عوف وقال له : يا عيينة ، أطعني وأقم في منزلك ودع نصر اليهود ، مع أني لا أراك ترجع الى خيبر الا وقد فتحها محمد ، ولا آمن عليك (١).
وكان كنانة بن أبي الحقيق في حصن الكتيبة فلما أصبح اخبر بانصرافهم ، فسقط في يديه وذلّ وأيقن بالهلكة وقال : كنّا من هؤلاء الأعراب في باطل ، انا سرنا فيهم فوعدونا بالنصر وغرّونا ، ولعمري لو لا ما وعدونا من نصرهم ما نابذنا محمدا بالحرب (١).
قبوله المشورة في المنزل :
فلما اصبح جاءه الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا رسول الله صلى الله عليك ، انك نزلت منزلك هذا ، فإن كان عن أمر امرت به فلا نتكلم فيه ، وإن كان الرأي تكلمنا؟ فقال رسول الله : بل هو الرأي.
فقال : يا رسول الله ، دنوت من الحصن ونزلت بين ظهري النخل والنزّ ، مع أن أهل النطاة لي بهم معرفة ، ليس قوم أبعد مدى منهم ولا أغدر منهم ، وهم مرتفعون علينا ، وهو أسرع لانحطاط نبلهم ، مع أني لا آمن من بياتهم ، يدخلون في خمر (ستار) النخل. فتحول يا رسول الله الى موضع برئ من النزّ ومن الوباء ، نجعل الحرة بيننا وبينهم حتى لا ينالنا نبلهم (٣). فقال رسول الله : اذا أمسينا تحوّلنا ان شاء الله.
ثم دعا رسول الله محمد بن مسلمة وقال له : انظر لنا منزلا بعيدا من حصونهم بريئا من الوباء ، نأمن فيه بياتهم. فطاف محمد حتى انتهى الى وادي الرجيع (قرب خيبر) (٤).
__________________
(١) و (٢) مغازي الواقدي ٢ : ٦٥١.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٦٤٣.
(٤) مغازي الواقدي ٢ : ٦٤٤.