تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الثالث [١٣٨]

السنـة الخامسة والثلاثون

محتـويات العـدد

* دراسة لكتاب (الرسالة الموضّحة).

........................................................  الشيخ محمّد الكرباسي ٧

* تقييدات الأحسائيّين على المخطوطات

..........................................................  الشيخ محمّد الحرز ٤٨

* دراسة ظاهرة التناص.

............................................  ياسر عبد الهادي عبد الله الجمريّ ٩٨

* نسخ لم تر النور في خزانة الروضة العبَّاسية.

..........................................  مصطفى طارق عبد الأمير الشبلي ١٦٠


ربيع الآخر ـ جمادى الآخر

١٤٤٠ هـ

* ثلاث قضايا لُغوية في مقدِّمة البحراني على نهج البلاغة.

................................................  علي عبد النبي علي حسين ٢٠٣

* بحور الشعر وتفعيلاته (الإعجاز الأدبي في القرآن).

.............................................  السيّد محمّد علي راضي الحكيم ٢٥٣

* من ذخائر التراث :

* منظومة روض الزهر لمحمّد بن مصطفى البرزنجي (ت ١٢٥٤ هـ).

......................................  تحقيق : الشيخ عبد الحليم عوض الحلّي ٢٧٥

* من أنباء التراث.

.............................................................  هيـئة التحرير ٣٠٣

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة منظومة روض الزهر في آل سيّد البشر عليهم‌السلام للشيخ محمّد بن مصطفى البرزنجي (ت ١٢٥٤ هـ).





دراسة لكتاب (الرسالة الموضّحة) ومؤلّفها

 المظفّر بن جعفر بن الحسين

 (من أعلام القرن الرابع الهجري)

الشيخ محمّد الكرباسي

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك الله تعالى على ما مننت علينا من نور الهدى محمّد سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله ، وأنعمت علينا اليقين بالتحصين بولاية الأئمّة الميامين وجعلتهم أنواراً نستضيء بها في كلّ حين.

قد عثرنا على نسخة نفيسة من هذه الرسالة فشمّرنا عن ساعدنا لأجل تحقيقها ، وبعد اتمام التحقيق علمنا بطبعها من قبل بعض المحقّقين فتركنا الموضوع ، وبعد أن شاهدنا الكتاب ومقدّمة تحقيقه عزمنا على طبع تحقيقنا لأنّنا شاهدنا أنّ بين التحقيقين نسبة تباين من جهة مقدّمة التحقيق ومن جهة المتن ، فأحببنا أن نشير إلى مقدّمتنا ودراستنا عن هذا الكتاب ونشير إلى الملاحظات التي ترد على التحقيق المطبوع.

وسوف نقوم قريباً بطباعة الكتاب محقّقاً إن شاء الله.


(هوية المخطوط وما يتعلّق بتصنيفها ومصنّفها)

اسم الرسالة :

أمّا اسم الرسالة فهو (الرسالة الموضّحة) كما جاء في آخر المخطوطة من كلام الناسخ حيث قال : «أنجزت الرسالة الموضّحة بحمد الله ومنّه» وأيضاً يمكن استكشاف اسمها ممّا جاء في كتاب اليقين لابن طاووس في عدّة مواضع :

منها قوله(١) : «فيما نذكر من كتاب الرسالة الموضّحة ـ في أمر النبيّ بالتسليم على مولانا علي» والنصّ هذا موجود في الكتاب المخطوط.

ومنها(٢) : قوله : «لمّا سيّر أبو ذر اجتمع محمّد وعلي» نقلاً عن الرسالة الموضّحة وهذا النصّ موجود في الكتاب المخطوط.

وكذا ذكر ابن طاووس في مواضع أخرى من اليقين(٣) نصوصاً نقلها من (الرسالة الموضّحة).

وذكرها الشيخ الطهراني في الذريعة ، بقوله : «الرسالة الموضّحة تأليف

__________________

(١) اليقين : ٣٦٣.

(٢) اليقين : ٣٦٣.

(٣) اليقين : ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٧٢.


المظفّر بن جعفر بن الحسين ....»(١).

موضوع الرسالة :

أمّا ما يتعلّق بموضوعها : فهي تبحث عن أصل من أصول العقيدة وهو (الإمامة) حيث يظهر من الرسالة أنّه سأله شخص عن الموضوع وكان لهذا الشخص صديق هو المستفسر عنه فأجابه المصنّف بهذه الرسالة كما جاء في نهايتها حيث قال : «فذاكر صديقك وفّقه الله ، ووافقه على مقتضيات مختلفاتها لما أذاعه من اعتقاده ، وأشار إليه من طريقته فيه ، وحثّه على اشفاء ناقلها والاعتناء بتصحيح معانيها فلعلّه أن يتذكّر أو يخشى ، ويعدل مثل مقالته ، ويتجنّبها ولا يغوى.

واستعمل اللّطف فيه ، وقل له قولاً ليّناً ، وأدخل عليه مدخلاً رفيقاً لعلّه يرجع عن فظيع مقاله ، ويهدى ، واستعن بالله الكريم في ذلك ، وفي جميع أمورك بتقواه ، فالعاقبة للتقوى».

وسلك المصنّف المسلك العقلي والنقلي في ردّ منكر الإمامة ، وقسّم رسالته إلى فئتين الفئة الأولى وهي المتسنّنة وتكلّم عنها وذكر دليلها وناقشها.

أمّا الفئة الثانية فذكرها في الصفحة (١٢٣) فقال : «واقتدت به طائفة ، وطلبت لأنفسها أحوالاً ، ورغبت أن يصير لها منزلة الإمامة ، وتظهر ادّعائها ،

__________________

(١) الذريعة : ١ / ٢٢٦.


وتوهّم استحقاقها لها ، فطرقت إليها طريق من هو ليس بأهلها ، وصيّرت لأمثاله السبيل إلى المنازعة فيها ، والمنازلة في ولايتها ، والمكافحة في استدعاء حالها ، والتماس مراتبها ، وإظهار الطمع في فوائدها ، حتّى تتسهّل عليها مطالبها ، وتقرب عليها مرامها ، وتستتبّ لها أغراضها فيها ، إذ لم تجد سبيلاً إلى تبليغ منزلتها إلى الدرجة التي تقتضي المساواة بمنزلة الإمام المخصوص بالفضل الذائع ، والموسوم بالشرف البارع ، والمشار إليه بالتنصيص عليه ، والمفرد بالأسباب التي لا يشاركه فيها أحد ، والأحوال التي لا يحوزها ولا يتوسّم بها غيره ، فعمدت إلى حطّ المنزلة وتقريب وتيسير حاله ، وسلكت فيه طرائق المتسنّنة ، وخالفت الإمامية ، وجحدت النصّ على الأعيان المحصورة ، والعدّة المفهومة ، والعصبة المخصوصة ، وأنكرت حالها ، ودفعت حقوقها ، وركبت مناهج المتسنّنة في فساد حال الإمامة ومنزلتها ، واقتدت بها لمساواة حال من يصلح لها بحال غيره ممّن لا يصلح لشيء منها ، ولا يستحقّها ، ولا يستوجبها ، وطرقت لها طرق البَرِّ والفاجر ، وصيّرت منزلة المعصوم المنصوص عليه بالإمامة المشار إليه بها كمنزلة غيره ممّن يدخل نفسه فيها على غير تلك الطريقة ، ورفضت قول الإمامة ، وأبطلت أقاويلها عند من استقرّ تعقّله ، وأفسدت في الدين طريقه ، ورفعت حال الأعيان المنصوص عليها ، وقالت مقالةً ، وبنت أبنيةً عرضت شريف منزلة الإمام المعصوم بمعالي النازل لانحطاطها عن أحكام معاليها ، ولانعدام قواعد مبانيها ولإفساد معالم مناقبها من غير أن وصلت إلى تصيير منزلة لنفسها ،


ورفع درجة لها ، وتثبيت حال يتوصّل بها إلى شيء منها ، وانتهى أمرها إلى أن ادّعت الإمامة واجبة لكلّ من انتسب إلى ولد الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وأنّ كلّ من أدّعى ذلك وشهر سيفه ودعى الناس إليها كانت الدعوة صحيحة ، ووجب الأمر له حقيقة ، ولزم كلّ أحد أجابه دعوته ، والمسارعة إلى متابعته ، والانقياد لطاعته ، والتجرّد لمعاونته ، كائناً من كان ، حتّى [لو] انتسب إليها من لم تكن نسبته صحيحة ، ولم يعرف لها حقيقة ، وانكتم شأنه ، ولم يعلم من أمره إلاّ الظاهر من دعواه ، ثمّ كان مرتكباً كلّ محظور ، ومتعاطياً كلّ مكروه الدهر الأطول والزمان الأكثر من عمره ، ثمّ أظهر الناس الانصراف عنه ، ومفارقة تلك الأسباب والإقلاع عنها تصنّعاً لا اعتماداً ، ثمّ خرج بسيفه يدعو إلى نفسه ، للزمت الخلق طاعته بطاعة الإمام المنصوص عليه المعصوم من كلّ دنس المبرّأ من كلّ عيب ، كانت منزلة إمامته مثل منزلته ، فلزمت هذه المقالة ، وقصدت نحو هذه الطريقة ، ووجدت تقريب أمر الإمام وتسهيله ، وإضعاف قدر الإمامة وتصغيره أقصر المناهج التي يتوصّل منها إلى مساواة منازلها ، وأقرب تناولاً لما ادّعته أنفسها ، وأوجبته لها من أحكامها ، وتحقّقت أنّ المنزلة السامية التي يتفرّد بها الإمام والمختار المنصوص عليه في الروايات والآثار يبعد الوصول إليها والوصول مراتب سموّها ، فاتّبعت إليها السبيل التي يتمكّن بها من تنقيص درجة الإمامة ، وتحطّ من المرتبة العالية المترجّحة عن المساواة والمضارعة ، إلى المنزلة القريبة المقتضية للمساجلة والمشاكلة ... إلى آخره» ، والظاهر أنّه ناقش في هذا الفصل مذهب الزيدية.


سبب التأليف :

أنّه ظهر ممّا قدّمناه أنّ شخصاً سأل مصنّف الرسالة عن المذهب الحقّ وعن دعوى أحد الأشخاص في الإمامة حيث أجابه المصنّف بقوله : «وهذا الشيخ الشريف صديقك وفّقه الله فقد سلك طريقاً مخالفاً لطريق الطائفتين اللّتين تقدّم ذكرهما ، وشرح سبيلهما ، لا أعرف الغرض فيه إلاّ أنّه قد أظهر ما يقدح في حال الإمامة ، وقال فيه قولاً لا يمضيه أسلافنا ، ولا تقول به علماؤنا ، ولا يستجيزه أحد من إخواننا وأهل اعتقاداتنا.

فيا ليت شعري ما الذي قصد بهذه المقالة الشنيعة ، وأيّ طريق سلك وإلى مَ عهد ، وعلى أيّ شيء حمل ما اعتقد ، وكيف تصوّر الأمر فيما فيه غدا ، أتُراه شذَّ عن أحكام التبصرة في خبر متناول فيه فتصوّر ما هو على خلافه ، أم دعاه سبب اشتبه عليه حكم الإصابة فيه فتصوّر منه ما هو على خلافه فأدّاه إلى الخلل والانتقال عن مقتضى الحقّ ، أم وجد في كتاب الله (عزّوجلّ) نسخاً لقوله (أَطِيْعُوا اللهَ وَأَطِيْعُوا الرّسُوْلَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُم)(١) في مكان غيره ، أم وجد في آية أخرى رخصة في ترك طاعته له والعدول عن معرفة حقّه.

ألسنا قد سمعنا شيوخنا رووا عن شيوخهم ما يخالف الطريق الذي سلكه ، ويُفسد الطريق الذي ابتدعه ، ويزيل الشبهة عن قلبه ، ويدلّه على

__________________

(١) النساء : آية ٥٩.


سبيل الصواب الذي حكمه أن يقتدي به ويعتقده ، ولا يعدل عنه لنا» وقد أغفل المصنّف معتقد هذا الشخص.

تاريخ التصنيف :

الظاهر إنّ المصنّف صنّف الكتاب بعد سنة (٣٩٠ هجرية) لأنّه كان ينقل عن شيوخه الثلاثة ويترحّم عليهم.

وقد توفّي شيخه أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري رحمه‌الله سنة (٣٨٥ هجرية) كما يجيء في ترجمته ، وتوفّي أبو المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني سنة(٣٨٧) هجرية ، وتوفّي أبو الفرج المعافا بن زكريّا سنة (٣٩٠ هجرية) ، فإنّه آخر شيوخ المصنّف وترحّم عليه.

فالرسالة مؤلّفة ما بعد هذه السنة ، والظاهر إنّها كانت في أخريات عمره الشريف إذا صحّ ما نقله السيّد ابن طاووس قدس‌سره بأنّ محمّد بن جرير الطبري(١)يروي عنه وإنّ وفاة محمّد بن جرير الطبري (الشيعي) في حدود سنة (٤٠٠ هجرية) فمن البعيد أن يعمّر الأستاذ مدّة طويلة بعد تلميذه.

مصادر المؤلّف :

عند تتبّع الكتاب وجدنا أنّ المصنّف اعتمد على شيوخه الثلاثة بالنقل

__________________

(١) اليقين: ٣٦٢.


عنهم ، وهم : أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري ، وأبو المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني ، وأبو الفرج المعافا بن زكريّا ، ولم يذكر المصنّف أي كتاب اعتمد عليه ولكن بعد التأمّل تجد أنّ المصنّف كان ناظراً إلى كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان المتوفّى سنة (٢٦٠ هجرية) كما في الطريقة والأسلوب.

والمصنّف في كتابه اعتمد في أغلب الأحيان على روايات أهل السنة لكي يستشهد بها لإثبات آرائه في الإمامة.

كلمات حول الرسالة :

أقول : إنّ هذه الرسالة لم تذكر في كتب المتقدّمين والمتأخّرين سوى ما ذكره السيّد ابن طاووس في كتابه (اليقين) حيث قال : «فيما نذكره من كتاب (الرسالة الواضحة) تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسين في أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله ننقل ذلك من خطّ مصنّفه من الخزانة العتيقة بالنظامية ببغداد».

وكلّ من ذكر هذه الرسالة فقد اعتمد على نفس هذا المصدر ، فقد ذكرها :

١ ـ الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة(١) ، قال : «(الرسالة الموضّحة) تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسين ، ينقل عنها السيّد ابن طاووس».

__________________

(١) الذريعة ١١ / ٢٢٦.


٢ ـ السيّد محسن الأمين في كتابه الأعيان(١) ، قال : «المظفّر بن جعفر بن الحسين له (الرسالة الموضّحة) يروي فيها عن ابن عقدة سنة٣٣٣ هـ».

٣ ـ عمر رضا كحّالة في كتابه معجم المؤلّفين(٢) ، قال : «المظفّر بن جعفر الحسيني فاضل ، من آثاره (الرسالة الموضّحة)».

٤ ـ الشيخ علي النمازي في كتابه مستدركات علم رجال الحديث(٣) ، قال : «المظفّر بن جعفر بن الحسين لم يذكروه ، وله كتاب الرسالة الموضّحة».

نسخ المخطوطة :

لم أطّلع على أيّة نسخة سوى نسخة واحدة في مؤسّسة كاشف الغطاء مصوّرة ، وقد أجهدت نفسي وسافرت إلى مكتبات إيران ولم أحصل على نسخة غيرها ، وسيأتي بيان النسخة في وصف المخطوطة.

مضمون الرسالة :

تتحدّث المخطوطة عن أصل مهمٍّ من أصول الدين وهو الإمامة ، والمصنّف اتّبع منهج المحاورة بين السنّة والشيعة لإثبات المطلوب ـ أي

__________________

(١) أعيان الشيعة ١٠ / ٢٩.

(٢) معجم المؤلّفين ١٢ / ٢٩٨.

(٣) مستدركات علم رجال الحديث ٧ / ٤٣٣.


إثبات إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـ وكانت أدواته روايات أهل السنّة مع ذكر اعتراضاتهم والإجابة عنها ، ومحصّل الرسالة هو إثبات الإمامة لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

أهمّية الكتاب ومميّزاته :

يمكن تلخيص أهمّية الكتاب ومميّزاته بنقاط هي :

١ ـ إنّ هذه المخطوطة من الأصول القديمة والمجاميع الحديثية المهمّة التي يرجع تأريخها إلى حوالي القرن الرابع الهجري.

٢ ـ يوجد في المخطوط روايات غير مذكورة في الأصول الحديثية وسوف نشير إليها في تحقيقنا للكتاب.

٣ ـ الكثير من الروايات الموجودة في هذه الرسالة موجودة في كتاب الأمالي للشيخ الطوسي بطريق مرسل وأمّا هنا فهي مسندة ، وهو ما يسجّل إلى قائمة حسنات هذه المخطوطة.

٤ ـ يوجد في هذه المخطوطة روايات منقولة بالتفصيل وفيها زيادات مهمّة لو قورنت مع الروايات الموجودة عندنا. ولابدّ أنّ المؤلّف اعتمد على مصادر مفقودة لم تصل إلينا.

٥ ـ يمكن أن تكون بعض الروايات مصدراً لنهج البلاغة الذي جمعه السيّد الرضي قدس‌سره ، ففي هذه الرسالة خطب لأمير المؤمنين لها أهمّية تاريخية.


النسخة المعتمدة في الدراسة :

لقد بينّا أنّه لا توجد نسخة غير النسخة الموجودة المصوّرة في مؤسّسة كاشف الغطاء العامّة ، وأمّا مواصفات هذه النسخة فتتلخّص بما يلي :

١ ـ تتكوّن النسخة من (١٣٤ صفحة).

٢ ـ يوجد في بعض الصفحات تلف وقد حاولنا أن نقوم بملء هذا الفراغ بقدر الإمكان من مصادر أخرى.

٣ ـ تحتوي صفحة المخطوطة على (٢٥ سطراً) ، وطول الصفحة (٣٠ سم) ، وعرض الصفحة (١٥ سم) ، وطول السطر (١٠ سم).

٤ ـ عند تجليد المخطوطة حصل فيها تقديم وتأخير كبير جدّاً ولا يستطيع أحد التمييز بينها إلاّ بعد جهد مضن في ترتيبها.

٥ ـ توجد ورقة ساقطة في أوّل المخطوطة.

٦ ـ في أوّل المخطوطة تمليك وحيازة الشيخ حسين نجل الشيخ موسى المروي العاملي حيث كتب على المخطوطة «الحمد لله الذي منّ عليَّ بهذا الكتاب وأنا أحقر المشتغلين والطلاّب وأنا الأقلّ الأحقر الأذلّ الأقلّ حسين نجل المرحوم المبرور الشيخ موسى المروي العاملي عافاهما الله بلطفه الخفي وكان ذلك من سنة (١٢١٠ هجرية)».

وبعد هذا التمليك حصلت حيازة أخرى مذكورة على المخطوطة وهي حيازة السيّد عبد الله بن محمّد رضا شبّر وفاته (اعتقد ١٢٤١ هـ) : «ثمّ ساقه التقدير وتداولته المقادير إلى حيازة الحقير كثير القصور والتقصير في خدمة


مولاه اللّطيف الخبير عبد الله بن السيّد محمّد رضا شبّر».

ثمّ قام هذا الأخير بوقفه على جميع القابلين للانتفاع به من الفرقة المحقّة الإثنى عشرية بشرط عدم الحبس والتعطيل وجعل التولية لصالح ولده ثمّ لأصلح أرحامه وأقاربه ثمّ للفقيه الجامع الشرائط. وهذه الوقفية بخطّ السيّد عبد الله شبّر.

٧ ـ قد ذكر الناسخ سنة النسخ بقوله «نجزت الرسالة الموضّحة بحمد الله ومنّه وصلّى الله على خير خلقه سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين ووافق الفراغ منها في تاسع شهر الله رجب من سنة اثنين وخمسين وستمائة».

٨ ـ أمّا مكان النسخة فهو في المدرسة النظامية ببغداد ، وهو مكان النسخة التي عثر عليها السيّد ابن طاووس والتي بخطّ المصنّف.

٩ ـ يجب التنبيه إنّ هذه النسخة التي بين أيدينا ليست بخطّ المصنّف كما هو المذكور في أوّل المخطوطة لأنّ المصنّف كانت وفاته تقريباً في الأربعمائة وهذه النسخة مكتوبة في (٦٥٢ هجرية).

حياة مؤلّف الرسالة :

١ ـ اسمه ونسبه :

وهو المظفّر بن جعفر بن الحسن ـ أو الحسين كما ذكره في الموضع


الذي بعده ـ كذا ذكره السيّد رضي الدين بن طاووس قدس‌سره في كتابه اليقين(١) ، ويعتبر هذا الكتاب المصدر الوحيد الذي ذكر اسم المؤلّف ، ولم يرد في أيّ كتاب آخر ، كما لم يرد اسم المؤلّف في الكتب الرجالية والحديثية.

نعم ورد اسم مشابه له وهو (المظفّر بن جعفر) لكن هذا من أساتذة الشيخ الصدوق قدس‌سره المتوفّى سنة (٣٨١ هجرية) كما في خلاصة العلاّمة الحلّي(٢).

فلا يُحتمل مصنّف الرسالة هو أستاذ الشيخ الصدوق لأنّ مصنّف الرسالة كان في هذه الفترة موجوداً وحيّاً حتّى سنة (٤٠٠ هجرية) كما ذكرنا لأنّه آخر شيوخ المصنّف توفّي سنة(٣٩٠ هجرية) وهو أبو الفرج المعافا ومن البعيد أن يبقى الأستاذ بعد تلميذه بعشرين سنة ، بالإضافة إلى أنّ اسم أستاذ الشيخ الصدوق هو (المظفّر بن جعفر) بن المظفّر وليس ابن الحسن ، ولم نعثر رغم التتبّع الكثير على غير هذه المعلومة من اسم ونسب المصنّف.

ولكن وجدنا في المخطوطة قصّة ينقلها ويذكر فيها إنّه سكن بلاد فارس في الصفحة (١٢٦) من المخطوطة فقال : «وما مثل هذه الطائفة إلاّ مثل رجل موسوس كان عندنا بفارس في الجامع بشيراز ، وكان يدّعي النبوّة ويستعمل خفّة الروح في مخاطباته ومحاوراته لمن يتولّع به ، ويستهزئ بعقله ، فكان الأحداث والجان يقصدونه ويتولّعون به ويتطايب معهم في حال

__________________

(١) اليقين : ٣٦٢.

(٢) الخلاصة : ١٤٧.


تهزّئهم به ، فاجتمع إليه في بعض الأيّام نفر ومعهم صبيّ أمرد ولا شعرة بوجهه ، فقالوا له : إن كانت حالك صحيحة فيما تدّعيه من النبوّة فتصير لهذا الغلام من طريق المعجزة في هذه الساعة لحية مثل لحانا على سبيل معجزات الأنبياء عليهم‌السلام حتّى نؤمن بك ونقرّ بنبوّتك ونصدّق دعواك ، فقال لهم : الذي التمستموه وافترضتموه من تصيّر الغلام بلحية مثلكم في هذه الساعة متعذّر في الحال ، ولكن إن اخترتم صيّرت جماعتكم في أقلّ من ساعة مثله بلا لحية من غير كلفة ولا مشقّة» فيظهر أنّ المصنّف مضى مدّة من الزمان في مدينة شيراز.

٢ ـ أساتذته ومشايخه في الرواية :

للمصنّف ثلاثة مشايخ ذكرهم في الرسالة ونقل عنهم ولا بأس بذكر نبذة من حياتهم.

أ ـ أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري رحمه‌الله :

وهو هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد ، أبو محمّد التلعكبري من بني شيبان ، كان وجيهاً من أصحابنا ، ثقة معتمد لا يطعن عليه(١) ، وكان جليل القدر ، عظيم المنزلة ، واسع الرواية ، عديم النظير ، ثقة ، روى جميع الأصول والمصنّفات(٢) ، له مصنّفات منها كتاب الجوامع في علوم الدين ، وكان الشيخ

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٣٩.

(٢) رجال الطوسي : ٤٤٩.


النجاشي يحضر في داره مع ابنه أبو جعفر والناس يقرأون عليه(١) ، توفّي سنة (٣٨٥ هجرية).

وقد ترجمه أهل السنّة كما في ميزان الاعتدال للذهبي(٢) ، قال فيه : «هارون بن موسى أبو محمّد التلعكبري ، سمع القاسم البغوي الباغندي يروي المناكير رافضي».

وقد ذكره في ذيل تاريخ بغداد(٣) ، قال : «عبد الله بن الحسين بن علوية البزّاز ، ذكر أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري إنّه بغدادي وسمع منه سنة خمسة عشر وثلاثمائة ، يعني كان في بغداد سنة خمس عشرة وثلاثمائة هجرية على حسب ما ذكر في الذيل ، وحصل على إجازة من الشيخ الصدوق في سنة» (٣٢٩ هجرية) ـ يعني في الريّ ـ وسافر إلى الموصل سنة (٣٧٤ هجرية) حيث ذكر في نسخة مخطوطة من كتاب درست قوبل مع نسخة أخرى قد فرغت من نسخة من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن أيّوب القمّي أيّده الله سماعاً له من الشيخ أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري أيّده الله بالموصل يوم الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي القعدة أربعة وسبعين وثلاثمائة ، وكان في بغداد سنة (٣٨٣ هجرية) حيث

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٣٩.

(٢) ميزان الاعتدال ٤ / ٢٨٧.

(٣) تاريخ بغداد ٢ / ٢١.


ذُكرت رواية في بشارة المصطفى(١) للطبري الآملي عن أبي محمّد هارون بن موسى في صفر سنة ثلاث وثمانون وثلاثمائة في بغداد.

ب ـ أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني :

وهو محمّد بن عبد الله بن البهلول بن همّام بن المطّلب الشيباني ، كان قد سافر في طلب الحديث وإنّ أصله من الكوفة ، وكان في أوّل أمره ثبتاً ثمّ خلط ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه.

وقال الطوسي(٢) : «كثير الرواية إلاّ أنّه ضعّفه قومه».

وقال ابن الغضائري(٣) : «وضّاع كثير المناكير وأرى ترك ما يتفرّد به».

وذكر النجاشي(٤) «رأيت هذا الشيخ وسمعت عنه كثيراً ، ثمّ توقّفت عن الرواية عنه إلاّ بواسطة بيني وبينه».

أقول : لا مستند لتضعيف القوم له سوى قول ابن الغضائري وهو كما ترى ، أمّا قول النجاشي فلا قدح فيه لأنّه مع اختلاف الناس فيه احتاط في النقل عنه إلاّ بواسطة حتّى تكون العهدة على الواسطة.

ويمكن أن نفسّره بمعنى آخر وهو أنّه في أوائل عمر الشيخ أبي المفضّل كان غير مخلّط وفي نهاية عمره حصل ذلك وعندما أدركه الشيخ

__________________

(١) بشارة المصطفى : ٢٨.

(٢) رجال الطوسي : ٤٤٧ رقم ٦٣٦٠.

(٣) ابن الغضائري : ٢٢٥.

(٤) رجال النجاشي : ٥٩٦.


النجاشي وهو ابن خمسة عشر سنة كان مخلّطاً وكبير السنِّ فلهذا لا يروي عنه إلاّ بواسطة.

أقول : لا بأس بنقل ما كتبه أهل السنّة في كتبهم الرجالية من نصوص عن الرجل.

قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد(١) :

«محمّد بن عبد الله بن عبيد الله أبو المفضّل الشيباني الكوفي نزل بغداد وحدّث بها عن محمّد بن جرير الطبري ومحمّد بن العبّاس اليزيدي ، ومحمّد بن محمّد الباغندي ، وعبد الله بن محمّد البغوي ، وأبي بكر بن أبي داود ومحمّد بن الحسين الأشاني ، وعبد الله بن أبي سفيان الموصلي ، ومحمّد بن القاسم بن زكريّا المحاربي ، وعن خلق كثير من المصريّين والشاميّين والجزائريّين وأهل الثغور المعروفين والمجهولين وكان يروي غرائب الحديث وسؤالات الشيوخ فكتب الناس عنه بانتخاب الدار القطني ثمّ بان كذبه فمزّقوا هديّته. وأبطلوا روايته وكان يعدّ الأحاديث للرافضة ويملي في مسجد الشرقية».

وقال : «وذكره الأزهري فأساء ذكره والثناء عليه ثمّ قال وقد كان يحفظ».

وقال : «قال : أبو الحسن الدار القطني : أبو المفضل ينبّه الشيوخ».

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ٨٦.


وقال : «حدّثني القاضي أبو العلاء الواسطي قال : كان أبو المفضّل حسن الهيئة جميل الظاهر نظيف اللّبسة.

سألت محمّد بن حمزة محمّد بن ظاهر الدقّاق عن أبي المفضّل قال : كان يضع الحديث وقد كتبت عنه ، وكانت له سمت الوقار وقال أيضاً : سمعت من يذكر أنّ أبا المفضّل لمّا حدّث عن ابن العرّاد قيل له من أيّهما من الأكبر أو الأصغر؟ وكانا أخوين ، فقال : من الأكبر ، فسئل عن السنة التي سمع منه فيها فذكر وقتاً مات ابن العرّاد الأكبر قبله بمدّة فكذّبه الدار القطني لذلك وأسقط حديثه.

إلى أن قال :

حدّثني أحمد بن محمّد العتيقي قال : سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فيها توفّي أبو المفضّل الشيباني ببغداد في التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر وكان كثير التخليط»(١).

أقول : يظهر من هذا أنّ سبب تكذيب الدار القطني يعود لاجتهاده وأنّه لا يقدح بوثاقة الرجل أمّا سبب اشتباه أصحابنا فلأنّ الرجل قد ذهب إلى بلدان كثيرة وحدّث بها عن المذهبين الشيعي والسنّي فاختلط على أصحابنا أحاديثه فاختلفوا فيه.

وإلاّ لو نظرنا إلى أحاديثه في كتبنا واعتماد مشايخنا عليه لم يحصل

__________________

(١) تاريخ بغداد : ٢ / ٨٦.


شكّ في وثاقته.

وقال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق(١) :

«قرأت على محمّد بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد حدّثنا أبو النجيب عبد الغفّار ابن عبد الواحد الأرموني قال لي أبو ذر عبد بن أحمد الهروي : تركت الرواية عن أبي المفضّل إلاّ أنّي أخرجته في المعجم للمعرفة لأنّي سمعت الدارقطني يقول : كنت أتوهّمه من رهبان هذه الأمّة وسألته الدعاء لي فتعوّذ بالله من الجور بعد الكور».

قال : «وقد كتبت عنه بالكوفة قديماً وكان معي العماري أبو محمّد وحدّث بحديث كان ابن خزيمة الإمام تفرّد به فقال له : لو أخرجت أصلك فإنّ هذا حديث ابن خزيمة ، وكان العماري ينتسب إلى ولد قيس بن سعد بن عبادة فقال له : أنت تنتسب إلى قيس بن سعد وهو عقيم وكان هذا جوابه».

فالرجل من المشايخ المشهورين المعتمدين ، وكان يحدّث بالمذهبين ومشايخه من المذهبين.

ج ـ أبو الفرج المعافا بن زكريّا :

أقول : لم يرد هذا الاسم في كتب رجالنا لكن قد ذكر في أسانيد الروايات كثيراً وقد ذكره في مستدركات علم رجال الحديث الشيخ

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ٥٤ / ١٨.


النمازي(١) بقوله : «المعافا بن زكريّا البغدادي بن يحيى بن حميد بن حمّاد الجريري النهرواني المعروف بابن الطرّاز توفّي في النهروان سنة (٣٩٠ هجرية) ، وله (٨٧) عاماً ، ولادته سنة(٣٠٣ هجرية)».

أقول : قد روى عنه أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الخزّاز القمّي ، ومحمّد بن أحمد بن شادان ، ومصنّف هذه المخطوطة المظفّر بن جعفر بن الحسين ، وكما ذكرنا لا يمكن الحصول على حياته من الكتب الرجالية عند الإمامية.

وعند رجوعنا إلى كتب أهل السنّة وجدناها مملوئة بنصوص من حياته ونحن ننقل بعضها لغرض الاختصار.

قال الخطيب البغدادي(٢) :

«المعافا بن زكريّا بن يحيى بن حميد بن حمّاد بن داود أبو الفرج النهرواني القاضي المعروف بابن طرّاز ، كان يذهب إلى مذهب محمّد بن جرير الطبري ، وكان من أعلم الناس في وقته بالفقه والنحو واللّغة وأصناف الأدب ، وذكر لي القاضي أبو القاسم التنوخي أنّ المعافا ولّي القضاء بباب الطاق ، وحدّث عن أبي القاسم البغوي ، وأبي بكر بن أبي داود ، ويحيى بن صاعد ، وأبي سعيد الدروي .... ومن طبقتهم وبعدهم».

وقال : «وحدّثني أحمد بن عمر بن روح أنّ المعافا بن زكريّا حضر أو

__________________

(١) مستدركات علم رجال الحديث ٧ / ٤٤١.

(٢) تاريخ بغداد ١٣ / ٣٢٠.


قرأ في دار لبعض الرؤساء وكان هناك جماعة من أهل العلم فقالوا له في أيّ نوع من العلوم تتذاكر فقال المعافا لذلك الرئيس : خزانتك قد جمعت أنواع العلوم وأصناف الأدب فإن رأيت أن تبعث بالغلام إليها وتأمره أن يفتح بابها ويضرب بيده إلى أي كتاب قرب منه فيحمله ثمّ تفتحه وتنظر في أيّ نوع هو فنتذاكر ونتجارى فيه قال ابن روح : وهذا يدلّ على أنّ المعافا كان له معرفة بسائر العلوم».

وقال : «وحدّثني القاضي أبو حامد أحمد بن محمّد الدلوي قال : كان أبو محمّد البافي يقول : لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى أعلم الناس لوجب أن يدفع إلى المعافا بن زكريّا.

سألت البرقاني عن المعافا فقال : كان أعلم الناس ، قلت : وكيف حاله في الحديث ، فقال : لا أعرف حاله ، وقال لي : كان البافي يقول لو أوصى رجل في ماله بأن يدفع إلى أعلم الناس لأفتيت أن يدفع إلى ابن طرّاز.

قال البرقاني : لكن كان كثير الرواية للأحاديث التي تميل لها الشيعة.

سألت البرقاني عنه مرّة أخرى فقال : ثقة لم أسمع منه شيئاً.

قال لنا ابن روح : سمعت المعافا يقول : ولدت سنة ثلاث وثلاثمائة هكذا أحفظ عنه.

وحدّثني من سمعه يقول : ولدت في سنة خمس وثلاثمائة ، قال ابن روح : وهو أشبه بالصواب.

وحدّثنا الحسن بن محمّد الهلال وأحمد بن محمّد العتيقي قالا : مات


المعافا بن زكريّا في ذي الحجّة من سنة تسعين وثلاثمائة قال : العتيقي وكان ثقة».

وقال في التذكرة للحافظ الذهبي(١) : «وللمعافا تفسير كبير في مجلّدات ، فيه مخبّثات وفوائد نفيسة».

وذكر في سير أعلام النبلاء(٢) :

«وحكى أبو حيّان التوحيدي قال : رأيت قد نام مستدبراً التمس في جامع الرصافة في يوم شات ، وبه أثر الضرّ والفقر والبؤس أمر عظيم مع غزارة علمه».

وذكر ابن كثير في البداية والنهاية(٣) :

قال : «وكان الشيخ أبو محمّد الباقلاّني أحد أئمّة الشافعية يقول : إذا حضر المعافا حضرت العلوم كلّها».

أقول : الظاهر إنّ المعافا بن زكريّا حضر عنده الخزّاز القمّي المتوفّى سنة(٤٠٠) هجرية ، وحضر عنده مصنّف هذه المخطوطة ـ الرسالة الموضّحة ـ المظفّر بن جعفر بن الحسين ـ المتوفّى في هذا الحدود ـ في زمن واحد لأنّ الروايات المنقولة عنه في هذه الرسالة تتشابه مع الروايات الموجودة في كتاب الخزّاز كفاية الأثر.

__________________

(١) التذكرة ٣ / ١٠١.

(٢) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٤٤.

(٣) البداية والنهاية ١١ / ٣٧٦.


هذا ما استطعنا أن نذكره من مشايخ المصنّف.

ولابدّ من التنبيه على أمر ذكر في كتاب الذريعة(١).

قال صاحب الذريعة : «الرسالة الموضّحة تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسين ينقل عنها السيّد ابن طاووس في كتاب اليقين يروي فيه عن ابن عقدة الذي مات (٣٣٢ هجرية) وعن أبي علي محمّد بن همّام المتوفّى (٣٣٦ هجرية)».

أقول : لابدّ أن يكون هناك اشتباه لأنّ المصنّف لا يروي مباشرة عن هؤلاء إنّما يروي بواسطة مشايخه والاشتباه ناشئ من عدم اطّلاع الشيخ على النسخة وإنّما اعتمد على نقله من رواية ابن طاووس المبدوءة بمحمّد بن همّام وابن عقدة.

٣ ـ إجازات المصنّف :

لم نعثر على أي إجازة للمصنّف سوى إجازة ذكرها المصنّف في هذه الرسالة من شيخه المعافا بن زكريّا : «وممّا ورد السمع في ذلك ما رواه القاضي أبو الفرج المعافا بن زكريّا(٢) في بعض مجالسه وأجازنا روايته»(٣).

__________________

(١) الذريعة ١١ / ٢٦٦.

(٢) المعافا بن زكريّا البغدادي بن يحيى بن حميد بن حماد الحريري النهرواني المعروف بابن طرّاز : مستدركات علم رجال الحديث : ٧/٤٤١.

(٣) انظر (الرسالة الموضّحة) صفحة : (١٨٧).


٤ ـ الراوون عنه :

قال السيّد ابن طاووس في كتاب اليقين(١) «الرسالة الموضّحة تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسن وهو ممّن يروي عنه محمّد بن جرير الطبري».

أقول : بمقتضى هذا الكلام يكون محمّد بن جرير الطبري يروي عن المظفّر بن جعفر والذي يجب التنبّه إليه أنّه ليس المراد منه هنا محمّد بن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) صاحب التاريخ والتفسير ، وإنّما المراد به الطبري الآملي صاحب كتاب (بشارة المصطفى لشيعة المرتضى) الذي عاش أواخر القرن الخامس الهجري وهو ما ينسجم مع عبارة ابن طاووس.

٥ ـ عصر المصنّف :

نظراً إلى ازدهار العلم ونشاط العلماء في بيان الحقائق في كلّ عصر وزمان يرتبط إرتباطاً وثيقاً بعوامل عديدة ومن تلك العوامل سياسة العصر فإنّ اختلاف سياسة العصر من حيث التوجّهات الروحية والعقائدية والدينية يمثّل عاملا مهمّاً في ازدهار العلم والدين ومن هذا المنظار أحببنا أن نلقي نظرة على عصر المصنّف الذي يمكن حصره من سنة (٣٢٤ هجرية) إلى سنة (٤٢٤ هجرية) فالمصنّف عاش بهذه الحقبة الزمنية تقريباً.

قال ابن الجوزي في المنتظم(٢) : «ثمّ دخلت سنة خمس وعشرين

__________________

(١) اليقين : ٣٦٢.

(٢) المنتظم ٣ / ٢٦٦.


وثلاثمائة ، ومن الحوادث فيها أنّه صارت فارس في يد علي بن بويه ، وأصفهان والجبل في يد الحسين بن بويه ، والموصل وديار بكر وديار ربيعة وديار مضر والجزيرة في أيدي الحمدانيّين ، ومصر والشام في يد محمّد بن ضغج ، والأندلس في يد عبد الرحمن بن محمّد الأموي من ولد هشام بن عبد الملك ..... ولم يبقَ بيد الخليفة سوى مدينة السلام وبعض السواد».

ومن هذا النصّ يبدو أنّ الدولة الإسلامية قد انقسمت إلى دويلات صغيرة وبسبب هذا التمزّق وتوسّع دولة على دولة فقد حاول البويهيّون الذي يعود أصلهم إلى (شجاع) توسيع دولتهم ففي عام (٣٢٤ هجري) استولى أحمد البويهي على كرمان بأمر من أخيه علي وفي سنة (٣٢٦ هجرية) استولى أحمد على خورستان ، وفي عام (٣٢٩ هجري) تقدّم حسن نحو طبرستان ثمّ توجه أحمد نحو بغداد قاصداً الاستيلاء عليها فلمّا دخلها فتحها عام (٣٣٤ هجري) وأوكل المستكفي الحكومة إليه ومعترفاً له بها وأطلق على علي لقب (عماد الدولة) ولم تمض إلاّ مدّة قليلة حتّى خلع وأتى بعده (المطيع لله) ومن الجدير بالذكر أنّ الأمر والنهي كلّه كان بيد آل بويه.

ولابدّ من الإشارة إلى أنّ بني بويه كانوا على مذهب التشيّع فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية(١) : «وكلّهم فيهم تشيّع ورفض» أي آل بويه.

وكانوا يحبّون العلم والعلماء وكانوا يقيمون المناظرات والمجالس

__________________

(١) البداية والنهاية ١١ / ٣٥١.


العلمية بين علماء الأديان والمذاهب ويركّزون على المسائل الأساسية التي أدّت إلى اختلاف المسلمين وتأييد من يظهر على غيره بالدليل.

وممّن شارك في المناظرات الشيخ الصدوق الذي كان يحترمه ركن الدولة ، ومن جملة المناظرات مناظرة ابن عبد الله البصري وعلي بن عيسى الرمّاني عام (٣٦٠ هجري) ، ومناظرة أبي اسحاق النصيبي وأبي بكر الباقلاّني في شيراز.

وقد سعى زعماء بني بويه إلى إحياء أمر الشيعة وشعائرهم ، ففي محرّم من عام (٣٥٢ هجري) «كان معزّ الدولة من جملة الخارجين في بغداد للعزاء والنوح على سيّد الشهداء واستمرّ الحال كذلك لسنوات كثيرة»(١).

فقد قوي أمر الشيعة في تلك الفترة وتجاهروا بشعائرهم الدينية ومراسيمهم المذهبية وكانت تقع فتن كثيرة مع أهل السنّة في بغداد أدّت إلى سفك الدماء وإزهاق النفوس.

إنّ مدّة حكم البويهيّين من (٣٣٤ هجرية) إلى (٤٤٧ هجرية) وفي هذه السنة قد تمكّن السلاجقة وهم من أهل السنّة من السيطرة على الحكم.

كانت هذه الفترة مزدهرة بالعلم والعلماء والمناظرات العلمية والحرّية الفكرية ، ففي هذه البيئة الخصبة والحرّية الفكرية نشأ وترعرع وعاش المصنّف واستطاع أن يأخذ من مشايخه من دون مضايقة ويشهد كتابه على

__________________

(١) انظر المنتظم ١١ / ٢٧٦ ، البداية والنهاية ٤ / ١٥٠.


حرّية فكره وتعبيره.

هذا ما أردنا بيانه من عصر المصنّف.

٦ ـ وفاته :

لم يرد نصّ في تعيين وفاة المصنّف ولكن من المحتمل أن تكون حدود (٤١٠) هجرية.

الملاحظات على تحقيق الأستاذ الجامعي الدكتور ثامر كاظم الخفاجي :

وقد قمنا بتسجيل ملاحظات على مقدّمة التحقيق للرسالة التي حقّقها الأستاذ الجامعي الدكتور ثامر كاظم الخفاجي وأحببنا ذكرها مذيّلة بالدراسة.

وإن شاء الله نتبعها بالملاحظات على التحقيق في متن الرسالة عند طبعنا للرسالة.

فنقول :

بسم الله الرحمن الرحيم

سنشير إلى الصفحة التي نريد أن نعلّق عليها ونذكر جزءاً من المتن.

قال (ص ١) :

«امتازت مناقب أهل البيت عليهم‌السلام ولا سيّما الإمام علي عليه‌السلام عن سواها من


أنّها شكّلت مادّة ثرية انبرى لها العلماء الأعلام وعكفوا على دراستها وتبويبها في كتب ضخمة تستوقف المتتبّع وغيره».

أقول :

إنّ موضوع هذه المخطوطة هو إثبات الإمامة الذي من أحد طرقه عرض بعض المناقب وليس موضوعها عرض المناقب ، فإنّ للمناقب كتب مخصوصة والمقدّمة يجب أن تتناسب مع البحث.

قال (ص ٣) :

«واليوم نقوم بتحقيق سفر كبير من أسفار العلم ألا وهو كتاب (الرسالة الموضّحة) للشيخ المظفّر وهو علم من أعلام القرن الرابع الهجري وقد كان أفقاً من آفاق العالم الإسلامي ، وإسماً لامعاً من رجال معدودين امتازوا بمواهب وعبقريّات رفعتهم إلى الأوج الأعلى من آفاق العلم والمعرفة وسجّل اسمه في قائمة عظماء التاريخ وجهابذة العلم وأصبح نجماً لامعاً ومصباحاً ساطعاً يتلألأ في كبد السماء كتلألؤ الجوزاء ، وكان رجلاً من أولائك الرجال الذين أناروا لأهل هذه الدنيا فتستفيد من نورها المجموعة البشرية كلّ حسب مكانته وعلى مقداره ، وبذلك بنى لنفسه مجداً لا يطرأ عليه التلاشي والنسيان وخلّد ذكره على مرّ السنين وتعاقب الزمان».

أقول :

لا أعلم من أين هذه الأوصاف التي ذكرها وهذه الصفات التي سطّرها


وهذه الآثار التي أثبتها كلّها رجم بالغيب ولا نصّ في المقام ولم يذكر في تراجم الأعلام سوى ما ذكره ابن طاووس ابن المكارم والكرام كما تبيّن لك.

قال (ص ٦) :

«هو المظفّر بن جعفر بن الحسن الكوفي ثمّ البغدادي».

أقول :

لابدّ من الإشارة إلى أنّ أوّل من ذكر هذا الاسم وهذه الرسالة هو السيّد ابن طاووس في كتابه اليقين(١).

حيث قال : «الباب الثامن والعشرون بعد المائة فيما نذكره من كتاب (الرسالة الموضّحة) تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسين في أمر النبي ....».

وبعد ذلك في الباب التاسع والعشرون بعد المائة «فيما نذكره عن المظفّر بن جعفر بن الحسن».

فنفس السيّد ابن طاووس تارة يذكر اسم الجدّ الحسين وتارة الحسن وهذا ممّا لابدّ الإشارة إليه من قبل المحقّق.

وأتسائل من أين علم أنّه الكوفي ثمّ البغدادي وما هو إلاّ رجم بالغيب لأنّه لم يرد أي وصف له في كتب التراجم ولم يظهر من كتابه في أيّ مكان عاش وتحمّل الحديث.

__________________

(١) اليقين : ١٠٩.


قال (ص٦) :

«العلاّمة المحدّث العالم في علم الكلام والفلسفة والأدب والتفسير والحديث والنسب والفرائض وحفظ الكتاب العزيز كان متضلّعاً من هذه العلوم وله فيها اليد الطولى ومن يضرب به المثل في علم الكلام».

أقول :

هل عثر المحقّق على كنز من المعلومات والصفات لهذا العالم أم استنتاجات ما أنزل الله بها من سلطان كيف علم أنّه عالم بالفلسفة والأدب والتفسير والنسب والفرائض.

قوله (ص٦) :

«وذكره بعض العلماء فقال : كان ثقة بالحديث عالماً فاضلاً صدوقاً نبيلاً طيّب الأخلاق».

أقول :

عجيب أن يصدر هذا الأمر من المحقّق حيث نسب هذه الصفات إلى معجم المؤلّفين(١) في حين لم يذكر صاحب المعجم كلّ هذه الصفات وإنّما فقط ذكر «المظفّر بن جعفر الحسيني : فاضل» ، وهل يُعتمد في ترجمة هؤلاء الأعلام على كتاب المعجم ، ولو تنزّلنا فإنّ ذكر كلمة (فاضل) إنّما هي صفة

__________________

(١) معجم المؤلّفين ٢ / ٢٩٨.


واحدة فهل يمكن أن نستفيد منها أنّه ثقة بالحديث عالماً صدوقاً نبيلاً طيّب الأخلاق.

قال (ص٦) :

«ولقد أجبل المظفّر على نمط من خصال الطبع والسلوك في الحياة فهو إلى جانب علمه وغزارة معرفته فهو كثير الإفادة غزير الإجادة يعزّ على المتكبّر ويذلّ للمتكرّم متواضع عند العامّة مرتفع عند الملوك والخاصّة».

أقول :

قد بيّنا أنّه لم يذكر في كتب التراجم إلاّ اسمه وأنّه روى عنه الطبري فقط فلا أعلم من أين علم المحقّق ما أجبل عليه المؤلّف من خصال الطبع والسلوك وارتفاعه عند الملوك ، فمن أيّ مصدر اكتشف هذه الأمور.

قال (ص٧) :

«لقد تتلمذ الشيخ المظفّر بن جعفر بن الحسن على مجموعة من العلماء والأدباء الذي كان لهم الباع الطويل في العلوم الاسلامية ولهم المكانة العلمية في تلك الحقبة ليتلقّى على أيديهم العلم ولينتفع من آرائهم ومقالاتهم وممّا جاءوا به من دراسات يتميّزون بها من غيرهم لقد قرأ علوم العربية من نحو ولغة وأدب فأتقن وأجاد».

أقول :

أتعجّب كلّ العجب أن يصدر مثل هذا الأمر ، فمن أين علم الأدباء والعلماء الذي درس عندهم ومن أين علم العلوم التي درسها.


قال (ص٧) :

«ومن دراستي لشيوخ السيّد المظفّر الذين توصّلت إلى معرفتهم عن طريق الروايات التي رواها عنهم في المخطوط الذي نقوم بتحقيقه فقد ارتأيت أن أبدأ بهم حسب وفَيَاتهم».

أقول :

وهنا الطامّة الكبرى والمصيبة العظمى أي مشايخ استفادها من الروايات ولم يرو مباشرةً إلاّ من اثنين وروايات قليلة عن ثالث كما بيّنا وكان التبس الأمر بين الروايات المباشرة والتعليق على السند الذي قبل الرواية. وأيضاً وصفه قبل أسطر بالشيخ وهنا يصفه بالسيّد فمن أين علم سيادته.

قال (ص٧) :

«١ ـ أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي الكبير».

أقول :

لم ينقل المصنّف مباشرة أبداً عن محمّد بن جرير الطبري وإنّما ينقل عنه بواسطة شيخه أبو المفضل محمّد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني رحمه‌الله عن محمّد بن جرير الطبري كما في ص (٧٩) من المطبوع.

وبعد ذلك يعلّق السند ويذكر صفحة (٩٢) «وعنه عن محمّد بن جرير».

وهذا تعليق على سند الحديث الذي في بدايته الشيباني


قال (ص٩) :

«٢ ـ إسحاق بن محمّد بن مروان الغزال الكوفي».

أقول :

أيضاً أتعجّب من أين علم أنّه شيخه ، وما هي ضابطته في المشيخة.

ذكر المصنّف صفحة (٨٨) «وعنه قال : حدّثنا إسحاق بن محمّد بن مروان» وهذا الحديث معلّق على الحديث الذي سبقه صفحة (٧٩) الذي يبتدأ «حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني رحمه الله قال : ...» فهو معلّق ولم يرو مباشرة عنه.

قال (ص٩) :

«٣ ـ ابن عقدة الكوفي».

أقول :

لم يرو عنه المصنّف مباشرة وإنّما ذكر صفحة (٩٨) «وروى الشيخ أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري رحمه الله ....».

ثمّ قال ص١٠٢ : «وعنه قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد ..» فلم ينقل المصنّف عنه مباشرة وإنّما اعتمد على الإحالة.

قال (ص١٠) :

«٤ ـ محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن إسماعيل الكاتب»


أقول :

لم ينقل عنه المصنّف مباشرة وإنّما اعتمد على الإحالة.

قال (ص١١) :

«٥ ـ محمّد بن علي الكاتب القناتي».

أقول :

لا أعلم من أين أتى بهذا الاسم لأنّ المصنّف لم يرو عنه مباشرة ولا بالواسطة وإنّما روى فقط بواسطة الشيباني عن محمّد بن علي بن مهدي الكندي.

قال (ص١١) :

«٦ ـ محمّد بن همّام».

أقول :

لم يرو عنه مباشرة وإنّما روى بواسطة أبو محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري كما في صفحة (٩٨).

قال (ص١٣) :

«٧ ـ علي بن الحسين المسعودي».

أقول :

لم يروي عنه المصنّف لا مباشرة ولا بالواسطة.


قال (ص١٤) :

«٨ ـ محمّد بن جعفر بن بطة».

أقول :

لم يروي عنه المصنّف لا مباشرة ولا بالواسطة.

قال (ص١٤) :

«٩ ـ أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري الشيباني».

أقول :

هذا من مشايخ المصنّف وكان من الأولى شرح حاله مفصّلاً.

قال (ص١٥) :

«١٠ ـ محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبيد الله أبو المفضّل الشيباني».

أقول :

وهو أيضاً من مشايخ المصنّف رحمه‌الله.

ولم يذكر الشيخ الثالث للمصنّف وهو (المعافا بن زكريّا البغدادي بن يحيى بن حميد بن حمّاد الحريري الهمداني) فقد سمع منه ونقل عنه وأجازه كما هو مذكور في الكتاب.

قال (ص١٦) :

«عدم التوصّل إلى معرفة من درس عليه».


أقول :

لا يحتاج إلى بذل مؤنة زائدة بل بمراجعة المصدر الأصلي الذي جاء ذكر المصنّف ، فيه ـ أي كتاب ابن طاووس اليقين ـ نعلم أنّ محمّد بن جرير الطبري ينقل عن المصنّف قال ابن طاووس في اليقين(١) : «فيما نذكره من كتاب (الرسالة الموضّحة) تأليف المظفّر بن جعفر بن الحسين في أمر النبي صلّى الله عليه وآله بالتسليم على مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين في حياة سيّد المرسلين وهو ممّن يروي عنه محمّد بن جرير الطبري ننقل ذلك من خطّ مصنّفه من الخزانة العتيقة بالنظامية ببغداد».

ولا يحتاج إلى قوله :

«فقد بحثت جاهداً لكي أحصل على معلومات ترشدني إلى معرفة تلاميذه فلم أفلح».

قال (ص١٦) :

«اعتنى المؤلّفون في العلوم الإسلامية ولاسيّما علماء التفسير وعلماء الحديث والرجال وعلماء التاريخ وعلماء الكلام وغيرهم بكتاب (الرسالة الموضّحة) للشيخ المظفّر البغدادي لأنّه تناول فيه أكثر العلوم الإسلامية والأحاديث النبوية الشريفة وذكر الحوادث التاريخية».

__________________

(١) اليقين : ١٠٩.


أقول :

لم ينقل عن هذا الكتاب سوى السيّد ابن طاووس في كتابه اليقين فلا أعلم من هم المؤلّفون الذين نقلوا عنه ومن هم علماء التفسير والحديث والرجال والتاريخ والكلام؟!

وكيف تناول في كتابه أكثر العلوم الاسلامية والحديثية والنبوية الشريفة والكتاب موضوعه إثبات الإمامة لمولانا الأمير ومحوره هذا.

قال (ص١٦) :

«فقد اعتمد عليه كثير من العلماء الذين جاءوا بعده وعوّلوا على آرائه الفقهية والتاريخية ومناظراته التي احتجّ بها على الفريق الآخر».

أقول :

أتعجّب من هذه الكلمات ؛ ما هي الآراء الفقهية ومن اعتمد عليه فقد ذكرنا العلم الذي ذكر هذا الكتاب ونقل منه هو السيّد ابن طاووس وهو الوحيد الذي عثرنا عليه.

قال (ص١٧) :

«كان يمتلك من المعلومات الوافرة التي لا يمكن لشخص أن يجمعها إلاّ من كان له باع طويل في العلوم العقلية والنقلية».

أقول :

هل يا ترى انكشف الغطاء وعلم ما في ذهن المصنّف واكتشف العلوم.


قال(ص١٧) :

«فقد اعتمد عليه العلماء الأجلاّء من القرن الخامس إلى يومنا هذا».

أقول :

لابأس لو ذكرتم لنا غير السيّد ابن طاووس ممّن اعتمد على هذا الكتاب ولو شخصاً واحداً فنكون ممنونين لكم.

قال (ص١٩) :

«تحتوي النسخة على مائة وإحدى وثلاثين ورقة».

أقول :

تحتوي على (١٣٤ ورقة) ، والنسخة فيها تنقيط لا كما يدّعيه المحقّق.

والأمر المهمّ الذي لم يتنبّه عليه هو أنّ النسخة فيها تقديم وتأخير كثير في الصفحات وقد جلّدت ولم ترتّب فتحتاج إلى ترتيب وبعد ذلك التحقيق.

أقول : هذا ما استطعنا تسجيله على مقدّمة التحقيق على عجالة وإن شاء الله نتبعه بالملاحظات على نفس المتن عند نشرنا للرسالة ونعتذر من الدكتور ثامر كاظم الخفاجي وأرجوا أن يتقبّل هذه الملاحظات وأنّه أمر علمي فقط ولم يكن من ديدننا تبيين الأمور والملاحظات الواقعة في التحقيقات لانشغالنا بالدرس ولكن نظراً لأهمّية الكتاب وقدمه حاولنا أن نذكر هذه الملاحظات فجزاه الله خير الجزاء لاهتمامه بنشر التراث.


المصادر

القران الكريم.

١ ـ أعيان الشيعة : للسيّد محسن الأمين ، تحقيق : حسن الأمين ، الناشر : دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت ـ لبنان.

٢ ـ اختيار معرفة الرجال : للشيخ الطوسي ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، سنة الطبع : ١٤٠٤هـ ، المطبعة : بعثت ـ قم ، الناشر : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث.

٣ ـ بشارة المصطفى : محمّد بن علي الطبري ، تحقيق : جواد القيّومي الإصفهاني ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ١٤٢٠هـ ، المطبعة : مؤسّسة النشر الإسلامي ، الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ـ إيران.

٤ ـ البداية والنهاية : لابن كثير ، تحقيق وتدقيق وتعليق : علي شيري ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٨م ، الناشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٥ ـ تاريخ بغداد : للخطيب البغدادي ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ١٤١٧ هـ ـ ١٩٩٧ م ، الناشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان.


٦ ـ تاريخ مدينة دمشق : لابن عساكر ، تحقيق : علي شيري ، سنة الطبع : ١٤١٥هـ ، الناشر : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ـ لبنان.

٧ ـ تذكرة الحفّاظ : للذهبي ـ حيدر آباد الهند ١٣٣٣ هجري.

٨ ـ خلاصة الأقوال : للعلاّمة الحلّي ، تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، الطبعة : الأولى ـ سنة النشر : عيد الغدير ١٤١٧هـ ، المطبعة : مؤسّسة النشر الإسلامي الناشر : مؤسّسة نشر الفقاهة.

٩ ـ الذريعة : لآقا بزرك الطهراني ، الطبعة : الثالثة ، سنة الطبع : ١٤٠٣ هـ ـ١٩٨٣ م ، الناشر : دار الأضواء ـ بيروت ـ لبنان.

١٠ ـ رجال النجاشي : للنجاشي ، الطبعة : الخامسة ، سنة الطبع : ١٤١٦هـ ، الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

١١ ـ سير أعلام النبلاء : للذهبي ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، محمّد نعيم العرقسوسي ، الطبعة : التاسعة ، سنة الطبع : ١٤١٣ هـ ـ ١٩٩٣ م ، الناشر : مؤسّسة الرسالة ـ بيروت ـ لبنان.

١٢ ـ الضعفاء : للبخاري ، تحقيق : محمود إبراهيم زايد ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ١٤٠٦هـ ـ ١٩٨٦ م ، الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ـ لبنان.

١٣ ـ مستدركات علم رجال الحديث : للشيخ علي النمازي الشاهرودي ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ربيع الآخر ١٤١٢هـ المطبعة : شفق ـ طهران ، الناشر : ابن المؤلّف.


١٤ ـ معجم المؤلّفين : لعمر كحّالة ، الناشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.

١٥ ـ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم : ابن الجوزي ، تحقيق وتصحيح : جمع من الأساتذة ، طبعة دار الكتب العلمية بيروت.

١٦ ـ ميزان الاعتدال : للذهبي ، تحقيق : علي محمّد البجاوين الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ١٣٨٢هـ ـ ١٩٦٣ م ، الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان.

١٧ ـ اليقين : للسيّد ابن طاووس ، تحقيق : الأنصاري ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ربيع الثاني ١٤١٣هـ ، المطبعة : نمونه.


تقييدات الأحسائيّين على المخطوطات

الشيخ محمّد الحرز

بسم الله الرحمن الرحيم

يُعدّ المخطوط في الثقافة العربية من أهمّ أوعية المعلومات ، ومصادر المعرفة التاريخية ، فهو إضافة لكونه منبع لدراسة وقراءة فكرية لمرحلة تاريخية معيّنة وما تضمّنه من معارف وعلوم ، تأتي التقييدات على المخطوط لتكون من أهمّ المصادر لمعرفة وتصحيح الكثير من المعلومات الغير مقيّدة في بطون الكتب ، فقد يصحّح معلومة هامّة ، وقد يؤكّد حقيقة معيّنة كانت تشوبها الكثير من الاضطرابات والغموض ، وقد يضيف العديد من المعلومات الهامّة حول شخصية معيّنة ، كما قد يصحّح معلومات أخرى حولها ، ناهيك عن كونه وعاء حيوي لعدد كبير من المعلومات التي قد تدوّن على أطراف هذا المخطوط أو ذاك خلال تنقّلاته بين ملاّكه هنا وهناك ، وهذا ما سنحاول التعرّض له من خلال التركيز على أهمّ الأبعاد والأصعدة التي تضمّنتها المخطوطات من الجوانب العلمية والتاريخية دون الخوض في الحديث عن


نفس المخطوط وأهميته من حيث المحتوى والمضامين ، وذلك عبر التركيز على الهوامش ، والصفحات الأولى والأخيرة ، وأغلفة الكتب ، وما كتب فيها من تذييلات علمية وتاريخية تعدّ غاية في الأهمية ، وهذا ما يؤكّده الباحث (روزنتال فرانتز) بقوله : «إنّ المخطوطات إلى جانب كونها تتضمّن متن المصنّف كانت تحتوي على معلومات وفوائد إضافية ذات قيمة عظيمة للعالم ، فقد توجد أحياناً كثيرة على حواشي المخطوطات نظرات ذات قيمة في النقد ، كان العالم يدقّق النظر في هذه الملاحظات التي يجدها في مقدّمة الكتاب ، وفي تواقيع المصنّفين في آخر الكتاب ، وفي الإجازة وما شابهها ، من تعليقات في المخطوطات مبثوثة هنا وهناك ، بحثاً عن أيّ ضوء يعينه على تحقيق ما غمض ، ومن المواضع التي يجد فيها العالم المنقّب معلومات وفوائد قيّمة : الغلافات الداخلية للمخطوطات ، وفي جلدة الكتاب الداخلية ، وعلى ظاهر الكتاب أحياناً على وجه الجزء».

وسنتعرّض خلال حديثنا عن أنواع التقييدات في الأهمّية العلمية التي تشكّلها مثل هذه المعلومات المتناثرة هنا وهناك في ثنايا المخطوطات ، وما أضافته لنا من معارف ومعلومات تقرّبنا كثيراً من النظرة الحقيقية للواقع الملموس في حينه.

وقد حفلت المخطوطة الأحسائية ـ بمفهومها الواسع الذي نعني به كلّ مخطوطة تضمّنت تقييدات أحسائية بغض النظر إن كان مصنّفها أحسائي أو غيره ـ بالعديد من المضامين العلمية والتاريخية في هوامشها وذيولها ، والتي


تعدّ وقودنا لهذه الدراسة المختصرة حول تقييدات الأحسائيين على المخطوطات.

وهي تعدّ عصارة ونتيجة بحثنا حول النسّاخ ، والتملّكات الأحسائية للمخطوطات ، والكاشف الحقيقي عن قوّة الحراك العلمي الأحسائي عبر العصور المنصرمة ، في جوانب وشذرات كانت مهمّشة وغير ملتفت إليها في التاريخ الأحسائي ، أردنا من خلالها تسليط الضوء على جوانب قد تفتح أفق لبعض الباحثين في التعمّق فيها أكثر وإفراد دراسة تفصيلية مستقلّة لمختلف هذه الجوانب نظراً لأهمّيتها وقيمتها العلمية على الصعيد التاريخي والعلمي لمنطقة الأحساء.

التقييد

ونعني بها تلك الكتابات العلمية التي تكون على أغلفة الكتب المخطوطة أو في ثنايا صفحاتها ، أو خاتمتها سواء ارتبطت بتاريخ النسخ أو وقفية أو إجازة أو تملّك أو غيرها ، يمكن أن تضيف على المادّة العلمية والمستفادة من المخطوط نفسه ، ويمكن تعريفه بشكل أكثر دقّة بما يلي : «ويقصد به كلّ نصّ كتب على صفحة العنوان في المخطوطات أو في الصفحات الأولى منه أو على هوامشه أو خاتمته ممّا ليس له علاقة بنصّ المؤلّف ، بل هو إضافة من شخص أو أشخاص آخرين ، كالمالك أو الناسخ أو الواقف ، وهي متنوّعة ، منها : الرواية ، السماع ، القراءة ، الإجازة ، المناولة ،


النسخ ، المقابلة والتصحيح ، المطالعة والنظر ، التملّك ، الشراء ، الوقف ، وتقييدات آخرى ، كولادة أشخاص أو وفاتهم ، أو أبيات شعرية أو أمثال»(١).

وبهذا يتّضح إن التقييدات تأخذ أشكالاً وأنماطاً متعدّدة ، تختلف أهميّتها بحسب مضمونها والمادّة العلمية التي تحملها ، ويمكن توضيح ذلك عبر تبيين أنماط التقييدات الأحسائية وما أبرزته من فوائد علمية كانت عوناً ومساعداً للباحثين ، وقيمة علمية زادت من قيمة المخطوط نفسه :

أنماط التقييدات الأحسائية

النَسْخ :

في لسان العرب يأتي معنى نسخ الشيء ، ينسخه نسخاً ، وانتسخه واستنسخه : اكتتبه عن معارضه.

وفي التهذيب : (النّسخ) اكتتابك كتاباً عن كتاب حرفاً بحرف ، والأصل (نُسخةٌ) ، والمكتوب عنه (نُسخه) لأنّه قام مقامه ، والكاتب ناسخ ومنتسخ.

والاستنساخ : كَتْبُ كتاب من كتاب ؛ وفي التنزيل : (إنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)(٢) أي نستنسخ ما تكتب الحفظة فيثبت عند الله ؛ وفي التهذيب : أي نأمر بنسخه وإثباته(٣).

__________________

(١) تقييدات النجديين على المخطوطات أنماطها ودلالاتها التاريخية : ٣٥.

(٢) سورة الجاثية ، الآية : ٢٩.

(٣) لسان العرب : ١٤ /١٢١.


وبمعنى آخر كلمة (النسخ) أو (قيد النسخ) تطلق على : «القيود الموجودة في نهاية المخطوط ، والتي تُبيِّن المكان والزمان اللذين كتب فيهما المخطوط ، وكذلك الشخص الذي كتبه قيد الكتابة أو النسخ أو الفراغ. ويوجد هذا القيد أحياناً في أواخر الأجزاء التي يتضمّنها الكتاب»(١).

هناك كمّية كبيرة من تقييدات النسخ على المخطوطات الأحسائية ، وهي أكبر من أن نحصيها ونوردها هنا لإيجاز البحث ، وإنّما سنكتفي بعرض مجموعة من النماذج تبيّن طرق ختامهم للمخطوطات ، من قبل النسّاخ ، ونحيل التفصيل إلى بحث النسّاخ ومقدِّمته ، ومن هذه النماذج :

ـ ما كتبه أبو بكر بن محمّد بن أحمد بن النجّار حيث قال في خاتمة ديوان شعر قام بنسخه : «قد تمّ الديوان المبارك بعون الله الكريم صبيحة يوم الاثنين نهار ثالث عشر من شهر جمادى الأولى سنة ١١٩٣ من هجرة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم على يد الفقير الحقير المعترف بالذنب والتقصير أبو بكر بن محمّد بن أحمد بن النجّار كان الله له حيث كان ، وغفر الله له ولوالديه»(٢).

ـ ومنها ما قيّده الشيخ أحمد بن حسين آل حرز بعد نسخ كتاب ألفية ابن مالك : «وقع الفراغ من تسويد هذه الأوراق يوم السابع والعشرين من

__________________

(١) مجلة التاريخ العربي / العدد ٢٢ ربيع ١٤٣٣هـ / ٢٠٠٢م ، وصف المخطوطات وإعداد بطاقاتها ، د رمضان ششن : ٣٩٢.

(٢) أعلام الأحساء : ١٦٣.


الشهر المحرّم شهر عاشور سنة ١٢٠٨هـ ، الثامنة بعد المائتين والألف من الهجرة على يد الأقلّ المفتقر إلى رحمة ربّه الأمجد أحمد بن حسين بن أحمد بن محمّد بن حرز البحراني أصلاً الأحسائي مولداً ، غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات»(١).

ـ كما قام الشيخ الأحسائي بتقييد خاتمة تؤرّخ نسخه لكتاب الفهرست للشيخ الطوسي فقال : «الحمد لله. وقع الفراغ من نسخ إتمامه ليلة الثلاثاء الحادية عشر من شهر رجب المرجّب سنة ١٢١١هـ ، في بلد نبيّ من بلاد القديم من البحرين بقلم العبد المسكين أحمد بن زين الدين بن إبراهيم بن صفر بن إبراهيم ابن داغ عفى الله عنهم»(٢).

ـ وقد ختم الشيخ أحمد بن عبد الرحمن العبد اللطيف كتاب في النحو قام بكتابته ذكر فيه مكان النسخ فقال : «قال كاتبه الراجي ظلّ الفضل الوريف أحمد بن عبد الرحمن بن محمّد بن عبد اللطيف ، ختم الله له بالحسنى وبوّأه المقام الأسنى ، وافق الفراغ من تتميم نسخه من أثناء باب النعت إلى هنا صبح يوم الأربعاء عشرة ذي القعدة الحرام سنة ١١٨٨هـ ، بمكّة المشرّفة ، وعلى السنة الثانية من سنيّ المجاورة بها لا جعل الله ذلك آخر العهد»(٣).

ـ كما حدّد السيّد رضي الدين أحمد بن السيّد عليّ بن السيّد محمّد بن

__________________

(١) أعلام الأحساء : ٥٧ ـ ٥٨.

(٢) فهرس مخطوطات مكتبة مجلس الشورى ١٠ / ١٨٢.

(٣) مظاهر ازدهار الحركة العلمية في الأحساء خلال ثلاثة قرون : ٦٩.


السيّد إبراهيم الحسيني الأحسائي النديدي المولد ، المكان الذي نسخ الكتاب وبعض أساتذته فقال : «أنّه كتبه لنفسه ـ متّعه الله ـ بحضرة شيخه الأجل ، الشيخ عليّ بن محيي الدين الجامعي العاملي في بلدة تون ، وفرغ من الكتابة في ربيع الثاني سنة ١٠٣٥هـ»(١).

ـ بينما حرص البعض على بيان أصوله ومسكنه ليعطي رؤية واضحة في حياته من خلال خاتمة بعض الكتب ومنهم الشيخ جعفر بن محمّد بن إبراهيم الأحسائي حيث قال : «قد تمّ الكتاب بعون الملك الوهّاب على يد أقلّ عباد الله عملا وأكثرهم زللاً جعفر بن محمّد بن إبراهيم الجبيلي الحساوي أصلاً وشيراز مسكناً ومولداً كتبت بنفسي لنفسي وفّقني الله للفهم بما فيه إنّه جواد كريم ظهر يوم الأحد غرّة شهر جمادى الأولى أحد شهور سنة الثاني والعشرين ومائة بعد الألف من الهجرة النبوية المصطفوية على مهاجرها وآله ألف ألف التحية والسلام»(٢).

ـ وقد يفصّل البحث في ختمته فيبيّن أصله ، ثمّ مولده ، ثمّ مسكنه وكلّ واحد منهم يختلف عن الآخر ، وهذه مسألة تهمّ الباحث في معرفة تطوّرات وتنقلات حياة الناسخ ، فيقول الشيخ العلاّمة حاجي بن منصور الأحسائي ، في تقييده بنسخ بعض المصنّفات : «حاجي بن منصور الإصفهاني مسكناً ،

__________________

(١) أعيان الشيعة : ١٠ / ٣٥٧.

(٢) المخطوطات في المكتبة الوطنية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية : رقم المخطوط : ١٥٩٧٦ـ٥.


والبصري مولداً ، والأحسائي أصلاً ، وكان الفراغ من كتابته في الثلث الآخر من الشهر الثالث من السنة التاسعة والخمسين بعد الألف يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الأوّل ، وكان عمره يومئذ ثلاثاً وستّين سنة»(١).

ـ ونجد آخر وهو السيّد عبد الحسين الحاجي الأحسائي المدني يبيّن معاناته في النسخ ، ويبيّن عدد من المعلومات المهمّة عن النسخة المعتمدة وحياته فيقول : «تمّت وبالخير عمّت بخطّ الفقير قليل البضاعة كثير التقصير العبد الخاطئ الجاني عبد الحسين بن علي بن إبراهيم بن عبد الحسين بن عبد النبي الحسيني اللّحسائي المدني ، نزيل قرية مُهر ... وأسير بلدة من فارس ، في يوم الخامس عشر من شهر شوّال كثير الخير والإقبال سنة ١٢٠٦هـ ، ونلتمس من القارئين والمستمعين أعني بهم الإخوان إن صدر في الخطّ سهو أو غلط في الكتابة ، فإنّي في طريق مكّة ، ونسخته كثير الغلط مع والدتي في بلدة تسمّى التويثير قرية من قرايا اللحسا ، وكنّا على رحيل والخرجيّة قليل ، وحصل لنا بعض تألّم من هذا السبب ، فإن صدر في الخطّ زلل أو خطأ نلتمس منكم المسامحة والإحسان ، نرجو من الله الغفران أن يغفر لنا ولجميع إخواننا المؤمنين والمؤمنات ويجعلنا وإيّاكم من العائدين إلى بيت الله الحرام .. السنة السادسة بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية»(٢).

ـ كما تحدّث عن معاناته واجتهاده في نسخ كتاب وفيات الأعيان لابن

__________________

(١) فهرس مكتبة العلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم : ١٤٠.

(٢) من نساخي الكتب في الأحساء : ٦٥.


خلّكان ، فقال الشيخ محمّد حسن العفالق بعد أن فرغ من نسخه سنة ١١٦٢هـ ، وقد تحدّث عن التعب والجهد الذي بذله فيه فقال(١) :

أجل لحظ طرفك في نسخه

حَوَتْ كُلَّ لفظ ومعنىً حسن

بذلت اجتهاداً بتصحيحها

وحاربت فيها لذيذ الوسن

التملّكات :

وتعتبر قيود التملّك من الأبعاد المهمّة في التقييدات على المخطوطات والتي تنبع من عدّة اعتبارات : «إنّ هذه القيود مهمّة لمعرفة تاريخ النسخة ، وانتقال الكتاب ، وتاريخ المكتبات ، وهواة الكتب ، وتثبيت المجموعات القديمة المهمّة. وتحتوي هذه القيود أحياناً على الأسعار وأسماء العملات وقيمتها. يسجّل قيد التملّك لسبب الشراء والإرث والإهداء أو لعمل النسخ. وإذا وجدنا عبارة (برسم خزانة فلان) على ظهر نسخة وعبارة (استكتبه فلان (أو) كتبه فلان لنفسه) في قيد الفراغ ، اعتبرت هذه العبارات قيد تملّك للنسخة»(٢).

وهناك عدّة عبارات تدلّل على التملّك درج أصحاب التملّكات على ذكرها في طيّات المخطوط ، وفي ما يلي نماذج لهذه العبارات : من كتب العبد ، من كتب الفقير ، تملّكه العبد الفقير ، ملكه ... ، انتقل إلى ملك الفقير ،

__________________

(١) مظاهر ازدهار الحركة العلمية في الأحساء : ٦٨.

(٢) وصف المخطوطات وإعداد بطاقاتها : ٣٩٥.


ثمّ دخل في ملك ، اشتراه الفقير ، اشتريت هذا الكتاب ، من ممتلكات الفقير ، في نوبة الفقير ، في نوبة العبد ، صار في ملك ، صار في نوبة ، جاء في نوبة الفقير بالإرث أو بالشراء ، أهداه فلان ، وما شابه من هذه العبارات التي تفيدنا لمعرفة دلالة التملّك للمخطوط.

وفي تقييدات التملّكات الأحسائية للمخطوطات استخدمت عبارات مشابهة لما ذكرناه آنفاً للغرض نفسه ، نستعرض بعض هذه النماذج مع تصنيفها بحسب مسوغات التملّك :

١ ـ طلب نسخ الكتاب من الناسخ :

ـ ومثالها ما نسخه الشيخ صدقة بن ناصر بن سلطان بن راشد بن راجح ابن أحمد بن محمّد بن أحمد بن علي بن رومي بن أبي منصور الجبيلي الأحسائي لكتاب لب الألباب في شرح ملحمة الإعراب للنحوي البارع أبي محمّد قاسم بن علي بن محمّد بن عثمان الحريري البصري ، بطلب من الشيخ يحيى بن محمّد المشهور بـ : ابن المطوع الأحسائي الجبيلي ، وكان الانتهاء من نسخها في آخر شعبان سنة ١٠١٦هـ(١).

ـ كما نسخ السيّد حسن ابن السيّد أحمد ابن السيّد هاشم الموسوي الحسيني في ٢٠ شعبان سنة ١٢٣٠هـ أرجوزة في الزكاة للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤هـ) ، وقد كتبه لأجل الشيخ الفقيه أحمد بن

__________________

(١) فهرست كتاب خانه آستان قدس رضوي ، غلامعلي عرفانيان : ١٢ / ٣٣٧.


الشيخ محمّد بن محسن المحسني الأحسائي (ت ١٢٤٧هـ)(١).

٢ ـ التملّك بالشراء :

وهي التملّكات التي تشير للشراء ، وقد تأتي على ذكر الثمن ، مستخدمين العبارات التي أشرنا إليها سابقاً في قيد التملّك وأنواعه ، ومنها :

ـ انتخاب الجيّد من تنبيهات السيّد للسيّد حسن بن محمّد الدمستاني ، نسخ الشيخ عبد الله بن محمّد بن أبي دندن الأحسائي ، انتهى من نسخ الكتاب لنفسه ، تنقّل بالشراء بين عدد من أعلام الأحساء ، أوّلها تملّك الناسخ له في ١٥ جمادى الأولى لعام ١٠٧٤هـ(٢) ، ثمّ تملّك الشيخ عزيز بن الشيخ حسين بن محمّد أبو عرش(٣) في تاريخ ٢٩ ربيع الأوّل سنة ١١٠٩ هـ ، والشيخ حسين بن علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن زين الدين الأحسائي(٤) بتاريخ ١٢٤٦ هـ.

ـ ومنها كتاب خلاصة الأقوال في معرفة الرجال للحسن بن يوسف بن مطهّر العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦هـ) ، والنسخة من نسخ السيّد سليمان بن محمّد

__________________

(١) فهرس مخطوطات مركز إحياء التراث الإسلامي ، السيد جعفر الحسيني الأشكوري : ٤ / ٣٦٦ ـ ٣٦٨.

(٢) فهرس دنا : ٢ / ١٧٨.

(٣) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ٤ / ٩٥٥.

(٤) لعلّ في الموضوع لبس لأنّ الشيخ أحمد الأحسائي توفّي سنة (١٢٤١هـ) ، ومن غير المعقول تملّك أحد من أحفاده في نفس التاريخ للفارق الزمني البعيد ، ولعلّ المعني هو الشيخ عبد الله ابن الشيخ أحمد.


باقر الحسيني ، وذلك سنة ١٠٠٧هـ ، وتضمّ عدد التملّكات هي :

ـ تملّك فضل الله بن عبّاس النجفي ، وتملّك عبد العزيز بن حسين الخالصي ومهره هو (عبد العزيز) ، وتملّك محمّد بن عبد الله أبو عزيز خطي ، وهناك تملّك السيّد عبد الله ابن السيّد حسن ابن السيّد علي الحسيني الأحسائي بتاريخ ١١٧١ هـ ، وختمه هو (الواثق بالله عبد الله الحسيني)(١).

ـ ومن هذه التملّكات بالشراء تملّك كتاب تحفة المحتاج لشرح المنهاج للشيخ شهاب الدين أحمد بن حمدان الأذرعي الشافعي ، والشرح لابن حجر الهيثمي ، نسخ الشيخ عبد العزيز بن خليفة بن نعيم الشافعي ، وكان النسخ في نهار يوم السبت ١٣ ذي القعدة عام ١١٨٦هـ. وعليه تملّكات عديدة منها :

الأوّل : محمّد بن سالم بن أحمد بن عبد الله ابن وصال ، وهذا نصّه : «ممّا منّ الله به على عبده الفقير محمّد بن سالم بن أحمد بن عبد الله ابن وصال الأحسائي الشافعي الأشعري القادري ـ عفى الله عنه بمنّه وكرمه ـ آمين سنة ١١٢٦هـ».

الثاني : عبد الرحمن ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حمد بن بني النجّار ونصّ الملكية : «من تملّكات الفقير إلى الله الباري ، عبد الرحمن ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حمد بن بني النجّار الأنصاري البدري العادلي الجيلاني الشافعي الأحسائي ، بثمن قدره قرشين حجر نقداً سنة سبع عشر ومائة وألف

__________________

(١) فهرس المخطوطات في مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي : ٢٧ / ٤٠٠.


بتريم من بلدان حضرموت»(١).

٣ ـ التملّك بالولاية :

ـ ومن هذا النوع من التملّك ، تملّك الملاّ ناصر بن حسين النمر على كتاب تعليقة على رسالة الفقهية للشيخ علي بن حسين الخاقاني للسيّد ناصر ابن السيّد هاشم ابن السيّد أحمد السلمان الأحسائي (ت ١٣٥٨هـ) ، وهي بخطّه عبد الله بن عبد الله آل حسين الأحسائي ، وهي بلا تاريخ ، وقد أوقفها النسّاخ هكذا : «أقرُّ ـ أنا يا عبد الله بن عبد الله آل حسين ـ بأنّي أوقفت وحبست هذا الكتاب للاستنفاع ، وجعلت الولاية إلى الملاّ ناصر بن حسين بن أحمد آل حسين(٢) ، ولعن الله البائع والشاري والمجتني ، فمن بدّله من بعد ما سمعه فإنّما إثمه على الذين يبدّلونه ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين»(٣) ، ممّا جعل النسخة تكون في ولاية الملاّ ناصر ، وفي ذرّيته من بعده.

٤ ـ التملّك بالنسخ :

وهو أن ينسخها الكاتب لنفسه من أجل تملّكها ، وهذا كثير ومتعارف

__________________

(١) مكتبات الدولة السعودية الأولى المخطوطة : ٤٤٣ ـ ٤٤٤.

(٢) كان اسم (آل حسين) هو الاسم المتعارف عليه آنذاك لفرع النمر من أسرة آل مبارك. راجع مجلّة الواحة ، مقال الملاّ ناصر النمر ، بقلم الأستاذ أحمد بن الملاّ محمّد بن الملاّ ناصر النمر ، العدد (٥٠) هامش ص : ١٢٣.

(٣) مجلّة الواحة ، العدد (٥٠) مقال الملاّ ناصر النمر ، بقلم أحمد بن الملاّ محمّد ابن الملاّ ناصر النمر : ١٢٣.


بين أرباب النسخ وكتابة الكتب ، منها :

ـ نسخة من كتاب جامع المقال فيما يتعلّق بأحوال الحديث والرجال لفخر الدين بن محمّد علي النجفي ، فرغ من نسخه الشيخ جعفر بن محمّد ابن إبراهيم الجبيلي الأحسائي الشيرازي يوم الأحد غرّة شهر جمادى الأولى سنة ١١٢٢هـ ، وقد ختم تسويد النسخة وكتابتها بقوله : «قد تمّ الكتاب بعون الملك الوهّاب على يد أقلّ عباد الله عملا وأكثرهم زللاً جعفر بن محمّد بن إبراهيم الجبيلي الحساوي أصلاً وشيراز مسكناً ومولداً كتبت بنفسي لنفسي وفّقني الله للفهم بما فيه إنّه جواد كريم ظهر يوم الأحد غرّة شهر جمادى الأولى أحد شهور سنة الثاني والعشرين ومائة بعد الألف من الهجرة النبوية المصطفوية على مهاجرها وآله ألف ألف التحية والسلام»(١).

٥ ـ التملّك بالإرث :

وهو من التملّكات المتعارفة في بيوت العلماء نذكر منها على سبيل المثال :

ـ تملّك كتاب ذكرى الشيعة تصنيف الشهيد الأوّل ، الشيخ محمّد مكي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨٦هـ) ، في نهاية النسخة فائدة في الأوزان : للشيخ محمّد ابن علي بن إبراهيم آل عيثان الأحسائي ، وتاريخ خطّه سنة ١٢١٠هـ ، وعلى

__________________

(١) المخطوطات في المكتبة الوطنية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية : رقم المخطوط : ١٥٩٧٦ـ٥.


النسخة عدّة تملّكات منها :

في أوّل النسخة ضمن التملّكات تملّك حسين بن محمّد بن علي بن عيثان ، وتاريخ التملّك يعود لسنة ١٢١٨هـ ، وكتب أنّه تملّكها بالإرث(١) ، ممّا يعني أنّها كانت لوالده الشيخ محمّد بن علي بن إبراهيم آل عيثان الأحسائي سنة ١٢١٠هـ ، ثمّ انتقلت للشيخ حسين الابن ١٢١٨هـ بالإرث.

ـ ومنها تملّك كتاب شرح إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦هـ) المولى أحمد بن محمّد المقدّس الأردبيلي (ت ٩٩٣هـ) ، على النسخة عدّة تملّكات منها تملّك السيّد محمّد بن شرف ابن العلاّمة السيّد إبراهيم بن يحيى الصنديد الحسيني في حدود سنة ١١٧٢هـ ، ثمّ انتقل التملّك إلى مبارك بن علي بن عبد الله بن ناصر حميدان الجارودي الأحسائي الخطي سنة ١١٩٠هـ ، ثمّ ابنه عبد الله في ذي القعدة سنة ١٢٣٤هـ(٢).

ـ ومنها تملّك كتاب رسالة في الحكمة للشيخ محمّد ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ حسين آل عيثان الأحسائي (ت ١٣٣١هـ) ، التاريخ والناسخ غير مذكور ، كتب في صفحتها الأولى : قد دخل هذا في ملك حسن وعلي ابني

__________________

(١) مجلّة تراثنا ، السنة التاسعة عشر ، محرّم ـ جمادى الثانية : ١٤٢٤هـ ، العددان (٧٣ ، ٧٤) : فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين العامّة : السيد عبد العزيز الطباطبائي : ٢٤٦.

(٢) مجلّة معهد المخطوطات العربية ، المجلّد الرابع ، ربيع الثاني (١٣٧٨هـ) ، مقال : المخطوطات العربية في العالم : المخطوطات العربية في العراق ، الكاتب : د. حسين علي محفوظ : ٢٠٦.


المرحوم الشيخ محمّد بن الشيخ عبد الله بن عيثان بالإرث الشرعي(١).

٦ ـ التملّك بالإهداء :

تلعب الهديّة دور في تقريب النفوس ، وغرس المحبّة والمودّة بين القلوب ، وقد تكون الهديّة من الكبير للصغير ، أو من العالم للمتعلّم بغرض غرس فيه حبّ العلم والتعلّم ، أو من أجل الدرس والدراسة ، وهذا يعكس حرص الأعلام على حثّ أبنائهم وأقاربهم على الدرس وتلقّي العلوم ، لذا نسبة كبيرة من كتب الإهداءات هي كتب تعليمية كان الهدف منها الاستفادة منها دراسيّاً ، من تلك الكتب :

ـ مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥هـ)(٢) ، نسخ الشيخ عبد النبي بن عيسى بن إبراهيم ابن عبد الله آل عيثان القاري الأحسائي ، فرغ من نسخه ظهر يوم الأحد ١٣ شهر رمضان سنة ١٠٦٢هـ ، وقد نسخه لأجل أخيه الأصغر الشيخ حسين بن عيسى بن إبراهيم آل عيثان من أجل الدرس بقرينة قوله : «متّعه الله بحفظه والعمل به».

وعلى النسخة خطّ الشيخ محمّد ابن الشيخ حسين بن عيسى بن إبراهيم آل عيثان في ١٥ ذوالقعدة ١٠٧٥هـ ، والنسخة فيها تملّك وتعليق

__________________

(١) المكتبة الخطّية للاستاذ الباحث أحمد بن عبد الهادي المحمد صالح.

(٢) فهرس دنا : ٩ / ٥٣١.


للشيخ حسين بن عيسى آل عيثان(١).

ـ ومن الكتب التي ملّكت لغرض الاستفادة التعليمية كتاب شرح شواهد المغني تصنيف أبو محمّد بدر الدين العيني الحنفي (ت ٨٥٥هـ) ، فقد تملّكه الشيخ سليمان ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن بن الشيخ أحمد ابن الشيخ محمّد المحسني الأحسائي ، وقد تملّكه بعد تملّك جدّه الشيخ حسن للكتاب ، يقول الطهراني : «ورأيت مجموعة من الكتب كان أهداها الشيخ يوسف عمّ والد المترجم له ـ الشيخ سليمان ابن الشيخ محمّد ـ لابن أخيه الشيخ محمّد في سنة ١٢٦٨هـ»(٢).

التقريظ :

في المعنى اللغوي يقال : قرّظ فلاناً : مدحه وأثنى عليه ، وعندما يقال : قرّظ الكتاب : وصف محاسنه ومزاياه. وهو نفس المعنى الاصطلاحي للكلمة ، عند قولهم كتب تقريظاً : أي مدحه ووصف مزاياه ، وهي غالباً تكتب للحيّ ، لتشجيع الناس وحثّهم بالإقبال على الكتاب ، فهي بمثابة شهادة وإقرار بجودة ما فيه عند المقرّظ.

والتقرّظ إمّا يكون نثراً بكلمات الثناء والمدح ، وإمّا أن يكون شعراً بأبيات تحمل كلمات الحبّ والودّ والثناء.

__________________

(١) فهرس المخطوطات في مكتبة المدرسة الرضوية بقم : ١/ ٣٤.

(٢) الكرام البررة : ٦١٠.


وهي أحد الفنون التي كتبها الأحسائيون على الكتب شعراً ونثراً ، نستعرض بعض الكتب التي قرّظها أعلام أحسائيون ، كنماذج عن فن التقريظ لدى الأحسائيين ، وهي كما يلي :

ـ لعلّ أقدم تقريظ أحسائي عرفناه يعود إلى القرن التاسع الهجري ، وهو ما كتبه الشيخ محمّد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي (بعد سنة ٩٠٦هـ) على كتاب مشجّرة الأنساب نقلاً عن بحر الأنساب لمؤلّف مجهول ، يقول الشيخ آقا بزرك الطهراني : «أنّه رأى مخطوطة نفيسة جدّاً ، التحرير : شهر شعبان ٦٠٧هـ ، وفي أوّل النسخة تقريظ مبسوط حُك منه السطر الأخير الذي فيه توقيع المقرّظ وتاريخه ، وفي ذيل هذا التقريظ : قرّظه الشيخ محمّد ابن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي بما فيه إطراء الكتاب والحكم بصحّته ، وجواز الأخذ منه والجزم باعتباره الحاصل له من مطالعة الكتاب من أوّله إلى آخره ، وكتب جميع ذلك بخطّه في المشهد الرضوي في ٩ ربيع الأوّل ٨٩٥ هـ»(١).

ـ كما كتب تقريظاً الشيخ علي بن أحمد الأحسائي ، ولعلّه هو نفس الشيخ علي بن أحمد بن صالح السبعي العيني القاري الأحسائي البحراني من أعلام القرن الحادي عشر ، فقد كتب تقريظ على الورقة الأولى من كتاب كشف الالتباس عن موجز أبي العباس للشيخ مفلح بن حسن بن راشد الصيمري (القرن التاسع) ، النسخة التي بخطّ الشيخ إبراهيم بن محمّد بن

__________________

(١) فهرس مصنّفات ابن أبي جمهور الأحسائي : ٢٦٤.


مسلم بن محمّد بن الحسن البحراني في ٢٧ جمادى الآخر ١٠٥٩هـ(١).

ـ ومن هذه التقاريظ ما كتبه السيّد شمس الدين محمّد بن أحمد الأحساوي على نسخة من كتاب كشف الالتباس عن موجز أبي العبّاس ، للشيخ مفلح بن حسن الصيمري (ت ٩٠٠هـ) ، من أبيات شعرية في مدح الكتاب وأهمّيته(٢).

ـ ومن التقاريظ ما كتبه الشيخ عليّ بن حسين بن حرز الأحسائي من أعلام القرن الثاني عشر على مجموع خطّي يضمّ ثلاث مخطوطات فقهية من تأليف الشيخ عبد النبي بن محمّد مفيد الشيرازي (ت ١١٩١هـ) وهي(٣) :

١ ـ أحكام نكاح من فقد زوجها في السفر والحضر ، شرع فيه مصنّفه في أوّل صفر سنة ١١٦٥هـ وفرغ منه آخر شهر صفر سنة ١١٦٥هـ.

٢ ـ جواز العزل عن المرأة الحرّة الدائمة ، وقد فرغ منه مصنّفه أيضاً سنة ١١٦٥هـ.

٣ ـ الرسالة الحينية المفيدة للناظرين في حكم الصوم المنذور المقيّد بالسفر للمسافرين ، وهو كذلك فرغ منها سنة ١١٦٥هـ.

يوجد على نسخة تقريظ وحواشي من الشيخ عليّ بن حسين بن حرز

__________________

(١) التراث العربي المخطوط في مكتبات إيران العامّة : ١٠ / ٢٧٩.

(٢) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ٢٦ / ٢٥٤ ، ٢٥٥.

(٣) مجلّة نسخة بژوهي ، مجلّة فصلية ، سنة (١٣٨٥هـ ، ش) ، العدد (٣) ، مقال : فهرست مجموع خطّي كتابخانة علاّمة طباطبايي دانشگاه شيراز ، الكاتب : محمّد بركت : ٧٥.


الأحسائي ، مذيّلة بكلمة : «منه أيّده الله»(١) ، وذلك سنة ١١٦٥هـ.

ـ كتاب شوارع الهداية في شرح الكفاية للشيخ محمّد إبراهيم بن محمّد حسن الكرباسي الإصفهاني (ت ١٢٦٢هـ) ، في أوّل صفحة تقريظ من الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ، والشيخ جعفر النجفي وأبيات في تقريظ الكتاب من الشيخ محمّد تقي أحمدي بياتي النجفي المشهور بـ : (ملاّ كتاب)(٢).

ـ كما هنا عدّة تقاريظ على كتاب الفواكة الشهية في حل المنظومة المسماة بالقلائد البرهانية ، لمحمد بن عليّ بن سلّوم ، ابن سلوم (ت ١٢٤٦هـ) ، فقد قرّظه من أعلام الأحساء شعراً وهم الشيخ محمّد بن عبد الله ابن فيروز الأحسائي ، والثاني الشيخ محمّد العدساني ، والثالث عبد العزيز بن صالح بن موسى المالكي ، والرابع صالح بن سيف العتيق(٣) النجدي الأحسائي.

ـ كما كتب الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي تقريظ على كتاب : التكملة في شرح التبصرة للشيخ محمّد جعفر بن محمّد علي بن الوحيد

__________________

(١) مجلّة نسخة بژوهي ، مجلّة فصلية ، سنة (١٣٨٥هـ ، ش) ، العدد (٣) ، مقال : فهرست مجموع خطّي كتابخانة علاّمة طباطبايي دانشگاه شيراز ، الكاتب : محمّد بركت : ٧٥.

(٢) فهرس مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي : ١٥ / ١٣٨.

(٣) نوادر المخطوطات السعودية نماذج لمجموعة من نوادر المخطوطات المحفوظة بدارة الملك عبد العزيز ، إعداد أيمن بن عبد الرحمن الحنيحن ، سعد محمّد آل عبد اللطيف ، الطبعة الأولى : ١٤٣٢هـ ، دارة الملك عبد العزيز : الرياض : ٣٨٢.


البهبهاني (١١٧٨ ـ ١٢٥٩ هـ)(١).

ونصّه : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رافع درجات العلماء ومفضّل مدادهم على دماء الشهداء وصلّى الله على محمّد وآله الأمناء وورثة الأنبياء.

أمّا بعد فقد عرض علي الأخ الوفي ، والخِلّ الصفي ، حسن السيرة ، وصافي السريرة ، كتاباً وضعه شرحاً للتبصرة فأجلت فيه جائلتي ، وأمعنت فيه فكرتي فوجدته مشتملاً على عبارات محرّرة ومعان محبرة ومفاهيم مقرّرة واستنباطات مقدّرة فلعمري لقد كان لمن استعمله إرشاداً وتبصرة ولمن استعان بقواعده منتهى تحرير التذكرة ونهاية مدارك معتبرة ولعمري أنّه كاف في الاستبصار وواف للفقيه في الاعتبار أعان الله به الطالبين السالكين في منهج المسترشدين وجعله زاداً خالصاً مبلغاً في الاستعداد ليوم الدين.

وكتب العبد المسكين أحمد بن زين الدين الأحسائي ، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

الخاتم الشريف : أحمد زين الدين.

ـ ومن التقاريظ الأحسائية ما كتبة الشيخ أحمد بن زين الأحسائي في

__________________

(١) الشيخ محمّد جعفر بن محمّد علي بن الوحيد البهبهاني (١١٧٨ هـ ـ ١٢٥٩ هـ). من الأعلام الفقهاء ، وهو حفيد المُجدّد الأصولي الوحيد البهبهاني ، وله العديد من المُؤلّفات في الفقه والعلوم الحوزوية المُختلفة ، وقد احترق الكثير منها في الحريق الذي حصل في مكتبة حفيده إمام الجمعة أبو علي في كرمانشاه في شوّال سنة (١٣٥٢ هـ).


أوّل كتاب تكملة نقد الرجال للشيخ عبد النبي بن عليّ بن أحمد الكاظمي (ت ١٢٥٦هـ)(١).

تصحيحات وبلاغات :

حرص معظم النسّاخ الأحسائيين على النسخ المدوّنة أن يضعوا في جوانب النسخة تصحيحات وبلاغات ، وما يرونه متعلّقاً بالمسألة المطروحة سواء فقهية أو عقدية أو روائية ، وفي هذا النوع من التقييدات يحرص الناسخ على الحفاظ على المتن سليماً من التحريف ، ويضيف تعليقاته في الهوامش الجانبية قرب كلّ مسألة بما يسعه الحال ، علماً أنّه ليس بالضرورة أنّ كلّ الحواشي والتصحيحات والتعليقات نقدية ، فقد تكون توضيحية وتأييد للرأي المبرم في الرسالة ، نذكر إشارة إلى بعضها من النماذج الأحسائية التي تخلّلها بعض التعليقات والتهميشات :

ـ منها البلاغات التي سجّلها وقيّدها الشيخ سالم بن منصور بن راشد ابن ناصر بن حسين الأحسائي(٢) ، على كتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي ، الحسن بن يوسف الحلي (٦٤٨ ـ ٧٢٦هـ) ، انتهى من نسخه ليلة الثلاثاء ٢٨ رجب لعام ٩٨١هـ(٣) ، والنسخة عليها حواشي

__________________

(١) فهرس المخطوطات في مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي : رقم المخطوط : ٣١٥٨.

(٢) فهرس دنا : ١ / ٦٦١.

(٣) فهرس دنا : ١ / ٦٦١.


وتصحيحات من الناسخ كتبت في يوم الجمعة غرّة شعبان سنة ٩٨١هـ(١).

ـ ومنها ما كتبه الشيخ حسين بن محمّد بن هلال بن ثابت بن راشد بن إبراهيم الهجري البحراني ، على نسخة حكمة العارفين في دفع شبهة المخالفين للشيخ محمّد طاهر بن محمّد حسين القمّي (ت ١٠٩٨هـ) ، وقد كان الفراغ من نسخه في ٢٩ جمادى الثاني لعام ١٠٩٧هـ ، وفيها تصحيحات وبلاغات من الناسخ(٢).

الوقف :

الوقف في اللغة هو : الحبس ، ومن الناحية الفقهية : حبس العين ، وتسبيل المنفعة للمصالح العامّة أو الخاصّة. وهو من الأمور المستحبّة التي يقصد بها التقرّب إلى الله تعالى ، وهذا أمر أكّدت عليه الروايات والنصوص الدينية الواردة عن الرسول الأعظم وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام منها :

في الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : «حبِّس الأصل وسبِّل الثمرة»(٣).

وصحيحة ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام : «تصدّق أمير

__________________

(١) الفهرس الموحد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ٣/٤٠.

(٢) فهرس دنا : ٤ / ٧٢٤.

(٣) مستدرك الوسائل : ١٤ / ٤٧.


المؤمنين عليه السلام بدار له في المدينة في بني زريق فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدّق به عليّ بن أبي طالب وهو حيٌّ سويّ تصدّق بداره التي في بني زريق صدقة لا تباع ولا توهب حتّى يرثها الله والذي يرث السماوات والأرض وأسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن وعاش عقبهن ، فإذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين»(١).

وهذا الحدّ من الوقف من الأمور المتّفق عليها من الناحية الفقهية بين جميع العلماء ، بغضّ النظر عن اتّجاهاتهم الفكرية ، ومدارسهم الفقهية.

وكان المعتاد في الموقوفات أن تكون منازل أو الأراضي الزراعية ، أو محلاّت تجارية ، أو مراكز دينية كالمساجد وغيرها.

ثمّ استحدث بعداً آخر للوقف وهو وقف الكتب ، الذي بدأ بوقف المصاحف في المساجد على الدرس والقراءة ، ثمّ تطوّر فشمل الكتب الفقهية والروائية والعقائدية التي تخدم الغرض الديني نفسه ، حتّى أصبحت توقف المكتبات والخزائن الخاصّة على المكتبات العامّة كمكتبات الحرمين الشريفين ، وموقوفات العتبة الرضوية والعلوية والحسينية والعبّاسية وغيرها.

ـ ومنها ما هو وقف على طلاّب العلم أو الذرّية ، كلّ ذلك من أجل استمرار الإفادة منها على مدى الأيام والأزمان ، وفي تراثنا الأحسائي رغم ضياع معظم التراث المكتوب وتشتّته بين المكتبات العامّة والخاصّة ، فما بين أيدينا من شواهد ودلائل يثبت وجود عناية وحرص على وقف الكتب وتقييد

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٣ / ٣٠٤ ، باب ٦ من أحكام الوقوف والصدقات ، حديث ٤.


الوقفية عليها ، ومن هذه الشواهد :

ـ موقوفات الشيخ محمّد بن عليّ بن الحسين الشعبي الهجري من الأعلام الكبار في القرن الحادي عشر ، الذي قام بإيقاف مكتبته على طلبة العلوم الدينية ، وقد عرفنا منها ، التفسير جامع الجوامع : الفضل بن حسن الطبرسي (٤٦٨ ـ ٥٤٨هـ) ، والكتاب يبدأ من سورة يس إلى سورة الناس ، وهي بخطّ محمّد حسين بن أحمد شريف الأنصاري الإمامي فرغ منه في عصر يوم الثلاثاء ٥ شعبان عام ١٠٧٥هـ ، ونصّ وقفيّته : «بسم الله. هذا الكتاب من جملة الكتب التي وقفها الشيخ محمّد بن علي الشعبي على علماء الشيعة ومتعلّميهم من أهل (الشعبة)(١) ، ثمّ من بعدهم فعلى علماء الشيعة من أهل الأحساء ، ثمّ من بعدهم فعلى علماء الشيعة من غيرهم حتّى يرث الله الأرض ومن عليها ، وإليه المصير»(٢).

ـ ومنها وقف حاجي محمّد ، أبا عقيل الظهراني ، الذي أوقف : (وثائق ابن سلمون) ، وهو كتاب ، على أهل العلم من أهل بيته وذرّيته ، على أنّه لا ينقل من الأحساء إلى بلد آخر. وقد كان نسخ الكتاب في ٢٠ المحرّم عام ١١١٩هـ ، «بخطّ سلطان بن شهير بن موسى بن شعبان بن قاسم بن محمّد

__________________

(١) ورد في الكتاب (الشيعة) ، واحتمل أنّه هناك خطأ لعدم وضوح الخطّ ، وإلاّ لا يستقيم الكلام والتسلسل ، والصحيح (الشعبة) ، قرية الواقف ، ثمّ أهل الأحساء ، ثمّ عامّة الشيعة ، ليستقيم الكلام ويخلو من التكرار.

(٢) مكتبات الدولة السعودية الأولى المخطوطة. حمد بن عبد الله العنقري. دارة الملك عبد العزيز : الرياض. الطبعة الأولى : ١٤٣٠هـ. ٢٠٠٩م : ٣١٣.


النعثلي الظهراني»(١).

ـ كما أوقف الشيخ محمّد بن عبد الله بن حجّي رحمة البحراني الأحسائي ، كتاب المعتبر في شرح المختصر : المحقّق الحلّي ، أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى الحلّي (ت٦٧٦هـ) ، لناسخ غير مذكور ، وتعود وقفيتة لسنة ١٢٧٢هـ ، جاء فيها : «أقول وأنا الفقير إلى الله محمّد بن عبد الله ابن حجّي رحمة ابن الشيخ علي بن ناصر الموالي البحراني ، الأحسائي ، ساكن قرية القارّة ، إني قد أوقفت وخلّدت هذا الكتاب الموسوم بـ : (المعتبر)(٢) مع كتاب (المفاتيح)(٣) في الفقه على علماء الشيعة ، وجعلت النظارة لي مدّة حياتي ، ثمّ لأخي الشيخ أحمد ، ثمّ لأولاده ، ثمّ صالح المؤمنين ، وإن لم يكونوا علماء»(٤).

ـ ومن الكتب الأحسائية الموقوفة ، وعليها قيد الوقفية كتاب سيرة ابن هشام لعبد الملك بن هشام بن أيّوب ابن هشام (ت ٢١٣هـ) ، عمل على نسخها علي بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى ، وقد انتهى من كتابتها ونسخها بعد الظهر من يوم الجمعة ١٢ من شهر صفر سنة ١٢٧١هـ ، عليها حواشي وتصحيحات ، وعليه وقف عبد الله بن محمّد الزير على عياله وذريّتهم ما تناسلوا ، ولا يخرج من بلد الشعراء ، شهد على ذلك إبراهيم بن عبد الله

__________________

(١) مكتبات الدولة السعودية الأولى المخطوطة : ٣٩٠.

(٢) للشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسين الحلّي (ت ٦٧٦ هـ).

(٣) للشيخ محمّد بن المرتضى المعروف بمحسن ، الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ).

(٤) أعلام الأحساء : ٩٢.


العجاجي ، وشهد به وكتبه عليّ بن إبراهيم بن مهنا(١).

ـ ومن الكتب الموقوفة والتي قيّدت فيها الوقفية الدرّة المضيئة في مدح أئمّة العترة المرضية : أحمد بن يحيى اليمني ، نسخ الشيخ عليّ ابن الشيخ صالح بن زين الدين الأحسائي ، قام بنسخه في ١٣ شوال سنة ١٢٣٨هـ ، في مدينة كرمانشاه(٢).

على النسخة تملّك محمّد تقي بن أحمد بن زين الدين الهجري في أوائل ذي القعدة ١٢٣٨هـ ، وضمن التقييدات عليها في أوّل النسخة : «وقف أولاد المرحوم محمّد تقي في جمادى الثاني ١٢٩٩هـ»(٣).

ـ ومن التقييدات الوقفية على تعليقة على رسالة الفقهية للشيخ عليّ بن حسين الخاقاني ، للسيّد ناصر ابن السيّد هاشم ابن السيّد أحمد السلمان الأحسائي (ت ١٣٥٨هـ) ، فقد أوقفها عبد الله بن عبد الله آل حسين الأحسائي ، وهي بلا تاريخ ، كتب في وقفيتها الناسخ نفسه : «أقرُّ ـ أنا يا عبد الله بن عبد الله آل حسين ـ بأنّي أوقفت وحبست هذا الكتاب للاستنفاع ، وجعلت الولاية إلى الملاّ ناصر بن حسين بن أحمد آل حسين(٤) ، ولعن الله

__________________

(١) نوادر المخطوطات السعودية : ٨٢ ـ ٨٣.

(٢) فهرس مختصر للمخطوطات في مجلس الشورى الإسلامي : ٣٤٦.

(٣) فهرس المخطوطات في مجلس الشورى الإسلامي : ٣٠ / ٢١١ ـ ١١٢.

(٤) كان اسم (آل حسين) هو الاسم المتعارف عليه آنذاك لفرع النمر من أسرة آل مبارك. راجع مجلّة الواحة ، مقال الملاّ ناصر النمر ، بقلم الأستاذ أحمد ابن الملاّ محمّد ابن الملاّ ناصر النمر ، العدد (٥٠) هامش ص : ١٢٣.


البائع والشاري والمجتني ، فمن بدّله من بعد ما سمعه فإنّما إثمه على الذين يبدّلونه ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين»(١).

الإجازة :

وهي في الإصطلاح : الأذن من الشيخ في نقل الحديث عنه أو عمّن نقل عنه بواسطة أو وسائط لنفس الراوي بخصوصه أو من يعمّه.

وقد عرّفها العلاّمة المجلسي بالتالي : «الإجازة : هو الكلام الصادر عن المجيز المشتمل على إنشائه الأذن في رواية الحديث عنه بعد إخباره إجمالاً بمرويّاته»(٢).

أمّا الآقا بزرك الطهراني في الذريعة فقد عرّفها بالتالي : «الإجازة : هو الكلام الصادر عن المجيز المشتمل على إنشائه الأذن في رواية الحديث عنه بعد إخباره إجمالاً بمروياته.

ويطلق ـ شائعاً ـ على كتابة هذا الإذن المشتملة على ذكر الكتب والمصنّفات التي صدر الأذن في روايتها عن المجيز إجمالاً وتفصيلاً وعلى المشايخ الذين صدر للمجيز الإذن في الرواية عنهم. وكذلك ذكر مشايخ كل : واحد من هؤلاء المشايخ طبقة بعد طبقة إلى أن تنتهي الأسانيد إلى

__________________

(١) مجلّة الواحة ، العدد (٥٠) ، مصدر سابق مقال الملاّ ناصر النمر ، بقلم أحمد ابن الملاّ محمّد ابن الملاّ ناصر النمر : ١٢٣.

(٢) بحار الأنوار : ١٠٢/١٦٦.


المعصومين عليهم السلام»(١).

ـ وتكمن أهمّيتها في عوامل عديدة نوجز بعضها : منها التشرّف والتبرّك بالدخول والاندراج في سلك وسلسلة حملة الأحاديث عن النبيّ والأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، ومنها صيانة وحفظ الروايات عن القطع وحدوث الإرسال في سندها ، كما تتضمّن العديد من صفات التلاميذ والأساتذة وألقابهم العلمية من قبل مجيزيهم ، وهي بمثابة شهادة علمية في حقّهم على الوثاقة ، تضاف إلى الإجازة الروائية.

نورد فيما يلي نماذج من هذه الكتب التي ضمّت على صفحاتها إجازات أحسائية ، إمّا مجيزون أو مجازون ، وهي في معظم الأحيان تكون الكتب المتعلّقة بالحديث أو التي درسها الطالب على أستاذه.

ـ منها في نسخة من كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ محمّد بن عليّ ابن بابويه القمّي (ت ٣٨١هـ) ، نسخ هداية الله بن محمّد زمان الشريف ٢٢ رمضان سنة ١٠٩٠هـ ، وهي نسخة مصحّحة بآخرها إجازة في ورقتين كتبها السيّد شمس الدين بن محمّد الحسني الأحسائي المدني للناسخ في ١٧ رجب عام ١٠٩٥هـ ، في المدرسة المحبّية بشيراز(٢).

ـ وفي نسخة من كتاب المسالك الجامعية في شرح الألفية للشيخ محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي (حدود ٩٠٦ هـ) ، نسخ

__________________

(١) إجازات الشيخ أحمد الأحسائي نقلاً عن الذريعة ١/١٣٢.

(٢) مصادر الحديث والرجال : ١٣٦.


الشيخ محمّد بن حسين بن يحيى بن حنظلة الأحسائي ، انتهى من نسخها في ١٠ رجب لعام ١٠٠٣هـ(١) ، في مكّة المكرّمة ، دوّن في آخرها صورة إجازة كتبها ابن أبي جمهور الأحسائي لتلميذه عطاء الله بن معين الدين نصر الله السروري الإسترآبادي(٢).

ـ كما دوّن إجازة في آخر كتاب قبس الاقتداء في شرائط الإفتاء والاستفتاء للسيّد محسن بن السيّد محمّد الحسيني الرضوي المشهدي سنة ٨٨٦هـ ، بعد أن قرأه عليه فقال : «أنهاه ـ أبقاه الله وأيّده ـ مقابلة ومطالعة وسماعاً من أوّله إلى آخره السيّد الجليل والكهف النبيل والفرع الأصيل ، غياث الدين سيّد محسن ابن محمّد الرضوي المشهدي أدام الله توفيقه ، وأجزت له روايته عنّي بالطرق إلى المشايخ المعتبرين رضوان الله عليهم ، فليرو ذلك لمن شاء وأحب ، فإنّه أهل لذلك ، وليكن متحرّياً محتاطاً لي وله في الرواية.

وكتب الفقير إلى الله الغفور ، محمّد بن علي بن جمهور الأحساوي مُصنّف الكتاب أصلح الله أحواله ، وكان ذلك بالمشهد الرضوي المقدّس على ساكنه السلام»(٣).

ـ يوجد على نسخة من كتاب الإمداد بمعرفة علوم الإسناد وهو من

__________________

(١) فهرس دنا : ٩ / ٥٣٤.

(٢) فهرس مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي النجفي : ٦ / ٢٤٥.

(٣) فهرس مصنّفات ابن أبي جمهور الأحسائي : ٢٧٦.


تصنيف الشيخ سالم بن عبد الله بن سالم البصري (ت ١١٦٠هـ) ، ونسخ عبد الله بن عبد الرحمن بن حكيم سنة ١٢٤١هـ ، إجازة والد المؤلّف عبد الله بن سالم البصري ، لعبد الله بن محمّد بن عبد اللطيف الأحسائي(١).

ـ كما يوجد على كتاب شرح تبصرة المتعلّمين للشيخ محمّد جعفر بن محمّد عليّ البهبهاني ، على الورقة الأولى إجازة من الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (ت ١٢٤١هـ) للمؤلّف(٢).

المقابلة :

وهو نوع من الإجراء يقوم به الناسخ أو شخص غيره ، يقوم بمقابلة النسخة المنسوخة على نسخة أخرى أكثر وثاقة وصحّة للتأكّد من سلامتها من الخطأ والتغيير ، وفي مثل هذا النوع من الإجراء يبحث عن النسخة التي بخطّ المؤلّف أو القريبة من عصره لكونها أقرب إلى الصحّة والسّلامة من التحريف ، أو على النسخة التي قام بكتابتها من يوثّق بنقله وكتابته ، وقد درج بعض أعلام الأحساء على مقابلة ما لديهم من نسخ خطّية ـ خاصّة الهامّة ـ منها على مقابلتها وتصحيحها ، ومن هذه النماذج ما يلي :

ـ فعلى نسخة من كتاب الأنوار النعمانية للسيّد نعمة الله الجزائري ،

__________________

(١) نوادر المخطوطات السعودية : ١١٦.

(٢) فهرس المخطوطات في مكتبة الحكيم ، رقم المخطوط : ٢٨٣.


حاشية ومقابلة بيد الشيخ حسين بن محمّد الأحسائي بتاريخ ١٢٣١هـ(١).

ـ ومنها ما قام به الشيخ إبراهيم بن عليّ الأحسائي ، عمل مقابلة لكتاب مختلف الشيعة للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف الحلّي ، على نسخة مقابلة على نسخة الأصل ، وكان الفراغ من نسخه ومقابلته سنة ٩٨٣هـ(٢).

ـ ومن نماذج المقابلة الجهد الذي قام به السيّد حسين ابن السيّد عليّ ابن السيّد محمّد ابن السيّد أحمد الحسيني النديدي الأحسائي أجرى مقابلة ونسخ لكتاب شرح الكافية : رضي الدين نجم الأئمّة محمّد بن الحسن الإسترآبادي (٦٨٦هـ) ، وقد انتهى من نسخه ومقابلته وإجراء التصحيحات يوم الخميس ٢٣ شعبان ٩٩٢هـ(٣).

ـ ومنها المقابلة التي سجّلها الشيخ صالح بن ثامر بن عبد الله بن ثامر البحراني الآوالي الأحسائي كذلك ، وهو من أعلام القرن الحادي عشر الهجري ، فقد قام بعمل مقابلة على ما نسخه من كتاب تهذيب الأحكام : شيخ الطائفة ، محمّد بن الحسن الطوسي (ت٤٦٠هـ) ، حيث تمّ الفراغ ممّا كتبه في يوم الأربعاء ١٢ ذي القعدة ١٠٢٩هـ ، وقد قابل النسخة على نسخة حسين بن كمال الدين الأبزر الحسيني الحلّي ، المقابلة على نسخة الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي ، المقابلة على نسخة الشيخ الطوسي (المؤلّف) ، وأتمّ الانتهاء

__________________

(١) فهرس المخطوطات في مكتبة مجلس الشورى الإيراني : ٢٤ / ٩٣ ـ ٩٤.

(٢) مكتبة الإمام الحكيم العامّة ، نسخة ألكترونية.

(٣) التراث العربي المخطوط في مكتبات إيران العامّة : ٧ / ٢٢.


من مقابلة النسخة في يوم الأحد تاسع ذي القعدة ١٠٣٠سنة هـ(١).

ـ كما قام الشيخ حسين ابن الشيخ محمّد آل عيثان بعمل مقابلة على نسخة من كتاب الأنوار النعمانية في معرفة النشأة الإنسانية للشيخ نعمة الله الجزائري (١٠٥٠ ـ ١١١٢هـ) ، وهي من نسخ علي أكبر بن عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله ، حفيد المؤلّف ، وقد فرغ الشيخ العيثان من المقابلة سنة ١٢٣١هـ(٢).

وهذا النوع من العمل يعطي النسخة المصحّحة والمقابلة وثاقة واعتماد ، بل ومصداقية لمن يطّلع عليها على سلامتها ، ولعلّ منشأ هذا النوع من الإجراء كثرة وجود الأخطاء في النسخ من النسّاخ تارة أو من النسخة المعتمدة في عملية النسخ تارة أخرى.

الإعارة :

وتأتي الرغبة في الاستعارة عند شحّ النسخ ، وعدم توفّرها ، أو قدم النسخة المستعارة وأهمّيتها العلمية ، فكان العلماء يقيّدون ثبت الاستعارة على الكتاب نفسه ، حفاظاً على حقّ صاحب الكتاب من الضياع ، ومن نماذج الاستعارة الأحسائية التي استطعنا معرفتها ما يلي :

ـ استعار الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي كتاب السهو في الصلاة

__________________

(١) مصادر الحديث الرجال : ٢١٧.

(٢) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ٥ / ٢٦١.


للشيخ أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (ت ٨٤١هـ) ، المنسوخة من قبل محمّد بن ناصر العسقاني ، وكان الفراغ من كتابته ٣ ذي الحجّة سنة ٨٥٠هـ ، فقام بعمل تصحيح في ورقتين في البداية ، بمطابقتها على نسخة الشيخ محمّد بن علي بن حسين الشعبي (الأحسائي)(١) ، التي استعارها الشيخ أحمد الأحسائي سنة ١١٨٩هـ(٢).

ـ ومن نماذج استعارات الكتب الأحسائية كتاب فوائد القلائد في شرح مختصر الشواهد تأليف محمود بن أحمد بن موسى العيني (ت ٨٥٥هـ) ، ممّن تملّكه محمّد بن عبد الله آل عبد القادر ، وقد استعاره منه عبد العزيز بن حسن بن مزروع سنة ١٢٧٧هـ(٣).

ـ ومن نماذج الإعارة كتاب الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (١١٠٧ ـ ١١٨٦هـ) ، وهي نسخة مصحّحة استعارها السيّد السند الآقا سيّد عليّ دام ظله ، بتوسّط علي نقي بن الشيخ أحمد بن زين الدين (الأحسائي)(٤).

ـ كما يوجد استعارة أخرى على كتاب مجمع الفائدة والبرهان في

__________________

(١) هو نفس الشيخ محمّد بن علي الشعبي الذي أوقف كتاب تفسير الطبرسي على علماء الشيعة في الأحساء المتقدّم.

(٢) فهرس المخطوطات في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي : رقم المخطوط : ٢٠١٠٠٣١٣.

(٣) نوادر المخطوطات السعودية : ٦٨.

(٤) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ١٢ / ٧١٩.


شرح إرشاد الأذهان للشيخ أحمد بن محمّد المقدّس الأردبيلي (ت ٩٩٣هـ) ، نسخ من القرن الثاني عشر ، على النسخة تملّك السيّد خليفة بن عليّ بن أحمد بن محمّد القاري الأحسائي النجفي في شهر صفر سنة ١٢٤٣هـ ، على الصفحة الأولى استعاره منه أسد الله وعلي بن السيّد رضا(١).

ـ ومن نماذج الاستعارة الرائعة استعارة الشيخ حسن ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي آل عيثان الأحسائي (١٢٩٠ ـ ١٣٤٨هـ) ، لكاتبي (البرهان في تفسير القرآن) للسيّد هاشم ابن السيّد سلمان البحراني ، و (مجمع البحرين في اللغة) للشيخ محمّد علي الطريحي النجفي ، من السيّد هاشم ابن السيّد صالح آل بن محسن الحسيني ، فلمّا قضى غرضه منهما أعادهما وقيّد معهما هذه الأبيات(٢) :

جزت الديار فلم أجد لك ثاني

يولي الجميل وصيغة الإحسان

ويعفّ مقتدراً ويسمح باسما

فوجدت صفوتهم أبي عدنان

تلقاه إن نشر الظلام رداءه

متهجّداً للواحد الديّان

متفكراً في الصنع والمصنوع من

آيات قدره مبدع الأكوان

لا يزدريه من الدنيّة زبرج

عمّا قليل مضمحلّ فاني

يتباريان لسانه وبنانه

في بذل مكرمة ونشر بيان

فأسلم ودم في نعمة محروسة

مادامت الأيّام تعتقبان

فلقد قضيت مآربي ولبانتي

من مجمع البحرين والبرهان

__________________

(١) فهرس مخطوطات مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة : ٢ / ٣٣.

(٢) مطلع البدرين : ١ / ٥١٠.


الإهداء :

وهذا النوع من التقييدات يكون في الغالب من الناسخ الذي بذل جهده وعناءه ، واعتنى بنسخه لأجل إهداء النسخة إلى أستاذه أو من يعزّ عليه رضاه ، وهو نوع من التبادل العلمي الجميل الذي حفلت به بعض المخطوطات الأحسائية ، نذكر منها على سبيل المثال :

ـ من النسخ المكتوبة من أجل الإهداء ما نسخه الشيخ أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبد الله بن محمّد بن حسن بن وليد الأحسائي ، من أعلام الأحساء في القرن الحادي عشر الهجري ، المهاجر إلى بلاد فارس ، كتاب الثاقب في المناقب لمحمّد بن عليّ بن حمزة (ت ٥٦٠هـ) ، انتهى من كتابته ونسخه عام ١٠٦٣هـ(١) ، لأجل سطان بابا سلطان(٢).

ـ كما نسخ الشيخ حاجي بن منصور بن سني بن أحمد الصائغ الأحسائي الإصفهاني ، وهو من أعلام الأحساء الكبار في القرن الحادي عشر الهجري ، لأجل الفيلسوف والمتكلّم الكبير السيّد محمّد باقر بن محمّد الميرداماد (ت ١٠٤١هـ) ، كتاب آمالي الصدوق للشيخ محمّد بن علي بن بابويه الصدوق (٣١١ ـ ٣٨١هـ) ، وكان الفراغ من كتابته في ١٠ من شهر ذي القعدة سنة ١٠٣٣هـ ، في منطقة سباهان(٣).

__________________

(١) فهرس دنا : ٣ / ٥٠١.

(٢) مجلّة نسخة بژوهي : سنة (١٣٨٥هـ) ، العدد (٣) ، مقال : فهرست مجموعة هاي خطّي كتابخانة علاّمه طباطبائي ، دانشگاه شيراز ، كاتب : محمّد بركت : ٩١.

(٣) موقع بانك اطلاعات كتب ونسخ خطّي.


ـ ومن نماذج إهداءات الكتب الأحسائي ما كتب الشيخ حسين بن إبراهيم بن ناصر بن محمّد بن خلف الأحسائي من أعلام الأحساء في القرن الحادي عشر الهجري ، فقد نسخ كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠هـ) ، وقد فرغ من نسخ الجزء الأوّل منه ليلة الاثنين ١٨ رجب لسنة ١٠٧٣هـ ، ثمّ أنهى المتبقّي منه ليلة الاثنين ١٩ شوّال لعام ١٠٧٥هـ(١) ، وقد نسخه لأجل الميرزا محمّد جعفر ، وأخيه الميرزا غياث الدين ، وهي نسخة مصحّحة(٢).

ـ كما قام الشيخ دخيل الله سليمان بن يحيى بن سليمان بن هريس الحنبيلي الأحسائي بنسخ كتاب الشمائل المحمّدية ، لأبي عيسى محمّد الترمذي (٢٠٩ ـ ٢٧٩ هـ) ، لأجل الشيخ محمود البيتوشي الشافعي(٣).

ـ ومنها أنّه نسخ الشيخ محمّد بن منصور بن ناصر بن وحيد الصائغ الأحسائي ، من أعلام القرن الحادي عشر الهجري ، كتاب جامع المقاصد في شرح القواعد للشيخ عليّ بن الحسين المحقّق الكركي (٨٩٠ ـ ٩٤٠هـ) ، انتهى من نسخ الكتاب في الشام ليلة ٢٤ ذي القعدة ١٠٢٣هـ(٤) لأجل خزانة الشيخ لطف الله العاملي(٥).

__________________

(١) فهرس دنا : ١ / ٧٣١.

(٢) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ٣/٢٦٣.

(٣) مظاهر ازدهار الحركة العلمية : ٦٨.

(٤) فهرس دنا : ٣ / ٥٩٦.

(٥) فهرس المخطوطات في المكتبة المركزية بجامعة طهران : ٧ / ٣٣.


ـ القراءة والسماع :

لقد ربطنا بين القراءة والسماع في نقطة واحدة رغم الاختلاف بينهما في المعنى ، ولم نفصل بينهما للارتباط الوثيق بين القراءة والسماع في النصوص التاريخية المتعلّقة بقراءة وسماع الكتب ، فكثير ما تجد كلمتي (قرأ وسمع) ، ضمن التقييدات المرتبطة بهما ، تقول الدكتورة نادية اليحيا : «وملاحظ إنّ القراءة مرتبطة في كثير من جوانبها بالسماع ارتباطاً يصعب معه في بعض الأحيان التفريق بينهما ، وخصوصاً فيما يتعلّق بالنماذج وشروط القراءة ، إذ نجد الربط يكون بحروف العطف التي تدلّ على مطلق العطف بين المعطوف والمعطوف عليه ، كحرف الواو ، فنجد الإشارة مثلاً : (إن القراءة والسماعات)»(١).

ولكي ندرك المعنى المقصود بالقراءة في عالم المخطوطات والكتب فهو : «قراءة عالم ذي صلاحية نسخة من الكتاب أثناء الدرس»(٢).

كما يعرّف البعض السماع بـ : «هو عبارة عمّا نصادفه في صدور المخطوطات أو ذيولها من إجازات تنصّ على أنّ الكتاب قد سمعه على مصنّفه ، أو على شيخ ثقة عالم واحد أو كثيرون ، وهي تعرف بـ : (الإجازة السماعية) أو بـ : (السماعيّات)»(٣).

__________________

(١) التقييدات النجدية : ٤٩.

(٢) التقييدات النجدية : ٤٩.

(٣) إجازات السماع في المخطوطات القديمة ، المجلّد الأوّل ، ربيع الأوّل ١٣٧٥ ـ الجزء ١ : ٢٣٢.


وتكمن أهمّية القراءة والسماع لدى العلماء نظراً لعدّة اعتبارات يرون لها أهمّية تستشف من خلال هذا النمط من التقييدات على الكتب ، وهي كما يرى الدكتور المنجد كما يلي :

«أوّلاً : أنموذج من أنموذجات التثبّت العلمي الذي كان يتّبعه العلماء.

ثانياً : وثائق صحيحة تدلّ على ثقافات العلماء الماضين وما قرأوه وما سمعوه من كتب.

ثالثاً : أنّها مصدر للتراجم الإسلامية ، فهي تتضمّن أسماء علماء كثيرين لا نجد لهم ترجمة أو ذكر في كتب التراجم.

رابعاً : وسيلة لمعرفة مراكز العلم في البلاد الإسلامية وحركة تنقّل الأفراد في البلدان المختلفة نحوها.

خامساً : أنّها دليل على صحّة الكتاب وقدمه وتاريخه وضبطه»(١).

بقي أن نشير إلى أنّ كثير من (السماعيّات) للكتب يتبعها إجازة روائية من الشيخ الذي تمّت القراءة والسماع على يديه ، ولذا كثيراً ما تسمّى بـ : الإجازات السماع ، للارتباط الوثيق بينهما.

وفي التراث الأحسائي المخطوط نماذج مختلفة من هذه القراءات والسماعات التي كتبها أو حصل عليها علماء أحسائيون في طيّات المخطوطات التي قرءها عليها تلاميذهم أو سمعوها من أساتذتهم ، نكتفي بذكر بعض النماذج لتوضيح الفكرة :

__________________

(١) المصدر السابق : ٢٣٩.


ـ ما كتبه الشيخ محمّد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي (بعد سنة ٩٠٦هـ) ، لتلميذه الشيخ محمّد بن صالح الغروي الحلّي في خاتمة كتابه كاشفة الحال ، إنهاء ، وإجازة سماع ، قال فيها :

«أنهاه أبقاه الله وأيّده مقابلة ومباحثة ومطالعة وسماعاً وشرحاً واستشراحاً من أوّله إلى آخره الشيخ الأجلّ والحبر الأكمل ، العالم العامل التقيّ الورع ، مُحقّق العلوم والعالم بمنهج علوم الحيّ القيّوم ، شمس الملّة والحقّ والدين محمّد بن صالح الشهير بالغروي أصلح أحوال داريه ووفقه للخير وأعانه عليه بمحمّد وآله ، وقرّرت له جميع ما سمعه ، وأجزت له أن يروي عنّي بالطرق لي إلى علمائنا الماضين فليرو ذلك لمن شاء وأحبّ متحرّياً محتاطاً لي وله ، فإنّه أهل لذلك.

وكتب الفقير إلى الله الغفور محمّد بن علي بن جمهور الأحساوي تجاوز الله عنه بمحمّد وآله ، وأسأل منه ومن جميع الناظرين الدعاء لي بما يصلح الدارين ، والحمد الله وحده»(١).

ـ ومن النماذج فقد نسخ الشيخ محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله ابن إبراهيم بن علي الحريصي الأحسائي كتاب إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف ابن المطهّر ، وكان ابتداء الكتابة في يوم السبت ٢٢ ربيع الثاني ١٠٥٨هـ ، وإتمامها في يوم الجمعة ٢٩ محرّم

__________________

(١) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ٢٩/٣٩١ ، فهرس مصنّفات ابن أبي جمهور الأحسائي : ٢٩١.


١٠٥٩هـ ، في المدرسة الإسماعيلية بشيراز ، قرأ الناسخ بعض الكتاب لدى الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني الآوالي فكتب الأستاذ له إجازة بآخره في ربيع الثاني سنة ١٠٥٩هـ(١).

إنهاء :

ـ من نماذج الإنهاء والإجازة الأحسائية التي تعود للقرن التاسع الهجري ما كتبه الشيخ محمّد بن علي ابن أبي جمهور الأحسائي للشيخ شمس الدين محمّد بن صالح الغروي الحلّي المؤرّخة بـ : ٤ جمادى الأولى سنة ٨٩٦ هـ ، وقد قيّدها في كتاب المسالك الجامعية في شرح الألفية الشهيدية فيقول ما نصّه : «أنهاه أبقاه الله .. ومقابلة في ... وسماعاً ... وفهم جميع ما أشير إليه من المباحث المتقرّرة فيه ، وسأل عن جميع مشكلاته وغوامضها ، واستكشف عن جميع معضلاتها ، وأجبته عن كلّ ذلك وبيّنته له بياناً كافياً شافياً ، فأخذه أخذ فاهم حازم واع له عارف به ، وهو الشيخ الفاضل الكامل الورع التقيّ الصالح شمس الدين محمّد صالح الغروي تجاوز الله عنه.

وقد أجزت له روايته عنّي بالطرق لي إلى المشايخ ، إلى الأئمّة عليهم‌السلام ، وكان ذلك في مجالس متعدّدة ، آخرها اليوم الرابع من شهر جمادى الأولى سنة ستّ وتسعين وثمانمائة.

وكتب مُصنّفه الفقير إلى الله الغفور ، محمّد بن علي بن جمهور

__________________

(١) التراث العربي المخطوط في مكتبات إيران العامّة : ١ / ٥٠١.


الأحساوي تجاوز الله عنه ، وكان ذلك بالمشهد الرضوي المقدّس على ساكنه السلام ، والحمد الله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله»(١).

ـ كما كتب السيّد ماجد ابن السيّد هاشم ابن السيّد علي ابن السيّد مرتضى بن علي بن ماجد الصادقي الحسيني الأحسائي البحراني (ت ١٠٢٨هـ) ، للشيخ أحمد بن جعفر البحراني إنهاء وإجازة على كتابه اليوسفية بعد أن قرأها عليه(٢).

التقييدات المتنوعة :

وهي تقييدات متنوّعة ضمّت معلومات هامّة كان لها الأثر في تثبيت معلومة أو تصحيح معلومة أخرى ، أو فيها إضافة علمية على الموجود في الرسالة ، قام بها الناسخ أو من تملّك النسخة ، وهي متنوّعة في تراثنا الأحسائي نذكر منها على سبيل المثال :

تقييد الوفاة :

ـ فقد ورد في بعض المخطوطات تقييد دقيق بتاريخ وفاة الشيخ حسين ابن إبراهيم بن خميس الأحسائي توفّي في ٢٨ صفر سنة ١٢٤١هـ(٣) ، فكان

__________________

(١) فهرس مصنّفات ابن أبي جمهور الأحسائي : ٢٧٦.

(٢) الرسالة اليوسفية : ٨.

(٣) الفهرس الموحّد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : ١ / ٨٠٣.


لهذا الأثر في التحديد لوفاة الشيخ الخميس الأحسائي.

ـ كما يعتبر الشيخ حسن بن سلطان بن علي بن محمّد بن خليفة الأحسائي ، تلميذ الشيخ الفقيه محمّد بن عبد علي آل عبد الجبّار القطيفي وأحد ناسخي كتبه ، هو أوّل من أشار إلى تاريخ دقيق بسنة وفاة الشيخ آل عبد الجبار فقال : «تاريخ موت الشيخ محمّد آل عبد الجبّار يوم الرابع من شهر جمادى الأولى سنة ١٢٥٢هـ ، الثاني والخمسين ومائتين وألف»(١) ، عندما قيّده في طرف بعض كتب الشيخ آل عبد الجبّار التي نسخها ، بينما قبل ذلك كان وفاته محلّ خلاف واضطراب بين المؤرّخين أو تردّد لا أقلاًّ ، فجاء تقييده ليقطع الشكّ باليقين ، وتحديد يوم الوفاة بكلّ دقّة.

لغز نحوي :

ـ قيّد الشيخ أحمد بن حسين آل حرز بعد نسخه كتاب ألفية ابن مالك في آخر النسخة المذكورة أرجوزة في مدح العلم وخاصّة علم النحو العربي وفي آخر الأرجوزة لغز نحوي ، وهي معنونة بـ : «وقال الشيخ الفاضل المحقّق المدقّق محمّد بن عبد الله بن رمضان الأحسائي عفى الله عنه بمنّه وكرمه»(٢)أوّلها :

__________________

(١) مجلّة الواحة ، صيف عام ٢٠٠٨م ، العدد (٥٠) ، من تراث الشيخ محمّد بن عبد الجبّار مخطوطة القطيف (١ ـ ٢) ، الأستاذ نزار عبد الجبّار : ٩٥.

(٢) أعلام الأحساء : ٥٧ ـ ٥٨.


الحمد لله العلي الأقدم

معلّم الإنسان ما لم يعلم

هادي العباد سبيل الرشاد

وموصل الكلّ إلى السداد

فائدة علمية :

ـ من أبعاد التقييدات الأحسائية ما سجّله الشيخ محمّد بن الشيخ علي آل عيثان الأحسائي في كتاب ذكرى الشيعة للشهيد الأوّل الشيخ محمّد مكّي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨٦هـ) ، كتب سنة ١٢١٠هـ بخطّه فائدة مختصرة في الأوزان في أحد جوانب الكتاب(١).

أبيات شعرية :

ـ كما دوّن بعض أعلام الأحساء أبيات شعرية على بعض المخطوطات منها ما في نسخة كتاب تشريح الأفلاك تأليف الشيخ بهاء الدين محمّد بن حسين العاملي(ت ١٠٣٠هـ) ، المنسوخة في ليلة الثلاثاء ٥ جمادى الأوّل ١١١٦هـ ، أبيات شعرية من الشيخ محمّد بن عيثان الأحسائي(٢).

هذه مجموعة من التقييدات الأحسائية التي تعكس العمق التاريخي في

__________________

(١) مجلّة تراثنا ، السنة التاسعة عشر ، محرّم ـ جمادى الثاني (١٤٢٤هـ) ، العددان (٧٣ ـ ٧٤) : ٢٤٦.

(٢) ٩٦ مخطوطات المكتبة الجعفرية في قائن بإيران : رقم المخطوط : ١٥٨.


التعامل مع المخطوطة الأحسائية ، والتنوّع الذي حظيت به طوال تاريخها ، وما سقناه لا يمثّل إلاّ نماذج جمعناها من هنا وهناك لنعطي القارئ تصوّر عن طبيعة وتنوّع التقييدات الأحسائية ، وإنّ الموضوع يحتاج إلى جهد أكبر ، وتعمّق أكثر من خلال البحث والتحقيق في دلالاتها ومعانيها المختلفة من قبل المهتمّين والمختصّين في مجال المخطوطات والتراث ، أرجو أنّي وفّقت في خلق تصوّر عام وحقّقت الغرض المنشود من هذه الدراسة.


المصادر

١ ـ إجازات الشيخ أحمد الأحسائي : شرحها وعلّق عليها الدكتور حسين علي محفوظ ، الطبعة الأولى ١٣٩٠هـ ـ ١٩٧١م ، مطبعة الآداب في النجف الأشرف.

٢ ـ أعلام الأحساء في العلم والأدب من الماضين في سبعة قرون (ابتداء من عام ٨٠٠هـ) : للحاج جواد بن حسين آل رمضان الأحسائي ، طبعة محلّية ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٢هـ / ٢٠٠١م.

٣ ـ أعيان الشيعة : السيّد محسن الأمين ، حقّقه وأخرجه وعلّق عليه : السيّد حسن الأمين ، الطبعة الخامسة : ١٤١٨هـ ـ ١٩٩٨م ، دار التعارف للمطبوعات : بيروت.

٤ ـ التراث العربي المخطوط في مكتبات إيران العامة : السيّد أحمد الحسيني ، الطبعة الأولى : ١٤٣١هـ ـ ٢٠١٠م ، الناشر : دليل ما : قم المقدّسة.

٥ ـ تقييدات النجديين على المخطوطات أنماطها ودلالاتها التاريخية : د. نادية بنت عبد العزيز اليحيا ، الطبعة الأولى : ١٤٢٩هـ ـ ٢٠٠٨م ، مكتبة الملك فهد الوطنية.

٦ ـ الرسالة اليوسفية في الأصول الإعتقادية والأحكام الصلاتية : السيّد ماجد بن السيّد هاشم الموسوي الحسيني الجد حفصي البحراني ، تحقيق : الشيخ إبراهيم عبد الحسين السندي الستري البحراني ، الطبعة الأولى : ١٤١٦هـ ـ ١٩٩٦م ، المطبعة العلمية : قم.


٧ ـ فهرست كتاب خانه آستان قدس رضوي : غلام علي عرفانيان ، الطبعة الأولى : ١٤٠٩هـ ، مطبعة سفديم : مشهد.

٨ ـ فهرس دنا : مصطفى درايتي ، الطبعة الأولى : ١٣٨٩ هـ. ش ، مكتبة موزة ومركز أسناد مركز شورى إسلامي : مشهد.

٩ ـ فهرس المخطوطات في المكتبة المركزية بجامعة طهران : محمّد تقي پژوه ، إيرج أفشار ، الطبعة الأولى : ١٣٥٣هـ. ش ، نشر مؤسّسة انتشارات ومكتبة جامعة طهران : طهران.

١٠ ـ فهرس مخطوطات مركز إحياء التراث الإسلامي : السيّد جعفر الحسيني الأشكوري ، السيّد صادق الحسيني الأشكوري ، الطبعة الأولى : ١٣٨٣هـ.ش ـ ١٤٢٦ هـ ، نشر : مركز إحياء التراث الإسلامي : قم.

١١ ـ فهرس مخطوطات مكتبة مجلس الشورى الإسلامي : سيّد محمّد طباطبائي بهبهاني ، الطبعة الأولى : ١٣٨١ هـ. ش ، نشر مركز الشورى الإسلامي : طهران.

١٢ ـ فهرس مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي : بإشراف السيّد محمود المرعشي ، تأليف : السيّد أحمد الحسيني ، الطبعة الأولى : بدون تاريخ ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي : قم.

١٣ ـ فهرس مخطوطات مكتبة العتبة العباسية المقدسة : السيّد حسن الموسوي البروجردي ، الطبعة الأولى : ١٤٣٤هـ ـ ٢٠١٣م ، الناشر : مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة : النجف الأشرف.

١٤ ـ فهرس مخطوطات المكتبة الوطنية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية : السيّد عبد الله أنوار ، الطبعة الأولى : ١٣٦٥ هـ. ش ، نشر : المكتبة الوطنية : طهران.


١٥ ـ فهرس مصنّفات الشيخ محمّد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي : كشف ببليوغرافي لمصنّفات ابن أبي جمهور المخطوطة والمطبوعة وإجازاته في الرواية وطرقه في الحديث ، عبد الله غفراني ، الطبعة الأولى : ١٤٣٤هـ ـ ٢٠١٣م ، جمعية ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث ، دار المحجّة البيضاء : بيروت.

١٦ ـ فهرس مكتبة العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم : أحمد علي مجيد الحلّي ، الطبعة الأولى : ١٤٣١هـ ، مؤسّسة تراث الشيعة : قم.

١٧ ـ الفهرس الموحد للمخطوطات الإيرانية (فنخا) : إعداد مصطفى الدرايتي ، الطبعة الأولى : ١٣٩٠هـ. ش ، نشر :سازمان أسناد وكتابخانه ملّي جمهوري إسلامي إيران : قم.

١٨ ـ لسان العرب : ابن منظور : الطبعة الأولى : ١٤٠٨هـ / ١٩٨٨م ، دار إحياء التراث العربي : بيروت.

١٩ ـ الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة (القسم الأول من الجزء الثاني) : آقا بزرك الطهراني ، الطبعة الثانية ١٤٠٤هـ ، دار المرتضى : مشهد إيران.

٢٠ ـ مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين : جواد ابن حسين آل الشيخ علي آل رمضان ، الطبعة الأولى : ١٤١٩ هـ ـ ١٩٩٩م ، (د. م).

٢١ ـ مظاهر ازدهار الحركة العلمية في الأحساء خلا لثلاثة قرون (١٠٠٠ ـ ١٣٠٠هـ) : عبد الله بن عيسى الذرمان ، الطبعة الأولى : ١٤٢٢هـ ، (د. ن).

٢٢ ـ مصادر الحديث والرجال مسرد ببليو غرافي لعشرة من أهم مصادر الحديث الرجال عند الشيعة الإمامية : السيّد أحمد الحسيني ، الطبعة الأولى : ١٤٣٢هـ ـ ٢٠١١م ، منشورات دليل ما : قم المقدّسة.


٢٣ ـ مكتبات الدولة السعودية الأولى المخطوطة : حمد بن عبد الله العنقري ، الطبعة الأولى : ١٤٣٠هـ. ٢٠٠٩م ، دارة الملك عبد العزيز : الرياض.

٢٤ ـ نوادر المخطوطات السعودية (نماذج لمجموعة من نوادر المخطوطات المحفوظة بدارة الملك عبد العزيز) : إعداد أيمن بن عبد الرحمن الحنيحن ، سعد محمّد آل عبد اللطيف ، الطبعة الأولى : ١٤٣٢هـ ، دارة الملك عبد العزيز : الرياض.

٢٥ ـ مجلّة نسخة بزوهي : مجلّة فصلية ، سنة ١٣٨٥هـ ، ش ، العدد (٣) ، مقال : (فهرست مجموع خطّي كتابخانة علامة طباطبايي دانشگاه شيراز) ، الكاتب : محمّد بركت.

٢٦ ـ مجلّة التاريخ العربي : العدد ٢٢ ربيع ١٤٣٣هـ / ٢٠٠٢م ، مقال : (وصف المخطوطات وإعداد بطاقاتها) ، د. رمضان ششن.

٢٧ ـ مجلّة تراثنا : السنة التاسعة عشر ، محرّم ف جمادى الثانية : ١٤٢٤هـ ، العددان (٧٣ ، ٧٤) : مقال : (فهرس مخطوطات مكتبة أمير المؤمنين العامّة) : السيّد عبد العزيز الطباطبائي.

٢٨ ـ مجلّة معهد المخطوطات العربية : المجلّد الرابع ، ربيع الثاني ١٣٧٨هـ ، مقال : (المخطوطات العربية في العالم : المخطوطات العربية في العراق) ، الكاتب : د. حسين علي محفوظ.

٢٩ ـ مجلّة معهد المخطوطات العربية : المجلّد الأوّل ، ربيع الأوّل ١٣٧٥ ـ الجزء ١ ، مقال : (إجازات السماع في المخطوطات القديمة) ، د. صلاح الدين المنجد.

٣٠ ـ مجلّة الواحة : العدد (٣٧) ، السنة الحادية عشرة ، الربع الثاني : ٢٠٠٥م ، مقال : (من نسّاخي الكتب في الأحساء) ، للكاتب : أحمد عبد الهادي المحمّد صالح.


٣١ ـ مجلّة الواحة : العدد (٥٠) ، مقال : (الملا ناصر النمر) ، بقلم أحمد بن الملا محمّد بن الملا ناصر النمر.

٣٢ ـ موقع مكتبة الإمام الحكيم بالنجف الأشرف.

٣٣ ـ موقع بانك اطلاعات كتب ونسخ خطي.


دراسة ظاهرة التناص

في نماذج من خطب الشيخ

أحمد بن عبد السلام الجدحفصي

ياسر عبد الهادي عبد الله الجمريّ

المقدِّمة :

«الحمد لله الذي جعل كتاب الأبرار في علّيّين ، وجعل علّيين كتاباً مخزوناً في سُرادَق المقرّبين»(١) ، والصلاة والسلام على «سيّدنا الجاري على لسانه مصون وحيه ، الخارج عن ظواهر خطابه مكنون أمره ونهيه ، المحمود في فعله المشكور في قصده وسعيه»(٢) ، وعلى آله الأبرار وصحبه الأخيار.

وبَعْدُ ...

__________________

(١) المخطوط : ٢٤ (مجموع الخُطَب ، مخطوط يحتفظ الباحث بنسخة منه ، وسيُرمَز في الحواشي القادمة بلفظ المخطوط لكلّ ما يُقْتَبَس من هذا المخطوط).

(٢) المخطوط : ٢٤.


فإنّ في البحرين تراثاً علمياً وأدبياً يحتاج إلى تنقيب وبحث ودراسة ، ويأتي هذا البحث على هذه الطريق ؛ إذ ينصبّ على دراسة ظاهرة التناصّ مع نهج البلاغة في خطب الشيخ أحمد بن عبد السلام الجدحفصي ، أحد علماء البحرين في القرن الحادي عشر ، وعلى هذه الطريق أيضاً يأتي سبب اختيار الموضوع ؛ فالتراث في البحرين ـ علاوةً على أنّه مخفي في طيّات المخطوطات ـ يكاد يفتقر إلى دراسته دراسة على ضوء النظريات الحديثة ، وتكمن قيمة الموضوع في هذا الجانب ، جانب إثراء المكتبة البحرانية التراثية بالتناول من خلال النظريات الحديثة.

وقد مر هذا البحث بعدّة مشكلات عطّلت فيه العمل قليلاً ؛ أوّل هذه المشكلات هي أنّ موضوع التناص موضوع جديد على الباحث ، وقد شكّل تحدّياً له للإلمام بملامحه النظرية في مدّة قصيرة ، وثانيها قلّة المصادر والمراجع حول موضوع التناص في المكتبة المركزية في جامعة البحرين ؛ الأمر الذي أدّى إلى تعطل البحث في بعض محطّاته للحصول على المصادر والمراجع ، وثالثها صعوبة قراءة بعض الكلمات في المخطوط ، على الرغم من أنّ الخطّ كان واضحاً ، وقد بذل الجهد للحصول على نسخة أخرى مخطوطة للخطب ولم يثمر عن نتيجة.

واشتمل البحث على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة ؛ أما الفصل الأول


فقد وقف فيه على ترجمة للشيخ أحمد بن عبد السلام معتمداً على كتب التراجم التي ترجمت للعلماء في البحرين والأحساء والقطيف ، وأما الفصل الثاني فقد انصب على آثار الشيخ وخطبه ومعتمداً على الكتب التي ترجمت للشيخ في وضع آثاره ، وأما الفصل الثالث فقد دار فيه الحديث عن نظرية التناص مقسما على مباحث تشمل تعريفاً للتناص والتناص في الدراسات الحديثة وفي التراث العربي ، ومعتمداً على المصنفات التي ألفت في هذا الباب من كتب مترجمة ورسائل جامعية ، ودراسات وبحوث في المجلاّت المحكمة ، وانصب الفصل الرابع على الدراسة التطبيقية لنظرية التناص على خطب الشيخ أحمد بن عبد السلام ، ثم الخاتمة وفيها نتائج البحث.

أمّا المنهج الذي سار عليه البحث فهو المنهج الوصفي المقارن ؛ الوصفي في الدراسة النظرية ، والمقارن في الدراسة التطبيقية ؛ إذ تركز عملية التناص على المقارنة ، لذلك هي بحاجة إلى هذا المنهج.

ختاماً ، لا يسعني إلاّ أن أزجي وافر شكري إلى المشرف على هذا البحث الأستاذ الدكتور علي المدني لتجشمه عناء مطالعة البحث في مراحله المختلفة ، وإلى أستاذي الدكتور السيد عيسى الوداعي الذي لم يبخل علي بنصيحة ولا بكتاب لا يريد بذلك إلاّ وجه الله ، وإلى الدكتورة ضياء الكعبي والدكتور غازي عاشير لمساعدتي في الحصول على مصادر للبحث ، كما أقدم


شكري إلى زميلي في الدراسة الجامعية أخي العزيز علي عبد النبي لمساعدتي في ترتيب أفكار هذا البحث ، ولا أنسى إزجاء وافر الشكر إلى أمي وأبي سبب وجودي في هذه الحياة ، وإلى زوجي التي صبرت طوال هذا الفصل على تذمري بسبب المشكلات التي واجهتني مع هذا البحث ، والشكر إلى كل من مد يد العون وساهم بإبداء رأي أو نصيحة لتقويم هذا البحث.

اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا ، واجعلنا ممن يخلص لك.


الفصل الأوَّل

الشيخ أحمد بن عبد السلام الجدحفصي

أوّلاً : اسمُه ونسبُه :

هو الشيخ أحمد بن عبد السلام المعني(١) الجدحفصي(٢) البحراني(٣)هذه النسب الثلاث هي النسب الموجودة له ، وقد نقل محقّق كتاب أنوار البدرَين ـ خطأً ـ أنّ اسمه هو الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عبد السلام البحراني ، والظاهر أنّ الشيخ هذا هو غير الشيخ أحمد بن عبد السلام المترجم له ؛ ويؤيد هذا القول ما فعله صاحب كتاب أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين إذْ فصل بين ترجمتيهما(٤).

ثانياً : مولده ووفاته :

لم يذكر أحد ـ فيما لديّ من مصادر ـ تاريخ وفاة الشيخ أحمد فضلاً عن تاريخ مولده ، ولكنّ الظاهر أنّه كان حياً بعد سنة (١٠٢٨ هـ) ؛ وهي السنة

__________________

(١) منتظم الدّرّين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرَين ١/١٣١.

(٢) فهرست علماء البحرين : ١٢٥.

(٣) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٣٢٩.

(٤) أعلام الثّقافة الإسلاميّة في البحرّين خلال ١٤ قرناً : ٤١٩ ـ ٤٢٤.


التي توفّي فيها الشاعر الشيخ جعفر الخطي ، أبو البحر ، أمّا صاحب كتاب منتظم الدرّين فيقول في تاريخ وفاته : «لم أقف على زيادة تعريف ، وأظنّ أنّ وفاته في العقد السادس بعد الألف ، والله أعلم»(١).

وأيضاً نستطيع أن نقول إنّه كان حيّاً بعد (١٠٣٣ هـ) ؛ لأنّ الخطبة الحادية العشرة من المخطوط هي خطبة عيد الأضحى للسنة المذكورة(٢).

أمّا محقّق كتاب أنوار البدرين فقد نقل ـ معتمداً على كتاب مستدركات أعيان الشيعة ـ أنّه توفّي سنة (١٠٧٣ هـ) ؛ وهذا التاريخ ناتج عن خلطه في الترجمة بين الشيخ أحمد بن عبد السلام الجدحفصي وبين الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عبد السلام(٣).

وتوفّي الشيخ أحمد في شيراز ، ودفن فيها بمشهد علاء الدين حسين(٤) ويسمّى بمشهد (حسين ولاء)(٥).

ثالثاً : عصره :

يمكن استنتاج ملامح العصر الذي عاش فيه الشيخ من خلال الاطلاع على الحركة العلمية الموجودة في هذا العصر ، ولأن تاريخ وفاة الشيخ غير

__________________

(١) منتظم الدّرّين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرَين ١/١٣٥.

(٢) المخطوط : من ص٤٢ إلى ص٤٧.

(٣) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٣٢٩.

(٤) منتظم الدّرّين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرَين ١/١٣١.

(٥) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٣٢٩.


محدد ؛ يمكن الرجوع إلى ترجمة أستاذه السيّد ماجد الصادقي ، والرجوع إلى هذه الترجمة لغرض معرفة تلامذة هذا العالم ، إذ إنّ الشيخ أحمد قد تتلمذ عليه ، ومن علماء البحرين الذين تلمذوا على السيّد ماجد الصادقي : «الشيخ الفقيه ذو المرتبة الرفيعة في الفضل والكمال الشيخ محمد بن حسن بن رجب البحراني ، والشيخ الفاضل المتبحر الشيخ محمّد بن علي البحراني ، والشيخ زين الدين الشيخ علي بن سليمان البحراني ... والسيّد العلاّمة السيّد عبد الرضا البحراني ، والخطيب الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني»(١)(٢).

ويردف ما سبق ذكر المترجمين أنّ الشيخ كان معاصراً للشاعر الشيخ جعفر الخطّي ، وللشيخ الخطّي مدح في الشيخ أحمد بن عبد السلام ، وهذا دليل آخر على وجود حركة علمية وأدبية في البحرين في العصر الذي عاش فيه الشيخ أحمد(٣).

رابعاً : منهجه العلمي :

لا تتحدّث الكتب المترجمة للشيخ عن منهجه العلمي ، ولكن يمكن الاستدلال على منهجه من خلال إجابته عن السؤال الذي ورد إليه في «عيسى

__________________

(١) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٢٥٧ ـ بتصرّف.

(٢) منتظم الدّرّين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرَين ١/١٣٢.

(٣) ديوان أبي البحر : ٤٢٨ ـ بتصرّف.


ويحيى وتقدّم أحدهما على الآخر»(١) ، ففي إجابته يعرض الشيخ بعض الأحاديث المتعلّقة بالنبيين الكريمين ، ويدفع التنافي الحاصل بين حديثين بإيراده أحاديث غيرهما أو مضامين للأحاديث ، ويستدلّ بهذه الأحاديث على دفعه التنافي ، وهو أنّ سؤال عيسى وإجابة يحيى وخروجه ، كلّ ذلك في عالم الأرواح أو عالم المثال.

والناظر في هذه الاستدلالات يرى أنّ الشيخ أحمد بن عبد السلام رجل حديث ، يُدعم إجاباته واستدلالاته بالأحاديث.

ولا يمكن تحديد منهج الشيخ هل هو أخباريٌّ أم أصوليّ؟ لأنّ التراجم الموجودة لا تصرح بذلك ، وكذلك نرى في كتاب فهرست علماء البحرين قوله عن السيّد ماجد الصادقي أستاذ الشيخ أحمد بن عبد السلام إنّه «أوّل من نشر علم الحديث في دار العلم شيراز»(٢) ، ويشير محقّق الكتاب في الحاشية إلى أنّ الاعتناء بالحديث ليس مختصّاً بالعلماء ذوي المشرب الأخباريّ ، إذْ إنّ العلماء ذوي المشرب الأصوليّ اهتمّوا بكتب الحديث ، وعلى رأسهم الشيخ البهائي في ذلك العصر(٣).

__________________

(١) الدُّرَر النّجفيّة من الملتَقَطات اليوسفيّة ٣/٣٧٩.

(٢) فهرست علماء البحرين : ١٠٤.

(٣) المصدر السّابق : ١٠٤ في الحاشية ـ بتصرّف.


خامساً : شيوخه وتلاميذه :

لم تذكر المصنّفات التي ترجمت للشيخ والتي بين يديّ شيوخ الشيخ وتلاميذه ، إلاّ الشيخ سليمان الماحوزي في فهرست علماء البحرين ، فقد ترجم للعلاّمة السيّد ماجد بن هاشم الجدحفصي وعدّ الشيخ أحمد من تلامذته(١).

وقد ذكر مؤلّف كتاب أنوار البدرين أنّ له ولداً صالحاً فاضلاً اسمه الشيخ حسن(٢) ؛ ولأنّ دأب القدماء أن يتتلمذ الولد لأبيه ؛ نستطيع أن نقول إنّ هذا الابن قد تتلمذ لأبيه الشيخ أحمد.

سادساً : أقوال العلماء فيه :

١ ـ قال عنه الشيخ سليمان الماحوزي : «الشّيخ الأديب الخطيب المتفنّن ... فقيه متفنّن»(٣).

٢ ـ وقال عنه صاحب أنوار البدرين : «العالم الأمجد الربّاني ... وكان نادرة عصره في ذكائه وكثرة فنونه ، أوحد أهل زمانه في الإنشاء والخطابة»(٤).

٣ ـ وقال عنه صاحب كتاب منتظم الدرّين : «العالم المحقّق ، الفاضل

__________________

(١) فهرست علماء البحرين : ١٢٥.

(٢) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٣٢٩.

(٣) فهرست علماء البحرين : ١٢٤ ـ ١٢٥.

(٤) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٣٢٩.


المدقّق ، الخطيب المصقع ، الأديب المبدع ، الأوحد الأنجد ... كان عالماً عاملاً محقّقاً فاضلاً.

ونقل عن الشيخ سليمان الماحوزي أنّه قال في حقّه في رسالته في (تراجم علماء البحرين) : «كان نادرة عصره في ذكائه وكثرة فنونه ، وأوحد أهل زمانه في الإنشاء والخطابة ... وشعره ليس في مرتبة إنشائه».

وقال : «وذكره المحدّثان الصّالح ، والمنصف الشيخ يوسف بالذكر الجميل»(١).

٤ ـ وبعث له الشاعر الشيخ جعفر الخطّي كتاباً يجيب فيه عن كتاب بعثه إليه الشيخ المحقّق أحمد بن عبد السلام من البحرين وهو يومئذ بشيراز سنة (١٠٢٨ هـ) ، وصدّر به هذه الأبيات :

وَرَدَ الكتابُ فأورَدَ الأفراحا

وأزالَ عنَّا الهمَّ والأتراحا

قد كان أغلَقَت المسرَّةُ بابَها

حتّى أتى فغدا لها مفتاحا

لم يدجُ ليلُ مُلِمَّة حتّى غدا

بسناهُ في ظلمائِهِ مصباحا

أطلقتَ من أسرِ الهموم به فطِرْ

فلقد يكونُ لما يَسُرُّ جناحا(٢)

٥ ـ وقال عنه الشيخ يوسف بن أحمد البحراني : «... وهذا الشيخ المُجيب كان من أجلاّء فضلاء البحرين ...»(٣).

__________________

(١) منتظم الدّرّين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرَين ١/١٣١ ـ ١٣٣.

(٢) الخطّي ، جعفر (أبو البحر) : ديوان أبي البحر : ص٤٢٨.

(٣) الدُّرَر النّجفيّة من الملتَقَطات اليوسفيّة ٣/٣٨١.


الفصل الثاني

آثاره وخطبه

أوّلاً : آثاره :

لا بدّ لنا قبل أن نشرع بدراسة التناص ، وبعد أن تحدّثنا عن الشيخ أحمد بن عبد السلام ، أن نتحدّث عن آثاره العلمية التي تناثرت أسماؤها في الكتب المترجمة للشيخ.

يقول صاحب أنوار البدرين إنّ الشيخ أحمد بن عبد السلام ـ نقلاً عن الشيخ سليمان الماحوزيّ ـ لديه رسالة مليحة في الاستخارة ، ورسالة في أصول الدّين سمّاها (المباراة) ، ورسالة في علم الفلاحة ، وغيرها(١)(٢).

ويقول إنّه قد وقف على جواب بعض المسائل في غاية البلاغة والتحقيق ، وإنّه قد رأى ديواناً صغيراً له في خزانة ولده الفاضل الشيخ

__________________

(١) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٣٢٩.

(٢) فهرست علماء البحرين : ١٢٥.


حسن(١).

وهذا ما ذكره صاحب كتاب بعض فقهاء البحرين في الماضي والحاضر(٢).

وقد ذكر صاحب الذريعة إلى تصانيف الشيعة الآثار السابقة(٣).

وهذا يجرّنا إلى الحديث عن شعر الشيخ أحمد بن عبد السلام ، ولم أقف على ديوان الشيخ ، ولكن المخطوط الموجود في بعض إنشائه شعراً وقد جعله في ثنايا خطبه ، وننقل بعض هذا الشّعر ، يقول :

مقامي لا أملُّ من المقامِ

وإنْ لَم تغفلوا عِظَة الكلامِ

أكرِّرُ فيكُمُ وعظي ونُصحي

وأثني عن مساعيكم ذِمامي

وأحفظ عهدَكم ما دمتُ حيّاً

وإن لم تَحْفَظوا يوماً ذِمامي

تعالوا نقرأُ الصُّحُفَ المواضي

ونستبري الحلالَ من الحرامِ

ونعمَلُ كلَّ ما فيهِ رِضاهُ

وننزِلُ كلَّ ذمّ أو ملامِ

ولا نغشى عزائمَنا بجرم

ولا جمعِ الحطامِ على الحُطامِ

__________________

(١) أنوار البدرَين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين ١/٣٢٩.

(٢) بعض فقهاء البحرَين في الماضي والحاضر ٢/٢٣ ـ ٢٤.

(٣) الذَّريعة إلى تصانيف الشّيعة ٢/١٩ ،٩/٥٦ ، ١٦/٣٠١ ، ١٩/٤٤.


ولا نسعى بفاحشَة ومكر

ولا نلمُم بسعي أو تمامِ

وها أنا يونُسٌ في بطنِ حوت

بنَيْسابورَ في ظلِّ الغمامِ

فبيتي والفؤادُ ونومُ دُجْن

ظلامٌ في ظلام في ظلامِ(١)

ويقولُ في خطبة أخرى :

سبحانَ من ميّز هذي الوَرى

ما بينَ محمول وموضوعِ

وصرَّفَ الأحوالَ في فترَة

ما بينَ أسبوع فأسبوعِ

فكلُّ هذا الخلقِ تصريفُهُ

بصانِع ليسَ بمصنوعِ

جنَى أيادِيهِ وأنعامِهِ

ليسَ بممنوع ومقطوعِ

أوحى لأهلِ العدْلِ في وحْيِهِ

بمختشىً ليسَ بممنوعِ

الصَّبرُ أوْلَى بالفتَى والحيا

في طيِّ منقول ومسموعِ

والدَّهْرُ في تَصْرِيفِ أقدارِهِ

ليس على طُرْز بمطبوعِ

يا قائلاً قولاً بلا فطنَة

لستَ عن الحقِّ بمصدوعِ

والعلمُ إن أحكَمْتَ بنيانَهُ

جمَّعْتَ ما ليسَ بمجموعِ

والجهلُ إنْ مِلْتَ إلى سَمْتِهِ

شَرَّعْتَ ما ليسَ بمشروعِ

إيَّاكَ أن تَجْهَدَ في دَفْعِ ما

ليسَ بمردود ومدفوعِ

وقم بما شاء على أُهْبَة

فلَيسَ ما شاءَ بمرجوعِ

وكلُّ ما أثْبَتَ أركانَهُ

ليسَ على حال بمنزوعِ(٢)

__________________

(١) المخطوط : ٢.

(٢) المخطوط : ٥٥.


ونرى في المخطوط غير هاتين المقطوعتين الشعريتين(١) ، وبقراءتنا لهذه الأشعار نستعير الحكم الذي نقل عن الشيخ سليمان الماحوزي وأطلقه على شعره إذ قال : «وشعره ليس في مرتبة إنشائه»(٢) ، وهو محقٌّ بهذا الحكم النقدي.

أمّا الشيخ محمد التاجر صاحب كتاب منتظم الدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين فانفرد بثلاثة مؤلّفات لم أقف ـ فيما لديّ من مصادر ـ إلاّ عنده ، والمؤلّفات هي :

الأوّل : جواب بعض المسائل للسيّد أحمد زين العابدين ، وقد جاء ببعض نصّ المسائل ، وجاء بجزء من الإجابة عنها.

الثاني : رسالة في صنعة النجارة ، ألّفها للأستاذ حاجي شمس بن محمّد النجار البحراني ، وهي رسالة لطيفة في فنّها طريفة ، ختمها بقوله شعراً :

اِلزَمْ قَوانينَ الصِّناعَهْ

واحْذَرْ تَصاريفَ الإضَاعَهْ

واحْفَظْ عِبادَتَكَ الَّتي

كُلِّفْتَهَا فهْيَ البِضَاعَهْ

والسِّرَّ فاجْعَلْ بَيْنَهُ

رُوحاً وإيَّاكَ الإذَاعَهْ

واعْرِفْ إشارات مَضَتْ

إنْ كُنْتَ مِنْ أهْلِ البَراعَهْ

الثالث : كتاب يسمّى باللآلي ، ووجد الشيخ محمّد علي آل عصفور البحراني كرّاساً منه ونقل منه حديثاً عن الأيّام النّحسات في السنة مروياً عن

__________________

(١) لقراءَة أبيات الشّيخ ، انظر : المخطوط : ٦ و٧ ، ٢٤ ، ٤٦ ، ٤٩ ، ٦١.

(٢) منتظم الدّرّين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرَين١/١٣١ ـ ١٣٣.


الإمام الصادق عليه‌السلام ثمّ يتحدّث عن أحوال الظلّ في البحرين(١).

ثانياً : خطبه :

عرفنا أنّ الشيخ أحمد خطيب متفنن ، كما ورد في الكتب التي ترجمت له ، وللشيخ أحمد «خطب بديعة كثيرة تنيف على مائة»(٢) ، نتحدّث عنها هنا.

أ ـ موضوعاتها :

تتنوّع الموضوعات في خطب الشيخ ، وقد أحصيت في المخطوط الذي بين يدي خمسة عشر خطبة ؛ وموضوعاتها :

١ ـ الخطبة اليونسية ؛ ويذكر فيها أحوال النبيّ يونس عليه‌السلام (٣).

٢ ـ خطبة عيد الفطر(٤).

٣ ـ خطبة الثغور(٥).

٤ ـ خطبة الــ ـ (...)(٦) ، وتناسب ثاني الأربعين ، وفيها يذكر مولد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام (٧).

__________________

(١) الذّخائر في جغرافيا البنادر والجزائر : ١١٢ ـ ١١٣.

(٢) فهرست آل بابويه وعلماء البحرين : ٨٦.

(٣) المخطوط : من ص١ إلى ص٥.

(٤) المخطوط : من ص٥ إلى ص١٠.

(٥) المخطوط : من ص١٠ إلى ص١٦ ، ما عَدَا الصَّفحَتين ١١ و١٢.

(٦) اسم الخطبة غيرُ واضح.

(٧) المخطوط : من ص١٦ إلى ص٢٠.


٥ ـ الخطبة السليمانية ، وفيها يذكر مولد النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله)(١).

٦ ـ خطبة غير معنونة ، وأحتمل أنّها خطبة جمعة(٢).

٧ ـ الخطبة العنكبوتية ؛ ويصف فيها بديع خلقة العنكبوت(٣).

٨ ـ الخطبة الاثني عشرية ؛ في وصفه الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام (٤).

٩ ـ خطبة غير معنونة ، وأحتمل أنّها خطبة جمعة(٥).

١٠ ـ الخطبة الاثني عشرية ؛ في وصفه الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام ، وهي غير التي سبقت(٦).

١١ ـ خطبة عيد الأضحى سنة (١٠٣٣ هـ)(٧).

١٢ ـ خطبة غير معنونة(٨).

١٣ ـ خطبة غير معنونة(٩) : مخرومة في بدايتها ، ويظهر من عباراتها أنّها في بداية شهر رمضان ؛ لأنّه ضمّنها بعض العبارات من خطبة النبيّ عليه‌السلام في استقبال شهر رمضان الكريم.

__________________

(١) المخطوط : من ص٢٠ إلى ص٢٤.

(٢) المخطوط : من ص٢٤ إلى ص٢٧.

(٣) المخطوط : من ص٢٨ إلى ص٣٢.

(٤) المخطوط : من ص٣٢ إلى ص٣٦.

(٥) المخطوط : من ص٣٦ إلى ص٣٨.

(٦) المخطوط : من ص٣٨ إلى ص٤٢.

(٧) المخطوط : من ص٤٢ إلى ص٤٧.

(٨) المخطوط : من ص٤٧ إلى ص٤٩ ، ويَظهَرُ أنَّ هذه الخُطْبَة ناقِصة في نهايَتِها.

(٩) المخطوط : من ص٥٠ إلى ص٥٣ ، ويَظْهَر أنَّ هذه الخُطْبة ناقِصَة في بدايَتِها ، وقَد خُلِطَت مع الخطبة الّتي تسبقُها.


١٤ ـ خطبة في الحثّ على صلاة الجماعة(١).

١٥ ـ الخطبة الروحانية(٢).

فالظاهر ـ ممّا سبق ـ أنّ أكثر خطبه هي خطب دينية ؛ أي أنّها تنحصر بخطب الجمعة والعيدين.

ب ـ وصف المخطوط :

تتوزّع الخطب الموجودة في هذا المخطوط على إحدى وستّين صفحةً ، تبدأ الصفحة الأولى بـ : «من خطب الشيخ الأعلم الأعمل الشيخ أحمد بن المتوّج المحبور عبد السلام تغمّده الله برحمته» وتنتهي الصفحة الأخيرة منه بـ : «مراد الحاضر الحاضر والمسافر وبدر أفق إنشاء المنشأ ونظم الشاعر المخجل بجداول راحاته حبات البحر الزاخر محمود الشمائل ...».

ومتوسط عدد السطور في الصفحة الواحدة أربعة عشر سطراً ، ويتراوح عدد الكلمات في السطر الواحد بين التسع كلمات واثنتي عشرة كلمة ، وقد كتب المخطوط بخطّ نسخ واضح ، ولصق على الصفحة الأولى والأخيرة من هذا المخطوط عبارة : (إصدار مكتبة الشيخ إسماعيل الگلداري ـ قسم

__________________

(١) المخطوط : من ص٥٣ إلى ص٥٨.

(٢) المخطوط : من ص٥٨ إلى ص٦١.


المخطوطات المصوّرة ـ البحرين galdaristar@hotmail.com).

ويذكر في نهاية الصفحات في المخطوط الكلمة الأولى من الصفحة التالية ، والقارئ يرى أنّ في المخطوط سِقْطاً واضحاً وإقحاماً بيّناً ، وهذا ما تبيّن في الحديث عن موضوعات الخطب ؛ إذْ أُقحِمت الصفحتان الحادية عشرة والثانية عشرة في وسط المخطوط ، وفي الصّفحة التّاسعة والأربعين والصّفحة الحادية والستّين (الأخيرة) يوجد سقط في آخر الخطب التي فيها ، أمّا الصفحة الخمسين ففيها خَرمٌ في أوّل الخطبة ؛ ممّا أدّى إلى خلط بينها وبين الخطبة في الصفحة التاسعة والأربعين.

وأزعم أنّ هذا المخطوط قد كتب في حياة الشيخ أحمد بن عبد السلام ؛ وأدلّل على ذلك بما ورد في الصّفحة الأخيرة من المخطوط ، وفيها : «.. من بعض إنشائه أدام الله ظلاله»(١) ، فهذه العبارة تعطينا دليلاً بأنّ هذا المخطوط مكتوب في حياة الشيخ.

__________________

(١) المخطوط : ٦١.


الفصل الثالث

التناص

أوّلاً : التناص لغة :

في هذا الفصل سنقدّم مقدّمة نظرية حول التناص ليكون البحث متكاملاً ، ولا بدّ أن نقف على التناص في اللّغة لنرى إن كان لهذا المصطلح وجود في المعاجم اللغوية.

ورد في معجم لسان العرب(١) :

نصَصَ : النصّ : رفعك الشيء.

نَصَّ المتاع نصّاً : جعل بعضه على بعض.

قال الأزهريّ : النصّ أصله منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها.

ويقال : نصنصتُ الشيء : حرّكتُهُ.

وورد في المعجم الوسيط(٢) :

نصّ الحديث : رفعه وأسنَدهُ إلى المحدّثِ عنْهُ.

__________________

(١) لسان العرب : مادة (نصص).

(٢) المعجم الوسيط : مادّة (نَصَّ).


نَاصَّ غَرِيمَهُ : استقصى عليه وناقشهُ.

تناصّ القوم : ازدحموا.

النّصّ : صيغة الكلام الأصلية التي وردت من المؤلّف (مو).

وما لا يحتمل إلاّ معنىً واحداً ، أو لا يحتملُ التأويل.

والمراد من وضع التعريفات من هذين المعجمين هو الجمع بين القديم والحديث ، ونرى ممّا سبق أنّ لفظ التناص لم يرد إلاّ بمعنى الازدحام في المعجم الوسيط ، ويمكننا أن نرى ـ كذلك ـ أنّ الصيغة الصرفية لمصطلح التناص هي : التفاعل ، وهذه الصيغة تشتهر في أربعة معان(١) :

الأوّل : التشريك بين اثنين فأكثر ، فيكون كلّ منهما فاعلاً في اللّفظ مفعولاً في المعنى ؛ مثل : تجاذب زيد وعمرو ثوباً.

الثاني : التظاهر بالفعل دون حقيقته ؛ مثل : تغافَل ، وتنَاومَ.

الثالث : حصول الشيء تدريجياً كتزايد النِّيل.

الرابع : مطاوعةٌ (فَاعَلَ) كباعَدْتُهُ فَتَباعَدَ.

ولعلّ أنسب معنى يفيد في هذا المجال هو المعنى الأوّل الدالّ على التشريك ؛ ويمكن أخذ المعنى اللغويّ الوارد في المعجم الوسيط لهذه الصيغة ، وهو الازدحام ، والمعنى الآخر ، وهو الاستقصاء والمناقشة ، ليفيداننا في وضع المعنى الاصطلاحي أيضاً ، وهذا ما سيشار إليه في المبحث التالي.

__________________

(١) شَذَا العَرف في فنِّ الصَّرف : ٣٨٥ ـ ٣٩ ـ بتصرّف.


ثانياً : التناص اصطلاحاً :

تعدّ جوليا كريستيفا أوّل باحثة تتناول مفهوم التناص في النقد الحديث بصورته النهائية ؛ وعلى أساس ذلك لا يمكن أن نتجاوز تعريفها للتناص ، وإن كان الباحثون بعدها قد تناولوا النظرية إضافة وتعديلاً ، إذ «قدّمت التناص من نظريتها القائلة : إنّ كلّ نصّ يتألّف من فسيفساء من الاقتباسات ؛ فكلّ نصّ هو امتصاص وإعادة تشكيل لنصوص أخرى ، أدخلت في النصّ بتقنيات مختلفة»(١) ، وقالت إنّه «ترحال للنصوص ، وتداخل نصّيٌّ ، ففي فضاء نصّ معيّن تتقاطعُ وتتنافى ملفوظات عديدة مقتطعة من نصوص أخرى»(٢) ، وتقول : إنّ التناص هو «تقاطع بلاغات في نصّ مأخوذ من نصوص أخرى» ، «وهو تعديل نصوص سابقة»(٣).

فهي ترى ـ إذن ـ أنّ (النصّ إنتاجية) ، وهو «جهاز عبر لساني يعيد توزيع نظام اللسان بواسطة الربط بين كلام تواصلي يهدف إلى الإخبار المباشر وبين أنماط عديدة من الملفوظات السابقة عليه أو المتزامنة معه»(٤).

وسنحيل تطوّر المصطلح بعد جوليا كريستيفا إلى المبحث التالي الذي

__________________

(١) التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ٣٨ ـ بتصرّف ، علم النّصّ : ١٣ ، ١٩ ، ٢١ ، ٢٦ ، ٣١ ـ ٣٥ ، ٤٩ ، ٧٨ ـ ٧٩.

(٢) علم النّصّ : ٢١.

(٣) التّناصّ ذاكرةُ الأدب : ٩ ـ بتصرّف.

(٤) علم النّصّ : ٢١ ـ بتصرّف.


يُعنى بالتناص في الدراسات الحديثة ، ولكننا نستطيع أن نربط بين مصطلح التناص لدى جوليا كريستيفا وبين التعريف اللغويّ للنصّ وللتناص ؛ فإنّ تعريف كريستيفا للنصّ والتناص فيه دلالةٌ على التشريك بين نصّين أو أكثر ، وفيه دلالة على تزاحم النصوص داخل نصّ واحد معنيّ بالدراسة ، أمّا الاستقصاء والمناقشة فسيتّضح ارتباطهما بالتناص في المبحث التالي.

ثالثاً : التناص في الدراسات الحديثة :

إنّ السبب في تقديم هذا المبحث على المبحث الذي يليه ـ مبحث التناص في التراث العربي القديم ـ هو أنّ مصطلح التناص حديث ؛ فلا يمكن أن نتعرف إلى علاقته بالدراسات التراثية من دون معرفة حدوده في الدراسات الحديثة.

وكما ورد سابقاً ، فإنّ دراسة التناص في هذا المبحث ستوضح ـ باختصار ـ تطور المصطلح ، وسنعتمد فيه على تتبّع هذا التطور خطوةً خطوة :

١ ـ تكوُّن المفهوم : يقول الباحث «إنّه لا يمكن عزل فكرة التناص في أصلها عن الأعمال النظرية لجماعة (تيل كيل)»(١) ، وقد ظهر المصطلح في إصدارين مخصّصين لعرض الجهاز النظري للجماعة ، وانتقد فيليب سولرس

__________________

(١) نظريّة التَّناصّ ، علامات في النَّقد الجزء : ٣٤ ، المجلّد : ٩ : ص٢٤٢ ـ بتصرّف.


في أحد الإصدارين «التصنيف اللاهوتيّ للموضوع والمعنى والحقيقة ... إلخ ، ويقترح ، مقابل النصّ الكامل الجامد المسيج بتميز شكله وفرادته ، فرضيّة التناص المستعارة من الناقد الروسي ميخائيل باختين القائلة إنّ كلّ نصّ يقع عند ملتقى مجموعة من النّصوص الأخرى ؛ يعيد قراءتها ويؤكّدها ويكثفها ويحولها ويعمقها في نفس الوقت»(١) ، وفي المؤلّف نفسه ، قدّمت جوليا كريستيفا تعريفها للتناص وما ينبغي أن يُفهم منه ؛ فهو تفاعل نصي يحدث داخل نصّ واحد(٢).

٢ ـ المقاربات الأولى : وحدثت هذه المقاربات في سبعينات القرن الماضي ، ونجد أنّ المقاربات لهذا المصطلح قد كانت مضطربة ؛ إذ أنّ الباحثين والمنظّرين لم يستقرّوا على تعريف واحد للتناص ، وليس غرض هذا البحث الإيغال في ملامح وأسباب هذا الاضطراب ، ولكن يمكن الاطّلاع على هذا بالتفصيل في مظانه(٣).

٣ ـ الإنتاجية وتنقيح المفهوم : وحدثت هذه الإنتاجية في ثمانينات القرن الماضي ، وفي هذه الأعوام أُصدرت إصدارات تتحدث عن التناص

__________________

(١) المصدر السّابق : ٢٤٣.

(٢) المصدر السّابق : ٢٤٣.

(٣) لمزيدِ تفصيل حولَ هذا الجَدَل انظر : المصدر السّابق : ٢٤٦ ـ ٢٤٩/ و : مدخل إلى التّناصّ : ٩ ـ ٥٦.


بوصفه أداةً نقدية ، وتوسّع الباحثون في مفهومه ، وبينوا أنواعه وأنواع العلاقات التي تربط بين النصوص(١).

ومن خلال المرور بسرعة على تطوّر مصطلح التناص نرى أنّ التعريف اللغوي للتناص على أنّه استقصاء ومناقشة ينطبق على التعريف الاصطلاحي للتناص ، وبخاصة في المرحلة الأولى ومن خلال تكون المفهوم المستعار من تعريف الناقد الروسي ميخائيل باختين.

«وقد أضاف النقاد العرب المعاصرون الكثير من الإضافات حول مصطلح التناص ضمن جوهره ، فعرّفه محمود جابر عبّاس بإسهاب بأنّه : «اعتماد نصّ من النصوص على غيره من النصوص النثرية أو الشعرية القديمة أو المعاصرة الشفاهية أو الكتابية العربية أو الأجنبية ووجود صيغة من الصيغ العلائقية والبنيوية والتركيبية والتشكيلية والأسلوبية بين النصّين(٢)»(٣) ، وبيّن الدكتور عبد الله الغذّامي أنّ النصّ ابن النصّ ، «فالنصوص تدخل في شجرة نسب طويلة ذات صفات وراثية وتناسلية ، فهي تحمل جينات أسلافها كما

__________________

(١) نظريّة التَّناصّ : ٢٤٩ ـ ٢٥٥ ـ بتصرّف

(٢) استراتيجيّة التَّناصّ في الخطاب الشّعريّ العربيّ الحديث ، علامات في النقد ، الجزء :٤٦ ، المجلّد : ١٢/٢٦٦.

(٣) المقامات : البنية والنَّسَقُ الثّقافيّ ، (مقامات الحريري) : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.


أنّها تتمخّض عن (بذور) لأجيال نصوصية تتولّد عنها»(١) ، وهذا ما أشار إليه هارولد بلوم ، فهو يرى أنّ العلاقة بين النصوص ليست علاقة نسب فحسب ؛ بل إنّه يرى أنّ علاقة النسب هذه هي علاقة أوديبية ، علاقة يريد في النصّ أنْ يدمّر النصّ السابق عليه ، ويستولي على مملكته(٢).

«ودراسة التناص ليست بأيّ حال من الأحوال دراسة للمؤثّرات أو المصادر أو حتّى علاقات التأثير والتأثّر بين نصوص وأعمال أدبية معيّنة ، فهذا مجال الأدب المُقارن ، ولكنّها دراسة تطرح شبكتها الرهيفة الفاتنة على محيط أوسع ، لتشمل كلّ الممارسات المتراكمة وغير المعروفة ، والأنظمة الإشارية ، والشفرات الأدبية ، والمُواضَعات التي فُقدت أصولها وغير ذلك من العناصر التي تساهم في إرهاف حدّة العملية الإشارية التي لا تجعل قراءة النصّ ممكنة فحسب ، ولكنّها تؤدّي إلى أفقه الدلالي والرمزي معاً»(٣).

ونستطيع أن نقول إنّ المبادئ والأفكار التي تطرحها عملية التناصّ ، أهمّها : أنّ التناص ، في معناه العام ، هو حضور أو تداخل نصّ في آخر بشكل من الأشكال ، وأنّ كلّ نصّ هو نتاج تفاعل عدد من النصوص ، وكلّ

__________________

(١) ثقافة الأسئِلة (مقالات في النّقد والنّظريّة) : ١١٣.

(٢) التّناصّ وإشاريّات العمل الأدبيّ ، مجلّة ألِف (عدد خاصّ عن التّناصّ) : ٢٥ ـ ٢٦ ـ بتصرّف ، ولمزيد تفصيل انظر : التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ١٧ ـ ١٩.

(٣) التّناصّ وإشاريّات العمل الأدبيّ : ٢٣.


نصّ هو تشرّبٌ لعدد من النصوص السابقة أو المعاصرة(١).

رابعاً : التناصّ في التراث العربي :

بعد أن تعرّفنا إلى ملامح التناصّ في الدراسات الحديثة ، ينتقل الحديث إلى وجود هذه النظرية في التراث العربي ؛ والفاحص الباحث إذا أنعم النظر في التراث وجد أنّ ملامح هذه النظرية قد وجدت فيه ، ويمكن ـ في هذا المورد ـ الاستشهاد بقول ابن المظفر الحاتمي المتوفّى سنة (٣٨٨ هـ) من كتابه حلية المحاضرة ؛ إذ يقول ناقلاً عمّن سمع منهم : «كلام العرب ملتبّس بعضه ببعض ، وآخذ أواخره من أوائله ، والمبتدَع منه والمخترَع قليل ، إذا تصفّحته وامتحنته ، والمحترس المتحفّظ المطبوع بلاغة وشعرا من المتقدّمين والمتأخّرين لا يسلم أن يكون كلامه آخذاً من كلام غيره ، وإن اجتهد في الاحتراس ، وتخلّل طريق الكلام ، وباعد في المعنى ، وأقرب في اللفظ ، وأفلت من شباك التداخل ، فكيف يكون ذلك مع المتكلّف المتصنّع والمتعمّد القاصد .... ومن ظنّ أنّ كلامه لا يلتبس بكلام غيره ، فقد كذب ظنّه ، وفضحه امتحانه ..»(٢).

ويقترب من جوهر نظرية التناص ما أورده العلاّمة ابن خلدون في

__________________

(١) التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ٦٤ ـ بتصرّف.

(٢) حلية المحاضرة في صناعة الشّعر ٢/٢٨ ـ بتصرّف.


مقدّمته ، إذ يقول : إنّ لعمل الشعر شروطاً ، ومن هذه الشروط أن يحفظ مريد هذا الفن من الشعر السابق «حتّى تنشأ في النفس ملكة ينسج على منوالها ... ومن كان خالياً من المحفوظ ، فنظمه قاصر ردي ... وربّما يقال : إنّ من شرطه نسيان ذلك المحفوظ ... فإذا نسيها وقد تكيّفت النفس بها ، انتقش الأسلوب فيها كأنّه منوال يأخذ بالنسج عليه بأمثالها من كلمات أخرى ضرورةً»(١).

وسيكتفى بنقل بعض ملامح هذه النظرية ؛ لأنّ ليس من غرض البحث الخوض في تفاصيل هذا الفصل ، ولعلّ ما يفيد في هذا الجانب ما ورد في رسالة الدكتورا التي بعنوان : (التناص في النقد العربي القديم) من إعداد فاطمة محمّد البريكي ، وإشراف الدكتور ناصر الدين الأسد ، وفيها قسّمت الملامح النظرية للتناص في قسمين ؛ هما : المصطلحات ، والقضايا النقدية(٢) ، وقسّمت الباحثة ملامح نظرية التناص في النقد القديم بقسمه الأوّل (المصطلحات) إلى قسمين ؛ هما :

١ ـ ملامح التناص الإستاتي : هو التناص الذي ينطوي على بعد سكوني ، سلبي ، يهبط بالمستوى الفنّي للنصّ ، وهو عبءٌ على النصّ

__________________

(١) مقدّمة ابن خلدون ٢/٤٠٠ ـ ٤٠١ ـ بتصرّف.

(٢) التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : الفهرس.


المستخدم فيه(١) ، ومن هذه المصطلحات :

أ ـ الاحتذاء : وأن يبتدئ الشاعر في معنى وأسلوب له ، فيعمد شاعر آخر إلى ذلك الأسلوب فيجيءُ به في شعره(٢).

ب ـ الاصطراف : هو أن يصرف الشاعر إلى قصيدته أبياتاً لغيره ، فيضفيها إلى نفسه ، ويصرفها عن قائلها(٣) ، ومن أقسامه : الاجتلاب والانتحال والادّعاء(٤).

وغيرهما من المصطلحات ذات البعد الإستاتي.

٢ ـ ملامح التناص الدينامي : هو التناص الذي ينطوي على بعد جمالي ، إيجابي ، يُضفي شيئاً من الحيوية على النصّ الأدبي ، ويُجَوِّد النصّ كما يرفع من قيمته الأدبية(٥) ، أمّا بعض مصطلحاته فهي :

أ ـ الاستشهاد : هو تضمين الكلام شيئاً من القرآن(٦).

ب ـ الاقتباس : إدراج كلمة وآية من القرآن في الكلام للتزيين والتفخيم ، وقد قال بعض النقّاد إنّ الاقتباس ليس من القرآن فحسب ، بل

__________________

(١) المصدر السّابق : ٦٦ ـ بتصرّف.

(٢) المصدر السّابق : ٦٦ ـ بتصرّف.

(٣) المصدر السّابق : ٦٧ ـ بتصرّف.

(٤) لمزيدِ تفصيل : المصدر السّابق : ٦٧ ـ ٧٨.

(٥) المصدر السّابق : ٦٦ ـ بتصرّف.

(٦) المصدر السّابق : ٩٧ ـ بتصرّف.


حتّى من الحديث الشريف ، وبعضهم توسّع في مفهومه ليشمل الفقه والنحو والعروض وغيرها(١).

ج ـ التضمين : هو استعارة الأبيات وأنصافها من شعر الآخرين وإدخالها في أبيات القصيدة(٢).

وغيرها من المصطلحات المتناثرة في كتب النقد العربي القديم(٣).

أمّا القضايا النقدية الموجودة في النقد العربي القديم ، ويمكن عدّها من الجذور الأولى لنظرية التناص فهي :

أ ـ قضية السرقات :

يمكن القول إنّ هذه القضية تصبّ في عمق نظرية التناص ؛ فقد ألّف فيها العلماء كثيراً من المصنفات ، وتناثرت في تضاعيف كثير من الكتب النقدية ، قديمها وحديثها ، وليس غرض البحث الخوض في هذه القضيّة ، وإنّما يُرجع الحديث فيها إلى مصادرها(٤).

وقد تحدّث الدكتور ناصر الدين الأسد عن قضية السرقات في أماليه حينما سُئل عن قضية التشابه اللفظي في بعض أبيات الشعر الجاهلي من قبيل

__________________

(١) المصدر السّابق : ٩٨ ـ بتصرّف.

(٢) التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ١٠٠ ـ بتصرّف.

(٣) لمزيدِ تفصيل : المصدر السّابق : ١٠٦ ـ ١٣٣.

(٤) للاستِزادة يمكن الرّجوع إلى : التّناصّ في النّقد العربيّ القديم :١٤٠ ـ ١٩٤ ، وغيرِه من المصادر القديمة الّتي وُضِعَت في حاشية البحث.


بيت الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد :

وقوفاً بها صحبي علىَّ مطيُّهم

يقولون لا تهلكْ أسىً وَتَجلَّدِ(١)

وتشابهه مع بيت امرئ القيس :

وقوفاً بها صحبي عليَّ مطيُّهم

يقولون لا تهلكْ أسىً وتَجَمَّلِ(٢)

فقال : «إنّي لا أراها من السرقات. لقد أسرف القدماء في موضوع السرقات إسرافاً كثيراً ، ولعل هذه الظاهرة تكون بتأثير من حفظ الشاعر لشعر شاعر آخر ، ثمّ ينسى الشاعر ما حفظ ، فيطفو منه شيء بعد مدّة من الزمان على سطح ذاكرته مع شعره»(٣).

ب ـ النقائض :

هي فنّ ازدهر في العصر الأموي على يد جرير والفرزدق والأخطل ، وهي أن يأتي الشاعر بقصيدة يفخر بها أو يهجو بها فيعمد شاعر آخر إلى قصيدته فينقضها بقصيدة هاجياً إيّاه أو مفتخراً عليه وملتزماً البحر وحرف الرويّ الذي اختاره الشاعر الأوّل(٤).

ج ـ المعارضات :

هي «أن يحاكي الأديب في أثره أثر أديب آخر محاكاةً دقيقة تدلّ على

__________________

(١) ديوان طرفة بن العبد : ١٩.

(٢) ديوان امرِئ القيس : ٩.

(٣) الأمالي الأسديّة : ١٣٠ ـ بتصرّف.

(٤) للاستِزادة يمكن الرّجوع إلى : التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ١٩٥ ـ ٢١٦ ، التّطوّر والتّجديد في الشّعر الأمويّ : ١٦٢ ـ ٢١٨ ، في الشّعر الإسلاميّ والأمويّ : ٣٥٢ ـ ٣٦٤ ، وغيرها من المصادر الّتي تحدّثت عن النّقائض.


براعته» وهي النسج على المنوال ، وقد ظهرت في الشعر كثيراً منذ العصر الجاهلي وحتّى عصرنا الحاضر(١).

خامساً : أنماط التناص :

تنقسم أنماط التناص إلى قسمين ، وكلّ قسم من هذين القسمين يحتوي على علاقات تناصية ، ويمكن الرجوع إلى المصادر التي تحدّثت عن التناص وأقسامه وأنواعه لمزيد من التفصيل ، والقسمان هما(٢) :

أ ـ علاقات الحضور المتفاعل :

وتحتوي على الآليّات الآتية :

١ ـ الاستشهاد : هو إدراج نصّ في آخر بشكل واضح ، وهو الذي «يظهر كوجه رامز للتناص» ، ويُعدّ «الدرجة الصفر في التناص»(٣).

٢ ـ الإحالة : «مثل الاستشهاد ، هي شكل صريح للتناص ، لكنّها لا تعرض النصّ الآخر الذي تحيل إليه ، فهي تقيم علاقة غياب ...»(٤).

٣ ـ السرقة : هي الاحتيال بإدراج الكاتب نصوص الآخرين في

__________________

(١) للاستِزادة يمكن الرّجوع إلى : التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ٢١٩ ـ ٢٣٨ ، وغيره من المصادر الّتي تحدّثت عن المعارضات.

(٢) مدخل إلى التّناصّ : ٥٩ ـ ٩٨.

(٣) المصدر السّابق : ٦٠ ـ بتصرّف.

(٤) المصدر السّابق : ٦٤ ـ بتصرّف.


كتاباته(١).

٤ ـ التلميح : هو شبيهٌ بالاستشهاد ، ولكنّه أكثر خفاءً ودقة لأنّه ليس حرفياً ولا صريحاً(٢).

ب ـ علاقات الاشتقاق :

وتحتوي على الآليات الآتية :

١ ـ المحاكاة الساخرة والتحريف الهزلي : المحاكاة الساخرة هي تحويل نصّ مع تغيير موضوعه ومع المحافظة على الأسلوب ، أمّا التحريف الهزلي فهو إعادة الكتابة في أسلوب هابط لعمل ما مع الاحتفاظ بموضوعه(٣).

٢ ـ المعارضة : هي ليست تغييرا لنصّ معيّن ، ولكنّها محاكاة لأسلوب ، فاختيار الموضوع غير ذي أهمية بالنسبة إلى تحقيق هذه المحاكاة(٤).

ولا يسع البحث ولا المقام للتفصيل في هذه الآليات أو أقسامها ، ويُكتفى بما ورد في هذا الفصل لتبيين الملامح النظرية للتناص.

__________________

(١) المصدر السّابق : ٦٧ ـ بتصرّف.

(٢) المصدر السّابق : ٦٩ ـ بتصرّف.

(٣) المصدر السّابق : ٧٦ ـ بتصرّف.

(٤) مدخل إلى التّناصّ : ٨٨.


الفصل الرابع

الدراسة التطبيقية

أوّلاً : التناص مع القرآن الكريم :

إنّ توظيف النصّ الديني في أيّ نصّ يمكن أن يشكّل عنصر إقناع للمتلقّي ؛ فالمُلْقِي يعي أنّ للنصّ الديني تأثيراً في نفس المتلقي ، وهو بهذا الوعي يستخدم ما يمكن أن نطلق عليه (سلطة النص) الديني على المتلقي ، ولأنّ القرآن الكريم هو النصّ الأوّل ـ على الإطلاق ـ عند المتلقي المسلم ؛ كان لا بدّ أن يكون هو المؤثر الأوّل في أي نصّ لاحق عليه.

والتناص مع القرآن في خطب الشيخ أحمد بن عبد السلام ظاهر بيّن ، ويمكن أن نقسِّم هذا التناص كما قسّمه الدكتور علي عبد النبي في دراسته حول مقامات الحريري ، إذ إنّه قسّم التناص مع القرآن في مقامات الحريري إلى(١) :

١ ـ تناصّ مع حكاية دينيّة : ويكون فيه التناص توظيفاً لفحوى حكاية قرآنية.

٢ ـ تناص مع آية قرآنية بنصّها : ويكون فيه التناص مع القرآن بإيراد

__________________

(١) المقامات : البنية والنَّسَقُ الثّقافىّ ، (مقامات الحريري) نموذجاً : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.


النصّ القرآني دون تحوير أو تغيير.

٣ ـ تناص يعمد إلى تحوير في النصّ القرآني بما يتناسب وسياق الخطاب المقامي.

وفي هذه الدراسة سنقسّم التناص مع القرآن من خلال هذه التقسيمات الثلاثة ؛ لوجود مظاهر هذه التقسيمات في الخطب المعنيّة بالدراسة.

١ ـ تناص مع حكاية دينية :

وهذا النوع من التناص يظهر جلياً في الخطبة الأولى المسماة في المخطوط بالخطبة اليونسية ، إذ يقول فيها : «جعل بطن الحوت لنبيّه يونس بن متّى مقعداً ومقاماً ، وأقرّه في قرار أجنّة الظلمات الثلاث مدّة أيّاما ، وجعل عليه عن أنياب الحوت وقوّته الهاضمة جُنّة وسلاماً ، ونبذه بالعراء كالطفل المنفوس تأديباً وإكراما ، بعد أن أسمعه تسبيح هوامّ الأرض فسبّحه كما سبّحه المسبّحون ، فقذفه على الساحل بنصيبين من ناحية الموصل من فيه ، ولم يكن له في ذلك الساحل غير الله من يحفله ولا يأويه ، فأنعشه في ظلّ اليقطينة بالبرّ أروية تراوحه وتغاديه ، وجعل له من ورقها جُنّة واقية عن الذباب التي تؤذيه ...»(١).

يتناصّ هذا المقطع مع حكاية نبيّ الله يونس بن متّى عليه‌السلام ومكوثه في

__________________

(١) المخطوط : ١ ـ ٢.


بطن الحوت أيّاماً ، ثمّ إلقاء الحوت إيّاه على الساحل وإنبات الله جلّ وعلا له شجرة اليقطين ، يقول الله تعالى في محكم كتابه : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِين)(١).

ويظهر أيضاً هذا النوع من التناص في الخطبة السليمانية(٢) إذ يحكي فيها قصة النبيّ سليمان بن داود عليه‌السلام وتسخير الحيوانات والجنّ والرياح إليه ، وحكمه بين المتخاصمين ؛ فيقول في بعضها : «... وهب لداود سليمان وجعله عبداً أوّابا ، وآتاه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده إنّه كان وهّاباً ، وسخّر له الريح وجعلها رخاءً ليّنة لا تزعزع وصوابا ، وذلّل له الشياطين من كلّ بنّاء وغوّاص عطاءً حسابا ...».

٢ ـ تناصٌّ مع آية قرآنية بنصّها :

ليس موضوع هذا البحث الحديث عن التناصّ مع القرآن الكريم ؛ لذلك لا يمكن أن نحصر كلّ الآيات التي تناصّت معها خطب الشيخ أحمد بن عبد

__________________

(١) سورة الصَّافَّات : ١٣٩ ـ ١٤٦.

(٢) المخطوط : من ص٢٠ إلى ص٢٤.


السلام ؛ لأنّها تتناثر طوال هذه الخطب ، ولكن لا يمنع هذا من إيراد بعض النماذج التي يمكن أن تخدم هذا البحث ، ومن هذه النماذج :

أ ـ قوله في الخطبة اليونسية : «... أيقظكم من منامات غفلتكم بموقظات الامتحان ، وأعجلكم عن مسارح مهلكتكم بتغاور الزّيادة والنقصان ، وساقكم عن مسامات مرتعكم بزمام الاختيار والافتتان ، وأزعجكم عن مقاعد شهوتكم بتغاور الخوف والأمان ، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)(١) ، اختبر أنبياءه المصطفين الأخيار ، وخلفاءه الهداة الأبرار ...»(٢).

ب ـ وقوله في الخطبة السليمانية : «... ثمّ تناوله الحمام العسجدية ، القائمة فوق الأعمدة الجوهرية ، من فوق الكرسيّ الكتاب ، فيفتحه سليمان ويقرأه على ذوي العقول والألباب ، ويدعو الناس لإنفاذ الأحكام وفضل القضاء والخطاب ، (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب)(٣) ، ولن تجد من دون الله ولياً ولا نصيرا ..»(٤).

__________________

(١) سورة المؤمنون : ١١٥.

(٢) المخطوط : ١.

(٣) سورة ص : ٣٩.

(٤) المخطوط : ٢١.


ج ـ وقوله في خطبة أخرى : (بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ *وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَة لُّمَزَة * الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ الله الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَد مُّمَدَّدَة)(١) ، اللهمَّ (وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً)(٢) واجعلنا من الذين لا نعصي لك أمراً ...»(٣) ، ونرى في هذا النموذج إيراده سورة الهمزة كاملة ولم يكتف بآية واحدة.

٣ ـ تناصّ يعمد إلى تحوير في النصّ القرآني بما يتناسب وسياق الخطاب المقامي :

وهذا النوع كسابقه ، يكثر في هذه الخطب الموجودة في المخطوط ، ونستطيع أن نورد بعض الشواهد على هذا النوع من التناص :

أ ـ يقول في خطبة له : «... والعليم الذي لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأنت على شفا جرف هار ...»(٤) ، وفي هذا تناصٌّ مع الآية : (... وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّة فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي

__________________

(١) سورة الهُمَزَة : ١ ـ ٩.

(٢) سورة الكهف : ١٠.

(٣) المخطوط : ٣٦.

(٤) المخطوط : ٥٠ ـ ٥١


السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين)(١) ، ومع الآية : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ الله وَرِضْوَان خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُف هَار فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(٢).

ب ـ ويقول في إحدى الخطب : «... يوم تشهد عليكم الجوارح وتقوم الأشهاد ، فينفخ في الصور فتأتونَ أفواجا ، وتُشقّق الأجداث فتُسرعون إخراجاً ، ويفتح السماء فتكون أبوابا ، وتسير الجبال فتكون سرابا ، يومئذ لا يستطيع المجرم أن يحير جوابا ، ولا يُمهَل ذو إثم فيخلق خطابا ، إنّ جهنّم كانت مرصاداً ، للطاغين مآباً ، فيكون الضريع لهم طعاماً والحميم شرابا ...»(٣) ، ويتناصُّ فيها مع قوله تعالى : (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً* وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلْطَّاغِينَ مَآباً * لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً * لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً * إِلاّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً)(٤) ، وقوله تعالى : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُب يُوفِضُونَ)(٥) ، وقوله

__________________

(١) سورة يونس : ٦١.

(٢) سورة التوبة : ١٠٩.

(٣) المخطوط : ١٩.

(٤) سورة النّبأ : ١٨ ـ ٢٥.

(٥) سورة المعارج : ٤٣.


تعالى : (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاّ مِن ضَرِيع)(١).

ج ـ ويقول في إحدى خطبه : «... واحذروا يوم تشقّق السماء بالغمام ، وتتفتّق عن أنواع أنوار الجسوم والأكمام ، وتنفطر السماء وتصير وردةً كالدّهان ...»(٢) ، إذ يتناصّ مع قوله تعالى : (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)(٣).

ويمتلئ المخطوط بمظاهر التناصّ مع القرآن الكريم في كلّ تضاعيفه ، ولا يمكن حصر كلّ هذه المظاهر ، ويُكتفى بما ورد.

ثانياً : التناصّ مع الشعر العربي :

للشعر العربي مزيّة خاصّة ، والمتأمّل لهذا الشعر يرى فيه معاني ساميةً يمكن أن يُستشهد بها في كثير من المواطن ، ولأنّ القول قد سبق عن أنّ «كلام العرب ملتبّس بعضه ببعض ، وآخذ أواخره من أوائله»(٤) ؛ تناصّت خطب الشيخ في بعض مواضعها مع الشعر العربي ، الذي هو كلام العرب وديوانهم ، ويتجلّى هذا التناص في الأبيات التي ينظمها الشيخ ويحلّي بها

__________________

(١) سورة الغاشية : ٦.

(٢) المخطوط : ٢٧.

(٣) سورة الرحمن : ٣٧.

(٤) حلية المحاضرة في صناعة الشّعر ٢/٢٨ ـ بتصرّف.


خطبه ، وقد يكون هذا النوع من التناصّ صريحاً ظاهراً يستطيع أن يصطاده المتلقِّي من دون أن يُنعم النظر ، وقد يكون خفياً بين تضاعيف السطور ؛ يحتاج إلى وعيِ المتلقّي واطّلاعه على الشعر العربي ، وهنا نستطيع أن نستشهد على هذا النوع من التناصّ من خلال أبيات نظمها الشيخ في خطبة عيد الأضحى عام (١٠٣٣ هـ) ، إذ يقول : «... وأنتم في دار لا يشبع ساغبها ولا يُروى لاغبها ، ولا يثق صاحبها ، ولا يأمن راكبها ، تراوغه مراوغة الثعلب ، تفترسه افتراس السبع وأصعب ، تتلوّن له في ثياب الأحباب ، وهي قائمة له على ساق وكاشرة له عن ناب :

أيُّها الواقِفُ في سَمْتِ الصَّواب

خَفِّفِ الوَطْءَ على هذا التُّرابْ»(١)

يرى القارئ أنّ في هذا النصّ ـ وخاصّة في البيت أعلاه ـ تناصّاً صريحاً مع داليّة أبي العلاء المعرّي وعلى وجه التحديد مع بيته القائل :

خَفِّفِ الوَطْءَ ما أظُنُّ أديمَ الــ

ـ أرْضِ إلاّ من هذه الأجسادِ(٢)

ونرى تناصّاً غير صريح في أبيات هذه الخطبة ـ أيضاً ـ مع بعض أبيات داليّة المعرّي ؛ إذ يقول الشيخ :

«أيُّها الرَّاقِدُ في دارِ البلا

انظروا القومَ وقَدْ حَثَّ الرّكابْ

خُذْ من الزَّادِ مَزاداً واجتَهِدْ

ليسَ بعدَ اليومِ من دار نصابْ

 ...

__________________

(١) المخطوط : ٤٦.

(٢) ديوان سَقْطُ الزَّند: ٧.


أينَ آباؤُكَ هلاَّ ذَهَبوا

سَلَكوا سَمْتاً على طَرْدِ الذَّهابْ

أينَ أضدادُكَ هلاَّ شربوا

من أكفِّ الدَّهْرِ صاباً بَعْدَ صابْ»(١)

ويَتَناصُّ في قولِهِ معَ قولِ المعرّي :

صاحِ هذي قبورُنا تملأً الرَّحْـ

ـــبَ ، فأينَ القبورُ من عهدِ عادِ

وقبيحٌ بنا وإنْ قَدُمَ العَهــ

ـــدُ هَوانُ الآباءِ بالأجدادِ(٢)

ويتناصّ أيضاً في خطبة أخرى مع هذه الأبيات للمعرّي ، وكأنّ له علاقة خاصّة بهذه الداليّة التي تحتوي على الوعظ الذي هو من غرض الخطيب ؛ إذْ يقول فيها : «... أين من شيّد وبنى ، أين من بعُدَ ووَنى ، أين من اجتهد ووفى ، أين من نهر وزجر ، أين من نهى وأمر ، أين من بطر واستكبر ، كلّ أولئك سكنوا اللحود والحفر ، ولم يبق منهم عين ولا أثر ، وستهلك كهلكهم ، وتسلك في عقدهم ، وسلكهم ، فخذ من الدنيا ما يبقى لك زاداً ، وتهيِّء لك عدّة واستعداداً ، إن كنت على صراط مستقيم ...»(٣).

وتتناصّ هذه الأسطر من الخطبة والأبيات السابقة من خطبته الأخرى مع الأبيات المنسوبة إلى الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام التي أنشدها في ليلة استشهاده ، والأبيات هي :

اشدُدْ حَيازيمَكَ للموتِ

فإنَّ الموتَ لاقِيكا

__________________

(١) المخطوط : ٤٦.

(٢) ديوان سَقْطُ الزَّند : ٧.

(٣) المخطوط : ٥١ ـ ٥٢.


ولا تَجْزَعْ مِنَ الموتِ

إذا حَلَّ بواديكا(١)

ولا يسع البحث للإطالة في هذا المبحث ، ويمكن للقارئ الفاحص أن يرى مدى تأثير الشعر العربي في كلام الشيخ أحمد بن عبد السلام بما انعكس على خطبه الواردة في المخطوط الذي بين أيدينا.

ثالثاً : التناصّ مع الأمثال العربية :

للشيخ أحمد بن عبد السلام تعامل خاصّ مع الأمثال العربية ؛ فالأمثال تُضرب كما وردت من غير تغيير ، ولكنّ الشيخ يتناص مع الأمثال العربية بطريقته الخاصّة ؛ فهو يحوّر في المثل العربي بما يتناسب مع مقام مقاله ، وستُعرض بعض النماذج من هذا التناص مع الأمثال العربية.

١ ـ لو تُرك القطا ليلاً لنام لوْ تُرك القطا لنام :

يقول الشيخ في إحدى خطبه : «... تحب الراحة في مقام ليس فيه من مُقام ، فحُلّ عن حسدك لو تُرك القطا لغفا ونام ...»(٢).

يرى القارئ أنّ الشيخ قد حوّر في المثل بخلاف صورتيه الواردتين

__________________

(١) ديوان الإمام عليّ عليه‌السلام المعروف بـ : أنوار العقول من أشعارِ وصيّ الرّسول (صلى الله عليه وآله) : ٣٠٢ ، وأورَدَ البيتَين المبرِّدُ في الكامل وقال : «والشّعرُ إنَّما يصحُّ بأنْ تُحْذَفَ (اشدُد)» ، الكامل في اللغة والأدب ٤/٥٩٩ ـ بتصرّف.

(٢) المخطوط : وص٥١.


أعلاه ، ويُضرب هذا المثل للرجل يُستثار للظلم فيَظلم(١) ، أو يضرب لمن حُمل على مكروه من غير إرادته(٢).

٢ ـ لا أطلب أثراً بعد عين :

يتناصّ الشيخ في الخطبة السابقة نفسها مع هذا المثل بقوله : «... أين من نهر وزجر ، أين من نهى وأمر ، أين من بطر واستكبر ، كلّ أولئك سكنوا اللحود والحفر ، ولم يبق منهم عين ولا أثر ...»(٣).

وقد أرسل المثل مالك بن عمرو من قضاعة من بني ساعدة بعد أن قام لأخذ ثأر أخيه من بعض ملوك غسّان(٤).

وسيُكتفى بهذين المثلين في هذا البحث ، على أنّ في الخطب تناصّاً مع غيرهما.

رابعاً : التناصّ مع نهج البلاغة :

تتناصُّ خطب الشيخ أحمد بن عبد السلام الجدحفصي مع نهج

__________________

(١) جمهرة الأمثال ٢/١٥٩ ـ ١٦١.

(٢) مَجْمَع الأمثال ٢/١٧٤ ـ ١٧٥.

(٣) المخطوط : وص٥١.

(٤) أمثال العرب : ١٤٢ ـ ١٤٣.


البلاغة ، خطبه ورسائله وكلماته القصار ، بشكل جليّ ، وتتجلّى مظاهر هذا التناصّ في عدّة أمور ؛ منها التناص في الموضوعات ، والتناص في بناء الجمل ، والتناص في مطالع الخطب ، والتناص في الألفاظ ، وهذه هي الأنواع المعنية بالدراسة في هذا المبحث من هذا الفصل ؛ وسيقع الاختيار في دراسة التناص في هذه الخطب على الخطبة الأولى المسمّاة بالخطبة اليونسية ، وخطبة عيد الفطر ، والخطبة العنكبوتية ، والسبب في اختيار هذه الخطب الثلاث هو وضوح التناص بينها وبين نهج البلاغة في أكثر من موضع ، ولحصر الأمثلة في البحث.

١ ـ التناص في الموضوعات :

ورد في الفصل الثاني من هذا البحث موضوعات الخطب الموجودة في المخطوط ، والفاحص يرى تشابهاً في بعض موضوعات هذه الخطب والموضوعات الموجودة في نهج البلاغة ، ولعلّ أوّل عنوان يمكن أن ترى فيه هذه الظاهرة هو عنوان الخطبة العنكبوتية(١) ، هذه الخطبة التي يصف فيها بديع خلقة العنكبوت ، ولا بدّ من إيراد بعض الشواهد من هذه الخطبة ، إذ يبتدئ الخطبة بوصف الحيوان ؛ فيقول : «الحمد لله الذي جعل جنس الحيوان أنواعا ، وفرّق بين كلّ نوع فصولاً وطباعا ، وفرّق بينهما عوارض وأوضاعا ، وخلق لها أفئدة وشقّ لها أبصاراً وأسماعاً ... وخالف ما بين نغماتها فمنها

__________________

(١) المخطوط : من ص٢٨ إلى ص٣٢.


ناطق مشقْشِق ، وصاهل وناهق منكَر مطبق ، ومفرد بالألحان المهيّجة مزقزق ، وحاد في البيد القاعة مصفِّق ...»(١).

وهكذا يواصل في وصف الحيوانات وأحوالهم العامّة إلى أن يصِل إلى قوله : «... أفما ترون العنكبوت المكنية بأمّ قَشْعَم ، وما أودع فيها من سرائر الصنعة وأسرار الحكم ، كثيرة الأرجل والعيون قصيرة القدم ، قد تكون لها ستّ عيون وثمان أرجل وهي صموتٌ وليس بها صمم ، وتلقي نفسها للفريسة كالسباع ، وتفترس كما يفترسون ..»(٢).

ثمّ يشرع ـ بعد وصف العنكبوت ـ بالوعظ كما هي الحال عند الخطباء ، مستنداً إلى ما قاله في وصف العنكبوت وبديع خلقته.

هنا ، يتناص الشيخ في الموضوع مع خطبتين للإمام عليّ عليه‌السلام ؛ الأولى خطبة يصف فيها بديع خلقة الخفّاش(٣) ، والثانية خطبة يصف فيها عجيب خلقة الطاووس(٤) ، ومع جزء من خطبة يصف خلق أصناف من الحيوان ،

__________________

(١) المصدر السّابق : ٢٨.

(٢) المخطوط : ٢٩.

(٣) نهج البلاغة : شرح : الشّيخ محمّد عبده ٢/٢٧٤ ـ ٢٧٦.

(٤) المصدر السّابق ٢/٢٩٢ ـ ٢٩٨.


وبالخصوص النملة والجرادة(١) ويسير الشيخ على الأثر الذي رسمه الإمام عليه‌السلام في هاتين الخطبتين ؛ فالإمام عليه‌السلام يبدأ في الخطبتين بمقدّمة قصيرة عن خلق الله للمخلوقات باختلافها ، وتفضله (جل وعلا) بآلائه ونعمه ، ثمّ يذكر موصوفه ، إلى أن ينتهي بالوعظ.

ولا بأس من إيراد بعض المقاطع من خطبة الإمام عليّ عليه‌السلام التي يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس ؛ يقول : «ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات ، وساكن وذي حركات ، فأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له ، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته ، وما ذرأ من مختلف صور الأطيار التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها ، ورواسي أعلامِها ، من ذات أجنحة مختلفة ، وهيئات متباينة ، مصرّفة في زمام التسخير ، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح ، والفضاء المنفرج ، كوّنها بعد أنْ لم تكن في عجائب صور ظاهرة ، وركّبها في حقاق مفاصل محتجبة ، ومنع بعضها بعبالة خلقه أن يسمو في السماء خفوقا ، وجعله يدفّ دفيفاً ، ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته ودقيق صنعته ، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غُمس فيه ، ومنها مغموس قد طوّق بخلاف ما صُبغ به ، ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل ، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد ،

__________________

(١) المصدر السّابق ٢/٣٢٨ ـ ٣٣٠.


بجناح أشْرَج قَصبَه ، وذنب أطال مَسْحَبَه ..»(١).

وتوجد في المخطوط خطبتان يتناصّ في موضوعهما مع خطبة للإمام عليّ عليه‌السلام وهي الخطبة التي يذكر فيها آل محمّد عليهم‌السلام (٢) ، والخطبتان هما : الخطبة الاثني عشرية الأولى(٣) ، والخطبة الاثني عشرية الثانية(٤) ، ويكتفى بما ورد في الخطبة العنكبوتية في معرض الحديث عن التناص في الموضوعات.

٢ ـ التناص في بناء الجملة (التركيب والأساليب) :

يحتاج الحديث عن بناء الجملة في اللغة العربية بحثاً متكاملاً ، ولا يسع هذا البحث لهذا المقام ، وقد تنوّعت البحوث والمصنفات النظرية والتطبيقية التي تحدّثت عن الجملة قديماً وحديثاً ، وليس من غرض هذا البحث الإسهاب في هذا الجانب ، وإنّما ستنصبّ الدراسة ـ تطبيقاً ـ على جزء صغى من الخطبة اليونسية التي يحاول الشيخ أحمد فيها ـ كما في غيرها ـ مجاراة الأساليب والتراكيب الواردة في نهج البلاغة ، ويمكن جرّ ما في هذا المقطع من تناصّ مع تراكيب وأساليب نهج البلاغة على كلّ خطبة ، وستكون النتيجة أنّ بناء الجملة في خطب الشيخ مشابه لحدّ كبير بناء الجملة في نهج البلاغة.

__________________

(١) نهج البلاغة ٢/٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٢) المصدر السّابق ٢/٤١٧ ـ ٤١٨.

(٣) المخطوط : ٣٢.

(٤) المصدر السّابق : ٣٨.


يقول الشيخ في الخطبة اليونسية : «... عباد الله! لا تكونوا في الإعراض عن التذكرة ، كالحمر المستنفرة ، التي فرّت من قسورة(١) ، فتُشغَلوا بأوهامكم عن إنفاذ سهام أفهامكم ، وتعرضوا بأعزامكم عن بلوغ غايات مرامكم ، وتعتمدوا على تقاعدكم عن نهوضكم وقيامكم ... ألا وإنّكم أصبحتم داراً متتابعة الطوارق ، متلاحقة البوائق ، متلامعة البوارق ، مختلفة المغارب والمشارق ، متغايرة السبل والطرائق ، لا تُميز بين الصحيح والعليل ، ولا تفرق بين العزيز والذليل ، فلا تتغاور عليكم حوادثها ، وتتلاحق بينكم هنابثها ، وأنتم في قيد الطاعة بحسب الجهد والاستطاعة ، خير من أن تكونوا في سعة التقصير والإضاعة ، ولا تشربوا أكؤسها ، وتلبسوا لبوس بؤسها ...»(٢).

تتنوع الأساليب في هذا المقطع القصير ، فيبتدئ بأسلوب النداء ، ثمّ بالنهي ، ثمّ يتحوّل الخطاب من الإنشاء إلى الخبر ، ويرجع بعدها إلى الإنشاء وخاصّة النهي ، هكذا يلتفت الخطيب من أسلوب إلى آخر ، ومن تركيب إلى غيره ؛ فالجمل تتنوّع بين الاسمية والفعلية ، والجمل الاسمية نفسها قد تلقى من دون توكيد ، وقد تلقى مؤكّدة بمؤكّد أو أكثر ، ولا يمكن التفصيل في هذا

__________________

(١) يتَنَاصُّ في هاتين العبارَتَين مع الآيتين ٥٠ و٥١ من سورة المدَّثِّر ، وهذا التَّناصّ من النّوع الثَّالث المذكور في هذا البحث ، والَّذي يعمد إلى التّحوير في نصِّ الآية بما يتَناسَب والسَّياق.

(٢) المخطوط : ٣.


الجانب لضيق المقام ، ولكن لا بدّ من إيراد مقطع من خطبة للإمام عليّ عليه‌السلام تتنوّع فيها الأساليب والتراكيب ، ويُنتقل فيها من الإنشاء إلى الخبر ، وتكون فيها التراكيب متنوعة ؛ فتستخدم الجمل الفعلية والجمل الاسمية من غير توكيد أو مؤكّدة بمؤكّد واحد أو أكثر ، وتصب في الغرض نفسه وهو التحذير من الدنيا ؛ يقول عليه‌السلام في الخطبة الغرّاء : «... أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال ، ووقّت لكم الآجال ، وألبسكم الرياش ، وأرفغ لكم المعاش ، وأحاط بكم الإحصاء ، وأرصد لكم الجزاء ، وآثركم بالنعم السوابغ ، والرفد الروافغ ، وأنذركم بالحجج البوالغ ، فأحصاكم عدداً ، ووظّف لكم مدداً ، في قرار خبرة ، ودار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، ومحاسبون عليها ، فإنّ الدنيا رنق مشربها ، ردغ مشرعها ، يونق منظرها ، ويوبق مخبرها ، غرور حائل ، وضوء آفل ، وظلّ زائل ، وسناد مائل ، حتى إذا أنس نافرها ، واطمأنّ ناكرها ، قمصت بأرجلها ، وقنصت بأحبلها ، وأقصدت بأسهمها ، وأعلقت المرء أوهاق المنية قائدة له إلى ضنك المضجع ، ووحشة المرجع ، ومعاينة المحلّ ، وثواب العمل ، وكذلك الخلف بعقب السلف ، لا تقلع المنية اختراماً ، ولا يرعوي الباقون اجتراماً ، يحتذون مثالاً ، ويمضون أرسالاً ، إلى غاية الانتهاء ، وصيُّور الفناء ، حتّى إذا تصرّمت الأمور ، وتقضت الدهور ، وأزف النشور ، أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك ، سراعاً إلى أمره ، مهطعين إلى معاده ، رعيلاً صموتاً ، قياماً صفوفاً ، ينفذهم البصر ، ويسمعهم الدّاعي ، عليهم لبوس الاستكانة ، وضرع الاستسلام والذلّة ، قد


ضلّت الحيل ، وانقطع الأمل ، وهوت الأفئدة كاظمةً ، وخشعت الأصوات مهينمةً ، وألجم العرق ، وعظم الشفق ، وأرعدت الأسماع لزبرة الدّاعي إلى فصل الخطاب ، ومقايضة الجزاء ، ونكال العقاب ، ونوال الثواب ...»(١).

٣ ـ التناص في مطالع الخطب :

لأنّ هذه الدراسة ركّزت على ثلاث خطب هي الخطبة اليونسية ، وخطبة عيد الفطر ، والخطبة العنكبوتية ، فلا بدّ من إيراد مطالع هذه الخطب لدراسة تناصّها مع نهج البلاغة.

أ ـ مطلع الخُطبة اليونسية :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي كبس الأرض على الماء العجّاج ، وحمل الماء على متون الهواء المتّسع السبل والفجاج ، وسمك الهواء بالسماء ذات النور المتوقّد الوهّاج ، وعلّق في سطوح تلك القباب مصابيح الإضاءة وذبالات الإسراج ، وهداكم بها في ظلمات البر والبحر لعلكم تهتدون ...»(٢).

ب ـ مطلع خطبة عيد الفطر :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي له الملك المتأبّد خلوده ،

__________________

(١) نهج البلاغة ١/١٥٢ ـ ١٥٥ ، وتَتَناصُّ كذلك مع خُطْبة قصيرة له في ذمِّ الدّنيا : ج١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٢) المخطوط : ١.


والسلطان الغالبة أعوانه وجنوده ، والعزّ المتساوي صدوره ووروده ، (أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيءْ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً للهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ)(١) ، ادّخر لكم من خزائن الأيّام هذا اليوم ذخراً وعيدا ، وانتخب لكم من بين الأوقات هذا الوقت بركةً ومزيدا ...»(٢).

ج ـ مطلع الخطبة العنكبوتية :

«بسم الله الرَّحمن الرَّحيم ، الحمد لله الذي جعل جنس الحيوان أنواعا ، وفرق بين كلّ نوع فصولاً وطباعا ، وفرّق بينهما عوارض وأوضاعا ، وخلق لها أفئدةً وشقّ لها أبصاراً وأسماعاً ، (أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَات فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ)(٣) ، خلق من كل نوع أمثالاً وأزواجا ، وأخرج من بين الزوجين نطفاً أمشاجا ، وأقرها في أرحام الإناث ماءً ثجّاجا ، وأنتج فيما بينها المواليد المسترسلة إنتاجا ، (فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَع ...)(٤) أفلا تذكّرون ...»(٥).

إنّ هذه المطالع تتناصّ مع عدد من مطالع الخطب في نهجِ البلاغة ،

__________________

(١) سورة النّحل : ٤٨ ، تناص مع القرآن بإيراد الآية كاملة.

(٢) المخطوط : ٥.

(٣) سورة النّحل : ٧٩ ، تناص مع القرآن بإيراد الآية كاملة.

(٤) سورة النّور : ٤٥.

(٥) المخطوط : ٢٨.


وسنورد مطالع بعض الخطب التي يتناصّ معها ما ورد سابقاً ، والتناص فيها يكمن في براعة الاستهلال :

أ ـ الخطبة التي يذكر فيها عليه‌السلام ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم ؛ يقول : «الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءه العادون ولا يؤدِّي حقّه المجتهدون ، الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن ، الذي ليس لصفته حدّ محدود ولا نعْت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممْدود ، فطر الخلائق بقدرته ونشر الرياح برحمته ووتد بالصخور ميدان أرضه ...»(١).

ب ـ مطلع الخطبة الغرّاء : «الحمد لله الذي علا بحوله ، ودنا بطوله ، مانح كلّ غنيمة وفضل ، وكاشف كلّ عظيمة وأزْل ، أحمده على عواطف كرمه ، وسوابغ نعمه ، وأومن به أولاً بادياً ، وأستهديه قريباً هادياً ، وأستعينه قاهراً قادراً ، وأتوكّل عليه كافياً ناصراً ...»(٢).

ج ـ مطلع خطبة له عليه‌السلام يقول فيها : «الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ، ولا تحويه المشاهد ، ولا تراه النواظر ، ولا تحجبه السواتر ، الدالّ على قدمه

__________________

(١) نهج البلاغة ١/٥٥.

(٢) نهج البلاغة : ١/١٥٢.


بحدوث خلقه ، وبحدوث خلقه على وجوده ، وباشْتباههم على أن لا شبه له ، الذي صدق في ميعاده ، وارتفع عن ظلم عباده ، وقام بالقسط في خلقه ، وعدل عليهم في حكمه ، مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته ، وبما وسمها به من العجز على قدرته ، وبما اضطرها إليْه من الفناء على دوامه ، واحد لا بعدد ، ودائم لا بأمد ، وقائم لا بعمد ، تتلقاه الأذهان لا بمشاعرة ، وتشهد له المرائي لا بمحاضرة ، لم تحط به الأوهام ، بل تجلى لها بها ، وبها امتنع منها ، وإليها حاكمها ، ليس بذي كبر امتدّت به النهايات فكبّرته تجسيماً ، ولا بذي عِظَم تناهت به الغايات فعظّمته تجسيداً ، بل كبر شأناً وعظم سلطاناً ...»(١).

وتكثر مطالع الخطب في نهج البلاغة التي يتناصّ معها الشيخ أحمد بن عبد السلام في خطبه ، ويمكن الرجوع إليها في نهج البلاغة(٢).

٤ ـ التناص في الألفاظ :

لعلّ الكلام على التناص في الموضوعات والتراكيب ومطالع الخطب يحتاج إلى بحوث متخصّصة ، ولكنّ الحديث عن التناصّ في الألفاظ قد يحتاج إلى إعداد معجم للمصطلحات ، ويحتاج إلى مجلّدات لحصر هذا النوع

__________________

(١) نهج البلاغة ٢/٣٢٧ ـ ٣٢٨.

(٢) انظر مثَلاً : الخطبة الّتي يذكر فيها بديع خِلقَة الخفَّاش ٢/٢٧٤ ، خُطْبَة لَه غير معنوَنة ٢/٢٧٠ ، خُطْبَة أخرى ٢/٣٤١.


من التناص ، ولهذا الغرض اقتصرت الدراسة في هذا البحث على خطب ثلاث من خطب الشيخ أحمد بن عبد السلام ، وسيقتصر هذا المبحث على القول إنّ الألفاظ التي استخدمها الشيخ أحمد بن عبد السلام الجدحفصي تكاد تكون مشابهة للألفاظ التي وردت عن الإمام عليّ عليه‌السلام في نهج البلاغة ، إلاّ أنّ التعامل مع الألفاظ في نهج البلاغة يختلف عن التعامل معها في خطب الشيخ ؛ ذلك أنّ الإمام عليه‌السلام تنثال عليه الألفاظ انثيالاً ، وينطقها سليقة ، ولكنّ الشيخ أحمد تظهر الصّنعة في خطبه بشكل جلي ، ومن الألفاظ التي تتناص مع نهج البلاغة :

١ ـ «الحمد لله الذي كبس الأرض على الماء العجّاج ، وحمل الماء على متون الهواء المتّسع السبل والفجاج»(١) ، يتناصّ في ألفاظه مع قول الإمام عليه‌السلام : «... كبس الأرض على مور أمواج مستفحلة ، ولجج بحار زاخرة ...»(٢).

٢ ـ في أبياته :

تُرِيكَ بَهِيجَ مَنْظَرِها

وسُمُّ المَوتِ في فيها

تَرَى المَكْروهَ إنْ سَرَّحــْ

ــتَ عَيْنَكَ في معانيها

__________________

(١) المخطوط : ١.

(٢) نهج البلاغة ١/١٨٤.


تَجولُ بِها كواشِرُها

فتنفُثُها أفاعِيها(١)

يتناصّ في ألفاظه مع كتاب الإمام عليه‌السلام إلى سلمان الفارسي قبل أيّام خلافته ؛ إذ يقول : «أمّا بعد فإنّما مثل الدنيا مثل الحيّة ليّن مسُّها قاتل سمها فأعرض عمّا يعجبك فيها لقلّة ما يصحبك منها وضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها وتصرف حالاتها وكن آنس ما تكون بها أحذَرَ ما تكون منها فإنّ صاحبها كلّما اطمأنّ فيها إلى سرور أشخصته عنه إلى مجذور»(٢).

وسيُكتفى بهذين المثالين للتناصّ مع ألفاظ نهج البلاغة.

خامساً : انفراده بالجديد في تناصِّه مع النهج :

السؤال المطروح هنا : هل ينفرد الشيخ أحمد بن عبد السلام بجديد في تناصه مع نهج البلاغة؟ والجواب عن هذا السؤال يمكن أن يرى في تضاعيف هذا البحث ؛ إذ إنّ التناصّ في خطب الشيخ لم يخرج عن موضوعات التناص في كثير من النصوص(٣) ، ولكنّ الشيخ أحمد يبدو واعياً(٤) إلى هذا التناص وخاصة في اختياره موضوعاته وألفاظه وكيفية تعامله

__________________

(١) المخطوط: ٩ ـ ١٠.

(٢) نهج البلاغة ٣/٥٢٧.

(٣) انظر مثلاً : المقامات : البنية والنَّسَقُ الثّقافيّ ، (مقامات الحريري) نموذجاً : ٢٢٦٤ ـ ٢٨٨.

(٤) التّناصّ في النّقد العربيّ القديم : ٦٤.


مع ألفاظ النهج ، وهذا يفسّر لنا بروز الصّنعة في خطب الشيخ.

الخاتمة

لقد حاول هذا البحث قدر الإمكان الوقوف على ظاهرة التناص ـ خصوصاً ـ مع نهج البلاغة في خطب الشيخ أحمد بن عبد السلام الجدحفصي ، وعُني البحث ـ قبل الدراسة التطبيقية ـ بوضع ترجمة مختصرة عن الشيخ أحمد ، ودراسة عن الملامح النظرية للتناص.

وقد توصّل البحث إلى نتائج مهمّة :

أوّلها :

إنّ تراث البحرين العلمي والأدبي ـ نثراً وشعرا ـ جدير بالدراسة والتحليل على ضوء النظريات الحديثة ، وما نظرية التناص إلاّ واحدة من هذه النظريات.

وثانيها :

إنّ التناص مع نهج البلاغة في هذه الخطب لم يقتصر على خطب الإمام عليه‌السلام ، بل اشتمل على التناص مع مجمل كلام الإمام عليه‌السلام من خطب وكتب ورسائل وكلمات قصار ، وتعدى ذلك إلى تناصه مع ما يستشهد به الإمام عليّ عليه‌السلام من أبيات.


وثالثها :

إنّ الشيخ أحمد بن عبد السلام كان واعياً في تناصِّه مع القرآن والشعر والأمثال ، وأكثر وعياً في تناصِّهِ مع كلام الإمام عليّ عليه‌السلام في نهج البلاغة ؛ ويردف هذه النتيجة ما ورد في تضاعيف البحث من أنواع التناص مع نهج البلاغة.

هذا ، وأدعو الله أن ينفع بما في هذه الأوراق

وأرجو أن يتقبّلها بقبول حسَن

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين


المصادر

القرآن الكريم

١ ـ استراتيجية التناص في الخطاب الشعري العربي الحديث : عبّاس ، محمود جابر : علامات في النقد ، النادي الأدبي الثقافي ، جدّة ، الجزء : ٤٦ ، المجلّد : ١٢ ، شوّال١٤٢٣ هـ.

٢ ـ الأمالي الأسدية : الأسد ، ناصر الدين بن محمّد بن أحمد بن جميل : جمع وتحقيق : إسماعيل محمود القيّام ، المؤسّسة العربية الدولية للنشر ، عمان ، ٢٠٠٦م.

٣ ـ أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال ١٤ قرناً : النويدري ، سالم : مؤسّسة المعارف ، بيروت ، ١٩٩٢م.

٤ ـ أمثال العرب : الضبّي ، المفضل بن محمد : تقديم : إحسان عبّاس ، دار الرائد العربي ، بيروت ، ١٩٨٣م.

٥ ـ أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين : البلادي البحراني ، علي ابن الشيخ حسن : تحقيق : عبد الكريم محمّد علي البلادي ، مؤسّسة الهداية ، بيروت ، ٢٠٠٣م.

٦ ـ بعض فقهاء البحرَين في الماضي والحاضر : العصفور ، علي محمّد محسن : دار العصفور للطباعة والنشر ، بيروت ، ١٩٩٣م.


٧ ـ التطور والتجديد في الشعر الأموي : ضيف ، شوقي : دار المعارف ، القاهرة ، الطبعة الثامنة ، دون تاريخ.

٨ ـ التناص ذاكرة الأدب : ساميول : تيفين : ترجمة : نجيب غزّاوي ، منشورات اتحاد الكتّاب العرب ، دمشق ٢٠٠٧م.

٩ ـ التناص في النقد العربي القديم : البريكي ، فاطمة عبد الرحمن : رسالة دكتوراه ، الجامعة الأردنية ، إشراف : ناصر الدين الأسد ، ٢٠٠٣.

١٠ ـ التناص وإشاريات العمل الأدبي : حافظ ، صبري : مجلّة ألف ، الجامعة الأمريكية ، القاهرة ، العدد٤ ، ١٩٨٤م ، (عدد خاص عن التناص).

١١ ـ ثقافة الأسئلة (مقالات في النقد والنظرية) : الغذّامي ، عبد الله محمّد : دار سعاد الصباح ، الكويت ، ١٩٩٣م.

١٢ ـ جمهرة الأمثال : العسكري ، أبو هلال : تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطايش ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ٢٠٠٣م.

١٣ ـ حلية المحاضرة في صناعة الشعر : الحاتمي ، محمّد بن الحسن بن المظفّر : تحقيق : جعفر الكتّاني ، وزارة الثقافة والإعلام ، دار الرشيد للنشر ، بغداد ، ١٩٧٩م.

١٤ ـ الدُّرَر النجفية من الملتَقَطات اليوسفية : البحراني : يوسف بن أحمد : تحقيق ونشر : شركة دار المصطفى لإحياء التراث ، الطبعة الأولى ، ٢٠٠٢م.

١٥ ـ ديوان الإمام عليّ عليه‌السلام المعروف بـ : أنوار العقول من أشعار وصي الرسول (صلى الله عليه وآله) : البيهقي الكيدري ، قطب الدين محمّد بن الحسين : تحقيق : كامل سلمان الجبوري ، دار المحجة البيضاء ، بيروت ، ١٩٩٩م.


١٦ ـ ديوان امرئ القيس : امرؤ القيس ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف ، القاهرة ، ١٩٦٩م.

١٧ ـ ديوان أبي البحر : الخطّي ، جعفر (أبو البحر) : تحقيق : أنيسة أحمد خليل المنصور وعبد الجليل منصور العريض ، مؤسّسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري ، الكويت ، ٢٠٠٢م.

١٨ ـ ديوان سَقْطُ الزّند : المعرّي ، أبو العلاء : دار بيروت ، دار صادر ، بيروت ، ١٩٥٧م.

١٩ ـ ديوان طرفة بن العبد : ابن العبد ، طرفة : شرح : محمّد مهدي ناصر الدين ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ٢٠٠٢م.

٢٠ ـ الذخائر في جغرافيا البنادر والجزائر : آل عصفور البحراني ، محمّد علي بن محمّد تقي : تحقيق : محمّد عيسى آل مكباس ، آل مكباس للطباعة والنشر ، قم ، ١٤٢٢ هـ.

٢١ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الطهراني ، آقا بزرگ : دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ.

٢٢ ـ شذا العَرف في فنِّ الصَّرف : الحمَلاوي ، أحمد : تحقيق : عادل عبد المنعم أبو العبّاس ، مكتبة ابن سينا ، القاهرة ، ٢٠١٠م.

٢٣ ـ علم النصّ : كريستيفا ، جوليا : ترجمة : فريد الزاهي ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، الطبعة الثانية ، ١٩٩٧م.

٢٤ ـ فهرست آل بابويه وعلماء البحرين : إعداد : السيّد أحمد الحسيني ، الناشر : مكتبة آية الله المرعشي ، قم ، ١٤٠٤ هـ.


٢٥ ـ فهرست علماء البحرين : الماحوزي البحراني ، سليمان بن عبد الله ، تحقيق : فاضل الزاكي البحراني ، الناشر : المحقق ، البحرين ، ٢٠٠١م.

٢٦ ـ في الشعر الإسلامي والأموي : القط ، عبد القادر : دار النهضة العربية ، بيروت ، ١٩٨٧م.

٢٨ ـ الكامل في اللغة والأدب : المبرِّد ، أبو العبّاس محمّد بن يزيد : تحقيق : أحمد محمّد كنعان ، دار الفكر العربي ، بيروت ، ١٩٩٩م.

٢٩ ـ لسان العرب : ابن منظور ، جمال الدين محمّد بن مكرم بن علي : تحقيق : علي شيري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٩٨٨م.

٣٠ ـ مجمع الأمثال : الميداني ، أبو الفضل أحمد بن محمّد بن أحمد بن أحمد : تحقيق : محمّد محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ١٩٥٥م.

٣١ ـ مجموع الخُطَب : الجدحفصي ، أحمد بن عبد السّلام ، مخطوط يحتفظ الباحث بنسخة منه.

٣٢ ـ مدخل إلى التناصّ : بييقي ، ناتالي ـ غروس : ترجمة : عبد الحميد بورايو ، دار نينوى ، دمشق ، ٢٠١٢م.

٣٣ ـ المعجم الوسيط : النجّار ، محمّد علي وآخرون : من إصدارات مجمع اللغة العربية ، المكتبة الإسلامية ، الطبعة الثانية.

٣٤ ـ المقامات : البنية والنسق الثقافي (مقامات الحريري) نموذجاً ، رسالة دكتوراه : محمّد ، علي عبد النبي إبراهيم : جامعة عين شمس ، القاهرة ، إشراف : محمّد يونس عبد العال وعبد الناصر حسن محمّد ، ٢٠٠٩م.


٣٥ ـ مقدّمة ابن خلدون : ابن خلدون ، وليّ الدين عبد الرحمن بن محمّد : تحقيق : عبد الله محمّد الدرويش ، دار يعرب ، دمشق ، ٢٠٠٤م.

٣٦ ـ منتظم الدرّين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين : التاجر البحراني ، محمّد علي بن أحمد بن عبّاس : تحقيق : ضياء بدر آل سنبل ، مؤسّسة طيبة لإحياء التراث ، بيروت ، ١٤٣٠ هـ.

٣٧ ـ نظرية التناص ، علامات في النقد : حسني ، المختار : النادي الأدبي الثقافي ، جدّة ، الجزء : ٣٤ ، المجلّد : ٩ ، ديسمبر ١٩٩٩م.

٣٨ ـ نهج البلاغة : شرح : الشّيخ محمّد عبده : ابن أبي طالب ، الإمام عليّ عليه‌السلام : دار الفجر للتراث ، القاهرة ، ٢٠٠٥م.


نسخ لم تر النور

في خزانة الروضة العبَّاسية المقدَّسة

 (القسم الأوّل)

مصطفى طارق عبد الأمير الشبلي

الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه وسيَّد رسله محمَّد ، وعلى الأئمَّة السادة المعصومين من آله الطيّبين الطاهرين.

وبعد ؛ فكلُّ علم من العلوم يحتاج الشادي فيه إلى مرشد يعنيه على اكتشاف خباياه في زواياه ، وحتّى المتمكّن في ذلك العلم قد يخفى عليه من دقائقه ما هو واضح عند غيره(١). ويقول الرسول الأكرم محمَّد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم : «من أعان طالب العلم فقد أحبَّ الأنبياء وكان معهم ..»(٢)

وجاء في كتاب تحقيق الصفا لمحب الدين الطبري (ت٦٩٤هـ) : «أنّ من ورَّخ مؤمناً فضلاً عن عالم عامل فكأنَّما أحياه ، ومن أحيى مؤمناً فكأنَّما

__________________

(١) مجلّة تراثنا ، العدد الرابع : ١٥٧.

(٢) السراج الوهّاج : ٢٤.


أحيى النّاس جميعاً». وجاء في أبجد العلوم للسيّد صدّيق (ت١٣٠٧هـ) : في رسالة الشيخ المسند حسن العجيمي ما معناه : «من ورَّخ أحداً من أهل الفضل والكمال فهو في شفاعته»(١).

ولا شكّ أنّ التعريف بالنسخ غير المحقَّقة والتي ينبغي تحقيقها ونشرها هو نوع من أنواع الإحياء للتراث المخطوط ، وللعلماء الذين شمَّروا الذيل عن ساق الجدِّ والاجتهاد ، وألقوا عزمهم أمامهم ، وسهروا الليالي في التحقيق والتصحيح والتعليق.

وكذلك فيه تسهيلٌ لأمر الباحثين من خلال استخراج العناوين غير المحقّقة من آلاف النسخ التي حقِّقت وإعطائهم معلومات كاملة عنها وعن نسخها الأخرى في مكتبات العالم.

ولا يخفى على أصحاب الاختصاص أنّ مسألة معرفة النسخة المحقّقة من التي لم تُحقَّق هي مسألة شائكة ومعقَّدة وتحتاج إلى شخص ذو خبرة عالية في أغلب الفنون ، ومعرفة ودراية بما نشر وحقِّق منها.

ولكن ما دعى أمثالي للخوض بهذه المهمَّة هو سؤال الأخوة الباحثين عن نسخ غير محقَّقة ، وتردُّد الكثير منهم على العتبة العبّاسية المقدَّسة في سبيل العثور على نسخة غير محقَّقة ، إضافة إلى ذلك تأكيد السيِّد المتولّي الشرعي للعتبة العبّاسية المقدَّسة السيّد أحمد الصافي (دام عزه) وفي أكثر من مرَّة على استخراج النسخ غير المحقَّقة في خزانة العتبة العبَّاسية والعمل على

__________________

(١) موسوعة عبد الله بن عبّاس حبر الأمة وترجمان القرآن ١ / ١١.


تحقيقها ؛ فتوكَّلت على الله مستعيناً به وبأصحاب الدراية والاختصاص في هذا الفنّ.

ومن المناسب ذكره في هذا المقام قول الدكتور حسين علي محفوظ : «إنَّ تراثنا الضخم الفخم على كثرة ما ضاع منه وعلى كثرة ما فقد منه فإنَّ البقية الباقية من هذا التراث المحفوظة في مكتبات العالم لو نضِّدت بعضها فوق بعض لكانت أعلى من جبل هملايا ، ولو فرشت الكتب لغطَّت مساحة كبيرة من قارّة أوربّا»(١).

فلا زال الكثير من التراث ـ الذي قضّى العلماء أعمارهم فيه تأليفاً أو شرحاً أو غيرهما ـ لم ير النور ، ولا شكَّ أنّ خزانة العتبة العبّاسية فيها العشرات من النسخ غير المحقَّقة إلى الآن ، وما كان سعي العتبة في اقتناء هذه النسخ وبذل الأموال الطائلة لشرائها إلاّ لتضعها أمام الباحثين والمحقّقين فضلاً عن الحفاظ عليها.

والجدير بالذكر أنَّ هذا الأمر ـ التعريف بالنسخ الخطيّة التي ينبغي نشرها ـ هو ديدن البعض من أعلام المحقّقين ، وفي الزمن الذي هو ليس ببعيد ، فعلى سبيل المثال لا الحصر إنَّ السيّد عبد العزيز الطباطبائي رحمه‌الله (ت١٤١٦هـ) عرّف بـ : (٣٥) نسخة من المخطوطات الغائبة عن الأنظار والتي ينبغي أن تحقّق ، وذلك على شكل حلقات في مجلّة تراثنا.

وكذلك الشيخ محمّد علي اليعقوبي (ت١٣٨٥هـ) ، في (ديوان الشيخ

__________________

(١) صورة كربلاء المنسية : ٤٩ ـ ٥٠.


يعقوب الحاج جعفر النجفي الحلّي) ـ الذي قام بتحقيقه ـ يضع قائمة على الغلاف الخلفي للديوان تحت عنوان : «دواوين مخطوطة لدى ناشر هذا الديوان نأمل أن تجد طريقها إلى الطبع والنشر» ، ثمّ يعدّد (٢٣) ديواناً من الدواوين الشعرية الغنية بما فيها.

ولكن من المؤسف أنَّ هذا الأمر لم نلحظه في وقتنا الحالي ، إلاّ عند بعض المحقّقين الذين لديهم دافع الحرص على التراث وإحيائه والذي أغناهم عن طلب الشهرة ، أو أغراض أخرى.

وحرصاً منّي على نشر التراث وإحيائه ، والسير على خطى المحقّقين الأوائل ، قمت بإعداد هذا البحث ، وسمّيته بـ : نسخٌ لم تر النور في خزانة الروضة العبَّاسيَّة المقدَّسة ، وكنت قد قضّيت فيه الأيَّام والشهور مستفيداً من عملي في فهرسة النسخ الخطّية ، فكنت كلّما أعثر على نسخة غير معرّف بها في كتب فهارس المخطوطات المشهورة كالذريعة ، والتراث العربي المخطوط ، وفهرس مكتبة المرعشي النجفي ، وغير ذلك ، أقوم بتتبّعها وسؤال أهل الاختصاص عنها.

وضمّ هذا القسم وصفاً تعريفيّاً لخمسة عشرة نسخة ، تنوّعت موضوعاتها فشملت : الفقه وأصوله ، وعلم العقائد ، والسيرة ، والأدب ، وغير ذلك.

ويتلخّص المنهج الذي اتّبعته في التعريف بهذه النسخ بالآتي : (التسلسل ، رقم النسخة في الخزانة ، عنوان النسخة ، المؤلّف وتاريخ وفاته


مع ترجمة مختصرة له في الهامش إن أمكن ، الموضوع واللغة ، أوّل النسخة وآخرها ، نبذة تعريفية عن النسخة ، الملاحظات ، خصائص النسخة ، النسخ الأخرى للمخطوط ، المصادر المعتمد عليها في تعريف النسخة).

وأودُّ أن أتقدّم بالشكر الجزيل والثناء الجميل للذين استعنت بهم من أجل معرفة النسخة هل هي محقَّقة أم لا؟ ، وأخصّ منهم : (الشيخ محمّد حسين النجفي والشيخ قيس العطّار والشيخ أحمد علي مجيد الحلّي والأستاذ محمّد الوكيل) فجزاهم الله خير الجزاء.

وأخيراً أرجو من الله العليّ القدير أن يكون عَملي هذا

موضع قبول عند أصحاب التحقيق

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين.


(١)

(١٠٥) دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام.

(فقه/عربي)

تأليف : السيّد إبراهيم القزويني(ت١٢٦٢هـ)(١).

أوّل المخطوط :«حمداً لمن ألبس بلطائف لطفه الجامع على خلقه خلعة الوجود وشرّف من بينهم نوع الإنسان بالتقرّب إليه بالركوع والسجود ..».

آخر المخطوط : «ولا احتياج إلى تجفيف الرطوبات بعد التطهير كما أشرنا والله أعلم بحقايق أحكامه. تمّ الطهارة من دلائل الأحكام في شرح شرايع الإسلام».

التعريف بالنسخة :

شرح استدلالي موسّع ، تناول فيه المؤلّف جميع الشرائع بعنوان (قوله قوله) ، إلاّ كتاب القضاء والشهادات وقليل من الوقف الذي تمّمه البعض من تلاميذه على حدّ تعبير المؤلّف.

فرغ المؤلّف من تأليف المجلد الأوّل سنة (١٢٤٦هـ) ، والكتاب يقع

__________________

(١) السيّد إبراهيم بن محمّد باقر الموسوي ، القزويني ، الحائري ، كان فقيها إماميّاً مجتهداً ، أصوليّاً ، من أكابر المحقّقين ومشاهير المدرّسين ، ولد سنة ١٢١٤هـ ، من آثاره : (ضوابط الأصول) ، (نتائج الأفكار) ، وغيرهما ، توفّي سنة ١٢٦٢هـ. (ينظر : موسوعة طبقات الفقهاء ١٣/٣٢).


في ستّة مجلّدات ، له نسخ كثيرة في مكتبات إيران. ونسختنا هذه هي المجلد الثالث والذي يشتمل على (كتاب البيع ، والدين ، والرهن ، والحجر ، والضمان ، والحوالة ، والكفالة ، والصلح ، والشركة ، والمضاربة ، والمزارعة ، والمساقاة ، والوديعة ، والعارية ، والإجارة ، والوكالة ، والوقف ، والسكنى والتحبيس ، والهبات ، والسبق والرماية ، والوصايا).

الملاحظات :

* ناقصة الآخر ، عليها تملّك السيّد محمّد صادق الطباطبائي ، وتملّك مهدي الطباطبائي.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (ق١٣ هـ) ، عدد الأسطر (٢١) ، عدد الأوراق (١٥٩) ، نوع الغلاف (كارتوني).

* أمّا نسخ باقي الأجزاء في الخزانة فهذه أرقامها وخصائص كلّ نسخة : نسخة برقم (٢٤٩) ، ناقصة الأوّل والآخر ، نوع خطّها النسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (ق١٣هـ) ، عدد الأسطر (٣٠) ، عدد الأوراق (٣٠٦) ، نوع الغلاف (كارتوني) أحمر اللون. نسخة برقم (٦١٩) ، وهي من أوّل كتاب التجارة إلى آخر كتاب النكاح ، نوع خطّها النسخ ، كُتبت في عصر المؤلّف ، مصحّحه عليها حواشي برموز (مؤلّفه ، منه دام ظلّه العالي). نسخة برقم (٢٤٨٨)كتب في أوّلها تقريض للسيد محمّد مهدي الطهراني وهو مالك النسخة ، كُتبت رؤوس الموضوعات بالمداد الأحمر ، عليها بعض


التصحيحات ، وعليها إمضاءات (منه رحمه الله) ، آخره مقابلة على نسخة الأصل. نوع خطّها النسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (بلا) ، عدد الأسطر (٣١) ، عدد الأوراق (٢٣٠) ، نوع الغلاف (جلد) جوزي اللون ، مزيّن بالطرّة ورئسيها من الجانبين. نسخة : برقم (٢٤٩١) ناقصة الأوّل ، كتبت رؤوس الموضوعات بالمداد الأحمر ، عليها إمضاءات (منه ره) ، عليها تصحيحات. النسخة من أوّلها وحتّى كتاب الخلع بخطّ الناسخ المذكور ، ومن كتاب الخلع إلى النهاية لم يذكر الناسخة والظاهر لنفس الناسخ لتقارب الخطّ والأسطر نوع خطّها النسخ ، الناسخ : (علي بن جعفر نجف آبادي) ، تاريخ النسخ : (شهر ذي القعدة الحرام سنة ١٢٥٩هـ) ، عدد الأسطر (٣١) ، عدد الأوراق (١٩٥) ، نوع الغلاف (جلد) جوزي اللون ، مزيّن بالطرّة ورئسيها من الجانبين. نسخة برقم : (٢٤٩٦) عليها إمضاءات (منه ره) ، عليها تصحيحات ، نوع خطّها النسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (بلا) ، عدد الأسطر (٣٠) ، عدد الأوراق (١٨٦) ، نوع الغلاف (كارتوني) أحمر اللون.

النسخ الأخرى للمخطوط :

* مكتبة الإمام الحكيم العامّة برقم (٣٣٠٤ و٢٥٨٧ و٢٣٠٧ و٢٢٨٣ و٢٢٨٤ و٢٢٨٥و٢٢٨٦ و٨٧٣ و١٤٢ و١٤١ و١٥٧١ و١٥٩٠ و٢٨٦) ، ويوجد في مكتبات إيران ما يقارب الـ : (٥١) نسخة لهذه المخطوطة ولمعرفة تفاصيلها يراجع المصدر المذكور.


المصادر :

* الذريعة : ٨/٢٤٠ ، هديّة العارفين : ١/٤١ ، التراث العربي المخطوط : ٥/٤٤٠ ، فهرستكان نسخه هاي خطّي إيران : ١٤/٧٣٣ ـ ٧٣٩.

(٢)

(١٨١) علم الله تعالى

(كلام/عربي)

تأليف : يوسف بن محمّد القزويني (من أعلام القرن الثالث عشر)(١).

أوّل المخطوطة : «الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله أمناء الله وبعد ، فيقول العبد المحتاج إلى باب ربّه الغني يوسف بن محمّد القزويني : إنّه لمّا سألني الطالب ..».

آخر المخطوطة : «على سبيل القبول أو الانفعال وهو اللوح بقسميه والآخر القلم على سبيل الفعل ونسخة الحفظ فاحفظ ذلك فإنّه نافع جدّاً إن شاء الله تعالى».

التعريف بالمخطوط :

رسالة متوسّطة كتبها لجواب «الذكي التقي المسمّى بعلي نقي» عن بيان علم الله تعالى بالأشياء وكيفية ذلك العلم بالأدلّة القطعية من البراهين العقلية والنقلية وفوائد من العلماء والفلاسفة ، رتّبه على مقدّمة وعشرة أبواب ، وهي

__________________

(١) لم أعثر على ترجمة له.


كما يأتي :

المقدّمة : هي محتوية على أمور يتوقّف المقصود عليها.

الباب الأوّل : في إثبات علمه تعالى بذاته وبالأشياء.

الباب الثاني : في كيفية علمه تعالى بالأشياء والمذاهب المشهورة فيها.

الباب الثالث : في بيان مذهب المعتزلة واحتجاجهم وإبطال ذلك.

الباب الرابع : في بيان القول بالصور.

الباب الخامس : في ذكر بعض الأدلّة الدالّة على المثل.

الباب السادس : في بيان ما يرد على ما ذهب إليه بعض الحكماء من أنّ علمه تعالى مرتبة ذاته علم تفصيلي بالعقل الأوّل ، وعلم إجمالي بما سواه من المعلومات.

الباب السابع : في بيان ما يرد على مذهب شيخ الإشراقيّين والمحقّق الطوسي وتصحيح مذهبهما.

الباب الثامن : في تقرير دليل المتأخّرين القائلين بالعلم الإجمالي.

الباب التاسع : في تحقيق مذهب الصوفيّة.

الباب العاشر : في إرجاع مذهب القائلين بالصور إلى مذهب أهل المكاشفة.

الملاحظات :

* كُتبت رؤوس المطالب بالمداد الأحمر ، ووضع تحت بعض العبارات خطّ أحمر ، عليها تعليقات وتصحيحات قليلة جدّاً ، آخرها مجموعة من


التواريخ لتولّدات بعض الأعلام والشخصيّات.

الخصائص :

* الخطّ : نستعليق ، تاريخ النسخ : (٢٣ رمضان سنة ١٢٥٩ هـ) ، مكان النسخ : (دار الخلافة في طهران) ، عدد الأسطر : (١٤) ، عدد الأوراق : (٥٨) ، ١٠ × ١٧ سم ، نوع الغلاف : (جلد طبيعي) ، زيتوني اللون.

المصادر :

فهرس مخطوطات مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة : ١/٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٣)

(٢٨٦) تعليقة الروضة البهية.

(فقه/عربي)

تأليف : شمس الدين بن محمّد البهبهاني الكربلائي المشهدي (ت١٢٤٨هـ)(١).

أوّل المخطوط : «الحمد لله أوّلاً وآخراً والصلاة على نبيّه ظاهراً وباطناً وعلى آله المعصومين سرّاً وعلناً ، وبعد : النعمة الدنيويّة ضربان ..».

آخر المخطوط : «تسوية الناس في المعدن الواقع في أرض الإمام

__________________

(١) شمس الدين بن محمّد بن جمال الدين محمود البهبهاني أصلاً الخراساني سكناً ، كان فقيهاً إماميّاً ، أصوليّاً ، حكيماً ، زاهداً ، من آثاره : (جواهر الكلام في أصول عقائد الإسلام) ، (حاشية على المطول) ، (شرح معالم الأصول) ، توفّي سنة (١٢٤٨هـ). (ينظر : هديّة العارفين ٢/٣٦٤ ، موسوعة طبقات الفقهاء ١٣/٢٩٩).


ينافي ما مرّ آنفاً من أنّ المعدن الواقع في غير أرضه المختصّة به عليه‌السلام من الأنفال».

التعريف بالمخطوط :

تعليقة تحقيقيّة مبسوطة على كتاب الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة للشهيد الثاني أحمد بن زين الدين العاملي (ت٩٦٥ هـ) ، كتبها حين اشتغاله بتدريس كتاب الروضة لجمع من الطلبة في الصحن المقدّس الرضوي عليه‌السلام ، وذكر فيه نقده على شرح الشهيد مع استعراضه لبعض نقده على الشهيد الأوّل وفيه بعض أقوال الفقهاء والروايات مقرونة بأسانيدها.

الملاحظات :

* أُضيفت بعض المطالب ما بين السطور وفي هوامش الكتاب. فرغ من تأليف كتاب الزكاة في (ربيع الآخر سنة ١٢٢٢ هـ) ، اشتملت نسختنا هذه على شرح كتاب الزكاة والخمس.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ دقيق ، (بخطّ المؤلّف) ، تاريخ الكتابة : (قبيل الزوال يوم الإثنين من شهر ربيع الآخر من شهور سنة ١٢٢٢ هـ) ، المكان : (الصحن المقدّس الرضوي) ، (كما في آخر كتاب الزكاة) ، عدد الأسطر (٢١) ، عدد الأوراق (٦٤) ، القياسات : (٢١ س ، ٢/١٥×٢/٢١ سم) ، نوع الغلاف (كارتوني) أسود اللون.


النسخ الأخرى للمخطوط :

* لها نسخ أخرى في خزانة الروضة العبّاسية وهي كالآتي : نسخة برقم : (٢٨٧) ، اشتملت على شرح كتاب الصوم والاعتكاف والحجّ ، خصائصها : (بخطّ المؤلّف ، بنفس مواصفات النسخة السابقة ، بدون التاريخ. ١٠٨ ق ، ٢١ س ، ٢/١٥ ×٢/٢١ سم). نسخة برقم : (٢٨٨) ، اشتملت على شرح كتاب الجهاد إلى آخر كتاب النذر ، وقد فرغ من تأليف كتاب النذر في (١٧ شهر ربيع الآخر سنة ١٢٢٣ هـ) ، خصائصها : (بخطّ المؤلّف ، بنفس مواصفات النسختين السابقتين ، بالتاريخ الذي ذكرناه آنفا. ٣٩ ق ، ٢١ س ، ٥/١٦×٢/٢١ سم). نسخة برقم : (٢٨٩) ، اشتملت على شرح كتاب القضاء والشهادات ، وقد فرغ من تأليف كتاب الشهادات في (١٧ شهر جمادى الآخر سنة ١٢٢٣هـ) ، خصائصها : (الخطّ : نسخ دقيق ، بخطّ المؤلّف ، ليلة الجمعة ١٧ جمادى الآخر سنة ١٢٢٣ هـ ، وقد أُضيفت بعض المطالب في هوامش الكتاب. ٤٠ ق ، ٢١ س ، ٤/١٦×٢٢ سم). نسخة برقم : (٢٩٠) ، خصائصها : (الخطّ : نسخ دقيق ، بخطّ المؤلّف ، ليلة الجمعة ١٧ جمادى الآخر سنة ١٢٢٣ هـ ، وقد أُضيفت بعض المطالب في هوامش الكتاب. ٨٣ ق ، ٢١ س ، ٩/١٥×٤/٢١ سم). نسخة أخرى برقم : (٢٩١) ، اشتملت على شرح كتاب الدين والرهن والحجر والضمان الحوالة والكفالة والصلح والشركة والمضاربة والوديعة والعارية والمزارعة والمساقاة ، وقد فرغ من تأليف كتاب المساقاة


في (١٩ شعبان سنة ١٢٢٤ هـ) ، خصائصها : (الخطّ : نسخ دقيق ، بخطّ المؤلّف ، يوم السبت من ١٩ شعبان سنة ١٢٢٤ هـ ، وقد أُضيفت بعض المطالب في هوامش الكتاب. ٤٠ ق ، ٢١ س ، ٨/١٥×٢/٢١ سم). نسخة أخرى برقم : (٢٩٢) ، اشتملت على شرح كتاب الإجارة والوكالة والشفعة والوصية ، وقد فرغ من تأليفه (بعد الظهر ٧ جمادى الآخر سنة ١٢٢٥هـ) ، خصائصها : (الخطّ : نسخ دقيق ، بخطّ المؤلّف ، بدون التاريخ ، وقد أُضيفت بعض المطالب في هوامش الكتاب ، قسم من كتاب النكاح صحّف في أوّل هذا المجلّد خطأً. ٢٧ ق ، ٢١ س ، ١٦×٤/٢١ سم). نسخة أخرى برقم : (٢٩٣) ، اشتملت على شرح كتاب النكاح ، وقد فرغ من تأليفه في (٧ جمادى الأُخرى سنة ١٢٢٥ هـ) ، خصائصها : (الخطّ : نسخ دقيق ، بخطّ المؤلّف ، بعد الظهر ٧ جمادى الآخر سنة ١٢٢٥ هـ ، وقد أُضيفت بعض المطالب في هوامش الكتاب. ٣١ ق ، ٢١ س ، ٦/١٥×٣/٢١ سم). نسخة أخرى برقم : (٥٢٧/١) ، اشتملت على شرح مقدّمة الكتاب وشرح كتاب الطهارة ، آخرها أوراق من رسالة عملية باللغة الفارسيّة لنفس المؤلّف ، خصائصها : (الخطّ : نسخ دقيق ، بخطّ المؤلّف ، ٧١ق ، ٢٨س ، ٦/١٠×٨/١٦ سم).

المصادر :

* معجم المؤلّفين ٤ : ٣٠٨ ؛ أعيان الشيعة ٧ : ٣٥٢ ، فهرس مخطوطات مكتبة العتبة العبّاسية المقدّسة : ١/٣٣١ ـ ٣٣٣ ، ٢/١٢٩.


(٤)

(٨٧٩) وفاة الأمام أبي محمّد الحسن ابن علي عليه‌السلام

(سيرة/عربي)

تأليف : الملاّ عبّود ابن الملاّ حميد الأسدي (ت١٣٤٩هـ)(١).

أوّل المخطوط : «روى أبو محنف وعبد الله بن العلما كلّ منهما يروي أنّ أمير المؤمنين ضرب ليلة تاسع عشر من شهر رمضان وكانت وصيّته الى ولده الحسن وأنّه ولي الأمر من بعده عليه‌السلام ..».

آخر المخطوط : «أنتهى إلينا من وفات سيّدنا ومولانا وإمامنا أبي محمّد الحسن عليه‌السلام على التمام والكمال ونستغفر الله عن الزيادة والنقصان ..».

التعريف بالمخطوط :

كتاب فيه عرض موجز لحياة الإمام الثاني من أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام الحسن بن علي المجتبى ، اعتماداً على أقدم المصادر التاريخية وأهمّها ، ومنها : (مقتل الحسين عليه‌السلام) المنسوب لأبي مخنف ، وينقل كذلك عن عبد الله ابن المعلاّ ، وغيرهما.

__________________

(١) لم أعثر على ترجمة له ، سوى ما ذكر في آخر النسخة بخطّ يوسف أينسيان : «ملاّ عبود المرحوم أصابه سرطان في الحنجرة وعالج هذا المرض ستّة شهور وكان رحمه الله تعالى لم ينم في الليل والنهار حتّى كان يوم أجله ليلة الجمعة في شهر جمادى الثاني في سنة (١٣٤٩هـ) توفّي في الساعة العاشرة من الليل وكان مدفنه في مقبرة اسمها الكوت قرب من حاج عبّود شهيد زاده ..».


ابتدأ برحلة مع الإمام الحسن من الوقت الذي جرح فيه الإمام علي ووفاته وما جرى بين الإمام الحسن ومعاوية وذكر بنود الصلح ومناقشتها ، وحتّى وفاته سلام الله عليه.

ضمّنه المؤلّف مجموعة غير قليلة من الأشعار الفصيحة المنقولة من المصادر للاستشهاد بها في مواضع معيّنة.

الملاحظات :

* كُتب العنوان بالمداد الأحمر ، جاء على أوّل النسخة عنوان الكتاب وتاريخ النسخ واسم (ملاّيه ليله بنت زاير اخضير) ، وفي الصفحة الثانية جملة باللغة الفارسيّة : (صفحه أوّل كتاب مصيبت آل بيت است) ، ثمّ اسم المؤلّف ووفاته باليوم والشهر والسنة. الصفحات الأخيرة من الكتاب ضمّت : ترجمة موجزة للمؤلّف وسبب وفاته ، كتبها (يوسف اينسيان سنة ١٣٤٩هـ) ، خمسة أبيات من الشعر الدارج ، وجملة بالفارسي : (هذا الكتاب متعلّق به ملا عبود أسدي ابن المرحوم ملا حميد).

خصائص النسخة :

* الخطّ : نسخ ، الناسخ : (عبد الله ابن الملاّ جاسم ابن المرحوم الملاّ محمّد الملاّ ماجود ابن دويخ بن عبد الشيخ ابن عبد الله) ، تاريخ النسخ (ضحى نهار الاثنين وهو اليوم الثاني والعشرين من شهر ذي الحجّة الحرام أحد شهور سنة ١٣٨٦هـ الألف والثلثمائة والسادسة والثمانين) ، عدد الأسطر (١١) ، عدد الأوراق (٧٠) ، ٦/١٦×٢٠ سم ، نوع الغلاف (جلد كارتون) أسود وعطفه جوزي.


(٥)

(٨٨١) بهجة الطلاّب الموصلة لزبدة الإعراب.

(نحو/عربي)

تأليف : السيّد عبد الوهّاب الخطيب (ت ق ١٤هـ)(١).

أوّل المخطوط :

«باسم الربِّ مبتدا المقال

تبّركاً بذات ذي الجلال

فيحمد العبد لوهّاب المنن

مصلّياً على النبيِّ المؤتمن ..»

آخر المخطوط :

«فأسئل الله له القبولا

بسبط طه جدّنا المقبولا

وذا قُبيل عصر يوم الأحد

من شهر ذي الحجّة عام المدد

من الثلثماية والتاسع عشر

من ألف هجرة خير البشر»

التعريف بالمخطوط :

أرجوزةٌ في قواعد النحو العربي وبالخصوص الإعراب ، تقع

__________________

(١) السيّد عبد الوهّاب الخطيب ، أحد أعلام كربلاء ، ذكره صاحب الذريعة في ضمن التعريف بكتاب : (الطريق الصحيح إلى رواية الصحاح) ، قائلاً : «أرجوزة للسيّد مهدي بن علي الغريفي البحراني النجفي المتوفّى (١٣٤٣هـ) في ذكر روايته الصحاح الستّ من السيّد عبد الوهّاب الخطيب مفتي لواء كربلاء ، وقد كتب له إجازة رأيتها بخطّ المجيز وإمضاؤه [السيّد عبد الوهّاب الخطيب] وتاريخها (١٣٢٩هـ) وعليها شهادات جمع من العلماء». (الذريعة ١٥/١٦٧).


في(٢٦٩) ، بيت. نظمها السيّد عبد الوهّاب تلبية لعدد من طلبته الذين طلبوا منه منظومة في قواعد النحو تسعفهم وتجنّبهم الأخطاء ، فلبّى طلبهم وبذل الجهد الجهيد ونظم الرسالة الموسومة بـ : زبدة الإعراب ، وجنّب فيها غامض الألفاظ.

رتّبها الناظم على (١٦) باب ، وعلى النحو الآتي : (الباب الأوّل ، الأفعال ، الثاني : نصب المضارع ، الثالث : الجزم ، الرابع : رفع الأسماء ، الخامس : الفاعل ، السادس : المفعول الذي لم يُسَمَّ فاعله ، السابع : الاشتغال ، الثامن : التنازع ، التاسع : المبتدأ والخبر ، العاشر : النواسخ ، الحادي عشر : النعت ، الثاني عشر : التمييز ، الثالث عشر : الاستثناء ، الرابع عشر : موانع الصرف ، الخامس عشر : التعجّب ، السادس عشر : مخفوضات الأسماء).

الملاحظات :

* نسخة مشكولة ، من بحر الرجز ، عليها تصحيحات ، وتعاليق بإمضاء «منه» ، كُتبت بعض الأبيات على جوانب الصفحات ، يوجد شطب على بعض الأبيات.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، (بخطّ المؤلّف) ، تاريخ الكتابة : (عصر يوم الأحد شهر ذي الحجّة ١٣١٩هـ) ، عدد الأسطر (مختلف) ، عدد الأوراق (٨) ، ١٤٠٥×٢٠.٢سم ، نوع الغلاف (كارتوني) أسود اللون.


(٦)

(٩٤٤) وسيلة المقلدين إلى أحكام الدين.

(فقه/عربي)

تأليف : السيّد محمّد مهدي بن الحسن الحسيني القزويني الحلّي (ت١٣٠٠هـ)(١).

أوّل المخطوط : «الحمد لله الذي أوجب معرفته وعبادته على العالمين ونصب لهم على ذلك البراهين وجعل لهم أعلاماً وهدانا إلى الدين قائمين ..».

آخر المخطوط : «يستحبّ فيه المداومة على العبادات وإحياء الليالي في جميع الأوقات جعلنا الله من العاكفين في بيوته والمداومين على عبادته والملازمين لمرضاته».

التعريف بالمخطوط :

رسالة عملية فتوائية في الطهارة والصلاة والصوم إلى آخر الاعتكاف ، منتزعة من كتاب فلك النجاة للمؤلّف نفسه. انتزعها عندما طلب منه البعض

__________________

(١) السيّد محمّد مهدي ابن السيّد حسن بن أحمد بن محمّد الحلّي الشهير بالقزويني ، عالمٌ مجتهد ، ولد سنة (١٢١٢هـ) ، ونشأ بالحلّة ، من تصانيفه : (أساس الإيجاد في الاستعداد لملكة الاجتهاد) ، (البصائر في مختصر المواهب) ، (فرائد الأصول) ، (فلك النجاة في أحكام العبادات) ، (قلائد الخرائد في أصول العقائد) وغيرها. توفّي بمدينة السماوة سنة (١٣٠٠هـ) عندما كان عائداً من الحجّ ، ودفن بالنجف الأشرف. (ينظر : الذريعة ٢٥/٨٤ ، هديّة العارفين ٢/٤٨٥).


من المقرّبين إليه أن يختصر كتابه المتقدّم الذكر. يقول المؤلّف : «... التمسني من لا تسعني مخالفته أن أختصر ما حرّرته من الرسالة الموسومة بفلك النجاة التي جعلتها في أحكام العبادات بعبارات وجيزة وتحريرات عزيزة جامعة لمسائل الفروع نافذة في بيان كلّ حكم وموضوع فأجبته ...». وتشتمل هذه النسخة من كتاب الصلاة إلى آخر كتاب الصيام.

الملاحظات :

* كتبت رؤوس المطالب بالمداد الأحمر ، ، نسخة مجدولة باللّون الأزرق والأحمر ، مصحّحة ، عليها علامات البلاغ (مقابلة ، تصحيحاً) ، وصحّح ما فيها لدى الأقلّ وختمه الدائري : (مهدي الحسيني سنة١٢٥٧هـ).

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (شهر ذي الحجّة سنة ١٢٧٥هـ) ، عدد الأسطر (١٢) ، عدد الأوراق (٨٤) ،١٠.٥×١٥سم ، نوع الغلاف (جلد) ماروني اللون مزيّن بالطرّة ورأسيها من الجانبين.

المصادر : الذريعة : ٢٥/٨٤ و٤٥٦.

(٧)

(١٠١٢) جبر الخاطر فيما أعدّ الله في اليوم الآخر لمصاب الصابر

(مواعظ/عربي)

تأليف : محمّد بن أحمد النجار الدمشقي (ت١١٦٣هـ)(١).

__________________

(١) محمّد ابن إمام الدرويشية أحمد بن محمّد الدمشقي الحافظ المعروف بالنجار ، من


أوّل المخطوط : «الحمد لله القديم الأوّل .. أمّا بعد فإنّ أسعد العباد عند من كتب قلم قدرته جميع ما أراد من تفكّر في مبدئه ومنهاه ..».

آخر المخطوط : «الحمد لله ربّ العالمين أوّلاً وآخراً وباطناً وظاهراً على كلِّ حال وفي كلِّ الأحوال ولاحول ولاقوّة إلاّ بالله».

التعريف بالمخطوط :

كتاب اجتماعي أخلاقي أدبي منوّع يجمع إلى النثر الشعر والقصص والحكايات والأخبار وأكثر مافيه من شعر للمؤلف وقد ختمه بقصيدة مطوّلة من نظمه مطلعها :

لله ما في الأرض والسماء

أحاطه بالعدّ والإحصاء

وإن جميع ما ذكر في هذه الرسالة هو من قبيل النصيحة والتنبيه والإرشاد للبعد عن ذوي الغدر والمكر والفساد من الأخلاّء والأصحاب لا على سبيل الإطلاق والاستيعاب بل المراد هو الحقّ والصواب الأصحاب الذين يورثون الأسقام.

وعلى الرغم من أنّ يراع المؤلّف امتطى الأطناب ، وقرب من

__________________

آثاره : (الكشف والبيان عن أوصاف خصال أشرار أهل هذا الزمان) ، (لؤلؤ التنزيه للربّ النزيه) ، ويظهر في الأخير أنّه نفسه (جبر الخاطر ..). توفّي سنة (١١٦٣هـ) ، ويقول عمر كحّالة في (معجم المؤلّفين) أنّه توفّي سنة (١١٠٣هـ) وهذا يتنافى مع ما ذكره المؤلّف في آخر النسخة : (وقال سيّدنا الشيخ عبد الغني) ، والشيخ عبد الغني النابلسي توفّي سنة (١١٤٣هـ). (ينظر : معجم المؤلّفين ٩/١٧١ ، هديّة العارفين ٢/٣٢٧).


الإسهاب ، وأطال الخطاب ، إلاّ أنّه كان على مستوى عالي من البلاغة بحيث لا يملّ أسلوبه.

الملاحظات :

* العناوين ورؤوس المطالب بالمداد الأحمر ، عليها تملّك (عبد اللطيف الغزّي في شهر رمضان سنة ٩٢٠هـ) ، ورد على غلاف أوّل النسخة فائدة في إبطال السحر ، وفي آخرها أبيات شعرية للشيخ عبد الغني النابلسي (١١٤١هـ) في الصبر على البلايا.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، تاريخ النسخ : (ق١٠هـ) ، مكان النسخ : (بلا مكان) ، عدد الأسطر (١٣) ، عدد الأوراق : (٧٨) ، ١٢.٥×١٧سم ، الغلاف (كارتوني) وعطفه جلد جوزي.

(٨)

(١١٥٤) غاية الآمال في موجبات حسن خواتيم الأعمال

(أخلاق/عربي)

تأليف : محمّد هاشم الخراساني (ت ١٣٥٢هـ)(١).

__________________

(١) السيّد محمّد هاشم بن محمّد علي الخراساني المشهدي ، عالم فاضل ، في العشرين من شهر صفر سنة (١٢٨٤هـ) ، من مؤلّفاته : (منتخب التواريخ) ، (وسيلة الأمان). توفّى في اليوم الثالث من شهر ذي الحجّة الحرام من سنة (١٣٥٢هـ) بالمشهد المقدّس الرضوي. (ينظر : الذريعة ٧/١٥ ، العقد المنير : ٤٠٤ ـ ٤٠٥).


أوّل المخطوط : «الحمد لله الذي جعل التقوى خير زاد للمؤمنين وجعل حسن العاقبة وسعادة الدنيا والآخرة لأهل التقوى واليقين والحمد والشكر لربّنا الرؤوف الرحيم ..».

آخر المخطوط : «اكتفينا بذكر حدّ المقدار للتبصّر والعبرة كما أنّ حكايات الأعزة بعد الذلّة أيضا كثيرة والحمد له أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً ..».

التعريف بالمخطوط :

نسخة في علم الأخلاق ومبادئها ، حوت مجموعة من الأحاديث والأخبار والروايات والقصص ، وغير ذلك ممّا جمعه المؤلّف من مجموعة من كتب الأحاديث والأخبار ومنها منتخب التواريخ وغيره من الكتب. وجاءت النسخة في أربعة وعشرين باباً وفي كلّ باب عدّة فصول ، وعلى النحو الآتي :

الباب الأوّل : في السعادة والشقاوة ، وفيه أربعة فصول.

الباب الثاني : في موجبات السعادة والشقاوة ، وفيه خمسة فصول.

الباب الثالث : في أنّ الإيمان مستقرّ ومستودع ، وفيه أربعة فصول.

الباب الرابع : من أهمّ ما يخاف منه على سوء الخاتمة في كثرة المعاصي ، وفيه خمسة فصول.

الباب الخامس : من أهمّ ما يخاف منه على سوء الخاتمة في اشتغال القلب بحبّ الدنيا ، وفيه أربعة فصول.


الباب السادس : من أهمّ ما يخاف منه على سوء الخاتمة في الغفلة عن ذكر الله تعالى ، وفيه أربعة فصول.

الباب السابع : من أهمّ ما يخاف منه على سوء الخاتمة في شياطين العديلة عند المحتضر ، وفيه خمسة فصول.

الباب الثامن : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة في الإيمان بالله تعالى ، وفيه أربعة فصول.

الباب التاسع : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة في الإخلاص ، وفيه خمسة فصول.

الباب العاشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة تحصين ملكة التقوى ، وفيه أربعة فصول.

الباب الحادي عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة أن يبلغ بعلمه في أولياء الله تعالى درجة الأولياء ، وفيه خمسة فصول.

الباب الثاني عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة في إغاثة الملهوفين ، وفيه خمسة فصول.

الباب الثالث عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة حسن الظنّ بالله ، وفيه ثلاثة فصول.

الباب الرابع عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة المواضبة على التوبة ، وفيه خمسة فصول.

الباب الخامس عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة أن يكون


الإنسان متذكّراً لله تعالى ، وفيه خمسة فصول.

الباب السادس عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة قراءة بعض السور القرآنية ، وفيه خمسة فصول.

الباب السابع عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة الدعاء والتضرّع ، وفيه خمسة فصول.

الباب الثامن عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة كون الرجل ذرّية ، وفيه خمسة فصول.

الباب التاسع عشر : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة تلقين المحتضر وبعض الأذكار ، وفيه خمسة فصول.

الباب العشرون : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة وديعة إيمانه بذاته المقدّسة الأحدية ، وفيه أربعة فصول.

الباب الحادي والعشرون : من أهمّ موجبات حسن الخاتمة الإحسان بالوالدين ، وفيه أربعة فصول.

الباب الثاني والعشرون : موجبات حسن الخاتمة المواظبة على أوقات الصلوات بعض الصلوات وعلى بعض التعقيبات ، وفيه خمسة فصول.

الباب الثالث والعشرون : في سائر موجبات حسن الخاتمة ، وفيه خمسة فصول.

الملاحظات :

* تمّ تأليف النسخة سنة (١٣٤٨هـ) ، مصحّحة ، عليها علامات البلاغ ، العناوين ورؤوس المطالب بالمداد الأحمر ، عليها حواشي ، عليها في بداية


النسخة فهرس أبواب وفصول الكتاب ، في أوّل النسخة رواية عن الرسول الكريم عليه‌السلام ، وفي آخرها فوائد في التراجم عن ابن خلّكان في وفيات الأعيان ، وبعض الفوائد الرضوية للمحدّث القمّي رحمه‌الله.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، بخطّ المؤلّف ، تاريخ الكتابة : في ليلة ١٤ ربيع المولود (ربيع الأوّل) سنة ١٣٤٨هـ ، مكان الكتابة : (بلا مكا) ، عدد الأوراق : (٢٠٦) ، عدد الأسطر : (٢٠) ، ١٧.٥× ٢٢٠٥سم ، نوع الغلاف (جلد) أحمر اللون.

النسخ الأخرى للمخطوط :

* لها نسخة أخرى في خزانة العتبة العبّاسية برقم (١١٥٩) ، وهي مسوّدة النسخة السابقة ، مصحّحة ، عليها شطب وحذف وتصحيح ، العناوين ورؤوس المطالب بالمداد الأحمر ، أوّلها فهرس بالموضوعات ، كتب في وسطها ونهايتها أبيات شعرية.

خ المصادر : فهرس مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة ، الجزء الثالث ، قيد العمل.

(٩)

(١٦٣٧) خزانة الرحمة = شرح البردة.

(أدب/عربي)

شرح : محمّد سعيد بن عبد الله (؟)(١).

__________________

(١) لم أعثر على ترجمة له.


أوّل المخطوط : «الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء محمّد وآله وأصحابه أجمعين أمّا بعد فيقول العبد الضعيف ..».

آخر المخطوط : «ابتداء القصيدة بالبكاء للعشق وختمها بالطرب والنغم رمز إلى إنّ مع العسر يسراً صورت اتمام يافت .. بعث ونشر معذّب تواند زديكر قضا».

التعريف بالمخطوط :

شرح نحوي أدبي بلاغي على قصيدة الشاعر محمّد بن سعيد المصري البوصيري (ت٦٩٦هـ) ، وهو شرح صغير بحجمه كثير بعلمه وكثرت فوائده وجلّت عوائده ، أودع فيه الشارح فوائد ملتقطة من كتب العلماء ككتاب سيبويه في اللغة ، ومقتبسة من تصانيف الفضلاء كتصنيف المصباح المنير.

ويتكفّل المنهج الذي اتّبعه الشارح بإيراد البيت الشعري ثمّ شرح المفردات شرحاً لغويّاً اعتماداً على أهمّ المصادر اللغويّة وأقدمها ، ثمّ التعرّض إلى النواحي البلاغية والأدبيّة في البيت الشعري ، وهكذا إلى نهاية القصيدة.

الملاحظات :

الأوراق الأولى منها مكتوب على حاشيتها : مولود شريف وهو أبيات شعريّة باللغة التركية ، وكذلك بعض التعليقات باللغة التركية ، كتبت عبارة الختام في النسخة وتاريخ نسخها باللغة الفارسية ، كتبها الناسخ إلى الأستاذ مولوي صاحب.


الخصائص :

* الخطّ : رقعة ، الناسخ : (عبد الرحمن بن خلف بن محمّد بخش) ، تاريخ النسخ : (٢٨ ذي الحجّة سنة ١٢٨٣هـ) ، عدد الأسطر (مختلف) ، عدد الأوراق (٢٧) ، ١٦.٨×٢٦.٣سم ، نوع الغلاف (كارتوني) رصاصي اللون.

(١٠)

(١٧٢٩)منظومة في وفاة الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

(شعر/عربي)

تأليف : الشيخ سعيد بن يوسف الجزيري البحراني (ت ق ١٠هـ)(١).

أوّل المخطوط :

«ربوع اصطباري دارسات دواثر

ونيب التسلّي شاردات نوافر

وأدمع عيني من جفوني كأنّها

سحائب جون واكفات هوامر ..»

آخر المخطوط :

«فلا تسلمونا للعذاب فما لنا

سوى حبّكم يوم الجزا منه خافر

عليكم سلام الله ما دام ذكره

يفوه به في ساعة الذكر ذاكر»

__________________

(١) شاعر بحراني ، من شعراء القرن العاشر الهجري ، لم أعثر على ترجمة له ، وأورده الشيخ محمّد آل مكباس (معاصر) في موسوعته (موسوعة شعراء البحرين) ص٦٣ ، ولم يذكر أي معلومات عنه ، واكتفى بـ : «المترجمون له : منتظم الدرّين (مخطوط)».


التعريف بالمخطوط :

منظومة تقع في ثلاثمائة وثمان وستّين بيتاً من البحر الطويل ، افتتحها الشاعر بمقدّمة ـ توحي لنا بالألم العميق الذي يعيش بداخل الشاعر ـ ثمّ سرد للوقائع التاريخية التي حصلت مع الإمام علي بن أبي طالب عليهم‌السلام من تسلّمه الخلافة وحتّى وفاته ، وتشير إلى الظلم الذي عاناه الإمام علي عليه‌السلام من بعض الأشخاص ، والحقّ المسلوب ، وكذلك تسلّط الضوء على ما عانته السيّدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام من الظلم والسلب للحقوق. وتستند هذه المنظومة في أغلب أبياتها إلى أحاديث وروايات ووقائع تاريخية واردة في المصادر المعتبرة. وتسلّط القصيدة ـ في جزء كبير منها ـ الضوء على حادثة مقتل الإمام علي بسيف ابن ملجم (لعنه الله) ، والحوادث التاريخيّة المتعلّقة بهذا الموضوع.

الملاحظات :

* عليها تملّك الأقلّ علي المنصوري بتاريخ (١٤٢٥هـ) النجف الأشرف ، صدر البيت السابع من المنظومة غير موجود ، وصدر البيت هو : (وتيهاً ولو صبّت عليها مصائب) ، آخرها قصيدتان لبعض المحبّين وهما في حقّ الإمام علي بن أبي طالب عليهما‌السلام ، الأولى من الشعر الفصيح المنظوم على نحو الأنشودة أو الردّات ، وهي في (٦٣) ينتهي كلّ مقطع منها بـ : (وا علياه). والثانية قصيدة من الشعر الدارج تقع في ورقتين.


الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (ق١٣ هـ) ، عدد الأسطر (١٤) ، عدد الأوراق (١٤) ، نوع الغلاف (كارتوني) جوزي اللون.

النسخ الأخرى للمخطوط :

* نسخة في ضمن مجموعة السيّد أحمد بن حسين بن علي الحسيني البحراني الخطّية.

المصادر :

* أدب الطفّ : ٥/٥٠ ، موسوعة شعراء البحرين : ٢/٦٣.

(١١)

(٢ / ٢١٩٣) رسالة في تعارض الأحوال.

(أصول الفقه/عربي)

تأليف : السيّد إبراهيم القزويني (ت١٢٦٢هـ)(١).

أوّل المخطوط : «الحمد لله ..أصل في تعارض الأحوال ولمّا كان الأستاذ العماد جعله الله تعالى في مهاد الأمن والأمان .. وإلحاقها بالكتاب المستطاب ضوابط الأصول ..».

آخر المخطوط : «هذا آخر ما استفدنا في ذلك الباب في هذه المسئلة من الأستاذ السند ..والحمد لله ربّ العالمين محي العظام وحافظ الجنين تمّت

__________________

(١) مرّت ترجمته برقم (١٠٥) تسلسل (١).


بعونه».

التعريف بالمخطوط :

مجموعة من الإفادات اللطيفة والتقريرات الشريفة التي كان يلقيها السيّد إبراهيم القزويني (ت١٢٦٢هـ) على تلاميذه ، وهي خاصّة بمسألة التعارض في الأحوال وتمييز ما هو الراجح في كلّ مقام على الآخر.

ويبيّن لنا الجامع لهذه التقريرات الدافع الذي دفعه لكتابة هذه الرسالة بقوله : «لمّا كان الأستاذ العماد جعله الله تعالى في مهاد الأمن والأمان .. إلى يوم المعاد لم يساعده الزمان لاستخراج هذه عن السواد فأمرنا بتحرير تقريراته الشريفة وتأليف الدرر من إفاداته اللطيفة وإلحاقها بالكتاب المستطاب ضوابط الأصول تذكرة لنفسي وللمحتاجين من الطلاب فامتثلت أمره العالي وألّفت في إفاداته المنيفة ما ببالي على حسب حالي». تقع الرسالة في تسعة أقسام رئيسة ثمّ تتفرّع لتصبح خمساً وأربعين قسماً ، والجدير بالذكر أنّ هذه الرسالة لم تطبع مع الضوابط المطبوع سنة (١٢٧١هـ) ، وكذلك في نسخة الضوابط المعدّة للطبع من قبل بعض المؤسّسات في إيران والعراق.

الملاحظات : كتب على الصفحة الأخيرة منها فوائد في أصول الفقه.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (بلا) ، عدد الأسطر (٣٣) ، عدد الأوراق (٤) ، نوع الغلاف (كارتوني) أحمر اللون.


(١٢)

(٢٢٤١) التحفة الغروية.

(أصول الفقه/عربي)

تأليف : السيّد عبد الغفور ابن السيّد محمّد إسماعيل الحسيني (ت١٢٤٦هـ)(١).

أوّل المخطوط :«الحمد لله ربّ العالمين ..وبعد فيقول العبد الجاني والأسير الفاني عبد الغفور بن محمّد إسماعيل الحسيني اليزدي عفى الله عن جرمهما الماضي والآتي ..».

آخر المخطوط : «إحدى مقدّمات الدليل إذ بعد وجود الدليل من الإجماع أو بناء العقلاء على عدم الاعتبار ولا يجري شيء من المعمّمات السابقة هذا تمام الكلام في المقام الثالث».

التعريف بالمخطوط :

تعليقة وجيزة على كتاب القوانين المحكمة ، لأبي القاسم القمّي (ت ١٢٣١هـ) ، حاوية لتوضيح عباراته المشكلة وما عليها من الإيرادات الواردة أو المورودة ، وهي جامعة لجلّ حواشي المصنّف بل كلّها. ألّفها السيّد عبد الغفور على نحو الاستعجال ، وفرغ منها في النجف الأشرف في آخر رجب سنة (١٢٤٤هـ).

__________________

(١) السيّد عبد الغفور ابن السيّد محمّد إسماعيل الحسيني اليزدي الغروي ، عالمٌ إمامي ، أصولي. تتلمذ على محمّد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري ، توفّي بالطاعون في النجف الأشرف سنة (١٢٤٦هـ). (ينظر : الذريعة ٣/٤٥٩ ، موسوعة طبقات الفقهاء ١٣/٧٢٩).


الملاحظات :

* عليها تملك محمّد صادق الطباطبائي سنة (١٣١٨هـ) ، وعليها تصحيحات ، عليها إمضاءات (عنه ، منه ، ظ ، ره). توجد منها نسخة أخرى في خزانة الروضة العبّاسية المقدّسة في ضمن مجموعة برقم (١/٢٢٤٠) ، وهي نسخة تامّة أوّلها تملّك حسين بن يونس الموسوي ، وفائدة في لبس السواد منقولة من كتاب الفقه لصاحب الفصول رحمه‌الله ، وبيتان من الشعر العربي الفصيح. وعليها حواشي بغير خطّ المتن ، وعليها تصحيحات ، وإمضاءات (عنه ، منه ، صاحب المعالم) ، وضعت قصاصة صغيرة داخلها في وسط الورقة (٩٥) ضمّت فوائد باللغة الفارسيّة حول الكفّارة ، تنتهي في الورقة (٢٦٨) ، نوع خطّها : النسخ ، الناسخ : (بلا) ، تاريخ النسخ : (١٢٦٠هـ) ، عدد الأسطر (٢٠) ، عدد الأوراق (٢٦٨) ، نوع الغلاف (كارتوني) أحمر اللون. ويتبعها حاشية القمّي على القوانين.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، الناسخ : (محمّد المدعو بباقر بن زين العابدين بن حسين بن علي اليزدي أصلاً والحائري مسكناً) ، تاريخ النسخ : (ليلة السبت في اليوم السابع عشر من شهر صفر المظفّر من شهور سنة ١٢٦٥هـ) ، عدد الأسطر (١٧) ، عدد الأوراق (٣٨٠) ، نوع الغلاف (كارتوني) أحمر اللون.

النسخ الأخرى للمخطوط :

* نسختان في مكتبة السيّد المرعشي برقم (٤٥٥١و٦٦٧٨) ، ونسختان في مكتبة دانشكاه طهران برقم (١/٢٥٢٦و٦٩٠٧) ، ونسخة في مكتبة أدبيّات


في طهران برقم (٢/٣٩٥) ، ونسخة في مكتبة رضوي في مشهد برقم (١١٥٩٥) ، ونسخة في مكتبة ملي الوطنيّة برقم (١٩١٢) ، ونسخة في مكتبة وزيري يزد برقم (١٩٤٣) ، ونسخة في مكتبة إلهيات في مشهد برقم (١٤٨٩٨) ، ونسخة في مكتبة المدرسي في يزد بدون رقم.

المصادر :

* الذريعة : ج٣/٤٥٩ ، وج٦/١٧٤ ، فهرستكان : ١٢/٢٣٨.

(١٣)

(٢٤٩٨) مصابيح الدجى = مصابيح الأصول

(أصول الفقه/عربي)

تأليف : الحاج محمّد جعفر الاسترآبادي (١٢٦٣هـ)(١).

أوّل المخطوط : «الحمد لله الذي جعل لنا مصابيح العقول معالم إلى قوانين شرايع الإسلام وأعطانا من فضله مدارك المشاعر التي هي وسايل إلى مشارق قواعد الأحكام ..».

آخر المخطوط : «ويجعل بها وجه كلّ واحد منّا إلى يوم القيمة ناظراً

__________________

(١) الحاج محمّد جعفر بن سيف الدين الاستراباذي الطهراني ، المعروف بـ : شريعتمدار ، عالمٌ مشارك في الفقه والأصول والكلام والرجال ، وغير ذلك. ولد سنة (١١٩٨هـ) في نوكنده من قرى بلوك انزنان من أعمال إسترآباذ ، من آثاره : (موائد العوائد في بيان القواعد والفوائد الأصولية) (خزائن العلوم) ، (مشارع القاصدين في السلوك إلى معالم الدين) ، (مواليد الأحكام). توفّي بطهران في (٩ صفر سنة ١٢٦٣هـ). (ينظر : معجم المؤلّفين ٩/١٥١).


ويكتب ما كتبته بعد جعله خالصاً .. ويحشرنا مع النبي وآله صلّى الله عليه وعليهم حتّى تلقّاهم أوّلاً وآخراً».

التعريف بالمخطوط :

كتاب شامل في القواعد الأصوليّة استدلالاً وبتفصيل ، فيه نقل لآراء علماء الفنّ ومناقشتها مع عناوين (مصباح ـ مصباح) ، وجاء على سبيل الاستقصاء ، مبتعداً عن الإطناب المملّ والإيجاز المخلّ ، جعله المؤلّف تذكرة لنفسه ولمن أراد أن يذّكّر من أتقياء الأصحاب.

رتّبه المؤلّف على مقدّمة وفنون ثلاثة وخاتمة ، أمّا المقدّمة فضمّت خمسة أمور وهي : (تعريف علم الأصول ، بيان موضوعه ، بيان الحاجة إليه ، بيان ما يتعلّق بالدليل الشرعي ، بيان ما يتعلّق بالحكم الشرعي).

وتناول الفنّ الأوّل الأدلّة اللفظيّة على الوجه الكلّي الشامل للأدلّة الشرعيّة ، وفيه خمسة أبواب : الأوّل : في مبادئ اللغات ، الثاني : في الأوامر والنواهي ، الثالث : في العموم والخصوص والمطلق والمقيّد ، الرابع : في المجمل والمبيّن والظاهر والمأوّل والمحكم والمتشابه وما يتعلّق بذلك ، الخامس : في المنطوق والمفهوم.

أمّا الفنّ الثاني فهو في الأدلّة الشرعية النقلية اللفظية ، ورتّبه المؤلّف على أربعة أبواب : الأوّل في الإجماع ، الثاني في الكتاب ، الثالث في السنّة ، الرابع في الظنون الخاصّة.

وجاء الفنّ الثالث والأخير في الأدلّة العقلية، وفيه أربعة أبواب. أوّلها البراءة، وثانيها الاحتياط والتخيير والاستصحاب ، وثالثها مباحث الاجتهاد ، ورابعها


التراجيح. وجاءت الخاتمة في الاجتهاد والتقليد والتعارض والتعادل والترجيح.

الملاحظات :

* عليها تملّك حسين بن يونس الموسويّ ، وعليها إمضاءات : (منه دام ظلّه العالي ، منه دام ظلّه ، منه) ، عليها تصحيحات ، كُتبت عناوين الأبواب وفروعها بالمداد الأحمر ، عليها تعليقات قليلة.

الخصائص :

* الخطّ : نسخ ، الناسخ : (بلا ناسخ) ، تاريخ النسخ : (١٢٣٣هـ) ، مكان النسخ : (مشهد خامس أهل الكساء) ، عدد الأسطر (مختلف) ، ١ عدد الأوراق (٤١١) ، نوع الغلاف (جلد) جوزي اللون ، مزيّن بالطرّة ورئسيها من الجانبين.

النسخ الأخرى للمخطوط :

* خمسة نسخ في مكتبة السيّد المرعشي في قم المقدّسة برقم (٢٣٥١ و٣٠٨٥ و٣٠٨٦ و٣٨٨١ و١٤٨١٧) ، ونسختان في مكتبة الكلبايكاني في قم المقدّسة برقم (٢/٢٢١٠ ـ ١٠٠/١٢ و٢٣٤١ ـ ٢١/١٣) ، ونسختان في مكتبة مدرسة سلطاني في كاشان برقم (٤٥ و٤٦) ، ونسخة في مكتبة حيدري في مشهد المقدّسة برقم (٤٥) ، ونسخة في مكتبة رضوي في مشهد المقدّسة برقم (١١٢٨١) ، ونسخة في مكتبة المدرسة الصادقية في سمنان برقم (٥٢) ، ونسخة في مركز إحياء في قم المقدّسة برقم (٤٢٧).

المصادر :

* الذريعة : ٢١/٨٤ ، التراث العربي المخطوط : ١١/٤٠٨ ، فهرستكان : ٢٩/٦٤٦ ـ ٦٤٧.







المصادر

١ ـ أدب الطفّ ، أو ، شعراء الحسين عليه‌السلام من القرن الأوّل الهجري إلى القرن الرابع عشر : للسيّد جواد شبّر ، دار المرتضى/بيروت ، ط١/١٤٠٩هـ.

٢ ـ التراث العربي المخطوط : للسيّد أحمد الحسيني الأشكوري (معاصر) ، الناشر : منشورات دليل ما/إيران ، ط١/١٤٣١هـ.

٣ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : للشيخ آقا بزرك الطهراني (ت١٣٨٩هـ) ، دار الأضواء/بيروت ، ط٣/١٤٠٣هـ.

٤ ـ السراج الوهّاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج : الفاضل القطيفي (ت٩٥٠هـ) ، تحقيق : مؤسّسة النشر الإسلامي ، الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي/قم المقدّسة ، ط١/١٤١٣هـ.

٥ ـ صورة كربلاء المنسية : للسيّد عبد الأمير آل عوج ، دار المحجّة البيضاء/بيروت ، ط١/١٤٣٣هـ.

٦ ـ العقد المنير في تحقيق ما يتعلّق بالدراهم والدنانير : السيّد موسى الحسيني المازندراني ، مكتبة الصدوق/ طهران ، ط٢/١٣٨٢هـ.

٧ ـ فهرس مخطوطات مكتبة الروضة العبّاسية المقدّسة : للسيّد حسن البروجردي (معاصر) ، مكتبة ودار مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة/كربلاء المقدّسة ، ط١/١٤٣١هـ.


٨ ـ فهرس مخطوطات مكتبة الروضة العبّاسية المقدّسة ، ج٣ : لمركز تصوير المخطوطات وفهرستها ، التابع إلى مكتبة ودار مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة ، قيد العمل.

٩ ـ فهرستگان نسخه هاي خطّي إيران (فنخا) : لمصطفى درايتي (معاصر) ، سازمان اسناد وكتابخانه ملّي جمهوري اسلامي إيران/ طهران ، ط١/١٣٩٠ش.

١٠ ـ معجم المؤلّفين : لعمر رضا كحّالة (ت١٤٠٨هـ) ، مكتبة المثنّى ودار إحياء التراث العربي/بيروت.

١١ ـ موسوعة شعراء البحرين (١٢٠٨م ـ ١٩٦٦م) : للشيخ محمّد عيسى آل مكباس (معاصر) ، مركز ابن ميثم البحراني للدراسات والتراث/ بيروت ، ط٢/١٤٣٧هـ.

١٢ ـ موسوعة طبقات الفقهاء : للجنة العلمية في مؤسّسة الإمام الصادق عليه‌السلام ، إشراف : العلاّمة جعفر السبحاني ، مؤسّسة الإمام الصادق عليه‌السلام /قم المقدّسة ، ط١/١٤١٨هـ.

١٣ ـ موسوعة عبد الله بن عبّاس حبر الأمة وترجمان القرآن : للسيّد محمّد مهدي الخرسان (معاصر) ، مركز الأبحاث العقائديّة/ قم المقدّسة ، ط١/١٤٢٨هـ.

١٤ ـ هديّة العارفين : إسماعيل باشا البغدادي (ت١٣٣٩هـ) ، الناشر : دار إحياء التراث العربي/ بيروت.

المجلات :

١ ـ تراثنا : نشرة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث.


ثلاث قضايا لُغوية

في مقدِّمة الشيخ ميثم البحراني على نهج البلاغة

(١)

علي عبد النبي علي حسين

المقدّمة :

والصلاة والسلام على الرسول الأمين ، والنور المبين ، والسراج المنير ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحبه الأخيار المنتجبين.

أمّا بعد ...

فلطالما كان كتاب نهج البلاغة الذي جمع فيه الشريف الرضي مجموعة من خطب ورسائل وحكم ومواعظ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام مدار اهتمام العلماء والدارسين منذ أنْ ظهر هذا السِفر في الساحة العلمية ، فانكبّ عليه العلماء والباحثون دراسةً وشرحاً وتعليقاً ، ولا زال هذا الكتاب العظيم منهلاً رويّاً للدراسة والبحث في مختلف جوانبه ، فظهرت في شرحه ودراسته


المصنّفات العديدة ، المطوّلة والمختصرة والمتوسّطة ، حتّى صحّ القول إنّه بلغ من الاهتمام والعظمة ما لم يبلغه كتاب غير القرآن الكريم.

وقد توالت الشروح على هذا السِفر العظيم منذ عهد قريب من عصر السيّد الرضي وصولاً إلى عصرنا الحالي ، ومن هذه الشروح شرح السيّد علي بن الناصر المعاصر للرضي ، وأسماه أعلام نهج البلاغة ، ولعلّه من أوائل الشروح إنْ لم يكن الأوّل على الإطلاق ، وشرح قطب الدين الراوندي المعروف باسم منهاج البراعة ، وأبو حامد عزّ الدين عبد الحميد المعروف بابن أبي الحديد المعتزلي ، وغيرها الكثير من الشروح المتتالية التي وجد أصحابها في نهج البلاغة ميداناً خصباً للدراسة والبحث.

ومن هذه الشروح الكثيرة شروح كمال الدين ، ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، إذْ صنّف ثلاثة شروح ؛ كبير ومتوسّط وصغير ، فتلقّاها العلماء بالثناء الجزيل ، والإقبال الكبير عليها ، إذْ كانت مظهراً لبراعة مصنّفه ، وتبحّره في مختلف العلوم ، لا سيّما شرحه الكبير المسمّى في بعض الكتب مصباح السالكين(١) ، فكلّ مَن اطّلع عليه «شهد له بالتبريز في جميع الفنون الإسلامية والأدبية والحكمية والأسرار العرفانية»(٢) ، فلم يكن مجرّد تبيان ألفاظ ، أو وصف عبارات ، وإنّما هو تحقيقٌ تاريخي ، وبحثٌ لغوي ، وبيانٌ بلاغي ،

__________________

(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٤/١٤٩.

(٢) السلافة البهية في الترجمة الميثمية ، طبعت هذه الرسالة ضمن كتاب :

الكشكول للبحراني ١/٤٣.

 


وبرهانٌ كلامي ، وكشفٌ عرفاني ، فقد جال الشيخ مَيْثَم البحراني وصال في ميادين العلوم المختلفة ، فغرف منها وأضاف إليْها الكثير.

والشيخ مَيْثَم البحراني من علماء البحرين ـ كما سيأتي بيانه ـ ، وكم هي غربة أنْ يجهل أهل الأرض علماءها بَيْنما يبجّلهم الآخرون ، وكم عالم خرّجتهم هذه الأرض المعطاءة ، تذكر المصادر والكتب أسماءهم وتستفيض في ذكر فضائلهم وآثارهم ، لا يعلم عنهم كثير من أبناء هذه الأرض ، وربّما علم بعضُ العالمين أسماءهم فقط وحفظ بعضهم شيئاً من أسماء مصنّفاتهم!

من هنا كان اختياري لشرح الشيخ مَيْثَم البحراني ، وتحديداً مقدّمته اللغوية التي ألّفها الشيخ في مقدّمة الشرح ، لما لهذا السِفر العظيم من أهمّية عظمى ، ولما لهذا (العالم الربّاني) ـ كما أجمعت كتب التراجم على وصفه ـ من باع طويل في العلم وإثراءات جزيلة فيه مكنونة في بطون كتبه.

ونظراً لطول المباحث اللغوية التي تناولها الشيخ مَيْثَم في مقدّمته وتعدّدها ، فقد اخترت (ثلاث) قضايا منها فقط حتّى تكون موضوعاً للبحث ، وقد عمدت في بحثها إلى القراءة المتمعّنة لكلام الشيخ مَيْثَم ، ثمّ تحرير المسائل كما يراها الشيخ ، مستفيضاً في شرحها وبيان ما أظنّه مراد الشيخ مَيْثَم ، وربّما ذكرتُ بشيء من الإيجاز الآراء الأخرى في المسألة مبيّناً أربابها ، ومرجعاً كل رأي يورده الشيخ إلى صاحبه متى ما ظهر لي ، رابطاً ما يورده الشيخ مَيْثَم من آراء بسابقيه ، ومبيّناً ريادة الشيخ فيما جاء من جديد.


وقد قسّمت هذا البحث إلى فصلَيْن ، وتتفرّع من كلّ فصل عدّة مباحث ، كما يلي :

الفصل الأوّل ، وعنوانه : (الشيخ مَيْثَم وشرح نهج البلاغة) ، وهو مقسّم إلى مبحثَيْن :

المبحث الأوّل : الشيخ مَيْثَم : حياته وآثاره ، وتناولت شيئاً من ترجمة الشيخ مَيْثَم بن علي بن مَيْثَم البحراني ، الملقّب بـ : (كمال الدين) ، وذلك في نقاط سبع : اسمه ونسبه ، ومَوْلده ، فعصره ، ثمّ شيوخه وتلامذته ، وآثاره ، فما قيل فيه ، وأخيراً وفاته.

المبحث الثاني : شرح نهج البلاغة ، وتناولتُ فيه أوّلاً سبب تأليف الشيخ مَيْثَم البحراني للشرح ، ثمّ تناولتُ مقدّمة الشرح في مسألتَيْن ، مستشهداً فيهما بكلام الشيخ مَيْثم نفسه في مقدّمة شرحه ، أمّا المسألتان :

فالأولى : سبب وضعها ، وكيف أنّ اتصال الشيخ بآل الجويني في بغداد سببٌ مباشرٌ في تأليف الشرح.

والثانية : منهج الشيخ في المقدّمة ، من خلال الملاحظات التي يجدها القارئ ظاهرة ، وأخرى يجتهد في إيجادها.

الفصل الثاني ، وعنوانه : (ثلاث قضايا لغوية مِن مقدّمة الشيخ مَيْثَم البحراني على نهج البلاغة) ، تناولتُ فيه ثلاث قضايا أوردها الشيخ مَيْثَم في مقدّمته اللغوية على نهج البلاغة ضمن قضايا أخرى لم يتّسع المقام لذكرها ، وأفردتُ لكلّ قضية مبحثاً ، تتفرّع منه عدّة مسائل كما أوردها الشيخ ، ومعنوناً


كلّ مسألة بما يناسبها ، وهذه القضايا الثلاث هي :

المبحث الأوّل : دلالة اللفظ على المعنى ، وفيه يتناول الشيخ مَيْثَم دلالة الألفاظ على معانيها ، وذلك في أربعة مسائل :

الأولى : الدلالة اللفظية ، ويقصد بها الدلالة الوضعية اللفظية التي تنقسم إلى دلالات ثلاث ؛ تطابقية وتضمّنية والتزامية.

الثانية : يناقش في هذه المسألة الدلالات اللفظية الثلاث وحقيقة كونها وضعية أو عقلية.

الثالثة : وهنا يتناول الشيخ مَيْثَم الشروط اللازم توافرها لتحقّق دلالتَي التضمّن والالتزام.

الرابعة : وهي مسألة ينفرد في ذكرها الشيخ مَيْثَم بحسب ما اطّلعتُ عليه من مصادر ، إذْ يقرَّر الشيخ مَيْثَم أنّ الدلالات اللفظية الثلاث ؛ التطابق والتضمّن والالتزام لها حالاتٌ ثلاث من حيث الحقيقة والمجاز.

المبحث الثاني : تقسيم الألفاظ ، في هذا المبحث ، ينتقل الشيخ مَيْثَم البحراني رحمه‌الله من البحث في (المعاني) إلى البحث في (الألفاظ) ، إذْ يعمد الشيخ مَيْثَم البحراني إلى تقسيم اللفظ الموضوع إلى أكثر من قسم بحسب جهة القسمة ، ويتكوّن هذا المبحث من أربعة مسائل :

الأولى : اللفظ المفرد والمركّب ، إذْ يقسّم الشيخ الألفاظ من حيث الإفراد والتركيب ، ويعمد إلى تعريف كلّ منهما.

الثانية : اللفظ المفرد : جزئي وكلّي ، وهو وإنْ كان ظاهره تقسيماً


للفظ ، إلاّ أنّ جوهره تقسيمٌ للمعنى كما سيظهر.

الثالثة : وحدة اللفظ والمعنى وتعدّدهما ، ويتطرّق الشيخ مَيْثَم هنا إلى بيان النسبة بَيْن الألفاظ ومعانيها في تقسيم ثالث للفظ المفرد كما صنّفه بعضهم ، والشيخ لم يفعل ذلك ، وإنّما جعله مبحثاً من غير أنْ يجعله قسيماً لآخر.

الرابعة : اللفظ المفرد ؛ حرف وفعل واسم ، فبعد أنِ انتهى الشيخ مَيْثَم من بيان النسب بَيْن الألفاظ والمعاني ، يعود إلى تقسيم اللفظ المفرد ، ولكن من جهة أخرى ، فاللفظ المفرد ينقسم إلى حرف وفعل واسم.

المبحث الثالث : الترادف ، وفي هذا المبحث يتناول الشيخ مَيْثَم قضية (الترادف) ، وهي قضيةٌ يدرسها اللغويون عادة في مباحث علم (فقه اللغة) بوَصْفها ظاهرةً لغويةً في اللغة العربية.

ويتناول الشيخ مَيْثَم البحراني في هذا المبحث مسائل ثلاث :

الأولى : تعريف الترادف ، إذْ يورد الشيخ مَيْثَم تعريفه للترادف ، وهو نفسه تعريف الإمام الرازي مع فارق جوهري.

الثانية : أسباب الترادف ، وقد اعتاد الباحثون في تناولهم لموضوع الترادف على سرد أسباب عدّة لهذه الظاهرة اللغوية ، والشيخ مَيْثَم يستعرض سببَيْن لتوافر هذه الظاهرة ، وتتفرّع من هذَيْن السببَيْن أسبابٌ ثلاثة.

الثالثة : صحّة إقامة كلّ واحد من المترادفَيْن مقام الآخر ، وهنا يطرح الشيخ مَيْثَم سؤالاً مفاده : هل يصحّ إقامة كلّ واحد من المترادفَيْن مقام الآخر دائماً ، أو لا؟ ويفصّل الشيخ في بيان المسألة.


وقد وقعت في يدي نسختان من شرح نهج البلاغة ، الأولى من منشورات مؤسسة النصر في طهران ، والأخرى من منشورات دار الثقلين في بيروت ، إضافة إلى نسخة من مقدّمة الشيخ مَيْثَم على نهج البلاغة من منشورات دار الشروق في القاهرة ، حقّقها الدكتور عبدالقادر حسين ، غير أنّه تحقيقٌ بسيط لا يتعدّى مقارنة بعض المخطوطات وتعريف بعض المصطلحات المنطقية ، ولهذا اعتمدت النسخة البيروتية لكونها منشورة من دار نشر عربية ؛ وليس ذلك طعناً في النسخة الأخرى ، وإنما زيادةً في التثبّت ، إضافة لما حوت النسخة الطهرانية من أخطاء إملائية.

وقد استعنتُ في هذا البحث بكتب التراجم وتصنيف الكتب ، إضافة إلى كتب التاريخ في سبيل مترجمة الشيخ ميثم ، كالأعلام للزركلي وفهرست علماء البحرين للماحوزي ، والذريعة إلى تصانيف الشيعة للطهراني ، إضافة إلى كتب أصول الفقه ، كمحصول الرازي ومستصفى الغزالي وسواهما ، وكتب علم المنطق ، كتحرير القواعد المنطقية لقطب الدين الرازي والمقرر في شرح منطق مظفر لرائد الحيدري ، إضافة إلى بعض كتب اللغة ، كخصائص ابن جنّي والصاحبي لابن فارس وغيرهما ، وسواها من الكتب والرسائل.

ولا أخفي أنّني صادفت مصاعب عديدة في دراسة المسائل اللغوية التي طرحها الشيخ مَيْثَم البحراني في مقدّمته على نهج البلاغة ، إذْ لم يكن من اليسير فهم كلام الشيخ مَيْثَم الموجز ، وتفصيل العبارة القصيرة الموجزة ، كذلك المصطلحات المنطقية والأصولية التي استخدمها الشيخ في مقدّمة


شرحه كانت تحتاج إلى عودة إلى الكتب المساعدة ، إضافة إلى اللغة الجزلة التي يستخدمها الشيخ التي تستدعي الإمعان فيها والتأمّل قبل الشروع في شرحها.

وإنّي لأودّ أنْ أنبّه إلى أمر مهم ، وهو أنّ هذا البحث وأمثاله لا يمكن أنْ يكتمل إلاّ ببحث آخر يؤازره ، هو البحث التطبيقي ، والنظر في كيفية استثمار الشيخ مَيْثَم لمقدّمته في شرحه ، غير أنّ المقام ومحدودية الصفحات منعا من ذلك ، وهو ما أرجو أنْ أوفّق له في القادم من الأيام.

ولستُ أدّعي أنّني قد ألممتُ بالموضوع من جميع أطرافه ، أو أنّي أدركتُ جميع خفاياه ، ولكنّها محاولةٌ متواضعةٌ لتناول هذا الموضوع الشائك بما قد يفيد الباحث في بدايات مشواره ، أو قُل هي لفتات بسيطة علّها تكون مفيدة ، آملاً أنْ أكون قد وفّقت في طرح هذه المطالب وبيانها ، والله وليّ التوفيق.


الفصل الأوّل :

الشيخ مَيْثَم البحراني ونهج البلاغة

المبحث الأوّل

الشيخ مَيْثَم : حياته وآثاره

* أوّلاً : اسمه ونسبه

هو الشيخ مَيْثَم بن علي بن مَيْثَم(١) بن المعلّى(٢) البحراني ، الملقّب بـ : (كمال الدين)(٣) ، والمشهور بـ : (العالم الربّاني)(٤).

و (مَيْثَم) بفتح الميم وتسكين الياء وفتح الثاء كما صرّح الشيخ سليمان

__________________

(١) فهرست علماء البحرين : ٥٧ ، الإجازة الكبيرة : ٩٣ ، أنوار البدرين : ٦٢ ، أمل الآمل ٢/٣٣٢ ، الذخائر في جغرافيا البنادر والجزائر : ١٦٢ ، والسلافة البهية في الترجمة المَيْثَمية المطبوع ضمن كتاب الكشكول للبحراني ١/٤٢.

(٢) الإجازة الكبيرة : ٧٥ ، فهرست علماء البحرين : ٥٧ ، أنوار البدرين : ٦٨ وقد أثبتها (المعلاّ) بالألف الممدودة في ترجمة الشيخ ، و (المعلّى) بالمقصورة حينما تعرّض له في ترجمة غيره. راجع أنوار البدرين : ١٣٢و١٥١ ، منتظم الدرين ٣/٢٦٩ ،

وأكثر المصادر تذكر اسم جدّه الأوّل (مَيْثَم) فقط ، ولا تذكر (المعلّى) ، وهو ما تنبّه إليْه فاضل الزاكي. في كتابه (العالم الرباني الشيخ مَيْثَم البحراني) : ٩.

(٣) فهرست علماء البحرين : ٥٧ والإجازة الكبيرة للسماهيجي : ٩٣ وأنوار البدرين للبلادي : ٦٢ وأمل الآمل ٢/٣٣٢ والذخائر في جغرافيا البنادر والجزائر : ١٦٢ والسلافة البهيّة في الترجمة المَيْثَمية ضمن كتاب الكشكول للبحراني ١/٤٢ ومنتظم الدرين ٣/٢٦٩ ، عوالي اللآلي العزيزية ١/١١.

(٤) فهرست علماء البحرين : ٥٧ والإجازة الكبيرة : ٩٣ وأنوار البدرين : ٦٢.

 


الماحوزي في سلافته إذْ قال : «هو مَيْثَم بفتح الميم والياء المثناة من تحت الساكنة والثاء المثلّثة المفتوحة وبالميم أخيراً كما ذكره بعض المحقّقين في حواشي خلاصة الأقوال في ترجمة مَيْثَم أحمد بن الحسن المَيْثَمي ما نصّه : هو منسوبٌ إلى مَيْثَم التمّار ، ومَيْثَم بكسر الميم ولم يأتِ مفتوحاً إلاّ اسم مَيْثَم البحراني من المتأخّرين»(١). ومَيْثَم بكسر الميم هو شديد الوَطْء ، «وكأنّه يَثِمُ الأَرضَ أي يَدُقُّها»(٢).

و (البحراني) نسبة إلى موطنه (البحرَيْن) على غير قياس(٣).

والشيخ مَيْثَم البحراني من أسرة علمية كما يظهر ، وهو ما نلمسه من وصف جدّه (مَيْثَم بن المعلّى) بـ : (الشيخ) مثلما نجد في كتاب أنوار البدرَيْن في أكثر من مَوْضِع ، كما في ترجمة (الشيخ سليمان الماحوزي) ، ومن المتعارف عليه إطلاق هذا الوصف على العلماء. يقول صاحب أنوار البدرَيْن : «ودُفِن في مقبرة الشيخ مَيْثَم بن المعلّى جدّ العلاّمة الشيخ مَيْثَم المشهور»(٤) ، وهناك قبرٌ يُنسَب إليْه في منطقة (الماحوز)(٥).

__________________

(١) السلافة البهيّة في الترجمة المَيْثَمية ، ضمن كتاب الكشكول للبحراني ١/٤٥.

(٢) لسان العرب ٦/مادة (وثم).

(٣) راجع : لسان العرب ١ مادة (بحر) ، شرح شافية ابن الحاجب ٢/٨٢.

(٤) أنوار البدرين : ١٥١

(٥) إحدى قرى البحرين ، لم يتعرّض لها ياقوت الحموي في معجم البلدان ، وهي تقع (بالقرب من العاصمة (المنامة). تحدّها من جهة الشرق العدلية والغريفة والجفير ، ومن الجنوب أمّ الحصم ، ومن الغرب الزنج ، ومن الشمال العدلية أيضاً). صحيفة الوسط البحرينية ، صفحة منوّعات ، العدد ١٤٤٢.

 


الأمر نفسه بالنسبة إلى والده ، فقد وُصِف أيضاً بـ : (الشيخ) ، بل إنّ صاحب أنوار البدرَيْن يعدّ (علي بن مَيْثَم) ووالده (مَيْثَم بن المعلّى) من كبار العلماء ، وذلك في ترجمته للشيخ (محمّد بن ماجد البحراني) وحديثه عن مدفنه. قال : «وهذه أي الدونج هي المعروفة بالماحوز ، وأكثر العلماء الكبار كالشيخ مَيْثَم وأبيه الشيخ علي وجدّه الشيخ مَيْثَم بن المعلّى ...»(١).

* ثانياً : مَوْلده

لا تُشير المصادر ـ التي اطلعتُ عليْها ـ إلى تاريخ ولادة الشيخ مَيْثَم ، باستثناء كتاب فهرست علماء البحرين للشيخ سليمان الماحوزي (ت ١١٢١ هـ) ، فقد ذكر في نهاية ترجمة الشيخ مَيْثَم أنّ ولادته كانت في سنة (٦٣٦ هـ)(٢) ، وهو نفسه ـ أي الشيخ سليمان الماحوزي ـ لم يذكر ذلك في رسالته المعنونة بـ : السلافة البهية في الترجمة المَيْثَمية.

وقد ذهب (فاضل الزاكي) في كتابه العالم الرباني الشيخ مَيْثَم البحراني إلى رفض هذا الرأي ، والقَوْل إنّ ولادته متقدّمة على تلك السنة بنحو ٢٥ سنة على الأقل ، أي «أنّها حصلت في حدود سنة (٦١٠ هـ ـ حوالي سنة ١٢١٣م) أو قبل ذلك»(٣) ، معلّلاً ذلك بسببَيْن(٤) :

__________________

(١) نفس المصدر : ١٣٢.

(٢) فهرست علماء البحرين : ٦٣.

(٣) العالم الربّاني الشيخ مَيْثَم البحراني : ١٤.

(٤) نفس المصدر : ١٣.

 


الأوّل : أنّ الشيخ مَيْثَم قد تتلمذ على يد عدد من الأساتذة وروى عنهم ، كالشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني (ت ٦٣٥ هـ) والسيّد فخار بن معد الموسوي (ت ٦٠٣ هـ) والشيخ محمّد بن جعفر بن نما الحلّي (ت ٦٤٥ هـ) ، وهؤلاء قد تُوفوا بَيْن سنة (٦٣٠ هـ) وسنة (٦٤٥ هـ).

الثاني : ذكرت المصادر أنّه كانت للشيخ مَيْثَم مباحثة مع المحقّق الحلّي المَوْلود في سنة (٦٠٢ هـ) ، وهذا الأمر عادة ما يقتضي تقارب عمرَيْهما.

ولا يُعلم تحديداً مكان ولادته وسكناه ، إلاّ أنّ المرجّح بحسب العادة أنّ سكناه كان في بلدة الماحوز في البحرين التي دُفِن فيها ، إذ الأكثر أنْ يُدفَن المرء في بلدته ، وربما هو ما دفع صاحب أنوار البدرَيْن إلى نسبة الشيخ ووالده وجدّه إليْها(١) ، فجميعهم مدفونون فيها.

ومع هذا ، يبقى هذا الرأي غير مستند إلى معلومات تاريخية ، فربّما كان مكان ولادته مختلفاً عن مكان سكناه ، بأنْ يكون قد هاجر من مسقط رأسه كما هو الأمر مع العديد من العلماء لأيّ سبب كان.

* ثالثاً : عصره

عايش الشيخ مَيْثَم مرحلة انهيار الدولة العيونية التي كانت تحكم إقليم البحرين ، ففي زمنه أصبحت الحياة السياسية هشّة وصارت الأمور متضاربة ومختلطة ، مليئة بالفتن والنزاعات من أجل السيطرة على الحكم ، لا سيّما بين

__________________

(١) أنوار البدرين : ١٣٢.

 


شخصيّات داخل البيت العيوني ، وهذا ما يفسِّر تعرّض إقليم البحرين عموماً وجزيرة (أوال) خصوصاً للهجمات المتكرّرة من خصوم الأمراء العيونيّين ، من القبائل البدوية بتأييد من بعض البيت العيوني ، إضافة إلى الحملات العسكرية الأتابكية المتكرّرة ، حتّى سقطت الدولة العيونية حوالي عام (٦٥٠ هـ) ، وعلى أنقاضها قامت الدولة العصفورية بزعامة عصفور بن راشد(١).

وبعيداً عن السرد التاريخي ، فإنّ المصادر التي ترجمت للشيخ مَيْثَم البحراني لم تُشر قط إلى علاقة ما جمعت الشيخ مَيْثَم بأهل السياسة في البحرين من أمراء أو وزراء أو سواهم ، سواءٌ في زمن الدولة العيونية أو في زمن الدولة العصفورية ، «ولعلّهم لم يكونوا من المهتمّين بالعلم والعلماء»(٢) ، لا سيّما وأنّ العيونيّين آنذاك كانوا في نزاعات داخلية ومع جهات خارجية في الوقت نفسه ، والعصفوريّين من بعدهم كانوا في مرحلة تثبيت الحكم ، ولعلّ الشيخ مَيْثَم لم يكن حينها هو الآخر مهتمّاً بالسياسة ، أو أنّ الظرف السياسي آنذاك كان يحتّم على الشيخ مَيْثَم عدم الاتصال بأهل السياسة.

وفي هذه الحقبة تحديداً ، كان هجوم التتار على البلاد الإسلامية ، واستباحة هولاكو لبغداد ، فكانت نكسة مدوّية أصابت جسد العالم الإسلامي ، حاول بعدها بعض المخلصين ترميم ما تبقّى بعدما تولّى آل الجويني شئون إدارة بغداد.

__________________

(١) راجع : تاريخ الخليج وشرق الجزيرة العربية : ٢٦٧ وما بعدها.

(٢) العالم الربّاني الشيخ مَيْثَم البحراني : ٨٧.

 


* رابعاً : شيوخه وتلامذته(١)

إنّ نظرةً سريعة في شيوخ الشيخ مَيْثَم وتلامذته كفيلة بكشف جانب كبير من عقلية هذا الشيخ ، وذلك حينما نطّلع على بعض أولئك وبعض آثارهم ومكانتهم العلمية. وفيما يلي نذكر بعضاً من شيوخه التي تتلمذ الشيخ مَيْثَم على أيديهم :

١ ـ جمال الدين علي بن سليمان بن يحيى بن محمّد بن قائد بن صباح الستري(٢) البحراني ، من أعلام القرن السابع الهجري ، كان عالماً جليلاً متكلّماً حكيماً ، له العديد من المصنّفات في الفلسفة ، منها : إشارات الواصلين ومفتاح الخير في شرح رسالة الطير ومعراج السلامة ومنهاج الكرامة وغيرها. قبره في جزيرة سترة من البحرين إلى جنب قبر شيخه أحمد بن سعادة ، وقبرهما موجودان يزاران إلى الآن.

٢ ـ المحقّق الخواجة نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي ، شاعرٌ وعالمٌ وفيلسوفٌ معروف ، وكان رأساً في العلوم العقلية ، بارعاً في الرياضيّات والفلسفة. له عدّة مصنّفات ، منها : تجريد العقائد وتلخيص المحصّل وشرح قسم الإلهيات من إشارات ابن سينا. اشتهر في المصادر

__________________

(١) راجع : أنوار البدرين : ٦٣ ـ ٦٤ ، وفهرست علماء البحرين : ٦٠ ـ ٦٢ ، والعالم الربّاني الشيخ مَيْثَم البحراني : ١٧ ـ ٤١ ، والأعلام للزركلي ، والذريعة إلى تصانيف الشيعة.

(٢) أثبتها الشيخ سليمان الماحوزي في كتابه (فهرست علماء البحرين) (الستراوي) على أنّها نسبة على غير قياس : ٥١.

 


أنّ الشيخ مَيْثَم قد تتلمذ على الخواجة الطوسي في العلوم العقلية ، والخواجة تتلمذ على الشيخ في الفقه والعلوم النقلية ، فهو أستاذ الشيخ مَيْثَم وتلميذه.

٣ ـ الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر بن أسعد بن محمّد بن هبة الله بن حمزة الأصفهاني ، الشيخ العالم الفاضل المحقّق. له عدّة مصنّفات ، منها : رشح الولاء في شرح الدعاء وتوجيه السؤالات في حلّ الإشكالات وجامع الدلائل ومجمع الفضائل.

٤ ـ السيّد فخار بن معد بن فخار بن أحمد الموسوي الحائري ، كان عالماً فاضلاً أديباً محدّثاً ، صنّف العديد من الكتب ، منها : حجّة الذاهب إلى إيمان أبي طالب والروضة في الفضائل والمعجزات.

٥ ـ الشيخ نجيب الدين محمّد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلّي ، من علماء الحلّة في القرن السابع الهجري.

٦ ـ الشيخ مجد الدين عبد الله بن محمود بن مودود بن محمود بن بلدحيّ الموصلي ، فقيه حنفي ولّي قضاء الكوفة مدّة ، ثمّ استقر ببغداد مدرّساً وتوفّي فيها. له عدّة مصنّفات منها : الاختيار لتعاليل المختار شرح فيه كتابه المختار في فروع الحنفية. ومع اختلاف مذهب الشيخ مَيْثَم عن مذهب شيخه الموصلي فإنّه قد استجازه في الرواية.

أمّا تلامذته :

إنّ المصادر التي ترجمت للشيخ مَيْثَم لا تستطرد في ذكر أسمائهم مع


أنّها تنوّه بمقام الشيخ العلمي وآثاره الجليلة واحترام العلماء له وتلقّيهم لآثاره بالتبجيل والدراسة والثناء ، ومع هذا فإنّ النظر في تلك المصادر ، والتنقيب في بطون الكتب والإجازات ترفع بعض الغموض عن أسمائهم ، وفيما يلي نذكر عدداً منهم :

١ ـ العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن محمّد بن المطهّر الحلّي ، كان فقيه الإمامية في زمانه بلا منازع ، برع في مختلف العلوم ؛ كالفقه والرجال والفلسفة والكلام. له تصانيف كثيرة جدّاً قيل إنّها تعدّ بالمئات ، منها : تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين وقواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام والمقامات.

٢ ـ السيّد غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن موسى بن جعفر بن طاووس ، عالمٌ وفقيهٌ ونسّابةٌ ، كما كان نحويّاً وأديباً وشاعراً ، من مصنّفاته : الشمل المنظوم في مصنّفي العلوم وفرحة الغري بصرحة الغري.

٣ ـ الشيخ كمال الدين علي بن الحسين بن حمّاد بن أبي الخير الليثي الواسطي ، من أعلام القرنَيْن السابع والثامن الهجريَيْن.

٤ ـ المحقّق الخواجة نصير الدين الطوسي ، وقد مرّ ذكره في شيوخ الشيخ مَيْثَم ، وأنّه كان تلميذاً للبحراني في الفقه والعلوم النقلية كما كان شيخاً له في العلوم العقلية.

٥ ـ السيّد صفيّ الدين محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي البغدادي ، من علماء القرن الثامن الهجري.


* خامساً : آثاره(١)

كثيرةٌ هي أسماء الكتب والرسائل التي تُنسَب إلى الشيخ مَيْثَم البحراني ، بعضها وصل إليْنا وبعضها الآخر لم يصل إليْنا منها سوى اسمها ، وربّما كان هناك سواها ممّا لم يصل إليْنا حتّى اسمه ، فإمّا أنْ يكون قد ضاع كما ضاع الكثير من آثار العلماء ، لا سيّما علماء البحرين بفعل الأهوال المتتابعة التي حلّت بهذه الأرض الطيّبة المليئة ، وإمّا أنّه لا زال مكنوناً لم يُكشف بعد.

وفي العموم ، فإنّ المصادر تُشير إلى مجموعة مصنّفات ، منها :

١ ـ الشرح الكبير لنهج البلاغة ، ويسمّى (مصباح السالكين).

٢ ـ الشرح الوسيط لنهج البلاغة ، ويسمّى (اختيار مصباح السالكين).

٣ ـ الشرح الصغير لنهج البلاغة.

٤ ـ منهاج العارفين ، والمعروف باسم (شرح المائة كلمة) ، وهو شرحٌ للمائة كلمة من الكلمات القصار التي انتخبها الجاحظ من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

٥ ـ تجريد البلاغة ، ويسمّى أيضاً (أصول البلاغة) أو (مقدّمة البلاغة).

٦ ـ النجاة في القيامة في تحقيق أمر الإمامة.

٧ ـ قواعد المرام في علم الكلام ، وقد يُشار إليْه في بعض المصادر باسم (رسالة في الكلام) أو (مقاصد الكلام).

__________________

(١) راجع : العالم الربّاني الشيخ مَيْثَم البحراني : ٤٢ ـ ٦٠ والذريعة إلى تصانيف الشيعة.

 


٨ ـ آداب البحث.

٩ ـ الدرّ المنثور.

١٠ ـ استقصاء النظر في إمامة الأئمّة الإثني عشر.

١١ ـ البحر الخضمّ.

١٢ ـ المعراج السماوي.

١٣ ـ رسالة في الوحي والإلهام.

١٤ ـ شرح حديث المنزلة.

١٥ ـ شرح رسالة العلم ؛ و (رسالة العلم) من تصنيف العلاّمة الشيخ أحمد بن علي بن سعادة الستري البحراني ، وهو شيخ شيخه علي بن سليمان الستري البحراني.

١٦ ـ كتاب الأوصياء.

وغيرها من الكتب والرسائل التي تنسبها المصادر وأصحاب التراجم إلى الشيخ مَيْثَم ، بعضها عثر عليه وطبع ، وآخر مخطوط ، وبعضها لم يُعثر عليْه.

* سادساً : ما قيل فيه

قد يصعب استقصاء جميع ما قيل في الشيخ مَيْثَم البحراني ، فقد كان للشيخ مكانته العلمية المرموقة بين العلماء ممّن عاصروه وتأخّروا عنه ، وهذا ما ظهر في كلام مَن ترجم للشيخ أو أشار إليْه في كلامه.

١ ـ لعلّ أحد ما يُجمع عليه مَن ترجم للشيخ مَيْثَم البحراني قولهم في حقّه :


٢ ـ قال الشيخ محمّد بن علي الأحسائي المعروف بابن جمهور : «العالم الكامل ، محقّق علوم المتقدّمين والمتأخّرين ، ومكمّل علوم الحكماء والمتكلّمين»(١).

٣ ـ قال عنه الشيخ سليمان الماحوزي في سلافته : «الفيلسوف المحقّق والحكيم المدقّق ، قدوة المتكلّمين وزبدة الفقهاء والمحدّثين العالم الربّاني كمال الدين مَيْثَم البحراني غوّاص بحر المعارف ومقتنص شوارد الحقائق واللطائف»(٢).

٤ ـ قال فيه الشيخ علي البلادي البحراني : «العالم الربّاني والعارف الصمداني كمال الدين مَيْثَم بن علي بن مَيْثَم البحراني وهو المشهور في لسان الأصحاب بالعالم الربّاني والمشار إليْه في تحقيق الحقائق وتشييد المباني»(٣).

٥ ـ قال السيّد حسن الصدر : «كان له التبرّز في جميع العلوم الإسلامية ، والحكمة والكلام والأسرار العرفانية ، حتّى اتفق الكلّ على إمامته في الكلّ»(٤).

* سابعاً : وفاته

المتداول من تاريخ وفاة الشيخ مَيْثَم أنّها كانت سنة (٦٧٩ هـ) ، كما ذكر ذلك

__________________

(١) عوالي اللآلي العزيزية ١/١١.

(٢) السلافة البهية في الترجمة المَيْثَمية المطبوع ضمن كشكول البحراني ١/؟؟.

(٣) أنوار البدرين : ٦٢ ـ ٦٣ ٤٢

(٤) الشيعة وفنون الإسلام : ٣١٩.


الشيخ البهائي في كشكوله(١) ، ونقله عنه الشيخ الماحوزي(٢) ، وذاع هذا التاريخ بين بعض مَن ترجم للشيخ مَيْثَم نقلاً عن كشكول البهائي مباشرة أو بواسطة ، وقد توقّف بعض الباحثين(٣) عند هذا التاريخ واستبعدوه ، وذلك لوجوه :

الأوّل : إنّ الشيخ مَيْثَم البحراني أنهى كتابه اختيار مصباح السالكين في آخر شوّال من سنة (٦٨١ هـ) كما ذكر في آخره ، ممّا يعني أنّه كان حيّاً في التاريخ الذي أشار إليْه البهائي ، وعليْه تكون وفاة الشيخ مَيْثَم بعد سنة (٦٨١ هـ).

الثاني : إنّ الشيخ مَيْثَم أجاز تلميذه علي بن الحسين بن حمّاد الواسطي في سنة (٦٨٧ هـ) كما نصّ على ذلك الميرزا عبد الله الأفندي في الرياض ، فيثبت أنّه كان حيّاً في تلك السنة ، أي سنة (٦٨٧ هـ).

فيثبت أنّ الشيخ مَيْثَم البحراني رحمه‌الله كان حيّاً في سنة (٦٧٩ هـ) ، وإنّما تُوفّي بعد سنة (٦٨٧ هـ) ، ولعلّها كانت سنة (٦٨٩ هـ) ، فمن المحتمل أنْ يكون التاريخ الذي أورده الشيخ البهائي في كشكوله مصحّفاً إذْ قُلبت فيه الثمانية إلى سبعة ، فصار من (٦٨٩ هـ) إلى (٦٧٩ هـ) ، «وممّا يؤيّد هذا الاحتمال أنّا لم نرَ الشيخ مَيْثَم يُؤلّف أيّاً من كتبه أو يُجيز أيّاً من تلامذته بعد

__________________

(١) الكشكول للبهائي ٢/٢٣٤.

(٢) السلافة البهية في الترجمة المَيْثَمية المطبوع ضمن الكشكول للبحراني ١/٤٥.

(٣) أعني فاضل الزاكي في كتابه العالم الربّاني الشيخ مَيْثَم البحراني : ١٠٢ ـ ١٠٥.

 


سنة (٦٨٧ هـ)»(١).

ودُفِنَ في منطقة (الماحوز) من البحرين ، كما هو الحال مع والده وجدّه ، غير أنّه دُفِن في بلدة (هلتا)(٢) أو (هرتى) من الماحوز(٣) ، وهي حاليّاً بحسب التقسيم الإداري الحديث جزءٌ من منطقة (أمّ الحصم).

المبحث الثاني

شرح نهج البلاغة

* أوّلاً : سبب تأليف الشرح

بعدما استباح التتار بقيادة هولاكو بغداد عام (٦٥٦ هـ) ، استوزر هولاكو بهاء الدين محمّد الجويني بعنوان صاحب الديوان لإدارة الدولة ، فتركه في بغداد وعاد هو إلى عاصمته (تبريز) بعد عام من استباحة بغداد ، وفي سنة (٦٦١ هـ) توفّي بهاء الدين محمّد الجويني صاحب الديوان ببغداد ، ففوّض هولاكو حكومة بغداد إلى ابنه علاء الدين عطاء الملك الجويني ، فاستوزر له أخاه شمس الدين محمّد بن محمّد الجويني.

وقد كان من أمر الشيخ مَيْثَم أن اتصل بآل الجويني ، ويبدو أنّ هذا الاتصال كان في أثناء وجوده في العراق بعدما دعاه فضلاء الحلّة والعراق

__________________

(١) العالم الربّاني الشيخ ميثم البحراني : ١٠٥.

(٢) ذكرها البلادي في أنوار البدرين : ٦٦ (هلتانا) ، وهو تحريف كما يبدو.

(٣) العالم الربّاني الشيخ مَيْثَم البحراني : ١٠٧.

 


إليْها(١) ، وهذا ما يظهر من بعض كلام الشيخ مَيْثَم في مقدّمته على نهج البلاغة إذْ يقول : «... إلى أنْ قضت صروف الزمن بمفارقة الأهل والوطن ، وأوجبت تقلّبات الأيام دخول دار السلام فوجدتها نزهة للناظر ...»(٢).

وفي مقدّمة الشيخ مَيْثَم على نهج البلاغة ، يصرّح بأنّه ألّف هذا الشرح باسم علاء الدين محمّد بن بهاء الدين محمّد بن محمّد الجويني ، وذلك بعدما وجده أهلاً لتلقّي هذا العلم العظيم بعدما وجد الشيخُ الجويني يُثني على كتاب نهج البلاغة ؛ يقول الشيخ مَيْثَم : «ولمّا اتفق اتصالي بخدمته وانتهيت إلى شريف حضرته ... فأجرى في بعض محاوراته الكريمة من مدح هذا الكتاب وتعظيمه وتفضيله وتفخيمه ما علمت معه أنّه أهله الذي كنت أطلب ، والعالم بقدره ومحلّه من بَيْن الكتب ، وتوسّمت في تضاعيف ذلك تشوّق خاطره المحروس إلى كشف حقائقه ، والوقوف على أسراره ودقائقه ...»(٣).

فأراد الشيخ مَيْثَم من هذا الشرح أنْ يكون شكراً منه لعلاء الدين الجويني لجزيل تفضّله عليْه في حضرته في بغداد : «فأحببت أنْ أجعل شكري لبعض نعمه السابقة ، ومننه المتوالية المتلاحقة أنْ أخدم سامي مجلسه بتهذيب شرح مرتّب على القواعد الحقيقية ...»(٤). كما أراد الشيخ إظهار ما

__________________

(١) السلافة البهية في الترجمة المَيْثَمية المطبوع ضمن الكشكول للبحراني ١/٤٣.

(٢) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٢.

(٣) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٤.

(٤) نفس المصدر.

 


استخرجه من كنوز مغمورة في نهج البلاغة من خلال هذا الشرح : «أنبّه فيه على ما لاح لي من رموزه ، وأكشف ما ظهر لي من دفائنه وكنوزه»(١).

* ثانياً : مقدّمة نهج البلاغة :

(١) سبب وضع المقدّمة :

أمّا عن سبب وضع هذه المقدّمة المستفيضة فإنّ نظرةً سريعة فيها تكشف عن سبب ذلك ، وذلك أنّ الشيخ مَيْثَم نفسه يُفصح عنه ، فالقارئ المتصدّي لسبر أغوار هذا السِّفر العظيم ، وفَهْم ما يُشرح منه يحتاج ـ ليكون له ذلك ـ إلى أبحاث تعينه ؛ ليصل إلى مقاصد الكلام كما ينبغي.

يقول الشيخ مَيْثَم في مقدّمته : «فاعلم أنّ كلامه عليه‌السلام يشتمل على مباحث عظيمة تنشعب عن علوم جليلة يحتاج المتصدّي للخوض فيه وفهم ما يشرح منه بعد جودة ذهنه وصفاء قريحته إلى تقديم أبحاث تعينه على الوصول إلى تلك المقاصد»(٢).

فالحاجة إذاً لفهم كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام تستدعي هذه المقدّمة من مؤلّف الشرح ، أمّا خصوص (مباحث الألفاظ) ، فذلك الأمير أبرز مُراده من خلال الألفاظ ؛ مكتوبة أو منطوقة ، كان لزاماً ذكر شيء من هذه المباحث.

وفي ذلك يقول الشيخ مَيْثَم : «ولمّا أبرز عليه‌السلام مقاصده في ألفاظ خطابية ،

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) نفس المصدر : ١/٥.

 


إما منطوق بها أو مكتوبة تَعيّنَ أنْ أذكر من مباحث الألفاظ قدراً تمسّ الحاجة إليْه»(١).

(٢) منهج الشيخ في المقدّمة

إنّ الناظر في مقدّمة الشيخ مَيْثَم على نهج البلاغة تنقدح في ذهنه لأوّل وهلة عدّة ملاحظات تُبرز شيئاً من منهجه. ولعلّ أُولى تلك الملاحظات هي ثراؤه العلمي ، والتي تعود إلى تقسيمه المقدّمة إلى ثلاث (قواعد) كما سمّاها :

القاعدة الأولى تناول فيها مباحث الألفاظ ، وهي بدورها مقسّمة إلى قسمَيْن :

القسم الأوّل : وهو الجانب اللغوي من المقدّمة ، عنونه بقوله : «في دلالة الألفاظ وأقسامها وأحكامها»(٢).

القسم الثاني : وهو الجانب البلاغي منها ، والذي عنونه بقوله : «في كيفيات تلحق الألفاظ بالنسبة إلى معانيها فتوجب لها الحسن والزينة وتعدّها أتمّ الإعداد لأداء المعاني وتهيّئ الذهن للقبول»(٣).

والقاعدة الثانية تناول فيها الخطابة في عدّة أبحاث.

والقاعدة الثالثة تناول فيها بعض فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام.

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٥.

(٣) نفس المصدر : ١٨.


الأمر الآخر ، بدأ الشيخ مَيْثَم البحراني بحثه اللغوي ببحث عنونه بـ : (مباحث الألفاظ) ، والناظر المتمعّن يجد أنّ هذا العنوان يتكرّر في كثير من كتب علم أصول الفقه ، حتّى أنّ الباحث يمكنه الظنّ أنّ أيّ كتاب أصولي يقع في يديه ـ ولم يطّلع عليه بعد ـ يبدأ أُولى بحوثه بمبحث (مباحث الألفاظ) ، وربّما بعناوين شبيهة ، كـ : (المبادئ اللغوية)(١) أو (مبادئ اللغة)(٢) ، وقد يصدق حدسه في كثير من الأحيان ، وهذا ما يدفعنا إلى القول إنّ الشيخ مَيْثَم البحراني قد تعامل مع نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام معاملة (النصّ الشرعي) ، لا فيما تُفضي إليه دراسة النصّ الشرعي من أحكام ، وإنّما فيما يقتضيه النصّ من وسائل وأدوات للتعامل معه وفهمه(٣).

ومن الملاحظات الواضحة ما يمكن أنْ نطلق عليه (المنهجية العلمية في التأليف) ، وهو ما يظهر في أمور :

أوّلها : كثرة التقسيم في المقدّمة ، فالأسلوب القديم في التأليف يقوم على الاسترسال في الحديث وعدم المبالاة بالتقسيم والتفريع ، أمّا الشيخ مَيْثَم فإنّه يعمد إلى تقسيم القواعد إلى أقسام ، ثمّ يقسّم الأقسام إلى فصول ، وهذه

__________________

(١) مثل : الإحكام في أصول الأحكام ١/٢٩.

(٢) مثل : مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل ١/٢٢٠.

(٣) إنّما قلت إنّ الشيخ مَيْثَم تعامل مع (نهج البلاغة) معاملة النصّ الشرعي فيما يقتضيه من أدوات لا فيما يفضي إليْه من أحكام ؛ لأنّ الشيخ لو تعامل معه معاملة النص الشرعي فيما يفضي إليْه من أحكام شرعية لقدّم له بمقدّمات إضافية يحتاجها الفقيه لاستنباط الحكم الشرعي ، ممّا يتعلّق بعلم الرجال وعلم الحديث وغيرهما من العلوم.

 


الفصول بدورها تنقسم إلى أبحاث ، بل إنّ هذه الأبحاث مليئة بالتفريع والتقسيم ، وربّما يكون ذروة ذلك في الفصل الثاني من القاعدة الأولى ، وتحديداً في البحث الثاني والثالث ، إذْ نجده يستطرد في التقسيم ، لا سيّما في تقسيم اللفظ المفرد الكلّي.

والشيخ حينما يقسّم ، فإنّه في العادة لا يذكر جهة التقسيم ، كأنْ يقول : «اللفظ من حيث الإفراد والتركيب ينقسم إلى مفرد ومركّب» وهكذا ، وإنّما يعمد إلى القسمة مباشرة ، وهو من مظاهر الاختصار في مقدّمة الشيخ اللغوية.

كما أنّ الشيخ قد يخالف بعضهم في تقسيمه ، فمثلاً ، نجد الشيخ في تناوله للفظ المفرد في الفصل الثاني من هذا البحث لا يعمد في البحث الرابع ـ (بحسب تقسيم الشيخ ، الثالث في هذه الوريْقات) ـ وهو المعنوَن عندنا بـ : (وحدة اللفظ والمعنى وتعدّدهما) ، إذْ يتناول بيان النسبة بَيْن الألفاظ ومعانيها ، نجد الشيخ لا يصنّفه بوصفه تقسيماً ثالثاً للفظ المفرد كما فعل فخر الدين الرازي في محصوله(١) ، والشيخ لا يذكر صراحة مخالفته لهذا التقسيم ، وإنّما يُفهم ذلك من تناوله ، فإنّه يبدأ البحث السابق لهذا البحث (المفرد : جزئي وكلّي) واللاحق له (اللفظ المفرد : حرف وفعل واسم) بقوله : (اللفظ المفرد) ، خلافاً لهذا البحث ، فإنّه يشرع فيه بالقول : (اللفظ والمعنى ...) من غير أنْ يخصّص اللفظ بالمفرد كما فعل في البحث الذي يسبقه والبحث الذي يليه ، وفي ذلك دلالة كبيرة على عدم تبعية الشيخ العمياء لمَن سبقوه.

__________________

(١) المحصول في علم أصول الفقه ١/٣١١.

 


الثاني : نسبة الآراء إلى أصحابها ، كما في قوله : «الدلالة الأولى هي التي بحسب الوضع الصرف ، وأمّا الباقيتان فزعم فخر الدين وجماعة من الفضلاء أنّهما عقليّان ...»(١) ، والشيخ مَيْثَم وإنْ لم يذكر جميع أصحاب هذا الرأي ، إلاّ أنّه يذكر أهمّ أصحابه.

والجدير بالذكر هنا أنّ الشيخ مَيْثَم في أكثر من موضع يخصّ الإمام الرازي بالذكر بالاسم ، وربّما أجمل ذكر غيره ، وفي ذلك دلالة بالغة على احترام الشيخ لهذا الإمام.

الثالث : مناقشة الآراء وترجيح أحدها ، فالشيخ مَيْثَم لا يكتفي بذكر رأيه فقط ، وإنّما يعمد في العديد من المرّات إلى ذكر آراء غيره ويوردها والأدلّة التي تستند إليْها ، ثمّ يشرع في نقض آرائهم بالدليل العلمي ، وهذا كلّه من غير تجريح أو تعريض بالأشخاص.

الأمر الرابع : تحرّره الفكري ؛ ومن مظاهره عدم التبعية المطلقة لسابقيه ، فالشيخ مَيْثَم في عرضه اللغوي ، قد يوافق كثيراً مَن سبقوه من الأعلام ، كالإمام الرازي وابن الحاجب والرضي وسواهما ، غير أنّها ليست على سبيل التبعية العمياء ، وهذا ما يتّضح بجلاء في مناقشاته المتعدّدة لأولئك الأعلام والردّ عليهم ، من ذلك ـ على سبيل المثال ـ مناقشته للإمام الرازي في كون دلالتَيْ التضمّن والالتزام وضعيّتَيْن كما يدّعي الشيخ مَيْثَم وليستا عقليّتَيْن

__________________

(١) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٥.

 


كما يدّعي الإمام(١).

ومن آثار هذا التحرّر الفكري أيضاً ، انفراده ببعض الآراء والمسائل ، فإذا كانت هذه المسائل قد تناولها من سبقوه من العلماء ، فهذا لا يعني أنّه يتماهى معهم ويغضّ الطرف عمّا لم يصلوا إليْه ، وهذا ما نجده في النقطة الرابعة من المبحث الأوّل من الفصل الثاني من هذه الوريْقات ، وهو المعنون بـ : (الدلالات اللفظية بَيْن الحقيقة والمجاز) ، فالحقيقة أنّي لم أجد فيما وقعتُ عليه من المصادر والمراجع أحداً قبل الشيخ مَيْثَم قد تناول هذه المسألة أصلاً فضلاً عن إصدار الحكم فيها.

وممّا يلفت الانتباه أيضاً ، مَيْل الشيخ مَيْثَم إلى الاختصار وعدم التطويل ، وهذا ظاهر في أكثر من مَوْضع ، حتّى بلغ به الأمر أنْ يختصر التعاريف ، بأنْ لا يوردها كلّها لوجود قرينة تدلّ عليها ، كما في تعريف اللفظ المفرد الكلّي ، إذْ يكتفي بتعريف اللفظ المفرد الجزئي ، وكما في البحث الثاني من الدلالة اللفظية الذي عنونته بـ : (الدلالات اللفظية بَيْن الوضع والعقل) ، إذْ يكتفي بذكر النسبة بين (دلالة المطابقة ودلالتَي التضمّن والالتزام) ، وأمّا نسبة الأخرتَيْن إلى الأولى فإنّه لا يوردها تفصيلاً ، وإنّما يكتفي بالقول : (من غير عكس) ، وهكذا في بيانه عدم وجوب لزوم (دلالتَي التضمّن والالتزام) لبعضهما بعضاً ، وهو نفسه ما نجده في البحث الرابع منه الذي عنونته بـ : (الدلالات اللفظية بَيْن الحقيقة والمجاز) وفي غيرها من

__________________

(١) نفس المصدر : ٥ ـ ٦.

 


المواضع ، وهو أسلوبٌ معروفٌ بين العلماء وسمة تتميّز بها الأسفار المتقدّمة.

كذلك ، يُلاحظ كثرة استشهاده ، وهو أمر لا يحتاج إلى الاستقصاء ، فإنّ القارئ يجده سريعاً ، وهو أجلى ما يكون في القسم الثاني من القاعدة الأولى ، وهو القسم البلاغي من المقدّمة ، فكثيراً ما يستشهد الشيخ مَيْثَم بآيات من القرآن الكريم ، من ذلك مثلاً استشهاده في (أقسام النظم)(١) ، ففي الصفحة الواحدة قد تجد (ست) آيات كريمات ، وقد يستشهد بأكثر من آية واحدة للأمر الواحد ، من ذلك مثلاً قوله في وجوه أحد أقسام النظم : «الوجه الأوّل : المطابقة : وهي الجمع بَيْن المتضادّ في الكلام مع مراعاة التقابل حتّى لا يضمّ الاسم إلى الفعل كقوله تعالى : (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً)(٢)وقوله : (سَوَاء منكُم مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْف بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)(٣) وقوله تعالى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء)(٤)»(٥).

وممّا يستشهد به الشيخ مَيْثَم بكثرة ظاهرة أيضاً ، كلام صاحب النهج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، من ذلك مثلاً قوله في وجوه أحد أقسام النظم : «الثالث عشر : مراعاة النظير : وهو جمع الأمور المناسبة المتوازنة

__________________

(١) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٤٧ ـ ٥٠.

(٢) سورة التوبة : ٨٢.

(٣) سورة الرعد : ١٠.

(٤) سورة آل عمران : ٢٦.

(٥) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٤٨.


كقول علي عليه‌السلام : الحمد لله غير مقنوط من رحمته ولا مخلوّ من نعمته ولا مأيوس من مغفرته»(١).

وإلى جانب استشهاده بآي القرآن الكريم ، وكلام أمير المؤمنين ، فإنّ الشيخ مَيْثَم يستعين أحياناً بشواهد من الشعر ، وذلك نحو قوله : «الثالث : المزاوجة بَيْن معنيَيْن في الشرط والجزاء كقول البحتري :

إذا ما نهَى الناهي فلجّ بىَ الهوَى

أصاخت إلى الواشي فلجّ بِها الهَجْرُ(٢)(٣)».

إضافة إلى ما سبق ، يمكن إضافة مظهر آخر في منهج الشيخ مَيْثَم في مقدّمته على نهج البلاغة ، مظهر جليّ هو الآخر ، وهو النزعة العقلية ، وهذه النزعة ظاهرة في المصطلحات والألفاظ المنطقية والفلسفية التي يستخدمها الشيخ حتّى في المسائل اللغوية ، كاستخدام ألفاظ (الماهية) و (ممتنع الوجود) و (ممكن الوجود) و (الحد) و (الرسم) و (العارض) و (العرضي) و (الفصل) وغيرها من الألفاظ الشائعة في مصنّفات علمي المنطق والفلسفة.

كما تظهر في التقسيم العقلي الذي قد يفترض أقساماً لا وجود لها في الخارج ، وإنّما تكون في الذهن فقط ، كتصوّرهم (شريك الباري) و (جبل من ياقوت) ، وكتقسيم الكلّي إلى (كلّي منطقي) و (كلّي عقلي) و (كلّي طبَعي) ، وسواه من التقسيمات ظاهرة الميول العقلية والمنطقية.

__________________

(١) نفس المصدر ١/٤٩.

(٢) ديوان البحتري ٢/٨٤٤.

(٣) شرح نهج البلاغة للبحراني ١/٤٨.

 


الفصل الثاني

ثلاث قضايا لغوية مِن مقدّمة الشيخ مَيْثَم على نهج البلاغة

التمهيد

قبل الولوج في عرض المسائل اللغوية التي طرحها الشيخ مَيْثَم البحراني رحمه‌الله ، لا أجد بدّاً من الوقوف على بعض المفاهيم الرئيسة التي هي التمهيد المناسب لاستعراض تلك المسائل ؛ حتّى لا يلتبس الأمر على القارئ فيتوه في غمرة تلك المسائل وما تنطوي عليه من اصطلاحات وتشعّب يحتاج في فهمها إلى معرفة سابقة ببعض المسائل ، وقد آثرت اتخاذ التبويب سبيلاً في هذا التمهيد اغتناماً للصفحات المحدودة متجنّباً في ذلك الاستطراد والإطناب.

* أوّلاً : مفهوم اللفظ

ولعلّ من أوّل ما يستوقفنا في هذا البحث العنوان الذي جعله الشيخ لهذا الباب من مقدّمته ، أو هذه القاعدة الأولى ـ كما وصفها الشيخ ـ ، وهو (مباحث الألفاظ) ، فماذا يعني الشيخ بـ : (اللفظ)؟ أهو المفهوم النحوىّ نفسه أم أنّ للشيخ وأصحاب المنطق والأصوليّين عامّةً ـ مفهوماً مختلفاً؟ إذْ تتقاطع هذه الكتب جميعاً ، المنطقية والأصولية ، في جملة من القضايا ، أبرزها


مباحث الدلالات ، وأحدها (الدلالة الوضعية اللفظية) ، وهو الموضوع الأوّل في المقدّمة اللغوية للشيخ مَيْثَم.

إنّ مفهوم (اللفظ) عند علماء المنطق والأصول لا يقتصر على مجرّد عملية النطق ، سواءٌ أفادت أم لم تفد ، كما قد نجد عند النحويين ، بل ارتبط مفهوم (اللفظ) ارتباطاً وثيقاً بـ : (الدلالة) ، فلا يعدّ (اللفظ) في البحث الأصولي والمنطقي «الصوت المشتمل على بعض الحروف سواءٌ دلّ على معنىً كزيد أو لم يدلّ كديز مقلوب زيد»(١) ، وهو المفهوم النحوي ، إذْ للفظ حالتان : فمرّةً يكون دالاًّ على معنىً فيسمّى (مستعملاً) ، وأخرى يكون غير دالّ على معنىً ، وهو المسمّى (مهملاً)(٢).

بل إنّ بعض الباحثين قرّروا أنّ «اللفظ والكلمة والكلام كلّها بمعنىً واحد عند الأصوليّين»(٣) ، ومن ثمّ حقّ لهم القول «إنّ (اللفظ) في البحث الأصولي هو الوحدة اللغوية الدالّة»(٤).

إنّ هذا المفهوم للّفظ عند الأصوليّين وأصحاب المنطق يظهر بوضوح تامّ من خلال تتبّع تعاملهم معه ، فهؤلاء لا يعنيهم اللفظ بحدّ ذاته ، فدراسته ليست من أجله ، بل من أجل الوصول إلى المعاني ، ولذلك يتوسّع المنطقي

__________________

(١) قطر الندى وبلّ الصدى : ٣٧.

(٢) نفس المصدر : ٣٨.

(٣) التصوّر اللغوي عند علماء أصول الفقه : ٧٣.

(٤) نفس المصدر : ٧٤.

 


في دراسة اللفظ لا من حيث هو لفظ ، بل من حيث المعنى ، ولذلك يعمد إلى تقسيمه إلى (مختصّ) و (مرتجل) و (منقول) وغيرها من التقسيمات الناظرة إلى معاني تلك الألفاظ لا إلى الألفاظ بحدّ ذاتها.

* ثانياً : الدلالة : تعريفها وأقسامها

الدلالة لغةً :

جاء في كتب اللغة : دلّه عليه دَلالةً ـ ويثلّث ـ ودُلولةً فاندلّ سدّده إليه(١). ودَلالَةً ودِلالَةً ودُلولَةً ، والفتح أعلى. وقال ابن الأعرابي : دلّ يَدِلّ إذا هدَى ، ودلّ يَدِلّ إذا مَنّ بعطائه. ودَلَلْت بهذا الطريق : عرفته ، ودَلَلْت به أدُلّ دَلالة ، وأدْلَلت بالطريق إدْلالاً(٢).

وجاء في مقاييس اللغة(٣) : الدال واللام أصلان : أحدهما إبانة الشيء بأمارة تتعلّمها ، والآخَر اضطرابٌ في الشيء. فالأوَّل قولهم : دلَلْتُ فلاناً على الطريق. والدليل : الأمارة في الشيء. وهو بيِّن الدَّلالة والدِّلالة. والأصل الآخَر قولهم : تَدَلْدَل الشَّيءُ ، إذا اضطرَبَ.

والدلّ قريب المعنى من الهَدْي ؛ وهما من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل وغير ذلك(٤).

__________________

(١) القاموس المحيط ج٣ مادّة (دلّ).

(٢) لسان العرب م١١ مادّة (دلل).

(٣) مقاييس اللغة ج٣ مادّة (دل).

(٤) الصحاح : ٣٨٢.


الدلالة اصطلاحاً :

أمّا اصطلاحاً فقد عرّفها بعض المنطقيّين بقولهم : «كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر»(١).

أمّا (كون الشيء) أي يشمل اللفظ وغيره ، والشيء هنا هو (الدالّ) ، (بحالة) الباء للملابسة ، أي ملتبساً بحالة ، وهي العلاقة بين الدالّ والمدلول ، كالوضع واقتضاء الطبع والعلّة ، والتي هي سبب لانتقال المعنى.

(يلزم من العلم به العلم) المراد بالعلم الأوّل والثاني مطلق الإدراك ، أعمّ من أنْ يكون تصوّريّاً أو تصديقيّاً ، يقينيّاً أو غير يقينيّ(٢).

أقسامها :

يقسّم المنطقيّون الدلالة إلى ثلاث أنواع مختلفة لاختلاف الملازمة بين (الدالّ) و (المدلول) ، فهي قد تكون ذاتية أو طَبَعية أو بوضع واضع ، ولذلك قسّمت الدلالة وفقاً لتلك الملازمة إلى (عقلية) و (طَبَعية) و (وضعية) ـ بالترتيب ـ ، وكلّ واحدة من هذه الدلالات الثلاث تنقسم إلى (لفظية) و (غير لفظية) ، ولست بوارد الدخول في التفاصيل والتطرّق إلى الخلافات كونها بعيدة عن بحثنا ، وإنّما هو مرورٌ سريعٌ على كلّ واحدة منها مع مثال

__________________

(١) راجع : المقرّر في شرح منطق مظفر ١/٤٧ ، الحاشية على المطوّل : ٣٢٠ ، شرح المطالع ١/١٠٣.

(٢) التجريد الشافي : ٦٤ ـ ٦٥ ، اختلاف الأصوليين في طرق دلالات الألفاظ على معانيها وأثره في الأحكام الفقهية (رسالة دكتوراه) : ٨.

 


يوضّحها ، وصولاً إلى الدلالة (الوضعية اللفظية) التي محلّ بحثنا ، ذاكراً أسباب الوقوف عندها دون سواها ؛ حتّى يعلم القارئ موضع هذا البحث وهذه الدلالة من مبحث الدلالات عموماً.

أمّا الدلالة العقلية فهي التي يحكم العقل بوجودها بين الدالّ والمدلول فيما إذا كان بينهما ملازمة ذاتية في وجودهما الخارجي(١) ، كالعلاقة بين العلّة والمعلول ، فإنّه عندما يوجد المعلول يحكم العقل بوجود العلّة ، وهي على قسمين ؛ لفظية وغير لفظية.

فالدلالة العقلية اللفظية مثل : دلالة اللفظ المسموع من وراء الجدار على وجود اللافظ ، وأمّا الدلالة العقلية غير اللفظية كدلالة رؤية الدخان على وجود نار(٢).

وأمّا الدلالة الطّبَعية : فهي التي تكون الملازمة بين الدالّ والمدلول بسبب اقتضاء الطبع. أمّا اللفظية منها كدلالة لفظ (آخ) على التألّم ، وأمّا غير اللفظية فكدلالة حمرة الوجه على الخجل(٣).

والفرق بين العقلية والطبَعية أنّ في الطبَعية قد تختلف الدوال وتتخلف عن مدلولاتها باختلاف طباع الناس ، بخلاف العقلية ، فالدلالة فيها أبدية لا تتخلّف ، فمتى ما وُجِد الدالّ وُجِد المدلول لعدم انفكاكهما(٤).

__________________

(١) المقرّر للحيدري ١/ ٤٨ ، مذكّرة المنطق : ٣٧.

(٢) شرح المطالع للرازي ١/١٠٣.

(٣) مذكّرة المنطق للفضلي : ٣٨.

(٤) التجريد الشافي للدسوقي : ٦٣ ومذكّرة المنطق للفضلي : ٢٨.

 


أمّا الدلالة الأخيرة فهي الدلالة الوضعية(١) : فهي العلاقة الناشئة بين الدالّ والمدلول بسبب التواضع والاصطلاح(٢) ، وهي بدورها تنقسم إلى لفظية وغير لفظية. أمّا الأخيرة ـ الوضعية غير اللفظية ـ كإشارات الأخرس(٣) ، أمّا الدلالة الوضعية اللفظية وهي إذا كان الدالّ الموضوع لفظاً ، ولذلك عرّفها بعضهم بقوله : «فهم المعنى من اللفظ عند إطلاقه بالنسبة إلى مَن هو عالمٌ بالوضع»(٤).

وهذه الدلالة ، أعني الدلالة الوضعية اللفظية ، هي محلّ نظر المنطقي والأصولي ؛ «لعمومها وانضباطها وسهولة تناولها بخلاف الطبيعية(٥) فإنّها مخصوصة ببعض الأمور مع عدم الوثوق بانضباطها لإمكان اختلاف الطبائع وتناولها يتوقّف على البحث عن مقتضى الطبع ، وقد يصعب ذلك ، وكذا العقلية فإنّها تختصّ بما بينهما لزومٌ عقلي ، والعقول تتناقض ولا تنضبط أفهامها باعتبار الفاهمين وهي متوقفة على إدراك اللزوم وقد يكون صعب التناول بخلاف اللفظية الوضعية فإنّها تتوقّف على الاطلاع على الوضع وهو سهل فكلّما عرف الوضع انضبط في أفراد الموضوع له»(٦).

__________________

(١) الوضع في الاصطلاح : (اختصاص اللفظ بالمعنى ، وارتباطه به ارتباطاً ناشئاً من وضع المعنى له أو من كثرة الاستعمال). [المقرّر ١/٤٨]

وقد سيقت عدة نظريات في حقيقة الوضع ومنشأه في المطوّلات ، لا سيّما الأصولية ، فلتراجع في مضانها لزيادة الفائدة.

(٢) مذكّرة المنطق للفضلي : ٣٩.

(٣) المقرّر للحيدري ١/٥٠.

(٤) شرح المطالع للرازي ١/١٠٤.

(٥) هكذا ، والحق قياسها على (الطبَعية).

(٦) التجريد الشافي للدسوقي : ٦٣ ـ ٦٤.

 


المبحث الأوّل

دلالة اللفظ على المعنى

* أوّلاً : الدلالة اللفظية

يبدأ الشيخ مَيْثَم البحراني رحمه‌الله مسائله اللغوية بالبحث في دلالة اللفظ على المعنى ، وهو يحدّده بـ : (اللفظ الموضوع) ، أمّا (اللفظ) فقد احترز به من كلّ ما هو دون اللفظ من دلالات ، كدلالة رؤية الدخان على وجود نار وكدلالة حمرة الوجه على الخجل وغيرها مما بيّنّاه في التمهيد ، وأمّا بـ : (الموضوع) فقد احترز به من الدلالات اللفظية غير الوضعية ، أعني الطبَعية والعقلية ، ومنها (اللفظ المحرّف والمهمل ؛ لأنه دالٌ أيضاً على معنىً ، كحياة المتكلّم ، ولكن عقلاً لا وضعاً)(١) ، وأمثلة الدلالات اللفظية غير الوضعية مبيّنة في التمهيد.

فنحن إذن نبحث في الدلالة اللفظية الوضعية فحسب ، فنقول : اللفظ إمّا أنْ يدلّ على تمام مسمّاه ، أو على جزء مسمّاه ـ من حيث هو جزؤه ـ ، أو على الأمر الخارج عن مسمّاه اللازم له في الذهن ـ من حيث هو لازم له ـ ، فهذه دلالاتٌ ثلاث.

أمّا الأولى : فهي الدلالة المطابقة ، وذلك «أنْ يكون ذلك اللفظ موضوعاً لذلك المعنى وبإزائه(٢) ، نحو : دلالة لفظ (الإنسان) على الحيوان

__________________

(١) شرح الرضي على الكافية ١/٢٣.

(٢) الإشارات والتنبيهات ، شرح : نصير الدين الطوسي ، ق١/ ١٣٩.

 


الناطق(١) ، فالحيوان والناطق هما تمام معنى الإنسان (بحسب التعريف المنطقي للإنسان) ، وإنْ شئت تخيّرت مثالاً آخر أوضح ، مثل : لفظ (البيت) ، فهو يدلّ على البناء المعروف بكل ما يتقوّم به من جدران وسقف وسواها. وإنّما سمّيت هذه الدلالة (المطابقة) لتطابق اللفظ والمعنى(٢).

وأمّا الثانية : فهي دلالة التضمّن ، وذلك «أنْ يكون المعنى جزءاً من المعنى الذي يطابقه اللفظ»(٣) ، نحو دلالة لفظ (الإنسان) على الحيوان وحده ، أو على الناطق وحده ، إذْ كلّ من الحيوان والناطق جزء من مفهوم الإنسان ، ونحو دلالة لفظ (البيت) على الجدران وحدها أو السقف وحده وهكذا. وهذه الدلالة فرعٌ عن دلالة المطابقة ؛ لأنّ الدلالة على الجزء بعد الدلالة على الكلّ(٤).

وأمّا الأخيرة : فهي دلالة الالتزام ، وذلك «على سبيل الاستتباع والالتزام ، بأنْ يكون اللفظ دالاًّ بالمطابقة على معنىً ، ويكون ذلك المعنى يلزمه معنىً غيره كالرفيق الخارجي ، لا كالجزء منه ، بل هو مُصاحبٌ ملازمٌ

__________________

(١) يعرّف علماء المنطق الإنسان بقولهم : هو الحيوان الناطق ، وهو تعريف بالحدّ التامّ ، أي بجميع ذاتيات المعرَّف ، ويقع بالجنس والفصل القريبين ، وهنا (الحيوان) الجنس و (الناطق) الفصل. راجع : المقرّر للحيدري ١/ ١٧٢ ـ ١٧٣ ، تحرير القواعد المنطقية : ١٢٣ وهنا الشيخ مَيْثَم يستعين بهذا المثال في إشارة واضحة إلى الفكر العقلي الذي يسيطر على الشيخ في تعامله مع اللغة.

(٢) المقرّر للحيدري ١/٥٣.

(٣) الإشارات والتنبيهات لابن سينا ١/١٣٩.

(٤) المقرّر للحيدري ١/٥٣.

 


له»(١) ، كدلالة لفظ (الإنسان) على الضاحك ، فالضاحك ليس جزءاً من معنى الإنسان ، وإنما لازمٌ له يستتبعه استتباع الرفيق اللازم الخارج عن ذاته ، وكدلالة لفظ (البيت) على ساكنيه.

وقد قيّد الدلالتَيْن الأخيرتَيْن ، أي التضمّن والالتزام بقوله : (من حيث هو جزؤه) و (من حيث هو لازم له) احترازاً من دلالة اللفظ على جزء المعنى أو لازمه بطريق المطابقة على سبيل الاشتراك اللفظي(٢) ، أي إذا كان اللفظ مشتركاً بين الكلّ والجزء أو بين الكلّ واللازم ، ذلك أنّه إذا جاز وضع اللفظ الواحد للمعنى ولجزئه ، فإنّ إطلاق اللفظ سيدلّ على أمرين ؛ تمام معنى اللفظ ، أي الدلالة التطابقية ، وعلى جزء المعنى ، أي الدلالة التضمّنية ، كما أنّه إذا جاز وضع اللفظ الواحد للمعنى وللازمه ، فإنّ إطلاق اللفظ سيدلّ على أمرَيْن ، تمام معنى اللفظ ، أي الدلالة التطابقية ، ولازم المعنى ، أي الدلالة الالتزامية.

ومثّل الشيخ مَيْثَم للأوّل ـ أي دلالة اللفظ على تمام معناه وجزئه ـ بلفظ (الإمكان) ، «فإنّه موضوعٌ للإمكان العامّ والخاصّ ، والعامّ جزء الخاصّ كما تقرّر في المنطق(٣) من أنّ الممكن العام في مقابل الممتنع ، فلذلك يطلق على الواجب وعلى ما ليس بممتنع ولا واجب الذي هو الممكن الخاصّ ، فهو

__________________

(١) الإشارات والتنبيهات لابن سينا ١/١٣٩.

(٢) عرّفه الشيخ مَيْثَم في مقدّمته بقوله : (هو اللفظ الواحد الموضوع لحقيقتَيْن مختلفتَيْن أو أكثر وضعاً أوّلاً من حيث هو كذلك) [شرح نهج البلاغة : ١٥].

(٣) المقرّر للحيدري ٢/٢٤٩.

 


حينئذ موضوع للكلّ والجزء»(١) ، وهو مثالٌ عقليّ آخر مقرّر في كتب المنطق والفلسفة يورده الشيخ مَيْثَم ، فهو إذْ يعرض مسألةً لغويةً يطرح مثالاً أقرب ما يكون إلى الفلسفة ، وهو مفهوم (الممكن) وتقسيمه إلى (عامّ وخاصّ) ، فالبحراني لا يستطيع التحرّر من (العقل المكوِّن) ، أي المرتكز الفكري والعقلية المسيطرة عليه ، وهي العقلية الفلسفية التي طالما امتُدِح بها.

وقد مثّل بعضهم بمثال آخر أكثر أُلفة ، وهو لفظ (الحرف) ، «فإنّه موضوعٌ لكلّ حروف المعاني ولجزئه ، فإنّ (ليْت) مثلاً حرف ، ولكلّ واحد من اللام والياء والتاء يُقال له : حرف»(٢).

أمّا الثاني ، أي دلالة اللفظ على تمام معناه ولازمه ، فقد أفاد بعضهم أنّ التمثيل له «عسر مع إمكانه»(٣) ، فكأنّهم حكموا بإمكان وجوده نظريّاً أو عقليّاً واستصعبوه فعليّاً ، ومع ذلك فقد مثّل الشيخ له بلفظ (الشمس) ، فهو يطلق على ذلك الجرم السماوي المعروف كما يطلق على النور اللازم له ، وبهذا التقييد لا تنتقض الدلالة ؛ لأنّ هذه الدلالة ـ وإنْ كانت على ما وضع له ـ «ليست من حيث هو موضوع له ، بل من حيث هو لازمه»(٤).

من هنا نفهم أنّ الشيخ مَيْثَم قد أضاف هذين القيدين (من حيث هو جزؤه) و (من حيث هو لازم له) ، احترازاً من كلّ سابق ، متميّزاً في ذلك عن

__________________

(١) البحر المحيط في أصول الفقه ٢/٣٨.

(٢) نفس المصدر ، نقلاً عن بعض الفضلاء.

(٣) نفس المصدر.

(٤) شرح المطالع للرازي ١/١١١.

 


كثير ممّن تناول هذه الدلالات ، وربّما مقتدياً بالإمام فخر الدين الرازي ، فقد أورد أكثر من واحد أنّ هذا القيد «لم يذكره أحدٌ ممّن تقدّم الإمام»(١).

وقد اكتفى الشيخ مَيْثَم بتقييد دلالتَيْ التضمّن والالتزام دون المطابقة ـ كما هو الحال مع الإمام الرازي(٢) ـ ؛ «لأنّ دلالتَيْ التضمّن والالتزام لا يمكن معرفتهما إلا بعد معرفة المطابقة ؛ لكونهما تابعين لها ، فلو جعل القيد المذكور (من حيث هو كذلك) جزءاً من معرفة المطابقة للاحتراز منهما لزم أنْ يكونا معلومَيْن قبل المطابقة ، فيلزم أنْ يكون الشيء معلوماً قبل كونه معلوماً وهو محال»(٣) ، أي أنّ معرفة دلالتَيْ التضمّن والالتزام متوقّف على معرفة دلالة المطابقة ، فهما متأخرتان وجوداً عن دلالة المطابقة ، فلا يرد على الشيخ ـ ومَن لم يقيّد تعريف دلالة المطابقة ـ ما يرد على مَن لم يقيّد دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، وإلاّ فمفهوم هذا الإشكال إنّ دلالتَيْ التضمّن والالتزام معروفتان قبل دلالة المطابقة ، أي قبل كوْنهما معروفتَيْن ، ويمتنع عقلاً أنْ تكون الدلالتان (معروفتَيْن) و (مجهولتَيْن) في الوقت نفسه.

* ثانياً : الدلالات اللفظية بَيْن الوضع والعقل

لا خلاف بين العلماء في كون دلالة المطابقة دلالةٌ وضعية صِرفة ، أي لا

__________________

(١) نفس المصدر : ٣٩ نقلاً عن القرافي ، وانظر : نهاية الوصول في دراية الأصول : ١٢٣.

(٢) انظر : المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٢٩٩.

(٣) نهاية الوصول للهندي : ١٢٣ ، وقد علّق المؤلّف على ذلك بقوله : «ولا يخفى عليك ما فيه».

 


تدخّل للعقل فيها ، وإنّما تحدث نتيجة وضع اللفظ بإزاء المعنى فقط ، دون الحاجة إلى تدخّل العقل في الوصول إلى المعنى ، بخلاف دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، فقد وقع الخلاف في حقيقتهما على ثلاثة مذاهب(١) :

أحدها : أنّهما عقليّان ؛ لأنّ دلالة المعنى عليهما بالواسطة ، ونُسب هذا الرأي إلى الغزالي(٢) (ت ٥٠٥ هـ) وقاله صاحب المحصول(٣) واختاره أثير الدين الأبهري(٤) (ت ٦٦٣ هـ) في كشف الحقائق والصفيّ الهندي(٥) (ت ٧١٥ هـ).

والثاني : أنّهما لفظيّان ، ونسبه بعضهم إلى الأكثرين ، واختاره ابن واصل في شرح الجمل الخونجي.

__________________

(١) راجع : البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي ٢/٤٣.

(٢) لم أجد رأي الإمام الغزالي في المستصفى من علم الأصول.

وهو الإمام محمّد بن محمّد بن محمّد الغزالي الطوسي ، أبو حامد ، فيلسوف ومتصوّف ، له نحو مائتي مصنّف ، منها : (تهافت الفلاسفة) و (محكّ النظر) و (المستصفى من علم الأصول). الأعلام ٧/٢٢.

(٣) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/ ٢٩٩ ـ ٣٠٠.

(٤) هو المفضّل بن عمر بن المفضّل الأبهري السمرقندي ، أثير الدين. منطقي اشتغل بالحكمة والطبَعيات والفلك. من مصنّفاته : (هداية الحكمة) و (مختصر في علم الهيئة) و (جامع الدقائق في كشف الحقائق). الأعلام للزركلي ٧/٢٧٩.

(٥) نهاية الوصول للهندي : ١٢٤ ، وهو محمّد بن عبدالرحيم بن محمّد الأرمَوي ، أبو عبد الله ، صفيّ الدين الهندي ، فقيه أصولي ، له : (الفائق) و (الزبدة) و (نهاية الوصول إلى علم الأصول). الأعلام للزركلي ٦/٢٠٠.

 


والثالث : أنّ دلالة التضمّن لفظية والالتزام عقلية ، وبه قال الآمدي(١)(ت ٦٣١ هـ) وابن الحاجب(٢) (ت ٦٤٦ هـ) ؛ لأنّ الجزء داخل فيما وضع له اللفظ بخلاف اللازم فإنّه خارج عنه.

والشيخ مَيْثَم البحراني لا يورد مذهبه بادئ الأمر ، غير أنّه ينازع الإمام الرازي(٣) (ت ٦٠٦ هـ) صراحةً بذكر اسمه ، ومَن حذوا حذوه ووافقوه في مذهبه ، ثمّ يصرّح في ضمن مناقشته لرأي الإمام بما يؤيّده ، وهو رأىٌ جديرٌ بالنظر ، على أنّه قبل البتّ في المناقشة وعرض رأي الشيخ تجدر الإشارة إلى أنّ الشيخ ـ في تلك المنازعة ـ يلجأ إلى التصريح بلقب الإمام (الإمام فخر الدين) ثمّ يُردفه الآخرين الذين حذوا حذوه بوصفهم (جماعة من الفضلاء) في تعظيم صريح للإمام إذْ يُفرده بالذكر ويُجمِل ذكر الآخرين مع حفظ

__________________

(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١/ ٣٢ ، هو علي بن محمّد بن سالم التغلبي ، أبو الحسن ، سيف الدين الآمدي ، أصولي ، من مصنفاته: (أبكار الأفكار) و (دقائق الحقائق) و (الإحكام في أصول الأحكام). الأعلام للزركلي ٤/٣٣٢.

(٢) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل لابن الحاجب ١/٢٢١.

وهو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس ، أبو عمرو جمال الدين ابن الحاجب ، فقيه مالكي. من مصنّفاته : (الكافية) و (الشافية) و (مختصر الفقه). الأعلام للزركلي ٤/٢١١.

(٣) هو محمّد بن عمر بن الحسن ، أبو عبد الله ، فخر الدين الرازي ، الإمام المفسّر ، أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل ، له العديد من المصنّفات ، منها : (مفاتيح الغيب) و (المسائل الخمسون في أصول الكلام) و (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز). الأعلام للزركلي ٦/٣١٢.

 


مكانتهم العلمية.

والإمام الرازي في محصوله(١) يقرّر أنّ دلالة المطابقة دلالةٌ وضعية ، أمّا دلالتَيْ التضمّن والالتزام فعقليتان ؛ لأنّ اللفظ إذا وضع للمسمّى انتقل الذهن من المسمّى إلى لازمه. ولازمه إنْ كان داخلاً في المسمّى فهو (التضمّن) ، وإنْ كان خارجاً فهو (الالتزام).

والشيخ مَيْثَم بعد أنْ يصرّح أنّ دلالة المطابقة هي الدلالة الوضعية الصِرفة ، يأخذ في مناقشة رأي الإمام ، فإنّهم ـ أي أصحاب هذا الرأي ـ إنْ أرادوا أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن حاصلتان بالعقل الصرف من غير مشاركة الوضع فهو واضح البطلان ، فهاتان الدلالتان معتمدتان في أصل وجودهما على دلالة المطابقة ، وهي دلالة وضعية صرفة دون نزاع ، ولولا ارتسام المعنى في الذهن الناتج عن وضع اللفظ بإزاء المعنى لما كانت هاتان الدلالتان حاصلتَيْن ، فحصول هاتَيْن الدلالتَيْن متوقّف على ارتسام المعنى المطابقي في الذهن.

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يصرّح هؤلاء الفضلاء أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن من دلالات الألفاظ ، هذه الألفاظ التي يحرصون على التنبيه إلى كونها (الموضوعة) دون سواها من الألفاظ ، أي دون الألفاظ الناتجة من الدلالتَيْن العقلية والطَبَعية ، وهذا يعود بنا إلى ما أسلفناه عن تبعية الدلالتَيْن

__________________

(١) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٢٩٩ ـ ٣٠٠.


التضمّنية والالتزامية للمطابقية ، وهو تسليمٌ منهم بتدخّل الوضع في هذه الدلالات بغضّ النظر عن مقدار هذا التدخّل.

أمّا إذا أرادوا من قولهم إنّهما دلالتان عقليّتان أنّ العقل عند تصوّر معنى اللفظ الموضوع له ينتقل منه إلى جزئه أو إلى لازمه ، فهو الحقّ ، وخلاف حينها بين الشيخ مَيْثَم وهؤلاء ، فلا تكون هاتان الدلالتان ـ والحال كذلك ـ عقليتان بالصرف ، بل يشترك فيهما الوضع والعقل ، فالأصل فيهما الوضع (في دلالة المطابقة) ،يأتي دور العقل في الانتقال من ذلك الوضع إلى المعنى الآخر الجزئي أو اللازم.

بناءً على ما تقدّم ، يمكننا الآن اقتراح مذهب رابع في الخلاف حول دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، وهو أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن (بالاشتراك بين الوضع والعقل) ، وممّن قال به الشيخ مَيْثَم البحراني ونصير الدين الطوسي في شرح الإشارات(١).

وبالنظر في رأي الإمام الرازي الذي ناقشه الشيخ مَيْثَم ، نجد الإمام مسلّماً بتدخّل الوضع في هاتَيْن الدلالتَيْن ، أعني التضمّنية والالتزامية ، إذْ يعلّل كونهما (عقليّتَيْن) أنّ «اللفظ إذا وضع للمسمّى انتقل الذهن من المسمّى إلى لازمه ...»(٢) ، وهذا ما يتوافق مع كلام الشيخ مَيْثَم في الشركة بين الوضع

__________________

(١) الإشارات والتنبيهات لابن سينا ، الحاشية ١/١٣٩.

(٢) المحصول في علم أصول الفقه للرازي ١/٣٠٠.


والعقل ، ولعلّ الإمام قد نظر إلى انتقال العقل في هاتَيْن الدلالتَيْن وهو الجزء المميّز لهما من دلالة المطابقة فأطلقه من دون منع تدخّل الوضع ، وهو حينئذ من باب تسمية الشيء باسم بعضه.

إذا صحّ ما نذهب إليه ، فيمكننا إضافة الإمام الرازي إلى قائمة القائلين بهذا المذهب الرابع ، وربّما غيره ، فهو مع تصريحه بكونهما عقليّتَيْن إلاّ أنّ مضمون كلامه يخالف ذلك كما بيّنّا.

بعد ذلك ينتقل الشيخ مَيْثَم البحراني لبيان النسب بين الدلالات الثلاث ، ويبدأ باستلزام دلالتَيْ التضمّن والالتزام لدلالة المطابقة ، أي أنّ هاتَيْن الدلالتَيْن متوقّفتان على دلالة المطابقة ومتفرّعتان منها ، وهو ما ذكرناه مِن أنّ حصول هاتَيْن الدلالتَيْن متوقّف على ارتسام المعنى المطابقي في الذهن ، أو يمكن أنْ يقال كما ذكر بعضهم : «أنّهما مستلزمتان للوضع وهو مستلزم للمطابقة فيستلزمانها»(١).

ولا تنعكس هذه النسبة ، أي أنّ دلالة المطابقة لا تتوقّف على هاتَيْن الدلالتَيْن أو على إحديهما ، وهو واضح ممّا ذكرناه ، فالأصل لا يتوقّف على الفرع ، «والتابع مع حيث إنّه تابع لا يوجد بدون المتبوع»(٢) ، وإلا لزم الدور ،

__________________

(١) شرح المطالع للرازي ١/١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) شرح المطالع للرازي ١/١٣٠ ، هكذا ، والصحيح أنْ يقول : (دون) أو (من دون).


وهو باطل ، وبيانه أنّ دلالتَيْ التضمّن والالتزام يتوقّف وجودهما على وجود دلالة المطابقة ، فهما متأخّرتان عنها ، ودلالة المطابقة يتوقّف وجودها عليهما ، فهما متقدّمتان عليها أيضاً! وهو واضح البطلان.

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لجواز انفكاك دلالة المطابقة عنهما. أمّا انفكاكها عن دلالة التضمّن فذلك إذا كان مدلول اللفظ بسيطاً لا جزء له ، أي أنّه غير مركّب من أجزاء حتّى يدلّ ذكر اللفظ على جزء معناه ، وقد مثّل بعضهم بـ : (النقطة)(١).

وأمّا انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة التضمّن فذلك إذا لم يكن لمدلول اللفظ (لازمٌ بيّن) ، واللازم البيّن هو «الذي يكفي تصوّره مع تصوّر ملزومه في جزم العقل باللزوم بينهما»(٢) ، أي «أنّ إدراك اللازم لا يحتاج لأكثر من تصوّر الملزوم»(٣).

فاللازم البيّن إذن شرطٌ لتحقّق دلالة الالتزام ، وهو ما سنجده فيما بعد ، وبانتفائه تنتفي الدلالة الالتزامية. هذا ما ذهب إليه الشيخ مَيْثَم البحراني ، وقد

__________________

(١) نفس المصدر ١/١٣٤.

(٢) تحرير القواعد المنطقية للرازي : ١٥٦.

(٣) المعجم الأصولي : ٨٥٢ هكذا ، والحقّ أنّ الفعل (احتاج) يتعدى بـ : (إلى) لا بـ : (اللام).

ويقابله (اللازم غير البيّن) وهو الذي يفتقر في جزم الذهن باللزوم بينهما إلى واسطة ومقدّمة خارجة عن إطار تصوّر اللازم والملزوم والنسبة بينهما. راجع : تحرير القواعد المنطقية للرازي : ١٥٦ ـ ١٥٧ والمعجم الأصولي لصنقور : ٨٥٣.

 


وقع الخلاف بين العلماء في انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة الالتزام ، فقد منعه بعضهم ، وهو ما عليه (الأكثرون) كما يقول الهندي(١).

ويبدو أنّ حقيقة الخلاف هو في جعل (اللازم البيّن) شرطاً لتحقّق دلالة الالتزام ، فمَن منع انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة الالتزام لم يشترط أنْ يكون

اللازم بيّناً(٢) ، بل اكتفى بعموم اللزوم ، بيّناً كان أو غير بيّن ، أي سواءٌ أكان تصوّر الملزوم كافياً لتصوّر اللازم من غير الحاجة إلى تصوّر شيء آخر خارج إطار اللازم والملزوم والنسبة بين بينهما ، أو كان ذلك مفتقرٌ إلى برهان أو مقدمة خارج ذلك الإطار.

وعلى ذلك ، فإنّ النسبة بين دلالة المطابقة ودلالتَيْ التضمّن والالتزام هي (عموم وخصوص مطلق) ، كما هو لفظ أهل المنطق(٣) ، فكلّ دلالة تضمّن ودلالة التزام تستلزم دلالة المطابقة ، وبعض دلالة المطابقة يستلزم دلالتَيْ التضمّن والالتزام.

هذا وينبغي لنا الالتفات إلى أنّ الشيخ مَيْثَم لم يمثّل لانفكاك دلالة المطابقة عن دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، ولم أجد فيما وقعت عليه أي تمثيل

__________________

(١) نهاية الوصول للهندي : ١٢٣.

(٢) يقول الهندي في نهاية الوصول : ١٢٣ : «ومنهم من جوّزوا الانفكاك زاعماً أن شرط دلالة الالتزام أن يكون اللازم بحيث يكون تصوّره لازما لتصوّر الملزوم. وهو ممنوع فيما ذكر من اللازم ...».

(٣) راجع : تحرير القواعد المنطقية للرازي : ١٧١ وبعدها ، والمقرّر للحيدري ١/ ١٠٧ وبعدها.


لانفكاك دلالة المطابقة عن دلالة الالتزام ، وهو فيما يبدو ممّا يعسر التمثيل له مع إمكانه عقلاً ، أي ربّما وجدوه ممكناً نظريّاً أو عقليّاً (بحسب القسمة العقلية) ، مستصعباً في الواقع ، وأمّا انفكاك دلالة المطابقة عن دلالة التضمّن فإنْ لم يمثّل له الشيخ بمثال فإنّ غيره فعل ذلك ، كقطب الدين الرازي في شرح المطالع(١) إذْ مثّل له بـ : (الوحدة) و (النقطة).

كما أنّ الشيخ عبّر عن دلالة المطابقة بالدلالة (الوضعية)(٢) فقط من دون ذكر (دلالة المطابقة) أو حتّى (اللفظية) ؛ وذلك لدلالة المقام ، لا سيّما وأنّه قد ذكر سابقاً أنّ دلالة المطابقة هي (الوضعية صرفة) ، وسواها بشركة من الوضع والعقل.

إذا عرفنا نسبة دلالة المطابقة إلى دلالتَيْ التضمّن والالتزام ، ونسبة الأخيرتَيْن إلى الأولى ، بقي أنْ نعرف نسبة كلّ واحدة منهما إلى الأخرى ، وهذا ما يقرره الشيخ بإيجاز شديد ، فلا يجب أنْ تلزم كلّ واحدة منهما الأخرى ، بل قد تنفكّان وقد تجتمعان ، فقد يكون من المعاني المركّبة ما لا لازم لها ، فتوجد دلالة تضمّن من غير دلالة التزام ، كما قد يكون للمعنى البسيط لازماً ، وهنا دلالة التزام من غير دلالة تضمّن ، فانفكّت دلالتا التضمّن

__________________

(١) شرح المطالع للرازي ١/ ١٣٤.

(٢) يقول الشيخ مَيْثَم : «ثمّ أنّهما مستلزمتان للدلالة الوضعية من غير عكس» شرح نهج البلاغة ١/٦.


والالتزام عن بعضهما بعضاً في هذَيْن الاحتمالَيْن ، كما أنّ اجتماعهما واضح في المعاني المركّبة التي يلزمها معنىً (أو أكثر) خارج عنها ، فإذا كان الحال كذلك فإنّ النسبة بينهما هي ما يسمّيها أهل المنطق (عموم وخصوص من وجه) ، وقد أهمل الشيخ التفصيل في عدم استلزام دلالتَيْ التضمّن والالتزام لبعضهما ؛ لظهور ذلك مما تقدّم من الكلام عن المطابقة.

وللبحث صلة ...


بحور الشعر وتفعيلاته

 (الإعجاز الأدبي في القرآن)

السيّد محمّد علي راضي الحكيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ، ثمّ الصلاة والسلام على خير البريّة محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

أمّا بعد :

إنّ تراث مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام لا زال حافلا بأبحاثه الثرّة في شتّى مجالات العلوم من أدب وأصول وفقه ومنطق وفلسفة وكلام وما إلى ذلك من التراث العلمي من مدارس وشخصيّات ومصنّفات و ... ، فإنّ السجال العلمي لا زال مشعله وقّاداً لمن أراد أن يملي بحثاً أو يزجي انتقاداً ، ولا زال العطاء العلمي لهذه المدرسة بين ترغيب وتنقيب ونقد وتصويب ، ويعدّ الأدب العربي من تلكم الأبحاث الثرّة والعلوم الغرّة التي لابدّ لروّاد العلم من التوجّه إليه بشكل جادّ لإحياء هذا التراث الذي طالما اعتنى به السلف الصالح من علمائنا الأبرار ، وذلك ما نرى أعلامه لائحةً في مصنّفاتهم وبحوثهم وأسلوبهم


البياني وحسن تعبيرهم في كافّة مجالات الأدب من نثر وشعر وسجع ، فإنّ للأدب العربي من الظرافة والملاحة والدقّة ما يبهر الألباب ، ويأنس به من ارتاده بكلّ إعجاب ، وخاض إليه سُبُلَ الطلاّب.

تمهيد :

لقد جاءت مقالتي هذه بعد أمد طويل وشوط وسبيل طويته في دراسة الأدب العربي ، تلك الدراسة التي تعرّفت عليها في الحوزة العلمية من صرف ونحو وعلم البيان فكانت تبهرني تلك العبارات والجمل وقد أعجبت بها كلّ إعجاب حيث كنت أرى بها جمال اللغة العربية وأدبها الثرّ ، وممّا أدهشني رغبةً وزادني شوقاً لمعرفة تلكم الفنون هو كتاب البهجة المرضية لجلال الدين السيوطي في شرح ألفية ابن مالك التي كان لها الأثر الكبير لأن أخوض غمار الأدب من بين تلكم المسالك ، وبعد دراستي تلك الألفية وتطلّعي عليها ازدادت رغبتي في معرفة الشعر وأوزانه ، فعكفت همّتي على دراسة أطواره وفنون بيانه ، كما كان للشواهد الشعرية في النحو وعلم البيان الوقع والأثر الكبير في مثابرتي إلى جانب الشعر والأدب.

فكلّما ازدادت ملكتي الشعرية قوّة ازداد إعجابي بآيات الذكر الحكيم وبالمأثور من أدعية أهل البيت عليهم‌السلام وخطبهم وكلامهم ، كما كنت أرى به من الوقع الجميل في البيان والتعبير والنغم الخاصّ بها والذي لم أرَ لهما مثيلا في بيان العرب من نثر وسجع وذلك دون الشعر الذي يمتاز بالأوزان الشعرية وهي البحور التي يتكوّن منها الشعر العربي وما في تلك البحور من تفعيلات


منحت الشعر العربي وقعاً ونغماً خاصّاً به.

القرآن الكريم وبحور الشعر :

لطالما تعرّفت على وجود بحور الشعر العربي في آيات الذكر الحكيم ، فكنت أحاول أن أدخلها في نظم بنفس ذلك البحر الذي هي عليه ، فكانت تنجح محاولتي فأزداد فيها بهجة واندهاشاً ، وكان يدخلني من السرور ما لا يعلمه إلاّ الله تبارك وتعالى ، ومن أوّل ما نظمته من آيات الذكر الحكيم بادئ الأمر من معرفتي الأوزان الشعرية والتطلّع على آثارها في القرآن الكريم هو نظمي لقوله تعالى : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) حيث جاءت الأبيات آنذاك على هذا المنوال :

يا كعبةً بالعزّ ما أسماها

ولها من الآيات ما أجلاها

هي غايةٌ هي آيةٌ هي رايةٌ

من حولها الملأ العظيم حواها

والله أسّسها بوادي بكّة

وإلى العبادة والدعاء ذراها

وبإذنه قام الخليل مطهّراً

أركانها للناس من يهواها

للطائفين العاكفين وركّع

أو سجّد لله كان هداها

ما كان هذا العزُّ من أحجارها

من نوره الرحمن جلّ حباها

إذ جاء إبراهيم يرفع وابنه

تلك القواعد فاستتمّ بُناها

وسرت بها الأيّام حتّى أصبحت

علماً بهذا الكون عمّ صداها

لمّا تقلّب وجه أحمد في السما

ورمت له السفهاء جمرَ لضاها

نزلت تبشّر هادياً آياته

(لَنُولّينّك قبلةً ترضاها)


وهكذا صرت آنس كلّما نظمت شعراً وضمّنت فيه شيئاً من آيات الكتاب ، أو اقتبست معنىً من معاني الآيات القرآنية في الشعر ، وهكذا صرت أستشعر وأزداد يقيناً يوماً بعد يوم أنّ هناك نوع ارتباط بين القرآن الكريم وبين المأثور من أدعية وخطب المعصومين عليهم‌السلام ، ولابدّ من أن يكون هذا الارتباط هو نوع ارتباط بعلوم الأدب العربي وذلك لما كنت أدركه من وقع وإيقاع ونغم من كلا الجانبين ـ وإنّما أعني بالنّغَم هو الإيقاع الذي يشعر به المستمع أو الشاعر من الشعر ـ فكان التفكّر والتدبّر بهما والعمل عليهما بشكل دؤوب هو الطريق الوحيد لمعرفة السبب فيها وذلك ما سيأتي خلال البحث في إماطة الستار عن ضرب من ضروب إعجاز القرآن الكريم وسرّ فصاحة وبلاغة أئمّة الهدى وسادة البيان.

وطالما كانت تطرق سمعي أبحاث أو أطّلع عليها بين الفينة والأخرى أنّ آيات القرآن الكريم تحتوي على أوزان الشعر العربي ، واطّلعت على العديد منها حيث أضحى القرآن بين منازع ومدافع ، ولكن كلّما يقال في الدفاع عن كتاب الله هو أنّ القرآن ليس بشعر ؛ لأنّ آيات القرآن لم يكن لها وزن وقافية وإن كانت تحتمل بعضها للأوزان الشعرية وذلك أنّ الشعر يتكوّن من صدر وعجز وقافية تعرف بها أبياته أو القصيدة الشعرية ، وهو جواب مقنع ولا بأس به إلى حدٍّ ما ، ولكن الأمر لا يقتصر على هذا فحسب ؛ بل إنّ للقرآن فنّاً وهندسةً ونسيجاً يحيّر الفِكَرْ وتضطرب لديه العِبَرْ ويطأطي إليه كلّ لبيب من الجنّ والبَشَرْ ، وهو الكتاب الذي لا زال يدعو الهِمَمَ أن يأتوا بمثله


أو بعشر سور من مثله أو حتّى بسورة من مثل سور الكتاب الحكيم ، ولكن كيف لنا أن نتعرّف على ذلك السرّ لنعلم وتتمّ لنا الحجّة أنّ القرآن الكريم لا يمكن لأحد أن يباريه ويجاريه وأنّه هو الإعجاز الخالد مدى العصور والدهور والآية الناصعة والرسالة الساطعة التي لو جاز السجود لغير الله لكان من الجدير أن نسجد لكلّ آية وكلّ كلمة وحرف من آيات الذكر الحكيم؟

فما هو ذلك الفنّ وتلكم الهندسة وذاك النسيج القرآني التي ترتبط بأسرها بفنٍّ من فنون الأدب العربي والذي تعجز الألباب والأوهام أن تأتي بمثله؟

ولماذا كانت تَنْشَدّ إليه العرب آنذاك كلّما قرعت أسماعهم آيات الذكر الحكيم التي كان يتلوها عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) من لدن عزيز حكيم؟

ولماذا كانوا يتّهمون رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأنّه شاعرٌ ومعلّمٌ مجنون؟

فهذه الأسئلة ما سنتوصّل إلى الإجابة عليها من خلال بحثنا هذا بحوله وقوّته ، فعليه أتوكّل وبه أستعين وهو نعم المولى ونعم النصير المعين.

البيان العربي والقرآن الكريم :

نعلم أنّ البيان العربي يتألّف من ثلاث مكوّنات وهي : النثر والسجع والشعر ، وكلّ من هذه العناوين الثلاثة لها مباحثها العلمية في كتب علم البيان ، وإنّ الشعر هو الوحيد من بين هذه المكوّنات الثلاثة الذي له خصوصية الوزن والقافية من دون قسيميه ـ النثر والسجع ـ فلا يمكن لمستمع


النثر والسجع أن يقول فيهما أنّه استمع شعراً كما لا يمكن أن تطلق صفة شاعر على المتكلّم والناطق بهما قطّ.

إذن علينا أن نتعرّف على أمرين : الأوّل منهما هو أنّه ما الذي كان يدركه المستمع لآيات القرآن؟ وما الذي كان يطرق سمعه عند إنصاته للآيات القرآنية ممّا كان يدعوه أن يطلق صفة شاعر على رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ والثاني منهما وهو أنّه ماذا قال أهل الخبرة من علماء وأدباء في القرآن الكريم وأبدوا به رأيهم بعد تطلّعهم وتضلّعهم في أمر الأدب العربي وفنونه في شأن القرآن الكريم؟

فلنبادر أوّلا للإجابة على السؤال الثاني في معرفة ما قيل في القرآن الكريم.

فهذا ما قاله الدكتورطه حسين في كتابه (مرآة الإسلام) :

«أمّا القرآن فهو المعجزة الكبرى ، التي آتاها الله رسوله (صلّى الله عليه وسلّم) ، على صدقه فيما يبلّغ عن ربّه سبحانه وتعالى. والقول في إعجاز القرآن الكريم يكثر ويطول ، وتختلف وجوهه ، وتختلف فنونه أيضاً ، فالقرآن : كلام لم تسمع العرب مثله قبل أن يتلوه النبيّ ؛ فهو في صورته الظاهرة ليس شعراً ، لأنّه لم يجر في الأوزان والقوافي والخيال على ما جرى عليه الشعر ، ثمّ هو لم يشارك الشعر في قليل أو كثير من موضوعاته ومعانيه ؛ فهو لا يصف الأطلال والربوع ، ولا يصف الحنين إلى الأحبّة ، ولا يصف الإبل في أسفارها الطوال والقصار ... وليس فيه غزل ، ولا فخر ، ولا مدح ،


ولا هجاء ، ولا رثاء ، وهو لا يصف الحرب ... لا يعرض من هذا كلّه لشيء ، وإنّما يتحدّث إلى الناس عن أشياء لم يتحدّث إليهم بها أحد من قبله ، يتحدّث عن التوحيد فيحمده ويدعو إليه ، ويتحدّث عن الشرك فيذمّه وينهى عنه ، ويتحدّث عن الله فيعظّمه ويصف قدرته التي لا حدّ لها»(١).

«وكان حكماء قريش والمنصفون منهم يسمعون القرآن حين يتلى عليهم فيبهرهم بألفاظه ونظمه ورقّته حين يرقّ ، وشدّته حين يشتدّ»(٢).

«وكان النبيّ على هذا كلّه لا يدّعي لنفسه معجزة إلاّ القرآن ـ وقد صدق النبيّ وبرّ في ذلك ـ فقد كان القرآن معجزة أيّ معجزة. كان معجزاً بألفاظه ومعانيه ونظمه ، لم يستطع أحد من العرب أن يحاكيه أيسر المحاكاة و ...»(٣).

ونقلا عن كتاب التمهيد لآية الله الشيخ محمّد هادي معرفة رحمه‌الله نذكر بعض ما قاله العلماء في هذا الشأن ، فقد قال الراغب الإصفهاني بعد أن ساق الكلام إلى أنّ الإعجاز المختصّ بالقرآن متعلّق بالنظم المخصوص ، وبعد أن بيّن المراتب الخمسة التي يتألّف منها نظم الكلام قال : «والقرآن حاو لمحاسن جميعه [أي الكلام ؛ من نثر وسجع وشعر] بنظم ليس هو نظم شيء منها لأنّه لا يصحّ أن يقال : القرآن رسالة ، أو خطابة ، أو شعر ، كما يصحّ أن يقال : هو كلامٌ ، ومن قرع سمعه فصّل بينه وبين سائر النظم»(٤).

__________________

(١) مرآة الإسلام : ١٢٥.

(٢) مرآة الإسلام : ٤٠.

(٣) مرآة الإسلام : ١٠٧.

(٤) التمهيد ٤ / ٥٦.


وقال الشيخ الطوسي بعد أن أعرب عن رأيه حيث ذهب إلى أنّ وجه الإعجاز في القرآن إنّما هو لاختصاصه بالفصاحة المفرطة :

«والذي يدلّ على ما قلناه واخترناه أنّ التحدّي معروف بين العرب بعضهم بعضاً ويعتبرون في التحدّي معارضة الكلام بمثله في نظمه ووصفه ، لأنّهم لا يعارضون الخطب بالشعر ولا الشعر بالخطب ، والشعر لا يعارضه أيضاً إلاّ بما كان يوافقه في الوزن والرويّ والقافية ، فلا يعارضون الطويل بالرجز ، ولا الرجز بالكامل ، ولا السريع بالمتقارب ، وإنّما يعارضون جميع أوصافه ، ثمّ ذكر قول الوليد بن المغيرة لمّا تحيّر حين سمع القرآن ، فقال : سمعت الشعر وليس بشعر ، والرجز وليس برجز ، والخطب وليس بخُطَب ...»(١).

فحاصل ما ذكرناه من الأقوال أنّ القرآن ليس بشعر وأنّه ذو نظم ووزن خاصّ به ، وأنّه ذا فصاحة مفرطة وخارقة.

والمراد بالشعر إنّما هو الشعر العمودي الذي اعتمدته العرب في الجاهلية ، وصار يتداوله الأدب العربي ويتوارثه مرّ الحِقب والعصور ، وهو الشعر الموزون الذي يتألّف من وزن وقافية وهي البحور الستّة عشر بجميع مشتقّاتها التي كانت عليه العرب آنذاك.

فكلّ ما صدرت من أقوال ترمي القرآن بكونه شعراً لا غير ، أو أنّه صار ينقض نفسه بنفسه لأنّ القرآن يدّعي قائلا : (مَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ) و (مَا هُوَ

__________________

(١) التمهيد ٤ / ٦٩.


بِقَوْلِ شَاعِر) وهو يحمل في طيّه الجمّ الغفير من أوزان الشعر ، إنّما هو قول جاهل أو إقحام متحامل ؛ وذلك أنّ للأدب قوانينه وموازينه العلمية ، فلا يمكن تجاوزها أو تحميلها غير ما تبديه من قواعد وفنون وبيان.

أمّا الأوزان الشعرية التي يحملها القرآن فهذا ما سنتصدّى له ونبيّنه من خلال البحث ليتبيّن لنا الغثّ من السمين وتتّضح لنا ماهيّة النظم والوزن الخاص بالقرآن وعلّنا نعلم ما هو وجه إعجاز القرآن.

الإعجاز البياني في القرآن الكريم :

ففي هذه المرحلة من البحث آنَ لَنا أن نجيب عن السؤال الأوّل الذي ذكرناه آنفاً وهو : ما الذي كان يدركه المستمع لآيات القرآن ويطرق سمعه حتّى صار يطلق صفة شاعر على رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟

لا يخفى أنّ الكلام حول القرآن في مقالنا هذا إنّما هو من الناحية الأدبية لكلام الله أيّ الإعجاز البياني ، وهذا هو أحد الاصطلاحات المعروفة في بحوث إعجازالقرآن ، أمّا الإعجاز العلمي والتاريخي والتنبؤّات عن أحداث المستقبل فهذا أمرٌ آخر وجوانب أخرى في إعجاز كتاب الله فلا نقصدها في البحث ولا نرمي إليها بغرض.

فكلّما سرنا في رحاب الكتاب الإلهي وبحثنا ونقّبنا وفتّشنا عن أقوال العلماء والأدباء وأهل الصنعة والفنّ ، وأعملنا النظر وأرجعنا البصر وأمعنّا فيما تبديه الفكر من إعجاز الآيات الغرر فلا يدور الكلام ولا يقصد المرام في


معرفة كلام الملك العلاّم سوى ما أشار إليه العلماء والأدباء والفصحاء والبلغاء من كلمة بينهم على حدّ سواء وهو أنّ كتاب الله عزّ وجلّ قد بلغ من الفصاحة والبلاغة الغاية القصوى والمرتبة العليا التي لا يمكن أن يؤتى مثلها في هذا المضمار بما بلغه من تفاضل الألفاظ والمعاني ، وأنّ لهذا الكتاب نظماً ووزناً خاصّاً به غير الشعر ، فهو ليس بنثر ولا سجع ولا شعر ، إذن لابدّ من الإشارة إلى نقاط يمكن من خلالها تسليط الضوء على الإعجاز البياني في القرآن الكريم.

أ ـ القرآن الكريم ونظمه الخاص :

إذن تبيّن لنا أنّ للقرآن نظماً ووزناً خاصّاً به ، فهو لا يخلو عن وزن له إيقاعه ووقعه الخاصّ على ذهن القارىء وسمع المستمع ؛ ولكن كيف صار للقرآن هذا الوزن الذي صار يشعره ويلمسه البشر بما يملكه من حواس ومواهب وشعور كما يلمس ذلك من الشعر ، ويحكم أنّ للشعر أوزاناً وبحوراً ما ليس للقرآن منه شيء؟ فمن أين أتى هذا الوزن إلى آيات الكتاب المجيد وهو قرآن عربيّ مبين؟ وهذا ما أكّد عليه القرآن في آياته الغرر الحسان ، ولا محالة ولا غرو أنّه أدبٌ عربيّ محض ، ولا حاجة في ذلك إلى إصدار حكم أو فرض ، فلتذهب الأفكار في الطول والعرض ، فليس لها إلاّ أن تقرّ وتشهد أنّه رائعة البيان العربي الثرّ المبين الذي يتلقّاه الحبيب المؤيّد والرسول المسدّد أبو القاسم محمّد(صلى الله عليه وآله) من لدن عزيز حكيم.


وهل يمكننا أن نقول أنّ وجود الأوزان الشعرية الموافقة لبحور الشعر العربي في طيّ آياته هي التي جعلت للقرآن هذا الوزن؟ وهل يمكن لهذه البحور ـ التي طالما أُشير إليها في الأبحاث الأدبية للقرآن ـ أن تطلي القرآن وتشمله بهذا النظم والوزن الخاصّ من أوّله إلى آخره؟ إذ لم نمرّ على آية إلاّ ونشعر ونلمس منها بوضوح هذا النظم والوزن الخاصّ المشار إليه في أبحاث إعجاز القرآن الكريم ، وإنّ كلّ من أشار إلى وجود الأوزان الشعرية في القرآن اعترف أنّ هذه الأوزان عُثر عليها في آيات عديدة من كتاب الله ، قد بلغت إلى حدّ مشهود ومعلوم لا يمكن إنكاره وإن كانت لا تشمل آيات الكتاب بأسرها.

إذن بما أنّ القرآن أدبٌ وبيانٌ عربيّ محض فعلينا أن نبحث وننقّب عن معرفة هذا الوزن الخاصّ بالقرآن في الأدب العربي وبيانه ، هذا وإنّ الأدب العربي بما يحتويه من علوم وفنون فهو لا يخرج من أقسامه الثلاثة (النثر والسجع والشعر) ، وإنّ الوزن لا نعثر عليه من بين تلكم الأقسام إلاّ في الشعر ، وإن كان للسجع نوعٌ من الوزن والوقع على ذهن القارىء أو المستمع له ، إلاّ أنّ إطلاق الوزن لا ينصرف في موازين الأدب والبيان العربي إلاّ للشعر وليس للسجع ما للشعر من وزن ووقع واستئناس وانسجام وتشوّق إليه بين الناس.

ولمّا آل بنا الأمر إلى معرفة النظم والوزن الخاصّ بالقرآن ، وعلمنا أنّ الشعر هو المحتمل للأوزان والمختصّ به دون قسيميه في علم البيان كما


اتّضح وبان أنّ كتاب الله قد تظافرت به بحور الشعر وتفعيلاته بحيث لا يمكن لمدّع أن يدّعي أنها جاءت عن غير قصد بل على سبيل الاتّفاق كما يحصل مثله في كلام البشر ؛ لأنّ وجود تلكم الأوزان والتفعيلات أضحت في آيات الكتاب الحكيم جمّة غفيرة بحيث لا يمكن تجاوزها والغضّ عنها فكيف يمكن أن يقال أنّها جاءت على سبيل الاتّفاق ومن غير قصد ، وهذا هو الكتاب يصرّح في خطابه للرسول الأعظم محمّد(صلى الله عليه وآله) (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَدُنْ حَكِيم عَلِيم) فكيف يمكن للحكيم العليم عزّ وجلّ أن تتظافر تلكم الأوزان والبحور في كلامه وآياته وحكمه وبيّناته من متشابهه ومحكماته على سبيل الاتّفاق ومن غير قصد ، وأنّه سبحانه لا يعلمها ولا يعيها؟ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ، وأنّا يكون ذلك وهو سبحانه وتعالى يتحدّى فصحاء العرب وبلغاءها ويجاريهم ويباريهم في ميادين البيان أن يأتوا ولو بسورة من مثل سوره! أليس كلّ ذلك دليل على أنّ كتاب الله يحمل بياناً وعلماً وفنّاً فاق علم البشر وبيانهم وفنّهم وصناعتهم.

إذن لنا أن نقول : إنّ الأمر يدور مداره حول الشعر لأنّ الشعر هو الوحيد المحتمل للأوزان والتفعيلات ، وإنّ الشعر العربي هو أقوى صناعة أدبيّة في البيان العربي اهتمّ به العرب فشهدت لهم بذلك محافلها ونواديها وحواضرها وبواديها ووقائعها وعواديها ؛ لما فيه من وزن وقافية تنشدّ إليه الأذهان والطبائع وكلّ حسٍّ مرهف ، ولما يحمله من قوّة الأدب من استعارة ومبالغة ونعت وسائر أصناف وضروب فنون البيان العربي ، هذا مع أنّ القرآن ليس


بشعر لأنّ سوره وآياته لم تأت على وزن وقافية ، ولم نر شيئاً منها نُظم نظم الشعر ، فليس للشاعر أن ينظم إلاّ على بحر واحد من بحور الشعر العربي الستّة عشر المعروفة والمعهودة عندنا ، ولم نر آية من آيات الكتاب الحكيم ولا سورة من سوره قد نُظمت على بحر من بحور الشعر العربي مع تظافر تلكم الأوزان والتفعيلات في كتاب الله تبارك وتعالى ؛ ولكن ومن أجل أن نتعرّف على ذلك النظم والوزن الخاصّ الذي تميّز به القرآن الكريم مع ما فيه من فصاحة وبلاغة بلغت الحدّ الأقصى من تفاضل الألفاظ والمعاني لابدّ لنا أن نمرّ على صناعة الشعر عند العرب وتطوّرها بدراسة وقراءة مقتضبة :

ب ـ صناعة الشعر وتطوّرُها :

إنّ الشعر العربي الذي اعتمده العرب وركنوا إليه وأنسوا به أيّما إيناس واهتمّوا به أيّما اهتمام إنّما هو الشعر العمودي الذي يجري رويّه على بحر واحد من بحور الشعر ، وذلك حسب ما يملكه الشاعر من قوّة الملكة الشعرية ، فتجود قريحته بما يختاره وحيه الشعري من تلكم البحور ، هذا هو ما مضت عليه العرب في صناعة الشعر منذ جاهليّتها وحتّى يومنا هذا ، فإنّ أصل الشعر المعتمد في الأدب العربي إنّما هو الشعر العمودي ، ولكن مع مرور السنين والدّهور وتطوّر الأدب في جميع مجالاته وشتّى ضروبه وفنونه قد تطوّر الشعر إلى أنواع من الفنون والصناعات الشعرية مثل : الدوبيت أو الرباعي والتخميس والتشطير والموشّح والشعر الحرّ ، وإذا فتّشنا كتب الأدب


ونقّبنا عن الصناعات الأدبية الشعرية نرى كتاب شعراء الغريّ ينقل إلينا صناعة أدبية امتاز بها شعراء وأدباء النجف الأشرف دون غيرهم من سائر البلدان العربية وحواضر وحواضن الأدب العربي ، وهي ما يعبّر عنها بالمقطوعة أو المقطعوعات الأدبية ربّما تكون أشبه بالسجع ولكنّ الوزن الشعري واضحة أعلامه في تلكم المقطوعات.

فكيف تطوّر الشعر العربي من الشعر العمودي إلى تلكم الصناعات الشعرية التي ربّما يستغرب منها شعراء الجاهلية والقرون التي خلت من قبل ، وذلك لأنّها لم تشهد مثل هذه الصناعات والتصرّفات والإنجازات الأدبية ممّا صنعها فكر البشر وطبعه وحسّه المرهف بما يملكه من قوّة فصاحة وبلاغة وملكة في الأوزان الشعرية.

إذن الشعر العربي يمكن للأديب الأريب اللبيب أن يتصرّف به ويصنع منه أشعاراً لم يشهدها الأدب العربي من قبل ، وكلّما درسنا هذه الصناعات الجديدة وتمعّنّا بها ودقّقنا بها وقلّبناها نراها إنّما هي مشتقّة من تلكم الأوزان التي بُني عليها الشعر العمودي ، وهي البحور الستّة عشر ومأخوذة منها.

ومروراً بتاريخ الشعر العربي ومعرفة أوزانه نرى أنّ الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت ١٧٠هـ) قد اكتشف لنا تلكم البحور والأوزان بما وضعه من دوائر التفعيلات ، وعليه قامت دراسة الشعر ومعرفة أوزانه وبحوره بكلّ مشتقّاتها ، ومنها صار يأخذ الأدباء والشعراء تلكم التفعيلات ويتصرّفون بها وفقاً لتلك الموازين ولما يتقبّله الطبع البشري من معرفة وأنس بالنغم


الشعري ، وكذلك ضرب لنا صفيّ الدين الحلّي (ت ٧٥٢هـ) أمثالا على تلكم البحور تسهيلا لمعرفتها ونيلها لهواة الشعر وبغاته ، فليس ما ذكرناه من تطوّر الصناعات الشعرية إلاّ من تلكم البحور ، وليس الشعر الحرّ إلاّ هو من تكسير تلكم الأوزان ، وليس للمقطوعات الأدبية إلاّ وهي مأخوذة من تلكم التفعيلات.

فهذا هو كلّ ما صنعته يد الإنجاز البشري من صناعات شعرية بحيث لم تخرج بكلّ ما جاءت به من تصرّفات من إطار الوزن الشعري المستلهم من تلكم البحور التي قام عليها الشعر العمودي منذ الجاهلية وحتّى يومنا هذا.

إذن فإنّ الصناعة الشعرية إنّما هي قائمة على تلك التفعيلات التي تشكّل لكلّ شعر نظمه ووزنه الخاصّ من البحور الشعرية ، فلا يمكن للشاعر أن يخرج عن إطارها ومدارها مهما تطوّرت صناعة الشعر ، كما لا يمكن للشاعر أن ينظم قصيدة من بحرين ؛ أي أنّه لا يمكن أن تنسجم تفعيلات بحرين في أبيات قصيدة واحدة مهما بلغت قدرة الشاعر من قوّة الفصاحة والبلاغة وأخذه برقاب القوافي وتسلّطه على الأوزان ؛ فإنّ جميع مرتكزاته الذهنية من فصاحة وبلاغة وتراكيب اللفظ والمعنى وملكته الشعرية ومعرفته ببحور الشعر إنّما تصبّ في بحر واحد في إنشاء قصيدة ونظمها ، وعلى سبيل الفرض لو استطاع الشاعر أن يأتي ببحرين ـ أي يجمع بين تفعيلتين في القصيدة الواحدة ـ لأخلّ هذا بشعره فيضحى الشعر لا وزن له كما يخلّ بفصاحته وبلاغته وهذا ما يضحك الثكلى!


فعلى هذا لا يمكن للقرآن أن يكون شعراً وإن تكاثرت الأقاويل تهجّماً عليه ، فما تلكم التهجّمات إلاّ نزعة عناد لا رأي سداد ، إذن فما الذي جعل للقرآن نظماً ووزناً خاصّاً؟ وقد علمنا أنّ وجود الأوزان الشعرية بمفردها مع شيء من التفعيلات لا يمكن لها أن تشكّل نظماً ووزناً لا للقرآن ولا لغيره ، فما هي الصناعة الأدبية في القرآن الكريم؟

ج ـ الصناعة الأدبية بين يدي الإعجاز :

إنّ تظافر أوزان الشعر في كتاب الله مع التفعيلات لا يشكّلان نظماً ووزناً خاصّاً بالقرآن الكريم ، وإنّ الأمر أجلّ وأكبر من ذلك بل أدقّ وأعجب ، فعندما ينكشف لنا هذا السرّ ويناط عنه الستر هناك نرى العجب العجاب في بيان كلام الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ويبدو أنّه أعظم إعجاز في باب الإعجاز البياني للقرآن الكريم والصناعة الفريدة التي لا يمكن لشاعر مهما بلغت قدرته أن يأتي بمثله حتّى ولو كان الإنس والجنّ بعضهم لبعض ظهيراً.

فهلمّ بنا هنا ـ ولمّا بلغ بنا المطاف ، إلى معرفة سرّ خفيّ الألطاف وما علمناه من صناعة الأدب الشعري في اعتمادها على الأوزان والتفعيلات ـ أن نأخذ بعنان علم العروض ونعرضه على القرآن الذي أنزله الرحمن خالق الإنسان ليعلّمه من سحر البيان وفنّه ورقّته ودقّته وعذوبة لحنه وكلماته لنرى كيف انسجمت تلك البحور والتفعيلات في حشو آيات الكتاب لتملأ كلّ


مفاصله وتراكيبه وأركانه وتعاريبه ، فقد جاءت آيات الكتاب الحكيم مركّبة من تلكم الأوزان والتفعيلات بحيث إنّك ما مررت بآية إلاّ ووجدتها منسوجة بذلك النسيج ، ورأيت تلك الأوزان والتفعيلات قد أخذت بجميع مفاصل الكلام فنسجت به نسجاً وحبكت به حبكاً ورصّت به رصّاً وشكّلت هندسة خاصّة بها بحيث خرجت من مدار الشعر وموازينه وقلبت كلّ معاييره رأساً على عقب ، فتجاوز كتاب الله قواعد الشعر وميزانه ، وخرق منطقه وفاق بيانه ، وجاء بالعجب العجاب ، وبصناعة عجزت عن مجاراته الألباب ، فهو القول الحقّ وفصل الخطاب ، فنزّله سبحانه تنزيلا وقال : (إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيْلا) من حيث نسجه بحراً وتفعيلا ، فأمر نبيّه(صلى الله عليه وآله) (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيْلاَ) فصار للقرآن ذلك الوزن الخاصّ به وقال عزّ من قائل : (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَه) فكيف ينبغي للحبيب(صلى الله عليه وآله) أن يجعله شعراً وهو بهذا التركيب العجيب.

فانظر إلى البسملة من كلّ سورة لترى كيف انسجمت بها ثلاث تفعيلات من بحر المتدارك وتفعيلة واحدة من بحر المديد ، وانظر إلى الآية الأولى من سورة الفاتحة لترى كيف جاء بها بحر البسيط مخروم الآخر ، والآية الثانية منها كيف جاءت بها تفعيلتان من المتدارك وتفعيلة من المتقارب ، والآية الثالثة من الرجز ، وهكذا امض في كتاب الخالق البارئ لترى العجب العجاب ممّا صنعته يد الإعجاز من تراكيب البحور والتفعيلات ، وانظر إلى قوله تعالى : (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيْهِ هُدَىً لِّلْمُتَّقِيْن) لترى


كيف انسجم به بحر المديد مع تفعيلة من المتقارب ومن المديد ، وانظر إلى أوّل سورة مريم لترى (فاعلاتن فعلن فعلن فعلن ...) ، واقرأ قوله تبارك وتعالى من سورة الحشر : (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَل) وانظر إلى بحر المتدارك ثمّ ما يتلوه من تركيب تفاعيل أخرى من سائر البحور ، وهذا هو شأن كتاب الله تبارك وتعالى في كلّ سُوَرِهِ وآياته من ألفه إلى يائه ، أي من أوّل سورة الحمد وحتّى سورة الناس.

ولقائل أن يقول : إنّ هذه التفعيلات يمكن أن نعثر عليها في النثر وفي خطب العرب وبيانها.

أقول : نعم إنّ هذه التفعيلات إنّما هي تركيب ، من نفس الكلم العربي ، فهي لا تنفكّ أن تتواجد من أقلّ تركيب ، ولكن أن تنسجم وتأخذ بجميع مفاصل الكلام مع الأوزان الشعرية فهذا ما لا أراه في كلام ولا خطبة من خطب العرب لا في سجعها ولا في نثرها.

وهذا هو ما كان يقرع مسامع العرب آنذاك عند استماعهم إلى القرآن ، فكانوا يتّهمون النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه شاعر ومعلَّم مجنون لما كانوا يرون في نسيج كلام الله العجيب في أسلوبه من أوزان شعرية وتفعيلات متراصّة في كلّ مفاصل الكلام ، قد شكّلت له هذا النظم والوزن الخاصّ الذي كان يأخذ بمجامع قلوبهم فينشدّون إليه فأدهشهم وحيّرهم.

فإنّ هذا الإعجاز البياني مع ما للقرآن من أسمى مراتب الفصاحة والبلاغة ، وما احتواه من قصص وعبر ، وأحكام ، وأمر ونهي ، وسائر تراكيب


اللغة ، وأنواع العلوم ، وأصناف النعوت ، والمعجزات المشار إليها والمذكورة في كتب التفسير وكتب إعجاز القرآن ، يشكّل المعجزة العظمى التي لا يجاريها ولا يباريها أحد.

وهكذا تتهافت أمام عظمة القرآن كلّ الأقاويل والأراجيف ، والترّهات البسابس ، وتتساقط كتساقط قزع الخريف التي تسفو بها الريح أو تصبح كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف.

الإعجاز البياني بين الخالق والمخلوق :

وفي ختام هذا المقال أقول : إنّي ما رأيت هذا الإعجاز إلاّ في كتاب الله وفي كلام أئمّة الهدى المعصومين عليهم‌السلام وفي أدعيتهم ؛ فانظر إلى فقرات دعاء كميل «اللهمّ إنّي أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء» لترى كيف نسجت به تفعيلات المتدارك والمديد والمقتضب وتفعيلتين من الوافر ثمّ تفعيلة من المديد ، وانظر إلى هذه الفقرة منه : «يا سيّدي يامن عليه معوّلي يا من إليه شكوت أحوالي» لترى فيه البحر الكامل ، وانظر إلى دعاء الصباح «اللهمَّ يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلّجه» لترى تفعيلات المتدارك والرمل والوافر والمتقارب ، وكذا «سرّح قطع الليل المظلم» (فعلن فعلن فعلن فعلن) ، ولو دقّقت في حديث الكساء لرأيته مليئاً بتفعيلات بحر الرجز وكذلك الزيارة الجامعة.

انظر إلى حديث الكساء المروي عن جابر عن سيّدة النساء فاطمة


الزهراء عليها‌السلام دوحة أهل الولاء لرأيت السهل الممتنع ، من حديث رفع ، وكلام كأنّه من بحر الرجز انتزع ، ومن أجله صنع ، وقد نظمته في أرجوزة إليك بعض أبياتها :

هذا حديث الخمسة الأطهار

وقد أتى عن جابر الأنصاري

بسند يرويه في الأنباء

وذاك عن فاطمة الزهراء

تلك عليها في الورى تقام

تحية يرفقها السلام

بنت رسول الله صلّى الله

عليه ذا وآله الأنباه

يحكيه نصّاً ما حكته العالمة

قال سمعت ذات يوم فاطمة

ما أنّها قالت بداري قد دخل

عليّ أحمد أبي بيتي حلّ

وهو رسول الله في الأنام

في بعض ما مضى من الأيّام

فقال لما دخل السلام

عليك يا فاطمة احترام

فقلت ردّاً للسلام ما بدا

عليك منّي السلام يا هدى

قال لها بُنَيَّ إنّي أَجِدُ

في بدني ضُعفاً عليَّ يَرِدُ

فقلت حينها على انتباهِ

له أعيذك أبي باللهِ

يا أبتاه من حديث الضعف

يحميك ربّي إنّه ذو اللطف

فقال يا فاطمة الإحسان

إيتيني بالكساء ذا اليماني

ألا فغطّيني به علانية

علّيّ أفيق بعد هذا ثانية

ها فأتيته على امتنان

ثمّة بالكساء ذا اليماني

ألا فقد غطّيته به مدى

وصرت أنظر إليه كمدا


ها وإذا وجهه بالنور الأغر

ذا يتلألؤ كأنّه القمر

والبدر في ليلة تمّ حاله

لدى تمامه وفي كماله

هذا فما كانت هناك إلاّ

من الزمان ساعة تخلّى

ها وإذا بولدي البرّ الحسن

قد أقبل السبط وأدبر الحَزَن

وللحديث صلة وما ذكرناه على سبيل الاختصار.

وبهذا أرى يتهاوى رأي كلّ من مضى بغير رشاد ، ونطق بغير سداد ، وبه ينتقض كلّ ما أبرم عن عناد ، بذريعة أنّه حديث ضعيف الإسناد ، أنّى وهم سادة الأسياد ، وآل أفصح من نطق بالضاد ، وخيرة ربّ العباد.

ولو رأيت القوافي اللامعة في الزيارة الجامعة(١) ، ذات العبارات الساجعة ، لرأيتها بنضد التفاعيل بارعة ، ببراعة شارعة للأغيار مانعة ، ببلاغة ناصعة خافضة رافعة.

وإنّ ما أدهشني وزاد في إعجابي هو تظافر تفعيلات بحر الرجز وبحر المتدارك في آيات الكتاب وفي خطب أئمّة الهدى وأدعيتهم وزياراتهم ، وكما رأيته أيضاً في خطبة العقيلة زينب في مجلس يزيد ابن معاوية (لعنة الله عليه) ولا عجب أن نرى ذلك الإعجاز وتلك الكرامة منهم عليهم السلام فهم من غذّاهم الله بعلمه ، وأودعهم أسراره ، وعلّمهم تفسير الكتاب وتأويله ، ومنحهم جوامع الكلم ، وجعلهم سادة الأمم ، وهم نور من حضيرة القدس الإلهي.

__________________

(١) أنظر مقالنا تحت عنوان القوافي اللامعة في الزيارة الجامعة في مجلّة تراثنا العدد (٨٣ ـ ٨٤).


وإنّي المتطفّل على موائد الأدب ، أدعوا أدباء العرب وشعراءها عامّة ، كما أدعو وأحثّ الشعراء والأدباء من أبناء طائفتي خاصّة أن يتوجّهوا إلى كتاب الله وأن يأخذوا هذا المقال بعين الاعتبار ويدرسوا الأمر بكلّ حصافة وبما أحاطوا به من الأمر خبراً ليلمسوا من قريب هذا الإعجاز الذي فاق كلّ إنجاز.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم السيد محمّد علي نجل السيّد راضي الحكيم

صبيحة يوم الأربعاء / جمادى الآخرة سنة ١٤٣٩ هـ

مدينة قم المقدّسة


من ذخائر الترّاث



منظومة

روض الزهر

في آل سيّد البشر عليهم‌السلام

تأليف

الشيخ محمّد بن مصطفى البرزنجي

الشهرزوري النودهي

(المتوفّى سنة ١٢٥٤ هجرية)

تَحْقيق

الشيخ عبد الحليم عوض الحلّي



مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وأهل بيته الطاهرين المعصومين ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

أهل البيت عليهم‌السلام لهم منزلة عظيمة يعرفها من اتّبعهم ومن لم يتّبعهم ، بل يعرفها القاصي والداني ، كيف لا ، وهم الذرّية الطاهرة للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) ، وقد ورد مدحهم على لسان النبي الكريم صلوات الله عليه ، وقد مدحهم الشعراء والأدباء في قصائد عديدة على مرّ السنين.

وبين يدي القارئ الكريم قصيدة شعرية كتبها الشيخ محمّد بن مصطفى البرزنجي الشهرزوري (المتوفّى سنة ١٢٥٤ هجرية) ، وقد بيّن فيها منازل ومقامات أهل البيت عليهم‌السلام في عدّة روضات ، حيث ذكر روضة في عظم شرفهم ورفعة منزلتهم ، وأردفها بروضة في التحذير عن انتقادهم والاعتصام بعلمائهم ، ثمّ بيّن تحريمهم وتحريم محبّيهم ومصاهرهم على النار ، وبعد


ذلك ذكر التحريض على الإحسان إليهم وزيارتهم ، وقبل أن ندخل في نقل الأرجوزة الشعرية محققة لا بدّ من تقديم أمور :

الأمر الأوّل : اسم الشاعر ونسبه :

هو الشيخ محمّد بن مصطفى البرزنجي الشهرزوري النودهي ، أديب ، شاعر ، عارف باللغات العربية والكردية والفارسية.

وجاء في هديّة العارفين لإسماعيل باشا البغدادي : «هو معروف البرزنجي ، الشيخ العارف بالله محمّد بن مصطفى بن أحمد الحسني البرزنجي الشافعي القادري الشهير بـ : (معروف) ، ولد بقرية (نوده) من قرى (السليمانية) ، وتوفّي بها سنة (أربع وخمسين ومائتين وألف) ، وقبره مشهور يزار ويتبرّك»(١).

وجاء في الأعلام : «هو محمّد معروف بن مصطفى بن أحمد النودهي الشهرزوري البرزنجي الشافعي ، ويعرف بـ : (الشيخ معروف النودهي) ، وبالبرزنجي ، باحث متصوّف ، من أهل قرية (نودي) بـ: (السليمانية) في العراق ، وإليها نسبته ، ولد في (شهربازار) ، وتوفي بـ : (السليمانية) ، وهو من أسرة يتّصل نسبها بالسيّد عيسى البرزنجي الحسني».

وذكره عمر رضا كحّالة في معجم المؤلّفين ، حيث قال : «محمّد معروف بن مصطفى بن أحمد النودهي ، الشهرزوري ، البرزنجي ، الشافعي

__________________

(١) هديّة العارفين ٢ / ٣٦٨.


القادري ، عالم ، أديب ، مشارك في عدّة علوم ، ولد في (شهربازار) ، وتوفي في (السليمانية) بالعراق»(١).

من تصانيفه :

الأحمدية في ترجمة العربية بلسان الكردية. أزهار الخمائل في الصلوات المشتملة على الشمائل. الاغراب في نظم قواعد الإعراب. أوثق العرى في الصلاة والسلام على خير الورى. إيضاح المحجّة وإقامة الحجّة على الطاعن في نسب سادة البرزنجية. البرهان الجلي في مناقب شيخي السيّد علي. تحرير الخطاب. تخميس قصيدة (أنعم عيشاً). تخميس قصيدة (بانت سعاد). تخميس قصيدة (البردة). تخميس (لاميّة العجم). تخميس قصيدة (المضرية). تخميس (همزية البوصيرية). تخميس قصيدة (يا من يرى). ترصيف المباني في نظم تصريف الزنجاني. التعريف بأبواب التصريف. تنقيح العبارات في توضيح الاستعارات. تنوير البصائر في التحذير عن الكبائر. تنوير الضمير في الصلوات المشتملة على أسماء البشير النذير. تنوير العقول في أحاديث مولد الرسول صلّى الله عليه وآله. تنوير القلوب في مديح حبيب علاّم الغيوب. الجوهر الأسنى في الصلاة المشتملة على أسماء الله الحسنى. الجوهر النضيد في قواعد التجويد. الدرّة الفريدة في مهمّات القصيدة. راحة الأرواح في الصلواة المشتملة على خصائص حبيب الملك

__________________

(١) معجم المؤلّفين ١٢ / ٤١.


الفتّاح. روض الزهر في مناقب آل سيّد البشر(١). الروضة الغنّاء في الدعاء بأسماء الله الحسنى. زاد المعاد في مسائل الاعتقاد. السراج الوهّاج في مديح صاحب المعراج. سلّم الوصول إلى علم الأصول. الشامل للعوامل. شرح الصدر بذكر أسماء أهل بدر. شرح نظم الفرائض. عقد الجوهر في الصلاة والسلام على الشفيع المشفّع في يوم المحشر. عقد الدرر في مصطلح أهل الأثر. عمل الصياغة في علم البلاغة. غيث الربيع في علم البديع. فتح الرحمن في علمي المعاني والبيان. فتح الرزّاق في أذكار دفع الإملاق. فتح المجيد في علم التجويد. فتح الموفّق في علم المنطق. الفريدة في العقيدة. الفوائد في العقائد. قطر العارض في علم الفرائض. القطوف الداني في حروف المعاني. كشف الأسف في الصلاة والسلام على سيّد أهل الشرف. كشف البأساء بأذكار الصباح والمساء. كفاية الطالب في نظم كافية ابن الحاجب. نظم رسالة العضدية. نظم العروض. وسيلة الوصول إلى علم الأصول ، وغير ذلك من الرسائل والمنظومات(٢).

ونضيف إلى ما ذكره عمر رضا كحّالة كتاباً آخر ، حيث جاء في أوّل النسخة المخطوطة لكتاب حوض النهر في شرح روض الزهر الموجودة في مكتبة مجلس الشورى ما نصّه : «لناظم المتن السيّد البرزنجي كتاب في فضل شيخ الأمّة وأبي الأئمّة أبي طالب وإيمانه ، طريف في بابه ، وله المولد النبوي

__________________

(١) وهي هذه الأرجوزة التي بين يدي القارئ الكريم.

(٢) الأعلام للزركلي ٧ / ١٠٥ ـ ١٠٦.


الشريف ، ونقل عن كتابه الأوّل السيّد أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية في مكّة المكرّمة في كتابه أسنى المطالب في إيمان أبي طالب كثيراً ، كتبه الأقلّ محمّد علي الغروي الأوردبادي ، عفي عنه بمحمّد وآله عليهم‌السلام».

الأمر الثاني : مدينته (برزنج) :

بَرْزَنْج : بالفتح ثمّ السكون وفتح الزاي وسكون النون وجيم : مدينة من نواحي (أران) ، بينها وبين (برذعة) ثمانية عشر فرسخاً في طريق (باب الأبواب) ، وفي (برزنج) المعبر الذي على نهر (الكر) يعبر فيه إلى شمالي مدينة (شروان)(١).

(شهرزور) :

ورد في معجم البلدان أنّ (شهرزور) بالفتح ثمّ السكون وراء مفتوحة بعدها زاي ، وواو ساكنة ، وراء ، وهي في الإقليم الرابع ، طولها سبعون درجة وثلث ، وعرضها سبع وثلاثون درجة ونصف وربع ، وهي كورة واسعة في الجبال بين (إربل) و (همذان) أحدثها زور بن الضحّاك ، ومعنى (شهر) بالفارسية (المدينة) ، وأهل هذه النواحي كلّهم أكراد ، قال مسعر بن مهلهل الأديب : (شهرزور) مدينات وقرى فيها مدينة كبيرة وهي قصبتها في وقتنا هذا يقال لها : (نيم إزاري) وأهلها عصاة على السلطان قد استطعموا الخلاف

__________________

(١) معجم البلدان ٣ / ٢٨٢.


واستعذبوا العصيان(١).

الأمر الثالث : اسم الأرجوزة الشعرية :

ورد ذكر اسم هذه القصيدة الشعرية بأسماء متعددة ، ففي أوّلها جاء اسم : (روض الزهر) ، وفي آخرها جاء اسم : (روضة الزهراء) ، ولكن ذكرها السيّد عبد العزيز الطباطبائي باسم : (نظم الدرر في آل سيّد البشر) ، ونسبها لصاحبها حيث قال : لمحمّد بن مصطفى البرزنجي الشهرزوري النودهي ، (المتوفّى سنة ١٢٥٤ هجرية) أو ١٢٥٩ هجرية ، أوّله :

يقولُ راجي ذي الجلالِ المنجِي

محمّدُ المصطفى بن البرزنجي

نسخة من (القرن ١٣) ، في مكتبة جامعة برونستون في لوس أنجلس في أمريكا برقم (٥٩٢٣) ، ذكرت في فهرسها فهرس ماخ : (٣٩٤)(٢).

وقد شرحها السيّد حيدر علي الحسني ، وسمّى شرحه (حوض النهر في شرح روض الزهر) ، قال الطهراني في الذريعة : «حوض النهر في شرح روض الزهر ، في مناقب الأئمّة الاثني عشر من العترة الطاهرة الغرر صلوات الله عليهم أجمعين ، وهو الذي نظمه السيّد محمّد بن مصطفى البرزنجي ، والشارح هو السيّد حيدر علىّ الحسنىّ ، نقل عنه الفاضل الأردوبادي ما يتعلّق بأحوال يزيد وكفره في (الحديقة المبهجة ١٤ / ١٤٠) المذكور في (ج ٦ /

__________________

(١) معجم البلدان ٣ / ٣٧٥.

(٢) أهل البيت عليهم‌السلام في المكتبة العربية : ٦٤٤ ـ ٦٤٥.


٣٨٩) ، ولكن في آخر وقايع شهر الصيام صفحة (٦٥٢) للخياباني نسبه إلى السيّد حيدر وعدّه من العامّة ، فراجعه»(١).

الأمر الرابع : وصف نسختي التحقيق :

اعتمدت في تحقيق (روض الزهر) على نسختين :

الأولى : حصلت عليها من مكتبة المتحف العراقي في بغداد ، وإليك وصفها :

اسم النسخة : (روضة الزهراء) كما جاء في هويّة المخطوطة.

الموضوع : أشعار في مدح الرسول المصطفى وآله الشرفا صلوات الله عليهم أجمعين.

اسم المؤلّف : محمّد بن مصطفى البرزنجي ، المتوفّى سنة ١٢٥٤ هجرية.

اسم الناسخ : غير معروف.

تاريخ النسخ : غير مذكور.

محل تواجد النسخة : المتحف العراقي في بغداد برقم (١٤٨٦٠ / ١).

عدد الصفحات : ١٤ صفحة.

عدد الأسطر في كلّ صفحة : ١١ ـ ١٢ سطراً في كلّ صفحة.

__________________

(١) الذريعة ٧ / ١١٢ / ٥٩٢.


أقول : النسخة جيّدة الخطّ إلاّ في بعض مواردها التي قد اعتمدنا في تثبيت المناسب على مراجعتنا لمخطوطة كتاب (حوض النهر في شرح روض الزهر).

الثانية : حصلت عليها من مكتبة مجلس الشورى الإسلامي في إيران ، وإليك وصفها :

اسم النسخة : (حوض النهر في روض الزهر).

الموضوع : شرح (قصيدة روض الزهر).

اسم المؤلّف : حيدر علي الحسني.

تاريخ النسخ : يوم الأربعاء (الثاني والعشرون من شهر رمضان سنة ١٢٤٨ هـ).

محلّ تواجد النسخة : مجلس الشورى الإسلامي في إيران برقم (١٢٦٦٧ / ١٣٦٩).

عدد الأوراق : ١٧٠ ورقة.

عدد الأسطر في كلّ صفحة : ٢١ سطراً في كلّ صفحة.

أقول : النسخة جيّدة الخطّ إلاّ في بعض مواردها.

وكتب في أوّلها : «كيف أقول هذا ملكي وكلّ لله ملك السموات والأرض ، وأنا أقلّ السادات العظام سيّد علي ابن سيّد محمّد ابن سيّد إبراهيم


ابن سيّد فتّاح ابن سيّد محمّد ابن محمّد صادق ابن طاهر ابن خليفة السلطان حسين الحسيني».

وكتب في آخرها : «بلغ مقابلة وتصحيحاً بقدر الوسع والطاقة على نسخة الشارح امتثالاً وانقياداً لأمر الوالي العالي الجاه أمير ميران سليمان باشا يسّر الله به من الخير ما يحبّ ويرضى ويشاء ، آمّين يا ربّ العالمين».

وهذه النسخة كذلك قيد التحقيق ، أسأل الله تعالى أن يديم الصحّة والعافية وفراغ البال لإنجازها وإخراجها للنور.






بسم الله الرحمن الرحيم

يقولُ راجي ذي الجلالِ المنجِي

محمّدُ المصطفى بن البرزنجي(١)

أحمدك اللّهمّ واسع الندى

مُصلّياً على النبيّ أحمدا

وآلهِ ذَوي الصّفاءِ والوفا

وأهلِ بيتهِ الكرامِ الشُرفا

وصحبهِ البررةِ الأمجادِ

وناهجي مسالكِ الرشادِ

فهذه أرجوزتي روضُ الزّهر

ألّفتها في آلِ سيّدِ البشر

أنقُلُ عن جهابِذِ الأحبار

ما جاء فيهُمُ مِنَ الأخبار

جَعَلتُها هديةً للسّادة

أرجوا بها خاتمةَ السعادة

(روضة في عِظَمِ شرفهم ورفعة منزلتهم)

خوّل ذو الجلالِ آل(٢) المصطفى

من أجلِهِ مكانةً وشرفا

ولهُمُ قَدْ طلبَ السلاما

مِن نفسِه وأمرَ الأناما

بأنْ يُصلّوا وبأنْ يُسلّموا

بَعدَ النبي المصطفى عليهمُ

دُعاءُ داع في الحجابِ إلاّ

إذا على آل النبي صلّى

ألْهَمَهُمْ صوالحَ الأعمالِ

ليرتَقُوا مدارجَ(٣) الكمالِ

إذا تلَوْتَ (إِنَّمَا يُرِيْدُ)(٤)

علمتَ أنّ فضلَهُم مَزيدُ

__________________

(١) في حوض النهر : (محمّد بن المصطفى البرزنجي).

(٢) قوله : (آل) من حوض النهر.

(٣) في روض الزهر : (مدراج).

(٤) فيه إشارة لقوله تعالى في الآية(٣٣) من سورة الأحزاب : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).


مَن يتأمّلْ آيةَ الأحزاب

عَرّفَ فضلَهُم بلا ارتيابِ

وهم مفاتيحٌ لبابِ الرحمةِ

أئمّةٌ آمنةٌ للأُمّة

وأسخياءٌ نُجَباءٌ رُحَما

ولَحمَهُم على السباع حُرِّما

لكلّ شخص مِنْهُمُ في المحشَر

شَفاعةٌ كما أتى في أثَر

فاتَتَهُمُ إمامةُ الأشْباحِ

فعُوّضُوا إمامةَ الأرواحِ

مِنْ ثَمّ(١) قال بعضُ من تقدّموا

ليس يكونُ القطبُ إلاّ مِنْهمُ

وجاءَ في الحديثِ ليسَ مَنْ قَعَد

نْ آلِ هاشم يقومُ لأحد

لذي الجلالِ مَلِكِ الأملاكِ

في الأرضِ سيّاحونَ من أملاكِ

قد وكّلوا بعوْنِ آلِ المصطفى

قلتُ : وناهيكَ بهذا شَرَفا

وَحُبّهمْ فرضٌ من الرّحمنِ

أنزلَ في كتابهِ(٢) القرآنِ

نصّ على ذاك الإمامُ(٣) الشافعي

وَكَمْ لحبّهِم مِنَ المنافعِ

أجلُّها النجاةُ من كلّ فَزَع

في يومِ محشر وهَوْلِ المطّلع

وقد نجا بحِبّهِم تيمورُ

مِنْ شقوة وأمرُهُ مشهورُ

وذاك إنّ لونَهُ تَغَيّرا

واسودّ منه الوجهُ لما احتَضَرا

حيثُ عَراهُ ما به قد سَكَرا

ثمّ أفاقَ وبِذاكَ أخبرا

قالَ : ملائكُ العذابِ جاؤوا

فجاءَ مَنْ ضَاءَ به الأرجاءُ

__________________

(١) في حوض النهر : (ثمّة)

(٢) في روض الزهر زيادة : (من يكفيك)

(٣) في حوض النهر : (ذلك الإمامي).


وقال هذا من رجال الجنّة

فعنه خلّوا واذهبوا فإنّه(١)

ولو على مظالم أكبّا

كان لذريتنا محبّا(٢)

قالَ دَعُوهَ إنّه لآلِنا

كانَ محبّاً وإليهِ مُحسِنا(٣)

لا يدخل الإيمانُ في الفؤادِ

إلاّ بحُبِّ أهْلِ بيتِ الهادي

فَدُمْ على ودادِهم واعتصمْ

بحبّهم إلى المماتِ تَسْلِم

مجتنب(٤) التفريطِ والإفراطِ

وأَثْبَت الناس على الصّراطِ

أشدّهُم حبّاً(٥) لآلِ هاشمِ

وصحبِه كما رواه الدّيلمي

وفي الحديثِ جاء سيّدُ البشَر

يوماً ووجْهُه كدارة القمر

قيل له : ما هذهِ الإنارة

فقال في آلي أتَتْ بِشَارَة

بأنّ خازنَ الجنانِ أمَرَه

ربّ السماء أن يهزّ شجرة

طوبى التي في العظم لا تحاكا

فهُزّها فَحَمَلَتْ صِكاكا

عددَ مَنْ كانَ ومَنْ سيأتي

من المحبّين لأهلِ البيتِ

وتحتَها الأملاكُ من نُور صَنَعْ

ثمّ لكلّ ملَكِ صَكّاً دفَعْ(٦)

إذ(٧) استَوَتْ بأهلِها القِيامَة

واشتدّت الحسرةُ والندامة

__________________

(١) في المخطوطتين : (عنه) بدل من : (فإنّه).

(٢) هذا البيت والذي قبله لم يرد في (روض الزهر) ، وأثبتناهما من حوض النهر.

(٣) البيت ليس بموجود في حوض النهر.

(٤) في روض الزهر : (محبة).

(٥) في روض الزهر : (جاء).

(٦) في روض الزهر : (رفع).

(٧) في روض الزهر : (إذا).


نادى الملائكة في الخلق فلا

يبقى لأهلِ البيتِ شخصٌ ذو ولا

إلا ومَدْفوعٌ إليهِ رِقّ

فيه فِكاك من لَظَى وعتقُ

ساوَوْا رسولَ اللهِ في تَحريمِ

صَدَقة والحبّ والتّسليمِ

وفي طهارة وفي الصّلاة في

تشهُّد حكاه بعضُ السّلفِ

وكمْ إمام بارع وكمْ ثِقة

أفتى بحلّ أخذِهِم للصدقَة

في زمنِ انقطاعِ خُمْسِ الخَمْسِ

عنهُمْ ولي بقولِهم تأسِّ

وينبغي التأديبُ للعيالِ

على ثلاث أيْ من الخصالِ

محبّةِ المختارِ مِنْ عَدنان

والآلِ مَعْ قراءةِ القرآنِ

وحافِظٌ آلهُنا عزّ وجل

الدّينَ والدّنيا إلى(١) [طول] الأجَل

للحافظينَ حرمةَ الإسلامِ

والمصطفى وآلِهِ الكرامِ

ويشفعون في دخول الخُلْدِ

لمنْ قضى وهو لهُم ذو وُدِّ

وليس يُجْدي صالحُ الأعمالِ

إلاّ لمنْ يعْرِفُ حقَّ الآلِ

مَثَلُهُم مَثَلُ باب حِطَّة

ذُنُوبُ مَنْ أحبّهم مُنْحَطّة

يُسئل كُلّ مسلم أراعى(٢)

حقوقَ أهلِ البيت أم أضاعَا(٣)

وكلّ مَنْ صَدَقَ في حُبّ النبي

في حُبِّ أهلِ بيتهِ لم يكْذُبِ

وحُبّهُم هو اقترافُ الحسنهْ

وحجّةُ لمؤمن وبيّنهْ

__________________

(١) في روض الزهر : (مع).

(٢) في حوض النهر : (في الحشر يسأل الورى هل راعوا) بدل من صدر البيت.

(٣) في حوض النهر : (أضاعوا).


وشيمةٌ لكلّ مؤمن تقي

وبغضُهُم سِيما منافق شقي

وفي الحديث بغضُ آل هاشم

كُفْرٌ والأنصارِ رواه الدّيلمي

مَنْ راقَبَ النبي في الآل فذا

عهدٌ لذي ربّ الأنام اتَّخذا

مَن كان يُؤْذِيهم بغيرِ مُوجِبِ

شرعِي آذى ذا الجلالِ والنبي

وهْوَ لمن سالمهم سِلْمٌ ومنْ

حاربهم حربٌ فلا تُخاصِمَنْ

ومن له بحربه يُداني(١)

قولوا له يبرز إلى الميدان

وَبسِيِاط النارِ يومَ المحشر

يُرَدُّ من أبغضُهُم عن كوثرِ

من لم يكن يعرف حقّ الصّحُبِ(٢)

وحقّ الأنصارِ وعترة النبي

فأُمُّهُ قد حَمَلَت في غيرِ

طُهْر به أو هُوَ فَرْعُ عِهْرِ

أو وَلَدُ الزنيّة أو منافق

كذا رواهُ الدّيلمىُ الحاذق

مَنْ مِنْهُم استحلّ ما يكونُ

محرّماً فإنّه مَلْعُونُ

ما أحَدٌ بغضاً لآلِ أحْمدا(٣)

أضمَرَ إلا دَخَلَ النارَ غَدا

يَنْسأ في أجلِ من فيهم خَلف

خِلافةً حَسَنَةً وما اعتَسَف

وبالذي خوّله يمتّعُ

مَنْ لم يكُنْ كذا فذاك يُقطَعُ

عُمْرُهُ وجاء في المعادِ

وَوَجْهُهُ يوسَمُ بالسّوادِ

منْ بَيْنِ ركْن ومقام صفنا

ومن صلاة وصِيام ما ونا

__________________

(١) في حوض النهر : (يدان).

(٢) في حوض النهر : (العرب).

(٣) في حوض النهر : (بغضاء آل).


وماتَ وهو مبغضٌ للآلِ

فَدَخَلَ النارَ وبِئْسَ الصّالِ(١)

وقال في الشّفاءِ مَنْ سَبّ أبا

أحَدِهِم فَقَتْلُهُ قد وَجَبا

إلا إذا أقامَ ما قَدْ شَهدا

بأنّهُ أرادَ غَيرَ أحمدا

ويُستفادُ من جميعِ ما مَضَى

أنّ الذي آذاهم وأبغَضا

إنِ استحلّ كافرٌ أو مارِقُ

عن دينه أو لا فعاص فاسق

(روضة في التحذير عن انتقادهم)

وفي حَدِيث حَسَن قد وَرَدا

هم كَرِشٌ وعيبة(٢) لأحمدا

يُقْبلُ من مُحْسِنِهم(٣) وَعُومِلا

مسيئَهُم بالصفحِ عمّا فَعَلا

وخصّصوا بذا(٤) الحديث الراسي

بالعفو عن غيرِ حقوقِ النّاس

من ثَمَّ(٥) قال العلماء إنَّ مَن

فَسَقَ بالبدعة منهم لم(٦) يُهَنْ

بل واجبٌ توقيره مُحتّم(٧)

وحُبُّه مفترضٌ مُلْتزم

إذ هو نَجْلُ سيّدِ الكونينِ

ولو أتتْ وسائطٌ في البينِ

والصالحُ المحفوظُ في أبناه

كان كما قد قالَ مَنْ رواه

__________________

(١) في حوض النهر : (صالي).

(٢) في روض الزهر : (وكعيبة) والمثبت من حوض النهر.

(٣) في حوض النهر : (مسيئهم).

(٤) في حوض النهر : (هذا).

(٥) في حوض النهر : (ثمة).

(٦) قوله : (لم) لم يرد في حوض النهر.

(٧) في حوض النهر : (محسنهم).


بيْنَهما وبينَهُ سبعةٌ أو

تسعة آباء على الشكّ رووا

مِن ثَمَّ(١) قال جَعْفَر فينا احفَظُوا

ما كانَ ذا في وَلَديه يُحفَظُ

وحَيثُ صَرّح الأئمّةُ بأن

مُقتَرِفَ البِدْعةِ ممّن قد سَكَنْ

ولَو نَزيلاً بلدَ المختارِ

رُوعِيَ فيهِ حرمةَ(٢) الجوارِ

فَليسَ بِالجائزِ أنْ يُهانَ(٣) بَلْ

يَجِبُ أنْ يُكرم حَيثُ ما نَزَل

فَكيفَ يا مَعْشرَ أُمّةِ النبي

بآلكم بنَسْلِهِ المطيّبِ(٤)

فَليسَ يَنتقدهم من أحد

كان محبّاً للنبىّ أحمد

فَالفَرْعُ فَرعٌ برّ أو عقّ فما

من العقوقِ حبلُهُ مُنْفَصِما

والفرعُ فرعٌ حيثُ برّ أو فجر

هل يمنعُ الإرثَ عقوقٌ إن صدر

(روضة في الاعتصام بعلمائهم)

وكَلْبُهُم قَرمٌ رفيعُ الجاهِ

أحبارُهُم للناسِ حَبْلُ اللهِ

جَعَلَ فِيهُمُ الإلهُ الحكمَة

كما روا جَهابِذُ الأئمّة

وفي حديث قد رواهُ النُبلا

وَرَدَ تحريضُ نبيِّنا على

تمسّكِ الناسِ بأهلِ العِلمِ مِنْ

عِترتِهِ وبالكتابِ والسُنَن

فَيقْتَضي بقاءَ ما قد ذكرا

ما بقي الناسُ على وجْهِ الثرى

__________________

(١) في حوض النهر : (ثمة).

(٢) في روض الزهر : (خدمة).

(٣) في روض الزهر : (يهال).

(٤) في روض الزهر : (للطيب).


وقَد أتى في خبر صحيح

مَثَلُهُم كمِثْلِ فُلْكِ نوح

مَنْ يتخلّفْ عنْهُ فهو يَغْرقُ

وكم لذا الحديثِ جاءَتْ طُرُقُ

(روضة في تحريمهم وتحريم محبّيهم)

(وتحريم مصاهرهم على النّار)

مَنْ مِنْهُمُ أقرّ بالتوحيدِ

للمَلِكِ المهيمِنِ المجَيدِ

والنُصْحِ والإبلاغِ للمختارِ

فلنْ يَمسّهُ عذابُ النّارِ

وفي حديثِ الديلمي قد ورد

لا يدخلُ النارَ مِنَ الآلِ أحَد

تحريمُهُم على لَظَى رِضَى النبي

عن ابن عبّاس حكاه القُرْطُبي

وهُم على ما في حديث يُسْنَدُ

أوّلُ ما يشْفَعُ فِيهم أحمدُ

جاؤوا ومَن أحبّهُم في محشر

ووردوا عليه حوضَ كوثر

ويتبعون خبر عُرب وعَجَم

ويدخلونَ جنّةً قبل الأُمَم

ومَن غَدا مُصاهراً لهم فقَد

دَخَلَ خُلْداً مَعَهُم كما وَرَد

أربعةٌ تنالُهُم شفاعَة

نبيّنا يومَ تقومُ السّاعَة

مُسْعِفُ(١) ذريّتِهِ والمكْرِمُ

من أجله لهم ومَنْ ودّهم

في قلبه وفي لسانه(٢) معا

ومن إذا اضطرّوا له لهم(٣) سعى

__________________

(١) في روض الزهر زيادة : (و).

(٢) في روض الزهر : (بقلبه ولسانه).

(٣) في روض الزهر : (إليهم) بدل من : (له لهم).


(روضة في التحريض على صلاتهم والإحسان إليهم)

(وزيارتهم وعيادتهم)

ومن إلى خَلَفِ جدّي(١) أحمدا

صنيعةً صنع حازاه غدا

ومَنْ يَصِلْ قَرابةَ الرسُولِ

أُعطىَ في الدارينِ كلَّ سؤلِ(٢)

من شا توسلاً إليهِ ووضع

لديه نعمة له بها شفع

فَلْيَصِلَنَّ آلهُ وليدخل

على قلوبهم جزيل الجذل(٣)

زورة آل هاشم عبادة

نافلة ولهم العيادة(٤)

فريضة وقد روى هذا الأثر

من طرق أهل الحديث عن عمَر

موصولة رحم خير البشر

في هذه الدنيا ويوم المحشر

يُقطع كلّ(٥) سبب ونسب

في الحشر إلاّ ما يكون للنبي

 (روضة في مزيد شرف آل الزهرا)

(وأنّهم أولاد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)

ومَن إلى فاطمة البتولِ

يُعْزَى فَهُم ذرّيةُ الرَّسولِ

فإنّ ذُرّيةَ خيرِ الرّسْلِ

جَعَلَها الإلهُ في صُلْبِ علي

__________________

(١) في روض الزهر وحوض النهر : (جد).

(٢) في روض الزهر : (رسول).

(٣) في روض الزهر : (الجزل).

(٤) البيت غير موجود في روض الزهر.

(٥) قوله : (كلّ) لم يرد في روض الزهر.


دليلُ هذا آيةُ المباهَلَة

فَاتْلُ وسلّم واحذَر المجادلة

فنسلُ حيدر مِن الزهراءِ

أشرفُ آلِ خيرِ الأنبياء

ربّي بدعوة النبي المجتبى

أخْرجَ منهما(١) كثيراً طيّباً

مميّزون بخصوصيّات

عن سائرِ الأشرافِ وافرات(٢)

منها نِداؤهم بأسمائِهم

في الحشْرِ مع أسمائِهم(٣) آباؤهم

وهذهِ خصيصةٌ للسّادة

قاضيةٌ بصحّةِ الولادة

وما رَويناهُ من الأخبارِ

في فضلِ آلِ سيّدِ الأخيارِ

فجُلُّهُ في ولدِ الزهراءِ

ذاتِ العُلا سيّدةِ النساءِ

وكلّ ما نَضّمنا(٤) حثيثاً

إنْ شئتَ أورَدْتُ [لك] حديثاً(٥)

وفي الذي سَرَدْتُ من فضائل

كفايةٌ وغُنيةٌ للعاقل

قد تمّ روضة الزهراء في فضائل ولد الزهراء

بنت الرسول صلّى الله عليه [وآله] وسلّم

__________________

(١) في روض الزهر : (منها).

(٢) في روض الزهر : (أفرات).

(٣) في حوض النهر : (أسماء).

(٤) في روض الزهر : (تضمناه).

(٥) البيت غير موجود في حوض النهر.


المصادر

١ ـ الأعلام : لخير الدين الزركلي ، نشر : دار العلم للملايين بيروت.

٢ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : لآقا بزرگ الطهراني ، المتوفّى (سنة ١٣٨٩ هـ) ، نشر : دار الأضواء ـ بيروت.

٣ ـ أهل البيت عليهم‌السلام في المكتبة العربية : للسيّد عبد العزيز الطباطبائي ، نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم.

٤ ـ معجم البلدان : لأبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي المتوفّى (سنة ٦٢٦ هـ) ، طبع ونشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٥ ـ معجم المؤلّفين : لعمر رضا كحّالة ، نشر : مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٦ ـ هديّة العارفين : لإسماعيل باشا البغدادي ، المتوفّى (سنة ١٣٣٩ هـ) ، نشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.


من أنبـاء التـراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* طبقات أعلام الشيعة (إحياء الداثر) من مآثر من في القرن العاشر.

تأليف : آقا بزرك الطهراني.

كتاب موسوعي جعله المصنّف على طبقات في ذكر أعلام الشيعة حسب القرون ، وأعطى لكلّ قرن اسماً خاصّاً به وهذا الجزء عبارة عن طبقات أعلام الشيعة في القرن العاشر ، قد أُضيفت إليه تعليقات السيّد أبي الحسن علاء الموسوي الدمشقي وهي عبارة عن مستدركات باللغة الفارسية اقتبسها من سائر المصادر والمخطوطات وذلك

لما كان يراه من عدم إمكان المصنّف مراجعتها ولما في الفهارس من معلومات ربّما صعبت عليه متابعة نسخها وكان لابدّ من إدراجها في هذا الكتاب.

وقد قدّم المحقّق دراسة تاريخية عن علماء الشيعة ومصنّفاتهم كما بيّن منهجية التحقيق.

تحقيق : محمّد كاظم رحمتي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٦٠٨.

نشر : مورخ ـ قم ـ إيران.

* سبيكة اللجين في الفرق بين الفريقين.

تأليف : السيّد ميرزا على السيّد


ميرزا محمّد جمال الدين العلوي قدس‌سره (ت ١٢٧٥ هـ).

كتاب أصولي تناول به المصنّف تحرير جملة من الفروق المعنوية الواضحة والخفية بين الإخبارية والأصولية ، وذلك اسستجابة منه لبعض أصفيائه ، كما قدّم المحقّق دراسة يبيّن فيها مدى التطوّر العلمي عند علماء الشيعة من خلال تحقيقه لهذا السفر ، اشتمل الكتاب على : مقدّمة التحقيق ، حياة المصنّف ، مقدّمة المؤلّف ، الفرق الأوّل : انسداد باب العلم وانفتاحه ، الفرق الثاني : التعدّي من الكتاب والسنّة إلى العقل والإجماع ، الفرق الثالث : تقسيم الأحكام إلى واقعية وظاهرية ، الفرق الرابع : في عدد الأدلّة ، الفرق الخامس : حجّية البراءة ، الفرق السادس : في أصل الأشياء هل هو الإباحة أو الاحتياط ، الفرق السابع : في حجّية الاستصحاب ، في حقيقة

الإجماع.

تحقيق : الدكتور السيّد ضرغام الموسوي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٩٩.

نشر : دار الحسين عليه‌السلام ـ العراق.

* المواسعة والمضايقة.

تأليف : السيّد علي بن طاووس الحلّي (ت ٦٦٤ هـ).

كتاب روائي فقهي من تراث الحلّة الفيحاء ، وهو عبارة عن رسالة علمية من ذخائر التراث الإسلامي في القرن السابع الهجري تناول فيه المصنّف مجموعة كبيرة من الأحاديث عن موضوع المواسعة والمضايقة في الصلاة ، حيث كان ديدنه في التأليف جمع الأخبار الواردة عن أهل البيت عليهم‌السلام في موضوع المضايقة والمواسعة في الصلاة ، كما تَحَدَّثَ في آخر الرسالة عن الرؤيا في المنامات.


وقد تمّت دراسة الكتاب وتحقيقه في فصلين ، الفصل الأوّل : ترجمة مختصرة عن حياة المصنّف ومسيرته العلمية. والفصل الثاني : في تحقيق نصّ الكتاب وفقاً للمنهج العلمي في تحقيق النصوص.

تحقيق : ثامر كاظم الخفاجي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٢٤.

نشر : منشورات الرافد ـ بغداد ـ العراق.

* مستدرك عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال ج(١ ـ ٢٤).

تأليف : السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي.

أصل الكتاب هو موسوعة روائية تصنيف عبد الله بن نور الله البحراني من أعلام القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجرييّن ، جاءت على غرار

بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي (ت ١١١١ هـ) ، وقد فقدت منها الأجزاء المرتبطة بالأئمّة المعصومين من أبناء الرضا عليه‌السلام ، انتهج العلاّمة الأبطحي رحمه‌الله نهج سلفه الشيخ عبد الله البحراني في إعداد الكتاب وترتيبه وفق ما سبق من الأجزاء في سائر المعصومين عليهم‌السلام ، وقد اشتملت أبواب هذا الجزء على ثمانية عشر باب في : نسب الإمام المعصوم عليه‌السلام واسم أمّه وأحوالها ومولده عليه‌السلام ، اسمائه عليه‌السلام وألقابه الشريفة وكنيته ، وصفته ، ونقش خاتمه ، النصوص على امامته ... وأنّ عاشرهم الهادي عليه‌السلام ، النصوص عليه على الخصوص ، جوامع معجزاته عليه‌السلام ، وثمانية أبواب أُخر في مختلف معجزاته عليه‌السلام ، فضائله ومناقبه ومعالي أموره ، مكارم أخلاقه ، علمه وما جاء عنه عليه‌السلام في الفقه.

تحقيق : مؤسّسة الإمام الهادي عليه‌السلام.

الحجم : وزيري.


عدد الصفحات : ٥٦٠.

نشر : مؤسّسة الإمام الهادي ـ قم ـ إيران.

* العقائد الكافية في سلوك الفرقة الناجية.

تأليف : الشيخ محمّد بن علي العاملي التوليني (من أعلام القرن التاسع الهجري).

كتاب عقائدي بحث فيه المصنّف أصول الدين الخمسة على طريقة المتكلّمين والمحدّثين ، وقد اعتمد في تحقيقه على نسخة واحدة حصل عليها من مركز إحياء التراث في قم المقدّسة ، وقد رتّب المصنّف كتابه في قطبين : القطب الأوّل في المعارف الإلهية وما يتبعه ويتعلّق به من المفاهيم العامّة والخاصّة ، سلك فيه مسلك المتكلّمين في أوائل كتبهم من البحث في المعرفة والنظر وبعض المباحث العامّة.

والقطب الثاني : في ذكر الأحاديث الاعتقادية التي تخصّ أُصول الدين الخمسة وما يتعلّق بها ويتفرّع منها.

تحقيق : السيّد خالد الغريفي الموسوي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٧٢.

نشر : مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام العلمي التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* الأربعون حديثاً.

تأليف : الشيخ حسين بن علي القديحي البحراني (ت ١٣٨٧ هـ).

كتاب روائي جمع فيه المؤلّف أربعين حديثاً في التوحيد والإمامة وولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام والمعراج ولوح فاطمة الزهراء عليها‌السلام ومناظرة الإمام الصادق عليه‌السلام ومواضيع غيرها ليجمع للقارىء فوائد عديدة.

اشتمل الكتاب على كلمة المجمع ،


مقدّمة التحقيق ، الأربعينيّات الحديثية ، ترجمة المؤلّف ، ثمّ سرد أربعين حديثاً.

تحقيق : الدكتور كاظم حسين الفتلاوي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٧٥.

نشر : مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام العلمي التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* الفصول المهذّبة للعقول.

تأليف : الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عبّاد (ت ٣٨٥ هـ).

يضمّ الكتاب مجموعة من قصار الكلمات والحِكَمْ والأمثال الصادرة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الميامين عليهم‌السلام ومن سائر الأنبياء والعلماء والحكماء ما ترشد إلى تهذيب النفس ورشاد العقل وسموّ الأخلاق ، وهو مجموع ملفّق القسم الأوّل منه جاء في حاشية

مخطوطة كتاب المجموع في الآداب والحِكَمْ للسيّد ابن باقي القرشي من أعلام القرن السابع الهجري ، والقسم الثاني ما انتخبه الشيخ إبراهيم الكفعمي (ت ٩٠٥ هـ) من كتاب الفصول المهذّبة للعقول.

تحقيق : الشيخ عبد الحليم عَوَض الحلّي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٨٨.

نشر : مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام العلمي التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* كنز جامع الفوائد ودافع المعاند ج(١ ـ٢).

تأليف : علم بن سيف بن منصور الحلّي (من أعلام القرن العاشر الهجري).

كتاب روائي في تأويل آيات القرآن الكريم ، احتوى على روايات أئمّة


الهدى عليهم‌السلام المنتخبة من كتاب (تأويل الآيات الظاهرة) في العترة الطاهرة قال فيه المصنّف : «إنّي تصفّحت كتاب الآيات الظاهرة في العترة الطاهرة ، فرأيته قد احتوى على بعض تعظيم عترة النبي أهل التفضيل من كتاب الله العزيز الجليل ، فأحببت أن أنتخِبَ منه كتاباً قليل الحجم ، كثير الغُنم ، وسمّيته : كنز جامع الفوائد ودافع المعاند ...» وقد رتّبه على ترتيب سور القرآن بدءاً بفاتحة الكتاب وانتهاءاً بسورة الإخلاص.

كما اشتمل على عنوان (فضل محبّي علي عليه‌السلام وشيعته) و (نبأ عظيم) و (خاتمة) وقد اعتمد في تحقيق الكتاب على نسختين.

تحقيق : عقيل عبد الحسن الربيعي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٤٩ ، ٤٨٣.

نشر : مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام

العلمية التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* الأربعين عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

تأليف : الشيخ أبي سعيد محمّد بن أحمد بن الحسين الخزاعي (من أعلام القرن الخامس الهجري).

كتاب روائي يأتي في عداد الكتب المشتملة على أربعين حديثاً ، وهي السنّة التي دأب عليها علماء الطائفة في تدوين أربعين حديثاً ، تناول فيه المصنّف فضائل سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام من طرق العامّة والخاصّة أخذاً من أربعين شيخ من مشايخه وبهذا سمّاه الأربعين عن الأربعين ، كما اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق بترجمة المصنّف الملقّب بـ : (المفيد النيسابوري) ، وقد اعتمد في تحقيق الكتاب على خمس


نسخ ذكرت في مقدّمة التحقيق.

تحقيق : قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابعة للعتبة الحسينية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٤٤.

نشر : مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام العلمي التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج(١ ـ ٣).

تأليف : الشيخ ورّام بن أبي فراس المالكي الأشتري الحلّي (ت ٦٠٥ هـ).

كتاب في علم الأخلاق وتهذيب النفس.

احتوى على مواضيع عديدة فقهية وعقائدية وتاريخية وأدبية ، قصص ، شعر ، حكم ، مواعظ ، عِبَرْ ، وصايا ، زواجر ، نواهي.

وقد كسا الطابع الأدبي هذه

المجموعة المعروفة بـ : (مجموعة ورّام) حيث يتبيّن من بعضها أنّها من أشعارهِ ، وتُعدّ هذه المجموعة من الذخائر الأخلاقية المعتمدة لدى علماء الطائفة.

وقد اعتمد في تحقيقها على خمسة نسخ ذكرت في مقدّمة التحقيق.

تحقيق : محمّد مال الله الأسدي.

عدد الصفحات : ٦٣٢ ، ٦١٢ ، ٤٦٢.

نشر : مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام العلمي التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* الصحيفة السجّادية الثالثة.

تأليف : الميرزا عبد الله بن عيسى الأفندي (١١٣٠ هـ).

صحيفة شريفة ضمّت ٥٩ دعاءً من أدعية الإمام السجّاد عليه‌السلام ، وهي الصحيفة المسمّاة بـ : (الدُّرَر المنظومة) ، قال فيها الشيخ آقا بزرگ


الطهراني : «والدُّرَر هذا هو الصحيفة الثالثة السجّادية.

أوّلها الصحيفة الكاملة ، والثانية تأليف الشيخ الحرّ ، ولمّا ادّعى الشيخ الحرّ الاستقصاء لأدعيته تعرّض عليه الميرزا عبد الله في هذه الثالثة كثيراً. وقد طبع في إيران سنة (١٣٢٤ هـ) ، ثمّ إنّه كتب شيخنا النوري الصحيفة الرابعة ، وكتب السيّد محسن الأمين ـ مؤلّف أعيان الشيعة ـ الصحيفة الخامسة وكُلَّها مطبوعات ، وقد جمع هؤلاء كلّ دعاء منسوب إليه عليه‌السلام».

اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق وترجمة المؤلّف والنسخ المعتمدة في التحقيق.

تحقيق : فارس حسّون كريم.

عدد الصفحات : ٢٠٤.

نشر : مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام العلمي التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

كتب صدرت حديثاً

* المُثُلُ العُليا في تراث أهل البيت الحضاري.

تأليف : د. محمّد حسين علي الصغير.

كتاب أخلاقي جمع فيه المؤلّف بعض الحكم والمواعظ وجوامع الكلم من مدرسة أهل البيت عليه‌السلام وتصدّى إلى شرحها وبيانها ، حيث رآها المُثل العليا والقيم السامية التي تؤدّي إلى تقوية السلوك الإنساني.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وأربعة فصول في : المثل الروحية ، المثل الأخلاقية ، المثل المتقابلة ، المثل الاجتماعية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٦٧.

نشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.


* الشعائر الحسينية في العصرين الأموي والعبّاسي.

تأليف : محمّد باقر موسى جعفر.

كتاب تاريخي يحتوي على دراسة تاريخية للشعائر الحسينية عبر التاريخ الإسلامي لاسيّما العهدين الأموي والعبّاسي ومدى تأثيرها على الأمّة وسرّ استمرارها باستمرار الرسالة المحمّدية حيث قال (صلى الله عليه وآله) حسين منّي وأنا من حسين ، حيث أصبحت موروثاً حضاريّاً يتوارثه الأبناء عن الآباء.

اششتمل الكتاب على مقدّمة وثلاثة فصول في : جذرية الشعائر الحسينية ، أساليب وممارسات الشعائر الحسينية ، الموقف من الشعائر الحسينية في العصرين الأموي والعبّاسي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٠٩.

نشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء

المقدّسة ـ العراق.

* أساتيد الحوزة العلمية العليا في النجف الأشرف.

تأليف : د. محمّد حسين علي الصغير.

كتاب تراجم مزوّد بصور العلماء المترجم لهم قدّم فيه المؤلّف دراسة عن حياة علماء الحوزة العلمية ومعطياتهم العلمية والتربوية ، يبيّن من خلاله مدى تأثير الحوزة العلمية بعلمائها ومنهجها ومعطياتها على الصعيد العلمي والاجتماعي والسياسي ، كما حفلت هذه التراجم بأشعار العديد من الشخصيّات العلمية ممّا ينمّ عن قوّة الأدب العربي ومدى انصياع تلكم المدرسة إليه وتأثّرها به حتّى عُدَّت حاضرة ومهداً للأدب العربي الثرّ.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٨٤.


نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* ما أخفاه الرُّواة من ليلة المبيت على الفراش.

تأليف : السيّد نبيل الحسني.

دراسة في رواية الحديث والتاريخ تكشف عن حقائق مهمّة في سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) جَهَدَ الرُّواة على إخفائها منذ وقوعها وإلى يومنا هذا وهي عبارة عن : محاولة إحباط خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قيام النبي بتكسير صنم قريش الأكبر قبل خروجه ببعض الوقت ، موقف الإمام علي عليه‌السلام من المبيت أكان القبول أم الرفض.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٧٦.

نشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابعة للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* العراق كما رسمه المطراقي زاده (ت ٩٤١ هـ).

إعداد : د. عماد عبد السلام رؤوف.

كتاب عن المعالم الأثرية للعراق لاسيّما مراقد الأئمّة عليهم‌السلام ومراقد أئمّة المذاهب الإسلامية وبعض الأعلام التاريخية ، من تصنيف الرحّالة والمؤرّخ نصوح أفندي السلاحي بن عبد الله قرَه كوز الشهير بمطراقي زاده ، وهو مؤرّخ ورحّالة ورياضي ومهندس عسكري ورسّام من ولاية البوسنة ، زوّد الكتاب بصور ملوّنة من رسمه بيّن من خلالها تلكم المعالم لاسيما الصور الدقيقة لما كانت عليه عمارة المشهد الغروي والحائر الحسيني وعن مدينتي النجف الأشرف وكربلاء المقدّسة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٨٧.

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية


ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* موسوعة الألوف في نظم تاريخ الطفوف.

تأليف : الشيخ حسين عبد السيّد النصّار.

رائعة أدبية من روائع الأدب الشيعي الحسيني ولوحة أدبية رائقة من فنون الأدب العربي سطَّره يراع الشاعر الأديب الأريب في ملحمة الحسين التاريخية ليعرّج إلى ما سجّله التاريخ في قصّته عليه‌السلام من حوار وسجال أو هدنة وقتال وصولة ونضال ، وقد علّق عليها بعض الشروح والتوضيحات ، كما زوّد أرجوزته بالمصادر التاريخية المعتمد عليها في نظم واقعة الطفّ ، ووضع لكلِّ فصل عنواناً.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٤٤.

نشر : قسم الشؤون الفكرية

والثقافية التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* البيوتات الأدبية في كربلاء.

تأليف : السيّد موسى إبراهيم الكرباسي.

اعتزازاً بتراث مدينة كربلاء المعطاءة وتمجيداً لحضارتها الأدبية العريقة عَمَدَ المؤلّف إلى التنقيب عن أدباء وشعراء هذه المدينة المقدّسة التي لازالت تعتزّ بأبي الأحرار أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام وتحيي شعائره وتقيم احتفالات مواليد الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام ومجالس تعزياتهم لتدأب على تربية أجيالها من علماء وخطباء وأدباء وشعراء.

لقد ذكر هذا الكتاب العديد من تلكم البيوتات التي تفخر بإنشاء شعراء أُدباء أخذوا برقاب القوافي إحياءً للأدب العربي وتخليداً لمدرسة الحسين عليه‌السلام.


الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٧١٠.

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* علماء الأمّة وفقهاء الملّة.

تأليف : عبد الأمير اللامي.

كتاب تراجم لأعلام فقهاء الشيعة اقتصر به المؤلّف على ذكر تراجم زعماء الطائفة وهم من بلغت إليهم زعامة الطائفة الشيعية ابتداءً من الشيخ المفيد وانتهاءً بالسيّد أبو القاسم الخوئي.

وقد قدّم عرضاً عن الحوزة العلمية وتاريخ المدرسة الشيعية والمراحل الدراسية فيها ومهامّ طالب العلم وروّاد الفضيلة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٩٤.

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* معجم نواصب المحدّثين.

تأليف : عبد الرحمن العقيلي.

دراسة معجميّة تتقصّى أسماء النواصب من المحدّثين ونماذج من أحوالهم آثارهم في كتب الحديث المعتمدة عند أهل السنّة.

اشتمل الكتاب على : مقدّمة اللجنة العلمية ، المقدّمة ، الناصبي تعريفه وبيانه ، حكم سبّ الصحابة عند فقهاء أهل السنة ، النواصب واختلاق الحديث ، النواصب وشروط التوثيق عند المحدّثين ، العثمانية ، النهي عن سبّ أمير المؤمنين عليه‌السلام على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) ، منهجنا في الكتاب ، وأخيراً.

كما اشتمل على : نواصب الرواة في القرن الأوّل الهجري ، في القرن الثاني الهجري ، في القرن الثالث الهجري ، ومن رواة القرن الرابع الهجري.

الحجم : وزيري.


عدد الصفحات : ٦٥٤.

نشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* الأسس المنهجية في تفسير النصّ القرآني.

تأليف : د. عدَي جواد علي الحجّار.

دراسة في الأسس المنهجية لتفسير القرآن ، وهي الأسس العلمية الظابطة في علم التفسير التي أفتقر إليها المسلمون لابتعادهم عن عصر المعصوم فاستدعى بهم الأمر أن يعتمدوا على جزئيّات من علوم الحديث وعلوم القرآن واللغة والبيان وأصول الفقه والمنطق والفلسفة وغيرها في طريق العملية التفسيرية.

اشتمل الكتاب على المقدّمة ، تمهيد منهجي بين يدي البحث ؛ وعلى أربعة فصول في : المسار التاريخي

للتأسيس المنهجي للتفسير ، مناشىء اختلاف المفسّرين النصّية ، الأسس المنهجية في ضبط مباحث التفسير اللغوية البلاغية ، الأسس المنهجية في ضبط المباحث القرآنية والتفسير بالمنقول.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٣٩.

نشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* المعين في إعراب الجزء الثلاثين.

تأليف : د. ضرغام كريم الموسوي.

عمل أدبي في مضمار القرآن الكريم ، تناول فيه المؤلّف إعراب سُوَر الجزء الثلاثين المعروف بجزء عمّ معتمداً فيه تفسير المعصوم ـ كونه إعراب المعاني ـ الذي يختلف عن


سائر المفسّرين اختلافاً عقائدياً وفقهيّاً كما في آية الوضوء وغيرها على حدّ تعبيره ، وجعله منهجاً دراسيّاً وفق مذهب أهل البيت عليهم‌السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٤٣.

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* دليل كربلاء.

تأليف : عماد الدين حسين الإصفهاني.

كتاب من سلسلة إصدارات كربلاء ، قدّم فيه المؤلّف دراسة مقتضبة عن تاريخ كربلاء وتطوّر عمرانها بقراءة في الجغرافيا التاريخية لمدينة كربلاء المقدّسة مزوّدة بصور عن معالم الحرم الحسيني والمخيّم وغيرها ، وصوراً عن معالم تاريخية للنجف الأشرف والكوفة والكاظمين ومكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٢١.

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* سلسلة آثار المؤتمر العالمي للعلاّمة المجدّد الوحيد البهبهاني.

إحياءً وتخليداً لذكرى رائد الحركة الأصولية الشيخ محمّد باقر الوحيد البهبهاني قامت العتبة الحسينية المقدّسة متمثّلة بمركز كربلاء والبحوث وبمعاونة مؤسّسة دار التراث في النجف الأشرف بعقد مؤتمر علمي لدراسة أبعاد شخصيته الفذّة وهو أوّل مؤتمر من مؤتمرات العتبة حول العلماء الكبار من دفناء العتبة الحسينية المقدّسة.

وقد أثمرت جهود هذا المؤتمر في جمع المقالات حول سيرة الوحيد البهبهاني وآرائه وأفكاره حيث شكّلت أربع محاور في : حياته وآثاره ، الآراء


الفقهية والأصولية للوحيد البهبهاني ، الأفكار الرجالية والحديثية ، آثار الوحيد الكلامية.

وقد صدرت من هذه السلسلة إلى الآن المجموعة التالية :

مجموعة المقالات الأصولية ، مجموعة المقالات في الحديث والرجال ، مجموعة الرسائل والمقالات الكلامية ، منتهى المرام في صلاة القصر والإتمام مع تعاليق الوحيد البهبهاني ، مجموعة المقالات في التراجم والببليوجرافيا ، الوحيد البهبهاني في كتب التراجم ، تلامذة

الوحيد البهبهاني ، مجموعة المقالات الفقهية ، دائرة المعارف الوحيدية ، استاذ الكلّ الوحيد البهبهاني ، الوحيد البهبهاني محدّثاً ، مصادر استنباط الأصوليّين والأخباريّين ، أعلام أُسرة الوحيد البهبهاني ، الوحيد البهبهاني وآراؤه الأصولية (جمع وعرض) ، الوحيد البهبهاني وآراؤه الأصولية (دراسة وتحليل).

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات :

نشر : الأمانة العامّة للعتبة الحسينية ، كربلاء المقدّسة ـ العراق.

تراثنا ـ العدد [ 138 ]

المؤلف:
الصفحات: 317