الإخفاتية وهي الظهران فيستحب الجهر بها في الحمد والسورة على المشهور لصحيح صفوان (صليت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام أياما فكان إذا كان صلاة لا يجهر فيها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٧.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢ و ٣ و ٤ و ٥.


.................................................................................................

______________________________________________________

جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يجهر في السورتين جميعا) (١) ، وخبر أبي حفص الصائغ (صليت خلف جعفر بن محمد عليه‌السلام فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) (٢) ، وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام في كتابه إلى المأمون : (والإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة) (٣).

وعن أبي الصلاح وجوب الجهر في الحمد والسورة في الأوليين وعن القاضي ابن البراج والصدوق وجوب الجهر حتى في الأخيرتين لخبر الأعمش عن جعفر عليه‌السلام (والإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجب) (٤) ولكن عدّ الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم من علامات المؤمن كما في الخبر (وبما يعرف شيعته؟ قال : بصلاة الإحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع والتختم باليمين) (٥) ومثله غيره.

وظاهره الاستحباب ولعل التعبير بالواجب في خبر الأعمش في قبال العامة الذي كان ديدنهم على ترك البسملة في السورة.

ومنها : جواز العدول من سورة إلى أخرى اختيارا من دون خلاف لجملة من النصوص منها : خبر ابن أبي نصر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الرجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ، فقال عليه‌السلام : يرجع من كل سورة إلا من قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون) (٦) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن رجل قرأ في الغداة سورة قل هو الله أحد ، قال عليه‌السلام : لا بأس ومن افتتح سورة ثم بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس إلا قل هو الله أحد ولا يرجع منها إلى غيرها ، وكذلك قل يا أيها الكافرون) (٧).

والمعروف بينهم عدم جواز العدول مع تجاوز النصف ، وأما قبل تجاوز النصف فجائز ، وأما عند بلوغ النصف فقد وقع الخلاف ، وعن المشهور أنه يجوز العدول وإن بلغ النصف لخبر البزنطي عن أبي العباس (في رجل يريد أن يقرأ سورة فيقرأ في أخرى فقال : يرجع إلى التي يريد وإن بلغ النصف) (٨).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٨ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١١.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٣.


(ثم يجب الركوع (١) منحنيا إلى أن تصل كفاه) معا (ركبتيه) فلا يكفي

______________________________________________________

نعم في خصوص يوم الجمعة يجوز العدول من سورة التوحيد والكافرون إلى الجمعة والمنافقين ما لم يبلغ النصف مع النسيان لا مع العمد للأخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (في الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فقرأ قل هو الله أحد ، قال عليه‌السلام : يرجع إلى سورة الجمعة) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها ولا ترجع إلا أن تكون في يوم الجمعة فإنك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها) (٢) والأخير مطلق في يوم الجمعة سواء كان جمعة أو ظهرا فتخصيص العدول بالجمعة كما عن البعض ليس في محلّه.

ومنها : كراهة قراءة سورتين في الفريضة وهو المسمى بالقران للجمع بين صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (سألته عن الرجل يقرأ السورتين في الركعة فقال عليه‌السلام : لا لكل سورة ركعة) (٣) ، وخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر) (٤) ، وبين ما دل على الجواز كصحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة ، قال عليه‌السلام : لا بأس) (٥) ، ويشير إلى الكراهة في الفريضة خبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام (عن رجل قرأ سورتين في ركعة ، قال عليه‌السلام : إذا كانت نافلة فلا بأس وأما الفريضة فلا يصلّح) (٦) وموثق زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (إنما يكره أن يجمع بين السورتين في الفريضة فأما النافلة فلا بأس) (٧) ومثلها غيرها ، ومشهور القدماء ذهبوا إلى المنع في الفريضة ترجيحا لنصوص المنع على نصوص الجواز والأقوى الجمع بينهما بالكراهة.

(١) وجوب الركوع أمر ضروري لتوقف صدق الركعة عليه ولأجله سميت بذلك والأخبار الدالة عليه كثيرة سيأتي التعرض لبعضها إن شاء الله تعالى ، والواجب ركوع واحد في كل ركعة بالاتفاق إلا في صلاة الآيات ففي كل ركعة خمسة ركوعات كما سيأتي إنشاء الله ، والواجب فيه الانحناء بمقدار تصل يداه إلى ركبتيه بلا خلاف في ذلك إلا من أبي حنيفة فاكتفى بمسمى الانحناء.

والواجب منه أن تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب القراءة حديث ٢.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٩ و ١٣ و ٢.


وصولهما بغير انحناء كالانخناس (١) مع إخراج الركبتين ، أو بهما (٢) ، والمراد بوصولهما بلوغهما قدرا لو أراد إيصالهما وصلتا ، إذ لا يجب الملاصقة (٣) ، والمعتبر وصول جزء من باطنه لا جميعه ، ولا رءوس الأصابع (٤) (مطمئنا) (٥) فيه بحيث تستقر الأعضاء (بقدر واجب الذكر) مع الإمكان.

(و) الذكر الواجب (٦) (هو سبحان ربّي العظيم وبحمده ، أو سبحان الله)

______________________________________________________

(فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك ، وأحب إليّ أن تمكّن كفيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرّج بينهما) (١).

ومنه يظهر ضعف ما عن جماعة من عدم الاعتناء بهكذا ركوع إذ يجب إيصال باطن الكف إلى الركبتين بل في جامع المقاصد (لم أقف في كلام لأحد يعتدّ به على الاجتزاء ببلوغ رءوس الأصابع في حصول الركوع).

نعم يستحب إيصال باطن الكف والراحة إلى الركبتين لصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه) (٢) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (وتمكّن راحتيك من ركبتيك) (٣).

(١) تقويس الركبتين بحيث تصل يداه إليهما من غير انحناء.

(٢) أي بالتقويس مع الانحناء.

(٣) أي ملاصقة الكفين للركبتين للإجماع المدعى عن البعض لأن المقوّم لحقيقة الركوع هو الانحناء المعروف لا وضع اليدين على الركبتين.

(٤) مع أنه في المسالك قال : «والظاهر الاكتفاء ببلوغ الأصابع».

(٥) الواجب هو الطمأنينة بمقدار الذكر الواجب بلا خلاف فيه لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتمّ ركوعه ولا سجوده فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نقر كنقر الغراب ، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني) (٤) والنبوي (ثم اركع حتى تطمئن راكعا) (٥) وهو مما ذكره الشهيد.

(٦) ذهب المشهور إلى تعين التسبيح لجملة من الأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (قلت له : ما يجزئ من القول في الركوع والسجود ، فقال عليه‌السلام : ثلاث ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٥) الذكرى : المسألة الأولى من مسائل الركوع.


(ثلاثا) للمختار ، (أو مطلق الذكر للمضطر) (١) ، وقيل يكفي المطلق (٢) مطلقا (٣) وهو أقوى ، لدلالة الأخبار الصحيحة عليه ، وما ورد في غيرها معيّنا (٤) غير مناف له لأنه (٥) بعض أفراد الواجب الكلّي تخييرا ، وبه يحصل الجمع بينهما (٦) ،

______________________________________________________

تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزئ) (١).

وعن المبسوط والعلامة في جملة من كتبه وجماعة من المتأخرين الاكتفاء بمطلق الذكر للأخبار أيضا منها : صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت له : يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر؟ فقال : نعم كل هذا ذكر الله تعالى) (٢).

ثم على تقدير التسبيح فهل يجزئ مطلقه كما عن الانتصار والغنية أو يتعين التسبيحة الكبرى كما عن نهاية الشيخ أو يتعين ثلاث كبريات كما في التذكرة نسبته إلى البعض أو يتخير بين التسبيحة الكبرى والتسبيحات الثلاث الصغريات كما عن جماعة منهم الصدوقان؟ أقوال منشؤها اختلاف الأخبار والجمع بينها يقتضي القول الأخير.

ففي خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة قال عليه‌السلام : ثلاث تسبيحات مترسلا تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله) (٣) ، وفي خبر الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام (تدري أيّ شي‌ء حد الركوع والسجود؟ قلت : لا ، قال عليه‌السلام : سبح في الركوع ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وبحمده ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات) (٤) وتقدم صحيح زرارة (ثلاث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزئ).

(١) من قال بتعين التسبيح فقد حمل أخبار الذكر على صورة الاضطرار.

(٢) أي مطلق الذكر.

(٣) للمختار والمضطر وقد تقدم البحث فيه.

(٤) بالتسبيح.

(٥) أي التسبيح.

(٦) أي بين الخبرين الدالين على الذكر وعلى التسبيح.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع حديث ٧.


بخلاف ما لو قيدناه (١) ، وعلى تقدير تعيّنه (٢) فلفظ «وبحمده» واجب أيضا تخييرا لا عينا (٣) ، لخلوّ كثير من الأخبار عنه (٤) ، ومثله القول في التسبيحة الكبرى مع كون بعضها (٥) ذكرا تاما (٦).

ومعنى «سبحان ربّي» تنزيها له (٧) عن النقائص ، وهو منصوب على المصدر

______________________________________________________

(١) أي قيدنا الذكر بخصوص التسبيح للمختار.

(٢) أي تعين الذكر بالتسبيح.

(٣) فقد تقدم في خبر الحضرمي (سبح في الركوع ثلاث مرات سبحان ربي العظيم وبحمده) وورد في صحيح هشام عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن التسبيح في الركوع والسجود فقال : تقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى ، الفريضة من ذلك تسبيحة والسنة ثلاث والفضل في سبع) (١) فالجمع بينهما يقتضي أن يكون لفظ (وبحمده) تخييري.

(٤) ولكن في حاشية المدارك للبهبهاني أنها مذكورة في تسعة أخبار ، وزاد في مفتاح الكرامة ثلاث روايات فيكون المجموع اثني عشر ، وزاد في المستمسك خبرين فيكون المجموع أربع عشرة رواية ، مع أنه لم يحذف إلا في خبر هشام المتقدم فيقتضى أن يحمل ما ورد في خبر هشام على إرادة الاكتفاء في بيان الكل ببيان البعض وأنه إشارة إلى التسبيحة الكبرى فإنه أقرب عرفا من الحمل على الاستحباب كما فعل الشهيدان والمحقق الثاني.

(٥) وهو سبحان الله.

(٦) فالجمع بينهما يقتضي حمل كلّ منهما على أنه من أفراد الذكر الواجب على نحو التخيير

(٧) قال الشارح في الروض : (التسبيح لغة التنزيه ، ومعنى (سبحان الله) تنزيها له من النقائص مطلقا ، وهو اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف ، تقديره : سبّحت الله سبحانا وتسبيحا ، أي برأته من السوء براءة (٢) ، والتسبيح هو المصدر وسبحان واقع موقعه وعامله محذوف كما في نظائره ، ولا يستعمل غالبا إلا مضافا كقولنا : سبحان الله ، وهو مضاف إلى المفعول به ، أي سبّحت الله لأنه المسبّح المنزّه ، قال أبو البقاء : ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل لأن المعنى تنزّه الله ، والمعروف هو الأول.

ومعنى (سبحان ربي العظيم وبحمده) تنزيها له من النقائص ، وعامله المحذوف هو متعلق الجار في (وبحمده) ، والمعطوف عليه محذوف يشعر به العظيم ، كأنه قال : تنزيها لربي العظيم بعظمته وبحمده.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٢) والمناسب التعبير : برأته من السوء تبرئة لا براءة.


بمحذوف من جنسه ، ومتعلق الجار في «وبحمده» هو العامل المحذوف ، والتقدير سبّحت الله تسبيحا وسبحانا وسبّحته بحمده ، أو بمعنى والحمد له نظير (مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) أي والنعمة له ، (ورفع الرأس منه) (١) ، فلو هوى من غير رفع بطل (٢) مع التعمد ، واستدركه مع النسيان (٣) ، (مطمئنا) (٤) ولا حدّ لها (٥) ،

______________________________________________________

أو بحمده أنزّهه فيكون عطفا لجملة على جملة ، وقيل : معنى (وبحمده) والحمد له على حدّ ما قيل في قوله تعالى : (مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) ، أي والنعمة لربك (١) والعظيم في صفته تعالى من يقصر كل شي‌ء سواء عنه ، أو من انتفت عنه صفات النقص ، أو من حصلت له جميع صفات الكمال ، أو من قصرت العقول عن أن تحيط بكنه حقيقته ، فإن الأصل في العظيم أن يطلق على الأجسام يقال : هذا الجسم عظيم وهذا الجسم أعظم منه ، ثم ينقسم إلى ما تحيط به العين وإلى ما تحيط به كالسماء والأرض ، ثم الذي لا تحيط به العين قد يحيط به العقل وقد لا يحيط ، وهو العظيم المطلق ، ويطلق على الله تعالى بهذا الاعتبار مجردا عن أخذ الجسم جنسا في تعريفه) انتهى كلامه.

(١) أي من الركوع.

(٢) بل بطلت صلاته ، وهو مذهب علمائنا كما في المعتبر وغيره للنبوي (ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما) (٢) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فإنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه) (٣) وهذا الخبر دال على الطمأنينة حال الرفع أيضا ، وصحيح حماد : (ثم استوى قائما فلما استمكن من القيام قال : سمع الله لمن حمده) (٤) وهذا أيضا دال على الطمأنينة.

(٣) مع بقاء محله وإلا إذا أتى بركن ثم تذكر عدم القيام فلا شي‌ء عليه لحديث (لا تعاد الصلاة) (٥).

(٤) حال الرفع وقد تقدم دليله.

(٥) أي للطمأنينة.

__________________

(١) والمعنى : ما أنت بمجنون والنعمة لربك.

(٢) الذكرى : المسألة الأولى من مسائل الركوع.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.


بل مسماها فما زاد بحيث لا يخرج بها عن كونه مصلّيا.

(ويستحبّ التثليث في الذكر) الأكبر (١) (فصاعدا) إلى ما لا يبلغ السأم ، فقد عدّ على الصادق عليه‌السلام ستون تسبيحة كبرى (٢) إلا أن يكون إماما فلا يزيد على الثلاث إلا مع حبّ المأمومين الإطالة (٣).

وفي كون الواجب مع الزيادة على مرّة الجميع ، أو الأولى (٤) ما مرّ في تسبيح الأخيرتين.

وأن يكون العدد (وترا) (٥) خمسا ، أو سبعا (٦) ، أو ما زاد منه (٧) ، وعدّ

______________________________________________________

(١) أي سبحان ربي العظيم وبحمده لخبر هشام بن سالم (الفريضة من ذلك تسبيحة ، والسنة ثلاث ، والفضل في سبع) (١).

(٢) كما في صحيح أبان بن تغلب (دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو يصلي فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة) (٢).

(٣) فإنه مأمور بأن يصلي بصلاة أضعفهم فإذا أحبوا الزيادة فلا نهي.

(٤) بحيث تكون هي الواجبة والباقي مستحب ، وفي الذكرى أنه لو نوى وجوب غيرها جاز وكذا لو لم يقصد وجوب الأولى لتعينها ، وقيل إنه من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فيكون الأكثر كالأقل من أفراد الواجب التخييري ، هذا كله بناء على كفاية مطلق الذكر وأما على القول الآخر من كون الواجب هو التسبيحة الكبرى أو التسبيحات الثلاث فلا بدّ أن يكون الزائد مستحبا.

(٥) لما في الخبر (إن الله سبحانه وتر يحب الوتر) (٣).

(٦) أما السبع فكما ورد في خبر هشام بن سالم المتقدم (والسنة ثلاث والفضل في سبع) وأما التخميس فقد ذكره العلامة في القواعد إلا أنه لا نص عليه كما اعترف صاحب الجواهر بذلك.

(٧) أي ما زاد على السبع من الذكر ، لخبر حمزة بن حمران والحسن بن زياد (دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده قوم فصلى بهم العصر وقد كنا صلينا فعددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو ثلاثا وثلاثين مرة) (٤) ، ومضمرة سماعة (سألته عن الركوع والسجود ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الوضوء حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.


الستين (١) لا ينافيه (٢) ، لجواز الزيادة من غير عدّ (٣) ، أو بيان جواز المزدوج (٤) (والدعاء أمامه) (٥) أي أمام الذكر بالمنقول وهو اللهم لك ركعت إلى آخره (وتسوية الظهر) (٦) حتى لو صبّ عليه ماء لم يزل لاستوائه (ومدّ العنق) مستحضرا فيه آمنت بك ولو ضربت عنقي (٧)

______________________________________________________

هل نزل في القرآن؟ قال : نعم. إلى أن قال. ومن كان يقوى على أن يطول الركوع والسجود فليطوّل ما استطاع ، يكون ذلك في تسبيح الله وتحميده وتمجيده والدعاء والتضرع ، فإن أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد) (١).

(١) في صحيح أبان بن تغلب المتقدم.

(٢) أي لا ينافي الوتر.

(٣) أي لجواز كون الإمام قد زاد أكثر من ستين ولم يعده أبان بن تغلب.

(٤) لأن فعله عليه‌السلام كقوله حجة.

(٥) لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (ثم اركع وقل : اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربي ، خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي وما أقلته قدماي ، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر ، سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات في ترسل) (٢).

(٦) لنفس صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (وتصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر ، وتمكّن راحتيك من ركبتيك ، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى ، وبلّغ أطراف أصابعك عين الركبة ، وفرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك.

إلى أن قال. ، وأقم صلبك ومدّ عنقك وليكن نظرك إلى بين قدميك) (٣) ، وصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات ، وردّ ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ، وردّ ركبتيه إلى خلفه ونصب عنقه وغمض عينيه ثم سبّح ثلاثا بترتيل ، وقال : سبحان ربي العظيم وبحمده) (٤).

(٧) ففي مرسل الصدوق في الفقيه (سأل رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا بن عم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الركوع حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.


(والتجنيح) (١) بالعضدين والمرفقين بأن يخرجهما عن ملاصقة جنبيه ، فاتحا إبطيه كالجناحين (ووضع اليدين) (٢) على عيني (الركبتين) حالة الذكر أجمع ، مالئا كفيه منهما (٣) (والبدأة) في الوضع (باليمنى) (٤) حالة كونهما (مفرّجتين) (٥) غير مضمومتي الأصابع (والتكبير له) قائما قبل الهوي (رافعا يديه إلى حذاء شحمتي أذنيه) (٦) كغيره من التكبيرات (وقول سمع الله لمن حمده والحمد لله رب العالمين) إلى آخره (٧) (في) حال (رفعه) منه ، (مطمئنا) (٨) ، ومعنى سمع هنا استجاب (٩)

______________________________________________________

خير خلق الله ، ما معنى مدّ عنقك في الركوع؟ فقال : تأويله آمنت بالله ولو ضربت عنقي) (١).

(١) بلا خلاف فيه كما عن المنتهى لخبر ابن بزيع (رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يركع ركوعا أخفض من ركوع كل من رأيته يركع ، وكان إذا ركع جنح بيديه) (٢) وخبر حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام من أنه (لم يستعن بشي‌ء من بدنه على شي‌ء منه في ركوع ولا سجود وكان مجنّحا) (٣).

(٢) لصحيحي زرارة وحماد المتقدمين.

(٣) من الركبتين.

(٤) لصحيح زرارة المتقدم.

(٥) لصحيح زرارة المتقدم (وفرّج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك).

(٦) لصحيح زرارة المتقدم (إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : الله أكبر ثم اركع) (٤) وصحيح حماد المتقدم (رفع يديه حيال وجهه وقال : الله أكبر وهو قائم ثم ركع) (٥).

(٧) أي إلى آخر المأثور ، ففي صحيح زرارة المتقدم (ثم قل : سمع الله لمن حمده. وأنت منتصب قائم. الحمد لله رب العالمين ، أهل الجبروت والكبرياء والعظمة ، الحمد لله رب العالمين تجهر بها صوتك ثم ترفع يديك بالتكبير وتخر ساجدا) (٦).

(٨) أي يقول ذلك حال الاطمئنان كما يدل عليه صحيح زرارة المتقدم.

(٩) لفظ «سمع» من الأفعال المتعدية بنفسها إلى المفعول كما تقول : سمعت كذا ، ولكن عدّي الفعل هنا باللام لتضمينه معنى استجاب أي : استجاب لمن حمده ، وباب التضمين واسع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٣ و ٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٢.

(٤ و ٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الركوع حديث ١.


تضمينا. ومن ثمّ عدّاه باللام كما عدّاه بإلى في قوله تعالى : (لٰا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلىٰ) (١) لما ضمّنه معنى يصغون ، وإلا فأصل السماع متعدّ بنفسه وهو (٢) خبر معناه الدعاء ، لا ثناء على الحامد (ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه) ، بل تكونان بارزتين ، أو في كمّيه ، نسبه المصنف في الذكرى إلى الأصحاب لعدم وقوفه على نصّ فيه (٣).

ثم تجب سجدتان (٤) (على الأعضاء السبعة) الجبهة والكفين والركبتين ،

______________________________________________________

وقد ورد منه في القرآن الكثير ، ومنه قوله تعالى : (لٰا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلىٰ) (١) فقد ضمّن الفعل معنى الإصغاء ولذا عدي بإلى.

(١) الصافات الآية : ٨.

(٢) أي السماع قال الشارح في الروض : «هل هذه الكلمة دعاء أم ثناء ، أما من حيث اللفظ فكلّ محتمل ، ولم يتعرض لذلك أحد من الأصحاب سوى المحقق الشيخ علي ، وتوقف في ذلك وذكر أنه لم يسمع فيه كلاما يدل على أحدهما.

أقول : روى الكليني في كتاب الدعاء بإسناده إلى المفضل قال : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك علمني دعاء جامعا ، فقال لي : احمد الله ، فإنه لا يبقى أحد يصلي إلا دعا لك ، يقول : سمع الله لمن حمده) (٢) وهذا نص في الباب على أنه دعاء لا ثناء» انتهى كلامه.

(٣) ومستند الحكم عند الأصحاب ما رواه عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يصلي فيدخل يده في ثوبه ، قال عليه‌السلام : إن كان عليه ثوب آخر إزار أو سراويل فلا بأس ، وإن لم يكن فلا يجوز له ذلك ، فإن أدخل يدا واحدة ولم يدخل الأخرى فلا بأس) (٣) وهو محمول على الكراهة لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن الرجل يصلي ولا يخرج يديه من ثوبه فقال عليه‌السلام : إن أخرج يديه فحسن وإن لم يخرج فلا بأس) (٤) والظاهر من الأخبار عدم تقييد الحكم بالركوع.

(٤) السجود عرفا هو وضع الجبهة على الأرض ، والذي يجب منه في كل ركعة سجدتان وستأتي الإشارة إلى بعض الأخبار الدالة على ذلك ، والذي هو الركن هو مجموع السجدتين فزيادتهما أو نقيصتهما عمدا أو سهوا مبطل للصلاة لحديث (لا تعاد) ـ

__________________

(١) الصافات الآية : ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب لباس المصلي حديث ١.


وإبهامي الرجلين ، ويكفي من كلّ منها مسماه حتى الجبهة على الأقوى ، ولا بدّ مع ذلك من الانحناء إلى ما يساوي موقفه أو يزيد عليه ، أو ينقص عنه بما لا

______________________________________________________

ولكن الشارع اعتبر في السجود بالإضافة إلى وضع الجبهة على الأرض وضع بقية الساجد السبعة ، والمساجد هي الجبهة والكفان والركبتان والإبهامان من الرجلين لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : السجود على سبعة أعظم : الجبهة واليدين والركبتين والإبهامين من الرجلين ، وترغم بأنفك إرغاما ، أما الفرض فهذه السبعة ، وأما الإرغام بالأنف فسنة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١) وصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في تعليم الصلاة : (وسجد عليه‌السلام على ثمانية أعظم : الجبهة والكفين ، وعيني الركبتين وأنامل إبهامي الرجلين ، والأنف ، فهذه السبعة فرض ووضع الأنف على الأرض سنة وهو الإرغام) (٢) وخبر عبد الله بن ميمون القدّاح عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (يسجد ابن آدم على سبعة أعظم : يديه ورجليه وركبتيه وجبهته) (٣) ومثلها غيرها.

وعن السيد والحلي تعيّن السجود على مفصل الزندين من الكفين ولا مستند لهما كما اعترف بذلك غير واحد ، هذا وللجمع بين هذه الأخبار والمعنى العرفي للسجود المتقدم اعتبر الفقهاء أن ركنية السجود تدور مدار وضع الجبهة وأما الباقي فهو واجب في السجود.

والجبهة لا بد من حملها على المعنى العرفي وهو : ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى والحاجبين طولا وما بين الجبينين عرضا ، والنصوص خالية عن التحديد العرضي وقد ورد التحديد الطولي في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الجبهة كلها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود ، فأيما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك مقدار الدرهم أو مقدار طرف الأنملة) (٤) ومثله غيره.

هذا والمشهور ذهب إلى كفاية صدق السجود على مسمى الجبهة ولا يجب فيها الاستيعاب لخبر بريد عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الجبهة إلى الأنف ، أيّ ذلك أصبت به الأرض في السجود أجزأك ، والسجود عليه كلّه أفضل) (٥) وموثق عمار : (ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد ، أيّ ذلك أصبت به الأرض أجزأك) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب السجود حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب السجود حديث ٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب السجود حديث ٥.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب السجود حديث ٣ و ٤.


يزيد عن مقدار أربع أصابع (١) مضمومة (قائلا فيهما (٢) سبحان ربّي الأعلى)

______________________________________________________

ومنه تعرف ضعف ما عن الذكرى من أن الأقرب أن لا ينقص في الجبهة عن درهم لصحيح زرارة المتقدم وخبر الدعائم : (أقل ما يجزئ أن تصيب الأرض من جبهتك قدر درهم) (١) إلا أنهما محمولان على الفضل خصوصا الأول حيث صرح بكفاية طرف الأنملة وهو أقل من الدرهم بكثير.

وتعرف ضعف ما عن الحلي وغيره من وجوب استيعاب الجبهة لصحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام : (عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها على الأرض وبعض يغطيها الشعر ، قال عليه‌السلام : لا ، حتى تضع جبهتها على الأرض) (٢) ولكنه محمول على الفضل لما تقدم من الأخبار.

وأما بقية المساجد فلا يجب فيها الاستيعاب بل يكفي مسمى وضعها على الأرض لإطلاق الأدلة بل الاستيعاب محتاج إلى دليل وهو مفقود بل يتعذر الاستيعاب في عيني الركبتين.

(١) ذهب المشهور إلى مساواة موضع الجبهة للموقف بمعنى عدم علوه أو انخفاضه بأزيد عن أربع أصابع مضمومة لخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن السجود على الأرض المرتفعة فقال عليه‌السلام : إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس) (٣).

وأشكل عليه بأن سنده مشتمل على النهدي وهو مشترك بين الثقة ومن لم يثبت توثيقه إلا أنه غير ضائر بعد اعتماد الأصحاب عليه والعمل به.

وأشكل عليه بأنه في بعض النسخ (يديك) بالياءين بدل (بدنك) بالباء والنون ، وفيه أن الأول هو الأرجح لما ورد في الكافي : «وفي حديث آخر في السجود على الأرض المرتفعة قال عليه‌السلام : (إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس)» (٤).

وأشكل عليه بأن مفهومه ثبوت البأس للزائد عن اللبنة وهو أعم من المنع وفيه : إنه محمول على المنع لخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن المريض أيحلّ له أن يقوم على فراشه ويسجد على الأرض ، فقال : إذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الأرض ، وإن كان أكثر من ذلك فلا) ٥.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب السجود حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب ما يسجد عليه حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب السجود حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب السجود حديث ٣ و ٢.


(وبحمده ، أو ما مرّ) (١) من الثلاثة الصغرى اختيارا ، أو مطلق الذكر اضطرارا ، أو مطلقا على المختار (مطمئنا بقدره) (٢) اختيارا (ثم رفع رأسه) (٣) بحث يصير جالسا ، لا مطلق رفعه (مطمئنا) (٤) حال الرفع بمسماه (٥).

(ويستحبّ الطمأنينة) بضم الطاء (عقيب) السجدة (الثانية) وهي المسماة بجلسة الاستراحة (٦) استحبابا مؤكدا ، بل قيل بوجوبها. (والزيادة على) الذكر

______________________________________________________

واللبنة بمقدار أربع أصابع مضمومات كما نسب ذلك في الحدائق إلى الأصحاب وقال : «ويؤيده أن اللبن الموجود الآن في أبنية بني العباس في (سر من رأى) فإن الآجر الذي في أبنيتها بهذا المقدار تقريبا».

(٢) في السجدتين.

(١) من التسبيحات الثلاث الصغرى ، بل ما تقدم في ذكر الركوع قولا وقائلا ودليلا يجري في ذكر السجود.

(٢) بقدر الذكر الواجب ، ومستند الطمأنينة هنا هو مستند الطمأنينة في ذكر الركوع.

(٣) من السجود لتتحقق السجدة الأولى ففي صحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في تعليم الصلاة (ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال : الله أكبر ، ثم قعد على جانبه الأيسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى وقال : أستغفر الله ربي وأتوب إليه ، ثم كبّر وهو جالس وسجد الثانية وقال كما قال في الأولى ولم يستعن بشي‌ء من بدنه على شي‌ء منه في ركوع ولا سجود ، وكان مجنحا ولم يضع ذراعيه على الأرض فصلى ركعتين على هذا ثم قال : يا حماد هكذا صلّ) (١).

(٤) لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع مفاصلك ، وإذا سجدت فاقعد مثل ذلك) (٢).

(٥) أي بمسمى الاطمئنان.

(٦) وجلسة الاستراحة هي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأولى والثالثة مما لا تشهد فيها وإلا فإذا كان هناك تشهد فلا بد من هذه الجلسة.

فذهب المشهور إلى استحبابها استحبابا مؤكدا جمعا بين جملة من الأخبار دالة عليها كموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا رفعت رأسك في السجدة الثانية من الركعة الأولى حين تريد أن تقوم فاستو جالسا ثم قم) (٣) وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام : (وإذا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١ و ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب السجود حديث ٣.


(الواجب) بعدد وتر (١) ، ودونه غيره (٢) (والدعاء) أمام الذكر اللهمّ لك سجدت إلى آخره (٣) (والتكبيرات الأربع) للسجدتين إحداهما بعد رفعه من الركوع مطمئنا فيه (٤)

______________________________________________________

كان في الركعة الأولى والثانية فرفعت رأسك من السجود فاستتم جالسا حتى ترجع مفاصلك فإذا نهضت فقل : بحول الله وقوته أقوم وأقعد ، فإن عليا عليه‌السلام هكذا كان يفعل) (١) ، وخبر زيد الفرسي عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إذا رفعت رأسك من آخر سجدتك في الصلاة قبل أن تقوم فاجلس جلسة ثم بادر بركبتيك إلى الأرض قبل يديك وابسط يديك بسطا واتّك عليهما ثم قم ، فإن ذلك وقار المؤمن الخاشع لربه ، ولا تطش من سجودك مبادرا إلى القيام كما يطيش هؤلاء الأقشاب) (٢) وخبر الأصبغ بن نباته : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا رفع رأسه من السجود قعد حتى يطمئن ثم يقوم ، فقيل له : يا أمير المؤمنين عليه‌السلام كان من قبلك أبو بكر وعمر إذا رفعوا رءوسهم من السجود نهضوا على صدور أقدامهم كما تنهض الإبل ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنما يفعل ذلك أهل الجفاء من الناس ، إن هذا من توقير الصلاة) (٣).

وبين موثق زرارة : (رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وأبا عبد الله عليه‌السلام إذا رفعا رءوسهما من السجدة الثانية نهضا ولم يجلسا) (٤) المحمول على بيان جواز الترك.

وذهب السيد المرتضى إلى وجوبها ، ومال إليه في كشف اللثام والحدائق.

(١) لما تقدم في ذكر الركوع.

(٢) أي ودون الوتر في الفضيلة غير الواجب مما زاد عليه مطلقا.

(٣) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا سجدت فكبّر وقل : اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي ، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره ، الحمد لله رب العالمين ، تبارك الله أحسن الخالقين ، ثم قل : سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات ، فإذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين : اللهم اغفر لي وارحمني وأجرني وادفع عني ، وعافني إني لما أنزلت إليّ من خير فقير ، تبارك الله رب العالمين) (٥).

(٤) في التكبير لصحيح حماد : (ثم استوى قائما فلما استمكن من القيام قال : سمع الله لمن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب السجود حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب السجود حديث ٥ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب السجود حديث ١.


وثانيتها بعد رفعه من السجدة الأولى جالسا مطمئنا (١) ، وثالثتها قبل الهوي إلى الثانية كذلك (٢) ، ورابعتها بعد رفعه منه معتدلا (٣) ، (والتّخوية للرجل) بل مطلق الذكر إما في الهوي إليه (٤) بأن يسبق بيديه ثم يهوي بركبتيه (٥) لما روي (٦) أن عليا عليه‌السلام كان إذا سجد يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر يعني بروكه ، أو بمعنى تجافي الأعضاء حالة السجود بأن يجنح بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ، ولا يفترشهما كافتراش الأسد (٧) ، ويسمّى هذا تخوية لأنه إلقاء الخويّ بين الأعضاء ، وكلاهما مستحب

______________________________________________________

ـ حمده ثم كبّر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه وسجد ووضع يديه إلى الأرض قبل ركبتيه فقال : سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات. إلى أن قال. ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال : الله أكبر ، ثم قعد على جانبه الأيسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى وقال : أستغفر الله ربي وأتوب إليه ثم كبّر وهو جالس وسجد الثانية) (١).

(١) حال التكبير.

(٢) أي مطمئنا حال التكبير.

(٣) لما في التوقيع المروي في الاحتجاج والغيبة للشيخ فقال عليه‌السلام فيه : (فإنه روي إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبر ثم جلس ثم قام) (٢).

(٤) أي إلى السجود.

(٥) كما في صحيح حماد المتقدم ومثله غيره.

(٦) ففي خبر حفص الأعور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان علي عليه‌السلام إذا سجد يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر ، يعني بروكه) (٣).

(٧) بل هو التجنح ففي جامع البزنطي عن الحلبي عن الصادق عليه‌السلام : (إذا سجدت فلا تبسط ذراعيك كما يبسط السبع ذراعيه ولكن اجنح بهما فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجنح بهما حتى يرى بياض إبطيه) (٤) ، وفي صحيح حماد : (وكان مجنحا ولم يضع ذراعيه على الأرض) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب السجود حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب السجود حديث ١.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب السجود حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.


للرجل ، دون المرأة (١) ، بل تسبق في هويها بركبتيها ، وتبدأ بالقعود ، وتفترش ذراعيها حالته (٢) لأنه أستر ، وكذا الخنثى لأنه أحوط ، وفي الذكرى سمّاها تخوية كما ذكرناه (٣) (والتورّك بين السجدتين) بأن يجلس على وركه الأيسر ، ويخرج رجليه جميعا من تحته ، جاعلا رجله اليسرى على الأرض وظاهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى ويفضي بمقعدته إلى الأرض (٤) ، هذا في الذكر ، أما الأنثى (٥) فترفع ركبتيها ، وتضع باطن كفّيها على فخذيها مضمومتي الأصابع.

(ثم يجب التشهد (٦) : عقب) الركعة (الثانية) (٧) التي تمامها القيام من السجدة

______________________________________________________

(١) ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (فإذا جلست. أي المرأة. فعلى أليتيها ليس كما يجلس الرجل ، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض ، فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض ، وإذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا) (١).

(٢) حالة السجود لصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها) (٢) ومرسل ابن بكير : (المرأة إذا سجدت تضمّمت والرجل إذا سجد تفتّح) (٣).

(٣) عند قوله : «ويسمى هذا تخوية لأنه إلقاء الخويّ بين الأعضاء» والخويّ هو الفراغ والفسحة.

(٤) لصحيح حماد المتقدم أكثر من مرة.

(٥) لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام المتقدم.

(٦) وهو لغة تفعل من الشهادة وهي الخبر القاطع ، وأما شرعا فهو الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالرسالة كما في جامع المقاصد والروض ، ويطلق التشهد على ما في الروض على ما يشمل الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تغليبا أو بالنقل.

(٧) يجب التشهد في الثنائية مرة وفيما عداها مرتين بلا خلاف فيه ويدل عليه النصوص منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا جلست في الركعة الثانية فقل : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة أشهد أنك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته في أمته وارفع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب السجود حديث ٢ و ٣.


الثانية ، (وكذا) يجب (آخر الصلاة) إذا كانت ثلاثية ، أو رباعية (وهو (١) أشهد أن)

______________________________________________________

ـ درجته ، ثم تحمد الله مرتين أو ثلاثا ، ثم تقوم فإذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة) (١) الحديث.

وخبر أحمد بن محمد بن أبي نصر : (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : جعلت فداك التشهد الذي في الثانية يجزي أن أقول في الرابعة؟ قال : نعم) (٢).

(١) أي التشهد ، ويجب فيه الشهادتان بلا خلاف فيه لخبر سورة بن كليب : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن أدنى ما يجزي من التشهد ، فقال عليه‌السلام : الشهادتان) (٣) ، وصحيح محمد بن مسلم : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : التشهد في الصلاة ، قال : مرتين ، قلت : وكيف مرتين؟ قال : إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف) (٤).

نعم في صحيح زرارة : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما يجزي من القول في التشهد في الركعتين الأولتين ، قال : أن تقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، قلت : فما يجزي من تشهد الركعتين الأخيرتين؟ فقال : الشهادتان) (٥) وهو ظاهر في الاجتزاء في الأول بالشهادة الأولى لكن لا يمكن الاعتماد عليه في قبال النصوص السابقة.

والأكثر ذهب للاجتزاء بالشهادتين بأي لفظ اتفق لصدق الشهادتين حينئذ ، نعم الفرد الأكمل للشهادتين ما ورد في موثق الأحول عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (التشهد في الركعتين الأولتين ؛ الحمد لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته وارفع درجته) (٦).

ويجب في التشهد الصلاة على محمد وآل محمد عليهم‌السلام لخبر حريز عن أبي بصير وزرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تمام الصلاة ، إذا تركها متعمدا فلا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٧).

وخبر حريز الآخر عنهما عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في التهذيب : (من تمام الصوم إعطاء الزكاة كما أن الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تمام الصلاة ، ومن صام ولم يؤدها فلا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب التشهد حديث ٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب التشهد حديث ٦ و ٤ و ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب التشهد حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التشهد حديث ١.


(لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد) ، وإطلاق التشهد على ما يشمل الصلاة على محمّد وآله إما تغليب ، أو حقيقة شرعية ، وما اختاره من صيغته أكملها ، وهي مجزية بالإجماع ، إلّا أنه غير متعيّن عند المصنف ، بل يجوز عنده حذف وحده لا شريك له (١) ولفظة عبده (٢) ، مطلقا (٣) ، أو مع إضافة الرسول إلى المظهر وعلى هذا (٤) فما ذكر هنا يجب تخييرا كزيادة التسبيح ، ويمكن أن يريد انحصاره فيه (٥) لدلالة النصّ الصحيح عليه (٦) ، وفي البيان تردّد في وجوب ما حذفناه ، ثم اختار وجوبه تخييرا.

ويجب التشهد (جالسا (٧) مطمئنا بقدره (٨) ، ويستحبّ التورّك) (٩) حالته كما

______________________________________________________

ـ صوم له إذا تركها متعمدا ، ومن صلّى ولم يصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترك ذلك متعمدا فلا صلاة له) (١) بالإضافة لموثق الأحول وخبر أبي بصير المتقدمين.

(١) لصدق الشهادة بالتوحيد مع عدمه.

(٢) لصدق الشهادة بالرسالة مع عدمه أيضا.

(٣) سواء أضيف الرسول إلى المضمر بأن تقول : «وأشهد أن محمدا رسوله» أو إلى الظاهر بأن تقول «وأشهد أن محمدا رسول الله» كما نسب ذلك للمصنف في الذكرى.

(٤) من جواز حذف هذه المذكورات.

(٥) أي انحصار التشهد فيما ذكره هنا.

(٦) لموثق الأحول وموثق أبي بصير المتقدمين.

(٧) بلا خلاف فيه ويشهد له الكثير من الأخبار منها : موثق أبي بصير المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا جلست في الركعة الثانية فقل بسم الله. إلى أن قال. فإذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله) (٢) الخبر.

(٨) أي بقدر التشهد الواجب ، بلا خلاف فيه كما عن مجمع البرهان بل إجماعا كما في جامع المقاصد وغيره.

(٩) ويكره الإقعاء حال التشهد لخبر حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا بأس بالإقعاء فيما بين السجدتين ولا ينبغي الإقعاء في موضع التشهد ، إنما التشهد في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.


مر (والزيادة في الثناء والدعاء) قبله ، وفي أثنائه وبعده بالمنقول (١) (ثم يجب)

______________________________________________________

ـ الجلوس وليس المقعي بجالس) (١) وخبر عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ولا يجوز الإقعاء في موضع التشهدين إلا من علة ، لأن المقعي ليس بجالس ، إنما جلس بعضه على بعض ، والإقعاء أن يضع الرجل أليتيه على عقبيه) (٢).

(١) ففي موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا جلست في الركعة الثانية فقل : بسم الله وبالله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أنك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته ، ثم تحمد الله مرتين أو ثلاثا ، ثم تقوم ، فإذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أنك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول ، التحيات لله والصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات لله ما طاب وزكا وطهر وخلص وصفا فلله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، أشهد أن ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول ، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآل وعلى محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد ، وسلّم على محمد وعلى آل محمد ، وترحم على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ، ربنا إنك رءوف رحيم ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وامنن عليّ بالجنة وعافني من النار ، اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا ولا تزد الظالمين إلا تبارا ، ثم قل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين ، السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم تسلم) (٣).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب السجود حديث ٧ و ٦.

الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.


(التسليم) (١) على أجود القولين عنده (٢) ، وأحوطهما عندنا (وله عبارتان : السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (٣) والسّلام عليكم ورحمة الله)

______________________________________________________

(١) كما عن جماعة كثيرة وعن الروض أنه مذهب أكثر المتأخرين لخبر القداح المروي في الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم) (١) ، وخبر الفضل عن الرضا عليه‌السلام : (إنما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها تكبيرا أو تسبيحا أو ضربا آخر لأنه لما كان الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين) (٢) ومثلها غيرها.

وعن المفيد والشيخ والحلي في السرائر استحباب التسليم بل عن الخلاف أنه الأظهر من مذهب الأصحاب ، وفي الذكرى هو مذهب أكثر القدماء لصحيح ابن مسلم المتقدم في التشهد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا استويت جالسا فقل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف) (٣).

وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن الرجل يكون خلف الإمام فيطوّل الإمام بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف على شي‌ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يتشهد هو وينصرف ويدع الإمام) (٤).

وفيه : إن الخبر الثاني كما في المحكي عن الفقيه : «يسلم وينصرف» هذا فضلا على أن المراد بالانصراف هو التسليم لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت) (٥) وخبر أبي كهمس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو؟ قال عليه‌السلام : لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف) (٦).

(٢) عند المصنف.

(٣) ويدل على ذلك أخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كلما ذكرت الله عزوجل به والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من الصلاة ، وإن قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت) (٧).

__________________

(١) (١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التسليم حديث ١ و ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب التشهد حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب التسليم حديث ١ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب التسليم حديث ١.


(وبركاته) (١) مخيّرا فيهما (٢) (وبأيّهما بدأ كان هو الواجب) وخرج به من الصلاة (واستحبّ الآخر) (٣). أمّا العبارة الأولى فعلى الاجتزاء بها ، والخروج بها من الصلاة دلت الأخبار الكثيرة ، وأما الثانية فمخرجة بالإجماع ، نقله المصنف وغيره.

______________________________________________________

ـ وخبر أبي كهمس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الركعتين الأولتين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو؟ قال عليه‌السلام : لا ، ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف) (١).

وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت إماما فإنما التسليم أن تسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ، ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام عليكم ، وكذلك إذا كنت وحدك تقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) (٢).

(١) فيدل عليه إطلاقات التسليم مثل (تحليلها التسليم) وقد تقدم ، وخبر أبي بكر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : إني أصلي بقوم فقال : تسلم واحدة ولا تلتفت قل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكم) (٣) وخبر عبد الله بن يعفور (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن تسليم الإمام وهو مستقبل القبلة قال : يقول : السلام عليكم) (٤).

(٢) فيتحلل بواحدة منهما كما عن جماعة ، بل عن بعض نسبته إلى المشهور ، وآخر نسبته إلى المتأخرين.

(٣) فإن قدّم الصيغة الأولى كانت الثانية مستحبة كما هو المشهور ، وفي الذكرى عن ابن طاوس في البشرى احتمال أن الثانية حينئذ واجبة وإن كان الخروج من الصلاة بالأولى ، قال في الذكرى : «للحديث الذي رواه ابن أذينة عن الصادق عليه‌السلام في وصف صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السماء أنه لما صلى ، أمر الله أن يقول للملائكة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلا أن يقال : هذا في الإمام دون غيره» وفيه إن خبر ابن أذينة لم يذكر الصيغة الأولى فلا يصلح لبيان وجوب الثانية بعد سبقها بالأولى.

ثم إن قدّم الثانية استحب ذكر الأولى بعدها كما ذهب المحقق وجماعة ، ولا دليل عليه فلذا ذهب البعض منهم الشهيد وغيره إلى أنه إذا قدّم الثانية اقتصر عليها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب التسليم حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب التسليم حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم حديث ١١.


وفي بعض الأخبار (١) تقديم الأول مع التسليم المستحب ، والخروج بالثاني ، وعليه المصنف في الذكرى والبيان ، وأما جعل الثاني مستحبا كيف كان (٢) كما اختاره المصنف هنا فليس عليه دليل واضح. وقد اختلف فيه كلام المصنف فاختاره هنا (٣) وهو من آخر ما صنّفه ، وفي الرسالة الألفية وهي من أوله (٤) ، وفي البيان أنكره (٥) غاية الإنكار فقال بعد البحث عن الصيغة الأولى :

وأوجبها بعض المتأخرين ، وخيّر بينها وبين السلام عليكم ، وجعل الثانية منهما مستحبة ، وارتكب جواز «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» بعد «السلام عليكم» ، ولم يذكر ذلك في خبر ، ولا مصنّف. بل القائلون بوجوب التسليم واستحبابه يجعلونها مقدّمة عليه (٦) ، وفي الذكرى نقل وجوب الصيغتين تخييرا عن بعض المتأخرين ، وقال إنه قويّ متين إلّا أنه لا قائل به من القدماء.

وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقا. ثم قال : إن الاحتياط للدين الإتيان بالصيغتين جميعا بادئا بالسلام علينا ، لا بالعكس فإنه لم يأت به خبر منقول ، ولا مصنف مشهور سوى ما في بعض كتب المحقق ، ويعتقد (٧) ندبية السلام علينا ،

______________________________________________________

(١) وهو موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ثم قل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين ، السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ثم تسلم) (١).

(٢) سواء قدمت الصيغة الأولى أو الثانية.

(٣) أي اختار استحباب الثاني كيف كان.

(٤) من أول ما صنّفه.

(٥) أنكر استحباب الثاني كيف كان.

(٦) أي يجعلون الصيغة الأولى مقدمة على الصيغة الثانية.

(٧) من تتمة كلام الشهيد في الذكرى ، والمعنى : يأتي المصلي بالصيغتين مع اعتقاده بندبية الصيغة الأولى ووجوب الثانية.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.


ووجوب الصيغة الأخرى ، وما جعله (١) احتياطا قد أبطله في الرسالة الألفية فقال فيها : إن من الواجب جعل المخرج ما يقدمه من إحدى العبارتين فلو جعله (٢) الثانية لم تجز.

وبعد ذلك كله فالأقوى الاجتزاء في الخروج بكل واحدة منهما ، والمشهور في الأخبار تقديم السلام علينا وعلى عباد الله مع التسليم المستحب (٣) إلّا أنه ليس احتياطا كما ذكره في الذكرى لما قد عرفت من حكمه بخلافه (٤) فضلا عن غيره (ويستحبّ فيه (٥) التورّك) (٦) كما مرّ (٧) (وإيماء المنفرد) بالتسليم (إلى القبلة (٨) ثم يومئ بمؤخر عينه عن يمينه) (٩).

______________________________________________________

(١) إيراد من الشارح على الشهيد في الذكرى.

(٢) أي جعل المخرج من الصلاة.

(٣) المراد به هو التسليم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدل عليه خبر أبي كهمس المتقدم وغيره إلا أن الجعفي في كتابه الفاخر ذهب إلى وجوب التسليم منضما إلى إحدى الصيغتين ، وعن البيان أنه مسبوق بالإجماع وملحوق به هذا بالإضافة إلى أنه مخالف للأخبار التي جعلت الانصراف بإحدى الصيغتين وقد تقدم بعضها.

(٤) أي من حكم المصنف على خلاف هذا الاحتياط.

(٥) في التسليم.

(٦) لتبعيته للتشهد وقد تقدم الكلام في تورك التشهد.

(٧) أي كما تقدم معنى التورك أو لما دل على التورك في التشهد باعتبار أن التسليم تابع له.

(٨) ففي صحيح عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن كنت تؤم قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك ، وإن كنت مع إمام فتسليمتين ، وإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة) (١) وهو ظاهر في أن المنفرد يسلّم إلى القبلة من دون ذكر الإيماء وعليه الفتوى.

(٩) وإليه ذهب الشيخ في النهاية والمصباح والحلبي في إشارته والقاضي في مهذبه بل قيل إنه المشهور لرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك) (٢) بحمله على الإيماء بالعين الذي لا ينافي الاستقبال بالوجه جمعا بينه وبين ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم حديث ١٢.


أما الأول فلم نقف على مستنده ، وإنّما النص والفتوى على كونه إلى القبلة بغير إيماء ، وفي الذكرى ادّعى الإجماع على نفي الإيماء إلى القبلة بالصيغتين وقد أثبته هنا وفي الرسالة النفلية.

وأما الثاني فذكره الشيخ وتبعه عليه الجماعة واستدلوا عليه بما لا يفيده (والإمام) يومئ (بصفحة وجهه يمينا) بمعنى أنه يبتدئ به (١) إلى القبلة ثم يشير بباقيه إلى اليمين بوجهه (٢) (والمأموم كذلك) أي يومئ إلى يمينه بصفحة وجهه كالإمام مقتصرا على تسليمة واحدة إن لم يكن على يساره أحد ، (وإن كان على يساره أحد سلّم أخرى) بصيغة السلام عليكم (مؤميا) بوجهه (إلى يساره) (٣) أيضا.

وجعل ابنا بابويه الحائط كافيا في استحباب التسليمتين للمأموم ، والكلام فيه (٤) وفي الإيماء بالصفحة (٥) كالإيماء بمؤخر العين (٦) من عدم الدلالة عليه ظاهرا ، لكنه مشهور بين الأصحاب لا رادّ له.

______________________________________________________

ـ صحيح عبد الحميد المتقدم ، وقال الشارح في الروض «وفي الدلالة بعد لكن دلائل السنن يتساهل فيها فيمكن الرجوع إلى قولهم في ذلك».

(١) أي بالسلام.

(٢) جمعا بين خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة : السلام عليكم) (١) وبين صحيح عبد الحميد المتقدم (إن كنت تؤم قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك).

(٣) لصحيح عبد الحميد المتقدم (وإن كنت مع إمام فتسليمتين) وخبر منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الإمام يسلّم واحدة ، ومن وراه يسلم اثنتين ، فإن لم يكن عن شماله أحد يسلّم واحدة) (٢) ومثله غيره.

(٤) أي في الإيماء بالصفحة للمأموم.

(٥) أي بصفحة الوجه للإمام.

(٦) للمنفرد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم حديث ٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم حديث ٤.


(وليقصد المصلّي) بصيغة الخطاب في تسلميه (الأنبياء والملائكة والأئمة عليهم‌السلام والمسلمين من الإنس والجن) (١) بأن يحضرهم بباله ، ويخاطبهم به ، وإلّا

______________________________________________________

(١) ففي خبر عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (والسلام اسم من أسماء الله عزوجل وهو واقع من المصلي على ملكي الله الموكلين) (١) وفي خبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام (قلت : فلم صار تحليل الصلاة التسليم؟ قال : لأنه تحية الملكين) (٢).

وفي موضع من خبر المفضل المتقدم : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام لأي علة يسلّم على اليمين ولا يسلّم على اليسار؟ قال عليه‌السلام : لأن الملك الموكّل يكتب الحسنات على اليمين والذي يكتب السيئات على اليسار ، والصلاة حسنات ليس فيها سيئات فلهذا يسلّم على اليمين دون اليسار.

قلت : فلم لا يقال السلام عليك والملك على اليمين واحد ، ولكن يقال السلام عليكم؟ قال عليه‌السلام : ليكون قد سلّم عليه وعلى من على اليسار وفضّل صاحب اليمين عليه بالإيماء إليه.

قلت : فلم لا يكون الإيماء في التسليم بالوجه كله ولكن كان بالأنف لمن يصلي وحده ، وبالعين لمن يصلّي بقوم؟

قال عليه‌السلام : لأن مقعد الملكين من ابن آدم الشدقين ، فصاحب اليمين على الشدق الأيمن ، وتسليم المصلي عليه ليثبت له صلاته في صحيفته.

قلت فلم يسلّم المأموم ثلاثا؟ قال عليه‌السلام : تكون واحدة ردا على الإمام وتكون عليه وعلى ملكيه ، وتكون الثانية على يمينه والملكين الموكلين به ، وتكون الثالثة على من على يساره وملكيه الموكلين به ، ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلم على يساره إلا أن تكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى من صلى معه خلف الإمام فيسلم على يساره.

قلت : فتسليم الإمام على من يقع؟ قال : على ملكيه والمأمومين ، يقول لملكيه : اكتب سلامة صلاتي ممّا يفسدها ، ويقول لمن خلفه : سلمتم وآمنتم من عذاب الله عزوجل) (٣).

ويستفاد من هذه الأخبار قصد الملكين بالتسليم إلا إذا كان إماما فيقصد المأمومين أيضا ، وإذا كان مأموما فيقصد الإمام أيضا.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التسليم حديث ١٣ و ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم حديث ١٥.


كان تسليمه بصيغة الخطاب لغوا وإن كان مخرجا عن العهدة. (ويقصد المأموم به) مع ما ذكر (الردّ على الإمام) لأنه داخل فيمن حيّاه ، بل يستحبّ للإمام قصد المأمومين به على الخصوص ، مضافا إلى غيرهم ، ولو كانت وظيفة المأموم التسليم مرّتين فليقصد بالأولى الردّ على الإمام ، وبالثانية مقصده (١).

(ويستحبّ السلام المشهور) قبل الواجب وهو (٢) السّلام عليك أيّها النّبي ورحمة الله وبركاته السّلام على أنبياء الله ورسله السّلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين ، السّلام على محمّد بن عبد الله خاتم النبيّين لا نبيّ بعده.

(الفصل الرابع. في باقي مستحباتها)

قد ذكر في تضاعيفها وقبلها جملة منها ، وبقي جملة أخرى (وهي ترتيل التكبير) (٣) بتبيين حروفه ، وإظهارها (٤) إظهارا شافيا (ورفع اليدين به) (٥) إلى حذاء

______________________________________________________

ـ أما قصد جميع الأنبياء والملائكة والأئمة والمسلمين من الإنس والجن فلم يرد به نص ، نعم ذكر الشارح في الروض استحباب قصد الأنبياء والأئمة ونقل عن الشهيد أنه لو قصد الملائكة أجمعين ومن على الجانبين من مسلمي الجن والإنس كان حسنا.

(١) أي من يقصدهم.

(٢) كما في موثق أبي بصير (١) وقد تقدم مرارا.

(٣) قد تقدم مستند ترتيل القراءة ، وتقدم معنى الترتيل.

(٤) أي الحروف.

(٥) أي بالتكبير للأخبار منها : خبر الأصبغ عن علي عليه‌السلام : (لما نزلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل ما هذه النحيرة التي أمر بها ربي؟ قال عليه‌السلام : يا محمد إنها ليست نحيرة ولكنها رفع الأيدي في الصلاة) (٢) ورواه في مجمع البيان إلا أنه قال : (ليست بنحيرة ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يدك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت ، فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع ، وإن لكل شي‌ء زينة وإن زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١٣ و ١٤.


شحمتي أذنيه (١) (كما مرّ) في تكبير الركوع. ولقد كان بيانه (٢) في تكبير الإحرام أولى منه فيه (٣) لأنه أولها (٤) والقول بوجوبه فيه (٥) زيادة. (مستقبل القبلة ببطون)

______________________________________________________

(١) لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تجاوز أذنيك) (١) وصحيح صفوان : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ أذنيه) (٢).

وأقله محاذاة اليدين للوجه وهو المشهور بين الأصحاب للأخبار منها : صحيح ابن سنان : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يصلي يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح) (٣).

وخبر ابن سنان الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله (عزوجل) : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ، قال : (هو رفع يديك حذاء وجهك) (٤).

(٢) أي بيان رفع اليدين بالتكبير.

(٣) أي أولى من بيانه في تكبير الركوع.

(٤) أي لأن تكبير الإحرام أول التكبيرات.

(٥) أي وللقول بوجوب رفع اليدين في تكبير الإحرام زيادة على بقية التكبيرات ، وهو المحكي عن الكاتب ومال إليه الأصبهاني في كشفه والكاشاني في مفاتيحه والبحراني في حدائقه ، بل عن الانتصار للسيد المرتضى وجوب رفع اليدين في كل التكبيرات لظاهر الأوامر به وفيه : إن هذه الأوامر ظاهرة في الاستحباب لكونه زينة ، ولصحيح ابن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (على الإمام أن يرفع يده في الصلاة ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة) (٥) ، ولخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (إنما ترفع اليدان بالتكبير لأن رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع ، فأحب الله عزوجل أن يكون العبد في وقت ذكره له متبتلا متضرعا مبتهلا ، ولأن في رفع اليدين إحضار النية وإقبال القلب على ما قال وقصد ، لأن الفرض من الذكر إنما هو الاستفتاح ، وكل سنة فإنما تؤدّى على جهة الفرض ، فلما أن كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحبّ أن يؤدوا السنة على جهة ما يؤدّى الفرض) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٥ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٣ و ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١١.


(اليدين) حالة الرفع (١) ، (مجموعة الأصابع مبسوطة الإبهامين) على أشهر القولين (٢) ، وقيل : يضمهما إليها (٣) مبتدئا به (٤) عند ابتداء الرفع ، وبالوضع (٥) عند انتهائه على أصح الأقوال (٦) (والتوجّه بستّ تكبيرات) أوّل الصلاة قبل تكبيرة الإحرام وهو الأفضل (٧) ،

______________________________________________________

(١) أي رفع اليدين ، لخبر منصور : (رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه واستقبل القبلة ببطن كفيه) (١) ، وخبر جميل : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله (عزوجل) (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فقال بيده : هكذا ، يعني استقبل القبلة بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة) (٢).

(٢) قال في الذكرى : «ولتكن الأصابع مضمومة وفي الإبهام قولان ، وفرقه أولى ، واختاره ابن إدريس تبعا للمفيد وابن البراج وكل ذلك منصوص» وفي المعتبر : «ويستحب ضم الأصابع.

إلى أن قال. وقال علم الهدى وابن الجنيد : يجمع بين الأربع ويفرق بين الإبهام».

وقد ورد في صحيح حماد الوارد في تعليم الصلاة : (فقام أبو عبد الله عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه) (٣) وخبر زيد النرسي (أنه رأى أبا الحسن الأول عليه‌السلام يصلي فكان إذا كبر في الصلاة ألزق أصابع يديه الإبهام والسبابة والوسطى والتي تليها ، وفرّج بينها وبين الخنصر) (٤) وذيله شاذ كما اعترف غير واحد بذلك. وأما تفريق الإبهام فلم يرد به نص إلا ما أشار إليه الشهيد في الذكرى.

(٣) أي يضم الإبهامين إلى الأصابع.

(٤) أي مبتدئا بالتكبير.

(٥) أي ومبتدئا بالوضع عند الانتهاء من التكبير فإذا انتهى التكبير والرفع أرسلهما.

(٦) بل هو المشهور بين الأصحاب لأنه هو معنى الرفع بالتكبير ، وقيل : يكبر حال الانتهاء من الرفع قبل الإرسال ، وقيل : يكبر حال إرسالهما والنصوص غير ظاهرة في الأخيرين.

(٧) لا خلاف في استحباب التوجه بسبع تكبيرات كما عن المنتهى للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (أدنى ما يجزي من التكبير في التوجه إلى الصلاة تكبيرة واحدة ، وثلاث تكبيرات وخمس ، وسبع أفضل) (٥).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٦ و ١٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٩.


أو بعدها (١) ، أو بالتفريق (٢) في كلّ صلاة فرض ونفل على الأقوى (٣) ، سرا

______________________________________________________

ـ وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فكبّر إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا ، وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، وكلّ ذلك مجز عنك غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة) (١).

وكون تكبيرة الإحرام هي الأخيرة لما في الفقه الرضوي : (واعلم أن السابعة هي الفريضة وهي تكبيرة الافتتاح وبها تحريم الصلاة) (٢).

(١) بحيث تكون تكبيرة الإحرام هي الأولى وهو المحكي عن البهائي في حواشي الاثني عشرية والجزائري والكاشاني وصاحب الحدائق لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ، ثم كبر ثلاث تكبيرات) (٣).

(٢) بحيث هو مخير في تعيين تكبيرة الإحرام كما صرح بذلك غير واحد وعن المنتهى والذكرى نسبته إلى أصحابنا ، وعن المفاتيح والبحار أنه لا خلاف فيه لإطلاق الأخبار التي تقدم بعضها.

(٣) ففي الجواهر : «لعله المشهور بين المتأخرين» لإطلاق النصوص ، وفي الحدائق دعوى انصرافها إلى خصوص الواجبة أو اليومية ، وعن السيد التخصيص بالفرائض فقط ، والانصراف ممنوع.

نعم ذهب الشيخان والقاضي والعلامة في التحرير والتذكرة ونهاية الأحكام أن التوجيه بسبع تكبيرات مختص بسبعة مواضع وهي : كل صلاة واجبة ، وأول ركعة من صلاة الليل ، ومفردة الوتر ، وأول ركعة من نافلة الظهر ، وأول ركعة من نافلة المغرب ، وأول ركعة من صلاة الإحرام ، والوتيرة ، وعن سلار إبدال صلاة الإحرام بالشفع ، وعن ابن بابويه الاقتصار على الستة الأول بإخراج الوتيرة ، بل ربما نسب الأخير إلى المشهور.

وعن الشيخ الاعتراف بعدم وقوفه على خبر مسند يشهد بهذا الاختصاص وكذا حكي عن الفاضل ، مع أنهما ممن نسب إليهما القول بالاختصاص.

نعم قد ورد في فلاح السائل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجه والتكبير : في الزوال وصلاة الليل والمفردة من الوتر ، وقد يجزيك فيما سوى ذلك من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٩ و ٣.

(٢) فقه الرضا (ع) باب الصلوات المفروضة ص ١٠٥ تحقيق مؤسسة آل البيت (عم) لإحياء التراث.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١.


مطلقا (١) (يكبّر ثلاثا) منها (٢) (ويدعو) بقوله : «اللهمّ أنت الملك الحقّ لا إله إلّا أنت» إلى آخره (٣) ، (واثنتين ويدعو) بقوله : «لبّيك وسعديك» إلى آخره ، (وواحدة)

______________________________________________________

ـ التطوع أن تكبر تكبيرة لكل ركعتين) (١).

وفي الفقه الرضوي (ثم افتتح بالصلاة وتوجه بعد التكبير فإنه من السنة الموجبة في ست صلوات وهي : أول ركعة من صلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من ركعتي الإحرام ، وأول ركعة من ركعات الفرائض) (٢).

وحملت هذه الأخبار على تأكد الاستحباب في هذه المواضع وهو الظاهر من المقنعة للمفيد.

(١) أي في جميع الست سواء تقدمت على تكبيرة الإحرام أو تأخرت لخبر أبي بصير المتقدم : (غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة) (٣) ، وصحيح الحلبي (وإن كنت إماما فإنه يجزيك أن تكبر واحدة تجهر فيها وتسر ستا) (٤) ، وخبر الحسن بن راشد : (سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن تكبيرة الافتتاح فقال عليه‌السلام : سبع ، قلت : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يكبر واحدة ، فقال عليه‌السلام : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكبر واحدة يجهر بها ويسر ستا) (٥).

هذا للإمام ، وأما المأموم فيسر بها كباقي الأذكار وأما المنفرد فيتخير ، وعن الجعفي استحباب الجهر بتكبيرة الإحرام

للجميع ولم يظهر مستنده.

(٢) أي من تكبيرات الإحرام.

(٣) ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل : اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت ، سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم تكبر تكبيرتين ثم قل : لبيك وسعديك والخير في يديك والشرّ ليس إليك ، والمهدي من هديت ، لا ملجأ منك إلا إليك ، سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت ، ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَالْأَرْضَ) عالم ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١.

(٢) فقه الرضا (ع) باب صلاة الليل ص ١٣٨ تحقيق مؤسسة آل البيت (عم) لإحياء التراث.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١ و ٢.


(ويدعو) بقوله : «يا محسن قد أتاك المسي‌ء» إلى آخره (١). وروي أنه يجعل هذا الدعاء قبل التكبيرات (٢) ، ولا يدعو بعد السادسة (٣) ، وعليه المصنف في الذكرى ، مع نقله ما هنا (٤) والدروس والنفلية (٥) ، وفي البيان كما هنا ، والكل حسن (٦). وروي جعلها (٧) ولاء من غير دعاء بينها (٨) ، والاقتصار على خمس ، وثلاث (٩)

______________________________________________________

ـ الغيب والشهادة حنيفا مسلما (وَمٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، (إِنَّ صَلٰاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيٰايَ وَمَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ ، لٰا شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا) من المسلمين ، ثم تعوّذ من الشيطان الرجيم ، ثم اقرأ فاتحة الكتاب) (١).

(١) قال الشارح في شرح النفلية : «وروي الدعاء عقيب السادسة بقوله : يا محسن قد أتاك المسي‌ء وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء ، وأنت المحسن وأنا المسي‌ء فصل على محمد وآل محمد وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني» (٢) وذكره الشهيد في الذكرى إلا أن المشهور هو الأول.

(٢) ورد في فلاح السائل عن ابن أبي عمير عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول لأصحابه : من أقام الصلاة وقال قبل أن يحرم ويكبّر : يا محسن قد أتاك المسي‌ء ، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء ، وأنت المحسن وأنا المسي‌ء فبحق محمد وآل محمد صل على محمد وآل محمد وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني ، فيقول الله تعالى : ملائكتي اشهدوا أني قد عفوت عنه وأرضيت عنه أهل تبعاته) (٣)

(٣) كما في صحيح الحلبي المتقدم.

(٤) أي مع نقل الشهيد في الذكرى ما ذكره هنا في اللمعة.

(٥) عطف على الذكرى.

(٦) لأنه مروي.

(٧) أي التكبيرات.

(٨) لموثق زرارة : (رأيت أبا جعفر عليه‌السلام أو قال سمعته استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء) (٤).

لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أدنى ما يجزي من التكبير في التوجه إلى الصلاة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٦.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القيام حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٢.


(ويتوجّه) أي يدعو بدعاء التوجّه وهو : «وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات والأرض» إلى آخره (بعد التحريمة) (١) حيث ما فعلها.

(وتربع المصلي قاعدا) (٢) لعجز ، أو لكونها نافلة بأن يجلس على ألييه وينصب ساقيه ووركيه ، كما تجلس المرأة متشهدة (حال قراءته ، ويثني رجليه حال ركوعه جالسا) بأن يمدّهما ، ويخرجهما من ورائه ، رافعا ألييه عن عقبيه ، مجافيا فخذيه عن طية ركبتيه ، منحنيا قدر ما يحاذي وجهه ما قدام ركبتيه ، (وتورّكه حال تشهده) (٣)

______________________________________________________

ـ تكبيرة واحدة ، وثلاث تكبيرات وخمس ، وسبع أفضل) (١) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا افتتحت الصلاة فكبر إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا ، وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، فكل ذلك مجز عنك غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة) (٢).

(١) لصحيح الحلبي المتقدم ، غير أن ظاهر الأخبار أن دعاء التوجه قبل القراءة بعد التكبيرات سواء كانت تكبيرة الإحرام هي السابعة أو لا.

(٢) من يصلي جالسا إما للعجز إذا كانت الصلاة فريضة وإما لكونها نافلة حيث يجوز له الصلاة عن جلوس فيستحب له أن يجلس جلوس القرفصاء وهو أن يرفع فخذيه وساقيه وهو المصرح به في القواعد وغيره بأن يتربع حال القراءة ، وعن المعتبر نسبته إلى مذهبنا وعن المدارك إلى علمائنا لحسنة حمران عن أحدهما عليهما‌السلام : (كان أبي إذا صلى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه) (٣) وحمل التربع على القرفصاء مع أنه أحد معانيه ولا ينحصر فيه لكون القرفصاء أقرب إلى القيام من بقية معاني التربع وأما ثني الرجلين فهو افتراش الرجلين تحته بحيث إذا قعد يقعد على صدرهما بعد رفع ألييه عن عقبيه.

(٣) أي حال تشهد المصلي عن جلوس ونسب للشيخ في المبسوط وأتباعه بل وإلى سائر المتأخرين لاستحباب التورّك في مطلق التشهد كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وإذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك الأرض وفرّج بينهما شيئا ، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض ، وأطراف إبهامك اليمنى على الأرض وإياك والقعود على قدميك فتتأذى بذلك) (٤) ، نعم في الشرائع نسبة التورك حال التشهد لمن يصلي جالسا إلى القيل وعن ابن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ٩ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القيام حديث ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣.


بأن يجلس على وركه الأيسر كما تقدّم (١) ، فإنه (٢) مشترك بين المصلّي قائما وجالسا ، (والنظر قائما إلى مسجده) (٣) بغير تحديق ، بل خاشعا به ، (وراكعا إلى ما بين رجليه (٤) وساجدا إلى) طرف (أنفه (٥) ، ومتشهدا إلى حجره) (٦) ، كلّ ذلك مروي إلا الأخير فذكره الأصحاب ولم نقف على مستنده.

نعم هو مانع من النظر إلى ما يشغل القلب ففيه مناسبة كغيره.

(ووضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه (٧). مضمومة الأصابع) (٨)

______________________________________________________

ـ سعيد في جامعه استحباب التربع له حال التشهد لإطلاق حسنة حمران ، وعن صاحب الجواهر استحباب التربع له بين السجدتين للإطلاق المذكور ، ولكن يمكن القول بأن حسنة حمران ظاهرة فيما قبل الركوع باستحباب التربع وأما ما بعده فلا بد من تحكيم بقية الأدلة.

(١) من معنى التورك.

(٢) أي فإن التورك حال التشهد.

(٣) لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى ، دع بينهما فصلا ، إصبعا أقل ذلك إلى شبر أكثره ، وأسدل منكبيك وأرسل يديك ولا تشبك أصابعك وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك وليكن نظرك إلى موضع سجودك) (١).

(٤) لصحيح زرارة المتقدم : (فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك. إلى أن قال. وأقم صلبك ومدّ عنقك وليكن نظرك إلى ما بين قدميك) (٢).

(٥) ونسبه الشهيد في الذكرى إلى جماعة من الأصحاب ، وقال في الحدائق : «وهو يؤذن بعدم وقوفه على مستنده وبذلك صرح غيره أيضا ، ومستنده الذي وقفت عليه كتاب الفقه الرضوي حيث قال : ويكون بصرك وقت السجود إلى أنفك ، وبين السجدتين في حجرك ، وكذلك في وقت التشهد» (٣).

(٦) لخبر الفقه الرضوي المتقدم ، وعلله في المنتهى «لئلا يشتغل قلبه عن عبادة الله تعالى».

(٧) لصحيح زرارة المتقدم : (وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك).

(٨) لصحيح حماد : (فقام أبو عبد الله عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه ، وقرّب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات ، ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣.

(٣) الحدائق ج ٨ ص ٣٠١.


ومنها الإبهام ، (وراكعا على عيني ركبتيه الأصابع والإبهام مبسوطة) هنا (١) (جمع) (٢) تأكيد لبسط الإبهام والأصابع وهي (٣) مؤنثة سماعية فلذلك أكّدها بما يؤكّد به جمع المؤنث. وذكر الإبهام لرفع الإيهام. وهو تخصيص بعد التعميم لأنها إحدى الأصابع ، (وساجدا بحذاء أذنيه (٤) ، ومتشهدا وجالسا) لغيره (٥) (على فخذيه (٦) كهيئة القيام) في كونها مضمومة الأصابع بحذاء الركبتين.

(ويستحبّ القنوت) (٧) استحبابا مؤكدا ، بل قيل بوجوبه (عقيب قراءة)

______________________________________________________

ـ واستقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة) (١).

(١) حال الركوع لصحيح حماد المتقدم (ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات).

(٢) أي البسط والتفريق لجميع الأصابع وليس لخصوص الإبهام ، وإنما ذكر الإبهام بعد ذكر الأصابع زيادة في التأكيد لرفع الإيهام في كون التفريج لبقية الأصابع دون الإبهام.

(٣) أي الإصبع.

(٤) لخبر حماد المتقدم : (ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه ثم سجد وبسط كفيه مضموتي الأصابع بين ركبتيه حيال وجهه).

(٥) أي لغير التشهد كالجلوس بين السجدتين.

(٦) قال العلامة في التذكرة : «ويستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد وغيره على فخذيه مبسوطتين مضمومتي الأصابع بحذاء عيني ركبتيه ، عند علمائنا لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قعد يدعو يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى).

(٧) القنوت لغة هو الخضوع لله والدعاء والطاعة ، وعلى الأخير حمل قوله تعالى : (وَكٰانَتْ مِنَ الْقٰانِتِينَ) (٢) والثاني هو المتعارف بين المتشرعة ، وعلى الأول حمل قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلّٰهِ قٰانِتِينَ) (٣).

واستحبابه بالمعنى المتعارف عند المتشرعة على المشهور شهرة عظيمة ، ونسب الوجوب للصدوق ، ويشهد له خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (والقنوت سنّة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.

(٢) التحريم الآية : ١٢.

(٣) البقرة الآية : ٢٣٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٤.


الثانية) في اليومية مطلقا (١) ، ...

______________________________________________________

ـ وخبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (والقنوت في جميع الصلوات سنّة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة) (١).

وخبر وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له) (٢).

ولكنها محمولة على الاستحباب لصحيح البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : (قال أبو جعفر عليه‌السلام في القنوت : إن شئت فاقنت وإن شئت فلا تقنت ، قال أبو الحسن عليه‌السلام : وإذا كانت التقية فلا تقنت وأنا أتقلد هذا) (٣). وهو صريح في جواز ترك القنوت عند عدم التقية هذا فضلا عن أن خبر وهب ظاهر في جواز ترك القنوت لا من باب الرغبة عنه.

(١) جهرية كانت أو إخفاتية ، ففي الذكرى نسب إلى ابن أبي عقيل وجوب القنوت في خصوص الجهرية ويشهد له موثق سماعة : (سألته عن القنوت في أي صلاة هو؟ فقال : كل شي‌ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت) (٤) ولكنه محمول على تأكد الاستحباب لموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن القنوت فقال عليه‌السلام : فيما يجهر فيه بالقراءة ، فقلت له : إني سألت أباك عليه‌السلام عن ذلك فقال عليه‌السلام لي : في الخمس كلها ، فقال عليه‌السلام : رحم الله أبي عليه‌السلام ، إن أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ، ثم أتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية) (٥) وهو ظاهر أن التخصيص بالجهرية من أجل التقية وإلا فالقنوت في الجميع بلا فرق بين الجهرية والإخفاتية.

وموثق زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت في كل الصلوات ، فقال محمد بن مسلم فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال : أما ما لا يشك فيه فما جهر فيه بالقراءة) (٦) ويتأكد أكثر من بين الصلوات الجهرية بالصبح والمغرب والجمعة والوتر لصحيح سعد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن القنوت ، هل يقنت في الصلوات كلها أم فيما يجهر فيه بالقراءة؟ قال عليه‌السلام : ليس القنوت إلا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٦ و ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ١٠.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب القنوت حديث ٤ و ٥ و ٦.


وفي غيرها (١) عدا الجمعة ففيها قنوتان (٢) أحدهما في الأولى قبل الركوع ، والآخر في

______________________________________________________

(١) سواء كانت من النوافل الراتبة أو لا ، بل قال في التذكرة : «وهو مستحب في كل صلاة مرة واحدة فرضا كانت أو نفلا أداء أو قضاء عند علمائنا أجمع» ويدل عليه جملة من الأخبار منها : صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن القنوت فقال عليه‌السلام : في كل صلاة فريضة ونافلة) (١) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت في كل صلاة في الفريضة والتطوع) (٢).

(٢) لا خلاف في أن القنوت المستحب في كل صلاة هو مرة واحدة بعد القراءة وقبل الركوع في الركعة الثانية ويدل عليه جملة من الأخبار منها : خبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (والقنوت في جميع الصلوات سنّة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة) (٣).

وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما أعرف قنوتا إلا قبل الركوع) (٤).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع) (٥) ومثله غيره.

نعم ورد في خبر معمر بن يحيى عن أبي جعفر عليه‌السلام : (القنوت قبل الركوع وإن شئت بعده) (٦) وحمله في المعتبر على أن ما قبل الركوع هو الأفضل ، وحمله الشيخ على أن القنوت بعد الركوع هو للقضاء أو حال التقية ، وفيه أن الحمل على التقية لا معنى له لأن العامة لا يقولون بالتخيير ، إلا في الجمعة ففيها قنوتان ففي الركعة الأولى واحد قبل الركوع وفي الركعة الثانية الثاني بعد الركوع على المشهور ويشهد له صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله بعض أصحابنا وأنا عنده عن القنوت في الجمعة فقال عليه‌السلام له : في الركعة الثانية ، فقال له : قد حدثنا به بعض أصحابنا أنك قلت له في الركعة الأولى ، فقال عليه‌السلام : في الأخيرة ، وكان عنده ناس كثير فلما رأى غفلة منهم قال عليه‌السلام : يا أبا محمد في الأولى والأخيرة ، فقال له أبو بصير بعد ذلك : قبل الركوع أو بعده؟ فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : كل قنوت قبل الركوع ، إلا الجمعة فإن الركعة الأولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع) (٧) وصحيح زرارة عن أبي جعفر ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٨ و ١٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت حديث ٦.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب القنوت حديث ٦ و ١ و ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت حديث ١٢.


الثانية بعده ، والوتر ففيها قنوتان قبل الركوع وبعده (١) ، وقيل يجوز فعل القنوت

______________________________________________________

ـ عليه‌السلام : (على الإمام فيها. أي في الجمعة. قنوتان : قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الركعة الثانية بعد الركوع ، ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع) (١).

وذهب الصدوق في الفقيه إلى أنها كغيرها فيها قنوت واحد في الركعة الثانية قبل الركوع وهو الظاهر من الحلي في سرائره ، وفيه : إنه طرح لهذه النصوص بلا موجب وعن المفيد في المقنعة والعلامة في المختلف أن في الجمعة قنوتا واحدا في الركعة الأولى للأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (القنوت قنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة) (٢) وتقدم صحيح زرارة : (ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع) وهي محمولة على بيان مرتبة من مراتب الفضل وإلا فيردّ علمه إلى أهله.

(١) فالمشهور ذهب إلى قنوت واحد في الوتر قبل الركوع للأخبار الكثيرة منها : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن القنوت في الوتر فقال عليه‌السلام : قبل الركوع) (٣).

وذهب المحقق في المعتبر وتبعه عليه العلامة في التذكرة والشهيد في الدروس والشارح هنا في الروضة إلى أن في الوتر قنوتين قبل الركوع وبعده لمرسل أحمد بن عبد العزيز الرازي عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام : (كان إذا استوى من الركوع في آخر ركعته من الوتر قال : اللهم إنك قلت في كتابك المنزل : (كٰانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٤) طال والله هجوعي وقلّ قيامي ، وهذا السحر وأنا أستغفرك لذنوبي ، استغفار من لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، ثم يخر ساجدا) (٥).

وفي رواية الكافي : (كان أبو الحسن الأول عليه‌السلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم وليس له إلا رفقك ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القنوت حديث ٥.

(٤) الذاريات الآية : ١٧ ـ ١٨.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢.


مطلقا (١) قبل الركوع وبعده ، وهو حسن للخبر (٢) ، وحمله على التقية ضعيف لأن العامة لا يقولون بالتخيير ، وليكن القنوت (بالمرسوم) على الأفضل (٣) ، ويجوز بغيره

______________________________________________________

ـ ورحمتك ، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١) ثم ذكر بقية الخبر المتقدم.

وأشكل عليه بأن استحباب الدعاء المذكور لا يستلزم استحباب قنوت آخر إذ ليس كل دعاء قنوتا وإلا لزم استحباب القنوت في الركوع والسجود وفيما بين السجدتين إلى غير ذلك من الموارد وهذا مما لا يمكن الالتزام به.

(١) سواء نسيه قبل الركوع أو لا.

(٢) وهو خبر معمر بن يحيى وقد تقدم وتقدم الكلام فيه.

(٣) ذكر أكثر من واحد استحباب أن يقنت بالأدعية الواردة عن الأئمة عليهم‌السلام للتأسي بهم.

والأفضل كلمات الفرج كما ذكره الشيخ وجماعة بل عن البحار نسبته إلى الأصحاب ، بل عن السيد والحلي : «رُوي أنها. أي كلمات الفرج. أفضله» ، وقد ورد الأمر بدعاء الفرج في خبر أبي بصير. الوارد في قنوت الجمعة. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (القنوت قنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة تقول في القنوت : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وآله كما هديتنا به ، اللهم صل على محمد وآله كما أكرمتنا به ، اللهم اجعلنا ممن اخترته لدينك وخلقته لجنتك ، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) (٢).

وفي الفقه الرضوي : (وقل في قنوتك بعد فراغك من القراءة قبل الركوع : اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الحليم الكريم ، لا إله إلا أنت العلي العظيم ، سبحانك رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، يا الله ليس كمثله شي‌ء صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات إنك على كل شي‌ء قدير ، ثم اركع) (٣) وهو ظاهر في استحبابه في كل صلاة مع اختلاف بألفاظ الدعاء مع الخبر المتقدم.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القنوت حديث ٤.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٤ و ٧.


(وأفضله كلمات الفرج) وبعدها (١) «اللهمّ اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف. عنّا في الدّنيا والآخرة إنّك على كلّ شي‌ء قدير» (٢) ،

______________________________________________________

ـ وقال الشهيد في الذكرى : «واختار ابن أبي عقيل الدعاء بما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في القنوت : اللهم إليك شخصت الأبصار ونقلت الأقدام ورفعت الأيدي ومدّت الأعناق ، وأنت دعيت بالألسن وإليك سرهم ونجواهم في الأعمال ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ، اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة إمامنا وقلة عددنا وكثرة عدونا وتظاهر الأعداء علينا ووقوع الفتن بنا ، ففرّج ذلك اللهم بعدل تظهره وإمام حق نعرفه ، إله الحق آمين رب العالمين.

قال : وبلغني أن الصادق عليه‌السلام كان يأمر شيعته أن يقنتوا بهذا بعد كلمات الفرج» (١) وهذا ظاهر في معروفية القنوت بدعاء الفرج بين أصحاب الإمام عليه‌السلام.

هذا واعلم أن النصوص اختلفت في ألفاظ دعاء الفرج والعمدة على صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في تلقين المحتضر : (إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين) (٢).

وذكر المفيد وجماعة أن يقول قبل التحميد : «وسلام على المرسلين» ، نعم روى سليمان بن حفص المروزي عن أبي الحسن الثالث يعني الهادي عليه‌السلام : (لا تقل في صلاة الجمعة في القنوت : سلام على المرسلين) (٣) وقيل : إن النهي لاحتمال أنه من التسليم المحلّل ، وفيه : إنه لا يصح التحليل به قبل تمامية بقية أجزاء الصلاة والذي يخفف الخطب ضعف الخبر.

(١) أي بعدها في الفضيلة لا في الذكر.

(٢) فقد ورد هذا الدعاء في جملة من النصوص منها : صحيح سعد بن أبي خلف عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يجزيك في القنوت : اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة إنك على كل شي‌ء قدير) (٤).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٤ و ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الاحتضار حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القنوت حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب القنوت حديث ١.


(وأقله سبحان الله ثلاثا (١) أو خمسا) (٢).

ويستحب رفع اليدين به موازيا لوجهه (٣) ، بطونهما إلى السماء (٤) ، مضمومتي الأصابع إلا الإبهامين (٥) ، والجهر به للإمام والمنفرد ، والسّرّ للمأموم (٦) ، ويفعله الناسي قبل الركوع بعده (٧) ، ...

______________________________________________________

(١) لخبر أبي بكر بن أبي سماك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يجزي من القنوت ثلاث تسبيحات) (١).

(٢) لخبر أبي بصير عنه عليه‌السلام : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن أدنى القنوت ، فقال عليه‌السلام : خمس تسبيحات) (٢) ومرسل حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يجزيك من القنوت خمس تسبيحات في ترسل) (٣).

(٣) وقد نسب إلى الأصحاب كما عن المعتبر والذكرى ويدل عليه صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ترفع يديك في الوتر حيال وجهك) (٤) مع القطع بعدم الفرق بين قنوت الوتر وقنوت غيرها. وعن المفيد أنه يرفع يديه حيال صدره ووجهه غير ظاهر.

(٤) نسب إلى الأصحاب كما عن المعتبر والذكرى ، وهو كاف للتسامح في أدلة السنن ، نعم استدل عليه بصحيح ابن سنان المتقدم : (وتتلقى بباطنهما السماء) لكن هذه الزيادة وإن ذكرت في المعتبر والذكرى لكنها غير موجودة في الوسائل بل وفي التهذيب والفقيه وهما قد أوردا الخبر.

(٥) قال في الجواهر : «وكذا لم أقف في شي‌ء مما وصلني من النصوص على الأمر بتفريق الإبهامين وضم الأصابع في خصوص القنوت».

(٦) يستحب الجهر بالقنوت سواء كانت الصلاة جهرية أو إخفاتية لصحيح زرارة : (قال أبو جعفر عليه‌السلام : القنوت كله جهار) (٥) إلا المأموم فيستحب له الإسرار لخبر أبي بصير : (ينبغي للإمام أن يسمع خلفه كلما يقول ، ولا ينبغي لمن خلف الإمام أن يسمعه شيئا مما يقول) (٦) وفيه : إنه أعم من الإخفات ومن عدم الجهر به على نحو يسمعه الإمام فلو جهر به بحيث لا يسمعه الإمام فلا نهي عنه.

(٧) أي بعد الركوع للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم وزرارة بن أعين (سألنا أبا جعفر ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٣ و ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.


وإن قلنا (١) بتعينه قبله (٢) اختيارا فإن لم يذكره حتى تجاوز (٣) قضاه بعد الصلاة جالسا ، ثم في الطريق مستقبلا (٤) (ويتابع المأموم إمامه فيه) وإن كان مسبوقا (٥).

(وليدع فيه (٦) وفي أحوال الصلاة (٧) لدينه ودنياه من المباح) ، والمراد به

______________________________________________________

ـ عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع ، قال عليه‌السلام : يقنت بعد الركوع ، فإن لم يذكر فلا شي‌ء عليه) (١).

وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن القنوت ينساه الرجل ، فقال : يقنت بعد ما يركع ، فإن لم يذكر حتى ينصرف فلا شي‌ء عليه) (٢).

(١) إن وصلية.

(٢) أي بتعين القنوت قبل الركوع وقد تقدم الكلام فيه.

(٣) أي تجاوز الركوع بحيث دخل في السجود فيقضيه بعد الصلاة لصحيح أبي بصير : (سمعته يذكر عند أبي عبد الله عليه‌السلام قال في الرجل إذا سها عن القنوت : قنت بعد ما ينصرف وهو جالس) (٣).

(٤) أي مستقبلا للقبلة لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (رجل نسي القنوت فذكره وهو في بعض الطريق فقال عليه‌السلام : يستقبل القبلة ثم ليقله ، ثم قال : إني لأكره للرجل أن يرغب عن سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو يدعها) (٤).

(٥) بحيث كان الإمام في الثانية والمأموم في الأولى ففي موثق عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يدخل الركعة الأخيرة من الغداة مع الإمام فقنت الإمام أيقنت معه؟ قال عليه‌السلام نعم ويجزيه من القنوت لنفسه) (٥).

(٦) أي في قنوت الصلاة ، ففي صحيح إسماعيل بن الفضل : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت وما يقال فيه ، قال عليه‌السلام : ما قضى الله على لسانك ولا أعلم فيه شيئا موقتا) (٦) ومثله غيره.

(٧) عند الركوع والسجود لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كلما ذكرت الله عزوجل والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من الصلاة) (٧) ومثله غيره.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب القنوت حديث ٢ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القنوت حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢.


هنا (١) مطلق الجائز (٢) وهو غير الحرام ، (وتبطل) الصلاة (لو سأل المحرّم) (٣) مع علمه بتحريمه ، وإن جهل الحكم الوضعي وهو البطلان. أما جاهل تحريمه ففي عذره وجهان (٤) أجودهما العدم (٥) ، صرّح به في الذكرى وهو ظاهر الإطلاق هنا

(والتعقيب) (٦) وهو الاشتغال عقيب الصلاة بدعاء ، أو ذكر

______________________________________________________

(١) أي المراد بالمباح في القنوت والدعاء.

(٢) فيشمل المباح.

(٣) ذكر أكثر من واحد بعدم جواز الدعاء لطلب الحرام وفي المنتهى الإجماع عليه وهو العمدة لاعتراف جماعة بعدم الوقوف على خبر أو أثر يدل عليه سوى الإجماع المذكور.

وفي التذكرة الإجماع على بطلان الصلاة به وكذا في كشف اللثام فإن تم فهو وإلا فيشكل الحكم بالبطلان للشك في شمول قدح الكلام الموجب لبطلان الصلاة لمثله ، فقد ورد في صحيح علي بن مهزيار عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه قال عليه‌السلام : نعم) (١) وهو شامل له وإن كان يحرم السؤال به.

نعم إذا دعا على شخص ظلما فلا يجوز لصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن العبد ليكون مظلوما فلا يزال يدعو حتى يكون ظالما) (٢) وظاهره حرمة ظلم الغير بالدعاء وهو موجب للبطلان لأن النهي في العبادات مفسد وإن كان جاهلا بالبطلان.

وأما إذا كان الدعاء على الغير بغير ظلم فهو جائز ففي صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام: (تدعو في الوتر على العدو وإن شئت سميتهم) (٣) وخبر عبد الله بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قنت ودعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم) (٤) وفي مكاتبة إبراهيم بن عقبة إلى أبي الحسن عليه‌السلام : (جعلت فداك قد عرفت بعض هؤلاء الممطورة فأقنت عليهم في صلاتي؟ قال عليه‌السلام : نعم ، أقنت عليهم في صلاتك) (٥).

(٤) وجه البطلان أنه لا فرق بين العالم والجاهل في مبطلات الصلاة وهذا منها ، ووجه عدم البطلان : أن الجهل عذر عقلا وشرعا.

(٥) أي عدم العذر.

(٦) استحباب التعقيب من ضروريات الدين كما في الجواهر ففي خبر حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الله فرض عليكم الصلوات الخمس في أفضل الساعات فعليكم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الدعاء حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب القنوت حديث ١ و ٢ و ٣.


وهو (١) غير منحصر ، لكثرة ما ورد منه عن أهل البيت عليهم‌السلام (وأفضله التكبير ثلاثا) (٢) ، رافعا بها يديه إلى حذاء أذنيه ، واضعا لهما على ركبتيه أو قريبا

______________________________________________________

ـ بالدعاء في أدبار الصلوات) (١) وفي خبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان أبي يقول في قول الله تبارك وتعالى : (فَإِذٰا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ) فإذا قضيت الصلاة بعد أن تسلّم وأنت جالس فانصب في الدعاء من أمر الدنيا والآخرة ، فإذا فرغت من الدعاء فارغب إلى الله (عزوجل) أن يتقبلها منك) (٢).

وخبر علي بن جعفر عن أخيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما من مؤمن يؤدي فريضة من فرائض الله إلا كان له عند أدائها دعوة مستجابة) (٣) وفي النبوي : (من صلى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة) (٤).

وهي صريحة في كون التعقيب هو الدعاء في دبر الصلاة ، إلا أن التعقيب يشمل الذكر لخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تكون للرجل الحاجة يخاف فوتها فقال : يدلج وليذكر الله عزوجل فإنه في تعقيب ما دام على وضوئه) (٥).

وقد ورد الحث الشديد عليه ففي خبر الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد) (٦) ومرسل منصور بن يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (من صلى صلاة فريضة وعقب إلى أخرى فهو ضيف الله ، وحق على الله أن يكرم ضيفه) (٧).

ومعالجة النفس وتصبرها على التعقيب وعدم اشتغالها بالأمور الدنيوية مما لا يطيقه إلا ذو حظ عظيم لذا ورد في خبر عبد الله بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما عالج الناس شيئا أشد من التعقيب) (٨).

(١) أي التعقيب غير منحصر بذكر أو دعاء خاص.

(٢) لخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا سلمت فارفع يديك بالتكبير ثلاثا) (٩) وخبر المفضل بن عمر : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لأي علة يكبّر المصلي بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه؟ فقال عليه‌السلام : لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما فتح مكة صلّى بأصحابه الظهر عند ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٦ و ٧ و ١٢ و ١٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ من أبواب التعقيب حديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التعقيب حديث ١.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٥ و ٢.

(٩) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب التعقيب حديث ٤.


منهما (١) مستقبلا بباطنهما القبلة (٢) ، (ثم التهليل بالمرسوم) وهو «لا إله إلّا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون» (٣) ... إلخ.

(ثم تسبيح الزهراء) ، وتعقيبها بثم من حيث الرتبة لا الفضيلة ، وإلّا فهي أفضله (٤) مطلقا ، بل روي أنها أفضل من ألف ركعة لا تسبيح عقبها (٥) (وكيفيتها)

______________________________________________________

ـ الحجر الأسود ، فلما سلّم رفع يديه وكبّر ثلاثا وقال : لا إله إلا الله وحده وحده ، أنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وغلب الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شي‌ء قدير ، ثم أقبل على أصحابه فقال : لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلاة مكتوبة ، فإن من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر الله تعالى على تقوية الإسلام وجنده) (١).

(١) ليتحقق معنى تعدد الرفع.

(٢) كما عن المفيد لما ورد في تكبيرة الإحرام ولعله لكون كيفية التكبير في الجميع واحدة.

(٣) أورد في البحار نقلا عن مصباح الشيخ : «ثم يسلّم ثم يرفع يديه بالتكبير إلى حيال أذنيه فيكبر ثلاث تكبيرات في ترسل واحد ثم يقول ما ينبغي أن يقال عقيب كل فريضة وهو : لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون ، لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، لا إله إلا الله وحده وحده وحده صدق عبده وأنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير» (٢) وقال المجلسي بعد ذلك : «فأما التهليلات الأول إلى قوله ورب آبائنا الأولين فلم أرها في رواية ، وفي النهاية ذكر الأوليين إلى قوله ولو كره الكافرون وترك الثالثة وقوله لا إله إلا الله وحده».

(٤) أي تسبيحات الزهراء أفضل التعقيب ففي خبر صالح بن عقبة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ما عبّد الله بشي‌ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة ، ولو كان شي‌ء أفضل منه لنحله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة) (٣).

(٥) ففي خبر أبي خالد القماط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تسبيح فاطمة عليها‌السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب القنوت حديث ٢.

(٢) البحار ج ٨٣ ص ٤٣ باب سائر ما يستحب عقيب كل صلاة حديث ٥٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب التعقيب حديث ١ و ٢.


(أن يكبّر أربعا وثلاثين) مرّة (ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين (١) ثم)

______________________________________________________

ـ وفي خبر زرارة بن أعين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تسبيح فاطمة عليها‌السلام الزهراء من الذكر الكثير الذي قال الله (عزوجل) : (اذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً)) (١).

وخبر أبي هارون المكفوف عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يا أبا هارون إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها‌السلام كما نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقى) (٢).

وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من سبّح تسبيح فاطمة عليها‌السلام ثم استغفر غفر له ، وهي مائة باللسان وألف في الميزان وتطرد الشيطان وترضي الرحمن) (٣).

وخبر ابن أبي نجران عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من سبح الله في دبر الفريضة تسبيح فاطمة المائة مرة وأتبعها بلا إله إلا الله مرة غفر له) (٤).

وفي خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من سبّح تسبيح فاطمة عليها‌السلام منكم قبل أن يثني رجليه من المكتوبة غفر له) (٥).

(١) على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة بل في الوسائل عليه عمل الطائفة ويشهد له جملة من النصوص منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في تسبيح فاطمة عليها‌السلام تبدأ بالتكبير أربعا وثلاثين ثم التحميد ثلاثا وثلاثين ثم التسبيح ثلاثا وثلاثين) (٦).

وصحيح ابن عذافر : (دخلت مع أبي على أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله أبي عن تسبيح فاطمة فقال : الله أكبر حتى أحصى أربعا وثلاثين مرة ثم قال : الحمد لله حتى بلغ سبعا وستين ثم قال سبحان الله حتى بلغ مائة ، يحصيها بيده جملة واحدة) (٧).

خلافا للصدوق والإسكافي من تقديم التسبيح على التحميد لخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سبح تسبيح فاطمة عليها‌السلام وهو : الله أكبر أربعا وثلاثين مرة وسبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة ، فو الله لو كان شي‌ء أفضل منه لعلّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياها) (٨).

ومرسل الفقيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له ولفاطمة : ألا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم ، إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعا وثلاثين تكبيرة ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب التعقيب حديث ١ و ٢ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التعقيب حديث ٥.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التعقيب حديث ٢ و ١.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣.


(الدعاء) بعدها بالمنقول (١) ، ...

______________________________________________________

ـ وسبّحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة واحمدا ثلاثا وثلاثين تحميدة ، فقالت فاطمة : رضيت عن الله وعن رسوله) (١) وقد رواه في العلل بسند أكثر رجاله من العامة. ومثلهما خبر داود بن فرقد (٢) ، والتوقيع الوارد في الاحتجاج (٣) ، لكن الشهرة وعمل الأصحاب على الطائفة الأولى من تقديم التحميد على التسبيح.

ويستحب أن يكون التسبيح بسبحة من طين قبر الحسين صلوات الله عليه ففي خبر الحسن بن محبوب : (أن أبا عبد الله عليه‌السلام سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة والحسين عليه‌السلام والتفاضل بينهما ، فقال عليه‌السلام : السبحة التي من طين قبر الحسين عليه‌السلام تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح) (٤) ، وفي مرسل الطبرسي عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : (من أدار سبحة من تربة الحسين عليه‌السلام مرة واحدة بالاستغفار أو غيره كتب الله له سبعين مرة ، وأن السجود عليها يخرق الحجب السبع) (٥).

(١) أي بما ورد عن النبي والأئمة عليهم‌السلام ، وهي كثيرة جدا منها : ما ورد في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أقل ما يجزيك من الدعاء بعد الفريضة أن تقول : اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك ، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها ، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة) (٦).

وخبر محمد الواسطي : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تدع في دبر كل صلاة : أعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الأحد الصمد حتى تختمها ، وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الفلق حتى تختمها ، وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الناس حتى تختمها) (٧).

وفي خبر الحسين بن حماد عن أبي جعفر عليه‌السلام (من قال دبر صلاة الفريضة قبل أن يثني رجليه : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذا الجلال والإكرام وأتوب إليه ، ثلاث مرات غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) (٨).

وفي خبر ابن مهزيار : (كتب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن عليه‌السلام : إن رأيت يا سيدي أن تعلمني دعاء أدعو به في دبر صلواتي ، يجمع الله لي به خير الدنيا والآخرة ، فكتب عليه‌السلام : تقول : أعوذ بوجهك الكريم وعزتك التي لا ترام وقدرتك التي لا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب التعقيب حديث ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب التعقيب حديث ٤.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب التعقيب حديث ٢ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب التعقيب حديث ١.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣ و ٤.


(ثم بما سنح (١) ،) (ثم سجدتا الشكر (٢) ، ...

______________________________________________________

ـ يمتنع منها شي‌ء من شر الدنيا والآخرة ومن شر الأوجاع كلها) (١).

وقد وردت الأخبار بقراءة آية الكرسي وبقراءة قل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة وبالشهادتين والإقرار بالأئمة عليهم‌السلام وبسؤال الله الجنة والتعوذ به من النار إلى غير ذلك.

(١) للمصلي.

(٢) اعلم أنه يستحب السجود للشكر عند تجدد النعم وعند دفع النقم وعقيب الفرائض بل مطلق الصلاة ولو كانت نافلة.

بل يستحب السجود للشكر عند تذكر النعمة أو تذكر دفع النقمة إن لم يكن قد سجد لهما سابقا ، بل يستحب السجود شكرا للتوفيق لفعل الخير ولو مثل الصلح بين اثنين ففي خبر جابر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : (إن أبي علي بن الحسين ما ذكر لله (عزوجل) نعمة عليه إلا سجد ، ولا قرأ آية من كتاب الله (عزوجل) فيها سجود إلا سجد ولا دفع الله عنه سوءا يخشاه أو كيد كائد إلا سجد ، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد ، ولا وفّق لإصلاح بين اثنين إلا سجد وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده ، فسمّي السجاد لذلك) (٢).

وفي خبر أبي الحسين الأسدي : (أن الصادق عليه‌السلام قال : إنما يسجد المصلي سجدة بعد الفريضة ليشكر الله تعالى ذكره فيها على ما منّ به عليه من أداء فرضه ، وأدنى ما يجزي فيها شكرا لله ثلاث مرات) (٣) وخبر ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (السجدة بعد الفريضة شكرا لله (عزوجل) على ما وفّق له العبد من أداء فريضة ، وأدنى ما يجزي فيها من القول أن يقال : شكرا لله شكرا لله شكرا لله ثلاث مرات ، قلت : فما معنى قوله شكرا لله؟ قال : يقول هذه السجدة مني شكرا لله على ما وفقني له من خدمته وأداء فرضه ، والشكر موجب للزيادة فإن كان في الصلاة تقصير لم يتم بالنوافل تمّ بهذه السجدة) (٤).

وفي خبر مرازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سجدة الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب التعقيب حديث ٣ و ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٣.


ويعفّر بينهما) (١) جبينيه وخدّيه الأيمن منهما ثم الأيسر مفترشا ذراعيه وصدره

______________________________________________________

ـ صلاتك وترضي بها ربك وتعجب الملائكة منك ، وإن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدّى فرضي وأتم عهدي ، ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ما ذا له عندي؟ فتقول الملائكة : يا ربنا رحمتك ، ثم يقول الرب تبارك وتعالى : ثم ما ذا له؟ فتقول الملائكة : يا ربنا جنتك ، فيقول الرب تعالى : ثم ما ذا؟ فتقول الملائكة : يا ربنا كفاية مهمّه ، فيقول الرب تعالى : ثم ما ذا؟ فلا يبقى شي‌ء من الخير إلا قالته الملائكة فيقول الله تعالى : يا ملائكتي ثم ما ذا؟ فتقول الملائكة : يا ربنا لا علم لنا ، فيقول الله تعالى لأشكرنه كما شكرني وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي) (١).

وهذه النصوص وغيرها وإن جعلت سجدة الشكر عقيب الفريضة فقط ، إلا أنه في خبر المفضل قد ورد سجدة الشكر عقيب النافلة ، والخبر عن الصادق عليه‌السلام : (إذا قام العبد نصف الليل بين يدي ربه فصلى له أربع ركعات في جوف الليل المظلم ثم سجد سجدة الشكر بعد فراغه فقال : ما شاء الله ، ما شاء الله مائة مرة ، ناداه الله جل جلاله من فوق عرشه : عبدي إلى كم تقول ما شاء الله ، أنا ربك وإليّ المشيّة ، وقد شئت قضاء حاجتك فسلني ما شئت) (٢).

ثم إن هذه الأخبار وإن عبرت بسجدة الشكر الدالة على السجود مرة واحدة إلا أنه ورد في بعض الأخبار التعبير بسجدتي الشكر مثل خبر سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن سجدتي الشكر) (٣) الحديث.

ومرسل الكفعمي عن علي عليه‌السلام : (كان يقول إذا سجد سجدتي الشكر : وعظتني فلم أتعظ وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر ، وغمرتني أياديك فما شكرت ، عفوك عفوك يا كريم) (٤). ولعل التعبير بسجدتي الشكر باعتبار التعفير الواقع بينهما والتعبير بالسجدة باعتبار عدم استيفاء الرفع من السجود فلذا يطلق عليه سجدة الشكر.

(١) التعفير هو الوضع على العفر وهو التراب ، والمراد به وضع الخدين على التراب ففي مرسل علي بن يقطين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أوحى الله إلى موسى عليه‌السلام : أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال : يا رب ولم ذاك؟ قال : فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى إني قلّبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك ، يا موسى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٥.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٤ و ٦.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٤.


وبطنه (١) ، واضعا جبهته مكانها (٢) حال الصلاة قائلا فيهما (٣) : «الحمد لله شكرا شكرا» مائة مرة ، وفي كل عاشرة شكرا للمجيب (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب ، أو قال على الأرض) (١) ، وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (كان موسى بن عمران عليه‌السلام إذا صلّى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض) (٢).

وهذا المعنى للتعفير معقد إجماع المنتهى كما قيل ، ولكن في الذكرى وغيرها ممن تأخر عنها أن التعفير يصدق بوضع الجبينين أو الخدين مخيّرا بينهما لمرسل الشيخ في التهذيب عن أبي محمد العسكري عليه‌السلام : (علامات المؤمن خمس : صلاة الخمسين وزيارة الأربعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) (٣). والأولى الجمع بين تعفير الجبينين والخدين جمعا بين النصوص وهذا ما فعله الشارح هنا.

(١) ففي خبر يحيى بن عبد الرحمن : (رأيت أبا الحسن الثالث عليه‌السلام سجد سجدة الشكر فأفرش ذراعيه وألصق جؤجؤه وصدره وبطنه بالأرض ، فسألته عن ذلك فقال : كذا يجب) (٤) ومثله غيره.

(٢) أي مكان الجبهة.

(٣) في سجدتي الشكر.

(٤) مرسل الشيخ في مصباحه عن علي بن الحسين عليهما‌السلام : (كان يقول في سجدة الشكر مائة مرة الحمد لله شكرا ، وكلما قاله عشر مرات قال : شكرا للمجيب ، ثم يقول : يا ذا المنّ الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصيه غيره عددا ، ويا ذا المعروف الذي لا ينفد أبدا ، يا كريم يا كريم يا كريم ، ثم يدعو ويتضرع ويذكر حاجته) (٥). وهو غير مطابق مع ما ذكره في المتن بالتمام ، وقد ورد ذكر شكرا شكرا مائة مرة كما في خبر سليمان بن حفص المروزي : (كتب إليّ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : قل في سجدة الشكر مائة مرة شكرا شكرا ، وإن شئت عفوا عفوا) (٦).

وورد القول يا رب حتى ينقطع النفس كما في مرسل الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : (إن العبد إذا سجد فقال : يا رب يا رب حتى ينقطع نفسه قال له الرب تبارك وتعالى : لبيك ما حاجتك) (٧).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب المزار من كتاب الحج حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٢.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٤ و ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ٣.


ودونه شكرا مائة (١) ، وأقله شكرا ثلاثا (٢) (ويدعو) فيهما (٣) وبعدهما (٤) (بالمرسوم).

______________________________________________________

(١) لخبر المروزي المتقدم.

(٢) لخبر الأسدي المتقدم : (وأدنى ما يجزي فيها شكرا لله ثلاث مرات).

(٣) قد تقدم مرسل الشيخ المتضمن للدعاء في سجدة الشكر ، وتقدم مرسل الكفعمي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (أنه كان يقول إذا سجد سجدتي الشكر : وعظمتني فلم أتعظ وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر ، وغمرتني أياديك فما شكرت ، عفوك عفوك يا كريم) وهناك الكثير من الأدعية الواردة عنهم عليهم‌السلام في سجدة الشكر فراجع الباب السادس من أبواب سجدتي الشكر في الوسائل ، والباب الخامس منها في المستدرك.

(٤) أي بعد السجدتين ، ففي الجعفريات عن الصادق عن آبائه عن علي عليهم‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أراد الانصراف من الصلاة مسح جبهته بيده اليمنى ثم يقول : اللهم لك الحمد ، لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة ، اللهم أذهب عنا الهمّ والحزن والفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، وقال ؛ ما أحد من أمتي يفعل ذلك إلا أعطاه الله (عزوجل) ما سأل) (١).

فائدة : ذهب المشهور إلى استحباب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلما ذكر ، أو ذكر عنده ، وذهب الصدوق والمقداد في كنز العرفان إلى الوجوب واختاره صاحب الحدائق وجماعة وهو غير بعيد كما في المدارك لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره) (٢) ، ويعضده جملة من الأخبار منها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ذكرت عنده فنسي أن يصلي عليّ خطأ الله تعالى به طريق الجنة) (٣).

وخبر عبيد الله بن عبد الله عن رجل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن ذكرت عنده فلم يصل عليّ فلم يغفر الله له) (٤).

وخبر الإرشاد عن علي بن الحسين عليهما‌السلام (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البخيل كل البخيل الذي إذا ذكرت عنده لم يصلّ عليّ) (٥).

والمرسل في عدة الداعي : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصل عليّ) (٦).

إلا أنه قام الإجماع كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة والخلاف والناصرية على عدم ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب سجدتي الشكر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الذكر حديث ١ و ٣ و ١٤ و ١٨.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الوجوب مؤيدا بالسيرة خصوصا في المؤذنين وفي الكثير من الأدعية والخطب المحكية عن الأئمة الطاهرين عدم الصلاة عليه مع ذكره فيها ، ثم لا فرق في ذلك بين ذكره باسمه الشريف أو بلقبه أو كنيته لصدق ذكره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجميع كما عن البعض ، وفي الحدائق جزم بالاسم العلمي وفصل في الألقاب والكنى بين المشتهر تسميته بها وغيره واختار العدم في الثاني مع استظهار كون الضمير الراجع إليه من قبيل الثاني ولا يخفى أنه على خلاف إطلاق صدق الذكر ، ولكن التأمل في النصوص يعطي ولو انصرافا أن المدار على ذكره باسمه العلمي فقط دون بقية الألقاب والكنى فضلا عن الضمائر.

بل إذا كتب اسمه فيستحب أن يكتب الصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رواه الجزائري في الأنوار النعمانية (من صلى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب) (١) ، ثم لا تعتبر كيفية خاصة في الصلاة عليه لإطلاق الأخبار ، نعم لا بد من ضمّ الآل إليه ففي خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت وهو يقول : اللهم صل على محمد ، فقال له أبي عليه‌السلام : لا تبترها ، لا تظلمنا حقنا ، قل : اللهم صل على محمد وأهل بيته) (٢) وفي خبر عبد الله الحسن. كذا في الوسائل. بن علي عن أبيه عن جده : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قال : صلى الله على محمد وآله قال الله (جل جلاله) : صلى الله عليك ، فليكثر من ذلك ، ومن قال : صلى على محمد ولم يصل على آله لم يجد ريح الجنة وريحها يوجد من مسير خمسمائة عام) (٣).

وفي خبر عمار بن موسى : (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال رجل : اللهم صل على محمد وأهل بيت محمد ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : يا هذا لقد ضيقت علينا ، أما علمت أن أهل البيت خمس أصحاب الكساء ، فقال الرجل : كيف أقول؟ قال : قل اللهم صل على محمد وآل محمد فسنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه) (٤).

وعن فخر المحققين : «نقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لا تفرقوا بيني وبين آلي بعلى» (٥) بل روى ابن حجر في صواعقه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء؟ فقال : تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون ، بل قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد) (٦).

__________________

(١) الأنوار النعمانية ج ٣ ص ٣٧٣ ، نور أحوال العالم والمتعلم الفائدة الحادية عشرة في الكتابة.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الذكر حديث ٢ و ٦ و ١١.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذكر حديث ١٠.

(٦) الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٤٤ طبع القاهرة سنة ١٣٧٥ هجرية.


(الفصل الخامس. في التروك)

يمكن أن يريد بها ما يجب تركه ، فيكون الالتفات (١) إلى آخر الفصل مذكورا بالتبع ، وأن يريد (٢) بها ما يطلب تركه أعمّ من كون الطلب مانعا من النقيض (وهي ما سلف) في الشرط السادس (٣) ، (والتأمين) (٤) في جميع أحوال الصلاة ، وإن كان عقيب الحمد ، أو دعاء (إلّا لتقية) فيجوز حينئذ ، ...

______________________________________________________

ـ وقد ورد في خبر معاوية بن عمار : (ذكرت عند أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام بعض الأنبياء فصليت عليه فقال : إذا ذكر أحد من الأنبياء فابدأ بالصلاة على محمد وآله ثم عليه ، صلى الله على محمد وآله وعلى جميع الأنبياء) (١).

وقد روى الطريحي في مجمع البحرين في مادة شيع : (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلس ليلا يحدث أصحابه في المسجد فقال : يا قوم إذا ذكرتم الأنبياء الأولين فصلوا عليّ ثم صلوا عليهم ، وإذا ذكرتم أبي إبراهيم فصلوا عليه ثم صلوا عليّ) صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين.

(١) إشارة ، إلى قول المصنف في آخر الفصل : ويكره الالتفات يمينا وشمالا ، والمعنى فيكون ذكر الالتفات إلى آخر ما ذكره الماتن في هذا الفصل مذكورا بالتبع.

(٢) أي ويمكن أن يريد.

(٣) من ترك الكلام وترك الفعل الكثير الماحي لصورة الصلاة بل ترك السكوت الطويل الماحي أيضا وترك البكاء للدنيا وترك القهقهة ، وترك التكتف والتطبيق للخبر وترك الالتفات إلى الوراء وترك الأكل والشرب.

(٤) قال العلامة في المنتهى : «قال علماؤنا : يحرم قول آمين ، وتبطل به الصلاة ، وقال الشيخ سواء كان ذلك سرا أو جهرا ، في آخر الحمد أو قبلها ، للإمام والمأموم ، وعلى كل حال ، وادعى الشيخان والسيد المرتضى إجماع الإمامية عليه» ويدل عليه الأخبار منها : صحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل آمين) (٢).

وخبر محمد الحلبي : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين ، قال : لا) (٣). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الذكر حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١ و ٣.


بل قد يجب (١) ، (وتبطل الصلاة بفعله لغيرها) (٢) للنهي عنه في الأخبار المقتضي للفساد في العبادة ، ولا تبطل بقوله : «اللهمّ استجب» (٣) وإن كان بمعناه ، وبالغ من أبطل به كما ضعف قول من كرّه التأمين (٤) بناء (٥) ...

______________________________________________________

ـ وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في تعليم الصلاة : (ولا تقولن إذا فرغت من قراءتك : آمين ، فإن شئت قلت : الحمد لله رب العالمين) (١).

وصحيح معاوية بن وهب : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقول آمين إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هم اليهود والنصارى) (٢) وترك الجواب عن السؤال مع التعرض لأمر آخر غير مسئول عنه دليل على عدم الجواز وإلا لو كان جائزا لأبداه إذ لا خوف في إبداء الجواز لأنه مذهب العامة ، والنهي في العبادات مفسد ، وذهب جماعة كالإسكافي وأبي الصلاح إلى الكراهة واحتمله المحقق في المعتبر وهو مما لا وجه له بعد ثبوت النهي المفسد ، نعم احتج له في المعتبر بخبر جميل : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ، قال : ما أحسنها وأخفض الصوت بها) (٣) وقد حمل على التقية كما عن الشيخ لإجماع الطائفة على ترك العمل به.

ثم إن مورد النصوص النهي عنه بعد الفاتحة كما هو المتعارف عند العامة ، وعن جماعة حرمته في جميع أحوال الصلاة وأنه مبطل لأنه من كلام الآدميين ، وفيه : إنه من أسماء الأفعال فهو دعاء مثل استجب فلو وقع عقيب دعاء لكان دعاء للاستجابة.

(١) بلا إشكال فيه لعموم أدلة التقية.

(٢) لغير التقية.

(٣) فعن المحقق والعلامة في التذكرة أنّه مبطل للصلاة لأنه بمعنى آمين المنهي عنه وفيه : إن النهي عن خصوص التأمين وأما غيره فهو دعاء عام ومقتضى حديث الرفع عدم البطلان.

(٤) وهو قول المحقق في المعتبر.

(٥) استدل على الكراهة بأن لفظ آمين هو دعاء باستجابة الدعاء وقد وقع محله لأن الفاتحة مشتملة على الدعاء ولذا جاء أن الفاتحة قد قسمت بين الله وبين عبده فأولها ثناء وآخرها دعاء.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٤ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٥.


على أنه (١) دعاء باستجابة ما يدعو به ، وأن الفاتحة (٢) تشتمل على الدعاء لا لأن (٣) قصد الدعاء بها (٤) يوجب استعمال المشترك في معنييه على تقدير قصد الدعاء بالقرآن ، وعدم فائدة التأمين مع انتفاء الأول (٥) ، وانتفاء القرآن مع انتفاء الثاني (٦) لأن قصد الدعاء (٧) بالمنزّل منه (٨) قرآنا (٩) لا ينافيه (١٠) ، ولا يوجب الاشتراك لاتحاد المعنى (١١) ، ولاشتماله (١٢) على طلب الاستجابة لما يدعو به أعمّ من الحاضر (١٣).

______________________________________________________

ـ وردّ على هذا الاستدلال بأن قراءة الفاتحة مع قصد القرآنية لا تكون دعاء فلا محل لقول آمين وإن قرئت مع قصد الدعاء فتخرج عن القرآنية فلا تكون سورة فتبطل الصلاة ، وإن قصد القرآنية والدعاء معا لزم استعمال المشترك في كلا معنييه.

وفيه : إن قصد القرآنية والدعاء معا لا يلزم ذلك المحذور بل المعنى واحد وهو الدعاء المنزل قرآنا والله سبحانه وتعالى كلف المكلفين بهذه الصيغة في الصلاة. وإنما الذي يوجب البطلان هو النهي المفسد كما عرفت.

(١) أن التأمين.

(٢) فيكون التأمين قد وقع عقيب الدعاء فقد أخذ محله.

(٣) والمعنى أن تضعيف القول بالكراهة ليس لأنه إذا قصد الدعاء بالفاتحة يلزم استعمال المشترك في كلا معنييه.

(٤) بالفاتحة.

(٥) وهو قصد الدعاء.

(٦) وهو عند عدم قصد القرآنية المتحقق بقصد الدعاء.

(٧) رد على من استدل على البطلان بلزوم استعمال المشترك في كلا معنييه لو قصد الدعاء بالفاتحة لتكون محلا للتأمين.

(٨) من القرآن.

(٩) حال من الضمير في (المنزل منه).

(١٠) لا ينافي كونه قرآنا لأن قصد الدعاء لا يخرجه عن القرآنية.

(١١) إذ يبقى المعنى واحدا كما عرفت.

(١٢) أي ولاشتمال التأمين.

(١٣) أي أعم من الدعاء الذي سبق في الفاتحة ولما يدعو به فيما بعد وعليه فيجوز الإتيان بالتأمين عقيب الفاتحة باعتبار ما سيدعو به فيما بعد لا باعتبار قصد الدعاء بالفاتحة ليلزم المحذور السابق.


وإنما الوجه (١) النهي ، ولا تبطل بتركه (٢) في موضع التقية لأنه خارج عنها. والإبطال في الفعل (٣) مع كونه كذلك لاشتماله على الكلام المنهي عنه.

(وكذا ترك الواجب عمدا) (٤) ركنا كان أم غيره ، وفي إطلاق الترك على ترك الترك (٥). الذي هو (٦) فعل الضد. وهو الواجب نوع من التجوز (٧) (أو) ترك (أحد الأركان الخمسة ولو سهوا (٨) ، وهي النية والقيام والتحريمة والركوع)

______________________________________________________

(١) في تضعيف القول بالكراهة هو النهي الوارد عن التأمين ، والنهي في العبادات مفسد.

(٢) أي لا تبطل الصلاة بترك التأمين في موضع التقية الموجبة له ، كما نصّ على ذلك جماعة منهم صاحب الجواهر وغيره لعدم كون التأمين من الكيفية اللازمة في صحة الصلاة عند العامة. فمخالفة النهي لا توجب النهي عن العبادة في حال التقية حتى تبطل الصلاة.

(٣) دفع لما قد يتوهم من أن التأمين لو كان خارجا عن الكيفية اللازمة في صحة الصلاة عند العامة فلم حكم ببطلان الصلاة به عند عدم التقية؟ والدفع أن البطلان ناشئ من كون التأمين من كلام الآدميين المنهي عنه فيكون مبطلا.

(٤) بلا خلاف فيه لفوات الكل بفوات جزئه وانعدام المشروط بعدم شرطه ، وحديث لا تعاد قاصر عن شمول العامد غير المعذور.

(٥) لأن قول الماتن : وكذا ترك الواجب معطوف على التأمين فيندرج في التروك الذي هو عنوان هذا الفصل.

(٦) وهو راجع إلى ترك الترك.

(٧) لأن الترك يكون في الفعل لا في الترك. هذا وكذا الزيادة العمدية للواجب ركنا أو غيره مبطل للصلاة لصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من زاد في صلاته فعليه الإعادة) (١) ، وصحيح زرارة وبكير بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها ، واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا) (٢) وإن زاد في الوسائل : (أنه زاد في صلاته المكتوبة ركعة) إلا أن هذه الزيادة غير موجودة في الكافي ، نعم هي موجودة في رواية زرارة المروية في باب السهو في الركوع ، لا في رواية زرارة وبكير المروية في باب من سها في الأربع والخمس فراجع. ثم إن الماتن والشارح لم يتعرضا لهذا الفرع لأن البحث عندهما في التروك لا في الأفعال.

(٨) أما الترك العمدي فهو موجب لبطلان الصلاة لفوات الكل بفوات جزئه ، وأما الترك ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٢ و ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ السهوي ففي ترك النية لأنها ركن بإجماع العلماء كما عن المنتهى والتذكرة ، وبالإجماع كما عن الوسيلة والتحرير ، ولم يقل أحد بأنها ليست بركن كما عن التنقيح ، وعن التذكرة والنهاية والذكرى وقواعد الشهيد والتنقيح وفوائد الشرائع الإجماع على بطلان الصلاة بتركها عمدا وسهوا ، وبذلك يخرج عن عموم حديث لا تعاد الصلاة.

وفي ترك التكبيرة سهوا بالإجماع كما عن الذكرى وجامع المقاصد والمدارك والتذكرة والمنتهى والمعتبر بالإضافة إلى الأخبار منها : صحيح زرارة : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال عليه‌السلام : يعيد) (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل سها خلف الإمام فلم يفتتح الصلاة ، قال عليه‌السلام : يعيد الصلاة ولا صلاة بغير افتتاح) (٢).

وأما ترك القيام الركني ، وقد عرفت أنه ركن حال التكبير وكذا المتصل بالركوع كما تقدم الكلام مفصلا في بحث القيام ، وعرفت أن ركنيته عرضية ، ثم تركه في هاتين الحالتين موجب لبطلان الصلاة ولو سهوا أما في حال التكبير فيدل عليه موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وكذلك إن وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حين افتتح الصلاة وهو قاعد ، فعليه أن يقطع صلاته ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم ولا يعتدّ بافتتاحه وهو قاعد) (٣).

وأما في المتصل بالركوع فتركه نسيانا يوجب ترك الركوع الركني لأنه لا ركوع إلا عن قيام وترك الركوع الركني موجب للبطلان ولو سهوا كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما ترك الركوع ولو سهوا فهو موجب للبطلان إن لم يمكن تداركه على المشهور شهرة عظيمة للصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم ، قال عليه‌السلام : يستقبل) (٤) ، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة) (٥) ، وخبر أبي بصير الآخر : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل نسي أن يركع قال عليه‌السلام : عليه الإعادة) (٦) ومثلها غيرها ويكفينا حديث لا تعاد وهو صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور والوقت ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث ١ و ٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب القيام حديث ١.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الركوع حديث ١ و ٣ و ٤.


(والسجدتان معا) ، أما إحداهما (١) فليست ركنا على المشهور ، مع أن الركن بهما

______________________________________________________

ـ والقبلة والركوع والسجود ، ثم قال عليه‌السلام : القراءة سنة والتشهد سنة والتكبير سنة ولا تنقض السنة الفريضة) (١).

وهناك أقوال أخر في المسألة فعن ابن بابويه وابن الجنيد التفصيل بين الركعة الأولى فتبطل دون غيرها من الركعات فلو نسي الركوع في البقية ولم يتذكر إلا بعد السجود فيحذف السجدتين ويجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة ، وليس له مستند إلا الفقه الرضوي حيث ورد فيه : (وإن نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الأولى فأعد صلاتك لأنه إذا لم تصح لك الركعة الأولى لم تصح صلاتك) (٢) إلى آخره ، وهو لا يقاوم ما تقدم من الأخبار.

واختار الشيخ في المبسوط التفصيل بين الركعتين الأوليين وثالثة المغرب وبين الأخيرتين من الرباعية فاختار البطلان في الأول ، والصحة في الثاني بإسقاط السجدتين وإتمام الصلاة بعد تدارك الركوع ، وليس له مستند أصلا كما اعترف به غير واحد. نعم جمع بين الأخبار بذلك بحمل أخبار البطلان على الشق الأول وبحمل أخبار الصحة التي سيأتي التعرض لها على الشق الثاني وهو جمع تبرعي لا شاهد له.

ونسب للشيخ في المبسوط إلى بعض أصحابنا الحكم بالصحة مطلقا مع إسقاط الزائد وتدارك الركوع ويشهد له صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع قال عليه‌السلام : فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام ، وإن كان لم يستيقن إلا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شي‌ء عليه) (٣) وهو لا يصلح لمعارضة ما سبق وقد دل على البطلان لأنه أكثر وأوضح وأوثق وأحوط والعمل به أشهر.

ثم إن ترك السجدتين سهوا موجب للبطلان إن لم يمكن التدارك وقيل إنه مما لا خلاف فيه لحديث لا تعاد.

(١) أي إحدى السجدتين ، فلو نسي سجدة حتى ركع فلا تبطل صلاته وعليه قضاء السجدة فيما بعد على المشهور لأن الركن هو مجموع السجدتين ويشهد له صحيح ابن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أنه لم يسجد ، قال عليه‌السلام : فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلّم ثم يسجدها ، فإنها قضاء) (١) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أنه سأله عن رجل نسي سجدة ، فذكرها بعد ما قام وركع قال : يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلّم ، فإذا سلّم سجد مثل ما فاته) (٢) ومثلها صحيح أبي بصير (٣) وخبر علي بن جعفر (٤).

وعن العماني والكليني بطلان الصلاة بنسيان السجدة ولم يمكن تداركها لخبر المعلّى بن خنيس : (سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال عليه‌السلام : إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء) (٥).

وفيه : إن الخبر ضعيف في نفسه لأنه مرسل هذا فضلا عن أن المعلّى قد قتل في حياة الإمام الصادق عليه‌السلام فكيف يروي عن الكاظم عليه‌السلام بالإضافة إلى أنه لا يقاوم النصوص المتقدمة لأنها أكثر وأصح سندا.

وقال الشارح في الروض : «وربما نقل عن ابن أبي عقيل أن الإخلال بالواحدة مبطل وإن كان سهوا لصدق الإخلال بالركن إذ الماهية المركبة تفوت بفوات جزء منها وقد تقرر أن الركن مجموع السجدتين ولرواية المعلّى بن خنيس الدالة على ذلك» وأما الرواية فقد عرفت ما فيها وأما الدليل الأول فقد رده الشهيد في الذكرى بقوله : «والجواب أن انتفاء الماهية هنا غير مؤثر مطلقا وإلا لكان الإخلال بعضو من أعضاء السجود مبطلا ولم يقل به أحد ، بل المؤثر هو انتفاؤها بالكلية ، ولعل الركن مسمّى السجود ولا يتحقق الإخلال به إلا بترك السجدتين معا».

ورد الشارح في الروض على جواب الشهيد بقوله : «وفيه نظر لأن الركن إذا كان هو المجموع لزم منه البطلان بفوات الواحدة لاستلزامه الإخلال به ، فاللازم إما عدم ركنيّة المجموع أو بطلان الصلاة بكل ما يكون إخلالا به ، وما ادّعاه من لزوم البطلان بالإخلال بعضو من أعضاء السجود غير ظاهر ، لأن وضع ما عدا الجبهة لا دخل له في السجود كالذكر والطمأنينة ، بل هي واجبات له خارجة عن حقيقته ، وإنما حقيقته وضع ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ١ و ٢ و ٤ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ٥.


يكون مركبا ، وهو يستدعي فواته بفواتها (١).

واعتذار المصنف في الذكرى بأن الركن مسمى السجود (٢) ولا يتحقق الإخلال به إلا بتركهما معا خروج عن المتنازع فيه (٣) لموافقته (٤) على كونهما معا هو الركن وهو يستلزم الفوات بإحداهما ، فكيف يدّعي (٥) أنه مسمّاه ، ومع ذلك (٦) يستلزم بطلانها (٧) بزيادة واحدة لتحقق المسمّى (٨) ، ولا قائل به ، وبأن انتفاء الماهية (٩) هنا (١٠) غير مؤثر مطلقا (١١) ، وإلا لكان الإخلال بعضو من أعضاء

______________________________________________________

ـ الجبهة على الأرض وما في حكمها.

وأما الجواب الثاني ففيه خروج عن السؤال من رأس ، لأنه وارد على جعل المجموع معا ركنا كما قد اشتهر بين الأصحاب ، مع أن التزام ما ذكر يستلزم بطلان الصلاة بزيادة السجدة الواحدة لتحقق المسمّى ولم يقل به أحد ، فإن ابن أبي عقيل إنما حكم ببطلان الصلاة بنسيان الواحدة لا بزيادتها على ما نقله عنه المجيب ، وبالجملة فالحكم بذلك مناف للحكم بعدم البطلان بفوات الواحدة إن تمّ أن الركن مطلقا يبطل الصلاة بزيادته ونقصانه مطلقا» انتهى ، وقد أشار الشارح إلى ذلك فيما كتبه في الروضة وإن كان ما كتبه هنا لا يخلو من إجمال لا يمكن فهمه إلا بما قدمناه.

(١) أي فوات الركن بفوات السجدة ويكون الحق مع ابن أبي عقيل.

(٢) وهو الجواب الثاني للشهيد في الذكرى.

(٣) لأن كلام ابن أبي عقيل مبني على كون الركن هو مجموع السجدتين لا مسمى السجود.

(٤) أي لموافقة الشهيد في الذكرى على كون السجدتين معا هو الركن.

(٥) أي فكيف يدعي الشهيد في الذكرى بعد اعتراف أن الركن هو مجموع السجدتين بأن الركن هو مسمى السجود.

(٦) أي ومع كون الركن هو مسمى السجود فيلزم بطلان الصلاة بزيادة الركعة لتحقق المسمى حينئذ وهذا ما لم يقل به أحد.

(٧) أي بطلان الصلاة بزيادة ركعة واحدة.

(٨) أي مسمى السجود وهو الركن بحسب الفرض.

(٩) الجواب الأول للشهيد في الذكرى عن استدلال ابن أبي عقيل ، وهذا الجواب مبني على كون الركن هو مجموع السجدتين.

(١٠) أي في الأحكام الشرعية لأن ماهياتها مخترعة من قبل الشارع فقد ينتفي الجزء ولا ينتفي الكل إذا حكم الشارع بثبوته لأن تقررها بيد الشارع وضعا ورفعا.

(١١) لا كلا ولا بعضا.


السجود مبطلا بل المؤثر انتفاؤها رأسا (١) ، فيه ما مرّ (٢). والفرق بين الأعضاء غير الجبهة وبينها (٣) بأنها (٤) واجبات خارجة عن حقيقته (٥) كالذكر والطمأنينة دونها (٦).

ولم يذكر المصنف حكم زيادة الركن مع كون المشهور أن زيادته على حد نقيصته (٧) ، ...

______________________________________________________

(١) أي انتفاء الماهية من رأسها بأن لم يتحقق شي‌ء من السجود في مجموع الركعتين.

(٢) أي ما مرّ في أول البحث من أن الركن إذا كان مجموع السجدتين فهو منتف بفوات جزئه الذي هو السجدة الواحدة.

(٣) وبين الجبهة.

(٤) أي بأن الأعضاء غير الجبهة.

(٥) عن حقيقة السجود كما تقدم في مبحث السجود.

(٦) دون الجبهة فإن السجود متقوم بوضعها على الأرض لغة وعرفا كما تقدم بحثه هناك.

(٧) فتبطل الصلاة بزيادة الركن عمدا أو سهوا ، أما عمدا فلما تقدم من أن مطلق الزيادة العمدية للواجب تبطل الصلاة وقد بسطنا القول فيه عند شرح قوله : «نوع من التجوز فراجع».

وأما الزيادة السهوية للركن فللإجماع بناء على أن الركن هو ما يوجب الإخلال به إبطال الصلاة زيادة ونقيصة عمدا وسهوا ، وعن المهذب البارع نسبته إلى الفقهاء ، ويؤيده ما في الحدائق من نفي الخلاف عن أن زيادة تكبيرة الإحرام سهوا توجب بطلان الصلاة ، وما في مجمع البرهان من الإجماع على قدح زيادة الركوع والسجدتين ، وفي المدارك من أنه لا يعلم فيه مخالفا ، وعن الرياض نفي الخلاف فيه.

ولكن عن الروض وجامع المقاصد تفسير الركن بما يبطل الصلاة بتركه عمدا أو سهوا من دون دخل للزيادة في معناه وحكي تفسيره بذلك عن الشيخ في المبسوط وجمع ممن تأخر عنه.

هذا ولفظ الركن لم يرد في خبر أو أثر وإنما هو مصطلح في ألسنة الفقهاء فإن تم الإجماع على كونه شاملا للزيادة السهوية فهو وإلا فالمرجع بقية النصوص الواردة في أبوابها.

فبالنسبة للنية فلا يكاد يتصور زيادتها بناء على أنها الداعي إذ هو واحد مستمر من أول الصلاة إلى آخرها ، نعم بناء على أنها إخطارية فيمكن زيادتها ولكن زيادتها لا تضر لأن الاستدامة الفعلية أقوى من الحكمية وقد اكتفوا بالحكمية حذرا من الحرج والعسر فلو


تنبيها على فساد الكلية (١) في طرف الزيادة ، لتخلفه (٢) في مواضع كثيرة لا تبطل بزيادته (٣) سهوا ، كالنية فإن زيادتها مؤكدة (٤) لنيابة الاستدامة الحكمية عنها (٥) تخفيفا فإذا حصلت (٦) كان أولى (٧) ، وهي مع التكبير فيما لو تبين للمحتاط الحاجة إليه (٨) أو سلّم على نقص ، وشرع في صلاة أخرى ...

______________________________________________________

ـ فرض الإتيان بالفعلية من دون حرج فهو المطلوب. وأما القيام فقد عرفت أنه ركن حال التكبير والمتصل بالركوع فلا يعقل زيادته إلا بزيادة التكبير وزيادة الركوع فهو ركن عرضي كما تقدم.

وأما تكبيرة الإحرام فزيادتها السهوية موجبة للبطلان للإجماع وفي الحدائق نفي الخلاف فيه ، وأما الزيادة السهوية للركوع أو السجدتين فلا دليل على بطلانه للصلاة إلا الإجماع المدعى في كلمات غير واحد ليس إلا.

وأما التمسك بحديث لا تعاد على أن زيادة الركوع والسجود موجب للإعادة ليس في محله لأن سياقه ناظر إلى النقيصة لا إلى الزيادة فافهم.

(١) أي عدم ذكر المصنف لزيادة الركن إنما هو تنبيه على أن الكلية الشائعة بين الفقهاء أن الركن يبطل الصلاة بزيادته ولو سهوا فاسدة.

(٢) أي لتخلف الحكم ببطلان الصلاة بزيادة الركن سهوا.

(٣) أي لا تبطل الصلاة بزيادة الركن.

(٤) أي مؤكدة لبقاء النية استدامة وهذا مبني على كونها إخطارية.

(٥) أي عن النية الفعلية للحرج والعسر كما عرفت.

(٦) أي النية الفعلية بالزيادة المدعاة.

(٧) أي كان الحاصل أولى من الاستدامة الحكمية.

(٨) أي الحاجة إلى الاحتياط وذلك فيما لو شك بين الثلاث والأربع فأتى بصلاة الاحتياط ثم بعد الفراغ علم أن صلاته ناقصة فيكون الاحتياط مكملا لها وتجزيه ، ويغتفر ما زيد من الأركان من النية وتكبيرة الإحرام لخبر عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فقم فصل ما ظننت أنك نقصت فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي‌ء ، وإن ذكرت أنك نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت) (١) سواء كانت صلاة الاحتياط عن جلوس أو قيام وخالف في الموجز فحكم بالإعادة إذا كانت صلاة الاحتياط عن جلوس وقد تبين أن الركعة التي فاتته عن قيام ، وفي كشف الالتباس : لم أجد له موافقا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.


قبل فعل المنافي مطلقا (١) والقيام إن جعلناه مطلقا ركنا كما أطلقه (٢) ، والركوع فيما لو سبق به المأموم إمامه سهوا ثم عاد إلى المتابعة (٣) ، والسجود فيما لو زاد

______________________________________________________

(١) مثال آخر للزيادة السهوية للركن من دون أن تبطل الصلاة ، كما لو صلى الظهر ركعتين ثم سلم وشرع في فريضة أخرى ولم يأت بالمنافي بينهما ثم تذكر نقصان الأولى ، فيعدل بما صلّاه للثانية إلى الأولى إن أمكن اكتمال الأولى بما آتاه للثانية ولا تضر زيادة النية وتكبيرة الإحرام لما رواه في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عليه‌السلام : (أنه كتب إليه يسأله عن رجل صلى الظهر ودخل في العصر ، فلما صلّى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنه صلى الظهر ركعتين كيف يصنع؟ فأجاب عليه‌السلام : إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين ، وإن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمة لصلاة الظهر ، وصلى العصر بعد ذلك) (١).

وفيه : إنه مرسل ومهجور بين الأصحاب فلا يعتمد عليه فلا يصح جعل هذا المورد من موارد الزيادة السهوية للركن غير المضرة.

(٢) أي كما أطلقه المصنف في قوله السابق : «أو ترك أحد الأركان الخمسة ولو سهوا وهي النية والقيام والتحريمة والركوع والسجدتان معا».

وتتحقق زيادته السهوية غير المبطلة كما لو قام إلى الثالثة ثم تذكر أنه نسي التشهد فيرجع ويتشهد ثم يقوم ، ولكن قد عرفت أن القيام الركني هو المقارن للتكبير والمتصل بالركوع وعليه فهو قيام خاص فلا استثناء من الكلية السابقة وليس هذا من موارد الزيادة السهوية للركن غير المبطلة.

(٣) على المشهور لصحيح ابن يقطين : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يركع مع الإمام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال عليه‌السلام يعيد ركوعه معه) (٢) ومثلها رواية سهل الأشعري (٣).

وكذا في السجود فيجب العود للمتابعة لصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى مع إمام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الإمام رأسه من السجود ، قال عليه‌السلام : فليسجد) (٤) وخبر ابن فضال عن أبي الحسن عليه‌السلام : (قلت له : أسجد مع الإمام فأرفع رأسي قبله أعيد؟ قال : أعد واسجد) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ٢ و ١ و ٥.


واحدة (١) إن جعلنا الركن مسمّاه (٢) ، وزيادة جملة الأركان غير النية ، والتحريمة فيما إذا زاد ركعة آخر الصلاة وقد جلس بقدر واجب التشهد (٣) ، أو أتمّ المسافر

______________________________________________________

ـ نعم لو أتم ولم يرجع فتصح صلاته. وعن العلامة في التذكرة والنهاية وسيد المدارك استحباب الإعادة جمعا بين ما تقدم وخبر غياث بن إبراهيم : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام ، أيعود يركع إذا أبطأ الإمام ويرفع رأسه معه؟ قال : لا) (١).

(١) سهوا.

(٢) مسمى السجود ، وقد عرفت أن الركن هو مجموع السجدتين للإجماع ، وعليه فليس هذا المورد من موارد الزيادة السهوية للركن غير المبطلة.

(٣) ذهب الشيخ في التهذيب والعلامة في القواعد والمختلف وموضع من القواعد والمنتهى والمحقق في المعتبر والشهيد في الألفية والثاني في الروض والمسالك بل نسبه في المسالك إلى المتأخرين إلى صحة صلاته إذا زاد ركعة وقد جلس في آخر صلاته بمقدار التشهد الواجب لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن رجل صلى خمسا فقال عليه‌السلام : إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته) (٢) وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن رجل استيقن. بعد ما صلى الظهر. أنه صلى خمسا ، قال عليه‌السلام : وكيف استيقن؟ قلت : علم ، قال عليه‌السلام : إن كان علم أنه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة فليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فتكونان ركعتين نافلة ولا شي‌ء عليه) (٣) ومثلها غيرها.

وذهب المشهور خصوصا القدماء إلى أن زيادة الركعة مبطلة للصلاة لموثق زيد الشحام : (سألته عن الرجل يصلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات ، قال عليه‌السلام : إن استيقن أنه صلى خمسا أو ستا فليعد) (٤) وصحيح زرارة. المروي في الكافي في باب السهو في الركوع. عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا استيقن أنه زاد في الصلاة المكتوبة ركعة فليستقبل صلاته استقبالا) (٥) ، وصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل صلى فذكر أنه زاد سجدة ، قال عليه‌السلام : لا يعيد صلاة من سجدة ويعيدها من ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الركوع حديث ١.


ناسيا إلى أن خرج الوقت (١).

واعلم أن الحكم بركنية النية هو أحد الأقوال فيها ، وإن كان التحقيق يقتضي كونها بالشرط أشبه (٢).

وأما القيام فهو ركن في الجملة (٣) إجماعا على ما نقله العلامة (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ ركعة) (١) ومثلها غيرها.

والترجيح لهذه الطائفة بعد إعراض القدماء عن الطائفة الأولى وموافقتها لبعض العامة حيث حكي عن الثوري وأبي حنيفة ما يوافق مضمونها.

(١) فلا يعيد وإن زاد في صلاته لأنها مغفورة على المشهور لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل ينسى فيصلي في السفر أربع ركعات ، قال عليه‌السلام : إن ذكر في ذلك اليوم فليعد وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه) (٢) بعد حمل السؤال على الظهرين بقرينة أربع ركعات ، وحمل اليوم على النهار ، ويؤيده صحيح العيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة ، قال عليه‌السلام : إن كان في وقت فليعد وإن كان الوقت قد مضى فلا) (٣) بعد حمله على النسيان.

وعن الصدوق ووالده والشيخ في المبسوط وجوب الإعادة مطلقا لصحيح الحلبي : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : صليت الظهر أربع ركعات وأنا في سفر ، قال عليه‌السلام : أعد) (٣).

(٢) ظاهره أن القول بشرطية النية يتنافى مع القول بركنيتها ، وكأن القول بالركنية منحصر عند القائلين بالجزئية.

مع أنه قد عرفت سابقا الاتفاق على ركنيتها وإن اختلفوا في أنها جزء أو شرط فقد صرح الشارح في الروض بقوله : «ولكن اختلف في كونها شرطا لها أو جزءا منها مع الاتفاق على بطلان الصلاة بتركها عمدا وسهوا» مع العلم أن النقيصة العمدية والسهوية المبطلة للصلاة هي مفهوم الركن كما تقدم ، وعن التنقيح : «لم يقل أحد بأنها ليست بركن».

(٣) باعتبار أن الركن هو المقارن لتكبيرة الإحرام والمتصل بالركوع ، وقد تقدم أنه ركن عرضي وأشبعنا الكلام في بحث القيام فراجع.

(٤) قد تقدم في بحث القيام أن العلامة ادعى الإجماع على ركنيته كيفما اتفق ولذا ناقشه الشارح هنا.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الركوع حديث ٢.

(٢) (٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢ و ١ و ٦.


ولولاه (١) لأمكن القدح في ركنيته ، لأن زيادته ونقصانه لا يبطلان إلا مع اقترانه بالركوع (٢) ، ومعه (٣) يستغنى عن القيام ، لأن الركوع كاف في البطلان. وحينئذ فالركن منه (٤) ، إما ما اتصل بالركوع ويكون إسناد الإبطال إليه (٥) بسبب كونه أحد المعرّفين له (٦) ، أو يجعل ركنا كيف اتفق (٧) ، وفي موضع لا تبطل (٨) بزيادته (٩) ونقصانه (١٠) يكون مستثنى كغيره (١١) ، وعلى الأول (١٢) ليس مجموع القيام المتصل بالركوع ركنا (١٣) ، بل الأمر الكلّي منه (١٤) ، ومن ثمّ لو نسي القراءة ، أو أبعاضها لم تبطل الصلاة ، أو يجعل الركن منه ما اشتمل على ركن كالتحريمة (١٥) ، ...

______________________________________________________

(١) أي ولو لا الإجماع.

(٢) وكذا مع مقارنته للتكبير.

(٣) ومع الركوع الزائد.

(٤) أي من الركوع ولذا قلنا سابقا إن ركنية القيام المتصل بالركوع عرضية.

(٥) إلى القيام الزائد.

(٦) للبطلان وهذا دفع لما قد يتوهم من أن الركن هو الركوع فلا فائدة في إطلاق الركنية على القيام ودفعه أنه لا ضير في استناد الإبطال إلى زيادة الركوع وإلى زيادة القيام لأن كل واحد منهما معرّف ودال على البطلان لأن العلل والأسباب الشرعية معرفات للأحكام وليست عللا عقلية.

(٧) كما هو رأي العلامة في المنتهى.

(٨) أي الصلاة.

(٩) كما لو نسي التشهد وتذكر في قيام الثالثة فإنه يهدم القيام ويتشهد.

(١٠) كما لو قرأ جالسا ناسيا للقيام بعد تحقق التكبيرة عن قيام وتذكر بعد القراءة فوقف وركع عن قيام.

(١١) من الأركان التي استثنيت زيادتها ونقيصتها السهوية ، وقد تقدم قبل قليل موارد من الزيادة السهوية للركن غير المبطلة فليكن هذا منها.

(١٢) من كون الركن هو القيام المتصل بالركوع.

(١٣) فيشمل القيام المصاحب للقراءة.

(١٤) وهو الجزء الأخير المتصل بالركوع لما تقدم من أن القيام قبل الركوع مأخوذ في مفهوم الركوع.

(١٥) وهو الحق وقد تقدم.


ويجعل (١) من قبيل المعرّفات السابقة (٢).

وأما التحريمة فهي التكبير المنوي به الدخول في الصلاة ، فمرجع ركنيتها إلى القصد لأنها ذكر لا تبطل بمجرده (٣).

وأما الركوع فلا إشكال في ركنيته (٤) ، ويتحقق بالانحناء إلى حدّه ، وما زاد عليه من الطمأنينة ، والذكر ، والرفع منه واجبات زائدة عليه (٥) ، ويتفرّع عليه بطلانها بزيادته (٦) كذلك وإن لم يصحبه غيره وفيه بحث (٧).

وأما السجود ففي تحقق ركنيته ما عرفته (٨) ، (وكذا الحدث) المبطل للطهارة من جملة التروك التي يجب اجتنابها ، ولا فرق في بطلان الصلاة به بين وقوعه عمدا وسهوا على أشهر القولين (٩).

______________________________________________________

(١) أي القيام المقارن للتحريمة.

(٢) فيصح إسناد البطلان إليه عند عدمه كما يصح إسناد البطلان إلى التحريمة عند عدمها.

(٣) بمجرد الذكر إذ يجوز مطلق الذكر في الصلاة ولذا جاز التوجه بست تكبيرات أخرى ، وقد تقدم البحث في ركنية تكبيرة الإحرام ، وتقدم البحث في تعيين تكبيرة الإحرام من بين التكبيرات السبع.

(٤) وقد تقدم في ثنايا هذا الفصل الدليل على أن زيادته ونقصانه عمدا وسهوا مبطل للصلاة وهذا هو معنى الركن.

(٥) كما تقدم بحثه في أول بحث الركوع.

(٦) أي بطلان الصلاة بزيادة الركوع بما هو انحناء إلى حد الركوع وإن لم يصحبه غيره من بقية الواجبات المصاحبة للركوع.

(٧) حيث ذهب الشيخ في الخلاف إلى أن الطمأنينة في الركوع ركن ، وردّ عليه الشهيد في الذكرى بأن الأصل ينفي ذلك ويصدق مسمى الركوع بالانحناء مع أن الركن هو الركوع ، وبأن الطمأنينة قد وجبت للذكر وهو غير ركن.

(٨) في أثناء هذا الفصل من كون الركن هو مجموع السجدتين أو مسمى السجود.

(٩) ولم يخالف إلا الشيخ المفيد في المتيمم لو أحدث في الصلاة ناسيا ووجد الماء تطهر وبنى على ما مضى من صلاته من دون استدبار ، وتبعه عليه الشيخ في النهاية واحتمله في التهذيب والاستبصار لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فأصاب ماء ، قال عليه‌السلام : يخرج ويتوضأ ـ


(ويحرم قطعها) أي قطع الصلاة الواجبة (اختيارا) (١) للنهي عن إبطال العمل

______________________________________________________

ـ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم) (١).

وقال في المعتبر : «وهذه الرواية متكررة في الكتب بأسانيد مختلفة وأصلها محمد بن مسلم ، وفيها إشكال من حيث إن الحدث يبطل الطهارة وتبطل ببطلانها الصلاة ، واضطر الشيخان بعد تسليمهما إلى تنزيلها على المحدث سهوا ، والذي قالاه حسن ، لأن الإجماع على أن الحدث يبطل الصلاة فيخرج من إطلاق الرواية ، ولا بأس بالعمل بها على الوجه الذي ذكره الشيخان فإنها رواية مشهورة».

وفيه : إنه قد تقدم جملة من النصوص في باب الطهارات على ناقضية الحدث للطهارة ، وهذه الرواية لا تصلح لمعارضة ما تقدم بالإضافة إلى إمكان حمل هذه الرواية على صحة الصلوات السابقة التي صلاها بالتيمم لا على الركعة أو الركعتين كما عن العلامة في المختلف.

(١) فعن جامع المقاصد : «لا ريب في تحريم قطع الصلاة الواجبة اختيارا» ، وعن المدارك وغيرها : «بلا خلاف يعرف» وعن كشف اللثام : «الظاهر الاتفاق عليه» وعن مجمع البرهان : «إجماعي» وعن شرح المفاتيح أنه من بديهيات الدين. واستدل له بقوله تعالى : (وَلٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ) (٢) ، وفيه : إن سياقه يدل على عدم جواز إبطال الأعمال التامة بالكفر والارتداد.

واستدل له بنصوص التحريم والتحليل وأن تكبيرها التحريم وتحليها التسليم (٣) كما عن الحدائق ، وفيه : إنها شاملة للنافلة مع أنه يجوز قطعها فيتعين حملهما على التحليل والتحريم الوضعيين لا التكليفيين.

واستدل له بخبر زرارة وأبي بصير : «لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فإن الشيطان خبيث معتاد لما عوّد فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة) (٤) وفيه : إنه دال على جواز القطع وإنما النهي عن إطاعة الشيطان ، لا على حرمة قطع الصلاة فضلا عن شموله للنافلة التي يجوز قطعها.

واستدل له بصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن الرعاف أينقض ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١٠.

(٢) محمد (ص) الآية : ٣٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام ، والباب ـ ١ ـ من أبواب التسليم.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٢.


المقتضي له (١) إلا ما أخرجه الدليل. واحترز بالاختيار عن قطعها لضرورة (٢) كقبض غريم ، وحفظ نفس محترمة من تلف ، أو ضرر (٣) ، وقتله حية يخافها على نفس محترمة ، وإحراز مال يخاف ضياعه ، أو لحدث (٤) يخاف ضرر إمساكه ولو بسريان النجاسة إلى ثوبه أو بدنه ، فيجوز القطع في جميع ذلك ، وقد يجب لكثير من هذه الأسباب ، ويباح لبعضها كحفظ المال اليسير الذي يضرّ فوته وقتل الحية التي لا يخاف أذاها.

ويكره لإحراز يسير المال الذي لا يبالى بفواته ، وقد يستحبّ لاستدراك

______________________________________________________

ـ الوضوء؟ قال عليه‌السلام : لو أن رجلا رعف في صلاته وكان عنده ماء أو من يشير إليه بماء فتناوله فمال برأسه فغسله فليبن على صلاته ولا يقطعها) (١) وبصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت في صلاة فريضة فرأيت غلاما لك قد أبق ، أو غريما لك عليه مال ، أو حية تتخوفها على نفسك ، فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك واقتل الحية) (٢) ومثله موثق سماعة (٣) والأمر بالقطع للرخصة وليس للوجوب وتعليقه على السبب دليل على عدم الرخصة عند انتفاء السبب. والخبر الأخير حصر عدم القطع بالفريضة فقط.

(١) أي للتحريم.

(٢) اقتصر بعضهم على مورد الضرورة ، وآخرون على العذر ، وقسم ثالث جعل القطع منقسما إلى الأقسام الخمسة فقد يجب القطع كما إذا توقف حفظ نفسه أو نفس محترمة على القطع وقد يستحب كما إذا توقف حفظ المال الذي يستحب حفظه عليه وكذلك تقطع استحبابا لتدارك الأذان والإقامة عند نسيانهما إذا تذكر قبل الركوع ولاستدراك الجمعة والمنافقين في ظهر الجمعة ، وقد يجوز القطع لدفع الضرر المالي الذي لا يضره تلفه ، وقد يكره فيما لو كان القطع لدفع الضرر المالي اليسير ، ويحرم القطع إذا لم يكن هناك عذر ولا سبب.

(٣) عطف على «من تلف».

(٤) عطف على «لضرورة».

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢.


الأذان المنسيّ ، وقراءة الجمعتين (١) في ظهريها (٢) ونحوهما (٣) فهو (٤) ينقسم بانقسام الأحكام الخمسة (٥) (ويجوز قتل الحية) والعقرب في أثناء الصلاة من غير إبطال إذا لم يستلزم فعلا كثيرا للإذن فيه نصا (٦) ، (وعدّ الركعات بالحصى) وشبهها (٧) خصوصا لكثير السهو (٨) (والتبسّم) (٩) وهو ما لا صوت فيه من الضحك على

______________________________________________________

(١) أي الجمعة والمنافقين من باب التغليب.

(٢) أي ظهر وعصر الجمعة.

(٣) كالإقامة المنسية فيستحب القطع لاستدراكها.

(٤) أي قطع الصلاة الواجبة.

(٥) والأولى الاقتصار على مورد الضرورة لا مطلق العذر.

(٦) ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (رجل يرى العقرب والأفعى والحية وهو يصلي أيقتلها؟ قال عليه‌السلام : نعم إن شاء فعل) (١) وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يكون في الصلاة فيرى الحية والعقرب يقتلهما إن أذياه؟ قال : نعم) (٢) وخبر عمار : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يكون في الصلاة فيقرأ فيرى حيّة بحياله ، يجوز له أن يتناولها فيقتلها؟ فقال : إن كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها وإلا فلا) (٣) ومثلها غيرها.

(٧) كالخاتم.

(٨) ففي خبر حبيب الخثعمي : (شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام كثرة السهو في الصّلاة ، فقال : احص صلاتك بالحصى ، أو قال : احفظها بالحصى) (٤) وخبر حبيب بن المعلّى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إني رجل كثير السهو فما أحفظ صلاتي إلا بخاتمي أحوّله من مكان إلى مكان ، فقال : لا بأس به) (٥) وخبر عبد الله بن المغيرة عنه عليه‌السلام : (لا بأس أن يعدّ الرجل صلاته بخاتمه أو بحصى يأخذ بيده فيعدّ به) (٦).

(٩) لموثق سماعة : (سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة؟ قال : أما التبسم فلا يقطع الصلاة وأما القهقهة فهي تقطع الصلاة) (٧) وخبر ابن أبي عمير عن رهط سمعوه : (إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء ، إنما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة) (٨).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ١ و ٢ و ٣.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢ و ٣.


كراهية (١) ، (ويكره الالتفات يمينا وشمالا) بالبصر أو الوجه (٢) ، ففي الخبر (٣) «أنه لا صلاة لملتفت» ، وحمل على نفي الكمال جمعا ، وفي خبر آخر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «أما يخاف الذي يحوّل وجهه في الصلاة أن يحوّل الله وجهه وجه حمار» (٤). والمراد

______________________________________________________

(١) لأنه مناف للخشوع في الصلاة.

(٢) الحكم بالكراهة جمعا بين صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن الرجل يكون في صلاته فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شي‌ء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسه؟

قال عليه‌السلام : إن كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس ، وإن كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح) (١) وبين خبر عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الالتفات في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال عليه‌السلام : لا ، وما أحب أن يفعل) (٢) ، وقد تقدم تمام الكلام في الالتفات إلى ما ورائه في الشرط السادس فراجع.

(٣) وقد رواه عبد الله بن سلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا تلتفتوا في صلاتكم فإنه لا صلاة لملتفت) (٣) وهو من أخبار العامة.

(٤) ففي أسرار الصلاة للشهيد الثاني (رحمه‌الله) : «روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن العبد إذا اشتغل بالصلاة جاءه الشيطان وقال له : أذكر كذا ، اذكر كذا حتى يضلّ الرجل أن يدري كم صلى ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما يخاف الذي يحوّل وجهه في الصلاة أن يحوّل الله وجهه وجه حمار» (٤) وهو من أخبار العامة على الظاهر ، وقد ورد من طرقنا عدة أخبار منها : خبر الخضر بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا قام العبد إلى الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ، فلا يزال مقبلا عليه حتى يلتفت ثلاث مرات ، فإذا التفت ثلاث مرات أعرض عنه) (٥).

وخبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (الالتفات في الصلاة اختلاس من الشيطان ، فإياكم والالتفات في الصلاة فإن الله مقبل على العبد إذا قام في الصلاة ، فإذا التفت قال الله تبارك وتعالى : يا بن آدم عمن تلتفت ثلاثة ، فإذا التفت الرابعة أعرض الله عنه) (٦) وخبر ابن القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : قال : علي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤ و ٥.

(٣) عمدة القاري ج ٣ ص ٥٣.

(٤) بحار الأنوار ج ٨١ ص ٢٥٩ ، باب آداب الصلاة حديث ٥٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢.


تحويل وجه قلبه كوجه قلب الحمار في عدم اطلاعه على الأمور العلوية ، وعدم إكرامه بالكمالات العليّة (والتثاؤب) (١) بالهمز ، يقال تثاءبت ولا يقال تثاوبت قاله الجوهري (والتمطّي) وهو مدّ اليدين ، فعن الصادق عليه‌السلام أنهما من الشيطان (٢) (والعبث) (٣) بشي‌ء من أعضائه لمنافاته الخشوع المأمور به ، وقد رأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

______________________________________________________

ـ عليهم‌السلام : (للمصلي ثلاث خصال : ملائكة حافين من قدميه إلى أعنان السماء ، والبرّ ينتثر عليه من رأسه إلى قدمه ، وملك عن يمينه وعن يساره فإن التفت قال الرب تبارك وتعالى : إلى خير مني تلتفت يا بن آدم؟ لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل) (١).

(١) ففي خبر أحمد بن محمد بن أبي نصر : (سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : التثاؤب من الشيطان والعطسة من الله عزوجل) (٢) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا قمت في الصلاة فعليك بالإقبال على صلاتك. إلى أن قال. ولا تتثاءب ولا تتمطى) (٣) وخبر الفضيل عن أحدهما عليهما‌السلام : (أنه قال في الرجل يتثاءب ويتمطى في الصلاة قال : هو من الشيطان ولا يملكه) (٤) وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يتثاءب في الصلاة ويتمطى قال : هو من الشيطان ولن يملكه) (٥).

(٢) كما في صحيح الحلبي المتقدم.

(٣) ففي خبر حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه لما علّمه الصلاة قال : (هكذا صل ولا تلتفت ولا تعبث بيديك وأصابعك) (٦) وخبر أنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : (يا علي إن الله كره لأمتي العبث في الصلاة) (٧) ومرسل الفقيه : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله كره لي ست خصال وكرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي : العبث في الصلاة) (٨) وفي حديث الأربعمائة عن علي عليه‌السلام : (ولا يعبث الرجل في صلاته بلحيته. إلى أن قال. ليخشع الرجل في صلاته فإن من خشع قلبه لله (عزوجل) خشعت جوارحه فلا تعبث بشي‌ء) (٩) ومرفوع أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا قمت في الصلاة فلا تعبث بلحيتك ولا برأسك ولا تعبث بالحصى وأنت تصلي إلا أن تسوي حيث تسجد فلا بأس) (١٠) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عليك بالإقبال على صلاتك ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك) (١١) ومثلها غيرها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٢ و ٣ و ٤.

(٦ و ٧ و ٨ و ٩ و ١٠ و ١١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٣ و ٤ و ٦ و ٧ و ٨.


رجلا يعبث في الصلاة فقال : «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه (١) ، (والتنخّم) ، ومثله البصاق (٢) وخصوصا إلى القبلة ، واليمين ، وبين يديه ، (والفرقعة) بالأصابع (٣) ، (والتأوّه (٤) بحرف واحد) ، وأصله قول «أوّه» عند الشكاية والتوجع ، والمراد هنا النطق به على وجه لا يظهر منه حرفان ، (والأنين به) أي بالحرف الواحد ، وهو مثل التأوّه ، وقد يخصّ الأنين بالمريض ، (ومدافعة)

______________________________________________________

(١) ففي الجعفريات مسندا عن علي عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبصر رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال : أما أنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه) (١).

(٢) ففي صحيح حماد الوارد في تعليم الصلاة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يا حماد هكذا صل ولا تلتفت ولا تعبث بيديك وأصابعك ، ولا تبزق عن يمينك ولا عن يسارك ولا بين يديك) (٢) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا قمت إلى الصلاة فاعلم أنك بين يدي الله ، فإن كنت لا تراه فاعلم أنه يراك ، فأقبل قبل صلاتك ، ولا تمتخط ولا تبزق ولا تنقض أصابعك) (٣) وفي خبر سهل بن دارة عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من حبس ريقه إجلالا لله في صلاته أورثه الله صحة حتى الممات) (٤).

(٣) كما في خبر أبي بصير المتقدم وفي صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يلتفت في الصلاة قال : لا ، ولا ينقض أصابعه) (٥) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عليك بالإقبال على صلاتك. إلى أن قال. ولا تفرقع أصابعك فإن ذلك كله نقصان من الصلاة) (٦) وخبر مسمع أبي سيار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع خلفه فرقعة ، فرقع رجل أصابعه في صلاته ، فلما انصرف قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما إنه حظه من صلاته) (٧).

(٤) حكم جماعة بكراهة التأوه والأنين لدخولهما في العبث ، وفي خبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (من أنّ في صلاته فقد تكلم) (٨) بناء على أن الأنين هنا ليس من الكلام لأنه بحرف واحد وقد حمل عند الأصحاب على الكراهة. ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١ و ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١ و ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٤.


(الأخبثين) البول والغائط (١) (والريح) ، لما فيه من سلب الخشوع والإقبال بالقلب الذي هو روح العبادة ، وكذا مدافعة النوم ، وإنما يكره إذا وقع ذلك قبل التلبّس بها مع سعة الوقت ، وإلا حرم (٢) القطع إلا أن يخاف ضررا (٣).

قال المصنف في البيان : ولا يجبره (٤) فضيلة الائتمام ، أو شرف البقعة ، وفي نفي الكراهة باحتياجه إلى التيمم نظر (٥) (تتمة). المرأة كالرجل في جميع ما سلف

______________________________________________________

ـ هذا واعلم أن التأوه والأنين يجب أن يكون بحرف وإلا لو زاد لكان من الكلام المبطل ، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن الأنين للمريض والتأوه للأعم منه ومن غيره.

(١) للنصوص منها : خبر الحضرمي عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تصل وأنت تجد شيئا من الأخبثين) (١) وفي وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : (يا علي : ثمانية لا تقبل منهم الصلاة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، والناشز وزوجها عليها ساخط ومانع الزكاة. إلى أن قال. والسكران ، والزبين وهو الذي يدافع البول والغائط) (٢) ، وفي خبر إسحاق بن عمار : (سمعت أبا عبد الله الصادق عليه‌السلام : لا صلاة لحاقن ولا لحاقب ولا لحاذق ، فالحاقن الذي به البول ، والحاقب الذي به الغائط ، والحاذق الذي قد ضغطه الخف) (٣).

وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه أيصلي على تلك الحال أو لا يصلّي؟ فقال : إن احتمل الصبر ولم يخف إعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر) (٤) ومن الأخير يعرف كراهة مدافعة الريح بل كل ما يوجب العجلة في الصلاة وكل ما ينافي الخشوع. كالصلاة مع النوم ، وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ولا تقم إلى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا فإنها من خلال النفاق) (٥).

(٢) فمع ضيق الوقت فلا كراهة لوجوب الاشتغال بالصلاة مع الضيق.

(٣) فيجوز القطع.

(٤) يعني كراهة مدافعة الثلاثة ، ولا ترتفع الكراهة بالائتمام أو بالصلاة في بقعة شريفة مع مدافعة الثلاثة ، بحيث لو ذهب لتجديد الوضوء والاستراحة من الثلاثة لفاتته الجماعة أو الصلاة في ذلك المكان الشريف.

(٥) بحيث لو استراح من الثلاثة لوجب عليه التيمم لعدم وجود الماء ، فيجب عليه التحفظ ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٣ و ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٥.


إلا ما استثني ، وتختصّ عنه أنه (يستحبّ للمرأة) حرة كانت أم أمة (أن تجمع بين قدميها في القيام (١) ، والرجل يفرّق بينهما بشبر إلى فتر (٢)) ، ودونه قدر ثلاث أصابع منفرجات (٣) ، (وتضمّ ثديها إلى صدرها) بيديها (٤) (وتضع يديها فوق ركبتيها راكعة). ظاهره أنها تنحني قدر انحناء الرجل : وتخالفه في الوضع ، وظاهر الرواية (٥) أنه يجزيها من الانحناء أن تبلغ كفّاها ما فوق ركبتيها ، لأنه علّله فيها بقوله : «لئلا تطأطئ كثيرا فترتفع عجيزتها» ، وذلك لا يختلف باختلاف

______________________________________________________

ـ على الطهارة المائية ، فهل ترتفع الكراهة حينئذ في مدافعة الثلاثة؟ نظر من إطلاق أدلة الكراهة الشاملة للمقام ومن كون الطهارة المائية واجبة التحفظ فلا كراهة مع هذا الوجوب ، هذا كله إذا كانت المدافعة والتحفظ على الطهارة المائية لا توجب ضررا وإلا فيجب التيمم حينئذ.

(١) لصحيح زرارة : (إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرّج بينهما ، وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها ، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها ، فإذا جلست فعلى أليتيها ليس كما يجلس الرجل ، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض ، فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض ، وإذا نهضت انسلّت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا) (١).

(٢) الشبر معروف ، والفتر ما بين الإبهام والسبابة ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى ، دع بينهما فصلا إصبعا أقل ذلك إلى شبر أكثره) (٢).

(٣) لصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في تعليم الصلاة : (فقام أبو عبد الله عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه ، وقرّب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات) (٣).

(٤) كما في صحيح زرارة المتقدم.

(٥) وهي صحيح زرارة المتقدم ، وكلام الماتن لا يخالف ظاهر الرواية.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١.


وضعهما ، بل باختلاف الانحناء ، (وتجلس) حال تشهدها وغيره (على ألييها) (١) بالياءين من دون تاء بينهما على غير قياس ، تثنية ألية بفتح الهمزة فيهما والتاء في الواحدة.

(وتبدأ بالقعود) على تلك الحالة (٢) (قبل السجود) ، ثم تسجد (فإذا تشهدت ضمت فخذيها ، ورفعت ركبتيها من الأرض ، وإذا نهضت انسلّت) (٣) انسلالا معتمدة على جنبيها بيديها ، من غير أن ترفع عجيزتها. ويتخير (٤) الخنثى بين هيئة الرجل والمرأة.

______________________________________________________

(١) لصحيح زرارة المتقدم.

(٢) أي على الأليين مع أنه في صحيح زرارة تبدأ بالقعود بالركبتين في قبال الرجل فيستحب له وضع اليدين قبل الركبتين.

(٣) كل ذلك لصحيح زرارة المتقدم.

(٤) وجه التخير لاحتمال أنه رجل ولاحتمال أنه امرأة مع كون الحكم غير إلزامي ، نعم لو كان إلزاميا فيجب عليه الاحتياط إن أمكن.


(الفصل السادس. في بقية الصلوات)

الواجبة ، وما يختاره من المندوبة (فمنها الجمعة ، وهي ركعتان كالصبح (١) عوض الظهر) فلا يجمع بينهما (٢) ، فحيث تقع الجمعة صحيحة تجزي عنها (٣) ، وربما استفيد من حكمه (٤) بكونها عوضها (٥) مع عدم تعرضه لوقتها (٦) : أن وقتها وقت الظهر فضيلة وإجزاء (٧) ، وبه قطع في الدروس والبيان ، وظاهر النصوص

______________________________________________________

(١) ما عدا القنوت على ما ستعرف تفصيله فيما بعد.

(٢) فتسقط الظهر مع الإتيان بالجمعة بلا خلاف فيه بل هو من الضروريات كما في الجواهر ، بل الجمعة هي الظهر يوم الجمعة كما تدل عليه الأخبار المستفيضة منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما : (سألته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة؟ قال عليه‌السلام : نعم ويصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب) (١).

(٣) عن الظهر.

(٤) من حكم المصنف.

(٥) أي بكون الجمعة عوض الظهر.

(٦) أي مع عدم تعرض المصنف لوقت الجمعة.

(٧) تجب الجمعة عند زوال الشمس على المشهور شهرة عظيمة للأخبار منها : خبر ربعي وفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن من الأشياء أشياء موسعة وأشياء مضيقة ، فالصلاة مما وسّع فيه تقدّم مرة وتؤخر أخرى ، والجمعة مما ضيّق فيها ، فإن وقتها يوم الجمعة ساعة تزول ، ووقت العصر فيها وقت الظهر في غيرها) (٢).

وعن السيد جعل أول الوقت عند قيام الشمس كما حكاه عنه الشيخ في الخلاف ، وفي السرائر : «لم أجد للمرتضى تصنيفا ولا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه ، ولعله سمعه منه في الدرس وعرفه مشافهة» إلا أنه لا مستند له ، نعم استدل له بصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة) (٣) وفيه : إن نصف النهار هو زوال الشمس فيكون على مدعى المشهور أدل.

واستدل له العلامة بما روته العامة عن وكيع الأسلمي : (شهدت الجمعة مع أبي بكر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار) (١) وهو بالإضافة إلى عدم حجيته لا يقاوم النصوص الكثيرة الدالة على أن الزوال أول وقت الجمعة.

وأما آخر وقتها فقد اختلف فيه فعن الأكثر بل قيل هو المشهور إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله وتدل عليه النصوص منها : خبر إسماعيل بن عبد الخالق : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن وقت الصلاة فجعل لكل صلاة وقتين إلا الجمعة في السفر والحضر فإنه قال : وقتها إذا زالت الشمس ، وهي في ما سوى الجمعة لكل صلاة وقتان ، وقال :وإياك أن تصلي قبل الزوال فو الله ما أبالي بعد العصر صليتها أو قبل الزوال) (٢) وقد تقدم أن لكل صلاة وقتان وقت فضيلة ووقت إجزاء وبما أن وقت فضيلة الظهر إلى المثل ووقت إجزائها إلى المثلين مع الحكم أن الجمعة لها وقت واحد فيستكشف أن وقتها هو وقت فضيلة الظهر في غيرها وهو الزمن الممتد إلى المثل ، وأن وقت العصر يوم الجمعة يبتدئ من المثل إلى الغروب وهو وقت إجزاء الظهر في غيرها فلذا ورد في خبر ربعي وفضيل المتقدم : (ووقت العصر فيها وقت الظهر في غيرها).

وعن المجلسيين أن وقتها ممتد إلى أن يبلغ الظل قدمين بناء على أن وقتها هو وقت فضيلة الظهر في غيرها ، مع أن فضيلة الظهر تمتد إلى القدمين ، وقد تقدم في المواقيت أن القدمين هما ذراع وأن الشاخص المتعارف عندهم لمعرفة الزوال كان ذراعا فلو كان اعتبار المثلية هو وقت الفضيلة فلا يفرق الحال بين المثل والقدمين.

وعن ابن زهرة وأبي الصلاح أن وقتها ممتد بمقدار ما يسع الأذان والخطبتين وصلاة الجمعة وهذا ما يستغرق ساعة تقريبا ولذا نسب إلى الجعفي أن وقتها ممتد ساعة بعد الزوال ويدل على هذا القول خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة تحافظ عليها ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا يسأل الله (عزوجل) عبد فيها خيرا إلا أعطاه الله) (٣) ، وخبر عبد الأعلى بن أعين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن من الأشياء أشياء مضيقة ليس تجري إلا على وجه واحد ، منها وقت الجمعة ليس لوقتها إلا وقت واحد حين تزول الشمس) (٤) ، وخبر زرارة عن أبي جعفر ـ

__________________

(١) صحيح مسلم ج ٣ ص ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢١.


يدل عليه ، وذهب جماعة إلى امتداد وقتها إلى المثل خاصة ، ومال إليه المصنف في الألفية ، ولا شاهد له إلا أن يقال بأنه وقت للظهر أيضا.

(ويجب فيها تقديم الخطبتين (١) ...

______________________________________________________

ـ عليه‌السلام : (إن من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة ، وإن الوقت وقتان ، والصلاة مما فيه السعة فربما عجّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وربما أخّر إلا صلاة الجمعة ، فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيّق إنما لها وقت واحد حين تزول ، ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام) (١) ومثلها غيرها. ووجه الاستدلال بالأخيرين أن تحديد الوقت بالزوال وأنه وقت واحد فلا محالة يكون ممتدا إلى ساعة تقريبا حتى يسع الأذان والخطبتين والصلاة.

وعن ابن إدريس والشهيد في الدروس والبيان وجماعة إلى أن وقت الجمعة هو وقت الظهر فضيلة وإجزاء قضاء لحق البدلية ، وفيه : لا معنى لهذا التمسك في قبال تلك النصوص المتقدمة.

والعجب من الشارح حيث جعل قول الشهيد في الدروس والبيان هو ظاهر النصوص وكأنه أتبع الشهيد في البيان حيث جعله ظاهر الأدلة مع أن النصوص قد عرفت أنها دالة على ضيق وقت الجمعة ، وقد اعترف بالروض بأن خبر زرارة عن أبي جعفر المتقدم يصلح للاستشهاد على قول المشهور من التحديد بالمثل فكيف جعل التحديد بالمثل مما لا شاهد له إلا أن يجعل المثل لوقت فضيلة الظهر ووقت إجزائها معا كما هو قول في المسألة على ما تقدم في المواقيت بل هو الظاهر من كلامه.

(١) بلا خلاف فيه للأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام ، فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الأيام) (٢).

وخبر الفضل عن الرضا عليه‌السلام : (إنما صارت صلاة الجمعة إذا كان مع الإمام ركعتين. إلى أن قال. لأن الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد فأحب الله (عزوجل) أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه ولأن الإمام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام ، ولأن الصلاة مع الإمام أتمّ وأكمل لعلمه وفقهه وفضله وعدله ، ولأن الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان ولم تقصر لمكان الخطبتين) (٣). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٣.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة ١ و ٣.


(المشتملتين على حمد الله تعالى) (١) ...

______________________________________________________

ـ وخبر البزنطي عن داود بن الحصين عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (لا جمعة إلا بخطبة ، وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين) (١).

وصحيح محمد بن مسلم : (سألته عن الجمعة فقال : بأذان وإقامة ، يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب ولا يصلي الناس ما دام الإمام على المنبر ، ثم يقعد الإمام على المنبر قدر ما يقرأ (قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ) ، ثم يقوم فيفتتح خطبته ثم ينزل فيصلي بالناس فيقرأ بهم في الركعة الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين) (٢).

وخالف بعض العامة كمالك والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر وأحمد على رواية فاجتزءوا بخطبة واحدة وهم محجوجون بهذه النصوص المصرحة بالخطبتين ، ويجب تقديمها على الصلاة للأخبار منها : خبر أبي مريم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن خطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال : قبل الصلاة ثم يصلي) (٣).

وخبر الفضل عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (إنما جعلت الخطبة يوم الجمعة في أول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة ، لأن الجمعة أمر دائم وتكون في الشهر مرارا وفي السنة كثيرا ، وإذا كثر ذلك على الناس ملّوا وتركوا ولم يقيموا عليه وتفرقوا عنه ، فجعلت قبل الصلاة ليحتبسوا على الصلاة ولا يتفرقوا ولا يذهبوا ، وأما العيدين فإنما هو في السنة مرتين وهو أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر والناس فيه أرغب ، فإن تفرق بعض الناس بقي عامتهم وليس هو كثير فيملّوا ويستخفوا به) (٤).

(١) بلا خلاف أجده فيه كما في الجواهر ففي صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في خطبة يوم الجمعة وذكر خطبة مشتملة على حمد الله والثناء عليه والوصية بتقوى الله والوعظ. إلى أن قال. واقرأ سورة من القرآن وادع ربك وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وادع للمؤمنين والمؤمنات ، ثم تجلس قدر ما يمكن هنيهة ثم تقوم وتقول : وذكر الخطبة الثانية وهي مشتملة على حمد الله والثناء عليه والوصية بتقوى الله والصلاة على محمد وآله والأمر بتسمية الأئمة عليهم‌السلام إلى آخرهم والدعاء بتعجيل الفرج. إلى أن قال. ويكون آخر كلامه (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسٰانِ ...) الآية) (٥).

وخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يخطب. يعني إمام الجمعة. وهو قائم يحمد الله ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة ٣ و ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٧.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢ و ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


بصيغة «الحمد لله» (والثناء عليه) (١) بما سنح. وفي وجوب الثناء زيادة على الحمد نظر (٢) وعبارة كثير. ومنهم المصنف في الذكرى. خالية عنه (٣). نعم هو موجود في الخطب المنقولة عن النبي وآله عليه وعليهم‌السلام (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ ويثني عليه ثم يوصي بتقوى الله ثم يقرأ سورة من القرآن صغيرة ثم يجلس ، ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات فإذا فرغ من هذا أقام المؤذن فصلّى بالناس ركعتين يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة المنافقين) (١).

وخبر الفضل عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (وإنما جعلت خطبتين ليكون واحدة للثناء على الله والتمجيد والتقديس لله (عزوجل) والأخرى للحوائج والأعذار والإنذار والدعاء ولما يريد أن يعلمهم من أمره ونهيه ما فيه الصلاح والفساد) (٢).

والأخير وإن كان خاليا عن التحميد لكنه محمول على بيان المقصد الأصلي من الخطبتين من دون ذكر جميع ما له الدخل فيهما فلا يعارض ما تقدم من ذكر الحمد في الخطبتين والأولى أن يكون التحميد بلفظ الحمد لله كما في صحيح محمد بن مسلم بل عن التذكرة يتعين ذلك للاحتياط وللتأسي ولأنه مأمور به فلا يجوز العدول إلى غيره.

(١) زيادة على الحمد للأمر به في صحيح ابن مسلم وخبر سماعة المتقدمين ، والثناء عليه هو الوصف بما هو أهله ولا يتقدر بقدر فيكفي أدناه.

(٢) من عطف الثناء على الحمد كما في الأخبار وهذا يقتضي المغايرة وقد ادعي عليه الإجماع كما في الخلاف والغنية ، ومن كون الثناء هو تفسير الحمد كما في كشف اللثام ويؤيده خلو عبارات جماعة من الأصحاب منه ، والمتعين هو زيادة الثناء على الحمد للأخبار.

(٣) عن الثناء.

(٤) ففي مصباح الشيخ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم الجمعة فقال : الحمد لله ذي القدرة والسلطان والرأفة والامتنان ، أحمده على تتابع النعم وأعوذ به من العذاب والنقم) (٣) الحديث. وفي خبر زيد بن وهب : (خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الجمعة فقال : الحمد لله الولي الحميد الحكيم المجيد الفعال لما يريد ، علّام الغيوب وستار العيوب خالق الخلق ومنزل القطر ومدبر الأمر رب السماء والأرض والدنيا والآخرة وارث العالمين وخير الفاتحين ، الذي من عظم شأنه أنه لا شي‌ء مثله ، ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢ و ٦.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


إلا أنها (١) تشتمل على زيادة على أقلّ الواجب (٢). (والصلاة على النبي وآله) بلفظ الصلاة أيضا (٣) ، ويقرنها بما شاء من النسب (٤) (والوعظ) (٥) من الوصية بتقوى

______________________________________________________

ـ تواضع كل شي‌ء لعظمته وذلّ كل شي‌ء لعزته واستسلم كل شي‌ء لقدرته ، وقر كل شي‌ء قراره لهيبته ، وخضع كل شي‌ء من خلقه لملكه وربوبيته ، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وأن تقوم الساعة ويحدث شي‌ء إلا بعلمه ، نحمده على ما كان ونستعينه من أمرنا على ما يكون ونستغفره ونستهديه) (١) الحديث.

وفي مجمع البيان عن أول خطبة خطبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي خطبة الجمعة في بني سالم بن عوف فقال : (الحمد لله الذي أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأؤمن به ولا أكفره وأعادي من يكفره) (٢) الخبر.

(١) أي أن الخطب المنقولة.

(٢) أي أقل الواجب من الثناء وهو مسماه.

(٣) كالتحميد بلفظ الحمد لله ، فعن الأكثر وجوب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخطبتين لصحيح ابن مسلم المتقدم ، وعن المحقق في النافع والمعتبر وعن السيد عدم وجوب الصلاة في الخطبة الأولى لخبر سماعة المتقدم حيث ذكر الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخطبة الثانية فقط ولكن لا بدّ من تقييدها بصحيح ابن مسلم.

(٤) أي النعوت والأوصاف ، ففي مصباح الشيخ عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (خطب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فقال : الحمد لله ذي القدرة والسلطان. إلى أن قال.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قفّى به المرسلين وختم به النبيين وبعثه رحمة للعالمين (صلى الله عليه وعلى آله أجمعين) ، وقد أوجب الصلاة عليه وأكرم مثواه لديه وأجمل إحسانه إليه أوصيكم عباد الله بتقوى الله. إلى أن قال في الخطبة الثانية : وأشهد أن محمدا عبده المصطفى ورسوله المجتبى وأمينه المرتضى أرسله بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إليه وسراجا منيرا ، فبلغ رسالته وأدى الأمانة ونصح الأمة وعبد الله حتى أتاه اليقين ، فصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأولين وصلى‌الله‌عليه‌وآله في الآخرين وصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الدين ، أوصيكم عباد الله بتقوى الله) (٣).

(٥) فعن الأكثر وجوبه في الخطبتين لصحيح ابن مسلم المتقدم ، وعن النافع والمعتبر للمحقق عدم وجوب الوعظ في الخطبة الثانية لموثق سماعة المتقدم ، ولكن لا بد من تقييده ـ

__________________

(١ و ٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢ و ٣.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


الله والحثّ على الطاعة ، والتحذير من المعصية ، والاغترار بالدنيا ، وما شاكل ذلك.

ولا يتعين له لفظ (١) ، ويجزي مسماه فيكفي أطيعوا الله أو اتقوا الله ونحوه ، ويحتمل وجوب الحثّ على الطاعة ، والزجر عن المعصية للتأسي (٢) (وقراءة سورة (٣) خفيفة) قصيرة ، أو آية تامة الفائدة بأن تجمع معنى مستقلا يعتدّ به من

______________________________________________________

ـ بصحيح ابن مسلم فضلا عن أن ما ورد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبتي الجمعة كما في المصباح مشتمل على الوعظ. وقد جعل في المدارك عدم تحقق الخطبة عرفا إلا بالحمد والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والوعظ وهو في محله.

(١) بل عن بعضهم نفي الخلاف فيه ، واختلاف الخطب المنقولة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام شاهد على ذلك ، ولا يجب فيه التطويل بل لو قال : أطيعوا الله كفى كما نبه عليه العلامة في النهاية.

وعنه في النهاية : «أنه لا يكفي الاقتصار على التحذير من الاغترار بالدنيا وزخارفها لأنه قد يتناهى به المنكرون للمعاد ، بل لا بد من الحمل على طاعة الله والمنع من المعاصي» ، ويؤيده ما في موثق سماعة المتقدم : (يوصي بتقوى الله) ، وما في صحيح ابن مسلم المتقدم : (والوصية بتقوى الله) وهو الأولى.

(٢) فقد تقدم خبر جابر عن مصباح الشيخ الوارد في خطبتي أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الجمعة فقد ذكر أنه قال عليه‌السلام في الخطبة الأولى : (أوصيكم عباد الله بالتقوى) وكذا في الخطبة الثانية فراجع.

(٣) تجب قراءة سورة خفيفة أي قصيرة في الخطبتين على المشهور والعمدة هو موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ينبغي للإمام الذي يخطب بالناس يوم الجمعة أن يلبس عمامة في الشتاء والصيف ، ويتردى ببرد يمنية أو عدني ، ويخطب وهو قائم ، يحمد الله ويثني عليه ثم يوصي بتقوى الله ثم يقرأ سورة من القرآن قصيرة ، ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ، ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإذا فرغ من هذا قام المؤذن فأقام فصلى بالناس ركعتين) (١) الحديث.

وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في خطبة يوم الجمعة : (وذكر خطبة مشتملة على حمد الله والثناء عليه والوصية بتقوى الله والوعظ. إلى أن قال. واقرأ سورة من القرآن وادع ربك وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وادع للمؤمنين والمؤمنات ، ثم تجلس قدر ما ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ٢.


وعد ، أو وعيد ، أو حكم ، أو قصة تدخل في مقتضى الحال ، فلا يجزي مثل «مدهامتان» (١) ، ...

______________________________________________________

ـ يمكن هنيهة ثم تقوم وتقول ، وذكر الخطبة الثانية وهي مشتملة على حمد الله والثناء عليه والوصية بتقوى الله والصلاة على محمد وآله والأمر بتسمية الأئمة عليهم‌السلام إلى آخرهم والدعاء بتعجيل الفرج. إلى أن قال. ويكون آخر كلامه (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسٰانِ ...) الآية) (١).

ولكن خبر سماعة قد ذكر السورة في الخطبة الأولى فقط مع اشتماله على الكثير من المستحبات خصوصا أنه قد ورد بلفظ (ينبغي) الظاهر في عدم الوجوب فلذا ذهب أكثر المتأخرين كما في الروض إلى عدم وجوب سورة كاملة في الخطبة الأولى ، وأما وجوب القراءة في الخطبة الثانية فليس عليه دليل من الأخبار إلا ما ورد في صحيح ابن مسلم : (ويكون آخر كلامه (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسٰانِ ...) الآية) وهذا لا يدل على وجوب قراءة السورة ، إلا أن الشيخ في الخلاف وأكثر المتأخرين ذهبوا إلى الاجتزاء بالآية التامة التي تفيد معنى يعتدّ به بالنسبة إلى مقصود الخطبة سواء تضمنت وعدا أو وعيدا أو حكما أو قصصا فلا يجزي فيها نحو قوله تعالى : (مُدْهٰامَّتٰانِ) (٢) ولا نحو قوله تعالى : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سٰاجِدِينَ) (٣).

والقول بوجوب السورة في الأولى لخبر ابن مسلم المتقدم مع الاكتفاء بالآية في الثانية هو المتعين إذ لا دليل على الاستحباب بعد ورود الأمر بذلك وكون السند صحيحا لا يجوز طرحه.

وعن الذكرى والمقاصد العلية والمفاتيح وغيرها قراءة ما تيسر لخبر صفوان بن يعلى : (أنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك) (٤) وهو مع كونه عاميا لا دلالة فيه إذ يمكن سمعه يقرأ في أثناء الموعظة.

ونسب للشيخ في الاقتصاد والخلاف وابن سعيد وابن زهرة قراءة السورة الخفيفة في الفصل بين الخطبتين ، وهذا مما لا مستند له كما في الجواهر.

(١) الرحمن الآية : ٦٤.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ١.

(٢) الرحمن الآية : ٦٤.

(٣) الشعراء الآية : ٤٦.

(٤) صحيح مسلم ج ٣ ص ١٣.


و «ألقي السّحرة ساجدين» (١) ويجب : فيهما (٢) النية (٣) والعربية (٤) ، والترتيب بين الأجزاء كما ذكر (٥) ، والموالاة (٦) وقيام الخطيب مع القدرة (٧) ، والجلوس

______________________________________________________

(١) الشعراء الآية : ٤٦.

(٢) في الخطبتين.

(٣) كما عن العلامة في نهاية الأحكام والشهيد الثاني في الروض والروضة ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ، لأصالة العبادية في كل الواجبات إلا ما خرج بالدليل ، ولأن الخطبتين مكان الركعتين ففي صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الإمام) (١) ومثله غيره.

وفيه : إن الأصل في الواجبات التوصلية كما قرر في محله ، والخبر محمول على أن الخطبتين في حكم الصلاة من ناحية الثواب لخبر الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (إنما صارت الجمعة إذا كان مع الإمام ركعتين. إلى أن قال. لأن الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد ، فأحب الله (عزوجل) أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه ، ولأن الإمام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام) (٢). ولذا لم يتعرض الأكثر للنية في الخطبتين.

(٤) على المشهور للتأسي ، وعن جماعة التفريق بين الحمد والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتجب العربية وبين الوعظ فلا تجب ويجوز بغيرها لأن المقصود من الوعظ فهم معناه بأي لغة كان ، وذهب الشارح في الروض وهو ظاهر المنظومة للطباطبائي إلى وجوب العربية في الوعظ وأيده في الحدائق بأن البلاد التي فتحت في صدر الإسلام من الروم والفرس لم ينقل أن الوعظ كان فيها بالعربية ولو وقع لنقل.

(٥) من تقديم الحمد ثم الصلاة ثم الوعظ ثم القراءة على المشهور فلو خالف أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة ، ويستفاد بعضه من موثق سماعة ، لكن في الروض والمدارك نظر في تعينه ، وعن المنتهى عده من المستحبات لعدم وجود خبر صريح في وجوب الترتيب إلا أن الترتيب أحوط.

(٦) عرفا بحيث يصدق عليه لفظ الخطيب ، وعلى ما يصدر لفظ الخطبة.

(٧) بلا خلاف فيه لبدلية الخطبتين عن الركعتين المشروطتين بالقيام ، ولصحيح معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن أول من خطب وهو جالس معاوية. إلى أن قال. الخطبة وهو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين) (٣). وخبر ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها حديث ٤ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


بينهما (١) ، وإسماع العدد المعتبر (٢) ، والطهارة من الحدث ، والخبث في أصح

______________________________________________________

ـ أبي بصير : (سأل عن الجمعة كيف يخطب الإمام؟ قال : يخطب قائما إن الله يقول : (وَتَرَكُوكَ قٰائِماً)) (١). وصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وليقعد قعدة بين الخطبتين) (٢) وهو ظاهر في كون الخطيب قائما حال الخطبة ، بل صرح البعض بوجوب الطمأنينة حال القيام لبدلية الخطبتين عن الركعتين ، وفيه : قد تقدم أن البدلية لا تشمل جميع الأحكام بل القدر المتيقن منها هو الثواب فضلا عن أنه لم يثبت استدامة المعصوم على الطمأنينة حال الخطبة ، بل كما في الحدائق ربما كان الظن بخلافها خصوصا إذا طالت الخطبة.

وأما مع العجز عن القيام ولو مستندا على شي‌ء فقد صرح جماعة بجواز الجلوس حينئذ بل قيل هو المشهور خصوصا مع تعذر الاستخلاف قضاء للبدلية عن الركعتين وإن كان الأحوط الاستنابة مع إمكانها.

(١) بين الخطبتين ، على المشهور للتأسي وللأمر به في خبر عمر بن يزيد المتقدم وكذا في صحيح ابن مسلم وموثق سماعة المتقدمين ، وعن المعتبر احتمال الاستحباب لأن فعل النبي له قد يكون للاستراحة ، وتابعه العلامة في المنتهى ، وفيه : إن الدليل على وجوب الجلوس غير منحصر بفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل هناك أخبار كثيرة قد أمرت به وظاهرها الوجوب.

ويشترط في الجلسة أن تكون خفيفة لصحيح ابن مسلم المتقدم : (ثم تجلس قدر ما يمكن هنيهة ثم تقوم) (٣) ، وفي خبره الآخر : (ثم يقعد الإمام على المنبر قدر ما يقرأ قل هو الله أحد ثم يقوم فيفتتح خطبته) (٤) ، وعن جماعة عدم وجوب التقييد بمقدار ما يقرأ سورة الإخلاص بل يكفي صدق الهنيهة وهو كذلك.

(٢) يجب على الإمام رفع الصوت في الخطبة بحيث يسمع العدد المعتبر في انعقاد الجمعة كما صرح به العلامة والشهيدان وجماعة لما روي : (أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا خطب يرفع صوته كأنه منذر جيش) (٥) ، ولظهور النصوص المتضمنة للفظ (خطبهم ويخطب بهم) في وجوب إسماعهم ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمّهم بعضهم وخطبهم) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٣ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ٣.

(٥) صحيح مسلم ج ٣ ص ١١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤.


القولين (١) والستر (٢) ، كلّ ذلك للاتباع ، وإصغاء (٣) من يمكن سماعه من

______________________________________________________

ـ وتردد المحقق في الشرائع وغيره للأصل ولضعف ما روي عن العامة ، ولكون أخبار الخطابة ظاهرة في وجوب الخطبة على الإمام لا في على وجوب إسماعهم ولذا لو كان بعض العدد المعتبر مصابا بصمم أو كلهم لأمكن الإجزاء كما ذهب إليه العلامة في التذكرة وتبعه عليه غير واحد.

(١) للتأسي ، ولكون الخطبتين بدلا عن الركعتين كما تقدم في بعض الأخبار ومن المعروف اشتراط الصلاة بالطهارة من الحدث والخبث ، وذهبت جماعة إلى عدم الاشتراط منهم المحقق في الشرائع والنافع والمعتبر والحلي والآبي والعلامة في جملة من كتبه لعدم وجوب التأسي فيما لم يعلم وجهه ، ولأن نصوص البدلية محمولة على البدلية في الثواب ، وعن البيان والدروس اختصاص الطهارة بالحدثية لا غير ولم يعلم مستنده ، وإن ادعى الانصراف إلى الحدثية من لفظ الطهارة ولكن لم يرد اشتراط الطهارة في الخطبة حتى يجري الانصراف بل الدليل منحصر بنصوص البدلية التي عرفت عدم عمومها لجميع الأحكام الثابتة للصلاة ، هذا كله بالنسبة للإمام ، وأما المأموم فلا قائل باشتراط الطهارة فيه حال الخطبة ، قال الشارح في المسالك : «ظاهر الأصحاب أنها. أي الطهارة. مختصة بالخطيب دون المأمومين» وفي الروض : «لم أقف على قائل بوجوبها على المأموم».

(٢) أي الستر الصلاتي للرجل والمرأة للتأسي ولنصوص بدلية الخطبتين.

(٣) فيجب على المأموم السامع أن يصغي إلى الخطيب ، سواء كان متكلما أو لا ، لأن الإصغاء هو الاستماع وهذا لا يستلزم عدم الكلام ، فما عن القاموس من جعل ترك الكلام جزءا مقدما في الإصغاء ليس في محله إلا أن يكون مراده أنه جزء غالبي.

هذا ونسب الوجوب إلى الأكثر وفي الذكرى أنه المشهور لانتفاء فائدة الخطبة بدونه ولخبر الدعائم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (يستقبل الناس الإمام عند الخطبة بوجوههم ويصغون إليه) (١) ، ولما دل على الصمت كخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا خطب الإمام يوم الجمعة فلا ينبغي لأحد أن يتكلم حتى يفرغ الإمام من خطبته) (٢) ، وخبر المناهي : (نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلام يوم الجمعة والإمام يخطب فمن فعل ذلك فقد لفا ، ومن لفا فلا جمعة له) (٣) ومثلها غيرها.

وعن الشيخ في المبسوط والتبيان والمحقق في النافع والمعتبر والعلامة في جملة من كتبه وجماعة استحباب الإصغاء ضرورة عدم توقف صدق الخطبة الواجبة على الإصغاء بل هي ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ٤.


المأمومين ، وترك الكلام مطلقا (١).

(ويستحب بلاغة الخطيب) (٢) بمعنى جمعه بين الفصاحة التي هي ملكة يقتدر بها على التعبير عن مقصوده بلفظ فصيح ، أي خال عن ضعف التأليف ، وتنافر الكلمات ، والتعقيد ، وعن كونها غريبة وحشية ، وبين البلاغة التي هي ملكة يقتدر بها على التعبير عن الكلام الفصيح ، المطابق لمقتضى الحال بحسب الزمان ، والمكان ، والسامع ، والحال ، (ونزاهته) عن الرذائل الخلقيّة والذنوب الشرعية (٣)

______________________________________________________

ـ متوقفة على التلفظ بها من المتكلم ليس إلا كما أن فائدة الخطبة غير منحصرة في الإصغاء في غير الوعظ بل هو لإظهار العبودية بالتحميد والثناء عليه (جل وعلا) ، وخبر الدعائم ضعيف السند لا يصلح لاعتماد الوجوب ، وأخبار الصمت محمولة على كراهة الكلام جمعا بينها وبين خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (أن عليا قال : يكره الكلام يوم الجمعة والإمام يخطب وفي الفطر والأضحى والاستسقاء) (١).

(١) سواء سمعوا الخطبة أو لا ، وقد اتفقوا على أن الكلام في أثناء الخطبة لا يبطل الجمعة ولكن وقع الخلاف بينهم في الإثم وعدمه ، ففي المشهور حرمة الكلام على السامع ويدل عليه مضافا إلى وجوب الإصغاء بناء على تلازمهما ، وكون الخطبة بدلا عن الركعتين ما عن جامع البزنطي عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (إذا قام الإمام يخطب فقد وجب على الناس الصمت) (٢) ، وقد رواه في الدعائم (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام إلا أنه محمول على الكراهة كما سمعت بالإضافة إلى ما روته العامة : (أن رجلا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يخطب يوم الجمعة : متى الساعة؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أعددت لها؟ فقال : حب الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : إنك مع من أحببت) (٤).

وعن المرتضى تحريم كل ما لا يجوز مثله في الصلاة لكون الخطبتين بدلا عن الركعتين ، وعن المعتبر : «لكنه ضعيف».

(٢) قال الشارح في الروض : «وإنما استحب ذلك لكون الكلام حينئذ يكون له أثر بيّن في القلوب وذلك أمر مطلوب».

(٣) بشرط عدم منافاتها للعدالة كالصغيرة مع عدم الإصرار ، ومستند الاستحباب ليكون وعظه أوقع في النفوس كاستحباب المحافظة على أوائل الأوقات وغيرها من المستحبات الأكيدة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥.

(٢) نقله في المعتبر والمختلف.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.

(٤) صحيح البخاري ج ٨ ص ٤٩.


بحيث يكون مؤتمرا بما يأمر به ، منزجرا عمّا ينهى عنه ، لتقع موعظته في القلوب ، فإن الموعظة إذا خرجت من القلب دخلت في القلب ، وإذا خرجت من مجرّد اللسان لم تتجاوز الآذان (ومحافظته على أوائل الأوقات) ليكون أوفق لقبول موعظته (والتعمّم) شتاء وصيفا للتأسي (١) مضيفا إليها الحنك (٢) ، والرداء (٣) ، ولبس أفضل الثياب (٤) والتطيّب (٥) ، (والاعتماد على شي‌ء) حال الخطبة من سيف ، أو قوس ، أو عصا للاتباع (٦).

(ولا تنعقد) الجمعة (إلا بالإمام) العادل عليه‌السلام ، (أو نائبه) خصوصا (٧) ،

______________________________________________________

(١) لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعتم صيفا وشتاء ولخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ينبغي للإمام الذي يخطب بالناس يوم الجمعة أن يلبس عمامة في الشتاء والصيف ، ويتردّى ببرد يمنية أو عدني) ، (١) ولصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس البرد والعمامة ، ويتوكأ على قوس أو عصا ، وليقعد قعدة بين الخطبتين ، ويجهر بالقراءة ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع) (٢) ولأن التعمم أوقر في النفوس.

(٢) أي إلى العمامة ، وقد تقدم الدليل على استحباب التحنك في شرائط الصلاة.

(٣) لخبر سماعة وصحيح عمر بن يزيد المتقدمين ، ولأن الرداء أوقر في النفوس.

(٤) ففي خبر هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة يغتسل ويتطيب ، ويسرّح لحيته ويلبس أنظف ثيابه ، وليتهيأ للجمعة ، وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة والوقار ، وليحسن عبادة ربه ، وليفعل الخير ما استطاع ، فإن الله يطلع إلى الأرض ليضاعف الحسنات) (٣) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنة ، وشمّ الطيب ولبس صالح ثيابك) (٤).

(٥) لما مرّ من خبري هشام وزرارة وغيرهما.

(٦) ولخبر عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ويتوكأ على قوس أو عصا) (٥).

(٧) أي المنصوب للجمعة فقط.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.


أو عموما (١) (ولو كان) النائب (فقيها) جامعا لشرائط الفتوى (مع إمكان)

______________________________________________________

(١) أي المنصوب للجمعة وغيرها كالولاة على الأمصار المنصوبين من قبل الإمام عليه‌السلام هذا واعلم أنه لا خلاف بين القدماء أن الجمعة لا تجب إلا بحضور الإمام المعصوم عليه‌السلام أو نائبه ، بل قال في الجواهر : «بلا خلاف أجده بين الأساطين من علماء المؤمنين بل المسلمين عدا الشافعي فلم يعتبرهما ، بل هو من ضروريات فقه الإمامية إن لم يكن مذهبهم ، بل يعرفه المخالف لهم منهم كما نسبه جماعة منهم إليهم على ما قيل» وادعي عليه الإجماع كما عن جماعة ، وبأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعيّن للجمعة إماما كما يعيّن القضاة وكذا الخلفاء من بعده ، ولما دل على أن الجمعة من مناصب الإمامة كالقضاء والحدود ففي خبر الجعفريات عن علي بن الحسين عن أبيه عليهما‌السلام : (أن عليا عليه‌السلام قال : لا يصح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة إلا بإمام) (١) ، وفي خبر الدعائم عن علي عليه‌السلام : «لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة إلا بإمام) (٢) ، وفي الجواهر «والمروي عن كتاب الأشعثيات أن الجمعة والحكومة لإمام المسلمين ، وفي رسالة الفاضل بن عصفور روي مرسلا عنهم عليهم‌السلام أن الجمعة لنا والجماعة لشيعتنا ، وكذا روي عنهم عليهم‌السلام لنا الخمس ولنا الأنفال ولنا الجمعة ولنا صفو المال ، والنبوي المشهور أربع للولاة : الفي‌ء والحدود والصدقات والجمعة» (٣).

وخبر الدعائم عن علي عليه‌السلام : (لا جمعة إلا مع إمام عدل تقي) (٤) ، وفي كتاب العروس لجعفر بن أحمد القمي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صلاة يوم الجمعة فريضة والاجتماع إليها فريضة مع الإمام) (٥) وهذه الطائفة وإن كانت ضعيفة السند لإرسالها لكنها منجبرة ببقية الأدلة.

ولما ورد في الصحيفة السجادية في دعاء يوم الجمعة وثاني العيدين : (اللهم إن هذا المقام مقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها وأنت المقدّر لذلك. إلى أن قال. حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا) (٦).

ولصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (تجب الجمعة على سبعة نفر من ـ

__________________

(١ و ٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢ و ٤.

(٣) جواهر الكلام ج ١١ ص ١٥٨.

(٤ و ٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤ و ٥.

(٦) الصحيفة السجادية رقم الدعاء ٤٨.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المسلمين ولا تجب على أقل منهم : الإمام وقاضيه والمدعي حقا والمدعى عليه ، والشاهدان ، والذي يضرب الحدود بين يدي الإمام) (١) وهذا الأخير ظاهر في اشتراط الإمام المعصوم في وجوب الجمعة ، وأما بقية الأخبار التي استدل بها على الاشتراط فهي ظاهرة في إمام الجماعة أو الإمام الذي يحسن الخطبة ، وهذا أعم من المعصوم عليه‌السلام كما هو المدعى.

وعن الشهيد الثاني في رسالته في صلاة الجمعة القول بوجوب الجمعة عينا مع عدم اشتراط وجوبها بحضور المعصوم أو نائبه ، وتبعه عليه سيد المدارك والكاشاني وجماعة واستدل له بقوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ) (٢) وبالأخبار وادعى تواترها كما في المدارك منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إنما فرض الله (عزوجل) على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واحدة فرضها الله (عزوجل) في جماعة وهي الجمعة ، ووضعها عن تسعة ، عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين) (٣).

وصحيح أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من ترك الجمعة ثلاثا متواليات بغير علة طبع الله على قلبه) (٤) بل أنهاها بعضهم إلى مائتي حديث بحيث أن أربعين حديثا قد صرّح بالوجوب ، وخمسين حديثا ظاهره الوجوب وتسعين حديثا يدل على المشروعية والباقي يدل على فضل الجمعة ، وهي مطلقة لم تشترط حضور الإمام عليه‌السلام أو نائبه.

وقال الشهيد الثاني في رسالته المعمولة في صلاة الجمعة بعد ما أورد بعض هذه الأخبار : «فكيف يسع المسلم الذي يخاف الله تعالى إذا سمع مواقع أمر الله تعالى ورسوله وأئمته عليهم‌السلام بهذه الفريضة وإيجابها على كل مسلم أن يقصّر في أمرها ويهملها إلى غيرها ويتعلل بخلاف بعض العلماء فيها».

ومع ذلك كله لا بد من تقييد هذه الأدلة بحضور الإمام عليه‌السلام أو نائبه لما سمعت من أدلة الاشتراط وللسيرة القائمة بين أصحاب الأئمة عليهم‌السلام على الترك فلو كانت الجمعة واجبة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥.

(٢) الجمعة الآية : ٩.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ١١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عينا على كل مسلم من دون اشتراط حضور الإمام أو نائبه فكيف ساغ لهم تركها بأجمعهم؟. والذي يدل على سيرتهم القائمة على ترك الجمعة صحيح زرارة : (حثنا أبو عبد الله عليه‌السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه فقلت : نغدو عليك؟ فقال : لا ، إنما عنيت عندكم) (١) ، وموثقة عبد الملك عن أبي جعفر عليه‌السلام : (مثلك يهلك ولم يصلّ فريضة فرضها الله ، قلت : كيف أصنع؟ قال : صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة) (٢). والذي فتح هذا القول بالوجوب العيني وعدم اشتراط حضور الإمام أو نائبه هو الشهيد الثاني في رسالته وقد استقرب صاحب الجواهر أنه كتبها في أوائل اجتهاده لأنه في بقية كتبه من الروض والمسالك والروضة قد اشترط الحضور ولم يقل بالوجوب العيني ، هذا كله في زمن حضور الإمام عليه‌السلام ، وأما في زمن الغيبة كعصورنا فقد وقع الخلاف بينهم فقد ذهب ابن إدريس وسلّار والطبرسي والتوني والفاضل الأصفهاني في كشفه ، إلى حرمة اقامتها وعدم مشروعيتها في زمن الغيبة وقد نسب للمرتضى وابن حمزة وابن زهرة وللشيخ في كتاب الجمل والخلاف وإلى الشهيد في الذكرى.

واستدل له بأن المشروط عدم عند عدم شرطه فإذا كانت الجمعة مشروطة بحضور الإمام فهي محرمة عند غيبته ، ولأن الجمعة من مناصب الإمامة فكما اشترط إذنه في الحضور فيشترط في الغياب ، ولأن الظهر ثابتة بيقين فلا تسقط بفعل غيرها وذهب المشهور إلى مشروعيتها في زمن الغيبة وإن كانت الجمعة من مناصب الإمامة لصدور الإذن منهم عليهم‌السلام لشيعتهم في إقامتها وهذا مطلق يشمل زمن الحضور والغياب والذي يدل على صدور الإذن جملة من النصوص بل ادعى في الجواهر تواترها منها : صحيح زرارة المتقدم الوارد في الحث على إقامة الجمعة ، وموثق عبد الملك المتقدم كذلك.

ومنها : صحيح منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زادوا فإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم) (٣) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : على من تجب الجمعة؟ قال : تجب على سبعة نفر من المسلمين ، ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمّهم بعضهم وخطبهم) (٤) ، وخبر الفضل بن عبد الملك : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام : إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات ، فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمس نفر ، وإنما جعلت الركعتين لمكان الخطبتين) (٥) ومثلها غيرها. ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤ و ٦.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ومنها : ما ورد في بيان كيفية الجمعة وأحكامها كخبر عمر بن حنظلة : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : القنوت يوم الجمعة ، فقال عليه‌السلام : أنت رسولي إليهم في هذا ، إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى وإذا صليتم وحدانا ففي الركعة الثانية) (١).

ونوقشت هذه الأخبار بأنها إذن خاص لجماعة خاصة كما في خبري زرارة وعبد الملك أو أنها إذن في وقت الحضور فقط ، أو أنها قد صدرت من إمامين وهما الباقر والصادق وهذا ينفع بالنسبة لمن كان في عصرهما وأما في عصر زمن الغيبة فلا يجدي إلا إذن الغائب عليه‌السلام وهو غير موجود.

والمناقشة مردودة لأن هذه الأخبار ظاهرة في أن حكم الجمعة بنفسها عند عدم وجوبها لعدم حضورها مع المعصوم هو استحباب إتيانها بمعنى أنها أحد فردي الواجب من الظهر والجمعة إلا أن الجمعة أفضل لمكان الحث عليها والترغيب بها.

هذا وذهب المحقق الثاني أن التخيير المذكور ثابت للفقيه في زمن الغيبة ، وعليه فلا يشرع فعل الجمعة في الغيبة بدون حضور الفقيه الجامع للشرائط ، ونسب للعلامة في المختلف وللشهيد في شرح الإرشاد وهو الظاهر من عبارة الدروس واللمعة هنا ، ودليلهم أن الفقيه هو المنصوب من قبلهم عليهم‌السلام في الحكم والقضاء والإفتاء والحدود وغير ذلك مما هو من مناصب الإمامة وصلاة الجمعة منها.

وفيه : إن النصوص المستفيضة والمتواترة المتضمنة للإذن من قبلهم عليهم‌السلام في إقامة الجمعة خالية عن اشتراط الإذن ، بل أكثرها صريح في عدم الاشتراط كصحيحي زرارة وصحيح منصور بن حازم وخبر عبد الملك وخبر الفضل وخبر ابن حنظلة ، وقد تقدم ذكر الجميع ، وأما أدلة نصب الفقيه لكل ما هو من مناصب الإمامة وبهذا قال البعض بولايته فسيأتي التعرض له إن شاء الله تعالى فيما بعد وستعرف عدم النصب إلا في الإفتاء والقضاء ليس إلا.

ثم إذا أقيمت فهل يجب السعي إليها للآية : (إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ) (٢) وهو ظاهر الشهيد في شرح الإرشاد ، وعن فخر المحققين وكشف اللثام وجماعة عدم وجوب السعي إليها ويستدل لهم بصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صلاة الجمعة فريضة والاجتماع إليها فريضة مع الإمام ، فإن ترك رجل من غير علة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب القنوت حديث ٥.

(٢) الجمعة الآية : ٩.


(الاجتماع (١) في الغيبة). هذا قيد في الاجتزاء بالفقيه حال الغيبة (٢) لأنه منصوب من الإمام عليه‌السلام عموما بقوله : «انظروا إلى رجل قد روى حديثنا» إلى آخره (٣) ، وغيره (٤).

______________________________________________________

ـ ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض ، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة إلا منافق) (١).

(١) لعدم التقية.

(٢) وهو ظاهر في كون التخيير في زمن الغيبة ثابت للفقيه الجامع للشرائط فقط كما هو قول المحقق الثاني وقد عرفت ضعفه.

(٣) وهو إشارة إلى مقبولة عمر بن حنظلة وقد ورد فيه : «ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ والرادّ علينا الراد على الله وهو على حدّ الشرك بالله» (٢) وليس فيه (انظروا إلى رجل) كما أورده الشارح.

(٤) كمشهورة أبي خديجة : (بعثني أبو عبد الله عليه‌السلام إلى أصحابنا فقال : قل لهم إياكم إذا وقعت بينكم خصومة. إلى أن قال. أن تحاكموا إلى أحد من الفساق ، اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر) (٣).

وصريح هذين الخبرين أن الفقيه مما له منصب القضاء لرفع الخصومة ليس إلا ، وليس فيها ظهور أو إشعار بأن للفقيه حق إقامة الجمعة دون غيره من المسلمين ، فضلا عن عدم دلالتهما على أن للفقيه كل ما ثبت للمعصوم عليه‌السلام من مناصب الإمامة.

وأما التوقيع الوارد عن الحجة عليه‌السلام : (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) (٤) فهو ظاهر في الإفتاء ، ولهذا قلنا إن للفقيه حق القضاء والإفتاء فقط ، وما تقدم هو عمدة دليل من قال بولاية الفقيه وقد عرفت عدم دلالته ، ومنه تعرف عدم كون الفقيه مأذونا بخصوصه لإقامة الجمعة في زمن الغيبة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٨ و ١٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٩.


والحاصل أنه مع حضور الإمام عليه‌السلام لا تنعقد الجمعة إلا به ، أو بنائبه الخاص وهو المنصوب للجمعة ، أو لما هو أعم منها (١) ، وبدونه (٢) تسقط ، وهو موضع وفاق.

وأما في حال الغيبة. كهذا الزمان. فقد اختلف الأصحاب في وجوب الجمعة وتحريمها : فالمصنّف هنا أوجبها مع كون الإمام (٣) فقيها لتحقق الشرط وهو إذن الإمام (٤) الذي هو شرط في الجملة (٥) إجماعا ، وبهذا القول صرّح في الدروس أيضا ، وربما قيل بوجوبها حينئذ (٦) وإن لم يجمعها فقيه عملا بإطلاق الأدلة واشتراط الإمام عليه‌السلام ، أو من نصبه إن سلّم فهو مختصّ بحالة الحضور ، أو بإمكانه (٧) ، فمع عدمه (٨) يبقى عموم الأدلة من الكتاب والسنّة خاليا عن المعارض ، وهو ظاهر الأكثر ومنهم المصنّف في البيان ، فإنهم يكتفون بإمكان الاجتماع مع باقي الشرائط (٩).

وربما عبّروا عن حكمها حال الغيبة بالجواز تارة ، وبالاستحباب أخرى نظرا إلى إجماعهم على عدم وجوبها حينئذ عينا (١٠) ، وإنما تجب على تقديره (١١) تخييرا

______________________________________________________

(١) من الجمعة كالولاة.

(٢) وبدون حضور الإمام أو نائبه الخاص تسقط الجمعة.

(٣) أي إمام الجمعة.

(٤) أي إذن الإمام المعصوم عليه‌السلام ، ولكن قد عرفت أن المعصوم قد أذن للجميع في إقامة الجمعة عند عدم التقية ولم ينحصر الإذن بالفقيه الجامع للشرائط.

(٥) مع غض البصر عن كون الإذن خاصا أو عاما.

(٦) أي في حال الغيبة.

(٧) قد عرفت أن إقامة الجمعة في حال الغيبة وإن لم يجمعها فقيه لورود الإذن منهم عليهم‌السلام ، لا لكون الاشتراط مختصا بحال الحضور أو إمكانه.

(٨) أي عدم الحضور أو عدم إمكان إقامة الجمعة للمعصوم عليه‌السلام.

(٩) لورود الإذن لهم في الإقامة بلا فرق بين الحضور وعدمه ما دام المعصوم أو نائبه لا يمكن لهما إقامة الجمعة.

(١٠) لإجماعهم على أن الوجوب العيني مشروط بحضور المعصوم أو نائبه.

(١١) على تقدير إمكان الاجتماع في حال الغيبة.


بينها ، وبين الظهر ، لكنها عندهم أفضل من الظهر وهو معنى الاستحباب ، بمعنى أنها واجبة تخييرا مستحبة عينا كما في جميع أفراد الواجب المخيّر إذا كان بعضها راجحا على الباقي ، وعلى هذا ينوي بها الوجوب وتجزي عن الظهر ، وكثيرا ما يحصل الالتباس في كلامهم بسبب ذلك (١) حيث يشترطون الإمام ، أو نائبه في الوجوب إجماعا ، ثم يذكرون حال الغيبة ، ويختلفون في حكمها فيها (٢) فيوهم أن الإجماع المذكور يقتضي عدم جوازها حينئذ بدون الفقيه (٣) ، والحال أنها في حال الغيبة لا تجب عندهم عينا (٤) ، وذلك (٥) شرط الواجب العيني خاصة (٦). ومن هنا (٧) ذهب جماعة من الأصحاب (٨) إلى عدم جوازها حال الغيبة لفقد الشرط المذكور.

ويضعّف بمنع عدم حصول الشرط أولا لإمكانه بحضور الفقيه (٩) ، ومنع اشتراطه (١٠) ثانيا لعدم الدليل عليه من جهة النص فيما علمناه (١١).

______________________________________________________

(١) أي بسبب اشتراط المعصوم أو نائبه في الوجوب العيني ثم الحكم بأنها في حال الغيبة مستحبة أو مباحة.

(٢) في الغيبة.

(٣) لأنه النائب عن المعصوم بعد كون الجمعة من مناصب الإمامة.

(٤) ولذا حكموا تارة باستحبابها وأخرى بإباحتها مع إمكان الاجتماع مع باقي الشرائط.

(٥) أي حضور المعصوم أو نائبه.

(٦) بعد عدم ثبوت الفقيه نائبا عن المعصوم في إقامة الجمعة ، بل ما ورد إنما هو في القضاء والإفتاء ليس إلا.

(٧) من دعوى الإجماع على أن وجوب الجمعة مشروط بالمعصوم أو نائبه.

(٨) كابن إدريس وسلار وظاهر المرتضى وقد تقدم عرضه بالتفصيل.

(٩) وفيه أن أدلة تنصيبه منحصر في القضاء والإفتاء ليس إلا ، نعم كان على الشارح تضعيف هذا القول بورود الإذن منهم عليهم‌السلام في إقامة الجمعة لكل من يمكن له الاجتماع مع باقي الشرائط سواء وجد فقيه أو لا.

(١٠) أي منع اشتراط حضور المعصوم أو نائبه في الوجوب العيني للجمعة.

(١١) وفيه : يكفي في الاشتراط دعاء السجاد عليه‌السلام الوارد في الصحيفة السجادية وقد تقدم ذكره فضلا عن أخبار دعائم الإسلام والجعفريات بالإضافة إلى سيرة أصحاب الأئمة عليهم‌السلام على ترك الجمعة الكاشف عن اشتراط الجمعة بحضور المعصوم أو نائبه ..


وما يظهر من جعل مستنده الإجماع فإنما هو على تقدير الحضور (١) ، أما في حال الغيبة فهو محل النزاع فلا يجعل (٢) دليلا فيه (٣) مع إطلاق القرآن الكريم (٤) بالحثّ العظيم المؤكّد (٥) بوجوه كثيرة (٦) مضافا إلى النصوص المتضافرة على وجوبها بغير الشرط المذكور (٧) بل في بعضها ما يدلّ على عدمه (٨) نعم يعتبر اجتماع باقي الشرائط ومنه (٩) الصلاة على الأئمة ولو إجمالا (١٠) ، ولا ينافيه ذكر غيرهم (١١).

______________________________________________________

(١) وفيه لو كان كذلك لما احتاج الفقهاء إلى ثبوت الإذن في إقامة الجمعة حال الغيبة مع أن الكتب الفقهية عندهم مليئة نقضا وإبراما بالبحث في وجود إذن المعصوم.

(٢) أي الإجماع على الاشتراط.

(٣) أي في الاشتراط.

(٤) وهو قوله تعالى : (إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) (١) وفيه : إن الآية في مقام بيان وجوب السعي عند الانعقاد وليس في مقام بيان ما له الدخل في الانعقاد كما هو محل النزاع.

(٥) هذا الإطلاق.

(٦) منها : تخصيص النداء بالمؤمنين ، وسوق الكلام على طريق الخطاب للإشعار بأن المذكور أمر مهم عظيم الشأن ، وكون النهي عما يضادها من البيع وغيره ، وقوله تعالى عقيب ذلك : (ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

(٧) أي بغير اشتراط حضور المعصوم أو نائبه ، ومراده من هذه النصوص هي نصوص الإذن الصادر منهم عليهم‌السلام كقوله عليه‌السلام في صحيح زرارة : (فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمّهم بعضهم وخطبهم) وقد تقدم نقله سابقا.

(٨) كصحيح زرارة المتقدم ولكن عرفت ورودها مورد الإذن منهم عليهم‌السلام فهو على الاشتراط أدل.

(٩) أي ومن باقي الشرائط.

(١٠) من دون ذكر أسمائهم بالتفصيل ، قد تقدم أن أجزاء الخطبة الواجبة هي الحمد والصلاة على النبي وآله والوعظ وقراءة سورة من القرآن خفيفة ، والصلاة على الأئمة عليهم‌السلام مندرج في الثاني كما هو واضح.

(١١) من خلفاء الجور إذا كان للتقية.

__________________

(١) الجمعة الآية : ٩.


ولو لا دعواهم الإجماع على عدم الوجوب العيني (١) لكان القول به (٢) في غاية القوة (٣) ، فلا أقلّ من التخييري مع رجحان الجمعة ، وتعبير المصنف وغيره بإمكان الاجتماع يريد به الاجتماع على إمام عدل (٤) ، لأن ذلك (٥) لم يتفق في زمن ظهور الأئمة غالبا (٦) ، وهو السر (٧) في عدم اجتزائهم (٨) بها عن الظهر مع ما نقل من تمام محافظتهم عليها ، ومن ذلك سرى الوهم (واجتماع خمسة فصاعدا)

______________________________________________________

(١) إلا بحضور المعصوم أو نائبه.

(٢) أي بالوجوب العيني وإن لم يحضر المعصوم أو نائبه.

(٣) كما ذهب إليه في رسالته المعمولة في صلاة الجمعة وهي من أول ما صنّف ثم عدل عنه إلى اشتراط الوجوب العيني بالحضور كما تقدم بسط الكلام فيه.

(٤) أي غير فاسق.

(٥) أي عدالة إمام الجمعة.

(٦) لأن المقيم للجمعة في عصر الحضور هو السلطان الجائر أو الولاة على الأمصار ، وفسقهم مشهور معلوم عند العوام فضلا عن الخواص.

(٧) أي عدم عدالة إمام الجمعة في زمن الحضور.

(٨) أي في عدم اجتزاء أصحاب الأئمة عليهم‌السلام بالجمعة عن الظهر ففي خبر أبي بكر الحضرمي : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : كيف تصنع يوم الجمعة؟ قال عليه‌السلام : كيف تصنع أنت؟ قلت : أصلي في منزلي ثم أخرج فأصلّي معهم ، قال : كذلك أصنع أنا) (١) ، وخبر حمران بن أعين : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك إنا نصلي مع هؤلاء يوم الجمعة وهم يصلّون في الوقت فكيف نصنع؟ فقال : صلّوا معهم فخرج حمران إلى زرارة فقال له : قد أمرنا أن نصلي معهم بصلاتهم ، فقال زرارة : ما يكون هذا إلا بتأويل. فقال له حمران : قم حتى نسمع منه ، قال : فدخلنا عليه فقال له زرارة : إن حمران أخبرنا عنك إنك أمرتنا أن نصلي معهم فأنكرت ذلك ، فقال لنا : كان الحسين بن علي عليه‌السلام يصلي معهم ركعتين فإذا فرغوا قام فأضاف إليها ركعتين) (٢)، وصحيح زرارة : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إن أناسا رووا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه صلّى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم فقال : يا زرارة إن أمير المؤمنين عليه‌السلام صلى خلف فاسق فلما سلّم وانصرف قام أمير المؤمنين عليه‌السلام فصلّى أربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم ، ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٣ و ٥.


(أحدهم الإمام) في الأصح ، وهذا يشمل شرطين :

أحدهما : العدد وهو الخمسة في أصح القولين لصحة مستنده (١) وقيل

______________________________________________________

ـ فقال له رجل إلى جنبه : يا أبا الحسن صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن؟ فقال : إنها أربع ركعات مشبّهات فسكت ، فو الله ما عقل ما قال له) (١) والأخير وإن كان ظاهرا بل صريحا في أن عدم الاجتزاء بالجمعة من أجل فسق إمام الجمعة إلا أن الشارح يريد أن يستدل من هذه الأخبار أن إتيانهم بالظهر إنما كان لفسق إمام الجمعة فقط لا لأن وجوب الجمعة مشروط بحضور المعصوم أو نائبه ولذا نسب الوهم إلى من اعتقد أن إتيانهم بالظهر إنما كان لأجل أنّ الجمعة مشروطة بالحضور ، وقد عرفت من دعاء الصحيفة السجادية وغيرها أن الجمعة من مناصب الإمامة فوجوبها العيني مشروط به كما تقدم.

(١) لا خلاف في اشتراط العدد في صحة الجمعة وإنما الخلاف في عدده فذهب المشهور أنه خمسة أحدهم الإمام اقتصارا في تقييد الآية الشريفة على موضع الوفاق وللأخبار الدالة على ذلك منها : صحيح منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد ، وإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم) (٢) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط ، الإمام وأربعة) (٣)، وصحيح البقباق عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات ، فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر) (٤).

وعن الصدوق والشيخ وبني حمزة وزهرة والبراج أنه سبعة أحدهم الإمام للأخبار منها : صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة) (٥). وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ، ولا تجب على أقل منهم : الإمام وقاضيه والمدعي حقا والمدعى عليه والشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الإمام) (٦). وجمع الشيخ بين الطائفتين بحمل أخبار السبعة على الوجوب العيني وبحمل أخبار الخمسة على الوجوب التخييري ويؤيده صحيح زرارة : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : على من تجب الجمعة؟ قال : تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمّهم بعضهم وخطبهم) (٧) ، فقوله عليه‌السلام : (لا جمعة لأقل من خمسة) يشمل الوجوب العيني والتخييري ، والثابت مع السبعة هو الوجوب العيني.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٧ و ٢ و ٦ و ١٠ و ٩.

(٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤.


سبعة ، ويشترط كونهم ذكورا (١) أحرارا (٢) مكلفين (٣) مقيمين (٤) سالمين عن المرض (٥) ...

______________________________________________________

ـ ولو قيل : إن أخبار الخمسة تدل على المشروعية وأخبار السبعة على الوجوب لكان أنسب.

(١) بلا خلاف فيه ويدل عليه صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (منها صلاة واحدة فرضها الله (عزوجل) في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة : عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين) (١) ، وصحيح ابن مسلم وأبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها إلا خمسة : المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي) (٢) ومثلها غيرها.

(٢) فلا تجب على العبد بلا خلاف فيه للنصوص السابقة ، وبقيد الحرية يخرج القن والمدبّر والمكاتب مطلقا وإن أدّى بعض ما عليه لأن المبعّض ليس بحرّ ، ويمكن القول بأن الوارد في النصوص استثناء المرأة فيبقى الخنثى تحت عموم من يجب عليه الحضور ، وأيضا قد استثنى العبد ولا يصدق على المبعّض ولذا ذهب الشيخ في المبسوط إلى الوجوب على المبعض إذا هاياه المولى فاتفقت الجمعة في نوبته ، وفيه : أنه يصدق عليه أنه عبد مكاتب وقد تحرر بعضه وعليه فلا يجب عليه الحضور تمسكا بإطلاق الخبر.

(٣) فيشترط البلوغ والعقل ، وهو من الضروريات كما في الجواهر ، نعم تصح من المميز بناء على صحة عباداته وشرعيتها.

(٤) فلا تجب على المسافر بلا خلاف فيه للنصوص السابقة ، ويدخل في المسافر كل مسافر حكمه التقصير ، ويخرج حينئذ كثير السفر وناوي الإقامة والعاصي بسفره ، وأما المسافر الذي لا يجب عليه التقصير كالحاصل في أحد المواضع الأربعة فجزم العلامة في التذكرة بوجوب حضوره ، وقطع الشهيد في الدروس بتخيره بين الفعل والترك والأظهر عدم الوجوب لعموم النصوص السابقة وإن جاز له الإتمام بدليل من خارج.

(٥) أما المريض فلا يجب عليه الحضور بالاتفاق ، وصرح العلامة في التذكرة بعدم الوجوب سواء شقّ عليه الحضور أو لا تمسكا بإطلاق النصوص السابقة ، واعتبر الشهيد الثاني في المسالك والروض وجماعة تقييده بالمشقة التي لا يتحمل مثلها عادة أو خوف زيادة المرض أو بطء البرء ، وهو تقييد للنص من غير دليل ، ويلحق بالمريض الكبير الذي يعجز عن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ١٤.


والبعد (١) المسقطين ، وسيأتي ما يدل عليه.

______________________________________________________

ـ السعي إلى الجمعة أو تحصل له مشقة وقد صرح باستثنائه في صحيح زرارة المتقدم.

وكذا لا يجب الحضور على الأعمى بلا خلاف فيه للنصوص السابقة ، وهي مطلقة سواء كان مما يشق عليه الحضور وعدمه ، وسواء وجد قائدا أو كان قريبا للمسجد للإطلاق.

وذهب الشيخ إلى استثناء صاحب العرج مع أن النصوص خالية منه ، نعم قيده المحقق في المعتبر بالبالغ حد الإقعاد وهو حسن لأن من هذا شأنه فهو من مصاديق المريض وغير متمكن للسعي إلى الجمعة.

واعلم أن في حكم هذه الأعذار المطر بل في التذكرة أنه لا خلاف فيه بين العلماء ، ويدل عليه صحيح عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس أن تدع الجمعة في المطر) (١). وألحق العلامة وبعض من تأخر عنه بالمطر الوحل والحر والبرد الشديدين إذا خاف الضرر معهما ، وهو حسن للحرج ، وألحق الشهيد الثاني في المسالك والروض خائف احتراق الخبز أو فساد الطعام ويجب تقييده بالمضر فوته كما في المدارك.

(١) فلا يجب الحضور على من بعد أكثر من فرسخين للأخبار الآتي بعضها ، لكن اختلفوا فعن الشيخ في المبسوط والخلاف والمرتضى وابن إدريس بل هو المشهور أن حده أزيد من فرسخين لصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تجب على من كان منها على رأس فرسخين ، فإذا زاد على ذلك فليس عليه شي‌ء) (٢).

واختار الصدوق وابن حمزة أنه من كان على رأس الفرسخين فلا يجب عليه الحضور لصحيح زرارة عن أبي جعفر المتقدم : (ووضعها عن تسعة. إلى أن قال. ومن كان منها على رأس فرسخين) (٣) وحملت هذه الرواية على إرادة الزائد عن الفرسخين لأن الترجيح للخبر السابق المؤيد بطائفة من الأخبار التي سيمر عليك بعضها.

وذهب ابن أبي عقيل إلى أن الجمعة تجب من غدا من منزله بعد صلاة الغداة فيدرك الجمعة ، وذهب ابن الجنيد إلى وجوب السعي إليها على كل مسلم إذا راح منها أدرك منزله قبل خروج نهار يومه ومستندهما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الجمعة واجبة على من إن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما يصلي العصر في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجعوا إلى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


وثانيهما : الجماعة بأن يأتموا بإمام منهم ، فلا تصح فرادى (١). وإنما

______________________________________________________

ـ رحالهم قبل الليل ، وذلك سنة إلى يوم القيامة) (١).

وأجيب عنها بأن المراد منها هو الفرسخان لصحيح محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (تجب الجمعة على كل من كان منها على فرسخين) (٢) ، ولخبر الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (إنما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك لأن ما يقصّر فيه الصلاد بريدان ذاهبا ، أو بريد ذاهبا وبريد جائيا ، والبريد أربعة فراسخ ، فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير ، وذلك أنه يجي‌ء فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر) (٣).

ثم من لا يجب عليه حضور الجمعة فلو تكلف الحضور وجب عليه الجمعة وانعقدت به سوى من خرج عن التكليف كالصبي والمجنون فالحكم في المسافر والأعمى والمريض والهرم والبعيد مقطوع به بين الأصحاب كما في المدارك وأما في المرأة فلو حضرت لا تحتسب من العدد بالاتفاق لصحيح الفضل بن عبد الملك : (فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر) (٤) وهو ظاهر في الرجال فقط.

ولكن هل تسقط عنها الظهر وتجزئها الجمعة لخبر حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى قال : «إن الله (عزوجل) فرض الجمعة على جميع المؤمنين والمؤمنات ورخص للمرأة والمسافر والعبد أن لا يأتوها ، فلما حضروها سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأول ، فمن أجل ذلك أجزأ عنهم ، فقلت : عمن هذا؟ فقال : عن مولانا أبي عبد الله عليه‌السلام» (٥) ، وفي الصحيح عن أبي همام عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إذا صلت المرأة في المسجد مع الإمام يوم الجمعة الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها ، وإن صلت في المسجد أربعا نقصت صلاتها ، لتصلّ في بيتها أربعا أفضل) (٦) ووجه الاستدلال أن نقص الصلاة محمول على نقصان الثواب الدال على صحة الجمعة وإجزائها.

(١) لا خلاف في اشتراط الجماعة في الجمعة فلا تصح فرادى وإن حصل العدد للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (منها صلاة واحدة فرضها الله عزوجل في جماعة وهي الجمعة) (٧).

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ٥ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


يشترطان في الابتداء لا في الاستدامة (١) ، فلو انفضّ العدد بعد تحريم الإمام أتم الباقون ولو فرادى ، مع عدم حضور من ينعقد به الجماعة (٢) ، وقبله (٣) تسقط ومع العود (٤) ...

______________________________________________________

ـ واعلم أن الجماعة تتحقق بنية المأمومين الاقتداء بالإمام ، فلو أخلوا بها أو أحدهم لم تصح صلاة المخلّ وعليه فيعتبر في انعقاد الجمعة نية العدد المعتبر ، ثم هل يجب على الإمام نية الإمامة؟ قيل : نعم لكون الإمامة لا تحصل إلا بالنية وإليه ذهب العلامة في النهاية والشهيد في الذكرى والدروس والبيان وجماعة ، وقيل : لا يجب لحصول الإمامة إذا اقتدي به وهو اختيار جماعة من متأخري الأصحاب كما في الجواهر ، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

(١) فلو انفضّ العدد في أثناء الخطبة أو بعدها قبل التلبس بالصلاة سقط وجوب الجمعة لعدم تحقق شرطه ، ولو عادوا من دون فصل طويل صلوا الجمعة بل وحتى لو طال الفصل ما لم يخرج وقت الجمعة للإطلاق ولو عاد غيرهم بعد انفضاضهم أعاد الإمام الخطبة لظهور النصوص في الصلاة مع المخطوبين وفي خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الجمعة لا تكون إلا لمن أدرك الخطبتين) (١).

ولو انفضوا بعد التلبس بالصلاة أتم الإمام لأن العدد المعتبر شرط في الابتداء لا يعلم فيه مخالفا للنهي عن قطع العمل ، واعتبر العلامة في التذكرة أن يكون انفضاضهم بعد إدراكهم ركعة مع الإمام لخبر الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من أدرك ركعة فقد أدرك الجمعة) (٢) وفيه : إنه أجنبي عن المدعى.

ولو انفض الإمام قدموا واحدا منهم وأكملت جماعة ، ولو تعذر أكملت فرادى فتكون الجماعة أيضا شرطا في الابتداء لا في الدوام كما في الروض ، ويمكن القول إن الإكمال إنما هو للاستصحاب وللنهي عن إبطال العمل وهذا لا يفيد في صحة الإجزاء لأن الجمعة مشروطة بالجماعة والعدد كما في النصوص المتقدمة وظاهرها أنهما شرط مطلقا فالأحوط الإكمال ثم الإتيان بالظهر إذا أكملت الجمعة فرادى أو أكملت جماعة مع نقصان العدد المعتبر.

(٢) كما لو انفضوا وتركوا الإمام لوحده أو انفض الإمام مع غالب المأمومين فلم يبق إلا واحد ، أو انفض الإمام ولم يكن في المأمومين إمام عادل.

(٣) أي قبل تحريم الإمام تسقط الجمعة لعدم تحقق شرطها من العدد المعتبر.

(٤) أي عود من تركها.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٧ و ٦.


في أثناء الخطبة يعاد ما فات من أركانها (١).

(وتسقط) الجمعة (عن المرأة) والخنثى للشكّ في ذكوريته التي هي (٢) شرط الوجوب ، (والعبد) وإن كان مبعضا واتفقت في نوبته مهايا (٣) ، أم مدبرا ، أم مكاتبا لم يؤدّ جميع مال الكتابة ، (والمسافر) الذي يلزمه القصر في سفره ، فالعاصي به وكثيره ، وناوي إقامة عشرة كالمقيم (٤) ، (والهمّ) وهو الشيخ الكبير (٥) الذي يعجز عن حضورها ، أو يشق عليه مشقة لا تتحمل عادة ، (والأعمى) وإن وجد قائدا ، أو كان قريبا من المسجد (٦) (والأعرج) البالغ عرجه حدّ الإقعاد (٧) ، أو الموجب لمشقة الحضور كالهمّ ، (ومن بعد منزله) عن موضع تقام فيه الجمعة كالمسجد (بأزيد من فرسخين) (٨) والحال أنه يتعذّر عليه إقامتها عنده ، أو فيما دون فرسخ (٩) ، (ولا ينعقد جمعتان في أقلّ من فرسخ) بل يجب على من يشتمل عليه الفرسخ الاجتماع على جمعة واحدة كفاية.

______________________________________________________

(١) إذا تحقق الفصل الطويل المخلّ ، بل يمكن القول بعدم إعادة ما فات منها للإطلاق كما عن العلامة في التذكرة وقد تقدم الكلام فيه.

(٢) أي الذكورية ، وفيه إن الوجوب على كل مسلم خرجت منه المرأة بالنص فيبقى الخنثى تحته كما تقدم.

(٣) والمهاياة هي التوافق بين العبد وسيده على أن يكون يوما له ويوما لسيده بحسب ما فيه من الرقية والحرية خلافا للشيخ في المبسوط وقد تقدم الكلام فيه.

(٤) قد تقدم الكلام فيه.

(٥) قد تقدم الكلام فيه أيضا.

(٦) لإطلاق النصوص وقد تقدم الكلام فيه.

(٧) قد عرفت خلو النصوص عن العرج والتقييد للمحقق في المعتبر.

(٨) على المشهور وقد تقدم الكلام فيه.

(٩) مراده أن الجمعة التي تقام في مكان أزيد من فرسخين عن مكان المصلي لا يجب حضورها فتسقط عنه ، وأما سقوط الجمعة عنه مطلقا فمشروط بأحد أمرين : تعذر إقامتها عنده لعدم تحقق شرائطها ، وتعذر إقامتها فيما دون الفرسخ لأن من اشتمل عليه الفرسخ يجوز لهم إقامة الجمعة تخييرا بينها وبين الظهر بحيث لو أقامها أهل الفرسخ المجاور لكان بين الجمعتين فرسخ فصاعدا ويدل عليه أخبار منها : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يكون في الجماعتين ثلاثة أميال. إلى أن قال. فإذا كان بين ـ


ولا يختص الحضور (١) بقوم إلا أن يكون الإمام فيهم (٢) ، فمتى أخلّوا به (٣) أثموا جميعا (٤). ومحصّل هذا الشرط وما قبله أنّ من بعد عنها بدون فرسخ يتعيّن عليه الحضور (٥) ، ...

______________________________________________________

ـ الجماعتين في الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء) (١).

وموثقه الآخر عنه عليه‌السلام : (إذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقلّ من ثلاثة أميال) (٢).

وعن الموجز : «لا تتعدد الجمعة في دون الفرسخ إلا بندبها حال الغيبة» ، وقال في الجواهر : «وهو غريب» ، وفي كشف اللثام : «لم يقل بذلك أحد ولا دل عليه دليل».

واشتراط الفرسخ بين الجمعتين سواء كانتا في مصر واحد أو مصرين وسواء فصّل بينهما بنهر عظيم كدجلة أو لا لإطلاق الأخبار ، ولم تعتبر العامة الفرسخ بين الجمعتين فعن الشافعي ومالك أنه لا جمعتين في بلد واحد وإن عظم ، وأجازه أبو حنيفة استحسانا وعن أحمد إذا كبر البلد جاز أن تقام فيه جمعتان مع الحاجة وإلا فلا ، هذا واعلم أن عبارة الشارح «فيما دون الفرسخ» بالنسبة لعقد جمعة ابتداء ، مع أن البعض حملها بالنسبة للجمعة المنعقدة في مكان آخر ، وبناء عليه أشكل بأنه إذا كان دون الفرسخ فيجب عليه الحضور وكان على الشارح أن يقول : أو فيما دون فرسخين ، ثم كثر الكلام في رفع الإشكال حتى اعتبر أن هذه العبارة مما اشتهرت بالإشكال في هذا الكتاب ولم يظفر لها بمعنى كما عن بعض المحشين ، والإشكال مندفع لأن الشارح ناظر لعقد جمعة لا للسعي إلى جمعة منعقدة ولذا عقّب الكلام بقوله : «بل يجب على من يشتمل عليه الفرسخ الاجتماع على جمعة واحدة كفاية».

(١) أي حضور الجمعة بمعنى عقدها ابتداء.

(٢) بحيث كان عادلا وقادرا على الخطابة.

(٣) بالحضور.

(٤) وهذا مبني على الوجوب العيني للجمعة وقد عرفت أن وجوبها مشروط بحضور المعصوم أو نائبه ، وأما في عصورنا الحاضرة فلا يتعين إقامتها بل يتخير المصلي بينها وبين الظهر فتركها مع الإتيان بالظهر لا يوجب الإثم.

(٥) بمعنى السعي إلى الجمعة المنعقدة هذا في زمن الحضور وأما في زمن الغيبة فقد تقدم تقوية عدم وجوب السعي إلا مع الإمام المعصوم أو نائبه الخاص للخبر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.


ومن زاد عنه (١) إلى فرسخين يتخير بينه (٢) وبين إقامتها عنده ، ومن زاد عنهما (٣) يجب (٤) إقامتها عنده (٥) ، أو فيما دون الفرسخ (٦) مع الإمكان (٧) ، وإلا سقطت. ولو صلّوا أزيد من جمعة فيما دون الفرسخ صحت السابقة خاصة ، ويعيد اللاحقة ظهرا (٨) ، وكذا المشتبه مع العلم به (٩) في الجملة (١٠) أما لو اشتبه السبق والاقتران وجب إعادة الجمعة (١١) مع بقاء وقتها خاصة على الأصح مجتمعين ، أو متفرّقين

______________________________________________________

(١) عن الفرسخ.

(٢) بين الحضور بمعنى السعي إلى الجمعة المنعقدة.

(٣) عن الفرسخين.

(٤) بناء على الوجوب العيني للجمعة وقد تقدم تضعيفه.

(٥) في مكان إقامته.

(٦) لأنه يجب على أهل الفرسخ إقامتها على نحو الوجوب التخييري.

(٧) أي إمكان الاجتماع واستجماع باقي الشرائط.

(٨) بلا خلاف فيه للنهي في موثق ابن مسلم المتقدم : «ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة أميال» (١) وصحة السابقة لعدم شمولها تحت النهي لعدم وجود جمعة أخرى عند انعقادها بخلاف اللاحقة فيشملها النهي ، والنهي في العبادات مفسد فيتعين إعادتها ظهرا ، هذا كله مع عدم كل منهما بوجود الآخر وإلا فلا يصح للنهي عن الانفراد بالصلاة عن الأخرى المقتضي للفساد. وكذا لو اقترنتا فيبطلان معا لامتناع الحكم بصحتهما معا لوجود النهي السابق ، مع استحالة ترجيح إحداهما فلم يبق إلا بطلانهما ، ويتحقق الاقتران بتكبيرة الإحرام من الإمامين.

(٩) بالسبق.

(١٠) بحيث لا يعلم السابق منهما وإن علم بتحقق السبق لأحدهما غير المعين فإعادتهما ظهرا للقطع ببطلان إحداهما ولا يحصل اليقين ببراءة الذمة إلا بالإعادة ظهرا ، ثم إن تعين الظهر عليهما لسبق وقوع جمعة صحيحة من أحدهما ولا تشرع جمعة أخرى حينئذ.

(١١) لعدم تيقن حصول جمعة صحيحة هذا كله مع اتساع الوقت وإلا فتجب الظهر وهو اختيار الشيخ والشهيد واستجوده الشارح في الروض ، وذهب العلامة إلى وجوب الجمعة والظهر معا عليهما لأن الواقع لو كان هو السبق فالفرض هو الظهر وإن كان الاقتران ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.


بالمعتبر (١) ، والظهر مع خروجه (٢) (ويحرم السفر) إلى مسافة أو الموجب تفويتها (بعد الزوال على المكلف بها) (٣) اختيارا (٤) لتفويته الواجب (٥) وإن أمكنه (٦) إقامتها في طريقه ، لأن تجويزه (٧) ...

______________________________________________________

ـ فالفرض هو الجمعة ولا يقين بأحدهما فلا تتيقن البراءة إلا بالجمع بينهما.

وفيه : إن هذا مبني على الوجوب العيني للجمعة أو على وجود نائب خاص للإمام في الجمعتين ومعه فالجمعة هي الأصل ولا يعدل عنها إلى الظهر إلا بعد فوات وقتها والمفروض عدمه فالأقوى هو قول الشيخ.

(١) بحيث يكون بينهما فرسخ فصاعدا.

(٢) خروج الوقت.

(٣) أي بالجمعة والمعنى : من وجبت عليه الجمعة يحرم عليه السفر بعد الزوال لتعين الجمعة عليه بلا خلاف فيه لظهور الآية : (فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) (١) في الأمر بترك ما ينافيها ضرورة عدم خصوصية للبيع ، فضلا عن أن الأمر بالسعي يوجب النهي عن السفر على القول بأن الأمر بالشي‌ء يقتضي النهي عن ضده الخاص وإن كانت الملازمة ضعيفة كما حرر في الأصول.

نعم يكره له السفر بعد طلوع الفجر إلى ما قبل الزوال ولا يكره السفر ليلة الجمعة بالاتفاق ففي خبر السري عن أبي الحسن الهادي عليه‌السلام : (يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة ، فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به) (٢).

(٤) متعلق بالسفر.

(٥) تعليل لحرمة السفر ، والمعنى أن السفر المذكور موجب لتفويت الواجب أعني السعي إلى الجمعة وتفويت الواجب محرم.

(٦) أمكن المسافر إقامة الجمعة في طريق سفره تمسكا بعموم النهي عما ينافي السعي. وذهب المحقق الثاني إلى الجواز لحصول الغرض وهو فعل الجمعة ويضعّف بأن السفر إذا ساغ وجب التقصير ومعه تسقط الجمعة لسقوطها عن المسافر ، وإذا كان السفر المذكور موجبا لتفويت الجمعة الواجبة لكان محرما لأن تقويت الواجب محرم ، وعليه فيلزم تحريم السفر من فرض جوازه وهو من مصاديق ما يقتضي وجوده عدمه ، وهو مراد الشارح من الدوري في كلامه الآتي.

(٧) أي تجويز السفر.

__________________

(١) الجمعة الآية : ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


على تقديره (١) دوريّ (٢). نعم يكفي ذلك في سفر قصير لا يقصر فيه (٣) ، مع احتمال الجواز فيما لا قصر فيه مطلقا (٤) لعدم الفوات. وعلى تقدير المنع في السفر الطويل يكون عاصيا به (٥) إلى محلّ لا يمكنه فيه (٦) العود إليها ، فتعتبر المسافة حينئذ (٧) ، ولو اضطر إليه (٨) شرعا كالحج حيث يفوت الرفقة أو الجهاد حيث لا يحتمل الحال تأخيره ، أو عقلا بأداء التخلف إلى فوات غرض يضر به فواته لم يحرم (٩) ، والتحريم على تقديره (١٠) مؤكّد (١١). وقد روي أن قوما سافروا كذلك فخسف بهم (١٢) ، وآخرون اضطرم عليهم خباؤهم من غير أن يروا نارا.

______________________________________________________

(١) على تقدير إمكان المسافر من إقاحتها في طريق السفر.

(٢) مراده منه ما يلزم من وجوده العدم لا ما يلزم توقف الشي‌ء على نفسه.

(٣) بشرط عدم فوات الجمعة وإلا لحرم لوجوب ترك ما ينافي السعي إلى الجمعة المنعقدة كما هو صريح الآية المتقدمة.

(٤) ولو كان السفر طويلا ككثير السفر بشرط عدم الفوات أيضا.

(٥) أي بالسفر.

(٦) أي لا يمكن المسافر في هذا المحل العود إلى الجمعة المنعقدة.

(٧) والمعنى فإذا تحقق عدم إمكان العود فحينئذ يبتدأ سفره الشرعي الموجب للتقصير وتحتسب المسافة من ذلك المكان ، وأما ما قبله فلا يترخص لأنه عاص.

(٨) إلى السفر.

(٩) أي لم يحرم السفر لنفي الحرج.

(١٠) أي على تقدير التحريم.

(١١) لعقاب فاعله في الدنيا كما في الأخبار التي سيوردها فضلا عن الأدلة الدالة على حرمته.

(١٢) فقد أورد الشهيد الثاني في رسالة الجمعة : (عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه أن لا يصاحب في سفره ، ولا تقضى له حاجة ، وجاء رجل إلى سعيد بن المسيب يوم الجمعة يودّعه لسفر فقال : لا تعجل حتى تصلّي ، فقال : أخاف أن تفوتني أصحابي ، ثم عجّل فكان سعيد يسأل عنه حتى قدم قوم فأخبروه أن رجله انكسرت ، فقال سعيد : إني كنت لأظنّ أنه سيصيبه ذلك.

وروي أن صيادا كان يخرج في الجمعة لا يحرّجه مكان الجمعة من الخروج فخسف به وببغلته ، فخرج الناس وقد ذهبت بغلته في الأرض ، فلم يبق منها إلا أذناها وذنبها.

وروي أن قوما خرجوا إلى سفر حين حضرت الجمعة فاضطرم عليهم خباؤهم نارا من ـ


(ويزاد في نافلتها) عن غيرها من الأيام (أربع ركعات) مضافة إلى نافلة الظهرين يصير الجميع عشرين كلّها للجمعة فيها (١) ، (والأفضل جعلها) أي

______________________________________________________

ـ غير نار يرونها) (١).

وكما يحرم السفر بعد الزوال يحرم البيع يوم الجمعة بعد الأذان لقوله تعالى : (إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) (٢) ، وأكثر الأصحاب علقوا التحريم على الأذان كما هو صريح الآية ، بل صرح بعضهم بالكراهة قبل الأذان بعد الزوال ، وعلّقه الشيخ في الخلاف على جلوس الإمام على المنبر باعتبار وقوع الأذان بين يديه ، وذهب العلامة في الإرشاد وتبعه الشارح في الروض إلى أن التعليق على الزوال لأنه السبب الموجب للصلاة ، وما النداء الوارد في الآية إلا من باب الإعلام بدخول الوقت ولذا لو فرض تأخر الأذان عن الزوال لسبب فيجب السعي ويحرم البيع وإن لم يؤذن المؤذن وهو الأجود ، ثم إن العلامة في جملة من كتبه حرم غير البيع من العقود لاشتراك الجميع في ترك السعي ، وعن المحقق في المعتبر الاقتصار على البيع لاختصاص الآية به ، وفيه : إنما خصّ البيع بالذكر لكونه هو الغالب في المعاملات الموجبة لترك السعي.

ثم لو خالف وباع أثم إلا أن البيع صحيح لأن النهي في المعاملات غير مفسد ، وذهب الشيخ إلى البطلان لأن النهي مفسد عنده مطلقا وهو ضعيف.

(١) أي في الجمعة كيوم ، ففي المدارك : «مذهب الأصحاب استحباب التنفل يوم الجمعة بعشرين ركعة زيادة عن كل يوم بأربع ركعات» ، قال العلامة (رحمه‌الله) في النهاية : «والسبب فيه أن الساقط ركعتان فيستحب الإتيان ببدلهما ، والنافلة الراتبة ضعف الفرائض ، ومقتضى ذلك اختصاص استحباب الزيادة بمن صلى الجمعة والأخبار مطلقة».

أقول : سيأتي في خبر زريق استحباب صلاة العشرين ولو صلى الظهر يوم الجمعة ، ويدل على هذه الزيادة خبر الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (إنما زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات تعظيما لذلك اليوم ، وتفرقة بينه وبين سائر الأيام) (٣).

ومثله غيره إلا أن الإسكافي ذهب إلى زيادة ست ركعات لصحيح سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن الصلاة يوم الجمعة : كم ركعة هي قبل الزوال؟ قال عليه‌السلام : ست ركعات بكرة ، وست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة ، وست ركعات بعد ـ

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٨٦ ص ٢١٤ حديث ٥٧.

(٢) الجمعة الآية : ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


العشرين (سداس) (١) مفرقة ستا ستا (في الأوقات الثلاثة) المعهودة وهي انبساط الشمس بمقدار ما يذهب شعاعها وارتفاعها وقيامها وسط النهار قبل الزوال ، (وركعتان) وهما الباقيتان من العشرين عن الأوقات الثلاثة تفعل (عند الزوال) بعده على الأفضل (٢) ، أو قبله بيسير ...

______________________________________________________

ـ ذلك ثماني عشرة ركعة ، وركعتان بعد الزوال فهذه عشرون ركعة ، وركعتان بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة) (١) ولكنه مهجور لإعراض الأصحاب عنه ، وعن الصدوقين أنه كسائر الأيام لصحيح الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة النافلة يوم الجمعة فقال : ست عشرة ركعة قبل العصر ثم قال : وكان علي عليه‌السلام : يقول ما زاد فهو خير) (٢) ولكنه لا ينافي ما دل على الزيادة.

(١) بأن يأتي ستا عند انبساط الشمس وستا عند ارتفاعها وستا قبل الزوال وبركعتين عند الزوال على المشهور وليس عليه دليل ظاهر من النصوص ففي صحيح البزنطي عن أبي الحسن عليه‌السلام : (النوافل في يوم الجمعة ست ركعات بكرة وست ركعات ضحوة وركعتين إذا زالت الشمس ، وست ركعات بعد الجمعة) (٣) ومثله خبر يعقوب بن يقطين (٤)وخبر مراد بن خارجة (٥)، نعم في صحيح سعد الأشعري إشعار بذلك لكنه مهجور عند الأصحاب لزيادة ركعتين بعد العصر.

(٢) بل بعد الفريضة ويشهد له جملة من النصوص منها : خبر محمد بن مسلم المروي في المصباح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة الجمعة قال : وقتها إذا زالت الشمس فصل الركعتين قبل الفريضة وإن أبطأت حتى يدخل الوقت هنيئة فابدأ بالفريضة ودع الركعتين حتى تصليهما بعد الفريضة) (٦).

وفي خبر حريز : (سمعته يقول : أما أنا فإذا زالت الشمس يوم الجمعة بدأت بالفريضة وأخرت الركعتين إذا لم أكن صليتهما) (٧).

وخبر سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : أيّما أفضل أقدّم الركعتين يوم الجمعة أو أصليهما بعد الفريضة؟ قال : تصليهما بعد الفريضة) (٨) والمرسل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الركعتين اللتين قبل الزوال يوم الجمعة قال : أما أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة) (٩).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥ و ٧.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١٩ و ١٠ و ١٢.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦ و ٧.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١٤ و ١٥.


على رواية (١) ، ودون بسطها كذلك جعل سنة الانبساط بين الفريضتين (٢) ، ودونه فعلها أجمع يوم الجمعة كيف اتفق (٣) ، (والمزاحم) في الجمعة (عن السجود) في

______________________________________________________

(١) ففي مرسل أبي بصير : (تقديمها أفضل من تأخيرها) (١).

وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام : سألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة قبل الأذان أو بعده؟ قال : قبل الأذان) (٢).

وخبر علي بن يقطين عن أبيه : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام : عن النافلة التي تصلى يوم الجمعة وقت الفريضة قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال : قبل الصلاة) (٣) بحمله على ما قبل الزوال ، بل أفضليتها قبل الزوال عند الشك بدخوله لخبر عبد الرحمن بن عجلان عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا كنت شاكا في الزوال فصل الركعتين وإذا استيقنت الزوال فصلّ الفريضة) (٤)، وخبر زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ربما كان يقدم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار ، فإذا كان عند زوال الشمس أذّن وجلس جلسة ثم أقام وصلى الظهر ، وكان لا يرى صلاة عند الزوال يوم الجمعة إلا الفريضة ، ولا يقدّم صلاة بين يدي الفريضة إذا زالت الشمس. إلى أن قال. وربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار وبعد ذلك ست ركعات أخر وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذّن وصلى ركعتين فما يفرغ إلا مع الزوال ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر) (٥) وهذا الخبر صريح في استحباب التنفل بعشرين ركعة يوم الجمعة لو صلى الظهر ولم يأت بالجمعة.

(٢) بحيث يصلي ستا عند ارتفاع الشمس وستا عند قيامها وركعتين عند الزوال وستا بين الجمعة والعصر وهذا ما يدل عليه صحيح البزنطي وخبر ابن يقطين وخبر مراد بن خارجة التي تقدم الكلام فيها.

(٣) فلو أتى بها أول النهار لجاز كما يدل عليه صدر خبر زريق المتقدم وخبر عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة التطوع يوم الجمعة إن شئت من أول النهار ، وما تريد أن تصليه يوم الجمعة فإن شئت عجلته فصليته من أول النهار ، أيّ النهار شئت قبل أن تزول الشمس) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٣ و ١١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٨.


الركعة الأولى (يسجد) بعد قيامهم عنه (١) ، (ويلتحق) (٢) ولو بعد الركوع (٣) ، (فإن لم يتمكن منه) إلى أن سجد الإمام في الثانية ، و (سجد مع ثانية الإمام نوى بهما) الركعة (الأولى) لأنه لم يسجد لها بعد (٤) ، ...

______________________________________________________

(١) عن السجود.

(٢) أي يلتحق بالإمام.

(٣) من الركعة الثانية للإمام بحيث لم يرفع الإمام رأسه من الركوع وإلا لو رفع لحرم عليه المتابعة لكونه مسبوقا بركن.

(٤) وتحرير المسألة على نحو يرفع الإبهام هو : لو زوحم المأموم فلم يمكنه السجود مع الإمام لم يجز له السجود على ظهر غيره أو رجليه بالاتفاق منا خلافا لبعض العامة حيث جوّز ذلك ، فإن أمكنه السجود بعد قيام الإمام واللحاق به قبل الانتهاء من الركوع فعل ذلك وصحت جمعته بلا خلاف فيه ، وقد وقع مثله في صلاة عسفان حيث سجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبقي صف لم يسجد معه ، والسبب في الجميع هو الحاجة والضرورة.

ثم إذا لم يمكنه السجود حتى سجد الإمام للثانية فيسجد معه من دون متابعته في الركوع وإلا تبطل صلاته لزيادة الركن خلافا لمالك والشافعي ، وإذا سجد معه فينوي أنهما سجدتان للأولى ثم يأتي بركعة ثانية لنفسه بعد تسليم الإمام وتصح جمعته بلا خلاف فيه بيننا.

نعم لو نوى أن السجدتين للثانية قيل بالبطلان كما عن الشيخ في النهاية والقاضي في المهذب والمحقق في المعتبر والنافع والفاضل في القواعد وجماعة لعدم جواز الاعتداد بهما ما دام لم تثبت له ركعة تامة ولو أعادهما للأولى للزم زيادة الركن وهو موجب للبطلان.

وذهب الشيخ في المبسوط والمرتضى ويحيى بن سعيد وجماعة بأنه لو سجد للثانية فيحذفهما ثم يسجد سجدتين للأولى فتكمل له ركعة ثم يتمها بأخرى لخبر حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس فكبر مع الإمام وركع ولم يقدر على السجود ، وقام الإمام والنّاس في الركعة الثانية وقام هذا معهم فركع الإمام ولم يقدر هذا على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع؟

فقال عليه‌السلام : أما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن ذلك له ، فلما سجد في الثانية فإن كان نوى هاتين السجدتين للركعة الأولى فقد تمت له الأولى ، فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعة ، فيسجد فيها ثم يتشهد ويسلّم ، وإن كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه الأولى ولا الثانية ، ـ


أو يطلق فتنصرفان إلى ما في ذمته (١).

ولو نوى بهما الثانية بطلت الصلاة لزيادة الركن في غير محله ، وكذا لو زوحم عن ركوع الأولى ، وسجودها ، فإن لم يدركهما مع ثانية الإمام (٢) فاتت

______________________________________________________

ـ وعليه أن يسجد سجدتين ينوي أنهما للركعة الأولى ، وعليه بعد ذلك ركعة ثانية يسجد فيها) (١) ونوقش بأن حفص بن غياث عامي ، وقال في الذكرى : «ليس ببعيد العمل بهذه الرواية لاشتهارها بين الأصحاب وعدم وجود ما ينافيها في هذا الباب».

(١) فيكونان للأولى وكذا مع الذهول عن القصد كما في المدارك.

(٢) فلو أدركهما مع ثانية الإمام قبل الركوع فتصح لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الإمام ألجأه الناس إلى جدار أو أسطوانة فلم يقدر على أن يركع ولا يسجد حتى رفع القوم رءوسهم ، أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : يركع ويسجد ثم يقوم في الصف ولا بأس بذلك) (٢) ، وقد رواه الشيخ في التهذيب بزيادة : (فهل يجوز له أن يركع ويسجد وحده ثم يستوي مع الناس في الصف؟ فقال عليه‌السلام : نعم لا بأس بذلك) (٣). هذا كله إذا أدرك الإمام قبل أن يرفع رأسه من ركوع الثانية ، وأما لو أدركه بعد رفع رأسه من ركوع الثانية فعن التذكرة والنهاية الإشكال في إدراكه الجمعة لأنه لم يدرك مع الإمام ركوعا ، وعن المنتهى والذكرى أنه أدرك مع الإمام ركعة حكما متمسكين بإطلاق صحيح عبد الرحمن المتقدم ، وفيه : إنه ظاهر بل صريح في اشتراط إدراكه قبل الانتهاء من الركوع.

ولو لم يدركهما حتى رفع الإمام رأسه من السجود فهل يجب عليه قطعها واستئنافها ظهرا وهو الذي تقتضيه قواعد المذهب أو يجب عليه العدول إلى الظهر لانعقادها صحيحة مع النهي عن قطعها وهو اختيار المحقق في المعتبر أو أنه يتمها جمعة لأن الجماعة إنما تعتبر ابتداء لا استدامة كما استظهره في المدارك ، وفيه : إن الجمعة قد فاتته لعدم إدراكه ركعة مع الإمام فيجب استئنافها ظهرا حينئذ. ولذا من لم يحضر الخطبة وأول الصلاة وأدرك مع الإمام ركعة صلّى جمعة بالإجماع للأخبار منها : صحيح الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من أدرك ركعة فقد أدرك الجمعة) (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٦.


الجمعة لاشتراط إدراك ركعة منها معه ، واستأنف الظهر مع احتمال العدول لانعقادها صحيحة ، والنهي عن قطعها مع إمكان صحتها (١).

(ومنها صلاة العيدين) (٢). وأحدهما عيد مشتق من العود لكثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده ، وعود السرور والرحمة بعوده ، وياؤه منقلبة عن واو ، وجمعه على أعياد غير قياس ، لأن الجمع يردّ إلى الأصل ، والتزموه كذلك للزوم الياء في مفرده وتميّزه عن جمع العود.

(وتجب) صلاة العيدين وجوبا عينيا (٣) (بشروط الجمعة) العينية (٤) ، أما

______________________________________________________

ـ وصحيح عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أدركت الإمام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها فإن أدركته وهو يتشهد فصل أربعا) (١).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع) (٢).

(١) أي صحة الجمعة كما اختاره سيد المدارك على ما تقدم.

(٢) العيدان هما اليومان المعروفان من الفطر والأضحى ، واحدهما عيد ، وياؤه منقلبة عن واو لأنه مأخوذ من العود ، إما لكثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده وإما لعود السرور والرحمة بعوده ، والجمع أعياد على غير قياس لأن حق الجمع رد الشي‌ء إلى أصله ، وإنما فعلوا ذلك للزوم الياء في مفرده وللفرق بين جمعه وبين جمع عود الخشب.

(٣) بلا شبهة ولا إشكال وهو مما لا خلاف فيه ويدل عليه قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى) (٣) ففي خبر الدعائم عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام في تفسير هذه الآية : (يعني صلاة العيد في الجبانة) (٤) وفي مرسل الفقيه : (سئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله (عزوجل):. (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى). قال : من أخرج الفطرة ، فقيل له : (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى). قال : خرج إلى الجبانة فصلى) (٥) وللأخبار منها : صحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة) (٦).

(٤) وأهمها حضور المعصوم عليه‌السلام أو نائبه بلا خلاف فيه وادعي عليه الإجماع كما عن غير ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ٥ و ٣.

(٣) الأعلى الآية : ١٤ ـ ١٥.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ واحد وللأخبار منها : موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : متى نذبح؟ قال عليه‌السلام : إذا انصرف الإمام ، قلت : فإذا كنت في أرض ليس فيها إمام فأصلي بهم جماعة؟ قال : إذا استقلت الشمس ، وقال : لا بأس بأن تصلي وحدك ولا صلاة إلا مع إمام) (١) وهو ظاهر في إمام الأصل لمقابلته مع صلاة الجماعة عند عدم حضوره عليه‌السلام ، وهو من أوضح الأخبار على اشتراط المعصوم في وجوب صلاة العيدين وإلا فقد وردت جملة من الأخبار أوردها الشيخ الحر في وسائله إلا أنه قد نوقشت بأنها غير ظاهرة في إمام الأصل أعني المعصوم بل هي ظاهرة في إمام الجماعة بحيث تشترط الجماعة في صلاة العيدين ، والمناقشة ضعيفة في بعضها وهي غير واردة في الموثق المذكور.

وخبر عبد الله بن ذبيان عن أبي جعفر عليه‌السلام : (يا عبد الله ما من يوم عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا وهو يجدد الله لآل محمد عليهم‌السلام فيه حزنا ، قلت : ولم؟ قال : إنهم يرون حقهم في أيدي غيرهم) (٢) وهو دال على أن إقامة صلاة العيدين من مناصب الإمامة كالجمعة ومما يدل على ذلك أيضا دعاء السجاد عليه‌السلام في الصحيفة السجادية وكان يدعو به في الجمعة وثاني العيدين : (اللهم إن هذا المقام مقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها وأنت المقدّر لذلك إلى أن قال. حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا) (٣).

واستشكل فيه سيد المدارك حتى ذهب صاحب الحدائق إلى وجوبها على الجامع والمنفرد في حال الغيبة وهو ضعيف لما ذكرناه من الأدلة.

واشتراط الجماعة للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه) (٤).

واشتراط العدد للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه قال : في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة) (٥).

واشتراط الخطبة سيأتي ما يدل عليه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

(٣) الصحيفة السجادية رقم الدعاء ٤٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.


التخييرية فكاختلال الشرائط (١) لعدم إمكان التخيير هنا (٢) ، (والخطبتان بعدها) (٣) بخلاف الجمعة ، ولم يذكر وقتها (٤) وهو ما بين طلوع الشمس والزوال (٥) ، وهي ركعتان (٦) كالجمعة (ويجب فيها التكبير زائدا عن المعتاد) من تكبيرة الإحرام ،

______________________________________________________

(١) والمعنى لا تجب صلاة العيدين تخييرا كعدم وجوبها إذا اختل شي‌ء من شرائطها.

(٢) لعدم وجود بدل لها بخلاف الجمعة فبدلها الظهر عند الفوات.

(٣) بلا خلاف فيه منا ومن غيرنا إلا عثمان بن عفان فقد قدّمهما على الصلاة بدعة لأنه لما أحدث إحداثه كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا فلما رأى ذلك قدم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة ويدل على ذلك أخبار كثيرة منها : خبر معاوية : (سألته عن العيدين فقال : ركعتان. إلى أن قال. والخطبة بعد الصلاة وإنما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان) (١).

وخبر محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام في صلاة العيدين : (الصلاة قبل الخطبتين بعد القراءة سبع في الأولى وخمس في الأخيرة ، وكان أول من أحدثها بعد الخطبة عثمان لما أحدث إحداثه كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا ، فلما رأى ذلك قدّم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة) (٢).

(٤) أي وقت صلاة العيد.

(٥) على المشهور ويدل على أن أول وقتها طلوع الشمس أخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (ليس يوم الفطر ولا يوم الأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا) (٣) وتنزيل الطلوع منزلة الأذان مشعر بدخول وقتها حينئذ.

وعن جماعة من القدماء التصريح بأن وقتها عند الطلوع أو عند انبساطها فلا بد من حمله على وقت الفضيلة.

ويدل على أن انتهاء وقتها عند الزوال صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا شهد عند الإمام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، فإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم وأخّر الصلاة إلى الغد فصلى بهم) (٤).

(٦) بلا خلاف ويدل على ذلك الأخبار الكثيرة وسيأتي التعرض لبعضها.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.


وتكبير الركوع والسجود (خمسا في) الركعة (الأولى وأربعا في الثانية) بعد القراءة فيهما في المشهور (١) (والقنوت بينهما) على وجه التجوز (٢) ، وإلّا فهو بعد كلّ تكبيرة ، وهذا التكبير والقنوت جزءان منها (٣) ، فيجب حيث تجب ، ويسنّ حيث تسنّ ، فتبطل بالإخلال بهما عمدا على التقديرين.

(ويستحبّ) القنوت (بالمرسوم) (٤) وهو : «اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة» إلى

______________________________________________________

(١) ففي صحيح إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام في صلاة العيدين قال : (يكبّر واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ أم الكتاب وسورة ، ثم يكبّر خمسا يقنت بينهن ، ثم يكبّر واحدة ويركع بها ، ثم يقوم فيقرأ أم الكتاب وسورة يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية والشمس وضحاها ثم يكبّر أربعا ويقنت بينهن ثم يركع بالخامسة) (١).

وما ورد من تعيين السورة محمول على الفضل لصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن التكبير في العيدين قال : سبع وخمس وقال : صلاة العيدين فريضة ، وسألته ما يقرأ فيهما؟ قال : والشمس وضحاها وهل أتاك حديث الغاشية وأشباههما) (٢) ، وما ورد من كون التكبير ثلاثا بعد القراءة وإن شاء خمسا وإن شاء سبعا كما في صحيحة زرارة (٣) فهو متروك عند الأصحاب ، وعن ابن الجنيد جعل التكبير في الأولى قبل القراءة وفي الثانية بعد القراءة لجملة من النصوص منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (التكبير في العيدين في الأولى سبع قبل القراءة ، وفي الآخرة خمس بعد القراءة) (٤) ولكن الطائفة الأولى أشهر وعليها العمل لمخالفتها للعامة.

(٢) لأنه لا تكبير بعد الأخيرة.

(٣) ذهب الشيخ في أحد قوليه والمحقق إلى أنهما مستحبان لصحيح زرارة المتقدم من جعل التكبير ثلاثا وإن شاء خمسا وإن شاء سبعا وهو ظاهر في استحباب التكبير ويكون القنوت تابعا له ، والأكثر على الوجوب للنصوص التي تقدم بعضها والدالة على تحديد التكبير بالخمس في الأولى وبالأربع في الثانية.

(٤) ففي خبر محمد بن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (تقول بين كل تكبيرتين في صلاة العيدين : اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت ، وأهل العفو والرحمة وأهل التقوى والمغفرة ، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذخرا ومزيدا ، أن تصلي على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت على عبد من ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٠ و ٤ و ١٧.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٨.


آخره ، ويجوز بغيره (١) ، وبما سنح (٢) ، (ومع اختلال الشروط) الموجبة (٣) (تصلّى جماعة ، وفرادى مستحبا) (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ عبادك ، وصل على ملائكتك ورسلك ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، اللهم إني أسألك خير ما سألك عبادك المرسلون ، وأعوذ بك من شرّ ما عاذ بك منه عبادك المرسلون) (١) ، وفي خبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا كبّر في العيدين قال بين كل تكبيرتين : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم أهل الكبرياء) (٢) إلى آخر ما ذكر في الخبر السابق.

(١) كما في خبر بشر بن سعيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تقول في دعاء العيدين بين كل تكبيرتين : الله ربي أبدا والإسلام ديني أبدا ، ومحمد نبيّي أبدا ، والقرآن كتابي أبدا ، والكعبة قبلتي أبدا ، وعلي وليّي أبدا ، والأوصياء أئمتي أبدا وتسمّيهم إلى آخرهم ، ولا أحد إلا الله) (٣).

لكن العمل على ما في مصباح الشيخ : (فإذا كبر قال : اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت ، وأهل العفو والرحمة وأهل التقوى والمغفرة ، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد ، وأن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد صلواتك عليه وعليهم ، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون ، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك الصالحون) (٤) وفي نسخة (عبادك المخلصون).

(٢) لاختلاف ألفاظ الدعاء في الأخبار الكاشف عن استحبابه وعن جواز الدعاء بما شاء المصلي ولصحيح محمد بن مسلم. عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن الكلام الذي يتكلم به فيما بين التكبيرتين في العيدين ، قال : ما شئت من الكلام الحسن) (٥) ، وإن كان الأولى الاقتصار على ما ورد عنهم عليهم‌السلام لأنهم أعرف من غيرهم بالخطاب ومقتضى الحال.

(٣) أي الموجبة للصلاة.

(٤) على الأكثر للأخبار منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من لم يشهد جماعة

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢ و ٣ و ٤.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.


ولا يعتبر حينئذ (١) تباعد العيدين بفرسخ (٢). وقيل مع استحبابها تصلّى فرادى

______________________________________________________

ـ الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد ، وليصل في بيته وحده كما يصلي في جماعة) (١).

وخبر منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (مرض أبي يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثم ضحى) (٢).

وخبر الإقبال : (روى محمد بن أبي قرة بإسناده عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن صلاة الأضحى والفطر فقال : صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة) (٣).

وعن الصدوق في المقنع وابن أبي عقيل عدم المشروعية مطلقا لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى قال : ليس صلاة إلا مع إمام) (٤) ومقتضى الجمع حمله على نفي الوجوب لا المشروعية وعن المرتضى وأبي الصلاح بل وعن المفيد والشيخ في التهذيب والمبسوط تعيّن الانفراد بها ولا تصح حينئذ جماعة ، بل في الرياض : «قواه من فضلاء المعاصرين جماعة» لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (هل يؤم الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو في بيت؟ قال : لا يؤم بهنّ ولا يخرجن وليس على النساء خروج) (٥) ، وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا صلاة في العيدين إلا مع الإمام فإن صليت وحدك فلا بأس) (٦).

وفيه : إن النهي في الأول لعدم الجماعة على النساء ، والثاني غير صريح في تعين الانفراد إذا لم يكن إمام الأصل فضلا عن موثق سماعة الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : متى يذبح؟ قال : إذا انصرف الإمام ، قلت : فإذا كنت في أرض. قرية. ليس فيها إمام فأصلي بهم جماعة فقال : إذا استقلت الشمس ، وقال : لا بأس أن تصلي وحدك ولا صلاة إلا مع إمام) (٧) فتقريره عليه‌السلام على صلاتها جماعة دليل على مشروعيتها كذلك.

(١) أي حين استحبابها.

(٢) اعلم أن المشهور إذا وجبت صلاة العيد وجب أن تكون المسافة بينها وبين الصلاة الثانية فرسخ فما زاد كما اشترط في الجمعة ، واستدل له بخبر ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال الناس لعلي عليه‌السلام : ألا تخلف رجلا يصلي بضعفة الناس في العيدين؟ ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٣ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد الحديث ٥ و ٦.


خاصة ، وتسقط الخطبة في الفرادى (١) ، (ولو فاتت) في وقتها لعذر وغيره (لم تقض) في أشهر القولين للنصّ (٢) ، وقيل : تقضى كما فاتت ، وقيل : أربعا مفصولة وقيل : موصولة وهو ضعيف المأخذ.

______________________________________________________

ـ فقال : لا أخالف السنة) (١) بناء على أن المطلوب هو صلاة ثانية في البلد الواحد ، وفيه : إن المطلوب هو صلاة ثانية في المسجد في قبال صلاة المعصوم في الصحراء ويدل عليه خبر الدعائم : (قيل له : يا أمير المؤمنين. عليه‌السلام. لو أمرت من يصلي بضعفاء الناس يوم العيد في المسجد قال : إني أكره أن أسنن سنة لم يستنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) ، وعليه فالذي كره عليه‌السلام هو الصلاة في المسجد لا تكرار الصلاة في البلد ولا أقل من الاحتمال الموجب للإجمال واستدل لاعتبار الوحدة بسيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث لم يعلم إقامة صلاتين في بلد واحد ، وفيه : إنه لا يدل على المنع كما هو واضح إذ عدم الفعل أعم من الحرمة ومن عدم الضرورة لتكرار الفعل ولذا توقف العلامة في التذكرة والنهاية في اشتراط ذلك ، وتابعه سيد المدارك.

وعن الشهيدين في الذكرى والدروس وروض الجنان إن هذا الشرط معتبر عند وجوب الصلاة ، وأما مع مندوبيتها فلا يمنع التعدد إذ لا دليل على اعتبار الوحدة في هذا الحال.

(١) لانتفاء المقتضي إذ لا يوجد سامع في البين.

(٢) وهو صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه) (٣) وهذا ما عليه المشهور سواء كانت الصلاة واجبة أو مندوبة وسواء كان فواتها عمدا أو لعذر للإطلاق.

وعن ابن إدريس يستحب قضاؤها لصحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا شهد عند الإمام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، فإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم وأخّر الصلاة إلى الغد فصلى بهم) (٤) ، ومرفوع محمد بن أحمد : (إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم) (٥) والعمل عليها لأن صحيح زرارة ناظر إلى نفي القضاء ـ

__________________

(١ و ٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٦ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٢.


(ويستحبّ الإصحار بها) (١) ، مع الاختيار للاتباع (٢) (إلا بمكة) فمسجدها أفضل (٣) (وأن يطعم) بفتح حرف المضارعة فسكون الطاء ففتح العين مضارع طعم بكسرها كعلم أي يأكل (في) عيد (الفطر قبل خروجه) إلى الصلاة ، (وفي الأضحى بعد عوده من أضحيّته) بضم الهمزة وتشديد الياء ، للاتباع (٤) ، والفرق

______________________________________________________

ـ على من فاتته الصلاة الواجبة وهذا لا ينافي استحبابها بعد خروج وقتها إذا كان لعذر عدم العلم بالعيد كما هو مورد الخبرين الأخيرين ، وموافقتهما للعامة لا توجب طرحهما لعدم المعارض لهما ولذا نفى البأس عن هذا القول سيد المدارك ونسب إلى الكليني من القدماء. وعن ابن الجنيد أنه من فاتته صلاة العيد قضاها أربعا مفصولات ، يعني بتسليمتين ، وعن علي بن بابويه أنه قضاها أربعا موصولات يعني بتسليمة واحدة ويشهد لهما خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا) (١) وفيه : إن أبا البختري عامي وهو ضعيف وكذاب كما في رجال النجاشي والفهرست ، وقال الشهيد في الذكرى : «لم نقف على مأخذهما ورواية الأربع مع ضعف سندها مطلقة» ، وذلك لعدم دلالتها على أن الأربع قضاء ولذا حملها الشيخ في التهذيب على الجواز والتخيير بين أن يصلي ركعتين كصلاة العيد وبين أربع كيف شاء من غير أن يقصد بها القضاء.

(١) للأخبار منها : معتبرة علي بن رئاب عن أبي بصير. يعني ليث المرادي. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا ينبغي أن تصلي صلاة العيدين في مسجد مسقف ، ولا في بيت إنما تصلي في الصحراء أو في مكان بارز) (٢).

(٢) أي للتأسي كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يخرج حتى ينظر إلى آفاق السماء وقال : لا تصلين يومئذ على بساط ولا بارية) (٣) ومثله غيره.

(٣) لخبر حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام : (السنة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلا أهل مكة ، فإنهم يصلون في المسجد الحرام) (٤) ومثله غيره.

(٤) لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يأكل يوم الأضحى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢ و ١٠ و ٣.


لائح (١) وليكن الفطر في الفطر ، على الحلو للاتباع (٢) ، وما روي (٣) شاذا من الإفطار فيه على التربة المشرّفة محمول على العلّة جمعا (ويكره التنفّل قبلها) (٤) بخصوص القبلية (٥) ، (وبعدها) إلى الزوال بخصوصه للإمام والمأموم (٦) (إلا بمسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فإنه يستحبّ أن يقصده الخارج إليها (٧) ويصلّي به ركعتين قبل

______________________________________________________

ـ شيئا حتى يأكل من أضحيته ، ولا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الفطرة ، ثم قال : وكذلك نفعل نحن) (١).

(١) إذ صلاة عيد الفطر متوقف على الإفطار قبلها بخلاف صلاة عيد الأضحى فلا يتوقف على الإفطار قبلها بل هو متوقف على الأضحية قبلها.

(٢) لخبر الجعفريات : (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا أراد أن يخرج إلى المصلى يوم الفطر كان يفطر على تمرات أو زبيبات) (٢) ، وفي فقه الرضا : (والذي يستحب الإفطار عليه في يوم الفطر الزبيب ، والتمر وأروي عن العالم عليه‌السلام الإفطار على السكر) (٣).

(٣) لخبر النوفلي : (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إني أفطرت يوم الفطر على طين وتمر فقال لي : جمعت بركة وسنة) (٤) ، وفي الفقه الرضوي : (وروي أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسين عليه‌السلام) (٥).

(٤) أي قبل صلاة العيدين.

(٥) أي ليس هناك سبب للكراهة إلا قبلية صلاة العيدين وبعديتها.

(٦) ففي خبر محمد بن مسلم : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في الفطر والأضحى قال : ليس فيهما أذان ولا إقامة وليس بعد الركعتين ولا قبلهما صلاة) (٦) ومثله غيره ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صلاة العيدين مع الإمام سنة ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلى الزوال) (٧) ، وصحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا تقض وتر ليلتك إن كان فاتك حتى تصلي الزوال في يوم العيدين) (٨).

(٧) أي إلى صلاة العيد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٢ و ٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١ و ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٤.

(٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٩.


خروجه للاتباع (١). نعم لو صليت (٢) في المساجد لعذر ، أو غيره استحبّ صلاة التحية للداخل (٣) وإن كان مسبوقا والإمام يخطب لفوات الصلاة (٤) المسقط (٥) للمتابعة (٦) (ويستحب التكبير) في المشهور (٧) ، وقيل يجب للأمر به (في الفطر)

______________________________________________________

(١) لخبر محمد بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ركعتان من السنة ليس تصليان في موضع إلا في المدينة ، قال : تصلى في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العيد قبل أن يخرج إلى المصلى ليس ذلك إلا بالمدينة ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله) (١).

(٢) أي صلاة العيد.

(٣) قال الشارح في الروض : «ولو أقيمت الصلاة في مسجد لعذر استحب صلاة التحية فيه أيضا لأنه موضع ذلك ، قال في التذكرة : وصلى وإن كان الإمام يخطب ولا يصلي العيد لأنه إنما سنّ له الاشتغال مع الإمام بما أدرك ، لا قضاء ما فاته» انتهى.

(٤) أي صلاة العيد وقد فاتته لأن الخطبة بعد الصلاة في العيد.

(٥) صفة للفوات.

(٦) أي متابعة الإمام فما دام قد فاتته صلاة العيد مع الإمام فلا يلزم المأموم متابعة الإمام في الخطبة فلا مانع من الاشتغال بصلاة التحية حينئذ.

(٧) خلافا للمرتضى في الانتصار حيث ذهب للوجوب ، ومستند المشهور رواية سعيد النقاش : (قال أبو عبد الله عليه‌السلام لي : أما أن في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون ، قال : قلت : وأين هو؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة ، وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد ثم يقطع ، قال : قلت : كيف أقول؟ قال : تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا ، وهو قول الله (عزوجل) (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ). يعني الصيام. (وَلِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلىٰ مٰا هَدٰاكُمْ) (٢). وهو صريح في الاستحباب وعليه يحمل خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (كتب إلى المأمون : والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات ويبدأ به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر) (٣) ، وخبر الأعمش : (والتكبير في العيدين واجب ، أما في الفطر ففي خمس صلوات مبتدأ به من صلاة المغرب ليلة الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر وهو أن يقال : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على أما أبلانا لقوله (عزوجل):. (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّٰهَ عَلىٰ مٰا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٠.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢ و ٥.


عقيب أربع) صلوات (أولها المغرب ليلته (١) ، وفي الأضحى (٢) عقيب خمس عشرة) صلاة للناسك (بمنى (٣) ، و) عقيب (عشر بغيرها) ، وبها لغيره (٤) (أولها ظهر يوم النحر) وآخرها صبح آخر التشريق ، أو ثانيه (٥) ولو فات بعض هذه الصلوات كبّر

______________________________________________________

ـ هَدٰاكُمْ). وبالأضحى في الأمصار في دبر عشر صلوات مبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث ، وفي منى في دبر خمس عشرة صلاة مبتدئا به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع ، ويزاد في هذا التكبير : والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام) (١).

(١) أي ليلة العيد وينتهي عقيب صلاة العيد كما هو المشهور ويدل عليه خبر النقاش المتقدم ، وعن الصدوق ضم الظهرين إلى هذه الصلوات الأربع ومستنده خبر الأعمش المتقدم ، والحمل على اختلاف مراتب الفضل هو المتعين ، وعن ابن الجنيد ضم النوافل أيضا ولم يعرف مستنده ، وقيل : إن مستنده هو حسن ذكر الله على كل حال وهو كما ترى.

(٢) ومستند الاستحباب فيه صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام : (سألته عن التكبير أيام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال : يستحب فإن نسي فليس عليه شي‌ء) (٢).

(٣) أولها ظهر يوم العيد وآخرها صبح اليوم الثالث عشر كما في خبر الأعمش المتقدم وصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات فقال : التكبير في منى في دبر خمس عشرة صلاة وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات ، وأول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر تقول فيه : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام. وإنما جعل في سائر الأمصار في دبر عشر صلوات لأنه إذا نفر الناس في النفر الأول أمسك أهل الأمصار عن التكبير ، وكبّر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير) (٣).

(٤) أي وبعشر لغير الناسك إن كان بمنى ، لأن التكبير عقيب خمس عشرة كما في الأخبار لمن كان في منى منصرف إلى خصوص الناسك فيها.

(٥) أي ثاني أيام التشريق لمن كان بغير منى أو لغير الناسك بها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٢.


مع قضائها (١) ، ولو نسي التكبير خاصة أتى به حيث ذكر (٢) (وصورته : «الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر على ما هدانا» (٣) ، ويزيد في) تكبير (الأضحى) على ذلك (الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام) (٤) وروي فيهما (٥) غير ذلك بزيادة ونقصان (٦) ، وفي الدروس اختار : «الله أكبر» ثلاثا ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر الحمد لله على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا» والكل جائز (٧) ، وذكر الله حسن على كل حال.

(ولو اتفق عيد وجمعة (٨) تخير القرويّ) الذي حضرها في البلد من قرية قريبة

______________________________________________________

(١) أي قضاء هذه الصلاة الفائتة ولو في غير أيام التشريق لعموم اقض ما فات كما فات ، مع أن في الأخبار اختصاص التكبير عقيب هذه الصلوات في أيام التشريق فقط.

(٢) وإن كان الأمر بالتكبير عقيب الصلوات لكن مع النسيان فيؤتى بالتكبير عند الالتفات لقاعدة الميسور والمعسور ، مع أنه قد تقدم صحيح علي بن جعفر بعدم التكبير لو نسيه عقيب الصلاة.

(٣) على المشهور مع زيادة (وله الشكر على ما أولانا) ، والذي يدل على تثنية التكبير أولا خبر النقاش المتقدم المروي في بعض نسخ التهذيب وخبر الأعمش المتقدم ، مع أن خبر النقاش المروي في الكافي والفقيه وأكثر نسخ التهذيب تثليث التكبير أولا كما نقلناه سابقا.

وفي خبر النقاش المتقدم : (لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد) والتحميد الأخير محذوف في قول المشهور ، بل عبارات الأصحاب مختلفة في كيفية التكبير اختلافا فاحشا والعمدة فيه خبر النقاش المتقدم.

(٤) كما في خبر الأعمش المتقدم.

(٥) في التكبيرين في الفطر والأضحى.

(٦) راجع الوسائل الباب. ٢٠ و ٢١. من أبواب صلاة العيد.

(٧) إما لأنه مروي وإما لحسن ذكر الله على كل حال.

(٨) يتخير من صلى العيد في حضور الجمعة على المشهور بين الأصحاب لصحيح الحلبي : (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة فقال : اجتمعا في زمان علي عليه‌السلام فقال : من شاء أن يأتي الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر) (١). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.


كانت ، أم بعيدة ، (بعد حضور العيد في حضور الجمعة) فيصلّيها واجبا (١) وعدمه (٢) فتسقط ويصلّي الظهر ، فيكون وجوبها عليه تخييريا (٣) ، والأقوى عموم التخيير (٤) لغير الإمام ، وهو الذي اختاره (٥) المصنف في غيره (٦) أما هو (٧) فيجب عليه الحضور (٨) ، فإن تمت الشرائط صلّاها ، وإلّا سقطت عنه ، ويستحبّ له

______________________________________________________

ـ وخصّ ابن الجنيد الرخصة بالبعيد النائي لخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان يقول : إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي للإمام أن يقول للناس في خطبته الأولى إنه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصليهما جميعا ، فمن كان مكانه قاصيا فأحبّ أن ينصرف عن الآخر فقد أذنت له) (١) ، وخبر سلمة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (اجتمع عيدان على عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام فخطب الناس فقال : هذا يوم اجتمع فيه عيدان فمن أحبّ أن يجمع معنا فليفعل ، ومن لم يفعل فإن له رخصة ، يعني من كان متنحيا) (٢). وهما صريحان في تخصيص الرخصة بالنائي ولذا عمل بهما جماعة من المتأخرين.

ثم إن الرخصة للمأموم فقط لعدم ظهور النصوص فيما يشمله بل ظاهر خبر إسحاق خلافه فيجب على الإمام الحضور كما قطع بذلك جمع من الأصحاب منهم السيد المرتضى ، فما عن الشيخ في الخلاف من تخيير الإمام أيضا ليس في محله.

وعن القاضي والحلبيين عدم الرخصة لقصور النصوص عن تخصيص أدلة وجوب الجمعة ، وفيه : إن خبر الحلبي صحيح السند ومؤيد بعمل الأصحاب فيتعين العمل به.

(١) أي الجمعة عند حضوره.

(٢) أي عدم الحضور.

(٣) بعد ما كانت عليه عينا.

(٤) للنائي وغيره من المأمومين كما هو المشهور لإطلاق صحيح الحلبي لكن عرفت بلا بدية تقييده.

(٥) أي اختار عموم التخيير.

(٦) في غير هذا الكتاب.

(٧) أي الإمام.

(٨) قد تقدم الكلام فيه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣ و ٢.


إعلام الناس بذلك في خطبة العيد (١).

(ومنها. صلاة الآيات)

جمع آية وهي العلامة ، سمّيت بذلك (٢) الأسباب (٣) المذكورة لأنها علامات على أهوال الساعة ، وأخاويفها (٤) ، وزلازلها ، وتكوير الشمس ، والقمر ، (و) الآيات التي تجب لها الصلاة (هي الكسوفان) (٥) كسوف الشمس ، وخسوف القمر

______________________________________________________

(١) تأسيا بأمير المؤمنين كما في صحيح الحلبي وخبر سلمة المتقدمين ، بل وهو مما ينبغي فعله على كل إمام كما في خبر إسحاق بن عمار المتقدم.

(٢) أي بالآيات.

(٣) نائب فاعل لفعل (سميت) ، وتسمى هذه الصلاة بصلاة الكسوف الشامل لاحتجاب القمرين لكثرة وقوعه بالنسبة إلى غيره من الآيات ، مع ورود أكثر النصوص به ففي صحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن) (١) ، وفي خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (إنما جعل للكسوف صلاة ، لأنه من آيات الله (تبارك وتعالى) ، لا يدرى الرحمة ظهرت أم لعذاب؟ فأحبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها ، كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا إلى الله (عزوجل)) (٢).

(٤) جمع أخواف الذي هو جمع خوف.

(٥) بالاتفاق للأخبار منها : خبر علي بن عبد الله عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام : (لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جرت فيه ثلاث سنن ، أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس : انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، يجريان بأمره مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ، ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من صلاة الكسوف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من صلاة الكسوف حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١٠.


ثناهما باسم أحدهما تغليبا (١) ، أو لإطلاق الكسوف عليهما حقيقة ، كما يطلق الخسوف على الشمس أيضا ، واللام للعهد الذهني وهو الشائع من كسوف النيرين ، دون باقي الكواكب (٢) ، وانكساف الشمس بها (٣) (والزلزلة) (٤) وهي رجفة الأرض (والريح السوداء أو الصفراء ، وكلّ مخوّف سماويّ) (٥) كالظلمة

______________________________________________________

(١) قال في القاموس : «يقال كسف الشمس والقمر كسوفا احتجبا كانكسفا ، والله إياهما حجبهما ، والأحسن في القمر خسف وفي الشمس كسفت» ، وعن الجوهري في الصحاح جعل انكسفت الشمس من كلام العامة ، وهو وهم لأن الأخبار مملوءة به كالخبر المتقدم.

(٢) أي دون كسوف باقي الكواكب فلا تجب الصلاة لعدم دليل عليه في النصوص والأصل البراءة.

(٣) أي بالكواكب فلا تجب الصلاة كما هو المشهور لانصراف الأخبار عنه وظهوره بانكساف الشمس والقمر فقط لأنه المتعارف.

(٤) لخبر سليمان الديلمي : (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الزلزلة ما هي؟ فقال : آية ، ثم ذكر سببها. إلى أن قال. قلت : فإذا كان ذلك ما أصنع؟ قال : صلّ صلاة الكسوف) (١) ومثله غيره ، وهو مطلق سواء حصل منها خوف أو لا.

(٥) على المشهور لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم : (قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى لها؟ فقال عليه‌السلام : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن) (٢) ، وعن البعض ولم يعرف قائله كما في الشرائع الاستحباب ، ونقل عن أبي الصلاح عدم تعرضه لغير الكسوفين وعلى كل فاستدل له : بمرسل الفقيه : (وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا هبّت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغيّر وجهه واصفر لونه وكان كالخائف الوجل حتى تنزل من السماء قطرة من مطر فيرجع إليه لونه ويقول : جاءتكم بالرحمة) (٣) وظاهره ترك النبي للصلاة.

وفيه : أنه ليس في مقام بيان ما يجب فعله عند حدوث الريح حتى يستكشف من عدم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١.

(٣) الفقيه باب ٨١ ، حديث ٢٠.


السوداء أو الصفراء المنفكة عن الريح ، والريح العاصفة زيادة على المعهود وإن انفكت عن اللونين (١) أو اتصفت بلون ثالث.

وضابطه : ما أخاف معظم الناس (٢) ، ونسبة الأخاويف إلى السماء باعتبار كون بعضها فيها (٣) ، أو أراد بالسماء مطلق العلو ، أو المنسوبة إلى خالق السماء ونحوه (٤) لإطلاق نسبته (٥) إلى الله تعالى كثيرا. ووجه وجوبها للجميع صحيحة زرارة (٦) عن الباقر عليه‌السلام المفيدة للكل ، وبها يضعّف قول من خصّها بالكسوفين (٧) ، أو أضاف إليهما شيئا مخصوصا كالمصنف في الألفية (٨).

وهذه الصلاة ركعتان في كل ركعة سجدتان ، وخمس ركوعات ، وقيامات (٩) ، ...

______________________________________________________

ـ الذكر عدم وجوب الصلاة بالإضافة إلى صحيح ابن مسلم ويريد عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام : (إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة) (١).

(١) الأسود والأصفر.

(٢) إذ لا عبرة بخوف النادر أو بغير المخوف لأن النصوص بعضها مختص بالخوف وبعضها لا يعم غيره.

(٣) أي في السماء فيشمل ما لو كان المخوّف أرضيا كما عن جماعة وفيه : إن النصوص منصرفة عنه بل بعضها ظاهر في المخوف السماوي فقط كصحيح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم : (كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن).

(٤) كخالق السماء وفاطر السماء ولو ترك لفظ «ونحوه» لكان أولى.

(٥) أي نسبة السماوي.

(٦) بل صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وقد تقدمت أكثر من مرة.

(٧) كأبي الصلاح لأنه ترك ذكر غيرهما.

(٨) حيث قال فيها. على ما نقل. «وأما الآيات فهي الكسوفان والزلزلة وكل ريح مظلمة سوداء أو مخوّفة».

(٩) أي وخمس قيامات.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الآيات حديث ٤.


وقراءات (١) (ويجب فيها النية ، والتحريمة ، وقراءة الحمد ، وسورة ، ثم الركوع ،)

______________________________________________________

(١) أي وخمس قراءات كل ذلك للأخبار منها : خبر عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام : (انكسفت الشمس في زمان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلى بالناس ركعتين) (١).

وصحيح الفضلاء عن كليهما أو أحدهما عليهما‌السلام : (إن صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات ، صلاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والناس خلفه في كسوف الشمس. إلى أن قال. فتكبر بافتتاح الصلاة ثم تقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع ثانية ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الثالثة ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الرابعة ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثم تخرّ ساجدا فتسجد سجدتين ، ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى ، قلت : وإن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرّقها. ففرّقها. بينها؟ قال : أجزأه أم الكتاب في أول مرة ، فإن قرأ خمس سور مع كل سورة أم الكتاب ، والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع إذا فرغت من القراءة ، ثم تقنت في الرابعة مثل ذلك ، ثم في السادسة ، ثم في الثامنة ، ثم في العاشرة) (٢).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة الكسوف كسوف الشمس والقمر ، قال : عشر ركعات وأربع سجدات يركع خمسا ثم يسجد في الخامسة ، ثم يركع خمسا ثم يسجد في العاشرة ، وإن شئت قرأت سورة في كل ركعة وإن شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة ، فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب ، وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى ، ولا تقل سمع الله لمن حمده في رفع رأسك من الركوع إلا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها) (٣).

وهما متضمنان لغالب أحكام صلاة الكسوف وعليهما العمدة والعمل مع صحيح زرارة ومحمد بن مسلم الآتي ذكره وما ورد أنها ركعتان في أربع سجدات وأربع ركعات كما في خبر أبي البختري (٤) أو أنها ثمان ركعات كما يصلي ركعة وسجدتين كما في خبر أبي بصير (٥) فهو مردود إلى أهله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١ و ٧.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٤ و ٥.


(ثم يرفع) رأسه منه إلى أن يصير قائما مطمئنا ، (ويقرأهما) (١) هكذا (خمسا ثم يسجد سجدتين ، ثم يقوم إلى الثانية ويصنع كما صنع أولا) هكذا هو الأفضل (ويجوز) له الاقتصار على (قراءة بعض السورة) ولو آية (الكل ركوع. ولا يحتاج إلى) قراءة (الفاتحة إلا في القيام الأول) ومتى اختار التبعيض (فيجب إكمال سورة في كل ركعة مع الحمد مرة) بأن يقرأ في الأول (٢) الحمد وآية ، ثم يفرّق الآيات عل باقي القيامات بحيث يكملها في آخرها ، (ولو أتم مع الحمد في ركعة سورة) أي قرأ في كل قيام منها الحمد وسورة تامة (وبعّض في) الركعة (الأخرى) كما ذكر (جاز (٣) بل لو أتم السورة في بعض الركوعات ، وبعّض في آخر جاز) (٤).

والضابط : أنه متى ركع عن سورة تامة وجب في القيام عنه (٥) الحمد ويتخير بين إكمال سورة معها (٦) وتبعيضها (٧) ، ومتى ركع عن بعض سورة تخيّر في القيام بعده (٨) بين القراءة من موضع القطع (٩) ...

______________________________________________________

(١) أي الحمد وسورة.

(٢) أي في القيام الأول.

(٣) كما يستفاد ذلك من صحيح الرهط المتقدم.

(٤) كما يستفاد من صحيح الحلبي المتقدم.

(٥) عن هذا الركوع.

(٦) مع الحمد.

(٧) أي تبعيض السورة.

(٨) بعد الركوع.

(٩) بالنسبة للسورة ويدل عليه صحيح زرارة ومحمد بن مسلم : (سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن صلاة الكسوف كم هي ركعة أو كيف نصليها؟ فقال : هي عشر ركعات وأربع سجدات ، تفتتح الصلاة بتكبيرة وتركع بتكبيرة وترفع رأسك بتكبيرة إلا في الخامسة التي تسجد فيها وتقول : سمع الله لمن حمده ، وتقنت في كل ركعتين قبل الركوع فتطيل القنوت والركوع على قدر القراءة والركوع والسجود ، فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعد وادع الله حتى ينجلي فإن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتمّ ما بقي وتجهر بالقراءة ، قلت : كيف القراءة فيها؟ فقال : إن قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب ، فإن نقصت من السور شيئا فاقرأ من حيث نقصت ولا تقرأ فاتحة الكتاب ، قال : وكان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحجر إلا أن يكون إماما يشقّ على من خلفه ، وإن ـ


ومن غيره (١) من السورة متقدّما ومتأخرا ، ومن غيرها (٢) ، وتجب إعادة الحمد فيما عدا الأول (٣) مع احتمال عدم الوجوب (٤) في الجميع (٥). ويجب مراعاة سورة (٦) فصاعدا (٧) في الخمس ومتى سجد وجب إعادة الحمد سواء كان سجوده عن سورة تامة (٨) أم بعض سورة (٩) كما لو كان قد أتم سورة قبلها في الركعة ، ثم له

______________________________________________________

ـ استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنّك بيت فافعل ، وصلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر ، وهما سواء في القراءة والركوع والسجود) (١).

وهو ظاهر في وجوب القراءة من حيث ما قطع من السورة وهو الحجة على الشهيدين حيث جوزا القراءة من أي موضع شاء من السورة سواء كان من حيث قطع أو متقدما عليه أو متأخرا عنه ، وهو ظاهر في وجوب إكمال السورة المقطوعة وهو الحجة على الشهيدين تبعا للشيخ في المبسوط من جواز رفضها وقراءة غيرها.

(١) أي من غير موضع القطع من السورة متقدما أو متأخرا وقد عرفت ضعفه.

(٢) أي من غير السورة المقطوعة بحيث يتركها ويشرع بسورة أخرى وقد عرفت ضعفه.

(٣) أي فيما عدا لو شرع في الركوع التالي من موضع قطع السورة في الركوع السابق ، وقد عرفت تعين الشروع من موضع القطع فالقول بوجوب الحمد في غيره لا دليل عليه.

(٤) عدم وجوب الحمد.

(٥) سواء شرع من موضع القطع ، أو من غيره من السورة متقدما أو متأخرا ، أو من غيرها وقد عرفت تعين الأول فقط وعرفت عدم وجوب الحمد فيه.

(٦) في خمسة قيامات بعد قراءة الحمد في القيام الأول.

(٧) بعد قراءة الحمد لكل سورة لصحيح الرهط المتقدم : (فمع كل سورة أم الكتاب) وصحيح الحلبي المتقدم : (وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى) أي تستأنف سورة ثانية فتقرأ فاتحة الكتاب ، وفي صحيحي البزنطي وابن جعفر : (إذا ختمت سورة وبدأت بأخرى فاقرأ فاتحة الكتاب) (٢).

(٨) وهو المتعين لأن النصوص الدالة على تفريق السورة إنما تدل على تفريقها بين الركوعات في الركعة الأولى وعليه فلا إطلاق فيها حتى يتمسك به لجواز تبعيض السورة بين ركوعات الركعة الأولى وركوعات الثانية وإن ادعاه البعض وتمسك به حتى قيل بأنه لا خلاف فيه ظاهر.

(٩) فيجب الحمد في الركعة الثانية ، ويكون قراءتها في أول القيام الأول ، واحتمل في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١٣.


أن يبني على ما مضى ، أو يشرع في غيرها ، فإن بنى عليها وجب سورة غيرها كاملة (١) في جملة الخمس.

(ويستحبّ القنوت عقيب كلّ زوج) من القيامات تنزيلا لها منزلة الركعات ، فيقنت قبل الركوع الثاني والرابع وهكذا (٢) ، (والتكبير للرفع من الركوع) في الجميع (٣) عدا الخامس والعاشر من غير تسميع (٤) ، وهو (٥) قرينة كونها (٦) غير ركعات (والتسميع) وهو قول «سمع الله لمن حمده» (في الخامس والعاشر خاصة) (٧) تنزيلا للصلاة منزلة ركعتين (٨). هكذا ورد النصّ (٩) بما يوجب اشتباه

______________________________________________________

ـ التذكرة عدم وجوب الحمد حينئذ لعدم إتمام السورة وقد عرفت أن المبنى ضعيف لوجوب إتمام السورة في الركعة الأولى بركوعاتها الخمسة.

(١) بعد قراءة الحمد.

(٢) لصحيح الرهط المتقدم.

(٣) لصحيح زرارة ومحمد المتقدم : (تفتتح الصلاة بتكبيرة وتركع بتكبيرة وترفع رأسك بتكبيرة إلا في الخامسة التي تسجد فيها وتقول : سمع الله لمن حمده).

(٤) في الجميع عدا الخامس والعاشر.

(٥) أي عدم التسميع إلا في الخامس والعاشر.

(٦) أي كون الركوعات.

(٧) لصحيح زرارة ومحمد المتقدم وصحيح الحلبي المتقدم : (ولا تقل سمع الله لمن حمده في رفع رأسك من الركوع إلا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها).

(٨) بل هو المصرح به في النصوص ففي خبر عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام : (انكسفت الشمس في زمان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بالناس ركعتين) (١) الخبر بل قطع بذلك جامع المقاصد ولم أجد من صرح بالخلاف نعم مشهور القدماء عبّروا عنها بأنها عشر ركعات متابعة للنصوص وهذا لا يدل على كونها عندهم كذلك بل هي ركعتان بعشر ركوعات.

(٩) أي بخمس قنوتات وتسميعتين فأوجب الاشتباه في أنها عشر ركعات نظرا إلى القنوتات الخمسة ، وإلى أنها ركعتان نظرا إلى التسميع ، وقد عرفت تصريح النصوص بأنها ركعتان فلا داعي لهذا الترديد.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١.


حالها ومن ثمّ حصل الاشتباه لو شكّ في عددها نظرا إلى أنها ثنائية أو أزيد.

والأقوى أنها في ذلك ثنائية ، وأن الركوعات أفعال ، فالشك فيها (١) في محلّها يوجب فعلها (٢) ، وفي عددها يوجب البناء على الأقلّ (٣) ، وفي عدد الركعات (٤) مبطل (٥) (وقراءة) السور (الطوال) كالأنبياء والكهف (٦) (مع السعة) ، ويعلم ذلك (٧) بالأرصاد ، وإخبار من يفيد قوله الظنّ الغالب من أهله ، أو العدلين ، وإلّا فالتخفيف أولى ، حذرا من خروج الوقت خصوصا على القول بأنه (٨) الأخذ في الانجلاء (٩). نعم لو جعلناه إلى تمامه اتّجه التطويل ، نظرا إلى

______________________________________________________

(١) في الركوعات.

(٢) لأصالة عدم فعل المشكوك أو لقاعدة الاشتغال.

(٣) لقاعدة الاشتغال.

(٤) إذا شك أنه في الركعة الأولى أو الثانية ، أو إذا شك أنه في الركوع الخامس أو السادس لأن مرجعه للشك في عدد الركعات.

(٥) لما سيأتي في مبحث الخلل أن الشك في الثنائية مبطل.

(٦) لمرسل المفيد في المقنعة : (وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه صلى بالكوفة صلاة الكسوف فقرأ فيها بالكهف والأنبياء ، ورددها خمس مرات ، وأطال في ركوعها حتى سال العرق على أقدام من كان معه ، وغشي على كثير منهم) (١) ، وفي صحيح زرارة ومحمد المتقدم : (يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحجر).

(٧) أي سعة وقتها.

(٨) أي الوقت.

(٩) كما هو المشهور لصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ذكروا انكساف القمر وما يلقى الناس من شدته ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا انجلى منه شي‌ء فقد انجلى) (٢) ، وعن جماعة أن وقتها إلى تمام الانجلاء لصحيح الرهط المتقدم : (صلاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والناس خلفه في كسوف الشمس ففرع حين فرغ وقد انجلى كسوفها) (٣) الظاهر في تمام الانجلاء ، ومثله موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن صليت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر ، وتطول في صلاتك فإن ذلك أفضل ، وإن أحببت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١.


المحسوس (١) ، (والجهر فيها) (٢) وإن كانت نهارية على الأصح.

(وكذا يجهر في الجمعة والعيدين) استحبابا إجماعا (٣).

______________________________________________________

ـ أن تصلي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز) (١).

هذا كله في الكسوفين وأما في غيرهما فإن كانت صلاة الآيات للزلزلة فوقتها غير محدد بل يمتد إلى آخر العمر على المشهور وادعي عليه الإجماع ولإطلاق دليل وجوبها كما في خبر سليمان الديلمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في الزلزلة : (قلت : فإذا كان ذلك فما أصنع؟ قال : صلّ صلاة الكسوف) (٢) والأمر بها يقتضي وجوب المبادرة إليها لأن قوله : فما أصنع ، يعني ما أصنع في تلك الساعة لا في مدة العمر ولذا نسب في الذكرى إلى الأصحاب وجوب المبادرة إليها بمجرد حصولها ، ثم إذا عصى فتجب المبادرة في الزمن الثاني وهكذا للاستصحاب.

وإن كانت صلاة الآيات لغير الزلزلة من المخوّف السماوي فوقتها مدة وقت الآية لذيل صحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن) (٣) وقوله حتى يسكن سواء كان قيدا للمادة أو الهيئة دليل على توقيت الصلاة به وأكثر القدماء والمتأخرين لم يذهبوا إلى توقيتها ، بل هي كالزلزلة لأن الذيل المتقدم وارد مورد بيان حكمة التشريع لا أنه قيد للحكم أو الصلاة ، وعن التذكرة والدروس أن كل آية تضيق وقتها عن العبادة يكون وقت الصلاة دائما فيها ولا توقيت وإلا فوقت الصلاة وقت زمان الآية.

(١) من غير مراجعة أهل الخبرة.

(٢) نسبه في المنتهى إلى علمائنا لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدم : (وتجهر بالقراءة) (٤).

وإطلاقه يشمل الليل والنهار ، وعن البعض استحباب الإخفات في كسوف الشمس لأن صلاته نهارية وهو في غير محله ولذا قال السيد الطباطبائي في منظومته :

والقول بالكسوف بالإسرار

يضعّف بالإجماع والأخبار

(٣) أما في الجمعة فقد وردت جملة من الأخبار تأمر بالجهر فيها منها : صحيح عمر بن يزيد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٦.


(ولو جامعت) صلاة الآيات (الحاضرة) اليومية (قدّم ما شاء) منهما مع سعة وقتهما (١) ، (ولو تضيقت إحداهما) خاصة (قدّمها) (٢) أي المضيقة ، جمعا بين الحقين (ولو تضيّقتا) معا (فالحاضرة) مقدّمة (٣) ، لأن الوقت لها بالأصالة ، ثم إن بقي وقت الآيات صلاها أداء ، وإلا سقطت (٤) إن لم يكن فرّط في تأخير إحداهما ، وإلّا فالأقوى وجوب القضاء (٥) ، (ولا تصلّى) هذه الصلاة (على الراحلة) وإن كانت

______________________________________________________

ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ليقعد قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقراءة) (١).

وصحيح جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة. أي الظهر ، إنما يجهر إذا كانت خطبة) (٢).

وصحيح محمد بن مسلم : (سألته عن صلاة الجمعة في السفر ، فقال : يصنعون كما يصنعون في الظهر ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة ، وإنما يجهر إذا كانت خطبة) (٣) وهي وإن كانت دالة على الوجوب إلا أن الإجماع المحكي عن جماعة يقتضي حملها على الاستحباب.

وأما في العيدين ففي خبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعتمّ في العيدين. إلى أن قال. ويجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة) (٤) والتسوية تقتضي الاستحباب أيضا بالإجماع.

(١) على المشهور عملا بالقواعد الأولية في كلتا الصلاتين ، وعن الصدوقين والشيخ في النهاية وابني حمزة والبراج وجوب تقديم الفريضة لصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة فقال عليه‌السلام : ابدأ بالفريضة) (٥) ولكنه معارض بصحيحه الآخر وهو صحيح ابن مسلم وبريد عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام : (إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة) (٦) وهو صريح في جواز تقديم صلاة الآيات على الفريضة.

(٢) بلا إشكال ولا خلاف لعدم صلاحية الموسع لمزاحمة المضيق فيتعين تقديم المضيّقة.

(٣) أي اليومية بلا خلاف فيه وعن الذكرى الإجماع عليه لأهمية الفريضة بل يكفي في تقديمها احتمال أهميتها.

(٤) للعجز عن أدائها في وقتها مع كون القدرة على الامتثال شرط في صحة التكليف.

(٥) وهذا ما تقتضيه القواعد بعد التقصير في الأداء ، والقضاء ثابت لعموم : (من فاتته فريضة ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٤ و ٨ و ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ١.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١ و ٤.


معقولة (١) (إلّا لعذر) كمرض ، وزمن (٢) يشقّ معهما النزول مشقة لا تتحمل عادة فتصلّى على الراحلة حينئذ(كغيرها من الفرائض ،) (وتقضى) هذه الصلاة (مع الفوات وجوبا مع تعمد الترك (٣) ، أو نسيانه) (٤) بعد العلم بالسبب ...

______________________________________________________

ـ فليقضها) وسيأتي التعرض له في مبحث الخلل فالقول بأنه لا قضاء لأنه محتاج إلى أمر جديد وهو مفقود ليس في محله. وكذا القول بأنه لا قضاء في صلاة الآيات لبعض النصوص ففيه : إنه سيأتي التعرض لها في المسألة الآتية.

(١) أي مشدودة العقال ، بلا خلاف في ذلك إلا من ابن الجنيد حيث جوّز صلاة الكسوف على ظهر الدابة اختيارا ولو كانت ماشية ويرده أن صلاة الآيات كالفرائض اليومية فيعتبر فيها ما اعتبر في اليومية ويدل عليه جملة من الأخبار منها : خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيصلي الرجل شيئا من المفروض راكبا؟ فقال : إلا من ضرورة) (١).

وصحيح عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يصلي على الدابة الفريضة إلا مريض) (٢).

(٢) بفتح الزاي وكسر الميم وهو يوجب استرخاء الأعضاء بحيث لا يقدر على القيام.

(٣) لمرسل حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلي فليغتسل من غد وليقض الصلاة ، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلا القضاء بغير غسل) (٣) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن لم تعلم حتى يذهب الكسوف ثم علمت بعد ذلك فليس عليك صلاة الكسوف ، وإن أعلمك أحد وأنت نائم فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصلّ فعليك قضاؤها) (٤) ، ومرسل الكليني : (وفي رواية أخرى : إذا علم بالكسوف ونسي أن يصلي فعليه القضاء) (٥) فهو دال على القضاء مع عدم النسيان بالأولوية وما عن المرتضى في المصباح. على ما قيل. من نفي القضاء مطلقا إذا احترق بعض القرص للنصوص النافية للقضاء التي سيأتي التعرض لها ليس في محله لأنه لا بد من تقييدها بما ذكر.

(٤) على المشهور شهرة عظيمة ويدل عليه مرسل الكافي المتقدم ، وما عن الشيخ في النهاية والمبسوط وتابعه ابن حمزة من نفي القضاء مطلقا وإن كان ناسيا إذا احترق بعض القرص للنصوص النافية للقضاء التي سيأتي التعرض لها ليس في محله لأنه لا بد من تقييدها بما ذكر أيضا.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب القبلة حديث ٤ و ١.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٥ و ١٠ و ٣.


مطلقا (١) ، (أو مع استيعاب الاحتراق) للقرص أجمع (مطلقا) سواء علم به ، أم لم يعلم حتى خرج الوقت (٢).

أما لو لم يعلم به ، ولا استوعب الاحتراق فلا قضاء وإن ثبت بعد ذلك

______________________________________________________

(١) استوعب الاحتراق القرص أو لا.

(٢) الجاهل يقضي مع استيعاب الاحتراق على المشهور شهرة عظيمة ويدل عليه صحيح محمد بن مسلم والفضيل بن يسار : (قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : أتقضى صلاة الكسوف ومن إذا أصبح فعلم وإذا أمسى فعلم؟ قال عليه‌السلام : إن كان القرصان احترقا كلهما قضيت ، وإن كان قد احترق بعضهما فليس عليك قضاؤه) (١) ، وصحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا انكسفت الشمس كلها واحترقت ولم تعلم ، ثم علمت بعد ذلك فعليك القضاء ، وإن لم تحترق كلها فليس عليك قضاء) (٢) ، وخبر حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا انكسف القمر ولم تعلم به حتى أصبحت ثم بلغك فإن كان احترق كله فعليك القضاء ، وإن لم يكن احترق كله فلا قضاء عليك) (٣).

وعن الصدوقين وأبي علي والمفيد والمرتضى في الانتصار والشيخ في الخلاف والقاضي والحلبي وابن إدريس وجوب القضاء على الجاهل مطلقا سواء استوعب الاحتراق القرص أو لا لإطلاق مرسل حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلا القضاء بغير غسل) (٤). وفيه : أنه لا بدّ من تقييده بالأخبار السابقة.

وعن بعض ولم يعرف قائله نفي وجوب القضاء مطلقا احترق القرص أو لا لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة الكسوف تقضى إذا فاتتنا؟ قال : ليس فيها قضاء ، وقد كان في أيدينا أنها تقضى) (٥) والظاهر أن القيد الأخير من الراوي ولصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : (سألته عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء؟ قال : إذا فاتتك فليس عليك قضاء) (٦) ومثله ما عن جامع البزنطي (٧).

وفيه : إنه لا بدّ من حملها على الجهل مع عدم استيعاب الاحتراق جمعا بينها وبين ما تقدم ، وهذه الأخبار الثلاثة هي مستند من نفى وجوب القضاء إذا تركها عمدا أو نسيانا ولكن لا بدّ من تقييدها بما دل على القضاء مع الترك العمدي أو كان الترك نسيانا وقد تقدم.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٤ و ٥ و ٩ و ٧ و ١١.


وقوعه (١) بالبينة (٢) ، أو التواتر في المشهور (٣). وقيل : يجب القضاء مطلقا (٤) وقيل لا يجب مطلقا (٥) وإن تعمّد ما لم يستوعب. وقيل (٦) : لا يقضي الناسي ما لم يستوعب ، ولو قيل بالوجوب مطلقا (٧) في غير الكسوفين (٨) ، وفيهما مع

______________________________________________________

(١) أي وقوع الاحتراق غير المستوعب.

(٢) متعلق بقوله : «ثبت» وهو محتاج إلى دليل إثباتي لأنه جاهل عند حدوث الآية.

(٣) قيد لكل ما تقدم.

(٤) استوعب الاحتراق أو لا وقد تقدم بيان قائله مع دليله.

(٥) عامدا أو جاهلا كما هو قول المرتضى في المصباح.

(٦) وهو قول الشيخ في النهاية والمبسوط وتابعه ابن حمزة في الوسيلة.

(٧) علم به أو لم يعلم فضلا عن التارك عمدا أو نسيانا.

(٨) كالزلزلة ولكل مخوّف سماوي ، هذا والنصوص خالية عن التعرض لمن ترك صلاة الآيات في غير الكسوفين إلا أن مقتضى القواعد وجوب القضاء وتحقيقه يستدعي بسط الكلام فنقول : قد عرفت سابقا أن صلاة الآيات للزلزلة ممتد إلى آخر العمر فتركها في بعض الأزمنة عمدا أو نسيانا أو جهلا لا يوجب سقوطها فيما بعد ، بل تكون أداء عند ما تقع.

وأما صلاة الآيات لغير الزلزلة فهي وإن كانت موقتة بوقت الآية كما عن جماعة على ما تقدم بيانه إلا أن القضاء ثابت لعموم ما دل على وجوب قضاء ما فات مثل خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة : صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها) (١) الخبر.

ودعوى أن الفوت متحقق عند الترك العمدي أو النسيان ولكن غير متحقق عند الجهل مدفوعة بأن الجهل ليس بعذر لأن التكاليف مشتركة بين العالم والجاهل.

هذا كله بحسب القواعد إلا أن مشهور الأصحاب ذهب إلى وجوب القضاء لصلاة الآيات في غير الكسوفين إذا كان الترك عمدا أو نسيانا بل في الجواهر نفي وجدان الخلاف فيه لما تقدم ، وذهب المشهور إلى عدم وجوب القضاء إذا كان الترك عن جهل لا من جهة عدم تمامية القواعد العامة بل من جهة أن القضاء غير واجب إذا كان الترك عن جهل في الكسوفين مع عدم احتراق القرص ففي غيرهما من باب أولى ، ووجه الأولوية أن الكسوفين أقوى في الوجوب لكثرة ما دل من الأخبار عليهما.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.


الاستيعاب (١) كان قويا عملا بالنص (٢) في الكسوفين ، وبالعمومات (٣) في غيرهما.

(ويستحبّ الغسل) للقضاء (مع التعمد والاستيعاب) (٤)

______________________________________________________

ـ وفيه : إنه استحسان محض لا يمكن رفع اليد به عن مقتضى القواعد العامة الموجبة للقضاء ولذا احتمله في النهاية وقواه الشارح هنا في الروضة وجزم به الوحيد البهبهاني ونفى عنه البعد في الذخيرة.

(١) أي وفي الكسوفين مع استيعاب الاحتراق.

(٢) وقد تقدم الكلام فيه فراجع.

(٣) أي عموم قضاء ما فات.

(٤) فالمتعمد لترك صلاة الكسوف مع استيعاب الاحتراق عليه القضاء كما تقدم ويستحب له الغسل حينئذ على المشهور وعليه إطباق المتأخرين خلافا لجماعة من القدماء كالشيخين والمرتضى وسلار وابن البراج وابن حمزة والحلبي حيث ذهبوا إلى الوجوب.

ومستند الوجوب الأمر به في جملة من الأخبار منها : مرسل حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلي فليغتسل من غد وليقض الصلاة ، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلا القضاء بغير غسل) (١).

ومرسل الفقيه عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الغسل في سبعة عشر موطنا. إلى أن قال : وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصلّ فعليك أن تغتسل وتقضي الصلاة) (٢) ومثله صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (٣) عليه‌السلام المروي في الخصال ، وفي خبره عنه عليه‌السلام الوارد في التهذيب (وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل) (٤) والفقه الرضوي : (وإذا احترق القرص كله فاغتسل ، وإن انكسفت الشمس أو القمر ولم تعلم به فعليك أن تصليها إذا علمت ، فإن تركتها متعمدا حتى تصبح فاغتسل فصلّ ، وإن لم يحترق القرص فاقضها ولا تغتسل) (٥).

ولكن الإجماع كما عن غير واحد على الاستحباب خصوصا أن مرسل الفقيه وصحيح ابن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١ ، والباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٤ و ٥ و ١١.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١ ، والباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة الكسوف حديث ١.


وإن تركها جهلا (١) ، بل قيل : بوجوبه ، (وكذا يستحبّ الغسل للجمعة) (٢)

______________________________________________________

ـ مسلم مشتملان على الكثير من الأغسال المسنونة هذا فضلا عن أن الكثير من القائلين بالوجوب ذهبوا إلى الاستحباب بل قيل : (إن أكثر من قال بالوجوب من القدماء كالشيخين والمرتضى وسلار وابن البراج وابن حمزة فقد خالف نفسه في موضع آخر من كتابه أو كتاب آخر له ، فذهب إلى الندب أو تردد بينه وبين الوجوب ، فلم يتمحض للقول بالوجوب إلا الصدوق والحلبي ، بل الحلبي وحده لعدم صراحة كلام غيره) انتهى.

هذا والمراد بالكسوف ما يعم كسوف الشمس والقمر بل في المصابيح أنه محل وفاق فضلا عن التصريح بهما في الفقه الرضوي المتقدم وإن كان مرسل حريز مختصا بالقمر فقط ، ومشروعية الغسل وجوبا أو ندبا مشروطة بالقيدين من التفريط العمدي مع استيعاب الاحتراق كما هو صريح مرسل حريز ومرسل الفقيه فما عن سلار من استحباب الغسل للقضاء من دون ذكر الاستيعاب وما عن الذكرى من الاقتصار على الاستيعاب دون ذكر التفريط ليس في محله إلا أن يكون تركهما للباقي للمعروفية.

ثم إن ظاهر النصوص والفتاوى أن مشروعية الغسل للقضاء ، وعن المختلف استحبابه للأداء لإطلاق خبر ابن مسلم المتقدم والمروي عن التهذيب وفيه أنه لا بد من حمله على القضاء خصوصا أنه قيد بذلك في مرسل الفقيه والخصال.

(١) لإطلاق خبر ابن مسلم الوارد في التهذيب ولكن قد عرفت تقييده بخصوص الترك العمدي.

(٢) على المشهور ، وذهب الصدوقان والكليني والبهائي إلى الوجوب لأخبار منها : خبر عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام : (سألته عن الغسل يوم الجمعة ، فقال : واجب على كل ذكر أو أنثى عبد أو حر) (١) ومثله خبر البزنطي (٢) وقريب منه مرفوع أحمد بن محمد بن يحيى (٣) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في حديث الجمعة. والغسل فيها واجب) (٤) ، ومرسل المفيد عن العبد الصالح عليه‌السلام : (يجب غسل الجمعة على كل ذكر أو أنثى من حر أو عبد) (٥).

إلا أنها محمولة على الاستحباب المؤكد لخبر الحسين بن خالد : (سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام : كيف صار غسل الجمعة واجبا؟ فقال : إن الله أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة ، وأتم وضوء الفريضة بغسل يوم الجمعة ، ما ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣ و ٦ و ١٧ و ١٣ و ٢٠.


استطرد هنا ذكر الأغسال المسنونة لمناسبة ما. ووقته ما بين طلوع الفجر يومها (١) إلى الزوال (٢) ،

______________________________________________________

ـ كان من ذلك من سهو أو تقصير أو نسيان أو نقصان) (١) وإتمام وضوء الفريضة ليس بواجب كعدم وجوب إتمام الصلاة والصيام الواجبين بما ذكر.

وصحيح علي بن يقطين : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر ، قال : سنة وليس بفريضة) (٢) وهو صريح في نفي الوجوب ، وخبر على بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن غسل العيدين أواجب هو؟ قال : هو سنة ، قلت : فالجمعة؟ قال : هو سنة) (٣) ، وخبر أبي البختري المروي في جمال الأسبوع عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يا عليّ على الناس في كل سبعة أيام الغسل ، فاغتسل في كل جمعة ولو أنك تشتري الماء بقوت يومك وتطويه فإنه ليس شي‌ء من التطوع أعظم منه) (٤).

نعم قد ورد الحث عليه كثيرا وصرحت الأخبار بكراهة تركه ففي خبر الأصبغ : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا أراد أن يوبخ الرجل يقول : والله لأنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة ، فإنه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأخرى) (٥) ، ورواه الصدوق في العلل إلا أنه قال : (فإنه لا يزال في همّ إلى الجمعة الأخرى) (٦) ، وخبر محمد بن سهل عن أبيه : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يدع غسل الجمعة ناسيا أو غير ذلك ، قال : إن كان ناسيا فقد تمت صلاته ، وإن كان متعمدا فالغسل أحبّ إليّ ، فإن هو فعل فليستغفر الله ولا يعود) (٧) ومثله غيره ، وفي كتاب العروس للشيخ جعفر بن أحمد القمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يترك غسل يوم الجمعة إلا فاسق) (٨).

(١) يوم الجمعة.

(٢) لا خلاف في أن أول وقته طلوع الفجر الصادق ويدل عليه صحيح زرارة والفضيل : (قلنا له : أيجزي إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة؟ فقال : نعم) (٩) ، وخبر ابن بكير عن ـ

__________________

(١) (١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٧ و ٩ و ١٢.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٩.

(٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٢ و ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣.

(٨) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٢.

(٩) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.


وأفضله ما قرب إلى الآخر (١) ، ويقضى بعده إلى آخر السبت (٢) كما يعجّله (٣)

______________________________________________________

ـ أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الليالي التي يغتسل فيها من شهر رمضان. إلى أن قال.

والغسل أول الليل قلت : فإن نام بعد الغسل؟ قال : هو مثل غسل يوم الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك) (١).

ويمتد وقته إلى الزوال على المشهور بين الأصحاب ولم يخالف إلا الصدوقان حيث جوزا الغسل عند الذهاب إلى الصلاة ولو بعد الزوال ويشهد لهما خبر البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : (كان أبي يغتسل يوم الجمعة عند الرواح) (٢) وهو قاصر الدلالة لالتزام المعصوم بالصلاة أول الوقت عند الزوال فلا بد أن يكون غسله قبل الزوال هذا فضلا عن الإجماع المحكي عن جماعة إلى أن الوقت إلى الزوال ، نعم احتمل بعضهم أن وقته ممتد إلى انتهاء يوم الجمعة عملا بإطلاق الأدلة ويرده أن الغسل قد شرع للصلاة ففي الفقيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في علة غسل يوم الجمعة إن الأنصار كانت تعمل في نواضحها وأموالها ، فإذا كان يوم الجمعة حضروا المسجد فتأذّى الناس بأرواح آباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالغسل فجرت بذلك السنة) (٣).

(١) أي إلى الزوال ففي التذكرة : «وكل ما قرب كان أفضل قاله علماؤنا» ويشهد له مداومة الكاظم عليه‌السلام على ذلك كما في خبر البزنطي المتقدم.

(٢) بلا خلاف فيه ظاهر ، لخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار قال : يقضيه آخر النهار فإن لم يجد فليقضه من يوم السبت) (٤) ، وخبر ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال : يغتسل ما بينه وبين الليل فإن فاته اغتسل يوم السبت) (٥) وظاهرهما عدم القضاء في ليلة السبت ويؤيده مرسل حريز عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا بد من الغسل يوم الجمعة في السفر والحضر ومن نسي فليعد من الغد) (٦) وهذا ما ذهب إليه جماعة منهم المحقق ، وإن نسب إلى الأكثر كما في البحار وإلى الأصحاب كما في المجمع جواز القضاء ليلة السبت ولكنه لا دليل عليه ظاهر.

(٣) أي يعجل غسل الجمعة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٢ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١٥.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣ و ٤ و ١.


خائف عدم التمكن منه (١) في وقته (٢) من الخميس (٣) ، (و) يومي (العيدين) (٤) ،

______________________________________________________

(١) أي من الغسل.

(٢) أي في وقت الغسل ما بين الطلوع إلى الزوال وهو متعلق بقوله : (عدم التمكن).

(٣) متعلق بقوله : (يعجله) والتعجيل يوم الخميس هو المعروف بين الأصحاب من دون خلاف لمرسل محمد بن الحسين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال لأصحابه : إنكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء ، فاغتسلوا اليوم لغد ، فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة) (١) ، وخبر الحسين بن موسى بن جعفر عن أمه وأم أحمد : (كنا مع أبي الحسن عليه‌السلام بالبادية ونحن نريد بغداد ، فقال لنا يوم الخميس : اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة ، فإن الماء بها غدا قليل ، فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة) (٢). وعن المحقق والعلامة في القواعد وجملة من الأصحاب الاقتصار على جواز التعجيل عند إعواز الماء وقوفا في الرخصة على مورد النص ، وعن الشيخ في النهاية والمبسوط والعلامة في التذكرة وابن إدريس والشهيدين التعميم لمطلق الفوات تنقيحا لمناط الحكم بعد حمل إعواز الماء على المثال وإنما المدار على عدم الفوات.

(٤) فاستحباب الغسل فيهما مما لا خلاف فيه ويدل عليه أخبار منها : صحيح علي بن يقطين : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر ، قال : سنة وليس بفريضة) (٣).

وخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (غسل يوم الفطر ويوم الأضحى سنة لا أحب تركها) (٤).

ووقته من طلوع الفجر لخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما‌السلام : (سألته هل يجزيه أن يغتسل بعد طلوع الفجر ، هل يجزيه ذلك من غسل العيدين؟ قال : إن اغتسل يوم الفطر والأضحى قبل الفجر لم يجزه ، وإن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه) (٥).

وأما انتهاؤه فعن سيد المدارك أنه ممتد بامتداد اليوم عملا بإطلاق الأدلة ، وعن العلامة في أحد قوليه وابن إدريس إلى ما قبل الخروج إلى الصلاة ، وعن الذكرى إلى الزوال وقد نسب إلى ظاهر الأصحاب لموثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل ينسى أن يغتسل يوم العيد حتى يصلي قال : إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة ، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته) (٦) ووقت صلاة العيد إلى الزوال.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣.


(و) ليالي (فرادى شهر رمضان) الخمس عشرة ، وهي (١) العدد الفرد من أوله إلى آخره (٢)،

______________________________________________________

(١) أي الخمس عشرة.

(٢) كما عن جماعة منهم الشيخ ولا يوجد له إلا ما قاله السيد ابن طاوس في الإقبال في سياق أعمال الليلة الثالثة من شهر رمضان : «وفيها يستحب الغسل على مقتضى الرواية التي تضمنت أن كل ليلة مفردة من جميع الشهر يستحب فيها الغسل» (١) وهذا كاف في الثبوت للتسامح في أدلة السنن.

وكذا يستحب الغسل في العشر الأواخر من شهر رمضان شفعها ووترها لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر في كل ليلة) (٢).

ويستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان لخبر سماعة عن أبي عبد الله : (وغسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب) (٣) ومثله غيره.

ويستحب الغسل في ليلة النصف منه بلا خلاف فيه لما رواه ابن طاوس عن ابن أبي قرة بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه) (٤) ، ومرسل المفيد عن الصادق عليه‌السلام. على ما في الإقبال. (يستحب الغسل ليلة النصف من شهر رمضان) (٥).

ويستحب الغسل في ليلة السابع عشر منه لصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (الغسل في سبعة عشر موطنا : ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان ، وليلة تسع عشرة وفيها يكتب الوفد وفد السنة. وفد الله. وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء وفيها رفع عيسى بن مريم وقبض موسى عليه‌السلام ، وليلة ثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر) (٦). ومثله غيره وهو كثير.

ويستحب الغسل في ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين لصحيح ابن مسلم المتقدم وغيره بل ورد النهي عن ترك الغسل في الأخيرين كما في خبر سماعة عن ـ

__________________

(١) الإقبال ص ١٢٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١ و ٩.

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١١.


(وليلة الفطر) (١) أولها (وليلتي نصف رجب (٢) وشعبان) (٣) على المشهور في الأول ، والمرويّ في الثاني ، (ويوم المبعث) (٤) وهو السابع والعشرين من رجب على المشهور (٥) ،

______________________________________________________

ـ أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (وغسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب وغسل ليلة إحدى وعشرين سنة وغسل ليلة ثلاث وعشرين سنة لا تتركها لأنه يرجى في إحداهما ليلة القدر) (١).

بل يستحب الغسل مرتين في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان فقد روى ابن طاوس في الإقبال عن بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (رأيته اغتسل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان مرتين ، مرة من أول الليل ومرة من آخر الليل) (٢).

(١) لخبر الحسن بن راشد : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن الناس يقولون : إن المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر ، فقال : يا حسن إن القاريجار إنما يعطى أجرته عند فراغه ، وذلك ليلة العيد ، قلت : جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال : إذا غربت الشمس فاغتسل) (٣) والقاريجار فارسي معرب ومعناه العامل والأجير ، وظاهر الرواية أن الغسل أول الليلة.

(٢) فعن الوسيلة أن عده في المندوب بلا خلاف وعن الصيمري نسبته إلى الرواية ، وفي الإقبال : (وجدنا في كتب العبادات عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) (٤) ونوقش أنه مرسل وأنه ظاهر في استحباب الغسل في يوم النصف لا في ليلته.

(٣) بلا خلاف فيه لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه ، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) (٥).

(٤) وهو يوم السابع والعشرون من رجب ، والغسل فيه مستحب بلا خلاف فيه كما في الجواهر وعن العلامة والصيمري نسبته إلى الرواية ، وهذا كاف في ثبوته للتسامح.

(٥) قيد للحكم بالاستحباب بعد عدم وجود نص وإلا فالمبعث هو يوم السابع والعشرون من دون خلاف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.


(والغدير) (١) وهو الثامن عشر من ذي الحجة ، (و) يوم (المباهلة) (٢) ، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على الأصح (٣). وقيل : الخامس والعشرون ، (و) يوم (عرفة) (٤) وإن لم يكن بها (٥) ، (ونيروز الفرس) (٦)

______________________________________________________

(١) لأخبار منها : خبر العبدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة. وبيّن كيفية الصلاة إلى أن قال. ما سأل الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيت له كائنة ما كانت) (١).

(٢) لموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وغسل المباهلة واجب) (٢) والمراد منه تأكد الاستحباب.

(٣) لخبر العنبري المروي في المصباح عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام : (يوم المباهلة يوم الرابع والعشرون من ذي الحجة تصلي في ذلك اليوم ما أردت. ثم قال. وتقول وأنت على غسل : الحمد لله رب العالمين) (٣) الخبر.

وهو المشهور بين الأصحاب وقد نسبه ابن طاوس في الإقبال إلى أصح الروايات ، وحكى فيه قولا بالسابع والعشرين وآخر بالواحد والعشرين ، وذهب المحقق في المعتبر إلى أنه الخامس والعشرون.

(٤) بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الغسل من الجنابة ويوم الجمعة ويوم الفطر ويوم الأضحى ويوم عرفة عند زوال الشمس) (٤) الخبر.

(٥) لخبر عبد الرحمن بن سيابة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن غسل يوم عرفة في الأمصار فقال : اغتسل أينما كنت) (٥).

(٦) على المشهور بين المتأخرين كما في الجواهر لخبر المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام المروي في المصباح ومختصره : (إذا كان يوم النيروز فاغتسل) (٦) الخبر ، ولكن يعارضه ما في المناقب : (حكي أن المنصور تقدم إلى موسى بن جعفر عليهما‌السلام إلى الجلوس للتهنئة في يوم النيروز وقبض ما يحمل إليه فقال : إني قد فتشت الأخبار عن جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم أجد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المندوبة حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب بقية الأغسال المندوبة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المندوبة حديث ١٠.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأغسال المندوبة حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب الأغسال المندوبة حديث ١.


والمشهور الآن (١) أنه يوم نزول الشمس في الحمل وهو الاعتدال الربيعي ، (والإحرام) (٢) للحج ، أو للعمرة (والطواف) (٣)

______________________________________________________

ـ لهذا العيد خبرا ، وأنه سنة الفرس ومحاها الإسلام ، ومعاذ الله أن نحيي ما محاه الإسلام) (١).

وفي الدعائم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (أنه أهدي إليه فالوذج فقال : ما هذا؟ قالوا : يوم نيروز ، قال : فنورزوا إن قدرتم كل يوم) (٢) وهو ظاهر في عدم كون النيروز من الأعياد الإسلامية.

(١) المشهور والمعروف بين العلماء والناس أن يوم النيروز هو يوم انتقال الشمس إلى الحمل ويرشد إليه خبر المعلى بن خنيس : (دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام في صبيحة يوم النيروز. إلى أن قال. وهو أول يوم طلعت فيه الشمس وهبت به الرياح اللواقح وخلقت فيه زهرة الأرض) (٣).

وقيل : هو اليوم العاشر من أيار كما عن بعض المحاسبين وعلماء الهيئة ، وقيل : إنه تاسع شباط كما عن صاحب كتاب الأنوار ، وقيل : إنه يوم نزول الشمس في أول الجدي ، وعن المهذب أنه المشهور بين فقهاء العجم بخلاف أول الحمل ، وقيل : إنه السابع عشر من كانون الأول بعد نزول الشمس في الجدي بيومين ، وقيل : هو أول يوم من فروردين ماه وهو أول شهور الفرس.

(٢) شروع في الأغسال الفعلية بعد الانتهاء من الأغسال الزمانية ، والغسل للإحرام مستحب على المشهور وعن ابن أبي عقيل أنه واجب للأمر به في بعض الأخبار والتعبير عنه ببعض آخر بالواجب المحمول على تأكد الاستحباب ففي صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الغسل في أربعة عشر موطنا : غسل الميت وغسل الجنب ، وغسل من غسل الميت ، وغسل الجمعة والعيدين ويوم عرفة وغسل الإحرام ودخول الكعبة ودخول المدينة ودخول الحرم والزيارة ، وليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين من شهر رمضان) (٤) ومثله غيره ، وهو مطلق يشمل إحرام الحج وإحرام العمرة ، الواجب منهما أو المستحب.

(٣) لخبر علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إن اغتسلت بمكة ثم نمت قبل أن ـ

__________________

(١) مناقب شهرآشوب ج ٤ ص ٣١٨ باب معالي أموره (ع).

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٧.


واجبا كان ، أم ندبا ، (وزيارة) أحد (المعصومين) (١).

ولو اجتمعوا (٢) في مكان واحد تداخل (٣) كما يتداخل (٤) باجتماع أسبابه مطلقا (٥) (وللسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة) أيام من صلبه

______________________________________________________

ـ تطوف فأعد غسلك) (١) وهو مطلق يشمل طواف الحج والعمرة والزيارة بل وطواف النساء.

(١) نسب إلى قطع الأصحاب كما في كشف اللثام والمصابيح للأخبار منها : موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وغسل الزيارة واجب إلا من علة) (٢) وهو محمول على تأكد الاستحباب وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في تعداد الأغسال : (ويوم الزيارة ويوم تدخل البيت ويوم التروية ويوم عرفة) (٣).

(٢) أي اجتمع بعض ما ذكر في مكان واحد كاجتماع الجمعة مع العيدين ، أو اجتماع الجمعة أو العيدين وغيرهما مع الإحرام أو الطواف أو الزيارة.

(٣) أي الغسل.

(٤) أي الغسل.

(٥) سواء كانت أسبابه واجبة أو مندوبة أو بالتفريق ، فإن كانت كل الأسباب واجبة والجنابة واحد منها فلا خلاف في التداخل لجملة من النصوص منها : موثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل ، قال : إن شاءت أن تغتسل فعلت ، وإن لم تفعل فليس عليها شي‌ء ، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة) (٤).

وإن كانت الأسباب بعضها واجب وبعضها مندوب فعلى المشهور التداخل ، وعن القواعد والإرشاد وجامع المقاصد والتذكرة البطلان لامتناع اجتماع الوجوب والندب في شي‌ء فيمتنع نيتهما معا ويرده صحيح زرارة : (إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجماعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة ، فإذا اجتمعت عليك حقوق الله أجزأها عنك غسل واحد ، ثم قال : وكذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها وإحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها) (٥) فقوله : (إذا اجتمعت عليك حقوق ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب مقدمات الطواف حديث ٢.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الجنابة حديث ٧.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الجنابة حديث ١.


مع الرؤية (١) ، سواء في ذلك مصلوب الشرع ، وغيره (والتوبة (٢) عن فسق ، أو)

______________________________________________________

الله) مطلق يشمل ما لو كانت الأسباب كلها مستحبة أو واجبة أو بالتفريق ، وسواء كان الواجب منها غسل الجنابة أو غيره ومنه تعرف ما لو كانت الأسباب كلها مستحبة وهو المشهور ، وعن التحرير والقواعد والإرشاد العدم ورجحه في جامع المقاصد ومال إليه في الدروس لأصالة عدم التداخل ، وفيه : لا معنى لجريان هذا الأصل بعد ورود الأخبار الدالة على الاجتزاء ومنها صحيح زرارة المتقدم الذي هو صريح في هذا الفرع.

(١) والأصل فيه مرسل الفقيه : (وروي أن من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة) (١) ، وعن أبي الصلاح القول بوجوبه للتصريح به في الخبر ولكنه مرسل مع شهرة الندب بين الأصحاب فلا بد من حمله على تأكد الاستحباب هذا والغسل مشروط بأمرين بالسعي والرؤية كما هو ظاهر الخبر فلو رآه من غير سعي أو سعى ولم يراه فلا غسل ، ثم إن الأصحاب قيدوا الرؤية والسعي بأنهما بعد ثلاثة أيام من صلبه والخبر المتقدم خال عن هذا القيد وقيل : إن الصلب ثلاثة أيام جائز شرعا ويكون النظر إليه فيها لا عقوبة فيه ، وإنما يحرم بقاؤه بعد الثلاثة فجعل الغسل عقوبة على النظر كما هو صريح الخبر لا بد من تخصيصه بالنظر الممنوع وقد عرفت أنه بعد الثلاثة. ثم إن إطلاق الخبر يشمل المصلوب بحق وغيره وهذا ما ذهب إليه جماعة ، وعن الصيمري وجماعة تخصيص المصلوب بالمصلوب بحق لأنه هو الذي يحرم النظر إليه بعد الثلاثة لحرمة بقائه مصلوبا إلى هذا الوقت ، وأما المصلوب بظلم فيحرم بقاؤه من أول يوم فضلا عن حرمة أصل الفعل.

(٢) بلا خلاف فيه والعمدة فيه خبر مسعدة بن زياد : (كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له رجل : بأبي أنت وأمي إني أدخل كنيفا لي ، ولي جيران وعندهم جوار يتغنين ويضربن بالعود ، فربما أطلت الجلوس استماعا ، فقال : لا تفعل ، فقال الرجل : والله ما أتيتهن إنما هو سماع أسمعه بأذني ، فقال عليه‌السلام : لله أنت أما سمعت الله (عزوجل) يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤٰادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كٰانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) ، فقال : بلى والله كأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من عربي ولا عجمي ، لا جرم إني لا أعود إن شاء الله ، وإني أستغفر الله.

فقال له : قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك ، فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ، ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك ، احمد الله وسله التوبة من كل ما يكره ، فإنه لا يكره إلا كل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣.


(كفر) ، بل عن مطلق الذنب وإن لم يوجب الفسق كالصغيرة النادرة. ونبّه بالتسوية على خلاف المفيد حيث خصّه بالكبائر ، (وصلاة الحاجة (١) ، و) صلاة

______________________________________________________

ـ قبيح ، والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا) (١) وقوله عليه‌السلام : (كنت مقيما على أمر عظيم) ظاهر في الإصرار فلذا ذهب المشهور إلى أن الغسل للتوبة عن الكبيرة أو الكفر ويدل على الثاني خبر معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه‌السلام : (دخلت عليه فأنشأت الحديث فذكرت باب القدر ، فقال : لا أراك إلا هناك أخرج عني ، قلت : جعلت فداك إني أتوب منه فقال : لا والله حتى تخرج إلى بيتك وتغسل ثوبك وتغتسل وتتوب منه إلى الله كما يتوب النصراني من نصرانيته) (٢). وأورد الطبرسي في أعلام الورى والراوندي في قصص الأنبياء عن علي بن إبراهيم في حديث في مجي‌ء الأنصار إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعثه مصعب بن عمير إلى المدينة ليدعو قبائل الأوس والخزرج إلى الإسلام ويعلمهم القرآن ومعالم الدين. إلى أن ذكر. دخول أسيد بن خضير من الأوس عليه وميله إلى الإسلام فقال : (كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قال : نغتسل ونلبس ثوبين طاهرين ونشهد الشهادتين ونصلي الركعتين ، فرمى بنفسه مع ثيابه في البئر ، ثم خرج وعصر ثوبه) (٣). ومثله غيره واقتصر في الغنية على الكبيرة ونسب إلى المفيد وهو ظاهر الشرائع والقواعد لعدم تحقق الفسق بالصغيرة إلا مع الإصرار الذي يجعلها كبيرة.

وعن المنتهى دعوى الإجماع على التعميم للكبيرة والصغيرة وقد نسب إلى المشهور وهذا لعله كاف في ثبوته للتسامح في أدلة السنن.

(١) بلا خلاف للأخبار الكثيرة منها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الأمر يطلبه الطالب من ربه ، قال : تصدق في يومك على ستين مسكينا ، على كل مسكين صاعا بصاع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تمر أو بر أو شعير ، فإذا كان الليل اغتسلت في الثلث الباقي ولبست أدنى ما يلبس من تعول من الثياب إلا أن عليك في تلك الثياب إزار ثم تصلي ركعتين) (٤) الخبر.

وخبر عبد الرحيم القصير : (دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك إني اخترعت دعاء ، فقال : دعني من اختراعك ، إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله وصلّ ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١.


(الاستخارة) (١) لا مطلقهما (٢) ، بل في موارد مخصوصة من أصنافهما (٣) ، فإن منهما ما يفعل بغسل ، وما يفعل بغيره (٤) على ما فصّل في محله (٥) ، (ودخول الحرم) (٦) بمكة مطلقا (٧) ، (و) لدخول (مكة والمدينة) (٨) ...

______________________________________________________

ـ ركعتين تهديهما إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلت : كيف أصنع؟ قال : تغتسل وتصلي ركعتين) (١).

(١) لخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وغسل الاستخارة مستحب) (٢) ، وفي الفقه الرضوي : (وغسل الاستخارة وغسل طلب الحوائج من الله تبارك وتعالى) (٣) وليس في كليهما ذكر الصلاة بل ظاهرهما الاستحباب لنفس الاستخارة من دون أن تكون الاستخارة بالصلاة إلا أن الغسل لصلاة الاستخارة مما ادعي عليه الإجماع كما في الغنية وفي المعتبر أنه مذهب الأصحاب وفي التذكرة عند علمائنا وفي الروض أنه عمل الأصحاب.

(٢) أي مطلق الصلاة يقترحها المكلف للحاجة أو الاستخارة قال في جامع المقاصد : «ليس المراد بصلاة الحاجة والاستخارة أي صلاة اقترحها المكلف لأحد الأمرين ، بل المراد بذلك ما نقله الأصحاب عن الأئمة عليهم‌السلام وله مظان فليطلب منها».

(٣) أضاف صلاتي الحاجة والاستخارة.

(٤) أي ومنهما ما يفعل بغير غسل.

(٥) راجع الوسائل ومستدركه أبواب صلاة الاستخارة وباب استحباب الصلاة لقضاء الحاجة من أبواب بقية الصلوات المندوبة.

(٦) بلا خلاف لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (الغسل في سبعة عشر موطنا.

إلى أن قال. وإذا دخلت الحرمين ويوم تحرم ويوم الزيارة ويوم تدخل البيت ويوم التروية ويوم عرفة) (٤) الخبر ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الغسل في أربعة عشر موطنا. إلى أن قال. ودخول الكعبة ودخول المدينة ودخول الحرم) (٥) والحرم هنا ظاهر في الحرم المكي.

(٧) سواء كان محرما أو محلا للإطلاق.

(٨) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سمعته يقول : الغسل من الجنابة. إلى أن قال. وحين تدخل مكة والمدينة) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ٣.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١١ و ٧ و ١.


مطلقا (١) شرفهما الله تعالى. وقيّد المفيد دخول المدينة بأداء فرض ، أو نفل ، (و) دخول (المسجدين) الحرمين (٢) ، (وكذا) لدخول (الكعبة) (٣) أعزّها الله تعالى وإن كانت جزءا من المسجد إلا أنه يستحبّ بخصوص دخولها ، وتظهر الفائدة فيما لو لم ينو دخولها (٤) عند الغسل السابق (٥) ، فإنه لا يدخل فيه ، كما لا يدخل غسل المسجد في غسل دخول مكة إلا بنيته عنده (٦) ، وهكذا (٧) ، ولو جمع المقاصد تداخلت (٨).

______________________________________________________

(١) بين مريد الزيارة وغيره بالنسبة للمدينة وبين مريد العمرة أو الحج وغيرهما بالنسبة لمكة للإطلاق. وعن المقنعة للمفيد اختصاص الغسل بمن يريد الدخول إلى المدينة لأداء فرض أو نفل وهو ضعيف.

(٢) أما المسجد الحرام بلا خلاف فيه كما عن الوسيلة وعليه الإجماع كما في الغنية والخلاف ، ولفحوى ما دل على استحباب الغسل لدخول المسجد النبوي لأنه أفضل منه ، وعن الجعفي وجوب الغسل وهو شاذ إذ المستند لا يصلح إلا للاستحباب بناء على قاعدة التسامح.

وأما المسجد النبوي بلا خلاف فيه لخبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الغسل من الجنابة. إلى أن قال. وإذا أردت دخول البيت الحرام ، وإذا أردت دخول مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١).

(٣) بلا خلاف فيه ويدل عليه صحيح ابن مسلم وخبره وصحيح ابن سنان المتقدم وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وغسل دخول البيت واجب) (٢) وهو محمول على تأكد الاستحباب.

(٤) دخول الكعبة.

(٥) للدخول في المسجد الحرام ، وإلا لو كان ناويا فيكفي نية كليهما بغسل واحد بل وكذا لو نوى معهما غسل الحرم وغيره مما يمكن اجتماعه في يوم واحد.

(٦) أي إلا بنية غسل المسجد عند غسل دخول مكة.

(٧) لو نوى غسل دخول مكة عند غسل دخول الحرم.

(٨) تقدم الكلام فيه.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة حديث ١٢ و ٣.


(ومنها. الصلاة المنذورة وشبهها)

(١) من المعاهد ، والمحلوف عليه. (وهي تابعة للنذر المشروع ، وشبهه) (٢) فمتى نذر هيئة مشروعة في وقت إيقاعها (٣) ، أو عددا مشروعا (٤) انعقدت (٥) واحترز بالمشروع عما لو نذرها عند ترك واجب ، أو فعل محرم شكرا ، أو عكسه (٦) زجرا ، أو ركعتين بركوع واحد (٧) ، أو سجدتين (٨) ونحو ذلك (٩) ، ومنه (١٠) نذر صلاة العيد في غيره (١١) ونحوها (١٢).

وضابط المشروع ما كان فعله جائزا قبل النذر في ذلك الوقت (١٣) ، فلو نذر ركعتين جالسا ، أو ماشيا ، أو بغير سورة ، أو إلى غير القبلة ماشيا ، أو راكبا ونحو ذلك (١٤) انعقد (١٥) ، ولو أطلق (١٦) فشرطها شرط الواجبة في أجود القولين.

______________________________________________________

(١) كما لو حلف أو عاهد على الإتيان بصلاة ما.

(٢) كاليمين والمعاهدة المشروعين.

(٣) كما لو نذر صلاة العيد في يوم العيد.

(٤) كما لو نذر صلاة الليل المؤلفة من ثماني ركعات.

(٥) أي الصلاة بمعنى وجب الإتيان بها لوجوب الوفاء بالنذر وأخويه.

(٦) أي عند فعل الواجب أو ترك الحرام زجرا لاشتراط رجحان متعلق النذر كما سيأتي بيانه في كتاب النذر.

(٧) فهي هيئة غير مشروعة إذ كل ركعة متقومة بالركوع والسجدتين.

(٨) أي ركعتين بسجدتين فقط.

(٩) مما يخالف الهيئة المشروعة للصلاة الواجبة والمندوبة.

(١٠) أي من غير المشروع.

(١١) في غير العيد فهو نذر للمشروع في غير وقته الشرعي.

(١٢) كنذر إقامة صلاة الجمعة في غير يوم الجمعة.

(١٣) أي الوقت الذي نذر إيقاعها فيه.

(١٤) كالقرآن بين السورتين.

(١٥) لجواز الإتيان بالنافلة عن جلوس وفي حال المشي وبغير سورة ، وبدون الاستقبال عند المشي والركوب والقرآن بين السورتين فيها ونحو ذلك.

(١٦) أي أطلق الصلاة المنذورة فتنصرف إلى ذات الركوع والسجود دون صلاة الجنازة ، وأقل ـ


(ومنها. صلاة النيابة بإجارة)

(١) عن الميت تبرعا (٢) ، أو بوصيته النافذة (٣) ، (أو تحمّل) (٤) من الوليّ وهو أكبر الولد الذكور (عن الأب) لما فاته من الصلاة في مرضه ، أو سهوا أو مطلقا (٥) ، وسيأتي تحريره. (وهي (٦) بحسب ما يلتزم به) (٧) كيفية وكمية.

______________________________________________________

ـ ما يجزئه منها ركعتان ، لأنهما أقل عدد مشروع ، وثبوت الوتر بركعة واحدة إنما كان بدليل خاص ، وعن ابن إدريس الاكتفاء بركعة واحدة لصدق الصلاة عليها وتابعه جماعة.

وبنى الشارح في المسالك الخلاف على أن المعتبر هل هو أقل واجب أو أقل صحيح فعلى الأول لا بد من ركعتين مشروطتين بشروط الصلاة الواجبة وعلى الثاني يجوز الاكتفاء بركعة واحدة بشروط الصلاة المستحبة.

(١) يجوز الاستئجار للصلاة على المشهور بعد عموم صحة العقود وكون المحل قابلا للنيابة ، وعن المفاتيح والكفاية التردد فيه حيث لم يرد فيه نص بخصوصه وإنما ورد النص في الحج وقياس الصلاة على الحج باطل وهو ضعيف إذ الدليل كما عرفت وليس هو القياس.

بل الأخبار الكثيرة (١) الواردة في الصلاة والصوم والحج والعتق والدالة على جواز الاستئجار فيها كاشفة عن جواز الاستئجار لسائر العبادات عن الأموات إذا فاتتهم.

(٢) التبرع من المستأجر الذي هو الوارث غالبا.

(٣) فيما لو كانت الإجارة من ثلث التركة.

(٤) وهي المسمّاة بصلاة الولي وسيأتي التعرض لها بالتفصيل في فصل صلاة القضاء.

(٥) فيشمل العمد.

(٦) أي صلاة النيابة.

(٧) بعقد الإجارة وهو عقد لازم يوجب تنفيذ متعلقه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الاحتضار ، والباب ـ ١٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات ، وباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان.


(ومن المندوبات. صلاة الاستسقاء) (١)

______________________________________________________

(١) اعلم أن السبب في حبس المطر عن العباد شيوع المعصية وكفران النعمة والتمادي في البغي والفساد ومنع الحقوق والحكم بغير ما أنزل الله ونحو ذلك من المعاصي التي تغيّر النعم وتنزل النقم وتحبس الرحمة عن العباد قال الله تعالى : (إِنَّ اللّٰهَ لٰا يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ) (١) ، وقال تعالى : (وَضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلاً قَرْيَةً كٰانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهٰا رِزْقُهٰا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكٰانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّٰهِ فَأَذٰاقَهَا اللّٰهُ لِبٰاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمٰا كٰانُوا يَصْنَعُونَ) (٢). وفي الفقيه مرسلا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إذا غضب الله على أمة ثم لم ينزل بها العذاب. عذاب الاستئصال. غلت أسعارها وقصرت أعمارها ، ولم تربح تجارها ولم تزك ثمارها ولم تغزر أنهارها ، وحبس الله عنها أمطارها وسلّط عليها أشرارها) (٣) ، وفي خبر عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليه‌السلام : (إذا فشت أربعة ظهرت أربعة ، إذا فشا الزنا كثرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين) (٤).

وفي الخبر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : (أما أنه ليس سنة أقل مطرا من سنة ، ولكن الله يضعه حيث يشاء ، إن الله (جل جلاله) إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى النبات والبحار والجبال) (٥)

ولذا فينبغي عند قلة المطر أن تكون صلاة الاستسقاء بعد التوبة والإقلاع عن المعاصي وإرجاع الحقوق إلى أهلها ، هذا ويستحب صلاة الاستسقاء بالاتفاق منا ولم يخالف إلا أبو حنيفة حيث جعل السنة عند ذلك الدعاء خاصة ، لأن النبي استسقى بالدعاء كما جاء في أخبار روتها العامة والخاصة ، فقد روى الكليني في روضته عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أتى قوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن بلادنا قد قحطت وتوالت السنون علينا فادع الله تعالى يرسل السماء ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمنبر فأخرج ، واجتمع الناس فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعا وأمر الناس أن يؤمّنوا ، فلم يلبث أن هبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد أخبر الناس أن ربك قد وعدهم أن يمطروا يوم كذا وكذا ، وساعة كذا ـ

__________________

(١) الرعد الآية : ١١.

(٢) النحل الآية : ١١٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ٢ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الأمر والنهي حديث ٤ من كتاب الأمر بالمعروف.


وهو (١) طلب السقيا ، وهو أنواع أدناه الدعاء (٢) بلا صلاة ، ولا خلف صلاة ، وأوسطه الدعاء خلف الصلاة (٣) ، وأفضله الاستسقاء بركعتين ، وخطبتين ، (وهي (٤) كالعيدين) (٥) في الوقت ، والتكبيرات الزائدة في الركعتين والجهر ،

______________________________________________________

وكذا ، فلم يزل الناس ينتظرون ذلك اليوم وتلك الساعة ، حتى إذا كانت تلك الساعة أهاج الله ريحا فأثارت سحابا وجللت السماء وأرخت عزاليها ، فجاء أولئك النفر بأعيانهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : يا رسول الله ادع الله أن يكف السماء عنا فإنا قد كدنا أن نغرق ، فاجتمع الناس ودعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمر الناس أن يؤمّنوا على دعائه ، فقال له رجل : يا رسول الله أسمعنا فكل ما تقول ليس يسمع ، فقال : قولوا اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم صبّها في بطون الأودية وفي منابت الشجر وحيث يرعى أهل الوبر ، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا) (١) واستسقاؤه بالدعاء لا يمنع من استسقائه (صلوات الله عليه وآله) بالصلاة ، ففي الذكرى : (أنه استسقى النبي وعلي والأئمة (عليهم الصلاة والسلام) والصحابة وصلوا ركعتين). ففي خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام : (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى للاستسقاء بركعتين وبدأ بالصلاة قبل الخطبة وكبّر سبعا وخمسا وجهر بالقراءة) (٢).

وفي خبر الجعفريات مسندا عن الصادق عن أبيه عن علي عليهم‌السلام : (مضت السنة في الاستسقاء أن يقوم الإمام فيصلي ركعتين ثم يستسقي بالناس) (٣) والأخبار فيها كثيرة وسيأتي نقل بعضها.

(١) أي الاستسقاء.

(٢) كما مرّ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٣) لخبر عبد الله بن بكير سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في الاستسقاء : (يصلي ركعتين ويقلّب رداءه الذي على يمينه فيجعله على يساره والذي على يساره على يمينه ويدعو الله فيستسقي) (٤).

(٤) أي صلاة الاستسقاء.

(٥) بلا خلاف فيه ويدل عليه أخبار منها : صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ـ

__________________

(١) روضة الكافي حديث ٢٦٦ ص ١٨٣ الطبعة الثالثة طبع دار الأضواء وأخرج بعضه في الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.


والقراءة ، والخروج إلى الصحراء ، وغير ذلك ، إلا أن القنوت هنا بطلب الغيث ، وتوفير المياه ، والرحمة (ويحوّل) الإمام وغيره (الرداء يمينا ويسارا) بعد الفراغ من الصلاة فيجعل يمينه يساره ، وبالعكس ، للاتّباع (١) ، والتفاؤل (٢) ، ولو جعل مع

______________________________________________________

(سألته عن صلاة الاستسقاء قال : مثل صلاة العيدين ، يقرأ فيها ويكبر فيها ، يخرج الإمام فيبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسكنة ويبرز معه الناس ، فيحمد الله ويمجده ويثني عليه ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ، ويصلي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد ، فإذا سلّم الإمام قلّب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر ، والذي على الأيسر على الأيمن ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذلك صنع) (١).

وهذا الصحيح ظاهر في كونها مثل صلاة العيدين كيفية ووقتا وخطبة ، فضلا عن خبر طلحة المتقدم الدال على كون تكبيرات صلاة الاستسقاء كتكبيرات صلاة العيد ، إلا أنه يجعل مواضع القنوت في العيد استعطاف الله سبحانه وسؤاله الرحمة بإرسال الغيث لأنه هو المراد من الصلاة ، ويتخير من الأدعية ما تيسر وإلا فليقل ما نقل في أخبار أهل البيت عليهم‌السلام فإنه أفضل لأنهم أعرف بمعاني الكلام ومقتضى الحال ، وفي كتاب البلد الأمين للشيخ الكفعمي : «أفضل القنوت في صلاة الاستسقاء ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو : (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الرحمن الرحيم ذا الجلال والإكرام ، وأسأله أن يتوب عليّ توبة عبد ذليل خاضع فقير بائس مسكين مستكين ، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.

اللهم معتق الرقاب ورب الأرباب ومنشئ السحاب ومنزل القطر من السماء إلى الأرض بعد موتها ، فالق الحب والنوى ومخرج النبات وجامع الشتات ، صلّ على محمد وآل محمد واسقنا غيثا مغيثا ، غدقا مغدقا ، هنيئا مريئا ، تنبت به الزرع وتدرّ به الضرع وتحيي به مما خلقت أنعاما وأناسيّ كثيرا ، اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك ، وأحي بلادك الميتة» (٢).

(١) كما في صحيح هشام المتقدم واعلم أن هذا التحويل إنما يتم إما بجعل ظاهره باطنه أو بجعل أعلاه أسفله.

(٢) بأن يتحول الجدب إلى الخصب كما حوّل رداءه ، ففي مرسل ابن أبي عمير عن أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ٥.


ذلك أعلاه أسفله ، وظاهره باطنه كان حسنا (١) ، ويترك محوّلا حتى ينزع (٢).

(ولتكن الصلاة بعد صوم ثلاثة) أيام (٣) ، أطلق بعديتها عليها (٤) تغليبا ، لأنها (٥) تكون في أول الثالث (آخرها الاثنين) وهو منصوص (٦) فلذا قدّمه ، (أو)

______________________________________________________

عبد الله عليه‌السلام : (سألته لأي علة حوّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاة الاستسقاء رداءه الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه؟ قال : أراد بذلك تحوّل الجدب خصبا) (١). وهذا التحول مختص بالإمام كما هو ظاهر النصوص بل صريح صحيح هشام المتقدم.

(١) قد عرفت أن التحويل يتم بأحد الأمرين فجعل التحويل يتم بمعنى ثالث مع إضافة الأمرين إليه كما هو ظاهر العبارة مما لا يتم تعقله ، وقد قيل : إنه إذا كان مقورا يتم التحويل بجعل ما على اليسار على اليمين وكذا العكس من دون قلب أعلاه ولا باطنه وعلى هذا بنى الشارح كلامه في المسالك حيث قال : «ولا يشترط تحويل الظاهر باطنا وبالعكس ولا الأسفل أعلى وبالعكس وإن كان جائزا» ومثله ما في الروض ، ونقل في الجواهر مثله عن الشهيد الأول والمحقق الثاني.

ومع ذلك لم نشاهد المقوّر حتى نتصور إمكان التحويل المسنون من دون قلب الظاهر ولا قلب الأسفل بالإضافة إلى عدم إمكانه ولذا حصر صاحب الجواهر وغيره التحويل المسنون بأحدهما وأشكل على الشارح وغيره بعدم تحققه.

(٢) ظاهره حتى يسقط الرداء لوحده ، والنصوص خالية عنه.

(٣) من مستحبات هذه الصلاة أن يصوم الناس ثلاثة أيام لخبر السراج : (أرسلني محمد بن خالد إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أقول له : الناس قد أكثروا عليّ في الاستسقاء فما رأيك في الخروج غدا؟ فقلت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي : قل له ليس الاستسقاء هكذا ، قل له : يخرج فيخطب الناس ويأمرهم بالصيام اليوم وغدا ويخرج بهم يوم الثالث وهم صيام) (٢) ومثله غيره.

(٤) أي أطلق بعدية صيام الثلاثة على الثلاثة.

(٥) أي لأن الصلاة.

(٦) لخبر مرة مولى ابن خالد : (صاح أهل المدينة إلى محمد بن خالد في الاستسقاء فقال لي : انطلق إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فسله ما رأيك فإن هؤلاء قد صاحوا إليّ فأتيته فقلت له ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.


(الجمعة) (١) لأنها وقت لإجابة الدعاء حتى روي أن العبد ليسأل الحاجة فيؤخّر قضاؤها إلى الجمعة (٢) ، (و) بعد (التوبة) (٣) إلى الله تعالى من الذنوب ، وتطهير الأخلاق من الرذائل ، (وردّ المظالم) (٤) لأن ذلك أرجى للإجابة ، وقد يكون القحط بسبب هذه كما روي (٥) ، والخروج من المظالم من جملة التوبة جزءا ، أو شرطا (٦) ، وخصّها اهتماما بشأنها ، وليخرجوا حفاة ونعالهم بأيديهم (٧) ، ...

______________________________________________________

فقال لي : قل له فليخرج ، قلت : متى يخرج جعلت فداك؟ قال يوم الاثنين) (١).

وخبر العيون عن العسكري عن آبائه عن الرضا عليهم‌السلام في حديث : (إن المطر احتبس فقال له المأمون : لو دعوت الله (عزوجل) ، فقال له الرضا عليه‌السلام : نعم ، قال : فمتى تفعل ذلك؟ وكان يوم الجمعة ، فقال : يوم الاثنين ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : يا بنيّ انتظر يوم الاثنين فابرز إلى الصحراء واستسق فإن الله (عزوجل) سيسقيهم) (٢).

(١) لم يرد فيه نص خاص في الاستسقاء ، نعم ورد فيه عمومات عامة قد ذكرها الشارح في المتن ولذا خيّر غير واحد بينهما بل قيل : هو المشهور بين المتأخرين ، بل عن المفيد وأبي الصلاح الاقتصار على الجمعة لأن يوم الاثنين يوم نحس لا تطلب فيه الحوائج وأنه مما تتبرك به بنو أميّة وتتشاءم منه آل محمد (صلوات الله عليهم) لقتل سيد الشهداء الحسين (صلوات الله عليه) فيه حتى ورد أن من صامه أو طلب فيه الحوائج متبركا حشر مع بني أمية (٣).

ومع هذا فالعمل على الاثنين للأخبار المتقدمة لا بعنوان التبرك بل لما ورد من خصوصية الخروج يوم الاثنين عن معدن الوحي والتنزيل.

(٢) وهو مرفوع ابن محبوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن المؤمن ليدعو في الحاجة فيؤخر الله حاجته التي سأل إلى يوم الجمعة ليخصّه بفضل يوم الجمعة) (٤).

(٣) عطف على قوله : (بعد صوم ثلاثة أيام) ، وتقدم الدليل عليه.

(٤) تقدم الدليل عليه.

(٥) قد تقدم الكلام فيه.

(٦) بل المتعين أن يكون شرطا لأن التوبة هي الندم.

(٧) لا يعرف له شاهد كما في الجواهر غير أنه من أوصاف التذلل وهو مطلوب في المقام.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب آداب السفر ، والباب ـ ٢١ ـ من أبواب الصوم المندوب.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب صلاة الجمعة حديث ١.


في ثياب بذلة (١) وتخشّع (٢) ، ويخرجون الصبيان ، والشيوخ ، والبهائم (٣) ، لأنهم مظنّة الرحمة على المذنبين ، فإن سقوا وإلّا عادوا ثانيا وثالثا من غير قنوط ، بانين

______________________________________________________

(١) أي مبتذلة كذلك لأنه مطلوب في المقام.

(٢) لصحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في صلاة الاستسقاء : (يخرج الإمام ويبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسكنة) (١).

وأن يكون الخروج إلى الصحراء ففي خبر أبي البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (مضت السنة أنه لا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء ، ولا يستسقى بالمساجد إلا بمكة) (٢).

(٣) على المشهور للنبوي : (لو لا أطفال رضّع وشيوخ ركّع وبهائم رتّع لصبّ عليكم العذاب صبا) (٣) ، هذا وأن يكون خروج الإمام على هيئة خروجه يوم العيد والمؤذنون بين يديه ويدل عليه خبر مرة مولى محمد بن خالد الوارد في الاستسقاء. وقد تقدم صدره سابقا.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت : كيف يصنع؟ قال : يخرج المنبر ثم يخرج ويمشي كما يمشي يوم العيدين وبين يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم. أي عصيهم. حتى إذا انتهى إلى المصلى يصلي بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة ، ثم يصعد المنبر فيقلّب رداءه فيجعل الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه ، ثم يستقبل القبلة فيكبّر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوته ، ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبّح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ، ثم يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلّل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته ، ثم يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة ثم يرفع يديه ويدعو ، ثم يدعون فإني لأرجو أن لا تخيبوا) (٤).

ثم يخطب ويبالغ في تضرعاته لخبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام : (أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى للاستسقاء ركعتين وبدأ بالصلاة قبل الخطبة) (٥) ومثله غيره.

ثم إذا تأخرت الإجابة فيستحب تكرار الخروج بلا خلاف فيه لوجود السبب المقتضي للاستحباب ففي الخبر : (إن الله يحب الملحين في الدعاء) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.

(٣) سنن البيهقي ج ٣ ص ٣٤٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الدعاء حديث ٨.


على الصوم الأول (١) إن لم يفطروا بعده ، وإلّا فبصوم مستأنف.

(ومنها. نافلة شهر رمضان) (٢)

______________________________________________________

(١) متصلا بصوم يوم التكرير.

(٢) على المشهور شهرة عظيمة ، ولم يخالف إلا الصدوق بأنه لا نافلة في شهر رمضان زيادة على غيره لخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلى العشاء الآخرة آوى إلى فراشه لا يصلي شيئا إلا بعد انتصاف الليل ، لا في شهر رمضان ولا في غيره) (١) وصحيح الحلبي : (سألته عن الصلاة في شهر رمضان فقال : ثلاث عشرة ركعة ، منها الوتر وركعتا الصبح بعد الفجر ، كذلك كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي وأنا كذلك أصلي ، ولو كان خيرا لم يتركه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله إلا أنه في الأخير قال : (ولو كان فضلا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعمل به وأحق) (٣).

ومستند المشهور روايات كثيرة منها : خبر أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة ، وأنا أزيد فزيدوا) (٤).

وخبر جابر بن عبد الله : (إن أبا عبد الله عليه‌السلام قال له : إن أصحابنا هؤلاء أبوا أن يزيدوا في صلاتهم في رمضان ، وقد زاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاته في رمضان) (٥).

وخبر جميل بن صالح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن استطعت أن تصلي في شهر رمضان وغيره في اليوم والليلة ألف ركعة فافعل فإن عليا عليه‌السلام كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة) (٦).

وخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تصلي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة) (٧) الخبر ومثله غيره كثير.

وعليه لا بد من تأويل الطائفة الأولى أو ردها إلى أهلها وإن اشتملت على الصحيح لأن الطائفة الثانية أكثر عددا وعليها العمل وحمل العلامة في المختلف الطائفة الأولى بأن ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ٣ و ١ و ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ٢ و ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.

(٧) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.


(وهي) (١) في أشهر الروايات (ألف ركعة) موزّعة على الشهر (٢) (غير الرواتب في) الليالي (العشرين) الأول (عشرون : كل ليلة ثمان بعد المغرب ، واثنتا عشرة بعد العشاء) ، ويجوز العكس ، (وفي) كل ليلة من (العشر الأخيرة ثلاثون)

______________________________________________________

ـ السؤال فيها عن النوافل الراتبة هل تزاد في شهر رمضان لا عن مطلق النافلة وهو بعيد عن ظاهرها وحملها الشيخ في التهذيب على صلاة النافلة جماعة لا فرادى وهو أبعد من الأول فيتعين طرحها إن لم يمكن تأويلها.

(١) للإجماع كما في المعتبر على الألف ويؤيده خبر المفضل المتقدم ، وعن الصفواني كما في الذكرى أنها سبعمائة ركعة ، وعنه كما في الإقبال تسعمائة ركعة ، وفي رواية ألف لأنه شاك في مائة ركعة في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان.

(٢) اعلم أن الروايات الواردة في تعداد نافلة شهر رمضان مختلفة اختلافا عظيما ، إلا أنه في خبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (مما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصنع في شهر رمضان كان يتنفل في كل ليلة ويزيد على صلاته التي كان يصليها قبل ذلك منذ أول ليلة إلى تمام عشرين ليلة في كل ليلة عشرين ركعة ، ثماني ركعات منها بعد المغرب واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة ، ويصلي في العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة اثنتي عشرة ركعة منها بعد المغرب وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة ويدعو ويجتهد اجتهادا شديدا ، وكان يصلي في ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة ويصلي في ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة ويجتهد فيهما) (١).

والأمر بالعشرين وترتيبها قد ورد في عدة أخبار أيضا ، والمشهور على هذا الترتيب إلا أن المحكي عن القاضي العكس بجعل اثنتي عشرة ركعة بعد المغرب وثماني ركعات بعد العشاء لموثق سماعة (سألته عن رمضان كم يصلى فيه؟ فقال : كما يصلى في غيره إلا أن لرمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد في تطوعه ، فإن أحبّ وقوي على ذلك أن يزيد في أول الشهر عشرين ليلة ، كل ليلة عشرين ركعة سوى ما كان يصلّي قبل ذلك ، يصلّي من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة ، وثماني ركعات بعد العتمة) (٢) والجمع بين الخبرين يقتضي التخيير بين الترتيبين كما عن الفاضل وثاني الشهيدين وجماعة ، ولا بأس به فإنه مستحب في مستحب فيجوز للمصلي بسطها بأحد الوجهين.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ٢ و ٣.


ركعة : ثمان منها بعد المغرب ، والباقي بعد العشاء (١) ، ويجوز اثنتا عشرة بعد المغرب ، والباقي بعد العشاء (٢) (وفي ليالي الإفراد) (٣) الثلاث ، وهي التاسعة عشرة ، والحادية والعشرون ، والثالثة والعشرون ، (كل ليلة مائة) مضافة إلى ما عيّن لها سابقا ، (٤) ، وذلك تمام الألف خمسمائة في العشرين ، وخمسمائة في العشر.

______________________________________________________

(١) والباقي هو اثنتان وعشرون ركعة ، وترتيبها بهذا النحو هو المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة وللأخبار منها : خبر علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إلى أن قال فإذا دخل العشر الأواخر فصل ثلاثين ركعة كل ليلة ثمان قبل العتمة واثنتين وعشرين بعد العتمة) (١).

وخبر الحسن بن علي عن أبيه : (كتب رجل إلى أبي جعفر عليه‌السلام. إلى أن قال. وفي العشر الأواخر ثماني ركعات بين المغرب والعتمة واثنتين وعشرين ركعة بعد العتمة) (٢).

وعن الغنية وإشارة السبق والمهذب والكافي بجعل اثنتي عشرة ركعة بعد المغرب وثماني عشرة ركعة بعد العشاء لخبر مسعدة بن صدقة المتقدم : (ويصلي في العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة اثنتي عشرة منها بعد المغرب وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة) (٣) ، والجمع بينهما يقتضي التخيير كما في الذكرى والروض والروضة هنا وغيرها.

(٢) وهناك ترتيب ثالث وهو جعل اثنتين وعشرين ركعة بعد المغرب وثماني بعد العشاء لموثق سماعة (إلى أن قال. : فإذا بقي من رمضان عشر ليال فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة. أي صلاة الليل مع ركعتي الفجر. يصلي بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة وثماني ركعات بعد العتمة) (٤).

ولذا جاز التمييز بينها وبين الترتيب الأول جمعا بين الأخبار كما في المسالك والمعتبر.

(٣) جمع فرد بمعنى لا نظير له وهي ليالي القدر.

(٤) أي من الوظيفة السابقة بحيث يأتي بعشرين ركعة في الليلة التاسعة عشرة ، وأن يأتي بثلاثين ركعة في كل من الليلة الحادية والعشرين والثالثة والعشرين ، وهذا ما عليه الأكثر لخبر أحمد بن محمد بن مطهر : (كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام. إلى أن قال. : وصل ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة وصل ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة ، وصل في كل ليلة في العشر الأواخر ثلاثين ركعة) (٥) ومثله غيره.

ولا يوجد صلاة مائة ركعة في الليلة التاسعة عشرة إلا ما رواه في الإقبال عن الرسالة ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ٤ و ٧ و ٢.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ٣ و ٨.


(ويجوز الاقتصار عليها (١) فيفرّق الثمانين) المتخلفة وهي العشرون في التاسعة عشر ، والستون في الليلتين بعدها (على الجمع) الأربع (٢). فيصلّي في يوم

______________________________________________________

ـ الغرية للشيخ المفيد قال : (يصلي في العشرين ليلة. إلى أن قال. : ويصلي في العشر الأواخر كل ليلة ثلاثين ركعة يضيف إلى هذا الترتيب في ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين عن كل ليلة مائة ركعة ، وذلك تمام الألف ركعة ، قال : وهي رواية محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان فيما اسنده عن علي بن مهران عن مولانا الجواد عليه‌السلام) (١).

(١) أي على المائة في ليالي القدر.

(٢) فيصلي في كل يوم جمعة من الجمع الأربع مبتدئا من أول الشهر عشر ركعات بصلاة علي وفاطمة وجعفر (صلوات الله وسلامه عليهم) ، وفي ليلة الجمعة من آخر الشهر عشرين صلاة بصلاة علي عليه‌السلام وفي عشية تلك الجمعة أي ليلة السبت عشرين ركعة بصلاة فاطمة لخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تصلي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة ، قلت : ومن يقدر على ذلك؟ قال : ليس حيث تذهب ، أليس تصلي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة في تسع عشرة منه في كل ليلة عشرين ركعة ، وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة ، وفي ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة ، وفي ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة ، وتصلي في ثمان ليال منه في العشر الأواخر ثلاثين ركعة فهذه تسعمائة وعشرون ركعة؟ قلت : جعلني الله فداك فرّجت عني. إلى أن قال. : فكيف تمام الألف ركعة؟.

قال : تصلي في كل يوم جمعة من شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين ، وتصلي ركعتين لابنة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتصلي بعد الركعتين أربع ركعات لجعفر الطيار ، وتصلي في ليلة الجمعة في العشر الأواخر لأمير المؤمنين عليه‌السلام عشرين ركعة وتصلي في عشيّة الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليها). إلى أن قال. : فأما صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنه يقرأ فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة قل هو الله أحد ، ويقرأ في صلاة ابنة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أول ركعة الحمد وإنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة ، وفي الركعة الثانية الحمد وقل هو الله أحد مائة مرة ، فإذا سلّمت في الركعتين سبّح تسبيح الزهراء. إلى أن قال : وقال لي : تقرأ في صلاة جعفر في الركعة الأولى الحمد وإذا زلزلت الأرض وفي الثانية الحمد والعاديات وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد) (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث ١٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.


كلّ جمعة عشرا بصلاة عليّ وفاطمة وجعفر عليهم‌السلام. ولو اتفق فيه (١) خامسة (٢) تخيّر في الساقطة (٣). ويجوز أن يجعل لها (٤) قسطا يتخير في كميته ، وفي ليلة آخر جمعة عشرون بصلاة عليّ عليه‌السلام ، وفي ليلة آخر سبت عشرون بصلاة فاطمة ، وأطلق تفريق الثمانين على الجمع مع وقوع عشرين منها ليلة السبت تغليبا ، ولأنها عشية جمعة تنسب إليها في الجملة. ولو نقص الشهر سقطت (٥) وظيفة ليلة الثلاثين ، ولو فات شي‌ء منها استحب قضاؤه ولو نهارا وفي غيره (٦) ، والأفضل قبل خروجه (٧).

(ومنها. نافلة الزيارة)

للأنبياء والأئمة عليهم‌السلام. وأقلها ركعتان (٨) تهدى للمزور ، ووقتها بعد الدخول والسلام (٩) ، ومكانها مشهده وما قاربه ، وأفضله عند الرأس بحيث يجعل القبر على يساره ، ولا يستقبل شيئا منه.

(و) صلاة (الاستخارة) بالرقاع الست (١٠) ...

______________________________________________________

(١) في شهر رمضان.

(٢) أي جمعة خامسة.

(٣) وإسقاط الأخيرة متجه.

(٤) للجمعة الخامسة.

(٥) بل يأتي بها قبل الغروب لأن المدار الإتيان بألف ركعة.

(٦) أي غير النهار من الليالي الباقية.

(٧) خروج شهر رمضان لأن مشروعية الألف في شهر رمضان.

(٨) ويجوز الأكثر.

(٩) كما هو المعروف على ما في الجواهر وعن الغنية أنها بعد الزيارة إن كانت عن قرب ، وإن كانت عن بعد فالصلاة مقدمة على الزيارة ، ومثله ما عن إشارة السبق ، وفي الجواهر : «ولم أعثر لهما على نص في ذلك».

(١٠) لخبر هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع فاكتب في ثلاث منها : بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانة افعل ، وفي ثلاث منها : بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان ابن


............ وغيرها (١).

______________________________________________________

ـ فلانة لا تفعل ، ثم ضعها تحت مصلاك ، ثم صل ركعتين فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل فيها مائة مرة : أستخير الله برحمته خيرة في عافية ، ثم استو جالسا وقل : اللهم خر لي واختر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية ثم أضرب بيدك إلى الرقاع فشوشها واخرج واحدة واحدة فإن خرج ثلاث متواليات افعل ، فافعل الأمر الذي تريده ، وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله ، وإن خرجت واحدة افعل والأخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرها فاعمل به ودع السادسة لا تحتاج إليها) (١). ومثله غيره.

وعن ابن إدريس التشديد في إنكار صلاة الاستخارة بالرقاع ، وفي الذكرى : «إنكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع لا مأخذ له مع اشتهارها بين الأصحاب وعدم رادّ لها سواه وسوى الشيخ نجم الدين في المعتبر ، وكيف تكون شاذة وقد دوّنها المحدثون في كتبهم والمصنفون في مصنفاتهم ، وقد صنف السيد السعيد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة والمآثر الباهرة أبو الحسن علي بن طاوس الحسني كتابا ضخما في الاستخارات ، واعتمد فيه على رواية الرقاع ، وذكر من آثارها عجائب وغرائب أرانا الله تعالى إياها وقال : إذا توالى الأمر في الرقاع فهو خير محض وإن توالى النهي فهو شر محض ، وإن تفرقت كان الخير والشر موزعا بحسب تفرقها على أزمنة ذلك الأمر بحسب ترتبها).

(١) وهي صلاة الاستخارة بالبنادق كما في مرفوع علي بن محمد عنهم عليهم‌السلام : (قال لبعض أصحابه عن الأمر يمضي فيه ولا يجد أحدا يشاوره كيف يصنع؟ قال : شاور ربك ، فقال له : كيف؟ قال : أنو الحاجة في نفسك ثم اكتب رقعتين في واحدة لا ، وفي واحدة نعم ، واجعلهما في بندقتين من طين ثم صل ركعتين واجعلهما تحت ذيلك وقل : يا الله إني أشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير ، فأشر عليّ بما فيه صلاح وحسن عاقبة ، ثم ادخل يدك فإن كان فيها نعم فافعل ، وإن كان فيها لا فلا تفعل ، هكذا شاور ربك) (٢).

وتجوز الاستخارة بالسبحة لما رواه الشهيد في الذكرى عن ابن طاوس عن محمد الآوي الحسيني عن صاحب الأمر عليه‌السلام : (تقرأ الفاتحة عشر مرات وأقله ثلاثة ، ودونه مرة ثم تقرأ القدر عشرا ثم تقول هذا الدعاء : اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور ، ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمول والمحذور ، اللهم إن كان الأمر الفلاني مما قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه وحفّت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي اللهم لي فيه خيرة ترد شموسه ذلولا وتقعض أيامه سرورا ، اللهم إما أمر فآتمر وإما نهي فأنتهي ، اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية ، ثم تقبض على قطعة من السبحة تضمر حاجة ، فإن كان عدد القطعة زوجا فهو افعل وإن كان فردا لا تفعل وبالعكس) (١) وعن كتاب الحدائق عن كتاب السعادات لوالده : «خيرة مروية عن الإمام الصادق عليه‌السلام : يقرأ الحمد مرة والإخلاص ثلاثا ويصلي على محمد وآله خمس عشرة مرة ، ثم يقول : اللهم إني أسألك بحق الحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والائمة التسعة من ذريته أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي الخيرة في هذه السبحة وأن تريني ما هو الأصلح لي في الدين والدنيا ، اللهم إن كان الأصلح في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فعل ما أنا عازم عليه فمرني وإلا فانهني إنك على كل شي‌ء قدير ، ثم تقبض قبضة من السبحة وتعدّها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله إلى آخر القبضة ، فإن كان الأخيرة سبحان الله فهو مخيّر بين الفعل والترك ، وإن كان الحمد لله فهو أمر وإن كان لا إله إلا الله فهو نهي» (٢) وعن الشهيد الأول في مجموعة الجباعي : «طريق الاستخارة الصلاة على محمد وآله سبع مرات وبعده : يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين ، صل على محمد وآل محمد ثم الزوج والفرد) (٣).

وفي نفس المجموعة عن البهائي : «سمعنا مذاكرة عن مشايخنا عن القائم (عجل الله تعالى فرجه) في الاستخارة بالسبحة أنه يأخذها ويصلي على النبي وآله ثلاث مرات ، ويقبض على السبحة ويعدّ اثنتين اثنتين ، فإن بقيت واحدة فهو افعل ، وإن بقيت اثنتان فهو لا تفعل» (٤).

وأما الاستخارة بالقرآن ففي خبر اليسع القمي : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أريد الشي‌ء فأستخير الله فيه فلا يوفق فيه الرأي أفعله أو أدعه؟ فقال : أنظر إذا قمت إلى الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلى الصلاة ، أي شي‌ء يقع في قلبك فخذ به ، وافتتح المصحف فانظر إلى أول ما ترى فيه فخذ به إن شاء الله) (٥) وقد وردت عدة روايات (٦) بمضامين أخر. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ١.

(٢) الجواهر ج ١٢ ص ١٧٣.

(٣ و ٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ٤ و ٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ١.

(٦) مستدرك الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الاستخارة.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وقد يشكل على أصل الاستخارة بالمصحف الشريف بما روي في الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا تتفأل بالقرآن) (١) وحمل على أن التفؤل لبيان ما سيقع بخلاف الاستخارة فإنها طلب معرفة الأمر الذي سيعزم عليه.

هذا والنصوص كلها صريحها وظاهرها على استخارة الإنسان لنفسه ، وفي كتاب الاستخارات لابن طاوس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن ثم قال : ما أبالي إذا استخرت الله على أيّ جنبيّ وقعت» (٢) وفي مكارم الأخلاق عن جابر بن عبد الله : «كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يعلّمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن» (٣) وهما ظاهران في استحباب تعلم الاستخارة فضلا عن ممارستها بنفسه ، وهي أولى من الاستنابة لخلو النصوص عن ذلك بل كان الإمام بين ظهراني أصحابه ولم يدل دليل على أنهم كانوا يستنيبونه بل يأمرهم بالاستخارة فضلا عن أن الاستخارة تقتضي التخشع والتذلل والتوجه وهذه أمور لا يحسن فيها الاستنابة إلا أن العمل على الاستنابة لعموم أدلة التوكيل والوكالة ، وللاستشفاع بالنائب وهو مما لا بأس به.

هذا والأخبار على استحباب الاستخارة كثيرة مهما كان الفعل الذي يراد فعله ففي خبر ناجية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كان إذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجة الخفيفة أو الشي‌ء اليسير استخار الله فيه سبع مرات ، فإذا كان أمرا جسيما استخار الله مائة مرة) (٤) وخبر عبد العظيم عن محمد الجواد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام : (بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن فقال : وهو يوصيني : يا علي ما حار من استخار ولا ندم من استشار) (٥) وخبر هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاور فيه أحدا من الناس حتى يبدأ فيشاور الله تبارك وتعالى ، قلت : وما مشاورة الله جعلت فداك؟ قال : تبدأ فتستخير الله فيه أولا ثم تشاور فيه فإنه إذا بدأ بالله أجرى له الخيرة على لسان من يشاء من الخلق) (٦) وفي خبر محمد بن مضارب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من دخل في أمر بغير استخارة ثم ابتلي لم يؤجر) (٧) ومرسل المحاسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال الله عزوجل : من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال فلا يستخيرني) (٨).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب قراءة القرآن حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ١٠.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ٤.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ١ و ١١ و ٢.

(٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ١ و ٢ و ٣ و ٦.


(و) صلاة (الشكر) (١) عند تجدد نعمة ، أو دفع نقمة على ما رسّم في كتب مطوّلة ، أو مختصة به (وغير ذلك) من الصلوات المسنونة كصلاة النبي (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم

______________________________________________________

ـ بل يستحب الرضى بما خرجت به الخيرة ففي الخبر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت : من أبغض الخلق إلى الله؟ قال : من يتهم الله ، قلت : وأحد يتهم الله؟ قال : نعم من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فسخط فذلك الذي يتهم الله) (١) وفي خبر عيسى بن عبد الله مسندا عن علي عليه‌السلام : (قال الله (عزوجل) : إن عبدي يستخيرني فأخير له فيغضب) (٢).

ومن مكملات الخيرة شرف المكان والزمان وفي حال السجود على طهارة مع عدم التكلم في أثناء الاستخارة وكل ما له الدخل في استجابة الدعاء وبعد الشيطان وتحقق التوجه القلبي والله العالم بحقائق الأشياء.

(١) لخبر هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال في صلاة الشكر : إذا نعم الله عليك بنعمة فصل ركعتين تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ، وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون ، وتقول في الركعة الأولى في ركوعك وسجودك : الحمد لله شكرا شكرا وحمدا ، وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك : الحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي) (٣).

وعن الصدوقين أنه يقول في ركوع الأولى : الحمد لله شكرا ، وفي سجودها : شكرا لله وحمدا ، ويقول في ركوع الثانية وسجودها : الحمد لله الذي قضى حاجتي وأعطاني مسألتي ، وقال في الجواهر : «ولم نعثر عليه في رواية».

وظاهر الخبر أنها عند تجدد النعم ، وعن البعض أنها تستحب عند تجدد النعم ودفع النقم وقضاء الحوائج وهو لا بأس به.

والخبر مطلق وعن ابن البراج أن وقتها عند ارتفاع النهار ، وقال في الجواهر : «لم نعرف مستنده».

(٢) ففي مصباح المتهجد : «صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هما ركعتان ، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة وإنا أنزلناه خمس عشرة مرة وأنت قائم ، وخمس عشرة مرة في الركوع ، وخمس عشرة مرة إذا استويت قائما ، وخمس عشرة مرة إذا سجدت ، وخمس عشرة مرة إذا رفعت رأسك ، وخمس عشرة مرة في السجدة الثانية ، وخمس عشرة مرة إذا رفعت رأسك من السجدة ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الاستخارة حديث ١ و ٢ و ٣ و ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١.


الجمعة (١) ، وعليّ (٢) وفاطمة (٣) ...

______________________________________________________

ـ الثانية ، ثم تقوم فتصلي أيضا ركعة أخرى كما صليت الركعة الأولى ، فإذا سلمت عقبت بما أردت وانصرفت وليس بينك وبين الله (عزوجل) ذنب إلا غفره لك) (١).

ورواه السيد ابن طاوس في جمال الأسبوع وزاد : «والدعاء بعدها : لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون ، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون ، لا إله إلا الله وحده وحده ، أنجز وعده ونصر عبده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد وهو على كل شي‌ء قدير ، اللهم أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، فلك الحمد ، وأنت قيّام السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد ، وأنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق وإنجازك حق والجنة حق والنار حق ، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وبك خاصمت وإليك حاكمت ، يا رب يا رب اغفر لي ما قدمت وأخّرت ، وما أسررت وأعلنت ، أنت إلهي لا إله إلا أنت ، صل على محمد وآل محمد ، وارحمني واغفر لي وتبّ عليّ إنك أنت كريم رءوف رحيم» (٢).

(١) كما في المصباح على ما في الجواهر : «وفعلها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة».

(٢) كما في خبر المفضل بن عمر المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فأما صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنه يقرأ فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة قل هو الله أحد) (٣).

وخبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة قل هو أحد خمسين مرة لم ينفتل وبينه وبين الله ذنب) (٤) ومرسل الشيخ في المصباح : (روي عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : من صلى منكم أربع ركعات صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وقضيت حوائجه ، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد) (٥).

وهي أربع ركعات بتسليمتين كما هو الأصل في النوافل وعن بعض قدماء الأصحاب كما في الجواهر والخلاف وأنها بتسليمة واحدة.

(٣) ففى خبر المفضل بن عمر المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ويقرأ في صلاة ابنة محمد. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١ و ٢.


وجعفر (١) ...

______________________________________________________

ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليها. في أول ركعة الحمد وإنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة ، وفي الركعة الثانية الحمد وقل هو الله أحد مائة مرة ، فإذا سلمت في الركعتين سبّح تسبيح فاطمة الزهراء) (١).

نعم في خبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى أربع ركعات فقرأ في كل ركعة بخمسين مرة قل هو الله أحد كانت صلاة فاطمة وهي صلاة الأوابين) (٢) وقد تقدم أنها صلاة علي عليه‌السلام فلذا قال الصدوق في الفقيه : «كان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد يروي هذه الصلاة وثوابها إلا أنه يقول لا أعرفها بصلاة فاطمة ، وأما أهل الكوفة فإنهم يعرفونها بصلاة فاطمة» (٣).

(١) وتسمى بصلاة الحبوة وصلاة التسبيح ، ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجعفر : يا جعفر ألا أمنحك؟ ، ألا أعطيك؟ ، ألا أحبوك؟ ، فقال له جعفر : بلى يا رسول الله ، فظن الناس أنه يعطيه ذهبا أو فضة فتشوق الناس لذلك.

فقال له : إني أعطيك شيئا إن أنت صنعته في كل يوم كان خيرا لك من الدنيا وما فيها ، وإن صنعته بين يومين غفر الله لك ما بينهما ، أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر لك ما بينهما تصلي أربع ركعات تبتدئ فتقرأ وتقول إذا فرغت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، تقول ذلك خمس عشرة مرة بعد القراءة ، فإذا ركعت قلته عشر مرات ، فإذا رفعت رأسك من الركوع قلته عشر مرات ، فإذا سجدت قلته عشر مرات ، فإذا رفعت رأسك من السجود فقل بين السجدتين عشر مرات ، فإذا سجدت الثانية فقل عشر مرات فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية قلت عشر مرات وأنت قاعد قبل أن تقوم ، فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة ، ثلاث مائة تسبيحة في أربع ركعات ، ألف ومائتا تسبيحة وتهليلة وتكبيرة وتحميدة إن شئت صليتها بالنهار وإن شئت صليتها بالليل) (٤).

فهي أربع ركعات بتسليمتين على المشهور لأنه الأصل في النوافل ولصريح خبر أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الوارد في صلاة جعفر عليهما‌السلام : (إلى أن قال. ثم تتشهد وتسلّم ثم يقوم فيصلي ركعتين أخراوين يصنع فيهما مثل ذلك ثم تسلم) (٥) فما عن ظاهر المقنع ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ٢ و ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ١ و ٥.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ للصدوق أنها بتسليمة واحدة ليس في محله. ولا ينبغي الفصل بين أداء الأربع لصحيح ابن الريان : (كتبت إلى ابي الحسن الماضي الأخير عليه‌السلام أسأله عن رجل صلى صلاة جعفر ركعتين ثم تعجله عن الركعتين الأخيرتين حاجة أيقطع ذلك لحادث يحدث؟ أيجوز له أن يتمها إذا فرغ من حاجته وإن قام عن مجلسه أم لا يحتسب بذلك إلا أن يستأنف الصلاة ويصلي الأربع ركعات كلها في مقام واحد؟ فكتب عليه‌السلام : بل إن قطعه عن ذلك أمر لا بد له منه فليقطع ثم ليرجع فليبن على ما بقي منها إن شاء الله) (١).

وكيفيتها أن يقرأ في الأولى الحمد مرة وإذا زلزلت مرة وفي الثانية العاديات وفي الثالثة إذا جاء نصر الله وفي الرابعة قل هو الله أحد على المشهور لخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد في نافلة شهر رمضان. إلى أن قال. : تقرأ في صلاة جعفر في الركعة الأولى الحمد وإذا زلزلت الأرض وفي الثانية الحمد والعاديات وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد) (٢) وخبر إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام : (تقرأ في الأولى إذا زلزلت وفي الثانية والعاديات وفي الثالثة إذا جاء نصر الله وفي الرابعة قل هو الله أحد قلت : فما ثوابها؟ قال : لو كان عليه مثل رمل عالج ذنوبا غفر الله له ، ثم نظر إلي فقال : إنما ذلك لك ولأصحابك) (٣) وعن الصدوق جواز قراءتها بالحمد والإخلاص في الجميع ويؤيده ما في الفقه الرضوي : «وإن شئت صليتها كلها بقل هو الله أحد» (٤).

وظاهر الأخبار بل صريحها جواز إيقاعها في الليل أو النهار كما في خبر أبي بصير المتقدم لكن أفضل أوقاتها الجمعة لما ورد عن الناحية المقدسة في جواب الحميري في صلاة جعفر : (أي أوقاتها أفضل فوقّع عليه‌السلام : أفضل أوقاتها صدر النهار يوم الجمعة) (٥).

ويجوز احتسابها من النوافل الراتبة لصحيح ذريح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن شئت صل صلاة التسبيح بالليل وإن شئت بالنهار وإن شئت في السفر وإن شئت جعلتها من نوافلك وإن شئت جعلتها من قضاء صلاة) (٦) وخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام (صل صلاة جعفر في أي وقت شئت من ليل أو نهار ، وإن شئت حسبتها من نوافل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ٣.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ١.


...... وغيرهم (١) عليهم‌السلام

(وأما النوافل المطلقة فلا حصر لها) فإنها قربان كلّ تقي (٢) ، وخير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر (٣).

______________________________________________________

ـ الليل وإن شئت حسبتها من نوافل النهار ، وتحسب لك من نوافلك وتحسب لك من صلاة جعفر) (١).

فما عن ابن الجنيد من أنه لا يجب احتسابها من التطوع الموظف ليس في محله كما عن ابن أبي عقيل أنه لا يحسبها من صلاة الليل.

هذا وعن الشهيد في البيان جواز احتسابها من الفرائض ومال إليه في الذكرى والروض لعدم التغيير الفاحش والأحوط الأقوى عدم جواز الاحتساب لأصالة عدم التداخل بعد ظهور اخبار الاحتساب في خصوص النوافل.

ثم لو سها عن التسبيح أو بعضه في بعض الأحوال قضاه حيث يذكره لما ورد عن الناحية المقدسة في جواب مسائل الحميري : (حيث سأله عن صلاة جعفر : إذا سها في التسبيح في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود ، وذكره في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصلاة هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكره ، أم يتجاوز في صلاته؟ التوقيع : إذا سها في حالة عن ذلك ثم ذكره في حالة أخرى قضى ما فاته في الحالة التي ذكره) (٢).

(١) من صلاة لكل إمام من الأئمة الطاهرين وقد عقد لها الشيخ الحر بابا في وسائله (٣) وهناك صلاة ليلة الفطر وصلاة يوم الغدير وصلاة يوم عاشوراء وصلاة الرغائب ليلة أول جمعة من رجب وصلاة ليلة النصف من شعبان وصلاة ليلة المبعث ويومه وصلاة الوصية وصلاة أول الشهر وصلاة يوم المباهلة وقد أوردها جميعا وغيرها مما لم يذكره الشيخ الحر في وسائله في أبواب بقية الصلوات المندوبة.

(٢) كما جاء في الأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الصلاة قربان كل تقي) (٤).

(٣) ففي النفلية للشهيد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (الصلاة خير موضوع فمن شاء استقلّ ومن شاء ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة جعفر حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢.


(الفصل السابع)

(في) بيان أحكام (الخلل) الواقع (في الصلاة) الواجبة (١) (وهو) أي الخلل (إما) أن يكون صادرا (عن عمد) وقصد إلى الخلل سواء كان عالما بحكمه (٢) ، أم لا ، (أو سهو) بعزوب (٣) المعنى عن الذهن حتى حصل بسببه (٤) إهمال بعض الأفعال ، (أو شك) وهو تردد الذهن بين طرفي النقيض ، حيث لا رجحان لأحدهما على الآخر. والمراد بالخلل الواقع عن عمد وسهو ترك شي‌ء (٥) من أفعالها ، وبالواقع (٦) عن شك النقص الحاصل للصلاة بنفس الشك (٧) ، لا أنه (٨) كان سببا للترك كقسيميه (٩) (ففي العمد تبطل) الصلاة (للإخلال) أي بسبب الإخلال (بالشرط) (١٠) كالطهارة والستر ، (أو الجزء) وإن لم يكن ركنا كالقراءة ،

______________________________________________________

ـ استكثر) (١) وفي كتاب الغايات لجعفر بن أحمد القمي عن أبي ذر في حديث : (قلت : يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة ما الصلاة؟ قال : الصلاة خير موضوع استكثر أم استقل) (٢).

(١) احتراز عن المندوبة لجواز ترك السورة فيها وترك الاستقرار حال المشي وكذا الاستقبال ، وجواز البناء على الأقل والأكثر عند الشك ونحو ذلك.

(٢) من البطلان.

(٣) أي بذهاب ، وهو تفسير للسهو ومعناه معروف.

(٤) أي بسبب السهو.

(٥) وكذا زيادته وكان عليه ذكره إلا أن يقال أن الزيادة العمدية والسهوية راجعة إلى نقص في الهيئة المشروعة.

(٦) أي والمراد بالخلل الواقع عن شك.

(٧) لأن الشك بنفسه مبطل للصلاة في بعض الصور.

(٨) أي لا أن الشك.

(٩) من العمد والسهو.

(١٠) وكذا الجزء حتى الإخلال بالحرف من القراءة والذكر بلا خلاف فيه لفوات المشروط بفوات شرطه وفوات الكل بفوات جزئه.

__________________

(١ و ٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الفرائض حديث ٩ و ٨.


وأجزائها حتى الحرف الواحد. ومن الجزء الكيفية (١) لأنها جزء صوري. (ولو كان) المخل (جاهلا) بالحكم الشرعي كالوجوب ، أو الوضعي كالبطلان (٢) (إلّا الجهر والإخفات) (٣) في مواضعهما فيعذر الجاهل بحكمهما ، وإن علم به (٤) في محله (٥) كما لو ذكر الناسي (وفي السهو يبطل ما سلف) من السهو عن أحد الأركان الخمسة (٦) إذا لم يذكره حتى تجاوز محله (٧) ، (وفي الشك) في شي‌ء من

______________________________________________________

(١) فتركها العمدي موجب لترك الموالاة بين الأجزاء مع العلم أن الموالاة جزء.

(٢) المعروف بين الأصحاب أن الجاهل بالحكم سواء كان تكليفيا أم وضعيا بمنزلة العامد لعموم أدلة الجزئية ، وامتناع اختصاص الأدلة بالعالم للزوم الدور.

وفيه : إن حديث لا تعاد (١) مختص بالمعذور جمعا بينه وبين أدلة وجوب الأجزاء وهو يشمل الجاهل بالحكم التكليفي فقط إذ الجاهل الوضعي غير معذور بعد علمه بالوجوب.

وعليه فلو ترك جزءا غير ركني جاهلا بحكمه التكليفي فلا تجب الإعادة لحديث لا تعاد وكذا لو ترك شرطا غير ركني ، نعم لو ترك جزءا ركنيا ولو جهلا بالتكليف فالإعادة ثابتة لحديث لا تعاد وقد تقدم الكلام فيه مفصلا في الفصل الخامس في التروك.

ولو ترك شرطا ركنيا كما لو صلى قبل الوقت أو مستدبرا إلى القبلة أو بغير وضوء أو غسل فالإعادة متحققة لحديث لا تعاد ولما ثبت أن الاستدبار مبطل حتى في صورة الجهل كما تقدم ، وكذا لو سجد على موطن نجس جهلا بالحكم على ما تقدم الكلام فيه.

(٣) للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه ، وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه فقال عليه‌السلام : أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي‌ء عليه وقد تمت صلاته) (٢).

وهو مطلق يشمل الجاهل التكليفي والوضعي ويشمل ما لو تذكر بعد الفراغ من القراءة أو في الأثناء ، وفي النسيان كذلك.

(٤) بالحكم.

(٥) أي في محل الجهر أو الإخفات.

(٦) قد بسطنا الكلام فيه في الفصل الخامس في التروك.

(٧) ومحل الركن ما لم يدخل في ركن آخر وسيأتي الكلام في تداركه ما لم يدخل في ركن آخر.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ١.


ذلك (١) (لا يلتفت إذا تجاوز محلّه) (٢).

والمراد بتجاوز محلّ الجزء المشكوك فيه ، الانتقال إلى جزء آخر بعده بأن شك في النية بعد أن كبّر ، أو في التكبير بعد أن قرأ ، أو شرع فيهما (٣) ، أو في القراءة

______________________________________________________

(١) اعلم أنه إذا شك في فعل جزء من أجزاء الصلاتية سواء كان ركنا أم غيره فلا يخلو إما أن يكون الشك قبل الدخول في غيره المرتب عليه وإما أن يكون بعده فإن كان قبله وجب الإتيان بالمشكوك بلا خلاف لقاعدة الاشتغال ولجملة من النصوص الخاصة. منها : صحيح عمران الحلبي : (في الرجل يشك وهو قائم فلا يدري ركع أم لا؟ قال عليه‌السلام : فليركع) (١).

وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل رفع رأسه من السجود فشك. قبل أن يستوي جالسا. فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال عليه‌السلام : يسجد) (٢).

وإن كان الشك بعد الدخول في غيره المرتب عليه لا يلتفت بلا خلاف فيه لصحيح زرارة : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة قال عليه‌السلام : يمضي ، قلت : رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر ، قال عليه‌السلام : يمضي ، قلت : رجل شك في التكبير وقد قرأ قال عليه‌السلام : يمضي ، قلت : شك في القراءة وقد ركع قال عليه‌السلام : يمضي ، قلت : شك في الركوع وقد سجد قال عليه‌السلام : يمضي على صلاته ، ثم قال عليه‌السلام : يا زرارة إن خرجت من شي‌ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء) (٣).

وصحيح إسماعيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض ، كل شي‌ء شك فيه. مما قد جاوزه ودخل في غيره. فليمض عليه) (٤) فضلا عن نصوص أخرى ، ومن هذين الخبرين وغيرهما استفاد الفقهاء قاعدة التجاوز وهي عدم الاعتناء بالشك بعد الدخول في الغير المعبّر عنه بتجاوز المحل ، وكان الشك في أصل الوجود بنحو مفاد كان التامة.

(٢) ومحله هو قبل الدخول في الغير المرتب عليه من بقية أجزاء الصلاة.

(٣) أي في التكبير أو القراءة بحيث شك في النية بعد الشروع في التكبير ، وشك في التكبير بعد الشروع في القراءة فهو من موارد تجاوز المحل.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الركوع حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب السجود حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب السجود حديث ٤.


وأبعاضها بعد الركوع ، أو فيه (١) بعد السجود ، أو فيه (٢) أو في التشهد بعد القيام. ولو كان الشك في السجود بعد التشهد ، أو في أثنائه ولمّا يقم ففي العود إليه قولان (٣) أجودهما العدم ، أما مقدمات الجزء كالهويّ ، والأخذ في القيام قبل الإكمال (٤) فلا يعدّ انتقالا إلى جزء (٥) ، وكذا الفعل المندوب (٦) كالقنوت.

(ولو كان) الشك (فيه) أي في محله (أتى به) لأصالة عدم فعله ، (فلو ذكر فعله) سابقا بعد أن فعله ثانيا (بطلت) الصلاة (إن كان ركنا) لتحقق زيادة الركن

______________________________________________________

(١) أي في الركوع.

(٢) أي في السجود.

(٣) الاكثر على العدم لتحقق تجاوز المحل بالدخول في التشهد المترتب على السجود وعن العلامة في النهاية وجوب العود ما لم يركع وهو ضعيف جدا إذ لا دليل له إلا قياسه على من نسي السجود فإنه يرجع إليه إذا تذكر قبل الركوع ويدفعه أخبار قاعدة التجاوز ، وعن الشهيد في الذكرى وجوب العود لصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (فقلت : رجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال : يسجد) (١).

وفيه : إنه ظاهر فيما لو نهض من السجود مع عدم تخلل التشهد فهو أجنبي عن محل النزاع.

(٤) أي إكمال القيام.

(٥) ويؤيده ما ورد في صحيح عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت : فرجل نهض من سجوده فشك. قبل أن يستوي قائما. فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال عليه‌السلام : يسجد) (٢).

(٦) فلا يعدّ الدخول فيه انتقالا إلى جزء حتى تجري قاعدة التجاوز وهذا ما ذهب إليه الشهيد في الذكرى والشارح في الروض والروضة هنا وغيرهما ، ولكن إطلاق الأخبار الدالة على قاعدة التجاوز تشمله فقوله عليه‌السلام في صحيح زرارة المتقدم : (يا زرارة إذا خرجت من شي‌ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء) (٣) فهو صريح في أن المدار على الدخول ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب السجود حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب السجود حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ١.


المبطلة (١). وإن كان سهوا (٢) ومنه (٣) ما لو شك في الركوع. وهو قائم فركع ، ثم ذكر فعله قبل رفعه في أصح القولين (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ في غير المشكوك سواء كان جزءا واجبا أم لا. هذا وقد تقدم البحث في قاعدة التجاوز.

يبقى الكلام في قاعدة الفراغ وهي عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل ويدل عليها جملة من النصوص ، منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة قال عليه‌السلام : يمضي على صلاته ولا يعيد) (١).

وصحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كل ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعيد) (٢).

وصحيحه الثالث عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته؟ فقال عليه‌السلام : (لا يعيد ولا شي‌ء عليه) (٣).

وموثقته الرابعة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو) (٤).

وموثقته الخامسة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه ولا إعادة عليك فيه) (٥).

وهذه النصوص ظاهرة في عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل إذا كان الشك في الصحة والفساد فيكون الشك فيها بنحو مفاد كان الناقصة بخلاف الشك في قاعدة التجاوز فإنه بمفاد كان التامة.

(١) وصف لزيادة الركن ، وقد بسطنا القول في حكم الزيادة السهوية للركن في الفصل الخامس في التروك.

(٢) أي وإن كان الإتيان بالزيادة الركنية سهوا.

(٣) أي ومن الإتيان بالزيادة الركنية سهوا.

(٤) لأن الركوع لغة الانحناء وهو كذلك شرعا والزائد واجبات فيه كالذكر والطمأنينة ورفع الرأس بعده ، وعليه فيندرج تحت الزيادة السهوية للركن وهي مبطلة للصلاة.

وذهب الشيخ والمرتضى والشهيد في الذكرى إلى عدم البطلان لإمكان جعل هذا الركوع جزءا من الهويّ للسجود فيكمله هويا بخلاف ما لو ذكر بعد الرفع فلا يكون جزءا من الهويّ فتتحقق الزيادة المبطلة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ٥ و ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.


لأن ذلك (١) هو الركوع ، والرفع منه أمر زائد عليه (٢) كزيادة الذكر والطمأنينة (وإلا يكن) ركنا (فلا) إبطال لوقوع الزيادة سهوا (٣) (ولو نسي غير الركن) من الأفعال ولم يذكر حتى تجاوز محله (فلا التفات) (٤) بمعنى أن الصلاة لا تبطل بذلك ، ولكن قد يجب له شي‌ء آخر من سجود (٥) ، أو قضاء (٦) أو هما (٧) كما سيأتي (ولو لم يتجاوز محلّه أتى به) (٨).

والمراد بمحل المنسيّ (٩) ما بينه وبين أن يصير في ركن ، أو يستلزم العود إلى المنسي زيادة ركن (١٠) ، فمحل السجود والتشهد المنسيين ما لم يركع في الركعة اللاحقة له (١١) وإن قام ، لأن القيام لا يتمحّض للركنية إلى أن يركع كما مر.

وكذا القراءة وأبعاضها وصفاتها (١٢) بطريق أولى (١٣). وأما ذكر السجود وواجباته

______________________________________________________

ـ وفيه : إن الأفعال بالنيات وقد نوى بالانحناء الركوع فلا يمكنه بعد ذلك جعله جزءا من هويّ السجود.

(١) أي ما وقع منه قبل التذكر وهو الانحناء.

(٢) على الركوع.

(٣) الزيادة السهوية لغير الركن لا تبطل الصلاة بلا خلاف لعموم حديث لا تعاد (١) بناء على شموله للزيادة والنقيصة معا كما هو الظاهر من إطلاقه.

(٤) ولا تبطل صلاته بالاتفاق لحديث لا تعاد المتقدم.

(٥) وهو سجدتا السهو للنقيصة.

(٦) كما في نسيان التشهد والسجدة الواحدة.

(٧) أي السجود والقضاء في التشهد والسجدة الواحدة.

(٨) بلا خلاف فيه لوجوب امتثاله بعد حرمة قطع الصلاة.

(٩) هو كل ما لم يكن العود إليه موجبا لزيادة ركن ، فلو عاد إليه ولزم زيادة الركن فقد تجاوز محله. كل ذلك لحديث لا تعاد ولكون الزيادة الركنية مبطلة ولو كانت سهوا.

(١٠) تفسير ثان لمحل المنسيّ.

(١١) أي للسجود والتشهد المنسيين.

(١٢) المراد منها هو الإعراب والتشديد ونحو ذلك.

(١٣) وجه الأولوية أنّ القراءة متمحضة بغير الركنية بخلاف القيام فإن بعض مصاديقه ركن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١٤.


غير وضع الجبهة فلا يعود إليها متى رفع رأسه ، وإن لم يدخل في ركن (١). وواجبات الركوع كذلك لأن العود إليها يستلزم زيادة الركن ، وإن لم يدخل في ركن (وكذا الركن) المنسي يأتي به ما لم يدخل في ركن آخر ، فيرجع إلى الركوع ما لم يصر ساجدا ، وإلى السجود ما لم يبلغ حدّ الركوع. وأما نسيان التحريمة (٢) إلى أن شرع في القراءة ، فإنه وإن كان مبطلا مع أنه لم يدخل في ركن إلّا أن البطلان مستند إلى عدم انعقاد الصلاة (٣) من حيث فوات المقارنة بينها وبين النية ، ومن ثمّ جعل بعض الأصحاب المقارنة ركنا ، فلا يحتاج إلى الاحتراز عنه (٤) لأن الكلام في الصلاة الصحيحة.

(ويقضى) من الأجزاء المنسية التي فات محلها (بعد) إكمال (الصلاة السجدة) الواحدة (٥) ...

______________________________________________________

ـ كالقيام حال التكبير والقيام الذي عنه تركع وعليه فإذا كان الدخول في القيام ليس دخولا في الركن مع أن بعض مصاديقه ركن فالدخول في القراءة المتمحضة بعدم الركنية من باب أولى.

(١) لأن العود إليها يستدعي العود إلى السجود وهذا ما يلزم زيادة ركن.

(٢) أي تكبيرة الإحرام.

(٣) لأن تحريمها التكبير كما تقدم في بحث تكبيرة الإحرام ، وليس عدم انعقادها فوات المقارنة بينها وبين النية لما عرفت سابقا أن هذا مبني على كون النية إخطارية وهو قول قد تقدم تضعيفه لأن النية على نحو الداعي.

(٤) عن نسيان التحريمة.

(٥) فلو نسيها حتى ركع فعليه قضاؤها بعد الصلاة على المشهور لصحيح ابن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم أنه لم يسجد ، قال عليه‌السلام : فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلّم ثم يسجدها ، فإنها قضاء) (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن رجل نسي سجدة فذكرها بعد ما قام وركع قال : يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلّم فإذا سلم سجد مثل ما فاته) (٢). ومثلها غيرها.

وعن العماني والكليني بطلان الصلاة بنسيان السجدة ولم يمكن تداركها لخبر المعلّى بن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ١ و ٢.


(والتشهد) أجمع (١) ، ومنه الصلاة على محمد وآله ، (والصلاة على النبي وآله) لو

______________________________________________________

ـ خنيس : (سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته قال عليه‌السلام : إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الأوليين والأخيرتين سواء) (١).

وفيه : إن الخبر مرسل فضلا عن أن المعلّى قد قتل في حياة الإمام الصادق عليه‌السلام فكيف يروي عن الكاظم عليه‌السلام إلا أن يقال أنه روى عنه في زمن أبيه ويرده التعبير بلفظ الماضي الظاهر في أنه قد تحمل أعباء الإمامة وفي هذه الحالة لم يكن المعلّى حيّا.

ونقل عن ابن أبي عقيل أن الإخلال بالواحدة مبطل ولو كان سهوا وقد تقدم في الفصل الخامس الكلام في تضعيفه.

(١) على المشهور للأخبار منها : صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : (في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف فقال عليه‌السلام : إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد وإلا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه) (٢).

وصحيح حكم بن حكيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي‌ء منها ثم يذكر بعد ذلك قال عليه‌السلام : يقضي ذلك بعينه قلت : أيعيد الصلاة؟ قال عليه‌السلام : لا) (٣).

وخبر علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا قمت في الركعتين الأوليين ولم تتشهد فذكرت قبل أن تركع فاقعد فتشهد ، وإن لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك كما أنت ، فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما ثم تشهد التشهد الذي فاتك) (٤).

وفيه : إن صحيح ابن مسلم ظاهر في التشهد الأخير فقط ، وصحيح ابن حكيم لا يعمل بعمومه في غير التشهد ، ولكن هذه معارضة بأخبار قد سكتت عن القضاء منها : صحيح سليمان بن خالد : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأوليين فقال : إن ذكر قبل أن يركع فليجلس وإن لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة حتى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٢.


نسيها منفردة (١) ، ومثله ما لو نسي أحد التشهدين (٢) فإنه أولى بإطلاق التشهد عليه ، أما لو نسي الصلاة على النبي خاصة ، أو على آله خاصة ، فالأجود أنه لا يقضى ، كما لا يقضى غيرها من أجزاء التشهد على أصح القولين ، بل أنكر بعضهم (٣) قضاء الصلاة على النبي وآله لعدم النص ، وردّه المصنف في الذكرى

______________________________________________________

ـ إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو) (١) ومثله صحيح ابن أبي يعفور (٢) وخبر الحسين بن أبي العلاء (٣) وغيرها.

ولذا حكي عن المقنع والفقيه ورسالة المفيد عدم القضاء والاكتفاء بتشهد سجود السهو ، إلا أن الأقوى هو الأول في خصوص التشهد الأخير لصحيح ابن مسلم بل لمطلق التشهد لخبر علي بن أبي حمزة جمعا بين الأخبار.

(١) لا يوجد في النصوص ما يدل على وجوب قضائها إلا إطلاق صحيح حكم بن حكيم وقد عرفت أنه لا يمكن العمل بإطلاقه ولذلك لا بد من الرجوع إلى أصل البراءة القاضي بعدم القضاء مؤيدا بحديث لا تعاد ، ولذا أنكر ابن إدريس شرعية قضائها.

واحتج الشهيد في الذكرى للقضاء بأن التشهد يقضى بالنص فكذا أبعاضه تسوية بين الجزء والكل ، وفيه : إن هذه التسوية ممنوعة لأن الصلاة تقضى ولا تقضى أجزاؤها ، ومجموع السجدة الواحدة تقضى ولا تقضى واجباتها منفردة كالذكر والطمأنينة ، إن قلت : إن الذكر والطمأنينة ليس من أجزاء السجدة الواحدة لأنها حقيقة هي وضع الجبهة على الأرض وهذه واجبات خارجة عن حقيقتها قلت : كذلك في الصلاة على النبي وآله فهو خارج عن حقيقة التشهد وهو واجب في واجب.

هذا فضلا عن أن القاعدة المذكورة لو سلمت لوجب أن تقضى الكلمة الواحدة والحرف الواحد من التشهد إذا تركه نسيانا ولا يظن أنه يلتزم بذلك.

(٢) إما لقاعدة ما يقضى كله تقضى أجزاؤه كما عن الشهيد في الذكرى وإما لصدق التشهد عليه حقيقة كما عن الشارح في الروض وقد تقدم ذكر النصوص التي توجب قضاء التشهد.

وفيه : أما القاعدة فقد عرفت ما فيها وأما صدق التشهد عليه فهو ثابت إلا أن النصوص الدالة على وجوب القضاء ظاهرة في مجموع التشهد المشتمل على الشهادتين فقط ، فغيره يبقى تحت أصل البراءة الموجب للعدم بالإضافة إلى حديث لا تعاد (٤).

(٣) وهو ابن إدريس.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٣ و ٤ و ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١٤.


بأن التشهد يقضى بالنصّ فكذا أبعاضه تسوية بينهما. وفيه (١) نظر لمنع (٢) كلية الكبرى وبدونها لا يفيد. وسند المنع أن الصلاة مما تقضى ، ولا يقضى أكثر أجزائها ، وغير الصلاة من أجزاء التشهد (٣) لا يقول هو (٤) بقضائه ، مع ورود دليله فيه (٥) ، نعم قضاء أحد التشهدين قوي لصدق اسم التشهد عليه (٦) لا لكونه جزءا. إلّا أن يحمل التشهد (٧) على المعهود (٨) ، والمراد بقضاء هذه الأجزاء الإتيان بها بعدها (٩) من باب (فَإِذٰا قُضِيَتِ الصَّلٰاةُ) (١٠) لا القضاء المعهود (١١) ، إلا مع خروج الوقت قبله (١٢).

______________________________________________________

(١) أي في رد المصنف.

(٢) تقدم الكلام فيه.

(٣) كالكلمة الواحدة والحرف الواحد.

(٤) أي الشهيد.

(٥) أي مع ورود دليل القضاء في التشهد.

(٦) قد عرفت أن النصوص الدالة على القضاء ظاهرة في التشهد الاصطلاحي ، لا في التشهد اللغوي.

(٧) الوارد في النصوص الدالة على القضاء.

(٨) وهو الحق كما عرفت.

(٩) أي بعد الصلاة مباشرة كما في صحيح ابن جابر المتقدم : (فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها) (١) هذا في السجدة ، وفي التشهد صحيح ابن مسلم المتقدم : (رجع إلى مكانه فتشهد) (٢) إلا أن في خبر علي بن حمزة المتقدم تقديم سجدتي السهو على قضاء المنسي حيث قال : (فامض في صلاتك كما أنت فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما ، ثم تشهد التشهد الذي فاتك) (٣). ولكن الأكثر على كون قضاء المنسي بعد الصلاة مباشرة وهو الموافق للاعتبار العقلي ثم يأتي بسجدتي السهو.

(١٠) أي إذا انتهيت منها.

(١١) وهو الإتيان بها بعد خروج وقتها.

(١٢) أي قبل المأتي بالمنسي.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.


(ويسجد لهما) (١) كذا في النسخ بتثنية الضمير جعلا للتشهد والصلاة (٢) بمنزلة واحد ، لأنها جزؤه (٣) ولو جمعه (٤) كان أجود (٥) (سجدتي السهو). والأولى

______________________________________________________

(١) أما في السجدة المنسية فهو مجمع عليه كما في التذكرة وليس فيه نص بالخصوص بل بعض النصوص المتقدمة في نسيان السهو دال على عدم سجدتي السهو كصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عمن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم ، قال : يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو) (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وسئل عن الرجل ينسى الركوع أو ينسى سجدة هل عليه سجدة السهو؟ قال : لا قد أتم الصلاة) (٢) والأخير لا يمكن الأخذ بظاهره بالنسبة إلى الركوع.

إلا أن مستندهم على وجوب سجدتي السهو حينئذ مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن سفيان بن السمط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان) (٣).

وأما في التشهد المنسي بلا خلاف فيه لمرسل ابن أبي عمير المتقدم ، فضلا عن أن النصوص الدالة على وجوب قضاء التشهد قد صرحت بسجدتي السهو كصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأوليين. إلى أن قال : فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو) (٤).

وصحيح ابن أبي يعفور : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتى يركع فقال : يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل أن يتكلم) (٥).

(٢) أي الصلاة على النبي وآله.

(٣) أي لأن الصلاة المذكورة جزء التشهد ويدل على وجوب سجدتي السهو لنسيان الصلاة المذكورة عموم مرسل ابن أبي عمير المتقدم.

(٤) أي جمع المصنف الضمير وقال : ويسجد لها.

(٥) لأن المذكور في كلام المصنف ثلاثة وهي : السجدة والتشهد والصلاة على النبي وآله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب السجود حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٣ و ٤.


تقديم الأجزاء على السجود لها (١) كتقديمها عليه (٢) بسبب غيرها وإن تقدّم (٣) ، وتقديم سجودها (٤) على غيره (٥) وإن تقدم سببه أيضا (٦). وأوجب المصنف ذلك كلّه في الذكرى ، لارتباط الأجزاء بالصلاة ، وسجودها (٧) بها.

(ويجبان (٨) أيضا) مضافا إلى ما ذكر (٩) (للتكلم ناسيا (١٠) ، وللتسليم في

______________________________________________________

(١) والمعنى : فالأولى تقديم الأجزاء المنسية على سجدتي السهو المترتبين على نسيان هذه الأجزاء.

(٢) والمعنى : كتقديم الأجزاء المنسية على سجود السهو المترتب بسبب آخر غير نسيان هذه الأجزاء ، كما لو تكلم في القراءة ناسيا ثم نسي التشهد فيأتي بالتشهد أولا ثم بسجدتي السهو لنسيان القراءة لأن التشهد المنسي جزء وحقه أن يؤتى به أولا بخلاف سجدتي السهو.

(٣) أي تقدم سبب سجدتي السهو رتبة على الأجزاء المنسية.

(٤) أي سجود السهو للأجزاء المنسية.

(٥) على سجود السهو المترتب بسبب آخر غير نسيان الأجزاء ، وإن كان سبب السجود حينئذ متقدما رتبة على هذه الأجزاء المنسية ففي المثال المتقدم : يأتي بالتشهد ثم بسجدتي السهو له ثم بسجدتي السهو لزيادة الكلام.

(٦) أي لنفس العلة الموجبة لتقديم الأجزاء المنسية على سجدتي السهو بسبب غيرها كذلك تقدم سجدتي السهو للأجزاء المنسية على سجدتي السهو لزيادة الكلام.

(٧) أي سجدتا السهو للأجزاء المنسية فإنها مرتبطة بالأجزاء.

(٨) أي سجدتا السهو.

(٩) من نسيان السجدة والتشهد.

(١٠) على المشهور شهرة عظيمة ويدل عليه أخبار منها : صحيح عبد الرحمن بن الحجاج : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم قال : يتم صلاته ثم يسجد سجدتين) (١).

وعن الصدوقين العدم لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم فقال عليه‌السلام : يتم ما بقي من صلاته. تكلم أو لم يتكلم. ولا شي‌ء عليه) (٢) وحمل على نفي الإعادة أو الإثم جمعا بين الأدلة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.


الأوليين ناسيا) (١) بل للتسليم في غير محله مطلقا (٢) ، (و) الضابط وجوبهما (٣) (للزيادة ، أو النقيصة (٤) غير المبطلة (٥)) للصلاة ، لرواية سفيان بن السمط عن الصادق عليه‌السلام. ويتناول ذلك زيادة المندوب ناسيا (٦) ، ونقصانه (٧) حيث يكون

______________________________________________________

(١) على المشهور شهرة عظيمة واستدل له بمرسل ابن أبي عمير المتقدم الوارد في كل زيادة ونقصان : (تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان) (١) وهو العمدة ، وما استدل من النصوص الخاصة غير دال عليه كمثل صحيح الأعرج : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلاة شي‌ء؟ فقال : وما ذلك؟ قال : إنما صليت ركعتين ، فقال : أكذلك يا ذا اليدين وكان يدعى ذو الشمالين ، فقال : نعم ، فبنى على صلاته فأتم الصلاة أربعا. إلى أن قال. وسجد سجدتين لمكان الكلام) (٢).

(٢) فيشمل ما لو سلم على الثالثة وهو في صلاة رباعية.

(٣) أي وجوب سجدتي السهو.

(٤) فقد نسبه الشيخ في الخلاف إلى بعض أصحابنا وربما حكي عن الصدوق ، ونسب إلى العلامة وكثير ممن تأخر عنه ويستدل له بمرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن سفيان بن السمط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان) (٣).

والعجب من الشهيد في الدروس حيث قال : «لم نظفر بقائله ولا بمأخذه» مع أن مأخذه ما ذكرنا ، وهو الذي نسبه إلى العلامة في الذكرى وقد اختاره هناك فكيف ينكره هنا.

(٥) فالزيادة المبطلة كالتكلم عمدا ، والنقيصة المبطلة كترك جزء عمدا كذلك.

(٦) لصدق الزيادة عليه. وفيه : إن زيادة المندوب لا تكون زيادة في أجزاء الصلاة وإنما هي أمور مستحبة وقعت في الصلاة ولذا ذهب أكثر من واحد إلى القول بعدم وجوب سجدتي السهو للمندوب الزائد سهوا.

(٧) كما نص عليه الفاضل والشهيدان وجماعة ويصدق النقص فيما لو كان عازما على فعله.

وفيه : إنه ليس نقصانا في ماهية الصلاة أو فردها وإنما هو عدم الإتيان بأمر مستحب قد نوى فعله فلا يصدق عليه نقصان في الصلاة حتى تجب سجدتا السهو.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ أبواب الخلل في الصلاة حديث ١٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.


قد عزم على فعله كالقنوت ، والأجود خروج الثاني إذا لا يسمّى ذلك نقصانا ، وفي دخول الأول نظر ، لأن السهو (١) لا يزيد على العمد.

وفي الدروس أن القول بوجوبهما (٢) لكلّ زيادة ، ونقصان لم نظفر بقائله ولا بمأخذه ، والمأخذ ما ذكرناه ، وهو (٣) من جملة القائلين به (٤) ، وقبله الفاضل ، وقبلهما الصدوق.

(وللقيام في موضع قعود وعكسه) ناسيا (٥) ، وقد كانا داخلين في الزيادة والنقصان ، وإنما خصهما تأكيدا ، لأنه قد قال بوجوبه لهما (٦) من لم يقل بوجوبه لهما (٧) مطلقا ، ...

______________________________________________________

(١) أي الإتيان به سهوا لا يزيد على الإتيان به عمدا مع أن الإتيان العمدي لا يوجب سجدتي السهو.

(٢) أي بوجوب سجدتي السهو.

(٣) أي المصنف في الذكرى.

(٤) بهذا القول كما في الذكرى بل وفي المتن هنا.

(٥) نسب إلى الأكثر كما في السرائر لصحيح معاوية بن عمار : (سألته عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام قال : يسجد سجدتين بعد التسليم وهما المرغمتان ترغمان الشيطان) (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام (عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو؟ قال عليه‌السلام : إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ فسبحت ، أو أردت أن تسبح فقرأت فعليك سجدتا السهو ، وليس في شي‌ء مما يتم به الصلاة سهو) (٢).

وعن الشيخين والكليني والقديمين ووالد الصدوق والمحقق والعلامة في المنتهى أنه لا يجب لموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو) (٣) وفيه : إن الخبرين السابقين نص فيقدمان.

(٦) أي بوجوب السجود للقيام والقعود في موضع الآخر.

(٧) أي بوجوب السجود للزيادة والنقيصة سواء كانتا قياما أو قعودا أو غيرهما. كابن إدريس وابن زهرة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١١.


(وللشك بين الأربع والخمس) (١) حيث تصح معه (٢) الصلاة (٣) ، (ويجب فيهما النية) (٤) المشتملة (٥) على قصدهما (٦) ، وتعيين السبب إن تعدّد (٧) ، وإلّا فلا (٨) ، واستقرب المصنف في الذكرى اعتباره مطلقا (٩) ، وفي غيرها عدمه مطلقا ، واختلف أيضا اختياره في اعتبار نية الأداء ، أو القضاء فيهما (١٠) ، وفي الوجه (١١) : واعتبارهما أولى. والنية مقارنة لوضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، أو بعد الوضع على الأقوى (١٢).

______________________________________________________

(١) إذا شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين فيبني على الأربع ويتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو على المشهور لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا ، فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ، ثم سلم بعدهما) (١) ومثله موثق أبي بصير (٢).

فما عن الخلاف من البطلان وعن المفيد والصدوقين وغيرهم من عدم وجوب سجدتي السهو ليس في محله لأن هذه النصوص حجة عليهم.

(٢) مع هذا الشك.

(٣) كما تقدم من أنه بعد إكمال السجدتين.

(٤) لأنهما عبادة بالاتفاق.

(٥) أي النية.

(٦) لما تقدم في بحث نية الوضوء والصلاة أن النية مؤلفة من القصد مع التقرب.

(٧) لتعدد المكلف به وعدم تشخص الفعل لأحدها بغير النية كما عن جماعة ، والحق عدم التعيين للأصل.

(٨) لا يجب تعيين السبب إذا كان واحدا لإطلاق الأدلة والأصل أيضا خلافا لنهاية الفاضل والذكرى فيجب لتوقف صدق الامتثال على ذلك وفيه منع واضح.

(٩) تعدد السبب أو لا.

(١٠) في سجدتي السهو ويحتمل أن يكون في الذكرى وغيرها.

(١١) قد عرفت أنه لا يجب التعرض لنية الأداء والقضاء والوجه في أصل الصلاة فكذا في سجدتي السهو.

(١٢) اعلم أن سجدتي السهو لا يجب فيها التكبير على المشهور كما سيأتي فلذا من تعرض للنية جعل وقتها أول السجود بمعنى أنها تقارنه وهذا مبني على كون النية إخطارية ، ثم إن ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.


(وما يجب في سجود الصلاة) من الطهارة وغيرها من الشرائط ، ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، والسجود على الأعضاء السبعة وغيرهما من الواجبات (١) ، والذكر (٢) ، إلا أنه هنا مخصوص بما رواه الحلبي (٣) عن الصادق

______________________________________________________

ـ الشهيد في البيان جوّز مقارنة النية للتكبير وإن كان التكبير مستحبا ، وهو حسن لصدق المقارنة عرفا ، والشارح هنا في الروضة والمحقق الثاني في جامعه أنه لو نوى بعد الوضع فالأقوى الصحة ولعله لصدق المقارنة عرفا ، وفي الجميع أن النية على نحو الداعي وهي متحققة من أول الأمر ومستمرة إلى الآخر فلا معنى للبحث عن وقتها.

(١) كرفع الرأس من السجدة الأولى والطمأنينة حال الذكر في السجود ، والطهارة والستر والاستقبال كما عن جماعة منهم الشهيدان إلا أنه ليس في الأدلة تعرض لشي‌ء من ذلك ، نعم هو مقتضى الاحتياط. وجعل سجود السهو عقيب الصلاة مباشرة قبل التكلم كما في صحيح ابن أبي يعفور الوارد في نسيان التشهد حيث قال فيها : (وإن لم يذكر حتى ركع فليتم صلاته ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يتكلم) (١). هذا وعدم تعرض الشهيدين للتكبير قبل السجدتين كاشف عن عدم وجوبه عندهما للأصل ، ولكن هل هو مستحب أو لا؟ ذهب المشهور إلى استحبابه لموثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح؟ فقال : لا ، إنما هما سجدتان فقط فإن كان الذي سها الإمام كبّر إذا سجد وإذا رفع رأسه ليعلم من خلفه أنه قد سها ، وليس عليه أن يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين) (٢) وهو ظاهر في الإمام فقط وأن التكبير للإعلام لا للسجدتين ولذا ذهب جمع من الأصحاب إلى عدم استحبابه.

(٢) المشهور على وجوب الذكر في السجدتين ، وعن جماعة منهم المحقق في المعتبر والنافع والعلامة في المنتهى والمختلف العدم للأصل مضافا إلى موثق عمار المتقدم : (إنما هما سجدتان فقط. إلى أن قال. : وليس عليه أن يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين).

ومستند المشهور صحيح الحلبي الآتي ، ومقتضى الجمع استحباب الذكر لا وجوبه ، وعلى فرض القول بوجوبه فهل يتعين الذكر بصيغة خاصة وهي الواردة في صحيح الحلبي الآتي كما عن الشيخ والعلامة والشهيد أو يجزي مطلق الذكر لاختلافه وتعدده في الصحيح المذكور.

(٣) صحيح الحلبي. على ما في الفقيه. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه قال : تقول في سجدتي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.


عليه‌السلام. (وذكرهما «بسم الله وبالله وصلّى على محمّد وآل محمّد»). وفي بعض النسخ (١) ، «وعلى آل محمّد» ، وفي الدروس (٢) «اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد

______________________________________________________

ـ السهو : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد ، قال : وسمعته مرة أخرى يقول : بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (١) ومثله عن الكافي إلا أن فيه : (اللهم صل) (٢) بدل : (وصلى الله). ونفسه قد رواه الشيخ في التهذيب : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في سجدتي السهو : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد ، وسمعته مرة أخرى يقول فيهما : بسم الله وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (٣).

وعليه فالتخيير بين صيغتين الأولى : «بسم الله وبالله اللهم صلى على محمد وآل محمد» والثانية : «بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» لتضمن التخيير في صحيح الحلبي على اختلاف نقله.

غير أن الصيغة الأولى فيها احتمالات.

الأول : اللهم صلى على محمد وآل محمد ، كما في الكافي.

الثاني : وصلى الله على محمد وآله محمد ، كما في الفقيه.

الثالث : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآله ، كما عن التقي والمحقق الثاني في حاشية النافع أنه ذكرها ولم يظهر له مأخذ.

الرابع : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وعلى آل محمد ، كما عن بعض نسخ الفقيه.

والصيغة الثانية فيها احتمالان :

الأول : بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، كما في الفقيه والكافي.

الثاني : بسم الله وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، كما في التهذيب.

وعن الوحيد الجزم بترك الواو ولعله لاتفاق الفقيه والكافي عليه ، والأولى العمل على ما في الكافي بتمام الصيغتين لأنه أثبت.

(١) نسخ الفقيه.

(٢) وهو الموافق لرواية الكافي.

__________________

(١) الفقيه ج ١ ص ٢٦٦ حديث ٩٩٧.

(٢) فروع الكافي ج ١ ص ٣٥٦ حديث ٥.

(٣) التهذيب ج ٢ ص ١٩٦ حديث ٧٧٣.


(أو «بسم الله وبالله والسّلام عليك (١) أيها النّبي ورحمة الله وبركاته») ، أو بحذف واو العطف (٢) من السلام والجميع مروي (٣) مجزئ ، (ثم يتشهد) (٤) بعد رفع رأسه معتدلا (ويسلّم) (٥). هذا هو المشهور بين الأصحاب ، والرواية الصحيحة

______________________________________________________

(١) كما في التهذيب.

(٢) كما في رواية الكافي والفقيه.

(٣) أما الصيغتان فنعم ، وأما الاختلاف في ألفاظ الصيغتين فهو من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة وقد عرفت ترجيح رواية الكافي.

(٤) على المشهور لجملة من النصوص ، منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت ، فتشهد وسلّم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، يتشهد فيهما تشهدا خفيفا) (١).

وصحيح علي بن يقطين : (سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل لا يدري كم صلى ، واحدة أو اثنتين أم ثلاثا قال : يبني على الجزم ويسجد سجدتي السهو ويتشهد تشهدا خفيفا) (٢).

ورواية سهل بن اليسع عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا) (٣).

ولكن يعارضها موثق عمار المتقدم (إنما هما سجدتان فقط. إلى أن قال. وليس عليه أن يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين) (٤). ومقتضى الجمع هو استحباب التشهد كما عن العلامة في المختلف وجماعة.

هذا والمراد بالتشهد الخفيف هو : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله اللهم صل على محمد وآل محمد ، وقد نسب ذلك إلى الأصحاب ، ويحتمل أن يكون المراد بالخفيف هو التشهد المعروف مع حذف الزيادات المستحبة منه.

(٥) على المشهور لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلّم بعدهما) (٥) ومثله موثق أبي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢ ، والباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.


دالة عليه (١). وفيه أقوال أخر (٢) ضعيفة المستند (٣).

(والشاكّ في عدد الثنائية (٤) ، ...

______________________________________________________

ـ بصير (١) ، لكن في موثق عمار المتقدم عدم الوجوب حيث قال : (ولا فيهما تشهد بعد السجدتين) ومقتضى الجمع هو استحباب التسليم.

(١) أي على المشهور ومراده من الرواية هو : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلّم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، تشهد فيهما تشهدا خفيفا) (٢).

(٢) منها : وجوب التشهد من غير تسليم كما عن الصدوق في المقنع.

ومنها استحباب الجميع ما عدا السجدتين وهو ظاهر العلامة في المختلف.

ومنها : استحباب التشهد والتسليم مع وجوب الذكر كما عن ابن إدريس ، وهكذا.

واعلم أن الشارح ردّ موثق عمار الدال على عدم التشهيد والتسليم بضعف سنده فلا يقاوم صحيح الحلبي مع إمكان حمله على التقية كما قال في الروض.

(٣) لاعتماد الجميع على موثق عمار وقد عرفت رأي الشارح فيه ، هذا وتجب المبادرة إلى السجود للسهو عقيب الصلاة كما عليه المشهور لصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث: (يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل أن يتكلم) (٣) وللأمر به عقيب التسليم كما في صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو) (٤).

نعم لو عصى وأخّر لا تجب إعادة الصلاة على المشهور لأن سجدتي السهو لإرغام الشيطان كما تقدم في بعض النصوص من دون دخل لهما في نفس الصلاة ، والإتيان به فيما بعد لبقاء الأمر حتى يتحقق الامتثال.

وكذا لو نسي فيأتي به كما في موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل إذا سها في الصلاة فينسى أي يسجد سجدتي السهو قال : يسجدهما متى ذكر) (٥).

(٤) الشك فيها مبطل على المشهور بين الأصحاب ويدل عليه جملة من النصوص ، منها : صحيح الحلبي وحفص بن البختري وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا شككت في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٤ ، والباب ـ ٢٠ ـ منه حديث ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب التشهد حديث ٤ و ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المغرب فأعد ، وإذا شككت في الفجر فأعد) (١) وصحيح العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : سألت عن الرجل يشك في الفجر؟ قال يعيد ، قلت : المغرب؟ قال عليه‌السلام : نعم والوتر والجمعة ، من غير أن أسأله) (٢) وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يصلي ولا يدري واحدة أم اثنتين قال : يستقبل حتى يستيقن أنه قد أتم ، وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر) (٣) وموثق سماعة : (سألته عن السهو في صلاة الغداة ، قال : إذا لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة من أولها ، والجمعة أيضا إذا سها فيها الإمام فعليه أن يعيد الصلاة لأنها ركعتان ، والمغرب إذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلى فعليه أن يعيد الصلاة) (٤) والتعليل بأنها ركعتان يقتضي تعميم الحكم ببطلان الصلاة بالشك إذا كانت ثنائية بلا فرق بين الصبح وبين صلاة الجمعة وصلاة الظهرين والعشاء للمسافر وصلاة الآيات إذا شك بين الركوع الخامس والسادس لأنه شك بين الأولى والثانية فضلا عن التصريح في صحيح محمد بن مسلم بكل ما ذكرنا ما عدا صلاة الآيات.

وعن الصدوق التخيير بين الإعادة وبين البناء على الأقل جمعا بين ما تقدم وبين خبر الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة؟ قال : يتمّ) (٥).

وموثق عمار : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا؟ قال : يسلّم ثم يقوم فيضيف إليها ركعة) (٦) وموثقه الآخر : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لم يدر صلى الفجر ركعتين أو ركعة؟ قال : يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان قد صلى ركعتين كانت هذه تطوعا ، وإن كان قد صلى ركعة كانت هذه تمام الصلاة.

قلت : فصلى المغرب فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا؟ قال : يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فإن كان صلى ثلاثا كانت هذه تطوعا ، وإن كان صلّى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة) (٧). ولكن لا بد من طرحها لعدم مقاومة ما تقدم وقال الشيخ في الاستبصار عن خبري عمار : «إن هذين الخبرين شاذان مخالفان للأخبار كلها وإن الطائفة قد أجمعت على ترك العمل بهما».

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٧ و ٢ و ٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٢٠.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١١ و ١٢.


(أو الثلاثية (١) ، أو في الأوليين من الرباعية (٢) أو في عدد غير محصور) بأن لم يدر كم صلّى ركعة (٣) ، (أو قبل إكمال السجدتين) (٤) ...

______________________________________________________

(١) على المشهور وتشهد له النصوص المتقدمة وعن الصدوق التخيير هنا أيضا بما تقدم لما تقدم ، وفيه : ما تقدم.

(٢) على المشهور بين الأصحاب لصحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (رجل لا يدري واحدة صلى أم اثنتين؟ قال : يعيد) (١) ومثله صحيح رفاعة (٢) وغيره ، وصحيح الفضل بن عبد الملك : (إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك) (٣) وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان الذي فرضه الله تعالى على العباد عشر ركعات وفيهن القراءة ، وليس فيهنّ وهم ، يعني سهوا ، فزاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعا وفيهن الوهم وليس فيهن قراءة ، فمن شك في الأوليين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ، ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم) (٤) والأخبار كثيرة. وعن الصدوق التخيير بين الإعادة والبناء على الأقل جمعا بين ما تقدم وبين جملة من النصوص منها : خبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام (في الرجل لا يدري أركعة صلى أم اثنتين؟ قال : يبني على الركعة) (٥) وخبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة؟ قال : يتم بركعة) (٦) وخبر الحسين بن أبي العلاء المتقدم (٧). وهذه أيضا لا بدّ من طرحها أو تأويلها لعدم مقاومتها للأخبار الكثيرة المتقدمة.

(٣) لصحيح عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد الصلاة ولا تمض على الشك) (٨) وصحيح صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد الصلاة) (٩). ومثلهما غيرهما.

(٤) أي شك بين الاثنتين والثلاث قبل إكمال السجدتين فيعيد لأنه يشترط حفظ الأوليين من الشك كما في صحيح الفضل المتقدم وهذا لا يتم إلا بعد إكمال السجدتين ويدل عليه أيضا صحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (قلت له : رجل لم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا ، فقال : إن دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ثم صلى الأخرى ولا شي‌ء عليه ويسلم) (١٠) وهو ظاهر في اشتراط إكمال السجدتين ، ومفهومه : مع عدم الإكمال لا يمضي بل يعيد ، وعليه يحمل إطلاق خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٦ و ١٢ و ١٣ و ١.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢٣ و ٢٢ و ٢٠.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢ و ١.

(١٠) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.


المتحقّق (١) بإتمام ذكر السجدة الثانية (٢) (فيما يتعلق بالأوليين) وإن أدخل معهما غيرهما (٣) ، وبه (٤) يمتاز عن الثالث (٥) (يعيد) الصلاة لا بمجرد الشك بل بعد استقراره بالتروّي عند عروضه (٦) ، ولم يحصل ظن بطرف من متعلقه ، وإلا بني عليه (٧) في الجميع ، ...

______________________________________________________

ـ (سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا؟ قال : يعيد) (١). وعليه فالشك بعد الإكمال هو شك في تحقق الثالثة ، وقيل الإكمال هو شك في تحقق الثانية.

(١) أي الإكمال.

(٢) فعن المحقق في المسائل البغدادية وابن طاوس في البشرى إن إكمال الركعة متحقق بالركوع واحتمله الشهيد في الذكرى لأن الركعة مستفادة من الركوع لغة ولذا ورد أن صلاة الآيات عشر ركعات (٢).

وفيه : إن الركعة شرعا مؤلفة من الركوع والسجود فلا داعي لإخراج الثاني عنها وعن الشهيد الثاني في كتبه ونسب إلى الشهيد الأول ومال إليه المحقق الثاني أنه متحقق بإتمام الذكر الواجب لأن الواجب من الركعة يتم عند مقدار السجود الذي يؤتى به بالذكر الواجب ، وأما الرفع من السجود فليس من أجزاء السجود ولا من أجزاء الركعة.

وعن المشهور أنه متحقق برفع الرأس من السجدة الثانية لأن الرفع من أجزاء الركعة ، وأشكل عليه : بأنه واجب مقدمة لإحراز ما بقي من الصلاة.

وعن الشهيد في الذكرى أنه متحقق بوضع الجبهة في السجدة الثانية لأن الذكر غير داخل في ماهية الركعة ، وعن بعض أنه متحقق بوضع الجبهة في السجدة الأولى ولذا لو فاته الباقي نسيانا لتحققت الركعة.

والأحوط العمل على قول المشهور لارتكاز المتشرعة.

(٣) بأن كان الشك بين الاثنتين والثلاث قبل إكمال السجدتين.

(٤) بهذا القيد الأخير.

(٥) أي عن الشك في الأوليين من الرباعية.

(٦) لانصراف الأخبار إلى الشك المستقر لا البدوي الذي يمكن أن يرتفع.

(٧) على الظن ، اعلم أن الظن في الركعات بحكم اليقين على المشهور لصحيح صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من صلاة الكسوف.


وكذا في غيره (١) من أقسام الشك (وإن أكمل) الركعتين (الأوليين) بما ذكرناه من ذكر الثانية (٢) ، وإن لم يرفع رأسه منها (وشك في الزائد) بعد التروي (٣).

(فهنا صور خمس) (٤) تعم بها البلوى أو أنها منصوصة ، وإلا فصور الشك

______________________________________________________

ـ الصلاة) (١) ومفهومه : فإن وقع الوهم بمعنى الظن فلا تعد ، وصحيح عبد الرحمن بن سيابة والبقباق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فسلم وانصرف) (٢) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا. إلى أن قال : وإن ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو ، فإن ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد وسلم ثم اسجد سجدتي السهو) (٣) وعن ابن إدريس معاملة الظن معاملة الشك في الأوليين فقط ، وأما في الأخيرتين فحكمه حكم اليقين ولم يعرف له مستند خصوصا أن الخبر الأول مطلق يشمل الأوليين.

(١) وهو الظن في الأفعال فإنه بحكم اليقين على المشهور بل عن المحقق الثاني عدم الخلاف فيه للنبوي العالي : (إذا شك أحدكم في الصلاة فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليبن عليه) (٤).

(٢) أي ذكر السجدة الثانية.

(٣) لأنه لو انقلب شكه بعد التروي إلى الظن أو اليقين فلهما حكم مغاير لحكم الشك فالعمل على الحادث بعد التروي حينئذ.

(٤) بعد ما ذكر الشكوك المبطلة للصلاة ، أراد أن يذكر الشكوك التي تصح الصلاة معها ، وصورها متشعبة ، إلا أن ديدن الفقهاء الاقتصار على أربع صور لأنها مورد النص أو لأنها عامة البلوى ، وعن الشارح وجوب معرفتها عينا بخلاف غيرها من مسائل الشك فتجب كفاية ، وفيه : إنه لا دليل على التفرقة بينها وبين غيرها من المسائل ، والصور الأربعة هي : الشك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين ، والشك بين الثلاث والأربع مطلقا ، والشك بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين ، والشك بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وأما الصورة الخامسة التي ذكرها الماتن فسيأتي الكلام فيها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

(٤) سنن البيهقي ج ٢ ص ٣٣٠.


أزيد من ذلك كما حرره في رسالة الصلاة وسيأتي أن الأولى (١) غير منصوصة (الشك بين الاثنتين والثلاث) بعد الإكمال (٢) ، (والشك بين الثلاث والأربع)

______________________________________________________

(١) لم يرو فيها نص بخصوصه لكن الأخبار المطلقة تشملها.

(٢) أي بعد إكمال السجدتين وقد تقدم وجهه ، ثم إنه يبني على الأكثر. أعني الثلاث. كما هو المشهور ويدل عليه موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل على الأكثر قال : فإذا انصرفت فأتم ما ظننت أنك قد نقصت) (١). وموثقه الآخر عنه عليه‌السلام : (يا عمار أجمع لك السهو كله في كلمتين ، متى ما شككت فخذ بالأكثر فإذا سلمت فأتم ما ظننت أنك نقصت) (٢) وموثقه الثالث عنه عليه‌السلام : (عن شي‌ء من السهو في الصلاة؟ فقال : ألا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت أنك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شي‌ء؟ قلت : بلى ، قال : إذا سهوت فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلّمت فقم فصل ما ظننت أنك نقصت ، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي‌ء ، وإن ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت) (٣).

هذا وعن الصدوق في المقنع مبطلية هذا الشك لصحيح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل لم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا قال عليه‌السلام : يعيد ، قلت : أليس يقال لا يعيد الصلاة فقيه؟ قال : إنما ذلك في الثلاث والأربع) (٤) وفيه : إنه محمول على الشك بين الاثنتين والثلاث قبل إكمال السجدتين وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.

وعن الصدوق في الفقيه البناء على الأقل ويشهد له جملة من النصوص ، منها : موثق عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إذا شككت فابن على اليقين ، قلت : هذا أصل؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٥) وفيه : إنه اليقين الوارد فيه ليس هو الأقل ، بل الأكثر بدليل رواية العلاء : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صلى ركعتين وشك في الثالثة؟ قال عليه‌السلام : يبني على اليقين فإذا فرغ تشهد وقام قائما فصل ركعة بفاتحة القرآن) (٦) فالأمر بصلاة ركعة منفصلة يقتضي على كون المراد من اليقين هو الأكثر لأنه لا داعي للركعة المنفصلة على تقدير البناء على الأقل. هذا واعلم أن أخبار اليقين المتقدمة لمّا لم تكن ظاهرة في البناء على الأكثر عند بعضهم جعل هذه المسألة مما لم يرد فيها نص خاص كما عن الشهيد في الذكرى وقد صرح به الشارح هنا.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٤ و ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.


مطلقا (١) (ويبني على الأكثر فيهما (٢) ثم يحتاط) بعد التسليم (بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما (٣) والشك بين الاثنتين والأربع يبني على الأربع (٤) ويحتاط بركعتين)

______________________________________________________

ـ وعن والد الصدوق التخيير بين البناء على الأقل مع التشهد في كل ركعة وبين البناء على الأكثر كما هو المشهور وليس له مستند إلا ما عن الفقه الرضوي وهو لا يقاوم ما تقدم من الأخبار.

(١) سواء كان قائما أو راكعا أو ساجدا أو بعد إكمال السجدتين ، فيبني على الأكثر لموثقات عمار المتقدمة فضلا عن جملة من النصوص الخاصة ، منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فسلّم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بأم الكتاب) (١) ومرسل جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فيمن لا يدري أثلاثا صلّى أم أربعا ووهمه في ذلك سواء فقال عليه‌السلام : إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار إن شاء صلّى ركعة وهو قائم وإن شاء صلى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس) (٢).

(٢) في هاتين الصورتين.

(٣) أما في الصورة الثانية. أعني الشك بين الثلاث والأربع. لمرسل جميل ، وعن العماني والجعفي تعين الجلوس عليه لأن أكثر أخبار هذا الباب متضمنة للركعتين جالسا كصحيح الحلبي المتقدم ، والعمل على الأول لانجبار ضعف المرسل بعمل الأصحاب.

وأما في الصورة الأولى. أعني الشك بين الاثنتين والثلاث. لما تقدم في الصورة السابقة لوحدة المناط من احتمال نقص الركعة وهو بعينه موجود هنا.

(٤) بشرط أن يكون الشك بعد إكمال السجدتين والبناء على الأربع لموثقات عمار المتقدمة ولجملة من النصوص الخاصة ، منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر اثنتين صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فتشهد وسلم ، ثم صلّ ركعتين وأربع سجدات تقرأ فيهما بأم الكتاب ثم تشهد وتسلّم ، فإن كنت إنما صليت ركعتين كانتا هاتان تمام الأربع ، وإن كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة) (٣).

وصحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى ركعتين فلا يدري ركعتين هي أو أربع؟ قال عليه‌السلام : يسلّم ثم يقوم فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف وليس عليه شي‌ء) (٤) وأما ما في صحيح العلاء عن محمد بن مسلم : (سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين أم أربعا؟ قال : يعيد الصلاة) (٥) كما ذهب إليه ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٦ و ٧.


(قائما ، والشك بين الاثنين والثلاث والأربع يبني على الأربع (١) ويحتاط بركعتين قائما ثم بركعتين جالسا على المشهور). ورواه ابن أبي عمير عن الصادق عليه‌السلام ، عاطفا لركعتي الجلوس بثم كما ذكرنا هنا ، فيجب الترتيب بينهما. وفي الدروس

______________________________________________________

ـ الصدوق في المقنع فهو محمول على ما قبل إكمال السجدتين أو مطروح.

ونصوص هذا الباب متفقة على كون الركعتين المفصولتين من قيام فلذا اتفقت فتوى الأصحاب على ذلك.

(١) على المشهور لمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل صلى فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ قال عليه‌السلام : يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلم ، ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلّم ، فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة ، وإلا تمت الأربع) (١).

وعن الصدوقين وابن الجنيد أنه يصلي ركعة من قيام وركعتين من جلوس لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه‌السلام : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ فقال : يصلي ركعة من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين وهو جالس) (٢). وما يوجد في بعض نسخ الوسائل أنه : «يصلي ركعتين من قيام» اشتباه لتصريح الصدوق في الفقيه أن المروي هو ركعة من قيام.

وعلى كل ففي الذكرى قال : «وهو قوي من حيث الاعتبار ، لأنهما تنضمان حيث تكون الصلاة اثنتين ويجتزئ بإحداهما حيث تكون ثلاثا إلا أن النقل والأخبار تدفعه» ومراده بالنقل والأخبار هو مرسل ابن أبي عمير هذا من جهة ومن جهة أخرى فالاعتبار يقتضي عدم قوة هذا القول لأنه إذا كانت الصلاة واقعا اثنتين فانضمام ركعة قيام إلى ركعتي الجلوس وإن كان كافيا في إتمامها لكن الإشكال في زيادة التشهد والتسليم وإن كانت ثلاثا فالاجتزاء بأحدهما يقتضي لغوية الآخر.

ثم إن المشهور على تقديم الركعتين من قيام على ركعتي الجلوس لعطف ركعتي الجلوس على ما قبلها بثمّ الدال على الترتيب كما في مرسل ابن أبي عمير المتقدم ثم هل يجوز أن يصلي بدل الركعتين جلوسا ركعة من قيام ، قيل : نعم لتساويهما في البدلية ، بل الركعة من قيام أقرب إلى حقيقة ما يحتمل فواته من ركعتي الجلوس وهذا ما اختاره الشهيدان ، وقيل : لا لأن فيه خروجا عن المنصوص كما عن المفيد وابن زهرة ، هذا وذهب سلار إلى وجوب الركعة من قيام وعدم جواز ركعتي الجلوس وليس له مستند.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٤ و ١.


جعله أولى ، وقيل : يجوز إبدال الركعتين جالسا بركعة قائما ، لأنها أقرب إلى المحتمل فواته ، وهو حسن ، (وقيل يصلّي ركعة قائما ، وركعتين جالسا ذكره) الصدوق (ابن بابويه) وأبوه وابن الجنيد (وهو قريب) من حيث الاعتبار (١). لأنهما ينضمان حيث تكون الصلاة اثنتين ، ويجتزي بإحداهما حيث تكون ثلاثا ، إلا أن الأخبار تدفعه ، (والشك بين الأربع والخمس (٢) ، وحكمه قبل الركوع كالشك بين الثلاث والأربع) فيهدم الركعة ويتشهد ويسلّم ويصير بذلك شاكا بين الثلاث والأربع فيلزمه حكمه (٣) ، ويزيد عنه (٤) سجدتي السهو لما هدمه من القيام ، وصاحبه من الذكر.

(وبعده) أي بعد الركوع سواء كان قد سجد (٥) ، أم لا (يجب سجدتا السهو) لإطلاق النص (٦). «بأن من لم يدر أربعا صلّى ، أم خمسا يتشهد ويسلّم

______________________________________________________

(١) بل لصحيح عبد الرحمن كما تقدم.

(٢) بعد ما تقدم صور الشك المبطلة وغيرها فيما لو كان طرفا الشك من إعداد الرباعية أراد أن يستعرض الشك بين عدد الرباعية وغيرها. والصور المتصورة كثيرة جدا لأن الشك قد يكون بين طرفين وقد يكون أكثر وقد يكون الشك حال القيام أو حال الركوع أو ما بعد السجدتين حتى حكي عن الشهيد إنهاؤها إلى مائتين وخمسين صورة إلا أن المهم منها هو صور الشك بين الأربع والخمس وهي أربع صور.

الصورة الأولى : فيما لو شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، وقد تقدم حكمه من البناء على الأربع ويسجد سجدتي السهو ليس إلا.

الصورة الثانية : ما لو شك بين الأربع والخمس حال القيام فيجب عليه هدم القيام فينقلب شكه بين الثلاث والأربع فيأخذ حكمه مع زيادة سجدتي السهو لزيادة القيام المنهدم ، وفي الحدائق نفي الخلاف عنه.

الصورة الثالثة : ما لو كان الشك بين الأربع والخمس بعد الدخول في الركوع إلى ما قبل إكمال السجدتين وسيأتي التعرض لها.

(٣) أي حكم الشاك بين الثلاث والأربع.

(٤) عن الشاك بين الثلاث والأربع.

(٥) بشرط عدم الإكمال.

(٦) ذهب المحقق والشهيد إلى الصحة لإطلاق صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلّم ـ


ويسجد سجدتي السهو». (وقيل (١) : تبطل الصلاة لو شكّ ولمّا يكمل السجود إذا كان قد ركع) لخروجه عن المنصوص (٢). فإنه (٣) لم يكمل الركعة حتى يصدق عليه أنه شك بينهما ، وتردده (٤) بين المحذورين : الإكمال المعرّض للزيادة (٥) ، والهدم المعرّض للنقصان (٦) (والأصحّ الصحة) لقولهم عليهم‌السلام : «ما أعاد الصلاة فقيه»

______________________________________________________

ـ بعدهما) (١) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر خمسا صليت أم أربعا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك وأنت جالس ثم سلم بعدهما) (٢) وهما متفاوتان باختلاف يسير مع ما نقله الشارح من الخبر.

وذهب المشهور إلى البطلان.

أولا : لأن الأخبار المتقدمة ظاهرة فيمن أكمل الرابعة وهذا لا يتم إلا بعد إكمال السجدتين ، وموردنا ليس منه ، وعليه فلا يصح التمسك بإطلاقها.

وثانيا : أنه لا يمكن علاج هذا الشك لأن العلاج إما بالإكمال وإما بالهدم فإن أكمل فيلزم زيادة ركن عمدا بناء على أن ما بيده خامسة وإن هدم وجلس متشهدا فيلزم منه نقصان ركعة تامة بناء على أن المهدوم هي الرابعة ، ويلزم منه زيادة ركن الركوع الذي أعرض عنه وزيادته السهوية مبطلة أيضا. وردّ بأنه نلتزم بالإكمال ولا يوجد محذور إلا احتمال زيادة السجود والركوع الركنية وهذا ليس بمانع لوروده فيما لو شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، فزيادة الركن واردة بناء على احتمال أن ما بيده خامسة ومع ذلك حكم بالصحة مع سجدتي السهو بالاتفاق فليكن هذا مثله خصوصا أننا أمرنا بإتمام الصلاة ومعالجة الشك الوارد فيها ما أمكن كما في الخبر عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما أعاد الصلاة فقيه قط ، يحتال لها ويدبّرها حتى لا يعيدها) (٣).

(١) هو قول المشهور.

(٢) إذ المنصوص ظاهر بعد إكمال السجدتين كما تقدم.

(٣) تعليل لخروجه عن المنصوص.

(٤) الدليل الثاني للمشهور على البطلان ، والمعنى : وتردد الشك المذكور.

(٥) لزيادة الركن بناء على أنها خامسة.

(٦) لنقصان ركعة بتمامها بناء على أنها رابعة حيث إنه يهدمها ويجلس متشهدا مسلما ثم يسجد سجدتي السهو.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.


يحتال فيها ويدبّرها ، حتى لا يعيدها ولأصالة عدم الزيادة (١). واحتمالها (٢) لو أثّر لأثّر في جميع صورها (٣) ، والمحذور إنما هو زيادة الركن ، لا الركن المحتمل زيادته (٤).

(مسائل سبع)

الأولى. (لو غلب على ظنه) بعد التروي (أحد طرفي ما شكّ فيه ، أو أطرافه (٥) بنى عليه) أي على الطرف الذي غلب عليه ظنه ، والمراد أنه غلب عليه ثانيا ، بعد أن شك فيه أولا ، لأن الشك لا يجامع غلبة الظن ، لما عرفت من

______________________________________________________

(١) دليل ثان للشارح على الصحة ، وفيه : إنه أصل مثبت لا نقول بحجيته.

(٢) أي احتمال الزيادة بناء على أن ما بيده خامسة لو أمرنا بالإتمام كما هو قول المحقق والشهيد.

(٣) ليس لها فيما ذكره الماتن إلا صورة وهي : ما لو شك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، فاحتمال الزيادة الركنية بناء على أن ما بيده خامسة لا يضر ولذا حكم بصحة الصلاة بعد البناء وعلى الأقل مع سجدتي السهو.

(٤) وفيه : إن هناك فرقا بين موردنا وبين الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين مع الاشتراك باحتمال زيادة الركن وهو : أن ما بعد الإكمال منصوص وقد تقدم ذكر النص بخلاف المقام فإنه غير منصوص ، وإلحاقه بالمنصوص قياس.

فضلا عن أن احتمال زيادة الركن بعد إكمال السجدتين هو احتمال لزيادته سهوا بخلاف المقام فاحتمال زيادته على القول بالاتمام هو احتمال لزيادته عمدا وتوضيحه : أنه بعد إكمال السجدتين يكون شكه حين الالتفات دائرا بين الأربع التامة والخمسة فلو بنى على الأربع لأنها الأقل وهو الأصل في الشكوك فلا يلزم من هذا البناء فعل يوجب بطلان الصلاة لو كانت واقعا خمس ركعات إلا ما قد صدر منه من الزيادة السهوية للركن بخلاف ما قبل إكمال السجدتين فلو التفت وأراد البناء على الأربع فيلزم منه إتمام الركعة التي بيده ، وهذا الإتمام موجب لبطلان الصلاة لو كانت واقعا خمس ركعات لأنه زيادة ركن عمدا.

وبهذا بان الفرق بين الصورتين فالأقوى الحكم ببطلان الصلاة في موردنا لعدم إمكان العلاج كما عليه المشهور وإن حكمنا بالصحة عند الشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين لورود النص فيه.

(٥) أي أطراف الشك فيما لو شك بين الاثنتين والثلاث والأربع.


اقتضاء الشك تساوي الطرفين ، والظن رجحان أحدهما. ولا فرق في البناء على الطرف الراجح بين الأوليين وغيرهما (١) ، ولا بين الرباعية وغيرها (٢) ، ومعنى البناء عليه فرضه واقعا ، والتزام حكمه من صحة وبطلان ، وزيادة ونقصان ، فإن كان في الأفعال (٣) وغلب الفعل بنى على وقوعه ، أو عدمه (٤) فعله إن كان في محله (٥) ، وفي عدد الركعات (٦) يجعل الواقع ما ظنه من غير احتياط. فإن غلب الأقل بني عليه وأكمل ، وإن غلب الأكثر من غير زيادة في عدد الصلاة كالأربع تشهد وسلّم ، وإن كان زيادة كما لو غلب ظنه على الخمس صار كأنه زاد ركعة آخر الصلاة ، فتبطل إن لم يكن جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد (٧) وهكذا.

(ولو أحدث قبل الاحتياط ، أو الأجزاء المنسية) التي تتلافى بعد الصلاة (تطهّر وأتى بها) من غير أن تبطل الصلاة (على الأقوى) (٨) ...

______________________________________________________

(١) كما عليه المشهور بخلاف ابن إدريس فخصه في غير الأوليين وقد تقدم الكلام فيه في أوائل بحث الشك في الركعات.

(٢) كالثنائية والثلاثية لإطلاق الأخبار التي تقدم الكلام فيها سابقا.

(٣) أيضا قد تقدم الكلام فيه هناك.

(٤) معطوف على قوله : «وغلب الفعل» والمعنى : وغلب عدم الفعل على الظن فلا بدّ أن يأتي به.

(٥) وإن لم يكن في محله فإن كان ركنا فتبطل الصلاة وإن كان غير ركني فإن كان المنسي سجدة واحدة أو تشهدا فيقضى وإلا فلا.

(٦) معطوف على قوله : «فإن كان في الأفعال» ، والمعنى وإن كان الظن في عدد الركعات.

(٧) وإلا فتصح وتقدم الكلام فيه في الفصل الخامس في التروك.

(٨) هاهنا مسائل :

الأولى : صلاة الاحتياط هل يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من شرائط وأجزاء بالجملة ، قيل : نعم لأنها صلاة ويعتبر ذلك من الضروريات وعليه فأما النية فيكفي في إثباتها صراحة أدلة ركعة الاحتياط التي تقدم بعضها. في كونها معرضا لكونها نافلة.

وأما التكبير فعلى المشهور نعم لدعوى الإجماع عليه كما عن بعض ولخبر زيد الشحام : (سألته عن رجل صلى العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال : إن استيقن أنه صلى خمسا أو ستا فليعد ، وإن كان لا يدري أزاد أم نقص فليكبر وهو جالس ثم ليركع ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ثم يتشهد) (١) بالإضافة إلى كونها معرضا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.


.................................................................................................

______________________________________________________

لكونها نافلة ولا صلاة بغير افتتاح.

والمحكي عن الراوندي وجود الخلاف فيه من بعض أصحابنا واستدل له لكونها في معرض الجزئية للصلاة الأصلية وهو مانع من التكبير للزوم زيادة الركن ويدفعه ما قد سمعته من الأدلة.

وأما الفاتحة فعلى المشهور أيضا كذلك للأمر بها في كل النصوص التي تعرضت لركعة الاحتياط وقد تقدم بعضها ، فما عن المفيد والحلبي والحلي من التخيير بين الفاتحة وبين التسبيح لأنها قائمة مقام ثالثة أو رابعة فيثبت التخيير في البدل كما هو ثابت في المبدل فهو ضعيف لأنه اجتهاد في قبال النص.

وأما السورة فليست بواجبة بالاتفاق لخلو النصوص عنها مع تعرضها للفاتحة لعدم وجوب السورة سواء كانت جزءا من الصلاة لأنها مقام الثالثة أم الرابعة أو كانت نافلة ، ومنه تعرف عدم مشروعية الأذان والإقامة والسورة والقنوت لها.

ثم إنه يجب الإخفات في القراءة حتى في البسملة كما عن الدروس والبيان ودليله غير ظاهر بل مقتضى القاعدة التخيير بين الجهر والإخفات لإطلاق الأخبار الدالة على قراءة الفاتحة في ركعة الاحتياط بل ويستحب الجهر بالبسملة لإطلاق ما دل على استحبابه.

نعم يشترط فيها الركوع والسجود والتشهد والتسليم كما صرحت بذلك الأخبار الكثيرة وقد تقدم ذكر بعضها في مطاوي الأبحاث السابقة فراجع.

المسألة الثانية : إذا وقع المنافي بين الصلاة الأصلية وبين صلاة الاحتياط فهل تبطل الصلاة الأصلية أو لا؟ وهذا مبني على الخلاف في كون صلاة الاحتياط هل هي صلاة مستقلة كما عن ابن إدريس وجماعة أو أنها جزء للصلاة الأصلية كما نسب إلى المشهور أو أنها صلاة منفردة من جهة وتمام من جهة أخرى كما ذهب إليه العلامة وولده وجماعة؟

ودليل الأول لوجوب النية وتكبيرة الإحرام فيها ولا شي‌ء من جزء الصلاة كذلك ولازمه لو وقع المنافي بينها وبين الصلاة الأصلية لا تبطل الأصلية.

ودليل الثاني لظاهر قوله عليه‌السلام في خبر أبي بصير : (إذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين فقم واركع ركعتين) (١) والفاء للتعقيب ، وهو ينافي تسويغ الحدث مما يكشف عن أنها جزء من الصلاة الأصلية ، ولقوله عليه‌السلام في خبر ابن أبي يعفور : (وإن كان صلى أربعا كانت هاتان نافلة ، وإن كان صلى ركعتين كانت هاتان تمام الأربع وإن تكلم فليسجد سجدتي السهو) (٢). والأمر بسجدتي السهو للكلام الصادر بين الصلاد الأصلية وركعتي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٨ و ٢.


لأنه (١) صلاة منفردة ، ومن ثمّ وجب فيها (٢) النية والتحريمة والفاتحة ، ولا صلاة إلا بها ، وكونها جبرا (٣) لما يحتمل نقصه من الفريضة ومن ثمّ وجبت المطابقة بينهما (٤) لا يقتضي الجزئية (٥) ، بل يحتمل ذلك ، والبدلية (٦) إذ لا يقتضي (٧) المساواة من كل وجه ، ولأصالة الصحة (٨) ...

______________________________________________________

ـ الاحتياط ظاهر في كون ركعتا الاحتياط جزءا من الأصلية ، ولازمه بطلان الأصلية لو وقع المنافي بينها وبين صلاة الاحتياط والحق هو الثالث لصريح الأخبار به كخبر ابن أبي يعفور المتقدم وغيره ، وعليه فلو وقع المنافي فتبطل الأصلية كما أنه تجب المبادرة إلى الاحتياط لجهة الجزئية كما يجب التكبير والنية وتعيّن الفاتحة والتشهد والتسليم لجهة الاستقلالية.

المسألة الثالثة : لو وقع المنافي بين الصلاة وأجزائها المنسية كالتشهد والسجدة الواحدة فتبطل الصلاة على الأقوى لأنها أجزاء صلاتيه فالحدث الواقع بينها وبين الصلاة واقع في أثناء الصلاة وهو يوجب البطلان ، وهذا ما ذهب إليه جماعة منهم

العلامة في النهاية.

وقيل : لا تبطل لتمامية الصلاة بالتسليم ، والأجزاء المنسية خارجة عن الجزئية وإلا لبطلت الصلاة بتخلل الأركان بين محلها وتلافيها ، وهو ضعيف لأن تلافيها إنما كان بعنوان قضاء الأجزاء عقيب الصلاة.

(١) أي الاحتياط ، وأما الأجزاء المنسية فسيأتي الكلام من الشارح فيها.

(٢) في صلاة الاحتياط.

(٣) دليل من قال أنها جزء من الصلاة.

(٤) بين الصلاة المفروضة وبين صلاة الاحتياط فلو احتمل نقص المفروضة بركعة فيأتي بركعة احتياط وإلا فركعتان.

(٥) خبر لقوله : «وكونها جبرا» ، لأنه لو كانت جزءا لما احتاجت صلاة الاحتياط إلى النية وتكبيرة الإحرام والفاتحة.

(٦) والمعنى كما يحتمل كونها جزءا يحتمل كونها بدلا.

(٧) تعليل لاحتمال البدلية وذلك لأنه لا يشترط التساوي بين البدل والمبدل من كل وجه بدليل جواز مشروعية صلاة الاحتياط من ركعتي الجلوس مع أن الفائت على تقديره ركعة من قيام ، وإذا كانت بدلا فتكون صلاة منفردة لاشتمالها على نية وتكبيرة الإحرام والفاتحة.

(٨) أي صحة الصلاة الأصلية لو وقع المنافي بينها وبين صلاة الاحتياط. فبه : إن قاعدة الاشتغال محكمة ويشك في براءة الذمة لو وقع المنافي.


وعليه المصنف في مختصراته (١) ، واستضعفه في الذكرى ، بناء على أن شرعيته ليكون استدراكا للفائت منها. فهو على تقدير وجوبه جزء ، فيكون الحدث واقعا في الصلاة ، ولدلالة ظاهر الأخبار عليه.

وقد عرفت دلالة البدلية (٢) ، والأخبار (٣) إنما دلت على الفورية ولا نزاع فيها ، وإنما الكلام في أنه بمخالفتها هل يأثم خاصة. كما هو مقتضى كلّ واجب أم يبطلها. وأما الأجزاء المنسية فقد خرجت عن كونها جزءا محضا (٤) ، وتلافيها بعد الصلاة فعل آخر. ولو بقيت على محض الجزئية كما كانت لبطلت بتخلل الأركان بين محلها وتلافيها.

(ولو ذكر ما فعل فلا إعادة (٥) إلا أن يكون قد أحدث) أي ذكر نقصان

______________________________________________________

(١) وهي الدروس والبيان والألفية وهي مختصرات بالنسبة إلى الذكرى.

(٢) فلا يجب في البدل أن يكون جزءا كالمبدل ولذا كان البدل مشتملا على النية والتحريمة والفاتحة بخلاف المبدل.

(٣) ومقصوده منها هو خبر أبي بصير المتقدم حيث ورد فيه : (إذا لم تدر أربعا صليت أو ركعتين فقم وأركع ركعتين) (١) والفاء التعقيبية تنافي تسويغ الحدث ، ورده الشارح بأن الفاء تدل على الفورية ولا تدل على أن مخالفة الفورية توجب الإثم فقط أو مع البطلان.

وفيه : إن الأخبار غير منحصرة في هذا الخبر فهناك أخبار أخر كخبر ابن أبي يعفور المتقدم وغيره ، وقد عرفت أن صريح الأخبار بأنها صلاة مستقلة من جهة وجزءا من الصلاة الأصلية من جهة أخرى وعليه فالحدث الواقع بينها وبين المفروضة ينافي الحكم بصحة الصلاة الأصلية.

(٤) بدليل تخلل الأركان بين محلها وتلافيها.

إن قلت : لو خرجت عن الجزئية فلم وجب الإتيان بها؟

قلت : وجب الإتيان بها لدليل من خارج.

وفيه : إن تلافيها فيما بعد بدليل خارجي إنما كان بعنوان أنها أجزاء صلاتية.

(٥) اعلم أنه لو أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثم تبين له تمامية الصلاة المفروضة فلا تجب الإعادة لتبين صحتها واقعا ، كما أن الحكم كذلك لو تبين تمامية الصلاة المفروضة قبل صلاة الاحتياط وإن لم يأت بالمنافي ، واعلم أنه لو صلى صلاة الاحتياط ثم تبين تمامية ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٨.


الصلاة بحيث يحتاج إلى إكمالها بمثل ما فعل (١) صحت الصلاة وكان الاحتياط

______________________________________________________

ـ المفروضة فتقع صلاة الاحتياط نافلة كما هو صريح الأخبار التي تقدم بعضها ، ولو تبين تمامية المفروضة في أثناء صلاة الاحتياط فيجوز له قطعها لأنها نافلة مع جواز قطع النافلة ، ويجوز إكمالها مع تتميمها بركعة أخرى إذ لا مشروعية للنوافل إلا بركعتين.

واعلم أنه لو تبين نقصان الصلاة المفروضة بعد الانتهاء من صلاة الاحتياط فلا تجب إعادة المفروضة وتكون صلاة الاحتياط جابرة لنقص المفروضة كما هو صريح الأخبار المتقدمة كما في موثق عمار : (وإن ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت) (١) بلا فرق بين كون صلاة الاحتياط ركعتين من جلوس أو ركعة من قيام وإن كان الفائت ركعة من قيام كل ذلك لصريح الأخبار المتقدمة. وعن الموجز البطلان مع المخالفة كما لو صلى ركعتين من جلوس في الشك بين الثلاث والأربع ، وهو اجتهاد في قبال النص.

واعلم أنه لو تبين قبل الشروع في صلاة الاحتياط نقصان المفروضة فلا يجوز له الشروع في صلاة الاحتياط لأن أدلة تشريعها مختصة بصورة بقاء الشك والمفروض انتفاؤه ، بل يجب عليه إتمام ما نقص حينئذ بلا خلاف فيه كما في الجواهر مع سجدتي السهو للتسليم الواقع في آخر صلاته لأنه سلّم حتى يتفرغ لصلاة الاحتياط ويعالج الشك الموجود.

واعلم أنه لو تبين له نقصان صلاته المفروضة وهو في أثناء الاحتياط كما لو شك بين الثلاث والأربع ثم اشتغل بركعة الاحتياط قائما وقد تذكر في أثنائها كون صلاته ثلاثا فيحتمل إكمال صلاة الاحتياط والاكتفاء بها جابرة لإطلاق الأخبار ويحتمل إلغاء الاحتياط والرجوع إلى حكم من تذكر ركعة لأن أخبار الاحتياط منصرفة إلى خصوص ما لو تذكر بعد تمامية صلاة الاحتياط.

نعم لو كان عليه صلاتا احتياط كما لو شك بين الاثنتين والثلاث والأربع فأتى بركعتين من قيام ثم تذكر أن صلاته المفروضة كانت اثنتين فالأقوى الحكم بصحة ما أتى من الاحتياط وأنها جابرة للمفروضة ولا يجب عليه إكمال سجدتي الاحتياط من جلوس لأن الأمر بها في الأخبار في خصوص هذا الفرض مشروط ببقاء الشك بين أطرافه الثلاثة والمفروض تبدله إلى صورة القطع بكون المفروضة قد أتى منها بركعتين فقط.

(١) أي تذكر نقصان الصلاة بعد تمامية صلاة الاحتياط.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.


متمّما لها (١) وإن اشتمل (٢) على زيادة الأركان من النية ، والتكبير ، ونقصان بعض كالقيام لو احتاط جالسا ، وزيادة الركوع ، والسجود في الركعات المتعددة (٣) للامتثال (٤) المقتضي للإجزاء ، ولو اعتبرت المطابقة (٥) محضا لم يسلم احتياط ذكر فاعله الحاجة إليه ، لتحقق الزيادة (٦) وإن لم تحصل المخالفة (٧) ، ويشمل ذلك (٨) ما لو أوجب الشك احتياطين (٩) ، وهو ظاهر (١٠) مع المطابقة (١١) ، كما لو تذكّر أنها اثنتان (١٢) بعد أن قدّم ركعتي القيام ، ولو ذكر أنها ثلاث (١٣) احتمل كونه كذلك (١٤) ، وهو ظاهر الفتوى لما ذكر (١٥) ...

______________________________________________________

(١) لصريح الأخبار كما تقدم الكلام فيه.

(٢) أي الاحتياط.

(٣) كما لو أتى بالاحتياط من جلوس ، فإنه يزيد في الركوعات والسجدات ضعف الفائت.

(٤) تعليل لصحة المفروضة ، والامتثال هو مطابقة المأتي به للمأمور به في أخبار الاحتياط.

(٥) بين الاحتياط والفائت الذي تذكره.

(٦) من النية والتحريمة في الاحتياط.

(٧) أي لم تحصل المخالفة بين الاحتياط والفائت من المفروضة بأن كان الفائت ركعة من قيام وقد أتى بركعة من قيام احتياطا.

(٨) أي الحكم بصحة الصلاة فيما لو تذكر نقصان الصلاة بعد صلاة الاحتياط.

(٩) كالشك بين الاثنتين والثلاث والأربع فإنه يوجب ركعتين من قيام وركعتين من جلوس.

(١٠) أي الحكم بصحة الصلاة المفروضة.

(١١) بين الاحتياط والفائت الذي تذكره.

(١٢) أي أن المفروضة كانت ركعتين فقط وقد أتى بركعتي الاحتياط من قيام فتكون صلاة الاحتياط جابرة حينئذ وإن لم يأت بعد بركعتي الاحتياط من جلوس. وقد تقدم الكلام فيه.

(١٣) أي أن المفروضة ثلاث ركعات بعد ما أتى بركعتي الاحتياط من قيام.

(١٤) أي احتمل كون الحكم هو صحة الصلاة المفروضة.

(١٥) من الامتثال المقتضي للأجزاء. إن قلت : إن المأتي به احتياطا لا يوافق الفائق إذ يزيد عليه بركعة.

قلت : لا يضر وإلا لو وجبت المطابقة لوجب أن لا يسلم احتياط من الزيادة على الفائت لاشتمال كل احتياط على نية وتكبيرة إحرام.

وفيه : إنه مبني على كون إحدى ركعتي القيام بدلا عن الفائت مع أن النص قد جعل ـ


وإلحاقه (١) بمن زاد ركعة آخر الصلاة سهوا ، وكذا لو ظهر الأول (٢) بعد تقديم صلاة الجلوس (٣) ، أو الركعة قائما (٤) إن جوّزناه (٥). ولعله السر (٦) في تقديم ركعتي القيام. وعلى ما اخترناه (٧) لا تظهر المخالفة (٨) إلا في الفرض الأول (٩) من فروضها (١٠)، ...

______________________________________________________

ـ البدل عن الفائت هو ركعتان من جلوس ففي مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في رجل صلّى فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا قال : يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلّم ثم يصلّي ركعتين من جلوس ويسلّم ، فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة وإلا تمت الأربع) (١).

(١) الجملة حالة والمعنى أنه بزيادة ركعة القيام من صلاة الاحتياط يلحق بمن زاد سهوا خامسة على صلاته المفروضة وقد جلس قبلها بقدر التشهد فإنه يحكم بالصحة على ما تقدم الكلام فيه فكذلك هنا.

(٢) أي ما لو تذكر أنها اثنتان.

(٣) أي ركعتي الجلوس.

(٤) بدل ركعتي الجلوس كما اختاره الشهيدان وقد تقدم الكلام فيه.

(٥) أي جوزنا التقديم.

(٦) أي لعل حصول المطابقة هو السر في تقديم ركعتي القيام على ركعتي الجلوس إذا تبين أن المفروضة اثنتان.

(٧) من وجوب تقديم ركعتي القيام على ركعتي الجلوس.

(٨) بين الاحتياط والفائت.

(٩) وهو ما لو تذكر أنها ثلاث.

(١٠) أي من فروض المخالفة ، واعلم أن فروض المخالفة عنده والتي ذكرها سابقا ثلاثة.

الأول : ما لو تبين أنها ثلاث وقد أتى بركعتي القيام.

الثاني : ما لو تبين أنها اثنتان وقد أتى بركعتي الجلوس أولا بناء على جواز التقديم.

الثالث : ما لو تبين أنها اثنتان وقد أتى بركعة القيام أولا بناء على جواز التبديل والتقديم.

ففي الفرض الأول تظهر المخالفة بفوات التشهد والتسليم عقيب أول ركعة من ركعتي الاحتياط وأمره سهل لأن اغتفار زيادة الركن كالنية والتكبير في صورة الموافقة يقتضي ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث ٤.


وأمره سهل (١) مع إطلاق النص (٢) ، وتحقق الامتثال الموجب للإجزاء. وكيف كان فهو أسهل (٣) من قيام ركعتين من جلوس مقام ركعة من قيام إذا ظهرت الحاجة إليه (٤) في جميع الصور (٥).

هذا إذا ذكر بعد تمامه (٦) ، ولو كان في أثنائه (٧) فكذلك (٨) مع المطابقة (٩) أو لم يتجاوز القدر المطابق فليسلّم عليه (١٠). ويشكل مع المخالفة. خصوصا مع الجلوس (١١). إذا كان قد ركع للأولى ، لاختلال نظم الصلاة ، أما قبله (١٢) فيكمل

______________________________________________________

ـ اغتفار فوات ما ليس بركن في صورة المخالفة بطريق أولى ولذا علّق الشارح على قوله : فهو أسهل «ووجه الأسهلية أن الجلوس في التشهد ليس بركن إجماعا وما يحصل به الزيادة في الاحتياط على كل حال من النية والتكبير أعظم من الجلوس ، فاغتفار الأركان يوجب اغتفار الفعل الذي ليس بركن إجماعا بطريق أولى».

والمخالفة منحصرة في هذه الصورة لأنه يجب في الصورتين الأخيرتين من صور المخالفة المذكورة تقديم ركعتي الاحتياط من قيام فإذا فرضنا أنه تذكر أنها اثنتان فلا مخالفة في البين.

(١) وأمر الفرض الأول الذي ظهرت فيه المخالفة سهل وقد عرفت وجه السهولة.

(٢) كمرسل ابن أبي عمير المتقدم وغيره.

(٣) أي الفرض الأول.

(٤) إلى الاحتياط.

(٥) سواء كان الشك مما اقتضى احتياطا واحدا أم احتياطين ، لأنه يلزم زيادة الركوعات والسجدات في ركعتي الجلوس عن الفائت.

(٦) أي إذا ذكر أن المفروضة اثنتان أو ثلاث ركعات بعد تمامية الاحتياط.

(٧) أي لو كان التذكر في أثناء الاحتياط فيما لو كان الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع.

(٨) يحكم بصحة الصلاة.

(٩) كما لو شرع في ركعتي القيام فتذكر أنها اثنتان.

(١٠) كما لو أكمل ركعة من ركعتي القيام فتذكر أنها ثلاث.

(١١) كما لو شرع في ركعتي الجلوس فتذكر أنها ثلاث وكان قد ركع وسجد للركعة الأولى من ركعتي الجلوس فإكمال صلاة الاحتياط حينئذ حال كونها جزءا من الصلاة واقعا يلزم اختلال الصلاة.

(١٢) أي قبل الركوع من الركعة الأولى من ركعتي الجلوس.


الركعة قائما ، ويغتفر ما زاده من النية ، والتحريمة كالسابق (١) وظاهر الفتوى (٢) اغتفار الجميع. أما لو كان قد أحدث (٣) أعاد (٤) لظهوره في أثناء الصلاة ، مع احتمال الصحة (٥) ، ولو ذكر بعد الفراغ (٦) تمام الصلاة (٧) فأولى بالصحة ، ولكن العبارة (٨) لا تتناوله (٩) ، وإن دخل في ذكر ما فعل (١٠). إلا أن استثناء الحدث ينافيه (١١) ، إذ لا فرق في الصحة بين الحالين (١٢). ولو ذكر التمام في الأثناء (١٣) تخيّر بين قطعه وإتمامه (١٤) وهو الأفضل (١٥).

(الثانية. حكم الصدوق) أبو جعفر (محمد بن بابويه بالبطلان) أي بطلان

______________________________________________________

(١) أي كما لو أكمل ركعة من ركعتي القيام فتذكر أنها ثلاث فليسلّم على القدر المطابق.

(٢) أي فتوى الماتن من قوله : «ولو ذكر ما فعل فلا إعادة».

(٣) بين المفروضة وبين صلاة الاحتياط على مبنى عدم بطلان المفروضة كما هو قول الشارح والماتن.

(٤) وقد أتى بصلاة الاحتياط ثم تذكر أن الصلاة ناقصة وأن ما صلّاه احتياطا مكملا لها فتجب الإعادة لتبين وقوع الحدث بين أجزاء الصلاة.

(٥) لأن الاحتياط صلاة منفردة.

(٦) من الاحتياط.

(٧) أي ذكر تمام الصلاة بعد الفراغ من الاحتياط فتقع صلاة الاحتياط نافلة كما تقدم وتقع المفروضة صحيحة بل هي أولى بالصحة فيما لو تذكر نقصانها قبل الشروع أو في أثناء الاحتياط ووجهه واضح.

(٨) أي عبارة الماتن.

(٩) أي تناول من تذكر تمام الصلاة بعد الفراغ من الاحتياط.

(١٠) من قول الماتن.

(١١) أي ينافي دخوله تحت قول الماتن : «وإن ذكر ما فعل» لأنه وإن أحدث بين المفروضة والاحتياط ثم أتى بالاحتياط ثم تبين تمام الصلاة فالصلاة صحيحة ولا يضرها وقوع الحدث عقيبها ما دامت قد وقعت مشتملة على جميع أجزائها وشرائطها.

(١٢) أي وقوع الحدث وعدمه.

(١٣) أي ذكر تمام المفروضة في أثناء الاحتياط.

(١٤) أي قطع وإتمام الاحتياط.

(١٥) إذ قطع العبادة ليس راجحا وإن جاز في النافلة.


الصلاة (في) صورة (الشك بين الاثنتين والأربع) استنادا (١) إلى مقطوعة (٢) محمد بن مسلم «قال : سألته عن الرجل لا يدري أصلّي ركعتين أم أربعا؟ قال : يعيد الصلاة» ، (والرواية مجهولة المسئول) (٣) فيحتمل كونه غير إمام ، مع معارضتها بصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام فيمن لا يدري أركعتان صلاته أم أربع؟ قال : يسلّم ويصلّي ركعتين بفاتحة الكتاب ، ويتشهّد وينصرف ، وفي معناها غيرها ، ويمكن حمل المقطوعة على من شكّ قبل إكمال السجود ، أو على الشك في غير الرباعية.

(الثالثة. أوجب) الصدوق (أيضا الاحتياط بركعتين جالسا لو شك في المغرب بين الاثنتين والثلاث ، وذهب وهمه) أي ظنه (إلى الثالثة عملا برواية عمار) (٤) بن موسى (الساباطي عن الصادق عليه‌السلام وهو) أي عمار (فطحيّ) المذهب منسوب إلى الفطحية وهم القائلون بإمامة عبد الله بن جعفر الأفطح فلا

______________________________________________________

(١) تقدم أن المشهور ذهب إلى البناء على الأربع ثم يأتي بركعتين من قيام بشرط أن يكون الشك بعد إكمال السجدتين لموثقات عمار المتقدمة وجملة من النصوص الخاصة ، منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى ركعتين فلا يدري ركعتين هي أو أربع؟ قال عليه‌السلام : يسلّم ثم يقوم فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف وليس عليه شي‌ء) (١).

وذهب الصدوق في المقنع إلى بطلان الصلاة بهذا الشك لصحيح العلاء عن محمد بن مسلم (سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين أم أربعا؟ قال : يعيد الصلاة) (٢). ولكنه لا يقاوم ما تقدم من النصوص فلا بدّ من حمله على ما لو كان الشك قبل إكمال السجدتين أو طرحه.

(٢) أي مضمرة.

(٣) ولكن إضمارها لا يضر لأن أجلّة الأعيان كمحمد بن مسلم وزرارة لا يروون إلا عن المعصوم عليه‌السلام.

(٤) وهي موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (قلت : فصلى المغرب فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثا؟ قال : يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة ، فإن كان ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٦ و ٧.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ صلى ثلاثا كانت هذه تطوعا ، وإن كان صلى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة) (١) وموثقه الآخر : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثا؟ قال : يسلّم ثم يقوم فيضيف إليها ركعة) (٢).

هذا ونسب الخلاف إلى الصدوق بل إليه وإلى والده كما في الجواهر ، والذي نسب إليه الخلاف هو العلامة في المختلف حيث قال : «قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه في كتاب المقنع إذا شككت في المغرب فلم تدر في ثلاث أنت أم في أربع وقد أحرزت الثنتين في نفسك وأنت في شك من الثلاث والأربع فأضف إليها ركعة أخرى ولا تعتدّ بالشك فإن ذهب وهمك إلى الثالثة فسلم وصل ركعتين بأربع سجدات وأنت جالس» (٣).

مع أن مراجعة المقنع تعطي أن هذا ليس من مذهبه وإنما هو رواية أوردها قال الصدوق في المقنع : «فإذا شككت في المغرب فأعد ، وروي : وإذا شككت في المغرب ولم تدر واحدة صليت أم اثنتين فسلم ثم قم فصل ركعة ، وإن شككت في المغرب فلم تدر في ثلاثة أنت أم أربع وقد أحرزت الاثنتين في نفسك وأنت في شك في الثلاث والأربع فسلّم وصلي ركعتين وأربع سجدات» (٤) فهو ظاهر في أن الشكين في المغرب مع معالجتهما منسوبان إلى الرواية لقوله في أول الكلام : «فإذا شككت في المغرب فأعد».

هذا من جهة كلام الصدوق ، أما من جهة نقل العلامة عنه ففيه أن الصدوق لم يقل في المقنع عند الشك بين الثلاث والأربع بإضافة ركعة إليها مع عدم الاعتداد بالشك لأن الركعة حينئذ تكون موصولة بل قال في المقنع إنه عند الشك بين الثلاث والأربع يسلم ويصلي ركعتين وأربع سجدات.

وأيضا الصدوق عند ما حكم بركعتين وأربع سجدات عند الشك بين الثلاث والأربع لم يشترط ذهاب وهمه إلى الثالثة كما صرح بذلك في المختلف.

ومن جهة ثالثة نقل الماتن عن الصدوق أنه عند الشك بين الاثنتين والثلاث مع ذهاب الوهم إلى الثلاث فيصلي ركعتين وأربع سجدات فإن كان قد نقله عن المختلف فهو قد نقل عن الصدوق ذلك بشرط أن يكون الشك بين الثلاث والأربع لا بين الاثنتين والثلاث ، وإن نقله عن المقنع فقد عرفت ما فيه. ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١٢ و ١١.

(٣) المختلف الفصل الأول في السهو والشك ص ١٣٤ طبع مكتبة نينوى الحديثة.

(٤) المقنع باب السهو في الصلاة ص ٣٠ طبع طهران ١٣٧٧ هجري.


يعتدّ بروايته ، مع كونها شاذة ، والقول بها نادر ، والحكم ما تقدّم من أنه مع ظن أحد الطرفين يبني عليه من غير أن يلزمه شي‌ء ، (وأوجب) الصدوق (أيضا ركعتين جلوسا للشك بين الأربع والخمس (١) ، وهو) قول (متروك) ، وإنما الحقّ

______________________________________________________

ـ ومن جهة رابعة قد نقلنا عن الصدوق سابقا عند تحرير مسألة الشك في الثلاثية أنه قائل بالتخيير بين الإعادة وبين البناء على الأقل بناء على ما في المصابيح من نسبة هذا القول إليه.

وقيل إنه قول الصدوق في الفقيه مع أن مراجعة الفقيه لا تعطي ذلك حيث قال الصدوق فيه : «والأصل في السهو أن من سها في الركعتين الأوليين من كل صلاة فعليه الإعادة ، ومن شك في المغرب فعليه الإعادة ، ومن شك في الغداة فعليه الإعادة ، ومن شك في الجمعة فعليه الإعادة ، ومن شك في الثانية والثالثة أو في الثالثة والرابعة أخذ بالأكثر فإذا سلم أتم ما ظن أنه قد نقص» (١).

وكلامه الأخير ظاهر في الشك في الرباعية بعد حفظ الأوليين ، لا في المغرب.

ثم قد نسب إلى الصدوق الخلاف عند الشك بين الأولى والثانية من الرباعية من أنه مخيّر بين الإعادة وبين البناء على الأقل اعتمادا على كلامه المتقدم في الفقيه ، وفيه : إنه غير ظاهر بل صريح بالعدم.

ولذا قال في مفتاح الكرامة : «وأما الفقيه قد أنكر الأستاذ (دام ظله) في مصابيح الظلام أنه مخالف فيه ووافقه على ذلك شيخنا واستاذنا ابن أخته في الرياض ، قال في مصابيح الظلام : لعل نسبة هذا الخلاف إليه نشأت من عدم التدبر فيما ذكره في الفقيه ، والمتوهم هو العلامة وتبعه الشهيد في الذكرى غفلة» (٢) إلى آخر كلامه فراجع.

ذكرت ذلك لأني نسبت إلى الصدوق نسبة الخلاف عند الشك بين الأوليين في الرباعية وغيره اعتمادا على ما قد شاع في كتب المتأخرين ، ثم لمّا وقفت على هذا الكلام الأخير أحببت إيراده إنصافا للصدوق.

(١) نسب الشهيد في الدروس إلى الصدوق ذلك ، وحمل على ما لو كان الشك بين الأربع والخمس قبل الركوع فيجب الهدم ومعالجة الشك المنقلب إلى ما بين الثلاث والأربع بالبناء على الأربع ثم يأتي بصلاة الاحتياط مع سجدتي السهو لزيادة القيام ، وهذا موافق لقول الأصحاب. ـ

__________________

(١) الفقيه ج ١ ص ٢٢٥ طبع دار الأضواء ١٤٠٥ هجري.

(٢) مفتاح الكرامة الجزء الثالث ص ٢٩٧.


فيه ما سبق من التفصيل (١) ، من غير احتياط (٢) ، ولأن الاحتياط جبر لما يحتمل نقصه ، وهو هنا منفي قطعا. وربما حمل (٣) على الشك فيهما قبل الركوع ، فإنه يوجب الاحتياط بهما كما مرّ.

(الرابعة. خيّر ابن الجنيد) رحمه‌الله (الشاك بين الثلاث والأربع بين البناء على الأقل ولا احتياط ، أو على الأكثر ويحتاط بركعة) قائما (أو ركعتين) جالسا (وهو خيرة الصدوق) (٤) ابن بابويه ، جمعا بين الأخبار الدالة على الاحتياط

______________________________________________________

ـ هذا وقد تقدم الكلام في صور الشك بين الأربع والخمس فراجع.

(١) قبل الركوع فالهدم وما بعد إكمال السجدتين فلا شي‌ء عليه إلا سجدتا السهو وما بين الركوع إلى إكمال السجود من الخلاف بين الأصحاب وقد تقدم.

(٢) إذا كان الشك المذكور بعد إكمال السجدتين.

(٣) أي كلام الصدوق.

(٤) قد تقدم الكلام في أنه يبني على الأربع ويأتي بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس ، إلا أنه هو المشهور بين الأصحاب وقد نقل العلامة في المختلف عن ابن الجنيد والصدوق التخيير بين البناء على الأقل ولا احتياط وبين البناء على الأكثر مع الاحتياط بركعة قائما أو بركعتين من جلوس.

ومستند المشهور موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل على الأكثر قال : فإذا انصرفت فأتم ما ظننت أنك نقصت) (١) وموثقه الآخر عنه عليه‌السلام : (يا عمار أجمع لك السهو كله في كلمتين ، متى ما شككت فخذ بالأكثر فإذا سلمت فأتم ما ظننت أنك قد نقصت) (٢) وموثقه الثالث عنه عليه‌السلام : (عن شي‌ء من السهو في الصلاة ، فقال : ألا أعلّمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت أنك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شي‌ء؟ قلت : بلى ، قال : إذا سهوت فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلّمت فقم فصل ما ظننت أنك نقصت ، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي‌ء وإن ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت) (٣). بالإضافة إلى جملة من النصوص الخاصة :

منها : خبر عبد الرحمن بن سيابة وأبي العباس جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فسلّم وانصرف ، وإن اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس) (٤). ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٤ و ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.


المذكور ، ورواية سهل بن اليسع عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : «يبني على يقينه ،

______________________________________________________

ـ ومرسل جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فيمن لا يدري أثلاثا صلى أم أربعا ووهمه في ذلك سواء فقال : إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار ، إن شاء صلى ركعة وهو قائم ، وإن شاء صلى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس) (١).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فسلم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بأم الكتاب) (٢) ومستند ابن الجنيد والصدوق الجمع بين هذه الأخبار والأخبار الدالة بالبناء على الأقل ولا شي‌ء عليه. منها : صحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فاضاف إليها أخرى ولا شي‌ء عليه) (٣)

وموثق عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام : (إذا شككت فابن على اليقين قلت : هذا أصل؟

قال عليه‌السلام : نعم) (٤).

وخبر سهل بن اليسع عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا) (٥).

وفيه : إن أخبار البناء على اليقين ليست بظاهرة في البناء على الأقل كما توهم بل هي ظاهرة في البناء على الأكثر بدليل رواية العلاء : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صلى ركعتين وشك في الثالثة؟ قال عليه‌السلام : يبني على اليقين فإذا فرغ تشهد وقام قائما فصلى ركعة بفاتحة القرآن) (٦) فالأمر بركعة منفصلة يقتضي كون المراد من اليقين هو الأكثر لأنه لا داعي للركعة المنفصلة على تقدير البناء على الأقل ، وعليه فالمراد من اليقين هو اليقين ببراءة الذمة من الصلاة وهذا لا يتم إلا بالبناء على الأكثر كما ذهب إليه الشيخ الأعظم في رسائله ، ومعه لا داعي لطرح أخبار اليقين بدعوى موافقتها لمذهب العامة ، نعم خبر اليسع المتقدم ليس واردا فيمن شك بين الثلاث والأربع وإنما هو فيمن شك بين الاثنتين والثلاث والأربع وهو في مورده غير معمول به لأنه لا بد من الإتيان احتياطا بركعتين ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.


ويسجد للسهو» بحملها (١) على التخيير ، ولتساويهما (٢) في تحصيل الغرض من فعل ما يحتمل فواته (٣) ، ولأصالة عدم فعله (٤) ، فيتخير بين فعله وبدله.

(وتردّه) أي هذا القول (الروايات المشهورة) الدالة على البناء على الأكثر ، إما مطلقا كرواية عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا سهوت فابن على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنك نقصت ، فإن كنت أتممت لم يكن عليك شي‌ء ، وإن ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت» ، وغيرها. وإما بخصوص المسألة كرواية عبد الرحمن بن سيابة ، وأبي العباس عنه عليه‌السلام : «إذا لم تدر ثلاثا صليت ، أو أربعا ، ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث وإن وقع رأيك على الأربع فسلّم وانصرف ، وإن اعتدل وهمك فانصرف وصلّ ركعتين وأنت جالس» ، وفي خبر آخر (٥) عنه عليه‌السلام : «هو بالخيار إن شاء صلّى ركعة قائما ، أو ركعتين جالسا». ورواية ابن اليسع مطرحة لموافقتها لمذهب العامة ، أو محمولة على غلبة الظن بالنقيصة (٦).

(الخامسة. قال عليّ بن بابويه (٧) رحمه‌الله في الشك بين الاثنتين والثلاث : إن ذهب الوهم) وهو الظن (إلى الثالثة أتمها رابعة ثم احتاط بركعة ، وإن ذهب)

______________________________________________________

ـ من قيام وبركعتين من جلوس من دون سجود السهو فهو بخصوصه مطّرح.

(١) أي حمل أخبار الاحتياط وخبر سهل بن اليسع.

(٢) أي تساوي طرفي التخيير في القول المذكور.

(٣) وهو دليل الاحتياط بعد البناء على الأكثر.

(٤) وهو دليل البناء على الأقل.

(٥) وهو مرسل جميل المتقدم.

(٦) بأن ظن الثلاث فيبني عليه ويصح حينئذ البناء على الأقل لكنه خارج عن حمل البحث إذ البحث في الشك بين الثلاث والأربع.

وفيه : إن هذا الحمل يصح لو لم يقل عليه‌السلام : (ويسجد سجدتي السهو) فلا معنى له مع البناء على الأقل ، على أنك قد عرفت أن هذا الخبر بخصوصه وارد في الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع وليس من جملة أخبار موردنا.

(٧) ذهب والد الصدوق على ما في المختلف إلى ما نقله الماتن والشارح عنه ، وقد نسبه إليه العلامة في المختلف وليس له إلا ما في الفقه الرضوي : (وإن شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاثا ، وذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها الرابعة فإذا سلمت صليت ركعة ـ


(الوهم إلى الاثنتين بنى عليه وتشهد في كل ركعة تبقى عليه) أي بعدها ، أما على الثانية فظاهر (١) ، وأما على الثالثة فلجواز أن تكون رابعة ، بأن تكون صلاته عند شكه ثلاثا ، وعلى الرابعة ظاهر ، (وسجد للسهو ، وإن اعتدل الوهم تخيّر بين البناء على الأقل والتشهد في كل ركعة ، وبين البناء على الأكثر والاحتياط). وهذا القول مع ندوره لم نقف على مستنده (والشهرة) بين الأصحاب في أن حكم هذا الشك مع اعتدال وهمه البناء على الأكثر والاحتياط المذكور (تدفعه).

والتحقيق أنه لا نصّ من الجانبين على الخصوص ، والعموم (٢) يدل على المشهور ، والشك بين الثلاث والأربع منصوص (٣) وهو يناسبه (٤).

واعلم أن هذه المسائل مع السابعة ، خارجة عن موضوع الكتاب ، لالتزامه فيه (٥) أن لا يذكر (٦) إلّا المشهور بين الأصحاب ، لأنها من شواذ الأقوال ، ولكنه أعلم بما قال.

______________________________________________________

ـ بالحمد وحدها ، وإن ذهب وهمك إلى الأقل فابن عليه ، وتشهد في كل ركعة ثم أسجد سجدتي السهو بعد التسليم ، وإن اعتدل وهمك فأنت بالخيار ، فإن شئت بنيت على الأقل وتشهدت في كل ركعة ، وإن شئت بنيت على الأكثر ، وعملت ما وصفناه لك) (١).

وفيه : مع الظن بالثالثة فيبني عليها ويكمل صلاته ولا شي‌ء عليه ، وكذا مع الظن بالثانية لما تقدم من حجية العمل بالظن في عدد الركعات.

ومع الشك بين الاثنتين والثلاث فلا بد من البناء على الأكثر ثم يأتي بركعة منفصلة احتياطا أو بركعتين جلوسا وقد تقدم الكلام فيه مفصلا ، وخبر الفقه الرضوي لا يقاوم ما تقدم من الأخبار الدالة على قول المشهور.

(١) لأنه التشهد الأوسط.

(٢) وهي موثقات عمار المتقدمة (٢).

(٣) قد تقدم ذكره فراجع.

(٤) لحفظ الركعتين الأوليين مع إمكان علاج الشك بالبناء على الأكثر مع ركعة منفصلة.

(٥) أي لالتزام المصنف في هذا الكتاب.

(٦) كما صرح بذلك في آخر الكتاب.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٣ و ٤.


(السادسة. لا حكم للسهو مع الكثرة) للنصّ الصحيح (١) الدال عليه معلّلا بأنه إذا لم يلتفت تركه الشيطان فإنما يريد أن يطاع فإذا عصي لم يعد. والمرجع في

______________________________________________________

(١) وهو جملة من الأخبار ، منها : صحيح زرارة وأبي بصير : (قلنا له : الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي عليه؟ قال : يعيد.

قلنا : فإنه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شك؟ قال : يمضي على شكه ثم قال : لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فإن الشيطان خبيث معتاد لما عوّد ، فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة ، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك ، قال زرارة ثم قال : إنما يريد الخبيث أن يطاع فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم) (١).

وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك فإنه يوشك أن يدعك ، إنما هو من الشيطان) (٢).

وهذه مطلقة تشمل فيما لو كان الشك في الركعات أو الأفعال ، وهي ظاهرة في البناء على وقوع المشكوك مع عدم ترتيب آثار الشك كالاحتياط وسجدتي السهو ففي موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا ، ويشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا ، فقال : لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتى يستيقن يقينا) (٣) فما عن المحقق الثاني من التخيير بين البناء على الأقل وبين البناء على وقوع المشكوك ليس في محله بل هو كالاجتهاد في مقابل النص.

وكذلك ما عن الشهيد من التخيير بين البناء على وقوع المشكوك وبين ترتيب آثار الشك نعم وقع الكلام في تحديد الكثرة. والمشهور على أن المرجع فيه العرف كما هو القاعدة في الألفاظ الواردة عن الشارع وليس لها معنى شرعي فلا بد من حملها على المعنى العرفي.

وعن ابن حمزة والشيخ في المبسوط أن حده أن يسهو ثلاث مرات متواليات لصحيح محمد بن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة أن الصادق عليه‌السلام قال : (إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو) (٤) وفيه : إنه ليس في مقام تحديد معنى الكثرة بل في مقام بيان أن كثير الشك يصدق على من لم تسلم له ثلاث صلوات إلا وقد وقع فيها شك. ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٧.


الكثرة إلى العرف وهي (١) تحصل بالتوالي ثلاثا (٢) وإن كان في فرائض. والمراد بالسهو ما يشمل الشك (٣) ، فإنّ كلا منهما يطلق على الآخر ، استعمالا شرعيا ، أو تجوّزا لتقارب المعنيين ، ومعنى عدم الحكم معها (٤) عدم الالتفات إلى ما شك فيه من فعل ، أو ركعة ، بل يبني على وقوعه وإن كان في محله حتى لو فعله بطلت (٥).

نعم لو كان المتروك (٦) ركنا لم تؤثر الكثرة في عدم البطلان ، كما أنه لو ذكر

______________________________________________________

ـ وعن الحلي أن حده أن يشك في الفريضة الواحدة ثلاث مرات أو في أكثر الخمس وليس له مستند ظاهر إلا أن يكون في مقام تحديد المعنى العرفي لكثير الشك.

(١) أي الكثرة.

(٢) كما في خبر ابن أبي عمير المتقدم.

(٣) اعلم أنه وقع الخلاف بينهم في أن لفظ السهو الوارد في الأخبار المتقدمة هل يختص بالشك كما نسب إلى الأكثر أو يشمل النسيان أيضا كما ذهب إليه الشهيد الثاني وصاحب الحدائق وجماعة بل نسب إلى المشهور تمسكا بالمعنى اللغوي له.

وفيه : إن ملاحظة مجموع الأخبار مع قرائنها كاشف عن أن المراد بالسهو الوارد فيها هو خصوص الشك لا الأعم منه ومن النسيان بالإضافة إلى أنه على القول بالتعميم فقد التزم مناصروه بأنه لو تذكر فيما بعد قبل فوات المحل فيجب تداركه وبعد فوات المحل فإن كان ركنا بطلت الصلاة وإن لم يكن ركنا وأمكن قضاؤه كالسجدة والتشهد فيجب قضاؤه ومعه لا معنى لرفع حكم السهو عن كثير السهو حينئذ إلا ما يجب للسهو من سجود ، ومن ذهب للتعميم التزم بأن المراد من نفى حكم السهو عن كثير السهو هو سقوط سجود السهو عنه ، مع أنك ترى أن هذا المعنى بعيد جدا عن مداليل ألفاظ أخبار كثرة السهو وهذا كاشف عن أن المراد من السهو منها هو خصوص الشك.

(٤) مع كثرة الشك والسهو.

(٥) أي حتى لو فعل المشكوك فيه بطلت الصلاة ، لوجوب المضي بالصلاة للأخبار المتقدمة فالإتيان بالمشكوك حينئذ إتيان بشي‌ء زائد بعنوان أنه جزء من الصلاة والزيادة العمدية في الصلاة مبطلة بلا فرق بين كون الزائد ركنا وغيره.

(٦) إذا وجب عليه عدم الاعتناء بشكه ووجب البناء على وقوع المشكوك فتارة يكثر شكه في ركن وأخرى في غيره ، فإذا بنى على وقوع الركن كما هو فرضه ثم تبين عدمه واقعا ولم يمكن تداركه بطلت الصلاة لأن الأمر بالبناء على وقوع المشكوك حكم ظاهري يقتضي الإجزاء ما لم يتبين خلاف الواقع فإن تبين فتجب مطابقة الواقع حينئذ.


ترك الفعل في محله ، استدركه ويبني على الأكثر (١) في الركعات ما لم يستلزم الزيادة (٢) على المطلوب منها فيبني على المصحّح ، وسقوط سجود السهو (٣) لو فعل ما يوجبه بعدها (٤) ، أو ترك (٥) وإن وجب تلافي المتروك بعد الصلاة تلافيا من غير سجود. ويتحقق الكثرة (٦) في الصلاة الواحدة بتخلل الذكر (٧) ، لا بالسهو

______________________________________________________

ـ وإذا بنى على وقوع غير الركن ثم تبين خلافه فإن كان محله باقيا فيجب تداركه وإلا فلا ، وتصح صلاته لحديث لا تعاد (١) إلا في الأجزاء التي يجب قضاؤها كالسجدة الواحدة والتشهد فيقضيها بعد الصلاة.

(١) والمعنى أن كثير الشك إذا شك في عدد الركعات فيجب البناء على وقوع المشكوك ما دام البناء المذكور لا يوجب بطلان الصلاة كما لو شك بين الثلاث والأربع فيبني على الأربع.

نعم إذا كان البناء المذكور يوجب بطلان الصلاة كما لو شك بين الأربع والخمس فيجب البناء على عدم وقوع المشكوك لأنه هو الذي يوجب صحة الصلاة.

(٢) أي ما لم يستلزم البناء على الأكثر الزيادة على المطلوب من الصلاة وإلا فيبني حينئذ على الأقل أي على عدم وقوع المشكوك الزائد.

(٣) عطف على قوله : «عدم الالتفات» والمعنى بناء على شمول السهو للشك والنسيان كما هو مبنى الشارح : ومعنى عدم الحكم مع كثرة السهو هو عدم الاعتناء بالمشكوك بالبناء على وقوعه هذا في الشك ، وعدم سجود السهو هذا فيمن كثر سهوه ونسيانه ومثاله : ما لو تكرر النسيان في الصلاة الواحدة أو في ثلاث فرائض فالنسيان الرابع لا يجب له سجدتا السهو وقد عرفت ضعف شمول السهو هنا للنسيان.

(٤) بعد الكثرة.

(٥) عطف على قوله : «لو فعل» : والمعنى إذا تكرر النسيان ثلاثا وتحققت الكثرة فلو نسي وأتى بفعل يوجب سجود السهو كالتكلم الزائد ، أو نسي وترك جزءا فلا تجب سجدتا السهو لرفع حكم السهو عن كثير السهو.

نعم إذا ترك الجزء ثم تذكره فإن كان قبل تجاوز المحل فيجب تداركه وإن كان بعده فإن كان ركنا بطلت الصلاة لنقصان الركن سهوا ، وإن لم يكن وأمكن قضاؤه كالسجدة والتشهد فيجب وإلا فلا.

(٦) أي كثرة السهو بمعنى النسيان.

(٧) لأن السهو المستمر ولو عن أفعال متعددة من دون تخلل الذكر له يسمى سهوا واحدا عند العرف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١٤.


عن أفعال متعددة مع استمرار الغفلة ، ومتى ثبتت بالثلاث سقط الحكم (١) في الرابع ، ويستمر (٢) إلى أن تخلو من السهو والشك فرائض يتحقق فيها الوصف (٣) ، فيتعلق به حكم السهو الطارئ وهكذا.

(ولا للسهو في السهو) (٤) ...

______________________________________________________

(١) والحكم هنا سجود السهو.

(٢) أي سقوط حكم السهو.

(٣) والوصف هو الكثرة والمعنى حتى تتحقق للمصلي ثلاث فرائض لا سهو فيها فيرتفع عنه عنوان كثير الشك والسهو ، لأن الانقضاء كالتلبس فكما أن التلبس بحاجة إلى شك في ثلاث فرائض متواليات فكذلك الانقضاء بحاجة إلى مضي ثلاث فرائض لا شك فيها ، والأولى الرجوع في تحديد الانقضاء إلى العرف.

(٤) اشتهر في ألسنة الفقهاء حتى نسب إلى جميعهم أنه لا سهو في السهو والأصل فيه صحيح حفص البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : (ليس على السهو سهو ، ولا على الإعادة إعادة) (١) ومرسل يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا سهو في سهو) (٢) وقد روى الصدوق بإسناده عن إبراهيم بن هاشم في نوادره أنه سئل أبو عبد الله عليه‌السلام : (عن إمام يصلي بأربع نفر أو بخمس ، فيسبح اثنان على أنهم صلوا ثلاثا ، ويسبّح ثلاثة على أنهم صلوا أربعا ، يقول هؤلاء : قوموا ، ويقول هؤلاء : اقعدوا ، والإمام مائل مع أحدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليهم؟

قال : ليس على الإمام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم ، وليس على من خلف الإمام سهو إذا لم يسه الإمام ولا سهو في سهو) (٣) الخبر. والظاهر من لفظ السهو بملاحظة قرائن الخبر الأخير أن المراد به الشك في عدد الركعات ويكون المعنى لا أثر للشك فيما إذا وقع في صلاة الاحتياط ، وهذا ما ذهب إليه العلامة في المنتهى حيث قال : «لا حكم للسهو في الاحتياط الذي يوجبه السهو كمن شك بين الاثنتين والأربع فإنه يصلي ركعتين احتياطا على ما يأتي ، فلو سها فيهما ولم يدر صلى واحدة أو اثنتين لم يلتفت إلى ذلك).

ولكن نفس العبارة أعني. لا سهو في سهو. تحتمل عدة معان ، فيحتمل أن يكون المراد بالسهو هو النسيان كما هو المعنى المتعارف له ويمكن أن يراد به الشك ويمكن أن يراد ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٨.


أي في موجبه (١) من صلاة وسجود ، كنسيان ذكر ، أو قراءة ، فإنه لا سجود عليه. نعم لو كان (٢) مما يتلافى تلافاه من غير سجود. ويمكن أن يريد بالسهو في كلّ منهما (٣) الشك ، أو ما يشمله (٤) على وجه الاشتراك ، ولو بين حقيقة الشي‌ء ومجازه ، فإن حكمه هنا صحيح (٥) ، فإن استعمل (٦) في الأول (٧) فالمراد به الشك

______________________________________________________

ـ به مطلق المعنى الشامل لهما ، ويمكن أن يراد من السهو الأول بعض هذه المعاني ومن الآخر بعض آخر فالمجموع تسع صور. ثم على التقادير كلها يمكن أن يراد من السهو الثاني نفسه ويمكن أن يراد منه ما يوجبه السهو من صلاة احتياط وسجدتي السهو وأما السهو الأول المنفي فالمراد به أثره لأن نفي حقيقته غير مستقيم ، فتكون الصور ثماني عشرة صورة لكن عرفت أن المراد من هذه الجملة الواردة في النصوص والأخبار أنه لا حكم للشك فيما يوجبه الشك من صلاة الاحتياط وعليه فلو شك في عدد ركعات صلاة الاحتياط فيبني على الأكثر لعدم الاعتناء بشكه بالبناء على وقوعه إذا كان البناء المذكور غير مبطل وإلا فوجب البناء على الأقل وهذا هو المنسوب إلى المشهور.

وعن الأردبيلي الميل إلى البناء على الأقل وعن المجلسي تقويته ولكن لم يطلع على أحد من الأصحاب قال به كما نقل عنه.

هذا والأصحاب قد اختلفوا في معنى هذه الجملة فعن بعضهم كالعلامة في المنتهى ما سمعت ، وعن بعض آخر أن المراد من سها فلم يدر سها أو لا فلا يعتد به ، وعن ثالث أن المراد من سها في سجدتي السهو أو صلاة الاحتياط بحيث نسي الذكر أو الطمأنينة مما لا يتلافى ، وكذا لو سها عن تسبيح السجدة المنسية أو عن السجود على بعض الأعضاء عدا الجبهة في صلاة الاحتياط وسجدتي السهو أو في السجدة المنسية فلا يجب فيه سجود السهو بحمل العبارة على معنى من نسي في موجبات النسيان والشك فلا حكم له ، وغير ذلك من الأقوال التي لا شاهد عليها من النصوص.

(١) أي ما يوجبه السهو من صلاة احتياط وسجدتي السهو.

(٢) أي المنسي مما يمكن تلافيه لعدم تجاوز المحل.

(٣) أي في السهو الأول والثاني من قوله : «ولا للسهو في سهو».

(٤) أي يشمل الشك والنسيان على نحو الاشتراك.

(٥) أي فإن حكم الشك بنفي الحكم هنا في التقادير الثلاثة صحيح.

(٦) ضمير الفاعل راجع إلى السهو بمعنى الشك.

(٧) أي في السهو الأول وعلّق الشارح بقوله هنا : «أي في السهو الأول وليس المراد أنه لو ـ


في موجب السهو (١) من فعل (٢) ، أو عدد ، كركعتي الاحتياط فإنه يبني على وقوعه ، إلا أن يستلزم الزيادة (٣) كما مرّ ، أو في الثاني (٤) فالمراد به موجب الشك كما مرّ ، وإن استعمل (٥) فيهما فالمراد به الشك في موجب الشك (٦) ، وقد ذكر أيضا ، أو الشك في حصوله (٧) ، وعلى كل حال لا التفات (٨) ، وإن كان إطلاق اللفظ على جميع ذلك يحتاج إلى تكلّف ، (ولا لسهو الإمام) (٩) أي شكّه وهو قرينة

______________________________________________________

ـ استعمل السهو في المعنى الأول أي الشك وإن كان ظاهر العبارة يعطي هذا».

(١) قد استعمل لفظ السهو الثاني في موجبه لأن استعماله في نفس السهو لا معنى له كما تقدم.

(٢) كالتشهد والذكر والقراءة في صلاة الاحتياط.

(٣) فيبني حينئذ على الأقل.

(٤) أي وإن استعمل السهو بمعنى الشك في السهو الثاني فيكون السهو بمعنى الشك في السهو الأول قد استعمل بنفس الشك لا بموجبه.

(٥) أي استعمل السهو بمعنى الشك في السهوين الأول والثاني.

(٦) لتعين السهو الثاني في موجبه لا في نفسه.

(٧) أي حصول السهو والمعنى أنه لا شك في حصول السهو بحيث شك أنه هل صدر منه سهو أو لا فلا يعتني كما نسب إلى البعض على ما تقدم.

(٨) في جميع الصور ، وفيه إن المتيقن أنه لا شك في موجب الشك في صلاة الاحتياط ، والباقي من الصور لا دليل عليه.

(٩) لا شك للإمام مع حفظ المأموم وكذا العكس بلا خلاف فيه ويدل عليه جملة من النصوص ، منها : صحيح حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ليس على الإمام سهو ولا على من خلف الإمام سهو) (١).

وخبر إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ليس على الإمام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم وليس على من خلف الإمام سهو إذا لم يسه الإمام) (٢).

وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن الرجل يصلي خلف الإمام لا يدري كم صلى هل عليه سهو؟ قال : لا) (٣).

بلا فرق في المأموم بين الذكر والأنثى ولا بين العدل والفاسق ولا بين المتحد والمتعدد للإطلاق ، نعم لا يتعدى الحكم إلى غير المأموم إلا أن يفيد قوله الظن فيرجع إليه لذلك ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٣ و ٨ و ١.


لما تقدم (١) (مع حفظ المأموم وبالعكس) فإن الشاك من كل منهما يرجع إلى حفظ الآخر ولو بالظن ، وكذا يرجع الظانّ إلى المتيقّن ، ولو اتفقا على الظن واختلف محله تعيّن الانفراد (٢). ويكفي في رجوعه (٣) تنبيهه بتسبيح ، ونحوه.

ولا يشترط عدالة المأموم ، ولا يتعدى إلى غيره (٤) وإن كان عدلا. نعم لو أفاده (٥) الظن رجع إليه لذلك ، لا لكونه مخبرا. ولو اشتركا في الشكّ واتحد لزمهما حكمه وإن اختلفا رجعا إلى ما اتفقا عليه ، وتركا ما انفرد كلّ به ، فإن لم يجمعهما رابطة تعين الانفراد (٦) ، كما لو شكّ أحدهما بين الاثنين والثلاث ، والآخر بين الأربع والخمس. ولو تعدد المأمومون واختلفوا مع الإمام ، فالحكم كالأول في رجوع الجميع إلى الرابطة ، والانفراد بدونها ، ولو اشترك بين الإمام وبعض المأمومين رجع الإمام إلى الذاكر منهم (٧) وإن اتحد ، وباقي المأمومين إلى الإمام (٨) ، ولو استعمل السهو في معناه (٩) أمكن في العكس لا الطرد (١٠). بناء

______________________________________________________

لأن الظن في الركعات والأفعال بحكم اليقين ، وكما يرجع الشاك من الإمام والمأموم إلى المتيقن كذا يرجع الظان إلى المتيقن والشاك إلى الظان للإطلاق أيضا ، ثم للإطلاق لا فرق بين كون شك أحدهما في الركعات أو الأفعال فيرجع إلى الآخر مع حفظه.

(١) من أن المراد في السهو هو الشك.

(٢) لظن كل منهما بخطإ الآخر ومعه لا مجال للرجوع إليه.

(٣) أي في إرجاع الساهي منهما تنبيهه من الآخر بتسبيح وغيره.

(٤) إلى غير المأموم.

(٥) أي لو أفاد غير المأموم الساهي منهم الظن فيرجع إليه لحجية الظن في الركعات والأفعال لأنه بحكم اليقين.

(٦) لما تقدم من علم كل منهما بخطإ الآخر ومعه لا مجال للرجوع إليه.

(٧) أي من المأمومين من باب لا سهو على الإمام إذا حفظ المأموم.

(٨) من باب لا سهو على المأموم مع حفظ الإمام.

(٩) أي النسيان.

(١٠) علّق الشارح بقوله : «المراد بالطرد أنه لا حكم لسهو الإمام مع حفظ المأموم ولا شك أنه ليس بصحيح ، نعم العكس وهو أنه لا حكم لسهو المأموم مع حفظ الإمام صحيح».

هذا واعلم أن النسيان إما أن يصدر من الإمام وإما من المأموم وإما من كليهما فإن صدر ـ


على ما اختاره جماعة منهم المصنف في الذكرى ، من أنه لا حكم لسهو المأموم مع

______________________________________________________

من الإمام فيجب عليه تداركه مع بقاء المحل وقضاؤه بعد تجاوز المحل إذا كان مما يتلافى لإطلاق أدلة التدارك ولا يجب على المأموم تداركه لعدم تركه بحسب الفرض.

ولكن يجب على الإمام سجدتا السهو لتحقق السبب فهل يجب على المأموم أيضا أن يسجد للسهو متابعة فعن الشيخ في المبسوط وابن حمزة وابن إدريس نعم يجب سجود السهو على المأموم متابعة وإن لم يفعل موجبه والمشهور على العدم للأصل من عدم الوجوب على المأموم مع عدم صدور سببه منه.

ومستند الشيخ ومن تابعه موثق عمار : (سألته عن الرجل يدخل مع الإمام وقد سبقه الإمام بركعة أو أكثر فسها الإمام كيف يصنع الرجل؟ فقال : إذا سلم الإمام فسجد سجدتي السهو فلا يسجد الرجل الذي دخل معه ، وإذا قام وبنى على صلاته وأتمّها وسلّم وسجد الرجل سجدتي السهو) (١) وهو معرض عنه لموافقته لمذهب فقهاء الجمهور كافة كما عن المنتهى. وهذا معنى عدم صحة لا سهو على الإمام مع حفظ المأموم وهو معنى عدم صحة الطرد في كلام الشارح.

وإن صدر النسيان من المأموم فلا إشكال ولا خلاف في أن المأموم يجب عليه تداركه لعموم أدلة التدارك ولكن هل يجب على المأموم سجدتا السهو أو لا؟ مع الاتفاق على عدم وجوب سجود السهو على الإمام لعدم صدور سببه منه.

ذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط إلى عدم وجوب سجود السهو على المأموم ، واختاره المرتضى ونقله عن جميع الفقهاء إلا مكحول ووافقهما الشهيد في الذكرى ، والمشهور على الوجوب لتحقق سببه من المأموم ولصحيح عبد الرحمن بن الحجاج : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم ، قال : يتم صلاته ثم يسجد سجدتين) (٢) والظاهر أن الرجل مأموم ، وخبر منهال القصاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أسهو في الصلاة وأنا خلف الإمام؟ فقال عليه‌السلام : إذا سلم فاسجد سجدتين ولا تهب) (٣).

ومستند الشيخ ومن تابعه موثق عمار : (سألته عن رجل سها خلف الإمام بعد ما افتتح الصلاة فلم يقل شيئا ولم يكبر ولم يسبح ولم يتشهد حتى يسلّم ، فقال : جازت صلاته وليس عليه إذا سها خلف الإمام سجدتا السهو ، لأن الإمام ضامن لصلاة من خلفه) (٤) وخبر محمد بن سهل ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٦ و ٥.


سلامة الإمام عنه ، فلا يجب عليه سجود السهو لو فعل ما يوجبه لو كان منفردا. نعم لو ترك ما يتلافى مع السجود (١) سقط السجود خاصة (٢) ولو كان الساهي الإمام فلا ريب في الوجوب عليه (٣) إنما الخلاف في وجوب متابعة المأموم له وإن كان أحوط.

(السابعة. أوجب ابنا بابويه) عليّ وابنه محمد الصدوقان (رحمهما‌الله سجدتي السهو على من شك بين الثلاث والأربع وظن الأكثر) (٤) ولا نصّ عليهما في هذا

______________________________________________________

عن الرضا عليه‌السلام : (الإمام يحمل أوهام من خلفه إلا تكبيرة الافتتاح) (١).

وفيه : إنها معارضة بنصوص أقوى ، منها : صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيضمن الإمام صلاة الفريضة فإن هؤلاء يزعمون أنه يضمن؟ فقال : لا يضمن أي شي‌ء يضمن إلا أن يصلي بهم جنبا أو على غير طهر) (٢) وقد فسر الضمان بالقراءة فقط كما في موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله رجل عن القراءة خلف الإمام ، فقال عليه‌السلام : لا ، إن الإمام ضامن القراءة ، وليس يضمن الإمام صلاة الذين خلفه ، إنما يضمن القراءة) (٣) وعليه يحمل إطلاق خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيضمن الإمام الصلاة؟ فقال : لا ليس بضامن) (٤).

نعم على قول الشيخ ومن تابعه يصدق لا سهو لمأموم مع حفظ الإمام ، وهذا هو معنى صحة العكس في كلام الشارح.

(١) سجود السهو.

(٢) لأنه يجب عليه التدارك لعموم أو إطلاق أدلته.

(٣) أي في وجوب سجود السهو عليه.

(٤) أوجب الصدوقان ذلك لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شي‌ء فسلّم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بأم الكتاب ، وإن ذهب وهمك إلى الثلاث فقم وصل الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو) (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٥.


الشك بخصوصه ، وأخبار الاحتياط خالية منهما ، والأصل يقتضي العدم ، (وفي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام : «إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كلّ صلاة فاسجد سجدتي السهو») ، فتصلح دليلا لهما ، لتضمنها مطلوبهما (وحملت هذه) الرواية (على الندب).

وفيه نظر. لأن الأمر حقيقة في الوجوب ، وغيرها من الأخبار لم يتعرض لنفي السجود ، فلا منافاة بينهما (١) إذا اشتملت على زيادة ، مع أنها غير منافية لجبر الصلاة ، لاحتمال النقص ، فإن الظن بالتمام (٢) لا يمنع النقص بخلاف ظن النقصان فإن الحكم بالإكمال (٣) جائز. نعم يمكن ردها من حيث السند (٤)

______________________________________________________

ـ وخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بعد الفراغ ، أفهمت؟ قلت : نعم) (١).

والأول معارض بالنصوص الكثيرة التي تقدم بعضها والدالة على العمل بالظن ولا شي‌ء عليه ، والثاني محمول على الندب إن لم يكن مثل الأول لأنه معارض بتلك النصوص فلا يمكن الاعتماد عليه.

(١) بل المنافاة حاصلة لأن الأخبار الدالة على العمل بالظن واردة في مقام البيان فلو كان عليه سجود لوجب ذكره فمع عدم الذكر يستكشف عدم الوجوب فلذا كان الخبر المذكور معارضا لها والترجيح لها.

(٢) تعليل لاحتمال النقص ومعناه : إن الظن بالأربع لا يمنع احتمال النقص وإلا لكان قطعا.

وفيه : إن النقص المحتمل هو نقصان ركعة وهذا لا يوجب سجدتي السهو بل يوجب على فرض معالجته ركعة منفصلة.

(٣) على فرض ظن النقصان ، من دون حاجة لسجدتي السهو لأنه يكون قد أتى بتمام الركعات جزما بخلاف الإكمال على ظن التمام فلا جزم بالإتيان بتمام الركعات بل احتمال النقص باق ولذا وجب سجدتا السهو.

(٤) لأن اسحاق بن عمار فطحي لكنه ثقة ، وفي السند الطيالسي وهو لم يمدح ولم يذم ، وفي السند أيضا المعاذيّ وهو ضعيف.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب الخلل في الصلاة حديث ٢.


(الفصل الثامن. في القضاء)

(يجب قضاء الفرائض اليومية مع الفوات (١) ، حال البلوغ (٢) ، والعقل والخلوّ عن الحيض ، والنفاس (٣) ، والكفر الأصلي) (٤) احترز به عن العارضي بالارتداد فإنه لا يسقطه (٥) كما سيأتي ، وخرج بالعقل المجنون فلا قضاء عليه ، إلّا أن يكون سببه بفعله (٦) ...

______________________________________________________

(١) سواء كان عمدا أو سهوا أو جهلا بلا خلاف فيه ويقتضيه إطلاق أدلة وجوب القضاء كصحيح زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة أنك لم تصلها أو في وقت فوتها أنك لم تصلها صليتها ، وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى تستيقن ، وإن استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت) (١). وصحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سئل عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلوات لم يصلها أو نام عنها فقال عليه‌السلام : يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار) (٢).

وكذا لو فاتته بسبب النوم لصريح صحيح زرارة الأخير وإطلاق غيره.

(٢) فما فاته حال الصغر لا يجب قضاؤه بعد البلوغ بالاتفاق وكذا ما فاته حال الجنون لا يجب قضاؤه بعد الإفاقة واستدل له بحديث رفع القلم : (إن القلم يرفع عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) (٣) بدعوى عدم وجوب الأداء عليه فيتبعه عدم وجوب القضاء لعدم تحقق الفوت ، نعم وجب القضاء على النائم بعد الاستيقاظ لدليل خارجي وقد تقدم.

(٣) تقدم الكلام فيه وفي الحيض في بابهما.

(٤) فما فاته حال الكفر الأصلي لا يجب قضاؤه بعد إسلامه بالاتفاق بل هو من الضروريات للنبوي المشهور : (الإسلام يجب ما قبله) (٤) ، وهو مختص بالكفر الأصلي ، فما فاته حال ردته مندرج تحت عموم ما دل على وجوب القضاء.

(٥) أي فإن الارتداد لا يسقط القضاء.

(٦) أي سبب ذهاب العقل بفعله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١٠.

(٤) كنز العمال ج ١ ص ١٧ حديث ٢٤٣.


كالسكران (١) مع القصد والاختيار ، وعدم الحاجة (٢). وربما دخل فيه (٣) المغمى عليه فإن الأشهر عدم القضاء عليه (٤) ، وإن كان بتناول الغذاء المؤدّي إليه ، مع

______________________________________________________

(١) لعموم ما دل على وجوب القضاء.

(٢) بل حتى مع الضرورة والإكراه.

(٣) في المجنون.

(٤) لجملة من الأخبار ، منها : صحيح أيوب بن نوح : (كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب عليه‌السلام : لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة) (١).

وخبر موسى بن بكر : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يغمى عليه يوما أو يومين أو الثلاثة أو الأربعة أو أكثر من ذلك ، كم يقضي من صلاته؟ قال : ألا أخبرك بما يجمع لك هذه الأشياء؟ كلما غلب الله عليه من أمر فالله أعذر لعبده) (٢).

وزاد فيه غيره : (إن أبا عبد الله عليه‌السلام قال : هذا من الأبواب التي يفتح كل باب منها ألف باب) (٣).

وخبر حفص البختريّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سمعته يقول في المغمى عليه : ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر) ٤.

وفي قبال هذه الطائفة أخبار تدل على وجوب القضاء كصحيح رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن المغمى عليه شهرا ما يقضي من الصلاة؟ قال : يقضيها كلها ، إن أمر الصلاة شديد) (٥) وعن الصدوق في المقنع العمل بها ، ولكن الجمع العرفي حملها على الاستحباب ويدل عليه خبر أبي كهمس : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وقد سئل عن المغمى عليه أيقضي ما تركه من الصلاة؟ فقال : أما أنا وولدي وأهلي فنفعل ذلك) (٦) وخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله عن المغمى عليه شهرا أو أربعين ليلة فقال : إن شئت أخبرتك بما آمر به نفسي وولدي أن تقضي كلما فاتك) (٧).

وأدلة عدم وجوب القضاء على المغمى ظاهرة في كونه معذورا بالإغماء ، فلو كان إغماؤه باختياره فيجب عليه القضاء حينئذ لعدم العذر فيندرج تحت إطلاق ما دل على وجوب ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٢ و ٨.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٩ و ١٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٤.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١٢ و ١٣.


الجهل بحاله (١) ، أو الإكراه عليه ، أو الحاجة إليه كما قيّده به (٢) المصنف في الذكرى ، بخلاف الحائض ، والنفساء ، فإنهما لا تقضيان مطلقا ، وإن كان السبب من قبلهما (٣). والفرق أنه فيهما (٤) عزيمة (٥) ، وفي غيرهما رخصة (٦) ، وهي لا تناط بالمعصية (٧). والمراد بالكفر الأصلي هنا (٨) ما خرج عن فرق المسلمين منه (٩) ، فالمسلم (١٠) يقضي ما تركه وإن حكم بكفره كالناصبي وإن استبصر ، وكذا ما صلّاه فاسدا عنده (١١).

______________________________________________________

القضاء ، وهذا ما ذهب إليه الشهيد في الذكرى ونسبه إلى الأصحاب.

(١) بحال الغذاء.

(٢) أي كما قيّد المغمى بما ذكر ليكون معذورا.

(٣) أي سبب الحيض والنفاس لإطلاق أدلة نفي القضاء عنهما.

(٤) أن السقوط في الحائض والنفساء.

(٥) وإذا تحرم عليهما العبادة كما تقدم الكلام في باب الحيض.

(٦) ولذا استحب القضاء للمغمى عليه.

(٧) أي والرخصة لا تناط بالمعصية على تقدير مخالفتها.

(٨) أي الموجب لعدم القضاء هو الكفر الأصلي لصريح حديث الجبّ المتقدم ، فيبقى غيره وهو المرتد ومن حكم بكفره من المسلمين كالناصبي وإن تشهد مندرج تحت عموم أدلة وجوب القضاء.

(٩) أي من الكفر.

(١٠) وإن كان مخالفا.

(١١) المخالف إذا صلى صلاة فاسدة على مذهبه بحيث يجب قضاؤها لو بقي على اعتقاده ، فيجب عليه القضاء لو استبصر وإن كانت صلاته التي صلاها موافقة لمذهبنا لتحقق عنوان الفوت في حقه ، فيندرج تحت عموم من فاتته فريضة فليقضها.

نعم لو أتى بالواجب بما يوافق مذهبه لا يجب القضاء لو استبصر لصحيح العجلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم منّ الله تعالى عليه وعرّفه الولاية فإنه يؤجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها ، لأنه وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية ، وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء) (١).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب مقدمة العبادات حديث ١.


(ويراعي فيه) أي في القضاء (الترتيب (١) بحسب الفوات) فيقدّم الأول منه ،

______________________________________________________

(١) يجب الترتيب في الفوائت اليومية على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ويدل عليه من النصوص ، منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذّن لها وأقم ثم صلها ، ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة. إلى أن قال : وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتك جميعا ، فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة أبدأ بالمغرب ثم العشاء) (١) وما في المعتبر عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت : تفوت الرجل الأولى والعصر والمغرب ويذكر بعد العشاء ، قال عليه‌السلام : يبدأ بالوقت الذي هو فيه فإنه لا يأمن من الموت ، فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل ، ثم يقضي ما فاته الأول فالأول) (٢) وخبر ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك ، قال : يتطهر ويؤذن ويقيم في أولاهن ، ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير أذان حتى يقضي صلاته) (٣).

وقد استشكل بالاستدلال بأن المراد من أولاهن هي الأولى في الشروع لا الأولى في الفوات بمعنى لو أراد أن يقضي فيكفيه أذان عند الإتيان بأول صلاة ثم يكتفي بإقامة لكل صلاة بعدها من دون التعرض إلى كيفية القضاء على نحو ما فات أو لا.

وفيه : إنه مخالف لصريح خبر جميل المتقدم : (ثم يقضي ما فاته الأول) فالأول والإشكال فيه بضعف السند مردود لانجباره بعمل الأصحاب.

نعم اتفق الجميع على وجوب الترتيب بين الظهرين والعشاءين لأن الترتيب بينها شرط في صحة الثانية بالنسبة إلى الأداء فكذا بالنسبة للقضاء فضلا عن جملة من الأخبار ، منها : صحيح ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس) (٤).

نعم قد استدل على الترتيب مطلقا بالنبوي المشهور : (من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته) ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.


فالأول مع العلم (١). هذا في اليومية ، أما غيرها ففي ترتبه (٢) ، في نفسه (٣) وعلى اليومية (٤) ، وهي عليه قولان (٥) ، ومال في الذكرى إلى الترتيب واستقرب في البيان عدمه وهو أقرب (ولا يجب الترتيب بينه (٦) ، وبين الحاضرة) (٧) فيجوز

______________________________________________________

ـ وهو غير موجود في كتب الأحاديث كما عن غير واحد من الأصحاب وإن أورده الأحسائي في كتابه الغوالي في موردين (١) ، نعم في صحيح زرارة : (قلت له : رجل فاتته صلاة من صلاة المسافر فذكرها في الحضر ، قال : يقضي ما فاته كما فاته ، إن كانت صلاة السفر أدّاها في الحضر مثلها ، وإن كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته) (٢) فقوله عليه‌السلام : (يقضي ما فاته كما فاته) ناظر إلى الكمية من ثنائية أو رباعية لا إلى الكيفية فلعل النبوي مثله.

(١) أما مع الجهل فسيأتي الكلام فيه.

(٢) أي ترتب غير اليومية. كالكسوف والخسوف.

(٣) فيقضي السابق منه أولا ثم اللاحق.

(٤) فلو كان غير اليومية قد فاته أولا ثم اليومية فيقضيه كما فاته ، وكذا العكس.

(٥) القول بعدم الترتيب هو المشهور شهرة عظيمة إذ لا دليل على الترتيب إلا ما سمعت من الأخبار وهي مختصة باليومية ، فالترتيب في غيرها مندرج تحت أصل البراءة ، وحكي الترتيب بين اليومية وغيرها وبين غير اليومية في نفسه عن بعض مشايخ الوزير العلقمي كما في الجواهر وغيره ، وعن التذكرة احتماله وعن الذكرى نفي البأس عنه للنبوي المشهور المتقدم ، وقد عرفت حاله مع أن في دلالته منعا ظاهرا إذ هو ظاهر في اليومية ولا أقل من الاحتمال المانع عن التمسك بإطلاقه.

(٦) بين ما فات من اليومية

(٧) قبل الدخول في هذا البحث اعلم أنه قد وقع البحث والخلاف في أنه هل تجب الفورية في القضاء وهو المسمى بالمضايقة كما ذهب إليه المرتضى في رسائله وابن إدريس في سرائره والشيخ في الخلاف حتى حكي عن بعضهم المنع من الأكل والشرب إلا بمقدار الضرورة وعليه التشاغل بالقضاء وعن المفيد والحلي دعوى الإجماع عليه واستدل للمضايقة بأمور :

الأول : أصالة الاحتياط وفيه : عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبية كما حرر في الأصول. ـ

__________________

(١) غوالي اللآلي ج ٢ ص ٥٤ حديث ١٤٣ ، وج ٣ ص ١٠٧ حديث ١٥٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الثاني : إطلاق أوامر القضاء فإنها موضوعة للفورية كما عن جماعة إما لغة كما عن الشيخ وإما شرعا كما عن السيد وإما عرفا كما عن بعض وفيه : إن الأمر موضوع لطلب الماهية من غير إشعار بفور أو تراخ.

الثالث : قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي) (١) بناء على أن المراد من قوله (لِذِكْرِي) أي لذكر الصلاة بعد نسيانها ، وقد ورد في ذلك أخبار ، منها : صحيح زرارة الوارد في الذكرى عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة ، قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني ، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه‌السلام فحدثني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرّس في بعض أسفاره وقال : من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا ، فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس ، فقال : يا بلال ما أرقدك؟ فقال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قوموا فتحوّلوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة ، وقال : يا بلال أذّن ، فأذّن فصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركعتي الفجر ، وأمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم الصبح وقال : من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله (عزوجل) يقول : (وَأَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي).

قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقالوا : نقضت حديثك الأول ، فقدمت على أبي جعفر عليه‌السلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال عليه‌السلام : يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا وأن ذلك كان قضاء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢).

وخبره الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت ، فابدأ بالتي فاتتك ، فإن الله (عزوجل) يقول : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي) ، وإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى) (٣).

وعن الطبرسي في مجمع البيان في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي) : (وقيل : معناه أقم الصلاة متى ذكرت أن عليك صلاة كنت في وقتها أو لم تكن عن أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام) (٤).

__________________

(١) طه الآية : ١٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٤.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وفيه : أما الاستدلال بالآية فيرده عدم ظهورها في وجوب قضاء الصلاة عند تذكرها لأن المراد ب «ذكري» هو ذكر الله لا ذكر الصلاة بعد نسيانها هذا بحسب الظاهر ، وإن كان المراد أنه من جملة بطون الآية فالمدار على النصوص الواردة في ذلك ، وهي غير ظاهرة في وجوب الفورية عند التذكر ولذا تنفل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنافلة الفجر وأمر أصحابه بذلك قبل الشروع بقضاء صلاة الصبح ، نعم تدل على رجحان الفور بالإضافة إلى أن الخبر الأول المتضمن لسهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صلاة الصبح مناف لمرتبة النبوة.

الرابع : الأخبار الآمرة بالقضاء عند تذكر الفائت ، منها : ما عن السرائر في الخبر المجمع عليه بين جميع الأمة : (من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها) (١) ورواية نعمان الرازي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل فاته شي‌ء من الصلاة فذكرها عند طلوع الشمس وعند غروبها ، قال عليه‌السلام : فليصلها حين ذكره) (٢) ومثله غيره.

وفي الأول ضعف إذ لا وقت للقضاء حتى يوقّت بحدوث الذكر ولذا يجب القضاء مع الغفلة فيكون الخبر ظاهرا أن القضاء منجز عليه وفعلي حين التذكر وهذا لا يدل على وجوب الفور له لأن معناه حينئذ : يقضي الغافل إذا التفت وأين هذا من معنى الفورية وهو وجوب القضاء عليه أول ما يذكر فإن ترك فليقض أولا أولا.

وفي الثاني منع لأنه وارد مورد الرخصة لتوهم المنع عن الصلاة عند الطلوع والغروب.

الخامس : ما دل على عدم جواز الاشتغال بغير القضاء كصحيح أبي ولّاد. الوارد فيمن رجع عن قصد السفر بعد ما صلى قصرا. عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (وإن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فإن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤمّ من مكانك ذلك) (٣).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال : يقضيها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، وهذه احق بوقتها فليصلها ، فإذا قضاها فليصل مما قد فاته مما قد مضى ، ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها) (٤). ـ

__________________

(١) السرائر أول باب صلاة الكسوف.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المواقيت حديث ١٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وهو محمول على الاستحباب جمعا بينه وبين جملة من النصوص ، منها : خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تقام الصلاة وقد صليت فقال عليه‌السلام : صل واجعلها لما فات) (١).

ورواية جابر بن عبد الله : (قال رجل : يا رسول الله وكيف أقضي؟ قال : صل مع كل صلاة مثلها ، قيل : يا رسول الله : قبل أم بعد؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قبل) (٢).

وخبر إسماعيل بن جابر قال : (سقطت عن بعيري فانقلبت على أمّ رأسي فمكثت سبع عشرة ليلة مغمى عليّ فسألته عن ذلك فقال : اقض مع كل صلاة صلاة) (٣).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها؟ قال عليه‌السلام : متى شاء إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء) (٤) وصحيح الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام (اقض صلاة النهار أي ساعة شئت من ليل أو نهار وكل ذلك سواء) (٥) وصحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة النهار يجوز قضاؤها أي ساعة شئت من ليل أو نهار) (٦) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء أو نسي. إلى أن قال : وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس) (٧) وهي ظاهرة في عدم الفورية بل يجوز التشاغل بغيرها. وهو المسمى بالمواسعة بمعنى عدم وجوب الفورية في القضاء كما عليه المشهور.

إذا تقرر ذلك فاعلم أنه قد وقع الخلاف في وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة ، فمن ذهب إلى المضايقة قال بوجوب الترتيب ، ومن ذهب إلى المواسعة قال بعدم وجوب الترتيب ما لم يتضيق وقت الحاضرة.

وعن المحقق في المعتبر التفصيل بين فائتة واحدة وفوائت متعددة فاعتبر الترتيب في الأول دون الثاني ، وعن العلامة في المختلف التفصيل بين كون الفائتة لهذا اليوم فيجب تقديمها على الحاضرة وبين غيرها فلا. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٩.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١٥.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المواقيت ٧ و ١٣ و ١٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وقيل : يجب الترتيب في الفائتة نسيانا.

هذا وقد استدل على وجوب تقديم الفائتة المتحدة بصحيح صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام : (سألته عن رجل نسي الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر فقال عليه‌السلام : إذا أمكنه أن يصليها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها وإلا صلى المغرب ثم صلاها) (١) بل استدل العلامة في المختلف على وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة سواء اتحدت أم تعددت إذا كان الفائت لهذا اليوم بهذا الصحيح وبصحيح زرارة المتقدم.

واستدل على وجوب مطلق التقديم بأخبار المضايقة المتقدمة وبصحيح صفوان المتقدم وبصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذّن لها وأقم ثم صلها ، ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة.

وقال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : وإن كنت قد صليت الظهر وقد فاتتك الغداة فذكرتها فصل الغداة أي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر ، ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك صلّيتها ، وقال : إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الأولى ثم صل العصر فإنما هي أربع مكان أربع ، وإن ذكرت أنك لم تصل الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين فانوها الأولى ثم صل الركعتين الباقيتين ، وقم فصل العصر ، وإن كنت قد ذكرت أنك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب ، فإن كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر ، وإن كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصلي المغرب.

وإن كنت قد صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب وإن كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة ، فإن كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتى صليت الفجر فصل العشاء الآخرة وإن كنت ذكرتها وأنت في الركعة الأولى وفي الثانية من الغداة فانوها العشاء ، ثم قم فصل الغداة وأذّن وأقم ، وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ، ابدأ بالمغرب ثم العشاء فإن خشيت أن تفوتك الغداة إن بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء ، وإن خشيت أن تفوتك الغداة إن ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٧.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء وابدأ بأوّلهما ، لأنهما جميعا قضاء ، أيّهما ذكرت فلا تصلهما إلا بعد شعاع الشمس.

قلت : ولم ذاك؟ قال : لأنك لست تخاف فوتها) (١).

والعلامة قد استدل به على تقديم الفائتة إذا كان تذكرها في يوم الفوات مع أن الإمام عليه‌السلام حكم ببدء العشاء والمغرب قبل الفجر وهو من باب تقديم ما فات في اليوم السابق على الحاضرة في اليوم اللاحق.

ثم واستدل على مطلق التقديم بخبره والآخر عنه عليه‌السلام : (إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ، فإن الله (عزوجل) يقول : (أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي). ، وإن كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى) (٢).

وخبره الثالث عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا دخل وقت الصلاة ولم يتمّ ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، وهذه أحق بوقتها فليصلها ، وإذا قضاها فليصل ما قد فاته مما قد مضى) (٣).

وخبر عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال : إذا نسي الصلاة أو نام عنها صلى حين يذكرها فإذا ذكرها وهو في صلاة بدأ بالتي نسي ، وإن ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب ثم صلى العتمة بعدها) (٤).

وخبر معمر بن يحيى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال عليه‌السلام : يعيدها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها ، إلا أن يخاف التي دخل وقتها) (٥).

وخبر أبي بصير : (سألته عن رجل نسي الظهر حتى دخل وقت العصر قال : يبدأ بالظهر ، وكذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت ، إلا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثم تصلي التي نسيت) (٦). ولأن أكثر النصوص الآمرة بتقديم الفائت ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب القبلة حديث ٥.

(٦) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٨.


تقديمها عليه (١) مع سعة وقتها وإن كان الفائت متحدا ، أو ليومه (٢) على الأقوى.

______________________________________________________

ـ على الحاضر قد صرحت بكون الفائت بسبب النسيان لذا فصّل بعضهم بوجوب التقديم بالفائت نسيانا دون غيره لأن الأصل عدم وجوب الترتيب.

وفيه : إنها لا بد من حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين جملة من الأخبار. منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوارد فيمن نسي المغرب والعشاء : (وإن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الفجر) (١).

ومثلها خبر أبي بصير (٢) وقد تقدم عند بحث المضايقة ، وقد تقدم صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها؟ قال عليه‌السلام : متى شاء ، إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء) (٣) ومثله صحيح ابن أبي يعفور (٤) وقد تقدم أيضا ومثلها غيرها.

وبعد هذا تعرف استحباب العدول من اللاحقة إلى السابقة إذا تذكرها مع بقاء محل العدول كما فصّلت ذلك صحيحة زرارة الطويلة. فالقول باستحباب تقديم الحاضرة على الفائتة كما عن الصدوقين ليس في محله ، ومنه تعرف أيضا ضعف وجوب تقديم الحاضرة كما عن ظاهر جماعة من القدماء كما قيل.

وبعد هذا كله تعرف أن الأقوال في هذه المسألة خمسة :

الأول : المضايقة مطلقا ولازمه وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة مع بطلان الحاضرة لو قدمها مع سعة الوقت ووجوب العدول إلى الفائتة لو دخل في الحاضرة سهوا.

الثاني : المواسعة مطلقا ولازمه جواز تقديم الحاضرة على الفائتة ، ولازمه عدم وجوب العدول إلى الفائتة ، والقائلون بالتوسعة قد اختلفوا في استحباب تقديم الفائتة كما عن بعض أو تقديم الحاضرة كما عن آخر أو وجوب تقديم الحاضرة كما عن ثالث.

الثالث : وجوب تقديم الفائت إذا كان متحدا.

الرابع : وجوب تقديم فائت اليوم اتحد أو تعدد.

الخامس : وجوب تقديم الفائت نسيانا ، وقد صنفوا رسائل في هذه المسألة وأطالوا فيها النقض والإبرام.

(١) أي تقديم الحاضرة على الفائت.

(٢) أي ولو كان الفائت ليومه بمعنى أنه يقضى في يوم فوته.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت ٤ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب المواقيت ١٣ و ١٤.


(نعم يستحبّ) ترتيبها عليه (١) ما دام وقتها واسعا جمعا بين الأخبار التي دلّ بعضها على المضايقة ، وبعضها على غيرها ، بحمل الأولى على الاستحباب. ومتى تضيق وقت الحاضرة قدّمت إجماعا ، ولأن الوقت لها بالأصالة (٢) (ولو جهل الترتيب سقط (٣)) في الأجود لأن الناس في سعة ...

______________________________________________________

(١) أي ترتيب الحاضرة على الفائت بتقديم الفائت عليها.

(٢) كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) المتقدم.

(٣) أي سقط الترتيب ، اعلم أنه على القول بوجوب ترتيب الفوائت. كما هو الأقوى على ما تقدم الكلام فيه. فلو جهل الترتيب فهل يجب التكرار بين الفوائت حتى يقطع بحصول الترتيب بينها واقعا كما نسب إلى جماعة كما هو ظاهر الخلاف والسرائر والإرشاد والتذكرة بل عن المفاتيح نسبته إلى ما عد العلامة والشهيدين ، بل عن البيان والذكرى وجوبه مع الظن ، وعن الدروس والموجز وكشف الالتباس والهلالية وجوبه مع الوهم بحيث لو ظن أو توهم أن الفوائت على صورة ما فيجب التكرار بدعوى إطلاق صحيح زرارة المتقدم وغيره الدال على الترتيب. وعن الأكثر سقوط الترتيب عند الجهل به لأن ظاهر صحيح زرارة الاختصاص بصورة العلم حيث قال عليه‌السلام فيه : (وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذّن لها وأقم ثم صلها ، ثم صل ما بعدها باقامة إقامة لكل صلاة) (٢) وكذا خبر جميل المتقدم (٣).

واستدل لعدم الترتيب بصورة الجهل باستلزام التكرار الموجب للترتيب واقعا للحرج والعسر المنفيين في الشريعة بل وللتكليف بالمحال وهو منفي عقلا كما عن الذكرى.

إن قلت : إذا كان تحصيل الترتيب المجهول موجبا للعسر والحرج فيختص رفعه بمواردهما ، وأما تحصيله في بقية الموارد فيبقى على الوجوب.

قلت : التفصيل بينهما موجب لإحداث قول ثالث كما عن الشارح هنا وإحداث قول ثالث خرق للإجماع المركب لأنهم منقسمون على قولين فقط ، قول بوجوب التكرار لتحصيل الترتيب المجهول وقول بعدم الوجوب فالقول بوجوب التكرار عند عدم الحرج والعسر دون غيره طرح للقولين السابقين.

وفيه : إن إحداث قول ثالث خرق للإجماع المركب إذ اتفقوا على منع الثالث بعد خلافهم ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦.


مما لم يعلموا (١) ، ولاستلزام فعله (٢) بتكرير الفرائض على وجه يحصله الحرج والعسر المنفيين في كثير من موارده (٣) ، وسهولته في بعض يستلزم إيجابه فيه (٤) إحداث قول ثالث.

وللمصنف قول ثان ، وهو تقديم ما ظنّ سبقه ، ثم السقوط ، اختاره في الذكرى ، وثالث وهو العمل بالظن ، أو الوهم ، فإن انتفيا سقط ، اختاره في الدروس. ولبعض الأصحاب رابع (٥) ، وهو وجوب تكرير الفرائض حتى يحصله (٦). فيصلّي من فاته الظهران (٧) من يومين ظهرا بين العصرين ، أو بالعكس ، لحصول الترتيب بينهما (٨) على تقدير سبق كل واحدة (٩).

ولو جامعهما مغرب من ثالث (١٠) صلّى الثلاث (١١) قبل المغرب

______________________________________________________

ـ على قولين فيكون من باب القول بعدم الفصل ، مع أن موردنا السكوت عن منع الثالث وإن اختلفوا على قولين فيكون من باب عدم القول بالفصل.

(١) هذا حديث فقد رواه في غوالي اللآلي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إن الناس في سعة ما لم يعلموا) (١) ، وروي في حديث السفرة المروي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (هم في سعة حتى يعلموا) (٢) وقد روي حديث السفرة في الجعفريات : (هم في سعة من أكلها ما لم يعلموا حتى يعلموا) (٣) وفي نوادر الراوندي : (هم في سعة ما لم يعلموا) (٤)

(٢) أي فعل الترتيب.

(٣) من موارد تحصيل الترتيب.

(٤) أي إيجاب بالترتيب في البعض الذي لا عسر فيه.

(٥) وإن لم يظنه ولم يتوهمه.

(٦) أي يحصل الترتيب.

(٧) وجهل السابق.

(٨) بين الظهرين.

(٩) من الظهرين فكما يحتمل فوات الظهر أولا فيحتمل فوات العصر.

(١٠) أي من يوم ثالث.

(١١) أي العصرين بينهما ظهر ، أو العكس.

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب مقدمات الحدود حديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب النجاسات حديث ١١.

(٣ و ٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب النجاسات حديث ٣ و ٤.


وبعدها (١) ، أو عشاء معها (٢) فعل السبع قبلها وبعدها ، أو صبح معها (٣) فعل الخمس عشرة قبلها وبعدها ، وهكذا.

والضابط تكريرها على وجه يحصل الترتيب على جميع الاحتمالات ، وهي (٤) : اثنان في الأول (٥) ، وستة في الثاني (٦) ، وأربعة وعشرون (٧) في الثالث (٨) ، ومائة وعشرون (٩). في الرابع (١٠) حاصلة من ضرب ما اجتمع سابقا (١١) في عدد الفرائض المطلوبة ، ولو أضيف إليها سادسة صارت الاحتمالات سبعمائة وعشرين. وصحته (١٢) على الأول (١٣) من ثلاث وستين فريضة ، وهكذا ،

______________________________________________________

(١) فالجميع سبع فرائض.

(٢) أي ولو فاته أيضا عشاء من يوم رابع صلى السبع قبل العشاء وبعدها فالجميع خمس عشرة صورة.

(٣) أي ولو فاته صبح أيضا من يوم خامس صلى الخمس عشرة قبل الصبح وبعدها فالجميع واحدة وثلاثين صلاة.

(٤) أي الاحتمالات.

(٥) احتمال التقدم واحتمال التأخر فيما لو فاته الظهران.

(٦) فالاحتمالات ستة ناشئة من ضرب عدد الاحتمالات في الفرض السابق بعدد الصلوات هنا ، والمراد بالثاني هو من فاته المغرب في يوم ثالث.

(٧) فالاحتمالات أربعة وعشرون ناشئة من ضرب عدد الاحتمالات في الفرض السابق وهي ستة بعدد الصلوات هنا وهي أربعة.

(٨) وهو من فاته العشاء في يوم رابع.

(٩) ناشئة من ضرب عدد الاحتمالات في الفرض السابق وهي : أربعة وعشرون بعدد الصلوات هنا وهي خمسة.

(١٠) وهو من فاته الصبح في يوم خامس.

(١١) من الاحتمالات.

(١٢) أي صحة الفرض الأخير.

(١٣) أي على الطريق الأول المذكور في بيان الصلوات التي يجب عليه الإتيان بها هو : ثلاث وستون فريضة ناشئة من فعل الواحد والثلاثين فريضة قبل السادسة وبعدها ، هذا واعلم أن الشارح أبان أولا الصلوات التي يجب عليه الإتيان بها ليحصل الترتيب الواقعي لأن الاحتمالات مرددة عقلا في أكثر من ذلك ، فلذا ذكر ضابط الاحتمالات ، وليس مراده ـ


ويمكن صحتها (١) من دون ذلك (٢) : بأن يصلّي الفرائض جمع كيف شاء مكررة عددا ينقص عنها بواحد (٣) ، ثم يختمه بما بدأ به منها (٤) فيصح فيما عدا الأولين (٥) من ثلاث عشرة في الثالث ، وإحدى وعشرين في الرابع ، وإحدى وثلاثين في الخامس (٦) ، ويمكن فيه (٧) بخمسة أيام ولاء (٨) ، والختم بالفريضة الزائدة (٩).

______________________________________________________

ـ منه هو طريقة ثانية في عدد الصلوات التي يجب عليه الإتيان بها لتحصيل الترتيب الواقعي.

(١) أي صحة هذه الفروض الستة.

(٢) وهو طريق أخصر وأسهل ذكره غير واحد من الأصحاب بأن يصلي الفرائض الفائتة أجمع كيف شاء ، ثم يكررها كذلك ناقصة عن عدد آحاد تلك الصلوات بواحدة ثم يختم بما بدأ به ، فيصلي في الفرض الأول الظهر والعصر ثم الظهر أو العكس.

ويصلي في الفرض الثاني الظهر والعصر ثم المغرب ، ثم يكرره مرة أخرى ، ثم يصلي الظهر ، وفي الفرض الثالث يصلي الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ، ويكرره ثلاث مرات ثم يصلي الظهر فيحصل الترتيب بثلاث عشرة فريضة ، وفي الرابع يصلي أربعة أيام متوالية مبتدئا بالصبح منتهيا بالعشاء ثم يختم بالصبح فيحصل الترتيب بإحدى وعشرين فريضة.

(٣) فإن كانت أربعا كررها ثلاثا ، وإن كانت خمسة كررها أربعا.

(٤) من الفرائض.

(٥) فيما لو فاته الظهران ، وفيما لو جامعها مغرب ، لأن النتيجة على الطريقتين واحدة أما لو فاته الظهران حيث لا تكرار مع نقص الواحد ، لأنه لو نقص الواحد فسيأتي بظهر ثم عصر أو العكس فقط وهذا لا يحصل فيه الترتيب قطعا وأما لو فاته الظهران مع المغرب فعلى الطريقة الأولى يجب عليه الإتيان بسبع فرائض وعلى الطريقة الثانية كذلك لأنه سيكررها مرتين ثم يختم بما بدأ به وعليه لا فرق بين الطريقتين فلذا استثنى الشارح هاتين الصورتين.

(٦) ناشئة من تكرار الصلوات الست خمس مرات مع ختم ما بدأ به.

(٧) أي في الفرض الأخير.

(٨) يبتدأ بالصبح وينتهي بالعشاء.

(٩) التي هي السادسة ، وذلك لأنه لو صلى خمسة أيام مكررة ففي كل يوم يبرأ من بعض الفوائت ولو واحدة ، ففي الخمس يبرأ من الفرائض الخمسة ولا يبقى إلا السادسة الزائدة فيأتي ـ


(ولو جهل عين الفائتة) من الخمس (١) (صلّى صبحا ، ومغربا) معيّنين ، (وأربعا مطلقة) بين الرباعيات الثلاث ، ويتخيّر فيها (٢) بين الجهر والإخفات. وفي تقديم ما شاء من الثلاث (٣) ، ولو كان في وقت العشاء ردّد (٤) بين الأداء والقضاء.

(والمسافر (٥) يصلّي مغربا وثنائية مطلقة) بين الثنائيات الأربع مخيرا (٦) كما سبق ، ولو اشتبه فيها (٧) القصر والتمام فرباعية مطلقة

______________________________________________________

ـ بها فإن كانت آخر ما فاته فهو وإلا فقد حصل ترتب بينها وبين غيرها في الأيام السابقة.

وعليه فيصلي ست وعشرين فريضة مع أنه على الطريق السابق يصلي إحدى وثلاثين ، وعلى الطريق الأسبق يصلي ثلاث وستين فريضة.

(١) أي من الصلوات الخمس ، فعلى المشهور يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر والعصر والعشاء لمرسل علي بن أسباط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من نسي من صلاة يومه واحدة ولم يدر أي صلاة هي ، صلى ركعتين وثلاث وأربعا) (١) ومرفوع الحسين بن سعيد : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي صلاة من الصلوات لا يدري أيتها هي ، قال عليه‌السلام : يصلي ثلاثة وأربعة وركعتين ، فإن كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد صلى أربعا ، وإن كانت المغرب أو الغداة فقد صلى) (٢).

وعن أبي الصلاح وابن زهرة وجوب فعل الخمس لضعف سند الخبرين ، مع أنهما منجبران بعمل الأصحاب.

(٢) في الرباعية وإن كان مقتضى الاحتياط الإتيان برباعية إخفاتا وبرباعية جهرا لكن يخرج عنه بالخبرين السابقين.

(٣) أي الصبح والمغرب والرباعية لإطلاق الخبرين بعد كون الفائت واحدة منها.

(٤) في نية الرباعية بأن يأتي بها بقصد ما في الذمة لاحتمال أن الفائت هي العشاء مع بقاء وقتها.

(٥) لو فاتته واحدة وجهل عينها فيأتي بالمغرب وبثنائية مرددة بين الصبح والظهرين والعشاء للقطع بفراغ ذمته ، وللخبرين السابقين مع الفاء الخصوصية.

(٦) بين الجهر والإخفات.

(٧) أي في الفائتة في حال الحضر أو السفر فيأتي برباعية مرددة بين الظهر والعصر والعشاء ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١ و ٢.


ثلاثيا (١) وثنائية مطلقة ، رباعيا (٢) ، ومغرب يحصل الترتيب عليهما (٣).

(ويقضي المرتد) فطريا كان أو مليا إذا أسلم (زمان ردّته) (٤) للأمر بقضاء الفائت خرج عنه الكافر الأصلي ، وما في حكمه (٥) ، فيبقى الباقي. ثم إن قبلت توبته كالمرأة والملّي قضى ، وإن لم تقبل ظاهرا كالفطري على المشهور فإن أمهل بما يمكنه القضاء قبل قتله قضى ، وإلّا بقي في ذمته. والأقوى قبول توبته مطلقا (٦).

(وكذا) يقضي (فاقد) جنس (الطهور) من ماء وتراب عند التمكن (على)

______________________________________________________

ـ لاحتمال أنه مقيم ، وبثنائية مرددة بين الصبح والظهر والعصر والعشاء بناء على أنه مسافر ، وكذا تسقط لو كانت الصبح بناء على أنه حاضر ، ويأتي بثلاثية بعنوان أنها مغرب ، وبهذا يقطع بفراغ الذمة.

(١) أي مرددة بين ثلاث احتمالات.

(٢) أي مرددة بين أربع احتمالات.

(٣) أي على احتمال السفر والحضر.

(٤) قد تقدم الكلام فيه.

(٥) أي حكم الكافر الأصلي كأطفاله.

(٦) ظاهرا وباطنا ، اعلم أن المشهور ذهب إلى أن المرتد الفطري لا تقبل توبته ظاهرا وأنه بحكم الكافر لصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن المرتد فقال عليه‌السلام : من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد إسلامه فلا توبة له ، وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسّم ما ترك على ولده) (١) فإيجاب قتله على كل حال هو معنى عدم قبول توبته ظاهرا ومع ذلك يجب عليه القضاء لأن نفيه مختص بالكافر الأصلي.

وذهب الشارح هنا إلى قبولها ظاهرا وباطنا لأن عدم القبول إما لعدم تكليفه بالإسلام وإما تكليفا بما لا يطاق وكلاهما محذور ، والأقوى عدم قبول توبته ظاهرا لوجوب قتله وعليه يحمل قوله عليه‌السلام : (فلا توبة له) وقبولها باطنا لئلا يلزم التكليف بالمحال بعد كونه مأمورا بالإسلام وهذا هو الذي قواه في كتاب الحدود من هذا الكتاب على ما سيأتي تفصيله.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب حد المرتد حديث ٢.


(الأقوى) (١) ...

______________________________________________________

(١) ذهب المشهور إلى سقوط الأداء عن فاقد الطهورين ، بل عن جامع المقاصد أنه ظاهر مذهب الأصحاب وعن الروض لا نعلم فيه مخالفا ، لأن المشروط عدم عند عدم شرطه ، والطهارة شرط لقوله عليه‌السلام : (لا صلاة إلا بطهور) (١). ودعوى أن الصلاة لا تترك بحال فيجب الإتيان بها ولو بغير طهور مردودة لعدم الدليل على عدم سقوط الصلاة في كل الأحوال إلا ما توهم من صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في النفساء : (ولا تدع الصلاة على حال ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الصلاة عماد دينكم) (٢) وهو غير ظاهر في شموله على موردنا ، بل هو خاص بالمستحاضة.

ولذا ما نسب إلى المبسوط والنهاية وإلى جد السيد المرتضى من وجوب الأداء ليس في محله فضلا عن أن النسبة إليهم غير ثابتة ، بل قد يقال بعدم استحباب الاحتياط في الإتيان بالصلاة بغير طهارة لشبهة حرمتها كذلك كما يستفاد من خبر مسعدة بن صدقة : (إن قائلا قال للصادق عليه‌السلام : إني أمرّ بقوم ناصبية وقد أقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء فإن لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما شاءوا أن يقولوا ، فأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت وأصلي ، فقال عليه‌السلام : سبحان الله فما يخاف من يصلي من غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا) (٣). إلا أن يقال إنه مختص بصورة التمكن من الطهارة ، ومع ذلك تركها.

وأما القضاء فقد ذهب المشهور إلى وجوبه لعموم ما دل على قضاء ما فات مثل صحيح زرارة : (قلت له : رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر قال : يقضي ما فاته كما فاته) (٤).

وذهب المحقق والعلامة في جملة من كتبه والمحقق الثاني ونسب إلى المفيد من عدم وجوب القضاء لأن القضاء إما تابع للأداء وإما بأمر جديد.

أما الأول فلا أداء حتى يجب القضاء.

وأما الثاني فهو متوقف على صدق عنوان الفوت ومع عدم وجوب الأداء فالترك ليس فوتا ، وإلا لكان الترك من الصبي والمجنون والحائض فوتا ويجب عليهم القضاء حينئذ. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب الاستحاضة حديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.


لما مر (١) ولرواية زرارة (٢) عن الباقر عليه‌السلام فيمن صلّى بغير طهور ، أو نسي صلوات ، أو نام عنها ، قال : «يصلّيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها ، ليلا ، أو نهارا» ، وغيرها من الأخبار الدالة عليه صريحا (٣). وقيل لا يجب لعدم وجوب الأداء (٤) ، وأصالة البراءة (٥) وتوقف القضاء على أمر جديد (٦).

ودفع الأول واضح لانفكاك كل منهما عن الآخر وجودا وعدما (٧)

______________________________________________________

ـ وردّ بأن الفوت متحقق لتفويت الملاك لا لتفويت فعل الصلاة ، وهو ضعيف لأن الملاك الفائت لم يكن بحد الإلزام حتى يجب قضاؤه وإلا فيجب الأداء ولو من غير طهور.

(١) من عموم دليل القضاء على من فاتته فريضة.

(٢) وهي صحيحة (١) ، ووجه الاستدلال بها كما قال الشارح في الروض : «فإنه يشمل بإطلاقه القادر على تحصيل الطهور والعاجز عنه ، ومتى وجب القضاء على تارك الطهور مع كونه قد صلى فوجوبه عليه لو لم يصل بطريق أولى» وفيه : إن تارك الطهور مع قدرته عليه يصدق الفوت بحقه فيما لو صلى بغير طهور بخلاف العاجز كما هو واضح.

(٣) لا يوجد خبر صريح يدل على وجوب القضاء على فاقد الطهورين نعم ذكر الشارح في الروض خبرين.

أحدهما : صحيح زرارة المتقدم.

والثاني : صحيح زرارة الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا نسي الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص منه) (٢) وهو صريح في عدم القضاء لأن قوله عليه‌السلام : (فليقض الذي وجب عليه) ظاهر في وجوب قضاء ما فات مما يجب أداؤه.

(٤) بناء على أن القضاء تابع للأداء.

(٥) عن وجوب القضاء.

(٦) وهو غير ثابت.

(٧) إذ قد يجب الأداء ولا يجب القضاء في الكافر الأصلي ، وقد يجب القضاء مع عدم وجوب الأداء كالصوم بالنسبة للحائض.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١.


والأخيرين (١) بما ذكر (٢).

(وأوجب ابن الجنيد الإعادة على العاري إذا صلّى كذلك) (٣) لعدم الساتر (ثم وجد الساتر في الوقت) (٤) لا في خارجه ، محتجا بفوات شرط الصلاة. وهو الستر فتجب الإعادة كالمتيمّم (٥) (وهو بعيد) ، لوقوع الصلاة مجزية بامتثال الأمر (٦) ، فلا يستعقب القضاء ، والستر شرط مع القدرة لا بدونها.

نعم روى عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل ليس عليه إلّا ثوب ، ولا تحلّ الصلاة فيه ، وليس يجد ماء يغسله كيف يصنع؟ قال : «يتيمّم ويصلّي ، وإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة» (٧). وهو. مع ضعف سنده (٨). لا يدلّ على مطلوبه ، لجواز استناد الحكم إلى التيمّم (٩).

(ويستحب قضاء النوافل الراتبة) اليومية استحبابا مؤكدا (١٠) ، وقد روي أن

______________________________________________________

(١) من أصالة البراءة وتوقف القضاء على أمر جديد.

(٢) من عموم وجوب قضاء ما فات ، ومن صريح الأخبار ، وفيه : إن الأخبار غير صريحة بل صريحة على عكسه وأما دليل وجوب القضاء فهو متوقف على صدق الفوت ، ولا فوت مع عدم وجوب الأداء.

(٣) أي عاريا.

(٤) بناء على جواز البدار لذوي الأعذار وعليه فإن تبين ارتفاع العذر لوجود الساتر في داخل الوقت فتجب الإعادة.

(٥) فيما لو جوزنا له التيمم أول الوقت بناء على جواز البدار وعليه فدليله متين بناء على جواز البدار ولكن الكلام في هذا الجواز.

(٦) أي أمر الصلاة وقد عرفت أن دليل ابن الجنيد مبني على جواز البدار فكان على الشارح مناقشته في هذا المبنى.

(٧) الوسائل الباب ٣٠٠. من أبواب التيمم حديث ١.

(٨) ضعفه بعمار لأنه فطحي ، مع أنه قد نص على وثاقته النجاشي والعلامة.

(٩) أي الحكم بالإعادة لأنه كان متيمما ثم وجد الماء هذا مع أن دليل ابن الجنيد على ما تقدم لم يعتمد على هذه الرواية فضلا عن أنها ظاهرة في أنه صلى بالثوب النجس لا أنه صلى عريانا حتى تصلح دليلا لقول ابن الجنيد.

(١٠) بلا خلاف فيه للأخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان : (سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ـ


من يتركه تشاغلا بالدنيا لقي الله مستخفّا متهاونا مضيّعا لسنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (فإن عجز عن القضاء تصدّق) عن كل ركعتين بمدّ ، فإن عجز فعن كل أربع ، فإن عجز فعن صلاة الليل بمدّ ، وعن صلاة النهار بمدّ ، فإن عجز فعن كل يوم بمدّ ، والقضاء أفضل من الصدقة.

(ويجب على الولي) (١) وهو الولد الذكر الأكبر. وقيل : ...

______________________________________________________

ـ يقول : إن العبد يقوم فيقضي النافلة فيعجب الرب ملائكته منه فيقول : ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه) (١).

وصحيحه الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري هو. من كثرتها. كيف يصنع؟ قال عليه‌السلام : فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها ، فيكون قد قضى بقدر علمه من ذلك. قلت له : فإنه لا يقدر على القضاء ، فقال عليه‌السلام : إن كان شغله في طلب معيشة لا بد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شي‌ء عليه ، وإن كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء ، وإلا لقي الله وهو مستخف متهاون مضيّع لسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قلت : فإنه لا يقدر على القضاء فهل يجزئ أن يتصدق؟ فسكت مليا ثم قال : فليتصدق بصدقة ، قلت : فما يتصدق؟ قال عليه‌السلام : بقدر طوله ، وأدنى ذلك مد لكل مسكين مكان لكل صلاة ، قلت : وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال عليه‌السلام : لكل ركعتين من صلاة الليل مد ، ولكل ركعتين من صلاة النهار مدّ ، فقلت : لا يقدر ، فقال : مدّ. إذا.

لكل أربع ركعات من صلاة النهار ، ومدّ لكل أربع ركعات من صلاة الليل.

قلت : لا يقدر ، قال : فمد ، إذا. لصلاة الليل ومد لصلاة النهار ، والصلاة أفضل والصلاة أفضل والصلاة أفضل) (٢).

(١) فعن الشيخ وأكثر المتأخرين أنه الولد الأكبر ، وعن المفيد إن لم يكن له ولد من الرجال قضى عنه أكبر أوليائه من أهله وإن لم يكن فمن النساء.

ومستند المشهور صحيح حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام ، قال عليه‌السلام : يقضي عنه أولى الناس بميراثه ، قلت : فإن كان أولى الناس به امرأة؟ قال عليه‌السلام : لا إلا الرجال) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث ٥.


كلّ وارث (١) مع فقده (قضاء ما فات أباه) (٢) من الصلاة ...

______________________________________________________

ـ ومرسل حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يموت وعليه دين من شهر رمضان من يقضي عنه؟ قال : أولى الناس به ، قلت : وإن كان أولى الناس به امرأة؟

قال : لا إلا الرجال) (١).

والمراد منه هو الولد الأكبر بسبب اختصاصه بالحباء ولذا قال الشهيد في الذكرى بأن الأكثر قد قرنوا بين الحبوة وبين قضاء الصلاة ولعله هو المراد من خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل سافر في شهر رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه ، قال : يقضيه أفضل أهل بيته) (٢).

هذا وصريح صحيح حفص والمرسل اختصاص الوجوب بالنساء ، وعدم اختصاص الوجوب بالولد الأكبر بل تعلقه بالأولى بالميراث من الذكور مطلقا ولكن لم يعمل به إلا ابن الجنيد وابنا بابويه وجماعة كما في المدارك.

وأما مستند المفيد فليس له إلا ما في الدروس بعد أن حكى قول المفيد قال : «وهو ظاهر القدماء والأخبار والمختار» وهو غير جيد لصريح صحيح حفص المتقدم بنفيه عن النساء.

(١) أي كل وارث من الرجال مع نقد الأكبر وإن لم يكن فمن النساء وكما عن المفيد.

(٢) كما هو المشهور بين الأصحاب وعن جماعة منهم ابن إدريس والمحقق والشهيد الثانيين إلحاق المرأة به.

مستند المشهور اختصاص أكثر النصوص بالرجل كما في صحيح حفص ومرسل حماد المتقدمين. ومستند غيرهم إطلاق بعض النصوص كخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولى الناس به) (٣) ولفظ الميت يشمل الرجل والمرأة ، وهذا الإطلاق لا يقتضي تقييده بالرجل الوارد في الأخبار السابقة لأنه لم يكن ذكره من باب التقييد ويؤيده بل يدل عليه ما دل على وجوب قضاء الصوم عن المرأة كما في خبر أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها؟ فقال : أما الطمث والمرض فلا ، وأما السفر فنعم) (٤). وإذا تم في الصوم فيتم في الصلاة لعدم الفرق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث ٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان حديث ٤.


(في مرضه) (١) الذي مات فيه. (وقيل) : ما فاته (مطلقا وهو أحوط) ، وفي الدروس قطع بقضاء مطلق ما فاته ، وفي الذكرى (٢) نقل عن المحقق وجوب قضاء ما فاته لعذر كالمرض ، والسفر والحيض ، لا ما تركه عمدا مع قدرته عليه ، ونفي عنه البأس. ونقل عن شيخه عميد الدين نصرته. فصار للمصنّف في المسألة ثلاثة أقوال (٣) ، والروايات تدلّ بإطلاقها على الوسط (٤) والموافق للأصل (٥) ما اختاره هنا.

______________________________________________________

(١) المشهور على أنه يقضى جميع ما فات عن الميت ، وعن المحقق والشهيدين يقضى ما فاته لعذر ، وعن الحلي وابن سعيد لا يقضى إلا ما فاته في مرض الموت ومستند المشهور إطلاق الأخبار وقد تقدم بعضها.

ودليل القول الثاني انصراف النصوص إليه لندرة الترك العمدي من المسلم وبأن المتعمد للترك مؤاخذ بذنبه فلا يناسب مؤاخذة الولي به لقوله تعالى : (وَلٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ) (١) ، وفيه : أما الندرة فممنوعة بالإضافة إلى أن ندرة الوجود لا توجب الانصراف وأما عدم الناسبة فهو استحسان محض.

ودليل القول الثالث خبر ابن سنان المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولى الناس به) (٢) وفيه إنه لا يدل على اختصاص القضاء بما فاته في مرض الموت.

(٢) قال الشهيد فيها : (وقال الشيخ نجم الدين بن سعيد. إلى أن قال. : وفي البغدادية له المنسوبة إلى سؤال جمال الدين بن حاتم الشغري (رحمه‌الله) : الذي ظهر لي أن الولد يلزمه قضاء ما فات الميت من صيام وصلاة لعذر كالمرض والسفر والحيض ، لا ما تركه عمدا مع قدرته عليه ، وقد كان شيخنا عميد الدين (قدس الله لطيفه) ينصر هذا القول ولا بأس به ، فإن الروايات تحمل على الغالب من الترك وهو إنما يكون على هذا الوجه ، أما تعمد ترك الصلاة فإنه نادر).

(٣) قول في اللمعة بقضاء ما فات حال مرض الموت ، وقول في الدروس بقضاء مطلق ما فاته ، وقول في الذكرى بقضاء ما فاته لعذر.

(٤) وهو قضاء مطلق ما فاته.

(٥) أصالة البراءة.

__________________

(١) فاطر الآية : ١٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب قضاء الصلوات حديث ١٨.


وفعل الصلاة على غير الوجه المجزي شرعا كتركها عمدا للتفريط واحترز المصنف بالأب عن الأم ونحوها من الأقارب ، فلا يجب القضاء عنهم على الوراث في المشهور (١) ، والروايات مختلفة ، ففي بعضها ذكر الرجل وفي بعض الميت.

ويمكن حمل المطلق على المقيد (٢) خصوصا في الحكم المخالف (٣) للأصل ، ونقل في الذكرى عن المحقق وجوب القضاء عن المرأة ونفى عنه البأس ، أخذا بظاهر الروايات ، وحملا للفظ «الرجل» على التمثيل.

ولا فرق. على القولين (٤). بين الحر والعبد على الأقوى (٥) وهل يشترط كمال الولي عند موته (٦)؟ قولان (٧) ، واستقرب في الذكرى اشتراطه لرفع القلم عن الصبيّ والمجنون ، وأصالة البراءة بعد ذلك ، ووجه الوجوب عند بلوغه إطلاق النص وكونه (٨) في مقابلة الحبوة ولا يشترط خلوّ ذمته (٩) من صلاة واجبة لتغاير السبب فيلزمان معا.

وهل يجب تقديم ما سبق سببه؟ وجهان (١٠) اختار في الذكرى الترتيب وهل

______________________________________________________

(١) قد تقدم الكلام فيه.

(٢) فيما لو كان المقيد واردا في مقام بيان المراد من المطلق وقد عرفت أن المقيد هنا ليس كذلك.

(٣) لأن الأصل عدم الوجوب على الولي إلا ما ثبت بدليل.

(٤) القول بقضاء ما فات الأب أو الأعم منه ومن الأم.

(٥) على المشهور لإطلاق النصوص المتقدمة ، وفي القواعد : (في القضاء عن العبد إشكال) وعن فخر المحققين الجزم بالعدم بدعوى أن الأولى بالعبد سيده لا ولده الأكبر أو غيره من الذكور في طبقات الإرث ، ولا خلاف في عدم وجوب القضاء على السيد بالنسبة لما فات من عبده.

(٦) أي عند موت الأب.

(٧) قول بعدم اعتبار كمال الولي كما عن غير واحد وعليه فيجب على الولي القضاء بعد البلوغ والعقل لإطلاق النصوص المتقدمة ، وعن الذكرى والإيضاح وغيرهما الجزم بالعدم لحديث : (رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يستفيق) ولاصالة البراءة.

(٨) أي قضاء الولي.

(٩) ذمة الولي وذلك لإطلاق النصوص المتقدمة.

(١٠) مبنيان على وجوب الترتيب وعدمه.


له (١) استئجار غيره؟ يحتمله ، لأن المطلوب القضاء (٢) ، وهو مما يقبل النيابة بعد الموت ، ومن تعلّقها بحيّ ، واستنابته ممتنعة. واختار في الذكرى المنع ، وفي صوم الدروس الجواز ، وعليه يتفرّع تبرّع غيره به والأقرب اختصاص الحكم بالولي فلا يتحمّلها وليّه (٣) وإن تحمّل ما فاته عن نفسه. ولو أوصى الميت بقضائها على وجه تنفذ (٤) سقطت (٥) عن الولي ، وبالبعض (٦) وجب الباقي.

(ولو فات المكلّف) من الصلاة (ما لم يحصه) لكثرته (تحرّى) أي اجتهد في تحصيل ظن بقدر (ويبني على ظنه) (٧) ، وقضى ذلك القدر سواء كان الفائت متعددا كأيام كثيرة ، أم متحدا كفريضة مخصوصة (٨). ولو اشتبه الفائت في عدد منحصر عادة (٩) وجب قضاء ما تيقّن به البراءة كالشكّ بين عشر وعشرين ، وفيه

______________________________________________________

(١) للولي ، هل يسقط القضاء عن الولي فيما لو تبرع به الأجنبي قولان :

الأول : السقوط لحصول براءة ذمة الميت مما فاته لأن المطلوب هو تفريغ ذمته وهذا لا يفرق فيه بين الولي وغيره.

وذهب ابن إدريس والعلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى إلى المنع لأن المتبرع نائب عن الحي ولا تشرع النيابة عن الحي وفيه : إنه نائب عن الميت وليس عن الحي وإذا عرفت هذا فتعرف حكم استئجار الولي لغيره لأن الاستئجار متفرع على جواز التبرع.

(٢) بمعنى تفريغ ذمة الميت مما فاته.

(٣) أي ولي الولي لأن الواجب على الولي قضاء ما فات عن الميت من صلاة نفسه لا ما وجب عليه بالاستئجار أو لكونه وليا لانصراف النصوص إلى ذلك.

(٤) فيما لو كانت بالثلث من ماله.

(٥) أي فائتة الميت.

(٦) أي ولو أوصى بالبعض على نحو تنفذ الوصية فيسقط هذا البعض ويجب الباقي على الولي.

(٧) أي على الظن بالوفاء عند تعذر تحصيل العلم وإلا لوجب تحصيل العلم كما في الروض ، وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب كما في المدارك ، لقاعدة الاشتغال.

وعن العلامة في التذكرة الاكتفاء بقضاء ما تيقن فواته خاصة لأن الأمر دائر بين الأقل والأكثر الارتباطيين فلا يجب إلا الأقل لجريان أصالة البراءة عن الأكثر وهو الأقوى.

(٨) كما لو فاتته صلاة الصبح ولم يدر عدد الأيام التي فاتته صلاة الصبح فيه.

(٩) كتردد الفائت بين العشرة والعشرين مثلا.


وجه (١) بالبناء على الأقل وهو ضعيف.

(ويعدل إلى) الفريضة (السابقة لو شرع في) قضاء (اللاحقة) ناسيا مع إمكانه (٢) ، بأن لا يزيد عدد ما فعل عن عدد السابقة ، أن تجاوزه ولمّا يركع في الزائدة مراعاة للترتيب حيث يمكن. والمراد بالعدول أن ينوي بقلبه تحويل هذه الصلاة إلى السابقة. إلى آخر مميزاتها. متقرّبا. ويحتمل عدم اعتبار باقي المميزات ، بل في بعض الأخبار دلالة عليه (٣).

(ولو تجاوز محلّ العدول) بأن ركع في زائدة عن عدد السابقة (أتمّها (٤) ثم تدارك السابقة لا غير) لاغتفار الترتيب (٥) مع النسيان ، وكذا لو شرع في اللاحقة ثم علم (٦) أن عليه فائتة ، ولو عدل إلى السابقة ثم ذكر سابقة أخرى عدل إليها (٧) ، وهكذا ، ولو ذكر بعد العدول براءته من المعدول إليها عدل إلى اللاحقة

______________________________________________________

(١) أي في الأخير. وهو فيما دار في عدد منحصر. على ما هو الظاهر من العبارة مع أن مناط الاكتفاء بالأقل جار في الجميع.

(٢) أي مع إمكان العدول إذا شرع في اللاحقة نسيانا ، وجواز العدول مما لا خلاف فيه كما في الجواهر ويدل عليه النصوص الكثيرة وقد تقدم بعضها في بحث ترتيب الفائتة على الحاضرة خصوصا صحيح زرارة الطويل عن أبي جعفر عليه‌السلام ، نعم على القول بوجوب الترتيب يجب العدول وإلا استحب.

(٣) كصحيح زرارة الطويل عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : (فإن كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتى صليت الفجر فصل العشاء الآخرة ، وإن كنت ذكرتها وأنت في الركعة الأولى وفي الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل الغداة) (١).

(٤) كما يدل عليه صحيح زرارة الطويل عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢) وتقدم ذكره في بحث وجوب الترتيب.

(٥) حتى على القول بوجوبه فضلا عن استحبابه.

(٦) بخلاف الفرع السابق فإنه كان عالما ثم نسي حتى دخل في اللاحقة.

(٧) النصوص التي تعرضت للعدول من الحاضرة إلى الفائتة وقد تقدم ذكر بعضها في بحث ترتيب الفوائت لم تذكر إلا العدول من حاضرة إلى فائتة ولكن ذهب الشهيدان في البيان ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.


المنوية أولا ، أو فيما بعده ، فعلى هذا يمكن ترامي العدول ودوره.

وكما يعدل من فائتة إلى مثلها فكذا من حاضرة إلى مثلها كالظهرين لمن شرع في الثانية ناسيا (١) ، وإلى فائتة استحبابا على ما تقدّم (٢) ، أو وجوبا على القول الآخر ، ومن الفائتة إلى الأداء أو ذكر براءته منها (٣) ، ومنهما (٤) إلى النافلة في موارد (٥) ، ومن النافلة إلى مثلها (٦) ، لا إلى فريضة (٧) ، وجملة صوره (٨) ست

______________________________________________________

ـ والروضة إلى جواز ترامي العدول لعدم خصوصية مورد تلك النصوص.

(١) بالاتفاق ويدل عليه الأخبار منها : صحيح زرارة الطويل عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وإن ذكرت أنك لم تصل الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين فانوها الأولى ، ثم صل الركعتين الباقيتين ، وقم فصل العصر. إلى أن قال : وإن كنت ذكرتها.

أي المغرب. وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة) (١).

(٢) من عدم وجوب الترتيب بين الفائتة والحاضرة.

(٣) أي من الفائتة.

(٤) أي من الفائتة والحاضرة.

(٥) مثل العدول من الجمعة إلى النافلة لمن نسي قراءة سورة الجمعة فيها كما في خبر صباح بن صبيح : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل أراد أن يصلي الجمعة فقرأ ب (قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ) قال عليه‌السلام : يتمها ركعتين ثم يستأنف) (٢). ومثل العدول من فريضة حاضرة أو فائتة إلى نافلة لإدراك الجماعة كما في صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل دخل المسجد فافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي إذا أذّن المؤذن وأقام الصلاة قال : فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الإمام وليكن الركعتان تطوعا) (٣).

(٦) كما لو عدل من نافلة غير موقتة إلى نافلة موقتة لإسقاط خصوصية ما دل على العدول في الفرائض بل في النوافل أولى.

(٧) لأن الأصل هو عدم جواز العدول إلا بدليل والمفروض عدمه في المقام.

(٨) صور العدول.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة حديث ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


عشرة ، وهي الحاصلة من ضرب صور المعدول عنه وإليه (١) وهي أربع نفل ، وفرض ، أداء وقضاء في الآخر (٢).

(مسائل)

(الأولى. ذهب المرتضى وابن الجنيد وسلّار إلى وجوب تأخير أولي الأعذار (٣) إلى آخر الوقت) محتجين بإمكان إيقاع الصلاة تامة بزوال العذر ، فيجب كما يؤخّر المتيمم بالنصّ (٤) ، وبالإجماع على ما ادّعاه المرتضى ، (وجوّزه الشيخ أبو جعفر الطوسي) (رحمه‌الله) (أول الوقت) وإن كان التأخير أفضل. (وهو الأقرب) لمخاطبتهم بالصلاة من أول الوقت بإطلاق الأمر (٥) فتكون (٦) مجزئة للامتثال.

وما ذكروه من الإمكان (٧) معارض بالأمر (٨) ، واستحباب المبادرة إليها في أول الوقت (٩). ومجرد الاحتمال لا يوجب القدرة على الشرط ، ويمكن فواتها بموت وغيره فضلا عنه (١٠) ، والتيمّم خرج بالنصّ ، وإلا لكان من جملتها (١١).

______________________________________________________

(١) أي وصور المعدول إليه.

(٢) إلا أن العدول لا يصح في أربع صور وهي صور العدول من النافلة الموقتة وغيرها إلى الفريضة أداء وقضاء وفي الباقي يصح.

(٣) كمن لم يجد لباسا يستر به عورته.

(٤) متعلق بقوله : (كما يؤخر المتيمم) ويدل عليه أخبار منها : موثق ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإذا تيمم الرجل فليكن ذلك في آخر الوقت فإن فاته الماء فلن تفوته الأرض) (١).

(٥) أمر الصلاة.

(٦) أي الصلاة في أول الوقت مجزئة لامتثال هذا الأمر.

(٧) أي إمكان إيقاع الصلاة تامة بزوال العذر.

(٨) بالأمر بالصلاة.

(٩) تقدم الدليل على استحباب المبادرة.

(١٠) (أي عن استمرار العذر المانع) كما علّقه الشارح.

(١١) أي من جملة الأعذار.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب التيمم حديث ٣.


نعم يستحبّ التأخير مع الرجاء خروجا من خلافهم ، ولولاه لكان فيه نظر.

(الثانية. المروي في المبطون) وهو من به داء البطن. بالتحريك. من ريح ، أو غائط (١) على وجه لا يمكنه منعه مقدار الصلاة (الوضوء) لكل صلاة (٢)

______________________________________________________

(١) فإن كان من بول فهو المسلوس.

(٢) ذهب المشهور إلى تجديد الوضوء لكل صلاة بالنسبة للمسلوس ، لأن الأصل في الحدث الطارئ بعد الطهارة إيجاب الطهارة لكن عفي بمقدار الضرورة وهو فعل الصلاة الواحدة فيبقى الباقي على الأصل.

وذهب الشيخ في المبسوط إلى جعله كالمستحاضة بالنسبة للغسل فكما تجمع صلوات اليوم أو صلاتين بغسل واحد فكذا المسلوس يجوز له الجمع مطلقا من غير وضوء لموثق سماعة : (سألته عن رجل أخذه تقطيره من فرجه إما دم وإما غيره قال : فليضع خريطة وليتوضأ وليصل فإنما ذلك بلاء أبتلي به ، فلا يعيدنّ إلا من الحدث الذي يتوضأ منه) (١) وذهب العلامة إلى الجمع بين الظهر والعصر بوضوء واحد وكذا بين المغرب والعشاء لصحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وادخل ذكره فيه ، ثم صلى يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ، يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين ، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء بأذان وإقامتين ، ويفعل ذلك في الصبح) (٢) هذا كله إذا لم يكن له فترة تسع الطهارة والصلاة وإلا فيجب الانتظار إلى تلك الفترة وتحصيل الصلاة بطهارة.

ثم هذا كله في المسلوس وأما المبطون فعن المشهور أنه إذا توضأ لكل صلاة وتجدد حدثه في الصلاة يتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته ، أما الوضوء لكل صلاة لما تقدم في المسلوس ، وأما الوضوء في أثناء الصلاة والبناء على ما مضى منها لموثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتمّ ما بقي) (٣) وهو موثق لاشتمال طريقه على عبد الله بن بكير وهو فطحي.

وذهب العلامة في المختلف إلى عدم وجوب الطهارة في داخل الصلاة أو قبلها بعد الوضوء لكل صلاة ، لأن الحدث المذكور وهو الواقع في أثناء الصلاة لو نقض الطهارة لأبطل الصلاة لأن شرط الصلاة استمرار الطهارة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نواقض الوضوء حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب نواقض الوضوء حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب نواقض الوضوء حديث ٤.


(والبناء) على ما مضى منها (إذا فجأه الحدث) في أثنائها بعد الوضوء (١) واغتفار هذا الفعل (٢) وإن كثر ، وعليه جماعة من المتقدمين ، (وأنكره بعض الأصحاب) المتأخرين ، وحكموا باغتفار ما يتجدّد من الحدث بعد الوضوء (٣) ، سواء وقع في الصلاة أم قبلها إن لم يتمكن من حفظ نفسه مقدار الصلاة ، وإلا استأنفها ، محتجين بأن الحدث المتجدّد لو نقض الطهارة لأبطل الصلاة (٤) ، لأن المشروط عدم عند عدم شرطه ، وبالأخبار الدالة على أن الحدث يقطع الصلاة (٥).

(والأقرب الأول لتوثيق رجال الخبر) الدالّ على البناء على ما مضى من الصلاة بعد الطهارة (عن الباقر عليه‌السلام) ، والمراد توثيق رجاله على وجه يستلزم صحة الخبر ، فإن التوثيق أعمّ منه عندنا ، والحال أن الخبر الوارد في ذلك صحيح باعتراف الخصم (٦) ، فيتعين العمل به لذلك (وشهرته بين الأصحاب) خصوصا

______________________________________________________

(١) بعد الوضوء في أثناء الصلاة.

(٢) أي الوضوء في أثناء الصلاة.

(٣) أي بعد الوضوء لكل صلاة.

(٤) لأن من شرطها استمرار الطهارة على ما تقدم بيانه.

(٥) كخبر أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام وأبي عبد الله عليهما‌السلام : (لا يقطع الصلاة إلا أربعة : الخلاء والبول والريح والصوت) (١).

(٦) قال العلامة في المختلف في الفصل الرابع في بقايا أحكام الوضوء : (قال بعض علمائنا يتطهر ويبني على صلاته لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام قال : صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبني على صلاته) (٢).

ومن باب الفائدة اعلم أن هذا الخبر قد أورده الشيخ في التهذيب بإسناده عن العياشي أبي النضر عن محمد بن نصير عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن عبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : (صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي) (٣) وهو موثق وهو غير الخبر الذي رواه الصدوق في ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢.

(٢) المختلف ص ٢٨ طبع طهران مكتبة نينوى الحديثة.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٣٥٠ ح ١٠٣٦ وقد أخرجه في الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب نواقض الوضوء حديث ٤


المتقدمين ، ومن خالف حكمه أوّله (١) بأن المراد بالبناء الاستئناف.

وفيه : أن البناء على الشي‌ء يستلزم سبق شي‌ء منه يبنى عليه ، ليكون الماضي بمنزلة الأساس لغة وعرفا ، مع أنهم (٢) لا يوجبون الاستئناف ، فلا وجه لحملهم عليه (٣). والاحتجاج بالاستلزام مصادرة (٤) ، وكيف يتحقق ...

______________________________________________________

ـ الفقيه بسند صحيح عن محمد بن مسلم (١) وقد تقدم عند نقل كلام المختلف ، ولذا في الخبر الأول قال : (ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي) وفي الثاني : (ويبني على صلاته) ، فالماتن نظر إلى خبر التهذيب فحكم بتوثيقه ، والشارح تبعا للعلامة في المختلف نظر إلى خبر الفقيه وبهذا تبين لا داعي للقول بأن التوثيق عندنا أعم منه عنده.

(١) أي أول الخبر قال الشارح في روض الجنان : «واحتمل بعض المحققين في الرواية الأولى أن يراد بالبناء فيها الاستئناف إذ لا امتناع في أن يراد بالبناء على الشي‌ء فعله ، وفيه نظر ، بل البناء على الشي‌ء يستلزم سبق شي‌ء منه حتى يبنى عليه ، كأنّ الماضي منه بمنزلة الأساس الذي يترتب عليه ، وأورد على الروايتين معا معارضتهما لغيرهما من الأخبار الدالة على أن الحدث يقطع الصلاة وهو ضعيف ، لأن عام تلك الأخبار أو مطلقها مخصص أو مقيد إجماعا بالمستحاضة والسلس ، فلا وجه لعدم إخراج هذا الفرد مع النص عليه بالتعيين» (٢) ومراده من الروايتين هو : صحيح ابن مسلم المروي في الفقيه وقد تقدم ، وصحيح الفضيل بن يسار : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إني أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا ، فقال : انصرف ثم توضأ وابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الكلام متعمدا ، وإن تكلمت ناسيا فلا شي‌ء عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا ، قلت : وإن قلّب وجهه عن القبلة ، قال : نعم وإن قلّب وجهه عن القبلة) (٣).

هذا من جهة ومن جهة أخرى فمراده من بعض المحققين هو المحقق الثاني.

(٢) كالعلامة والمحقق الثاني اللذين لم يأخذا بخبر البناء على ظاهره ، والمعنى فلو حملنا البناء على الاستئناف كما عن المحقق الثاني لوجب أن يستأنف الصلاة من رأس إذا أحدث في أثناء الصلاة وتوضأ ، مع أنهما يكتفيان بالوضوء لكل صلاة.

(٣) أي لحمل البناء على الاستئناف.

(٤) توضيح ذلك : أن العلامة في المختلف كما تقدم استدل على عدم الوضوء للحدث ـ

__________________

(١) الفقيه ج ١ ص ٢٣٧ باب صلاة المريض ح ١١.

(٢) روض الجنان ص ٤٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٩.


التلازم (١) مع ورود النصّ الصحيح (٢) بخلافه ، والأخبار الدالة (٣) على قطع مطلق الحدث لها (٤) مخصوصة بالمستحاضة والسلس اتفاقا ، وهذا الفرد يشاركهما (٥) بالنص الصحيح ، ومصير جمع إليه ، وهو كاف في التخصيص. نعم هو غريب (٦) لكنه ليس بعادم للنظير ، فقد ورد صحيحا قطع الصلاة والبناء عليها في غيره (٧) ...

______________________________________________________

ـ المتجدد في أثناء الصلاة بأن الحدث المتكرر في أثناء الصلاة لو أفسد الطهارة لأبطل الصلاة لأن شرط صحة الصلاة استمرار الطهارة ، وقال الشهيد في الذكرى «هذا من العلامة مصادرة» وتبعه على ذلك الشارح في الروض حيث قال : «وهو مصادرة على المطلوب كما ذكره الشهيد (رحمه‌الله)» وكذلك سيد المدارك ، وتوضيح المصادرة أننا لا نسلم بالتلازم بين صحة الصلاة وبين استمرار الطهارة إذ تبقى الصلاة صحيحة وإن انتفت الطهارة كما في المسلوس والمستحاضة إلا أن المحقق الثاني ذهب (إلى أن الطهارة شرط الصلاة إجماعا والمشروط عدم عند عدم شرطه ، والحدث مانع اتفاقا لإخلاله بالشرط ، وليس في هذا مصادرة بوجه) كما نقله الشارح عنه في الروض.

إلا أنه رده بقوله : (وهو ضعيف جدا فإن المصادرة نشأت من ادعاء الملازمة بين نقض الطهارة وبطلان الصلاة مع ورود النص الصحيح على فساد هذه الملازمة ، فلا معنى حينئذ لدفعها بدعوى الإجماع على أن الطهارة شرط الصلاة مع تخلفها في مواضع كثيرة.

ثم قال : وأجيب بأن الاحتجاج ليس هو بانتقاض الطهارة هنا الذي هو محل النزاع حتى تكون مصادرة بل الأدلة الدالة بعمومها على إعادة الصلاة بالحدث وقد عرفت أن الأدلة التي تدعيها مخصوصة أو مقيدة إجماعا فاندفع الجواب أيضا) انتهى.

(١) بين نقض الطهارة وبطلان الصلاة.

(٢) وهو صحيح محمد بن مسلم المتقدم.

(٣) كخبر أبي بكر الحضرمي المتقدم.

(٤) للصلاة.

(٥) أي المبطون يشارك المستحاضة والمسلوس.

(٦) بأن يقطع الطهارة ولا يقطع الصلاة.

(٧) كما في إنقاذ الفريق وأخذ المال من الغريم ففي موثق سماعة : (سألته عن الرجل يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعا يتخوف ضيعته أو هلاكه قال : يقطع صلاته ويحرز متاعه ثم يستقبل الصلاة ، قلت : فيكون في الفريضة فتغلب عليه دابة أو تغلب دابته فيخاف أن تذهب أو يصيب فيها عنت ، فقال : لا بأس بأن يقطع صلاته ـ


مع أن الاستبعاد غير مسموع (١).

(الثالثة. يستحبّ تعجيل القضاء) استحبابا مؤكدا (٢) ، سواء الفرض والنفل ، بل الأكثر على فورية (٣) قضاء الفرض ، وأنه لا يجوز الاشتغال عنه (٤) بغير الضروري من أكل ما يمسك الرمق ، ونوم يضطر إليه ، وشغل يتوقف عليه (٥) ، ونحو ذلك (٦) وأفرده (٧) بالتصنيف جماعة ، وفي كثير من الأخبار (٨) دلالة عليه ، إلا أن حملها على الاستحباب المؤكّد طريق الجميع بينها وبين ما دلّ على التوسعة.

(ولو كان) الفائت (نافلة لم ينتظر بقضائها مثل زمان فواتها) من ليل أو نهار ، بل يقضي نافلة الليل نهارا وبالعكس (٩) ، لأن الله تعالى جعل كلا منهما

______________________________________________________

ـ ويتحرز ويعود إلى صلاته) (١) وخبر إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام : (في رجل يصلي ويرى الصبي يحبو إلى النار ، أو الشاة تدخل البيت لتفسد الشي‌ء فقال : فلينصرف وليحرز ما يتخوف ويبني على صلاته ما لم يتكلم) (٢).

(١) لورود النص وعمل جمع من الأصحاب به.

(٢) قد تقدم حمل أخبار المضايقة على الاستحباب جمعا بينها وبين أخبار المواسعة.

(٣) أي المضايقة وتقدم الكلام فيه.

(٤) عن القضاء.

(٥) أمر معاشه.

(٦) حتى ادعى المفيد والحلي الإجماع عليه كما تقدم.

(٧) أي الغور في قضاء الفرض.

(٨) وهي أخبار المضايقة وقد تقدم عرض أكثرها.

(٩) لطائفة من الأخبار منها : مرسل الصدوق : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله ليباهي ملائكته بالعبد يقضي صلاة الليل بالنهار ، فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي يقضي ما لم أفترضه عليه ، أشهدكم أني قد غفرت له) (٣).

وخبر عنبسة العابد : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله (عزوجل) : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهٰارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرٰادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرٰادَ شُكُوراً) قال : قضاء الليل بالنهار وقضاء النهار بالليل) ٤. ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب قواطع الصلاة حديث ٢ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ٥ و ٢.


خلفة للآخر ، وللأمر بالمسارعة إلى أسباب المغفرة (١) وللأخبار.

وذهب جماعة من الأصحاب إلى استحباب المماثلة استنادا إلى رواية (٢) إسماعيل الجعفي عن الباقر عليه‌السلام : «أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة الليل بالليل ، وصلاة النهار بالنهار» ، وغيرها. وجمع بينهما بالحمل على الأفضل والفضيلة ، إذ عدم انتظار مثل الوقت فيه مسارعة إلى الخير وهو فضل. كذا أجاب في الذكرى ، وهو يؤذن بأفضلية المماثلة ، إذا لم يذكر الأفضل إلا في دليلها (٣). وأطلق في باقي كتبه استحباب التعجيل ، والأخبار به كثيرة (٤) إلا أنها خالية عن الأفضلية.

(وفي جواز النافلة لمن عليه فريضة قولان ، أقربهما الجواز) (٥) للأخبار

______________________________________________________

ـ وخبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن علي بن الحسين عليه‌السلام كان إذا فاته شي‌ء من الليل قضاه بالنهار) (١).

(١) لقوله تعالى : (وَسٰارِعُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٢).

(٢) وهي موثقة (٣) ومثلها خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (اقض ما فاتك من صلاة النهار بالنهار ، وما فاتك من صلاة الليل بالليل) (٤) ذهب إليه المفيد وابن الجنيد.

(٣) أي دليل المماثلة وهو موثق إسماعيل الجعفي المتقدم في الشرح. وكذا في صحيح بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أفضل قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك آخر الليل ، وليس بأس أن يقضيها بالنهار وقبل أن تزول الشمس) (٥).

(٤) أي بالتعجيل كخبر عنبسة العابد المتقدم.

(٥) كما عن الصدوق والإسكافي والشهيدين والأردبيلي وسيد المدارك وجماعة خلافا للفاضلين وجماعة على المنع بل قيل إن المنع هو المشهور بل مذهب علمائنا.

واستدل للمنع بمرسل المبسوط والخلاف عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا صلاة لمن عليه صلاة) (٦) وفي الذكرى قال : «للمروي عنهم عليهم‌السلام : لا صلاة لمن عليه صلاة» (٧).

وصحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة) (٨) وصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الرجل ينام عن الغداة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ٨.

(٢) آل عمران الآية : ١٣٣.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦ و ٧ و ٣.

(٦ و ٧) أورده في المستدرك أيضا عن المفيد الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٨) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.


الكثيرة الدالة عليه (وقد بيّنا مأخذه في كتاب الذكرى) (١) بإيراد ما ورد فيه من الأخبار ، وحرّرنا نحن ما فيه في شرح الإرشاد (٢).

واستند المانع أيضا إلى أخبار دلّت على النهي ، وحمله على الكراهة طريق الجمع. نعم يعتبر عدم إضرارها بالفريضة ، ولا فرق بين ذوات الأسباب وغيرها (٣).

______________________________________________________

ـ حتى تبزغ الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس؟ فقال عليه‌السلام : يصلي حين يستيقظ ، قلت : يوتر أو يصلي الركعتين؟ قال عليه‌السلام : بل يبدأ بالفريضة) (١) وصحيح زرارة المروي في الروض والمدارك : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أصلي النافلة وعلي فريضة أو في وقت فريضة؟ قال عليه‌السلام : لا ، لأنه لا تصلي نافلة في وقت فريضة ، أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان أكان لك أن تتطوع حتى تقضيه؟ قلت : لا ، قال عليه‌السلام : فكذلك الصلاة) (٢).

وهي معارضة بأخبار تدل على الجواز منها : موثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس فقال عليه‌السلام : يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة) (٣).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فيخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك ، قال عليه‌السلام : يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك) (٤) والأخبار المشتملة على رقود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صلاة الصبح ونافلتها وأنه قضاهما مقدما للنافلة على الفريضة (٥).

والجمع بينهما يقتضي حمل المنع على الكراهة.

(١) المسألة ١١ من الفصل الثالث في أحكام الرواتب ص ١٣٠.

(٢) وهو روض الجنان ص ١٨٣.

(٣) وهي المبتدئة للإطلاق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٤.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ٣.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٩.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت حديث ٦ والمستدرك باب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت حديث ١.


(الفصل التاسع. في صلاة الخوف) (١)

______________________________________________________

(١) مشروعيتها غير مختصة بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بالاتفاق منا ومن الجمهور ولم يخالف إلا أبو يوسف فخصها به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وضعفه ظاهر للأخبار التي سيمر عليك بعضها. هذا فضلا عن صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام لها في ليلة الهرير بعد انتقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الرفيق الأعلى كما في صحيح الفضلاء. زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم. عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة وتلاحم القتال فإنه كان يصلي كل إنسان منهم بالإيماء حيث كان وجهه ، فإذا كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فإن أمير المؤمنين عليه‌السلام ليلة صفين ، وهي ليلة الهرير ، لم تكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كل صلاة إلا التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء ، فكانت تلك صلاتهم ولم يأمرهم بإعادة الصلاة) (١).

وفي مرسل الطبرسي في مجمع البيان : (روي أن عليا عليه‌السلام صلى ليلة الهرير خمس صلوات بالإيماء) (٢).

واستدل له بظاهر الآية : (وَإِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكٰافِرِينَ كٰانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً وَإِذٰا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلٰاةَ فَلْتَقُمْ طٰائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذٰا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرٰائِكُمْ وَلْتَأْتِ طٰائِفَةٌ أُخْرىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) (٣). بدعوى أن قوله تعالى : (وَإِذٰا كُنْتَ فِيهِمْ) دليل على الاشتراط لأن المفهوم فإذا لم تكن فيهم فلا صلاة.

وفيه : إن غاية ما يستفاد من الآية بيان كيفية الصلاة جماعة إذا كان معهم ولا تدل على اشتراط مشروعية الحكم بحضوره صلوات الله عليه وآله.

هذا وعن المزني من علماء العامة أن الآية منسوخة بتأخير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الخندق أربع صلوات اشتغالا بالقتال ولم يصل صلاة الخوف.

ويرده ما عن غير واحد أن الحكم في حال الخوف قبل نزول الآية هو تأخير الصلاة إلى ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ٨ و ١٠.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ٨ و ١٠.

(٣) النساء الآية : ١٠١ ـ ١٠٢.


(وهي مقصورة (١) سفرا) (٢) إجماعا ، (وحضرا) على الأصح للنص وحجة

______________________________________________________

ـ حين حصول الأمن فيقضي فنسخ هذا لصلاة الخوف عند نزول هذه الآية ، فلذا أخر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الخندق أربع صلوات ثم قضاها ، فالآية ناسخة لحكم وليست منسوخة به.

(١) من حيث الكمية فترد الرباعية إلى ركعتين وتبقى الثلاثية والثنائية على حالهما كما تدل عليه الأخبار الكثيرة المتضمنة لصلاة الخوف منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : صلاة الخوف وصلاة السفر تقصران جميعا؟ قال : نعم وصلاة الخوف أحقّ أن تقصّر من صلاة السفر لأن فيها خوفا) (١).

وعن ابن الجنيد أن التقصير في صلاة الخوف هو رد الركعتين إلى ركعة ، بمعنى أن صلاة الخوف إنما تكون عند السفر على قول سيأتي ، فصلاة السفر ركعتان وصلاة الخوف ركعة واحدة ويشهد له صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في قول الله (عزوجل) : (وَإِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فقال عليه‌السلام : هذا تقصير ثان ، وهو أن يردّ الرجل الركعتين إلى ركعة) (٢).

وخبر إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فرض الله على المقيم أربع ركعات ، وفرض على المسافر ركعتين تمام ، وفرض على الخائف ركعة ، وهو قول الله (عزوجل) : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، يقول : من الركعتين فتصير ركعة) (٣). فلا بد من تأويلهما أو حملهما على التقية لعدم مقاومتهما على ما دل على أن التقصير في صلاة الخوف كالتقصير في صلاة الخوف ولما ورد في كيفية صلاة الخوف وسيأتي التعرض لبعضه.

(٢) اتفق الجميع على تقصير صلاة الخوف في السفر جماعة وفرادى ، وفي الحضر كذلك على رأي جماعة منهم الشيخ والمرتضى وابن إدريس بل قيل إنه الأكثر ، وفي المعتبر عن بعض الأصحاب أنها تختص بالسفر خاصة لظاهر الآية : (وَإِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ إِنْ خِفْتُمْ) (٤).

وفيه : إن ذكر السفر قد جرى مجرى الغالب لأن الخوف إنما يكون في السفر غالبا ، وإلا ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ٢ و ٤.

(٤) النساء الآية : ١٠١.


مشترط السفر بظاهر الآية حيث اقتضت الجمع (١) مندفعة بالقصر للسفر المجرد عن الخوف (٢) ، والنصّ (٣) محكّم فيهما (٤) (جماعة) إجماعا ، (وفرادى) على الأشهر لإطلاق النص (٥). واستناد مشترطها (٦) إلى فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها جماعة لا يدلّ على الشرطية ، فيبقى ما دلّ على الإطلاق سالما وهي أنواع كثيرة (٧) تبلغ العشرة أشهرها صلاة ذات الرقاع ، فلذا لم يذكر غيرها ، ولها شروط أشار إليها بقوله (٨).

______________________________________________________

ـ فلو كانت صلاة الخوف مشروطة بالسفر لكان ذكر الخوف لغوا ما دام التقصير واحدا في الاثنين فضلا عن صحيح زرارة. المتقدم. عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : صلاة الخوف وصلاة السفر تقصّران جميعا؟ قال : نعم وصلاة الخوف أحق أن تقصّر من صلاة السفر لأن فيها خوفا) (١) وهو مطلق يشمل صلاة الخوف في الحضر وهذا وإطلاق الآية والخبر يقتضي صحة صلاة الخوف جماعة وفرادى.

وذهب الشيخ في المبسوط وابن إدريس إلى اشتراط الجماعة في تقصيرها حضرا لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما صلاها جماعة وفيه : إن إيقاعها جماعة منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يدل على الاشتراط بالإضافة إلى ظاهر الآية والخبر المتقدمين.

(١) أي حيث اقتضت الآية الجمع بين السفر والخوف في صلاة السفر.

(٢) فيكون ذكر الخوف في الآية لغوا وهذا ما لا يمكن الالتزام فيتعين أن يكون المدار على الخوف وقد ذكر السفر من باب الغالب لأن الخوف غالبا إنما يكون في السفر.

(٣) وهو صحيح زرارة المتقدم.

(٤) أي في الخوف المجرد عن السفر ، وفي السفر المجرد عن الخوف.

(٥) وهو صحيح زرارة.

(٦) أي استناد من اشترط الجماعة في صلاة الخوف كالشيخ في المبسوط نعم كان على الشارح أن يقيد بالحضر.

(٧) اعلم أن المهم منها خمسة لأن صلاة الخوف إن صليت جماعة فلها ثلاث كيفيات صلاة ذات الرقاع وصلاة عسفان وصلاة بطن النخل ومع اشتداد الخوف عند تلاحم الصفين في القتال فتسمى بصلاة المطاردة وصلاة شدة الخوف فهي إما بالإيماء للركوع والسجود مع القراءة عند الإمكان وإما بالتسبيح بدل القراءة مع سقوط الإيماء للركوع والسجود.

(٨) شروطها ثلاثة :

الأول : إمكان تقسيم المسلمين فرقتين ، فرقة تحرس وفرقة تصلي ، والدليل عليه ظاهر إذ ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ١.


(ومع إمكان الافتراق فرقتين) لكثرة المسلمين أو قوتهم ، بحيث يقاوم كلّ فرقة العدوّ حالة اشتغال الأخرى بالصلاة ، وإن لم يتساويا عددا ، (و) كون (العدوّ في خلاف) جهة (القبلة) إما في دبرها أو عن أحد جانبيها ، بحيث لا يمكنهم القتال مصلّين إلا بالانحراف عنها ، أو في جهتها مع وجود حائل يمنع من قتالهم ، واشترط ثالث وهو كون العدوّ ذا قوة يخاف هجومه عليهم حال الصلاة : فلو أمن صلّوا بغير تغيير يذكر هنا (١) وتركه اختصارا ، وإشعارا به من الخوف. ورابع وهو عدم الاحتياج إلى الزيادة على فرقتين ، لاختصاص هذه الكيفية (٢) بإدراك كلّ فرقة ركعة (٣) ، ويمكن الغنى عنه في المغرب (٤).

ومع اجتماع الشروط (يصلّون صلاة ذات الرقاع) سمّيت بذلك لأن القتال كان في سفح جبل فيه جدد (٥) ، حمر ، وصفر ، وسود كالرّقاع ، أو لأن الصحابة كانوا حفاة فلفوا على أرجلهم الرّقاع من جلود ، وخرق لشدة الحر ، أو لأن الرّقاع كانت في ألويتهم ، أو لمرور قوم به حفاة فتشقّقت أرجلهم فكانوا يلفّون عليها الخرق ، أو لأنها اسم شجرة كانت في موضع الغزوة. وهي (٦) على ثلاثة أميال من المدينة عند بئر أروما. وقيل : موضع من نجد ، وهي أرض غطفان.

(بأن يصلّي الإمام بفرقة ركعة) في مكان لا يبلغهم سهام العدو ، ثم

______________________________________________________

ـ مع قصورهم عن ذلك لا يجوز لهم الجماعة حينئذ لاستلزامها الإخلال بالحراسة.

الثاني : أن يكون في العدو كثرة يحصل معها الخوف وإلا لانتفى المسوّغ لصلاة الخوف.

الثالث : أن يكون العدو في خلاف جهة القبلة ، وعن المدارك أن هذا الشرط مقطوع به في كلام أكثر الأصحاب ، واستدلوا عليه بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما صلّاها كذلك فتجب متابعته ، وذهب العلامة في التذكرة إلى عدم اعتباره لأن ما وقع حال صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما وقع اتفاقا لا أنه كان شرطا ، ورجحه الشهيد واستحسنه الشارح في الروض.

(١) أي من ناحية الكيفية وإن كان أصل الخوف أوجب التقصير في الكمية.

(٢) كيفية صلاة ذات الرقاع.

(٣) مع الإمام.

(٤) حيث يفترقون ثلاث فرق فتدرك كل فرقة مع الإمام ركعة.

(٥) بضم الجيم جمع جده بمعنى العلامة.

(٦) أي الغزوة.


ينفردون بعد قيامه (ثم يتمّون) ركعة أخرى مخففة ويسلمون ويأخذون موقف الفرقة المقاتلة ، (ثم تأتي) الفرقة (الأخرى) والإمام في قراءة الثانية ، (فيصلّي بهم ركعة) إلى أن يرفعوا من سجود الثانية فينفردون ، ويتمّون صلاتهم ، (ثم ينتظرهم) الإمام (حتى يتمّوا ويسلّم بهم) (١).

______________________________________________________

(١) هذه الكيفية متفق عليها بين الأصحاب ويدل عليها أخبار منها : صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأصحابه في غزاة ذات الرقاع صلاة الخوف ففرق أصحابه فرقتين ، أقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه ، فكبر وكبروا فقرأ وأنصتوا فركع وركعوا وسجد وسجدوا ، ثم استتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائما فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم سلم بعضهم على بعض ، ثم خرجوا إلى أصحابهم ، وأقاموا بإزاء العدو وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلّم عليهم فقاموا فصلوا لأنفسهم ركعة وسلم بعضهم على بعض) (١).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن صلاة الخوف قال : يقوم الإمام ويجي‌ء طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم الإمام ركعة ، ثم يقوم ويقومون معه فيمثل قائما ويصلون هم الركعة الثانية ، ثم يسلم بعضهم على بعض ، ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ، ويجي‌ء الآخرون فيقومون خلف الإمام فيصلي بهم الركعة الثانية ، ثم يجلس الإمام فيقومون هم فيصلون ركعة أخرى ثم يسلّم عليهم فينصرفون بتسليمة قال : وفي المغرب مثل ذلك يقوم الإمام فتجي‌ء طائفة فيقومون خلفه ثم يصلي بهم ركعة ثم يقوم ويقومون فيمثل الإمام قائما ويصلّون الركعتين ويتشهدون ويسلّم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم ويجي‌ء الآخرون ويقومون خلف الإمام فيصلي بهم ركعة يقرأ فيها ثم يجلس فيتشهد ثم يقوم ويقومون معه فيصلي بهم ركعة أخرى ثم يجلس ويقومون فيتمون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم) (٢).

فالظاهر من الأخبار أن الإمام ينتظر الطائفة الثانية عند التسليم فيسلم عليهم كما في صحيح الحلبي الأخير ، ويجوز له التسليم عند مفارقتهم إياه ولا يجب عليه الانتظار كما في صحيح عبد الرحمن المتقدم كما يجوز له انتظارهم عند التشهد فيتشهدون معه ثم يسلم ويسلمون كما هو صريح خبر الحميري عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام الوارد في صلاة الخوف : (فإذا قعد في التشهد قاموا فصلوا الثانية لأنفسهم ثم يقعدون ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من صلاة الخوف حديث ٤.


وإنما حكمنا بانفرادهم مع أن العبارة لا تقتضيه ، بل ربّما دلّ سلامه بهم على بقاء القدوة ، تبعا للمصنف حيث ذهب في كتبه إلى انفرادهم ، وظاهر الأصحاب ، وبه صرح كثير منهم بقاء القدوة ، ويتفرّع عليه (١) تحمل الإمام أوهامهم على القول به (٢). وما اختاره المصنف (٣) لا يخلو من قوة.

(وفي المغرب يصلّي بإحداهما ركعتين) وبالأخرى ركعة مخيرا في ذلك (٤).

______________________________________________________

ـ فيتشهدون معه ثم يسلم وينصرفون معه) (١).

ثم هل يجب على الفرقة الأولى نية الانفراد عند القيام؟ قيل : نعم لعدم جواز مفارقة الإمام بدون هذه النية لأن المأموم مأمور بمتابعة الإمام.

وقيل : لا لأن قضية الائتمام في صلاة الخوف بالنسبة للفرقة الأولى إنما هي في الركعة الأولى فقط وقد انتهت وقواه في الذكرى واستحسنه الشارح في الروض. وإن كان الأول أحوط.

ثم هل يجب على الفرقة الثانية نية الانفراد عند قيامهم للركعة الثانية لأنفسهم؟ قيل : نعم كما عن جماعة وهو الظاهر من كلام الشيخ لعين الدليل المتقدم.

وظاهر الأكثر العدم لبقاء الائتمام حكما وإن استقلوا بالقراءة بدليل أن الإمام سيسلم بهم كما في صحيح الحلبي المتقدم.

(١) على بقاء القدوة والائتمام.

(٢) أي على القول بتحمل الإمام أوهامهم بتفسير أنه لا سهو على المأموم كما تقدم ، وهو المنسوب للشيخ.

(٣) من الانفراد.

(٤) نسب العلامة في المنتهى التخيير إلى علمائنا ، لورود الأخبار بكل من الكيفيتين والجمع بينهما يقتضي التخيير.

ففي صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة الخوف : المغرب يصلي بالأولين ركعة ويقضون ركعتين ، ويصلي بالآخرين ركعتين ويقضون ركعة) (٢) ومثله غيره وفي صحيح زرارة الآخر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا كانت صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين ، فيصلي بفرقة ركعتين ثم جلس بهم ثم أشار إليهم بيده فقام كل إنسان منهم فيصلي ركعة ثم سلّموا ، فقاموا مقام أصحابهم وجاءت الطائفة الأخرى فكبروا ودخلوا في الصلاة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ٣ و ٢.


والأفضل تخصيص الأولى بالأولى ، والثانية بالباقي ، تأسيا بعلي عليه‌السلام ليلة الهرير ، وليتقاربا في إدراك الأركان (١) والقراءة المتعيّنة (٢).

وتكليف الثانية (٣) بالجلوس للتشهد الأول (٤) مع بنائها (٥) على التخفيف (٦) ، يندفع (٧) ...

______________________________________________________

ـ وقام الإمام فصلّى بهم ركعة ثم سلم ثم قام كل رجل منهم فصلى ركعة فشفعها بالتي صلى مع الإمام ثم قام فصلى ركعة ليس فيها قراءة ، فتمت للإمام ثلاث ركعات وللأولين ركعتان جماعة وللآخرين وجدانا ، فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم) (١).

نعم الأفضل الكيفية الأولى لكثرة الروايات الواردة فيها وللتأسي بأمير المؤمنين عليه‌السلام عند ما صلاها ليلة الهرير كما عن الخلاف والتذكرة ، ولاعتبار هو : أن تدرك الفرقة الثانية القراءة المتعينة في الركعة الثانية كما أدركت الفرقة الأولى القراءة في الركعة الأولى ، وحيازة الأولى لفضيلة تكبيرة الإحرام والتقدم تتساوى مع إحراز الثانية للركعتين.

وقيل كما عن العلامة في القواعد إنّ الكيفية الثانية أفضل لئلا تتكلف الفرقة الثانية زيادة جلوس عند تشهد الإمام عقيب الركعة الثانية مع أن صلاة الخوف مبنية على التخفيف.

(١) ففي الركعة ثلاثة أركان : القيام والركوع والسجود إلا في الركعة الأولى ففيها خمسة أركان بإضافة النية وتكبيرة الإحرام.

فإذا اختصت الفرقة الأولى بالأولى كان لها خمسة أركان مع الإمام وكان للثانية ستة أركان في الركعتين مع الإمام وهي متقاربان بخلاف ما لو اختصت الفرقة الأولى بالركعتين فيكون لها ثمانية أركان مع الإمام ويبقى للثانية ثلاثة أركان وهذا موجب للتفاوت الفاحش.

(٢) أي الواجبة بحيث تكون قراءة الركعة الأولى للفرقة الأولى ، وقراءة الركعة الثانية للفرقة الثانية بخلاف العكس فتكون القراءة المتعينة في الركعتين للفرقة الأولى فقط.

(٣) أي الفرقة الثانية.

(٤) أي التشهد الأول للإمام.

(٥) أي بناء صلاة الخوف.

(٦) كما هو دليل العلامة في القواعد لترجيح الكيفية الثانية.

(٧) بأن الجلوس للتشهد أمر لا بد منه على الكيفيتين ، أما الكيفية الأولى فيتشهد الإمام ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ٣ و ٢.


باستدعائه (١) زمانا على التقديرين ، فلا يحصل بإيثار الأولى تخفيف ، ولتكليف الثانية بالجلوس للتشهد الأول على التقدير الآخر (٢).

(ويجب على) المصلين أخذ السلاح ، للأمر به (٣) المقتضي له ، وهو آلة القتال والدفع ، من السيف ، والسكين ، والرمح ، وغيرها وإن كان نجسا (٤) ، إلا أن يمنع (٥) شيئا من الواجبات ، أو يؤذي غيره (٦) فلا يجوز اختيارا (٧).

(ومع الشدة) (٨) ...

______________________________________________________

ـ والفرقة الثانية منتظرة له حتى يقوم الإمام للثالثة له ويقومون هم للثانية لهم ، وعلى الكيفية الثانية فيتشهد الإمام التشهد الأوسط مع الفرقة الأولى لكن عقيب ثالثته وإن تشهد تشهده الأخير حين قيام الفرقة الثانية للركعة الثانية لكن عليهم الجلوس للتشهد الأخير زمانا كزمان التشهد الأوسط للإمام وعليه فعلى كلا الحالين لا تقويت على الجند.

(١) أي باستدعاء التشهد سواء كان وسطا للإمام على الكيفية الأولى أو أخيرا للمأمومين من الفرقة الثانية على الكيفية الثانية.

(٢) أي على الكيفية الثانية فتكلف الفرقة الثانية بالجلوس للتشهد الأول مع أن الإمام غير جالس له وهذا نوع تطويل لأنه على الكيفية الأول فالفرقة الثانية تجلس للتشهد الأول عند التشهد الأخير للإمام.

(٣) أي بالأخذ لقوله تعالى : (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) والأمر المطلق يدل على الوجوب وهو قول الشيخ وأكثر الأصحاب كما عن المدارك ، وعن ابن الجنيد استحباب الأخذ حملا للأمر على الإرشاد لما في أخذ السلاح من إظهار القوة وإظهار التحفظ أمام العدو.

ثم على القول بالوجوب لا تبطل الصلاة بالإخلال به لأنه متعلق بأمر خارج عن ماهية الصلاة.

(٤) للإطلاق ، وعلى قول ضعيف لا دليل عليه معتد به كما في الجواهر. لا يجوز إذا كان متنجسا.

(٥) لثقله.

(٦) كالرمح في وسط الصفوف.

(٧) لترجيح حرمة الأذية ووجوب مراعاة الصحة في الصلاة عليه ، وأما عند الاضطرار والضرورة فجائز.

(٨) أي شدة الخوف اعلم أن ما تقدم هو المسمى بصلاة ذات الرقاع وأما صلاة بطن النخل ـ


المانعة من الافتراق كذلك (١) ، والصلاة جميعا بأحد الوجوه المقرّرة في هذا الباب

______________________________________________________

ـ فهي أن يصلي الإمام صلاته بطائفة ثم يصلي ندبا بطائفة أخرى وقد روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاها بأصحابه بهذا الوضع كما عن الشيخ في المبسوط (١).

وأما صلاة عسفان فقد أرسلها الشيخ في المبسوط عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إرسال دراية لا رواية فقال : (ومتى كان العدو في جهة القبلة ويكونون في مستوى الأرض لا يسترهم شي‌ء ولا يمكنهم أمر يخاف منه ويكون في المسلمين كثرة لا يلزمهم صلاة الخوف ولا صلاة شدة الخوف ، وإن صلوا كما صلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعسفان جاز ، فإنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام مستقبل القبلة والمشركون أمامه فصف خلفه صفا ، وصفّ بعد ذلك الصف صفا آخر ، فركع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف الذين يلونه ، وقام الآخرون يحرسونه ، فلما سجد الأولون السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ، ثم تأخر الصف الذين يلونه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الآخر إلى مقام الصف الأول ، ثم ركع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وركعوا جميعا ، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونه فلما جلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصف الذي يليه سجد الآخرون ، ثم جلسوا جميعا وسلّم بهم جميعا ، وصلى بهم جميعا هذه الصلاة يوم بني سليم) (٢).

(١) أي فرقتين بحيث تصلي فرقة وتحرس أخرى ، شروع في صلاة شدة الخوف وتسمى بصلاة المطاردة وذلك عند ما ينتهي حال القتال بين الصفين إلى المعانقة والمسايفة فيصلي كل واحد منهم على حسب إمكانه واقفا أو راكبا أو ماشيا ويأتي بما أمكن من الركوع والسجود ومع التعذر يومئ إليهما ، ويستقبل القبلة بما أمكن من صلاته وإلا فيكفيه استقبال القبلة بتكبيرة الإحرام وإلا فيصلي إلى أي جهة أمكن له.

هذا كله إذا تمكن من النزول إلى الأرض وإن لم يتمكن صلى راكبا وسجد على قربوس سرجه وإن لم يتمكن أومأ إيماء.

ثم إن الجميع تكون بالقراءة المتعينة من الحمد والسورة مع أذكار الركوع والسجود والتشهد والتسليم وإن لم يتمكن صلى بالتسبيح ويسقط الركوع والسجود ويقول بدل كل ركعة : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وهذا الحكم بشقوقه الأربعة متفق عليه بين الأصحاب ويدل عليه جملة من الأخبار منها : خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : صلاة الموافقة؟ فقال : إذا لم يكن النصف من عدوك صليت إيماء ـ

__________________

(١) المبسوط الجزء الأول ص ١٦٧.

(٢) المبسوط الجزء الأول ص ١٦٦ ـ ١٦٧.


(يصلّون بحسب المكنة) ركبانا ومشاة جماعة وفرادى ، ويغتفر اختلاف الجهة هنا ،

______________________________________________________

ـ راجلا كنت أو راكبا ، فإن الله يقول : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجٰالاً أَوْ رُكْبٰاناً). إلى أن قال. أينما توجهت بك دابتك غير أنك تتوجه إذا كبرت أول تكبيرة) (١).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صلاة الزحف على الظهر إيماء برأسك وتكبير ، والمسايفة تكبير بغير إيماء ، والمطاردة إيماء يصلي كل رجل على حياله) (٢).

وصحيح الفضلاء. زرارة والفضيل ومحمد بن مسلم. عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة وتلاحم القتال فإنه يصلي كل إنسان منهم بالإيماء حيث كان وجهه ، فإذا كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فإن أمير المؤمنين عليه‌السلام ليلة صفين. وهي ليلة الهرير. لم يكن صلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كل صلاة إلا بالتكبير والتهليل والتسبيح والتمجيد والتحميد والدعاء ، فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة) (٣).

وخبر عبد الله بن المغيرة عن الصادق عليه‌السلام : (أقل ما يجزي في حد المسايفة من التكبير تكبيرتان لكل صلاة ، إلا المغرب فإن لها ثلاثا) (٤).

وخبر ابن عذافر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا جالت الخيل تضطرب السيوف أجزأه تكبيرتان فهذا تقصير آخر) (٥).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة الموافقة إيماء على دابته ، قلت : أرأيت إن لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول؟ قال : يتيمم من لبد سرجه أو عرف دابته فإن فيها غبارا ، ويصلي ويجعل السجود أخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ، ولكن أينما دارت دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه) (٦).

ومقتضى الجمع بين هذه الأخبار والنصوص التي تقدمت في ماهية الصلاة أنه مع المكنة على فعل شي‌ء لا يسقط ومع عدمها يسقط إلى أن يجزؤه عن كل ركعة تكبيرة واحدة ولو إلى غير القبلة وهذا أدنى مرتبة للصلاة ، ثم إن هذا كما يجري في صلاة الخوف من الأعداء عند القتال يجري في صلاة الخوف كيفية وكمية من لص أو سبع كما في صحيح زرارة المتقدم ومثله غيره.

ثم إن الغريق والموتحل صلاته محكومة بحسب القواعد المقررة إلا في الكمية فلا تقصير ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ١١ و ٢ و ٨ و ٣ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة الخوف حديث ٨.


بخلاف المختلفين في الاجتهاد لأن الجهات قبلة في حقهم هنا ، نعم يشترط عدم تقدم المأموم على الإمام (١) نحو مقصده ، والأفعال الكثيرة المفتقرة إليها (٢) مغتفرة هنا.

ويومئون (إيماء مع تعذر الركوع والسجود) ولو على القربوس بالرأس ، ثم بالعينين فتحا وغمضا كما مر (٣) ، ويجب الاستقبال بما أمكن ولو بالتحريمة ، فإن عجز سقط (٤).

(ومع عدم الإمكان) أي إمكان الصلاة بالقراءة ، والإيماء للركوع والسجود (يجزيهم عن كلّ ركعة) بدل القراءة ، والركوع والسجود ، وواجباتهما (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر) مقدّما عليهما (٥) النية والتكبير ، خاتما بالتشهد ، والتسليم. قيل : وهكذا (٦) صلّى عليّ عليه‌السلام وأصحابه ليلة الهرير الظهرين ، والعشاءين.

ولا فرق في الخوف الموجب لقصر الكمية ، وتغير الكيفية ، بين كونه من عدوّ ، ولصّ وسبع ، لا من وحل وغرق بالنسبة إلى الكمية (٧) ، أما الكيفية فجائز حيث لا يمكن غيرها مطلقا (٨). وجوّز في الذكرى لهما (٩) قصر الكمية مع خوف التلف بدونه (١٠) ، ورجاء السلامة به (١١) ، وضيق الوقت. وهو (١٢) يقتضي

______________________________________________________

ـ فيها إلا إذا كان هناك خوف من عدو أو غيره فتقصر في الكمية كما تقصر في الكيفية.

(١) إن كانت صلاتهم جماعة ومع الضرورة تبطل الجماعة.

(٢) أي التي تفتقر إليها الصلاة.

(٣) في بحث الركوع والسجود.

(٤) أي الاستقبال.

(٥) أي على التسبيحتين.

(٦) أي بالتكبير والتسبيح والتحميد.

(٧) فتبقى صلاة الغريق والموتحل كصلاة الآمن رباعية للظهرين والعشاء.

(٨) أي أبدا.

(٩) للغريق والموتحل.

(١٠) أي بدون القصر بحيث لو أتما الصلاة رباعية لخافا التلف واستولى الفرق عليهما مع رجاء السلامة عند قصر العدد وضيق الوقت.

(١١) أي بالقصر.

(١٢) أي دليل الشهيد في الذكرى لقصر العدد.


جواز الترك (١) لو توقف عليه (٢) ، أما سقوط القضاء بذلك فلا لعدم الدليل (٣).

(الفصل العاشر. في صلاة المسافر)

التي يجب قصرها كمية (٤) (وشرطها قصد المسافة) (٥) ...

______________________________________________________

(١) أي ترك الصلاة من رأس.

(٢) أي لو توقف رجاء السلامة على الترك.

(٣) أي أنه لو توقف رجاء السلامة على الترك وترك فلا يسقط القضاء لعدم الدليل عليه بعد فوات الفريضة في وقتها ، وهذا مبني على كون الغريق والموتحل قد مضى عليه زمان يقدر فيه الإتيان بالصلاة أداء لكنه أخّر وقع غريقا أو موتحلا وإلا فيسقط وجوب الأداء ومعه يسقط القضاء لأن القضاء تابع لعنوان الفوت وهو غير متحقق هنا.

(٤) لا إشكال في وجوب القصر على المسافر بالاتفاق منا وحكي عن أكثر العامة ويدل عليه أخبار منها : صحيح زرارة ومحمد : (قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : ما تقول في الصلاة في السفر ، كيف هي وكم هي؟ فقال : إن الله (عزوجل) يقول : (وَإِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ) ، فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر.

قلنا : إنما قال الله (عزوجل) : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ) ولم يقل افعلوا ، فكيف أوجب ذلك؟ فقال : أوليس قد قال الله (عزوجل) في الصفا والمروة : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض ، لأن الله (عزوجل) ذكره في كتابه وضعه نبيه ، وكذلك التقصير في السفر شي‌ء صنعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكره الله في كتابه) (١).

(٥) أجمع العلماء كافة على أن المسافة شرط في القصر وإنما اختلفوا في تقديرها إلا داود الظاهري من العامة إذ اكتفى بمجرد الضرب في الأرض وتدفعه النصوص المتواترة التي سيمر عليك بعضها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢.


وهي ثمانية فراسخ (١) ...

______________________________________________________

(١) للأخبار منها : موثق سماعة : (في كم يقصر الصلاة؟ فقال : في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ) (١).

وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : (إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر ، لأن ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال ، فوجب التقصير في مسيرة يوم ، ولو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة ، وذلك لأن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم ، فلو لم يجب في هذا اليوم فما وجب في نظيره ، إذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما) (٢).

وصحيح يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام سمعه يقول : (في التقصير في الصلاة بريد في بريد أربعة وعشرون ميلا ، ثم قال : كان أبي يقول : إن التقصير لم يوضع على البغلة السفواء والدابة الناجية وإنما وضع على سير القطار) (٣).

هذا وقد حددت المسافة بمسير يوم في جملة من الأخبار كصحيح أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن التقصير فقال : في بريدين أو بياض يوم) (٤) وخبر أبي بصير : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : في كم يقصر الرجل؟ قال : في بياض يوم أو بريدين) (٥) وصحيح علي بن يقطين : (سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام يخرج في سفره وهو في مسيرة يوم قال : يجب عليه التقصير في مسيرة يوم) (٦).

وعليه فهل المدار على ثمانية فراسخ أو على السير بياض يوم أو على أحدهما بحيث إذا قطع أحدهما قصّر وإن لم يقطع الآخر أو على قطعها معا فإذا قطع أحدهما فلا يقصر إلا إذا قطع الآخر أو أن المدار على أحدهما والآخر طريق إليه فقد يختلفان وقد يتفقان والظاهر هو الأخير لخبر الفضل بن شاذان المتقدم حيث قال عليه‌السلام : (إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر) فيكون مسير اليوم من باب حكمة التشريع التي على ضوئها وضع الشارع التقصير على ثمانية فراسخ وهذا ما صرح به في ذيل خبر الفضل المتقدم وأشار إليه صحيح الكاهلي المتقدم أيضا ، نعم قد جعل السير في بياض يوم طريقا لمعرفة قطع الثمانية فراسخ ويدل عليه وخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قلت له : كم أدنى ما يقصّر فيه الصلاة؟ قال : جرت السنة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٨.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١ و ٣.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٧ و ١١ و ١٦.


كلّ فرسخ ثلاثة أميال (١) ، كلّ ميل أربع آلاف ذراع (٢) ، فتكون المسافة (ستة وتسعين ألف ذراع) حاصلة من ضرب ثلاثة في ثمانية ، ثم المرتفع في أربعة ،

______________________________________________________

ببياض يوم ، فقلت له : إن بياض يوم يختلف يسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم ، ويسير الآخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ في يوم قال : إنه ليس إلى ذلك ينظر ، أما رأيت سير هذه الأثقال بين مكة والمدينة ثم أومأ بيده أربعة وعشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ) (١).

هذا فضلا عن أن التقدير بالفراسخ مقدّر على نحو التحقيق والتقدير بالسير بياض يوم تقدير تقريبي فالمناسب للاعتبار أن يكون الأول هو الأصل وقد جعل الثاني دليلا عليه عند عامة الناس وقت صدور الأخبار لسهولته بالإضافة إلى أنه هو حكمة تشريع القصر في الفراسخ المحددة ولكن الحكم بالتقصير يدور عليها لا على الحكمة.

(١) وفي المدارك أنه اتفق العلماء كافة عليه ، ويدل عليه جملة من الأخبار منها : خبر عبد الرحمن بن الحجاج المتقدم : (ثم أومأ بيده أربعة وعشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ) (٢).

وخبر سليمان بن حفص المروزي قال الفقيه عليه‌السلام : (التقصير في الصلاة بريدان ، أو بريد ذاهبا وجائيا ، والبريد ستة أميال ، وهو فرسخان ، والتقصير في أربعة فراسخ) (٣).

(٢) على المشهور وفي المدارك وغيرها أنه مما قطع به الأصحاب ، وهو المشهور المعروف بين أهل اللغة والعرف ، وفي السرائر عن مروج الذهب للمسعودي : (الميل أربعة آلاف ذراع بذراع الأسود ، وهو الذراع الذي وضعه المأمون لذرع الثياب ومساحة البناء وقسمة المنازل ، والذراع أربع وعشرون إصبعا) انتهى. وعن الأزهري : «أن الميل عند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع وعند المحدثين أربعة آلاف ذراع والخلاف لفظي ، فإنهم اتفقوا على أن مقداره ستة وتسعون ألف إصبع ، والإصبع ست شعيرات بطن كل واحدة إلى ظهر الأخرى ، ولكن القدماء يقولون : الذراع اثنتان وثلاثون إصبعا ، والمحدثون : أربع وعشرون إصبعا» وفي القاموس «الميل قدر مدّ البصر ، ومنار يبنى للمسافر ، أو مسافة من الأرض متراخية بلا حدّ ، أو مائة ألف إصبع إلا أربعة آلاف إصبع ، أو ثلاثة أو أربعة آلاف ذراع بحسب اختلافهم في الفرسخ هل هو تسعة آلاف بذراع القدماء أو اثنا عشر ذراع بذراع المحدثين».

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٤.


وكلّ ذراع أربع وعشرون إصبعا (١) وكلّ إصبع سبع شعيرات (٢) متلاصقات بالسطح الأكبر (٣) وقيل : ست. عرض كلّ شعيرة سبع شعرات (٤) من شعر البرذون ، ويجمعها (٥) مسير يوم (٦) معتدل الوقت والمكان والسير لأثقال الإبل ، ومبدأ التقدير (٧) من آخر خطّة البلد المعتدل ، وآخر محلته في المتسع عرفا.

______________________________________________________

(١) عند المحدثين.

(٢) لا داعي لتحديد الذراع بالأصابع ثم الإصبع بالشعيرات لأن المراد من الذراع هو المتعارف اليوم الذي هو من المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى ، نعم وهو ست قبضات ، كل قبضة أربع أصابع ، فالمجموع أربع وعشرون إصبعا هذا وقد تقدم عن الأزهري أن الإصبع هو ست شعيرات ، وإن كان المعروف بينهم أنه سبع شعيرات.

(٣) أي بطن كل واحدة منها إلى ظهر الأخرى ، لا أن التلاصق من ناحية رأس الشعيرة.

(٤) كما هو المعروف بينهم.

(٥) أي المسافة المقدرة بما ذكر.

(٦) والمراد مسير بياض يوم وقد تقدم بعض الأخبار الدالة على ذلك. هذا ولو أراد الإنسان الاعتماد على السير في بياض يوم لتعذر تقدير المسافة بالفراسخ فعليه أن يلاحظ السير المعتدل للأثقال في اليوم المعتدل في المكان المعتدل كما عن الشهيدين حملا لنصوص السير على المتعارف.

(٧) اختلف الفقهاء في تعيين مبدأ المسافة ، فعن المشهور أن المبدأ هو سور البلد إن وجد وإلا آخر البيوت في البلدان الصغيرة أو المتوسطة ، وآخر المحلة في البلدان الكبيرة الخارقة للعادة ، وعن الصدوق : المبدأ هو المنزل أو الدار ، وعن الشهيد هو الخروج عن حد الترخص ، وقيل : هو آخر البلد مطلقا سواء كان كبيرا أم لا.

هذا والنصوص خالية عن تعيين مبدأ المسافة وكأنه إيكال الأمر الى العرف ، والعرف لا يرى الإنسان مسافرا ما لم يخرج عن بلده الذي هو فيه فالأقوى هو القول الأخير ، لأن المدار في احتساب المسافة من حين صدق اسم السفر عليه.

واستدل للصدوق بخبر المروزي عن الفقيه عليه‌السلام : (فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلا وذلك أربعة فراسخ ثم بلغ فرسخين ونيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر) (١) وخبر صفوان عن الرضا عليه‌السلام في حديث : (لو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا وجائيا كان عليه أن ينوي من الليل سفرا والإفطار) (٢) وخبر عمار عن أبي ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٤ و ٨.


(أو نصفها (١) لمريد الرجوع ليومه) أو ليلته أو الملفّق منهما (٢) ، مع اتصال السير عرفا ، دون الذهاب في أول أحدهما ، والعود في آخر الأخر ، ونحوه في المشهور (٣)، ...

______________________________________________________

ـ عبد الله عليه‌السلام في حديث : (لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ) (١) ومثلها غيرها ، وفيه : إن الأخبار ليست في مقام بيان تعيين مبدأ المسافة بالإضافة إلى أن المراد من المنزل هو البيت الذي لا عمران هو له بقرينة عطف القرية عليه في خبر عمار المتقدم.

واستدل للشهيد بأن المسافر لا يصير مسافرا شرعا إلا بالخروج عن حد الترخص ولذا يبقى على التمام حتى يتجاوز حد الترخص.

وفيه : إن حد الترخص مبدأ لحكم السفر وليس لموضوعه.

(١) نصف المسافة المذكورة سابقا.

(٢) من اليوم والليلة.

(٣) اختلف الأصحاب في حكم من سافر أربعة فراسخ ، فذهب العماني وهو المشهور في عصورنا تعيّن التقصير سواء أراد الرجوع ليومه أم لا ، وذهب السيد وابن إدريس والمحقق والمصنف في جملة من كتبه إلى تعين القصر إذا أراد الرجوع ليومه ، وتعيّن التمام إذا لم يرد ذلك.

وعن المشهور تعين القصر لمريد الرجوع ليومه ، والتخيير بين القصر والتمام إذا لم يرد ذلك وعن الشيخ في التهذيب والاستبصار التخيير بين القصر والتمام لمريد الرجوع ليومه ، وتعين التمام إذا لم يرد ذلك ، وعن الشيخ في النهاية وكذا عن المفيد تعين التقصير لمريد الرجوع وإلا فالتخيير بين القصر والتمام بخصوص الصلاة وأما الصوم فلا يجوز الإفطار ، وعن الذكرى والروض والمدارك من التخيير بين القصر والتمام في الأربعة سواء أراد الرجوع ليومه أم لا.

وعن ابن زهرة وأبي الصلاح تعين التمام في الأربعة سواء أراد الرجوع ليومه أم لا وعن الكليني الاكتفاء بالأربعة مطلقا في تعيّن التقصير وإن لم يرجع مثلها.

ومنشأ هذا الخلاف هو اختلاف الأخبار حيث هي على طوائف :

الأولى : ما دل على أن المسافة هي ثمانية فراسخ وهي ظاهرة في الامتدادية ، وقد تقدم بعضها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٣.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الثانية : ما دل على أن المسافة هي أربعة فراسخ كصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ) (١) وصحيح إسماعيل بن الفضل : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التقصير فقال : في أربعة فراسخ) (٢) وصحيح زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثني عشر ميلا) (٣) وصحيح أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن أدنى ما يقصر فيه المسافر؟ قال : بريد) (٤).

فالكليني أخذ بظاهر هذه الطائفة الثانية فلذا حكم بتعيّن القصر في الأربعة وإن لم يرد الرجوع مطلقا ، وفيه : إنه لا بدّ من تقييدها ببقية الطوائف الآتية ، وابن زهرة وأبو الصلاح حكما بتعين التمام في الأربعة مطلقا بدعوى التعارض بين الطائفتين مع ترجيح طائفة الثمانية ، وفيه : إنه لا تعارض بين الطائفتين لما سيأتي من وجه الجمع بينهما ، والشهيدان في الذكرى والروض وسيد المدارك ذهبوا إلى الجمع بين الطائفتين بعد فرض التعارض بينهما بحمل أخبار الثمانية على وجوب القصر وبحمل أخبار الأربعة على جواز القصر ، وفيه : إنه جمع بلا شاهد.

الطائفة الثالثة من الأخبار : الدالة على أن المسافة أربعة فراسخ مع ضم الإياب إليه منها صحيح معاوية بن وهب : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أدنى ما يقصر فيه المسافر؟ فقال عليه‌السلام : بريد ذاهبا وبريد جائيا) (٥) وصحيح زرارة : (سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التقصير فقال : بريد ذاهب وبريد جائي ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتى ذبابا قصّر ، وذباب على بريد ، وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ) (٦) وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام في كتابه إلى المأمون (لأن ما تقصر فيه الصلاة بريدان ذاهبا ، أو بريد ذاهبا وبريد جائيا ، والبريد أربعة فراسخ) (٧).

وخبر سليمان بن حفص المروزي. عن الفقيه عليه‌السلام : (التقصير في الصلاة بريدان ، أو بريد ذاهبا وجائيا ، والبريد ستة أميال وهو فرسخان ، والتقصير في أربعة فراسخ) (٨).

ومشهور السابقين حملوا هذه الطائفة على من أراد الرجوع ليومه لموثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (سألته عن التقصير؟ قال : في بريد ، قلت : بريد؟ قال : إنه ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه) (٩).

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١ و ٥ و ٣ و ١١.

(٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢ و ١٤ و ١٨ و ٤.

(٨ و ٩) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٩ و ١٤.


وفي الأخبار الصحيحة الاكتفاء به مطلقا (١) ، وعليه جماعة مخيّرين في القصر والإتمام جمعا (٢) ، وآخرون في الصلاة خاصة ، وحملها (٣) الأكثر على مريد الرجوع ليومه فيتحتّم القصر أو يتخير (٤) ، وعليه المصنف في الذكرى. وفي الأخبار ما يدفع هذا الجمع بمعنييه (٥) ...

______________________________________________________

وفيه : إن شغل يومه ليس واردا في مقام تحديد موضوع السفر التلفيقي بل وارد مورد التعليل باعتبار ما تقدم أن سبب التقصير في الفراسخ الثمانية هو أن من سارها فقدّ شغل بياض يومه. ولذا ورد التعليل تارة بشغل اليوم كما في الموثق السابق وأخرى بأنه قد سافر ثمانية فراسخ كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن التقصير فقال : بريد ذاهب وبريد جائي قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتى ذبابا قصر ، وذباب على بريد ، وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ، ثمانية فراسخ) (١) مع أن هذا الصحيح لم يشترط الرجوع ليومه.

وأوضح منه في عدم الاشتراط صحيح معاوية بن عمار : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات فقال : ويلهم أو ويحهم وأي سفر أشدّ منه ، لا تتم) (٢) وعرفات على أربعة فراسخ من مكة كما نص عليه الأصحاب ، ومن الواضح أن خروج أهل مكة إلى عرفات إنما هو للحج وهذا لا يتحقق معه الرجوع ليومه ، ومثله خبر إسحاق بن عمار : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : في كم التقصير؟ فقال : في بريد ، ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقصّروا) (٣) بل التعليلان الواردان في موثق ابن مسلم : (فقد شغل يومه) وفي صحيح زرارة : (لأنه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ) يقتضيان أن الذهاب سواء كان بريدا أو أكثر أو أقل وكذا الإياب ما دام الجميع ثمانية فراسخ موجب للتقصير ومنه تعرف ضعف بقية الأقوال فلا نطيل.

(١) من غير تقييد بمن يريد الرجوع ليومه أو ليلته.

(٢) بين ما دل على الأربعة وبين ما دل على اشتراط السفر في الثمانية.

(٣) أي الأخبار الصحيحة.

(٤) جمعا.

(٥) بمعنى التخيير بين القصر والإتمام وبمعنى التقييد بالرجوع ليومه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٩ و ١٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٦.


وخرج بقصد المقدر (١) السفر إلى المسافة بغيره (٢) ، كطالب حاجة يرجع متى وجدها إلّا أن يعلم عادة توقفه على المسافة. وفي إلحاق الظن القوي به (٣) وجه قوي وتابع متغلب (٤) يفارقه (٥) متى قدر (٦) مع إمكانه (٧) عادة ، ومثله (٨) الزوجة والعبد يجوّزان (٩) الطلاق والعتق مع ظهور أمارتهما (١٠). ولو ظن التابع بقاء

______________________________________________________

(١) وهو ثمانية فراسخ.

(٢) بغير قصد ، وهذا الحكم من اشتراط قصد المسافة في التقصير متفق عليه بلا خلاف ويدل عليه خبر صفوان قال : (سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان ، فقال : لا يقصر ولا يفطر ، لأنه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ ، وإنما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به السير إلى الموضع الذي بلغه) (١) وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ ويأتي قرية فينزل فيها ، ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أخرى أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك ثم ينزل في ذلك الموضع قال : لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة) (٢).

(٣) بالعلم بحيث يظن قطع المسافة مع احتمال العود قبل الوصول إلى المسافة ، ووجه الإلحاق قيام الظن مقام العلم في الكثير من الموارد فليكن هذا منها ، ووجه العدم أن القصر مشروط بقصد المسافة قطعا حتى يخرج عن أدلة التمام والظانّ لم يتحقق منه ذلك.

(٤) عطف على قوله : (كطالب حاجة) والمتغلب هو الظالم وتابعه كالأسير الواقع بين أيدي المشركين ، فهذا الأسير إن علم قصد متبوعه وقصده يقصر ولو ظنّ ففي الإلحاق وجه قوي ، وإلا فيتمّ لعدم قصده المسافة لأنه يريد المفارقة عند ظهور الفرصة لذلك.

(٥) فلا يكون قاصدا للمسافة فيخرج كخروج طالب الحاجة.

(٦) على المفارقة.

(٧) مع إمكان الفراق.

(٨) أي ومثل تابع المتغلب.

(٩) أي يحتملان.

(١٠) فلا يكونان قاصدين للمسافة فيخرجان كخروج طالب الحاجة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١ و ٣.


الصحبة قصّر مع قصد المسافة ولو تبعا (١) ، وحيث يبلغ المسافة (٢) يقصّر في الرجوع مطلقا (٣) ، ولا يضم إليه ما بقي من الذهاب بعد القصد (٤) متصلا (٥) به (٦) ممّا يقصر (٧) عن المسافة.

(وأن لا يقطع السفر بمروره على منزله) (٨) وهو ملكه من العقار الذي قد

______________________________________________________

(١) لأنه لا فرق في قصد المسافة بين القصد الاستقلالي أو القصد التبعي.

(٢) أي من لم يقصد المسافة فلو بلغها فلا بد من التقصير حال الرجوع لأنه قاصد لقطع المسافة.

(٣) سواء أمكن له المفارقة أم لا ، وسواء بقي على التبعية أم لا.

(٤) أي بعد قصد الرجوع.

(٥) حال لما بقي.

(٦) بالعدد.

(٧) أي من العود الذي يقصر عن المسافة ، ووجه عدم الضم هو أن الذهاب والإياب لكل منهما حكم بانفراده كما صرح بذلك في روض الجنان ، وفيه : إن المدار على قصد المسافة من دون التفصيل بين الذهاب والإياب والمفروض أنه قاصد للمسافة المؤلفة من بقية الذهاب وتمام العود إلا أن يقال : إن عدم الضم لأن قصد المسافة فعلا لا يتحقق إلا حين الشروع في العدد وهو خروج عن محل البحث كما هو واضح.

(٨) ينقطع سفره بالمرور على وطنه بلا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه أخبار منها : صحيح إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل سافر من أرض إلى أرض وإنما ينزل قراه وضيعته ، قال : إذا نزلت قراك وضيعتك فأتم الصلاة ، فإذا كنت في غير أرضك فقصّر) (١).

وصحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول : (عن الرجل يتخذ المنزل فيمرّ به أيتم أم يقصر؟ قال : كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وليس لك أن تتم فيه) (٢).

وصحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يسافر فيمرّ بالمنزل له في الطريق أيتم الصلاة أم يقصر؟ قال : يقصر ، إنما هو المنزل الذي توطنه) (٣).

هذا وإنما الكلام في معنى الوطن ، فاعلم أنه ما قبل العلامة اقتصروا في تحديد الوطن على الوطن الذي له فيه ملك وقد استوطنه ستة أشهر وهو المسمى بالوطن الشرعي لصحيح ابن بزيع عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (عن الرجل يقصّر في ضيعته قال

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢ و ٦ و ٨.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ عليه‌السلام : لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه ، قلت : وما الاستيطان؟ قال عليه‌السلام : أن يكون له منزل يقيم فيه ستة أشهر ، فإذا كان كذلك يتمّ فيها متى دخلها) (١).

واختلفوا في شيئين :

الأول : هل يشترط في الملك أن يكون منزلا كما هو صريح الصحيح المتقدم وكما هو صريح الشيخ في النهاية وابن بابويه وابن البراج وأبي الصلاح والمحقق في النافع أو يكفي مطلق الملك ولو كان شجرة وهذا ما صرح به العلامة في المنتهى والتحرير والتبصرة وتبعه عليه من تأخر عنه كما في المدارك لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يخرج في سفر فيمرّ بقرية له أو دار فينزل فيها؟ قال : يتم الصلاة ولو لم يكن له إلا نخلة واحدة ولا يقصّر وليصم إذا حضره الصوم) (٢).

الثاني : هل يعتبر في الاستيطان ستة أشهر أن يكون ذلك قد تم منه فعلا في سنة كما ذكره الأصحاب أو يشترط في الاستيطان الإقامة الفعلية ستة أشهر من كل سنة كما ذهب إليه سيد المدارك وابن بابويه باعتبار أن قوله عليه‌السلام في صحيح ابن بزيع : (أن يكون له منزل يقيم فيه ستة أشهر) ظاهر في الحدوث والتجدد باعتبار فعل المضارع وليس ظاهرا في الماضوية كما فهمه الأصحاب.

وعلى كل تقدير فالستة أشهر لا يشترط فيها التوالي للإطلاق بل يجب إقامتها بنية الإقامة. كما هو ظاهر الخبر. فلو أقام مترددا فلا يشمله الحكم ، ثم لا يجب أن يكون الاستيطان في نفس المنزل ، بل لو أقام ستة أشهر في البلد التي فيها منزله لكفى للإطلاق في موثق عمار ، نعم يشترط أن لا يخرج عن حدودها الشرعية وهي حد الترخص فلو خرج لا يحسب له يوم الخروج ، ويشترط في الاستيطان أن يكون بعد التملك كما هو ظاهر صحيح ابن بزيع المتقدم.

ثم إن العلامة ومن تأخر عنه الحق بالوطن الشرعي المستفاد من هذين الخبرين الوطن العرفي وهو ما لو اتخذ بلدا دار إقامة له على الدوام ، ونفى عنه البأس في المدارك بدليل خروجه عن عنوان المسافر إذا دخل إليه.

ثم إن الشهيد في الذكرى اشترط في الوطن العرفي الاستيطان ستة أشهر أيضا ، لأن الاستيطان بهذه المدة شرط في الوطن الشرعي مع وجود الملك ، فالاستيطان بهذه المدة في الوطن العرفي عند عدم وجود الملك من باب أولى. وللبحث تتمة فانتظره.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١١ و ٥.


استوطنه ، أو بلده (١) الذي لا يخرج عن حدودها الشرعية ستة أشهر فصاعدا بنية الإقامة الموجبة للإتمام ، متوالية ، أو متفرقة ، أو منوي الإقامة (٢) على الدوام مع استيطانه المدة (٣) وإن لم يكن له به ملك (٤) ...

______________________________________________________

(١) معطوف على ضمير المفعول من لفظ (استوطنه).

(٢) وهو الوطن العرفي.

(٣) أي ستة أشهر.

(٤) قد عرفت رأي القدماء والمتأخرين في الوطن الشرعي والعرفي ، وعرفت أن الشرعي عندهم هو الأصل ، بل الكثير منهم اقتصر عليه إذ لم يتكلم عن العرفي إلا العلامة ومن تأخر عنه.

وأما مشهور متأخري المتأخرين فقد التزموا بوجود وطنين عرفي وشرعي مع جعل العرفي هو الأصل ، باعتبار أن كل إنسان لا يخلو من دار إقامة ، وليس الشرعي هو الأصل لعدم تملك كل إنسان لمنزل سكنه أو يسكنه ستة أشهر.

وجعلهم العرفي أصلا في محله لكن الالتزام بوجود وطن شرعي في قبال العرفي ليس في محله. إذ عمدة الوطن الشرعي هو صحيح ابن بزيع وموثق عمار المتقدمين وهما غير دالين عليه ، لأن صحيح ابن بزيع صدرا ليس في مقام بيان مفهوم الوطن عند الشارع بل في مقام بيان انقطاع السفر إذا مرّ على ضيعة له فيها منزل يستوطنه ، ومن الواضح أن السائل قد فرض له وطنا آخر غير الضيعة وقد أنشأ سفرا منه إلى هذه الضيعة ثم سأل الإمام عن حكم السفر فأجابه الإمام بأنه ينقطع إذا كانت الضيعة وطنا له ، ولا تكون وطنا ثانيا له إلا إذا استوطن فيها منزلا ستة أشهر فصاعدا ، والاستيطان هو المقوم للوطن العرفي كما عرفت والإمام لم يزد عليه شيئا ليكون وطنا شرعيا بل أشار إليه.

إن قلت : كيف لم يزد عليه وقد اشترط في وطنية الضيعة أمرين : الملك والاستيطان ستة أشهر.

قلت : أما اشتراط الملك فهو مبني على كون اللام تمليكية في قوله عليه‌السلام (إلا أن يكون له فيها منزل) ، مع أن اللام للاختصاص كما هو الأصل فيها فيكون المعنى : إلا أن يكون هناك منزل يقيم فيه وعليه فليس المدار على وجود الملك ، بل المدار على الاستيطان في منزل خاص به سواء كان ملكه أم لا كما في كل مقيم في وطنه العرفي ويدل عليه فضلا عن هذا الظهور أخبار منها : صحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام : (كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير) (١). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١.


ولو خرج (١) ...

______________________________________________________

ـ وخبره الآخر عنه عليه‌السلام : (عن الرجل يتخذ المنزل فيمرّ به أيتم أم يقصر؟ قال عليه‌السلام : كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وليس لك أن تتم فيه) (١) وهو أصرح خبر يدل على ما قلنا ، لأن السائل قد فرض اتخاذ المنزل وهو أعم من التملك والإجارة بعد تمهيده وجعله صالحا للسكن ، وأجابه الإمام أن المدار على الاستيطان ومع عدمه فهو ليس لك بمنزل وإن كان ملكا له. وهو عين الوطن العرفي المتقدم بالاستيطان وإن لم يكن له فيه ملك.

وخبره الثالث عنه عليه‌السلام : (عن رجل يمرّ ببعض الأمصار وله بالمصر دار ، وليس المصر وطنه أيتم صلاته أم يقصّر؟ قال : يقصر الصلاة ، والصيام مثل ذلك ، إذا مرّ بها) (٢).

وخبره الرابع عنه عليه‌السلام : (عن الدار تكون للرجل بمصر والضيعة فيمر بها؟ قال : إن كان مما قد سكنه أتم فيه الصلاة وإن كان مما لم يسكنه فليقصر) (٣).

وخبره الخامس عنه عليه‌السلام : (إن لي ضياعا ومنازل بين القرية والقريتين الفرسخ والفرسخان والثلاثة فقال : كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير) (٤).

وصحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يسافر فيمرّ بالمنزل له في الطريق يتم الصلاة أم يقصر؟ قال : يقصر إنما هو المنزل الذي توطنه) (٥).

بقي شي‌ء هل الاستيطان المقوّم للوطن العرفي محدود بمدة معينة أو لا. ذهب الشهيد في الذكرى وسيد المدارك إلى ذلك لأن الاستيطان مقيد بالستة أشهر في الشرعي مع وجود الملك ففي العرفي مع عدم وجود الملك من باب أولى.

وعن العروة وغيرها اعتبار الإقامة بمقدار يصدق أنه وطنه عرفا سواء كانت في ستة أشهر أو أقل أو أكثر بعد حمل الستة أشهر الواردة في صحيح ابن بزيع على أنها قضية في واقعة لأن الصدق العرفي يختلف باختلاف الأشخاص والأمكنة والأزمنة فلعل في زمن المعصوم عليه‌السلام لا يتحقق الاستيطان إلا في ستة أشهر خصوصا في الضياع.

واكتفى كاشف الغطاء في بقية الطالب بمجرد النية في تحقق الاستيطان وقواه في الجواهر وهو ضعيف لعدم مساعدة العرف عليه.

وبعد هذا البيان تعرف إمكان تعدد الوطن العرفي لإمكان أن يتخذ مكانا ما دار إقامته في الشتاء مثلا ويتخذ دارا أخرى في الصيف وهكذا.

(١) بناء على تعدد الوطن فانقضاء الوطنية عن العرفي إنما هو بالإعراض وانقضاء الوطنية عن ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٦ و ٧ و ٩ و ١٠ و ٨.


الملك عنه (١) ، أو رجع عن نية الإقامة (٢) ساوى غيره ، (أو نية مقام عشرة أيام) (٣)

______________________________________________________

ـ الشرعي إنما هو بزوال الملك ، وقد عرفت أن الوطن واحد فيزول بالإعراض وإن كان له فيه ملك لإطلاق خبر علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : (كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير) (١) ، بعد عدم صدق الوطن عليه عرفا وإن بقي ملكه والمدار على العرف في التلبس والانقضاء.

(١) بالنسبة للشرعي.

(٢) بالنسبة للعرفي.

(٣) قطع السفر بالإقامة عشرة أيام حكم متفق عليه بين الأصحاب ويدل عليه أخبار كثيرة منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قلت له : أرأيت من قدم بلده إلى متى ينبغي له أن يكون مقصرا ومتى ينبغي له أن يتم؟ فقال : إذا دخلت أرضا فأيقنت أن لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة ، وإن لم تدر ما مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصّر ما بينك وبين أن يمضي شهر ، فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة وإن أردت أن تخرج من ساعتك) (٢).

وصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أتيت بعدة فأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة ، فإن تركه جاهلا فليس عليه شي‌ء) (٣).

وصحيح علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الأيام في المكان عليه صوم؟ قال : لا حتى يجمع على مقام عشرة أيام ، وإذا أجمع على مقام عشرة أيام صام وأتم الصلاة) (٤).

فلو أقام عشرة أيام إلا قليلا فلا يتم لعدم صدق العشرة ، ويشترط فيها التوالي كما هو الظاهر من الأخبار ، وعليه فإذا كانت النية في أول يوم فتنتهي بانتهاء اليوم العاشر نهارا بناء على أن اليوم مشتمل على ليل ونهار وأنه يبتدأ من حين غروب الشمس ، نعم في اليوم الأول لو أقام من أول بياض اليوم لجاز عدّه يوما للصدق العرفي بأنه المتبقي منه يوم ولو شرع في الإقامة في أثناء النهار كان عليه التلفيق من الحادي عشر بمقدار ما فات من الأول ، واستشكل العلامة في التذكرة والنهاية بالتلفيق واستظهر سيد المدارك عدم التلفيق.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٩ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١.


تامة بلياليها متتالية ، ولو بتعليق السفر على ما لا (١) يحصل عادة في أقلّ منها (٢) ، (أو مضيّ ثلاثين يوما) بغير نية الإقامة وإن جزم بالسفر (٣) (في مصر) أي في مكان معين. أما المصر بمعنى المدينة ، أو البلد فليس بشرط. ومتى كملت الثلاثون أتمّ بعدها ما يصلّيه قبل السفر ولو فريضة.

______________________________________________________

ـ ثم إنه لا فرق في موضع الإقامة بين كونه بلدا أو قرية أو بادية أو بيتا منفردا ولا فرق بين العازم على السفر بعدها وغيره ، ولا بين من أقام اختيارا أو كان مكرها أو مضطرا كل ذلك للإطلاق.

(١) أي لم ينو العشرة بل نوى أنه سيسافر إذا قضى حاجته ولكنه يعلم أن حاجته لا تنقضي إلا بعد عشرة أيام.

(٢) أي في أقل من عشرة أيام.

(٣) ولكنه متردد في السير لانتظار الرفقة هذا واعلم أن المتردد له مصداقان :

الأول : ما لو كان مسافرا فأقام في مكان ثم تردد بين البقاء والذهاب عنه.

والثاني : ما لو أقام في المكان ثم تردد في السير بين اليوم والغد مع أنه عازم على السفر ، والتردد في مكان ثلاثين يوما يوجب انقطاع السفر بالاتفاق للأخبار منها : صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا دخلت بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم ، وإن أردت المقام دون العشرة فقصّر ، وإن أقمت تقول : غدا أخرج أو بعد غد ولم تجمع على عشرة فقصّر ما بينك وبين شهر فإذا أتم الشهر فأتم الصلاة) (١).

وصحيح أبي ولّاد الحناط عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن شئت فانو المقام عشرا وأتم ، وإن لم تنو المقام فقصّر ما بينك وبين شهر فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة) (٢).

وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إلى أن قال : وإن لم تدر ما مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصّر ما بينك وبين أن يمضي شهر ، فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة وإن أردت أن تخرج من ساعتك) (٣).

هذا والمراد من الشهر هو ثلاثون يوما لما ورد في صحيح أبي أيوب : (سأل محمد بن مسلم أبا عبد الله عليه‌السلام. وأنا أسمع. عن المسافر فقال : إن حدث نفسه بإقامة عشرة أيام فليتم الصلاة ، فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعدّ ثلاثين يوما ثم ليتم) (٤).

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١٧ و ٥ و ٩ و ١٢.


ومتى انقطع السفر بأحد هذه افتقر العود إلى القصر إلى قصد (١) مسافة جديدة ، فلو خرج بعدها (٢) بقي على التمام إلى أن يقصد المسافة ، سواء عزم على العود إلى موضع الإقامة (٣) أم لا. ولو نوى الإقامة في عدة مواطن في ابتداء السفر ، أو كان له منازل ، اعتبرت المسافة بين كل منزلين وبين الأخير وغاية السفر ، فيقصّر فيما بلغه (٤) ، ويتم في الباقي وإن تمادى السفر.

(وأن لا يكثر سفره) (٥) ...

______________________________________________________

(١) باعتبار أن هذه الأمور الثلاثة قاطعة لموضوع السفر ، فيحتاج التقصير حينئذ إلى قصر المسافة ، أما المرور على الوطن فواضح وأما الإقامة عشرة أيام فهو مما لا خلاف في قاطعية الإقامة للسفر كما في المدارك لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة ، وهو بمنزلة أهل مكة فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير) (١) وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام في حديث : (وسألته عن الرجل يكون عليه الأيام من شهر رمضان وهو مسافر ، يقضي إذا أقام في المكان؟ قال عليه‌السلام : لا حتى يجمع على مقام عشرة أيام) (٢) فلو كانت الإقامة قاطعة لحكم السفر دون موضوعه لما جاز له شي‌ء من أحكام الحاضر كالصوم ونوافل الظهرين.

وأما التردد ثلاثين يوما فكذلك لأن لسان الدليل فيه مع ناوي الإقامة واحد.

(٢) أي بعد الإقامة وما في حكمها من التردد.

(٣) فإن عاد فهو بحاجة إلى إقامة عشرة أيام جديده حتى يصلي التمام ، وإقامته السابقة منقطعة بسفره.

(٤) من الحد بين المنزلين وكذا فيما بلغه من الحد الموجب للتقصير بين المنزل الأخير ومنتهى مقصده.

(٥) بلا خلاف فيه ، وإن اختلفت عباراتهم في التعبير عنه فعن المعظم بأن يكون سفره أكثر من حضره ، ومن بعض بأن يكون كثير السفر ، وعن ثالث بأن يكون سفره في حكم حضره ، وعن رابع وهو المشهور بين المتأخرين بأن يكون السفر عملا له ومستند ذلك الأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (أربعة يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر ، المكاري والكريّ والراعي والاشتقان لأنه عملهم) (٣) ومرفوع ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (خمسة يتمون في سفر كانوا أو حضر : المكاري والكري ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١٠ و ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢.


بأن يسافر ثلاث سفرات (١) إلى مسافة ، ولا يقيم بين سفرتين منها عشرة أيام في

______________________________________________________

ـ والاشتقان وهو البريد ، والراعي والملاح لأنه عملهم) (١).

ومضمر إسحاق بن عمار : (سألته عن الملاحين والأعراب هل عليهم تقصير؟ قال : لا ، بيوتهم معهم) (٢).

ومرسل سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الأعراب لا يقصرون ، وذلك إن منازلهم معهم) (٣) وباعتبار أن العلة تعمم وتقصر فالمدار إما على كون السفر عملا لهم كما في الخبرين الأولين وإما على كون بيوتهم ومنازلهم معهم كما في الخبرين الأخيرين ثم إن إدراج من كان بيته معه في كثير السفر ليس في محله لأن التمام في حقه باعتبار عدم صدق عنوان المسافر في حقه لأن بيته معه فلم يبق إلا من كان السفر عملا له ، وهو الذي يجب أن يكون عنوانا لا التعابير السابقة ، ولا الترديد بينها وبين العناوين الخاصة الواردة في الأخبار كما عن جماعة أو الاقتصار على هذه العناوين فقط.

وإذا كان المدار على اتخاذ السفر عملا لهم ، فالمرجع في ذلك إلى العرف ، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والعمل الذي يعمله في سفره ومدته ، وعن جماعة منهم الشارح في الروض وابن إدريس أن من تكرر سفره ثلاث مرات فهو كثير السفر ، وعن العلامة أنه يتحقق مرتين ، وفيه : خلو النصوص عن كونه كثير السفر ، فالكثرة غير موجودة حتى يتنازع في تحققها في الثانية أو الثالثة وإنما المدار على صدق كون السفر عملا لهم.

ثم هل يشمل من كان سفره عملا له من كان السفر مقدمة لعمله كمن يعمل في بلد ومسكنه في بلد آخر وبينهما مسافة شرعية والأقوى الشمول لمعتبرة إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (سبعة لا يقصرون الصلاة : الجابي الذي يدور في جبايته والأمير الذي يدور في إمارته ، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ، والراعي ، والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر ، والرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا ، والمحارب الذي يقطع السبيل) (٤). ومن الواضح أن التاجر الذي يتاجر من سوق إلى سوق ليس السفر عملا له بل السفر مقدمة لعمله ومن هنا فمن يدعي أن من كان السفر مقدمة لعمله يصدق عليه أن السفر عملا له لم يذهب شططا ثم المراد من الكري هو الساعي ، والاشتقان هو البريد كما في مرفوع ابن أبي عمير المتقدم ، أو أمين البيدر كما عن الذكرى وغيرها.

(١) قد عرفت ما فيه.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢ و ١٢ و ٥ و ٦.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٩.


بلده (١) ، ...

______________________________________________________

(١) يشترط في وجوب التمام على من كان السفر عملا له أن لا يقيم في بلده عشرة أيام ، فلو قام أحدهم عشرة ثم أنشأ سفرا قصّر ، حتى يصدق عليه عنوان كثير السفر أو عنوان اتخاذه السفر عملا له على الخلاف المتقدم ، وهذا الشرط على المشهور وعن المدارك أنه مقطوع به في كلام الأصحاب وعمدتهم الأخبار وهي : خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المكاري إن لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام وأقل قصّر في سفره بالنهار وأتم بالليل وعليه صوم شهر رمضان ، وإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام وأكثر قصّر في سفره وأفطر) (١) كما في التهذيب وفي الفقيه مثله إلا أنه زاد عليه : (فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصّر في سفره وأفطر) (٢). ومرسل يونس بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن حد المكاري الذي يصوم ويتمّ ، قال : أيّما مكّار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام أبدا ، وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه التقصير والإفطار) (٣). وصحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المكاري والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان) (٤).

وفي الأخير إشكال لاحتمال أن يكون قوله عليه‌السلام : (وليس له مقام) لبيان مفهوم المكاري والجمال ، مع أن غير ظاهر في الإقامة عشرة أيام.

وفي خبر ابن سنان إشكال أولا : لعدم إمكان الأخذ بصورة لأنه فكك بين صلاة النهار فقصر وبين صلاة الليل فتمام.

وثانيا : لأن ذيله ظاهر في وجوب التقصير في السفر إلى بلد تقيم فيه عشرة أيام وهو أجنبي عن دعوى الشرط المذكور فلم يبق إلا مرسل يونس ، وهو مختص بالمكاري ولذا احتمل المحقق اختصاص حكم انقطاع كثير السفر بالإقامة فيه فقط دون بقية من كثر سفره والمشهور على التعميم ، ولكن الحكم على خلاف المرتكز العرفي من أن كثرة السفر أو اتخاذ السفر عملا له لا ينقطع بالإقامة عشرة بالإضافة إلى إرساله فلذا استشكل بالحكم جماعة منهم سيد المدارك وصاحب الحدائق والذخيرة والكفاية ، ولو سلم العمل به فالمتعين الاقتصار على خصوص المكاري وقوفا على النص فيما يخالف الارتكاز العرفي مع ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٦ و ٥ و ١.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١.


أو غيره مع النية (١) ، أو يصدق عليه (٢) اسم المكاري وأخوته (٣) ، وحينئذ فيتم في الثالثة (٤) ، ومع صدق الاسم يستمر متمّا إلى أن يزول الاسم (٥) ، أو يقيم (٦) عشرة أيام متوالية ، أو مفصولة بغير مسافة (٧) في بلده (٨) ، أو مع نية الإقامة (٩) ، أو

______________________________________________________

ـ أننا لا نسلم لأنه مرسل ولم يثبت انجباره لعدم تعرض الكثير من القدماء إليه.

ثم بناء على الشرط المذكور لا فرق في إقامة العشرة في بلده وغير بلده ، بل ألحق الشهيد في الدروس العشرة الحاصلة بعد التردد ثلاثين ، وذكر جمع من الأصحاب أنه لا يشترط في العشرة التوالي نعم يشترط عدم تخلل قصد المسافة في أثنائها إذا أقامها في بلده ، بخلاف ما لو أقام العشرة في غير بلده فلا بد من نية الإقامة.

ثم إذا وجب القصر على كثير السفر بإقامة العشرة ثم سافر ثانية فلا يعود إلى التمام إلا بعد تحقق عنوان كثرة السفر وهو لا يتحقق إلا من المرة الثالثة كما عن الشهيد في الذكرى ، أو يعود إلى التمام في السفرة الثانية فضلا عن الثالثة اقتصارا على مورد النص ، وقد عرفت أن المدار على اتخاذ السفر عملا له فحينئذ يشرع في التمام في السفر الأول بعد الإقامة لبقاء الاسم إلا في المكاري فيقصر بعد إقامته في السفرة الأولى.

(١) أي غير بلده مع نية الإقامة.

(٢) أي على المسافر ومراده : أن المسافر يقصر ما لم ينطبق عليه أحد عنوانين : كثير السفر أو المكاري والجمال والكري والاشتقان الواردة في النصوص المتقدمة.

فإن صدق عنوان كثير السفر فيقطع بالإقامة ولا يشرع في التمام إلا إذا سافر ثلاث سفرات ، وإن صدق عنوان المكاري وإخوته فينقطع بالإقامة ويشرع بالتمام في السفرة الأولى ما دام الاسم متحققا.

وقد عرفت في كلا الشقين من الترديد بين كثير السفر والمكاري وإخوته ، ومن التفصيل بين التمام في السفرة الثالثة. إذا أقام. لكثير السفر ، والتمام في السفرة الأولى. إذا أقام.

لكونه مندرجا تحت اسم المكاري وإخوته.

(٣) من الملاح والكري والاشتقان والراعي.

(٤) بالنسبة لكثير السفر.

(٥) بالنسبة للمكاري وإخوته.

(٦) فالإقامة قاطعة لحكم كثير السفر ولحكم التمام في المكاري وإخوته.

(٧) بشرط عدم حدوث سفر بينها.

(٨) متعلق بقوله (أو يقيم).

(٩) في غير بلده.


يمضي عليه أربعون يوما (١) مترددا في الإقامة (٢) ، أو جازما (٣) بالسفر من دونه (٤).

ومن يكثر سفره (كالمكاري) بضم الميم وتخفيف الياء ، وهو من يكري دابته لغيره ويذهب معها فلا يقيم ببلده غالبا لإعداده نفسه لذلك ، (والملّاح) وهو صاحب السفينة (والأجير) الذي يؤجّر نفسه للأسفار (والبريد) المعدّ نفسه للرسالة ، أو أمين البيدر ، أو الاشتقان. وضابطه (٥) من يسافر إلى المسافة ولا يقيم العشرة كما مر.

(وألا يكون سفره معصية) (٦) ...

______________________________________________________

(١) عشرة الإقامة مع ثلاثين التردد كما هو قول الشهيد في الدروس.

(٢) التردد في الإقامة للثلاثين فقط ومع ذلك نسبه إلى الأربعين من باب التغليب.

(٣) عطف على (مترددا في الإقامة) لأن التردد كما عرفت أعم من التردد بين البقاء والذهاب وبين السير وعدمه.

(٤) من دون أن يسافر.

(٥) أي ضابط كثير السفر من يسافر إلى المسافة ولا يقيم عشرة أيام في بلده أو غيره مع النية ، وهذا ما صرح به في الروض أيضا بدعوى أن هذا هو ضابط كثير السفر بملاحظة ما ورد من اشتراط عدم الإقامة عشرا.

وفيه : قد عرفت أن ضابطه من اتخذ السفر عملا له ، وأما اشتراط عدم الإقامة عشرا فقد عرفت ما فيه من الضعف.

(٦) السفر موجب للتقصير بشرط أن لا يكون سفر معصية ، بالاتفاق ويدل عليه أخبار منها : صحيح عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من سافر قصر وأفطر ، إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد ، أو في معصية الله ، أو رسول لمن يعصي الله (عزوجل) ، أو طلب عدوّ وشحناء وسعاية أو ضرر على قوم مسلمين) (١).

ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا في سبيل حق) (٢).

وخبر أبي سعيد الخراساني : (دخل رجلان على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام بخراسان فسألاه عن التقصير فقال لأحدهما : وجب عليك التقصير لأنك قصدتني ، وقال للآخر : وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان) (٣). ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٣ و ١ و ٦.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ ولا فرق بين كون غاية السفر معصية كما في الخبر الأخير وبين كون السفر بنفسه معصية كالفار من الزحف وتارك الجمعة بعد وجوبها.

واستشكل الشارح في روض الجنان بالتعميم وخصه بالسفر الذي تكون غايته معصية فقط بدعوى أن النصوص ظاهرة فيه ، وأما السفر الذي بنفسه معصية فلا وإلا للزم عدم الترخص إلا للأوحدي من الناس إذ غالب الأسفار مستلزمة لترك واجب كترك التعلم الواجب عينا أو كفاية ونحوه.

وفيه : لقد ورد في خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أم يتم؟ قال : يتم لأنه ليس بمسير حق) والتعليل الوارد وفيه عام يشمل سفر المعصية كما يشمل السفر الذي غايته معصية بالإضافة إلى قوله عليه‌السلام في صحيح حماد المتقدم : (أو في معصية الله).

نعم إن تارك الواجب كالتعلم ونحو هو عاص بنفس الترك لا بالسفر إلا إذا كان السفر هذا خاصا له وقلنا بأن الأمر بالشي‌ء يقتضي النهي عن ضده الخاص وقد حرر في محله عدم الاقتضاء ثم لو سافر للصيد فإن كان لقوته وقوت عيالة قصّر بلا خلاف ويدل عليه لمرسل محمد بن عمران القمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر وليقصر ، وإن خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة) (١) ولأنه سفر مأذون فيه بل قد يجب إذ تعين تحصيل رزقه ورزق عياله عليه فلا يكون سفرا محرما.

وكذا لو سافر للصيد وكان لطلب التجارة كما هو المشهور بين المتأخرين ، لخروجه عن سفر المعصية فيقصر ويفطر إلا أن المحكي عن الشيخ في المبسوط وابن البراج وابن حمزة ويحيى بن سعيد أنه يقصر الصوم دون الصلاة ، وأشكل عليه في المعتبر بقوله : (ونحن نطالبه بدلالة الفرق ونقول : إن كان مباحا قصّر فيهما وإن لم يكفه أتمّ فيهما) ويدل على التسوية بين الصوم والصلاة صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت) (٢).

ثم إذا كان الصيد لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا وجب عليه التمام ، بالاتفاق ، وحكاه في الأمالي عن دين الإمامية ويدل عليه النصوص الكثيرة كمرسل القمي المتقدم وخبر السكوني المتقدم في بحث من اتخذ السفر عملا له : (سبعة لا يقصرون الصلاة : إلى أن قال : والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل) (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١٧.

(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٥.


بأن تكون غايته معصية (١) ، أو مشتركة (٢) بينها (٣) وبين الطاعة (٤) ، أو مستلزمة لها (٥) كالتاجر في المحرّم والآبق والناشر والساعي (٦) على ضرر محترم (٧) ، وسالك طريق يغلب فيه العطب ولو على المال (٨). وألحق به (٩) تارك كلّ واجب به (١٠) بحيث ينافيه (١١) ، وهي مانعة ابتداء واستدامة (١٢). فلو عرض قصدها في أثنائه انقطع الترخص حينئذ وبالعكس (١٣) ...

______________________________________________________

(١) بناء على تخصيص السفر المحرم به.

(٢) أي الغاية.

(٣) بين المعصية.

(٤) فيصدق أنه سفر معصية أيضا.

(٥) أي تستلزم غاية السفر للمعصية كمن يسافر للتجارة ، ولكن التجارة في المحرم فتكون غاية السفر مستلزمة للمعصية.

(٦) بناء على الشمول لسفر المعصية لأن سفره بنفسه إباق ونشوز وسعي.

(٧) أي على ضرر قوم من المسلمين بل والمحترمين من المعاهد والذمي.

(٨) لو وصلية ، والمراد وكان أن سفره معصية للنهي عن سلوك هذا الطريق للعطب وإن كانت غاية السفر مباحة.

(٩) أي بسفر المعصية.

(١٠) أي بسبب السفر فيكون معصية بناء على الاقتضاء.

(١١) بحيث ينافي السفر ذلك الواجب.

(١٢) المعصية مانعة من الترخص في السفر ابتداء واستدامة فلو قصد المعصية ابتداء أتم ولو رجع عنها في أثناء السفر اعتبرت المسافة في الباقي ، ولو قصد المعصية في أثناء السفر المباح انقطعت الرخصة تحكيما لإطلاقات الأخبار السابقة.

ثم لو عاد إلى الطاعة بعد المعصية في السفر المباح الموجبة لقطع الرخصة فيقصر إذا كان الباقي مسافة كما عن العلامة في القواعد لبطلان المسافة الأولى بالمعصية فيفتقر التقصير إلى قصد مسافة جديدة.

وعن المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى أنه يرجع إلى التقصير وإن لم يقصد المسافة لأن سفره الأول موجب للتقصير غايته كانت المعصية في الأثناء مانعا وقد زالت.

(١٣) أي كان سفره معصية ابتداء ثم رجع عنها في أثناء السفر فيقصر بشرط كون الباقي مسافة ولو مع ضميمة العود بناء على أن المدار على قصد المسافة ، وذهب الشارح إلى أن ـ


ويشترط حينئذ (١) كون الباقي مسافة ولو بالعود ولا يضمّ باقي الذهاب إليه (٢).

(وأن يتوارى عن جدران بلده) (٣) ...

______________________________________________________

التقصير مشروط بقصد المسافة إذا كان العود مسافة ولا يضم إليه بقية الذهاب لأن لكل من العود والذهاب حكم مستقل ، وقد تقدم ضعفه.

(١) في العكس.

(٢) إلى العود في اعتبار المسافة.

(٣) لا يجوز للمسافر التقصير حتى يصل إلى حد الترخص على المشهور شهرة عظيمة للنصوص الكثيرة التي سيأتي بعضها ، وعن علي بن بابويه التقصير بمجرد الخروج من المنزل للمرسل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه) (١) وهو لا يقاوم تلك النصوص فيتعين حمله عليها ومثله مرسل حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يخرج مسافرا قال : يقصر إذا خرج من البيوت) (٢) وهو محمول على خفاء الجدران جمعا بينه وبين ما يأتي. وكذا لو كان مسافرا يبقى على التقصير إلى أن يصل إلى حد الترخص فيتم على المشهور لصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (المسافر يقصر حتى يدخل المصر) (٣) وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سألته عن التقصير قال : إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتمّ وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصّر ، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك) (٤) وصحيح حماد والآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا سمع الأذان أتمّ المسافر) (٥) ، وذهب السيد وعلي بن بابويه وابن الجنيد إلى أنه يقصر في العود حتى يبلغ منزله لصحيح عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته) (٦) وموثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه‌السلام : (سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يدخل ويقدم ويدخل بيوت الكوفة ، أيتم الصلاة أم يكون مقصّرا حتى يدخل أهله؟ قال : بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله) (٧) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتمّوا وإذا لم يدخلوا منازلهم قصروا) (٨) بالإضافة إلى مرسل الصدوق المتقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٩.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٨ و ٣ و ٧.

(٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٤ و ٣ و ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ وقال في الرياض : «ولو لا الشهرة المرجحة للأدلة الأولى لكان المصير إلى هذا القول في غاية القوة لاستفاضة نصوصه وصحة أكثرها وظهور دلالتها جملة بل صراحة كثير منها» ولذا فالأحوط هو الجمع بين القصر والتمام لو دخل المصر إلى حين بلوغ البيت وإن العمل على الطائفة الأولى أقوى لإعراض المشهور عن الثانية.

ثم إن حد الترخص هو اختفاء الجدران والأذان معا كما عليه المشهور بين المتأخرين ، والمنسوب لأكثر المتقدمين اعتبار أحد الأمرين ، وعن التنقيح الاقتصار على خفاء الجدران ، وعن المفيد وسلّار والحلي والتقي الاقتصار على خفاء الأذان ، ومنشأ الخلاف هو اختلاف الأخبار فبعضها يدل على خفاء الجدران كصحيح محمد بن مسلم : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يريد السفر فيخرج متى يقصر؟ قال عليه‌السلام : إذا توارى عن البيوت) (١) ، وبعضها يدل على خفاء الأذان كصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن التقصير قال عليه‌السلام : إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم ، وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك) (٢).

فالقول الأول مبني على تقييد منطوق إحدى الطائفتين بمنطوق الأخرى.

والقول الثاني مبني إما على تقييد مفهوم إحدى الطائفتين بمنطوق الأخرى وإما برفع اليد عن المفهوم في كليهما وإما على خصوصية الشرط في منطوق كل منهما مع جعل الشرط هو الجامع بينهما والمراد به مطلق البعد المدلول عليه بخفاء الأذان والجدران معا وإما على القول بالتعارض بينهما مع الحكم بالتخيير.

والقول الثالث مبني على القول بالتعارض بين الطائفتين والترجيح لخفاء الجدران.

والرابع مبني على التعارض والترجيح لخفاء الأذان ، والأخير لا يخلو من قوة لصحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا سمع الأذان أتم المسافر) (٣) وحد الترخص واحد ذهابا وعودا ، ولمشهورية خفاء الأذان بين أصحاب الأئمة عليهم‌السلام كما يدل عليه خبر إسحاق بن عمار. برواية الصدوق. عن أبي الحسن عليه‌السلام : (عن قوم خرجوا في سفر فلما انتهوا إلى الموضع الذي يجب عليهم فيه التقصير قصّروا من الصلاة ، فلما صاروا على فرسخين أو على ثلاثة فراسخ أو على أربعة تخلّف عنهم رجل لا يستقيم لهم سفرهم إلا به ، فأقاموا ينتظرون مجيئه إليهم ، وهم لا يستقيم لهم السفر إلا بمجيئه ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١ و ٣ و ٧.


بالضرب في الأرض (١) لا مطلق المواراة ، (أو يخفى (٢) عليه أذانه) ولو تقديرا كالبلد المنخفض والمرتفع ، ومختلف الأرض ، وعادم الجدار والأذان (٣) والسمع والبصر (٤) والمعتبر آخر البلد المتوسط فما دون ومحلته في المتسع (٥) ، وصورة الجدار والصوت لا الشبح والكلام (٦). والاكتفاء بأحد الأمرين مذهب جماعة ، والأقوى

______________________________________________________

ـ إليهم ، فأقاموا على ذلك أياما لا يدرون هل يمضون في سفرهم أو ينصرفون ، هل ينبغي لهم أن يتموا الصلاة أو يقيموا على تقصيرهم؟ قال : إن كانوا بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليقيموا على تقصيرهم أقاموا أم انصرفوا ، وإن كان ساروا أقل من أربعة فراسخ فليتموا الصلاة ما أقاموا فإذا انصرفوا فليقصروا ، ثم قال : هل تدري كيف صار هكذا؟ قلت : لا. قال : لأن التقصير في بريدين ولا يكون التقصير في أقل من ذلك ، فإذا كانوا قد ساروا بريدا وأرادوا أن ينصرفوا كانوا قد سافروا سفر التقصير ، وإن كانوا ساروا أقل من ذلك لم يكن لهم إلا إتمام الصلاة.

قلت : أليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه أذان مصرهم الذي خرجوا منه؟

قال : بلى ، إنما قصّروا في ذلك الموضع لأنهم لم يشكوا في مسيرهم وإن السير يجدّ بهم ، فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا) (١). هذا فضلا عن أن صحيح ابن مسلم الدال على خفاء الجدران لم يصرح إلا بالتواري عن البيوت لا بخفاء الجدران كما هو الشائع في ألسنة الفقهاء.

(١) الظاهر من صحيح محمد بن مسلم المتقدم أن تواري البيوت إنما هو من جهة الضرب في الأرض لا من جهة حائل أو نحوه ، والمعتبر في التواري أن يتوارى صورة الجدار لا شبحه.

(٢) المدار في خفاء الأذان خفاء صوت المؤذن ، فلو كانت البلدة منخفضة أو مرتفعة فتقدر مستوية ويلاحظ تواري الجدران وخفاء الأذان حينئذ ، والمدار على الجدار والأذان في آخر البلد فلو اتسعت فالمدار على آخر المحلة كما عن جماعة.

(٣) فلو عدم الجدار في البلد فيقدر وجوده ويكون التواري والخفاء على فرض تقديره.

(٤) فلو فقد المسافر السمع أو البصر فيقدر أنه سميع بصير ويكون التواري والخفاء على فرض تقديره أيضا.

(٥) أي ومحلة المسافر في البلد المتسع.

(٦) الشيخ في الجدار والكلام في الأذان بحيث لو بقي يسمع صوته فلا تقصير وإن لم يميّز كلامه ، بخلاف الجدار فالمدار على اختفاء صورته لا شبحه لأن الشبح يبقى يراه من مسافة بعيدة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١١.


اعتبار خفائهما معا ذهابا وعودا ، وعليه المصنف في سائر كتبه.

ومع اجتماع الشرائط (فيتعين القصر) (١) بحذف أخيرتي الرباعية (إلّا في) أربعة مواطن (٢) (مسجدي مكة والمدينة) ...

______________________________________________________

(١) بلا خلاف ويدل عليه النصوص الكثيرة منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عشر ركعات : ركعتان من الظهر وركعتان من العصر وركعتا الصبح وركعتا المغرب وركعتا العشاء الأخيرة لا يجوز فيهن الوهم. إلى أن قال : فزاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاة المقيم غير المسافر ركعتين في الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، وركعة في المغرب للمقيم والمسافر) (١).

وصحيح الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن الله (عزوجل) فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة ، فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن إلا في سفر ، وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر) (٢). وأيضا تسقط عن المسافر نوافل الظهرين ونافلة العشاء كما تقدم في بحث الفرائض اليومية ، ويسقط عنه الصوم الواجب عزيمة وكذا المستحب على خلاف في الثاني وسيأتي بحثه في مبحث الصوم.

(٢) على المشهور شهرة عظيمة كادت أن تكون إجماعا للأخبار الكثيرة الدالة عليه منها : صحيح ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : عن التمام بمكة والمدينة فقال عليه‌السلام : أتم وإن لم تصل فيهما إلا صلاة واحدة) (٣).

وصحيح حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من مخزون علم الله الإتمام في أربعة مواطن : حرم الله وحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحرم أمير المؤمنين عليه‌السلام وحرم الحسين عليه‌السلام) (٤).

وصحيح ابن مهزيار : (كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام : إن الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين ، فمنها أن يأمر بتتميم الصلاة ولو صلاة واحدة ، ومنها أن يأمر أن يقصر ما لم ينو عشرة أيام ، ولم أزل على الإتمام فيهما إلى أن صدرنا من حجنا في عامنا هذا ، فإن فقهاء أصحابنا أشاروا إليّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة ، وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك ، فكتب عليه‌السلام بخطه : قد علمت. يرحمك الله. فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما ، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر ، وتكثر من الصلاة ، ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب إعداد الفرائض حديث ١٢ و ٢.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٥ و ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة : إني كتبت إليك بكذا وأجبت بكذا ، فقال عليه‌السلام : نعم ، فقلت : أي شي‌ء تعني بالحرمين؟ فقال : مكة والمدينة) (١).

وخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : (في الصلاة بمكة فقال : من شاء أتم ومن شاء قصّر وليس بواجب ، إلا إني أحب لك ما أحب لنفسي) (٢) وصريح هذه الأخبار هو التخيير فما عن المفيد والسيد المرتضى من تعين التمام ليس في محله ، وعن الصدوق في الفقيه والخصال أنه يقصر ما لم ينو المقام عشرة ، والأفضل أن ينوي المقام ليوقع صلاته تماما ومستنده أخبار منها : صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه‌السلام : (عن الصلاة بمكة والمدينة تقصير أو تمام؟ فقال : تقصر ما لم تعزم على مقام عشرة) (٣) ، وحملت هذه الأخبار التقية بل صحيح علي بن مهزيار المتقدم صريح في أن فقهاء أصحاب الأئمة عليهم‌السلام كانوا يعملون بأخبار التقصير لكن قوله عليه‌السلام في صحيح حماد المتقدم إن التمام من مخزون علم الله كاشف عن أن تعين التقصير الصادر من الأئمة عليهم‌السلام وكان شائعا بين أصحابهم إنما هو من باب التقية.

هذا والأخبار قد خصت التخيير بالصلاة ، وأما الصوم فلا يشرع التخيير بل يتعين الإفطار على المسافر تحكيما لأدلته السالمة عن المعارض.

ومن جهة أخرى فالمراد من مكة والمدينة عموم البلد وإن وقعت الصلاة خارج المسجدين كما عليه الشيخ والمحقق وأكثر الأصحاب بل هو المشهور كما وقع التعبير بذلك في صحيح ابن الحجاج وعلي بن مهزيار المتقدمين ، بل ذيل مكاتبة ابن مهزيار عند ما سأله بعد أن التقاه : (أي شي‌ء تعني الحرمين؟ فقال : مكة والمدينة) صريح في عموم البلد لا خصوص المسجدين.

وعن الحلي وجماعة اختصاص الحكم بالمسجدين فقط من باب القدر المتيقن ولمرسل إبراهيم بن أبي البلاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تتم الصلاة في ثلاثة مواطن : في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعند قبر الحسين عليه‌السلام (٤) ومرسل حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (تتم الصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين عليه‌السلام) (٥) ومثله خبر أبي بصير (٦). ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١٠ و ٣٢.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢٢ و ٢٣ و ٢٥.


المعهودين (١) ، (ومسجد الكوفة والحائر) الحسيني (على مشرفه السلام) وهو (٢) ما دار عليه سور حضرته الشريفة ، (فيتخيّر فيها) بين الإتمام والقصر ، (والإتمام أفضل) ، ومستند الحكم أخبار كثيرة ، وفي بعضها أنه من مخزون علم الله.

______________________________________________________

ـ وهي مع ضعف أسانيدها لا تصلح للتخصيص إذ لعل ذكر المسجدين باعتبار أن الصلاة تقع فيهما غالبا ، ويشهد لعموم الحكم أن الإمام عليه‌السلام قد ذكر مكة والمدينة ثم عدل إلى مسجد الكوفة وقبر الحسين عليه‌السلام فلو لم يكن المراد من مكة والمدينة البلدين لما كان للعدول معنى كما في مرسل حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من الأمر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن : مكة والمدينة ومسجد الكوفة والحائر) (١) ومن جهة ثالثة ورد في الأخبار التعبير بمسجد الكوفة كما في مرسل حذيفة ومرسل حماد المتقدمين وحرم أمير المؤمنين كما في صحيح حماد المتقدم فمقتضى الجميع هو أن يكون المراد هو مسجد الكوفة وأما التعبير ببلد الكوفة فلم يرد إلا في خبر زياد القندي عن أبي الحسن عليه‌السلام : (يا زياد أحب لك ما أحب لنفسي ، وأكره لك ما أكره لنفسي ، أتم الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين عليه‌السلام) (٢) فيتعين أن يكون المراد منها هو خصوص مسجد الكوفة ، فما عن الشيخ من إلحاق الكوفة بمكة اعتمادا عليه ليس في محله وأما بالنسبة للحائر الحسيني فقد ورد التعبير تارة بحرم الحسين عليه‌السلام : كما في صحيح حماد بن عيسى ومرسل حذيفة بن منصور المتقدمين وأخرى بالتعبير (عن قبر الحسين عليه‌السلام) كما في مرسل إبراهيم بن أبي البلاد المتقدم وثالثة التعبير بالحائر كما في مرسل حماد المتقدم ومقتضى الجمع هو الاقتصار على الحائر بل عند قبره (صلوات الله عليه) بالإضافة إلى الخلاف الواقع بينهم في تحديد الحائر فعن السرائر أنه ما دار سور المشهد والمسجد عليه ، وعن ثان أنه مجموع الصحن المقدس ، وعن ثالث أنه القبة السامية ، وعن رابع أنه الروضة المقدسة وما أحاط بها من العمارات المقدسة من الرواق والخزانة ، وعن خامس أنه مجموع الصحن القديم لا ما تجدد منه في الدولة الصفوية ، والجميع غير واضح المستند. ومن جهة رابعة ألحق ابن الجنيد والمرتضى بهذه الأماكن جميع مشاهد الأئمة عليه‌السلام وقال في الذكرى : «ولم نقف لهما على مأخذ في ذلك والقياس عندنا باطل».

(١) قد عرفت أن الأقوى عموم البلدين.

(٢) وقد عرفت الاختلاف فيه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١٣.


(ومنعه) أي التخيير (أبو جعفر) محمد بن (بابويه) وحتّم القصر فيها كغيرها. والأخبار الصحيحة حجة عليه (وطرّد المرتضى ، وابن الجنيد الحكم في مشاهد الأئمة عليهم‌السلام) ولم نقف على مأخذه ، وطرّد آخرون الحكم في البلدان الأربع (١) ، وثالث (٢) في بلدي المسجدين الحرمين دون الآخرين ، ورابع في البلدان الثلاثة غير الحائر (٣) ، ومال إليه المصنف في الذكرى. والاقتصار عليها (٤) موضع اليقين فيما خالف الأصل (٥).

(ولو دخل عليه الوقت حاضرا) بحيث مضى منه قدر الصلاة بشرائطها المفقودة (٦) قبل مجاوزة الحدين (٧) (أو أدركه (٨) بعد) انتهاء (سفره) بحيث أدرك منه ركعة فصاعدا (أتمّ) الصلاة فيهما (في الأقوى) (٩) ...

______________________________________________________

(١) وحكى الشهيد في الذكرى عن يحيى بن سعيد ذلك.

(٢) وقد عرفت أنه الأقوى.

(٣) وهذا القول للشيخ في التهذيب والاستبصار.

(٤) على المساجد الثلاثة مع الحائر ، لذا قال الشارح في الروض : «وهل الحكم مختص بالمساجد والمشهد المقدس أو يعم بلدانها ظاهر الأخبار العموم ، والأول أولى لعدم التصريح بالزائد وكونه على خلاف الأصل».

(٥) إذ الأصل في السفر هو القصر.

(٦) التي يجب تحصيلها قبل الشروع في الصلاة كالوضوء وتطهير الثوب المتنجس مع الانحصار وكذا تطهير البدن ونحو ذلك.

(٧) من تواري الجدران وخفاء الأذان.

(٨) أدرك الوقت.

(٩) أما المسألة الأولى بحيث إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر متمكن من الصلاة ثم سافر فيجب عليه القصر على المشهور ويدل عليه صحيح إسماعيل بن جابر : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يدخل عليّ وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي فقال عليه‌السلام : صل وأتم الصلاة ، قلت : فدخل عليّ وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا أهلي حتى أخرج فقال عليه‌السلام : فصل وقصّر ، فإن لم تفعل فقد خالفت. والله.

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (١) وخبر الوشاء : (سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : إذا زالت الشمس وأنت في المصر وأنت تريد السفر فأتم ، فإذا خرجت بعد الزوال قصّر العصر) (٢) إلا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٢ و ١٢.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أنهما معارضان بطائفة من الأخبار أكثر عددا منها : صحيح محمد بن مسلم : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن الرجل يدخل من سفره وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق فقال عليه‌السلام : يصلي ركعتين ، وإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا) (١) وقد عمل بهذه الطائفة جماعة منهم الصدوق في المقنع وكثير من كتب العلامة والشهيدان كما في اللمعة والروضة وغيرهما والمحقق الثاني وغيرهم والترجيح لها لأنها أكثر عددا ولموافقتها للأصل في الصلاة لأن الأصل هو التمام. وعن الشيخ في كتابي الحديث والصدوق في الفقيه بالجمع بينهما بحمل أخبار الإتمام على السعة وأخبار القصر على الضيق ، ويشهد له موثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه‌السلام : (في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة فقال : إن كان لا يخاف فوت الوقت فليتمّ وإن كان يخاف خروج الوقت فليقصر) (٢).

وفيه : إنه صريح في صورة القدوم من السفر لا في صورة الخروج إليه. وعن الشيخ في الخلاف بحمل الأمر بالتمام والقصر على الوجوب التخييري ويشهد له صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله فسار حتى دخل أهله ، فإن شاء قصر وإن شاء أتم والإتمام أحب إليّ) (٣) ، وفيه : إنه كذلك في صورة القدوم لا في صورة الخروج التي هي محل البحث.

وحيث تعذر الجمع فلا بد من الترجيح والترجيح للطائفة الأولى الموافقة للأصل الدال على أن العبرة وقت الأداء ، ولما دل على وجوب التقصير في السفر وهو مسافر ، وللوهن في الطائفة الثانية حيث صرحت بأن الحكم في صورة الدخول هو القصر مع أنه لم يقل به فقيه كما ستسمع ، فقول الشارح في روض الجنان أن المسألة من أشكل الأبواب غير واضح بعد ما عرفت من البيان.

وأما المسألة الثانية وهي ما لو دخل عليه الوقت وهو مسافر ولم يصل حتى دخل بلده فيجب عليه التمام على المشهور شهرة عظيمة كادت أن تكون إجماعا ، وحتى حكي عن غير واحد عدم الوقوف عليه وإن كان يظهر من الشرائع وجوده ، بل في السرائر : «لم يذهب إلى ذلك أحد ولم يقل به فقيه ولا مصنف ذكره في كتابه لا منا ولا من مخالفينا» ويشهد لمستند المشهور أخبار كثيرة وما قدمنا من صحيح إسماعيل بن جابر كفاية ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٥.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٦ و ٩.


عملا بالأصل (١) ولدلالة بعض الأخبار عليه ، والقول الآخر القصر فيهما (٢) وفي ثالث التخيير ، ورابع (٣) القصر في الأول ، والإتمام في الثاني ، والأخبار متعارضة ، والمحصل ما اختاره هنا.

(ويستحبّ جبر (٤) كل مقصورة) ، وقيل (٥) : كل صلاة تصلّى سفرا

______________________________________________________

ـ خصوصا تأكيده بأن مخالفته مخالفة الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع القسم على ذلك ومما تقدم تعرف أنه لو كان في أول الوقت حاضرا ثم سافر ، أو كان مسافرا ثم حضر وقد فاتته الصلاة فيقضيها في الأولى قصرا وفي الثانية تماما لأن المدار في القضاء على الفوت وقد فاتته بما ذكرناه.

(١) إذ الأصل في الصلاة هو التمام ، وقد عرفت أن الأصل في المسألة الأولى هو القصر بالنسبة للمسافر.

(٢) وهو غير معروف بالنسبة لمسألة القدوم.

(٣) وهو الأقوى وعليه المشهور.

(٤) لخبر سليمان بن حفص المروزي قال : قال الفقيه العسكري عليه‌السلام : (يجب على المسافر أن يقول دبر كل صلاة يقصر فيها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثلاثين مرة لتمام الصلاة) (١) وخبر رجاء عن الرضا عليه‌السلام : (أنه صحبه في سفر فكان يقول في دبر كل صلاة يقصرها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثلاثين مرة ويقول : هذا تمام الصلاة) (٢).

والوجوب في الخبر الأول محمول على الاستحباب بالاتفاق إذ لم يذهب أحد إلى حمله على الإلزام وظاهر الخبرين أن التسبيح المذكور مخصوص بالمقصورة من باب جبرها ، لكن روي استحبابه عقيب كل صلاة كما في خبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى صلاة مكتوبة ثم سبح في دبرها ثلاثين مرة لم يبق شي‌ء من الذنوب على بدنه إلا تناثر) (٣) وقد حملت على أنه مستحب بعنوان التعقيب لا من باب جبر المقصورة ولذا أفتى بعضهم باستحبابه مرتين عقيب المقصورة مرة بعنوان التعقيب ومرة بعنوان الجبر لها ، والبعض الآخر قال بالتداخل لتحقق الامتثال في التسبيح المذكور إذا أتى به للعنوانين معا.

(٥) نسب للصدوق في المقنع وتوقف الفاضل في عموم التسبيح لغير المقصورة من صلوات المسافر.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ١ و ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب التعقيب حديث ٥.


(بالتسبيحات الأربع ثلاثين مرّة) عقبها. والمرويّ التقييد (١) ، وقد روي استحباب فعلها (٢) عقيب كلّ فريضة في جملة التعقيب ، فاستحبابها عقيب المقصورة يكون آكد ، وهل يتداخل الجبر والتعقيب ، أم يستحب تكرارها؟ وجهان ، أجودهما الأول لتحقق الامتثال فيهما (٣).

(الفصل الحادي عشر. في الجماعة)

(وهي مستحبة في الفريضة) مطلقا (٤) ، (متأكّدة في اليومية) حتى أن الصلاة

______________________________________________________

(١) تقييد التسبيح بالمقصورة.

(٢) أي فعل التسبيحات.

(٣) في الجبر والتعقيب.

(٤) يومية أو غيرها ، ويدل عليه الإجماع كما عن ظاهر المنتهى والذكرى ، وصحيح زرارة الفضيل : (قلنا له : الصلاة في جماعة فريضة هي ، فقال : الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ، ولكنها سنة ، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له) (١) وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة ، تكون خمسة وعشرين صلاة) (٢) ومثله غيره ، مع أن دعوى أن الأخير ليس في مقام بيان مشروعية الجماعة في كل فريضة بل في مقام بيان ثواب الجماعة على ثواب صلاة الفرد ليست بعيدة ، وكذلك الأول فإنه منصرف إلى خصوص اليومية! وعليه فلا دليل على مشروعية الجماعة في غير الفرائض اليومية إلا صلاة الأموات والآيات وقد تقدم البحث فيها ، أما صلاة الاحتياط وصلاة ركعتي الطواف والصلاة المنذورة فلا دليل على مشروعية الجماعة فيهما.

نعم تأكد الاستحباب في اليومية من ضروريات الدين للخبرين السابقين وغيرهما مثل صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين صلاة فقال : صدقوا) (٣) وخبر محمد بن عمارة : (أرسلت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أسأله عن الرجل يصلي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل ، أو صلاته في جماعة؟ فقال : الصلاة في جماعة أفضل) (٤) وخبر عبد الله بن ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢ و ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب أحكام المساجد حديث ٤.


الواحدة منها تعدل خمسا (١) أو سبعا (٢) وعشرين صلاة مع غير العالم ، ومعه ألفا (٣). ولو وقعت في مسجد (٤) تضاعف بمضروب عدده (٥) في عددها (٦) ، ففي الجامع مع غير العالم ألفان وسبعمائة (٧) ، ومعه مائة ألف (٨) ...

______________________________________________________

ـ أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (همّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإحراق قوم في منازلهم كانوا يصلون في منازلهم ، ولا يصلون الجماعة ، فأتاه رجل أعمى فقال : يا رسول الله أنا ضرير البصر وربما أسمع النداء ولا أجد من يقودني إلى الجماعة والصلاة معك ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : شدّ من منزلك إلى المسجد حبلا واحضر الجماعة) (١) وخبره الآخر عنه عليه‌السلام : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا غيبة لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه ، وإذا رفع إلى إمام المسلمين أنذره وحذّره فإن حضر جماعة المسلمين وإلا أحرق عليه بيته) (٢).

(١) كما في صحيح ابن سنان المتقدم.

(٢) لم أجد عاجلا خبرا في ذلك إلا ما رواه الشارح في روض الجنان : «وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ. بالفاء والذال المعجمة وهو الفرد. بسبع وعشرين درجة» ، ورواه الشهيد في الذكرى وقال عنه : «رواه العامة في صحاحهم عن أبي سعيد الخدري عنه».

(٣) روى الشهيد في النفلية عن الصادق عليه‌السلام : (الصلاة خلف العالم بألف ركعة وخلف القرشي بمائة وخلف العربي خمسون ، وخلف المولى خمس وعشرون) (٣).

(٤) قد تقدم أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة وفي المسجد النبوي بعشرة آلاف ، وفي كل من مسجد الكوفة والمسجد الأقصى بألف ، وفي المسجد الجامع بمائة ، وفي مسجد القبيلة بخمس وعشرين وفي مسجد السوق باثنتي عشرة صلاة.

(٥) عدد المسجد أي عدد ثوابه.

(٦) عدد الجماعة أي عدد ثوابها.

(٧) ناشئة من ضرب المائة لثواب الجامع في سبع وعشرين لثواب الجماعة.

(٨) أي ومع العالم في الجامع مائة ألف ناشئة من ضرب المائة لثواب الجامع في ضرب الألف لثواب الجماعة مع العالم. ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.


وروي أن ذلك (١) مع اتحاد المأموم ، فلو تعدّد تضاعف في كل واحد بقدر المجموع في سابقه إلى العشرة ثم لا يحصيه إلّا الله تعالى.

(وواجبة في الجمعة ، والعيدين (٢) مع وجوبهما ، ...

______________________________________________________

(١) يستفاد أن الثواب المعين مطلقا مع اتحاد المأموم فإذا بلغوا عشرة فلا يحصي الثواب إلا الله مما رواه الشيخ أبو محمد جعفر بن أحمد القمي عن أبي سعيد الخدري قال : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ، وأهدي إليك هديتين لم يهدهما إلى نبي قبلك.

قلت : وما الهديتان؟ قال : الوتر ثلاث ركعات والصلاة الخمس في جماعة ، قلت : يا جبرئيل وما لأمتي في الجماعة؟ قال : يا محمد إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة ، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل منهم بكل ركعة ستمائة صلاة ، وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفا ومائتين صلاة ، وإذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة صلاة ، وإذا كانوا ستة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة ، وإذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة ، وإذا كانوا ثمانية كتب الله تعالى لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفا ومائتين صلاة ، وإذا كانوا تسعة كتب الله تعالى لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وثلاثين ألفا وأربعمائة صلاة ، وإذا كانوا عشرة كتب الله تعالى لكل واحد منهم بكل ركعة سبعين ألفا وألفين وثمانمائة صلاة ، فما زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلها مدادا والأشجار أقلاما والثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة.

يا محمد تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير له من ستين ألف حجة وعمرة وخير من الدنيا وما فيها سبعين ألف مرة ، وركعة يصليها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين ، وسجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة) (١).

(٢) تقدم البحث في وجوب الجماعة في الجمعة بمعنى أنها شرط في صحتها ، وأما وجوبها في العيدين إذا وجبت فهو مما لا خلاف فيه ويدل عليه جملة من النصوص منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (من لم يصل مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه) (٢) نعم قد تجب بالعارض كما إذا خاف الوقت عن تعلم القراءة لمن لا ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣.


(وبدعة في النافلة مطلقا (١) إلا في الاستسقاء (٢) ، والعيدين المندوبة (٣) ، والغدير) (٤)

______________________________________________________

ـ يحسنها مع قدرته على التعلم ، وتجب بالنذر وأخويه.

(١) ذات سبب كالراتبة أو لا كالمبتدئة بلا خلاف فيه ويدل عليه أخبار منها : صحيح الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل. عن الباقر والصادق عليهما‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن الصلاة بالليل شهر رمضان النافلة في جماعة بدعة) (١).

وخبر إسحاق بن عمار وسماعة بن مهران ومحمد بن سليمان عن أبي عبد الله وأبي الحسن والرضا عليهم‌السلام في حديث : (إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في نافلة شهر رمضان : أيها الناس إن هذه الصلاة نافلة ، ولن يجتمع للنافلة ، فليصل كل رجل منكم وحده وليقل ما علّمه الله من كتابه واعلموا أنه لا جماعة في نافلة) (٢).

وخبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام في كتابه إلى المأمون : (لا يجوز أن يصلي تطوع في جماعة ، لأن ذلك بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) (٣) ومثله خبر الأعمش (٤).

ومال في المدارك إلى الجواز لصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المرأة هل تؤم النساء؟ قال : تؤمّهنّ في النافلة ، فأما في المكتوبة فلا) (٥) ومثله صحيح الحلبي (٦) وصحيح سليمان بن خالد (٧) ، وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صل بأهلك في رمضان الفريضة والنافلة فإني أفعله) (٨) ولكن يتعين حملها على التقية لموافقتها العامة ، بل عموم (لا جماعة في نافلة) يقتضي عدم المشروعية في مطلق النوافل حتى المنذورة لامتناع تعلق بغير الراجح.

(٢) تقدم الكلام فيه.

(٣) لأن صلاة العيد واجبة بحسب أصلها ، وصارت مستحبة لعدم حضور الإمام عليه‌السلام فالجماعة فيها ليس استثناء من عموم (لا جماعة في نافلة) ويشهد له جملة من النصوص منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه قال : في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة) (٩).

(٤) كما عن المفيد في مقنعته وفوائد الشرائع للمحقق الثاني بل عن مجمع البرهان أنه المشهور ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب نافلة شهر رمضان حديث ٦.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦ و ٥.

(٥ و ٦ و ٧ و ٨) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ٩ و ١٢ و ١٣.

(٩) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب صلاة العيد حديث ٣٩.


في قول لم يجزم به المصنّف إلا هنا ، ونسبه في غيره إلى التقيّ (١) ، ولعلّ مأخذه

______________________________________________________

ـ وعن إيضاح النافع أن عمل الشيعة على ذلك واستدل له بمرسل أبي الصلاح حيث قال العلامة في التذكرة : «وقد روى أبو الصلاح. هنا. استحباب الجماعة والخطبة والتصافح والتهاني لبركة هذا اليوم» (١) بل في المختلف نقل عبارة أبي الصلاح في الكافي حيث قال : «وقال أبو الصلاح في صفة صلاة الغدير : ومن وكيد السنة الاقتداء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم الغدير ، وهو الثامن عشر من ذي الحجة بالخروج إلى ظاهر المصر وعقد الصلاة قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة لمن يتكامل له صفات إمامة الجماعة بركعتين يقرأ في كل ركعة منهما الحمد وسورة الإخلاص عشرا وسورة القدر عشرا وآية الكرسي عشرا ، ويقتدي به المؤتمون ، وإذا سلم دعا بدعاء هذا اليوم ومن صلى خلفه ، وليصعد المنبر قبل الصلاة فيخطب خطبة مقصورة على حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على محمد وآله والتنبيه على عظيم حرمة يومه ، وما أوجب الله فيه من إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام والحث على امتثال مراد الله سبحانه ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يبرح أحد من المأمومين والإمام يخطب فإذا انقضت الخطبة تصافحوا وتعانقوا وتفارقوا.

ولم يصل إلينا حديث نعتمد عليه يتضمن الجماعة فيها ولا الخطبة ، بل الذي ورد صفة الصلاة والدعاء بعدها بالمنقول» (٢). ولعل مستند أبي الصلاح ما ورد في المقنعة : (ويوم الغدير هو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه في مرجعه من حجة الوداع بغدير خم ، وأمر أن ينصب له في الموضع كالمنبر من الرحال وينادي بالصلاة جامعة. إلى أن قال .. واجتمع جمهور أمته فصلّى ركعتين ثم رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه) (٣) إلى آخره ولكن هنا جعل الخطبة بعد الصلاة ، وفي عبارة أبي الصلاح المنقولة أنها قبل الصلاة ولكن القبلية ينافيها ما قاله من عدم التفرق والإمام يخطب وإذا انتهى تعانقوا وتصافحوا وهذا ظاهر في كون الخطبة بعد الصلاة.

وعلى كل فعبارة المفيد في المقنعة غير ظاهرة في الجماعة بل ظاهرها أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى ركعتين بمفرده ، والآمر بالصلاة جامعة من أجل الاجتماع لا من أجل الصلاة كما هو الديدن في إحضار الناس فيبقى عموم عدم مشروعية الجماعة في النافلة على حاله.

(١) أي نسبه في غير هذا الكتاب إلى أبي الصلاح الحلبي.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ج ١ ص ٧٣.

(٢) المختلف ص ١٢٨.

(٣) المقنعة ص ٣٣ ـ ٣٤.


شرعيّتها (١) في صلاة العيد وأنه عيد (٢).

(والإعادة) (٣) ...

______________________________________________________

(١) أي شرعية الجماعة في صلاة العيد ، وفيه : عدم وجود خبر يدل على مشروعية الجماعة في صلاة كل عيد.

(٢) أي ويوم الغدير عيد بل هو عيد الله الأكبر كما في خبر علي بن الحسين العبدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا. إلى أن قال : وهو عيد الله الأكبر) (١).

(٣) إذا صلى المنفرد صلاته ثم وجد جماعة فيستحب إعادتها جماعة بلا خلاف فيه ويدل عليه جملة من الأخبار منها : صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع : (كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : إني أحضر المساجد مع جيراني وغيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم وقد صليت قبل أن آتيهم ، فربما صلى خلفي من يقتدي بصلاتي والمستضعف والجاهل ، وأكره أن أتقدم وقد صليت لحال من يصلي بصلاتي ممن سميت لك فأمرني في ذلك بأمرك أنتهي إليه وأعمل به إن شاء الله فكتب : صل بهم) (٢).

وصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال : يصلي معهم ويجعلها الفريضة إن شاء) (٣) فلذا تجوز الإعادة جماعة لمن صلى وحده سواء كان إماما ومأموما لما تقدم.

ولمرسل الصدوق : (قال رجل للصادق عليه‌السلام : أصلي في أهلي ثم أخرج إلى المسجد فيقدموني فقال : تقدم لا عليك وصل بهم) (٤).

وخبر عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟ قال : نعم وهو أفضل ، قلت : فإن لم يفعل؟

قال : ليس به بأس) (٥) وظاهر الأخير وغيره أن الإعادة لنفس الصلاة التي صلاها ، ويجوز جعلها قضاء عما فات كما في موثق إسحاق بن عمار : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : تقام الصلاة وقد صليت؟ فقال : صل واجعلها لما فات) (٦).

وظاهر النصوص المتقدمة أن استحباب الإعادة للمنفرد بحيث صلى لوحده فيستحب له ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٥ و ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ٩.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


من الإمام (١) ، أو المأموم ، أو هما وإن ترامت (٢) على الأقوى (ويدركها) أي الركعة (بإدراك الركوع) (٣) بأن يجتمعا في حدّ الراكع ولو قبل ...

______________________________________________________

ـ إعادتها جماعة ، وأما من صلى الفريضة في جماعة ثم وجد جماعة أخرى فلا تستحب له الإعادة لخروجها عن مورد النصوص السابقة بعد إدراك فضيلة الجماعة بالأولى كما عن جماعة منهم سيد المدارك.

وحكم الشهيدان في الذكرى والروض باستحباب الإعادة لعموم الأدلة ، وفيه : إن أكثر الروايات مختصة بمن صلى وحده وما ليس بقيد فلا عموم فيه.

(١) بناء على جواز إعادة من صلى جماعة.

(٢) قال في الروض : «وهل يسترسل الاستحباب ، منعه المصنف. أي العلامة. في التذكرة ، وجوزه في الذكرى وعموم الأدلة تدل عليه» (١) انتهى. وفيه : ما تقدم لا عموم في الأخبار لإعادة من صلى جماعة فضلا عن العموم للاسترسال.

(٣) على المشهور شهرة عظيمة للأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا أدركت الإمام وقد ركع فكبرت وركعت قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدركت الركعة ، وإن رفع رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة) (٢).

وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أنه قال : في الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع فكبّر الرّجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة) (٣).

وعن الشيخ في النهاية وكتابي الحديث وتبعه القاضي وجماعة إلى أنه لا تدرك الركعة إلا إذا أدرك تكبيرة الركوع لصحيح ابن مسلم عن أي جعفر عليه‌السلام : (إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الإمام فقد أدركت الصلاة) (٤).

وصحيحه الثاني عنه عليه‌السلام : (إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الإمام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة) (٥).

وصحيحه الثالث عنه عليه‌السلام : (لا تعتدّ بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الإمام) (٦).

وصحيحه الرابع عنه عليه‌السلام : (إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة) (٧). وهذه الروايات الأربعة مرجعها لابن مسلم مع أن الطائفة الأولى مروية عن أكثر من واحد فالأول أرجح والعمل عليها لأنها أشهر.

__________________

(١) روض الجنان ص ٣٧١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢ و ١.

(٤ و ٥ و ٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ٢ و ٣ و ٤.


ذكر المأموم (١) ، أما إدراك الجماعة (٢) فسيأتي أنه يحصل بدون الركوع ، ولو شكّ في إدراك حدّ الإجزاء (٣) لم يحتسب ركعة ، لأصالة عدمه (٤) فيتبعه في السجود ، ثم يستأنف (٥).

(ويشترط بلوغ الإمام) (٦) ...

______________________________________________________

(١) كما هو المعروف بين الأصحاب لإطلاق النصوص المتقدمة ، وعن العلامة في التذكرة اعتبار ذكر المأموم قبل أن يخرج الإمام عن حد الراكع ، للتوقيع الوارد في الاحتجاج عن صاحب الزمان عليه‌السلام : (إذا لحق مع الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتدّ بتلك الركعة وإن لم يسمع تكبيرة الركوع) (١) وهو مع ضعف سنده وإعراض الأصحاب لا يصلح لتقييد ما سبق.

(٢) أي إدراك ثوابها ، وهذا منه دفع لتوهم حاصله : أن قول المصنف ويدركها راجع إلى الجماعة وعليه فيدرك ثواب الجماعة بإدراك الركوع.

ودفعه بأن إدراك ثواب الجماعة يحصل بدون إدراك الركوع فيتعين أن يكون المراد من الضمير في كلام المصنف هو الركعة ، لأن إدراك الركوع فيها هو آخر محل لإدراك الركعة.

(٣) أي اجتماعهما في حد الراكع.

(٤) أي عدم الإدراك.

(٥) سيأتي الكلام فيه.

(٦) لا تصح إمامة الصبي غير المميّز بالاتفاق وأما الصبي المميز فكذلك على المشهور لخبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن عليا عليه‌السلام كان يقول : لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤم حتى يحتلم ، فإن أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه) (٢).

وعن الشيخ في المبسوط والخلاف والسيد في مصباحه والجعفي جواز إمامته لخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام عن علي عليه‌السلام : (لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم وأن يؤم) (٣) وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم وأن يؤذن) (٤) وموثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يجوز صدقة الغلام وعتقه ويؤم الناس إذا كان له عشر سنين) (٥) وهي لا تصلح لمقاومة ما سبق لإعراض الأصحاب عنها مع ضعف سند بعضها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٥.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٧ و ٨ و ٣ و ٥.


إلّا أن يؤمّ مثله (١) ، أو في نافلة (٢) عند المصنف في الدروس ، وهو يتم مع كون صلاته شرعية لا تمرينية (٣) ، (وعقله) (٤) حالة الإمامة وإن عرض له الجنون في غيرها ، كذي الأدوار على كراهة. (وعدالته) (٥) ...

______________________________________________________

(١) كما عن الدروس والروض وغيرهما إما لانصراف أدلة المنع المتقدمة عن إمامته لمثله ، وإما لحمل أخبار جواز إمامته على جواز إمامته لمثله ، والانصراف ممنوع والحمل المذكور جمع تبرعي لا شاهد له فالأقوى المنع.

(٢) وهي النافلة التي تشرع فيها الجماعة ، فقد استقرب الشهيد في الدروس والذكرى إمامته ولو بالبالغين ، وفيه : إن دليل المنع المتقدم مطلق يشمل الفريضة والنافلة معا.

(٣) لأنها لو كانت تمرينية فلا تجوز إمامته حتى بغير البالغ لأنها ليست صلاة حقيقية بل هي صورة صلاة.

(٤) بالاتفاق للأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يصلينّ أحدكم خلف المجنون وولد الزنا) (١) الحديث.

وصحيح أبي بصير ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (خمسة لا يؤمون الناس على كل حال ، وعدّ منهم. المجنون وولد الزنا) (٢).

وعن المشهور جواز الائتمام به حال إفاقته لعدم صدق الاسم عليه حينئذ ، وعن التذكرة والنهاية المنع واستدل عليه في الأول بإمكان عروض الجنون حال الصلاة ، وهو كما ترى لا يصلح لرفع أهليته لأن هذا الإمكان جار في العاقل أيضا. نعم حكم بكراهته لنفرة النفس منه الموجبة لعدم كمال الإقبال على العبادة.

(٥) اشتراط العدالة في إمام الجماعة مقطوع به في كلام الأصحاب بلا خلاف بينهم ويدل عليه جملة من الأخبار منها : خبر أبي علي بن راشد : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إن مواليك قد اختلفوا فأصلي خلفهم جميعا؟ قال : لا تصل إلا خلف من تثق بدينه) (٣).

وخبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن الصلاة خلف المخالفين فقال : ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر) (٤).

وصحيح عمر بن يزيد : (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام : عن إمام لا بأس به في جميع أموره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما ، اقرأ خلفه؟ قال : لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا) (٥). ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢ و ١.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢ و ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب هذه الجماعة حديث ١.


وهي (١) ...

______________________________________________________

ـ وخبر الصدوق عن أبي ذر (عليه الرحمة) قال : (إن إمامك شفيعك إلى الله (عزوجل) فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا) (١).

ومرسلة الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ثلاثة لا يصلّي خلفهم المجهول والغالي وإن كان يقول بقولك والمتجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا) (٢).

وموثق سماعة : (سألته عن رجل كان يصلي فخرج الإمام وقد صلى ركعة من صلاة فريضة قال : إن كان إماما عدلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الإمام في صلاته كما هو ، وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلي ركعة أخرى) (٣).

وخبر سعد بن إسماعيل عن أبيه عن الرضا عليه‌السلام : (رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر ، أصلي خلفه؟ قال عليه‌السلام : لا) (٤).

(١) اختلفوا في معنى العدالة فالمشهور على أنها هي ملكة أو حالة أو كيفية نفسانية تبعث على ملازمة التقوى ، أو تبعث على فعل الطاعات واجتناب الكبائر وترك الإصرار عن الصغائر ، أو تبعث على اجتناب الكبار وترك الإصرار عن الصغائر ، على اختلاف في التعبير بينهم والمقصود من الجميع واحد.

وعن الحلي في السرائر وأبي الصلاح والمجلسي والسبزواري بل قيل إنه الأشهر أن العدالة هي نفس ترك الكبائر وترك الإصرار على الصغائر.

وعن ابن الجنيد والمفيد أنها الإسلام مع عدم ظهور الفسق.

ومستند المشهور أخبار عمدتها صحيح ابن أبي يعفور : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال عليه‌السلام : أن تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ البطن والفرج واليد واللسان ، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك ، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن وحفظ ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب هذه الجماعة حديث ٢ و ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١٠.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ مواقيتهن بحضور جماعة المسلمين وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة ، فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس ، فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا : ما رأينا منه إلا خيرا ، مواظبا على الصلاة متعاهدا لأوقاتها في مصلاه ، فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين) (١).

ووجه الاستدلال بها أن صدرها وارد في مقام تعريف العدالة وذيلها. أعني قوله والدلالة على ذلك كله. وارد في بيان الطريق إلى العدالة بعد معرفة مفهومها.

والستر والعفاف ظاهران في وجود حالة نفسانية تبعث على كف البطن والفرج إلى غير ذلك من الكبائر.

وأشكل عليه بأن صدرها في مقام الجواب عن السؤال لمعرفة طريق إثبات العدالة فلا بدّ أن يكون الجواب في هذا المقام لا في مقام بيان مفهومها ، وردّ بأن ذيلها صريح في بيان طريق إثبات العدالة فلو كان صدرها كذلك للزم التكرار.

والإنصاف أن ظاهر الخبر صدرا وذيلا يدل على أن الإمام في مقام بيان طريق إثبات العدالة حيث جعل الطريق إليها معرفتنا بهذه الأفعال منه ، ثم قد لا يتيسر لنا دائما معرفة هذه الأفعال من اجتناب الكبائر والستر والعفاف ونحوها ، فجعل معرفتنا بعدم صدور المعصية منه لأنه ساتر لجميع عيوبه هو الدليل على كونه مجتنبا للكبائر فالاستدلال بها على أن العدالة هي حسن الظاهر وعدم ظهور الفسق كما هو القول الثالث ليس في محله نعم الإمام تعرض لمفهوم العدالة عرضا حيث جعل نفس الستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان واجتناب الكبائر هي العدالة بدليل أنه جعل العلم بها دليلا على إثبات العدالة فلو لم تكن العدالة هي هذه الأمور لما كان العلم بها طريقا لإثباتها غير أن الستر والعفاف لا يدلان على وجود حالة أو كيفية أو ملكة ، بل أطلق بما لهما من المعنى العرفي واللغوي ، فالستر هو الاجتناب عن المحرمات التي توجب هتكه بين الناس كالزنا والسرقة ، والعفاف هو الاجتناب عن محرمات شهوتي الفرج والبطن.

فجعل الستر هو الاستحياء من الله تعالى ، والعفاف هو التعفف عن عامة المعاصي على خلاف المتبادر من المعنى العرفي.

واستدل على اعتبار الملكة بموثق ابن أبي يعفور عن أخيه عن أبي جعفر عليه‌السلام : (تقبل شهادة المرأة أو النسوة إذا كنّ مستورات من أهل البيوتات ، معروفات بالستر والعفاف ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ مطيعات للأزواج تاركات للبذاء والتبرج إلى الرجال في أنديتهم) (١). والاستدلال به كالسابق وقد عرفت ما فيه.

وبخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا) (٢) وخبر عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في الرجل يشهد لابنه ، والابن لأبيه والرجل لامرأته فقال : لا بأس بذلك إذا كان خيّرا) (٣) وخبر العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إن أبا جعفر عليه‌السلام قال : لا تقبل شهادة سابق الحاج لأنه قتل راحلته وأفنى زاده وأتعب نفسه واستخف بصلاته ، قلت : فالمكاري والجمال والملّاح؟ قال : وما بأس بهم ، تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء) (٤) وما تقدم في اشتراط العدالة في إمام الجماعة كخبر أبي علي بن راشد : (لا تصل إلا خلف من تثق بدينه) (٥).

فالوثوق بدينه والصلاح والخيّرية والعفيف العائف بل والستر والعفاف كما في صحيح ابن أبي يعفور المتقدم لا تصدق عند اجتناب المعاصي فقط ولذا لا يقال وثقت بدينه بمجرد الترك ، بل عند اجتناب المعاصي عن ملكة ، ولذا لو تحقق ترك المعاصي في وقت كما يتحقق من أبناء الدنيا في نهار شهر رمضان عند صومهم لا يقال أنهم أصحاب دين وعدول وأهل ستر وعفاف ، وكذا من تحقق منه ترك المعاصي لضعف نفسه وفتور شهرته لا لأنه متعفف عنها بل لعدم قدرته عليها.

وأشكل عليه : بأن الصبي لو بلغ وقد تحقق منه ترك المعاصي لوجب أن لا يكون عادلا لعدم حصول الملكة الباعثة عنده بحسب الغالب ، وبأن الملكة لو اعتبرت لما أضرّها وقوع المعصية منه كما لا تضر ملكة الشجاعة والكرم صدور البخل أو الجبن مرة من الكريم والشجاع ، وبأن الملكة لو اعتبرت للزم ندرة العادل وهذا ما يلزم منه اختلال النظام لأن قيام الجماعات ونظام الشهادات والقضاء وسيرة التقليد متوقفة على وجود العادل هذا فضلا عن أن الأخبار المتقدمة لم تصرح بالملكة ، بل لا يوجد خبر قد دل على اعتبارها فلا بد من الاقتصار على ظاهر هذه الأخبار الدالة على أن العدالة هي نفس اجتناب المعاصي وهو مستند القول الثاني.

والتحقيق أن العدالة هي اجتناب المعاصي عن التزام قلبي بأمور الدين وهو المسمى ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١٩ و ١٠ و ٩.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.


ملكة نفسانية باعثة على ملازمة التقوى (١) ...

______________________________________________________

ـ بالتدين ، فليس نفس الاجتناب مطلقا هو العدالة ولا يشترط في صدور الاجتناب أن يكون عن ملكة.

والدليل على ما قلنا أن هذه الألفاظ الواردة في الأخبار مثل الصلاح والوثوق بدينه والعفيف الصائن والستر والعفاف لا تصدق إلا على الاجتناب المذكور ، ولذا يضره وقوع المعصية لأن المعصية الواقعة كاشفة عن اختلال في هذا الالتزام ولذا ترجع العدالة إليه لو أصلح هذا الالتزام بالتوبة ، بل التوبة هي الندم على ما فات المستلزم للعزم على عدم العود أو هي الندم مع العزم ، ونفس هذا العزم هو الالتزام القلبي الذي اشترطناه في مفهوم العدالة فإن كان مقصود المشهور من الملكة هو هذا الالتزام فأهلا بالوفاق وإلا فقد عرفت عدم الدليل عليها ، وإن كان مقصود غيرهم هو الاجتناب عن هذا الالتزام فهو وإلا فقد عرفت أن الصلاح والعفاف والستر والخيّرية لا تصدق على نفس الاجتناب ، نعم إن هذا الالتزام الباعث على اجتناب المعاصي تارة يكون في مورد ما كأن يلتزم بالصلاة مع كونه غير مبال أو ملتزم بالعدم بالنسبة للخمس أو الحج أو حقوق الوالدين والزوجة فهو ليس من العدالة بشي‌ء ، وأخرى يكون هذا الالتزام في مرتبة ضعيفة وهي الاقتصار على حدود المحرمات والواجبات فقط دون المكروهات والمستحبات والشبهات الجارية فيها أصول ترخيصية وأخرى يشتد هذا الالتزام حتى يصل إلى رتبة تالي المعصوم وما بينهما مراتب وثالثة يكون هذا الالتزام بسبب الخوف من النار والطمع في الجنة أو بسبب أهلية الله للعبادة أو بمجموعها بحيث يترك هذا المحرم خوفا ويفعل ذلك الواجب طمعا ويأتي بهذا الأمر من باب الأهلية المذكورة إلا أن هذا الخلاف في أسباب الالتزام لا يضر بصحته على كل حال ما دام خالصا عن الرياء ، أما لو كان أصل الالتزام بسبب التقرب لمحبوبه الدنيوي فهو ليس من التدين والعدالة بشي‌ء.

فائدة : حمل بعضهم لفظ الكيفية أو الحالة أو الملكة الباعثة الوارد في مفهوم العدالة عند المشهور على الملكة الناشئة من توسط القوى العقلية والنفسانية بين الإفراط والتفريط ، ولذا لا تتحقق إلا للأوحدي من الناس مع أن الاحتياج إلى العادل عام لازم في كل عصر ومصر.

وفيه : إن توسط القوى العقلية والنفسانية هي الملكة عند علماء الأخلاق وهي ليست مقصودة عند مشهور الفقهاء ، لأن محل البحث عندهم في الحالة النفسانية الباعثة على التقوى سواء توسطت القوى المذكورة ، أم لا ، ولذا قيل إن الكيفية عند علماء الأخلاق كاعتدال المزاج في القالب.

(١) بل هي الالتزام القلبي الباعث على ملازمة التقوى.


التي هي (١) القيام بالواجبات. وترك المنهيات الكبيرة مطلقا (٢) والصغيرة مع الإصرار عليها (٣) ، ...

______________________________________________________

(١) أي التقوى.

(٢) سواء أصرّ عليها أم لا.

(٣) المشهور على أن الذنوب على قسمين كبيرة وصغيرة ، ولكنه مشهور بين المتأخرين ، والمشهور بين القدماء على أن الذنوب كلها كبائر وإنما بعضها أصغر من بعض بالإضافة إلى ما هو أكبر وإلى ما يستحق عليه العقاب أكثر فالاختلاف بالكبر والصغر إنما هو بالإضافة إلى معصية أخرى.

ومستند الأول قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (١) وطوائف من الأخبار عقّد لها في الوسائل أبوابا في كتاب الجهاد ، منها بوجوب اجتناب الكبائر ، ومنها تعيين الكبائر ومنها صحة التوبة من الكبائر كخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام سمعته يقول : (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا قال : معرفة الإمام واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار) (٢) وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله (عزوجل) : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) قال : (الكبائر التي أوجب الله (عزوجل) عليها النار) (٣) وخبر ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما من عبد إلا وعليه أربعون جنّة حتى يعمل أربعين كبيرة ، فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عن الجنن) (٤) وخبر عباد بن كثير النوا عن أبي جعفر عليه‌السلام : (عن الكبائر فقال : كل ما أوعد الله عليه النار) (٥) وخبر ابن محبوب : (كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه‌السلام يسأله عن الكبائر كم هي؟ وما هي؟ فكتب : الكبائر من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفّر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا ، والسبع الموجبات : قتل النفس الحرام وعقوق الوالدين وأكل الربا والتعرب بعد الهجرة وقذف المحضة وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف) (٦) وخبر عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني قال : (سمعت أبي يقول : سمعت أبي موسى بن جعفر عليهم‌السلام يقول : دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله عليه‌السلام فلما سلّم وجلس تلا هذه الآية : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوٰاحِشَ). ثم ـ

__________________

(١) النساء الآية : ٣١.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ١ و ٢ و ٣ و ٦.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ١.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ أمسك ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : ما أسكتك؟ قال : أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله (عزوجل) فقال : نعم يا عمرو أكبر الكبائر) (١) الخبر ومثله خبر عبيد بن زرارة (٢) الدال على وجود الكبائر ، وخبر ابن مسلم (٣) ، وغيرها كثير فضلا عن خبر الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام الوارد في شرائع الدين قال : (والكبائر محرمة وهي الشرك بالله وقتل النفس. إلى أن قال. والإصرار على صغائر الذنوب) (٤) وخبر الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا عليه‌السلام في كتابه إلى المأمون : (الإيمان هو أداء الأمانة واجتناب جميع الكبائر. إلى أن قال : واجتناب الكبائر هي قتل النفس التي حرّم الله تعالى والزنا والسرقة. إلى أن قال : والإصرار على الذنوب) (٥) الواردين في وجود الصغائر بين الذنوب فضلا عن غيرهما.

ومستند القول الثاني أخبار منها : موثق زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (الذنوب كلها شديدة ، وأشدها ما نبت عليه اللحم والدم لأنه إما مرحوم وإما معذّب والجنة لا يدخلها إلا طيّب) (٦).

وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (كل ذنب عظيم) (٧) وإلى أن أخبار الكبائر مختلفة جدا في تعدادها فضلا عن عدم ذكر الكثير منها في هذه الأخبار وهذا ما يقتضي على أنها أكبر الكبائر كما يشهد له خبر عبد العظيم المتقدم. هذا والأقوى هو القول الأول لأن ظاهر الكتاب والسنة على تقسيم الذنوب ، بل صريح بعضها على أن الكبيرة هي ما توعد الله عليها سبحانه بالنار ، مع حمل أخبار تسوية الذنوب مع أنها أقل عددا على عظم معصية الله وإن كان في الأمر الحقير والصغير ولهذا ورد في الخبر عن أبي ذر : (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أبا ذر لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت) (٨).

هذا كله من جهة ومن جهة أخرى أن التمييز بين الكبيرة والصغيرة أو ضابطة الكبيرة هي ما توعد الله عليها النار كما في خبر عباد بن كثير النوا المتقدم سواء كان الوعيد في الكتاب أم السنة وهذا ما عليه المشهور وإن نسب إليه أنها ما توعد الله عليه بالنار في ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٢ و ٤ و ٦ و ٣٦ و ٣٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٣.

(٧) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٥.

(٨) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٨.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ خصوص الكتاب العزيز. وزيد عليه بما ورد في الخبر أنها كبيرة وإن لم يكن عليها وعيد كما يستفاد من تعداد الكبائر في الأخبار المتقدمة ، وبما ساوى الكبيرة ، هذا وفي الدروس أن الكبائر عدت بسبع وهي إلى السبعين أقرب ، وفي الروض أنها إلى السبعمائة أقرب ومن جهة ثالثة اشترط الفقهاء في العدالة الاجتناب عن الكبائر مطلقا وترك الإصرار على الصغائر ولازمه أن فعل الصغيرة لا يقدح في العدالة واستدل عليه بالآية الشريفة : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ) (١) الدالة على تكفير الصغائر باجتناب الكبائر ، ولقوله عليه‌السلام في صحيح ابن أبي يعفور المتقدم : (وتعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار) (٢) فلو كان فعل الصغيرة مضرا بالعدالة لكان تخصيص العدالة باجتناب الكبائر لغوا.

نعم الإصرار على الصغيرة من الكبائر وهو موجب للإخلال بالعدالة لخبر ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار) (٣) ومثله غيره ، وقد تقدم في خبر الأعمش عدّ الإصرار على الصغائر من الكبائر ، وهذا لا خلاف فيه ظاهرا ، وإنما الكلام في معنى الإصرار.

فقيل إنه فعل المعصية مع عدم التوبة لخبر جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام : (في قول الله (عزوجل). (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلىٰ مٰا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) قال : (الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدّث نفسه بالتوبة فذلك الإصرار) (٤) وخبر ابن أبي عمير (سمعت موسى بن جعفر عليه‌السلام. إلى أن قال : يا أبا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرا ، والمصر لا يغفر له ، لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم) (٥) ودعوى أن وقوع الصغيرة مع عدم التوبة مكفرة باجتناب الكبائر فلا يعقل حمل الإصرار عليه كما هو مضمون الأخبار إلا مجازا مردودة بأن وقوعها مكفرة إنما هي بالنسبة للعقاب لا بالنسبة لسائر آثار الذنب التي من جملتها ارتفاع العدالة.

__________________

(١) النساء الآية : ٣١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ١١.


وملازمة المروءة (١) التي هي إتباع محاسن العادات ، واجتناب مساوئها ، وما ينفر عنه من المباحات ، ويؤذن بخسّة النفس ودناءة الهمة ، وتعلم (٢) بالاختيار المستفاد

______________________________________________________

ـ وقيل : هو فعل المعصية مع العزم على العود لأنه معنى الإصرار عرفا ولغة كما عن القاموس وقيل : هو الإكثار لما ورد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (المعاودة للذنب إصرار) (١) وقيل : هو المداومة عليه لأنه معنى الإصرار لغة وعرفا ، فعن الجوهري : أصررت على الشي‌ء أي أقمت ودمت ، وعن النهاية : أصرّ على الشي‌ء يصر إصرارا إذا لزمه ودوامه وثبت عليه.

والإنصاف أن معنى الإصرار يشمل العزم على العود كما يشمل الإكثار والمداومة ولذا نقل عن الشهيد أن الإصرار متحقق بهذه الثلاثة غايته إن المداومة لنوع واحد والإكثار هو فعل جنس الصغائر من عدة أنواع ويبقى المعنى الأول وهو فعل المعصية مع عدم التوبة فالمعنى العرفي واللغوي للإصرار لا يشمله فإن ثبت للشارع معنى خاص شاملا له فهو ، والخبران المتقدمان أما الأول فهو ضعيف السند والثاني وإن كان صحيحا إلا أنه معرض عنه بين الأصحاب ولذا ذهبوا إلى بقية الأقوال في المسألة.

(١) ذهب المشهور إلى اعتبار المروءة في مفهوم العدالة ، ونسب إلى مشهور القدماء ما قبل العلامة عدم اعتبارها.

والمراد من المروءة هو تنزيه النفس من الدناءة التي لا تليق بأمثاله ويحصل ذلك بالتزام محاسن العادات وترك الرذائل المباحة كالبول في الشوارع ، والأكل في السوق في غير الموضع المعدّ له وكثرة الضحك والإفراط في المزح ولبس الفقيه ثياب الجندي.

واستدل لاعتبارها بخبر هشام بن الحكم عن الإمام الكاظم عليه‌السلام : (لا دين لمن لا مروة له) (٢) ومن المقطوع أن المروءة في الخبر لا يراد منها ما تقدم ، وعليه فلا بد من الالتزام أن ما ينافي المروءة إذا كان كاشف عن قلة المبالاة بأمور الدين فهو ينافي العدالة وإلا فلا بد من دليل عليه.

(٢) شروع في طرق إثبات العدالة وهي :

الأول : العلم لأن حجيته ذاتية بلا فرق في أسبابه فسواء استفيد من الاختبار الشخصي أم من غيره فلا فرق.

الثاني : البينة وهي شهادة شاهدين على ذلك إما لعموم أدلة اعتبار البينة كما في خبر ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب جهاد النفس حديث ٦.

(٢) أصول الكافي ج ١ ص ١٩.


.................................................................................................

______________________________________________________

ـ مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث بيان حلية الأشياء فقال : (والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة) (١) وإما للأخبار الخاصة في المقام مثل ذيل صحيح ابن أبي يعفور المتقدم : (فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا : ما رأينا منه إلا خيرا) (٢) وخبر علقمة عن الصادق عليه‌السلام : (فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر) (٣) مع عدم الفرق بين إثبات الفسق بالشاهدين وإثبات العدالة.

ثم لا فرق في شهادتهما بين كونها قولية أو فعلية.

الثالث : حسن الظاهر ، وهو المعروف بين الأصحاب ويدل عليه جملة من النصوص منها ما ورد في صحيح ابن أبي يعفور المتقدم : (والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس. إلى أن قال. فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا : ما رأينا منه إلا خيرا مواظبا على الصلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلّاء فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين) (٤) وبه كفاية.

نعم ذهب البعض بل نسب إلى المشهور في اشتراط حسن الظاهر للظن بالعدالة حتى يكون طريقا عليها واستدل عليه بالانصراف وبمرسل يونس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (فإذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه) (٥) وبخبر الكرخي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيرا وأجيزوا شهادته) (٦) وخبر أبي علي بن راشد المتقدم : (لا تصل إلا خلف من تثق بدينه) (٧) ومن الواضح أن اجتناب الذنوب إن لم يورث الظن بوجود العدالة كيف يكون طريقا لإثباتها ولذا لو ظن بالعدم لما رتب العقلاء على ذلك من أثر فالأقوى تقييد حسن الظاهر بإفادته الظن.

الرابع : الوثوق بعدالته وإن لم يكن مستفادا من حسن الظاهر ، لخبر ابن راشد المتقدم حيث جعل جواز الائتمام على الوثوق بدينه ، ومن هذا البيان تعرف أن أخبار الواحد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ما يكتسب به حديث ٤.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ١٣.

(٤ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب الشهادات حديث ١ و ٣ و ١٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.


من التكرار المطلع (١) على الخلق من التخلّق ، والطبع من التكلف غالبا ، وبشهادة عدلين بها ، وشياعها (٢) واقتداء العدلين به في الصلاة ، بحيث يعلم ركونهما إليه تزكية (٣) ، ولا يقدح المخالفة في الفروع (٤) ، إلا أن تكون صلاته باطلة عند المأموم (٥) وكان عليه أن يذكر اشتراط طهارة مولد الإمام (٦) ، فإنه شرط إجماعا كما ادعاه في الذكرى ، فلا تصح إمامة ولد الزنا ، وإن كان عدلا أما ولد الشبهة ومن تناله الألسن من غير تحقيق فلا ، (وذكوريته) (٧) إن كان المأموم ذكرا أو خنثى.

______________________________________________________

ـ العادل أو الثقة أو الجماعة غير العدول وغير الثقات والشياع الظني إن أفاد الوثوق بالعدالة فهو وإلا فلا عبرة به وإن أفاد الظن ، لأن الظن بالعدالة غير كاف بعد عدم الدليل على حجيته مع أن الأصل فيه عدم الحجية.

(١) إن أفاد علما أو وثوقا.

(٢) أي شيوع العدالة وقد عرفت أن المدار على الوثوق.

(٣) فتكون شهادة عملية.

(٤) أما مع اتحاد العمل بين الإمام والمأموم فلا كلام ، وأما مع الاختلاف فالمدار على صحة صلاة الإمام واقعا بحسب نظر المأموم بحيث لو صلى الإمام بثوب نجس واقعا وهو لا يعلم نجاسته ولكن لو علم بعد الصلاة فلا تجب الإعادة لقاعدة الفراغ أو حديث لا تعاد (١) ونحو ذلك فيصح حينئذ الائتمام فكل صلاة يصليها الإمام باعتقاد شي‌ء ثم مع فرض انكشاف الواقع له بعد الصلاة ، لا يجب عليه الإعادة ففي هذه الصلاة يجوز فيها الائتمام ، فالقول بعدم جواز الائتمام لأن المدار على صحة صلاة الإمام ظاهرا بحسب نظر المأموم ليس في محله لأنه على خلاف الأجزاء في مطابقة الحكم الظاهري.

(٥) واقعا كمن ترك ركنا بحيث لا يصححه حديث لا تعاد لو انكشف للإمام الواقع بعد الصلاة.

(٦) وهو أن لا يكون ابن زنا بالاتفاق ويدل عليه أخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا والأعرابي يؤم المهاجرين) (٢). والمنع في ولد الزنا فلا مانع في ولد الشبهة ومن تناله الألسن لعدم صدق الاسم شرعا.

(٧) بحيث لا تؤم المرأة رجلا بلا خلاف فيه ويدل عليه مرسل الدعائم عن جعفر بن محمد ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب أفعال الصلاة حديث ١٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.


(وتؤم المرأة مثلها (١) ، ولا) تؤم (ذكرا ، ولا خنثى) لاحتمال ذكوريته.

(ولا تؤم الخنثى غير المرأة) (٢) لاحتمال أنوثيّته وذكوريّة المأموم لو كان خنثى (٣) ،

(ولا تصح) مع جسم (حائل (٤) بين الإمام والمأموم) يمنع المشاهدة أجمع

______________________________________________________

ـ عليهما‌السلام : (لا تؤم المرأة الرجال) (١).

نعم يجوز للرجل أن يؤم الرجل والمرأة للأخبار الكثيرة منها : صحيح الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال له : أصلي المكتوبة بأم علي؟ قال : نعم تكون عن يمينك ويكون سجودها بحذاء قدميك) (٢).

(١) على المشهور للأخبار منها : موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المرأة تؤم النساء ، قال : لا بأس) (٣).

ومرسل عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المرأة تؤم النساء؟ قال : نعم تقوم وسطا بينهن ولا تتقدمهنّ) (٤).

وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة والتكبير؟ قال : قدر ما تسمع) (٥).

ويعارضها أخبار منها : صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المرأة هل تؤم النساء؟ قال عليه‌السلام : تؤمهنّ في النافلة فأما المكتوبة فلا ، ولا تتقدمهنّ ولكن تقوم وسطهن) (٦) وقد عمل بمضمونها ابن الجنيد والمرتضى ، وحملت عند المشهور على الكراهة جمعا بينها وبين ما تقدم.

(٢) ولو كان خنثى.

(٣) أي المأموم ، والحاصل أن الخنثى في حق الرجل كالأنثى ، وفي حق الأنثى كالرجل.

(٤) بلا خلاف فيه لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن صلى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطى فليس ذلك الإمام لهم بإمام ، وأيّ صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة ، فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة إلا من كان حيال الباب ، وقال : هذه المقاصير لم تكن في زمان أحد من الناس وإنما أحدثها الجبارون ، ليست لمن صلى خلفها ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١١ و ١٠ و ٧.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


في سائر الأحوال للإمام ، أو من يشاهده من المأمومين (١) ولو بوسائط منهم ، فلو شاهد بعضه (٢) ...

______________________________________________________

ـ مقتديا بصلاة من فيها صلاة ، وقال : ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان) (١).

فالاستدلال إما بقوله : (فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة إلا من كان حيال الباب) وإما بقوله : (هذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس وإنما أحدثها الجبارون ليست لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة). وكلاهما ظاهر في اشتراط عدم الحائل بين المأمومين كما في الفقرة الأولى أو بين الإمام والمأمومين كما هو ظاهر الفقرة الثانية.

والفقرة الأولى مطلقة تشمل الحائل في جميع أحوال الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود أو كان حائلا في بعضها فدعوى البعض كما عن الشارح وغيره من اختصاص الحائل لجميع أحوال الإمام ليس في محله. والفقرة الأولى صريحة في بطلان صلاة من كان بجناحي من يكون بحيال الباب فيشترط رؤية الإمام بالنسبة للمأموم فالقول بأن المأموم لو رأى من يرى الإمام من المأمومين ليس في محله هذا بالنسبة للمشاهدة الجانبية ، نعم لو لم يكن هناك حائل أو ستر والمأموم لا يرى الإمام لشدة البعد مع اتصال الصفوف فيكفي للمأموم أن يرى من يرى الإمام حينئذ ولا تشترط المشاهدة الإمامية ومنه تعرف ضعف ما أطلقه الشارح فضلا عن أن كلمات الأصحاب في هذه المسألة مضطربة جدا والعمدة على الخبر وقد عرفت مقدار دلالته.

هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يعارضه موثق أبي الجهم عن الرضا عليه‌السلام : (عن الرجل يصلي بقوم في مكان ضيّق ويكون بينهم وبينه ستر ، أيجوز أن يصلي بهم؟ قال عليه‌السلام : نعم) (٢) وفي بعض النسخ : (بينهم وبينه شبر) فيكون دالا على البعد لا على الحائل خصوصا عطفه على مكان ضيق مما يقرب أن يكون الوارد هو الثاني لا الأول ، وعلى فرض ورود الأول فهو لا يصلح لمعارضته صحيح زرارة لإعراض المشهور عنه.

(١) عطف على قوله : للإمام : والمعنى : يمنع المشاهدة في سائر الأحوال لمن يشاهد الإمام من المأمومين.

(٢) أي بعض الإمام أو بعض من يشاهده.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢ ، والباب ـ ٥٩ ـ حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.


في بعضها كفى (١) ، كما لا تمنع حيلولة الظلمة (٢) والعمى (إلا في المرأة (٣) خلف الرجل) فلا يمنع الحائل مطلقا (٤) ، مع علمها بأفعاله التي يجب فيها المتابعة ، (ولا مع كون الإمام أعلى) من المأموم (بالمعتد به) عرفا في المشهور (٥) ، وقدّره في الدروس بما لا يتخطّى ، وقيل : بشبر ، ولا يضر علو المأموم (٦) ...

______________________________________________________

(١) بعض الأحوال.

(٢) لأن الظاهر من الخبر أن يكون الحائل جسما لأنه الظاهر من لفظ السترة مع عطف الجدار عليها.

(٣) على المشهور لموثق عمار : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن الرجل يصلي بالقوم وخلفه دار فيها نساء ، هل يجوز لهنّ أن يصلين خلفه؟ قال عليه‌السلام : نعم إن كان الإمام أسفل منهن ، قلت : فإن بينهن وبينه حائطا أو طريقا فقال عليه‌السلام : لا بأس) (١) ومنه يظهر ضعف ما عن ابن إدريس من المنع.

(٤) سواء كان حائلا له في جميع أحوال الصلاة أم في بعضها.

(٥) لموثق عمار عن الصادق عليه‌السلام : (عن الرجل يصلي بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلي فيه ، فقال عليه‌السلام : إن كان الإمام على شبه الدكان أو على موضع أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم ، وإن كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع بقدر شبر. يسير. فإن كان أرضا مبسوطة وكان في موضع منها ارتفاع فقام الإمام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة إلا أنهم في موضع منحدر قال عليه‌السلام : لا بأس) (٢) والمنسوب للأكثر أنه يشترط أن لا يكون العلو علوا معتدا لاختلاف التقدير هنا بين نسخ الرواية ، وعن الدروس والموجز والجعفرية تقديره بما لا يتخطى اعتمادا على صحيح زرارة الوارد في البعد ، وقد تقدم ، وعن جماعة التقدير بالشبر اعتمادا على بعض نسخ الرواية ، هذا كله في العلو الدفعي أما الانحداري فلا بأس به كما هو صريح الخبر المتقدم.

(٦) بلا خلاف فيه لذيل موثق عمار المتقدم : (وسئل فإن قام الإمام أسفل من موضع من يصلي خلفه؟ قال عليه‌السلام : لا بأس ، قال : وإن كان الرجل فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان أم غيره ، وكان الإمام يصلي على الأرض أسفل منه جاز للرجل أن يصلي خلفه ويقتدي بصلاته وإن كان أرفع منه بشي‌ء كثير) (٣)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


مطلقا (١) ما لم يؤد إلى البعد المفرط (٢) ، ولو كانت الأرض منحدرة اغتفر فيهما (٣). ولم يذكر اشتراط عدم تقدم المأموم ، ولا بدّ منه (٤) ، والمعتبر فيه العقب (٥) قائما ، والمقعد وهو الألية جالسا (٦) ، والجنب نائما (٧).

(وتكره القراءة) (٨) من المأموم (خلفه في الجهرية) التي يسمعها ولو همهمة

______________________________________________________

(١) سواء كان العلو يسيرا أم معتدا به.

(٢) وادعى عليه الإجماع لكن إطلاق النص يدفعه فلذا ذهب البعض كما عن التذكرة والغرية من صحة صلاة المأموم وإن كان على شاهق.

(٣) في علو الإمام وعلو المأموم.

(٤) بالاتفاق سواء كان التقدم عند التحريمة أم في أثناء الصلاة وادعي عليه الإجماع كما عن التذكرة والذكرى والغرية. وهو الحجة في هذه المسألة.

(٥) وإن كانت أصابع أقدام المأموم متقدمة على أصابع أقدام الإمام لأنها أطول وبعضهم اشترط التقدم حتى بالأصابع.

(٦) وإن كانت مقاديم الركبتين للمأموم متقدمة على مقاديم ركبتي الإمام.

(٧) وإن كانت مقدمة بطن المأموم متقدمة ، والأحوط هو التأخر عن الإمام في كل هذه الأمور لصدق ائتمام أحدهما بالآخر الموجب لتقدم الإمام على المأموم في جميع حالات الصلاة بجميع أجزاء بدنه.

نعم كان عليهما أن يذكرا عدم بعد المأموم عن الإمام بلا خلاف ، لصحيح زرارة المتقدم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن صلى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطى فليس ذلك الإمام لهم بإمام ، وأي صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة. إلى أن قال : ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض ، ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان) (١). وعن أبي الصلاح وابن زهرة الاعتماد على ظاهره فلا يجوز أن يكون بين الصفين مسافة ما لا يخطى ، وعن المحقق حمله على الأفضل والاعتبار بما يكون كثيرا في العادة ، والأولى الاعتماد على الرواية الظاهرة في التحديد خصوصا ذيلها المقدّر للبعد المانع بمسقط جسد الإنسان.

(٨) فعن السيدين والشيخ في النهاية وظاهر المبسوط والصدوق في المقنع والفقيه والقاضي والحلبي وابن حمزة والعلامة في جملة من كتبه وكشف الرموز والمدارك وجماعة حرمة قراءة ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.


(لا في السرّية (١) ، ولو لم يسمع ولو همهمة) وهي الصوت الخفيّ من غير تفصيل

______________________________________________________

ـ المأموم خلف الإمام إن سمع الصوت ولو همهمة في الأولتين من الجهرية لصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (وإن كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئا في الأولتين وأنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئا في الأخيرتين فإن الله (عزوجل) يقول للمؤمنين : (وَإِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ). يعني في الفريضة خلف الإمام. (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فالأخيرتان تبع للأولتين) (١) وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله : عليه‌السلام (إذا صليت خلف إمام تأتم به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع إلا أن تكون صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع فاقرأ) (٢) وصحيح ابن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : (عن الرجل يكون خلف الإمام يجهر بالقراءة وهو يقتدي به هل له أن يقرأ من خلفه؟ قال : لا ، ولكن ينصت للقرآن) (٣) وصحيح قتيبة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك ، وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ) (٤).

وعن جماعة منهم الشهيد في الدروس بل نسب إلى المشهور الحكم بالكراهة لأن النهي عن القراءة من أجل الإنصات كما هو صريح الأخبار والإنصات غير واجب ، وفيه : إن صحيح زرارة المتقدم ورد فيه : (فلا تقرأن شيئا في الأولتين وانصت لقراءته) فالنهي عن القراءة غير الأمر بالإنصات فلو سلم أن الإنصات غير واجب. كما هو الأقوى. فيبقى النهي على حاله.

وعن الشيخ في النهاية والمبسوط وابن حمزة التفصيل بين سماع القراءة فيحرم وبين سماع الهمهمة فالمأموم بالخيار لموثق سماعة : (سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول فقال : إذا سمع صوته فهو يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه) (٥) والظاهر أن المراد من الصوت المسموع في جواب الإمام هو الصوت الوارد في السؤال والمقيد بأنه لا يفقهه وهو ظاهر في الهمهمة ولم يدل الخبر على الخيار فيه بل في صحيح قتيبة المتقدم النهي عن القراءة إذا كان يسمع الهمهمة.

(١) يكره للمأموم القراءة في الأولتين من الإخفاتية على الأشهر جمعا بين ما دل على التحريم كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى تفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأولتين) (٦) ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ١٦ و ٧ و ١٠.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٩.


الحروف (في الجهرية قرأ) المأموم الحمد سرا (مستحبا) (١) هذا هو أحد الأقوال في المسألة ، أما ترك القراءة في الجهرية المسموعة فعليه الكلّ ، لكن على وجه الكراهة عند الأكثر ، والتحريم عند بعض ، للأمر بالإنصات لسامع القرآن (٢) ، وأما مع عدم سماعها وإن قلّ فالمشهور الاستحباب في أولييها ، والأجود إلحاق أخرييها (٣)

______________________________________________________

وصحيح الحلبي المتقدم (١) ، وصحيح ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أما الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة فإن ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه) (٢) وبين ما دل على الجواز وخبر المرافقي والبصري عن جعفر بن محمد عليه‌السلام : (إذا كنت خلف الإمام تولّاه وتثق به فإنه يجزيك قراءته ، وإن أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فإذا جهر فانصت قال الله تعالى : (وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) (٣).

وذهب جماعة منهم الصدوق في المقنع وابن زهرة والعلامة في التحرير والتبصرة والشارح في المسالك وجماعة من المتأخرين إلى المنع لضعف خبر المرافقي والبصري ، وفيه : إنه منجبر بعمل الأصحاب. نعم يستحب للمأموم أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة على النبي وآله لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (سألته عن رجل يصلي خلف إمام يقتدي به في الظهر والعصر يقرأ ، قال : لا ولكن يسبح ويحمد ربه ويصلي على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٤) وصحيح بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إني أكره للمرء أن يصلي خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار ، قلت : جعلت فداك فيصنع ما ذا؟ قال : يسبّح) (٥).

(١) للأخبار تقدم بعضها.

(٢) بل للنهي عن القراءة كما تقدم.

(٣) إذا قرأ الإمام الحمد فيهما فلا يقرأ المأموم للنهي خصوصا صحيح زرارة المتقدم حيث ورد فيه : (والأخيرتان تبع للأولتين) (٦) بل عن السيد وابني إدريس وحمزة والعلامة في المنتهى أن لا يجب على المأموم شي‌ء من التسبيح والقراءة لخبر ابن سنان المروي في المعتبر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كان مأمونا على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأخيرتين) (٧) ـ

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ٥ و ١٥.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ١.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.

(٧) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.


بهما وقيل : تلحقان بالسريّة (١). وأما السريّة فالمشهور كراهة القراءة فيها ، وهو اختيار المصنف في سائر كتبه ، ولكنه هنا ذهب إلى عدم الكراهة ، والأجود المشهور.

ومن الأصحاب من أسقط القراءة وجوبا ، أو استحبابا مطلقا (٢) وهو أحوط (٣) ...

______________________________________________________

ـ ولصحيح زرارة المتقدم : (والأخيرتان تبع للأوليين) ومرسل السيد والحلي فعن الأول : (وأما الأخريان فالأولى أن يقرأ فيهما أو يسبح ، وروي أنه ليس عليه ذلك) وقريب منه ما عن الثاني.

وفيه : أما خبر ابن سنان فالمظنون أنه عين صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأوليين ، وقال : يجزيك التسبيح في الأخيرتين ، قلت : أي شي‌ء تقول أنت؟ قال : اقرأ فاتحة الكتاب) (١). وهو ظاهر في التخيير بين القراءة والتسبيح وأن القراءة أفضل ، ومعه لا يمكن الاعتماد على مرسل السيد والحلي ، وأما صحيح زرارة فهو مما يدل على النهي عن القراءة ولا يدل عدم وجوب التسبيح ولذا ذهب البعض إلى أفضلية التسبيح لهذا النهي.

(١) بمعنى أن المأموم مخيّر بين القراءة والتسبيح.

(٢) سرا وجهرا.

(٣) قال الشارح في الروض : «وهذه المسألة من المشكلات بسبب اختلاف الأخبار ، وأقوال الأصحاب في الجمع بينها ، وتحرير محل الخلاف أن الصلاة إما جهرية أو سرية ، وعلى الأول إما أن يسمع سماعا ما أو لا ، وعلى التقديرات فأما أن تكون في الأوليين أو الأخيرتين فالأقسام ستة.

فابن إدريس وسلّار أسقطا القراءة في الجميع للخبر المتقدم. ومراده هو صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام وسيأتي (٢). لكن ابن إدريس جعلها محرمة لظاهر الخبر وسلار جعل تركها مستحبا ثم روى وجوبه.

وأستثبت الأول وباقي الأصحاب على إباحة القراءة في الجملة. إلى أن قال : ولم أقف ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٩.


وقد روى زرارة في الصحيح (١) عن الباقر عليه‌السلام قال : «كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من قرأ خلف إمام يأتمّ به بعث على غير الفطرة».

(ويجب) على المأموم (نية الائتمام) (٢) بالإمام (المعين) (٣) بالاسم ، أو الصفة ، أو القصد الذهني ، فلو أخلّ بها (٤) ، أو اقتدى بأحد هذين (٥) ، أو بهما وإن اتفقا

______________________________________________________

ـ في الفقه على خلاف في مسألة تبلغ هذا القدر من الأقوال) (١).

(١) بل هو صحيح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة) (٢).

(٢) بالاتفاق بل ادعى عليه الإجماع من غير واحد ، ونية الائتمام تجعل الإمامة للإمام ، ويدل عليه النبوي المشهور في كتب الفقه : (إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به) ، هذا والخبر من مرويات العامة وقد رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا) (٣) وهو ظاهر في وجوب متابعة الإمام في الأفعال كما سيأتي ومع ذلك جعل الإنسان إماما لا يتم إلا بنية الائتمام من المأموم فلذا وجبت عليه. ولكن هل يجب على الإمام نية الإمام ذهب المشهور إلى العدم في الجماعة المستحبة لأن نية الائتمام من المأموم هي التي تجعل الإمام إماما لا أن الإمام هو الذي يجعل نفسه إماما ، وذهب البعض منهم الشهيدان إلى وجوب النية على الإمام في الجماعة الواجبة كالجمعة والعيدين إما لوجوب نية الواجب وإما لأن الجماعة الواجبة لا تتحقق إلا بنية الإمام مع نية المأموم ، وفي الأول منع وفي الثاني ضعف لأن الجماعة والإمامة والمأمومية تتحقق بنية المأموم للائتمام.

نعم الثواب. أعني ثواب الجماعة. لا يثبت في حق الإمام إلا بنية الإمامة لأن لكل امرئ ما نوى.

(٣) بلا خلاف فيه وعن مجمع البرهان : (كأنه مجمع عليه) ويكفي في التعيين الاسم والصفة أو الإشارة الذهنية أو الخارجية.

(٤) بنية الائتمام.

(٥) بحيث لم يكن الإمام واحدا بل مرددا.

__________________

(١) روض الجنان ص ٣٧٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٤.

(٣) صحيح مسلم ج ١ حديث ٧٧ ص ٣٠٨.


فعلا لم يصح (١) ، ولو أخطأ تعيينه (٢) بطلت وإن كان أهلا لها. أما الإمام فلا تجب عليه نية الإمامة ، إلا أن تجب الجماعة كالجمعة في قول. نعم يستحب. ولو حضر المأموم في أثناء صلاته (٣) نواها (٤) بقلبه متقربا.

(ويقطع النافلة) (٥) إذا أحرم الإمام بالفريضة. وفي بعض الأخبار قطعها متى أقيمت الجماعة ولمّا يكملها ، ليفوز بفضيلتها أجمع. (وقيل) : ويقطع (الفريضة) (٦) أيضا (لو خاف الفوت) أي فوات الجماعة في مجموع الصلاة ، وهو

______________________________________________________

(١) أما الإخلال بنية الائتمام فقد تقدم ، وأما مع الترديد أو مع نية الائتمام بهما فلأنه يشترط وحدة الإمام وهو مما قام عليه الإجماع المدعى كما عن غير واحد.

(٢) بحيث نوى الائتمام بالحاضر على أنه زيد فبان عمرا ، فإن كان الثاني غيري دل فتبطل جماعته بلا إشكال لعدم إحراز عدالة الإمام ولو ظاهرا وأما لو كان الثاني عادلا فالمشهور على صحة الجماعة لأنه قد قصد الائتمام بهذا الحاضر وهو الثاني واقعا وإن أخطأ في التطبيق فتصور أنه زيد.

نعم لو ائتم بزيد مع تخيل أن الحاضر هو زيد فبان عمرو فالبطلان لعدم تحقق نية الائتمام أما بالنسبة للأول فواضح لانكشاف الخلاف وأما بالنسبة للثاني فلعدم إنشاء الائتمام به ، فالحكم بالبطلان مطلقا كما عن الشارح وجماعة ليس في محله.

(٣) أي صلاة الإمام.

(٤) أي نية الإمامة.

(٥) لا خلاف في أنه إذا دخل الإمام في الفريضة وكان الإنسان في نافلة أن يقطعها ويستأنف مع الإمام الفريضة لما يستفاد من أهمية الجماعة على النافلة بعد جواز قطع النافلة ولصحيح عمرو بن يزيد : (سأل أبا عبد الله عليه‌السلام : عن الرواية التي يروون أنه لا يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت؟ قال عليه‌السلام : إذا أخذ المقيم في الإقامة ، فقال له : إن الناس يختلفون في الإقامة فقال عليه‌السلام : المقيم الذي يصلي معه) (١).

(٦) فلو كان في فريضة وأقيمت الجماعة استحب له العدول إلى النافلة وإكمالها ركعتين ثم يدخل مع الجماعة لصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل دخل المسجد فافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي إذا أذّن المؤذن وأقام الصلاة ، قال عليه‌السلام : فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الإمام ولتكن الركعتان تطوعا) (٢) وموثق سماعة : (عن رجل كان يصلي فخرج الإمام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


قوي (١) ، واختاره المصنف في غير الكتاب ، وفي البيان جعلها كالنافلة (٢) ، (وإتمامها ركعتين) ندبا (حسن) ليجمع بين فضيلة الجماعة ، وترك إبطال العمل. هذا إذا لم يخف الفوت ، وإلّا قطعها بعد النقل إلى النفل. ولو كان قد تجاوز ركعتين من الفريضة ففي الاستمرار ، أو العدول إلى النفل ، خصوصا قبل ركوع الثالثة؟ وجهان ، وفي القطع قوة. (نعم يقطعها) أي الفريضة (لإمام الأصل) (٣) مطلقا استحبابا في الجميع.

(ولو أدركه بعد الركوع) (٤) بأن لم يجتمع معه بعد التحريمة في حده (سجد)

______________________________________________________

ـ عليه‌السلام : إن كان إماما عدلا فليصل أخرى ولينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل مع الإمام في صلاته) (١).

وهما ظاهران في كون العدول إلى الركعتين قبل تمامهما ، فلو أتمهما وكان في ركوع الثالثة أو قيامها فهل يعدل إلى النافلة أو لا ، فعن جماعة المنع منهم العلامة في التذكرة والنهاية لقصور الخبرين عن إثبات ذلك.

هذا والشيخ في المبسوط جوّز قطع الفريضة مع خوف الفوات من غير احتياج إلى نقل ما بيده إلى النافلة ، وقواه في الذكرى لما في تحصيل فضل الجماعة من أهمية فضلا عن أن العدول إلى النفل كما هو مورد الأخبار المتقدمة قطع للفريضة أو مستلزم لجوازه.

ثم المراد بخوف الفوات هو فوات الجماعة بأسرها بالنسبة للفرع الأخير ، وأما بالنسبة لغيره فخوف الفوات هو خوف فوات أي شي‌ء منها حتى الجزء الأول من الفاتحة كما عن البعض أو خصوص فوات الركعة الأولى كما لعله ظاهر الأكثر أو خصوص القراءة كما عن المحقق الثاني.

(١) أي قطع الفريضة عند خواف فوات الجماعة بأسرها وهو فرع الشيخ في المبسوط.

(٢) أي يعدل بها إلى النافلة من دون قطع.

(٣) أي للإمام المعصوم عليه‌السلام ، وعلله في المعتبر بما له في المزية الموجبة للاهتمام بمتابعته وهذا ما عليه المشهور ، ثم تردد فيه بل ساوى العلامة في المختلف بين إمام الأصل وغيره في عدم جواز القطع بعد تجاوز المحل ، لأن تعليل المشهور لا يصلح حجة في نفسه فضلا عن أن يعارض الأدلة مع أن المسألة قليلة الجدوى والتشاغل بها في غير محله.

(٤) فالمأموم مخيّر بين نية الانفراد حتى لو قلنا بعدم جواز الانفراد اختيارا إلا أنه مخصوص ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.


معه بغير ركوع إن لم يكن ركع ، أو ركع طلبا لإدراكه فلم يدركه ، (ثم استأنف النية) مؤتما إن بقي للإمام ركعة أخرى ، ومنفردا (١) بعد تسليم الإمام إن أدركه في الأخيرة. (بخلاف إدراكه بعد السجود) (٢) فإنه يجلس معه ويتشهد مستحبا إن كان

______________________________________________________

ـ عند انعقاد الجماعة والمفروض العدم لأنه لم يدرك الإمام راكعا.

وبين انتظار الإمام قائما حتى يقوم الإمام إلى الركعة الأخرى فيجعلها المأموم أولى له ، وجواز الانتظار هو المحكي عن جماعة منهم الشيخ في المبسوط والشهيدان ويدل عليه موثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل أدرك الإمام وهو جالس بعد الركعتين قال عليه‌السلام : يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الإمام حتى يقوم) (١) وبين متابعة الإمام في السجود لخبر المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (إذا سبقك الإمام بركعة فأدركته وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتدّ بها) (٢) ولكن لو تابعه فهل يجب عليه استئناف النية وتكبيرة الإحرام فقال الشيخ في المبسوط لا يجب لأن زيادة الركن مغتفرة في متابعة الإمام ، والأكثر على الوجوب لأن زيادة السجدتين مبطلة للصلاة.

(١) أي واستأنف النية منفردا.

(٢) فيجوز له الدخول مع الإمام في التشهد الأخير على المشهور شهرة عظيمة لموثق عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يدرك الإمام وهو قاعد يتشهد وليس خلفه إلا رجل واحد عن يمينه ، قال عليه‌السلام : لا يتقدم الإمام ولا يتأخر الرجل ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الإمام فإذا سلم الإمام قام الرجل فأتم صلاته) (٣).

ولكن يعارضه صحيح ابن مسلم : (قلت له : متى يكون يدرك الصلاة مع الإمام ، قال : إذا أدرك الإمام وهو في السجدة الأخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة مع الإمام) (٤) ومال إليه سيد المدارك.

لكن جمع بينهما بحمل الصحيح على أدرك فضل تمام الركعة أدرك السجدة الأخيرة وحمل الموثق على إدراك فضل الجماعة ولو بالجملة ويشهد له خبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ومن أدرك الإمام وهو ساجد كبّر وسجد معه ولم يعتد بها ، ومن أدرك الإمام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ، ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولا إقامة) (٥) وفي هذا المورد فإذا ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٤ و ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ١ و ٦.


بتشهد ، ويكمل صلاته (فإنها تجزيه ويدرك فضيلة الجماعة) في الجملة (في الموضعين) وهما إدراكه بعد الركوع وبعد السجود للأمر بها (١) وليس إلا لإدراكها. وأما كونها كفضيلة من أدركها من أولها فغير معلوم ، ولو استمر في الصورتين قائما إلى أن فرغ الإمام (٢) ، أو قام (٣) ، أو جلس معه ولم يسجد (٤) صح أيضا ، من غير استئناف (٥).

والضابط أنه يدخل معه في سائر الأحوال (٦) ، فإن زاد معه ركنا استأنف النية وإلا فلا ، وفي زيادة سجدة واحدة وجهان أحوطهما الاستئناف (٧) وليس لمن لم يدرك الركعة قطع الصلاة بغير المتابعة (٨) اختيارا.

______________________________________________________

ـ سلم الإمام يقوم المأموم ويكمل صلاته من غير استئناف للنية والتكبير بالإجماع كما عن المهذب البارع.

(١) أي بالجماعة.

(٢) فيما لو أدركه في التشهد الأخير لموثق عمار الآخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل أدرك الإمام وهو جالس بعد الركعتين قال : يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الإمام حتى يقوم) (١) وهو ظاهر في التشهد الأول لا الأخير كما عليه المشهور.

(٣) أي قام الإمام إلى الركعة الأخرى وذلك فيما لو فات الركوع المأموم ، وقد تقدم الكلام فيه.

(٤) فيما لو فاته الركوع ، وعدم السجود لأن السجود متابعة غير واجب ، ولذا جاز له أن يبقى قائما.

(٥) للنية وتكبيرة الإحرام.

(٦) أما بالنسبة للركعة الأخيرة في مقام إدراك فضل الجماعة فما قبل السجدتين فلما تقدم في مسألة من فاته الركوع ، وأما قبل السجدة الأخيرة لصحيح ابن مسلم المتقدم : (إذا أدرك الإمام وهو في السجدة الأخيرة فهو مدرك لفضل الصلاة مع الإمام) (٢) ولخبر معاوية بن شريح المتقدم : (ومن أدرك الإمام وهو ساجد كبر وسجد معه ولم يعتدّ بها) (٣).

(٧) وإن كانت الأخبار خالية عن ذلك ، بل خلوها مع كونها في مقام البيان دليل على عدم وجوب الاستئناف.

(٨) والمعنى لا يجوز لمن لم يدرك الركوع مع الإمام أن يقطع الصلاة بسبب غير متابعة الإمام ، بحيث لو تابعه وزاد ركنا فيجب عليه استئناف النية والتكبير وإلا فلو لم يزد ركنا فلا يجوز له القطع لحرمة قطع الفريضة.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٤ و ١ و ٦.


(ويجب) على المأموم (المتابعة) (١) لإمامه في الأفعال إجماعا ، بمعنى أنه لا يتقدّمه فيها ، بل إما أن يتأخر عنه وهو الأفضل (٢) ، أو يقارنه ، لكن مع المقارنة تفوت فضيلة الجماعة وإن صحت الصلاة ، وإنما فضلها مع المتابعة.

أما الأقوال (٣) فقد قطع المصنف بوجوب المتابعة فيها أيضا في غيره ، وأطلق هنا بما يشمله ، وعدم الوجوب أوضح إلّا في تكبيرة الإحرام (٤) ، فيعتبر تأخّره بها (٥) ، فلو قارنه أو سبقه لم تنعقد ، وكيف تجب المتابعة فيما لا يجب سماعه ، ولا

______________________________________________________

(١) وجوب المتابعة مما لا خلاف فيه والمراد منه عدم تقدم المأموم على الإمام في الأفعال بأن يركع قبله أو يسجد أو يرفع رأسه وهكذا ويدل عليه النبوي : (إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا سجد فاسجدوا) (١) وقد رواه في غوالي اللآلي عن فخر المحققين : (إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به فإذا كبر فكبر) (٢) وهو إن كان عاميا إلا أنه منجبر باشتهاره وبعمل الأصحاب به.

(٢) نقل الشهيدان عن ابن بابويه : (إن من المأمومين من لا صلاة له ، وهو الذي يسبق الإمام في ركوعه وسجوده ورفعه ، ومنهم من له صلاة واحدة وهو المقارن له في ذلك ، ومنهم من له أربع وعشرون ركعة وهو الذي يتبع الإمام في كل شي‌ء فيركع بعده ويسجد بعده ويرفع منهما بعده) (٣).

(٣) فقد أوجب الشهيد وجوب المتابعة فيها كما في الدروس والبيان لعموم النبوي المتقدم ، وفيه : إنه ظاهر في خصوص الأفعال مع أنه لو وجب على المأموم المتابعة فيها لوجب على الإمام الجهر بها ليتمكن المأموم من متابعته ، مع أنه غير واجب على الإمام الجهر إلا في بعض الموارد.

(٤) فلا يجوز له التقدم بلا خلاف لامتناع تحقق الاقتداء قبل تلبس الإمام بالصلاة ولخبر قرب الإسناد عن الإمام الكاظم عليه‌السلام : (في الرجل يصلي أله أن يكبر قبل الإمام؟ قال عليه‌السلام : لا يكبر إلا مع الإمام فإن كبر قبله أعاد) (٤).

(٥) كما عن جماعة منهم سيد الشارح وسيد المدارك بل عن الرياض نسبته إلى فتوى ـ

__________________

(١) صحيح مسلم ج ١ حديث ٧٧ ص ٣٠٨.

(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٣) الذكرى ص ٢٧٩ وروض الجنان ص ٣٧٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب صلاة الجنازة حديث ١.


إسماعه إجماعا مع إيجابهم علمه بأفعاله ، وما ذاك إلا لوجوب المتابعة فيها.

(فلو تقدّم) المأموم على الإمام فيما يجب فيه المتابعة (ناسيا تدارك) (١) ما فعل

______________________________________________________

ـ الأصحاب مع أن صريح خبر قرب الإسناد جواز التكبير معه ولذا مال البعض إلى جواز المقارنة.

(١) إذا لم يتابع المأموم الإمام بأن رفع رأسه من الركوع قبل الإمام مثلا فهل تبطل صلاته فمذهب الأصحاب كما في المدارك على العدم ونسب الشهيد في الدروس البطلان إلى الشيخ في المبسوط لقوله فيه : «ومن فارق الإمام لغير عذر بطلت صلاته» وهو غير ظاهر فيما فهمه الشهيد لأنه قد قال الشيخ في المبسوط : «فإن فعل ذلك. يعني رفع رأسه من الركوع قبل الإمام. متعمدا لم يجز له العود إليه أصلا بل يقف حتى يلحقه الإمام» وهو صريح في عدم بطلان الصلاة ، بل ظاهر في عدم بطلان الجماعة وهو المشهور بينهم وأنه لا يترتب على ما لو خالف المتابعة إلا الإثم ولذا قالوا : إن المتابعة شرط تعبدي ولذا ورد الأمر بإعادة ما أخلّ به كما سيأتي وهذا كاشف عن أن الإخلال بالمتابعة لا يضر بصحة الجماعة فلو أخلّ بالمتابعة ناسيا بأن رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود والمتابعة على المشهور للأخبار منها : صحيح ابن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : (عن الرجل يركع مع الإمام يقتدي به ثم يرفع رأسه قال عليه‌السلام : يعيد ركوعه) (١).

نعم ورد وجوب البقاء وعدم المتابعة في موثق غياث بن إبراهيم : (سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام ، أيعود فيركع إذا أبطأ الإمام ويرفع رأسه معه؟ قال عليه‌السلام : لا) (٢) وقد جمع المشهور بينهما بحمل الأولى على صورة السهو ، وحمل الثانية على صورة العمد ، وأشكل عليه بأنه جمع تبرعي وردّ بأن من يصلي الجماعة لدرك الفضل لا يتعمد الإخلال بالمتابعة فلا بدّ من حمل الطائفة الأولى على السهو لأنه هو المعقول عند رفع المأموم رأسه قبل الإمام ، والطائفة الثانية إن لم يمكن حملها على الحمد لما قلنا فتحمل على الفضل حملا للمطلق على المقيد.

ثم لو ترك الإعادة في صورة السهو أتم لمخالفة الأمر وصحت صلاته وجماعته لأن المتابعة شرط تعبدي ، ومنه تعرف الحكم بأنه لو خالف المتابعة عمدا فتصح صلاته وجماعته وتوهم أنه بالإخلال العمدي قد خالف النهي عن الإخلال بالمتابعة والنهي يقتضي الفساد في العبادة ليس في محله لأن النهي هنا لم يتعلق بذات الصلاة ولا بجزئها ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ٦.


مع الإمام ، (وعامدا يأثم ويستمر) على حاله حتى يلحقه الإمام ، والنهي لاحق لترك المتابعة ، لا لذات الصلاة أو جزئها ، ومن ثمّ لم تبطل ، ولو عاد (١) بطلت للزيادة. وفي بطلان صلاة الناسي لو لم يعد قولان (٢) ، أجودهما العدم ، والظان كالناسي (٣) ، والجاهل عامد (٤).

(ويستحب إسماع الإمام من خلفه) (٥) أذكاره ليتابعه فيها وإن كان مسبوقا ، ما لم يؤد إلى العلوّ المفرط (٦) فيسقط الإسماع المؤدي إليه (ويكره العكس) بل يستحب للمأموم ترك إسماع الإمام مطلقا (٧) ، عدا تكبيرة الإحرام لو كان الإمام منتظرا له في الركوع (٨) ...

______________________________________________________

ـ وإنما تعلق بالجماعة فلو قلنا إن المتابعة شرط في صحة الجماعة لكان الإخلال بها موجبا لبطلانها إلا أنك عرفت أنه شرط تعبدي ، ويجب عليه الانتظار فلا عاد وتابع الإمام تبطل صلاته للزيادة العمدية ، ولو تابعه سهوا فإذا كان قد أتى بركن فكذلك وإلا فلا وهذا واضح لما تقدم في أحكام الخلل في الصلاة.

(١) عند الإخلال بالمتابعة عمدا عاد وأتى بالجزء الذي فيه الإمام ليتابعه فتبطل صلاته للزيادة العمدية.

(٢) حكى الشهيد القول عن البعض بأنها تبطل صلاته ولكنه ضعيف لما تقدم.

(٣) في المعذورية والحكم وذلك فيما لو ظن المأموم أن الإمام رفع رأسه من الركوع فرفع هو فتبين العدم فحكمه حكم الناسي للمعذورية في كليهما.

(٤) لأنه غير معذور لمخالفته وجوب التعلم.

(٥) لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول ، ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعوه شيئا مما يقول) (١) ويتأكد استحباب الإسماع في التشهد والتسليم لصحيح حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه التشهد ولا يسمعونه شيئا يعني التشهد ، ويسمعهم أيضا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) (٢).

(٦) للانصراف.

(٧) سواء أدى إلى العلو المفرط أم لا ، وفي الجهرية وغيرها ، وفي التشهد أو بقية الأذكار.

(٨) فيستحب الجهر حينئذ لئلا يبقى الإمام منتظرا.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ١.


ونحوه (١) ، وما يفتح به (٢) على الإمام ، والقنوت على قول (٣)

(وأن يأتمّ (٤) كل من الحاضر والمسافر بصاحبه) مطلقا (٥) ، وقيل : في فريضة مقصورة ، وهو مذهبه في البيان ، (بل بالمساوي) (٦) في الحضر والسفر ، أو في الفريضة غير المقصورة (٧) (وأن يؤمّ الأجذم والأبرص الصحيح) للنهي عنه (٨) وعما

______________________________________________________

(١) كما لو انتظره في السجدة الأخيرة أو في التشهد الأخير حتى يدرك فضل الجماعة.

(٢) عند نسيان الإمام كلمة أو آية فيلقنه المأموم ذلك.

(٣) قيل : بأن المشهور ذهب إلى استحباب الجهر بالقنوت مطلقا وخصه المرتضى بالجهرية وعلى القولين لا تخصيص بغير المأموم.

(٤) أي ويكره ائتمام.

(٥) في كل صلاة وإن لم تكن مقصورة ، هذا ونقل عن والد الصدوق المنع من اقتداء كل من الحاضر والمسافر بالآخر لصحيح الفضل من أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري ، فإن ابتلي بشي‌ء من ذلك فأمّ قوما حضريين فإذا أتم الركعتين سلّم) (١) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يصلي المسافر مع المقيم فإن صلى فلينصرف في الركعتين) (٢).

وفيه : إنه محمول على الكراهة لما في ذيلهما من جواز الاقتداء مضافا إلى جملة من الأخبار قد صرحت بالجواز مثل : صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلّم) (٣) وصحيح حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المسافر يصلي خلف المقيم قال : يصلي ركعتين ويمضي حيث شاء) (٤).

ولذا ذهب المشهور إلى جواز الاقتداء على كراهة جمعا بين الأخبار ، هذا وصرح المحقق في المعتبر والشارح في الروض وسيد المدارك وجماعة أن الكراهة مخصوصة بالصلاة المقصورة لأن كلا منهما سيفارق إمامه اختيارا ، والمفارقة مكروهة للمختار كما في المعتبر ، وعن البعض احتمال العموم عملا بإطلاق الصدر في رواية الفضل المتقدمة.

(٦) بحيث يؤم الحاضر الحاضر وكذا المسافر المسافر فلا كراهة بناء على قول المشهور.

(٧) بناء على ما اختاره في البيان.

(٨) كما في جملة من الأخبار منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة المسافر حديث ٦ و ٣.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ٢.


قبله (١) في الأخبار المحمول على الكراهة جمعا (٢) (والمحدود بعد توبته) للنهي كذلك (٣) ، وسقوط محله من القلوب (والأعرابيّ) (٤) وهو المنسوب إلى الأعراب وهم سكان البادية (بالمهاجر) وهو المدني المقابل للأعرابي ، أو المهاجر حقيقة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.

ووجه الكراهة في الأول مع النصّ بعده عن مكارم الأخلاق ، ومحاسن الشيم المستفادة من الحضر ، وحرّم بعض الأصحاب إمامة الأعرابي عملا بظاهر

______________________________________________________

ـ عليه‌السلام لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا والأعرابي لا يؤم المهاجرين) (١).

وحمل النهي على الكراهة كما هو المشهور جمعا بينها وبين ما دل على الجواز كخبر عبد الله بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن المجذوم والأبرص يؤمان المسلمين؟ قال : نعم ، قلت : هل يبتلي الله بهما المؤمن؟ قال : نعم وهل كتب الله البلاء إلا على المؤمن) (٢) وعن الشيخ في المبسوط والخلاف والسيد في بعض رسائله والقاضي في المهذب المنع عملا بظاهر النهي.

(١) وهو اقتداء الحاضر والمسافر بالآخر.

(٢) بل في اقتداء الحاضر والمسافر نفس ما دل على النهي يدل على الكراهة بحسب ذيله كما تقدم.

(٣) أي المحمول على الكراهة جمعا بينه وبين ما دل على الجواز ، أما النهي فكما في صحيح زرارة المتقدم لكنه لا بد من حمله على الكراهة لأنه تجوز الصلاة خلف الكافر إذا أسلم فكذا المحدود بعد توبته فيتعين حمله على الكراهة ، ومنشأها هو نقص منزلته وسقوط محله من القلوب ، ولكن عن جماعة من القدماء المنع تمسكا بظاهر النهي.

(٤) ورد النهي عن إمامته في جملة من الأخبار منها : صحيح زرارة المتقدم ، وعن جماعة من القدماء والمنع تمسكا بظاهر النهي ، وعن مشهور المتأخرين الحمل على الكراهة لنقصه عن محاسن الشيم ومكارم الأخلاق التي تستفاد من الحضر.

ومن ذهب إلى المنع حمل الأعرابي على من وجبت عليه الهجرة فلم يهاجر أو على من لا يعرف محاسن الإسلام وتفاصيل الأحكام وهما لا تجوز إمامتها لإخلالهما بالواجب من التعلم أو المهاجرة.

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦ و ١.


النهي ، ويمكن أن يريد به من لا يعرف محاسن الإسلام وتفاصيل الأحكام منهم المعنيّ بقوله تعالى : (الْأَعْرٰابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفٰاقاً) (١) ، أو على من عرف ذلك وترك المهاجرة مع وجوبها عليه ، فإنه حينئذ تمتنع إمامته ، لإخلاله بالواجب من التعلم والمهاجرة (والمتيمم بالمتطهر بالماء) للنهي عنه (٢) ونقصه (٣) لا بمثله (٤).

(وأن يستناب المسبوق (٥) بركعة) ، أو مطلقا إذا عرض للإمام مانع من الإتمام ، بل ينبغي استنابة من شهد الإقامة. ومتى بطلت صلاة الإمام فإن بقي (٦)

______________________________________________________

(١) التوبة آية : ٩٧.

(٢) كما في خبر عباد بن صهيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا يصلي المتيمم بقوم متوضئين) (١) وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام : (لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء) (٢) والنهي محمول على الكراهة جمعا بينه وبين صحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن إمام قوم أجنب وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل ومعهم ما يتوضئون به ، أيتوضأ بعضهم ويؤمهم؟ قال : لا ولكن يتيمم الإمام ويؤمهم فإن الله (عزوجل) جعل الأرض طهورا كما جعل الماء طهورا) (٣).

(٣) لأن التيمم طهارة بدلية.

(٤) لعدم النهي عنه.

(٥) أي يكره للإمام إذا عرض له مانع من الإكمال أن يستنيب المسبوق وهو الذي لم يلحق أول ركعة بل الذي لم يلحق الجماعة من حين الإقامة وذلك لجملة من الأخبار منها : صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يؤم القوم فيحدث ويقدم رجلا قد سبق بركعة كيف يصنع؟ فقال : لا يقدم رجلا قد سبق بركعة ولكن يأخذ بيد غيره فيقدمه) (٤).

وخبر معاوية بن ميسرة عن الصادق عليه‌السلام : (لا ينبغي للإمام إذا أحدث أن يقدم إلا من أدرك الإقامة) (٥) والنهي محمول على الجواز لجملة من الأخبار منها : صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في قدّم مسبوقا بركعة قال : إذا أتمّ صلاته بهم فليؤم إليهم يمينا وشمالا فلينصرفوا ثم ليكمل هو ما فاته من صلاته) (٦).

(٦) أي الإمام.

__________________

(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦ و ٥ و ١.

(٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


مكلّفا (١) فالاستنابة له ، وإلا فللمأمومين (٢) ، وفي الثاني (٣) يفتقرون إلى نية ائتمام بالثاني ، ولا يعتبر فيها سوى القصد إلى ذلك ، والأقوى من الأول ذلك (٤). وقيل (٥) : لا ، لأنه خليفة الإمام فيكون بحكمه.

ثم إن حصل قبل القراءة قرأ المستخلف ، أو المنفرد (٦) ، وإن كان في أثنائها. ففي البناء على ما وقع من الأول (٧) ، أو الاستئناف ، أو الاكتفاء بإعادة السورة التي فارق فيها أوجه أجودها الأخير (٨). ولو كان بعدها (٩) ففي إعادتها وجهان أجودهما العدم (١٠).

(ولو تبين) للمأموم (عدم الأهلية) من الإمام للإمامة بحدث ، أو فسق ، أو كفر (في الأثناء انفرد) (١١) حين العلم. والقول في القراءة كما تقدم ، (وبعد)

______________________________________________________

(١) بحيث لم يخرج عن أهليته للإمامة.

(٢) بحيث هم الذين يختارون.

(٣) إذا اختار المأمومون.

(٤) لتبدل الإمام فلا بد من التبدل بالقصد.

(٥) كما اختاره العلامة في التذكرة والنهاية.

(٦) إذا انفرد المأموم لسبب ما ، وقراءتهما لعدم قراءة الإمام مع أن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب.

(٧) من الإمام الأول.

(٨) لأن الإمام قد تحمل الحمد لأن قرأها.

(٩) بعد القراءة.

(١٠) لأن الإمام قد تحمل القراءة.

(١١) الحكم في هذه المسألة مبني على الحكم فيما لو انكشف عدم أهلية الإمام بعد الفراغ من الصلاة فالمشهور ذهب إلى عدم الإعادة لجملة من الأخبار منها : صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى بقوم وهو جنب أو على غير وضوء فعليه الإعادة وليس عليهم أن يعيدوا وليس عليه أن يعلمهم) (١).

وصحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن رجل أمّ قوما وهو على غير طهر ـ

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


الفراغ لا إعادة) على الأصح مطلقا للامتثال ، وقيل بعيد في الوقت لفوات

______________________________________________________

ـ فأعلمهم بعد ما صلّوا فقال : يعيد وهو ولا يعيدون) (١)

ومرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وكان يؤمهم رجل فلما صاروا إلى الكوفة علموا أنه يهودي قال : لا يعيدون) (٢).

وعن الإسكافي والسيد المرتضى وجوب الإعادة عليهم لصحيح معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (أيضمن الإمام صلاة الفريضة فإن هؤلاء يزعمون أنه يضمن ، قال عليه‌السلام : لا يضمن ، أي شي‌ء يضمن؟ إلا أن يصلي بهم جنبا أو على غير طهور) (٣).

وخبر نوادر الراوندي عن الكاظم عن آبائه عن علي عليهم‌السلام : (من صلى بالناس وهو جنب أعاد هو والناس صلاتهم) (٤).

وخبر دعائم الإسلام عن علي عليه‌السلام : (صلى عمر بالناس صلاة الفجر فلما قضى الصلاة أقبل عليهم فقال : يا أيها الناس إن عمر صلى بكم الغداة وهو جنب فقال له الناس : فما ذا ترى؟ فقال : عليّ الإعادة ولا إعادة عليكم ، فقال له علي عليه‌السلام : بل عليك الإعادة وعليهم ، إن القوم بإمامهم يركعون ويسجدون ، فإذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة المأمومين) (٥)والأخيران ضعيفا السند والأول لا يصلح لمقاومة ما تقدم من النصوص.

وحكى الصدوق عن بعض مشايخه وجوب إعادة الصلاة الإخفاتية دون الجهرية. وليس له مستند ظاهر ، وكذلك عن الحلي في سرائره الإعادة في الوقت دون خارجه وأيضا ليس له مستند. وعلى هذا فلو تبين عدم أهلية الإمام في أثناء الصلاة فعلى القول بوجوب الإعادة لا بدّ للمأموم أن يستأنف الصلاة وعلى القول بالعدم ينوي الانفراد ويتم ولصحيح زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : (سألته عن رجل صلى بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس على وضوء قال : يتم القوم صلاتهم فإنه ليس على الإمام ضمان) (٦).

نعم عن العلامة في المنتهى أنه يستأنف صلاته لخبر حماد عن الحلبي : (يستقبلون صلاتهم لو أخبرهم الإمام في الأثناء أنه لم يكن على طهارة) ولكن غير موجود في كتب الأخبار كما اعترف به غير واحد منهم صاحب الحدائق بالإضافة إلى أنه معرض عنه على فرض وجوده.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.

(٤ و ٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣ و ٢.

(٦) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.


الشرط ، وهو ممنوع (١) مع عدم إفضائه إلى المدعى (٢).

(ولو عرض للإمام مخرج) من الصلاة لا يخرج عن الأهلية كالحدث (استناب) (٣) هو ، وكذا لو تبين كونه خارجا ابتداء لعدم الطهارة ، ويمكن شمول المخرج في العبارة لهما ، (ويكره الكلام) للمأموم والإمام (بعد) قول المؤذّن (قد قامت الصلاة) (٤) لما روي (٥) أنهم بعدها كالمصلّين.

______________________________________________________

(١) لأن صلاتهم صحيحة نعم فإن شرط الجماعة ، وليس إبطال الجماعة موجبا لإبطال الصلاة.

(٢) إذ لو سلم به لوجب الحكم بالإعادة في داخل الوقت وخارجه ، فتخصيصه في داخل الوقت فقط ليس في محله.

(٣) بحيث أن الاستنابة للإمام وإن جاز للمأموم لكن الإمام أولى لأنه هو الظاهر من النصوص كصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : (عن إمام أحدث فانصرف ولم يقدّم أحدا ما حال القوم ...) (١) وهو ظاهر في كونه الاستنابة للإمام وكذا في المرسل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (ما كان من إمام تقدم في الصلاة وهو جنب ناسيا أو أحدث أو رعف رعافا أو أذى في بطنه فليجعل ثوبه على أنفه ثم لينصرف وليأخذ بيد رجل فليصل مكانه) (٢) ومثله غيره.

(٤) ففي خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الإمام وأهل المسجد إلا في تقديم إمام) (٣) وخبر ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يتكلم في الإقامة قال : نعم فإذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض تقدم يا فلان) (٤) ومثله غيره ولكنه محمول على الكراهة لجملة من الأخبار منها : خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (عن الرجل يتكلم في أذانه أو في إقامته؟ فقال : لا بأس) (٥).

(٥) كما في خبر أبي هارون المكفوف : (قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبا هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تؤم بيدك) (٦).

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب صلاة الأذان والإقامة حديث ١ و ٧ و ٨.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة حديث ١٢.


(والمصلّي خلف من لا يقتدى به) (١) لكونه مخالفا (يؤذّن لنفسه ويقيم) (٢) إن لم يكن وقع منهما (٣) ما يجزئ عن فعله كالأذان للبلد إذا سمعه ، أو مطلقا (٤) ،

______________________________________________________

(١) قد ورد الحث في الكثير من الأخبار على الحث على الصلاة مع المخالف عند التقية ففي خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (يا إسحاق أتصلي معهم في المسجد؟ قلت : نعم ، قال : صل معهم فإن المصلي معهم في الصف الأول كالشاهر سيفه في سبيل الله) (١) وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) (٢) وإنما الكلام في حكم القراءة فالمشهور على أنه تجب القراءة مع الإمكان ومع عدم الإمكان تسقط ، ففي صحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : (عن الرجل يصلي خلف من لا يقتدي بصلاته والإمام يجهر بالقراءة؟ فقال عليه‌السلام : اقرأ لنفسك وإن لم تسمع نفسك فلا بأس) (٣) وهو دال على جواز الإخفات في القراءة الجهرية من باب التقية.

وعند تعذر قراءة السورة يقرأ الفاتحة فقط لخبر ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه‌السلام : (قلت له : إني أدخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجلوني إلى ما أن أؤذن وأقيم ولا أقرأ إلا الحمد حتى يركع أيجزيني ذلك؟ قال : نعم يجزيك الحمد وحدها) (٤).

بل يقرأ ولو بعض الحمد بحسب الإمكان لصحيح أبي بصير : (قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : من لا أقتدي به في الصلاة قال عليه‌السلام : أفرغ قبل أن يفرغ فإنك في حصار ، فإن فرغ قبلك فاقطع القراءة وأركع معه) (٥). وخبر أحمد بن عائذ : (قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : إني أدخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجلوني إلى ما أؤذّن وأقيم فلا أقرأ شيئا حتى إذا ركعوا وأركع معهم أيجزيني ذلك؟ قال : نعم) (٦) وهو دال على سقوط القراءة بتمامها عند عدم الإمكان.

(٢) لأنه لا عبرة بأذان المخالف وإقامته. وفي مرسل الصدوق : (قال الصادق عليه‌السلام : أذّن خلف من قرأت خلفه) (٧).

(٣) من الأذان والإقامة.

(٤) المشهور على جواز الاكتفاء بأذان الإمام وأذان البلد وأذان المنفرد ، وجزم الشارح في ـ

__________________

(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٧ و ٤.

(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ٦.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٦) مستدرك الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٨.


(فإن تعذّر) الآذان لخوف فوت واجب القراءة (اقتصر) على قوله (قد قامت الصلاة) مرتين (إلى آخر الإقامة) (١) ، ثم يدخل في الصلاة منفردا بصورة الاقتداء ، فإن سبقه الإمام بقراءة السورة سقطت ، وإن سبقه بالفاتحة أو بعضها قرأ إلى حد الراكع وسقط عنه ما بقي ، وإن سبق الإمام سبّح الله استحبابا إلى أن يركع (٢) ، فإذا فعل ذلك غفر له بعدد من خالفه (٣) وخرج بحسناتهم (٤) ، روي ذلك عن الصادق عليه‌السلام.

______________________________________________________

ـ المسالك باختصاص الحكم بأذان البلد والجماعة ومنع من الاجتزاء بأذان المنفرد فالتقييد بناء على مختاره والإطلاق بناء على مختار المشهور.

(١) لخبر معاذ بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقي على الإمام آية أو آيتان فخشي إن هو أذن وأقام أن يركع فليقل : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، وليدخل في الصلاة) (١).

(٢) كما في خبر إسحاق بن عمار عمن سأل أبا عبد الله عليه‌السلام : (أصلي خلف من لا أقتدي به ، فإذا فرغت من قراءتي ولم يفرغ هو قال عليه‌السلام : فسبح حتى يفرغ) (٢) وخبر صفوان : (قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن عندنا مصلى لا نصلي فيه وأهله نصّاب وإمامهم مخالف فأتم به ، قال : لا ، فقلت : إن قرأ فاقرأ خلفه؟ قال : نعم ، قلت : فإن نفدت السورة قبل أن يفرغ ، قال عليه‌السلام : سبح وكبّر إنما هو بمنزلة القنوت وكبّر وهلل) (٣) ومثله غيره.

(٣) كما في مرسل الصدوق في الفقيه : (وقال الصادق عليه‌السلام : إذا صليت معهم غفر لك بعدد من خالفك) (٤).

(٤) كما في خبر الأرجاني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (من صلى في منزله ثم أتى مسجدا من مساجدهم فصلى فيه خرج بحسناتهم) (٥) وخبر نشيط بن صالح عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام : في حديث : (والذي يصلي مع جيرته يكتب له أجر من صلى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويدخل معهم في صلاتهم فيخلف عليهم ذنوبه ويخرج بحسناتهم) (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٤ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٩.

(٦) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٦.


(ولا يؤمّ القاعد القائم) (١) وكذا جميع المراتب ، لا يؤمّ الناقص فيها الكامل للنهي ، والنقص. ولو عرض العجز في الأثناء انفرد المأموم الكامل حينئذ (٢) إن لم يمكن استخلاف بعضهم.

(ولا الأمّي) وهو من لا يحسن قراءة الحمد والسورة ، أو أبعاضهما ولو حرفا أو تشديدا ، أو صفة واجبة (القارئ) (٣) وهو من يحسن ذلك كلّه ، ويجوز بمثله مع تساويهما في شخص المجهول (٤) ، أو نقصان المأموم (٥) ، وعجزهما عن

______________________________________________________

(١) على نحو المنع بلا خلاف ويدل عليه مرسل الفقيه عن أبي جعفر عليه‌السلام : (إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأصحابه في مرضه جالسا ، فلما فرغ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يؤمنّ أحدكم بعدي جالسا) (١) وفي الجواهر أنه : (مروي عند الخاصة والعامة) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يؤمنّ المقيّد المطلقين ، ولا صاحب الفالج الأصحاء ولا صاحب التيمم المتوضئين) (٢) وما عن الشعبي عن علي عليه‌السلام : (لا يؤمن المقيّد المطلقين) (٣).

وضعف السند في الجميع منجبر بعمل الأصحاب فلا إشكال في الحكم ، وإنما الإشكال هل يختص الحكم بمورد النص أم يتعدى إلى كل ناقص وكامل أو لا ، واستدل للتعميم كما هو المشهور بوحدة المناط خصوصا أن الأصل في كل ما شك اعتباره في الجماعة هو عدم الاعتبار إلا ما قام الدليل عليه كما في ائتمام المتوضئين بالمتيمم.

(٢) أي حين عروض العجز.

(٣) على نحو المنع بلا خلاف فيه لما تقدم من أن الإمام ضامن للقراءة كما في جملة من الأخبار منها : خبر الحسين بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (سأله رجل عن القراءة خلف الإمام ، فقال : لا ، إن الإمام ضامن للقراءة ، وليس يضمن الإمام صلاة الذين هم من خلفه ، إنما يضمن القراءة) (٤).

فمع عجزه عن القراءة الصحيحة لا يجوز للقادر أن يأتم به لقدرته على القراءة وعجز الإمام عن تحملها فلذا فسّر الشارح الأميّ بمن لا يحسن القراءة على النحو الصحيح.

(٤) كما لو كانا لا يحسنان قراءة آية معينة في الحمد أو السورة.

(٥) أي كان عجز المأموم أكثر من عجز الإمام.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١ و ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


التعليم لضيق الوقت ، وعن الائتمام بقارئ (١) ، أو أتم منهما (٢) ، ولو اختلفا فيه (٣) لم يجز وإن نقص قدر مجهول الإمام. إلا أن يقتدي جاهل الأول بجاهل الآخر (٤) ، ثم ينفرد عنه (٥) بعد تمام معلومه كاقتداء محسن السورة خاصة بجاهلها (٦) ، ولا يتعاكسان (٧).

(ولا المؤف اللسان) كالألثغ بالمثلثة وهو الذي يبدّل حرفا بغيره ، وبالمثناة من تحت (٨) وهو الذي لا يبين الكلام ، والتمتام والفأفاء وهو الذي لا يحسن تأدية الحرفين (٩) (بالصحيح) (١٠). أما من لم تبلغ آفته إسقاط الحرف (١١) ، ولا إبداله (١٢) ، أو يكرره (١٣) فتكره إمامته بالمتقن خاصة (١٤).

______________________________________________________

(١) عطف على قوله : (عن التعليم لضيق الوقت) حتى يجوز للأميّ أن يأتم بمثله مع تفويت بعض القراءة الصحيحة.

(٢) عطف على قوله : (بقارئ) أي وهما عاجزان عن الائتمام بقارئ أتم منهما.

(٣) في المجهول بحيث كان أحدهما يجهل بعض الفاتحة والآخر البعض الآخر ؛ لأن كل واحد منهما أميّ بالنسبة إلى الآخر ، وإن كان جهل الإمام من الفاتحة أقل من جهل المأموم منها.

(٤) أي يأتم جاهل الحمد بجاهل السورة دون العكس لأن الصلاة لا تصح بلا فاتحة الكتاب بالإجماع بخلاف السورة فإنه مختلف فيها.

(٥) عن الإمام.

(٦) أي بجاهل السورة ، قد عرفت أن الإمام ضامن للقراءة فعلى القول بوجوب السورة كما هو الأقوى فلا يجوز ائتمام عالمها بجاهلها حينئذ وإن وقع الخلاف في وجوب السورة.

(٧) أي لا يأتم عالم الحمد وجاهل السورة بجاهل الحمد وعالم السورة.

(٨) وهو الأليغ.

(٩) وهما التاء والفاء.

(١٠) على نحو المنع بلا خلاف فيه لكون الإمام متحملا للقراءة مع أنه عاجز عن تأديتها بالنحو الصحيح والمأموم قادر عليها.

(١١) بالنسبة إلى الأليغ.

(١٢) بالنسبة إلى الألثغ.

(١٣) بالنسبة إلى التمتام والفأفاء.

(١٤) أما بالنسبة لمثله فلا كراهة.


(ويقدّم الأقرأ) (١) ...

______________________________________________________

(١) إذا تشاح الأئمة رغبة في ثواب الجماعة لا لفرض دنيوي حتى لا يوجب القدح في عدالة الإمام فيرجّح من يقدمه المأمومون لما فيه من اجتماع القلوب وحصول الإقبال ، وإن اختلفوا فلا بد من الترجيح ، فعن التذكرة يقدّم اختيار الأكثر فإن تساووا فالترجيح للأقرإ ثم الأفقه ثم الأقدم هجرة ثم الأسن ثم الأفصح كما هو المشهور ويشهد له ما في الفقه الرضوي : (أولى الناس بالتقدم في الجماعة أقرؤهم للقرآن ، فإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم ، وإن كانوا في الفقه سواء فأقربهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأسنّهم ، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها) (١).

وذهب بعض الأصحاب كما حكاه في التذكرة إلى تقديم الأفقه على الأقرإ ، لأن القراءة يحتاج إليها في الصلاة خاصة بخلاف الفقه فإنه يشمل العلم بأحكام الصلاة وأركانها فيكون أولى بالتقديم وللنبوي : (من أمّ قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيامة) (٢).

ولكن هذا النبوي معارض بالشهرة وبما تقدم من خبر الفقه الرضوي من تقديم الأقراء على الأفقه وبخبر أبي عبيدة : (سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصلاة فيقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان ، فقال عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يتقدم القوم أقرؤهم للقرآن ، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ، فإن كانوا في السن سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين) (٣) وخبر دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : (يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن استووا فأقرأهم ، وإن استووا فأفقههم وإن استووا فأكبرهم سنا ، وصاحب المسجد أحق بمسجده) (٤) وما في الفقه الرضوي : عن العالم أو عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (أنه سئل عن القوم يكونون جميعا إخوانا من يؤمهم؟ قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : صاحب الفراش أحق بفراشه ، وصاحب المسجد أحق بمسجده ، وقال : أكثرهم قرآنا وقال : أقدمهم هجرة فإن استووا فأقرأهم فإن استووا فأفقههم ، فإن استووا فأكبرهم سنا) (٥). ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٤) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٥.


من الأئمة لو تشاحّوا أو تشاحّ المأمومون ، وهو (١) الأجود أداء ، وإتقانا للقراءة ومعرفة أحكامها ومحاسنها ، وإن كان أقل حفظا ، فإن تساووا فالأحفظ (٢) ، فإن تساووا فيهما (فالأفقه) في أحكام الصلاة ، فإن تساووا فيها فالأفقه في غيرها.

وأسقط المصنف في الذكرى اعتبار الزائد (٣) لخروجه عن كمال الصلاة.

وفيه أن المرجح لا ينحصر فيها ، بل كثير منها كمال في نفسه ، وهذا منها مع شمول النص له ، فإن تساووا في الفقه والقراءة (فالأقدم هجرة) من دار الحرب إلى دار الإسلام ، هذا هو الأصل (٤) ، وفي زماننا قيل (٥) هو السبق إلى طلب العلم ، وقيل (٦) إلى سكنى الأمصار مجازا عن الهجرة الحقيقية لأنها مظنة الاتصاف

______________________________________________________

ـ وما في الغوالي عن ابن مسعود عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله ، فإن كانت القراءة واحدة ، فليؤمهم أعلمهم بالسنة ، فإن كانت السنة واحدة فليؤمهم أقدمهم هجرة ، فإن كانت الهجرة واحدة فليؤمهم أكبرهم سنا ، ولا يؤمّن رجل رجلا في بيته ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه) (١).

وهي كلها متفقة على تقديم الأقرإ على الأفقه وإن اختلفت في بقية الترجيحات لكن العمدة على ما في الفقه الرضوي لانجباره بالشهرة وإعراض الأصحاب عن البقية فيما خالفه.

(١) أي الأقرأ.

(٢) ففي الخبر الثاني من الفقه الرضوي تقديم الأحفظ على الأقرإ والأفقه لكن عرفت إعراض المشهور عنه.

(٣) وهو الأفقه في غير أحكام الصلاة.

(٤) في معنى الهجرة.

(٥) وهو للشيخ يحيى بن سعيد.

(٦) وهو للمحقق الكركي وتلميذه قال الشهيد في الذكرى : «وربما جعلت الهجرة في زماننا سكن الأمصار لأنها تقابل البادية مسكن الأعراب ، لأن أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة والكمال فيها» (٢).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٨.

(٢) الذكرى ص ٢٧١.


بالأخلاق الفاضلة ، والكمالات النفسية ، بخلاف القرى والبادية. وقد قيل (١) : إن الجفاء والقسوة في الفدّادين بالتشديد ، أو حذف المضاف ، وقيل (٢) : يقدّم أولاد من تقدمت هجرته على غيره ، فإن تساووا في ذلك (فالأسن) (٣) مطلقا (٤) ، أو في الإسلام (٥) كما قيّده في غيره.

فإن تساووا فيه (فالأصبح) وجها (٦) ، لدلالته على مزيد عناية الله تعالى ، أو ذكرا بين الناس (٧) ، لأنه يستدلّ على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسنة عباده ،

______________________________________________________

(١) قال الشارح في روض الجنان في بحث صلاة الميت : «وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الجفاء والقسوة في الفدادين ، قال الهروي ناقلا عن أبي عمرو : الفدادين مخففة واحدها فدان مشدد ، وهي البقر التي يحرث بها وأهلها أهل جفاء لبعدهم من الأمصار ، فأراد أصحاب الفدادين كما قال تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ).

وحكي فيه التشديد وهم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم وأموالهم ومواشيهم من أهل القرى والبوادي ، يقال : فدّ الرجل يفدّ إذا اشتد صوته» (١).

(٢) وهو للعلامة في التذكرة.

(٣) كما عليه المشهور ، وعن السرائر تقديمه على الأقدم هجرة.

(٤) أي قدم الأكبر سنا.

(٥) بحيث لو كان أحدهما ابن ثلاثين سنة في الإسلام والآخر أقل من ذلك قدّم الأول وإن كان كلاهما متساويين في السن وهذا ما ذكره الشهيد في الذكرى والدروس وكذا العلامة في التحرير والشيخ في المبسوط وجماعة.

(٦) ذكره أكثر الأصحاب ويدل عليه خبر الرضوي المتقدم ، وأيضا قال الصدوق في العلل : (وفي حديث آخر : فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها) (٢) ورواه السيد في جمل العلم : (وقد روي إذا تساووا فأصبحهم وجها) (٣).

وعلله العلامة في المختلف بأن في حسن الوجه دلالة على عناية الله تعالى بصاحبه فاستحق التقديم بذلك ، وأنكر المحقق في المعتبر الترجيح بذلك وقال في المعتبر : «أرى لها أثرا في الأولوية ولا وجها في شرف الرجال».

(٧) فسر الأصبح وجها بأنه أحسن ذكرا بين الناس لدلالته على حسن الحال عند الله تعالى ـ

__________________

(١) روض الجنان ص ٣١٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٧.


ولم يذكر هنا ترجيح الهاشمي (١) لعدم دليل صالح لترجيحه ، وجعله في الدروس بعد الأفقه. وزاد بعضهم (٢) في المرجحات بعد ذلك الأتقى ، والأورع ، ثم القرعة. وفي الدروس جعل القرعة بعد الأصبح. وبعض هذه المرجحات ضعيف المستند لكنه مشهور.

(و) الإمام (الراتب) (٣) في مسجد مخصوص (أولى من الجميع) لو اجتمعوا ، (وكذا صاحب المنزل) (٤) أولى منهم ، ومن الراتب ، (و) صاحب (الإمارة) (٥) في

______________________________________________________

ـ كما نقله العلامة في التذكرة عن البعض ، واستشهد له بما ورد في كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام : في عهده للأشتر : (وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده) (١).

(١) لم يذكره الأكثر كما عن البيان ، وفي الذكرى : «لم نره مذكورا في الأخبار إلا ما روي مرسلا أو مسندا بطريق غير معلوم. من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قدموا قريشا ولا تقدموها ، وهو على تقدير تسليمه غير صريح في المدعي ، نعم هو مشهور في صلاة الجنازة كما سبق من غير رواية يدل عليه ، نعم فيه إكرام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ تقديمه لأجله نوع إكرامه ، وإكرام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبتجليه مما لا خفاء في أولويته» (٢).

(٢) وهو العلامة في التذكرة حيث قال : «فإن استووا في ذلك كله قدّم أشرفهم أي أعلاهم نسبا وأفضلهم في نفسه ، فإن استووا في هذه الخصال قدم أتقاهم وأورعهم لأنه أشرف في الدين وأقرب إلى الإجابة ، فإن استووا في ذلك كله فالأقرب القرعة ، ثم قال : وهذا كله تقديم استحباب لا تقديم اشتراط ولا إيجاب ، فلو قدّم المفضول جاز ولا نعلم فيه خلافا» (٣).

(٣) بلا خلاف فيه للخبر الرضوي المتقدم : (وصاحب المسجد أحق بمسجده) (٤) ومثله خبر الدعائم المتقدم (٥).

(٤) بلا خلاف فيه لخبر أبي عبيدة المتقدم : (ولا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله) (٦).

(٥) بلا خلاف لخبر أبي عبيدة المتقدم : (ولا صاحب سلطان في سلطانه) (٧) ولخبر الدعائم ـ

__________________

(١) نهج البلاغة (محمد عبده) ٣ : ٦٣.

(٢) الذكرى ص ٢٧٠.

(٣) التذكرة ج ١ ص ١٨٠.

(٤ و ٥) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٥ و ٢.

(٦ و ٧) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.


إمارته أولى من جميع من ذكر أيضا. وأولوية هذه الثلاثة سياسة أدبية (١) لا فضيلة ذاتية ، ولو أذنوا لغيرهم انتفت الكرامة.

لا يتوقف أولوية الراتب على حضوره ، بل ينتظر لو تأخر ، ويراجع (٢) إلى أن يضيق وقت الفضيلة فيسقط اعتباره. ولا فرق في صاحب المنزل بين المالك للعين ، والمنفعة ، وغيره كالمستعير. ولو اجتمعا (٣) فالمالك أولى (٤) ولو اجتمع مالك الأصل والمنفعة فالثاني أولى (٥).

(ويكره إمامة الأبرص ، والأجذم (٦) ، والأعمى (٧) بغيرهم) ممن لا يتصف بصفتهم للنهي عنه المحمول على الكراهة جمعا ، وقد تقدم.

______________________________________________________

ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يؤمكم أكثركم نورا ، والنور القرآن ، وكل أهل مسجد أحق بالصلاة في مسجدهم إلا أن يكون أميرهم. يعني يحضر. فإنه أحق بالإمامة من أهل المسجد) (١).

(١) بمعنى أنهم لو أذنوا لغيرهم انتفت الكراهة لأن أولويتهم ليست مستندة إلى فضيلة ذاتية لا يمكن التنازل عنها بل إلى سياسة أدبية كما جزم به الشهيدان وجماعة.

(٢) لإطلاق دليل أولويته.

(٣) أي المالك والمستعير.

(٤) لصريح الأخبار المتقدمة.

(٥) لأنه هو المالك الفعلي للمنفعة بخلاف مالك العين فإنه غير مالك لها.

(٦) قد تقدم الكلام فيهما.

(٧) خصوصا في الصحراء لخبر الشعبي عن علي عليه‌السلام : (لا يؤم الأعمى في البرية) (٢) إلا أنه محمول على الكراهة لخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لا بأس بأن يصلّي الأعمى بالقوم وإن كانوا هم الذين يوجهونه) (٣) وخبر السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يؤم الأعمى في الصحراء إلا أن يوجّه إلى القبلة) (٤).

__________________

(١) مستدرك الوسائل الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.

(٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب صلاة الجماعة حديث ٢ و ١ و ٧.



فهرس الجزء الثاني من الزبدةه الفقهية

الفصل الأول

كتاب الصلاة................................................................... ٧

أعداد الصلاة.................................................................... ٧

الفصل الثاني

١ – شروط الصلاة............................................................ ١٧

٢ – القبلة.................................................................... ٥٣

٣ – ستر العورة................................................................ ٦٩

٤ – المكان................................................................... ٨٥

٥ – طهارة البدن من الحدث والخبث............................................ ١١٩

٦ – ترك الكلام............................................................. ١١٩

٧ – الإسلام : فلا تصح العبادة............................................... ١٣١

الفصل الثالث

في كيفية الصلاة.............................................................. ١٣٣

الأذان والإقامة............................................................... ١٣٥

سقوط الإذان والإقامة......................................................... ١٤١

أذان الإعلام وأذان الصلاة..................................................... ١٤٩

مستحبات الأذان والإقامة...................................................... ١٥١


القيام........................................................................ ١٥٩

العجز عن القيام.............................................................. ١٦٣

النية......................................................................... ١٦٥

تكبيرة الإحرام................................................................ ١٦٩

القراءة....................................................................... ١٧٣

التسبيحات.................................................................. ١٧٥

مستحبات القراءة............................................................. ١٧٩

قراءة العزائم.................................................................. ١٨٧

ضيق الوقت مع التعليم........................................................ ١٩١

حكم قراءة السورتين........................................................... ١٩٥

الركوع....................................................................... ١٩٧

ذكر الركوع.................................................................. ١٩٩

مستحبات الركوع............................................................. ٢٠٣

السجود..................................................................... ٢٠٥

ذكر السجود................................................................. ٢٠٧

التشهد...................................................................... ٢١١

مستحبات التشهد............................................................ ٢١٣

التسليم...................................................................... ٢١٥

مستحبات التسليم............................................................ ٢١٩

الفصل الرابع

باقي مستحبات الصلاة........................................................ ٢٢١

استحباب التكبير قبل الصلاة.................................................. ٢٢٣

استحباب تربع المصلي جالساً................................................... ٢٢٧

القنوت...................................................................... ٢٢٩

مواضع القنوت............................................................... ٢٣١

استحباب الدعا المأثور......................................................... ٢٣٣

مستحبات القنوت............................................................ ٢٣٥


حرمة الدعاء بالحرام........................................................... ٢٣٧

التعقيب تسبيح الزهراء......................................................... ٢٣٩

التعقيب..................................................................... ٢٤١

سجدتا الشكر............................................................... ٢٤٣

الفصل الخامس

في التروك.................................................................... ٢٤٧

ترك التأمين.................................................................. ٢٤٩

ترك الركن.................................................................... ٢٥١

زيادة الركن................................................................... ٢٥٥

ركنية النية والقيام.............................................................. ٢٥٩

ركنية التحريمية والركوع والسجود................................................ ٢٦١

حكم قطع الصلاة............................................................ ٢٦٣

كراهة الالتفات............................................................... ٢٦٥

باقي المكروهات.............................................................. ٢٦٧

أحكام للمرأة................................................................. ٢٦٩

الفصل السادس

في بقية الصلوات.............................................................. ٢٧٠

صلاة الجمعة................................................................. ٢٧١

صلاة العيدين................................................................ ٣٠٩

صلاة الآيات................................................................. ٣٢٠

الأغسال المسنونة............................................................. ٣٣٥

الصلاة المنذورة وشبهها........................................................ ٣٤٧

صلاة النيابة بإجارة............................................................ ٣٤٨

ومن المندويات : صلاة الاستسقاء............................................... ٣٤٩

ومنها : ناقلة شهر رمضان..................................................... ٣٥٥

ومنها : نافلة الزيارة............................................................ ٣٥٩

وصلاة الاستخارة............................................................. ٣٦٠


وصلاة النبي.................................................................. ٣٦٤

صلاة جعفر.................................................................. ٣٦٦

الفصل السابع

أحكام الخلل................................................................. ٣٦٨

قضاء الأجزاء المنسية.......................................................... ٣٧٥

سجود السهو................................................................ ٣٧٨

الشك في الركعات............................................................ ٣٨٦

سبع مسائل.................................................................. ٣٩٦

الفصل الثامن

في القضاء................................................................... ٤٢٣

أحكام القضاء................................................................ ٤٢٤

مسائل في القضاء............................................................. ٤٥١

الفصل التاسع

في صلاة الخوف.............................................................. ٤٥٨

الفصل العاشر

في صلاة المسافر.............................................................. ٤٦٩

الفصل الحادي عشر

صلاة الجماعة................................................................ ٤٩٩

تم الفهرس وله الحمد وحده

الزبدة الفقهية في شرح الروضة البهية - ٢

المؤلف:
الصفحات: 552