المؤتلف من المختلف
بين أئمة السلف
يعرف
بمنتخب الخلاف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ
أحمد الله على سوائغ آلائه وسوابغ نعمائه ، وأشكره على ما من به علينا من متابعة أوليائه
، وخصنا بمزيد لطفه وحبائه ، حمدا يمتري كل يوم جديد فضلا جديدا وشكرا
يقتضي كل وقت مزيد كرما مزيدا ، وأصلي على سيد أصفيائه وخاتم أنبيائه محمد وآله ،
والأكرمين من خلفائه وأوصيائه وعترته وأبنائه ، وأسأله أن يوفقنا لاقتفاء آثارهم
والتمسك بعروتهم ويحشرنا يوم القيامة في زمرتهم بمنه وطوله.
أما بعد فإني لما
تصفحت كتاب مسائل الخلاف للشيخ الأوحد السعيد ، والفذ في دهره الفريد ، أبي جعفر
محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه ، وجدته قد عول في أكثر مسائله على الاستدلال
بإجماع الفرقة المحقة ، إذ هو [ الأصل ] المرجوع اليه ، المعتمد عليه ، المذكور وجه الاستدلال
به في كتب
__________________
أصول الفقه.
ثمَّ ان كان في
المسألة خلاف بين الطائفة أومأ اليه ، وما لم يكن فيه إجماع أشار الى طريق آخر في
الاستدلال عليه من ظاهر قرآن أو سنة مقطوع بها أو دليل خطاب [ أو
استصحاب حال ـ على ما يذهب اليه كثير من أصحابنا أو دلالة أصل أو فحوى خطاب ] .
وذكر في [ بعض
] مواضع أخبارا من كتب العامة يلزمهم الانقياد لها والعمل بها .
فرأيت تكرار ذكر
إجماع الفرقة مما لا طائل فيه سوى اطالة الكتاب ، فأثبتت رؤوس المسائل
والخلاف فيها على أوجز الوجوه ، فكل مسألة عول فيها على إجماع الفرقة لم أذكر
استدلاله إلا إذا اقترن بذلك الإجماع شيء سواه مما أريد ذكراه فأذكره وإياه
، وان لم يكن في المسألة إجماع للفرقة أشرت
__________________
الى ما ذكره من الأدلة [ الأربعة ] أو بعضها.
وأسقطت من بعض
مودعات أدلته ما لم أجد فيه كثير فائدة أو يكون معادا ليس في إعادته مزيد عائدة.
ثمَّ رأيت أن
اعلم [ على ] رؤوس المسائل التي أجمع عليها الفرقة علامة ( ـ « ج » ـ
) استظهارا في التنبيه عليه والإشارة إليه ، هذا بعد أن فكرت ودبرت وقدمت وأخرت ، وعلى الله
توكلت فيما فعلت وبه استعنت ، انه الحميد المنان.
__________________
كتاب
الطهارة
(
مسائل المياه والأواني )
مسألة
ـ ١ ـ : الطهور عندنا
هو الطاهر المطهر المزيل للحدث والنجاسة ، وبه قال الشافعي ، لأن هذه اللفظة وضعت
للمبالغة ، وتقول العرب : ماء طهور وتراب طهور ، ولا يقولون : ثوب طهور ولا رجل طهور.
وعند أبي حنيفة
والأصم : [ هو ] الطهور والطاهر بمعنى واحد.
مسألة
ـ ٢ ـ : لا يجوز
الوضوء بالمائعات غير الماء ، لقوله تعالى «
فَلَمْ
تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا » ، ومن توضأ
بالمائع فلم يكن توضأ بالماء ، وهو مذهب جميع الفقهاء وقال الأصم : يجوز ذلك.
وذهب قوم من
أصحاب الحديث من أصحابنا الى أن الوضوء بماء الورد جائز.
__________________
مسألة
ـ ٣ ـ : ولا يجوز
ازالة النجاسات عند أكثر أصحابنا بالمائعات ، لأنه لا دليل عليه في الشرع ، وبه
قال الشافعي. وقال المرتضى يجوز ذلك.
وقال أبو حنيفة
: كل مائع مزيل للعين يجوز إزالة النجاسة به.
مسألة
ـ ٤ ـ : ( ـ « ج » ـ ) لا يجوز التوضؤ بشيء من
الأنبذة المسكرة على حال ، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة
: يجوز التوضؤ بنبيذ التمر إذا كان مطبوخا عند عدم الماء ، وهو قول
أبي يوسف ، وقال محمد : يتوضأ به ويتيمم. وقال الأوزاعي ، يجوز التوضؤ بسائر
الأنبذة.
مسألة
ـ ٥ ـ : ( ـ « ج » ـ ) الماء المسخن يجوز التوضؤ به ، وبه قال
جميع الفقهاء الا مجاهدا ، فإنه كرهه ، فأما المسخن بالشمس إذا قصد به ذلك فهو
مكروه إجماعا.
مسألة
ـ ٦ ـ : ( ـ « ج » ـ ) من مسح وجهه بالثلج ولا يتندى وجهه لم يجز
، وان مسح وجهه ويديه بالثلج فتندى وجهه مثل الدهن أجزأه وقال الشافعي : لا يجزيه ولم
يفصل. وقال الأوزاعي : يجزيه ، ولم يفصل.
مسألة
ـ ٧ ـ : ( ـ « ج » ـ ) يجوز الوضوء بماء البحر ، مع وجود غيره من
المياه ومع عدمه وبه قال جميع الفقهاء.
وروى عن عبد
الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص أنهما قالا : التيمم أعجب إلينا منه.
وقال سعيد بن
المسيب : يجوز التوضؤ منه مع عدم الماء ، ولا يجوز مع
__________________
وجوده.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا خالط
الماء ما غير لونه أو طعمه أو رائحته من الطاهرات فإنه يجوز التوضؤ به ما لم
يسلبه إطلاق اسم الماء ، لقوله تعالى « فَلَمْ تَجِدُوا ماءً
فَتَيَمَّمُوا ) » والواجد للماء المتغير واجد للماء [ لإطلاق اسم الماء
] ولقول أبي عبد الله عليهالسلام : « الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر ».
فان سلبه [ إطلاق اسم
الماء ] لم يجز التوضؤ به.
وان كان [ من ]
نجاسة لا يجوز التوضؤ به على حال.
وقال الشافعي :
إذا خالط الماء ما غير أحد أوصافه لم يجز التوضؤ به إذا كان مختلطا به نحو الدقيق
، والزعفران ، واللبن ، وغير ذلك ، وان جاوره ما غير أحد أوصافه فلا بأس به نحو
القليل من الكافور ، والمسك ، والعنبر ، وغير ذلك.
وقال أبو حنيفة
: يجوز التوضؤ به ما لم يخرجه عن طبعه وجريانه أو يطبخ به.
مسألة
ـ ٩ ـ : ( ـ « ج » ـ ) الماء المستعمل في الوضوء عندنا طاهر مطهر
، وكذلك ما يستعمل في الأغسال الطاهرة ، بلا خلاف بين أصحابنا.
وأما المستعمل
في غسل الجنابة فعند أكثر أصحابنا لا يجوز استعماله في رفع الحدث.
__________________
وقال المرتضى :
يجوز ذلك وهو طاهر مطهر.
وقال الحسن
البصري ، والزهري ، والنخعي ، ومالك في إحدى الروايتين [ عنه ] وداود : ان
الماء المستعمل طاهر مطهر ، ولم يفصلوا.
وقال أبو يوسف
: الماء المستعمل نجس ، وكان يحكيه عن أبي حنيفة ، وأصحابه يدفعون [ ذلك ] عنه.
وقال الشافعي
وأصحابه : ان الماء المستعمل طاهر غير مطهر ، وهو قول الأوزاعي واحدى الروايتين عن
مالك ، وهو الظاهر من أبي حنيفة ، وبه قال محمد.
وحكى أبو ثور
عن الشافعي : أنه سأله عن ذلك فتوقف فيه.
وحكى عيسى بن
أبان عن الشافعي : ان الماء المستعمل طاهر مطهر.
مسألة
ـ ١٠ ـ : الماء
المستعمل في غسل الثوب إذا كان طاهرا أو غسل فيه رصاص أو نحاس يجوز استعماله ،
بدلالة عموم الآية والاخبار ، وبه قال الشافعي.
وكذا ما استعمل
في طهارة مستحبة كتجديد الوضوء ، والمضمضة ، والاستنشاق وتكرار الطهارة ، والأغسال
المستحبة ، وما أشبه ذلك.
وللشافعي فيه
قولان : أحدهما : لا يجوز ، وبه قال أبو حنيفة ، والأخر : يجوز.
مسألة
ـ ١١ ـ : الماء
المستعمل في الطهارة يجوز استعماله في غسل النجاسة ، بدلالة عموم الآية والاخبار.
وذهب أكثر
أصحاب الشافعي ، وأبو العباس بن سريج ، وأبو إسحاق الى
__________________
أنه لا يجوز.
وقال ابن خيران
والأنماطي من أصحابه : يجوز.
مسألة
ـ ١٢ ـ : ( ـ « ج » ـ ) إذا ولغ الكلب في الإناء وجب اهراق ما فيه
وغسل الإناء ثلاث مرات إحداهن بالتراب.
وقال الشافعي :
يجب غسل الإناء سبع مرات أولاهن بالتراب ، وهو قول الأوزاعي.
وقال أبو حنيفة
: يجب غسل الإناء الى أن يغلب على الظن طهارته ، ولا يراعي [ فيه ] عدد.
وقال مالك
وداود : يجب غسل الإناء تعبدا لا لأجل النجاسة ولا يتقدر بالعدد.
مسألة
ـ ١٣ ـ : ( ـ « ج » ـ ) الكلب نجس العين ، نجس اللعاب ، نجس السؤر
، وبه قال ابن عباس ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، غير
أنهم كلهم ذهبوا الى غسل الإناء سبع مرات من ولوغه ، غير أبي حنيفة فإنه لم يعتبر
العدد.
وقال أيضا : هو
نجس الحكم لا نجس العين.
وقال مالك : هو
طاهر ، وسؤره ولعابه طاهر ، يجوز استعماله بالشرب وغيره لكن يغسل منه
الإناء تعبدا ، وبه قال داود.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا ولغ كلبان
أو أكثر في إناء واحد كان حكمهما حكم الواحد لا يجب غسل الإناء أكثر من ثلاث مرات
، بدلالة قوله عليهالسلام : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه وليغسل الإناء ،
ولم يفرق بين الواحد وما زاد عليه ، وهو مذهب الجميع ، الا أن بعض أصحاب الشافعي
قال : يغسل بعدد كل
__________________
كلب سبع مرات.
مسألة
ـ ١٥ ـ : الغسل بالتراب من
ولوغ الكلب في الإناء من جملة الثلاث ، وعند الشافعي من جملة السبع ، وبه قال
الأوزاعي.
وقال الحسن
وأحمد : يجب غسل الإناء سبعا بالماء وواحدا بالتراب فيكون ثماني مرات.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا ولغ الكلب
في الإناء ثمَّ وقع ذلك الإناء في الماء الذي لا ينجس بنجاسة غير
مغيرة الأوصاف ـ اما الكر على مذهبنا أو القلتين على مذهب الشافعية ـ فإنه لا ينجس الماء ، ولا تحصل بذلك غسلة من جملة
الغسلات.
وللشافعي فيه
قولان.
وإذا كان الماء
أقل من ذلك المقدار فإنه ينجس ولا يجوز استعماله ، ولا يعتد بذلك في غسل
الإناء.
وانما قلنا ذلك
لوجوب اعتبار العدد في غسل الإناء وبوقوعه في الماء لا يحصل العدد [ كانت ] أيضا فإنه إذا
تمم الغسلات بعد ذلك فباليقين تحصل طهارة الإناء وليس على طهارته دليل إذا لم يحصل
العدد.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا أصاب
الثوب نجاسة فغسل بالماء فانفصل الماء عن المحل وأصاب الثوب أو البدن ، فإنه ان
كان من الغسلة الأولى فإنه نجس ويجب غسله
__________________
والموضع الذي يصيبه لأنه ماء قليل ، ومعلوم حصول النجاسة فيه ، فوجب أن
يحكم بنجاسته.
وان كان من
الغسلة الثانية لا يجب غسله ، الا أن يكون متغيرا بالنجاسة فيعلم بذلك أنه نجس ،
لان الماء على أصل الطهارة ونجاسته تحتاج الى دليل.
وقال أبو حنيفة
والأنماطي من أصحاب الشافعي أنه نجس ولم يفصلا.
وللشافعي فيه
ثلاثة أقسام : أحدها أن يكون الماء متغيرا فيحكم بنجاسته.
والثاني أن لا
يكون متغيرا غير أنه لا يكون قد طهر المحل فإنه مثل الأول. والثالث أن لا يكون
متغيرا وقد طهر المحل فيحكم بطهارة الماء.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا ولغ الكلب
في الإناء نجس الماء الذي فيه فان وقع ذلك الماء على بدن الإنسان أو ثوبه وجب عليه
غسله ولا يراعى فيه العدد ، لان اعتبار العدد يحتاج الى دليل ، وحمله على الولوغ
قياس لا نقول به.
وقال الشافعي :
كل موضع يصيبه ذلك الماء وجب غسله سبع مرات مثل الإناء.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا أصاب من
الماء الذي يغسل به الإناء من ولوغ الكلب ثوب الإنسان أو جسده لا يجب غسله سواء
كان من الدفعة الأولى أو الثانية ، لأنه ليس في الشرع ما يدل عليه والحكم
بنجاسته يحتاج الى دليل.
وأيضا فلو
حكمنا بنجاسته لما طهر الإناء أبدا ، لأنه كلما غسل [ الإناء ] فما يبقى فيه من
النداوة يكون نجسا فاذا طرح فيه ماء آخر نجس أيضا وذلك يؤدي الى أن لا يطهر أبدا.
ولأصحاب
الشافعي قولان : أحدهما مثل قولنا والأخر أنه نجس يجب غسله
__________________
ثمَّ اختلفوا :
فمنهم من قال [
انه ] يغسل من كل دفعة فيجب غسله سبع مرات.
ومنهم من قال :
يجب أن يغسل قدر ما يغسل الإناء حال الانفصال [ عنه ] ، فإن أصابه
من الدفعة الأولى غسل ستا ، وان أصابه من الثانية غسل خمسا ، ومن الثالثة أربعا ،
وعلى هذا الحساب ، فإن أصابه من السادسة وجب غسله دفعة واحدة ، فإن أصابه من
السابعة فلا خلاف بينهم أنه طاهر.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : [ يغسل الإناء
من سائر النجاسات سوى الولوغ ثلاث مرات وقال أبو حنيفة : الواجب ما يغلب على الظن
معه حصول الطهارة ] وقال أحمد : يغسل سبعا مثل الولوغ سواء.
وقال الشافعي
يجب غسله مرة وجوبا وثلاثا استحبابا.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا أصاب
الثوب أو الإناء نجاسة فصب عليهما الماء ولا يغسل ولا يعصر هل يطهر الثوب أو الإناء؟ لأصحابنا
في ذلك روايتان : إحداهما أنه يطهر ، والأخرى أنه لا بد من غسله وكذلك الإناء.
ولأصحاب
الشافعي فيه قولان : أحدهما يطهر والأخر لا يطهر.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا أصاب
الثوب نجاسة فصب عليه الماء وترك تحته إجانة
__________________
حتى اجتمع فيه ذلك الماء فإنه نجس ، لأنه ماء قليل حصلت فيه أجزاء
النجاسة فوجب أن ينجس.
وقال الشافعي :
الثوب طاهر والماء نجس.
وقال ابن سريج الماء طاهر
والثوب قد طهر.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا أصاب
الثوب نجاسة فغسل نصفه وبقي نصفه فان المغسول يكون طاهرا ، ولا تتعدى نجاسة النصف
الأخر اليه ، وهو مذهب أكثر أصحاب الشافعي.
وقال ابن القاص
: لا يطهر النصف المغسول ، لأنه مجاور لأجزاء النجاسة فتسري إليه النجاسة
فينجس.
وهذا تجاهل ،
لان ما يجاوره أجزاء جافة لا تتعدى نجاسته إليها ، ولو تعدى لكان يجب أن يكون إذا
نجس جسم أن ينجس العالم كله ، لأن الأجسام كلها متجاورة.
وقد روى عن
النبي وعن أئمتنا [ أيضا ] عليه وعليهم الصلاة والسّلام : أنه إذا وقعت الفأرة في
سمن جامد ألقي ما حوله ويستعمل الباقي.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : ما مسه الكلب
والخنزير بسائر أبدانهما ينجس ويجب غسله ولا يراعى فيه العدد ، لان العدد يحتاج
الى دليل.
وحمله على
الولوغ قياس لا نقول به ، وبه قال داود ، وهو قياس قول مالك.
__________________
وقال الشافعي :
حكمه حكم الولوغ.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : إذا ولغ
الخنزير في الإناء [ كان ] حكمه حكم الكلب بدلالة أن الخنزير يسمى كلبا في اللغة ،
وهو مذهب جميع الفقهاء.
وقال ابن القاص
عن الشافعي : ان العدد يختص ولوغ الكلب ، وخطأه جميع أصحابه.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : ( ـ « ج » ـ ) يجوز الوضوء بفضل السباع وسائر البهائم
والوحش والحشرات ، ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل ، الا الكلب والخنزير ، وبه قال
الشافعي.
وقال أبو حنيفة
: الحيوان على أربعة أضرب : [ حيوان ] نجس كالكلب والخنزير والسباع لا يجوز استعمال شيء من
أسآرها بل يجب إراقته وغسل الإناء حتى يغلب على الظن طهارته.
وحيوان طاهر
فسؤره طاهر ، وهو ما يؤكل لحمه إلا الدجاجة المطلقة فإنه يكره سؤرها.
وحيوان يكره
سؤره والتوضؤ به مثل حشرات الأرض وجوارح الطير ، والهرة من جملة ذلك ، قال :
والقياس أنها نجسة لكن يجوز التوضؤ به استحسانا لتعذر الاحتراز منه.
والرابع :
حيوان مشكوك فيه كالبغل والحمار فهو مشكوك في طهارة سؤره.
مسألة
ـ ٢٧ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : ما لا نفس له سائلة ـ كالذباب ،
والخنفساء ، والزنابير
__________________
وغير ذلك ـ [ لا ينجس بالموت ] ولا ينجس الماء ولا المائع الذي
يموت فيه ، وبه قال أبو حنيفة ومالك.
وقال الشافعي :
ينجس بالموت قولا واحدا ، وفي تنجيس الماء قولان :
أحدهما : لا
ينجس فهو اختيار المزني ، والأخر : ينجس.
مسألة
ـ ٢٨ ـ : إذا مات في
الماء القليل ضفدع وما لا يؤكل لحمه مما يعيش في الماء لا ينجس الماء ، وبه قال
أبو حنيفة.
وقال الشافعي :
إذا قلنا انه لا يؤكل فإنه ينجسه ، وانما قلنا ذلك لأن الأصل في الماء الطهارة
والحكم بنجاسته يحتاج الى دليل. وأيضا قد روي عنهم عليهمالسلام أنهم قالوا إذا مات فيما فيه حياته لا ينجسه.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : [ ج ] إذا بلغ الماء
كرا فصاعدا لا ينجس مما يقع فيه من النجاسات الا ما يغير طعمه أو لونه أو رائحته ،
ومتى نقص عن الكر فإنه ينجس بما يحصل فيه من النجاسة تغير أو لم يتغير.
وحكي اعتبار
الكر عن الحسن بن صالح بن حي.
ولأصحابنا في
مقدار الكر ثلاثة مذاهب :
أحدها : أن
مقداره ألف ومائتا رطل بالعراقي ، وهو مذهب شيخنا أبي عبد الله رحمهالله.
والثاني : أنه
ألف ومائتا رطل بالمدني ، وهو اختيار المرتضى رحمهالله.
وقال الباقون :
الاعتبار بالأشبار ثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض في عمق وهو مذهب جميع القميين
وأصحاب الحديث.
__________________
وقال الشافعي :
إذا بلغ الماء قلتين فصاعدا لا ينجس بما يقع فيه الا ما يغير أحد أوصافه ، وحدهما
بخمسمائة رطل.
واختلف أصحابه
: فمنهم من قال ان ذلك حد لو نقص منه رطل أو رطلان نجس. ومنهم من قال ذلك على
التقريب ولا يؤثر نقصان رطل أو رطلين فيه.
ثمَّ اختلفوا في
هذا الماء إذا وقع فيه نجاسة مائعة هل يجوز استعمال جميعه أولا؟ فقال الأكثر منهم
: يجوز استعمال جميعه ، وقال قوم منهم : انه يجوز استعماله الى أن يبقى منه مقدار
النجاسة الواقعة فيه.
واعتبار
القلتين مذهب عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر [ وأبي هريرة ] وسعيد بن جبير
، ومجاهد ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، وأبي ثور.
وقال الحسن
البصري ، وإبراهيم النخعي ، ومالك ، وداود : انه لا ينجس الماء سواء كان قليلا أو
كثيرا إلا إذا تغير أحد أوصافه.
وقال أبو حنيفة
: ان كان الماء يصل بعضه الى بعض ينجس بحصول النجاسة فيه ، وان كان لا يصل بعضه
الى بعض لم ينجس.
وفسر أبو يوسف
والطحاوي مذهبه ، فقالا : ان كان الماء في موضع مجتمع بحيث إذا تحرك أحد جانبيه
تحرك الجانب الأخر فإنه ينجس وان كان لا يتحرك الجانب الأخر فإذا وقعت ( فيه ) النجاسة فإن
الموضع الذي لا يبلغ التحريك اليه لا ينجس.
وقال المتأخرون
من أصحابه : ان الاعتبار بحصول النجاسة في الماء إما علما
__________________
أو ظنا ، وانما يعتبر تحرك الماء ليغلب على الظن بلوغ النجاسة إليه فإن غلب
على الظن خلافه حكم بطهارته.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : الماء الكثير ـ
اما الكر على مذهبنا أو القلتان على مذهب الشافعي ـ إذا تغير أحد أوصافه بما يقع
فيه من النجاسة يتنجس بلا خلاف.
والطريق الى
تطهيره أن يرد عليه من ماء طاهر كر فصاعدا ويزول عند ذلك تغيره ، فحينئذ يطهر ولا يطهر
بشيء سواه.
وانما قلنا ذلك
لان هذا الماء معلوم النجاسة فليس لنا أن نحكم بطهارته الا بدليل ، ولا دليل على أنه
يطهره شيء سوى ما ذكرناه.
وقال الشافعي :
يزول حكم النجاسة بأربعة أشياء :
أحدها : أن يرد
عليه من الماء الطاهر ما يزول به التغير ولم يعتبر المقدار.
والثاني : أن
يزول التغير من قبل نفسه فيطهر.
والثالث : أن
ينبع من الأرض ما يزول مع التغير .
والرابع : أن
يستقى منه ما يزول معه تغيره.
وفي أصحابه من
ذكر وجها خامسا وهو أن يحصل فيه من التراب ما يزول معه تغيره.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا نقص الماء
عن الكر على مذهبنا أو القلتين على مذهب الشافعي وحصل فيه نجاسة تنجسه فلا يحكم
بطهارته إلا إذا ورد عليه كر من ماء
__________________
فصاعدا ، لما ذكرناه في المسألة الاولى.
وعند الشافعي
يطهر بشيئين : أحدهما أن يرد عليه ماء طاهر يتم به قلتين ، أو ينبع فيه ما يتم به قلتين.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا كان الماء
مقدار كر في موضعين وحصل فيهما نجاسة أو [ في ] أحدهما لم
يطهر إذا جمع بينهما. وقال الشافعي : يطهر ، واختاره المرتضى.
وانما قلنا ذلك
لأنه لا دليل على زوال حكم النجاسة عن هذا الماء المحكوم بنجاسته ، فمن ادعى زوال
ذلك بالجمع بينهما فعليه الدليل.
مسألة
ـ ٣٣ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : إذا بال ظبي في الماء لم ينجس بذلك
قليلا كان أو كثيرا تغير بذلك أو لم يتغير.
وقال الشافعي :
ينجس إذا كان قليلا وان لم يتغير ، وان كان كثيرا إذ تغير.
مسألة
ـ ٣٤ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة لا ينجس
بذلك إلا إذا [ كان ] تغير أحد أوصافه ، سواء كان الماء فوق النجاسة أو تحتها
أو مجاورا لها [ و ] سواء كانت النجاسة [ مائعة ] أو جامدة.
وقال الشافعي :
الماء [ الذي ] قبل النجاسة طاهر ، وما بعده ان كانت النجاسة لم تصل
اليه فهو طاهر ، فأما ما يجاوره أو يختلط به ، فان كان أكثر من قلتين ، فهو
__________________
أيضا طاهر ، وان كان أقل منهما فإنه ينجس.
مسألة
ـ ٣٥ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان معه انا آن وقع في أحدهما نجاسة
واشتبها عليه لم يستعملهما ، وكذلك حكم ما زاد عليهما ، ولا يجوز التحري بلا خلاف
بين أصحابنا.
وأما الثوبان
فمن أصحابنا من قال : حكمهما حكم الإناءين لا يصلي في واحد منهما ، وقال بعضهم :
يصلى في كل واحد [ منهما ] على الانفراد ، وهو الذي اخترناه ، وهو مذهب
المزني.
وقال الماجشوني
: يتوضأ بكل واحد من الماءين ويصلى صلاة منفردة.
وقال محمد بن
سلمة : يتوضأ بأحدهما ويصلي ثمَّ يتوضأ بالآخر ويغسل ما أصابه الأول من ثيابه
وبدنه ثمَّ يصلي.
وقال أبو حنيفة
: يجوز التحري في الثياب على الإطلاق ، فأما الأواني فإن كان عدد الطاهر أكثر جاز
التحري فيها ، وان كان عدد النجس أكثر أو تساويا لم يجز.
وقال الشافعي :
يجوز التحري في أواني الماء والطعام إذا كان بعضها نجسا وبعضها طاهرا ، سواء كان
عدد النجس أكثر أو أقل أو استويا.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : إذا كان معه
انا آن أحدهما نجس فقد قلنا : لا يستعملهما في الوضوء ، فان خاف العطش أمسك أيهما
شاء.
وقال الشافعي :
يتحرى فما أدى اجتهاده إليه أمسك للوضوء ويتقي الأخر ، فإن خاف العطش أمسك للعطش
النجس وتوضأ بالطاهر عنده.
مسألة
ـ ٣٧ ـ : إذا كان أحد
الإناءين بولا والآخر ماء طاهرا واشتبها فلا
__________________
خلاف أنه لا يجوز التحري ، وانما اختلف أبو حنيفة والشافعي في تعليل ذلك.
مسألة
ـ ٣٨ ـ : وإذا كان معه
إناء طاهر يتعين وجب أن يستعمل ذلك ولا يجوز له أن يستعمل المشتبهين ،
وبه قال [ أبو ] إسحاق المروزي.
وقال أبو
العباس وعامة أصحاب الشافعي : هو مخير بين استعمال ذلك وبين أن يتحرى في الإناءين.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : إذا كان معه
انا آن أحدهما طاهر مطهر والأخر ماء ورد منقطع الرائحة أو ماء شجر فاشتبها توضأ
بكل واحد منهما.
وقال الشافعي
وأصحابه : يجوز له التحري.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : إذا كان معه
انا آن ، فولغ الكلب في أحدهما واشتبها عليه وأخبره عدل بعين ما ولغ الكلب فيه لا
يقبل منه.
وقال الشافعي :
يقبل [ منه ] ولا يتحرى.
مسألة
ـ ٤١ ـ : إذا ورد على
ماء فأخبره رجل بأنه نجس لا يقبل منه ، سواء أخبره بما به نجس أو لم يخبره.
وانما قلنا ذلك
لان أصل الماء الطهارة والحكم بنجاسته يحتاج الى دليل ، ولم يقم دليل على وجوب
العمل بقول الواحد في ذلك.
وأيضا فقد روى
عن النبي [ وعن ] الأئمة عليهمالسلام : أن الماء كله طاهر الا أن يعلم أنه نجس ، ولا
يحصل العلم بقول الواحد.
__________________
وقال الشافعي :
ان أخبره بالإطلاق ولم يذكر ما به نجس لا يقبل منه ، وان أخبره بما به نجس وكان ذلك ينجس الماء وجب
القبول منه.
مسألة
ـ ٤٢ ـ : إذا شهد
شاهدان أنه ولغ الكلب في واحد من الإناءين وشهد آخران أن الكلب ولغ في الآخر سقطت
شهادتهما وبقي الماء على أصل الطهارة ، لأنه ليس على وجوب القبول من الفريقين ولا
من واحد منهما دليل وقال الشافعي : يحكم بنجاستهما لجواز أن يكونا صادقين ، اللهم
الا أن يشهد كل قوم منهم على وجه ينافي شهادة الآخرين ، فيكون القول [ فيهما
كالقول ] في تقابل البينتين ، وفيه ثلاثة أقوال تذكر في باب البينات.
مسألة
ـ ٤٣ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكلت الهرة فارة ثمَّ
شربت من الإناء ، فلا بأس بالوضوء من سؤرها واختلف أصحاب الشافعي في ذلك ، فمنهم
من قال بمذهبنا ومنهم من قال : ان شربت قبل أن تغيب عن العين لا يجوز الوضوء [ به
] ، وإذا غابت ثمَّ رجعت وشربت ففيه نقلان : أحدهما :
يجزي ، والأخر : لا يجزي.
مسألة
ـ ٤٤ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : جلد الميتة نجس لا يطهر بالدباغ سواء
كان الميت مما يقع عليه الذكاة أو لا يقع ، يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه ، وبه قال
عمر ، وابن عمر ، وعائشة ، وأحمد بن حنبل وقال الشافعي : كل حيوان طاهر في حال
حياته فجلده إذا مات يطهر بالدباغ ، وهو ما عدا الكلب والخنزير وما تولد منهما.
وقال أبو حنيفة
: يطهر الجميع الا جلد الخنزير.
__________________
وقال داود [
يطهر ] الجميع.
وقال الأوزاعي
: يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل ، وهو مذهب أبي ثور.
وقال مالك :
يطهر الظاهر منه دون الباطن ولا يجوز [ الانتفاع به ] استعماله في
الأشياء الرطبة.
وقال الزهري :
يجوز الانتفاع بجلد الميتة قبل الدباغ وبعده.
مسألة
ـ ٤٥ ـ : لا يجوز بيع
جلود الميتة لا قبل الدباغ ولا بعده ، بدلالة قوله تعالى «
حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ » ، وسئل أبو عبد الله عليهالسلام : الميتة ينتفع بشيء منها؟
فقال : لا.
وقال الشافعي :
لا يجوز بيعها قبل الدباغ ويجوز بعدها ، [ وكان ] يقول قديما لا
يجوز بيعها بعد الدباغ أيضا.
وقال أبو حنيفة
: يجوز بيعها قبل الدباغ وبعده.
مسألة
ـ ٤٦ ـ : جلود ما لا
يؤكل لحمه إذا ذكي فمنها ما يجوز استعماله في غير الصلاة ومنها ما لا يجوز
استعماله بحال ، فما يجوز استعماله مثل السمور والسنجاب والفنك وجلود السباع كلها
لا بأس أن يجلس عليها ولا يصلي فيها ، وقد وردت رخصة في لبس جلود السمور والسنجاب
والفنك في حال الصلاة.
فأما ما عدا
ذلك من الكلب ، والخنزير ، والأرنب ، والثعلب ، فلا يجوز
__________________
استعماله على حال ، وما يجوز استعماله بعد الذكاة لا يجوز الا بعد الدباغ.
وقال الشافعي :
كل حيوان لا يؤكل لحمه لا تؤثر الذكاة في طهارته وينجس جلده وسائر أجزائه وانما
يطهر ما يطهر منها بالدباغ.
وقال أبو حنيفة
يطهر بالذكاة.
يدل على ما
ذهبنا اليه أن جواز التصرف في هذه الأشياء يحتاج إلى دلالة مشروعة ولا دلالة في
الشرع على جواز التصرف في هذه الأشياء ، وانما أجزنا ما أجزناه بدلالة إجماع
الفرقة على ذلك.
وأيضا فلا خلاف
في جواز استعمالها بعد الدباغ ولا دليل على جوازه قبل الدباغ.
مسألة
ـ ٤٧ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : جلد الكلب لا يطهر بالدباغ ، وبه قال
الشافعي.
وقال أبو حنيفة
وداود : يطهر.
مسألة
ـ ٤٨ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس باستعمال أصواف الميت وشعره
ووبره [ إذا جز ] وعظمه ، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي :
شعر الميت ، وصوفه ، وعظمه نجس ، وبه قال عطاء.
وقال الأوزاعي
: الشعور كلها نجسة لكنها تطهر بالغسل ، وبه قال الحسن البصري والليث بن سعد.
وقال مالك :
الشعر ، والصوف ، والريش ، لا روح فيه ولا ينجس بالموت ، كما قلنا ، والعظم ،
والقرن ، والسن ينجس.
وقال أحمد :
صوف الميتة وشعرها طاهر.
__________________
مسألة
ـ ٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس بالتمشط بالعاج واستعمال المداهن
منه ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي : لا يجوز.
مسألة
ـ ٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره استعمال أواني الذهب والفضة وكذلك
المفضض منها ، وقال الشافعي : لا يجوز استعمال أواني الذهب والفضة ، وبه قال أبو
حنيفة في الشرب ، والأكل ، والتطيب على كل حال.
وقال الشافعي :
يكره المفضض ، وقال أبو حنيفة : لا يكره ، وهو مذهب داود.
مسألة
ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز استعمال أواني المشركين من أهل
الذمة وغيرهم.
وقال الشافعي :
لا بأس باستعمالها ما لم يعلم فيه نجاسة ، وبه قال أبو حنيفة ومالك.
وقال أحمد
وإسحاق : لا يجوز استعمالها.
(
مسائل الوضوء )
مسألة
ـ ٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السواك مسنون غير واجب ، وبه قال جميع
الفقهاء ، وقال داود : هو واجب.
مسألة
ـ ٥٣ ـ : عندنا كل
طهارة عن حدث ، سواء كانت صغرى أو كبرى ، بماء كانت أو بالتراب ، فإن النية فيها
واجبة ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، وليث ابن سعد ،
وأحمد.
مسألة
ـ ٥٤ ـ وقال الأوزاعي
: الطهارة لا تحتاج إلى نية.
__________________
وقال أبو حنيفة
: الطهارة بالماء لا تفتقر إلى نية والتيمم يفتقر إلى نية .
مسألة
ـ ٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التسمية على الطهارة مستحبة غير واجبة ،
لأنه لا دلالة في الشرع على وجوب ذلك ، والأصل براءة الذمة ، وبه قال جميع
الفقهاء.
وقال إسحاق :
هي واجبة ، وحكي عن أهل [ الظاهر ] مثل ذلك.
وقال إسحاق :
ان تركها عامدا لم تجزه الطهارة ، وان تركها ناسيا أو متأولا أجزأه.
مسألة
ـ ٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ،
من النوم مرة ، ومن البول مرة ، ومن الغائط مرتين ، ومن الجناية ثلاثا.
وقال الشافعي :
يستحب غسلهما ثلاثا ، ( و ) لم يفرق ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال داود
والحسن البصري : يجب ذلك.
وقال أحمد :
يجب ذلك من نوم الليل دون نوم النهار.
مسألة
ـ ٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المضمضة والاستنشاق مسنونان في الطهارة
الصغرى والكبرى معا ، وبه قال الشافعي وقال الثوري وأبو حنيفة : هما واجبان في
الغسل من الجنابة ، مسنونان في الوضوء.
وقال ابن أبي
ليلى وإسحاق : هما واجبان في الطهارتين معا.
وقال أحمد :
الاستنشاق واجب فيهما والمضمضة لا تجب.
__________________
مسألة
ـ ٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إيصال الماء الى ما يستر [ ه شعر ] اللحية
وتخليلها غير واجب ويجزئ في الوضوء إمرار الماء على الشعر وقال الشافعي يستحب تخليل
الشعر. وقال إسحاق ، وأبو ثور ، والمزني : التخليل واجب.
وحكي عن أبي
حنيفة قولان : أحدهما : أنه يلزمه إمرار الماء على اللحية والثاني أنه يلزمه إمرار
الماء على ربعها.
مسألة
ـ ٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حد الوجه الذي يجب غسله في الوضوء من
قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن طولا ، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا.
وقال جميع
الفقهاء [ ان حده ] من منابت الشعر من رأسه الى مجمع اللحية والذقن طولا ،
ومن الاذن الى الاذن عرضا ، الا مالكا فإنه قال : البياض الذي بين العذار والاذن
لا يلزمه غسله.
وقال الزهري :
ما أقبل من الأذنين من الوجه يغسل مع الوجه.
مسألة
ـ ٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما استرسل من شعر اللحية طولا وعرضا لا
يجب إفاضة الماء عليه ، وهو أحد قولي الشافعي ، واختاره المزني ، وبه
قال أبو حنيفة.
والقول الآخر
أنه يجب.
ولا خلاف أنه
لا يجب غسل هذا الشعر.
مسألة
ـ ٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجب إيصال الماء إلى أصل شيء من شعر
الوجه مثل شعر الحاجبين ، والأهداب ، والعذار ، والشارب ، والعنفقة ، وبه قال أبو
حنيفة. وقال الشافعي : ذلك واجب.
مسألة
ـ ٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : غسل المرفقين واجب مع اليدين ، وبه قال
جميع
__________________
الفقهاء الا زفر فإنه قال : لا يجب.
مسألة
ـ ٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مسح الرأس دفعة واحدة ، وتكراره بدعة ،
وقال أبو حنيفة : ترك التكرار أولى وقال الشافعي : المسنون ثلاث مرات ، وبه قال
الأوزاعي والثوري. وقال ابن سيرين : يمسح دفعتين.
مسألة
ـ ٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يستأنف لمسح الرأس والرجلين
ماء جديدا عند أكثر أصحابنا ، وقد رويت رواية شاذة : أنه يستأنف ماء جديدا ، وهي
محمولة على التقية ، فإن جميع الفقهاء يوجبون استيناف الماء ، الا مالكا فإنه أجاز
المسح ببقية الماء ، لإجازته استعمال الماء المستعمل ، وان كان الأفضل عنده
استئناف الماء.
مسألة
ـ ٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المسح ببعض الرأس هو الواجب ، والأفضل [
وهو ] أن يكون مقدار ثلاث أصابع مضمومة ، ويجزي مقدار إصبع واحدة.
وقال مالك : يجب
أن يمسح الرأس كله ، فان ترك بعضه ناسيا لم يؤثر ، وان تركه عامدا فان كان الثلث
فما دونه لم يؤثر ، وان كان أكثر من الثلث بطل وضوءه.
وقال الشافعي :
ما يقع عليه اسم المسح يجزي ، وبه قال الأوزاعي والثوري وقال أبو حنيفة في إحدى
الروايتين [ انه ] يجب أن يمسح قدر ثلاث أصابع وفي الثانية [ يجب ] أن يمسح ربع
الرأس بثلاث أصابع.
__________________
وقال زفر :
يمسح ربع الرأس بإصبع واحدة.
مسألة
ـ ٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مسح جميع الرأس غير مستحب ، وأجمعت
الفرقة على أن ذلك بدعة.
وقال جميع
الفقهاء : ان ذلك مستحب.
مسألة
ـ ٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : استقبال شعر الرأس واليدين في المسح
والغسل لا يجوز وقال جميع الفقهاء أن ذلك جائز.
مسألة
ـ ٦٨ ـ : موضع مسح
الرأس مقدمه ، وقال جميع الفقهاء هو مخير أي مكان شاء مسح مقدار الواجب.
مسألة
ـ ٦٩ ـ : من كان على
رأسه جمة فأدخل يده تحتها ومسح على رأسه أجزأه ، بدلالة أن هذا يسمى مسحا. وقال
الشافعي : لا يجزيه.
مسألة
ـ ٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا غسل رأسه لا يجزيه [ عن المسح ] وعن الشافعي
روايتان : إحداهما مثل ما قلناه والأخرى [ انه ] يجزيه ، وهو مذهب باقي الفقهاء.
مسألة
ـ ٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إيصال الماء الى داخل العين في غسل
الوجه ليس بمستحب وقال أصحاب الشافعي : انه مستحب ، وحكي عن ابن عمر مثل ذلك.
مسألة
ـ ٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المسح على العمامة لا يجوز ، وبه قال
أبو حنيفة والشافعي ومالك. وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق : ذلك جائز.
مسألة
ـ ٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز مسح الأذنين ولا غسلهما في
الوضوء.
وقال الشافعي :
يستحب أن يمسحا بماء جديد.
__________________
وقال أبو حنيفة
: انهما من الرأس يمسحان معه.
وذهب الزهري
إلى أنهما من الوجه يغسلان معه.
وذهب مالك
وأحمد إلى أنهما من الرأس لكنهما يمسحان بماء جديد.
وذهب الشعبي ،
والحسن البصري ، وإسحاق الى أن ما أقبل منهما يغسل وما أدبر يمسح مع الرأس.
مسألة
ـ ٧٤ ـ : الفرض في غسل
الأعضاء مرة واحدة ، والاثنتان سنة ، والثالثة بدعة.
وفي أصحابنا من
قال : ان الثانية بدعة ، وليس بمعول عليه. ومنهم من قال : الثالثة تكلف ، ولم يصرح
بأنها بدعة. والصحيح الأول.
وقال الشافعي :
الفرض واحدة ، والاثنتان أفضل ، والسنة ثلاث ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد.
وقال مالك :
المرة أفضل من المرتين ، وحكي عن بعضهم : أن الثلاث مرات واجبة.
مسألة
ـ ٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الفرض في الطهارة الصغرى المسح على
الرجلين.
وقال جميع
الفقهاء : الفرض هو الغسل.
وقال الحسن
البصري ، ومحمد بن جرير ، وأبو علي الجبائي بالتخيير.
وروي عن جماعة
من الصحابة والتابعين ـ كابن عباس ، وعكرمة ، وأنس وأبي العالية ، والشعبي ـ القول
بالمسح.
يدل على ذلك ـ
مضافا الى إجماع الفرقة ونص القرآن ـ ما رووه عن علي عليهالسلام وابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآله انه توضأ ومسح على قدميه ونعليه.
ورووا أيضا عن
ابن عباس أنه وصف وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله فمسح على رجليه.
وفي رواية أخرى
قال : ان في كتاب الله تعالى المسح ويأبى الناس الا الغسل.
وروي عنه أنه
قال : غسلتان ومسحتان.
وروي عن أمير
المؤمنين عليهالسلام أنه قال : ما نزل القرآن الا بالمسح.
وروى محمد بن
مروان عن جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام أنه قال : يأتي على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله
تعالى منه صلاته ، قلت : وكيف ذلك؟
قال : لأنه
يغسل ما أمر الله بمسحه.
مسألة
ـ ٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مسح الرجلين من رؤوس الأصابع إلى
الكعبين والكعبان هما الناتئان في وسط القدم.
وقال من جوز
المسح من مخالفينا انه يجب استيعاب الرجل بالمسح ، وقالوا كلهم ان الكعبين هما
عظما الساق الناتئان من جانبي القدمين ، لكل رجل كعبان الا ما حكي عن محمد بن
الحسن أنه قال : هما الناتئان في وسط القدم ، مع قوله بالغسل.
مسألة
ـ ٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الموالاة واجبة ، وهي أن يتابع بين أعضاء
الطهارة ولا يفرق بينها الا لعذر بانقطاع الماء ، ثمَّ يعتبر إذا وصل اليه
الماء ، فان جف أعضاء طهارته أعاد الوضوء ، وان بقي في يده نداوة بني
على ما قطع اليه.
وللشافعي قولان
: أحدهما : أنه إذا فرق الى أن يجف أعاد وبه قال عمر ، وربيعة ، والليث. والثاني :
لا تبطل طهارته ، وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة.
وقال مالك ،
وابن أبي ليلى ، والليث : ان فرق لعذر لم تبطل طهارته وان فرق
__________________
لغير عذر بطلت ، ولم يعتبروا جفاف ما وضأه.
مسألة
ـ ٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الترتيب واجب في الوضوء في الأعضاء كلها
، ويجب تقديم اليمين على اليسار.
وقال الشافعي
بمثل ذلك إلا في تقديم اليمين على اليسار ، وبه قال علي ، وابن عباس ، وقتادة ،
وأبو عبيدة القسم بن سلام ، وأحمد ، وإسحاق.
وقال أبو حنيفة
ومالك : الترتيب غير واجب ، وهو المروي عن ابن مسعود والأوزاعي.
مسألة
ـ ٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز المسح على الخفين مع الاختيار
لا في السفر ولا في الحضر ، وهو مذهب الخوارج أيضا.
وخالف جميع
الفقهاء في ذلك على اختلاف بينهم في مقدار المسح في السفر والحضر.
وعن مالك
روايات :
أحدها : أن يمسح أبدا من
غير توقيت ، وهو قول الشافعي في القديم.
والثانية : [ وكذا في
الثالثة والرابعة ] أنه يمسح في الحضر دون السفر. والثالثة [ انه ] يمسح في السفر
دون الحضر ، وهو الأظهر عنه. والرابعة : أنه يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر
ثلاثة أيام ، وبه قال الشافعي في الجديد ، وعليه أصحابه وبه قال أبو حنيفة وباقي
الفقهاء.
وروى ابن أبي
ذيب قال : أبطل مالك المسح في آخر أيامه.
__________________
وكلهم راعوا أن
يكون قد لبس الخف على طهارة إلا أبا حنيفة وأصحابه والثوري فإنهم أجازوا المسح
عليهما وان لبسهما على غير طهارة.
ونحن إذا قلنا
بجوازه عند الخوف والتقية فما دام الخوف والتقية باقيتين يجوز له المسح ، ولا يقدر
ذلك بيوم وليلة ، وسواء لبسهما على طهارة أو غير طهارة.
مسألة
ـ ٨٠ ـ : « ج » ـ ) :
ذهب الشافعي وأصحابه الى أن ابتداء المدة يعتبر من وقت الحدث ، فاذا مضى الوقت فقد
انقطع حكم المسح ولا يجوز له بعد ذلك أن يمسح سواء كان قد مسح أو لم يمسح ، وهو
مذهب مالك ، والثوري ، وأبي حنيفة وأصحابه.
وقال الأوزاعي
، وأحمد ، وأبو ثور : ابتداء المدة محسوب من وقت المسح بعد الحدث.
مسألة
ـ ٨١ ـ : إذا انقضت مدة
المسح عندهم فما الذي يلزمه؟ للشافعي قولان : أحدهما : استيناف الطهارة ، والثاني
: غسل الرجلين ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة ، والمزني ، وكافة الفقهاء.
مسألة
ـ ٨٢ ـ : إذا مسح في
الحضر ثمَّ سافر يمسح مسح مقيم عند الشافعي وأحمد ، وإسحاق.
وقال الثوري ،
وأبو حنيفة ، وأصحابه : يمسح مسح مسافر.
مسألة
ـ ٨٣ ـ : قال الشافعي ،
ومالك ، وإسحاق ، وأحمد : إذا غسل احدى الرجلين وأدخلها في الخف ثمَّ غسل الرجل
الأخرى وأدخلها في الخف لم يجز له المسح بعد ذلك ، لان من شرط جواز المسح أن يلبس
الخفين معا على طهر.
وقال أبو حنيفة
، وأصحابه ، والثوري : انه يجوز ذلك ، وأن الاعتبار
__________________
عنده أن يطرء الحدث على طهارة كاملة ، ولا يراعي أن يلبس
الخفين على طهارة بل لو لبس الخفين أولا ثمَّ غسل الأعضاء الثلاثة ثمَّ خاض الماء
حتى يصل الماء الى رجله جاز له بعد ذلك المسح.
مسألة
ـ ٨٤ ـ : إذا تخرق شيء
من مقدم الخف بمقدار ما يمسح عليه لم يجز له المسح على الخف أصلا ، لأنه عند ذلك
تزول الضرورة سواء كان ذلك قليلا أو كثيرا لا يقدر بحد.
وقال الشافعي
ان تخرق من مقدم الخف شيء بأن منه بعض الرجل لم يجز أن يمسح على خف غير ساتر
لجميع القدم ، هذا قوله في الجديد ، وبه قال أحمد بن حنبل.
وقال في القديم
: ان تفاحش وكثر لم يجز المسح وان كان قليلا جاز ، وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة
وأصحابه : ان كان الخرق قدر ثلاث أصابع لم يجز المسح ، وان نقض عن ذلك جاز.
مسألة
ـ ٨٥ ـ : المتيمم إذا
لبس الخف ثمَّ وجد الماء فلا يجوز أن يتطهر ويمسح على الخف عند جميع الفقهاء ، لان
التيمم لا يرفع الحدث ومن شرط صحة المسح ان يلبس الخف على طهارة.
وعندنا أنه لا
يصح حال الاختيار ، وعند الضرورة لا فرق بين أن يلبسها على طهارة أو غير طهارة
في جواز المسح عليهما.
مسألة
ـ ٨٦ ـ : قال الشافعي :
لا يجوز المسح على الجوارب إلا إذا كانا
__________________
منعلين.
وقال أبو حنيفة
: لا يجوز المسح عليهما على كل حال ، وهو قول الشافعي في القديم.
وذهب أحمد
وإسحاق إلى جواز المسح على الجوارب على جميع أنواعها.
مسألة
ـ ٨٧ ـ : إذا مسح على
الخفين ثمَّ نزعهما قال الشافعي في القديم والام ، والبويطى [ في ] الإملاء : انه
يستأنف الطهارة ، وعليه أصحابه وصححوه ، وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق.
وقال في كتاب
حرملة وكتاب ابن ابي ليلى : يجزيه غسل الرجلين ، وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة ،
وأصحابه ، والمزني.
مسألة
ـ ٨٨ ـ : إذا أخرج
رجليه الى ساقي الخفين بطل حكم المسح عند أبي حنيفة والأوزاعي [ و ] الذي يصححه
أصحاب الشافعي ، وهو قوله في الجديد.
وقال في القديم
: لا يبطل.
مسألة
ـ ٨٩ ـ : قال الشافعي :
المسنون أن يمسح أعلى الخف وأسفله ، وبه قال عبد الله بن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ،
والزهري ، ومالك.
وقال أبو حنيفة
: المسح على الظاهر دون الباطن ، وبه قال الثوري ، والأوزاعي وروي ذلك عن أنس بن
مالك ، وجابر ، والشعبي ، والنخعي.
مسألة
ـ ٩٠ ـ : قال الشافعي :
إذا مسح على الخف ما يقع عليه اسم
__________________
المسح [ فقد ] أجزأه ، قل ذلك أم كثر ، وسواء مسحه بيده أو بأي شيء
كان.
وقال أبو حنيفة
: يجب أن يمسح قدر ثلاث أصابع.
مسألة
ـ ٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أصاب أسفل الخف نجاسة فدلكه في
الأرض حتى زالت تجوز الصلاة فيه عندنا ، وبه قال الشافعي قديما ، وقال : عفى له عن
ذلك مع بقاء النجاسة ، وبه قال أبو حنيفة وعامة أصحاب الحديث.
وقال الشافعي
في الجديد ـ وهو الذي صححه أصحابه ـ انه لا يجوز ذلك.
مسألة
ـ ٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس بالتمندل من نداوة الوضوء ،
وتركه أفضل ، وبه قال أكثر الفقهاء.
وقال مالك
والثوري : لا بأس به في الغسل دون الوضوء ، وحكي ذلك عن ابن عباس.
وروي عن ابن
عمر أن ذلك مكروه في الغسل والوضوء معا ، وبه قال ابن أبي ليلى.
مسألة
ـ ٩٣ ـ [ ج ] : إذا تطهر
بالماء قبل أن يستنجى ثمَّ استنجى كان ذلك جائزا ، وكذلك القول في التيمم ، لان
كلا الأمرين واجب عليه : الطهارة والاستنجاء ، وقد فعلهما ، فمن قال لا يجزيه
فعليه الدلالة.
وقال أصحاب
الشافعي على مذهب الشافعي في التيمم : انه لا يجوز ، وأجازوا ذلك في الوضوء.
وحكى الربيع عن
الشافعي مثل ما قلناه ، وغلطه أصحابه.
مسألة
ـ ٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للجنب والحائض والمحدث أن يمسوا
__________________
مكتوبا من القرآن ، ولا بأس أن يمسوا أطراف [ الأوراق ] [ القرآن ] والمصحف والتنزه عنه
أفضل ، وقوله تعالى « لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
» انما أراد به القرآن
دون الأوراق.
وقال الشافعي :
لا يجوز لهم ذلك.
وقال أبو حنيفة
: لا يجوز ذلك للجنب والحائض فأما المحدث فلا بأس عليه.
وقال الحكم ،
وحماد ، وداود : ان ذلك غير جائز ولم يفصلوا .
مسألة
ـ ٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للجنب والحائض أن يقرءا القرآن.
وفي أصحابنا من قيد ذلك بسبع آيات من جميع القرآن . إلا سور
العزائم الأربع التي هي سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرء باسم ربك فإنه
لا يقرأ منها شيئا.
وقال الشافعي :
لا يجوز لهما ذلك قليلا أو كثيرا ، وبه قال أحمد. وقال أبو حنيفة : يقرءان دون
الآية. وقال داود : يقرأ الجنب كيف شاء.
وقال مالك :
يجوز للحائض أن تقرء القرآن على الإطلاق ، والجنب يقرأ الاية والايتين على سبيل
التعوذ .
يدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ أن الأصل الإباحة ، والمنع يحتاج الى دليل ، وظاهر
قوله تعالى « فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ
» يدل عليه أيضا.
__________________
وروى الحلبي عن
أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته أتقرء النفساء ، والحائض ، والجنب ، والرجل
يتغوط القرآن؟ فقال : يقرؤون ما شاءوا.
مسألة
ـ ٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها
ببول أو غائط إلا عند الاضطرار لا في الصحاري ولا في البنيان ، وبه قال أحمد ،
وأبو ثور ، والنخعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابه الا أبا يوسف ، فإنه فرق بين الاستقبال
والاستدبار.
وقال الشافعي :
لا يجوز ذلك في الصحاري دون البنيان ، وبه قال العباس بن عبد المطلب ، وعبد الله
بن عمر ، ومالك.
وقال ربيعة
وداود : يجوز فيهما جميعا ، وبه قال عروة بن الزبير.
مسألة
ـ ٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الاستنجاء واجب من الغائط والبول ، اما
بالماء أو الحجارة والجمع بينهما أفضل.
ويجوز الاقتصار
على واحد منهما إلا في البول فإنه لا يزال الا بالماء. فمتى صلى ولم يستنج لم تجز
الصلاة.
وقال الشافعي :
الاستنجاء منهما واجب ، وجوز بالماء والأحجار ، وأوجب إعادة الصلاة على من لم
يستنج ، وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة
: هو مستحب غير واجب.
مسألة
ـ ٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حد الاستنجاء أن ينقى الموضع من النجاسة
سواء كان بالماء أو الأحجار ، فان نقي بدون الثلاثة استعمل الثلاثة سنة ، وان لم
ينق بالثلاثة استعمل ما زاد عليها حتى ينقي ، وبه قال الشافعي.
وقال مالك وداود
: الاستنجاء يتعلق بالإنقاء ، ولم يعتبر العدد.
__________________
وقال أبو حنيفة
: هو مسنون ، والسنة تتعلق بالإنقاء دون العدد.
مسألة
ـ ٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الاستنجاء بالأحجار وغير الأحجار
إذا كان منقى غير مطعوم ، مثل الخشب ، والخرق ، والمدر ، [ وغير ذلك ] وبه قال
الشافعي وقال داود : لا يجوز بغير الأحجار.
مسألة
ـ ١٠٠ ـ : لا يجوز
الاستنجاء بالعظم ولا بالروث ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة ومالك : يجوز
ذلك.
مسألة
ـ ١٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : النوم الغالب على الحاستين : السمع
والبصر المزيل للعقل ينقض الوضوء [ سواء كان قائما أو قاعدا ، مستندا أو مضطجعا وعلى كل
حال ، وبه قال المزني فإنه قال : النوم حدث في نفسه ينتقض الوضوء به ]
على كل حال. وقال الشافعي : إذا نام مضطجعا أو مستلقيا أو مستندا انتقض وضوؤه.
وروي عن أبي
موسى الأشعري وأبي مجلز ، وحميد الأعرج ، وعمرو بن دينار أنهم قالوا : لا ينقض
[ الوضوء ] النوم بحال الا أن يتيقن بخروج الحدث .
وقال مالك ،
والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق : [ انه ] ان كثر نقض الوضوء وان قل لم ينقض.
__________________
وقال أبو حنيفة
وأصحابه : لا وضوء من النوم الا [ على ] من نام مضطجعا أو متوركا ، فأما من نام قائما ، أو
راكعا ، أو ساجدا ، أو قاعدا ، سواء كان في الصلاة أو غيرها فلا وضوء عليه.
مسألة
ـ ١٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ملامسة النساء ومباشرتهن لا تنقض الوضوء
، سواء كان مباشرة ذوات محرم أو غيرهن من النساء ، وسواء كانت المباشرة
باليد أو بغيرها من الأعضاء ، بشهوة كان أو بغير شهوة ، و [ به ] قال عبد الله
بن عباس ، والحسن البصري ، ومحمد بن الحسن ، وهو احدى الروايتين عن الثوري.
وقال الشافعي :
مباشرة النساء بغير حائل إذا كن غير محارم تنقض الوضوء بشهوة كان أو بغير شهوة ، باليد كان أو
بالرجل أو بغيرهما من الجسد ، عامدا كان أو ناسيا ، وبه قال عبد الله بن عمر ،
وابن مسعود ، والزهري ، وربيعة.
وقال الأوزاعي
: ان مسها بيده انتقض وضوءه وان مسها بالرجل لم ينتقض.
و [ به ] قال مالك : ان
مسها بشهوة [ انتقض ] ، وان كان بغير شهوة لم ينتقض ، وبه قال الليث بن سعد ،
وإسحاق ، وأحمد ، وهو احدى الروايتين عن الثوري.
__________________
حتى قال : مالك
ان مسها [ بشهوة ] [ حتى ] من وراء حائل انتقض وضوءه إذا كان الحائل رقيقا ، وقال
ربيعة ، والليث : ينتقض سواء كان الحائل صفيقا أو رقيقا.
وقال أبو حنيفة
وأبو يوسف : ان مسها فانتشر عليه انتقض وضوءه ، وان لم ينتشر لم ينتقض.
مسألة
ـ ١٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مس الفرج لا ينقض الوضوء ، أي الفرجين
كان ، سواء كان ذكرا أو امرأة ، أو مس أحدهما فرج صاحبه ، بظاهر الكف [ كان
] أو باطنه ، وبه قال علي عليهالسلام ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار ، والحسن البصري ، وربيعة
والثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه.
وقال الشافعي :
الرجل إذا مس ذكره بباطن كفه والمرأة إذا مست فرجها بباطن كفها ينقض وضوؤهما ، وهو
المروي عن عمر ، وابن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي هريرة ، وعائشة ، وسعيد بن
المسيب ، وسليمان بن يسار ، ومالك ، والأوزاعي ، والليث ، وأحمد ، وإسحاق ، الا أن
مالكا والأوزاعي قالا [ لا ] ينقض الوضوء وان مس بظاهر الكف.
وقال الشافعي :
إذا مس دبره انتقض وضوءه أيضا. وقال مالك : لا ينتقض وقال : الشافعي : إذا
مس ذكر الصغير أو الكبير انتقض وضوءه.
__________________
وقال مالك
وأحمد : إذا مس ذكر الصغير لم ينتقض . ولم يقل أحد ان مس الأنثيين ينقض الوضوء إلا عروة فإنه قال :
ينتقض وضوؤه.
وقال الشافعي :
إذا مس فرج بهيمة لا ينتقض وضوؤه. وقال الليث : ينتقض.
مسألة
ـ ١٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الدود الخارج من أحد السبيلين إذا
كان خاليا من نجاسة والحصا والدم الا دم الحيض والاستحاضة والنفاس لا ينقض الوضوء
وهو مذهب مالك ، وربيعة.
وقال الشافعي ،
وأبو حنيفة : ان جميع ذلك ينقض الوضوء.
مسألة
ـ ١٠٥ ـ : البول والغائط
إذا خرجا من غير السبيلين من موضع في البدن ينقض الوضوء إذا كان [ مما ] دون المعدة ،
لقوله تعالى « أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ
» .
والغائط عبارة
عن الحدث المخصوص ولم يفرق. وان كان من فوق المعدة لا ينقض الوضوء ، وبه قال الشافعي الا أن له
فيما فوق المعدة قولين.
مسألة
ـ ١٠٦ ـ : إذا أدخل ذكره
في دبر امرأة ، أو رجل ، أو فرج بهيمة ، أو فرج [ أو ] ميتة فلا
صحابنا في الدبر روايتان : إحداهما : أن عليه الغسل وبه
__________________
قال جميع الفقهاء ، والأخرى : لا غسل عليه ولا على المفعول به ، ولم
يوافقهم على هذه الرواية أحد ، فأما فرج الميتة فلا نص فيه أصلا.
وقال [ جميع
أصحاب الشافعي : ان عليه الغسل وقال أصحاب أبي حنيفة : لا يجب عليه الغسل ولا إذا
أدخل ] في فرج البهيمة ، والذي يقتضيه مذهبنا أن لا يجب الغسل في فرج البهيمة
فأما في فرج ـ
الميتة فالظاهر [ يقتضي ] أن عليه الغسل ، لما روي عنهم عليهمالسلام [ من ] أن حرمة الميت كحرمة الحي [ و ] لان الظواهر
المتضمنة لوجوب الغسل على من أولج في الفرج تدل على ذلك ، لعمومها ، وطريقة الاحتياط
تقتضيه.
وأما نصرة
الرواية الأخرى فهو أن نقول : الأصل براءة الذمة وعدم الوجوب وشغلها بوجوب الغسل
يحتاج الى دليل. وروي عنهم عليهمالسلام أنهم [ قالوا ] اسكتوا عما سكت الله تعالى عنه.
مسألة
ـ ١٠٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المذي والوذي لا ينقضان الوضوء ، ولا
يغسل منهما
__________________
الثوب ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وأوجبوا فيهما الوضوء وغسل
الثوب.
مسألة
ـ ١٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يخرج من غير السبيلين مثل القي ،
والرعاف ، والفصد ، وما أشبهها لا ينقض الوضوء ، وبه قال الشافعي ، وهو المروي عن
ابن عباس وابن عمر ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وغيرهم من الصحابة ، وسعيد بن المسيب
والقاسم بن محمد ، ومالك.
وقال أبو حنيفة
: ينتقض الوضوء بالدم إذا خرج وظهر ، وبالقيء إذا كان ملا الفم ، وقال : البلغم
والبصاق لا ينقضان الوضوء.
وقال أبو يوسف
وزفر : ان كان نجسا نقض الوضوء قليلا كان أو كثيرا ، وان كان طاهرا لا ينقض الوضوء
إلا إذا كان ملا الفم.
مسألة
ـ ١٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القهقهة لا تنقض الوضوء سواء كانت في
الصلاة أو غيرها ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، وعطا ، والزهري ، وأحمد ، وإسحاق ،
وجابر بن عبد الله ، وأبو موسى الأشعري.
وقال أبو حنيفة
وأصحابه : ان كان في الصلاة نقضت الوضوء ، وبه قال الشافعي ، والنخعي ، والثوري.
مسألة
ـ ١١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أكل ما مسته النار لا ينقض الوضوء ، وهو
مذهب جميع الفقهاء والصحابة كلهم إلا أبا موسى ، وزيد بن ثابت ، وأنسا ، وأبا طلحة ،
وابن عمر ، وأبا هريرة ، وعائشة ، فإنهم قالوا : ينقض الوضوء.
مسألة
ـ ١١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أكل لحم الجزور لا ينقض الوضوء ، وبه
قال جميع الفقهاء إلا أحمد وإسحاق فإنهما قالا : ينقض الوضوء.
__________________
مسألة
ـ ١١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من تيقن الطهارة وشك في الحدث لم تجب
عليه الطهارة وطرح الشك ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي.
وقال مالك :
يبني على الشك وتلزمه الطهارة.
وقال أحمد : ان كان في
الصلاة بنى على اليقين وهو الطهارة ، وان كان خارج الصلاة بنى على الشك وأعاد
الوضوء احتياطا.
مسألة
ـ ١١٣ ـ : إذا توضأ فصلى
الظهر ، ثمَّ أحدث ، ثمَّ أعاد الوضوء ، ثمَّ صلى العصر ، ثمَّ ذكر أنه
ترك عضوا من أعضاء الطهارتين ، ولا يدري من أي الطهارتين كان ، فإنه يعيد الطهارة
ويصلي الصلاتين معا بلا خلاف.
وفي وجوب اعادة
الوضوء للشافعي قولان : إذا قال بالموالاة أعاد الوضوء وإذا لم يقل بها بنى عليه.
مسألة
ـ ١١٤ ـ : ومتى صلى
الظهر بطهارة ولم يحدث وجدد الوضوء ، ثمَّ صلى العصر ثمَّ [ انه ] ذكر أنه ترك
عضوا من أعضاء الطهارة ، فإنه يعيد صلاة الظهر عندنا فحسب ولا يعيد العصر ، لأنه
لا شك أنه صلى العصر بطهارة وانما الشك في الظهر فأوجبنا عليه اعادة المشكوك فيه.
وقال الشافعي : يعيد الظهر.
وفي إعادة
العصر قولان : أحدهما : لا يعيد مثل ما قلناه إذا قال ان تجديد الوضوء يرفع حكم
الحدث ، والأخر : أنه يعيد إذا لم يقل بذلك.
مسألة
ـ ١١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للرجل والمرأة أن يتوضأ كل واحد
منهما بفضل وضوء صاحبه ، وبه قال الشافعي.
__________________
وقال أحمد : لا
يجوز للرجل أن يتوضأ بفضل وضوء المرأة.
(
مسائل الغسل )
مسألة
ـ ١١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا التقى الختانان وجب الغسل سواء أنزل
أو لم ينزل وبه قال جميع الفقهاء الا داود وقوما ممن تقدم مثل أبي سعيد الخدري
وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم.
مسألة
ـ ١١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أنزل بعد الغسل وجب عليه الغسل سواء
كان بعد البول أو قبله ، فان رأى بللا دون الانزال وكان قد بال لم يجب عليه الغسل
، وان لم يكن بال وجب عليه [ اعادة ] الغسل [ معادا ] .
وقال الشافعي :
إذا أنزل بعد الغسل وجب عليه الغسل سواء كان قبل البول أو بعده.
وقال مالك : لا
غسل عليه سواء كان قبل البول أو بعده.
وقال الأوزاعي
: ان كان قبل البول فلا غسل عليه وان كان بعد البول فعليه الغسل.
وقال أبو حنيفة
: ان كان قبل البول فعليه الغسل وان كان بعده فلا غسل عليه.
مسألة
ـ ١١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أمنى من غير أن يلتذ به وجب عليه
الغسل ، وبه قال الشافعي وأصحابه. وقال أبو حنيفة : لا يجب عليه الغسل الا أن يلتذ
بخروجه.
مسألة
ـ ١١٩ ـ : الكافر إذا
أسلم لم يجب عليه الغسل بل يستحب له ذلك ، وبه قال الشافعي. وقال أحمد ومالك : يجب
عليه الغسل ، وانما قلنا ذلك لأنه لا دليل
__________________
على إيجاب الغسل عليه والأصل براءة الذمة.
مسألة
ـ ١٢٠ ـ : الكافر إذا
تطهر واغتسل من جنابة ، ثمَّ أسلم لم يعتد بهما ، لأن الطهارة تحتاج إلى نية
القربة وهي لا تصح من الكافر ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : يعتد بهما.
مسألة
ـ ١٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إمرار اليد على البدن في الغسل من
الجنابة غير لازم ، وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وغيره. وقال مالك : يلزم ذلك.
مسألة
ـ ١٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الفرض في الغسل إيصال الماء الى جميع
البدن ، وفي الوضوء إلى أعضاء الطهارة ، وليس له قدر لا يجوز أقل منه ، الا أن
المستحب أن يكون الغسل بتسعة أرطال والوضوء بمد ، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة
ومحمد : لا يجزئ في الغسل أقل من تسعة أرطال ولا في الوضوء أقل من مد.
مسألة
ـ ١٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وجب عليه الوضوء وغسل الجنابة أجزأه
عنهما الغسل ، وبه قال جميع الفقهاء إلا الشافعي فإن له فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : ما
قلناه وعليه يعتمد أصحابه.
والثاني : أنه
يجب عليه أن يتطهر ثمَّ يغتسل أو يتطهر بعد أن يغتسل.
والثالث أنه
يجب عليه أن يتطهر أولا فيسقط [ عنه ] فرض غسل الأعضاء الأربعة في الغسل ويأتي بما بقي وقد
أجزأه.
مسألة
ـ ١٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الترتيب واجب في الغسل من الجنابة ،
يبدأ بغسل رأسه ثمَّ ميامن جسده ثمَّ مياسره. وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ١٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : غسل الجمعة والأعياد مستحب ، وبه قال
جميع الفقهاء. وذهب أهل الظاهر إلى أنه واجب ، وروى ذلك عن كعب الأحبار.
__________________
مسألة
ـ ١٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز غسل الجمعة من [ عند ] طلوع الفجر
الى قبل الزوال ، وكلما قرب من الزوال كان أفضل ، فإن اغتسل قبل طلوع الفجر لم يجز
، وبه قال الشافعي الا أنه قال : وقت الاستحباب وقت الرواح.
وقال الأوزاعي
: إذا اغتسل قبل طلوع الفجر وراح عقب الغسل أجزأه.
وقال مالك :
يحتاج [ الى ] أن يغتسل فيروح ، فان اغتسل ولم يرح لم يجز.
مسألة
ـ ١٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا [ كان ] اغتسل ونوى به
الجنابة والجمعة أجزأه عنهما ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وقال مالك : لا يجزي
حتى يفرد كل واحد منهما.
مسألة
ـ ١٢٨ ـ : إذا اغتسل
غسلا واحدا ولا ينوي به غسل الجنابة ولا غسل ـ الجمعة ، فإنه لا يجزيه عن واحد
منهما ، لما ثبت بالدليل أن الوضوء والغسل لا بد فيهما من نية ، وبه قال
الشافعي. وقال أبو حنيفة : يجزيه.
مسألة
ـ ١٢٩ ـ : إذا اغتسل
ونوى به غسل الجنابة دون غسل الجمعة أجزأه عنهما ، لعموم الاخبار في أنه إذا اغتسل
غسلا واحدا أجزأه من الأغسال الكثيرة.
وللشافعي قولان
: أحدهما : أنه يجزيه عن الغسل من الجنابة والغسل من الجمعة ، والآخر : أنه يجزيه
عن غسل الجنابة لا غير ، وهذا يقوى أيضا عندي.
وقال أبو حنيفة
يجزئ عنهما.
__________________
مسألة
ـ ١٣٠ ـ : إذا اغتسل
بنية غسل الجمعة دون غسل الجنابة لم يجزه عن واحد منهما ، لوجوب النية في الغسل
ولم ينو الغسل من الجنابة فوجب أن لا يجزيه عنهما ، ولا يصح أيضا إجزاؤه عن غسل
الجمعة ، لأن غسل الجمعة انما يراد به التنظيف ومن هو جنب لا يصح فيه ذلك.
وقال الشافعي
لا يصح اجزاؤه عن غسل الجنابة. وفي اجزائه عن الجمعة قولان ، وعند أبي حنيفة يجزيه
عنهما ، بناء منه على أن النية غير واجبة.
مسألة
ـ ١٣١ ـ : الغسل من غسل
الميت واجب عند أكثر أصحابنا ، وعند بعضهم أنه مستحب ، وهو اختيار المرتضى.
وقال الشافعي ،
وأبو حنيفة ، وأصحابه ، والثوري ، ومالك ، وعامة الفقهاء : انه مستحب وليس بواجب ،
وكذلك الوضوء. وقال الشافعي والبويطي يجب الغسل على من غسل ميتا.
وقال أحمد :
الوضوء من مسه واجب والغسل ليس بواجب.
(
مسائل التيمم )
مسألة
ـ ١٣٢ ـ : التيمم إذا
كان بدلا من الوضوء يكفي فيه ضربة واحدة لوجهه وكفيه ، وبه قال الأوزاعي ، وسعيد
بن المسيب ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق.
وإذا كان بدلا
من الغسل فضربتان [ ضربة للوجه وضربة للكفين. وقال
__________________
الشافعي [ التيمم ] ضربتان ] على كل حال ضربة للوجه يستغرق جميعه وضربة
لليدين الى المرفقين.
وقد ذهب اليه
قوم من أصحابنا [ منهم علي بن بابويه ] وبه قال عمر ، وجابر والحسن البصري ، والشعبي ، ومالك ،
والليث بن سعد ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه.
ورووا عن علي عليهالسلام أنه قال : يضرب ضربتين ضربة لوجهه وضربة لكفيه ، وحكي
ذلك عن الشافعي في القديم ، وكذلك حكي عن مالك.
والفرق بين
الطهارتين ننفرد به نحن . وفي أصحابنا من قال بضربة واحدة في الموضعين جميعا
واختاره المرتضى.
وقال ابن سيرين
: يضرب ثلاث ضربات ضربة للوجه ، وضربة للكفين ، وضربة للذراعين. وذهب الزهري إلى
أنه يمسح يديه الى المنكبين.
مسألة
ـ ١٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب أن يكون التيمم بالتراب أو ما كان
من جنسه من الأحجار ، ولا يلزم أن يكون ذا غبار.
ولا يجوز
التيمم بالزرنيخ وغير ذلك من المعادن ، وبه قال الشافعي الا أنه اعتبر التراب أو
الحجر إذا كان ذا غبار.
وقال أبو حنيفة
كل ما كان من جنس الأرض أو متصلا بها من الملح والشجر يجوز التيمم به ، وبه قال
مالك الا أنه اعتبر أن يكون من جنس الأرض وما يتصل بها.
وقال الثوري
والأوزاعي : يجوز التيمم بالأرض وبكل ما عليها سواء كان متصلا بها أو غير متصل
كالثلج وغير ذلك.
__________________
مسألة
ـ ١٣٤ ـ : لا يجوز
التيمم بتراب [ قد ] خالطه نورة ، أو زرنيخ ، أو كحل ، أو مائع [ خالطه ] غير الماء ،
غلب عليه أو لم يغلب ، لقوله تعالى : « فَتَيَمَّمُوا
صَعِيداً طَيِّباً » ، والصعيد هو التراب الذي لا يخالطه غيره ، ذكر ذلك ابن
دريد ، وأبو عبيدة ، وغيرهما.
وقال الشافعي
وأصحابه : إذا غلب عليه لا يجوز التيمم به وإذا لم يغلب ففيه قولان. وقال المروزي
: يجوز التيمم به.
وقال الباقون
من أصحابه : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٣٥ ـ : التراب
المستعمل في التيمم يجوز [ استعمال ] التيمم به دفعة اخرى ، لقوله تعالى «
فَتَيَمَّمُوا
صَعِيداً » وهذا صعيد.
وصورته : أن
يجمع ما ينتثر من التراب ويتيمم به ، وان كان الأفضل نفض اليدين قبل
التيمم حتى لا يبقى فيهما شيء من التراب.
وقال أكثر
أصحاب الشافعي : انه لا يجوز ، وحكي عن بعض أصحابه أنه يجوز .
مسألة
ـ ١٣٦ ـ : يكره التيمم
بالرمل إلا إذا حجر . وللشافعي فيه قولان.
مسألة
ـ ١٣٧ ـ : إذا ترك شيئا
من المقدار الذي يجب عليه مسحه فالتيمم لم يجزه ، لأنه قد خالف الظاهر.
__________________
وقال الشافعي :
إذا أبقى شيئا من موضع التيمم قليلا كان أو كثيرا لم يجزه كما قلناه فان كان ذكره ناسيا وذكر
قبل أن يتطاول [ الزمان مسح عليه وان تطاول ] الزمان فله فيه قولان : أحدهما يستأنف والأخر يمضي .
وقال أبو حنيفة
: ان كان ما تركه دون الدرهم لم يجب عليه شيء فان كان أكثر منه لم يجزه.
مسألة
ـ ١٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الترتيب واجب في التيمم : يبدأ بمسح
وجهه ثمَّ بمسح كفيه يقدم اليمين على الشمال ، وبه قال الشافعي إلا في تقديم
اليمين على الشمال.
وقال أبو حنيفة
: لا يجب فيه الترتيب.
مسألة
ـ ١٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الموالاة واجبة في التيمم ، لأنه لا
يجوز التيمم الا عند ضيق الوقت ، ولو لم يوال يخرج الوقت وفاتت الصلاة. وخالف
جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ١٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من قطعت يداه من الذراعين سقط [ عنه ] فرض التيمم.
وقال الشافعي :
يتيمم بما بقي إلى المرفقين.
مسألة
ـ ١٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من تيمم لصلاة النافلة جاز له أن يؤدي
النوافل والفرائض به ، ولا فرق بين أن ينوي بالتيمم الدخول في النافلة أو الفريضة.
__________________
وقال الشافعي :
إذا تيمم للنافلة لم يجز أن يصلى به فريضة. ووافقنا أبو حنيفة فيما قلناه.
مسألة
ـ ١٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وجب عليه الغسل من الجنابة ولم يجد
ماء جاز أن يتيمم ويصلي ، وهو مذهب جميع الفقهاء والصحابة. وروي عن عمر وابن مسعود
أنهما قالا : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٤٣ ـ : إذا تيمم
الجنب بنية أنه يتيمم عن الطهارة الصغرى وكان قد نسي الجنابة.
قال الشافعي :
يجوز له الدخول به في الصلاة.
وهذه المسألة
لا نص فيها لأصحابنا على التعيين ، والذي يقتضيه المذهب أنه لا يجوز له أن يدخل به
في الصلاة ، لأن التيمم يحتاج إلى نية أنه بدل من الوضوء أو بدل من الجنابة ، وإذا
لم ينو ذلك لم يصح التيمم ، وأيضا فطريقة الاحتياط تقتضي إعادة التيمم ليصير داخلا
في صلاته بيقين.
وان قلنا انه
متى نوى بتيممه استباحة الصلاة من حدث جاز له الدخول في الصلاة كان قويا ، والأحوط
الأول.
مسألة
ـ ١٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المتيمم إذا وجد ماء قبل الدخول في
الصلاة انتقض تيممه ووجب عليه الطهارة ، وهو مذهب جميع الفقهاء.
وقال أبو سلمة
بن عبد الرحمن [ أنه ] لا يبطل.
مسألة
ـ ١٤٥ ـ : من وجد الماء
بعد دخوله في الصلاة فلأصحابنا فيه
__________________
روايتان : إحداهما ـ وهو الأظهر ـ أنه إذا كبر تكبيرة الإحرام مضى في صلاته
وهو مذهب الشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وأبي ثور. والثانية : أنه يخرج ويتوضأ ما لم
يركع.
وقال أبو حنيفة
والثوري : تبطل صلاته وعليه استعمال الماء أي وقت كان ، إلا إذا وجد في صلاة
العيدين أو الجنازة ، أو وجد سؤر الحمار.
وقال الأوزاعي
: يمضي في صلاته وتكون نافلة ثمَّ يتطهر ويعيدها.
وقال المزني :
تبطل صلاته بكل حال.
مسألة
ـ ١٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من صلى بتيمم ثمَّ وجد الماء لم يجب
عليه إعادة الصلاة ، وهو مذهب جميع الفقهاء. وقال طاوس عليه
الإعادة .
مسألة
ـ ١٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس أن يجمع بين صلاتين. بتيمم واحد
، فرضين كانا أو نفلين ، أدائين أو فائتين ، وعلى كل حال ، في وقت واحد أو وقتين.
وقال الشافعي :
لا يجوز أن يجمع بين صلاتي فرض ويجوز أن يجمع بين فريضة واحدة وما شاء من النوافل
، وهو المحكي عن عمرو بن عباس ، وبه قال مالك وأحمد. وقال أبو حنيفة والثوري :
يجوز ذلك على كل حال كما قلناه ، وهو مذهب سعيد بن المسيب والحسن البصري.
وقال أبو ثور :
يصلي فريضتين في وقت [ واحد ] ولا يصلي فريضتين في وقتين.
مسألة
ـ ١٤٨ ـ : التيمم لا
يرفع الحدث ، وانما يستباح به الدخول في
__________________
الصلاة ، لأنه لا خلاف أن الجنب إذا تيمم وصلى ثمَّ وجد الماء وجب عليه
الغسل فعلم بذلك أن الحدث باق ، وبه قال كافة الفقهاء الا داود وبعض أصحاب مالك
فإنهم قالوا برفع الحدث.
مسألة
ـ ١٤٩ ـ : يجوز للمتيمم
أن يصلى بالمتوضئين على كراهة ، وبه قال جميع الفقهاء على غير كراهية ، لقوله تعالى «
فَلَمْ
تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا » ولم يفصل بين
أن يكون إماما أو منفردا ، وقال محمد بن الحسن : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٥٠ ـ : لا يجوز
التيمم إلا في آخر الوقت عند الخوف من فوت الصلاة بدلالة الاحتياط والاخبار
المروية في ذلك.
وقال أبو حنيفة
: يجوز التيمم قبل دخول الوقت.
وقال الشافعي :
لا يجوز الا بعد دخول الوقت ولم يعينه.
مسألة
ـ ١٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : طلب الماء واجب ، ومتى تيمم من غير طلب
لم يصح تيممه ، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة
: الطلب غير واجب.
مسألة
ـ ١٥٢ ـ : كل سفر فقد
فيه الماء يجوز [ فيه ] التيمم طويلا كان أو قصيرا ، لقوله تعالى «
أَوْ عَلى سَفَرٍ
» الى قوله «
فَلَمْ
تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا » ولم يفصل ، وبه قال جميع الفقهاء.
وحكي عن بعضهم
أنه قال : انما يجوز في السفر الطويل الذي تقصر فيه الصلاة.
مسألة
ـ ١٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المقيم الصحيح إذا فقد الماء بأن يكون
في قرية لها
__________________
بئر أو عين نضب ماؤها وضاق وقت الصلاة يجوز أن يتيمم ويصلي ولا اعادة عليه
وكذلك إذا حيل بينه وبين الماء لقوله تعالى «
فَلَمْ
تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا » ، وبه قال مالك والأوزاعي ، ومثله قال الشافعي ، الا أنه
قال : إذا وجد الماء توضأ وأعاد الصلاة ، وبه قال محمد.
وقال زفر لا
يتيمم ولا يصلي بل يصبر حتى يجد الماء.
وعن أبي حنيفة
روايتان : إحداهما مثل قول محمد ، والأخرى مثل قول زفر.
مسألة
ـ ١٥٤ ـ : من صلى بتيمم
جاز له أن يتنفل بعدها ما شاء من النوافل والفرائض على ما بيناه ، ولا يجوز أن
يتنفل قبلها ، لأنا قد بينا أن التيمم لا يجوز الا عند تضيق الوقت ، وتلك الحال لا
يجوز أن يتنفل فيها ، لأنه نافلة في وقت فريضة.
وللشافعي قولان
: أحدهما : يجوز ، ذكر ذلك في الأم ، والأخر : لا يجوز ذكر ذلك في البويطي. وقال
مالك : لا يجوز [ من الأصل ] .
مسألة
ـ ١٥٥ ـ إذا تيمم ثمَّ
طلع عليه ركب لم يجب عليه أن يسألهم الماء ولا ليستدلهم عليه ، لأن هذه الحال حال
وجوب الصلاة وتضيق وقتها والخوف من فوتها ، وقد مضى وقت الطلب فلا يجب عليه ذلك.
وقال الشافعي :
يجب عليه ذلك.
مسألة
ـ ١٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المجدور والمجروح ومن أشبههما ممن به
مرض مخوف يجوز معه التيمم مع وجد الماء ، وهو قول جميع الفقهاء الا طاووسا ومالكا
__________________
فإنهما قالا : [ لا ] يجب عليهما [ الا ] استعمال الماء.
مسألة
ـ ١٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا خاف الزيادة في العلة وان لم يخف
التلف جاز له التيمم ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة وعامة الفقهاء.
وللشافعي قولان
: أحدهما : يجوز ، والأخر : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٥٨ ـ : إذا لم يخف
الزيادة ولا التلف غير أنه يشينه استعمال الماء ويؤثر في خلقته ويغير شيئا منه
ويتشوه به يجوز [ له ] أن يتيمم ، لأن الآية عامة في كل خوف ، وكذلك الاخبار.
وللشافعي فيه
قولان. فأما إذا لم يشوه خلقته ولا يزيد في علته ولا يخاف التلف وان أثر فيه أثرا
قليلا فلا خلاف أنه لا يجوز له التيمم.
مسألة
ـ ١٥٩ ـ : المرض الذي لا
يخاف منه التلف والزيادة فيه مثل الصداع ووجع الضرس وغير ذلك لا
يجوز معه التيمم ، وبه قال جميع الفقهاء الا داود وبعض أصحاب مالك فإنهم قالوا
بجواز ذلك.
مسألة
ـ ١٦٠ ـ : إذا خاف من
استعمال الماء لشدة البرد وأمكنه أن يسخنه وجب عليه ذلك بلا خلاف ، فان لم يمكنه
تيمم وصلى ولا اعادة عليه.
وقال الشافعي :
ان أمكنه استعمال جزء من الماء وجب عليه استعماله وان لم يمكنه تيمم وصلى ، فان
كان مقيما كان عليه الإعادة ، بلا خلاف بينهم ، وان كان مسافرا فعلى قولين.
مسألة
ـ ١٦١ ـ : من كان في بعض
جسده أو بعض أعضاء طهارته ما لا ضرر
__________________
عليه والباقي عليه جراح أو علة يضر بهما وصول الماء إليهما جاز له التيمم ولا يغسل الأعضاء الصحيحة أصلا ، بدلالة
عموم الآية والاخبار ، وان غسلها ثمَّ تيمم كان أحوط.
وقال أبو حنيفة
: ان كان الأكثر صحيحا غسل الجميع ولا يتيمم ، وان كان الأكثر سقيما تيمم ولا
يغسل.
والذي عليه
عامة أصحاب الشافعي أنه يغسل ما يقدر على غسله ويتيمم. وقال بعض أصحابه مثل ما
قلناه أنه يقصر على التيمم.
مسألة
ـ ١٦٢ ـ : إذا حصل على
بعض فرجه أو مذاكيره نجاسة لا يقدر على غسلها لا لم فيه أو قرح أو جراحة يغسل ما يمكنه
ويصلي وليس عليه الإعادة ، لعموم الآية والاخبار في أن من صلى بتيمم لا اعادة
عليه.
وقال الشافعي :
يغسل منه ما يمكنه ويصلي ثمَّ يعيد الصلاة وقال في القديم انه
لا يعيد ، وهو اختيار المزني وقول أبي حنيفة.
مسألة
ـ ١٦٣ ـ : إذا عدم الماء
لطهارته والتراب لتيممه ومعه ثوب أو لبد سرج نفضة وتيمم به ، وان لم يجد الا الطين
وضع يده فيه ثمَّ فركه وتيمم به وصلى ولا اعادة عليه ، لأنه لا دليل على وجوب الإعادة.
وقال الشافعي
مثل ذلك ، الا أنه قال : يعيد الصلاة ، وبه قال أبو يوسف
__________________
وأحمد.
وقال أبو حنيفة
ومحمد : يحرم عليه الصلاة في هذه الحال.
مسألة
ـ ١٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أجنب نفسه مختارا اغتسل على كل حال
وان خاف التلف أو الزيادة في المرض ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ١٦٥ ـ : إذا كان في
مصر محبوسا أو في موضع نجس أو مربوطا على خشبة صلى ، يومئ إيماء حسبما يقدر عليه ،
وان كان موضع سجوده نجسا سجد على كفه عندنا ، وهو مذهب الكافة إلا ما حكاه الطحاوي
عن أبي حنيفة أنه قال : لا يصلي.
وللشافعي إذا
لم يقدر في موضع السجود الا على نجاسة قولان : أحدهما : يسجد عليها ، والأخر : لا
يسجد ويومئ إيماء فأما الإعادة فللشافعي فيه قولان : أحدهما : يعيد ، والأخر : لا
يعيد ، وهو اختيار المزني.
ثمَّ القول في
أيهما هو الفرض فيه ثلاثة أقوال : أحدها الاولى ، والثاني الثانية ، والثالث هما
جميعا ، وفيه قول رابع وهو أنه يثبت الله تعالى على أيهما شاء فهو الفرض ، وهو قول أبي إسحاق المروزي.
فأما على مذهبنا
فلا اعادة عليه ، لقوله تعالى « أَقِمِ الصَّلاةَ
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ » ، وهذا عام في
جميع الأحوال والقضاء يحتاج الى دليل.
مسألة
ـ ١٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الجبائر ، والجراح ، والدماميل ، وغير
ذلك إذا أمكنه نزع ما عليها وغسل الموضع وجب ذلك ، وان لم يتمكن من ذلك بأن
__________________
يخاف التلف أو الزيادة في العلة مسح عليها وتمم وضوءه وصلى ولا اعادة عليه.
وبه قال أبو
حنيفة وأصحابه ، والشافعي وأصحابه ، الا أنهم قالوا الإعادة على قولين.
مسألة
ـ ١٦٧ ـ : يجوز المسح
على الجبائر سواء وضعها على طهر أو غير طهر وقال الشافعي : لا يجوز المسح عليها
الا بوضعها على طهر ، وهل يلزم الإعادة على قولين. وهل يستديم الصلوات الكثيرة به؟ فيه
قولان. وهل يمسح جميع الجبائر؟ فيه قولان.
والذي نقوله :
أنه يجوز له أن يمسح على الجبائر فلا يجب أن يكون على طهر ، ويلزمه استيعابها.
ويجوز له
استباحة الصلوات الكثيرة بذلك ، بدلالة قوله تعالى «
ما جَعَلَ
عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
» ، والاخبار وعمومها ، وإيجاب الإعادة يحتاج الى دليل.
مسألة
ـ ١٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز التيمم لصلاة الجنازة
مع وجود الماء ، ويجوز أن يصلي عليها وان لم يتطهر أصلا ، وبه قال ابن جرير الطبري
والشعبي وقال الأوزاعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه : يجوز بالتيمم ولا يجوز
ذلك من غير تيمم ولا وضوء.
وقال الشافعي :
لا يجوز له أن يتيمم أصلا إذا كان واجدا للماء.
مسألة
ـ ١٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان معه في السفر من الماء ما لا
يكفيه لغسله من
__________________
الجنابة تيمم وصلى وليس عليه الإعادة ، وكذلك القول في الوضوء.
وقال الشافعي
وأصحابه : انه يستعمل ما وجده من الماء فيما يمكنه ويتيمم
، وبه قال مالك ، وعطاء ، والحسن بن صالح بن حي.
وقال في
الإملاء والقديم : يستحب له استعمال ـ الماء ولا يجب عليه ، وهو قول الزهري ،
والثوري ، وأبي حنيفة ، وأصحابه ، واختيار المزني.
مسألة
ـ ١٧٠ ـ : قد بينا أنه
لا يجوز التيمم إلا في آخر الوقت سواء كان طامعا في الماء أو آيسا منه ، وعلى كل
حال فلا يجوز [ له ] تقديمها في أول الوقت.
وقال الشافعي :
ان كان آيسا من وجوده آخر الوقت ، فالأفضل تقديمه ، وان كان طامعا فالأفضل تأخيره
، وان تساوى حاله ففيه قولان : أحدهما [ ان ] تقديمه أفضل ، والأخر : [ ان ] تأخيره أفضل ،
وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وعامة الفقهاء.
مسألة
ـ ١٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب التيمم من ربي الأرض وعواليها
ويكره من مهابطها ، ولم يفرق واحد من الفقهاء بين الموضعين.
مسألة
ـ ١٧٢ ـ : من نسي الماء
في رحله وتيمم ، ثمَّ وجد الماء في رحله
__________________
فان كان قد فتش وطلب فلم يظفر به ، بأن خفي عليه مكانه ، أو ظن أن ليس معه ماء مضت
صلاته ، وان كان فرط وتيمم ثمَّ ذكر ، وجب عليه إعادة الصلاة ، لأنا قد بينا أن
الطلب واجب ، وهذا قد فرط فيه ، فلم يجز له التيمم.
وقال الشافعي
تجب عليه الإعادة. وحكى أبو ثور قال : سألت أبا عبد الله عمن نسي في رحله ماء
فتيمم وصلى ، قال : لا يعيد.
واختلف أصحابه
فيها ، فمنهم من قال : يجوز أن يكون أراد به مالكا أو أحمد بن حنبل ، فإنهما
يكنيان أبا عبد الله ولم تصح الرواية عن الشافعي.
ومنهم من قال :
ان أبا ثور لم يلق مالكا وهو ما روى الا عن الشافعي ، فلا يجوز أن يكون عنى غير
الشافعي ، وجعل هذا قولا آخر ، واستقر على القولين : أحدهما : يجزيه ، وبه قال أبو
حنيفة ، والثاني : لا يجزيه ، وهو الأصح ، وبه قال مالك وأبو يوسف.
مسألة
ـ ١٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجد الماء بثمن لا يضر به وكان معه
الثمن وجب عليه شراؤه كائنا ما كان الثمن ، وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة
: ان وجده بزيادة في ثمنه قليلة لزم شراؤه ، وان وجده بزيادة كثيرة لم يلزمه.
وقال الشافعي :
ان وجد بثمن مثله في موضعه وهو واحد غير خائف لزمه شراؤه ، وان لم يجد ثمنه ، أو
وجده بثمن أكثر من ثمن مثله لم يلزمه. وقال أصحابه : ثمن مثله في موضعه ، ومنهم من
قال : ثمن مثله بمجرى العادة.
__________________
مسألة
ـ ١٧٤ ـ : إذا اجتمع جنب
وحائض وميت ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم وليس هو ملكا لواحد بعينه كانوا مخيرين
في أن يستعمله واحد منهم ، وان كان ملكا لأحدهم فهو أولى به [ لان ] والروايات
اختلفت في ذلك على وجه لا ترجيح فيها فحملناها على التخيير.
وقال الشافعي :
الميت أحق به.
وإذا اجتمع محدث
وجنب فالمسألة بحالها وكانا مخيرين أيضا.
وللشافعي فيه
ثلاثة أقوال : أحدها مثل قولنا ، والثاني [ ان ] المحدث أولى ،
والثالث : [ ان ] الجنب أولى.
مسألة
ـ ١٧٥ ـ : إذا عدم الماء
ووجده بالثمن وليس معه الثمن فقال له إنسان أنا أبيعك بالنسيئة فإن كان له ما يقضي
به [ ثمنه ] لزمه شراؤه وان لم يكن له ما يقضي [ به
] ذلك لم يلزمه وعليه التيمم ، لأنه غير واجد الماء.
وقال الشافعي :
يلزمه ولم يفصل.
مسألة
ـ ١٧٦ ـ : إذا تطهر
للصلاة أو تيمم ، ثمَّ ارتد ، ثمَّ رجع الى الإسلام لم تبطل طهارته ولا تيممه ،
لان نواقض الطهارة مذكورة وليس من جملتها الارتداد.
__________________
وللشافعي فيه
ثلاثة أقوال : أحدها : أنهما يبطلان ، والثاني : لا يبطلان ، والثالث : يبطل التيمم دون الطهارة.
مسألة
ـ ١٧٧ ـ : العاصي بسفره
إذا عدم الماء وجب عليه التيمم عند تضيق الوقت ويصلي ولا اعادة عليه ، بدلالة
الآية « فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا
» ولم يفرق.
وقال الشافعي :
يتيمم ، وهل يسقط الفرض [ عنه ] فيه وجهان.
مسألة
ـ ١٧٨ ـ : إذا جامع
المسافر زوجته وعدم الماء ، فإنه ان كان معه من الماء ما يغسل به فرجه وفرجها فعلا
ذلك وتيمما وصليا ولا اعادة عليهما ، لأن النجاسة قد زالت والتيمم عند عدم الماء
يسقط الفرض به ، وهذا لا خلاف فيه.
وان لم يكن
معهما ماء أصلا فهل تجب عليهما الإعادة أم لا؟ للشافعي فيه وجهان : أحدهما : يجب ،
والأخر : لا يجب ، والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا اعادة عليهما.
مسألة
ـ ١٧٩ ـ : الجنب إذا عدم
الماء تيمم لاستباحة الصلاة ، فإذا تيمم جاز له أن يستبيح صلوات كثيرة فرائض
ونوافل. وعند الشافعي يستبيح فرضا واحدا وما شاء من نوافل ، وقد مضت هذه المسألة.
فإن أحدث بعد
هذا التيمم ما يوجب الوضوء ووجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته أعاد التيمم
ولا يستعمل ذلك [ الماء ] .
__________________
وللشافعي فيه
قولان : أحدهما كما قلناه ، والأخر أنه يستعمل ذلك الماء في أعضاء طهارته
ويتيمم لباقيها [ بالماء ، بناء منه على المسألة التي مضت في أنه إذا
وجد من الماء ما لا يكفي لطهارته استعمل ذلك الماء فيما يكفيه ويتيمم للباقي ] وعندنا أن
فرضه التيمم.
مسألة
ـ ١٨٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأرض إذا أصابتها نجاسة مثل البول وما
أشبهه وطلعت عليها الشمس وهبت عليها الريح حتى زالت عين النجاسة فإنها تطهر ويجوز
السجود عليها والتيمم بترابها وان لم يطرح عليها الماء ، وبه قال الشافعي [ في
القديم. وقال أبو حنيفة : تطهر ويجوز الصلاة عليها ولا يجوز التيمم بها.
وقال الشافعي ]
في الجديد انها لا تطهر ولا بد من إكثار الماء عليها.
دليلنا بعد
إجماع الطائفة قوله تعالى « فَتَيَمَّمُوا
صَعِيداً طَيِّباً » والطيب ما لم
يعلم فيه نجاسة ، ومعلوم زوال النجاسة عن هذه الأرض ، وانما يدعى حكمها وذلك يحتاج
الى دليل.
وروى أبو بكر
الحضرمي عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر.
(
مسائل الحيض )
مسألة
ـ ١٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وطؤ الحائض في الفرج محرم بلا خلاف ، فإن
وطأها
__________________
جاهلا بأنها حائض ، أو جاهلا بتحريم ذلك ، فلا شيء عليه ، وان كان عالما
بهما أثم واستحق العقاب ويجب عليه التوبة ، بلا خلاف في جميع ذلك.
وكان عندنا
عليه الكفارة : ان كان في أول الحيض فدينار ، وان كان في وسطه فنصف دينار ، وان
كان في آخره فربع دينار ، وبه قال الشافعي في القديم ، واليه ذهب الأوزاعي ، وأحمد
، وإسحاق ، الا أنهم لم يقولوا أن عليه في آخره شيئا.
وقال في الجديد
: لا كفارة عليه وانما عليه الاستغفار بالتوبة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، ومالك
، والثوري.
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : من أتى أهله وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار.
مسألة
ـ ١٨٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مباشرة الحائض فيما فوق السرة وتحت
الركبة إلى القدمين مباح بلا خلاف. وما بين السرة إلى الركبة غير الفرج فيه خلاف ،
فعندنا أنه يجوز لترجيح الأخبار الواردة ، ولإجماع الفرقة عليه.
وقال محمد بن
الحسن ومالك ، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي : أن اجتنابه أفضل.
وقال الشافعي ،
وأصحابه ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف : ان ذلك محرم.
مسألة
ـ ١٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا انقطع دم الحيض جاز لزوجها وطؤها
إذا غسلت فرجها ، سواء كان ذلك في أقل الحيض أو في أكثره وان لم تغتسل [ وبه قال
داود ] .
وقال أبو حنيفة
: ان انقطع دمها لأكثر مدة الحيض وهو عشرة أيام حل وطؤها
__________________
ولم يراع غسل الفرج ، وان انقطع فيما دون العشرة لم يحل ذلك الا بعد ما
يوجد ما ينافي الحيض وهو أن تغتسل أو تتيمم وتصلي ، فإن تيممت ولم تصل لم يجز
وطؤها ، فإن خرج عنها الوقت ولم تصل جاز وطؤها.
وقال الشافعي :
لا يحل وطؤها إلا بعد أن تستبيح فعل الصلاة اما بالغسل مع وجود الماء أو بالتيمم
عند عدمه ، فأما قبل استباحة الصلاة فلا يجوز وطؤها على حال ، وبه قال الحسن
البصري ، والزهري ، والليث ، والثوري [ وسليمان ابن يسار وربيعة ] .
مسألة
ـ ١٨٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحاضة إذا كان لها طريق
تميز بين دم الحيض والاستحاضة رجعت إليه ، فإن كان لها عادة قبل ذلك ترجع إليها ،
فإن كانت مبتدئة ميزت بصفة الدم [ ترجع إليها ] وان لم تميز
لها رجعت الى عادة نسائها أو قعدت في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام.
وبه قال
الشافعي في أحد القولين ، والقول الآخر أنها تعمل على أقل الحيض في كل شهر وهو يوم
وليلة.
وقال أبو حنيفة
: لا اعتبار بالتمييز بل الاعتبار بالعادة ، فإن كان لها عادة رجعت إليها ، وان لم
تكن لها عادة وكانت مبتدئة فإنها تحيض أكثر الحيض عنده وهو عشرة أيام ، وان كانت
لها عادة نسيتها [ فإنها ] تحيض أقل الحيض وهو ثلاثة أيام.
وقال مالك :
الاعتبار بالتمييز فقط ، فان كان لها تمييز ردت اليه ، وان لم
__________________
يكن [ فإنها ] تصلي أبدا ، لأنه ليس لأقل الحيض عنده حد.
مسألة
ـ ١٨٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب للمرأة الحائض أن تتوضأ وضوء
الصلاة عند كل صلاة وتجلس في مصلاها فتذكر [ الله ] بمقدار زمان
صلاتها كل يوم ولم يوافقنا على هذا أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ١٨٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحاضة إذا كثر دمها فتعدي الكرسف وسال
عليه كان عليها ثلاثة أغسال في اليوم والليلة تجمع بين كل صلاتين بغسل ، ولم يقل
أحد من الفقهاء بوجوب هذه الأغسال.
مسألة
ـ ١٨٧ ـ : المبتدأة في
الحيض إذا استقر بها الدم الشهر والشهرين ولا تميز [ لها ] دم الحيض من
الاستحاضة رجعت الى عادة نسائها ، فان لم يكن أو كن مختلفات تركت الصلاة في الشهر
الأول ثلاثة أيام أقل أيام الحيض ، وفي [ الشهر ] الثاني عشرة
أيام أكثر أيام الحيض ، وقد روي أنها تترك الصلاة في كل شهر ستة أيام أو سبعة [ أيام ] ودليلنا إجماع
الفرقة على الجمع ما بين الروايتين في التخيير.
__________________
وللشافعي في
ذلك قولان : أحدهما كما قلناه في اعتبار سبعة أيام أو ستة ، والأخر أنها تعمل على
أقل الحيض في كل شهر وهو يوم وليلة.
مسألة
ـ ١٨٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض ، وفي
أيام الطهر طهر ، سواء كانت أيام العادة ، أو الأيام التي يمكن أن تكون حائضا فيها
، وعلى هذا أكثر أصحاب الشافعي.
وذهب الإصطخري
من أصحابه الى ان ذلك انما يكون حيضا إذا وجد في أيام العادة دون غيرها ، وبه قال
أبو إسحاق المروزي ثمَّ رجع عنه الى القول الأول ، قال : وجدت نص الشافعي على أن
الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض ، والمعتادة والمبتدأة في ذلك سواء.
وقال أبو يوسف
ومحمد : الصفرة والحمرة حيض ، فأما الكدرة فليس بحيض الا أن يتقدمها دم أسود.
مسألة
ـ ١٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أقل الحيض عندنا ثلاثة أيام ، وبه قال
أبو حنيفة والثوري.
وقال أبو يوسف
: يومان وأكثر اليوم الثالث.
وقال الشافعي :
فيه ثلاثة أقوال : أحدها : يوم وليلة ، والثاني : يوم بلا ليلة.
والثالث : أنها
على قولين.
وقال أحمد وأبو
ثور : [ يوم و ] ليلة . وقال داود : يوم بلا ليلة.
وقال مالك :
ليس لأقل الحيض حد ، ويجوز أن يكون ساعة.
مسألة
ـ ١٩٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أكثر الحيض عشرة أيام ، وبه قال أبو
حنيفة والثوري.
وقال الشافعي ،
وأحمد ، وأبو ثور ، ومالك ، وداود : الأكثر خمسة عشر يوما ،
__________________
وحكي ذلك عن عطاء.
وقال سعيد بن
جبير : ثلاثة عشر يوما.
مسألة
ـ ١٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أقل الطهر عشرة أيام وأكثره لا حد له ،
وروي في بعض الروايات ذلك عن مالك.
وقال جميع
الفقهاء : ان أقل الطهر خمسة عشر يوما.
مسألة
ـ ١٩٢ ـ : الحامل عندنا
تحيض قبل أن يستبين حملها فاذا استبان حملها فلا حيض ، بدلالة الأخبار المروية في
ذلك.
وقال الشافعي
في الجديد انها تحيض ولم يفصل ، وقال في القديم : لا تحيض ، وبه قال أبو حنيفة ولم
يفصلا.
مسألة
ـ ١٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تثبت عادة المرأة في الحيض إلا بمضي
شهرين أو حيضتين على حد واحد ، وهو مذهب أبي حنيفة وقوم من أصحاب الشافعي وقال
المروزي وابن سريج وغيرهما من أصحاب الشافعي : ان العادة تثبت بمرة واحدة.
مسألة
ـ ١٩٤ ـ : إذا كانت
عادتها خمسة أيام في كل شهر فرأت قبله خمسة أيام فرأت فيها وانقطع أو خمسة أيام
بعدها فرأت فيها ثمَّ انقطع كان الكل حيضا لأنه زمان يمكن أن يكون حيضا
، وانما ترد الى عادتها إذا اختلط بدم الاستحاضة دم الحيض ، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة
: ان رأت خمسة قبلها ورأت فيها كانت حيضها الخمسة المعتادة والتي قبلها استحاضة ،
وان رأت فيها ورأت بعدها خمسة وانقطع كان الكل حيضا.
__________________
مسألة
ـ ١٩٥ ـ : إذا كانت
عادتها خمسة أيام ، فرأت خمسة أيام قبلها ، ورأت فيها وفي خمسة بعدها ، كانت
الخمسة المعتادة حيضا والباقي استحاضة ، لأنه ليس أن يجعل الخمسة الأخيرة من تمام
العشرة بأولى من الخمسة الأولى ، فينبغي أن يسقطا وترجع إلى العادة.
وقال الشافعي :
يكون الجميع حيضا بناء منه على أن أكثر أيام الحيض خمسة عشر يوما.
وقال أبو حنيفة
: يكون العشرة الأخيرة حيضا.
مسألة
ـ ١٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اجتمع لامرأة واحدة عادة وتمييز ،
كان الاعتبار بالتمييز دون العادة ، لأنه مقدم على العادة. وبه قال جميع أصحاب
الشافعي إلا ابن خيران ، فإنه قال : الاعتبار بالعادة دون التمييز ، وبه قال ( ـ «
ح » ـ ).
مسألة
ـ ١٩٧ ـ : إذا رأت
المبتدأة في الشهر الأول دما أحمر ، ورأت في الشهر الثاني خمسة أيام دما أسود بصفة
دم الحيض والباقي دما أحمر ، ورأت في الشهر الثالث دما مبهما ، تعمل في الشهر
الأول والثاني عمل من لا عادة لها ولا تمييز ، وتجعل الخمسة الأيام في الشهر
الثاني دم الحيض والباقي دم الاستحاضة.
وقال الشافعي
في الشهر الأول والثاني مثل قولنا ، وقال في الشهر الثالث انها ترد الى الشهر الثاني ،
وهو خمسة أيام بناء منه على أن العادة تثبت بشهر واحد ، وقد دللنا على خلاف ذلك.
مسألة
ـ ١٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الناسية لأيام حيضها أو لوقتها ولا
تمييز لها تترك الصوم والصلاة في كل شهر سبعة أيام وتغتسل وتصلي وتصوم فيما بعد ولا
قضاء عليها في صوم ولا صلاة.
__________________
وللشافعي فيه
قولان : أحدهما أنها تترك الصوم والصلاة يوما وليلة وتصلي الباقي وتصوم.
والثاني : مثل
قولنا الا أنه قال : تقضي الصوم ، الا أنهم قالوا تصوم شهر رمضان ثمَّ تقضي ،
فمنهم من قال : تقضي خمسة عشر يوما ، ومنهم من قال : سبعة عشر يوما.
مسألة
ـ ١٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رأت دما ثلاثة أيام ، وبعد ذلك يوما
وليلة نقاء ويوما وليلة دما الى تمام العشرة أيام وانقطع دونها كان الكل حيضا ،
وبه قال أبو حنيفة ، وهو الأظهر من مذهب الشافعي.
وله قول آخر ،
وهو أنه تلفق الأيام التي ترى فيها الدم فيكون حيضا وما ترى فيها [ نقاء ] فهو طهر.
مسألة
ـ ٢٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أكثر النفاس عشرة أيام ، وما زاد عليه
حكمه حكم الاستحاضة. وفي أصحابنا من قال : ثمانية عشر يوما.
وقال الشافعي
أكثره ستون يوما وبه قال مالك ، وأبو ثور ، وداود ، وعطاء ، والشعبي.
وقال أبو حنيفة
، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد : أربعون يوما.
وحكى ابن
المنذر عن الحسن البصري خمسون يوما. وذهب الليث بن سعد إلى أنه سبعون يوما.
مسألة
ـ ٢٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس لأقل النفاس حد ، ويجوز أن يكون
ساعة ، وبه قال الشافعي وأصحابه ، وكافة الفقهاء.
وقال أبو يوسف
: أقله أحد عشر يوما ، لأن أقل النفاس يجب أن يزيد على
__________________
أكثر الحيض.
مسألة
ـ ٢٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ولدت المرأة ولم يخرج منها دم أصلا
، أو لم يخرج أكثر من الماء لا يجب عليها الغسل ، وهو أحد قولي الشافعي ، وله قول
آخر : أنه يجب الغسل لخروج الولد.
مسألة
ـ ٢٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا زاد على أكثر النفاس ـ وهو عشرة
أيام عندنا ، وعند الشافعي ستون يوما ـ كان ما زاد على العشرة أيام استحاضة. و ( ـ
« للش » ـ ) فيما زاد على الستين قولان : أحدهما أن ترد الى ما دونها ، فان كانت
مميزة رجعت الى التمييز ، وان كانت معتادة لا تمييز لها ترد إلى العادة.
وان كانت
مبتدأة ففيها قولان :
أحدهما : ترد
إلى أقل النفاس وهو ساعة وتقضي الصلوات.
والثاني : ترد
الى غالب عادة النساء وتقضي ما زاد عليها.
وقال المزني لا
ترد الى ما دون الستين ويكون الجميع نفاسا.
مسألة
ـ ٢٠٤ ـ : الدم الذي
يخرج قبل الولادة لا خلاف أنه ليس نفاسا ، وما خرج بعده لا خلاف في كونه نفاسا ،
وما يخرج معه عندنا يكون نفاسا ، لان اسم النفاس يتناوله ، لأنه دم قد خرج بخروجه
الولد.
واختلف أصحاب
الشافعي في ذلك ، فقال أبو إسحاق المروزي وأبو العباس ابن القاص مثل ما قلناه
، ومنهم من قال : انه ليس بنفاس.
مسألة
ـ ٢٠٥ ـ : الدم الذي
يخرج قبل الولادة ليس بحيض عندنا ، لإجماع الفرقة على أن الحامل المستبين حملها لا
تحيض ، وانما اختلفوا في حيضها قبل أن يستبين الحمل ، وهذا بعد الاستبانة.
__________________
ولأصحاب
الشافعي فيه قولان : منهم من قال : انه حيض ، ومنهم من قال : استحاضة.
مسألة
ـ ٢٠٦ ـ : إذا ولدت
ولدين ورأت الدم عقيبهما ، اعتبرت النفاس من الأول وآخره من الثاني ، لأن كل واحد
من الدمين يستحق الاسم بأنه نفاس ، فعددنا من الأول واستوفينا أيام النفاس من
الأخير ، لتناول الاسم لهما ، وبه قال أبو إسحاق المروزي وأبو الطيب الطبري. ومنهم
من يعتبر من الثاني.
وقال أبو
العباس ابن القاص : يكون أول النفاس من الولادة الاولى ، وأخيره من الولادة الأخيرة.
ثمَّ قال : وفي
المسألة ثلاثة أوجه : أحدها هذا ، والثاني أنه من الأول ، والثالث أنه من الثاني.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) وأبو يوسف : يكون النفاس من الولد الأول كما قلناه ، إلا أنهما قالا : لو كان
بين الولدين أربعون يوما لم يكن الموجود عقيب الولد الثاني نفاسا.
مسألة
ـ ٢٠٧ ـ : إذا رأت الدم
ساعة ثمَّ انقطع تسعة أيام ثمَّ رأت يوما وليلة كان ذلك كله نفاسا.
وللشافعي فيه
قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني أنه تلفق الا أنه اعتبر في ذلك خمسة عشر
يوما ، لأنه أقل الطهر عنده.
وإذا رأت ساعة
دم نفاس ، ثمَّ انقطع عشرة أيام ، ثمَّ رأت ثلاثة أيام ، فإنه يكون من الحيض ، لما
قدمناه من أن أكثر أيام النفاس عشرة أيام ، فإذا ثبت ذلك وقد تقضت العشرة ،
فينبغي أن يكون أيام النفاس قد مضت ، وحكمنا بكونه حيضا لأنه قد مضى بعد النفاس
أقل الطهر وهو عشرة أيام.
وأما اعتبار
الطهر بين الحيض والنفاس فلا خلاف فيه ، والاخبار الواردة في
__________________
ذلك عامة في الحيض والنفاس.
وللشافعي فيه
قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني أن يكون الثاني والأول نفاسا. وفيما بينهما
قولان : أحدهما : طهر ، والثاني : تلفق وقال أبو حنيفة : يكون الدمان وما بينهما
نفاسا.
مسألة
ـ ٢٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحاضة ومن به سلس البول يجب عليه
تجديد الوضوء عند كل صلاة فريضة ، ولا يجوز لهما أن يجمعا بوضوء واحد بين صلاتي
فرض ، هذا إذا كان الدم لا ينقب الكرسف.
فان نقب الكرسف
ولم يسل ، كان عليها غسل لصلاة الفجر ، وتجديد الوضوء عند كل صلاة فيما بعد ، وان
سال الدم على الكرسف كان عليها ثلاثة أغسال في اليوم والليلة : غسل لصلاة الظهر
والعصر تجمع بينهما ، وغسل للمغرب والعشاء الآخرة تجمع بينهما ، وغسل صلاة الفجر
وصلاة الليل ، تؤخر صلاة الليل الى قرب طلوع الفجر وتصلى الفجر بها.
وقال الشافعي :
تجدد الوضوء عند كل صلاة ولا تجمع بين فرضين بطهارة واحدة ولم يعرف الغسل ، وبه
قال داود.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : تتوضأ لوقت كل صلاة ، ويجوز لها أن تجمع بين صلوات كثيرة فريضة في وقت واحد.
[ وقال ] ( ـ « ك » ـ ) ، وربيعة ، وداود : الاستحاضة ليس بحدث ولا يوجب الوضوء.
مسألة
ـ ٢٠٩ ـ : إذا انقطع دم
الاستحاضة وهي في الصلاة ، وجب عليها أن تمضي في صلاتها ، ولا يجب
عليها استئنافه ، لأن إيجاب الخروج من الصلاة
__________________
عليها يحتاج الى دليل ، ولا دليل على ذلك.
وقال ابن سريج : فيه وجهان :
أحدهما مثل ما قلناه ، والأخر : يجب عليها استئناف الصلاة ، وبه قال ( ـ « ح » ـ ).
مسألة
ـ ٢١٠ ـ : إذا كان دمها
متصلا فتوضأت ، ثمَّ انقطع الدم قبل أن تدخل في الصلاة ، وجب عليها تجديد الوضوء ،
فان لم تفعل وصلت ثمَّ عاد الدم لم تصح صلاتها وكان عليها الإعادة ، سواء عاد الدم
في الصلاة أو بعد الفراغ منها.
وانما قلنا ذلك
لان الدم إذا كان سائلا فهو حدث ، وانما رخص لها أن تصلي مع الحدث إذا توضأت ،
ومتى توضأت ، وانقطع دمها كان الحدث باقيا ، فوجب عليها أن تجدد الوضوء.
وأيضا فإذا
أعادت الوضوء كانت صلاتها ماضية بالإجماع ، وإذا لم تعد فليس على صحتها دليل.
وقال ابن سريج
: ان عاد قبل الفراغ من الصلاة ففيه وجهان : أحدهما : يبطل صلاتها ، وهو الصحيح
عندهم ، والثاني أنها لا تبطل.
مسألة
ـ ٢١١ ـ : إذا توضأت
المستحاضة في أول الوقت وصلت في آخر الوقت لم تجزها تلك الصلاة ، لأنه يجب عليها
تجديد الوضوء عند كل صلاة.
وقال ابن سريج
: فيه وجهان : أحدهما : يصح صلاتها على كل حال ، والثاني : أنه ان كان تشاغلها بشيء
من أسباب الصلاة مثل انتظار جماعة ، أو طلب ما يستر العورة ، أو غير ذلك كانت صلاتها
ماضية ، وإذا كان بغير ذلك لم يجز صلاتها.
مسألة
ـ ٢١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان به جرح لا يندمل ولا ينقطع دمه
يجوز أن
__________________
يصلي معه ، وان كان الدم سائلا ولا ينقض وضوءه.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) وأصحابه : وهو بمنزلة الاستحاضة يجب شده لكل صلاة ، غير أنهم قالوا :
لا ينقض الوضوء ، لأنه غير خارج من السبيلين.
__________________
كتاب
الصلاة
(
مسائل المواقيت )
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز استفتاح الصلاة قبل دخول وقتها
، وبه قال جميع الفقهاء ، وروي في بعض الروايات عن ابن عباس أنه قال : يجوز
استفتاح الصلاة قبل الزوال بقليل.
مسألة
ـ ٢ ـ : الدلوك عندنا
هو الزوال ، وبه قال ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو هريرة ، والشافعي ، وأصحابه. وروي
عن على وابن مسعود أنهما قالا : الدلوك هو الغروب.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا زالت
الشمس فقد دخل وقت الظهر ، وبه قال جميع الفقهاء وحكي عن ( ـ « ك » ـ ) أنه قال :
لا يجوز الصلاة حتى يصير الفيئ مثل الشراك بعد الزوال ، وقال : أحب أن يؤخر الظهر
بعد الزوال مقدار ما يزيد الظل ذراعا.
وهذا الذي ذكره
( ـ « ك » ـ ) مذهبنا في استحباب تقديم النوافل الى الحد الذي ذكره فاذا صار كذلك
بدأ بالفرض .
__________________
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا زالت
الشمس ، فقد دخل وقت الظهر ، ويختص به مقدار ما يصلي فيه أربع ركعات ، ثمَّ [ بعد
] ذلك مشترك بينه وبين العصر الى أن يصير ظل كل شيء مثله ، فاذا صار كذلك
خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر الى أن يبقى من النهار مقدار أربع ركعات فيختص
بالعصر .
ويدل على ذلك
أن ما اعتبرناه لا خلاف أنه وقت للظهر وما زاد عليه ليس على كونه وقتا دليل فوجب الأخذ
بالأحوط.
وقال قوم آخر :
وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله ، ويعتبر الزيادة من موضع زيادة الظل لا من أصل
الشخص ، بلا خلاف ، فاذا زاد على ذلك زيادة يسيرة خرج وقت الظهر.
وبه قال
الشافعي ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، والثوري ، والحسن بن صالح ابن حي ، وأبو
يوسف ، ومحمد ، وأبو ثور ، وأحمد بن حنبل ، الا أنهم قالوا : لا يدخل وقت العصر
الا بعد أن يخرج وقت الظهر الذي هو أن يصير ظل كل شيء مثله.
وقال قوم : وقت
الظهر ممتد من حين الزوال الى غروب الشمس ، وبه قال طاوس ، وعطا ، ومالك ، واختاره
المرتضى من أصحابنا ، وذهب اليه قوم من أصحاب الحديث من أصحابنا.
وقال ابن جرير
، وأبو ثور ، والمزني : إذا صار ظل كل شيء مثله ، فقد دخل وقت العصر ولم يخرج وقت
الظهر الى أن يمضي من الوقت مقدار ما يصلي أربع ركعات ، ثمَّ يخرج وقت الظهر ويكون
باقي النهار الى غروب الشمس
__________________
وقت العصر.
وعن أبي حنيفة
ثلاث روايات : إحداها ـ وهي المشهورة وعليها يناظرون ـ أن آخر وقتها إذا صار ظل كل
شيء مثليه ، ثمَّ ما بعد ذلك وقت العصر.
وروى أبو يوسف
في رواية شاذة أن آخر وقت الظهر دون أن يصير ظل كل شيء مثليه ، ولم يحد ذلك
المقدار.
وروى الحسن بن
زياد [ اللؤلؤي ] رواية ثالثة : أن آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء
مثله ، كقولنا الا أنه لا يجعل ما بعد ذلك من وقت العصر ، بل يقول : ان أول وقت
العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه ، وما يكون بينهما ليس بوقت لواحد من الصلاتين.
مسألة
ـ ٥ ـ أول وقت العصر
إذا مضى من الزوال مقدار ما يصلي الظهر أربع ركعات ، وآخره إذا صار ظل كل شيء
مثليه. وفي أصحابنا من قال : انه يمتد الى غروب الشمس ، وهو اختيار المرتضى.
وبه قال مالك
في إحدى الروايتين ، والرواية الأخرى عنه : أن أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء
مثله.
وقال الشافعي
وأصحابه : إذا صار ظل كل شيء مثله وزاد عليه أدنى زيادة خرج وقت الظهر ودخل وقت
العصر ، ثمَّ لا يزال في وقت العصر للمختار الى أن يصير ظل كل شيء مثليه ، فإذا
جاوز ذلك خرج الوقت للمختار ويبقى وقت الجواز الى أن يصفر الشمس ، وبه قال
الأوزاعي ، والليث ، ومالك ، والحسن بن صالح وأبو يوسف ، ومحمد.
وقال أبو حنيفة
: أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه ، وآخره إذا اصفرت الشمس.
__________________
دليلنا في
المسألة : أن ما اعتبرناه مجمع عليه بين الفرقة المحقة أنه من الوقت وما زاد عليه
مختلف في كونه وقتا للأداء.
مسألة
ـ ٦ ـ : أول وقت
المغرب إذا غابت الشمس ، وآخره إذا غاب الشفق وهو الحمرة. وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ،
وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو بكر بن منذر ، الا أن أبا حنيفة قال : الشفق هو البياض
لكنه كره تأخير المغرب.
وقال الشافعي
وأصحابه : أن وقت المغرب وقت واحد وهو إذا غابت الشمس وتطهر وستر العورة وأذن
وأقام ، فإنه يبتدئ بالصلاة في هذا الوقت ، فإن أخر الابتداء بها عن هذا الوقت ،
فقد فاته. وقال أصحابه لا يجيء على مذهبه غير هذا ، وبه قال الأوزاعي.
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : وقت المغرب ممتد الى طلوع الفجر الثاني كما أن وقت الظهر ممتد الى المغرب ،
وفي أصحابنا من قال بذلك ، ومنهم من قال : انه ممتد الى ربع الليل.
ويدل على ما
اعتبرناه : أنه مجمع عليه بين الفرقة المحقة أنه من الوقت وانما اختلفوا في آخره.
مسألة
ـ ٧ ـ : الأظهر من
مذاهب أصحابنا [ وعند الحلبي ] أن أول وقت العشاء الآخرة إذا غاب الشفق الذي هو
الحمرة. وفي أصحابنا من قال : إذا غابت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين.
ولا خلاف بين
الفقهاء أن أول وقت العشاء الآخرة غيبوبة الشفق ، وانما اختلفوا في ماهية الشفق ، فذهب
الشافعي إلى أنه الحمرة ، وروي ذلك عن ابن عباس ،
__________________
وابن عمر ، وعبادة بن الصامت ، وأبي هريرة ، وشداد بن أوس ، وبه قال مالك ،
والثوري ، ومحمد.
وقال قوم :
الشفق هو البياض ، ذهب إليه الأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وزفر ، وهو اختيار المزني.
وذهب أحمد الى
أن وقتها في البلدان غيبوبة البياض ، وفي الصحاري غيبوبة الحمرة ، لأن البنيان
تستر فاحتيط بتأخير الصلاة الى غيبوبة البياض ليتحقق غيبوبة الحمرة.
مسألة
ـ ٨ ـ : الأظهر من
مذهب أصحابنا أن آخر وقت العشاء الآخرة إذا ذهب ثلث الليل ، وقد روي نصف الليل ،
وقد روي الى طلوع الفجر.
وقال الشافعي
في الجديد : ان آخر وقتها للمختار الى ثلث الليل ، وروي ذلك عن عمر ، وأبي هريرة
وعمر بن عبد العزيز ، وقال في القديم والإملاء : الى نصف الليل.
هذا وقت
لاختيار ، فأما وقت الضرورة والاجزاء فإنه باق الى طلوع الفجر [
كما قالوا في الظهر والعصر الى غروب الشمس ] ، وبه قال الثوري وح وأصحابه.
وقال قوم :
وقتها ممتد الى طلوع الفجر الثاني ، روي ذلك عن ابن عباس وعطاء وعكرمة وطاوس ومالك
، وقال النخعي : آخر وقتها ربع الليل.
مسألة
ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الفجر الثاني هو أول النهار وآخر الليل
، وينفصل به الليل من النهار ، ويحل به الصلاة ، ويحرم به الطعام والشراب على
الصائم ، ويكون صلاة الصبح من صلاة النهار ، وبه قال عامة أهل العلم.
__________________
وذهبت طائفة
الى [ أن ] ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ليس من الليل ولا من
النهار ، بل هو زمان منفصل بينهما.
وذهبت طائفة
الى أن أول النهار هو طلوع الشمس وما قبل ذلك من الليل فيكون صلاة الصبح من صلاة
الليل ولا يحرم الطعام والشراب على الصائم إلى طلوع الشمس ، ذهب إليه الأعمش وغيره
، وروي ذلك عن حذيفة.
مسألة
ـ ١٠ ـ أول وقت الفجر
لا خلاف فيه أنه حين يطلع الفجر الثاني ، وأما آخر الوقت : فعندنا أن وقت المختار
الى أن يسفر الصبح وقت المضطر الى طلوع الشمس ، وبه قال الشافعي وجميع أصحابه.
وذهب الإصطخري
من أصحابه إلى أنه إذا أسفر فات وقت الصبح ، وقال أبو حنيفة وأصحابه ان الوقت ممتد
الى طلوع الشمس من غير تفصيل.
ويدل على ما
ذهبنا اليه طريقة الاحتياط.
مسألة
ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى من الفجر ركعة ثمَّ طلعت الشمس
، أو صلى من العصر ركعة وغابت الشمس ، فقد أدرك الصلاة جميعا في الوقت ، وهو ظاهر
مذهب الشافعي ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وعامة الفقهاء.
وذهب قوم من
أصحابه إلى أنه يكون مدركا للركعة الاولى في وقتها وقاضيا للأخرى في غير الوقت ،
وقال المرتضى من أصحابنا انه يكون قاضيا لجميع الصلاة.
ويدل على ما
اعتبرناه إجماع الفرقة المحقة ، فإنهم لا يختلفون في أن من أدرك ركعة من الفجر قبل
طلوع الشمس يكون مؤديا في الوقت.
__________________
وانما اختلفوا
في أن هذا هل هو وقت اضطرار أو اختيار؟ فأما أنه وقت الأداء ، فلا خلاف بينهم فيه. وروي عن
النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد
أدرك الصبح ، وهذا نص.
مسألة
ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الأذان قبل طلوع الفجر الا أنه
ينبغي أن يعاد بعد طلوعه ، وبه قال الشافعي ، الا أنه قال : السنة أن يؤذن للفجر
قبل طلوع الفجر وأحب أن يعيد بعد طلوعه ، فان لم يفعل واقتصر على الأول أجزأه ،
وبه قال مالك وأهل الحجاز ، والأوزاعي ، وأهل الشام ، وأبو يوسف ، وأحمد ، وإسحاق
، وداود ، وأبو ثور.
وقال قوم : لا
يجوز أن يؤذن لصلاة الصبح قبل دخول وقتها كسائر الصلوات ، ذهب إليه الثوري ، و ( ـ
« ح » ـ ) وأصحابه.
مسألة
ـ ١٣ ـ : الوقت الأول
وقت من لا عذر له ولا ضرورة ، والأخر وقت من له عذر أو ضرورة ، وبه قال الشافعي.
وذكر ( ـ « ش »
ـ ) في الضرورة أربعة أشياء : الصبي إذا بلغ ، والمجنون إذا أفاق ، والحائض
والنفساء إذا طهرتا ، والكافر إذا أسلم.
ولا خلاف بين
أهل العلم في أن واحدا من هؤلاء الذين ذكرناهم إذا أدرك قبل غروب الشمس مقدار ما
يصلي ركعة أنه يلزمه العصر ، وكذلك إذا أدرك قبل طلوع الفجر الثاني مقدار ركعة
يلزمه العشاء الآخرة ، وقبل طلوع الشمس بركعة يلزمه الصبح.
لما روي عن
النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد
أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس ، فقد
__________________
أدرك العصر ، وكذلك روي عن أئمتنا عليهمالسلام.
فأما إذا أدرك
أقل من ركعة ، فعندنا أنه لا يجب عليه الصلاة. واختلف قول الشافعي ، فالذي عليه
عامة أصحابه أنه إذا أدرك دون الركعة بمقدار تكبيرة الإحرام يلزمه الصلاة ، وبه
قال أبو حنيفة ، وقال المروزي : هو أشهر القولين ، والقول الأخر انه يجب بمقدار
ركعة ولا يجب بما دونها.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا أدرك
بمقدار ما يصلي فيه خمس ركعات قبل الغروب لزمه الصلاتان بلا خلاف ، وان لحق أقل من ذلك لم
يلزمه الظهر عندنا ، وكذلك القول في المغرب والعشاء الآخرة قبل طلوع الفجر.
وللشافعي فيه
أربعة أقوال : أحدها : أنه يدرك الظهر بما يدرك به العصر ، وفي العصر قولان :
أحدهما : مقدار ركعة ، والثاني : أقل من ركعة ، والثالث : أنه يدرك الظهر بإدراك
ما يصلي فيه ركعة ويتطهر ، والرابع : أنه يعتبر ادراك خمس ركعات كما قلناه.
قالوا :
والمنصوص للشافعي في القديم استدرك الظهر بإدراك أربع ركعات والعصر بإدراك ركعة.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) و ( ـ « ك » ـ ) : انهم لا يدركون الظهر بإدراك وقت العصر ، ولا المغرب بإدراك
وقت العشاء.
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا أدرك من
أول وقت الظهر دون أربع ركعات ، ثمَّ غلب على عقله جنون أو إغماء ، أو حاضت المرأة
أو نفست ، لم يلزمه الظهر ، بدلالة إجماع الفرقة على أن من لم يدرك من أول الوقت
مقدار ما يؤدي الفرض فيه لم يلزمه اعادته.
__________________
وما رووه من أن
المغمى عليه يقضي ثلاثة أيام أو يوما وليلة محمول على الاستحباب ، والى هذا ذهب
جميع أصحاب ( ـ « ش » ـ ) إلا أبا يحيى البلخي ، فإنه قال : يجب عليه صلاة الظهر
قياسا على من لحق ركعة من آخر الوقت.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا أدرك من
أول الوقت مقدار ما يصلي فيه أربع ركعات ثمَّ جن لزمه قضاءه ، وكذا الحائض
والنفساء والمغمى عليه ، وإذ لحق مقدار ما يصلي فيه ثماني ركعات لزمه الظهر والعصر
معا.
وبه قال أبو
يحيى البلخي من أصحاب ( ـ « ش » ـ ) ، ويقتضيه أيضا مذهب ( ـ « ك » ـ ) ولست أعرف
نصه في ذلك. وقال باقي أصحاب الشافعي : لا يلزمه العصر.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا أغمي عليه
في وقت الصلاة ، لم يلزمه اعادتها ، لان القضاء فرض ثان ، والأصل براءة الذمة ،
فإن أغمي عليه أياما استحب له قضاء يوم وليلة ، وروي : ثلاثة أيام.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : لا يجب عليه القضاء ، ولم يذكر الاستحباب. وقال أحمد : يجب عليه قضاؤها
أجمع كائنة ما كانت وبالغة ما بلغت.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : ان أغمي عليه في خمس صلوات وجب قضاؤها ، وان أغمي عليه في ست صلوات لا يجب
عليه قضاؤها.
مسألة
ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا ،
والأفضل تقديمها في أول الوقت. ومن أصحابنا من قال : يجب بأول الوقت وجوبا مضيقا ،
الا أنه متى لم يفعلها لم يؤاخذ به عفوا من الله تعالى.
وقال الشافعي
وأصحابه مثل قولنا ، واليه ذهب محمد بن شجاع البلخي من أصحاب ( ـ « ح » ـ ) ويستقر
الصلاة في الذمة.
وإذا مضى من
الوقت مقدار ما يصلي فيه الفريضة فمتى جن أو منعه من فعلها
__________________
مانع كان عليه القضاء على ما بيناه.
وقال أبو حنيفة
: يجب الصلاة بآخر الوقت ، واختلف أصحابه : فمنهم من قال : يجب الصلاة إذا لم يبق
من الوقت الا مقدار تكبيرة الافتتاح ، ومنهم من قال : يجب إذا ضاق الوقت ولم يبق الا مقدار
ما يصلي صلاة الوقت ، فاذا صلى في أول الوقت اختلف أصحابه : فقال الكرخي : يقع
واجبة والصلاة تجب في آخر الوقت ، أو بالدخول فيها في أول الوقت.
ومنهم من قال :
إذا صلاها في أول الوقت كانت مراعاة ، فإن بقي على صفة التكليف الى آخر الوقت
أجزأت عنه ، وان مات أو جن كانت نافلة ، كما يقولون في الزكاة قبل حؤول الحول .
مسألة
ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تقديم الصلاة في أول
وقتها أفضل في جميع الصلوات. وفي أصحابنا من قال لا يجوز تأخيرها إلا لعذر ،
ووافقنا ( ـ « ش » ـ ) في جميع الصلوات الا أن يتبرد بها في صلاة
الظهر ، بشرط أن يكون الوقت حارا في بلاد حارة ، وينتظر مجيء قوم إلى الجماعة في
مسجد ينتابه الناس.
فاذا اجتمعت
هذه الشروط فمنهم من قال : التأخير أفضل ، ومنهم من قال : التأخير رخصة ، ولا يجوز
عندهم تأخيرها مع الإبراد إلى آخر الوقت ، وكذلك قولهم في الجمعة فإن
تقديمها أفضل.
__________________
فأما صلاة
الصبح ، فان التغليس فيها أفضل عندنا وعند الشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ومذهب
عمر ، وعثمان ، وعبد الله بن عمر ، وأبي موسى الأشعري وقال ( ـ « ح » ـ ) و ( ـ «
د » ـ ) : الاسفار أفضل ، وبه قال النخعي ، ورووا ذلك عن علي
وعبد الله بن مسعود.
وأما الظهر
فتقديمها أفضل ، فإن كان الحر شديدا جاز تأخيرها قليلا رخصة وقد بينا مذهب أصحاب ( ـ « ش » ـ ) في ذلك ولهم في الجمعة قولان في جواز
الإبراد ، وكذلك صلاة العصر تقديمها أفضل ، وبه قال الشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد ،
وإسحاق. وقال أبو حنيفة والثوري : تأخيرها أفضل.
وأما المغرب
فتقديمها أفضل بلا خلاف. وأما العشاء الآخرة فتقديمها أفضل وبه قال الشافعي في
القديم والإملاء ، وبه أكثر روايات أصحابنا. وقد رويت رواية بجواز تأخيرها إلى ثلث
الليل.
وقال أبو إسحاق
اختيار الشافعي في الجديد أن تأخيرها أفضل وقال غير أبي إسحاق : هذا القول لا يعرف
للشافعي.
( مسائل الأذان والإقامة )
مسألة
ـ ٢٠ ـ : الأذان عندنا
ثماني عشر كلمة ، وفي أصحابنا من قال : عشرون كلمة فيجعل التكبير
في آخره أربع مرات.
__________________
وقال الشافعي :
الأذان تسع عشرة كلمة في سائر الصلوات ، وفي الفجر احدى وعشرون كلمة :
التكبير أربع مرات ، والشهادتان ثماني مرات ، مع الترجيع والدعاء إلى الصلاة ،
والى الفلاح ، مرتين مرتين ، والتكبير مرتين ، والشهادة بالتوحيد مرة واحدة ، وفي
أذان الفجر التثويب مرتين.
وقال أبو حنيفة
: لا يستحب الترجيع ، والباقي مثل قول ( ـ « ش » ـ ) الا التثويب ، فيكون الأذان
عنده خمس عشرة كلمة.
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : يستحب الترجيع والتكبير في أوله مرتان فيكون سبع عشرة كلمة.
وقال أبو يوسف
: التكبير مرتان والترجيع لا يستحب فيه ، فيكون ثلاث عشرة كلمة.
وقال أحمد بن
حنبل : ان رجع فلا بأس هذا حكاه أبو بكر بن المنذر ، ولا خلاف
بين أصحابنا أن ما ذكرناه من الأذان وان اختلفوا فيما زاد عليه.
مسألة
ـ ٢١ ـ : الإقامة سبعة
عشر فصلا. ومن أصحابنا من قال : ان عددها اثنان وعشرون فصلا ، أثبت فصول الأذان
وزاد فيها « قد قامت الصلاة » مرتين.
وقال الشافعي :
عدد فصولها أحد عشر فصلا : التكبير مرتين والشهادتان مرتين ، والدعاء إلى الصلاة والفلاح
مرة مرة ، والإقامة مرتين ، والتكبير والتهليل مرة مرة.
وقال في القديم
: الإقامة مرة ، ذكره أبو حامد المروزي ، والأول هو المشهور عندهم ، وبه قال
الأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وعروة بن الزبير
__________________
والحسن البصري .
وقال أبو حنيفة
، وسفيان الثوري : الإقامة مثنى مثنى مثل الأذان ، ويزاد فيها « قد قامت الصلاة »
مرتين ، فتكون الإقامة عنده أكثر فصولا من الأذان ، وهي سبع عشرة كلمة.
وقال داود
ومالك : الإقامة عشر كلمات ، ولفظ الإقامة مرة واحدة .
ويدل على
مذهبنا إجماع الفرقة ، فإنهم لا يختلفون في أن ما قلناه من الإقامة وان اختلفوا
فيما زاد عليه.
مسألة
ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يكون المؤذن على طهارة ، فإن
كان محدثا أو جنبا ، كان الأذان مجزيا وان ترك الأفضل. وان أذن الجنب في المسجد أو
في منارة في المسجد كان عاصيا بلبثه في المسجد وان كان الأذان
مجزيا ، وبه قال الشافعي. وقال إسحاق : لا يعتد به.
مسألة
ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره الكلام في الإقامة ، ويستحب لمن تكلم أن
يستأنفها ، وبه قال الشافعي. وقال الزهري : إذا تكلم أعادها من أولها.
مسألة
ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للصبي أن يؤذن للرجال ويصح ذلك ،
وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة : لا يعتد بأذانه للبالغين .
مسألة
ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أواخر فصول الإقامة والأذان موقوفة غير
معربة.
__________________
وقال جميع
الفقهاء : يستحب بيان الاعراب فيها.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : إذا أذن ثمَّ
ارتد جاز لغيره أن يبني على أذانه ويقيم ، لأن إيجاب الإعادة يحتاج الى دليل ،
وأذانه حين كان مسلما محكوم بصحته.
وقال الشافعي
وأصحابه : لا يعتد بذلك وينبغي أن يستأنف من أوله.
مسألة
ـ ٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاتته صلاة أو صلوات يستحب له أن
يؤذن ويقيم لكل واحد منها ، فان اقتصر في الصلاة الأولى بالأذان والإقامة ،
وفي الباقي على الإقامة في جميعها كان أيضا جائزا.
وقال أحمد :
يؤذن ويقيم لكل صلاة.
واختلف قول
الشافعي ، فقال في الأم : لا يؤذن لها ويقيم لكل واحدة منها ، وانما الأذان للصلاة
المفعولة لوقتها ، وبه قال مالك ، والأوزاعي وإسحاق. وقال في القديم :
يؤذن ويقيم للأولى وحدها ، ثمَّ يقيم للتي بعدها ، وبه قال داود وأبو ثور ،
وقال أبو بكر بن المنذر : هذا هو الصحيح.
وقال في
الإملاء : أن أمل اجتماع الناس أذن وأقام ، وان لم يؤمل اجتماع الناس أقام ولم
يؤذن.
قال أبو إسحاق :
ولا فرق بين الفائتة والحاضرة على قوله في الإملاء ، فإنه إذا كانت الصلاة في
وقتها وكان في موضع لا يؤمل اجتماع الناس لها لم يستحب الأذان لها وانما تستحب لها
الإقامة.
__________________
وأما إذا جمع
بين الصلاتين فان جمع بينهما في وقت الأولى أذن وأقام للأولى وأقام للثانية ، كما
فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله بعرفة. وإن جمع بينهما في وقت الثانية كان في الأذان
الأقاويل الثلاثة ، لأن الأولى مفعولة في غير وقتها.
مسألة
ـ ٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من جمع بين صلاتين ينبغي أن يؤذن للأولى
ويقيم للثانية سواء كان ذلك في وقت الأولى أو الثانية وفي أي موقع كان.
وقال الشافعي :
إذا جمع بينهما في وقت الثانية فيه ثلاثة أقوال : أحدها مثل ما قلناه ، وهو الذي
صححه أصحابه. والثاني : لا يؤذن لها لكن يقيم لها ولما بعدها والثالث : ان أمل
جماعة أذن لها.
وقال أبو حنيفة
: لا يؤذن ولا يقيم للعشاء بالمزدلفة .
مسألة
ـ ٢٩ ـ : الأذان
والإقامة سنتان مؤكدتان في صلاة الجماعة. وفي أصحابنا من قال : هما واجبتان في صلاة
الجماعة.
وقال الشافعي :
سنتان مؤكدتان. وقال أبو سعيد الإصطخري من أصحابه : هما فرض على الكفاية.
ويجب أن يؤذن
حتى يظهر الأذان لكل صلاة ، وان كانت قرية فيجزئ أذان واحد فيها ، فان كان مصر فيه
محال كثيرة أذن في كل محلة حتى يظهر الأذان في البلد ، فان اتفق أهل البلد أو أهل
القرية على ترك الأذان قوتلوا حتى يؤذنوا.
وقال باقي
الفقهاء ليس هذا مذهب الشافعي وقال داود : هما واجبتان ولا يعيد
الصلاة بتركهما ، وقال الأوزاعي : يعيد الصلاة ان نسي الإقامة.
__________________
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا سمع
المؤذن يؤذن يستحب للسامع أن يقول مثل ما يقوله ، الا أن يكون
في حالة الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة ، وبه قال الشافعي.
وقال مالك :
إذا كانت مكتوبة فلا يقوله وان كانت نافلة يقول مثل قوله في التكبير والتشهد ، وبه
قال الليث بن سعد الا أنه قال : ويقوله في موضع « حي على الصلاة » « لا قوة إلا
بالله » .
ويدل على جوازه
واستحبابه خارج الصلاة إجماع الفرقة ، واستحباب ذلك في حال الصلاة يحتاج الى دليل
، الا أنه متى قال ذلك في الصلاة لا يحكم ببطلانها لأنه يجوز عندنا
الدعاء في خلال الصلاة.
مسألة
ـ ٣١ ـ : لا يستحب
التثويب في خلال الأذان ولا بعد الفراغ منه ، وهو قول « الصلاة خير من النوم » في
جميع الصلاة .
وللشافعي في
خلال الأذان قولان : أحدهما أنه مسنون في صلاة الفجر دون غيرها ، والثاني أنه
مكروه مثل ما قلناه ، كرهه في الأم.
وقال : أكرهه
لأن أبا محذورة لم يذكره ولو كان مسنونا لذكره أبو محذورة لأنه مؤذن النبي صلىاللهعليهوآله مع ذكره لسائر فصول الأذان. واستحبه في مختصر البويطي.
وقال أبو إسحاق
: فيه قولان ، والأصح الأخذ بالزيادة ، وبه قال مالك وسفيان : وأحمد ، وإسحاق.
وقال محمد بن
الحسن في الجامع الصغير : كان التثويب الأول بين الأذان
__________________
والإقامة « الصلاة خير من النوم » ثمَّ أحدث الناس بالكوفة « حي على الصلاة
، حي على الصلاة » وهو حسن.
واختلف أصحاب
أبي حنيفة فقال الطحاوي في اختلاف الفقهاء مثل قول الشافعي ، وقال أبو بكر الرازي :
التثويب ليس من الأذان ، وأما بعد الأذان وقبل الإقامة ، فقد كرهه الشافعي وأصحابه
، وسنذكر ذلك ، ومنهم قال : يقول « حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح
، حي على الفلاح » .
مسألة
ـ ٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التثويب في أذان العشاء الآخرة بدعة ،
وبه قال جميع الفقهاء الا أنهم قالوا : ليس بمستحب.
وقال الحسن بن
صالح بن حي : انه مستحب.
مسألة
ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يستحب الترجيع في الأذان ، وهو تكرار
الشهادتين مرتين أخريين ، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي :
يستحب ذلك في جميع الصلوات يقول « أشهد أن لا إله إلا الله » مرتين « أشهد أن
محمدا رسول الله » مرتين يخفض بذلك صوته ثمَّ يرجع فيرفع صوته فيقول ذلك مرتين.
مسألة
ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يقول بين الأذان والإقامة « حي
على الصلاة ، حي على الفلاح » ، وبه قال الشافعي.
وقال محمد بن
الحسن : كان التثويب الأول « الصلاة خير من النوم » مرتين بين الأذان والإقامة ،
ثمَّ أحدث الناس بالكوفة « حي على الصلاة ، حي على
__________________
الفلاح » مرتين بينهما ، وهو حسن.
وقال بعض أصحاب
أبي حنيفة يقول بعد الأذان « حي على الصلاة ، حي على الفلاح » بقدر ما يقرأ عشر
آيات .
مسألة
ـ ٣٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأذان لا يختص بمن كان في قبيل مخصوص ،
بل كان نفر كان على ظاهر الإسلام والعدالة يجوز أن يكون مؤذنا.
وقال الشافعي :
أحب أن يكون من ولد من جعل النبي صلىاللهعليهوآله فيهم الاذن مثل أبي محذورة وسعد القرط ، فان انقرضوا
جعل في المسلمين.
مسألة
ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس أن يؤذن اثنان واحد بعد الأخر ،
وان أتيا بذلك موضعا واحدا كان أفضل ، ولا ينبغي أن يزاد على ذلك ، [ لإجماع
الفرقة على ما رووه من أن الأذان الثالثة بدعة فدل ذلك على جواز الاثنين والمنع
عما زاد على ذلك ] .
وقال الشافعي :
المستحب أن يؤذن واحد بعد الأخر ، ويجوز أن يكونوا أكثر من اثنين ، فان كثروا وخيف
فوات أول الوقت قطع الامام بينهم الأذان وصلى.
مسألة
ـ ٣٧ ـ : المؤذن لا
يجوز أخذ الأجرة على الأذان ، فان أعطى الإمام شيئا من مال المصالح المؤذن كان
جائزا.
وقال الشافعي :
يجوز أخذ الأجرة على الأذان ، وبه قال مالك وقال أبو حنيفة :لا يجوز أخذ الأجرة
عليه ويجوز أخذ الرزق ، وبه قال الأوزاعي.
مسألة
ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس بمسنون أن يؤذن الإنسان ويدور في
الأذان
__________________
وفي المئذنة ولا في موضعه ، لإجماع الفرقة على أن استقبال
القبلة بالأذان مستحب وذلك يمنع من الدوران.
وقال الشافعي
مثل قولنا ، وعند أبي حنيفة يستحب ذلك.
مسألة
ـ ٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يؤذن واحد ويقيم آخر ، وبه قال
أبو حنيفة وأصحابه.
وقال الشافعي :
الأفضل أن يقولاهما واحد.
(
مسائل القبلة )
مسألة
ـ ٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الكعبة قبلة لمن كان في المسجد الحرام ،
والمسجد قبلة لمن كان في الحرم ، والحرم قبلة لمن كان خارجا عنه.
وخالف باقي
الفقهاء في ذلك وقالوا : القبلة الكعبة لا غير. ثمَّ اختلفوا : فمنهم من قال : كلف
الناس التوجه الى عين الكعبة ، ومنهم من قال إلى الجهة التي فيها الكعبة ، وكلا
القولين لأصحاب الشافعي ، وقال أبو حنيفة : كلف إلى الجهة التي فيها
الكعبة.
مسألة
ـ ٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : على المصلي إلى قبلة أهل العراق أن
يتياسر قليلا ، ولم يعرف ذلك أحد من الفقهاء الا ما حكاه أبو يوسف في كتاب الزوال
أن حماد بن زيد كان يقول : ينبغي أن يتياسر عندنا بالبصرة.
__________________
مسألة
ـ ٤٢ ـ : المتنفل في
حال السفر يجوز له أن يصلي على الراحة وفي حال المشي ويتوجه إلى القبلة في حال
تكبيرة الإحرام ولا يلزمه أكثر من ذلك.
وقال الشافعي :
يلزمه حال تكبيرة الإحرام وحال الركوع والسجود ، ولا يلزمه فيما عداه.
مسألة
ـ ٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز صلاة النافلة على الراحلة في السفر
مع اختيار ، سواء كان السفر طويلا أو قصيرا ، وبه قال الشافعي ،
وقال مالك : لا يجوز إلا في السفر الطويل.
مسألة
ـ ٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز صلاة النافلة على الراحلة في غير
السفر ، وهو مذهب الإصطخري من أصحاب الشافعي وقال باقي أصحابه : لا يجوز.
مسألة
ـ ٤٥ ـ : من صلى على الراحلة
نافلة لا يلزمه أن يتوجه إلى جهة سيرها بل يتوجه كيف شاء ، لعموم الآية والاخبار.
وقال الشافعي :
إذا لم يستقبل القبلة ولا جهة سيرها بطلت صلاته.
مسألة
ـ ٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الفريضة على الراحلة عند الضرورة
وقال جميع الفقهاء : لا يجوز ذلك.
مسألة
ـ ٤٧ ـ : إذا غلب في ظن
نفسين أن القبلة في جهتين مختلفتين لم يجز لأحدهما الاقتداء بصاحبه ، وبه قال
الشافعي وقال أبو ثور : يجوز.
وانما قلنا ذلك
لطريقة الاحتياط.
__________________
مسألة
ـ ٤٨ ـ : الأعمى ومن لا
يعرف أمارات القبلة يجب عليهما أن يصليا إلى أربع جهات مع الاختيار ، ومع
الضرورة الى أى جهة شاءا.
وقال داود :
يصليان الى أي جهة شاءا ولم يفصل.
وقال الشافعي :
يرجعان الى غيرهما ويقلدانه.
وانما قلنا ذلك
لأنه لم يدل به دليل على وجوب القبول من الغير ، وإذا صليا إلى أربع جهات برأت
ذمتهما بالإجماع ، فأما عند الضرورة فجاز لهما أن يرجعا الى غيرهما ، لأنهما
مخيران في ذلك وفي غيره من الجهات.
مسألة
ـ ٤٩ ـ : الأعمى إذا
صلى الى غير القبلة وأصاب في ذلك من غير أن يرجع الى غيره أو يسمع من الخبرة بذلك صحت
صلاته. وقال الشافعي : صلاته باطلة.
مسألة
ـ ٥٠ ـ : من اجتهد في
القبلة وصلى إلى واحدة من الجهات ثمَّ بان له أنه صلى الى غيرها
والوقت باق أعاد الصلاة على كل حال ، لإجماع الفرقة ، ولأن الذمة مشغولة بأداء
الفرض بيقين ولم يدل دليل على براءتها والحال ما قلناه ، فالاحتياط
يقتضي الإعادة .
وان كان قد خرج
الوقت ، فان كان قد استدبر القبلة أعاد ، وان كان صلى يمينا أو شمالا فلا اعادة
عليه.
__________________
وفي أصحابنا من
قال : إذا صلى الى استدبار القبلة وخرج الوقت لم يعد أيضا.
وقال الشافعي :
ان كان بان له بالاجتهاد في الثاني لا يعيد وان كان قد بان له بيقين مثل أن تطلع
الشمس ويعلم أنه صلى الى مستدبر القبلة ففيه قولان : أحدهما ـ وهو القديم ـ أنه لا
يعيد ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، والمزني والثاني أنه يعيد ، نص عليه في الأم ،
وهو الصحيح عند أصحابه ، ولم يعتبر أحد بقاء الوقت وتقضيه.
تأديب
الأولاد على الصلاة
مسألة
ـ ٥١ ـ : على الأبوين
أن يؤدبا الولد إذا بلغ سبع سنين أو ثمانيا ، وعلى وليه أن يعلمه الصلاة والصيام ،
وإذا بلغ عشرا ضربه على ذلك على الولي دون الصبي ، لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا
بينهم في المضاجع وبه قال الشافعي ، وقال أحمد : يلزم الصبي ذلك.
مسألة
ـ ٥٢ ـ : الصبي إذا دخل
في الصلاة والصوم ثمَّ بلغ في خلال الصلاة أو خلال الصوم بالنهار بما لا يفسد
الصلاة من كمال خمس عشرة سنة أو الإنبات دون الاحتلام الذي يفسد الصلاة ينظر فيه.
فان كان الوقت
باقيا أعاد الصلاة من أولها ، لأنه مخاطب بها بعد البلوغ فوجب عليه فعلها وما فعل قبل البلوغ لم
يكن واجبا عليه [ وفعله قبل البلوغ لم يكن واجبا ] ولا يجزى
المندوب عن الواجب وان كان ماضيا لم يكن عليه شيء وأما الصوم فإنه يمسك بقية
النهار تأديبا وليس عليه قضاء.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : لا يجب عليه الإعادة سواء كان الوقت باقيا أو منقضيا واستحب
__________________
له اعادة الصوم مع بقاء الوقت.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) و ( ـ « ك » ـ ) : عليه إعادة الصلاة والصوم جميعا.
مسألة
ـ ٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الوسطى هي الصلاة الاولى ، وبه قال
زيد بن ثابت وعائشة وقال ( ـ « ش » ـ ) : هي صلاة الصبح وبه قال ( ـ « ك » ـ )
وحكى ( ـ « ك » ـ ) في الموطأ أن ذلك مذهب علي عليهالسلام وابن عباس وقال ( ـ « ح » ـ ) : هي صلاة العصر.
(
مسائل كيفية الصلاة )
مسألة
ـ ٥٤ ـ : من دخل في
الصلاة بنية النفل ، ثمَّ نذر في خلالها إتمامها فإنه يجب عليه إتمامها.
وقال أصحاب ( ـ
« ش » ـ ) : تبطل صلاته ، لان النذر لا ينعقد الا بالقول ، وذلك القول يبطل الصلاة
، لأنه ليس بتسبيح ولا تحميد ولا تكبير ، والذي قالوه صحيح في القول الا أن عندنا
ينعقد النذر بالقلب كما ينعقد بالقول.
مسألة
ـ ٥٥ ـ : إذا دخل في
الصلاة ، ثمَّ نوى أنه خارج منها أو نوى انه سيخرج منها قبل
إتمامها ، أو شك هل يخرج منها أو يتمها ، فان صلاته لا تبطل ، وبه قال ( ـ « ح » ـ
) وقال ( ـ « ش » ـ ) في الأم ونص عليه ان ذلك يبطل صلاته ويقتضيه مذهب مالك.
وانما قلنا ذلك
، لان صلاته قد انعقدت بلا خلاف وابطالها يحتاج الى دليل ، وليس في
الشرع ما يدل عليه.
__________________
قال الشيخ رحمهالله : ويقوى في نفسي أنها تبطل ، لان من شرط الصلاة استدامة
حكم النية ، وهذا لم يستدمها.
وأيضا فقول
النبي صلىاللهعليهوآله : الاعمال بالنيات. وقول الرضا عليهالسلام : لا عمل إلا بالنية يدل على ذلك ، لان هذا عمل بغير
نية.
مسألة
ـ ٥٦ ـ : محل النية
القلب دون اللسان ، ولا يستحب الجمع بينهما لأن النية هي الإرادة التي تؤثر على
وقوع الفعل على وجه دون وجه وبها يقع الفعل عادة.
وانما سميت نية
، لمقارنتها الفعل وحلولها في القلب ، فاذا ثبت ذلك ، فمن أوجب التلفظ بها أو
استحب ذلك ، كان عليه الدليل والشرع خال من ذلك.
وقال أكثر
أصحاب ( ـ « ش » ـ ) ان محلها القلب ، ويستحب أن يضاف الى ذلك اللفظ وقال بعض
أصحابه : يجب التلفظ بها وخطأه أكثر أصحابه.
مسألة
ـ ٥٧ ـ : يجب أن ينوي
لصلاة الظهر مثلا أتيت بها ظهرا فريضة مؤداة على طريق الابتداء دون القضاء.
وقال أبو إسحاق
المروزي : يجب أن ينوي بها ظهرا فريضة. وقال أبو علي ابن أبي هريرة : يكفي أن ينوي
بها صلاة الظهر ، لأن صلاة الظهر لا تكون الا فرضا.
وقال بعض أصحاب
( ـ « ش » ـ ) يجب أن ينويها حاضرة مع ما تقدم من الأوصاف دون الفائتة ،
ويدل على ما قلناه أنه إذا نوى جميع ما قلناه ، فلا خلاف أن صلاته
__________________
صحيحة ، وان أخل بشيء من ذلك لم يدل دليل على براءة ذمته.
مسألة
ـ ٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاتته صلاة من خمس ولا تتميز له
وجب عليه أن يصلي أربع ركعات بنية الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة وثلاث ركعات
بنية المغرب وركعتين بنية الصبح.
وقال المزني :
يكفيه أن يصلي أربع ركعات يجلس في الثانية والثالثة والرابعة وقال باقي أصحاب ( ـ
« ش » ـ ) والفقهاء : انه يجب عليه أن يصلي خمس صلوات.
مسألة
ـ ٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من دخل في صلاة بنية ، ثمَّ ذكر ان عليه
صلاة فائتة وهو في أول الوقت وقبل تضيق وقت الحاضرة عدل بنية الى الفائتة ، ثمَّ
استأنف الحاضرة ، فإن تضيق وقت الحاضرة تمم الحاضرة ، ثمَّ قضى الفائتة.
وقال أصحاب ( ـ
« ش » ـ ) من دخل بصلاته ، ثمَّ انصرف بنيته إلى صلاة غيرها أو الى الخروج منها وان لم يخرج فسدت صلاته.
وقال ( ـ « ح » ـ ) لا تبطل صلاته.
مسألة
ـ ٦٠ ـ : إذا دخل في
الظهر ، ثمَّ انتقل بنيته الى العصر ، فان كان الى عصر فاتت كان جائزا على ما
قلناه في المسألة الاولى ، وان كانت الى العصر الذي بعده لم يصح ، وان صرف النية
عن الفرض الى التطوع لم يجزه عن واحد منها.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : في صرف النية عن الظهر الى العصر لا يصح على كل حال ،
__________________
وتبطل الصلاتان معا الاولى تبطل لنقل النية عنها ، والثانية تبطل لأنه لم يستفتحها بنيته.
وفي نقلها عن
الفريضة إلى التطوع قولان : أحدهما أن التطوع لا يصح ولا الفرض ، والثاني يصح
التنفل دون الفرض.
ويدل على ما
قلناه من فساد نقلها الى العصر الذي بعده أنه لم يحضر وقته [ فلا يصح نية أدائه
وانما قلنا انه لم يحضر وقته ] لأنه مرتب على الظهر على كل حال ، سواء كان في أول
الوقت أو آخره الى أن يتضيق وقت العصر وإذا ثبت ذلك فلا يصح أداء العصر قبل دخول
وقته.
فأما نقل النية
إلى النافلة ، فإنما قلنا لا يجزي ، لأن الصلاة انما تصح على ما استفتحت أولا عليه
، وانما يخرج عن حكم ما تقدم بدليل ، والا فالأصل ما قلناه.
روى ذلك يونس
عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل قام في الصلاة المكتوبة فسها وظن أنها نافلة أو
قام في النافلة فظن أنها مكتوبة فقال هي على ما افتتحت الصلاة عليه.
مسألة
ـ ٦١ ـ : وقت النية مع
تكبيرة الافتتاح لا يجوز تأخيرها عنه ولا تقديمها عليه ، فان قدمها ولم يستدمها لم
يجزه. وان قدمها واستدامها ، كان ذلك
__________________
جائزا ، لأنها إذا قارنت صحت الصلاة بلا خلاف ، وإذا تقدمت لم يقم دليل على
صحتها وبه قال ( ـ « ش » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : إذا قدمها على الإحرام بزمان يسير ولم يقطع بينهما بفعل أجزأه ذكره أبو بكر
الرازي ، وذكر الطحاوي أن مذهبه مذهب الشافعي.
وقال داود :
يجب أن ينوي قبل التكبير ويحرم عقيبه.
مسألة
ـ ٦٢ ـ : لا يجوز في
تكبيرة الافتتاح الا قول « الله أكبر » مع القدرة بدلالة طريقة الاحتياط ،
وبه قال ( ـ « ك » ـ ) ومحمد بن الحسن.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : يجوز أيضا « الله أكبر » وقال سفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود مثل
قول ( ـ « ش » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : تنعقد بكل اسم من أسماء الله تعالى على وجه التعظيم ، مثل قوله الله العظيم
الله الجليل وما أشبه ذلك.
وقال أصحاب ( ـ
« ح » ـ ) : لا تنعقد الصلاة إذا أتى باسمه على وجه النداء مثل قوله يا الله
واللهم وأستغفر الله ، وبه قال النخعي.
وقال أبو يوسف
: تنعقد بلفظ التكبير حتى إذا قال : الله الكبير انعقدت به الصلاة ، ولا تنعقد بما
ليس بلفظ التكبير.
مسألة
ـ ٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من لحق الامام وقد ركع وجب عليه أن يكبر
تكبيرة الافتتاح ، ثمَّ يكبر تكبيرة الركوع ، فان لم يتمكن اقتصر على تكبيرة
الافتتاح.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : لا بد من تكبيرتين على كل حال في الفرائض ، وفي النافلة قولان.
مسألة
ـ ٦٤ ـ : الترتيب واجب
في الشهادتين في حال التشهد ، لقوله عليهالسلام
__________________
صلوا كما رأيتموني أصلي. ومعلوم أنه رتب الشهادتين. وقال جميع الفقهاء : ليس
بواجب.
مسألة
ـ ٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب عندنا افتتاح الصلاة بسبع
تكبيرات وفي مواضع مخصوصة من النوافل ، ولم يوافقنا [ على ذلك ] أحد من
الفقهاء.
مسألة
ـ ٦٦ ـ : من عرف
العربية وغيرها من اللغات ، لم يجز أن يستفتح الصلاة إلا بالعربية ، لقوله عليهالسلام : مفتاح الصلاة التكبير. ولا يسمى ذلك تكبيرا بغير
العربية ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ) وأبو يوسف ومحمد.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : يجوز له أن يكبر بغير العربية وان كان يحسنها.
مسألة
ـ ٦٧ ـ : لا يكون داخلا في
الصلاة إلا بإكمال التكبير ، وهو أول الصلاة وآخرها التسليم وبه قال ( ـ «
ك » ـ ) و ( ـ « ش » ـ ).
وقال أصحاب ( ـ
« ح » ـ ) : التكبير ليس من الصلاة ، وانما الصلاة ما بعد تكبيرة
الافتتاح.
ويدل على
مذهبنا قول النبي صلىاللهعليهوآله : تحريمها التكبير فجعل من الصلاة.
وقوله عليهالسلام : ان صلاتنا هذه لا يصح فيها شيء من
كلام الناس انما هي التكبير والتسبيح وقراءة القرآن. فجعل التكبير من الصلاة.
__________________
مسألة
ـ ٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس من المسنون أن يقول الامام بعد فراغ
المقيم استووا رحمكم الله ، ولا أن يلتفت يمينا وشمالا ، وينبغي أن يقوم الامام
والمأموم إذا قيل قد قامت الصلاة.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : ان ذلك مسنون ويقوم الامام والمأموم إذا فرغ المقيم من الإقامة ، وبه قال ( ـ « ك » ـ )
وأبو يوسف و ( ـ « د » ـ ) و ( ـ « ق » ـ ).
قال أبو بكر بن
المنذر : وعلى هذا أهل الحرمين ، قال : وصلى عمر فأمر قوما بتسوية الصفوف ، فاذا
وجعوا اليه كبر.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) : إذا قال المؤذن حي على الصلاة قاموا الى الصف ، فاذا قال :
قد قامت الصلاة كبر الامام وكبر القوم.
مسألة
ـ ٦٩ ـ : لا ينبغي أن
يكبر المأموم إلا بعد أن يكبر الامام ويفرغ منه بدلالة طريقة الاحتياط ، وبه قال (
ـ « ش » ـ ) و ( ـ « ك » ـ ) وأبو يوسف.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) ومحمد : يجوز أن يكبروا مع تكبيرة الامام ، ويجوز أن يكبروا
بعد فراغه.
مسألة
ـ ٧٠ ـ : إذا صلى
منفردا بعض الصلاة ، ثمَّ أقيمت الصلاة تممها ركعتين وسلم واستأنف مع الإمام أو
يقطعها ، ويستأنف مع الامام.
و ( ـ « للش » ـ
) فيه قولان : أحدهما يستأنف ، والأخر يبني على ما هو عليه.
ويدل على ما
ذهبنا اليه طريقة الاحتياط.
مسألة
ـ ٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة ، وآكدها
تكبيرة الافتتاح.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : يرفع يديه عند ثلاث تكبيرات ، ولا يرفعهما في غيرها وهي
__________________
تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع وعند رفع الرأس من الركوع.
وبه قال في
الصحابة أبو بكر وعبد الله بن الزبير وابن عمر وابن عباس وأنس وأبو سعيد الخدري ،
وفي التابعين الحسن البصري وعطا ومجاهد والقسم بن محمد ابن أبي بكر ، وفي الفقهاء
عطاء وأهل مكة وأهل المدينة وأهل الشام ومصر والأوزاعي والليث و ( ـ « د » ـ ) و (
ـ « ق » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) وسفيان وابن أبي ليلى : يرفعهما عند تكبيرة الافتتاح ولا يعود ، وعن ( ـ « ك »
ـ ) روايتان أحدهما مثل قول ( ـ « ش » ـ ) والأخر مثل قول ( ـ « ح » ـ ).
مسألة
ـ ٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ينبغي أن يرفع يديه الى حذاء
شحمتي أذنيه. وقال ( ـ « ش » ـ ) : يرفعهما الى حذاء المنكبين. وقال ( ـ « ح » ـ )
الى حذاء الأذنين وبه قال ( ـ « ر » ـ ).
مسألة
ـ ٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يكون مضموم الأصابع إذا رفع
يديه بالتكبير وقال ( ـ « ش » ـ ) : يستحب أن ينشرها.
مسألة
ـ ٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يضع اليمين على الشمال ، ولا
الشمال على اليمين في الصلاة ، لا فوق السرة ولا تحتها.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) و ( ـ « ح » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) و ( ـ « د » ـ ) و ( ـ « ق » ـ ) وأبو ثور
وداود : ان وضع اليمين على الشمال مسنون ومستحب الا أن الشافعي قال فوق السرة و ( ـ
« ح » ـ ) قال تحت السرة.
وعن ( ـ « ك » ـ
) روايتان أحدهما مثل ( ـ « ش » ـ ) وروى عنه عبد الرحمن بن القسم أنه ينبغي أن
يرسل يديه وروي عنه أنه يفعل ذلك في صلاة النافلة إذا طالت وان لم تطل لم يفعل
فيها ولا في الفرض.
__________________
وقال الليث بن
سعد : ان أعيى فعل ، والا فلا يفعل.
مسألة
ـ ٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحب عندنا عند أداء كل فريضة أن يكبر
سبع تكبيرات يكبر ثلاثا ، ويقول : اللهم أنت الملك الحق « الى آخره » ويكبر اثنتين
ويقول لبيك وسعديك « الى آخره » ويكبر اثنتين ويقول وجهت وجهي إلى قوله
وأنا من المسلمين.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : يقول بعد تكبيرة الافتتاح سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا
إله غيرك وبه قال ( ـ « ر » ـ ) و ( ـ « ع » ـ ) و ( ـ « د » ـ ).
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : ليس التوجه في الصلاة بواجب على الناس والواجب عليهم التكبير والقراءة ، وكان
ابن القصار يقول : ولا هو بمسنون بعد التكبير عنده ، ووافقنا ( ـ « ش » ـ ) في
استحباب هذه الأدعية ، ولم يعرف الفصل بينهما بالتكبيرات.
مسألة
ـ ٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يتعود قبل القراءة ، وبه قال (
ـ « ح » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) و ( ـ « ع » ـ ) و ( ـ « ش » ـ ) و ( ـ « د » ـ ) و (
ـ « ق » ـ ).
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : لا يتعوذ في المكتوبة ويتعوذ في قيام شهر رمضان إذا قرء ، وحكى أبو بكر بن
أبي داود في شريعة القاري عن إبراهيم النخعي ومحمد بن سيرين أنهما كانا
يتعوذان بعد القراءة.
مسألة
ـ ٧٧ ـ : كيفية التعوذ
أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قبل القراءة ، لأنه لفظ القرآن قال الله
تعالى
__________________
« فَإِذا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ
» وبه قال ( ـ « ش » ـ ) في الأم ، وهو مذهب ( ـ « ح » ـ ).
وقال ( ـ « ر »
ـ ) في جامعه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم.
وقال الحسن بن
صالح بن حي يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وروي ذلك عن محمد
بن سيرين.
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : لا يتعوذ إلا في قيام رمضان ويتعوذ بعد القراءة ، وبه قال أبو هريرة.
مسألة
ـ ٧٨ ـ : التعوذ مستحب
في أول ركعة دون ما عداها ، لان ذلك مجمع عليه وتكراره في كل ركعة يحتاج الى دليل
ولا دليل عليه.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : فيه قولان أحدهما كما قلناه ، والثاني أنه في كل ركعة إذا أراد القراءة وعلى
الأول أكثر أصحابه.
مسألة
ـ ٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التعوذ يسر به في جميع الصلوات : ( ـ «
للش » ـ ) فيه قولان أحدهما ما قلناه ، والأخر أنه يجهر فيما يجهر فيه بالقراءة.
مسألة
ـ ٨٠ ـ : « ج » ـ ) :
القراءة شرط في صحة الصلاة ، وبه قال جميع الفقهاء الا ما حكي عن الحسن بن صالح بن
حي أنه قال : ليست شرطا في صحة الصلاة.
مسألة
ـ ٨١ ـ : « ج » ـ ) :
قراءة فاتحة الكتاب واجبة في الصلاة ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ) وسفيان و ( ـ « ك » ـ
) و ( ـ « د » ـ ) و ( ـ « ق » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) وداود ، وحكي عن الأصم والحسن
بن صالح بن حي أنها مستحبة في الصلاة.
__________________
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : يجب مقدار آية ، وقال أبو يوسف ومحمد : مقدار ثلاث آيات.
مسألة
ـ ٨٢ ـ : « ج » ـ ) : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) آية من كل سورة من جميع القرآن وهي آية من أول سورة
الحمد.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) انها آية من أول الحمد بلا خلاف وفي كونها آية من كل سورة قولان أحدهما أنها
آية من أول كل سورة والأخر أنها تتم مع ما بعدها فتصير آية.
وقال ( ـ « د »
ـ ) و ( ـ « ق » ـ ) وأبو ثور وأبو عبيدة وعطاء والزهري وعبد الله بن المبارك انها آية من كل
سورة حتى أنه قال : من ترك ( بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ترك ثلاث عشرة ومائة آية.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) و ( ـ « ك » ـ ) و ( ـ « ع » ـ ) وداود : ليست بآية من فاتحة الكتاب ولا من
سائر السور.
وقال ( ـ « ك »
ـ ) و ( ـ « ع » ـ ) وداود : يكره أن يقرأها في الصلاة بل يكبر ويبتدئ بالحمد إلا
في رمضان ، ويستحب أن يأتي بها بين سورتين تبركا للفصل ولا يأتي بها في أول الفاتحة.
وقال أبو الحسن
الكرخي : ليس عن أصحابنا رواية في ذلك ، ومذهبهم الإخفاء بقراءتها في الصلاة
فاستدللنا بذلك على أنها ليست من فاتحة الكتاب عندهم إذ لو كانت منها لجهروا بها كما يجهر
بسائر السور.
وكان الكرخي
يقول : ليست من هذه السورة ، ولا من سائر السور سوى سورة
__________________
النمل ، هكذا روى أبو بكر الرازي قال أبو بكر : ثمَّ سمعناه بعد ذلك يقول
: انها آية تامة مفردة في كل موضع أثبتت فيه الا في سورة النمل ، فإنها بعض آية في
قوله تعالى « إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ
اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » .
ويدل على
مذهبنا بعد إجماع الفرقة وأخبارنا المروية عن الأئمة عليهمالسلام ما رووه عن أم سلمة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قرء في الصلاة ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ ) فعدها آية ( الْحَمْدُ لِلّهِ
رَبِّ الْعالَمِينَ ) آيتين ( الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ ) ثلاث آيات وقال : هكذا ( إِيّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) وجمع خمس أصابعه هكذا ذكره أبو بكر
بن المنذر في كتابه.
مسألة
ـ ٨٣ ـ : « ج » ـ ) :
يجب الجهر ب ( بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في الحمد وفي كل سورة بعدها ، كما يجب في القراءة هذا فيما يجهر
فيه ، ويستحب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فيما لا يجهر فيه بالقراءة ، فإن جمع
في النوافل بين سور كثيرة وجب أن يقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في كل سورة.
وهو مذهب ( ـ «
ش » ـ ) الا أنه لم يذكر استحباب الجهر فيما يسر فيه بالقراءة ، ذكر ذلك في
البويطي ، وفي اختلاف العراقيين ، وذكر ابن منذر عن عطاء وطاوس
ومجاهد وسعيد بن جبير أنهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ، وروى مثل ذلك عن
ابن عمر وأنه كان لا يدع ( بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في أم القرآن
__________________
والسور التي بعدها ، وذهب ( ـ « ح » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) و ( ـ « ع » ـ )
وأبو عبيدة و ( ـ « د » ـ ) إلى أنه يسر بها.
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : المستحب أن لا يقرأ ( بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، ويفتتح القراءة ب ( الْحَمْدُ لِلّهِ
رَبِّ الْعالَمِينَ ).
مسألة
ـ ٨٤ ـ : « ج » ـ ) :
قول آمين يقطع الصلاة ، سواء كان ذلك سرا أو جهرا في آخر الحمد أو قبلها ، للإمام
والمأموم [ على كل حال ] .
وقال أبو حامد
الاسفرايني : ان سبق الإمام المأمومين بقراءة الحمد لم يجز لهم أن يقولوا آمين ،
فان قالوا ذلك استأنفوا قراءة الحمد ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ « ش » ـ ).
وقال الطبري
وغيره من أصحاب ( ـ « ش » ـ ) لا يبطل ذلك قراءة الحمد وبنى على قرائته.
فأما قوله عقيب
الحمد فقال ( ـ « ش » ـ ) وأصحابه : يستحب للإمام إذا فرغ من فاتحة الكتاب أن يقول
آمين ويسر به ، واليه ذهب عطاء وبه قال ( ـ « د » ـ ) و ( ـ « ق » ـ ) وأبو بكر
محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو بكر بن المنذر وداود.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) وسفيان يقوله الامام ويخفيه ، وعن ( ـ « ك » ـ ) روايتان إحداهما كقول ( ـ « ح
» ـ ) والثانية لا يقول آمين أصلا.
وأما المأموم
فإن ( ـ « ش » ـ ) قال في الجديد : يسمع نفسه. وقال في القديم : يجهر به واختلف
أصحابه ، فمنهم من قال المسألة على قولين ، ومنهم من قال ان كانت الصفوف قليلة
متقاربة يسمعون قول الامام استحب الإخفاء وإذا كانت الصفوف كثيرة وأخفى على كثير منهم
قول الامام استحب لهم الجهر ليسمعوا من خلفه.
__________________
وقال ( ـ « د »
ـ ) و ( ـ « ق » ـ ) وأبو ثور وعطاء : يستحب لهم الجهر. وقال ( ـ « ح » ـ ) و ( ـ
« ر » ـ ) : لا يستحب لهم الجهر بذلك.
مسألة
ـ ٨٥ ـ : « ج » ـ ) :
من نسي قراءة الفاتحة حتى يركع مضى في صلاته ولا شيء عليه ، وبه قال ( ـ « ح » ـ
) و ( ـ « للش » ـ ) فيه قولان : أحدهما تجوز صلاته ، وهو القديم والأخر تبطل
صلاته ، وهو قول أكثر أصحابه.
مسألة
ـ ٨٦ ـ : الظاهر من
روايات أصحابنا ومذهبنا أن قراءة سورة أخرى مع الحمد واجب في الفرائض ، ولا
يجزي الاقتصار على أقل منها.
وبه قال بعض
أصحاب ( ـ « ش » ـ ) الا أنه جوز بدل ذلك ما يكون قدر آيها من القرآن
وقال بعض أصحابنا : ان ذلك مستحب وليس بواجب ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ) وأكثر
أصحابه.
مسألة
ـ ٨٧ ـ : الأظهر من
مذهب أصحابنا أنه لا يزيد مع الحمد على سورة واحدة في الفريضة ويجوز في النافلة ما
شاء من السور ومن أصحابنا من قال انه مستحب وليس بواجب ولم يوافق على ذلك أحد من
الفقهاء.
مسألة
ـ ٨٨ ـ : « ج » ـ ) :
يجوز في الركعتين الأخيرتين أن يسبح بدل القراءة فإن قرء فليقتصر على الحمد وحدها ، ولا يزيد
شيئا عليه.
واختلف أصحاب (
ـ « ش » ـ ) في ذلك ، فقال في القديم : لا يستحب الزيادة على الحمد ، وهو رواية
المزني والبويطي في مختصرة ، وبه قال ( ـ « ح » ـ ).
وقال في الأم :
واجب أن يكون أقل ما يقرأه مع أم القرآن في الركعتين
__________________
الأولتين قدر أقصر سورة مثل « إِنّا أَعْطَيْناكَ
الْكَوْثَرَ » وما أشبهها وفي الآخرتين.
أم القرآن وآية
وما زاد كان أحب الي ما لم يكن اماما فيثقل.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : يجب القراءة في الأولتين ، ولا تجب في الآخرتين ، فأما جواز
التسبيح بدلا من القراءة ، فلم أجد به قولا لأحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٨٩ ـ : يجوز أن يسوي
بين الركعتين بمقدار السورتين اللتين يقرأ فيهما بعد الحمد ، وليس لإحديهما ترجيح
على الأخرى وبه قال ( ـ « ش » ـ ) في الأم.
وحكى الطبري عن
أبي الحسن السرخسي أنه قال : يستحب للإمام أن تكون قراءته في الركعة
الاولى في كل صلاة أطول من قراءته في الثانية ، ويستحب ذلك في الفجر أكثر.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) وأبو يوسف : ذلك يستحب في الفجر دون غيرها. وقال محمد وسفيان : يستحب أن يطيل
الركعة الأولى على الثانية في كل صلاة.
مسألة
ـ ٩٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الظاهر في الروايات أنه لا يقرأ المأموم
خلف الإمام أصلا ، سواء جهر أو لم يجهر لا فاتحة الكتاب ولا غيرها ، وروى ذلك عن
ابن عباس وأبي بن كعب وعمر بن الخطاب ، وبه قال ( ـ « ح » ـ ) و ( ـ « ر » ـ )
وروي في بعض الروايات أنه يقرأ فيما لا يجهر ولا يقرأ فيما يجهر.
وبه قال عائشة
وأبو هريرة والزهري وابن المبارك و ( ـ « ك » ـ ) و ( ـ « د » ـ ) و ( ـ « ق » ـ )
__________________
و ( ـ « ش » ـ ) في القديم وبعض كتبه في الجديد .
والذي عليه
عامة أصحابه ، وصححه أبو إسحاق أنه يقرأ الحمد ، سواء جهر الإمام أو لم يجهر ، وبه
قال ( ـ « ع » ـ ) وأبو ثور.
مسألة
ـ ٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كبر تكبيرة واحدة للافتتاح والركوع
عند الخوف من فوت الركوع أجزءه ، وعند ( ـ « ش » ـ ) ذلك يبطل صلاته ، قال : لأنه
كبر بنية مشتركة.
مسألة
ـ ٩٢ ـ : ينبغي إذا كبر
للافتتاح والركوع أن يكبر قائما ، فان أتى ببعض التكبير منحنيا لم تبطل صلاته ،
لأنا بينا صحة هذا التكبير ولم يفصلوا بين كونه قائما ، وبين أن يأتي ببعضه منحنيا ، فمن
ادعى بطلان صلاته إذا أتى بها منحنيا يحتاج الى دليل.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : ان كان ذلك في المكتوبة بطلت صلاته وانعقدت نافلة.
مسألة
ـ ٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تجب القراءة في الأوليين وفي الأخريين أو الثالثة
مخير بين القراءة والتسبيح ، ولا بد من واحدة منهما [ فإن نسي القراءة في الأوليين
قرء في الأخريين وروى أن التخيير قائم ] .
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : تجب قراءة الحمد في كل ركعة وهو مذهب ( ـ « ع » ـ ) و ( ـ « د » ـ ) و ( ـ «
ق » ـ ).
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : تجب القراءة في معظم الصلاة ، فإن كانت أربعا ففي ثلاث
__________________
وان كانت ثلاثا ففي اثنين وان كانت فجرا قرء فيهما ، لأنه لا معظم لها.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : القراءة تجب في الركعتين الأوليين فقط ، فان كانت الصلاة أربعا قرء في
الأوليين وهو في الأخيرين بالخيار ان شاء قرء ، وان شاء دعا ، وان شاء سكت ، وان كانت
ثلاثا قرء في الأوليين وفي الثالثة على ما قلناه وان ترك القراءة في الأوليين قرء
في الأخيرتين وان كانت الصلاة ركعتين مثل الفجر قرء فيهما.
وقال داود وأهل
الظاهر : انما تجب القراءة في ركعة واحدة.
مسألة
ـ ٩٤ ـ : من يحسن الفاتحة
لا يجوز أن يقرأ غيرها ، فان لم يحسن الحمد وجب عليه أن يتعلمها ، فان ضاق عليه
الوقت وأحسن غيرها قرء ما يحسن فان لم يحسن شيئا ذكر الله عزوجل وكبره ولا يقرأ معنى القرآن بغير العربية بأي لغة كان
فان فعل ذلك لم يكن قرآنا وكانت صلاته باطلة لقوله تعالى «
بِلِسانٍ
عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » وقوله «
إِنّا
أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا
» .
فثبت أن غير
العربية لا يكون قرآنا ، فلا يجزي لقوله عليهالسلام : لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ، وروى عبد
الله بن أبي أوفى أن رجلا سأل النبي صلىاللهعليهوآله فقال اني لا استطيع أن أحفظ شيئا من
القرآن فما ذا أصنع؟ فقال عليهالسلام له : قل سبحان الله والحمد لله ولو كان معنى القرآن
قرآنا لقال له احفظه بأي لغة
__________________
سهلت عليك ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : القراءة شرط ، ولكنها غير معينة بالفاتحة ، فمن أي موضع قرء أجزأه وله في
مقدار القراءة روايتان المشهور عنه أنه يجزى ما يقع عليه اسم القرآن ، وان كان بعض
آية ، والثانية تجزئ آية قصيرة ، فان أتى بالعربية فهو قرآن وان أتى بغيرها بأي لغة شاء
في المعنى فهو نفس القرآن ويجزيه ذلك .
وقال أبو يوسف
ومحمد : ان كان يحسن العربية لم يجز أن يقرأ بالفارسية وان كان لا يحسنها جاز أن يقرأ
بلغته.
فصار الخلاف في
ثلاث مسائل : إحداها هل يتعين الحمد ، والثانية هل تكون القراءة بالفارسية قرآنا ،
والثالثة هل تجزيه صلاته إذا فعل ذلك.
مسألة
ـ ٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من لا يحسن القرآن أصلا ، وجب عليه أن
يحمد الله تعالى مكان القراءة لا يجزيه غيره ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : إذا لم يحسن القرآن لم ينب منابه غيره.
مسألة
ـ ٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من انتقل من ركن الى ركن من رفع الى خفض
، أو من خفض الى رفع ينتقل بالتكبير إلا إذا رفع رأسه من الركوع ، فإنه يقول سمع
الله لمن حمده ، وبه قال جميع الفقهاء ، وروي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وجابر.
وقال عمر بن
عبد العزيز لا يكبر إلا تكبيرة الافتتاح ، وبه قال سعيد بن جبير.
مسألة
ـ ٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كبر للركوع يجوز أن يكبر ثمَّ يركع
، وبه
__________________
قال ( ـ « ح » ـ ) ويجوز أيضا أن يهوي بالتكبير الى الركوع ، فيكون انتهاء
التكبير مع انتهاء الركوع ، وهو مذهب ( ـ « ش » ـ ).
التطبيق مسألة ـ ٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز التطبيق في الصلاة ، وهو أن يطبق احدى يديه على
الأخرى ويضعهما بين ركبتيه ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال ابن مسعود : ذلك واجب.
مسألة
ـ ٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الطمأنينة في الركوع ركن من أركان
الصلاة ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ) وقال ( ـ « ح » ـ ) : انها غير واجبة.
مسألة
ـ ١٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التسبيح في الركوع والسجود واجب ، وبه
قال أهل الظاهر داود وغيره و ( ـ « د » ـ ) وعند عامة الفقهاء ذلك غير واجب.
مسألة
ـ ١٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أقل ما يجزئ من التسبيح فيهما واحدة
وثلاثة أفضل إلى سبع. وقال داود وأهل الظاهر : الثلاث فرض.
مسألة
ـ ١٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله
لمن حمده الحمد لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت ، اماما كان
أو مأموما.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : يقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ، اماما كان أو مأموما وبه قال عطاء
وابن سيرين و ( ـ « ق » ـ ).
وذهب ( ـ « ك »
ـ ) و ( ـ « ع » ـ ) وأبو يوسف ومحمد الى أن الامام يقول كما قال ( ـ « ش » ـ )
والمأموم لا يزيد على أن يقول ربنا لك الحمد.
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : لا يزيد الامام على قول سمع الله لمن حمده ولا يزيد المأموم على ربنا لك
الحمد.
__________________
مسألة
ـ ١٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : رفع الرأس من الركوع والطمأنينة واجب
وركن وبه قال ( ـ « ش » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : ليس الرفع من الركوع واجبا أصلا ، وروي عن أبي يوسف أن الرفع واجب.
مسألة
ـ ١٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رفع المأموم رأسه من الركوع قبل
الامام عاد الى ركوعه ويرفع مع الامام ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ) الا أنه قال : فرضه
قد سقط بالأول.
مسألة
ـ ١٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا خر ساجدا ، ثمَّ شك هل رفع رأسه من
الركوع أم لا مضى في صلاته. وقال ( ـ « ش » ـ ) : عليه أن ينتصب قائما ثمَّ يسجد
عن قيام.
مسألة
ـ ١٠٦ ـ : إذا عرضت له
علة مانعة من الرفع أهوى إلى السجود عن الركوع ، فان زالت العلة بعد هوية مضى في
صلاته كان ذلك قبل السجود أو بعده ، لأن إيجاب الانتصاب يحتاج الى دليل.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : ان زالت قبل السجود انتصب ، ثمَّ خر عن قيام ، وان زالت بعد السجود مضى في
صلاته.
مسألة
ـ ١٠٧ ـ : إذا رفع رأسه
من الركوع ، فقرأ شيئا من القرآن ساهيا سجد ، وليس عليه سجدة السهو ، لأن الأصل
براءة الذمة وإيجاب ذلك يحتاج الى دليل وقال ( ـ « ش » ـ ) : عليه سجدة السهو.
مسألة
ـ ١٠٨ ـ : إذا كبر
للسجود جاز أن يكبر وهو قائم ، ثمَّ يهوي الى السجود ويجوز أن يهوي بالتكبير فيكون
انتهاءه حين السجود والثاني مذهب ( ـ « ش » ـ ) والأول رواية حماد بن عيسى ،
والثاني رواية غيره فحكمنا بالتخيير.
مسألة
ـ ١٠٩ ـ : إذا أراد
السجود تلقى الأرض بيديه أولا ثمَّ ركبتيه ، وهو مذهب عبد الله بن عمر و ( ـ « ع »
ـ ) و ( ـ « ك » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) و ( ـ « ش » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) : يتلقى الأرض بركبتيه ثمَّ يديه ثمَّ جبهته
وأنفه ، وحكوا ذلك عن عمر بن الخطاب.
مسألة
ـ ١١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وضع الجبهة في الأرض في حالة السجود فرض
ووضع الأنف سنة وبه قال ( ـ « ش » ـ ) والحسن البصري وابن سيرين وعطاء وطاوس و ( ـ
« ر » ـ ) وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور.
وقال قوم : ان
وضعها فرض ذهب اليه سعيد بن جبير والنخعي وعكرمة وابن عباس وقال ( ـ « ح » ـ ) :
هو بالاختيار بين أن يقتصر على أنفه ، أو على جبهته ، فأيهما فعل أجزأه.
مسألة
ـ ١١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وضع اليدين والركبتين والقدمين في حال
السجود فرض ، و ( ـ « للش » ـ ) فيه قولان : أحدهما وهو الأظهر مثل قولنا ، والأخر
أنه مستحب ، وبه قال ( ـ « ح » ـ ).
مسألة
ـ ١١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كشف يديه في حال
السجود كان أفضل وان لم يفعل أجزأه ، و ( ـ « للش » ـ ) فيه قولان : أحدهما أنه
يجب ، والأخر أنه يستحب .
مسألة
ـ ١١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز السجود الا على الأرض ، أو ما
أنبتته الأرض مما لا يؤكل ولا يلبس من قطن أو كتان مع الاختيار ، وخالف جميع
الفقهاء في ذلك وأجازوا السجود على القطن والكتان والشعر والصوف وغير ذلك.
مسألة
ـ ١١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز السجود على شيء هو حامل له ،
ككور العمامة وطرف الرداء وكم القميص ، وبه قال ( ـ « ش » ـ ) و ( ـ « ك » ـ ) و (
ـ « د » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : إذا سجد على ما هو حامل له ، كالثياب التي عليه أجزأه ، وان سجد على ما لا
ينفصل منه مثل أن يفرش يده فيسجد عليها أجزأه ، لكنه مكروه ،
__________________
وروي ذلك عن الحسن البصري.
مسألة
ـ ١١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التسبيح في السجود فرض ، وبه قال أهل
الظاهر.
وقال باقي
الفقهاء : انه مستحب ، وحكي عن ( ـ « ك » ـ ) أنه قال : لا أعرف التسبيح في السجود
.
مسألة
ـ ١١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إكمال التسبيح في السجود أن يسبح سبع مرات.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : أدناه ثلاث ، وأعلاه خمس. وقال بعض أصحابه : الكمال في ثلاث.
مسألة
ـ ١١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الطمأنينة في السجود ركن ، وبه قال ( ـ
« ش » ـ ) وقال ( ـ « ح » ـ ) : ليس بركن.
مسألة
ـ ١١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : رفع الرأس من السجود ركن ، والاعتدال
جالسا مثل ذلك ، ولا تتم الصلاة إلا بهما ، وبه قال ( ـ «
ش » ـ ).
وقال ( ـ « ح »
ـ ) : القدر الذي يجب أن يرفع ما يقع عليه اسم الرفع ، ولو رفع بمقدار ما يدخل
السيف بين وجهه وبين الأرض أجزأه ، وربما قالوا الرفع لا يجب أصلا ، فلو سجد ولم
يرفع حتى لو حفر تحت جبهته حفيرة فحط عليها جبهته
أجزأه.
مسألة
ـ ١١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الإقعاء مكروه ، وبه قال جميع الفقهاء [
وروي ذلك عن علي عليهالسلام وابن عمر وأبي هريرة ] وحكى عن ابن
عباس أنه قال هو سنة.
مسألة
ـ ١٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رفع رأسه من السجدة الثانية يستحب
له أن يجلس
__________________
ثمَّ يقوم عن جلوس ، وبه قال الزهري ومكحول و ( ـ « ق » ـ ) وأبو ثور و ( ـ
« ش » ـ ) ويجوز أيضا أن يعتمد على يديه فيقوم من غير جلسة ، وبه قال ( ـ « ك » ـ
) و ( ـ « د » ـ ).
وقال قوم :
ينهض على صدور قدميه ولا يجلس ولا يعتمد ، وبه قال ( ـ « ح » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ).
والاخبار
الواردة في ذلك مختلفة مذكورة في تهذيب الاحكام ، فحكمنا بالتخيير وقلنا : ان
الجلسة أفضل ، لأن خبر حماد يتضمن ذلك.
مسألة
ـ ١٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجلس عندنا في التشهدين متوركا ، وصفته
أن يخرج رجليه من تحته ويعتمد على مقعدته ويضع رجله اليسرى على الأرض ويضع ظاهر قدمه
اليمنى على باطن قدمه اليسرى.
وأما في الجلسة
بين السجدتين وجلسة الاستراحة ، فإن جلس على ما وصفناه كان أفضل وان جلس على حسب
ما سهل عليه ، كان أيضا جائزا.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) : يجلس في التشهد الأول وفي جميع جلساته إلا في الأخير مفترشا
، وفي الأخير متوركا.
وصفة الافتراش
: أن يثني قدمه اليسرى ، فيفترشها ويجعل ظهرها على الأرض ويجلس عليها وينصب قدمه
اليمنى وتكون بطون أصابعها على الأرض ليستقبل بأطراف أصابعه القبلة.
وصفة التورك :
أن يبسط رجليه ، فيخرجهما من تحت وركه اليمنى ويفضي بمقعدته إلى
الأرض مثل ما قلناه قال : وينصب قدمه اليمنى ويجعل بطن أصابعها
__________________
على الأرض ليستقبل بأطرافها القبلة ، وبه قال ( ـ « د » ـ ) و ( ـ « ق » ـ ) وأبو
ثور.
وقال ( ـ « ك »
ـ ) : يجلس في التشهدين متوركا. وقال ( ـ « ح » ـ ) : يجلس فيهما مفترشا.
مسألة
ـ ١٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التشهد الأول واجب ، وبه قال الليث و ( ـ « د » ـ )
وقال أهل العراق و ( ـ « ش » ـ ) و ( ـ « ع » ـ ) : هو سنة.
مسألة
ـ ١٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصلاة على النبي واجب في التشهد الأول.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) ليس بواجب ، وفي كونه سنة قولان : أحدهما مسنون ، والأخر ليس بمسنون.
مسألة
ـ ١٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الدعاء بعد الصلاة على النبي في
التشهد الأول وبه قال ( ـ « ك » ـ ). وقال ( ـ « ش » ـ ) : لا يدعو.
مسألة
ـ ١٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قام من السجدة الثانية في الركعة
الثانية ولم يجلس للتشهد ، فإنه يرجع ويجلس فيتشهد ما لم يركع ، وليس عليه سجدتا
السهو وان ركع مضى ثمَّ قضى بعد التسليم فسجد سجدتي السهو.
وقال ( ـ « ش »
ـ ) ان ذكر قبل أن ينتصب جلس وتشهد وكان عليه سجدتا السهو ، وان استوى قائما لم
يرجع ومضى في صلاته ، وكان عليه سجدتا السهو.
مسألة
ـ ١٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قام من التشهد إلى الثالثة ، فمن أصحابنا من يقول
: يقوم بتكبيرة ويرفع يديه بها ، ومنهم من قال يقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد
ولا يكبر ، والأول مذهب جميع الفقهاء ، وخالفوا في رفع اليدين وقد بيناه فيما
تقدم.
__________________
مسألة
ـ ١٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التشهد الأخير والجلوس فيه واجبان ، وبه
قال ( ـ « ش » ـ ) ومن الصحابة عمر وابن عمر وأبو مسعود البدري وابن مسعود ، وهو
الصحيح عن علي عليهالسلام ومن التابعين الحسن البصري وعطاء وطاوس ومجاهد و ( ـ «
د » ـ ) و ( ـ « ق » ـ ).
وذهب قوم إلى
أنهما غير واجبين رووا ذلك عن علي عليهالسلام وسعيد بن المسيب والنخعي والزهري وبه قال ( ـ « ك » ـ )
و ( ـ « ع » ـ ) و ( ـ « ر » ـ ) وقال ( ـ « ح » ـ ) : الجلوس واجب بقدر التشهد
والتشهد غير واجب.
مسألة
ـ ١٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أكمل التشهد ما هو مسطور في كتبنا ويقول
في الأخير : التحيات لله الصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الرائحات
الناعمات الغاديات المباركات لله ما طاب وطهر وزكى وخلص ونما وما خبث فلغيره ،
ثمَّ الشهادتان والصلاة على النبي وآله والدعاء للمؤمنين ثمَّ التسليم.
وقال ( ـ ك ـ )
: الأفضل ما روى عن عمر بن الخطاب انه علم الناس على المنبر التشهد وقال قولوا
التحيات لله الزاكيات لله الصلوات لله الطيبات لله السّلام عليك أيها النبي ورحمة
الله وبركاته السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وقال ( ـ ح ـ )
: أفضل التشهد ما رواه عبد الله بن مسعود قال : كنا إذا صلينا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قلنا : السّلام على الله قبل عباده السّلام على فلان
وفلان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تقولوا السّلام على الله ، لان الله هو السّلام
ولكن إذا جلس أحدكم ، فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات السّلام عليك أيها
النبي ورحمة الله وبركاته ، السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا
إله إلّا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وقال ( ـ ش ـ )
: أفضل التشهد ما رواه ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعلمنا
__________________
التشهد ، كما يعلمنا القرآن ، وكان يقول : التحيات المباركات لله الصلوات
الطيبات لله السّلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السّلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله.
مسألة
ـ ١٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصلاة على النبي فرض في التشهدين وركن
من أركان الصلاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في التشهد الأخير ، وبه قال ابن مسعود وأبو
مسعود البدري الأنصاري ، واسمه عقبة بن عمرو وابن عمر وجابر و ( ـ د ـ ) ( ـ و ـ ) ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ع ـ ) و ( ـ ح ـ ) : انه غير واجب.
مسألة
ـ ١٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ترك التشهد والصلاة على النبي ناسيا
قضى ذلك بعد التسليم وسجد سجدتي السهو.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب عليه قضاء الصلاة.
مسألة
ـ ١٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أدنى التشهد الشهادتان والصلاة على
النبي وآله.
وقال ( ـ ش ـ )
: أقل ما يجزيه أن يقول خمس كلمات التحيات لله السّلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد
أن محمدا رسول الله.
مسألة
ـ ١٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصلاة على آل النبي في التشهد واجب ،
وقال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ) : انه سنة. وقال بعض أصحابه : هو واجب.
مسألة
ـ ١٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من جهر في صلاة الإخفات ، أو خافت في
صلاة الجهر متعمدا بطلت صلاته ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ١٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يدعو لدينه ودنياه ولإخوانه ،
ويذكر من يدعو له من النساء والرجال في الصلاة ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز أن يدعو الا بما قد ورد به القرآن.
__________________
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة المحقة ـ ما رواه الزهري عن أبي سلمة عن أبي
هريرة ان النبي صلىاللهعليهوآله لما رفع رأسه من الركعة الأخيرة من الفجر قال : ربنا لك
الحمد اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعباس بن أبي ربيعة والمستضعفين
من المؤمنين ـ وفي بعضها والمستضعفين بمكة ـ واشدد وطأتك على مضر ورعل وذكوان
واجعل عليهم سنين كسني يوسف.
وروي عن علي عليهالسلام أنه دعا في قنوته على قوم بأعيانهم وأسمائهم وروي عن
أبي الدرداء أنه قال : اني لأدعو في صلاتي لسبعين أخا من إخواني بأسمائهم ولنسائهم
ولا مخالف لهما في الصحابة.
مسألة
ـ ١٣٥ ـ : الأظهر من
مذهب أصحابنا ان التسليم في الصلاة مسنون ، وليس بركن ولا واجب ، ومنهم من قال :
هو واجب.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يخرج من الصلاة إلا بشيء معين ، وهو السّلام لا غير ، وهو ركن منها ، وبه
قال ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الذي يخرج به منها غير معين ، بل يخرج بأمر يحدثه ، وهو ينافيها من كلام ، أو
سلام ، أو حدث من ريح ، أو بول ، لكن السنة أن يسلم ، لأن النبي صلىاللهعليهوآله به كان يخرج وان طرقه في هذا المكان ما ينافيها مثل طلوع الشمس أو
رؤية الماء إذا كان متيمما بطلت صلاته ، لأنه أمر ينافيها لا من جهته.
قال : والذي
يخرج به منها ليس منها ، فمن نصر المذهب الأول من أصحابنا استدل
بما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا كنت إماما فإنما التسليم
__________________
أن تسلم على النبي صلىاللهعليهوآله وتقول : السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فاذا
قلت ذلك ، فقد انقطعت الصلاة ثمَّ تؤذن القوم ، تقول وأنت مستقبل القبلة السّلام
عليكم.
ومن نصر الأخير
استدل بما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ،
وتحليلها التسليم.
مسألة
ـ ١٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الامام والمنفرد يسلمان تسليمة واحدة ،
والمأموم ان كان على يساره إنسان سلم يمينا وشمالا ، وان لم يكن على يساره أحد
يسلم تسليمة واحدة.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان المسجد ضيقا واللغط مرتفعا وكان الناس سكوتا فتسليمة واحدة ، وان كان كثروا
وكان المسجد واسعا فتسليمتان هذا قوله في القديم ، وروي ذلك عن علي عليهالسلام وأبي بكر وعمر وابن مسعود وعمار بن ياسر من الصحابة
والنخعي .
وقال ( ـ ش ـ )
في الجديد : ان الأفضل تسليمتان ، وبه قال أهل الكوفة وروح وأصحابه و ( ـ د ـ ) و
( ـ ق ـ ).
وقال قوم :
الأفضل أن يقتصر على تسليمة واحدة ، واليه ذهب ابن عمر وأنس بن مالك وسلمة بن
الأكوع وعائشة ومن التابعين عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وابن سيرين ومن
الفقهاء ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ).
ويدل على
مذهبنا مضافا الى إجماع الفرقة ما رووه عن عائشة قالت : كان
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله يسلم في صلاته تسليمة واحدة يميل الى الشق الأيمن
قليلا. وعن سهل بن سعد الساعدي أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يسلم تسليمة واحدة لا يزيد عليها. ذكرهما الدار قطني.
مسألة
ـ ١٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سلم الامام يستحب له أن يعقب بعد
الصلاة ، فإن كان المأموم يقعد لقعوده كان أفضل ، وان لم يفعل جاز له الانصراف.
وقال ( ـ ش ـ )
: يستحب له إذا سلم أن يثب ويتحول من مكانه.
مسألة
ـ ١٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القنوت مستحب في كل ركعتين من جميع
الصلوات بعد القراءة فرائضها وسننها قبل الركوع ، وان كانت الصلاة ثلاثية أو
رباعية كان فيها قنوت واحد في الثانية قبل الركوع ، وان كانت جمعة كان فيها قنوتان
على الإمام في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع ، وهو مسنون في ركعة
الوتر وفي جميع السنة .
وقال ( ـ ش ـ )
: القنوت مستحب في صلاة الصبح خاصة بعد الركوع ، فإن نسي كان عليه
سجدتا السهو وقال : يجري ذلك مجرى التشهد الاولى في كونه سنة.
وقال في سائر
الصلوات : إذا نزلت نازلة قولا واحدا يجوز ، وإذا لم تنزل كان على قولين ، ذكر في
الام أن له ذلك. وقال في الإملاء : ان شاء قنت ، وان شاء ترك.
وقال الطحاوي :
القنوت في سائر الصلوات لم يقل به غير ( ـ ش ـ ) وذكر ( ـ ش ـ ) أن بمذهبه قال في
الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي عليهالسلام وأنس بن مالك ، واليه
__________________
ذهب الحسن ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) وابن أبي ليلى قال : وهكذا
القنوت في النصف الأخير من رمضان لا غير.
وحكي عن قوم أن
القنوت في الصبح مكروه وبدعة ، حكي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأبي الدرداء ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: مسنون في الوتر لا غير طول السنة. وقال ( ـ د ـ ) : إذا قنت في الصبح فلا بأس ،
وقال : يقنت أمراء الجيوش.
ويدل على ما
ذهبنا اليه ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى البراء ابن عازب قال : كان
رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها ، وروى عن علي عليهالسلام أنه قنت في صلاة المغرب على أناس وأشياعهم.
مسألة
ـ ١٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : محل القنوت قبل الركوع ، وهو مذهب ( ـ ك
ـ ) و ( ـ ع ـ ) وابن أبي ليلى و ( ـ ح ـ ) ، وبه قال من الصحابة ابن مسعود وأبو
موسى.
وقال ابن عمر :
كان بعض أصحاب النبي عليهالسلام يقنت قبل الركوع وبعضهم بعده ، وانفرد بأن قال : يكبر
إذا أراد أن يقنت ويقنت ثمَّ يكبر للركوع.
وقال ( ـ ش ـ )
: القنوت بعد الركوع ، وبه قال أبو عثمان النهدي وحكى النهدي أنه أخذ ذلك عن أبي
بكر وعمر وعثمان ، وذكر رابعا نسيه الراوي.
مسألة
ـ ١٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سلم عليه وهو في الصلاة رد عليه
مثله قولا يقول سلام عليكم ، لأنه من ألفاظ القرآن ولا يقول وعليكم السّلام ، وقال
الحسن : يرد قولا كما قلناه ، ولم يعتبر أن يقول مثل قوله.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم : يرد بالإشارة برأسه. وقال في موضع آخر يشير بيده
__________________
وبه قال ابن عمر وابن عباس و ( ـ ك ـ ) و ( ـ د ـ ) و ( ـ ق ـ ) وأبو ثور.
وقال النخعي :
يرد بقلبه وقال أبو ذر الغفاري وعطاء والثوري : يرد قولا ، ولكن إذا فرغ من الصلاة وقال ( ـ
ر ـ ) : ان كان باقيا يرد عليه ، وان كان منصرفا اتبعه بالسلام. وقال ( ـ ح ـ ) :
لا يرد بشيء أصلا ويضيع سلامه.
مسألة
ـ ١٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا لم يجد المصلي شيئا ينصبه بين يديه
إذا صلى في الصحراء جاز أن يخط بين يديه خطا ، وان لم يفعل أيضا فلا بأس.
وقال ( ـ ش ـ )
: يخط خطا ذكره في القديم وعليه أصحابه. وقال في الأم : يستحب أن لا يخط ، الا أن
يكون فيه خبر ثابت. ووافقه على القول القديم ( ـ د ـ ) و ( ـ ع ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
والليث و ( ـ ح ـ ) : يكره ذلك.
مسألة : ـ ١٤٢ ـ
إذا عرض للرجل أو المرأة حاجة في صلاته ، جاز أن يومئ بيده ، أو يضرب احدى يديه
على الأخرى أو يضرب الحائط ، أو يسبح ، أو يكبر ، سواء أومأ إلى أمامه أو غيره ،
إذا أراد التنبيه على سهو لحقه ، أو يحذر أعمى من ترد في بئر ، أو يطرق
عليه الباب ، فيسبح يقصد به الاذن له ، أو يبلغه مصيبة ، فيقول ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، ويقصد به قراءة القرآن أو يقرأ آية يقصد بها أن يفتح
على غيره إذا غلط امامه كان أو غير امامه.
وهو مذهب ( ـ ش
ـ ) الا أنه فرق بين المرأة والرجل فقال : يكره في المرأة أن تسبح ، وينبغي لها أن
تصفق ، وهو أن تضرب احدى الراحتين على ظهر كفها الأخرى أو تضرب إصبعين على ظهر
كفها ، وروى ذلك أصحابنا أيضا.
__________________
وقال ( ـ ك ـ )
: من نابه شيء في صلاته يسبح ، رجلا كان أو امرأة.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا سبح الرجل ، فان قصد به اعلام امامه شيئا قد نسيه أو تركه لم تبطل صلاته ،
وان قصد بذلك غير الامام بطلت صلاته في جميع ما قلناه.
مسألة
ـ ١٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من تكلم في الصلاة عامدا بطلت صلاته ،
سواء كان كلامه متعلقا بمصلحة الصلاة أو لم يتعلق ، وان كان ناسيا لم تبطل وعليه
سجدتا السهو وكذلك ان سلم في الأوليين فحكمه حكم الكلام سواء.
واختلفوا في
ذلك على خمسة مذاهب : فقال سعيد بن المسيب والنخعي وحماد بن أبي سليمان : ان جنس
الكلام يبطل الصلاة ، ناسيا كان أو عامدا ، لمصلحة أو غير مصلحة ، وكذلك السّلام.
وذهب قوم الى
ان سهو الكلام يبطلها بكل حال ، وأما السّلام سهوا فلا يبطلها ، وهو مذهب ( ـ ح ـ
) وأصحابه ، وحكي عن عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وعبد الله ابن الزبير ، وأنس
بن مالك ، والحسن بن الحسن البصري ، وعطاء ، وقتادة ، وعروة بن الزبير مثل ما قلناه
، وبه قال ابن أبي ليلى و ( ـ ش ـ ).
وذهب قوم الى
أن سهو الكلام لا يبطلها ، وعمده ان كان لمصلحة الصلاة لا يبطلها ، وان كان لغير
مصلحتها أبطلها ، ومصلحة الصلاة مثل أن يسهو امامه فيقول : سهوت ، وذهب اليه مالك
بن أنس.
وقال قوم : ان
سهو الكلام لا يبطلها ، وعمده ان كان لمصلحة الصلاة لا يبطلها ، كما قال مالك ،
وان كان للمصلحة التي لا تتعلق بالصلاة لا يبطلها أيضا ، مثل أن
__________________
يكون أعمى يكاد يقع في بئر ، فيقول : البئر أمامك ، أو يرى من يحترق ماله
فيعرفه ذلك ، ذهب اليه ( ـ ع ـ ).
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ أنه قد أجمعت الأمة على أن من لم يتكلم فان
صلاته ماضية ، وإذا تكلم عامدا اختلفوا فيه ، ولا يلزمنا ذلك في الكلام ناسيا ،
لأنا قلنا ذلك بدليل ، وهو ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا
عليه.
فأخبر أن
الخطاء مرفوع عنهم ، ومعلوم أنه لم يرد به رفع فعل الخطاء ، وإذا كان كذلك ثبت أن
صلاته لا تبطل.
وأيضا روى أبو
هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآله صلاة العصر ، فسلم في ركعتين ، فقام ذو اليدين ، فقال :
أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ، فأقبل على القوم وقال : أصدق ذو اليدين؟
قالوا : نعم ، فأتم ما بقي من صلاته وسجد وهو جالس سجدتين بعد التسليم.
وقد طعن في هذا
الخبر بأن قيل : لا أصل له ، لأن أبا هريرة أسلم بعد أن مات ذو اليدين
بسنين ، فان ذا اليدين قتل يوم بدر ، وذلك بعد الهجرة بسنتين ، وأسلم أبو هريرة
بعد الهجرة بسبع سنين.
فقال من احتج
بهذا الحديث : ان هذا غلط ، لأن الذي قتل يوم بدر هو ذو الشمالين ، واسمه
عبد الله بن عمر بن نضلة الخزاعي ، وذو اليدين عاش بعد وفاة النبي عليهالسلام ، ومات في أيام معاوية ، وقبره بذي خشب ، واسمه
الخرباق.
__________________
قالوا :
والدليل عليه أن عمر بن الحصين روى هذا الحديث ، فقال فيه : فقام الخرباق فقال : أقصرت
الصلاة أم نسيت يا رسول الله.
وقد قيل في
الجواب عن هذا الاعتراض أنه روى ( ـ ع ـ ) ، فقال : فقام ذو الشمالين ، فقال : أقصرت
الصلاة أم نسيت؟ وذو الشمالين قتل يوم بدر لا محالة وروى في هذا الخبر أن ذا
اليدين ، قال : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال : كل ذلك لم يكن.
وروي أنه عليهالسلام قال : إنما أسهو لا سن لكم وروي أنه قال : لم أنس ولم
تقصر الصلاة.
فأما أصحابنا ، فقد
رووا أن ذا اليدين يقال له ذو الشمالين ، روى ذلك سعيد الاعراج عن أبي عبد الله عليهالسلام في هذه القصة.
ومعتمدنا في
هذه المسألة إجماع الفرقة على ما مضى وروى عبد الرحمن ابن الحجاج ، قال :
سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يتكلم في الصلاة ناسيا يقول : أقيموا صفوفكم
قال : يتم الصلاة ثمَّ يسجد سجدتين ، فقلت : سجدتا السهو هما قبل التسليم أو بعد ، قال
: بعد.
وروى عبد
الرحمن الرازي قال : كنت مع أصحاب لي في سفر وأنا إمامهم فصليت بهم
المغرب فسلمت في الركعتين الأوليين ، فقال أصحابي : إنما
__________________
صليت بنا ركعتين ، فكلمتهم وكلموني ، فقالوا : أما نحن فنعيد ، فقلت :
لكنني لا أعيد ، وأتى بركعة فأتممت بركعة ثمَّ سرنا ، فأتيت أبا عبد الله عليهالسلام فذكرت له الذي كان من أمرنا ، فقال لي : أنت كنت أصوب
منهم ، انما يعيد من لا يدري ما صلى.
مسألة
ـ ١٤٤ ـ : النفخ في
الصلاة ان كان بحرف واحد لا تبطل الصلاة ، وكذلك التأوه والأنين. وان كان بحرفين
يبطلها ، لان ذلك كلام ولا يتعلق بالصلاة على جهة العمد ، وقد تقدم أن ذلك يفسد
الصلاة. وأما الحرف ، فلا دليل على أنه يبطل الصلاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: النفخ يبطلها وان كان بحرف واحد ، وأما التأوه وهو أن يقول آه فيأتي بحرفين ،
نظرت فان كان خوفا من الله تعالى مثل أن ذكر النار والعقاب لم يبطلها ، وان كان لا
لم يجده في نفسه بطلت صلاته.
مسألة
ـ ١٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ترك القراءة ناسيا حتى ركع مضى في
صلاته ولم يكن عليه شيء ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد : لا يسقط
بالنسيان فان ذكر قبل الركوع قرء ، وان لم يذكر الا بعد الركوع أعاد الصلاة.
مسألة
ـ ١٤٦ ـ : من سبقه الحدث
من بول أو ريح ، فلأصحابنا فيه روايتان : إحداهما وهو الأحوط أنه تبطل الصلاة ،
وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد ، قال : ويتوضأ ويستأنف الصلاة ، وبه قال النخعي
والمسور بن مخرمة ، وابن سيرين ، والحسن بن صالح بن حي. والثانية : أنه يعيد
الوضوء ويبني ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) في القديم.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان الحدث الذي سبقه منيا بطلت صلاته ، وان كان دما فان كان
__________________
بغير فعله ، مثل أن شجه إنسان أو فصده بطلت صلاته ، وان كان بغير فعل إنسان
كالرعاف لم تبطل صلاته.
والمعمول عليه
عندنا والذي نفتي به الرواية الأولى لأن الصلاة ثابتة في ذمته بيقين ، ولا تبرء
ذمته بيقين إلا إذا أعاد الصلاة من أولها .
مسألة
ـ ١٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سبق الحدث ، فخرج ليعيد الوضوء فبال
أو أحدث متعمدا لا يبني ، إذا قلنا بالبناء على الرواية الأخرى ، وبه قال ( ـ ح ـ
).
وقال ( ـ ش ـ )
على قوله القديم : انه يبني ، قال : لان هذا الحدث طرء على حدث فلم يكن له حكم.
مسألة
ـ ١٤٨ ـ : لا يجوز الأكل
والشرب في صلاة الفريضة ، بدلالة الإجماع فأما في النافلة ، فقد روي أن شرب الماء
لا بأس به ، وبه قال سعيد بن جبير وطاوس.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز ذلك في نافلة ولا فريضة.
مسألة
ـ ١٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أدرك مع الامام ركعتين ، أو ركعة في
الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ، كان ما أدركه معه أول صلاته ، يقرأ فيها بالحمد
وسورة ويقضي آخر صلاته يقرأ الحمد أو يسبح على ما بيناه.
وبه قال من
الصحابة علي عليهالسلام وعمر وأبو قتادة ، وفي التابعين ابن المسيب والحسن
البصري والزهري وفي الفقهاء ( ـ ش ـ ) و ( ـ ع ـ ) ومحمد وإسحاق.
وذهب قوم الى
أن ما أدركه آخر صلاة المأموم ، فإذا فرغ قام فقضى أول صلاة نفسه ، وذهب اليه من الصحابة ابن عمر
، واليه ذهب ( ـ ك ـ ) وروح وأبو يوسف.
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
تفصيلا لا يعرف للباقين ، وهو أنه قال : هو أول صلاته فعلا وآخرها حكما ، فإنه
يبتدئ بأول الصلاة فعلا.
مسألة
ـ ١٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى لنفسه منفردا أو في جماعة ثمَّ
وجد جماعة ، جاز أن يصليها معهم دفعة ثانية ، وتكون الأولى فريضة والثانية نفلا ، ويجوز أن
ينوي بها قضاء فائتة لأي صلاة كانت ، ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء الآخرة أو
صبحا لا يختلف الحكم فيه ، وبه قال في الصحابة علي عليهالسلام وحذيفة وأنس ، وفي التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن
جبير والزهري وفي الفقهاء ( ـ ش ـ ) و ( ـ د ـ ).
الا أن الصحابة
و ( ـ د ـ ) قالوا : ان لم يكن مغربا أعادها على الوجه ، وان كان مغربا يشفعها
فيصليها أربعا.
وقال بعض أصحاب
( ـ ش ـ ) : ان كان صلاها فرادى أعادها أي صلاة كانت ، وان كان صلاها جماعة
أعادها إلا العصر والصبح .
ومن أصحابه من
قال : ان كان صلاها جماعة لا يعيدها أصلا ، واعادتها ليدرك فضيلة الجماعة وقد أدرك
فلا معنى للإعادة. وذهب ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) و ( ـ ر ـ ) إلى أنه يصليها بكل حال
الا المغرب.
وقال الحكم :
يعيدها كلها الا الصبح.
وقال النخعي :
يعيدها كلها الا العصر والصبح.
وقال ( ـ ح ـ )
: يعيدها كلها الا العصر والمغرب والصبح.
مسألة
ـ ١٥١ ـ : من لم يقدر أن
يركع في الصلاة لعلة بظهره وقدر على القيام ، وجب أن يصلي قائما ، وهو مذهب ( ـ ش ـ
).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا قدر على القيام وعجز عن الركوع ، كان بالخيار أن يصلي قائما أو جالسا.
مسألة
ـ ١٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى جالسا لعلة لا يقدر معها على
القيام ، فالأفضل أن يصلي متربعا ، وان افترش جاز.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجلس متربعا ويجلس للتشهد على العادة ، وبه قال ابن عباس و ( ـ ر ـ ) و ( ـ د ـ
) وقال في موضع آخر : يجلس مفترشا ، وبه قال ابن مسعود.
مسألة
ـ ١٥٣ ـ : العاجز عن
السجود إذا رفع له شيء يسجد عليه كان ذلك جائزا ، بدلالة الأخبار الواردة في ذلك. وقال (
ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا لم يقدر على السجود على جبهته وقدر
على السجود على أحد قرنيه ، أو على ذقنه سجد عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يسجد عليه ، بل يقرب وجهه من الأرض ما يمكنه.
مسألة
ـ ١٥٥ ـ : إذا صلى جالسا
، فقدر على القيام في أثناء صلاته ، لم تبطل صلاته ، لأنه لا دليل على ذلك في
الشرع ، وبه قال ( ـ ش ـ ) و ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) وأبو يوسف وقال محمد : تبطل
صلاته.
مسألة
ـ ١٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من عجز عن القيام وعن الجلوس صلى مضطجعا
على جانبه الأيمن ، وبه قال عمر بن الخطاب و ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ).
ومن أصحاب ( ـ
ش ـ ) من قال : يستلقي على ظهره ، وتكون رجلاه تجاه القبلة ، وعن ابن عمر و ( ـ «
ر » ـ ) روايتان.
مسألة
ـ ١٥٧ ـ : إذا تلبس
بالصلاة مضطجعا ، ثمَّ قدر على الجلوس أو القيام ، انتقل الى ما يقدر عليه وبنى
على صلاته ، لأنه لا دلالة على وجوب استئناف
__________________
الصلاة.
وبه قال ( ـ ش ـ
) و ( ـ ح ـ ) ، وصاحباه قالوا : من قدر على القيام ، أو على الجلوس بطلت صلاته ، ووافقنا (
ـ ح ـ ) في الجالس إذا قدر على القيام.
مسألة
ـ ١٥٨ ـ : من كان به رمد
، فقال أهل المعرفة بالطب : ان صليت قائما زاد في مرضك ، وان صليت مستلقيا رجونا
أن تبرء ، جاز أن يصلي مستلقيا ، بدلالة قوله تعالى «
ما جَعَلَ
عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
» .
وروى سماعة بن
مهران عن الصادق عليهالسلام أيضا ، وبه قال ( ـ ر ـ ) و ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ع ـ ) : لا يجوز ذلك.
مسألة
ـ ١٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قرء المصلي آية رحمة ، يستحب أن
يسأل الله تعالى ، أو آية عذاب أن يستعيذ به ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يكره ذلك.
مسألة
ـ ١٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للرجل أن يصلي وامرأة تصلي إلى
جانبه ، أو قدامه ، فإن صلت خلفه جاز ، وان كانت قاعدة بين يديه أو بجنبه ولا تصلي
جازت صلاته أيضا ، ومتى صلى وصلت الى جانبه أو قدامه ، بطلت صلاتهما جميعا
، اشتركا في الصلاة أو اختلفا.
وقال ( ـ ش ـ )
: ذلك مكروه ولا تبطل صلاته ، واختاره المرتضى من أصحابنا.
وقال ( ـ ح ـ )
: ينظر فإن وقفت الى جنبه أو أمامه ولم تكن المرأة في الصلاة ، أو كانا في الصلاة
لكن لم يشتركا فيها ، لم تبطل صلاة واحد منهما ، واشتراكهما في
__________________
الصلاة عنده أن ينوي الإمام إمامتها.
وان كانا في
صلاة يشتركان فيها ، نظرت فان وقفت بين رجلين بطلت صلاة من الى جانبيها ولم تبطل
صلاة من الى جانب من الى جانبيها ، لأنهما حجزا بينها وبينه ، فان وقفت الى جانب
الامام بطلت صلاة الإمام ، فإذا بطلت صلاته بطلت صلاتها وصلاة كل الجماعة ، لأن
عنده ان صلاة الجماعة تبطل ببطلان صلاة الإمام.
قال : فان صلت
أمام الرجال بطلت صلاة من يحاذيها ومن وراءها ، ولم تبطل صلاة من يحاذي من
يحاذيها. وهذه المسألة يسمونها مسألة المحاذاة.
اللهم الا أن
يكون الصف الأول نساء كله ، فتبطل صلاة أهل الصف الأول والقياس أن لا تبطل صلاة
أهل الصف الثاني والثالث ، لكن صلاة أهل الصفوف كلها تبطل استحسانا.
وتحقيق الخلاف
بين ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) أنه إذا خالف سنة الموقف ، فعند ( ـ ش ـ ) لا تبطل
الصلاة ، وعند ( ـ ح ـ ) تبطل ، وعند ( ـ ش ـ ) أن المخالفة منهما وعند ( ـ ح ـ
) من الرجل دونها فلهذا بطلت صلاته دونها.
مسألة
ـ ١٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للرجل أن يصلي معقوص الشعر الا
أن يحله ، ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك .
مسألة
ـ ١٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحرمت المرأة خلف الرجل صح إحرامها
، وان لم ينو الإمام إمامتها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يصح اقتداؤها بالإمام حتى ينوي الإمام إمامتها.
مسألة
ـ ١٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سجود التلاوة في جميع القرآن مسنون
مستحب
__________________
وفي أربعة مواضع فريضة وهي : سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرء
باسم ربك ، وما عداها فمندوب للقاري والمستمع.
وقال ( ـ ش ـ )
: الكل مسنون ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الكل واجب على القارئ والمستمع.
مسألة
ـ ١٦٤ ـ : لا يجوز قراءة
العزائم الأربع في الفرائض ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ١٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من لا يحسن القرآن ظاهرا ، جاز له أن
يقرأ في المصحف وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ذلك يبطل الصلاة.
مسألة
ـ ١٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سجدات القرآن خمسة عشر موضعا : أربعة
منها فرض على ما قلناه ، وتفصيلها : آخر الأعراف ، وفي الرعد ، وفي النحل ، وفي
بني إسرائيل ، وفي مريم ، وفي الحج سجدتان ، وفي الفرقان ، وفي النمل ، وفي الم
تنزيل ، وفي صاد ، وفي حم السجدة ، وفي النجم ، وفي انشقت ، وفي آخر اقرء باسم ربك
، وبه قال أبو إسحاق وأبو العباس بن سريج.
وقال ( ـ ش ـ )
في الجديد : سجود القرآن أربعة عشر كلها مسنون ، وخالف في صاد ، وقال : انه سجود شكر لا يجوز فعله في
الصلاة.
وقال في القديم
بإحدى عشرة سجدة ، فأسقط سجدات المفصل ، وبه قال ابن عباس ، وأبي بن كعب ، وزيد بن
ثابت ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ومجاهد ، و ( ـ ك ـ ).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: أربع عشرة سجدة ، فأسقط الثانية من الحج ، وأثبت سجدة صاد.
وروي عن علي عليهالسلام أنه قال : عزائم السجود أربع في المواضع التي ذكرناها ،
وهذا لا ينافي ما قدمنا ذكره عن أصحابنا ، لأن العزائم أراد بها الفرائض.
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما رواه عقبة بن عامر قال سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله في الحج سجدتان؟ قال : نعم من لم يسجدهما فلا يقرءهما.
وروي عن ابن
عباس أن النبي عليهالسلام سجد في صاد.
وروي عنه أنه
سجد في صاد وقرء « أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ
اقْتَدِهْ ) » يعنى هدى الله داود وأمر النبي أن يقتدي به.
وروى أبو سعيد
الخدري قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآله صاد على المنبر ، فنزل وسجد وسجد الناس معه ، فلما كان في
الجمعة الثانية قرءها ، فنشزت الناس للسجود فنزل وسجد وسجد الناس معه ، وقال : لم
أرد أن أسجد فإنها توبة مني وانما سجدت لأني رأيتكم نشزتم للسجود أي تهيأتم. وقوله
عليهالسلام « لم أرد أن أسجد » يدل على أنه ليس بواجب.
مسألة
ـ ١٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : موضع السجود في حم السجدة «
إِنْ
كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ
» وبه قال ابن عمر ، و ( ـ ك ـ ) ، والليث ، واليه ذهب أبو عمر وبن العلاء
من القراء.
وقال ( ـ ش ـ )
: عند قوله « لا يَسْأَمُونَ
» وبه قال ابن عباس ، و ( ـ ر ـ ) ، وأهل الكوفة.
__________________
مسألة
ـ ١٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بينا أن العزائم لا يقرءن في الفرائض
ويجوز قراءتها في النوافل ويسجد ، أما ما عدا العزائم فيجوز قراءته في الفرائض ،
غير أنه لا يسجد فيها ، فإن قرأها في النوافل ان سجد جاز ، وان لم يسجد جاز.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يكره سجود التلاوة في شيء من الصلاة ، جهر بالقراءة أو
لم يجهر.
وقال ( ـ ك ـ )
: يكره ذلك على كل حال. وقال ( ـ ح ـ ) : يكره فيما يسر بالقراءة فيه ، ولا يكره
فيما يجهر بها ، ولم يفصل أحد منهم.
مسألة
ـ ١٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سجود العزائم واجب على القارئ والمستمع
، ومستحب للسامع ، وما عداها مستحب للجميع ، وعند ( ـ ش ـ ) مسنون في حق التالي
والمستمع دون السامع.
وقال ( ـ ح ـ )
: واجب على التالي والمستمع والسامع ، فاذا طرق سمعه قراءة قارئ موضعها ، وجب عليه
أن يسجدها.
يدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل بسمع السجدة تقرء ، فقال : لا
يسجد الا أن يكون منصتا مستمعا لها ، أو يصلي بصلاته فأما لو كان يصلي في ناحية
وأنت في ناحية فلا يسجد لما سمعه .
مسألة
ـ ١٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سجود التلاوة يجوز فعلها في جميع
الأوقات ، وان كانت مكروهة الصلاة فيها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: منهي في هذه الأوقات ، فلا يصلي فيها صلاة بحال ولا سجود
__________________
التلاوة.
وقال ( ـ ح ـ )
: ما نهي عن الصلاة فيه لأجل الوقت ، فلا صلاة فيها بحال ، وهو حين طلوع الشمس ،
وحين الزوال ، وحين الغروب ، وما نهي عنها فيه لأجل الفعل ، فلا صلاة فيها بحال
الا عصر يومه ، وهو بعد الصبح وبعد العصر ، وكذلك السجود.
مسألة
ـ ١٧١ ـ : سجود التلاوة
ليس بصلاة ، فإن سجدها في غير الصلاة سجد من غير تكبير ، وإذا رفع رأسه كبر وليس
عليه تشهد ولا تسليم ولا تكبيرة إحرام وان كان في الصلاة يجوز أن يقرأ فيها
سجد مثل ذلك وقام فكبر وبنى على قراءته ، ويستقبل القبلة مع الإمكان ، فإن صلى ولم
يسجد ، وجب عليه قضاء الفرض منه ، ويستحب قضاء النوافل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان في الصلاة كبر وسجد وقام فكبر وبنى على القراءة قاله في الأم.
وقال ابن أبي
هريرة : يسجد ويرفع رأسه من غير تكبير وان كان في غير الصلاة وقال أبو إسحاق :
يكبر تكبيرة الإحرام وأخرى للسجود. وقال الترمذي : يكبر للسجود لا
غير. وقال أبو حامد بقول أبي إسحاق وقال : ان كبر تكبيرة واحدة لهما لم يجزه
[ ويعيد السجود ] وإذا رفع رأسه رفعه بتكبير.
فأما التشهد ،
فقال في البويطي : لا تشهد فيها ولا تسليم ، واختلف أصحابه على ثلاثة أوجه : منهم
من نفى التشهد والسّلام ، ومنهم من قال : يفتقر الى تشهد وسلام.
__________________
وقال أبو إسحاق
وأبو العباس وغيرهما : يفتقر الى سلام ، ولا يفتقر الى تشهد قال أبو حامد وهو أصح
الأقوال : فأما استقبال القبلة ، فقال : الحكم فيه كالحكم في الصلاة النافلة حرفا بحرف ، ومتى
لم يسجد وفاته يستحب له إعادتها.
مسألة
ـ ١٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سجدة الشكر مستحبة عند تجديد نعم الله
تعالى ، ودفع البلايا ، وأعقاب الصلوات ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، والليث بن سعد ، و (
ـ د ـ ) ، ومحمد ، غير أن محمدا يقول : لا بأس ، وكلهم قالوا في جميع المواضع ،
ولم يخصوا عقيب الصلوات بالذكر.
وقال ( ـ ك ـ )
: مكروهة ، وعن ( ـ ح ـ ) روايتان : إحداهما ، مكروهة. والثانية : ليست بشيء يعني
ليست مشروعة.
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الطائفة ـ ما رواه أبو بكرة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا جاء شيء يسره خر ساجدا. وهذا عام.
وروى عبد
الرحمن بن عوف قال : سجد رسول الله صلىاللهعليهوآله فأطال السجود فقلنا له سجدت فأطلت السجود؟ فقال : نعم
أتاني جبرئيل فقال : من صلى عليك مرة صلى الله عليه عشرا فخررت شكرا لله. وروى عنه
عليهالسلام انه لما أتى برأس أبي جهل سجد شكرا لله.
[ وروى عنه عليهالسلام انه رأى نعاشا فسجد والنعاش القصير الرزى من الرجال ] .
__________________
وروى عن أبي
بكر أنه لما بلغه فتح اليمامة وقتل مسيلمة سجد شكرا لله.
مسألة
ـ ١٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التعفير في سجدة الشكر مستحب ، وخالفنا
من وافق في سجدة الشكر.
مسألة
ـ ١٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس في سجدة الشكر تكبيرة الافتتاح ،
ولا تكبيرة السجود ، ولا فيها تشهد ولا تسليم.
وقال ( ـ ش ـ )
وأصحابه : ان حكم سجدة الشكر حكم سجدة التلاوة سواء.
مسألة
ـ ١٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مر بين يديه وهو يصلي إنسان ، رجلا
كان أو امرأة أو حمارا أو بهيمة أو كلبا ، أو أي شيء كان ، لا يقطع صلاته ، وان لم يكن نصب
بين يديه شيئا ، سواء بالقرب منه أو بالبعد ، وان كان ذلك مكروها ، وبه قال جميع
الفقهاء.
الا ما حكي عن
الحسن البصري أنه قال : ان كان المار بين يديه كلبا أو امرأة أو حمارا قطع الصلاة
، وبه قال جماعة أصحاب الحديث. وروي عن أبي سعيد الخدري [ ان النبي صلىاللهعليهوآله ] قال لا يقطع الصلاة شيء وادرأوا ما استطعتم
فإنما هو الشيطان.
مسألة
ـ ١٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يصلي الفريضة جوف الكعبة مع
الاختيار وأما النافلة فلا بأس بها جوف الكعبة ، بل هو مرغب فيه ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
وأهل العراق و ( ـ ش ـ ) : يجوز أن يصلي الفريضة والنافلة جوف الكعبة.
__________________
وقال محمد بن
جرير الطبري : لا يجوز الفريضة ولا النافلة جوف الكعبة.
مسألة
ـ ١٧٧ ـ : إذا استهدم البيت جاز
للمصلي أن يتوجه الى موضع البيت ، وان صلى في جوف العرصة ، فإن وقف على طرفها حتى
لا يبقى بين يديه شيء منها ، فلا يجوز بلا خلاف ، وان وقف في وسطها وبين يديه من
عرصة البيت جازت صلاته فيما يجوز من النافلة والفريضة في حال الضرورة ، بدلالة عموم
الأخبار التي وردت في جواز الصلاة جوف الكعبة في النوافل ، وبه قال أبو العباس بن
سريج.
وقال أكثر
أصحاب ( ـ ش ـ ) : انه لا يجزيه ، وهكذا الخلاف إذا صلى جوف الكعبة إلى ناحية
الباب وكان الباب مفتوحا ولا عتبة له سواء.
مسألة
ـ ١٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى فوق الكعبة صلى مستلقيا على
قفاه وتوجه الى البيت المعمور ويصلي إيماء.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان للسطح سترة من نفس البناء جاز أن يصلي إليها وان لم يكن له سترة [ أو
كانت من غير البناء ] مثل أن يكون آجرا مفتا أو قصبا
مغروزا فيه ، أو حبلا ممدودا وعليه إزار لم تجز صلاته.
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز إذا كان بين يديه قطعة من السطح يستقبله ، فريضة كان أو نافلة.
مسألة
ـ ١٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قرء في صلاته من المصحف ، فجعل يقرأ
ورقة ،
__________________
فاذا فرغ صفح اخرى وقرء لم تبطل صلاته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: تبطل صلاته ، لأنه تشبه بأهل الكتاب ، وهذا ممنوع منه.
(
مسائل السهو في الصلاة )
مسألة
ـ ١٨٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شك في الركعتين الأولتين من كل فريضة ،
فلا يدري كم صلى ، وجب عليه الاستئناف.
وخالف جميع
الفقهاء في ذلك ، الا ما حكي عن ( ـ ع ـ ) أنه قال : تبطل صلاته ويستأنف تأديبا
ليحتاط فيما بعد ، وبه قال في الصحابة ابن عمر ، وابن عباس ، وعبد الله ابن عمرو
بن العاص.
مسألة
ـ ١٨١ ـ : إذا شك فلا
يدري صلى ثنتين أو ثلاثا أم ثلاثا أو أربعا [ أم اثنين أو أربعا ] وغلب في ظنه
أحدهما بني عليه ، فان تساوت ظنونه بنى على الأكثر وتمم ، فاذا سلم قام فصلى
ما ظن أنه فاته ، ان كانت ركعتين فركعتين ، وان واحدة فواحدة ، أو ركعتين من جلوس.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا شك في أعداد الركعات أسقط الشك وبنى على اليقين ، وبيانه ان شك هل صلى ركعة
أو ركعتين جعلهما واحدة وأضاف إليها أخرى ، وان شك في ركعتين وثلاث أو ثلاث وأربع
فكمثل ذلك.
وبه قال ( ـ ك ـ
) ، و ( ـ ر ـ ) ، و [ قال ] ( ـ ع ـ ) تبطل صلاته ويستأنف تأديبا.
__________________
وقال ( ـ ح
ـ ) : ان أصابه مرة واحدة
بطلت صلاته ، فان تكرر ذلك تحرى في الصلاة واجتهد ، فان غلب على ظنه الزيادة أو
النقصان بنى عليه ، وان تساوت ظنونه بنى على الأقل ، كما قال ( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ١٨٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شك في صلاة الغداة أو المغرب ولا
يدري كم صلى أعاد الصلاة من أولها.
وقال جميع
الفقهاء مثل ما قالوا في المسألة الأولى.
مسألة
ـ ١٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شك في صلاة السفر أو صلاة الجمعة ،
وجب عليه الإعادة ، والخلاف في هذه المسألة كالخلاف في التي قبلها.
مسألة
ـ ١٨٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سجدتا السهو بعد التسليم ، سواء كان
للنقصان أو للزيادة وبه قال علي وابن مسعود ، وعمار ، وسعد بن وقاص ، وغيرهم ،
ومن التابعين النخعي ، ومن الفقهاء أهل الكوفة وابن أبي ليلى ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ
ح ـ ) ، وأصحابه.
وقال ( ـ ش ـ )
: انهما قبل التسليم على كل حال وعليه أكثر أصحابه ، واليه ذهب سعيد بن المسيب ،
والزهري ، وربيعة ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان عن نقصان فالسجود قبل السّلام ، وان كان عن زيادة أو زيادة ونقصان أو
زيادة متوهمة ، فالسجود بعد السّلام ، وقد ذهب الى هذا قوم من أصحابنا ورووا فيه
روايات والمعول على الأول.
مسألة
ـ ١٨٥ ـ : إذا قام في
صلاة رباعية إلى الخامسة سهوا ، فان ذكر قبل الركوع عاد فجلس وتمم ثمَّ تشهد وسلم ،
فان لم يذكر الا بعد الركوع
__________________
بطلت صلاته.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا قام في صلاة رباعية إلى الخامسة سهوا ، فان ذكر قبل أن يسجد في الخامسة ، أو ذكر بعد أن سجد
فيها ، فإنه يعود إلى الرابعة فيتمها ويسجد سجدتي السهو قبل السّلام ، سواء قعد في
الرابعة أو لم يقعد ، وبه قال الحسن البصري وعطاء ، والزهري وفي الفقهاء ( ـ ك ـ )
، والليث و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور.
مسألة
ـ ١٨٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نسي التشهد الأول من صلاة ثلاثية أو رباعية
وذكر قبل الركوع [ من الثالثة عاد فجلس وتشهد وبنى وليس عليه شيء وان ذكر بعد
الركوع ] مضى في صلاته ، فاذا سلم قضى التشهد ثمَّ سجد سجدتي
السهو.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا ترك التشهد الأول فذكر في حال ارتفاعه قبل اعتداله رجع الى الجلوس وبنى على
صلاته ، وان ذكر بعد اعتداله ، فإنه يمضي في صلاته ولم يرجع.
وبه قال عمر ،
وابن مسعود ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وعقبة بن عامر ، والمغيرة بن شعبة ، وسعد
بن أبي وقاص ، وعمران بن حصين وفي التابعين عمر بن عبد العزيز وبه قال ( ـ ع ـ ) و ( ـ
ح ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان ذكر بعد أن رفع أليتيه من الأرض لم يرجع ، وان كان أقل من ذلك رجع.
وقال النخعي :
ان ذكر قبل أن يتلبس بالقراءة رجع ، وان ذكر بعد ما تلبس
__________________
بها لم يرجع.
وقال الحسن :
ان ذكر قبل الركوع رجع ، وان كان قد قرء مائة آية ، وان كان بعد الركوع لم يرجع.
مسألة
ـ ١٨٧ ـ : من ترك سجدة
في الركعة الأولى ناسيا حتى قام إلى الثانية فإن ذكر قبل الركوع عاد فسجد ، وليس
عليه أن يجلس ثمَّ يسجد ، سواء جلس في الأولى جلسة الفصل أو جلسة الاستراحة أم لم
يجلس ، وان لم يذكر حتى يركع مضى في صلاته ، فاذا سلم قضى تلك السجدة وسجد سجدتي
السهو.
وفي أصحابنا من
قال : ان ترك سجدة من الركعتين الأوليين حتى يركع استأنف وان تركها من الأخيرتين
عمل على ما قلناه.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان ذكر قبل أن يسجد الثانية رجع فسجد ، وان لم يذكر حتى يفرغ من السجدة مضى في
صلاته وقضاها فيما بعد ، وعليه سجدتا السهو.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان ذكر قبل الركوع عاد فسجد ، فمنهم من يقول : يعود فيسجد عن جلسة ، ومنهم من
يقول : يسجد عن قيام ، وان لم يذكر حتى يركع فكمثل ذلك وأبطل حكم الركوع ، وان ذكر
بعد أن سجد فقد تمت الركعة الأولى بسجدة واحدة من الثانية.
[ فمنهم من قال
: تمت بالسجدة الاولى من الثانية ، ومنهم من قال : تمت الاولى بالسجدة الثانية ] وبطل ما تخلل
ذلك.
وقال ( ـ ك ـ )
: إذا ذكر في الثانية قبل أن يطمئن راكعا عاد إلى الأولى فأكملها ، وان ذكر بعد أن
اطمئن راكعا بطلت الاولى واعتد بالثانية وان ذكر بعد أن سجد فيها تمت الثانية
واعتد بها وبطلت الاولى ، والخلاف في الركعة الثانية والثالثة والرابعة مثل ذلك
سواء.
مسألة
ـ ١٨٨ ـ : من صلى أربع
ركعات ، فذكر أنه ترك فيها أربع سجدات
__________________
فليس لأصحابنا فيه نص معين. والذي يقتضيه المذهب أن عليه أن يعيد أربع
سجدات وأربع مرات سجدتي السهو إذا قلنا ان ترك سجدة في الركعة الاولى لا يبطل صلاته ، وان قلنا
يبطلها بطلت الصلاة وعليه استئنافها.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا ترك أربع سجدات صحت له ركعتان ، وعليه أن يأتي بركعتين وقال الليث و ( ـ د ـ
) : يبطل جميع ما فعله في الصلاة ولم يصح له منها شيء إلا تكبيرة
الإحرام.
وقال ( ـ ر ـ )
، و ( ـ ح ـ ) : صحت صلاته إلا أربع سجدات ، فيأتي بأربع سجدات على الولاء ويجزيه
وقد تمت صلاته.
مسألة
ـ ١٨٩ ـ : من جلس في
الأولى ناسيا أو في الثالثة ثمَّ ذكر قام وتمم صلاته ، سواء كان تشهد أو لم يتشهد
، فمن قال من أصحابنا : تجب سجدتا السهو في كل زيادة ونقصان ، اعتبر فان كانت
الجلسة بقدر الاستراحة ولم يتشهد لم يكن عليه سجدتا السهو ، وان كان تشهد أو جلس
بمقدار التشهد كان عليه سجدتا السهو ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
ومن قال من
أصحابنا : انه لا تجب سجدتا السهو إلا في مواضع مخصوصة يقول : يتمم صلاته وليس
عليه شيء ، وبه قال علقمة والأسود.
مسألة
ـ ١٩٠ ـ : إذا سها ما
يوجب سجدتي السهو بأنواع مختلفة أو متجانسة في صلاة واحدة ، فالأحوط أن نقول :
عليه لكل واحد سجدتا السهو.
وقال ( ـ ع ـ )
مثل ذلك ، وقال باقي الفقهاء : لا يلزمه الا سجدتا السهو مرة واحدة.
ويدل على ما
ذكرناه عموم الاخبار في الأمر بسجدتي السهو عند هذه الأشياء وطريقة الاحتياط وروى
ثوبان عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لكل سهو سجدتان.
__________________
مسألة
ـ ١٩١ ـ : سجدتا السهو
لا يجبان في الصلاة إلا في أربعة مواضع إذا تكلم في الصلاة ناسيا ، وإذا سلم في
غير موضع السّلام ناسيا وإذا نسي سجدة واحدة ولا يذكر حتى يركع ، وإذا نسي
التشهد الأول ولا يذكر حتى يركع في الثالثة فإن هذه المواضع يجب عليه المضي في
الصلاة ثمَّ سجدتا السهو بعد التسليم ، وقد مضى ما يدل عليه ، ولا يجب سجود السهو فيما
عدا ذلك.
وفي أصحابنا من
قال : سجدتا السهو في كل زيادة فيها أو نقصان.
وقال ( ـ ش ـ )
: سجود السهو لأحد أمرين : لزيادة فيها أو نقصان ، فالزيادة ضربان : قول وفعل ،
فالقول أن يسلم ساهيا في غير موضعه ، أو يتكلم ساهيا ، أو أن يقرأ في ركوعه أو
سجوده وفي غير موضع القراءة.
والفعل على
ضربين : زيادة محققة أو متوهمة ، فالمحققة أن يقعد في موضع قيامه ، أو يقوم في موضع قعوده وأما
الزيادة المتوهمة ، فهو البناء على اليقين إذا لم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا ،
فإنه يضيف إليها أخرى ، وعقدة هذا الباب ان كلما فعله عامدا بطلت صلاته ، فان فعله
ساهيا جبره بسجود السهو.
وأما النقصان فان
ترك التشهد الأول أو الجلوس له ، وكذلك القنوت في الفجر أو في النصف الأخر من رمضان من
صلاة الوتر.
فأما الصلاة
على النبي في التشهد الأول ، فذكره في الجديد على قولين :
__________________
أحدهما أنه سنة ، فإذا ترك ذلك جبره بالسجود ، والثاني أنه ليس بسنة فعلى هذا لا
يجبره ، وأما ما لا يجبر به فأركان الصلاة وهيئاتها ، فان ترك ركنا لم يجبر بسهو ،
لكن ان ذكره قريبا أتى به وسجد للسهو لأجل ما زاد من الفعل بتركه ، وان ذكره بعيدا
بطلت صلاته.
وأما الهيئة
فإن ترك دعاء الافتتاح والتعوذ ، والجهر فيما يسر به ، والاسرار فيما يجهر به ،
ويترك القراءة بعد الفاتحة ، والتكبيرات بعد الإحرام ، والتسبيحات في الركوع
والسجود.
وأما الأفعال
فترك رفع اليدين مع الافتتاح وعند الركوع والرفع منه ، ووضع اليمين على الشمال حال القيام ،
وترك وضعهما على الركبتين حال الركوع ، وعلى الفخذين حال الجلوس ، وترك جلسة
الاستراحة عقيب الاولى والثالثة ، وترك هيئة ركن من الافعال ، كالافتراش في موضع
التورك ، والتورك في موضع الافتراش ، وكذلك إذا خطا خطوة أو خطوتين ، أو لف عمامته لفة أو
لفتين ، فكل هذا ترك هيئات الأركان ، فلا يجبره بسجود السهو.
وجملته : أن
الصلاة تشتمل على أركان ومسنونات وهيئات ، فالاركان لا تجبر بالسهو ، وكذلك
الهيئات والمسنونات تجبر بالسهو.
ووافق ( ـ ح ـ
) و ( ـ ش ـ ) في هذه المسائل كلها ، وزاد عليه في خمس مسائل ، فقال : ان جهر فيما
يسر فيه ، أو أسر فيما يجهر فيه يعني الإمام ، فإن المأموم عنده لا يجهر ،
__________________
أو ترك فاتحة الكتاب ، أو قرء سورة قبل الفاتحة ، أو أخر القراءة عن
الأوليين إلى الأخريين ، أو ترك التكبيرات المتوالية في العيدين ، أو تورك في موضع
الافتراش ، فالكل يسجد له.
وقال ( ـ ك ـ )
: متى ترك الهيئات سجد ، ودعاء الافتتاح والقعود عنده لا يفعل في الصلاة ، لكن
بتكبيرات الصلاة غير الافتتاح ، وترك التسبيح في الركوع والسجود ، وترك الاسرار أو
الجهر ، فمذهبه أن يجبر كل سهو يقع في الصلاة.
وقال ابن أبي
ليلى : ان أسر فيما يجهر فيه ، أو جهر فيما يسر فيه ، بطلت صلاته وهذا مذهبنا.
مسألة
ـ ١٩٢ ـ : إذا سها خلف
الامام من يقتدى به تحمل الامام عنه سهوه وكان وجوده كعدمه ، وبه قال جميع الفقهاء
وابن عباس.
وقال ( ـ ق ـ )
: هو إجماع إلا ما حكي عن مكحول الشامي أنه قال : ان قام مع قعود امامه سجد للسهو.
دليلنا :
الإجماع ، وقول مكحول مع كونه محجوجا بالإجماع منقرض .
مسألة
ـ ١٩٣ ـ : سجود السهو
واجب ، وشرط في صحة الصلاة ، لأنه مأمور به ، والأمر يقتضي الوجوب ، وطريقة
الاحتياط أيضا تقتضيه ، وهو مذهب ( ـ ك ـ ).
وبه قال الكرخي
من أصحاب ( ـ ح ـ ) الا أنه قال : ليس بشرط في صحة الصلاة.
وقال ( ـ ش ـ )
: مسنون غير واجب ، وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ١٩٤ ـ : من نسي سجدتي
السهو ثمَّ ذكر ، فعليه إعادتهما ، تطاولت المدة أو لم تطل ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ،
وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).
وقال في الجديد
: ان تطاولت المدة لم يأت به ، وان لم تطل أتى به.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ك ـ ) : لا يعيد إذا خرج من المسجد أو تكلم.
__________________
مسألة
ـ ١٩٥ ـ : إذا ترك
الامام سجود السهو عامدا أو ناسيا أو ساهيا ، وجب على المأموم أن يأتي به ، لان به
تتم صلاته ، ولان طريقة الاحتياط تقتضيه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ
ع ـ ) ، والليث.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يأتي به وبه قال ( ـ ر ـ ) ، والمزني ، وأبو حفص بن الوكيل من أصحاب ( ـ ش ـ
).
مسألة
ـ ١٩٦ ـ : إذا لحق
المأموم مع الإمام ركعة أو ما زاد عليها ، ثمَّ سها الامام فيما بقي عليه ، فاذا
سلم الامام وسجد سجدتي السهو ، فلا يلزمه أن يتبعه.
وكذلك ان تركه
متعمدا أو ساهيا لا يلزمه ذلك ، لأنه ثبت أن سجدتي السهو لا يكونان الا بعد التسليم
، فاذا سلم الامام خرج المأموم فيما بقي من أن يكون مقتديا به ،
وبذلك قال ابن سيرين. وقال باقي الفقهاء : يلزمه ذلك.
مسألة
ـ ١٩٧ ـ : كلما كان إذا
تركه ناسيا لزمه سجدتا السهو إذا تركه متعمدا فان كان فرضا بطلت صلاته مثل التشهد
الأول ، والتسبيح في الركوع والسجود وسجدة واحدة وان فضلا أو نافلة لا
يلزمه سجدتا السهو كالقنوت وما أشبه ذلك لان الأصل براءة الذمة وإيجاب شيء يحتاج
الى دليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: عليه سجدتا السهو فيما هو سنة.
وقال ( ـ ح ـ )
وأبو إسحاق ، لا يسجد للسهو في العمد .
مسألة
ـ ١٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا سهو في النافلة ، وبه قال ابن سيرين.
وقال باقي الفقهاء : حكم النافلة حكم الفريضة فيما يوجب السهو.
__________________
مسألة
ـ ١٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى المغرب أربعا أعاد. وقال جميع
الفقهاء : يسجد سجدتي السهو وقد مضت صلاته.
وقال ( ـ ع ـ )
: يضيف إليها خامسة ، ثمَّ يسجد للسهو ، وبه قال قتادة.
مسألة
ـ ٢٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أدرك الإمام آخر الصلاة
صلى ما أدركه وتمم ما فاته ولم يسجد سجدتي السهو ، وبه قال أنس بن مالك ، وجميع
الفقهاء.
وقال ابن عمر
وابن الزبير وأبو سعيد الخدري : يقضي ما فاته ويسجد للسهو ثمَّ يسلم ، قالوا :
لأنه زاد في الصلاة ما ليس من صلاته مع امامه.
مسألة
ـ ٢٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاتته صلوات حتى خرج أوقاتها ، فعليه
أن يقضيها على الترتيب الذي فاتته الأول فالأول ، قليلا كان ما فاته أو كثيرا ، دخل في التكرار أو لم
يدخل فاذا ذكر في غير وقت صلاة حاضرة قضاها ولا مسألة.
وان ذكرها وقد
دخل وقت صلاة أخرى فإنه يبدأ بالفائتة ما لم يتضيق وقت الحاضرة ، وهو أن
لا يبقى من الوقت الا مقدار ما يصلي فيه الحاضرة ، فإذا كان كذلك بدء بالحاضرة ،
ثمَّ بالفائتة. وان دخل في أول الوقت في الحاضرة ، ثمَّ ذكر أن عليه صلاة أخرى وقد
صلى منها ركعة أو ركعتين أو أكثر فلينتقل بنيته إلى الفائتة ، ثمَّ يصلي بعدها
الحاضرة.
وان ذكر أنه
فاتته صلاة في صغره وقد كبر قضاها ، ولم يجب عليه إعادة شيء مما
صلى بعد تلك الصلاة.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا فاتته صلوات كثيرة وقد خرجت أوقاتها سقط الترتيب فيها ، كثيرة كانت أو قليلة
، ضيقا كان الوقت أو واسعا ، ذاكرا كان أو ناسيا.
قال : وان
ذكرها قبل التلبس بغيرها ، نظر فان كان الوقت ضيقا يخاف فوات الوقت ان تشاغل بغيرها ،
فينبغي أن يقدم صلاة الوقت لئلا يقضيهما معا ، وان كان الوقت واسعا قدم الفائتة
على صلاة الوقت ليأتي بها على الترتيب ويخرج عن الخلاف ، وبه قال
الحسن البصري ، وشريح ، وطاوس.
وقال قوم : ان
الترتيب شرط على كل حال ، كان الوقت ضيقا أو واسعا ، ناسيا كان أو ذاكرا ، قليلا
كان ما فاته أو كثيرا. وفي الجملة لا تنعقد له صلاة فريضة ، وعليه صلاة ذهب إليه
الزهري والنخعي وربيعة.
وقال ( ـ ك ـ )
والليث : ينظر فيه فان ذكرها وهو في أخرى أتمها [ واجبا ، ثمَّ قضى الفائتة ، ثمَّ
أعاد التي أتمها ] استحبابا وأتى بالفائتة ، ثمَّ قضى التي أتمها ، وان
ذكرها قبل الدخول في غيرها ، فعليه أن يأتي بالفائتة ، ثمَّ بصلاة الوقت ، قالا :
ما لم يدخل في التكرار ، فان دخل في التكرار سقط الترتيب.
وقال ( ـ د ـ )
: ان ذكرها وهو في أخرى أتمها واجبا ، ثمَّ قضى الفائتة ، ثمَّ أعاد التي أتمها
واجبا ، فأوجب الظهرين في يوم ، قال : وان ذكرها قبل الدخول ، فعليه أن يأتي
بالفائتة وبكل صلاة صلاها بعدها ، وبه قال الزهري ، والنخعي ، وربيعة.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا دخل الفوائت في التكرار ، وهو أن تصير ستا سقط الترتيب ،
__________________
فان كان خمسا ، فعنه روايتان ، وان كان أربعا نظر فيه ، فان كان الوقت ضيقا
متى تشاغل بغير صلاة الوقت ، فإنه عليه أن يأتي بصلاة الوقت ويقضى ما فاته ، وان كان الوقت
واسعا نظر .
فان ذكرها في
أخرى بطلت فيأتي بالفائتة ثمَّ بصلاة الوقت ، فان لم يذكر حتى يفرغ من الصلاة قضى الفائتة
وأجزأه ، فالترتيب شرط مع الذكر دون النسيان وسعة الوقت وأن لا يدخل في التكرار ،
هذه جملة الخلاف.
مسألة
ـ ٢٠٢ ـ : من فاتته صلاة
من صلاة الليل وأراد قضاءها جهر فيها بالقراءة ، ليلا كان وقت القضاء أو نهارا ،
ومن فاتته صلاة من صلاة النهار وأراد قضاءها أسر فيها بالقراءة ، ليلا كان أو
نهارا ، اماما كان أو منفردا.
وحكي أبو ثور
عن ( ـ ش ـ ) أنه قال : إذا فاتته صلاة العشاء الآخرة ، فذكرها بعد طلوع الشمس
قضاها وخافت بها ، وبه قال ( ـ ع ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان قضاها اماما جهر بها ، وان قضاها منفردا خافت بها ، بناء على أصله أن المنفرد
يخافت بصلاة الليل والامام يجهر بها ، فذهب الى أن القضاء كالأداء.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان ذكرها ليلا جهر.
وقال ( ـ ع ـ )
: ان شاء جهر وان شاء خافت ، قال : وان نسي صلاة نهار فذكرها ليلا ، أسر
فيها ولا يجهر.
مسألة
ـ ٢٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المرتد الذي يستتاب يجب عليه قضاء ما
فاته حال الردة من العبادات ، صلاة كانت أو صوما أو زكاة ، فان كان قد حج حجة
الإسلام
__________________
قبل الارتداد لم يجب عليه اعادتها بعد رجوعه إلى الإسلام ، وكذلك ان كان قد
فاته شيء من هذه العبادات قبل الارتداد ثمَّ ارتد ثمَّ عاد إلى الإسلام ، وجب
عليه قضاء ذلك أجمع.
وبه قال ( ـ ش ـ
) الا أنه قال في الزكاة : لا يجب عليه قضاؤها على قول من يقول : ان ملكه زال
بالردة وحال عليه الحول في حال الردة.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ح ـ ) : لا يقضي من ذلك شيئا ، ولا ما كان تركه في حال إسلامه قبل ردته ،
قال : وان كان قد حج حجة الإسلام ، سقطت عنه ولم تجزه ، وعليه الحج متى وجد الزاد
والرحلة.
فعندنا يقضي
عبادته كلها الا الحج ، وكذلك عند ( ـ ش ـ ) ، وعندهما لا يقضي
شيئا منها وعليه قضاء الحج ، وظاهر هذا كالمناقصة من كل واحد من الفريقين ، فاذا
حقق انكشف أنه لا مناقضة من واحد منهما.
مسألة
ـ ٢٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تارك الصلاة متعمدا من غير عذر مع علمه
بوجوبها حتى يخرج وقتها ، يعزر ويؤمر بالصلاة ، فإن استمر على
ذلك وترك صلاة أخرى فعل به مثل ذلك ، وان ترك ثالثا وجب عليه
القتل.
وانما قلنا ذلك
لإجماع الفرقة على ما رووه من أنه ما بين الإسلام وبين الكفر الا ترك الصلاة ، وان
كان كافرا يجب قتله وجب مثل ذلك في تارك الصلاة ، وروي عنهم عليهمالسلام أنهم قالوا : أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: ان ترك مرة واحدة ، فلا يقتل ولم يذكر التعزير ، وان ترك ثانية قال أبو إسحاق :
إذا ضاق وقت الثانية وجب عليه القتل وقال أبو سعيد الإصطخري : لا يجب عليه القتل
حتى يضيق وقت الرابعة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال قوم : انه
لا يجب قتله بتركها ، ذهب اليه ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه وتابعهم المزني
على هذا ، لكن أهل العراق منهم من قال : يضرب حتى يفعلها ، ومنهم من قال : يحبس
حتى يفعلها.
وقال ( ـ د ـ )
، و ( ـ ق ـ ) : يكفر بتركها ، كما يكفر بترك اعتقادها ، رووا ذلك عن علي عليهالسلام وعمر.
(
مسائل ستر العورة )
مسألة
ـ ٢٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للمرأة الحرة أن تصلي مكشوفة
الرأس ، وأقل ما تصلي فيه ثوبان تقنع بأحدهما وتجلل بالآخر. فأما
الرجل ، فالذي يجب عليه ستر العورتين والفضل في ستر ما بين السرة إلى الركبتين ،
وأن يطرح على كتفه شيئا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب على المصلي ستر عورته وعورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة والمرأة كلها
عورة إلا الوجه والكفين ، فان انكشف شيء من عورة المصلي ، قليلا كان أو كثيرا ،
عامدا أو ساهيا ، بطلت صلاته ، وبه قال ( ـ ع ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: إذا صلت الحرة بغير خمار ، أعادت في الوقت.
__________________
وقال أصحاب ( ـ
ك ـ ) : كل موضع ، قال ( ـ ك ـ ) : يعيد في الوقت يريد استحبابا ، فتحقيق قوله ان
ستر العورة غير واجب ، وانما هو استحباب.
وعن أبي حنيفة
روايتان في قدر العورة : إحداهما مثل قول ( ـ ش ـ ) إلا في الركبة ، فخالفه فيها ،
والثانية عورة الرجل ، كما قال ( ـ ش ـ ) ، والمرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين
وظهور القدمين.
قال ( ـ ح ـ )
: فان انكشف شيء من العورة في الصلاة ، فالعورة عورتان مغلظة ومخففة ، فالمغلظة
نفس القبل والدبر والمخففة ما عداهما ، فان انكشف شيء من المغلظة قدر الدرهم ،
فما دونه أجزأته الصلاة ، وان كان أكثر من ذلك لم تصح صلاته.
وان انكشف من
المخففة شيء من العضو الواحد ، كالفخذ من الرجل والمرأة والذراع والبطن من المرأة
، نظر فان كان ربع العضو فما زاد لم تجز الصلاة ، وان كان أقل من ذلك أجزأت ، وبه
قال محمد.
وقال أبو يوسف
: ان انكشف من المخففة من العضو الواحد نصف العضو فما زاد لم تجزه ، وان كان دون
ذلك أجزأه.
وقال ( ـ د ـ )
وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام :
المرأة كلها عورة ، فيجب عليها أن تستر جميع البدن في الصلاة.
وقال داود :
العورة نفس السوءتين ، وما عداهما فليس بعورة.
مسألة
ـ ٢٠٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للأمة أن تصلي مكشوفة الرأس ، وبه
قال جميع الفقهاء.
وقال الحسن
البصري : ان كانت متزوجة وقد رآها زوجها وهي معه ، فعليها
__________________
أن تغطي رأسها.
مسألة
ـ ٢٠٧ ـ : الأمة إذا صلت
مكشوفة الرأس ، فأعتقت في أثنائها لم تبطل صلاتها ، لأنه دليل عليه في الشرع.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان بقربها ثوب سترت به رأسها ، وان كان بالبعد وهناك من يناولها ناولها وتمت
صلاتها ، وان احتاجت أن تمشي إليه بطلت صلاتها ، وعند ( ـ ح ـ ) تبطل صلاتها.
مسألة
ـ ٢٠٨ ـ : عورة الأمة
سائر جسدها إلا الرأس ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ) ، والذي عليه جمهور أصحابه ان
الواجب عليها ستر ما بين السرة والركبة مثل الرجل ، ولا يجب ما زاد على ذلك.
وانما قلنا ذلك
لان الأخبار التي وردت بجواز كشف رأسها خصصنا بها الأخبار العامة في أن المرأة
كلها عورة.
مسألة
ـ ٢٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أم الولد مثل الأمة في جواز كشف رأسها
في الصلاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ د ـ ) : أم الولد كالحرة.
مسألة
ـ ٢١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العورة التي يجب سترها على الرجل ، حرا
كان أو عبدا ، السوءتان ، وما بين السرة والركبة مستحب لا فرق بينهما.
وقال ( ـ ش ـ )
: هو ما بين السرة والركبة.
وقال ( ـ ح ـ )
: الركبة من العورة وليست السرة منها.
مسألة
ـ ٢١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا لم يجد الا ثوبا نجسا لم يصل فيه
ويصلي عريانا ولا اعادة عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ومن أصحابه من قال يصلي فيه
ويعيد.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان الثوب كله نجسا ، فهو بالخيار بين أن يصلي فيه وبين أن يصلي عريانا ، وان
كان ربعه طاهرا فعليه أن يصلي فيه.
مسألة
ـ ٢١٢ ـ : العريان إذا
كان بحيث لا يراه أحد صلى قائما ، وان كان بحيث لا يؤمن أن يراه أحد
صلى جالسا.
وقال ( ـ ش ـ )
: العريان كالمكتسي يصلي قائما ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
: يصلى جالسا ، وبه قال ابن عمر.
وقال ( ـ ح ـ )
: هو بالخيار بين أن يصلي قائما أو قاعدا.
ويدل على وجوب
الصلاة قائما طريقة الاحتياط. فأما إسقاط القيام بحيث قلناه ، فلإجماع الفرقة.
وأيضا فإن ستر العورة واجب ، فاذا لم يمكن ذلك الا بالقعود وجب عليه ذلك.
مسألة
ـ ٢١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمصلي أن يصلي في قميص واحد وان
لم يزره ولم يشد وسطه ، بل شد الوسط مكروه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز أن يصلي فيه الا أن يزره أو يحلله . وقال بعض أصحابه : انما أراد بذلك إذا كان واسع الجيب
وشق الرقبة ، فإنه يرى عورته إذا ركع أو يراها غيره.
مسألة
ـ ٢١٤ ـ : من عجز عن
القراءة ، ثمَّ قدر عليها في أثناء الصلاة بأن يلقن ، أو عجز عن الكسوة فتلبس بها
عريانا ، ثمَّ قدر عليها بنى على صلاته ، لأن الأصل براءة الذمة ، وإبطال الصلاة
يحتاج الى دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) تبطل صلاته.
__________________
(
مسائل اللباس والمكان وتطهيرهما من النجاسات )
مسألة
ـ ٢١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : طهارة الثياب والبدن وموضع السجود شرط
في صحة الصلاة ، وبه قال جميع الفقهاء ، وزاد ( ـ ش ـ ) موضع الصلاة أجمع ، و ( ـ
ح ـ ) موضع الصلاة السجود والقدمين.
وقال ( ـ ك ـ )
: يعيد في الوقت ، كأنه يذهب الى أن اجتناب النجاسة ليس شرطا في صحة الصلاة ،
وذهبت طائفة الى أن الصلاة لا تفتقر إلى الطهارة من النجاسة ، روي ذلك عن ابن عباس
، وابن مسعود ، وسعيد بن جبير ، وابن مجلز .
أما ابن عباس ،
فقال : ليس على الثوب جنابة ، وابن مسعود نحر جزورا فأصابه من فرثه ودمه ، فصلى ولم يغسله ، وابن
جبير سئل عن رجل صلى وفي ثوبه أذى ، فقال : اقرء علي الآية التي فيها غسل الثياب.
وروي عنه وعن
ابن عباس أن معنى قوله تعالى « وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
» من العذر لأن العذرة كان يسمى في الجاهلية دنس الثياب.
وقال النخعي
وعطاء : ( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
) من الإثم. وقال مجاهد : وعملك فأصلح.
وقال الحسن :
فخلقك فحسن. وقال ابن سيرين : أي ثيابك فشمر.
وهذه التأويلات
كلها خلاف الظاهر ، ومعناها في الحقيقة فطهر من النجاسة.
مسألة
ـ ٢١٦ ـ : إذا صلى ثمَّ
رأى على ثوبه نجاسة ، أو على بدنه فتحقق
__________________
انها كانت عليها حين الصلاة ، ولم يكن علمها قبل ذلك ، اختلف أصحابنا في
ذلك ، واختلف رواياتهم.
فمنهم من قال :
يجب عليه الإعادة على كل حال ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الأم ، وأبو قلابة ، وأحمد بن
حنبل ، وذهب اليه ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).
ومنهم من قال :
يجب عليه الإعادة ان علم في الوقت ، وان لم يعلم الا بعد خروج الوقت لم يعد ، وبه قال
ربيعة ، و ( ـ ك ـ ).
ومنهم من قال :
ان كان سبقه العلم بذلك قبل تشاغله بالصلاة أعاد على كل حال ، وان لم يكن سبقه
العلم بذلك أعاد في الوقت ، فاذا خرج الوقت فلا اعادة عليه ، وهذا هو المختار ،
وبه تشهد الروايات.
مسألة
ـ ٢١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : دم ما ليس له نفس سائلة طاهر ولا ينجس
بالموت وكذلك دم السمك ودم البق والبراغيث والقمل ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش
ـ ) : هو نجس.
مسألة
ـ ٢١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : جميع النجاسات يجب إزالتها عن الثياب
والبدن قليلا كان أو كثيرا ، الا الدم فان له ثلاثة أحوال :
دم لا بأس
بقليله وكثيره ، وهو دم البق والبراغيث والسمك ، وما لا نفس له سائلة.
ودم الجراح
اللازمة. ودم لا تجوز الصلاة في قليله ولا كثيره ، وهو دم الحيض والاستحاضة
والنفاس.
ودم تجب ازالة
ما بلغ مقدار درهم ، وهو المضروب من درهم وثلث فصاعدا ولا يجب ازالة ما هو أقل منه
، وهو دم الفصد والرعاف وما يجري مجراه من دماء الحيوان الذي له نفس سائلة.
وقال ( ـ ش ـ )
: النجاسات كلها حكمها حكم واحد في أنه تجب إزالة قليله وكثيره
__________________
الا ما كان معفوا عنه من دم البق والبراغيث وان تفاحش وجبت ازالته.
وقال ( ـ ح ـ )
: النجاسات كلها يراعى فيها مقدار الدرهم ، فاذا زاد وجب إزالتها والدرهم هو
البغلي الواسع وان لم يزد عليه فهو معفو عنه.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ د ـ ) : ان كان متفاحشا فغير معفو عنه. قال ( ـ د ـ ) : المتفاحش شبر في شبر
وقال ( ـ ك ـ ) : المتفاحش نصف الثوب.
وقال النخعي و
( ـ ع ـ ) : قدر الدرهم غير معفو عنه ، ودونه معفو عنه ، فهما جعلا قدر الدرهم في حد الكثرة ، و ( ـ
ح ـ ) جعله في القلة.
مسألة
ـ ٢١٩ ـ : الجسم الصقيل مثل السيف
والمرآة والقوارير إذا أصابته النجاسة ، فالظاهر أنه لا يطهر الا بأن يغسل بالماء
، وبه قال ( ـ ش ـ ) ومن أصحابنا من قال : يطهر بأن يمسح ذلك منه ، واختاره
المرتضى ، ولست أعرف به أثرا ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٢٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كلما لا تتم الصلاة فيه منفردا لا بأس
بالصلاة فيه وان كان فيه نجاسة ، وذلك مثل الخف والنعل والقلنسوة والتكة والجورب.
وخالف جميع
الفقهاء في ذلك وقالوا في الخف : إذا أصاب أسفله نجاسة فدلكها بالأرض قبل أن تجف
لم يزل حكمها ، فان دلكها بالأرض وقد جفت ( ـ فللش ـ ) فيه قولان ، قال في الجديد : لا تزول حتى يغسلها بالماء ،
وقال في القديم من أماليه والجديد معا : يزول حكمها ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٢٢١ ـ : إذا كان معه
ثوبان طاهر ونجس صلى في كل واحد منهما ليؤدي فرضه بيقين.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
و ( ـ ح ـ ) : يتحرى فيهما ، فما غلب على ظنه أنه طاهر صلى فيه. وقال المزني وأبو
ثور : لا يتحرى بل يصلي عريانا ، وذهب اليه قوم من أصحابنا.
ويدل على ما
ذهبنا إليه أنه إذا صلى في كل واحد منهما ، فقد قطع أنه صلى في ثوب
طاهر ، فلا يجوز أن يعدل إلى الصلاة عريانا ، مع قدرته على ستر العورة.
مسألة
ـ ٢٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان معه قميص ، فنجس أحد كميه ، لا
يجوز له التحري وكذلك ان أصاب الثوب نجاسة لا يعرف موضعها ، ثمَّ قطعه بنصفين لا
يجوز له التحري ويصلي عريانا.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) في الكمين وجهان ، فان قطع أحد الكمين جاز التحري عند جميع أصحابه قولا واحدا ،
فأما إذا لم يعرف موضع النجاسة ، فقطعه بنصفين لم تجز الصلاة في واحد منهما ولا
التحري عندهم.
مسألة
ـ ٢٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أصاب ثوب المرأة دم حيض ، يستحب لها
حته ثمَّ قرضه ، ثمَّ غسله ، فان اقتصرت على الماء أجزأها ذلك ،
وبه قال جميع الفقهاء.
وذهب قوم من
أهل الظاهر الى أن الحت والفرض شرط في الغسل.
مسألة
ـ ٢٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عرق الجنب إذا كان من الحرام يحرم الصلاة فيه وان كان من حلال فلا
بأس به ، وأجاز الفقهاء كلهم ذلك.
مسألة
ـ ٢٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المذي والوذي طاهران ، ولا بأس بالصلاة
في ثوب
__________________
أصاباه ، وكذلك البدن ، وحكم نداوة فرج المرأة كذلك .
وخالف جميع
الفقهاء في ذلك وقالوا بنجاستهما ، ولأصحاب ( ـ ش ـ ) في نداوة فرج المرأة وجهان :
أحدهما مثل ما قلناه ، وقالوا : يجري مجرى العرق ، والثاني أنه يجري مجرى
المذي والوذي.
مسألة
ـ ٢٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بول الصبي قبل أن يأكل الطعام يكفي أن
يصب عليه الماء مقدار ما يغمر ولا يجب غسله ، ومن عدا الصبي من الصبية والكبار
الذين أكلوا الطعام يجب غسل أبوالهم وحده أن يصب عليه الماء حتى ينزل عنه.
ووافقنا ( ـ ش ـ
) في بول الصبي [ وروي ذلك عن علي عليهالسلام ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) وقال ( ـ ع ـ )
والنخعي : يرش بول الادميين كلهم قياسا على بول الصبي ] الذي لم يطعم.
وقال ( ـ ح ـ )
: يجب غسل جميعه والصبي والصبية سواء.
ويدل على ما
ذهبنا اليه مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام أن عليا صلوات الله عليه قال : لبن الجارية وبولها يغسل
منه الثوب قبل أن تطعم ، لان لبنها يخرج من مثانة أمها ، ولبن الغلام لا يغسل منه
الثوب ولا بوله قبل أن يطعم ، لان لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين.
مسألة
ـ ٢٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كلما يؤكل لحمه من الطير والبهائم ،
فبوله وروثه وذرقه طاهر ، لا ينجس منه الثوب ولا البدن ، الا ذرق الدجاج خاصة ،
فإنه نجس
__________________
وما لا يؤكل لحمه فبوله وروثه نجس لا تجوز الصلاة في قليله ولا كثيرة ، وما يكره
لحمه من مثل الحمر الأهلية والبغال والدواب ، فإنه يكره بوله وروثه وان لم يكن
نجسا.
وقال الزهري و
( ـ ك ـ ) و ( ـ د ـ ) : بول ما يؤكل لحمه طاهر كله ، وبول ما لا يؤكل لحمه نجس
وقال النخعي : بول ما لا يؤكل لحمه وما يؤكل لحمه وروثه كله نجس.
وقال ( ـ ش ـ )
: بول جميع ذلك [ نجس وكذلك ] روثه ، أمكن الاحتراز منه أو لم يمكن ، أكل لحمه أو لم
يؤكل نجس ، وبه قال ابن عمر ، وحماد بن أبي سليمان.
وقال ( ـ ح ـ )
وأبو يوسف : غير الأميين من الحيوان ، أما الطائر فذرق جميعه طاهر ما يؤكل وما لا
يؤكل ، الا الدجاج فان ذرقه نجس.
وقال محمد : ما
يؤكل لحمه فذرقه طاهر الا الدجاج ، فان زرقه نجس ، وما لا يؤكل لحمه فذرقه نجس ،
الا الخشاف فليس يختلفون في ذرق الدجاج والخشاف.
واما غير
الطائر ، فروث كله نجس عندهم جميعا الا زفر فإنه قال : ما يؤكل لحمه فروثه طاهر ،
وما لا يؤكل لحمه فروثه نجس.
وأما أبوالها ،
فقال ( ـ ح ـ ) وأبو يوسف : بول كله نجس. وقال محمد : بول ما يؤكل لحمه طاهر ، وما
لا يؤكل لحمه فبوله نجس.
فأما الإزالة ،
فقال ( ـ ح ـ ) وأبو يوسف : ان كان لا يؤكل لحمه ، فهو كبول الادميين وان كان مما
يؤكل لحمه ، فمعفو عنه ما لم يتفاحش.
وقال أبو يوسف
: سألت ( ـ ح ـ ) عن حد التفاحش فلم يحده. قال أبو يوسف :
__________________
التفاحش شبر في شبر. وقال محمد : ربع الثوب.
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما رووه أن النبي صلىاللهعليهوآله طاف على راحلته راكبا ، فلو كان بولها نجسا ما عرض
المسجد للنجاسة. وروى البراء ابن عازب أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله.
مسألة
ـ ٢٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المني نجس كله لا يجزئ فيه الفرك ،
ويحتاج الى غسله رطبه ويابسه من الإنسان وغير الإنسان ، والمرأة والرجل لا يختلف
الحكم فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
: المني من الآدمي طاهر من الرجل والمرأة ، روى ذلك عن ابن عباس ، وسعد بن
أبي وقاص ، وعائشة ، وبه قال في التابعين سعيد بن المسيب وعطاء ، ووافقنا في
نجاسته ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) و ( ـ ح ـ ) وأصحابه.
الا أنهم
اختلفوا فيما يزول به حكمه ، فقال ( ـ ك ـ ) : يغسل رطبا ويابسا كما قلناه وقال ( ـ
ح ـ ) : يغسل رطبا ويفرك يابسا ، وللش في مني غير الادميين ثلاثة أقوال : أحدها
أنه طاهر الا ما كان من شيء يكون نجسا حال الحياة من الكلب والخنزير ، والثاني : نجس
كله إلا مني الإنسان.
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الطائفة ـ قوله تعالى «
وَيُنَزِّلُ
عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ
الشَّيْطانِ » قال المفسرون
: انما أراد به أثر الاحتلام.
وروى ابن عباس
أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : سبعة يغسل الثوب منها : البول ، والمني.
وروي عن عمار
بن ياسر أنه قال : مر بي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا أسقي راحلتي
__________________
وتنخمت فأصابتني نخامتي ، فجعلت أغسل ثوبي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما نخامتك ودموع عينك إلا بمنزلة إنما تغسل ثوبك من
الغائط والبول والمني والدم والقيء.
مسألة
ـ ٢٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العلقة نجسة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأبو
إسحاق من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وهو المذهب عندهم.
وقال الصيرفي
من أصحاب ( ـ ش ـ ) وغيره : أنه طاهر.
مسألة
ـ ٢٣٠ ـ : من انكسر عظم
من عظامه ، فجبره بعظم حيوان طاهر ، فلا خلاف أن ذلك جائز ، فان جبره بعظم ميت مما
ليس بنجس العين ، فعندنا أنه طاهر ، لان العظم لا ينجس بالموت. وكذلك السن ان
انقلعت جاز له أن يعيدها الى مكانها أو غيره.
ومتى كان من
حيوان نجس العين ، مثل الكلب والخنزير ، فلا يجوز له فعله ، فان فعل وأمكنه نقله ،
وجب عليه نقله ، وان لم يمكنه : اما لمشقة عظيمة تلحقه ، أو خوف التلف ، فلا يجب
عليه قلعه ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولقوله تعالى «
ما جَعَلَ
عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
» ].
وقال ( ـ ش ـ )
: ان جبره بعظم طاهر ، وهو عظم ما يؤكل لحمه إذا ذكى جاز ، وكذلك إذا سقطت سنه جاز
له أن يعيد مكانها سنا طاهرا ، وهو سن ما يؤكل لحمه إذا ذكى.
وأما ان أراد
أن يجبره بعظم نجس ، وهو عظم الكلب والخنزير ، أو عظم ما يؤكل لحمه أو لا يؤكل بعد
وفاته قال في الأم أو بعظم الإنسان لم يكن له ذلك وكذلك إذا سقطت سنه ، فأراد
اعادتها بعينها لم يكن له.
فان خالف ،
ففيه ثلاث مسائل : ما لم ينبت عليه اللحم ، أو ينبت عليه ويستضر بقلعه ولا يخاف
التلف ، فان لم يستضر أصلا فعليه ازالته ، وان استضر بقلعه لنبات
__________________
اللحم عليه ولا يخاف التلف لا تلفه ولا تلف عضو من أعضائه فعليه قلعه ، وان لم يفعل أجبره
السلطان على قلعه.
فان مات قبل
قلعه ، قال ( ـ ش ـ ) : لم يقلع بعد موته ، لأنه صار ميتا كله والله حسيبه وان خاف
التلف من قلعه ، أو تلف عضو من أعضائه ، قال ( ـ ش ـ ) : المذهب أنه يجب قلعه ،
وهو ظاهر قوله لأنه قال : أجبره السلطان على قلعه ولم يفصل ، وفي أصحابه من قال :
لا يجب قلعه ، ذهب إليه أبو إسحاق ، وهو المذهب.
وقال ( ـ ح ـ )
في المسألتين الأخيرتين : لا يجب قلعه.
مسألة
ـ ٢٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمرأة أن تصل [ شعرها بشعر غيرها
، رجلا كان أو امرأة ، ولا بأس أن تصل ] بشعر حيوان آخر طاهر ، فان خالفت تركت الاولى ، ولا
تبطل صلاتها.
وقال ( ـ ش ـ )
: متى وصلت شعرها بشعر غيرها ، وكذلك الرجل الا أن يصل بشعر ما يؤكل لحمه قبل موته
، فان خالف بطلت صلاته.
مسألة
ـ ٢٣٢ ـ : إذا بال على
موضع من الأرض ، فتطهيره أن يصب الماء عليه حتى يكاثره ويغمره ويزيل لونه وطعمه
وريحه ، فاذا زال حكمنا بطهارة المحل وطهارة الماء الوارد عليه. ولا يحتاج الى نقل
التراب ولا قطع المكان ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كانت الأرض رخوة ، فصب عليها الماء ، فنزل الماء عن وجهها الى باطنها طهرت
الجلدة العليا دون السفلى التي وصل الماء والبول إليها ، وان كانت الأرض صلبة ،
فصب الماء على المكان ، فجرى عليه الى مكان آخر طهر مكان البول ، ولكن نجس المكان
الذي انتهى الماء اليه ، فلا يطهر حتى يحفر التراب
__________________
ويلقى عن المكان.
ويدل على ما
ذهبنا اليه قوله تعالى « ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » وما روي أن
أعرابيا دخل المسجد ، فقال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال النبي صلىاللهعليهوآله : لقد حجرت واسعا ، قال : فما لبث أن بال في ناحية المسجد وكافتهم عجلوا اليه ،
فناهم النبي عليهالسلام ثمَّ أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه ، ثمَّ قال علموا
ويسروا ولا تعسروا.
مسألة
ـ ٢٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بال على موضع من الأرض وجففته الشمس
طهر الموضع ، وان جف بغير الشمس لم يطهر ، وكذا الحكم في البواري والحصر سواء.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا زالت أوصافها بغير الماء ، بأن تجففها الشمس ، أو بأن تهب عليها الريح ولم
يبق لون ولا ريح ولا أثر فيه قولان : قال في الأم : لا يطهر بغير الماء ، وبه قال (
ـ ك ـ ). وقال في القديم : يطهر ، ولم يفرق بين الشمس والظل.
وذكر في
الإملاء فقال : إذا كان ضاحيا للشمس فيجف وتهب عليه الريح فلم يبق له أثر ، فقد
طهر المكان. وأما ان كان في البيت ، أو في الظل ، فلا يطهر بغير الماء ، فخرج من
هذا ان جف بغير الشمس لم يطهر قولا واحدا. وان كان في الشمس فعلى قولين ، أحدهما :
لا يطهر ، والثاني : يطهر ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأبو يوسف ومحمد ، والظاهر من
مذهبهم أنه لا فرق بين الظل والشمس ، وانما الاعتبار بأن يجف.
مسألة
ـ ٢٣٤ ـ : إذا صلى في
مقبرة جديدة دفن فيها ، كان ذلك مكروها ، غير
__________________
أنه لا يجب عليه اعادتها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: لا تكره الصلاة فيها.
وقال بعض أهل الظاهر : لا
تجزئ فيها الصلاة ، واليه ذهب قوم من أصحابنا.
واستدلوا على
ذلك بما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يصلي بين القبور ، قال : لا يجوز
ذلك الا أن يجعل بينه وبين القبور عشرة أذرع من بين يديه ومن خلفه وعشرة أذرع عن يمينه
ويساره ثمَّ يصلي ان شاء.
وروى معمر بن
خلاد عن الرضا عليهالسلام قال : لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر
قبلة.
وانما قلنا ذلك
مكروه ، لما رواه علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن الماضي عليهالسلام عن الصلاة بين القبور هل يصلح؟ فقال
: لا بأس.
وقد روت العامة
النهي عن ذلك ، روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلىاللهعليهوآله نهى أن يصلى بين القبور. وروى ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوآله نهى عن الصلاة في سبعة مواضع : المزبلة ،
والمجزرة ، والمقبرة ، ومحجة الطريق ، والحمام ، وأعطان الإبل ، وظهر بيت الله
العتيق.
مسألة
ـ ٢٣٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تكره الصلاة في بيوت الحمام ، فان كانت
نجسة ، فلا يجوز السجود عليها ، وان كانت طاهرة كانت مكروهة ، وهي تجزئ.
__________________
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) وجهان ، أحدهما : لا تجزئ لأنه موضع نجاسة ، وان علم طهارته كان جائزا. والثاني
: أن الصلاة فيه مكروهة ، لأنها مأوى الشياطين.
مسألة
ـ ٢٣٦ ـ : اللبن المضروب
من طين نجس إذا طبخ آجرا أو عمل خزفا طهرته النار ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وكذلك
العين النجسة إذا أحرقت بالنار حتى صارت رمادا ، حكمها حكم الرماد بالطهارة.
وقال ( ـ ح ـ )
: كلها تطهر بالاستحالة إذا صارت ترابا أو رمادا ، وحكي عنه أنه قال : لو وقع
خنزير في ملاحة ، فاستحال ملحا طهر.
وقال ( ـ ش ـ )
: الأعيان النجسة ، كالكلب والخنزير والعذرة والسرجين وعظام الموتى ولحومها
والدماء ، لا تطهر باستحالة ، سواء استحالت بالنار وصارت رمادا أو بالأرض والتراب
فصارت ترابا.
مسألة
ـ ٢٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى على بساط وكان على طرفه نجاسة
لا يسجد عليها صحت صلاته ، تحرك موضع النجاسة بحركته أو لم يتحرك ، وبه قال ( ـ ش ـ
) ، غير أنه اعتبر أن لا يقع عليها شيء من ثيابه.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان البساط على سرير ، فكلما تحرك المصلي تحرك البساط لم تصح صلاته.
مسألة
ـ ٢٣٨ ـ : إذا ترك على
رأسه طرف عمامة وهو طاهر وهو طرفه الأخر على الأرض وعليه نجاسة لم تبطل صلاته ،
لأن الأصل براءة الذمة.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان طرف النجس يتحرك بطلت صلاته ، وان لم يتحرك صحت صلاته. وقال ( ـ ش ـ ) :
تبطل صلاته على كل حال.
مسألة
ـ ٢٣٩ ـ : إذا كان موضع
السجود طاهرا صحت صلاته ، وان كان
__________________
موضع قدميه وجميع مصلاه نجسا إذا كانت النجاسة يابسة لا تتعدى الى ثيابه
وبدنه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب أن يكون جميع مصلاه طاهرا ، حتى أنه إذا صلى لم يقع ثوبه على شيء منها ،
رطبة كانت أو يابسة ، فإن وقعت ثيابه على شيء منها بطلت صلاته ، وان كانت مقابلة
له صحت صلاته بلا خلاف.
وقال ( ـ ح ـ )
: الاعتبار بموضع قدميه ، فان كان موضعهما طاهرا أجزأه ، ولا يضره ما وراء ذلك ،
وان كان موضعهما نجسا لم تصح صلاته ، وان كان ما عداه طاهرا.
وأما موضع
السجود ، ففيه روايتان : فروى محمد أنه يجب أن يكون موضع السجود طاهرا ، وروى أبو
يوسف أنه لا يحتاج إليه ، لأنه إنما يسجد على قدر الدرهم ، وقدر الدرهم من النجاسة لا يمنع صحة
الصلاة.
مسألة
ـ ٢٤٠ ـ : إذا شد كلب بحبل وطرف
الحبل معه صحت صلاته سواء كان حاملا لطرف الحبل ، أو واقفا عليه. وكذلك إذا شد
الحبل في سفينة فيها نجاسة ، سواء كان الحبل مشدودا في النجاسة ، أو في طرف
السفينة وهو طاهر لأنه ليس في الشرع ما يدل على أن ذلك يقطع الصلاة ، ونواقض
الصلاة أمور تحتاج إلى أدلة شرعية.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : في الكلب ان كان واقفا على الحبل صحت صلاته ، وان كان حاملا لطرفه بطلت.
وأما السفينة ، فإن كان الحبل مشدودا في موضع نجس فصلاته باطلة ، وان كان مشدودا
في موضع طاهر صحت صلاته.
مسألة
ـ ٢٤١ ـ : إذا حمل
قارورة مشدودة الرأس بالرصاص وفيها بول
__________________
أو نجاسة ، ليس لأصحابنا فيه نص والذي يقتضيه المذهب أنه لا ينقض الصلاة ،
لأنه لا دليل عليه.
وبه قال ابن
أبي هريرة من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، غير أنه قاس على حيوان طاهر في جوفه نجاسة ، وغلطه أصحابه والزم على
ذلك حمل آجرة داخلها نجس وظاهرها طاهر. وقال جميع الفقهاء : ان ذلك يبطل صلاته.
وان قلنا تبطل صلاته بدليل الاحتياط كان قويا.
مسألة
ـ ٢٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من صلى في حرير محض من الرجال من
غير ضرورة ، كانت صلاته باطلة ، ووجب عليه اعادتها. وخالف جميع الفقهاء في ذلك مع
قولهم ان لبسه والصلاة فيه محرم.
مسألة
ـ ٢٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اختلط القطن أو الكتان بالإبريسم
وكان سداه أو لحمته قطنا أو كتانا زال التحريم لبسه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يزول التحريم إلا إذا تساويا ، أو يكون القطن أكثر.
مسألة
ـ ٢٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره الصلاة في الثياب السود ، وخالف
جميع الفقهاء في ذلك.
ويدل على ذلك ـ
مضافا الى إجماع الفرقة ـ قول أبي عبد الله عليهالسلام يكره السواد إلا في ثلاثة : الخف ، والعمامة ، والكساء.
وسئل عن الصلاة بالقلنسوة السوداء ، فقال : لا تصل فيها ، فإنها لباس أهل النار.
مسألة
ـ ٢٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره السجود على الأرض السبخة ، ولم
يكره ذلك
__________________
أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٢٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره التختم بخاتم
حديد خصوصا في حال الصلاة. وأما التختم بالذهب ، فلا خلاف أنه لا يجوز للرجال. ولم
يكره الحديد أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٢٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يصلي وفي قبلته نار ، أو سلاح
مجرد وفيها صورة ، ولم يكره ذلك أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٢٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للرجل أن يصلي وعليه لثام ،
بل ينبغي أن يكشف من جبهته موضع السجود ولا يجوز غيره ، ويكشف فاه لقراءة القرآن
وقد مضى الخلاف في موضع السجود ، ولم يكره اللثام على الفم أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٢٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يصلي مشدود الوسط ، ولم يكره
أحد من الفقهاء ذلك.
مسألة
ـ ٢٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الصلاة في الدار المغصوبة ، ولا
في الثوب المغصوب مع الاختيار ، لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه.
وأجاز الفقهاء
كلهم ذلك ، ولم يستحبوا اعادته ، مع قولهم ان ذلك منهي عنه. ووافقنا كثير من
المتكلمين في ذلك ، مثل أبي علي ، وأبي هاشم ، وكثير من أصحابهما.
مسألة
ـ ٢٥١ ـ : الوضوء بالماء
المغصوب لا يصح ولا تصح الصلاة به ،
__________________
لما قلناه في المسألة الاولى ، وخالف الفقهاء كلهم في ذلك.
مسألة
ـ ٢٥٢ ـ : كلما لا يؤكل
لحمه لا يجوز الصلاة في جلده ، ولا في وبره ولا شعره ، ذكي أو لم يذك ، دبغ أو لم
يدبغ ، وما يؤكل لحمه إذا مات لا يطهر جلده بالدباغ ، ولا تجوز
الصلاة ، وقد بينا فيما مضى ، ورويت رخصة في جواز الصلاة في الفنك والسمور
والسنجاب ، والأحوط ما قلناه.
وخالف باقي
الفقهاء في ذلك ، وقالوا : إذا ذكي ودبغ جازت الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، الا
الكلب والخنزير على ما مضى من الخلاف في ذلك ، وما يؤكل لحمه إذا مات ودبغ ، فقد
ذكرنا الخلاف فيه.
مسألة
ـ ٢٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الصلاة في الخز المغشوش بوبر
الأرانب ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٢٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للجنب المقام في المسجد ولا
اللبث فيه بحال ، وان أراد الجواز فيه لغرض ، مثل أن يقرب عليه الطريق ، أو يستدعي
منه إنسانا جاز ذلك ، فان كان لغير غرض كره ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وفي
التابعين سعيد ابن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء ، و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز له أن يعبر فيه بحال لغرض ولا غيره الا في موضع الضرورة ، وهذا إذا نام في
المسجد ثمَّ احتلم فيه ، فإنه يخرج منه.
وقال ( ـ ر ـ )
مثل ذلك ، الا أنه قال : إذا أجنب في المسجد تيمم في مكانه وخرج متيمما. وقال ( ـ
د ـ ) و ( ـ ق ـ ) : إذا توضأ الجنب ، فهو كالمحدث يقيم فيه ويبيت كيف شاء وبه قال
زيد بن أسلم.
مسألة
ـ ٢٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للحائض العبور في المساجد. وقال ( ـ
ش ـ ) : أكره
__________________
للحائض الممر في المساجد.
واختلف أصحابه
على وجهين ، وقال أبو العباس وأبو إسحاق : ينظر فيه ، فان كانت آمنة من تلويث
المسجد ، وهو أن تكون استوثقت من نفسها ، فحكمها حكم الجنب. وان لم تأمن كره لها
العبور في المساجد ، ومنهم من قال : يكره عبورها فيه على كل حال.
مسألة
ـ ٢٥٦ ـ : لا يجوز للمشركين
دخول « المساجد كلها ولا ـ ( ـ خ ل ـ ) » المسجد الحرام ولا شيئا من المساجد ، لا
بالاذن ولا بغير الاذن ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز لهم أن يدخلوا المسجد الحرام بحال ، لا بإذن الامام ولا بغير اذنه ، وما
عداه من المساجد لا بأس أن يدخلوه بالاذن.
وقال ( ـ ح ـ )
: يدخل الحرم والمسجد الحرام وكل المساجد بإذن.
يدل على مذهبنا
قوله تعالى « إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
» فحكم عليهم بالنجاسة فلا يجوز أن يدخلوا شيئا من المساجد.
مسألة
ـ ٢٥٧ ـ : تكره الصلاة
في أعطان الإبل ، ولا تكره في مراح الغنم لا لان روث الإبل نجس ، بل لما روي أنه
مأوى الشيطان.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كانا نجسين بأرواثهما ، فالصلاة فيهما باطلة ، وان كانا طاهرين فالصلاة جائزة
، غير أنه تكره في أعطان الإبل ، ولا تكره في مراح الغنم.
مسألة
ـ ٢٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات شاة وفي ضرعها لبن لا ينجس
اللبن ، ويجوز أن يحلب ويشرب ، وبه قال أبو حنيفة. وقال ( ـ ش ـ ) : ينجس ولا يجوز
شربه.
(
مسائل النوافل من الصلاة )
مسألة
ـ ٢٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأوقات التي تكره الصلاة فيها خمسة :
وقتان تكره
__________________
لأجل الفعل ، وثلاثة لأجل الوقت. فما كره لأجل الفعل : بعد طلوع الفجر الى
طلوع الشمس ، وبعد العصر الى غروبها. وما كره لأجل الوقت : عند طلوع الشمس ، وعند
قيامها ، وعند غروبها.
والأول انما
يكره ابتداء الصلاة فيه نافلة ، فأما كل صلاة لها سبب من قضاء فريضة ، أو نافلة ،
أو تحية مسجد ، أو صلاة زيارة ، أو صلاة إحرام ، أو طواف ، أو نذر ، أو صلاة كسوف
أو جنازة ، فإنه لا بأس به ولا يكره .
وأما ما نهي
فيه لأجل الوقت ، فالأيام والبلاد والصلوات فيه سواء الا يوم الجمعة ، فإن له أن
يصلي عند قيامها النوافل ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في جميع ذلك ، واستثني من البلدان
مكة ، فإنه أجاز الصلاة فيها أي وقت شاء ، ومن الصلاة ما لها سبب ، وفي أصحابنا من
قال في الصلاة التي لها سبب مثل ذلك.
وقال ( ـ ح ـ )
: الازمان والصلوات والبلدان عامة ، فلا يجوز شيء من الصلوات فيها بحال الا عصر
يومه ، فإنه يبتدئ بها. وان كان مع الغروب ، ولا يبتدئ بالصبح مع طلوع الشمس ، فان
خالف فعليه قضاء ما فعله الا عصر يومه وصلاة الجنازة وسجود التلاوة.
وأما الوقتان
اللذان نهي عنهما لأجل الفعل ، فله أن يصلي فيهما الفوائت والجنائز وسجود التلاوة
، ولا يصلي ركعتي الطواف ولا صلاة مندوبة.
وأجمع أصحابنا
على جواز هذه الصلوات التي ذكرناها في هذه الأوقات ، ومنهم من يزيد على ذلك ويجوز
الصلاة التي لها سبب فيها.
وروت أم سلمة
قالت : دخل علي رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه
يصليهما ، فقلت : يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها؟ فقال : اني كنت
أصلي ركعتين بعد الظهر ، وأنه قدم علي وفد
__________________
بني تميم فشغلوني عنهما ، فهما هاتان الركعتان.
وروت عائشة
قالت : ما كان رسول الله في بيتي في يوم بعد العصر الا صلى ركعتين.
فأما روايات
أصحابنا ، فأكثر من أن تحصى ، من ذلك : ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : خمس صلوات تصليهن في كل وقت : صلاة الكسوف ،
والصلاة على الموتى ، وصلاة الإحرام ، والصلاة التي تفوت ، وصلاة الطواف من
الفجر الى طلوع الشمس ، وبعد العصر الى الليل.
وروي جميل قال
: سألت أبا الحسن الأول عليهالسلام عن قضاء الليل بعد الفجر الى طلوع الشمس ، قال : نعم ،
وبعد العصر الى الليل ، فهو من سر آل محمد المخزون.
مسألة
ـ ٢٦٠ ـ : ركعتا الفجر
من النوافل أفضل من الوتر ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في
الجديد : الوتر أفضل ، وأبو حنيفة خارج عن هذا الخلاف ، لان عنده الوتر واجب.
مسألة
ـ ٢٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : النوافل المرتبة في اليوم والليلة إذا
فاتت أوقاتها استحب قضاؤها ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم ، وهو أصح قوليه عند
أصحابه واختيار المزني ، والقول الأخر لا يقضي.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يقضي الا ركعتي الفجر ، فإنه ان تركهما دون الفرض لم يقضهما وان تركهما مع
الفرض قضاهما مع الفرض ، وقال محمد : يقضيان على كل حال.
مسألة
ـ ٢٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : النوافل في اليوم والليلة التابعة
للفرائض أربع وثلاثون
__________________
ركعة : ثمان قبل الظهر ، وثمان بعده قبل العصر ، وأربع بعد المغرب ،
وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة ، وثمان صلاة الليل ، وثلاث الشفع والوتر ،
وركعتا الفجر. ويفصل في جميع النوافل بين كل ركعتين بتسليمة.
وللش فيه وجهان
، أحدهما : إحدى عشرة ركعة : ركعتا الفجر ، وأربع مع الظهر ، قبلها ركعتان ،
وبعدها ركعتان ، وبعد المغرب ركعتان ، وبعد العشاء ركعتان والوتر ركعة.
ومنهم من قال :
ثلاث عشرة ركعة هذه وزاد ركعتين ، فقال : أربع قبل فريضة الظهر ، قال أبو حامد نص
في الأم على القولين كالوجهين ، ومن الناس من قال : سبع عشرة ركعة ، وزاد أربعا
قبل العصر.
وقال ( ـ ر ـ )
، وابن المبارك و ( ـ ق ـ ) : يصلي قبل الظهر أربعا وبعده ركعتين.
وقال ( ـ ح ـ )
: ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر ، وقبل العصر روايتان إحداهما أربع ، وروى الحسن
عنه ركعتان ، وركعتان بعد المغرب. وأما العشاء الآخرة ، فأربع قبلها ان أحب وأربع
بعدها ، وكل أربع ذكره فهي بتسليمة واحدة.
ويدل على
مذهبنا مضافا ـ الى إجماع الفرقة ـ ما رواه إسماعيل بن سعد عن الرضا عليهالسلام قال قلت له : كم الصلاة من ركعة فقال : احدى
وخمسون ركعة ، النافلة أربع وثلاثون ركعة.
وروى الفضيل بن
يسار ، والفضل بن عبد الملك ، وبكير بن أعين ، قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليهالسلام يقول : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلي من التطوع مثلي الفريضة ، ويصوم من التطوع مثلي
الفريضة.
مسألة
ـ ٢٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ينبغي أن يتشهد في كل ركعتين من كل صلاة
نافلة
__________________
ويسلم بعده ، ولا يصلى ثلاثا ولا أربعا ولا ما زاد على ذلك بتشهد واحد ولا
تسليم واحد.
وقال ( ـ ش ـ )
: الأفضل أن يصلي مثنى مثنى ، ليلا كان أو نهارا وأما الجواز فأن يصلي أي عدة شاء
أربعا وستا وثمانيا وعشرا شفعا أو وترا وإذا زاد على مثنى ، فالأولى أن يتشهد عقيب
كل ركعتين ، فان لم يفعل وتشهد في آخرهن مرة واحدة أجزأه.
وقال في
الإملاء : ان صلى بغير إحصاء جاز ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الأربع أفضل أربعا أربعا ، ليلا كان أو نهارا ، وقال أبو يوسف ومحمد
بقوله نهارا ، وبقول ( ـ ش ـ ) ليلا ، قال : والجائز في النهار عددان مثنى وأربعا
، فإن زاد على أربع لم يصح ، والجائز ليلا مثنى مثنى ، وأربعا أربعا ، وستا ستا ،
وثمانيا ثمانيا ، وان زاد على ثمان لم يصح.
مسألة
ـ ٢٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : نوافل شهر رمضان يصلى منفردا ، والجماعة
فيها بدعة.
وقال ( ـ ش ـ )
: صلاة المنفرد أحب الي منه. وشنع ابن داود على ( ـ ش ـ ) في هذه المسألة ، وقال :
خالف فيها السنة والإجماع .
واختلف أصحاب (
ـ ش ـ ) على قولين ، فقال أبو العباس وأبو إسحاق وعامة أصحابه : صلاة
التراويح في الجماعة أفضل بكل حال ، وتأولوا قول ( ـ ش ـ ) ، فقالوا : انما قال :
النافلة ضربان نافلة سن لها الجماعة ، وهي العيدان والخسوف والاستسقاء ونافلة لم
يسن لها الجماعة ، مثل ركعتي الفجر والوتر. وما سن لها الجماعة أو كد
__________________
مما لم يسن له الجماعة ، ثمَّ قال : فأما قيام شهر رمضان وصلاة المنفرد أحب
الي منه يعني ركعتي الفجر والوتر الذي يفعل على الانفراد.
والقول الثاني
منهم من قال بظاهر كلامه ، فقال : صلاة التراويح على الانفراد أفضل منها في جماعة
بشرطين : أحدهما أن لا يختل الجماعة بتأخره عن المسجد والثاني أن يطيل القيام
والقراءة ، فيصلي منفردا. وقد نص في القديم على أنه ان صلى في بيته في رمضان ، فهو
أحب الي ، وان صلاها في جماعة فحسن.
مسألة
ـ ٢٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصلي طول شهر رمضان ألف ركعة زائدة على
النوافل المرتبة في سائر الشهور ، عشرين ليلة في كل ليلة منها عشرين ركعة ، ثمان
بين العشائين ، واثنتا عشرة بعد العشاء الآخرة ، وفي العشر الأواخر في كل
ليلة ثلاثين ركعة ، وفي ثلاث ليال وهي : ليلة تسع عشرة واحدى وعشرين ، وثلاث
وعشرين كل ليلة مائة ركعة.
ومن أصحابنا من
قال : يسقط هذه الثلاث ليال النوافل المرتبة فيها من عشرين ركعة وثلاثين ركعة ،
ويصليها في الجمعات ، فيصلي في أربع جمع كل جمعة ، أربع ركعات ، صلاة أمير
المؤمنين ، وركعتين صلاة فاطمة ، وأربع ركعات صلاة جعفر بن أبي طالب على الترتيب
المعروف في ذلك ، وفي آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين ، وفي آخر
سبت عشرين ركعة صلاة فاطمة عليهاالسلام الجميع ألف ركعة.
وذهب قوم من
أصحابنا الى أن حكم شهر رمضان حكم سائر الشهور لا يزاد فيها على النوافل المرتبة
شيء.
وقال ( ـ ش ـ )
: المستحب كل ليلة عشرين ركعة بعد العشاء خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات في
تسليمتين. قال ( ـ ش ـ ) ورأيتهم يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين
__________________
ركعة ويقومون بمكة عشرين ركعة.
مسألة
ـ ٢٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القنوت في كل ركعتين من النوافل
والفرائض مستحب في جميع السنة ، والقنوت في الوتر في جميع أوقات السنة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يقنت في نوافل رمضان إلا في النصف الأخير في الوتر خاصة.
وقال ( ـ ح ـ )
: يقنت في الوتر في جميع السنة ، ولا يقنت فيما عداه.
مسألة
ـ ٢٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قنوت الوتر قبل الركوع ، وبه قال ( ـ ح ـ
) ، ولأصحاب ( ـ ش ـ ) وجهان ، أحدهما ، قبل الركوع والأخر : بعد الركوع.
مسألة
ـ ٢٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت صلاة الليل بعد انتصافه ، وكلما قرب
الى الفجر كان أفضل.
وقال ( ـ ك ـ )
: الثلث الأخير أفضل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان جزء الليل نصفين كان النصف الأخير أفضل ، وان جزأه ثلاثة أجزاء كان الثلث
الأوسط أفضل.
مسألة
ـ ٢٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الوتر سنة مؤكدة ، وبه قال جميع الفقهاء
الا ( ـ ح ـ ) ، فإنه قال : فرض ، وأصحابه يقولون : واجب عنده.
مسألة
ـ ٢٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الضحى بدعة ، وخالف جميع الفقهاء
في ذلك وقالوا : انها سنة.
وقال ( ـ ش ـ )
: أقل ما يكون منها ركعتان ، وأفضله اثنتا عشرة ركعة. والمختار ثماني
ركعات.
مسألة
ـ ٢٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الليل عندنا إحدى عشرة ركعة ، كل
ركعتين بتشهد ، وتسليم بعده ، والوتر ركعة مفردة بتشهد وتسليم.
وقال ( ـ ش ـ )
: أفضل الوتر إحدى عشرة ركعة يسلم في كل اثنتين ، وأقل الأفضل
__________________
ثلاث بتسليمتين ، فالثلاث أفضل من واحدة ، وكلما زاد كان أفضل ، والوتر
بالواحدة جائز ، والركعة الواحدة صلاة صحيحة ، وبه قال في الصحابة أبو بكر ، وعمر
، وابن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ثلاث ركعات بتسليمة واحدة ، فإن زاد عليها أو نقص منها لم يكن وترا ، قال :
والركعة الواحدة لا يكون صلاة صحيحة.
وقال ( ـ د ـ )
: لا يوتر بواحدة.
وأما عندنا في
كون الواحدة صلاة صحيحة ، فالأولى أن يقول : لا يجوز ، لأنه لا دليل في الشرع على
ذلك ، والركعتان يجمع على كونهما صلاة شرعية. وروى ابن مسعود أن النبي عليهالسلام نهى عن البتيراء. يعني الركعة الواحدة.
مسألة
ـ ٢٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يوتر أول الليل مع الاختيار
، ويجوز مع الاضطرار في السفر وخوف الفوات وترك القضاء.
وقال ( ـ ش ـ )
: هو بالخيار بين أول الليل وآخره. وان كان ممن يريد القيام بالليل لصلاة الليل ،
فالوتر آخر الليل أفضل.
مسألة
ـ ٢٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أوتر أول الليل وقام آخره لا يعتد
بما فعله أولا بل يوتر ، وبه قال علي وابن عباس.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا أوتر أول الليل ، ثمَّ نام وقام للصلاة صلى ما أحب ولم ينتقض وتره الذي
صلاها [ وبه قال طلق بن علي في الصحابة ] وهو قول ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وابن المبارك.
مسألة
ـ ٢٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يقرأ في المفردة من الوتر قل
هو الله أحد والمعوذتين ، وفي الشفع يقرأ ما شاء.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: يقرأ في الأولة « سبح اسم ربك الأعلى » وفي الثانية « قل يا أيها الكافرون » وفي
الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين. وقال ( ـ ح ـ ) مثل ذلك الا المعوذتين.
مسألة
ـ ٢٧٥ ـ : دعاء قنوت
الوتر ليس بمعين ، بل يدعو بما شاء. وقد روي في ذلك أدعية معينة لا تحصى.
وقال ( ـ ش ـ )
: يدعو بما رواه الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صلىاللهعليهوآله كلمات أقولهن في قنوت الوتر « اللهم اهدني فيمن هديت ،
وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ،
انك تقضي ولا يقضي عليك ، وانه لا يذل من واليت ( و ) لا يعز من عاديت ، تباركت
ربنا ، وتعاليت » هذا هو المنقول وزاد أصحابه « ولا يعز من عاديت ، فلك الحمد على
ما قضيت ».
(
مسائل الجماعة )
مسألة
ـ ٢٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الجماعة في الخمس صلوات سنة مؤكدة وليست
واجبة ، وهو المختار من مذهب ( ـ ش ـ ) عند أصحابه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه
، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).
وقال أبو
العباس بن سريج وأبو إسحاق : هي من فروض الكفايات ، كصلاة الجنازة. وقال داود وأهل
الظاهر وقوم من أصحاب الحديث : انها من فروض الأعيان.
ويدل على
مذهبنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ ما روى نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين
درجة.
وروى أبو هريرة
أن النبي عليهالسلام قال : صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم
__________________
وحده بخمس وعشرين جزءا. وابن مسعود ببضع وعشرين درجة.
لأنه عليهالسلام فاضل بين صلاة الجماعة وصلاة الفرد ، والتفاضل
انما يصح في المشتركين في الشيء ، فلو كانت صلاة الفرد غير مجزية لما وقعت
المفاضلة فيها.
مسألة
ـ ٢٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى في مسجد جماعة وجاء قوم آخرون ينبغي
أن يصلوا فرادى ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : هذا إذا كان المسجد له امام
راتب يصلي بالناس ، فأما إذا لم يكن امام راتب ، أو يكون مسجد على قارعة الطريق ،
أو في محلة لا يمكن أن يجتمع أهله دفعة واحدة ، فإنه يجوز أن يصلوا جماعة بعد
جماعة.
وقد روى أصحابنا
انهم إذا صلوا جماعة ، وجاء قوم جاز لهم أن يصلوا دفعة اخرى ، غير أنهم لا يؤذنون
ولا يقيمون ، ويجتزون بالأذان الأول.
مسألة
ـ ٢٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للجالس أن يؤم بالقيام ، وبه
قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: الأفضل أن لا يصلي خلفه ، فان فعل أجزأه ، غير أنهم يصلون من قيام ، وبه قال ( ـ
ح ـ ) وأصحابه.
وقال ( ـ د ـ )
: إذا صلى الامام قاعدا صلوا خلفه قعودا مع القدرة على القيام ، ولا يجوز أن يصلوا
قياما خلف قاعد ، فان صلوا قياما لم يصح صلاتهم.
مسألة
ـ ٢٧٩ ـ : يجوز للقاعد
أن يأتم بالمومي ، ويجوز للمكتسي أن يأتم بالعريان ، ويكره للمتطهر أن يأتم
بالمتيمم. وليس يفسد ذلك الصلاة ولا ينعقد صلاة القارئ خلف الأمي. ويجوز صلاة
الطاهرة خلف المستحاضة.
ويدل على جواز
ما اخترناه من ذلك ما ورد من الاخبار في فضل الجماعة وعمومها. فأما صلاة القارئ
خلف الأمي ، فإنما منعنا من ذلك لقوله عليهالسلام يؤمكم
__________________
أقرؤكم. وأما كراهة ما ذكرناه ، فللأخبار التي رواها أصحابنا.
وقال ( ـ ش ـ )
في هذه المسائل : انه يجوز الا أنه قال في القارئ خلف الأمي ، والطاهر خلف
المستحاضة على وجهين.
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : لا يجوز للقارئ أن يأتم بالأمي ، ولا القائم بالمزمن ، ولا المكتسي
بالعريان ، ولا الطاهرة بالمستحاضة.
فأما القائم
بالقاعد ، فقال محمد وأبو يوسف : يجوز استحسانا.
وأجمعوا على
أنه لا يجوز للغاسل رجليه أن يأتم بمن مسح على خفيه.
مسألة
ـ ٢٨٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمفترض أن يقتدي بالمتنفل ،
والمتنفل أن يقتدي بالمفترض مع اختلاف بينهما ، وبه قال الحسن ، وطاوس ، وعطاء ، و
( ـ ع ـ ) و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) و ( ـ ق ـ ).
وقال قوم : ان
اختلاف النية يمنع الايتمام على كل حال ، ذهب إليه الزهري ، وربيعة ، و ( ـ ك ـ )
، و ( ـ ح ـ ) ، وقالوا : يجوز أن يأتم المتنفل بالمفترض ، ولا يجوز أن يأتم
المفترض بالمتنفل مع اختلاف فرضيهما.
يدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روى جابر قال : كان معاذ يصلي مع رسول الله العشاء
ثمَّ ينصرف الى موضعه في بني سلمة ، فيصليها بهم وهي له تطوع ولهم مكتوبة.
مسألة
ـ ٢٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحس الإمام بداخل ، وقد قارب ركوعه
أو هو راكع ، يستحب له أن يطول حتى يلحق الداخل الركوع.
وللش فيه قولان
، أحدهما : يكره ، وبه قال أهل العراق والمزني ،
__________________
والثاني : لا يكره. وعلى ذلك أصحاب ( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٢٨٢ ـ : يجوز امامة
العبد إذا كان من أهلها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: هي مكروهة ، وروي في بعض رواياتنا أن العبد لا يؤم الا مولاه.
مسألة
ـ ٢٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز امامة ولد الزنا.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ش ـ ) : يكره ذلك. وقال ( ـ ح ـ ) : لا بأس بها.
مسألة
ـ ٢٨٤ ـ : لا يجوز أن
يأتم الرجل بامرأة ولا خنثى وبه قال جميع الفقهاء إلا أبا ثور ، فإنه قال : يجوز
ذلك.
مسألة
ـ ٢٨٥ ـ : لا بأس أن يؤم
الرجل جماعة من النساء ليس فيهن رجل لأن كراهية ذلك يحتاج الى
دليل ولا دليل عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ذلك مكروه.
مسألة
ـ ٢٨٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الصلاة خلف من خالف الحق من
الاعتقادات الباطلة ، ولا خلف الفاسق وان وافق فيها.
وقال ( ـ ش ـ )
: أكره امامة الفاسق والمظهر للبدع ، فان صلى خلفه جاز.
وقال أصحابه :
المختلفون في المذاهب على ضروب :
ضرب لا نكفره
ولا نفسقه مثل أصحاب أبي حنيفة و ( ـ ك ـ ) المختلفين في الفروع ، فهؤلاء لا يكره
الايتمام بهم ، ولكن ان كان فيهم من يعلم أنه يعتقد ترك بعض الأركان فيكره
الايتمام به.
وضرب نكفره مثل
المعتزلة وغيرهم ، فلا يجوز الايتمام بهم.
وضرب نفسقه ولا
نكفره ، وهم الذين يسبون السلف والخطابية ، فحكم هؤلاء حكم من يفسق بالزنا وشرب
الخمر وغير ذلك ، فالائتمام بهم مكروه ، ولكنه يجوز ، وبهذا قال جماعة من أهل
العلم.
__________________
وحكي عن ( ـ ك ـ
) أنه قال : لا يؤتم ببدعي. وحكى المرتضى عن أبي عبد الله البصري أنه كان يذهب الى
أن الصلاة لا يجوز خلف الفاسق ، ويحتج في ذلك بإجماع أهل البيت ، ويقول : ان
إجماعهم حجة.
مسألة
ـ ٢٨٧ ـ : لا يجوز أن
يؤم أمي بقارئ ، فان فعل أعاد القارئ الصلاة.
وحد الأمي الذي
لا يحسن فاتحة الكتاب ، أو لا يحسن بعضها ، فهذا يجوز أن يأتم بمثله. فأما أن يأتم
به قارئ فلا يجوز ، سواء فيما جهر بالقراءة أو خافت.
وقال أبو
العباس وأبو إسحاق : تخرج على قول ( ـ ش ـ ) في الجديد ثلاثة أقوال ، أحدها : أنه
يجوز على كل حال ، لان على قوله يلزم المأموم القراءة فيصح صلاته وبه قال المزني.
والثاني : أنه لا يجوز بكل حال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) والثالث : ان كانت مما يجهر
فيها لا يجوز ، وان كانت مما يسر فيها جاز ، وبه قال ( ـ ر ـ ) وأبو ثور ، لان ما
لا يجهر فيها يلزم المأموم القراءة.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا ائتم قراء بأمي بطلت صلاة الكل ، وعند ( ـ ش ـ ) تبطل صلاة القارئ ، وبه
نقول ، لأنه قد وجبت الصلاة في الذمة بيقين ، فلا يجوز إسقاطها إلا بدليل.
مسألة
ـ ٢٨٨ ـ : إذا ائتم
بكافر على ظاهر الإسلام ، ثمَّ تبين أنه كان كافرا ، لا يجب عليه الإعادة ، ولا
يحكم على الكافر بالإسلام بمجرد الصلاة ، سواء صلى في جماعة أو فرادى ، وانما يحكم
بإسلامه إذا سمع منه الشهادتان.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب الإعادة ، وقال : يحكم عليه في الظاهر بالإسلام ، لكن لا يلزمه
حكم الإسلام ، فإن قال بعد ذلك : ما كنت أسلمت لم يحكم بردته.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا صلى في جماعة لزمه بذلك حكم الإسلام ، فإن رجع بعد ذلك
__________________
حكم بردته ، فاذا صلى منفردا ، فإنه لا يحكم بإسلامه.
وقال محمد :
إذا صلى في المسجد منفردا أو في جماعة ، حكم بإسلامه ، وان صلى منفردا في بيته لم
يحكم بإسلامه.
مسألة
ـ ٢٨٩ ـ : فيها ثلاث
مسائل :
أولها : من صلى
بقوم بعض الصلاة ، ثمَّ سبقه الحدث فاستخلف اماما فأتم الصلاة ، جاز ذلك ، وبه قال
( ـ ش ـ ) في الجديد. وكذلك ان صلى بقوم وهو محدث أو جنب ، ولا يعلم حال نفسه ولا
يعلمه المأموم ، ثمَّ علم في أثناء الصلاة حال نفسه خرج وتوضأ أو اغتسل واستأنف
الصلاة.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا عاد أتم الصلاة ، فانعقدت الصلاة في الابتداء جماعة بغير امام ثمَّ صارت
جماعة بإمام.
والثانية : نقل
نية الجماعة إلى الانفراد قبل أن تمم المأموم يجوز ذلك ، وينتقل الصلاة من حال
الجماعة الى حال الانفراد ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : تبطل صلاته.
الثالثة : أن
ينقل صلاة انفراد إلى صلاة جماعة ، فعندنا يجوز ذلك ، وللش فيه قولان ، أحدهما :
لا يجوز ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه. والثاني : يجوز ، وهو الأصح عندهم.
مسألة
ـ ٢٩٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى الرجل بقوم على غير طهارة ،
عالما كان بحاله أو جاهلا ، وجب عليه الإعادة بلا خلاف. فأما المأموم ، فإن كان
عالما بحال الامام واقتدى به ، وجب أيضا عليه الإعادة بلا خلاف ، وان لم يكن عالما
بحاله ، فالمعول عليه عند أصحابنا والأظهر في رواياتهم أنه لا اعادة على المأموم ،
سواء كان حدث الإمام جنابة أو غيرها ، وسواء كان الامام عالما بحدثه أو جاهلا ،
وسواء علم المأموم
بذلك في الوقت أو بعد الوقت.
وبه قال ( ـ ش ـ
) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وفي التابعين النخعي ، والحسن
البصري ، وسعيد ابن جبير.
وقال قوم من
أصحابنا برواية ضعيفة ان عليه الإعادة على كل حال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه
والشعبي وابن سيرين.
ولأبي حنيفة تفصيل
يعرف به مذهبه ، قال : صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام فإن كان محدثا فأحرم بهم
لم ينعقد لهم صلاة ، ولو كانوا كلهم متطهرين وأحدث الإمام بطلت صلاتهم ، لبطلان
صلاة الامام.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان الامام عالما بالحدث بطلت صلاتهم ، لأنه مفرط ، وان كان جاهلا بحدثه لم
يبطل صلاتهم لأنهم معذورون.
والكلام مع ( ـ
ح ـ ) في فصلين : أحدهما هل ينعقد الصلاة خلف محدث أم لا؟
فعندنا ينعقد ،
وعنده لا ينعقد. والثاني : إذا دخلوا على طهر ثمَّ أحدث الإمام ، فهل تبطل صلاتهم؟
عندنا لا تبطل ، وعنده تبطل.
مسألة
ـ ٢٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى خلف كافر مستسر بكفره ولا امارة
على كفره مثل الزنادقة ، ثمَّ علم بعد ذلك لم تجب عليه الإعادة.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : تجب الإعادة.
مسألة
ـ ٢٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحرم خلف الامام ، ثمَّ أخرج نفسه
من صلاته وأتمها منفردا صح ذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان لعذر صحت صلاته ، وان كان لغير عذر فعلى قولين.
وقال ( ـ ح ـ )
: يبطل صلاته ، سواء كان لعذر أو لغير عذر.
مسألة
ـ ٢٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمراهق المميز العاقل أن
يكون إماما في
__________________
الفرائض والنوافل التي يجوز أن يصلى جماعة ، كصلاة الاستسقاء ، وبه قال ( ـ
ش ـ ).
وعن ( ـ ح ـ )
روايتان : إحداهما ـ لا صلاة له ، ولا يجوز الايتمام به لا في فرض ولا في
نفل. الثانية : لا صلاة له ، لكنها نفل يجوز الايتمام به في النفل دون الفرض.
مسألة
ـ ٢٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أم رجل رجلا ، قام المأموم عن يمين
الامام ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال سعيد بن
المسيب : يقف المأموم على يساره. وقال النخعي : يقف وراء الى أن يجيء مأموم
فيصلي معه ، فان ركع الامام قبل أن يجيء مأموم آخر تقدم ووقف على يمينه.
مسألة
ـ ٢٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وقف اثنان عن يمين الامام ويساره ،
فالسنة أن يتأخرا عنه حتى يقفا خلفه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وحكي عن ( ـ ح ـ
) أنه قال : يتقدم الإمام.
مسألة
ـ ٢٩٦ ـ : إذا دخل
المسجد وقد ركع الامام ، وخاف أن يفوته تلك الركعة ، جاز أن يحرم ويركع ويمشي في
ركوعه حتى يلحق بالصف ان لم يجيء مأموم آخر ، فان جاء مأموم آخر وقف في موضعه ،
وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: ان وجد فرجة في الصف دخل فيه ، والا جذب واحدا الى خلفه ووقف معه ، وان لم يفعل
وأحرم وحده كره له ذلك وانعقدت صلاته ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) وأصحابه.
وقال النخعي
وداود وابن أبي ليلى : ان صلاته لا ينعقد.
مسألة
ـ ٢٩٧ ـ : ان وقف
المأموم قدام الامام لم يصح صلاته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ،
__________________
و ( ـ ش ـ ) في الجديد. وقال في القديم : يصح صلاته.
مسألة
ـ ٢٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى في مسجد جماعة ، وحال بينه وبين
الصفوف حائل لا يصح صلاته.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا كان في مسجد واحد صح ، وان حال حائل.
مسألة
ـ ٢٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يكون الإمام أعلى من المأموم
على مثل سطح ودكان وما أشبه ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا بأس به ، وحكى الطبري أنه الأفضل.
مسألة
ـ ٣٠٠ ـ : من صلى خارج
المسجد ، وليس بينه وبين الإمام حائل وهو قريب من الامام ، أو الصفوف المتصلة به ،
صحت صلاته ، وان كان على بعد لم يصح ، وان علم بصلاة الامام.
وبه قال جميع
الفقهاء الإعطاء ، فإنه قال : إذا كان عالما بصلاته صحت صلاته وان كان على بعد من
المسجد.
مسألة
ـ ٣٠١ ـ : الطريق ليس
بحائل ، فإن صلى من بينه وبين الصف طريق مقتديا بالإمام صحت صلاته ، لأن الأصل
جوازه والمنع من ذلك يحتاج الى دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الطريق حائل ، فإن صلى وبينهما طريق لم يصح ، الا أن يكون الصفوف متصلة.
مسألة
ـ ٣٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان بين المأموم والصف حائل يمنع
الاستطراق والمشاهدة لم يصح صلاته ، سواء كان الحائل حائط المسجد أو حائط دار
مشتركا بين الدار والمسجد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: كل هذا ليس بحائل ، فإن صلى في داره بصلاة الإمام في المسجد
__________________
صحت صلاته إذا علم صلاة الإمام.
مسألة
ـ ٣٠٣ ـ : من صلى وراء
الشبابيك لا يصح صلاته مقتديا بصلاة الإمام الذي يصلي داخلها.
وللش فيه قولان
، أحدهما : وهو الأظهر عندهم مثل قولنا ، والأخر أنه يجوز.
مسألة
ـ ٣٠٤ ـ : كون الماء بين
الامام والمأمومين ليس بحائل إذا لم يكن بينهما ساتر من حائط وما أشبه ذلك ، لان
كون ذلك مانعا محتاج الى دليل ، ولا دليل عليه في الشرع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الماء حائل ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب ( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٣٠٥ ـ : لا يجوز أن
يكون سفينة المأموم قدام سفينة الإمام ، فإن تقدمت في حال الصلاة لا تبطل الصلاة ،
لأن إبطال ذلك الصلاة محتاج الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.
وقال في القديم
: يصح. وفي الجديد : لا يصح.
مسألة
ـ ٣٠٦ ـ : إذا قلنا ان
الماء ليس بحائل ، فلا حد في ذلك إذا انتهى اليه يمنع من الايتمام به الا ما يمنع
من مشاهدته والاقتداء بأفعاله.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ذلك الى ثلاثمائة ذراع ، فان زاد على ذلك لا يجوز.
مسألة
ـ ٣٠٧ ـ : من سبق الإمام
في ركوعه أو سجوده وتمم صلاته ونوى مفارقته صحت صلاته ، سواء كان لعذر أو لغير عذر
، لأن إبطال صلاته بذلك يحتاج الى دليل ، ولا دليل عليه في الشرع.
وقال ( ـ ح ـ )
: تبطل صلاته على كل حال. وقال ( ـ ش ـ ) : ان خرج لعذر لم يبطل ،
__________________
وان خرج لغير عذر فعلى قولين.
قال أبو سعيد :
لا تبطل صلاته قولا واحدا كما قلناه ، ومنهم من قال على قولين : أحدهما هذا ،
والثاني تبطل صلاته ، ونص ( ـ ش ـ ) بأن قال : كرهته ولم يبين أن عليه الإعادة.
مسألة
ـ ٣٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يؤم المسافر المقيم ، والمقيم
المسافر ، وليس بمفسد للصلاة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز للمسافر أن يقتدي بالعقيم ، لأنه يلزمه التمام إذا صلى خلفه ويكره أن يصلي المقيم خلف المسافر.
مسألة
ـ ٣٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سبعة لا يؤمون الناس على حال : المجذوم
، والا برص والمجنون ، وولد الزنا ، والأعرابي بالمهاجرين ، والمقيد بالمطلقين ،
وصحاب الفالج بالأصحاء. وقد ذكرنا الخلاف في ولد الزنا ، والمجنون لا خلاف أنه لا
يؤم والباقون لم أجد لأحد من الفقهاء كراهة ذلك.
مسألة
ـ ٣١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب للمرأة أن تؤم
بالنساء ، فيصلين جماعة في الفرائض والنوافل. وروي أيضا أنها تصلى بهن في النافلة
خاصة ، وبالأول قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وروي
ذلك عن عائشة وأم سلمة.
وقال النخعي :
يكره في الفريضة دون النافلة ، وحكى الطحاوي عن ( ـ ح ـ ) أنه جائز غير أنه مكروه.
مسألة
ـ ٣١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينبغي للإمام أن يكون موضعه أعلى من
موضع المأموم إلا بما لا يعتد به ، وأما المأموم فيجوز أن يكون أعلى منه.
وقال ( ـ ش ـ )
: في الإمام إذا أراد تعليم الصلاة له أن يصلي على الموضع المرتفع ليراه من وراء
فيقتدي به وان لم يكن بهم حاجة ، فالمستحب أن يكونوا على مستو
__________________
من الأرض.
وقال ( ـ ع ـ )
: متى فعل هذا بطلت صلاته.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان الإمام في موضع منخفض والمأموم أعلى منه جاز ، وان كان الامام على الموضع
العالي ، فإن كان أعلى من القامة منع ، وان كان قامة فما دونه لم يمنع.
مسألة
ـ ٣١٢ ـ : وقت القيام
إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الأذان لأن ذلك مجمع على جوازه ، وبه قال ( ـ
ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز إذا قال المؤذن حي على الصلاة ان كان حاضرا ، وان كان غائبا فمثل قولنا.
مسألة
ـ ٣١٣ ـ : وقت الإحرام
بالصلاة إذا فرغ المؤذن من كمال الإقامة ، لما ذكرناه في المسألة الاولى ، وبه قال
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا بلغ المؤذن قد قامت الصلاة أحرم الإمام حينئذ.
مسألة
ـ ٣١٤ ـ : ليس من شرط
صلاة المأموم أن ينوي الإمام إمامته ، رجلا كان المأموم أو امرأة ، وبه قال ( ـ ش ـ
).
وقال ( ـ ع ـ )
: عليه أن ينوي إمامة من يأتم به ، رجلا كان أو امرأة.
وقال ( ـ ح ـ )
: ينوي إمامة النساء ، ولا يحتاج أن ينوي إمامة الرجال.
يدل على مذهبنا
أن الأصل براءة الذمة ، وكون هذه النية واجبة يحتاج الى دليل ولا دليل عليه.
وروي عن ابن
عباس قال : بت عند خالتي ميمونة ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله فتوضأ ووقف يصلي ، فقمت وتوضأت ، ثمَّ جئت فوقفت على
يساره ، فأخذ بيدي فأدارني من ورائه إلى يمينه. ومعلوم من النبي صلىاللهعليهوآله أنه ما كان نوى إمامته.
مسألة
ـ ٣١٥ ـ : إذا ابتدء
الإنسان بصلاة نافلة ، ثمَّ أحرم الإمام بالفرض ، فان علم أنه لا يفوته الفرض معه
تمم نافلته ، وان علم أنه تفوته الجماعة قطعها
ودخل في الفرض معه ، وان أحرم الإمام بالفريضة قبل أن يحرم بالنافلة ، فإنه
يتبعه بكل حال ، ويصلي النافلة بعد الفريضة ، سواء كان الإمام في المسجد
أو خارجا منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان في المسجد مثل قولنا ، وان كان خارجا منه ، فان خاف فوت الثانية دخل معه
كما قلناه ، وان لم يخف فواتها تمم ركعتين نافلة ، ثمَّ دخل المسجد يصلي معه.
ويدل على ما
قلناه أنه لا خلاف أن ذلك جائز ، وليس على ما اجازه دليل.
(
مسائل صلاة المسافر )
مسألة
ـ ٣١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : سفر الطاعة واجبة كانت أو مندوبة فيه
التقصير بلا خلاف ، والمباح عندنا يجري مجراه في جواز التقصير. وأما اللهو فلا
تقصير فيه عندنا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يقصر في هذين السفرين. وقال ابن مسعود : لا يجوز القصر في هذين.
مسألة
ـ ٣١٧ ـ : حد السفر الذي
فيه التقصير مرحلة ، وهي ثمانية فراسخ بريدان أربعة وعشرون ميلا ، وبه قال ( ـ ع ـ
).
وقال ( ـ ش ـ )
: مرحلتان ستة عشر فرسخا ثمانية وأربعون ميلا ، نص عليه في البويطي ، ومنهم من قال
: ستة وأربعون ميلا. ومنهم من قال زيادة على الأربعين ، ذكره في القديم. وقال أصحابه : بين كل
ميلين اثنا عشر ألف قدم ، وبمذهبه قال
__________________
ابن عمر ، وابن عباس ، و ( ـ ك ـ ) ، والليث ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه و ( ـ ر ـ ) : السفر الذي يقصر فيه ثلاث مراحل أربعة وعشرون فرسخا اثنين
وسبعين ميلا. وروى ذلك ابن مسعود وقال داود : أحكام السفر تتعلق بالسفر الطويل
والقصير.
مسألة
ـ ٣١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التقصير في السفر فرض وعزيمة ، فإن صلى
أربعا مع العلم وجب عليه الإعادة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه قال : ان زاد على
الركعتين ، فان كان تشهد في الثانية صحت صلاته ، وما زاد على الثنتين يكون نافلة ،
الا أن يأتم بمقيم فيصلي أربعا ، فيكون الكل فريضة أسقط بها الفرض والقول بأن التقصير
عزيمة مذهب علي عليهالسلام وعمر وفي الفقهاء ( ـ ح ـ ) وأصحابه و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: هو بالخيار بين الإتمام والتقصير ، والتقصير أفضل.
وقال المزني :
الإتمام أفضل ، وبمذهبه قال في الصحابة عثمان ، وعبد الله بن مسعود ، وسعد بن أبي
وقاص ، وعائشة ، وفي الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، وأبو ثور.
مسألة
ـ ٣١٩ ـ : صلاة السفر لا
يسمى قصرا ، لان فرض السفر مخالف لفرض الحضر ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وكل من وافقنا
في وجوب القصر. وقال ( ـ ش ـ ) : تسمى قصرا.
مسألة
ـ ٣٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من صام في السفر الذي يجب فيه التقصير ،
لم يجزه وعليه الإعادة. وقال به ستة من الصحابة منهم عمر وأبو هريرة.
وقال داود :
يصح صيامه ، ولكن عليه القضاء.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ش ـ ) : ان شاء صام ، وان شاء أفطر ، فإن صام أجزء.
مسألة
ـ ٣٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى السفر لا يجوز له أن يقصر حتى
يغيب عنه
__________________
البنيان ويخفى عليه أذان مصره أو جدران بلده ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال عطاء :
إذا نوى السفر جاز له القصر وان لم يفارق موضعه.
مسألة
ـ ٣٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا فارق بنيان البلد جاز له التقصير ،
وبه قال جميع الفقهاء.
وقال مجاهد :
ان سافر نهارا لم يقصر حتى يمشي ، فان سافر ليلا لم يقصر حتى يصبح.
مسألة
ـ ٣٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى المسافر في بلد مقام عشرة أيام
وجب عليه التمام ، وان نوى أقل من ذلك وجب عليه التقصير ، وبه قال علي عليهالسلام ، وابن عباس ، واليه ذهب الحسن بن صالح بن حي.
وقال سعيد بن
جبير : ان نوى مقام أكثر من خمسة عشر يوما أتم.
وعن ابن عمر
ثلاث روايات : إحداها ان نوى مقام خمسة عشر يوما أتم ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ
ح ـ ). والثانية : ان نوى مقام ثلاثة عشر يوما أتم ولم يقل به أحد.
والثالثة : ان
نوى مقام اثنى عشر يوما أتم وعليه استقر مذهبه ، وبه قال ( ـ ع ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: ان نوى مقام أربعة سوى يوم دخوله وخروجه أتم ، وان كان أقل قصر ، وبه قال ( ـ ك ـ
) ، وسعيد بن المسيب ، والليث ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور.
وقال ربيعة :
ان نوى مقام يوم أتم. وقال الحسن البصري : ان دخل بلدا ووضع رحله أتم.
مسألة
ـ ٣٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قام في بلد ولا يدري كم يقيم ، فله
أن يقصر ما بينه وبين شهر ، فاذا زاد عليه وجب عليه التمام.
وقال ( ـ ش ـ )
: له أن يقصر إذا لم يعزم على مقام شيء بعينه ما بينه وبين سبعة عشر
__________________
يوما ، فان زاد على ذلك كان على قولين : أحدهما أنه يقصر أبدا ، والثاني
أنه يتمم.
وقال أبو إسحاق
: يقصر ما بينه وبين أربعة أيام ، فإن زاد كان على قولين : ١ ـ يتمم ، ٢ ـ يقصر
أبدا الى أن يعزم أربعة أيام.
وقال ( ـ ح ـ )
: له أن يقصر أبدا الى أن يعزم ما يجب معه التمام.
مسألة
ـ ٣٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حاصر الامام بلدا
وعزم على أن يقيم عشرة ، وجب عليه وعلى من علق عزمه بعزمه التمام.
وللش قولان ،
أحدهما : مثل ما قلناه ، والثاني : أن عليه التقصير أبدا ، وبه قال (
ـ ح ـ ) ، واختاره المزني.
مسألة
ـ ٣٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : البدوي الذي ليس له دار مقام وانما هو
سيار ينتقل من موضع الى موضع يطلب المرعى والخصب ويتبع مواقع المطر ، يجب عليه التمام.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا سافر سفرا يقصر في مثله قصر.
مسألة
ـ ٣٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب الإتمام في أربعة مواضع : مكة ،
والمدينة ومسجد الكوفة ، والحائر على ساكنه السّلام. ولم يخص أحد من الفقهاء موضعا
باستحباب الإتمام فيه.
__________________
مسألة
ـ ٣٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الوالي الذي يدور في ولايته ، يجب عليه
الإتمام .
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا اجتاز بموضع ولايته ، وجب عليه التقصير ، وإذا دخل بلد ولايته بنية
الاستيطان بها والمقام أتم.
مسألة
ـ ٣٢٩ ـ : إذا خرج الى
السفر وقد دخل الوقت الا أنه مضى مقدار ما يصلي الفرض أربع ركعات ، جاز له التقصير
، ويستحب له الإتمام.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان مضى مقدار ما يمكنه أن يصلي فيه أربعا كان له التقصير قال : وهذا قولنا
وقول الجماعة إلا المزني فإنه قال : عليه الإتمام ، ولا يجوز له التقصير.
وانما قلنا
بجواز التقصير لقوله تعالى « وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي
الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ
» ولم يخص.
وروى إسماعيل
بن جابر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال قلت له : يدخل علي وقت الصلاة وأنا في السفر ،
فلا أصلي حتى أدخل أهلي ، قال : صل وأتم الصلاة قلت : يدخل وقت الصلاة وأنا في
أهلي أريد السفر ، فلا أصلي حتى أخرج ، قال : صل وقصر ، فان لم تفعل فقد والله
خالفت رسول الله.
فأما الاستحباب
الذي قلناه ، فلما رواه بشير النبال قال : خرجت مع أبي عبد الله عليهالسلام حتى أتينا السحر ، فقال لي أبو عبد الله : يا نبال؟ قلت : لبيك ، قال :
انه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلي أربعا غيري وغيرك ، وذلك أنه دخل
وقت الصلاة قبل أن نخرج.
فلما اختلفت
الاخبار حملنا الأول على الاجزاء ، والثاني على الاستحباب.
__________________
مسألة
ـ ٣٣٠ ـ : إذا سافر وقد
بقي من الوقت مقدار ما يصلي فيه أربعا ، فالحكم فيه مثل الحكم في المسألة الاولى ،
وبه قال الجميع.
وقال المزني :
ليس له التقصير. ودليلنا ما تقدم في المسألة الأولى.
مسألة
ـ ٣٣١ ـ : إذا سافر وقد
بقي من الوقت ما يمكن أن يصلي فيه ركعة أو ركعتين ، فيه خلاف بين أصحابنا ،
فمنهم من يقول : يكون الصلاة أداء ، ومنهم من يقول : بعضها أداء وبعضها قضاء ،
والأول أظهر.
فعلى هذا إذا
سافر في هذا الوقت ، وجب عليه التقصير ، لأنه لحق الوقت وهو مسافر. وعلى الوجه
الأخر لا يجوز له التقصير ، لأنه غير مؤد لجميع الصلاة في الوقت.
واختلف أصحاب (
ـ ش ـ ) مثل ما قلناه ، فقال ابن خيران : ان الكل أداء ، فعلى هذا قالوا : له التقصير.
وقال أبو إسحاق
وغيره : بعضها قضاء وبعضها أداء ، فعلى هذا لا يجوز له التقصير.
مسألة
ـ ٣٣٢ ـ : القصر لا
يحتاج إلى نية القصر ، بل يكفي نية فرض الوقت لأن الأصل براءة الذمة ، فمن أوجب
هذه النية فعليه الدلالة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز القصر إلا بثلاثة شروط : أن يكون سفرا يقصر فيه الصلاة وأن ينوي القصر
مع الإحرام ، وأن تكون الصلاة أداء لا قضاء ، فان لم ينو القصر مع الإحرام لم يجز
له القصر.
وقال المزني :
ان نوى القصر قبل السّلام جاز له القصر.
مسألة
ـ ٣٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحرم المسافر بالظهر بنية مطلقة أو
بنية التمام
__________________
من غير أن ينوي المقام عشرة ، لم يلزمه التمام فوجب عليه القصر.
وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه التمام.
مسألة
ـ ٣٣٤ ـ : إذا صلى بنية
التمام أو بنية مطلقة من غير أن يعزم المقام عشرة أيام ثمَّ أفسد صلاته ، لم يجب
عليه اعادتها على التمام.
وقال جميع
أصحاب ( ـ ش ـ ) : يلزمه اعادتها على التمام. وقال المزني : هو بالخيار بين القصر
والتمام. وهذه المسألة فرع التي قبلها ، فاذا ثبت تلك ثبتت هذه ، لأن أحدا لم يفرق
بينهما.
مسألة
ـ ٣٣٥ ـ : إذا أحرم
المسافر خلف المقيم ، لا يلزمه التمام بل عليه التقصير ، فاذا صلى لنفسه فرضه سلم ، سواء أدركه
في أول الصلاة أو في آخرها.
وقال : كل من
جعل المسافر بالخيار بين القصر والتمام ومن أوجب عليه التقصير أنه يلزمه التمام ،
سواء أدركه في أول الصلاة أو في آخرها ، الا الشعبي وطاوس فإنهما قالا : له القصر
وان كان امامه متما.
وقال ( ـ ك ـ )
: إن أدرك معه ركعة أتم ، وان كان أقل منها كان له القصر.
مسألة
ـ ٣٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ترك صلاة السفر ثمَّ ذكرها في
الحضر ، قضاها صلاة المسافر.
و ( ـ للش ـ )
قولان ، قال في الأم : عليه الإتمام ، وبه قال ( ـ ع ـ ). وقال في الإملاء : له
القصر وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) ، غير أنهما قالا : القصر حتم وعزيمة مثل
قولنا.
مسألة
ـ ٣٣٧ ـ : إذا دخل
المسافر في صلاة بنية القصر ، ثمَّ عن له
__________________
نية المقام وقد صلى ركعة تمم صلاة المقيم ، ولا يبطل ما صلى بل يبنى عليه
لقولهم عليهمالسلام : من نوى المقام عشرا أتم ، ولم يفرقوا فوجب حملها على
عمومها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان قد صلى ركعة أضاف إليها أخرى وصارت الصلاة نافلة.
مسألة
ـ ٣٣٨ ـ : إذا نوى في
خلال الصلاة المقام وكان إماما أتم ، لما قلناه في المسألة المتقدمة ، والمأمومون
ان كانوا مسافرين كان عليهم التقصير ، ولا يلزمهم التمام ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمهم التمام.
مسألة
ـ ٣٣٩ ـ : من صلى في
السفينة وأمكنه أن يصلي قائما وجب عليه القيام ، واقفة كانت السفينة أو سائرة ،
وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأبو يوسف ، ومحمد.
وقال ( ـ ح ـ )
: هو بالخيار بين أن يصلي قائما أو قاعدا.
مسألة
ـ ٣٤٠ ـ : إذا أحرم
المسافر خلف المقيم عالما به أو ظانا أو لا يعلم حاله ، نوى لنفسه التقصير. وقال (
ـ ش ـ ) : يلزمه التمام.
مسألة
ـ ٣٤١ ـ : إذا سافر الى
بلد له طريقان : أحدهما يجب فيه التقصير والأخر لا يجب ، فقصد الأبعد لغرض أو لغير
غرض ، كان عليه التقصير ، لدلالة عموم الاية والاخبار.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان سلك الا بعد لغرض صحيح ديني أو دنياوي كان له التقصير ، وان كان لغير غرض فيه
قولان ، أحدهما : له القصر ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والآخر : ليس له القصر.
مسألة
ـ ٣٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا صلى المسافر بنية القصر فصلى أربعا
، فإن كان الوقت باقيا كان عليه الإعادة ، وان خرج الوقت فلا اعادة عليه.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
هو كمن صلى الفجر أربعا ساهيا ، ان ذكر قبل التسليم يسجد سجدتي السهو ، وان لم
يذكر الا بعد السّلام ، فان تطاول فعلى قولين ، وان لم يتطاول سجد للسهو.
مسألة
ـ ٣٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المسافر يسقط عنه نوافل النهار ، ولا
يسقط عنه نوافل الليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز أن لا يتنفل ولم يميز ، وفي الناس من قال : ليس له أن يتنفل أصلا.
مسألة
ـ ٣٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المسافر في معصية لا يجوز له أن يقصر ،
مثل أن يخرج لقطع طريق ، أو سعاية بمسلم ، أو قاصد الفجور ، أو آبقا من مولاه ، أو
هاربا من غريمه مع القدرة على أداء حقه ، ولا يجوز له أن يفطر ، ولا أن يأكل
الميتة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وزادوا المنع
من الصلاة على الراحلة ، والمسح على الخفين ثلاثا ، والجمع بين صلاتين. وقال قوم :
سفر المعصية كسفر الطاعة في جواز التقصير ، ذهب اليه ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و
( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
مسألة
ـ ٣٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سافر للصيد بطرا ولهوا لا يجوز له
التقصير ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٣٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ،
وبين المغرب والعشاء الآخرة في السفر والحضر وعلى كل حال ، ولا فرق بين أن يجمع
بينهما في وقت الاولى منهما أو الثانية ، لأن الوقت مشترك بعد الزوال وبعد الغروب
على ما بيناه.
وقال ( ـ ش ـ )
: كل من جاز له القصر جاز له الجمع بين الصلاتين ، وهو بالخيار
__________________
بين أن يصلي الظهر والعصر في وقت الظهر أو في وقت العصر ، وكذلك في المغرب
والعشاء الآخرة ، هذا هو الجائز.
والأفضل لمن
سافر قبل الزوال أن يؤخر الظهر الى وقت العصر يجمع بينهما في وقت العصر ، وان زالت
الشمس وهو في المنزل جمع بينها وبين العصر في وقت الظهر ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ
ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز الجمع بينهما بحال لأجل السفر ، لكن يجب الجمع بينهما بحق النسك ، وكل
من أحرم بالحج قبل الزوال من يوم عرفة ، فاذا زالت الشمس جمع بين الظهر والعصر في
وقت الظهر ، ولا يجوز أن يجمع بينهما في وقت العصر ، وجمع بين المغرب والعشاء
الآخرة بالمزدلفة في وقت العشاء ، فان صلى المغرب في وقتها المعتاد أعاد ، سواء
كان الحاج مقيما من أهل مكة أو مسافرا من غيرها من تلك النواحي ، فلا جمع الا بحق
النسك.
[ دليلنا إجماع
الفرقة فإنهم لا يختلفون في ذلك ] وقد روى الجمع بين الصلاتين عن علي ، وابن عمر ، وابن
عباس ، وأبي موسى ، وجابر ، وسعد بن أبي وقاص ، وعائشة ، وغيرهم.
مسألة
ـ ٣٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جمع بين الظهر والعصر لا يبدأ الا
بالظهر. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز أن يبدأ بالعصر.
مسألة
ـ ٣٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر أيضا
، سواء كان في المسجد أو في البيت.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجمع بينهما في المساجد فحسب ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، الا أنه قال :
__________________
يجمع بين العشائين ، ولا يجمع بين الظهر والعصر ، وأجاز ذلك ( ـ ش ـ ) ،
وعنده انما يجوز الجمع في المساجد قولا واحدا.
وفي البيت
قولان ، قال في الإملاء : يجوز. وقال في الجديد : لا يجوز. وهكذا إذا كان الطريق
الى المسجد تحت ساباط لا يناله المطر إذا خرج الى المسجد ، فعلى قولين أيضا.
(
مسائل الجمعة )
مسألة
ـ ٣٤٩ ـ : من كان مقيما
في بلد من تاجر أو طالب علم وغير ذلك ، وفي عزمه الخروج متى انقضت حاجته يجب عليه
الجمعة بلا خلاف ، وعندنا ينعقد به الجمعة أيضا ، بدلالة عموم الأخبار الواردة
بوجوب الجمعة ، ومن وجب عليه ينعقد به الا من أخرجه الدليل.
واختلف أصحاب (
ـ ش ـ ) في صحة انعقادها به ، فذهب ابن أبي هريرة إلى أنه ينعقد. وقال أبو إسحاق :
لا ينعقد ، لأنه غير مستوطن.
مسألة
ـ ٣٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان العدد الذي ينعقد بهم الجمعة في
قرية وهم سبعة أحدهم الإمام ، أو خمسة على الاختلاف بين أصحابنا ، وجب عليهم
الجمعة وانعقدت بهم.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كانوا أربعين انعقدت بهم ووجب عليهم إقامتها في موضعها.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا جمعة على أهل السواد.
مسألة
ـ ٣٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان على رأس فرسخين فما دونه ، يجب
عليه حضور الجمعة إذا لم يكن فيهم العدد الذي ينعقد بهم الجمعة ، فإن كان على أكثر
من
__________________
ذلك لا يجب عليه.
ولو كان على
قرب ، قال محمد : قلت لح يجب الجمعة على أهل زبارا بأهل الكوفة؟ فقال : لا ، وبين
زبارا وبين الكوفة الخندق ، وهي قرية بقرب الكوفة.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا كانوا بحيث يبلغهم النداء من طرف البلد الذي يليهم ، وكان المؤذن صيتا
والأصوات هادية والريح ساكنة ومن ليس بأصم مستمعا ، وجب عليهم الحضور ، والا لم
يجب الحضور ، لكن لو تكلفوها وحضروها في المصر جاز ذلك ، وبه قال عبد الله بن عمر
، وسعيد بن المسيب ، و ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
: ان كانوا على مسافة يحضرون البلد ويرجعون الى وطنهم بالليل لزمهم الحضور ، وان
كانوا أبعد لم يجب عليهم الحضور ، وبه قال في الصحابة ابن عمر ، وأنس ، وأبو هريرة
.
وقال عطاء : ان
كانوا على عشرة أميال وجب عليهم الحضور ، وان كان أكثر لم يجب عليهم. وقال الزهري
: ان كانوا على ستة أميال حضروا ، وان كانوا على أكثر لم يجب عليهم ، وهذا مثل
مذهبنا.
وقال ربيعة :
ان كانوا على أربعة أميال حضروا ، وان كانوا على أكثر من ذلك لم يجب عليهم.
وقال الليث و (
ـ ك ـ ) : ان كانوا على ثلاثة أميال حضروا ، وان كانوا على أكثر لم يحضروا.
مسألة
ـ ٣٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الجمعة واجبة على أهل السواد والقرى ،
كما يجب على أهل الأمصار إذا حصل العدد الذي ينعقد بهم الجمعة ، وبه قال ( ـ ش ـ )
، وان خالفنا في العدد ، وبه قال عمر ، وابن عباس ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ
د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلون الجمعة في هذه القرى التي
__________________
بين مكة والمدينة.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجب على أهل السواد ، وانما يجب على أهل الأمصار.
وقال أبو يوسف
: المصر ما كان فيه سوق وقاض يستوفي الحقوق ووالي يستوفي الحدود ، قال : فان سافر
الامام فدخل قرية ، فان كان أهلها يقيمون الجمعة صلى الجمعة ، والا لم يصل.
وتحقيق الخلاف
معهم هل يصح الجمعة من أهل السواد أم لا؟ فان تحقيق مذهبهم في الوجوب أنها لا يجب
الا على أهل المصر ، لأنهم قالوا : ان صلى الامام يوم الجمعة بعد الزوال ظهرا
أربعا أساء وأجزأه ، فلا معنى للكلام معهم في الوجوب على أهل القرى والسواد.
مسألة
ـ ٣٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ينعقد الجمعة بخمسة نفر جوازا وسبعة
وجوبا.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا ينعقد بأقل من أربعين من أهل الجمعة ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) وقال
ربيعة : ينعقد باثني عشر نفسا ، ولا ينعقد بأقل منهم.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ينعقد بأربعة ، امام وثلاثة معه ولا ينعقد بأقل
منهم. وقال أبو يوسف والليث : ينعقد بثلاثة ثالثهما الامام ، ولا ينعقد بأقل منهم
، لأنه أقل الجماعة.
وقال الحسن بن
صالح بن حي : ينعقد باثنين. قال الساجي : ولم يقدرك في هذا شيئا.
مسألة
ـ ٣٥٤ ـ : إذا انعقدت
الجمعة بالعدد المراعى في ذلك ، وكبر الإمام تكبيرة الإحرام ثمَّ انفضوا ، فلا نص
فيه لأصحابنا ، والذي يقتضي مذهبهم أنه لا يبطل الجمعة سواء انفض بعضهم أو جميعهم
حتى لا يبقى إلا الإمام ، فإنه يتم الجمعة ركعتين ، لأنه قد دخل في صلاة الجمعة
وانعقدت بطريقة معلومة ، فلا يجوز ابطالها الا بيقين.
__________________
وللش فيه خمسة
أقوال :
أحدها : العدد
شرط في الابتداء والاستدامة ، فمتى نقص منهم شيء أتمها ظهرا ، وهو الأصح عندهم ،
وبه قال زفر.
والثاني : ان
بقي وحده أتمها جمعة كما قلناه ، وأومى الجرجاني إلى أنه مذهب أبي يوسف ، ومحمد.
والثالث : ان
بقي معه واحد أتمها جمعة.
والرابع : ان
بقي معه اثنان أتمها جمعة.
والخامس : ينظر
، فان انفضوا بعد أن صلى ركعة أتمها جمعة ، وان كان قبل ذلك أتمها
ظهرا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، والمزني.
مسألة
ـ ٣٥٥ ـ : إذا دخل في
الجمعة وخرج الوقت قبل الفراغ منها لا يلزمه الظهر ، لما قلناه في المسألة
المتقدمة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ش ـ ) : بقاء الوقت شرط في صحة الجمعة ، فإذا خرج الوقت أتم الظهر أربعا عند
( ـ ش ـ ) ، ويبطل عند ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٣٥٦ ـ : إذا صلى
المأموم خلف الامام يوم الجمعة فقرأ الامام وركع وركع المأموم ، فلما رفع الإمام
رأسه وسجد زوحم المأموم ، فلم يقدر على السجود على الأرض وأمكنه أن
يسجد على ظهر غيره ، فلا يسجد على ظهره ويصبر حتى يتمكن من السجود على الأرض ،
لأنه مأمور بالسجود على الأرض ، فمن أجاز له أو أوجب عليه السجود
على ظهر الغير فعليه الدلالة ، وبه قال عطاء ، والزهري ، و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
في الأم : عليه أن يسجد على ظهر غيره. وقال في القديم : ان
__________________
سجد على ظهر غيره أجزأه ، وبه قال عمر بن الخطاب ، ومن الفقهاء ( ـ ر ـ ) ،
و ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال الحسن
البصري : هو بالخيار بين أن يسجد على ظهر غيره ، وبين أن يصبر حتى يقدر على السجود
على الأرض.
مسألة
ـ ٣٥٧ ـ : إذا تخلص
المأموم بعد أن ركع الإمام في الركعة الثانية فليسجد معه في الثانية ولا يركع ،
وينوي أنهما للركعة الاولى ، ثمَّ يقضي بعد ذلك ركعة أخرى وقد تمت جمعته ، فان نوى
أنهما للركعة الثانية لا يجزي عن واحد منهما.
وقال ( ـ ش ـ )
: عليه أن يتابع الإمام في سجوده ولم يفصل ، وتحصل له ركعة ملفقة ركوع في الاولى
وسجود في الثانية ، فإذا سلم الامام فهل يتمها جمعة؟
على وجهين :
أحدهما ـ قال أبو إسحاق : يتمها جمعة ، وقال غيره : يتمها ظهرا.
وقال ( ـ ح ـ )
: يتشاغل بقضاء ما عليه.
مسألة
ـ ٣٥٨ ـ : إذا تخلص
والامام راكع في الثانية ان أمكنه أن يتشاغل بالقضاء ويلحق بالإمام فعل ، والا
يصبر حتى يسجد مع الامام.
وقال ( ـ ح ـ )
: يتشاغل بقضاء ما عليه. و ( ـ للش ـ ) قولان ، أحدهما : يتشاغل بالقضاء ، والثاني
: يتابع الإمام.
مسألة
ـ ٣٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سبق الامام حدث في الصلاة ، جاز له
أن يستنيب من يتم بهم الصلاة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في الأم. وقال في
القديم والإملاء : لا يجوز.
مسألة
ـ ٣٦٠ ـ : إذا سبق الامام
الحدث أو تعمد الحدث في الجمعة ، جاز له أن يستخلف من لم يحرم معه بها ، بدلالة
عموم الأخبار الواردة في هذا المعنى.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يستخلف من لم يحرم معه بها ، سواء كان حاضرا للخطبة أو غير
حاضر لها.
مسألة
ـ ٣٦١ ـ : إذا حدث الإمام في
الصلاة ، فاستخلف من لم يحرم معه في أول صلاته ، وان لحقه في الركعة الثانية قبل
أن يركع فيها ، اعتبر الثانية أولة لنفسه وأتم بهم وبنفسه الجمعة.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا لم يلحق معه التحريم واستخلف صلى لنفسه الظهر وكان للمأمومين جمعة يتم بهم
الجمعة ولنفسه الظهر.
مسألة
ـ ٣٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سبقه حدث ، فاستخلف غيره ممن سبقه
بركعة أو أقل أو أكثر في غير الجمعة ، صح ذلك ، سواء وافق ترتيب صلاة المأمومين أو
خالف ، مثلا أن يحدث في الركعة الأولى قبل الركوع فيصح الترتيب ، وان أحدث في
الركعة الثانية ، فاستخلف من دخل فيها وهي أولة له ، فإنه يختلف الترتيب ، لأنها
أولة لهذا الامام وهي ثانية للمأمومين ، ويحتاج أن يقوم في التي بعدها والمأمومون
يتشهدون ، فهذه تخالف الترتيب.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان استخلف فيما يوافق الترتيب صح ، وان استخلف فيما يخالف لم يصح.
مسألة
ـ ٣٦٣ ـ : من سقط عنه
فرض الجمعة لعذر من العليل والمسافر والمرأة والعبد وغير ذلك ، جاز له أن يصلي في أول الوقت
، وجاز أن يصليه جماعة ، بعموم الاخبار في فضل الجماعة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، الا
أنه استحب تأخيره إلى آخر الوقت. وقال ( ـ ح ـ ) : يكره لهم أن يصلوها جماعة.
مسألة
ـ ٣٦٤ ـ : الواجب يوم
الجمعة عند الزوال الجمعة ، فإن صلى الظهر لم يجزه عن الجمعة ووجب عليه السعي ،
لقوله تعالى
__________________
« إِذا نُودِيَ
لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ
» فان سعى وصلى الجمعة برأت ذمته ، وان لم يفعل حتى فاتته الجمعة ، وجب عليه
اقامة الظهر.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، وبه قال زفر. وقال في القديم : الواجب هو
الظهر ، ولكن كلف إسقاطها بفعل الجمعة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأبو يوسف ،
وقالا : إذا صلى الظهر في داره يوم الجمعة قبل أن يقام الجمعة صحت.
ثمَّ ينظر فيه
فان سعى إلى الجمعة ، قال ( ـ ح ـ ) : يبطل ما فعله من الظهر بالسعي إلى الجمعة ،
لأنه تشاغل بعدها بما يختص بالجمعة ، وقال أبو يوسف : لا يبطل بالسعي إلى الجمعة ،
ولكنه إذا وافى الجامع فأحرم خلف الامام بطلت الان ظهره وكانت الجمعة فرضه. وقال محمد : إذا صلى
الظهر كان مراعى ، فان لم يحضر الجمعة صحت ظهره ، وان حضر فصلى الجمعة
بطل الان ظهره.
مسألة
ـ ٣٦٥ ـ : المقيم إذا
زالت الشمس لا يجوز أن ينشئ سفرا حتى يصلي الجمعة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال محمد
بن الحسن : يجوز له ذلك ، وبه قال باقي أصحاب ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٣٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من طلع عليه الفجر يوم الجمعة وهو مقيم
يكره أن يسافر الا بعد أن يصلي الجمعة ، وليس ذلك بمحظور .
وللش فيه قولان
، أحدهما : لا يجوز ، وبه قال ابن عمر ، وعائشة. والأخر : أنه يجوز ، وبه قال عمر
، والزهري وأبو عبيدة بن الجراح ، واليه ذهب ( ـ ح ـ ) ،
__________________
وأصحابه. وروي أن عمر أبصر رجلا عليه هيئة السفر وهو يقول لو لا أن اليوم
يوم الجمعة لخرجت ، فقال له عمر : أخرج فإن الجمعة لا تحبس مسافرا.
مسألة
ـ ٣٦٧ ـ : العدد شرط في
الخطبة ، كما هو شرط في نفس الصلاة ، فإن خطب وحده ثمَّ حضر العدد فأحرم بالجمعة
لم يصح ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: العدد ليس بشرط في صحة الخطبة. وطريقة الاحتياط يقتضي ما قلناه.
مسألة
ـ ٣٦٨ ـ : المعذور من
المريض والمسافر والعبد إذا صلوا في دورهم ظهرا وراحوا إلى الجمعة لم يبطل ظهرهم ،
لأنهم صلوا فرضهم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يبطل ظهرهم بالسعي إلى الجمعة.
مسألة
ـ ٣٦٩ ـ : هل ينعقد بالعبد
والمسافر الجمعة دون غيرهم إذا حضروا؟
عندنا ينعقد
بهم الجمعة إذا تمَّ العدد ، لان اعتبار العدد عام ليس فيه تخصيص ، وليس إذا لم
يجب عليهم لا ينعقد بهم ، فان المريض لا يجب عليه بلا خلاف ، ولو حضر انعقدت به ،
وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا ينعقد بهم الجمعة إذا انفردوا أو تمَّ بهم العدد.
مسألة
ـ ٣٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : غسل يوم الجمعة سنة مؤكدة ، وبه قال
الفقهاء.
وقال داود
والحسن البصري : واجب.
مسألة
ـ ٣٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من اغتسل يوم الجمعة قبل الفجر ، لم
يجزه عن غسل الجمعة إلا إذا كان آيسا من وجود الماء ، فيجوز حينئذ تقديمه. ولو كان
يوم الخميس ، ولو اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال ( ـ ع ـ )
: يجوز قبل الفجر.
__________________
مسألة
ـ ٣٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت غسل يوم الجمعة ما بين طلوع الفجر
الثاني الى أن يصلي الجمعة ، وقد مضى خلاف ( ـ ك ـ ) فيه .
مسألة
ـ ٣٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من دخل المسجد والامام يخطب ، فلا ينبغي
أن يصلي نافلة ولا تحية المسجد ولا غيرها بل يستمع للخطبة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ،
وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصلي ركعتين تحية المسجد ثمَّ يجلس يستمع للخطبة ، وبه قال الحسن البصري ، و ( ـ
ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
: ان كان صلى تحية المسجد في داره لم يصل ، والا صلاها .
مسألة
ـ ٣٧٤ ـ : يكره لمن أتى
الجمعة أن يتخطى رقاب الناس ، سواء ظهر الإمام أو لم يظهر ، وسواء كانت له عادة
بالصلاة في موضع أو لم يكن ، لقول النبي عليهالسلام للرجل الذي يتخطى رقاب الناس وهو عليهالسلام يخطب : اجلس فقد اذيت ، وبه قال عطاء وسعيد بن المسيب ،
و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان لم يكن الامام ظهر لم يكره ، وان كان ظهر الامام كره ان لم يكن له مجلس عادته
أن يصلي فيه ، وان كان له مجلس عادته أن يصلي فيه لم يكره.
مسألة
ـ ٣٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الخطبة شرط في صحة الجمعة ، وبه قال
سعيد بن جبير ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال
الحسن البصري : يجوز بغير خطبة.
مسألة
ـ ٣٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : على الامام أن يخطب قائما الا من عذر ،
وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: المستحب أن يخطب قائما ، فإن خطب جالسا من غير عذر جاز.
مسألة
ـ ٣٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أخذ الإمام في الخطبة ، حرم الكلام
على
__________________
المستمعين حتى يفرغ من الخطبتين ، وبه قال أبو يوسف ، و ( ـ ش ـ ) ،
وأصحابه.
وقال ( ـ ح ـ )
ومحمد : الكلام مباح ما لم يظهر الإمام ، فإذا ظهر حرم حتى يفرغ من الخطبتين والصلاة.
مسألة
ـ ٣٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أقل ما يكون الخطبة أن يحمد الله تعالى
ويثني عليه ويصلي على النبي صلىاللهعليهوآله ، ويقرأ شيئا من القرآن ويعظ الناس ، فهذه أربعة أجناس
لا بد منها ، فإن أخل بشيء منها لم يجزه وما زاد عليه مستحب ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجزي من الخطبة كلمة واحدة « الحمد لله » أو « الله أكبر » أو « سبحان الله » أو
« لا إله إلا الله » ونحو هذا.
وقال أبو يوسف
ومحمد : لا تجزيه حتى يأتي بما يقع عليه اسم الخطبة.
مسألة
ـ ٣٧٩ ـ : الوقت الذي
يرجى استجابة الدعوة فيه ما بين فراغ الامام من الخطبة الى أن يستوي الصفوف بالناس
، بدلالة الأخبار الواردة في ذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
: هو آخر النهار عند غروب الشمس.
مسألة
ـ ٣٨٠ ـ : من شرط الخطبة
الطهارة. وطريقة الاحتياط يقتضيه ، وهو قول ( ـ ش ـ ) في الجديد ، وقال في القديم
: يجوز بغير طهارة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٣٨١ ـ : يستحب أن يقرأ
في الاولى من ركعتي الجمعة الحمد وسورة الجمعة ، وفي الثانية الحمد والمنافقون ،
وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يقرأ في الأولى بالجمعة ، وفي الثانية ب ـ « هل أتاك حديث الغاشية » وقال ( ـ ح ـ
) : ليس في القرآن شيء معين قرء ما شاء.
__________________
مسألة
ـ ٣٨٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب قراءة الجمعة في صلاة الجمعة في
صلاة المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة والعصر زائدا على ما قدمناه ، ولم يقل
أحد من الفقهاء ذلك.
مسألة
ـ ٣٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يقرأ يوم الجمعة في
صلاة الفجر الجمعة وقل هو الله أحد.
وقال ( ـ ش ـ )
: يستحب أن يقرأ في الأولى الحمد والم تنزيل ، وفي الثانية الحمد وهل أتى على الإنسان .
مسألة
ـ ٣٨٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وللإمام أن يخطب عند وقوف الشمس [ فاذا
زالت صلى الفريضة ، وفي أصحابنا من قال : انه يجوز أن يصلي الفرض عند قيام الشمس ]
يوم الجمعة ، وهو اختيار المرتضى رحمهالله.
وقال ( ـ د ـ )
: ان أذن وخطب وصلى قبل الزوال أجزأه. وأول وقتها عند ( ـ « د » ـ ) حين يرتفع
النهار.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز الأذان والخطبة إلا بعد الزوال ، فان قدمها أو قدم الخطبة لم يجزه ، فان
أذن قبل الزوال وخطب وصلى بعد الزوال أجزأه الجمعة ولم يجزه الأذان ، وكان كمن صلى
الجمعة بغير أذان ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان خطب قبل الزوال وصلى بعده أجزأه.
مسألة
ـ ٣٨٥ ـ : إذا دخل في
الجمعة وهو فيها ، فدخل العصر قبل فراغه منها تممها جمعة ، وهو مذهب عطاء ، و ( ـ
ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: تممها ظهرا إذا دخل عليه وقت العصر قبل الفراغ وقال ( ـ ح ـ ) : تبطل صلاته.
دليلنا : أنه
لا خلاف أنه انعقدت صلاته جمعة ، فمن أبطلها فعليه الدليل.
مسألة
ـ ٣٨٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أدرك مع الإمام ركعة من طريقة المشاهدة
أو الحكم ، فقد أدرك الجمعة ، فالمشاهدة أن يدركها معه من أولها أعني أول الثانية
والحكم أن يدركه راكعا في الثانية فكبر وركع مع الامام ، وان رفع الإمام رأسه من
الركوع صلى الظهر أربعا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ
ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، ومحمد بن الحسن.
وقال قوم : ان
أدرك الخطبتين والركعتين صلى الجمعة ، وان أدرك دون هذا صلى الظهر أربعا ، ذهب
اليه عمر بن الخطاب ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد.
وقال قوم : ان
من أدرك معه اليسير منها ، فقد أدرك الجمعة ، ذهب اليه ( ـ ح ـ ) وأبو يوسف ،
والنخعي ، وداود.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان أدركه في سجود السهو بعد السّلام كان مدركا لها ، لأنه إذا سجد للسهو عاد الى
حكم الصلاة.
مسألة
ـ ٣٨٧ ـ : إذا أدرك مع
الإمام ركعة ، فصلاها معه ثمَّ سلم الامام وقام وصلى ركعة أخرى ، ثمَّ ذكر أنه ترك سجدة ،
فلم يدر هل هي من التي صلاها مع الإمام أو من الأخرى؟ فليسجد تلك السجدة وسجد
سجدتي السهو وتمت جمعته.
وقال ( ـ ش ـ )
: يحسبها ركعة واحدة ، وأكملها الظهر أربعا.
مسألة
ـ ٣٨٨ ـ : إذا جلس
الامام على المنبر ، لا يلزمه أن يسلم على الناس ،
__________________
لأن الأصل براءة الذمة ، وشغلها بواجب أو ندب يحتاج إلى دلالة وبه قال ( ـ
ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يستحب له أن يجلس ويسلم على الناس ، وكذلك ليس على الامام أن يلتفت يمينا ولا
شمالا في خطبته ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يلتفت يمينا
وشمالا كالمؤذن.
مسألة
ـ ٣٨٩ ـ : يكره الكلام
للخطيب والسامع وليس بمفسد للصلاة ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يحرم على
السامع والخطيب معا ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و
( ـ د ـ ). والثاني قال في الأم : الإنصات مستحب غير واجب ، وبه قال النخعي ،
والحكم ، وحماد ، و ( ـ ر ـ ).
مسألة
ـ ٣٩٠ ـ : من شروط انعقاد الجمعة
الإمام ، أو من يأمره الإمام بذلك من قاض أو أمير ونحو ذلك ، ومتى أقيمت
بغير أمره لم يصح ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).
وقال محمد :
إذا مرض الإمام أو سافر أو مات ، فقدمت الرعية من يصلي بهم الجمعة صحت ، لأنه موضع
ضرورة ، وكذا صلاة العيدين.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز أن يجمع جماعة من غير أمر الإمام ، فيقيموا الجمعة بغير اذنه ،
وليس من شرط الجمعة الامام ولا أمر الإمام.
مسألة
ـ ٣٩١ ـ : يجوز أن يكون
العبد إماما في صلاة الجمعة وان كان فرضها ساقطا عنه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ
ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز.
__________________
مسألة
ـ ٣٩٢ ـ : الصبي الذي لم
يبلغ لا ينعقد به الجمعة وان كان يصح منه صلاة التطوع ، لأنه لا دليل عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
في الإملاء : يجوز ذلك ، وقال في الأم : لا يجوز.
مسألة
ـ ٣٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجمع في مصر واحد وان عظم وكثرت
مساجده إلا في مسجد واحد ، الا أن يكون البلد أكثر من ثلاثة أميال ، فيكون بين
الجمعتين ثلاثة أميال فيصح الجمعتان ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وهو
الظاهر من قول ( ـ ح ـ ).
وقال أبو يوسف
: إذا كان البلد ذا جانب واحد فمثل ذلك ، وان كان ذا جانبين نظرت فان كان بينهما
جسر فمثل ذلك ، وان كان جانبا واحدا وان لم يكن بينهما جسر ، فكل جانب منه بلد
مفرد.
وقال محمد بن
الحسن : القياس انه لا يقام فيه الا جمعة واحدة ، فإن أقيمت في موضعين جاز
استحسانا ، وعنه رواية أخرى ان أقيمت في ثلاثة مواضع جاز استحسانا ، وحكى الساجي
عن ( ـ ح ـ ) مثل قول محمد في أنه يجوز في موضعين استحسانا الا أنه لم يعتبر أحدهم
ثلاثة أميال على ما قلناه.
مسألة
ـ ٣٩٤ ـ : الوقت الذي
يحرم فيه البيع يوم الجمعة إذا جلس الامام على المنبر بعد الأذان ، ويكره بعد
الزوال قبل الأذان على كل حال ، لقوله تعالى «
إِذا
نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ » فنهى عن البيع
إذا نودي لها ، فدل على أنه غير منهي عنه قبل النداء ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وعمر
بن عبد العزيز ، وعطاء ، والزهري وغيرهم.
__________________
وقال ربيعة و (
ـ ك ـ ) و ( ـ د ـ ) : إذا زالت الشمس من يوم الجمعة حرم البيع.
مسألة
ـ ٣٩٥ ـ : لا يحرم البيع
على من لا يجب عليه الجمعة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لان الله تعالى انما حرم البيع
على من أوجب عليه السعي.
وقال ( ـ ك ـ )
: يمنع العبد من ذلك كالأحرار.
مسألة
ـ ٣٩٦ ـ : البيع في
الوقت المنهي عنه لا يصح ، لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه ، وبه قال ربيعة ، و
( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : يصح بيعه.
مسألة
ـ ٣٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الجمعة فيها قنوتان :
أحدهما في الركعة ، الأولى قبل الركوع ، والأخر في الثانية بعد الركوع ، وخالف
جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٣٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب يوم الجمعة تقديم نوافل الظهر قبل
الزوال ولم أعرف لأحد من الفقهاء وفاقا في ذلك.
ويدل عليه
إجماع الفرقة ، فإنهم بين فرقتين : فرقة يستحب تقديم جميع النوافل ، وفرقة يستحب
تقديم أكثرها. ورويت رواية شاذة في جواز تأخير النوافل الى بعد العصر ، وروى علي
بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عن النافلة التي يصلى يوم الجمعة قبل الجمعة أفضل
أو بعدها؟ قال : قبل الصلاة.
مسألة
ـ ٣٩٩ ـ : من صلى الظهر
منفردا يوم الجمعة أو المسافر ، يستحب له الجهر بالقراءة ، ولم أعرف لأحد من
الفقهاء وفاقا فيه.
(
مسائل صلاة الخوف )
مسألة
ـ ٤٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الخوف جائزة غير منسوخة ، وبه قال
جميع
__________________
الفقهاء ، إلا أبا يوسف والمزني فإنهما قالا : انها منسوخة ، ثمَّ رجع أبو
يوسف عنه.
مسألة
ـ ٤٠١ ـ : من أصحابنا من
يقول : صلاة الخوف مقصورة ركعتين ركعتين ، الا المغرب في السفر والحضر ، وبه قال
ابن عباس ، وقال الامام : يصلي بكل طائفة ركعة ، وبه قال طاوس ، والحسن البصري ،
الا انهم قالوا : فرض المأموم ركعة.
ومن أصحابنا من
يقول : لا يقصر أعدادها إلا في السفر ، وانما يقصر هيأتها ، وبه قال جميع الفقهاء.
والمذهب الأول أظهر.
مسألة
ـ ٤٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كيفية صلاة الخوف أن يفرق الناس فرقتين
، يحرم الإمام بطائفة والطائفة الأخرى تقف تجاه العدو ، فيصلي بالذين معه ركعة ثمَّ يثبت قائما ويتمون
الركعة الثانية لأنفسهم ، وينصرفون الى تجاه العدو ، ويجيء الطائفة الأخرى ،
فيصلى الامام بهم الركعة الثانية ، وهي أولة لهم ، ثمَّ يثبت جالسا ، فيقوم هذه
الطائفة فيصلي الركعة الثانية عليها ، ويجلس معه ثمَّ يسلم بهم الامام ، وبه قال ( ـ
ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يفرقهم فرقتين على ما قلناه ، فيحرم بطائفة فيصلي بهم ركعة ، ثمَّ يثبت قائما
وينصرف هذه الطائفة وهو في الصلاة ، فيقف تجاه العدو ثمَّ يأتي الطائفة الأخرى
فيصلي بهم الإمام الركعة التي بقيت من صلاته ، ويسلم الامام ولا يسلمون ، بل ينصرف
هذه الطائفة وهي في الصلاة الى تجاه العدو ويأتي الطائفة الاولى الى الموضع ،
فيصلي الركعة الباقية عليها ، ثمَّ ينصرف الى تجاه العدو ،
__________________
وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي الركعة الباقية عليها وقد تمت صلاتهم.
مسألة
ـ ٤٠٣ ـ : صلاة المغرب
الأفضل أن يصلي بالفرقة الأولى ركعة ، وبالفرقة الثانية ركعتين ، وان
صلى بالأولى ثنتين وبالأخرى ركعة كان أيضا جائزا ، والأول رواية الحلبي ،
والثاني رواية زرارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) سواء الا أن أصحابه اختاروا أن يصلي
بالأولى ركعتين ، وبالثانية واحدة.
مسألة
ـ ٤٠٤ ـ : صلاة الخوف
جائزة في الحضر ، كما يجوز في السفر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ك ـ
) : لا يجوز في الحضر.
مسألة
ـ ٤٠٥ ـ : إذا فرقهم في
الحضر أربع فرق وصلى بكل فريق منهم ركعة ، بطلت صلاة الجميع الامام والمأموم ، لما سبق أن
صلاة الخوف مقصورة فاذا صلى أربعا لا يجزيه ، وهكذا على القول الشاذ من أصحابنا
يبطل صلاتهم ، لأنه لم يثبت لنا في الشرع هذا الترتيب ، فوجب أن يكون باطلا ، لأنه
غير مشروع.
وقال ( ـ ح ـ )
: يصح صلاة الامام ، ويبطل صلاة الطوائف.
و ( ـ للش ـ )
قولان ، أحدهما : يصح صلاة الامام والمأموم الثاني بطلت صلاته ، وصحت صلاة الطائفة
الاولى والثانية وبطلت صلاة [ الافراد ] الثالثة والرابعة لأنهما دخلا في صلاة بعد فسادها ،
وفسادها يكون عند الفراغ من الركعتين.
مسألة
ـ ٤٠٦ ـ : أخذ السلاح
واجب على الطائفة المصلية ، وبه قال داود ،
__________________
و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه ، لقوله تعالى «
وَلْيَأْخُذُوا
أَسْلِحَتَهُمْ » والقول الآخر
أن أخذه مستحب ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٤٠٧ ـ : صلاة شدة
الخوف وهي حال المسايفة والتحام القتال يصلى بحسب الإمكان إيماء ، وغير ذلك من
الانحناء قائما وقاعدا وماشيا ، ومستقبل القبلة أو غير مستقبلها ، ولا يجب عليه
الإعادة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : ان ضارب فيها وطاعن بطلت صلاته ومضى فيها ويعيدها.
وقال أبو العباس : مضى فيها ولا يعيدها كما قلناه.
وقال ( ـ ح ـ )
: يصلي كما قلناه إيماء وسائر أحواله الا أنه لم تحصل الصلاة ماشيا
وقال : إذا لم يتمكن الا بالطعن والضرب فلا يصح وينبغي أن
يؤخرها حتى يزول القتال ثمَّ يقضيها.
مسألة
ـ ٤٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رأى سوادا فظن أنه عدو ، فصلى صلاة
شدة الخوف إيماء ، ثمَّ تبين أنه لم يكن عدو وانما كان وحشا أو إبلا أو غيرها ، لم
يجب عليه الإعادة ، لقوله تعالى « فَإِنْ خِفْتُمْ
فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً » وهذا خائف.
و ( ـ للش ـ )
، فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والثاني : عليه الإعادة.
مسألة
ـ ٤٠٩ ـ : إذا رأى العدو
وصلى صلاة شدة الخوف ، ثمَّ بان لهم أن بينهم خندقا أو نهرا كبيرا لا يصلون إليهم
لا يجب عليهم الإعادة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في
__________________
أحد قوليه ، والأخرى يجب عليه الإعادة ، ومن أصحابه من قال : يجب عليه
الإعادة قولا واحدا.
مسألة
ـ ٤١٠ ـ : يجوز صلاة
الجمعة على هيئة صلاة الخوف ، في مصر كان أو في الصحراء إذا تمَّ العدد والشرط ،
وعلى مذهب ( ـ ح ـ ) لا يقام الجمعة إلا في المصر أو المصلى الذي يصلي فيه العيد ،
وعند ( ـ ش ـ ) لا يقام الا جوف المصر ، ولا يقام في الصحراء على حال.
مسألة
ـ ٤١١ ـ : إذا صلى صلاة الخوف في غير الخوف ، فإن صلاة الإمام صحيحة
بلا خلاف وصلاة المؤتمين عندنا أيضا صحيحة ، سواء كان على الوجه الذي صلى النبي صلىاللهعليهوآله بعسفان ، أو ببطن النخل ، أو ذات الرقاع ، لأنه لا دليل على بطلانها من حيث فارق الامام ، فمن أبطلها
فعليه الدليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان صلى بهم صلاة النبي ببطن النخل فصلاة الجميع صحيحة ، وان صلى بهم صلاته بذات الرقاع
فصلاة المأمومين على قولين ، والمختار أنها تبطل ، وان صلى بهم صلاة النبي بعسفان ،
فصلاة الامام وصلاة الذين لم يحرسوه صحيحة. وأما صلاة من حرسه ، فعلى قولين ، والمختار
أنها لا تبطل.
مسألة
ـ ٤١٢ ـ : لبس الحرير المحض محرم على الرجال ، وكذلك التدثر به وفرشه
والقعود عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: فرشه والجلوس عليه غير محرم.
دليلنا : عموم الأخبار
الواردة في تحريم الحرير المحض للرجال ، وأيضا روى علي عليهالسلام قال : خرج النبي صلىاللهعليهوآله يوما وبيمينه قطعة ذهب وبشماله قطعة حرير ، فقال : ان هذين حرام على ذكور أمتي
حل لإناثها.
__________________
وروى ( ـ ك ـ )
عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر أنه رأى حلة في المسجد تباع ، فقال : يا رسول الله لا
نشتريها لك تلبسها يوم الجمعة إذا قدم عليك الوفد ، فقال عليهالسلام هذا لباس من لا خلاق له في الآخرة.
مسألة
ـ ٤١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الثياب المنسوجة من الإبريسم إذا خالطها
شيء من كتان أو قطن أو خز سداه أو لحمته أو شيء منسوج فيه ، زال عنه التحريم ، سواء
كان مثله أو غالبا عليه أو أقل منه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان الغالب الإبريسم فهو حرام ، وان كان الغالب غيره لم يحرم ، وان كانا نصفين
ففيه وجهان.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا خالط غيره لم يحرم مثل ما قلناه.
دليلنا ـ مضافا
الى إجماع الفرقة ـ ما رواه ابن عباس أن النبي عليهالسلام قال : انما حرم الديباج إذا كان مصمتا سداه ولحمته ، فأما أحدهما فلا بأس.
( مسائل
صلاة العيدين )
مسألة
ـ ٤١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة العيدين في فرض على الأعيان ، ولا يسقط
الا عمن يسقط عنه الجمعة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : هي سنة مؤكدة إلا
الإصطخري ، فإنه قال : هي من فروض الكفايات.
مسألة
ـ ٤١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب التكبير ليلة الفطر ، وبه قال جميع
الفقهاء.
وقال النخعي : ذاك
عمل الحوالين يعني من كبر حين يغدو الى المصلى ، وروي عن ابن عباس انه سئل عن رجل كبر يوم
الفطر ، فقال : كبر امامه؟ قالوا : لا ، قال ذاك رجل أحمق.
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: يكبر في ذهابه إلى الأضحى ، ولا يكبر يوم الفطر.
مسألة
ـ ٤١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أول وقت التكبير عقيب صلاة المغرب ، وآخره
عقيب صلاة العيد ، فيكون التكبير عقيب أربع صلوات المغرب والعشاء الآخرة والصبح وصلاة
العيدين.
وقال ( ـ ش ـ )
: له وقتان أول وآخر ، فالأول حين تغيب الشمس من ليلة الفطر ، وبه قال سعيد بن المسيب
، وعروة بن الزبير ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، هؤلاء من الفقهاء
السبعة ، وهو قول أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وزيد بن أسلم ، وذهب ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ
ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) الى أن أول وقت التكبير عقيب صلاة الفجر.
وأما آخر وقته ،
فاختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ، فقال أبو العباس وأبو إسحاق : المسألة على قول واحد ،
وهو أن لا ينقطع التكبير حتى يفتتح صلاة العيد ، وقال : المسألة على ثلاثة أقوال :
أحدها إذا خرج الامام ، والثاني : حين يفتتح الصلاة ، والثالث : حين يفرغ من الخطبتين.
ولا خلاف بينهم
أن من سنة الإمام التكبير حتى تنقضي الخطبتان.
مسألة
ـ ٤١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كيفية التكبير أن يكبر عقيب الصلوات الأربع
التي ذكرناها.
وقال ( ـ ش ـ )
: التكبير مطلق ومقيد ، فالمطلق أن يكبر على كل حال ماشيا وراكبا وجالسا في الأسواق
والطرقات ، والمقيد عقيب الصلوات التي ذكرناها ، وفيه وجهان : أحدهما أنه مسنون وهو
الأظهر ، والأخر : ليس بمسنون.
مسألة
ـ ٤١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة العيدين في المصلى أفضل منه في المساجد
__________________
إلا بمكة ، فإن الصلاة في المسجد الحرام أفضل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان المسجد ضيقا كره له الصلاة فيه وكان المصلي أفضل ، وان كان واسعا فالصلاة
فيه أفضل ، ويجوز أيضا في المصلى وليس بمكروه.
مسألة
ـ ٤١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تقدم صلاة الأضحى ويؤخر قليلا صلاة الفطر
، لان من السنة أن يأكل الإنسان في الفطر قبل الصلاة ، وفي الأضحى بعد الصلاة.
وقال ( ـ ش ـ )
: تقدم الفطر ويؤخر الأضحى.
مسألة
ـ ٤٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأذان في صلاة العيدين بدعة ، وبه قال جميع
الفقهاء وقال سعيد بن المسيب : أول من أحدث الأذان لصلاة العيدين معاوية.
وقال ابن سيرين
: أول من أحدث بنو أمية وأخذه الحجاج منهم. وقال أبو قلابة : أول من أحدثه ابن الزبير.
مسألة
ـ ٤٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التكبير في صلاة العيدين اثنتا عشرة تكبيرة
، في الأولى سبع منها تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع ، وفي الثانية خمس منها تكبيرة
الركوع ، ومن أصحابنا من قال : فيها تكبيرة القيام وموضع التكبيرات في الركعتين بعد
القراءة.
وقال ( ـ ش ـ )
: الزائد اثنتا عشرة تكبيرة منها في الأولى سبع ، وفي الثانية خمس ليس منها تكبيرة
الافتتاح ولا تكبيرة الركوع ، وموضعها قبل القراءة في الركعتين معا ، وبه قال أبو بكر
، وعمر ، وحكوه عن علي ، وعبد الله بن عمر ، وزيد بن ثابت و [ أبو هريرة ] عائشة ، وبه قال في الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و
( ـ ق ـ ) و ( ـ ك ـ ) الا أنه خالفهم في موضعه ، فقال : يكبر في الأولى سبعا مع تكبيرة
الإحرام.
__________________
فيكون الزائد على
الراتب على مذهبنا تسعة ، وعلى مذهب ( ـ ش ـ ) اثنتا عشر ، وعلى مذهب ( ـ ك ـ ) أحد
عشر.
وقال ( ـ ح ـ )
: يكبر في الأولى ثلاثا بعد تكبيرة الإحرام ، وفي الثانية ثلاثة بعد تكبيرة القيام ، والزائد على مذهبه ست تكبيرات.
وقال ( ـ ش ـ )
: يكبر تكبيرة الافتتاح ويدعو بدعاء الافتتاح ، ثمَّ يكبر سبعا ثمَّ يأتي بالتعوذ بعدها ثمَّ يقرأ ، وبه قال محمد بن الحسن.
وقال ( ـ ح ـ )
وأبو يوسف : يأتي بدعاء الاستفتاح ، والتعوذ عقيبه ثمَّ يكبر ثلاثا ثمَّ يقرأ.
مسألة
ـ ٤٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يرفع يديه مع كل تكبيرة ، وبه قال
( ـ ش ـ ) و ( ـ ح ـ ) خلاف ما قاله في سائر الصلوات ، و ( ـ ك ـ ) يقول : يرفع يديه
من كل تكبيرة لا غير.
مسألة
ـ ٤٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يدعو بين التكبيرات بما يسنح له.
وقال ( ـ ش ـ )
: يقف بين كل تكبيرتين بقدر قراءة آية لا طويلة ولا قصيرة ، يقول : لا إله إلا الله
والحمد لله.
وقال ( ـ ك ـ )
: يقف بقدر ذلك ساكتا لا يقول شيئا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وقال : يوالي بين التكبيرات ولا يفصل بينها.
مسألة
ـ ٤٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يقرأ في الركعة [ بعد الحمد ]
__________________
الاولى « والشمس وضحاها » وفي الثانية « هل أتاك حديث الغاشية » وقال ( ـ ش ـ ) : يقرأ في الأولى سورة ( ـ ق ـ ) وفي الثانية سورة القمر .
مسألة
ـ ٤٢٥ ـ : إذا نسي التكبيرات حتى يركع مضى في صلاته ولا شيء عليه وبه
قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا ذكرها في حال الركوع كبر وهو راكع.
مسألة
ـ ٤٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الخطبة في العيدين بعد الصلاة ، وبه قال
جميع الفقهاء ، وروي أن مروان بن الحكم كان خطب قبل الصلاة.
مسألة
ـ ٤٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العدد شرط في وجوب صلاة العيدين ، وكذلك
جميع شرائط الجمعة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يراعى فيه شرائط الجمعة ، ويجوز للمنفرد والمسافر والعبد إقامتها.
مسألة
ـ ٤٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره التنفل يوم العيد قبل صلاة العيد وبعدها
الى بعد الزوال للإمام والمأموم ، وهو المروي عن علي عليهالسلام.
وقال ( ـ ش ـ )
: يكره مثل ذلك للإمام ، فأما المأموم فلا يكره له ذلك إذا لم يقصد التنفل لصلاة العيد.
وقال ( ـ ع ـ )
، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : يكره قبلها ، ولا يكره بعدها.
مسألة
ـ ٤٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المسافر والمرأة والعبد لا يجب عليهم صلاة
العيد ويجوز لهم أن يقيموها سنة.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يصح منهم إقامتها و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يصح ، والأخر :
__________________
لا يصح.
مسألة
ـ ٤٣٠ ـ : روت العامة عن علي عليهالسلام أنه خلف من صلى بضعفة الناس في المصر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وقال : انه يجوز ذلك إذا كان المصلى
بعيدا من البلد والمسجد يضيق عن الصلاة بجميعهم .
والذي نعرفه من
روايات أصحابنا أنه لا يجوز ذلك ، وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال الناس لأمير المؤمنين : ألا تخلف رجلا يصلي في العيدين؟ فقال : لا
أخالف السنة.
مسألة
ـ ٤٣١ ـ : إذا دخل الإنسان والامام يخطب فقد فاتته الصلاة ولا قضاء
عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يسمع الخطبة ثمَّ يقوم فيقضي صلاة العيد.
مسألة
ـ ٤٣٢ ـ : التكبير عقيب خمس عشرة صلاة في الأضحى ، فمن كان بمنى أولها بعد الظهر يوم النحر وآخرها صلاة الصبح آخر
يوم التشريق ، ومن كان بغيرها من أهل الأمصار عقيب عشر صلوات أولها الظهر يوم النحر
وآخرها الصبح يوم النفر الأول ، وهو الثاني من أيام التشريق.
واختلف الناس في
هذه المسألة على أربعة مذاهب :
فذهبت طائفة إلى
أنه يكبر بعد الصبح من يوم عرفة الى آخر التشريق ، ذهب إليه أبو يوسف ، ومحمد ، و
( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، والمزني.
وذهبت طائفة إلى
أنه يكبر بعد الصبح من يوم عرفة الى بعد العصر من يوم النحر خلف ثمان صلوات ، ذهب اليه
( ـ ح ـ ) ، وهو المروي عن ابن مسعود.
__________________
وذهبت طائفة إلى
أنه يكبر خلف الظهر من يوم النحر الى بعد الصبح من آخر التشريق ، وهو المعروف من مذهب
( ـ ش ـ ) ، وبه قال عمر ، وابن عمر ، وابن عباس.
وقال ( ـ ع ـ )
: يكبر خلف الظهر يوم النحر الى عبد العصر من آخر التشريق وما فرقوا بين أهل منى وأهل
الأمصار.
مسألة
ـ ٤٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صفة التكبير أن يقول : الله أكبر الله أكبر
، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد. وهو احدى الروايتين عن علي عليهالسلام ، وبه قال ابن مسعود ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: المسنون أن يكبر ثلاثا نسقا ، فان زاد على ذلك كان حسنا ، وبه قال ابن عمر ، وابن
عباس ، ومالك بن أنس.
مسألة
ـ ٤٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التكبير عقيب الصلوات التي ذكرناها ، جماعة
كانت أو فرادى على كل حال ، ورويت رواية أنه يكبر أيضا عقيب النوافل ، والأظهر الأول
، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قطع على التكبير عقيب النوافل.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يكبر الا خلف الفرائض في جماعة في مصر ، فأما من عدا هؤلاء فلا يكبر في قرية ولا
على سفر ولا خلف نافلة ولا فريضة منفردا.
وأما الرواية التي
قلناها ، فرواية حفص بن غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي قال : على الرجال والنساء
أن يكبروا أيام التشريق في دبر الصلوات وعلى من صلى وحده ومن صلى تطوعا.
مسألة
ـ ٤٣٥ ـ : إذا صلى وحده كبر ، وان صلى خلف الامام وكبر امامه كبر معه
، وان ترك الامام التكبير كبره ، فإن نسي التكبير في مجلسه كبر حيث
__________________
ذكر ، لان طريقة الاحتياط تقتضيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا سلم من الصلاة فإن تحدث قبل التكبير لم يكبر ، وان لم يتحدث وقام نظر ، فان لم
يذكر حتى خرج من المسجد لم يكبر ، وان ذكر قبل أن يخرج منه عاد الى مكانه وجلس فيه
كما يجلس للتشهد وكبر فيه.
قال : وان لم يكبر
حتى أحدث نظرت ، فان كان عامدا لم يكبر ، وان سبقه الحدث فان العامد يقطع الصلاة ولا
يقطعها إذا سبقه الحدث.
مسألة
ـ ٤٣٦ ـ : من نسي صلاة من الصلوات التي يكبر عقيبها ، ثمَّ ذكر بعد
انقضاء الأيام قضاها وكبر بعدها.
وقال ( ـ ش ـ )
: ليس عليه اعادة التكبير.
مسألة
ـ ٤٣٧ ـ : فيها أربع مسائل : إذا أصبح الناس صياما يوم الثلاثين ، فشهد
شاهدان أن الهلال كان بالأمس وأن اليوم يوم عيد ، فعدلا قبل الزوال ، أو شهدا ليلة
الثلاثين وعدلا يوم الثلاثين قبل الزوال ، فإن الإمام يخرج ويصلي بهم العيد ، صغيرا
كان البلد أو كبيرا ، بلا خلاف فيه.
الثانية : أن يشهدا
يوم الحادي والثلاثين أن الهلال كانت ليلة الثلاثين أو شهدا بعد غروب الشمس ليلة الحادي
والثلاثين أن الهلال كان ليلة الثلاثين وعدلا ، فقد فات العيد وفات وقتها ولا قضاء
في ذلك. وقال ( ـ ش ـ ) : يخرج بهم الامام ويصلي بهم ويكون أداء لا قضاء.
الثالثة : أن يشهدا
قبل الزوال يوم الثلاثين أن الهلال كان البارحة وعدلا بعد الزوال ، أو شهدا بعد الزوال
وعدلا بعد الزوال ، فلا قضاء في ذلك وقد فات الوقت.
__________________
و ( ـ للش ـ ) قولان
، أحدهما : مثل قولنا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وقال في الأم : يقضون ، وقال أصحابه :
ثمَّ ينظر فان كان البلد صغيرا ويمكن اجتماع الناس خرج وصلى بهم في الحال ، وان لم يكن
ذلك أخر إلى الغد ثمَّ قضاه.
والرابعة : أن يشهدا
يوم الثلاثين قبل الزوال أو بعده أن الهلال كان البارحة وعدلا يوم الحادي والثلاثين
، أو ليلة الحادي والثلاثين لا يقضي الصلاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الأم ، وقال أصحابه
: المسألة على قولين ، لان الاعتبار بالشهادة إذا عدلا بحال إقامتها لا بحال التعديل.
مسألة
ـ ٤٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اجتمع عيد وجمعة في يوم واحد سقط فرض
الجمعة ، فمن صلى العيد كان مخيرا في حضور الجمعة وان لا يحضرها ، وبه قال ابن عباس
وابن الزبير.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ش ـ ) و ( ـ ك ـ ) : لا يسقط فرض الجمعة بحال.
مسألة
ـ ٤٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت الخروج إلى صلاة العيد بعد طلوع الشمس.
وقال ( ـ ش ـ )
: يستحب له أن يكبر ليأخذ الموضع.
( مسائل
صلاة الكسوف )
مسألة
ـ ٤٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الكسوف فريضة. وقال جميع الفقهاء انها
سنة.
مسألة
ـ ٤٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الكسوف يصلى إذا وجد سببها أية ساعة
كانت من ليل أو نهار ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ك ـ ) : لا تصلى في الأوقات المنهي عنها.
__________________
مسألة
ـ ٤٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ترك صلاة الكسوف كان عليه قضاؤها ، وان
كان قد احترق القرص كله وتركها متعمدا كان عليه الغسل وقضاء الصلاة ولم يوافقنا فيه
أحد.
مسألة
ـ ٤٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الكسوف عشر ركعات بأربع سجدات يقرأ
فيها السور الطوال ،
مثل الكهف والأنبياء وما أشبههما ، وان رفع رأسه من الركوع وقد ختم السورة وأراد استئناف
الأخرى قرء الحمد وقرء بعدها سورة أخرى ثمَّ ركع ويسبح في ركوعه بمقدار قراءته.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصلي أربع ركعات بأربع سجدات كل ركعتين بعدهما سجدتان وعين في القراءة على سورة البقرة
أو عدد آيها ، وفي الثانية أقل من ذلك ، وفي الثالثة أقل ، وفي الرابعة أقل ، وفي الركوع الأول من مائة آية ، وفي
الثاني أقل ، وفي الثالث أقل ، وفي الرابع أقل ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وروي ذلك عن عثمان بن
عفان ، وعبد الله بن عباس.
وقال ( ـ ح ـ )
: يصلي ركعتين كصلاة الفجر ، فان صلى في كل ركعة ركوعين بطلت صلاته ، وبه قال ( ـ ر
ـ ) ، والنخعي.
مسألة
ـ ٤٤٤ ـ : يستحب أن يكون صلاة الكسوف تحت السماء ، بدلالة الخبر في
ذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
: يستحب أن يكون في المساجد.
مسألة
ـ ٤٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السنة في صلاة الكسوف أن يجهر بالقراءة فيها
، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وأبو يوسف ، ومحمد ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). وقال ( ـ ح
ـ ) و ( ـ ش ـ ) : لا يجهر.
__________________
مسألة
ـ ٤٤٦ ـ : ليس بعد صلاة الكسوف خطبة ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال
( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يصعد بعدها المنبر ، ويخطب كما يخطب في العيدين والاستسقاء.
مسألة
ـ ٤٤٧ ـ : صلاة كسوف القمر مثل صلاة كسوف الشمس سواء ، وبه قال ( ـ
ش ـ ) ، وان خالف في كيفية أعداد الركعات.
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يصلى لخسوف القمر. وقال ( ـ ح ـ ) : يصلى ولكن فرادى لا جماعة.
مسألة
ـ ٤٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الكسوف واجبة عند الزلازل ، والرياح
العظيمة ، والظلم العارضة ، والحمرة الشديدة ، وغير ذلك من الايات التي تظهر في السماء
، وروي ذلك عن ابن عباس ولم يقل بذلك أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٤٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الكسوف تصلى فرادى وجماعة في السفر
والحضر وعلى كل حال ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ر ـ )
ومحمد : ان صلى الامام صلوا معه ، والا لم يصلوا.
( مسائل
صلاة الاستسقاء )
مسألة
ـ ٤٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صلاة الاستسقاء ركعتان كصلاة العيدين على
حد واحد ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ومحمد.
وقال الزهري و
( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ ) وأبو يوسف : يصلي ركعتين كصلاة الفجر ، والمشهور عن ( ـ ح ـ
) أنه لا صلاة للاستسقاء ، ولكن السنة الدعاء ، وروى عنه محمد بن شجاع أنه يصلى ركعتين
فرادى.
مسألة
ـ ٤٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يصام للاستسقاء ثلاثة أيام ويخرج
يوم
__________________
الثالث والناس صيام.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصام ثلاثة أيام ويخرج الرابع.
مسألة
ـ ٤٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الخطبة في صلاة الاستسقاء بعد الصلاة ، وبه
قال ( ـ ش ـ ) وأبو بكر وعمر وقال ابن الزبير : الخطبة قبل الصلاة ، وبه قال الليث.
مسألة
ـ ٤٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تحويل الرداء يستحب للإمام ، سواء كان مقورا
أو مربعا ، وبه
قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان مقورا حوله ، وان كان مربعا ففيه قولان : أحدهما تحوله ، والأخر يقلبه ويفعل
مثل ذلك المأموم.
وقال محمد : يفعل
وحده دون المأموم. وقال ( ـ ح ـ ) : لا أعرف تحويل الرداء.
__________________
كتاب
الجنائز
( مسائل
غسل الأموات )
مسألة
ـ ٤٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حضر الإنسان الوفاة يستحب أن يستقبل
به القبلة ، فيجعل وجهه إلى القبلة وباطن رجليه إليها ، وكذلك يفعل به في حال الغسل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان الموضع واسعا أضجعه على جنبه الأيمن وجعل وجهه إلى القبلة ، كما يفعل عند
الصلاة وعند الدفن ، وان كان ضيقا فعل به كما قلناه.
مسألة
ـ ٤٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يوضع على بطن الميت حديد. وقال (
ـ ش ـ ) : ذلك مستحب.
مسألة
ـ ٤٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب لغاسل الميت أن يلين أصابعه إذا تركه
على المغتسل ، وبه قال المزني ، وقال غيره : غلط المزني في هذا ، وقال : ينبغي أن يكون
تليين الأصابع عند موته فقط.
مسألة
ـ ٤٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يغسل الميت عريانا مستور العورة
: اما بأن يترك قميصه على عورته ، أو ينزع القميص ويترك على عورته خرقة.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: يغسل في قميصه. وقال ( ـ ح ـ ) : ينزع قميصه ويترك على عورته خرقة.
مسألة
ـ ٤٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يسخن الماء لغسل الميت إلا في حال
برد لا يتمكن الغاسل فيها من استعمال الماء البارد ، أو يكون على بدن الميت نجاسة لا
يقلعها الا الماء الحار ، فأما مع عدم ذلك فلا يسخن الماء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ
) : إسخانه أولى.
مسألة
ـ ٤٥٩ ـ : يستحب للغاسل أن يلف على يده خرقة ينجيه بها ويغسل باقي جسده بلا خرقة.
وقال ( ـ ش ـ )
: يستعمل في الغسلين خرقتين في سائر جسده. وقال أبو إسحاق : يغسل بإحداهما فرجه ، وبالأخرى
سائر بدنه.
مسألة
ـ ٤٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : غسل الميت كغسل الجنب ليس فيه وضوء ، وفي
أصحابنا من قال : يستحب الوضوء قبله ، غير أنه لا خلاف بينهم أنه لا يجوز المضمضة والاستنشاق فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يستحب أن يوضأ ويمضمض ويستنشق. وقال ( ـ ح ـ ) : يوضأ ولا يمضمض ولا يستنشق.
مسألة
ـ ٤٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجلس الميت في حال غسله وهو مكروه. وقال
جميع الفقهاء : يستحب ذلك.
مسألة
ـ ٤٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يبدأ بغسل رأسه ، ثمَّ بالجانب الأيمن ،
ثمَّ الأيسر ووافق جميعهم في البداية بغسل الرأس ، وان خالفوا في الترتيب. وقال النخعي
: يبدأ بغسل لحيته.
__________________
مسألة
ـ ٤٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز تسريح لحيته ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت كثيفة يستحب تسريحها.
مسألة
ـ ٤٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يغسل الميت ثلاث غسلات : الاولى بماء السدر
، والثانية بماء حلال الكافور ، والثالثة بالماء القراح ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال أبو إسحاق
: الأولى يعتد بها والأخريان ندب . وقال باقي أصحابه : الأخيرة هي المعتد بها ، لأنها بالماء
القراح ، والاولى والثانية بالماء المضاف فلا يعتد بهما. وقال ( ـ ح ـ ) : ماء الكافور
لا أعرفه.
مسألة
ـ ٤٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يزاد في غسله على ثلاث غسلات ، وبه قال
( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) ، إلا أنهما قالا : الفرض الواحدة والثنتان سنة ، ولا يفصل أصحابنا ذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان لم ينق بالثلاث فخمس. وقال ( ـ ك ـ ) : ليس لذلك حد يغسل حتى ينقي.
مسألة
ـ ٤٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز تقليم أظافير الميت ولا تنظيفها
من الوسخ ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مباح ، والأخر : مكروه. وإذا قال مكروه
استحب تخليل الأظافير بأخلة ينظف ما تحتها.
مسألة
ـ ٦٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يمر يده على بطنه قبل الغسلتين
الأوليين ويكره ذلك في الثالثة ، فإن خرج منه شيء بعد الثالثة يستحب غسل الموضع ولا
يجب اعادة الغسل.
وقال ( ـ ش ـ )
: يستحب ذلك في الغسلات الثلاث ويجلس ، فان خرج منه شيء بعد ذلك فيه ثلاثة أقوال ،
أحدها يعيد غسل الموضع فقط ولا يجب وضوءه ولا
__________________
اعادة غسله ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، والمزني.
وقال أبو علي بن
أبي هريرة : يوضأ وضوء الصلاة ، ومنهم من قال : تجب اعادة غسله.
مسألة
ـ ٤٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يستحب تليين أصابعه بعد الغسل. وقال (
ـ ش ـ ) : مستحب ذلك.
مسألة
ـ ٤٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حلق شعر العانة والإبط وحف الشارب وتقليم الأظافير مكروه للميت ، وبه قال ( ـ ك ـ )
، و ( ـ ح ـ ) ، والمزني.
وقال ( ـ ش ـ )
في الإملاء : أنه مباح.
مسألة
ـ ٤٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حلق رأس الميت مكروه وبدعة ، وبه قال جميع
الفقهاء ، الا ( ـ ش ـ ) فإن أحد قوليه أنه يجوز.
مسألة
ـ ٤٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات محرم غسل كغسل الحلال ، الا أنه
لا يقرب شيء من الكافور ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، الا أنهم
لم يستثنوا الكافور.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجتنب بعد وفاته ما كان يجتنبه في حال حياته ، وبه قال عثمان ، وحكوه عن علي وابن عباس.
مسألة
ـ ٤٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يكون عند غسل الميت مجمرة يبخر فيها
، واستحب ذلك الفقهاء كلهم.
مسألة
ـ ٤٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ماتت امرأة بين الرجال لا نساء معهم
ولا زوجها ولا أحد من ذوي أرحامها ، دفنت بغير غسل ولا تيمم ، وبه قال ( ـ ع ـ ). وقد
روي أنه يغسل منها ما يحل النظر إليه في حال الحياة من الوجه واليدين.
__________________
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ح ـ ) : تيمم ولا تغسل وتدفن ، وبه قال أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال النخعي : تغسل
في ثيابها ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٤٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يغسل الرجل امرأته والمرأة زوجها
، أما غسل المرأة زوجها فيه إجماع إذا لم يكن رجال قرابات أو نساء قرابات ، وعند وجود واحد منهم ( ـ للش
ـ ) قولان ، أحدهما : الزوجة أولى ، والثاني : رجال القرابات أولى قالوا والمذهب الأول
.
وأما غسل الرجل
زوجته ، فإنه يجوز عندنا ، وعند ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ
) ، و ( ـ ق ـ ) ، وزفر ، وحماد بن أبي سليمان . قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) وأبو يوسف ومحمد : ليس له ذلك.
مسألة
ـ ٤٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للمسلم أن يغسل المشرك ، قريبا كان
منه أو بعيدا على كل حال ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وقال : ان خاف ضياعه وأراه.
قال ( ـ ش ـ ) :
إذا كان قرابة مسلمون وقرابة مشركون فتشاحوا في غسله ، فالمشركون أولى ، وان لم يكن
قرابة مشركون ، أو لم يتشاحوا جاز للمسلم أن يغسله.
مسألة
ـ ٤٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الميت نجس ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما
ـ ما قلناه ، وهو قول ( ـ ح ـ ) ، والثاني : انه طاهر.
مسألة
ـ ٤٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من مس ميتا بعد برده بالموت وقبل تطهيره
بالغسل وجب عليه الغسل ، وكذلك ان مس قطعة من ميت ، أو قطعة قطعت من حي وكان
__________________
فيها عظم وجب عليه الغسل ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٤٧٨ ـ : غسل الميت يحتاج إلى نية ، بدلالة طريقة الاحتياط ولقوله
« الاعمال بالنيات » ومن أوجب النية في غسل الجنابة من ( ـ ش ـ ) ومن وافقه لهم في
هذه المسألة قولان.
مسألة
ـ ٤٧٩ ـ : غسل المرأة كغسل الرجل إجماعا ، ولا يسرح شعورها ، وبه قال
( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يسرح شعرها ثلاث قرون ويلقى وراءها.
مسألة
ـ ٤٨٠ ـ : غسل السقط إذا ولد وفيه حياة واجب. فأما الصلاة عليه ، فعندنا
لا تجب الا بعد ما يصير له ست سنين ويعقد الصلاة. وقال سعيد بن جبير : لا يصلى عليه
حتى يبلغ. وقال باقي الفقهاء : يجب عليه الصلاة.
مسألة
ـ ٤٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ولد لدون أربعة أشهر لا يجب غسله فيدفن بدمه ، وان كان لأربعة أشهر فصاعدا غسل ، وبه
قال ( ـ ش ـ ) في الأم.
وقال في البويطي
: لا يغسل ولا يصلى عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وقال في القديم : يغسل ويصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٨٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الشهيد الذي يقتل في المعركة يدفن بثيابه
ولا ينزع منه الا الجلود ولا يغسل ويصلى عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يغسل ولا يصلى عليه وينزع منه الجلود والحديد ، فأما الثياب فالاولياء مخيرون
بين أن ينزعوه ويدفنوه في غيرها ، وبين أن يدفنوه فيها ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ
ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ). وقال ابن المسيب والحسن البصري : يغسل ويصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٨٣ ـ : حكم الصغير والكبير والذكر والأنثى سواء إذا استشهدوا في
المعركة ، لعموم الاخبار في أن الشهيد يدفن بدمه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ
) :
__________________
يجب غسلهم والصلاة عليهم.
مسألة
ـ ٤٨٤ ـ : الجنب إذا استشهد في المعركة دفن كما هو ولا يغسل ، لعموم
الاخبار أيضا ، ولكن يصلى عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يغسل ولا يصلى عليه. وقال أبو العباس من أصحابه : يغسل ولا يصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٨٥ ـ : إذا وجد ميت في المعركة وليس به أثر قتل ، فحكمه حكم الشهيد
، لان ظاهر الحال أنه شهيد ، فان القتل قد يحصل بما ليس له أثر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان لم يكن به أثر غسل وصلي عليه ، وان كان به أثر فإن خرج الدم من عينيه أو أذنيه
لم يغسل ويصلى عليه ، وان خرج الدم من أنفه أو قبله أو دبره غسل وصلي عليه.
مسألة
ـ ٤٨٦ ـ : إذا خرج في المعركة ، ثمَّ مات بعده بساعة أو ساعتين قبل
تقضي الحرب ، فحكمه حكم الشهيد ، لعموم الاخبار فيمن قتل بين الصفين وهي متناولة له
، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان أكل في الحرب ، أو شرب ، أو تكلم غسل وصلي عليه.
مسألة
ـ ٤٨٧ ـ : إذا مات بعد تقضي الحرب غسل وكفن وصلي عليه ، وبه قال ( ـ
ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ، فهو كالشهيد لا يغسل ويصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٨٨ ـ : كل من قتل في غير المعركة يجب غسله والصلاة عليه ، سواء قتل
بسلاح أو بغير سلاح ، شوهد أو لم يشاهد ، عمدا كان أو خطا ، لأن الأصل في
__________________
الأموات وجوب الغسل والصلاة عليه ، وليس على سقوط الغسل ها هنا دليل ، وبه قال
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان شوهد قتله عمدا لم يغسل ويصلى عليه كالشهيد ، فان لم يشاهد أو قتل خطا أو عمدا
بمثقل ، فإنه يغسل ويصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المرجوم والمرجومة يؤمران بالاغتسال ، ثمَّ
يقام عليهما الحد ، ولا يغسلان بعد ذلك ، ويصلي عليهما الامام وغيره. وكذا حكم المقتول قودا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يغسلان بعد الموت ويصلى عليهما الامام وغيره. وقال الزهري : لا يصلى على المرجومة.
وقال ( ـ ك ـ ) : لا يصلي الامام عليهما ويصلي غيره ، وكذا كل من مات في حد.
مسألة
ـ ٤٩٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ولد الزنا يغسل ويصلى عليه. وقال قتادة :
لا يغسل ولا يصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : النفساء تغسل ويصلى عليها ، وبه قال جميع
الفقهاء.
وقال الحسن البصري
: لا تغسل ولا تصلى عليها.
مسألة
ـ ٤٩٢ ـ : إذا قتل أهل العدل رجلا من أهل البغي ، فإنه لا يغسل ولا
يصلى عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يغسل ويصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٩٣ ـ : إذا قتل أهل البغي رجلا من أهل العدل لا يغسل ويصلى عليه
، لإجماع الفرقة على أنه شهيد ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: انه يغسل ويصلى عليه.
مسألة
ـ ٤٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجد قطعة من ميت فيه عظم وجب غسله ،
وان
__________________
كان صدره وما فيه قلبه وجب الصلاة عليه ، وإذا لم يكن فيه عظم لا يجب غسله.
وقال ( ـ ش ـ )
: يغسل ويصلى عليه ، سواء كان الأقل أو الأكثر.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ك ـ ) : ان وجد الأكثر صلى عليه ، وان وجد الأقل لم يصل عليه ، قال : وان وجد
نصفه ، فان قطع عرضا يغسل النصف الذي فيه الرأس وصلى عليه ، وان وجد النصف الأخر لم
يغسل ولم يصل عليه ، وان شق بالطول لم يغسل واحدا منهما ولم يصل عليه.
مسألة
ـ ٤٩٥ ـ : إذا اختلط قتلى المشركين بقتلى المسلمين ، فروي عن أمير المؤمنين
أنه أمر بدفن من كان منهم صغير الذكر ، فعلى هذه الرواية هذه امارة لكونه مؤمنا يتميز
بها ، فيصلى عليه ويدفن. وان قلنا يصلى على كل واحد منهم وينوي بشرط أن يكون مؤمنا كان احتياطا ، وبه قال ( ـ
ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان المسلمون أكثر ، فمثل ذلك ، وان كانوا أقل لم يصل على أحد منهم ، ولو قلنا
انه يصلى عليهم صلاة واحدة وينوي بها الصلاة على المؤمنين منهم كان أيضا جائزا قويا.
مسألة
ـ ٤٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا احترق إنسان ولا يمكن غسله يمم بالتراب
، وحكي عن ( ـ ع ـ ) أنه قال : يدفن من غير غسل ، ولم يذكر التيمم.
( مسائل
التكفين )
مسألة
ـ ٤٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الكفن المفروض ثلاثة أثواب مع الإمكان :
إزار ، وقميص ، وميزر. والمسنون خمسة : إزاران أحدهما حبرة ، وقميص ، وميزر وخرقة
__________________
ويضاف الى ذلك العمامة ، والمرأة تزاد إزارين آخرين. وصفتها : أن يكون من قطن
محض ، لا من كتان ،
ولا من إبريسم ، ولا أسود.
وقال ( ـ ش ـ )
في الأم : الواجب ما يواري عورته ، وبه قال باقي الفقهاء.
وقال ( ـ ش ـ )
: والمستحب ثلاثة أثواب بلا زيادة ولا نقصان ، وبه قال باقي الفقهاء ، قال : والمباح خمسة أثواب ، والمكروه ما زاد على الخمسة. فأما
صفتها ثلاثة أزر يدرج فيها إدراجا ليس فيها قميص ولا عمامة.
وقال ( ـ ح ـ )
إزار وقميص ولفافة ، وقال ( ـ ش ـ ) : ان قمص تحت الثياب أو عمم لم يضيق هذا لكنه ترك السنة. وأما الألوان ، فمستحب البياض
بلا خلاف.
مسألة
ـ ٤٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يجمر الأكفان بالعود. وقال ( ـ ش
ـ ) : ذلك مستحب.
مسألة
ـ ٤٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مستحب أن يدخل في سفل الميت شيء من القطن لئلا يخرج منه شيء ،
وبه قال المزني. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : ذلك غلط ، وانما يجعل بين أليته.
مسألة
ـ ٥٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يوضع الكافور على مساجد الميت بلا قطن ،
ولا يترك على أنفه ولا أذنه ولا عينه ولا فيه شيء من ذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
: يوضع على هذا الموضع كلها شيء من القطن مع الحنوط والكافور.
مسألة
ـ ٥٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يفضل من الكافور عن مساجده فيترك على
صدره
__________________
وقال ( ـ ش ـ ) : مستحب أن يمسح على جميع بدنه.
مسألة
ـ ٥٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يكون مع الكافور شيء من المسك والعنبر
، وبه قال مجاهد وعطاء و ( ـ ش ـ ) في الأم ، وقال أصحابه : ذلك مستحب ، وبه قال جميع الفقهاء.
مسألة
ـ ٥٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المسنون السنة الكاملة من الكافور ثلاثة
عشر درهما وثلث ، والوسط أربعة دراهم ، وأقله وزن مثقال ، ولم أجد لأحد من الفقهاء
في ذلك تحديدا.
مسألة
ـ ٥٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يوضع مع الميت جريدتان خضراوان
من النخل أو غيرها من الشجر ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رووه عن النّبي صلىاللهعليهوآله أنه اجتاز بقبرين ، فقال : انهما ليعذبان وما يعذبان بكبيران : أحدهما كان نماما
، والأخر ما كان يستبرئ من البول ، ثمَّ استدعا بجريد فشقه بنصفين وغرس في كل قبر واحدا ، وقال : انهما ليدفعان عنه العذاب
ما دامتا رطبتين.
مسألة
ـ ٥٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ينبغي أن يبدأ بشق ثوب الأيسر على جانب الميت
الأيمن ، وبه قال أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال المزني بالعكس من ذلك.
مسألة
ـ ٥٠٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات الميت في مركب في البحر فعل به ما يفعل به إذا كان في البر من الغسل والتكفين ، ثمَّ
يجعل في خابية ان وجدت ، فان لم يوجد يثقل بشيء ثمَّ يطرح في البحر.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجعل بين لوحين ويطرح في البحر. قال المزني : هذا إذا كان
__________________
بالقرب من المسلمين ، فإنه ربما وقع إليهم فأخذوه ودفنوه ، فأما إذا كان في
بلد الشرك يثقل كما قلناه.
مسألة
ـ ٥٠٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الكتابة بالشهادة والإقرار بالنبي والأئمة
ووضع التربة في حال الدفن والجريدة انفراد محض لا يوافقنا عليه أحد منهم.
مسألة
ـ ٥٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يؤخذ الكفن ومئونة الميت من أصل التركة ،
وبه قال عامة الفقهاء. وقال طاوس : ان كان موسرا فمن رأس ماله ، وان كان معسرا فمن
الثلث. وقال بعضهم : من الثلث على كل حال.
مسألة
ـ ٥٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الحنوط فرض مع القدرة ، و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : فرض ، والأخر : مستحب.
مسألة
ـ ٥١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كفن المرأة على زوجها في ماله دون مالها
، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان. قال ابن أبي هريرة : في مالها. وقال ( ـ ق ـ ) : على زوجها
، قالوا : وهو الأصح.
مسألة
ـ ٥١١ ـ : من غصب ثوبا فكفن به ميتا جاز لصاحبه نزعه منه ، قرب العهد
أم بعد ، والأفضل تركه وأخذ قيمته ، بدلالة أن المغصوب لصاحبه أخذه حيث وجده ، وعموم الاخبار في ذلك وقال أصحاب
[ ش ] له قيمته وليس له
نزعه.
مسألة
ـ ٥١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التربيع أفضل في حمل الجنازة ، وبه قال (
ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وقال ( ـ ش ـ ) الأفضل الجمع بين التربيع والحمل بين العمودين
، فإن أراد الاقتصار على أحدهما ، فالأفضل ، الحمل بين العمودين ، وبه قال ( ـ د ـ
) ، وقال ( ـ ك ـ ) : هما سواء.
مسألة
ـ ٥١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صفة التربيع أن يبدأ بيسرة الجنازة ويأخذها
بيمينه ،
__________________
ويتركها على عاتقه ، ويربع الجنازة يمشي إلى رجليها ، ويدور دور الرحى الى أن
يرجع الى يمين الجنازة ، فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره ، وبه قال سعيد بن جبير ، و
( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
و ( ـ ح ـ ) : يبدأ بمياسر مقدم السرير فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثمَّ يتأخر فيأخذ
مياسره ، فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثمَّ يعود الى مقدمه فيأخذ بميامن مقدمه فيضعها
على عاتقه الأيسر ، ثمَّ يتأخر فيأخذ بمياسره فيأخذ بيسرته فيضعها على عاتقه الأيسر
وأما للحمل بين العمودين ، فهو أن يضع جانبه على عاتقه ويكون طرف السرير على كاهله.
مسألة
ـ ٥١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره الإسراع بالجنازة. وقال ( ـ ش ـ ) :
يستحب ذلك ويكون فوق المشي بالعادة ودون الحث .
مسألة
ـ ٥١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المشي خلف الجنازة أفضل ، وبه قال ( ـ ح
ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : قدامها أفضل ، وبه قال الزهري و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
مسألة
ـ ٥١٦ ـ : يجوز أن يجلس الإنسان الى أن يفرغ من دفن الميت ، لأنه لا
مانع من ذلك والأصل الإباحة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجلس حتى يوضع
في اللحد.
( مسائل
الصلاة على الأموات )
مسألة
ـ ٥١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أولى الناس بالصلاة على الميت وليه ، أو من قدمه الولي ، فإن حضر الامام كان أولى من الولي
، ويجب عليه تقديمه.
وقال ( ـ ش ـ )
: الولي أولى على كل حال ، وبه قال مالك بن أنس ، وقال قوم :
__________________
الوالي أحق من الولي ، [ روي ذلك عن علي عليهالسلام وجماعة من التابعين وبه قال ( ـ د ـ ) و ( ـ ش ـ ) في القديم وقال ( ـ ح ـ )
الوالي العام أولى ] وكذلك إمام الحي والمحلة.
مسألة
ـ ٥١٨ ـ : أحق القرابة الأب ثمَّ الولد ، وجملته من كان أولى بميراثه
فهو أولى بالصلاة عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قدم العصبة كما قدمهم في الميراث.
دليلنا : قوله تعالى « وَأُولُوا الْأَرْحامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ » .
مسألة
ـ ٥١٩ ـ : إذا اجتمع جماعة أولياء في درج يقدم الاقرء ، لقوله عليهالسلام « يؤمكم أقرؤكم » وذلك عام ، ثمَّ الأفقه ، ثمَّ الأسن.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : يقدم الأسن في صلاة الجنازة ، وفي غيرها يقدم الأفقه والاقرء.
مسألة
ـ ٥٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يصلى على الجنازة في المساجد إلا
بمكة وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، ولم يستثنيا مكة. وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك جائز
في كل موضع.
مسألة
ـ ٥٢١ ـ : المستحب أن يدفن الميت نهارا ، فان دفن ليلا لم يكن به بأس
، لأن كل خبر في الدفن ليس فيه تخصيص بوقت ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال الحسن : يكره
الدفن ليلا.
مسألة
ـ ٥٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصلاة على الجنازة يجوز في الأوقات الخمسة
المكروه ابتداء الصلاة فيها ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأبو يوسف ، و ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
: لا يجوز فعلها في هذه الأوقات. وقال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) : لا يجوز أن يفعل في
الثلاثة أوقات التي نهي عنها للوقت.
__________________
مسألة
ـ ٥٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اجتمع جنازة رجل وصبي ممن يصلى عليه
وخنثا وامرأة ، قدمت المرأة إلى القبلة ثمَّ الخنثى ثمَّ الصبي ثمَّ الرجل ، ووقف الامام
عند الرجل ، وان كان الصبي لا يصلى عليه قدم أولا الصبي ثمَّ المرأة ثمَّ الخنثى ثمَّ
الرجل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه لم يقدم الصبي على حال من الأحوال.
وبه قال جميع الفقهاء
الا الحسن وابن المسيب ، فإنهما قالا : يقدم الرجل إلى القبلة ، ثمَّ الصبيان ، ثمَّ
الخناثي ، ثمَّ النساء ، ويقف الامام عند النساء ، روى عمار بن ياسر قال : أخرجت جنازة
أم كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر ، وفي الجنازة الحسن والحسين وعبد الله بن عمر
وعبد الله بن عباس وأبو هريرة ، فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الامام والمرأة وراه ،
وقالوا : هذا هو السنة.
مسألة
ـ ٥٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره القراءة في صلاة الجنازة ، وبه قال
( ـ ح ـ ) وأصحابه و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، بل يحمد الله ويمجده
، وروي ذلك عن أبي هريرة وابن عمر.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا بد فيها من قراءة الحمد ، وهي شرط في صحتها ، فإن أخل بها لم يجز ويسر بقراءتها
نهارا ويجهر ليلا ، وبه قال ابن عباس وابن مسعود ، وابن الزبير ، وفي الفقهاء ( ـ د
ـ ).
مسألة
ـ ٥٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكبر أولا ويشهد الشهادتين ، ثمَّ يكبر ثانيا
ويصلي على النبي ، ويكبر ثالثا ويدعو المؤمنين ، ويكبر رابعا ويدعو للميت ، ويكبر خامسا
وينصرف بها.
وقال ( ـ ش ـ )
: يكبر أولا ويقرأ ، ويكبر ثانيا ويشهد الشهادتين ويصلي على النبي ويدعو للمؤمنين ،
ويكبر ثالثة ويدعو للميت ، ويكبر رابعة ويسلم بعدها.
مسألة
ـ ٥٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التكبيرات على الجنازة خمس ، وبه قال ابن
أبي ليلى ، وروي ذلك عن حذيفة بن يمان وزيد بن أرقم أن تكبيرات الجنازة خمس وخالف جميع
الفقهاء في ذلك ، وقالوا : هي أربع.
مسألة
ـ ٥٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس في صلاة الجنازة تسليم ، وخالف جميع
الفقهاء في ذلك على اختلافهم في كونه فرضا أو سنة.
مسألة
ـ ٥٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تجوز الصلاة على الجنازة بغير طهارة مع وجود
الماء والطهارة أفضل ، وان لم يفعل يتيمم ، وبه قال ابن جرير.
وقال ( ـ ش ـ )
: يفتقر إلى الطهارة ، ولا يجوز التيمم مع القدرة على الماء. وقال ( ـ ح ـ ) : يفتقر
إلى الطهارة ويجوز ان يتيمم.
مسألة
ـ ٥٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يسقط الفرض بصلاة واحد. وقال ( ـ ش ـ ) :
لا يسقط الفرض بأقل من الثلاثة.
مسألة
ـ ٥٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السنة أن يقف الامام عند رأس الرجل وصدر
المرأة وقيل : للرجل عن الوسط وللمرأة عند الصدر.
وقال ( ـ ش ـ )
: عند رأس الرجل وعجيزة المرأة. وقال ( ـ ح ـ ) : يقف في الوسط.
مسألة
ـ ٥٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أدرك الإمام في أثناء الصلاة على الجنازة
، فإنه يكبر ويدخل في الصلاة ولا ينتظر تكبيرة الإمام ، فاذا فرغ الامام قضى ما فاته
سواء رفعت الجنازة أو لم ترفع ، وبه قال أبو يوسف ، ومحمد ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
: يأتي بما أدرك مع الإمام ، فإذا سلم سلم معه ولا يقضي ما فاته.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا أدرك بعض صلاة فلا يدخل حتى يكبر الإمام ، فإن فرغ من الصلاة ، نظر فان رفعت
الجنازة بطلت صلاته ولا يقضي ما فاته ، وان لم ترفع قضى ما فاته.
مسألة
ـ ٥٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من صلى على جنازة يكون له أن يصلي عليها ثانيا ، ومن فاتته الصلاة جاز أن يصلي على
القبر يوما وليلة ، وقد روي ثلاثة أيام.
قال ( ـ ش ـ ) :
يجوز أن يصلي عليه ثانيا وثالثا ، وكذلك يجوز أن يصلي على القبر
__________________
ولم يحد الا أنه قال : إذا صلى دفعة يبادر بدفنه الا أن يكون الولي لم يصل عليه
فيحبس لأجله ، الا أن يخاف عليه الانفجار ، وبه قال ابن سيرين ، و ( ـ ع ـ ) ، و (
ـ د ـ ) ، وادعى إجماع الصحابة.
وذهب ( ـ ك ـ )
و ( ـ ح ـ ) إلى أنه لا يجوز إعادة الصلاة بعد سقوط فرضها ، قال : الا أن يكون العامة
صلت عليه من غير وال ولا امام محله.
قال أبو يوسف :
يجوز للولي الصلاة عليه الى أيام. قال محمد : أراد به الى ثلاثة أيام.
مسألة
ـ ٥٣٣ ـ : قد حددنا الصلاة على القبر يوما وليلة ، وأكثره ثلاثة أيام.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها ـ يجوز الصلاة على القبر أبدا ، وهو أضعفها والثاني : يجوز الصلاة
عليه ما دام يعلم أنه باق في القبر أو شيء منه ، ويختلف ذلك باختلاف البلاد. والثالث
يجوز أن يصلي عليه من كان من أهل الصلاة في وقته لا بعده ، وكان هذا الأشبه عندهم.
وقال : الصلاة على
قبر النبي مبني على هذه الأوجه فإذا قالوا ما دام يعلم أنه بقي منه شيء لا يجوز الصلاة
عليه ، لأنه روي أنه قال : انا لا نترك في القبر وإذا قالوا يجوز لمن هو من أهل الصلاة
في وقته كان ذلك جائزا للصحابة الذين كانوا من أهل الصلاة عليه ، وقد روي أنه قال :
لا تتخذوا قبري وثنا ، ولعن الله اليهود لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
مسألة
ـ ٥٣٤ ـ : القيام شرط في الصلاة على الجنازة مع القدرة ، وبه قال (
ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : تجوز الصلاة قاعدا مع القدرة.
مسألة
ـ ٥٣٥ ـ : لا تجوز الصلاة على الغائب بالنية ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال
( ـ ش ـ ) :
__________________
يجوز.
دليلنا : أن جواز
ذلك يحتاج الى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه ، وأما صلاة النبي عليهالسلام على النجاشي فإنما دعا له ، والدعاء يسمى صلاة.
( مسائل
الدفن )
مسألة
ـ ٥٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يحفر القبر قدر قامة ، وأقله إلى
الترقوة.
وقال ( ـ ش ـ )
: قدر قامة ويبسطه ثلاثة أذرع ونصف ، وقال ( ـ ك ـ ) : لا حد فيه بل يحفر حتى تغيب
عن الناس.
مسألة
ـ ٥٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : اللحد أفضل من الشق إذا كانت الأرض صلبة
، وقدر اللحد ما يقعد فيه الرجل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه حده بمقدار ما يوضع فيه
الرجل.
مسألة
ـ ٥٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يتولى إنزال المرأة في القبر امرأة
أخرى وقال ( ـ ش ـ ) : لا يتولى ذلك الا الرجال.
مسألة
ـ ٥٣٩ ـ : إذا أنزل الميت القبر يستحب أن يغطى القبر بثوب ، لأنه لا
خلاف أنه جائز ، وطريقة الاحتياط يقتضيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان امرأة غطي ، وان كان رجلا لا يغطى.
مسألة
ـ ٥٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس أن ينزل القبر بالشفع أو الوتر وهما
سواء ، وقال ( ـ ش ـ ) : الوتر الأفضل.
مسألة
ـ ٥٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يؤخذ الرجل من ناحية رجلي القبر ، فيؤخذ
أولا رأسه ويسل سلا ، وينزل المرأة عرضا من قدام القبر.
وقال ( ـ ش ـ )
: يؤخذ من عند الرجلين ولم يفصل. وقال ( ـ ح ـ ) : يؤخذ عرضا ولم يفصل.
مسألة
ـ ٥٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تسطيح القبر هو السنة ، وتسنيمه غير مسنون
، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه ، وقالوا : هو المذهب الا ابن أبي هريرة قال : التسنيم
أحب الي ، وكذلك ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، لأنه صار شعار أهل البدع ، وقال
( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : التسنيم هو السنة.
مسألة
ـ ٥٤٣ ـ : يجوز التعزية قبل الدفن ، وبعد الدفن أفضل ، لأن التعزية
مأمور بها بلا خلاف ولم يخصص بوقت. وقال ( ـ ش ـ ) : بعد الدفن. وقال ( ـ ر ـ ) : قبل
الدفن.
مسألة
ـ ٥٤٤ ـ : يكره أن يجلس على قبر أو يتكئ عليه أو يمشى عليه ، وبه قال
( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان فعل ذلك للغائط والبول فمكروه ، وان فعل بغير ذلك لم يكن به بأس.
يدل على ما قلناه
قول النبي عليهالسلام ، لان يجلس أحدكم على جمر فتحرق ثيابه ويصل النار الى بدنه أحب الي من أن يجلس
على قبر.
مسألة
ـ ٥٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات امرأة وفي جوفها ولد يتحرك شق جوفها
وأخرج الولد منه. قال ابن سريج : ولا أعرف فيه خلافا ، فان مات الجنين ولم يخرج والام
حية جاز للقابلة أو من يقوم مقامها أن تدخل يدها ويقطع الجنين ويخرجه ويغسل ويدفن ،
ولا أعرف للفقهاء نصا في هذه المسألة.
مسألة
ـ ٥٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ماتت مشركة حامل من مسلم وولدها ميت
معها دفنت في مقابر المسلمين وجعل ظهرها إلى القبلة ليكون الولد متوجها الى القبلة
ولا أعرف للفقهاء في هذه المسألة نصا.
مسألة
ـ ٥٤٧ ـ : إذا بلع الحي جوهرا ومات ، فان كان ملكا لغيره قال ( ـ ش
ـ ) : يشق جوفه ويخرج ، وان كان ملكا له فيه قولان : أحدهما يشق جوفه ، لأنه ملك
للورثة ، والثاني : لا يشق لأنه بمنزلة ما أكل من ماله ، وليس لنا في هذه المسألة
نص.
والاولى أن نقول
: لا يشق جوفه على كل حال ، لما روي عنهم عليهمالسلام أنهم قالوا : حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا.
مسألة
ـ ٥٤٨ ـ : إذا دفن الميت من غير غسل ، لا يجوز نبشه ولا يعاد عليه الغسل
، قرب العهد أو بعد ، لان كل خبر يتضمن النهي عن نبش القبور عمومه يقتضي المنع من ذلك.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا أهيل عليه التراب لا نبش. وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم يخش عليه الفساد نبش وغسل وان
خيف ترك ، وكذلك في ترك توجيهه إلى القبلة.
مسألة
ـ ٥٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب أن يعرف المؤمنون لموت الميت ليتوفروا
على الصلاة عليه ، وبه قال ( ـ د ـ ). وأما النداء ، فلا أعرف فيه نصا. وقال ( ـ ش
ـ ) : يكره النداء. وقال ( ـ ح ـ ) : لا بأس.
كتاب
الزكاة
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب في المال حق سوى الزكاة المفروضة ، وهو
ما يخرج من يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث ، والجفنة بعد الجفنة يوم الجذاذ ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ،
والنخعي ، ومجاهد ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه ، وفي ست وعشرين بنت مخاض ، ورووا ذلك عن علي أمير المؤمنين
عليهالسلام ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، قالوا في خمس وعشرين بنت مخاض ، فأما ما زاد على ذلك
فليس في النصب خلاف الى عشرين ومائة.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا بلغت الإبل مائة وعشرين ففيها حقتان بلا خلاف فاذا زادت
واحدة ، فالذي يقتضيه المذهب أن يكون فيها ثلاث بنات لبون الى مائة وثلاثين ففيها حقة
، وبنتا لبون الى مائة وأربعين ففيها حقتان ، وبنت لبون الى مائة وخمسين ففيها ثلاث
حقاق الى مائة وستين ، ففيها أربع بنات لبون الى مائة وسبعين ففيها حقة وثلاث بنات
لبون الى مائة وثمانين ففيها حقتان ، وبنتا لبون الى مائة وتسعين
__________________
ففيها ثلاث حقاق ، وبنت لبون إلى مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون ثمَّ
على هذا الحساب بالغا ما بلغ ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور ، وابن عمر.
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : إذا بلغت مائة واحدى وعشرين استؤنفت الفريضة في كل خمس ، شاة الى مائة وأربعين
، ففيها حقتان وأربع شياه الى مائة وخمس وأربعين ، ففيها حقتان وبنت مخاص الى مائة
وخمسين ففيها ثلاث حقاق ، ثمَّ يستأنف الفريضة أيضا بالغنم ، ثمَّ بنت مخاض ، ثمَّ بنت لبون ، ثمَّ حقة فيكون في كل
خمس شاة الى مائة وسبعين ففيها ثلاث حقاق وأربع شياه فاذا بلغت خمسا وسبعين ففيها ثلاث حقاق وبنت مخاض الى
مائة وخمسة وثمانين ، فاذا صارت ستا وثمانين ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون الى خمس وتسعين
، فاذا صارت ستا وتسعين ففيها أربع حقاق إلى مائتين ، ثمَّ يعمل في كل خمسين ما عمل
في الخمسين الذي بعد مائة وخمسين الى أن ينتهي إلى الحقاق ، فاذا انتهى إليها انتقل
الى الغنم ، ثمَّ بنت مخاض ، ثمَّ بنت لبون ، ثمَّ حقة على هذا أبدا.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ د ـ ) : في مائة وعشرين حقتان ، ثمَّ لا شيء فيها حتى يبلغ مائة وثلاثين فيكون
فيها بنتا لبون وحقة وجعلا ما بينهما وقصا. وقال ابن جرير : هو بالخيار بين أن يأخذ بمذهب ( ـ ح ـ ) أو
( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٤ ـ : من وجب عليه بنت مخاض ، ولا يكون عنده الا ابن لبون ذكر أخذ
منه ويكون بدلا مقدرا لا على وجه القيمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأبو يوسف.
وقال ( ـ ح ـ )
ومحمد : إخراجه على سبيل القيمة.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا فقد بنت مخاض وابن لبون معا كان مخيرا بين أن يشتري
__________________
أيهما شاء ويعطي ، بدلالة ما جاء في الخبر أنه ان لم يكن عنده بنت مخاض وابن
لبون ذكر وهذا ليس عنده بنت مخاض ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يتعين عليه شرى بنت مخاض.
مسألة
ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : زكاة الإبل والبقر والغنم والدراهم والدنانير لا يجب حتى يحول على المال الحول ، وبه قال جميع
الفقهاء ، وهو المروي عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام وأبي بكر وعمر وابن عمر.
وقال ابن عباس :
إذا استفاد ما لا زكاه لسنته كالركاز ، وكان ابن مسعود إذا قبض العطاء زكاه لوقته ثمَّ استقبل به الحول.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا بلغت الإبل خمسا ففيها شاة ، ثمَّ ليس فيها شيء إلى
تسع ففيها أيضا شاة ، فما دون النصاب وقص ، وما فوق الخمس الى تسع وقص ، والشاة واجبة
في الخمس وما زاد عليه وقص ، ويسمى ذلك شنقا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأهل العراق وأكثر
الفقهاء ، وقالوا : لا فرق بين ما نقص عن النصاب ولا ما بين الفريضتين.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، وهو اختيار المزني. وقال في الإملاء : ان الشاة وجبت
في التسع كلها.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا بلغت الإبل مائتين ، كان الساعي مخيرا بين أربع حقاق
وخمس بنات لبون ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه ، والأخر أربع حقاق لا غير ، وبه
قال ( ـ ح ـ ).
دليلنا : ما ورد
في الاخبار أنه إذا زادت على مائة وعشرين ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين بنت لبون ، وهذا عدد اجتمع فيها خمسينات وأربعينات
__________________
فيجب أن يكون مخيرا.
مسألة
ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كانت الإبل كلها مراضا لم يكلف شراء
صحيحة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يكلف شراء صحيحة.
مسألة
ـ ١٠ ـ : من وجب عليه جذعة وعنده ماخض وهي التي تكون حاملا لم يجب
عليه إعطاؤها ، فإن تبرع بها رب المال جاز أخذها ، وبه قال الفقهاء أجمع.
وقال داود ، و
( ـ د ـ ) ، وأهل الظاهر : لا يقبل ماخضا مكان حائل ولا سنا هي أعلا مكان ما هو دونها.
مسألة
ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وجبت عليه شاة أو شاتان أو أكثر من ذلك
وكانت الإبل مهازيل يساوي كل بعير شاة ، جاز أن يؤخذ مكان الشاة بعير بالقيمة إذا رضي صاحب المال.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان عنده خمس من الإبل مراض ، كان بالخيار بين أن يعطي شاة أو واحدا منها ، وكذلك
ان كانت عنده عشر كان بالخيار بين شاتين أو بعير منها ، وان كان عنده عشرون فهو بالخيار
بين أربع شياه أو بعير منها الباب واحد.
وقال ( ـ ك ـ )
وداود : لا يجوز في كل هذا غير الغنم ، ووافق ( ـ ك ـ ) ( ـ ش ـ ) في أنه يقبل منه
بنت لبون وحقة وجذعة مكان بنت مخاض ، وخالف داود فيها جميعا الا أنهم اتفقوا أن ذلك لا على جهة القيمة والبدل ، لان البدل عندهم لا يجوز.
مسألة
ـ ١٢ ـ : من وجب عليه شاة في خمس من الإبل أخذت منه من غالب غنم أهل البلد ، سواء كانت
غنم أهل البلد شامية أو مغربية أو نبطية أو بعضه
__________________
ضأنا أو ماعزا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: نظر الى غالب ذلك ، فان كان الضأن هو الغالب أخذ منه ، وان كان الماعز الأغلب أخذ
منه.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا حال الحول وأمكنه الأداء لزمه الأداء ، فان لم يفعل مع
القدرة لزمه الضمان ، لان الفرض تعلق بذمته ووجب عليه أداؤه [ لأنه مأمور به والأمر
يقتضي الوجوب ، والدليل على أنه واجب قوله تعالى «
وَآتُوا الزَّكاةَ
» ] مع الإمكان ، فإذا لم يخرج لزمه الضمان ، وبه قال ( ـ ش ـ
).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا أمكنه الأداء لم يلزمه الأداء إلا بالمطالبة بها ، ولا مطالبة عنده في الأموال الباطنة ، وانما يتوجه المطالبة
إلى الظاهرة ، فإذا أمكنه الأداء فلم يفعل حتى هلك فلا ضمان عليه.
مسألة
ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا شيء في البقر حتى يبلغ ثلاثين ، فاذا
بلغتها ففيها تبيع أو تبيعة ، وهو مذهب جميع الفقهاء ، الا سعيد بن المسيب ، والزهري
، فإنهما قالا : فريضتها في الابتداء كفريضة الإبل في كل خمس شاة إلى ثلاثين ، فاذا بلغت ثلاثين ففيها
تبيع.
مسألة
ـ ١٥ ـ : ليس بعد الأربعين فيها شيء حتى يبلغ ستين ، فاذا بلغت ففيها تبيعان أو تبيعتان
، ثمَّ على هذا الحساب في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة ، وفي كل أربعين مسنة ، وبه قال
( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وأبو يوسف ، ومحمد ، و ( ـ
د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
ومن ( ـ ح ـ ) ثلاث
روايات : المشهور عنه أن ما زادت وجبت الزكاة بحسابه ،
__________________
فاذا بلغت احدى وأربعين بقرة ، ففيها مسنة وربع عشر مسنة وعليها المناظرة والثاني
: رواها الحسن بن زياد لا شيء عليه في زيادتها حتى تبلغ خمسين ، فاذا بلغت ففيها مسنة
وربع مسنة. والثالثة : رواها أسد بن عمر مثل قولنا.
مسألة
ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بلغت البقرة مائة وعشرين كان فيها ثلاث
مسنات أو أربع تبايع مخير في ذلك ، و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما هذا ، والأخر أن عليه
ثلاث مسنات لا غير.
مسألة
ـ ١٧ ـ : زكاة الغنم في كل أربعين شاة الى مائة وعشرين ، فاذا زادت
واحدة ففيها شاتان إلى مائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا
زادت واحدة ففيها أربع شياه إلى أربعمائة ، فإذا بلغت ذلك ففي كل مائة شاة ، وبهذا
التفصيل قال النخعي ، والحسن بن صالح بن حي.
وقال جميع الفقهاء
مثل ذلك الا انهم لم يجعلوا بعد المائتين وواحدة أكثر من ثلاثة إلى أربعمائة ولم يجعلوا
في الثلاثمائة وواحدة أربعا كما جعلناه ، وفي أصحابنا من ذهب الى هذا على رواية شاذة
، وهو اختيار المرتضى.
مسألة
ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السخال لا يتبع الأمهات في شيء من الحيوان
الذي يجب فيه الزكاة ، بل لكل شيء منها حول نفسه ، وبه قال النخعي ، والحسن البصري
، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
فقال ( ـ ش ـ )
: السخال يتبع الأمهات بثلاث شرائط أن يكون الأمهات نصابا ، وأن يكون السخال من عينها
لا من غيرها ، وأن يكون النتاج في أثناء الحول لا بعده.
وقال ( ـ ش ـ )
في الشرط الأول إذا ملك عشرين شاة بستة أشهر فزادت حتى بلغت أربعين كان ابتداء الحول
من حين كملت نصابا ، سواء كانت الفائدة من
__________________
عينها أو من غيرها ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه.
وقال ( ـ ك ـ )
: ينظر فيه فان كانت الفائدة من غيرها فكما قال ( ـ ش ـ ) ، وان كانت من عينها كان
حولها حول الأمهات ، فإذا حال الحول من حين ملك الأمهات أخذ الزكاة من الكل.
وقال في الشرط الثاني
: وهو إذا كان الأصل نصابا فاستفاد مالا من غيرها وكانت الفائدة من غير عينها لم يضم
إليها ، وكان حول الفائدة معتبرا بنفسها ، وسواء كانت الفائدة من جنسها أو من غير جنسها.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ح ـ ) : ان كانت الفائدة من غير جنسها مثل قول ( ـ ش ـ ) ، وان كانت من جنسها
كان حول الفائدة حول الأصل حتى لو كان عنده خمس من الإبل حولا الا يوما فملك خمسا من
الإبل ثمَّ مضى اليوم زكى المالين معا.
فانفرد ( ـ ح ـ
) فقال : هذا إذا لم يكن زكى بدلها ، فأما إذا كان زكى بدلها مثل أن كان عنده مائتا
درهم حولا فأخرج زكاتها ثمَّ اشترى بالمائتين خمسا من الإبل وعنده خمس ، فإنها لا تضم إلى التي
كانت عنده في الحول كما قال ( ـ ش ـ ) وقال ان كان له عبد وأخرج زكاة الفطر عنه ثمَّ
اشترى به خمسا من الإبل مثل قول ( ـ ش ـ ) ، وهذا الخلاف قد سقط عنا بما قدمناه من
أنه لا زكاة على مال حتى يحول عليه الحول سخالا كانت أو مستفادا أو نقلا من جنس الى
جنس.
مسألة
ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المأخوذ من الغنم الجذع من الضأن والثني
من المعز ولا يؤخذ منه دون الجذعة ، ولا يلزمه أكثر من الثنية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يؤخذ إلا الثنية فيهما ، وقال ( ـ ك ـ ) : الواجب الجذعة فيهما.
مسألة
ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يفرق المال فرقتين ويخير رب المال ، ويفرق
الآخر كذلك ويخير رب المال الى أن يبقى مقدار ما فيه كمال ما يجب عليه فيه فيؤخذ
__________________
منه.
وقال عمر : يفرق
المال ثلاث فرق ، ويختار رب المال واحدة منها ، ويختار الساعي الفرقة من الفرقتين الباقيتين
، وبه قال الزهري.
وقال عطاء و ( ـ ر ـ ) : يفرق فرقتين ، ثمَّ يعزل رب المال واحدة ، ويختار الساعي الفريضة
من الأخرى. وقال ( ـ ش ـ ) لا يفرق ذكر ذلك في القديم.
مسألة
ـ ٢١ ـ : من كان عنده أربعون شاة أنثى أخذ منه أنثى ، وان كانت ذكورا
كان مخيرا بين إعطاء الذكر والأنثى ، لأن اسم الشاة يقع على الذكر والأنثى على حد واحد
، فيجب أن يكون مخيرا وان كان أربعين من البقر ذكرا كانت أو أنثى ففيها مسنة ، ولا يؤخذ الذكر لقولهم عليهمالسلام فيها مسنة والذكر لا يسمى بذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان أربعون إناثا أو ذكورا وإناثا ففيها أنثى قولا واحدا ، وان كانت ذكورا فعلى
قولين قال أبو إسحاق وأبو
الطيب بن سلمة : لا يؤخذ إلا أنثى وقال ابن خيران : يؤخذ منها ذكر ، وهو قول ( ـ ش
ـ ).
مسألة
ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان عنده نصاب من الماشية إبل أو بقر
أو غنم فتوالدت ثمَّ ماتت الأمهات لم يكن حولها حول الأمهات ، فان تماوتت الأمهات كلها
لا يجب فيها شيء ويستأنف الحول.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا كانت عنده أربعون شاة مثلا فولدت أربعين سخلة ، كان حولها حول الأمهات ، فأما
إذا حال على الأمهات الحول وجب فيها الزكاة من السخال.
هذا منصوص ( ـ ش
ـ ) ، وقال : إذا تماوتت الأمهات لا ينقطع حولها ، فاذا حال
__________________
على الأمهات الحول أخذنا من السخال الزكاة والفرض واحد منها ولا يكلف شراء كبيرة.
وقال ( ـ ك ـ )
: يكلف شراء كبيرة وقال ( ـ ح ـ ) : ان ماتت الأمهات انقطع الحول ، وان بقي من الأمهات
شيء ولو واحدة كان الحول بحاله.
مسألة
ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز نقل مال الزكاة من بلد الى بلد مع
وجود مستحقة وان نقله كان ضامنا له ان هلك ، وان لم يجد له مستحقا جاز له نقله ولا
ضمان عليه أصلا. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما يجزيه ، والأخر أنه لا يعتد به.
مسألة
ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان له ثمانون شاة في بلدين ، فطالبه
الساعي في كل بلد من البلدين بشاة لم يلزمه أكثر من شاة ، وكان بالخيار بين أن يخرجها
في أي بلد شاء وعلى الساعي أن يقبل قوله إذا قال أخرجت في البلد الأخر ولا يطالب باليمين.
يدل على ذلك إجماع
الفرقة على قول أمير المؤمنين عليهالسلام لعامله حين ولاه الصدقات : أنزل ماءهم من غير أن تخالط أموالهم ثمَّ قل هل لله في أموالكم من حق؟ فإن
أجابك مجيب فامض معه وان لم يجبك فلا تراجعه ، فأمر عليهالسلام بقبول قول رب المال ولم يأمره بالاستظهار ولا باليمين.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب عليه شاة واحدة يخرجها في البلدين في كل بلدة نصفها ، فان قال أخرجتها في بلد
واحد أجزأه ، فان صدقه الساعي مضى ، وان اتهمه كان عليه اليمين ، وهل اليمين على الوجوب
أو الاستحباب؟ فيه قولان هذا على قوله في جواز نقل المال من بلد الى بلد ، فان لم يجز
ذلك أخذ في كل واحد من البلدين نصف شاة ، ولا يلتفت الى ما أعطاه.
__________________
مسألة
ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال رب المال : المال عندي وديعة أو
لم يحل عليه الحول ، قبل قوله ولا يطالب باليمين ، سواء كان خلافا للظاهر أو لم يكن
، لما سبقت في المسألة الاولى.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا اختلفا ، فالقول قول رب المال فيما لا يخالف الظاهر وعليه اليمين استحبابا ، وان خالف
الظاهر ، فعلى وجهين وما يخالف الظاهر هو أن يقول هذا وديعة ، لأن الظاهر أنه ملكه
إذا كان في يده ، فهذا اليمين على وجهين وإذا كان الخلاف في الحول ، فإنه لا يخالف
الظاهر ، فيكون اليمين استحبابا ، فكل موضع يقول اليمين استحبابا فان حلف والا ترك
، وكل موضع يقول يلزمه اليمين ، فان حلف والا أخذ منه ، فذلك الظاهر الأول لا بالنكول
.
مسألة
ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حال على المال الحول ، فالزكاة تجب في
عين المال ، ولرب المال أن يعين ذلك في أي جزء شاء ، وله أن يعطي من غير ذلك أيضا مخير
فيه.
ومثال ذلك : أن
يملك أربعين شاة وحال عليها الحول ، استحق أهل الصدقة منها شاة غير معينة ، وله أن
يعين ما شاء منها ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد ، وهو الأصح عندهم ، وبه قال ( ـ ح
ـ ) ، والقول الثاني يجب في ذمة رب المال والعين مرتهنة بما في الذمة ، فكان جميع المال
رهنا بما في الذمة.
مسألة
ـ ٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان له مال دراهم أو دنانير ، فغصبت أو
سرقت أو جحدت أو غرقت أو دفنها في موضع ثمَّ نسيها وحال عليه الحول ، فلا خلاف أنه
لا يجب عليه الزكاة منها ، لكن في وجوب الزكاة فيها خلاف ، فعندنا لا يجب فيه
__________________
الزكاة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأبو يوسف ، ومحمد ، و ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال
في الجديد : يجب فيه الزكاة ، وبه قال زفر.
مسألة
ـ ٢٨ ـ : من غل ماله حتى لا يؤخذ منه الصدقة ، أو غل بعضه فان كان
جاهلا بذلك عفى عنه وأخذ منه الصدقة ، وان كان عالما بوجوبه عليه ثمَّ فعله عزره الامام
وأخذ منه الصدقة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : ان كان الامام عادلا عزره ، وهو
مذهب ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ د ـ )
وطائفة من أصحاب الحديث يؤخذ منه الزكاة ، ويؤخذ معها نصف ماله ، وروي ذلك عن ( ـ ك
ـ ) أيضا.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : المتغلب إذا أخذ الزكاة لم يبرئ بذلك ذمته من وجوب الزكاة
عليه ، لان ذلك ظلم ظلم به والصدقة لأهلها يجب عليه إخراجها ، وقد روي أن ذلك مجز عنه
، والأول أحوط.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا أخذ الزكاة إمام غير عادل أجزأت عنه ، لأن إمامته لم تزل بفسقه وذكر أكثر الفقهاء
من المحققين وأكثر أصحاب ( ـ ش ـ ) إلى أنه إذا فسق زالت إمامته.
وقال ( ـ د ـ )
وعامة أصحاب الحديث : لا يزول إمامته بفسقه.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : المتولد بين الظبي والغنم سواء كانت الأمهات ظباء أو الفحولة
نظر فيه ، فان كان يسمى غنما كان فيها زكاة وأجزأت في الأضحية ، وان لم يسم غنما فلا
يجوز في الأضحية وليس فيها زكاة ، لما روي عن النبي عليهالسلام في سائمة الغنم الزكاة ، وفي أربعين شاة شاة. وهذا تسمى غنما وشاة.
وقد قيل : ان الغنم
المكية آباؤها الظباء ، وتسمية ما يتولد بين الظباء والغنم رقل ، وجمعه رقال ، لا يمنع
من تناول اسم الغنم له ، فمن أسقط عنها الزكاة ، فعليه الدلالة. فأما إذا كان ماشية
وحشية على حدتها ، فلا زكاة فيها بلا خلاف.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كانت الأمهات ظباء والفحولة أهلية ، فهي كالظباء لا زكاة فيها ، ولا تجزئ في الأضحية
وعلى من قتلها الجزاء إذا كان محرما ، وهذا لا خلاف فيه وان كانت الأمهات أهلية والفحولة ظباء.
قال ( ـ ش ـ ) :
لا زكاة فيها ولا تجزئ أضحية وعلى من قتلها الجزاء أيضا.
وقال ( ـ ح ـ )
: هذه حكمها حكم أمهاتها فيها الزكاة ويجزئ في الأضحية ، ولا جزاء على من قتلها.
مسألة
ـ ٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا زكاة في السخال والفصلات والعجاجيل حتى
يحول عليها الحول.
وقال ( ـ ش ـ )
وأصحابه : هذه الأجناس كالكبار من ملك منها نصابا جرت في الحول من حين ملكها ، فاذا
حال عليها الحول أخذت الزكاة منها ، وبه قال أبو يوسف.
وقال ( ـ ك ـ )
وزفر مثل ذلك لكنهما قالا : تجب الزكاة ولا يؤخذ ، ولكن يكلف من الصغار كبيرة.
وقال ( ـ ح ـ )
ومحمد بن الحسن : لا يجري في الحول حتى يصير ثنايا ، فاذا صارت ثنايا جرت في حول الزكاة
.
مسألة
ـ ٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تأثير للخلطة في الزكاة ، سواء كانت خلطة
أعيان أو خلطة أوصاف ، وأن ما يزكى كل واحد منهما زكاة الانفراد ، فينظر في ملكه ،
فان كان فيه الزكاة على الانفراد ، ففيه الزكاة في الخلطة ، وان لم يكن فيه الزكاة
على الانفراد ، فلا زكاة فيه مع الخلطة وخلطة الأعيان هي الشركة المشاعة بينهما مثل
أن يكون بينهما أربعون شاة أو ثمانين شاة ، فإن كان بينهما أربعون ، فلا زكاة
__________________
عليهما ، وان كانت ثمانون بينهما كان عليهما شاتان ، وان كان لواحد كان عليه
شاة واحد.
وخلطة الأوصاف أن
يشتركا في الرعي والفحولة ، ويكون مال كل واحد منهما معينا معروفا ، وأي الخلطتين كانت ، فالحكم ما ذكرناه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه.
وقال ( ـ ش ـ )
وأصحابه : انهما يزكيان زكاة الرجل الواحد ، فان كان بينهما أربعون شاة كان فيها شاة
، كما لو كانت لواحد ، وان كانا خليطين في ثمانين ففيها شاة ، كما لو كانت لواحد ،
فلو كانت مائة وعشرين لثلاثة ففيها شاة واحدة ، ولو لم يكن المال خلطة كان فيها ثلاث
شياه على كل واحدة شاة ، وبه قال الليث ، و ( ـ ع ـ ).
وقال عطاء وطاوس
: ان كانت خلطة أعيان ، فكما قال ( ـ ش ـ ) ، وان كانت خلطة أوصاف لم يؤثر الخلطة.
وقال ( ـ ك ـ )
: انما يزكيان زكاة الواحد إذا كان مال كل واحد منهما في الخلطة نصابا ، مثل أن يكون
بينهما ثمانون ، وأما ما روي من قوله عليهالسلام « لا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع » فنحمله على أنه لا يجتمع بين متفرق
في الملك ليؤخذ منه زكاة رجل واحد ، ولا يفرق بين مجتمع في الملك ، لأنه إذا كان ملكا
لواحد وان كان في مواضع متفرقة لم يفرق بينه.
مسألة
ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تجب الزكاة في النصاب الواحد إذا كان
بين الشريكين من الدراهم والدنانير وأموال التجارات والغلات ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ
ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم ، وقال في الجديد : يصح الخلطة في ذلك ، ويجب فيها الزكاة.
مسألة
ـ ٣٤ ( ـ « ج » ـ ) : مال الصبي والمجنون إذا كان صامتا لا يجب
فيه الزكاة
__________________
وان كان غلات أو مواشي يجب على وليه أن يخرج عنه.
وقال ( ـ ش ـ )
: مالهما مثل مال البالغ العاقل يجب فيه الزكاة ولم يفصل ، ورووه عن علي وحسن بن علي
عليهماالسلام وعمر ، وابن عمر ، وعائشة ، وبه قال الزهري ، والربيعة ، وهو المشهور عن ( ـ
ك ـ ) ، والليث ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
، و ( ـ ر ـ ) : تجب الزكاة في مالهما ، لكن لا يجب إخراجه بل يحصن حتى إذا بلغ الصبي
عرفوه مبلغ ذلك فيخرجه بنفسه ، وبه قال ابن مسعود.
وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه وابن شبرمة : انه لا يجب في ملكيهما الزكاة
ولم يفصلوا.
مسألة
ـ ٣٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المكاتب على ضربين : مشروط ومطلق ، فاذا
كان مشروطا عليه فهو بحكم الرق لا يملك شيئا ، فإذا حصل معه مال في مثله الزكاة لم يلزمه زكاته ، ولا يجب على
المولى أيضا ، لأنه ما ملك ملكا له التصرف فيه على كل حال ، وان كان غير مشروط عليه
، فإنه يتحرر بمقدار ما أدى ، فإن كان معه مال بحصته من الحرية قدرا يجب فيه الزكاة
وجب عليه فيه الزكاة لأنه ملكه ولا يلزمه فيما عداه ، ولا على سيده لما قلناه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا زكاة في مال المكاتب على كل حال ، وبه قال جميع الفقهاء إلا أبا ثور ، فإنه قال
: تجب فيه الزكاة ، و ( ـ ح ـ ) يقول : يجب العشر في مال المكاتب من الثمار والزرع
، لان عنده العشر
ليس بزكاة ، ولم يخالف في أن مال المكاتب لا زكاة فيه.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : المكاتب ان كان مشروطا عليه وهو في عيلولة مولاه لزمه فطرته
، وان لم يكن في عيلته يمكن أن يقال : يلزمه ، لعموم الاخبار بوجوب إخراج
__________________
الفطرة عن المملوك. ويمكن أن يقال : لا يلزمه ، لأنه ليس في عيلته.
وان كان غير مشروط
عليه وتحرر منه جزء ، فان كان في عيلته لزمته فطرته ، وان لم يكن في عيلته لا يلزمه
، لأنه ليس بمملوك على الإطلاق ولا حر بالإطلاق ، فيكون له حكم نفسه ، ولا يلزمه مثل
ذلك ، لان الأصل البراءة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يلزمه واحد منهما ، ولم يفصل ، ومن أصحابه من قال : يجب عليه أن يخرج الفطرة عن
نفسه ، لأن الفطرة تتبع النفقة.
مسألة
ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز تقديم الزكاة قبل حؤول الحول الا
على وجه القرض ، فاذا حال الحول جاز له أن يحتسب به من الزكاة إذا كان المقرض مستحقا والمقرض يجب عليه الزكاة.
وأما الكفارة ،
فلا يجوز تقديمها على الحنث.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز تقديم الزكاة قبل الحول ، وتقديم الكفارة قبل الحنث.
وقال داود وأهل
الظاهر وربيعة : لا يجوز تقديم شيء منها قبل وجوبه بحال.
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز تقديم الزكاة قبل وجوبها ، ولا يجوز تقديم الكفارة قبل وجوبها.
وقال ( ـ ك ـ )
: يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث ، ولا يجوز تعجيل الزكاة قبل الوجوب ، وبه قال أبو
عبيد بن خربويه من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) في طرفي نقيض.
مسألة
ـ ٣٨ ـ : ما يتعجله الوالي من الصدقة متردد بين أن يقع موقعها أو يسترد
، لأنا قد بينا أنه لا يجوز تقديم الزكاة الأعلى وجه القرض ، فاذا تغيرت حال الفقير
الى الغنا لم يسقط عنه الدين بل يتأكد قضاؤه عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ليس له ان يسترد بل هو متردد بين أن يقع موقعها أو يقع تطوعا.
__________________
مسألة
ـ ٣٩ ـ : إذا عجل زكاته لغيره ، ثمَّ حال الحول وقد أيسر المعطى ،
فان كان أيسر بذلك المال ، فقد وقعت موقعها ولا يسترد ، وان أيسر بغيره يسترد أو يقام
عوضه ، لما ذكرناه في المسألة الاولى ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يسترد على حال أيسر به أو بغيره.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : إذا عجل له وهو محتاج ، ثمَّ أيسر ، ثمَّ افتقر وقت حؤول
الحول ، جاز له أن يحتسب له بذلك ، و ( ـ للش ـ ) قولان ، وكذا إذا دفع اليه وهو موسر
، ثمَّ افتقر وقت حؤول الحول ، جاز أن يحتسب به.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يحتسب.
وانما قلنا ذلك
، لان المراعى في استحقاق الزكاة عند الإعطاء ، وفي هذه الحال هو مستحق لها فجاز الاحتساب
به.
مسألة
ـ ٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عجل زكاته ومات المدفوع اليه ، ثمَّ
حال الحول جاز أن يحتسب به. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات المالك في أثناء الحول وانتقل ماله
إلى الورثة ، انقطع الحول واستأنف الورثة الحول ، لان من شرط وجوب الزكاة حؤول الحول
في الملك.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم : لا ينقطع حوله ويبنى الورثة على حول مورثهم. وقال في الجديد مثل قولنا
، وعلى هذا إذا كان عجل زكاته ، كان للورثة استرجاعه.
مسألة
ـ ٤٣ ـ : النية شرط في الزكاة ، لقوله تعالى «
وَما أُمِرُوا
إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
» « الى قوله » و
« وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ
» والإخلاص لا يكون
إلا بالنية ، وقوله عليهالسلام « الاعمال بالنيات » وهو مذهب جميع الفقهاء. وقال ( ـ ع ـ ) : لا
__________________
يفتقر إلى النية.
مسألة
ـ ٤٤ ـ : محل نية الزكاة حال الإعطاء ، لأن طريقة الاحتياط تقتضيه
، و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني أنه يجوز أن يتقدمها.
مسألة
ـ ٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز إخراج القيمة في الزكوات كلها ، وفي
الفطرة أي شيء كانت القيمة ، ويكون القيمة على وجه البدل لا على أنه أصل.
وبه قال ( ـ ح ـ
) : الا أن أصحابه اختلفوا على وجهين ، منهم من قال : الواجب هو المنصوص عليه والقيمة
بدل ، ومنهم من قال : الواجب أحد الشيئين اما المنصوص عليه أو القيمة ، فأيهما أخرج
فهو الأصل ، ولم يجيزوا في القيمة سكنى دار ولا نصف صاع تمر جيد بصاع دون قيمته.
وقال ( ـ ش ـ )
: إخراج القيمة في الزكاة لا يجوز وانما يخرج المنصوص عليه ، وكذلك يخرج المنصوص عليه
فيما يخرج فيه على سبيل التقدير لا على سبيل التقويم ، وكذلك قال في الابدال في الكفارات
، وبه قال ( ـ ك ـ ) الا أنه خالفه في الأعيان ، فقال : يجوز ورق عن ذهب ، وذهب عن
ورق.
مسألة
ـ ٤٦ ـ : يجوز أن يتولى الإنسان إخراج زكاته بنفسه عن أمواله الظاهرة
والباطنة ، والأفضل في الظاهرة أن يعطيها الإمام ، فإن فرقها بنفسه أجزأه ، لأن الأمر
بإيتاء الزكاة يتناول ذلك ، لأنها عامة ، فلا يجوز تخصيصها الا بدليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ذلك في الأموال الباطنة ، وفي الأموال الظاهرة قولان ، أحدهما يجوز ، وقال في
القديم : لا يجوز ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تجب الزكاة في الماشية حتى تكون سائمة
للدر والنسل ،
__________________
فان كانت سائمة للانتفاع بظهرها وعملها أو كانت معلوفة للدر والنسل فلا زكاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و
( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) [ وبه قال في الصحابة علي ، وجابر ، ومعاذ ، وفي الفقهاء الليث
بن سعد ] .
وقال ( ـ ك ـ )
: يجب في الغنم الزكاة ، سائمة كانت أو غير سائمة. وقال داود : لا زكاة في معلوفة الغنم
، فأما عوامل البقر والإبل ومعلوفتهما ففيهما الزكاة.
مسألة
ـ ٤٨ ـ : إذا كانت الماشية سائمة في بعض الحول معلوفة في بعض الحول
، حكم بالأغلب والأكثر ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وعند ( ـ ش ـ ) يسقط الزكاة [ وأما مقدار
العلف ، فان فيه وجهين : أحدهما يعلفها الزمان الذي لا يغرم فيها السوم ، والأخر :
الذي يثبت حكم العطف أن ينوي العطف ويعلف ، فاذا حصل الفعل والنية انقطع الحول ، وان
كان العلف بعض يوم. ومن أصحابه من قال بمذهب ( ـ ح ـ ) ] .
وانما قلنا ذلك
، لان حكم السوم لا يجوز إسقاطه إذا كان معلوفا الا بدليل ، ولا دليل على ما اعتبره
( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا زكاة في شيء من الحيوان غير الإبل والبقر
والغنم وجوبا ، وقد روى أصحابنا أن في الخيل العتاق على كل فرس دينارين ، وفي غير العتاق
دينارا على وجه الاستحباب.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا زكاة في شيء من الحيوان إلا الأجناس الثلاثة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ع ـ )
، والليث ، و ( ـ ر ـ ) ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وعامة الفقهاء.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كانت الخيل ذكورا ، فلا زكاة فيها ، وان كان إناثا ففيه روايتان : أصحهما أن فيها
الزكاة ، وان كانت ذكورا وإناثا ففيها الزكاة ولا يعتبر فيها النصاب ،
__________________
فان ملك واحدا كان بالخيار بين أن يخرج عن كل فرس دينارا وبين أن يقومه ، فيخرج
منه ربع عشر قيمته كزكاة التجارة .
مسألة
ـ ٥٠ ـ : من كان معه نصاب فبادل بغيره ، فلا يخلو أن يبادل بجنس مثله
، مثل أن يبادل إبلا بابل أو بقرا ببقر أو ذهبا بذهب ، فإنه لا ينقطع الحول ويبني ،
وان كان بغيره مثل أن يبادل إبلا بغنم أو ذهبا بفضة انقطع حوله واستأنف الحول في البدل
الثاني ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يستأنف الحول في جميع ذلك وهو قوي [ والإجماع فيه ، وانما خصصنا بقوله عليهالسلام « في الرقة ربع العشر » ولم يفصل ما يكون بدلا من غيره أو غير بدل ] لأنه إذا بادل لم يحل عليه الحول.
وقال ( ـ ح ـ )
: فيما عدا الأثمان بقول ( ـ ش ـ ) ، وقولنا في الأثمان إن بادل فضة بفضة ، أو ذهبا
بذهب بنى كما قلنا ، ويجيء على قوله ان بادل ذهبا بفضة أن يبنى.
مسألة
ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للإنسان أن ينقص نصاب ماله قبل حؤول
الحول فرارا من الزكاة ، فإن فعل وحال عليه وهو أقل من النصاب فلا زكاة عليه ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال بعض التابعين : لا ينفعه الفرار منها ويؤخذ الزكاة
منه ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ٥٢ ـ : إذا كان معه نصاب من جنس واحد ، ففرقه في أجناس مختلفة فرارا
من الزكاة ، لزمته الزكاة إذا حال عليه الحول على أشهر الروايات ، وقد روي أن ما أدخله
على نفسه أكثر. وقال الفقهاء في هذه المسألة ما قالوه في الاولى أعني مسألة التنقيص.
مسألة
ـ ٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رهن جارية أو شاة فحملت بعد الرهن ،
كان الحمل
__________________
خارجا عن الرهن ، وكذلك لو رهنه نخلة فأثمرت ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: نماء الرهن يكون رهنا مثل الرهن ، وعلى هذا كانت الزكاة لازمة له .
مسألة
ـ ٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا زكاة في شيء من الغلات حتى يبلغ خمسة
أوسق ، والوسق ستون صاعا ، كل صاع أربعة أمداد ، والمد رطلان وربع بالعراقي ، يكون
ألفي وسبعمائة رطل ، فان نقص عن ذلك فلا زكاة فيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه خالف
في وزن المد والصاع ، فجعل وزن كل مد رطلا وثلثا يكون على مذهبه ألفا وستمائة رطل بالبغدادي
، وبه قال ابن عمر ، وجابر و ( ـ ك ـ ) والليث بن سعد و ( ـ ع ـ ) و ( ـ ر ـ ) وأبو
يوسف ومحمد .
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يعتبر فيه النصاب بل يجب في قليله وكثيره حتى لو حملت النخلة رطبة واحدة كان فيها
عشرها ، وعند ( ـ ح ـ ) المد رطلان.
مسألة
ـ ٥٥ ـ : وإذا نقص عن النصاب شيء لم يجب فيه الزكاة ، وهو المختار
لأصحاب ( ـ ش ـ ) ، قالوا : لو نقص أوقية لم يجب فيه الزكاة ، وفيه قول آخر وهو أن
ذلك على التقريب فلو نقص رطل أو رطلان وجب فيه الزكاة.
مسألة
ـ ٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الخرص على أرباب الغلات وتضمينهم حصة
المساكين ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وعطاء ، والزهري ، و ( ـ ك ـ ) ، وأبو ثور ، وذكروا
أنه إجماع الصحابة.
وقال ( ـ ر ـ )
، و ( ـ ح ـ ) : لا يجوز الخرص في الشرع ، وهو من الرجم بالغيب والتخمين وأصحابه اليوم
يقولون : الخرص جائز ، لكن إذا اتهم رب المال في الزكاة خرص
__________________
عليه وتركها في يده بالخرص ، فان كان على ما خرص فذاك ، وان اختلفا فادعى رب
المال النقصان ، فان كان ما يذكره قريبا قبل منه وان تفاوت لم يقبل منه ، واما تضمين
الزكاة فلم يجيزوه أصلا.
مسألة
ـ ٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تجب الزكاة في شيء مما يخرج من الأرض
، سوى الأجناس الأربعة الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا تجب الزكاة الا فيما أنبته الآدميون ويقتات حال الادخار ، وهو البر والشعير والدخن
والذرة والباقلا والحمص والعدس وما ينبت من قبل نفسه كبذر القطونا ونحوه ، أو أنبته
الآدميون لكنه لا يقتات كالخضراوات كلها القثاء والبطيخ والخيار والبقول لا زكاة فيه
، وما يقتات منه مما لا ينبته الآدميون مثل البلوط فلا زكاة فيه.
وأما الثمار فلا
يختلف قوله في العنب والرطب ، واختلف قوله في الزيتون فقال في القديم : فيه الزكاة
، وقال في الجديد : لا زكاة فيه ، وعلى البقول في الورس والزعفران ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وابن
أبي ليلى ، وأبو يوسف ، ومحمد ، لكن محمدا قال : ليس في الورس زكاة.
وقال ( ـ ح ـ )
وزفر والحسن بن زياد : كل نبت يبغى به نماء الأرض فيه العشر [ سواء كان قوتا أو غير
وقت ، فأوجب في الخضروات العشر ] وفي البقول كلها ، وفي كل الثمار ، وقال : الذي لا يجب فيه الزكاة هو القصب
الفارسي والحشيش والحطب والسعف والتبن.
وقال في الريحان
العشر ، وقال في حب الحنظل النابت في البرية لا عشر فيه ، لأنه لا مالك له ، وهذا يدل
على أنه لو كان له مالك لكان فيه عشر.
__________________
مسألة
ـ ٥٨ ـ : لا زكاة في العسل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وعمر بن عبد العزيز.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان في أرض الخراج فلا شيء فيه ، وان كان في غير أرض الخراج ففيه العشر. وقال
أبو يوسف : فيه العشر في كل عشرة قرب قربة ، وحكي عنهم أيضا في كل عشرة أرطال رطل.
مسألة
ـ ٥٩ ـ : الحنطة والشعير جنسان لا يضم أحدهما الى صاحبه ، فاذا بلغ كل واحد منهما نصابا ففيه الزكاة. واما السلت
فهو نوع من أنواع الشعير يقال انه بلون الحنطة وطعمه طعم الشعير بارد مثله ، فاذا كان
كذلك ضم اليه وحكم فيه بحكمه ، وما عداهما من الحبوب فلا زكاة فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
: كل ما يقتات ويدخر مثل الحنطة والشعير والسلت والذرة والدخن وكذلك القطاني كلها وهي
الحمص والعدس والدجر وهو اللوبيا والفول والأرز والماش والهرطمان والجلبان ، كل هذا
فيه الزكاة ، ولا يضم بعضها الى بعض ، وجعل السلت جنسا مفردا لم يضم الى الشعير.
قال : ولا زكاة
في القت . وقيل انه بذر الأشنان ، ذكر ذلك المزني. وقال غيره : هو
حب أسود يقشر يأكله أعراب طي ، ولا حب الحنظل ، ولا حب شجرة توتة وهو البلوط وحبة الخضراء
، ولا في حب الرشال وهو الخرف والثفاء ، ولا بذر القطونا ، ولا بذر القثاء والبطيخ
، ولا في الجزر ، ولا بذر الكتان ، ولا حب الفجل ، ولا في الترمس لأنه ادام ، ولا حبوب
البقول ، ولا في الجلجلان وهو السمسم ، ولا في بذور القدر ، مثل الكزبرة والكمون والكروباء والدار صيني والثوم والبصل.
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: الزكاة واجبة في جميع ذلك ولم يعتبر النصاب.
وقال ( ـ ك ـ )
: الحنطة والشعير جنس واحد ، والقطنية كلها صنف واحد ، فاذا بلغ خمسة أوسق ففيها الزكاة.
مسألة
ـ ٦٠ ـ : كل مئونة يلحق الغلات الى وقت إخراج الزكاة ، فهو على رب
المال ، وبه قال جميع الفقهاء الا عطاء فإنه قال : المئونة على رب المال والمساكين
بالحصة.
مسألة
ـ ٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سقي الأرض سيحا وغير سيح معا ، فان كان
نصفين أخذ نصفين ، وان كانا متفاضلين غلب الأكثر ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أخذ العشر من الثمار والحبوب مرة لم
يتكرر وجوبه فيها بعد ذلك ولو حال عليه أحوال ، وبه قال جميع الفقهاء ، الا الحسن البصري
قال : كل ما حال عليه الحول ففيه العشر إذا كان عنده نصاب منه.
مسألة
ـ ٦٣ ـ : إذا استأجر أرضا من غير أرض الخراج ، كان العشر على مالك
الزرع دون مالك الأرض ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأبو يوسف ، ومحمد.
وقال ( ـ ح ـ )
: يجب على مالك الأرض دون مالك الزرع.
دليلنا : قوله عليهالسلام « فيما سقت السماء العشر » فأوجب الزكاة في نفس الزرع وإذا كان ذلك للمستأجر
وجب عليه فيه الزكاة
، ومالك الأرض انما يأخذ الأجرة والأجرة لا تجب فيه الزكاة بلا خلاف.
مسألة
ـ ٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل أرض فتحت عنوة بالسيف فهي أرض لجميع المسلمين
المقاتلة وغيرهم ، وللإمام تقبيلها ممن يراه بما يراه من نصف أو ثلث ، وعلى المتقبل بعد إخراج حق القبالة العشر
أو نصف العشر فيما يفضل في يده وبلغ
__________________
خمسة أوسق.
وقال ( ـ ش ـ )
: الخراج والعشر يجتمعان في أرض واحدة يكون الخراج في رقبتها والعشر في غلتها ، قال
: وأرض الخراج سواد العراق وحده من تخوم الموصل الى عبادان طولا ، ومن القادسية إلى
حلوان عرضا ، وبه قال الزهري ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وربيعة ، والليث ، و (
ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : العشر والخراج لا يجتمعان ، بل يسقط العشر ويثبت الخراج.
قال أبو حامد :
وظاهر هذا أن المسألة خلاف ، وإذا شرح المذهبان انكشف أن المسألة وفاق ، وذلك أن الامام
إذا فتح أرضا عنوة ، فعليه أن يقسمها عندنا بين الغانمين ، ولا يجوز أن يقرها في أيدي
المشركين.
ولا خلاف أن عمر
فتح السواد عنوة ، ثمَّ اختلفوا فيما صنع ، فعندنا أنه قسمها بين الغانمين واستغلوها
سنتين أو ثلاثا ، ثمَّ رأى أنه ان أقرهم على القسمة تشاغلوا بالعمارة عن الجهاد وتعطلوا
الجهاد وان تشاغلوا بالجهاد خرب السواد ، فرأى المصلحة في نقض القسمة ، فاستنزل المسلمين
عنها ، فمنهم من ترك حقه بعوض ، ومنهم من ترك بغير عوض.
فلما جعلت الأرض
لبيت المال ، فعند ( ـ ش ـ ) أنه وقفها على المسلمين ، ثمَّ آجرها منهم بقدر معلوم
يؤخذ في كل سنة عن كل جريب من الكرم عشرة دراهم ، ومن النخل ثمانية دراهم ، ومن الرطبة
ستة ، ومن الحنطة أربعة ، ومن الشعير درهمين ، فأرض السواد عنده وقف لا يباع ولا يورث.
وقال أبو العباس
: ما وقفها ولكن باعها من المسلمين بثمن معلوم يجب في كل سنة عن كل جريب وهو ما قلناه ، فالواجب
فيها في كل سنة ثمن أو أجرة ،
__________________
وأيهما كان فان العشر يجتمع معه بلا خلاف.
وأما مذهب ( ـ ح
ـ ) ، فإن الإمام إذا فتح أرضا عنوة ، فعليه قسمة ما ينقل ويحول كقولنا ، فأما الأرض
فهو بالخيار بين ثلاثة أشياء : أن يقسمها بين الغانمين ، أو يقفها على المسلمين ، أو
يقرها في يد أهلها المشركين ويضرب عليهم الجزية بقدر ما يجب على رؤوسهم ، فاذا فعل
هذا تعلق الخراج بها الى يوم القيامة ، ولا يجب العشر في غلتها الى يوم القيامة ، فمتى
أسلم واحد منهم أخذت تلك الجزية منهم باسم الخراج ولا يجب العشر في غلتها ، وهو الذي فعله عمر في سواد العراق.
فعلى تفصيل مذهبهم
لا يجتمع العشر والخراج إجماعا ، لأنه إذا أسلم واحد منهم سقط الخراج عندنا ووجب العشر
في غلتها ، وعندهم استقر الخراج في رقبتها وسقط العشر عن غلتها ، فلا يجتمع العشر والخراج
أبدا على هذا.
وأصحابنا اعتقدوا
أن ( ـ ح ـ ) يقول ان العشر والخراج الذي هو الثمن أو الأجرة لا يجتمعان ، وأصحاب (
ـ ح ـ ) اعتقدوا أنا نقول : العشر والخراج الذي هو الجزية يجتمعان ، وقد بينا ما فيه
وعاد الكلام الى فصلين : أحدهما إذا افتتح أرضا عنوة ما الذي يصنع؟ عندنا تقسم ، وعندهم بالخيار. والثاني : إذا ضرب عليهم هذه الجزية هل
يسقط بالإسلام أم لا؟.
مسألة
ـ ٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى الذمي أرضا عشرية وجب عليه فيها الخمس ، وبه قال أبو يوسف ، فإنه
قال : عليه فيها عشران ، وقال محمد : عليه عشر واحد.
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: ينقلب خراجية. وقال ( ـ ش ـ ) : لا عشر عليه ولا خراج.
مسألة
ـ ٦٦ ـ : إذا باع تغلبي وهم نصارى العرب أرضه من مسلم ، وجب على المسلم
فيها العشر أو نصف العشر ولا خراج عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: عليه العشر. وقال ( ـ ح ـ ) : يؤخذ منه عشران.
مسألة
ـ ٦٧ ـ : لا زكاة في سبائك الذهب والفضة ، ومتى اجتمع معه دراهم أو
دنانير ومعه سبائك أو نقارا ، أخرج الزكاة من الدراهم والدنانير إذا بلغا النصاب.
ولم تضم السبائك
والنقار إليها ، بدلالة الأخبار التي رواها أصحابنا في ذلك ولأن الأصل براءة الذمة
، ومن أوجب الزكاة فيها يحتاج الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.
وقال جميع الفقهاء
: يضم بعضها الى بعض ، وعندنا أن ذلك يلزمه إذا قصد الفرار به من الزكاة.
مسألة
ـ ٦٨ ـ : إذا كان معه دراهم محمول عليها ، لا زكاة فيها حتى يبلغ ما فيها من الفضة مائتي درهم
، لقوله عليهالسلام « ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة » والغش ليس بورق ، وبه قال ( ـ ش ـ
).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان الغش النصف أو أكثر فمثل ما قلناه ، وان كان الغش دون النصف سقط حكم الغش
وكانت كالفضة الخالصة
، فإن كان مائتي درهم خالصة ، فأخرج منها خمسة مغشوشة أجزأه ، ولو كان عليه دين مائتا درهم فضة خالصة ،
__________________
فأعطى مائتين من هذه أجزأه ، وكل هذا لا يجوز عندنا ولا عند ( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٦٩ ـ : من كان له سيوف مجراة بفضة أو ذهب أو أواني مستهلكا أو غير مستهلك لا يجب فيه الزكاة
، لما بيناه أن السبائك والمصاغ لا زكاة فيها.
وقال جميع الفقهاء
: ان كان ذلك مستهلكا بحيث إذا جرد وأخذ وسبك لم يتحصل منه شيء فلا زكاة فيه ، لأنه
مستهلك وان لم يكن مستهلكا ، وإذا جمع وسبك يحصل منه شيء يبلغ نصابا أو بالإضافة الى
ما معه نصابا ففيه الزكاة.
مسألة
ـ ٧٠ ـ : إذا كان له لجام لفرسه محلاة بذهب أو فضة لم يلزمه زكاته
، واستعمال ذلك حرام ، لأنه من السرف ، لما قدمناه أن ما عدى الدراهم والدنانير لا
زكاة فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان لطخه بذهب فهو حرام بلا خلاف ويلزمه زكاته ، وإذا كان بالفضة فعلى وجهين ، أحدهما
: مباح لأنه من حلي الرجال ، كالسكين والسيف والخاتم ، فلا يلزمه زكاته. والأخر : أنه
حرام ، لأنه من حلي الفرس ، فعلى هذا يلزمه زكاته.
مسألة
ـ ٧١ ـ : إذا كان معه خلخال وزنه مائتا درهم وقيمته لأجل الصنعة ثلاثمائة
درهم ، لا تجب فيه الزكاة.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان أخرج خمسة دراهم أجزأه. وقال محمد بن الحسن : لا يجزيه وبه قال أصحاب ( ـ ش ـ
). وأما على قول من قال من أصحابنا ان مال التجارة فيه زكاة ينبغي أن يقول : تجب فيه
زكاة ثلاثمائة ، لأن الزكاة تجب في القيمة.
مسألة
ـ ٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا زكاة فيما زاد على المائتين حتى يبلغ
أربعين درهما
__________________
وعلى هذا في كل أربعين درهما درهم بالغا ما بلغ ، وما نقص عنه لا شيء فيه ، والذهب ما زاد على عشرين ليس فيه شيء حتى
يبلغ أربعة دنانير ففيها عشر دينار ، وكذلك كلما زاد أربعة دنانير ففيها عشر دينار
بالغا ما بلغ ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: ما زاد على العشرين وعلى المائتين ففيه ربع العشر ولو كان قيراطا بالغا ما بلغ ،
وبه قال ( ـ ر ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وأبو يوسف ومحمد ، و ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ٧٣ ـ : لا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين مثقالا ففيها نصف دينار
وان نقص منه ولو قيراطا لا يجب فيه الزكاة.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان نقص منه حبة وحبتين وجاز جواز الوافية فهي كالوافية. وقال عطاء والزهري و ( ـ ع ـ )
: لا نصاب في الذهب وانما يقوم بالورق ، فان كان ذهبا قيمته مائتي درهم ، ففيه الزكاة
ان كان دون العشرين مثقالا ، وان لم يبلغ مائتي درهم ، فلا زكاة فيه وان زاد على عشرين
مثقالا.
وقال الحسن البصري
: لا زكاة في الذهب حتى يبلغ أربعين مثقالا ففيه دينار واليه ذهب قوم من أصحابنا.
دليلنا : الروايات
المجمع عليها عند الطائفة ، وروي عن علي عليهالسلام عن النبي عليهالسلام أنه قال : ليس فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقه ، فإذا بلغ عشرين مثقالا
ففيه نصف مثقال.
مسألة
ـ ٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان معه ذهب وفضة. فنقص كل واحد منهما
عن النصاب ، لم يضم أحدهما إلى آخر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وابن أبي ليلى وشريك ، والحسن بن صالح بن حي وأحمد وأبو
عبيد القاسم بن سلام. وذهب ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ) و ( ـ ع ـ )
__________________
وأبو يوسف ومحمد إلى أنه متى قصرا عن نصاب يضم أحدهما إلى الأخر ، ثمَّ اختلفوا في كيفية الضم
على مذهبين ، فكلهم قال الا ( ـ ح ـ ) أضم بالاجزاء دون القيمة وهو أن أجعل كل دينار بإزاء عشرة دراهم ، سواء كانت قيمة الذهب أكثر أو
أقل.
وقال ( ـ ح ـ )
: أضم على ما هو الأحوط المساكين بالقيمة أو الأجزاء.
مسألة
ـ ٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل مال تجب الزكاة في عينه بالنصاب والحول
، فلا زكاة فيه حتى يكون النصاب موجودا من أول الحول الى آخره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا كان النصاب موجودا في طرفي الحول لم يضر نقصان بعضه في وسطه ، وانما ينقطع الحول
بذهاب كله.
وقال ( ـ ك ـ )
: لو ملك عشرين شاة شهرا ، ثمَّ توالدت وبلغتا أربعين ، كان حولها حول الأصل.
وقال ( ـ ح ـ )
: لو ملك أربعين شاة ساعة ، ثمَّ هلكت إلا واحدة وملك تمام النصاب في الشهر الحادي
عشر أخرج زكاة الكل.
مسألة
ـ ٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الحلي على ضربين : مباح وغير مباح ، فغير
المباح أن يتخذ الرجل لنفسه حلي النساء ، كالسوار والخلخال والطوق ، وأن يتخذ المرأة
لنفسها حلي الرجال ، كالمنطقة وحلية السيف ، فهذا عندنا لا زكاة فيه ، لأنه مصاغ لا
من حيث كان حليا.
وخالف جميع الفقهاء
في ذلك ، وقالوا : فيها زكاة.
وأما المباح ، فان
تتخذ المرأة لنفسها حلي النساء ، أو يتخذ الرجل لنفسه حلي الرجال كالسكين والمنطقة
، وعندنا لا زكاة فيه ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما :
__________________
ما قلناه ، وبه قال ابن عمر ، وجابر ، وأنس ، وعائشة وأسماء ، وفي التابعين
سعيد ابن المسيب ، والحسن والشعبي ، وقالوا : زكاته إعارته كما يقول أصحابنا ، وفي
الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وعليه أصحابه ، وبه يفتون. والقول
الآخر : فيه الزكاة ، وبه قال في الصحابة عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس وعبد الله بن
عمرو بن العاص وفي التابعين الزهري ، وفي الفقهاء ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٧٧ ـ : ذهب ( ـ ش ـ ) الى أن لجام الدابة لا يجوز أن يكون محلى بفضة
وهو حرام. وقال أبو الطيب بن سلمة من أصحابه : انه مباح ، والمسألة عندهم على قولين.
والذهب كله حرام
بلا خلاف الا عند الضرورة ، وذلك مثل أن يجدع أنف إنسان فيتخذ آنفا من ذهب ، أو يربط به أسنانه. والمصحف لا يجوز
تحليته بفضة على قولين ، والذهب لا يجوز أصلا ، وفي أصحابه من أجازه.
فأما تذهيب المحاريب
وتفضيضها ، فقال أبو العباس : ممنوع منه ، وكذا قناديل الفضة والذهب. قال : والكعبة
وسائر المساجد في ذلك سواء ، فما أجازه وأباحه لا تجب فيه الزكاة عنده ، وما حرمه ففيه الزكاة ، ولا نص لأصحابنا
في هذه المسائل غير أن الأصل الإباحة ، فينبغي أن يكون ذلك مباحا ، الا أنه لا تجب
فيه الزكاة على حال لأنها سبائك.
مسألة
ـ ٧٨ ـ : أواني الذهب والفضة محرم اتخاذها واستعمالها ، لأن النبي
عليهالسلام نهى عن استعمال آنية الذهب والفضة ، غير أنه لا تجب فيها الزكاة.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: حرام استعمالها ، وأما اتخاذها فعلى قولين ، أحدهما : مباح ، والأخر محظور ، وعلى
كل حال تجب فيها الزكاة.
مسألة
ـ ٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا زكاة في مال الدين الا أن يكون تأخيره
من قبل صاحبه.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ش ـ ) في القديم : لا زكاة في الدين ولم يفصلا. وقال ( ـ ش ـ ) في عامة كتبه
: ان فيه الزكاة. وقال أصحابه : ان كان الدين حالا فله ثلاثة أحوال : اما أن يكون على
ملي باذل ، أو ملي جاحد في الظاهر باذل في الباطن ، أو ملي جاحد في الظاهر والباطن
، فان كان على ملي باذل ففيه الزكاة كالوديعة ، وهذا مثل قولنا.
وان كان على ملي
باذل في الباطن دون الظاهر ويخاف أن طالبه به أن يجحده ويمنعه ، فلا زكاة عليه في الحال
، فاذا قبضه زكاه لما مضى قولا واحدا ، وان كان على ملي جاحد في الظاهر والباطن ، فالحكم
فيه وفي المعسر واحد لا يجب عليه إخراج الزكاة منه في الحال.
ولكن إذا قبضه هل
يزكيه أم لا؟ فيه قولان كالمغصوب سواء ، أحدهما يزكيه لما مضى ، والثاني يستأنف الحول
كأنه الان ملك ، وان كان الدين إلى أجل فهل يملكه أم لا؟ فيه وجهان قال أبو إسحاق :
يملكه ، فعلى قوله لا زكاة في الحال عليه.
فاذا قبضه ، فهل
يستأنف أم لا؟ على قولين كالمغصوب سواء. وقال أبو علي بن أبي هريرة : لا يملكه ، فعلى
قوله لا زكاة عليه أصلا ، والمال الغائب إذا كان متمكنا منه ففيه الزكاة في البلد الذي
فيه المال.
__________________
فإن أخرجه في غيره
فعلى قولين ، وان كان ممنوعا لم يجب عليه أن يخرج الزكاة ، فإذا عاد اليه فهل يخرج
الزكاة لما مضى؟ على قولين كالمغصوب سواء.
مسألة
ـ ٨٠ ـ : لا زكاة في مال التجارة عند المحصلين من أصحابنا ، وإذا باع
استأنف به الحول ، بدلالة الأخبار المأثورة عن الأئمة عليهمالسلام في ذلك ، ولأن الأصل براءة الذمة ، ولا دليل على ذلك.
وفي أصحابنا من
قال : فيه الزكاة إذا طلب برأس المال أو بالربح ، ومنهم من قال : إذا باعه زكاة لسنة
واحدة ، ووافقنا ابن عباس في أنه لا زكاة فيه ، وبه قال أهل الظاهر كداود وأصحابه.
وقال ( ـ ش ـ )
: هو القياس وذهب قوم إلى انه ما دامت عروضا وسلعا ، فلا زكاة فيه فاذا قبض ثمنها زكاه
لحول واحد ، وبه قال عطاء ، و ( ـ ك ـ ) ، وذهب قوم الى أن الزكاة تجب فيه يقوم كل
حول ويؤخذ منه الزكاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ
) وأصحابه.
مسألة
ـ ٨١ ـ : على قول من قال من أصحابنا ان مال التجارة فيه الزكاة إذا
اشترى مثلا سلعة بمائتين ثمَّ ظهر فيها الربح ، ففيها ثلاث مسائل :
إحداها : اشترى
سلعة بمائتين فبقيت عنده حولا ، فباعها مع الحول بألف لا يلزمه أكثر من زكاة المائتين
، لأن الربح لم يحل عليه الحول وقال ( ـ ش ـ ) : حول الفائدة حول الأصل قولا واحدا
، ظهرت الفائدة قبل الحول بيوم أو مع أول الحول.
الثانية : حال الحول
على السلعة ، ثمَّ باعها بزيادة بعد الحول ، فلا يلزمه أكثر من زكاة المائتين ، لأن
الفائدة لم يحل عليها الحول. وقال ( ـ ش ـ ) : زكاة مع الأصل وقال أصحابه : هذا إذا
كانت الزيادة حادثة قبل الحول.
الثالثة : اشتراها
بمائتين فلما كان بعد ستة أشهر باعها بثلاثمائة ، فنضت الفائدة منها مائة ، فحول الفائدة من حين نضت ولا يضم الى
الأصل وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال المزني وأبو
إسحاق : المسألة على قولين ، أحدهما : حول الفائدة حول الأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ،
والأخر : حولها من حين نضت.
مسألة
ـ ٨٢ ـ : على مذهب من أوجب الزكاة في مال التجارة يتعلق الزكاة بالقيمة
وتجب فيها ، لما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : كل عرض فمردود الى الدراهم والدنانير. وهذا يدل على أن الزكاة متعلقة
بالقيمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يتعلق بالسلعة ، وتجب فيها لا بالقيمة ، فإن أخرج العرض فقد أخرج الأصل الواجب ،
وان عدل عنه إلى القيمة ، فقد عدل الى بدل الزكاة.
مسألة
ـ ٨٣ ـ : وعلى هذا المذهب إذا اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو بدنانير
، كان حول السلعة حول الأصل ، وان اشترى عرض التجارة بعرض ، كان عنده للقنية كأثاث
البيت ، فان حول السلعة حين ملكها للتجارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يدور في حول التجارة ، الا بأن يشتريها بمال يجب فيه الزكاة ، كالذهب والورق ،
فأما إذا اشترى بعرض كان للقنية ، فلا يجري في حوله الزكاة.
مسألة
ـ ٨٤ ـ : إذا ملك سلعة للتجارة في أول الحول ، ثمَّ ملك أخرى للتجارة
بعد شهر آخر ، ثمَّ أخرى بعدها لشهر ، ثمَّ حال الحول ، نظرت فان كان حول الاولى وقيمتها
نصابا ، وحول الثانية وقيمتها نصابا ، وحول الثالثة كذلك ، زكى كل سلعة لحولها ، وان
كانت الاولى نصابا فحال حول الاولى وقيمتها نصابا وحال حول الثانية والثالثة وقيمة
كل واحد منهما أقل من نصاب ، أخذ من الأولى الزكاة خمسة دراهم ، ومن الثانية والثالثة من كل أربعين درهما
__________________
درهم.
وقال ( ـ ش ـ )
: في النصاب الأول مثل ما قلناه ، وفيما زاد عليه ربع العشر.
مسألة
ـ ٨٥ ـ : إذا اشترى عرضا للتجارة ، ففيه ثلاث مسائل : أولها أن يكون
الذي اشترى به نصابا من الدراهم والدنانير ، فإنه على مذهب من قال من أصحابنا : ان مال التجارة
ليس فيه زكاة تنقطع حول الأصل ، وعلى مذهب من أوجب ، فإن حول العرض حول الأصل ، وبه
قال ( ـ ش ـ ).
وان كان الذي اشترى
بها عرضا للقنية مثل شيء من متاع البيت من الفرش وغيره كان حول السلعة من حين اشتراها
وبه قال ( ـ ش ـ ) وان كان الذي اشترى بها نصابا يجب فيه الزكاة من الماشية فإنه يستأنف
وبه قال أبو العباس وأبو إسحاق وقال الإصطخري يبني ولا يستأنف الحول وهو ظاهر كلام ( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٨٦ ـ : إذا اشترى سلعة للتجارة بنصاب من جنس الأثمان مثلا بمائتي
درهم أو بعشرين دينارا ، ثمَّ حال الحول قومت السلعة بما اشتراها به ، ولا يعتبر نقد
البلد ، فان لم يكن نصابا لا يلزمه زكاته ، الا أن يصير مع الربح نصابا ويحول عليه
الحول ، لما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام انه قال : ان طلب برأس المال فصاعدا ففيه الزكاة ، وان طلب بالخسران فليس فيه
زكاة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : ان كان الثمن أقل من نصاب ففيه وجهان ، أحدهما
: يقوم بما اشتراه.
وقال أبو إسحاق
: يقوم بغالب نقد البلد ، ووافقنا أبو يوسف في أنه يقوم بالنقد الذي اشتراه. وقال محمد :
يقوم بغالب نقد البلد ، وبه قال ابن الحداد .
وقال ( ـ ح ـ )
: يقوم على ما هو أحوط للمساكين.
__________________
مسألة
ـ ٨٧ ـ : إذا اشترى عرضا للتجارة ، جرى في الحول من حين اشتراه وبه
قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: إذا اشتراه بالأثمان كقولنا ، وان كان بغيرها لم يجر في حول الزكاة.
مسألة
ـ ٨٨ ـ : إذا ملك سلعة للقنية ثمَّ نوى بها التجارة لم يصر للتجارة
بمجرد النية ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ). وقال الحسين الكرابيسي
من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يصير للتجارة بمجرد النية ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
مسألة
ـ ٨٩ ـ : النصاب يراعى من أول الحول الى آخره ، سواء كان ذلك في الماشية
أو الأثمان أو التجارات.
وقال ( ـ ح ـ )
: النصاب يراعى في طرفي الحول وان نقص فيما بينهما جاز في جميع الأشياء ، وبه قال (
ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
وأصحابه : فيه قولان ، قال أبو العباس : لا بد من النصاب طول الحول في المواشي والأثمان
والتجارات ، وقال باقي أصحابه : مال التجارة يراعى فيه النصاب حين حؤول الحول ، فان
كان في أول الحول أقل من نصاب لم يضر ذلك ، فأما الأثمان والمواشي ، فلا بد فيها من
النصاب في أوله وآخره.
مسألة
ـ ٩٠ ـ : من كان له مماليك للتجارة ، يلزمه زكاة الفطرة دون زكاة المال
، إذا قلنا لا تجب الزكاة في مال التجارة ، وإذا قلنا فيه الزكاة أو قلنا انه مستحب
، ففي قيمتها الزكاة ، ويلزمه زكاة الفطرة عن رؤوسهم ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك
ـ ) ، وأكثر أهل العلم.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ر ـ ) : تجب زكاة التجارة ، دون صدقة الفطرة.
مسألة
ـ ٩١ ـ : إذا ملك مالا ، فتوالى عليه الزكاتان : زكاة العين ، وزكاة
التجارة ، مثل أن يشتري أربعين شاة سائمة للتجارة ، أو خمسا من الإبل ، أو اشترى نخلا
للتجارة فأثمرت ، ووجب زكاة الثمار ، أو أرضا فزرعها واشتد السنبل ، فلا
خلاف أنه لا تجب فيه الزكاتان معا.
وانما الخلاف في
أيهما تجب ، فعندنا أنه تجب زكاة العين دون زكاة التجارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد
، وقال في القديم : يجب زكاة التجارة ، ويسقط زكاة العين ، وبه قال أهل العراق.
مسألة
ـ ٩٢ ـ : إذا اشترى مائتي قفيز طعام بمائتي درهم للتجارة وحال الحول
وهو يساوي مائتي درهم ، ثمَّ نقص قبل إمكان الأداء ، فصار يساوي مائة درهم ، كان بالخيار
بين أن يخرج خمسة أقفزة من ذلك الطعام ، أو درهمين ونصف ، لأن الزكاة يتعلق بالقيمة
، والقيمة انما يراعى وقت الإخراج ، والإمكان شرط في الضمان ، فاذا نقص قبل الإمكان
فقد نقص منه ومن مال المساكين ، فلم يلزمه أكثر من خمسة أقفزة ، أو قيمتها درهمين ونصف
، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وأبو يوسف ، ومحمد.
وقال ( ـ ح ـ )
: هو بالخيار بين أن يخرج خمسة دراهم ، أو خمسة أقفزة.
مسألة
ـ ٩٣ ـ : المسألة بعينها نفرض أن الطعام زاد ، فصار كل قفيز بدرهمين
، فلا يلزمه أكثر من خمسة دراهم ، أو قيمة قفيزين ونصف.
وقال ( ـ ح ـ )
: هو بالخيار بين أن يخرج خمسة دراهم ، أو خمسة أقفزة ، لأنه يعتبر القيمة عند حؤول
الحول. وقال أبو يوسف ومحمد : هو بالخيار بين أن يخرج عشرة دراهم ، أو خمسة أقفزة ،
لأنهما يعتبران القيمة حين الإخراج.
و ( ـ للش ـ ) :
ثلاثة أقوال ، أولها : أن يخرج خمسة دراهم ، والأخر : إخراج خمسة أقفزة ، والثالثة
: أنه بالخيار بينهما.
مسألة
ـ ٩٤ ـ : إذا دفع رجل الى رجل ألف درهم مضاربة على أن يشتري بها متاعا
والربح بينهما ، فاشترى سلعة بألف وحال الحول وهي تساوي ألفين ، فإنما تجب الزكاة في
الألف ، لأنه قد حال الحول عليها ، وأما الربح فان فيها الزكاة من
حين ظهر الى أن يحول عليه الحول ، وزكاة الأصل على رب المال.
وأما زكاة الربح
، فمن قال من أصحابنا : ان للمضارب أجرة المثل ، فزكاة الربح على صاحب المال ، ومنهم من قال : له من الربح بمقدار ما وقع
الشرط عليه ، فعلى هذا يلزم المضارب من الربح الزكاة بمقدار ما يصبه منه ، وزكاة الباقي
من الربح على صاحب المال.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا حال الحول والسلعة تساوي ألفين وجبت الزكاة في الكل ، لان الربح في مال التجارة
يتبع الأصل في الحول ، وعلى من تجب فيه قولان ، أحدهما : زكاة الكل على رب المال ،
والثاني : عليه زكاة الأصل وزكاة حصته من الربح ، وعلى العامل زكاة حصته من الربح.
مسألة
ـ ٩٥ ـ : إنما يملك المضارب الربح من حين يظهر في السلعة الربح ، لما
روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : من أعطى مالا للمضاربة فاشترى به أباه ، قال : يقوم فان زاد على ما
اشتراه بدرهم انعتق منه بنصيبه ، ويستبقي فيما يبقى لرب المال ، فلو لا أنه يملك قبل
المقاسمة لما صح هذا القول.
و ( ـ للش ـ ) قولان
أحدهما : ما قلناه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، فعلى هذا يكون عليه الزكاة من حين ظهر له
الربح ، والأخر : أنه يملك بالمقاسمة ، وهو اختيار المزني ، فعلى هذا يكون على رب المال الزكاة في الكل الى أن يقاسم.
مسألة
ـ ٩٦ ـ : إذا ملك نصابا من الأموال الزكاتية الذهب والفضة ، أو المواشي
، أو الثمار ، أو الحرث ، أو التجارة وعليه دين يحيط به ، فان كان له مال غير هذا بقدر
الدين ، كان الدين في مقابلة ما عدا مال الزكاة ، سواء كان ذلك عقارا أو أرضا أو أثاثا
، وأي شيء كان ، وعليه الزكاة في النصاب.
__________________
وان لم يكن له مال
غير النصاب الذي فيه الزكاة ، فعندنا أن الدين لا يمنع من وجوب الزكاة ، لعموم الأخبار
التي جاءت في أن الزكاة في الأجناس المخصوصة ولم يفرقوا بين من عليه الدين ومن لم يكن
عليه دين.
واختلف الناس فيه
على أربعة مذاهب ، فقال ( ـ ش ـ ) في الجديد من الام : الدين لا يمنع وجوب الزكاة ،
وبه قال ربيعة ، وابن أبي ليلى. وقال في القديم واختلاف العراقين في الجديد : الدين
يمنع وجوب الزكاة ، فإن كان الدين بقدر ما عنده يمنع وجوب الزكاة ، وان كان أقل منع الزكاة فيما قابله ، فإن بقي
بعده نصاب فيه زكاة زكاه والا فلا زكاة فيه ، وبه قال الحسن البصري ، والليث ، و (
ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وسليمان بن يسار.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ع ـ ) : ان كان ما في يده من الأثمان أو التجارة منع الدين من وجوب الزكاة فيها
، وان كان من الماشية أو الثمار والحرث لم يمنع.
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : الدين يمنع من وجوب الزكاة في الماشية والتجارة والأثمان ، فأما الأموال
العشرية من الحرث والثمار ، فالدين لا يمنع من وجوب العشر ، فكأنه يقول : الدين يمنع
وجوب الزكاة ، والعشر ليس بزكاة عندهم ، فلا يمنع الدين منه.
مسألة
ـ ٩٧ ـ : إذا ملك مائتين لا يملك غيرها ، فقال : لله علي أن أتصدق
بمائة منها ، ثمَّ حال الحول ، لا يجب عليه الزكاة ، لأنه علق النذر بالمال لا بالذمة ، فزال بذلك ملكه عنه
، وإذا لم يبق معه نصاب عند حؤول الحول ، لا يجب عليه الزكاة.
__________________
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : أن قال الدين يمنع فهاهنا يمنع ، والأخر : لا يمنع ففي هذا وجهان : أحدهما يمنع ، والأخر
لا يمنع ، وإذا قال لا يمنع أخرج خمسة دراهم ، وتصدق بمائة.
وقال محمد بن الحسن
: النذر لا يمنع وجوب الزكاة عليه زكاة مائتين خمسة دراهم درهمين ونصف عن هذه المائة
ودرهمين ونصف عن المائة الأخرى ، وعليه أن يتصدق بسبعة وتسعين درهما ونصف.
مسألة
ـ ٩٨ ـ : إذا ملك مائتين وحال عليها الحول ووجبت الزكاة فيها فتصدق
بها كلها وليس له مال غيرها ، لم يسقط بذلك فرض الزكاة ، لأن إخراج الزكاة عبادة والعبادة
متى تجردت عن النية للوجوب لم يجز ، ولو قلنا انها تجزئ عنه إذا أخرج الى مستحقيها
، لان ذلك يجري مجرى الوديعة إذا لم ينو ، فإنها يقع ردا للوديعة لكان قويا ، والأول أحوط.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان أحدهما : مثل ما قلناه ، والأخر : أن الخمسة يقع عن الفرض والباقي نفل.
مسألة
ـ ٩٩ ـ : إذا كان له ألف واستقرض ألفا غيرها ، ورهن هذه عند المقرض
فإنه يلزمه زكاة الألف التي في يده إذا حال الحول ، دون الألف التي هي رهن ، والمقرض
لا يلزمه شيء ، لأن مال القرض زكاته على المستقرض دون القارض ، ولو قلنا انه يلزم
المستقرض زكاة الألفين ، كان قويا ، لأن الألف المرهون هو قادر أيضا على التصرف فيها
بأن يفك رهنها والمال الغائب يلزمه زكاته إذا كان متمكنا منه بلا خلاف بين الطائفة.
وقال ( ـ ش ـ )
: هذا قد ملك ألفين وعليه ألف دين ، فاذا قلنا الدين لا يمنع وجوب
__________________
الزكاة زكى الألفين ، وإذا قلنا يمنع زكى الالف ، وأما المقرض ففي يده ، رهن
بألف والرهن لا يمنع وجوب الزكاة على الرهن ، وله دين على الراهن ألف ، فهل يجب الزكاة
في الدين؟ فيه قولان.
مسألة
ـ ١٠٠ ـ : إذا وجد نصابا من الأثمان ، أو غيرها من المواشي عرفها سنة
، ثمَّ هو كسبيل ماله ، فاذا حال بعد ذلك عليه حول وأحوال لزمته زكاته ، لأنه مالك
وان كان ضامنا له ، وأما صاحبه فلا زكاة عليه ، لان المال الغائب الذي لا يتمكن منه
لا زكاة فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا كان بعد سنة هل يدخل في ملكه بغير اختياره؟ فيه قولان ، أحدهما : وهو المذهب
أنه لا يملكها الا باختياره ، والثاني يدخل بغير اختياره ، فاذا قال : لا يملكها الا
باختياره فاذا ملكها فان كان من الأثمان يجب مثلها في ذمته ، وان كانت ماشية وجب قيمتها
في ذمته ، فأما الزكاة فإذا حال الحول من حين التقط فلا زكاة فيها لأنه أمين ، وأما
صاحب المال فله مال لا يعلم موضعه على قولين مثل الغصب.
وأما الحول الثاني
، فان لم يملكها فهي أمانة أبدا في يده ، ورب المال على قولين ، مثل الضالة. وإذا ملكها
الملتقط وحال الحول ، فهو كرجل له ألف وعليه ألف ، فإن قلنا الدين يمنع فهاهنا يمنع
، وان قلنا لا يمنع فهاهنا لا يمنع إذا لم يكن له مال سواه بقدره ، فان كان له مال
سواه لزمه زكاته ورب المال على قولين كالضالة والمغصوب.
مسألة
ـ ١٠١ ـ : إذا أكرى دارا أربع سنين بمائة دينار ، معجلة أو مطلقة فإنها
يكون أيضا معجلة ثمَّ حال الحول لزمته زكاة الكل إذا كان متمكنا من أخذه وكلما حال
عليه الحول لزمه زكاة الكل ، الا أنه لا يجب عليه إخراجه إلا بعد مضى المدة التي يستقر
فيها ملكه نصابا ، فاذا مضت تلك المدة زكاه لما مضى ،
ولا يستأنف الحول ، لان عندنا أن الأجرة تستحق بنفس العقد بإجماع الفرقة على
ذلك إذا كانت مطلقة أو معجلة ، وإذا كان هذا ملكا صحيحا لزمته زكاته إذا حال الحول.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، فاختيار المزني والبويطي وأكثر أصحابه مثل ما قلناه ، والذي نص ( ـ ش ـ ) عليه أنه إذا حال الحول زكى لخمسة وعشرين ،
وفي الثانية يزكى لخمسين.
وقال ( ـ ك ـ )
: كلما مضى شهر ملك الشهر.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا مضت خمس المدة ملك عشرين دينارا ، وعندهما معا حينئذ يستأنف الحول.
مسألة
ـ ١٠٢ ـ : من ملك نصابا ، فباعه قبل حؤول الحول بخيار المجلس أو خيار
الثلاث ، أو ما زاد على مذهبنا ، أو كان له عبد فباعه قبل أن يهل شوال بشرط ، ثمَّ
أهل شوال في مدة الشرط ، فان كان الشرط للبائع أو لهما ، فان زكاة المال وزكاة الفطرة
على البائع ، وان كان الشرط للمشتري دون البائع فزكاته على المشتري زكاة الفطرة في
الحال ، وزكاة المال يستأنف الحول.
وانما قلنا ذلك
لما روي عن النبي عليهالسلام أنه قال : المؤمنون عند شروطهم.
فاذا ثبت هذا ،
فان كان الشرط للبائع أولهما فالملك ثابت للبائع فعليه زكاته وان كان الشرط للمشتري
استأنف ، لأن ملك البائع قد زال.
و ( ـ للش ـ ) في
انتقال الملك ثلاثة أقوال ، أحدها : أنه ينتقل بالعقد ، فعلى هذا زكاة الفطرة على المشتري. والأخر : أنه بشرطين
العقد وانقضاء الخيار ، فالفطرة على البائع. والثالث : أنه مراعى فان تمَّ العقد فالفطرة
على المشتري
__________________
وان فسخ فالفطرة على البائع ، لأن به تبين انتقال الملك بالعقد.
وزكاة الأموال مثل
ذلك يبنيه على الأقوال الثلاثة ، إذا قال ينتقل بنفس العقد فلا زكاة عليه ، وان قال
بشرط فالزكاة على البائع ، وان قال مراعى فان صح البيع استأنف المشتري الحول ، وان
انفسخ فالزكاة على البائع.
مسألة
ـ ١٠٣ ـ : من باع ثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع ، كان البيع صحيحا
فان قطع فذاك ، وان تواني عنه حتى بدا صلاح الثمرة ، فلا يخلو : اما أن يطالب المشتري
بالقطع ، أو البائع بالقطع ، أو يتفقا على القطع ، فان لهم ذلك ، ولا زكاة على واحد
منهم ، وان اتفقا على التبقية ، أو اختار البائع تركه ، كان له تركه وكانت الزكاة على
المشتري.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان طالب البائع بالقطع فسخنا العقد بينهما وعاد الملك الى صاحبه وكانت زكاته عليه
، وكذلك ان اتفقا على القطع ، وان اتفقا على التبقية جاز ، وكانت الزكاة على المشتري.
وقال أبو إسحاق
: ان اتفقا على التبقية فسخنا البيع ، فإذا رضي البائع بالتبقية واختار المشتري القطع
ففيه قولان ، أحدهما : يجبر المشتري على التبقية ، والأخر : يفسخ البيع.
مسألة
ـ ١٠٤ ـ : يكره للإنسان أن يشتري ما أخرجه في الصدقة وليس بمحظور ،
لقوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» وبه قال ( ـ ح ـ
) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : البيع مفسوخ.
مسألة
ـ ١٠٥ ـ : يجوز قسمة الغنيمة في دار الحرب ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال
( ـ ح ـ ) : يكره أن يقسمها في دار الحرب ، وانما قلنا ذلك لأنه لا مانع منه في الشرع.
__________________
مسألة
ـ ١٠٦ ـ : إذا حصلت أموال المشركين في يد المسلمين فقد ملكوها سواء
كانت الحرب قائمة أو تقضت ، لقوله عليهالسلام « ان من سرق من مال المغنم بمقدار ما يصيبه فلا قطع عليه » فلو لم يكن مالكا لوجب عليه القطع.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كانت الحرب قائمة فلا يملك ، ولا يملك ان يملك ومعناه أن يقول : أخذت حقي ونصيبي
منها ، وان كانت الحرب تقضت ، فإنه لا يملكها ولكنه يملك ان يملكها.
مسألة
ـ ١٠٧ ـ : إذا ملك من مال الغنيمة نصابا يجب فيه الزكاة ، جرى في الحول
ولزمته زكاته ، سواء كانت الغنيمة أجناسا مختلفة ، مثل الذهب والفضة والمواشي ، أو
جنسا واحدا.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان اختار أن يملك ملك وكانت الغنيمة أجناسا لا يلزمه الزكاة ، وان كانت جنسا واحدا
لزمه.
وانما قلنا ما قلناه
، لان ما روي من وجوب قسمة الغنائم وأنه يخرج منه الخمس والباقي يقسم بين المقاتلة
يقتضي أنه يملك من كل جنس ما يخصه ، فوجب أن يجب عليه فيه الزكاة ، ولو قلنا لا يجب
عليه الزكاة ، لأنه غير متمكن من التصرف فيه قبل القسمة لكان قويا.
مسألة
ـ ١٠٨ ـ : كلما يخرج من البحر من لؤلؤ ومرجان ، أو زبرجد ، أو در ،
أو عنبر ، أو ذهب ، أو فضة ففيه الخمس الا السمك وما يجري مجراه ، وكذلك الحكم في الفيروزج
والياقوت والعقيق ، وغيره من الأحجار والمعادن ، وبه قال أبو يوسف.
وقال ( ـ ش ـ )
: كل ذلك لا شيء فيه ، الا الذهب والفضة ، فإن فيه الزكاة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و
( ـ ح ـ ) ، ومحمد بن الحسن.
__________________
مسألة
ـ ١٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المعادن كلها تجب فيها الخمس من الذهب والفضة
والحديد والصفر والنحاس والرصاص ونحوه ، ما ينطبع وما لا ينطبع ، كالياقوت والزبرجد
والفيروزج ونحوها ، وكذلك القير والموميا والملح والزجاج وغيره.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجب في المعادن شيء إلا في الذهب والفضة ، فإن فيهما الزكاة وما عداهما ليس فيه شيء ، انطبع أو لم ينطبع.
وقال ( ـ ح ـ )
: كلما ينطبع ، مثل الحديد والرصاص والذهب والفضة ففيه الخمس وما لا ينطبع فليس فيه
شيء ، مثل الياقوت والزمرد والفيروزج ، فلا زكاة فيه لأنه حجارة.
وقال ( ـ ح ـ )
ومحمد : وفي الزيبق الخمس. وقال أبو يوسف : لا شيء فيه ، ورواه عن ( ـ ح ـ ). وقال
أبو يوسف : قلت لح هو كالرصاص؟ فقال : فيه الخمس ، قال أبو يوسف : وسألت عن الزيبق
بعد ذلك ، فقيل : انه يخالف الرصاص ، فلم أر فيه شيئا ، فروايته عن ( ـ ح ـ ) ومذهبه
الذي مات عليه أنه يخمس.
مسألة
ـ ١١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات
والغلات والثمار على اختلاف أجناسها بعد إخراج حقوقها ومؤونها وإخراج مئونة الرجل لنفسه
ومئونة عياله سنة ، ولم يوافقنا على ذلك أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ١١١ ـ : وقت وجوب الخمس في المعادن حين الأخذ ، ووقت الإخراج حين
التصفية والفراغ منه ، ويكون المئونة وما يلزم عليه من أصله والخمس فيما يبقى ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : أنه يراعى فيه حؤول الحول ، والأخر : أنه
__________________
يجب عليه حين التناول ، وعليه إخراجه حين التصفية ، فإن أخرجه قبل التصفية لم
يجزه.
مسألة
ـ ١١٢ ـ : لا بأس ببيع تراب المعدن وتراب الصاغة ، لقوله تعالى «
وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ » الا أن تراب الصاغة يتصدق بثمنه.
وقال ( ـ ك ـ )
: يجوز بيع تراب المعدن دون تراب الصاغة. وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعه.
مسألة
ـ ١١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد بينا أن المعادن فيها الخمس ، ولا يراعى
فيها النصاب ، وبه قال الزهري و ( ـ ح ـ ) كالركاز ، الا أن الكنوز لا يجب فيها الخمس
إلا إذا بلغت الحد الذي يجب فيه الزكاة.
وقال ( ـ ش ـ )
في الأم والإملاء : ان الواجب ربع العشر ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأومى
في الزكاة إلى اعتبار النصاب مائتي درهم ، وذهب غيرهم الى أن المعادن الركاز وفيها
الخمس.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ع ـ ) : ما وجد مدرة مجتمعة أو كان في أثر سئل في بطحاء وغيرها ففيه الخمس.
دليلنا ـ بعد إجماع
الفرقة واخبارهم ـ ما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي عليهالسلام سئل عن رجل وجد كنزا في قرية خربة ، فقال : ما وجدته في قرية غير مسكونة ، أو في
خربة جاهلية ، ففيه وفي الركاز الخمس. وروى أبو هريرة أن النبي عليهالسلام قال : في الركاز الخمس ، فقلت : يا رسول الله وما الركاز؟ فقال : الذهب والفضة
اللذان خلقهما الله تعالى في الأرض يوم خلقها ، وهذه صفة
__________________
المعادن.
مسألة
ـ ١١٤ ـ : إذا كان المعدن لمكاتب أخذ منه الخمس ، سواء كان مشروطا عليه
أو لم يكن ، لان الخمس لا يختص بالاحرار دون العبيد والمكاتبين ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : لا شيء عليه.
مسألة
ـ ١١٥ ـ : الذمي إذا عمل في المعدن يمنع منه ، فان خالف وأخرج شيئا
ملكه ويؤخذ منه الخمس ، لما قلناه في المسألة المتقدمة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يؤخذ منه شيء ، لأنه زكاة ، ولا يؤخذ منه زكاة.
مسألة
ـ ١١٦ ـ : حق الخمس يملكه مستحقه مع الذي يخرج من المعدن شيئا ، وبه
قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: المخرج يملكه كله ، ويجب عليه حق المساكين.
مسألة
ـ ١١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الركاز هو الكنز المدفون يجب فيه الخمس بلا
خلاف ويراعى فيه عندنا أن يبلغ نصابا يجب في مثله الزكاة ، وهو قول ( ـ ش ـ ) في الجديد
وقال في القديم : يخمس قليله وكثيره ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ١١٨ ـ : النفقة التي تلزم على المعادن والركاز من أصل ما يخرج.
وقال ( ـ ش ـ )
: تلزم رب المال.
مسألة
ـ ١١٩ ـ : إذا وجد دراهم مضروبة في الجاهلية فهو ركاز ويجب فيه الخمس
، سواء كان ذلك في دار الإسلام ، أو في دار الحرب ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجب فيه ان كان في دار الإسلام ، وان كان في دار الحرب فلا شيء فيه.
مسألة
ـ ١٢٠ ـ : إذا وجد كنزا عليه أثر الإسلام ، بأن يكون الدراهم أو الدنانير
مضروبين في دار الإسلام وليس عليه أثر ملك يؤخذ منه الخمس ، بدلالة
__________________
عموم ظاهر القرآن والاخبار الواردة في هذا المعنى.
وقال ( ـ ش ـ )
: هو بمنزلة اللقطة إذا كان عليها أثر الإسلام ، قال : ان كان مبهمة لا سكة عليها والأواني
فعلى قولين أحدهما بمنزلة اللقطة ، والثاني : أنه ركاز وغلب عليه المكان ، فان كان
في دار الحرب خمس ، وان كان في دار الإسلام فهي لقطة.
مسألة
ـ ١٢١ ـ : إذا وجد ركاز في ملك مسلم ، أو ذمي في دار الإسلام لا يتعرض
له إجماعا ، وان كان ملكا لحربي في دار الحرب فهو ركاز ، وبه قال أبو يوسف وأبو ثور
، وقال ( ـ ش ـ ) : هو غنيمة. وفائدة الخلاف التصرف فيه ، لان وجوب الخمس فيه مجمع
عليه.
مسألة
ـ ١٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مصرف الخمس من الركاز والمعادن مصرف الفيء
وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
وأكثر أصحابه : مصرفهما مصرف الزكوات ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، والليث.
وقال المزني وابن
الوكيل من أصحابه : مصرف الواجب في المعدن مصرف الصدقات ، ومصرف حق الركاز مصرف الفيء.
مسألة
ـ ١٢٣ ـ : على من وجد الركاز إظهاره وإخراج الخمس منه ، وبه قال ( ـ
ش ـ ) ، وحكى عن ( ـ ح ـ ) أنه قال : انه بالخيار بين كتمانه ولا شيء عليه ، وبين
إظهاره وإخراج الخمس منه.
مسألة
ـ ١٢٤ ـ : على الإمام إذا أخذ الزكاة أن يدعو لصاحبها ، لقوله تعالى
« خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) « الى قوله » ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
» وظاهر الأمر يقتضي
الوجوب وبه قال داود. وقال جميع الفقهاء : ان ذلك مستحب غير واجب.
__________________
كتاب
زكاة الفطرة
مسألة
ـ ١٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : زكاة الفطرة فرض ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال
( ـ ح ـ ) : هي واجبة غير مفروضة.
مسألة
ـ ١٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : زكاة الفطرة على كل كامل العقل حر يخرجه
عن نفسه وجميع من يعوله من العبيد والإماء وغيرهم ، مسلمين كانوا أو كفارا. فأما المشرك
فلا يصح منه إخراج الفطرة ، لان من شرطه الإسلام.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب على كل مسلم حر يخرجه عن نفسه وغيره من عبيده وغيرهم إذا كانوا مسلمين ، فأما
إخراجها عن المشرك فلا يجوز.
مسألة
ـ ١٢٧ ـ : زكاة الفطرة واجبة على المسلمين من أهل الحضر والبادية.
وقال عمر بن عبد
العزيز وعطاء وربيعة : لا فطرة على أهل البادية.
مسألة
ـ ١٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العبد لا يجب عليه الفطرة ، وانما يجب على
مولاه أن يخرجها عنه ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال داود : يجب على العبد ويلزم المولى
إطلاقه ليكتسب ويخرجها عن نفسه.
مسألة
ـ ١٢٩ ـ : إذا ملك عبده عبدا وجب على السيد الفطرة عنهما ، لأنه
__________________
قد ثبت أن العبد لا يملك شيئا وان ملك.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : مثل قولنا ، وهو قوله في الجديد ، لأنه يقول : إذا ملك لا يملك. وقال
قديما : إذا ملك ملك ، فعلى هذا لا يجب على واحد منهما الفطرة.
مسألة
ـ ١٣٠ ـ : المكاتب لا يجب عليه الفطرة إذا تحرر منه شيء ، ويجب على
سيده بمقدار ما بقي عنه ، وان كان مشروطا عليه وجب على مولاه الفطرة عنه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجب الفطرة عليه ولا على سيده.
دليلنا : على المشروط
أنه عبده ، وفي المطلق أنه ليس بملك له ، لان بعضه حر ولا هو حر كله فيلزمه ، فوجب أن يسقط الفطرة بمقدار ما تحرر
منه.
مسألة
ـ ١٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته ، وبه
قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وأبو ثور ، وذهب ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) إلى أنه لا
يتحمل بالزوجية.
مسألة
ـ ١٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : روى أصحابنا أن من أضاف إنسانا طول شهر رمضان
وتكفل بعيلولته لزمته فطرته ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ١٣٣ ـ : الولد الصغير إذا كان معسرا يكون فطرته على والده ، وهو داخل
تحت العموم مما روي أنه يجب عليه الفطرة يخرجها عن نفسه وولده وبه قال ( ـ ح ـ ) ،
و ( ـ ش ـ ) الا أن ( ـ ح ـ ) قال : يجب عليه فطرته ، لان له عليه ولاية ، وعندنا يلزمه
لأنه في عياله.
مسألة
ـ ١٣٤ ـ : إذا كان الولد الصغير موسرا لزم أباه نفقته وعليه فطرته وبه
قال محمد بن الحسن. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) و ( ـ ش ـ ) نفقته
وفطرته من مال
__________________
نفسه .
دليلنا : كل خبر
روي في أنه يجب الفطرة على الرجل يخرجها عن نفسه وعن ولده.
مسألة
ـ ١٣٥ ـ : ولد الولد مثل الولد للصلب على ما مضى القول فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
مثل ذلك الا أنه قال : ان كان موسرا فنفقته وفطرته من ماله ، وان كان معسرا فنفقته
وفطرته على جده.
وقال ( ـ ح ـ )
: نفقته على جده دون فطرته. قال الساجي قال محمد بن الحسن : قلت لح : لم لا يجب فطرته
على جده؟ فقال : لأنها لا يجب على جده ، فسألته عن العلة فأعاد المذهب.
مسألة
ـ ١٣٦ ـ : الوالد ان كان معسرا فنفقته وفطرته على ولده ، زمنا كان أو
صحيحا ، بدلالة عموم الأخبار التي رويت في أن الإنسان يجبر على نفقة الوالدين والولد.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان زمنا فنفقته وفطرته على ولده. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه النفقة دون الفطرة ،
وان كان صحيحا ففيها قولان ، قال في الزكاة : نفقته على ولده ، وقال في النفقات : لا
نفقة له عليه. وقال أبو حنيفة : عليه نفقته.
مسألة
ـ ١٣٧ ـ : الولد الكبير ان كان موسرا ، فنفقته وفطرته عليه بلا خلاف
وان كان معسرا ، فنفقته وفطرته على أبيه ، صحيحا كان أو زمنا ، لما قلناه في المسألة المتقدمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان زمنا فنفقته وفطرته على أبيه. وقال ( ـ ح ـ ) : عليه النفقة دون الفطرة
__________________
وان كان مقترا صحيحا فعلى طريقين منهم من قال : على قولين ، ومنهم من قال : لا نفقة
على والده قولا واحدا.
مسألة
ـ ١٣٨ ـ : إذا كان له مملوك غائب يعلم حياته وجب عليه فطرته ، رجا عوده
أو لم يرج ، لأن النبي عليهالسلام قال : يخرجه عن نفسه وعن مملوكه وان لم يعلم حياته لا يلزمه فطرته ، لأنه لا
يعلم أن له مملوكا.
وقال ( ـ ش ـ )
في الأول مثل ما قلناه ، وفي الثاني على قولين.
مسألة
ـ ١٣٩ ـ : المملوك المعضوب وهو المقعد خلقة لا يلزمه نفقته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وانما قلنا ذلك ، لأنه
عندنا يعتق عليه ، فلا يلزمه نفقته الا أن يتكفل بنفقته فيلزمه حينئذ فطرته. وقال (
ـ ش ـ ) : يلزمه.
مسألة
ـ ١٤٠ ـ : إذا كان له مملوك كافر أو زوجة كافرة ، وجب عليه إخراج الفطرة
عنهما لعموم الاخبار.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجب. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه عن المملوك ولا يلزمه عن الزوجة بناء منه على أن
الفطرة لا يجب بالزوجية.
مسألة
ـ ١٤١ ـ : قد بينا ان زكاة الفطرة تتحمل بالزوجية ، فإن أخرجت المرأة
عن نفسها بإذن الزوج أجزأ عنها بلا خلاف ، وان أخرجت بغير إذنه ، فإنه لا يجزي عنها
، لأنه لا دليل على ذلك ، وقد ثبت أن فطرتها على زوجها.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان ، أحدهما : يجزئ ، والأخر : لا يجزي.
مسألة
ـ ١٤٢ ـ : اختلف روايات أصحابنا فيمن ولد له مولود ليلة العيد ، فروي
أنه يلزمه فطرته ، وروي أنه لا يلزمه فطرته إذا أهل شوال.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم : يجب الفطرة بطلوع الفجر الثاني من يوم الفطر ، فان
__________________
تزوج امرأة أو ملك عبدا أو ولد له ولد ، أو أسلم كافر قبل طلوع الفجر بلحظة
ثمَّ طلع فعليه فطرته ، وان ماتوا قبل طلوعه فلا شيء عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه.
وقال في الجديد
: يجب بغروب الشمس في آخر يوم رمضان ، فان ماتوا قبل الغروب فلا فطرة ، فأما إذا وجدت
الزوجية وملك العبد ، أو ولد المولود بعد الغروب وزالوا قبل طلوع الفجر فلا فطرة بلا
خلاف.
وقال ( ـ ك ـ )
في العبد بقوله في الجديد ، وفي الولد بقوله في القديم.
فأما الرواية في
أنه لا يلزمه ، فرواية معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عن مولود ولد ليلة الفطر
علي فطرته؟ قال : لا قد خرج الشهر ، وسألته عمن أسلم ليلة الفطر عليه فطرته؟ قال :
لا.
والرواية الأخرى
رواها العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عن الفطرة متى هي؟ قال : قبل الصلاة
يوم الفطر. والوجه في الجمع بينهما أن يحمل الخبر الأول على سقوط الفرض بخروج الشهر
، والثاني على الاستحباب.
وروي عن ابن عباس
قال : فرض رسول الله صلىاللهعليهوآله زكاة الفطرة في رمضان طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين.
مسألة
ـ ١٤٣ ـ : إذا كان العبد بين شريكين ، فعليهما فطرته بالحصة ، وكذلك
ان كان بينهما ألف عبد ، أو كان ألف عبد لألف نفس مشاعا ، لعموم الاخبار في وجوب إخراج
الفطرة عن العبد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا كان العبد بين شريكين سقطت الفطرة ، ولو كان بينهما ألف عبد مشاعا فلا فطرة.
مسألة
ـ ١٤٤ ـ : إذا كان عبد بين شريكين ، فقد قلنا عليهما فطرته ، فإن أخرج كل واحد منهما جنسا يخالف الجنس الأخر كان جائزا
، وبه قال أبو إسحاق.
__________________
وقال أبو العباس
: لا يجوز.
دليلنا : عموم الاخبار
في التخيير بين الأجناس ولم يفرقوا .
مسألة
ـ ١٤٥ ـ : إذا كان بعض المملوك حرا وبعضه مملوكا ، لزمه فطرته بمقدار
ما يملكه منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا فطرة في هذا. وقال ( ـ ك ـ ) : على سيده بمقدار ما يملك ولا شيء على العبد بالحرية.
وقال الماجشوني : يلزمه زكاة تامة ولا شيء على العبد ، وعندنا فيما يبقى منه ان كان
يملك نصابا وجب عليه فطرته والا فلا شيء عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان معه ما يفضل عن قوت يومه لزمه والا فلا شيء عليه.
دليلنا : ما دللنا
به على العبد بين الشريكين.
مسألة
ـ ١٤٦ ـ : إذا أهل شوال وله رقيق وعليه دين ثمَّ مات ، فان الدين لا
يمنع وجوب الفطرة ، فإن كانت التركة تفيء بما عليه من الصدقة والدين قضى دينه وأخرجت فطرته وما بقي فللورثة ، وان
لم يف كانت التركة بالحصص بين الدين والفطرة ، لأنهما حقان وجبا عليه ، فليس تقديم
أحدهما أولى من الأخر.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال ، أحدهما : يقدم حق الله ، والثاني : يقدم حق الآدمي ، والثالث : يقسم
فيهما.
مسألة
ـ ١٤٧ ـ : إذا مات قبل هلال شوال وله عبد وعليه دين ، ثمَّ أهل شوال
بيع العبد في الدين ولم يلزم أحدا فطرته ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب ( ـ
ش ـ ).
وقال باقي أصحابه
: انه يلزم الفطرة الوارث ، لأن التركة لهم وان كانت مرهونة بالدين.
__________________
دليلنا : قوله تعالى
في آية الميراث « مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ
» فبين أن الميراث
يستحق بعد قضاء الدين والوصية ، فلا يجوز نقلها إليهم مع بقاء الدين.
مسألة
ـ ١٤٨ ـ : إذا وصى له بعبد ومات الموصي قبل أن يهل شوال ، ثمَّ قبل
الموصى له الوصية ، لم يخل من أحد أمرين : اما أن يقبل قبل أن يهل شوال ، أو بعده.
فان قبل قبله كانت الفطرة عليه ، لأنه حصل في ملكه بلا خلاف ، وان قبل بعد أن يهل شوال
، فلا يلزم أحدا فطرته [ لأنه لا دليل عليه ] .
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال ، أحدها : يملك حين قبل ، فعلى هذا لا يلزم أحدا فطرته [ وفيه وجه آخر
أن فطرته في تركة الميت ] .
والثاني : يراعى
، فان قبل تبين أنه ملك بالوصية ولزمته فطرته ، وان رد تبين أنه انتقل الى الوارث بالوفاة فعليهم
فطرته.
والثالث : يزول
ملكه عنه بالموت
الى الموصى له به كالميراث ودخل في ملكه بغير اختياره ، فان قبل استقر ملكه ، وان رد
خرج الان من ملكه إلى ورثة الميت لا عن الميت ، فعلى هذا يلزم الموصى له فطرته وأبى
أكثر أصحابه هذا القول.
مسألة
ـ ١٤٩ ـ : من وهب لغيره عبدا قبل أن يهل شوال فقبله الموهوب له ولم
يقبضه حتى يهل شوال ثمَّ قبضه ، فالفطرة على الموهوب له ، لأن الهبة منعقدة بالإيجاب
والقبول ، وليس من شرط انعقادها القبض ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الأم ، وهو
__________________
قول ( ـ ك ـ ).
وقال أبو إسحاق
: الفطرة على الواهب ، لأن الهبة تملك بالقبض. وفي أصحابنا من قال : القبض من شرط صحة
الهبة ، فعلى هذا لا فطرة عليه ، ويلزم الفطرة الواهب.
مسألة
ـ ١٥٠ ـ : يجب زكاة الفطرة على من ملك نصابا يجب فيه الزكاة أو قيمة
نصاب ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا فضل صاع عن قوته وقوت عياله ومن يمونه يوما وليلة وجب عليه ذلك ، وبه قال الزهري
، ومالك ، وعطاء ، وذهب اليه كثير من أصحابنا.
دليلنا : أن الأصل
براءة الذمة ، وقد أجمعنا على أن من ذكرناه يلزمه الفطرة ولا دليل على وجوبها على من
قالوه.
مسألة
ـ ١٥١ ـ : إذا كان عادما وقت الوجوب ، ثمَّ وجد بعد خروج الوقت لا يجب
عليه بل يستحب لأن الأصل براءة الذمة ، وليس في الشرع ما يدل على وجوبه ، وبه قال (
ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يجب عليه.
مسألة
ـ ١٥٢ ـ : المرأة الموسرة إذا كانت تحت معسر ، أو تحت مملوك ، أو الأمة
تكون تحت مملوك أو معسر ، فالفطرة على الزوج بالزوجية ، فإذا كان لا يملك لا يلزمه
شيء ولا يلزم الزوجة ولا مولى الأمة شيء ، لأنه لا دليل على ذلك.
و ( ـ للش ـ ) قولان
، أحدهما : ما ذكرناه ، والثاني يجب عليها أن تخرج عن نفسها ، وعلى السيد أن يخرجها
عن أمته.
مسألة
ـ ١٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت زكاة الفطرة قبل صلاة العيد ، فإن أخرجه بعده كان صدقة ، وان أخرجها من
أول الشهر كان جائزا ، ومن أخرج بعد ذلك أثم ويكون قضاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز أن يخرج قبله ولو بسنتين.
مسألة
ـ ١٥٤ ـ : إذا أخرج الفقير الفطرة تبرعا وهو ممن يحل له أخذ الفطرة
، فرد عليه فطرته بعينها كره له أخذها لقولهم عليهمالسلام : إذا أخرجت شيئا في الصدقة فلا ترده في ملكك. وقال ( ـ ش ـ ) : لا بأس به.
مسألة
ـ ١٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : زكاة الفطرة صاع من أي جنس يجوز إخراجه ،
وهو المروي عن علي عليهالسلام وعائشة وأبي سعيد الخدري ، وبه قال النخعي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) و (
ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وذهب ( ـ ح ـ )
إلى أنه ان أخرج تمرا أو شعيرا فصاع ، وان أخرج البر فنصف صاع. وعنه في الزبيب روايتان
، وروى ذلك عن أبي بكر وابن عباس وجابر.
وقال الثوري بقوله
في البر.
دليلنا ـ مضافا
الى إجماع الفرقة ـ ما روى نافع عن ابن عمر أن النبي عليهالسلام فرض صدقة الفطرة صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من بر على كل حر وعبد
ذكر أو أنثى. وروي عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنه سئل عن صدقة الفطرة ، فقال : صاعا من طعام ، فقيل : أو نصف صاع ، فقال «
بِئْسَ الِاسْمُ
الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ
» يعني قسمة معاوية.
مسألة
ـ ١٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز إخراج صاع من الأجناس السبعة : التمر
، أو الزبيب ، أو الحنطة ، أو الشعير ، أو الأرز ، أو الأقط ، أو اللبن. ويجوز إخراج
قيمته بسعر الوقت.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز إخراج صاع مما كان قوتا حال الاختيار ، كالبر والشعير والذرة والدخن والثفل
يعني ما له ثفل من الحبوب دون ما لا ثفل له من الادهان ، وقال : لا
__________________
يجوز إخراج القيمة ، وحكى يونس بن بكير عن ( ـ ح ـ ) أنه ان أخرج صاع إهليلج
أجزأه ، فإن كان هذا منه على سبيل القيمة فهو وفاق ، وان كان منه على سبيل أنه أصل
فهو خلاف.
مسألة
ـ ١٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحب ما كان غالبا على قوت البلد ، و
( ـ للش ـ ) قولان أحدهما : الغالب على قوت نفسه ، والأخر مثل قولنا.
مسألة
ـ ١٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اعتبرنا حال قوت البلد ، فلا فرق بين
أن يخرجه من أعلاه أو من أدونه ، فإنه يجزيه ، ولمن وافقنا فيه من أصحاب ( ـ ش ـ )
قولان أحدهما ما قلناه ، والثاني ان كان الغالب الأعلى فإخراج الأدنى لم يجزه.
مسألة
ـ ١٥٩ ـ : لا يجزئ في الفطرة الدقيق والسويق الأعلى وجه القيمة ، بدلالة
أن الاخبار تضمنت الحب ، ولم يتضمن الدقيق والسويق ، فما خالفها وجب اطراحه. وعند ( ـ ش ـ ) لا يجزيان
أصلا ، وعند ( ـ ح ـ ) كل واحد منهما يجزي أصلا كالبر. وقال الأنماطي من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يجوز إخراج
الدقيق.
مسألة
ـ ١٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز لأهل البادية أن يخرجوا أقطا أو لبنا.
وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز إخراج الأقط ، فان لم يكن فصاعا من لبن. وقيل : المسألة على
قولين.
مسألة
ـ ١٦١ ـ : إذا كان قوته مثلا حنطة ، أو يكون قوت البلد الغالب حنطة
، فان لم يكن الغالب حنطة جاز أن يخرج شعيرا ، بدلالة أن الاخبار الواردة يتضمن التخيير
، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والثاني لا يجزيه.
مسألة
ـ ١٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مصرف زكاة الفطرة مصرف زكاة الأموال إذا
كان مستحقه فقيرا مؤمنا ، والأصناف الموجود في الزكاة اليوم خمسة : الفقير والمسكين
__________________
والغارم ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل. ويجوز أن يخص فريق منهم دون فريق ولا يعطى الواحد أقل من صاع.
وقال ( ـ ش ـ )
: مصرفه هؤلاء الخمسة ، وأقل ما يعطى من كل فريق ثلاثة ، يقسم كل صاع خمسة عشر سهما لكل إنسان سهم.
وقال ( ـ ك ـ )
: يخص بها الفقراء والمساكين ، وبه قال الإصطخري ، فإذا أخرجها إلى ثلاثة أجزأه.
وقال ( ـ ح ـ )
: له أن يضعها في أي صنف شاء كما قلناه ، وهكذا الخلاف في زكاة المال وزاد بأن قال
: ان خص بها أهل الذمة جاز.
مسألة
ـ ١٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصاع المعتبر في الفطرة أربعة أمداد ، والمد
رطلان وربع بالعراقي يكون تسعة أرطال.
وقال ( ـ ش ـ )
: المد رطل وثلث يكون خمسة أرطال وثلث ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، واليه رجع أبو يوسف ،
واليه ذهب ( ـ د ـ ). وذهب ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، ومحمد الى أن المد رطلان ، والصاع
ثمانية أرطال.
مسألة
ـ ١٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب حمل الزكاة الباطنة والظاهرة وزكاة
الفطرة الى الامام ليفرقها على مستحقيها ، فان فرقها بنفسه جاز.
قال ( ـ ش ـ ) :
الباطنة هو فيها بالخيار والفطرة مثلها ، وفي الظاهرة قولان ، أحدهما : يتولاه بنفسه
، والأخر : يحملها الى الامام ، ومنهم من قال : الأفضل أن يلي ذلك بنفسه إذا كان الامام
عادلا ، فان كان جائرا يليها بنفسه قولا واحدا ، فان حملها اليه سقط عنه فرضها.
مسألة
ـ ١٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الزكاة إذا وجبت بحؤول الحول وتمكن من
__________________
إخراجها لم يسقط بوفاته ، سواء كانت زكاة الأموال أو زكاة الفطرة ، ويستوفي
من صلب ماله كالدين وكذلك العشر والكفارات والحج ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يسقط ذلك بوفاته ، فإن أوصى بها كانت صدقة تطوع يعتبر من الثلث ، وهكذا زكاة الفطرة
والكفارات والحج وفي الجزية والعشر عنه روايتان قال في الأصول ونقله أبو يوسف ومحمد
: انه لا يسقط بالوفاة كالخراج ، وروى
ابن المبارك أنهما
يسقطان بالموت. دليلنا ـ بعد إجماع الفرقة ـ أن هذه حقوق واجبة تعلقت بذمته أو بماله
، فلا يجوز إسقاطها بالموت الا بدليل ، ولا دليل يدل عليه.
كتاب
الصيام
مسألة
ـ ١ ـ : قوله تعالى « يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيّاماً مَعْدُوداتٍ
» الاية من أصحابنا
من قال : انما عنى به عشرة أيام من المحرم وكان الفرض التخيير بين الصوم والإطعام ،
ثمَّ نسخ بقوله « شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
) « الى قوله » ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » فحتم على الصوم لا غير.
وقال ( ـ ش ـ )
: المراد بالاية شهر رمضان ، الا أنه نسخ فرض التخيير الى التضييق وقال معاذ : المراد
به غير شهر رمضان ، وهو ثلاثة أيام في كل شهر ، هذا فرض الناس حين قدم النبي عليهالسلام المدينة ثمَّ نسخ بشهر رمضان.
والذي قال ( ـ ش
ـ ) أقرب الى الصواب ، لان الظاهر الأمر ، وليس فيه أنه كان غير شهر رمضان ، فأما التخيير
الذي فيها فهو منسوخ بلا خلاف.
مسألة
ـ ٢ ـ : الصوم لا يجزي من غير نية ، فرضا كان أو نفلا ، شهر رمضان
كان أو غيره ، سواء كان في الذمة أو متعلقا بزمان بعينه ، بدلالة قوله تعالى
__________________
« وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ
مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى
» وابتغاء وجهه هو
النية ، وقوله عليهالسلام « الاعمال بالنيات ».
وبه قال جميع الفقهاء
الا زفر فإنه قال : إذا تعين عليه شهر رمضان على وجه لا يجوز له الفطر ، وهو إذا كان
صحيحا مقيما أجزأه بغير نية ، فان لم يتعين عليه بأن يكون مريضا أو مسافرا أو كان الصوم
في ذمته كالنذر والقضاء والكفارات ، فلا بد فيه من النية ، وروى هذا عن مجاهد.
مسألة
ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصوم على ضربين : مفروض ومسنون ، والمفروض
على ضربين : ضرب يتعين بيوم ، كصوم شهر رمضان والنذر المتعين بيوم مخصوص فما هذا حكمه
يجزي فيه تجديد النية الى قبل الزوال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ويجزي في شهر رمضان نية واحدة
من أول الشهر الى آخره ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وما لا يتعين بل
يجب في الذمة ، مثل النذر الواجب في الذمة والكفارات ، أو قضاء شهر رمضان ، وما أشبه
ذلك ، فلا بد فيه من تجديد النية لكل يوم ، ويجوز ذلك الى قبل الزوال.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا بد أن ينوي بكل يوم من ليلته ، سواء وجب ذلك شرعا أو نذرا وسواء تعلق بزمان بعينه
أو كان في الذمة ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، الا أن ( ـ ك ـ ) قال : إذا نوى
لشهر رمضان في أول
ليلة للشهر كله أجزأه كما قلناه.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان متعلقا بالذمة كقول ( ـ ش ـ ) ، وان كان متعلقا بزمان معين أجزأه أن ينوي
لكل يوم قبل الزوال.
مسألة
ـ ٤ ـ : الصوم المعين على ضربين : أحدهما شهر رمضان ، فيجزى
__________________
فيه نية القربة ، ولا يجب فيه نية التعيين ، ولو نوى صوما آخر نفلا أو قضاء وقع عن شهر رمضان ، وان
كان المتعين بيوم مثل النذر يحتاج إلى نية متعينة.
وأما الصوم الواجب
في الذمة ، مثل قضاء رمضان ، أو الصوم في النذر غير المعين ، أو غيره من أنواع الصوم
الواجب ، وكذلك صوم النفل ، فلا بد في جميع ذلك من نية التعيين.
ونية القربة يكفي
أن ينوي أنه يصوم متقربا به الى الله تعالى ، وإذا أراد الفضل نوى أنه يصوم غدا صوم شهر رمضان. ونية التعيين
أن ينوي الصوم الذي
يريده ويعينه بالنية.
وقال ( ـ ش ـ )
في جميع ذلك لا بد من نية التعيين ، وهو أن ينوي أنه يصوم غدا من رمضان فريضة ، ومتى
أطلق النية ولم يعين أو نوى من غيره ، كالنذر والكفارات والتطوع ، لم يقع عن رمضان
ولا عما نوى ، سواء كان في الحضر أو في السفر.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان الصوم في الذمة مثل قولنا ، وان كان متعلقا بزمان بعينه ، كالنذر وشهر رمضان
، لم يخل حاله في رمضان من أحد أمرين : اما أن يكون حاضرا أو مسافرا ، فان كان حاضرا
لم يفتقر الى تعيين النية ، فإن نوى مطلقا أو تطوعا أو نذرا أو كفارة وقع عن رمضان
وعن أي شيء نوى انصرف الى رمضان.
وان كان في السفر
نظرت : فان نوى مطلقا وقع عن رمضان وان نوى نذرا أو كفارة وقع عما نوى له ، وان نوى
نفلا ، ففيه روايتان ، أحدهما : يقع عما نوى له كما لو نوى نذرا ، والثاني : عن رمضان
كما لو أطلق.
وقال ( ـ ف ـ )
ومحمد عن أي شيء نوى في رمضان وقع عن رمضان في سفر كان
__________________
أو في حضر وأجروه في السفر على ما أجراه ( ـ ح ـ ) في الحضر.
دليلنا : قوله تعالى
« فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
» فأمر بالإمساك ،
وهذا قد أمسك بلا خلاف ، فوجب أن يجزيه. وأيضا فإن تعيين النية انما يحتاج إليه في الموضع الذي يجوز أن يقع الصوم
على وجهين ، وإذا لم يصح أن يقع الا عن شهر رمضان ، فلا نحتاج الى تعيين النية كرد الوديعة.
فأما حال السفر
، فعندنا لا يجوز أن يصومه على حال بل فرضه الإفطار ، فإن نوى نافلة أو نذرا كان عليه
أو كفارة ، احتاج الى تعيين النية ويقع عما ينويه ، لان هذا زمان يستحق فيه الإفطار
، فجاز أن ينوي فيه صيام يوم يريده ، لأنه لا مانع منه هذا على قول من أجاز صوم النافلة
في السفر على ما يختاره ، فأما إذا منعنا منه ، فلا يصح هذا الصوم على حال.
مسألة
ـ ٥ ـ : وقت النية من أول الليل الى طلوع الفجر أي وقت نوى أجزأه
ويتضيق عند طلوع الفجر ، هذا مع الذكر. فأما إذا فاتت ناسيا ، جاز تجديدها الى عند
الزوال كما بيناه ، وأجاز أصحابنا في نية القربة في شهر رمضان خاصة أن يقدم على الشهر
بيوم وأيام فأما نية التعيين ، فعلى ما بيناه أولا.
وقال ( ـ ش ـ )
: وقت الوجوب قبل طلوع الفجر الثاني لا يجوز أن يتأخر عنه ، فإذا بقي من الليل قدر
النية فقط فقد تضيق عليه ، كما إذا بقي من وقت الظهر قدر أربع ركعات تعينت عليه.
قال : فان وافق
انتهاء النية مع انتهاء الليل أجزأه ، وان ابتداء بالنية قبل طلوعه فطلع الفجر قبل
إكمالها لم تجزه ، وأما وقت الجواز ففيه ثلاثة أوجه : ظاهر
__________________
المذهب أن وقتها ما بين غروب الشمس الى طلوع الفجر ، الثاني : أي وقت أتى بها
فيه فقد أجزأه ، وبه قال أبو العباس ، وأبو سعيد وغيرهما. ومنهم من قال : وقتها بعد
نصف الليل ، فان نوى قبل النصف لم يجزه.
وقال أبو إسحاق
: وقت النية أي وقت شاء من الليل ، ولكن بعد أن لا يفعل بعدها ما ينافيها مثل أن ينام
بعدها ولا ينتبه حتى يطلع
الفجر ، فان انتبه قبل طلوع الفجر ، أو أكل أو شرب أو جامع ، فعليه تجديد النية. وحكى
أن أبا سعيد الإصطخري لما بلغته هذه المقالة ، قال : يستتاب من قال هذا ، فان تاب والا
قتل ، لأنه خالف إجماع المسلمين.
مسألة
ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن ينوي لصيام النافلة نهارا ، ومن
أصحابنا من أجازه إلى عند الزوال ، وهو الظاهر في الروايات ، ومنهم من أجازه إلى آخر
النهار ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، ولست أعرف به نصا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ذلك قبل الزوال وبعد الزوال فيه قولان. وقال ( ـ ج ـ ) : لا يجوز بعد الزوال
، وبه قال ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يجوز حتى ينوي له ليلا كالفرض ، وبه قال المزني ، وروى ذلك عن ابن مسعود ، وحذيفة
وأبي طلحة ، وأبي الدرداء ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعن جابر بن زيد في التابعين.
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى بالنهار يكون صائما من أوله لا من
وقت النية وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو إسحاق : يكون صائما من وقت تجديد
النية وما قبله يكون إمساكا لا صوما يثاب عليه.
مسألة
ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : إذا أصبح يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان
بنية الإفطار يعتقد أنه من شعبان ، ثمَّ بان أنه من رمضان لقيام بينة عليه قبل الزوال
، جدد النية وصام وقد أجزأه ، وان بان بعد الزوال أمسك بقية النهار وكان عليه
__________________
القضاء ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يمسك وعليه القضاء على كل حال ، واختلفوا إذا أمسك هل يكون صائما أم لا؟ قال الأكثر
: يجب عليه الإمساك ولا يكون صائما. وقال أبو إسحاق : يكون صائما من الوقت الذي أمسك
صوما شرعيا.
مسألة
ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى أن يصوم غدا من رمضان ، فريضة أو
نافلة ، أو قال : ان كان من رمضان فهو فرض ، وان لم يكن من رمضان فهو نافلة أجزأه ،
ولا يلزمه القضاء لما قلناه من أن شهر رمضان يجزي فيه نية القربة ، ونية التعيين ليست
شرطا في صحة الصوم. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزيه وعليه القضاء.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا كان ليلة الثلاثين ، فنوى ان كان غدا من رمضان فهو صائم
فرضا أو نفلا ، أو نوى انه ان كان من رمضان فهو فرضه ، وان لم يكن منه فهو نفل أجزأه
لما قلناه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزيه في الموضعين.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا عقد النية ليلة الشك على أنه يصوم من رمضان من غير امارة
ولا رؤية ، أو خبر من ظاهره العدالة ، فوافق شهر رمضان أجزأه ، وقد روي أنه لا يجزيه
وان صامه بأمارة من قول من ظاهره العدالة من الرجال أو المراهقين دون المنجمين ، فإنه
يجزيه أيضا.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) في الاولى انه لا يجزيه ، وفي الثانية يجزيه. وقال ابن سريج : ان صام بقول بعض
المنجمين وأهل الحساب أجزأه.
ويدل على ما قلناه
إجماع الطائفة على أن من صام يوم الشك أجزأه عن رمضان ولم يفرقوا ، ومن قال من أصحابنا
لا يجزيه تعلق بقولهم عليهمالسلام أمرنا بأن نصوم يوم الشك بنية أنه من شعبان ، ونهينا عن أن نصومه من رمضان ،
وهذا صامه بنية رمضان ، فوجب أن لا يجزيه ، لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا نوى الصوم من الليل ، فأصبح مغمى عليه يوما أو
يومين وما زاد عليه ، كان صومه صحيحا ، وكذلك ان بقي نائما يوما أو أياما ،
وكذلك ان أصبح صائما ثمَّ جن في بعضه ، أو مجنونا فأفاق في بعضه ونوى فلا قضاء عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا نوى الصيام من الليل وأصبح مغما عليه واتصل الاغماء يومين وأكثر ، فلا صيام له
بعد اليوم الأول ، لأنه ما نوى من ليلته ، وخرج النهار من غير نية. وأما اليوم الأول
، فان لم يفق في شيء منه فلا صيام.
وقال ( ـ ح ـ )
والمزني : يصح صيامه وان أفاق في شيء منه ، فنقل المزني إذا أفاق في شيء منه صح صومه.
وقال في البويطي : والظاهر ان كان مفيقا عند طلوع الفجر صح صومه ، وأما النوم فإنه
إذا نوى ليلا وأصبح نائما وانتبه بعد الغروب صح صومه قولا واحدا ، وقال الإصطخري وغيره
: لا يصح صومه.
وأما ان جن في أول
النهار وأصبح مجنونا ، ثمَّ أفاق أو أصبح مفيقا ثمَّ جن ، قال في القديم
: لا يبطل صومه ، ومن أصحابه من قال : يبطل صومه ، وقال المزني : إذا نوى الصوم من
الليل ثمَّ أغمي عليه جميع النهار أجزأه ، كما يجزيه إذا نام في جميع النهار.
مسألة
ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى ليلا وأصبح مغمى عليه حتى ذهب اليوم
صح صومه ، ولا فرق بين الجنون والاغماء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) والمزني.
وقال ( ـ ش ـ )
وباقي أصحابه : لا يصح صومه.
مسألة
ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أصبح يوم الشك مفطرا ، ثمَّ صح أنه كان
من رمضان ، وجب عليه إمساك باقيه ، وبه قال ( ـ ح ـ ). و ( ـ للش ـ ) قولان.
مسألة
ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان أسيرا في بلد الشرك ، أو كان محبوسا
في بيت ،
__________________
أو كان في طرف من البلاد ، ولا طريق له إلى معرفة شهر رمضان ولا الى ظنه بأمارة
صحيحة ، فليتوخ به شهرا فيصومه ، فان وافق شهر رمضان أو بعده أجزأه ، وان وافق قبله
لم يجزه وعليه القضاء.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان غلب على ظنه شهر ولم يكن معه دليل ، فإنه يصومه غير أنه لا يعتد به ، وافق الشهر
أو لم يوافق ، وان كان معه ضرب من الدليل والامارات ، مثل أن يعلم أنه صام في شدة الحر
أو شدة البرد ، أو ذكر هذا في بعض الشهر عرفه بعينه صام حينئذ ، فله ثلاثة أحوال :
حالة يوافقه فإنه
يجزيه ، وهو قول الجماعة إلا الكرخي ، فإنه قال : لا يجزيه ، وان وافقه وان وافق ما بعده ، فإنه يجزيه أيضا ويكون قضاء إذا كان شهرا
يجوز صيامه كله مثل المحرم أو صفر ونحوهما ، وان وافق شهرا لا يصح صومه كله مثل شوال
أو ذي الحجة ، فإن صومه كله صحيح الا يوم الفطر ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق ، فيقضي
ما لا يصح صيامه ، ويسقط ها هنا الاعتبار بالهلال ويكون المعتبر العدد.
هذا ان صام شهرا
بين هلالين ، فأما ان صام ثلاثين يوما من شهرين أجزأه إذا كانت أياما يصح صوم جميعها
، فان كان فيها ما لا يصح صيامه قضا ما لا يصح صيامه ، ومتى وافق ما قبله ثمَّ بان
له الخطاء قبل خروج رمضان صامه ، وان كان قد خرج بعضه صام ما أدرك منه وقضى ما فات.
وان كان خرج كله
فلهم فيه طريقتان : إحداهما عليه القضاء قولا واحدا ، وذهب شيوخ أصحابه مثل الربيع
والمزني وأبي العباس الى أن المسألة على قولين : أحدهما ، لا قضاء عليه ذكره المزني
، قال : ولا أعلم أحدا قال به ، والثاني
__________________
وهو الصحيح عليه القضاء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وغيره من الفقهاء.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا نوى في أثناء النهار أنه قد ترك الصوم ، أو عزم على أن
يفعل ما ينافي الصوم لم يبطل صومه ، وكذلك الصلاة ان نوى أن يخرج منها ، أو فكر هل
يخرج منها أم لا؟ لم يبطل صلاته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، لان نواقض الصوم والصلاة منصوص
عليها ، وليس في جملتها هذه النية.
وقال أبو حامد الاسفرائيني
: يبطل صومه وصلاته ، وقال : ولا أعرفها منصوصة الشافعي. وأما الصلاة ، فنص ( ـ ش ـ
) على أنها تبطل.
مسألة
ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صوم يوم الشك مستحب بنية شعبان ، ويحرم صومه
بنية رمضان ، وصومه من غير نية أصلا لا يجزي عن شيء. وذهب ( ـ ش ـ ) إلى أنه يكره
افراده بصوم التطوع من شعبان ، أو صيامه احتياطا لرمضان ، ولا يكره إذا كان متصلا بما
قبله من صيام الأيام.
وكذلك لا يكره أن
يصومه إذا وافق عادة له في مثل ذلك اليوم أو يوم نذر أو غيره ، وحكى أن به قال في الصحابة
علي عليهالسلام وعمر ، وابن مسعود ، وعمار ابن ياسر ، وفي التابعين الشعبي ، والنخعي ، وفي
الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ). وقالت عائشة وأختها أسماء : لا يكره بحال.
وقال الحسن وابن
سيرين : ان صام امامه صام ، وان لم يصم امامه لم يصم وقال ابن عمر : ان كان صحوا كره
، وان كان غيما لم يكره ، وبه قال ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان صام تطوعا لم يكره
، وان صام على سبيل التحرز لرمضان حذرا أن يكون منه فهذا مكروه.
مسألة
ـ ١٨ ـ : علامة شهر رمضان أحد الشيئين : إما رؤية الهلال ، أو شهادة
شاهدين ، فان غم عد من شعبان ثلاثين يوما ، ويصام بعد ذلك بنية الفرض.
__________________
فأما العدد والحساب
، فلا يلتفت إليهما ولا يعمل بهما ، وبه قالت الفقهاء أجمع ، وحكي عن قوم شذاذ أنهم
قالوا : تثبت بهذين وبالعدد ، فاذا أخبر ثقتان من أهل الحساب والعلم بالنجوم بدخول الشهر
وجب قبول قولهم ، وذهب قوم من أصحابنا إلى القول بالعدد ، وذهب شاذ منهم الى القول
بالجدول.
دليلنا الأخبار
المتواترة عن النبي ، وعن الأئمة عليهمالسلام ، وقوله تعالى « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ
قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ
» .
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا رأى الهلال قبل الزوال أو بعده ، فهي لليلة المستقبلة
دون الماضية ، وبه قال جميع الفقهاء ، وذهب قوم من أصحابنا إلى أنه ان رأى قبل الزوال
فهو لليلة الماضية ، وان رأى بعده فهو لليلة المستقبلة ، وبه قال ( ـ ف ـ ).
دليلنا : قول النبي
عليهالسلام : إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا. وهذا رآه بالنهار ، فينبغي أن
يكون صومه وفطره من الغد ، لأنه ان صام ذلك اليوم يكون قد صام قبل رؤية الهلال.
مسألة
ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يقبل في رؤية الهلال في رمضان إلا شهادة
شاهدين فأما الواحد فلا يقبل منه. هذا مع الغيم ، فأما مع الصحو فلا يقبل الا خمسون
قسامة ، أو اثنان من خارج
البلد.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه من اعتبار الشاهدين ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ
) ، والليث ، وسواء كان صحوا أو غيما. والأخر : أنه يقبل شهادة واحد ، وعليه أكثر أصحابه
، وبه قال في الصحابة عمر ، وابن عمر ، وحكوه عن علي عليهالسلام وفي الفقهاء ( ـ د ـ ).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان يوم غيم قبلت شاهدا واحدا ، وان كان صحوا لم يقبل الا التواتر فيه والخلق
العظيم.
مسألة
ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يقبل في هلال شوال الا شاهدان. وقال أبو
ثور : تثبت بشاهد واحد.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا رأى هلال رمضان وحده ، لزمه صومه ، قبل الحاكم شهادته
أو لم يقبل. وكذلك إذا رأى هلال شوال أفطر ، لقوله عليهالسلام : صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته. وهذا قد رأى ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش
ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ د ـ ) : يلزمه الصيام في أول الشهر ، ولا يملك الفطر في آخره. وقال الحسن وعطاء
وشريك : ان صام الامام صام معه ، وان أفطر أفطر معه.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا وطئ في هذا اليوم الذي رأى الهلال وحده ، كان عليه القضاء
والكفارة ، لعموم الأخبار المتضمنة لوجوب الكفارة على من أفطر يوما من رمضان وهذا منه
، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه القضاء بلا كفارة.
مسألة
ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أصبح جنبا في شهر رمضان ناسيا تمم صومه
ولا شيء عليه ، وان أصبح كذلك متعمدا من غير عذر بطل صومه وعليه قضاؤه وعليه الكفارة.
وقال جميع الفقهاء
: يتم صومه ، ولا شيء عليه لا قضاء ولا كفارة. وقال أبو هريرة : لا يصح صومه ، وبه
قال الحسن بن صالح بن حي. ولا أعلم هل يوجبان الكفارة أم لا؟ وانما يروي عن أبي هريرة
أنه قال : من أصبح جنبا فلا صوم له ، ما أنا قلته قاله محمد ورب الكعبة.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : من جامع في نهار رمضان متعمدا من غير عذر ، وجب عليه القضاء
والكفارة ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال الليث والنخعي : لا كفارة عليه.
__________________
مسألة
ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب بالجماع كفارتان : إحداهما ، على الرجل
، والأخرى : على المرأة إذا كانت مطاوعة له ، فإن أكرهها كان عليه كفارتان.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم والام : عليه كفارة واحدة ، وعليه أصحابه ، وهل هي عليه أو عليهما ويتحملها
الزوج؟ على وجهين. وقال في الإملاء : كفارتان على كل واحد منهما كفارة كاملة ، وبه
قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا وطئها نائمة ، أو أكرهها قهرا على الجماع ، لم تفطر هي
وعليه كفارتان. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان في لزوم كفارة واحدة أو كفارتين ، وان كان
اكراه تمكين مثل ان يضربها فتمكنه فقد أفطرت ، غير أنه لا يلزمها الكفارة. و ( ـ للش
ـ ) في إفطارها وجهان ، ولا يختلف قوله في أنه ليس عليها كفارة.
مسألة
ـ ٢٨ ـ : إذا زنا بامرأة في رمضان ، كان عليه كفارة وعليها كفارة ،
وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وفي أصحابنا من قال : يلزمه ثلاث كفارات ، روى ذلك عن الرضا عليهالسلام.
مسألة
ـ ٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شك في طلوع الفجر ، وجب عليه الامتناع
من الأكل ، فإن أكل ثمَّ تبين أنه كان طالعا كان عليه القضاء ، وكذلك ان شك في دخول
الليل ، فأكل ثمَّ تبين أنه كان ما غابت الشمس كان عليه القضاء ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال الحسن وعطاء : لا قضاء عليه.
مسألة
ـ ٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يحرم الجماع إلا إذا بقي إلى طلوع الفجر
مقدار ما يغتسل فيه من جنابة ، فان لم يعلم ذلك وظن أن الوقت باق ، فجامع فطلع الفجر
نزع ، وكان عليه القضاء دون الكفارة ، فان لم ينزع وأولج كان عليه القضاء والكفارة
فأما ان كان عالما بقرب الفجر فجامع فطلع الفجر عليه كان عليه القضاء والكفارة.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا أولج قبل طلوع الفجر ، فوافاه الفجر مجامعا ، فيه مسألتان : إحداهما ، أن يقع
النزع والطلوع معا ، والثانية : إذا لم ينزع. فالأولى أنه إذا جعل ينزع وجعل الفجر
يطلع لم يفسد صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال زفر والمزني
: أفسد صومه وعليه القضاء بلا كفارة.
وأما الثانية ،
فهو أن يتحرك لغير إخراجه أو يمكث ، فلا فرق بينه وبين من وافاه الفجر وابتدء بالإيلاج
مع ابتداء طلوع ، فان كان جاهلا بالفجر ، فعليه القضاء بلا كفارة ، وان كان عالما به
أفسد صومه وعليه الكفارة.
وقال ( ـ ح ـ )
: عليه القضاء بلا كفارة ، قال : لان صومه ما انعقد بعد وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) المذهب
ان الصوم لم ينعقد ، وانما الكفارة وجب بجماع منع الانعقاد.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا أخرج من بين أسنانه ما يمكنه التحرز منه ويمكنه أن يرميه
فابتلعه عامدا كان عليه القضاء ، لأنه قد ابتلع ما يفطره فوجب أن يفطره وأيضا فإن هذا
أكل وهو ممنوع من الأكل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا شيء عليه ولا قضاء.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : غبار الغليظ والنفض الدقيق حتى يصل الى الحلق ، يفطر ويجب
منه القضاء والكفارة متى تعمد ، بدلالة الأخبار الواردة في ذلك ، وطريقة الاحتياط ،
ولم يوافقنا فيه أحد من الفقهاء ، بل أسقطوا كلهم القضاء والكفارة معا.
مسألة
ـ ٣٣ ـ : إذا بلع الريق قبل أن ينفصل من فيه لا يفطر بلا خلاف ، وكذلك
ان جمعه فيه ثمَّ بلعه لا يفطر ، وان انفصل من فيه ثمَّ أعاد اليه أفطر ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في الأول والأخير.
فأما الذي يجمع
في فيه ثمَّ يبلعه ، له فيه وجهان ، أحدهما : يفطر ، والأخر : لا يفطر. وكذا القول
في النخامة.
دليلنا : هو أن
الشرع لا يدل على أن ما ذكره يفطر ، ولا يحكم بإفساد الصوم الا بدليل.
مسألة
ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تقيأ متعمدا وجب عليه القضاء بلا كفارة
، فإن
__________________
ذرعه القيء فلا قضاء عليه أيضا ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ
ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ابن مسعود
وابن عباس : لا يفطره على حال وان تعمد. وقال عطاء وأبو ثور : ان تعمد القيء أفطر وعليه القضاء والكفارة
، فإن ذرعه لم يفطره وأجرياه مجرى الأكل عامدا.
مسألة
ـ ٣٥ ـ : إذا كان شاكا في الفجر وأكل وبقي على شكه لا يلزمه القضاء
، لقوله تعالى « كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
الْأَبْيَضُ » وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ك ـ ) : يلزمه القضاء.
مسألة
ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الكفارة لا تسقط قضاء الصوم الذي أفسد بالجماع
سواء كفر بالعتق أو بالصوم. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : يسقط عنه القضاء ،
والأخر : لا يسقط ، وعليه أكثر أصحابه ، سواء كفر بعتق أو صيام.
وقال ( ـ ع ـ )
: ان كفر بصيام فلا قضاء عليه.
مسألة
ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عجز عن الكفارة بكل حال سقط عنه فرضها
واستغفر الله ولا شيء عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والثاني
لا يسقط عنه ويكون في ذمته أبدا الى أن يخرج ، وهو الذي اختاره أصحابه.
مسألة
ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكل أو شرب ناسيا لم يفطر ، وكذلك الجماع
، وهو المروي عن علي عليهالسلام وابن عمر ، وأبي هريرة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر
ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه الا أن ( ـ ح ـ ) قال : القياس أنه يفطر غير أني لم أفطره استحسانا ، فعنده ان العمد
والسهو فيها يفسد العبادات سواء الا الصوم ، فإنه مخصوص بالخبر.
__________________
وقال ربيعة و (
ـ ك ـ ) : أفطر وعليه القضاء ولا كفارة. وقال ( ـ ك ـ ) : هذا في صوم الفرض فأما التطوع
فلا يفطر الناسي. وقال ( ـ د ـ ) : ان أكل ناسيا فمثل ما قلناه ، فان جامع ناسيا فعليه
القضاء والكفارة.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : لأصحابنا في كفارة من أفطر من شهر رمضان روايتان : إحداهما
أنها على الترتيب مثل كفارة الظهار : العتق أولا ، ثمَّ الصوم ، ثمَّ الإطعام ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، والليث. والأخرى : انه مخير فيها ، وبه
قال ( ـ ك ـ ).
فان رجحنا الترتيب
فبطريقة الاحتياط ، وان رجحنا التخيير فلان الأصل براءة الذمة ، ولما رواه أبو هريرة
أن رجلا أفطر في شهر رمضان ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوآله بعتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا. وخبر الأعرابي
يقوي الترتيب.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : كل موضع يجب فيه كفارة عتق رقبة ، فإنه يجزئ أي رقبة كانت
إلا في قتل الخطاء ، فإنه لا يجزئ الا المؤمنة ، بدلالة الظواهر التي وردت في وجوب
عتق رقبة غير مقيدة بالايمان ، والأصل براءة الذمة وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجزئ إلا مؤمنة في جميع الكفارات.
مسألة
ـ ٤١ ـ : يستحب أن يكون الرقبة سليمة من الآفات ، وليس ذلك بواجب ،
بدلالة ما قلناه في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجزي
الا سليمة.
مسألة
ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصوم في الشهرين يجب أن يكون متتابعا ،
وبه قال جميع الفقهاء. وقال ابن أبي ليلى : ان شاء تابع ، وان شاء فرق.
مسألة
ـ ٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أطعم فليطعم كل مسكين نصف صاع وروى مدا
، سواء كفر بالتمر أو بالبر أو غير ذلك.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كفر بالتمر أو الشعير ، فعليه لكل مسكين صاع ، وان كان بالبر
فنصف صاع ، وعنه في الزبيب روايتان.
مسألة
ـ ٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عملنا بالرواية التي يتضمن الترتيب ،
فتلبس بالصوم ثمَّ وجد الرقبة ، لا يجب عليه الانتقال إليها ، فإن فعل كان أفضل ، وبه
قال ( ـ ش ـ ). وكذلك في سائر الكفارات المرتبة.
وقال ( ـ ح ـ )
: فيها كلها بوجوب الانتقال ، إلا في المتمتع إذا تلبس بصوم السبعة أيام ، فإنه قال
: لا يرجع الى الهدي.
مسألة
ـ ٤٥ ـ : إذا أفسد الصوم بالوطئ ، ثمَّ وطئ بعد ذلك مرة ومرات ، لا
يتكرر عليه الكفارات ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا أعرف فيه خلافا بين الفقهاء بل
نصوا على ما قلناه ، وربما قال المرتضى من أصحابنا : انه يجب عليه بكل مرة كفارة.
مسألة
ـ ٤٦ ـ : إذا أكل ناسيا ، فاعتقد أنه أفطر فجامع ، وجب عليه الكفارة
بدلالة عموم الأخبار الواردة في لزوم الكفارة للواطي في الصوم. وقال ( ـ ش ـ ) في الأم
: لا كفارة عليه.
مسألة
ـ ٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باشر امرأته فيما دون الفرج فأمنى لزمته
الكفارة ، سواء كان عند قبلة أو ملامسة ، أو أي شيء كان ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال
( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) : عليه القضاء بلا كفارة.
مسألة
ـ ٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أدخل في دبر امرأة أو غلام ، كان عليه
القضاء والكفارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
ودليلنا : إجماع
الفرقة ، وطريقة الاحتياط ، ولأنا نبنى هذه المسألة على
__________________
وجوب الحد عليه بالقتل على كل حال.
يدل عليه إجماع
الفرقة ، ورواية ابن عباس عن النبي عليهالسلام أنه قال : من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه. ويروى عن أبي بكر أنه يرمى به من شاهق
، وعن علي عليهالسلام أنه يرمى عليه حائط. وكل من أوجب عليه الحد أوجب عليه القضاء والكفارة.
وقال ( ـ ح ـ )
: عليه القضاء بلا كفارة.
مسألة
ـ ٤٩ ـ : إذا أتى بهيمة فأمنى ، كان عليه القضاء والكفارة ، فإن أولج
ولم ينزل ، فليس لأصحابنا فيه نص ، لكن يقتضي المذهب أن عليه القضاء ، لأنه لا خلاف
فيه. فأما الكفارة فلا يلزمه لأن الأصل براءة الذمة ، وليس في وجوبها دلالة. وأما الحد
فلا يجب عليه ويجب عليه التعزير.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا حد ولا غسل ولا كفارة. وكذلك إذا وطئ بالطفلة الصغيرة.
وقال ( ـ ش ـ )
وأصحابه : فيها قولان ، أحدهما : يجب عليه الحد ان كان محصنا الرجم ، وان كان غير محصن
فالحد. والأخر : عليه القتل على كل حال ، مثل اللواط. ومنهم من ألحق به ثالثا ، وهو
أنه لا حد عليه وعليه التعزير مثل ما قلناه ، فإذا أوجبوا الحد ألزموه الكفارة ، وإذا
قالوا بالتعزير ففي الكفارة وجهان.
مسألة
ـ ٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ في يوم من شهر رمضان فوجبت الكفارة
، فإن وطئ في اليوم الثاني ، فعليه كفارة أخرى ، سواء كفر عن الأول أو لم يكفر ، فان
وطئ ثلاثين يوما لزمه ثلاثون كفارة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وجميع الفقهاء
الا ( ـ ح ـ ) ، فإنه قال : ان لم يكفر عن الأول فلا كفارة في الثاني ، وان كفر عن
الأول ففي الثاني روايتان ، رواية الأصول أن عليه الكفارة ، وروى عنه زفر أنه لا كفارة
عليه.
__________________
مسألة
ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكل أو شرب أو ابتلع ما يسمى به أكلا
، لزمه القضاء والكفارة ، مثل ما يلزم الواطئ ، سواء كان ذلك في صوم رمضان أو صوم النذر.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجب هذه الكفارة إلا بالوطئ في الفرج إذا كان الصوم تاما ، وهو أن يكون أدى شهر
رمضان في الحضر ، وان وطئ في غير الفرج ، أو غيره من الصيام من نذر أو كفارة أو قضاء
فلا كفارة ، وعلى هذا جل أصحابه.
وقال أبو علي بن
أبي هريرة : يجب الكفارة الصغرى ، وهي مد من طعام ، كالأكل والشرب وما يجري مجراهما
، وبه قال سعيد بن جبير ، وابن سيرين ، وحماد بن أبي سليمان.
وقال ( ـ ك ـ )
: من أفطر بمعصية فعليه الكفارة بأي شيء أفطر من جماع وغيره حتى أنه لو كرر النظر
فأمنى فعليه الكفارة.
وقال قوم : إذا
أفطر بأكل ، فعليه الكفارة ذهب اليه ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وإسحاق.
وقال ( ـ ح ـ )
: يكفر بأعلى ما يقع به الفطر من جنسه ، فأعلى جنس الجماع الوطء في الفرج ، وبه يجب
الكفارة ، وأعلى جنس المأكولات ما يقصد به صلاح البدن من طعام أو دواء ، فأما ما لا
يقصد به صلاح البدن مثل أن يبتلع جوهرة أو جوزة أو لوزة يابسة ، فلا كفارة بلى ان ابتلع
لوزة رطبة ، فعليه الكفارة ، لأنه يقصد به صلاح البدن.
مسألة
ـ ٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفطر يوما من شهر رمضان على وجه يلزمه
الكفارة المجمع عليها أو الكفارة على الخلاف ، فإنه يقضي يوما آخر بدله لا بد منه ،
وبه قال جميع الفقهاء.
__________________
وقال ربيعة : يقضي
اثنا عشر يوما ، لان الله رضي من عباده شهرا من اثنى عشر شهرا ، فوجب أن يكون كل يوم
بإزاء اثنى عشر يوما.
وقال سعيد بن المسيب
: يقضي عن كل يوم بشهر ، وروى ذلك أنس عن النبي عليهالسلام. وقال النخعي : يقضي كل يوم بثلاثة آلاف يوم وروي عن علي
عليهالسلام وابن مسعود لا قضاء عليه لعظيم الجرم ولا يقنع القضاء عنه بصوم الدهر ، لما
روى أبو هريرة أن النبي عليهالسلام قال : من أفطر يوما من رمضان بغير رخصة لم يفصل صوم الدهر.
مسألة
ـ ٥٣ ـ : من أكره على الإفطار لم يفطر ولم يلزمه شيء ، سواء كان اكراه قهر أو إكراها على أن يفعل باختياره
، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دلالة على ذلك ، ولما روي عن النبي عليهالسلام : رفع عن أمتي ثلاث : الخطاء ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان أكره اكراه قهر ، مثل أن يصب الماء في حلقه لم يفطر ، وان أكره حتى أكل بنفسه ، فعلى قولين.
وكذلك ان أكره حتى يتقيأ بنفسه فعلى قولين. وكذلك ان أكرهها على الجماع بالقهر لم تفطر
هي ، وان كان اكراه
تمكين فعلى قولين.
مسألة
ـ ٥٤ ـ : من ارتمس في الماء متعمدا ، أو كذب على الله ، أو على رسوله
، أو على الأئمة متعمدا أفطر ، ولزمه القضاء والكفارة ، وخالف الفقهاء في ذلك في الإفطار
ولزوم الكفارة معا ، وبه قال المرتضى من أصحابنا والأكثر
__________________
على ما قلناه .
مسألة
ـ ٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من تعمد البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر
متعمدا ، أو نام بعد انتباهتين وبقي إلى طلوع الفجر نائما ، كان عليه القضاء والكفارة
معا ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أجنب في أول الليل ونام عازما أن يقوم
في الليل ويغتسل ، فبقي نائما إلى طلوع الفجر لم يلزمه شيء بلا خلاف ، فان انتبه دفعة
ثمَّ نام وبقي إلى طلوع الفجر ، كان عليه القضاء بلا كفارة ، فإن انتبه دفعتين لزمه
القضاء والكفارة على ما قلناه ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفطر يوما نذر صومه من غير عذر ، لزمته
الكفارة ، وخالف جميعهم في ذلك.
مسألة
ـ ٥٨ ـ : لا يكره السواك للصائم على كل حال. لعموم الاخبار في فضل
السواك وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يكره بعد الزوال.
مسألة
ـ ٥٩ ـ : إذا أكل ما لا يؤكل باختيار ، كالخرق والخزف والخشب والجوهر ، أو شرب غير مشروب
، كماء الشجر والورد والعرق ، كل هذا يفطر ، لأنه يسمى بذلك آكلا وشاربا ، وهو قول
جميع الفقهاء الا الحسن بن صالح بن حي ، فإنه قال : لا يفطر إلا المأكول المعتاد.
مسألة
ـ ٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أكل البرد النازل من السماء يفطر ، وحكي
عن أبي طلحة الأنصاري أنه كان يقول : لا يفطر.
مسألة
ـ ٦١ ـ : الحقنة بالمائعات يفطر ، وأما التقطير في الذكر فلا يفطر.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: الواصل منهما يفطر ، وهو الحقنة والتقطير في الذكر ، وبه قال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ).
وقال الحسن بن صالح بن حي : لا يفطر بهما. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يفطر بقليل الحقنة ويفطر
كثيرها.
وقال ( ـ ح ـ )
: يفطر بالحقنة على ما قلناه ، فأما التقطير في الذكر فقد قال الحاكم في المختصر يفطره
، وكان الجرجاني يقول لا يفطره.
ودليلنا على الحقنة
إجماع الفرقة. وأما التقطير ، فليس على كونه مفطرا دليل ، والأصل بقاء الصوم وصحته.
مسألة
ـ ٦٢ ـ : إذا داوى جرحه ، فوصل الدواء الى جوفه لا يفطر ، رطبا كان
أو يابسا. وكذلك إذا طعن نفسه ، فوصلت الطعنة إلى جوفه أو طعن باختياره وكذلك ما كان
بغير اختياره ، وهو مثل أن يوجر ماء في حلقه وهو نائم ، كل ذلك لا يفطر ، لأنه لا دلالة
عليه في الشرع ، والأصل بقاء الصوم وصحته.
وقال ( ـ ش ـ )
: ما كان من ذلك باختياره يفطر ، وما كان منه بغير اختياره لا يفطر.
وقال ( ـ ح ـ )
: الدواء ان كان رطبا يفطر ، وان كان يابسا لم يفطر. وقال أصحابه : لأن اليابس لا يجري
فلا يصل الى الجوف ، والطعنة فإن وصل الزج الى جوفه لم يفطر ، قال أصحابه : إذا لم
يستقر فان استقر أفطر ، وما عدا ذلك من المسائل التي ذكرناها كلها يفطر عنده ، فاعتبر
وصول ذلك الى جوفه ، بفعل آدمي كان أو غير آدمي إلا الذباب وغبرة الطريق فإنه لا يفطر.
وقال ( ـ ف ـ )
و ( ـ م ـ ) : لا يفطر بدواء ولا بطعنة ، والفطر عندهم أن يصل من المجاري التي هي خلقه
في البدن ، فأما من غيرها فلا يفطر.
مسألة
ـ ٦٣ ـ : السعوط مكروه الا أنه لا يفطر ، لأنه لا دليل عليه. وقال
( ـ ش ـ ) : ما وصل منه الى الدماغ يفطر.
__________________
مسألة
ـ ٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان تمضمض للصلاة ، نافلة كانت أو فرضا
، فسبق الماء الى حلقه لم يفطر ، وان تمضمض ليتبرد أفطر.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا تمضمض ذاكرا للصوم فبالغ أفطر إذا وصل الى حلقه ، وان سبق الماء الى حلقه من
المضمضة ، أو الى رأسه من الاستنشاق ومن غيرهما ففيه قولان ، قال في القديم والام : يفطر ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و (
ـ ح ـ ) ، والمزني.
وقال في البويطي
والإملاء : لا يفطر ، وهو الأصح ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال النخعي : ان
كان لنافلة أفطر ، وان كان لفريضة لم يفطر ، وبه قال ابن عباس.
مسألة
ـ ٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره القبلة للشاب إذا كان صائما ولا يكره
للشيخ ، وبه قال ابن عمر ، وابن عباس.
وقال ( ـ ش ـ )
: يكره لهما إذا حركت الشهوة وان لم تحرك لا يكره. وقال ( ـ ك ـ ) : يكره على كل حال.
وقال ابن مسعود : لا يكره على كل حال.
مسألة
ـ ٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ فيما دون الفرج ، أو باشرها أو قبلها
بشهوة فانزل ، كان عليه القضاء والكفارة ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا
كفارة عليه ويلزمه القضاء.
مسألة
ـ ٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كرر النظر فأنزل أثم ولا قضاء عليه ولا
كفارة ، وان فاجأته النظر لم يأثم ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ان كرر أفطر
وعليه القضاء.
مسألة
ـ ٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وتصدقتا
بمدين أو مد من الطعام وعليهما القضاء ، واليه ذهب ( ـ ش ـ ) في القديم والجديد ، وبه
قال مجاهد و ( ـ د ـ ). وقال في البويطي : على المرضع القضاء والكفارة وعلى الحامل
القضاء دون الكفارة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ). وقال الزهري ، و ( ـ ر ـ )
، و ( ـ ح ـ ) ، والمزني : عليهما
__________________
القضاء ولا كفارة وقال ابن عباس وابن عمر : عليهما الكفارة دون القضاء ، كالشيخ
الهم يكفر ولا يقضي.
مسألة
ـ ٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل سفر يجب فيه التقصير في الصلاة يجب فيه
الإفطار وقد بينا فيما تقدم الخلاف فيه ، ولا يجوز للمسافر أن يصوم ، فان صام كان عليه
القضاء وبه قال أبو هريرة ، وستة من الصحابة.
وقال داود : هو
بالخيار بين أن يصوم ويقضي ، أو يفطر ويقضي. وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) و ( ـ ك ـ
) ، وعامة الفقهاء : هو بالخيار بين أن يصوم ولا يقضي ، وبين أن يفطر ويقضي ، وبه قال
ابن عباس. وقال ابن عمر : يكره أن يصوم ، فان صامه فلا قضاء عليه.
دليلنا ـ مضافا
الى إجماع الفرقة ـ قوله تعالى « فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً
أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ
» فأوجب القضاء بنفس
السفر وليس في الظاهر ذكر الإفطار ، وروى جابر أن النبي عليهالسلام قال : ليس من البر الصيام في السفر وروى عنه عليهالسلام قال : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. وروى جابر أن النبي عليهالسلام بلغه أن ناسا صاموا ، فقال : أولئك العصاة .
مسألة
ـ ٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القادم من سفره وكان قد أفطر والمريض إذا
برئ والحائض إذا طهرت والنفساء إذا انقطع دمها ، يمسكون بقية النهار تأديبا وكان عليهم
القضاء.
وقال ( ـ ح ـ )
: عليهم أن يمسكوا بقية النهار على كل حال. وقال ( ـ ش ـ ) : ليس عليهم الإمساك وان
أمسكوا كان أحب الي.
مسألة
ـ ٧١ ـ : إذا نذر صوم يوم بعينه وجب عليه صومه ولا يجوز له تقديمه
__________________
وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز له أن يقدمه.
مسألة
ـ ٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم والمريض
إذا برء وقد أفطروا أول النهار ، أمسكوا بقية النهار تأديبا ، ولا يجب ذلك بحال ، فان
كان الصبي نوى الصوم من أوله وجب عليه الإمساك ، والمريض ان كان نوى ذلك لم يصح ، لان
صوم المريض لا يصح عندنا. وأما المسافر ، فان كان نوى الصوم لعلمه بدخوله الى بلد ،
وجب عليه الإمساك بقية النهار ويعتد به.
و ( ـ للش ـ ) في
هذه المسائل قولان ، أحدهما : لا يجب أن يمسك ، وعليه أصحابه والأخر : عليه أن يمسك.
وقال أبو إسحاق : ان كان الصبي والمسافر تلبسا بالصوم وجب عليهما إمساك بقيته. وقال الباقون : لا يجب ذلك.
مسألة
ـ ٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نوى الصوم قبل الفجر ، ثمَّ سافر في
النهار لم يجز له الإفطار ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ د ـ ) والمزني
: له الإفطار.
مسألة
ـ ٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته رمضان بعذر من مرض وغيره فعليه قضاؤه
، ووقت القضاء ما بين الرمضان الذي تركه والذي بعده ، فإن أخر القضاء الى أن يدركه
رمضان آخر صام الذي أدركه وقضى الذي فاته ، وان كان تأخره بعذر من سفر أو مرض استدام
به فلا كفارة عليه ، وان تركه مع القدرة كفر عن كل يوم بمد من طعام ، وبه قال الزهري
و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : يقضي ولا كفارة. وقال الكرخي : وقت القضاء ما بين رمضانين. وقال أصحابه :
ليس للقضاء وقت مخصوص.
مسألة
ـ ٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أفطر رمضان ولم يقضه ثمَّ مات ، فان
كان تأخيره لعذر مثل استمرار مرض أو سفر لم يجب القضاء عنه ولا الكفارة ، وبه قال (
ـ ش ـ ). وقال قتادة : يطعم عنه.
__________________
مسألة
ـ ٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : فإن أخر قضاءه لغير عذر ولم يصم ثمَّ مات فإنه يصام عنه. وقال ( ـ ش ـ )
في القديم والجديد : يطعم عنه ولا يصام عنه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و
( ـ ح ـ ) وأصحابه.
وقال ( ـ د ـ )
، و ( ـ ق ـ ) : ان كان صومه نذرا صام عنه وليه ، وان لم يكن نذرا أطعم عنه وليه. وقال
أبو ثور : يصوم عنه نذرا كان أو غيره. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : هذا قول ثان ( ـ للش
ـ ) ، وهو أنه يصام عنه.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما رواه سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : جاء رجل الى
النبي عليهالسلام ، فقال : يا رسول الله ان أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضية عنها قال : لو كان
على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال : نعم ، قال : فدين الله أحق أن يقضى. وهذا الحديث
في الصحيح.
مسألة
ـ ٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أخر قضاءه لغير عذر حتى يلحقه رمضان آخر ثمَّ مات ، قضى عنه وليه الصوم
وأطعم عنه لكل يوم مدين.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان مات قبل أن يدركه آخر يصدق عنه بمد ، وان مات بعد رمضان آخر بمدين. وقال ( ـ ح
ـ ) : يطعم مدين من بر أو صاعا من شعير أو تمر.
مسألة
ـ ٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حكم ما زاد على عام واحد في تأخير القضاء حكم العام الواحد ، وبه قال أكثر أصحاب
( ـ ش ـ ). وقال بعضهم : عليه عن كل عام كفارة.
مسألة
ـ ٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يقضي فوائت رمضان متفرقا ، والتتابع
أفضل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ )
، وقال داود وأهل الظاهر : المتابعة واجبة ، ورووا
__________________
ذلك عن علي عليهالسلام وعائشة والنخعي.
مسألة
ـ ٨٠ ـ : « ج » ـ ) : لا ينعقد صيام يوم العيدين ، فان نذره لم ينعقد
نذره ولم يصح ولا يلزمه قضاؤه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ينعقد النذر ، فان صام أجزأه ، وان لم يصمه كان عليه قضاؤه.
مسألة
ـ ٨١ ـ : من لم يجد الهدي لا يجوز أن يصوم أيام التشريق ، بدلالة الأخبار
المروية في ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في الجديد. وقال في القديم : يجوز
وهو الأظهر ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ٨٢ ـ : « ج » ـ ) : إذا أفاق المجنون في أثناء الشهر صام ما أدركه
ولم يلزمه قضاء ما فاته في حال جنونه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: متى أفاق وبقي من الشهر جزء لزمه صوم جميعه.
مسألة
ـ ٨٣ ـ : « ج » ـ ) : إذا وطئ في أول النهار ، ثمَّ مرض أو جن في آخره
لزمته الكفارة ولم يسقط عنه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والأخر : لا كفارة عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ
).
مسألة
ـ ٨٤ ـ : « ج » ـ ) : إذا تلبس بالصوم أول النهار ثمَّ سافر آخر النهار
، لم يكن له الإفطار ، وبه قال جميع الفقهاء الا ( ـ د ـ ) فإنه قال : يجوز أن يفطر.
مسألة
ـ ٨٥ ـ : أن وطئ هذا المسافر لزمته الكفارة ، لعموم الأخبار الواردة في وجوب الكفارة على المفطر ، وبه قال (
ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يلزمه.
مسألة
ـ ٨٦ ـ : إذا تلبس بصوم تطوع ، كان بالخيار بين إتمامه والإفطار ،
وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، غير أن عندنا إذا كان بعد الزوال
كره له الإفطار.
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : متى خرج فعليه قضاؤه ، وهل يلزمه بالدخول فيه؟ فعلى
__________________
قولين ، المعروف من مذهبهم أنه يلزمه وعليه المناظرة ، وقد يرتكبون أنه لا يلزمه.
مسألة
ـ ٨٧ ـ : « ج » ـ ) : من أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان بعد الزوال
لزمه قضاؤه وكان عليه الكفارة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٨٨ ـ : ج ـ ) : من كان عليه شهران متتابعان ، فصام شهرا ويوما ثمَّ
أفطر لغير عذر بنى عليه ، ولا يجب عليه استئنافه ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وكذلك
إذا نذر صوم شهر متتابعا فصام خمسة عشر يوما ، ثمَّ أفطر بنى ، وخالفوا في ذلك ، وقالوا
: استأنف في الموضعين.
__________________
كتاب
الاعتكاف
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينعقد الاعتكاف لأحد ، رجلا كان أو امرأة
إلا في أحد المساجد الأربعة : المسجد الحرام ، ومسجد النبي ، ومسجد الكوفة ، ومسجد
البصرة.
وقال ( ـ ش ـ )
و ( ـ ح ـ ) : المستحب أن يعتكف في الجامع ، ويصح أن يعتكف في سائر المساجد. وقال في
الجديد : لا ينعقد اعتكاف المرأة إلا في المسجد ، وقال في القديم والجديد معا : يكره
لها أن يعتكف في غير مسجد بيتها ، وهو الموضع المنفرد في المنازل للصلاة ، وبه قال
( ـ ح ـ ). وقال الزهري : لا يصح الاعتكاف إلا في جامع أي جامع كان ، وبه قالت عائشة.
مسألة
ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يصح الاعتكاف الا بصوم أي صوم كان عن
نذر أو رمضان أو تطوعا ، ولا يصح أن يفرد الليل به ولا العيدين ولا أيام التشريق ،
وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وجماعة من
الصحابة والتابعين.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصح الاعتكاف بغير صوم ، ويصح أن يفرد الليل والعيدين وأيام التشريق بالاعتكاف ،
وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا باشرا مرأة في حال اعتكافه فيما دون الفرج أو لمس
ظاهرها بطل اعتكافه ، أنزل أو لم ينزل ، لقوله تعالى «
وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ
وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ
» وهذا عام في كل
مباشرة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الإملاء. وقال في الأم : لا يبطل اعتكافه ، أنزل أو
لم ينزل.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان أنزل بطل ، وان لم ينزل لم يبطل.
مسألة
ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطى المعتكف ناسيا لم يبطل اعتكافه ،
وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يبطل.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا قال : لله علي أن أعتكف شهرا ، كان بالخيار بين أن يعتكف
متفرقا أو متتابعا ، والمستحب المتابعة ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولم يذكر المتابعة
في اللفظ فيلزمه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: عليه المتابعة ، الا أن ينوي اعتكاف نهار شهر ، فإنه لا يلزمه المتابعة.
مسألة
ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر اعتكاف يومين لا ينعقد نذره ، لإجماع
الفرقة على أنه لا اعتكاف أقل من ثلاثة أيام.
وقال ( ـ ش ـ )
: يلزمه يومان وليلة. وقال محمد : يلزمه يومان وليلتان ، وحكي هذا عن أبي حنيفة.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا نذر اعتكاف عشرة أيام متتابعة لزمه الوفاء به ، ولا يصح
منه اعتكافها إلا في أحد المساجد الأربعة التي قدمنا ذكرها ، فيصح منه أداء الجمعة
فيها.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا اعتكف عشرة أيام متتابعة ، فاعتكف في غير الجامع خرج يوم الجمعة وبطل اعتكافه.
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يبطل ويكون كأنه استثناه لفظا إذا كان
__________________
خروجه بمقدار ما يصلى فيه أربعا قبل الجمعة وأربعا بعدها ، وقيل : ستا قبلها
وأربعا بعدها ثمَّ يوافي موضعه ويبني.
دليلنا : أنا بينا
أن الاعتكاف لا يصح الا في المساجد الأربعة بإجماع الفرقة على ذلك ويكون الاعتكاف صحيحا
فيها بلا خلاف ، وعدم الدليل على صحته في غيرها ، فاذا ثبت ذلك سقط عنا هذا التفريع.
مسألة
ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام وليلتين
، ومن وافقنا في اعتبار الصوم فيه قال : أقله يوم وليلة ، ومن لم يعتبر الصوم من (
ـ ش ـ ) وغيره قال : أقله ساعة ولحظة ، وقال في سنن حرملة : المستحب أن لا ينقص من
يوم وليلة.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا أذن لزوجته أو أمته في الاعتكاف عشرة أيام لم يكن له
منعها بعد ذلك ، لان جواز المنع بعد ثبوت الاعتكاف يحتاج الى دليل ، ولا دليل عليه
في الشرع ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، في الزوجة ، فأما الأمة فقال : لا يلزمه. وقال ( ـ
ش ـ ) : له منعهما من ذلك.
مسألة
ـ ١٠ ـ : ان نذر أن يعتكف شهر رمضان لزمه ذلك ، فان فاته قضا شهرا
آخر يصوم فيه ، وان أخره إلى رمضان آخر واعتكف فيه أجزأه.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا فاته قضاه بغير صوم ، وان شاء أخره إلى رمضان آخر.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان فاته فعليه قضاء اعتكاف شهر يصوم ، فإن أراد أن يعتكف الرمضان الثاني عما تركه
لم يجزه.
دليلنا : أن ما
اعتبرناه لا خلاف أنه يجزيه ، ومن قال : يجزيه بلا صوم أو قال : ان الرمضان الثاني
لا يجزيه ، فعليه الدلالة.
مسألة
ـ ١١ ـ : من أراد أن يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان لنذر أو
غيره ينبغي أن يدخل فيه ليلة احدى وعشرين منه مع غروب الشمس ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ )
، وأصحابه ، و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) وأبو ثور : وقت الدخول فيه أول النهار الحادي والعشرين وطريقة
الاحتياط تقتضي ما ذكرناه.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا نذر أن يصلي في مسجد معين لزمه الوفاء به والرحيل اليه
، سواء كان المسجد الحرام ، أو المسجد الأقصى ، أو مسجد الرسول ، أو غيرها من المساجد.
وإذا نذر الاعتكاف في المساجد الأربعة ، لزمه الوفاء به ولا ينعقد نذره في غيرها.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان المسجد الحرام مثل ما قلناه ووجب عليه أن يخرج حاجا أو معتمرا ، وان كان غيره
صلى واعتكف حيث شاء وفي مسجد الرسول ومسجد الأقصى قولان.
دليلنا : أن ذمته
اشتغلت باليقين ، فوجب أن لا تبرء ذمته الا بيقين ، وما قلناه مقطوع على براءة الذمة
به ، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا خرج لقضاء حاجة ضرورية من المسجد لا يجوز له أن يأكل
في منزله ولا في موضع آخر ، ويجوز أن يأكل في طريقه ماشيا ، وانما قلنا ذلك لأنه لا
خلاف في جوازه ، و ( ـ للش ـ ) قولان.
وقال أبو العباس
: ليس له أن يأكل في منزله بل له أن يأكل ماشيا ، وقال أبو إسحاق : يجوز له ذلك ، وبه
قال المزني.
مسألة
ـ ١٤ ـ : يجوز للمعتكف أن يخرج لعيادة مريض ، أو زيارة الوالدين والصلاة
على الأموات ، وهو مذهب الحسن بن صالح ، لان ذلك مانع منه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ليس له ذلك ، فان فعل بطل اعتكافه ، وبه قال باقي الفقهاء.
__________________
مسألة
ـ ١٥ ـ : يجوز للمعتكف أن يخرج ويؤذن في منارة خارجة الجامع لعموم
الاخبار في الحث على الأذان. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ١٦ ـ : من خرج لإقامة الشهادة ولم يتعين عليه إقامتها لم يبطل اعتكافه
، لأن الأصل جواز ذلك. وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل اعتكافه ، وان تعين عليه الأداء دون التحمل
فعليه أن يخرج ويقيم الشهادة ولا يبطل اعتكافه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ١٧ ـ : من نذر أن يعتكف عشرة أيام متتابعة فخرج لغير حاجة بطل اعتكافه
، لأنه ليس على صحته دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ف ـ )
و ( ـ م ـ ) : ان خرج أكثر النهار بطل اعتكافه ، وان خرج أقله لم يبطل.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا نذر أن يعتكف عشرة أيام متتابعة ، لزمه أن يفي به ويصوم
فيها وان لم يذكر الصوم ، وان ذكر الصوم كان أبلغ ، فمتى أفطر يوما فيها استأنف الصوم
والاعتكاف ، لأنه ليس ينفصل الاعتكاف عن الصوم.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا نذر أن يعتكف عشرة أيام ويصوم فأفطر ، قال أصحابه : على وجهين ، أحدهما : استأنف
الصوم دون الاعتكاف ، والأخر يستأنفهما.
مسألة
ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المعتكف إذا وطئ في الفرج نهارا أو استمنى
بأي شيء كان لزمته كفارتان ، وان فعل ذلك ليلا لزمته كفارة واحدة وبطل اعتكافه.
وقال ( ـ ش ـ )
، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وسائر الفقهاء : يبطل اعتكافه ولا كفارة عليه. وقال
الزهري والحسن البصري : عليه الكفارة ولم يفصلوا الليل من النهار.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا قال : لله علي أن أعتكف يوما لم ينعقد نذره ، لأنه لا
اعتكاف أقل من ثلاثة أيام على ما بيناه ، فان نذر اعتكاف ثلاثة أيام وجب عليه الدخول
فيه قبل طلوع الفجر من أول يوم الى غروب الشمس من اليوم الثالث ، لان الصوم لا ينعقد
الا من عند طلوع الفجر الثاني الى بعد الغروب.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا قال : لله علي أن أعتكف يوما وجب عليه ذلك ، وهل يجوز
له التفريق أم لا؟ على قولين ، أحدهما أن له أن يبتدئ به قبل طلوع الفجر الى
بعد الغروب ، وان دخل فيه نصف النهار اعتكف الى مثل وقته من الغد. والقول الأخر وعليه
أصحابه أن عليه أن يتابع ويدخل فيه قبل طلوع الشمس الى بعد الغروب لان اليوم عبارة
عن ذلك.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا قال : لله علي أن اعتكف ثلاثة أيام ، فإن قال متتابعا
لزمه بينهما ليلتان ، وان لم يشرط المتابعة جاز أن يعتكف نهارا ثلاثة أيام بلا لياليهن
، لأن الأصل براءة الذمة ، والذي وجب عليه بالنذر اعتكاف ثلاثة أيام ، واليوم عبارة
عما بين طلوع الفجر الى غروب الشمس والليل لم يجر له ذكر ، فوجب أن لا يلزمه.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) وجهان ، أحدهما يلزمه ثلاثة أيام بينهما ليلتان ، والأخر يلزمه صيام ثلاثة أيام فحسب
وعليه أصحابه وقال محمد بن الحسن : يلزمه ثلاثة أيام بلياليها.
مسألة
ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للمعتكف استعمال شيء من الطيب.
وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك.
كتاب الحج
مسألة
ـ ١ ـ : ليس من شرط وجوب الحج الإسلام ، لأن الكافر عندنا يجب عليه
جميع العبادات وقال ( ـ ش ـ ) الإسلام من شرط وجوبه دليلنا قوله تعالى «
وَلِلّهِ عَلَى
النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ » ولم يفرق.
مسألة
ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شرط وجوب الحج الرجوع الى كفاية زائدا
على الزاد والراحلة ، ولم يعتبر ذلك أحد من الفقهاء ، الا ما حكي عن ابن سريج أنه قال
: لو كان له بضاعة يتجر فيها ويربح قدر كفايته اعتبرنا الزاد والراحلة في الفاضل عنها
ولا يحج ببضاعته .
مسألة
ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من لم يجد الزاد والراحلة لا يجب عليه الحج
، فان حج لم يجزه وعليه الإعادة إذا وجدها. وقال باقي الفقهاء : أجزأه.
مسألة
ـ ٤ ـ : المستطيع ببدنه الذي يلزمه فعل الحج بنفسه أن يكون قادرا
على الكون على الراحلة ولا يلحقه مشقة غير محتملة في الكون عليها ، فاذا كانت هذه صورته
فلا يجب عليه فرض الحج الا بوجود الزاد والراحلة ، فإن وجد أحدهما
__________________
لا يجب عليه فرض الحج ، وان كان مستطيعا للمشي قادرا عليه ، وبه قال في الصحابة
ابن عباس ، وابن عمر ، وفي التابعين الحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وفي الفقهاء (
ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: إذا كان قادرا على المشي لم تكن الراحلة شرطا في حقه ، بل من شرطه أن يكون قادرا
على الزاد والقدرة على الزاد يختلف ، فان كان مالكا له لزمه ، وان لم يكن مالكا له
وكان ذا صناعة ، كالتجارة والخياطة والحجامة وما يكتسب به الزاد في طريقه لزمه ، وان
لم يكن ذا صناعة لكن من عادته مسألة الناس فهو واجد ، فعنده القدرة على المشي كالراحلة
والقدرة على كسب الزاد بصنعة ، أو مسألة الناس كوجود الزاد ، وبمثله قال ابن الزبير
والضحاك.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا وجد الزاد والراحلة ولزمه فرض الحج ولا زوجة له بدء بالحج
دون النكاح ، سواء خشي العنت أو لم يخش ، لأنه لا يجوز العدول عن الفرض الى النفل الا
بدليل.
وقال ( ـ ع ـ )
: ان خاف العنت فالنكاح أولى ، وان لم يخف العنت فالحج أولى وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) :
ليس لنا فيه نص ، غير أن الذي قاله ( ـ « ع » ـ ) قريب.
مسألة
ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الذي لا يستطيع الحج بنفسه وأيس من ذلك :
اما بأن لا يقدر على الكون على الراحلة ، أو يكون به سبب لا يرجى زواله ، وهو العضب
والضعف الشديد من
الكبر أو ضعف الخلقة بأن يكون ضعيف الخلقة في بدنه لا يقدر أن يثبت على مركب يلزمه
فرض الحج في ماله بأن يكتري من يحج عنه فاذا فعل ذلك سقط الفرض عنه ، وبه قال ( ـ ر
ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ش ـ ) ، وابن المبارك ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق
ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: فرض الحج لا يتوجه على من لا يقدر عليه بنفسه ، فاذا كان معضوبا لم يجب الحج عليه
، ولا يجوز أن يكتري من يحج عنه ، فإن أوصى أن يحج
__________________
عنه حج عنه من الثلث وحكي عنه أنه قال : لو عضب بعد وجوب الحج عليه سقط عنه
فرضه.
يدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط ـ ما روي عن علي عليهالسلام أنه قال لشيخ كبير لم يحج : ان شئت فجهز رجلا يحج عنك.
وروى سفيان بن عيينة
عن الزهري ، عن سليمان بن يسار ، عن ابن عباس ان امرأة من خثعم سألت رسول الله ، فقالت
: ان فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخنا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على
راحلته ، فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال صلىاللهعليهوآله : نعم.
وفي رواية عمر بن
دينار عن الزهري مثله ، وزاد فقالت : يا رسول الله فهل ينفعه ذلك؟ فقال : نعم ، كما
لو كان عليه دين فتقضيه ينفعه.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا استطاع بمن يطيعه بالحج عنه لا يلزمه فرض الحج إذا لم
يكن مستطيعا بنفسه ولا ماله ، لأن الأصل براءة الذمة ، وليس في الشرع ما يدل على ذلك
، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه فرض الحج.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا كان لولده مال روى أصحابنا أنه يجب عليه الحج ويأخذ منه
قدر كفايته ويحج به ، وليس للابن الامتناع منه ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بذل له الاستطاعة لزمه فرض الحج ، و
( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان به علة يرجى زوالها مثل الحمى وغيرها
فأحج رجلا عن نفسه ثمَّ مات ، أجزاء عن حجة الإسلام. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ١١ ـ : المعضوب الذي لا يرجى زواله ، مثل أن يكون خلق نضوا ، يجب
أن يحج رجلا عن نفسه ، فاذا فعل ذلك ، ثمَّ برئ وجب عليه أن يحج
بنفسه حجة الإسلام ، لقوله تعالى «
وَلِلّهِ عَلَى
النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً
» وهذا قد استطاع ، فوجب
أن يحج عن نفسه ، وما فعله أولا كان لزمه في ماله ، واجزاؤه عما يجب عليه في بدنه يحتاج
الى دليل. و ( ـ للش ـ ) قولان مثل العليل الذي يرجى زواله.
مسألة
ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أوصى المريض بحجة تطوع ، أو استأجر من
يحج عنه تطوعا ، فإنه جائز ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في أحد
قوليه. والقول الأخر لا يجزئ ولا الوصية به.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا أحرم بالحج عن غيره نيابة ، ثمَّ نقل النية إلى نفسه
لا يصح فعلها ، فإذا أتم حجه لم يسقط أجره على من كان استأجره ، لأن الأجرة استحقها
بنفس العقد ، وبالدخول في الإحرام انعقد الحج عن المستأجر ونيته ما أثرت في النقل ،
فوجب أن يكون استحقاق الأجرة ثابتا ، لأن إسقاطه يحتاج الى دليل.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما ما قلناه ، والأخر : لا شيء له ، وهو الذي يختارونه.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا استأجر الصحيح من يحج عنه الحجة الواجبة لا يجزيه بلا
خلاف ، وان استأجر من يحج عنه تطوعا أجزأه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز أن يستأجر لا نفلا ولا فرضا.
مسألة
ـ ١٥ ـ : الاعمى يتوجه عليه فرض الحج إذا كان له من يقوده ويهديه ووجد الزاد والراحلة لنفسه ولمن يقوده ، لعموم الآية
ولا يجب عليه الجمعة.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب عليه الجمعة والحج معا. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجب عليه الحج.
مسألة
ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من استقر عليه وجوب الحج ، فلم يفعل ومات
،
__________________
وجب أن يحج عنه من صلب ماله مثل الدين ، ولم يسقط بوفاته. هذا إذا خلف مالا
، فان لم يخلف شيئا ، كان وليه بالخيار في القضاء عنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وعطاء ،
وطاوس.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ك ـ ) : يسقط بوفاته ، بمعنى أنه لا يفعل عنه بعد وفاته وحسابه على الله يلقاه
والحج في ذمته ، وان كان أوصى حج عنه من ثلثه ، ويكون تطوعا لا يسقط الفرض به عنه.
وهكذا يقول في الزكوات والكفارات وجزاء الصيد كلها يسقط بوفاته ، فلا يفعل عنه بوجه.
مسألة
ـ ١٧ ـ : سكان الجزائر والسواحل الذين لا طريق لهم غير البحر يلزمهم
ركوبه الى الحج ، إذا غلب في ظنهم السلامة ، وان غلب في ظنهم العطب لا يجب عليهم ذلك
، لان الأصل براءة الذمة ، ومع غلبة الظن قد حصلت التخلية ، فإن القطع على السلامة
غير حاصل في موضع ، ولم يقم دليل على وجوبه مع ظن الهلاك.
واختلف قول ( ـ
ش ـ ) في ذلك ، واختلف أصحابه على طريقتين ، منهم من قال : إذا كان الغالب الهلكة لم
يلزمه ، كالبر إذا كان مخوفا. وإذا كان الغالب السلامة يلزمه ، ومنهم من قال : إذا
غلب في ظنه الهلكة لم يجب قولا واحدا ، وان غلب في ظنه السّلامة فعلى قولين.
مسألة
ـ ١٨ ـ : من مات وقد وجب عليه الحج وعليه دين ، نظر : فان كانت التركة
يكفي للجميع أخرج عنه الحج ويقضي الدين من صلب المال ، لأنهما دينان ليس أحدهما أولى
من صاحبه ، فوجب أن يقسم فيهما ، وان لم يسع المال قسم بالسوية ، فالحج يجب إخراجه
من الميقات دون بلد الميت.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها ـ مثل ما قلناه ، والثاني : أنه يقدم دين الادميين والثالث : يقدم
دين الله تعالى.
مسألة
ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من قدر على الحج عن نفسه ، لا يجوز أن يحج
عن
غيره. وان كان عاجزا عن أن يحج عن نفسه لفقد الاستطاعة ، جاز له أن يحج عن غيره
، وبه قال ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ح ـ ) : يجوز له أن يحج عن غيره على كل حال ، وكذلك يجوز له أن يتطوع به وعليه
فرض نفسه ، وبه نقول.
وقال ( ـ ش ـ )
: كل من لم يحج حجة الإسلام ، لا يصح أن يحج عن غيره ، فان حج عن غيره أو تطوع بالحج
انعقد إحرامه عما يجب عليه ، سواء كانت حجة الإسلام أو واجبا عليه بالنذر ، وان كان
عليه حجة الإسلام فنذر حجة فأحرم بالنذر انعقد عن حجة الإسلام ، وبه قال ابن عباس ،
و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
مسألة
ـ ٢٠ ـ : من نذر أن يحج ولم يحج حجة الإسلام وحج بنية النذر ، أجزء
عن حجة الإسلام ، على ما ورد به بعض الروايات ، وفي بعض الاخبار أن ذلك لا يجزيه عن
حجة الإسلام ، وهو الأقوى عندي ، لأنهما فرضان فاجزاء أحدهما عن الأخر يحتاج الى دليل
ولا دليل عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يقع الا عن حجة الإسلام.
مسألة
ـ ٢١ ـ : يجوز للعبد أن يحج عن غيره من الأحرار إذا أذن له مولاه لأنه
لا مانع منه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الحج وجوبه على الفور دون التراخي ، وبه
قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، والمزني ، وليس لح فيه نص. وقال أصحابه : يجيء على
قوله أنه على الفور ، كقول ( ـ ف ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: وجوبه على التراخي ، ومعناه أنه بالخيار ان شاء قدم ، وان شاء أخر ، والتقديم أفضل
، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ م ـ ).
مسألة
ـ ٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة إلى
طلوع الفجر من يوم النحر ، فاذا طلع فقد انقضت أشهر الحج ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وابن
مسعود ، وابن الزبير.
وقال ( ـ ح ـ )
: شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة ، فجعل يوم النحر آخرها ، فاذا غربت الشمس
منه فقد خرجت أشهر الحج ، وقد روى ذلك أصحابنا.
وقال ( ـ ك ـ )
: شوال وذو القعدة وذو الحجة ثلاثة أشهر كاملة ، وقد روي ذلك في بعض رواياتنا ، وعن
ابن عمر وابن عباس روايتان كقولنا وقول ( ـ ك ـ ).
ويدل على ما ذهبنا
إليه إجماع الفرقة على أن أشهر الحج يصح أن يقع فيها الإحرام بالحج ، ولا يصح الإحرام
بالحج إلا في المدة التي ذكرناها ، لأنه إذا طلع الفجر في يوم النحر فقد فات وقت الإحرام
بالحج وبهذا رجحنا هذه الرواية على الروايات الباقية.
مسألة
ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينعقد الإحرام بالحج ولا العمرة التي
يتمتع بها الى الحج إلا في أشهر الحج ، فإن أحرم في غيرها انعقد إحرامه بالعمرة ، وبه
قال جابر ، وابن عباس ، وعطاء ، وعكرمة ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ )
، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ر ـ ) : ينعقد في غيرها الا أن الإحرام فيها أفضل وهو المسنون فإذا أحرم في غيرها أساء وانعقد
إحرامه.
[ دليلنا : ان الإحرام
بالحج ينعقد في الأشهر التي قدمنا ذكرها ، وليس على قول من قال بانعقادها في غيرها
دليل ] .
مسألة
ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : جميع السنة وقت العمرة المبتولة ، ولا يكره
في شيء منها ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يكره في خمسة أيام ، وهي أيام
أفعال الحج عرفة والنحر والتشريق. وقال ( ـ ف ـ ) : يكره يوم النحر والتشويق.
مسألة
ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يعتمر في كل شهر بل في كل عشرة أيام.
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ش ـ ) : يجوز له أن يعتمر ما شاء. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز إلا مرة ، وبه قال
سعيد بن جبير ، والنخعي ، وابن سيرين.
مسألة
ـ ٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز إدخال العمرة على الحج ، ولا إدخال
الحج على العمرة ، بل كل واحد منهما له حكم نفسه ، فإن أحرم بالعمرة التي يتمتع بها
الى الحج ، فضاق عليه الوقت ، أو حاضت المرأة ، جعلها حجة مفردة. وان أحرم بالحج مفردا
، ثمَّ أراد التمتع ، جاز له أن يتحلل ، ثمَّ ينشئ الإحرام بعد ذلك بالحج فيصير متمتعا.
فأما أن يحرم بالحج قبل أن يفرغ من مناسك العمرة أو بالعمرة قبل أن يفرغ من مناسك الحج
، فلا يجوز على حال.
وقال جميع الفقهاء
: يجوز إدخال الحج على العمرة بلا خلاف بينهم ، وأما إدخال العمرة على الحج إذا أحرم
بالحج وحده ( ـ فللش ـ ) فيه قولان ، قال في القديم يجوز ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال
في الجديد : لا يجوز وهو الأصح عندهم.
مسألة
ـ ٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العمرة فريضة مثل الحج ، وبه قال ( ـ ش ـ
) في الأم ، وابن عمر ، وابن عباس ، وسائر الصحابة ، ومن التابعين سعيد بن جبير ، وابن
المسيب وعطاء وفي الفقهاء ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال في القديم
: سنة مؤكدة ، وما علمت أحدا رخص في تركها ، وبه قال ابن مسعود من الصحابة ، وهو قول
الشعبي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القارن مثل المفرد سواء ، الا أنه يقرن بإحرامه
سياق الهدي ، فلذلك سمي قارنا ، ولا يجوز أن يجمع بين الحج والعمرة في حالة واحدة ،
ولا يدخل أفعال العمرة قط في أفعال الحج ، وخالفوا في ذلك فقالوا : ان القارن من قرن بين الحج والعمرة في إحرامه ، فيدخل أفعال
العمرة في أفعال الحج.
__________________
مسألة
ـ ٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قرن بين الحج والعمرة في إحرامه لم ينعقد
إحرامه إلا بالحج ، فان أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم ، وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة
ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم. وقد بينا ما يريد الفقهاء بالقران.
واختلفوا في لزوم
الدم ، فقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) :
يلزمه دم.
وقال الشعبي : عليه
بدنة. وقال طاوس : لا شيء عليه ، وبه قال داود ، وحكي أن محمد بن داود استفتى عن هذا
بمكة ، فأفتى بمذهب أبيه فجروا برجله.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا أراد المتمتع أن يحرم بالحج ، ينبغي أن ينشئ الإحرام
من جوف مكة ، فإن خالف وأحرم من غيرها وجب عليه أن يرجع الى مكة ويحرم منها ، سواء
أحرم من الحل أو من الحرم ، وان لم يمكنه مضى على إحرامه وتمم أفعال الحج ولا يلزمه
دم.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان أحرم من خارج مكة وعاد إليها ، فلا شيء عليه. وان لم يعد إليها ومضى على وجهه
الى عرفات ، فان كان أنشأ الإحرام من الحل فعليه دم قولا واحدا ، وان أنشأ من الحرم
فعلى قولين ، أحدهما : عليه دم ، والأخر : لا دم عليه.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : المفرد إذا أراد أن يحرم بالعمرة بعد الحج ، وجب عليه أن
يحرم من خارج الحرم ، فان خالف وأحرم من مكة وطاف وسعى وحلق لا يكون معتمرا ولا يلزمه
دم ، لان كون ذلك عمرة يحتاج الى شرع ، وليس في الشرع ما يدل عليه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه. والثاني : يكون عمرته صحيحة.
مسألة
ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التمتع أفضل من القران والافراد ، وبه قال
( ـ د ـ ) ، وهو قول ( ـ ش ـ ) في اختلاف الحديث. وقال في عامة كتبه : الافراد أفضل
، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وقال : التمتع أفضل من القران.
وقال ( ـ ر ـ )
، و ( ـ ح ـ ) وأصحابه والمزني : القران أفضل ، وكره عمر المتعة. وكره
زيد بن صوحان القران ، وكذلك سليمان بن ربيعة.
دليلنا ـ مضافا
الى إجماع الفرقة ـ ما رواه جابر أن النبي عليهالسلام قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة. فتأسف على
فوات إحرامه بالعمرة ، ولا يتأسف الا على ما هو أفضل.
مسألة
ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عندنا أن النبي عليهالسلام حج قارنا على ما فسرناه في القران.
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : حج قارنا على ما يفسرونه. وقال ( ـ ش ـ ) : حج عليهالسلام مفردا.
مسألة
ـ ٣٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : دم التمتع نسك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
وقال ( ـ ش ـ ) : هو دم جبران.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : المتمتع إذا أحرم بالحج من مكة لزمه دم بلا خلاف ، فان أتى
الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه فرض الدم. وقال جميع الفقهاء : يسقط عنه الدم ، وطريقة
الاحتياط يقتضي ما قلناه.
مسألة
ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أحرم بالحج ودخل مكة ، جاز أن يفسخه ويجعله
عمرة ويتمتع ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : ان هذا منسوخ.
مسألة
ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أتى بالإحرام في غير أشهر الحج وفعل
بقية أفعال العمرة في أشهر الحج لا يكون متمتعا ولا يلزمه دم. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان
، أحدهما : لا يجب عليه الدم كما قلناه. والثاني : يلزمه دم التمتع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ابن سريج :
إذا جاوز الميقات محرما بعمرته في أشهر الحج لزمه دم وان جاوز في غير أشهر الحج فلا
دم عليه.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : إذا أحرم المتمتع من مكة بالحج ومضى الى الميقات ، ثمَّ مضى
منه الى عرفات ، لم يسقط عنه الدم ، لقوله تعالى
__________________
« فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ
إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
» ولم يفرق.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان مضى منها الى عرفات لزمه دم قولا واحدا ، وان مضى الى الميقات ثمَّ منه الى عرفات
، ففيه وجهان ، أحدهما : لا دم عليه ، والأخر : عليه دم.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : نية التمتع لا بد منها ، لقوله تعالى «
وَما أُمِرُوا
إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
» ولا يكون العبادة على وجه
الإخلاص إلا بالنية. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٤١ ـ : فرض المكي ومن كان من حاضري المسجد الحرام القران والافراد
، فإن تمتع سقط عنه الفرض ولم يلزمه دم.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصح تمتعه وقرانه ، وليس عليه دم. وقال ( ـ ح ـ ) : يكره له التمتع والقران ، فان
خالف وتمتع فعليه دم المخالفة دون التمتع والقران.
دليلنا : قوله تعالى
« ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ » وقوله « ذلك » راجع الى الهدي لا الى التمتع ، لأنه يجري مجرى قول القائل من دخل داري فله درهم ذلك لمن لم
يكن عاصيا في أن ذلك يرجع الى الجزاء دون الشرط ، ولو قلنا انه راجع إليهما وقلنا انه
لا يصح منهم التمتع أصلا كان قويا.
مسألة
ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ليس من حاضري المسجد الحرام ففرضه التمتع
فإن أفرد أو قرن مع الاختيار لم تبرء ذمته ، ولم يسقط حجة الإسلام عنه ، وخالف جميع
الفقهاء في ذلك.
__________________
مسألة
ـ ٤٣ ـ : إذا أحرم بالحج متمتعا وجب عليه الدم إذا أهل بالحج ويستقر
في ذمته ، لقوله تعالى « فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ
إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
» فجعل الحج غاية لوجوب الهدي
، فالغاية وجود أول الحج دون إكماله ، كقوله تعالى «
ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ » فالغاية أول الليل دون إكماله ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ
ش ـ ).
وقال عطاء : لا
يجب حتى يقف بعرفة. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة.
مسألة
ـ ٤٤ ـ : لا يجوز إخراج الهدي قبل الإحرام بالحج ، لأنه لا يجب عليه
قبل الإحرام بالحج بلا خلاف بيننا ، فإخراج ما لم يجب عما يجب عليه فيما بعد يحتاج
الى دليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا تحلل من العمرة قبل الإحرام بالحج على قولين ، أحدهما : لا يجوز ، والأخر : يجوز.
مسألة
ـ ٤٥ ـ : إذا أحرم بالحج وجب الهدي على ما قلناه ولا يجوز له إخراجه
إلى يوم النحر ، لأنه لا دليل على اجزاءه قبل ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش
ـ ) : إذا أحرم بالحج يجوز له إخراجه قولا واحدا.
مسألة
ـ ٤٦ ـ : لا يجوز الصيام بدل الهدي إلا بعد عدم الهدي وعدم ثمنه فان
عدمهما جاز له الصوم ، وان لم يحرم بالحج بأن يصوم يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم
عرفة. وقد روي رخصة من أول العشر.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا أهل بالعمرة يجوز له الصيام إذا عدم الهدي ودخل وقته ، ولا
__________________
يزال كذلك الى يوم النحر.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز الصوم الا بعد الإحرام بالحج وعدم الهدي ، ولا يجوز الصوم قبل الإحرام بالحج
قولا واحدا. ووقت الاستحباب أن يكون آخره يوم التروية ، ووقت الجواز أن يكون آخره يوم
عرفة.
مسألة
ـ ٤٧ ـ : لا يجوز صيام أيام التشريق في بدل الهدي في أكثر الروايات
عند المحصلين من أصحابنا ، وبه قال علي عليهالسلام ، وأهل العراق ، و ( ـ ش ـ ) في الجديد.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم : يصومها ، وبه قال ابن عمر ، وعائشة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و (
ـ ق ـ ).
وقد روي في بعض
روايات أصحابنا ذلك.
مسألة
ـ ٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يصوم التطوع ولا صوما واجبا عليه ولا
صوما نذره فيها بل يقضيها ، ولا صوما له به عادة في أيام التشريق ، هذا إذا كان بمنى
، فأما من كان في غيره من البلاد ، فلا بأس أن يصومهن.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) في غير صوم التمتع والتطوع : لا يجوز صومه بحال ، وما له سبب كالنذر والقضاء
أو وافق صوم يوم له به عادة فعلى وجهين.
مسألة
ـ ٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تلبس بالصوم ، ثمَّ وجد الهدي لم يجب
عليه أن يعود اليه وله المضي فيه ، والأفضل الرجوع الى الهدي ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان وجده وهو في صوم السبعة مثل قولنا ، وان كان في الثلاثة بطل صومه ، وان وجده بعد
أن صام الثلاثة فإن كان ما حل من إحرامه بطل صومه أيضا وان كان حل من حجه فقد مضى صومه
، وهكذا مذهبه في كل كفارة على الترتيب متى وجد الرقبة وهو في الصوم فعليه أن يعود
إلى الرقبة ، وهكذا المتيمم إذا وجد الماء بعد تلبسه بالصلاة ، ووافقه المزني في كل
هذا.
مسألة
ـ ٥٠ ـ : إذا أحرم للحج ولم يصم ثمَّ وجد الهدي ، لم يجز له الصوم
ووجب عليه الهدي ، لأنه إذا أهدى فقد برئت ذمته بيقين.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال مبني على أقواله في الكفارات ، أحدها : أن الاعتبار بحال الوجوب ، فعلى
هذا فرضه الصيام ، فإن أهدى كان أفضل. والثاني : الاعتبار بحال الأداء. والثالث : بأغلظ
الأحوال ، فعلى الوجهين يجب عليه الهدي.
مسألة
ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد بينا أنه إذا لم يكن صام الثلاثة أيام
التي قبل النحر ، فلا يصوم أيام التشريق ويصوم غيرها ويكون أداء الى أن يهل المحرم
، فإذا أهل المحرم فان وقت الصوم قد فات ووجب عليه الهدي واستقر في ذمته.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا لم يصم الى أن يجيء يوم النحر سقط الصوم فلا يفعل أبدا ويستقر في ذمته. وقال
( ـ ش ـ ) في القديم : يصوم أيام التشريق ويكون أداء وبعدها يصومها ويكون قضاء. وقال
في الجديد : لا يصوم التشريق ويصوم بعدها ويكون قضاء.
مسألة
ـ ٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صوم السبعة أيام لا يجوز الا بعد أن يرجع
الى أهله ، أو يصير بمقدار مسير الناس الى أهله ، أو يمضي عليه شهر ثمَّ يصوم بعده.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا فرغ من أفعال الحج ، جاز له صوم السبعة أيام قبل أن يأخذ في السير. و ( ـ للش
ـ ) فيه قولان ، أحدهما : أن المراد هو الرجوع الى الأهل كما قلناه ، والأخر : انه
إذا أخذ في السير خارج مكة بعد فراغه من أفعال الحج ، وفي أصحابه من يجعل القول الثاني
مثل قول ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا لم يصم في مكة ولا في طريقه حتى عاد
الى وطنه صام الثلاثة متتابعة والسبعة مخير فيها ، ويجوز أن يصوم العشر متتابعة و
( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما ما قلناه ، والثاني أنه يفصل بين الثلاثة والسبعة.
وكيف يفصل له فيه
خمسة أقوال ، أحدها : أربعة أيام وقدر المسافة ، والثاني : أربعة أيام ، والثالث :
قدر المسافة ، والرابع : لا يفصل بينهما ، والخامس : يفصل
بينهما بيوم.
مسألة
ـ ٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب للمتمتع أن يحرم بالحج يوم التروية
بعد الزوال ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، سواء كان واجدا للهدي أو عادما له. وقال ( ـ ك ـ
) : المستحب أن يحرم إذا أهل ذو الحجة.
مسألة
ـ ٥٥ ـ : إذا أفرد الحج عن نفسه ، فاذا فرغ من الحج خرج الى أدنى الحرم
فاعتمر لنفسه ولم يعد الى الميقات لا دم عليه ، وكذلك من تمتع ثمَّ اعتمر بعد ذلك من
أدنى الحرم ، وكذا لو أفرد عن غيره أو تمتع أو قرن ثمَّ اعتمر من ادنى الحل ، كل ذلك
لا دم عليه ، لتركه الإحرام من الميقات بلا خلاف.
وأما ان أفرد عن
غيره ، ثمَّ اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحل ، فعند ( ـ ش ـ ) في قوله في القديم
عليه دم ، وقال أصحابه على هذا لو اعتمر عن غيره ثمَّ حج عن نفسه ، فأحرم بالحج من
جوف مكة ، فعليه دم لتركه الإحرام من الميقات وعندنا انه لا دم عليه ، لأنه لا دليل
عليه ، والأصل براءة الذمة.
مسألة
ـ ٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكمل المتمتع أفعال العمرة تحلل منها
إذا لم يكن ساق الهدي ، فإن كان ساق الهدي لا يمكنه التحلل ، ولا يصح له التمتع ويكون
قارنا على مذهبنا في القران.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا فعل أفعال العمرة تحلل ، سواء ساق الهدي أو لم يسق.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا لم يكن معه هدي مثل قولنا ، وان كان معه هدي لم يحل من العمرة ، لكنه يحرم بالحج
، ولا يحل حتى يحل منهما.
مسألة
ـ ٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المواقيت الأربعة لا خلاف فيها ، وهي : قرن
، ويلملم ، وقيل : الملم. والجحفة ، وذو الحليفة فاما ذات عرق ، فهو آخر ميقات أهل
العراق ، لأن أوله المسلخ ، وأوسطه غمرة ، وآخره ذات عرق.
وعندنا ان ذلك منصوص
عليه من النبي والأئمة عليه وعليهمالسلام بالإجماع
من الفرقة ، واخبارهم .
واما الفقهاء ،
فقد اختلفوا فيه ، فذهب الطاوس وأبو الشعثا جابر بن زيد ، وابن سيرين إلى انه ثبت قياسا
، فقال طاوس : لم يوقت رسول الله ذات عرق ، ولم يكن حينئذ أهل المشرق ووقت الناس ذات
عرق. واما أبو الشعثا ، فقال : لم يوقت رسول الله لأهل المشرق شيئا ، فاتخذ الناس بحيال
قرن ذات عرق.
وابن سيرين قال
: وقت عمر بن الخطاب ذات عرق لأهل العراق.
وقال عطاء : ما
ثبت ذات عرق الا بالنص ، وقال : سمعنا أنه وقت ذات عرق أو العقيق لأهل المشرق.
وقال ( ـ ش ـ )
في الأم : لا أحبه إلا لما قال طاوس. وقال أصحابه : ثبت عن النبي نص في ذلك ، وروى
محمد بن القاسم عن عائشة أن النبي عليهالسلام وقت لأهل العراق ذات عرق ، وروى ابن الزبير عن جابر أن النبي عليهالسلام وقت لأهل المشرق من العقيق. وقال ( ـ ش ـ ) : الإهلال لأهل المشرق من العقيق
كان أحب الي ، وكذلك قال أصحابه.
مسألة
ـ ٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من جاوز الميقات مريدا لغير النسك ، ثمَّ
تجدد له إحرام بنسك رجع الى الميقات مع الإمكان ، والا أحرم من موضعه. وقال ( ـ ش ـ
) : يحرم من موضعه ولم يفصل.
مسألة
ـ ٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المجاور بمكة إذا أراد الحج أو العمرة ،
خرج الى ميقات أهله ان أمكنه ، وان لم يمكنه فمن خارج الحرم. وقال ( ـ ش ـ ) : يحرم
من موضعه.
مسألة
ـ ٦٠ ـ : من جاز الميقات محلا ، فأحرم من موضعه وعاد الى الميقات قبل
التلبس بشيء من أفعال النسك أو بعده لا دم عليه ، لأنه لا دليل عليه في الشرع.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان عوده بعد التلبس بشيء من أفعاله ، مثل أن يكون طاف طواف الورود وجب عليه
دم ، وان كان قبل التلبس لا دم عليه ، وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، و (
ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
وزفر : يستقر الدم عليه متى أحرم دونه ولا ينفعه رجوعه. وقال ( ـ ح ـ ) : ان عاد اليه
ولبى فلا دم عليه ، وان لم يلب فعليه دم.
مسألة
ـ ٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الإحرام قبل الميقات ، فإن أحرم
لم ينعقد إحرامه الا أن يكون نذر ذلك.
وقال ( ـ ح ـ )
: الأفضل أن يحرم قبل الميقات ، و ( ـ للش ـ ) قولان ، أحدهما : مثل قول ( ـ ح ـ )
، والثاني : الأفضل من الميقات الا أنه ينعقد قبله على كل حال.
مسألة
ـ ٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب الغسل عند الإحرام ، وعند دخول مكة
، وعند دخول مسجد الحرام ، وعند دخول الكعبة ، وعند الطواف والوقوف بعرفة والوقوف بالمشعر.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما في سبع مواضع للإحرام ولدخول مكة والوقوف والمبيت بالمزدلفة ولرمي الجمار الثلاث ولا
يغتسل لرمي جمرة العقبة. وقال في القديم لتسع مواضع هذه السبع مواضع ولطواف الزيارة
وطواف الوداع.
مسألة
ـ ٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يتطيب للإحرام قبل الإحرام إذا كانت
تبقى رائحته الى بعد الإحرام. وقال ( ـ ش ـ ) : يستحب أن يتطيب للإحرام ، سواء يبقى
عينه ورائحته مثل الغالية والمسك ، أو لا يبقى له عين وانما يبقى له رائحته كالبخور
والعود والند ، وبه قال عبد الله بن زبير ، وابن عباس ، ومعاوية ، وسعد ابن أبي وقاص
، وأم حبيبة ، وعائشة ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، وكان ( ـ م ـ ) معهما حتى حج الرشيد
فرأى الناس كلهم متطيبين ، فقال : هذا بشع فامتنع منه.
__________________
وقال ( ـ ك ـ )
مثل قولنا انه يكره ، فان فعله فعليه أن يغتسل ، فان لم يفعل وأحرم على ما هو عليه
فعليه الفدية ، وبه قال عطاء ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب.
مسألة
ـ ٦٤ ـ : يجوز أن يلبي عقيب إحرامه ، والأفضل أن يلبي إذا علت به راحلته
البيداء ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، قال في الأم والإملاء : الأفضل أن يحرم إذا انبعث به راحلته ان كان راكبا ،
وإذا أخذ في السير ان كان راجلا. وقال في القديم : أن يهل خلف الصلاة نافلة كانت أو
فرضا ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينعقد الإحرام بمجرد النية ، بل لا بد أن يضاف إليه التلبية
أو السوق أو الإشعار أو التقليد. وقال ( ـ ح ـ ) : لا ينعقد إلا بالتلبية أو سوق الهدي.
وقال ( ـ ش ـ ) : يكفي مجرد النية.
مسألة
ـ ٦٦ ـ : إذا أحرم كإحرام فلان وتعين له ما عمل به عمل عليه وان لم
يعلم حج متمتعا ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه. وقال ( ـ ش ـ ) : يحج قارنا على ما يقولونه
في القران.
مسألة
ـ ٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التلبية فريضة ورفع الصوت بها سنة ، ولم
أجد من ذكر كونها فرضا. وقال ( ـ ش ـ ) : أنها سنة ولم يذكروا خلافا ، وكلهم قالوا
: رفع الصوت بها سنة.
مسألة
ـ ٦٨ ـ : لا يلبي في مسجد عرفة ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ
) : يستحب ذلك.
دليلنا : أن الحاج
يجب عليه أن يقطع التلبية يوم عرفة قبل الزوال ، فان حصل بعرفات بعده هناك لم يجز التلبية
، وان حصل قبل الزوال جاز له ذلك
__________________
لعموم الأخبار.
مسألة
ـ ٦٩ ـ : لا يلبي في حال الطواف لا خفيا ولا معلنا ، لإجماع الفرقة
على أنه يجب على المتمتع أن يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة ، وما روي عنهم عليهمالسلام من قولهم ان هؤلاء يطوفون ويسعون ويلبون ، فكلما طافوا أحلوا وكلما لبوا عقدوا
، فيخرجون لا محلين ولا محرمين.
و ( ـ للش ـ ) قولان
، أحدهما قال في الأم : لا يلبي. وقال في غير الام : له ذلك ولكنه يخفض صوته ، وبه
قال ابن عباس.
مسألة
ـ ٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التلبية الأربعة لا خلاف في جواز فعلها على
خلاف بيننا وبينهم في كونها فرضا أو نفلا وما زاد عليها عندنا مستحب.
وقال ( ـ ش ـ )
: ما زاد عليها مباح وليس بمستحب ، وحكى أصحاب ( ـ ح ـ ) أنه قال : انها مكروهة. وأما
الألفاظ المخصوصة التي رواها أصحابنا من قوله « لبيك ذا المعارج لبيك » وما بعدها فلم
يعرفها أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للمرأة لبس القفازين ، وبه قال علي
بن عمر وعائشة ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، والنخعي ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و
( ـ ق ـ ).
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما ما قلناه ، والأخر أن لها ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) وبه
قال سعد بن أبي وقاص ، فإنه أمر بناته أن يلبسن القفازين.
مسألة
ـ ٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمرأة أن تختضب للإحرام قصدا به الزينة
، فإن قصدت السنة لم يكن به بأس. وقال ( ـ ش ـ ) : يستحب ذلك ولم يفصل.
مسألة
ـ ٧٣ ـ : من لا يجد النعلين لبس الخفين وقطعهما حتى يكون أسفل من الكعبين
على جهتهما ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وعليه أهل العلم.
وقال عطاء وسعيد
بن مسلم : يلبسهما غير مقطوعين ولا شيء عليه ، وبه قال ( ـ د ـ ) وقد رواه أيضا أصحابنا
، وهو الأظهر.
مسألة
ـ ٧٤ ـ : من كان له نعلان لا يجوز له لبس الشمشك ، لان طريقة الاحتياط
يقتضيه. وقال ( ـ ح ـ ) : هو بالخيار يلبس أيهما شاء ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ )
وقال في الأم : لا يلبسهما فان فعل افتدى.
مسألة
ـ ٧٥ ـ : ان لبس الخفين المقطوعين مع وجود النعلين لزمه الفداء لقولهم عليهمالسلام كل من لبس ما لا يحل لبسه فعليه الفدية ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وفي أصحابه من
قال : لا فدية عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٧٦ ـ : من لا يجد مئزرا ووجد سراويلا لبسه ولا فدية عليه ولا يلزمه
فتقه ، بدلالة الأخبار الواردة في أنه لا بأس بلبسه وعمومها ، وبه قال ابن عباس ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ
د ـ ) ، وأبو ثور.
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يفعل ذلك فان فعل فعليه الفداء. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يلبسه بحال ، فان عدم الإزار
لبسه مفتوقا ، فان لبس غير مفتوق فعليه الفداء.
مسألة
ـ ٧٧ ـ : من لبس القبا ، فإن أدخل كتفيه فيه ولم يدخل يديه في كمه
ولا يلبسه مقلوبا فعليه الفداء ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا شيء عليه ، ومتى توشح كالرداء لا شيء عليه بلا خلاف.
مسألة
ـ ٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز للمحرم لبس السواد ، ولم يكرهه أحد
من الفقهاء.
مسألة
ـ ٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب على المحرم كشف رأسه بلا خلاف ، وكشف
وجهه غير واجب ، وبه قال [ في الصحابة علي عليهالسلام ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص ، وابن عباس ، وابن الزبير
، وزيد بن ثابت ، وجابر ،
__________________
ومروان بن الحكم ، وبه قال ] ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ
ك ـ ) : يجب عليه كشف وجهه.
مسألة
ـ ٨٠ ـ : إذا حمل على رأسه مكتلا أو غيره لزمه الفداء ، وبه قال (
ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) وعطاء : لا يلزمه.
مسألة
ـ ٨١ ـ : إذا لبس المحرم ثمَّ صبر ساعة ثمَّ لبس شيئا آخر ، فعليه
من كل لبسة كفارة ، سواء كفر عن الأولة أو لم يكفر ، وكذلك الحكم في الطيب لان طريقة
الاحتياط يقتضيه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان كفر عن الأول لزمته كفارة ثانية ، وان لم يكفر ففيها قولان.
قال في القديم :
يتداخل ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال في الأم والإملاء مثل ما قلناه ، وبه قال ( ـ ف ـ
).
مسألة
ـ ٨٢ ـ : ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ المحرم ناسيا لم يلزمه كفارة ، وبه
قال ( ـ ش ـ ) ، وعطاء ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ك ـ ) : عليه الفدية.
مسألة
ـ ٨٣ ـ : إذا لبس ناسيا في حال إحرامه ، وجب عليه نزعه في الحال إذا
ذكر ، فان استدام ذلك لزمه الفداء ، فإذا أراد نزعه فلا ينزعه من رأسه بل يشقه من أسفله.
وقال ( ـ ش ـ ) : ينزعه من رأسه.
مسألة
ـ ٨٤ ـ : إذا لبس أو تطيب مع الذكر ، فعليه الفدية بنفس الفعل سواء
استدامة أو لم يستدمه حتى لو لبس ثمَّ نزع عقيبه أو تطيب ثمَّ غسل عقيبه فعليه الفدية
، لعموم الأخبار التي تضمنت الفدية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وكان ( ـ ح ـ )
يقول في القديم : ان استدام اللباس أكثر النهار ففيه الفدية ، وان كان دون ذلك فلا
فدية فيه [ وقال أخيرا : ان استدام طول النهار ففيه الفدية ، وان كان
__________________
دون ذلك فلا فدية فيه ] ولكن فيه الصدقة. ووافقنا في الطيب ، وعن ( ـ ف ـ ) روايتان.
مسألة
ـ ٨٥ ـ : من طيب كل العضو أو بعضه فعليه الفداء ، وكذلك ان ستر بعض
رأسه وان وجد نعلين بعد لبس الخفين المقطوعين وجب عليه نزعهما ولبس النعلين فان لم
يفعل فعليه الفداء ، لعموم الاخبار وطريقة الاحتياط ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان طيب جميع العضو أو لبس في العضو كله كاليد والرجل ففيه الفدية ، وان لبس في بعضه
أو طيب بعضه فلا فدية ، ويجب فيه الصدقة إلا في الرأس فإنه ان ستر بعضه ففيه الفدية.
مسألة
ـ ٨٦ ـ : « ج » ـ ) : ما عدا المسك والكافور والعنبر والزعفران والعود
والورس عندنا لا يتعلق به الكفارة إذا استعمله المحرم ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك
وأوجبوا في استعمال ما عداها الكفارة.
وأما الريحان الفارسي
، فاختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ، فمنهم من قال مثل ما قلناه [ وبه قال عطاء وعثمان وابن
عباس ] وقال آخرون : هو طيب [ وبه قال ابن عمر وجابر ] وكذلك الخلاف في النرجس والمرزنجوش واللفاح والبنفسج.
مسألة
ـ ٨٧ ـ : الدهن على ضربين : طيب وغير طيب ، فالطيب وهو البنفسج والورد
والزنبق والخيري والنيلوفر والبان وما في معناه ، لا خلاف أن فيه الفدية على أي وجه
استعمله. والضرب الثاني ما ليس بطيب ، مثل الشيرج
__________________
والزيت والسليخ من البان والزبد والسمن لا يجوز به الادهان على وجه عندنا ،
ويجوز أكله بلا خلاف.
فأما وجوب الكفارة
بالادهان ، فلست أعرف به نصا ، والأصل براءة الذمة.
واختلف الناس فيه
على أربعة مذاهب ، فقال ( ـ ح ـ ) : فيه الفدية على كل حال. وقال الحسن بن صالح بن
حي : لا فدية فيه بحال. وقال ( ـ ش ـ ) : فيه الفدية في الرأس واللحية ولا فدية فيما
عداهما. وقال ( ـ ك ـ ) : ان دهن به ظاهر بدنه ففيه الفدية ، وان كان في بواطن بدنه
فلا فدية.
مسألة
ـ ٨٨ ـ : كل من أكل طعاما فيه شيء من الطيب ، فعليه الدية على كل
حال.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان مسته النار فلا فدية. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت أوصافه باقية من لون أو طعم أو
رائحة فعليه الفدية ، وان بقي له لون ومعه رائحة ففيه الفدية قولا واحدا وان لم يبق
غير لونه وما بقي ريح ولا طعم فيه قولان.
مسألة
ـ ٨٩ ـ : العصفر والحناء ليسا من الطيب ، فان لبس المعصفر كان مكروها
وليس عليه فدية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: هما طيبان فمن لبس المعصفر وكان مفدما مشبعا فعليه الفدية.
مسألة
ـ ٩٠ ـ : إذا مس طيبا ذاكرا لإحرامه عالما بالتحريم رطبا ، كالغالية
والمسك والكافور إذا كان مبلولا بماء ورد أو دهن طيب ، فعليه الفدية في أي موضع كان
من بدنه ولو بعقبة ، وكذلك لو سعط به أو حقن به ، وظاهر البدن وباطنه سواء.
وكذلك ان حشا جرحه
بطيب فداه ، لعموم الأخبار الواردة في أن من استعمل الطيب فعليه الفدية ، وبه قال (
ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان ابتلع الطيب فلا فدية.
مسألة
ـ ٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وان كان الطيب يابسا مسحوقا ، فان علق بيده
شيء منه
فعليه الفدية ، وان لم يعلق بحال فلا فدية ، وان كان يابسا غير مسحوق كالعود
والعنبر والكافور ، فان علق رائحته ففيه الفدية.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان علق به رائحة ، ففيها قولان.
مسألة
ـ ٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مس خلوق الكعبة ، فلا فدية عليه ، عالما
كان أو جاهلا عامدا أو ناسيا.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان جهل أنه طيب فبان طيبا رطبا ، فان غسله في الحال والا فعليه الفدية ، وان علمها
طيبا فوضع يده عليه يعتقده يابسا فبان رطبا ففيه قولان.
مسألة
ـ ٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمحرم القعود عند العطار وان جاز زقاق
العطارين أمسك على نفسه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا بأس بذلك وأن يجلس الى رجل مطيب وعند الكعبة وفي جوفها وهي تجمر إذا لم يقصد ذلك
، فان قصد الاشتمام كره ذلك الا الجلوس عند البيت وفي جوفه وان شم هناك طيب فإنه لا
يكره.
مسألة
ـ ٩٤ ـ : يكره للمحرم أن يجعل الطيب في خرقة ويشمها ، فان فعل فعليه
الفداء. وقال ( ـ ش ـ ) : لا كفارة عليه ولا بأس به.
مسألة
ـ ٩٥ ـ : لا يجوز للمحرم أن يحلق رأسه كله ولا بعضه مع الاختيار بلا
خلاف ، فان حلقه لعذر جاز وعليه الفدية ، لقوله تعالى «
فَمَنْ كانَ
مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ
» ومعناه فحلق ففدية.
وحد ما يلزم به
الفدية ما يقع عليه اسم الحلق ، وحد ( ـ ش ـ ) ذلك بثلاث شعرات فصاعدا الى جميع الرأس
، وحده ( ـ ح ـ ) بحلق ربع الرأس فصاعدا ، فان كان أقل من الربع فعليه الصدقة.
__________________
مسألة
ـ ٩٦ ـ : إذا حلق أقل من ثلاث شعرات لا يلزمه الفدية ويتصدق بما استطاع.
وقال ( ـ ش ـ )
: يتصدق بشيء وربما قال مد من طعام عن كل شعرة ، وربما قال : ثلاث شياه ، وربما قال : درهم وهكذا قوله في ثلاث ليالي منى إذا بات
بغيرها وهكذا في الأظفار الثلاثة ، وفي ثلاث حصيات ، فان في الثلاث دما قولا واحدا
، وما دونه فيه الأقوال الثلاثة.
وقال مجاهد : لا
شيء عليه ، وعن مالك روايتان ، كقول ( ـ ش ـ ) ومجاهد.
دليلنا : أن الأصل
براءة الذمة ولا يتناوله اسم الحلق ، وأما الصدقة فطريق وجوبها الاحتياط ، وما روي
عنهم عليهمالسلام أن من مس شعر رأسه ولحيته فسقط شيء من شعره يتصدق بشيء يتناول هذا الموضع.
مسألة
ـ ٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من قلم أظافير يديه لزمته فدية ، فإن قلم
دون ذلك لزمته عن كل إصبع مد من طعام.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان قلم خمس أصابع من يد واحدة لزمته الفدية ، ورواه أيضا أصحابنا وان قلم أقل من
ذلك من يد أو خمسة من اليدين فعليه الصدقة.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان قلم ثلاث أصابع لزمته فدية ، سواء كانت من يد واحدة أو من اليدين ، فان قلم الأظفار
كلها لزمته أيضا فدية واحدة إذا كان في مجلس واحد ، وان كان في مجالس لزمته عن كل ثلاث
فدية ، وهكذا قوله في شعر رأسه كلما حلق ثلاث شعرات لزمته فدية ، وان حلق جميع الرأس
لزمته فدية واحدة.
مسألة
ـ ٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قلم ظفرا واحدا تصدق بمد من طعام ، و
( ـ للش ـ ) فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : فيه درهم. والثالث : فيه
ثلاث
__________________
شياه.
وان قلم ثلاث أظافير
في ثلاثة أوقات ، ففي كل واحدة ثلاثة أقوال ، ولا يقول إذا تكاملت ثلاث ففيها دم ،
وفي أصحابه من قال : دم وليس هو المذهب عندهم.
مسألة
ـ ٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من حلق أو قلم ناسيا لم يلزمه الفداء ، والصيد
يلزمه فداؤه ناسيا كان أو عامدا ، فأما إذا فعل ذلك جاهلا لزمه الفداء على كل حال.
وقال ( ـ ش ـ )
: يلزمه الفداء ، عالما كان أو جاهلا ، ناسيا أو ذاكرا ، فان زال عقله لجنون أو إغماء
ففيه قولان.
مسألة
ـ ١٠٠ ـ : يجوز للمحرم أن يحلق رأس المحل ولا شيء عليه ، لأن الأصل
براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان فعل فعليه صدقة.
مسألة
ـ ١٠١ ـ : المحل لا يجوز له أن يحلق رأس المحرم بحال ، فان فعل لم يلزمه
الفداء ، لأنه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان حلق بأمره لزم الأمر الفدية ولم يلزم الحالق ، وان حلقه مكرها أو نائما فيه قولان
، أحدهما : على الحالق ، الفدية ولا شيء على المحرم ، وبه قال ( ـ ك ـ ). والأخر :
أنه يلزم المحرم الفدية ويرجع هو على الحالق بها.
وقال ( ـ ح ـ )
: على المحرم فدية ، وعلى الحالق صدقة ، والصدقة فيه نصف صاع.
مسألة
ـ ١٠٢ ـ : إذا حلق محرم رأس محرم لا يلزمه شيء وان كان فعل قبيحا لأنه
لا دليل عليه.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان بإذنه فعلى الإذن الفدية وعلى الحالق الصدقة.
وقال ( ـ ش ـ )
: كالمحل يحلق رأس المحرم ان كان بأمره لزم الأمر الفداء ، وان كان مكرها على قولين ، وان كان ساكتا على وجهين. فأما
المحرم عندنا ، فان
__________________
كان بأمره لزمه الفداء ، وان كان بغير أمره لم يلزمه شيء.
مسألة
ـ ١٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الاكتحال بالإثمد مكروه للنساء والرجال ،
و ( ـ للش ـ ) [ فيه ] قولان هذا إذا لم يكن فيه طيب ، فان كان فيه طيب ، فلا يجوز ومن استعمله فعليه
الفداء.
مسألة
ـ ١٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمحرم أن يغتسل ، ولا يجوز له أن يرتمس
في الماء ، ويكره له أن يدلك جسده ورأسه بل يفيض الماء عليه ، فان سقط شيء من شعره
لم يلزمه شيء ، ومتى ارتمس في الماء لزمه الفداء ، لأنه قد غطى رأسه بالماء وهو المماقلة
والتماقل.
وقال ( ـ ش ـ )
وباقي الفقهاء : لا بأس بذلك ، الا أنه قال : ان سقط شيء من شعره فالأحوط أن يفديه.
مسألة
ـ ١٠٥ ـ : يجوز للمحرم أن يدخل الحمام ويزيل الوسخ عن بدنه لأن الأصل
براءة الذمة والإباحة ، ويكره له دلك بدنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، غير أنه لم يكره الدلك.
وقال ( ـ ك ـ ) : عليه الفدية.
مسألة
ـ ١٠٦ ـ : يكره أن يغتسل رأسه بالخطمي والسدر ، فان فعل لم يلزمه الفداء
، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه الفدية.
مسألة
ـ ١٠٧ ـ : يكره للمحرم أن يحتجم ، لأن الأصل الإباحة ، وعلى كراهته إجماع الفرقة. وقال ( ـ ش ـ ) : لا بأس به.
وقال ( ـ ك ـ ) : لا يفعل.
مسألة
ـ ١٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان الولي أو وكيله أو الزوج أو وكيله
في القبول أو المرأة محرمين أو واحد منهم محرما ، فالنكاح باطل ، وبه قال في الصحابة
علي عليهالسلام وعمر ، وابن عمر ، وزيد بن ثابت ، ولا مخالف لهم ، وفي التابعين
__________________
سعيد بن المسيب ، والزهري. وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ
) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ر ـ ) : انه لا تأثير للإحرام
في عقد النكاح بوجه.
مسألة
ـ ١٠٩ ـ : إذا أشكل الأمر ، فلا يدري هل وقع العقد في حال الإحرام أو
قبله؟ فالعقد صحيح ، لأن الأصل الإباحة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، والأحوط عندي تجديد العقد.
مسألة
ـ ١١٠ ـ : ان اختلفا ، فقال الزوج : وقع العقد قبل الإحرام ، وقالت
: وقع بعد الإحرام ، فالقول قول الزوج ، بلا خلاف بيننا وبين ( ـ ش ـ ). وان كان بالضد
من ذلك ، فادعت أنه كان حلالا ، وقال : كنت حراما ، حكم عليه بتحريم الوطي ولزمه نصف
المهر ، وهذا أيضا ينبغي أن يكون مذهبنا وسقط الخلاف فيهما ، والحكم في الأمة والحرة
سواء إذا اختلفا أو اختلف السيد والزوج.
مسألة
ـ ١١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عقد المحرم على نفسه عالما بتحريم ذلك
، أو دخل بها وان لم يكن عالما ، فرق بينهما ولم يحل له أبدا ، ولم يوافقنا عليه أحد
من الفقهاء.
مسألة
ـ ١١٢ ـ : لا يجوز للمحرم أن يشهد على النكاح. وقال ( ـ ش ـ ) : لا
بأس به. وقال أبو سعيد الإصطخري من أصحابه مثل ما قلناه.
مسألة
ـ ١١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل موضع حكمنا ببطلان العقد في المحرم يفرق
بينهما بلا طلاق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يفرق بينهما بطلقة ، وكذلك كل نكاح وقع فاسدا عنده يفرق بينهما بطلقة.
مسألة
ـ ١١٤ ـ : للمحرم أن يراجع زوجته ، سواء طلقها حلالا ثمَّ أحرم أو طلقها
وهو محرم ، لقوله تعالى « وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ
بِرَدِّهِنَّ » ولم يفصل. وقوله :
__________________
« فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ
» والإمساك هو المراجعة
ولم يفصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ د ـ ) : لا يجوز ذلك.
مسألة
ـ ١١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : للمحرم أن يستظل بثوب ينصبه ما لم يكن فوق
رأسه بلا خلاف ، وإذا كان فوق رأسه مثل الكنيسة والهودج والعمارية فلا يجوز ذلك سائرا ، فأما إذا كان نازلا فلا بأس به أن يقعد
تحت الخيمة والخباء والبيوت وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز
ذلك كيف ما ستر .
مسألة
ـ ١١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمحرم النظر في المرآة ، رجلا كان
أو امرأة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في سنن الحرملة. وقال في الأم : لهما أن ينظرا في المرآة.
مسألة
ـ ١١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمحرم أن يغسل ثيابه وثياب غيره ،
وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ د ـ ). أكره له أن يغسل ثياب غيره.
مسألة
ـ ١١٨ ـ : يجوز دخول مكة نهارا بلا خلاف ، ويجوز عندنا دخلوها ليلا
، وبه قال ( ـ ش ـ ) وجميع الفقهاء ، وحكى عن عطاء أنه قال : أكره دخولها ليلا.
مسألة
ـ ١١٩ ـ : الأدعية المخصوصة ذكرناها عند دخول مكة والمسجد الحرام ومشاهدة
الكعبة لا يعرفها أحد من الفقهاء ، ولهم أدعية غيرها.
مسألة
ـ ١٢٠ ـ : رفع اليدين عند مشاهدة البيت لا يعرفها أصحابنا. وقال ( ـ
ش ـ ) : ذلك مستحب.
مسألة
ـ ١٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المستحب أن يستلم الحجر بجميع بدنه ، وان لم يتمكن واستلمه ببعضه أجزأه. و ( ـ للش ـ ) قولان
، أحدهما : هذا ، والثاني : أنه لا يجزيه.
__________________
مسألة
ـ ١٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : استلام الركن الذي فيه الحجر لا خلاف فيه
وباقي الأركان مستحب استلامها ، وبه قال ابن عباس وابن زبير وجابر. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يستلمها يعني الشاميين ، وبه
قال عمر ، وابن عمر ، ومعاوية.
مسألة
ـ ١٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب استلام الركن اليماني ، وبه قال (
ـ ش ـ ). قال : يضع يده عليه ويقبلها ولا يقبل الركن ، وبه قال ( ـ ك ـ ) الا أنه قال
: يضع يده على فيه ولا يقبلها. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يستلمه أصلا.
مسألة
ـ ١٢٤ ـ : لا يكره قراءة القرآن في حال الطواف بل هو مستحب ، لعموم
الأخبار الواردة في فضل قراءة القرآن ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : أكره قراءة
القرآن في الطواف.
مسألة
ـ ١٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأفضل أن يقول : طواف وطوافان وثلاثة أطواف
وان قلت شوط وشوطان وثلاثة أشواط جاز ، و ( ـ ش ـ ) قال : أكره ذكر الشوط ، وبه قال
مجاهد.
مسألة
ـ ١٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الطواف الا على الطهارة من حدث ونجس
وستر العورة ، فإن أخل بشيء منه لم يصح طوافه ولا يعتد به ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و
( ـ ش ـ ) و ( ـ ع ـ ) ، وعامة أهل العلم.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان طاف على غير طهارة ، فإن أقام بمكة أعاد ، وان عاد الى بلده وكان محدثا فعليه
دم شاة ، وان كان جنبا فعليه بدنة.
مسألة
ـ ١٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من طاف على وضوء ، ثمَّ أحدث في خلاله ،
انصرف وتوضأ وعاد ، فان كان زاد على النصف بنى عليه ، وان لم يزد أعاد الطواف.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان لم يطل الفصل بنى قولا واحدا ولم يفصل ، وان طال فعلى قولين ، قال في القديم :
يستأنف. وقال في الجديد : يبني.
__________________
مسألة
ـ ١٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : متى طاف على غير وضوء وعاد الى بلده ، رجع
وأعاد الطواف مع الإمكان ، فان لم يمكنه استناب من يطوف عنه. وقال ( ـ ش ـ ) : يرجع
ويطوف ولم يفصل. وقال ( ـ ح ـ ) : جبره بدم.
مسألة
ـ ١٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الطواف يجب أن يكون حول البيت والحجر معا
فان سلك الحجر لم يعتد به ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : إذا سلك الحجر أجزأه.
مسألة
ـ ١٣٠ ـ : إذا تباعد من البيت حتى يطوف بالسقاية وزمزم لم يجزه لأنه
ليس على جوازه دليل. وقال ( ـ ش ـ ) : يجزيه.
مسألة
ـ ١٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا طاف منكوسا ، وهو أن يجعل البيت على
يمينه لا يجزيه وعليه الإعادة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان أقام بمكة
أعاد ، وان عاد الى بلده جبره بدم.
مسألة
ـ ١٣٢ ـ : كيفية الطواف أن يبتدئ في السبع طوافات من الحجر حتى يأتي
إلى الموضع الذي بدء منه سبعا ، فان ترك ولو خطوة منها لم يجزه ، ولم يحل له النساء
حتى يعود إليها فيأتي بها ، لان الاحتياط يقتضيه ، وظواهر الأوامر بسبع طوافات ، وبه
قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: عليه أن يطوف سبعا ، لكنه إذا أتى بمعظمه وهو أربع من سبع أجزأه ، فإن عاد الى بلده
جبره بدم ، وان أتى بأقل من أربع لم يجزه.
مسألة
ـ ١٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ينبغي أن يطوف بالبيت الا ماشيا مع القدرة
، وانما يطوف راكبا إذا كان عليلا أو لا يقدر عليه فان خالف وطاف راكبا أجزأه ولم يلزمه
دم.
وقال ( ـ ش ـ )
: الركوب مكروه ، فان فعله لم يكن عليه شيء ، مريضا كان أو صحيحا. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يركب الا من عذر من مرض
، فان طاف راكبا فعليه دم.
مسألة
ـ ١٣٤ ـ : إذا أتى المتمتع بأفعال العمرة والحج ، ثمَّ ذكر أنه طاف
__________________
أحد طوافي العمرة والحج بغير طهارة ولا يدري أيهما هو ، فعليه أن يعيد الطواف
بوضوء ويعيد بعده السعي ولا دم عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يلزمه أغلظ الأمرين ، فنفرض ان كان من طواف العمرة يعيد الطواف والسعي وصار قارنا
بإدخال الحج عليه وعليه دمان ، وان كان من طواف الحج ، فعليه أن يعيد الطواف والسعي
وعليه دم.
مسألة
ـ ١٣٥ ـ : إذا طاف وظهره إلى الكعبة لا يجزيه ، لان طريقة الاحتياط
يقتضيه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، ولا نص ( ـ للش ـ ) فيه ، والذي يجيء على مذهبه أنه
يجزيه.
مسألة
ـ ١٣٦ ـ : ركعتا الطواف واجبتان عند أكثر أصحابنا ، لقوله تعالى «
وَاتَّخِذُوا
مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى
» وبه قال عامة أهل
العلم ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : ما قلناه ، والأخر : أنهما غير واجبتين [ وهو أصح القولين عندهم ]
وبه قال قوم من
أصحابنا ، وأخبارنا في هذا المعنى كثيرة والوجه في الرواية المخالفة مذكور في الكتب.
مسألة
ـ ١٣٧ ـ : يستحب أن يصلي ركعتين خلف المقام ، فان لم يفعل وفعل في غيره
أجزأه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ان لم يصلهما خلف المقام فعليه دم وقال
( ـ ر ـ ) : يأتي بهما في الحرم.
مسألة
ـ ١٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السعي بين الصفا والمروة ركن لا يتم الحج
الا به فان تركه أو ترك بعضه ولو خطوة واحدة لم يحل له النساء حتى يأتي به ، وبه قالت
عائشة ، واليه ذهب ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
__________________
وقال ابن مسعود
وابن عباس وأبي بن كعب : السعي سنة وليس بواجب.
وقال ( ـ ح ـ )
: واجب لكنه ليس بركن ، وهو بمنزلة المبيت بالمزدلفة ، فإن تركه فعليه دم.
مسألة
ـ ١٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السعي بين الصفا والمروة سبع يبدأ بالصفا
ويختم بالمروة بلا خلاف فيه ، وصفته أن يعد ذهابه إلى المروة دفعة ورجوعه الى الصفا
أخرى ، وعليه جميع الفقهاء وأهل العلم ، إلا أهل الظاهر وابن جرير وأبو بكر الصيرفي
من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، فإنهم اعتبروا الذهاب إلى المروة والرجوع الى الصفا دفعة واحدة.
مسألة
ـ ١٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكفي في السعي أن يطوف ما بين الصفا والمروة وان لم يصعد عليهما ، وبه قال
جميع الفقهاء. وقال ابن الوكيل من أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا بد أن يصعد عليهما ولو شيئا
يسيرا.
مسألة
ـ ١٤١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا طاف بين الصفا والمروة سبعا وهو عند
الصفا أعاد السعي من أوله ، لأنه بدء بالمروة. وقال الفقهاء : انه يسقط الأولة ويبنى
على أنه بدء بالصفا ، فيضيف اليه شوطا آخر.
مسألة
ـ ١٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أفعال العمرة خمسة : الإحرام ، والتلبية
، والطواف والسعي ، والتقصير ، وان حلق جاز والتقصير أفضل ، وبعد الحج الحلق أفضل.
وقال ( ـ ش ـ )
: أربعة في أحد قوليه ، ولم يذكر التلبية فيها ، وفي الأخر ثلاثة ولم يذكر الحلق والتقصير
أيضا فيها.
مسألة
ـ ١٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : هدي المتمتع لا يجوز نحره الا بمنى. وقال
( ـ ش ـ ) : منحره على المروة ، وان نحره بمكة جاز أي موضع شاء.
مسألة
ـ ١٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ليس على رأسه شيء من الشعر ، مثل أن
يكون
__________________
أصلع أو أقرع ، فعليه أن يمر الموسى على رأسه استحبابا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يجب عليه ذلك.
مسألة
ـ ١٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحرم بالعمرة من الميقات يقطع التلبية
إذا دخل الحرم فان كان متمتعا قطعها إذا شاهد بيوت مكة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يقطع المعتمر التلبية حتى يأخذ في الطواف ، وبه قال ابن عباس.
وقال ( ـ ك ـ )
مثل ما قلناه الا أنه قال : إذا أحرم وراء الميقات لا يقطع حتى يرى البيت.
مسألة
ـ ١٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : أفعال العمرة لا يدخل في أفعال الحج عندنا
، ومتى فرغ من أفعال العمرة بكمالها حصل محلا ، وإذا أحرم بعد ذلك بالحج أتى بأفعال
الحج على وجهها ويكون متمتعا ، وان أحرم بالحج قبل استيفاء أفعال عمرته بطلت عمرته
وكانت حجة مفردة.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا قرن يدخل أفعال العمرة في أفعال الحج واقتصر على أفعال الحج فقط يجزيه طواف واحد
وسعي واحد عنهما ، وبه قال جابر ، وابن عمر ، وعطاء ، وطاوس ، والحسن البصري ، ومجاهد
، وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وقال بمثل ما قلناه من أن أفعال
العمرة لا يدخل في أفعال الحج في الصحابة علي عليهالسلام وابن مسعود وفي التابعين الشعبي والنخعي ، وفي الفقهاء ( ـ ح ـ ) وأصحابه.
ولح تفصيل قال :
من شرط القران تقديم العمرة على الحج ويدخل مكة ويطوف ويسعى للعمرة ، ويقيم على إحرامه
حتى يكمل أفعال الحج ، ثمَّ يحل منها ، فان ترك الطواف للعمرة قبل الوقوف انتقضت عمرته
وصار مفردا بالحج وعليه قضاء العمرة.
مسألة
ـ ١٤٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حاضت المتمتعة قبل أن يفرغ من أفعال
العمرة جعلته حجة مفردة ، وقال الفقهاء بأسرهم يحتاج الى تجديد الإحرام.
مسألة
ـ ١٤٨ ـ : يخطب الإمام بعرفة يوم عرفة قبل الأذان ، وبه قال ( ـ ش ـ
) لما رواه جابر في حديثه فخطب الناس ثمَّ أذن بلال وأقام. وقال ( ـ ح ـ ) بعد الأذان.
مسألة
ـ ١٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصلي الامام بالناس بعرفة الظهر والعصر يجمع
بينهما بأذان واحد وإقامتين ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) بأذانين
وإقامتين. وقال ( ـ د ـ ) باقامتين.
مسألة
ـ ١٥٠ ـ : إذا كان الامام مقيما أتم وقصر من خلفه من المسافرين ، وان
كان مسافرا قصر وقصروا ومن كان من أهل مكة فلا يقصر ، لأن المسافة نقصت عما يجب فيه
التقصير.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان الامام مقيما أتم وأتم من خلفه من المقيمين والمسافرين وان كان مسافرا قصر
ومن خلفه من المسافرين وأتم المقيمون ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يقصر كما قالوا ، وزاد فقال يقصر أهل مكة وان كانت المسافة قريبة مع قوله ان التقصير
في أربعة برد.
مسألة
ـ ١٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من صلى مع امامه جمع ، وان صلى منفردا جمع
أيضا ، سواء كان من له التقصير أو من ليس له القصر. و ( ـ للش ـ ) فيمن ليس له القصر
قولان. وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له الجمع الا مع إمامه.
مسألة
ـ ١٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بطن عرنة ليس من الموقف ، فمن وقف فيه لم
يجزه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يجزيه.
مسألة
ـ ١٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الوقوف بعرفة راكبا وقائما سواء ، وهو
أحد قولي ( ـ ش ـ ). وقال في القديم : الركوب أفضل.
مسألة
ـ ١٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت الوقوف من حين تزول الشمس الى طلوع الفجر
من يوم النحر ، وبه قال جميع الفقهاء إلا أحمد بن حنبل ، فإنه خالف في الأول ، فقال
: من عند طلوع الفجر من يوم عرفة ، ووافق في الأخر وروى في بعض أخبارنا إلى طلوع الشمس
، وفي شاذها الى الزوال من يوم النحر ولم يقل به أحد.
مسألة
ـ ١٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأفضل أن يقف الى غروب الشمس في النهار
، ويدفع من الموقف بعد غروبها ، فان دفع قبل الغروب لزمه دم ، فأما الليل إذا وقف ففي
أي وقت دفع أجزأه.
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ش ـ ) : ان الأفضل ما قلناه ، فأما الأجزاء بأن يقف ليلا أو نهارا أي شيء كان
ولو كان بمقدار المرور فيه. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزمه دم إن أفاض قبل الغروب.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم والام : ان دفع قبل الغروب فعليه دم. وقال في الإملاء : يستحب أن يهدي ولا
يجب عليه ، فضمان الدم على القولين. وقال : ان دفع قبل الزوال أجزأه.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان وقف نهارا لم يجزه حتى يقيم الى الليل فيجمع الليل والنهار ، وان وقف ليلا وحده
أجزأه [ وروى ابن عباس أن النبي عليهالسلام قال : من ترك نسكا فعليه الدم.
وهذا قد ترك نسكا
، لأنه لا خلاف أن الأفضل الوقوف الى غروب الشمس ] .
مسألة
ـ ١٥٥ ـ : إذا عاد قبل غيبوبة الشمس وأقام حتى غابت سقط عنه الدم ،
وان عاد بعد غروبها لم يسقط ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : ان عاد قبل خروج
وقت الوقوف سقط الدم.
مسألة
ـ ١٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة بالمزدلفة
بأذان واحد وإقامتين.
وقال ( ـ ح ـ )
: يجمع بينهما بأذان واحد واقامة واحدة مثل صلاة واحدة. وقال ( ـ ك ـ ) : بأذانين وإقامتين.
وقال ( ـ ش ـ ) مثل ما قلناه إذا جمع بينهما في وقت الأول.
وان جمع بينهما
في وقت الثانية ، فله ثلاثة أقوال ، قال في القديم : يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين
، وهو الصحيح عندهم. وقال في الجديد : باقامتين بغير أذان. وقال في الإملاء : ان رجا
اجتماع الناس أذن والا لم يؤذن ، وحكى
__________________
عن ( ـ ك ـ ) مثل قولنا سواء.
مسألة
ـ ١٥٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المغرب والعشاء لا يصليان إلا بالمزدلفة
إلا لضرورة من خوف ، والخوف أن يخاف فوتهما ، وخوف الفوت إذا مضى ربع الليل ، وروي
الى نصف الليل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه قال بطلوع الفجر.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان صلى المغرب في وقتها بعرفات والعشاء بالمزدلفة أجزأه ، وحدث أسامة بن زيد عن النبي
عليهالسلام.
مسألة
ـ ١٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الوقوف بالمزدلفة ركن من تركه فلا حج له.
وقال الشعبي والنخعي
: المبيت بها ركن ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ، وقالوا ليس بركن الا أن ( ـ ش ـ )
قال : ان ترك المبيت بها لزمه دم في أحد قوليه ، والثاني لا شيء عليه.
مسألة
ـ ١٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته عرفات وأدرك المشعر ووقف بها فقد
أجزأه ، ولم يوافقنا عليه أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ١٦٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الرمي إلا بالحجر وما كان من جنسه
من البرام والجواهر وأنواع الحجارة ، ولا يجوز بغيره كالمدر والأجر والكحل والزرنيخ
وغير ذلك من الذهب والفضة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز بالحجر وبما كان من نفس الأرض ، كالطين والمدر والكحل والزرنيخ ، ولا يجوز بالذهب
ولا بالفضة. وقال أهل الظاهر : يجوز بكل شيء حتى لو رمى بالخرق والعصافير الميتة أجزأه.
[ وروى الفضل بن العباس قال لما أفاض رسول الله من المزدلفة حبط بمكان محسر قال أيها
الناس عليكم بحصى الحذف. وهذا نص ] .
مسألة
ـ ١٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يرمي بحصاة قد رمى بها. وقال
( ـ ش ـ ) :
__________________
أكرهه فإن فعل أجزأه سواء رماه هو أو غيره. وقال المزني : إن رماها هو لا يجوز وان رماها غيره أجزأه وفعل النبي عليهالسلام فإنه لا خلاف أنه ما رمى بما رمى بها غيره.
مسألة
ـ ١٦٢ ـ : إذا رمى الحصاة ، فوقعت على عنق البعير ، فتحرك البعير فوقعت
في المرمى ، أو على ثوب رجل فتحرك فوقعت في المرمي لا يجوز و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
وإذا رمى فلا يعلم
أصاب أم لا؟ لا يجوز ، و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان. وإذا وقعت على مكان ممال وتدحرجت فوقعت عليه أجزأه ، و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان ، وطريقة الاحتياط يقتضي ما قلناه.
مسألة
ـ ١٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد قلنا ان وقت الوقوف بالمزدلفة من وقت
حصوله بها الى طلوع الفجر الثاني ، وقد روي الى طلوع الشمس ، وان دفع قبل الفجر مع
الاختيار لم يجزه ، سواء كان قبل نصف الليل أو بعده.
وقال ( ـ ش ـ )
: الوقت الكامل من عند الحصول الى ان يسفر الفجر ، والأخر الى أن يكون بها ما بين أول
وقتها الى طلوع الشمس الا أنه ان حصل بها بعد نصف الليل أجزأه ولا شيء عليه وان حصل
قبل نصف الليل ولم يلبث حتى ينتصف الليل ، فهل عليه دم أم لا؟ فعلى قولين.
__________________
مسألة
ـ ١٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع
الشمس من يوم النحر بلا خلاف ، ووقت الاجزاء من عند طلوع الفجر مع الاختيار ، فان رمى
قبل ذلك لم يجزه ، ويجوز للعليل والنساء وصاحب الضرورة الرمي بالليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: أول وقت الاجزاء إذا انتصف ليلة النحر ، وبه قال عطاء وعكرمة.
وقال ( ـ ك ـ )
، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) : وقته إذا طلع الفجر ، فان رمى قبل ذلك
لم يجزه مثل ما قلناه.
وقال النخعي و
( ـ ر ـ ) : وقته إذا طلعت الشمس يوم النحر وقبل ذلك لا يجزي ولا يعتد به ، وروي عن
عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أرسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثمَّ مضت فأفاضت.
مسألة
ـ ١٦٧ ـ : ينبغي أن يبدأ بمنى يرمي جمرة العقبة ، ثمَّ ينحر ، ثمَّ
يحلق ثمَّ يذهب إلى مكة فيطوف طواف الزيارة وهو طواف الحج الفرض بلا خلاف ويسعى ان
لم يكن قدم السعي حين كان بمكة قبل الخروج ، والترتيب في ذلك مستحب وليس بواجب ، فان
قدم الحلق على الرمي أو على النحر أجزأه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الترتيب مستحب ، فان قدم الحلق على النحر فعليه دم.
ودليلنا : أنه لا
خلاف أنه إذا فعل ذلك لا يجب عليه الإعادة ، فأما لزوم الدم يحتاج الى دليل ، والأصل
براءة الذمة.
وروى عبد الله بن
عمرو قال : وقف رسول الله في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه ، فجاء رجل ، فقال : يا
رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ، فقال : اذبح ولا حرج ، فجاء رجل فقال : يا رسول
الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : ارم ولا حرج ، قال : فما سئل رسول الله عن
شيء يومئذ قدم أو أخر إلا قال : افعل
ولا حرج عليك. وهذا بعينه على هذا اللفظ مروي عن أئمتنا عليهمالسلام.
مسألة
ـ ١٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يأكل من الهدي الواجب ومما يلزمه
في حال الإحرام من الكفارات أو ما يلتزمه بالنذر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وله في النذر
وجهان.
وقال أبو إسحاق
: يحل لأنه تطوع بإيجابه على نفسه.
وقال ( ـ ح ـ )
: يأكل من الكل الا من جزاء الصيد وحلق الشعر. وقال ( ـ ك ـ ) : يأكل من الكل الا من
جزاء الصيد.
مسألة
ـ ١٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الأكل من الهدي المتطوع به بلا خلاف
، والمستحب أن يأكل ثلثه ، ويتصدق بثلثه ، ويهدي ثلثه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان أحدهما
مثل ما قلناه ، والثاني يأكل النصف ويتصدق بالنصف. [ وقوله تعالى «
فَكُلُوا مِنْها
وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
» تقسم ثلاثة أقسام
] .
مسألة
ـ ١٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يقع التحلل من إحرام العمرة إذا طاف وسعى
وقصر والتقصير نسك يثاب عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) إذا قال
ان الحلق نسك والثاني أنه إطلاق محظور وليس بنسك ولا يثاب عليه.
مسألة
ـ ١٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التحلل في الحج ثلاثة ، أولها : إذا رمى
وحلق وذبح فإنه يتحلل من كل شيء إلا النساء والطيب ، فاذا طاف طواف الزيارة وسعى حل
له كل شيء إلا النساء ، فأما الاصطياد فلا يحل له لكونه في الحرم ويجوز له أن يأكل
منه ، فاذا طاف طواف النساء حلت له النساء.
وقال الفقهاء كلهم
: انه يتحلل التحللين معا بالرمي والحلق وطواف الزيارة فالتحلل الأول يحصل بشيئين رمي
وحلاق ، أو رمى وطواف ، أو حلاق وطواف ويستبيح عند ذلك اللباس وترجيل الشعر والحلق
وتقليم الأظافير.
__________________
قال ( ـ ش ـ ) :
لا يحل له الوطي الا بعد التحلل الثاني قولا واحدا ، والطيب على قولين قال في القديم
: لا يحل بالتحلل الأول ، والأخر يحل قولا واحدا ، فأما عقد النكاح والوطي فيما دون
الفرج والاصطياد وقتل الصيد على قولين : أحدهما لا يحل والثاني يحل له كل هذا ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) ولم يعتبر أحد طواف النساء بحال.
مسألة
ـ ١٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يقطع المعتمر التلبية إذا دخل الحرم ، وخالف
جميع الفقهاء في ذلك ، فقالوا : إذا استلم الحجر قطعها وقد مضت ، والحاج يقطع التلبية
يوم عرفة عند الزوال ، وقالوا : لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة من يوم النحر ،
لأن إيجاب ذلك يحتاج الى دليل.
مسألة
ـ ١٧٢ ـ : يستحب للإمام أن يخطب الناس بمنى يوم النحر بعد الزوال وبعد
الظهر ، لما روي أن النبي عليهالسلام خطب يوم النحر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يخطب بمنى يوم النحر.
مسألة
ـ ١٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : روى أصحابنا رخصة في تقديم الطواف والسعي
قبل الخروج إلى منى وعرفات ، والأفضل أن لا يطوف طواف الحج الى يوم النحر ان كان متمتعا
ولا يؤخره ، فإن أخر فلا يؤخر عن أيام التشريق. وأما المفرد والقارن ، فيجوز لهما أن
يؤخرا الى أي وقت شاءا ، والأفضل التعجيل على كل حال.
وقال ( ـ ش ـ )
: وقت الفضل يوم النحر قبل الزوال ، وأول وقت الاجزاء النصف الأخير من ليلة النحر وآخره
، فلا غاية له ومتى أخره فلا شيء عليه.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان أخره عن أيام التشريق فعليه دم.
مسألة
ـ ١٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الرمي أيام التشريق الا بعد الزوال
، وقد روي رخصة قبل الزوال في الأيام كلها ، وبالأول قال ( ـ ش ـ ) و ( ـ ح ـ ) ، الا
أن ( ـ ح ـ ) قال : وان رمى يوم الثالث قبل الزوال جاز استحسانا. وقال طاوس : يجوز
قبل الزوال
في الكل.
مسألة
ـ ١٧٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الترتيب واجب في رمي الجمار بلا خلاف يرمي
التي هي إلى منى أقرب ، ويختم بالتي هي إلى مكة أقرب ، ويقف عند الاولى والثانية ويكبر
مع كل حصاة ، ولا يقف عند الثالثة ، كل ذلك لا خلاف فيه.
فان نقص من الأولى
شيئا ورمى الجمرتين بعدها نظرت ، فان كان أقل من الثلاث أعاد على الجميع ، وان كان
رماها أربعا فصاعدا ، تممها ولا يعيد على التي بعدها.
وقال ( ـ ش ـ )
: من نسي واحدة من الأولى أعاد عليها وعلى ما بعدها ، وأيضا فإن إيجاب ذلك يحتاج الى
دليل ، لأنها فرض ثان.
مسألة
ـ ١٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نسي واحدة من الحصيات ولا يدري من أي
الجمار هي رمى كل جمرة بحصاة وقد أجزأه. وقال ( ـ ش ـ ) : يجعلها من الاولى ويرميها
بحصاة ويعيد على الجمرتين.
مسألة
ـ ١٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رمى بسبع حصيات دفعة واحدة ، لم يعتد
بأكثر من واحدة ، سواء وقع عليها مجتمعة أو متفرقة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا وقعت متفرقة اعتد بهن كلهن ، وحديث عائشة أنها قالت : يكبر مع كل حصاة ، وذلك
لا يتم الا مع التفريق.
مسألة
ـ ١٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ان أخر الرمي حتى يمضي أيام الرمي ، وجب
عليه أن يرميها في العام المقبل : اما بنفسه ، أو يأمر من يرمي عنه ولا يلزمه دم ،
ويحل إذا أتى بطواف الزيارة والسعي وطواف النساء.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : يجب عليه الهدي في ذمته ، وهل يحل قبل الذبح؟ فيه وجهان ، أحدهما : يصير حلالا
قبل الذبح ، والثاني : لا يصير حلالا حتى يذبح.
مسألة
ـ ١٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته رمي يوم حتى غربت الشمس قضاه من
الغد بكرة ويرمى ليومه عند الزوال ، فان فاته في الأيام كلها ، فقد فات الوقت ولا يرميها
الا من القابل على ما مضى في هذه الأيام : إما بنفسه ، أو من ينوب عنه ، وليس عليه
بتأخيره من يوم الى يوم ولا بتأخير الأيام دم.
وقال ( ـ ش ـ )
: فيه قولان ، أحدهما : أن الأربعة أيام كاليوم الواحد ، فما فاته في يوم منها رمى
عن الغد على الترتيب ويكون مؤديا ، وهو الذي قاله في القديم ومختصر الحج ونقله المزني.
والثاني كل يوم محدود للأول محدود للثاني ، فإذا غربت الشمس ، فقد فات الرمي هذا قوله
في الثلاثة أيام.
فأما في يوم النحر
، فله طريقان ، أحدهما : ان فيه قولين مثل الثلاثة ، والأخر أنه محدود الأول والأخر
وهو بعيد عندهم ، فعلى هذا إذا فاته حتى غربت الشمس ففيه ثلاثة أقوال : أحدها يقضي
، والثاني لا يقضي وعليه دم ، والثالث يرمي ويهريق دما ، فأما إذا فات الثلاثة فعلى
القولين معا مضى وقت الرمي على كل حال.
مسألة
ـ ١٨٠ ـ : يجوز للرعاة وأهل السقاية المبيت بمكة وألا يبيتوا بمنى بلا
خلاف ، وأما من له مريض يخاف عليه أو مال يخاف ضياعه ، فعندنا يجوز له ذلك ، لقوله
تعالى « ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
» وإلزام المبيت والحال
ما وصفناه حرج. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ١٨١ ـ : يستحب للإمام أن يخطب بمنى يوم النفر الأول بعد الزوال وهو
أوسط أيام التشريق ، ويعلمهم أنهم بالخيار بين التعجيل والتأخير ، لما روي أن النبي
عليهالسلام خطب هناك أوسط أيام التشريق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: يخطب يوم القر ، وهو أول أيام التشريق ، فانفرد به ولم يقل به فقيه ولا نقل فيه أثر.
مسألة
ـ ١٨٢ ـ : يوم النفر الأول بالخيار أن ينفر أي وقت شاء الى غروب الشمس
، فاذا غربت فليس له أن ينفر ، فان نفر أثم ، لقوله تعالى «
فَمَنْ تَعَجَّلَ
فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ
» فعلق الرخصة باليوم
الثاني ، وهذا فاته اليوم الثاني ، فلا يجوز له أن ينفر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: له أن ينفر الى طلوع الفجر ، فان طلع الفجر يوم النفر الثاني فنفر أثم.
مسألة
ـ ١٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته رمى يوم رماه من الغد ، وكذلك الحكم
في يومين ويبدأ بالأول فالأول مرتبا. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه
، والأخر سقط الترتيب ، فان اجتمع الثلاثة أيام جاز أن يرمي كل جمرة بإحدى وعشرين حصاة.
مسألة
ـ ١٨٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رمى ما فاته بنية يومه قبل أن يرمي ما
لأمسه ، لا يجزى ليومه ولا عن أمسه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه ،
والأخر : أنه يقع لأمسه. هذا على قوله بالترتيب.
مسألة
ـ ١٧٥ ـ : إذا رمى جمرة واحدة بأربع عشرة حصاة سبعا عن يومه وسبعا عن
أمسه ، فالاولة لا يجزيه عن يومه ، لأنه ما رتب ، والثاني يجزي عن أمسه ويحتاج أن يرمي
عن يومه ، لأنا قد بينا أن ما يرميه بنية يومه لا يجزيه عن أمسه فإذا بطلت الاولى لم
يبق بعد ذلك إلا الثانية فيجزي عن أمسه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجزئ عن يومه بلا خلاف وأجزأه عن أمسه ، ولكن أي السبعين
__________________
يجزيه؟ فيه وجهان ، أحدهما : الاولى ، والثاني : الثانية.
مسألة
ـ ١٨٦ ـ : من فاته حصاة أو حصاتان أو ثلاثة حتى خرج أيام التشريق فلا
شيء عليه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وان رماها في القابل كان أحوط.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان ترك واحدة فعليه مد ، وان ترك ثنتين فمدان ، وان ترك ثلاثة فدم ، إذا كان ذلك
في الجمرة الأخيرة ، فإن كان من الجمرة الأولى أو الثانية لا يصح ما بعدها على ما مضى.
مسألة
ـ ١٨٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ترك المبيت بلا عذر بمنى ليلة كان عليه دم فان ترك ليلتين كان عليه دمان والثالثة لا شيء
عليه ، لان له أن ينفر في الأول الا أن تغيب الشمس ثمَّ ينفر فيلزمه ثلاثة دماء.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان ترك ليلة فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : عليه مد ، والأخر : عليه ثلث دم. والثالث
قاله في مختصر الحج في ليلة درهم ، وفي ليلتين درهمان ، وفي الثلاثة عليه دم على أحد
قوليه ، والقول الأخر لا شيء عليه.
مسألة
ـ ١٨٨ ـ : نزول المحصب مستحب وهو نسك ، وبه قال عمر بن الخطاب وقال
جميع الفقهاء : هو مستحب وليس بنسك.
فإن أرادوا بالنسك
ما يلزم بتركه الدم ، فليس بنسك عندنا ، لان من تركه لا يلزمه دم ، وانما يكون ترك
الأفضل ويسقط الخلاف.
مسألة
ـ ١٨٩ ـ : طواف الوداع مستحب بلا خلاف ، وقد قدمنا أن طواف النساء فرض
لا يتحلل من النساء الا به ، وان ترك طواف الوداع لا يلزمه دم ، وان ترك طواف النساء
لم تحل له النساء حتى يعود ويطوف أو يأمر من يطوف عنه.
وخالف جميع الفقهاء
في طواف النساء ووافقوا في طواف الوداع ، فأما لزوم الدم بتركه ، فذهب اليه ( ـ ح ـ
) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر أنه لا دم عليه.
__________________
حج الصبي
مسألة
ـ ١٩٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصح أن يحرم عن الصبي ويجنبه جميع ما يجتنبه
المحرم ، وكل ما
يلزم المحرم البالغ يلزم في إحرام الصبي مثله ، من الصيد والطيب واللباس وغير ذلك ،
ويصح منه الطهارة والصلاة والصيام والحج ، غير أن الطهارة والصلاة والصيام لا يصح منه
حتى يعقل ويميز ، والحج يصح منه بإذن وليه إذا كان مميزا ، ويصح له الحج بإحرام وليه
عنه ان لم يكن مميزا ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا ينعقد له صلاة ولا صوم ولا حج ، فان أذن له وليه فأحرم لم ينعقد إحرامه ، وانما
يفعل ذلك ليمرن عليه ، ويجنب ما يجتنبه المحرم استحسانا وإذا قتل صيدا فلا جزاء عليه [ وأيضا ما روي أن امرأة رفعت
الى رسول الله صلىاللهعليهوآله صبيا من محفة فقالت : يا رسول الله ألهذا حج؟ قال : نعم ولك أجر ] .
مسألة
ـ ١٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل الصبي الصيد لزم وليه الفداء عنه
، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وفي أصحابه من قال : يلزمه في ماله.
مسألة
ـ ١٩٢ ـ : يجوز للأم أن تحرم عن ولدها الصغير ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري
من أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال الباقون من أصحابه : لا يصح.
دليلنا : ما روي
أن امرأة رفعت الى
رسول الله صلىاللهعليهوآله صبيا من محفة ، فقال : يا رسول الله ألهذا حج ، قال : نعم ولك أجر.
مسألة
ـ ١٩٣ ـ : إذا أحرم الولي بالصبي فنفقته الزائد على نفقته في الحضر
__________________
على الولي دون ماله ، لأن الولي هو الذي أدخله في ذلك وليس بواجب عليه فيجب
أن يلزمه ، لأن إلزامه في مال الصبي يحتاج إلى دلالة ، وبه قال أكثر الفقهاء قال قوم
منهم : يلزمه في ماله.
مسألة
ـ ١٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حمل الإنسان صبيا فطاف به ونوى بحمله
طواف الصبي وطواف نفسه أجزأه عنهما ، و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما يقع الطواف عن الولي
، والأخر يقع عن الصبي.
مسألة
ـ ١٩٥ ـ : الصبي إذا وطئ في الفرج عامدا ، فقد روى أصحابنا أن عمد الصبي
وخطاه سواء ، فعلى هذا لا يفسد حجه ولا يتعلق به كفارة ، وان قلنا ان ذلك عمد يجب أن
يفسد الحج ويتعلق به الكفارة ، لعموم الاخبار فيمن وطئ عامدا أنه يفسد حجه كان قويا
، الا أنه لا يلزمه القضاء ، لأنه ليس بمكلف ، ووجوب القضاء يتوجه الى المكلف.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما : أن عمده وخطاه سواء ، فان حكم بأن عمده خطأ فهو على قولين مثل البالغ
في فساد الحج ، وان قال عمده عمد فقد أفسد حجه وعليه بدنة.
وهل عليه القضاء
بالإفساد؟ على قولين ، أحدهما : لا قضاء عليه ، فإنه غير مكلف مثل ما قلناه ، والثاني
: عليه القضاء ، فاذا قال بالقضاء ، فهل يصح منه القضاء وهو صغير؟ منصوص ( ـ للش ـ
) أنه يصح ، ومن أصحابه من قال لا يصح.
[ فاذا قال يصح
منه وهو صغير ففعل فلا كلام وإذا قال : لا يصح أو قال : يصح ولم يفعل حتى بلغ فحج بعد
بلوغه ، فهل يجزيه عن حجة الإسلام أم لا؟ نظرت في التي أفسدها ، فإن كانت لو سلمت من
الفساد أجزأت عن حجة الإسلام ، وهو أن يبلغ قبل فوات وقت الوقوف ، فكذلك القضاء ، وان
كانت التي أفسدها لو سلمت من الفساد لا تجزيه عن حجة الإسلام بأن لم يبلغ في وقت الوقوف
، فكذلك
القضاء ] .
مسألة
ـ ١٩٦ ـ : ضمان ما يتلفه الصبي المحرم من الصيد على الولي ، بدلالة
عموم الأخبار الواردة في أنه يلزمه جميع ما يلزم المحرم ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان
أحدهما ما قلناه ، والأخر في ماله.
مسألة
ـ ١٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وطئ في الفرج قبل الوقوف بعرفة فسد حجه
بلا خلاف ويلزمه المضي فيها ، ويجب عليه الحج من قابل ، ويلزمه بدنة عندنا وعند ( ـ
ش ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) شاة.
مسألة
ـ ١٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ بعد الوقوف بعرفة وقبل الوقوف بالمشعر
فسد حجه وعليه بدنة ، وان وطئ بعد الوقوف بالمشعر قبل التحلل لزمه بدنة ولم يفسد حجه.
وقال ( ـ ش ـ )
و ( ـ ك ـ ) : ان وطئ بعد الوقوف بعرفة قبل التحلل أفسد حجه وعليه بدنة ، مثل الوطي
قبل الوقوف. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يفسد حجة الواطى بعد الوقوف بعرفة وعليه بدنة.
مسألة
ـ ١٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد حجه ، وجب عليه المضي فيه واستيفاء
أفعاله وبه قال جميع الفقهاء الا داود ، فإنه قال : يخرج بالفساد منه.
[ وقوله تعالى «
وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ » يتناول هذا الموضع ، ولم يفرق بين حجة أفسدها وبين ما لم
يفسده ، وما قلناه مروي عن علي عليهالسلام وابن عباس ، وعمر ، وأبي هريرة ، ولا مخالف لهم في الصحابة ] .
__________________
مسألة
ـ ٢٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ في الفرج بعد التحلل الأول لم يفسد
حجه وعليه بدنة. وقال ( ـ ش ـ ) مثل ذلك وله في لزوم الكفارة قولان ، أحدهما : بدنة
، والأخر شاة.
وقال ( ـ ك ـ )
: يفسد ما بقي عليه ، وعليه أن يأتي بالطواف والسعي ، لأنه يمضي في فاسده ثمَّ يقضي
ذلك بعمل عمرة يحرم من الحل فيأتي بذلك.
مسألة
ـ ٢٠١ ـ : إذا وطئ بعد وطى لزمه بكل وطء كفارة ، سواء كفر عن الأول
أو لم يكفر ، لظاهر الأوامر الواردة بأن من وطئ وهو محرم فعليه الكفارة.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان وطئ بعد أن كفر عن الأول ، وجب عليه الكفارة ، وهل هي شاة أو بدنة؟ فعلى قولين
، وان كان قبل أن كفر عن الأول ففيها ثلاثة أقوال ، أحدها : لا شيء عليه. والثاني
: شاة. والثالث : بدنة وان قلنا بما قاله ( ـ ش ـ ) كان قويا ، لأن الأصل براءة الذمة.
مسألة
ـ ٢٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد حجه ، فعليه الحج من قابل ، وكذا
من فاته الحج وكانت حجة الإسلام ، فعليه قضاؤها على الفور. وقال ( ـ ش ـ ) مثل ذلك
، ولأصحابه قول
آخر وهو أنه على التراخي.
مسألة
ـ ٢٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئها وهي محرمة ، فالواجب كفارتان ،
فان كان أكرهها كانتا جميعا عليه ، وان طاوعته لزمه واحدة ولزمها الأخرى.
وقال ( ـ ش ـ )
: كفارة واحدة يتحملها الزوج ولم يفصل ، وله قول آخر ان على كل واحد منهما كفارة ،
وفيمن يتحمله وجهان ، أحدهما : عليه وحده. والثاني : على كل واحد منهما كفارة ، فإن
أخرجهما الزوج سقط عنهما.
مسألة
ـ ٢٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجب عليهما الحج في المستقبل ، فاذا
بلغا الى الموضع الذي واقعها فيه فرق بينهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ) واختلف أصحابه على
__________________
وجهين ، أحدهما : هي واجبة ، والأخر : مستحبة.
وقال ( ـ ك ـ )
: واجبة. وقال ( ـ ح ـ ) : لا أعرف هذه التفرقة. [ وروي ذلك عن عمر ، وابن عباس ، ولا
مخالف لهما ] .
مسألة
ـ ٢٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ المحرم ناسيا لا يفسد حجه. وقال
( ـ ح ـ ) : يفسد حجه مثل العمد. و ( ـ للش ـ ) قولان.
مسألة
ـ ٢٠٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وطئ المحرم فيما دون الفرج لا يفسد حجه
، أنزل أو لم ينزل. وقال ( ـ ك ـ ) : إذا أنزل فسد الحج.
مسألة
ـ ٢٠٧ ـ : من أصحابنا من قال : ان إتيان البهيمة واللواط بالرجال والنساء
وإتيانها في دبرها كل ذلك يتعلق به فساد الحج ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ومنهم من قال :
لا يتعلق الفساد الا بالوطئ في القبل من المرأة.
وقال ( ـ ح ـ )
: إتيان البهيمة لا يفسده ، والوطي في الدبر فيه روايتان ، المعروف أنه يفسده.
[ دليلنا على الأول
طريقة الاحتياط وعلى الثاني براءة الذمة ] .
مسألة
ـ ٢٠٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد عمرة كان عليه بدنة ، وبه قال (
ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه شاة.
مسألة
ـ ٢٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القارن على تفسيرنا إذا أفسد حجه لزمه بدنة
وليس عليه دم القران.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا وطئ القارن على تفسيرهم فيمن جمع بين الحج والعمرة في الإحرام ، لزمه بدنة واحدة
بالوطئ ودم القران باق عليه. وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط دم
__________________
القران ، ويجب عليه شاتان : شاة بإفساد الحج ، وشاة بإفساد العمرة.
مسألة
ـ ٢١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وجب عليه دم في إفساد الحج فلم يجد ،
فعليه بقرة فان لم يجد فسبع شياه على الترتيب ، فان لم يجد فقيمة البدنة دراهم وثمنها
طعاما يتصدق به ، فان لم يجد صام عن كل مد يوما ، ونص ( ـ ش ـ ) على مثل ما قلناه ،
وفي أصحابه من قال هو مخير.
مسألة
ـ ٢١١ ـ : من نحر ما يجب عليه في الحل وفرق اللحم في الحرم لا يجزيه
، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال بعض أصحابه : يجزيه.
[ دليلنا قوله تعالى
« ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ
» وهذا ما بلغه ] .
مسألة
ـ ٢١٢ ـ : إذا نحر في الحرم وفرق في الحل لم يجزه ، وبه قال ( ـ ش ـ
) قولا واحدا. وكذلك الإطعام لا يجزيه عندنا الا لمساكين الحرم ، بطريقة الاحتياط في
الموضعين ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
في اللحم مثل قولنا ، والإطعام كيف شاء. وقال ( ـ ح ـ ) : يجزيه في الموضعين .
مسألة
ـ ٢١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من وجب عليه الهدي في إحرام الحج ، فلا ينحره
الا بمنى ، وان وجب عليه في إحرام العمرة فلا ينحره إلا بمكة. وقال باقي الفقهاء :
أي مكان شاء من الحرم يجزيه ، الا أن ( ـ ش ـ ) استحب مثل ما قلناه.
مسألة
ـ ٢١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أفسد الحج وأراد أن يقضيه أحرم من الميقات
، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال : لا يلزمه ان كان أحرم فيما أفسد من قبل الميقات. وقال
( ـ ش ـ ) : يلزمه من الموضع الذي كان أحرم منه.
__________________
مسألة
ـ ٢١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أراد قضاء العمرة التي أفسدها أحرم من
الميقات وقال ( ـ ش ـ ) مثل قوله في الحج بأغلظ الأمرين ، وقال ( ـ ح ـ ) : يحرم من
أدنى الحل ولا يلزمه الميقات.
مسألة
ـ ٢١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من فاته الحج سقط عنه توابع الحج الوقوف
بعرفات والمشعر ومنى والرمي ، وعليه طواف وسعي ، فيحصل له إحرام وطواف وسعي ، ثمَّ
يحلق بعد ذلك وعليه القضاء في القابل ولا هدي عليه ، وفي أصحابنا من قال : عليه هدي
، روي ذلك في بعض الروايات.
وبمثله قال ( ـ
ش ـ ) ، إلا في الحلاق ، فإنه على قولين ، وقال : لا يصير حجه عمرة وان فعل أفعال العمرة وعليه القضاء
وشاة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ م ـ ) إلا في فصل ، وهو أنه لا هدي عليه.
وقال ( ـ ف ـ )
: ينقلب حجه عمرة مثل ما قلناه ، وعن ( ـ ك ـ ) ثلاث روايات ، أولها : مثل قول ( ـ
ش ـ ) ، والثاني : يحل بعمل عمرة وعليه الهدي دون القضاء ، والثالث لا يحل بل يقيم
على إحرامه حتى إذا كان من قابل أنى بالحج فوقف وأكمل الحج. وقال المزني : يمضي في
فائته ، فيأتي بكل ما يأتي به الحاج الا الوقوف ، فخالف الباقين في التوابع.
مسألة
ـ ٢١٧ ـ : على الرواية التي ذكرناها من فاته الحج عليه الهدي لا يجوز
تأخيره إلى قابل ، بدلالة طريقة الاحتياط ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والثاني أن له
ذلك .
مسألة
ـ ٢١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من دخل مكة لحاجة لا يتكرر ، كالتجارة والرسالة
وزيارة الأهل ، أو كان مكيا خرج لتجارة ، ثمَّ عاد الى وطنه ، أو دخلها للمقام بها
،
__________________
فلا يجوز له أن يدخلها إلا بإحرام ، وبه قال ابن عباس ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ
ش ـ ) في الأم. وقوله الأخر أن ذلك مستحب ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
ولح تفصيل ، فقال
: هذا لمن كانت داره قبل المواقيت ، فان كانت في المواقيت أو دونها ، فله دخولها بغير
إحرام.
مسألة
ـ ٢١٩ ـ : من يتكرر دخوله مكة من الحطابة والرعاة ، جاز له دخولها بغير
إحرام ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دلالة على وجوبه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال بعض
أصحابه : ان له قولا آخر أنه يلزم هؤلاء في السنة مرة.
مسألة
ـ ٢٢٠ ـ : من يجب عليه أن لا يدخل مكة إلا محرما فدخلها محلا فلا قضاء
عليه ( لأن الأصل براءة الذمة ) وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ح ـ ) : عليه أن يدخلها محرما ، فان دخلها محلا فعليه القضاء [ استحسانا
، وان لم يحج من سنته استقر عليه القضاء ] .
مسألة
ـ ٢٢١ ـ : من أسلم وقد جاوز الميقات ، فعليه الرجوع الى الميقات والإحرام
منه ، فان لم يفعل وأحرم من موضعه وحج تمَّ حجه ولا يلزمه دم ( لأن الأصل براءة الذمة
) وبه قال ( ـ ح ـ
) والمزني. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه دم قولا واحدا.
دليلنا ان الأصل
براءة الذمة.
مسألة
ـ ٢٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إحرام الصبي عندنا صحيح ، وإحرام العبد صحيح
بلا خلاف ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في إحرام الصبي ، فعلى هذا إذا بلغ الصبي وأعتق العبد
قبل التحلل فيه ثلاث مسائل : اما أن يكملا بعد فوات وقت الوقوف ، أو بعد الوقوف
__________________
وقبل فوات وقته ، فان كملا بعد فوات وقت الوقوف مثل ان كملا بعد طلوع الفجر
من يوم النحر مضيا على الإحرام وكان الحج تطوعا ، ولا يجزئ عن حجة الإسلام بلا خلاف
، وان كملا قبل الوقوف تغير إحرام كل واحد منهما بالفرض وأجزأه عن حجة الإسلام ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الصبي يحتاج الى تجديد إحرام ، لان إحرامه لا يصح عنده ، والعبد يمضي على إحرامه
تطوعا ولا ينقلب فرضا.
وقال ( ـ ك ـ )
: الصبي والعبد معا يمضيان في الحج ويكون تطوعا.
مسألة
ـ ٢٢٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وان كان البلوغ والعتق بعد الوقوف وقبل فوات
وقته ، مثل أن كملا قبل طلوع الفجر رجعا الى عرفات والمشعر إن أمكنهما ، فان لم يمكنهما
رجعا الى المشعر ووقفا وقد أجزأهما ، فان لم يعودا إليهما أو الى أحدهما لا يجزئهما
عن حجة الإسلام.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان عادا الى عرفات فوقفا قبل طلوع الفجر ، فالحكم فيه كما لو كملا قبل الوقوف ، فإنه
يجزيه وان لم يعودا الى عرفة لم يجزهما عن حجة الإسلام ، وحكي عن ابن عباس أنه قال : يجزئهما عن حجة الإسلام.
مسألة
ـ ٢٢٤ ـ : كل موضع قلنا انه يجزئهما عن حجة الإسلام ، فإن كانا متمتعين
لزمهما الدم للتمتع ، لقوله تعالى « فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ
إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
» ولم يفرق ، وان
لم يكونا متمتعين لم يلزمهما شيء. وقال ( ـ ش ـ ) : عليه دم. وقال أبو إسحاق : على
قولين. وقال أبو سعيد الإصطخري وأبو الطيب
__________________
ابن سلمة : لا دم قولا واحدا.
مسألة
ـ ٢٢٥ ـ : لا ينعقد إحرام العبد إلا بإذن سيده ، وبه قال داود ومن تابعه.
وقال باقي الفقهاء : ينعقد وله أن يفسخ عليه حجه.
مسألة
ـ ٢٢٦ ـ : العبد إذا أفسد حجه وكان أحرم بإذن مولاه ، لزمه ما يلزم
الحر وتجب على مولاه اذنه فيه الا الفدية ، فإنه بالخيار بين أن يفدي عنه أو يأمره
بالصيام ، وان كان بغير اذنه فاحرامه باطل لا يتصور معه الإفساد.
وقال جميع الفقهاء
: ان الإفساد صحيح في الموضعين معا. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : المنصوص أن عليه القضاء
وفيهم من قال : لا قضاء عليه ، ويدل على وجوب القضاء إذا كان بإذن سيده عموم الاخبار
فيمن أفسد حجه أن عليه القضاء.
مسألة
ـ ٢٢٧ ـ : إذا أذن له السيد في الإحرام وأفسد ، وجب عليه أن يأذن له
في القضاء ، لأنه إذا أذن له في ذلك لزمه جميع ما يتعلق به وقضاء ما أفسده مما يتعلق
به ، و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما أن له منعه من ذلك ، والأخر ليس له ذلك.
مسألة
ـ ٢٢٨ ـ : إذا أفسد العبد حجه ولزمه القضاء على ما قلناه فأعتقه السيد
كان عليه حجة الإسلام وحجة القضاء ، ويجب عليه البداية بحجة الإسلام وبعد ذلك بحجة
القضاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وهكذا القول في الصبي إذا بلغ وعليه قضاء حجه ، فإنه لا
يقضى قبل حجة الإسلام ، فإن أتى بحجة الإسلام كان القضاء باقيا وان أحرم بالقضاء انعقد
بحجة الإسلام وكان القضاء باقيا في ذمته هذا إذا تحلل من كان أفسدها ثمَّ أعتق.
فأما ان أعتق قبل
التحلل منها ، فلا فصل بين أن يفسد بعد العتق أو قبل العتق ، فإنه يمضي في فاسده ولا
يجزيه الفاسد عن حجة الإسلام ، فاذا قضى فان كانت لو
__________________
سلمت التي أفسدها من الفساد وأجزأته عن حجة الإسلام ، فالقضاء يجزيه عنه ، مثل
أن أعتق قبل فوات وقت الوقوف ووقف بعده. فان كانت لو سلمت لم يجزه عن حجة الإسلام فالقضاء
كذلك مثل أن أعتق بعد فوات وقت الوقوف ، فيكون عليه القضاء وحجة الإسلام معا.
وهذا كله وفاق الا
ما قاله من العتق قبل التحلل ، فانا نعتبر قبل الوقوف بالمشعر ، فان كان بعده لا يتعلق
به فساد الحج أصلا ويكون حجة تامة الا أنها لا تجزيه عن حجة الإسلام على حال.
مسألة
ـ ٢٢٩ ـ : إذا أذن المولى لعبده في الإحرام ، ثمَّ بدا له فأحرم العبد
قبل أن يعلم نهيه عن ذلك ، صح إحرامه وليس له فسخه عليه ، لان هذا إحرام صحيح انعقد
بإذن المولى والمنع من ذلك يحتاج الى دليل. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما مثل ما
قلناه ، والأخر أن له ذلك بناء على مسألة الوكيل إذا عزله قبل أن يعلم ، فان له فيه
قولين.
مسألة
ـ ٢٣٠ ـ : إذا أحرم العبد بإذن سيده لم يكن لسيده أن يحلله منه ، لان
هذا إحرام صحيح وجواز تحليله يحتاج إلى دلالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ )
: له أن يحلله منه .
مسألة
ـ ٢٣١ ـ : من أهل بحجتين انعقد إحرامه بواحدة منهما ، وكان وجود الأخرى
وعدمها سواء ، فلا يتعلق بها حكم فلا يجب قضاؤها ولا الفدية. وهكذا من أهل بعمرتين
أو بحجة ، ثمَّ أدخل عليها أخرى ، أو العمرة ثمَّ أدخل عليها اخرى ، وكذلك الحكم فيما زاد على ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وانما قلنا ذلك لان
__________________
انعقاد واحدة مجمع عليه وما زاد عليها فلا دلالة عليه والأصل براءة الذمة.
وقال ( ـ ح ـ )
: ينعقد إحرامه بحجتين وأكثر وعمرتين وأكثر ، لكنه لا يمكنه المضي فيهما ، ثمَّ اختلفوا
فقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ م ـ ) : يكون محرما بهما ما لم يأخذ في السير ، فإذا أخذ فيه
انتقضت إحداهما وبقيت الأخرى وعليه قضاء التي انتقضت والهدي. وقال ( ـ ف ـ ) : ينتقض
إحداهما عقيب الانعقاد وعليه قضاؤها وهدي ، ويبقى الأخرى يمضي فيها.
مسألة
ـ ٢٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الاستيجار للحج جائز ، فإذا صار الرجل معضوبا
جاز أن يستأجر من يحج عنه ويصح الإجارة ، ويكون للأجير أجرته ، فإذا فعل الحج عن المكتري
وقع عن المكتري وسقط الفرض به عنه ، وكذلك إذا مات من وجب عليه الحج اكترى وليه عنه
من يحج عنه ، فاذا فعل الأجير ذلك سقط الفرض عنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز الإجارة على الحج ، فاذا فعل كانت الإجارة باطلة ، فإذا فعل الأجير ولبى
عن المكتري وقع الحج عن الأجير ، ويكون للمكتري ثواب النفقة ، فإن بقي مع الأجير شيء
كان عليه رده ، فأما ان مات فإن أوصى أن يحج عنه كان تطوعا من الثلث وان لم يوص كان
لوليه وحده أن يحج عنه ، فاذا فعل قال ( ـ م ـ ) : أجزأه ان شاء الله وأراد أجزأ عنه
الإضافة إليه ليبين أن غير الولي لا يملك هذا .
دليلنا مضافا الى
إجماع الفرقة وأخبارهم ما روى ابن عباس أن النبي عليهالسلام سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال له : ويحك من شبرمة؟ قال : أخ لي أو
__________________
صديق ، فقال النبي عليهالسلام : حج عن نفسك ثمَّ حج عن شبرمة.
وروى ابن عباس ان
امرأة من خثعم سألت النبي عليهالسلام فقالت : ان فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على
راحلة ، فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال النبي عليهالسلام : نعم ، فقالت : يا رسول الله فهل ينفعه ذلك؟ فقال نعم أما لو كان عليه دين
فقضيته نفعه.
مسألة
ـ ٢٣٣ ـ : إذا صحت الإجارة فلا يحتاج الى تعيين الموضع الذي يحرم فيه ، لما بينا أن الإحرام قبل الميقات
لا يجوز ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان أحدهما لا يصح حتى يعين موضع الإحرام ، والأخر يحرم من ميقات بلد المستأجر ، وهذا
الأصح عندهم.
مسألة
ـ ٢٣٤ ـ : إذا قال الإنسان : أول من يحج عني فله مائة ، فبادر رجل فحج
عنه استحق المائة ، لقول النبي عليهالسلام : المؤمنون عند شروطهم. وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال المزني : لا يستحق المسمى وله
أجرة المثل.
مسألة
ـ ٢٣٥ ـ : إذا أحرم الأجير عن المستأجر انعقد عمن أحرم عنه ، فإن أفسد
الأجير الحج انقلب عن المستأجر اليه وصار محرما بحجة عن نفسه فاسدة ، فعليه قضاؤها
عن نفسه والحج باق عليه ، للمستأجر يلزمه أن يحج عنه فيما بعد ان كانت الحجة في الذمة
، ولم يكن له فسخ هذه الإجارة ، لأنه لا دليل على ذلك.
وان كانت معينة
انفسخت الإجارة وكان على المستأجر أن يستأجر من ينوب عنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه
قال : ان كان المستأجر حيا وكانت الحجة في الذمة ، فله
__________________
أن يفسخ عليه.
وانما قلنا انه
ينقلب عن المستأجر إليه ، لأنه استأجره على أن يحج عنه حجة صحيحة وهذه فاسدة ، فوجب
أن لا يجزيه. وقال المزني : إذا أفسدها لم ينقلب اليه بل أفسد حج غيره فيمضي في فاسدها
عن المستأجر ، وعلى الأجير بدنة ولا قضاء على واحد منهما.
مسألة
ـ ٢٣٦ ـ : إذا استأجر رجلان رجلا ليحج عنهما فأحرم عنهما لم يصح عنهما
ولا عن واحد منهما بلا خلاف ، وعندنا لا يصح إحرامه عن نفسه ولا ينقلب إليه ، لأنه
لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : ينقلب الإحرام إليه.
مسألة
ـ ٢٣٧ ـ : إذا أحرم الأجير عن نفسه وعمن استأجره ، لم ينعقد الإحرام
عنهما ولا عن واحد منهما ، لأنه لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : ينعقد عنه دون المستأجر.
مسألة
ـ ٢٣٨ ـ : إذا أفسد الحج فعليه القضاء ، فاذا تلبس بالقضاء فأفسده فإنه
يلزمه القضاء ثانيا ، لعموم الاخبار في ذلك. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يلزمه القضاء ثانيا.
مسألة
ـ ٢٣٩ ـ : إذا مات الأجير أو حصر قبل الإحرام ، لا يستحق شيئا من الأجرة
، لأن الإجارة انما وقعت على أفعال الحج ، وهذا لم يفعل شيئا منها ، فوجب أن لا يستحق
الأجرة ، وعليه جمهور أصحاب ( ـ ش ـ ). وأفتى الإصطخري والصيرفي في سنة القرامطة حين
صدوا الناس عن الحج ورجعوا بأنه يستحق من الأجرة بقدر ما عمل.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : انهما أفتيا من قبل نفوسهما إلا أنهما أخرجاه على مذهب ( ـ ش ـ ) ، وان قلنا بما قالا كان قويا ، لأنه كما استوجر في أفعال
الحج استوجر
__________________
على قطع المسافة ، فيجب أن يستحق الأجرة بحسبه.
مسألة
ـ ٢٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات أو حصر بعد الإحرام ، سقطت عنه عهدة
الحج ، ولا يلزمه رد شيء من الأجرة. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : ان كان بعد الفراغ من
الأركان كأنه تحلل بالطواف ولم يقو على المبيت بمنى والرمي منهم من قال يرد قولا واحدا
، ومنهم من قال على قولين.
وان مات بعد أن
فعل بعض الأركان وبقي البعض قال في الأم : له من الأجرة بقدر ما عمل وعليه أصحابه ،
وقد قيل لا يستحق شيئا ، فالمسألة على قولين.
مسألة
ـ ٢٤١ ـ : إذا أحرم الأجير ومات ، فقد قلنا انه سقط الحج عنه ، فان كان أحرم عن نفسه ، فلا يجوز أن ينقلها الى غيره ، لان جواز ذلك يحتاج الى دليل ولا دليل عليه ، و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما يجوز له البناء عليه ويتم عن غيره ، والأخر لا يصح ذلك.
مسألة
ـ ٢٤٢ ـ : إذا استأجر رجلا على أن يحج عنه مثلا عن اليمن ، فأتى الأجير
الميقات ثمَّ أحرم عن نفسه بالعمرة ، فلما تحلل منها حج عن المستأجر ، فإن كانت الحجة
حجها عن الميقات صحت ، وان حجها من مكة وهو متمكن من الرجوع الى الميقات لم يجزه ،
وان لم يمكنه صحت حجته ولا يلزمه دم ، لأنه
__________________
لا دليل عليه . وقال ( ـ ش ـ ) بمثله الا أنه قال : حجته صحيحة قدر على
الرجوع أو لم يقدر ، ويلزمه دم لإخلاله بالرجوع الى الميقات.
مسألة
ـ ٢٤٣ ـ : إذا استأجر على أن يتمتع عنه ، فقرن أو أفرد لم يجز عنه ، لأنه أتى بغير ما استأجر
عليه ، ولا دليل على أنه يجزى عنه. وقال ( ـ ش ـ ) : ان قرن عنه أجزأه على تفسيرهم
في القران ، وهل يرد من الأجرة بقدر ما ترك منها من العمل؟ فيه وجهان.
وان أفرد عنه ،
فان أتى بالحج وحده دون العمرة ، فعليه أن يرد من الأجرة بقدر عمل العمرة ، وان حج
واعتمر بعد الحج ، فان عاد الى الميقات فأحرم بها منه فلا شيء عليه وان أحرم بالعمرة
من أدنى الحل فعليه دم ، وهل عليه أن يرد من الأجرة بقدر ما ترك من عمل العمرة؟ فيه
وجهان.
مسألة
ـ ٢٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا استأجره للإفراد فتمتع فقد أجزءه ، لان هذه المسألة منصوصة وعليها إجماع الطائفة. وقال ( ـ
ش ـ ) : ان كان في كلامه ما يوجب التخيير أجزأه ، ولا شيء عليه ، وان لم يكن في كلامه
ذلك وقعت العمرة عن الأجير والحج عن المستأجر ، وعليه دم لإخلاله بالإحرام بالحج من الميقات وفي وجوب رد الأجير
الأجرة بقدر ما ترك من عمل الحج طريقان.
__________________
مسألة
ـ ٢٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أوصى بأن يحج عنه تطوعا صحت الوصية ،
و ( ـ للش ـ ) فيه قولان [ وأيضا قوله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ
ما سَمِعَهُ .. ) ] .
مسألة
ـ ٢٤٦ ـ : إذا قال حج عني بنفقتك ، أو علي ما ينفق كانت الإجارة باطلة
، لأن هذه إجارة مجهولة ومن شرط الانعقاد أن يذكر العوض عنها ، فان حج عنه لزمه أجرة
المثل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : الإجارة صحيحة.
مسألة
ـ ٢٤٧ ـ : إذا قال حج عني أو اعتمر ولك مائة كان صحيحا ، لان هذا تخيير
بين الحج والعمرة بأجرة معلومة ولا مانع منه ، فان حج أو اعتمر استحق المائة. وقال
( ـ ش ـ ) : الإجارة باطلة ، فإن حج أو اعتمر استحق أجرة المثل.
مسألة
ـ ٢٤٨ ـ : إذا قال من حج عني فله عبد أو دينار أو كذا درهما ، كان صحيحا ويكون المستأجر مخيرا في اعطاءها أيها شاء ،
لما قلناه في المسألة المتقدمة سواء وقال ( ـ ش ـ ) : العقد باطل ، فان حج استحق أجرة
المثل.
مسألة
ـ ٢٤٩ ـ : من كان عليه حجة الإسلام وحجة النذر لم يجز أن يحج النذر
قبل حجة الإسلام ، فإن خالف وحج بنية النذر لم ينقلب الى حجة. الإسلام لقول النبي عليهالسلام : الاعمال بالنيات. وقال ( ـ ش ـ ) : ينقلب الى حجة الإسلام. وهكذا الخلاف في
الأجير إذا استأجره وكان معضوبا ليحج عنه حجة النذر لا ينقلب الى حجة الإسلام ، وعند
( ـ ش ـ ) ينقلب.
مسألة
ـ ٢٥٠ ـ : إذا استأجره ليحج عنه فاعتمر أو ليعتمر فحج عنه ، لم يقع
ذلك عن المحجوج عنه ، سواء كان حيا أو ميتا ، ولا يستحق عليه شيئا من الأجرة ، لأنه
لم يفعل ما استأجره
فيه بل خالف. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان المحجوج
__________________
عنه حيا وقعت عن الأجير ، وان كان ميتا وقعت عن المحجوج عنه ولا يستحق شيئا
من الأجرة على حال.
مسألة
ـ ٢٥١ ـ : إذا كان عليه حجتان : حجة الإسلام وحجة النذر وهو معضوب جاز
أن يستأجر رجلين ليحجا عنه في سنة واحدة ، لأن المنع من ذلك يحتاج الى دليل ، وبه قال
( ـ ش ـ ) ، وفي أصحابه من قال : لا يجوز ذلك ، كما لا يجوز أن يفعل الحجتين في سنة
واحدة.
مسألة
ـ ٢٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل المحرم صيدا لزمه الجزاء ، سواء
كان ذاكرا للإحرام عامدا الى قتل الصيد ، أو كان ناسيا للإحرام مخطئا في قتل الصيد
، أو كان ذاكرا للإحرام مخطئا في قتل الصيد ، أو ناسيا للإحرام عامدا في القتل ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) وعامة أهل العلم.
وقال مجاهد : انما
يجب الجزاء على قتل الصيد إذا كان ناسيا للإحرام ، أو مخطئا في قتل الصيد ، فأما إذا
كان عامدا فيها فلا جزاء عليه. وقال داود : انما يجب الجزاء على العامد دون الخاطئ.
[ وأيضا على داود
ما روى عن النبي عليهالسلام انه قال في الضبع كبش إذا أصابه المحرم ولم يفرق. وعلى مجاهد قوله تعالى ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ
مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ )] .
مسألة
ـ ٢٥٣ ـ : إذا عاد الى قتل الصيد وجب عليه الجزاء ثانيا ، وبه قال عامة
أهل العلم ويدل عليه قوله تعالى « وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ
مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
» ولم يفرق بين الأول
والثاني ، وقوله تعالى « وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ
اللهُ مِنْهُ » لا يوجب إسقاط الجزاء منه ، لأنه لا يمتنع أن يلزمه الجزاء
وان كان ممن ينتقم الله منه.
__________________
وروي في كثير من
أخبارنا أنه إذا عاد لا يجب عليه الجزاء ، وهو ممن ينتقم الله منه. وهذا هو المذكور
في النهاية ، وبه قال داود.
مسألة
ـ ٢٥٤ ـ : إذا قتل صيدا ، فهو مخير بين ثلاثة أشياء : بين أن يخرج مثله
من النعم ، وبين أن يقوم مثله دراهم ويشتري به طعاما ويتصدق به ، وبين أن يصوم عن كل
مد يوما.
وان كان الصيد لا
مثل له ، فهو مخير بين شيئين : بين أن يقوم الصيد ويشتري بثمنه طعاما يتصدق به ، وبين
أن يصوم عن كل مد
يوما ، ولا يجوز إخراج القيمة بحال وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ووافق في جميع ذلك ( ـ ك ـ
) إلا في فصل واحد ، وهو أن عندنا إذا أراد شراء الطعام قوم المثل وعنده يقوم الصيد
ويشتري بثمنه طعاما ، وفي أصحابنا من قال على الترتيب.
وقال ( ـ ح ـ )
: الصيد مضمون بقيمته ، سواء كان له مثل أو لم يكن له مثل ، الا أنه إذا قومه فهو مخير
بين أن يشتري بالقيمة من النعم ويخرجه ولا يجوز أن يشتري من النعم الا ما يجوز في الضحايا
وهو الجذع من الضأن والثني من كل شيء ، وبين أن يشتري بالقيمة طعاما ويتصدق به ، وبين
أن يصوم عن كل مد يوما.
وقال ( ـ ف ـ )
و ( ـ م ـ ) : يجوز
أن يشتري بالقيمة من النعم ما يجوز في الضحايا وما لا يجوز.
[ دليلنا قوله تعالى
( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ
مِنَ النَّعَمِ ) ، فأوجب في الصيد مثلا موصوفا من النعم. وروى جابر أن النبي عليهالسلام قال في الضبع كبش إذا أصابه المحرم وعليه إجماع الفرقة ] .
__________________
مسألة
ـ ٢٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ماله مثل منصوص عليه عندنا على ما فصل في
كتب أصحابنا ، فإن فرضنا أن يحدث ما لا نص فيه رجعنا فيه الى قول عدلين على ما يقتضيه
ظاهر القرآن. وقال ( ـ ش ـ ) : ما قضت عليه الصحابة بالمثل مثل البدنة في النعامة والبقرة في حمار الوحش والشاة في الظبي
والغزال ، فإنه يرجع الى قولهم فيه ، وما لم يقضوا فيه بشيء فإنه يرجع فيه الى قول
عدلين ، وهل يجوز أن يكون القاتل أحدهما أو لا؟ لأصحابه فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٥٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في صغار أولاد الصيد صغار أولاد المثل ،
وهو قول ( ـ ش ـ ) ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، الا أنه يوجب القيمة. وقال ( ـ ك ـ ) : يجب
في الصغار الكبار.
مسألة
ـ ٢٥٧ ـ : إذا قتل صيدا أعور أو مكسورا ، فالأفضل أن يخرج الصحيح من
الجزاء وان أخرج مثله كان جائزا ، لقوله تعالى «
فَجَزاءٌ مِثْلُ
ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : يفديه بصحيح.
مسألة
ـ ٢٥٨ ـ : إذا قتل ذكرا جاز أن يفديه بأنثى ، وان قتل أنثى جاز أن يفديه
بذكر ، وان فدى كل واحد منهما بمثله كان أفضل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه الا في فداء
الأنثى بالذكر ، فان في أصحابه من قال : لا يجوز أن يفدي الأنثى بالذكر.
دليلنا : عموم الأخبار
الواردة في ذلك ، وقوله تعالى « فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ
مِنَ النَّعَمِ » ونحن نعلم أنه أراد المثل في الخلقة ، لان الصفات الأخر لا
يراعى ، ألا ترى أن اللون وغيره من الصفات لا يراعى.
مسألة
ـ ٢٥٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جرح المحرم صيدا ، فإنه يضمن ذلك الجرح
على قدره ، وبه قال كافة العلماء. وذهب داود وأهل الظاهر إلى أنه لا يضمن جرح الصيد
ولا إتلاف أبعاضه.
__________________
مسألة
ـ ٢٦٠ ـ : إذا لزمه أرش الجراح قوم الصيد صحيحا ومعيبا ، فان كان ما
بينهما مثلا عشر ألزمه عشر مثله ، وبه قال المزني ، ويدل عليه الآية. وقال ( ـ ش ـ
) : يلزمه عشر قيمة المثل.
مسألة
ـ ٢٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جرح صيدا فغاب عن عينه لزمه الجزاء على
الكمال وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) [ لا يلزمه الجزاء على الكمال و ] يقوم بين كونه مجروحا والدم جار ، وبين كونه صحيحا وألزم
ما بينهما.
مسألة
ـ ٢٦٢ ـ : جزاء الصيد على التخيير بين إخراج المثل أو بيعه وشراء الطعام
والتصدق به ، وبين الصوم عن كل مد يوم ، وبه قال جميع الفقهاء ، ويدل عليه قوله تعالى
« يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ ) « الى قوله » ( أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ
مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً
» وظاهر لفظة « أو » للتخيير.
وروي عن ابن عباس
وابن سيرين أنهما قالا بوجوب الجزاء على الترتيب فلا يجوز أن يطعم مع القدرة على إخراج المثل ، ولا يجوز أن يصوم
مع القدرة على الإطعام. وحكى أبو ثور عن ( ـ ش ـ ) أنه قال في القديم مثل هذا ، وذهب
اليه قوم من أصحابنا.
مسألة
ـ ٢٦٣ ـ : المثل الذي يقوم هو الجزاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، ويدل عليه
قوله تعالى « فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
» والقراءة بالخفض توجب أن
يكون الجزاء بدلا عن المثل من النعم ، لان التقدير لمثل ما قتل من النعم. وقال ( ـ
ك ـ ) : يقوم الصيد المقتول.
مسألة
ـ ٢٦٤ ـ : ما له مثل يلزم قيمته وقت الإخراج دون حال الإتلاف ، وما
لا مثل له يلزم قيمته حال الإتلاف دون حال الإخراج ، والذي يدل عليه أن حال
__________________
الإتلاف يجب عليه قيمته ، فالاعتبار بذلك دون حال الإخراج ، لأن القيمة قد استقرت
في ذمته ، وهذا هو الصحيح من مذهب ( ـ ش ـ ) ، ومنهم من قال : مالا مثل له على قولين
[ أحدهما الاعتبار بحال الإخراج والثاني مثل ما قلناه ] .
مسألة
ـ ٢٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لحم الصيد حرام على المحرم ، سواء صاده هو
أو غيره ، قتله
هو أو غيره ، أذن فيه أو لم يأذن ، أعان عليه أو لم يعن ، وعلى كل حال وهو مذهب جماعة
من الفقهاء.
وقال ( ـ ش ـ )
: ما يقتله بنفسه ، أو يأمر به ، أو يشير اليه ، أو يدل عليه ، أو يعطي سلاحا لإنسان فقتله به يحرم عليه أكله
، وكذلك ما اصطيد له بعلمه أو بغير علمه فلا يحل أكله وما صاده غيره ولا أثر له فيه
، فمباح له أكله.
وقال ( ـ ح ـ )
: انه يحرم عليه ما صاده بنفسه وما له فيه أثر لا يستغنى عنه بأن يدل عليه ولا يعلم مكانه ، أو دفع اليه سلاحا
يحتاج اليه ، وأما إذا دل عليه دلالة ظاهرة لا يحتاج إليها ، أو دفع اليه سلاحا لا
يحتاج اليه أو أشار إليه إشارة يستغنى عنها ، فلا يحرم عليه ، وكذلك ما صيد لأجله لا
يحرم عليه.
مسألة
ـ ٢٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحرم إذا ذبح صيدا ، فهو ميتة لا يجوز لأحد أكله ، وبه قال ( ـ
ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) في الجديد. وقال في القديم والإملاء : ليس بميتة [ ولكن لا يجوز
له أكله ] ويجوز لغيره أكله.
مسألة
ـ ٢٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحرم أو المحل إذا ذبح صيدا في الحرم كان
__________________
ميتة ، وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال فيه قولان ، وفيهم من قال انه ميتة قولا
واحدا.
مسألة
ـ ٢٦٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أكل المحرم من صيد قتله لزمه قيمته ،
وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا أكل من لحم الصيد الذي قتله لم يلزمه بذلك شيء.
مسألة
ـ ٢٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا دل على الصيد فقتله المدلول لزم الدال
الفداء ، وكذلك المدلول ان كان محرما أو في الحرم ، سواء كانت الدلالة ظاهرة أو باطنة ، فان أعاره سلاحا قتل به صيدا ، فلا نص لأصحابنا
فيه ، والأصل براءة الذمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يضمن جميع ذلك. وقال ( ـ ح ـ ) : يجب عليه الجزاء إذا دل على صيد دلالة باطنة
، وإذا أعاره سلاحا [ لا يستغنى عنه ، فاما إذا دل عليه دلالة ظاهرة أو أعار سلاحا
] يستغنى عنه فلا
جزاء عليه.
مسألة
ـ ٢٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أمسك محرم صيدا ، فجاء محرم آخر فقتله
، لزم كل واحد منهما الفداء كملا. وقال ( ـ ش ـ ) : فيه جزاء واحد ، وعلى من يجب فيه
وجهان : أحدهما يجب على الذابح ، والأخر يكون الجزاء بينهما.
مسألة
ـ ٢٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صيد الحرم مضمون بلا خلاف بين الفقهاء ،
الا داود فإنه قال : لا يضمن.
مسألة
ـ ٢٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صيد الحرم إذا تجرد عن الإحرام يضمن ، وان
كان القاتل محرما تضاعف الجزاء ، وان كان محلا لزمه جزاء واحد.
وقال ( ـ ش ـ )
: صيد الحرم مثل صيد الإحرام مخير بين ثلاثة أشياء : بين المثل والصوم والإطعام ، وفيما لا مثل له بين الإطعام والصيام.
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: لا مدخل للصوم في ضمان صيد الحرم.
مسألة
ـ ٢٧٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحل إذا صاد صيدا في الحل وأدخله الحرم
ممنوع من قتله ، فاذا قتله لزمه الجزاء ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : هو ممنوع
وإذا قتل لاجزاء عليه.
مسألة
ـ ٢٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترك جماعة في قتل صيد ، لزم كل واحد
منهم جزاء كامل ، وبه قال من التابعين الحسن البصري والشعبي والنخعي ، ومن الفقهاء
( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وذهب قوم إلى أنه يلزم الجميع جزاء
واحد ، وروي ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وبه قال في التابعين عطاء
، والزهري ، وحماد ، وفي الفقهاء ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
مسألة
ـ ٢٧٥ ـ : المحرم إذا قتل صيدا مملوكا لغيره ، لزمه الجزاء لله تعالى
والقيمة لمالكه ، بدلالة قوله تعالى « وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ
مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
» ولم يفصل ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وذهب ( ـ ك ـ ) ، والمزني الى أن الجزاء لا يجب بقتل
الصيد المملوك بحال.
مسألة
ـ ٢٧٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجب في قتل الحمام على المحرم شاة ، وفي
فرخه ولد شاة صغير ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجب قيمته بناء على أصله
في أن الصيد مضمون بالقيمة.
وقال ( ـ ك ـ )
: في حمامة الحرم شاة ، وفي حمامة الحل قيمتها.
مسألة
ـ ٢٧٧ ـ : إذا رمى صيدا وهو في الحل ، فدخل السهم الحرم وخرج فأصاب
الصيد في الحل فقتله ، لم يلزمه ضمانه ، لأنه لا دليل عليه ، وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من
قال : يلزمه ضمانه.
__________________
مسألة
ـ ٢٧٨ ـ : إذا كان طير على غصن من شجرة أصلها في الحرم والغصن في الحل
، فأصابه إنسان فقتله ، لزمه الضمان ، وعند ( ـ ش ـ ) لا يلزمه.
مسألة
ـ ٢٧٩ ـ : الدجاج الحبشي ليس بصيد ، ولا يجب فيه الجزاء ، وعند ( ـ
ش ـ ) يجب فيه الجزاء ، فأما الأهلي فلا خلاف أنه غير مضمون.
مسألة
ـ ٢٨٠ ـ : إذا انتقل الصيد الى المحرم بالميراث لا يملكه ، لعموم الأخبار
المانعة من تملك الصيد ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أحرم الإنسان ومعه صيد زال ملكه عنه
ولا يزول ملكه عما يملكه في منزله وبلده ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما يزول ملكه
، ولا فرق بين أن يكون في يده أو بلده ، والثاني لا يزول ملكه.
وقال ( ـ ك ـ )
و ( ـ ح ـ ) : يزول عنه اليد المشاهدة ، ولا يزول اليد الحكمية.
مسألة
ـ ٢٨٢ ـ : الجراد مضمون الجزاء ، وإذا قتله المحرم لزمه جزاؤه [ وبه
قال عمر وابن عباس وهو مذهب ( ـ ش ـ ) ] وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : الجراد من صيد البحر ولا يجب به الجزاء.
[ دليلنا قوله تعالى
« وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ
حُرُماً » ، والجراد من صيد البر مشاهدة ، فاذا ثبت انه من صيد البر ثبت انه مضمون إجماعا
] .
مسألة
ـ ٢٨٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في قتل جرادة تمرة ، وروي ذلك عن عثمان ،
وروي كف من طعام ، وبه قال ابن عباس ، وروي عن عمر أنه قال لكعب وقد قتل جرادتين :
ما جعلت على نفسك؟ فقال : درهمين ، فقال : درهم خير من مائة جرادة.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: هو مضمون بالقيمة. وعندنا في الكثير منه دم.
مسألة
ـ ٢٨٤ ـ : إذا انفرش الجراد في الطريق ولا يمكن سلوكه الا بقتله ووطئه
، فلا جزاء على قاتله ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولقوله تعالى «
ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » [ وهذا لا يمكنه التخلص منه الا بقتله فلا شيء عليه ] وبه قال عطاء ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ٢٨٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيض النعام إذا كسره المحرم ، فعليه أن يرسل
فحولة الإبل في
إناثها بعدد البيض ، فما نتج كان هديا لبيت الله وان كان بيض الحمام ، فعليه أن يرسل
فحولة الغنم في الإناث بعدد البيض ، فما خرج كان هديا ، فان لم يقدر على ذلك لزمه عن
كل بيضة شاة أو إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ، فإذا كسره في الحرم وهو محل
لزمته قيمته. وقال داود وأهل الظاهر : لا شيء عليه في البيض. وقال ( ـ ش ـ ) : البيض
إذا كان من صيد مضمون كان فيه قيمته. وقال ( ـ ك ـ ) : يجب في البيضة عشر قيمة الصيد.
مسألة
ـ ٢٨٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كسر المحرم بيضة فيها فرخ ، فان كان
بيض نعامة كان عليه بكارة من الإبل ، وان كان بيض قطاة ، فعليه بكارة من الغنم . وقال ( ـ ش ـ
) : عليه قيمة بيضة فيها فرخها.
مسألة
ـ ٢٨٧ ـ : إذا باض الطير على فراش محرم ، فنقله الى موضعه ، فنفر الطير
فلم يحضنه لزمه الجزاء ، لعموم الأخبار الواردة في ذلك ، و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
__________________
مسألة
ـ ٢٨٨ ـ : إذا قتل السبع لزمه كبش ، على ما رواه بعض أصحابنا ، فأما
الذئب وغيره من السباع فلا جزاء عليه في ذلك ، سواء صال أو لم يصل ، لأنه لا دلالة
عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا جزاء في ذلك بحال. وقال ( ـ ح ـ ) : إذا صال الضبع على المحرم فقتله لم يلزمه
شيء ، وان قتله من غير صول لزمه الجزاء.
مسألة
ـ ٢٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الضبع لا كفارة في قتله ، وكذلك السمع المتولد بين الذئب والضبع. وقال ( ـ ش ـ ) : فيهما الجزاء.
مسألة
ـ ٢٩٠ ـ : إذا أراد المحرم تخليص صيد من شبكة أو فخ فمات بالتخليص لزمه
الجزاء ، لعموم الاخبار في وجوب الجزاء في قتل الصيد. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٩١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نتف المحرم ريش طير أو جرحه ، فإن بقي
ممتنعا على ما كان بأن تحامل فأهلك نفسه ، بأن أوقع نفسه في بئر أو ماء أو صدم حائطا
، فعليه ضمان ما جرحه. وان امتنع وغاب عن العين وجب عليه ضمانه كملا.
وقال ( ـ ش ـ )
مثل ما قلناه ، الا أنه قال : إذا غاب عن العين يقوم بين كونه صحيحا ومعيبا ، فان كان
له مثل ألزم ما بين قيمتي المثل ، وان لم يكن له مثل ألزم ما بين القيمتين.
مسألة
ـ ٢٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جرح الصيد فجاء آخر فقتله ، لزم كل واحد
منهما الفداء. وقال ( ـ ش ـ ) : على الجارح قيمة ما بين كونه صحيحا ومعيبا ، وعلى الثاني
الجزاء.
مسألة
ـ ٢٩٣ ـ : إذا جرح الصيد ، فصار غير ممتنع بعد الجرح أو النتف ،
__________________
ثمَّ غاب عن العين ، لزمه الجزاء كملا ، وبه قال أبو إسحاق من أصحاب ( ـ ش ـ ) [ وقال باقي أصحابه غلط في ذلك ] والمنصوص ( ـ للش ـ ) أنه لا يلزمه ضمان جميعه ، وانما يلزمه
ضمان الجناية التي وجدت منه ، وهو الجرح والنتف.
مسألة
ـ ٢٩٤ ـ : المتولد بين ما يجب فيه الجزاء وما لا يجب ، لا يلزمه الجزاء
بقتله ، لأنه لا دلالة عليه ، وعند جميع الفقهاء يجب فيه الجزاء.
مسألة
ـ ٢٩٥ ـ : الجوارح من الطير ، كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحو
ذلك ، والسباع من البهائم كالنمر والفهد وغير ذلك ، لا جزاء في قتل شيء منها ، لأنه
لا دلالة عليه ، والأصل براءة الذمة ، وقد قدمنا أن في رواية أصحابنا أن في الأسد خاصة
كبشا.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا جزاء في شيء منه. وقال ( ـ ح ـ ) : يجب الجزاء في جميع ذلك إلا الذئب فلا جزاء
فيه ، والجزاء أقل الأمرين : اما القيمة ، أو الشاة ، ولا يلزم أكثرهما.
مسألة
ـ ٢٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا رمى حلال صيدا قوائمه في الحل ورأسه
في الحرم من الحل ، فأصاب رأسه فقتله ، فعليه الجزاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ
ح ـ ) : لا جزاء عليه.
مسألة
ـ ٢٩٧ ـ : أن حلب لبن صيد ضمنه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ )
: ان نقص بالحلاب ضمنه ، والا لم يضمن.
مسألة
ـ ٢٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان الصيد قاصدا الى الحرم لم يجز اصطياده
، ولم يعتبر ذلك أحد من الفقهاء.
__________________
مسألة
ـ ٢٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : روى أصحابنا أن المحرم إذا أصاب صيدا فيما
بين البريد والحرم لزمه الفداء ، ولم يقل بذلك أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٣٠٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يجب فيه المثل أو القيمة إذا قتله المحرم
في الحرم تضاعف ذلك عليه ، وان قتله المحل في الحرم لزمه القيمة لا غير ، ولم يفصل
أحد من الفقهاء ذلك.
مسألة
ـ ٣٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بلغ قيمة مثل الصيد أكثر من ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع ، لم يلزمه أكثر من
ذلك ، وكذلك الصوم لا يلزمه أكثر من ستين يوما ، هذا في النعامة ، وفي البقرة ثلاثين
مسكينا أو ثلاثين يوما ، وفي الظبي عشرة مساكين أو ثلاثة أيام ، ولم يعتبر أحد من الفقهاء
ذلك.
مسألة
ـ ٣٠٢ ـ : إذا عجز عن صيام شهرين وعن الإطعام صام ثمانية عشر يوما ،
وفي البقرة تسعة أيام ، وفي الحمام ثلاثة أيام ، ولم يقل بذلك أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ٣٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الشجر الذي ينبته الآدميون في العادة إذا
أنبته الله في الحرم يجب الضمان بقطعه ، وان أنبته الله في الحل فقطعه آدمي وأدخله
في الحرم فأنبته ، فلا ضمان عليه إذا قطعه.
وقال ( ـ ش ـ )
: شجر الحرم مضمون على المحل والمحرم إذا كان ناميا غير موذ وأما اليابس والمؤذي كالعوسج
وغيره فلا ضمان عليه في قطعه. وقال داود وأهل الظاهر : لا ضمان في قطعه لكنه ممنوع
منه.
مسألة
ـ ٣٠٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : في الشجرة الكبيرة بقرة ، وفي الصغيرة شاة
، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : هو مضمون بالقيمة.
يدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي عن ابن عباس أنه قال :
__________________
في الدوحة بقرة ، وفي الجزلة شاة.
مسألة
ـ ٣٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا بأس بالرعي في الحرم ، وبه قال ( ـ ش
ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٣٠٦ ـ : لا بأس بإخراج حصى الحرم وترابه وأحجاره ، لأنه لا مانع منه
والأصل الإباحة ، وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ذلك الا أنه إذا أخرجه لا ضمان عليه ، وقال
: البرام ليست من أحجار الحرم ، وانما تحمل اليه فتعمل فيه.
مسألة
ـ ٣٠٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل القارن صيدا لزمه جزاء واحد ، وكذلك
الحكم في اللباس والطيب وغير ذلك. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزم القارن والمفرد جزاء واحد
على تفسيرهم في القران. وقال ( ـ ح ـ ) : يلزم القارن جزائان في جميع ذلك.
مسألة
ـ ٣٠٨ ـ : إذا جن بعد إحرامه ، فقتل صيدا أو حلق أو وطئ ما يفسد الحج
، لزمه الجزاء بقتل الصيد ، وليس عليه في ما عداه شيء ، لأن الأصل براءة الذمة ، وحكم
العمد والنسيان في الصيد سواء على ما بيناه. و ( ـ للش ـ ) في جميع ذلك قولان.
مسألة
ـ ٣٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : صيد المدينة حرام اصطياده ، وبه قال ( ـ
ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ليس بحرام.
مسألة
ـ ٣١٠ ـ : إذا صاد في المدينة لا يجب عليه الجزاء ، لأنه لا دلالة عليه
و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، قال في القديم : عليه الجزاء ، والجزاء أن يسلب ما عليه
يعني الصائد ، فيكون لمن سلبه ، وفيه قول آخر يكون للمساكين. وقال في الجديد : لا جزاء
عليه.
مسألة
ـ ٣١١ ـ : صيد و ( ـ « ج » ـ ) وهو بلد باليمن غير محرم ولا مكروه لأنه
لا دليل عليه وقال ( ـ ش ـ ) مكروه [ وقال أصحابه ظاهر هذا المذهب انه أراد بذلك كراهة
تحريم ] .
مسألة
ـ ٣١٢ ـ : لا يجوز للمحصور أن يتحلل إلا بهدي ، لقوله تعالى «
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ
فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
» لما رووه عن جابر
قال : أحصرنا مع رسول الله بالحديبية ، فنحرنا البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة. وقال
( ـ ك ـ ) : لا هدي عليه.
مسألة
ـ ٣١٣ ـ : إذا أحصره العدو جاز أن يذبح هديه مكانه ، والأفضل أن ينفذ
به الى منى أو مكة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). ويدل على ذلك فعل النبي عليهالسلام بالحديبية والحديبية من الحل.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز أن ينحر إلا في الحرم ، سواء أحصر في الحل أو الحرم فإن أحصر في الحرم نحر
مكانه وان أحصر في الحل أنفذ بهديه ، ويقدر له مدة يغلب على ظنه أنه يصل فيها وينحر
، فاذا مضت تلك المدة تحلل ، ثمَّ نظر فان وافق تحلله بعد نحر هديه ، فقد صح تحلله ووقع موقعه ظاهرا وباطنا ، وان
كان تحلل قبل أن يذبح هديه لم يصح تحلله في الباطن الى أن ينحر هديه ، فان كان تطيب
أو لبس لزمه بذلك دم.
مسألة
ـ ٣١٤ ـ : إذا أحصره العدو جاز له التحلل ، سواء كان مفردا أو قارنا
أو متمتعا ، لعموم الآية ، وفعل النبي عليهالسلام بحديبية ، وبه قال جميع الفقهاء الا ( ـ ك ـ ) فإنه قال : ان كان معتمرا لم
يكن له التحلل.
مسألة
ـ ٣١٥ ـ : إذا كان متمكنا من البيت ومصدودا عن الوقوف بعرفة ، جاز له
التحلل أيضا ، لعموم الآية ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : ليس
له ذلك.
__________________
مسألة
ـ ٣١٦ ـ : المصدود عن الحج أو العمرة ان كانت حجة الإسلام أو عمرته
لزمه القضاء في القابل ، وان كان تطوعا لا يلزمه القضاء ، لأنه لا دليل عليه ، وأيضا
فإن النبي عليهالسلام خرج في عام الحديبية في ألف وأربع مائة من أصحابه محرمين بعمرة ، فحصره العدو
فتحللوا ، فلما كان في السنة الثانية عاد في نفر معدودين ، فلو كان القضاء واجبا على
جماعتهم لأخبرهم بذلك ولفعلوا ، ولو فعلوا لنقل نقلا عاما أو خاصا.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا قضاء عليه بالتحلل ، فان كانت حجة تطوع أو عمرة تطوع لم يلزمه قضاؤها بحال ، وان
كانت حجة الإسلام أو عمرة الإسلام وكانت قد استقرت في ذمته قبل هذه السنة ، فكأنه لم
يفعلها ، فيكون باقيا في ذمته. وان كانت وجبت عليه في هذه السنة ، سقط وجوبها ولم يستقر
في ذمته.
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا تحلل المحصر لزمه القضاء ، فان كان أحرم بعمرة تطوع قضاها ، وان أحرم بحجة تطوع وأحصر تحلل
عنه ، وعليه أن يأتي بحج وعمرة ، وان كان قرن بينهما فأحصر تحلل ولزمته حجة وعمرتان
: عمرة لأجل العمرة وحجة وعمرة لأجل الحج.
مسألة
ـ ٣١٧ ـ : الحصر الخاص مثل الحصر العام سواء ، لما قلناه في المسألة الاولى. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما مثل
ما قلناه ، والثاني يجب عليه القضاء في القابل.
مسألة
ـ ٣١٨ ـ : المحصر بعدو إذا لم يجد الهدي ولا يقدر على شرائه ، لا يجوز
له أن يتحلل ويبقى الهدي في ذمته ، ولا ينتقل إلى الإطعام ولا الصوم ،
__________________
بدلالة قوله تعالى « فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
» ثمَّ قال «
وَلا تَحْلِقُوا
رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
» فمنع من التحلل
الى أن يبلغ الهدي محله وهو يوم النحر ولم يذكر البدل ، ولو كان له بدل لذكره ، كما
أن نسك الأذى لما كان له بدل ذكره.
و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني وهو الصحيح عندهم
أنه ينتقل الى البدل ، وإذا قال بجواز الانتقال قال ينتقل الى الصيام ، وفيه قول آخر
ينتقل إلى الإطعام ، وقول ثالث انه مخير بين الإطعام والصيام.
مسألة
ـ ٣١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المحصر بالمرض يجوز له التحلل ، غير أنه
لا يحل له النساء حتى يطوف في القابل ، أو يأمر من يطوف عنه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا
أنه لم يعتبر طواف النساء ، وبه قال ابن مسعود.
وذهب قوم إلى أنه
لا يجوز له التحلل بل يبقى على إحرامه أبدا إلى أن يأتي به ، فان فاته الحج تحلل بعمرة
، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وروي ذلك عن ابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وعائشة.
يدل على مذهبنا
ـ بعد إجماع الفرقة ـ قوله تعالى « فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » وذلك عام في منع العدو والمنع بالمرض ، فإنه يقال في اللغة
: أحصره المرض وحصره العدو. وقال الفراء : أحصره المرض لا غير
__________________
وحصره العدو أحصره معا.
وروى عكرمة عن حجاج
بن عمر الأنصاري عن النبي عليهالسلام قال : من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى. وفي بعض الاخبار : وعليه الحج من
قابل.
مسألة
ـ ٣٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمحرم أن يشرط في حال إحرامه أنه ان
عرض له عارض يحبسه أن يحله حيث حبسه ، من مرض ، أو عدو ، أو انقطاع نفقة ، أو فوات
وقت ، وكان ذلك صحيحا يجوز له أن يتحلل إذا عرض له شيء من ذلك ، وروي ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ،
وبه قال ( ـ ش ـ ).
[ وقال بعض أصحابه
أنه لا تأثير للشرط ، وليس بصحيح عندهم ، والمسئلة على قول واحد في القديم ، وفي الجديد
على قولين وبه قال ] ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
، والزهري ، وابن عمر : الشرط لا يفيد شيئا ، ولا يتعلق به التحلل.
وقال ( ـ ح ـ )
: المريض له التحلل من غير شرط ، فان شرط سقط عنه الهدي.
وروت عائشة ان النبي
دخل على صناعة بنت الزبير فقالت : يا رسول الله اني أريد الحج وأنا شاكية ، فقال النبي عليهالسلام : أحرمي واشترطي أن تحلني حيث حبستني ، وهذا نص ] .
مسألة
ـ ٣٢١ ـ : إذا شرط على ربه في حال الإحرام ثمَّ حصل الشرط وأراد التحلل
فلا بد من نية التحلل ، ولا بد من الهدي ، لعموم الآية في وجوب الهدي على المحصر. و
( ـ للش ـ ) قولان في النية والهدي معا.
مسألة
ـ ٣٢٢ ـ : ليس للرجل أن يمنع زوجته الحرة من حجة الإسلام إذا
__________________
وجب عليها ، بدلالة أن الحج يجب على الفور ، وجواز منعها يحتاج إلى دلالة ،
ولما روي عن النبي عليهالسلام من قوله : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، فاذا خرجن فليخرجن تفلات . وهذا عام في سائر
المساجد والمسجد الأعظم منها.
وبه قال ( ـ ك ـ
) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في اختلاف الحديث ، وقال في القديم والجديد : له منعها
من ذلك.
مسألة
ـ ٣٢٣ ـ : ليس للمرأة أن تحرم تطوعا إلا بإذن زوجها ، وله منعها منه
و ( ـ للش ـ ) في جواز إحرامها قولان ، وفي المنع منها قولان.
مسألة
ـ ٣٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شرائط وجوب الحج على المرأة والرجل سواء
، وهي البلوغ ، والعقل ، والحرية ، والزاد والراحلة ، والرجوع الى كفاية ، وتخلية الطريق
، وإمكان المسير ، وهي بعينها شروط الأداء ، وليس من شرط الوجوب ، ولا من شرط الأداء
في حجة الإسلام المحرم بل أمن الطريق ومصاحبة قوم ثقات يكفي ، فأما حجة التطوع فلا
يجوز لها الا بمحرم.
وبه قال ( ـ ش ـ
) ، وزاد فيه : أن من شرط الأداء محرما أو نساء ثقات ، وأقل ذلك امرأة واحدة ، وبه
قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وخالف ( ـ ك ـ ) في فصل ، فقال : لا يجزئ امرأة واحدة.
وقال ( ـ ع ـ )
بمثل ما قلناه ، وزاد إذا كان الطريق مسلوكا متصلا بطريق السوق فهذا أمر لا يفتقر معه
الى محرم ولا نساء ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ).
وأما التطوع فقال
( ـ ش ـ ) : لا يجوز لها أن تسافر الا مع ذي محرم ، هذا هو المنصوص عليه ، ومن أصحابه
من قال : يجوز ذلك بغير محرم كالفرض.
__________________
وذهب ( ـ ح ـ )
الى أن المحرم شرط [ في الوجوب وأبى أصحابه هذا وقالوا : ليس بشرط في الوجوب ولكنه
شرط في الأداء ] والفرض والنفل عنده سواء.
مسألة
ـ ٣٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمرأة أن تخرج في حجة الإسلام وان
كانت معتدة أي عدة كانت ، ومنع الفقهاء كلهم من ذلك.
مسألة
ـ ٣٢٦ ـ : ليس للأبوين ولا لواحد منهما مع الولد في حجة الإسلام أمر بلا خلاف ، وعندنا أن الأفضل إلا يحرم
الا برضاهما في التطوع ، فان بادر وأحرم لم يكن لهما ولا لواحد منهما منعه ، لأنه لا
دلالة عليه ، والأصل جوازه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لهما منعه من ابتداء الإحرام قولا واحدا ، فان بادر وأحرم كان لهما ولكل واحد منهما
المنع على قولين.
مسألة
ـ ٣٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز عندنا الذبح في اليوم الثالث من التشريق
، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ك ـ ) : لا يجوز ، لأنه ليس من المعلومات.
مسألة
ـ ٣٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأيام المعدودات أيام التشريق بلا خلاف
، والأيام المعلومات عشرة أيام من أول ذي الحجة آخرها غروب الشمس من يوم النحر ، وهو
قول علي ، وابن عمر ، وابن عباس ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ثلاثة أيام ، أولها يوم النحر ، فجعل أول التشريق ، وثانيها من المعدودات والمعلومات.
وقال ( ـ ح ـ )
: ثلاثة أيام ، أولها يوم عرفة ، وآخرها أول التشريق ، فجعل أول التشريق من المعدودات
والمعلومات.
__________________
وقال ( ـ ك ـ )
: لا ذبح إلا في المعلومات.
وقال ( ـ ح ـ )
: الذبح جائز في غير المعلومات ، وهو ثاني التشريق. ورووا عن علي عليهالسلام أربعة أيام أولها يوم عرفة. وقال سعيد بن جبير : المعدودات هي المعلومات.
مسألة
ـ ٣٢٩ ـ : إذا قال : لله علي هدي ، فعليه أن يهدي : اما من الإبل ،
أو البقر ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصح القولين ( ـ للش ـ ) ، ويدل عليه انا روينا أن
الهدي لا يقع الا على البدن والنعم.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم والإملاء : والندب لزمه ما يقع اسم الهدي عليه ، قل أو كثر.
مسألة
ـ ٣٣٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الدماء المتعلقة بالإحرام ، كدم التمتع والقران
وجزاء الصيد ، وما وجب بارتكاب المحظورات في الإحرام ، كاللباس والطيب وغير ذلك ان
حصر جاز له أن تنحر مكانه في حل أو حرم إذا لم يتمكن من إنفاذه بلا خلاف وان لم يحصر
فعندنا ما يجب بإحرام الحج على اختلاف أنواعه لا يجوز ذبحه الا بمنى ، وما يجب بإحرام
العمرة المفردة لا يجوز ذبحه إلا بمكة قبالة الكعبة بالحزورة.
وقال ( ـ ش ـ )
: فيه ثلاث مسائل : ان نحر في الحرم وفرق اللحم في الحرم أجزأه بلا خلاف بينهم ، وان
نحر في الحرم وفرق اللحم في الحل لم يجز عنده خلافا لح ، وان نحر في الحل وفرق اللحم
في الحرم ، فان كان تغير لم يجز ، وان كان طريا في الحرم فعلى وجهين.
مسألة
ـ ٣٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يجب عليه من الدماء بالنذر ، فان قيده
ببلد أو بقعة لزمه في موضعه الذي عينه بلا خلاف ، وان أطلقه فلا يجوز عندنا إلا بمكة
قبالة الكعبة بالحزورة ، ولا يجزئ الا من النعم.
وقال ( ـ ش ـ )
في المطلق كدماء الحج ان كان محصرا فحيث يحل ، وان لم يكن محصرا ففيه المسائل الثلاث.
مسألة
ـ ٣٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ساق الهدي من الإبل والبقر ، فمن السنة
أن يقلدها نعلا ويشعرها في صفحة سنامها الأيمن ، وهو أن يشق المكان بحديدة حتى يسيل
الدم ويشاهد ويرى ، وروي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر ولا مخالف لهم ، وبه قال ( ـ ك
ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، غير أن ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) قالا
: الاشعار من الجانب الأيسر.
وقال ( ـ ح ـ )
: يقلدها ولا يشعرها ، فان الاشعار مثلة وبدعة.
دليلنا ـ بعد إجماع
الفرقة ـ ما روي عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوآله صلى بذي الحليفة ، ثمَّ دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ، ثمَّ سلت
الدم عنها. وفي بعضها : ذلك الدم عنها. وفي بعضها : بيده. وفي بعضها : بإصبعه ، ثمَّ أتى براحلته فقعد عليها
واستوت به على البيداء وأهل بالحج.
وروى عروة عن مسور
بن محزمة ومروان أنهما قالا : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله عام الحديبية ، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدى وأشعره. وهذا في الصحيح.
مسألة
ـ ٣٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الغنم يستحب تقليدها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : لا يقلد الغنم.
مسألة
ـ ٣٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عندنا يصير محرما بأحد ثلاثة أشياء : التلبية
، والتقليد والاشعار. ولا بد في ذلك من النية.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصير محرما بمجرد النية ، وهو قول الجماعة ، وروي عن ابن عباس وابن عمر أنه يصير
محرما بنفس التقليد.
__________________
وحكينا عن ( ـ ح
ـ ) أنه لا يصير محرما بمجرد النية ، وانما ينعقد إحرامه بتلبية ، أو سوق هدي مثل ما
قلناه ، وخالف في الاشعار.
مسألة
ـ ٣٣٥ ـ : عندنا أن من ينفذ من أفق من الافاق هديا يواعد أصحابه يوما
يقلدونه فيه أو يشعرونه ، ويجتنب هو ما يجتنبه المحرم ، فاذا كان يوم وافقهم على نحره
أو ذبحه يحل مما أحرم منه. وروي ذلك عن ابن عباس ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٣٣٦ ـ : يجوز اشتراك سبعة في بدنة واحدة ، أو بقرة واحدة ، إذا كانوا
متقربين ، وكانوا أهل خوان واحد ، سواء كانوا متمتعين ، أو قارنين ، أو مفردين ، أو بعضهم مفردا وبعضهم قارنا أو متمتعا ، أو بعضهم مفرضين
أو متطوعين ولا يجوز أن يكون بعضهم يريد اللحم.
ويدل على ذلك خبر
جابر ، قال : كنا نتمتع على عهد رسول الله ، ويشترك السبعة في البقرة أو البدنة. وما
رواه أصحابنا أكثر من أن يحصى.
وعند ( ـ ح ـ )
مثله الا أنه لم يعتبر أهل خوان واحد ، وعند ( ـ ش ـ ) مثله الا أنه جاز أن يكون بعضهم
يريد اللحم. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز الاشتراك إلا في موضع واحد وهو إذا كانوا متطوعين.
وقد روى ذلك أصحابنا أيضا ، وطريقة الاحتياط يقويه.
مسألة
ـ ٣٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ذبح الإبل ، أو نحر البقر أو الغنم ،
كان حراما أكله ولم يجزه.
وقال ( ـ ش ـ )
: خالف السنة وأجزأه. وقال ( ـ ك ـ ) : ان ذبح الإبل لم يحل أكله مثل ما قلناه.
مسألة
ـ ٣٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : السنة في البدن أن ينحر وهي قائمة ، وبه
قال جميع
__________________
الفقهاء. وقال عطاء : ينحرها باركة.
وإجماع الفرقة دليل
على ما قلناه. وروى جابر أن النبي عليهالسلام وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها. وأيضا
قوله تعالى « فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ
» قال ابن عباس :
صواف أي معقولة إحدى يديها. وقوله « فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها
» أي : سقطت على جنوبها.
وقال مجاهد : سقطت على الأرض.
مسألة
ـ ٣٣٩ ـ : محل النحر للحاج منى ، وللمعتمر مكة ، فإن خالف لا يجزيه
وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: السنة ما قلناه ، فان خالف أجزأه.
مسألة
ـ ٣٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الهدي الواجب وهو ما يلزم المحرم بارتكاب
محظور من اللباس والطيب والصيد وغير ذلك والنذر ، لا يحل له أن يأكل منه ، ويجوز أن
يأكل من هدي التمتع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز الأكل من جميع ذلك ، وله في النذر تفصيل ، وظاهر مذهبه أنه مثل سائر الواجبات.
وقال ( ـ ك ـ )
: يأكل من الكل الا من النذر وجزاء الصيد والحلاق.
مسألة
ـ ٣٤١ ـ : الهدي المتطوع به يستحب أن يأكل ثلثه ويتصدق بثلثه ويهدى
ثلثه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه ، والأخر أنه يأكل نصفه ويتصدق بالنصف هذا في
المستحب.
فأما الاجزاء ،
فيكفي ما يقع عليه اسم الأكل قل أم كثر ، ولا ينبغي أن يأكل جميعه. وقال أبو العباس
: له أن يأكل الكل وقال عامة أصحاب ( ـ ش ـ ) مثل ما قلناه.
[ دليلنا قوله تعالى
« فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
» فسمى ثلاثة أجناس
__________________
فاستحب التسوية بينهم في ذلك ، وهو إجماع الفرقة ] .
مسألة
ـ ٣٤٢ ـ : إذا أكل الكل لم يضمن شيئا ، لأنه لا دليل عليه ، وهو قول
أبي العباس. وقال الباقون من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يضمن ، وهو على وجهين أحدهما القدر
الذي لو تصدق به أجزأه ، والثاني قدر المستحب.
مسألة
ـ ٣٤٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد ذكرنا أن ما يجب بالنذر لا يجوز له الأكل
منه سواء كان على سبيل المجازاة أو واجبا بالنذر المطلق ، وهو مذهب قوم من أصحاب (
ـ ش ـ ) ، وفيهم من قال وعليه أكثرهم ان ما وجب بالنذر المطلق أنه يأكل منه.
وقال ( ـ ك ـ )
: يأكل من الكل الا ما وجب بالنذر ، فلم يفصل بين ما وجب عن إتلاف صيد أو حلق شعر.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يأكل من الكل الا من دم التمتع والقران مثل ما قلنا ، وأصل الخلاف أن دم التمتع
عندنا وعند ( ـ ح ـ ) نسك : وعند ( ـ ش ـ ) جبران.
مسألة
ـ ٣٤٤ ـ : إذا ضل الهدي الواجب في الذمة ، فعليه إخراج بدله ، وان عاد
الضال يستحب له إخراجه أيضا ، ويجوز له بيعه ان شاء أولا وان شاء أخيرا ، وبه قال (
ـ ش ـ ) الا أنه قال : ان عاد الضال أخرجه أيضا.
ويدل على ما ذكرنا أن إيجاب ذلك يحتاج إلى دلالة ، والواجب عليه
أحدهما بالاتفاق.
مسألة
ـ ٣٤٥ ـ : لا يجوز أن يتولى ذبح الهدي والأضحية أحد من الكفار لا المجوس
ولا اليهود والنصارى ، لان ذبيحة أهل الكتاب عندنا غير مباحة ، ووافقنا ( ـ ش ـ ) في
المجوس ، وكره في اليهود والنصارى واجازه.
مسألة
ـ ٣٤٦ ـ : إذا نذر هديا بعينه زال ملكه عنه وانقطع تصرفه ، ولا يجوز
__________________
له بيعه وإخراج بدله ، لان البدل يحتاج الى دليل ، ولا دليل عليه ، وبه قال
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: له إخراج بدله.
مسألة
ـ ٣٤٧ ـ : إذا حج حجة الإسلام ، ثمَّ ارتد ، ثمَّ عاد إلى الإسلام ،
اعتد بتلك الحجة ولم يجب عليه غيرها ، وكذلك كل ما فعله من العبادات يعتد بها ، وعليه
أن يقضي جميع ما تركه قبل عوده إلى الإسلام ، سواء تركه حال إسلامه أو حال ردته.
ويدل على ما ذهبنا
إليه أنه لا خلاف أن حجة الإسلام يجب في العمر مرة واحدة فمن أوجبها ثانيا فعليه الدلالة.
وأما وجوب القضاء فيما فات من العبادات ، فطريقة الاحتياط تقتضيه. وعند ( ـ ش ـ ) مثل
ذلك.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ك ـ ) : إذا أسلم حدث وجوب حجة الإسلام عليه ، كأنه ما كان فعلها وكل ما كان
فعله قبل ذلك فقد حبط عمله وبطل ، وما تركه فلا يقضيه ، سواء تركه في حال إسلامه أو
في حال ردته ويكون مثل كافر أصلي أسلم ، فاستأنف أحكام المسلمين.
مسألة
ـ ٣٤٨ ـ : إذا أحرم المسلم ثمَّ ارتد لا يبطل إحرامه ، لأنه لا دلالة
عليه فان عاد إلى الإسلام ، جاز أن يبني عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما يبطل
كالصلاة والصيام ، والأخر لا يبطل.
مسألة
ـ ٣٤٩ ـ : المستحب للمكي والمتمتع ولمن يحرم من دويرة أهله أن يحرم
ويخرج إلى منى ، ولا يقيم بعد إحرامه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: المستحب أن يحرم ويقيم ، فإذا أراد الخروج إلى منى خرج محرما.
مسألة
ـ ٣٥٠ ـ : قال ( ـ ش ـ ) : يكره أن يقال لمن لم يحج صرورة ، لقوله عليهالسلام : لا صرورة في الإسلام. ويكره أن يقال لحجة الوداع : حجة الوداع ، لان الوداع
المفارقة والعزم على أن لا يعود ، ويكره أن يقال للمحرم وصفر : صفران بل يسمى
كل واحد منهما باسمه. ويكره لمن طاف بالبيت أن يضع يده على فيه. ويكره أن يقال : شوط
ودور ، بل يقال : طواف وطوافان.
ولا أعرف لأصحابنا
نصا في كراهية شيء من هذه المسائل ، بل ورد في أخبارهم لفظ صرورة ، ولفظ شوط وأشواط.
والاولى أن يكون على أصل الإباحة ، لأن الكراهة تحتاج الى دليل.
مسألة
ـ ٣٥١ ـ : قال ( ـ ش ـ ) : يستحب لمن حج أن يشرب من نبيذ السقاية الذي
لم يشتد ولم يتغير ، لأن النبي عليهالسلام رخص لأهل سقاية العباس ترك المبيت بمنى من أجل سقايته ، وأنه شرب من النبيذ.
ولا أعرف لأصحابنا فيه نصا.
مسألة
ـ ٣٥٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مكة أفضل من المدينة ، وبه قال ( ـ ش ـ )
، وأهل مكة ، وأهل العلم أجمع ، إلا ( ـ ك ـ ) قال : المدينة أفضل من مكة ، وبه قال
أهل المدينة.
يدل على ذلك إجماع
الفرقة ، فإنهم رووا أن صلاة في المسجد الحرام بعشرة ألف صلاة ، وصلاة في مسجد النبي
بألف صلاة ، فدل ذلك على أن مكة أفضل.
وروي عن ابن عباس
قال : لما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله من مكة التفت إليها ، وقال : أنت أحب البلاد الى الله ، وأنت أحب البلاد الي
، ولو لا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت. وروى جابر أن النبي عليهالسلام قال : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائتي صلاة في مسجدي.
مسألة
ـ ٣٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يشتري بدرهم
تمرا ويتصدق به ، ولم أعرف لأحد من الفقهاء ذلك.
مسألة
ـ ٣٥٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره للمحرم أن يلبي غيره إذا ناداه. ولم
أجد لأحد من الفقهاء كراهية ذلك.
مسألة
ـ ١ ـ : بيع خيار الرؤية صحيح ، وصورته أن يقول : بعتك هذا الثوب
الذي في كمي ، أو في الصندوق ، فيذكر جنسه وصفته. وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وهو أحد قولي
( ـ ش ـ ) ، والذي يختارونه أنه لا يصح.
وقال ( ـ ح ـ )
: يصح ذلك وان لم يذكر الجنس ، مثل أن يقول : بعتك ما في كمي ، أو صندوقي أو ما في
الجراب وما أشبه ذلك ، فلا يفتقر عنده الى ذكر الجنس ، وانما يفتقر الى تعيين المبيع
من غيره .
دليلنا قوله تعالى
« وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» وهذا بيع. وأيضا
روي عنهم عليهمالسلام أنهم سئلوا عن بيع الجرب الهروية ، فقالوا : لا بأس به إذا كان لها بارنامج ، فان وجدها
كما ذكرت والا ردها. وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال : من اشترى شيئا لم يره ، فهو بالخيار إذا رآه.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا ثبت هذا العقد ، فمتى رأى المشتري المبيع لم يثبت له
__________________
الخيار ، الا أن يجده بخلاف الجنس أو الصفة.
وقال ( ـ ش ـ )
على قوله الأصح : ان له الخيار على كل حال.
دليلنا : أن جواز
الخيار في ذلك يحتاج إلى دلالة ، والعقد قد صح فمن أبطله أو أجاز الخيار مطلقا فعليه
الدلالة.
مسألة
ـ ٣ ـ : من باع شيئا على أن يسلمه بعد شهر صح العقد ، بدلالة الآية
وعند ( ـ ش ـ ) لا يصح.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا اشترى شيئا لم يره حال العقد ، وكان قد رآه قبل العقد
، صح الشراء ، بدلالة الآية ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) قولا واحدا وجميع الفقهاء.
وقال الأنماطي من
أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يصح حتى يشاهد المبيع حال العقد.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا اشترى شيئا كان رآه قبل العقد ، ولم يره في حال العقد
مما يجوز أن يتلف ولا يتلف ، صح بيعه. بدلالة الآية فاذا وجده كما اشتراه مضى وان خالفه كان بالخيار بين إمضاء البيع وفسخه
، وبه قال أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وفيهم من قال : لا يصح البيع.
مسألة
ـ ٦ ـ : البيع ينعقد بوجود الإيجاب من البائع والقبول من المشتري
لكنه لا يلزم المتبايعين بنفس العقد ، بل يثبت لهما ولكل واحد منهما خيار الفسخ ما
داما في المجلس الى أن يفترقا ، أو يتراضيا بالتبايع في المجلس.
ورووا ذلك في الصحابة
عن علي عليهالسلام ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس وأبي هريرة ، وأبى برزة الأسلمي ، وبه
قال الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب ، والزهري ، وعطاء ، وفي الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، و
( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وذهبت طائفة الى
أن البيع يلزم بمجرد العقد ، ولا يثبت خيار المجلس
__________________
بحال ، ذهب إليه في التابعين شريح والنخعي ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ
ح ـ ) ، وأصحابه.
دليلنا ـ بعد إجماع
الفرقة ـ ما روي عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليهالسلام قال : المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يفترقا الا بيع الخيار.
فأثبت للمتبايعين
الخيار بعد تسميتهما متبايعين.
مسألة
ـ ٧ ـ : بيع الخيار عندنا على ثلاثة أضرب : أحدها خيار المجلس ، وهو
أن يكون لكل واحد منهما الخيار وفسخ العقد ما لم يفترقا بالأبدان ، فإن قال بعد انعقاد
العقد أحدهما لصاحبه : اختر إمضاء العقد ، فاذا اختار ذلك لزم العقد ولم يفتقر الى
التفرق بالأبدان عن المكان.
والثاني : أن يشرطا
حال العقد ألا يثبت
بينهما خيار المجلس بعد انعقاد البيع ، فاذا تعاقدا بعد ذلك صح البيع ويكون على ما
شرطا.
والثالث : أن يشرطا
في حال العقد مدة معلومة يكون لهما فيه الخيار ما شاء من الزمان ثلاثا أو شهرا أو أكثر
، فإنه ينعقد البيع ويكون لهما الخيار في تلك المدة ، الا أن يوجبا بعد ذلك على أنفسهما ، كما قلناه في البيع المطلق.
ويدل على ما ذكرناه
الآية « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» ويدل على خيار المجلس
قول النبي عليهالسلام : البيعان بالخيار ما لم يفترقا الا بيع الخيار. فأثبت لهما الخيار قبل التفرق
، ثمَّ استثنى بيع
الخيار الذي لم يثبت فيه الخيار ، وهو ما أشرنا إليه من شرط ارتفاعه عند العقد أو إيجابه
وابطال الخيار بعد ثبوت العقد.
__________________
وأيضا روي عن النبي عليهالسلام أنه قال : المسلمون عند شروطهم وهذا شرط صحيح في مدة الخيار.
وروى ابن عمر أن
النبي عليهالسلام قال : المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا ، أو يكون بيعهما عن خيار ، فان كان
بيعهما عن خيار ، فقد وجب البيع. وهذا نص .
وروى نافع عن ابن
عمر عن النبي عليهالسلام قال : المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر.
وروى عطاء بن أبى
رباح عن ابن عباس أن
النبي عليهالسلام قال : من اشترى بيعا فوجب له فهو بالخيار ان شاء أخذه وان شاء تركه ما لم يفارقه
صاحبه ، فان فارقه فلا خيار له.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ك ـ ) : بيع الخيار هو ما شرط فيه الخيار ، فثبت فيه خيار الشرط عند ( ـ ح ـ ) ثلاثا ، وعند ( ـ ك ـ ) ما
تدعو الحاجة إليه ، فعندهما بيع الخيار ما ثبت فيه الخيار وعند ( ـ ش ـ ) بيع الخيار
ما قطع فيه الخيار وأكثر أصحابه على ما اخترناه أولا في القسم الأول ، وفي أصحابه من
قال بالقسم الثاني أيضا ، وأما القسم الثالث فلم يقل به أحد منهم وهو ما زاد على الثلاث.
مسألة
ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : يثبت في الحيوان الشرط ثلاثة أيام ، شرط ذلك
أو لم يشرط. وقال جميع الفقهاء : حكم الحيوان حكم سائر المبيعات.
مسألة
ـ ٩ ـ : السلم يدخله خيار الشرط ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في
__________________
جواز الشرط في العقود ، وعند ( ـ ش ـ ) لا يدخله.
مسألة
ـ ١٠ ـ : الصلح إذا كان معاوضة ، مثل أن يقر له بعين أو دين ثمَّ صالحه على ذلك لم يكن له بعد
ذلك الرجوع فيه ، لأنه لا دليل عليه ، ولما روي عنهم عليهمالسلام واتفقنا عليه من جواز الشرط في ذلك ومن ادعى دخول الخيار فيه فعليه الدليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: هو مثل المبيع يدخله خيار الشرط وخيار المجلس ، وان كان صرفا يدخله خيار المجلس وحده.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا أحال بمال على غيره ، فقبل المحتال الحوالة ، جاز أن يدخلها خيار الشرط ، ولا خيار مجلس
فيه ، لقولهم عليهمالسلام : كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة ، فإنه جائز. فأما خيار المجلس ، فلانه يدخل
في البيع ، وهذا
ليس ببيع ، بل هو إبراء محض ، فمن أجراه مجرى البيع فعليه الدلالة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يدخله خيار الشرط ، وفي خيار المجلس وجهان.
مسألة
ـ ١٢ ـ : الوكالة والعارية والقراض والجعالة والوديعة لا خيار فيها
في المجلس ، ولا يمتنع دخول خيار الشرط فيها ، بدلالة ما ذكرناه في المسألة المتقدمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يدخلها الخياران.
__________________
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا ملك الشفيع الشقص بالثمن وانتزع من يد المشتري ، فليس
له خيار المجلس ، لأنه انما يأخذ الشقص بالشفعة لا بالبيع ، وخيار المجلس انما يثبت
في البيع ، فعلى
من ألحقه بالبيع الدلالة ، والقياس عندنا لا يجوز.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان.
مسألة
ـ ١٤ ـ : المساقاة لا يدخلها خيار المجلس لما قلناه أولا ، ويدخلها
خيار الشرط ، لعموم الاخبار في جواز الشرط.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : لا يدخلها الخيار. وقال أبو حامد الاسفرائني : الذي يجيء على قوله انه يدخلها
خيار المجلس.
مسألة
ـ ١٥ ـ : الإجارة على ضربين : معينة ، وفي الذمة ، وكلاهما لا يدخله
خيار المجلس ، ولا يمتنع دخول خيار الشرط فيه ، لما قلناه في المسائل المتقدمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: الإجارة المعينة لا يدخلها خيار الشرط قولا واحدا ، وأما خيار المجلس فعلى وجهين.
والإجارة في الذمة فيها ثلاثة أوجه : قال أبو إسحاق : لا يدخلها الخياران. وقال الإصطخري
: يدخلها الخياران معا. والمذهب أنه يدخلها خيار المجلس دون خيار الشرط عكس ما قلناه.
مسألة
ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الهبة للواهب الخيار والرجوع فيها قبل القبض وبعد القبض ، الا أن يتعوض منها ، أو يتصرف فيها الموهوب له ، أو يكون الهبة لولده الصغار.
وقال ( ـ ش ـ )
: هو بالخيار قبل الإقباض ، فإذا أقبض فهو مبني على أن الهبة هل يقتضي الثواب أم لا؟
فيه قولان ، فاذا قال يقتضي الثواب فعلى وجهين : أحدهما
__________________
يدخلها الخياران معا ، والثاني لا يدخلان معا.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا أصدقها وشرط الخيار ثلاثا ، أو ما زاد عليه في النكاح
بطل النكاح بلا خلاف ، وان شرط في الصداق الخيار وحده كان بحسب ما شرط بدلالة ما روي
عنهم عليهمالسلام كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة فهو جائز.
وقال ( ـ ش ـ )
في الأم : فسد المهر. وقال في الإملاء : فسد النكاح. واختلفوا على طريقتين ، فمنهم
من قال : المسألة على اختلاف حالين ، قوله في الأم فسد المهر إذا كان الشرط في المهر
وقال في الإملاء : بطل النكاح إذا كان الشرط في النكاح.
ومنهم من قال :
إذا كان الشرط في المهر وحده فهل يبطل النكاح على قولين : أحدهما يبطل ، والأخر لا
يبطل. فاذا قال لا يبطل ، ففي الصداق ثلاثة أوجه : أحدها يصح الشرط والصداق فيهما مثل
ما قلناه . والثاني : يبطلان معا ولها مهر المثل. والثالث : يبطل الشرط
والصداق بحاله.
مسألة
ـ ١٨ ـ : الخلع على ضربين : منجز ، وخلع بصفة. فالمنجز قولها طلقني
طلقة بألف ، فقال : طلقتك بها طلقة ، فليس له خيار المجلس في الامتناع من قبض الالف
ليكون الطلاق رجعيا ، لما بيناه أن خيار المجلس يختص بالبيع.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان.
مسألة
ـ ١٩ ـ : الخلع المعلق بصفة : اما أن يكون عاجلا ، أو آجلا ، فالعاجل
أن يقول : ان أعطيتني ألفا فأنت طالق ، والأجل أن يقول : متى أعطيتني ألفا فأنت طالق.
وعلى الوجهين جميعا
لا يصح الخلع ولا الشرط ، لإجماع الفرقة على أن الخلع بصفة لا يقع ، سواء كان مبينا
بنفسه ، أو يحتاج الى أن يتبع بطلاق.
وقال ( ـ ش ـ )
: العاجل على الفور ، فإن أعطته ألفا وقع الطلاق ، وان لم تعطه
__________________
ارتفع العقد ولا خيار فيه ، والمؤجل بالخيار إليها في الإعطاء والامتناع ، وهل
يثبت له خيار المجلس
في رفع ما أوجبه لها؟ على وجهين : أحدهما لا خيار له وهو المذهب ، والثاني له خيار
المجلس وليس بشيء.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : القسمة إذا كان فيها رد أو لم يكن فيها رد لا يدخله خيار
المجلس إذا وقعت القرعة وعدلت السهام ، سواء كان القاسم الحاكم أو الشريكين أو غيرهما
ويدخله خيار الشرط ، بدلالة ما قلناه في المسائل المتقدمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان فيها رد فهو كالبيع ، سواء يدخلها الخيار ، وان كانت مما لا رد فيه فعدلت السهام ووقعت القرعة ، فإن كان القاسم الحاكم ووقعت القرعة فلا خيار وان
كان القاسم الشريكين فان قال : القسمة إفراز فلا يدخلها خيار المجلس. فان قال : بيع يدخله خيار المجلس ، ولا يدخلها خيار الشرط.
مسألة
ـ ٢١ ـ : الكتابة ان كانت مشروطة ، لا يثبت للمولى خيار المجلس لأنه لا دليل عليه ، ولا يمتنع من دخول خيار
الشرط ، لعموم الاخبار في جواز الشرط. والعبد له الخياران معا ، له أن يفسخ أو يعجز
نفسه فينفسخ العقد ، وان كانت مطلقة فمتى أدى من مكاتبته شيئا فقد انعتق بحسابه ، ولا خيار لواحد منهما بحال.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
، لا خيار للسيد في الكتابة ، والعبد له الخيار ، لأنه إذا امتنع كان الفسخ إليه.
مسألة
ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز عندنا البيع بشرط ، مثل أن يقول : بعتك
الى شهر ، فان رددت علي الثمن ، والا كان المبيع لي ، فإن رد عليه وجب عليه رد الملك
، وان جازت المدة ملك بالعقد الأول. وقال جميع الفقهاء : ان ذلك باطل يبطل به العقد.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : السبق والرماية لا يدخلهما خيار المجلس ، ولا يمتنع دخول
خيار الشرط فيه ، لأنه لا مانع منه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما أنه مثل الإجارة
فحكمه حكمه ، والثاني : أنه جعالة فحكمه حكمه.
مسألة
ـ ٢٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ابتاع شيئا معينا بثمن معين ولم يقبضه
ولا قبض ثمنه وفارقه البائع ، فالمبتاع أحق به ما بينه وبين ثلاثة أيام ، فإن مضت ولم
يحضر الثمن كان البائع بالخيار بين فسخ البيع وبين مطالبته بالثمن ، وان هلك المبيع
في مدة الثلاثة كان من مال المبتاع ، وان هلك بعدها كان من مال البائع. وخالف جميع
الفقهاء في ذلك.
مسألة
ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من ابتاع شيئا بشرط الخيار ولم يسم وقتا
ولا أجلا بل أطلقه ، كان له الخيار ثلاثة أيام ، ولا خيار له بعد ذلك.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان البيع فاسد ، فان أجازه في الثلاثة جاز عنده خاصة ، وان لم يجز حتى مضت الثلاثة
بطل البيع.
وقال أبو يوسف ومحمد
: له أن يجيزه بعد الثلاث.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان لم يجعل للخيار وقتا جاز وجعل له من الخيار مثل ما يكون في
__________________
تلك الساعة. وقال الحسن بن صالح بن حي : إذا لم يعين أجل الخيار كان له الخيار
أبدا.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : أقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة فصاعدا ، لأنه يقع عليه
اسم الافتراق والزائد عليه يحتاج الى دليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: يرجع في ذلك الى العادة وقسم أقساما.
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا قال أحد المتبايعين لصاحبه في المجلس بعد العقد اختر
فان اختار إمضاء العقد انقطع الخيار بينهما ، وان سكت أو لم يختر كان بالخيار كما كان ، لأنه
لا دلالة على زوال اختياره.
وقال ( ـ ش ـ )
: يثبت في حيز الساكت ، وفي حيز الأخر وجهان : أحدهما يثبت والأخر [ وهو المذهب أنه ] ينقطع خياره وحده ولصاحبه الخيار.
مسألة
ـ ٢٨ ـ : إذا شرطا قبل العقد أن لا يثبت بينهما خيار بعد العقد ، صح الشرط ولزمه العقد بنفس الإيجاب
والقبول ، لأنه لا مانع من هذا الشرط ، والأصل جوازه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : العقد يثبت بنفس الإيجاب والقبول ، فان كان مطلقا فإنه يلزم
بالافتراق بالأبدان ، وان كان مشروطا يلزم بانقضاء الشرط ، فان كان الشرط لهما أو للبائع
فإذا انقضى الخيار ملك المشتري بالعقد المتقدم ، وان كان الخيار للمشتري وحده زال ملك
البائع عن الملك بنفس العقد ، لكنه لم ينتقل إلى المشتري حتى مضى [ ينقضي ( ـ خ ـ )
] الخيار ، فاذا انقضى ملك المشتري بالعقد الأول.
__________________
ويدل على لزومه
بعد انقضاء الشرط والافتراق الإجماع ، فإنه لا خلاف فيه بين العلماء. وأما الذي يدل
على أن العقد يحصل بالإيجاب والقبول قوله عليهالسلام : البيعان بالخيار ما لم يفترقا. فأثبتهما بيعين مع ثبوت الخيار لهما.
و ( ـ للش ـ ) في
انتقال الملك ثلاثة أقوال : أحدها ينتقل بنفس العقد. والثاني : ينتقل بشرطين العقد
وقطع الخيار. والثالث : يراعى فان تمَّ البيع تبينا أن ملكه انتقل بنفس العقد ، وان
فسخ تبينا أن ملكه ما زال ، سواء كان الخيار لهما أو للبائع وحده أو للمشتري وخيار
الشرط فيه وخيار المجلس سواء.
فأما ( ـ ح ـ )
، فلا يثبت عنده خيار المجلس ، ويثبت خيار الثلاث بالشرط ، فان كان البيع مطلقا انتقل
بنفس العقد ، وان كان يختار الشرط ، فان كان الخيار لهما أو للبائع لم ينتقل الملك
عن البائع ، فإذا انقضى الخيار ملك المشتري وكان بعقد متقدم ، وان كان الخيار للمشتري
وحده زال ملك البائع عن الملك بالعقد ، لكنه لم ينتقل إلى المشتري ، فلا يكون له مالك
حتى ينقضي الخيار ، فاذا انقضى ملكه المشتري الان .
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا أعتق المشتري في مدة الخيار ، ثمَّ انقضت مدة الخيار
وتمَّ البيع ، فإنه ينفذ عتقه. لما روي عنهم عليهمالسلام من أن المشتري إذا تصرف فيه لزمه البيع ، وبه قال أبو العباس بن سريج.
وقال باقي أصحاب
( ـ ش ـ ) : لا ينفذ لان ملكه ما تمَّ.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا وطئ المشتري في مدة الخيار لم يكن مأثوما ، ولحق به الولد
وكان حرا ، ولزم العقد من جهته ، لاجتماع الفرقة على أن المشتري
__________________
متى تصرف في المبيع بطل خياره.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز له وطيه ، فإن وطئها فلا حد عليه ، وان علقت « حملت ( ـ خ ـ ) » فالنسب لا
حق والولد حر. وفي لزوم العقد من جهته وجهان قال الإصطخري : يكون ذلك رضا بالبيع وقطعا
لخياره مثل ما قلناه ، وعليه أكثر أصحابه. وقال أبو إسحاق : لا يلزم ذلك بل الخيار
باق بحاله.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا وطئ المشتري الجارية في مدة الخيار ، ثمَّ مضت مدة الخيار
ولزم العقد وجاءت بولد ، كان لاحقا به ، ولا يلزمه قيمته ولا مهر عليه ، فان فسخ البائع
العقد لزمه قيمة الولد ، وكانت الجارية أم ولده إذا انتقلت اليه فيما بعد ، ويلزمه لأجل الوطي عشر قيمتها ان
كانت بكرا وان كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان أمضى البائع العقد ، ففي لزوم المهر وقيمة الولد أقوال ثلاثة فإذا قال : ينتقل
بالعقد ، أو قال : انه مراعى لا قيمة عليه والأمة أم ولده ولا يجب عليه مهر مثل ما
قلناه ، وإذا قال : ينتقل بشرطين ، فعليه مهر المثل ، والأمة لا تصير في الحال أم ولده
، فاذا ملكها فيما بعد فعلى قولين.
وأما قيمة الولد
، فالمذهب أن عليه قيمته ، وفيهم من قال : لا قيمة عليه وان اختيار البائع الفسخ ،
فان قال : مراعى أو يثبت بشرطين ، فعلى المشتري المهر ولا تصير أم ولده ، فان ملكها
فيما بعد فعلى قولين وعليه قيمة الولد قولا واحدا مثل ما قلناه.
وإذا قال : ينتقل
بنفس العقد فعلى قول أبي العباس لا مهر عليه ، وهي أم ولده ولا يجب عليه قيمة الولد
. وعلى قول ( ـ ش ـ ) عليه المهر ولا تصير أم ولده
__________________
في الحال ، فان ملكها فيما بعد تصير أم ولده قولا واحدا.
دليلنا على أنه
لا يلزمه مع نفوذ البيع تمامة القيمة والمهر أن الأصل براءة الذمة ، وإيجاب ذلك يحتاج الى دليل. وأما مع الفسخ
، فالدليل على وجوب ما قلناه من قيمة الولد والمهر إجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط.
مسألة
ـ ٣٣ ـ : إذا وطئ المشتري في مدة الخيار ، لم يبطل خيار البائع علم
بوطيه أو لم يعلم ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه ، وفي أصحابه من قال : إذا وطئ بعلمه بطل اختياره.
مسألة
ـ ٣٤ ـ : خيار المجلس يورث إذا مات المتبايعان أو أحدهما ، وكذلك خيار
الشرط ، ويقوم الوارث مقام من مات منهما ، لأنه يجري مجرى سائر الحقوق التي تورث بظاهر
التنزيل ، فان كان أحد المتبايعين مكاتبا قام سيده مقامه.
وبه قال ( ـ ش ـ
) في خيار الشرط. وقال في خيار المجلس : ان كان البائع مكاتبا فقد وجب البيع. ولأصحابه
فيه ثلاث طرق ، منهم من قال : ينقطع الخيار ، ويلزم البيع بموت المكاتب ، ولا يلزم
بموت الحر.
مسألة
ـ ٣٥ ـ : إذا أكره المتبايعان أو أحدهما على التفرق بالأبدان على وجه
يتمكنان من الفسخ والتخاير فلم يفعلا ، بطل خيارهما ، أو خيار من تمكن من ذلك ، لأنه
إذا لم يفسخ مع التمكن دل على رضاه بالإمضاء. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : خيار الثلاث يورث ، كان لهما أو لأحدهما ، ولا ينقطع الخيار
بالموت ، لأنه مثل سائر الحقوق التي يورث ، لعموم الآية ، فمن أخرج شيئا منها فعليه
الدلالة. وكذلك إذا مات الشفيع قبل الأخذ بالشفعة قام وارثه مقامه.
__________________
وهكذا في خيار الوصية
إذا أوصى له بشيء ومات الموصى كان الخيار في القبول إليه ، فان مات قام وارثه مقامه
، ولم ينقطع الخيار بوفاته ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: كل هذا ينقطع بالموت ، ولا يقوم الوارث مقامه. وقال في البيع : يلزم البيع بموته
ولا خيار لوارثه فيه ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
مسألة
ـ ٣٧ ـ : إذا جن من له الخيار أو أغمي عليه ، صار الخيار الى وليه
لقوله عليهالسلام : رفع القلم عن ثلاث : عن المجنون حتى يفيق. فدل على أن حكم اختياره قد زال
، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا ينقطع بالجنون.
مسألة
ـ ٣٨ ـ : إذا ثبت أن خيار الشرط موروث ، فان كان قد مضى بعضه ورث الوارث
ما بقي إذا كان حاضرا عند موت مورثه ، وان كان غائبا فبلغه الخبر وقد مضى مدة الخيار
بطل خياره ، وان بقي منه ورث ما بقي. وانما قلنا بذلك لان هذا حق له ثبت في أيام معينة
، فإذا مضت وجب أن يبطل الخيار فيما بعدها.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان : أحدهما يبطل خياره ، والثاني : له ما بقي من الخيار.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : إذا كان المبيع حاملا ، فان الحمل لا حكم له ، ومعناه أن
الثمن لا يتقسط عليه ، لان العقد انما وقع على الأصل ، فيجب أن يكون الثمن متعلقا به.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني : أن له حكما والثمن يتقسط عليهما ، كأنه اشترى
ناقة وفصيلها.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : من باع بشرط شيء ما صح البيع والشرط معا إذا لم يناف الكتاب
والسنة ، لقوله عليهالسلام : المؤمنون عند شروطهم. وهذا عام في كل شرط ، وبه قال ابن شبرمة.
وقال ابن أبي ليلى
: صح البيع وبطل الشرط.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : يبطلان معا.
وفي هذا حكاية رواها
محمد بن سليمان الذهلي ، قال : حدثنا عبد الوارث ابن سعيد ، قال : دخلت مكة فوجدت بها ثلاثة
فقهاء كوفيين أحدهم ( ـ ح ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، فصرت الى ( ـ ح ـ ) ،
فقلت : ما تقول فيمن باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال : البيع فاسد والشرط فاسد ، فأتيت ابن
أبي ليلى ، فقلت : ما تقول في رجل باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال : البيع جائز والشرط باطل.
فأتيت ابن شبرمة ، فقلت : ما تقول فيمن باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال : البيع جائز والشرط
جائز.
قال : فرجعت الى
( ـ ح ـ ) ، فقلت ان صاحبيك خالفاك في البيع ، فقال : لست أدري ما قالا ، حدثني عمرو
بن شعيب ، عن أبيه
، عن جده أن النبي عليهالسلام نهى عن بيع وشرط ، ثمَّ أتيت ابن أبي ليلى ، فقلت : ان صاحبيك خالفاك في البيع
فقال : ما أدري ما قالا حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : لما اشتريت
بريرة جاريتي شرطت على مواليها أن أجعل ولاها لهم إذا أعتقتها فجاء النبي عليهالسلام ، فقال : الولاء لمن أعتق فأجاز البيع وأفسد الشرط.
فأتيت ابن شبرمة
، فقلت : ان صاحبيك خالفاك في البيع ، فقال : لا أدرى ما قالا حدثني مشعر عن محارب بن ثار عن جابر بن عبد الله ، قال : ابتاع النبي عليهالسلام بعيرا بمكة ، فلما نقدني الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة ،
فأجاز النبي عليهالسلام الشرط والبيع.
مسألة
ـ ٤١ ـ : إذا تبايعا مطلقا ، فكان بينهما خيار المجلس أو تبايعا بشرط
__________________
الخيار وكان بينهما خيار الشرط ، جاز أن يتقابضا في مدة الخيار ، ويكون الشرط
قائما حتى ينقطع ، لأن الأصل جوازه ، ولا مانع في الشرع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يكره قبض الثمن في مدة الخيار.
مسألة
ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : خيار الشرط يجوز بحسب ما يتفقان عليه من المدة وان كثر ، وبه قال ابن أبي
ليلى ، وأبو يوسف ، و ( ـ م ـ ).
وقال محمد ، و
( ـ ك ـ ) : يجوز بحسب الحاجة ، فإن كان المبيع ثوبا ودارا ونحو هذا جاز يوما ولا يزداد
عليه ، وان كان
قرية أو ما لا يقلب إلا في مدة جاز الشهر والشهران وقدر الحاجة.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : لا يجوز الزيادة على ثلاثة أيام ، ويجوز أقل من ذلك
قالوا : فان شرطا أكثر من ذلك كان البيع فاسدا عند ( ـ ش ـ ) ، وزفر ، وعند ( ـ ح ـ ) وحده إذا اتفقا على إسقاط ما زاد على الثلاث
قبل انقضاء الثلاث صح العقد ، وان سكتا حتى مضى بعد الثلاث جزء من الزمان بطل العقد.
مسألة
ـ ٤٣ ـ : مدة خيار الشرط من حين التفرق بالأبدان ، لا من حين حصول
العقد ، لان العقد لا يثبت الا بعد التفرق. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٤٤ ـ : إذا ثبت أنه من حين التفرق ، فشرطا أن يكون من حين الإيجاب
والقبول صح ، لأن الأصل جوازه ، والمنع يحتاج الى دليل.
وقال ( ـ ش ـ )
على قوله انه من حين العقد متى شرطا من حين التفرق بطل العقد
__________________
وعلى قوله انه من حين التفرق فشرطا من حين العقد على وجهين : أحدهما يصح ، والأخر
لا يصح.
مسألة
ـ ٤٥ ـ : إذا تبايعا نهارا وشرطا الى الليل انقطع بدخول الليل ، وان تعاقدا ليلا وشرطاه الى
النهار انقطع بطلوع الفجر الثاني ، لأن ما قلناه متفق عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان البيع نهارا فكما قلناه ، وان كان ليلا لم ينقطع بوجود النهار ، وكان الخيار
باقيا الى غد أو غروب الشمس ، وهكذا ان قال الى الزوال أو الى وقت العصر اتصل الى الليل.
مسألة
ـ ٤٦ ـ : إذا اختار من له الفسخ ، كان له ذلك ، ولم يفتقر الى حضور
صاحبه ، وهكذا فسخه بالعيب لا يفتقر الى حضور صاحبه ، وقبل القبض وبعده سواء ، لأن
الأصل جوازه ، ومن ادعى الحاجة الى حضور غيره فعليه الدلالة ، والوكيل ليس له أن يفسخ
بغير حضور موكله ، وكذلك الوصي ليس له أن يعزل نفسه ، لأنه لا دلالة على أن لهما الفسخ
، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) إلا أنهما قالا في الوكيل والوصي : لهما ذلك بنفوسهما
من غير حكم حاكم.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ م ـ ) : إذا اختار فسخ البيع مدة خياره لم يصح الا بحضور صاحبه وإذا كان حاضرا
لم يفتقر الى رضاه ، وهكذا فسخه بالعيب قبل القبض والفسخ بخيار الشرط ، فان كان ذلك
بعد القبض فلا يفسخ الا بتراضيهما ، أو حكم الحاكم.
وأما الوكيل ، فلا
يصح حتى يفسخ موكله. وأما الوصي ، فلا يملك أن يعزل نفسه ، وانما يعزله الحاكم بالخيانة ، أو بأن يقر بالعجز فيعزله الحاكم.
مسألة
ـ ٤٧ ـ : إذا باع عينا بشرط الخيار لأجنبي صح ذلك ، لعموم الاخبار
__________________
في جواز الشرط.
وقال ( ـ م ـ )
في الجامع الصغير ، قال ( ـ ح ـ ) : لو قال بعتك على أن الخيار لفلان كان الخيار له
ولفلان. وقال أبو العباس : جملة الفقه في هذا أنه إذا باعه وشرط الخيار لفلان نظرت
، فان جعل فلانا وكيلا له في الإمضاء والرد صح قولا واحدا وان أطلق الخيار لفلان لو
قال لفلان دوني فعلى قولين : أحدهما يصح ، والثاني لا يصح ، وهو اختيار المزني.
مسألة
ـ ٤٨ ـ : إذا ثبت أن ذلك يصح ، فالخيار يكون لمن شرط ، ان شرط للأجنبي وحده كان له وان شرط لهما
كان لهما وان أطلق للأجنبي كان له دونه لما قلناه في المسألة الاولى.
و ( ـ للش ـ ) فيه
على قوله انه يصح أن ذلك للعاقد على وجهين : أحدهما يكون له ، فيكون لهما الخيار ،
وهو قول ( ـ ح ـ ). والثاني : يكون على ما شرطا ، ولا يكون للموكل شيء من هذا.
مسألة
ـ ٤٩ ـ : إذا باعه بشرط أن يستأمر فلانا ، فليس له الرد حتى يستأمره
لما قلناه في المسألة المتقدمة. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما ما قلناه ، والثاني
: له الرد من غير استيمار.
مسألة
ـ ٥٠ ـ : إذا صح الاستيمار ، فليس له حد الا أن يشرط مدة معينة قلت أم كثرت ، لان تقييده بزمان مخصوص يحتاج إلى
دلالة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان : أحدهما لا يصح حتى يشرط ، والثاني مثل ما قلناه يمتد ذلك أبدا.
مسألة
ـ ٥١ ـ : إذا باع عبدين وشرط مدة من الخيار في أحدهما ، فإن
__________________
أبهم ولم يعين من باعه منهما بشرط الخيار ، فالبيع باطل بلا خلاف ، لأنه مجهول.
وان عين ، فقال
: علي أن لك الخيار في هذا العبد دون هذا ثبت الخيار فيما عين فيه وبطل فيما لم يعين ، لعموم
الخبر في جواز الشرط. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٥٢ ـ : إذا صح هذا البيع كان لكل واحد منهما بالقسط من الثمن وسواء
قدر ثمن كل واحد منهما ، فقال : هذا بألف وهذا بألف ، أو أطلق فقال : بعتكهما بألفين
، لأنه إذا ثبت صحة البيع بما قدمناه ولم يتعين التقدير ، فلا بد من القسط ، والا أدى الى بطلان العقد.
وقال ( ـ ش ـ )
الكل على قولين. وقال ( ـ ح ـ ) : ان قدر ثمن كل واحد منهما صح ، وان أطلق بطل.
مسألة
ـ ٥٣ ـ : روى أصحابنا أنه إذا اشترى عبدا من عبدين على أن للمشتري أن يختار أيهما شاء أنه جائز ، ولم
يرووا من الثوبين شيئا ، ولا فرق بينهما لإجماع الفرقة. وقوله عليهالسلام « المؤمنون عند شروطهم ».
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا اشترى ثوبا من ثوبين على أنه بالخيار ثلاثة أيام لم يصح البيع ، وكذلك إذا اشترى
ثوبا من ثلاثة أثواب أو أكثر على أنه بالخيار ثلاثا لم يصح البيع.
وقال ( ـ ح ـ )
: يصح أن يشتري ثوبا من ثوبين على أنه بالخيار ثلاثا ، والقياس يدل عليه. ويجوز أن
يشتري ثوبا من ثلاثة أثواب على أنه بالخيار ثلاثا والاستحسان يدل عليه ، ولا يجوز أن
يشتري ثوبا من أربعة أثواب ، والقياس يدل على أنه لا يجوز.
__________________
وإذا باع بثمن من
ثلاثة أثمان ، قال أبو بكر الرازي : لا يحفظ ذلك عن ( ـ ح ـ ) وينبغي أن يجوز ، لأنه
لا فرق بين الثمن والمثمن.
مسألة
ـ ٥٤ ـ : إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض ، لم ينقطع الخيار
، لأن الأصل ثبوته ، والانقطاع يحتاج الى دليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ )
: ينقطع.
مسألة
ـ ٥٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى سلعة من غيره ولم يقبضها ، فهلكت
في يد البائع ، فإنها يهلك من ضمانه وينفسخ البيع ، ولا يجب على المشتري تسليم ثمنها اليه ، وبه قال
( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ) إلا أنا نشرط أن يكون البائع لم يمكنه من التسليم ولم أجد لهم نصا في ذلك.
وقال ( ـ ك ـ ) : لا ينفسخ البيع ، ويتلف المبيع من ضمان المشتري
، وعليه تسليم الثمن إلى البائع ، ولا شيء على البائع الا أن يكون طالبه المشتري بتسليمه
إليه ، فلم يسلمه حتى تلف ، فيجب عليه قيمته للمشتري ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق
ـ ).
مسألة
ـ ٥٦ ـ : إذا قال بعنيه بألف ، فقال : بعتك لم يصح البيع حتى يقول
المشتري بعد ذلك : اشتريت أو قبلت ، لان ما اعتبرناه مجمع على ثبوت العقد به.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصح وان لم يقل ذلك. وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان القبول بلفظ الخبر كقوله اشتريت منك
أو ابتعت منك صح ، وان كان بلفظ الأمر لم يصح ، فاذا قال : بعني ، فقال : بعتك لم ينعقد
البيع حتى يقول المشتري بعد هذا قبلت.
مسألة
ـ ٥٧ ـ : إذا قال بعتك على أن تنقدني الثمن الى ثلاث ، فان نقدتني
__________________
الثمن الى ثلاث ، والا فلا بيع بيننا صح البيع ، لقوله عليهالسلام « المؤمنون عند شروطهم » وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : البيع باطل.
مسألة
ـ ٥٨ ـ : إذا قال واحد لاثنين : بعتكما هذا العبد بألف ، فقال أحدهما
: قبلت نصفه بخمسمائة دينار ورد الأخر لم ينعقد العقد ، لان قبوله غير مطابق للإيجاب
ولا دليل على ثبوت هذا العقد ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: ينعقد ( العقد ( ـ خ ـ ) ) في حقه ، سواء قبل صاحبه أو رده.
مسألة
ـ ٥٩ ـ : إذا دفع قطعة الى البقلي ، أو الى الشارب ، وقال : أعطني
بقلا أو ماء فأعطاه ، فإنه لا يكون بيعا. وكذلك سائر المحقرات ، وانما يكون اباحة له ، فيتصرف كل واحد منهما فيما أخذه تصرفا مباحا من غير
أن يكون ملكه.
وفائدة ذلك أن البقلي
إذا أراد أن يسترجع البقل أو أراد صاحب القطعة أن يسترجع قطعته كان لهما ذلك ، لان
الملك لم يحصل لهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يكون بيعا صحيحا وان لم يوجد الإيجاب والقبول ، قال ذلك في المحقرات دون غيرها.
ويدل على ما قلناه
ان العقد حكم شرعي ، ولا دلالة في الشرع على وجوده هاهنا ، فيجب أن لا يثبت ، وأما
الاستباحة بذلك فهو مجمع عليه لا يختلف العلماء فيها.
مسألة
ـ ٦٠ ـ : إذا اشترى فبان له الغبن فيه ، كان له الخيار إذا كان مما
لم يجري العادة بمثله ، الا أن يكون عالما بذلك ، فيكون العقد ماضيا لا رجوع فيه.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) معا : ليس له الخيار ، سواء كان الغبن قليلا أو كثيرا.
__________________
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان الغبن دون الثلاث ، فلا خيار له. وان كان الثلاث فما فوقه كان له الخيار ،
وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وزفر.
ويدل على ما قلناه
قول النبي عليهالسلام « لا ضرر ولا ضرار » وهذا ضرر. وروي عنه عليهالسلام أنه نهى عن تلقي الركبان ، فمن تلقاها فصاحبها بالخيار إذا دخل السوق. ومعلوم
أنه انما جعل له الخيار لأجل الغبن.
مسألة
ـ ٦١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيع درهم بدرهمين ودينار بدينارين نسية لا
خلاف في تحريمه وبيعه كذلك نقدا وموازنة ربا محرم ، وبه قال جميع الفقهاء والعلماء.
وقال مجاهد : سمعت
ثلاثة عشر نفسا من الصحابة
يحرمون ذلك ، وبه قال التابعون ، وجميع الفقهاء. وذهب أربعة من الصحابة إلى جواز التفاضل
في الجنس نقدا ، وهم عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وأسامة بن زيد ، وزيد
بن أرقم.
مسألة
ـ ٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ثبت تحريم التفاضل في الجنس ، فلا فضل
بين المضروب بالمضروب ، والتبر بالتبر ، والمصوغ بالمصوغ ، فان التفاضل فيه نقدا ربا.
وقال ( ـ ك ـ )
: إذا كان وزن الخلخال مائة وقيمته لأجل الصنعة مائة وعشرة ، فباعه بمائة وعشرة جاز
، ويكون المائة بالمائة والعشرة بالصنعة.
يدل على ما ذكرناه
ـ بعد إجماع الفرقة ـ ما روى أبو سعيد الخدري عن النبي
__________________
عليهالسلام أنه قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب الا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق الا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا غائبا منها بناجز.
مسألة
ـ ٦٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الربا عندنا في كل مكيل وموزون ، سواء كان
مطعوما أو غير مطعوم.
وقال داود وأهل
الظاهر : الربا في الأجناس الستة : الذهب ، والفضة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ،
والملح ، وما عدا ذلك فلا ربا فيه وقال أهل القياس كلهم : الربا يثبت في غير الأجناس
الستة على اختلاف بينهم أن الربا فيماذا يثبت.
مسألة
ـ ٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما ثبت فيه الربا انما يثبت بالنص لا لعلة
من العلل واختلف أهل القياس في علة الربا في الدراهم والدنانير ، فقال ( ـ ش ـ ) :
علة الربا فيها أنها أثمان جنس وربما قالوا : جنس الأثمان ، وعلى القولين غير متعدية
إلى غيرهما.
وقال ( ـ ح ـ )
: العلة موزون جنس ، فالعلة متعدية عنده الى كل موزون ، كالحديد والصفر والقطن والإبريسم
وغير ذلك.
واختلفوا فيما عدا
الأثمان ، فقال ( ـ ش ـ ) في القديم : العلة أنها ذات أوصاف ثلاثة : مأكول ، ومكيل
، أو موزون جنس. وعلى هذا كل ما يؤكل مما لا يكال ولا يوزن ، كالقثاء ، والبطيخ ، والسفرجل
، والرمان ، والجوز ، والبقول لا ربا فيه.
وقال ( ـ ك ـ )
: العلة ذات أوصاف ثلاثة : مأكول مقتات جنس ، فكل مأكول لا يقتات
__________________
مثل القثاء والبطيخ وحب الرشاد لا ربا فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
في الجديد : العلة ذات وصفين مطعوم جنس ، فكل مأكول فيه الربا سواء كان مما يكال أو يوزن ، كالحبوب والادهان واللحمان ، أو لا يكال ولا يوزن
كالقثاء والبطيخ والسفرجل ، ونحو هذا فيه الربا.
وقال ( ـ ح ـ )
: العلة ذات وصفين أيضا مكيل أو موزون جنس ، فكل مكيل فيه الربا سواء أكل أو لم يؤكل.
وقال ربيعة : العلة
ذات وصفين جنس يجب فيه الزكاة وأجرى الربا في الحبوب التي فيها الزكاة وفي النعم أيضا
.
وقال ابن سيرين
: العلة ذات وصف واحد وهو الجنس ، فأجرى الربا في الثياب والحيوان والخشب وكل شيء
هو جنس واحد.
وقال سعيد بن جبير
: ذات وصف واحد ، وهو تقارب المنفعة [ فأجرى الربا في الجنس الواحد لاتفاق المنفعة
، وفي كل جنسين يقارب ] نفعهما كالتمر والزبيب والجاورس والدخن .
مسألة
ـ ٦٥ ـ : إذا باع ما فيه الربا من المكيل والموزون مختلف الجنس مثل
الطعام والتمر ، جاز بيع بعضه ببعض ، متماثلا ومتفاضلا. ويجوز بيع الجنس بعضه ببعض
متماثلا يدا ويكره نسيئة ، فإن تفرقا قبل القبض لم يبطل البيع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل البيع إذا افترقا قبل القبض.
__________________
يدل على ما قلناه
أن العقد صحيح بلا خلاف ، فمن ادعى بطلانه بالتفرق قبل القبض فعليه الدلالة.
مسألة
ـ ٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الحنطة والشعير جنس واحد في باب الربا ،
وبه قال ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد ، والحكم ، وحماد.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : هما جنسان يجوز بيعهما متفاضلا يدا ، ولا يجوز نسيئة ، وبه قال سفيان
، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور ، والنخعي ، وعطاء.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي عن معمر بن عبد الله أنه بعث غلاما ومعه صاع من
قمح ، فقال : بعه واشتر به شعيرا ، فجاءه بصاع وبعض صاع ، فقال : رده فإن النبي عليهالسلام قال : الطعام بالطعام مثلا بمثل وطعامنا يومئذ الشعير ، فثبت أن الطعام يطلق
عليهما فلذلك رده
، وبه قال عمر ، وسعد ابن أبي وقاص.
مسألة
ـ ٦٧ ـ : الثياب بالثياب ، والحيوان بالحيوان ، لا يجوز بيع بعضه ببعض
نسيئة متماثلا ولا متفاضلا ، ويجوز ذلك نقدا ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ذلك نقدا ونسيئة ، وقد روي أيضا ذلك في أخبارنا.
ويدل على ما قلناه
أنا أجمعنا على جواز ذلك نقدا ، ولا دليل على جوازه نسيئة ، وطريقة الاحتياط يقتضي
المنع منه ، وروي عن سمرة أن النبي عليهالسلام نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وروى جابر أن النبي عليهالسلام قال : الحيوان بالحيوان واحد باثنين لا بأس به نقدا ، ولا يجوز نسيئة ولا يجوز
إلى أجل.
مسألة
ـ ٦٨ ـ : بيع الحيوان بالحيوان جائز متفاضلا ومتماثلا نقدا ، سواء
كانا صحيحين أو مكسورين ، أو أحدهما صحيحا والأخر كسيرا ، بدلالة عموم
__________________
الاخبار في جواز بيع الحيوان بعضه ببعض ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأجاز نقدا ونسيئة.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كانا كسيرين وكان مما يؤكل لحمه كالنعم ولا ينتفع به بنتاج ولا ركوب ولا يصلح
لشيء غير اللحم لم يجز بيع بعضه ببعض ، لأنه بمنزلة اللحم ، ولأنه لحم بلحم.
مسألة
ـ ٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الطين الذي يأكل الناس حرام ، لا يحل أكله
ولا بيعه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ذلك ولا ربا فيه.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روي عن النبي عليهالسلام أنه قال لعائشة : لا تأكليه يا حميراء ، فإنه يصفر اللون. وهذا نهي يقتضي التحريم.
مسألة
ـ ٧٠ ـ : الماء لا ربا فيه ، لأنه ليس بمكيل ولا موزون. و ( ـ للش
ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٧١ ـ : يجوز بيع الخبز بعضه ببعض مثلا بمثل إذا كانا من جنس واحد
، وان كانا مختلفي الجنس جاز متفاضلا ، سواء كان يابسا أو لينا ، بدلالة قوله تعالى
« أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» .
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان لينا لا يجوز بيع بعضه ببعض لا مثلا بمثل ولا متفاضلا ، وأما إذا جف ودق فالصحيح أنه لايجوز. وقال في الحرملة : يجوز.
__________________
مسألة
ـ ٧٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا ربا في المعدودات ويجوز بيع بعضها ببعض
متماثلا ومتفاضلا نقدا ونسيئة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، قال في القديم
مثل ما قلناه. وقال في الجديد : فيه الربا إذا كان مطعوما ، مثل السفرجل والرمان والبطيخ
، وما أشبه ذلك.
فعلى هذا يجوز بيع
جنس بجنس غيره متفاضلا يدا بيد مثل رمانة بسفرجلين وسفرجلة بخوختين وما أشبه ذلك ،
لان التفاضل لا يحرم في جنسين ، وانما يحرم النسيئة والتفرق قبل القبض. وأما الجنس
الواحد ، فإنه لا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلين ، مثل رمانة برمانتين ، وخوخة بخوختين.
وهل يجوز بيع بعضه
ببعض متساويين؟ نظر فيه فان كان مما ييبس ويبقى منفعته يابسا مثل الخوخ والكمثرى ،
فإنه لا يجوز بيع الرطب بالرطب حتى يبس ، وان كان مما لا ييبس مثل القثاء وما أشبه
ذلك ، أو كان رطبا لا يصير تمرا ، أو عنبا لا يصير زبيبا ، ففيه قولان : أحدهما لا
يجوز بيع بعضه ببعض ، وانما يباع بغير جنسه ، وهو مذهبه المشهور. والقول الثاني يجوز
بيع بعضه ببعض.
مسألة
ـ ٧٣ ـ : يجوز بيع الطعام بالدقيق إذا كان من جنسه مثلا بمثل ، ولا
يجوز نسيئة. وان كان من غير جنسه يجوز متفاضلا ومتماثلا ، لأن الأصل جوازه ، والمنع
يحتاج الى دليل ، ولقوله تعالى « أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» وهذا بيع.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز بيع الدقيق بالحنطة مثلا بمثل ولا متفاضلا لا بالوزن ولا بالكيل ، وبه قال
حماد بن أبى سليمان ، والحكم ، والحسن البصري ، ومكحول ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ )
، وأصحابه.
وقال أبو الطيب
بن سلمة من أصحاب ( ـ ش ـ ) بجوازه ، وحكي عن الكرابيسي أنه قال : قال أبو عبد الله
: يجوز بيع الحنطة بدقيقها ، فقال ابن الوكيل : أراد بذلك
__________________
( ـ ش ـ ) ، فصار ذلك قولا آخر له وسائر أصحابه ذهبوا الى الأول ، وقالوا : انه لم يرد به ( ـ ش ـ
) ، وانما أراد به ( ـ د ـ ) ، أو ( ـ ك ـ ) ، لان كلاهما يكنى بأبى عبد الله وهما
مخالفان في المسألة.
وذهب ( ـ ك ـ )
، وابن شبرمة ، وربيعة ، والليث بن سعد ، وقتادة ، والنخعي إلى أنه يجوز بيع الحنطة
بدقيقها كيلا بكيل متماثلا.
وقال ( ـ د ـ )
، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) : يجوز بيع الحنطة بدقيقها وزنا بوزن ، ولا يجوز كيلا
بكيل.
وقال أبو ثور :
الحنطة والدقيق جنسان يجوز بيع أحدهما بالآخر متماثلا ومتفاضلا.
مسألة
ـ ٧٤ ـ : يجوز بيع الحنطة بالسويق منه وبالخبز وبالفالوذق المتخذ من النشا مثلا بمثل ، لما قلناه في المسألة الأولى
سواء.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز ذلك ، ولا بيع شيء منه بالآخر.
مسألة
ـ ٧٥ ـ : يجوز بيع دقيق الحنطة بدقيق الشعير [ ودقيق الشعير بدقيق
الحنطة ] مثلا بمثل ، لما قلناه في المسألة المتقدمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز. وروى المزني في المنثور أنه يجوز ، وكذلك كل جنس من المطعومات التي فيها
الربا. وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز ذلك إذا تساويا في الكيل والخشونة.
مسألة
ـ ٧٦ ـ : يجوز بيع الدقيق بالسويق مثلا بمثل ، لما قلناه في المسألة
__________________
الاولى ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) إلا أنهما قالا : ويجوز أيضا متفاضلا.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا ما رواه ( ـ ف ـ ) عنه من جوازه.
مسألة
ـ ٧٧ ـ : يجوز بيع خل الزبيب بخل الزبيب ، وخل التمر بخل التمر بدلالة
الآية « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٧٨ ـ : يجوز بيع خل الزبيب بخل العنب مثلا بمثل ، ولا يجوز متفاضلا
بدلالة الآية ، ولان المنع يحتاج الى دليل. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٧٩ ـ : يجوز بيع خل الزبيب بخل التمر متفاضلا ومتماثلا ، بدلالة
الاية. و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما لا يجوز إذا اعتبر الربا في الماء ، والأخر يجوز
إذا لم يعتبر الربا في الماء.
مسألة
ـ ٨٠ ـ : لا يجوز بيع مكيل بمكيل جزافا ، سواء كان ذلك في الحضر والسفر
، بدلالة الأخبار الواردة عن النبي والأئمة عليهمالسلام في النهي عن بيع الغرر وهذا غرر وفي النهي عن بيع الصبرة بالصبرة لا يدرى ما
كيل هذه من كيل هذه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: إذا كان البيع في البيدر يجوز الصبرة بالصبرة بالتحري والحرز.
مسألة
ـ ٨١ ـ : يجوز بيع الشيرج بعضه ببعض متماثلا ، يدا بيد ، بدلالة الآية
والأصل ، وبه قال جميع أصحاب ( ـ ش ـ ) ، الا ابن أبي هريرة ، فإنه منع.
مسألة
ـ ٨٢ ـ : يجوز بيع زيت الزيتون بزيت الفجل متفاضلا ، بدلالة الآية
والأصل. و ( ـ للش ـ ) قولان.
مسألة
ـ ٨٣ ـ : دهن البذر والسمك فيه الربا ، لان هذا : اما أن يكال أو يوزن بحسب عادة البلاد.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا ربا فيه. وقال بعض أصحابه بما قلناه.
__________________
مسألة
ـ ٨٤ ـ : عصير العنب والسفرجل والرمان والقصب وغير ذلك يجوز بيع جنس
واحد منه بعضه ببعض مثلا بمثل ، نيا كان أو مطبوخا ، بدلالة الآية ، ودلالة الأصل ،
ولا يجوز متفاضلا.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان مطبوخا لا يجوز.
مسألة
ـ ٨٥ ـ : العسل الذي فيه الشمع وهو الشهد يجوز بيع بعضه ببعض مثلا
بمثل ، بدلالة الآية والأصل.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز ذلك ، سواء كان الشمع فيهما أو في أحدهما.
مسألة
ـ ٨٦ ـ : العسل الذي صفي يجوز بيع بعضه ببعض متماثلا ، سواء صفي بالنار
أو بالشمس ، بدلالة الآية والأصل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان صفي بالشمس يجوز بيع بعضه ببعض مثلا بمثل ، وان صفي بالنار فإن أخذ أول ما ذاب
قبل أن ينعقد أجزاؤه جاز ذلك مثلا بمثل ، وان ترك حتى ينعقد لم يجز.
مسألة
ـ ٨٧ ـ : يباع العسل بالعسل وزنا دون الكيل مثلا بمثل ، بدلالة أنا
قد أجمعنا على صحة بيعه وزنا ، ولا دليل على جواز بيعه كيلا ، وأيضا فلو بعناه وزنا
أمنا فيه التفاضل وإذا بعناه كيلا لم نأمن ذلك فيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) نصا.
وقال أبو إسحاق
المروزي : يباع كيلا ، لأن أصله الكيل.
مسألة
ـ ٨٨ ـ : يجوز بيع مد من طعام بمد من طعام ، وان كان في أحدهما فضل
، وهو عقد التبن ، أو زوان وهو حب أصغر منه دقيق الطرفين ، أو شيلم وهو معروف ، بدلالة
الآية والأصل. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٨٩ ـ : الألبان أجناس مختلفة ، فلبن الغنم الأهلي جنس واحد وان اختلفت
أنواعه [ ولبن الوحشي وهي الظباء جنس آخر ، وكذلك لبن البقر
الأهلي جنس واحد وان اختلف أنواعه ] والجواميس منها ولبن البقر الوحشي جنس آخر ، ولبن الإبل جنس بانفراده وان اختلفت
أنواعه وليس في الإبل وحشي.
وانما قلنا ذلك
لان الأصول أجناس مختلفة ، فوجب في ألبانها مثله. و ( ـ للش ـ ) قولان.
مسألة
ـ ٩٠ ـ : يجوز بيع اللبن بالزبد متماثلا ، بدلالة الآية والأصل ، ولا
يجوز متفاضلا. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٩١ ـ : يجوز بيع اللبن الحليب بالدوغ وهو المخيض مثلا بمثل بدلالة
الآية. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٩٢ ـ : يجوز بيع اللبن ( الجبن ( ـ خ ـ ) ) بالمصل والأقط مثلا بمثل بدلالة الآية والأصل . وعند ( ـ ش ـ
) لا يجوز.
مسألة
ـ ٩٣ ـ : بيع الزبد بالزبد يجوز متماثلا ، بدلالة الآية. وقال ( ـ
ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٩٤ ـ : بيع الجبن بالجبن والأقط بالأقط والمصل بالمصل يجوز بدلالة
ما تقدم. وعند ( ـ ش ـ ) لا يجوز.
مسألة
ـ ٩٥ ـ : الجبن والأقط والسمن كل واحد منها بالآخر يجوز متماثلا بدلالة
الآية والأصل. ولا يجوز متفاضلا ، لأنا قد بينا أن كل مكيل وموزون ففيه الربا إذا كان
الجنس واحدا ، وهذه جنس واحد.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز بيع بعضه ببعض.
مسألة
ـ ٩٦ ـ : بيع الزبد بالسمن مثلا بمثل يجوز ، بدلالة الآية والأصل.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز.
مسألة
ـ ٩٧ ـ : بيع المخيض بالزبد يجوز مثلا بمثل ، بدلالة الآية والأصل. ونص ( ـ ش ـ ) على جوازه ، وقال أصحابه
: الذي يجيء على قياس مذهبه أنه لا يجوز.
مسألة
ـ ٩٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز بيع مد من تمر ودرهم بمدي تمر ، وبيع مد من حنطة ودرهم بمدين حنطة ، وهكذا إذا كان
بدل الدرهم في المسألة ثوب أو خشبة ، أو غير ذلك مما فيه الربا ، أو ما لا ربا فيه
، وهكذا يجوز بيع درهم وثوب بدرهمين ، وبيع دينار وثوب بدينارين ، وبيع دينار قاشاني
ودينار بريزى بدينارين نيسابوريين ، وجملته أنه يجوز بيع ما يجري فيه الربا بجنسه ومع أحدهما
غيره مما فيه الربا أو لا ربا فيه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وقال ( ـ ش ـ ) : ان جميع ذلك
لا يجوز.
مسألة
ـ ٩٩ ـ : إذا باع شاة في ضرعها لبن بلبن كان جائزا ، بدلالة الآية
والأصل.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز وكذا إذا باع شاة مذبوحة في ضرعها لبن بلبن كان جائزا وعند ( ـ ش ـ ) لا
يجوز.
مسألة
ـ ١٠٠ ـ : إذا باع شاة في ضرعها لبن كان جائزا بدلالة الآية والأصل.
وقال جميع أصحاب
( ـ ش ـ ) : لا يجوز. وقال أبو الطيب بن سلمة منهم : يجوز.
__________________
مسألة
ـ ١٠١ ـ : القسمة تمييز الحقين وليس ببيع ، لأنه لا يوجد فيه لفظ الإيجاب
والقبول ، ولأن القرعة يستعمل في ذلك ولا يستعمل في البيع. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
فاذا ثبت أنه تمييز
الحقين ، فاذا كان المال المشترك مكيلا أو موزونا ، فإنه يصح القسمة فيه ، وهو أحد
قولي ( ـ ش ـ ) إذا قال هو تمييز الحقين.
وإذا قال هو بيع
، فان كان المشترك مكيلا أو موزونا ، لم يجز أن يقتسما الا كيلا فيما أصله الكيل ،
أو وزنا فيما أصله الوزن. وعلى القول الأخر يجوز القسمة كيلا ووزنا ، وعلى كل حال ، وقال : ما لا يجوز بعضه ببعض مثل الرطب والعنب وسائر الثمار ، فان قال : انه بيع
لم يجز قسمته ، وإذا قال : تمييز حق جاز ذلك.
مسألة
ـ ١٠٢ ـ : إذا كان التمرة على أصولها مشتركة يصح قسمتها بالخرص سواء
كان فيها العشر أو لم يكن ، لأنا قد بينا أن القسمة تمييز حق ، والأصل جواز القسمة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، فاذا قال : ان القسمة بيع لم يجز ذلك ، وإذا قال : تمييز الحقين فان كان مما
لا يجب فيه العشر لا يصح فيه القسمة ، لأن الخرص لا يجوز فيه ، وان كان مما يجب فيه
العشر كالرطب والعنب يجوز ، لأنه يجوز فيه الخرص ليعرف مقدار حق الفقراء ويضمنه رب
المال.
مسألة
ـ ١٠٣ ـ : لا يجوز بيع الرطب بالتمر ، بدلالة إجماع الفرقة ، فأما بيع
العنب بالزبيب أو تمرة رطبة بيابسها ، مثل التين الرطب بالجاف والخوخ الرطب بالمقدد
وما أشبه ذلك ، فلا نص لأصحابنا فيه ، والأصل جوازه ، لان حملها على الرطب قياس ونحن
لا نقول به.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: ان جميع ذلك لا يجوز ، وبه قال سعيد بن المسيب ، و ( ـ ك ـ ) ، والليث و ( ـ د ـ
) ، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز ذلك كله ، وأظن أبا ثور معه.
مسألة
ـ ١٠٤ ـ : بيع الرطب بالرطب يجوز ، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال (
ـ م ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، والمزني. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٠٥ ـ : الرطب الذي لا يصير تمرا يجوز بيع بعضه ببعض ، مثل الدقل
والقمري وغيره ، بدلالة الآية.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز ذلك ، وكذلك قال في الفواكه التي لا يجوز ادخارها ، وفي أصحابه من قال بجوازه.
مسألة
ـ ١٠٦ ـ : اللحمان أجناس مختلفة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ )
في أصح قوليه والقول الأخر أنها جنس واحد.
ويدل على ما قلناه
لحوم أجناس من الحيوان مختلفة ، مثل الإبل والبقر والغنم وينفرد كل جنس باسم وحكم في
الزكاة.
مسألة
ـ ١٠٧ ـ : قد بينا أن اللحمان أجناس مختلفة والسمك كل ما يختص باسم
، فهو جنس يخالف الجنس الأخر ، وعلى قول ( ـ ش ـ ) الذي يقوله انها جنس واحد اختلف
قول أصحابه في السمك ، فنص ( ـ ش ـ ) على أنها من جنس سائر اللحوم.
وقال أبو علي الطبري
في الإفصاح : من قال ان اللحمان صنف واحد استثنى الحيتان منها ، لان لها اسما أخص من
اللحم وهو السمك ، فيكون الحيتان على هذا القول جنسا واحدا ، أو يكون مثل الألبان جنسا
واحدا ولا يدخل في اللحمان
__________________
وهو اختيار أبي حامد الاسفرائني في التعليق.
يدل على ما قلناه
ما تقدم في المسألة الأولى .
مسألة
ـ ١٠٨ ـ : بيع اللحم صنف منه بعضه ببعض جائز مثلا بمثل ، سواء كان رطبا
أو يابسا ، بدلالة الآية والأصل.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : إذا قلنا ان اللحوم صنف واحد ، أو قلنا أصناف فباع من الصنف الواحد منها بعضه
ببعضه : اما أن يكون في حال الرطوبة ، أو في حال اليبس والجفاف ، فان كان في حال الرطوبة
، فنص ( ـ ش ـ ) على أنه لا يجوز.
وذكر ابن سريج ان
فيه قولا آخر أنه يجوز ، وان كان في حال اليبس ، فلا يخلو : أن يكون تناهى يبسه أو
بقيت فيه رطوبة ، فإن كانت فيه رطوبة ينقص باليبس ، فلا يجوز بيع بعضه ببعض.
وان تناهى يبسه
، فلا يخلو : اما أن يكون منزوع العظم ، أو فيه عظم ، فان كان منزوع العظم كان جائزا
، وان بيع مع العظم ، قال الإصطخري : يجوز ، وحكي عن أبي إسحاق أنه لا يجوز.
مسألة
ـ ١٠٩ ـ : يجوز بيع لحم مطبوخ بعضه ببعض ، وبيع المشوي بعضه ببعض ،
وبيع الشواء بالمطبوخ ، وبيع المطبوخ بالمشوي والني ، بدلالة الاية والأصل ، وعند ( ـ ش ـ ) كل ذلك لا يجوز ،
وقال : إذا يبس ثمَّ أصابته الندا حتى يبتل لم يبع بعضه ببعض.
مسألة
ـ ١١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع اللحم بالحيوان إذا كان من جنسه
، مثل لحم شاة بشاة ولحم بقر ببقر ، فان اختلف لم يكن به بأس ، وهو مذهب ( ـ ك ـ )
__________________
و ( ـ ش ـ ) ، والفقهاء السبعة من أهل المدينة ، الا أن ( ـ للش ـ ) في بيعه
بغير جنسه قولين.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ف ـ ) : يجوز ، وهو اختيار المزني. وقال محمد بن الحسن : يجوز على اعتبار اللحم
الذي في الحيوان ، فان كان أقل من اللحم الذي في مقابلته يجوز ، فيكون مبيعا بقدره
من اللحم ، والزيادة في مقابلة جلد الحيوان والسواقط ، كما قال ( ـ ح ـ ) في بيع الشيرج
بالسمسم والزيت بالزيتون.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه سعيد بن المسيب أن النبي عليهالسلام نهى عن بيع اللحم بالشاة الحية. وفي بعض الاخبار أنه نهى عن بيع الحي بالميت.
وروى هذا الحديث مسندا عن سهل بن سعد الساعدي من جهة الزهري ، ومن جهة الحسن عن سمرة
، ومن جهة عبد الله بن عمر عن النبي عليهالسلام أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان.
مسألة
ـ ١١١ ـ : إذا باع لحما مذكى بحيوان لا يؤكل لحمه ، مثل الحمار والبغل
والعير ، لم يكن به بأس ، بدلالة الآية والأصل. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
وكذا لو باع سمكة
بلحم شاة ، أو بقرة ، أو جمل ، أو باع حيوانا بلحم سمك ، لم يكن به بأس. و ( ـ للش
ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ١١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز للمسلم أن يشتري من الحربي درهمين بدرهم
، ولا يجوز أن يبيعه درهمين بدرهم ، بل ينبغي أن يأخذ الفضل ولا يعطيه ، وكذلك جميع
الأجناس التي فيها الربا.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز ذلك. وقال ( ـ ح ـ ) : إذا اشترى حربي من مسلم في دار الحرب درهمين بدرهم
، أو قفيزين من طعام بقفيز ، جاز ولم يكن ذلك ربا . وحكي عنه أنه
قال : إذا أسلم رجلان في دار الحرب ولم يخرجا الى دار الإسلام ، فتبايعا درهما بدرهمين
، يجوز ذلك ولا يكون ربا.
__________________
مسألة
ـ ١١٣ ـ : الدراهم والدنانير يتعينان بالعقد ، فاذا اشترى سلعة بدراهم
أو دنانير بعينها ، لم يجز له أن يسلم غيرها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يتعينان ، ويجوز أن يسلم غير ما وقع عليه العقد.
دليلنا : أن ما
وقع عليه العقد مجمع على جوازه ، واقامة بدله مقامه يحتاج الى دليل أو تراض ، وليس
هاهنا واحد منهما. وأيضا قد روي أن النبي عليهالسلام قال لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق ، ولا البر بالبر ، ولا الشعير
بالشعير ولا التمر بالتمر ، ولا الملح بالملح الا سواء عينا بعين يدا بيد. فقوله عليهالسلام « عينا بعين » يدل على أنهما يتعينان.
مسألة
ـ ١١٤ ـ : إذا ثبت أنهما يتعينان ، فمتى باع دراهم بدنانير ، أو دنانير
بدراهم ، ثمَّ خرج أحدهما زائفا بأن يكون الدراهم رصاصا ، أو الدنانير نحاسا كان البيع
باطلا ، لان العقد وقع على شيء بعينه ، فاذا لم يصح بطل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال بعض أصحابه
: البيع صحيح ، ويخير فيه.
مسألة
ـ ١١٥ ـ : إذا وجد بالدراهم عيبا من جنسه ، مثل أن يكون فضة خشنة ،
أو ذهبا خشنا ، أو يكون سكة مضطربة مخالفة لسكة السلطان ، فهو بالخيار بين أن يرده
ويسترجع الثمن ، وليس له بدله ، فان كان العيب في الجميع كان بالخيار بين رد الجميع
لوجود العيب في الصفقة . وليس له أن يرد المعيب ويمسك الباقي ، لأن رد البعض دون
الجميع يحتاج إلى دلالة ، وليس في الشرع ما يدل عليه ، ولا خلاف في أن له رد الجميع
، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، الا أنه قال : إذا وجد العيب في البعض فله أن يرد المعيب دون
الصحيح.
__________________
مسألة
ـ ١١٦ ـ : إذا باع دراهم بدراهم أو دنانير بدنانير بأعيانها فوجد ببعضها
عيبا من جنسها ، كان ذلك عيبا له رده وفسخ العقد وله الرضا به ، لان بطلان البيع يحتاج
الى دليل ، وردها بالعيب وفسخ العقد به لا خلاف فيه ، وان كان العيب من غير جنسه كان
البيع باطلا.
وقال أبو الطيب
الطبري من أصحاب ( ـ ش ـ ) : الأمران عندي سواء والبيع باطل ويكون مثل أن يبيع دينارا
جيدا ودينارا رديا بدينارين.
مسألة
ـ ١١٧ ـ : إذا باع دراهم بدنانير في الذمة وتفرقا بعد أن تقابضا ، ثمَّ
وجد أحدهما بما صار اليه عيبا من جنسه في الكل ، فله رده واسترجاع ثمنه وله الرضا به
، وان أراد إبداله بغير معيب كان له ذلك ، بدلالة ما قلناه في المسألة الاولى ، وبه
قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والقول الثاني
ليس له ذلك ويبطل العقد.
مسألة
ـ ١١٨ ـ : إذا باع مائة دينار جيادا ومائة دينار ردية بمائتي دينار
وسطا كان ذلك جائزا ، بدلالة الآية والأصل.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز ذلك ، لأنه يؤدي الى التفاضل ، كما قال في مدي عجوة.
مسألة
ـ ١١٩ ـ : يجوز بيع دينار صحيح ودينار قراضة بدينارين صحيحين وبدينارين
قراضة ، ويجوز بيع درهم صحيح ودرهم مكسور بدرهمين صحيحين أو مكسورين ، بدلالة الآية والخبر.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز.
وأما إذا باع دينارين
جيدين أو صحيحين بدينارين رديين أو مكسورين جاز ذلك بلا خلاف بيننا وبين ( ـ ش ـ )
، قال : لان أجزاء الدينارين الجيدين متساوية القيمة
__________________
[ وأجزاء الدينارين الرديين متساوية القيمة ] فإذا قسم أحدهما على الأخر على قدر اجزاء المقسوم أخذ كل
جزء مثل ما يأخذ الجزء الأخر من عوضه ، فلا يؤدي الى التفاضل.
مسألة
ـ ١٢٠ ـ : إذا باع سيفا محلى بفضة بدراهم ، أو كان محلى بذهب فباعه
بدنانير ، وكان الثمن أكثر مما فيه من الذهب أو الفضة جاز ، بدلالة الآية والأصل ،
وان كان مثله أو أقل منه لم يجز. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز على كل حال.
مسألة
ـ ١٢١ ـ : فإن باع السيف بغير جنس حليته ، مثل أن يكون محلى بفضة ،
فباعه بدنانير أو محلى بذهب فباعه بدراهم ، كان ذلك صحيحا على كل حال. و ( ـ للش ـ
) فيه قولان.
مسألة
ـ ١٢٢ ـ : إذا باع خاتما من فضة مع فضة بدراهم أكثر مما فيه من الفضة
، كان ذلك جائزا ، بدلالة الآية والأصل. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز على كل حال.
مسألة
ـ ١٢٣ ـ : فإن بيع الخاتم بذهب ، كان ذلك جائزا. و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ١٢٤ ـ : إذا كان مع إنسان دراهم صحاحا يريد أن يشتري بها مكسورة أكثر
منها وزنا ، فاشترى بالصحاح ذهبا ، ثمَّ اشترى بالذهب مكسورة أكثر من الصحاح ، كان
جائزا بعد أن يتقابضا ويتفرقا بالأبدان. ولا فرق بين أن يكون ذلك مرة ، أو متكررا منه
، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان مرة جاز وان تكرر ذلك لم يجز ، لأنه يضارع الربا.
مسألة
ـ ١٢٥ ـ : معدن الذهب يجوز بيعه بالفضة ، ومعدن الفضة يجوز بيعه بالذهب
، بدلالة الآية والأصل. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
__________________
بيع النخل المؤبرة
مسألة
ـ ١٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من باع نخلا مطلعة ، فإن كان قد أبر الطلع
، فالثمرة للبائع الا أن يكون المشتري قد اشترطها ، وان لم يكن أبرها فالثمرة للمشتري
الا أن يشترط البائع أن يكون له ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ابن أبي ليلى
: الثمرة للمشتري ، سواء أبرها ، أو لم يؤبرها.
وقال ( ـ ح ـ )
: الثمرة للبائع ، سواء أبرها أو لم يؤبرها.
مسألة
ـ ١٢٧ ـ : إذا أبر بعض ما في البستان مثل نخلة واحدة لم يصر الباقي
في حكم المؤبر ، فإذا باع نخل البستان كان ثمرة النخل المؤبر للبائع ، وما لم يؤبر
يكون للمشتري ، بدلالة الأخبار الواردة في أن من باع نخلا بعد أن يؤبر فثمرتها للبائع
، وما لم يؤبره فللمشتري .
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا كانت واحدة مؤبرة صار الجميع للبائع. وقال أصحابه : حكم جميع الثمار حكم النخل ، الا ابن خيران فإنه قال :
التأبير لا يكون إلا في النخل.
مسألة
ـ ١٢٨ ـ : إذا باع نخلا مؤبرة ، فقد بينا أن الثمرة للبائع والأصل للمشتري
، فإذا ثبت هذا فلا يجب على البائع نقل هذه الثمرة حتى بلغ ابان الجذاذ في العرف والعادة ، وكذلك إذا باع ثمرة منفردة
بعد بدو الصلاح فيها وجب على البائع تركها حتى يبلغ أوان الجذاذ ، لقول النبي عليهالسلام « لا ضرر ولا إضرار » وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يلزمه قطعها وتفريغ النخل منها.
__________________
ما يدخل في بيع الأرض
مسألة
ـ ١٢٩ ـ : إذا قال بعتك هذه الأرض ، ولم يقل بحقوقها وفيها بناء وشجر
، لم يدخل في البيع البناء والشجر ، لأنه إذا أطلق البيع فإنه يتناول الأرض دون البناء
والشجر.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها يدخل البناء والشجر في البيع وفي الرهن ، قال : لا يدخل فيه الا
إذا قال بحقوقها. والثاني : قال بعض أصحابه : لا فرق بين البيع والرهن [ لا يدخل البناء
والشجر فيهما الا أن يقول بحقوقها ، ومنهم من قال : لا يدخلان في الرهن الا أن يقول
بحقوقها ، ويدخلان في البيع بمطلق العقد ] .
مسألة
ـ ١٣٠ ـ : إذا باع دارا وفيها رحى مبنية وغلق منصوب دخل الرحى التحتاني
والغلق في البيع بلا خلاف ، وعندنا أن الرحى الفوقاني والمفتاح أيضا يدخلان فيه ، لان
ذلك من حقوق الدار. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ١٣١ ـ : الماء الذي في البئر مملوك لصاحب الدار ، لان له منع الغير
منه ومن التصرف فيه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان : أحدهما يملك ، وهو اختيار ابن أبي هريرة. والأخر لا يملك ، وهو اختيار المروزي
أبي إسحاق.
مسألة
ـ ١٣٢ ـ : إذا باع أرضا وفيها حنطة وشعير مطلقا من غير اشتراط الزرع
، فالزرع للبائع ويلزم المشتري تبقيته في الأرض إلى وقت الحصاد ، لقوله عليهالسلام « لا ضرر ولا ضرار » وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يلزمه نقله وتفريغ الأرض.
مسألة
ـ ١٣٣ ـ : يجوز بيع الحنطة في سنبلها منفردا من الأرض ومع الأرض بدلالة
الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٣٤ ـ : إذا باع أرضا فيها بذر مع البذر ، فالبيع صحيح ، بدلالة
__________________
الاية ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر يبطل البيع فيهما.
مسألة
ـ ١٣٥ ـ : إذا باع ثمرة منفردة عن الأصل ، مثل ثمرة النخل والكرم وسائر
الثمار ، فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون قبل بدو الصلاح ، أو بعده.
فان كان الأول فلا
يخلو البيع من أحد أمرين : اما أن يبيع سنتين فصاعدا ، أو سنة واحدة. فإن كان الأول
، فإنه يجوز عندنا خاصة ، بدلالة إجماع الفرقة وأخبارهم ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
وان باع سنة واحدة
، فلا يخلو البيع من ثلاثة أحوال : اما أن يبيع بشرط القطع ، أو مطلقا ، أو بشرط التبقية
، فإن باع بشرط القطع في الحال جاز بالإجماع وان باع مطلقا ، أو بشرط التبقية لم يصح
، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز بشرط القطع ، ويجوز مطلقا ويجب عليه القطع في الحال ، ولا يجوز بشرط التبقية
، فجعل الخلاف في البيع المطلق.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى عبد الله ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري. وروى أيضا عبد الله
بن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن بيع الثمار حتى يذهب العاهة ، فقيل لعبد الله بن عمر متى ذلك ، قال :
إذا طلع الثريا.
وروى أنس بن مالك
أن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن بيع الثمار حتى يزهى ، قيل : يا رسول الله وما يزهى؟ قال : حتى يحمر.
وقال عليهالسلام : أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ وروى جابر بن عبد الله
أن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن بيع الثمرة حتى يشقح ، قال : وما يشقح ؟ قال يحمر ويصفر
ويؤكل منها.
وروى أبو سعيد الخدري
عن النبي عليهالسلام أنه قال : لا نبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها ، قيل : وما بدو صلاحها؟ قال :
يذهب عاهتها ويخلص طيبها. وروى ابن
__________________
عباس أن النبي عليهالسلام نهى عن بيع التمر حتى يطعم. وروى أنس بن مالك أن النبي عليهالسلام نهى عن بيع العنب حتى يسود ، وعن بيع الحب حتى يشتد.
مسألة
ـ ١٣٦ ـ : إذا كانت الأصول لرجل والثمرة لاخر ، فباع الثمرة من صاحب
الأصول ، فلا يصح أيضا قبل بدو الصلاح ، بدلالة عموم الاخبار. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ١٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع الثمرة بعد بدو الصلاح ، صح البيع ان كان مطلقا ، أو بشرط التبقية ، أو بشرط
القطع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا باع مطلقا جاز وأجبر على القطع ، وإذا باع بشرط القطع جاز وإذا باع بشرط التبقية
لم يجز.
مسألة
ـ ١٣٨ ـ : لا اعتبار بطلوع الثريا في بدو الصلاح في الثمار ، بل المراعى
صلاحها بأنفسها بالبلوغ أو التلون ، بدلالة الأخبار المروية في ذلك.
وقال بعض الناس
: ان الاعتبار بطلوع الثريا ، لخبر ابن عمر ، وقول ابن عمر حتى يطل الثريا ليس من قول
النبي عليهالسلام وانما هو من قوله ولا يجب اتباع قوله.
مسألة
ـ ١٣٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا بدا الصلاح في بعض الجنس جاز بيع جميع
ما في البستان من ذلك الجنس ، وان لم يبدو صلاحه. وكذلك إذا بدا صلاح بعض الثمار في بستان
واحد ولم يبد صلاح نوع آخر فيه ، فإنه يجوز بيع الجميع وان كان ذلك في بستانين أو بساتين
، فلا يجوز الا أن يبدو الصلاح في كل بستان
__________________
اما في جميعه أو بعضه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يعتبر في بعض الثمرة وان قل حتى لو وجد في بسره واحدة لكان الباقي من ذلك النوع في
ذلك البستان تابعا لها ، وجاز بيع الجميع من غير شرط القطع ، وهل يكون بدو الصلاح في
نوع بدو الصلاح في نوع آخر من جنس واحد في بستان واحد؟ فيه وجهان ولا يختلف مذهبهم
في أن بدو الصلاح في جنس لا يكون بدو الصلاح في جنس آخر ، هذا كله في بستان واحد ،
وأما في بستانين فلا يتبع أحدهما الأخر. وقال ( ـ ك ـ ) : يتبع أحدهما الأخر.
مسألة
ـ ١٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع من البطيخ والباذنجان والقثاء وما
أشبه ذلك الحمل الموجود وما يحدث بعده من الأحمال دون الأصول كان صحيحا ، بدلالة الاية ، ودلالة الأصل ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل في الجميع.
مسألة
ـ ١٤١ ـ : يجوز بيع باقلا الأخضر في القشر الأخضر الفوقاني ، ويجوز
بيع الجوز واللوز وما أشبه ذلك في القشر الفوقاني الأخضر على الأرض وعلى الشجر منفردا
عن الشجر ومع الشجر ، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: كل ذلك لا يجوز. وقال أبو العباس بن العاص ، وأبو سعيد الإصطخري من أصحابه : يجوز
ذلك إذا كان رطبا ، فاذا جف ذلك القشر لا يجوز.
مسألة
ـ ١٤٢ ـ : الفجل المغروس في الأرض والشلجم والجزر إذا اشترى ورقه بشرط
القطع ، أو بغير شرطه ، أو أصله بشرط القطع ، أو بشرط التبقية جاز ، بدلالة الآية.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا اشترى ورقه بشرط القطع جاز ، وان لم يشترط ذلك لم يصح وأما بيع أصله فإنه لا
يجوز على حال.
__________________
مسألة
ـ ١٤٣ ـ : يجوز بيع الحنطة في سنبلها ، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال
( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع ثمرة بستان ، جاز أن يستثني أرطالا
معلومة ، لأن الأصل جوازه وعليه إجماع الفرقة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ذلك ، لان الثمرة مقدارها مجهول.
مسألة
ـ ١٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يبيع شاة ويستثني رأسها أو جلدها
، سواء كان ذلك في سفر أو حضر وعلى كل حال ، ومتى باع كذلك كان شريكا بمقدار ما يستثنيه من الثمن.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ذلك على كل حال.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان في حضر لا يجوز ، وان كان في سفر يجوز.
مسألة
ـ ١٤٦ ـ : إذا باع ثمرة وسلمها إلى المشتري ، والتسليم أن يخلي بينها
وبينه ، ثمَّ أصابتها جائحة فهلكت ، أو هلك بعضها ، فإنه لا ينفسخ البيع ، لأنه لا دليل على الفسخ وقد ثبت
العقد.
وقال ( ـ ش ـ )
في القديم : ينفسخ البيع. وقال في الأم : لا ينفسخ ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان ذلك فيما دون الثلاث ، فهو من ضمان المشتري ، وان كان الثلاث فصاعدا ، فهو
من ضمان البائع.
مسألة
ـ ١٤٧ ـ : القبض في الثمرة على رؤوس النخل هو التخلية بينها وبين المشتري
، لأن العادة في الشجرة أنها لا تنقل ولا يحول ، والثمرة ما دامت متصلة بها كانت بمنزلتها
، فيكون القبض فيها التخلية.
__________________
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، وهو قوله الجديد. والثاني وهو قوله القديم ان القبض فيها النقل مثل ما يكون على وجه الأرض.
مسألة
ـ ١٤٨ ـ : لا يجوز المحاقلة ، وهو بيع السنابل التي انعقد فيها الحب
واشتد بحب من جنسه من ذلك السنبل ، لإجماع الفرقة على ذلك ، وروى أصحابنا أنه ان باع
بحب من جنسه من غير ذلك السنبل ، فإنه يجوز.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز بيعها بحب من جنسها على كل حال ، واليه ذهب قوم من أصحابنا. وحكى عن ( ـ
ك ـ ) أنه قال : المحاقلة اكراء الأرض للزرع بالحب.
مسألة
ـ ١٤٩ ـ : المزابنة بيع التمر على رؤوس الشجر بتمر موضوع على الأرض
، وهو محرم بلا خلاف ، ومن أصحابنا من قال : ان المحرم أن يبيع ما على الرؤوس من النخل
بتمر منه ، فأما بتمر آخر فلا بأس.
مسألة
ـ ١٥٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز بيع العرايا ، وهو جمع عرية ، وهي أن
يكون لرجل نخلة في بستان لغيره أو دار ، فشق دخوله في البستان ، فيشتريها منه بخرصها
تمرا بتمر ويعجله له ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز بيع العرايا ، وهو بيع التمر على رؤوس النخل خرصا بمثله من التمر كيلا ، ويجوز
فيما دون خمسة أوسق قولا واحدا ، أو في خمسة أوسق على قولين ، وفيما زاد على خمسة أوسق
لا يجوز.
واختلف قوله ، فقال
في الأم : الغني والفقير المحتاج سواء. وقال في اختلاف الأحاديث والإملاء : لا يجوز
الا للفقير وهو اختيار المزني.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز ذلك في القليل ، والكثير وهو ربا.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى سهل بن أبي خيثمة أن النبي عليهالسلام نهى عن بيع التمر بالتمر الا أنه رخص في العرايا أن
__________________
يباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا. وهذا نص وما ذكرناه من تفسير العرية قول أبي عبيدة من أهل اللغة.
مسألة
ـ ١٥١ ـ : إذا كان للرجل نخلة عليها تمر ، وللآخر نخلة عليها تمر ،
فخرصاهما تمرين ، فلا يجوز بيع إحداهما بالأخرى الا أن يكونا عريتين ، لعموم الاخبار
في النهي عن بيع المزابنة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها يجوز ، والثاني ان كانا نوعا واحدا لا يجوز ، وان كانا نوعين يجوز.
والثالث لا يجوز بحال ، وانما يجوز بيعه بالتمر الموضوع على الأرض كيلا.
مسألة
ـ ١٥٢ ـ : إذا فسرنا العرية بما تقدم ذكره ، فلا يجوز لأحد أن يبيع
ثمرة بستانه نخلة نخلة بيع العرية ، لأن ما ذكرناه في حقيقة العرية لا يتأتى في نخل
البستان كلها.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز أن يبيع نخلة نخلة أو نخلتين إذا كان ذلك دون الخمسة أوسق.
مسألة
ـ ١٥٣ ـ : العرية لا يكون إلا في النخل خاصة ، فأما الكرم وشجر الفواكه
فلا عرية فيها ، لأنه لا دليل على ذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
في العنب عرية مثل ما في النخل قولا واحدا ، وفي سائر الأشجار له فيها قولان.
مسألة
ـ ١٥٤ ـ : يجوز بيع ما عدا الطعام قبل أن يقبض ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز بيعه قبل القبض ، ولا فرق بين الطعام وبين غيره ، وبه قال عبد الله بن عباس.
وقال ( ـ د ـ )
: ان كان مكيلا أو موزونا ، لم يجز بيعه قبل القبض ، ويجوز في غيرهما
__________________
وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ف ـ ) : ان كان مما ينقل ويحول لم يجز بيعه قبل القبض ، وان كان مما لا ينقل
ولا يحول من العقار جاز بيعه قبل القبض.
يدل على ما قلناه
ان الطعام مجمع عليه ، ولا دليل على ما عداه ، وظاهر الآية يقتضي جوازه. وأيضا قول
النبي عليهالسلام من اتباع طعاما ، فلا يبعه حتى يستوفيه ، فخص الطعام بذلك ، فلو كان حكم غيره
حكمه لبينه.
مسألة
ـ ١٥٥ ـ : القبض فيما عدا العقار والأرضين نقل المبيع الى مكان آخر
لان ما اعتبرناه لا خلاف في أنه قبض ، ولا دليل على ثبوت ما ادعوه قبضا ، وبه قال (
ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: القبض هو التخلية في جميع الأشياء.
مسألة
ـ ١٥٦ ـ : يجوز بيع الصداق قبل القبض ، وكذلك بيع مال الخلع بدلالة
الآية والأصل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وعند ( ـ ش ـ ) لا يجوز.
مسألة
ـ ١٥٧ ـ : الثمن إذا كان معينا يجوز بيعه قبل قبضه ما لم يكن صرفا ،
وان كان في الذمة فيجوز أيضا ، بدلالة الآية والأصل.
وقال ( ـ ش ـ )
في المعين لا يجوز قولا واحدا ، وفيما في الذمة قولان.
وروى سعيد بن جبير
عن ابن عمر أنه قال : كنت أبيع الإبل بالبقيع ، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم ، وأبيع
بالدراهم وآخذ الدنانير ، آخذ هذه من هذه ، وأعطي هذه من هذه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا بأس أن تأخذها ما لم تفترقا وبينكما شيء.
مسألة
ـ ١٥٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لمن أسلم إليه : أذهب الى من أسلمت
اليه واكتل منه الطعام لنفسك ، فذهب واكتاله ، لم يصح قبضه بلا خلاف. وإذا قال : احضر
اكتيالي منه حتى أكتاله ، فحضر معه واكتاله ، لم يجز أيضا بلا خلاف.
__________________
وان قال : احضر
معي حتى أكتاله لنفسي ثمَّ تأخذه أنت من غير كيل ، فإن رضي باكتياله لنفسه كان عندنا
جائزا ، ولا يجوز عند ( ـ ش ـ ). وإذا اكتاله لنفسه ويتركه ولا يفرغه ، ويكون ما عليه
مكيالا واحدا فكاله عليه جاز عندنا. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
وان اكتاله المشتري
منه وفرغه ، ثمَّ كاله كيلا مستأنفا على من باع منه ، كان القبضان جميعا صحيحين بلا
خلاف.
مسألة
ـ ١٥٩ ـ : إذا كان لرجل على غيره قفيز طعام من جهة السلم والذي عليه
الطعام من جهة السلم له على غيره طعام من جهة القرض ، فجاء المسلم فطالب المسلم اليه
بالطعام ، فأحاله على من له عليه من جهة القرض ، كان جائزا.
وكذلك ان كان الطعام
الذي له قرضا والذي عليه سلما كان جائزا ، لأن الأصل جواز ذلك ، والمنع يحتاج الى دليل
، ولان هذه حوالة ليست ببيع ، فلا وجه للمنع منه. وقال ( ـ ش ـ ) في المسألتين لا يجوز.
مسألة
ـ ١٦٠ ـ : إذا كان الطعامان قرضين يجوز الحوالة بلا خلاف ، وان كانا
سلمين يجوز أيضا عندنا ، بدلالة أن الأصل جوازه ، ولا دليل على المنع منه وعند ( ـ
ش ـ ) لا يجوز .
مسألة
ـ ١٦١ ـ : إذا انقطع المسلم فيه ، لم ينفسخ البيع ويبقى في الذمة لأن
العقد ثابت والفسخ يحتاج الى دليل ولا دليل عليه.
و ( ـ للش ـ ) قولان
: أحدهما ينفسخ السلم ، والأخر له الخيار ان شاء رضي بتأخيره إلى قابل وان شاء فسخه.
مسألة
ـ ١٦٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع طعاما قفيزا بعشرة دراهم مؤجلة ،
فلما حل الأجل أخذ بها طعاما جاز ذلك إذا أخذ مثله ، فان زاد عليه لم يجز.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ولم يفصل ، وبه قال بعض أصحابنا ، وهذا قوي لأن ذلك بيع طعام بدراهم في القفيزين
معا لا بيع طعام بطعام ، فلا يحتاج الى اعتبار المثلية وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز ولم
يفصل.
مسألة
ـ ١٦٣ ـ : إذا باع عبدا أو سلعة وقبض المشتري المبيع ولم يقبض البائع
الثمن ، يجوز للبائع أن يشتريه منه بأي ثمن شاء نقدا أو نسيئة وعلى كل حال ، وبه قال
( ـ ش ـ ) ، ومن الصحابة ابن عمر ، وزيد بن أرقم ، واليه ذهب أبو ثور وفي أصحابنا من
روى أن ذلك لا يجوز وذهب إليه عائشة وابن عباس ، وفي الفقهاء ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ
) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
وتفصيل مذهب ( ـ
ح ـ ) أن له أن يشتريه منه بمثل ذلك الثمن أو أكثر منه ، فان اشتراه بأقل منه لم يخل
من أحد أمرين : اما أن يكون الثمنان معا مما فيه الربا أو مما لا ربا فيه ، فان لم
يكن فيهما الربا اشتراه كيف شاء ، فلو باعه بثوبين واشتراه بثوب واحد جاز.
وان كان الثمنان
فيهما الربا نظرت ، فان كان الثمنان جنسا واحدا كالطعامين أو دراهم أو دنانير ، لم
يجز أن يشتريه بأقل من ذلك الثمن كيلا ولا وزنا ولا حكما وان كان النقص كيلا مثل أن
باعه بمائة قفيز واشتراه بخمسين قفيزا لم يجز. وان كان النقص وزنا مثل أن باعه بمائة
درهم واشتراه بخمسين لم يجز ، والحكم أن يبيعه ويشتريه بذلك إلى سنة ، أو الى سنة ويشتريه الى سنتين ، كل هذا لا يجوز قال
: وان كانا جنسين جاز أن يشتريه بأقل إلا في الذهب والورق فان القياس يقتضي أنه جائز
، لكنا لا نجوزه استحسانا.
وهذا انما يتصور
في القيمة ، فإذا باعه بمائة درهم لم يجز أن يشتريه بدينار
__________________
قيمته أقل من مائة ، قال : وكل موضع قلنا لا يجوز أن يشتريه البائع من المشتري فكذلك عبده البائع المأذون
له في التجارة ، وكذلك مكاتبه ومدبره ومضاربه ، وكذلك شريكه ان دفع الثمن من مال الشركة
، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: وكذلك لا يجوز أن يشتريه أبو البائع ولا ولده ، وخالفه ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) هاهنا
، قال : فان عاب العبد في يد المشتري جاز له أن يشتريه منه بأي ثمن شاء ، وان خرج العبد
عن ملك المشتري نظرت ، فان خرج عن ملكه ببيع أو هبة جاز له أن يشتريه ممن انتقل الملك
اليه كيف شاء ، وان خرج عن ملكه بالموت الى وارثه ، لم يجز له أن يشتريه من وارثه.
والخلاف معه في
فصل واحد ، وهو إذا كان الجنس واحدا ، فأراد أن يشتريه بأقل من ذلك الثمن كيلا أو وزنا
أو حكما على ما فصلناه.
ويدل على مذهبنا
قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» وهذا بيع ، وقوله
« إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ
» وهذه تجارة عن تراض
، ومن منع منه فعليه الدلالة ، وأكثر أخبارنا يدل على ما قلناه.
واحتجوا بما روي
أن رجلا باع من رجل حريرة بمائة ثمَّ اشتراها بخمسين ، فسأل ابن عباس عن ذلك ، فقال : دراهم بدارهم متفاضلة
دخلت بينهما حريرة.
وروى يونس بن أبي
إسحاق السبيعي عن أمه عالية بنت أيفع قالت
__________________
خرجت الى الحج أنا وأم محبة ، فدخلنا على عائشة فسلمنا عليها ، فقالت : من أين
أنتن ؟ فقلنا : من الكوفة ، فكأنها أعرضت فقالت لها أم محبة يا أم المؤمنين كانت
لي جارية فبعتها من زيدين أرقم بثمانمائة درهم الى عطاءه ، فأراد أن يبيعها فاشتريتها
منه بستمائة نقدا ، فقالت : بئسما شريت وبئسما بعت ، أخبري زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده
مع رسول الله صلىاللهعليهوآله الا أن يتوب ، فقالت : أرأيت إن أخذت رأس مالي ، فقالت : قوله تعالى «
فَمَنْ جاءَهُ
مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ
» .
ورواه أبو إسحاق
السبيعي عن امرأته قالت : حجت أنا وأم ولد زيد بن ثابت فدخلنا على عائشة الحديث.
الجواب عن خبر عائشة
أن رواية عالية بنت أيفع وأم محبة قال ( ـ ش ـ ) : وهما مجهولتان ، والمجهول أضعف من الضعيف
المعروف وقال الطحاوي : عالية بنت أيفع زوجة أبي إسحاق السبيعي امرأة معروفة ولها ولدان
فقيهان ، وجوابه أن الكلام عليها لا على أولادها ، وإذا كانت مجهولة لم تتعرف بأولادها.
قال ( ـ ش ـ ) :
وأصل الخبر لا يصح من وجه آخر ، وذلك أنه لا يخلو زيد أن يكون قال ذلك اجتهادا أو سمع
من النبي شيئا وخالفه ، فان كان الثاني فهذا طعن على الصحابي لا نقول به ، والقول الأول
لا يحبط الجهاد مع رسول الله ، لأنه صادر عن اجتهاد ، فعلم بذلك بطلان الخبر على أنه
لو سلم الخبر من كل طعن لم يكن فيه دلالة لأن المرأة أخبرت أن زيدا اشترى الجارية إلى
العطاء ثمَّ باعها والشراء الى
__________________
العطاء باطل ، لأنه أجل مجهول والشراء بعد البيع الفاسد باطل ، ويدل على ذلك
قولها بئس ما شريت وبئس ما بعت.
مسألة
ـ ١٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التصرية تدليس يثبت به الخيار للمشتري بين
الرد وفسخ البيع وبين الإمساك وبه قال ( ـ ك ـ ) والليث ، وابن أبى ليلى ، و ( ـ ش
ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وهو مذهب عبد الله بن مسعود ، ذكره البخاري في صحيحه
، وبه قال ابن عمر ، وأبو هريرة ، وأنس بن مالك. وقال ( ـ ح ـ ) : لا خيار له.
مسألة
ـ ١٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الخيار في المصراة ثلاثة أيام ، مثل الخيار
في سائر الحيوان.
واختلف أصحاب (
ـ ش ـ ) فيها ، فقال أبو إسحاق : قدر الثلاثة للوقوف على التدليس ومعرفة عيب التصرية.
وقال ابن أبي هريرة : الثلاثة إذا شرط الخيار فيه ، وخيار التصرية على الفور. ومنهم
من قال : إذا وقف على خيار التصرية فيما دون الثلاث كان له الخيار في بقية الثلاث للسنة
، وعليه نص ( ـ ش ـ ) في اختلاف ( ـ ح ـ ) وابن أبي ليلى.
مسألة
ـ ١٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : عوض اللبن الذي يحلبه صاع من تمر أو صاع
من بر على ما نص النبي عليهالسلام عليه ، واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) فيه ، فذهب ابن سريج إلى أنه يرد في كل بلد من غالب
قوته. وقال أبو إسحاق : الصاع من التمر هو الأصل وان كانت الحنطة أكثر ثمنا منه جاز
، وان كان دونه لم يجز. ومنهم من قال : التمر هو الواجب وان أتى على ثمن الشاة للسنة
وهو الصحيح أو البر الذي يثبت أنه عوضه .
مسألة
ـ ١٦٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : التصرية في البقرة مثل التصرية في الناقة
والشاة ، وبه
__________________
قال ( ـ ش ـ ). وقال داود : لا يجوز له رد البقرة.
مسألة
ـ ١٦٨ ـ : إذا صرى جارية وباعها ، لم يثبت له الخيار لمكان التصرية
لأنه لا دليل عليه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أوجه : أحدها أن ذلك مثل التصرية في النعم ، وهو الأصح عندهم. والثاني أنه يردها
ولا يرد معها صاعا من تمر. والثالث لا يردها أصلا.
مسألة
ـ ١٦٩ ـ : إذا صرى أتانا ، فلا يثبت فيه حكم التصرية ، لأنه لا دليل
عليه.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : له ردها. وأما رد التمر ، فمبني على طهارة لبنها ، فقال الإصطخري : لبنها طاهر
، وقال باقي أصحابه : لبنها نجس ، فمن قال : طاهر رد بدله صاعا من تمر ، ومن قال :
نجس لا يرد شيئا ، وعندنا أن لبنها طاهر ، وعليه إجماع الفرقة.
مسألة
ـ ١٧٠ ـ : إذا اشتراها مصراة ، ثمَّ زال تصريتها وصار اللبن عادة لجودة
المرعى لم يثبت الخيار ، لان العيب قد زال ، وانما كان له الرد لمكان العيب.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والأخر أن الخيار لا يسقط ، لأنه تدليس وعندي
أن هذا الوجه قوي لمكان الخبر ، لأنه لم يفصل من أن يزول التصرية أو لا يزول.
مسألة
ـ ١٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حصل من المبيع فائدة من نتاج أو ثمرة
بعد القبض ، ثمَّ ظهر به عيب كان فيه قبل العقد ، كان ذلك للمشتري ، وبه قال ( ـ ش
ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: الولد يرده مع الام ، ولا يرد الثمرة مع الأصول. وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط رد الأصل
بالعيب.
مسألة
ـ ١٧٢ ـ : إذا اشترى حيوانا حاملا ، فولد في ملك المشتري بعد
القبض ، ثمَّ وجد به عيبا كان به قبل البيع ردها ورد الولد معها ، لان عقد البيع
قد اشتمل على جارية حامل ، فالحمل داخل في الثمن.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان. إذا قال : للولد قسط من الثمن ، قال : يرد. وإذا قال : ليس له قسط من الثمن
، قال : لا يرد الولد.
مسألة
ـ ١٧٣ ـ : إذا اشترى جارية حاملا ، فولدت في ملك المشتري عبدا مملوكا
، ثمَّ وجد بالأم عيبا ، فإنه يرد الام دون الولد ، لعموم قوله عليهالسلام « الخراج بالضمان ».
وقال ( ـ ش ـ )
: فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه ، والثاني : يردهما جميعا ، لأنه لا يفرق بين الام
وولدها دون سبع سنين. والأول أصح عندهم.
مسألة
ـ ١٧٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من اشترى جارية فوطئها ، ثمَّ علم بعد الوطي
أن بها عيبا ، لم يكن له ردها وله الأرش ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وسفيان الثوري ، وهو
مروي عن علي عليهالسلام.
وقال ( ـ ش ـ )
، وأبو ثور ، وعثمان البتي : له ردها ولا يجب عليه مهرها ان كانت ثيبا ، وان كانت بكرا
لم يكن له ردها. وقال ابن أبي ليلى : يردها ويرد معها مهر مثلها.
مسألة
ـ ١٧٥ ـ : إذا حدث بالمبيع عيب في يد البائع ، كان المشتري الرد أو
الإمساك ، وليس له اجازة البيع مع الأرش ، ولا يجبر البائع على بذل الأرش بلا خلاف
، فان تراضيا على الأرض كان جائزا ، لقوله عليهالسلام « الصلح جائز بين المسلمين الا ما حرم حلالا أو حلل حراما » وظاهر مذهب ( ـ
ش ـ ) أنه لا يجوز.
مسألة
ـ ١٧٦ ـ : إذا اشترى نفسان من إنسان عبدا أو جارية وقبضاها ، ثمَّ وجدا
بها عيبا ، كان لهما الرد بالعيب إجماعا ، وان أراد أحدهما أن يرد نصيبه والأخر أراد
إمساكه ، لم يكن لمن أراد الرد أن يرد نصيبه حتى يتفقا ، وبه
قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: له أن يرد نصيبه.
وانما قلنا ذلك
، لأنا أجمعنا على أن لهما الخيار ، ولا دليل على أن له الرد على الانفراد ، وان قلنا
له الرد لعموم الاخبار في ذلك كان قويا.
مسألة
ـ ١٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى عبدين صفقة واحدة ، فوجد بأحدهما
عيبا ، لم يجز له أن يرد المعيب دون الصحيح ، وله أن يردهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: له أن يرد المعيب دون الأخر.
مسألة
ـ ١٧٨ ـ : إذا اشترى جارية رأى شعرها جعدا ، ثمَّ وجده سبطا لم يكن له الخيار ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ
). وقال ( ـ ش ـ ) : له الخيار.
مسألة
ـ ١٧٩ ـ : إذا بيض وجهها ، ثمَّ أسمر أو حمر خديها بالدمام وهو الكلكون ثمَّ اصفر لم يكن له الخيار ، لأنه لا دليل عليه.
وعند ( ـ ش ـ ) له الخيار.
مسألة
ـ ١٨٠ ـ : إذا اشترى جارية على أنها بكر فكانت ثيبا ، روى أصحابنا أنه
ليس له الرد. وقال ( ـ ش ـ ) : له الرد.
مسألة
ـ ١٨١ ـ : إذا اشترى عبدا على أنه كافر فخرج مسلما ، لم يكن له الخيار
لأنه لا دليل عليه ، وبه قال المزني. وقال باقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : له الخيار.
مسألة
ـ ١٨٢ ـ : إذا اشترى عبدا أو أمة فوجد زانيا أو زانية ، لم يكن له الخيار ، لأنه لا دليل عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: له الخيار. وقال ( ـ ح ـ ) : في الجارية له الخيار ، وفي العبد لا خيار عليه.
__________________
مسألة
ـ ١٨٣ ـ : إذا وجد العبد أبخر أو الجارية كذلك ، لم يكن له الخيار ،
لما قلناه في المسألة « المسائل ( ـ خ ـ ) » المتقدمة.
وقال ( ـ ش ـ )
: له الخيار. وقال ( ـ ح ـ ) : الخيار في الجارية دون العبد.
مسألة
ـ ١٨٤ ـ : إذا كان العبد يبول في الفراش ، لا يثبت فيه الخيار ، سواء
كان صغيرا أو كبيرا ، لما قلناه فيما تقدم.
وقال ( ـ ش ـ )
: يثبت الخيار في الكبير دون الصغير. وقال ( ـ ح ـ ) : يثبت في الجارية دون العبد.
مسألة
ـ ١٨٥ ـ : إذا كان العبد غير مختون فلا خيار فيه ، صغيرا كان أو كبيرا
، لما قلناه في المسائل المتقدمة .
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان صغيرا فلا خيار له ، وان كان كبيرا فله الخيار ، فإما الجارية فلا خلاف أنه
لا خيار فيها.
مسألة
ـ ١٨٦ ـ : إذا اشترى جارية فوجدها مغنية ، لم يكن له الخيار ، لأنه
لا دليل عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : له الخيار.
مسألة
ـ ١٨٧ ـ : إذا اشترى عبدا فقتله ، ثمَّ علم أنه كان به عيب ، كان له
الرجوع بالأرش ، لأنه قد ثبت أنه له الرد بالعيب ، فمن أسقطه فعليه الدلالة ، وبه قال
( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له ذلك.
مسألة
ـ ١٨٨ ـ : إذا اشترى شيئا وقبضه ، ثمَّ وجد به عيبا ، كان عند البائع
وحدث عنده عيب آخر لم يكن له رده ، الا أن يرضى البائع بأن يقبله ناقصا ويكون له الأرش
، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال أبو ثور وحماد
: إذا حدث عند المشتري عيب ووجد عيبا قديما كان عند
__________________
البائع رده ورد معه أرش العيب.
وقال ( ـ ك ـ )
، و ( ـ د ـ ) : المشتري بالخيار بين أن يرده مع أرش العيب الحادث ، وبين أن يمسكه
ويرجع على البائع بأرش العيب.
مسألة
ـ ١٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى رجل من غيره عبدين ، أو ثوبين
، أو درهمين ، فوجد بأحدهما عيبا ، لم يكن له أن يرد المعيب منهما ، وكان بالخيار بين
رد الجميع ، أو يأخذ أرش المعيب ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز له رده وفسخ البيع في المعيب منهما.
مسألة
ـ ١٩٠ ـ : إذا اشترى عبدين ، ووجد بهما عيبا ، ثمَّ مات أحدهما لم يثبت
الخيار في الباقي ، وله الأرش ، لأنا قد بينا أنه إذا حدث عند المشتري عيب آخر لم يكن
له رده ، وله الأرش والموت في أحدهما من أكبر العيوب ، فوجب أن لا يثبت له الخيار.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر له رده إذا قال بتفريق الصفقة ، ويرده بحصته من الثمن.
وقال بعض أهل خراسان : يفسخ العقد على هذا القول فيهما جميعا ، ثمَّ يرد الباقي وقيمة
التالف ويسترجع الثمن.
مسألة
ـ ١٩١ ـ : إذا أراد أن يرد المعيب « المبيع ( ـ خ ـ ) » بالعيب ، جاز
له فسخ البيع في غيبة البائع وحضرته قبل القبض وبعده ، لان الرد إذا كان حقه فعل أي
وقت شاء ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا كان قبل القبض ، فلا يجوز أن يفسخه في غيبة البائع ، وان كان بعد القبض ، فلا
يجوز الا بحضوره ورضاه أو بحكم الحاكم.
مسألة
ـ ١٩٢ ـ : إذا باع ما يكون مأكولة في جوفه وبعد كسره مثل البيض والجوز
واللوز وغير ذلك ، فليس للمشتري رده وله الأرش ما بين قيمته صحيحا وفاسدا ، لأنه قد
تصرف في المبيع ، فليس له رده ، لعموم الأخبار الواردة في
ذلك.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها لا يرده. والثاني يرده ولا يرد معه شيئا. والثالث يرده ويرد معه
أرش النقص الذي حدث في يده.
مسألة
ـ ١٩٣ ـ : إذا اشترى ثوبا ونشره فوجد به عيبا ، وكان النشر ينقص من
ثمنه ، مثل الشاهجاني المطوي على طاقين ، لم يكن له الرد ، لما قلناه في المسألة الأولى
سواء.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : ان كان مما لا يمكن الوقوف عليه الا بالنشر ، فعلى الخلاف الذي بينهم ، وفيه
الأقوال الثلاثة التي في المسألة الأولى.
مسألة
ـ ١٩٤ ـ : إذا كان لرجل عبد فجنى ، فباعه مولاه بغير اذن المجني ، فإن
كانت جناية توجب القصاص ، فلا يصح بيعه ، لأنه بيع ما لا يملكه ، فإنه حق للمجني عليه.
وان كانت جناية توجب الأرش ، صح إذا التزم مولاه الأرش ، لأنه لا وجه لفساد البيع هاهنا.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما يصح ، وهو اختيار المزني ، و ( ـ ح ـ ) ، ولم يفصلوا والثاني لا يصح ، ولم يفصل.
مسألة
ـ ١٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى رجل من غيره عبدا ، فقبضه ثمَّ
ظهر به عيب ، فإنه يرده بكل عيب يظهر فيه في مدة الثلاثة أيام من حين العقد ، وما يظهر بعد الثلاث فإنه لا يرده بعد
إلا ثلاثة عيوب : الجنون ، والجذام ، والبرص فإنه يرده إلى سنة ولا يرده بعد السنة
بشيء من العيوب.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز له رده بشيء من العيوب التي يحدث بعد القبض.
مسألة
ـ ١٩٦ ـ : من باع شيئا وبه عيب لم يبينه ، فعل محظورا وكان للمشتري
__________________
الخيار بين إمضاء العقد والرضا بالعيب وبين فسخه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال
داود : البيع باطل.
مسألة
ـ ١٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع عبدا أو حيوانا أو غيرهما من المتاع
بالبراءة من العيوب ، صح البيع وبرئ من كل عيب ، ظاهرا كان أو باطنا ، علمه أو لم يعلمه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها « صح ـ ( ـ خ ـ ) » مثل ما قلناه. والثاني : لا تبرء من عيب بحال
، علمه أو لم يعلمه ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ). والثالث : لا تبرء الا من عيب
واحد وهو عيب بباطن الحيوان لم يعلمه البائع ، فأما غير هذا فلا تبرء منه ، وبه قال
( ـ ك ـ ).
فان كان المبيع
غير الحيوان ، كالثياب والخشب والعقار ، ففيه قولان : أحدهما يبرئ بكل حال ، والثاني
لا يبرئ من عيب بحال. وقال ابن أبي ليلى : يبرئ من كل عيب يعده على المشتري ، فان وجد
به عيبا غير الذي عده البائع عليه كان له رده ولا يرده بما عده عليه.
مسألة
ـ ١٩٨ ـ : إذا اشترى ثوبا فصبغه ، ثمَّ علم أن به عيبا كان له الرجوع
بأرش العيب ولم يكن له رده ، لأنه قد تصرف فيه بالصبغ ، الا أن يشاء البائع أن يقبله
مصبوغا ، ويضمن فيه قيمة الصبغ ، فيكون المشتري بالخيار بين إمساكه بغير أرش ، أو يرد
ويأخذ قيمة الصبغ ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: المشتري بالخيار بين إمساكه ويطالب بالأرش ، وبين دفعه الى البائع ويأخذ قيمة الصبغ.
مسألة
ـ ١٩٩ ـ : إذا اشترى ثوبا ، فقطعه وباعه أو صبغه ثمَّ باعه ، ثمَّ علم
بالعيب ، فليس له الا المطالبة بالأرش. وهذه المسألة مبنية على الاولى ، وبه قال (
ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان قد قطع الثوب ثمَّ باعه كما قلناه ، وان كان صبغه ثمَّ باعه
__________________
كان له الرجوع.
مسألة
ـ ٢٠٠ ـ : إذا وكل وكيلا ببيع عبد له فباعه ، فظهر عيب عند المشتري
فطالب الوكيل فأنكر أن يكون العيب به قبل القبض ، فالقول قوله فان حلف سقط الرد ، فان
نكل رددنا اليمين على المشتري ، فان حلف رده على الوكيل ، فاذا رده عليه لم يكن له
رده على الموكل ، لأنه عاد اليه باختياره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: القول قول الوكيل ، فان حلف سقط الرد ، فان لم يحلف حكمنا عليه بالنكول ورد عليه
العبد بذلك ، فكان له رده على موكله.
مسألة
ـ ٢٠١ ـ : إذا باع ذهبا بفضة ومع أحدهما عرض ، مثل أن باعه دراهم وثوبا
بذهب أو ذهبا وثوبا بفضة ، فهو بيع وصرف ، فإنهما يصحان معا ، بدلالة الاية والأصل
، وبه قال ( ـ ح ـ ). و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما يصحان ، والأخر يبطلان.
مسألة
ـ ٢٠٢ ـ : إذا باع ثوبا وذهبا بذهب ، أو ثوبا وفضة بدراهم ، فان كان
الثوب مع أقلهما وزنا صح ، بدلالة الآية والأصل ، وان تساوى النقدان في الوزن لم يصح.
وقال ( ـ ش ـ ) : يبطلان.
مسألة
ـ ٢٠٣ ـ : إذا قال بعتك عبدي وآجرتك داري هذه شهرا بألف ، فهما بيع
واجارة ، ويصحان عندنا بدلالة ما تقدم في المسألة الاولى. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٠٤ ـ : إذا قال لعبده : بعتك عبدي هذا وكاتبتك بألف إلى نجمين فالبيع باطل بلا خلاف ، لأنه
لا يصح بيع عبده من عبده ، وهل يصح الكتابة؟ فعندنا يصح ، بدلالة الآية والأصل ، وقوله
تعالى « فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً
»
__________________
و ( ـ للش ـ ) فيه قولان بناء على تفريق الصفقة.
مسألة
ـ ٢٠٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال بعني هذا الثوب وتخيطه لي بألف ،
أو قال : بعني هذه الحنطة وتطحنها بألف ، أو بعني هذه القلعة وتحذوها لي جميعا بدينار
، فهو كالكتابة يصح جميع ذلك. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٠٦ ـ : إذا قال زوجتك بنتي هذه وبعتك عبدها هذا جميعا بألف ، فهذا
بيع ونكاح ، فإنهما يصحان معا بدلالة ما تقدم ، وقسطنا العوض عليهما بالحصة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ٢٠٧ ـ : إذا قال أبوها لزوجها : زوجتك بنتي هذه ولك هذا الالف بعبدك
هذا ، فالعبد بعضه مبيع وبعضه مهر ، فعندنا يصحان ، بدلالة ما قلناه فيما تقدم. و
( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ويقسط العبد على مهر المثل والالف بالحساب
، والأخر يبطلان.
مسألة
ـ ٢٠٨ ـ : إذا قال لرجل : زوجتك بنتي هذه ولك هذا الالف معا بهذين الألفين
من عندك ، صح البيع والمهر معا ، لمثل ما قلناه فيما تقدم ويكون صرفا ونكاحا ، وعند
( ـ ش ـ ) يبطل.
مسألة
ـ ٢٠٩ ـ : إذا قال : زوجتك بنتي هذه ولك هذا الالف بهذا الالف دينار
، كان صحيحا ، ويكون نكاحا وصرفا مع اختلاف الجنس ، بدلالة ما تقدم.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ٢١٠ ـ : إذا ملك العبد سيده شيئا ملك التصرف فيه ولا يملكه ، بدلالة
قوله تعالى « ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ
عَلى شَيْءٍ » وقوله « هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ
أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ
» فنفى عنه القدرة
عموما إلا
__________________
ما أخرجه الدليل ، ونفى في الآية الأخرى أن يشاركه أحد في ملكه ، وجعل الأصل
العبد مع مولاه ، فقال : إذا لم يشارك عبد أحدكم مولاه في ملكه فيساويه ، فكذلك لا
يشاركني في ملكي أحد فيساويني فيه ، فثبت أن العبد لا يملك أبدا.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان قال في القديم : يملكه إذا ملكه سيده ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وعثمان البتي ، وداود ، وأهل الظاهر ،
وزاد ( ـ ك ـ ) فقال : يملك وان لم يملكه سيده. وقال في الجديد : لا يملك ، وبه قال
أكثر أهل العراق ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
واستدل من قال انه
يملك بما روى سالم عن أبيه أن النبي عليهالسلام قال : من باع عبدا وله مال ، فماله للبائع الا أن يشرط المبتاع. وروي هذا الخبر
عن علي ، وعمر ، وجابر ، وعائشة. وبما روى نافع عن ابن عمر أن النبي عليهالسلام قال : من أعتق عبدا وله مال ، فماله للعبد الا أن يستثنيه السيد.
وروي أن سلمان كان
عبدا فأتى النبي عليهالسلام بشيء ، فقال : هو صدقة فرده ، فأتاه ثانيا ، فقال : هو هدية فقبله ، فلو لا
أن كان يملكه لما قبله. وبقول تعالى « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى
مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ
اللهُ مِنْ فَضْلِهِ » فبين أنه يغنيهم بعد فقر ، فلو لم يملك العبد لما تصور فيه
الغنى.
والجواب عن الآية
أن معناه يغنيهم بالعتق.
والجواب عن الخبر
الأول : أن اضافة المال الى العبد اضافة محل لا اضافة ملك ، أو اضافة جواز التصرف فيه
، لأنا نجيز ذلك ، بدلالة أنه أضاف المال الى العبد بعد البيع ، فقال : من باع عبدا
وله مال ، وأيضا فإنه قال : فماله للبائع ، ولا يجوز أن يكون هذا المال لكل واحد منهما
، فثبت أنه أضاف إلى
__________________
العبد مجازا لا حقيقة. وأما الحديث الثاني ، فإنه ضعيف.
وقال ( ـ د ـ )
: من أعتق عبدا وله مال ، فماله لسيده الا أن يصح حديث عبد الله ابن أبي حفص ، وقد
رووا أنه قال : فمال العبد له. ورووا أيضا أنه قال : فماله لسيده الا أن يجعل له ،
فتعارض الاخبار.
وأما حديث سلمان
ففيه جوابان : أحدهما أن سلمان لم يكن عبدا وانما كان مغلوبا عليه مسترقا بغير حق ،
يدل عليه أن النبي عليهالسلام قال له : سلهم أن يكاتبوك فلما فعلوا قال النبي عليهالسلام استنقذوه ، وانما يقال هذا فيمن كان مقهورا بغير حق. والثاني أنه لو كان مملوكا
أيضا فلا حجة فيه ، لأنه لا خلاف أن هدايا المملوك لا يقبل بغير اذن سيده ، فلما قبلها
النبي عليهالسلام ثبت أنه كان بإذن سيده.
مسألة
ـ ٢١١ ـ : إذا كان مع العبد مائة درهم ، فباعه بمائة درهم ودرهم صح
البيع ، بدلالة الآية ، فان باعه بمائة درهم لم يصح ، وبه قال ( ـ ح ـ ). و ( ـ للش
ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢١٢ ـ : إذا كان ماله دينا فباعه وماله صح البيع بدلالة الآية ، ولان البيع عندنا صحيح. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح.
مسألة
ـ ٢١٣ ـ : إذا باعه عبده ومالا ، ثمَّ علم بالعيب وما حدث به عنده عيب ولا نقص كان له رده والمال معه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال داود : يرده دون المال.
مسألة
ـ ٢١٤ ـ : من اختلط ماله الحرام بالحلال ، فالشراء مكروه منه وليس بحرام
إذا لم يكن الحرام بعينه ، سواء كان الحرام أقل أو أكثر أو متساويا ،
__________________
وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان الحرام أكثر حرم كله ، وان كان الحلال أكثر فهو حلال.
ويدل على ما قلناه
قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» فمن حكم بتحريم
الكل فعليه الدليل. وأيضا روي النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول الحلال بين والحرام بين وبين ذلك مشتبهات لا يدري كثير من الناس أمن الحلال
هي أم من الحرام ، فمن تركها استبراء لعرضه ودينه فقد سلم ، ومن واقع شيئا منها يوشك
أن يواقع الحرام ، كما أنه من يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ، ألا وان لكل ملك حمى
، ألا وان حمى الله محارمه.
مسألة
ـ ٢١٥ ـ : إذا ادعى عمرو عبدا في يد زيد ، وأقام البينة أنه له اشتراه
من زيد ، وأقام زيد البينة أنه له وأنه هو اشتراه من عمرو ، فالبينة بينة الخارج وهو
عمرو ، بدلالة قول النبي عليهالسلام البينة على المدعي ، وبه قال ( ـ م ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : البينة بينة الداخل.
مسألة
ـ ٢١٦ ـ : إذا اشترى رجلان من رجل عبدا صفقة واحدة ، ثمَّ غاب أحد المشتريين
قبل القبض وقبل دفع الثمن ، فللحاضر أن يقبض قدر حقه ويعطي ما يخصه من الثمن ، وله
أن يدفع كل الثمن نصفه عنه ونصفه عن شريكه.
فاذا فعل فإنما
له قبض نصيبه دون نصيب شريكه ، لأنه حقه وقبض نصيب الغير يحتاج الى دليل في صحته ،
فاذا عاد شريكه كان له قبض نصيبه من البائع وليس لشريكه الرجوع عليه بما قضى عنه من
الثمن ، لأنه قضى دينه بغير أمره ، فيحتاج الى دليل في صحة رجوعه عليه ، وبه قال (
ـ ش ـ ) وأصحابه.
__________________
وخالف ( ـ ح ـ )
في المسائل الثلاثة ، فقال : ليس للحاضر أن ينفرد بقبض نصيبه بدفع نصيبه من الثمن ، وقال : للحاضر أن يدفع جميع
الثمن عن نفسه وعن شريكه ، فاذا دفع كان له قبض كل العبد نصيبه ونصيب شريكه ، قال :
فاذا حضر الغائب كان للحاضر أن يرجع عليه بما قضى عنه من الثمن.
مسألة
ـ ٢١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الاستبراء واجب على البائع في الجارية وعلى
المشتري معا ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، والحسن البصري ، والنخعي ، وابن سيرين.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : هو مستحب للبائع ، واجب على المشتري ، وبه قال أكثر
الفقهاء. وقال عثمان البتي : الاستبراء واجب على البائع ، مستحب للمشتري.
مسألة
ـ ٢١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حاضت الجارية في مدة الخيار عند المشتري
جاز أن يعتد به في الاستبراء ويكفيه ذلك.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان الخيار للبائع أو لهما لا يعتد به ، وان كان للمشتري وحده فمبنى على أقواله
الثلاثة في انتقال الملك ، فاذا قال : ينتقل بنفس العقد أو مراعى فقد كفاه الاستبراء.
وإذا قال : بمجموعهما لم يعتد بذلك.
مسألة
ـ ٢١٩ ـ : الاستبراء يكون عند المشتري ، سواء كانت جميلة أو قبيحة.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كانت جميلة رائعة وجبت المواضعة عند عدل حتى يستبرئ ثمَّ يقبضها المشتري.
مسألة
ـ ٢٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى جارية في حال حيضها احتسب ببقية
الحيض وكفاه.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : لا يحتسب وعليه أن يستأنف الاستبراء حيضة أخرى. وقال ( ـ ك ـ ) :
__________________
ان مضى الأقل وبقي الأكثر يحتسب به.
مسألة
ـ ٢٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال.
وصورته أن يقول بعتك برأس مال وربح درهم على كل عشرة. وليس ذلك بمفسد للبيع وبه قال
ابن عمر ، وابن عباس.
قال ابن عباس :
أكره أن أبيع ده يازده وده دوازده ، لأنه بيع الأعاجم.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وأكثر الفقهاء : انه غير مكروه والبيع صحيح طلق روي
ذلك عن ابن مسعود ، وعمر. وقال ( ـ د ـ ) ، وإسحاق بن راهويه : بيع المرابحة باطل.
مسألة
ـ ٢٢٢ ـ : إذا اشترى سلعة بمائة إلى سنة ، ثمَّ باعها في الحال مرابحة
وأخبر أن ثمنها مائة ، فالبيع صحيح بلا خلاف ، فاذا علم المشتري بذلك ، كان بالخيار
بين أن يقبضه الثمن حالا أو يرده بالعيب ، لأنه تدليس ، وبه قال أصحاب ( ـ ش ـ ) ،
وقالوا : لا نص لنا في المسألة.
وقال ( ـ ح ـ )
: يلزم البيع بما تعاقدا عليه ، ويكون الثمن حالا ، لأنه قد صدق فيما أخبر.
وقال ( ـ ع ـ )
: يلزم العقد ويكون
الثمن في ذمة المشتري على الوجه الذي هو في ذمة البائع إلى أجل.
مسألة
ـ ٢٢٣ ـ : إذا قال هذا علي بمائة بعتك بربح كل عشرة درهم ، فقال اشتريت
، ثمَّ قال : غلطت اشتريته بتسعين كان البيع صحيحا ، لأن الأصل صحته وبه قال ( ـ ح
ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : البيع باطل.
مسألة
ـ ٢٢٤ ـ : إذا ثبت أن البيع صحيح ، فكم يلزمه؟ عندنا هو بالخيار بين
أن يأخذه بمائة وعشرة أو يرد والخيار إليه ، لأن العقد وقع على مائة وعشرة
__________________
فاذا تبين نقصانا في الثمن كان ذلك عيبا ، فالخيار اليه بين الرد والرضا به
، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في أحد قوليه. والقول الثاني يلزمه
تسعة وتسعون درهما ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وهو قوي لأنه باعه مرابحة.
مسألة
ـ ٢٢٥ ـ : إذا باع سلعة ، ثمَّ حط من ثمنه بعد لزوم العقد وأراد بيعه
مرابحة لم يلزمه حطه وكان الثمن ما عقد عليه قبل الحط ، لان الثمن قد استقر بالعقد
وكان الحط هبة للمشتري ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يلحق ذلك بالعقد ويكون الثمن ما بعد العقد.
مسألة
ـ ٢٢٦ ـ : إذا اشترى ثوبا بعشرة وباعه بخمسة عشر ثمَّ اشتراه بعشرة
فقد ربح خمسة ، فإذا أراد بيعه مرابحة أخبر بالثمن الثاني وهو عشرة ، لأنه إنما ملك
بالثمن الثاني ولم يجب عليه أن يخبر بدونه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: عليه أن يخبر بما قد قام عليه ، وهو أن يحط الخمسة التي ربحها.
مسألة
ـ ٢٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى سلعتين بثمن واحد ، فإنه لا يجوز
أن يبيع أحدهما مرابحة ويقسم الثمن عليهما على قدر قيمتهما ، وبه قال ( ـ ح ـ ) في
السلعتين وأجاز في القفيزين. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز في الكل.
مسألة
ـ ٢٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع شيئين صفقة واحدة أحدهما ينفذ فيه
البيع ، والأخر لا ينفذ ، بطل فيما لا ينفذ البيع فيه ، وصح فيما ينفذ فيه ، سواء كان
أحدهما مالا والأخر ليس بمال ، مثل أن باع خلا وخمرا أو حرا وعبدا أو شاة وخنزيرا ،
أو يكون أحدهما مالا والأخر في حكم المال ، مثل أن باع أمته وأم ولده أو عبده وعبدا
موقوفا ، أو يكون أحدهما ماله والأخر مال الغير الباب واحد.
وقال ( ـ ش ـ )
: يبطل فيما لا ينفذ فيه البيع قولا واحدا. وهل يبطل في الأخر؟ على قولين أصحهما عندهم
أن البيع يصح.
وقال ( ـ ح ـ )
: [ ان كان أحدهما مالا والأخر ليس بمال ولا في حكم المال بطل
في المال وان كان أحدهما مالا والأخر في حكم المال صح في المال ] وان كان أحدهما مالا له والأخر مال غيره نفذ في ماله وكان في مال الغير موقوفا.
وقال ( ـ ك ـ )
، وداود : يبطل فيهما.
مسألة
ـ ٢٢٩ ـ : إذا جمع الصفقة بين ما يصح بيعه وما لا يصح على ما قلناه
فالمشتري بالخيار بين أن يرد أو يمسك ما يصح فيه البيع بما يخصه من الثمن الذي يتقسط
عليه ، لأنه إذا بطل بيع أحدهما سقط عنه الثمن بحسابه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : إذا
قال يصح البيع أحدهما ما قلناه ، والثاني أن له أن يمسك بجميع الثمن أو يرد.
مسألة
ـ ٢٣٠ ـ : إذا اختار إمساكه بكل الثمن ، فلا خيار للبائع. وان اختار
إمساكه بما يخصه من الثمن ، فلا خيار له أيضا عندنا ، بدلالة ما قلناه في المسألة المتقدمة
. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٣١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اختلفا المتبايعان في قدر الثمن ، فقال
البائع : بعتك بألف. وقال المشتري بخمسمائة ، فالقول قول المشتري مع يمينه ان كانت
السلعة تالفة ، وان كانت سالمة ، فالقول قول البائع مع يمينه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يتحالفان وينفسخ البيع بينهما أو يفسخ ، وسواء كانت السلعة قائمة أو تالفة ، وانما
يتصور الخلاف إذا هلكت في يد المشتري ، فأما إذا هلكت في يد البائع بطل البيع بلا خلاف.
وقال ( ـ ش ـ )
: رجع محمد بن الحسن الى قولنا ، وخالف أصحابه.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ف ـ ) : ان كانت السلعة قائمة تحالفا ، وان كانت تالفة ، فالقول قول
__________________
المشتري لأنه غارم.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كانت تالفة ، فالقول قول المشتري. وان كانت قائمة ، فعنه روايتان : إحداهما القول
قول المشتري ، والأخرى القول قول من السلعة في يديه. والأخر مدعى عليه ، فان كانت في
يد البائع ، فالقول قوله ، وان كانت في يد المشتري فالقول قوله والبائع مدع.
وقال زفر ، وأبو
ثور : القول قول المشتري ، سواء كانت السلعة سالمة أو تالفة.
مسألة
ـ ٢٣٢ ـ : إذا اختلفا في شرط يلحق بالعقد يختلف لأجله الثمن مثل أن
قال بعتكه نقدا ، فقال : بل إلى سنة ، أو قال : إلى سنة ، فقال : الى سنتين ، فلا فصل
بين أن يختلفا في أصل الأجل أو في قدره.
وكذلك الخيار إذا
اختلفا في أصله أو في قدره. وكذلك في الرهن إذا اختلفا في أصله أو في قدره. وكذلك في
العين إذا اختلفا في أصله. وكذلك الشهادة. وكذلك في ضمان العهدة ، وهو أن يضمن عن البائع
الثمن متى وقع الاختلاف في شيء من هذا ، فالقول قول البائع مع يمينه ، بدلالة عموم
الأخبار الواردة في أنه متى اختلف المتبايعان ، فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار
وهو على عمومه في كل شيء.
وقال ( ـ ش ـ )
: يتحالفان. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يتحالفان ويكون القول قول من ينفي الشرط.
مسألة
ـ ٢٣٣ ـ : إذا اختلفا في شرط يفسد البيع ، فقال البائع : بعتك إلى أجل
معلوم. وقال المشتري : الى أجل مجهول ، أو قال : بعتك بدراهم أو دنانير ، فقال اشتريته
بخمر أو خنزير ، كان القول قول من يدعي الصحة ، بدلالة أن الأصل في العقد الصحة ، وعلى
من ادعى الفساد البينة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ابن أبي هريرة
من أصحابه : فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٣٤ ـ : إذا باع شيئا بثمن في الذمة ، فقال البائع : لا أسلم المبيع
حتى أقبض الثمن ، وقال المشتري : لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع ، فعلى الحاكم أن يجبر
البائع على تسليم المبيع أولا ، ثمَّ يجبر المشتري على تسليم الثمن بعد ذلك بعد أن
يحضر المبيع والثمن ، لان الثمن انما يستحق على المبيع فيجب أولا تسليم المبيع ليستحق
الثمن ، فاذا سلم المبيع استحق الثمن ، فوجب حينئذ إجباره على تسليمه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها يجبر البائع. والثاني يجبر كل واحد منهما مثل ما قلناه ، وهو الصحيح
عندهم. والثالث لا يجبر واحد منهما.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ك ـ ) : يجبر المشتري على تسليم الثمن أولا.
مسألة
ـ ٢٣٥ ـ : إذا كان البيع عينا بعين ، فالحكم فيه كالحكم في المسألة
الأولى سواء ، بدلالة ما ذكرناه هناك.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها يجبر كل واحد منهما على إحضار ما عليه.
والثاني لا يجبر
واحد منهما ، وأيهما تطوع بالدفع أجبر الأخر على التسليم.
والثالث يجبر الحاكم
أيهما شاء على التسليم ، فاذا سلم أجبر الأخر.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان الثمن دراهم أو دنانير ، فالحاكم فيه كما لو كان في الذمة ، لأن الأثمان عنده
لا يتعين. وان كان من غيرها ، فالحاكم يجبر من شاء منهما أولا.
مسألة
ـ ٢٣٦ ـ : إذا اختلفا ، فقال : بعتك هذا العبد بألف درهم. وقال المشتري
: بل بعتني هذه الجارية بألف ولم تبعني العبد ، وليس هناك بينة ، كان القول قول البائع
مع يمينه انه ما باع الجارية ، والقول قول المشتري مع يمينه انه ما اشترى العبد.
لان هاهنا دعويين
يجب في كل واحد منهما البينة ، فإذا عدمت كان في مقابلتها
اليمين ، ولا يجب على واحد منهما الجمع بين النفي والإثبات ، ولا يكون هذا تحالفا
، وانما يحلف كل واحد منهما على النفي فإذا حلف البائع أنه ما باع الجارية بقيت الجارية
على ملكه كما كانت ، وجاز له التصرف فيها.
وأما المشتري فإذا
حلف أنه ما اشترى العبد ينظر ، فان كان العبد في يد المشتري لا يجوز للبائع مطالبته
به ، لأنه لا يدعيه ، وان كان في يد البائع ، فإنه لا يجوز له التصرف فيه ، لأنه معترف
بأنه للمشتري وأن ثمنه في ذمته ، ويجوز له بيعه بقدر الثمن ، وبه قال أبو حامد الاسفرايني.
وقال أبو الطيب
الطبري : ذكر أبو بكر بن الحداد في كتاب الصداق نظير هذه المسألة ، وقال : يتحالفان
، قال : « فقال ( ـ خ ـ ) » إذا اختلفا الزوجان ، فقال الزوج : مهرتك أباك ، وقالت
: مهرتني أمي تحالفا ، وقال : وكذلك إذا قال : مهرتك أباك ونصف أمك ، قالت : بل مهرتني
أبي وأمي تحالفا ، قال : ولا يختلف أصحابنا في ذلك فسقط ما قال أبو حامد.
مسألة
ـ ٢٣٧ ـ : إذا مات المتبايعان واختلف ورثتهما في مقدار الثمن أو المثمن
، فالقول قول ورثة المشتري مع يمينهم في مقدار الثمن ، لأنهم مدعى عليهم أن الثمن أكثر
مما يذكرونه ، فعليهم اليمين ، والقول قول ورثة البائع في المثمن مع اليمين ، لأن الأصل
أن لا بيع ، فمن ادعى البيع في شيء بعينه ، فعليه الدلالة ، والأصل بقاء الملك.
وقال ( ـ ش ـ )
: يتحالفان. وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان المبيع في يد وارث البائع تحالفا ، وان كان في
يد وارث المشتري كان القول قوله مع يمينه.
مسألة
ـ ٢٣٨ ـ : إذا تلف المبيع قبل القبض بطل العقد ، لأنه تعذر على البائع
التسليم ، فلا يستحق العوض ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : لا
يبطل.
مسألة
ـ ٢٣٩ ـ : إذا كان الثمن معينا ، فتلف قبل القبض ، سواء كان من الأثمان
أو غيرها بطل العقد لما قلناه في المسألة المتقدمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان من الأثمان لم يبطل ، بناء على أصله أن الثمن لا يتعين بالعقد وذلك غير مسلم
عندنا.
مسألة
ـ ٢٤٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان له أجمة يحبس فيها السمك ، فحبس
فيها سمكا وباعه ، لم يخل من أحد أمرين : اما أن يكون الماء صافيا يشاهد فيها السمك
ويمكن تناوله من غير مئونة ، فالبيع جائز بلا خلاف ، لأنه مبيع مقدور على تسليمه ،
وان كان الماء كدرا بطل البيع ، لأنه مجهول.
والأمر الأخر أن
يكون الماء كثيرا صافيا والسمك مشاهدا ، الا انه لا يمكن أخذه إلا بمئونة وتعب حتى
يصطاد ، فعندنا أنه لا يصح بيعه الا بأن يبيعه معما فيه من القصب أو يصطاد شيئا منه ويبيعه مع ما بقي فيه ، فمتى
لم يفعل ذلك بطل البيع.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) ، والنخعي : البيع باطل ولم يفصلوا. وقال ابن أبي ليلى : جائز وبه قال
عمر بن عبد العزيز.
مسألة
ـ ٢٤١ ـ : إذا باع العبد بيعا فاسدا وتقابضا ، فأكل البائع الثمن وفلس ، كان على المشتري رد العبد على
البائع وكان أسوة للغرماء ، وبه قال أبو العباس ابن سريج.
وقال ( ـ ح ـ )
: المشتري أحق بعين العبد يعنى له إمساكه على قبض الثمن ، ويكون ثمنه مقدما على الغرماء.
ويدل على ما قلناه
انه انما قبضه على أنه ملكه ، وإذا لم يكن ملكه فعليه رده الى مالكه ، ومن قال له إمساكه
فعليه الدليل.
__________________
بيع العبد من شخص
والضمان على غيره
مسألة
ـ ٢٤٢ ـ : إذا قال لرجل : بع عبدك هذا من فلان بخمسمائة على أن علي
خمسمائة ، قال ابن سريج : فيه وجهان أحدهما البيع باطل ، والثاني يصح ويكون على الضامن.
والذي عندي أن هذا بيع صحيح ، لأنه شرط لا ينافي الكتاب والسنة.
مسألة
ـ ٢٤٣ ـ : إذا قال له : بع عبدك منه بألف على أن على فلان خمسمائة ،
فيه مسألتان ان سبق الشرط العقد وعقد البيع مطلقا عن الشرط ، لزم البيع ولم يلزم الضامن
شيء ، وان قارن العقد ، فقال : بعتك بألف على أن فلانا ضامن خمسمائة صح البيع بشرط
الضمان ، فان ضمن فلان كان البيع ماضيا ، وان لم يضمن كان البيع بالخيار ، وبه قال
أبو العباس وأبو الحسن.
ودليلنا ما قلناه
في المسألة الأولى.
مسألة
ـ ٢٤٤ ـ : إذا اشترى جارية بشرط ألا خسارة عليه إذا باعها ، أو بشرط
ألا يبيعها ، أو لا يعتقها ، أو لا يطأها ونحو هذا ، كان العقد صحيحا والشرط باطلا
، بدلالة قوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ
» . وقوله عليهالسلام : كل شرط ليس في كتاب الله باطل ، وهذا الشرط مخالف الكتاب والسنة ، وهو مذهب
أبي ليلى ، والنخعي ، والحسن البصري.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : البيع والشرط باطلان. وقال ابن شبرمة : البيع جائز والشرط جائز.
مسألة
ـ ٢٤٥ ـ : إذا اشترى جارية شرى فاسدا ، ثمَّ قبضها فأعتقها ، لم يملك
بالقبض ولم ينفذ العتق ، ولا يصح شيء من تصرفه فيها ، ويجب عليه ردها على البائع بجميع
نمائها المنفصل منها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: يملك بالقبض ويصح تصرفه فيها ، ويجب على كل واحد منهما فسخ الملك ورد المبيع على
صاحبه.
ويدل على ما قلناه
أنه إذا كان البيع فاسدا ، فملك الأول باق ، فيجب أن لا يصح تصرفه ، لأنه لا دليل على
صحته.
مسألة
ـ ٢٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى جارية بيعا فاسدا فوطئها فإنه
لا يملكها ووجب عليه ردها ، وعليه ان كانت بكرا عشر قيمتها ، وان كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها ، وعند ( ـ ش
ـ ) ان كانت ثيبا فمهر مثل الثيب ، وان كانت بكرا فمهر البكر وأرش الافتضاض.
مسألة
ـ ٢٤٧ ـ : إذا حبلت وولدت كان الولد حرا بالإجماع ، وعلى الوطي قيمة
الولد يوم سقط حيا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يوم المحاكمة ، وانما قلنا ذلك لأنا أجمعنا على وجوب قيمته يوم سقط حيا ، ولا دليل
على وجوب قيمته يوم المحاكمة ، فمن ادعى ذلك فعليه الدليل.
مسألة
ـ ٢٤٨ ـ : إذا ملك هذه الجارية فيما بعد بعقد صحيح ، وكانت ولدت منه
بالعقد الفاسد فإنها يكون أم ولده لان ظاهر اللغة والشرع يقتضيه. و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ٢٤٩ ـ : إذا اشترى من رجل عبدا وشرط البائع على المشتري أن يعتقه
، كان العقد صحيحا والشرط صحيحا ، وهو الذي نص عليه ( ـ ش ـ ) في كتبه ، ويدل عليه
قوله عليهالسلام « المؤمنون عند شروطهم » ولأنه لا مانع منه. وروى أبو ثور عن ( ـ ش ـ ) أنه
قال : البيع صحيح والشرط فاسد. وقال ( ـ ح ـ ) : الشرط فاسد والبيع فاسد.
__________________
مسألة
ـ ٢٥٠ ـ : إذا باع دارا واستثنى سكناها لنفسه مدة معلومة ، جاز البيع
وثبت الشرط ، لأنه لا مانع منه في الشرع. وكذلك إذا باع دابة واستثنى ركوبها مدة أو
مسافة معلومة ، فالبيع صحيح والشرط صحيح بمثل ما قلناه ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ
د ـ ) و ( ـ ق ـ ) ، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.
وقال ( ـ ك ـ )
: يجوز في مدة يسيرة ، كاليوم واليومين. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : لا يصح البيع
في جميع ذلك.
مسألة
ـ ٢٥١ ـ : إذا قال بعتك هذه الدار وآجرتك هذه الدار الأخرى ، فجمع بين
البيع والإجارة في صفقة واحدة ، كان صحيحا وثبت الإجارة والبيع لأنه لا مانع فيه في الشرع ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ). والقول الثاني انهما
يبطلان.
مسألة
ـ ٢٥٢ ـ : إذا باع زرعا بشرط أن يحصده ، وكان الزرع مما يجوز بيعه ،
بأن يكون قصيلا ، أو يكون قد عقد الحب واشتد وهو شعير لان بيع سنبل الشعير جائز ، ولا
يجوز بيع سنبل الحنطة لأنه في غلاف ، كان البيع صحيحا ووجب عليه أن يحصده له ، لأنه
لا مانع منه في الشرع. وقال أبو إسحاق المروزي : فيه قولان. وقال غيره : لا يصح قولا
واحدا.
مسألة
ـ ٢٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا وان شوهد.
وقال ( ـ ش ـ ) : إذا قال بعتك هذه الصبرة وقد شاهدها بثمن معلوم كان صحيحا.
مسألة
ـ ٢٥٤ ـ : إذا قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم صح البيع ، لأنه لا
مانع منه والأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وعند ( ـ ح ـ ) لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٥٥ ـ : إذا قال بعتك عشرة أقفزة من هذه الصبرة بكذا صح البيع لأنه
لا مانع منه. وقال داود : لا يصح.
__________________
مسألة
ـ ٢٥٦ ـ : إذا قال بعتك من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم ، صح البيع إذا
لم يرد بمن التبعيض ، بدلالة أن الأصل جوازه ، والمنع يحتاج إلى دلالة .
وان أراد التبعيض
لم يصح ، لان البعض مجهول. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ولم يفصل.
مسألة
ـ ٢٥٧ ـ : إذا قال بعتك نصف هذه الصبرة أو ثلثها أو ربعها لا يصح لما
قدمناه من أن ما يباع كيلا لا يصح بيعه جزافا. وقال ( ـ ش ـ ) : يصح .
مسألة
ـ ٢٥٨ ـ : إذا قال بعتك هذه الدار كل ذراع بدينار كان جائزا ، لأنه
لا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٥٩ ـ : إذا قال هذه الدار مائة ذراع وقد بعتك عشر أذرع منها بكذا
كان جائزا ، بدلالة الآية والأصل. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٦٠ ـ : إذا قال بعتك من هذه الدار عشر أذرع في موضع معين الى حيث ينتهي كان البيع صحيحا ، لأنه لا مانع منه في
الشرع. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٦١ ـ : إذا باع ذراعا معينا من ثوب ، كان صحيحا بمثل ما قلناه في الدار. وعند بعض أصحاب ( ـ ش ـ ) لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٦٢ ـ : إذا قال بعتك هذا السمن مع الظرف كل رطل بدرهم كان جائزا ، بدلالة الآية وأن لا مانع
منه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان وزن كل واحد منهما معلوما ، بأن يكون الظرف ربعا أو سدسا أو غير ذلك جاز ،
وان لم يكن كذلك بطل العقد.
__________________
مسألة
ـ ٢٦٣ ـ : إذا اشترى من رجل عشرة أقفزة من صبرة ، فكالها على المشتري
وقبضها ، ثمَّ ادعى المشتري أنه كان تسعة ، كان القول قول البائع مع يمينه ، لأنه المدعى
عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٦٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : اجارة الفحل للضراب مكروه وليس بمحظور ،
لإجماع الفرقة وأخبارهم. وعقد الإجارة عليه غير فاسد ، لأن الأصل الإباحة.
وقال ( ـ ك ـ )
: يجوز ، ولم يكرهه. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : ان الإجارة فاسدة ، والأجرة محظورة
.
مسألة
ـ ٢٦٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيض ما لا يؤكل لحمه لا يجوز أكله ولا بيعه
، وكذلك مني ما لا يؤكل لحمه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيض ما يؤكل لحمه إذا وجد في جوف الدجاجة
الميتة واكتسى الجلد الفوقاني يجوز أكله وبيعه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٦٧ ـ : يجوز بيع دود القز وبيع النحل إذا رآه ثمَّ اجتمعت في بيتها
وحبسها حتى لا يمكنها أن يطير ثمَّ يعقد البيع عليها ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال
( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز بيع دود القز ولا بيع النحل.
مسألة
ـ ٢٦٨ ـ : بذر دود القز يجوز بيعه ، بدلالة الآية وأنه لا مانع منه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان.
مسألة
ـ ٢٦٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع العبد الابق منفردا ويجوز بيعه
مع سلعة أخرى.
__________________
وقال الفقهاء بأسرهم
: لا يجوز بيعه ولم يفصلوا. وحكي عن ابن عمر أنه أجازه ، وعن محمد بن سيرين أنه قال
: ان لم يعلم موضعه لا يجوز ، وان علم موضعه جاز.
مسألة
ـ ٢٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع إنسان ملك غيره بغير اذنه ، كان
البيع باطلا ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ينعقد البيع ويقف على اجازة صاحبه
، وبه قال قوم من أصحابنا.
دليلنا إجماع الفرقة
، ومن خالف منهم لا يعتد بقوله ، وروى حكيم عن النبي عليهالسلام أنه نهى عن بيع ما ليس عنده.
مسألة
ـ ٢٧١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع الصوف على ظهور الغنم مفردا
، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) ، والليث بن سعد : يجوز.
مسألة
ـ ٢٧٢ ـ : المسك طاهر يجوز بيعه وشراءه ، لأنه لا خلاف أن النبي عليهالسلام كان يتطيب به ، وقال : أطيب الطيب المسك. وفي الناس من قال : انه نجس لا يجوز
بيعه ، لأنه دم.
مسألة
ـ ٢٧٣ ـ : يجوز بيع المسك في فأره ، بدلالة الآية والأصل ، والأحوط
أن يفتح ويشاهد ، وبه قال ابن سريج. وقال باقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعه في فأره
حتى يفتح.
مسألة
ـ ٢٧٤ ـ : يجوز بيع الاعمى وشراؤه ، سواء ولد أعمى أو عمي بعد صحة بدلالة
الآية.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان ولد أعمى ، فلا يجوز بيعه وشراؤه في الأعيان بل يوكل وان كان بصيرا ثمَّ عمي
، فان باع شيئا أو اشتراه ولم يكن رآه ، فلا يجوز بيعه وشراؤه. وان كان قد رآه ، فان
كان الزمان يسيرا لا يتغير في العادة ، أو كان الشيء مما لا يفسد في الزمان الطويل
مثل الحديد والرصاص جاز بيعه ، فان وجد على ما رآه فلا خيار له ، وان وجده متغيرا كان
بالخيار. وان كان الزمان تطاول والشيء
مما يتغير ، مثل أن يكون عبدا صغيرا فكبر ، أو شجرة صغيرة فكبرت ، فان بيعه
لا يجوز ، لان البيع مجهول الصفة.
هذا إذا قال ان
بيع خيار الرؤية لا يجوز ، وإذا قال : يجوز ، ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز ، لأن الرؤية
لا يصح في الأعمى. والثاني : يجوز ويوكل من يصفه ، فان رضيه قبضه وان كرهه فسخ البيع.
مسألة
ـ ٢٧٥ ـ : إذا نجش بأمر البائع ومواطاته ، وهو أن يزيد في السلعة ليقتدي
به المشتري فيشريه ، يصح البيع بلا خلاف ، ولكن للمشتري الخيار لأنه تدليس وعيب. ولأصحاب
( ـ ش ـ ) فيه قولان. ولو قلنا لا خيار له لكان قويا ، لان العيب ما يكون بالمبيع ،
وهذا ليس كذلك.
مسألة
ـ ٢٧٦ ـ : لا يجوز بيع حاضر لباد ، سواء كان بالناس حاجة الى ما معهم
أو لم يكن بهم حاجة ، لظاهر قوله عليهالسلام « لا يبيعن حاضر لباد » فان خالف أثم ، وهو الظاهر من مذهب ( ـ ش ـ ). وفي أصحابه
من قال : إذا لم يكن بهم حاجة الى ما معهم جاز أن يبيع لهم.
مسألة
ـ ٢٧٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : تلقي الركبان لا يجوز ، فان تلقى واشترى
كان البائع بالخيار إذا ورد السوق ، الا أن ذلك محدود بأربعة فراسخ ، فان زاد على ذلك كان جلبا ولم يكن به بأس.
و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما لا يجوز ولم يحده والثاني ليس له الخيار.
مسألة
ـ ٢٧٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره البيع والسلف في عقد واحد ، وليس ذلك
بمحظور ولا فاسد ، وهو أن يبيع دارا على أن يقرض المشتري ألف درهم ، أو يقرضه البائع
ألف درهم. وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك حرام.
مسألة
ـ ٢٧٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أقرض غيره مالا على أن يأخذه في بلد آخر
__________________
ويكتب له به وثيقة كان جائزا. وقال ( ـ ش ـ ) : إذا شرط ذلك كان حراما.
مسألة
ـ ٢٨٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يقرض غيره مالا ويرد عليه خيرا منه
من غير شرط ، سواء كان ذلك عادة أو لم يكن. وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال : ان كان ذلك
عادة لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٨١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شرط في القرض أن يرد عليه أكثر منه ،
أو أجود منه فيما لا يصح فيه الربا ، مثل أن يقول : أقرضتك ثوبا بثوبين كان حراما ،
بدلالة إجماع الفرقة وقوله عليهالسلام « كل قرض جر منفعة فهو ربا » وقال أبو علي من أصحاب ( ـ ش ـ ) : يجوز ذلك كما
يجوز في البيع.
مسألة
ـ ٢٨٢ ـ : إذا لم يجد مال القرض بعينه وجب عليه مثله ، وعليه أكثر أصحاب
( ـ ش ـ ) ، وفيهم من قال : يجب عليه قيمته كالمتلف.
دليلنا أنه إذا
قضى مثله برأت ذمته ، وإذا رد قيمته فلا دلالة على براءة ذمته.
مسألة
ـ ٢٨٣ ـ : كل ما يضبط بالوصف أو يصح السلم فيه ، يجوز إقراضه من المكيل
والموزون والمذروع والحيوان وغيره ، بدلالة عموم الاخبار في جواز القرض ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال
( ـ ح ـ ) : لا يجوز القرض في الثياب ولا في الحيوان ، ولا يجوز الا فيما له مثل من
المكيل والموزون.
مسألة
ـ ٢٨٤ ـ : يجوز استقراض الخبز ، بدلالة عموم الاخبار ، وبه قال ( ـ
ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز. وقال ( ـ ف ـ ) : يجوز وزنا. وقال ( ـ م ـ ) : يجوز
عددا.
مسألة
ـ ٢٨٥ ـ : ليس لأصحابنا نص في جواز إقراض الجواري ، ولا أعرف لهم في
ذلك فتيا ، والذي يقتضيه الأصول أنه على الإباحة ويجوز ذلك ، سواء كان من أجنبي أو
ذي رحم. ومتى أقرضها ملكها المستقرض بالقرض ، ويجوز له
__________________
وطئها ان لم تكن ذات رحم ، وبه قال داود ، ومحمد بن جرير الطبري.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز اقراضها من ذي رحمها ، مثل أخيها أو أبيها أو عمها أو خالها لأنه لا يجوز لهم
وطئها. فأما الأجنبي ومن يجوز له وطئها من القرابة ، فلا يجوز قولا واحدا.
مسألة
ـ ٢٨٦ ـ : المستقرض يملك القرض بالقبض ، لأنه يجوز له التصرف فيه ،
ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر أنه يملك بالتصرف فيه.
مسألة
ـ ٢٨٧ ـ : يجوز للمستقرض أن يرد مال القرض على المقرض بلا خلاف ، فأما
المقرض فعندنا أن له الرجوع فيه ، لأنه عين ماله ولا مانع منه ، وهو أحد قولي ( ـ ش
ـ ) ، والأخر ليس له الرجوع ان قلنا انه يملك بالقبض ، وان قلنا يملك بالتصرف فليس
له الرجوع بعد التصرف.
مسألة
ـ ٢٨٨ ـ : من كان له على غيره دين من ثمن متاع حالا أو أجرة أو صداقا
، فحط منه شيئا ، أو حط جميعه كان جائزا ، وان أجله لم يصر مؤجلا ، ويستحب له الوفاء
به ، وسواء كان ذلك ثمنا ، أو أجرة ، أو صداقا ، أو كان قرضا أو أرش جناية.
وان اتفقا على الزيادة
لم يصح ولم يثبت ، لأنه يحتاج إلى دلالة ، والأصل عدمها. وان حط من الثمن شيئا ، أو
حط جميعه ، كان ذلك إبراء ولا يلحق بالعقد ويكون ذلك إبراء في الوقت الذي أبرأه فيه
، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: التأجيل يثبت في الثمن والأجرة والصداق ويلحق بالعقد ، وكذلك الزيادة. وأما الحط
فينظر فيه ، فان كان لبعض الثمن لحق بالعقد وان كان لجميع الثمن لم يلحق بالعقد ، وكان
إبراء من الوقت الذي أبرء منه. قال : وأما في الدين من جهة القرض أو أرش الجناية ،
فلا يثبت فيهما التأجيل ولا الزيادة بحال.
وقال ( ـ ك ـ )
: يثبت التأجيل في الجميع من الثمن والأجرة والصداق والقرض وأرش الجناية. وقال في الزيادة
مثل قول ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٢٨٩ ـ : لا يصح بيع الصبي ولا شراؤه ، سواء أذن له الولي منه أو لم
يأذن ، لأنه لا دليل عليه في الشرع ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان بإذن
الولي صح ، وان كان بغير اذنه وقف على اجازة الولي.
مسألة
ـ ٢٩٠ ـ : الولي إذا كان فقيرا جاز له أن يأكل من مال اليتيم أقل الأمرين
كفايته أو أجرة مثله ، ولا يجب عليه القضاء ، لقوله تعالى «
وَمَنْ كانَ
فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) ولم يوجب القضاء. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان : أحدهما أن عليه القضاء.
مسألة
ـ ٢٩١ ـ : لا يصح شراء العبد بغير اذن مولاه بثمن في ذمته ، لقوله تعالى
« عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ
» والبيع من جملة الأشياء.
وقال ابن أبي هريرة : يصح.
مسألة
ـ ٢٩٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أذن المولى للعبد في التجارة فركبه دين
، فان كان أذن له في الاستدانة قضى مما في يده من المال ، وان لم يكن في يده مال كان
على مولاه القضاء عنه ، وان لم يكن أذن له في الاستدانة كان ذلك في ذمته يطالبه به
إذا أعتق.
وقال ( ـ ش ـ )
: متى أذن له في التجارة فركبه دين ، فان كان في يده مال قضى عنه وان لم يكن كان في
ذمته يتبع به إذا أعتق ولا يباع فيه.
وقال ( ـ ح ـ )
: يباع العبد فيه إذا طالبه الغرماء ببيعه.
مسألة
ـ ٢٩٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد على نفسه بجناية يوجب القصاص
عليه أو الحد ، لا يقبل إقراره في حق المولى ، ولا يقتص منه ما دام مملوكا ، وبه قال
__________________
زفر ، والمزني ، وداود ، وابن جرير. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش
ـ ) : يقبل إقراره ويقتص منه.
مسألة
ـ ٢٩٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بسرقة يوجب القطع لا يقبل
إقراره.
وقال ( ـ ش ـ )
: يقبل ويقطع يده.
مسألة
ـ ٢٩٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بمال وقد تلف المال لا يقبل
إقراره.
وقال ( ـ ش ـ )
: فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٩٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بمال في يده لغير سيده لا
يقبل إقراره.
وقال ابن سريج :
فيه قولان ، ومنهم من قال : يقبل قولا واحدا.
مسألة
ـ ٢٩٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز بيع كلاب الصيد ويجب على قاتلها قيمتها
إذا كانت معلمة ، ولا يجوز بيع غير المعلم على حال.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ك ـ ) : يجوز بيع الكلاب مطلقا الا أنه مكروه ، وان أتلفه متلف لزمته قيمته.
وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيع الكلاب ، معلمة كانت أو غير معلمة ، ولا يجب على قاتلها
القيمة.
مسألة
ـ ٢٩٨ ـ : يجوز اجارة كلب الصيد ، لان كل من قال بجواز بيعه جوز إجارته
، فاختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) ، فمنهم من قال : لا يجوز إجارته مطلقا وهو الصحيح وذهب ابن
العاص إلى أنه يجوز إجارته.
مسألة
ـ ٢٩٩ ـ : يجوز اقتناء الكلب لحفظ البيوت. ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٣٠٠ ـ : يجوز اقتناء الكلب لحفظ الحرث ، أو الماشية ، أو الصيد ان
احتاج اليه ، وان لم يكن له في الحال ماشية ولا حرث ، لعموم ظواهر الاخبار.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) فيه قولان ، وفي تربية الجرو أيضا وجهان.
مسألة
ـ ٣٠١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : القرد لا يجوز بيعه ، لإجماع الطائفة على أنه مسخ نجس ، وما كان كذلك لا يجوز بيعه. وقال ( ـ ش
ـ ) : يجوز.
مسألة
ـ ٣٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع الغراب الأبقع إجماعا ، والسود
عندنا مثل ذلك ، سواء كانت كبارا أو صغارا. و ( ـ للش ـ ) في الصغار منها وجهان.
مسألة
ـ ٣٠٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع شيء من المسوخ ، مثل القرد
والخنزير والدب والثعلب والأرنب والذئب والفيل وغير ذلك مما سنبينه. وقال ( ـ ش ـ )
: كلما ينتفع به يجوز بيعه ، مثل القرد والفيل وغير ذلك.
مسألة
ـ ٣٠٤ ـ : الزيت النجس لا يمكن تطهيره بالغسل ، لأنه لا دلالة عليه.
وقال ابن سريج ،
وأبو إسحاق المروزي : يمكن غسله وتنظيفه ، وفي جواز بيعه وجهان ، والصحيح عندهم أنه
لا يجوز. وقال أبو علي بن أبي هريرة في الإفصاح : من أصحابنا من قال لا يصح غسله كالسمن.
مسألة
ـ ٣٠٥ ـ : سرجين ما يؤكل لحمه يجوز بيعه. وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز بيع
السراجين. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعها ولم يفصلا.
ويدل على جواز ذلك
أنه طاهر عندنا ، ومن منع منه فإنما منع لنجاسته. وأما النجس فلا يجوز بيعه بدلالة
إجماع الفرقة ، وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال : ان الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه.
مسألة
ـ ٣٠٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع الخمر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ،
وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن يوكل ذميا ببيعها وشراءها.
ويدل على ذلك ـ
مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي عن النبي عليهالسلام أنه قال : ان الذي حرم شربها حرم بيعها. وروى ابن عباس أن رسول الله أتاه جبرئيل
،
__________________
فقال : يا محمد ان الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه
وشاربها وبائعها ومبتاعها وساقيها.
وروى جابر أنه سمع
رسول الله صلىاللهعليهوآله عام الفتح بمكة يقول : ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام
، فقيل : يا رسول الله أفرأيت شحوم الميتة ، فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود
ويستصبح بها الناس ، فقال : لا هو حرام ، ثمَّ قال : قاتل الله اليهود ان الله لما
حرم عليهم شحومها حملوها ثمَّ باعوها فأكلوا ثمنها .
مسألة
ـ ٣٠٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز بيع الزيت النجس لمن يستصبح به تحت
السماء. وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز بيعه مطلقا. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا يجوز
بيعه بحال.
مسألة
ـ ٣٠٨ ـ : يجوز بيع لبن الآدميات ، بدلالة الآية والأصل ، وبه قال (
ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٣٠٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : بيع لبن الأتن يجوز ، وخالف جميع الفقهاء
في ذلك.
مسألة
ـ ٣١٠ ـ : إذا اشترى كافر عبدا مسلما لا ينعقد الشراء ولا يملكه الكافر
، لقوله تعالى « وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
سَبِيلاً » وهو قول ( ـ ش ـ ) في الإملاء. وقال في الأم : يصح الشراء ويملكه ويجبر على
بيعه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٣١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز بيع رباع مكة وإجارتها ، وبه قال
( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز.
يدل على ما قلناه
قوله تعالى
__________________
« إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنّاسِ
سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ
» . والمسجد اسم لجميع الحرم ، بدلالة قوله «
سُبْحانَ الَّذِي
أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
» وانما أسرى به من
بيت خديجة ، وروي من شعب أبي طالب فسماه مسجدا.
وروى عبد الله بن
عمرو بن العاص عن النبي عليهالسلام أنه قال : مكة حرام وحرام بيع رباعها وحرام أجر بيوتها. وهذا نص. وروي عن علقمة
بن فضلة الكندي أنه قال : كانت يدعى بيوت مكة على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر السوائب
لا تباع من احتاج سكن ومن استغنى أسكن. وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال : منى مناخ من سبق. وعليه إجماع الفرقة وأخبارهم فيه كثيرة.
مسألة
ـ ٣١٢ ـ : إذا وكل مسلم كافرا في شراء عبد مسلم لم يصح ذلك ، لعموم
الآية « وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
سَبِيلاً » و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٣١٣ ـ : إذا قال كافر لمسلم : أعتق عبدك عن كفارتي فأعتقه لم يصح
إذا كان مسلما ، وان كان كافرا صح ، لأنا قد بينا أن الكافر لا يصح أن يملك المسلم
والعتق فرع على
الملك. وقال ( ـ ش ـ ) : يصح على كل حال.
مسألة
ـ ٣١٤ ـ : إذا استأجر كافر مسلما بعمل في الذمة صح بلا خلاف ، وان استأجره
مدة من الزمان ليعمل له عملا صح أيضا عندنا ، لأن الأصل جوازه والمنع يحتاج الى دليل.
__________________
واختلف أصحاب (
ـ ش ـ ) فمنهم من قال : فيه قولان كالشراء ، ومنهم من قال : لا يصح قولا واحدا.
مسألة
ـ ٣١٥ ـ : إذا رهن المبيع قبل قبضه من البائع صح رهنه ، لأنا قد بينا
أنه يملك بالعقد ولا مانع يمنع من رهنه. ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
كتاب الرهن
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز السلم في المعدوم إذا كان مأمون الانقطاع
في وقت المحل ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز الا أن يكون جنسه موجودا في حال العقد والمحل وما بينهما وبه قال ( ـ ر ـ
) ، و ( ـ ع ـ ).
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا أسلم في رطب إلى أجل ، فلما حل الأجل لم يتمكن من مطالبته
، لغيبة المسلم اليه ، أو غيبته ، أو هرب منه ، أو توارى من سلطان وما أشبه ذلك ، ثمَّ
قدر عليه وقد انقطع الرطب ، كان المسلف بالخيار بين أن يفسخ العقد وبين أن يصبر الى
العام القابل ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر ان العقد ينفسخ.
ويدل على ما قلناه
ان هذا العقد ثابت بلا خلاف ، فمن حكم بانفساخه فعليه الدليل.
مسألة
ـ ٣ ـ : السلم لا يكون إلا مؤجلا ، ولا يصح أن يكون حالا ، قصر الأجل
أم طال ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يصح أن يكون حالا إذا اشترط ذلك أو يطلق فيكون حالا ، ومنهم
من قال : من شرطه أن يقول حالا ويكون السلم في الموجود فأما إذا أسلم في المعدوم ، فلا يجوز حالا ولا
مؤجلا إلى حين لا يوجد فيه وانما يجوز الى حين يوجد فيه غالبا ، وبه قال عطاء ، وأبو
ثور.
وعن ( ـ ك ـ ) روايتان
: إحداهما مثل قولنا. والأخرى لا بد فيه من أيام يتعين فيه الأسواق. وقال ( ـ ع ـ )
: ان سميت أجلا ثلاثة أيام ، فهو بيع السلف ، فجعل أقل الأجل ثلاثة أيام.
مسألة
ـ ٤ ـ : رأس المال ان كان معينا في حال العقد ونظر إليه ، فإنه لا
يكفي إلا بعد أن يذكر مقداره ، سواء كان مكيلا أو موزونا أو مذروعا ، ولا يجوز جزافا
وان كان مما يباع كذلك ، مثل الجوهر واللؤلؤ فإنه يغني المشاهدة عن وصفه ، وهو أحد
قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر لا يجب وهو الصحيح عند أصحابه.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان رأس المال من جنس المكيل والموزون ، فلا بد من بيان مقداره وضبطه بصفاته ،
ولا يجوز أن يكون جزافا. وان كان من جنس المذروع مثل الثياب فلا يجب ذلك ويكفي تعينه
ومشاهدته. ولا يعرف لما لك فيه نص يدل على صحة ما اعتبرناه أنه لا خلاف أنه يصح معه السلم ولا دليل على صحة ما قالوه ، فوجب اعتبار ما قلناه.
مسألة
ـ ٥ ـ : كل حيوان يجوز بيعه يجوز السلم فيه من الرقيق والإبل والبقر
والغنم والحمر والدواب وغيرها ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و
( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز السلم في الحيوان ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ع ـ ).
__________________
مسألة
ـ ٦ ـ : من شرط صحة السلم قبض رأس المال قبل التفرق ، وبه قال ( ـ
ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ان تفرقا قبل القبض من غير أن يكون تأخير القبض
شرطا كان جائزا وان لم يقبضه أبدا ، وان كانا شرطا تأخير القبض ، فان كان ذلك اليوم
واليومين جاز وان كان أكثر من ذلك لا يجوز.
ويدل على مذهبنا
أنا قد أجمعنا على أنه متى قبض الثمن صح العقد ، ولم يدل دليل على صحته قبل القبض ،
فوجب اعتبار ما قلناه.
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يؤجل السلم الى الحصاد والدياس
والجذاذ والصرام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ذلك جائز.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا جعل محله في يوم كذا ، أو في شهر كذا ، أو في سنة كذا
جاز ولزمه بدخول الشهر واليوم ، لان هذا معلوم ليس بمجهول ، لأنه إذا كان اليوم معلوما
وأوله معلوما وهو طلوع الفجر ووجب طلوعه ، فصار الوقت والساعة معلومين ، وكذا الشهر
أوله معلوم ، وبه قال ابن أبي هريرة من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وقاله ( ـ ش ـ ) نصا.
وقال أصحابه الباقون
: لا يجوز لأنه جعل اليوم ظرفا لحلوله ولم يبين ، فيصير تقديره يحل في ساعة من ساعاته ، أو وقت من أوقاته ، فيكون مجهولا.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا كان السلم مؤجلا ، فلا بد من ذكر موضع التسليم ، فان
كان في حمله مئونة ، فلا بد من ذكره أيضا. و ( ـ للش ـ ) في ذكر الموضع قولان أحدهما يجب ذكره ، والثاني لا يجب. وأما المئونة ،
فيجب ذكرها ، ذكره ابن القاص.
دليلنا طريقة الاحتياط
، لأنه إذا ذكرهما صح بلا خلاف.
__________________
مسألة
ـ ١٠ ـ : يجوز السلم في الأثمان ، مثل الدراهم والدنانير إذا كان رأس
المال من غير جنسهما ، لعموم الأخبار المتضمنة لذكر السلم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز السلم في الأثمان.
مسألة
ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ان أسلم دراهم في دراهم أو في دنانير مطلقا
كان باطلا. وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أطلق كان حالا ، فان قبضه في المجلس وقبضه رأس المال
جاز ، وفي أصحابه من قال : لا يجوز.
مسألة
ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز السلم في اللحوم. وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز إذا ذكر أوصافها.
مسألة
ـ ١٣ ـ : الإقالة فسخ في حق المتعاقدين ، سواء كان قبل القبض أو بعده
وفي حق غيرهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال ( ـ ك ـ ) : الإقالة بيع. وقال ( ـ ح ـ ) في
حق المتعاقدين فسخ ، وفي حق غيرهما بيع.
وفائدته وجوب الشفعة
بالإقالة ، فعند ( ـ ح ـ ) يجب الشفعة بالإقالة ، وعندنا لا يجب وقال ( ـ ف ـ ) : الإقالة
فسخ قبل القبض وبيع بعده إلا في العقار ، فإن الإقالة فيها بيع سواء كان قبل القبض
أو بعده ، لان بيع العقار جائز قبل القبض وبعده عنده.
دليلنا ما روي عن
النبي عليهالسلام أنه قال : من أقال نادما بيعته أقاله الله نفسه يوم القيامة. واقالة نفسه هي
العفو والترك ،
فوجب أن يكون الإقالة في البيع هي العفو والترك وأيضا فلو كانت الإقالة بيعا لم يصح
الإقالة في السلم ، لان البيع في المسلم فيه لا يجوز قبل القبض ، فلما صحت الإقالة
فيه إجماعا دل على أنها ليست ببيع.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا أقاله بأكثر من الثمن أو بأقل أو بجنس غيره ، كان الإقالة
فاسدة والمبيع على ملك المشتري كما كان ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وانما قلنا ذلك
__________________
لأن كل من قال بأن الإقالة فسخ على كل حال قال بهذه المسألة ، فالمفرق بين الأمرين
خارج عن الإجماع. وقال ( ـ ح ـ ) : يصح الإقالة ويبطل الشرط.
مسألة
ـ ١٥ ـ : يصح الإقالة في بعض السلم كما يصح في جميعه ، لعموم الخبر
في جواز الإقالة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وفي الصحابة عبد
الله بن عباس قال : لا بأس به.
وقال ( ـ ك ـ )
، وربيعة ، والليث بن سعد : لا يجوز ذلك. وكره أحمد بن حنبل ذلك ، وهو قول ابن عمر
، والحسن البصري ، وابن سيرين ، والنخعي.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا أقال جاز أن يأخذ ما أعطاه من غير جنسه ، مثل أن يكون أعطاه دنانير فأخذ دراهم ،
أو عرضا فيأخذ دراهم وما أشبه ذلك ، بدلالة قوله تعالى «
وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ » وقوله عليهالسلام إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ولم يفرق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز أن يأخذ بدله شيئا آخر استحسانا.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا أسلف في شيء ، فلا يجوز أن يشرك فيه غيره ، ولا أن يوليه
بالشركة ، وهو أن يقول له رجل : شاركني في نصفه بنصف الثمن والتولية أن يقول : ولني
جميعه بجميع الثمن ، أو ولني نصفه بنصف الثمن فلا يجوز ، لان جواز ذلك يحتاج الى دليل
ولقوله عليهالسلام « من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه » ولأنه عليهالسلام نهى عن بيع ما لم يقبض. وروى أبو سعيد الخدري أن النبي عليهالسلام قال : من أسلم في شيء فلا يصرفه الى غيره. وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ
). وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز ذلك.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا قال المسلم للمسلم اليه : عجل لي حقي وأخذ دون ما استحقه
بطيبة من نفسه كان جائزا ، لأن الصلح والتراضي بين المسلمين جائز ولا مانع منه ، وقال
( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
__________________
مسألة
ـ ١٩ ـ : لا يجوز السلف في الجوز والبيض إلا وزنا ، لان ذلك يختلف
بالصغر والكبر ولا يضبط بالصفة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وعند ( ـ ح ـ ) يجوز عددا. فأما
البطيخ فلا يجوز فيه السلم إجماعا.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : لا يصح السلف في الرؤوس ، سواء كانت مشوية أو نية ، لأن ذلك
لا يمكن ضبطه بالصفة ، أما المشوية فلا خلاف فيها ، مثل اللحم المطبوخ فإنه لا خلاف
أنه لا يجوز السلم فيه ، وأما النية ( ـ فللش ـ ) فيها قولان أحدهما يجوز وزنا ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، والثاني لا يجوز ، وبه قال ( ـ ح ـ
).
مسألة
ـ ٢١ ـ : اختلفت روايات أصحابنا في السلف في الجلود ، فروي أنه لا
بأس به إذا شاهد الغنم ، وروي أنه لا يجوز. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز ولم يفصل. ويدل
على جوازه الآية ودلالة الأصل .
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا أسلم مائة درهم في كر طعام وشرط خمسين نقدا وخمسين دينا
له في ذمة المسلم ، صح السلم فيما نقده بحصته من المسلم فيه ، ولا يصح في الدين ، وبه قال ( ـ
ح ـ ). قال أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يصح في الدين ، وهل يصح في النقد؟ فيه قولان.
دليلنا الآية «
وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ » وقد أجمعنا على فساد العقد في الدين ، ولا دلالة على فساده
في النقد.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا أسلم في جنسين مختلفين في حنطة وشعير صفقة واحدة أو أسلم
في جنس واحد إلى أجلين أو آجال ، فان السلم صحيح بدلالة الآية ، وأنه لا مانع في الشرع
منه ، وهو أظهر قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر أنه لا يصح.
__________________
مسألة
ـ ٢٤ ـ : إذا اختلفا في قدر المبيع أو قدر الأجل ، كان القول قول البائع
مع يمينه ، وان اختلفا في قدر الثمن كان القول قول المشتري مع يمينه إذا لم يكن مع
أحدهما بينة ، بدلالة أن كل واحد منهما مدعى عليه فيما أوجبنا فيه اليمين عليه. وقال
( ـ ش ـ ) : يتحالفان.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : إذا خالف إنسان أهل السوق بزيادة سعر أو نقصانه ، فلا اعتراض
لأحد عليه ، وبه قال الفقهاء أجمع ، إلا ( ـ ك ـ ) فإنه قال : اما أن يبيع بسعر أهل
السوق ، واما أن ينعزل.
يدل على مذهبنا
أن النبي عليهالسلام امتنع من التسعير وأخبر أن ذلك من جهة الله تعالى. وأيضا فإنه مالك ولا يجوز
لأحد الاعتراض عليه الا بدليل ، ولا دلالة في الشرع على ذلك.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : إذا أسلم في تمر فأتاه بزبيب ، أو أسلم في ثوب قطن فأتاه
بكتان وتراضيا به ، كان جائزا ، بدلالة الأصل وقول النبي عليهالسلام : الصلح جائز بين المسلمين الا ما حرم حلالا أو حلل حراما. وقال ( ـ ش ـ ) :
لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا أسلم في زبيب رازقي مثلا ، فأتاه بزبيب خراساني وتراضيا به ، كان جائزا ، بدلالة ما تقدم
في المسألة الاولى . و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من كان له عند غيره سلم لا يخاف عليه ولا
هو مما يحتاج الى موضع كبير لحفظه فيه ، فأتاه به قبل محله ، لم يلزمه قبوله ولا يجبر
عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجبر عليه ، وذلك مثل الحديد والرصاص وما أشبه ذلك.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : إذا شرط عليه مكان التسليم وأعطاه في غيره وبذل له اجرة
__________________
الحمل وتراضيا به ، كان جائزا ، لأنه لا مانع منه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز
أن يأخذ العوض عن ذلك.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا أخذ المسلم السلم وحدث عنده فيه عيب ، ثمَّ وجد به عيبا
كان قبل القبض ، لم يكن له رده ، وكان له المطالبة بالأرش ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال
( ـ ح ـ ) : ليس له الرجوع بالأرش.
دليلنا أنه إذا
ثبت أنه انما يستحقه بريا من العيب ، فإذا أخذه معيبا كان له أرش عيبه ، فأما الرد
فليس له إجماعا.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا جاء المسلم اليه بالمسلم فيه أجود مما شرطه من الصفة
، وقال : خذها وأعطني بدل الجودة دراهم لم يجز ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز.
دليلنا أن الجودة
صفة لا يمكن افرادها بالبيع ، ولا دليل على صحة ذلك.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا أسلم جارية صغيرة في جارية كبيرة كان جائزا ، لأنه لا
مانع منه ، والأصل جوازه. وقال أبو إسحاق المروزي من أصحاب ( ـ ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٣٣ ـ : استصناع الخفاف والنعال والأواني من الخشب والصفر والرصاص
والحديد لا يجوز ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز لان الناس قد اتفقوا على
ذلك.
يدل على بطلانه
أنا أجمعنا على أنه لا يجب تسليمه ، وانه بالخيار بين التسليم ورد الثمن ، والمشتري
لا يلزمه قبضه ، فلو كان العقد صحيحا لما جاز ذلك ، ولان ذلك مجهول غير معلوم بالمعاينة
، ولا موصوف بالصفة في الذمة فيجب المنع منه.
__________________
مسألة
ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يشتري فلعة بدراهم على أن يجعلها مشتركة وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ
ش ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٣٥ ـ : إذا قال اشتريت منك هذه الفلعة واستأجرتك على أن تشركها أو
تحذوها كان جائزا ، لأن البيع والإجارة جائزان على الانفراد ، فمن منع الجمع بينهما
وحكم بفساده فعليه الدليل.
واختلف أصحاب (
ـ ش ـ ) ، فقال بعضهم : فيه قولان ، لأنه بيع في عقد اجارة ، ومنهم من قال : لا يجوز
قولا واحدا ، لأنه استأجره في العمل فيما لا يملك.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : إذا أذن لمملوك غيره أن يشتري نفسه له من مولاه بكذا فاشتراه
، فإنه لا يصح ذلك. ولأصحاب ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
دليلنا ما قد ثبت
أن العبد لا يملك شيئا ، فلا يجوز أن يكون وكيلا لغيره ، إلا إذا أذن له مولاه فيه.
مسألة
ـ ٣٧ ـ : إذا اشترى العبد نفسه من مولاه لغيره ، فصدقه ذلك الغير أو
لم يصدقه ، لم يكن البيع صحيحا ولا يلزمه شيء ، لما قلناه في المسألة الاولى.
وقال ( ـ ش ـ )
على قوله بصحة ذلك : ان صدقه لزمه الشراء ، وان كذبه حلف وبرئ وكان الشراء للعبد ،
فيملك نفسه وينعتق ، ويكون الثمن في ذمته يتبعه السيد ويطالبه.
مسألة
ـ ٣٨ ـ : إذا قال اشتريت منك أحد هذين العبدين بكذا أو أحد هؤلاء العبيد
الثلاثة بكذا لم يصح الشراء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : إذا شرط فيه الخيار
ثلاثة أيام جاز ، لان هذا غرر يسير. وأما في الأربعة فما زاد عليها ، فلا يجوز.
__________________
دليلنا أن هذا بيع
مجهول فيجب أن لا يصح ، ولأنه بيع غرر لاختلاف قيمتي العبد ، وروى أصحابنا جواز ذلك في العبدين ، فان قلنا
بذلك تبعنا فيه الرواية ، ولم نقس غيرها عليه.
__________________
كتاب الرهن
مسألة
ـ ١ ـ « ج » يجوز الرهن في السفر والحضر وقال مجاهد لا يجوز إلا
في السفر وحكى ذلك داود.
مسألة
ـ ٢ ـ « ج » يجوز أخذ الرهن في كل حق ثابت في الذمة وحكي عن بعضهم
ولم يذكر لشذوذه أنه قال لا يجوز الرهن إلا في السلم.
مسألة
ـ ٣ ـ إذا قال إنسان لغيره من رد عبدي فله دينار لم يجز له أخذ
الرهن عليه إلا بعد رد العبد وبه قال ابن أبي هريرة واختاره أبو الطيب الطبري لأنه لم يستحق قبل الرد شيئا فلا يجوز له
أخذ الرهن على ما لا يستحقه وفي أصحاب ( ـ ش ـ ) من قال يجوز ذلك.
مسألة
ـ ٤ ـ لا يجوز شرط الرهن ولا عقده قبل الحق وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال
( ـ ح ـ ) يجوز عقده وقال إذا دفع إليه ثوبا وقال رهنتك هذا الثوب على عشرة دراهم تقرضنيها
وسلم إليه ثمَّ أقرضه من الغد جاز ولزم.
دليلنا أن ما اعتبرناه
مجمع على جوازه وما قالوه ليس على جوازه دليل.
مسألة
ـ ٥ ـ يلزم الرهن بالإيجاب والقبول لقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )
__________________
وهذا عقد مأمور به والأمر يقتضي الوجوب ، وهو مذهب أبى ثور ، و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : عقد الرهن ليس بلازم ، ولا يجبر الراهن على تسليم الرهن ، فان سلم
باختياره لزمه بالتسليم.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا عقد الرهن وهو جائز التصرف ، ثمَّ جن الراهن أو أغمي
عليه أو مات لم يبطل الرهن ، لأنه لا دليل عليه ، وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال
أبو إسحاق المروزي : يبطل الرهن.
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : رهن المشاع جائز ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و
( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وعثمان البتي ، وابن أبى ليلى ، وداود. وقال ( ـ ح ـ ) :
غير جائز.
مسألة
ـ ٨ ـ : استدامة القبض ليس بشرط في الرهن ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال
( ـ ح ـ ) : ذلك شرط.
دليلنا قوله تعالى
« فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ
» فشرط القبض ولم
يشرط الاستدامة وأخبار الفرقة دالة على ذلك.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا مات الراهن لا ينفسخ الرهن ، لأنه لا دلالة على أن الموت
يبطله وقد ثبت صحته ، واليه ذهب أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو إسحاق : ينفسخ مثل الوكالة.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا غلب على عقل المرتهن فولى الحاكم عليه رجلا لزم الراهن
تسليم الرهن اليه ولا ينفسخ الرهن ، لأنا قد بينا أن الرهن يجب إقباضه بالإيجاب والقبول
، فمن قال بذلك قال بما قدمنا . وقال ( ـ ش ـ ) : يكون الراهن
__________________
بالخيار.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا أذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن ، ثمَّ رجع عن الاذن
ومنعه لم يكن له ذلك ، لما قلناه في المسألة الاولى. وقال ( ـ ش ـ ) : له ذلك.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا أذن له في قبض الرهن ، ثمَّ جن أو أغمي عليه جاز للمرتهن
قبضه ، لأنه قد ثبت أن اذنه صحيح قبل جنونه ، فمن أبطله فعليه الدليل [ وقال ( ـ ش
ـ ) : لا يجوز له ذلك ] .
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا رهنه وديعة عنده في يده وأذن له في قبضه وجن ، فقد صار مقبوضا قلناه فيما تقدم.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا لم يأت عليه زمان يمكن قبضه لم يصر مقبوضا بعد جنونه.
إذا رهنه شيئا ، ثمَّ تصرف فيه الراهن بالبيع ، أو الهبة ، أو
الرهن عند آخر قبضه ، أو لم يقبضه أو قبضه البائع أو لم يقبضه ، أو أصدقه امرأته لم يصح جميع ذلك وكان باطلا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يكون ذلك فسخا للرهن وان زوجها لم ينفسخ الرهن.
دليلنا : ان القول
ينفسخ الرهن بذلك يحتاج
الى دليل والأصل صحته.
مسألة
ـ ١٤ ـ : لا يجوز للوصي ان يشتري من مال اليتيم لنفسه وان اشتراه بزيادة
، لأن جواز ذلك يحتاج الى دليل وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز ذلك.
__________________
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا كان له في يد رجل مال وديعة أو إجارة أو غصبا ، فجعله
رهنا عنده بدين له عليه ، كان الرهن صحيحا بلا خلاف ، ويصير الرهن مقبوضا بإذنه فيه
، لأنه إذا أذن له صار قبضا بالإجماع ، وإذا لم يأذن فليس على كونه قبضا دليل ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والقول الأخر يصير
مقبوضا وان لم يأذن له فيه.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا غصب رجل عن غيره عينا من الأعيان ، ثمَّ جعله المغصوب منه رهنا في يد الغاصب بدين له عليه قبل أن يقبضها منه ، فالرهن صحيح
بالإجماع ، ولا يزول ضمان الغصب ، لقوله عليهالسلام : على اليد ما أخذت حتى تؤدي ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وأبو ثور.
وقال ( ـ ح ـ )
، والمزني : ليس عليه ضمان الغصب.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا رهن جارية وقد أقر بوطئها ، فولدت لستة أشهر من وقت الوطي
فصاعدا الى تمام تسعة أشهر ، فالولد لا حق به ، وعند ( ـ ش ـ ) إلى أربع سنين ولا ينفسخ
الرهن في الأم عندنا ، لأن أم الولد مملوكة يجوز بيعها عندنا على ما سنبينه فيما بعد.
وقال ( ـ ش ـ )
: في الجارية لها ثلاثة أحوال : اما أن يكون أقر بالوطئ في حال العقد ، أو بعد العقد
وقبل القبض ، أو بعد القبض ، فان كان في حال العقد ، فان المرتهن إذا علم بإقراره ودخل
فيه ، فقد رضي بحكم الوطي وما يؤدي إليه ، فعلى هذا يخرج من الرهن ، ولا خيار للمرتهن
ان كان ذلك شرطا في عقد البيع.
__________________
وان أقر بذلك بعد عقد الرهن وقبل القبض فكذلك ، لأنه لما علم
بإقرار الراهن بوطئها وقبضها مع العلم بذلك كان راضيا به. وان كان أقر بذلك بعد القبض
فهل يخرج من الرهن؟ فيه قولان أحدهما يقبل إقراره ، والثاني لا يصح إقراره.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا وطئ الراهن الجارية المرهونة وحملت وولدت فإنها تصير أم ولده ولا يبطل الرهن
، فان كان موسرا لزم قيمة الرهن من غيرها ، لحرمة ولدها يكون رهنا مكانها ، وان كان معسرا كان الرهن
باقيا وجاز انقباضه
.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها يفصل بين الموسر والمعسر ، فان كان موسرا صارت أم ولد له وان أعتقها عتقت ووجب عليه قيمتها يكون رهنا مكانها ، أو
قضاها من حقه. وان كان معسرا لم يخرج من الرهن ويباع في حق المرتهن هذا نقله المزني.
والثاني : تصير
أم ولد وتعتق ، سواء كان موسرا أو معسرا ، ولكنه يوجب قيمتها على الموسر يكون رهنا
مكانها.
والثالث : لا تخرج
من الرهن وتباع بإذن المرتهن ، سواء كان موسرا أو
__________________
معسرا ، فان كان موسرا لزمته قيمتها ويكون رهنا مكانها ، وان كان معسرا تستسعي الجارية في قيمتها ان كانت
دون الحق ويرجع بها على الراهن.
مسألة
ـ ١٩ ـ : لا يجوز للراهن أن يطأ الجارية المرهونة ، ولأصحاب ( ـ ش
ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا وطئ الراهن الجارية المرهونة بإذن المرتهن ، لم تنفسخ
الرهن ، سواء حملت أو لم تحمل ، لان عندنا لا يزول ملكه بالحمل ، فإن أعتقها بإذنه
انفسخ.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا وطئ الراهن الجارية المرهونة أو أعتقها بإذن المرتهن وأحبلها ، فإنها تخرج من الرهن ، ولا يجب على الواطئ
قيمته ، لأنه أذن في فعل ينافي الرهن وبطل الرهن ، كما إذا أذن في البيع فباعها ، أو أذن
في الأكل فيما يؤكل.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا وطئ المرتهن الجارية المرهونة بإذن الراهن مع العلم بتحريم
ذلك لم يجب عليه المهر ، لأنه لا دلالة عليه في الشرع. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا أتت هذه الجارية الموطوءة بإذن الراهن بولد ، كان حرا
لاحقا بالمرتهن بالإجماع ، ولا يلزمه عندنا قيمته ، لأنه لا دلالة عليه والأصل براءة
الذمة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما يجب عليه قيمته ، والأخر لا يجب.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا بيعت هذه الجارية ، ثمَّ اشتراها المرتهن ، فإنها يكون
__________________
أم ولده ، لان الاشتقاق يوجب ذلك و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : إذا أذن المرتهن للراهن في البيع الرهن بشرط أن يكون ثمن
الرهن رهنا ، كان صحيحا ، بدلالة قوله تعالى «
وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ » وقوله عليهالسلام : المؤمنون عند شروطهم.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
إذا قال المرتهن للراهن بع الرهن بشرط أن تجعل ثمنه من ديني قبل
محله فاذا باع الراهن صح البيع ، ويكون الثمن رهنا الى وقت حلوله ، ولا يلزمه الوفاء
بتقديم الحق قبل الأجل ، لأنه لا دليل على ذلك.
و ( ـ للش ـ ) قولان
: أحدهما البيع باطل. وقال المازني : ويكون ثمنه رهنا مكانه.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : رهن أرض الخراج وهي أرض سواد العراق ، وحده من القادسية إلى
حلوان عرضا ، ومن الموصل الى عبادان طولا باطل ، لإجماع الفرقة على أن أرض الخراج لا
يجوز بيعها ولا هبتها ، لأنها أرض المسلمين قاطبة لا يتعين ملاكها.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، أحدهما ان عمر قسم بين الغانمين فاشتغلوا بها سنتين أو ثلاثا ، ثمَّ رأى من
المصلحة أن يشتريها منه لبيت المال فاستنزلهم عنها ، فمنهم من نزل عنها بعوض ، ومنهم من ترك حقه ، فلما
حصلت لبيت المال ، فلا مالك لها معين وقفها على المسلمين ، ثمَّ آجرها منهم بأجرة ضربها
على الجربان ، فجعل على جريب
__________________
نخل عشرة دراهم ، وعلى جريب كرم ثمانية ، وعلى جريب شجر ستة ، وعلى الحنطة أربعة وعلى الشعير درهمين ، وبه قال الإصطخري ، والمأخوذ من القوم أجرة
باسم الخراج.
وقال أبو العباس
ما وقفها ولكن باعها من المسلمين ، فالمأخوذ من القوم ثمن ، فعلى قول ابن عباس الرهن والبيع فيهما صحيح ، وعلى قول ( ـ ش ـ ) والإصطخري باطل.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان عمر أقر هذه الأرض في يد أربابها المشركين وضرب عليهم الجزية هذا القدر ، فمن باع منهم حقه على
مسلم لو أسلم كان المأخوذ منه خراجا ولا سقط ذلك الجزية بإسلامه فهي يباع ويوهب ويورث ويرهن.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : إذا جنى العبد جناية ثمَّ رهنه ، بطل الرهن ، سواء كانت الجناية
عمدا أو خطا ، أو يوجب القصاص أو لا يوجبه ، لأنه إذا كان عمدا فقد استحق المجني عليه
العبد ، وان كان خطا تعلق الأرش برقبته ، فلا يصح رهنه.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) فيه ثلاث طرق منهم من قال : المسألة على قولين ، عمدا كان أو خطا ، ومنهم من قال
: ان كانت عمدا صح قولا واحدا ، وان كانت خطأ فعلى قولين ، ومنهم من قال وهو المذهب
: ان كانت خطأ بطلت قولا واحدا ، وان كانت عمدا فعلى قولين.
__________________
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا رهن عبيده رهنا على ألف وقبضه الرهن ، ثمَّ أقرض ألفا آخر على ذلك الرهن بعينه ، كان ذلك صحيحا ويكون الرهن
بألفين ألف متقدمة ، وألف متأخرة ، بدلالة عموم الاخبار والآية في جواز الرهن ، وهو
مذهب ( ـ ش ـ ) في القديم ، واختيار المازني ، وبه قال أبو يوسف.
وقال في الجديد
: لا يجوز ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ).
مسألة
ـ ٢٨ ـ : إذا أقر أن عبده جنى على غيره ، وأنكر المرتهن ذلك ، أو أقر
أنه كان غصبه من فلان ثمَّ رهنه ، أو باعه منه ثمَّ رهنه ، أو أنه أعتقه ثمَّ رهنه
، وأنكر ذلك المرتهن ، كان إقراره لمن أقر له به صحيحا في حقه ويلزمه ، لأن إقرار العامل
على نفسه جائز لا مانع منه في الشرع ، ولا يلزم ذلك في حق المرتهن.
و ( ـ للش ـ ) قولان
: أحدهما لا ينفذ إقراره ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والثاني : ينفذ .
إذا دبر عبده ثمَّ
رهنه ، بطل التدبير وصح الرهن ان قصد بذلك فسخ التدبير وان لم يقصد بذلك فسخ التدبير
لم يصح الرهن.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدهما مثل ما قلناه إذا قال : انه وصيته. والثاني : ان التدبير عتق
بصفة فينفذ التدبير ويبطل الرهن ، ومنهم من قال : الرهن باطل ، سواء قلنا التدبير وصيته
أو عتق بصفة.
يدل على مذهبنا
إجماع الفرقة على ان التدبير بمنزلة الوصية ، والوصية له الرجوع فيها بلا خلاف ، فاذا
لم يقصد الرجوع فلا دلالة على بطلانه ، ولا دلالة على صحة الرهن ، فينبغي أن يكون باطلا.
وقلنا انه يصح التدبير والرهن معا ، لأنه لا دلالة على بطلان أحدهما كان قويا ، وبه قال قوم من أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وهو المذهب
عندهم
__________________
لان ما جاز بيعه جاز رهنه وبيع المدبر جائز بلا خلاف وهذا قوي.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : إذا علق عتق عبده بصفة ثمَّ رهنه ، كان الرهن صحيحا والعتق
باطلا ، لإجماع الفرقة
على ان العتق بصفة لا يصح.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة مسائل :
إحداها : يحل الحق
قبل العتق ، مثل أن علق عتقه بصفة إلى سنة ، ثمَّ رهنه بحق يحل بعد شهرين ، فالرهن
صحيح.
والثانية : يوجد
الصفة قبل محل الحق ، مثل أن قال أنت حر بعد شهر ، ثمَّ رهنه بحق محل إلى سنة ، فالرهن باطل.
الثالثة : إذا لم
يعلم أيهما السابق ، مثل أن يقول إذا قدم زيد فأنت حر ، ثمَّ رهنه بحق إلى سنة ولا
يعلم متى يقدم زيد ، فهذه على قولين.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا رهنه عبدا ثمَّ دبره ، كان التدبير باطلا ، لإجماع الفرقة
على أن الراهن لا يجوز له التصرف في الرهن بغير اذن المرتهن والتدبير تصرف وبه قال
( ـ ش ـ ) وأصحابه ، وحكى الربيع قولا آخر أن الرهن صحيح والتدبير صحيح.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا كان الرهن شاة فمات ذاك ، ملك الراهن عنها وانفسخ الرهن إجماعا ، فإن أخذ الراهن
جلده فدبغه لم يعد ملكه ، لأنه لا يطهر
__________________
بالدباغ عندنا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يعود ملكه قولا واحدا ، وهل يعود الرهن؟ فيه وجهان .
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا اشترى عبدا بألف ورهن به عصيرا وقبضه واختلفا ، فقال
الراهن : أقبضتك عصيرا ، وقال المرتهن : أقبضتنيه خمرا فلي الخيار ، كان القول قول
المرتهن مع يمينه ، لان هذا اختلاف في القبض ، لأنه إذا ادعى المرتهن أنه قبضه خمرا
وقبض الخمر كلا قبض ، فصار كأنه اختلاف في القبض وفي اختلاف القبض القول قول المرتهن
، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).
والثاني القول قول
الراهن ، وهذا القول أيضا قوي ، لأنهما اتفقا في القبض وانما يدعي المرتهن أنه قبض
فاسد.
مسألة
ـ ٣٣ ـ : الخمر ليست بمملوكة ويجوز إمساكها للتخلل وللتخليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ليست بمملوكة ولا يجوز إمساكها ويجب إراقتها.
وقال ( ـ ح ـ )
: هي مملوكة كالعصير ولا يجب عليه إراقتها ، ويجوز له إمساكها للتخلل وللتخليل .
دليلنا : إجماع
الفرقة على نجاسة الخمر وعلى تحريمها ، فعلى من ادعى انها مملوكة الدلالة ، ولا خلاف
بين الطائفة في جواز التخلل والتخليل.
مسألة
ـ ٣٤ ـ : إذا رهن نخلا مطلعا ولم يشرط أن يكون الطلع رهنا ، لم يدخل
الطلع في الرهن ، لأن الأصل عدم كونه رهنا ، فمن ادعى دخوله في الرهن بدخول النخل فيه
فعليه الدلالة. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
__________________
مسألة
ـ ٣٥ ـ : إذا رهن ما يسرع اليه الفساد ، ولم يشرط انه إذا خيف هلاكه
بيع ، كان الرهن فاسدا
، لأنه لا دليل على أنه يجبر على بيعه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني : يصح الرهن ويجبر على بيعه.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : إذا رهن عند غيره شيئا وشرط للمرتهن إذا حل الحق أن يبيعه
صح شرطه ، ويجوز توكيل المرتهن في بيع الرهن ، لأن الأصل جواز ذلك ، وبه قال ( ـ ح
ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يصح شرطه ولا توكيله ، الا أن يحضره الراهن ، فان حضره الراهن صح بيعه ، وفيهم من قال : لا يجوز بكل حال.
مسألة
ـ ٣٧ ـ : إذا رهن عند غيره رهنا وشرطا أن يكون موضوعا على يد عدل صح شرطه ، فاذا قبضه العدل لزم
الرهن ، وعليه إجماع الأمة إلا ابن أبي ليلى ، فإنه قال : لا يصح قبضه.
مسألة
ـ ٣٨ ـ : إذا عزل الراهن العدل عن البيع لم تنفسخ وكالته ، وجاز له
بيع الرهن ، لأنه قد ثبت وكالته بالإجماع ، فمن ادعى انفساخها ، فعليه الدليل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ينفسخ وكالته ولا يجوز له بيعه.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : إذا عزل المرتهن العدل لم ينفسخ أيضا ، لأن ثبوت العدل بعد صحة الوكالة يحتاج إلى دلالة . و ( ـ للش ـ )
فيه قولان.
__________________
مسألة
ـ ٤٠ ـ : إذا أراد العدل بيع الرهن فلا بد من اذن المرتهن ، ولا يلزم
اذن الراهن لأنه اذن له في حال التوكيل ، فلا يحتاج الى تجديده ، لأنه لا دلالة عليه.
و ( ـ للش ـ ) في
اذن الراهن وجهان.
مسألة
ـ ٤١ ـ : لا يجوز للعدل أن يبيع الرهن الا بثمن مثله حالا ويكون من
نقد البلد إذا أطلق له الإذن ، فإن شرط له جواز ذلك كان جائزا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز له بيعه بأقل من ثمن مثله وبنسيئة حتى قال : لو وكله في بيع ضيعة يساوي مائة
ألف دينار فباعها بدانق نسيئة إلى ثلاثين سنة كان جائزا.
دليلنا : انا قد
اتفقنا على أنه إذا باع بما قلناه كان جائزا ، ولا دليل على صحة ما قاله.
مسألة
ـ ٤٢ ـ : إذا باعه بثمن مثله ، ثمَّ جاءه الزيادة للراهن في حال خيار
المجلس أو خيار الشرط فأقبلها ، كان له فسخ العقد ، وان لم يقبلها لم تنفسخ البيع.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ينفسخ البيع على كل حال ، والثاني : لا تنفسخ لمكان الزيادة إذا لم
ينفسخ.
ويدل على ما قلناه
أن العقد قد ثبت بلا خلاف وانفساخه على كل حال يحتاج الى دليل.
مسألة
ـ ٤٣ ـ : إذا باع العدل الرهن وقبض ثمنه ، فهو من ضمان الراهن
__________________
حتى يقبضه المرتهن ، لأنه بدل الرهن إذا تلف الثمن لم يسقط من دين المرتهن شيء ، لما روى عن النبي عليهالسلام قال : الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يسقط حق المرتهن إذا تلف ثمن الرهن.
مسألة
ـ ٤٤ ـ : إذا باع العدل الرهن بتوكيل الراهن وقبض الثمن وضاع في يده
واستحق البيع من يد المشتري ، فإنه يرجع على الوكيل ، والوكيل يرجع على الراهن لذلك
كل وكيل باع شيئا فاستحق وضاع الثمن في يد الوكيل ، فإن المشتري يرجع على الوكيل ،
والوكيل يرجع على الموكل لان الوكيل إذا كان هو العاقد للبيع ، فيجب أن يكون هو الضامن
للدرك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: في جميع هذه المسائل يرجع على الموكل دون الوكيل ، فأما إذا كان الوكيل صبيا ، أو
باع الحاكم على اليتيم ، أو أمين الحاكم ، فإنه يرجع على الموكل إجماعا.
مسألة
ـ ٤٥ ـ : إذا غاب المتراهنان وأراد العدل رد الرهن بغير عذر به ، لم
يجز له رده الى الحاكم ، ومتى رده الى الحاكم كانا ضامنين ، لأنه لا دليل على جواز
دفعه الى الحاكم وقد ثبت الرهن عنده بقبوله باختياره.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان سفرته بحيث يجب فيه التقصير وهي ستة عشر فرسخا عنده جاز له أن يرده الى الحاكم وان
نقص عن هذا المقدار كانا بحكم الحاضرين.
مسألة
ـ ٤٦ ـ : إذا شرطا أن يكون الرهن عند عدلين ، فأراد أحدهما أن يسلم
إلى الأخر حتى ينفرد بحفظه ، لم يكن له ذلك ، لأنه لا دلالة على جوازه.
__________________
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ٤٧ ـ : ولا يجوز للعدلين أن يقتسما بالرهن إذا كان ما يصح قسمته
من غير ضرر ، مثل الطعام والشيرج وغير ذلك ، لما قلناه في المسألة الاولى. و ( ـ للش
ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٤٨ ـ : إذا استقرض ذمي من مسلم مالا ورهن عنده بذلك خمرا ، يكون
على يد ذمي آخر يبيعها عند محل الحق ، فباعها واتى بثمنها ، جاز له أخذه ولا يجبر عليه
، لأنه لا دليل على إجبار عليه ، وله أن يطالب بما لا يكون ثمن محرم.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) في الإجبار عليه وجهان.
مسألة
ـ ٤٩ ـ : إذا أقر العبد المرهون بجناية يوجب القصاص أو جناية الخطإ
، فإقراره باطل في الحالين.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان أقر بما يوجب القصاص قبل إقراره ، لأنه لا يتهم على نفسه ، ولو أقر بجناية خطأ
لم يقبل إقراره ، لأنه إقرار على المولى.
مسألة
ـ ٥٠ ـ : إذا أكره عبده على جناية يوجب القصاص ، فلا قصاص على المكره ، وانما القصاص على المكره ، لقوله
تعالى « أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
» وقد علمنا أنه أراد النفس القاتلة ، فمن أوجب القصاص على غير القاتلة
فعليه الدلالة.
وقال ( ـ ش ـ )
: المكره يلزمه القصاص ، وفي المكره قولان : أحدهما يجب القصاص ، والأخر لا يجب للشبهة.
مسألة
ـ ٥١ ـ : إذا عفى على مال عن هذا العبد المكره ، فان المال يتعلق
__________________
برقبة العبد ، لأنه جاني فيجب أن يلزمه المال في رقبته دون المولى ، لأنه لا دليل عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يتعلق نصفه برقبة السيد ، ونصفه برقبة العبد يباع منه بقدر نصف الأرش ، ويقوم على حق المرتهن.
مسألة
ـ ٥٢ ـ : إذا باع شيئا بثمن معلوم إلى أجل معلوم وشرط رهنا مجهولا
، فان الرهن فاسد ، لأنه لا دلالة على صحته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يصح ويجبر أن يأتي برهن قيمته بقدر الدين.
مسألة
ـ ٥٣ ـ : إذا اختلف المتراهنان في عبدين فقال المرتهن : رهنتني عبدين
، وقال الراهن : رهنتك أحدهما وكذلك ان اختلفا في مقدار الحق ، فقال الراهن : رهنتك
بخمسمائة ، وقال المرتهن : بألف ، كان القول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل عدم الرهن
، وما أقر له الراهن فقد اتفقا عليه ، وما زاد عليه فالمرتهن مدع ، فعليه البينة والا
فعلى الراهن اليمين ، وكذلك القول في مقدار الحق ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: القول قول من شهد له قيمة الرهن ، فان كان الحق ألفا وقيمة كل واحد من العبدين ألفا
، كان القول قول الراهن مع يمينه ، لان الظاهر ان أحد العبدين رهن ، وان كان قيمتهما
جميعا ألفا وقيمة أحدهما خمسمائة كان القول قول المرتهن ، لان الظاهر أن العبدين رهن
، وكذلك ان كان الخلاف في قدر الحق الذي فيه الرهن إذا كانت قيمة الرهن تشهد لقول أحدهما
، كان القول قوله.
مسألة
ـ ٥٤ ـ : منفعة الرهن للراهن دون المرتهن ، وذلك مثل سكنى
__________________
الدار ، وخدمة العبد ، وركوب الدابة ، وزراعة الأرض ، وكذلك نماء الرهن المنفصل
عن الرهن لا يدخل في الرهن ، مثل الثمرة والصوف والولد واللبن ، لأنه لا دلالة على
بطلان هذه المنفعة ، ولا على دخوله في الرهن ، فيجب أن يكون للراهن ، لأن الأصل له.
وروى أبو هريرة
عن النبي عليهالسلام أنه قال : الرهن محلوب ومركوب ، فاثبت للرهن منفعة الحلب والركوب ، ولا خلاف
أنه ليس ذلك للمرتهن ، فثبت أنه للراهن.
وعنه عليهالسلام أنه قال : الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ونماءه غنمه. فيجب أن
يكون له ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: منفعة الرهن يبطل ، فلا يحصل للراهن ولا للمرتهن ، واما النماء المنفصل ، فإنه يدخل
في الرهن ويكري حكمه حكم الأصل وقال ( ـ ك ـ ) : يدخل الولد ولا يدخل الثمرة ، لأن
الولد يشبه الأصل والثمرة لا يشبهها .
مسألة
ـ ٥٥ ـ : ليس للراهن أن يكون داره المرهونة أو يسكنها غيره الا بإذن
المرتهن ، فإن إكراها وحصلت أجرتها كانت له.
وقال ( ـ ش ـ )
: له أن يؤجرها ويسكنها غيره ، وهل أن يسكنها بنفسه؟ لهم فيه وجهان.
مسألة
ـ ٥٦ ـ : إذا زوج الراهن عبده المرهون ، أو جاريته المرهونة ، كان
تزويجه صحيحا ، بدلالة الآية « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى
مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ
» ولم يفصل ، وبه قال ( ـ
ح ـ ).
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يصح تزويجه.
مسألة
ـ ٥٧ ـ : إذا شرط في حال عقد الرهن شروطا فاسدة ، لم يبطل الرهن ولا
البيع الذي كان الرهن شرطا فيه ، وكانت الشروط فاسدة ، لأنه لا دليل على أن فساد الشرط
يؤدي الى فساد الرهن ، ولا الى فساد البيع.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان الشرط ينقص من حق المرتهن ، فإنه يفسد الرهن قولا واحدا. وان زاد في حق المرتهن
، ففيه قولان : أحدهما يفسده والأخر لا يفسده.
فاذا قال بفساد
الرهن ، فهل يبطل
البيع؟ فيه قولان ، فاذا البيع صحيح كان البائع بالخيار بين يجيزه بلا رهن ، وبين ان يفسخه ، لأنه لا
يسلم له الرهن.
مسألة
ـ ٥٨ ـ : إذا كان له على غيره ألف ، فقال : أقرضني ألفا آخر حتى أرهن
عندك هذه الضيعة بالالفين صح ذلك ، لأنه لا مانع في الشرع منه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يصح الرهن ولا القرض الثاني.
مسألة
ـ ٥٩ ـ : إذا كانت المسألة بحالها الا ان من عليه الالف قال للذي له
الألف بعني عبدك هذا بألف درهم على أن أرهنتك داري بهذا الالف بالألف الأخر الذي علي فباعه ، صح البيع ، لأنه لا مانع في الشرع
من صحته ، ولا خلاف أن البيع والرهن جائزان على الانفراد ، فمن حكم بفسادهما عند الاجتماع فعليه الدليل .
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يصح البيع .
مسألة
ـ ٦٠ ـ : إذا رهن نخلا أو ماشية على أن ما أثمرت أو نتجت يكون رهنا
معه ، كان الشرط صحيحا والرهن صحيحا ، والبيع الذي يكون هذا شرطا فيه صحيحا ، لأنه
لا دلالة على فساد ذلك ، والأصل جوازه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
أربعة أقوال أحدها ما قلناه. والثاني : أن الثلاثة فاسدة. والثالث أن الشرط فاسد والرهن
صحيح والبيع صحيح ، ويكون البائع بالخيار. والرابع : يكون الشرط والرهن فاسدين والبيع
صحيحا.
مسألة
ـ ٦١ ـ : إذا قال : رهنتك هذا الحق بما فيه لا يصح الرهن فيما فيه
بلا خلاف ، للجهل بما فيه ، ويصح عندنا في الحق ، لأنه لا مانع منه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان بناء على
تفريق الصفقة.
مسألة
ـ ٦٢ ـ : الرهن غير مضمون عندنا ، فان تلف من غير تفريط فلا ضمان على
المرتهن ، ولا يسقط دينه عن الراهن وبه قال علي عليهالسلام فإنه روي عنه أنه قال الرهن أمانة وروي عنه انه قال إذا تلف الرهن بالجائحة
فلا ضمان على المرتهن ، وهو مذهب عطاء بن أبي رياح ، واليه ذهب ( ـ ش ـ ) وأحمد بن
حنبل ، و ( ـ ع ـ ) وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وهو اختيار أبي بكر بن المنذر.
وذهب ( ـ ح ـ )
وسفيان الثوري الى أن الرهن مضمون بأقل الأمرين من قيمته أو الدين ، وبه قال عمر بن
الخطاب ، وذهب شريح ، والشعبي ، والنخعي ، والحسن البصري الى أن الرهن مضمون بجميع
الدين ، فاذا تلف الرهن في يد المرتهن سقط جميع الدين وان كان أضعاف قيمته ، وقالوا
: الرهن بما فيه.
يدل على مذهبنا
ما روي عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي عليهالسلام
__________________
أنه قال : لا يغلق الرهن والرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه.
وفيه دليلان : أحدهما
أنه قال : عليه غرمه. والثاني انه قال الرهن من صاحبه يعنى من ضمان صاحبه ومعنى قوله
« لا يغلق الرهن » أي : لا يرهنه المرتهن.
وقول النبي عليهالسلام « الخراج بالضمان » يدل عليه أيضا ، لأن خراجه للراهن بلا خلاف فيجب ان من ضمانه.
مسألة
ـ ٦٣ ـ : إذا دعي المرتهن هلاك الرهن قبل قوله مع يمينه ، سواء ادعى
هلاكه بأمر ظاهر قبل قوله ، وإذا حلف فلا ضمان عليه ، وإذا ادعى هلاكه بأمر خفي لم
يقبل قوله الا ببينة ، والا فعليه الضمان.
مسألة
ـ ٦٤ ـ : إذا كاتب عبده على نجمين وأخذ به رهنا صح الرهن ، لقوله تعالى
« فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ
» ولم يفرق ، وبه قال ( ـ
ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح.
__________________
كتاب التفليس
مسألة
ـ ١ ـ : المفلس في الشرع من ركبته الديون وماله لا يفيء بقضائها
، فإذا جاء غرماؤه إلى الحاكم وسألوه الحجر عليه ، فإنه يجب على الحاكم أن يحجر عليه
الا مقدار نفقته إذا ثبت عنده دينهم وأنه حال غير مؤجل وان صاحبه مفلس لا يفيء ماله
بقضاء ديونهم ، وإذا ثبت جميع ذلك عنده فلسه وحجر عليه.
ويتعلق بحجره ثلاثة
أحكام : أحدها أنه يتعلق ديونهم يعني المال الذي في يده. والثاني : أنه يمنع من التصرف
في ماله وان تصرف لم يصح . والثالث : أن كل من وجد من غرمائه عين مال عنده كان أحق
به من غيره ، وقد روي أنه يكون أسوة للغرماء ويتعلق دينه بذمته ، والصحيح الأول.
وان مات هذا المديون
قبل أن حجر الحاكم عليه ، فهو بمنزلة ما لو حجر عليه في حال الحياة يتعلق بماله الأحكام
الثلاثة التي ذكرناها ، وبه قال علي وعثمان ابن عفان وأبو هريرة ، وفي الفقهاء أحمد
، وإسحاق ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز للغرماء أن يسئلوا الحاكم الحجر عليه ، فان سألوه وأدى اجتهاده الى الحجر
عليه ، فان ديونهم لا يتعلق بعين ماله ، بل يكون في ذمته ،
__________________
ويمنع من التصرف في ماله كما قلناه ، لان حجر الحاكم صحيح عنده ، ولا يجوز لمن
وجد من الغرماء عين ماله أن نفسخ البيع وانما يكون أسوة بينهم كما رويناه في بعض الروايات
، وكذلك الحاكم إذا مات .
وقال مالك مثل قولنا
إذا حجر الحاكم عليه ، فاما بعد الموت فإنه قال يكون أسوة للغرماء ولا يكون صاحب العين
أحق بها من غيره.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا مات المديون عليه ، فكل من وجد من غرمائه عين ماله ،
كان أحق بها إذا كان خلف وفاء للباقين ، وإذا لم يخلف إلا الشيء يعنه كان سواء ، ولم
يكن واحد منهم أحق من غيره بعين ماله.
وقال أبو سعيد الإصطخري
: كل من وجد من غرمائه عين ماله كان أحق بها ، سواء خلف وفاء أو لم يخلف. وقال الباقون
من أصحاب ( ـ ش ـ ) : إذا خلف وفاء للديون لم يكن لأحد أن يأخذ عين ماله وانما له ذلك
إذا لم يخلف غيره عكس ما قلنا.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا باع شقصا من أرض أو دار ، ولم يعلم شريكه بالبيع حتى
فلس المشتري ، فلما سمع جاء يطالبه بالشفعة ، فإنه يستحق الشفعة ويؤخذ ثمن الشقص منه
، فيكون بينه وبين الغرماء الباقين ، لأن المشتري إذا فلس انتقل الملك عنه الى حق الغرماء
، فلم يكن عين المبيع قائما ، فلا يكون البائع أحق به ، لان حق الشفيع ثابت على المشتري
حين العقد ، فيؤخذ ثمنه منه ، فيكون أسوة للغرماء ولا يكون أحق بالثمن ، لأن الحق انما
يثبت له في عين ماله ، فأما في ثمنه فلا دلالة على ذلك.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها ما قلناه ، وهو الصحيح عندهم. والثاني : أن البائع أحق بعين ماله
، ولا حق للشفيع ولا سائر الغرماء. والثالث : أن الشفيع يأخذ
__________________
الشقص بالشفعة ويؤخذ منه الثمن ، فيخص به شريكه البائع ولا حق للغرماء فيه.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا اختار عين ماله في الموضوع الذي له ذلك ، فقال له الغرماء : نحن نعطيك ثمنه ونسقط حقك
من العين ، لم يجب عليه قبوله ، وله الأخذ للعين ، بدلالة عموم الاخبار في أنه أحق
بعين ماله ويكون فائدته أن العين ربما كان ثمنها أكثر فيرتفق الغرماء بذلك ، وبه قال
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يجبر على قبض الثمن ، وسقط حقه من العين.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا باع من رجل عبدين قيمتهما سواء بثمن وأفلس المشتري بالثمن ، وكان قد قبض منه قبل
الإفلاس نصف ثمنها ، فان حقه ثبتت في العين بدلالة عموم قوله عليهالسلام « فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذ وجده بعينه وهو قول ( ـ ش ـ ) في الجديد.
وقال في القديم
: إذا قبض بعض ثمن العين لم يكن له فيها حق إذا وجدها وبه قال ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا باع زيتا فخلطه المشتري بأجود منه ، ثمَّ أفلس المشتري
والثمن سقط حق البائع من عين الزيت ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وقال المزني : لا يسقط حقه
من عينه.
دليلنا : ان عين
زيته تالفة بدلالة أنها ليست موجود مشاهدة ، لأنا لا نشاهدها ، ولا من طريق الحكم ،
لأنه ليس له أن يطالب بقسمته ، وإذا لم يكن موجودة من الوجهين كانت بمنزلة التالفة
وسقط حقه من عينها.
__________________
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا باع رجل ثوبا من رجل وكان خاما ، فقصره أو قطعه قميصا
وخاطه بخيوطه ، أو باعه حنطة فطحنها أو غزلا فنسجه ، ثمَّ أفلس بالثمن ، ثمَّ وجد البائع
عين ماله فالبائع أحق بعين ماله وشاركه المفلس فيها ويستحق أجرة المثل في العمل عليه ، وهو اختيار الشافعي.
وقال المزني : لا
يشاركه فيها ويختص البائع بها.
دليلنا : أن هذه
الصنائع إذا كانت لها أجرة والعمل غير منفصل من العين ، فيجب أن يشاركه صاحب العين
بصنعته ، والا أدى الى بطلان حقه.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا قسم الحاكم مال المفلس بين غرماء ، ثمَّ ظهر غريم آخر
فان الحاكم ينقص القسمة ويشاركهم هذا الغريم فيما أخذوه ، بدلالة عموم الأخبار التي
وردت في أن رأس المال يقسم بين الغرماء ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: لا ينقص الحاكم القسمة ، وانما يكون دين هذا الغريم فيما يظهر للمفلس من المال بعد
ذلك.
مسألة
ـ ٩ ـ : للحاكم أن يحجر على من عليه الدين عندنا وعند ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز له الحجر عليه بحال ، بل يحبسه أبدا الى أن يقضيه.
مسألة
ـ ١٠ ـ : يجوز للحاكم أن يبيع مال المفلس ويقسمه على الغرماء وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ليس له بيعه ، فإنما يجبره على بيعه ، فان باعه والا حبسه الى أن يبيعه ولا يتولاه
بنفسه من غير اختيار.
دليلنا : ما روى
كعب بن مالك أن النبي عليهالسلام حجر على معاذ وباع ماله في دينه.
__________________
وروي عن عمر بن
الخطاب أنه خطب الناس وقال : الا أن أسيفع جهينة قد رضى من دينه وأمانته بأن يقال سبق
الحاج فأدان معرضا فأصبح قد دين به فمن كان له عليه مال ، فليحضر غدا فانا بايعوا ماله وقاسموه بين غرمائه.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا فلس الرجل وحجر عليه الحاكم ثمَّ تصرف في ماله اما بالهبة أو البيع أو بالإجارة
أو العتق أو الكتابة
أو الوقف ، كان تصرفه باطلا بدلالة الخبر أن عليا عليهالسلام يفلس الرجل فاذا ثبت ذلك فمن خالف أمر الإمام أو النائب عنه كان تصرفه باطلا
، ولأنه تصرفه متى كان صحيحا فلا فائدة للحجر .
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، وهو الصحيح عندهم. والثاني : أن تصرفه موقوف ويقسم ماله سوى ما تصرف فيه بين
غرمائه ، فإن وفى بهم نفذ تصرفه ، وان لم يف أبطل تصرفه .
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا أقر المحجور عليه بدين لغيره ، وزعم أنه كان عليه قبل
الحجر ، قبل إقراره وشارك الغرماء ، لأن إقراره صحيح ، والخبر على عمومه في قسمة ماله
بين غرمائه ، وهو اختيار ( ـ ش ـ ) ، وله قول آخر وهو أن يكون في ذمته يقضي من الفاضل
من دين غرمائه.
مسألة
ـ ١٣ ـ : من كان عليه ديون حالة ومؤجلة ، وحجر عليه الحاكم بسبب الديون
الحالة ، لا تصير المؤجلة حالة ، لأنه لا دلالة عليه ، وهو الصحيح من أحد قولي ( ـ
ش ـ ) ، وقوله الأخر انها تصير حالة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
__________________
مسألة
ـ ١٤ ـ : من مات وعليه دين مؤجل حل عليه بموته ، وبه قال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) و ( ـ ك ـ ) ، وأكثر الفقهاء. وقال الحسن البصري : لا تصير المؤجلة حالة
بالموت ، فاما إذا كانت له ديون مؤجلة ، فلا تحل بموته بلا خلاف إلا رواية شاذة رواها
أصحابنا انها تصير حالة.
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا فلس من عليه الدين وكان ما في يده لا يفيء بقضاء ديونه ، فإنه لا يؤاجر ليكتسب
ويدفع الى الغرماء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) وأكثر الفقهاء.
وقال ( ـ د ـ )
، و ( ـ ق ـ ) ، وعمر بن عبد العزيز ، وعبيد الله بن الحسن العنبري ، وسوار بن عبد
الله القاضي : أنه يؤاجر
ويؤخذ أجرته فيقسم بين غرمائه.
دليلنا : أن الأصل
براءة الذمة ، ولا دلالة على وجوب إجارته ، وأيضا قوله تعالى « وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ
فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ » ولم يأمر بالكسب.
مسألة
ـ ١٦ ـ : المفلس إذا ماتت زوجته ، وجب أن يجهز من ماله.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ١٧ ـ : لا يجب على المفلس بيع داره التي يسكنها ، ولا خادمه الذي
يخدمه. وقال ( ـ ش ـ ) : يجب عليه ذلك ، وبه قال باقي الفقهاء.
مسألة
ـ ١٨ ـ : المفلس إذا ادعى على غيره مالا ولم يقم له بينة ، فرد عليه
اليمين فلم يحلف لا يرد على الغرماء اليمين ، لأنه لا دلالة عليه في الشرع.
__________________
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، وهو قوله في الجديد. وقال في القديم : يرد على الغرماء ،
فاذا حلفوا استحقوا المال وقسموه بينهم.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا باع الوكيل على رجل ماله ، أو الولي مثل الأب والجد والحاكم
وأمينه والوصي ، ثمَّ استحق المال على المشتري ، فان ضمان العهدة يجب على من يبيع عليه
ماله ، فان كان حيا كان في ذمته ، وان كان ميتا كانت العهدة في تركته وبه قال ( ـ ش
ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجب على الوكيل ، وقال في الحاكم وأمينه : انهما لا يضمنان.
يدل على ما قلناه
أن الأصل براءة الذمة ، ولا دليل على لزوم ذلك للوكيل ، أو هؤلاء ، فيجب أن يلزم من
يباع عليه ، والا لم يكن من يستحق عليه.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا كان للمفلس دار ، فبيعت في دينه وباعها أمين القاضي وقبض
الثمن وهلك في يده واستحقت الدار ، فإن العهدة تكون في مال المفلس فيوفي المشتري جميع الثمن
الذي وزنه في ثمن الدار ، لان المال أخذ منه ببيع لم يسلم اليه ، فوجب أن يرد عليه الثمن ، وليس هذا دينا له على المفلس
، فيكون كأحد الغرماء ، وهو قول ( ـ ش ـ ) في رواية المزني ، وروي حرملة عنه أنه قال
: يكون المشتري كأحد الغرماء.
مسألة
ـ ٢١ ـ : تقبل البينة على إعسار الإنسان ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: لا تقبل الشهادة على الإعسار ، سواء كان الشهود من أهل المعرفة الباطنة به أو لم
يكونوا.
دليلنا : أن هذه
الشهادة ليست على مجرد النفي وانما يتضمن إثبات صفة في
__________________
الحال وهي الإعسار ، فوجب أن يكون مقبولة مثل سائر الحقوق والصفات.
وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال لقبيصة بن مخارق المسألة حرمت إلا في ثلاثة رجل يحمل جمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثمَّ يمسك ، ورجل أصابته فاقة
وحاجة حتى يشهد ، أو يحكم ثلاثة من قومه من ذوي الحجى ان به حاجة وفاقة ، فحلت له المسألة
حتى يصيب سدادا من عيش ، أو قواما من عيش. وهذا نص في إثبات الفقر بالبينة.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا قامت البينة على الإعسار وجب سماعها في الحال ، وبه قال
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يحبس المفلس شهرين ، هذا رواية الأصل. وقال التحاوي : يحبس شهرا ، وروي أربعة أشهر ثمَّ يسمع البينة.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا أقام البينة من عليه الدين على إعساره وسئل الغرماء يمينه
كان لهم ذلك ، لان الاحتياط يقتضيه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان روي الربيع ان هذه اليمين
استظهار ، والظاهر من رواية حرملة أنها إيجاب.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : إذا ثبت إعساره وخلاه الحاكم لم يجز للغرماء ملازمته الى
أن يستفيد مالا ، لقوله تعالى « فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
» وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز لهم ملازمته ، فيمشون معه ولا يمنعونه من التكسب والتصرف فاذا رجع الى بيته
، فان اذن لهم في الدخول معه دخلوا ، وان لم يأذن لهم منعوه من دخوله وبيتوه برا معهم.
ويدل على ما قلناه
ما روى أبو سعيد الخدري أن رجلا أصيب في ثمار
__________________
ابتاعها فكثر دينه وقال النبي عليهالسلام : تصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه ، فقال النبي عليهالسلام : خذوا ما وجدتم وليس لكم الا ذلك. وهذا يدل على أنه ليس لهم ملازمته.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : إذا فك حجره فادعى الغرماء أن له مالا سأله الحاكم ، فإن
أقربه ولم يكن المال وفاء لديونهم وحدث ديان آخر لديونهم بعد فك الحجر سواء في القسمة
بين الغرماء الذين
حدثوا بين فك الحجر عنه وبين الأولين ، لأنه لا دلالة على تخصيص قوم دون قوم والذمة
خالية من الحجر ، والمديون متساوية في الثبوت ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يخص به الغرماء الذين حدثوا بعد فك الحجر.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : من له على غيره مال مؤجل إلى شهر وأراد من عليه الدين السفر الى موضع بعيد مدة سنة
لم يكن لصاحب الدين منعه منه ولا مطالبته بالكفيل ، لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال (
ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : له مطالبته بالكفيل.
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا كان سفره الى الجهاد ، فليس له أيضا منعه منه لما قلنا
فيما تقدم ، وهو ظاهر قول ( ـ ش ـ ) ، وفي أصحابه من قال له المطالبة بالوثيقة ، أو
منعه من الجهاد.
__________________
كتاب الحجر
مسألة
ـ ١ ـ : الإنبات دليل على بلوغ المسلمين والمشركين. وقال ( ـ ح ـ ) : ليس بدلالة على بلوغ المسلمين ولا المشركين ولا يحكم به .
وقال ( ـ ش ـ )
: هو دلالة على بلوغ المشركين ، وفي دلالته على بلوغ المسلمين قولان.
مسألة
ـ ٢ ـ : يراعى في حد البلوغ في الذكور بالسن خمسة عشر سنة وبه قال
( ـ ش ـ ) ، وفي الإناث تسع سنين.
وقال ( ـ ح ـ )
: الأنثى تبلغ باستكمال تسع عشر سنة وللذكور عنه روايتان : إحداهما أنه يبلغ باستكمال تسع عشر سنة ، وهي رواية الأصل ، والأخرى ثماني عشر سنة ، وهي
رواية الحسن بن زياد اللؤلئي.
وحكي عن مالك أنه
قال : البلوغ بان يغلظ الصوت وان ينشق الغضروف
__________________
وهي رأس الأنف ، وأما السن فلا يتعلق به البلوغ. قال داود : لا يحكم بالبلوغ
بل بالسن .
ويدل على مذهبنا
ما روى أنس بن مالك أن النبي عليهالسلام قال : إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه وأخذ منه الحدود.
وروى عبد الله بن عمر قال : عرضت على رسول الله صلىاللهعليهوآله عام بدر وأنا ابن ثلاثة عشر سنة فردني ، وعرضت عام أحد وأنا ابن أربع عشر سنين فردني ولم يرني بلغت ، وعرضت عام الخندق وأنا ابن خمس عشر
سنة فأجازني في المقاتلة ، فنقل الحكم وهو رد والإجازة وسببه وهو السن.
مسألة
ـ ٣ ـ : لا يدفع المال إلى الصبي ولا يفك حجره حتى يبلغ بأحد ما قدمناه
ويكون رشيدا ، وحده أن يكون مصلحا لماله عدلا في دينه ، فاذا كان مصلحا لماله غير عدل
في دينه ، أو كان عدلا في دينه غير مصلح لماله ، فإنه لا يدفع اليه ماله ، بدلالة قوله
تعالى « فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا
إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ » ومن كان فاسقا كان موصوفا بالغي لا بالرشد.
وروي عن ابن عباس
أنه قال في قوله تعالى « فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ
رُشْداً » هو أن يبلغ ذا وقار وحلم وعقل ، وقوله تعالى «
وَلا تُؤْتُوا
السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ » والفاسق سفيه ، والاخبار التي ينفرد بها كثيرة في هذا المعنى ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا كان مصلحا لما له مدبر له وجب فك الحجر عنه ، سواء كان عدلا
__________________
في دينه أو لم يكن.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا بلغ أو وجد منه الرشد فك حجره ، وان لم يونس منه الرشد لم يفك حجره الى أن يصير شيخا
كبيرا ، لظاهر الآية بدلالة قوله تعالى « فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ
رُشْداً » وهذا لم يونس منه الرشد ، وقوله تعالى «
وَلا تُؤْتُوا
السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ » وهذا سفيه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا بلغ خمسا وعشرين سنة فك حجره على كل حال ، ولو تصرف في ماله قبل بلوغ خمس وعشرين
سنة يصح صرفه بالبيع والشراء والإقرار.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا بلغت المرأة وهي رشيدة دفع إليها مالها وجاز لها أن تتصرف
فيه ، سواء كان لها زوج أو لم يكن ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان لم يكن لها زوج لم يدفع إليها ، وان كان لها زوج دفع إليها ، لكن لا يجوز لها
ان تتصرف فيه الا بإذن زوجها.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا كان لها زوج ، فتصرفها لا يحتاج إلى إذن زوجها ، لأنه لا دلالة عليه ، وروي ان ذلك يستحب لها
وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يجوز لها التصرف إلا بإذن زوجها ، وروي أم الفضل أرسلت إلى رسول الله قدحا من لبن وهو واقف بعرفة فشربه ،
ولم يسأل عن اذن الزوج.
وروي عن أسماء بنت
أبي بكر أنها قالت يا رسول الله أتتني أمي راغبة
__________________
أأصلها فقال النبي عليهالسلام نعم ولم يعتبر اذن زوجها الزبير.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا بلغ الصبي وأونس منه الرشد ودفع له ماله ، ثمَّ صار مبذرا مضيعا لماله في المعاصي حجر عليه ،
وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وأبو
ثور ، وأبو عبيد وغيرهم ، وهو مذهب أبو يوسف ، ومحمد.
وقال ( ـ ح ـ )
، وزفر : لا يحجر عليه وتصرفه نافذ في ملكه ، وحكي ذلك عن النخعي ، وابن سيرين.
دليلنا قوله تعالى
« فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً
أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ
» وقيل : السفيه المبذر
، والضعيف الصغير أو الشيخ الكبير ، والذي لا يستطيع أن يمل المغلوب على عقله. وقوله تعالى «
وَلا تُؤْتُوا
السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ » والمبذر سفيه.
وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال : اقبضوا على أيدي سفهائكم ، ولا يصح القبض الا بالحجر. وروى عروة بن
الزبير أن عبد الله بن جعفر ابتاع بيعا فأتى الزبير ، فقال له : قد ابتعت بيعا وأن عليا يريد أن يأتي عثمان ويسأله الحجر علي فقال الزبير
أنا شريكك في البيع ، ثمَّ أتى علي عثمان ، فقال : ان ابن جعفر ابتاع بيع كذا فأحجر عليه ، فقال الزبير :
أنا شريكه في البيع ، فقال عثمان : كيف أحجر على رجل شريكه الزبير ، ولم يقل أن الحجر
على العاقل لا يجوز.
__________________
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا صار فاسقا الا أنه غير مبذر ، فالأحوط أن يحجر عليه ،
بدلالة قوله تعالى « وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ
» وروي عنهم عليهمالسلام أنهم قالوا : شارب الخمر سفيه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٩ ـ : المحجور عليه إذا كان بالغا يقع طلاقه ، وبه قال جميع الفقهاء
الا ابن أبي ليلى ، فإنه قال : لا يملك طلاقه.
كتاب الصلح
مسألة
ـ ١ ـ : الصلح على الإنكار جائز ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ
) ، وقالا : لا يكون الصلح الا مع الإنكار.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجوز الصلح على الإنكار ، قال : وصورة المسألة أن يدعي رجل على غيره عينا في يده
أو دينا في ذمته ، فأنكر المدعى عليه ثمَّ صالحه منه على مال يتفقان عليه ، لم يصح
الصلح ولم يملك المدعي المال الذي قبضه من المدعى عليه ، وله أن يرجع فيطالبه به ،
فوجب على المدعي رده عليه ، وكان على دعواه كما كان قبل الصلح ، وان كان قد صرح بإبرائه
مما ادعاه وأسقط حقه عنه ، لأن أبرأه ليسلم له ما قبضه فاذا لم يسلم ماله لم يلزمه ما عليه وعندنا.
وعند ( ـ ح ـ )
و ( ـ ك ـ ) يملك المدعي وليس للمدعي عليه مطالبته به.
ويدل على مذهبنا
قوله تعالى « وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
» ولم يفرق بين الإنكار والإقرار
وقوله عليهالسلام « الصلح جائز بين المسلمين » ولم يفرق وقوله عليهالسلام « كل مال وقى الرجل به عرضه فهو صدقة » فيجب أن يكون ما بذله المدعى عليه جائزا
وأن يكون صدقة
__________________
لأنه قصد به وقاية عرضه.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا أخرج من داره روشنا الى طريق المسلمين ، وكان عاليا لا
يضر بالمارة ترك ما لم يعارض فيه أحد من المسلمين ، فان عارض فيه واحد منهم وجب قلعه ، لان الطريق لجميع المسلمين
، فاذا طالبه واحد منهم كان له ذلك كسائر الحقوق ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يجب قلعه إذا لم يضر بالمارة وترك ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ
ق ـ ) وأبو يوسف ، ومحمد ، ولا خلاف أنه لو سقط ذلك فوقع على إنسان فقتله أو على مال
فأتلفه لزمه الضمان ، فلو كان ذلك جائزا لم يكن عليه ضمان .
مسألة
ـ ٣ ـ : معاقد القمط وهي مساد الخيوط من الخص إذا كان الى أحد الجانبين
، وكان الخلاف في الخص قدم دعوى من العقد اليه ، وبه قال أبو يوسف وزاد بخوارج الحائط وانصاف
اللبن ويقدم بهما.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : لا يقدم بشيء من ذلك.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا تنازعا في جدار بين ملكيهما وهو غير متصل بينها أحدهما
وانما هو مطلق ولأحدهما
عليه جذوع ، فإنه لا يحكم بالحائط لمن الجذوع له لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ
ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يحكم بالحائط لصاحب الجذوع إذا كان أكثر من جذع واحد فان كان واحدا فلا يقدم به بلا
خلاف.
دليلنا : قوله عليهالسلام : « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه » ولم يفرق
__________________
وأيضا فإن وضع الجذع يجوز أن يكون عارية ، فان في الناس من أوجب اعارة ذلك وهو مالك ، فإنه قال : يجبر على ذلك لقوله عليهالسلام « لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبته على جدار ».
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا تنازع اثنان دابة أحدهما راكبها والأخر أخذ بلجامها ،
ولم يكن مع أحدهما بينة ، جعلت بينهما نصفين ، لأنه لا دلالة على وجوب تقديم أحدهما
على الأخر ، وبه قال
المروزي أبو إسحاق.
وقال ( ـ ح ـ )
وباقي الفقهاء : يحكم بذلك للراكب.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا كان حائط مشترك بين نفسين ، لم يجز لأحدهما أن يدخل فيه
خشبة خفيفة لا تضر بالحائط إلا بإذن صاحبه ، لقول النبي عليهالسلام لا يحل مال امرء مسلم الا بطيب نفس منه ، وهذا الحائط بينهما فلا يجوز لأحدهما
التصرف فيه الا بإذن شريكه وطيب نفسه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في الجديد. وقال في القديم
: يجوز ذلك وبه قال ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا كان حائط مشترك بين نفسين فأذن أحدهما لصاحبه أن يضع
عليه خشبا يبنى عليه ، فبنى عليه ثمَّ انهدم السقف أو قلع ، فليس له أن يعيد إلا بإذن مجدد ، لأن الأصل أنه لا يجوز وضعه إلا بإذن ، وليس الاذن في الأول إذنا في الثاني وهو أحد قولي ( ـ ش
ـ ) و ( ـ ك ـ ) ، والقول الأخر انه يجوز ذلك له.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا كان لرجل بيت وعليه غرفة لاخر وتنازعا في سقف البيت
__________________
الذي عليه الغرفة ، ولم يكن لأحد بينة أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه حلف لصاحبه وحكم له ، بدلالة إجماع الفرقة على أن كل مجهول ففيه يستعمل القرعة وان قلنا أنه يقسم بينهما نصفين ، كان جائزا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يحلف كل واحد منهما ، فاذا حلفا جعل بينهما نصفين.
وقال ( ـ ح ـ )
: القول قول صاحب السفل ، وعلى صاحب العلو البينة.
وقال ( ـ ك ـ )
: القول قول صاحب العلو ، وعلى صاحب السفل بينة.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا كان بين رجلين حائط مشترك وانهدم وأراد أحدهما أن يبنيه
وطالب الأخر بالإنفاق معه ، فإنه لا يجبر على ذلك ، وكذلك ان كان بينهما نهرا وبئر
وطالب أحدهما بالنفقة لا يجبر عليها ، وكذلك ان كان بينهما دولاب يحتاج إلى عمارة وطالب شريكه بالنفقة لا يجبر على ذلك ، وكذلك ان كان السفل لواحد والعلو لاخر فانهدم فلا يجبر
لصاحب السفل على اعادة
الحيطان التي عليها الغرفة ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دلالة على وجوب إجباره على النفقة.
و ( ـ للش ـ ) في
هذه المسائل قولان : أحدهما ما قلناه ، وهو قوله في الجديد ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والأخر
قوله في القديم يجبر عليه ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال في مسألة الغرفة : انه يجبر صاحب
السفل على النفقة منفردا ولا يلزم صاحب العلو شيئا والثاني لا يجبر عليه.
__________________
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا أتلف رجل على غيره ثوبا يساوي دينارا فأقر له به وصالحه
على دينارين لم يصح ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز ذلك.
دليلنا : أنه إذا
أتلف عليه الثوب وجب في ذمته قيمته ، بدلالة أن له مطالبته بقيمته ، ويجبر صاحب الثوب
على أحدهما ، وإذا ثبت ان القيمة هي الواجبة في ذمته ، فالقيمة هاهنا دينار واحد ، فلو
أجزنا أن يصالح على أكثر من دينار كان سعيا للدينار بأكثر منه ، وذلك لا يجوز ، هذا كلام الشيخ ولي في هذا ننظر.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا ادعى عليه مالا مجهولا ، فأقر له به وصالحه على مال معلوم ، صح الصلح ، بدلالة قوله عليهالسلام « الصلح جائز بين المسلمين الا ما أحل حراما أو حرم حلالا » ولم يفرق ، وبه
قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) لا يصح.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا كان لرجل داران في زقاقين غير نافذين ، وظهر كل واحدة
منهما إلى الأخرى ، فأراد أن يفتح ما بين الدارين بابا حتى ينفذ كل واحدة منهما الأخرى ، كان له ذلك ، وبه قال أبو الطيب الطبري من أصحاب ( ـ ش
ـ ).
وقال باقي أصحابه
: ليس له ذلك ، قال أبو الطيب : لا أعرف خلافا فيه.
دليلنا : انه لا
يمنع من التصرف في ملكه الا بدليل ، ولا دليل على ذلك. وأيضا فلا خلاف أنه يجوز أن
يجعل الدارين دارا واحدة ، فيرفع الحاجز بينهما ، ويكون البابان في الزقاقين على حالهما
، وهذا يدل على صحة ما قلناه.
__________________
كتاب الحوالة
مسألة
ـ ١ ـ : المحتال هو الذي يقبل الحوالة ، فلا بد من اعتبار رضاه ،
وبه قال جميع الفقهاء الا داود ، ومتى أحاله من عليه الحق على غيره لزمه ذلك.
دليلنا : أنا أجمعنا
على أنه إذا رضي صحت الحوالة ، وليس على صحتها مع عدم رضاه دليل ، وقول النبي عليهالسلام : اللهم إذا أحيل أحدكم على ملي فليحتل المراد به الاستحباب ، لأنه إذا أراد
أن يحيله على غيره أستحب له أن يجيبه اليه ، لما فيه من قضاء حاجة أخيه واجابته الى
ما يبتغه .
مسألة
ـ ٢ ـ : المحال عليه يعتبر رضاه ، وبه قال المزني والإصطخري ، وذكر
ابن سريج أن الشافعي ذكر ذلك في الإملاء ، والمشهور من مذهب ( ـ ش ـ ) أنه لا يعتبر
رضاه.
دليلنا : ما تقدم
في المسألة الاولى من إجماع الأمة على أنه إذا رضي صحت الحوالة ، ولا دليل على صحتها من غير رضاه.
__________________
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا أحاله على من ليس له عليه دين وقبل الحوالة صحت الحوالة
، لأنه لا مانع منه الأصل جوازه. وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أحال على من ليس له عليه دين ، فالمذهب أن ذلك لا يصح.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا أحال رجلا على رجل بالحق وقبل الحوالة وصحت ، تحول الحق
من ذمته المحيل إلى ذمة المحال عليه ، وبه قال جميع الفقهاء إلا زفر بن الهذيل ، فإنه
قال : لا يتحول الحق عن ذمته.
دليلنا : ان الحوالة
مشتقة من التحويل ، فينبغي أن يعطي اللفظ حقه من الاشتقاق والمعنى إذا حكم الشرع بصحته
، فإذا أعطيناه حقه وجب أن ينتقل الحق من المحيل الى المحال عليه.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا انتقل الحق من ذمة المحيل الى المحال عليه بحوالة صحيحة
، فإنه لا يعود عليه ، سواء بقي المحال عليه على غناه حتى أداه أو جحده حقه وحلف عند
الحاكم ، أو مات مفلسا ، أو أفلس وحجر عليه الحاكم ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وهو المروي
عن علي عليهالسلام.
وقال ( ـ ح ـ )
: له الرجوع عليه بالحق إذا جحده المحال عليه ، أو مات مفلسا.
وقال أبو يوسف ،
ومحمد : يرجع عليه في هذين الموضعين ، وبه قال عثمان ، وإذا أفلس وحجر عليه الحاكم.
دليلنا أنه قد ثبت
انتقال الحق عن ذمته ولا دليل على انتقاله اليه ثانيا فمن ادعى ذلك فعليه الدلالة ،
ولأن الملاءة شرط في الحوالة ، فلو كان له الرجوع عند الإعسار لم يكن لشرط الملائة تأثير .
__________________
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا شرط المحتال في الحوالة ملاءة المحال عليه فخرج معسرا
لم يصح الحوالة.
وقال ( ـ ش ـ ) : صح.
وإذا شرط المحتال ملاءة المحال فوجده معسرا أو لم يشرط فوجده معسرا
صحت الحوالة. وقال ابن سريج : الذي يقتضيه أصول ( ـ ش ـ ) أن يكون له الرجوع إذا شرط
الملاءة فوجده معسرا ، والأول قول المزني ، وهو الذي صححه باقي أصحابه.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا اشترى رجل من غيره عبدا بألف درهم ثمَّ أحال البائع المشتري
بالألف على رجل للمشتري عليه ألف درهم وقبل البائع الحوالة صحت ، ثمَّ ان المشتري وجد بالعبد عيبا فرده وفسخ البيع بطل الحوالة
، لأن العقد إذا انفسخ سقط ثمن العبد ، وانما صحت هذه الحوالة عن ثمن العبد ، وبه قال
المزني وأبو إسحاق.
وقال أبو علي الطبري
: ذكر المزني في الجامع الكبير أن الحوالة صحيحة ، واختاره هو قال أبو حامد المروزي
: طلبت في عدة نسخ من الجامع فلم أجده.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا أحال رجل على رجل بحق له عليه ، واختلفا فقال المحيل
: أنت وكيلي في ذلك ، وقال المحتال : إنما أحلتني لأخذ ذلك لنفسي على وجه الحوالة بمالي
عليك ، واتفقا على أن القدر الذي جرى بينهما من اللفظ أنه قال :
__________________
أحلتك عليه بمالي عليه من الحق وقبل المحتال ذلك ، كان القول قول المحيل ، وبه
قال المزني وأكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال ابن سريج : القول قول المحتال.
دليلنا : أنهما
قد اتفقا ان الحق كان للمحيل على المحال عليه ، وانتقاله الى المحتال يحتاج الى دليل ، لأنه
ليس في احالة المحيل بذلك دليل على أنه أقر به وأحاله بحق له عليه. وان شئت قلت : الأصل بقاء حق المحيل على المحال عليه ،
وبقاء حق المحتال على المحيل ، والمحتال يدعي زوال ذلك ، والمحيل ينكره ، فالقول قوله
مع يمينه.
مسألة
ـ ٩ ـ : الحوالة عند ( ـ ش ـ ) بيع ، وليس لأصحابنا فيه نص ، والذي يقتضيه المذهب أن يقول : انه عقد قائم بنفسه ،
لان لا دلالة على أنه بيع ، والحاقه به قياس لا نقول به.
مسألة
ـ ١٠ ـ : يجوز الحوالة بما لا مثل له من الثياب والحيوان إذا ثبت في
الذمة بالقرض ، ويجوز إذا كان في ذمته حيوان وجب عليه بالجناية ، مثل أرش الموضحة وغيرها
يصح الحوالة فيها ، وكذلك يصح أن يجعلها صداقا لامرأته ، لأن الأصل جوازه ولا مانع
منه.
واختلف أصحاب (
ـ ش ـ ) فيه ، فقال بعضهم : لا يجوز الا فيما له مثل ، وقال ابن سريج : يجوز فيما يثبت
في الذمة وهو معلوم ، وإذا كان في ذمته حيوان ، فهل يصح الحوالة بها؟ فيه وجهان.
__________________
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا أحال لزيد على عمرو بألف درهم تقبله عمرو صحت الحوالة
في ذلك ، لأنه إذا قبله فقد أقر بلزوم ذلك المال في ذمته ، فيجب عليه الوفاء به ، ومن
قال : لا يصح فعليه الدلالة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان : أحدهما ما قلناه ، والثاني لا يجوز ، لأن الحوالة بيع والمعدوم لا يجوز بيعه.
كتاب الضمان
مسألة
ـ ١ ـ : ليس من شرط الضامن أن يعرف المضمون له والمضمون عنه ، بدلالة أن عليا عليهالسلام وأبا قتادة لما ضمنا الدين عن الميت لم يسألهما النبي عليهالسلام عن معرفتهما بصاحب الدين ولا الميت.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أوجه : أحدهما ما قلناه ، والثاني أن من شرطه معرفتهما ، الثالث أن من شرطه معرفة المضمون
له دون المضمون عنه.
مسألة
ـ ٢ ـ : ليس من شرط صحة الضمان رضاهما أيضا ، بدلالة ضمان علي وأبي
قتادة ، فإن النبي عليهالسلام لم يسأل عن رضا المضمون له والمضمون عنه كان ميتا وان قيل ان من شرطه رضا المضمون
له كان أولى ، بدلالة أنه إثبات حق في الذمة ، فلا بد من اعتبار رضاه كسائر الحقوق
، والأول أليق بالمذهب ، لأن الثاني قياس.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: المضمون عنه لا يعتبر رضاه ، والمضمون له فيه قولان.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا صح الضمان ، فإنه ينتقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى
ذمة الضامن ، ولا يكون له أن يطالب أبدا غير الضامن.
بدلالة قول النبي
عليهالسلام لعلي لما ضمن الدرهمين عن الميت : جزاك الله عن الإسلام خيرا وفك رهانك كما
فككت رهان أخيك ، وقال لأبي قتادة : لما ضمن الدينارين هما عليك والميت منهما برئ قال
نعم ، فدل على أن المضمون عنه تبرأ من الدين بالضمان ، وهو مذهب أبى ثور وابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود.
وقال ( ـ ش ـ )
، وباقي الفقهاء : ان المضمون له مخير في أن يطالب أيهما شاء ، والضمان لا ينقل الدين
من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن.
مسألة
ـ ٤ ـ : ليس للمضمون له أن يطالب الا الضامن ، لما قلناه فيما تقدم.
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يجوز له أن يطالب الضامن الا عند تعذر المطالبة من المضمون عنه : أما بغيبة ،
أو بإفلاسه ، أو بجحوده.
وقال ( ـ ش ـ )
وباقي الفقهاء : هو بالخيار في مطالبة أيهما شاء.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا ضمن بغير اذن المضمون عنه وأدى بغير أمره ، فإنه يكون
متبرعا ولا يرجع به عليه ، بدلالة الخبر في ضمان علي وأبي قتادة ، وبه قال ( ـ ش ـ
).
وقال ( ـ ك ـ )
، و ( ـ د ـ ) : يرجع به عليه.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا ضمن عنه بإذنه وأدى بغير إذنه ، فإنه يرجع عليه ، لأنا
قد بينا أنه ينتقل المال الى ذمته بنفس الضمان ، فلا اعتبار باستيذانه في القضاء ،
وهو قول أبي هريرة وأبي علي والطبري من أصحاب ( ـ ش ـ ).
وقال أبو ( ـ ق
ـ ) : ان أدى عنه مع إمكان الوصول اليه واستيذانه لم يرجع عليه ،
__________________
وان أدى مع تعذر ذلك رجع عليه.
مسألة
ـ ٧ ـ : يصح ضمان مال الجعالة إذا فعل ما شرط الجعالة به ، بدلالة قوله تعالى «
وَلِمَنْ جاءَ
بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ
» وقول النبي عليهالسلام الزعيم غارم وهذا عام.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان أحدهما ما قلناه ، والأخر لا يصح ضمانه.
مسألة
ـ ٨ ـ : يصح ضمان مال المسابقة بقوله عليهالسلام الزعيم غارم ، وهذا عام وقال ( ـ ش ـ ) : ان جعلناه مثل الإجارة يصح ضمان ذلك ، وان جعلناه مثل الجعالة فعلى وجهين.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا جنى على حر فاستحق بالجناية إبلا صح ضمانها ، بدلالة
عموم قوله « الزعيم غارم » و ( ـ للش ـ ) فيه قولان بناء على القولين في بيعها وإصداقها.
مسألة
ـ ١٠ ـ : نفقة الزوجة إذا كانت مستقبلة لا يصح ضمانها ، بدلالة أن
النفقة انما يلزم بالتمكين من الاستمتاع ، ومتى نشزت سقطت نفقتها ، والتمكين لم يحصل في المستقبل ، فلا يجب النفقة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما يصح إذا قال النفقة تلزم بنفس العقد ، والأخر لا يصح إذا قال يجب بالتمكين
من الاستمتاع.
مسألة
ـ ١١ ـ : يصح ضمان الثمن مدة الخيار ، بدلالة عموم الخبر. و ( ـ للش
ـ ) فيه طريقتان : أحدهما ما قلناه ، والثاني لا يصح ، لأنه مثل مال الجعالة وهو
__________________
على قولين.
مسألة
ـ ١٢ ـ : يصح ضمان عهدة الثمن إذا خرج المبيع مستحقا إذا كان قد سلم
الثمن إلى البائع ، بدلالة قوله عليهالسلام « الزعيم غارم » ولم يفصل ، ولأن الأصل جوازه ، وبه قال أكثر الفقهاء والمشهور من مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ابن سريج وابن
القاص : لا يجوز ذلك.
مسألة
ـ ١٢ ـ : لا يصح ضمان المجهول ، سواء كان واجبا أو غير واجب ، ولا
يصح ضمان ما لا يجب سواء كان معلوما أو مجهولا ، بدلالة ما روي عن النبي عليهالسلام أنه نهى عن الغرر ، وضمان المجهول غرر ، ولأنه لا دلالة على صحته ، وهو قول ( ـ ش ـ ) ، والليث بن سعد ، وابن أبي
ليلى ، و ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) : يصح ضمان ذلك.
مسألة
ـ ١٣ ـ : يصح الضمان عن الميت ، سواء خلف وفاء أو لم يخلف ، بدلالة
ضمان علي وأبي قتادة عن الميت واجازة النبي عليهالسلام ذلك مطلقا من غير فصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) و ( ـ ك ـ ) وأبو يوسف و ( ـ م ـ
).
وقال ( ـ ح ـ )
و ( ـ ر ـ ) لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاء بمال أو ضمان ضامن وان خلف وفاء
بمال وضمان صح الضمان عنه.
دليلنا : ما روي
عن أنس أنه قال : من استطاع منكم أن يموت وليس عليه دين فليفعل ، فإني رأيت رسول الله
صلىاللهعليهوآله وقد أتى بجنازة يصلى عليها ، فقال : هل عليه دين؟ فقالوا : نعم ، فقال : ما
نفعه صلاتي وهو مرتهن بدينه ، فلو قام أحدكم فضمن عنه وصليت عليه كانت تنفعه صلاتي
وهذا صريح في جواز ابتلاء الضمان بعد موت المضمون عنه.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا ضمن العبد الذي لم يؤذن له في التجارة بغير اذن سيده
__________________
لم يصح ضمانه لقوله تعالى « عَبْداً مَمْلُوكاً لا
يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ » وبه قال الإصطخري وابن سريج وقال ابن أبي هريرة : يصح ، وحكي
ذلك عن ابن إسحاق المروزي.
مسألة
ـ ١٥ ـ : كفالة الأبدان يصح ، وبه قال من الفقهاء ( ـ ح ـ ) وغيره
، وهو المشهور من مذهب ( ـ ش ـ ) ، وله قول آخر انه لا يصح .
دليلنا قوله تعالى
« لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ
» فطلب يعقوب منهم كفيلا
ببدنه ، وقالوا ليوسف
« إِنَّ لَهُ
أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ
» وذلك كفالة بالبدن.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا تكفل ببدن رجل فغاب المكفول به بحيث يعرف موضعه الزم الكفيل إحضاره ويمهل مقدار زمان ذهابه ومجيئه
لإحضاره ، فان لم يحضره بعد انقضاء هذه المدة حبس أبدا حتى يحضره أو يموت ، لان من
شرط الكفالة إمكان تسليمه والغائب لا يمكن تسليمه في الحال ، فوجب أن يمهل الى ان يمضي
زمان الإمكان ، وبه قال جميع من أجاز الكفالة بالبدن.
وقال ابن شبرمة
: يحبس في الحال ولا يمهل ، لأن الحق قد حل عليه.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا تكفل ببدن رجل ، فمات المكفول به ، زالت الكفالة وبرئ
الكفيل ، ولا يلزمه المال الذي كان عليه ، لأنه يكفل ببدنه دون ما في ذمته ، فلا يلزمه
تسليمه ما لم يتكفل به ، وبه قال جميع الفقهاء الذين أجازوا كفالة الأبدان.
وقال ( ـ ك ـ )
: يلزمه ما عليه ، واليه ذهب ابن سريج.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا رهن شيئا ولم يسلمه ، فتكفل رجل بهذا التسليم صح.
وقال ( ـ ش ـ )
لا يصح.
دليلنا : انا قد
بينا أن الراهن يجب عليه تسليم الرهن فيصح الكفالة عنه و ( ـ ش ـ ) بناه على انه لا يجب عليه تسليمه.
__________________
كتاب الشركة
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شركة المسلم لليهود والنصارى وسائر الكفار
مكروهة ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال الحسن البصري : ان كان المتصرف المسلم لا يكره
، وان كان المتصرف الكافر أو هما كره.
مسألة
ـ ٢ ـ : لا ينعقد الشركة إلا في مالين مثلين في جميع صفاتهما ويخلطان
ويأذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في التصرف فيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ينعقد الشركة بالقول وان لم يخلطاهما بأن يعينا المال ويحضراه ويقولا قد تشاركنا
في ذلك صحت الشركة. وقيل : هذا شركة العنان وإذا أخرج أحدهما دراهم والأخر دنانير انعقدت
الشركة بينهما.
دليلنا : أن ما
اعتبرناه مجمع على انعقاده ، ولا دليل على انعقاد الشركة بما قاله فوجب بطلانها.
مسألة
ـ ٣ ـ : العروض التي لها أمثال مثل المكيلات والموزونات يصح الشركة
فيها ، بدلالة أن الأصل جوازه ولا مانع منه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا أخرج أحدهما دراهم والأخر دنانير لم يصح الشركة
__________________
لأنه لا دلالة على صحتها ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يصح.
مسألة
ـ ٥ ـ : شركة المفاوضة باطلة ، لأنه لا دلالة على صحتها ، وبه قال
( ـ ش ـ ) ، ولها حكم في اللغة دون الشرع. قال صاحب إصلاح المنطق : شركة المفاوضة أن
يكون مالهما من كل شيء يملكانه بينهما ، ووافقه على ذلك ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ،
و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: هي صحيحة إذا صحت شرائطها وموجباتها ، وشروطها أن يكون الشريكان مسلمين حرين ، فاذا
كان أحدهما مسلما والأخر كافرا ، أو كان أحدهما حرا والأخر مكاتبا لم يجز الشركة. ومن
شروطها أن يتفق قدر المال الذي ينعقد الشركة في جنسه ، وهو الدراهم والدنانير ، فاذا
كان مال أحدهما أكثر لم يصح الشركة ، أو أخرج أحدهما للشركة من ذلك المال أكثر مما
أخرجه الأخر لم يصح.
وأما موجباتها فهو
أن يشارك كل واحد منهما صاحبه فيما يكسبه قل ذلك أم كثر ، وفيما يلزمه من غراماته بغصب
وكفالة بمال ، فهذه جملة ما يشرطونه من الشرائط والموجبات ، وبه قال ( ـ ر ـ ) ، و
( ـ ع ـ ).
مسألة
ـ ٦ ـ : شركة الأبدان عندنا باطلة ، وهي أن يشترك الصانعان على أن
ما يرتفع لهما من كسبهما ، فهو بينهما على حسب شرطهما ، سواء كانا متفقي الصنعة كالنجارين
والخبازين ، أو مختلفي الصنعة كالنجار والخباز ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز مع اتفاق الصنعة واختلافها ، ولا يجوز في الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد والاغتنام.
وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز الاشتراك مع اتفاق الصنعة ولا يجوز مع اختلافها. وقال ( ـ د
ـ ) : يجوز الشركة في جميع الصنائع وفي الاحتشاش والاحتطاب والاصطياد والاغتنام.
مسألة
ـ ٧ ـ : شركة الوجوه باطلة ، وصورتها أن يكون رجلان وجيهان في السوق
وليس لهما مال ، فيعقدان الشركة على أن يتصرف كل واحد منهما بجاهه في ذمته ويكون ما
يرتفع بينهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وقال ( ـ ح ـ ) : تصح فاذا عقداها كان ما يرتفع
لهما على حسب ما شرطاه بينهما.
ويدل على بطلانه
أنه لا دلالة في الشرع عليه والعقود الشرعية يحتاج إلى أدلة شرعية.
مسألة
ـ ٨ ـ : لا فرق بين أن يتفق المالان في المقدار أو يختلفا ، فيخرج
أحدهما أكثر مما أخرجه الأخر ، فإنه لا دلالة على بطلان هذه الشركة والأصل جوازها وبه
قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو القاسم الأنماطي من أصحابه : إذا اختلف مقدار المالين
بطلت الشركة.
مسألة
ـ ٩ ـ : لا يجوز أن يتفاضل الشريكان في الربح مع التساوي في المال
، ولا أن يتساويا فيه مع التفاضل في المال ، ومتى شرطا خلاف ذلك كانت الشركة باطلة
، لأنه لا دلالة على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز ذلك.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا اشترى الشريكان عبدا بمال الشركة ثمَّ أصابا به عيبا
، فأراد أحدهما الرد والأخر الإمساك كان لهما ذلك ، لان الأصل جوازه ولا مانع يمنع
منه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا امتنع أحدهما من الرد لم يكن للآخر أن يرده.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا باع أحد الشريكين عبدا بألف ، فأقر البائع على شريكه
بالقبض وادعى ذلك المشتري وأنكره الشريك الأخر الذي لم يبع لم يبرئ المشتري من الثمن
، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، وله في إقرار الوكيل على موكله بقبض ما وكله فيه قولان : أحدهما
يقبل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ). والأخر لا يقبل.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ م ـ ) : ان إقرار الشريك مقبول على شريكه ، بناء منهما على أن إقرار الوكيل
مقبول على موكله بقبض ما وكله فيه.
دليلنا على ذلك
أن الخمسمائة التي للبائع لا يبرئ منها ، لأنه يقول : ما أعطيتني ولا أعطيت من وكلته
في قبضها ، وانما أعطيت أجنبيا ولا تبرء من حقي بذلك. وأما الخمسمائة التي للذي لم
يبع فلا يبرئ منها أيضا ، لأنه يزعم أنها على المشتري لم
يقبضها بعد ، وانما البائع هو الذي يقر بقبضه وهو وكيل الذي لم يبع في قبض حقه.
والوكيل إذا أقر
على موكله بقبض الحق الذي وكله في استيفائه لم يقبل قوله عليه ، الا أنه ان شهد مع
البائع شاهد آخر أو امرأتان أو يمين المشتري ، فإنه يحكم على الشريك الذي لم يبع بقبض
حقه وان لم يكن ذلك توجهت عليه اليمين لا غير.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا كان مال بين شريكين ، فغصب غاصب أحد الشريكين نصيبه وباع
مع ما لشريكه ، مضى العقد فيما للشريك ، ويبطل فيما للغاصب ، لقوله تعالى «
وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ » وهذا بيع صادف ملكا.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) فيه طريقان ، منهم من قال : المسألة مبنية على تفريق الصفقة فيبطل البيع في القدر
المغصوب ، وهل يبطل في حصة الشريك البائع؟ فعلى قولين إذا قال : لا تفرق الصفقة بطل
في الجميع. وإذا قال : تفرق يصح في حصة الشريك البائع ويبطل في الثاني. ومنهم من قال
: المسألة على قول واحد ، كما قال ( ـ ش ـ ) ، لان هذا البيع صفقتان ، لأن في طرفيه
عاقدين ، فاذا جمع بين الصفقتين في العقد ، فبطلت إحداهما لم يبطل الأخرى ، وانما يبنى
المسألة على تفريق الصفقة إذا كانت الصفقة واحدة ، وهو الصحيح عندهم.
فأما إذا غصب أحد
الشريكين من الأخر وباع الجميع ، بطل في نصيب شريكه ، وفي نصيبه قولان إذا وكل الشريك الذي لم يغصب الغاصب في بيع حصته فباع الغاصب
جميع المال وأطلق البيع ، بطل في القدر المغصوب ، وهل يبطل في حصته الموكل فيه؟ قولان
بناء على تفريق الصفقة.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا كان لرجلين عبدان لكل واحد منهما عبد بانفراده ، فباعاهما
من رجل واحد بثمن واحد لا يصح البيع ، لان هذا العقد بمنزلة العقدين
__________________
لأنه لعاقدين وثمن كل واحد منهما مجهول ، لان ثمنها يتقسط على قدر قيمتهما وذلك مجهول ، والثمن
إذا كان مجهولا بطل العقد ، ولا يلزم إذا كانا جميعا لواحد فباعهما بثمن معلوم ، لان
ذلك يكون عقدا واحدا ، وانما يبطل الأول من حيث كانا عقدين. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان
: الأصح عندهم أنه لا يصح.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا عقدا شركة فاسدة : اما بأن يتفاضل المالان ويتساوى الربح
، أو يتساوى المالان ويتفاضل الربح وتصرفا وارتفع الربح ثمَّ تفاضلا ، كان الربح بينهما
على قدر المالين ، ويرجع كل واحد منهما على صاحبه بأجرة مثل عمله بعد إسقاط القدر الذي
يقابل عمله في ماله ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يرجع واحد منهما على صاحبه بأجرة عمله ، لان هذه الأجرة لما لم يثبت في الشركة الصحيحة ، فكذلك في الفاسدة.
دليلنا أن كل واحد
منهما قد شرط في مقابلة عمله جزءا من الربح ، ولم يسلم له لفساد العقد ، وقد تعذر له
الرجوع الى المبدل ، فكان له الرجوع الى قيمته ، كما لو باع منه سلعة بيعا فاسدا وتلفت
في يد المشتري رجع عليه بقيمتها ، لان المسمى لم يسلم له وقد تعذر عليه الرجوع في السلعة
بتلفها ، فكان له الرجوع في قيمتها ، ويفارق ذلك الشركة الصحيحة ، لأن المسمى قد سلم
له فيها ، وفي الفاسدة لم يسلم له المسمى ، وقد تعذر عليه الرجوع الى المبدل ، فيرجع
الى عوض المثل.
مسألة
ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان بينهما شيء ، فباعاه بثمن معلوم
، كان لكل واحد منهما أن يطالب المشتري بحقه ، فإذا أخذ قدر حقه شاركه فيه صاحبه. وهذه
المسألة منصوصة لأصحابنا وعليه إجماعهم. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : الأظهر عندهم أنه
لا يشاركه فيه.
__________________
كتاب الوكالة
مسألة
ـ ١ ـ : يجوز وكالة الحاضر ويلزم الخصم مخاصمة الوكيل ، وله أن يوكل
أيضا ذلك ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في جواز التوكيل في الحاضر والغائب ، وبه قال
( ـ ش ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: وكالة الحاضر يصح غير أنها لا يلزم خصمه الا أن يرضى بها ، ومتى أبى ذلك كان على
خصمه أن يخاصمه بنفسه وأجبر على ذلك ان امتنع.
مسألة
ـ ٢ ـ : ليس من شرط سماع البينة على الوكالة من الوكيل إحضار خصم
من خصومة أو غريم من غرمائه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: من شرطه ذلك ، فإذا أحضره وادعى حق الموكل على خصمه أو غريمه ويتوجه الجواب على المدعى عليه ، فحينئذ يسمع الحاكم بينة
الوكيل ، فجوز سماع الدعوى قبل ثبوت الوكالة ، وألزم الخصم الجواب ، وجعل تقديم الدعوى
شرطا في سماع البينة
، بناء على أصله ، لأن عنده لا يلزم وكالة الحاضر الا برضى الخصم ، ولا يجوز القضاء
على الغائب. وهذا عندنا جائز على ما بيناه
__________________
لأنا لا نعتبر رضى الخصم ويجوز القضاء على الغائب.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا عزل الموكل وكيله عن الوكالة في غيبة من الوكيل ، فلأصحابنا
فيه روايتان : إحداها أنه ينعزل في الحال وان لم يعلم الوكيل ، وكل تصرف للوكيل بعد
ذلك يكون باطلا ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثانية : أنه لا ينعزل حتى يعلم الوكيل
ذلك وكل ما يتصرف فيه يكون واقعا موقعه الى أن يعلم ، وهو قول ( ـ ش ـ ) الأخر ، وبه
قال ( ـ ح ـ ).
ويدل على صحة هذا
القول أن النهي لا يتعلق به حكم في حق المنهي إلا بعد حصول العلم منه به ، ولهذا لما
بلغ أهل قبا أن القبلة قد حولت إلى الكعبة وهم في الصلاة داروا وبنوا على صلاتهم ،
ولم يؤمروا بالإعادة ، وهذا القول أقوى .
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا وكل رجلا في الخصومة عنه ولم يأذن له في الإقرار ، فأقر
على موكله بقبض الحق الذي وكل في المخاصمة فيه ، لم يلزمه إقراره عليه بذلك ، سواء
كان في مجلس الحكم أو في غيره ، لأنه لا دلالة عليه ، والأصل براءة الذمة ، وهو مذهب
( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وابن أبي ليلى ، وزفر.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ م ـ ) : يصح [ إقراره على موكله في مجلس الحكم ولا يصح في غيره. وقال ( ـ ف
ـ ) : يصح في مجلس الحكم وغيره.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا أذن له في الإقرار عنه صح ] إقراره ويلزم الموكل ما أقر به ، فاذا كان معلوما لزمه ذلك
، لأنه لا مانع منه والأصل جوازه. وان كان مجهولا رجع في تفسيره الى الموكل دون الوكيل.
و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر لا يصح من الوكيل الإقرار عن الموكل
بحال ، ولا يصح الوكالة في ذلك.
__________________
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا وكل رجلا في تثبيت حد القذف أو القصاص عند الحاكم واقامة
البينة عليه ، فالتوكيل صحيح فيه ، بدلالة عموم الاخبار في جواز التوكيل والأصل أيضا
جوازه ، وبه قال جميع الفقهاء ، الا ( ـ ف ـ ) فإنه قال : لا يصح التوكيل في تثبيت
الحد بحال.
مسألة
ـ ٧ ـ : يصح التوكيل في استيفاء الحدود التي في الادميين وان لم يحضر
الموكل ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه.
ولأصحاب ( ـ ش ـ
) ثلاث طرق : فذهب أبو إسحاق المروزي الى أن الصحيح ما ذكره في كتاب الجنايات من أن
التوكيل صحيح مع غيبة الموكل. ومنهم من قال : الصحيح ما ذكره هاهنا من أنه يعتبر حضور
الموكل. ومنهم من قال : المسألة على قولين.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز استيفاؤها مع غيبة الموكل. واستدل من اعتبر حضور الموكل بقوله عليهالسلام « ادرؤوا الحدود بالشبهات » وقال : في استيفاء هذا الحد شبهة ، لأنه لا يدري
الوكيل هل عفى عن هذا القصاص الموكل أو لم يعف؟
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا وكله في تصرف شيء سماه له ، ثمَّ قال : وقد أذنت لك
أن تصنع ما شئت ، كان ذلك إذنا في التوكيل ، لان ذلك من جملة ما يشاء. و ( ـ للش ـ
) فيه قولان.
مسألة
ـ ٩ ـ : جميع من بيع مال غيره ، وهم ستة أنفس : الأب ، والجد ووصيهما
، والحاكم ، وأمين الحاكم ، والوكيل ، لا يصح لأحد منهم أن يبيع المال الذي في يده
من نفسه الا اثنين الجد والأب ، ولا يصح لغيرهما ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
: يجوز ذلك للجميع. وقال زفر : لا يجوز لأحد منهم أن يبيع من نفسه شيئا. وقال ( ـ ح
ـ ) : يجوز للأب والجد والوصي الا أنه اعتبر في الوصي أن يشتريه بزيادة ظاهرة ، مثل
أن يشتري ما يساوي عشرة بخمسة عشر ، فان اشتراه
بزيادة درهم لم يمض البيع قاله استحسانا.
ويدل على مذهبنا
إجماع الفرقة وأخبارهم ، أنه يجوز للأب أن يقوم جارية ابنه الصغير على نفسه ويستبيح
وطئها بعد ذلك وأيضا روي أن رجلا أوصى الى رجل في بيع فرس ، فاشتراه الوصي لنفسه فاستفتي
عبد الله بن مسعود ، فقال : ليس له. ولا يعرف له مخالف.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا أطلق الوكالة في البيع ، فإطلاقها يقتضي أن يبيع بنقد
ذلك البلد بثمن المثل حالا ، لأنه إذا باع على ما وصفناه فلا خلاف في صحة بيعه ، فان
خالف ذلك كان البيع باطلا ، لأنه لا دلالة على جوازه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش
ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يقتضي الإطلاق الحلول ولا نقد البلد ولا عوض المثل ، فاذا باعه بخلاف ذلك صح ،
حتى قال : لو أن السلعة يساوي ألوفا فباعها بدانق إلى أجل صح بيعه.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا اختلف الخياط وصاحب الثوب ، فقال صاحب الثوب أذنت لك في قطعه قميصا. وقال الخياط : أذنت لي في قطعه قباء
وقد فعلت ، فالقول قول الخياط ، لان صاحب الثوب مدع بذلك أرش القطع على الخياط ، فعليه
البينة والا فعلى الخياط اليمين ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر القول قول صاحب الثوب
، وبه قال ابن أبي ليلى.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا كان لرجل على غيره دين ، فجاء آخر فادعى أنه وكيله في
المطالبة ، وأنكر ذلك الذي عليه الدين ، فان كان عند الوكيل بينة أقامها وحكم له بها
، وان لم يكن له بينة وطالب من عليه الدين باليمين لا يجب عليه ، فان ادعى عليه علمه
بذلك لم يلزمه أيضا اليمين ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: يلزمه اليمين بناء على أصله أنه لو صدقه أجبر على التسليم اليه. ونحن نبني على أصلنا أنه لو صدقه لما أجبر
على التسليم إليه.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا صدقه من عليه الدين في توكيله ، لم يجبر على التسليم
إليه ، لأنه لا دليل على ذلك ، ولان ذمته مرتهنة ولا يقطع على براءتها بالدفع الى الوكيل
وتصديقه إياه ، لأن لصاحبه أن يكذبهما ، فينبغي أن لا يجب عليه التسليم ، وهو مذهب
( ـ ش ـ ).
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا وكل رجلا في كل قليل وكثير لم يصح ذلك ، لان في ذلك غررا
، ولأنه لا دلالة على صحة هذه الوكالة في الشرع ، وبه قال جميع الفقهاء الا ابن أبي
ليلى ، فإنه قال : يصح ذلك.
مسألة
ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره أن يتوكل مسلم لكافر على مسلم ، ولم
يكره ذلك أحد من الفقهاء.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا وكل رجلا في بيع ماله فباعه ، كان للوكيل والموكل المطالبة
بالثمن ، لأنه قد ثبت أن الثمن للموكل دون الوكيل ، ويدخل في ملكه في مقابلة المبيع
، فينبغي أن يكون له المطالبة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : للوكيل المطالبة
دون الموكل.
مسألة
ـ ١٧ ـ : لا يصح إبراء الوكيل من دون الموكل من الثمن الذي على المشتري
، لأن الإبراء تابع للملك ، والوكيل لا يملك الثمن ، لأنه لا يملك هبته بلا خلاف ،
فلا يصح منه الإبراء ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يصح إبراء الوكيل بغير
اذن موكله.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا وكل رجلا في اشتراء سلعة ، فاشتراها بثمن مثلها ، فان
ملكها يقع للموكل من غير أن يدخل في ملك الوكيل ، بدلالة انه لو وكله في
__________________
شراء من ينعتق عليه لم يعتق عليه ، ولو كان يدخل في ملك الوكيل لوجب أن ينعتق
عليه ، وقد أجمعنا أنه لا ينعتق على الوكيل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يدخل أولا في ملك الوكيل ، ثمَّ ينتقل الملك الى الموكل.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا وكل مسلم ذميا في شراء خمر لم يصح الوكالة ، فإن ابتاع
الذمي له لم يصح البيع ، لما قلناه في المسألة الاولى ان شراء الوكيل يقع لموكله ،
ولأنه لا دليل في الشرع على صحته ، فوجب أن يكون باطلا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يصح التوكيل ويصح البيع ، وعنده أن المسلم لا يملك الخمر إذا تولى الشراء بنفسه ،
ولا يصح ذلك ويملكه بشراء وكيله الذمي.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا وكله في بيع فاسد ، مثل أن يوكله في البيع والشراء إلى
أجل مجهول ، مثل قدوم الحاج وادراك الثمار ، لم يملك بذلك التوكيل البيع الصحيح ، لأنه
لم يوكله في هذا العقد ، وانما وكله في غيره ، فيجب أن لا يصح ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يملك بذلك البيع الصحيح ، فاذا باع واشترى الى أجل معلوم صح البيع والشراء.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا وكل صبيا في بيع أو شراء أو غيرهما لم يصح التوكيل ،
وان تصرف لم يصح تصرفه ، لأنه لا دلالة على صحة هذه الوكالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يصح توكيله ، وإذا تصرف صح تصرفه إذا كان يعقل ما يقول ، ولا يفتقر ذلك الى اذن وليه.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا وكله في شراء شاة بدينار وأعطاه ، فاشترى به شاتين يساوي
كل واحد منهما دينارا ، فان الشراء يلزم الموكل ويكون الشاتان له ،
لما روي عن النبي عليهالسلام أنه عرض له جلب فأعطى عروة البارقي دينارا ليشتري به شاة للأضحية ، فاشترى به شاتين ، ثمَّ
باع إحداهما بدينار فجاء الى رسول الله صلىاللهعليهوآله بشاة ودينار ، فقال : هذه الشاة وهذا ديناركم ، فقال له النبي عليهالسلام كيف صنعت فذكر له ما صنع ، فقال النبي عليهالسلام : بارك الله لك في صفقة يمينك.
وبه قال أكثر أصحاب
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
في كتاب الإجارات : أن إحداهما يلزمه بنصف دينار ، وهو بالخيار في الأخرى ان شاء أمسكها
بالنصف الأخر ، وان شاء ردها ، ويرجع على الوكيل بنصف دينار. قال الطبري : والمذهب
الصحيح الأول.
وقال ( ـ ح ـ )
: يلزم الموكل البيع في إحدى الشاتين بنصف دينار ويلزم الوكيل في الأخرى نصف دينار
، ويرجع الموكل عليه بنصف دينار.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا قال ان قدم الحاج أو جاء رأس الشهر فقد وكلتك في البيع
، فان ذلك لا يصح ، لأنه لا دليل على صحته ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يصح.
__________________
كتاب الإقرار
مسألة
ـ ١ ـ : إذا قال له عندي مال جليل ، أو عظيم ، أو نفيس ، أو خطير
، لم يتقدر ذلك بمقدار ، واي مقدار فسره به كان مقبولا ، قليلا كان أو كثيرا ، لأنه لا دليل على مقدار
مقطوع به ، والأصل براءة الذمة ، وما يفسره به مقطوع به ، فوجب الرجوع اليه ، وهو مذهب
( ـ ش ـ ).
وان قال له عندي
مال كثير ، فإنه يكون إقرارا بثمانين على الرواية التي تضمنت بأن الوصية بالمال الكثير
وصية بثمانين ، ولم يعرف هذا التفسير أحد من الفقهاء.
واختلف أصحاب (
ـ ح ـ ) في الألفاظ الأولة ، فمنهم من قال : لا يقبل منه بأقل من عشرة دراهم ، وهي
مقدار نصاب القطع عندهم. ومنهم من قال : لا يقبل منه أقل من مائتي درهم مقدار نصاب
الزكاة. وقال أبو عبد الله الجرجاني نص ( ـ ح ـ ) على ذلك ، وقال : إذا أقر بأموال
عظيمة يلزمه ستمائة درهم.
وقال ( ـ ك ـ )
: يقبل منه ثلاثة دراهم فما فوقها ، وهو نصاب القطع عنده. وقال الليث بن سعد : يلزمه
اثنان وسبعون درهما. واستدل بقوله تعالى
__________________
« لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ
فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ » وقال كانت اثنين وسبعين موطنا ، وروى أصحابنا أنها كانت ثمانين
موطنا.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا قال لفلان علي مال أكثر من مال فلان ، ألزم مقدار مال
الذي سماه ، وقبل تفسيره في الزيادة ، قليلا كان أو كثيرا. وان فسر الكل بمثل ماله
، لم يقبل ذلك منه ، لان لفظة أكثر موضوعة في اللغة للزيادة.
وقال ( ـ ش ـ )
: يقبل منه إذا فسره بمثل ماله من غير زيادة.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا قال له علي دراهم ، فإنه يلزمه ثلاثة دراهم ، لأن أقل
الجمع ثلاثة ، وان قال دراهم عظيمة أو كثيرة أو خطيرة ، فعلى ما مضى من الخلاف فيه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يلزمه ثلاثة على الأحوال كلها ، وفي الناس من قال : يلزمه درهمان.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا قال له علي ألف ودرهم لزمه درهم ويرجع في تفسير الألف
اليه ، وكذلك مائة ودرهم ، أو ألف ودار ، أو ألف وعبد ، فإنه يرجع في تفسير الألف إليه
، لأنه مبهم ، فيجب أن يرجع إليه في تفسيره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان عطف على الالف من الموزون أو المكيل كان ذلك تفسيرا للألف ، فإن عطف عليها غير
المكيل والموزون لم يكن تفسيرا لها.
فأما إذا قال :
له عندي مائة وخمسون درهما ، فإنه يكون الكل دراهم ، لان الخمسين أفادت الزيادة ولم
يفد التمييز والتفسير ، وقوله « درهما » في آخر الكلام يفيد تفسيرا وتمييزا ، فيجب
أن يكون تمييزا وتفسيرا لجميع العدد.
وفي الناس من قال
: ان المائة يكون مبهمة ، وقوله « وخمسون درهما » يكون قوله « درهما » تفسيرا للخمسين
دون المائة ، لأنها جملة أخرى. والصحيح
__________________
الأول وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). والثاني قول أبي علي بن خيران ، وأبي سعيد
الإصطخري.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا قال لفلان علي ألف ودرهمان ، كان مثل قوله ألف ودرهم
وقد مضى. وان قال : ألف وثلاثة دراهم ، كان ذلك مفسرا للألف. وكذلك إذا قال : ألف وخمسون
درهما ، أو ألف ومائة درهم ، أو مائة وثلاثة دراهم ، أو مائة وخمسون درهما ، أو مائة
وخمسة عشر درهما ، أو خمسون وألف درهم ، أو خمسون ومائة درهم ، أو خمسة وعشرون درهما.
في كل ذلك يكون
مفسرا للجميع ، لأن الزيادة الثانية معطوفة بالواو على الأول ، فصار بمنزلة جملة واحدة
، فإذا جاء بعد ذلك التفسير وجب أن يكون راجعا الى الجميع ، وليس كذلك قوله ألف ودرهم
، أو ألف ودرهمان ، لان ذلك زيادة وليس بتفسير ، ولا يجوز أن يجعل الزيادة في العدد
تفسيرا ، ولان التفسير لا يكون بواو العطف ، وهذا مذهب أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ).
وقال ابن خيران
والإصطخري : ان التفسير يرجع الى ما وليه ، والأول على إبهامه ، وعلى هذا قالا : لو
قال بعتك بمائة وخمسين درهما كان البيع باطلا ، لان بعض الثمن مجهول.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا قال لفلان علي درهم ودرهم الا درهم ، فإنه يلزمه درهم
واحد ، لأنه بمنزلة أن يقول : له علي درهمان الا درهم.
وقال ( ـ ش ـ )
نصا : انه يلزمه درهمان. وفي أصحابه من قال : يصح الاستثناء ، ويلزمه درهم واحد. وكذلك
إذا قال : أنت طالق طلقة وطلقة إلا طلقة يقع طلقة واحدة ، وعلى قول ( ـ ش ـ ) يقع طلقتان.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا قال غصبتك ثوبا في منديل : كان إقراره بغصب الثوب دون
المنديل ، لأنه يحتمل أن يكون أراد في منديل لي ، فلا يلزمه الا الثوب ،
كما لو قال : له عندي ثوب في منديل أو تمر في جراب ، أو قال : غصبتك دابة في
إصطبل ، أو نخلا في بستان ، أو غنما في ضيعة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) :
يكون إقرارا بهما.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا قال لفلان عندي كذا درهما ، فإنه يكون إقرارا بعشرين
درهما ، لان ذلك أقل عدد انتصب الدرهم بعده ، فيجب حمله عليه ، وبه قال محمد بن الحسن.
وقال ( ـ ش ـ ) : يكون إقرارا بدرهم واحد.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا قال له عندي كذا كذا درهما يلزمه أحد عشر درهما ، لان
ذلك أقل عددين ركبا ونصب بعدهما الدرهم ، فيجب حمله عليه ، وبه قال محمد ابن الحسن.
وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه درهم واحد.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا قال له عندي كذا وكذا درهما لزمه أحد وعشرون درهما لان
ذلك أقل عددين عطف أحدهما على صاحبه ونصب بعدهما الدرهم ، وبه قال محمد بن الحسن.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما يلزمه درهم واحد ، والثاني يلزمه درهمان.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا قال له عندي كذا درهم ، لزمه مائة درهم ، لان ذلك أقل
عدد يخفض بعده الدرهم ، وبه قال محمد بن الحسن.
وقال ( ـ ش ـ )
: يلزمه أقل من درهم واحد ، ويفسره بما شاء. وفي أصحابه من قال : يلزمه درهم واحد.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا أقر بدين في حال الصحة ، ثمَّ مرض فأقر بدين آخر في حال
مرضه ، نظر فان اتسع المال لهما استوفيا معا ، وان عجز المال قسم الموجود فيه على قدر
الدينين ، وبه قال ( ـ ش ـ ). ويدل عليه قوله تعالى «
مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ
» ولم يفضل احد الدينين
على الأخر ، فيجب أن يتساويا فيه.
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا ضاق المال قدم دين الصحة على دين المرض ، فان فضل شيء صرف الى دين المرض.
مسألة
ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يصح الإقرار للوارث في حال المرض ، وبه قال
أبو عبيد ، وأبو ثور ، وعمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ).
والقول الأخر أنه
لا يصح ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وسفيان ، و ( ـ د ـ ). وقال أبو إسحاق
المروزي : المسألة على قول واحد ، وهو أنه يصح إقراره ، وعلى المسألة إجماع الفرقة.
مسألة
ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : قد بينا أن الإقرار للوارث يصح ، وعلى هذا
لا فرق بين حال الإقرار وبين حال الوفاة ، فإنه يثبت الإقرار ، وكل من قال : لا يصح
الإقرار للوارث ، فإنما اعتبر حال الوفاة كونه وارثا لا حال الإقرار ، حتى قالوا :
لو أقر لأخيه وله ابن ثمَّ مات الابن ومات هو بعده لا يصح إقراره لأخيه.
ولو أقر لأخيه وليس
له ولد ثمَّ رزق ولدا ، صح إقراره له ، لان حال الموت ليس هو بوارث. وقال عثمان البتي
: الاعتبار بحال الإقرار ، وهذا الفرع يسقط عنا ، لما قدمنا من أن الإقرار للوارث يصح
على كل حال بل الوصية للوارث عندنا صحيحة.
مسألة
ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كانت له جارية ولها ولد ، فأقر في حال
مرضه بأن ولدها ولده منها ، وليس له مال غيرها قبل إقراره فألحق الولد به ، سواء أطلق
ذلك أو بين كيفية الاستيلاد لها في ملكه أو في ملك الغير بعقد أو شبهة.
وأما الجارية فإنها
تصير أم ولده على كل حال أيضا ، الا أنها تباع في الدين إذا لم يخلف غيرها شيئا ، وان
خلف غيرها شيئا قضى منه الدين ، وانعتقت هي على الولد ، وان لم يف بالدين استسعيت فيما
يبقي من الدين.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يخلو أن يبين كيفية الاستيلاد أو يطلق ، فان بين ففيه ثلاثة أقوال : أحدها أن
يقول استولدتها في ملكي ، فعلى هذا يكون الولد حر الأصل ، ولا يكون عليه ولاء ويثبت
نسبه ، ويصير الجارية أم ولده ويعتق بموته من رأس المال ، فان كان هناك دين قدم عليه
، لأنه لو ثبت بالبينة لقدم عليه ، فكذلك إذا ثبت بالإقرار.
وان قال استولدتها
في ملك الغير بشبهة ، فإن الولد حر الأصل ، وهل تصير الجارية أم ولد؟ فعلى قولين. وان
قال : استولدتها بنكاح ، فان الولد قد انعقد مملوكا وعتق عليه لما ملك وثبت عليه الولاء
والجارية لا تصير أم ولده ، خلافا لح. وان أطلق ولم يعين حتى مات ، فالولد حر في جميع
الأحوال ولا ولاء عليه والجارية فيه خلاف بين أصحابه ، منهم من قال : لا تصير أم ولد
وتباع في ديون الغرماء ، ومنهم من قال : تصير أم ولده.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا أقر بحمل وأطلق ، فإن إقراره باطل على ما قاله ( ـ ش
ـ ) في كتاب الإقرار والمواهب ، وهو قول ( ـ ف ـ ). وذكر في كتاب الإقرار بالحكم الظاهر
أنه صح ، وبه قال ( ـ م ـ ) ، وأصحاب ( ـ ح ـ ) ينصرون قول ( ـ ف ـ ) ، فالمسألة على
قولين على مذهب ( ـ ش ـ ).
والاولى أن نقول
: يصح إقراره ، لأنه يحتمل أن يكون إقراره من جهة صحيحة ، مثل ميراث أو وصية ، ويحتمل
أن يكون من جهة فاسدة ، والظاهر من الإقرار الصحة فوجب حمله عليه.
مسألة
ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بما يجب عليه به الحد ، مثل
القصاص والقطع والجلد لم يقبل إقراره. وقال جميع الفقهاء : يقبل إقراره.
مسألة
ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر العبد بالسرقة ، لا يقبل إقراره
ولا يقطع. وعند الفقهاء يقبل ويقطع ، ولا يباع في المال المسروق. و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا قال لفلان علي ألف درهم ، فجاء بألف ، فقال : هذه التي
أقررت لك بها كانت لك عندي وديعة ، كان القول قوله ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا يعلق عليها شيء إلا بدليل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يكون ذلك للمقر له ، وله أن يطالبه بالألف التي أقر بها.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا قال لفلان علي قفيز لا بل قفيزان ، أو درهم لا بل درهمان
، لزمه قفيزان ودرهمان ، لان قوله لا بل للإضراب عن الأول والاقتصار على الثاني ، وبه
قال ( ـ ش ـ ).
وقال زفر ، وداود
: يلزمه ثلاثة أقفزة وثلاثة دراهم. فأما إذا قال : له عندي قفيز حنطة لا بل قفيز شعير
لم يسقط الذي أقر به أولا ، لأنه استدرك جنسا آخر.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا أقر لرجل يوم السبت بدرهم ، ثمَّ قال : يوم الأحد له
علي درهم ، لم يلزمه الا درهم واحد ، ويرجع إليه في التفسير ، لأنه يحتمل أن يكون ذلك
تكرارا واخبارا عن الدرهم المقدم ، والأصل براءة الذمة ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال
( ـ ح ـ ) : يلزمه درهمان.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا قال له علي من درهم الى عشرة لزمه تسعة ، لأن لفظة «
من » للابتداء ، كما إذا قال سرت من الكوفة إلى البصرة ، والحد هو العشرة فيحتمل أن
يكون داخلة فيه ، والا يكون كذلك فلا يلزم الا اليقين ، وبه قال بعض أصحاب ( ـ ش ـ
).
وفيهم من قال :
يلزمه ثمانية ، وبه قال زفر ، قالوا : لأنه جعل الأول والعاشر حدا ، والحد لا يدخل
في المحدود. وفيهم من قال : يلزمه العشرة ، لان « من » للابتداء ، وهو داخل والعاشر
حد وهو داخل في المحدود.
__________________
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا قال له عندي ما بين الواحد إلى العشرة يلزمه ثمانية ،
وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال ابن القاص : يلزمه تسعة ، وبه قال محمد بن الحسن ، لان عندهما ان الحد يدخل في المحدود
، وقد قلنا ان ذلك يحتمل ولا يلزم مع الاحتمال.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : إذا قال له علي ألف درهم من ثمن مبيع ، ثمَّ قال : لم أقبضه
لم يلزمه ، عين المبيع أو لم يعين ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولا دلالة على أنه يلزمه
، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا عينه قبل منه وصل أو فصل ، وان أطلقه لم يقبل منه ولزمه الألف لأنه مبيع مجهول
والمبيع إذا كان مجهولا لم يثبت الثمن في مقابلته ، كما لا يثبت في مقابلة الخمر والخنزير
، فاذا ثبت ذلك ، فقد فسر إقراره بما لا يقبله فلم يصح.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : إذا شهد عليه رجل بألف وشهد آخر بألفين ، ولم يضيفاه الى
سببين مختلفين ، أو أضافاه إلى سبب متفق ، أو أضاف أحدهما إلى سبب وأطلق الأخر ، مثل
أن يقول أحدهما ألف من ثمن عبد ويقول الأخر بألفين ، ففي هذه المسائل الثلاث يتفق الشهادة
على ألف ، فيحكم له بألف بشهادتهما ، ويحصل له بالألف الأخر شهادة واحد ، فيحلف معه ويستحق ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لأن الألف الذي
شهد به أحدهما داخلة في الألفين ، فلا اختلاف بينهما ، فيثبت الشاهدان على ألف ، فوجب
أن يحكم له به.
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يكون ذلك اتفاق شهادة على شيء من الألوف ، ولا يحكم له بألف.
__________________
مسألة
ـ ٢٦ ـ : قد مضى أن شرط الخيار يصح في الكفالة والضمان ، لأنه لا مانع
منه في الشرع.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) : لا يصح ، فان شرط ، فعند ( ـ ش ـ ) يبطل العقد والشرط ، وعند ( ـ ح
ـ ) يبطل الشرط ويصح العقد .
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا أقر بكفالة أو ضمان بشرط الخيار ، صح إقراره ولا يقبل
دعواه في شرط الخيار ، ويحتاج الى بينة ، لان على المدعي البينة.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما يقبل إقراره ولا يلزمه شيء. والأخر يبعض إقراره فيلزمه العقد ويسقط
الشرط الذي ادعاه.
مسألة
ـ ٢٨ ـ : إذا قال له علي ألف درهم الى وقت كذا لزمه الالف ، ويحتاج
في ثبوت التأجيل إلى بينة ، لأنه أقر بالألف وادعى التأجيل ، فيجب عليه البينة ، وبه
قال ( ـ ح ـ ).
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر يثبت التأجيل ، فيلزمه الالف مؤجلا.
مسألة
ـ ٢٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات رجل وخلف ابنين ، فأقر أحدهما بأخ
ثالث وأنكر الأخر ، فلا خلاف أنه لا يثبت نسبه ، وانما الخلاف في أنه يشارك في المال
أم لا ، فعندنا أنه يشاركه ، ويلزمه أن يرد عليه ثلث ما في يده ، وبه قال ( ـ ك ـ )
، وابن أبي ليلى.
وقال ( ـ ح ـ )
: يشاركه [ بالنصف مما في يده ، لأنه يقر أنه يستحق من المال مثل ما يستحقه ، فيجب
أن يقاسمه المال. وقال ( ـ ش ـ ) : لا يشاركه في شيء ] مما في يده.
__________________
قال أبو الطيب الطبري
: هذا في الظاهر فأما فيما بينه وبين الله ، فان كان سمع الأب يقربه ، أو بأنه ولد
على فراشه ، فإنه يلزمه تسليم حقه اليه ، كما قال ( ـ ك ـ ) ، وحكي ذلك عن قوم من أصحابه
، وبه قال محمد بن سيرين.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا كان الورثة جماعة ، فأقر اثنان رجلا أو رجل وامرأتان
وكانوا عدولا يثبت النسب ويقاسمهم الميراث ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه لم يعتبر العدالة
في المقرين.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا أقر جميع الورثة بنسب ، مثل أن يكونوا بنين فيقروا بنسب أخ ، فإنه يثبت نسبه
ويثبت له المال ، ولا فرق بين أن يكون من يرث المال جماعة أو واحدا ، ذكرا كان أو أنثى
، وفي الناس من قال : لا يثبت النسب بإقرار الورثة.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا أقر ببنوة صبي لم يكن ذلك إقرارا بزوجية أمه ، سواء كانت
مشهورة الحرية أو لم يكن ، لأنه يحتمل أن يكون الولد من نكاح صحيح وأن يكون من نكاح
فاسد ، أو من وطئ شبهة ، فلا يحمل على الصحيح دون غيره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كانت معروفة الحرية كان ذلك إقرارا بزوجيتها ، وان لم تكن معروفة الحرية لم يثبت
زوجيتها ، قال : لأن أنساب المسلمين وأحوالهم ينبغي أن يحمل على الصحة ، فإذا أقر ببنوة
الصبي فوجه الصحة أن يكون من نكاح ، وإذا كان كذلك وجب أن يثبت زوجية امه.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا دخلت امرأة من دار الحرب الى دار الإسلام ومعها ولد فأقر
رجل في دار الإسلام أنه ولده ، ويمكن أن يكون كما قال بأن يجوز دخوله الى دار الحرب
، أو مجيء المرأة إلى بلد الإسلام ألحق به ، وان علم أنه لم يخرج الى بلد الحرب ولا المرأة دخلت الى بلد الإسلام لم يلحق به.
__________________
وقال ( ـ ش ـ )
: يلحق به إذا أمكن ذلك ، وان كان الظاهر أنه ما دخل الى بلد الكفر ، ولا المرأة دخلت
بلد الإسلام ، لأنه يجوز أن يكون أنفذ إليها بماءه في قارورة فاستدخلته فخلق منه الولد
وهذا بعيد.
ويدل على ما قلناه
ان الذي اعتبرناه
لا خلاف أنه يلحق به الولد ، وما ادعوه لا دليل عليه.
مسألة
ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان لرجل جاريتان ولهما ولدان ، فأقر
أن أحد الولدين ابنه ولم يعين ومات ، استخرجناه بالقرعة ، فمن خرج اسمه ألحقناه به
وورثناه .
وقال ( ـ ش ـ )
: يعرض على القافة كما يعرض الولد الواحد إذا تنازعه اثنان ، غير أنه قال : يلحق النسب
لأجل الحرية ولا يورث عليه ، وله في الميراث قولان : أحدهما يوقف الميراث ، وبه قال
المزني. وقال باقي أصحابه : لا يوقف ويقسم الورثة المال ، لأنه لا طريق في نفيه. وقال
( ـ ح ـ ) : يعتق من كل واحد منهما نصفه.
مسألة
ـ ٣٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كانت له جارية ولها ثلاثة أولاد ، فأقر
أن أحدهم ابنه يسأل التعيين ، فان عين ألحق به ويكون الاثنان مملوكين ، سواء كان الذي
عينه الأكبر أو الأوسط أو الأصغر ، فان لم يعين سئل الورثة فإن عينوا كان مثل ذلك سواء
، وان لم يعين أولا ورثة له ومات أقرع بينهم ، فمن خرج اسمه الحق به ويثبت حريته وورث
ويكون الاثنان مملوكين له ، سواء كان من خرج اسمه الأكبر أو الأوسط أو الأصغر على كل.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان عين هو أو الورثة الأصغر ثبت حريته ، ويكون الأوسط والأكبر مملوكين. وان عين الأوسط
، كان حرا وكان الأكبر رقيقا ، وفي الصغير وجهان وان عين الأكبر ، كان حرا والاثنان
على الوجهين. وان مات ولم يعين ولا عين
__________________
الورثة عرض على القافة ، فان عينوا واحدا كان حكمه حكم من يعينه الوالد أو الورثة
، وحكم الباقين مثل ذلك سواء.
فان لم يكن قافة
أو اختلفوا أقرع بينهم ، فمن خرج اسمه حرر ولا يورث ، وهل يوقف أم لا؟ على قولين ،
قال المزني : يوقف. وقال الباقون : لا يوقف. قال المزني : قول ( ـ ش ـ ) يقرع بين الثلاثة
خطأ ، لأن الأصغر على كل حال حر ، لأنه ان خرج اسمه فهو حر ، وان خرج اسم الأوسط فالأصغر
حر أيضا ، لأنها صارت فراشا بالأوسط وألحق الأصغر به ، وان خرج الأكبر ألحق الأوسط
والأصغر به ، لأنها صارت فراشا بالأول.
وهذا لازم ، غير
أنه لا يصح على مذهبنا ، لأن الأمة ليست فراشا عندنا بحال ، وانما القول قول المالك
في إلحاق من يلحق به وإنكار ما ينكره.
مسألة
ـ ٣٥ ـ : إذا شهد شاهدان على نسب لميت يستحق به ميراثا ، وقالا : لا
نعرف له وارثا غيره قبلت شهادتهما ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ابن أبي ليلى
: لا يحكم بها حتى يقولا لا وارث له غيره ، لأنه إذا قالا : لا نعلم له وارثا غيره ، فما نفيا أن يكون له
وارث ، فإنه يجوز أن يكون له وارث ولا يعلمانه.
ويدل على ما قلنا
ان ذلك لا يمكن العلم به ، لأنه لا طريق اليه ، وما لا طريق اليه لا يجوز إقامة الشهادة
عليه.
__________________
كتاب العارية
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العارية أمانة غير مضمونة ، الا أن يشرط
صاحبها الضمان فان شرط ذلك كانت مضمونة والا فلا ، الا أن يتعدى فيها ، فيجب حينئذ
الضمان عليه ، وبه قال قتادة ، وعبيد الله بن الحسن العنبري ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، والنخعي ، والشعبي
، والحسن البصري الا انهم لم يضمونها بالشرط. وقال ربيعة : العواري مضمونة الا موت
الحيوان ، فإنه إذا استعاره ثمَّ مات في يده لم يضمنه.
قال ( ـ ش ـ ) :
هي مضمونة شرط ضمانها أو لم يشرط ، تعدى فيها أو لم يتعد ، وبه قال ابن عباس ، وأبو
هريرة ، وعطاء ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه عمر بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي عليهالسلام قال : ليس على المستعير غير العمل ضمان.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا رد العارية إلى صاحبها أو وكيله برئ من الضمان ، وان
__________________
ردها الى ملكه مثل أن يكون دابة فردها إلى إصطبل صاحبها وشدها فيه لم يبرئ من
الضمان ، لأنه لا دليل عليه ، والأصل أن ذمته مشغولة بالعارية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يبرئ لأن العادة هكذا جرت في رد العواري إلى الأملاك ، فيكون بمنزلة المأذون من طريق
العادة.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا اختلف صاحب الدابة والراكب ، فقال الراكب : أعرتنيها
، وقال صاحبها : أكريتكها بكذا ، كان القول قول الراكب مع يمينه وعلى صاحبها البينة
، لأنه مدعي الكرى. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني أن القول
قول صاحبها.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا اختلف الزارع وصاحب الأرض ، فقال الزارع : أعرتنيها وصاحبها
يقول : أكريتكها ، كان القول قول الزارع مع يمينه ، لما قلناه في المسألة الاولى . و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، واختيار المزني في المسألتين ما قلناه.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا اختلفا ، فقال صاحب الدابة : غصبتنيها. وقال الراكب :
بل أعرتنيها ، فالقول قول الراكب ، لما قلناه في المسألة الاولى ، وبه قال المزني.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : هذه المسألة والتي قبلها سواء على قولين.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا تعدى المودع في إخراج الوديعة من حرزه فانتفع به ، ثمَّ
رده الى موضعه ، فان الضمان لا يزول بذلك ، لأن بالتعدي وجب عليه الضمان بلا خلاف ،
ولا دليل على أن الضمان يزول عنه بالرد الى موضعه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يزول لأنه مأمور بالحفظ في جميع هذه الأوقات ، فإذا خالف في جهة منها ثمَّ رجع وعاد
الى الحفظ ، كان متمسكا به على الوجه المأمور به ، فينبغي أن يزول عنه الضمان.
__________________
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا أبرأه من الوديعة صاحبها بعد تعديه فيها من غير أن يردها
اليه أو إلى وكيله ، فقد سقط عنه الضمان ، لان ذلك حقه ، وله التصرف فيه بالإبراء أو
المطالبة ، فوجب أن يسقط بإسقاطه.
و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان : أحدهما يبرئ ، وهو ظاهر قوله. والثاني : لا يبرئ ، قال : لأن الإبراء لا يصح
عن القيمة ، لأنها لم تجب بعد ، ولا يصح الإبراء من العين ، لأنها في يده باقية.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا أعاره أرضا ليبني فيها أو ليغرس فيها ، فلا يجوز له أن
يخالف فيغرس في أرض البناء ، ولا أن يبني في أرض الغراس ، لأنه لا دليل على تجويز خلاف
ذلك. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا طالب المعير المستعير بقلع ما أذن له في غرسه من غير أن يضمن له أرش النقصان وأبى ذلك صاحب الغراس لم يجبر
عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجبر على ذلك وان لم يضمن.
يدل على ما قلناه
ما روي عن النبي عليهالسلام أنه قال : من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته ، ولأنا قد أجمعنا على أن له
قلعه مع ضمان النقصان ، ولا دليل على جواز ذلك مع عدمه.
__________________
كتاب الغصب
مسألة
ـ ١ ـ : من غصب شيئا يضمن بالمثلية ، فإن أعوز المثل ضمن بالقيمة
، فان لم يقبض القيمة بعد الإعواز حتى مضت مدة يختلف فيها القيمة ، كان له المطالبة
بقيمته وقت القبض لا وقت الإعواز ، وان حكم الحاكم بالقيمة عند الإعواز لم يؤثر حكمه
فيه ، وكان له المطالبة بقيمته يوم القبض ، ولا يلتفت الى حكم الحاكم به ، وبه قال
( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ م ـ )
، وزفر : عليه قيمته يوم الإعواز.
دليلنا أن الذي
يثبت في ذمته هو المثل ، وحكم الحاكم عليه بالقيمة لا ينقل المثل إلى القيمة ، بدلالة
أنه متى زال الإعواز قبل القبض طولب بالمثل وإذا كان المثل هو الثابت في الذمة اعتبر
بدل المثل حين قبض البدل.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا غصب ما لا مثل له ومعناه لا يتساوى قيمة أجزائه من غير
جنس الأثمان ، كالثياب والحطب والخشب والحديد والرصاص والصفر والعقار وغير ذلك من الأواني
وغيرها ، فإنها تكون مضمونة بالقيمة ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال عبيد الله بن الحسن
العنبري البصري : يضمن كل هذا بالمثل.
__________________
ويدل على المسألة
ما رواه ابن عمر أن النبي عليهالسلام قال : من أعتق شقصا له من عبد قوم عليه ، فأوجب عليه الضمان بالقيمة دون المثل.
مسألة
ـ ٣ ـ : إذا جنى على حمار القاضي كان مثل جنايته على حمار الشوكي
في أنه يلزمه أرش العيب إذا لم يسر الجناية إلى نفسه بدلالة الأصل ، وبه قال ( ـ ح
ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان حمار القاضي فقطع ذنبه ففيه كمال قيمته ، لأنه إذا قطع ذنبه فقد أتلفه عليه
، لأنه لا يمكنه ركوبه ، لأن القاضي لا يركب حمارا مقطوع الذنب ، والشوكي يمكنه حمل
الشوك على حمار مقطوع الذنب ، ولم يقل هذا في غير ما يركبه من بهائم القاضي ، مثل الثور
وغيره ، وكذلك لو قطع يد حماره.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا قلع عين دابة ، كان عليه نصف قيمتها ، وفي العينين جميع
القيمة ، وكذلك كل ما يكون في البدن منه اثنان ، ففي الدابة جميع القيمة فيهما وفي
الواحد نصفها.
وقال ( ـ ح ـ )
: في العين الواحدة ربع القيمة ، وفي العينين نصف القيمة. وكذلك كل ما ينتفع بظهره
ولحمه. وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : عليه الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.
مسألة
ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قتل عبدا ، كان عليه قيمته ما لم يتجاوز
قيمته دية الحر عشرة آلاف درهم ، وكذلك ان كانت أمة ما لم يتجاوز قيمتها خمسة آلاف
درهم دية الحرة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) الا أنه قال : ان كان قيمته عشرة آلاف نقص عشرة
دراهم وكذلك في دية المملوكة. وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه قيمته بالغا ما بلغ.
مسألة
ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مثل بمملوك غيره ، لزمه قيمته وانعتق
، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا ينعتق ، والتمثيل أن يقطع أنفه أو إذنه.
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل جناية مقدرة من الحر بحساب ديته ، فهي
مقدرة من العبد بقيمته ، مثل اليد والرجل والأنف والعين والموضحة والمنقلة وغير ذلك
وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: في ذلك أرش ما نقص إلا في أربعة : الموضحة ، والمنقلة ، والمأمومة ، والجائفة ، فإن
فيها المقدر كما قلناه.
مسألة
ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : الحارصة والباضعة مقدرة في الحر ، وكذلك في العبد
بحساب قيمته. وقال جميع الفقهاء : فيها الأرش ، لأنها غير مقدرة في الحر.
مسألة
ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا جنى على ملك غيره جناية لها أرش ، فعند
( ـ ش ـ ) يمسك المالك ملكه ويطالب الجاني بأرشها ، قليلا كان أرش الجناية أو كثيرا
، سواء ذهب بالجناية منفعة مقصودة أو غير مقصودة ، وسواء وجب بالمقصودة كمال قيمة المجني
أو دون ذلك.
وقال ( ـ ح ـ )
: ننظر فيه ان لم يذهب بالجناية منفعة مقصودة ، مثل أن يخرق يسيرا من الثوب ، أو قطع
إصبعا من العبد ، أو جنى عليه حارصة ، أو دامية ، أو باضعة فإنه يمسكه مالكه ويطالب
بالأرش على ما قاله ( ـ ش ـ ). وان ذهب بها منفعة مقصودة مثل ان خرق الثوب بطوله أو
قطع يدا واحدة من العبد ، فالسيد بالخيار بين أن يمسك العبد ويطالب بأرش الجناية ،
وبين أن يسلم العبد برمته ويأخذ منه كمال قيمته ، قال : وان وجب بالجناية كمال قيمة
الملك.
وهذا انما يكون
في الرقيق خاصة ، مثل أن يقطع يديه ، أو رجليه ، أو يقلع عينيه ، أو يقطع لسانه ، أو
أنفه ، فالمالك بالخيار بين أن يمسكه ولا شيء له على الجاني وبين أن يسلمه إلى الجاني
ويأخذ منه كمال قيمته.
__________________
وقال ( ـ ف ـ )
، و ( ـ م ـ ) : في هذا الفصل السيد بالخيار بين أن يسلمه ويأخذ كمال قيمته وبين أن
يمسك ويأخذ من الجاني ما نقص بالقطع ويسقط التقدير.
والذي يقتضيه أخبارنا
ومذهبنا أنه إذا جنى على عبد جناية يحيط بقيمة العبد ، كان بالخيار بين أن يسلمه ويأخذ
قيمته ، وبين أن يمسكه ولا شيء له ، وما عدا ذلك فله أرش : أما مقدار ، أو حكومة على ما مضى القول فيه ، وما عدا المملوك من الأملاك
إذا جنى عليه ، فليس لصاحبه إلا أرش الجناية ، وعليه إجماع الفرقة.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا غصب جارية ، فزادت في يده بسمن أو صنعة أو تعليم قرآن
، فزاد بذلك ثمنها ، ثمَّ ذهب عنها ذلك في يده حتى عادت الى الصفة التي كانت عليها
حين الغصب كان عليه ضمان ما نقص في يده ، وهكذا لو غصب حاملا أو حائلا فحملت في يديه
ضمنها وضمن حملها في الموضعين ، لان هذا النماء انما حدث في ملك المغصوب منه ، فيلزم الغاصب ضمانه إذ حال بينه وبينه
، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يضمن شيئا من هذا أصلا ويكون ما حدث في يديه أمانة ، فان تلف بغير تفريط فلا ضمان
، وان فرط في ذلك مثل أن جحد ثمَّ اعترف أو منع ثمَّ بذل ، فعليه ضمان ذلك.
مسألة
ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المنافع يضمن بالغصب كالأعيان مثل منافع
الدار والدابة والعبيد والثياب ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يضمن المنافع بالغصب بحال ، فان غصب أرضا فزرعها بيده
__________________
كان الغلة له ولا أجرة عليه الا أن ينقص الأرض بذلك ، فيكون عليه نقصان ما نقص
، وزاد على هذا فقال : لو آجرها وأخذ أجرتها ملك الأجرة دون مالكها.
مسألة
ـ ١٢ ـ : المقبوض ببيع فاسد لا يملك بالعقد ولا بالقبض ، لأنه لا دلالة
عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يملك بالقبض.
مسألة
ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا غصب جارية حاملا ضمنها وضمن ولدها ،
وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ضمنها وحدها دون حملها.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا غصب ثوبا قيمته عشرة ، فبلغ عشرين لزيادة السوق ثمَّ
عاد إلى عشرة أو دونها ، ثمَّ هلك قبل الرد ، كان عليه قيمته أكثر ما كانت من حين الغصب
الى حين التلف ، لان طريقة الاحتياط يقتضيه ، وهو قول ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) :
عليه قيمته يوم الغصب.
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا لم يتلف الثوب وكان قائما بحاله رده ، ولا يرد ما نقص
من القيمة ، لأن الأصل براءة الذمة ولا دلالة عليه ، وهو قول جميع الفقهاء ، إلا أبا
ثور فإنه قال : يرده. وما نقص من القيمة ، فإن كانت قيمته يوم الغصب عشرة ثمَّ بلغت عشرين ثمَّ عاد إلى عشرة رده ومعه
عشرة.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا أكره امرأة على الزنا ، وجب عليه الحد ولا حد عليها ولو
كانت هي زانية وهو واطئ شبهة كان عليها الحد ولا حد عليه ولا يلزمه المهر في الموضعين
، لأنه لا دليل عليه في الشرع.
وقال ( ـ ش ـ )
: متى وجب عليه الحد دونها لزمه المهر. وقال ( ـ ح ـ ) : متى سقط عنه الحد دونها لزمه
المهر.
مسألة
ـ ١٧ ـ : السارق يقطع ويغرم ما سرقه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ
ح ـ ) : الغرم
__________________
والقطع لا يجتمعان ، فان غرم لم يقطع ، وان قطع لم يغرم.
ويدل على المسألة
قوله تعالى « السّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما
» ولم يفرق.
مسألة
ـ ١٨ ـ : يصح غصب العقار ويضمن بالغصب ، لقوله تعالى «
فَمَنِ اعْتَدى
عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ
» وللعقار مثل من طريق القيمة
، وهو قول ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ م ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ف ـ ) : لا يصح غصب العقار ولا يضمن بالغصب.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا غصب ثوبا فصبغه ، كان للغاصب قلع الصبغ ، لأنه عين ماله
بشرط أن يضمن ما ينقص من قيمة الثوب ، لأنه بجنايته حصل ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه.
قال المزني : ليس
للغاصب قلع الصبغ ، لأنه لا منفعة له فيه ، سواء كان الصبغ أسود أو أبيض ، وقال ( ـ
ح ـ ) : ان كان مصبوغا بغير سواد ، فرب الثوب بالخيار بين أن يسلمه الى الغاصب ويأخذ
منه قيمته أبيض ، وبين أن يأخذ هو ويعطيه قيمة صبغه ، وان كان مصبوغا بالسواد ، فرب
الثوب بالخيار بين أن يسلمه الى الغاصب ويأخذ منه قيمته أبيض ، وبين أن يمسكه مصبوغا
ولا شيء عليه للغاصب. قال الطحاوي : والذي يجيء على قوله ان عليه ما نقص وقال ( ـ ف ـ ) : الصبغ بالسواد وغيره
سواء.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا غصب شيئا ، ثمَّ غيره عن صفته التي هو عليها أو لم يغيره
__________________
مثل أن كانت نقرة فضربها دراهم ، أو حنطة فطحنها ، أو دقيقا فخبزه ، أو شاة فذبحها وقطعها لحما
وشواها أو طبخها ، لم يملكه ، لأنه لا دليل عليه ، ولقول النبي عليهالسلام « على اليد ما أخذت حتى يؤدى » وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا غير الغصب تغييرا أزال به الاسم والمنفعة المقصودة بفعله ملكه ، فاعتبر ثلاث
شرائط : أن يزول به الاسم والمنفعة المقصودة ، وان يكون ذلك بفعله ، فاذا فعل هذا ملك
، ولكن يكره له التصرف فيه قبل دفع قيمة الشيء اليه.
وحكى ابن جرير عن
( ـ ح ـ ) قال : لو أن لصا نقب فدخل دكان رجل ، فوجد فيه بغلا وطعاما ورحا ، فصمد البغل
وطحن الطعام ملك الدقيق ، فان انتبه صاحب الدكان كان للص قتاله ودفعه عن دقيقه ، فان
أتى الدفع عليه فلا ضمان على اللص.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا غصب عصيرا فاستحال خمرا ، ثمَّ صار خلا ، رده على صاحبه
، لأنه عين ماله وانما تغيرت صفته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا صار خلا ملكه وعليه قيمته ، فأما إذا غصب منه خمرا فاستحال خلا ، رد الخل بلا
خلاف.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا غصب ساجة فبنى عليها ، أو لوحا فأدخله في سفينة ، كان
عليه رده ، سواء كان فيه قلع ما بناه في ملكه أو لم يكن فيه قلع ما بناه في ملكه ،
لقوله عليهالسلام : ليس لعرق ظالم حق. ولقوله عليهالسلام : لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا لاعبا ، من أخذ عصا أحد فليردها. وقوله
: على اليد ما أخذت حتى تؤدي. وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
وحكى ( ـ م ـ )
في الأصول أنه متى كان عليه ضرر في ردها لم يلزمه ردها. وقال الكرخي : مذهب ( ـ ح ـ
) أنه ان لم يكن في ردها قلع ما بناه في حقه ، مثل ان بنى على بدن الساجة فقط لزمه
، وان كان في ردها قلع ما قد بناه في حقه مثل أن كان البناء مع طرفيها ولا يمكنه ردها
الا بقلع هذا لم يلزمه ردها. والمناظرة على ما حكاه ( ـ م ـ ).
وتحقيق الكلام معهم
هل ملكها بذلك أم لا؟ فعنده أنه قد ملكها كما قال إذا غصب شاة فذبحها وشواها ، أو حنطة
فطحنها ، وعندنا وعند ( ـ ش ـ ) لم يملكها.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا غصب طعاما ، فأطعم مالكه ، فأكله مع الجهل بأنه ملكه
، فإنه لا يبرئ ذمته من الغصب بذلك ، لأنه لا دليل عليه ، وهو المنصوص ( ـ للش ـ )
، وفيه قول آخر ان ذمته يبرئ ، وهو قول أهل العراق.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : إذا حل دابة أو فتح قفصا ووقفا ثمَّ ذهبا كان عليه الضمان
، لأنه فعل السبب في ذهابهما ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) :
لا ضمان عليه.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : إذا حل الدابة وفتح القفص فذهبا عقيب الحل والفتح من غير
وقوف ، كان عليه الضمان ، لما قلناه في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ
ش ـ ) في أحد قوليه ، والأصح عندهم أن لا ضمان عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٢٦ ـ : إذا غصب دابة أو عبدا أو فرسا ، فأبق العبد أو شرد الفرس
أو ند البعير كان عليه القيمة ، فإذا أخذها صاحبها ملك القيمة بلا خلاف ولا يملك هو
المقوم ، فان رد انفسخ ملك المالك عن القيمة وعليه ردها الى الغاصب وتسلم العين منه
، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا ملك صاحب العين قيمتها ، ملكها الغاصب بها وكانت القيمة عوضا عنها ، فان عادت
العين الى يد الغاصب نظرت فان كان المالك أخذ القيمة
__________________
[ بتراضيهما أو ببينة يثبت عند الحاكم وحكم الحاكم بها لم يكن للمالك سبيل الى
العين ، وان كان المالك قد أخذ القيمة ] بقول الغاصب مع يمينه ، لأنه هو الغارم نظرت فان كانت القيمة قيمة مثلها أو
أكثر ، فلا سبيل للمالك عليها ، وان كان أقل من قيمتها ، فللمالك رد القيمة واسترجاع
العين ، لان الغاصب ظلم المالك في قدر ما أخبره به من القيمة.
فالخلاف في فصلين
: أحدهما أن الغاصب بدفع القيمة ملك أم لا ، عندنا ما ملك ، وعندهم قد ملك. والثاني
: إذا ظهرت العين فصاحبها أحق بها ويرد عليه ، وعند ( ـ ح ـ ) لا ترد عليه.
دليلنا : أنه قد
ثبت أن العين كان ملكا لمالكها ، فمن ادعى زواله الى ملك غيره فعليه الدلالة.
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا باع عبدا وقبضه المشتري أو لم يقبضه ، فادعى مدع أن العبد
له وصدقه البائع أو كذبه ، فإنه لا يقبل إقرار البائع على المشتري ، لأنه إقرار على
الغير ، وللمدعي أن يرجع على البائع بقيمة العبد ، لأنه إذا صدقه فقد أقر أنه باع ما
لا يملك وأتلف ملك الغير ببيعه إياه ، فيلزمه قيمته.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما ما قلناه ، والأخر أنه لا ضمان عليه ، ومنهم من قال : يلزمه القيمة
قولا واحدا كما قلناه.
مسألة
ـ ٢٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا كان في يد مسلم خمر أو خنزير فأتلفه
متلف ، فلا ضمان عليه بلا خلاف ، مسلما كان المتلف أو مشركا. وان كان ذلك في يد ذمي
، فأتلفه متلف ، مسلما كان أو ذميا ، فعليه ضمانه وهو قيمته عند مستحليه ، وبه قال
( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا ضمان عليه ، ثمَّ ينظر عند ( ـ ح ـ ) ، فان كان المتلف مسلما فعليه قيمة
__________________
ذلك ، خمرا كان أو خنزيرا ، ولا يضمن المسلم الخمر بالمثل وان كان المتلف ذميا
، فعليه قيمة الخنزير ومثل الخمر.
قال الطحاوي : وان
أسلم المتلف وكان ذميا قبل أن يؤخذ منه مثل الخمر سقط عن ذمته ، وان أسلم قبل أن يؤخذ
منه قيمة الخنزير لم يسقط عن ذمته بإسلامه ، وعندنا يضمن بالقيمة ، سواء كان خمرا أو
خنزيرا بدليل إجماع الفرقة وأخبارهم.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : إذا غصب ماله مثل ، مثل الحبوب والادهان ، فعليه مثل ما تلف
في يده ، يشتريه بأي ثمن كان بلا خلاف ، وان كان ما لا مثل له كالثياب والحيوان ، فعليه
أكثر ما كانت قيمته من يوم الغصب الى حين التلف ، لأنه مأمور برده الى مالكه في كل
زمان يأتي عليه وكل حال كان مأمورا برد الغصب فيها لزمه قيمته في تلك الحال مثل حال
الغصب ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: عليه قيمته يوم الغصب ، ولا اعتبار بما زاد بعده أو نقص.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا غصب مالا يبقى كالفواكه الرطبة ، فتلف في يده وتأخرت
المطالبة بقيمته ، فعليه أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب الى حين التلف.
بدلالة ما قلناه
في المسألة الاولى ، ولا يراعى ما وراء ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: عليه قيمته يوم المحاكمة. وقال ( ـ م ـ ) : عليه قيمته في الوقت الذي انقطع عن أيدي
الناس.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا غصب ما يجري فيه الربا ، مثل الأثمان والمكيل والموزون
، فجنى عليه جناية استقر أرشها ، مثل أن كان الغصب دنانير فسبكها ، أو طعاما فبله فاستقر
نقصه ، فعليه رده بعينه وعليه ما نقص ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: المالك بالخيار بين أن يسلم العين المجني عليه الى الغاصب ويطالبه بالبدل ، وبين
أن يمسكها ولا شيء له ، فإن أراد الإمساك والمطالبة بأرش النقصان
لم يكن له.
يدل على ما قلناه
ان الخيار الذي أثبته ( ـ ح ـ ) يحتاج الى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه ، والأصل
بقاء عين ملكه وحصول الجناية عليها.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا غصبت جارية فأتت بولد مملوك ، ونقصت قيمتها بالولادة ، فعليه ردها وأرش نقصها ، وان
كان الولد قائما رده ، وان كان تالفا رد قيمته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان تالفا فعليه أرش النقص ، وان كان الولد باقيا جبرت الأرش بقيمة « قيمة ( ـ
خ ـ ) » الولد ، فان كان قيمة الأرش مائة وقيمة الولد مائة ، فلا شيء عليه وان كانت
قيمة الولد أقل مثل أن يكون قيمة الولد خمسين وأرش النقص مائة ، يرد الولد ويضمن خمسين
درهما لباقي الأرش.
دليلنا : أن هذا
نقص حصل في يد الغاصب ، فوجب عليه ضمانه ، كما لو مات الولد ، ولأنه إذا ضمن ما قلناه
برأت ذمته بيقين.
مسألة
ـ ٣٣ ـ : إذا غصب مملوكا أمرد فنبتت لحيته فنقص ثمنه ، أو جارية ناهدا
فسقطت ثدياها ، أو رجلا شابا فابيضت لحيته ، فعليه ما نقص في كل هذا ، بدلالة ما قلناه
في المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: في الناهد والشاب مثل قولنا ، وفي الصبي إذا نبتت لحيته فلا ضمان عليه.
مسألة
ـ ٣٤ ـ : فإن غصب عبدا ومات العبد واختلفا ، فقال الغاصب : رددته حيا
ومات في يديك أيها المالك ، وقال المالك : بل مات في يديك أيها الغاصب وأقام كل واحد
منهما البينة بما ادعاه ، سقطتا وعدنا الى الأصل ، وهو بقاء العبد عند الغاصب حتى يعلم
رده ، لان كل واحد منهما مدع ولا ترجيح ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
وقال ( ـ ف ـ )
: يقدم بينة المالك ويأخذ البدل ، لأن الأصل الغصب. وقال ( ـ م ـ ) : يقدم بينة الغاصب
، لأن الأصل براءة الذمة ، وان قلنا في هذه المسألة يستعمل القرعة كان قويا أيضا.
مسألة
ـ ٣٥ ـ : إذا غصب ماله مثل ، مثل الادهان والحبوب والأثمان ونحوها
فجنى عليه جناية استقر أرشها ، فعليه رد العين ناقصة ، وعليه أرش النقصان لا غير لما
قلناه فيما تقدم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ينظر فيه ، فان كان الأرش في يد مالكه ، مثل أن كان في يده زيت فصب غيره الماء فيه
، أو كان في يده دينار فكسره غيره وهو في يده ، فرب المال بالخيار بين أن يمسك ماله
ناقصا ولا شيء له ، وبين تسليمه الى الجاني ويأخذ منه كمال قيمته.
قال : فان غصب الزيت
أولا وصب فيه الماء فنقص ، فالمالك بالخيار بين أن يأخذ عين ماله ولا شيء له لأجل
النقص ، وبين أن يترك ماله على الغاصب ويأخذ منه مثل زيته ، ففرق بين أن يغصب أولا
فيصب فيه الماء عنده ، وبين أن يصب فيه الماء وهو في يد مالكه ، فأوجب المثل إذا غصب
والقيمة إذا لم يغصب.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : إذا غصب عبدا قيمته ألف ، فزاد في يده فبلغ ألفين فقتله قاتل في يد الغاصب ، فللسيد
أن يرجع بالالفين على من شاء منهما ، فان رجع على القاتل لم يرجع القاتل على الغاصب
، لان الضمان استقر عليه ، وان رجع على الغاصب رجع الغاصب على القاتل ، لان الضمان
استقر عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان رجع على القاتل فالحكم ما قلناه ، وان ضمن الغاصب فليس له أن يضمنه أكثر من ألف
وهو قيمة العبد حين الغصب ، ثمَّ يأخذ الغاصب من
__________________
القاتل ألفين : ألفا منهما لنفسه بدل ما أخذ السيد ، والألف الأخر يتصدق بها.
مسألة
ـ ٣٧ ـ : إذا غصب ألف درهم من رجل وألفا من آخر ، فخلط الألفين فالألفان
شركة بين المالكين يردهما عليهما ، لان زوال ذلك عن ملك المالك يحتاج إلى دلالة ، وبه
قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يملك الغاصب الألفين معا ، ويضمن لكل واحد منهما بدل ألفه بناء منه على أصله في تغير
الغصب في يد الغاصب.
مسألة
ـ ٣٨ ـ : إذا غصب حبا فزرعه ، أو بيضة فاحتضنتها الدجاجة ، فالزرع
والفروج للغاصب ، لان عين الغصب قد تلفت ، فلا يلزم غير القيمة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: هما معا للمغصوب منه. وقال المزني : الفروج للمغصوب منه والزرع للغاصب.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : فإن غصب عبدا ، فمات في يديه ، فعليه قيمته ، سواء كان قنا
أو مدبرا أو أم
ولد ، وسواء مات بسبب أو مات حتف أنفه ، لأن طريقة الاحتياط يقتضيه ، وبه قال ( ـ ش
ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
في غير أم الولد بقولنا ، فأما أم الولد فان مات بسبب مثل أن لدغتها عقرب ، أو سقط
عليها حائط فكما قلناه ، وان مات حتف أنفها فلا ضمان عليه.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : أن غصب حرا صغيرا ، فتلف في يديه فلا ضمان عليه ، وبه قال
( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ان مات حتف أنفه فكقولنا ، وان مات بسبب مثل أن لدغته
عقرب أو حية أو أكله سبع أو سقط عليه حائط فعليه الضمان.
دليلنا : أن الأصل
براءة الذمة ، فمن شغلها فعليه الدليل ، وان قلنا بقول ( ـ ح ـ ) كان قويا ، دليله
طريقة الاحتياط.
__________________
كتاب الشفعة
مسألة
ـ ١ ـ : لا شفعة في السفينة وكل ما يمكن تحويله من الثياب والحبوب
والسفن والحيوان وغير ذلك ، عند أكثر أصحابنا على الظاهر من رواياتهم ، وبه قال ( ـ
ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: إذا باع سهما من سفينة كان لشريكه فيها الشفعة ، فأجراها مجرى الدار. وحكي عنه أن
الشفعة في كل شيء من الأموال والثياب والطعام والحبوب والحيوان ، وفي أصحابنا من قال
بذلك ، وهو اختيار المرتضى.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا باع زرعا أو ثمرة مع الأصل بالشرط ، كانت الشفعة ثابتة
في الأصل دون الزرع والثمرة ، لأن ما قلناه مجمع عليه ، ولا دلالة على ثبوتها في الزرع
والثمرة. وروي جابر أن النبي عليهالسلام قال : لا شفعة إلا في ربع أو حائط وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجب في الزرع والثمار مع الأصل.
مسألة
ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا تثبت الشفعة بالجوار ، وانما يثبت للشريك
المخالط وبه قال في الصحابة عمر وعثمان ، وفي التابعين عمر بن عبد العزيز ، وسعيد بن
المسيب ، وسليمان بن يسار ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وفي الفقهاء ربيعة ،
و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وأهل الحجاز ، و ( ـ ع ـ ) ، وأهل الشام ، و (
ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وأبو ثور.
ويثبت عندنا زائدا
على الخلطة بالاشتراك في الطريق ، وبه قال سواد بن عبد الله القاضي ، وعبيد الله بن الحسن العنبري ، فإنهما أوجباها بالشركة
في الطريق والمبيع دون الجوار كما نقوله نحن.
وذهب أهل الكوفة
إلى أنها يثبت بالشركة والجوار ، ولكن الشريك أحق فإن ترك فالجار أحق ، ذهب اليه ابن
شبرمة ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وعبد الله بن المبارك.
ولح تفصيل قال :
الشفعة يجب بأحد أسباب ثلاثة : الشركة في المبيع ، والشركة في الطريق ، وقال : الشريك
في الطريق أولى من الجار اللازق ثمَّ بالجوار.
بيان هذا : قال
: ان كان شريكا في المبيع ، فهو أحق من الشريك في الطريق ، وان كان شريكا في الطريق
فهو أحق ، وان لم يكن شريكا في المبيع مثل أن يكون الدرب لا ينفذ وفيه دور كثيرة ،
فإن الطريق مشترك بين أهله.
فإن باع صاحب الصدر
داره في آخر الدرب ، فالشفعة للذي يليه ، فان ترك فللذي يليه أبدا من الجانبين كذلك
الى آخر الدرب ، فان لم يبق في أهل الدرب من يريد الشفعة كانت للجار اللزيق الذي ليس
بشريك في الطريق ، وهو الذي ظهر داره الى دار في غير هذا الدرب ، فان ترك هذا الشفيع
الشفعة ، فلا شفيع هناك.
وان كان الدرب نافذا ، فالشفعة للجار اللزيق فقط ، سواء كان باب داره في
هذا الدرب أو غيره ، فاذا كان محاذيا في درب نافذ وعرض الطريق ذراع فلا شفعة
__________________
وهاهنا قال ( ـ ش ـ ) : منعت من بينه وبينه ذراع وأعطيت من هو منه على ألف ذراع.
ويدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه جابر عن النبي عليهالسلام قال : الشفعة فيما لم يقسم ، فاذا وقعت الحدود فلا شفعة. وروى أبو هريرة قال
: قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالشفعة فيما لم يقسم ، وأي مال قسم وأرف عليه فلا شفعة فيه. ومعنى أرف عليه
، أي : أعلم عليه وهي لغة أهل الحجاز.
مسألة
ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : مطالبة الشفيع على الفور ، فان تركها مع
القدرة عليها بطلت شفعته ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو أصح أقوال ( ـ ش ـ ) ، وله ثلاثة
أقوال أخر أحدها : أن الشفيع بالخيار ثلاثا ثمَّ يبطل خياره ، وبه قال ابن أبي ليلى
، و ( ـ ر ـ ).
ونص في القديم على
قولين أحدهما : أن خياره على التراخي ولا يسقط الا بصريح العفو ، فيقول : عفوت ، أو
يلوح به بأن يقول للمشتري بعني الشقص أو هب لي ، فإن فعل شيئا من هذا ، والا كان للمشتري
أن يرافعه الى الحاكم ، فيقول : اما أن يأخذ أو يدع ، وهو ظاهر قول ( ـ ك ـ ) ، لأنه
قال : له الخيار ما لم يتطاول الوقت ، فقيل له : إذا مضت سنة ، فقد تطاول الوقت ، فقال : ما أظنه تطاول.
والثاني : أنه على
التأبيد ، كالقصاص حتى قال : لا يملك المشتري مرافعته الى الحاكم ، بل الخيار اليه
ولا اعتراض عليه.
مسألة
ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الشفعة لا تبطل بالغيبوبة وبه قال جميع الفقهاء
، وحكي عن النخعي أنه قال الشفعة تبطل بالغيبة.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا اختلف المشتري والشفيع في الثمن ، ومع كل واحد منهما
بينة ، قبلت بينة المشتري ، لأنه هو المدعي للثمن والشفيع ينكره ، وبه قال ( ـ ش ـ
) ، و ( ـ ف ـ ).
__________________
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ م ـ ) : البينة بينة الشفيع ، لأنه الخارج.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا كان الشراء بثمن له مثل ، كالحبوب والأثمان ، كان للشفيع
الشفعة بلا خلاف ، وان كان بثمن لا مثل له ، كالثياب والحيوان ونحو ذلك ، فلا شفعة
له ، وبه قال الحسن البصري ، وسوار القاضي.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : له الشفعة ويأخذ بقيمة الثمن ، والاعتبار بقيمته حين
العقد لا حين الأخذ بالشفعة على قول ( ـ ش ـ ) ، وعلى قول ( ـ ك ـ ) بقيمته يوم المحاكمة
.
مسألة
ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) : إذا تزوج امرأة وأمهرها شقصا لا يستحق الشفعة
عليها وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه. وقال ( ـ ش ـ ) : الشفعة تجب بمهر المثل ، وبه
قال الحارث العكلي. وقال ( ـ ك ـ ) وابن أبي ليلى : يجب الشفعة لكنه يأخذ بقيمة الشقص
لا بمهر المثل.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا اشترى شقصا بمائة إلى سنة ، كان للشفيع المطالبة بالشفعة
وهو مخير بين أن يأخذه في الحال ويعطي ثمنه حالا ، وبين أن يصبر إلى سنة ، فيطالبه
بالثمن الواجب عندها ، لأن الشفعة قد وجبت بنفس الشراء والذمم لا يتساوى ، فوجب عليه
الثمن حالا ، أو يصبر الى وقت الحلول ، فيطالبه بالشفعة مع الثمن.
و ( ـ للش ـ ) فيه
ثلاثة أقوال : أحدها ما قلناه. والثاني أنه يأخذه بمائة إلى سنة كما اشتراه ، وبه قال
( ـ ك ـ ) ، غير أن ( ـ ك ـ ) قال : ان كان الشفيع غير ملي كان للمشتري مطالبته بضمين
ثقة يضمن له الثمن الى محله ، وهذا قوي واليه ذهب قوم من أصحابنا ، وهو المذكور في
النهاية. والثالث قاله في الشروط يأخذه بسلعة يساوي مائة الى سنة.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا مات وخلف ابنين ودارا ، فهي بينهما نصفين ، فان مات
__________________
أحدهما وخلف ابنين كان نصف أبيهما بينهما نصفين ، ولهما النصف ولكل واحد منهما
الربع ، فان باع أحدهما نصيبه من أجنبي فلا شفعة لأحد ، بدلالة الأخبار الواردة في
ذلك عن أئمتنا عليهمالسلام.
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان : أحدهما الشفعة لأخيه وحده دون عمه ، وبه قال ( ـ ك ـ ). والثاني لأخيه وعمه
سواء وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه ، وهو اختيار المزني ، ومن قال من أصحابنا : ان الشفعة
على عدد الرؤوس ، فهكذا يجب أن نقول.
مسألة
ـ ١١ ـ : عندنا أن الشريك إذا كان أكثر من واحد بطلت الشفعة ، بدلالة
الأخبار التي رواها أصحابنا ، فلا يتصور الخلاف في أن الشفعة على عدد الرؤوس ، أو على
قدر الأنصباء وهو انفراد ، وذهب قوم من أصحابنا إلى أنها تستحق وان كانوا أكثر من واحد
، وقالوا على قدر الرؤوس ، وبه قال أهل الكوفة النخعي ، و ( ـ ر ـ ) ، والشعبي ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، واختيار
المزني.
والقول الأخر أنه
على قدر الأنصباء ، وهو الأصح عندهم ، واختاره أبو حامد الاسفرائني ، وبه قال سعيد
بن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء ، و ( ـ ك ـ ) ، وأهل الحجاز ، و ( ـ د ـ ) ، و
( ـ ق ـ ) ومن نصر القول الأخير من أصحابنا ، فلأخبار وردت في ذلك المعنى والأقوى عندي
الأول.
مسألة
ـ ١٢ ـ : المنصوص لأصحابنا أن الشفعة لا يورث ، وبه قال ( ـ ح ـ )
وأصحابه. وقال قوم من أصحابنا : أنها يورث مثل سائر الحقوق ، وهو اختيار المرتضى رحمهالله ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، وعبيد الله بن الحسن العنبري البصري.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا اشترى دارا ووجب للشفيع فيها الشفعة ، فأصابها هدم
__________________
أو حرق أو ما أشبه ذلك ، فان كان ذلك بأمر سماوي ، فالشفيع بالخيار بين أن يأخذها بجميع
الثمن أو يترك ، وان كان بفعل آدمي كان له أن يأخذ العرصة بحصتها من الثمن.
بدلالة ما رواه
جابر أن النبي عليهالسلام قال : الشفعة في كل مشترك ربع ، أو حائط ولا يحل له أن يبيعه حتى يعرضه على
شريكه ، فان باعه فشريكه أحق بالثمن.
فثبت أنه يأخذه
بذلك الثمن ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ).
و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان ، وأصحابه على خمس طرق : أحدها : ما قلناه وهو أضعفها عندهم. وثانيها : إذا انتقض
البناء وانفصل ، فالشفيع يأخذ العرصة بالشفعة وما اتصل بها من البناء دون المنفصل عنها
على قولين : أحدهما يأخذ المتصل بكل الثمن أو يتركه ، والقول الأخر أنه يأخذه بحصته
من الثمن أو يدع وهو أصح القولين عندهم.
وثالثها ان كان
البعض الذي لحقه عيب مثل شق الحيطان وتغير السقف وميل الحائط ، فإن المشتري بالخيار
بين أن يأخذه بكل الثمن أو يرده ، وان كان النقصان انتقاض البناء والإله لم يدخل النقض
في الشفعة ، وبكم يأخذ الشفيع ما عداه؟
على القولين وما
انفصل لا يدخل في الشفعة ، كما قال الأول ، ويأخذ ما عداه بالحصة من الثمن قولا واحدا.
ورابعها : أنه إذا
انتقض البناء ، وكانت الأعيان المنهدمة موجودة ، دخلت في الشفعة ، وان كانت منفصلة
عن العرصة ، لأنه يقبلها بالثمن الذي وقع البيع به ، والاستحقاق وجب له حين البيع ، وان كانت
الأعيان مفقودة يأخذ بحصته من الثمن.
__________________
وخامسها : أنه إذا
كانت العرصة قائمة بحالها أخذه بجميع الثمن ، سواء كانت الأعيان المنفصلة موجودة أو
مفقودة ، وان كان بعض العرصة هلك بالغرق أخذ بالحصة من الثمن.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا اشترى شيئا وقاسم وغرس فيه وبنى ، ثمَّ طالب الشفيع بالشفعة
ولم يكن قبل ذلك عالما بالشراء ، كان له إجباره على قلع الغراس والبناء إذا رد عليه
ما نقص من الغراس والبناء بالقلع ، لأن المشتري إنما غرس في ملكه فلم يكن متعديا ،
فيجب عليه أن يرد ما نقص من غرسه بالقلع ، ولأنه إذا رد عليه ما نقص ، فلا خلاف أنه له مطالبته
بالقلع ، ولا دلالة على وجوب القلع إذا لم يرد ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ )
، والنخعي ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ر ـ )
، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه : له مطالبته بالقلع ، ولا يعطيه ما نقص بالقلع.
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا اشترى النخل والأرض وشرط الثمرة ، كان للشفيع أن يأخذ
الكل بالشفعة ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في وجوب الشفعة في المبيع وبه قال ( ـ
ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) وادعيا أن هذه مسألة إجماع.
وقال ( ـ ش ـ )
: له أن يأخذ الكل دون الثمرة ، وبه قال عبيد الله بن الحسن العنبري.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا باع شقصا من مشاع لا يجوز قسمته شرعا ، كالحمام والأرحية
والدور الضيقة فلا شفعة فيها ، وبه قال أهل الحجاز ربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ
) وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ر ـ ) ، وأصحابه ، وأبو العباس بن سريج : يجب الشفعة فيه.
ويدل على ما ذهبنا
اليه ما رواه أبو هريرة
وجابر أن النبي عليهالسلام قال : الشفعة فيما لم يقسم فاذا وقعت الحدود فلا شفعة. وقال جابر : انما جعل
رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
الشفعة في كل ما لم يقسم ، وإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
وجه الدلالة : انه
ذكر الشفعة بالألف واللام وهما للجنس ، فكأنه قال : جنس الشفعة فيما لم يقسم ، يعني
: ما يصح قسمته وما لا يجوز قسمته لا يدخل تحته ، ولان قوله « ما لم يقسم » يفيد ما
يقسم الا أنه لم يفعل فيه القسمة ، لأنه لا يقال فيما لا يقسم ما لم يقسم ، وانما يقال
لا يقسم فلما قال لم يقسم دل على ما قلناه.
وروي عن عثمان أنه
لا شفعة في نخل ولا بئر والأرف يقطع الشفعة وأراد آبار الحجاز ، فان اعتمادهم في السقي
عليها ، ولا مخالف له في الصحابة.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا لم تنقص القيمة ولا الانتفاع بالقسمة قسم بلا خلاف وإذا
انتقض الانتفاع والقيمة ، فلا يقسم بلا خلاف ، وما فيه الخلاف فعند ( ـ ح ـ ) أن كل
قسمة لا ينتفع الشريك بحصته أيهما كان فهي قسمة ضرر ولا يقسم ، وهو ظاهر مذهب ( ـ ش
ـ ) ، وهو صحيح عندي. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : ان القسمة إذا نقصت القيمة دون الانتفاع
، فإنها غير جائزة.
ويدل على ما قلناه
أنه مجمع عليه ،
ولا دليل على أن نقصان القيمة يمنع من القسمة.
مسألة
ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الصبي والمجنون والمحجور عليه لسفه يثبت
لهم الشفعة ولوليهم أن يأخذ لهم ، فالولي هو الأب ، أو الجد أو الوصي من قبل واحد منهما ، أو أمين الحاكم إذا لم يكن أب ، وللولي
أن يأخذ بالشفعة ، ولا يجب أن ينتظر بلوغ الصبي ورشاده ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال ابن أبي ليلى
: لا شفعة للمحجور عليه. وقال ( ـ ع ـ ) : ليس للولي الأخذ له لكنه يصبر حتى إذا بلغ
ورشد كان له الأخذ والترك.
__________________
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا كان للصبي شفعة وله في أخذها الحظ ولم يأخذ الولي عنه
بالشفعة لم يسقط حقه ، وكان له المطالبة لها أو تركها إذا بلغ ، لأنه قد ثبت أنها حقه
، فلا يسقط بترك الولي ذلك ، كما لا يسقط ديونه وحقوقه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ومحمد بن
الحسن ، وزفر.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ف ـ ) : يسقط شفعته ، وليس له أخذها.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا كان للصبي شفعة والحظ له في تركه ، فتركه الولي وبلغ
الصبي ورشد ، فان له المطالبة بالأخذ وله تركه لما قلناه في المسألة الاولى ، ولأنه
لا دلالة في سقوطه بترك الولي ، وهو مذهب ( ـ م ـ ) ، وزفر ، و ( ـ ش ـ ) ، في أحد
قوليه ، والقول الأخر وعليه أكثر أصحابه انه ليس له المطالبة وسقط حقه ، وبه قال (
ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا باع شقصا بشرط الخيار ، فان كان الخيار للبائع أو لهما
فلا شفعة ، وان كان الخيار للمشتري ، فإنه يجب الشفعة للشفيع ، وله المطالبة بها قبل
انقضاء الخيار ، لان الملك قد ثبت بالعقد كما بيناه في كتاب البيع ، فوجبت الشفعة
للشفيع على المشتري ، لأنه ملكه ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ، وعليه نص ( ـ ش ـ ). وقال
الربيع : فيه قول آخر انه ليس له الأخذ قبل انقضاء الخيار ، وبه
قال ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا اشترى
شقصا وسيفا ، أو شقصا وعبدا ، أو عرضا من العروض ، كان للشفيع الشفعة بحصته من
الثمن ، ولا حق له فيما بيع معه ، لأنه لا دليل عليه ، وهو قول ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ
ش ـ ).
و ( ـ لح ـ )
رواية شاذة أنه يأخذ الشقص والسيف معا بالشفعة. وقال ( ـ ك ـ ) : لو باع شقصا من
أرض فيها غلمان يعملون له ، كان له أخذ الشقص والغلمان معا بالشفعة.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا أخذ
الشفيع الشقص من المشتري أو البائع قبض المشتري أو لم يقبض ، فان دركه وعهدته على
المشتري دون البائع ، لأن الشفيع انما يأخذ
__________________
ملك المشتري بحق الشفعة ، فيلزمه دركه كما لو باعه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) ، و
( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان أخذها من البائع ، فالعهدة على البائع ، وان أخذها من المشتري فكما قلناه.
وقال ابن أبي ليلى. وعثمان البتي : عهدة المبيع على البائع دون المشتري ، سواء
أخذها من يد البائع أو يد المشتري ، لأن المشتري كالسفير.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : لا يأخذ
الشفيع الشفعة من البائع أبدا ، لأنه انما يستحق الشفعة بعد تمام العقد ولزومه ،
وإذا كان كذلك فالملك [ للمشتري ، فيجب أن يكون الأخذ من مالكه لا من غيره ، وهذا
مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : له أخذها منه ] قبل القبض.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : إذا تبايعا
شقصا فضمن الشفيع الدرك للبائع عن المستحق ، أو للمشتري عن البائع في نفس العقد ، أو تبايعا بشرط
الخيار على أن الخيار للشفيع ، فإنه يصح شرط الأجنبي ، وأيها كان فلا يسقط شفعته ،
لأنه لا دليل عليه ولا مانع من جواز الشرط للأجنبي ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال أهل
العراق : يسقط الشفعة ، لأن العقد ما تمَّ الا به ، كما إذا باع بعض حقه لم يجب له
الشفعة على المشتري.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : إذا كان دار
بين ثلاثة ، فباع أحدهم نصيبه واشتراه أحد الآخرين ، استحق الشفعة الذي لم يشتر
على قول من يقول الشفعة على عدد الرؤوس ، وهو أحد وجهي ( ـ ش ـ ) ، لأن الإنسان لا يستحق الشفعة على نفسه ، وقد
ثبت أن الشفعة يستحق على المشتري.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) في أحد وجهيه : يستحق الشفعة الذي اشتراه مع الذي لم
__________________
يشتر بينهما نصفين.
مسألة
ـ ٢٧ ـ : إذا كان الشفيع وكيلا في بيع الشقص الذي يستحق بالشفعة
لم يسقط بذلك شفعته ، سواء كان وكيل البائع في البيع ، أو وكيل المشتري في الشراء
، لأنه لا مانع من وكالة ، ولا دلالة على سقوط حقه من الشفعة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال أهل
العراق : ان كان وكيل البائع لم يسقط شفعته ، وان كان وكيل المشتري سقطت شفعته ،
بناء على أصله أن الوكيل في الشراء ينتقل الملك عن البائع إليه ، ثمَّ منه الى
الموكل.
مسألة
ـ ٢٨ ـ : إذا حط البائع
من الثمن شيئا بعد لزوم العقد واستقر له الثمن ، لم يلحق ذلك بالعقد ولا يثبت
للشفيع ، بل هو هبة مجددة للمشتري من البائع ، ولأنه لا دلالة على لحوقه بالعقد ،
وهو قول ( ـ ش ـ ) ، سواء كان الحط كل الثمن أو بعضه.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان حط بعض الثمن لحق العقد وسقط عن الشفيع ، وان حط كله لم يلحق العقد وقد مضت
في البيوع.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : إذا زاد في
الثمن زيادة بعد استقرار العقد ، فهو هبة من المشتري للبائع ولا يلزم الشفيع ،
لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : هذه الزيادة يلحق
بالعقد ولا يلحق بالشفيع.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا كانت دار
بين اثنين ، فادعى أجنبي على أحدهما ما في يده من النصف ، فصالحه على ألف ، صح
صلحه ، سواء صالحه على إنكار أو على إقرار ، ولا يستحق به الشفعة ، لأنه ليس ببيع.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان الصلح على إقرار ، فهو بيع يستحق به الشفعة ، وان كان على إنكار فالصلح
باطل لا يستحق به الشفعة.
مسألة
ـ ٣١ ـ : فإن كان الدار
بينهما نصفين ، فادعى أجنبي على أحدهما ألف درهم ، فصالحه على نصفه من الدار لا
يستحق به الشفعة ، سواء كان صلح إقرار أو صلح إنكار كما تقدم ذكره. وقال ( ـ ش ـ )
مثل ما مر ذكره.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا أخذ
الشفيع الشقص ، فلا يثبت للمشتري خيار المجلس بلا خلاف. وهل يثبت للشفيع خيار
المجلس أم لا؟ عندنا أنه لا خيار له ، لأنه لا دليل عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
مسألة
ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وهب شقصا لغيره ، سواء كان فوقه أو
دونه أو نظيره ، فإنه لا يستحق به الشفعة. وقال ( ـ ش ـ ) : ان كانت الهبة لمن هو
مثله أو دونه لا يستحق الشفعة ، لأن الهبة للنظير تودد ، ولمن هو دونه استعطاف ،
فلا يستحق بهما العوض.
وان كان لمن هو
فوقه ، فهل يثاب عليه؟ على قولين ، قال في الجديد : لا ثواب ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال في القديم : يقتضي الثواب ، وهو قول ( ـ ك ـ ) ، فاذا قال : لا يقتضي الثواب
، فلا شفعة ، وإذا قال : يقتضي الثواب ، فإنه يثبت فيها الشفعة.
مسألة
ـ ٣٤ ـ : إذا كانت دار
بين نفسين ، فادعى أحدهما أنه باع نصيبه من أجنبي ، وأنكر الأجنبي أن يكون اشتراه
، فإنه تثبت الشفعة للشريك ، لأن البائع أقر بحقين : حق للمشتري ، وحق للشفيع ،
فاذا رد المشتري ثبت حق الشفيع ، وبه قال عامة أصحاب ( ـ ش ـ ).
وقال أبو
العباس : لا شفعة لأنها يثبت بعد ثبوت المشتري.
مسألة
ـ ٣٥ ـ : على قول من
قال من أصحابنا : ان الشفعة على عدد الرؤوس إذا كانت دار بين ثلاثة شركاء أثلاثا ،
فاشترى أحدهم نصيب أحد الآخرين ، استحق المشتري مع الأخر الشفعة بينهما نصفين ،
وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، وعامة أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وهو الذي
نقله المزني.
ومن أصحابه من
قال : يأخذ الشفيع بالشفعة ولا حق للمشتري فيه ، وبه قال عثمان البتي ، والحسن
البصري ، قالوا : لأنه مشتر ولا يستحق الشفعة على نفسه ، وهو الذي نصرناه فيما
تقدم ، غير أن هذا القول الأخر أقوى.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : إذا شج غيره
موضحة عمدا أو خطأ فصولح منها على شقص صح الصلح إذا كانا عالمين بأرش الموضحة ولا
يستحق الشفيع أخذها بالشفعة لأن الصلح ليس بشراء والشفعة انما يستحق بعقد الشراء ،
فمن ألحقه به فعليه الدلالة.
وقال ( ـ ش ـ )
وأصحابه : ان كانت الإبل موجودة ، فهل يصح الصلح أم لا؟ فيه قولان. وان كانت
معدومة ، فعلى قولين في انتقال الأرش إلى القيمة والى مقدار وعلى الوجهين
جميعا يصح الصلح إذا علما القيمة أو المقدار ، فكل موضع يصح الصلح يجب الشفعة ،
وكل موضع لا يصح لا يجب الشفعة.
مسألة
ـ ٣٧ ـ : إذا باع ذمي
شقصا من ذمي بخمر أو خنزير وتقابضا واستحق عليه الشفعة ، أخذ الشفيع بمثل ثمن
الخمر وثمن الخنزير عند أهله ، لأن ذلك مال عندهم وقد أمرنا أن نقرهم على ما يرونه
وهم يرون ذلك ثمنا ، فوجب إقرارهم عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا شفعة هاهنا ، لان الخمر ليس بمال.
مسألة
ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يستحق الذمي الشفعة على المسلم ،
سواء اشتراه من مسلم أو ذمي وعلى كل حال ، وبه قال الشعبي ، و ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) : يستحق الذمي الشفعة على
المسلم وقال ابن حي : لا شفعة له عليه في الأمصار ، وله الشفعة في القرى.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : إذا اشترى
شقصا من دار وبنى مسجدا قبل أن يعلم الشفيع
__________________
كان للشفيع ابطال تصرفه ونقض المسجد وأخذه بالشفعة ، لأن حق الشفيع سابق
لتصرفه ، لأنه يستحقه حين العقد ، وهو قول ( ـ ش ـ ) وجميع الفقهاء. ولح روايتان
إحداهما ما قلناه ، وبه قال ( ـ ف ـ ). والأخرى لا ينقض المسجد.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : إذا باع في
مرضه المخوف شقصا وحابى فيه من وارث صح البيع ووجب به الشفعة بالثمن الذي وقع عليه
البيع ، لان هذا بيع صحيح وعند الفقهاء يبطل البيع ، لأن المحاباة هبة ووصية ، ولا
وصية لوارث عندهم ، ويبطل البيع في قدر المحاباة ، ويكون الشفيع بالخيار بين أن
يأخذ أو يترك ، وارثا كان أو غير وارث.
مسألة
ـ ٤١ ـ : إذا وجب له
الشفعة ، فصالحه المشتري على تركها بعوض صح وبطلت الشفعة ، لعموم الخبر في جواز
الصلح. وعند ( ـ ش ـ ) لا يصح ، وهل يبطل الشفعة؟ على وجهين.
مسألة
ـ ٤٢ ـ : إذا وجبت
الشفعة ، فسار إلى المطالبة ، فلم يأت المشتري فيطالبه ولا الى الحاكم ، بل مضى
الى الشهود فأشهد على نفسه بأنه مطالب للشفعة لم يبطل شفعته ، لأنه لا دلالة على
بطلانه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل.
مسألة
ـ ٤٣ ـ : إذا بلغ
الشفيع أن الثمن دنانير فعفا فكانت دراهم ، أو حنطة فبان شعيرا ، لم
يبطل شفعته ، لأنه لا دلالة على بطلانه ، وبه قال جميع الفقهاء الا زفر فإنه قال :
ان كان الثمن دنانير فبان دراهم سقطت شفعته ، وان كان حنطة فبان شعيرا لم يسقط كما
قلناه.
__________________
كتاب القراض
مسألة
ـ ١ ـ : لا يجوز
القراض إلا بالأثمان التي هي الدراهم والدنانير ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ )
، و ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ع ـ )
، وابن أبي ليلى : يجوز بكل شيء يتمول ، فان كان مما له مثل كالحبوب والادهان رجع
الى مثله حين المفاضلة والربح بعده بينهما ، وان كان مما لا مثل له ، كالثياب
والمتاع والحيوان ، كان رأس المال قيمته والربح بعده بينهما ويدل على مذهبنا أن ما
اخترناه مجمع على جوازه ، وليس على جوازه ما قالوه دليل.
مسألة
ـ ٢ ـ : القراض
بالفلوس لا يجوز ، لأنه ليس على جوازه دليل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و
( ـ ش ـ ). وقال ( ـ م ـ ) : هو القياس الا أني أجيزه استحسانا ، لأنها ثمن
الأشياء في بعض البلاد.
مسألة
ـ ٣ ـ : لا يجوز
القراض بالورق المغشوش ، سواء كان الغش أقل أو أكثر أو سواء ، لما قلناه في
المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز ان كانا سواء أو كان الغش أقل ، ولا يجوز ان كان الغش أكثر بناء على أصله
في الزكاة.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا كان
القراض فاسدا استحق العامل أجرة المثل على ما يعمله ، سواء كان في المال ربح أو لم
يكن ، لأنه إنما عمل بإذن صاحب المال ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : ان
كان في المال ربح فله أجرة مثله ، وان لم يكن له ربح فلا شيء له.
مسألة
ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ليس للعامل أن يسافر بمال القراض بغير
اذن رب المال وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : له ذلك. وبنى ( ـ
ح ـ ) و ( ـ ك ـ ) ذلك على الوديعة ، وأن له أن يسافر بها. وعندنا ليس له ذلك في
الوديعة أيضا.
مسألة
ـ ٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا سافر بإذن رب المال ، كان نفقة
السفر من المأكول والمشروب والملبوس من مال القراض.
و ( ـ للش ـ )
فيه ثلاثة أوجه : أحدها لا ينفق كالحضر. والثاني : ينفق كمال نفقته كما قلناه.
والثالث : ينفق القدر الزائد على نفقة الحضر لأجل السفر.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا أعطاه ألفين
وقال : ما رزق الله من الربح كان لي ربح ألف ولك ربح ألف كان جائزا ، لأنه لا مانع
منه والأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأبو ثور. وقال ابن سريج : هذا غلط ، لأنه
شرط لنفسه ربح ألف لا يشاركه العامل فيه وكذلك للعامل.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا دفع اليه
مالا قراضا ، فقال له : اتجر به ، أو قال : اصنع ما ترى ، أو تصرف كيف شئت ، فإنه
يقتضي أن يشتري بثمن مثله نقدا بنقد البلد ، بدلالة طريقة الاحتياط ، لان ما
ذكرناه مجمع على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: له أن يشتري بثمن مثله وبأقل أو بأكثر ونقدا ونسيئة وبغير نقد البلد.
مسألة
ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اشترى العامل في القراض أباه بمال
القراض ، فان كان في المال ربح انعتق منه بقدر نصيبه من الربح واستسعى في باقي ذلك
لرب
المال ، وينفسخ القراض إذا كان معسرا ، وان كان موسرا قوم عليه بقيته لرب
المال وسواء كان الربح ظاهرا أو يحتاج الى أن يقوم ليعلم أن فيه ربحا.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان : أحدهما مثل ما قلناه انه ينعتق بمقدار نصيبه ، ويلزم شراء الباقي ان
كان موسرا ، وان كان معسرا قال : تبقى بقيته رقا لرب المال. والقول الثاني ان
الشراء باطل.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا فسخ رب
المال القراض ، وكان في المال شيء باعه العامل بإذن رب المال نسيئة ، لزمه أن
يجيبه ، سواء كان فيه ربح أو لم يكن ، لان على العامل رد المال كما أخذه ، وإذا
أخذه ناضا وجب عليه أن يرده كذلك ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان فيه ربح فكما قلناه ، وان لم يكن فيه ربح لم يلزمه.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا قال خذ
هذا المال قراضا على أن يكون الربح كله لي كان ذلك قراضا فاسدا ، ولا يكون بضاعة ،
لأن لفظ القراض يقتضي أن يكون الربح بينهما ، فاذا شرط الربح لنفسه كان فاسدا ،
كما لو شرط الربح للعامل ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يكون هذا بضاعة.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا كان
العامل نصرانيا ، فاشترى بمال القراض خمرا أو خنزيرا ، أو باع خمرا مثل أن كان
عصيرا فاستحال خمرا فباعه ، كان جميع ذلك باطلا ، لأنه لا دليل على جوازه والتصرف
في المحرمات محظور ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الشراء والبيع صحيحان. وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : الشراء صحيح والبيع باطل.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا قال اثنان
لواحد : خذ هذا المال قراضا ولك النصف من الربح ، ثلثه من مال هذا وثلثاه من مال
الأخر ، والنصف الأخر بيننا نصفين ، قال ( ـ ش ـ ) : القراض فاسد. وقال ( ـ ح ـ )
، وأبو ثور : يصح ويكون على ما شرطا ، لأنهما
قد جعلا له نصف جميع المال ، فكان الباقي بينهما على ما شرطا.
وقال أصحاب ( ـ
ش ـ ) : هذا غلط ، لأن أحدهما إذا شرط الثلث والأخر الثلاثين بقي نصف الربح لهما
وهو تسعة مثلا ، وكان من سبيله أن يكون لأحدهما منه ستة وللآخر ثلاثة ، فإذا شرطاه
نصفين أخذ أحدهما فضلا عن شريكه بحق المال سهما ونصف ، وذلك غير جائز. والذي
يقتضيه مذهبنا أنه لا يمنع من صحة هذا الشرط مانع والأصل جوازه.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا دفع إليه
ألفا للقراض ، فاشترى به عبدا للقراض ، فهلك الالف قبل أن يدفعه في ثمنه اختلف
الناس فيه على ثلاثة مذاهب : فقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يكون المبيع لرب
المال ، وعليه أن يدفع إليه ألفا غير الأول ليقضي به دينه ، ويكون الألف الأول
والثاني قراضا ، وهما معا رأس المال.
وقال ( ـ ك ـ )
: رب المال بالخيار بين أن يعطيه ألفا غير الأول ليقضي به الدين ، ويكون الألف
الثاني رأس المال دون الأول ، أو لا يدفع إليه شيئا فيكون المبيع للعامل والثمن
عليه.
ونقل البويطي
عن ( ـ ش ـ ) أن المبيع للعامل والثمن عليه ولا شيء على رب المال ، وهو اختيار
أبي العباس ، وهو الذي يقوى في نفسي.
لأنه لا يخلو :
أن يكون الالف تلف قبل الشراء أو بعده ، فان كان قبل الشراء وقع الشراء للعامل ،
لأنه اشتراه بعد زوال القراض ، وان كان التلف بعد الشراء وقع الشراء لرب المال ،
وعليه أن يدفع الثمن من ماله الذي سلمه اليه ، فاذا هلك المال تحول الملك الى
العامل ، وكان الثمن عليه ، لان رب المال انما فسح للعامل في التصرف في ألف : اما
أن يشتريه به بعينه ، أو في الذمة وينقد منه ولم يدخل من ماله في القراض أكثر منه.
مسألة
ـ ١٥ ـ : ليس للعامل أن
يبيع بالدين إلا بإذن رب المال ، لأنه تصرف
في مال الغير ، وجوازه يحتاج إلى دلالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ
) : له ذلك.
مسألة
ـ ١٦ ـ : لا يصح القراض
إذا كان رأس المال جزافا ، لأنه لا دليل على صحته ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يصح القراض ويكون القول قول العامل حين المفاضلة. وان كان مع واحد منهما بينة ،
قدم بينة رب المال.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا قال خذ
ألفا قراضا على أن لك نصف ربحها ، صح بلا خلاف. وان قال : على أن لك ربح نصفها كان
باطلا ، لأنه لا دليل على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال أبو ثور :
ذلك جائز ، وحكي ذلك عن ( ـ ح ـ ). وان قلنا بهذا أيضا كان قويا لأنه لا فرق بين
اللفظين.
كتاب المساقاة
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المساقاة جائزة وبه قال في الصحابة أبو
بكر ، وعمر وفي التابعين سعيد بن المسيب ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، وفي الفقهاء
( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ )
، و ( ـ ق ـ ) ، وانفرد ( ـ ح ـ ) بأن المساقاة لا يجوز قياسا على المخابرة .
دليلنا [ مضافا
الى إجماع الفرقة واخبارهم ] ما رواه محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن
أبيه ، قال : ساقى رسول الله خيبر على تلك الأموال بالشطر وسهامهم معلومة ، قال :
إذا شئنا أخرجناكم.
وروى ميمون بن
مهران ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : افتتح رسول الله صلىاللهعليهوآله خيبر فاشترط أن له الأرض وكل صفراء وبيضاء ، قال أهل
خيبر : نحن أعلم بالأرض منكم ، فأعطناها ولكم نصف الثمرة ولنا النصف
فزعم أنه أعطاهم على ذلك ، فلما كان حين تصرم النخل بعث إليهم عبد الله بن
__________________
رواحة فحزر عليهم النخل وهو الذي يسميه أهل المدينة الخرص فقال :
في ذه كذا وكذا ، قالوا : أكثرت علينا يا بن رواحة ، قال : فأنا آتي جذاذ النخل
وأعطيكم نصف الذي قلت ، قالوا : هذا الحق وبه يقوم السماء والأرض قد رضينا أن
تأخذه بالذي قلت.
وقال ابن
الزبير : سمعت جابرا يقول : خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق ، وزعم أن اليهود لما
خيرهم ابن رواحة أخذوا الثمر وعليهم عشرون ألف وسق.
مسألة
ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز المساقاة في النخل والكرم ، وبه
قال كل من أجاز المساقاة ، وخالف داود ، وقال : لا يجوز إلا في النخل خاصة ، لأن
الخبر به ورد.
مسألة
ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز المساقاة فيما عدا النخل والكرم من
الأشجار.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، قال في القديم : يجوز ذلك ، وبه قال أكثر من أجاز المساقاة ( ـ ك ـ )
وأبو ثور ، و ( ـ م ـ ) ، وزاد ( ـ ف ـ ) قال : يجوز المساقاة على البقل الذي يجز
جزة بعد جزة وكذلك يقول. وقال في الجديد : لا يجوز المساقاة على ما عدا النخل
والكرم.
[ يدل على
مذهبنا مضافا الى إجماع الفرقة ] ما رواه نافع عن ابن عمر ، قال : عامل رسول الله أهل
خيبر بالشطر مما يخرج من النخل والشجر. وهذا عام في سائر الأشجار.
مسألة
ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز أن يعطي الأرض غيره ببعض ما يخرج
منها ، بأن يكون منه الأرض والبذر ومن المتقبل القيام بها من الزراعة والسقي
ومراعاتها ،
__________________
وخالف جميع الفقهاء في ذلك. وأجاز ( ـ ش ـ ) في الأرض اليسير إذا كان بين
ظهراني نخل كثير ، فساقى على النخل وتخابر على الأرض.
[ ويدل على
المسألة مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ] ما رواه عبد الله بن عمر عن نافع ، عن ابن عمر ، قال :
عامل رسول الله صلىاللهعليهوآله أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر وزرع. وما روي
من نهي النبي عليهالسلام عن المخابرة بحمله على إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها
وذلك لا يجوز.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا كانت نخل
أنواع مختلفة معقلي وبرني وسكر ، فساقى من المعقلي على النصف ، ومن البرني على
الثلث ، ومن السكر على الربع ، كان جائزا ، بدلالة عموم الاخبار في جوازه ، وبه
قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يصح حتى يكون الحصص سواء في الكل.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا شرط في
حال العقد على العامل ما يجب على رب النخل أو بعضه ، أو شرط على رب المال ما يجب
على العامل عمله أو بعضه ، لم يمنع ذلك من صحته إذا بقي للعامل عمل ولو كان قليلا
، بدلالة الأصل وأنه لا مانع منه. وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل ذلك العقد.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا ساقاه بعد
ظهور الثمرة ، كان جائزا إذا كان قد بقي للعامل عمل وان كان قليلا ، بدلالة عموم
الاخبار في جواز المساقاة. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٨ ـ : يجوز أن يشترط
المساقي على رب المال أن يعمل معه غلام لرب المال ، بدلالة [ ما قلناه في المسألة
الاولى ] و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا ثبت أن
ذلك جائز ، فلا فرق بين أن يكون الغلام موسوما
__________________
بعمل هذا الحائط ، أو بعمل غيره من حوائط صاحبه ، بدلالة ما قلناه في
المسألة الاولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في قوله الذي يجوز ذلك.
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يجوز الا الغلام الذي هو موسوم بهذا الحائط فحسب.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا شرط على
المساقي نفقة الغلام ، جاز ولا يلزم أن يكون مقدرة ، بل الكفاية على موجب العادة ،
لأن الأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ م ـ ) : لا بد أن يكون مقدرة ،
لأنها كالأجرة.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا اختلف رب
النخل والعامل ، فقال رب النخل : شرطت على أن لك ثلث الثمرة. وقال العامل : على أن
لي نصف الثمرة ، كان القول قول رب النخل مع يمينه ، لأنه مدعى عليه والثمرة له
وانما يثبت للعامل بالشرط ، فاذا ادعى شرطا فعليه البينة ، فإذا عدمها فعلى رب
النخل اليمين. وقال أصحاب ( ـ ش ـ ) : يتحالفان.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا كان مع كل
واحد منهما بينة بما يدعيه ، قدمت بينة العامل ، لما بيناه أنه هو المدعي ، فيجب تقديم
بينته.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، أحدهما : يسقطان. والأخر : يستعملان ، فاذا استعملهما ففيه ثلاثة
أقوال : أحدها يوقف. والأخر : يقسم. والثالث : يقرع.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا ظهرت
الثمرة وبلغت الأوسق التي يجب فيها الزكاة ، كان الزكاة على رب المال والعامل معا
، فان بلغ نصيب كل واحد منهما خمسة أوسق وجبت فيه الزكاة ، وان نقص نصيب كل واحد
منهما عن ذلك لم يجب على واحد منهما الزكاة ، وان بلغ نصيب أحدهما النصاب ونقص
نصيب الأخر ، كان على من تمت حصته الزكاة ، ولا يلزم الأخر.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان : أحدهما أن الزكاة يجب على رب النخل دون العامل.
__________________
والثاني : أنه
على كل واحد منهما ، فاذا قال على رب النخل وبلغ خمسة أوسق كان عليه الزكاة ، ومن
أين يخرج له؟ فيه وجهان : أحدهما في ماله وحده.
والثاني في
مالهما معا. وإذا قال : يجب عليهما نظرت فان كان نصيب كل واحد منهما النصاب وجبت
الزكاة. وان لم يبلغ نصيب كل واحد نصابا ، بل بلغ الحقان نصابا ، فهل فيه الزكاة؟
على قولين ان قال لا خلطه في غير الماشية فلا زكاة ، وان قال : يصح الخلطة في غير
الماشية وجبت الزكاة.
دليلنا : أنه
إذا كانت الثمرة ملكا لهما ، فينبغي أن يجب الزكاة على كل واحد منهما ، فمن أوجب
الزكاة على أحدهما دون الأخر فعليه الدليل.
كتاب الإجارات
مسألة
ـ ١ ـ : كل ما جاز أن
يستباح بالعارية ، جاز أن يستباح بعقد الإجارة ، وبه قال عامة الفقهاء ، الا ما
حكي عن عبد الرحمن الأصم أنه قال : لا يجوز الإجارة أصلا.
مسألة
ـ ٢ ـ : عقد الإجارة
من العقود اللازمة ، متى حصل لم يكن لأحدهما فسخ الإجارة إلا عند وجود عيب بالثمن
، مثل فلس المستأجر ، فحينئذ يملك الموجر الفسخ. أو وجود عيب بالمستأجر ، مثل غرق
الدار وانهدامها على وجه يمنع من استيفاء المنفعة ، فإنه يملك المستأجر الفسخ.
فأما من غير ذلك فلا ، لقوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
» والإجارة عقد فوجب الوفاء به ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ) ، وأبي ثور ، و ( ـ ك ـ
) ، و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، وأصحابه : ان الإجارة يجوز فسخها لعذر ، قالوا : إذا اكترى الرجل جملا ليحج به ،
ثمَّ بدا له من الحج أو مرض فلم يخرج ، كان له أن يفسخ الإجارة ، وكذلك إذا اكترى
دكانا ليتجر فيه ويبيع ويشتري ، فذهب ماله وأفلس ، فإنه يجوز له أن يفسخ الإجارة ،
قال : وبمثل هذه الاعذار لا يكون للمكري الفسخ ،
__________________
فاذا أكرى جماله من إنسان ليحج بها ، ثمَّ بدا له من ذلك لم يملك فسخ
الإجارة.
وكذلك ان آجر
داره أو دكانه وأراد السفر ، ثمَّ بدا له من السفر لم يكن له فسخ الإجارة ، الا أن
أصحابه يقولون : للمكري فسخ الإجارة بعذر كالمكتري سواء ، ولا يبينون الموضع الذي
يكون له الفسخ.
مسألة
ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من استأجر دارا أو دابة أو عبدا ، فإن
المستأجر يملك تلك المنفعة ، والموجر يملك الأجرة بنفس العقد ، حتى أن المستأجر
عندنا أحق بملك المنفعة من مالكها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الموجر يملك الأجرة بنفس العقد ، والمستأجر لا يملك المنفعة وانما تحدث في ملك
المكري ، ثمَّ يملك المكتري من المكري حدوثه في ملكه ، فعنده المنفعة غير مملوكة ،
وانما المكري يملك حدوثها ، والمكتري يملك من المكري بعد ذلك. وعلى مذهبنا المكتري
يملك المنفعة بنفس العقد.
مسألة
ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أطلقا عقد الإجارة ولم يشرطا تعجيل
الأجرة ولا تأجيله ، فإنه يلزم الأجرة عاجلا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: انما يلزمه أن يسلم إليه الأجرة جزءا فجزءا ، فكلما استوفى جزءا من المنفعة لزمه
أن يوفيه ما في مقابلته من الأجرة.
وقال ( ـ ح ـ )
وأصحابه : القياس ما قال ( ـ ك ـ ) ، ولكن يشق ذلك ، فمهما استوفى منفعة يوم فعليه
تسليم ما في مقابلته. وقال ( ـ ر ـ ) : لا يلزمه تسليم شيء من الأجرة ما لم تنقض
مدة الإجارة كلها.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا قال آجرتك
هذه الدار كل شهر بكذا ، كانت إجارة صحيحة ، لأن الأصل جوازه ، ولا دلالة على
بطلانه ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ). وقال بعض أصحاب ( ـ ش ـ ) : هذه إجارة باطلة.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا استأجر
دارا أو عبدا سنة ، فتلف المعقود عليه بعد القبض
قبل استيفاء المنفعة ، فإنه ينفسخ الإجارة ، لأن المعقود عليه هو المنفعة
وقد تعذرت ، فوجب أن ينفسخ الإجارة ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ
).
وقال أبو ثور :
لا ينفسخ الإجارة والتلف من ضمان المكتري ، لان هذه المنفعة صارت في حكم المقبوض
كالعين.
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الموت يبطل الإجارة ، سواء كان موت
المؤجر أو المستأجر ، بدلالة إجماع الفرقة وأخبارهم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه
، والليث بن سعد ، و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: الموت لا يفسخ الإجارة من أيهما كان ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ
ق ـ ) ، وأبو ثور ، وفي أصحابنا من قال : موت المستأجر يبطلها ، وموت الموجر لا
يبطلها .
وهذا القول شاذ
لا معول عليه.
مسألة
ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) :
إذا اكترى دابة من بغداد الى حلوان ، فركبها الى همدان ، فإنه يلزمه أجرة المسمى
من بغداد الى حلوان ، ومن حلوان الى همدان أجرة المثل ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يلزمه أجرة التي تعدى فيها ، بناء على أصله أن المنافع لا يضمن بالغصب. وقال (
ـ ك ـ ) : ان كان قد تجاوز بها شيئا يسيرا ، فإنه كما قلنا. وان تعدى فيها شيئا
كثيرا ، فإن المكري بالخيار ان شاء أخذ منه أجرة المثل لذلك التعدي ، وان شاء أخذ
منه قيمة الدابة.
مسألة
ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ويضمن الدابة بتعديه فيها من حلوان بلا
خلاف إذا لم يكن صاحبها معها ، فان ردها الى حلوان ، فإنه لا يزول ضمانه عندنا ،
وان ردها الى بغداد الى يد صاحبها زال ضمانه ، وعليه أجرة المثل فيما تعدى على ما
مضى ، ويكون عليه ضمانها من وقت التعدي إلى حين التلف ، لا من يوم
__________________
اكتراها.
وقال ( ـ ش ـ )
أيضا : لا يزول ضمانه إذا ردها الى حلوان ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). وقال
( ـ ف ـ ) : وكان ( ـ ح ـ ) يقول لا يزول الضمان بردها الى هذا المكان ثمَّ رجع ،
فقال : يزول الضمان عنه ، وقال زفر ، و ( ـ م ـ ) : يزول الضمان عنه ، كما لو تعدى
في الوديعة ، ثمَّ ردها الى مكانها. وعلى هذه المسألة إجماع الفرقة.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إجارة الفحل
للضراب مكروه وليس بمحظور ، وعقد الإجارة عليه غير فاسد ، لأن الأصل الإباحة.
وقال ( ـ ك ـ )
: ليس بمكروه. وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : الإجارة فاسدة والأجرة محظورة.
مسألة
ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الإجارة الى أي وقت شاء ، وبه قال
أهل العراق. و ( ـ للش ـ ) قولان : أحدهما لا يجوز المدة في الإجارة أكثر من سنة ،
والثاني مثل ما قلناه. وله قول آخر انه يجوز ثلاث سنين ، وقال : يجوز المساقاة
سنتين.
مسألة
ـ ١٢ ـ : إذا استأجر
دارا أو غيرها من الأشياء وأراد أن يوجرها بعد القبض ، فإنه يجوز إذا أحدث فيها
حدثا أن يوجرها بأقل مما استأجرها أو أكثر أو مثله ، وسواء آجرها من المؤجر أو من
غيره. كل ذلك سواء وبه قال ( ـ ش ـ ) الا ان ( ـ ش ـ ) لم يراع احداث الحدث .
وقال ( ـ ح ـ )
: ان آجرها من المكري بمثل تلك الأجرة أو أقل منها ، فإنه يجوز. وان آجرها بأكثر ، فإنه
لا يجوز كما قال في البيع ، وان آجرها من غير المكري فكما قلناه.
__________________
مسألة
ـ ١٣ ـ : الإجارة لا
يخلو من أحد أمرين : اما أن يكون معينة ، أو في الذمة. فإن كانت معينة ، مثل أن
قال : استأجرت منك هذه الدار وهذا العبد سنة ، فإنه لا يمتنع دخول خيار الشرط فيه.
وان كانت في الذمة فكذلك ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه ، وهو مذهب ( ـ ح ـ ) ،
لان عنده يجوز أن يستأجر أرضا أو دارا بعد شهر.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كانت الإجارة معينة ، لا يجوز أن يدخله خيار الشرط ، لان من شرط هذه الإجارة
أن يكون المدة متصلة بالعقد ، فيقول : آجرتك سنة من هذا اليوم ، وان شرط خيار
الثلاث بطلت. وأما خيار المجلس ، فهل ثبت له؟ فيه وجهان ، وعندنا أنه لا يمتنع ذلك
إذا شرط ، وان لم يشرط فلا خيار للمجلس.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا قال آجرتك
هذه الدار شهرا ، ولم يقل من هذا الوقت وأطلق ، فإنه لا يجوز. وكذلك إذا آجره
الدار في شهر مستقبل ما دخل بعد ، فإنه لا يجوز لأنه لا دلالة على جوازه ، وبه قال
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا أطلق الشهر جاز ، ويرجع الإطلاق إلى الشهر الذي يلي العقد ويتعقبه ، وإذا
آجره شهرا مستقبلا جاز ذلك.
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا آجره شهرا
من وقت العقد ولم يسلمها اليه حتى مضت أيام انفسخت الإجارة في مقدار ما مضى ، ويصح في الذي
بقي ، بدلالة أن انفساخها فيما مضى مجمع عليه ، وفيما بعد يحتاج إلى دلالة ، ولا
دلالة عليه.
وقال ( ـ ش ـ )
: ينفسخ فيما مضى ، وفيما بقي على طريقتين. ومنهم من قال : على قولين. ومنهم من
قال : يصح قولا واحدا.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا اكترى
بهيمة ليركبها الى النهروان مثلا ، أو يقطع بها
__________________
مسافة معلومة ، فسلمها المكري إليه فأمسكها مدة يمكنه
المسير فيها فلم يفعل ، استقرت عليه الأجرة ووجبت بالعقد وإذا لم يستوف المنفعة مع التمكن منها فقد
ضيع حقه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يستقر عليه الأجرة حتى يسيرها في بقاع تلك المسافة.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا استأجر
مرضعة مدة من الزمان بنفقتها وكسوتها ولا يعين المقدار لم يصح عليه العقد ، لأنه
لا دلالة عليه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يصح.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا استأجر
امرأة لترضع ولده ، فمات واحد من الثلاثة بطلت الإجارة ، لعموم الأخبار التي وردت
بأن الإجارة تبطل بالموت.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان ماتت المرأة بطلت الإجارة ، وان مات الأب لا يبطل ، وان مات الصبي ففيه
قولان.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا آجرت
نفسها للرضاع أو لغيره بإذن زوجها ، صحت الإجارة بلا خلاف ، وان آجرته بغير اذنه
لم يصح الإجارة ، لأنه لا دلالة عليه.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان : أحدهما ما قلناه ، والثاني يصح الإجارة ، غير أنه يثبت له الخيار فله
أن يفسخ.
مسألة
ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجد الأب من يرضع ولده بدون أجرة
المثل ، أو وجد من يتطوع برضاعه وأم الصبي لا يرضى إلا بأجرة المثل كان له أن ينزع
الصبي منها ويسلمه الى غيرها ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر ان الأم أولى.
مسألة
ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا باع الرقبة المستأجرة لم يبطل
الإجارة ، سواء باعها من المستأجر أو باعها من غيره ، ثمَّ ينظر فان علم المشتري
بالإجارة لم يكن
__________________
له خيار وعليه أن يمسك حتى تمضي مدة الإجارة ، وان لم يعلم كان له الرد
بالعيب والخيار اليه ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني : أن البيع باطل إذا كان
من أجنبي ، وإذا باعها من المستأجر صح البيع قولا واحدا.
وقال ( ـ ح ـ )
: يكون البيع موقوفا على رأي المستأجر ، فإن رضي به صح البيع وبطلت إجارته ، وان
لم يرض به ورده بطل البيع وبقيت الإجارة.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا آجر الأب
أو الوصي الصبي أو شيئا من ماله مدة ، صحت الإجارة بلا خلاف ، فان بلغ الصبي قبل
انقضاء المدة ، كان له ما بقي ولم يكن للصبي فسخه ، لأنه لا خلاف أن العقد وقع
صحيحا ، ولا دلالة على أن له الفسخ بعد البلوغ. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا استأجر
رجلا ليبيع له شيئا بعينه أو ليشتري له شيئا موصوفا ، فان ذلك يجوز عندنا ، لأنه
لا مانع منه والأصل جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : يجوز اجارة
الدفاتر ، سواء كان مصحفا أو غيره ما لم يكن فيه كفر ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال
( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لا يجوز إجارة شيء من ذلك.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : لا يجوز إجارة
حائط مزوق أو محكم للنظر اليه والتفرج به والتعلم منه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ذلك إذا كان فيه غرض من الفرحة أو التعلم منه.
دليلنا : أن
ذلك عبث والمنع « النفع ( ـ خ ـ ) » منه قبيح وإذا لم يجز المنع « النفع ( ـ خ ـ ) » منه
فإجارته قبيحة.
__________________
مسألة
ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا انفرد الأجير بالعمل في غير ملك
المستأجر ، فتلف الشيء الذي استوجر فيه بتقصير منه ، أو بشيء من أفعاله ، أو
نقصان من صنعته ، فإنه يلزمه ويكون ضامنا ، سواء كان الأجير مشتركا أو منفردا.
وقال ( ـ ح ـ )
في الأجير المشترك مثل ما قلنا ، وذلك مثل أن يدق القصار الثوب فينخرق أو يقصره
فينفرز ، فيكون عليه الضمان ، وبه قال ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ف ـ )
، و ( ـ م ـ ) : ان تلف بأمر ظاهر لا يمكن دفعه ، كالحريق المنتشر واللهب الغالبة
، فإنه لا يضمنه. وان تلف بأمر يمكنه دفعه ضمنه. وأما الأجير المنفرد ، فلا ضمان
عليه عندهم.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان : أحدهما أنه إذا انفرد بالعمل في غير ملك المستأجر ، فإنه يكون ضامنا
متى تلف بأي تلف بالسرقة أو الحريق أو شيء من فعله أو غير فعله ، وهو قول ( ـ ك ـ
) وابن أبي ليلى والشعبي. والأخر أنه لا ضمان عليه ، سواء كان مشتركا أو منفردا
وقبضه قبض أمانة ، وهو قول عطاء ، وطاوس. وقال الربيع : كان ( ـ ش ـ ) يعتقد أنه
لا ضمان على الصناع.
مسألة
ـ ٢٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الختان والبيطار والحجام يضمنون ما
يجنون بأفعالهم ، ولم أجد أحدا من الفقهاء ضمنهم.
مسألة
ـ ٢٨ ـ : إذا حبس حرا
أو عبدا مسلما فسرقت ثيابه ، لزمه ضمانها ، بدلالة أن الحبس كان سبب السرقة ، فيجب
أن يلزمه الضمان.
وقال ( ـ ش ـ )
: ان كان حرا ، فلا ضمان على حابسه إذا سرقت ثيابه ، وان كان عبدا لزمه ضمانها.
مسألة
ـ ٢٩ ـ : الراعي إذا
أطلق له الرعي حيث شاء ، فلا ضمان على ما يتلف من الغنم إلا إذا كان هو السبب فيه
، لأنه لا دلالة عليه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان ، مثل القول في الصناع سواء.
مسألة
ـ ٣٠ ـ : إذا اكترى
دابة فركبها ، أو حمل عليها فضربها ، أو كبحها باللجام ما جرت به العادة في التسيير فتلف ، فلا ضمان
عليه ، لأنه لا دلالة عليه. وان كان ذلك خارجا عن العادة ، لزمه الضمان ، وهو قول (
ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : عليه الضمان في الحالين.
مسألة
ـ ٣١ ـ : إذا سلم
مملوكا الى معلم ، فمات حتف أنفه ، أو وقع عليه شيء من السقف فمات من غير تعد من
المعلم ، فلا ضمان عليه ، لأنه لا دلالة عليه.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، مثل ما قال في الوديعة.
مسألة
ـ ٣٢ ـ : إذا عزر
الامام رجلا ، فأدى الى تلفه ، لم يجب عليه الضمان لأنه فعل ما أمره الله تعالى به
، فلا يلزمه الضمان كما في الحدود ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يجب فيه
الضمان.
مسألة
ـ ٣٣ ـ : إذا سلم الثوب
الى غسال ، وقال له : اغسله ولم يشرط الأجرة ولا عرض له بها فغسله ، لزمته الأجرة
، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، وان لم يأمره بغسله فغسله لم يكن له أجرة ، وبه قال
المزني.
ونص ( ـ ش ـ )
على أنه إذا لم يشرط ولم يعرض فلا أجرة ، ومن أصحابه من قال : ان كان الرجل معروفا
بأخذ الأجرة على الغسل وجبت له الأجرة ، وان لم يكن معروفا به لم يجب له الأجرة.
ومنهم من قال :
ان كان صاحب الثوب هو الذي سأل أن يغسله لزمته الأجرة.
وان كان الغسال
هو الذي طلب منه الثوب ليغسله ، فلا أجرة له ، ومذهبهم ما نص ( ـ ش ـ ) عليه أنه
لا أجرة له.
مسألة
ـ ٣٤ ـ : إجارة المشاع
جائزة ، لأن الأصل جوازه ، ولا مانع منه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) :
لا يجوز.
__________________
مسألة
ـ ٣٥ ـ : إذا سلم الى
خياط ثوبا ، فقطعه الخياط قباء ، ثمَّ اختلفا ، فقال رب الثوب : أمرتك أن تقطع
قميصا فخالفت. وقال الخياط : بل قلت اقطع قباء وقد فعلت ما أمرت ، فالقول قول صاحب
الثوب مع يمينه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو الذي اختاره ( ـ ش ـ ) ، وقال : انه ذكر في
موضع من كتبه أنهما يتحالفان.
يدل على ما
قلناه ان المالك رب الثوب ، والخياط مدع للإذن في قطع القباء فعليه البينة ، فإذا
فقدها فعلى المالك اليمين ، ولو قلنا ان القول قول الخياط لأنه غارم ورب الثوب
مدعى عليه قطعا لم يأمره به ليلزمه ضمان الثوب ، فيكون عليه البينة ، فإذا فقدها
فعلى الخياط اليمين كان قويا.
مسألة
ـ ٣٦ ـ : إذا استأجر
دارا على أن يتخذه مسجدا يصلى فيه صحت الإجارة ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال ( ـ ش
ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا يصح.
مسألة
ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا استأجر دارا ليتخذها ماخورا يبيع
فيه الخمر أو ليتخذه كنيسة أو بيت نار ، فان ذلك لا يجوز والعقد باطل.
وقال ( ـ ح ـ )
: العقد صحيح ويعمل فيه غير ذلك من الأشياء المباحة دون ما استأجر له ، وبه قال ( ـ
ش ـ ).
مسألة
ـ ٣٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا استأجر رجلا لينقل له خمرا من موضع
الى موضع لم يصح الإجارة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: يصح كما لو استأجر جرة لينقل بها الخمر الى الصحراء ليهريقه.
مسألة
ـ ٣٩ ـ : إذا استأجره
ليخيط له ثوبا بعينه ، وقال : ان خطت اليوم فلك درهم وان خطت غدا فلك نصف درهم صح
العقد فيهما ، فان خاطه في اليوم الأول كان له الدرهم ، فان خاطه في الغد كان له
نصف درهم.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان خاطه في اليوم مثل ما قلناه ، وان خاطه في الغد كان له أجرة
__________________
المثل ، وهو ما بين النصف المسمى الى الدرهم.
وقال ( ـ ش ـ )
: هذا عقد باطل في اليوم والغد.
ويدل على ما
قلناه قوله عليهالسلام « المؤمنون عند شروطهم » وفي أخبارهم ما يجرى مثل هذه المسألة بعينها
منصوصة ، وهو أن يستأجر منه دابة على أن يوافي بها يوما معينا على أجرة معينة ،
فان لم يواف ذلك اليوم كان أجرتها أقل من ذلك وان هذا جائز ، وهذا مثل ما نحن فيه
بعينه.
مسألة
ـ ٤٠ ـ : إذا استأجره
بخياطة ثوب ، وقال : ان خطته روميا وهو الذي يكون بدرزين فلك درهم ، وان خطته
فارسيا وهو الذي يكون بدرز واحد فلك نصف درهم ، صح العقد لما قلناه في المسألة
الأولى سواء ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يصح.
مسألة
ـ ٤١ ـ : يجوز اجارة الدراهم
والدنانير ، لأن الأصل جوازه ولا مانع منه ، ولأنه ينتفع بها مع بقاء عينها ، مثل
أن ينثرها أو يسترجعها أو نفضها بين يديه ليتجمل بها وغير ذلك. و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان.
مسألة
ـ ٤٢ ـ : إذا استأجر
دراهم أو دنانير ، وعين جهة الانتفاع بها ، كان على ما شرط وصحت الإجارة ، وان لم
يعين بطلت الإجارة وكانت قرضا ، لأن العادة في دراهم الغير ودنانيره أن لا ينتفع
بها الا على وجه القرض ، فإذا أطلق له الانتفاع رجع الإطلاق الى ما يقتضيه العرف ،
وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: ان لم يعين جهة الانتفاع لم يصح العقد ولا يكون قرضا.
مسألة
ـ ٤٣ ـ : يصح اجارة كلب
الصيد للصيد وحفظ الماشية والزرع ، لأنه لا مانع منه ، ولان بيع هذا الكلاب يجوز
عندنا ، وما صح بيعه صح إجارته بلا خلاف. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
__________________
مسألة
ـ ٤٤ ـ : إذا استأجره
لينقل ميتة على أن يكون له جلدها ، لم يصح بلا خلاف. وان استأجره ليسلخ له مذكى
على أن يكون جلده كان جائزا عندنا لأنه لا مانع من جوازه. وقال ( ـ ش ـ ) : لا
يجوز ذلك ، لأنه مجهول.
مسألة
ـ ٤٥ ـ : إذا استأجره
ليطحن له دقيقا على أن يكون له صاع منها صح لأنه لا مانع منه.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يصح لأنه مجهول لا يدري هل يكون ناعما أو خشنا.
مسألة
ـ ٤٦ ـ : إذا استأجر
رجلان جملا للعقبة صحت الإجارة ، سواء كان في الذمة أو معينا ، لأنه لا مانع منه ،
وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال المزني :
ان كان معينا لم يجز ، لأنه إذا سلم إلى أحدهما تأخر التسليم الى الأخر ، فيكون
ذلك عقد قد شرط فيه تأخير التسليم وقد تناول عينا فلم يجز.
كتاب المزارعة
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : المزارعة بالثلث أو الربع أو النصف أو
أقل أو أكثر بعد أن يكون بينهما مشاعا جائزة ، وبه قال في الصحابة علي ، وعبد الله
بن مسعود وعمار بن ياسر ، وسعد بن أبي وقاص ، وخباب بن الأرت ، وفي الفقهاء ابن
أبي ليلى ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور : انه لا يجوز ، وهو قول ابن عباس ، وابن
عمر ، وأبي هريرة.
يدل على مذهبنا
ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى عروة بن الزبير ، عن زيد بن ثابت أنه
قال : يغفر الله لرافع بن خديج أنا والله أعلم بالحديث منه ، إنما أتاه رجلان من
الأنصار اقتتلا ، فقال رسول الله : ان كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع. وهذا يدل
على أن النهي ليس بنهي تحريم ، لأنه قال على وجه المشورة وطلب الصلاح.
مسألة
ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز إجارة الأرضين للزراعة ، وبه قال
جميع الفقهاء وحكي عن الحسن ، وطاوس أنهما قالا : لا يجوز ذلك ، وحكى أبو بكر بن
المنذر عنهما أنهما جواز المزارعة.
مسألة
ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز إجارة الأرض بكل ما يصح أن يكون
ثمنا من ذهب أو فضة أو طعام ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وغيره. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يجوز
اكراؤها بالطعام وبكل ما يخرج منها.
وفي المسألة
إجماع الفرقة ، فإنهم لا يختلفون فيه الا أن يشرط الطعام منها ، فان ذلك لا يجوز
فأما بطعام في الذمة فإنه يجوز على كل حال.
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا أكراه
أرضا ليزرع فيها طعاما صح العقد ، ولا يجوز له أن يزرع غيره ، بدلالة قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) وقوله عليهالسلام « المؤمنون عند شروطهم » وهو قول داود.
وقال ( ـ ح ـ )
، و ( ـ ش ـ ) ، وعامة الفقهاء : إذا عين الطعام بطل الشرط والعقد. و ( ـ للش ـ )
في بطلان الشرط قول واحد ، وفي بطلان العقد وجهان.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا أكرى أرضا للزراعة
ولم يعين ما يزرع صح العقد ، وله أن يزرع ما شاء ، وان كان أبلغ ضررا ، لأن الأصل
جوازه ولا مانع منه ، وعليه أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو العباس : لا يجوز ذلك
، لان أنواع الزرع يختلف وتتباين ، فلا بد من التعيين.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا أكرى أرضا
للغراس وأطلق جاز ، لأنه لا مانع منه ، وبه قال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ). وقال أبو
العباس : لا يجوز لأنه يختلف.
مسألة
ـ ٧ ـ : إذا أكرى أرضا
على أن يزرع فيه ويغرس ، ولم يعين مقدار كل واحد منهما لم يجز ، لان ذلك مجهول ،
وبه قال المزني وأكثر أصحاب ( ـ ش ـ ).
__________________
وقال أبو الطيب
ابن سلمة : يجوز ويزرع نصفه ويغرس نصفه. وقال ( ـ ش ـ ) نصا : انه يجوز قال أصحابه : انه
أراد بذلك التخيير بين أن يزرع كلها أو يغرس كلها ، فأما من النوعين بلا تعيين فان
ذلك لا يجوز.
مسألة
ـ ٨ ـ : إذا أكراه
أرضا سنة للغراس ، فغرس في مدة السنة ، ثمَّ خرجت السنة ، لم يكن للمكري المطالبة
بقلع الغراس ، الا بشرط أن يغرم قيمته ، فاذا غرم قيمته أجبر على أخذه وصار الأرض
بما فيها له ، أو يجبره على القلع ويلزمه ما بين قيمتها ثابتة ومقلوعة ، لما روت
عائشة أن النبي عليهالسلام قال : من غرس في رباع قوم بإذنهم فله القيمة. وقد روى
أصحابنا مثل هذا ، وعليه إجماعهم ، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة
والمزني : له أن يجبره على القلع من غير أن يغرم له شيئا.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا استأجر
دارا أو أرضا إجارة صحيحة أو فاسدة مدة معلومة ومضت المدة ، استقرت الأجرة على
المستأجر ، انتفع أو لم ينتفع ، لان هذه المنافع قد تلفت في يده فيلزمه ضمانها ،
وان لم ينتفع كما لو انتفع بها ، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة
: إذا كانت الإجارة فاسدة لم يستقر الأجرة عليه حتى ينتفع بالمستأجر ، وأما إذا
مضت المدة ولم ينتفع به ، فإن الأجرة لا يستقر عليه.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا اختلف
المكري والمكتري في قدر المنفعة أو قدر الأجرة ، فعند الشافعي يتحالفان ، مثل
المتبايعين إذا اختلفا في قدر الثمن والمثمن ، فان كان لم يمض من المدة شيء ، رجع
كل واحد منهما الى حقه ، وان كان بعد مضي المدة في يد المكتري لزمه أجرة المثل.
ويجيء على
مذهب أبي حنيفة أنه إذا كان ذلك قبل مضى المدة ، فإنهما
__________________
يتحالفان. وان كان بعد مضي المدة في يد المكتري ، لم يتحالفا وكان القول
قول المكتري.
والذي يليق
بمذهبنا أن يستعمل فيه القرعة ، فمن خرج اسمه حلف وحكم له به ، لإجماع الفرقة على
أن كل مشتبه يرد إلى القرعة.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا زرع أرض
غيره ، ثمَّ اختلفا فقال الزارع : أعرتنيها.
وقال رب الأرض
: بل أكريتكها ، وليس مع واحد منهما بينة حكم بالقرعة [ لإجماع الفرقة على أن كل
مجهول يشتبه ففيه القرعة ] .
وللشافعي فيه
قولان : أحدهما أن القول قول الزارع ، وكذلك الراكب إذا ادعى أن
صاحب الدابة أعاره إياه ، وهو الذي يقوى في نفسي. والقول الثاني أن القول قول رب
الأرض ورب الدابة.
وحكى أبو علي
الطبري أن في أصحابه من حمل المسألتين على ظاهرهما ، وفرق بينهما بأن العادة جارية
بإعارة الدواب واجارة الأرض.
__________________
كتاب احياء الموات
مسألة
ـ ١ ـ : الأرضون الغامرة في بلاد الإسلام التي لا يعرف لها صاحب معين للإمام
خاصة. وقال أبو حنيفة : انها يملك بالإحياء إذا أذن الامام في ذلك.
وقال الشافعي :
لا يملك.
مسألة
ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأرضون الغامرة في بلد الشرك التي لم
تجر عليها ملك أحد للإمام خاصة. وقال الشافعي : كل من أحياه من مشرك ومسلم ، فإنه
يملك بذلك.
مسألة
ـ ٣ ـ : الأرضون
الموات للإمام خاصة لا يملكها أحد بالاحياء الا أن يأذن له الامام.
وقال ( ـ ش ـ )
: من أحياها ملكها ، أذن الامام أو لم يأذن. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يملك إلا بإذن
الامام وهو قول ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ٤ ـ : إذا أذن
الإمام للذمي في إحياء أرض الموات في بلاد الإسلام فإنه يملك بالاذن ، وبه قال ( ـ
ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز للإمام أن يأذن له فيه ، فان
__________________
أذن له فيه فأحياها لم يملك.
يدل على ما قلناه
قوله عليهالسلام : من أحيا أرضا ميتة فهي له. وقوله : من أحاط حائطا على
أرض فهي له. وهذا عام.
مسألة
ـ ٥ ـ : إذا أحيا أرضا
مواتا بقرب العامر الذي هو لغيره بإذن الإمام ملك بالإحياء ، بدلالة عموم قوله عليهالسلام « من أحيا أرضا ميتة فهي له » وبه قال ( ـ ش ـ ) غير
أنه لم يعتبر اذن الامام.
وقال ( ـ ك ـ )
: لا يملك ، لأن في ذلك ضررا على هذا العامر.
مسألة
ـ ٦ ـ : للإمام أن
يحمى الكلا لنفسه ولعامة المسلمين ، لقيام الدلالة على عصمته ، وعلى أن أفعاله حجة
وصواب ، ولقوله عليهالسلام : لا حمى الا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين.
وقال ( ـ ش ـ )
: فإن أراد لنفسه لم يكن له ذلك ، وان حماه للمسلمين ففيه قولان : الصحيح أن له
ذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٧ ـ : للإمام أن
يحمى للخيل المعدة في سبيل الله ونعم الجزية ونعم الصدقة والضوال ، لأن في ذلك
مصلحة للمسلمين ، ولان الموات ملك الامام عندنا ، فله أن يحمي لما يشاء ، وهو قول ( ـ ش ـ ) إذا
قال : له أن يحمي. وقال ( ـ ك ـ ) : لا يحمي إلا للخيل التي هي للمجاهدين.
مسألة
ـ ٨ ـ : ما حماه رسول
الله صلىاللهعليهوآله ، فإنه لا يجوز حله ولا نقضه لأحد بعده لان فعله حجة
يجب الاقتداء به مثل قوله.
وقال ( ـ ش ـ )
: ينظر فان كان سبب الذي حماه له باقيا لم يجز نقضه ، وان كان السبب قد زال ففيه
وجهان ، والصحيح عندهم أنه لا يجوز.
__________________
مسألة
ـ ٩ ـ : ما حماه
الإمام يجري عندنا مجرى ما حماه النبي عليهالسلام ، فان غيره هو أو غيره غيره من الأئمة القائمين مقامه
أو غيره غير الإمام بإذنه جاز ذلك فأما غيرهم فلا يجوز ذلك بحال.
وقال ( ـ ش ـ )
ينظر ، فان غير ذلك هو أو غيره من الأئمة ، أو أحياه رجل من الرعية
، يصح ذلك وملكه بالإحياء ، فأما إذا أحياه رجل من الرعية بغير اذنه فهل يملك؟ فيه
قولان.
مسألة
ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حريم البئر أربعون ذراعا ، وحريم العين
خمسمائة ذراع ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: على قدر الحاجة اليه ولم يحده ، بل قال : على ما جرت به العادة.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا سبق نفسان
الى المعادن الظاهرة أقرع بينهما الامام ، فمن خرج اسمه قدمه ليأخذ حاجته ، بدلالة
إجماع الفرقة على أن كل أمر مجهول فيه القرعة وهذا من المشتبه.
و ( ـ للش ـ )
فيه أقوال ثلاثة ، الصحيح عندهم ما قلناه. والثاني أنه مخير في تقديم أيهما شاء.
والثالث يقيم غيرهما في أخذ ما فيه ويقسمه بينهما.
مسألة
ـ ١٢ ـ : لا يجوز
للإمام أن يقطع أحدا شيئا من الشوارع والطرقات وأرجاء الجوامع ، لان
هذه المواضع الناس فيها مشتركون ، ولا يملكها أحد بعينه ، ولا دلالة على أن
للسلطان إقطاعها. وقال ( ـ ش ـ ) : للسلطان أن يقطع ذلك.
__________________
مسألة
ـ ١٣ ـ : إذا ملك البئر
بالاحياء وخرج ماؤها ، فإنه أحق بها من غيره بقدر حاجته وحاجة ماشيته ، وما يفضل عن ذلك
وجب عليه بذله لغيره لحاجته اليه للشرب له ولماشيته ، ولا يجب عليه بذله لسقي زرعه
، بل يستحب له ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال أبو عبيد
بن خربوذ : يستحب له ذلك لسقي غيره وسقي مواشيه وسقي زرعه ولا يجب على حال ، وفي
الناس من قال : يجب عليه بذله بلا عوض لشرب الماشية ولسقي الزرع. وفيهم من قال :
يجب عليه بالعوض ، فأما بلا عوض فلا.
دليلنا : ما
رواه أبو هريرة أن النبي عليهالسلام قال : من منع فضل الماء ليمنع به الكلاء منعه الله فضل
رحمته يوم القيامة.
وفيه أدلة :
أحدها أنه توعد على المنع. والثاني أنه يجب عليه البذل بلا عوض. والثالث أن الفاضل
هو الذي يجب بذله دون ما يحتاج اليه لماشيته وزرعه.
وروى ابن عباس
أن النبي عليهالسلام قال : الناس شركاء في الثلاث : الماء ، والنار والكلاء.
وروى جابر أن النبي عليهالسلام نهى عن بيع فضل الماء. ولا يمكن حمله الا على هذا
الموضع.
__________________
كتاب الوقوف والصدقات
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا تلفظ بالوقف ، وقال : وقفت ، أو
حبست ، أو تصدقت ، أو سبلت ، وقبض الموقوف عليه ، أو من يتولى عنه ، لزم الوقف ،
وبه قال جميع الفقهاء الشافعي وغيره ، وهو قول ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، غير أنه
لم يعتبر أحد منهم القبض غيرنا وغير ( ـ م ـ ).
وروى عيسى بن
أبان أن أبا يوسف لما قدم بغداد كان على قول ( ـ ح ـ ) في بيع الوقف ، فحدثه
إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن ابن عوف عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب ملك
مائة سهم من خيبر اشتراها ، فلما استجمعها قال : يا رسول الله اني أصبت مالا لم
أصب مالا قط مثله وقد أردت أن أتقرب به الى الله تعالى ، فقال النبي عليهالسلام : حبس الأصل وسبل الثمرة ، فقال : هذا لا يسع أحدا
خلافه ، ولو تناهى إلى ( ـ ح ـ ) لقال به ومنع حينئذ من بيعها.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان حكم الحاكم بالوقف لزم ، وان لم يحكم لم يلزم ، وكان الواقف بالخيار ان شاء
باعه ، وان شاء وهبه ، وان مات ورثه وان أوصى بالوقف لزم في الثلث فناقض ، لأنه
جعل الوقف لازما في ثلثه إذا أوصى به ، ولم يجعله لازما في ثلثه في حال مرضه
المخوف إذا نجزه ولم يؤخره ، ولا لازما في جميع
ماله في حال صحته.
مسألة
ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شرط لزوم الوقف عندنا القبض ، وبه
قال محمد بن الحسن. وقال ( ـ ش ـ ) والباقون : ليس القبض من شرط لزومه.
مسألة
ـ ٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وقف دارا أو أرضا أو غيرهما ، فإنه
يزول ملك الواقف ، وعليه أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ) ، وخرج ابن سريج قولا آخر أنه لا
يزول ملكه لقول النبي عليهالسلام « حبس الأصل وسبل الثمرة » وتحبيس الأصل يدل على بقاء
الملك. وليس ما ذكره بشيء ، لأن معنى التحبيس في الخبر أنها صدقة لا يباع
ولا يوهب ولا يورث.
مسألة
ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يحرم الصدقة المفروضة على بني هاشم من
ولد أبي طالب العقيلين ، والجعافرة ، والعلوية ، وولد العباس بن عبد المطلب ، وولد
أبي لهب ، ولا عقب لهاشم الا من هؤلاء. ولا يحرم على ولد المطلب ، ونوفل ، وعبد
شمس ، وولد حارث بن عبد المطلب ابني عبد مناف .
وقال ( ـ ش ـ )
: يحرم الصدقة على هؤلاء كلهم ، وهم جميع ولد عبد مناف.
مسألة
ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يحرم صدقة بنى هاشم بعضهم على بعض ،
وانما يحرم صدقة غيرهم عليهم. وأطلق ( ـ ش ـ ) تحريم الصدقة المفروضة عليهم من غير
تفصيل ، فأما صدقة التطوع فلا خلاف أنها يحل لهم.
مسألة
ـ ٦ ـ : يجوز وقف
الأرض ، والعقار ، والدور ، والرقيق ، والسلاح ، وكل عين يبقى بقاءا متصلا ويمكن
الانتفاع بها ، بدلالة عموم الاخبار في جواز الوقف من قولهم عليهمالسلام « الوقف على حسب ما يشرطه الواقف ».
وروي أن أم
معقل جاءت إلى النبي عليهالسلام ، فقالت : يا رسول الله ان أبا معقل
__________________
جعل ناضحة في سبيل الله واني أريد الحج فأركبه ، فقال النبي عليهالسلام : اركبيه فان الحج والعمرة في سبيل الله. وبه قال ( ـ ش
ـ ). وقال ( ـ ف ـ ) : لا يجوز إلا في الأراضي والدور والكراع والسلاح والغلمان
تبعا للضيعة الموقوفة ، فأما على الانفراد فلا.
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : وقف المشاع جائز ، وبه قال ( ـ
ش ـ ). وقال ( ـ م ـ ) : لا يجوز.
مسألة
ـ ٨ ـ : ألفاظ الوقف
التي يحكم بصريحها قوله وقفت وحبست وسبلت ، وما عداها يعلم بدليل ، أو بإقراره
أنه أراد به الوقف ، وذلك مثل قوله تصدقت وحرمت وأبدت ، ولا بد في جميع ذلك من
اعتبار القصد والنية.
وقال ( ـ ش ـ )
: ألفاظ الوقف ستة : وقفت ، وتصدقت ، وسبلت ، وحبست ، وحرمت وأبدت ، فالوقف صريح ،
وتصدقت مشترك ، وحبست وسبلت صريحان ، وحرمت وأبدت على أحد الوجهين صريحان والأخر
أنهما كنايتان.
ويدل على ما
قلناه أن ذلك مجمع على أنه صريح في الوقف ، ولا دلالة على ما ذكره.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا وقف على ما يصح انقراضه في العادة ، مثل أن يقف على
ولده وولد ولده وسكت على ذلك ، فمن أصحابنا من قال : لا يصح الوقف.
ومنهم من قال :
يصح ، فاذا انقرض الموقوف عليه رجع الى الواقف ان كان حيا وان كان ميتا رجع الى
ورثته ، وبه قال ( ـ ف ـ ).
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان : أحدهما لا يصح. والأخر : يصح ، فاذا انقرض رجع الى أبواب البر ولا
يعود اليه ولا الى ورثته.
دليلنا : أن
عوده الى البر بعد انقراض الموقوف عليهم يحتاج الى دليل ،
__________________
وليس في الشرع ما يدل عليه ، والأصل بقاء الملك عليه أو على ولده.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا وقف على
من لا يصح الوقف عليه مثل العبد ، أو حمل لم يوجد ، أو رجل مملوك وما أشبه ذلك
ثمَّ بعد ذلك على أولاده الموجودين في الحال وبعدهم على الفقراء والمساكين ، بطل
الوقف فيمن بدأ بذكره ، لأنه لا يصح الوقف عليهم وصح في حيز الباقين ، لأنه يصح
الوقف عليهم ، ولا دليل على ابطال الوقف ولا مانع يمنع من صحته. و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان بناء على تفريق الصفقة.
مسألة
ـ ١١ ـ : إذا وقف مطلقا
ولم يذكر الموقوف عليه ، مثل أن يقول : وقفت هذه الدار وهذه الضيعة ، ثمَّ سكت
ولا يبين على من وقفها لا يصح الوقف لأنه مجهول ، والوقف على المجهول
باطل.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : يصح ويصرفه الى الفقراء أو المساكين
ويبدأ بفقراء أقاربه لأنهم أولى.
مسألة
ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وقف وقفا وشرط أن يصرف منفعته في
سبيل الله ، جعل بعضه للغزاة المطوعة دون العسكر المقاتل على باب السلطان ، وبعضه
في الحج والعمرة ، لأنهما من سبيل الله ، وبه قال ( ـ د ـ ).
وقال ( ـ ش ـ )
: يصرف جميعه إلى الغزاة الذين ذكرناهم.
مسألة
ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يجوز الوقف على أهل الذمة إذا كانوا
أقاربه.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجوز ذلك مطلقا ولم يخص.
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا وقف على
مولاه وله موليان : مولى من فوق ، ومولى
__________________
من أسفل ولم يبين انصرف إليهما ، لأن اسم المولى يتناولهما.
و ( ـ للش ـ )
فيه ثلاثة أوجه : أحدها ما قلناه ، وهو الصحيح عندهم. والثاني : ينصرف الى المولى
من فوق والثالث : يبطل ، لأنه مجهول.
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا وقف على
أولاده وأولاد أولاده دخل أولاد البنات فيه ويشتركون فيه مع أولاد البنين الذكر
والأنثى فيه سواء كلهم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال أصحاب ( ـ
ح ـ ) : لا يدخل أولاد البنات فيه ، وحكي أن عيسى بن أبان كان قاضي البصرة ، فأخرج
من الوقف أولاد البنات ، وبلغ ذلك أبا خازم وكان قاضيا ببغداد ، فقال : أصاب في
ذلك. وقد نص محمد بن الحسن على أنه إذا عقد الأمان لولده وولد ولده دخل فيه ولد
ابنه دون ولد بنته.
يدل على ما
ذهبنا إليه إجماع المسلمين على أن عيسى عليهالسلام من ولد آدم وهو ولد بنته. وقول النبي عليهالسلام لا تزرموا ابني حين بال في حجره الحسن وهو ابن بنته ،
فأما استشهادهم بقول الشاعر :
بنونا بنو
أبنائنا وبناتنا
|
|
بنوهن أبناء
الرجال الأباعد
|
فإنه مخالف
لقول النبي عليهالسلام وإجماع الأمة والمعقول ، فوجب رده على أنه انما أراد
الشاعر بذلك الانتساب ، لأن أولاد البنت لا ينتسبون إلى أمهم ، وانما ينتسبون إلى
أبيهم ، وكلامنا في غير الانتساب ، وأما قولهم ان ولد الهاشمي من العامية هاشمي
فالجواب عنه أن ذلك في الانتساب ، وكلامنا في الولادة وهي متحققة من جهة الأم.
مسألة
ـ ١٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال وقفت هذا على فلان سنة بطل
الوقف.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أنه يصح ، فاذا مضت سنة صرف الى الفقراء
والمساكين ويبدأ بقراباته ، لأنهم أولى بصدقته.
مسألة
ـ ١٧ ـ : إذا وقف على
بني تميم أو بني هاشم ، صح الوقف ، لأنهم
متعينون مثل الفقراء والمساكين ، ولا خلاف أن الوقف عليهم يصح.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا يصح ، لأنهم غير محصورين فهو مجهول.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا وقف على
نفسه ، ثمَّ على أولاده ، ثمَّ على الفقراء أو المساكين ، لم يصح
الوقف على نفسه ، لأنه لا دلالة على أن وقفه على نفسه صحيح ، وصحة الوقف حكم شرعي
، ولان الوقف تمليك ، ولا يصح أن يملك الإنسان نفسه ما هو ملك له
كالبيع ، لأنه لا خلاف أنه لا يصح أن يبيع من نفسه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ف ـ )
، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، والزهري : يصح وقفه على نفسه ، وبه قال ابن سريج.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا حكم
الحاكم بصحة الوقف على نفسه لم ينعقد حكمه لأنه لا دليل عليه. وقال ( ـ ش ـ ) : ينعقد حكمه ولا يجوز
نقضه ، لأنه مسألة اجتهاد.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا بنى مسجدا
وأذن للناس فصلوا فيه ، أو عمل مقبرة وأذن في الدفن فيه فدفنوا فيه ، ولم يقل انه
وقف لم يزل ملكه ، لأنه لا دلالة عليه ، والأصل بقاء الملك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: إذا صلوا فيه أو دفنوا فيه زال ملكه.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا وقف مسجدا
، ثمَّ انه خرب وخربت المحلة أو القرية لم يعد الى ملكه ، لان ملكه قد زال بلا
خلاف ، ولا دليل على عوده الى ملكه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
وقال ( ـ م ـ )
: يعود المسجد الى ملكه ، كالكفن إذا ذهب بالميت السيل أو أكله السبع.
مسألة
ـ ٢٢ ـ : إذا خرب الوقف
ولا يرجى عوده ، في أصحابنا من قال بجواز بيعه ، وإذا لم يختل لم يجز بيعه ، وبه
قال ( ـ د ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز بيعه بحال.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا انقلعت
نخلة من بستان وقف أو انكسرت جاز بيعها ، لأنه لا يمكن الانتفاع بهذه النخلة الا
على هذا الوجه. و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : إذا وقف على
بطون ، فأكرى البطن الأول الوقف عشر سنين وانقرضوا لخمس سنين ، فإن الإجارة تبطل
في حق البطن الثاني ، ولا يبطل في حق البطن الأول ، لأن عندنا الموت يبطل الإجارة.
و ( ـ للش ـ ) فيه وجهان.
كتاب الهبات
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الهبة لا يلزم الا بالقبض ، وقبل القبض
للواهب الرجوع فيها ، وكذلك الرهن والعارية ، وكذلك الدين الحال إذا أجله لا يعاجل
وله المطالبة به في الحال ، وبه قال في الصحابة أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ،
وابن عمر ، وابن عباس ، ومعاذ ، وأنس ، وعائشة ، ولا يعرف لهم مخالف ، وبه قال ( ـ
ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ )
: يلزم ذلك كله بنفس العقد ، ولا يفتقر الى القبض ، ويتأجل الحق بالتأجيل ويلزم
الأجل. وأما ( ـ ح ـ ) فقد وافقنا الا أنه قال : الأجل في الثمن يلزم ويلحق
بالعقد.
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى موسى بن عقبة عن أمه أم كلثوم
أن النبي عليهالسلام قال لأم سلمة : إني أهديت الى النجاشي أواني من مسك
وحلة ، واني لأراه يموت قبل أن يصل اليه ولا أرى الهدية إلا سترد
__________________
علي ، فان ردت إلى فهي لي. فكان كما قال صلىاللهعليهوآله مات النجاشي قبل أن يصل اليه ، فردت الهدية اليه ،
فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك ، واعطى سائره أم سلمة وأعطاها الحلة
وهذا نص.
مسألة
ـ ٢ ـ : إذا قبض
الموهوب له الهبة بغير اذن الواهب ، كان القبض فاسدا ووجب عليه رده ، لأنه لا
دلالة على صحة هذا القبض ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: ان قبضه في المجلس صح ، وان كان بغير اذنه ، وان قام من مجلسه لم يكن له القبض ،
فان قبض كان فاسدا ووجب عليه رده.
مسألة
ـ ٣ ـ : هبة المشاع
جائزة ، سواء كان ذلك مما يمكن قسمته أو لا يمكن قسمته ، بدلالة عموم الأخبار
الواردة في جواز إلهية ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ
) ، وأبو ثور ، وداود ، وسائر الفقهاء.
وقال ( ـ ح ـ )
: هبة المشاع فيما لا يمكن قسمته مثل الحيوان والجواهر والرحا والحمامات وغيرها
يصح ، فأما ما ينقسم فلا يجوز هبته والهبة بهذا التفصيل يختص على مذهبه ، لأنه سوى
بين ما ينقسم وما لا ينقسم في المواضع التي يمنع فيها العقد على المشاع مثل الرهن
وغيره.
ويدل على
مذهبنا ما روي عن النبي عليهالسلام أنه اشترى سراويلا بأربعة دراهم ، فقال للوزان : زن
وأرجح. فقوله عليهالسلام « وأرجح » هبة وهو مشاع.
وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال يوم خيبر : ما لي مما أفاء الله عليكم الا
الخمس والخمس مردود فيكم ، فردوا الخيط والمخيط ، فان الغلول يكون على أهله عارا
يوم القيامة ونارا وشنارا ، فقام رجل في يده كبة من شعر ، فقال : أخذت هذه لاصلح
برذعة بعيري ، فقال : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك ، فقال : أما إذا
بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها ونبذها وكانت حصة النبي عليهالسلام في الكبة مشاعا. فدل على جواز الهبة مشاعا.
مسألة
ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : العمرى عندنا جائزة ، ومعناه أن يقول
الرجل لغيره : أعمرتك هذه الدار مدة حياتك أو مدة حياتي ، أو أسكنتك
أو جعلت لك هذه الدار في حياتك ، فإنه إذا أتى بواحدة من هذه الألفاظ وأقبضه ، فقد
لزم العمرى ولهذا سمي عمرى ، ويسمى أيضا عندنا سكنى ، وبه قال الفقهاء وحكي عن قوم
أنهم قالوا العمرى غير جائزة.
دليلنا ـ مضافا
الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه أبو هريرة أن النبي عليهالسلام قال : العمرى جائزة وروى جابر أن النبي عليهالسلام قال : من أعمر عمرى فهي له ، ولعقبه يرثها من يرثه من
عقبه. وعنه أن النبي عليهالسلام قال : العمرى لمن وهبت له.
مسألة
ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال أعمرتك ولعقبك ، فان هذه عمرى
صحيحة ويملك المعمر له المنفعة دون الرقبة ، وإذا قال : أعمرتك فإذا مات يعود اليه
، وان قال ولعقبك فاذا مات عقبه عاد اليه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) في
القديم.
وعندنا ان قال
: أعمرتك حياتي ، فإنها له مدة حياته ، فان مات المعمر أولا كان لورثته الى أن
يموت المعمر ، فاذا مات عاد الى ورثته ، وان مات المعمر أولا بطل العمرى.
وقال ( ـ ش ـ )
في الجديد : إذا جعلها عمرى لا يعود اليه ولا الى ورثته بحال ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا قال
أعمرتك وأطلق ، لم يصح العمرى وكان باطلا ، لان هذه اللفظة محتملة ، ولا يعلم
المراد بها ، فوجب بطلانها ، لأن الأصل بقاء الملك.
وقال ( ـ ش ـ )
في الجديد : يكون عمرى صحيحة ، فيكون له ، فاذا مات يكون لورثته. وقال في القديم :
يكون باطلا ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : العمرى صحيحة ويكون المنفعة له
فاذا مات رجع.
__________________
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ان قال أعمرتك على أنك ان مت أنت رجع
الي كان هذا صحيحا عندنا ، فاذا مات عاد اليه. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان مثل
المسألة الأولى.
مسألة
ـ ٨ ـ : « ج » ـ ) :
الرقبى جائزة وهي والعمرى سواء ، وانما خالفهما في اللفظ ،
فإنه يقول أرقبتك هذه الدار مدة حياتك ، أو مدة حياتي.
وقال ( ـ ش ـ )
: حكمها حكم العمرى ، ومعناه إذا قال : أعمرتك على أن ان مت أنا فهي لك ولورثتك ،
وان مت أنت ترجع علي. وقال المزني : الرقبى إذا جعل لمن يتأخر موته ولهذا سمي
الرقبى ، لان كل واحد منهما يترقب موت صاحبه.
وقال ( ـ ح ـ )
: العمرى جائزة والرقبى باطلة ، لأن صورتها أن تقول : أرقبتك هذه الدار ، فان مت
قبلك كانت الدار لك ، وان مت قبلي كان الدار راجعة الي وباقية على ملكي كما كانت
وهذا تمليك بصفة ، كما إذا قال إذا جاء رأس الشهر فقد وهبت لك داري ، فان ذلك لا
يصح.
يدل على ما
ذهبنا اليه ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه جابر أن النبي عليهالسلام قال : يا معشر الأنصار أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها
ولا ترقبوها فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو له ولورثته. فجمع بين العمرى والرقبى
وجوزهما معا.
مسألة
ـ ٩ ـ : إذا أعطى
الإنسان ولده ، يستحب له أن لا يفضل بعضهم على بعض ، سواء كانوا ذكورا أو إناثا
وعلى كل حال ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).
وقال ( ـ د ـ )
، و ( ـ ق ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يفضل الذكور على الإناث على حسب التفضيل في الميراث
وبه قال شريح.
دليلنا :
الأخبار المروية عن النبي والأئمة عليهمالسلام. وروى ابن عباس أن النبي
__________________
عليهالسلام قال : سووا بين أولادكم في العطية ، ولو كنت مفضلا أحدا
لفضلت الإناث. وهذا نص.
وروى الشعبي عن
النعمان بن بشير ، قال : نحلني أبي نخلا وروي غلاما ، فقالت أمي عمرة بنت رواحة :
ائت رسول الله فأتى النبي عليهالسلام فذكر ذلك له ، فقال : اني نحلت ابني النعمان نخلا وان
عمرة سألتني أن أشهدك على ذلك ، فقال : ألك ولد سواه؟ قال : نعم قال أفكلهم أعطيته مثل ما
أعطيت النعمان؟ فقال : لا ، قال : هذا جور ، وروي فاشهد على هذا غيري.
وروي أليس يسرك
أن يكونوا لك في البر واللطف سواء؟ قال : نعم ، قال : فاشهد على هذا غيري وروي أن
لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم ، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك. وفي رواية ( ـ
ش ـ ) أليس يسرك أن يكونوا في البر إليك سواء؟ قال : نعم ، قال : فارجعه ، وروي
فاردده.
مسألة
ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا خالف المستحب ففضل بعضهم على بعض
وقعت العطية موقعها ، وجاز له أن يسترجعها ويسوى بينهم إذا كانوا كبارا.
وقال ( ـ ش ـ )
: يصح استرجاعها على كل حال ، وان لم يسترجعها فلا شيء عليه.
وقال طاوس ، و
( ـ ق ـ ) ، ومجاهد : لا يصح تلك العطية وتكون باطلة وتكون ميراثا بينهم على فرائض
الله إذا مات. وقال ( ـ د ـ ) ، وداود : يجب عليه أن يسترجعها إذا خالف المستحب.
مسألة
ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وهب الوالد لولده وان علا أو الأم
لولدها وان علت وقبضوا ان كانوا كبارا أو صغارا ، لم يكن لهما الرجوع فيه ، وبه
قال ( ـ ح ـ ) ، وقال أيضا مثل ذلك في كل ذي رحم محرم بالنسب ، وليس
له الرجوع فيما
__________________
وهب.
وكذلك في كل
شخصين لو كان أحدهما ذكرا والأخر أنثى ، لم يجز لأحدهما أن يتزوج بالآخر ، وذلك
مثل عم الرجل وخاله وأخيه وأبيه. وهذا عندنا مستحب ، والواجب الولد فقط.
وقال ( ـ ش ـ )
: للوالد والوالدة أن يسترجعا هبتهما على كل حال من الولد وذي الرحم ، ذكرا كان أو
أنثى.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان الولد قد انتفع بالهبة ، مثل أن يكون قد زوج الرجل بالمال الذي وهب له لم
يجز الرجوع فيه ، وان كان لم ينتفع بعد كان له الرجوع فيه.
مسألة
ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وهب لأجنبي وقبضه ، أو لذي رحم غير
الولد ، كان له الرجوع فيه ، ويكره الرجوع في الهبة لذي الرحم.
وقال ( ـ ح ـ )
: يجوز له الرجوع فيما يهب للأجنبي ولكل قريب إذا لم يكن ذا رحم محرم منه بالنسب
على ما مضى من تفسيره ، وأجرى الزوجة مجرى الرحم المحرم بالنسب ، وقال : فاذا وهب
أحد الزوجين للآخر لم يكن للواهب الرجوع فيها ، وقد روى ذلك قوم من أصحابنا في
الزوجين.
وقال ( ـ ش ـ )
: إذا وهب بغير الولد وقبض لزمه ، ولا رجوع له بعد ذلك.
دليلنا [ مضافا
الى إجماع الفرقة وأخبارهم ] ما رواه أبو هريرة عن النبي عليهالسلام أنه قال : الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها ، وروي عن
علي أنه قال : الرجل أحق بهبته ما لم يثب منها.
مسألة
ـ ١٣ ـ : الهبات على
ثلاثة أضرب : هبة لمن فوقه ، وهبة لمن دونه ، وهبة لمن هو مثله ، وكلها يقتضي
عندنا الثواب ، بدلالة عموم الأخبار التي رواها أصحابنا أن الهبة يقتضي الثواب ،
ولم يخصوا منها نوعا دون نوع.
__________________
وقال جميع
الفقهاء : انها إذا كانت لمن فوقه أو لمن هو مثله ، لا يقتضي الثواب. وإذا كانت
لمن دونه اختلفوا ، فقال ( ـ ح ـ ) : لا يقتضي الثواب ، وبه قال ( ـ ش ـ ) في قوله
الجديد. وقال في قوله القديم : يقتضي الثواب ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
مسألة
ـ ١٤ ـ : إذا ثبت أن
الهبة يقتضي الثواب ، فلا يخلو : اما أن يطلق ، أو يشرط الثواب ، فإن أطلق فإنه
يقتضي ثواب مثله على ما جرت به العادة.
و ( ـ للش ـ )
فيه ثلاثة أقوال على قوله انها يقتضي الثواب : أحدها مثل ما قلناه.
والثاني يثيبه
حتى يرضى الواهب. والثالث : يثيبه بقدر قيمة الهبة أو مثلها.
يدل على ما
قلناه ان أصل الثواب انما أثبتناه في الهبة بالعادة ، فكذلك مقدارها وان قلنا انه
لا مقدار فيها أصلا وانما هي ما يثاب عنها ، قليلا كان أو كثيرا كان قويا لعموم
الاخبار وإطلاقها.
مسألة
ـ ١٥ ـ : إذا شرط
الثواب ، فان كان مجهولا صح ، لأنه وافق ما يقتضيه الإطلاق ، وان كان معلوما كان
أيضا صحيحا ، لأنه لا مانع منه ، ولقوله عليهالسلام « المؤمنون عند شروطهم ».
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، أحدهما : يصح ، لأنه إذا صح مع الجهل فمع العلم أولى. والثاني : لا
يصح.
مسألة
ـ ١٦ ـ : إذا تلف
الموهوب في يد الموهوب له ، بطل الثواب ولا يرجع عليه بمثله ولا قيمته ، لأن الأصل
براءة الذمة ، وإيجاب القيمة يحتاج الى دليل.
و ( ـ للش ـ )
فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : يرجع عليه بقيمته.
مسألة
ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وهب ثوبا خاما لمن له الرجوع في
هبته وهو الأجنبي على مذهبنا والولد على مذهب ( ـ ش ـ ) ، فقصره الموهوب له ، لم
يكن للواهب الرجوع فيه ، لإجماع الفرقة وأخبارهم على أنه إذا تصرف الموهوب له في
الهبة لم يكن
للواهب الرجوع فيها.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، ان قال : القصارة بمنزلة الزيادة المتميزة ، كان الواهب شريكا للموهوب
له بقدر القصارة ، وان قال : القصارة بمنزلة الزيادة المتصلة ، فالثوب للواهب
بقصارته ولا حق للموهوب له فيه.
مسألة
ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الدار المستأجرة يصح هبتها وبيعها لغير
المستأجر ، لإجماع الفرقة على صحة بيع المستأجر ، وكل من قال بصحة بيعها ، قال
بصحة هبتها. و ( ـ للش ـ ) في صحة بيعها وهبتها قولان.
مسألة
ـ ١٩ ـ : إذا وهب له
شيئا من حلي ذهب أو فضة ، فأثابه في المجلس قبل التفرق أو بعد التفرق بجنسه من
النقود أو بغيره بمثله أو بما زاد عليه أو نقص ، كل ذلك جائز ولا يفسد ، لأن أحكام
الصرف انما يراعى في البيع وليس الهبة بيعا ولا صرفا.
وقال ( ـ ش ـ )
: حكم ذلك حكم الصرف ، فما صح في الصرف صح هاهنا ، وما فسد في الصرف فسد هاهنا.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : إذا كان له
على غيره حق جاز له بيعه ويكون مضمونا ، ويجوز هبته ورهنه ، ولا يلزمان الا بالقبض
، لإجماع الطائفة على جواز بيع الديون ، ولا مانع من هبته ولا رهنه ، وعموم
الأخبار يقتضي جوازهما.
و ( ـ للش ـ )
فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : يصح بيعه وهبته ، ويلزم الهبة بنفس العقد ، ولا يشرط
القبض في لزومه ، ولا يصح رهنه. والثاني : أنه يصح البيع والهبة ، ولا يلزم الهبة
إلا بالقبض ، ويصح الرهن ولا يلزم الا بالقبض ، وذلك مثل قولنا والثالث : لا يصح
بيعه ولا هبته ولا رهنه ، لأنه غير مقدور على تسليمه ، فهو كالطير في الهواء.
مسألة
ـ ٢١ ـ : إذا وهب في
مرضه المخوف شيئا وأقبضه ثمَّ مات ، فمن أصحابنا من قال : لزمت الهبة في جميع
الموهوب ولم يكن للورثة فيها شيء.
ومنهم من قال :
يلزم في الثلث ويبطل فيما زاد عليه ، وبه قال جميع الفقهاء.
كتاب
اللقطة
مسألة
ـ ١ ـ ( ـ ج ـ ) : اللقطة على ضربين : لقطة الحرم ، ولقطة غير
الحرم فلقطة غير الحرم يعرفها سنة ، ثمَّ هو مخير فيها بعد السنة بين ثلاثة أشياء
: بين أن يحفظها على صاحبها ، وبين أن يتصدق عنه ، ويكون ضامنا ان لم يرض صاحبها
وبين أن يتملكها ويتصرف فيها ، وعليه ضمانها إذا جاء صاحبها ، سواء كان غنيا أو
فقيرا أو ممن يحل له الصدقة ، أو ممن لا يحل له الصدقة .
وقال ( ـ ش ـ )
: هو بالخيار بعد السنة بين أن يحفظ على صاحبها ، وبين أن يتملكها ويأكلها ويضمن
ثمنها بالمثل ان كان له مثل ، أو القيمة ان لم يكن له مثل.
وقال ( ـ ح ـ )
: في الفقير وقبل حلول الحول مثل قول ( ـ ش ـ ) ، وان كان بعد الحول فإنه لا يخلو
: أن يكون غنيا ، أو فقيرا. فان كان فقيرا ، فهو مخير بين الأشياء الثلاثة التي
ذكرناها نحن ، وان كان غنيا فهو مخير بين شيئين : بين أن يحفظ على صاحبها ، وبين
أن يتصدق بها عن صاحبها بشرط الضمان ، وليس له أن يأكلها على حال.
__________________
وقال ( ـ ك ـ )
: يجوز للغني أن يأكلها ولا يجوز للفقير عكس ما قاله ( ـ ح ـ ).
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ، وهي أكثر من أن يحصى ـ ما روي عن أبي
بن كعب ، قال : وجدت صرة فيها مائة دينار وروي ثمانون فأتيت النبي عليهالسلام ، فقال : اعرف عددها ووكاءها ثمَّ عرفها سنة ، قال :
فجئت اليه السنة الثانية ، فقال : عرفها فجئت اليه السنة الثالثة ، فقال : استمتع
بها. وهذا يدل على جواز الاستمتاع بخلاف ما قاله ( ـ ح ـ ) في الغني ، لأن أبيا
كان غنيا.
مسألة
ـ ٢ ـ : كل ما تمنع من الإبل
والبقر والبغال والحمير ، فليس لأحد أخذه ، لقول النبي عليهالسلام حين سأله سائل عن الإبل الضوال : مالك ولها معها حذاؤها
وسقاؤها ، يعني : خفها وكرشها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: من وجده فله أخذه مثل سائر الضوال من الغنم.
مسألة
ـ ٣ ـ : روى أصحابنا
أن أخذ اللقطة مكروه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، ومما روي في ذلك ما رواه أصحابنا من
قولهم : لو أن الناس كلهم تركوها لجاء صاحبها وأخذها. وروي عن ابن عمر أنه قال :
دع خيرها لشرها .
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان ، أحدهما : يجب عليه أخذه إذا كان أمينا ويخاف ضياعها.
والأخر : لا
يجب غير أنه مستحب وان كان غير أمين لا يجوز له أخذها.
مسألة
ـ ٤ ـ : يستحب لمن وجد
اللقط أن يشهد عليها ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر : يجب عليه الاشهاد.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان أشهد ، فإنه يكون أمانة. وان لم يشهد ، يكون مضمونا عليه
__________________
في يده.
مسألة
ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا عرفها سنة ، فأكلها بعد ذلك ، كان
ضامنا ، ان كان لها مثل فبالمثل ، وان لم يكن لها مثل فبالقيمة ، وبه قال جميع
الفقهاء ، وذهب قوم من أهل الظاهر داود وغيره إلى أنه ان أكلها بعد الحول لا يضمن
، ولا يلزمه رد المثل ولا القيمة.
مسألة
ـ ٦ ـ : إذا وجد كلبا
للصيد ، وجب أن يعرفه سنة ، فإذا مضت سنة جاز أن يصطاد به ، فان تلف
كان ضامنا.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يضمن بناء منه على أن الكلب لا قيمة له ، وعندنا أن كلب الصيد له قيمة.
مسألة
ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : اللقطة إذا كان قيمتها درهما فصاعدا ،
وجب تعريفها.
وان كان دون
ذلك ، لا يجب تعريفها.
وقال ( ـ ش ـ )
: يجب تعريفها ، قليلا كان أو كثيرا ، الا مالا يهبه الناس ، ومن
أصحابه من قدر ذلك بدينار.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان قيمتها ما يقطع فيه ، وجب تعريفها. وان كان دون ذلك ، لا يجب تعريفها ، وبه قال ( ـ
ك ـ ) ، غير أن ( ـ ح ـ ) قال : لا يجب القطع إلا في عشرة دراهم قيمتها دينار ،
وعند ( ـ ك ـ ) يجب في ربع دينار ، و ( ـ ك ـ ) يقول : لا يعرفها أصلا ، و ( ـ ح ـ
) يقول يعرفها أقل من سنة.
مسألة
ـ ٨ ـ : العبد إذا وجد
لقطة ، جاز له أن يلتقطها ، لعموم الأخبار الواردة في ذلك. و ( ـ للش ـ ) فيه
قولان.
__________________
مسألة
ـ ٩ ـ : من أخذ لقطة ، ثمَّ
ردها الى مكانها ، لم يجز له وكان ضامنا لأنه بلا خلاف قد ضمن ، فمن ادعى
زواله فعليه الدلالة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يزول ضمانه.
مسألة
ـ ١٠ ـ : إذا عرفها سنة
، لا يدخل في ملكه الا باختياره ، بأن يقول : اخترت ملكها ، لأنه لا دلالة على
ذلك.
و ( ـ للش ـ )
فيه أربعة أوجه ، الأصح عندهم ما قلناه. والثاني : يملك بمضي السنة من غير
اختياره. والثالث : بمجرد القصد دون التصرف. والرابع : بالقول والتصرف.
مسألة
ـ ١١ ـ : يكره للفاسق
أخذ اللقطة وان أخذها فعل ما يفعله الأمين ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في أحكام
اللقطة ، فمن خصها بالأمين فعليه الدلالة.
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان : أحدهما ينتزع من يده ويدفع الى أمين الحاكم ، الثاني : يضم الى يده يد
أخرى .
مسألة
ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لقطة الحرم يجوز أخذها ويجب تعريفها سنة
، ثمَّ يكون بعد ذلك مخيرا إذا لم يجيء صاحبها بين أن يتصدق بها بشرط الضمان ، أو
يحفظها على صاحبها ، وليس له أن يتملكها.
وقال ( ـ ش ـ )
: من وجد بمكة فلا يخلو : اما أن يكون أخذها ليعرفها ويحفظ على صاحبها ، أو أخذها
ليتملكها ، فإن أخذها ليعرفها ويحفظ على صاحبها كان جائزا بلا خلاف ،
وان أخذها ليتملكها ، فعنده أنه ليس له أن يلتقطها ليتملك لقطة
__________________
مكة ، واليه ذهب عامة أهل العلم ، وذهب بعض إلى أنه يجوز التقاط لقطة مكة
واليه ذهب بعض أصحاب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: لقطة الحرم حكمها حكم لقطة غير الحرم.
ويدل على
مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الطائفة وأخبارهم ـ ما روي أن النبي عليهالسلام قال : في مكة لا ينفر صيدها ، ولا يعضد شجرها ، ولا
يختلى خلاها ، ولا يحل لقطتها الا لمنشد ولمعرف .
مسألة
ـ ١٣ ـ : يجوز للمكاتب
أخذ اللقطة ، بدلالة عموم الاخبار. و ( ـ للش ـ ) فيه قولان.
مسألة
ـ ١٤ ـ : العبد إذا كان
نصفه حر ونصفه مملوك ، جاز له أخذ اللقطة ، بدلالة عموم الاخبار. و ( ـ للش ـ )
فيه قولان.
مسألة
ـ ١٥ ـ : من وجد لقطة
فجاء رجل ، فوصف عفاصها ووكاءها ووزنها وعددها وحليتها وغلب في ظنه أنه صادق ،
جاز له أن يعطيها إياه ، ولا يجب عليه ذلك إلا ببينة ، والخبر المروي عن النبي عليهالسلام أنه قال : ان جاء صاحبها والا فشأنك بها يدل على ذلك ،
لأنه لا يعلم بوصفه أنه صاحبها ، وبه قال ( ـ ح ـ ) وأصحابه و ( ـ ش ـ ).
وقال أحمد بن
حنبل وأهل الظاهر : يجب عليه دفعها اليه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، حكاه الاسفرائني عن
بعض أصحابه عنه.
مسألة
ـ ١٦ ـ : الذمي إذا وجد
لقطة في دار الإسلام ، جاز له أخذها ، بدلالة عموم الاخبار. و ( ـ للش ـ ) فيه
وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر ليس له ذلك ، لأنه
__________________
ليس بموضع أمانة.
مسألة
ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لم ينص أصحابنا على شيء من جعل اللقطة
والضوال الا على إباق العبد ، فإنهم رووا أنه ان رده من خارج البلد استحق الأجرة
أربعين درهما قيمتها أربعة دنانير ، وان كان من البلد بعشرة دراهم قيمتها دينار ،
وفيما عدا ذلك يستحق الأجرة بحسب العادة.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يستحق الأجرة على شيء من ذلك ، الا أن يجعل له الجاعل.
وقال ( ـ ك ـ )
: ان كان معروفا برد الضوال وممن يستأجر لذلك ، فإنه يستحق الجعل وان لم يكن
معروفا به فلا يستحق.
وقال ( ـ ح ـ )
: ان كان ضالة أو لقطة ، فإنه لا يستحق شيئا ، وان كان آبقا فرده من مسيرة
ثلاثة أيام وهو ثمانية وأربعون ميلا وزيادة استحق أربعين درهما ، وان نقص أحد
الشرطين ، فان جاء به من مسيرة أقل من ثلاثة أيام فبحسابه ، وان كان من مسيرة يوم
فثلث الأربعين ، وان كان من مسيرة يومين فثلثا الأربعين.
وان كان قيمته
أقل من أربعين قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ينقص عن قيمته درهم ، ويستحق الباقي
ان كان قيمته أربعين ، فيستحق تسعة وثلاثين. وان كان قيمته ثلاثين يستحق تسعة
وعشرين.
وقال ( ـ ف ـ )
: يستحق أربعين ، وان كان يسوى عشرة دراهم. والقياس أنه لا يستحق شيئا لكن أعطيناه
استحسانا ، هكذا حكاه الساجي.
مسألة
ـ ١٨ ـ : إذا اختلفا ،
فقال صاحب العبد الابق : شارطتك بنصف دينار وقال الذي رده : شارطتني على دينار ،
فالقول قول الجاعل مع يمينه أنه لم يجعل له دينارا ، لأنه مدعى عليه ويلزمه أجرة
المثل ، لأنه رد عليه ما أبق منه. وقال ( ـ ش ـ ) :
__________________
يتحالفان ويستحق أجرة المثل.
مسألة
ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أسلمت الأم وهي حبلى من مشرك ، أو
كان له منها ولد غير بالغ ، فإنه يحكم للحمل والولد بالإسلام وتبعاها ، وبه قال
أهل العراق ، و ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ك ـ ) : الحمل يتبعها والولد لا يتبعها.
مسألة
ـ ٢٠ ـ : المراهق إذا
أسلم حكم بإسلامه ، فإن ارتد بعد ذلك حكم بارتداده ، وان لم يتب قتل ، ولا يعتبر
إسلامه بإسلام أبويه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، غير أنه
قال : لا يقتل ان ارتد ، لان هذا الوقت ليس بوقت التعذيب حتى يبلغ.
وقال ( ـ ش ـ )
: لا يحكم بإسلامه ولا بارتداده ويكون تبعا لوالديه ، غير أنه يفرق بينه وبينهما
لكي لا يفتناه ، وبه قال زفر ، وفي أصحابه من قال : يحكم بإسلامه ظاهرا ، فاذا بلغ
ووصف الإسلام يكون مسلما من هذا الوقت.
يدل على مذهبنا
روايات أصحابنا أن الصبي إذا بلغ عشر سنين أقيمت عليه الحدود التامة واقتص منه ،
ونفذت وصيته وعتقه ، وذلك عام في جميع الحدود.
وأيضا قوله عليهالسلام : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه
ويمجسانه ، حتى يعرب عنه لسانه ، فاما شاكرا واما كفورا. وهذا عام الا من أخرجه
الدليل.
واستدل أصحاب (
ـ ح ـ ) بإسلام علي عليهالسلام ، وهو غير بالغ وحكم بإسلامه بلا خلاف. وأجاب أصحاب ( ـ
ش ـ ) عن ذلك بأن قالوا : حكمنا بإسلامه لأنه يجوز أن يكون بالغا ، لأن أقل البلوغ
عند ( ـ ش ـ ) تسع سنين ، وعند ( ـ ح ـ ) إحدى عشرة سنة.
واختلف الناس
في وقت إسلام علي عليهالسلام ، فمنهم من قال : أسلم وله عشر سنين. ومنهم من قال :
تسع سنين. ومنهم قال : إحدى عشرة سنة. قال الواقدي
وأصح ما قيل انه ابن إحدى عشرة سنة.
وروي عن محمد
بن الحنفية أنه قتل علي عليهالسلام السابع والعشرين من شهر رمضان وله ثلاث وستون سنة ، ولا
خلاف أنه قتل سنة أربعين من الهجرة ، فيكون لعلي ثلاث وعشرون سنة حين هاجر النبي عليهالسلام الى المدينة ، وأقام النبي عليهالسلام بمكة دون ثلاث عشرة سنة ، ثمَّ هاجر الى المدينة ، فبان
بهذا أنه كان لعلي إحدى عشرة سنة.
قال أبو الطيب
الطبري : وجدت في فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل أن قتادة روى عن الحسن أن عليا أسلم
وله خمس عشرة سنة ، قال : وأما البيت الذي ينسب اليه من قوله « غلاما ما بلغت أوان
حلمي » فليس بثابت عنه ، ويحتمل أن يكون قال : غلاما قد بلغت أوان حلمي.
مسألة
ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا مات اللقيط ولم يخلف وارثا ،
فميراثه لبيت المال ، وبه قال جميع الفقهاء. وقال قوم : ميراثه لملتقطه.
مسألة
ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ادعى أجنبيان اللقيط بأنه ولدهما ،
ومع كل واحد منهما بينة ، أو لا بينة لهما أصلا أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه ألحق
به ، لإجماع الفرقة على أن كل مجهول ففيه القرعة.
و ( ـ للش ـ )
قولان إذا تعارضت بينتاهما ، أحدهما : القرعة. والثاني : أنهما يسقطان وكأن ليس
هناك بينة وأرى القافة ، فإن قالت هو ابن لأحدهما ألحق به ، وان لم يكن قافة أو
أشكل عليهم أو قالوا : هو ابنهما ، أو ليس بابن لهما ، فالأربع المسائل واحدة يوقف
حتى تبلغ ويختار أيهما شاء.
مسألة
ـ ٢٣ ـ : إذا ادعى
النفسان اللقيط ويدهما عليه وأقاما جميعا البينة ، حكم بالقرعة لما بيناه في
المسألة الاولى.
وقال ( ـ ش ـ )
: تعارضت البينتان ، وقد مضى قوله فيهما. وقال ( ـ ح ـ ) : ان وصفه
أحدهما بشيء على بدنه ، فإنه يحكم له ، لأنه إذا وصفه دل على يد سابقة.
مسألة
ـ ٢٤ ـ : إذا ادعى ذمي
لقيطا ، وقال : هذا ولدي قبل إقراره ، فإن أقام بينة على قوله ألحق به وحكم بكفره
، وان لم يقم بينة قبل دعواه وألحق أيضا به ، بدلالة قوله تعالى «
أَلْحَقْنا
بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » .
و ( ـ للش ـ )
فيه قولان إذا أقام البينة ، أحدهما : يقبل قوله في النسب ولا يحكم بكفره. والثاني
: يحكم بكفره وان لم يقم البينة ألحق النسب ، وهل يحكم بكفره؟
فيه قولان.
مسألة
ـ ٢٥ ـ : الحر والعبد
والمسلم والكافر سواء في دعوى النسب ، لا مزية لأحدهم على الأخر ، بدلالة عموم
الاخبار في ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ )
: الحر أولى من العبد والمسلم من الكافر.
مسألة
ـ ٢٦ ـ : إذا ادعت
امرأة لقيطا بأنه ولدها وأقامت بينة على ذلك ، ألحق بها بالزوج بلا خلاف ، وان
ادعته ولم تقم البينة ، فإنه يقبل إقرارها على نفسها عندنا ، سواء كان معها زوج أو
لم يكن ، بدلالة عموم الاخبار في أن إقرار العاقل على نفسه جائز.
و ( ـ للش ـ )
فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : يرد قولها ولا يقبل إلا ببينة ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و (
ـ ك ـ ) ، وسواء كان معها زوج أو لم يكن. والثاني : أنه يقبل قولها ويلحق به ،
سواء كان معها زوج أو لم يكن ، ولا يلحق بالزوج إلا ببينة ، أو بإقراره. والثالث :
أنه ان كان لها زوج ، فلا يقبل إقرارها ، وان لم يكن لها زوج قبل إقرارها ،
والخلاف في الأمة مثل الخلاف في الحرة سواء.
وجاء في آخر
نسخة ( ـ ح ـ ) : تمت المجلدة الاولى بعون الله تعالى وحسن توفيقه على يد العبد
الضعيف المحتاج الى ربه اللطيف علي بن مسعود بن الحسن
__________________
يوسف الكيدري حامدا لله ومصليا على نبيه في الثاني والعشرين من جمادي
الأولى سنة تسع وتسعين وستمائة ويتلوه في المجلد الثاني كتاب الفرائض مسألة اختلف
الناس في توريث خمس عشرة نفسا.
وجاء في آخر
نسخة ( ـ د ـ ) : تمت المجلدة الاولى بعون الله العلي الأعلى وحسن توفيقه ،
والصلاة والسّلام الأتمان الأكملان على النبي والوصي والبتول والسبطين والسجاد
والباقر والصادق والكاظم والرضا والتقي والنقي والزكي العسكري والمهدي الهادي
الغادي صاحب الزمان وقاطع البرهان وخليفة الرحمن صلوات الله وسلامه على نبينا محمد
وآله الطيبين الطاهرين المعصومين من آل طه ويس والحمد لله رب العالمين ، على يد
العبد الأقل ابن علي بن محمود محمد المعلم الأصبهاني ، حامدا ومصليا على النبي الأمي
وآله في ثالث شهر جمادي الثاني من شهور سنة ثمان وخمسين وتسعمائة ، اللهم افتح لنا
بالخير واختم لنا بالخير واجعل عواقب أمورنا بالخير انك على كل شيء قدير.
فهرس
المجلد الاول
مقدمة المؤلف............................................................. ٣
كتاب الطهارة ـ مسائل المياه والأواني....................................... ٦
مقدار الكر.............................................................. ١٦
حكم الإنائين المشتبهين................................................... ٢٠
مسائل أحكام الجلود..................................................... ٢٢
مسائل الوضوء.......................................................... ٢٥
مسائل المسح على الرأس والرجلين......................................... ٣٢
ما لا يجوز للجنب والحائض والمحدث....................................... ٣٦
أحكام الاستنجاء........................................................ ٣٨
ما لا ينقض الوضوء والطهارة............................................. ٤٠
مسائل الغسل ، ما يلزم غسل الجنابة....................................... ٤٦
مسائل التيمم وأحكامه................................................... ٤٩
مسائل الحيض........................................................... ٦٥
أحكام النفاس........................................................... ٧٢
كتاب الصلاة ، مسائل المواقيت........................................... ٧٨
مسائل الأذان والإقامة.................................................... ٨٨
مسائل القبلة............................................................ ٩٦
مسائل كيفية الصلاة................................................... ١٠٠
أحكام النية............................................................ ١٠١
أحكام تكبيرة الاحرام.................................................. ١٠٤
أحكام القراءة وما يستحب فيها وما يجب فيها............................. ١٠٨
أحكام الركوع........................................................ ١١٨
أحكام السجود........................................................ ١٢٠
أحكام التشهد......................................................... ١٢٢
أحكام التسليم......................................................... ١٢٦
مسائل القنوت في الصلاة............................................... ١٢٨
مبطلات الصلاة........................................................ ١٣١
أحكام العجز في الصلاة................................................. ١٣٧
سجدات القرآن الواجبة والمستحبة....................................... ١٤٠
مسائل السهو في الصلاة................................................ ١٤٧
مسائل ستر العورة...................................................... ١٦٠
مسائل اللباس والمكان وتطهيرهما من النجاسات............................ ١٦٤
مسائل النوافل من الصلاة............................................... ١٨٠
مسائل الجماعة......................................................... ١٨٨
مسائل صلاة المسافر.................................................... ٢٠٠
مسائل الجمعة.......................................................... ٢١٠
مسائل صلاة الخوف.................................................... ٢١٤
كيفية صلاة الخوف.................................................... ٢٢٥
مسائل صلاة العيدين................................................... ٢٢٩
مسائل صلاة الكسوف................................................. ٢٣٧
مسائل صلاة الاستسقاء................................................. ٢٣٩
كتاب الجنائز ، مسائل غسل الأموات.................................... ٢٤١
مسائل التكفين......................................................... ٢٤٩
مسائل الصلاة على الأموات............................................. ٢٥٣
مسائل الدفن.......................................................... ٢٥٨
كتاب الزكاة ، زكاة الانعام............................................. ٢٦١
أحكام التعجيل قبل الحول............................................... ٢٧٥
مبادلة النصاب في الزكاة................................................ ٢٧٩
زكاة الغلات.......................................................... ٢٨٠
الأراضي المفتوحة عنوة.................................................. ٢٨٣
زكاة النقدين.......................................................... ٢٨٦
حكم الزكاة في مال الدين............................................... ٢٩١
حكم الزكاة في مال التجارة............................................. ٢٩٢
زكاة مال المضارب..................................................... ٢٩٦
بيع النصاب قبل الحول.................................................. ٣٠١
ما يجب فيه الخمس..................................................... ٣٠٣
كتاب زكاة الفطرة..................................................... ٣٠٨
من يجب عليه زكاة الفطرة.............................................. ٣٠٩
وقت زكاة الفطرة...................................................... ٣١٥
ما يجب اخراجه في زكاة الفطرة......................................... ٣١٦
كتاب الصيام.......................................................... ٣٢٠
أقسام الصوم.......................................................... ٣٢١
وقت نية الصوم........................................................ ٣٢٣
حكم صوم يوم الشك.................................................. ٣٢٨
ما يحرم على الصائم.................................................... ٣٣٠
أحكام كفارة الصوم.................................................... ٣٣٣
ما يفسد الصوم........................................................ ٣٣٥
كتاب الاعتكاف...................................................... ٣٤٧
أحكام نذر الاعتكاف.................................................. ٣٤٨
أحكام الاعتكاف الواجب.............................................. ٣٤٩
ما يجوز للمعتكف...................................................... ٣٥١
كتاب الحج ، أحكام الاستطاعة......................................... ٣٥٣
أشهر الحج............................................................ ٣٥٨
أحكام المتمتع والقارن والمفرد............................................ ٣٦١
فرض المكي وأهل الحرم................................................. ٣٦٣
أحكام صوم بدل الهدي................................................. ٣٦٤
أحكام المواقيت........................................................ ٣٦٧
أحكام الاحرام والمحرم.................................................. ٣٦٩
أحكام الطواف........................................................ ٣٨٢
أحكام السعي.......................................................... ٣٨٤
أفعال العمرة........................................................... ٣٨٥
أحكام الوقوف بعرفات والمشعر......................................... ٣٨٧
أحكام الرمي.......................................................... ٣٨٩
أحكام الهدي الواجب والتقصير.......................................... ٣٩٢
أحكام المبيت بمنى...................................................... ٣٩٧
أحكام كفارات الاحرام................................................. ٣٩٨
كفارة الجماع......................................................... ٤٠١
حكم من فاته الحج..................................................... ٤٠٤
حكم احرام الصبي والعبيد............................................... ٤٠٥
أحكام الاستيجار للحج................................................. ٤٠٩
كفارة الصيد.......................................................... ٤١٥
أحكام الحصر والصد................................................... ٤٢٨
حكم الاشتراط في الاحرام.............................................. ٤٣١
الأيام المعدودات........................................................ ٤٣٣
الدماء المتعلقة بالاحرام.................................................. ٤٣٤
حكم الارتداد بعد الحج................................................. ٤٣٩
كتاب البيوع ، بيع خيار الرؤية.......................................... ٤٤١
أقسام بيع الخيار........................................................ ٤٤٣
بيع خيار الشرط....................................................... ٤٤٩
أحكام الفسخ والإقالة.................................................. ٤٥٧
أحكام الربا وما يثبت فيه الربا........................................... ٤٦٣
بيع الجنس بالجنس...................................................... ٤٦٥
عدم الربا في المعدودات................................................. ٤٦٧
ما يجوز بيعه بشئ آخر.................................................. ٤٦٨
حكم بيع اللحم بلحم آخر.............................................. ٤٧٤
ما يدخل في بيع الأراضي................................................ ٤٨١
أحكام القبض في الثمرة................................................. ٤٨٥
حكم بيع المحاقلة والمزابنة والعرايا......................................... ٤٨٦
أحكام التصرية........................................................ ٤٩٣
مسائل العيب في المبيع.................................................. ٤٩٧
أحكام بيع العبيد....................................................... ٥٠٥
عدم جواز بيع رباع مكة وإجارتها....................................... ٥٢٦
كتاب الرهن.......................................................... ٥٢٩
ما يجوز السلم فيه من الحيوان............................................ ٥٣٠
الإقالة فسخ في حق المتعاقدان............................................ ٥٣٢
كتاب السلم........................................................... ٥٣٩
حكم رهن أرض الخراج................................................ ٥٤٥
حكم بيع الرهن........................................................ ٥٥١
منفعة الرهن للراهن دون المرتهن.......................................... ٥٥٤
كتاب التفليس......................................................... ٥٥٩
كتاب الحجر ، علامة البلوغ............................................ ٥٦٨
كتاب الصلح.......................................................... ٥٧٣
كتاب الحوالة.......................................................... ٥٧٨
كتاب الضمان......................................................... ٥٨٣
كتاب الشركة......................................................... ٥٨٨
كتاب الوكالة......................................................... ٥٩٣
كتاب الاقرار.......................................................... ٦٠٠
كتاب العارية.......................................................... ٦١٢
كتاب الغصب......................................................... ٦١٥
كتاب الشفعة.......................................................... ٦٢٨
كتاب القراض......................................................... ٦٤٢
كتاب المساقاة......................................................... ٦٤٧
كتاب الإجارات....................................................... ٦٥٢
كتاب المزارعة......................................................... ٦٦٤
كتاب احياء الموات..................................................... ٦٦٨
كتاب الوقوف والصدقات.............................................. ٦٧٢
كتاب الهبات.......................................................... ٦٧٩
كتاب اللقطة.......................................................... ٦٨٧
|