وكتب الرشيد إلى يحيى البرمكي في حبسه قوله سبحانه : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ ...) (١) أما عن مصداقه كان يقول : لو علمت يميني بالسبب الذي له فعلت هذا ؛ لقطعتها! ولذا اختلف الناس فيه (٢) وبهذا التأكيد على كتمانه ترجّح سبب العبّاسة الناموسي.
الإمام الرضا عليهالسلام والبرامكة :
نقل الكليني : أنّ الرضا عليهالسلام حجّ لموسم الحج السابق سابقاً الرشيد سنة (١٨٦ ه) وكان على يسار الطريق إلى مكة جبل يُدعى فارعاً ، نظر إليه وقال : باني فارع وهادمه يُقطّع إرباً إرباً! قال الراوي : فلم ندرِ ما يقول. ثمّ وصل الرشيدونزل هناك وأمر جعفر البرمكي أن يُبنى له مجلس على الجبل ثمّ أمر بهدمه ، فعرفنا معنى باني فارع وهادمه! فلمّا عاد إلى العراق قُطّع إرباً إرباً (٣).
فلمّا وقف بعرفة كان يدعو ثمّ طأطأ رأسه ، فسُئل عن ذلك فقال : إنّي كنت أدعو الله على البرامكة بما فعلوا بأبي! فاستجاب الله لي اليوم فيهم (٤)!
فلمّا أفاض إلى منى مرّ يحيى البرمكي مع قوم من آله ، فقال عليهالسلام : مساكين هؤلاء لا يدرون ما يحلّ بهم في هذه السنة (٥)؟! أي قبل فوات عام على هذا الكلام ، بل بعد (٥٠) يوماً.
__________________
(١) النحل : ١١٢. اليعقوبي ٢ : ٤٢٣.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٢٢.
(٣) أُصول الكافي ١ : ٤٨٨.
(٤) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٢٥ ، الحديث ١ و ٢ الباب ٥٠
(٥) في أُصول الكافي ١ : ٤٩١ ، الحديث ٩.