عن « عثمان بن عفان » رضي الله عنه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلّمه ».

رواه الشيخان ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه.

( حديث شريف )



بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان ، والصلاة والسلام على رسول الله الذي صحّ عنه في الحديث الذي رواه « عبد الله بن مسعود » رضي‌الله‌عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « من قرأ حرفا من كتاب الله » فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول « الم » حرف ، ولكن : ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ». ( رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح غريب )

وبعد :

فقد اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظ « القرآن الكريم » وقد أخذوه مشافهة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ثم جاء التابعون رحمهم‌الله تعالى فتلقوا « القرآن » وحروفه عن الصحابة. وجاء بعد التابعين : تابع التابعين فأخذوا عنهم « القرآن » ورواياته.

وهكذا ظلّ المسلمون يأخذون « القرآن » وقراءاته جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا عن طريق التواتر ، والسند الصحيح. وسيظل كذلك بإذن الله تعالى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ولما ازدهرت حركة التأليف تصدّى الكثيرون من العلماء لجعل مصنفات


خاصّة ضمنوها التعريف بحفاظ « القرآن » ، بما في ذلك بيان شيوخهم ، وتلاميذهم. ومن العلماء الذين كانت لهم مصنفات خاصّة بطبقات القراء :

« الحسن بن أحمد الهمذاني » له كتاب : « معرفة القراء وأخبارهم (١).

« الخليفة بن الخياط » ت ٢٤٠ ه‍ ، له كتاب « طبقات القراء وأخبارهم (٢).

« أبو معشر الطبري » ت ٤٧٨ ه‍ له كتاب « طبقات القراء » (٣).

« أبو بكر النقّاش » ت ٣٥١ ه‍ له كتاب « المعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم » (٤)

« ابن مهران أحمد بن الحسن » ت ٣٨١ ه‍ ، له كتاب « طبقات القراء » (٥).

« أحمد الفضل الباطرقاني » ت ٤٦٠ ه‍ ، له كتاب « طبقات القراء » (٦) « محمد بن سهل العطار » ت ٥٦٩ ه‍ ، له كتاب « معرفة القراء » (٧)

« الحسن بن أحمد الهمذاني » ت ٥٦٩ ه‍ ، له كتاب « الانتصار في معرفة قراء المدن والأمصار » (٨)

« ابن الملقّن عمر بن علي » ت ٨٠٤ ه‍ ، له كتاب « طبقات القراء » (٩)

__________________

(١) انظر : معرفة القراء الكبار للذهبي ، ج ٢ ، ص ٤٨٩.

(٢) انظر : معجم المؤلفين لكحالة ج ٤ ، ص ١٠٨.

(٣) انظر : غاية النهاية لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٠١.

(٤) انظر : فهرست ابن النديم ص ٥٠.

(٥) انظر : غاية النهاية لابن الجزري ، ج ١ ، ص ٤٩.

(٦) انظر : الأعلام للزركلي ، ج ١ ، ص ١٩٥.

(٧) انظر : معجم المؤلفين لكحالة ج ١٠ ، ص ٥٨.

(٨) انظر : غاية النهاية لابن الجزري ، ج ١ ، ص ٢٠٤.

(٩) أنظر : الأعلام للزركلي ج ٥ ، ص ٥٧.


« السخاوي محمد بن عبد الرحمن » ت ١٢١٤ ه‍ ، له كتاب « تلخيص طبقات القراء (١).

« محمد بن عبد السلام الفاسي » ت ١٢١٤ ه‍ ، له كتاب « طبقات المقرئين » (٢).

ومن نعم الله عليّ التي لا تحصى أن جعلني من حفظة كتابه ، ومن قراء رواياته. وقد وفقني الله تعالى ووضعت « الجزء الأول » في تراجم القراء تحت عنوان : « معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ ».

ويسعدني أن أضيف إلى المكتبة القرآنية « الجزء الثاني » لتراجم القراء.

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

المدينة المنورة الجمعة ٨ جمادى الثانية ١٤١٠ ه‍ الموافق ٥ يناير ١٩٩٠ م

خادم العلم والقرآن الدكتور محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن غفر الله له

__________________

(١) انظر : الأعلام للزركلي ج ٦ ، ص ١٩٥.

(٢) انظر : الأعلام للزركلي ، ج ٦ ، ص ٢٠٦.



رقم الترجمة / ١

« إبراهيم بن أحمد » (١) ت ٨٧٠ هـ

هو : إبراهيم بن أحمد بن ناصر بن خليفة بن فرج المقدسي الدمشقي الشافعي. ولد في ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة بصفد ، ونشأ بها فحفظ القرآن تجويدا على « الشهاب حسن بن حسن الفرغني » إمام جامعها ، وحفظ بعض « المنهاج » في فقه الشافعي.

ثم انتقل من « صفد » قريبا من سنّ البلوغ مع أبيه إلى « الشام » فأخذ الفقه عن الشرق « الغربي » وغيره ، ثم لازم « النور الأنباري » حتى حمل عنه الكثير من الفقه ، والعربية ، واللغة ، وانتفع به كثيرا في علوم الأدب وغيرها.

ثم رحل إلى « مصر » سنة أربع وثمانمائة تقريبا ، فأخذ عن « السراج البلقيني » ولازمه مدة سنة كما أخذ عن « الكمال الدميري » بعض مصنفاته.

وبعد أن قضى بمصر بضع سنوات يأخذ عن علمائها ، عاد إلى بلده « باعون » وهي قرية من قرى « حوران » بالقرب من « عجلون » فأقام بها على أحسن حال ، وأجمل طريقة.

ثم باشر نيابة الحكم عن أبيه ، والخطابة بجامع بني أمية ، وتولى مشيخة الشيوخ ، وكان حسن السيرة ، محمود العاقبة في جميع الأعمال التي قام بها ، ومما اشتهر عنه أنه كان يتمسك بالحق ولا يلتفت إلى وساطة الكبراء ، وشفاعة الشفعاء.

وقد ترك للمكتبة الإسلامية والعربية بعض المؤلفات منها : « مختصر الصحاح للجوهري » وهو مختصر حسن لطيف. وله ديوان خطب ، ورسائل ،

__________________

(١) انظر ترجمته في : الضوء اللامع ج ١ ، ص ٢٦ ، والبدر الطالع ج ١ ، ص ٨ ، ورقم الترجمة / ٤.


وديوان شعر أتى فيه نحو مائة وخمسين مقطوعا ، أودع كلا منها معنى غريبا غير الآخر ، ومن شعره :

سل الله ربك ما عنده

ولا تسأل الناس ما عندهم

ولا تبتغ من سواه الغنا

وكن عبده لا تكن عبدهم

وله أيضا :

سئمت من الدنيا وصحبة أهلها

وأصبحت مرتاحا إلى نقلتي منها

والله ما آسى عليها وإنني

وإن رغبت في صحبتي راغب عنها

وله أيضا :

إذا استغنى الصديق وصا

ر ذا وصل وذا قطع

ولم يبدا احتفالا بي

ولم يحرص على نفعي

فأنأى عنه واستغني

بجاه الصبر والقنع

وأحسب أنه ما مرّ

في الدنيا على سمعي

ثم أصبح « إبراهيم بن أحمد » شيخ الأدب بالبلاد الشامية بغير مدافع ، كذا وصفه كل من « السخاوي » في تاريخه ، وابن حجر في معجمه. وقال « المقريزي » : إنه مهر في عدة فنون سيما الأدب فله النظم الجيّد.

وكان يحكى أن « الزينبي عبد الباسط » قال له إن مراسلاتك المسجعة إلينا تبلغ أربعة مجلدات. يفهم من هذا أنه كان بارعا في الكتابة ، يقول « الشوكاني » : والحاصل أنه وقع الاتفاق من جميع من ترجم له على أنه لم يكن في عصره من يدانيه في النظم والنثر (١).

توفي « إبراهيم بن أحمد » يوم الخميس رابع عشر ربيع الأول سنة سبعين

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ١٠.


وثمانمائة ، وصلّى عليه بالجامع المظفري ، ودفن بالروضة من سفح قاسيون.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٢

« إبراهيم بن ثابت » (١) ت ٤٣٢ هـ

هو : إبراهيم بن ثابت بن أخطل أبو إسحاق الأقليشي المقرئ نزيل مصر. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

تلقى « إبراهيم بن ثابت » القراءات القرآنية على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون ، أبو الحسن الحلبي نزيل مصر ، أستاذ عارف ، ثقة ضابط وحجة ، محرّر ، شيخ الإمام الداني ، ومؤلف كتاب « التذكرة » في القراءات الثمان.

رحل إلى العراق ، وأخذ القراءات عن خيرة العلماء ، قال عنه « الإمام الداني » : لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله وصدق لهجته كتبنا عنه كثيرا » اهـ ت بمصر ٣٩٩ هـ.

ومن شيوخ « إبراهيم بن ثابت » عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي ، مؤلف كتاب « المجتبي الجامع » وهو أستاذ متصدر ثقة ، نزل مصر ، وكان شيخها ت ٤٢٠ هـ.

توفي « إبراهيم بن ثابت » سنة ٤٣٢ ه‍ رحمه‌الله رحمة واسعة. آمين.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٢ ، طبقات القراء ج ١ ، ص ١٠ ، وحسن المحاضرة للسيوطي ج ١ ، ص ٤٩٣.


رقم الترجمة / ٣

« إبراهيم الجعبري » (١) ت ٧٣٢ هـ

هو : إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس أبو محمد الجعبري نسبة إلى قلعة « جعبر » وتقع على نهر الفرات بين بالس والرقة قرب صفين.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة الثامنة عشرة من علماء القراءات. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

ولد « الجعبري » في قلعة جعبر في حدود سنة أربعين وستمائة من الهجرة. ونشأ في أسرة عريقة في العلم والدين ، حيث كان والده من أعيان ووجهاء « قلعة جعبر » وقد اشتهر بمؤذن جعبر ، كما ألف والده « المحرر في الفقه ، والمنتقى في الأحكام » (٢).

اتجه « الجعبري » منذ نعومة أظفاره وهو في التاسعة من عمره إلى تحصيل العلم ، وكان يتمتع بذاكرة قوية ، وحافظة أمينة ، فحفظ القرآن الكريم مبكرا ، كما حفظ كتاب « التيسير » في القراءات السبع ، وكتاب « التعجيز في مختصر الوجيز في الفقه على مذهب الإمام الشافعي ».

رحل « الجعبري » إلى بعض البلاد الإسلامية من أجل طلب العلم والسماع من الشيوخ ، والاستزادة من الثقافة والمعرفة. فكانت رحلته الأولى إلى

__________________

(١) انظر ترجمة الجعبري في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ٢ ، ص ٧٤٣. طبقات القراء ج ١ ، ص ٢١. الوافي بالوفيات ج ٦ ، ص ٧٣. وفيات الأعيان ج ١ ، ص ٣٩. مرآة الجنان ج ٤ ، ص ٢٨٥. طبقات الشافعية للسبكي ، ج ٦ ، ص ١٢. البداية والنهاية ج ١٤ ، ص ١٦٠. الدرر الكامنة ج ١ ، ص ٥١.

النجوم الزاهرة ج ٩ ، ص ٢٩٦. بغية الوعاة ج ١ ، ص ٤٢٠.

(٢) وقد شرحه الشوكاني وعرف شرحه « بنيل الأوطار » كما أن كتابه المحرر في الفقه طبع عدة مرات.


« بغداد » بعد عام ستين وستمائة من الهجرة ، فالتحق بالمدرسة النظامية ، وحضر دروس المشايخ بالمدرسة المستنصرية ، وحضر مجالس كبار العلماء ، وتلقى القراءات السبع على « أبي الحسن علي بن عثمان البغدادي ».

وقرأ القراءات العشر على « الحسين بن الحسن المنتجب التكريتي » ت ٦٨٨ ه‍ وأسند القراءات بالإجازة عن الشريف أبي البدر الداعي ت ٦٦٨ ه‍ وأخذ الفقه عن أبي العزّ محمد بن عبد الله البصري الشافعي المدرّس بالمدرسة النظامية.

وهذه الرحلة تعتبر أعظم رحلاته التي قام بها ، حيث أدرك الفوائد العلمية ، واتسع أفقه العلمي ، وارتفع مستواه ، وبرع في القراءات ، فكتب فيها كتابه « نزعة البررة في قراءات الأئمة العشرة » ، وكتابه « عقود الجماعة في تجويد القرآن » وعرضهما على شيخه منتجب الدين التكريتي.

ثم كانت رحلته الثانية إلى « دمشق » فسمع من كبار الحفاظ منهم « الفخر ابن البخاري » ت ٦٩٠ ه‍ والفخر بن الفخر البعلبكي ت ٦٩٩ هـ.

وباحث ، وناظر ، وأفاد الطلبة كثيرا (١).

ثم رحل بعد ذلك إلى « مدينة الخليل » بفلسطين وكان ذلك قبل عام ثمانية وثمانين وستمائة ، وأقام بها بضعة وأربعين عاما حتى توفاه الله. وقد تولى « الجعبري » في « مدينة الخليل » القضاء ، والإفتاء ، والخطابة ، ونشر العلم بشتى الوسائل المختلفة سواء كان بالتدريس أو التأليف وقد عمر طويلا حتى أدركه الأحفاد.

يفهم مما تقدم أن « الجعبري » اجتهد في طلب العلم وتحصيله وبذل في سبيل ذلك كل عمره ، وزهرة شبابه ، حتى وصل إلى أرقى المناصب العلمية في زمانه.

__________________

(١) انظر الوافي بالوفيات ج ٦ ، ص ٧٣.


وقد تتلمذ « الجعبري » على عدد كبير من خيرة العلماء ، في كثير من العلوم المختلفة ، وفي مقدمة شيوخه في القراءات :

١ ـ شمس الدين أبو الحسن ، علي بن عثمان بن محمود الوجوهي الحنبلي البغدادي ، وهو شيخ مقرئ ، ماهر محقق مجود ، عني بالقراءات والأداء ، قرأ عليه « الجعبري » القراءات السبع ، وقرأ عليه « كتاب التجريد » لابن الفحام ، وسمّع عليه كتاب « الوقف والابتداء » لابن عباد ، وقرأ عليه صحيح البخاري ، وعوارف المعارف (١).

٢ ـ شمس الدين أبو البدر محمد بن عمر بن القاسم الشريف الرشيدي العباسي الواسطي ، شيخ القراء بالعراق ، وإمام بارع. قرأ القراءات العشر على « أبي بكر عبد الله بن الباقلاني » وروى عنه الجعبري بالإجازة (٢).

٣ ـ إبراهيم بن محمود بن سالم أبو محمد الأزجي البغدادي ، المعروف بابن الخير الحنبلي ، أجاز « الجعبري » بالقراءات (٣).

٤ ـ مجد الدين أبو أحمد عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش الحنبلي البغدادي ، وكان واسع الرواية ، وشيخ القراء ببغداد. وقد أخذ الروايات عن « الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي » وسمع منه كتبا كثيرة في القراءات. كما قرأ على « عبد العزيز الناقد » وروى عنه أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات. وقد أخذ عنه « الجعبري » القراءات الثلاث. توفي مجد الدين سنة ٦٧٦ هـ.

٥ ـ منتجب الدين أبو علي ، الحسين بن الحسن بن أبي السعادات التكريتي وهو عالم حاذق بالقراءات. انتهى إليه الإقراء ببغداد. يقول « الجعبري » :

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٥٦.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ٢ ، ص ٦٤٩.

(٣) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٧.


قرأت عليه من حفظي « درّة الأفكار في القراءات العشر » توفي منتجب الدين سنة ٦٨٨ ه‍ ببغداد (١).

٦ ـ جمال الدين يوسف بن جامع بن أبي البركات أبو إسحاق القفصي بضم القاف ، وسكون الفاء ، الحنبلي البغدادي. وهو أستاذ كبير مؤلف محقق عالم ، ألف كتاب « الشافي في القراءات العشر » قال عنه « الحافظ الذهبي » :

كان جمال الدين رأسا في القراءات عارفا باللغة ، والنحو ، جمّ الفضل. وكان لا يتقدمه أحد في زمانه في الاقراء. قال « الجعبري » : قرأت عليه « كتاب المصباح » وكتاب « التذكرة » ، ووقف ابن الأنباري ، توفي « جمال الدين » سنة ٦٨٢ ه‍ (٢).

وبعد أن اكتملت مواهب « الجعبري » وأصبح من العلماء تصدر لتعليم القرآن وعلومه وقراءاته ، واشتهر بالثقة والاتقان وسعة العلم ، أقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ويقرءون عليه ، فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم :

١ ـ علي بن أبي محمد بن أبي سعد بن عبد الله أبو الحسن الواسطي المعروف بالديواني ، توجه إلى الخليل فأخذ عن « الجعبري » نظم « كتاب الإرشاد » في قصيدة لامية سماها « جمع الأصول » وكان خاتمة المقرئين بواسط مع الدين والتحقيق ت ٧٤٣ ه‍ (٣).

٢ ـ الحافظ الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان أبو عبد الله شمس الدين. عني بالقراءات من صغره ، قرأ على « الجعبري » كتابه « نزعة البررة في القراءات العشرة » ت ٧٤٨ ه‍ ، بدمشق (٤).

__________________

(١) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ٢١.

(٢) انظر : معرفة القراء الكبار ، ج ٢ ، ص ٦٨٣.

(٣) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٨٠.

(٤) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٧١. والمنهل الصافي ج ١ ، ص ١٣٣.


٣ ـ محمد بن جابر بن محمد بن قاسم أبو عبد الله شمس الدين الوادي.

يقول في ترجمة شيخه « الجعبري » : حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي ، ورويت عنه الحديث ، والقراءات ، وغيرها. ت ٧٤٩ ه‍ ، بتونس (١).

٤ ـ إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن أبو إسحاق الشامي ، نزيل القاهرة ، قرأ على « الجعبري » القرآن الكريم من أوله إلى قوله تعالى : ( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ت بمصر سنة ٧٣٢ ه‍ (٢).

٥ ـ محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن جامع أبو المعالي ابن اللبان الدمشقي ، رحل إلى « الخليل » وقرأ على « الجعبري » نصف حزب جمعا للسبعة ، ثم أقبل على الإقراء فلم ير في زمانه أحسن استحضارا منه للقراءات.

وولي مشيخة الإقراء بالديار الأشرفية ، وبجامع التوبة ، والجامع الأموي ، وأقرأ الناس زمانا ، ورحل الناس إليه من الأقطار ، وبعد صيته ، واشتهر اسمه ، وانتفع به الخلق ت ٧١٥ ه‍ (٣).

٦ ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم شمس الدين البغدادي ، يعرف بالمطرز الكتبي ، رحل إلى « الخليل » وقرأ على « الجعبري » بالقراءات العشر ، ت ٧٤٩ ه‍ (٤).

٧ ـ أحمد بن محمد بن يحيى بن نحلة ـ بحاء مهملة ـ المعروف بسبط السلعوس أبو العباس النابلسي ثم الدمشقي. قرأ القراءات على « الجعبري » « بالخليل » وانتفع به خلق كثيرون ، توفي بدمشق سنة ٧٣٢ ه‍ (٥).

__________________

(١) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ٢ ، ص ١٠٦.

(٢) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٧.

(٣) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ٢ ، ص ٧٢.

(٤) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ٢ ، ص ١٧٩.

(٥) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ١ ، ص ١٣٣.


٨ ـ أبو بكر عبد الله بن أيدغدعي بن عبد الله الشمس الشهير بابن الجندي شيخ القراء بمصر ، قرأ القراءات العشر على الجعبري ، ألف شرحا على الشاطبية تضمن إيضاح شرح « الجعبري » كما ألف كتاب « البستان في القراءات الثلاث عشرة » ت بمصر سنة ٧٦٩ ه‍ (١).

من هذا يتبين أن « الجعبري » كان له الأثر الواضح في تعليم القرآن والقراءات ، فنال بذلك منزلة علمية بارزة مرموقة بين أقرانه ومعاصريه ، فمدحوه ، وأثنوا عليه.

وفي هذا يقول تلميذه « العلامة الحافظ الذهبي » : شيخ بلد الخليل العلامة الجعبري صاحب الفنون ، ومقرئ الشام ، له التصانيف المتقنة في القراءات ، والحديث ، والأصول ، والعربية ، والتاريخ وغير ذلك. اهـ.

وقال تلميذه « ابن جابر الوادي آشي » : « الجعبري » الشيخ الفقيه المقرئ الخطيب ، قاضي بلد الخليل ، حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي ، ورويت عنه الحديث ، والقراءات ، وغيرهما. اهـ (٢).

وقال « صلاح الدين الصفدي » : الشيخ الإمام العلامة الجعبري شيخ القراء ، ألف في كثير من العلوم ، واشتهر ذكره ، وتصانيفه تقارب المائة ، كلها جيدة ، محررة ، رأيته غير مرة ببلد الخليل ، وسمعت كلامه ، وكان حلو العبارة ، ساكنا ، وقورا ، ذكيا ، له قدرة تامة على الاختصار. اهـ (٣).

وقال « اليافعي » : الجعبري الشيخ الجليل الإمام العلامة المقرئ وشيخ القراء صاحب الفضائل الحميدة ، والمباحث المفيدة ، والتصانيف العديدة. اهـ (٤).

__________________

(١) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ، ج ١ ، ص ١٨٠.

(٢) انظر : برنامج الوادي آشى ص ٥١.

(٣) انظر : الوافي بالوفيات ج ٦ ، ص ٧٣.

(٤) انظر : مرآة الجنان ، ج ٤ ، ص ٢٨٥.


وقال « تاج الدين السبكي » : كان « الجعبري » فقيها مقرئا ، متقنا ، له التصانيف المفيدة في القراءات ، والمعرفة بالحديث. اهـ (١).

وقال « جمال الدين الأسنوي » : كان « الجعبري » إماما في القراءات عارفا بالفقه والعربية. اهـ (٢).

وقال « الحافظ ابن كثير » : كان « الجعبري » من المشايخ المشهورين بالفضائل والرئاسة ، والخير والديانة ، والعفة والصيانة. اهـ (٣).

وقال « عبد الرحمن العليمي » : « الجعبري » الشيخ الإمام العالم العلامة القدوة المحقق المقرئ ، شيخ الخليل ، رحل الناس إليه ووليّ مشيخة « الخليل » (٤).

فهذا الثناء العاطر على « الجعبري » يصوّر لنا تصويرا واضحا شخصية هذا العالم المتبحر في العلوم ، فضلا عن علوّ مكانته العلمية ، ومؤلفاته المفيدة ، فقد ترك للمكتبة الإسلامية الكثير من المصنفات في شتى علوم المعرفة : القراءات ، وعلوم القرآن ، وعلوم الحديث ، والفقه وأصوله ، والنحو والصرف ، واللغة ، والبلاغة ، والأدب ، والعروض.

فمؤلفاته في القراءات بلغت ستة عشر مصنفا ، وفي علوم القرآن ثلاثة وثلاثين ، وفي علوم الحديث سبعة عشر ، وفي الفقه أربعة عشر.

توفي « الجعبري » « بالخليل » سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر : طبقات الشافعية للسبكي ، ج ٦ ، ص ٨٢.

(٢) انظر : طبقات الشافعية للاسنوي ج ١ ، ص ٣٨٥.

(٣) انظر : البداية والنهاية لابن كثير ، ج ١٤ ، ص ١٦٠.

(٤) انظر : الأنس الجليل ، ج ٢ ، ص ١٥٣.


رقم الترجمة / ٤

« إبراهيم بن حسن » (١) ت ١٢٢٣ هـ

هو : إبراهيم بن حسن بن أحمد بن محمد اليعمري. وهو من خيرة حفاظ القرآن ، ومن الفقهاء العاملين ، المشهورين بالزهد ، والتقوى ، والعمل بكتاب الله تعالى وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

ولد « إبراهيم بن حسن » سنة أربع وستين ومائة وألف ، وقرأ القرآن الكريم على خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « صالح الجرادي » كما أخذ علومه على عدد من العلماء ، فأخذ الفقه ، والفرائض على « السيد علي بن حسن الصعدي » وأخذ علم السنة على العلامة « الحسين بن عبد الله الكبسي ».

وانتفع بعلمه فعمل به ، وعكف على العبادة ، وتحلّى بالزهد ، وانتهى إليه الورع ، وحسن السمت ، والتواضع ، والاشتغال بخاصة النفس واتفق الناس على الثناء عليه ، والمدح لشمائله. توفي « إبراهيم بن حسن » لعشرين خلت من شهر شوال سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ١١ ، ورقم الترجمة / ٥.


رقم الترجمة / ٥

« إبراهيم الطّبري » (١) ت ٣٩٣ هـ

هو : إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي. ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « إبراهيم الطبري » القراءة عن عدد كبير من خيرة حفاظ القرآن يقول « ابن الجزري » : قرأ « إبراهيم الطبري » على أحمد بن عثمان بن بويان ، وأحمد بن عبد الرحمن الولي ، وأبي بكر النقاش ، وأبي بكر بن مقسم ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وأبي عيسى بكار ، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري ، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم ، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرة بن أبي عمر الطوسي النقاش ، وعبد الوهاب بن العباسي.

وقرأ الحروف على أحمد بن عبد الله بن محمد المكي عن العنزي صاحب البزّي ، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرماسيني عن أبي بكر الأصبهاني وغيره ، وأبي سليمان محمد بن عبد الله بن سلميان بن الطيب بن يوسف السعدي ، الدمشقي عن أحمد بن عبد الله بن ذكوان وعثمان بن أحمد بن عبد الله الدقيقي عن صاحب خلف ، وأبي بكر أحمد جعفر بن أحمد الشعيري عن صاحب أبي حمدون ، وغير هؤلاء كثير (٢).

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ٦ ، ص ١٩ ، ومعرفة القراء ج ١ ص ٣٥٨. وطبقات القراء ، ج ١ ص ٥.

والنجوم الزاهرة ج ٤ ص ٢٠٩. وشذرات الذهب ج ٣ ص ١٤٢.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ص ٥.


وقد رحل « أبو إسحاق الطبري » في سبيل العلم إلى كثير من الأمصار يأخذ عن علمائها ، وفي هذا المعنى يقول « الخطيب البغدادي » : كان « إبراهيم الطبري » أحد الشهود ببغداد ، وذكرني « أبو القاسم التنوخي » أنه شهد أيضا بالبصرة ، وواسط ، والأهواز ، والكوفة ، ومكة ، والمدينة المنورة ، قال : وأم بالناس في المسجد الحرام أيام الموسم وما تقدم فيه من ليس بقرشي غيره.

ثم يقول « الخطيب البغدادي » : وسكن « إبراهيم الطبري » بغداد وحدث بها عن « إسماعيل بن محمد الصفار ، وأبي عمرو بن السمّاك ، وأحمد بن سليمان العباداني ، وعلي بن إدريس الستوري » ومن في طبقتهم وبعدهم. اهـ.

ثم يقول : وكان « أبو الحسن الدار قطني » خرج له خمسمائة جزء ، وكان كريما سخيا مفضلا على أهل العلم ، حسن المعاشرة ، جميل الأخلاق ، وداره مجمع أهل القرآن ، والحديث ، وكان ثقة. اهـ (١).

تصدر « إبراهيم الطبري » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : الحسين بن علي العطار ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني وأبو علي الأهوازي ، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب « الروضة » وأبو نصر أحمد بن مسرور ، وأحمد بن رضوان ، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني ، روى عنه الحروف (٢).

احتل « إبراهيم الطبري » مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه ، يقول « الإمام ابن الجزري » : كان « الطبري » ثقة ، مشهورا ، أستاذا (٣).

توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر : تاريخ بغداد ج ٦ ، ص ١٩.

(٢) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ٥.

(٣) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ٥.


رقم الترجمة / ٦

« إبراهيم بن عمر » (١) ت ٨٨٥ هـ

هو : إبراهيم بن عمر بن حسن بن الربا : بضم الراء بعدها باء موحدة خفيفة ، ابن أبي بكر البقاعي. نزيل القاهرة ثم دمشق.

وهو أستاذ ثقة ضابط حجة ، قارئ ، محدث ، مفسّر ، مؤلف.

ولد تقريبا سنة تسع وثمان مائة بقرية من عمل « البقاع » ثم تحوّل إلى « دمشق » ثم فارقها ودخل بيت المقدس ، ثم رحل إلى « القاهرة » ، وفي القاهرة اتصل بعلمائها وأخذ عنهم القراءات القرآنية ، والفقه ، والنحو ، وغير ذلك من العلوم.

فقد قرأ القراءات على « الجزري » جمعا بالعشرة ، إلى سورة « البقرة ».

وقرأ على « التاج بن بهادر » الفقه ، والنحو.

وأخذ عن « الحافظ ابن حجر ، وأبي الفضل المغربي » وغيرهما وبرع في جميع العلوم وفاق الأقران.

ثم صنف الكثير من الكتب في شتى العلوم ، وفي هذا يقول « محمد بن علي الشوكاني » ت ١٢٥٠ ه‍ :

ومن أمعن النظر في كتاب « إبراهيم بن عمر » الذي جعله في المناسبات بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علمي المعقول ، والمنقول.

__________________

(١) انظر : ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ١٩ ورقم الترجمة / ١٢.


ثم يستطرد « الشوكاني » قائلا : وكثيرا ما يشكل عليّ شيء في الكتاب العزيز فأرجع إلى مطولات التفسير ، ومختصراتها ، فلا أجد ما يشفي ، وأرجع الى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب (١).

وقد رحل « إبراهيم بن عمر » إلى الحجاز فأدّى فريضة الحج ، ثم عاد إلى « القاهرة » وجلس للتعليم ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ويتتلمذون عليه في شتى الفنون. ثم عاد إلى « دمشق » بعد حياة حافلة بطلب العلم ، والتعليم والتصنيف فوافاه الأجل المحتوم وتوفي ليلة السبت ثامن عشر رجب سنة خمس وثمانين وثمانمائة ، ودفن خارج « دمشق » من جهة قبر عاتكة.

وتذكر لنا كتب التاريخ أن « إبراهيم بن عمر » رثى نفسه في حياته فقال :

نعم انني عما قريب لميت

ومن ذا الذي يبقى على الحدثان

كأنك بي أنعى عليك وعندها

ترى خيرا صمّت له الأذنان

فلا حسد يبقى لديك ولا قلى

فينطق في مدحي بأيّ معان

وتنظر أوصافي فتعلم أنها

علت عن مدان في أعزّ مكان

فكم من عزيز بي بذل جماحه

ويطمع فيه ذو شقا وهوان

فيا ربّ من تفجأ بهول يودّه

ولو كنت موجودا لديه دعاني

رحم الله « إبراهيم بن عمر » وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٢٠.


رقم الترجمة / ٧

« إبراهيم بن محمّد » (١) ت ٨٤١ هـ

هو : إبراهيم بن محمّد بن خليل البرهان الطرابلسي الأصل الشاميّ المولد ، الشافعي.

وهو من خيرة العلماء والقراء ، والمحدثين ، والفقهاء ، ولد في ثاني عشر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بالجلّوم : بفتح الجيم ، وتشديد اللام المضمومة ، توفي والده وهو صغير ، فكفلته أمه وانتقلت به إلى « دمشق » فحفظ بها بعض القرآن ، ثم رجعت إلى « حلب » فنشأ بها وأدخلته أمه مكتب الأيتام فأكمل به حفظ القرآن ، وصلى به التراويح في رمضان.

ثم قرأ تجويد القرآن على خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « الحسن السائس المصري ، والشهاب بن أبي الرضى ».

وأخذ الفقه عن جماعة من خيرة الفقهاء منهم : « ابن العجمي » وأخذ الحديث عن مشاهير علماء الحديث ، أمثال : « الزين العراقي ، والبلقيني ، وابن الملقّن » كما أخذ اللغة عن « مجد الدين » صاحب « القاموس المحيط ».

رحل « إبراهيم بن محمد » إلى كثير من الأقطار من أجل العلم والأخذ عن العلماء الثقات. فرحل إلى « مصر » مرتين ، والاسكندرية ، ودمشق ، وبيت المقدس ، وغزة ، والرملة ، ونابلس ، وحماه ، وحمص ، وطرابلس ، وبعلبك.

روي عنه أنه قال : مشايخي في الحديث نحو المائتين ، ومن رويت عنه شيئا

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ورقم الترجمة / ١٦ ج ١ ، ص ٢٨.


من الشعر دون الحديث بضع وثلاثون ، وفي العلوم غير الحديث نحو الثلاثين.

وقد جمع كل أساتذته كل من « النجم بن فهد ، والحافظ بن حجر ». واستقرّ بحلب ، ولما هاجمها « تيمور لنك » طلع بكتبه إلى القلعة ، فلما دخل البلد وسلبوا الناس كان فيمن سلب حتى لم يبق معه شيء ، ثم أسروه وبقي معهم ، إلى أن رحلوا إلى « دمشق » فأطلق سراحه ، ورجع إلى بلده.

وقد اجتهد « إبراهيم بن محمد » في الحديث اجتهادا كبيرا ، وسمع العالي ، والنازل ، وقرأ البخاري أكثر من ستين مرّة ، ومسلما نحو العشرين.

واشتغل بالتصنيف : فكتب تعليقا لطيفا على سنن « ابن ماجة » وشرحا مختصرا على البخاري سماه : « التلقيح لفهم قارئ الصحيح » وهو في أربعة مجلدات. و « المقتضى في ضبط ألفاظ الشفا » في مجلّد. و « نور النبراس على سيرة ابن سيّد الناس » في مجلدين. وكتاب « التيسير على ألفية العراقي » وشرحها مع زيادة أبيات غير مستغنى عنها. وكتاب « نهاية السول في رواة الستة الأصول » في مجلد ضخم ، وكتاب « الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث » في مجلد. وكتاب « التبيين لأسماء المدلسين » في كراستين.

قال « السخاوي » : كان « إبراهيم بن محمد » إماما ، علامة ، حافظا خيّرا ، ديّنا ، ورعا ، متواضعا ، وافر العقل ، حسن الأخلاق ، متخلقا بجميل الصفات ، جميل العشرة ، محبّا للحديث وأهله ، كثير النصح والمحبة لأصحابه ، ساكنا متعففا عن التردد إلى بني الدنيا ، قانعا باليسير ، طارحا للتكلف ، رأسا في العبادة والزهد والورع ، مديم الصيام والقيام ، سهلا في التحدث ، كثير الانصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه خصوصا الغرباء ، مواظبا على الاشتغال ، والاقبال على القراءة بنفسه ، حافظا لكتاب الله ، كثير التلاوة له ، صبورا على الإسماع ، ربما أسمع اليوم كاملا من غير ملل ولا ضجر ، عرض


عليه قضاء الشافعية ببلده فامتنع (١).

لم يزل « إبراهيم بن محمد » على جلالته وعلوّ قدره حتى توفّاه الله تعالى يوم الاثنين سادس عشر شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ، وهو يتلو القرآن ، ولم يغب له عقل ، ودفن بالجبل عند أقاربه.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر : البدر الطالع ج ١ ، ص ١٦.


رقم الترجمة / ٨

« إبراهيم بن محمد » (١) ت ٩٢٣ هـ

هو : إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن مسعود بن رضوان المقدسي ثم القاهري الشافعي. وهو من خيرة القراء ، والفقهاء ، المشهود لهم بالثقة والإتقان.

ولد ليلة الثلاثاء ثامن عشر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وثمان مائة ببيت المقدس ونشأ به.

وحفظ « القرآن » وهو ابن سبع سنين ، ثم جوّده « لابن كثير المكي وأبي عمرو البصري ».

أخذ « إبراهيم بن محمد » علومه عن خيرة العلماء : فأخذ عن « سراج الرومي » العربية ، والأصول ، والمنطق. وعن « يعقوب الرومي » العربية ، والمعاني ، والبيان في البلاغة.

ثم رحل « إبراهيم بن محمد » إلى « القاهرة » ، من أجل الاستزادة من العلم والتقى بالعلماء وأخذ عنهم : فقرأ على « الجلال المحلى » شرحه لجمع الجوامع في أصول الفقه. وقرأ على غيره الكثير من العلوم المتعددة.

ثم رحل إلى « مكة المكرمة » سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة ، وأدى فريضة الحج ، والتقى بعلماء « مكة » وأخذ عنهم ، ومن شيوخه بمكة المكرمة « التقي بن فهد ، وأبو الفتح المراغي ، والمحب الطبري » وغير هؤلاء.

وبعد أن كملت مواهب « إبراهيم بن محمد » ولي قضاء الشافعية بالقاهرة

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٢٦ ، ورقم الترجمة / ١٥.


في ذي الحجة سنة ست وتسعمائة.

وجلس للتدريس واشتهر بين الناس بالثقة ، والضبط ، وأقبل عليه الطلاب واستقر في تدريس تفسير القرآن الكريم بجامع « ابن طولون » وغيره من الجوامع ، والمدارس ، ودرّس عدة فنون.

وعرف عن « إبراهيم بن محمد » قول الشعر ، ومن ذلك قوله :

دموعي قد نمت بسرّ غرامي

وباح بوجدي للوشاة سقامي

فأضحى حديثي بالصبابة مسندا

بمرسل دمعي من جفون دوامي

احتل « إبراهيم بن محمد » مكانة سامية بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول العلامة الشوكاني : برع « إبراهيم بن محمد » في الفنون ، وأذن له غير واحد بالإقراء والإفتاء وصنّف التصانيف منها :

« شرح الحاوي » في مجلّد ضخم ، و « شرح قواعد الإعراب » في نحو عشرة كراريس ، و « شرح العقائد » لابن دقيق العيد ، و « شرح المنهاج الفرعي ».

وله مختصرات كثيرة منها : « تهذيب المنطق للتفتازاني ، والورقات في أصول الفقه ، لإمام الحرمين ، وشذور الذهب في النحو ، وعقائد النسفي ، واختصر الرسالة القشيرية » وله مصنفات غير هذه (١).

ظلّ « إبراهيم بن محمد » يعلّم ، ويصنف ، حتى توفاه الله تعالى يوم الجمعة ثاني شهر المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة ، وصلى عليه الخليفة « المتوكل على الله » العباسي عقب صلاة الجمعة.

__________________

(١) انظر البدر الطالع للشوكاني ج ١ ، ص ٢٦.


رقم الترجمة / ٩

« أحمد بن إبراهيم » (١) ت ٧٠٨ هـ

هو : أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن عاصم بن مسلم بن كعب ، أبو جعفر ، الأندلسي ، النحوي ، القارئ ، المحدث ، الفقيه. وهو من خيرة العلماء الثقات المشهود لهم بالأمانة والثقة.

ولد سنة سبع وعشرين وستمائة.

أخذ « أحمد بن إبراهيم » علومه عن خيرة العلماء : فقد قرأ بالقراءات السبع ، على « أبي الحسن الساوي ». وأخذ الكثير من العلوم عن « إسحاق بن إبراهيم الطوسي » بفتح الطاء ، وإبراهيم بن محمد بن الكمال » وغيرهما.

وبعد أن كملت مواهبه جلس للتعليم ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمة من أخذ عنه « العلامة أبو حيان الأندلسي » وعليه تخرج وصار علاّمة عصره في القراءة ، والحديث.

صنف « أحمد بن إبراهيم » للمكتبة الإسلامية الكتب النافعة المفيدة ، ومن مصنفاته : كتاب في التفسير سمّاه : « ملاك التأويل » وكتاب « تاريخ علماء الأندلس » وغيرهما.

احتلّ « أحمد بن إبراهيم » مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول تلميذه العلاّمة « أبو حيان الأندلسي » : كان « أحمد بن إبراهيم » يحرّر اللغة ، وكان أفصح عالم رأيته ، وتفقه عليه خلق (٢).

وقال غيره : « إنه انفرد بالإفادة ، ونشر العلم ، وحفظ الحديث وتمييز

__________________

(١) انظر : ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٣٣ ، ورقم الترجمة / ٢٠.

(٢) انظر البدر الطالع للشوكاني ج ١ ، ص ٣٤.


صحيحه من سقيمه ».

وقال بعض من ترجم له : « كان ثقة قائما بالمعروف ، والنهي عن المفكر ، دافعا لأهل البدع ، وكان معظّما عند الخاصة ، والعامة » (١).

وبعد حياة حافلة بطلب العلم وتعليمه ، وتصنيف الكتب ، توفي « أحمد بن إبراهيم » سنة ثمان وسبعمائة ، من ثاني عشر شهر ربيع الأول.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه إليه أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر البدر الطالع للشوكاني ج ١ ، ص ٣٤.


رقم الترجمة / ١٠

« أحمد بن إسماعيل » (١) ت ٧٨٣ هـ

وأحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن بريدة ، بالتصغير ، الشهاب الإبشيطي ، القاهري الأزهري الشافعي.

كان رحمه‌الله تعالى من خيرة القراء ، والفقهاء ، والمحدثين ، والمؤلفين. ولد سنة اثنتين وثمان مائة بإبشيط : بكسر الهمزة ثم موحدة ساكنة بعدها شين معجمة ، ثم ياء تحتية ، وطاء مهملة : قرية من قرى المحلة الكبرى من الغربية إحدى مدن مصر ، ونشأ ببلدته ، وحفظ القرآن ، وكذا العمدة ، والتبريزي ، وأخذ الفقه عن « ابن الصواف ، وابن حميد » وتلا القرآن على الشيخ « الرمسيسي ».

ثم انتقل إلى القاهرة في سنة عشرين وثمان مائة ، وقطن بالجامع الأزهر مدّة من الزمن لتلقي العلم عن العلماء ، فأخذ الفقه عن « البرهان البيجوري » والشمس البرماوي » وغيرهما. وأخذ المنطق عن « العز بن عبد السلام » والنحو عن « الشهاب أحمد الصنهاجي » وغيره ، وسمع الحديث عن جماعة منهم : الحافظ ابن حجر ».

وبرع في كثير من العلوم منها : الفقه ، وأصوله ، وعلوم العربية ، والفرائض والحساب ، والعروض ، والمنطق ، وغير ذلك.

تصدّر « أحمد بن إسماعيل » للإقراء ، واشتهر بين الناس بالثقة وكثرة العلم ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. وممن أخذ عنه « البكري ، والجوهري » وغيرهما.

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٣٧. ورقم الترجمة ٢٣.


عرف « أحمد بن إسماعيل » بقول النظم ، ومن نظمه في السبع المنجيات :

المنجيات السبع منها الواقعة

وقبلها ياسين تلك الجامعة

والخمس الانشراح والدخان

والملك والبروج والإنسان

احتلّ « أحمد بن إسماعيل » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين الخاص والعام مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الإمام الشوكاني » : عرف « أحمد ابن اسماعيل » بالزهد ، والعبادة ، ومزيد التقشف ، والإيثار ، والانعزال ، والإقبال على الخير مع قلة ذات يده ، بحيث لم يكن في بيته شيء يفرشه ، لا حصير ولا غيره ، بل كان ينام على « باب ». ثم حج في سنة سبع وخمسين وسبعمائة ، وزار المسجد النبوي الشريف ، وسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وانقطع بالمدينة المنورة ، وعظم انتفاع أهلها به ، وكان ذلك كلمة إجماع ، وصار في غالب السنين يحج من المدينة المنورة ، ثم جاور بمكة ، في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة (١).

ترك « أحمد بن إسماعيل » للمكتبة الإسلامية بعض التصانيف منها : « ناسخ القرآن ومنسوخه » ونظم « أبي شجاع » في الفقه الشافعي ، ونظم « الناسخ والمنسوخ » للبارزي ، وشرح « الرحبية » و « المنهج » ، و « مختصر ابن الحاجب » و « تصريف ابن مالك » وإيساغوجي ، والخزرجية ، وغير ذلك.

وبعد هذه الحياة المزهرة بالعلم ، والتصنيف ، والتعليم ، توفي « أحمد بن إسماعيل » بالمدينة المنورة بعد عصر يوم الجمعة تاسع رمضان سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. ودفن بالبقيع بالقرب من قبر الإمام مالك رحمهما الله تعالى.

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٣٨.


رقم الترجمة / ١١

« أحمد بن إسماعيل » (١) ت ٧٩٣ هـ

هو : أحمد بن إسماعيل بن عثمان التبريزي القاهري ، ثم الرومي الشافعي عالم بلاد الروم. وهو من خيرة العلماء في القراءات ، والفقه ، والحديث ، والنحو.

ولد سنة ثلاث عشرة وثمان مائة بقرية من « كوران » ثم حفظ « القرآن الكريم » وقرأ بالسبعة على « القزويني البغدادي » وقرأ عليه « الكشاف » وحاشيته « للتفتازاني ».

كما أخذ عن « القزويني البغدادي » الكثير من العلوم مثل : النحو ، والبيان ، والمعاني ، والعروض ، والفقه ، وغير ذلك. كما أخذ عن « الجلال الحلواني » علوم العربية ، وهكذا اشتغل بتحصيل العلوم حتى برع في علوم العربية ، والبلاغة وغير ذلك من العلوم العقلية.

ثم جال في « بغداد ، وديار بكر » وبعد ذلك رحل إلى « دمشق » في حدود الثلاثين وثمان مائة فلازم « العلاء البخاري » وانتفع به.

ثم قدم مع شيخه « الجلال الحلواني » بيت المقدس ، وقرأ عليه في كتاب « الكشاف » للتفتازاني.

ثم قدم « القاهرة » في حدود سنة خمس وثلاثين وثمان مائة ، وهو فقير جدّا ، فأخذ عن « ابن حجر » « البخاري » وشرح الألفية للعراقي ، ولازمه. وسمع صحيح مسلم عن « ابن الزركشي » ولازم الشيخ « الشرواني » كثيرا وقرأ عليه « صحيح مسلم والشاطبية ». ولازم حضور مجالس العلماء كمجلس قراءة البخاري بحضرة « السلطان » وغيره. واتصل بالكمال البازري فنوّه به

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٣٩. ورقم الترجمة ٢٤.


حتى اشتهر ، وناظر الأماثل.

واشتهر بالطلاقة ، والبراعة حتى ذاع صيته فانثالت عليه الدنيا وأتته طائعة.

جلس « أحمد بن إسماعيل » للتعليم واشتهر بين الناس بالثقة وكثرة العلم وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه ، وانتفع به الكثيرون.

ثم خرج من « القاهرة » وعاد إلى « الروم » وعظم أمره عند ملك « الروم » وحسنت حاله بحيث لم يكن عند السلطان « محمد مراد » أحظى منه ، وما زال يترقى في المناصب حتى استقر في قضاء العسكر ، ثم انتقل من قضاء العسكر إلى منصب الفتوى ، وتردد إليه الأكابر.

وقد مدح « السلطان محمد مراد » بعدة قصائد ، ومما جاء فيها :

هو الشمس إلا أنه الليث باسلا

هو البحر إلا أنه مالك البرّ

صنّف « أحمد بن إسماعيل » بعض الكتب النافعة المفيدة منها : شرح على البخاري ، وعمل تفسيرا للقرآن الكريم.

ثم أنشأ « باسطنبول » جامعا ومدرسة سمّاها « دار الحديث » وانثالت عليه الدنيا ، وعمّر الدور ، وانتشر علمه.

ولم يزل على جلالته حتى مات في أواخر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وصلى عليه السلطان.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ١٢

« أحمد التّستري » (١)

هو : أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل أبو العباس العجلي التستري نزيل الأهواز.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ. ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « التستري » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن محمد ابن عبد الصمد الرازي ، والخضر بن الهيثم الطوسي ، ومحمد بن موسى الزينبي ، وأحمد بن شبيب » (٢).

تصدر « التستري » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « أبو علي الأهوازي » (٣).

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « التستري » إلا أن « الحافظ الذهبي » قال : بقي إلى قريب الثمانين وثلاثمائة من الهجرة.

رحم الله « التستري » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في : معرفة القراء ج ١ ص ٣٣٨ وطبقات القراء ج ١ ، ص ١٢٣.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ١٢٣.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٣٨.


رقم الترجمة / ١٣

« أحمد بن حجر العسقلانيّ » (١) ت ٨٥٢ هـ

هو : أحمد بن علي بن محمد بن أحمد أبو الفضل العسقلاني القاهري الشافعي ، المعروف بابن حجر ، وهو لقب لبعض آبائه ، الحافظ الكبير الإمام الشهير المنفرد بمعرفة الحديث وعلله في الأزمنة المتأخّرة.

ولد بمصر على ضفاف النيل في ثاني عشر شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ، وماتت أمه قبل ذلك ، فنشأ يتيما محروما من حنان الأب ، وعطف الأم ، فربّي في كنف أحد أوصيائه « الزكيّ الخروبيّ » ودخل الكتّاب وله خمس سنين ، وحفظ القرآن وله تسع سنين ، وحباه الله بفضله ، فكان له ذكاء نادر ، وسرعة بديهة ، فيحكى أنه حفظ « سورة مريم » في يوم واحد ، وكان يحفظ الصحيفة من « كتاب الحاوي » من مرتين : الأولى تصحيحا ، والثانية قراءة في نفسه ، ثم يعرضها حفظا في المرّة الثالثة ، كما حفظ ألفية الحديث للعراقي ، ومختصر ابن الحاجب في أصول الفقه.

أخذ « أحمد بن حجر العسقلاني » سائر علومه عن مشاهير علماء عصره ، إذ أدرك من الشيوخ جماعة كل واحد رأس في فنّه الذي اشتهر به. فالشيخ « التنوخي » في علم القراءات ، و « العراقي » في الحديث ، و « البلقيني » في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع ، و « ابن الملقّن » في كثرة التصانيف و « المجد » صاحب القاموس في حفظ اللغة ، و « العزّ بن جماعة » في تفننه في علوم كثيرة ، بحيث كان يقول : أنا أقرأ في خمسة عشر علما لا يعرف علماء عصري أسماءها.

وقد منّ الله تعالى على « ابن حجر » فحجّ في أواخر سنة أربع وثمانين وسبعمائة ، وجاور بمكة المكرمة في السنة التي بعدها ، وكان وصيّه « الزكيّ

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٨٧ ، ورقم الترجمة ٥١.


الخروبي » كبير تجار مصر قد جاور في تلك السنة ، استصحبه معه ، وسمع في تلك السنة « صحيح البخاري » على « مسند الحجار : الشيخ عفيف الدين عبد الله النشاوري » خاتمة أصحاب الإمام رضي الدين الطبري.

ثم حبّب الله « لابن حجر » فن الحديث فأقبل عليه بكليته ، من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة ، فما بعدها ، فعكف على الشيخ « الزين العراقي » وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سندا ، ومتنا ، وعللا ، واصطلاحا ، وارتحل إلى بلاد الشام ، والحجاز ، واليمن ، ومكة المكرمة ، وما بين هذه النواحي ، وأكثر جدّا من المسموع ، فسمع العالي والنازل ، واجتمع له من ذلك ما لم يجتمع لغيره.

وكان « ابن حجر » رحمه‌الله تعالى تفقه على الشيخ « البلقيني ، والبرماوي ، وابن الملقّن ، والعزّ بن جماعة » وعليه أخذ غالب العلوم الآلية ، والأصولية مثل : « المنهاج ، وجمع الجوامع ، وشرح المختصر ، والمطوّل ». احتل « ابن حجر » مكانة سامية بين الجميع ، وقد أثنى عليه الكثيرون. وفي هذا يقول « الإمام الشوكاني » :

درّس « ابن حجر » بمواطن متعددة ، واشتهر ذكره ، وبعد صيته ، وارتحل إليه العلماء ، وأخذ عنه الناس طبقة بعد طبقة ، وألحق الأصاغر بالأكابر ، وامتدحه الكبار ، وتسابق فحول الشعراء بمطارحته ، إذ كان له يد طولى في الشعر.

وقد أورد منه جماعة من الأدباء المصنفين أشياء حسنة جدّا ، وكلهم بعلوّ درجته في ذلك ، ومن شعره قوله :

خليليّ ولّى العمر منا ولم نتب

وننوي فعال الصالحات ولكنّا

فحتى متى نبني البيوت مشيّدة

وأعمارنا منا تهدّ وما تبنى


ومن شعره أيضا :

ثلاث من الدنيا إذا هي أقبلت

لشخص فلا يخشى من الضرّ والضير

غنى عن بنيها والسلامة منهم

وصحّة جسم ثم خاتمة الخير

وكان رحمه‌الله تعالى مصمما على عدم الدخول في القضاء ، ثم شاء الله تعالى أن ولاه « المؤيّد بالله » الحكم في بعض القضايا ، ثم عرض عليه الاستقلال به ، وألزم من أحبائه بقبوله فقبل ، واستقرّ في القضاء من شهر المحرّم سنة سبع وعشرين وثمان مائة ، بعد أن كان يعرض عليه قبل ذلك وهو يأبى ، ثم ندم على ذلك ، وتزايد ندمه على القبول ، وصرّح بأنه جنى على نفسه بذلك ، ولم يلبث أن صرف عنه ، ثم اعيد إليه ، ولا يزال كذلك إلى أن أقلع عنه في جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ، ثم زهد في القضاء زهدا كبيرا من كثرة ما توالى عليه من المحن والإنكار بسببه ، وصرح بأنه لم يبق في بدنه شعرة تقبل اسم القضاء.

قال تلميذه « الإمام السخاوي » : « وجميع مدد قضائه إحدى وعشرون سنة ، ثم انقطع للعلم فبرز فيه ، وبعد صيته ، ورحل الأئمة إليه ، ونزح إليه التلامذة من كل قطر للتزوّد منه. فكان رئيس العلماء من كل مذهب ، وبكل قطر ، وانتشرت جملة من تصانيفه في حياته ، وأقرأ الكثير منها ، وتهادتها الملوك ، وكتبها الأكابر ، وسارت في كل قطر مسير الشمس ، ولو لم يكن له إلا شرح البخاري لكان كافيا في علوّ قدره » اهـ (١).

ولما كمّل شرح البخاري تصنيفا ، وقراءة ، عمل رحمه‌الله تعالى وليمة عظيمة بالمكان الذي بناه « المؤيد بالله » خارج القاهرة في يوم السبت ثامن شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة.

__________________

(١) انظر مقدمة الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ج ١ ، ص ١٢.


وقرأ رحمه‌الله تعالى المجلس الأخير هنالك ، وجلس « ابن حجر » على الكرسي.

قال تلميذه « السخاوي » : « وكان يوما مشهودا لم يعهد أهل العصر مثله بمحضر من العلماء ، والقضاة ، والرؤساء ، والفضلاء ، وقال الشعراء في ذلك فأكثروا ، وفرّق عليهم الذهب » (١).

وقد شهد له شيخه « العراقي » بأنه أعلم أصحابه بالحديث.

وقال كلّ من « التقيّ الفاسي والبرهان الحلبي » : ما رأينا مثله وفيه يقول « التقيّ بن فهد » : هو علامة حافظ محقق ، متين الديانة ، حسن الأخلاق ، لطيف المحاضرة ، جيّد التعبير ، عديم النظير ، لم تر العيون مثله (٢).

وتجمع كتب التراجم على أن « ابن حجر » تصدى لنشر الحديث وقصر نفسه عليه مطالعة ، وإقراء ، وتصنيفا ، وتفرد بذلك ، وشهد له بالحفظ والاتقان القريب والبعيد ، والعدوّ والصديق ، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع.

وزادت تصانيف « ابن حجر » على مائة وخمسين مصنفا ، وفيها يقول « التقيّ بن فهد » إن أولاها في التقديم « فتح الباري شرح البخاري » في بضعة عشر مجلدا ، ومقدمة في مجلّد ضخم يشتمل على جميع مقاصد الشرح سوى الأسئلة فإنها حذفت منها.

و « فتح الساري لمقدمة فتح الباري » و « تهذيب التهذيب » وهو اختصار « لتهذيب الكمال » للمزّي ، مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر ، ثم لخصه في مجلد سمّاه : « تقريب التهذيب » وكتاب « الإصابة في تمييز

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٩٠.

(٢) انظر مقدمة الدرر الكامنة ج ١ ، ص ١٢.


الصحابة » و « مسند الشافعي » وأحمد والدارمي ، وابن خزيمة » و « منتقى » ابن الجارود ، وابن حبّان ، و « المستخرج » لأبي عوانة ، و « المستدرك » للحاكم ، و « شرح معاني الآثار » للطحاوي ، و « السنن » للدارقطني و « لسان الميزان » ، و « الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة » و « الأحكام لبيان ما في القرآن » و « الاستدراك على تخريج أحاديث الإحياء » ، و « تحفة أهل الحديث عن شيوخ الحديث » ، و « رفع الإصر عن قضاة مصر » وغير ذلك من الكتب النافعة ، والرسائل المفيدة.

ولم يزل « ابن حجر » على جلالة قدره في العلم ، ومداومته على أنواع الخيرات ، حتى لفظ آخر أنفاسه بمنزله بعد العشاء من ليلة السبت ثامن عشر ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمان مائة. وكان من بين من حضر الصلاة عليه السلطان « الملك الظاهر جقمق » وأتباعه.

رحم الله « ابن حجر » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ١٤

« أحمد بن حسين » (١) ت ٨٤٤ هـ

هو : أحمد بن حسين بن حسن بن علي بن أرسلان أبو العباس الرملي الشافعي ، نزيل بيت المقدس. القارئ ، المحدث ، المفسّر ، النحوي ، اللغوي ، الثقة ، المؤلف.

ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ، وقيل سنة خمس وسبعين وسبعمائة ، بالرملة ، ونشأ بها.

وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين ، ثم اشتغل بتحصيل النحو ، واللغة ، والشواهد. فقرأ كتاب « الحاوي » على « القلقشندي ، وابن الهائم » كما أخذ عن « القلقشندي » علم الفرائض.

وبعد أن كملت مواهبه تولى التدريس بالخاصية ، ودرّس بها مدّة ثم تركها ، وأقبل على الله تعالى ، وعلى العمل تبرعا لله تعالى.

كما أخذ « أحمد بن حسين » الحديث ، والفقه ، والتفسير ، وأصول الفقه عن عدد من العلماء ، وهكذا كان كل همّه تحصيل العلم حتى صار إماما في كثير من العلوم ، مع شدة حرصه على سائر أنواع الطاعات لله تعالى آخذا على أيدي الظلمة ، لا يهمّه في الله لومة لائم ، تاركا لقبول ما يعرض عليه من حطام الدنيا ووظائفها.

ومما يدلّ على شدّة عزوفه عن الدنيا أن « الأمير حسام الدين » جدّد بالقدس مدرسة ، وعرض عليه مشيختها فأبى ، بل كان يمتنع من أخذ ما

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٤٩. ورقم الترجمة ٣٠.

وانظر الضوء اللامع ج ١ ، ص ٢٨٢.


يرسل به « الأمير حسام الدين » وغيره إليه من المال ليفرقه على الفقراء.

لقد كان كل اتجاهه إلى المحافظة على الأمر بالمعروف ، والنهي عند المنكر ، والإعراض عن الدنيا ، وما زال في ازدياد من الخير والعلم حتى صار المشار إليه بالزهد والتقوى.

احتلّ « أحمد بن حسين » مكانة مرموقة بين الناس مما جعلهم يثنون عليه ، ومن هذا يقول « الإمام السخاوي » : هو في الزهد ، والورع ، والتقشف ، وإتباع السنة ، وصحة العقيدة كلمة إجماع ، بحيث لا أعلم في وقته من يدانيه في ذلك ، وانتشر ذكره ، وبعد صيته ، وشهد بخيره كل من رآه. اهـ (١).

وقال عنه « ابن أبي عذيبة » : كان « أحمد بن حسين » شيخا طويلا ، تعلوه صفرة ، حسن المأكل والملبس ، والملتقى ، له دعوات مستجابات. اهـ (٢).

اشتغل « أحمد بن حسين » بالتصنيف ، وترك للمكتبة الإسلامية ، بعض المصنفات منها : كتاب في التفسير ، وشرح لسنن « أبي داود » في أحد عشر مجلدا ، ومختصر « ابن الحاجب » في أصول الفقه. وله منظومة في القراءات الثلاث الزائدة على القراءات السبع.

وما زال على وصفه الجميل حتى توفاه الله تعالى يوم الأربعاء ، رابع عشر شعبان سنة أربع وأربعين وثمان مائة.

حكى « الإمام السخاوي » : أنه لما ألحد في القبر ، سمعه الحفّار يقول : « رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ».

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر البدر الطالع للشوكاني ج ١ ، ص ٥٠.

(٢) انظر البدر الطالع للشوكاني ج ١ ، ص ٥٠.


رقم الترجمة / ١٥

« أحمد بن الحسين » (١)

هو : أحمد بن الحسين بن علي زبارة ؛ بفتح الزاي بعدها باء موحدة وبعد الألف راء مهملة. نسبة إلى محل يقال له : زبار في بلاد حولان.

وهو من علماء القراءات المشهود لهم بالثقة ، ومن الفقهاء وعلماء الأصول. ولد سنة ست وستين ومائة وألف ، وقرأ على مشايخ صنعاء ، ومن جملة مقروءاته « القراءات السبع » تلاها على الشيخ العلاّمة « هادي بن حسين » وقرأ النحو ، والصرف ، والمعاني ، والبيان ، والأصول على عدد من مشايخ صنعاء وفي مقدمتهم : العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي ، وقرأ الفقه على الفقيه الشيخ أحمد بن عامر ، والشيخ سعيد بن إسماعيل الرشيدي. وقرأ في الحديث على الشيخ الحسين بن يحيى الديلمي ، وفي التفسير على الشيخ المغربي.

وبرع في أكثر هذه المعارف ، وأفتى ، ودرّس ، وصار من شيوخ العصر يقول « الإمام الشوكاني » عنه : ورافقني في قراءة التفسير على شيخنا المغربي ، وحضر في قراءة الطلبة عليّ في شرحي للمنتقى ، وطلب مني إجازته له ، وقد جاء في طلبه الإجازة النظم الآتي :

قاضي المسلمين جد بالإجازة

في علوم مسموعة مجازه

من كتاب وسنة وأصول

شاملات حقيقة مجازه

عن رءوس في العلم كانوا رواسي

يعجز الطير في التعالي مجازه

ثم يقول « الشيخ الشوكاني » : « وقد كنت في أيام الصغر حضرت عنده وهو يقرأ في شرح « الفاكهي » للملحة ، وهو أكبر مني ، فإنه كان إذ ذاك في

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ١٣٠ ورقم الترجمة ٨١.


نحو ثلاثين سنة ، وهو حسن المحاضرة ، جميل المروءة ، كثير التواضع ، لا يعدّ نفسه شيئا ، يعتريه في بعض الحالات حدّة ثم يرجع سريعا وقد يقهرها بالحلم ، وليس بمتصنع في ملبسه وجميع شئونه ، وبيني وبينه مجالسة ومؤانسة ، ومحبّة أكيدة من قديم الأيام ، ولما كان شهر رجب سنة ١٢١٣ ه‍ صار قاضيا من جملة قضاة الحضرة المنصورية ، وعظمه الإمام تعظيما كبيرا بعد أن أشرت عليه وعرفته بجليل مقداره » (١).

وقد ترجم له « السيد الحافظ عبد الكريم » ، فقال : هو السيد المحقق المدقق المجتهد ، إمام الفروع والأصول ، والحديث ، والتفسير ، والنحو ، والصرف ، واللغة ، بلا منازع ولا مدافع.

أخذ العلم عن أبيه العلامة « يوسف بن الحسين زبارة » وغيره ، وعليه مدار أسانيد كتب أصحابنا ، والبخاري ، ومسلم ، وسائر الأمهات ، والمسانيد ، وكان مواظبا على الدرس والتدريس ، وتعلق بالقضاء ، فلم يمنعه ذلك من نشاطه وعلوّ همّته. وقد أخذ عنه جماعة من علماء « صنعاء » كالإمام الناصر عبد الله ابن الحسن بن أحمد بن المهدي ، وغيره.

وجلّ علماء صنعاء عالة عليه ، وله رسائل ، ومسائل ، وأجوبة مفيدة نافعة ، وأجلّها مؤلفه الذي كمّل به « كتاب الاعتصام » للإمام المنصور بالله القاسم ابن محمد ، لأن الإمام القاسم رحمه‌الله إنما بلغ فيه إلى آخر كتاب الصيام فأكمله من كتاب الحج ، إلى كتاب السّير فجاء كتابا نفيسا ، سلك فيه مسلك الإمام القاسم في نقل الحديث أولا من كتب الأئمة من أهل البيت وشيعتهم ، ثم من كتب المحدثين مع بيان ما يحتاج إلى البيان ، وهو أكبر دليل على شدة اطّلاعه ، وقوة ساعده ، وباعه ، وسمّى هذه التتمة « أنوار التمام المشرقة بضوء الاعتصام ». ولم يزل ملازما للتدريس بجامع « صنعاء » حتى توفاه الله تعالى

__________________

(١) انظر هامش الضوء اللامع ج ١ ، ص ١٣٠.


سعيدا حميدا. اهـ (١).

وقد أثنى عليه بعض العلماء بقوله : « السيد أحمد بن يوسف ، اشتغل بعلم القراءات السبع ، ومهر في الفروع ، وحقق فيها تحقيقا شافيا واشتغل بالآلات ، وأصول الديانات ، وحقق في النحو تحقيقا بديعا وشارف على المنطق وأصول الفقه ، ثم مال إلى كتب السنة فراجعها ، وأخذ عن أكبر الشيوخ ، ولزم حضرة الحافظ عبد الله بن محمد الأمير ، رحمه‌الله » (٢).

__________________

(١) انظر هامش الضوء اللامع ج ١ ، ص ١٣٠.

(٢) انظر هامش الضوء اللامع ج ١ ، ص ١٣٠.


رقم الترجمة / ١٦

« أحمد بن رجب » (١) ت ٨٥٠ هـ

هو : أحمد بن رجب بن طيبغا المجدي بن الشهاب القاهري ، الشافعي ، وهو من القراء ، والفقهاء ، واللغويين.

ولد سنة سبع وستين وسبعمائة بالقاهرة ، ونشأ بها ، وحفظ القرآن على خيرة العلماء.

ثم اتجه لتحصيل العلم ، فأخذ عن خيرة العلماء الكثير من العلوم. فأخذ عن « التّقي بن عز الدين الحنبلي » الفرائض ، والحساب ، وأخذ علوم العربية عن « الشمس العجيمي ».

ثم جدّ في طلب العلم واجتهد ، وتقدم في الفنون مع ذكاء مفرط ، وصار رأسا في أنواع الحساب ، والهندسة ، والهيئة ، والفرائض وأشير إليه بالتقدم في كثير من العلوم ، وانتفع به الكثيرون ، ولازموه وأخذوا عنه.

ثم عيّن مدرسا بالمدرسة الجانبكية ، واشتهر عنه أنه كان يقدّم الكثير من المساعدات إلى الطلبة الفقراء. واشتهر عنه أيضا التواضع ، والأمانة ، والسمت الحسن ، مع إيراد النكتة النادرة اللطيفة.

وكان رحمه‌الله تعالى يفضل البعد عن الناس ، ويفضل المكث في بيته الذي كان بجوار الأزهر.

وله شعر جيّد ، ومما أثر عنه قوله :

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٥٦ ؛ ورقم الترجمة ٣٤. والضوء اللامع ج ١ ، ص ٣٠٠.


فقلت للقلب لما ضاق مضطربا

وخانني الصبر والتفريط والجلد

دعها سماوية تجري على قدر

لا تعترضها بأمر منك تنفسد

فخصّني بخفيّ اللطف خالقنا

نعم الوكيل ونعم العون والمدد

اشتغل « أحمد بن رجب » بالتصنيف ، ومن مصنفاته : « إبراز لطائف الغوامض في إحراز صناعة الفرائض » ، « إرشاد الحائر في العمل بربع الدوائر » ، « المنهل العذب الزلال في معرفة حساب الهلال » ، « استخراج التواريخ بعضها من بعض ». إلى غير ذلك من التصانيف المفيدة.

وما زال مستمرا على حاله الحسن الجميل حتى توفاه الله تعالى ليلة السبت حادي عشر ذي القعدة سنة خمسين وثمانمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ١٧

« أحمد بن رضوان » (١) ت ٤٢٣ هـ

هو : أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس بن إسحاق بن عطية بن عبد الله بن سعد التميمي أبو الحسن الصيدلاني البغدادي.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « أحمد بن رضوان » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو الحسن بن العلاف ، وأبو الفرج النهرواني ، وبكر بن شاذان ، وإبراهيم بن أحمد الطبري ، وأبو الحسن الحمامي ». كما أخذ « أحمد بن رضوان » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء.

وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « سمع أبا طاهر المخلص ، وأبا القاسم الصيدلاني ، ومن بعدهما ، وكان آخر القراء المذكورين بحسن الحفظ ، وإتقان الروايات ، وضبط الحروف ، وله في ذلك تصانيف ». اهـ.

تصدّر « أحمد بن رضوان » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه وفي مقدمة هؤلاء : « عبد السيّد بن عتاب » فقد قرأ عليه القراءات بمضمن كتاب الواضح في القراءات العشر ، كما حدث عنه ولده « أبو طاهر ابن أحمد بن رضوان ».

وكان « ابن رضوان » من خيرة علماء القراءات ضبطا وإتقانا. وقد صنف

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ٤ ، ص ١٦١. غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٧.


من ذاك كتاب « الواضح في القراءات العشر ».

احتل « ابن رضوان » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « أنبأنا المسلّم بن محمد ، أخبرنا الكندي ، أخبرنا القزّاز ، حدثنا « أبو بكر الخطيب » في تاريخه قال : كان أحمد بن رضوان ، أحد القراء المذكورين بإتقان الروايات ، له في ذلك تصانيف ، توفي وهو شاب ، وقد كان الناس يقرءون عليه حياة « الحمامي » لعلمه ، حضرته ليلة في الجامع فقرأ فيها ختمتين قبل أن يطلع الفجر » اهـ (١).

إنه لعمل جليل يغبط عليه ، إذ كان يقرأ ختمتين كاملتين في ليلة واحدة ، وقد أخبر الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام بأن من قرأ شيئا من القرآن كان له بكل حرف عشر حسنات ، من هذا يتبين مدى الأجر العظيم الذي فاز به « ابن رضوان » فهنيئا له بهذا الثواب الجزيل.

كما أثنى عليه « ابن الجزري » حيث قال : « أحمد بن رضوان الأستاذ أبو الحسن الصيدلاني البغدادي حاذق متقن » اهـ (٢).

توفي « ابن رضوان » سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤.


رقم الترجمة / ١٨

« أحمد بن سليمان الطّنجي » (١) ت ٤٤٦ هـ

هو : أحمد بن سليمان بن أحمد أبو جعفر الكتّاني : بفتح الكاف ، وتشديد التاء المفتوحة ، وهذه النسبة إلى « الكتان » المشهور. الأندلسي الطنجي : بفتح الطاء المهملة ، وسكون النون ، نسبة الى « طنجة » من بلاد المغرب.

رحل إلى كثير من المدن والبلاد. يعرف بابن أبي الربيع ، أحد القراء بالأندلس ، وحجة القراءات بها.

أخذ « أحمد الطنجي » القراءة على خيرة العلماء.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

وفي مقدمة شيوخ « أحمد الطنجي » الذين أخذ عنهم القراءات : محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري ، وأذفو : بضم الهمزة ، وسكون الذال المعجمة ، وفاء ، مدينة حسنة بالقرب من « أسوان » من مدن « مصر ».

ولد « الأذفوي » سنة أربع وثلاثمائة ، وتوفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. أخذ « أبو بكر الأذفوي » القراءة عرضا عن « المظفر بن أحمد بن حمدان » وسمع الحروف من « أحمد بن إبراهيم بن جامع ، وسعيد بن السكن ، والعباس ابن أحمد ، ولزم « أبا جعفر النحاس » وروى عنه كتبه.

وروى عنه القراءة « محمد بن الحسين بن النعمان ، والحسن بن سليمان ، وعبد

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٣٩٧. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٨.


الجبّار بن أحمد الطرسوسي ، وابنه أبو القاسم ، وعتبة بن عبد الملك ، وأبو الفضل الخزاعي ».

بلغ « أبو بكر الأذفوي » مكانة مرموقة مما استوجب ثناء العلماء عليه ، يقول « الإمام الداني » ت ٤٤٤ ه‍ :

« انفرد « الأذفوي » بالإمامة في دهره في قراءة « نافع » رواية « ورش » مع سعة علمه ، وبراعة فهمه ، وصدق لهجته ، وحسن اطلاعه ، وتمكنه من علم العربية ، وبصره بالمعاني » (١).

وقال « الحافظ الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ : « برع أبو بكر الأذفوي في علوم القرآن ، وكان سيّد أهل عصره بمصر ، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلدا » (٢) سمّاه « الاستغناء في علوم القرآن » ألفه في اثنتي عشرة سنة ، توفي « الأذفوي » بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة.

ومن شيوخ « أحمد الطنجي » : عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون ، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر ، وهو أستاذ ماهر ، كبير ، محرر ضابط ، ثقة صالح ، ديّن.

ولد « عبد المنعم بن غلبون » ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب ، وانتقل إلى « مصر » فسكنها.

روى القراءة عرضا وسماعا عن « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وإبراهيم بن محمد ابن مروان ، وأحمد بن محمد بن بلال ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي ، وأحمد بن الحسين النحوي ، وأحمد بن موسى ، وجعفر بن سليمان ، والحسين بن

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ١٩٨.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ١٩٩.


خالويه ، والحسن بن حبيب الحصائري ، وصالح بن إدريس ، وعبد الله بن أحمد ابن الصقر ، وعلي بن محمد المكي ، وعمر بن بشران ، ومحمد بن جعفر الفريابي ، ومحمد بن علي العطوفي ، ويحيى بن بذي ، ونجم بن بدر ، وصالح بن إدريس ، ونصر بن يوسف ، ونظيف بن عبد الله ، ومحمد بن سنان ، بواسطة إبراهيم بن عبد الرزاق.

وأخذ القراءات عن « عبد المنعم بن غلبون » عدد كبير ، وفي مقدمتهم : ولده أبو الحسن طاهر ، وأحمد بن علي الرّبعي ، بفتح الباء ، نسبة إلى « ربيعة ابن نزار » وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي ، وأحمد بن عليّ تاج الأئمة ، وأحمد بن نفيس ، والحسن بن عبد الله الصقلي ، وخلف بن غصن ، وأبو عمر الطلمنكي ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان ، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي ، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله ، ومكي بن أبي طالب القيسي ، وأحمد بن الربيع الطنجي.

صنف « طاهر بن غلبون » كتاب « الإرشاد » في القراءات السبع ، وهو الآن تحت التحقيق والإخراج.

احتلّ « طاهر بن غلبون » مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه ، يقول « الحافظ أبو عمرو الداني » ت ٤٤٤ ه‍ :

كان « طاهر بن غلبون » حافظا للقراءة ، ذا عفاف ونسك ، وفضل ، وحسن تصنيف (١).

تصدر « أحمد الطنجي » لتعليم القرآن ، وأقرأ الناس « ببجانة » وهي مدينة بالأندلس من أعمال « كورة البيرة » بينها وبين « المرية » فرسخان ، والمريّة بفتح الميم وكسر الراء ، وتشديد الياء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٧١.


وعمّر دهرا طويلا ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : موسى بن سليمان أبو عمران اللخمي ، المقرئ نزيل « المريّة » وهو مقرئ مشهور له أسانيد في قراءته ، فقد قرأ ايضا على « مكي بن أبي طالب حموش ، وأحمد بن الربيع صاحب السامري » وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن تلاميذه : « أحمد بن عبد الرحمن القصبي ، وو عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي ، ومحمد بن الحسن بن غلام الفرس » ، وكان عالي الإسناد.

قال « ابن بشكوال » : توفي « أحمد بن الربيع الطنجي » سنة ستة وأربعين وأربعمائة من الهجرة بالمرية.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ١٩

« أحمد بن عبد الله » (١) ت ٨٢٢ هـ

هو : أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرح الغزّي ثم الدمشقي الشافعي ، وهو من القراء والفقهاء ، والمحدثين ، والمؤلفين.

ولد في ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة بغزّة ، ونشأ بها ، فحفظ القرآن ، ثم أخذ عن قاضيها « العلاء علي بن خلف » وسمع عليه صحيح البخاري.

ثم رحل إلى « دمشق » بعد الثمانين ، فاستقر بها ، وأخذ بها العلم عن جماعة من أهلها. ثم رحل إلى « القدس » فأخذ عن « التقيّ القلقشندي ». وبرع في الفقه ، وأصوله ، وشارك في غيرهما من العلوم ، مع مذاكرة حسنة في الحديث ، ومتعلقاته.

وناب في الحكم عن « الشمس الإخنائي » وولّي إفتاء دار العدل.

كما اشتغل بالتدريس في عدة أماكن ، واشتهر برئاسة الفتوى بدمشق. كما تصدر للإقراء وتعليم القرآن.

احتل « أحمد بن عبد الله » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة ، مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الإمام الشوكاني » :

لم يبق في أواخر عمره من يقاربه ، وله تصانيف منها : « شرح الحاوي الصغير » في أربعة مجلدات ، و « شرح جمع الجوامع » في أصول الفقه. وشرح مختصر المهمات للأسنوي في خمسة أسفار ، وحج من دمشق غير مرّة وجاور بمكة ثلاث سنين متفرقة ، وكانت وفاته بها مبطونا في ظهر يوم الخميس

__________________

(١) انظر ترجمته بالبدر الطالع ج ١ ، ص ٧٥ ورقم الترجمة ٤٢.


سادس شوال سنة اثنين وعشرين وثمان مائة وصلّي عليه عند « باب الكعبة » ودفن في مقبرة « المعلى » (١).

قال « ابن حجر » (٢) في أنبائه : وبلغني أن صديقه « النجم المرجاني » رآه في النوم فقال له : ما فعل الله بك؟ فتلا عليه قول الله تعالى ( يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) (٣).

رحم الله « أحمد بن عبد الله » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٧٥.

(٢) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٧٥.

(٣) سورة يس الآيتان ٢٦ و ٢٧.


رقم الترجمة / ٢٠

« أحمد بن عرب شاه » (١) ت ٨٥٤ هـ

هو : أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن أبي نصر بن عرب شاه الدمشقي الأصل ، الرومي الحنفي ، ويعرف بالعجمي ، وبابن عرب شاه ، وهو الأكثر. وهو من القراء ، والفقهاء ، والأدباء ، والمؤلفين.

ولد ليلة الجمعة منتصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بدمشق ، ونشأ بها ، فقرأ « القرآن » على « الزين عمر بن اللبّان المقري ».

ثم تحوّل في سنة ثلاث وثمان مائة في زمن الفتنة مع أمه وإخوته إلى « سمرقند » ثم رحل بمفرده وأقام ببلاد ما وراء النهر ، وأخذ عن الشيخين الجليلين : « السيد محمد الجرجاني ، وابن الجزري » وهما نزيلا « سمرقند ».

واشتهر ذكره وبرع في الفنون.

ثم توجّه إلى « خوارزم » فأخذ بعض العلوم عن « نور الله ، وأحمد بن شمس الأئمة » ثم قطع بحر الروم إلى مملكة « ابن عثمان » فأقام بها نحو عشر سنين ، وفي هذه البلاد لمع نجمه ، وذاع صيته ، فترجم للملك غياث الدين أبي الفتح محمد بن أبي يزيد كتاب « جامع الحكايات ولامع الروايات » من الفارسيّة إلى التركيّة في نحو ستة مجلدات ، وتفسير « أبي الليث السمرقندي » ، وباشر عند « الملك غياث الدين » ، وكتب عنده إلى ملوك الأطراف عربيا ، وشاميّا وتركيّا ، ومغوليّا ، وعجميّا ، كل ذلك مع حرصه على الاستفادة من العلماء والاستزادة من الأخذ عنهم ، فقرأ كتاب « المفتاح » على « البرهان الحوفي » وأخذ عنه أيضا العربية.

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ١٠٩. ورقم الترجمة ٦٨.


ولما مات « الملك غياث الدين » رجع إلى وطنه القديم ، فدخل « حلب » فأقام بها نحو ثلاث سنين ، وكان دخوله إليها في جمادى الآخرة ، سنة خمس وعشرين وثمانمائة ، وأقام في « حانوت مسجد القصب ».

وانتهز هذه الفرصة فقرأ على « القاضي شهاب الدين الحنبلي » صحيح مسلم في سنة ثلاثين وثمانمائة.

ولما قدم « العلاء البخاري » سنة اثنتين وثلاثين وثمان مائة مع الركب الشامي من الحجاز انقطع إليه ولازمه في الفقه ، وعلوم البلاغة المعاني والبيان وغير ذلك حتى مات.

ومع أن « أحمد بن عرب شاه » برع في كثير من العلوم إلا أنه كان مع ذلك يقول الشعر ، ومن نظمه :

قميص من القطن من حلة

وشربة ماء قراح وقوت

ينال بها المرء ما يبتغي

وهذا كثير على من يموت

ومن نظمه أيضا :

فعش ما شئت في الدنيا وأدرك

بها ما شئت من صيت وصوت

فحبل العيش موصول بقطع

وخيط العمر مقصود بموت

ومنه أيضا :

وما الدهر إلا سلم فيقدّر ما

يكون صعود المرء فيه هبوطه

وهيهات ما فيه نزول وإنما

شروط الذي يرقى إليه سقوطه

فمن صار أعلى كان أوفى تهشّما

وفاء بما قامت عليه شروطه

احتل « أحمد بن عرب شاه » مكانة سامية بين الناس مما جعلهم يثنون عليه ويعترفون بفضله ، وفي هذا يقول « الإمام الشوكاني » : « وأشير إليه بالفضيلة ،


وأجلّه الأكابر ، وكان أحد الأفراد في إجادة النظم ، والنثر ، ومعرفة اللغات ، والمجيء بالمستظرفات ، وإجادة الخط ، وإتقان الضبط ، وعذوبة الكلام ، وملاحة المحاضرة ، وكثرة التودد ، ومزيد التواضع ، وعفة النفس ، ووفور العقل ، واستمر على أوصافه حتى توفاه الله تعالى » (١).

تقدم « أحمد بن عرب شاه » في كثير من العلوم ، وأنشأ النظم الفائق والنثر الرائق ، وصنف نظما ونثرا ، ومن تصانيفه : « مرآة الأدب » في علم المعاني ، والبيان ، والبديع ، سلك المؤلف فيه أسلوبا بديعا ، وكتاب « العقد الفريد » في التوحيد ، وكتاب « فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء » وكتاب « الترجمان المترجم بمنتهى الأدب في لغة الترك والعجم والعرب » وغير ذلك من المصنفات.

وبعد هذه الحياة الحافلة بالرحلات ، والعمل ، والتأليف ، توفي « أحمد بن عرب شاه » في يوم الاثنين منتصف شهر رجب سنة أربع وخمسين وثمان مائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر البدر الطالع للشوكاني ج ١ ، ص ١١١.


رقم الترجمة / ٢١

« أحمد بن عليّ » (١) ت ٨٤٥ هـ

هو : أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم ، أبو الحسن بن عبد الصمد بن تميم ، القاهري ، قال « ابن حجر » إنه رأى بخطه ما يدلّ على أن مولده كان في سنة ست وستين وسبعمائة بالقاهرة. ونشأ بها نشأة حسنة ، وحفظ القرآن ، وأخذ العلم عن جماعة من خيرة العلماء ، أمثال « الآمدي والبلقيني والعراقي والهيثمي » وغير ذلك ، فقد وجد بخطه أن كبار شيوخه بلغت ستمائة نفس.

حبب إلى « أحمد بن عليّ » الرحلة إلى بعض العواصم العربية والإسلامية من أجل التزوّد من العلم كما هي عادة خيرة العلماء ، فرحل إلى مكة ، وحج واعتمر ، وسمع من علمائها ، ثم رحل إلى الشام وسمع الكثيرين من شيوخها ، ولقي الكبار ، وجالس الأئمة ، وتفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة ثم بعد فترة من الزمن تحول شافعيا ، ودرس فقه الإمام الشافعي رضي‌الله‌عنه ، ثم دخل دمشق مرارا ، مع ولده « الناصر » وتولى بها التدريس ، ثم أعرض عن جميع ذلك. وبعد هذه الجولة الواسعة التي طوّف فيها الكثير من المدن عاد إلى القاهرة ، وأقام بها ، وعكف على الاشتغال بالتاريخ حتى اشتهر به ، وبعد فيه صيته ، وصارت له فيه جملة تصانيف مثل : « الخطط والآثار للقاهرة » وهو من أحسن الكتب وأنفعها ، وفيه الكثير من العجائب والمواعظ.

ومن مؤلفاته : « درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة » ذكر فيه من عاصره ، وكتاب « إمتاع الأسماع بما للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأبناء والحفدة والمتاع » ، و « عقد جواهر الأسفاط في ملوك مصر والفسطاط » ، و « الإلمام فيما

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ٧٩. ورقم الترجمة ٤٦.


أرض الحبشة من ملوك الإسلام » ، و « الطرفة الغريبة في أخبار وادي حضرموت العجيبة » ، و « السلوك بمعرفة دول الملوك » ، و « التاريخ الكبير » وهو في ستة عشر مجلدا.

وله مؤلفات كثيرة غير هذه ، فقد وجد بخطه أن تصانيفه زادت على مائتي مجلد.

احتل « أحمد بن عليّ » مكانة سامية وشهرة كبيرة ، وقد أثنى عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الإمام ابن حجر » : إنه أحب الحديث فواظب عليه حتى كان يتّهم بمذهب « ابن حزم » اهـ (١).

وقال « الشوكاني » : نظر في عدة فنون ، وشارك في الفضائل ، وقال النظم والنثر ، وناب في الحكم ، وولّي الحسبة بالقاهرة غير مرّة ، والخطابة بجامع « عمرو بن العاص » والإمامة بجامع « الحاكم » وقراءة الحديث بجامع « المؤيّد » وحمدت سيرته في مباشراته كلها ، وكان قد اتصل بالظاهر برقوق. اهـ (٢).

توفي « أحمد بن علي » بالقاهرة سادس عشر رمضان سنة خمس وأربعين وثمان مائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٧٩.

(٢) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٧٩.


رقم الترجمة / ٢٢

« أحمد بن عمّار المهدوي » (١) ت ٤٤٠ هـ

هو : أحمد بن عمّار بن أبي العباس الإمام أبو العباس المهدوي ، نسبة إلى « المهدية » من بلاد « إفريقية » أستاذ مشهور.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

رحل « المهدوي » إلى البلاد في سبيل تحصيل العلم ، ودخل الأندلس في حدود الثلاثين والأربعمائة.

أخذ « أحمد المهدوي » القراءات عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « محمد بن سفيان » أبو عبد الله القيرواني ، الفقيه المالكي ، تفقه على « أبي الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي » حتى برع في الفقه ، وسمع منه.

ورحل إلى « مصر » فقرأ على « إسماعيل بن محمد المهري لورش ، وعرض الروايات على « أبي الطيب بن غلبون ». رحل إليه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة ، وعاد من « مصر ».

وقرأ أيضا على « يعقوب بن سعيد الهوّاري ، وكردم بن عبد الله » ، وبرع في القراءات ، واشتهر صيته ، وصنف كتاب « الهادي » في القراءات ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو بكر القصري » والحسن

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ص ٣٩٩. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٩٢. إنباه الرواة للقفطي ج ١ ، ص ١٢٦. بغية الوعاة للسيوطي ج ١ ، ص ٣٥١. طبقات المفسرين للسيوطي ص ١٩. طبقات المفسرين للداودي ج ١ ، ص ٥٦. طبقات النحاة لابن قاضي شهبة ج ١ ، ص ٢٢٧.


ابن علي الجلولي ، وعبد الملك بن داود القسطلاني ، وعبد الحق الجلاد ، وأحمد ابن عمّار المهدوي ، وأبو العالية السندوني ، وعثمان بن بلال العابد ، وأحمد الحجري ، وعبد الله بن سمران أو سموان القروي شيخ الهذلي ، وأبو الحسن العجمي ، وعبد الله بن سهل ، وسمع منه « حاتم بن محمد ». احتلّ « محمد بن سفيان » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه.

يقول « الحافظ أبو عمرو الداني » : وسمع معنا على الشيخ أبي الحسن عليّ ابن محمد بن خلف الفقيه القابسي ، وكان ذا فهم ، وحفظ ، وستر ، وعفاف ، وخرج من القيروان لأداء فريضة الحج سنة عشر وأربعمائة فحج ، وجاور بمكة ، ثم أتى المدينة المنورة فمرض وتوفي بها سنة خمس عشرة وأربعمائة ، حدثني بذلك من شهده. اهـ (١).

ومن شيوخ « أحمد بن عمّار المهدوي » : « أبو الحسن أحمد بن محمد القنطري » : بفتح القاف ، وسكون النون ، وفتح الطاء المهملة ، نسبة إلى « القنطرة » المعدّة للعبور ، وهو شيخ مقرئ ، قرأ على « الحسن بن محمد بن الحباب ، وعمر بن إبراهيم الكتاني ، وعلي بن محمد بن عبد العزيز بن نفيس ».

تصدر « القنطري » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن عمّار المهدوي » و « محمد بن شريح ».

توفي « القنطري » بمكة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة من الهجرة.

تصدّر « أحمد بن عمار المهدوي » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون.

ومن تلاميذه : « غانم بن وليد المالقي ». قرأ على « أبي العباس المهدوي » وقرأ عليه « ابن أخته محمد بن سليمان النفري » بكسر النون وفتح الفاء المشددة

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٤٧.


نسبة إلى « النّفر » قال عنه « السمعاني » صاحب « الأنساب » : وظنّي أنه موضع بالبصرة (١).

ومن تلاميذ « أحمد المهدوي » : محمد بن أحمد بن مطرّف أبو عبد الله الكتاني ، القرطبي ، يعرف بالطّرفي لكونه كان يؤم بمسجد « طرفة » بقرطبة ، قرأ بالروايات على « مكي بن أبي طالب » ولازمه ، وحمل عنه معظم ما عنده ، وصحب « أحمد بن عمّار المهدوي » وسمع « يونس بن عبد الله » وكان عالما بالقراءات أخذ الناس عنه كثيرا ، ومن الذين قرءوا عليه : « عون الله القرطبي ، وأحمد بن عبد الرحمن الخزرجي ».

احتلّ « ابن مطرف » مكانة سامية مما استحق ثناء العلماء عليه.

قال عنه « ابن بشكوال » : كان ديّنا ، فاضلا ، ثقة ، حدثنا عنه « أبو القاسم ابن صواب » بجميع ما رواه ، وغيره من شيوخنا ووصفوه بالمعرفة ، والجلال ، توفي سنة أربع وخمسين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أحمد المهدوي » : « موسى بن سليمان أبو عمران اللخمي » نزل « المرية » بضم الميم وكسر الراء المشددة ، نسبة إلى جماعة بطون من قبائل شتّى ، منهم : « مرّ بن حسين بن عمرو بن الغوث بن طيء » (٢) وموسى بن سليمان اللخمي ، مقرئ مسند ، قرأ على « مكي بن أبي طالب ، وأحمد بن عمار المهدوي ، وأحمد بن أبي الربيع ، صاحب الساوي ». وقرأ عليه « أحمد بن عبد الرحمن القصبي ، وعبد الرحيم بن الفرس الغرناطي ». توفي في صفر سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أحمد المهدوي » : يحيى بن إبراهيم بن زيد أبو الحسن ،

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ، ج ٥ ، ص ٥١٥.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٢٦٨.


المعروف بابن البياز ، شيخ كبير بالأندلس ، قرأ على « أبي عمرو الداني » وعبد الرحمن بن الخزرجي ، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي ، ومكي بن أبي طالب ، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر ».

وقرأ على « ابن البياز » : « أبو الحسن علي بن أحمد بن الباذش ، ومحمد ابن الحسن بن غلام الفرس ، وعلي بن عبد الله بن ثابت ، وسليمان بن يحيى ، وعيسى بن حزم الغافقي » وعمّر دهرا طويلا. توفي سنة ست وتسعين وأربعمائة ، وله تسعون سنة.

ومن تلاميذ « أحمد المهدوي » : محمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي المغامي ، وهو إمام مقرئ ضابط ، قرأ على : « الإمام أبي عمرو الداني ، ومكي ابن أبي طالب ، وأبي عمر الطلمنكي ، وأحمد بن عمّار المهدوي ، وسليمان بن إبراهيم ».

وقرأ عليه : « أبو بكر بن عياش ، وعبد الوهاب بن حكيم ، وعليّ بن أحمد ابن أشجّ ، وعليّ بن محمد بن درّي ، خطيب غرناطة ». توفي بإشبيلية سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

احتل « أحمد بن عمار المهدوي » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه.

وعنه يقول « الحافظ الذهبي » : كان رأسا في القراءات ، والعربية (١). وقال عنه « القفطي » : كان عالما بالأدب ، والقراءات ، متقدما فيها ، وألف كتبا كثيرة النفع ، مثل كتاب « التعضيل في التفسير » ، ومختصره « التحصيل » وله كتاب « تعليل القراءات السبع » (٢).

قال عنه « السيوطي » : توفي سنة أربعين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٩.

(٢) انظر إنباه الرواة للقفطي ج ١ ، ص ١٢٦.


رقم الترجمة / ٢٣

« أحمد بن الفضل » (١) ت ٤٦٠ هـ

هو : أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمود بن جعفر أبو بكر الباطرقاني الأصبهاني وهو إمام في القراءات ، ومن المحدثين الثقات.

ولد « أحمد بن الفضل » سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.

أخذ « أحمد بن الفضل » القراءة عن مشاهير علماء عصره.

ومن شيوخه في القراءة : « عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن محمد ، أبو محمد التميمي » وهو من خيرة القراء الثقات. أخذ « عبد العزيز بن محمد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « عبد الله بن أحمد بن مسعود » ، وآخرون.

وبعد أن اكتملت مواهب « عبد العزيز بن محمد » تصدّر للإقراء وتعاليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه : « أحمد بن الفضل الباطرقاني » في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.

توفي « عبد العزيز بن محمود » سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أحمد بن الفضل » في القراءة : « أبو الفضل محمد بن جعفر بن عبد الكريم الخزاعي ، الجرجاني ، وهو من الثقات المشهورين ، ومن المؤلفين الممتازين ، فقد ألف « المنتهى في القراءات في الخمسة عشر » وهو من كتب

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٤ ورقم الترجمة ٣٦٤. غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٩٦ ورقم الترجمة ٤٤٠. الوافي بالوفيات ج ٧ ، ص ٢٨٨. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٢٩.


القراءات النافعة المفيدة ، ومن المراجع الأصيلة من علم القراءات ، إذ اشتمل على مائتين وخمسين رواية ، كما ألف رحمه‌الله تعالى كتاب « تهذيب الأداء في القراءات السبع » وهو أيضا من المراجع المفيدة.

أخذ « أبو الفضل محمد بن جعفر » القراءة على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم « الحسن بن سعيد المطوعي ».

تصدّر « أبو الفضل محمد بن جعفر » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة والضبط وحسن الأداء ، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أحمد بن الفضل » وغيره كثير.

احتلّ « أبو الفضل محمد بن جعفر » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان « أبو الفضل » أحد من جال في الآفاق ، ولقي الكبار ». توفي « أبو الفضل » بعد حياة حافلة بالتصنيف والتأليف سنة ثمان وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ « أحمد بن الفضل » في القراءة : « محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده أبو عبد الله العبديّ الأصبهاني ، الحافظ الكبير ، وهو من القراء الثقات ، ومن أصحاب المؤلفات. قال عنه حجة القراء الإمام ابن الجزري رحمه‌الله تعالى : « محمد بن إسحاق ، إمام كبير ، جال الأقطار ، وانتهى إليه علم الحديث بالأمصار ، لا نعلم أحدا رحل كرحلته ، ولا كتب ككتابته ، فإنه بقي في الرحلة أربعين سنة ، وكتب بخطه فيها عدة أحمال ، ثم عاد إلى وطنه شيخا ، وقد كتب عن ألف وسبعمائة شيخ ، ومعه أربعون حملا من الكتب ، فتزوج بأصبهان ، ورزق الأولاد » (١).

أخذ « محمد بن إسحاق » القراءة عن عدد كبير من العلماء : فقد روى

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٩٨.


القراءة عن « علي بن جعفر البغدادي » بمصر ، ومحمد بن محرّم الجهوري ، وغيرهما كثير.

تصدّر « محمد بن إسحاق » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة والاتقان ، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : ابنه إسحاق ، وأحمد بن الفضل ، وآخرون. توفي « محمد بن إسحاق » سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ « أحمد بن الفضل » في القراءة : « محمد بن إبراهيم بن أحمد البغدادي » كان رحمه‌الله تعالى من الثقات ، ومن القراء المشهورين ، أخذ القراءة عن « أبي الحسن الدارقطني » إذ سمع منه « كتاب القراءات ». ثم جلس « محمد بن إبراهيم » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ويتلقون عليه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أحمد بن الفضل الباطرقاني ».

وكما أخذ « أحمد بن الفضل » القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان مكثرا من السماع على : ابن منده ، وأحمد بن يوسف الثقفي ، والحسن بن كعبرة ، وأبي مسلم بن شهدل.

احتل « أحمد بن الفضل » مكانة عظيمة ، ومنزلة عالية ، وسمعة حسنة ، مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول عنه تلميذه « محمد بن عبد الواحد الدقاق » : « لم أر شيخا بأصبهان جمع بين علم القرآن والقراءات ، والحديث ، والروايات ، وكثرة الكتابة ، والسماع ، أفضل من « أبي بكر الباطرقاني » كان إمام الجامع الكبير ، حسن الخلق والهيأة ، والمنظر والقراءة ، والدراية ، ثقة في


الحديث » اهـ (١).

ومما يدلّ على نبوغه وكثرة علمه مؤلفاته التي تركها ، يقول « الإمام ابن الجزري » : وألف كتاب طبقات القراء سماه : « المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات ، ومجموع الروايات » ووددت رؤيته ، وكتابا في « الشواذ » (٢).

تصدر « أحمد بن الفضل » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، والحفظ ، والاتقان ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، يأخذون عنه ، ويقرءون عليه.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد ، أبو علي الحدّاد » شيخ أصبهان ، وأعلى من بقي إسنادا في القراءات.

ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة ، وكان من مشاهير القراء الثقات ، وكان متحليا بالتقوى والصلاح ، وكان جليل القدر.

أخذ « الحسن بن أحمد » القراءة القرآنية على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم ، « أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الحسن بن يزده الخياط ».

وروى حروف القراءات عن « عبد الملك بن الخير العطّار » وسمع سبعة ابن مجاهد من « أحمد بن محمد بن يوسف بن مردة ». توفي في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة ، عن سبع وتسعين سنة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أحمد بن الفضل » في القراءة : « علي بن زيد بن علي بن شهريار ، أبو الوفاء الأصبهاني » ، وهو من القراء الثقات ، الضابطين للقراءة ، وتجويد القرآن. أخذ « علي بن زيد » القراءة عن « أحمد بن الفضل الباطرقاني »

__________________

(١) انظر : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٥.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٩٧.


ثم تصدر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « الحسن بن أحمد الهمداني ».

توفي « أحمد بن الفضل الباطرقاني » سنة ستين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٢٤

« أحمد القزويني » (١) ت ٤٥٢ هـ

هو : محمد بن أحمد بن عليّ أبو عبد الله بن أبي سعيد القزويني ، بفتح القاف وسكون الزاي نسبة إلى « قزوين » إحدى المدائن المشهورة بأصبهان ، نزح من « قزوين » واستقر بها ، وهو من مشاهير علماء القراءات الحذاق.

أخذ القراءة عن خيرة علماء عصره.

ومن شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة : « علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني » وهو إمام مقرئ ، ضابط ، متقن ، ثقة ، قال عنه تلميذه « رشاد بن نظيف » : لم ألق مثله حذقا ، وإتقانا في رواية « ابن عامر الدمشقي ».

قال عنه « الإمام الداني » : كان ثقة ضابطا متقشفا.

وقال عنه « الكتاني » : كان « علي بن داود » ثقة. انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين ، ومضى على سداد.

وقال عنه « الإمام ابن الجزري » : كان عليّ بن داود إمام « داريار » فلما مات إمام الجامع الأموي خرج القاضي وجماعة من الأعيان إلى « داريار » ليأخذوه ويجعلوه إمام الجامع ، فلبس أهل « داريار » السلاح ليقاتلوا دونه ، فقال القاضي : يا أهل « داريار » ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل « دمشق » احتاجوا إليكم في إمام ، فقالوا : قد رضينا ، فقدمت له بغلة

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار رقم الترجمة ٣٥٤ ج ١ ص ٤١٦. غاية النهاية في طبقات القراء رقم الترجمة ٢٧٥٨ ، ج ٢ ص ٧٥. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٧٤ حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٣.


القاضي ، فلم يركبها ، وركب حماره ، ودخل معهم ، فسكن بالمنارة الشرقية ، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ولا يأخذ على الإمامة رزقا ، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا ، ويقتات من أرض له « بداريا » ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ، ويعجنه ، ويخبزه. اهـ (١).

وأقول : هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على الكثير من المعاني السامية منها : أن « عليّ بن داود » كانت له مكانة عظيمة في العلم وبخاصة القرآن الكريم ، كما يدل على قناعته وعفة نفسه ، وزهده في الدنيا ، وتطلّعه إلى الدار الآخرة.

توفي « عليّ بن داود » في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة هـ.

ومن شيوخ « محمد بن أحمد القزويني » في القراءة : « الحسن بن سليمان بن الخير أبو علي الانطاكي النافعي » ، وهو أستاذ ماهر حافظ ، سكن « مصر » وقرأ على شيوخها ، وفي مقدمتهم : « أبو الفتح بن بدهن ».

قال عنه الإمام الدانيّ : كان « الحسن بن سليمان الأنطاكي » أحفظ أهل زمانه للقراءات ، والغرائب من الروايات ، والشاذ من الحروف ، ومع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا ، ويحفظ إعرابا وعللا ، ينصّ ذلك نصّا بطلاقة لسان ، وحسن منطق لا يلحق ، وكانت له إشارات يشير بها لمن يقرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر ، والوقف.

وتتلمذ عليه عدد كبير منهم « محمد بن أحمد بن سعد القزويني ».

توفي « الحسن بن سليمان الأنطاكي » بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.

وكما أخذ « محمد بن أحمد القزويني » القراءة عن خيرة العلماء أخذ أيضا

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.


حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي مقدمة شيوخه الذين أخذ عنهم الحديث :

« القاضي عليّ بن محمد الحلبي ، وميمون حمزة الحسيني ».

تصدّر « محمد بن أحمد القزويني » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة ، بفتح الباء ، وتشديد اللام مكسورة ، وهو أستاذ ماهر حاذق ، نزيل الإسكندرية ، ومؤلف كتاب « تلخيص العبارات بلطيف الإشارات » في القراءات.

ولد ابن بليمة سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة.

وعني بالقراءات فقرأ بالقيروان على « أبي بكر القصري » إمام جامع القيروان وغيره ، ثم رحل فقرأ بمكة المكرمة على « أبي معشر الطبري » ، وقرأ بمصر على « محمد بن أحمد القزويني » وأحمد بن نفيس برواية ورش من طريق الأزرق ، ورواية « الدوري » عن اليزيدي.

وقرأ عليه عدد كثير وفي مقدّمتهم : « أبو العباس أحمد بن الحطيئة ».

توفي « الحسن بن بليمة » بالاسكندرية ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة هـ.

ومن تلاميذ « محمد بن أحمد القزويني » في القراءة : « يحيى بن عليّ بن الفرج أبو الحسن المصري ، يعرف بابن الخشاب ، كان شيخ الإقراء بالديار المصرية ، وهو أستاذ ماهر حاذق ، صحيح الأخذ والضبط ، أخذ القراءة على عدد من العلماء. وفي مقدمتهم : « محمد بن أحمد القزويني » ثم تصدّر للإقراء ، فأخذ عنه القراءة الكثيرون ، منهم : « أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري ».

توفي « يحيى بن عليّ » سنة أربع وخمسمائة.


ومن تلاميذ « محمد بن أحمد القزويني » في الحديث : « عبد العزيز الكتاني » محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو عبد الله الرازي ، قدم بغداد ، وحدث بها عن أبي عامر عمرو بن تميم الطبري ، وروى عنه المعافى بن زكريا.

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ثم تعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي « محمد بن أحمد القزويني » في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٢٥

« أحمد بن محمد » (١) ت ٩٢٣ هـ

هو : أحمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني الأصل ، المصري الشافعي ، وهو من خيرة القراء ، والعلماء المؤلفين.

ولد في ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمان مائة بمصر ، ونشأ بها فحفظ القرآن الكريم ، ثم قرأ بالسبعة على الشيخ « السراج عمر بن قاسم الأنصاري ».

وقرأ بالقراءات الثلاث إلى قوله تعالى : ( وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ) على الشيخ « الزين عبد الغني الهيثمي » ثم قرأ بالقراءات العشر على الشيخ « الشهاب بن أسد ». وأخذ الفقه عن « الفخر المقسمي » ، و « الشهاب العيّادي » ، وقرأ ربع العبادات من كتاب « المنهاج » على « الشمس اليامي » وقطعة من « كتاب الحاوي » على « البرهان » وسمع مواضع في شرح الألفية على « الرضي ، والسخاوي » وسمع صحيح البخاري بتمامه على « الشاوي » ثم حج غير مرّة ، وجاور سنة أربع وثمانين وثمان مائة ، وسمع بمكة عن جماعة من خيرة العلماء.

اشتهر « أحمد بن محمد » بالتقوى والصلاح مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول : « الإمام الشوكاني » : وكان متعففا ، جيد القراءة للقرآن ، والحديث ، والخطابة ، شجيّ الصوت ، مشاركا في الفضائل ، متواضعا ، متوددا ، لطيف العشرة ، سريع الحركة ، اشتهر بالصلاح والتعفف على طريق أهل الفلاح » (٢).

__________________

(١) انظر ترجمته في البدر الطالع ج ١ ، ص ١٠٢ ورقم الترجمة ٦٠.

(٢) انظر البدر الطالع للشوكاني ج ١ ، ص ١٠٣.


وقال « الشيخ جار الله بن فهد » : ولما اجتمعت به في الرحلة الأولى أي إلى مكة المكرمة أجازني بمؤلفاته ، ومروياته » ثم يقول « الشيخ جار الله » : ومن الرحلة الثانية اعترف لي بمعرفة فنّي » (١).

ترك « أحمد بن محمد » للمكتبة الإسلامية بعض المصنفات في علوم مختلفة ، فمن ذلك : « العقود السنية في شرح المقدمة الجزرية » في التجويد ، و « الكنز في وقف حمزة وهشام على الهمز » وشرح على « الشاطبية » وصل فيه إلى الإدغام الصغير.

ومن مؤلفاته المشهورة : شرح البخاري المسمى « إرشاد الساري على صحيح البخاري » في أربعة مجلدات.

توفي « أحمد بن محمد » بعد حياة حافلة بالعلم والتصنيف ليلة الجمعة ، سابع المحرم سنة ثلاثا وعشرين وتسعمائة ، وصلّي عليه بعد الجمعة بالجامع الأزهر.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ١٠٣.


رقم الترجمة / ٢٦

« أحمد بن مسرور » (١) ت ٤٤٢ هـ

هو : أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب ، أبو نصر الخبّاز البغدادي ، وهو شيخ جليل مشهور ، ومن الثقات.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أحمد بن مسرور » ، القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي ، وهو شيخ العراق ومسند الآفاق ، ومن الثقات البارعين.

ولد « علي بن أحمد » سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وهو في سنّ التسعين.

أخذ « عليّ بن أحمد » القراءات عرضا عن « أبي بكر النقاش ، وأبي عيسى بكار ، وزيد بن علي ، وهبة الله بن جعفر ، وعبد الواحد بن عمر ، وعليّ بن محمد بن جعفر القلانسي ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله ، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق ، وعبد الله بن الحسن بن سليمان النخّاس ، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ ، وأبي بكر بن مقسم ، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي ».

تصدر « على بن أحمد » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أحمد بن

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤١٤ رقم الترجمة ٣٥٢. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ١٣٧ ورقم الترجمة ٦٥١.


مسرور ، وأحمد بن الحسن بن اللحياني ، وأحمد بن علي الصوفي ، وأحمد بن علي الهاشمي ، والحسن بن البناء ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن بن علي العطار ، والحسن بن محمد المالكي ، والحسين بن أحمد الصفّار ، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب ، وعبد الواحد بن شيطا ، وعبد الملك بن شابور ، وعبد السيّد بن عتاب ، وعليّ بن محمد بن فارس ، ومحمد بن موسى الخياط ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، وغير هؤلاء كثير.

احتلّ « علي بن أحمد » مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « كان عليّ بن أحمد » صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها » اهـ (١).

ومن شيوخ « أحمد بن مسرور » : « عليّ بن إسماعيل بن الحسن بن إسحاق أبو الحسن البصري القطان ، المعروف بالخاشع ، وهو أستاذ ، رحّال ، محقق ، ومن الثقات. أخذ القراءة بمكة المكرمة عن : « أبي بكر بن محمد بن عيسى بن بندار ، وبأنطاكية عن « الأستاذ إبراهيم بن عبد الرزاق » ، كما أخذ القراءة بعسقلان عن « أبي الحسن عليّ بن محمد بن عامر » ، وبحمص عن : « قيس بن محمد » إمام جامع حمص ، وبالصعيد الأعلى عن : « أحمد بن عثمان بن عبد الله الأسواني ».

تصدّر « علي بن إسماعيل » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أحمد ابن مسرور ، وأبو بكر محمد بن عمر ، وأبو علي الأهوازي ».

احتلّ « علي بن إسماعيل » منزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، قال « الحافظ أبو عبد الله البغدادي » : « أقرأ عليّ بن إسماعيل ببغداد مدّة ، واشتهر ذكره ، وطال عمره وصنف في القراءات » (٢).

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢٢.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٢٧.


ومن شيوخ « أحمد بن مسرور » : عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني ، البغدادي ، وهو شيخ مشهور من الثقات ، ولد سنة ثلاثمائة ، وتوفي في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

أخذ « عمر بن إبراهيم » القراءة عن خيرة العلماء ، فقد عرض القراءة على : « أبي بكر بن مجاهد ، ومحمد بن جعفر الحربي » ، عرض عليهما قراءة « عاصم » وسمع حروف القراءات من « إبراهيم بن عرفة نفطويه » وعرض القراءة على : « عليّ بن سعيد القزّاز ، وبكار ، وعمر بن جناد ، ومحمد بن الحسن النقاش ، وأحمد بن عثمان بن بويان ، ومحمد بن عليّ الرقي ، وزيد بن أبي بلال ، وأحمد ابن محمد بن هارون الورّاق ».

تصدّر « عمر بن إبراهيم » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أحمد ابن مسرور ، وعيسى بن سعيد الأندلسي ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن الحدّادي ، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق ، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ، وأحمد بن الفتح ، والحسن بن الفحّام » ، وسمع منه كتاب السبعة « أحمد بن محمد بن يوسف ، وعليّ بن القاسم بن إبراهيم ».

ومن شيوخ « أحمد بن مسرور » : « المعافى بن زكريا بن طرارا ، أبو الفرج النهرواني ، الجريري ، وهو إمام في القراءة ، ومن الفقهاء ، أخذ القراءة عرضا عن « أبي الحسن بن شنبوذ ، وبكار ، وأبي مزاحم الخاقاني ، والخضر بن الحسين الحلواني ».

تصدّر « المعافى بن زكريا » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أحمد بن مسرور ، وعبد الوهاب بن عليّ ، ومحمد بن عمر النهاوندي ، وأبو الفضل الخزاعي ، وأبو على الأهوازي ، والحسن بن علي ، وعبد الملك بن عبدويه ، وأحمد بن الفتح الفرضي ، وعثمان بن قيس الدلاّل ، وأحمد بن يزده ».


احتلّ « المعافى » مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « كان « المعافى » من أعلم الناس في وقته بالفقه ، والنحو ، واللغة ، وأصناف الأدب ، ولي القضاء بباب الطاق » اهـ (١).

توفي « المعافى » سنة تسعين وثلاثمائة عن خمس وثمانين سنة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ومن شيوخ « أحمد بن مسرور » : منصور بن محمد أبو الحسن القزّاز البغدادي ، وهو إمام مشهور ، ومن الثقات. أخذ قراءة « أبي عمرو البصري » عرضا عن « أبي بكر بن مجاهد » وهو آخر أصحابه موتا.

تصدّر « منصور بن محمد » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة ، « أحمد بن مسرور » والحسن بن عليّ العطّار ، ولم يختم عليه ، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي ، والحسن بن عليّ بن غالب الحربيّ.

تصدّر « أحمد بن مسرور » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، واقبل عليه حفاظ القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عمر ابن سوار الأستاذ ، أبو طاهر ، البغدادي » ، وهو إمام كبير محقق مؤلف كتاب « المستنير » في القراءات العشر ، وهو من الثقات.

أخذ « أحمد بن عليّ » القراءة عن « الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار ، وعلي بن محمد بن فارس الخياط ، وعليّ ابن طلحة بن محمد البصري ، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدّب ، وفرج بن عمر الواسطي ، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي ، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي ، ومنصور بن محمد التميمي ، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب ، وعبد الله بن محمد بن مكّي ، وأبي الفتح عبد الواحد

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٣٠٢.


ابن شيطا ، وأحمد بن محمد إسحاق المقرئ ، ومسافر بن الطيب البصري » ، وغير هؤلاء.

تصدّر « أحمد بن علي » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي ابن سكرة الصدفي شيخ ابن الباذش ، ومحمد بن الخضر المحولي ، وأبو محمد سبط الخياط ، وأبو الكرم الشهرزوري ». وروى عنه حروف القراءات : الحافظ أبو طاهر السلفي ، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي ، وغير هؤلاء.

توفي « أحمد بن علي » سنة ست وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أحمد بن مسرور » الذين أخذوا عنه القراءة : « الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور أبو نصر الشهرزوري » ، وهو شيخ جليل ، ومن الثقات.

أخذ « الحسن بن أحمد » القراءة عن « أحمد بن مسرور » وقرأ عليه ولده « المبارك بن الحسن ».

ومن تلاميذ « أحمد بن مسرور » : عبد السيّد بن عتّاب ، وهو من خيرة العلماء وشيخ مسند ومن الثقات.

أخذ « عبد السيّد بن عتّاب » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن مسرور ، والحسن بن عليّ بن الصقر ، وأحمد بن رضوان ، والحسن ابن ملاعب ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وأبو الحسن الحمامي ، وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز ، وأبو العلاء الواسطي ، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي ، وأبو بكر محمد بن علي بن زلال ، ومحمد بن عبد الله الشمعي والحسين بن أحمد الحربيّ ».

تصدر « عبد السيّد بن عتّاب » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو عليّ بن سكرة الصدفي ، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون ، وأبو الكرم


الشهرزوري ». توفي « عبد السيّد » سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة.

ومن تلاميذ « أحمد بن مسرور » : عليّ بن الفرج ، أبو الحسن الدينوري ، المعروف بابن الحارس ، وهو شيخ جليل ومن الثقات.

أخذ القراءة عن « أبي نصر أحمد بن مسرور » وقرأ عليه : « المبارك بن الحسن الشهرزوري ».

ومن تلاميذ « أحمد بن مسرور » : « أحمد بن الحسين بن أحمد أبو بكر المقدسي » وهو من خيرة القراء ، ومن الحذاق المشهورين.

أخذ « أحمد بن الحسين » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد ابن مسرور ، وأبو القاسم الزيدي ، وأبو علي الأهوازي ، وأبو عبد الله الكارزيني ، وعتبة العثماني ، وأبو الفتح الفرج بن عمر الواسطي ».

جلس « أحمد بن الحسين » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي ».

توفي « أحمد بن الحسين » سنة ثمان وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أحمد بن مسرور » : « عبد الملك بن أحمد أبو نصر البزّاز ، أخذ القراءة عن « أحمد بن مسرور ، وابن مقسم ». وقرأ عليه « عليّ بن محمد الخبازي ».

ومن تلاميذ « أحمد بن مسرور » : « عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد ابن عليّ أبو معشر الطبري » ، شيخ أهل مكة ، وهو إمام حجة ، محقق ، مشهور ومن الثقات.

اخذ « عبد الكريم » عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن »


مسرور » وأبو القاسم عليّ بن محمد ، وأبو عبد الله الكارزيني ، وابن نفيس ، وإسماعيل بن راشد الحدّاد ، والحسن بن محمد الأصفهاني » وغير هؤلاء كثير.

جلس « عبد الكريم » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : الحسن بن بليمة مؤلف كتاب « تلخيص العبارات ». وإبراهيم بن عبد الملك القزويني ، وعبيد الله بن منصور ، وعبد الله بن عمر ، وإبراهيم بن المسبّح. وغير هؤلاء كثير.

توفي « عبد الكريم » بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أحمد بن مسرور » : « محمد بن أحمد بن عليّ ، أبو منصور البغدادي » المعروف بالخياط ، مؤلف كتاب « المهذب في القراءات » وهو استاذ كبير ثقة مشهور.

ولد سنة إحدى وأربعمائة ، وتوفي يوم الأربعاء سادس عشر المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة ، وله تسع وتسعون سنة. أخذ « محمد بن أحمد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن مسرور ، وأبو بكر بن الأخضر ».

وتصدر للإقراء ، ومن الذين قرءوا عليه : سبطاه : الأستاذ أبو محمد عبد الله ، وأبو عبد الله الحسين » وغير هؤلاء كثير.

توفي « أحمد بن مسرور » سنة اثنين وأربعين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٢٧

« أحمد بن نفيس » (١) ت ٤٥٣ هـ

هو : أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن سليمان المعروف بابن نفيس أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري ، كان إماما ثقة كبيرا ، انتهى إليه علوّ الإسناد وكان صحيح الرواية ، رفيع الذكر.

أخذ « أحمد بن نفيس » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « محمد بن الحسن بن عليّ أبو طاهر الأنطاكي » ، وهو إمام كبير ثقة ، شهير نزل مصر ، وأخذ القراءة عرضا عن « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وهو من جلة أصحابه ، وروى القراءة عنه سماعا أبو الطيب بن غلبون ، كما عرض عليه القراءة « أحمد ابن نفيس » وآخرون.

قال الإمام الداني : خرج « أبو طاهر الأنطاكي » من « مصر » إلى الشافعي فتوفي في منصرفه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة من الهجرة.

ومن شيوخ « أحمد بن نفيس » في القراءة : عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك ابو الطيب الحلبي نزيل مصر ، وهو أستاذ ماهر كبير محرّر ضابط ثقة ، ولد في حلب ، ورحل إلى مصر فسكنها ، وألف كتاب « الإرشاد » في القراءات السبع ، وروى القراءة عرضا وسماعا عن عدد من القراء وفي مقدمتهم : « إبراهيم بن عبد الرزاق » وآخرون ، وأخذ عنه القراءة الكثيرون ومن مقدمتهم « أحمد بن نفيس ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار رقم الترجمة ٣٥٥ ، ج ١ ، ص ٤١٦. غاية النهاية في طبقات القراء رقم الترجمة ٢٤٣ ، ج ١ ، ص ٥٦. مرآة الجنان ، ج ٣ ، ص ٧٤. حسن المحاضرة ، ج ١ ، ص ٣٩٤.

شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٩٠.


قال عنه « الحافظ أبو عمرو الداني » : كان « عبد المنعم بن غلبون » حافظا للقراءة ضابطا ذا عفاف ونسك وفضل وحسن تصنيف ، توفي بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.

كما أخذ « أحمد بن نفيس » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « عليّ بن الحسين بن بندار الأنطاكي ، وأبو القاسم الجوهري صاحب المسند ».

وبعد أن اكتملت مواهب « أحمد بن نفيس » تصدر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « عبد الرحمن ابن عتيق بن خلف أبو القاسم بن أبي بكر بن ابي سعيد بن الفحام الصقلي » ، الأستاذ الثقة المحقق ، مؤلف كتاب « التجريد في القراءات » كان شيخ الإسكندرية ، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة. قرأ الروايات على « إبراهيم بن إسماعيل المالكي » صاحب « أبي عليّ البغدادي ». وأخذ العربية عن « عليّ بن ثابت » وشرح مقدّمته ، وقرأ عليه بالروايات أحمد بن محمد السلفي ، أبو طاهر » وآخرون. قال « سليمان بن عبد العزيز الأندلسي » : « ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من عبد الرحمن بن عتيق ، لا بالمشرق ولا بالمغرب ».

توفي في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة.

ومن تلاميذ « أحمد بن نفيس » في القراءة : « عبد الله بن عمر بن العرجاء وهي أمه ، وهو مقرئ حاذق ، رحّال ، ثقة ، رحل فقرأ على : « أحمد بن نفيس وأبي معشر الطبري » وآخرين.

وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : ولده الشيخ ابو علي الحسن ، وعبد الرحمن بن أبي رجاء.


وتوفي في حدود الخمسمائة.

ومن تلاميذ « أحمد بن نفيس » المشهورين : عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري القطان ، شيخ أهل مكة ، وهو إمام عارف محقق ، استاذ ثقة صالح ، ألف كتاب التلخيص في القراءات الثمان ، وكتاب سوق العروس ، فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق ، وكتاب الدرر في التفسير ، وكتاب الرشاد في شرح القراءات الشاذة ، وكتاب عنوان المسائل ، وكتاب طبقات القراء ، وكتاب العدد ، وكتابا في اللغة ، وروى كتاب تفسير النقاش عن شيخه الزيدي ، وتفسير الثعلبي عن مؤلفه.

أخذ « أبو معشر الطبري » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أحمد ابن نفيس » وآخرون ، وروى القراءات بالإجازة عن « أبي علي الأهوازي ».

وتصدّر لتعليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه : « الحسن بن بليمة » مؤلف « تلخيص العبارات في القراءات ».

توفي « أبو معشر الطبري » بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أحمد بن نفيس » في القراءة. « محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن يوسف أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي » ، الأستاذ المحقق ، مؤلف كتاب « الكافي والتذكير » ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ، ورحل سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة ، فقرأ بمصر على « أحمد بن نفيس » وبمكة على « أحمد بن محمد القنطري » ثم رجع إلى أشبيلية بعلم كثير فولّي خطابة « أشبيلية ».

توفي « محمد بن شريح » في شوال سنة ست وسبعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أحمد بن نفيس » في القراءة : « محمد بن عتيق بن محمد بن أبي نصر أبو عبد الله بن أبي بكر التميمي القيرواني » وهو إمام علامة متقن ، متكلم مناظر ، ولد في حدود العشرين وأربعمائة وأخذ علم الكلام بالقيروان عن « أبي


عبد الله بن الحسين بن حاتم » صاحب أبي بكر بن الباقلاني ، وسمع من « ابن عبد البرّ ».

ثم رحل إلى « مصر » وقرأ بها على « ابن نفيس » في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ، وسمع الحديث من « أبي عبد الله القضاعي » ثم قدم دمشق فأقرأ بها الأصول ، ثم دخل « بغداد » فأقرأ علم الكلام ، والقراءات بالمدرسة النظامية زمانا.

قال « ابن عقيل » : ذاكرته فرأيته مملوءا علما وحفظا ، قال الذهبي : توفي « محمد بن عتيق » ببغداد في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة وقد جاوز التسعين.

وبعد حياة حافلة بتعليم العلم توفي « أحمد بن نفيس » سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٢٨

« أحمد بن هاشم » (١) ت ٤٤٥ هـ

هو : أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة أبو العباس المصري ، وهو شيخ كبير حافظ ، وأستاذ جليل.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو العباس المصري » القراءات عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : عمر ابن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري ، وهو إمام في قراءة « ورش ». عرض « عمر بن عراك » القراءة على : حمدان بن عون ، وعبد المجيد بن مسكين ، وقسيم بن مطير ، وأبي غانم المظفر بن أحمد ، ومحمد بن جعفر العلاف.

وسمع حروف القراءات من أحمد بن محمد بن زكريا الصوفي ، وأحمد بن إبراهيم بن جامع ، والحسن بن أبي الحسن العسكري.

قرأ على « عمر بن عراك » : « أحمد بن هاشم ، وفارس بن أحمد ، وعتبة بن عبد الملك ، والحسين بن إبراهيم الأنباري ».

توفي « عمر بن عراك » بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » « عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون » ، نزيل

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٥. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٨٩. الصلة لابن بشكوال ج ١ ، ص ٨٦. العبر ج ٣ ، ص ٢٠٨. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٦٢. الوافي بالوفيات ج ٧ ، ص ٢١٧. حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٣. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٧٢.


مصر وهو أستاذ ماهر كبير محرر ضابط ثقة. ولد ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب ، وانتقل إلى مصر فسكنها ، وروى القراءة عرضا وسماعا عن : إبراهيم بن عبد الرزاق ، وإبراهيم بن محمد ابن مروان ، وأحمد بن محمد بن بلال ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي ، وأحمد بن الحسين النحوي ، وأحمد بن موسى ، وجعفر بن سليمان ، والحسين بن خالويه.

قرأ على « عبد المنعم بن غلبون » ولده أبو الحسن طاهر ، وأحمد بن عليّ الرّبعي ، وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي ، وأحمد بن هاشم تاج الأمة ، وأحمد ابن نفيس ، والحسن بن عبد الله الصّقلّي ، وخلف بن غصن ، وأبو عمر الطلمنكي ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان.

توفي « عبد المنعم بن غلبون » بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » : عليّ بن محمد بن إسحاق أبو الحسين الحلبي القاضي ، وقد روى القراءة عن : عبد الله بن محمد بن زياد ، وابن مجاهد. وقرأ عليه : أحمد بن هاشم.

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » : الحسن بن سليمان بن الخير ، أبو علي الأنطاكي ، وهو أستاذ ماهر ، حافظ ، ثقة سكن مصر ، وقرأ على : أبي الفتح ابن بدهن ، وأبي الفتح الشنبوذي ، وأبي القاسم الزعزاع ، وعلي بن محمد البرزندي ، بفتح الباء ، وسكون الراء ، وفتح الزاي ، وسكون النون ، نسبة إلى « برزند » وهي بلدة من ديار أذربيجان (١).

ولما قدم « مصر » عرض على « أبي بكر الأدفوي ».

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ٣١٩.


قال عنه « الإمام الداني » : كان « الحسن بن سليمان الأنطاكي » احفظ أهل زمانه للقراءات ، والغرائب من الروايات ، والشاذّ من الحروف ، ومع ذلك كان يحفظ تفسيرا كثيرا ، ومعاني ، وإعرابا ، وعللا ، ينصّ على ذلك نصّا بطلاقة لسان ، وحسن منطق لا يلحق (١).

قرأ على « الحسن الأنطاكي » : أحمد بن هاشم ، ومحمد بن أحمد بن سعد القزويني ، وموسى بن الحسين المعدّل ، والحافظ أبو عمرو الداني. توفي بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة هـ.

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » : عبد الرحمن بن عمر بن محمد ابو محمد المعدّل النحاس ، روى القراءة عن : عبد الله بن أحمد بن ذي زويه الدمشقي ، وروى القراءة عنه : الحافظ أبو عمرو الداني ، وأحمد بن هاشم.

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » : الحسن بن عمر بن إبراهيم أبو محمد المالكي البزّار ، روى القراءة عن : محمد بن عبد الرحمن المكي ، وروى القراءة عنه « أحمد بن هاشم ».

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » : محمد بن أحمد بن عليّ بن حسين أبو مسلم الكاتب البغدادي ، نزيل مصر ، وهو أستاذ معمّر مسند عالي السند ، ولد سنة خمس وثلاثمائة ، وروى القراءات عن : « أبي بكر بن مجاهد ، ومحمد بن أحمد ابن قطن ، وعلي بن أحمد بن بزيع ». وروى القراءة عنه : « أحمد بن هاشم ، والحافظ أبو عمرو الداني ، ورشأ بن نظيف ، وأبو علي الأهوازي ، وأحمد بن بابشاذ ».

توفي « محمد أبو مسلم الكاتب » سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » : هبة الله بن عبد الله أبو القاسم الضرير ،

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢١٥.


روى القراءة عرضا عن عمر العريف ، وروى القراءة عنه عرضا « أحمد بن هاشم أبو العباس المصري ».

ومن شيوخ « أحمد بن هاشم » : محمد بن المظفر بن عليّ بن حرب أبو بكر الدينوري بكسر الدال المشدّدة ، وفتح النون والواو ، وهي نسبة إلى الدّينور » بلدة من بلاد الجبل عند « قرميسين » (١).

وهو شيخ « دينور » وإمام جامعها ، قرأ عليه « أحمد بن هاشم ، وأبو غلام الهرّاس ، وعلي بن محمد الخيّاط ، والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي ، ونصر ابن عبد العزيز الفارسي » وآخرون.

قال « ابن الجزري » : دخل « أحمد بن هاشم » بلاد الأندلس سنة عشرين وأربعمائة ، فأخذ عنه : « أبو عمر الطلمنكي » مع كبره ، وبين وفاته ووفاة « الطلمنكي » نحو تسعين سنة (٢).

احتلّ « أحمد بن هاشم » مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه. قال « أبو عمر الحذّاء » : هو أحفظ من لقيت لاختلاف القرّاء وأخبارهم (٣). وقال « ابن الجزري » : « أحمد بن هاشم أبو العباس المصري ، شيخ حافظ أستاذ.

توفي « أحمد بن هاشم » في شوال سنة خمس وأربعين وأربعمائة هـ.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ٢ ، ص ٥٣١.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٨٩.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٠٥.


رقم الترجمة / ٢٩

« إسماعيل بن خلف » (١) ت ٤٥٥ هـ

هو : إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران أبو طاهر النحوي ، الأنصاري ، الأندلسي ثم المصري ، مؤلف كتاب « العنوان » و « الاكتفاء » في القراءات ، واختصر كتاب « الحجة » في القراءات لأبي علي الفارسي.

أخذ « إسماعيل بن خلف » القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي ، يعرف بالطويل ، مؤلف كتاب « المجتبى الجامع » في القراءات.

ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.

وهو أستاذ ماهر ثقة ، متصدر ، نزل « مصر » وكان شيخها ، قال عنه « الإمام الداني » : كان « عبد الجبار بن أحمد » شيخا فاضلا ، ذا عفاف ، ونسك ، رأيته وشاهدته ، وكان كثيرا ما يقصد شيخنا « فارس بن أحمد » يذاكره في مجلسه (٢).

أخذ « عبد الجبار بن أحمد » القراءة عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو أحمد السامري » عرض عليه الحروف كلها.

وسمع حروف القراءات من « أبي عليّ أحمد بن عبد الوهاب » وآخرين.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

فهرست ابن خير ص ٤١٧ ، وفيات الأعيان ج ١ ، ص ٢٣٣. الصلة لابن بشكوال ص ١٠٥ ، إرشاد الأريب ج ٢ ، ص ٢٧٣. الوافي بالوفيات ج ٩ ، ص ١١٦ ، حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٤. روضات الجنات ج ٢ ، ص ٥٥. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٣. ورقم الترجمة ٣٦٢. غاية النهاية في طبقات القراء ، ج ١ ص ١٦٤.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٥٨ ..


وبعد أن اكتملت مواهب « عبد الجبار بن أحمد » جلس لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، ومن الذين أخذوا عنه القراءات : « أبو طاهر إسماعيل بن خلف » صاحب « العنوان » وروى عنه القراءات : « أبو الحسن يحيى ابن إبراهيم البياز » وهو آخر من قيل إنه روى عنه.

توفي « عبد الجبار » بمصر في آخر شهر ربيع الأول سنة عشرين وأربعمائة. ثم تصدّر « إسماعيل بن خلف » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الحفاظ يأخذون عنه ، وفي مقدمة من قرأ عليه القرآن : « ابنه جعفر بن إسماعيل » روى القراءة عن أبيه سماعا وتلاوة.

ومن تلاميذ « إسماعيل بن خلف » في القراءة : « يحيى بن عليّ بن الفرج أبو الحسن المصري ، يعرف بابن الخشّاب ، شيخ الإقراء بالديار المصرية ، وهو أستاذ ماهر ، صحيح الأخذ ، أخذ القراءة عن خيرة القراء وفي مقدمتهم : « أحمد ابن نفيس ». ثم تصدّر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري ».

توفي « يحيى بن علي » سنة أربع وخمسمائة.

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، توفي « إسماعيل بن خلف » أول المحرم سنة خمس وخمسين وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٣٠

« إسماعيل بن عمرو » (١) ت ٤٢٩ هـ

هو : إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحداد ، أبو محمد المصري. شيخ صالح متصدر.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « إسماعيل بن عمرو » القراءة القرآنية عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو عدي عبد العزيز بن الإمام ، وغزوان بن القاسم ، وقسيم بن مطير » وآخرون.

كما أخذ « إسماعيل بن عمرو » حديث الهادي البشير عن عدد من العلماء ، فقد سمع من الحسن بن رشيد ، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياس ، والعباس بن أحمد الهاشمي.

تصدّر « إسماعيل بن عمرو » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة والضبط والإتقان ، وأقبل عليه الطلاب العلم ، ومن الذي أخذوا عنه القرآن : « أبو القاسم يوسف الهذلي ، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي ، والحسين ابن محمد بن مبشر » وآخرون.

ومن الذين أخذوا عنه حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحدثوا عنه : « سعيد ابن علي الزنجاني ، وأبو الحسن القاضي الخلعي » وآخرون.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٣ ، ص ١١٠٠. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ١٦٧. القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٣٨٥. حسن المحاضرة للسيوطي ج ١ ، ص ٤٩٣.


توفي « إسماعيل بن عمرو » سنة تسع وعشرين وأربعمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٣١

« أبو البقاء العكبري » (١) ت ٦١٦ هـ

هو : محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري نسبة إلى « عكبرا » بالقصر ، بضم العين ، وإسكان الكاف وفتح الباء والراء ، بليدة على « دجلة » فوق بغداد بخمسة فراسخ ، ثم البغدادي الأزجيّ نسبة إلى المحلة التي كان يسكنها في بغداد ، وهي محلة بباب الأزج ، وهي إحدى محلات شرقي بغداد الكبيرة ، ثم الحنبلي ، صاحب التصانيف.

ولد « أبو البقاء العكبري » سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

حفظ « العكبري » القرآن في صغره ، ثم جدّ في طلب العلم منذ صغره وتتلمذ على خيرة علماء عصره ، فقرأ بالروايات القرآنية على « عليّ بن عساكر ابن المرجب بن العوّام أبو الحسن البطائحي ، شيخ العراق ، وكان من الثقات ، وقرأ « البطائحي » على « أبي العز القلانسي » وأبي عبد الله البارع ، وأبي بكر المزرقي ، وعمر بن إبراهيم الزيدي.

وقرأ على « البطائحي » « عبد العزيز بن دلف ، ومحمد بن أبي القاسم ، وعليّ ابن هبة الله بن الجميزي ، والوزير عون الدين بن هبيرة ، وأسند عنه في كتاب الإفصاح ، وصنف كتابا في القراءات. قال عنه « الحافظ الذهبي » : وكان ثقة ، عارفا بالعربية ، ت ٥٧٢ هـ.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

سير أعلام النبلاء ج ٢٢ ، ص ٩١. معجم المؤلفين ج ٦ ، ص ٤٦. معجم البلدان ج ٣ ، ص ٧٠٥. إنباه الرواة ج ٢ ، ص ١١٦. وفيات الأعيان ج ٣ ، ص ١٠٠. مرآة الجنان ج ٤ ، ص ٣٢. البداية والنهاية ج ١٣ ، ص ٨٥. النجوم الزاهرة ج ٦ ، ص ٢٤٦. بغية الوعاة ج ٢ ، ص ٣٨. شذرات الذهب ج ٥ ، ص ٦٧. مقدمة كتاب التبيين ص ١١.


ومن شيوخ « أبي البقاء العكبري » : « إبراهيم بن دينار بن أحمد بن الحسين ، أبو حكيم النهرواني ، فقيه حنبلي ت ٥٥٦ ه‍ ، أخذ عنه « أبو البقاء » الفقه.

ومن شيوخ « أبي البقاء » : طاهر بن محمد بن طاهر بن على المقدسي الأصل الهمذاني ت ٥٩٦ هـ. أخذ عنه « أبو البقاء » الحديث حين قدم بغداد في طريقه إلى الحج.

ومن شيوخ « أبي البقاء » : عبد الرحمن بن عليّ أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي المذهب ، البغدادي ، القرشي ، علامة عصره في التاريخ والحديث ومن المكثرين في التأليف في شتى الفنون.

ولعل « ابن الجوزي » من أبرز العلماء الذي تأثر بهم « أبو البقاء » وقد وصفه « أبو البقاء » في مقدمة إعرابه بأنه أتم المسانيد.

ومن شيوخ « أبي البقاء » : عبد الله بن أحمد بن أحمد أبو محمد بن الخشاب ، وهو من أشهر شيوخ « أبي البقاء » في النحو واللغة ، كما أنه سمع منه الحديث ، فقد ورد في كتاب « إعراب الحديث » قوله ... وقد سمعت هذا كله في هذا الحديث من شيخنا « أبي محمد بن الخشاب » وقت سماعنا عليه مسند « الإمام أحمد » رحمه‌الله.

ومن شيوخ « أبي البقاء » : عبد الله بن محمد أبو بكر النّقّور ، أخذ عنه « أبو البقاء » الحديث.

ومن شيوخ « أبي البقاء » : عليّ بن عبد الرحيم بن الحسن بن عبد الملك بن إبراهيم السلمي ، المعروف بابن العصّار ، أخذ عنه « أبو البقاء » اللغة.

ومن شيوخ « أبي البقاء » : محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البطّي البغدادي ، أبو الفتح ، سمع منه « أبو البقاء » الحديث ، وكانت وفاته سنة ٥٦٤ هـ.


ومن شيوخ « أبي البقاء : « محمد بن علي بن المبارك » أبو الفضل ، مؤيّد الدين بن القصّاب ، أخذ عنه « أبو البقاء » اللغة ، وتوفي سنة ٥٩٢ هـ.

ومن شيوخ « أبي البقاء » محمد بن محمد بن محمد بن الحسين أبو يعلى الصغير ، عماد الدين بن القاضي أبي حازم بن أبي يعلى الكبير المتوفى سنة ٥٦٠ ه‍ من كبار علماء الحنابلة ، لازمه أبو البقاء حتى برع في المذهب والخلاف والأصول.

ومن شيوخ « أبي البقاء » : يحيى بن نجاح بن مسعود بن عبد الله اليوسفي ، المؤدب ، الأديب الشاعر ، أبو البركات ، حنبليّ المذهب ، روى عنه « أبو البقاء » بعض شعره ، وأخذ عنه اللغة ، والنحو ، والأدب.

ومن شيوخ « أبي البقاء » يحيى بن هبيرة بن محمد الدّهلي الشيباني الوزير ، من وزراء الدولة العباسية. أخذ عنه « أبو البقاء » الحديث.

تصدر « أبو البقاء » للتدريس ، واشتهر بالثقة والضبط وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وكثر تلاميذه في القراءات ، والنحو ، واللغة وغير ذلك من العلوم.

ومن تلاميذه : أحمد بن عليّ بن معقل ، عز الدين ، أبو العباس الأزدي المهلبي الحمصي ، النحوي ، ناظم الإيضاح والتكملة ، ومؤلف المآخذ على شراح ديوان المتنبي ت ٦٤٤ هـ. والحسن بن أبي المعالي بن مسعود بن الحسين ، المعروف بابن « الباقلاني » ت ٦٣٧ هـ.

ومن تلاميذه : سالم بن أحمد بن سالم بن أبي الصقر ، الملقب بالمنتخب ، « الحاجب » توفي قبل مشيخة « أبي البقاء » سنة ٦١١ هـ.

ومن تلاميذ « أبي البقاء » : عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد ، أبو حامد ، عزّ الدين ، شارح « نهج البلاغة » وشيخ الحديث


بالمستنصرية ، ت ٦٩٧ هـ.

ومن تلاميذ « أبي البقاء » : ولده « عبد الرحمن بن عبد الله العكبري » ت ٦٣٦ هـ.

ومن تلاميذ « أبي البقاء » : عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الجزري السعدي ، أبو الفرج ، ناصح الدين المعروف بابن الحنبلي ت ٦٣٤ هـ. قرأ على « أبي البقاء » الفصيح لثعلب من حفظه ، وبعض التصريف لابن جني.

ومن تلاميذ « أبي البقاء » : عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف أبو محمد عز الدين ، مفسّر ، ومن مشاهير فقهاء الحنابلة ت ٦٦٠ هـ.

ومن تلاميذ « أبي البقاء » : عبد السلام بن عبد الله بن تيمية المشهور بالمجد ، مجد الدين ، جد شيخ الإسلام « ابن تيمية ». أخذ « المجد » عن العكبري. ت ٦٥٢ هـ.

ومن تلاميذ « أبي البقاء » : عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الحسين البغدادي القطيعي ، المقرئ المحدث النحوي ، الخطيب الواعظ الزاهد المؤرخ ت ٦٧٦ ه‍ ، قال : قرأت على « أبي البقاء العكبري » من حفظي كتاب « اللمع » لابن جني ، والتصريف الملوكي ، والفصيح لثعلب ، وأكثر كتاب « الإيضاح » لأبي علي الفارسي ، وسمعت عليه « المفضليات ».

ومن تلاميذ « أبي البقاء » : عليّ بن أنجب بن عبد الله بن عمّار بن عبيد الله ، تاج الدين ، خازن كتب المستنصرية ، قرأ القراءات على « أبي البقاء » ت ٦٧٤ هـ.

ومن تلاميذ « أبي البقاء » القاسم بن أحمد بن الموفق ، علم الدين اللورقي الأندلسي ، من أشهر تلاميذ « أبي البقاء » في النحو ، وأكثر مجالسته حتى صار يسمّى تلميذ « أبي البقاء » ت ٦٦١ هـ.


اشتهر « أبو البقاء » بالثقة والأمانة ، وسعة العلم ، وكثرة التلاميذ والتصنيف مما استوجب الثناء عليه.

قال عنه « ياقوت الحموي » : « كان أبو البقاء ديّنا ، ورعا ، صالحا ، حسن الأخلاق ، قليل الكلام فيما لا يجدي نفعا ، لم يخرج كلمة من رأسه فيما علمت إلا في علم ، وما لا بدّ له منه في مصالح نفسه ، وكان رحمه‌الله رقيق القلب ، تفرّد في عصره بعلم العربية ، والفرائض » اهـ.

وقال عنه « الإمام عبد الصمد بن أبي الجيش » : كان « أبو البقاء » يفتي في تسعة علوم ، وكان واحد زمانه في النحو ، واللغة ، والحساب ، والفرائض ، والجبر ، والفقه ، وإعراب القرآن ، والقراءات الشاذة ، وله من كل هذه العلوم تصانيف كبار ، وصغار ، ومتوسطات. اهـ.

وقال « ابن الدبيثي » : كان « أبو البقاء » متفننا في العلوم ، له مصنفات حسنة في إعراب القرآن ، وقراءاته المشهورة ، وإعراب الحديث ، والنحو واللغة ، سمّعت عليه ونعم الشيخ كان. اهـ.

وقال « أبو الفرج بن الحنبلي » : كان إماما في علوم القرآن ، إماما في الفقه إماما في اللغة ، إماما في النحو ، إماما في العروض ، إماما في المسائل النظرية ، له في هذه الانواع من العلوم مصنفات مشهورة ، وبقي مدّة عمره منقطع النظير ، متوحّدا في فنونه التي جمعها ، حتى رحلت إليه الطلبة من النواحي ، وانتفع به خلق كثير. اهـ.

وقال « ابن الشعار الموصلي » : كان إماما في الفقه ، فرضيا ، حاسبا ، قارئا شيخ وقته ، في علم الأدب واللغة والإعراب ، له من التصانيف شيء مفيد مشهور. اهـ.

وقال « ابن خلكان » : « لم يكن في آخر عمره في عصره مثله ، في فنونه ،


وكان الغالب عليه علم النحو ، وصنف فيه مصنفات مفيدة ، واشتغل عليه خلق كثير ، وانتفعوا به ، واشتهر اسمه في البلاد وهو حيّ ، وبعد صيته » اهـ.

وقال « الفيروزآبادي » : هو أديب ذو معرفة بعلوم القرآن ، والجبر ، وغوامض العربية ، ... وهو حافظ. اهـ.

وقال « السيوطي » : قرأ العربية على « يحيى بن نجاح » وابن الخشاب حتى حاز قصب السبق ، وصار فيها من الرؤساء المتقدمين ، وقصده الناس من الأقطار » اهـ.

خلّف « أبو البقاء » ثروة علمية طائلة من المؤلفات في مختلف صنوف العلم والمعرفة ، ألّف الكتب والرسائل ، وشرح المختصرات ، واختصر المطولات ، على حسب ما يقتضيه الدرس ، وتتطلبه مصلحة الطلبة.

ألف في الفقه ، ومذاهب الفقهاء وخلافهم ، كما ألف في النحو ومذاهب النحاة ، ومذاهبهم ، وألف في العروض ، والفرائض ، وألف في الحساب ، والأدب ، والشعر ، والتفسير ، والجدل ، والحديث. وهذه الثروة العلمية الطائلة والمكتبة حافلة بأصناف العلم وفنونه التي خلفها « أبو البقاء » ، منها ما سلم من عاديات الزمن ووصل إلينا ، ومنها ما لعبت به يد الحدثان ، وعفا عليه الزمن ، وطوته العوادي ، فلم يصل إلى أسماعنا إلا اسم الكتاب ، سوى بعض نقول عن أمهات هذه المؤلفات المفقودة هنا وهناك ، في مؤلفات الخالفين بعد « أبي البقاء » وهذه بعض مؤلفات « أبي البقاء » : أجوبة المسائل الحلبية ، الاستيعاب في علم الحساب ، الإشارة في النحو ، إعراب ما يشكل من الحديث ، إعراب شواذ القراءات ، إعراب القرآن الكريم ، الإفصاح في معاني أبيات الإيضاح ، البلغة في الفرائض ، التبيين عن مذاهب النحويين ، التصريف في علم التصريف ، التعليق في مسائل الخلاف ، تفسير القرآن الكريم ، التلخيص في الفرائض ، تلخيص التنبيه لابن جني ، التلخيص في النحو ، التلقين في النحو ، التهذيب في


النحو ، تهذيب الإنسان بتقويم اللسان ، الثلاثة في الفرائض ، شرح أبيات كتاب سيبويه ، شرح بعض قصائد رؤبة ، شرح الإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي ، شرح التلقين ، شرح الحماسة ، وإعرابها ، شرح خطب ابن نباتة ، شرح ديوان المتنبي ، شرح الفصيح لثعلب ، شرح الكتاب لسيبويه ، شرح لامية العرب ، شرح لامية العجم ، شرح اللمع لابن جني ، شرح المفصل في النحو لأبي القاسم الزمخشري ، شرح المقامات الحريرية ، شرح الهداية في الفقه الحنبلي ، عدد آي القرآن ، العروض والقوافي ، الكلام على دليل التلازم ودليل التضاد ، اللباب في علل البناء والإعراب ، ولغة الفقه ، ومتشابه القرآن ، ومختصر أصول ابن السرّاج ، ومذاهب الفقهاء ، والمرام في نهاية الأحكام ، وهو كتاب في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، والمشوق المعلم في ترتيب إصلاح المنطق على حروف المعجم ، والمنتخب من كتاب المحتسب لابن جني ، والناهض في علم الفرائض. وغير ذلك كثير.

توفي « أبو البقاء العكبري » بعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتصنيف سنة ستة عشرة وستمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٣٢

« أبو بكر الباهلي » (١)

هو : محمد بن أحمد بن علي أبو بكر الباهلي البصري النجار الصناديقي. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو بكر الباهلي » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « القاسم بن زكريا المطرّز ، وأبو بكر الداجوني ، وأبو بكر النقاش ، وعمر بن محمد الكاغذي ، وأبو سلمة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي ».

تصدّر « أبو بكر الباهلي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو علي الأهوازي » ونسبه وكنّاه ، وقال إنه قرأ عليه في مسجده بالبصرة في « بني لقيط » سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « أبي بكر الباهلي » وقال الحافظ الذهبي : كان حيا في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

رحم الله « أبا بكر الباهلي » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته فيما يلي : معرفة القراء ج ١ ، ص ٣٤٠. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ٧٦ ..


رقم الترجمة / ٣٣

« أبو بكر الخيّاط » (١) ت ٤٦٧ هـ

هو : محمد بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر أبو بكر البغدادي المعروف بابن الخياط. وهو من خيرة القراء الثقات ، ومن الأئمة المجوّدين المسندين.

ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ، وحفظ القرآن ، وأخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد كبير من خيرة العلماء.

وفي مقدمتهم : « محمد بن شاذان ، أبو بكر الجوهري ، البغدادي » وهو مقرئ حاذق ، محدّث ثقة مشهور ، أخذ القراءة عن مشاهير العلماء منهم : « عبد الله بن صالح العجلي ».

وحدّث عن « هوذة بن خليفة » و « زكريا بن عدي ».

جلس « ابن شاذان » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو الحسن بن شنبوذ ، وأبو بكر النقّاش » ، وروى عنه « أبو بكر النجاد ، وقاسم بن أصبغ ».

توفي « ابن شاذان » سنة ست وثمانين ومائتين ، وقد نيف على التسعين رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ « أبي بكر الخياط » في القراءة : « محمد بن المظفر بن علي بن حرب أبو بكر الدينوري ، وهو من خيرة القراء المشهورين ، شيخ الدينور ، وإمام جامعها ، قدم إليها بعيد الأربعين وأقرأ بها.

__________________

(١) انظر ترجمته في : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٦. ورقم الترجمة ٣٦٥. غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٨ ورقم الترجمة ٣٢٧٩. الوافي بالوفيات ج ٤ ، ص ١٣٦. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٢٩.


أخذ « ابن المظفر » القراءة عن مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « الحسين بن محمد بن حبش الدينوري ». تصدّر « ابن المظفر » لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان. ومن الذين قرءوا عليه : « أبو بكر الخياط ، والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي ».

ومن شيوخ « أبي بكر الخياط » : « عبيد الله بن محمد بن أحمد ، أبو أحمد الفرضي » ، وهو من خير القراء ، ومن المحدثين ، المشهورين بالثقة ، والأمانة وجودة الضبط ، أثنى عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » :

« كان « أبو أحمد » ثقة ، ورعا ، ديّنا ، حدثنا منصور بن عمر الفقيه ، قال : « اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم ، وقراءة ، وإسناد ، وحالة متسعة في الدنيا ، وكان مع ذلك أورع الخلق ، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم أر مثله » اهـ (١).

أخذ « أبو أحمد الفرضي » القراءة عن مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم « أبو الحسن بن بويان ».

تصدر « أبو أحمد الفرضي » لتعليم القرآن ، وذاع صيته ، وأقبل عليه طلاب العلم ، يأخذون عنه ، وينهلون من علمه ، وقد أخذ عنه القراءة عرضا « الحسن ابن محمد البغدادي ».

وروى القراءة عنه سماعا « عبد الله بن محمد » شيخ الداني. كما سمع « أبو أحمد الفرضي » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم من « القاضي المحاملي » و « يوسف ابن البهلول » وحضر مجلس « أبي بكر بن الأنباري » العلامة المشهور باللغة ، والقراءات ، وعلوم القرآن. توفي « أبو أحمد الفرضي » سنة ست وأربعمائة ، وله اثنتان وثمانون سنة. رحمه‌الله رحمة واسعة.

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.


ومن شيوخ « أبي بكر الخياط » في القراءة : « أبو الحسن السوسنجردي » وهو من مشاهير القراء ، الثقات ، ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وأخذ القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « زيد بن أبي بلال ، وعبد الواحد ابن أبي هاشم » وغيرهما.

تصدّر « أبو الحسن السوسنجردي » لتعليم القرآن ، واشتهر بجودة القراءة ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وقراء القراءات ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو بكر الخياط ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي » وغيرهما.

توفي « السوسنجردي » يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة ، عن نيف وثمانين.

ومن شيوخ « أبي بكر الخياط » في القراءة : « عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسن الحمامي ، وهو من مشاهير القراء ، وشيخ قراء العراق ، ومسند الآفاق ، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

أخذ « أبو الحسن الحمامي » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم « أبو بكر النقاش ، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي » وغيرهما.

اشتهر « أبو الحسن الحمامي » بالثقة ، والضبط ، وحسن الأداء ، مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : كان « أبو الحسن الحمّامي » صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها (١).

وبعد أن اكتملت مواهب « أبي الحسن الحمامي » تصدر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه المشتغلون بالقرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أحمد بن الحسن بن اللحياني » وآخرون.

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢٢.


توفي « الحمامي » في شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي بكر الخياط » في القراءة : « عبيد الله بن عمر بن محمد بن عيسى ، أبو الفرج المصاحفي البغدادي ، وهو من خيرة العلماء الأجلاء ، ومن الثقات المشهورين ، أخذ « عبيد الله » القراءة عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « زيد بن أبي بلال ، والحسن بن داود النقّار ».

ثم تصدّر « عبيد الله بن عمر » لتعليم القرآن ، واشتهر بضبط القراءة ، وتجويد القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ويتتلمذون عليه ، وفي مقدمة من قرا عليه : « عليّ بن فارس الخياط ، وأبو بكر الخياط ». توفي « عبيد الله » سنة إحدى وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ « أبي بكر الخياط » في القراءة : « أحمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن الهيثم بن طهما ، أبو الحسن المقرئ ، المعروف بابن البادي ». وهو من خيرة القراء العاملين ، ومن الثقات المشهورين ، أخذ « أحمد بن عليّ » القراءة على خيرة القراء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن محمد بن هارون الهبيري ».

ثم جلس « أحمد بن عليّ » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الحفاظ يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو بكر الخياط ». توفي « أحمد بن علي » في ذي الحجة سنة عشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي بكر الخياط » في القراءة : « عليّ بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ، أبو الحسن الحذّاء ، وهو شيخ مقرئ ضابط ، ثقة مشهور.

أخذ « علي بن محمد » القراءة على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « إبراهيم بن الحسين بن عبد الله الشطّيّ ». ثم تصدّر « علي بن محمد » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو بكر الخياط ». توفي « علي بن محمد » في المحرّم سنة خمس عشرة وأربعمائة. رحمه‌الله رحمة واسعة


إنه سميع مجيب.

أخذ « أبو بكر الخياط » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة علماء الحديث ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : وسمع « أبو بكر الخياط » من « أبي الصلت المجبر ، وأبي عمر بن مهدي الفارسي » ومن في طبقتهما (١).

اشتهر « أبو بكر الخياط » بالثقة ، وكثرة العلم ، مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « وكان كبير القدر ، عديم النظير ، بصيرا بالقراءات ، صالحا ، عابدا ورعا ، بكاء ، قانتا ، خشن العيش ، فقيرا ، متعففا ، ثقة ، فقيها ، على مذهب الإمام أحمد » (٢).

تصدّر « أبو بكر الخياط » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته في الآفاق ، وتزاحم عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، وينهلون من علمه ، ويقرءون عليه.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن أحمد ابن محمد أبو عبد الله البارع البغدادي الدبّاس. وهو من مشاهير القراء ، ومن المؤلفين الأجلاء ، ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.

احتل « أبو عبد الله البارع » منزلة رفيعة ، ومكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : هو مقرئ صالح ، وأديب مفلق ، صاحب رواية كتاب « الشمس النيّرة في التسعة الشهيرة » ألّفه له « أبو محمد سبط الخياط » (٣).

أخذ « أبو عبد الله البارع » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم « أبو

__________________

(١) انظر : معرفة القراء ج ١ ، ص ٤٢٦.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٧.

(٣) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٥١.


بكر الخياط ، وأبو القاسم يوسف بن الغوري » وغيرهما.

جلس « أبو عبد الله البارع » لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو جعفر عبد الله بن أحمد الواسطي ، وعليّ بن المرجّب البطائحي ». توفي « أبو عبد الله البارع » سنة أربع وعشرين وخمسمائة.

ومن تلاميذ « أبي بكر الخياط » الذين أخذوا عنه القراءة : محمد بن علي بن منصور بن عبد الملك بن إبراهيم بن الفراء ، أبو منصور البغدادي ، وهو من شيوخ القراءات المتصدرين ، ومن العلماء العاملين الذين أوقفوا حياتهم على خدمة القرآن الكريم. أخذ « محمد بن علي بن منصور » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو بكر الخياط ».

تصدّر « محمد بن علي بن منصور » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ ».

ومن تلاميذ « أبي بكر الخياط » الذين أخذوا عنه القراءة : « محمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن عبد الكريم أبو بكر الشيباني البغدادي ، المزرقي بفتح الميم وهو من خيرة العلماء العارفين بالفرائض ، ومن علماء القراءات ، ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

احتلّ « محمد بن الحسين » منزلة رفيعة بين العلماء ، وكانت له سيرة عطرة بين الجميع مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان من ثقات العلماء.

أخذ « محمد بن الحسين » القراءات القرآنية عن « أبي بكر الخياط » كما سمع حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم من عدد من علماء الحديث وفي مقدمتهم : « أبو


سلمة ، وابن المأمون ».

تصدّر « محمد بن الحسين » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو يوسف المديني ، وأبو الفرج ابن الجوزي » توفي « محمد بن الحسين » سنة سبع وعشرين وخمسمائة.

ومن تلاميذ « أبي بكر الخياط » الذين أخذوا عنه القراءة : هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم أبو القاسم البغدادي ، وهو من القراء الثقات المشهورين ، ومن الحذاق الضابطين ، كما كانت له سمعة حسنة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « هو أحد من عني بالقراءات ، وتبحّر فيها ، وتصدر للإقراء » (١). أخذ « هبة الله بن جعفر » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أبو جعفر ، وأبو بكر الخياط ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء ، وتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو الحسن الحمامي ، والإمام أبو بكر بن مهران » وعليه اعتماده في كتبه.

لم يحدّد المؤرخون تاريخ وفاة « هبة الله بن جعفر ». إلا أن « ابن الجزري » قال : وبقي فيما أحسب إلى حدود الخمسين وثلاثمائة رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي بكر الخياط » الذين أخذوا عنه القراءة : « محمد بن عليّ أبو ياسر الحمامي ، البغدادي ». وهو من خيرة القراء الثقات ، ومن المؤلفين المشهورين ، صاحب كتاب « الإيجاز في القراءات العشر ».

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٥١.


أخذ « أبو ياسر الحمّامي » القراءات القرآنية عن خيرة العلماء ، فقد قرأ روايات القراءات على « أبي علي غلام الهرّاس ، وأبي بكر الخياط ». جلس « أبو ياسر الحمّامي » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو نصر أحمد ابن محمد بن بغراج ».

كما سمع « أبو ياسر الحمامي » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم من العلماء المحدثين ، وفي مقدمتهم : « أبو جعفر بن المسلمة ». توفي « أبو ياسر الحمامي » في المحرم سنة تسع وثمانين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أبي بكر الخياط » الذين أخذوا عنه القراءة : يحيى بن الخطاب ابن عبيد الله بن منصور بن البزاز ، النهري البغدادي ، وهو من شيوخ القراءات المشهورين ، ومن الحذاق المتصدرين. أخذ « يحيى بن الخطاب » القراءة وحروف القراءات عن عدد من خيرة القراء وفي مقدمتهم : « أبو بكر الخياط ». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « الحسن بن أحمد بن الحسن ».

ومن الذين أخذوا القراءة عن « أبي بكر الخياط » : « المبارك بن الحسن بن أحمد بن عليّ بن فتحان ، أبو الكرم الشهرزوري » وهو من خيرة علماء القراءات المعروفين بالثقة ، وصحة القراءة ، وجودة الضبط ، ومن المؤلفين المشهورين.

ألّف كتاب « المصباح الزاهر في العشر البواهر » وهو من أحسن ما ألف في علم القراءات. تلقاه العلماء بالرضا والقبول ، وتدارسوه جيلا بعد جيل. ولا زال علماء القراءات يرجعون إلى مخطوطه حتى الآن.

أخذ « أبو الكرم الشهرزوري » حروف القراءات عن مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم « أبو بكر الخياط ».


تصدّر « أبو الكرم الشهرزوري » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بين الخاص والعام ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « محمد بن محمد بن هارون بن الكمال الحلبي ».

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ، والتدريس ، والتصنيف ، توفي « أبو بكر الخياط » سنة سبع وستين واربعمائة هـ.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.


رقم الترجمة / ٣٤

« أبو بكر السّلمي » (١) ت ٤٠٧ هـ

هو : محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الله بن حبيب أبو بكر السلمي الجبني ، الأطروش ، شيخ القراء بدمشق.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات. ولد « أبو بكر السلمي » سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. وكان والده من علماء القرآن ، كما كان يؤم بمسجد تلّ الجبن بدمشق ولهذا قيل له الجبني.

ترعرع « أبو بكر » في بيت العلم ، وتفتحت عيناه على سماع القرآن يتلى في البيت الذي نشأ فيه ، فحفظ القرآن ، وأخذ القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : والده ، وعلي بن الحسين بن السفر ، وابن الأخرم ، وجعفر بن أبي داود ، وأحمد بن عثمان السبّاك ، والحسين بن محمد بن علي بن عتاب ، ومحمد بن أحمد بن عتاب. وبعد أن اكتملت مواهب « أبي بكر السلمي » تصدر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : علي بن الحسن الربعي ، ومحمد بن الحسن الشيرازي ، وأحمد بن محمد بن بزدة الأصبهاني ، ورشاء بن نظيف ، والكارزيني ، وأبو علي الأهوازي ، وآخرون.

بلغ « أبو بكر السلمي » مكانة سامية بين الناس مما استوجب الثناء عليه ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٣. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٨٤. طبقات المفسرين للداودي ج ٢ ، ص ٧٤.


في هذا المعنى يقول تلميذه « أبو علي الأهوازي » : « ما خلت دمشق قط من إمام كبير في قراءة الشاميين ، يسافر إليه فيها ، وما رأيت بها مثل « أبي بكر السلمي » من ولد « أبي عبد الرحمن السلمي » إماما في القراءة ، ضابطا للروايات ، قيما بوجوه القراءات ، يعرف صدرا من التفسير ومعاني القراءات ، قرأ على سبعة من أصحاب « الأخفش » له منزلة في الفضل ، والعلم ، والأمانة ، والورع ، والدين ، والتقشف ، والفقر ، والصيانة » اهـ.

توفي « أبو بكر السلمي » على الأصحّ سنة سبع وأربعمائة من الهجرة ودفن خارج الباب الصغير من دمشق وقد جاوز الثمانين. رحم الله « أبا بكر السلمي » وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٣٥

« بكر بن شاذان » (١) ت ٤٠٥ هـ

هو : بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي. ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « بكر بن شاذان » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « زيد بن أبي بلال ، وأبو بكر محمد بن علي بن الهيثم بن علوان ، ومحمد بن عبد الله بن مرّة النقاش ، وأحمد بن بشر الشارب ، وبكار بن أحمد بن بكار » (٢).

كما أخذ « بكر بن شاذان » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء وحدث عنهم ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : سمع « بكر بن شاذان » جعفر الخالدي ، وعبد الباقي بن قانع ، وأبا بكر الشافعي وغيرهم ، ثم يقول : حدثنا عنه « الازهري ، وأبو محمد الخلال ، وعبد العزيز بن عليّ الأزجي » ثم يقول : وكان عبدا صالحا ثقة أمينا » اهـ (٣).

تصدر « بكر بن شاذان » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٩٦. ومرآة الجناة ج ٣ ، ص ١٣. ومعرفة القراء ج ١ ، ص ٣٧١. وغاية النهاية ج ١ ، ص ١٧٨ والنجوم الزاهرة ج ٤ ، ص ٢٣٧. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٧٤.

(٢) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ١٧٨.

انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧١.

(٣) انظر : تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٩٧.


ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن بن محمد المالكي ، والحسن بن علي العطار ، والحسن بن القاسم غلام الهراس ، وأبو الحسن الخياط ، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي » (١)

اشتهر « بكر بن شاذان » بالأخلاق الفاضلة ، والصفح والحلم ، والعفو عن عثرات الإخوان ، عملا بقول الله تعالى : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (٢).

ويقول الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الحديث الذي رواه « عبادة بن الصامت » رضي‌الله‌عنه حيث قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « الا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات ؛ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : تحلم على من جهل عليك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتعطي من حرمك ، وتصل من قطعك » (٣)

والدليل على تخلق « بكر بن شاذان » بهذه الأخلاق الفاضلة ما رواه « الخطيب البغدادي » حيث قال : حدثني الحسن بن غالب المقرئ أن بكر بن شاذان وأبا الفضل التميمي ، جرى بينهما كلام فبدرت من « أبي الفضل » كلمة ثقلت على « بكر » وانصرف ، ثم ندم « التميمي » فقصد « أبا بكر بن يوسف » وقال له : قد كلمت « بكر بن شاذان » بشيء جفا عليه ، وندمت على ذلك ، وأريد أن تجمع بيني وبينه فقال له « ابن يوسف » سوف نخرج لصلاة العصر ، فخرج « بكر » وجاء إلى ابن يوسف ، والتميمي عنده ، فقال له التميمي : أسألك بالله أن تجعلني في حلّ ، فقال « بكر » : سبحان الله ، والله ما فارقتك حتى أحللتك ، وانصرف ، فقال « التميمي » : قال لي والدي : « يا عبد

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ١٧٨.

(٢) سورة آل عمران الآيتان ١٣٣ و ١٣٤.

(٣) رواه البزار والطبراني انظر الترغيب ج ٣ ، ص ٥١١.


الواحد احذر من أن تخاصم من إذا نمت كان منتبها » اهـ (١).

وقال « ابن الجزري » : بكر بن شاذان الواعظ شيخ ماهر ثقة مشهور صالح زاهد » (٢) توفي « بكر بن شاذان » يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٩٧.

(٢) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ١٧٨.


رقم الترجمة / ٣٦

« أبو بكر الطّرازي » (١) ت ٣٨٥ هـ

هو : محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان أبو بكر الطرازي البغدادي ، نزيل نيسابور مقرئ محقق.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « الطرازي » القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أبو بكر ابن مجاهد ، وأحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي قتادة ، وابن شنبوذ ، وجعفر بن محمد السرنديبي ، وأبو بكر الزيتوني ، وعلي بن سعيد بن ذؤابة » (٢)

كما أخذ « أبو بكر الطرازي » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : سكن « أبو بكر الطرازي » نيسابور ، وحدث بها عن « أبي القاسم البغوي وأبي بكر بن أبي داود ، وأبي سعيد العدوي ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، وأبي بكر بن دريد ، وأحمد بن موسى بن مجاهد ، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ».

ثم يقول « البغدادي » : وكان فيما بلغني يظهر التقشف ، وحسن المذهب ، إلا أنه روى مناكير وأباطيل ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : حدثنا عنه ابنه عليّ ، وأبو عبيد محمد بن أبي نصر النيسابوري وغيرهما ، حدثنا أبو الحسن عليّ بن أبي بكر الطرازي ، بنيسابور ، حدثنا أبي وأنبأنا أبو عبيد محمد

__________________

(١) انظر ترجمته في المصادر الآتية :

معرفة القراء الكبار : ج ١ ص ٢٧٨ ، وغاية النهاية ج ٢ ، ص ٢٣٧ وتاريخ بغداد ج ٣ ، ص ٢٢٥ وميزان الاعتدال ج ٤ ، ص ٢٨.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٣٧.


ابن أبي نصر ببغداد ، أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي ، حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا ، حدثنا خراش بن عبد الله الطحّان ، حدثنا أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم « النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر ، والنظر إلى الوجه القبيح يورث الكلح » اهـ. يقول « البغدادي » : وهذا الحديث لم يروه « أبو سعيد العدوي عن خراش عن « أنس » وإنما رواه بإسناد آخر (١).

ثم يقول « البغدادي » وكان « أبو بكر الطرازي » يحدث كثيرا من حفظه ومن ذلك الحديث التالي : قال : « وحدثنا خراش بن عبد الله ، حدثنا « أنس ابن مالك » قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « ما حسّن الله خلق امرئ ولا خلقه فأطعمه النار » اهـ.

ثم يقول « البغدادي » : وجميع نسخة « أبي سعيد العدوي » التي رواها عن خراش أربعة عشر حديثا ، وليس فيها شيء من هذه الأحاديث » اهـ (٢)

تصدر « أبو بكر الطرازي » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمتهم : « نصر بن أبي نصر الحدّاد ، ومنصور بن أحمد العراقي » وآخرون (٣).

احتلّ « أبو بكر الطرازي » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « الطرازي » نزيل نيسابور ، مقرئ ، ضابط ، صالح ، عالي السند » (٤)

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ، ص ٢٢٥.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ، ص ٢٢٦.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٥٢. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٣٧.

(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٥٢.


وقال « الإمام ابن الجزري » : كان « أبو بكر الطرازي » مقرئا محققا (١) توفي « أبو بكر الطرازي » سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣٧.


رقم الترجمة / ٣٧

« أبو جعفر الأزديّ » (١) ت ٤٢٧ هـ

هو : أحمد بن علي أبو جعفر الأزدي القيرواني المقرئ الشافعي. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

رحل « أبو جعفر الأزدي » إلى « مصر » وقرأ بها على ابي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون أبي الطيب الحلبي نزيل مصر ، وهو أستاذ ماهر كبير محرّر ، ضابط ، ثقة ، خيّر ، صالح ، ديّن.

ولد بحلب سنة تسع وثلاثمائة ، وانتقل إلى مصر فسكنها. وألف كتاب « الإرشاد » في السبع ، قال عنه « أبو عمرو الحافظ » : كان « ابن غلبون حافظا للقراءة ، ضابطا ذا عفاف ، ونسك وفضل ، حسن التصنيف » اهـ. ت بمصر عام ٣٨٩ للهجرة.

أقرأ « أبو جعفر الأزدي » الناس مدّة بالقيروان ، وتوفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٤. طبقات القراء ج ١ ، ص ٩١.


رقم الترجمة / ٣٨

« جلال الدين السّيوطي » (١) ت ٩١١ هـ

هو : عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن الهمام الجلال الأسيوطي الأصل الشافعي.

وهو من خيرة العلماء الأفاضل المجتهدين ، ومن المصنفين المكثرين ، ولد في أول ليلة مستهلّ رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة ، ونشأ يتيما فحفظ القرآن ، والعمدة ، والمنهاج الفرعي ، وألفية النحوي. أخذ السيوطي العلم عن خيرة علماء عصره ، وأخذ من كل فنّ ، وسافر إلى « الفيوم » ودمياط ، والمحلة الكبرى ، وغير ذلك ، وأجاز له أكابر علماء عصره من سائر الأمصار ، وبرز في جميع الفنون ، وفاق الأقران ، واشتهر ذكره ، وبعد صيته ، وصنف التصانيف المفيدة النافعة فقد استفاد بمصنفاته من عاصره ، ومن جاء بعده إلى عصرنا الحاضر ، وعملت حوله الرسائل العلمية في الماجستير والدكتوراة. وجلال الدين السيوطي كتب لنفسه ترجمة في مؤلفه : « حسن المحاضرة » في تاريخ مصر والقاهرة ، أثناء حديثه عن الكلام على من كان بمصر من الأئمة المجتهدين فقال : (٢)

« وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي ، فقل أن ألّف أحد منهم تاريخا إلا ذكر ترجمته فيه ، وممن وقع له ذلك « الإمام عبد الغافر الفارسي » في تاريخ نيسابور ، « وياقوت الحموي » في معجم الأدباء ، ولسان الدين امير الخطيب في تاريخ غرناطة ، والحافظ تقي الدين الفاسيّ في تاريخ

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة للسيوطي ج ١ ، ص ٣٣٥ رقم الترجمة ٧٧. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي ج ٤ ص ٣٥ رقم الترجمة ٢٠٣. البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ج ١ ، ص ٣٢٨ ورقم الترجمة ٢٢٨. مقدمة بغية الوعاة للسيوطي ج ١ ، ص ٩ فما بعدها.

(٢) انظر حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٣٣٥ فما بعدها ، ورقم الترجمة ٧٧.


مكة ، والحافظ أبو الفضل بن حجر في قضاة مصر ، وأبو شامة في « الروضتين » ، وهو أروعهم وأزهرهم ـ فأقول : أي السيوطي ـ أما جدي الأعلى همّام الدين ، فكان من أهل الحقيقة ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرئاسة ، منهم من ولّي الحكم ببلده ، ومنهم من ولّي الحسبة بها ، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون ، ومنهم من كان متموّلا ، ولا أعلم منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي. وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون هذه النسبة إلا الخضيرية ، محلة ببغداد ، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه‌الله يذكره أن جدّه الأعلى كان أعجميا ، أو من الشرق ، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة.

وكان مولدي مستهلّ رجب بعد المغرب ليلة الأحد سنة تسع وأربعين وثمانمائة ، وحملت في حياة ابي إلى الشيخ « محمد المجذوب » رجل كان من الأولياء ، بجوار المشهد النفيسي ، ونشأت يتيما فحفظت القرآن ولي دون ثمان سنين ، ثم حفظت « العمدة » ومنهاج الفقه ، والأصول وألفية ابن مالك ، وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهلّ سنة أربع وستين وثمانمائة.

فأخذت الفقه ، والنحو عن جماعة من الشيوخ ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضيّ زمانه الشيخ « شهاب الدين الشارمساحيّ » الذي كان يقول : إنه بلغ السدّ العالية ، وجاوز المائة بكثير ، قرأت عليه من شرحه على المجموع.

وأجزت بتدريس العربية من مستهل سنة ست وستين ، وقد ألفت في هذه السنة فكان أول شيء ألفته شرح الاستعاذة والبسملة ، وأوقفت عليه شيخنا « علم الدين البلقيني » فكتب عليه تقريظا ، ولازمته في الفقه إلى أن مات ، فلازمت ولده فقرأت عليه من أوّل التدريب لوالده إلى « الوكالة » وسمعت عليه من أول « الحاوي الصغير » إلى « العدد » ، ومن أول « المنهاج » إلى « الزكاة » ، ومن أول « التنبيه » إلى قريب من « الزكاة » ، وقطعة من « الروضة » ، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي ، ومن إحياء الموات إلى


« الوصايا » أو نحوها ، وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين ، وثمانمائة ، وحضر تصديري.

فلما توفي سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام « شرف الدين المناوي » وسمعت دروسا من شرح البهجة ومن حاشيته عليها ، ومن تفسير البيضاوي. ولزمت في الحديث ، والعربية شيخنا الإمام العلامة « تقي الدين الشبلي » الحنفي ، فواظبته اربع سنين ، وكتب لي تقريظا على شرح ألفية ابن مالك ، وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي ، وشهد لي غير مرّة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه ... ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات ، رحمه‌الله تعالى.

ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود « محيي الدين الكافيجي » اربع عشرة سنة ، فأخذت عنه الفنون من التفسير ، والأصول ، والعربية والمعاني ، وغير ذلك ، وكتب لي إجازة عظيمة.

وحضرت عند الشيخ « سيف الدين الحنفي » دروسا عديدة في « الكشّاف والتوضيح » وحاشيته عليه ، وتلخيص المفتاح ، والعضد. وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين وثمانمائة ، وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب ، سوى ما غسلته ، ورجعت عنه. وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام ، والحجاز ، واليمن ، والهند ، والمغرب ، والتكرور.

وأفتيت من مستهلّ سنة إحدى وسبعين ، وعقدت إملاء الحديث من مستهلّ سنة اثنتين وسبعين.

ورزقت التبحّر في سبعة علوم : التفسير ، والحديث ، والفقه ، والنحو ، والمعاني ، والبيان ، والبديع على طريقة العرب البلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة.

ودون هذه السبعة في المعرفة أصول الفقه ، والجدل ، والتصريف. ودونها


الإنشاء ، والترسّل والفرائض. ودونها القراءات ، ولم آخذها عن شيخ. وأما علم الحساب فهو أعسر شيء عليّ ، وأبعده عن ذهني ، وإذا نظرت إلى مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلا أحمله.

وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى ، أقول ذلك تحدثا بنعمة الله عليّ لا فخرا.

وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة فكثير ، وعدّتهم نحو مائة وخمسين » اهـ.

وأما كتبه فقد أحصى السيوطي منها نحو من ثلاثمائة في التفسير وتعلقاته والقراءات ، والحديث وتعلقاته ، والفقه وتعلقاته ، وفن العربية وتعلقاته ، وفن الأصول ، والبيان ، وفن التاريخ والأدب ، والأجزاء المفردة ، ما بين كبير في مجلد أو مجلدات ، وصغير في كراريس ، وقد ذكر تلميذه « الداودي المالكي » أنها أنافت على خمسمائة مؤلف. وقال « ابن إياس » في تاريخه [ حوادث سنة ٩١١ ه‍ ] إنها بلغت ستمائة مؤلف.

وظل السيوطي طوال حياته شغوفا بالدرس ، مشتغلا بالعلم ، يتلقاه عن شيوخه أو يبذله لتلاميذه ، أو يذيعه فتيا ، أو يحرره في الكتب والأسفار.

وكان رحمه‌الله تعالى في حياته الخاصة على أحسن ما يكون عليه العلماء ، ورجال الفضل ، عفيفا ، كريما ، غنيّ النفس ، متباعدا عن ذوي الجاه والسلطان ، قانعا برزقه ، وكان الأمراء والوزراء يأتون لزيارته ويعرضون عليه عطاياهم فيردها ، وظل كذلك حتى توفاه الله تعالى في يوم الخميس تاسع شهر جمادى الأولى سنة أحد عشر وتسعمائة هـ.

رحم الله السيوطي رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٣٩

« أبو الحسن السعيدي » (١) ت ٤٠٠ هـ

هو : عليّ بن جعفر بن سعيد أبو الحسن السعيدي الرازي الحذّاء نزيل شيراز ، استاذ معروف ، مقرئ ماهر.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو الحسن السعيدي » القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وأحمد بن نصر الشذائي ، والحسن بن سعيد المطوعي ، وأحمد بن العباس بن الإمام ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم المكي » وآخرون.

جلس أبو الحسن السعيدي لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة والإتقان ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « محمد بن علي النوشجاني ، وعلي ابن الحسن النسوي ، ونصر بن عبد العزيز ، الشيرازي » وآخرون.

يقول « ابن الجزري » : له مصنف في القراءات الثمان ، وجزء في التجويد رويناه.

لم يحدد المؤرخون تاريخ وفاته ، إلا أن « الحافظ الذهبي » قال : توفي في حدود الأربعمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٠. طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢٩.


رقم الترجمة / ٤٠

« أبو الحسن الحمّامي » (١) ت ٤١٧ هـ

هو : علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمّامي ، شيخ العراق ومسند الآفاق ، ثقة بارع مصدر.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات. ولد « الحمّامي » سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة من الهجرة.

أخذ « الحمامي » القراءة عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وأبو عيسى بكار ، وزيد بن علي ، وهبة الله بن جعفر ، وعبد الواحد بن عمر ، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله ، وأحمد بن محمد بن هارون الوراق ، وعبد الله ابن الحسن بن سليمان النخاس ، وأحمد بن عبد الرحمن الولي ، وأبو بكر بن مقسم ، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي » وآخرون.

كما أخذ « الحمامي » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : سمع « أبو الحسن الحمّامي » أبا عمرو بن السمّاك ، وأحمد بن سلمان النجاد ، وجعفر الخلدي ، ومحمد بن الحسن بن زياد النقاش ، وأحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي ، وأبا سهل بن زياد ، ومحمد بن جعفر الادمي ، وعلي بن الزبير الكوفي ، وعبد الباقي بن قانع ، وأحمد بن

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ١١ ، ص ٣٢٩. الكامل لابن الأثير ج ٩ ، ص ٣٥٦. تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٧٣. العبر في خبر من غير ج ٣ ، ص ١٢٥. طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢١. القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٦. النجوم الزاهرة ج ٤ ، ص ٢٦٥. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٠٨.


كامل ، ومحمد بن محمد بن مالك الاسكافي ، وأبا بكر الشافعي ، ومحمد بن علي ابن دحيم الكوفي ، وإبراهيم بن أحمد القرميسيني ، ومحمد بن العباس بن الفضل الموصلي ، وخلقا غيرهم من هذه الطبقة » اهـ.

اشتهر « أبو الحسن الحمامي » بالثقة وجودة القراءة وعلو الإسناد ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن الحسن بن اللحياني ، وأحمد بن مسرور ، وأحمد بن علي ، وأحمد ابن علي الهاشمي ، والحسن بن البنّاء ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن بن علي العطار ، والحسن بن محمد المالكي ، والحسين بن أحمد الصفار ، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب ، ورزق الله التميمي ، وعبد الله بن شيطا ، وعبد الملك بن شابور ، وعبد السيد بن عتاب ، وعلي بن محمد بن فارس ، ومحمد بن موسى الخياط ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، وعبد الله بن شبيب ، ويحيى بن أحمد القصري ، ويوسف بن أحمد بن صالح الغوري ، وأبو علي غلام الهراس ».

كما روى عنه « أبو بكر الخطيب ، وأبو بكر البيهقي ، وأبو الحسن عليّ بن العلاّف ». احتل « أبو الحسن الحمامي » مكانة سامية ، ومنزلة مرموقة ، مما استوجب الثناء عليه ، في هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي : كتبنا عن « أبي الحسن الحمامي » وكان صدوقا ديّنا ، فاضلا ، حسن الاعتقاد ، وتفرد بأسانيد القراءات ، وعلوّها في وقته ، وكان يسكن بالجانب الشرقي ناحية « سوق السلاح » في درب الغابات.

ثم يقول : حدثني « نصر بن إبراهيم » الفقيه ، ببيت المقدس قال : سمعت سليم بن أيوب الرازي يقول : سمعت « أبا الفتح بن أبي الفوارس » يقول : « لو رحل رجل من خراسان ليسمع كلمة من « أبي الحمامي » أو من « أبي أحمد الفرضيّ » لم تكن رحلته ضائعة عندنا » اهـ.


توفي « الحمامي » سنة سبع عشرة وأربعمائة من الهجرة عن تسعين سنة ، ودفن في مقبرة « باب الحرب » رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٤١

« الحسن أبو علي البغدادي » (١) ت ٤٣٨ هـ

هو : الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي الأستاذ أبو علي البغدادي. مؤلف كتاب الروضة في القراءات الإحدى عشرة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو علي البغدادي » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور أبو الحسن السوسنجردي ثم البغدادي ، وهو قارئ ضابط ثقة مشهور ، كبير.

ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ، قرأ على « زيد بن أبي بلال ، وعبد الواحد بن أبي هاشم ، وعليّ بن جعفر بن محمد بن خليع ، ومحمد بن عبد الله بن أبي مرة الطوسي ، وبكار بن أحمد ، وتتلمذ عليه الكثيرون ت ٤٠٢ هـ.

ومن شيوخ أبي علي البغداديّ : « جعفر بن محمد بن أسد بن الفضل الضرير النصيبي يعرف بابن الحمامي ، وهو قارئ حاذق ضابط شيخ نصيبين والجزيرة ، قرأ على « الدوري » وهو من جلة أصحابه ، وقرأ عليه القرآن عدد كبير ت ٣٠٧ هـ.

ومن شيوخ أبي علي البغدادي : « عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٦. طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٣٠. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٤٢.

حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٣. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٦١. فهرست ابن خير ص ٢٦.


العلاء أبو الفرج النهرواني القطان » وهو مقرئ أستاذ ، حاذق ثقة ، أخذ القراءات عرضا عن « يزيد بن علي بن أبي بلال ، وأبي عيسى بكار ، وأبي بكر النقاش ، وابن مقسم ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وأبي طاهر بن أبي هاشم ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن عبد الله بن أبي عمرو ، وأبي عبد الله الفارسي ، وعلي ابن محمد بن خليع القلانسي » ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وعمّر دهرا ، واشتهر ذكره ت ٤٠٤ هـ.

ومن شيوخ « أبي علي البغدادي » : محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله ابن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي الفقيه الحنوي ، نحوي ، مقرئ ، ثقة ، يعرف بالهرواني ـ بفتح الهاء والراء ـ أخذ القراءة عرضا عن « محمد بن الحسن بن يونس النحوي ، وحمّاد بن أحمد الكوفي. قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان محمد بن عبد الله بن الحسين ثقة حدث ببغداد.

قال : وكان من عاصره بالكوفة يقول : لم يكن بالكوفة من زمن « ابن مسعود » وإلى وقته أحد أفقه منه. اهـ.

وقال « العتيقي » : ما رأيت بالكوفة مثله. اهـ.

وقال أبو علي المالكي : « كان من جلة أصحاب الحديث ، فقيها على مذهب العراقيين ، جليل القدر » اهـ.

وقال « أبو العزّ » عن « أبي علي الواسطي » : كان « الجعفي جليلا في زمانه ، يرحل إليه في طلب القرآن والحديث من كل بلد. اهـ.

وقد تتلمذ على « محمد بن عبد الله بن الحسين » الكثيرون ت ٤٠٢ هـ.

ومن شيوخ « أبي علي البغدادي » : محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن بن هارون ، أبو الحسن التميمي الكوفي ، يعرف بابن النجار ، مقرئ نحوي معمّر ، مسند ثقة ، ولد أوّل سنة ثلاث وثلاثمائة. وأخذ القراءة عرضا عن « محمد بن


الحسن بن يونس ، والحسن بن داود النقار » قال عنه « أبو علي البغدادي » : كان محمد بن جعفر من جلة أهل العربية ، ومن أهل الحديث متقنا ، فاضلا ، وقال « أبو عبد الله الحافظ » : عمّر دهرا طويلا وانتهى إليه علوّ الإسناد. اهـ.

وقد روى القراءة عنه عرضا : « الحسن بن محمد البغدادي ، وأبو علي غلام الهرّاس ، وأبو علي العطار ». وحدث عنه « أبو القاسم عبيد الله الأزهر ». توفي « محمد جعفر » سنة ٤٠٢ هـ.

من شيوخ « أبي علي البغدادي » : محمد بن المظفر بن علي بن حرب أبو بكر الدينوري ، بكسر الدال المهملة ، وسكون الياء ، وفتح النون والراء ، وهي نسبة إلى « الدّينور » وهي بلدة من بلاد الجبل. كان بها جماعة من العلماء المحدثين ، والمشايخ المشاهير.

وهو شيخ « الدينور » وإمام جامعها المشهور ، قدم إليها وأقرأ بها بعيد الأربعمائة ، وكان مقرئا حاذقا ، قرأ على : الحسن بن محمد بن حبش الدينوري وتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو علي غلام الهرّاس ، وعلي بن محمد الخياط ، والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي » وآخرون.

ثم تصدر الحسن أبو علي البغدادي » لتعليم القرآن الكريم ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة : يوسف بن علي بن جبارة بن محمد ابو القاسم الهذلي الأستاذ الكبير والعالم الشهير. ولد في حدود التسعين وثلاثمائة ، وطاف البلاد في طلب القراءات ، قال في كتابه « الكامل » : فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا ، من آخر المغرب إلى باب فرغانة ، يمينا وشمالا ، وجبلا وبحرا ، ولو علمت أحدا تقدّم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته ، وألفت هذا الكتاب فجعلته جامعا للطرق المتلوة ،


والقراءات المعروفة ، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز ، والهادي.

توفي « أبو القاسم الهذلي » سنة خمس وستين وأربعمائة من الهجرة.

ومن تلاميذ « أبي علي البغدادي » محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح أبو عبد الله الرعيني : بضم الراء وفتح العين المهملة ، وبعدها ياء منقوطة باثنتين ، نسبة إلى « ذي رعين » من اليمن. الأستاذ المحقق مؤلف كتاب « الكافي ، والتذكير » ت ٤٧٦ هـ.

ومن تلاميذ « أبي علي البغدادي » : إبراهيم بن إسماعيل بن غالب أبو إسحاق المصري ، المعروف بابن الخياط ، وهو شيخ مقرئ مشهور عدل ، روى كتاب « الروضة » سماعا وتلاوة عن مؤلفه « أبي علي الحسن بن محمد البغدادي ».

ومن تلاميذ « أبي علي البغدادي » : عبد المجيد بن عبد القوي أبو محمد المليحي ، بفتح الميم ، وهي قرية من قرى « هراة ».

وهو شيخ مقرئ ، اخذ القراءات عن « أبي علي البغدادي ».

ومن تلاميذ « أبي علي البغدادي » : علي بن محمد بن حميد أبو الحسن بن الصّواف المصريّ الواعظ ، المعروف بالمعدّل.

وهكذا نجد « أبا علي البغدادي » أفنى حياته في تعليم القرآن حتى وافته المنية في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.

رحم الله أبا عليّ البغدادي رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٤٢

« ابن الحطّاب » (١) ت. ٤١٦ هـ

هو : أحمد بن طريف أبو بكر القرطبي المعروف بابن الحطاب بالحاء المهملة مقرئ حاذق.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

رحل « ابن الحطاب » إلى مصر فقرأ على عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو الحسن الأنطاكي ، وعبد المنعم بن غلبون ، وعبد الله الحسين السامري ، وعمر بن عراك ».

توفي « ابن الحطاب » بجزيرة ميورقة سنة ست عشرة وأربعمائة في ربيع الأول ، وله خمس وسبعون سنة.

رحم الله « ابن الحطاب » وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨١. طبقات القراء ج ١ ، ص ٦٤. بغية الملتمس ص ١٨٠. تاريخ الاسلام الورقة ١٧٠ [ ايا صوفيا ٣٠٠٩ ].


رقم الترجمة / ٤٣

« أبو حيّان الأندلسيّ » (١) ت ٧٤٥ هـ

هو : محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان ، أثير الدين الغرناطي الأندلسي.

ذكره « ابن الجزري » ضمن علماء القراءات.

ولد « أبو حيان » في أواخر شوال سنة أربع وخمسين وستمائة من الهجرة. وكان مولده بـ « مطخشارش » وهي مدينة من حضرة غرناطة ، وقد رحل « أبو حيان » في سبيل طلب العلم إلى الكثير من البلاد الإسلامية ، مثل تونس ، والقاهرة ، والاسكندرية ، ودمياط ، والمحلة الكبرى ، والجيزة ، ودشنا ، وقنا ، وقوص ، وبلبيس.

ثم بعد ذلك استقر في مصر ، يتلقى عن شيوخها ، ويأخذ عن علمائها ويقرأ على قرائها ، فمصر كانت محط أنظار طلاب العلم يقصدونها من كل مكان.

وكان أبو حيان رحمه‌الله تعالى مليح الوجه ، مشربا بحمرة ، كبير اللحية ، منور الشيبة ، مسترسل الشعر فيها ، عبارته فصيحة ، كثير الضحك والانبساط ، بعيدا عن الانقباض ، جيّد الكلام ، حسن اللقاء ، جميل المؤانسة ، فصيح الكلام ، طلق اللسان ، وكان مهيبا ، جهوريا في الحديث ، مليح الحديث لا يملّ

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

الوافي بالوفيات ج ٥ ، ص ٢٦٧. الدرر الكامنة ج ٥ ص ٧٤. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٨٥.

بغية الوعاة ج ٢ ، ص ١٩٠. النجوم الزاهرة ج ١٠ ، ص ١١٢. نفح الطيب ج ٢ ، ص ٥٣٥.

درة الحجال ج ٢ ، ص ١٢٢. طبقات الشافعية الكبرى ج ٤ ، ص ٢. شذرات الذهب ج ٦ ، ص ١٤٥. طبقات النحاة لابن قاضي شهية ص ٢٩٠. دائرة المعارف الإسلامية ج ١ ، ص ٣٣٢. نكت الهميان ص ٢٨٠.


وإن طال ، وكان طيب النفس ، كثير الخشوع ، والتلاوة والعبادة.

قال « الصفدي » أحد تلاميذه : « لم أر في اشياخي أكثر اشتغالا منه ، لأني لم أره إلا يسمع او يشتغل ، أو يكتب ، ولم أره على غير ذلك ، وله إقبال على الطلبة الأذكياء ، وعنده تعظيم لهم ، وهو ثبت فيما ينقله ، محرر لما يقوله ، عارف باللغة ، ضابط لألفاظها ». وكان « أبو حيان » رقيق النفس ، يبكي إذا سمع القرآن الكريم. اجتهد « أبو حيان » في طلب العلم وتحصيله ، وبذل في سبيل ذلك وقته وعمره ، وزهرة شبابه ، وقد تلقى العلم على عدد كبير من خيرة علماء عصره ، وحصّل الإجازات العلمية من عدد منهم. وها هو يقول في هذا المضمون : « وجملة ما سمعت من الشيوخ نحو أربعمائة شخص وخمسين.

وأما الذين أجازوني فعالم كثير جدّا من أهل « غرناطة ، ومالقة ، وسبتة ، وديار افريقية ، وديار مصر ، والحجاز ، والعراق والشام ، فمن العلماء الذين أخذ عنهم « أبو حيان » التفسير :

« ابن الزبير » أحمد بن إبراهيم ، أبو جعفر الأندلسي الحافظ ، كان علامة عصره في الحديث ، والقراءة ت ٧٠٨ هـ.

و « ابن أبي الأحوص » ، الحسين بن عبد العزيز بن محمد القرشي الأندلسي ، قاضي « مالقة » وشيخ الإقراء بها ت ٦٨٠ هـ.

وعلي بن أحمد بن عبد الواحد ، أبو الحسن المقدسي ت ٦٩٠ هـ.

ومحمد بن سليمان بن الحسن بن الحسين ، أبو عبد الله البلخي ، المعروف بابن النقيب ت ٦٩٨ هـ.

ومحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع ، أبو الحسين ، ت ٧٤١ هـ.

كما أخذ « أبو حيان » القراءات القرآنية عن عدد من العلماء منهم : أحمد ابن سعد بن علي بن محمد الأنصاري ، أبو جعفر من غرناطة ، كان كثير


الإتقان في تجويد القرآن ت ٧١٢ هـ.

وابن الطبّاع : أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى ابو جعفر الرعيني ، الأندلسي شيخ القراء بغرناطة. وقد ولي القضاء مكرها ، فحكم مرة واحدة ثم عزل نفسه ت ٦٨٠ هـ.

وابن أبي الأحوص : قال « أبو حيان » رحلت إليه قصدا من غرناطة إلى « مالقة » لأجل الإتقان والتجويد ، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخر سورة « الحجر » جمعا بالسبعة ، والادغام الكبير « لأبي عمرو » بمضمن « التيسير ، والتبصرة ، والكافي ، والاقناع » وقرأت عليه حروف القراءات من كتب شتى ، كما قرأت عليه كتابه : الترشيد في التجويد.

والمليجي : إسماعيل بن هبة الله بن علي ، فخر الدين أبو طاهر المصري ، المقرئ ، مسند القراء في زمانه ت ٦٠٥ هـ.

وإبراهيم الأهوازي ، وخليل بن عثمان المراغي ، قرأ عليه « أبو حيان » كتاب « الإرشاد » لأبي العز القلانسي ».

وعبد الحق بن علي بن عبد الله الأنصاري ، قرأ عليه « أبو حيان » القراءات السبع نحو عشرين ختمة إفرادا ، وجمعا ، ولازمه نحو سبعة أعوام.

وعبد الله بن محمد بن هارون بن عبد العزيز بن إسماعيل الطائي الأندلسي ، القرطبي ، أبو محمد ت ٧٠٢ هـ.

وعبد النصير بن علي بن يحيى بن إسماعيل بن مخلوف أبو محمد المريوطي ، أحد شيوخ الإقراء بالإسكندرية.

وقال « أبو حيان » : وقرأت القرآن بالقراءات الثمان ، بثغر الإسكندرية على الشيخ الصالح : « رشيد الدين أبي محمد : عبد النصير بن علي بن يحيى الهمداني ،


عرف بابن المريوطي.

وعلي بن ظهير بن شهاب ، نور الدين أبو الحسن المصري ، المعروف بابن الكفتي إمام مقرئ ، روى عنه « أبو حيان » ت ٦٨٩ هـ.

ومحمد بن صالح بن أحمد بن محمد أبو عبد الله الكتاني الشاطبي المعروف بابن دحيمة ، أعلى الناس إسنادا بالشاطبية.

ومحمد بن علي بن يوسف ، رضي الدين ، أبو عبد الله الأنصاري الشاطبي ، إمام مقرئ ، كان عالي الإسناد ، روى عنه القراءة « أبو حيان ».

ويعقوب بن بدران بن منصور أبو يوسف الدمشقي ثم المصري المعروف بالجرائدي ، إمام مقرئ ، كان شيخ وقته بالديار المصرية ، قرأ عليه « أبو حيان » كتاب « الإرشاد لأبي العز ت ٦٨٨ هـ.

ويوسف بن إبراهيم بن أحمد بن عتاب ، أبو يعقوب الشاطبي ، استوطن تونس ، قرأ عليه « أبو حيان » ت ٦٩٢ هـ.

كما أخذ « أبو حيان » النحو وعلوم اللغة عن عدد من خيرة العلماء منهم : أحمد بن عبد النور بن أحمد بن راشد ، أبو جعفر ، المالقي النحوي. وأحمد ابن يوسف بن علي أبو جعفر الفهري ، روى عنه « أبو حيان » كتاب سيبويه ت ٦٩١ هـ.

ورضيّ الدين ، أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم ، الإمام النحوي ، كان من كبار أئمة العربية بالقاهرة مع العلم بالفقه والحديث ت ٦٩٥ هـ.

وابن النحاس : محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الحلبي شيخ العربية بمصر في وقته ، سمع منه « أبو حيان » كتاب سيبويه ، والإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي ، والمفصّل للزمخشري ت ٦٩٨ هـ.


كما أخذ « أبو حيان » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم :

ابن أبي الأحوص ، روى عنه « أبو حيان » الحديث بسنده. وابن الزبير ، تلقى عليه « أبو حيان » سند الترمذي بين قراءة وسماع ، بغرناطة.

وابن الطباع ، قرأ عليه « أبو حيان » الموطأ للإمام مالك بن أنس.

وعبد الرحمن الربعي قرأ عليه « أبو حيان » سنن أبي داود بغرناطة.

وعبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن الخطيب أبو الفضل ، قرأ عليه « أبو حيان » سنن أبي داود بالقاهرة.

وابن عساكر : عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن عبد الله.

وعبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف أبو محمد الدمياطي ، أخذ عنه « أبو حيان » الحديث ، وأجازه ت ٧٠٥ هـ.

وعبد الوهاب بن حسن بن الفرات ، صفيّ الدين ، قرأ عليه « أبو حيان » بعض أجزاء في الحديث بالإسكندرية.

وأبو العز : عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن الصقيل. قال « أبو حيان » قرأت البخاري على جماعة أقدمهم إسنادا فيه « أبو العز » قرأته عليه ، الا بعض كتاب التفسير ، من قوله تعالى : ( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) (١) إلى قوله تعالى : ( وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ) (٢) فسمعته بقراءة غيري.

__________________

(١) سورة البقرة الآية ٢٢٢.

(٢) سورة النور الآية ١٠.


ومحمد بن إبراهيم بن حازم المازني أبو عبد الله المصري ت ٦٩٢ هـ.

ومحمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن قطب الدين القسطلاني أبو بكر القيسي الشاطبي ، وكان شيخا عالما زاهدا كريم النفس ، وكان عالما بالحديث ورجاله ت ٦٨٦ هـ.

ومحمد بن أحمد بن محمد بن المؤيّد نجيب الدين الهمداني ، روى عنه « أبو حيان » الحديث.

ومحمد بن إسماعيل بن عبد الله ، زين العابدين أبو بكر الأنماطي. قرأ عليه « أبو حيان » جزءا في الحديث.

ومحمد بن علي بن وهب بن مطيع ، تقي الدين أبو الفتح بن دقيق العيد القشيري. كان إماما محدثا فقيها ، أصوليا أديبا نحويا ، مجتهدا ت ٧٠٢ ه‍ روى عنه « أبو حيان » بعض الأحاديث.

كما أخذ « أبو حيان » الفقه وأصوله عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : ابن الزبير ، قرأ عليه « أبو حيان » المستصفى للغزالي ، والإشارة للباجي ، وشيئا من أصول الدين والمنطق.

وعبد الكريم بن عليّ بن عمر الأنصاري ، علم الدين العراقي ت ٧٠٤ ه‍ قال « أبو حيان » : وبحثت ايضا في هذا الفن على الشيخ علم الدين عبد الكريم الأنصاري في مختصره الذي اختصره من كتاب « المحصول » كما قرأ عليه كتاب « المحرر » للرافعي وكتاب « المنهاج » للنووي.

وعلي بن محمد بن خطاب الباجي ، علاء الدين الشافعي ، كان من علماء أصول الفقه ، وكان قويّ المناظرة ت ٧١٤ هـ. ذكره « أبو حيان » أنه بحث على الشيخ الباجي في مختصره الذي اختصره من كتاب « المحصول ».


وفضل بن محمد بن علي بن إبراهيم ، أبو الحسن المعافري الخطيب. قال « أبو حيان » : وقد بحثت في فن أصول الفقه في كتاب « الإشارة » لأبي الوليد الباجي ، على الشيخ الأصولي الأديب ، أبي الحسن فضل بن إبراهيم المعافري الإمام بجامع غرناطة.

ومحمد بن سلطان بدر الدين البغدادي ، قرأ عليه « أبو حيان » من كتاب « الإرشاد » للعميدي في الخلاف.

ومحمد بن محمود بن محمد بن عباد السلماني ، شمس الدين أبو عبد الله الأصبهاني انتهت إليه الرئاسة في أصول الفقه وله معرفة جيدة بالنحو والأدب ت ٦٨٨ هـ. قال « أبو حيان » : وقد بحثت في فن أصول الفقه على الشيخ شمس الدين الأصبهاني صاحب شرح المحصول. بحثت عليه في كتاب القواعد من تأليفه.

كما أخذ « أبو حيان » الأدب عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : أحمد بن عبد الملك بن عبد المنعم بن جامع العزازي ، اشتغل بالأدب ومهر وفاق أقرانه ، سمع منه الفضلاء ، وكتب عنه الكبراء سمع منه « أبو حيان » من نظمه. وله في الموشحات يد طولى ، ت بالقاهرة سنة ٧١٠ هـ.

وأحمد بن نصر الله بن باتكين القاهري ، كان أديبا فاضلا ، كتب عنه الفضلاء ت ٧١٠ هـ.

وبهاء الدين بن النحاس ، سمع منه أبو حيان الحماسة ، وديوان المتنبي ، والمعري ، وقال : لم ألق أحدا أكثر سماعا لكتب الأدب من الشيخ بهاء الدين.

وسليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين العابدي ، أبو الربيع التلمساني المعروف بالعفيف التلمساني ، شاعر مشارك في النحو والأدب ، والفقه ، والأصول ت ٦٩٠ هـ.


وعمر بن محمد بن أبي علي سراج الدين أبو حفص الوراق المصري ، شاعر ، وأديب مشهور ، له ديوان شعر كبير. وكان حسن التنحيل ، جيد المقاصد ، صحيح المعاني ، عذب التركيب ت ٦٩٥ هـ.

ومالك بن عبد الرحمن بن علي أبو الحكم بن المرحّل المالقي النحوي ، أديب زمانه بالمغرب ، وإمام وقته ، نعت بشاعر المغرب ، كان رقيقا ، سريع البديهة ت ٦٩٩ هـ.

ومحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الله ، أبو عبد الله الهذلي التطيلي.

ومحمد بن سعيد بن محمد بن حماد بن محسن ، الصنهاجي البوصيري ، شرف الدين شاعر حسن وهو صاحب البردة الشهيرة ، والقصيدة الهمزية التي أولها : كيف ترقى رقيك الأنبياء. ت ٦٩٦ هـ.

ومحمد بن عبد المنعم بن محمد بن يوسف أبو عبد الله الأنصاري المصري ، كان مقدما على شعراء عصره ، مع مشاركة في كثير من العلوم ت ٦٨٥ هـ.

ومحمد بن عمر بن جبير المالقي ، ومحمد بن محمد بن عيسى بن ذي النون الأنصاري ، جمال الدين أبو عبد الله المالقي ت ٦٨٠ هـ.

ويحيى بن عبد العظيم بن يحيى ، جمال الدين أبو الحسن الأنصاري المصري ، شاعر ظريف ، وكان جزارا بالفسطاط ت ٦٧٩ هـ.

ومن شيوخ « أبي حيان » أيضا : أحمد بن علي بن خالص ، أبو العباس الأنصاري الإشبيلي. وإسحاق بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الملك البغدادي. وأبو بكر بن عباس بن يحيى بن غريب البغدادي القواس. والحسين ابن أبي المنصور بن ظافر الخزرجي ، صفيّ الدين. وعبد العزيز بن عبد الرحمن ابن عبد العليّ السكري. وعبد العزيز بن عبد القادر بن إسماعيل الصالحي الكتابي.

وعبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس التميمي. وعليّ بن صالح ابن


أبي علي بن يحيى بن إسماعيل الحسيني البهنسي.

تصدر « أبو حيان » للتعليم بعد أن اخذ شهرة عظيمة ، وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه شتى العلوم : القراءات ، والتفسير ، والحديث ، والفقه ، وعلوم اللغة ، فمن الذين أخذوا عن « ابن حيان » القراءات والتفسير :

١ ـ إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن التنوخي الدمشقي نزيل القاهرة ، أخذ عن « أبي حيان » القراءات العشر.

٢ ـ إبراهيم بن أحمد بن عيسى ، بدر الدين بن الخشاب القاضي المصري ، قرأ على « أبي حيان » القراءات السبع. ت ٧٧٤ هـ.

٣ ـ إبراهيم بن عبد الله بن علي بن يحيى بن خلف المقرئ. شيخ الإقراء بالديار المصرية ، ومن الذين لازموا درس أبي حيان ت ٧٤٩ هـ.

٤ ـ أحمد الحنبلي شيخ آمد ، رحل إلى مصر ، وقرأ للسبعة على « أبي حيان ». قال « ابن الجزري » : لم يزل يبلغنا خبره إلى بعد ٧٧٠ هـ.

٥ ـ أحمد بن عبد العزيز بن يوسف الحراني ، شهاب الدين بن المرحّل. قرأ على « أبي حيان » توفي بحلب سنة ٧٨٨ هـ.

٦ ـ ابن مكتوم : أحمد بن عبد القادر بن أحمد ، تاج الدين أبو محمد الحنفي لازم « أبا حيان » دهرا طويلا ، وقرأ عليه القرآن.

٧ ـ أحمد بن علي بن أحمد أبو جعفر الحميري الغرناطي ، قرأ على « أبي حيان » بالقاهرة ، ثم رجع إلى غرناطة ، وعيّن لمشيخة الإقراء بغرناطة ت ٧٥٦ هـ.

٨ ـ أحمد بن محمد بن محمد بن علي الأصبحي الأندلسي ، شهاب الدين أبو العباس ، لزم « أبا حيان » وحمل عنه كثيرا من العلوم. وقرأ عليه القراءات


الثمان ، وأخذ عنه كتاب التسهيل ت ٧٧٦ هـ.

٩ ـ أحمد بن يحيى بن نحلة المعروف بسبط السلعوس أبو العباس ، النابلسي ثم الدمشقي ، قرأ على « أبي حيان » قراءة « عاصم » ت ٧٣٢ هـ.

١٠ ـ السمين : أحمد بن يوسف بن عبد الدائم شهاب الدين الحلبي المعروف بالسمين ، قرأ على « أبي حيان » وسمع منه كثيرا ت ٧٥٦ هـ.

١١ ـ أبو بكر بن أيدغدي بن عبد الله الشمس ، الشهير بابن الجندي ، شيخ الإقراء بمصر ، قرأ على « أبي حيان » بالقراءات الثمان ت ٧٦٩ هـ.

١٢ ـ حيان بن محمد بن يوسف بن علي بن أبي حيان ، قرأ على والده وقد أجازه والده « أبو حيان » إجازة عامة.

١٣ ـ الصفدي : صلاح الدين : خليل بن أيبك بن عبد الله ، ولد في « صفد » بفلسطين سنة ٦٩٦ ه‍ واشتهر بالأدب والتاريخ والفقه ، وولي وكالة بيت المال بدمشق ت ٧٦٤ هـ.

وكان « الصفدي » يجلّ أبا حيان كثيرا ، وكذلك كان « أبو حيان » يقدّره وقد تلقى « الصفدي » على « أبي حيان » الكثير من العلوم.

١٤ ـ صالح بن محمد المقيري ، قرأ على « أبي حيان ».

١٥ ـ عبد الله بن محمد بن عبد الله بن خليل بن إبراهيم ، العسقلاني.

يعرف عند المحدثين بابن خليل. قرأ على أبي حيّان القراءات السبع ، وأخذ عنه العربية. ت ٧٧٧ هـ.

١٦ ـ محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن جامع الدمشقي ، شمس الدين ابن اللبان المقرئ ، قرأ على « أبي حيان » القراءات الثمان بمضمن قصيدتيه اللاميتين في السبع ، وقراءة يعقوب. ولّي مشيخة الإقراء بالديار الأشرفية ،


وبجامع التوبة ، وبالجامع الأموي ت ٧٧٦ هـ.

١٧ ـ ابن مرزوق : محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر أبو عبد الله التلمساني. سمع بمصر من « أبي حيان » وقرأ عليه ، وروى عنه مؤلفات « ابن أبي الأحوص » وحدثه بسنن أبي داود ، والنسائي ، والموطأ ، وقد مهر في العربية والأصول ، والأدب ت ٧٨١ هـ.

١٨ ـ محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن علي أبو الفتح السبكي ، قرأ على « أبي حيان » القراءات السبع ، ولازمه في العربية سبعة عشر عاما ، ت ٧٤٤ هـ.

١٩ ـ محمد بن علي بن الحسن ، الحسيني الدمشقي ، أبو المحاسن ، كان ضرير البصر وقد أجازه « أبو حيان » مروياته بخطه ت ٧٦٥ هـ.

٢٠ ـ محمد بن علي بن محمد بن عبد الكافي بن ضرغام ، أبو عبد الله البكري الحنفي ، المعروف بابن سكّر ، نزيل « مكة المكرمة ». قرأ على « أبي حيان » القراءات الثمان.

٢١ ـ محمد بن محمد بن علي ، شمس الدين أبو عبد الله الغماري المصري المالكي النحوي ، أخذ العربية والقراءات عن « أبي حيان » ت ٧٤٩ هـ.

كما تتلمذ على « أبي حيان » في علوم اللغة العربية عدد كبير وفي مقدمتهم :

١ ـ السفاقسي ، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم ، برهان الدين أبو إسحاق القيسي المالكي ت ٧٤٢ هـ.

٢ ـ بهاء الدين السبكي ، أحمد بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام ، أبو حامد السبكي. ولي التدريس وبعض وظائف أخرى ، كما ولي خطابة الجامع الطولوني ، ثم تدريس التفسير فيه بعد الأسنوي. وكان بهاء الدين يجلّ شيخه « أبا حيان » وقد نقل عنه كثيرا في كتابه « عروس الأفراح » ت بمكة


المكرمة سنة ٧٧٣ هـ.

٣ ـ أحمد بن لؤلؤ الرومي ، شهاب الدين بن النقيب ، أخذ العربية من « أبي حيان » ومهر في الفنون ، وعمل تصحيح المهذب ، ونكت المنهاج ، وكان وقورا ، ساكنا ، خاشعا قانعا. كما كان عالما بالفقه والقراءات ، والتفسير ، والأصول ، والنحو ت ٧٦٩ هـ.

٤ ـ أحمد بن محمد بن عبد المعطي ، أبو العباس ، مهر في العربية ، وأخذ عن « أبي حيان » ، وانتفع به أهل مكة ، وكان ثقة ثبتا ت ٧٨٨ هـ.

٥ ـ أحمد بن محمد الفيومي ثم الحموي ، صاحب كتاب « المصباح المنير » أخذ العربية عن « أبي حيان » وقد مهر وتميّز في العربية ت ٧٧٠ هـ.

٦ ـ أحمد بن يحيى بن فضل الله بن دعجان القرشي ، درس على « أبي حيان » الأدب ، ت ٧٤٩ هـ.

٧ ـ المرادي : الحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي النحوي ، اللغوي ، الفقيه ، كان إماما في العربية ، والقراءات ، أخذ العربية عن عدد من العلماء منهم « أبو حيان » من مؤلفاته : « شرح المفصل » لابن يعيش ، وشرح ألفية ابن مالك ، والجني الداني في حروف المعاني ، وشرح التسهيل ، وقد اهتم فيه بنقل آراء « أبي حيان » دون تعصب له ، وكان يختم الخلاف في المسألة في أكثر الأحيان ، برأي « أبي حيان » ت ٧٤٩ هـ.

٨ ـ الإسنوي : عبد الرحيم بن الحسن بن علي ، جمال الدين أبو محمد ، نزيل القاهرة وأخذ العلم عن « أبي حيان » صغيرا. وقد برع في العربية ، وانتهت إليه رئاسة الشافعية ، وازدحم عليه طلبة العلم وكثر تلاميذه ، وانتفعوا به ت ٧٧٢ هـ. من مؤلفاته : طبقات الشافعية ، وشرح المنهاج في الفقه وغير ذلك.


٩ ـ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن صخر الكناني ، الشافعي درس النحو على « أبي حيان » وروى عنه كثيرا ت ٧٦٧ هـ.

١٠ ـ ابن عقيل ، عبد الله بن عبد الرحيم بن عبد الله بن محمد القرشي الهاشمي العقيلي الهمداني الأصل ، المصري ، قاضي القضاة. لازم « أبا حيان » وكان من أجلّ تلاميذه ، قال فيه « أبو حيان » : « ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل ».

من مؤلفاته شرحه على ألفية ابن مالك في النحو ، وهو الشرح المشهور المتداول بين الطلاب والدارسين ، المعروف بشرح « ابن عقيل » ت ٧٦٩ هـ.

١١ ـ عبد الله بن محمد بن عسكر بن مظفر بن نجم بن هلال ، شرف الدين أبو محمد القيراطي ، قرأ العربية على « أبي حيان » ت ٧٣٩ هـ.

١٢ ـ ابن هشام : عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري ، جمال الدين الحنبلي ، ولد سنة ٧٨٠ هـ.

قرأ على « أبي حيان » ديوان زهير بن أبي سلمى ، وكان « ابن هشام » شديد المخالفة لاستاذه « أبي حيان » وحفلت مصنفاته بالردّ على « أبي حيان » مثل « مغني اللبيب » و « شرح اللمعة البدرية » ت ابن هشام سنة ٧٦١ هـ.

١٣ ـ تاج الدين السبكي ، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي ، أبو نصر ابن تقيّ الدين السبكي ، ولد سنة ٧٢٧ هـ. وأخذ النحو عن « أبي حيان » وقد أثنى على أستاذه كثيرا في كتابه « طبقات الشافعية الكبرى ». ومما قال عنه : « ما رأيت بعد أبي حيان انحى منه » ، ت ٧٧١ هـ.

١٤ ـ علي بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن مهدي ، الفوّيّ نور الدين ، سمع من « أبي حيان » وكان ماهرا في العربية ، ت ٧٨٢ ـ أو ٧٨٦ هـ.


١٥ ـ علي بن بلبان ، الفارسي ، الأمير علاء الدين الحنفي. قرأ النحو على « أبي حيان » وأتقنه ت ٧٣٩ هـ.

١٦ ـ تقي الدين السبكي ، علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام ، أبو الحسن ، الفقيه الشافعي ، المفسر الحافظ ، الأصولي ، النحوي ، اللغوي. ولد سنة ٦٨٣ هـ.

قرأ على « أبي حيان » النحو ، وولي قضاء الشام بعد « جلال الدين » القزويني وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية ، وكان محققا ، بارعا ، صنف نحو مائة وخمسين كتابا مطولا ومختصرات بمصر سنة ٧٥٦ هـ.

١٧ ـ عمر بن رسلان بن نصير بن صالح ، شيخ الإسلام ، سراج الدين ، أبو حفص البلقيني الكناني ، مجتهد عصره ، أخذ النحو عن « أبي حيان » وبرع في الفقه ، والحديث ، والأصول ، انتهت إليه رئاسة المذهب والإفتاء ، ت ٨٠٥ هـ.

١٨ ـ محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن قدامة المقدسي ، الحنبلي ، شمس الدين ، ولد سنة ٧٠٥ هـ.

وله مناقشات لأبي حيان فيما اعترض به على « ابن مالك » في الألفية. ت ٧٤٤ هـ.

١٩ ـ محمد بن أرغون ، ناصر الدين ، ابن نائب السلطنة في مصر ، ولي نيابة السلطنة في حلب ، قرأ على « أبي حيان » العربية. ت بحلب سنة ٧٢٧ هـ.

٢٠ ـ محمد عبد الرحمن بن علي الزمردي ، شمس الدين ابن الصائغ الحنفي النحوي ، أخذ عن « أبي حيان » وغيره ، وبرع في اللغة ، والنحو ، والفقه ، ت ٧٧٦ هـ.


٢١ محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى أبو أمامة المصري أخذ العربية عن « أبي حيان » ت ٧٦٣ هـ.

٢٢ ـ ناظر الجيش : محمد بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم الحلبي ، ولد سنة ٦٩٧ هـ. ثم قدم القاهرة ولازم « أبا حيان » وجلال الدين القزويني ، كان له في الحساب اليد الطولى ثم ولي نظارة الجيش ت ٧٧٨ هـ.

من مؤلفاته : شرح التسهيل امتدح في مقدمته « أبا حيان » وله في ثنايا الكتاب ردود على « أبي حيان » في اعتراضاته على ابن مالك.

وهناك عدد من الذين تتلمذوا على « أبي حيان » إلا أن المصادر لم تحدّد نوع المادة العلمية التي أخذوها عن « أبي حيان ». وفي مقدمة هؤلاء :

١ ـ أحمد بن سعد بن محمد ، أبو العباس العسكري ، أخذ عن أبي حيان ، وكان شيخ العربية بدمشق في زمانه ، من مؤلفاته شرح التسهيل ت ٧٥٠ هـ.

٢ ـ أحمد بن عبد الرحيم البعلبكي ثم الدمشقي ، شهاب الدين المعروف بابن النقيب أخذ عن « أبي حيان » بمصر ت ٧٦٤ هـ.

٣ ـ أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الغرناطي ، أبو جعفر الأندلسي التقى بأبي حيان في القاهرة وأخذ عنه ت ٧٧٩ هـ.

٤ ـ إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن عبد الله بن هانئ اللخمي الغرناطي المالكي ، ولد بغرناطة ، ثم قدم القاهرة وتلقى عن « أبي حيان » ت ٧٧١ هـ.

٥ ـ الأمير أرغون بن عبد الله الناصري ، نائب السلطنة أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون ، سمع صحيح البخاري بقراءة « أبي حيان » ت ٧٣١ هـ.


٦ ـ الأدفوي : جعفر بن تغلب بن جعفر بن علي كمال الدين ، أبو الفضل الشافعي ، أخذ الأدب عن « أبي حيان » ت ٧٤٨ هـ.

٧ ـ السبكي : الحسين بن علي بن عبد الكافي ، جمال الدين أبو الطيب ، أخذ العلوم عن « الشمس الأصبهاني ، وأبي حيان » ت ٧٥٥ هـ.

٨ ـ خالد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي خالد ، رحل إلى المشرق وحج ثم رحل إلى القاهرة والتقى بأبي حيان ، وقرأ عليه بعض مؤلفاته ثم أجازه « أبو حيان » ت قبل ٧٨٠ هـ.

٩ ـ سعيد بن محمد بن سعيد الملياني المغربي ، المالكي النحوي ، رحل من المغرب إلى القاهرة سنة ٧٢٠ هـ. والتقى « بأبي حيان » وأخذ عنه ت ٧٧٠ هـ.

١٠ ـ عبد الرحمن بن عمر بن حماد بن عبد الله بن ثابت البغدادي الحريري ، سمع من « أبي حيان » بمصر ت ٧٣٩ هـ.

١١ ـ عبد الرحمن بن محمود بن وطاس القوصيّ ، مجد الدين ، أخذ عن « أبي حيان » وغيره ت ٧٢٤ هـ.

١٢ ـ عبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن الحضرمي ، أجازه « أبو حيان » ت ٧٤٩ هـ.

١٣ ـ علي بن عيسى بن مسعود بن منصور الزواوي ، ثم المصري ، سمع من « أبي حيان » ت ٧٦٩ هـ.

١٤ ـ علي بن محمد بن عبد العزيز بن فتوح بن إبراهيم تاج الدين التغلبي الشافعي الموصلي المعروف بابن الدريهم. قرأ على « أبي حيان » بعض تصانيفه ت ٧٦٢ هـ.

١٥ ـ محمد بن إبراهيم بن يوسف بن حامد ، تاج الدين المراكشي الفقيه


الشافعي ، تفقه على « أبي حيان » ت ٦٥٢ هـ.

لقد ترك « أبو حيان » رحمه‌الله تعالى للمكتبة الإسلامية والعربية الكثير من المؤلفات النافعة المفيدة ، وقد بلغت هذه المصنفات ستة وأربعين كتابا في علوم مختلفة : منها ما هو في القراءات ، ومنها ما هو في التفسير ، ومنها ما هو في اللغة ، والنحو إلى غير ذلك من العلوم.

وهذه إشارة إلى بعض مصنفات « أبي حيان » ليتبيّن من خلال ذلك المكانة السامية التي وصل إليها « أبو حيان » :

١ ـ تفسير البحر المحيط ، وهو في ثمانية مجلدات ، وقد طبع عدة مرات.

٢ ـ تحفة الأريب بما في القرآن من غريب. وقد طبع عدة مرات.

٣ ـ النهر الماد من البحر وهو مختصر تفسيره الكبير « البحر المحيط » وقد طبع بهامش البحر ، اختصر فيه « أبو حيان » تفسيره البحر المحيط إلى نحو الربع والذي حمله على هذا الاختصار ، صعوبة مباحث البحر ، وطوله.

٤ ـ كتاب الأثير في قراءة « ابن كثير » وهو من الكتب المفقودة.

٥ ـ كتاب تقريب النائي في قراءة « الكسائي » وهو مفقود.

٦ ـ كتاب الحلل الحالية في أسانيد القراءات العالية وهو مفقود.

٧ ـ كتاب رشح النفع في القراءات السبع وهو مفقود.

٨ ـ كتاب الروض الباسم في قراءة عاصم وهو مفقود.

٩ ـ كتاب عقد اللآلي في القراءات السبع العوالي وهي منظومة من القراءات السبع قيل إنها أخصر من الشاطبية وهي بغير رموز ولكنها لم تزل مفقودة.


١٠ ـ كتاب غاية المطلوب في قراءة يعقوب وهو مفقود.

١١ ـ كتاب المزن الهامر في قراءة « ابن عامر » وهو مفقود.

١٢ ـ كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب ، وقد حققه الدكتور مصطفى النحاس لنيل درجة الدكتوراة من كلية اللغة العربية ، جامعة الأزهر وقد طبع بالقاهرة.

١٣ ـ الارتضاء في الفرق بين الضاد والظاء ، وقد طبع ببغداد.

١٤ ـ التجريد لأحكام سيبويه وهو مفقود.

١٥ ـ التدريب في تمثيل التقريب ، وهو لا زال مخطوطا.

١٦ ـ التذكرة في العربية ، وهو كتاب كبير ، ويقع في أربعة مجلدات وقد طبع جزء منه حديثا ، وهو الجزء الثاني.

١٧ ـ التنزيل والتكميل في شرح التسهيل ، وهو أضخم كتب « أبي حيان » النحوية ، إذ يقع في عشرة مجلدات كبيرة. وقد طبعت منه قطعة صغيرة سنة ١٣٢٨ هـ. بمطبعة السعادة بمصر في جزءين صغيرين ، ويقوم الآن عدد من طلاب الدراسات العليا بجامعة الأزهر لتحقيق الكتاب كاملا. ولهذا الكتاب قيمة كبيرة لأن « أبا حيان » أودعه آراءه اللغوية والنحوية ، والصرفية ، وآراء المتقدمين.

١٨ ـ تقريب المقرب ، وهو اختصار لكتاب « المقرّب » في النحو لأبي الحسن علي بن مؤمن الاشبيلي ، المعروف بابن عصفور ت٦٦٩ هـ. وقد طبع الكتاب حديثا.

١٩ ـ التنحيل الملخّص من شرح التسهيل وهو مفقود.


٢٠ ـ الشذا في أحكام كذا وهو مفقود.

٢١ ـ الشذرة الذهبية في علم العربية وهو مفقود.

٢٢ ـ شرح كتاب سيبويه وهو مفقود.

٢٣ ـ شرح تحفة المودود لابن مالك في النحو وهو مفقود.

٢٤ ـ غاية الإحسان في علم اللسان.

وهو عبارة عن قواعد لأصول النحو بطريقة سهلة ومبسطة وفقا لمذهب البصريين النحويين ، وهذا الكتاب لم يزل مخطوطا في دار الكتب بالقاهرة ضمن مجموع بخط المؤلف تحت رقم ٢٤ ش ، وعليها عبارة تفيد أن المؤلف انتهى من تأليف هذا الكتاب يوم الأحد ١١ رمضان ٦٨٩ ه‍ كما توجد في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالقاهرة نسخة مصورة منها تقع في ٢٣ ورقة بحجم ١٣* ١٧ سم.

٢٥ ـ النكت الحسان في شرح غاية الإحسان.

وهو شرح لكتابه « غاية الإحسان في علم اللسان » وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي ببغداد. وهو مفقود.

٢٦ ـ القول الفصل في أحكام الفصل.

٢٧ ـ اللمحة البدرية في علم العربية. وقد شرحه جماعة منهم « ابن هشام » بكتاب سمّاه : شرح اللمحة البدرية في علم اللغة العربية ، وقد طبع هذا الشرح بتحقيق الدكتور هادي نهر ببغداد ١٩٧٧ م.

٢٨ ـ المبدع في التصريف ، وهو اختصار لكتاب « الممتع » في التصريف « لابن عصفور » وقد طبع الكتابان.


٢٩ ـ معاني الحروف ، وتوجد منه نسخة في بايزيد عمومى رقم ٦٤٧١ وقد كتب سنة ٧٢٦ هـ.

٣٠ ـ منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك وهو شرح « لألفية » ابن مالك » في النحو والصرف. وقد طبع الكتاب سنة ١٩٤٧ م في نيوهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق سدني جليزر.

٣١ ـ الموفور من شرح « ابن عصفور » ولا يزال هذا الكتاب مخطوطا وتوجد منه نسختان : الأولى : في دار الكتب بالقاهرة تحت رقم ٢٤ ش ، وهو بخط « أبي حيان » ضمن مجموع ، وتوجد مصورة هذه النسخة في معهد إحياء المخطوطات وتقع في ٦٣ ورقة ، وهي ناقصة من الآخر.

والثانية ، في نوشهر تحت رقم ٢٢٩ / ٤ كتبت سنة ٧٤٦ هـ.

٣٢ ـ نهاية الإغراب في علمي التصريف والإعراب ، وهو رجز وقد نقل عنه السيوطي أبياتا في كتابه « الأشباه والنظائر ». ونهاية الإغراب لم يزل مفقودا.

٣٣ ـ الهداية في النحو ، ويوجد من الكتاب ثلاث نسخ خطية : الأولى :

في دار الكتب المصرية تحت رقم ١٧٢٦ ، وتقع في ٣٧ ورقة. والثانية : في دار الكتب المصرية تحت رقم ٧٢١ مجامع وتقع في ٦٥ ورقة. والثالثة : في الخزانة التيمورية بدار الكتب رقم ٤٢٨ وتقع في ٩٨ صفحة.

٣٤ ـ الإعلام بأركان الإسلام في الفقه وهو مفقود.

٣٥ ـ الأنوار الأجلى في اختصار المحلى. وهو اختصار لكتاب « المحلى » في « الفقه » لأبي محمد علي بن حزم الظاهري ت ٤٥٦ هـ. وهو من الكتب المفقودة.

٣٦ ـ مسلك الرشد في تجريد مسائل نهاية « ابن رشد ». وهو اختصار


لكتاب « بداية المجتهد ونهاية المقتصد » في الفقه لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد » ت ٥٩٥ ه‍ وهو مفقود.

٣٧ ـ الوهاج في اختصار المنهاج.

ومن مؤلفات « أبي حيان » في الأدب والشعر المصنفات الآتية :

١ ـ الأبيات الوافية في علم القافية منظومة جليلة وهي مفقودة.

٢ ـ خلاصة التبيان في علمي البديع والبيان وهي منظومة مفقودة.

٣ ـ ديوان أبي حيان ، وهو ديوان شعر « أبي حيان » ، وقد حققه الدكتور أحمد مطلوب ، وزوجته الدكتورة « خديجة الحديثي » وتمت طباعته.

٤ ـ قصيدة دالية في تفضيل النحو ، ومطلعها :

هو العلم لا كالعلم شيء تراوده

لقد فاز باغيه وأنجح قاصده

وقد مدح بها « الخليل بن أحمد ، وسيبويه » ثم بعض شيوخه قال الدكتور عفيف عبد الرحمن : حصلت على نسخة منها في « الخزانة العامة » بالرباط ، وتقع في مائة وستين ورقة ، ورقمها ٣٢٩.

٥ ـ قصيدة سينية : تقارب المائة بيت ، وهي مفقودة.

٦ ـ قصيدة في مدح الإمام الشافعي : عدد ابياتها تسعة وستون بيتا ، ومنها نسخة مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

٧ ـ المورد العذب في معارضة قصيدة كعب. وهي قصيدة امتدح بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم معارضا لقصيدة « كعب بن زهير » المشهورة ، وأولها :

لا تعذلاه فما ذو الحب معذول

العقل مختبل والقلب متبول


٨ ـ نقد الشعر : وقد ذكر الأستاذ عباس العزاوي أن لأبي حيان كتابا باسم « نقد الشعر » تعرض فيه لنقد شعر « ابن سيناء الملك » وهو هبة الله بن جعفر بن المعتمد سناء الملك السعدي المصري ، أبو القاسم ، أديب شاعر وناثر ، له ديوان « الطراز » كله موشحات ت بمصر سنة ٦٠٨ هـ.

٩ ـ نوافث السحر في دمائث الشعر ، وهو من كتبه المفقودة.

كما صنف « أبو حيان » في التراجم ، والتاريخ ، فمن ذلك ما يأتي :

١ ـ البيان في شيوخ « أبي حيان » وهو من كتبه المفقودة.

٢ ـ تحفة الندس في نحاة الأندلس وهو من كتبه المفقودة.

٣ ـ مجاني الهصر في تواريخ أهل العصر وهو من كتبه المفقودة.

وقد نقل عنه « ابن حجر » في كتابه « الدرر الكامنة » في عدة مواضع.

٤ ـ مشيخة ابن أبي منصور وهو من كتبه المفقودة.

٥ ـ النضار في المسلاة عن « نضار » وهو من كتبه المفقودة.

ونضار هذه ابنة أبي حيان ، وقد توفيت سنة ٧٣٠ هـ. ، وقد نقل عنه السيوطي في تراجمه كثيرا.

٦ ـ نفحة المسك في سيرة الترك ، وهو من كتبه المفقودة وقد ذكر أحد الباحثين أن « أبا حيان » ألف هذا الكتاب في أيام المغول عند ما طغت موجاتهم.

كما صنف « أبو حيان » في اللغات فمن ذلك ما يأتي :

١ ـ الإدراك للسان الأتراك. وقد طبع هذا الكتاب في استانبول سنة


١٣٠٩ هـ. وتوجد من هذا الكتاب نسخة في معهد إحياء المخطوطات كتبت سنة ٨٠١ هـ. وهي مصورة عن جامعة استانبول وتقع في ٩٨ ورقة ، وحجم كل ورقة ١٥ * ٢٠ سم.

٢ ـ المخبور في لسان البشمور. وبشمور قرية من مدينة الدقهلة قرب دمياط من مدن مصر وهو من مصنفاته المفقودة.

٣ ـ منطق الخرس في لسان الفرس وهو من كتبه المفقودة.

٤ ـ نور الغبش في لسان الحبش وهو من كتبه المفقودة.

مما تقدم يتبين بجلاء ووضوح مكانة « أبي حيان » العلمية والاجتماعية حيث كان وحيد عصره في القراءات ، والتفسير ، والفقه ، والنحو ، والأدب ، والحديث ، والتصنيف.

كل هذه الأمور جعلت العلماء يتنافسون في الثناء عليه.

يقول تلميذه « الصفدي » : أبو حيان إمام الدنيا في النحو والتصريف ، وله اليد الطولى في التفسير ، والحديث ، والشروط ، والفروع ، وتراجم الناس وتواريخهم ، وحوادثهم ، وقد قيد أسماؤهم على ما يتلفظون به من إمالة وتفخيم ، كل ذلك قد جوّده ، وحرّره ، وقيده.

ثم يقول : وقد اشتهر اسمه وطار صيته ، وأخذ عنه أكابر الناس ، وله التصانيف التي سارت ، وطارت ، وانتشرت ، وانتثرت ، وقرئت ودربت ونسخت » اهـ.

وقال « تاج الدين السبكي » : وأخذ عن « أبي حيان » غالب مشيختنا وأقراننا ، منهم الشيخ الإمام الوالد ، وناهيك بما « لأبي حيان » من منقبة وكان يعظمه كثيرا ، وتصانيفه مشحونة بالنقل عنه » اهـ.


وقال عنه « السبكي » : « أبو حيان شيخ النحاة ، البحر الذي لم يعرف الجزر بل المدّ ، يقصد من كل فجر. طلعت شمسه من مغربها ، اتفق أهل العصر على تقديمه ، وإمامته ، ونشأت أولادهم على حفظ مختصراته ، وآباؤهم على النظر في مبسوطاته ، وضربت الأمثال باسمه مع صدق اللهجة ، وكثرة الاتقان والتحري » اهـ.

وقال الحافظ الذهبي : « أبو حيان مع براعته الكاملة في العربية له يد الطولى في الفقه ، والآثار ، والقراءات ، وله مصنفات في القراءات والفقه ، والآثار ، وهو مفخرة أهل مصر في وقتنا في العلم ، تخرج به عدة أئمة » اهـ.

وقد امتدحه « مجيز الدين عمر بن الملطي » بقصيدة أولها :

يا شيخ أهل الأدب الباهر

من ناظم يلفى ومن ناصر

ومدحه « نجم الدين يحيى الإسكندري » بقصيدة أولها :

ضيف ألم بنا من أبرع الناس

لا ناقض عهد أيامي ولا ناسي

عار من الكبر والأدناس ذو شرف

لكنه من سرابيل العلا كاس

ومدحه بهاء الدين محمد شهاب بقصيدة أولها :

إن الأثير أبا حيان أحيانا

بنشره طيّ علم مات أحيانا

وقد احتلّ « أبو حيان » الكثير من المناصب العلمية الكثيرة منها : أنه عيّن مدرسا للنحو في جامع الحاكم سنة ٧٠٤ هـ. وفي سنة ٧١٠ هـ. عين مدرسا للتفسير في قبة السلطان الملك المنصور في عهد السلطان القاهر الملك الناصر.

كما تولى منصب الإقراء بجامع الأقمر ، ودرّس التفسير بالجامع الطولوني ، ثم أضيف إليه مشيخة الحديث بالقبة المنصورية ، فباشر هذه الوظائف كلها حتى مات.


توفي « أبو حيان » بعد حياة حافلة في تعليم القرآن ، وتفسيره ، وتعليم اللغة العربية وآدابها ، وغير ذلك من العلوم ، وذلك سنة خمس وأربعين وسبعمائة من الهجرة.

رحم الله « أبا حيان » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٤٤

« ابن خواستى » (١) ت ٤١٢ هـ.

هو : عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستى ـ بضم الخاء المعجمة وسكون العين المهملة وفتح التاء ـ أبو القاسم الفارسي ثم البغدادي يعرف بابن أبي غسان ، مقرئ نحوي شيخ صدوق.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ. ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ. ضمن علماء القراءات. ولد « ابن خواستى » سنة عشرين وثلاثمائة ، وورد عنه قوله : أذكر يوم مات « ابن مجاهد ».

أخذ « ابن خواستى » القراءة القرآنية على عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « عبد الواحد بن أبي هاشم ، وأبو بكر النقاش » ، وسمع منهما كثيرا من القراءات.

كما أخذ « ابن خواستى » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « وسمع من أبي بكر بن داسة ، وإسماعيل الصفار ، وأبي بكر النجاد ، وأبي عمر الزاهد ».

ثم يقول : « ورحل سنة ثمان وثلاثين بنفسه ، وسمع بالبصرة سنن « أبي داود » وتفرد بعلوّه ، ودخل الأندلس للتجارة في سنة خمسين وثلاثمائة فسكنها ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٣٧٥. تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٥٥. طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٩٢. القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٤. بغية الوعاة ج ٢ ، ص ٩٨. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٩٨.


كما أخذ « ابن خواستى » العربية عن « أبي سعيد السيرافي ». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : الإمام أبو عمرو الداني ، وفي هذا المعنى يقول عن شيخه : كان « ابن خواستى » خيرا ، فاضلا ، صدوقا ، ضابطا ، قرأت عليه القرآن بثلاث روايات. اهـ.

كما روى عنه أيضا « أبو الوليد بن الفرضي » ، لقيه بمدينة « التراب ». توفي « ابن خواستى » بأبدة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة من الهجرة وهو ابن اثنتين وتسعين سنة على خلاف في ذلك.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٤٥

« رشأ بن نظيف » (١) ت ٤٤٤ هـ

هو : رشأ بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي ، وهو أستاذ في قراءة « ابن عامر » الدمشقي ، وكان من الثقات.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

رحل « رشأ » في طلب القراءات ، والحديث ، إلى مصر ، والعراق ، وأخذ عن شيوخهما.

ومن شيوخه في القراءات : عليّ بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني ، وهو إمام مقرئ ضابط متقن ، محرر زاهد ، ثقة ، قرأ على : « صالح بن إدريس ، وأحمد بن عثمان بن السباك ، وأبي الحسن بن الأخرم ، ومحمد بن القاسم بن محرز ، ومحمد بن جعفر الخزاعي. وقرأ عليه : الأهوازيّ ، وتاج الأئمة ، أحمد بن عليّ ، وأحمد بن محمد الأصبهاني ، ورشأ بن نظيف ، وعليّ بن الحسن الرّبعي ، وأحمد بن محمد القنطري ، وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي ، وأبو عبد الله الكارزيني ، قال عنه « رشأ بن نظيف » : لم ألق مثل « علي ابن داود » حذقا ، وإتقانا ، في رواية « ابن عامر » : وقال عنه « الإمام الداني » كان ثقة ، ضابطا ، متقشفا » (٢).

وقال عنه « الإمام ابن الجزري » : كان يقرئ شرقيّ الرواق الأوسط ، ولا

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٠١. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٨٤. تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ، ص ٣٢٤. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٧١.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٤٢.


يقبل ممن يقرأ عليه برّا ، كما كان لا يأخذ على الإمامة رزقا ، وكان يقتات من أرض له « بداريا » ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى « الطاحون » ويطحنه ، ويعجنه ، ويخبزه » (١).

وقال عنه « الكتاني » : كان ثقة ، انتهت إليه الرئاسة في قراءة « الشاميين ». توفي في جمادى الأولى سنة اثنين وأربعمائة وهو في عمر التسعين.

ومن شيوخ « رشأ بن نظيف » : محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال ، أبو بكر السلمي الجبني ، شيخ القراء بدمشق ، أخذ القراءة عرضا عن أبيه ، وعليّ بن الحسين ، وابن الأخرم ، وجعفر بن أبي داود ، وأحمد بن عثمان السباك ، والحسين بن محمد بن عليّ بن عتّاب ، ومحمد بن أحمد بن عتاب ».

وأخذ عنه القراءة عرضا : « عليّ بن الحسن الربعي ، ومحمد بن الحسن الشيرازي ، وأحمد بن محمد بن يزده الأصبهاني ، ورشأ بن نظيف ، والكارزيني ، وأبو علي الأهوازي ».

قال عنه تلميذه « أبو علي الأهوازي » : ما رأيت بدمشق مثل « أبي بكر السلمي » إماما في القراءة ، ضابطا للرواية ، قيّما بوجوه القراءات ، يعرف صدرا من التفسير ، ومعاني القراءات ، قرأ على سبعة من أصحاب « الأخفش » له منزلة في الفضل ، والعلم ، والأمانة ، والورع ، والدين ، والتقشف ، والصيانة » (٢) توفي سنة سبع وأربعمائة بدمشق ، وقد جاوز الثمانين.

وأخذ « رشأ بن نظيف » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « عبد الوهاب الكلابي ، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب ، وأبو الفتح بن سيبخت ، والحسن بن إسماعيل الضرّاب ، وأبو عمر بن مهدي الفارسي ».

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٤٢.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٨٥.


تصدر « رشأ بن نظيف » لتعليم القرآن ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « سبيع بن المسلم بن عليّ بن هارون أبو الوحش المعروف بابن قيراط ، شيخ دمشق ، وكان ضريرا ، من الثقات.

ولد « سبيع » سنة تسع عشرة وأربعمائة من الهجرة ، وقرأ على أبي عليّ الحسن بن عليّ الأهوازي ، ورشأ بن نظيف ، وتصدر لتعليم القرآن ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة ، إسماعيل بن عليّ بن بركات الغساني شيخ عبد الوهاب بن برغش.

وروى القراءات عنه ، الخضر بن شبل الحارثي ، وعلي بن الحسن الكلابي. وكان يقرئ الناس تلقينا ورواية من الفجر إلى قريب الظهر بالجامع الأموي. ثم أقعد وكان يحمل إلى الجامع ، يقول « ابن الجزري » : وأظنه هو الذي أشهر قراءة « أبي عمرو بن العلاء البصري » تلقينا بدمشق ، بعد ما كانوا يتلقون « لابن عامر الدمشقي ». توفي « سبيع بن مسلم » في شعبان سنة ثمان وخمسمائة من الهجرة.

وكما تصدر « رشأ بن نظيف » لتعليم القرآن ، تصدر أيضا لرواية حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم. يقول « الحافظ الذهبي » : روى عنه ـ أي عند رشأ بن نظيف ـ عبد العزيز الكتاني ، وعلي بن الحسين بن صصرى ، وسهل بن بشر الأسفراييني ، وأبو القاسم عليّ بن إبراهيم النسيب ، وأبو الوحش سبيع بن قيراط ، وآخرون (١).

اشتهر « رشأ بن نظيف » بالثقة ، وصحة القراءة مما استوجب ثناء العلماء عليه وفي هذا يقول « ابن الجزري » : كان « رشأ بن نظيف » محدثا ، مقرئا ، قرأ بمصر ، والشام ، والعراق. اهـ (٢).

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤٠٢.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٨٤.


وقال عنه تلميذه « عبد العزيز الكتّاني » : كان « رشأ » ثقة مأمونا ، انتهت إليه الرئاسة من قراءة « ابن عامر » (١).

توفي « رشأ بن نظيف » بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام في المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة من الهجرة.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٠٢.


رقم الترجمة / ٤٦

« زكريّا بن محمّد الأنصاري » (١) ت ٩٢٦ هـ

هو : زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري القاهري الأزهري الشافعي ، القاضي ، الملقب بشيخ الإسلام ، وهو من خيرة العلماء العاملين ، ومن القراء ، والمفسرين ، والمحدثين ، والفقهاء ، والأصوليين ، والمؤلفين. ولد في سنة ست وعشرين وثمانمائة ببلدة « سنيكة » محافظة الشرقية إحدى محافظات « مصر ».

ونشأ ببلدته وحفظ القرآن عند الشيخين : « محمد بن ربيع » و « البرهان » كما حفظ عليهما « عمدة الأحكام » و « مختصر التبريزي » في الفقه ، وبعد ذلك رحل إلى القاهرة في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ، فقطن الأزهر وحفظ « المنهاج » وألفية بن مالك ، والشاطبية ، ونحو النصف من ألفية الحديث ، وغير ذلك من المتون.

أخذ « زكريا الأنصاري » الكثير من العلوم العربية ، والشرعية ، عن خيرة علماء عصره ، منهم « ابن حجر ، والبلقيني ، والقاياتي ».

وحضر دروس الشرف المناوي ، وغيره وقرأ بالسبع على كل من « النور البلبيسي » إمام الأزهر ، والزين رضوان ، والشهاب القلقيلي السكندري ، وقرأ بالقراءات الثلاث الزائدة على الشاطبية بما تضمنته مصنفات « ابن الجزري » ، « النشر والطيبة » على الشيخ الزين طاهر المالكي. وقرأ بالقراءات العشر إلى

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

الضوء اللامع لأهل القرن التاسع المجلد الثاني رقم ٢٣٤ ـ ورقم الترجمة ١٩٢. البدر الطالع بمحاسن بعد القرن السابع ج ١ ص ٢٥٢. ورقم الترجمة ١٧٥.


« المفلحون » فقط على « الزين بن عياش » وأخذ رسم القرن عن « الزين رضوان ».

وقد بلغ الشيخ زكريا الأنصاري درجة عظيمة في العلم ومكانة مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « شمس الدين السخاوي » : « ولم ينفك عن الاشتغال على طريقة جميلة من التواضع ، وحسن العشرة ، والأدب ، والعفة ، والانجماع عند بني الدنيا ، مع التقلل ، وشرف النفس ، ومزيد العقل ، وسعة الباطن ، والاحتمال ، والمداراة ، إلى أن أذن له غير واحد من شيوخه في الإفتاء والاقراء ، وتصدّى للتدريس في حياة غير واحد من شيوخه ، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد طبقة ، مع إعلام متفننيهم بحقيقة شأنه ، وقصد بالفتاوى ، وزاحم كثيرا من شيوخه فيها ، وله تهجّد وصبر ، واحتمال ، وترك للقيل والقال ، وتواضع وعدم تنازل ، بل عمله في التودد يزيد عن الحدّ ، ورويّته أحسن من بديهته ، وكتابته أمتن من عبارته ، وعدم مسارعته إلى الفتاوى مما يعدّ من حسناته ، وبيننا أنسة زائدة ، ومحبة من الجانبين تامة ، ولا زالت المسرّات واصلة إلى من قبله بالدعاء والثناء ، وإن كان ذلك دأبه مع عموم الناس ، فحظي منه أوفر ، ولفظي فيه كذلك أغزر ، وزاد في الترقي وحسن الطلاقة والتلقي مع كثرة حاسديه ، والمعترضين لجانبه وواديه ، وهو لا يلقاهم إلا بالبشر ، إلى ان استقرّ به « الأشرف قايتباي » في مشيخة الدرس المجاور للشافعي ، والنظر عليه ، ولذا كثر تودد الناس إليه » (١).

وأثنى عليه « الإمام الشوكاني » فقال : وقرأ في جميع الفنون ، وأذن له شيوخه بالإفتاء والتدريس ، وتصدر ، وأفتى ، وأقرأ وصنف ، وله شروح ومختصرات في كل فن من الفنون ، انتفع الناس بها ، وتنافسوا فيها ، ودرّس في أمكنة متعددة ، وزاد في الترقي ، وحسن الطلاقة والتلقي ، وارتفعت درجته عند السلطان « قايتباي ».

__________________

(١) انظر الضوء اللامع للسخاوي المجلد الثاني ص ٢٣٦.


وكان السلطان يلهج بتوليته القضاء مع علمه بعدم قبوله له في سلطنة « خشقوم » ثم ولاه « قايتباي » القضاء ، وصمم عليه فأذعن بعد مجيء أكابر الدولة إليه فباشره بعفة ونزاهة ، ثم عزل سنة ستة وتسعمائة ثم عرض عليه بعد ذلك فأعرض عنه لكفّ بصره ، وانجمع في محله ، واشتهرت مصنفاته ، وكثرت تلامذته ، وألحق الأحفاد بالأجداد ، وعمّر حتى جاوز المائة أو قاربها » (١).

ولشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الكثير من المصنفات في شتى الفنون ، منها : شرح آداب البحث ، وسمّاه فتح الوهاب بشرح الآداب ، و « غاية الوصول في شرح الفصول » وشرح « شذور الذهب في النحو » ، وشرح مقدمة التجويد لابن الجزري ، ومختصر قرة العين في الفتح والإمالة وبين اللفظين لابن القاصح ، وشرح « إيساغوجي » في المنطق ، وغير ذلك من الكتب النافعة المفيدة. وبعد هذه الحياة الحافلة بالتدريس ، والفتوى ، والتصنيف ، توفي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في يوم الجمعة رابع ذي الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

وقد حزن الناس عليه كثيرا لمزيد محاسنه ، ورثاه الكثيرون من تلامذته فمن ذلك قول بعضهم :

قضى زكريا نحبه فتفجرت

عليه عيون النيل يوم حمامه

سقى الله قبرا ضمّه غوث صيّب

عليه مدى الأيام صبح غمامه

__________________

(١) انظر البدر اللامع للشوكاني ج ١ ، ص ٢٥٢.


رقم الترجمة / ٤٧

« سعيد بن محمد » ت ٨٦٧ هـ

هو : سعيد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر المقدسي الحنفي ، نزيل القاهرة المعروف بابن الديري : نسبة إلى مكان يقال له الدير ، أو إلى دير في بيت المقدس.

ولد في يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب سنة ثمان وستين وثمانمائة ، وحفظ القرآن في صغره على خيرة حفاظ القرآن ، كما حفظ مختصر « ابن الحاجب » وكان سريع الحفظ ، مفرط الذكاء ، ثم أكب على تلقي العلم ، فتفقه على والده رحمه‌الله. وبرع في الفقه حتى صار المرجع إليه فيه ، كما أخذ عدة فنون على كل من « ابن النقيب » و « الشمس بن الخطيب » وغيرهما. وتولى قضاء الحنفية ، وصار معظما عند الملوك والوزراء ، والأمراء.

ومن الأدلّة على علوّ منزلته أنه عرض القضاء على « ابن الهمام » فامتنع وقال : لا يقدر على ذلك مع وجود « سعيد بن محمد ».

ثم تصدّر للتعليم ، واشتهر بالثقة ، والأمانة ، وأقبل عليه الطلاب وكثرت تلامذته ، وانتفع به الناس ، وأخذ عنه أهل كل مذهب. ثم قصد بالفتاوى من سائر الآفاق ، وبعد صيته ، وأحبّه الجميع وأصبح يشار إليه بالبنان ، وله نظم ومنه قصيدة مطلعها :

ما بال سرّك بالهوى قد لاحا

وخفيّ أمرك صار منك بواحا

ترك « سعيد بن محمد » للمكتبة الاسلامية بعض المصنفات منها : « شرح عقائد النسفي » و « الكواكب النيّرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموات » و « السهام المارقة في كبير الزنادقة » و « رسالة في نوم الملائكة هل هو كائن ام


لا ، وهل منع الشعر مخصوص بنبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم هو عام لكل الأنبياء ».

ولم يزل « سعيد بن محمد » يعمل ويجتهد حتى توفاه الله تعالى ، في تاسع ربيع الآخر سنة سبع وستين وثمان مائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٤٨

« صالح بن عمر العسقلاني » (١) ت ٨٦٨ هـ

هو : صالح بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح علم الدين العسقلاني ، البلقيني الأصل ، القاهري ، الشافعي. وهو من القراء ، والفقهاء ، والمحدثين ، والمؤلفين.

ولد في ليلة الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ، ونشأ بها في كنف والده فحفظ القرآن ، وصلى به للناس التراويح بمدرسة والده في سنة تسع وتسعين وسبعمائة. كما حفظ كتاب العمدة ، ومنهاج الأصول ، والألفية في النحو.

أخذ « صالح بن عمر » كثيرا من العلوم على مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم والده رحمه‌الله ، والزين العراقي ، والمجد البرماوي ، والبيجوري ، والحافظ ابن حجر ، وغير هؤلاء.

تنقل « صالح بن عمر » في كثير من المناصب من الوعظ إلى التدريس إلى الافتاء حتى قال بعض أهل الأدب مثنيا عليه :

وعظ الأنام إمامنا الحبر الذي

سكب العلوم كبحر فضل طافح

فشفى القلوب بعلمه وبوعظه

والوعظ لا يشفي سوى من صالح

احتلّ « صالح بن عمر » مكانة سامية بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الإمام السخاوي » : وكان مصونا متقلّلا من الدنيا غاية في الذكاء ، وسرعة الحفظ ، فلازم الاشتغال بالفقه وأصوله والعربية ،

__________________

(١) انظر ترجمته في : الضوء اللامع لأهل القرن التاسع رقم الترجمة ١١٩٩ ، ج ٣ ، ص ٣١٢.

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ، رقم الترجمة ٢٠١ ، ج ١ ، ص ٢٨٦.


والحديث ، وغيرها من العلوم. وحج في سنة أربع عشرة وثمانمائة ولقي الحافظ الجمال بن ظهيرة ، وغيره ، ودخل « دمياط » فما دونها ، ولم يزل ملازما لأخيه حتى تقدم ، وأذن له في الافتاء ، والتدريس ، وخطب بالمشهد الحسيني بالقاهرة ، وقرأ البخاري عند الأمير ، وألبسه يوم الختم « خلعة ». وكان إماما فقيها ، عالما ، قويّ الحافظة ، سريع الإدراك ، طلق العبارة ، فصيحا ، يتحاشى عدم الإعراب في مخاطبته بحيث لا يضبط عليه في ذلك شاذة ولا فاذّة ، وكان بسّاما ، بشوشا ، طلق المحيا ، فاشيا للسلام ، مهابا ، له جلالة ، فكها ، ذاكرا لكثير من المتون ، والفوائد الحديثية ، والمبهمات التي حصلها مستحضرا لجملة من الرقائق ، والمواعظ والأشعار ، حتى كان بعض الفضلاء يقول : إن الحضور بين يديه من المفرحات ، شهما ، مقداما ، لا يهاب ملكا ، ولا أميرا ، سليم الصدر ، لا يتوقف عن قبول من اعتذر إليه ، معرضا عن تتبع زلات من يناوئه ، غير مشتغل بتنقيصه ، بل ربما يمنع من يشتغل في مجلسه بذلك » (١).

وبعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتصنيف ، توفي « صالح بن عمر » سنة ثمان وستين وثمانمائة ، رحمه الله رحمة واسعة آمين.

__________________

(١) انظر الضوء اللامع ج ٣ ، ص ٣١٢.


رقم الترجمة / ٤٩

« ابن الصّقر » (١) ت ٤٢٩ هـ

هو : الحسن بن علي بن الصقر أبو محمد البغدادي المقرئ الكاتب. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن الصقر » القراءة عن خيرة علماء عصره ، وقد قرأ « لأبي عمرو ابن العلاء » البصري على زيد بن علي بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال أبو القاسم العجلي الكوفي ، شيخ العراق ، وهو إمام حاذق ثقة. أخذ القراءة على مشاهير علماء عصره ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : « ابن الصقر » توفي زيد بن علي ببغداد ٣٥٨ هـ.

وكان « ابن الصقر » آخر من قرأ على « زيد بن أبي بلال ».

تصدّر « ابن الصقر » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة والضبط ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الكثيرون يأخذون عنه ، ويقرءون عليه.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : أحمد بن الحسن بن خيرون ، أبو الفضل البغدادي ، استاذ مقرئ ثقة ، أخذ القراءات عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : الحسن بن أحمد بن شاذان ، والقاضي الحسين الصيمري ، كما أخذ القراءات عن « ابن خيرون » إبراهيم بن محمد الهيثمي ، وابن أخيه محمد بن عبد الملك ، وآخرون. ومن تلاميذ « ابن الصقر » ثابت بن بندار أبو المعالي البقّال

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٤. طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٢٤. تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٣٩٠.

النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٢٨. تذكرة الحفاظ ، ج ٣ ، ص ١١٠٠.


الدينوري ، ثم البغدادي ، شيخ متقن صالح.

أخذ « ابن الصقر » القراءة عن : عبد الوهاب بن علي اللخمي ، وعليّ بن طلحة البصري ، وعبد الله بن محمد بن مكي ، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الظاهري. وأخذ القراءات عن « ابن الصقر » سبط الخياط ، وهبة الله بن الطيري ، وأحمد بن شنيف. ت ٤٩٨ هـ.

ومن تلاميذ « ابن الصقر » : عبد السيّد بن عتاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب ـ بالحاء المهملة ـ أبو القاسم البغدادي ، الضرير ، وهو مقرئ كبير مسند ثقة ، أخذ « ابن عتّاب » القراءة عن « ابن الصقر » وأحمد بن رضوان ، والحسن بن ملاعب ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وأبي الحسن الحمامي ، وأبي العلاء الواسطي ، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي ، وأبي بكر محمد بن علي بن زلال ، ومحمد بن عبد الله الشمعي ، والحسين بن أحمد الحربي ، وآخرون.

وأخذ القراءة عن « ابن عتاب » أبو علي بن سكرة الصدفي ، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون ، وأبو الكرم بن الشهرزوري. ت ٤٨٧ هـ.

ومن تلاميذ « ابن الصقر » محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات البغدادي الكرجي الشّيرجي الوكيل الخباز الشافعي ، وهو إمام مقرئ ثقة ، ولد سنة ستين وثلاثمائة ، قرأ بالروايات على الحسن بن الصقر ، وأبي العلاء الواسطي ، ومحمد بن بكير النجار ، وعلي بن طلحة ، وسمع عبد الملك بن بشران ، وتفقه على القاضي أبي الطيب.

وقرأ على « أبي البركات » أبو الكرم الشهرزوري ، وأبو طاهر السلفي ختمة ، وسمع منه وحدّث عنه هو وابن ناصر ، وعبد الله بن النقور ، قال عنه « ابن ناصر » : كان « أبو البركات » رجلا صالحا. وقال عنه « الحافظ الذهبي » : كان « أبو البركات أسند من بقي من القراء بالعراق ». ت في ربيع


الأول سنة تسع وتسعين وأربعمائة من الهجرة.

ومن تلاميذ « ابن الصقر » عليّ بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن داود بن الجرار أبو الخطاب الوزير البغدادي الشافعي ، وهو إمام مقرئ كامل حسن الكتابة ، مجوّد.

ولد سنة تسع أو عشر وأربعمائة ، وقرأ على « محمد بن عمر بن بكير النجار » وعلى « ابن الصقر » وقرأ عليه : « أبو محمد سبط الخياط ، وأبو الكرم الشهرزوري ، وسعد الله بن الدجاجي » ، ونظم في القراءات كتابا ، وانتهت إليه رئاسة القراءة ، قال عنه « الحافظ أبو طاهر السلفي » : « أبو الخطاب بن الجراح » إمام اللغة ، ونظمه في أعلى درجة ، وخطه من أحسن الخطوط ، وكان يصلي بأمير المؤمنين المستظهر بالله التراويح ، توفي في ذي الحجة سنة سبع وتسعين وأربعمائة.

احتل « ابن الصقر » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان « ابن الصقر » رئيسا وافر الحرمة ، عالي الرواية ، أدرك السماع من مثل « إسماعيل الصفار » والكبار ، ولكن لم يوجد له شيء. اهـ.

توفي « ابن الصقر » في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وأربعمائة ه وله اربع وتسعون سنة.

رحم الله « ابن الصقر » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٥٠

« أبو طاهر الحلبيّ » (١) ت ٤٢٦ هـ

هو : محمد بن ياسين أبو طاهر البغدادي البزّار المعروف بالحلبي. إمام محقق أحد أعلام القرآن ، وله مصنف في القراءات.

أخذ « أبو طاهر الحلبي » القراءة القرآنية عن عدد من العلماء ، فقد أخذ الروايات عرضا عن : أبي الفرج الشنبوذي ، ومحمد بن العلاف ، وأبي حفص الكتاني.

بعد أن اكتملت مواهب « أبي طاهر الحلبي » تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، ومن الذين أخذوا عنه القراءات عرضا : « عبد السيّد بن عتاب ، وعليّ بن الحسين الطريثيثي ».

احتلّ « أبو طاهر الحلبي » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول « الحافظ أبو عبد الله » : « أبو طاهر الحلبي » أحد الأعلام له مصنف في القراءات.

توفي في ربيع الأول ببغداد سنة ست وعشرين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في : تاريخ الاسلام الورقة ٢٥٥ [ اياصوفيا ٣٠٠٩ ].

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨١ ، طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٧٦.


رقم الترجمة / ٥١

« طاهر بن غلبون » (١) ت ٣٩٩ هـ

هو : طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك أبو الحسن الحلبي نزيل مصر. ذكره « الذهبي » ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

نشأ « طاهر بن غلبون » في بيت العلم والمعرفة ، فوالده الإمام المشهور « عبد المنعم بن عبيد الله » أحد علماء القراءات ، ومؤلف كتاب « الإرشاد » وقد أخذ « طاهر » القراءة وحروف القرآن ، عن عدد كبير من خيرة العلماء ، وفي مقدمة هؤلاء « والده عبد المنعم » و « عبد العزيز بن علي » ثم رحل إلى « العراق » فقرأ بالبصرة على : محمد بن يوسف بن نهار الحرتكي ، وعلي بن محمد الهاشمي ، وعلي بن محمد بن خشنام ، كما سمع حروف القراءات من « والده » ومن « إبراهيم بن محمد بن مروان ، وعتيق بن ما شاء الله ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن محمد بن المفسّر ، وأبي الفتح بن بدهن ، وسمع سبعة « ابن مجاهد » من « أبي الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي المعدل » (٢).

تصدر « طاهر بن غلبون » لتعليم القرآن ، وأخذ شهرة عظيمة ورثها عن والده ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، فقد روى القراءات عنه عرضا وسماعا « الإمام الكبير الحافظ أبو عمرو الداني ، وإبراهيم بن ثابت الإقليسي وأحمد بن بابشاذ الجوهري ، وأبو الفضل عبد الرحمن الرازي ، وأبو عبد الله

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ٢١٩. وطبقات الإسنوي ج ٢ ، ص ٤٠١. والبلغة ص ١٠١ والنشر ج ١ ، ص ٧٢. ومعرفة القراء ج ١ ، ص ٣٦٩ وطبقات القراء ج ١ ، ص ٣٣٩. وحسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩١.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٣٩.


محمد بن أحمد القزويني » (١).

احتل « طاهر بن غلبون » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، يقول تلميذه « الإمام الداني » : لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله ، وصدق لهجته ، كتبنا عنه كثيرا (٢).

وقال « الإمام ابن الجزري » : « طاهر بن غلبون نزيل مصر أستاذ عارف ثقة ضابط حجة محرر شيخ الداني ، مؤلف كتاب « التذكرة » في القراءات الثمان » (٣).

وأقول : لقد استفاد « ابن الجزري » من كتاب « التذكرة » استفادة كبيرة ، وهو أحد مصادره في القراءات ، ولنستمع إلى « ابن الجزري » وهو يقول : « قرأ بمضمنه القرآن كله على « أبي عبد الله محمد بن الصائغ وأبي محمد عبد الرحمن بن أحمد الشافعي ، وإلى أثناء سورة « النحل » على الأستاذ « أبي بكر ابن أيدغدي بالديار المصرية » (٤).

توفي « طاهر بن غلبون » سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٩.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٣٩.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٣٩.

(٤) انظر النشر في القراءات العشر ج ١ ، ص ٧٣.


رقم الترجمة / ٥٢

« عبد الباقي بن الحسن » (١) ت ٣٩٣ هـ

هو عبد الباقي بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن السقا أبو الحسن الخراساني الأصل الدمشقيّ المولد. ولد بدمشق ورحل إلى الأمصار طلبا للعلم والمعرفة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أحب عبد الباقي القرآن والعلم منذ نعومة أظفاره ، ورحل في سبيل ذلك إلى الأمصار ، وأخذ عن الشيوخ وتلقى عن العلماء والمحدثين ، يقول « ابن الجزري » : أخذ « عبد الباقي » القراءة عرضا عن : « إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم ، وإبراهيم بن الحسن ، وإبراهيم بن عمر ، وإبراهيم بن عبد العزيز ، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد ، وأحمد بن عبد الله بن الخشف ، وأحمد بن صالح ، وأحمد بن عبد الرحمن ، والحسين بن عبد الله ، وزيد بن أبي بلال ، وصالح بن أحمد ، وعبد الرحمن بن عمر البغدادي ، وعبد الله بن علي ، وعبيد الله بن إبراهيم ، وعلي بن عبد الله بن محمد ، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي ، ونظيف بن عبد الله. ومحمد بن إبراهيم البلخي ، ومحمد بن أحمد بن هارون ، ومحمد بن زريق ، ومحمد بن الحسين الديبلي » (٢).

كما أخذ « عبد الباقي » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء ج ١ ، ص ٣٥٧ ، وطبقات القراء ، ج ١ ، ص ٣٥٦. وحسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩١.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٥٦.


وحدث عنهم ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : وحدث « عبد الباقي » عن « عبد الله بن عتاب الزّفتي ، وأبي علي الحصائري ، وجماعة (١).

تصدر « عبد الباقي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، يقول « الإمام ابن الجزري » : « أخذ القراءة عن « عبد الباقي » عرضا : « فارس بن أحمد ، وأكثر عنه وقال : قال لنا « عبد الباقي » : أدركت أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية ، وجلست معه في مجلسه ، وهو يقرئ سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، ولم أقرأ عليه ، ولما حصّل الروايات ورجع إلى دمشق يقرئ بها ، حصل بينه وبين شيوخها اختلاف فتعصب له قوم ، وتعصب آخرون عليه ، حتى تطاول بعضهم إلى بعض فخرج منها إلى « الديار المصرية » (٢).

احتلّ « عبد الباقي مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. يقول « الإمام الداني » : كان « عبد الباقي » خيّرا ، فاضلا ، ثقة ، مأمونا ، إماما في القراءات ، عالما بالعربية ، بصيرا بالمعاني ، قال لي « فارس بن أحمد » أحد تلاميذه عنه : إنه أدرك إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية ، وجلس بين يديه في سنة اربع وثلاثين وثلاثمائة ، وسمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول :

كان « عبد الباقي » يسمع معنا ببغداد على أبي بكر الأبهري ، وكتب عنه كتبه في الشرح ، ثم قدم « مصر » فقامت له بها رئاسة عظيمة ، وكنا لا نظنه هناك ، إذ كان ببغداد. اهـ (٣).

وقال « الإمام ابن الجزري » : كان عبد الباقي أستاذا حاذقا ، ضابطا ، ثقة ، رحل إلى الأمصار » (٤).

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٥٨.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٥٨.

(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٥٦.


توفي « عبد الباقي » بالاسكندرية ، وقيل بمصر ، بعد سنة ثمانين وثلاثمائة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٥٣

« عبد الباقي بن فارس » (١) ت ٤٥٠ هـ

هو : عبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي ، ثم المصري وهو مقرئ مشهور مجوّد ، أخذ القراءة عن خيرة العلماء.

وقد روى القراءات عرضا عن والده فارس بن أحمد ، أبو الفتح الحمصي الضرير نزيل مصر ، وهو أستاذ كبير ضابط ومن الثقات ، ولد بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ، ثم رحل ، وأخذ القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « عمر بن محمد الحضرمي » و « عبد الله بن محمد الرازي » وآخرون.

ثم جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الحفاظ ، وفي مقدمتهم : ولده « عبد الباقي » والحافظ أبو عمرو الداني ، وقال عنه : « لم ألق مثله في حفظه وضبطه ، كان حافظا ، ضابطا ، حسن التأدية فهما بعلم صناعته ، واتساع روايته مع ظهور فضله وصدق لهجته ، توفي بمصر سنة إحدى وأربعمائة (٢).

ومن شيوخ « عبد الباقي بن فارس » في القراءة : « قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري ، من ساكني مدينة « بلبيس » وهو مقرئ ضابط ، مشهور ، قال عنه « الإمام الداني » : كان « قسيم بن أحمد » ضابطا لرواية ورش يقصد فيها ، وتؤخذ عنه وكان خيّرا فاضلا ، سمعت « فارس بن أحمد » يثني عليه ، وكان يقرئ بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٤ ورقم الترجمة ٣٦٣. غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٥٧ ورقم الترجمة ١٥٢٩. حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٢.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٦.

(٣) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٧.


أخذ « قسيم بن أحمد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم جدّه لأمه « عبد الله بن عبد الرحمن » ويقال : محمد بن عبد الرحمن الظهراوي ، صاحب « أبي بكر بن سيف ».

جلس « قسيم بن أحمد » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، والضبط ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « عبد الباقي ابن فارس » وأحمد بن محمد الصقلي » ، وآخرون.

توفي « قسيم بن أحمد » سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « عبد الباقي بن فارس » في القراءة : « عمر بن محمد بن عراك ، أبو حفص الحضرمي المصري ». وهو من الأئمة المشهورين ، ومن الثقات المعروفين في قراءة « ورش » وكان إمام جامع مصر.

أخذ « عمر بن عراك » القراءة عن مشاهير العلماء ، وفي مقدّمتهم : « أبو غانم المظفر بن أحمد » وسمع حروف القراءات من « أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي » وآخرين.

جلس « عمر بن عراك » لتعليم القرآن ، وذاع صيته ، واشتهر بالثقة ، وحسن القراءة ، وأقبل عليه عدد كبير من حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « عبد الباقي بن فارس ، وتاج الأئمة ، أحمد بن عليّ بن هاشم » وآخرون.

توفي « عمر بن عراك » بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « عبد الباقي بن فارس » في القراءة : عبد الله بن الحسين بن حنون أبو أحمد السامري البغدادي ، نزيل مصر ، المقرئ اللغوي ، مسند القراء في زمانه ، قال عنه « الإمام الداني » : هو مشهور ضابط ثقة مأمون (١).

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤١٥.


وقال عنه « الحافظ الذهبي » : سألت : « أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي » عن « أبي أحمد السامري » فأثنى عليه ووثقه (١).

ولد « عبد الله بن الحسين » سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين ، وأخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدّمتهم : « أبو بكر بن مجاهد ، وأبو الحسن بن شنبوذ ».

وبعد أن اكتملت مواهب « عبد الله بن الحسين » جلس لتعليم القراءة وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة والضبط ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو الفتح فارس بن أحمد » وهو أضبط من قرأ عليه ، وعبد الباقي بن فارس ، وغيرهما كثير.

توفي « عبد الله بن الحسين » بمصر سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

وبعد أن أصبح « عبد الباقي بن فارس » مؤهلا لتعليم القرآن ، وحروف القراءات تصدر لذلك ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدّمة من أخذ عنه القراءة : « عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي : بضم الميم ، وسكون الراء ، نسبة إلى « مرسيّة » وهي بلدة من بلاد المغرب » (٢).

قال « أبو علي بن سكّرة » : هو إمام وقته في فنّه ، لقيته بالمرّيّة (٣) لازم « أبا عمرو الداني » ثمانية عشر عاما ، ورحل فلقي جماعة ، قال : وجرت بينه وبين شيخه « الداني » عند قدومه منافسة ومقاطعة ، وكان « أبو محمد » شديدا على أهل البدع ، قوّالا بالحق مهيبا جرت له في ذلك أخبار كثيرة ، وامتحن ، ولفظته البلاد ، وغرّب ، وغمزه كثير من الناس ، ودخل « سبتة » وأقرأ بها

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤١٧.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٢٥٧.

(٣) المرية : بفتح الميم : مدينة عظيمة على ساحل بحر الأندلس في شرقها انظر الأنساب للسمعاني ، ج ٥ ، ص ٢٦٨.


مدّة ، ثم خرج إلى « طنجة » ثم رجع إلى الأندلس فمات برندة (١).

أخذ « عبد الله بن سهل » القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « أبو عمرو الداني ، وعبد الباقي بن فارس » وقرأ القراءات على « أبي عمر الطلمنكي ، ومكي بن أبي طالب القيسي ».

ثم جلس لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة والحفظ ، والأمانة ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع ». توفي « عبد الله بن سهل » « برندة » سنة ثمانين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « عبد الباقي بن فارس » في القراءة : « محمد بن عبد الله بن مسبّح بن عبد الرحمن أبو عبد الله الفضّي المصري ، وهو من أئمة القراءة المشهورين بالثقة وكثرة الروايات. أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم : « عبد الباقي بن فارس » وروى كتاب « الروضة » للمالكي سماعا عن « أبي الحسن علي بن حميد الواعظ ، وإبراهيم بن إسماعيل بن غالب الخياط » وقرأ على « أبي معشر الطبري » بكتابه « سوق العروس ».

ثم جلس « محمد بن المسبّح » لتعليم القراءات ، واشتهر بالثقة والأمانة ، وكثرة الروايات ، وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « الشريف أبو الفتوح ناصر بن الحسن ، وزيد بن شافع اللخمي » وآخرون. قال « ابن الجزري » : لا أدري متى توفي « محمد بن المسبّح » إلا أنه لم يصل إلى العشرين وخمسمائة.

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وحروف القراءات توفي « عبد الباقي بن فارس » في حدود الخمسين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٢٢.


رقم الترجمة / ٥٤

« عبد الرّحمن الخزرجي » (١) ت ٤٤٦ هـ

هو : عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد أبو القاسم الخزرجي القرطبي ، من أهل الأندلس وهو أستاذ محقق حجة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

رحل سنة ثمانين وثلاثمائة إلى المشرق في سبيل العلم والأخذ عن الشيوخ فحج أربع مرات ، وأخذ عن كبار العلماء ، وألف « كتاب المقاصد ».

وفي مقدمة شيوخه الذين أخذ عنهم : كما قال « أبو علي الغسّاني » : عبد الله ابن الحسين بن حسنون أبو أحمد السامري البغدادي ، نزيل مصر ، المقرئ اللغوي مسند القراء في زمانه.

ولد سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين ، وتوفي بمصر ليلة السبت لثمان بقين من المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة ، وصلى عليه « أبو حفص عمر بن عراك ».

قال « الإمام الداني » : أخذ « أبو أحمد السامري » القراءة عرضا عن « محمد ابن حمدون الحذاء ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وأبي بكر بن مجاهد ، وأبي الحسن بن شنبوذ ، وأبي بكر بن مقسم ، والحسن بن صالح ، ومحمد بن الصباح المكي ، وسلامة بن هارون » ، وغيرهم كثير.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤١٠. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٣٦٧.

الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٣٣٤. تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٣ ، ص ١١٢٤.


تصدّر « أبو أحمد السامري » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « أبو الفتح فارس بن أحمد ، وهو أضبط من قرأ عليه ، وأبو الفضل الخزاعي ، ويوسف بن رباح ، وأبو الحسين التّنيسي الخشاب ، وعبد الرحمن بن الحسن ، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي ، وأبو العباس بن نفيس » ، وغير هؤلاء كثير.

قال « الحافظ الذهبي » : قرأ « عبد الرحمن الخزرجي » بالأندلس على : « عليّ ابن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي نزيل الأندلس وشيخها ، وهو إمام حاذق مسند ثقة ضابط. ولد بانطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين ، وتوفي يوم الجمعة ليومين بقيا من شهر ربيع الأول ، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة.

أخذ « أبو الحسن الأنطاكي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وأحمد بن محمد بن خشيش ، ومحمد بن جعفر بن بيان البغدادي ، ومحمد بن النضر بن الأخرم ، وأحمد بن صالح البغدادي ».

تصدّر « أبو الحسن الأنطاكي » لتعليم القرآن ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة ، « أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ ، وإبراهيم بن مبشّر ، وعتبة بن عبد الملك ، ومحمد بن عمر الغازي ، وأبو المطرز القنازعي ، ومحمد بن يوسف النجار ، وعبيد الله بن سلمة بن حزم » وغيرهم كثير.

ومن شيوخ « عبد الرحمن الخزرجي » : « محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري ». ولد « أبو بكر الأذفوي » سنة أربع وثلاثمائة ، وتوفي بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

أخذ « أبو بكر الأذفوي » القراءة عن خيرة العلماء ، فقد أخذ القراءة عرضا عن المظفر بن أحمد بن حمدان ، وسمع حروف القراءات من أحمد بن


إبراهيم بن جامع ، وسعيد بن السكن ، والعباس بن أحمد ، ولزم « أبا جعفر النحّاس ».

تصدر « أبو بكر الأذفوي » لتعليم القرآن. ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « محمد بن الحسين بن النعمان ، والحسن بن سليمان وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي ، وابنه أبو القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي ، وعتبة بن عبد الملك ، وأبو الفضل الخزاعي ».

احتلّ « أبو بكر الأذفوي » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه.

وفي هذا يقول « الإمام الداني » : انفرد « أبو بكر الأذفوي » بالإمامة في دهره في قراءة « نافع » رواية « ورش » مع سعة علمه ، وبراعة فهمه ، وصدق لهجته ، وحسن اطلاعه ، وتمكنه من علم العربية ، وبصره بالمعاني.

وقال « الحافظ الذهبي » : برع « أبو بكر الأذفوي » في علوم القرآن ، وكان سيّد أهل عصره بمصره ، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلّدا ، موجود بالقاهرة. اهـ (١).

قال « ابن الجزري » : سمّاه الاستغناء في علوم القرآن ، ألّفه في اثنتي عشرة سنة. اهـ (٢).

وكما أخذ « عبد الرحمن الخزرجي » القراءة عن خيرة العلماء ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة المحدثين ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « قال « عبد الرحمن الخزرجي » عن نفسه : ومن شيوخي في الحديث : « أبو بكر المهندس ، وأبو مسلم الكاتب ، والحسن بن إسماعيل الضرّاب وأبو

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ١٩٩.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ١٩٩.


محمد بن أبي زيد » اهـ (١).

احتل « عبد الرحمن الخزرجي » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة ، مما استوجب ثناء العلماء عليه ، وفي هذا يقول « أبو عمر أحمد بن مهدي » : كان « عبد الرحمن الخزرجي » من أهل العلم بالقراءات ، حافظا للخلاف ، مجوّدا للأداء ، بصيرا بالنحو ، مع الخير ، والحال الحسن. اهـ (٢).

تصدّر « عبد الرحمن الخزرجي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « وأقرأ الناس دهرا في مسجد بقرطبة ، وفي الجامع ، وقرأ عليه « يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد ، أبو الحسن اللواتي المرسي المعروف بابن البيّاز ، صاحب كتاب « النبذ النامية » شيخ الأندلس ، وهو إمام كبير. قرأ على « عبد الرحمن الخزرجي » وأبي عمرو الداني ، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي ، ومكي بن أبي طالب ، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر ، وقيل : لم يقرأ عليه القرآن ، وإنما سمع الحروف ».

تصدّر « ابن البياز » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « أبو الحسن عليّ بن أحمد بن الباذش ، ومحمد بن الحسن بن غلام الفرس ، وعليّ بن عبد الله بن ثابت ، وسليمان بن يحيى ، وعيسى بن حزم الغافقي ، وسمع كتاب « التلقين » ، من مؤلفه « القاضي عبد الوهاب ».

توفي « ابن البياز » في ثالث المحرّم سنة ست وتسعين وأربعمائة وله تسعون سنة.

وقال « ابن الجزري » : قرأ على « عبد الرحمن الخزرجي » : « خلف بن

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤١٠.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤١٠.


إبراهيم » و « أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق ، أبو جعفر الخزرجي ».

وقرأ « أحمد بن عبد الرحمن » على « مكي بن أبي طالب » احزابا من القرآن ، ثم قرأ السبع على « عبد الرحمن بن الحسن الخزرجي » وعلى « أبي عبد الله بن الطرفي ».

تصدر « أحمد بن عبد الرحمن » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « محمد بن سمرة » و « عبد الرحمن بن عليّ الخزرجي ».

توفي « أحمد بن عبد الرحمن » سنة إحدى عشرة وخمسمائة عن تسعين سنة.

ومن تلاميذ « عبد الرحمن الخزرجي » : « عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي » ، مقرئ الأندلس ، وهو أستاذ ماهر محقق ، ثقة ، مصدّر.

أخذ « عبد الله بن سهل » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو عمر الطلمنكي ، ومكي بن أبي طالب القيسي ، وأبو عمرو الداني ، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر ، وخلف بن غصن الطائيّ ، وعبد الباقي بن فارس ، وعبد الرحمن بن الحسن ، ومحمد بن سليمان ، ومحمد بن سفيان صاحب كتاب « الهادي ». يقول « الإمام ابن الجزري » بعد أن ذكر أساتذة « عبد الله بن سهل » قال : « وهؤلاء شيوخ ما نعلم أحدا جميع بينهم سواه » (١).

تصدّر « عبد الله بن سهل » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع ».

احتلّ « عبد الله بن سهل » منزلة رفيعة ، ومكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « أبو علي بن سكرة » : « عبد الله بن سهل » إمام

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٢٢.


وقته في فنّه ، لقيته بالمريّة ، ولازم « أبا عمرو الداني » ثمانية عشر عاما ، ورحل فلقي جماعة ، ثم يقول : وكان « أبو محمد شديدا على أهل البدع قوّالا بالحق مهيبا ، جرت له في ذلك أخبار كثيرة » اهـ (١).

توفي « عبد الله بن سهل » سنة ثمانين وأربعمائة هـ.

ومن تلاميذ « عبد الرحمن الخزرجي » : « الحسين بن عبيد الله بن سعيد أبو علي الحضرمي » ، وهو شيخ مقرئ ، قرأ على « عبد الرحمن الخزرجي » وقرأ عليه : « علي بن أحمد بن خلف بن الباذش ».

قال « عبد الرحمن الخزرجي » : ومن شيوخي في « القرآن » : « عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون ، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر ، وهو : أستاذ كبير ماهر ، محرر ، ضابط ثقة ، صالح ».

ولد ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب ، وانتقل إلى مصر فسكنها.

أخذ « أبو الطيب بن غلبون » القراءة عن خيرة العلماء ، فقد روى القراءة عرضا وسماعا عن : « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وإبراهيم بن محمد بن مروان ، وأحمد بن بلال ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي ، وأحمد بن الحسين النحوي ، وأحمد بن موسى ، وجعفر بن سليمان ، والحسين بن خالويه ، والحسن ابن حبيب الحصائري ، وصالح بن إدريس ، وعبد الله بن أحمد بن الصقري ، وعلى بن محمد المكي ، وعمر بن بشران ، ومحمد بن جعفر الفريابي ، ومحمد بن علي العطوفي ، ونجم بن بدر ، وصالح بن إدريس ، وعبد الله بن أحمد بن الصقر ، وعلي بن محمد المكي ، ونصر بن يوسف ».

تصدّر « أبو الطيب بن غلبون » لتعليم القرآن ، واشتهر بين الناس بالثقة ،

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٢٢.


وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة : ولده « أبو الحسن طاهر » وأحمد بن علي الرّبعي ، وأبو جعفر أحمد بن عليّ الأزدي ، وأحمد بن عليّ تاج الأئمة ، وأحمد بن نفيس ، والحسن بن عبد الله الصقلي ، وخلف بن غصن ، وأبو عمر الطلمنكي ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ ، وعبد الرحمن الخزرجي ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان ، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي ، ومكي بن أبي طالب.

احتل « أبو الطيب بن غلبون » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة ، واشتهر بالثقة مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الإمام أبو عمرو الداني » : كان « أبو الطيب بن غلبون » حافظا للقراءات ضابطا ، ذا عفاف ، ونسك وفضل ، وحسن تصنيف (١).

توفي « أبو الطيب بن غلبون » بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن توفي عبد الرحمن الخزرجي سنة ست وأربعين وأربعمائة للهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٤٧١.


رقم الترجمة / ٥٥

« عبد السّلام بن الحسين » (١) ت ٤٠٥ هـ

هو : عبد السلام بن الحسين بن محمد بن طيفور أبو أحمد البصري ثم البغدادي شيخ عارف ثقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

ولد « عبد السلام » سنة تسع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة. قرأ القرآن على عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « الحسين بن إبراهيم الصائغ ، وعلي بن محمد خشنام ، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي ، وعلي بن أبي رجاء ، وأبو العباس الكيّال » وآخرون. كما أخذ « ابن طيفور » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء وحدّث به ، في هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « سكن ابن طيفور بغداد وحدث بها عن محمد إسحاق بن عبّاد التمّار ، وجماعة من البصريين » اهـ.

تصدر « ابن طيفور » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة السند ، وجودة القراءة ، وطيب النفس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه القرآن الكريم ، وسنة الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي الشرمقاني ، والحسن بن علي العطار ، والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي ، وأبو الحسن الخياط ، وعبد الواحد بن شيطا ، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي ، وعبد الملك بن سابور » وآخرون.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ١١ ، ص ٥٧. نزهة الألباء ص ٣٤٧. الكامل في التاريخ ج ٩ ، ص ٢٥٢. إنباه الرواة ج ٢ ، ص ١٧٥. طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٨٥. النجوم الزاهرة ج ٤ ، ص ٢٣٨. بغية الوعاة ج ٢ ، ص ٩٥. القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٧.


احتل « ابن طيفور » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة ، وسمعة حسنة ، مما استوجب ثناء العلماء عليه ، حول هذه المعاني يقول « الخطيب البغدادي » : « حدثني عنه « عبد العزيز الأزجي » وغيره ، وكان صدوقا ، عالما ، أديبا ، قارئا للقرآن ، عارفا بالقراءات ، وكان يتولى ببغداد النظر في دار الكتب ، وإليه حفظها والإشراف عليها ».

ثم يقول « البغدادي » : سمعت « أبا القاسم عبيد الله بن علي الرقي الأديب يقول : « كان عبد السلام البصري » من أحسن الناس تلاوة للقرآن ، وإنشادا للشعر ، وكان سمحا سخيا ، وربما جاء السائل وليس معه شيء يعطيه فيدفع إليه بعض كتبه التي لها قيمة كثيرة ، وخطر كبير. اهـ.

وقال « الخطيب البغدادي » : حدثني علي بن الحسن التنوخي أن « عبد السلام البصري » توفي من يوم الثلاثاء التاسع عشر من المحرم سنة خمس وأربعمائة. وقال غيره : ودفن في مقبرة الشونيزي عند قبر « أبي علي الفارسي » رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٥٦

« عبد الله بن سهل » (١) ت ٤٨٠ هـ

هو : عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي : بضم الميم ، وسكون الراء ، وهي نسبة إلى « مرسية » ، وهي بلدة من بلاد المغرب ، وقد نسب إليها جماعة من العلماء (٢).

وهو من خيرة القراء المشهورين ، المشهود لهم بالثقة والأمانة ، قال عنه « ابن الجزري » : « عبد الله بن سهل مقرئ الأندلس ، استاذ ، ماهر ، محقق ، مصدّر ، ثقة » (٣).

وقال « أبو الأصبغ بن سهل » : « أشكلت عليّ مسائل من علم القرآن ، لم أجد من يشفيني فيها حتى لقيت « أبا محمد بن سهل » (٤).

أخذ « عبد الله بن سهل » القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم : « أحمد ابن محمد بن عبد الله ، أبو عمر الطلمنكي » ، الأندلسي ، نزيل قرطبة. وهو من القراء المشهود لهم بالثقة وصحة الإسناد.

ولد سنة أربعين وثلاثمائة ، ورحل إلى المشرق فقرأ على الكثيرين ، وفي مقدمتهم : « عمر بن عراك ، وعبد المنعم بن غلبون ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٦ ـ ورقم الترجمة ٣٧٢. غاية النهاية في طبقات القراء ، ج ١ ، ص ٤٢١ ـ ورقم الترجمة ١٧٨٢. ميزان الاعتدال ج ٢ ، ص ٤٣٧. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٦٤.

(٢) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٢٥٧.

(٣) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ، ج ١ ، ص ٤٢١.

(٤) انظر : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٧.


وبعد أن اكتملت مواهبه ، تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد الله بن سهل ».

توفي « أبو عمر الطلمنكي » في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « مكي بن أبي طالب بن حموش أبو محمد القيسي » ، القيرواني ، الأندلسي ، وهو من مشاهير القراء المحققين ، ومن الثقات المجوّدين ، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان ، ورحل إلى كثير من المدن من أجل العلم وللأخذ عن الشيوخ ، ومن المدن التي رحل إليها : « مكة المكرمة ، مصر ، وبيت المقدس ».

ألّف : « مكي بن أبي طالب » الكثير من الكتب بلغت أكثر من ثمانين كتابا ، قال رحمه‌الله تعالى : « ألفت كتابي « الموجز في القراءات » بقرطبة ، سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، وألفت كتاب « التبصرة » بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، وألفت « مشكل الإعراب » في الشام ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة (١).

احتلّ « مكيّ بن أبي طالب » منزلة رفيعة بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول صاحبه « أحمد بن مهدي المقري » : « كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحّر في علوم القرآن ، والعربية ، حسن الفهم والخلق ، جيّد الدين والعقل ، كثير التأليف في علوم القرآن ، محسنا ، مجوّدا ، عالما بمعاني القراءات » (٢).

أخذ « مكي بن أبي طالب » القراءات عن مشاهير علماء عصره ، وفي

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣١٠.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٠٣.


مقدمتهم : « أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون » فقد أخذ عنه القراءات بمصر. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وينهلون من علمه ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد الله بن سهل ».

توفي « مكي بن أبي طالب » في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد أبو عمرو الداني الأمويّ مولاهم القرطبي ، المعروف في زمانه بابن الصيرفي » ، ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وهو من أشهر العلماء في علوم القرآن الكريم ، وأعلاهم إسنادا.

قال رحمه‌الله تعالى : « وابتدأت بطلب العلم في سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة ، ورحلت إلى المشرق في سنة سبع وتسعين ، ودخلت مصر في شوّال فمكثت بها سنة ، وحججت ، ودخلت الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ، وخرجت إلى « الثغر » سنة ثلاث وأربعمائة ، فسكنت « سرقسطة » سبعة أعوام ثم رجعت إلى « قرطبة » قال : وقدمت « دانية » سنة سبع عشر وأربعمائة ».

فاستوطنها حتى توفاه الله تعالى.

احتلّ « أبو عمرو الداني » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين الجميع ، ولا زالت ذكراه عطرة حتى الآن ، ومصنفاته انتفع بها آلاف طلاب العلم ، والعلماء ، ولو كتبت مؤلفات عن « أبي عمرو الداني » فلن توفيه حقه ، في هذا المقام يقول « ابن بشكوال » :

كان « أبو عمرو الداني » أحد الأئمة في علم القرآن ، ورواياته ، وتفسيره ،


ومعانيه ، وطرقه ، وإعرابه ، وجمع في ذلك تواليف حسانا يطول تعدادها ، وله معرفة بالحديث ، وطرقه ، وأسماء رجاله ، ونقلته ، وكان حسن الخط ، جيّد الضبط من أهل الحفظ ، والذكاء ، والتفنن ، ديّنا ، فاضلا ، ورعا ، سنيّا (١).

وقال « المغامي » : كان « أبو عمرو الداني » مجاب الدعوة ، مالكيّ المذهب ، قرأت بخط شيخنا « الحافظ عبد الله بن محمد بن خليل » رحمه‌الله ، قال بعض الشيوخ ، لم يكن في عصره ، ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه ، وتحقيقه ، وكان يقول : « ما رأيت شيئا إلا كتبته ، ولا كتبته إلا حفظته ، ولا حفظته فنسيته. وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار ، وكلام السلف فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها » اهـ (٢).

وقال « الإمام ابن الجزري » : سمع « أبو عمرو الداني » الحديث من جماعة ، وبرّز فيه ، وفي أسماء رجاله ، وفي القراءات علما وعملا ، وفي الفقه ، والتفسير ، وسائر أنواع العلوم. ثم يقول « ابن الجزري » :

ومن نظر كتبه علم مقدار الرجل ، وما وهبه الله تعالى فيه ، فسبحان الفتّاح العليم » (٣).

ترك « أبو عمرو الداني » الكثير من المصنفات النافعة المفيدة ، من هذه المصنفات كتابه « جامع البيان » فيما رواه في القراءات السبع ، وكتاب « التيسير » في القراءات السبع ، وهو مشهور لدى علماء القراءات ، وأقول : قد قرأت بمضمّن هذا الكتاب ، والحمد لله رب العالمين ، وأقرأت به تلاميذي.

ومن مصنفاته « كتاب المقنع في رسم المصاحف ، وكتاب المحكم في نقط المصاحف » ، وأقول : هذان الكتابان يعتبران من المراجع الأصيلة في رسم

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٠٤.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٠٤.

(٣) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٠٤.


المصاحف ونقطها ، يرجع إليها كل من له معرفة ودراية برسم المصحف وضبطه. وهناك الكثير من المؤلفات يطول ذكرها.

أخذ « أبو عمرو الداني » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « خلف بن إبراهيم بن خاقان ، وأبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون » وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وتزاحم الناس على الأخذ عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد الله بن سهل ».

توفي « أبو عمرو الداني » بدانية يوم الاثنين منتصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : عبد الجبّار بن أحمد بن عمر ابن الحسن ، أبو القاسم الطرسوسي ؛ بفتح الطاء والراء المهملتين ، نسبة إلى « طرسوس » وهي من بلاد « الثغر » بالشام ، يقول « السمعاني » : وكان يضرب بعيدها المثل ، إذ كان أهلها يتزينون ويخرجون بالأسلحة الكثيرة المليحة ، والخيل الحسان ، ليصل الخبر إلى الكفار فلا يرغبون في قتالهم ، وقد كان هذا قبل أيامنا ، والساعة صار هذا البلد في ايدي الفرنج (١).

وكان استيلاؤهم عليها سنة أربع وخمسين وثلاثمائة ، وهو تاريخ « محنة طرسوس ».

ولد « عبد الجبار بن أحمد » سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ، وكان من مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة ، والأمانة ، وجودة القراءة ، وصحة الإسناد يقول عنه « أبو عمرو الداني » :

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٤ ، ص ٦٠.


« كان شيخا فاضلا ، ضابطا ، ذا عفاف ، ونسك ، رأيته وشاهدته ، وكان كثيرا ما يقصد شيخنا « فارس بن أحمد » يذاكره في مجلسه » اهـ (١).

أخذ « عبد الجبار بن أحمد » القراءة عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو أحمد السامري » عرض عليه حروف القراءات كلها بمصر ، بعد أن رحل إليها ، كما أخذ القراءات أيضا عن « أبي بكر الأذفوي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه ، صنف كتاب « المجتبى الجامع في القراءات » وأصبح شيخا لقراء مصر ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ويتلقون عليه القراءات ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « عبد الله بن سهل » وأبو الطاهر إسماعيل بن خلف » صاحب « كتاب العنوان » في القراءات.

توفي « عبد الجبار بن أحمد » بمصر في آخر شهر ربيع الأول أو أول ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « خلف بن غصن أبو سعيد الطائي ، القرطبي ». وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة ، والضبط والعدل. أخذ القراءة عن مشاهير القراء وفي مقدمتهم : « أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون ، وعمر بن عراك » وغيرهما كثير. ثم تصدّر « خلف بن غصن » لتعليم القرآن ، وقراءاته ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « عبد الله بن سهل ».

توفي « خلف بن غصن » في المحرم سنة سبع عشرة وأربعمائة.

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « عبد الباقي بن فارس بن أحمد ، أبو الحسن الحمصي ، ثم المصري ». وهو مقرئ ثقة ، متصدر ، مجوّد ، صحيح السند ، عمّر دهرا ، أخذ « عبد الباقي بن فارس » القراءة وحروف

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٥٨.


القرآن عن عدد من القرّاء ، وفي مقدّمتهم « والده » رحمهما الله تعالى ، إذ نشأ في بيت عامر بقراءة القرآن ، وتعليم القراءات.

وقرأ « لورش » على « عمر بن عراك ، وقسيم الظهراوي ».

وبعد أن وجد نفسه أهلا للتدريس جلس لذلك ، واشتهر بين الناس بالثقة ، وحسن الأداء ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد الله بن سهل ، وأبو القاسم ابن الفحام ».

توفي « عبد الباقي بن فارس » في حدود الخمسين وأربعمائة.

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « عبد الرحمن الحسن بن سعيد ، أبو القاسم الخزرجي ، القرطبي » ، من أهل الأندلس ، رحل إلى المشرق سنة ثمانين وثلاثمائة ، فحج أربع مرّات ، وأخذ العلم والقراءات عن الكبار ، وألف كتاب « المقاصد ».

كان « عبد الرحمن بن الحسن » من مشاهير القراء ، ومن الثقات المعروفين ، أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدّمتهم : « أبو أحمد السامري ، وأبو الطيب بن غلبون ».

وقرأ بالأندلس على « أبي الحسن الأنطاكي ».

ثم تصدر « عبد الرحمن بن الحسن » لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، فأقبلوا يأخذون عنه ، فقرأ عليه « خلف بن إبراهيم » خطيب قرطبة ، وعبد الله ابن سهل » وغيرهما كثير.

توفي « عبد الرحمن بن الحسن » سنة ست وأربعين وأربعمائة. رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « محمد بن سليمان بن محمود أبو


سالم أو أبو عبد الله الأبيّ الأندلسي » ، دخل الأندلس في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. وهو من خيرة القراء ، المشهود لهم بالثقة ، والأمانة ، وصحة الإسناد ، قال عنه « الإمام الذهبي » : وكان ذكيّا ، حافظا.

أخذ « محمد بن سليمان » القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم :

« أبو أحمد عبد الله بن الحسين السامري ».

وبعد أن أصبح أهلا للتدريس ، وتعليم كتاب الله تعالى ، جلس لذلك ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد الله بن سهل ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « محمد بن سليمان ».

ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني المالكي » ، وهو من مشاهير القراء ، ومن العلماء المؤلفين ، وهو صاحب كتاب « الهادي » في القراءات ، وهو من المشهود لهم بالثقة ، وصحة الإسناد ، رحل إلى « مصر » من أجل الأخذ عن شيوخها ، فقرأ على « إسماعيل ابن محمد المهري » برواية « ورش » عن نافع. وعرض الروايات على « أبي الطيب ابن غلبون » رحل إليه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة ، ثم عاد من « مصر ».

احتلّ « محمد بن سفيان » مكانة سامية ، مما جعل العلماء يثنون عليه ، يقول « الحافظ الذهبي » : سمع معنا « محمد بن سفيان » على الشيخ « أبي الحسن عليّ ابن محمد بن خلف الفقيه ، القابسي ».

وكان ذا فهم ، وحفظ ، وستر ، وعفاف ، خرج من « القيروان » لأداء فريضة الحج سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ، فحج ، وجاور بمكة ، ثم أتى المدينة


المنورة ، فمرض وتوفي بها (١).

تصدّر « محمد بن سفيان » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد الله بن سهل ».

توفي « محمد بن سفيان » بالمدينة المنورة سنة خمس عشرة وأربعمائة.

وبعد أن اكتملت مواهب « عبد الله بن سهل » والأخذ عن مشاهير القراء ، تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وأقبل الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع ، أبو الحسن الأندلسي ، وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة ، وحسن الأداء. ولد قبل الثلاثين وأربعمائة.

وكانت له مكانة سامية بين العلماء ، وفي هذا يقول « ابن بشكوال » : كان شيخا صالحا ، مجوّدا ، حسن الصوت بالقرآن (٢).

أخذ « عبد العزيز بن عبد الملك » القراءة عن خيرة القراء ، وفي مقدّمتهم « عبد الله بن سهل ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام الفرس ».

وبعد حياة حافلة بالعلم ، توفي « عبد الله بن سهل » سنة ثمانين وأربعمائة رحمه‌الله رحمة واسعة.

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٤٧.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٩٤.


رقم الترجمة / ٥٧

« عبد الله بن شبيب » (١) ت ٤٥١ هـ

هو : عبد الله بن شبيب بن عبد الله بن محمد بن تميم أبو المظفر الأصبهاني ، وهو مقرئ ، متصدر ، صالح ، ضابط ، سئل عنه إسماعيل بن الفضل الحافظ ، فقال : إمام زاهد عابد عالم بالقراءات ، كثير السماع (٢).

وقال عنه « الحافظ الذهبي » : كان بليغ الخطابة ، مليح الوعظ ، كبير القدر (٣). أخذ « عبد الله بن شبيب » القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل ، ركن الإسلام ، أبو الفضل الخزاعي الجرجاني » ، وهو إمام حاذق ثقة ، مشهور صاحب المؤلفات ، صنف كتاب « المنتهى في القراءات الخمس عشرة » وهو يشتمل على مائتين وخمسين رواية ، كما ألّف « كتاب تهذيب الأداء » في القراءات السبع ، وكتاب « الواضح ».

أخذ « محمد بن جعفر » القراءة عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن محمد بن الشارب » وآخرون.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من روى عنه القراءة « أبو العلاء الواسطي ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

العبر في خبر من غبر ج ٣ ، ص ٢٢٦. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٧٣. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٨٨. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٣ ، ورقم الترجمة ٣٦١. غاية النهاية في طبقات القراء ، ج ١ ، ص ٤٢٢ ـ ورقم الترجمة ١٧٨٥.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٢٢.

(٣) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٣.


توفي « أبو الفضل الخزاعي » سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ « عبد الله بن شبيب » في القراءة : « محمد بن عبد الرحمن بن جعفر ، أبو بكر ، ويقال : أبو علي المعروف بالمصري » ، وهو إمام متصدر مقرئ استاذ زاهد. أخذ القراءة عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « محمد ابن جعفر بن محمود الأشناني ، وأبو العباس المطوعي ». ثم جلس « محمد بن عبد الرحمن » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو المظفر عبد الله بن شبيب » وقال عنه : لم تر عيناي مثله في حضر ، ولا في سفر » (١).

ومن شيوخ « عبد الله بن شبيب » في القراءة : « عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي » ، شيخ العراق ، ومسند الآفاق ، وهو ثقة ، بارع ، متصدر.

قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان « أبو الحسن الحمامي » صدوقا ، دينا ، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوها (٢).

ولد « أبو الحسن الحمامي » سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وأخذ القراءة عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « زيد بن عليّ ، وهبة الله بن جعفر ».

ثم تصدر « أبو الحسن الحمامي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أحمد بن مسرور ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ».

توفي « أبو الحسن الحمامي » يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة بين الظهر والعصر ، ودفن بمقبرة « الإمام أحمد بن حنبل ».

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٦١.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢١.


ومن شيوخ « عبد الله بن شبيب » في القراءة : « الفضل بن محمد بن عبد الله ، أبو القاسم العطّار البغدادي » ، وهو إمام ثقة ، ضابط ، قارئ ، مشهور ، أخذ القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « أبو القاسم زيد بن أبي بلال ».

ثم تصدر لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو المظفر عبد الله بن شبيب بن عبد الله الأصبهاني ». كما أخذ « عبد الله بن شبيب » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « وحدّث عن جدّه : « أبي بكر محمد بن يحيى ، والحافظ أبي عبد الله بن منده » (١).

وبعد أن اكتملت مواهب « عبد الله بن شبيب » جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « يوسف بن علي بن جبارة بن محمد ابو القاسم الهذلي » ، وهو أستاذ كبير ، ثقة ، ضابط اشتهر بكثرة الترحال للأخذ عن الشيوخ ، فطاف البلاد في طلب القراءات ، وجملة من أخذ عنهم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا ، من آخر المغرب إلى باب فرغانة.

وكان « أبو القاسم الهذلي » من المؤلفين ، فقد ألف كتاب « الكامل ، والوجيز ، والهادي » واستفاد المسلمون من مصنفاته.

أخذ « أبو القاسم الهذلي » القراءات القرآنية عن عدد كبير من مشاهير القراء ، اذكر منهم : « أحمد بن عليّ بن هاشم ، واحمد بن نفيس ».

وبعد أن اكتملت مواهب « أبي القاسم الهذلي » تصدر لتعليم القرآن ، واشتهر بين الناس بالثقة ، والحفظ ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، وكما كثرت شيوخه كثر ايضا طلابه وفي مقدمتهم : « أبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني ، وقرأ عليه بمضمّن كتابه « الكامل » وسمعه منه

__________________

(١) انظر : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٣.


« أبو العز القلانسي » وغيره.

وبعد حياة حافلة بالرحلات في طلب العلم ، والتنقل في المدن والبلاد ، والتصنيف ، والتعليم توفي « أبو القاسم الهذلي » سنة خمس وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « عبد الله بن شبيب » في القراءة : « إسماعيل بن الفضل بن أحمد أبو الفضل السرّاج ، المعروف بالإخشيد » ، وهو إمام ثقة ، حافظ ، ومن القراء المشهورين ، روى حروف القراءات عن « أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، وعبد الله بن شبيب » ، وغيرهما.

ثم تصدر لتعليم القرآن وأقبل عليه الكثيرون ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني ».

وبعد حياة حافلة بطلب القراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وتعليم القرآن وحروف القراءات ، توفي « عبد الله بن شبيب » في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله افضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٥٨

« عبد المنعم بن غلبون » (١) ت ٣٨٩ هـ

هو : عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك ، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر ، ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « ابن غلبون » ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب ، وانتقل إلى « مصر » فسكنها حتى توفاه الله تعالى.

أخذ « ابن غلبون » القراءة وحروف القرآن على خيرة العلماء.

وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : « روى عبد المنعم بن غلبون القراءة عرضا وسماعا عن : إبراهيم بن عبد الرزاق ، وإبراهيم بن محمد بن مروان ، وأحمد بن محمد بن بلال ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي ، وأحمد بن الحسين النحوي ، وأحمد بن موسى ، وجعفر بن سليمان ، والحسين بن خالويه ، والحسن بن حبيب الحصائري ، وصالح بن إدريس ، وعبد الله بن أحمد بن الصقر ، وعلي بن محمد المكي ، وعمر بن بشران ، ومحمد بن جعفر الفريابي » وآخرين (٢).

تصدر « عبد المنعم بن غلبون » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء ج ١ ، ص ٣٥٥ ، وطبقات القراء ج ١ ، ص ٤٧٠. والنشر في القراءات العشر ج ١ ، ص ٧٨. وفهرست ابن خير ٢٥ ، ٢٧. ووفيات الأعيان ج ٥ ، ص ٢٧٧. والعبر ج ٣ ، ص ٤٤. ومرآة الجنان ج ٢ ، ص ٤٤٢. وطبقات السبكي ج ٣ ، ص ٣٣٨. وطبقات الإسنوي ج ٢ ، ص ٤٠٠. وحسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٠. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٣١.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٧٠.


وجودة الضبط ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « ولده أبو الحسن طاهر » ، فقد عرض عليه القراءات ، واشتهر مثل والده وصنف كتاب « التذكرة » في القراءات.

ومن الذين أخذوا القراءة عن « عبد المنعم بن غلبون » : أحمد بن عليّ الربعي ، وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي ، وأحمد بن علي تاج الأئمة ، وأحمد ابن نفيس ، والحسن بن عبد الله الصقلي ، وخلف بن غصن ، وأبو عمر الطلمنكي ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان ، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي ، ومكي بن أبي طالب القيسي ، وأحمد بن أبي الربيع ، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله (١).

اشتهر « عبد المنعم بن غلبون » بين الناس ، وصنف كتاب « الإرشاد في القراءات ، وقد استفاد منه الكثيرون من قراء القرآن الذين جاءوا من بعده.

كما احتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول « الإمام أبو عمرو الداني » : كان « عبد المنعم بن غلبون » حافظا للقراءة ، ضابطا ، ذا عفاف ونسك وفضل ، وحسن تصنيف ، وكان الوزير جعفر بن الفضل معجبا به ، وكان يحضر عنده المجلس مع العلماء. اهـ (٢).

وقال « أبو علي الغساني » : « كان ابن غلبون ثقة خيارا » (٣).

وقال « الإمام ابن الجزري » : كان « عبد المنعم بن غلبون » نزيل مصر أستاذا ماهرا كبيرا ، كاملا ، محررا ، ضابطا ، ثقة ، خيّرا ، صالحا ، ديّنا. اهـ (٤). ومن الأدلة على تقواه ، وصلته بالله تعالى ، أنه وجد على بعض مؤلفاته

__________________

(١) انظر : طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٧١.

(٢) انظر : القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٥٦.

(٣) انظر : القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٥٦.

(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٧٠.


بخطه هذان البيتان :

صنّفت ذا العلم أبغي الفوز مجتهدا

لكي أكون مع الأبرار والسعدا

في جنّة في جوار الله خالقنا

في ظلّ عيش مقيم دائم أبدا

توفي « عبد المنعم بن غلبون » بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٥٩

« عبد الملك النّهرواني » (١) ت ٤٠٤ هـ

هو : عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطّان ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « عبد الملك » القراءة عن خيرة علماء عصره ، فقد أخذ القراءات عرضا عن : « زيد بن علي بن أبي بلال ، وأبي عيسى بكار ، وأبي بكر النقاش وابن مقسم ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وأبي طاهر بن أبي هاشم ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن عبد الله بن أبي عمر ، وأبي عبد الله الفارسي ، وعلي بن محمد ابن خليع القلاني » وآخرين (٢).

تصدر « النهرواني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وصحة القراءة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « الحسن بن محمد البغدادي ، والحسن بن علي العطار ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، وأبو علي غلام الهراس ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وعلي بن محمد الخياط ، وعبد الملك بن عليّ بن شابور ، وعبد الملك بن عبدويه » (٣).

كما أخذ « النهرواني » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من المحدثين ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٤٣١. ومعرفة القراء : ج ١ ، ص ٣٧١. وطبقات القراء ج ١ ، ص ٤٦٧. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٧٣.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٦٨.

انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧١.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٦٨.


وروى عنهم ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « أبو الفرج القطان المقرئ من أهل النهروان ، سمع أحمد بن سلمان النجاد ، وجعفر الخلدي ، وله مصنف في القراءات ، وروى عنه « أحمد بن رضوان » الصيدلاني ، وغيره ، وكان ثقة » (١).

اشتهر « عبد الملك » بالثقة ، واحتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « أبو الفرج النهرواني من جلّة شيوخ المقارئ » (٢).

وقال الإمام ابن الجزري » : أبو الفرج النهرواني مقرئ استاذ حاذق ثقة » (٣).

قال « عبد السلام بن أحمد بن بكران المغازلي النهرواني » : مات « عبد الملك النهرواني » في يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٤٣١.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧١.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٦٨.


رقم الترجمة / ٦٠

« عبيد الله بن مهران » (١) ت ٤٠٦ هـ

هو : عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « عبيد الله » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو الحسن بن بويان ، وهو آخر من بقي من أصحابه ممن روى عنه رواية « قالون » وغيرها (٢).

كما أخذ حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، يقول « الخطيب البغدادي » : سمع « عبيد الله بن مهران » القاضي المحاملي ، ويوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن البهلول ، ومن بعدهما ، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري » (٣).

تصدّر « عبيد الله » إلى تعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالصدق والأمانة وصحة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب.

يقول « الإمام ابن الجزري » : أخذ عن « عبيد الله بن مهران » القراءة

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨٠. وتذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٦٤. والعبر ج ٣ ، ص ٩٤.

وطبقات السبكي الكبرى ج ٥ ، ص ٢٣٣. ومعرفة القراء ج ١ ، ص ٣٦٤. وطبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٨١.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٤.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨٠.


عرضا « الحسن بن محمد البغدادي ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، والحسن بن علي العطّار ، ومحمد بن علي الخياط ، وأبو علي غلام الهراس ، وعلي بن الحسين ابن زكريا الطريثيثي ، وأبو الحسن علي بن محمد الخياط ، وعبد الرحمن بن أحمد الرازي ، وروى القراءة عنه سماعا : عبد الله بن محمد شيخ الداني ، وأعلى ما وقعت رواية قالون من طريقة » (١).

وصف « عبيد الله بن مهران » بعدة صفات حميدة منها : شدّة إخلاصه ، وحبه لتعليم القرآن دون أن يأخذ على ذلك أجرا من أحد ، لأنه كان يدخر ذلك العمل عند الله تعالى.

ومما يدل على ذلك الحادثة التالية : يقول « الخطيب البغدادي » : كتب « أبو حامد » مع رجل من « خراسان » كتابا إلى « عبيد الله بن مهران » يشفع له أن يأخذ عليه القرآن ، فظن « عبيد الله » أنها مسألة قد استفتي فيها ، فلما قرأ الكتاب غضب ورماه من يده ، وقال : أنا لا أقرئ القرآن بشفاعة.

ثم يقول « البغدادي » : حدثني « أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكوفي قال : لم أر في الشيوخ من يعلم العلم لله خالصا لا يشوبه بشيء من الدنيا غير « أبي أحمد الفرضي » بأنه كان يكره أدنى سبب حتى المديح لأجل العلم قال :

وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم ، وقرآن ، وإسناد وحالة متسعة في الدنيا ، وغير ذلك من الأسباب التي يداخل بمثلها السلطان ، وتناول بها الدنيا ، وكان مع ذلك أروع الخلق ، وكان يبتدئ كل يوم بتدريس القرآن ، ويحضر عنده الشيخ الكبير ذو الهيئة ، فيقدم عليه الحدث لأجل سبقه ، وإذا فرغ من إقراء القرآن تولى قراءة الحديث علينا بنفسه ، فلا يزال كذلك حتى تستنفد قوته ، ويبلغ النهاية من جهده في القراءة ثم يضع الكتاب من يده ، فحينئذ يقطع المجلس وينصرف ، وكنت أجالسه فأطيل القعود معه ، وهو على

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.


حالة واحدة لا يتحرك ، ولا يعبث بشيء من أعضائه ، ولا يغير شيئا من هيئته حتى أفارقه ، وبلغني أنه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف ، ولم أر في الشيوخ مثله (١).

ومن صفاته ايضا : شدة إمعان النظر ، والتفكر في مخلوقات الله تعالى يقول « الخطيب البغدادي » حدثني « عيسى بن أحمد الهمداني » قال : سمعت « عليّ ابن عبد الواحد بن مهدي » يقول : اختلفت إلى « أبي أحمد الفرضي » ثلاث عشرة سنة ، لم أره ضحك فيها » (٢). احتلّ « عبيد الله بن مهران » مكانة سامية واشتهر بالصدق والخوف من الله تعالى ، والاقبال على طاعة الله تعالى ، مما استوجب ثناء العلماء عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » :

كان « عبيد الله بن مهران » ثقة ، صادقا ، دينا ، ورعا ، ثم يقول : سمعت « العتيقي » ذكره فقال : ثقة مأمون ، ما رأينا مثله في معناه ، وسمعت « الأزهري » ذكره فقال : كان إماما من الأئمة (٣).

وقال الإمام « ابن الجزري » : « أبو أحمد الفرضي إمام كبير ثقة ورع » (٤).

مما هو ثابت أن الجزاء من جنس العمل ، وصدق الله حيث قال : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٥).

ويفوح من سيرة « عبيد الله بن مهران » رائحة طيبة عطرة هي رائحة تمسكه بتعاليم الإسلام ، إذا فمن كان كذلك فإن الله سبحانه وتعالى سيتفضل

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨١.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨٠.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨٠.

(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.

(٥) سورة النحل الآية ٣٢.


عليه بحسن الخاتمة.

حول هذا المعنى يقول « أبو الحسن محمد بن أحمد » : رأيت في منامي « أبا أحمد الفرضي » بهيئة جميلة أجمل مما كنت أراه في دار الدنيا فقلت له : يا أبا أحمد كيف رأيت الأمر؟

فقال لي : الفوز ، والأمن ، للذين قالوا : ( رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ) (١).

حقا : لعلها رؤيا صادقة ، وصدق الله حيث قال في كتابه العزيز : ( إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ، وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) (٢).

وقراء القرآن العاملون به لهم الأجر العظيم ، والثواب الجزيل عند الله تعالى ، يوضح ذلك الحديثان التاليان :

فعن « علي بن أبي طالب » رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « من قرأ « القرآن » واستظهره (٣) فأحل حلاله وحرم حرامه ، أدخله الله به الجنة ، وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم وجبت له النار » اهـ (٤).

وعن « عبد الله بن عمرو بن العاص » رضي‌الله‌عنهما أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصيام : ربّ إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨١.

(٢) سورة فصلت الآيات ٣٠ ـ ٣٢.

(٣) أي حفظه عن ظهر قلب.

(٤) رواه الترمذي انظر التاج ج ٤ ، ص ٦.


ويقول « القرآن » رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان » (١).

توفي « عبيد الله بن مهران » في شوال سنة ست وأربعمائة ، وله اثنتان وثمانون سنة ، رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) رواه أحمد ، والطبراني في الكبير انظر الترغيب ج ٢ ، ص ٥٨٩.


رقم الترجمة / ٦١

« عتبة بن عبد الملك » (١) ت ٤٤٥ هـ

هو : عتبة بن عبد الملك بن عاصم أبو الوليد الأندلسي العثماني ، نزيل بغداد. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفّاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

رحل « عتبة بن عبد الملك » إلى البلاد والأقطار من أجل تلقي القراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

فمن شيوخه في القراءات : عبد الله بن الحسين أبو أحمد السامري البغدادي ، نزيل مصر ، المقرئ اللغوي ، مسند القراءات في زمانه ، ولد سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين.

قال « الإمام الداني » : أخذ القراءة عرضا عن : « محمد بن حمدون الحذّاء ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وأبي بكر بن مجاهد ، وأبي الحسن بن شنبوذ ، وأبي بكر بن مقسم ، وأبي الحسن أحمد بن الرقي ، والحسن بن صالح ، ومحمد بن الصباح المكي ، وسلامة بن هارون ، وأحمد بن محمد بن هارون بن بقرة ، وأحمد بن عبد الله الطنافسي ، وأبي العباس محمد بن يعقوب المعدّل ، وأحمد بن يوسف القافلاني ، وأحمد بن محمد الأدمي ، ومحمد بن أحمد بن عبدان ، ومحمد ابن هارون التمّار ، ويوسف بن يعقوب الواسطي » وغيرهم كثير.

ومن الذين قرءوا على « أبي أحمد السامري » : أبو الفتح فارس ، وأبو الفضل الخزاعي ، ويوسف بن رباح ، وعبد الستار اللاذقي ، وأبو الحسين

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٤٥٠. معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤٠٩. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٩٩.


التنيسي الخشاب ، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي ، وأبو العباس بن نفيس ، ومحمد بن عليّ بن يوسف المؤدب ، وغير هؤلاء كثير.

توفي « أبو أحمد السامري » في المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « عتبة بن عبد الملك » : عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري ، وهو إمام وأستاذ في قراءة « ورش » عرض القراءة على : « حمدان بن عون ، وعبد المجيد بن مسكين ، وقسيم بن مطير ، وأبي غانم المظفر بن أحمد ، ومحمد بن جعفر العلاف ».

وسمع حروف القراءات من : « أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي ، وأحمد ابن إبراهيم بن جامع ، والحسن بن أبي الحسن العسكري ».

قرأ عليه : « تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم ، وفارس بن أحمد ، وعتبة ابن عبد الملك ، والحسين بن إبراهيم الأنباري ».

توفي « عمر بن عراك » بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخه : « عليّ بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي » ، نزيل الأندلس وشيخها ، وهو إمام ثقة ضابط حاذق مسند. ولد بانطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين ، ولزم « إبراهيم بن عبد الرزاق » نحوا من ثلاثين سنة ، وخرج من « انطاكية » مع والدته للحج في شوال سنة ثمان وثلاثين ، وانصرف إلى « دمشق » فوصل إليه موت شيخه : « ابن عبد الرزاق » فنزل « مصر » وأقرأ بها ، ثم عاد إلى الأندلس ، ودخل قرطبة في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.

أخذ « أبو الحسن الأنطاكي » القراءة عرضا عن : « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وأحمد بن محمد بن خشيش ، ومحمد بن جعفر بن بيان البغدادي ، ومحمد بن النضر بن الأخرم ، وأحمد بن صالح البغدادي » وغيرهم كثير.


تصدر « أبو الحسن الانطاكي » لتعليم القرآن ، واشتهر بين الناس بالأمانة والثقة ، وصحة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ ، وإبراهيم بن مبشر ، وعتبة بن عبد الملك ، ومحمد بن عمر الغازي ، وأبو المطرز القنازعي ، ومحمد بن يوسف النجّار ، وعبيد الله بن سلمة بن حزم » ، وغير هؤلاء كثير.

احتل « أبو الحسن الأنطاكي مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه ، قال عنه « الإمام الداني » : « أبو الحسن الأنطاكي مشهور بالفضل ، والعلم والضبط ، وصدق اللهجة » اهـ (١).

وقال « أبو الوليد بن الفرضي » : أدخل « أبو الحسن الأنطاكي » إلى الأندلس علما جمّا ، وكان بصيرا بالعربية ، والحساب ، وله حفظ في الفقه ، قرأ الناس عليه ، وسمعت أنا منه ، وكان رأسا في القراءات لا يتقدمه أحد في معرفتها في وقته. اهـ (٢).

توفي « أبو الحسن الأنطاكي » يوم الجمعة ليومين بقيا من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة.

تصدر « عتبة بن عبد الملك » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، ومن الذين أخذوا القراءة عنه : « أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر ابن سوار البغدادي ». قرأ « ابن سوار » على « الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن بن علي بن عبد الله العطّار ، وعلي بن محمد بن فارس الخياط ، وعلي بن طلحة بن محمد البصري » وغيرهم كثير. وأخذ القراءة عن « ابن سوار » عدد كبير منهم : « أبو علي بن سكرة الصوفي ، ومحمد بن الخضر المحولي ، وأبو محمد سبط الخياط ، وأبو الكرم الشهرزوري » وغيرهم كثير.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٦٥.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٦٥.


توفي « ابن سوار » سنة ست وتسعين وأربعمائة.

قال « الحافظ الذهبي » : حدث عن « عتبة بن عبد الملك » أبو بكر الخطيب ، وأبو الفضل بن خيرون ، وأحمد بن زكريا الطريثيثي ، وأبو الحسين المبارك بن الطيور (١).

احتلّ « عتبة بن عبد الملك » مكانة سامية ومنزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه ، قال عنه « الحافظ الذهبي » : « كان موصوفا بالدين والصلاح ، ومعرفة القراءات ، عالي الإسناد ، عديم النظير » (٢).

توفي « عتبة بن عبد الملك » في رجب سنة خمس وأربعين وأربعمائة من الهجرة ، وقد ناهز التسعين ، أو جاوزها.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤١٠.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤١٠.


رقم الترجمة / ٦٢

« ابن عتّاب » (١) ت ٤٨٧ هـ

هو : عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطّاب بالمهملة ، أبو القاسم البغدادي الضرير.

وهو من خيرة علماء القراءات ، المشهود لهم بالثقة ، والضبط وصحة الإسناد ، والأمانة ، وجودة القراءة ، وحسن الأداء.

أخذ القراءة عرضا على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « الحسن بن عليّ بن الصقر ، أبو محمد البغدادي الكاتب » ، وهو من القراء المشهورين بعلوّ الإسناد ، قرأ « لأبي عمرو بن العلاء » على « زيد بن عليّ بن أبي بلال » وهو آخر من روى عنه.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وصحّة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « ابن عتّاب ، وثابت بن بندار » وغيرهما.

توفي « ابن الصقر » سنة تسع وعشرين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة. ومن شيوخ « ابن عتاب » في القراءة : « احمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس ، أبو الحسن الصيدلاني ، البغدادي » ، وهو من مشاهير القراء المتقنين ، ومؤلف كتاب « الواضح في القراءات العشر » ، أخذ « أحمد بن رضوان » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم « أبو الحسن بن العلاف ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٤٠ ـ ورقم الترجمة ٣٧٧. غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٨٧ ـ ورقم الترجمة ١٦٥٢. ميزان الاعتدال ج ٢ ، ص ٦١٩.


وأبو الفرج النهرواني » وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه وأصبح أهلا لتعليم القرآن تصدّر لذلك ، واشتهر بالثقة ، وصحّة الأداء ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « ابن عتّاب ».

توفي « أحمد بن رضوان » سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « ابن عتّاب » في القراءة : « الحسن بن ملاعب بن محمد بن الحسن ، أبو محمد الحلبيّ ، ثم البغدادي الضرير ». وهو شيخ ضابط ، ثقة ، صحيح الإسناد.

أخذ القراءة عن عدد من القراء ، وفي مقدّمتهم : « عمر بن محمد بن سيف » بالبصرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ، وبعد ذلك تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بين الناس بتجويد القرآن ، ودقة الإتقان ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذونه عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « ابن عتّاب ، وعليّ بن محمد بن فارس الخياط ». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « أبي محمد الحلبيّ ».

سوى أن « ابن الجزري » قال : « أقرأ ببغداد في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ، وتوفي بعد ذلك ».

ومن شيوخ « ابن عتّاب » في القراءة : الحسن بن أبي الفضل أبو علي الشرمقاني : بفتح الشين المشددة وسكون الراء ، نسبة إلى « شرمقان » وهي بلدة بنواحي نيسابور (١). وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالأمانة ، والثقة ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان من العالمين بالقراءات ، ووجوهها (٢).

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٣ ، ص ٤٢١.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٢٧.


أخذ القراءة عن عدد كبير من مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو الحسن الحمّامي ، وعمر بن إبراهيم الكتاني » وغيرهما. ثم تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « ابن عتّاب » مع تقدّمه عليه في السنّ. توفي « الحسن بن أبي الفضل » سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

ومن شيوخ « ابن عتاب » في القراءة : « عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص ابن عبد الله ، أبو الحسن الحمّامي ، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وهو شيخ العراق ، ومسند الآفاق ، ثقة ، بارع ، متصدّر ، أثنى عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « كان عليّ بن أحمد صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرّد بأسانيد القرآن ، وعلوها » (١).

أخذ القراءات القرآنية عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وعلي بن جعفر القلانسي » وغيرهما. ثم تصدّر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « ابن عتّاب ».

توفي « علي بن أحمد » في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وهو في سنّ التسعين ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ « ابن عتّاب » في القراءة : « عليّ بن أحمد بن محمد بن داود بن موسى بن بيان ، وأبو الحسن الرزاز ، البغدادي ، يعرف بأبي الطيب ».

وهو مقرئ متصدر ، ضابط لرواية « خلف » عن « حمزة ».

ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ، وأخذ القراءة عن مشاهير القراء ، وفي مقدّمتهم : « محمد بن الحسن أبو بكر بن مقسم ».

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢٢.


وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه « ابن عتاب ».

توفي « أبو الحسن الرزاز » في شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وأربعمائة.

ومن شيوخ « ابن عتّاب » في القراءة : « محمد بن عليّ بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي » ، نزيل بغداد ، أصله من « فم الصلح » ونشأ « بواسط ».

ولد سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ، وهو من خيرة القراء المشهورين ، قال عنه « الحافظ الذهبي » : « محمد بن علي » تبحّر في القراءات ، وصنّف ، وجمع ، وتفنّن ، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق ، وولي قضاء الحريم ، وحدّث عن « أبي محمد بن السقّا ، وعلي بن عبد الرحمن البكائي » (١).

أخذ القراءة وحروف القراءات عن مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر أحمد بن محمد الشارب ، وأحمد بن محمد بن هارون الرازي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه « ابن عتّاب » توفي « محمد بن علي » سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

وبعد أن اكتملت مواهب « ابن عتّاب » تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وتزاحم عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون ، أبو منصور البغدادي » ، الأستاذ ، البارع ، مؤلف كتاب « المفتاح في القراءات العشر ».

أثنى عليه الكثيرون ، يقول عنه « ابن الجزري » : « وكان خيّرا ، إماما في

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٠.


القراءات ، مليح النّسخ ، ملازم القراء » (١).

أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « ابن عتّاب ». ثم تصدّر لتعليم القراءات ، وأقبل عليه الكثيرون ، فقرأ عليه بمضمّن كتابه « المفتاح » : أبو اليمن الكندي ، ويحيى بن الحسين الأواني » وغيرهما.

كما أخذ حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، يقول « ابن الجزري » : سمع « محمد بن عبد الملك بن خيرون » من « أبي بكر الخطيب » ، وأجازه « أبو محمد الجوهري » وهو آخر من حدّث عنه. وروى عنه « الحافظ ابن عساكر ، وابن الجوزي ، والمديني ، والسمعاني ».

توفي في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ، عن بضع وثمانين سنة.

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ، وحروف القرآن ، ثم التصنيف وتدريس القراءات ، توفي « ابن عتّاب » سنة سبع وثمانين وأربعمائة ، عن سنّ قارب التسعين سنة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٩٢.


رقم الترجمة / ٦٣

« عثمان بن محمّد » (١) ت ٨٩٣ هـ

هو : عثمان بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أبي حفص عمر المتوكل الهنتاني بفتح الهاء ثم نون بعدها مثناة ، قبيلة من البربر ـ الحفصي نسبة لجدّه الأعلى « أبي حفص » الذي كان من برابرة المصامدة.

ولد تقريبا بعد العشرين وثمانمائة بتونس ، وبها نشأ في كنف أبيه وجدّه ، فحفظ القرآن ، وشيئا من العلم ، ويقال إن جدّه « أبا فارس » كان يتوهم فيه النجابة ، وأنه صرح مرّة بمصير الأمر إليه فكان كذلك.

فإنه لما مات تسلطن حفيده الآخر شقيق هذا ، « أبو عبد الله محمد » ولقب المنتصر ، وكان متمرضا ، فلم يتهن بالملك بل لم تطل أيامه حتى مات. وتمهدت « لعثمان بن محمد » الأمور ، فقد ولي ملك تونس وهو ابن ثمان عشرة سنة ، في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة ، ودام في الملك أربعا وخمسين سنة ، ودانت له البلاد والرعية ، وضخم ملكه ، واجتمع له من الأموال وغيرها ما يفوق الوصف ، وأنشأ الأبنية الهائلة ، والخزانة الشرقية بجامع الزيتونة ، وجعل بها كتبا نفيسة للطلبة ، وبعد صيته ، وطارت شهرته ، وهادنه ملوك تلك الأقطار ، وكذا ملوك الفرنج ، وخطب له بالجزائر ، وتلمسان ، وجرى له مع صاحب « تلمسان » « محمد بن أبي ثابت » أمور ، وزاره أكثر من مرة ، وتملك « تلمسان » وصالح عليها.

احتلّ « عثمان بن محمّد » مكانة سامية بين الجميع ، مما جعل الكثير يثنون

__________________

(١) انظر ترجمته في :

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع ج ١ ، رقم الترجمة ٢٠٠. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ج ٥ ، ص ١٣٨ ـ رقم الترجمة ٤٧٩.


عليه ، ولم يزل بحالته حتى توفاه الله تعالى ، في صبيحة يوم السبت تاسع وعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة.


رقم الترجمة / ٦٤

« ابن العلاّف » (١) ت ٣٩٦ هـ

هو : علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن علي أبو الحسن بن العلاف البغدادي ، ولد سنة عشر وثلاثمائة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن العلاّف » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : قرأ « ابن العلاّف » على « أبي بكر النقاش ، وأبي طاهر بن أبي هاشم ، وبكار ، وأبي علي الحسن بن داود النقّار ، وزيد بن أبي بلال ، ومحمد ابن عبد الله المؤدب ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله ، ومحمد بن أحمد السلمي فيما ذكره الهذلي » (٢).

كما أخذ « ابن العلاّف » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : سمع « ابن العلاّف » عليّ بن محمد المقرئ ومن بعده ، وحدثنا عنه « ابنه محمد وعبد العزيز الأزجي ، وكان ثقة (٣).

تصدر « ابن العلاّف » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، يقول « ابن الجزري » : قرأ عليه الحسن بن محمد البغدادي ، صاحب كتاب « الروضة » وأبو الفتح بن شيطا ، وأحمد بن محمد القنطري ، وعبد الله بن محمد الزارع ، وعثمان

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع التالي :

تاريخ بغداد ج ١ ، ص ٩٥. ومعرفة القراء ، ج ١ ، ص ٣٦٢. وطبقات القراء ، ج ١ ص ٥٧٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٧٧.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ١٢ ، ص ٩٥.


ابن علي الدلال ، وأبو علي الشرمقاني ، والحسن بن علي العطار ، وأحمد بن رضوان الصيدلاني ، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدادي ، وأحمد بن محمد بن يوسف بن مردة الأصبهاني ، وعلي بن محمد بن فارس الخياط » (١).

احتل « ابن العلاّف » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان « ابن العلاّف » من كبار أئمة الأداء (٢).

وقال « الإمام ابن الجزري » : كان « ابن العلاّف » استاذا ، مشهورا ، ثقة ، ضابطا (٣).

توفي « ابن العلاّف » سنة ست وتسعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٧٧.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٢.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٧٧.


رقم الترجمة / ٦٥

« أبو العلاء الواسطي » (١) ت ٤٣١ هـ

هو : محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي ، القاضي نزيل بغداد إمام محقق وأستاذ متقن أصله من فم الصلح ونشأ بواسط.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « أبو العلاء الواسطي » عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ، وبعد أن نضج عوده حفظ القرآن بواسط ، ثم رحل ، « أبو العلاء الواسطي » إلى عدد من البلاد ليأخذ عن شيوخها ، ويتلقى عن قرائها ومحدثيها ، فرحل إلى كل من : بغداد ، والكوفة ، والدينور ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » :

« أبو العلاء الواسطي ، أصله من فم الصلح ، ونشأ بواسط ، وحفظ بها القرآن ، وقرأ على شيوخها في وقته ، وكتب بها أيضا الحديث عن « أبي محمد السقّا » وغيره ، ثم قدم بغداد » فسمع من « ابن مالك القطيعي ، وأبي محمد بن ماسي ، وأبي القاسم الأبندوني ، ومخلد بن جعفر الباقرحي » ، وطبقتهم ، ورحل إلى الكوفة فسمع من أبي الحسن بن أبي السريّ ، وغيره من أصحاب مطين ، ورحل إلى « الدينور » فكتب عن « أبي علي بن حبش » وقرأ عليه القرآن بقراءات جماعة ، ثم رجع إلى « بغداد » فاستوطنها ، وقبلت شهادته عند الحكام ، وردّ إليه القضاء بالحريم من شرقي بغداد ، وبالكوفة ، وبغيرها من

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ص ٣٩١. طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٩٩. تاريخ بغداد ج ٣ ، ص ٩٥.

ميزان الاعتدال ج ٣ ، ص ٦٥٤. الوافي بالوفيات ج ٤ ، ص ١٢٢. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٥٤.

النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٣١. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٤٩.


سقي الفرات ، وكان قد جمع الكثير من الحديث ، وخرّج أبوابا ، وتراجم ، وشيوخا ، كتبت عنه منتخبا ، وكان من أهل العلم بالقراءات ، ورأيت لأبي العلاء أصولا عتقا سماعه فيها صحيح ، وسمعته يذكر أن عنده تاريخ شباب العصفري ، فسألته إخراج أصله لأقرأه عليه بذلك » اهـ (١).

أخذ « أبو العلاء الواسطي » عن عدد كبير من خيرة العلماء. فمن الذين قرأ عليهم القرآن وحروفه : أحمد بن محمد بن بشر المعروف بابن الشارب ، أبو بكر الخراساني نزيل بغداد ، شيخ جليل ثقة ثبت ، ت ٣٧٠ هـ.

وعقيل بن علي البغدادي ، يعرف بابن البصري توفي في حدود السبعين وثلاثمائة. وإبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى الحرفي ، البغدادي أبو القاسم المقرئ توفي في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. وأبو علي بن حبش ، وأحمد بن محمد بان هارون الرازي ، وأحمد بن محمد بن سيما ، وأحمد بن محمد ابن أبي دارة ، وأحمد بن علي البصري ، والحسن بن محمد بن الفحام ، وحمزة ابن هارون ، وطلحة بن محمد بن جعفر ، وعبد الله بن الحسن بن النخاس ، وأحمد بن جعفر بن محمد الخلال ، وعبد الله بن اليسع ، وعبيد الله بن البواب ، وعلي بن محمد الشاهد ، وعليّ بن عبد الرحمن ، وعبد الله بن أحمد بن يعقوب ، ومحمد بن أحمد الشنبوذي ، ومحمد بن أحمد البصري ، ومحمد بن أحمد بن سعيد الرام ، ويوسف بن محمد بن سفيان ، ويوسف بن محمد الضرير ، وهو أول شيوخه قرأ عليه بواسط سنة خمس وستين وثلاثمائة.

تصدّر « أبو العلاء الواسطي » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام فمن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : أبو القاسم الهذلي فقد قرأ عليه بالروايات ، وأبو علي غلام الهراس ، وعبد السيّد بن عتاب ، وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل ، وأبو الفضل بن خيرون ، وأحمد بن علي بن

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ، ص ٩٥.


هاشم المصري ، والحسن بن عليّ العطار ، وأبو المعالي ثابت بن بندار ، وغيرهم.

ومن الذين حدثوا عنه « أبو بكر الخطيب البغدادي » ، صاحب المصنفات وتاريخ بغداد ، وآخرون.

اشتهر « أبو العلاء الواسطي » بالثقة ، وصحة القراءة ، والإسناد ، مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : تبحّر في القراءات وصنّف ، وجمع ، وتفنن ، وولي قضاء الحريم الظاهري ، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق ، وحدث عن « القطيعي » وغيره. اهـ (١).

وقال الإمام « ابن الجزري » : « أبو العلاء الواسطي ، نزيل بغداد إمام محقق ، وأستاذ متقن ، وهو صاحب السكت عن « رويس » انفرد به عنه (٢).

توفي « أبو العلاء الواسطي » في ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، ودفن بداره ببغداد.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩١.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٠.


رقم الترجمة / ٦٦

« أبو عليّ الأصبهاني » (١) ت ٣٩٣ هـ

هو : أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن سعيد أبو علي الأصبهاني ، أستاذ ، وكان شيخ القراء بدمشق في وقته.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو عليّ الأصبهاني » القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وزيد بن علي الكوفي ، وأحمد بن صالح ، وأبو الفتح المظفر بن أحمد ، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب » ، وآخرون.

كما أخذ « أبو عليّ الأصبهاني » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو إسحاق إبراهيم بن علي ، وأبو القاسم الطبراني ، وأبو أحمد بن عدي » وآخرون.

تصدر « أبو عليّ الأصبهاني » لتعليم القرآن ، وتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أبو علي الحسين بن علي الرهاوي ، وإبراهيم بن أحمد الشامي ، ومحمد بن عبد الله بن الحسن الشيرازي » وآخرون.

توفي « أبو عليّ الأصبهاني » سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة من الهجرة.

رحم الله « أبا عليّ الأصبهاني » وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٤. طبقات القراء ج ١ ، ص ١٠١.


رقم الترجمة / ٦٧

« أبو عليّ الأهوازيّ » (١) ت ٤٤٦ هـ

هو : الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز ، الأستاذ ، أبو علي الأهوازي ، صاحب المؤلفات ، وشيخ القراء في عصره ، وأعلى القرّاء إسنادا في عصره ، الإمام الكبير المحدث.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « أبو علي الأهوازي » سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز ـ وهي بلدة من بلاد خوزستان ـ وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره ، ثم قدم « دمشق » سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة فاستوطنها ، وأكثر من الشيوخ والروايات ، وعني من صغره بالأداء ، والقراءات.

قال « الحافظ الذهبي » : ذكر أنه قرأ « لأبي عمرو بن العلاء البصري » وهو الإمام الثالث من أئمة القراء ، على « علي بن الحسين بن عثمان بن سعيد أبي الحسين الغضائري ، البغدادي » ، وقد قرأ « عليّ الغضائري » على « عبد الله بن هاشم الزعفراني ، وأحمد بن فرح ، وسعيد بن عبد الرحيم الضرير ، وأبي الحسن ابن شنبوذ ، ومحمد بن إبراهيم الأهناسي ، والقاسم بن زكريا ، ومحمد بن المعلّى الشونيزي ، بضم الشين المعجمة وكسر النون ، وسكون الياء ، وهي نسبة إلى

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

فهرست ابن خير ص ٣٧. إرشاد الأريب ج ٣ ، ص ١٥٢. تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١١٢٤.

ميزان الاعتدال ج ١ ، ص ٥١٢. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٦٣. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٠٢. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٢٠. لسان الميزان ج ٢ ، ص ٢٣٧. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٥٦. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٧٤. تهذيب تاريخ دمشق ج ٤ ، ص ١٩٧. التحفة اللطيفة ج ١ ص ٤٧٧.


مكان مخصوص ببغداد ، به المقبرة المشهورة ، وأحمد بن سهل الأشناني ، والحسن بن الحسين الصوّاف ، وأبي بكر بن مجاهد ».

ومن تلاميذ « علي الغضائري » : أبو عليّ الأهوازي ، قال : قرأت عليه بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.

وقرأ « أبو علي الأهوازي » « لعاصم بن أبي النجود » على : « علي بن الحسين الغضائري » سالف الذكر.

وقرأ « أبو علي الأهوازي » : « لابن كثير المكي » على « محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان أبي عبد الله الكرجي بفتح الكاف ، والراء ، وكسر الجيم ـ نسبة إلى « الكرج » وهي بلدة من بلاد الجبل ، بين أصبهان وهمذان (١).

ومحمد بن فيروز قرأ على « أحمد بن عبد الله بن عيسى الهاشمي ، ومحمد بن الحسن بن يونس الكوفي ، وأبي العباس محمد بن يعقوب بن الزبرقان ، وأبي بكر محمد بن هارون التمار ، والحسن بن الحباب ، وعبد الله بن مخلد بن شعيب ، وعبد الله بن محمد بن العباس المدني ، وعبد الله بن عثمان العبقسيّ ».

وقرأ عليه « أبو علي الأهوازي » بالبطائح ، سنة ست وثمانين وثلاثمائة وقرأ « أبو علي الأهوازي » « لنافع المدني » وهو الإمام الأول بالنسبة إلى أئمة القراءات ، على : « أبي بكر محمد بن عبيد الله بن القاسم الخرقي ، بكسر الخاء المعجمة ، وفتح الراء ، وهي نسبة إلى بيع [ الثياب والخرق ] (٢).

وقرأ « أبو علي الأهوازي » « لقالون » أحد رواة « الإمام نافع » بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة على : أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل أبي العباس العجلي التستري ، والعجلي بكسر العين المهملة ، وسكون الجيم ، نسبة إلى

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٤٦.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ٢ ، ص ٣٤٩.


« بني عجل بن لجيم بن صعب بن بكر بن وائل (١).

وقرأ « أحمد العجلي » على « أحمد بن محمد بن عبد الصمد الرازي ، والخضر ابن الهيثم الطوسي ، ومحمد بن موسى الزينبي ، وأحمد بن شبيب ، وقرأ على « أحمد العجلي » : أبو علي الأهوازي.

وقرأ « أبو علي الأهوازي » ببغداد على : « عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبي حفص الكتّاني ، البغدادي » ، وهو مقرئ ، محدّث ، ثقة ، ولد سنة ثلاثمائة ، وقرأ على : أبي بكر بن مجاهد ، ومحمد بن جعفر الحربي ، عرض عليهما قراءة « عاصم » وسمع حروف القراءات من : إبراهيم بن عرفة نفطويه ، وقرأ على « الأشناني » ولم يختم عليه ، وعرض على : « عليّ بن سعيد القزّاز ، وبكار ، وعمر بن جناد ، ومحمد بن الحسن النقاش ، وأحمد بن عثمان بن بويان ، وزيد ابن أبي بلال ، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق » ، وروى القراءة عن « عبيد الله ابن بكير » وسمع « كتاب السبعة » من ابن مجاهد.

وقرأ على « عمر الكتاني » : عيسى بن سعيد الأندلسي ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحدّادي ، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق ، وأحمد بن محمد ابن إسحاق المقرئ ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ، وأحمد بن الفتح ، والحسن بن الفحّام ، وسمع منه « كتاب السبعة » ، عبد الله بن هزار مرد الصريفيني ، وأحمد ابن محمد بن يوسف ، وعليّ بن القاسم بن إبراهيم ، وقرأ عليه : « الحسن بن العطار ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني وعبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي ».

يقول « ابن الجزري » : طالت أيام « الكتاني » فكان من آخر من قرأ على « ابن مجاهد » توفي « الكتاني » في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

وقرأ « أبو علي الأهوازي » ببغداد على « أبي الفرج محمد بن أحمد بن

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ٤ ، ص ١٦٠.


إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون ، الشنبوذي الشطوي البغدادي » ، وهو أستاذ من أئمة علماء القراءات ، رحل إلى البلاد ، وأكثر من الأخذ على الشيوخ ، وتبحّر في التفسير.

ولد « أبو الفرج الشنبوذي » سنة ثلاثمائة. وأخذ القراءة عرضا عن « ابن مجاهد ، وأبي بكر النقاش ، وأبي بكر أحمد بن حمّاد ، وأبي الحسن بن الأخرم ، وإبراهيم بن محمد الماوردي ، ومحمد بن جعفر الحربي ، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ، ومحمد بن هارون التمار ، وأبي الحسن بن شنبوذ ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له ، ومحمد بن موسى الزينبي ، وموسى بن عبيد الله الخاقاني ، والحسن بن عليّ بن بشّار ، وأحمد بن عبد الله ، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم ، ومحمد بن أحمد بن هارون الرازي ، وأبي بكر محمد بن الحسن الأنصاري.

أخذ القراءة عن « أبي الفرج الشنبوذي » : « أبو علي الأهوازي ، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي ، والهيثم بن أحمد الصباغ ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، ومحمد بن الحسين الكارزيني ، وعبد الله بن محمد بن مكّي السوّاق ، وعليّ بن القاسم الخياط ، وأبو علي الرهاوي ، وعبد الملك بن عبدويه ، ومنصور ابن أحمد العراقي ، وعثمان بن علي الدلاّل ، وعليّ بن محمد الجوزداني ، وأحمد ابن محمد بن محمد بن سيّار ، وأحمد بن عبد الله بن الفضل السلميّ ».

احتلّ « أبو الفرج الشنبوذي » مكانة سامية بين العلماء فقد اشتهر اسمه وطال عمره مع علمه بالتفسير وعلل القراءات.

قال « أبو بكر الخطيب » : سمعت عبيد الله بن أحمد يذكر « الشنبوذي » فعظّم أمره ، وقال : سمعته يقول : أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن. وقال عنه « الإمام الداني » : هو مشهور نبيل حافظ ، ماهر حاذق ،


كان يتجول في البلدان (١). توفي « أبو الفرج الشنبوذي » في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

وقرأ « أبو علي الأهوازي » « بدمشق » على : محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الله بن حبيب ، أبي بكر السلمي الجبني الأطروش شيخ القراء بدمشق.

ولد « محمد السلمي » سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ، وأخذ القراءة عرضا عن أبيه ، وعليّ بن الحسين ، وابن الأخرم ، وجعفر بن أبي داود ، وأحمد بن عثمان السبّاك ، والحسين بن محمد بن عليّ بن عتاب ، ومحمد بن أحمد بن عتاب. وأخذ القراءة عن « محمد السلمي » : علي بن الحسن الربعي ، وأبو علي الأهوازي ، ومحمد بن الحسن الشيرازي ، وأحمد بن محمد بن يزده الأصبهاني ، ورشأ بن نظيف ، والكارزيني.

قال « أبو علي الأهوازي » عن شيخه « أبي بكر السلمي » : « ما رأيت بدمشق مثل « أبي بكر السلمي » من ولد أبي عبد الرحمن السلمي ، إماما في القراءة ، ضابطا للرواية ، قيّما بوجوه القراءات ، يعرف صدرا من التفسير ، ومعاني القراءات ، قرأ على سبعة من أصحاب « الأخفش » له منزلة في الفضل ، والعلم ، والأمانة ، والورع ، والدين ، والتقشف ، والفقر والصيانة » (٢) توفي في ربيع الآخر سنة سبع وأربعمائة ، وقد جاوز الثمانين.

ومن شيوخ « أبي علي الأهوازي » : محمد بن أحمد بن عليّ أبو بكر الباهلي البصري ، النجار ، قرأ على : « القاسم بن زكريا المطرز ، وأبي بكر الداجوني ، وأبي بكر النقاش ، وعمر بن محمد الكاغذي ، وأبي سلمة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٥١.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٧٦.


وقرأ عليه : « أبو علي الأهوازي » في مسجده بالبصرة في بني لقيط سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أبي علي الأهوازي » : « إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي » ، وهو من الثقات ، ومن مشاهير القراء ، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ، قرأ على : « أحمد بن عثمان بن بويان ، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ ، وأبي بكر النقاش ، وأبي بكر بن مقسم ، ومحمد بن عليّ بن الهيثم ، وبكار ، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري ، وعبد الواحد بن عمر ابن أبي هاشم ، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة بن أبي عمر الطوسي ، وعبد الوهاب بن العباس ». وقرأ حروف القراءات على : « أحمد بن عبد الله بن محمد المكي عن العنزيّ صاحب البزّي ، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرميسيني ، وهي نسبة إلى بلدة بجبال العراق ، على ثلاثين فرسخا من همذان (١).

وقرأ عليه : « أبو علي الأهوازي ، والحسين بن عليّ العطار ، والحسن بن أبي الفضل ، الشرمقاني ، وأبو علي البغدادي ، وأبو نصر أحمد بن مسرور ، وأحمد ابن رضوان ، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني » توفي سنة ست وسبعين وستمائة عن ثمانين سنة.

ومن شيوخ « أبي عليّ الأهوازي » : « أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل أبو الحسين الجبني » ، قرأ على : أحمد بن فرح سنة ثلاثمائة ، وأحمد بن محمد الرازي ، وابن شنبوذ ، وأبي بكر الداجوني ، والحسين بن إبراهيم ، والخضر ابن الهيثم ، ومحمد بن جرير الطبري ، ومحمد بن موسى الزينبي ، ومحمد بن عمر ابن كثير الهمذاني ، ومحمد بن أحمد بن عمران بن رجاء ، وأبي بكر محمد بن الحسن النقاش ، ومحمد بن أحمد الشعيري ، وهبة الله بن جعفر ، وأحمد بن عبد الصمد الرازي ، وأحمد بن محمد بن عثمان القطان ». وأخذ عنه القراءات : « أبو

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ٤ ، ص ٤٧٩.


علي الأهوازي ».

توفي « أحمد بن عبد الله الجبني » سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أبي عليّ الأهوازي » : أحمد بن محمد بن سويد أبو بكر الباهلي المؤدب ، روى القراءة عرضا عن : عليّ بن سعيد بن ذؤابة ، وروى القراءة عنه « أبو علي الأهوازي ».

ومن شيوخ « أبي عليّ الأهوازي » : « أحمد بن محمد بن إدريس الخطيب » ، قرأ على : أبي بكر النقاش ، وأبي بكر طاهر بن أبي هاشم.

ومن شيوخ « أبي عليّ الأهوازي » : أحمد بن محمد بن عبدون بن عمرويه أبو القاسم الصيدلاني القاضي الشافعي ، أخذ القراءة عن « النقاش ، وهبة الله بن جعفر ، وأحمد بن كامل بن خلف ، وأخذ عنه القراءة عرضا « أبو علي الأهوازي ».

توفي « أحمد بن عبدون » سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أبي علي الأهوازي » : عبد الله بن نافع بن هارون أبو القاسم العنبري. روى القراءة عرضا عن « أحمد بن فرح المفسر ، وأحمد بن علي بن وهب ، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم المؤدب ، ومحمد بن عمر بن أيوب القلوسي ، وابن مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني.

ومن شيوخ « أبي علي الأهوازي » : « عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي » ، ولد سنة ثلاثمائة وعرض على : أبي بكر بن مجاهد ، ومحمد بن جعفر الحربي ، عرض عليهما قراءة « عاصم » وسمع الحروف من إبراهيم بن عرفة نفطويه ، وعرض على « عليّ بن سعيد القزاز ، وبكار ، وعمر ابن جناد ، ومحمد بن الحسن النقاش ، وأحمد بن عثمان بن بويان ، ومحمد بن علي الرقي ، وزيد بن أبي بلال ، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق » ، وروى


القراءة عن عبيد الله بن بكير ، وسمع كتاب السبعة من « ابن مجاهد ».

وقرأ عليه : عيسى بن سعيد الأندلسي ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد ، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق ، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ، وأحمد بن الفتح ، والحسن بن الفحام ، وسمع منه كتاب السبعة : « عبد الله بن هزار مرد الصريفيني ، وأحمد بن محمد ابن يوسف ، وعلي بن القاسم بن إبراهيم » ، وقرأ عليه : « الحسن بن عليّ العطّار ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وعبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي ».

قال « ابن الجزري » : طالت أيام « الكتاني » فكان آخر من قرأ على « ابن مجاهد » وتوفي في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

ومن شيوخ « أبي علي الأهوازي » : « محمد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم أبو بكر الخرقي » ، قرأ على : أبي بكر بن سيف ، وأحمد بن عبد الله بن ذكوان ، وأحمد بن محمد الرازي ، وإبراهيم بن أحمد الحجبي.

قال « ابن الجزري » : وقرأ عليه « أبو علي الأهوازي » : ولا يعرف إلا من جهته.

ومن شيوخ « أبي علي الأهوازي » : « المعافي بن زكريا بن طرارا ، أبو الفرج النهرواني الجريري » ، نسبة إلى « ابن جرير الطبري » لأنه كان على مذهبه ، وهو إمام ثقة ، مقرئ فقيه.

اخذ القراءة عرضا عنه : « عبد الوهاب بن عليّ ، ومحمد بن عمر النهاوندي ، وأحمد بن مسرور ، وأبو علي الأهوازي ، والحسن بن علي ، وأبو الفضل الخزاعي ، وعبد الملك بن عبدويه ، وأحمد بن الفتح الفرضي ، وعثمان بن قيس الدلاّل ، وأحمد بن يزده ».


قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان « أبو الفرج النهرواني » من أعلم الناس في وقته بالفقه ، والنحو ، واللغة ، وأصناف الأدب ، وكان على مذهب « ابن جرير الطبري » ولي القضاء بباب الطاق (١).

توفي « أبو الفرج النهرواني » سنة تسعين وثلاثمائة.

قال « الحافظ الذهبي » كان « أبو علي الأهوازي » يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة ، وذلك في حياة بعض شيوخه ، وتتلمذ عليه الكثيرون منهم : « أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أبو بكر السمرقندي » ، وهو إمام ثقة بارع ، قرأ بدمشق على « أبي علي الأهوازي ».

وروى القراءة عنه : « أبو الكرم الشهرزوري » وكان عارفا بكتابة المصاحف على الرسم.

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : « علي بن أحمد بن عليّ أبو الحسن الأبهري الضرير » ، وهو مقرئ متصدر ، قرأ بدمشق على « أبي علي الأهوازي » وأقرأ بالديار المصرية حتى مات ، ومن الذين قرءوا عليه : الشريف أبو الفتح ناصر الخطيب بمضمن « كتاب الوجيز ».

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : سبيع بن المسلم بن عليّ بن هارون ، أبو الوحش المعروف بابن قيراط ، وهو شيخ ثقة ، وكان ضريرا ، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة. قرأ على « أبي علي الأهوازي ، ورشأ بن نظيف ». وقرأ عليه : إسماعيل بن عليّ بن بركات الغساني ، وروى القراءات عنه : الخضر بن شبل الحارثي ، وعليّ بن الحسن الكلابي ، وكان يقرئ الناس تلقينا ، وتوفي في شعبان سنة ثمان وخمسمائة.

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : الحسن بن القاسم بن عليّ ، أبو علي

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٣٠٢.


الواسطي ، المعروف بغلام الهراس ، ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وتجوّل في الآفاق لطلب العلم.

فقرأ « بواسط » على : « عبيد الله بن إبراهيم ، وعبد الله بن أبي عبد الله الحسين العلوي ، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي ».

وقرأ ببغداد على : « عبد الملك النهرواني ، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي ، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي ، ومحمد بن المظفر الدينوري ، والقاضي أبي العلاء ، وعلي بن محمد بن عبيد الله الحذّاء ، وعلي بن محمد بن موسى الصابوني ، وبكر بن شاذان ، والحسن بن محمد الساوي ، وعلي بن أحمد الحمامي ، والحسن ابن ملاعب ». وقرأ بالكوفة على : « القاضي محمد بن عبد الله الجعفي ، وأبي الحسن محمد بن جعفر النحوي ».

وقرأ بدمشق على : أبي علي الأهوازي ، وأبي علي الرهاوي. وقرأ بالجامدة على : محمد بن نزار التكريتي ، وعمه محمد بن القاسم. وقرأ بمصر على : أبي العباس بن نفيس ، والفضل بن عبد الرزاق ، والحسين بن إبراهيم الأنباري.

وقرأ بالبصرة على : الحسن بن عليّ بن بشّار ، وعلي بن محمد بن علاّن.

وقرأ بحران على : « أبي القاسم الزيدي ، وقرأ بمكة المكرمة على : أبي عبد الله ابن الحسين الكارزيني ، وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد العجلي ، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الذهبي بالبصرة.

وقرأ على : أبي القاسم عليّ بن الحسين بن عبد الله القاضي ، وأحمد بن عبد الكريم الشونيزي ، ومحمد بن العباس الصريفيني ، وعبيد الله بن عمر المصاحفي.

وأقام بمصر بعد أن ذهب بصره ، فرحل الناس إليه من كل جهة. قرأ عليه : « أبو العزّ محمد بن الحسين بن بندار القلانسي بجميع ما قرأ به ، وأبو المجد محمد بن جهور قاضي واسط ، وعليّ بن عليّ بن شيران ، والمبارك


ابن الحسين الغسّال ، وأحمد بن سعيد ». توفي « أبو علي غلام الهراس » سنة ثمان وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : « عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد القدوس ، أبو القاسم القرطبي » ، وهو أستاذ مقرئ ثقة ، متقن ، رحل إلى الأقطار ، في سبيل طلب العلم ، فرحل إلى دمشق وقرأ على « أبي علي الأهوازي ».

وقرأ على « أبي القاسم الزيدي » بحران ، وعلى « أحمد بن نفيس » بمصر ، وعلى « الكارزيني » بمكة المكرمة.

قرأ عليه « أبو القاسم خلف بن النحاس ، وعليّ بن أحمد بن كرز ، وأبو الحسن يحيى بن البياز ».

توفي « أبو القاسم القرطبي » سنة إحدى وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : « عتيق بن محمد أبو بكر الردائي » ، وهو شيخ الإقراء بقلعة « حمّاد » من أرض المغرب ، رحل ودخل دمشق فقرأ على الأهوازي بها ، وقرأ بمصر على ابن نفيس ، وعمّر دهرا طويلا. قرأ عليه : محمد بن محمد بن معاذ وأبو بكر الاشبيلي.

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن منده أبو عبد الله الجاجاني الدستي الأصبهاني.

روى القراءات عنه : أبو بكر محمد بن عليّ بن محمد الأصبهاني ، شيخ الحافظ أبي العلاء الهمذاني.

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : محمد بن أحمد بن الهيثم أبو بكر الروذباري البلخي ، وهو إمام مقرئ محرر أستاذ ، قرأ بالروايات الكثيرة على


« أبي علي الأهوازي » ومنصور بن محمد الهروي ، وأحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي.

قال « الحافظ الذهبي » : « استوطن مدينة « غزنة » في أول حدّ الهند ، وأقرأ بها القراءات ، وكان بصيرا بالعلل عالي الرواية » (١).

وقال « ابن عساكر » : أنبأنا عبد السلام بن عبد الرحيم الهروي المقرئ بمنزله ، أنبأنا أبو بكر الروذباري بغزنة سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكان عالما بالقراءات » (٢).

وقال « الإمام ابن الجزري » : هو مؤلف كتاب « جامع القراءات » لم يؤلف مثله ، رأيته بمدينة « هراة » قد جمع فيه القراءات العشر ، وغيرها وأتى فيه بفوائد كثيرة بالأسانيد المختلفة ، ألفه باسم السلطان ابن المظفر إبراهيم بن مسعود ابن السلطان محمد بن سبكتكين ، صاحب غزنة ، وغيرها من الهند ، وفرغ منه في يوم الأحد السابع عشر من المحرم سنة تسع وستين وأربعمائة. اهـ (٣).

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : محمد بن عبد الرحمن أبو بكر النهاوندي ، يعرف بمردوس ، وهو شيخ جليل عالي القدر ، حاذق ، مقرئ ، رحل إلى دمشق ، وقرأ بها على « أبي علي الأهوازي » وعاد إلى « نهاوند » بضم النون ، وفتح الهاء والواو ، وسكون النون ، وهي بلدة من بلاد الجبل قديمة كان بها وقعة للمسلمين زمن « عمر رضي‌الله‌عنه (٤). فأقرأ بها ، ثم قدم بغداد ، فقرأ عليه بها ، الأستاذ أبو طاهر بن سوار.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٩١.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٩١.

(٣) انظر الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٥٤١.

(٤) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٣٩٨ ـ ٤٠١.


ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : أبو نصر أحمد بن عليّ الزينبي ، وأبو بكر محمد بن المفرّج البطليوسي ، وأبو محمد الحسن بن علي بن عمّار الأوسي.

ومن تلاميذ « أبي علي الأهوازي » : يوسف بن علي بن جبارة أبو القاسم الهذلي اليشكري ، وهو إمام وأستاذ كبير ، وصاحب المصنفات ، رحل إلى كثير من البلاد والمدن في سبيل العلم.

ولد في حدود التسعين وثلاثمائة ، وتوفي سنة خمس وستين وأربعمائة. قال « الإمام ابن الجزري » : وطاف البلاد في طلب القراءات ، فلا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته ، ولا لقي من لقي من الشيوخ ، قال أي الهذلي في كتابه « الكامل » : فجملة من لقيت في هذا العلم ـ أي علم القراءات ـ ثلاثمائة وخمسة وستين شيخا ، من آخر المغرب ، إلى باب فرغانة يمينا وشمالا ، وجبلا ، وبحرا ، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته ، ثم قال : وألفت هذا الكتاب ـ الكامل ـ فجعلته جامعا للطرق المتلوة والقراءات المعروفة ، ونسخت به مصنفاتي : كالوجيز والهادي ».

قال « ابن الجزري » : وكانت رحلته في سنة خمس وعشرين وأربعمائة وبعدها ، وجملة شيوخه الذين ذكرهم في كتابه « الكامل » مائة واثنان وعشرون شيخا (١) وفي مقدمتهم :

« إبراهيم بن أحمد ، وإبراهيم بن الخطيب ، وأحمد بن رجاء ، وأحمد بن الصقر ، وأحمد بن محمد بن علاّن ، وأحمد بن عليّ بن هاشم ، وأحمد بن الفضل الباطرقاني ، وأحمد بن نفيس ، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب النوشجاني ، وأحمد بن محمد بن أحمد أبو الفتح الفرضي ، وأحمد بن عبد الله بن أحمد أبو نعيم الأصبهاني ، وأحمد الشكّاك ، وإسماعيل بن الجنيد ، وإسماعيل بن عليّان ، وإسماعيل بن عمرو الحدّاد ، وإسماعيل الشرمقاني ، وجامع بن الخضر ، وحسّان

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٣٩٨ ـ ٤٠١.


ابن مكيّة ، والقاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي » ، وغير هؤلاء كثير.

تصدّر « أبو القاسم الهذلي » لتعليم القرآن ، واشتهر صيته ، وعرف بالضبط وجودة القراءة ، وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه ، فقد روى عنه : إسماعيل بن الإخشيد ، وسمع منه « كتاب الكامل » ، وكذلك عبد الواحد بن محمد السكري ، وأبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني ، وقرأ عليه بمضمن « الكامل » وسمعه منه « أبو العزّ القلانسي ، وعليّ بن عساكر ».

قال « الإمام ابن الجزري » : وقرأ بالكامل إمام زمانه حفظا ونقلا « أبو العلاء الهمذاني » ، على « أبي العز القلانسي ».

ولا زال يقرئ به إلى آخر وقت ، وآخر من رواه تلاوة فيما نعلم « ابن مؤمن الواسطي ». ثم يقول « ابن الجزري » : وقرأته أنا على الشيخين : « إبراهيم ابن أحمد الاسكندراني ، ومحمد بن النحاس » بإجازة الأول ، وسماع الثاني لبعضه بسندهما. اهـ (١). توفي الهذلي سنة خمس وستين وأربعمائة. اهـ.

أخذ « أبو علي الأهوازي » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة علماء عصره وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان « أبو علي الأهوازي » عالي الرواية في الحديث ، روى عن : نصر بن أحمد المرجّى ، صاحب أبي يعلى الموصلي ، والمعافى بن زكريا الجريري ، وعبد الوهاب الكلابي ، وهبة الله بن موسى الموصلي ، وأبي مسلم الكاتب » ، وخلق سواهم. اهـ (٢).

وكما تصدّر « أبو علي الأهوازي » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، تصدر أيضا لرواية حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد أخذ عنه عدد كثير ، وحدثوا عنه ، وفي هذا يقول « الذهبي » :

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٤٠١.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٠٤.


حدث عنه « أبو بكر الخطيب ، وأبو سعد السمّان ، وعبد الرحيم البخاري ، وعبد العزيز الكتاني ، والفقيه نصر المقدسي ، وأبو طاهر الحنّائي ، وأبو القاسم النسيب » ، وروى عنه بالإجازة : « أبو سعد أحمد بن الطيوري » اهـ (١).

ترك « أبو علي الأهوازي » : عدة كتب في القراءات وغيرها ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : صنف « أبو علي الأهوازي » عدة كتب من القراءات ، مثل : كتاب « الموجز ، والوجيز ، والإيجاز » ثم يقول : وله مصنّف في الصفات (٢).

يقول محقق كتاب « معرفة القراء الكبار » للذهبي : يقوم السيّد دريد حسن أحمد الصالح بتحقيق كتاب « الوجيز » بجامعة بغداد (٣).

احتلّ « أبو علي الأهوازي » مكانة سامية بين العلماء ، ونال شهرة عظيمة في الصدق والأمانة ، وصحّة الرواية ، مما استوجب الثناء عليه : يقول « الإمام ابن الجزري » : « الحسن بن علي بن إبراهيم الأستاذ أبو علي الأهوازي ، صاحب المؤلفات ، شيخ القراء في عصره ، وأعلى من بقي في الدنيا إسنادا ، إمام كبير محدث » (٤).

وقال « الحافظ الذهبي » : لقد تلقى الناس رواياته بالقبول ، وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة (٥).

توفي « أبو علي الأهوازي » : في رابع ذي الحجة سنة ستّ وأربعين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٠٤.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٤٠٣ ـ ٤٠٤.

(٣) انظر هامش معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٠٣.

(٤) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٢٠.

(٥) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤٠٥.


رقم الترجمة / ٦٨

« عليّ بن داود » (١) ت ٤٠٢ هـ

هو : علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني القطان ، إمام جامع دمشق ومقرئه.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « علي بن داود » القرآن عن خيرة العلماء ، فقد قرأ القرآن بالروايات على طائفة من العلماء منهم : أبو الحسن بن الأخرم ، وأحمد بن عثمان السبّاك ، وصالح بن إدريس ، ومحمد بن القاسم بن محرز ، ومحمد بن جعفر الخزاعي (٢).

تصدر « علي بن داود » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه. وفي هذا يقول « ابن الجزري » : قرأ عليه « الأهوازي ، وتاج الأئمة أحمد بن عليّ ، وأحمد بن محمد الأصبهاني ، ورشأ بن نظيف ، وعلي بن الحسن الربعي ، وأحمد بن محمد القنطري ، وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي ، وأبو عبد الله الكارزيني » (٣).

اشتهر « علي بن داود » بعفة النفس والقناعة ، كما عرف عنه أنه لا يأخذ أجرا على تعليم القرآن ، وإنما يعتبر ذلك حسبة لله تعالى. حول هذه المعاني ، يقول « عبد المنعم بن النحوي » : خرج القاضي أبو محمد العلوي وجماعة من

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تبيين كذب المفتري ٢١٤ ـ ٢١٧ ، وتذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٦٢ ، ومعرفة القراء ج ١ ، ص ٣٦٦. وطبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤١. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٦٤.

(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٦.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.


الشيوخ إلى « داريا » ليأخذوا الشيخ كي يكون إماما للجامع الأموي ، فلبس أهل « داريا » السلاح ليقاتلوا دونه ، فقال القاضي : يا أهل « داريا » ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام ، فقالوا : قد رضينا. فأخذوه ، وسكن بالمنارة الشرقية ، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ، ولا يأخذ على الإمامة رزقا ، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا ، ويقتات من أرض له « بداريا » ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ثم يعجنه ويخبزه. اهـ (١).

ألا يعتبر أن « علي بن داود » ضرب أروع الأمثال في القناعة وعفة النفس بهذه الأخلاق الفاضلة؟ احتلّ « علي بن داود » مكانة سامية في جميع الأوساط مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول تلميذه « رشأ بن نظيف » : لم ألف مثله حذقا ، وإتقانا في رواية « ابن عامر » الدمشقي ، وهو الإمام الرابع بالنسبة الى أئمة القراءات (٢). وقال « الكتاني » : كان « علي بن داود » ثقة انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين ، ومضى على سداد (٣).

وقال « الإمام الداني » : كان ثقة ضابطا متقشفا (٤).

وقال « الإمام ابن الجزري » : كان « علي بن داود » إماما مقرئا ضابطا متقنا محررا ، زاهدا ، ثقة. اهـ (٥).

توفي « علي بن داود » في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة وهو في سنّ التسعين ، رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٦.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.

(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٦.

(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.

(٥) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.


رقم الترجمة / ٦٩

« أبو عليّ الشّرمقاني » (١) ت ٤٥١ هـ

هو : الحسن بن أبي الفضل الشيخ أبو علي الشرمقاني ، بفتح الشين المعجمة ، وسكون الراء ، وفتح الميم والقاف وهي نسبة الى « شرمقان » وهي بلدة قريبة من « أسفراين » بنواحي نيسابور ، يقال لها « جرمغان » (٢) ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو علي الشرمقاني » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « علي ابن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي شيخ العراق ، وهو إمام مسند ، وثقة بارع.

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في سن التسعين.

أخذ « أبو الحسن الحمامي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وأبو عيسى بكار ، وهبة الله بن جعفر ، وزيد بن عليّ ، وعبد الواحد بن عمر ، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي ، ومحمد بن عليّ بن الهيثم » وغير هؤلاء كثير.

تصدر « أبو الحسن الحمامي » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب ومن الذين قرءوا عليه : « أحمد بن الحسن بن اللحياني ، وأحمد بن

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٤٠٢. معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤١٢. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٢٧.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ٣ ، ص ٤٢١.


مسرور ، وأحمد بن عليّ ، وأحمد بن علي الهاشمي ، والحسن بن البنّا ، والحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن بن عليّ العطار ، والحسن بن محمد المالكي ، والحسين بن محمد الصفار ، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب ، ورزق الله التميمي ، وعبد الواحد بن شيطا ، وعبد الملك بن شابور ، وعبد السيد بن عتّاب ، وعلي بن محمد بن فارس ، ومحمد بن موسى الخياط ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي » وغيرهم كثير.

احتل « أبو الحسن الحمامي » منزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : كان « أبو الحسن الحمامي » صدوقا ديّنا ، فاضلا ، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها. اهـ (١).

ومن شيوخ « أبي عليّ الشرمقاني » : « علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب ابن عليّ أبو الحسن بن العلاّف البغدادي » ، وهو استاذ مشهور بالثقة ، والضبط ، ولد « ابن العلاّف » سنة عشر وثلاثمائة ، وتوفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة.

أخذ « ابن العلاّف » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو طاهر ابن أبي هاشم ، وأبو عليّ الحسن بن داود النقار ، وزيد بن أبي بلال ، ومحمد ابن عبد الله المؤدب ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن عليّ بن الهيثم ، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله ، ومحمد بن أحمد السلمي ».

تصدّر « ابن العلاّف » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « الحسن بن محمد البغدادي ، وأبو علي الشرمقاني ، وأبو الفتح بن شيطا ، وأحمد بن محمد القنطري ، وعبد الله بن محمد الزارع ، وعثمان ابن علي الدلال ، والحسن بن علي العطار ، وأحمد بن رضوان الصيدلاني ، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد ، وأحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني ، وعلي

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٢٢.


ابن محمد بن فارس الخياط ».

ومن شيوخ « أبي عليّ الشرمقاني » : « عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتّاني البغدادي » ، وهو ثقة مقرئ محدّث.

أخذ « أبو حفص الكتاني » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو بكر بن مجاهد ، ومحمد بن جعفر الحربي » عرض عليهما قراءة « عاصم » وسمع حروف القراءات من : « إبراهيم بن عرفة نفطويه » وعرض « القراءات » على : « عليّ بن سعيد القزّاز ، وبكار ، وعمر بن جناد ، ومحمد بن الحسن النقاش ، وأحمد بن عثمان بن بويان ، ومحمد بن عليّ الرّقّي ، وزيد بن أبي بلال ، وأحمد ابن محمد بن هارون الورّاق ».

تصدر « أبو حفص الكتاني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وصحّة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي الشرمقاني ، وعيسى بن سعيد الأندلسي ، وأبو نصر أحمد بن محمد الحدّادي ، ومحمد بن عبد الله مكّي السوّاق ، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ، وأحمد بن الفتح ، والحسن بن الفحام ، والحسن بن عليّ العطار ، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي » وغيرهم كثير.

ومن شيوخ « أبي عليّ الشرمقاني » : « طالب بن عثمان بن محمد بن سليمان ، أبو أحمد الأزدي النحوي » ، روى القراءة عرضا عن « أحمد بن عثمان بن بويان ، وروى القراءة عنه عرضا « أبو عليّ الشرمقاني ، والحسن بن عبد الله العطّار ».

ومن شيوخ « أبي عليّ الشرمقاني » : « عبيد الله بن أحمد بن عليّ بن يحيى أبو القاسم البغدادي ، المعروف بابن الصيدلاني ».

أخذ « ابن الصيدلاني » القراءة عن خيرة العلماء ، فقد سمع القراءة من :


« يحيى بن محمد بن صاعد ، وقرأ على : « هبة الله بن جعفر ، وأبي طاهر بن أبي هاشم ».

تصدر « ابن الصيدلاني » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو علي الشرمقاني ، وأبو الفرج النهرواني ، وأبو الحسن بن العلاّف ، والحسن بن عليّ العطّار ».

ومن شيوخ « أبي عليّ الشرمقاني » : « إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي » ، وهو من الثقات المشهورين.

ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة أخذ « إبراهيم الطبري » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : أحمد بن عثمان بن بويان ، وأحمد بن عبد الرحمن ، وأبو بكر النقاش ، وأبو بكر بن مقسم ، ومحمد ابن عليّ بن الهيثم ، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري ، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم ، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة. وقرأ حروف القراءات على : « أحمد بن عبد الله بن محمد المكي ».

تصدر « إبراهيم الطبري » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي الشرمقاني ، والحسين بن عليّ العطار ، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب « الروضة » ، وأبو نصر أحمد بن مسرور ، وأحمد بن رضوان ، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني » وغير هؤلاء.

ومن شيوخ « أبي عليّ الشرمقاني » : محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان بن شاذان أبو بكر الأصبهاني ، وهو مقرئ من الثقات المشهورين ، عالي الإسناد.

قرأ على : « أبي بكر عبد الله بن محمد القباب ، وعبد الرحيم بن محمد ، ومحمد ابن علاّن ، وأبي بكر أحمد بن شاذة ، ومحمد بن إبراهيم بن شاذة ، ومحمد بن


القاسم بن حسنويه ، وأبي بكر محمد بن علي بن أحمد ، ومحمد بن أحمد بن محمد الهروي ، وأبي عمر محمد بن أحمد بن عمر الخرقي ، ومحمد بن جعفر بن محمد الصابوني ، والعباس بن أحمد بن المظفر السراج ، وأبي بكر بن حسنويه » وغير هؤلاء.

تصدر « محمد بن عبد الله » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي الشرمقاني » وعبد السيّد بن عتّاب ، وعبد العزيز بن الحسين ، وأبو الحسن الخيّاط ، وأبو القاسم الهذلي.

توفي « محمد بن عبد الله » سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

تصدر « أبو علي الشرمقاني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالصدق والثقة ، وصحّة القراءة ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عمر بن سوار » ، وهو من الثقات المشهورين ، صنّف كتاب « المستنير في القراءات العشر ».

أخذ « أحمد بن عليّ » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمة شيوخه : « أبو علي الشرمقاني ، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار ، وعلي بن محمد بن فارس الخياط ، وعليّ بن طلحة بن محمد البصري ، وأبو تغلب عبد الوهاب بن عليّ ابن الحسن المؤدب ، وفرج بن عمر الواسطي ، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي ، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي ، ومنصور بن محمد بن عبد الله التميمي ، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب ، وعبد الله بن محمد بن مكي ، وأبو الفتح عبد الواحد بن شيطا ، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقري » وغيرهم كثير.

تصدّر « أحمد بن عليّ » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي ابن سكرة الصدفي ، ومحمد بن الخضر المحولي ، وأبو محمد سبط الخياط ، وأبو الكرم الشهرزوري » ، وروى عنه حروف القراءات : « الحافظ أبو طاهر


السلفي » وغير هؤلاء.

توفي « أحمد بن علي » سنة ست وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أبي عليّ الشرمقاني » : « عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب ، أبو القاسم البغدادي ، وهو من القراء الثقات ، أخذ القراءة عن : « أبي عليّ الشرمقاني ، والحسن بن عليّ بن الصقر ، وأحمد بن رضوان ، والحسن بن ملاعب ، وأبي الحسن الحمامي ، وأبي العلاء الواسطي ، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي ، وأبي بكر محمد بن عليّ ، ومحمد بن عبد الله الشمعي ، والحسين بن أحمد الحربي » وغير هؤلاء.

تصدّر « عبد السيّد بن عتّاب » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو بكر بن سكرة ، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون ، وأبو الكرم بن الشهرزوري » وغير هؤلاء.

توفي « عبد السيّد بن عتّاب » في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة.

أخذ « أبو علي الشرمقاني » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « أبو علي الشرمقاني ، المؤدب ، نزل بغداد ، وكان أحد حفاظ القرآن ، ومن العالمين باختلاف القراءات ، ووجوهها ، وحدث عن : « أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري ، وأبي القاسم بن الصيدلاني ، ومحمد بن بكران بن الرازي. كتبت عنه ، وكان صدوقا » (١).

احتلّ « أبو علي الشرمقاني » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين العلماء ، مما جعلهم يثنون عليه. يقول « الإمام ابن الجزري » : « أبو علي الشرمقاني : أستاذ

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٤٠٢.


مشهور ثقة حاذق » اهـ (١).

توفي « أبو علي الشرمقاني » بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، سنة إحدى وخمسين وأربعمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٢٧.


رقم الترجمة / ٧٠

« عليّ بن طلحة » (١) ت ٤٣٤ هـ

هو : عليّ بن طلحة بن محمد أبو الحسن البصري ، ثم البغدادي ، مقرئ مشهور ، ثقة ، ولد في صفر من سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة من الهجرة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « عليّ بن طلحة » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : عبد العزيز ابن عصام أبو الفرج ، وهو من خيرة علماء القراءات.

أخذ القراءة عن « يوسف بن يعقوب الواسطي » ، وقرأ عليه « عليّ بن طلحة » في سنة ثلاثمائة ونيّف.

ومن شيوخ « عليّ بن طلحة » : إبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى بن عبد الله بن سلام الخرقي البغدادي ، أبو القاسم.

روى القراءة عرضا وسماعا عن عليّ بن سليم الخضيب ، وعن جعفر بن محمد ، وأحمد بن محمد الجواربي ، والحسن بن جعفر ، وإسحاق بن إبراهيم ، وأحمد بن سهل الأشناني ، والحسن بن الحسين الصوّاف ، ويوسف بن يعقوب ، وابن مجاهد » وقد أخذ القراءة عن « إبراهيم الخرقي » : الحسين بن شاكر ، ومحمد بن عمر بن بكير ، وأبو الحسين عليّ بن محمد الخبازي ، وعلي بن طلحة البصري ، والكارزيني ، والقاضي أبو العلاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤٠٠. تاريخ بغداد ج ١١ ، ص ٤٤٢. تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٣ ، ص ١١٠٧. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٤٦.


وسمح منه حروف القراءات : عليّ بن محمد بن قشيش ، والحسن بن عليّ الجوهري ، وأبو الفضل الخزاعي ». توفي « إبراهيم الخرقي » في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة من الهجرة.

ومن شيوخ « عليّ بن طلحة » : محمد بن محمد بن محمين ، أبو عبد الله البصري المعروف بالمكتحل ، روى القراءة عرضا عن « محمد بن عبد العزيز بن الصباح » ، وروى القراءة عنه عرضا « عليّ بن طلحة البصري ».

وأخذ « عليّ بن طلحة » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : عليّ بن طلحة إمام مسجد ابن رغبان ، سمع ابن مالك القطيعي ، والحسين بن عليّ النيسابوري ، وإبراهيم بن أحمد بن جعفر ، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي ، وأبا حفص بن الزيّات ، ومحمد بن المظفر ، وأبا بكر الأبهري ، وأبا الحسين بن سمعون الواعظ. ثم يقول « الخطيب البغدادي » : كتبنا عنه ولم يكن به بأس (١).

تصدر « عليّ بن طلحة » لتعليم القرآن ، واشتهر صيته ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « أحمد بن علي بن عبيد الله عمر بن سوار أبو طاهر الأستاذ البغدادي » ، مؤلف كتاب « المستنير » في القراءات العشر ، وهو إمام كبير محقق ثقة ، قرأ « ابن سوار » على الحسن ابن الفضل الشرمقاني ، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطار ، وعليّ بن محمد فارس الخياط ، وعليّ بن طلحة بن محمد البصري ، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب ، وفرج بن عمر الواسطي ، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي ، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي ، ومنصور بن محمد ابن عبد الله التميمي ، وآخرين.

وأخذ القراءة عن « ابن سوار » عدد كبير منهم : « أبو عليّ بن سكّرة

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ١١ ، ص ٤٤٢ ـ ٤٤٣.


الصدفي ، ومحمد بن الخضر المحولي ، وأبو محمد سبط الخياط ، وأبو الكرم الشهرزوري » ، وروى عنه حروف القراءات : « الحافظ أبو طاهر السلفي ، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي ».

توفي « ابن سوار » سنة ست وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « عليّ بن طلحة » : « أحمد بن الحسن بن خيرون ، أبو الفضل البغدادي » ، وهو أستاذ مقرئ ثقة ، أخذ القراءة عرضا عن « عليّ بن طلحة » وروى الحروف عن الحسن بن أحمد بن شاذان ، والقاضي الحسين الصيمريّ ، وروى القراءات عنه عرضا ابن أخيه محمد بن عبد الملك.

ومن تلاميذ « عليّ بن طلحة » : « ثابت بن بندار أبو المعالي البقّال الدينوري ، ثم البغدادي » ، وهو شيخ صالح ثقة ، قرأ على : الحسن بن الصقر ، وعبد الوهاب بن عليّ اللخمي ، وعليّ بن طلحة البصري ، وعبد الله بن محمد ابن مكي ، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الظاهري. وقرأ على « ثابت بن بندار » : سبط الخياط ، وهبة الله بن أحمد بن عمر أبو القاسم الحريري البغدادي ، وأحمد بن شنيف. توفي « ثابت بن بندار » سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « عليّ بن طلحة » : عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب ـ بالحاء المهملة ـ أبو القاسم البغدادي الضرير » ، وهو مقرئ ثقة ضابط مشهور.

قرأ على : الحسن بن علي بن الصقر ، وأحمد بن رضوان ، والحسن بن ملاعب ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وأبي الحسن الحمامي ، وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز ، وأبي العلاء الواسطي ، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي ، وأبي بكر محمد بن عليّ بن زلال ، ومحمد بن عبد الله الشمعي ، والحسين بن أحمد الحربي. وقرأ عليه : أبو علي بن سكرة الصدفي ، ومحمد بن


عبد الملك بن خيرون ، وأبو الكرم بن الشهرزوري.

توفي « عبد السيّد بن عتاب » سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة.

ومن تلاميذ « عليّ بن طلحة » : محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات البغدادي ، الكرجي الخباز الشافعي ، وهو إمام ثقة ضابط ، ولد سنة ستين وثلاثمائة ، وقرأ بالروايات على : أبي العلاء الواسطي ، والحسين بن الصقر ، ومحمد بن بكير النجار ، وعليّ بن طلحة. وسمع : عبد الملك بن بشران ، وعليّ ابن أيّوب ، وتفقه على القاضي أبي الطيب.

وقرأ عليه : أبو الكرم الشهرزوري ، وأبو طاهر السلفي ، وآخرون.

توفي « عليّ بن طلحة » في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وأربعمائة عن ثلاث وثمانين سنة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٧١

« عليّ بن عبد الله » (١) ت ٩١٢ هـ

هو : علي بن عبد الله بن أحمد بن علي بن عيسى الحسيني الملقب نور الدين السمهودي ، القاهري ، الشافعي ، نزيل الحرمين الشريفين ، ويعرف بالشريف السمهودي.

ولد في صفر سنة أربع وأربعين وثمانمائة بسمهود ونشأ بها فحفظ القرآن ، والمنهاج في الفقه ، ولازم والده حتى قرأ عليه بحثا مع شرحه للمحلى وشرح البهجة لكن النصف الثاني منه سماعا ، وجمع الجوامع في أصول الفقه ، وغالب ألفية ابن مالك ، وقدم القاهرة مع والده ، وبمفرده غير مرة.

أولها سنة ثمان وخمسين ، ولازم اولا « الشمس الجوهري » في الفقه وأصوله ، والعربية. وأكثر من ملازمة « الشيخ المناوي » وأخذ عنه الكثير من العلوم. وقرأ على « النجم بن قاضي عجلون » بعض تصحيحه للمنهاج.

وقرأ على « الشمس الشرواني » شرح عقائد النسفي ، للتفتازاني ، وغير ذلك من العلوم.

ثم استوطن القاهرة إلى أن خرج إلى أداء فريضة الحج سنة سبعين وثمانمائة في البحر ، إلا أنه لم يتمكن من الحج في ذلك العام ، فجاور بمكة سنة إحدى وسبعين إلى أن أدى فريضة الحج.

ثم توجّه إلى المدينة المنورة فقطنها ، ولازم وهو فيها « الشهاب الأبشيطي »

__________________

(١) انظر ترجمته في :

البدر الطالع ج ١ ، ص ٤٢٠ ـ رقم الترجمة ٢٢٦. الضوء اللامع ج ٥ ، ص ٤٢٥ ـ رقم الترجمة ٨٣٨.


وحضر دروسه في « المنهاج » وغيره. وأذن له في التدريس. وأكثر « علي بن عبد الله » من السماع بالمدينة المنورة على شيوخها ، وأخذ عنهم العلم الكثير.

ثم جلس للتدريس وانتفع به الكثيرون من الطلبة في الحرمين الشريفين ، وعمل للمدينة المنورة تاريخا ، وصنف حاشية على إيضاح النووي في المناسك. ثم توجه فزار بيت المقدس ، وعاد إلى القاهرة ، ثم رجع إلى المدينة المنورة ، فاستوطنها ، وصار شيخها غير منازع.

احتلّ « علي بن عبد الله » مكانة سامية ومنزلة رفيعة ، مما جعل الكثيرين يثنون عليه ، وفي هذا يقول « شمس الدين السخاوي » : « هو إنسان فاضل متفنن ، متميز في الفقه ، والأصلين ، مديم للعمل ، والجمع والتأليف ، متوجه للعبادة ، وللمباحثة ، والمناظرة قويّ الجلادة على ذلك ، طلق العبارة ، وهو فريد في مجموعه ، ولأهل المدينة به جمال ».

ظلّ « عليّ بن عبد الله » في عمل متصل بين التصنيف ، والتدريس ، والتنقل من مكان إلى مكان حتى توفاه الله تعالى قريبا من سنة اثنتي عشرة وتسعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٥٠

« أبو عليّ العطّار » (١) ت ٤٤٧ هـ

هو : الحسن بن علي بن عبد الله أبو علي العطار البغدادي المؤدّب ، وهو شيخ جليل ماهر ومن الثقات.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو علي العطّار » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني » ، وهو من خيرة القراء الحذاق ، ومن الثقات.

أخذ « عبد الملك » القراءة عن عدد من العلماء ، منهم : « زيد بن علي بن أبي بلال ، وأبو عيسى بكّار ، وأبو بكر النقاش ، وابن مقسم ، ومحمد بن علي ابن الهيثم ، وأبو طاهر بن أبي هاشم ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن عبد الله ابن أبي عمر ، وأبو عبد الله الفارسي ، وعليّ بن محمد القلانسي ».

تصدر « عبد الملك » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي العطار ، والحسن بن محمد البغدادي ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، وأبو علي غلام الهراس ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وعلي بن محمد الخياط ، وعبد الملك بن علي بن شابور ، وعبد الملك بن عبدويه ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٣٩٢. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤١٣. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٢٢٤.


توفي « عبد الملك » في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي عليّ العطّار » : عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله ، أبو الحسن الحمامي ، وهو من شيوخ العراق الثقات البارعين.

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وهو في سن التسعين.

أخذ « عليّ بن أحمد » القراءات عن : « أبي بكر النقاش ، وأبي عيسى بكّار وزيد بن عليّ ، وهبة الله بن جعفر ، وعبد الواحد بن عمر ، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله ».

تصدّر « علي بن أحمد » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو عليّ العطار ، وأحمد بن الحسن بن اللحياني ، وأحمد بن مسرور ، والحسن بن البنّا ، وأحمد بن علي الهاشمي ، والحسن بن أبي الفضل ، والحسن بن علي العطار ، والحسن بن محمد المالكي ، والحسين بن أحمد الصفّار ، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب ، ورزق الله التميمي ، وعبد الواحد بن شيطا » وغير هؤلاء.

احتلّ « علي بن أحمد » منزلة رفيعة ، ومكانة سامية ، مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : « كان « علي بن أحمد » صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرّد بأسانيد القرآن » (١) توفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في سنّ التسعين ، ومن شيوخ « أبي عليّ العطّار » : بكر بن شاذان ابن عبد الله ، أبو القاسم البغدادي الحربي ، وهو شيخ ماهر مشهور ، ومن الثقات.

أخذ « بكر بن شاذان » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « زيد بن أبي بلال ، وأبو بكر محمد بن عليّ بن الهيثم ، ومحمد بن عبد الله بن مرّة النقاش ،

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٣٩٢.


وأحمد بن بشر الشارب ، وبكار بن أحمد بن بكار ».

تصدّر « بكر بن شاذان » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي العطّار ، وأبو علي الحسن بن أبي الفضل ، والحسن بن محمد المالكي ، والحسن بن القاسم غلام الهرّاس ، وأبو الحسن الخياط ، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي » وغير هؤلاء.

توفي « بكر بن شاذان » يوم السبت التاسع من شوّال ، سنة خمس وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي عليّ العطّار » « الحسن بن محمد بن يحيى بن داود ، أبو محمد الفحّام المقرئ ، الفقيه ، البغدادي ، السامري ، وهو شيخ بارع ومن الثقات.

أخذ « الحسن بن محمد » القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، ومحمد بن أحمد بن الخليل ، وجعفر بن عبد الله السامري ، وسلامة ابن الحسن الموصلي ، وزيد بن أبي بلال ، وعليّ بن إبراهيم بن خشنام المالكي ، وعمر بن أحمد الحبّال ، وعبد الله بن محمد الوكيل ، وأبو الطيب الدلاّء ، وجعفر ابن محمد بن غيال ، ويوسف بن علاّن » وغير هؤلاء.

تصدّر « الحسن بن محمد » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي العطّار ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، وأبو علي غلام الهراس ، وعلي بن محمد بن فارس الخياط ، وأبو علي البغدادي ، وعبد الملك بن شابور ». توفي « الحسن بن محمد » سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي عليّ العطّار » : « إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري » ، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

أخذ « إبراهيم بن أحمد » القراءة عن عدد من القرّاء وفي مقدمتهم : « أحمد ابن عثمان بن بويان ، ومحمد بن الفرج الأنصاري ، وعبد الواحد بن عمر بن


أبي هاشم ، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة » ، وقرأ حروف القراءات على : « أحمد بن عبد الله بن محمد المكي ».

تصدّر « إبراهيم بن أحمد » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو علي العطّار ، وأبو نصر أحمد بن مسرور ، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني » وغير هؤلاء كثير.

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن وحروف القراءات ، توفي « أبو عليّ العطّار » سنة سبع وأربعين وأربعمائة للهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء ، إنه سميع مجيب.


رقم الترجمة / ٧٣

« أبو عليّ غلام الهرّاس » (١) ت ٤٦٨ هـ

هو : الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي المعروف بغلام الهراس ، وهو من القراء الثقات ، وشيخ قراء العراق ، ومن العلماء الذين رحلوا في الآفاق ، من أجل العلم ، وللأخذ على العلماء ، فيحدثنا التاريخ أنه رحل إلى الأقطار الآتية ؛ من أجل الأخذ عن الشيوخ ، فقد رحل إلى كل من :

واسط ، ودمشق ، والبصرة ، ومصر ، وحران ـ بأرض الشام ـ والكوفة ، ومكة المكرمة ، والجامدة ، وهي مدينة كبيرة من أعمال واسط بينها وبين البصرة.

من هذا يتبين بجلاء ووضوح مدى اهتمام العلماء الأوائل بالقراءات القرآنية ، إذ القراءات لا تؤخذ إلا بالتلقي والمشافهة عن الشيوخ صحاح السند حتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. أما الآن ، فمع كثرة الجامعات في سائر الأقطار الإسلامية إلا أن طلاب قراءات القرآن لا زال عددهم قليلا جدّا.

وأحمد الله سبحانه وتعالى الذي جعلني من الشغوفين بتحصيل هذا العلم الجليل ، وتعليمه للكثيرين.

ولد « أبو علي غلام الهراس » سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.

ثم بعد أن حفظ القرآن شدّ الرحال لتلقي القراءات : فكانت رحلته الأولى

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٧. ورقم الترجمة ٣٦٦. غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٦٦. العبر في خبر من غبر ، ج ٣ ، ص ٢٦٦. ميزان الاعتدال ج ١ ، ص ٥١٨. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٩٩. لسان الميزان ج ٢ ، ص ٢٤٥. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٢٩. تهذيب ابن عساكر ج ٤ ، ص ٢٤٢.


إلى « واسط » وهي مدينة عظيمة متوسطة بين « البصرة ، والكوفة » فأخذ عن شيوخها ، ومن الذين أخذ عنهم بها القراءة : « عبيد الله بن إبراهيم بن محمد أبو القاسم البغدادي ».

وهو من خيرة القراء الثقات ، ومن علماء القراءات ، إذ روى قراءة « أبي عمرو » البصري عرضا عن « أبي بكر بن مجاهد ، عن أبي الزعراء ، عن الدوري ، أحد رواة أبي عمرو البصري ».

جلس « عبيد الله » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا بواسط : « أبو علي غلام الهراس » وكان ذلك سنة ثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهراس » بواسط : « إبراهيم بن سعيد أبو اسحاق » الضرير الواسطي الرفاعي ، وهو من علماء القراءات ، ومن علماء النحو الثقات. أخذ « إبراهيم بن سعيد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني ».

تصدّر « إبراهيم بن سعيد » لتعليم القرآن وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، ومن الذين أخذوا عنه : « أبو علي غلام الهرّاس » وكان ذلك سنة أربع وتسعين وثلاثمائة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » ببغداد : « عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان » ، وهو من القراء الثقات المشهورين ، ومن الحذّاق المؤلفين ، ومن المعمرين ، اشتهر ذكره في الآفاق ، وعمّ نفعه الكثيرين.

أخذ « عبد الملك بن بكران » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « زيد بن علي بن أبي بلال ».


ثم بعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمة من قرأ عليه « أبو علي غلام الهرّاس ». توفي « عبد الملك بن بكران » في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهراس » ببغداد : « عبيد الله بن محمد بن أحمد ابن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي ». وهو إمام كبير ثقة ، ورع ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : « كان « أبو أحمد » ثقة ، ورعا ، دينا ، حدثنا منصور بن عمر الفقيه ، قال : « لم أر في الشيوخ مثله اجتمعت فيه أدوات الرئاسة ، من علم وقراءة ، وإسناد ، وحالة متسعة في الدنيا ، وكان مع ذلك أورع الخلق ، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم أر مثله » (١).

أخذ « عبيد الله بن محمد الفرضي » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أبو الحسن بن بويان ».

ثم تصدّر « أبو أحمد الفرضي » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أبو علي غلام الهرّاس ».

توفي « أبو أحمد الفرضي » بعد حياة حافلة بطلب العلم ونشره ، في شوال سنة ست وأربعمائة ، وله اثنتان وثمانون سنة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » ببغداد : « أحمد بن عبد الله بن الخضر ابن مسرور ، أبو الحسن البغدادي السّوسنجردي » ، ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

وهو من مشاهير العلماء الثقات ، ومن القراء الضابطين ، أخذ « أحمد بن عبد الله » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « محمد بن عبد الله بن أبي مرّة الطوسي ».

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.


وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بجودة القراءة وصحّة الإسناد ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو علي غلام الهرّاس ».

توفي « أحمد بن عبد الله » يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة ، عن نيف وثمانين سنة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » ببغداد : « محمد بن المظفر بن علي بن حرب أبو بكر الدينوري ». وهو من القراء المشهود لهم بالثقة والعدالة ، وصحة الضبط ، وجودة القراءة وحسن الاتقان.

أخذ « محمد بن المظفر » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « الحسين بن محمد بن حبش الدينوري ».

وبعد أن اكتملت مواهب « محمد بن المظفر » جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ينهلون من علمه ويأخذون عنه ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو علي غلام الهرّاس ».

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهراس » من بغداد : « محمد بن علي بن أحمد ابن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي » ، نزيل بغداد ، ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.

أصله من « فم الصلح » ونشأ بواسط ، ثم استقرّ ببغداد ، وهو من خيرة القراء المشهورين المحققين ، ومن العلماء المتقنين.

قال عنه « الحافظ الذهبي » : تبحر في القراءات ، وصنّف ، وجمع ، وتفنّن ، وولي قضاء الحريم الظاهري ، وانتهت إليه رئاسة الاقراء بالعراق. اهـ (١).

أخذ « محمد بن علي » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم :

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٠.


« أحمد بن هارون الرازي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الشارب ». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس ».

توفي « محمد بن علي » ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ « أبي علي » ببغداد : « علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن أبو الحسن الحذّاء البغدادي ». وهو شيخ عدل ، ضابط ، ثقة ، مشهور.

أخذ القراءة ، وحروف القرآن عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « إبراهيم بن الحسين بن عبد الله الشطّي ».

وبعد أن اكتملت مواهب « علي بن محمد » تصدّر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وعرفه الخاصّ والعام بجودة القراءة ، وصحّة الأحكام ، وأقبل عليه الطلاب وحفاظ القرآن من كل مكان ، يأخذون عليه ، ويقرءون عليه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس » و « أبو بكر محمد بن علي الخياط ».

توفّي « علي بن محمد » يوم الأربعاء لأربع خلون من المحرّم سنة خمس عشرة وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهراس » ببغداد : « الحسن بن محمد بن يحيى بن داود ، أبو محمد الفحّام ، المقرئ ، البغدادي ، وهو من حذّاق القراءات ، ومن الأئمة البارزين المعروفين ، أخذ « الحسن بن محمد » القراءة عن خيرة علماء


عصره ، وفي مقدمتهم : « جعفر بن عبد الله السامري ، وسلامة بن الحسن الموصلي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وصحة الضبط ، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علمه ، ويقرءون عليه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس » ، والحسن بن عليّ العطّار ».

توفي « الحسن بن محمد » سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » ببغداد : « علي بن أحمد بن محمد بن داود بن موسى بن بيان أبو الحسن الرزّاز البغدادي » ، وهو من مشاهير القراء الضابطين ، ومن الثقات البارعين. ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

أخذ « أبو الحسن الرزاز » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : « زيد ابن عليّ ، وهبة الله بن جعفر ».

احتلّ « أبو الحسن الرزاز » مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » :

كان « أبو الحسن الرزّاز » صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرّد ، بأسانيد القرآن ، وعلوّها (١).

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وعلوّ الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي غلام الهرّاس ، وأحمد بن مسرور ».

توفي « أبو الحسن الرزاز » يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة.

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ، ج ١ ، ص ٥٢٢.


ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » ببغداد : « الحسن بن ملاعب بن محمد ابن الحسن ، أبو محمد الحلبي ثم البغدادي الضرير ». وهو من القراء الثقات ، ومن الضابطين المجوّدين.

أخذ « الحسن بن ملاعب » القراءة عن عدد من القراء ، وفي مقدمتهم : « عمر بن محمد بن سيف ».

جلس « الحسن بن ملاعب » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات واشتهر بالثقة والضبط ، وصحة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس ، وعلي بن محمد بن فارس الخياط ».

رحل « أبو علي غلام الهراس » إلى « الكوفة » وأخذ عن شيوخها ومن الذين قرأ عليهم بالكوفة : « محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى ، أبو عبد الله الجعفي ، الكوفي ، القاضي ، الفقيه الحنفي ، النحوي » ، وهو من خيرة العلماء الثقات ، أثنى عليه الكثيرون.

قال « الخطيب البغدادي » : كان ثقة ، حدّث ببغداد ، قال : وكان من عاصره بالكوفة ، يقول : لم يكن بالكوفة من زمن « ابن مسعود » رضي‌الله‌عنه ، والى وقته أحد أفقه منه (١).

وقال « أبو علي المالكي » : كان « محمد بن عبد الله » من جلة أصحاب الحديث ، فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر.

وقال « أبو العز » عن « أبي علي الواسطي » : كان « الجعفي » جليلا في زمانه يرحل إليه في طلب القرآن ، والحديث من كل بلد (٢).

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧ ـ ١٧٨.


أخذ « محمد بن عبد الله الجعفي » القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم : « محمد بن الحسن بن يونس النحوي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه ، وأصبح من المؤهلين جلس لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وصحّة السند ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو علي غلام الهرّاس » وغيره.

توفي « محمد بن عبد الله الجعفي » سنة اثنتين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » بالكوفة : « محمد بن جعفر بن محمد ابن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي ». وهو من مشاهير القراء ، ومن المحدثين ، ومن علماء العربية. اثنى عليه الكثيرون ، قال « أبو علي البغدادي » : كان « أبو الحسن التميمي » من جلة أهل العربية ، ومن أهل الحديث ، متقنا ، فاضلا.

وقال « الحافظ الذهبي » : عمّر دهرا طويلا ، وانتهى إليه علوّ الإسناد (١).

أخذ « محمد بن جعفر » القراءة ، وحروف القرآن ، عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « محمد بن الحسن بن يونس ».

وفي مقدمتهم : « محمد بن الحسن بن يونس ».

كما أخذ حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة العلماء.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، والقراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو علي غلام الهرّاس ».

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ١١١.


ومن الذين أخذوا عنه الحديث : « أبو القاسم عبيد الله الأزهري ».

توفي « محمد بن جعفر » بعد حياة حافلة بطلب العلم ، وتعليم القرآن ، والقراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة بالكوفة.

كما أن « أبا عليّ غلام الهرّاس » رحل إلى « دمشق » وأخذ العلم عن شيوخها.

ومن شيوخه بدمشق في القراءة : « الحسين بن عليّ بن عبيد الله بن محمد أبو علي الرهاوي السّلمي ». وهو من خيرة العلماء ، وشيخ القراء بدمشق مع « الأهوازي ».

أخذ « أبو علي الرهاوي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « الحسن ابن سعيد البزّار » وغيره كثيرون.

ثم تصدّر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو علي غلام الهرّاس ».

توفي « أبو علي الرهاوي » بدمشق سنة أربع عشرة وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهراس » بدمشق : « الحسن بن علي بن إبراهيم ابن يزداد بن هرمز ، أبو علي الأهوازي » وهو شيخ قراء دمشق في عصره ، وأعلى القراء إسنادا ، وهو من مشاهير القراء ومن المحدثين الثقات ، ومن المؤلفين الكبار ، قال عنه « الحافظ الذهبي » : « لقد تلقى الناس رواياته بالقبول ، وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة ، وذلك في حياة بعض شيوخه » (١).

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٢١.


ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز من بلاد خوزستان ، وقرأ بها ، وبتلك البلاد على شيوخ عصره ، ثم قدم « دمشق » سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة فاستوطنها وأكثر من الشيوخ والروايات.

أخذ « أبو علي الأهوازي » القراءة عن خيرة العلماء عصره وفي مقدمتهم : « إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري » ببغداد.

وأبو القاسم عبد الله بن نافع بن هارون العنبري » بالبصرة ، وغيرهما كثير. كما أخذ رحمه‌الله تعالى حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن مشاهير علماء الحديث.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وذاع صيته في الآفاق ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ينهلون من علمه ويأخذون عنه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة أبو علي غلام الهرّاس. توفي « أبو علي الأهوازي » رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة بدمشق ، رحمه الله رحمة واسعة.

ومن البلاد التي رحل إليها « أبو علي غلام الهرّاس » من أجل العلم « الجامدة » بكسر الميم ، وهي قرية كبيرة جامعة من أعمال « واسط » تقع بين البصرة وواسط (١).

ومن شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة بالجامدة : « محمد بن نزار بن القاسم ابن يحيى بن عبد الله أبو بكر التكريتي » بكسر التاء ، وسكون الكاف ، وهذه نسبة إلى « تكريت » وهي بلدة كبيرة فيها قلعة حصينة على « دجلة » على بعد ثلاثين فرسخا من بغداد (٢).

ومحمد بن نزار من خيرة علماء القراءات ، ومن الثقات المشهورين ، أخذ

__________________

(١) انظر معجم البلدان لياقوت الحمري ج ٢ ، ص ٩٥.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ٤٧٣.


القراءة على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر محمد بن الحسن النقاش ، وهبة الله بن جعفر » وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهب « محمد بن نزار » تصدّر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أبو علي غلام الهرّاس ، والحسن بن القاسم الواسطي ».

كما رحل « أبو علي غلام الهرّاس » إلى « مصر » للأخذ عن قرّائها ، ومن الذين أخذ عنهم القراءة بمصر : « الفضل بن عبد الرزاق ، أبو محمد الأندلسي » ، وهو من خيرة العلماء ومن الثقات ، قرأ القرآن على « أبي أحمد السامري ».

ثم تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بحسن الأداء وصحّة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس ، والحسن ابن القاسم الواسطي ».

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهراس » بمصر : « أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن نفيس ، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري ».

وهو من القراء الثقات ، انتهى إليه علوّ الإسناد ، وعمّر حتى قارب المائة. أخذ « ابن نفيس » القراءة على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أبو أحمد عبد الله السامري ، وعبد المنعم بن غلبون » وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهب « ابن نفيس » جلس لتعليم القرآن ، وحروف القراءات واشتهر بالثقة ، وتجويد القرآن ، وتزاحم عليه الحفاظ من كل مكان ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس ، ويوسف بن جبارة الهذلي ». توفي « ابن نفيس » في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.


رحمه الله رحمة واسعة.

كما رحل « أبو علي غلام الهرّاس » إلى « البصرة » للأخذ عن قرّائها ، ومن الذين أخذوا عنهم القراءة : « علي بن محمد بن علاّن بن الحسن ، أبو الحسين البصري » ، المقرئ ، وهو من مشاهير علماء القراءات ، ومن الثقات ، أخذ القراءة عن « عبد الله بن عبدان ». ثم تصدّر للقراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا « أبو علي غلام الهرّاس ».

كما رحل « أبو علي غلام الهرّاس » إلى « مكة المكرمة » للأخذ عن قرّائها ، ومن الذين قرأ عليهم : « محمد بن الحسين بن محمد أبو عبد الله الكارزيني » بفتح الكاف ، والراء ، وكسر الزاي ، وهي نسبة إلى « كارزين » وهي من بلاد فارس ، بنواحيها مما يلي البحر (١).

وهو إمام مقرئ مشهور ، انفرد بعلو الإسناد في وقته.

أخذ حروف القراءات عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « الحسن بن سعيد المطوعي » يقول « ابن الجزري » : وهو آخر من قرأ عليه. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن والقراءات ، واشتهر بالثقة ، وصحة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو علي غلام الهرّاس ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته ، إلا أن « الحافظ الذهبي » قال : « أبو عبد الله الكارزيني » مسند القرّاء في زمانه ، تنقّل في البلاد ، وجاور بمكة ، وعاش تسعين سنة ، أو دونها ، لا أعلم متى توفي ، إلا أنه كان حيا في سنة أربعين وأربعمائة ، سألت الإمام « أبا حيان » عنه فكتب إليّ ، إمام مشهور لا يسأل عن مثله (٢).

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ١٢.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٣٣.


ومن شيوخ « أبي عليّ غلام الهراس » « بمكة المكرمة » : « محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يعقوب أبو عبد الله » ، ويقال : أبو علي العجلي ، وهو صاحب تلك القصيدة الرائية أولها :

لك الحمد يا ذا المنّ والجود والبرّ

كما أنت أهل للمحامد والشكر

وهو من خيرة القراء المشهورين ، ومن الثقات المعروفين. أخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن نصر الشذائي ، وأبو الأشعث محمد بن حبيب الجارودي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وأقبل الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو علي غلام الهرّاس ».

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » بمكة المكرمة : « محمد بن عمر بن إبراهيم أبو الحسن » المقرئ المحدث ، الفقيه البصري ، المعروف بالذهبي ، أحد مشاهير القراء ، أخذ القراءة عرضا عن « الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الرصافي ».

ثم تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بصحة القراءة ، وجودة الأداء ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس ».

ومن شيوخ « أبي عليّ غلام الهرّاس » بمكة المكرمة : « علي بن الحسين بن عبد الله أبو القاسم القاضي البصري » ، وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة والأمانة ، أخذ القراءة عرضا عن كل من : « محمد بن الحسن النقاش ، وأبي بكر بن مقسم » ثم تصدر لتعليم القرآن ، وعرف بالثقة ، وحسن الأداء ، وتزاحم عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا : « أبو علي غلام الهرّاس » فقد روى عنه القراءة عرضا.


ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » في « مكة المكرمة » : « أحمد بن عبد الكريم بن عبد الله أبو الحسين الشينيزي ، وهو من القراء المشهورين المتصدّرين ، أخذ القراءة عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم ، « علي بن محمد بن إبراهيم بن خشنام ».

ثم تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو علي غلام الهرّاس ».

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهراس » في « مكة المكرمة » : « عبيد الله بن عمر بن محمد بن عيسى أبو الفرج المصاحفي » ، وهو من مشاهير القراء الضابطين ، أخذ القراءة عرضا عن : « ابن بويان ، وزيد بن أبي بلال » وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن ، وأقبل الطلاب عليه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي غلام الهرّاس ».

توفي « عبيد الله بن عمر » سنة إحدى وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي علي غلام الهرّاس » في القراءة : « محمد بن العباس أبو الفوارس الصّريفيني » ، بفتح الصاد المهملة ، وكسر الراء ، وهذه نسبة إلى « صريفين » وهي قرية عظيمة.

أخذ « محمد بن العباس » قراءة « عاصم الجحدري » عن « عمر بن إبراهيم الكتاني ، وعاش طويلا ، ورحل إليه « أبو العزّ القلانسي » فقرأ عليه وبهذا ينتهي الحديث عن شيوخ « أبي علي غلام الهراس ».

وحينئذ يتبيّن بجلاء ووضوح مدى اهتمام القراء بالرواية ، وصحة السند والأخذ عن الثقات.


وبعد أن اكتملت مواهب « أبي علي غلام الهرّاس » تصدّر لتعليم القرآن ، وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : وأقام بمصر فرحل الناس إليه من كل ناحية ، يأخذون عنه ، ويقرءون عليه ، ومن الذين قرءوا عليه :

« محمد بن الحسين بن بندار ، أبو العزّ الواسطي القلانسي » ، شيخ العراق ، ومقرئ القراء بواسط ، صاحب التصانيف.

ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط ، وقرأ بما قرأ به « أبو علي غلام الهرّاس » من الروايات عليه ، ورحل إلى « أبي القاسم الهذلي » فقرأ عليه بكتاب « الكامل » في القراءات ثم دخل بغداد فقرأ بها لعاصم على : « محمد بن العباس الأواني ». ثم تصدّر للإقراء بواسط ، ورحل إليه من الأقطار الطلاب ، يأخذون عنه ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو الفتح بن زريق الحدّاد ».

احتلّ « محمد بن الحسين » مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : كان بصيرا بالقراءات وعللها ، وغوامضها ، عارفا بطرقها ، عالي الإسناد ، وحصلت له سعادة بشيخه « أبي علي » وذلك أنه طاف البلاد ، وحصّل الروايات ، وجاء إلى « واسط » فقرأ عليه « أبو العزّ القلانسي » بما قرأ به على شيوخه ، وألف « كتاب الإرشاد » في القراءات العشر ، وهو مختصر كان عند « العراقيين » كالتيسير عندنا ، وكتاب « الكفاية » وهو أكبر من « كتاب الإرشاد » (١).

ومن تلاميذ « أبي علي غلام الهرّاس » في القراءة : « علي بن عليّ بن جعفر ابن شيران : بكسر الشين المعجمة ، أبو القاسم الواسطي الضرير ».

وهو من القراء المشهود لهم بالثقة ، وصحّة الإسناد ، وجودة القراءة.

ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ، ونشأ في بيت من البيوت العامرة بنور

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٢٨.


القرآن ، فقد كان والده رحمه‌الله تعالى من علماء القراءات ، وقد استفاد « عليّ ابن عليّ » من هذه النشأة فقرأ القراءات على والده ببلدة « قيجطة ».

كما أخذ القرآن والقراءات أيضا على غير والده من مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو علي غلام الهرّاس ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وحسن الأداء ، وصحّة السند ، وأقبل عليه الطلاب.

ومن الذين قرءوا عليه : « أبو الفتح نصر الله بن الكيّال ، وأبو بكر عبد الله ابن الباقلاني » وغيرهما كثير.

احتلّ « عليّ بن عليّ » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه ، يقول « الحافظ الذهبي » : حدّث « عليّ بن شيران » ببغداد بعد الخمسمائة ، وبقي إلى بعد العشرين وخمسمائة.

وقال « ابن الجزري » : توفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة. رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي علي غلام الهرّاس » في القراءة : « المبارك بن الحسين بن أحمد ، أبو الخير ، البغدادي » ، الغسّال الشافعي وهو من مشاهير القرّاء ، ومن المحدثين الثقات.

وكان رحمه‌الله تعالى من الأدباء ، والحذّاق.

احتل « المبارك بن الحسين » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : عني « المبارك بن الحسين » بالقراءات عناية كليّة ، وتقدّم فيها ، وطال عمره ، وعلا سنده ،


وقصده الطلبة لحذقه ، وبصره بالفنّ (١).

أخذ « المبارك بن الحسين » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أبو علي غلام الهرّاس ، وأبو بكر محمد بن الخياط » ، وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب ، ينهلون من علمه ، ويأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « المبارك بن أحمد بن الناعورة ».

توفي « المبارك بن الحسين » سنة عشر وخمسمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

وهكذا أدّى « أبو علي غلام الهرّاس » رسالته ، وقضى حياته متجوّلا في المدن ، والقرى ، من أجل الوقوف على قراءات القرآن ، وأخذ عن الشيوخ الكبار ، وعلا سنده ، وبعد صيته ، ثم توج حياته ، وختمها بأفضل ما يكون ، إذ جلس لتعليم كتاب الله تعالى ، فكان ممن قال فيهم الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم « خيركم من تعلم القرآن وعلّمه ».

وظل رحمه‌الله تعالى على ذلك حتى وافاه الأجل المحتوم يوم الجمعة سابع جمادى الأولى سنة ثمان وستين وأربعمائة على الصحيح. رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٤٠.


رقم الترجمة / ٧٤

« أبو عمرو الدّاني » (١) ت ٤٤٤ هـ

هو : الإمام العلامة الحافظ شيخ الشيوخ ، عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الأموي مولاهم القرطبي الداني بن الصيرفي. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة الحادية عشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

نشأ « أبو عمرو الدّاني » تحت رعاية والده رحمه‌الله تعالى في بلد العلم والمعرفة والدين « قرطبة » حاضرة الأندلس ، وأعظم مدنها في ذلك الوقت ، ومستقرّ خلافة الأمويين.

ولد الإمام الداني بقرطبة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة من الهجرة. وقد نسب الإمام « أبو عمرو الدّاني » إلى « دانية » وهي مدينة عظيمة بالأندلس على ساحل البحر الرومي ، لكونه سكنها آخر حياته وتوفي بها سنة ٤٤٤ هـ.

وقد نشأ الإمام الداني وترعرع في « قرطبة » التي كانت مركزا للعلم والمعرفة حيث كانت عامرة بالعلماء الأجلاء في شتى أنواع العلوم والمعرفة ما بين مقرئ وقارئ ، ومحدث ، ومفسّر ، وأديب ، وواعظ ، وخطيب.

وسط هذا الجوّ الذي يشعّ منه العلم ابتدأ الإمام الداني طلب العلم سنة ست

__________________

(١) انظر ترجمة الداني في المراجع الآتية :

تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٣ ، ص ١١٢٠. معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤٦١.

طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٥٠٣. معجم البلدان لياقوت ج ٢ ، ص ٥٤٠. نفح الطيب ج ١ ، ص ٤٢٩.


وثمانين وثلاثمائة ، وهو ابن أربع عشرة سنة بعد أن حفظ القرآن الكريم وجوّده.

وقد انكبّ « الداني » على قراءة الكتب وملازمة الشيوخ ، وقد تتلمذ « الداني » على خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم « والده » الذي أخذ عنه القراءات القرآنية.

ومن شيوخه الذين أخذ عنهم :

١ ـ خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان أبو القاسم الخاقاني الاستاذ الضابط في قراءة « ورش ». قرأ عليه « الداني » وعليه اعتمد في قراءة « ورش » وقال عنه : كان شيخي الخاقاني ضابطا لقراءة « ورش » ، متقنا لها مجوّدا ، مشهورا بالفضل والنسك ، واسع الرواية ، صادق اللهجة.

٢ ـ وطاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون « أبو الحسن » الحلبي نزيل مصر ، وهو أستاذ عارف ، ثقة ، ضابط ، وحجة محرّر ، مؤلف كتاب « التذكرة في القراءات الثمان ». قال عنه الداني : لم ير في وقته مثله في فهمه ، وعلمه ، وفضله وصدق لهجته.

٣ ـ وعبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستي ، بضم الخاء المعجمة ، وسكون السين المهملة ، الفارسي ، مقرئ نحوي شيخ ، صدوق ، فاضل ، ضابط قرأ عليه « الداني » القراءات ، وقال عنه : كان شيخي « عبد العزيز » خيّرا ، فاضلا ضابطا ، صدوقا.

٤ ـ وفارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير ، نزيل مصر قال عنه الداني : لم ألق مثله في حفظه وضبطه ، حسن الأداء ، واسع الرواية ، متنسكا ، فاضلا ، صادق اللهجة.

٥ ـ ومحمد بن عبد الله أبو الفرج النجاد ، روى عنه الداني حروف


القراءات وكان من القراء الثقات.

وقد رحل الإمام الداني في سبيل طلب العلم إلى كثير من الأقطار فبعد أن حفظ القرآن ، وتلقى القراءات على شيوخ بلده ، وكان عمره حينئذ ستا وعشرين سنة قرر الرحلة إلى المشرق حيث ينابيع العلم الأصيلة التي كانت تجذب أنظار الأندلسيين نحو المشرق ، وذلك للاستكثار من الروايات ، ووجوه القراءات ، فارتحل من « الأندلس » واتجه نحو « القيروان » في « تونس » ومكث بها أربعة أشهر ، ولقي جماعة من العلماء ، وكتب عنهم ، منهم « أبو الحسن القابسي ».

ثم توجه نحو « مصر » ودخلها في اليوم الثاني من عيد الفطر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة ، ومكث بها حتى نهاية العام الثاني. وقد تلقى في « مصر » القراءات ، والحديث ، والفقه عن أئمة من المصريين والبغداديين ، والشاميين منهم : « فارس بن أحمد ، وطاهر بن غلبون ».

ثم توجه إلى مكة المكرمة سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وحج بيت الله الحرام ، وقرأ القرآن ، والحديث على « أبي العباس أحمد بن البخاري » وغيره.

ثم عاد إلى « مصر » ومكث بها شهرا ، ثم ارتحل إلى المغرب ومكث بالقيروان أشهرا ، ثم عاد إلى الأندلس.

تصدر الإمام الداني لتعليم القرآن الكريم ، وعلومه ، واشتهر بالثقة والضبط ، وصحة الرواية ، وسعة العلم ، فأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان ، وتتلمذ عليه الجم الغفير منهم :

١ ـ خلف بن إبراهيم أبو القاسم الطليطلي.

٢ ـ وخلف بن محمد بن خلف أبو القاسم الأنصاري.

٣ ـ ومحمد بن أحمد بن رزق بن الفصيح التجيبي الأندلسي.


٤ ـ ومحمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي الطليطلي.

قال عنه الذهبي : كان أحد الحذّاق بالقراءات.

وقال عنه « ابن بشكوال » : كان عالما بوجوه القراءات ، ضابطا لها ، متقنا لمعانيها ، إماما دينا ، أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا ووصفوه بالتجويد ، والمعرفة.

٥ ـ ومحمد بن يحيى بن مزاحم أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي ، الطليطلي مؤلف كتاب « المنهاج في القراءات ».

قال عنه « الذهبي » : كان غاية في العربية ، وله رحلة إلى مصر لقي فيها « القضاعي » وطبقته.

وقد صنف « الإمام الداني » الكثير من كتب القراءات ، وعلوم القرآن بلغت مائة وعشرين مصنفا في القراءات والرسم والتجويد ، وقد أقبل العلماء على تحقيق مصنفات الداني وإظهارها إلى حيّز الوجود ، فمن الكتب التي تمت طباعتها حتى الآن :

١ ـ التيسير في القراءات السبع.

٢ ـ المقنع في رسم المصاحف.

٣ ـ الفرق بين الضاد والظاء.

٤ ـ المحكم في نقط المصاحف.

٥ ـ المكتفي في الوقف والابتداء.

توفي الداني « بدانية » سنة أربع وأربعين وأربعمائة من الهجرة ، رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.


رقم الترجمة / ٧٥

« عمر بن رسلان » (١) ت ٨٠٥ هـ

هو : عمر بن رسلان بن نصير بن صلح بن شهاب ، أبو حفص الكناني ، البلقيني ، ثم القاهري ، الشافعي ، وهو من خيرة العلماء العاملين ، ومن القراء ، والفقهاء ، والمحدثين ، واللغويين ، والأصوليين ، والمجتهدين.

ولد في ليلة الجمعة ثاني عشر شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة ، ببلقينة ، من الغربية إحدى مدن مصر ، وحفظ بها القرآن ، وصلى به وهو ابن سبع سنين ، وحفظ الشاطبية ، والمحرّر ، والكافية الشافية في النحو ، والمختصر الأصلي ، وأقدمه أبوه القاهرة وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، فعرض محافيظه على جماعة من العلماء مثل : « التقيّ السبكي ، والجلال القزويني » وبهرهم بذكائه وكثرة محفوظاته وسرعة فهمه ، ثم رجع به والده إلى بلدته.

ثم عاد به والده إلى القاهرة في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ، وقد ناهز الاحتلام فاستوطن القاهرة ، وحضر الدروس على خيرة العلماء : ومن شيوخه في الفقه : « التقيّ السبكي ».

وفي العربية ، والصرف ، والأدب ، الأستاذ « أبو حيان » ، ولازم « البهاء ابن عقيل » ، وانتفع به كثيرا ، وتزوج ابنته.

وسمع الحديث على مشاهير علماء الحديث وفي مقدمتهم : « ابن القمّاح ، وابن غالي » وغيرهما.

__________________

(١) انظر ترجمته في :

الضوء اللامع ج ٢ ، ص ٨٥ ، ورقم الترجمة ٢٨٦. البدر الطالع ج ١ ، ص ٥٠٦ ورقم الترجمة ٢٥٤.


وأجاز له الحافظان : « المزّي ، والذهبي » وابن نباتة ، وآخرون وحج مع والده سنة أربعين وسبعمائة ، ثم بمفرده بعدها ، وزار بيت المقدس.

وأذن له الأئمة بالافتاء ، والتدريس ، وعظمه أجلاء شيوخه ، مثل « أبي حيان ، والأصبهاني ».

وناب في الحكم عن صهره : « ابن عقيل » واستقرّ بعده في التدريس بجامع « عمرو بن العاص » بالقاهرة.

وكان يدرس التفسير بجامع « ابن طولون ». وولي إفتاء دار العدل رفيقا للبهاء السبكي ، ثم قضاء الشام في سنة تسع وستين ، عوضا عن « التاج السبكي » فباشره دون السنة.

ودخل « حلب » في سنة ثلاث وتسعين صحبة « الظاهر برقوق » واشتغل بها ، وعيّن لقضاء مصر غير مرة ، وشاع ذكره في الممالك قديما وحديثا ، وعظمه الأكابر فمن دونهم.

احتلّ « عمرو بن رسلان » بعلمه مكانة سامية بين الجميع مما جعل العلماء يثنون عليه ، ومما كتبه عنه « أبو حيان » قوله : « صار عمر بن رسلان إماما ينتفع به في الفنّ العربي مع ما منحه الله من علمه بالشريعة المحمدية بحيث نال في الفقه وأصوله الرتبة العليا ، وتأهل للتدريس ، والقضاء ، والفتيا » (١).

وقال « البرهان الحلبي » : « رأيته رجلا فريد دهره ، لم تر عيناي أحفظ منه للفقه ، وأحاديث الأحكام ، وقد حضرت دروسه مرارا وهو يقرئ في مختصر مسلم للقرطبي ، ويقرئه عليه شخص مالكي ، ويحضر عنده فقهاء المذاهب الأربعة ، فيتكلم على الحديث الواحد من بكرة إلى قريب الظهر ، وربما أذّن

__________________

(١) انظر الضوء اللامع ج ٥ ، ص ٨٦.


الظهر ولم يفرغ من الحديث » (١).

ويعقب العلامة الشوكاني على هذا الخبر بقوله : « وهذا تبحر عظيم ، وتوسع باهر فإن استغراق هذا الوقت الطويل في الكلام على حديث واحد يتحصل منه كراريس ، وقد كان وقع الاتفاق على أنه أحفظ أهل عصره ، وأوسعهم معارف ، وأكثرهم علوما ، ومع هذا فكان يتعانى نظم الشعر فيأتي بما يستحي منه ، بل قد لا يقيم وزنه ، والكمال لله وحده » اهـ (٢).

وقال « الشمس محمد بن عبد الرحمن العثماني » قاضي صفد في طبقاته : « عمر بن رسلان ، شيخ الوقت ، وإمامه ، وحجته ، انتهت إليه مشيخة الفقه في وقته ، وعلمه كالبحر الزاخر ، ولسانه أفحم الأوائل والأواخر » اهـ (٣).

وقال « الإمام الشوكاني » : أثنى عليه أكابر شيوخه ، قال « ابن حجّي » كان احفظ الناس لمذهب الشافعي ، واشتهر بذلك وشيوخه موجودون ، قدم علينا دمشق قاضيا وهو كهل فبهر الناس بحفظه ، وحسن عبارته ، وجودة معرفته ، وخضع له الشيوخ في ذلك الوقت ، واعترفوا بفضله ، ثم بعد ذلك رجع إلى القاهرة ، وتصدر للفتيا ، فكان معول الناس عليه في ذلك ، وكثرت طلبته فنفعوا ، وأفتوا ، ودرّسوا ، وصاروا شيوخ بلادهم ، وهو حيّ ، وله نظم وسط ، وتصانيف كثيرة لم تتمّ. يبتدئ كتابا ، فيصنف منه قطعة ثم يتركه ، وقلمه لا يشبه لسانه » اهـ (٤).

وقال « شمس الدين السخاوي » : وقال شيخنا في مشيخة البرهان : إنه استمرّ مقبلا على الاشتغال متفرغا للتدريس والفتوى إلى أن عمّر وتفرّد ، ولم

__________________

(١) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٥٠٧.

(٢) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٥٠٧.

(٣) انظر الضوء اللامع ج ٥ ، ص ٥٦.

(٤) انظر البدر الطالع ج ١ ، ص ٥٠٦.


يبق من يزاحمه ، وكان كل من اجتمع به يخضع له لكثرة استحضاره ، حتى يكاد يقطع بأنه يحفظ الفقه سردا من أول الأبواب إلى آخرها ، لا يخفى عليه منه كبير أمر ، وكان مع ذلك لا يحبّ أن يدرّس إلا بعد المطالعة. ثم يستطرد قائلا : واشتهر اسمه في الآفاق ، وبعد صيته ، إلى أن صار يضرب به المثل في العلم ، ولا تركن النفس إلا إلى فتواه ، وكان موفقا في الفتوى ، يجلس لها من بعد صلاة العصر إلى الغروب ، ويكتب عليها من رأس القلم غالبا ، ولا يأنف إذا أشكل عليه شيء من مراجعة الكتب ، ولا من تأخير الفتوى عنده إلى أن يحقق أمرها ، وكان فيه من قوّة الحافظة وشدّة الذكاء ما لم يشاهد فيه مثله ، وكان وقورا حليما ، مهيبا سريع البادرة ، سريع الرجوع ، ذا همة عالية في مساعدة أصحابه ، وأتباعه ، وقد أفتى ودرس وهو شاب ، وناظر الأكابر ، وظهرت فضائله ، وبهرت فوائده ، وطار في الآفاق صيته ، وانتهت إليه الرئاسة في الفقه ، والمشاركة في غيره حتى كان لا يجتمع به أحد من العلماء إلا ويعترف بفضله ، ووفور علمه ، وحدّة ذهنه ، وكان معظما عند الأكابر ، عظيم السمعة عند العوام ، إذا ذكر خضعت له الرقاب ، حتى كان « الاسنوي » مع جلالة قدره يتوقّى الإفتاء مهابة له ، وكانت آلة الاجتهاد فيه كاملة ، وكان عظيم المروءة ، جميل المودّة ، كثير الاحتمال ، مهيبا مع كثرة المباسطة لأصحابه ، والشفقة عليهم ، والتنويه بذكرهم » (١).

وقال « الصلاح الأقفهسي » : كان « عمر بن رسلان » أحفظ الناس لمذهب الشافعي ، لا سيما لنصوصه ، مع معرفة تامة بالتفسير ، والحديث والأصول ، والعربية ، مع الذهن السليم ، والذكاء الذي على كبر السنّ لا يتغيّر ، يفزع إليه في حلّ المشكلات فيحلّها ، ويقصد لكشف المعضلات فيكشفها ولا يملّها ، ولو لا أن نوع الإنسان مجبول على النسيان لكان معدوما فيه ، فلم يكن في عصره في الحفظ وقلة النسيان من يماثله بل ولا يدانيه ، ولي قضاء دمشق ،

__________________

(١) انظر الضوء اللامع ج ٥ ، ص ٨٧ ـ ٨٨.


وهي إذ ذاك غاصة بالفضلاء ، فأقروا له بالتقدم في العلوم ، ولم ينازعه واحد منهم في منطوق ولا مفهوم (١).

وقال « التقي الفاسي » : كان « عمر بن رسلان » واسع المعرفة بالفقه والحديث ، وغيرهما ، موصوفا بالاجتهاد.

وممن ترجمه « ابن خطيب الناصرية ، وابن قاضي شهبة ، والمقريزي ». وحكى العلاء البخاري ، فيما سمعه منه « العز السنباطي » قال : قدم علينا من أخذ عن « البلقيني » فسألناه عنه فقال : هو في الفقه وكذا في الحديث بحر ، وفي التفسير أيضا على طريقة « البغوي » وسألناه عنه في العقليات فقال : يقرئ تفسير « البيضاوي » للمبتدئ ، والمتوسط ، ولا يخرج عن عهدته للمنتهي (٢).

وحكى « البساطي » عن شيخه « قنبر » أنه قال : ما جلست بمصر للإقراء حتى درت على حلق مشايخها كلهم ، حتى « الخولاني » فلم أر فيهم مثل « البلقيني » في الحفظ.

وقال « شمس الدين السخاوي » : وفي كلام « الوليّ العراقي » في أواخر شرحه لجمع الجوامع ما يشير لأن « عمر بن رسلان » مجتهد ، أو كونه هو والتقيّ السبكي طبقة واحدة ، وكان في صفاء الخاطر ، وسلامة الصدر بمكان بحيث يحكى عنه ما يفوق الوصف ، وقيامه في إزالة المنكر شهير ، وردعه لمن يخوض فيما لا يليق مستفيض ، وكان يقول : ما أحد يقرئ الفرائض إلا وهو تلميذي ، أو تلميذ تلميذي وقد أخذ الناس عنه طبقة بعد طبقة ، بل وأخذت عنه طبقة ثالثة.

ولم يزل « عمر بن رسلان » متفردا في جميع العلوم حفظا ، وسردا لها حتى

__________________

(١) انظر الضوء اللامع ج ٥ ، ص ٨٨.

(٢) انظر الضوء اللامع ج ٥ ، ص ٨٨.


توفاه الله تعالى قبل عصر يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة بالقاهرة ، وصلى عليه ولده « الجلال » صبيحة الغد بجامع الحاكم ، ودفن بمدرسته التي أنشأها بالقرب من منزله في حارة « بهاء الدين » عند ولده « البدر محمد » ورثاه جماعة ، وأبدع مرثية فيه وهي تزيد على مائة بيت للشيخ « السخاوي » وأولها :

يا عين جودي لفقد البحر بالمطر

واذري الدموع ولا تبقي ولا تذري

رحم الله « عمر بن رسلان » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٧٦

« أبو عمر الطلمنكي » (١) ت ٤٢٩ هـ

هو : أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري المالكي الطلمنكي من طلمنكة ، بفتح الطاء واللام والميم وسكون النون ، وفتح الكاف من ثغر الأندلس الشرقي ، نزيل قرطبة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « الطلمنكي » سنة أربعين وثلاثمائة ، ورحل إلى المشرق ، فقرأ على : « عليّ بن محمد الأنطاكي ، وعمر بن عراك ، وعبد المنعم بن غلبون ، ومحمد بن علي الأدفوي ، ومحمد بن الحسين بن النعمان ».

ثم رجع إلى الأندلس بعلم كثير وكان أول من أدخل القراءات إليها ، حيث جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، منهم : « عبد الله بن سهل ، ومحمد بن عيسى المغامي ، ويحيى بن إبراهيم ». وروى عنه بالإجازة محمد بن أحمد بن عبد الله الخولاني ، وهو آخر من روى عنه.

صنف « الطلمنكي » الكثير من الكتب منها : الدليل إلى معرفة الجليل مائة جزء ، وكتاب تفسير القرآن ، نحو مائة جزء أيضا ، وكتاب الوصول إلى معرفة

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

جذوة المقتبس للحميدي ص ١١٤ وفهرست ابن خير ص ٢٥٩ ـ ٢٨٨. الصلة لابن بشكوال ج ١ ، ص ٤٤. بغية الملتمس للضبي ص ١٦٢. تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٣ ، ص ١٠٩٨.

الديباج المذهب لابن فرحون ج ١ ، ص ١٧٨. طبقات المفسرين للداودي ج ١ ، ص ٧٩.

القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٣٨٥. طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ١٢٠. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ٢٨.


الأصول ، وكتاب البيان في إعراب القرآن ، وغير ذلك كثير.

وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء ، وفي هذا يقول « الذهبي » : كان رأسا في علوم القرآن : قراءاته ، وإعرابه ، وأحكامه ، رأسا في معرفة الحديث وطرقه ، حافظا للسنن ، ذا عناية بالأثر والسنة ، إماما بأصول الديانات ذا هدى وسمت ونسك وصمت » اهـ.

وقال « أبو القاسم بن بشكوال » : كان سيفا مجرّدا على أهل الأهواء والبدع ، قامعا لهم ، غيورا على الشريعة ، شديدا في ذات الله.

ثم قصد بلده في آخر عمره ، فتوفي بها في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.


رقم الترجمة / ٧٧

« عمر بن عراك » (١) ت ٣٨٨ هـ

هو : عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري الإمام أستاذ في قراءة ورش.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن عراك » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « حمدان بن عون ، وعبد المجيد بن مسكين ، وقسيم بن مطير ، وأبو غانم المظفر بن أحمد ، ومحمد بن جعفر العلاف ». وسمع الحروف من « أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي ، وأحمد بن إبراهيم بن جامع ، والحسن بن أبي الحسن العسكري ».

تصدر « ابن عراك » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة الضبط ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ويتلقون القراءة وحروف القرآن.

ومن الذين قرءوا عنه : « تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم ، وفارس بن أحمد ، وعتبة بن عبد الملك ، والحسين بن إبراهيم الأنباري ».

وكان يقول : أنا كنت السبب في تأليف « أبي جعفر النحاس » كتاب « اللامات » (٢) توفي ابن عراك بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمة فيما يلي :

معرفة القراء ج ١ ، ص ٣٥٤. وطبقات القراء : ج ١ ص ٥٩٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٩٧.


رقم الترجمة / ٧٨

« عمر الكتّانيّ » (١) ت ٣٩٠ هـ

هو : عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي.

ذكره « الذهبي » ت ٨٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة التاسعة عن حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « الكتاني » سنة ثلاثمائة من الهجرة. وأخذ القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : سمع « الكتاني » حروف القرآن من إبراهيم بن عرفة نفطويه ، وقرأ على الأشناني ، ولم يختم عليه ، وعرض القرآن على « علي بن سعيد القزاز ، وبكار ، وعمر بن جناد ، ومحمد بن الحسن النقاش ، وأحمد بن عثمان بن بويان ، ومحمد بن علي الرقي ، وزيد بن أبي بلال ، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق ». وروى القراءة عن « عبيد الله ابن بكير » ، وسمع كتاب السبعة من « ابن مجاهد » اهـ (٢).

وأخذ « الكتاني » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : سمع « الكتاني » أبا القاسم البغوي ، وأحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، وأبا سعيد العدوي ، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي ، والفضل بن منصور الزبيدي ، وإبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي ، وأبا بكر النيسابوري ، وأبا بكر بن مجاهد ، وغيرهم.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء : ج ١ ، ص ٣٥٦. وطبقات القراء ، ج ١ ، ص ٤٧٠. وتاريخ بغداد ج ١١ ، ص ٢٦٩. والعبر ج ٣ ، ص ٤٦. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٣٤.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٨٧.


كما حدثنا عنه « الأزهري ، وعبد العزيز الأزجي ، والتنوخي ، وأبو الفضل ابن الكوفي.

ثم يقول « الخطيب البغدادي » : وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج ، وذكره « محمد بن أبي الفوارس » فقال : « كان لا بأس به » (١).

تصدر « الكتاني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : عيسى بن سعيد الأندلسي ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن إسحاق المقري ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ، وأحمد ابن الفتح ، والحسن بن الفحّام. وسمع منه كتاب السبعة عبد الله بن هزار مرد الصريفيني ، وأحمد بن محمد بن يوسف ، وعلي بن القاسم بن إبراهيم شيخ أبي عليّ الحدّاد ، وقرأ عليه الحسن بن عليّ العطّار ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي ، وكان الكتاني يقرئ بمسجده ببغداد (٢).

توفي « الكتاني » في رجب سنة تسعين وثلاثمائة ، وله تسعون سنة رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ١١ ، ص ٢٦٩.

(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٨٧.


رقم الترجمة / ٧٩

« فارس بن أحمد » (١) ت ٤٠١ هـ

هو : فارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير ، نزيل مصر ، الأستاذ الكبير ، مؤلف كتاب المنشآت في القراءات الثمان ، وأحد الحذّاق بفن القراءات.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « فارس بن أحمد » بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ثم رحل إلى القاهرة واستوطنها إلى أن توفاه الله.

أخذ « فارس بن أحمد » القراءة القرآنية عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « عبد الباقي بن الحسن ، وعبد الله بن الحسين ، وعليّ بن عبد الله الجلاّء ، ومحمد بن الحسن ، وأبو طاهر الأنطاكي ، ومحمد بن صبغون الملطي ، وعبد الله بن محمد الرازي ، ومحمد بن علي ، وأبو الفرج الشنبوذي ، وأبو عدي عبد العزيز بن علي ».

وروى حروف القراءات عن : « أحمد بن محمد بن جابر ، وجعفر بن أحمد البزّاز ، وجعفر بن محمد بن الفضل ».

وبعد أن اكتملت مواهب « فارس بن أحمد » جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات واشتهر بالثقة وصحة القراءة ، والإتقان ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٩. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٥. حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٢.

نهاية الغاية الورقة ١٨٧. تاريخ الإسلام الورقة ١٢ [ آيا صوفيا ٣٠٠٩ ].


يأخذون عنه ، ويتعلمون منه ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمة من قرأ عليه : ولده عبد الباقي ، والحافظ أبو عمرو الداني الإمام المشهور.

احتلّ « فارس بن أحمد » مكانة سامية ومنزلة رفيعة ، مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول تلميذه « أبو عمرو الداني » : لم ألق مثله في حفظه ، وضبطه ، كان حافظا ، ضابطا ، حسن التأدية ، فهما بعلم صناعته ، واتساع روايته مع ظهور نسكه وفضله ، وصدق لهجته ».

توفي « فارس بن أحمد » بمصر سنة إحدى وأربعمائة من الهجرة ، وله ثمان وستون سنة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٨٠

« أبو الفتح بن شيطا » (١) ت ٤٥٠ هـ

هو : عبد الواحد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن شيطا : بكسر الشين ، أبو الفتح البغدادي ، وهو أستاذ كبير ومن الثقات ، ومؤلف كتاب : « التذكار في القراءات العشر ».

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « ابن شيطا » سنة سبعين وثلاثمائة. أخذ « ابن شيطا » القراءات عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « عليّ بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن عليّ أبو الحسن بن العلاف البغدادي » ، وهو أستاذ مشهور ثقة ، ضابط ، ولد سنة عشر وثلاثمائة ، وتوفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة.

أخذ « ابن العلاّف » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وأبو طاهر بن أبي هاشم ، وأبو علي الحسن النقّار ، وزيد بن أبي بلال ، ومحمد بن عبد الله المؤدّب ، وهبة الله بن جعفر ، ومحمد بن عليّ بن الهيثم ، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله ، ومحمد بن أحمد السلمي ».

جلس « ابن العلاف » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو الفتح ابن شيطا ، والحسن بن محمد البغدادي ، وأحمد بن محمد القنطري ، وعبد الله بن محمد الذارع ، وعثمان بن علي الدّلاّل ، وأبو علي الشرمقاني ، والحسن بن عليّ العطار ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ١١ ، ص ١٦. ورقم الترجمة ٥٦٨٣. إنباه الرواة ج ٢ ، ص ٢١٣ ورقم الترجمة ٣٥٣. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤١٥. ورقم الترجمة ٣٥٣. طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٧٣. ورقم الترجمة ١٩٧٨. نزهة الألباء ص ٢٥٩. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٨٥.


وأحمد بن رضوان الصيدلاني ، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدّادي ، وأحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني ، وعليّ بن محمد بن فارس الخياط ».

ومن شيوخ « ابن شيطا » : « علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي » ، شيخ العراق ، وهو من الأئمة الثقات ، ومن القراء المسندين ، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي سنة سبع عشرة وأربعمائة. وهو في سن التسعين.

أخذ « أبو الحسن الحمامي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وأبو عيسى بكّار ، وزيد بن عليّ ، وهبة الله بن جعفر ، وعبد الواحد بن عمر ، وعليّ بن محمد بن جعفر القلانسي ، ومحمد بن علي بن الهيثم ، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله ، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق ، وعبد الله ابن الحسن بن سليمان النخّاس ، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ ، وأبو بكر بن مقسم ، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي ».

جلس « أبو الحسن الحمامي » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو الفتح بن شيطا » وأحمد بن الحسن بن اللحياني ، وأحمد بن مسرور ، وأحمد بن علي الهاشمي ، والحسن بن البنّاء ، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن ابن عليّ العطّار ، والحسن بن محمد المالكي ، والحسين بن أحمد الصفّار » وغير هؤلاء.

ومن شيوخ « أبي الفتح بن شيطا » : أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور ، أبو الحسن السوسنجردي » ، وهي نسبة إلى قرية بنواحي بغداد يقال لها : « سوسنجرد ». وهو من القراء المشهورين ، ومن الثقات ، ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ، وتوفي سنة اثنتين وأربعمائة عن ثمانين سنة ونيف.

أخذ « السوسنجردي » القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : زيد بن أبي بلال ، وعبد الواحد بن أبي هاشم ، وعلي بن محمد بن جعفر بن خليع ،


ومحمد بن خليع ، ومحمد بن عبد الله بن أبي مرّة الطوسي ، وبكار بن أحمد.

تصدر « أحمد السوسنجردي » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو الفتح بن شيطا » وأبو علي غلام الهراس ، وأبو بكر محمد بن عليّ الخياط ، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، والحسن بن علي العطار ، وعبد الملك بن شابور.

ومن شيوخ « أبي الفتح بن شيطا » : عبد السلام بن الحسين بن محمد بن طيفور أبو أحمد البصري ثم البغدادي ، وهو شيخ عارف ثقة ، قرأ على : الحسين بن إبراهيم الصائغ ، وعليّ بن محمد بن خشنام ، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي ، وعلي بن أبي رجاء ، وأبي العباس الكيّال.

تصدّر « ابن طيفور » لتعليم القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو الفتح ابن شيطا ، وأبو علي الشرمقاني ، والحسن بن عليّ العطّار ، والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي ، وأبو الحسن الخياط ، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي ، وعبد الملك بن شابور ».

وأخذ « أبو الفتح بن شيطا » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » :

سمع « أبو الفتح بن شيطا » : أبا بكر بن إسماعيل الورّاق ، وأبا محمد بن معروف القاضي ، وعيسى بن عليّ بن عيسى ، وإسماعيل بن سعد بن سويد ، ومحمد بن عمرو بن بهتة ، كتبنا عنه ، وكان ثقة عالما بوجوه القراءات ، بصيرا بالعربية ، حافظا لمذاهب القراء ، وسألته عن مولده فقال : ولدت يوم الاثنين السادس عشر من رجب سنة سبعين وثلاثمائة. اهـ (١).

وقال عنه « الإمام ابن الجزري » : « ابن شيطا ، أبو الفتح البغدادي ،

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ١١ ، ص ١٧.


الأستاذ الكبير الكامل ثقة رضيّ » (١).

تصدر « أبو الفتح بن شيطا » لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه الاستاذ أبو طاهر بن سوار ، وأبو الفضل محمد بن محمد بن الصباغ ، وروى عنه حروف القراءات من كتابه « التذكار » : « الحسن بن محمد الباقرجي ».

توفي « أبو الفتح بن شيطا » سنة خمسين وأربعمائة هـ. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٧٣.


رقم الترجمة / ٨١

« ابن الفحّام السّامري » (١) ت ٤٠٨ هـ

هو : الحسن بن محمد بن يحيى بن داود أبو محمد الفحام المقرئ الفقيه البغدادي السامري شيخ مصدر بارع.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن الفحام » القراءة القرآنية على خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وابن مقسم ، ومحمد بن أحمد بن الخليل ، وبكار بن أحمد ، وجعفر بن عبد الله السامري ، وسلامة بن الحسن الموصلي ، وزيد بن أبي بلال وعليّ بن إبراهيم بن خشنام المالكي ، وعمر بن أحمد الحبّال ، وعبد الله بن محمد الوكيل ، وأبو الطيب الدلاء ، وجعفر بن محمد بن غيالي ، ويوسف بن علان ».

كما أخذ « ابن الفحام » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : أحمد بن علي بن يحيى بن حسان السامري ، وإسماعيل بن محمد الصفار ، ومحمد بن عمرو الرزاز ، ومحمد بن الفرحان الدوري.

تصدّر « ابن الفحام » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة وطال عمره ، وأقبل عليه الطلاب ، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « نصر بن عبد العزيز الفارسي ، وأبو علي غلام الهراس ، والحسن ابن علي العطار ، وعلي بن محمد بن فارس الخياط ، وأبو علي البغدادي ، وعبد الملك بن شابور » وآخرون.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تاريخ بغداد ج ٧ ، ص ٤٢٤. القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٣٢. طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٣٢.


قال « الخطيب البغدادي » : كان « ابن الفحام » ثقة على مذهب الإمام الشافعي وقد حدثني عنه : « أبو سعد السمان الرازي ، ومحمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري » ، وغيرهما.

قال « ابن الجزري » : « ليس هو بصاحب الآيات المنزلة في أهل البيت كما قيل ».

توفي « ابن الفحام » ببغداد سنة ثمان وأربعمائة من الهجرة. رحم الله « ابن الفحام » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٨٢

« ابن الفحّام » (١) ت ٥١٦ هـ

هو : عبد الرحمن بن عتيق بن خلف أبو القاسم الفحام الصقلي. ولد « ابن الفحام » سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة من الهجرة. وقيل : سنة خمس وعشرين وأربعمائة.

وبعد أن حفظ « ابن الفحّام » القرآن الكريم رحل من جزيرة صقلية مسقط رأسه إلى « مصر » في سبيل طلب العلم والقراءات.

وقد أخذ القراءات عن عدد من خيرة العلماء منهم :

١ ـ أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري المقرئ. وكان « ابن نفيس » إماما ثقة ، صحيح الرواية ، انتهى إليه علوّ الإسناد وعمّر حتى قارب المائة ، وكان حجة في القراءات.

٢ ـ وعبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي ثم المصري.

٣ ـ نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح الفارسي الشيرازي مقرئ الديار المصرية ومن علماء القراءات المحققين ، وله كتاب « الجامع في القراءات العشر ».

قال « أبو القاسم بن الفحّام » : قال لنا أبو الحسن نصر الفارسي إنه قرأ

__________________

(١) انظر ترجمة ابن الفحام في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٧٢. غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٧٤. إنباه الرواة ج ٢ ، ص ١٦٤. العبر في خبر من غبر ج ٢ ، ص ٤٠٧. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٢٢٥.

معجم المؤلفين ج ٥ ، ص ١٥٣. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٢١٣. عيون التواريخ ج ١٢ ، ص ١٤٠.

شذرات الذهب ج ٤ ، ص ٤٩. حسن المحاضرة ج ١ ، ٤٩٥.


بالطرق والروايات ، والمذاهب المذكورة في كتاب « الروضة » لأبي علي المالكي البغدادي ، على شيوخ « أبي عليّ » المذكورين في « الروضة » كلهم القرآن كله وأن « أبا علي » كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله.

وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه من ذلك.

٤ ـ وإبراهيم بن سليمان بن غالب أبو إسحاق المصري المعروف بابن الخياط المالكي ، وهو شيخ مقرئ مشهور وعدل. روى كتاب « الروضة » سماعا وتلاوة عن مؤلفه « أبي علي الحسن بن محمد البغدادي » وقرأ على إسماعيل بن عمرو بن راشد.

كما أخذ « ابن الفحّام » « النحو » عن خيرة علماء اللغة ، وفي مقدمتهم « أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن إبراهيم النحوي الجوهري المصري ».

وطاهر هذا من العلماء المشهورين بالمصنفات النافعة المفيدة ومن تصانيفه « المقدمة في النحو » وشرحها ، وشرح الجمل للزجاج وكان يتولى تحرير الكتب الصادرة من ديوان الإنشاء بالديار المصرية إلى الأطراف ليصلح ما لعلّه يجد بها من لحن خفيّ.

وابن الفحام هو الذي طلب من « ابن بابشاذ » أن يشرح له مقدمته في النحو فأملى عليه شرحها.

تصدر « ابن الفحّام » لتعليم القرآن وحروفه ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وصحة الضبط والاتقان ، وأقبل عليه طلاب العلم ، وحفاظ القرآن يأخذون عنه فتتلمذ عليه الكثيرون. ومن تلاميذه :

١ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الحافظ ، أبو طاهر السّلفي وله علوّ في إسناد الحديث والقراءات مع الثقة والعلم.


٢ ـ وأحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام بن الحطية ، أبو العباس اللخمي الفارسي ثم المصري وهو إمام صالح عارف بالقراءات وصحة الضبط. عيّن لقضاء « مصر » سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.

٣ ـ ومحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الطفيل ، أبو الحسن العبدي الإشبيلي.

وقد عني بالقراءات ، واشتهر بالصدق والاتقان ونظم أرجوزة في القراءات.

٤ ـ ويحيى بن سعدون بن تمام ضياء الدين أبو بكر الأزدي القرطبي إمام عارف ، علامة.

ولد بقرطبة سنة ست وثمانين وأربعمائة من الهجرة ، وقرأ بها القراءات ، ثم رحل إلى الإسكندرية فقرأ على « ابن الفحّام » ونزل بالموصل. قال عنه « الذهبي » كان « ابن سعدون » ثقة محققا ، واسع العلم ذا دين ونسك وورع ووقار.

٥ ـ وعبد الرحمن بن خلف الله بن محمد بن عطية أبو القاسم القرشيّ ، الإسكندري ، المالكي ، المؤدب.

وكان ثقة ، وشيخا صالحا ، أقرأ الناس مدة على صدق واستقامة.

لقد احتلّ « ابن الفحّام » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « أبو الربيع سليمان بن عبد العزيز المقرئ الأندلسي » : ما رأيت أعلم بالقراءات ، ووجوهها من « ابن الفحّام » وإنه ليحفظ القراءات كما نحفظ نحن القرآن. اهـ (١).

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٣٧٤.


وقال « الذهبي » : كان « ابن الفحّام » من الثقات ، وثّقه « أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي ، وعليّ بن المفضل. اهـ (١).

وقال « القفطي » : كان « ابن الفحّام » حافظا للقراءات ، صدوقا ، متقنا ، عالما. اهـ (٢).

وقال « السيوطي » : انتهت إلى « ابن الفحّام » رئاسة الإقراء بالاسكندرية علوّا ومعرفة. اهـ (٣).

وقال « جمال الدين » : قصد الناس « ابن الفحّام » من شتى النواحي لعلوّ إسناده ، وإتقانه. اهـ (٤).

وبالجملة ، فقد كان « ابن الفحّام » إماما محققا ، ثقة ، متقنا ، وقد وهب حياته لخدمة القراءات القرآنية تعلّما وتعليما ، وصنف كتابه المشهور في القراءات « التجريد لبغية المريد ».

توفي « ابن الفحّام » في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة من الهجرة وقد جاوز التسعين.

رحم الله « ابن الفحّام » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٤٧٢.

(٢) إنباه الرواة للقفطي ج ٢ ، ص ١٦٤.

(٣) انظر حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٥.

(٤) انظر النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٢٢٥.


رقم الترجمة / ٨٣

« أبو الفرج النجاد » (١) ت ٤٢٩ هـ

هو : محمد بن يوسف بن محمد أبو الفرج الأموي الأندلسي القرطبي ، يعرف بالنجاد ، وهو خال الإمام الحافظ « أبي عمرو بن العلاء ».

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « أبو الفرج النجاد » ، ببلدة « يسير » بعد سنة خمسين وثلاثمائة من الهجرة.

أخذ « أبو الفرج النجاد » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول الحجة « أبو عمرو الداني » : أخذ « أبو الفرج النجاد » القراءة عرضا عن : أبي أحمد السامري ، وأبي الحسن عليّ بن بشر الأنطاكي وغيرهما من أهل الضبط والإتقان ، والمعرفة بما يقرأ ويقرئ ، وكان معه نصيب وافر من علم العربية ، وعلم الفرائض والحساب. اهـ.

تصدر « أبو الفرج النجاد » لتعليم القرآن الكريم ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : أقرأ الناس بقرطبة في مسجده من بعد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة ، ثم نزح في الفتنة وسكن « الثغر » وأقرأ الناس به دهرا ثم ردّ إلى قرطبة وبها توفي في صدر ذي القعدة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. اهـ.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار : ج ١ ، ص ٣٨٨ ورقم الترجمة ٣٢٥. وغاية النهاية : ج ٢ ، ص ٢٨٧.


رقم الترجمة / ٨٤

« أبو الفضل الخزاعي » (١) ت ٤٠٨ هـ

هو : محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل أبو الفضل الخزاعي الجرجاني ، مؤلف كتاب « المنتهى في الخمسة عشر » ، يشتمل على مائتين وخمسين رواية ، وكتاب « تهذيب الأداء في السبع ».

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن ، كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو الفضل الخزاعي » القراءة القرآنية عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « الحسن بن سعيد المطوعي ، وأبو علي بن حبش ، وأحمد بن محمد ابن الشارب ، وأبو أحمد الساوي ، ومحمد بن الحسن الأدمي ، وأبو القاسم منصور بن محمد الوراق ، وعقيل بن علي البصري ، وأبو جعفر عمر بن إبراهيم ابن أحمد الكتاني ، والحسن بن الحسين الصواف ، وعلي بن أحمد بن عبد الله بن حميد ، وعمر بن علي الطبري ، ومحمد بن أحمد بن علاّن ، وإبراهيم بن أحمد المروزي ، وعمر بن البغدادي ، ومحمد بن غريب ، وجعفر بن علي بن موسى الضرير ، ومحمد بن خليل الأخفش ، ومحمد بن عبيد بن الخليل ، وأحمد بن محمد ابن عيسى ، وأحمد بن محمد بن الفتح ، وعبد الله بن يعقوب ، ومحمد بن عيسى المؤدب ، وأحمد بن القاسم بن يوسف ، وإبراهيم بن أحمد اللبناني ، وأحمد بن عبد الرحمن الأنطاكي ، ومحمد بن عبد الجبار ، ويوسف بن محمد الضرير ، وحمد ابن عبد الواسع ، وعثمان بن أحمد بن سمعان ، ومحمد بن يحيى الملاح ، وإبراهيم

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٠. طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٠٩. الوافي بالوفيات ج ٢ ، ص ٣٠٥.

مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٢٢. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٨٧. نهاية الغاية الورقة ٢٢٨. تاريخ الإسلام الورقة ٨٢ [ أياصوفيا ٣٠٠٩ ].


ابن أحمد الطبري ، ومحمد بن الحسين الجعفي ، وطلحة بن محمد بن جعفر ، وأحمد بن جعفر الخلال ، والحسن بن بشر الأزدي ، وعلي بن القاسم ، وأحمد ابن نصر الشذائي ، وأبو الطيب الحضيني ، وأبو القاسم النخاس ، وأبو الحسن ابن خشنام ، وعلي بن محمد الهاشمي ».

مما تقدم يتبين بجلاء ووضوح علوّ إسناد « أبي الفضل الخزاعي » ، ويظهر بجلاء أيضا كثرة أساتذته الذين أخذ عنهم القراءات.

وبعد أن اكتملت مواهب « أبي الفضل الخزاعي » تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، والتصنيف ، واشتهر بالثقة ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو العلاء الواسطي ، وأحمد بن الفضل الباطرقاني ، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني ، وأبو بكر أحمد ابن محمد بن إبراهيم المروزي » وآخرون.

توفي « أبو الفضل الخزاعي » سنة ثمان وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٨٥

« أبو الفضل الرّازي » (١) ت ٤٥٤ هـ

هو : عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار أبو الفضل الرازي ، الإمام المقرئ شيخ الإسلام ، في عصره ، مؤلف كتاب « جامع الوقوف » وغيره ، الرحّالة ، وكان يقول : أول سفري في الطلب كنت ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان طوافه في البلاد من أجل العلم إحدى وسبعين سنة.

ورد أن مولده « بمكة المكرمة » سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وما زال ينتقل في البلدان حتى توفاه الله تعالى.

ذكره « أبو سعيد السمعاني » فقال : كان مقرئا ، فاضلا ، كثير التصانيف حسن السيرة ، زاهدا متعبدا ، خشن العيش ، قانعا باليسير ، يقرئ أكثر أوقاته ، ويروي الحديث وكان يسافر وحده ويدخل البراري. وقال « عبد الغافر الفارسي » في تاريخه : « كان « أبو الفضل الرّازي » ثقة جوّالا ، إماما في القراءات ، أوحد في طريقته ، وكان الشيوخ يعظمونه ، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب ، فإذا عرف مكانه تركه ، وإذا فتح عليه بشيء آثر به.

وقال « يحيى بن منده » في تاريخه : قرأ على « أبي الفضل الرازي » جماعة ، وخرج من أصبهان إلى كرمان ، وحدث بها ، وبها مات ، وهو ثقة ، ورع متديّن ، عارف بالقراءات والروايات ، عالم بالأدب والنحو ، أكبر من أن يدلّ

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار رقم الترجمة ٣٥٦ ج ١ ، ص ٤١٧. غاية النهاية في طبقات القراء ورقم الترجمة ١٥٤٩ ج ١ ، ص ٣٦١. العبر في خبر من غبر ج ٣ ، ص ٢٣٢. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٧١. بغية الوعاة ج ٢ ، ص ٧٥. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٩٣.


عليه مثلي ، وهو أشهر من الشمس ، وأضوأ من القمر ، ذو فنون في العلم مهيب ، منظور ، فصيح ، حسن الطريقة ، كبير الوزن (١).

وقال « الحافظ الذهبي » : قرأت على « إسحاق بن أبي بكر الأسدي » ، أخبرنا ، يوسف بن خليل ، أخبرنا خليل بن أبي رجاء ، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الدقّاق ، قال :

« ورد علينا الإمام أبو الفضل عبد الواحد بن أحمد الرازي ، وكان من الأئمة الثقات ، ذكره يملأ الفم ، ويذرف العين ، وكان رجلا مهيبا ، مديد القامة ، وليّا من أولياء الله تعالى ، صاحب كرامات ، طوّف الدنيا مستفيدا ومفيدا » (٢).

أخذ « أبو الفضل الرّازي » القراءات عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحماميّ » ، شيخ العراق ، ومسند الآفاق ، ثقة بارع ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : « كان صدوقا ديّنا ، فاضلا ، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها » (٣).

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وأخذ القراءات عرضا عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش » وغيره ، وتصدّر لتعليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه : « أحمد بن الحسن اللحياني » وغيره.

توفي « أبو الحسن الحمامي » في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في التسعين من عمره.

ومن شيوخ « أبي الفضل الرازي » في القراءة : « عبد الملك بن بكران بن

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤١٨.

(٢) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤١٩.

(٣) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢٢.


عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني » وهو مقرئ استاذ حاذق ثقة ، ألّف في القراءة كتبا ، وعمّر دهرا ، واشتهر ذكره.

أخذ القراءات عرضا عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « زيد بن علي ابن أبي بلال ، وأبي بكر النقاش ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « الحسن بن محمد البغدادي ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ».

توفي « أبو الفرج النهرواني » في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي الفضل الرازي » في القراءة : « بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي » ، الواعظ ، وهو شيخ ماهر ثقة ، مشهور بالتقوى والصلاح.

أخذ « بكر بن شاذان » القراءة على خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « زيد بن أبي بلال ، وأبو بكر محمد بن عليّ بن الهيثم بن علوان » ثم جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو عليّ الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي ». توفي « بكر بن شاذان » يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي الفضل الرازي » : « عبيد الله بن محمد بن أحمد بن مهران أبو أحمد الفرضي البغدادي » ، وهو إمام كبير ثقة ، ورع.

قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان « أبو أحمد » ثقة ، ورعا ، دينا ، حدثنا « منصور بن عمر » الفقيه ، قال : لم أر في الشيوخ مثل « أبي أحمد » اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة ، وإسناد ، وحالة متسعة في الدنيا ، وكان مع


ذلك أورع الخلق ، وكان يقرأ علينا الحديث بنفسه ، لم أر مثله (١).

وقال عنه « عيسى بن أحمد الهمذاني » : كان أبو أحمد الفرضي إذا جاء إلى الشيخ « أبي حامد الأسفراييني » قام « أبو حامد » من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا متلقيا (٢).

توفي « أبو أحمد الفرضي » في شوال سنة ست وأربعمائة وله اثنتان وثمانون سنة.

ومن شيوخ « أبي الفضل الرازي » : « علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني » وهو إمام ضابط متقن محرّر مقرئ ثقة زاهد ، انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين ، أخذ القراءة عن عدد من العلماء الأجلاء ، وفي مقدمتهم : « أبو الحسن بن الأخرم » وهو آخر أصحابه.

ثم جلس لتعليم القرآن ، واشتهر بالضبط ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، ومن الذين اخذوا عنه القراءة : « عليّ بن الحسن الرّبعي ، وأحمد ابن محمد القنطري ».

ومن شيوخ « أبي الفضل الرازي » : « أحمد بن علي أبو نصر السمناني » ، وهو مقرئ مشهور ثقة متصدر « بالريّ ». روى القراءة عرضا عن « أحمد بن عباس ابن الإمام » وروى القراءة عنه عدد كبير وفي مقدمتهم : « أبو الفضل الرّازي ».

وكما أخذ « أبو الفضل الرّازي » القراءة عن خيرة العلماء ومشاهيرهم ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء الأجلاء ، وفي مقدمتهم : « أبو مسلم الكاتب ، وعبد الوهاب الكلابي ».

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.


وبعد أن اكتملت شخصية « أبي الفضل الرازي » وبرزت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وذاع صيته بين الناس ، واشتهر بالثقة والضبط ، وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه ، وكثر تلاميذه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « يوسف بن عليّ بن جبارة أبو القاسم الهذلي اليشكري » ، الأستاذ الكبير والعلم الشهير الرحّال الجوّال.

ولد في حدود التسعين وثلاثمائة ، وطاف البلاد في طلب القراءات قال « الإمام ابن الجزري » : لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته ، ولقي من لقي من الشيوخ ، قال في كتابه « الكامل » : فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا ، من آخر المغرب إلى باب فرغانة يمينا وشمالا ، وجبلا ، وبحرا ، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته ، قال : وألفت هذا الكتاب ـ أي الكامل ـ فجعلته جامعا للطرق المتلوة ، والقراءات المعروفة ، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز ، والهادي (١).

قال « الأمير ابن ماكولا » : كان « أبو القاسم الهذلي » يدرّس علم النحو ، ويفهم الكلام ... وكان قد قرره الوزير « نظام الدين » في مدرسته بنيسابور ، فقعد سنين وأفاد ، وكان مقدّما في النحو والصرف ، وعلل القراءات ، وكان يحضر مجلس « أبي القاسم القشيري » ويأخذ عنه الأصول ، وكان « القشيري » يراجعه في مسائل النحو ، والقراءات ، ويستفيد منه ، وكان حضوره سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ، وقد ذكر شيوخه الذين أخذ عنهم القراءات في كتابه « الكامل » وعدتهم مائة واثنان وعشرون شيخا ، منهم : « إبراهيم بن أحمد ، وإبراهيم بن الخطيب ».

وبعد أن اكتملت مواهب « أبي القاسم الهذلي » تصدّر لتعليم القرآن وكما

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٩٨.


كثر عدد شيوخه كثر أيضا عدد طلابه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو العز القلانسي ، وعليّ بن عساكر ».

توفي « أبو القاسم الهذلي » سنة خمس وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « أبي الفضل الرازي » في القراءة : « الحسن بن أحمد بن الحسن أبو علي الحدّاد » ، شيخ أصبهان وكان عالي الإسناد ، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة ، وكان ثقة ، صالحا ، جليل القدرة ، روى حروف القراءات عن « عبد الملك بن الخير العطّار » وسمع سبعة « ابن مجاهد » من « أحمد بن محمد ابن يوسف ».

توفي « الحسن بن أحمد » في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة عن سبع وتسعين سنة.

ومن تلاميذ « أبي الفضل الرازي » في القراءة : « إسماعيل بن الفضل بن أحمد أبو الفضل ، وأبو الفتح السرّاج المعروف بالإخشيد ، الإمام الحافظ ، الثقة ، الضابط.

روى حروف القراءات عن « أبي الفضل عبد الرحمن الرازي ، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني ». وروى عنه القراءة « الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني ».

ومن تلاميذ « أبي الفضل الرازي » في القراءة : « محمد بن إبراهيم بن محمد ابن جعفر أبو عبد الله البيضاوي » ، وهو مقرئ ثقة ، ضابط متصدّر ، أخذ القراءة عرضا عن الإمام « أبي الفضل عبد الرحمن الرازي » ، وقرأ عليه « أبو سعيد الحسن بن محمد اليزدي » بالبيضاء من عمل شيراز.

ومن تلاميذ « أبي الفضل الرازي » في القراءة : « محمد بن إبراهيم بن محمد ابن سعدويه المزكي الأصبهاني » ، شيخ القراءات وهو من الثقات المجوّدين


والحفاظ المشهورين ، روى القراءات عن « أبي الفضل عبد الرحمن الرازي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ويقرءون عليه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءات : « أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني ».

ومن تلاميذ « أبي الفضل الرازي » في القراءة : « محمد بن سالبة بن عليّ بن حمويه أبو عبد الله الشيرازي » ، وهو إمام مقرئ متصدّر ثقة ، صالح ، أخذ القراءة عن : « الإمام أبي الفضل الرازي » وقرأ عليه « الحسن بن محمد اليزدي ».

وكما تصدّر « أبو الفضل الرّازي » لتعليم القرآن ، تصدّر أيضا لتعليم سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، ومن تلاميذه في الحديث : « الحسين بن عبد الملك الخلاّل ، وأبو سهل بن سعدويه ».

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي « أبو الفضل الرازي » في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٨٦

« أبو الفوارس » (١)

هو : محمد بن العباس ، أبو الفوارس الأواني ، الصريفيني ، وهو شيخ ثقة ، ضابط عدل.

أخذ القراءة عن « عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي » ت سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

وجلس « أبو الفوارس » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، ومن الذين قرءوا عليه : « محمد الحسين بن بندار ، أبو العز الواسطي القلانسي ، شيخ العراق ، ومقرئ القراء بواسط ، صاحب التصانيف ، ألّف كتاب « الإرشاد » في القراءات العشر ، وكتاب « الكفاية » وهو أكبر من كتاب « الإرشاد ».

قال « السّلفي » : سألت « خميسا الحوزي » عن « أبي العزّ » فقال : هو أوحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن ، برع في القراءات ، وسمع من جماعة ، وهو جيّد النقل ، ذو فهم فيما يقوله. اهـ.

ولد « أبو العزّ القلانسي » سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط ، ورحل إلى « أبي القاسم الهذلي » فقرأ عليه بكتاب « الكامل » ، ودخل بغداد فقرأ بها « لعاصم » على « محمد بن العباس الأواني » ، وسمع من « أبي جعفر بن المسلمة ».

ثم تصدّر للإقراء بواسط ، ورحل إليه من الأقطار ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو الفتح بن زريق الحدّاد ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٠ ، ورقم الترجمة ٣٥٧. طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٥٨ ورقم الترجمة ٣٠٩٠.


قال « ابن الجوزي » : مات « أبو العز القلانسي » في شوال سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بواسط.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٨٧

« أبو القاسم الحسيني » (١) ت ٤٣٣ هـ

هو : علي بن محمد بن عليّ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو القاسم الحسيني الحراني الحنبلي ، شيخ معمّر مقرئ صالح ثقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

تلقى « أبو القاسم الحسيني » القراءات على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون أبو بكر النقاش » نزيل بغداد ، الإمام العلم ، مؤلف كتاب « شفاء الصدور » وقد عني بالقراءات من صغره ، وطاف الأمصار ، وتجوّل في البلدان ، وكتب الحديث وقيّد السنن ، وصنف المصنفات في القراءات ، والتفسير ، وغير ذلك ، وطلت أيامه فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه وورعه ، وصدق لهجته ، وبراعة فهمه ، وحسن اطلاعه ، واتساع معرفته ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : « كان عالما بالحروف ، حافظا للتفسير ، سافر الكثير شرقا وغربا ، وكتب بمصر والشام والجزيرة والجبال وخراسان وما وراء النهر » اهـ.

وقال عنه « الإمام الداني » : النقاش جائز القول ، مقبول الشهادة ، سمعت « عبد العزيز بن جعفر » يقول : كان النقاش يقصد في قراءة « ابن كثير ، وابن عامر » لعلوّ إسناده فيهما ، وكان له بيت مليء كتبا ، وكان « أبو الحسن الداراني » يستملي له ، وينتقي للناس من حديثه. اهـ ، ت ٣٥١ هـ.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ص ٣٩٣. طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٧٢. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٥١.


تصدّر « أبو القاسم الحسيني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، والحفظ ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم : « يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة ، أبو القاسم الهذلي اليشكري » الأستاذ الكبير الرحال ، والعلم الشهير الجوّال ، طاف البلاد في طلب القراءات ، يقول « الإمام ابن الجزري » : لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته ، ولا لقي من لقي من الشيوخ ، قال الهذلي في كتابه « الكامل » : فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا من آخر المغرب إلى باب « فرغانة » يمينا وشمالا وجبلا وبحرا ، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته ، ثم قال : وألفت هذا الكتاب ـ أي الكامل ـ فجعلته جامعا للطرق المتلوة ، والقراءات المعروفة ، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز والهادي ».

وكان قد قرره الوزير نظام الدين في مدرسته بنيسابور فقعد سنين وأفاد ، وكان مقدما في النحو والصرف ، وعلل القراءات ، وكان يحضر مجلس « أبي القاسم القشيري » ويأخذ منه الأصول ، وكان « القشيري » يراجعه في مسائل النحو والقراءات ، ويستفيد منه. ت ٤٦٥ هـ.

ومن تلاميذ « أبي القاسم الحسيني » : عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري القطان الشافعي ، شيخ أهل مكة ، إمام عارف محقق أستاذ ثقة ، صالح ، ألف كتاب « التلخيص في القراءات الثمان » ، وكتاب « سوق العروس » فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق ، وكتاب « الدرر » في التفسير ، وكتاب « الرشاد » في شرح القراءات الشاذة ، وكتاب « عنوان المسائل » وكتاب « طبقات القراء » وكتاب « العدد » ت ٤٧٨ هـ.

ومن تلاميذ « أبي القاسم الحسيني » : أحمد بن الفتح بن عبد الجبار ، أبو العباس الموصلي ، نزيل نهر الملك ت ٤٨٤ هـ.


ومن تلاميذ « أبي القاسم الحسيني » : الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي ، المعروف بغلام الهراس ، شيخ العراق ، والجوّال في الأوقاف ، ثم أقام بمصر ، فرحل الناس إليه من كل ناحية ، قال « هبة الله بن المبارك السقطي » : كنت أحد من رحل إلى « أبي عليّ » فألفيت شيخا عالما صدوقا متيقظا نبيلا ، وقورا. اهـ.

وقد جمع ما في الكفاية ، والإرشاد من تلاوة القلانسي عليه. احتلّ « أبو القاسم الحسيني » مكانة عظيمة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : كان « أبو القاسم » صالحا كبير القدر.

وقال « الإمام أبو عمرو الداني » : هو آخر من قرأ على النقاش ، وكان ضابطا ثقة ، مشهورا ، أقرأ بحران دهرا طويلا. اهـ.

توفي « أبو القاسم الحسيني » في العشرين من شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٨٨

« قاسم بن قطلوبغا » (١) ت ٨٧٩ هـ

هو : قاسم بن قطلوبغا زين الدين أبو العدل السودوني ، نسبة لمن أعتق أباه « سودون الشيخوني » نائب السلطنة الجمال الحنفي ، ويعرف بقاسم الحنفي.

وهو من حفاظ القرآن ، ومن العلماء العاملين ، والمؤلفين.

ولد في المحرم سنة اثنتين وثمانمائة بالقاهرة ، ومات أبوه وهو صغير فنشأ يتيما ، وحفظ القرآن ، وكتبا أخرى ، عرض بعضها على « العزّ بن جماعة » وتكسب بالخياطة وقتا وبرع فيها ، ثم أقبل على الاشتغال بالعلم على مشاهير العلماء : فسمع تجويد القرآن على « الزراتيتي » وبعض التفسير على « العلاء البخاري » وأخذ علوم الحديث عن « التاج أحمد الفرغاني » قاضي بغداد ، والفقه عن عدد من العلماء منهم « السراج قاري » و « العز بن جماعة » وأصول الفقه عن « الشريف السبكي » وأصول الدين عن « البساطي » والعربية عن « المجد » والصرف عن « البساطي ».

وقرأ غالب الفنون ، واشتدت عنايته بملازمة « ابن الهمّام » بحيث سمع عليه غالب ما كان يقرأ في هذه الفنون وغيرها ، وذلك من سنة خمس وعشرين وثمانمائة حتى توفاه الله تعالى ، وكان معظم انتفاعه به. وارتحل « قاسم بن قطلوبغا » إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها : فارتحل إلى « الشام » مع شيخه « التاج النعماني » ودخل « الاسكندرية » وقرأ بها على « الكمال بن خير » وغيره.

وحج غير مرّة ، وزار بيت المقدس ، وقال : إنه شملته الإجازة من أهل

__________________

(١) انظر ترجمته في :

الضوء اللامع ج ٦ ، ص ١٨٤ ورقم الترجمة ٦٣٥. البدر الطالع ج ٢ ، ص ٤٥ ورقم الترجمة ٣٦٩.


الشام ، والاسكندرية.

احتل « قاسم بن قطلوبغا » مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « شمس الدين السخاوي » : « ونظر في كتب الأدب ودواوين الشعر فحفظ منها شيئا كثيرا ، وعرف بقوة الحافظة والذكاء ، وأشير إليه بالعلم ، وأذن له غير واحد بالافتاء والتدريس ، ووصفه « ابن الديري » بالشيخ العالم الذكيّ ، وشيخنا بالإمام العلامة المحدث ، الفقيه الحافظ ».

ثم يمضي « السخاوي » في الثناء عليه فيقول : « وتصدى للتدريس والإفتاء ، قديما ، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة ، واسمع من لفظه جامع مسانيد أبي حنيفة ، المشار إليه بمجلس « الناصر بن الظاهر جقمق » بروايته له عن « التاج النعماني ».

وقال « السخاوي » : وترجمه الزين رضوان في بعض مجاميعه بقوله : « هو من حذّاق الحنفية ، كتب الفوائد واستفادوا وأفاد » (١).

وقال « الإمام الشوكاني » : وحفظ القرآن ، وكتبا عرض بعضها على « العز ابن جماعة » ثم أقبل على الاشتغال على جماعة من علماء عصره ، كالعلاء البخاري ، وابن الهمّام ، وقرأ في غالب الفنون ، وتصدر للتدريس ، والإفتاء ، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة ، وصار المشار إليه ، في الحنفية ، ولم يخلّف بعده مثله ، وله مؤلفات منها :

« شرح منظومة ابن الجزري » في مجلدين ، وحاشية شرح الألفية للعراقي وشرح النخبة لابن حجر ، وخرّج أحاديث عوارف المعارف للسهروردي وكذلك خرّج أحاديث البزدوي في أصول الفقه ، وخرج أحاديث تفسير أبي الليث ، والأربعين في اصول الدين ، وجواهر القرآن ، وبداية الهداية وإتحاف

__________________

(١) انظر الضوء اللامع ج ٦ ، ص ١٨٥.


الأحياء بما فات من تخريج أحاديث الإحياء ، ومنية الألمعي بما فات الزيلعي ، وبغية الرائد في تخريج أحاديث شرح العقائد ، ونزهة الرائض في أدلة الفرائض ، ورتب مسند أبي حنيفة لابن المقري ، والأمالي على مسند أبي حنيفة في مجلدين ، والموطأ برواية « محمد بن الحسن » ، ومسند « عقبة بن عامر » الصحابي ، وعوالي كل من أبي الليث والطحاوي ، وأسئلة الحاكم للدارقطني ، وسنن الدارقطني على الستة ، والثقات ممن لم يقع في الكتب الستة في أربعة مجلدات ، وتقويم اللسان في الضعفاء في مجلدين ، وحاشية على كل من المشتبه والتقريب لابن حجر ، والأجوبة على اعتراض ابن أبي شيبة على « أبي حنيفة » في الحديث ، وكتاب ترجم فيه لمن صنف من الحنفية ، وسمّاه « تاج التراجم » ومعجم شيوخه.

وشرح كتبا من كتب فقه الحنفية كالقدوري ، ومختصر المنار ، ودرر البحار في المذاهب الأربعة ، وأجوبة على اعتراضات « العز بن جماعة » على أصول الحنفية ، ومختصر تلخيص المفتاح ، وله مصنفات غير هذه ، وقد برع في عدة فنون ».

وقال « شمس الدين السخاوي » : هو إمام علاّمة قويّ المشاركة في فنون ، ذاكر لكثير من الأدب ، ومتعلقاته ، واسع الباع في استحضار مذهبه وكثير من زواياه ، وخباياه ، متقدم في هذا الفنّ طلق اللسان ، قادر على المناظرة ، وإفحام الخصم ، وحافظته أحسن من تحقيقه ، وكلامه أفصح من قلمه ، مع كونه غاية في التواضع ، وطرح التكلف ، وصفاء الخاطر ، وحسن المحاضرة لا سيّما في الأشياء التي يحفظها ، وعدم اليبس والصلابة ، والرغبة في المذاكرة للعلم ، وإثارة الفائدة والاقتباس ممن دونه مما لعله لم يكن أتقنه ، وقد انفرد عن علماء مذهبه الذين أدركناهم بالتقدم في هذا الفن ، وقصد بالفتاوى في النوازل والمهمات ، فغلبوا باعتنائه بهم مقاصدهم غالبا ، واشتهر بذلك ، ولم يجد مع انتشار ذكره وظيفة تناسبه ، ثم استقر في تدريس الحديث ، بقبّة « البيبرسيّة » عقب « ابن


حسان » ثم رغب عنه بعد ذلك لسبط شيخنا ، وقرره « جانبك الجدّاوي » في مشيخة مدرسته التي أنشأها بباب القرافة ، ثم صرفه وقرّر فيها غيره ، ولكنه كان قبل ذلك ربما تفقده الأعيان ، والأمراء ونحوهم فيسارع إلى إنفاق ما يأخذه منهم ثم يعود إلى حالته مع كثرة عياله. ولما استقر رفيقه « السيف الحنفي » في مشيخة المؤيديّة ، عرض عليه السكنى بقاعتها لعلمه بضيق منزله ، أو تكلفه الصعود إليه لكونه بالدور الأعلى من ربع « الخوندار » فما وافق.

ولما استقر « الشمس الأمشاطي » في قضاء الحنفية رتب له في كل شهر ثمانمائة درهم لمزيد اختصاصه به ، وتقدم صحبته معه.

وعظم انتفاع « الشرف المناوي » به ، وكذا « البدر بن الصواف » في كثير من مقاصدهما.

ثم يقول « شمس الدين السخاوي » : وقد صحبته قديما ، وسمعت منه مع ولدي « المسلسل » بسماعه له على « الواسطي » وكتبت عنه من نظمه وفوائده أشياء ، بل قرأت عليه شرح ألفية العراقي.

ثم يقول « السخاوي » : وقد ذكره « المقريزي » في عقوده ، فقال : وبرع في فنون من فقه ، وعربية ، وحديث وغير ذلك ، وكتب مصنفات عديدة (١).

ظلّ « قاسم بن قطلوبغا » في عمل مستمر وحياة حافلة بالعلم تدريسا وتصنيفا ، حتى توفاه الله تعالى في ليلة الخميس رابع ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وثمانمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر الضوء اللامع ج ٦ ، ص ١٨٧ فما بعدها.


رقم الترجمة / ٨٩

« أبو القاسم الظّهراوي » (١) ت ٣٩٨ هـ

هو : قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري ، من ساكني مدينة « أبي البيس » التي يقال لها اليوم « بلبيس » بمحافظة الشرقية بمصر.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو القاسم الظّهراوي » القراءة القرآنية على خيرة العلماء وفي مقدمتهم : جدّه لأمه « عبد الله بن عبد الرحمن » ويقال هو : محمد بن عبد الرحمن الظهراوي ، صاحب « أبي بكر بن سيف ».

تصدّر « أبو القاسم الظّهراوي » لتعليم القرآن الكريم ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : « عبد الباقي بن فارس ، وأحمد بن محمد الصقلي ، وعمر بن عراك ، وإسماعيل بن عمر بن راشد » وآخرون.

احتلّ « أبو القاسم الظّهراوي » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين العلماء وحفاظ القرآن مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا المعنى يقول حجة القراءات « الإمام أبو عمرو الداني » رحمه‌الله :

« كان أبو القاسم الظّهراوي » ضابطا لرواية ورش ، يقصد فيها ، وتؤخذ عنه ، وكان خيرا فاضلا ، سمعت « فارس بن أحمد » يثني عليه ، وكان يقرئ

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٢٧. معرفة القراء الكبار للذهبي ج ١ ، ص ٣٨٤. حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي ج ١ ، ص ٤٩٢.


بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة » اهـ (١).

توفي « أبو القاسم الظّهراوي » سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٤ وطبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٧.


رقم الترجمة / ٩٠

« أبو القاسم الطرسوسي » (١) ت ٤٢٠ هـ

هو : عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي ، شيخ الإقراء بمصر في زمانه ، ومؤلف كتاب « المجتبى » في القراءات.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو القاسم الطرسوسي » القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم : « أبو أحمد السامري » وعرض عليه حروف القراءات كلها ، كما أخذ عن « أبي بكر الأذفوي ، وأبي عدي عبد العزيز بن علي ، وأبي القاسم عبيد الله بن محمد المصري ». وسمع حروف القراءات من « أبي عليّ أحمد بن عبد الوهاب ، وأبي الحسن علي بن محمد المعدّل صاحب ابن مجاهد ، وأبي محمد الحسن بن رشيق ».

وبعد أن اكتملت مواهب « أبي القاسم الطرسوسي » تصدر لتعليم القرآن والتصنيف ، واشتهر بالثقة ، ودقة الضبط ، وأقبل عليه حفاظ القرآن.

ومن الذين قرءوا عليه القراءات : أبو طاهر إسماعيل بن خلف مؤلف كتاب « العنوان » وإبراهيم بن ثابت بن أخطل الذي تصدر بعده للإقراء ، وعبد الله بن سهل الأندلسي ، وأحمد بن يحيى التجيبي الأندلسي ، وعبد الرحمن ابن علي القروي.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٢. طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٥٧. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٣٥.

حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٢. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣١٥. فهرست ابن خير ص ٢٥.

تاريخ الإسلام الورقة ٢٠١ [ أياصوفيا ٣٠٠٩ ].


وروى عنه القراءات : « أبو الحسين يحيى بن إبراهيم » ، وهو آخر من قيل :

إنه روى عنه.

اشتهر « أبو القاسم الطرسوسي » بالثقة ، والأمانة في العلم مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول الإمام الداني » : « أبو القاسم كان شيخا فاضلا ، ضابطا ذا عفاف ونسك ، رأيته وشاهدته وكان كثيرا ما يقصد شيخنا : « فارس بن أحمد » يذاكره في مجلسه ، ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ».

توفي « أبو القاسم » بمصر في آخر شهر ربيع الأول ، أو أول شهر ربيع الآخر ، سنة عشرين واربعمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٩١

« أبو القاسم الهذلي » (١) ت ٤٦٥ هـ

هو : يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل أبو القاسم الهذلي اليشكري ، الأستاذ الكبير ، العالم الشهير.

ولد في حدود التسعين وثلاثمائة تقريبا ، وطاف البلاد في طلب القراءات ، يقول « ابن الجزري » : لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته ، ولا لقي من لقي من الشيوخ ، قال في كتابه « الكامل » :

« فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا ، من آخر المغرب إلى باب « فرغانة » يمينا ، وشمالا ، وجبلا ، وبحرا ، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته » (٢).

يفهم مما تقدّم أن « أبا القاسم الهذلي » طوّف بكثير من المدن من أجل تلقّي القراءات القرآنية عن الشيوخ ، والأخذ عنهم ، وقد تتبعت البلاد التي رحل إليها فوجدته رحل إلى البلاد الآتية :

بغداد ، عسقلان ، واسط ، الكوفة ، البصرة ، دمياط ، مصر ، الاسكندرية ، دمشق ، حلب ، صيدا ، بيروت ، حلب ، الرملة ، همذان ، سمرقند ، القيروان ، جرجان ، حرّان ، بخارى ، طرابلس الغرب ، أصبهان ، كرمان ، الأهواز ، شيراز.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٩ ورقم الترجمة ٣٦٧. غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٩٧ ـ ورقم الترجمة ٣٩٢٩. الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٦٨٠. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٩٣. بغية الوعاة ج ٢ ، ص ٣٥٩ ـ ورقم الترجمة ٢١٨٧. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٢٤.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٩٨.


من هذا يتبيّن بجلاء ووضوح مدى الجهد العظيم الذي بذله « أبو القاسم الهذلي » من أجل معرفة قراءات القرآن ، وهكذا تكون الهمم العالية في طلب العلم ، وبخاصة ما يتصل بالقرآن الكريم.

لقد احتل « أبو القاسم الهذلي » شهرة عظيمة ، ومكانة سامية بين الخاص والعام ، مما جعل الكثيرين يثنون عليه ، وقد ذكره تلاميذه الذين أخذوا عنه القراءات ، وكلهم أثنى عليه.

يقول « الحافظ الذهبي » : « وذكره « عبد الغفار » ونعته بأنه ضرير ـ فكأنه عمي في آخر عمره ـ وقد كان أرسله « نظام الملك » الوزير ليجلس في مدرسته بنيسابور ـ هي المدرسة النظامية ـ فقعد سنين ، وأفاد ، وكان مقدما في النحو ، والصرف ، عارفا بالعلل ، كان يحضر مجلس « أبي القاسم القشيري » ويقرأ عليه الأصول في الفقه ، وكان « القشيري » يراجعه في مسائل النحو ، ويستفيد منه ، وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ، إلى أن توفي » (١).

وكما أخذ « أبو القاسم الهذلي » القراءات عن مشاهير القراء ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « وحدث عن « أبي نعيم الحافظ » وجماعة » اهـ (٢).

لم يقتصر « أبو القاسم الهذلي » على تلقّي القراءات ، والحديث ، ثم تعليمهما ، بل أفاد من ذلك فائدة كبيرة ، وصنف الكتب المفيدة ، وفي هذا المقام يقول عن نفسه :

« وألفت هذا الكتاب ـ يعني الكامل ـ فجعلته جامعا للطرق المتلوّة ،

__________________

(١) انظر : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٢.

(٢) انظر : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٢.


والقراءات المعروفة ، ونسخت به مصنفاتي ك : « الوجيز ، والهادي » وغيرهما » (١).

أخذ « أبو القاسم الهذلي » القراءات عن عدد كبير من القراء ، ولو أردت الكتابة عن هؤلاء الشيوخ لاستغرق ذلك وقتا طويلا.

ولكن حسبي أن أتحدث بشيء من التفصيل عن بعض هؤلاء الشيوخ الأجلاء ، فأقول ، وبالله التوفيق :

من شيوخ « أبي القاسم الهزلي » في القراءات : أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أبو بكر الباطرقاني (٢) الأصبهاني. وهو من مشاهير القراء ، ومن الثقات المحدّثين ، ومن خيرة العلماء المؤلفين ، ألف « كتاب طبقات القراء » وسمّاه : المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات ومجموع الروايات ، كما صنّف كتابا في شواذ القراءات.

ولد « أبو بكر الباطرقاني » سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.

أخذ « أبو بكر الباطرقاني » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي » وسمع حروف القراءات من « أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده ».

تصدّر « أبو بكر الباطرقاني » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، واشتهر بالثقة ، وجودة الحفظ ، وصحّة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أبو القاسم الهذلي » وروى عنه حروف القراءات : « أبو بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني ».

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٢.

(٢) وهذه نسبة إلى « باطرقان » وهي إحدى قرى أصبهان : انظر « الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ٢٥٩.


توفي « أبو بكر الباطرقاني » في شهر صفر سنة ستين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن الصقر أبو الفتح البغدادي » وهو من خيرة علماء القراءات ومن المشهورين بالثقة ، وحسن الأداء.

أخذ القراءة عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « زيد بن علي » ثم تصدّر لتعليم القرآن واشتهر في الآفاق ، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو القاسم الهذلي » ، و « أحمد بن محمد النوشجاني أبو زرعة ، الخطيب » ، كان رحمه‌الله تعالى من خيرة علماء القراءات ، ومن الثقات المشهود لهم ، أخذ القراءة عن خيرة القراء ، وفي مقدمتهم « أبو الحسن عليّ بن جعفر السعيدي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من قرأ عليه « أبو القاسم الهذلي ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علاّن الواسطي ».

وهو من مشاهير القراء المتصدّرين ، ومن العلماء الثقات المعروفين ، إذ نشأ في بيت من بيوت القرآن الكريم.

أخذ « أحمد بن محمد » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « والده » عليهما رحمة الله تعالى.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وحسن التجويد والأداء.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة « أبو القاسم الهذلي » بواسط.


ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة ، أبو العباس المصري » وهو من الحفاظ المشهورين ، ومن القراء المعروفين ، أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « عبد المنعم بن غلبون ، وعمر بن عراك » وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بين الخاص والعام ، وازدحم الطلاب على الأخذ عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم الهذلي ».

توفي « أحمد بن عليّ » سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن سعيد بن أحمد بن سليمان المعروف بابن نفيس ، أبو العباس » الطرابلسي الأصل ثم المصري.

وهو إمام ثقة ، كبير ، انتهى إليه علوّ الإسناد في القراءة أخذ « أحمد بن سعيد » القراءة عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدّمتهم : « أبو أحمد عبد الله السامري ، وأبو طاهر الأنطاكي » وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس واشتهر بالثقة ، وصحة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو القاسم الهذلي ».

وقد عمّر « أحمد بن سعيد » حتى قارب المائة ، ثم توفي في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل : سنة خمس وأربعين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني » وهو من خيرة القراء ، ومن الحفّاظ المصنفين.


أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره ، فقد روى القراءة سماعا عن « سليمان ابن أحمد الطبراني ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو القاسم الهذلي » فقد روى القراءات عنه سماعا.

توفي « أحمد بن عبد الله » سنة ثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « الحسن بن عليّ أبو عبد الله الشاموخي ».

وهو من شيوخ القراءات المشهورين ، ومن الثقات المعروفين. أخذ « الحسن ابن علي » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن نصر بن منصور أبو بكر الشذائي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم الهذلي » لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « الحسين بن مسلمة الرّقيّ الكاتب » (١).

وهو من خيرة القراء المعروفين ، أخذ القراءة عن مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « منصور بن ودعان ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، ومن الذين أخذوا عنه

__________________

(١) الرقي : نسبة إلى الرّقّة » وهي بلدة على طرف الفرات مشهورة.

انظر الأنساب للسمعاني ج ٣ ، ص ٨٤.


القراءة « أبو القاسم الهذلي » بالرّقّة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح أبو بكر الفرضي ».

وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة وصحة الإسناد. أخذ القراءة من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « محمد بن الحسين الجعفي ، ومحمد بن علي بن الهيثم ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو القاسم الهذلي ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة : « أحمد بن محمد الفرضي ».

إلا أن « ابن الجزري » قال : إنه بقي إلى بعد الثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده الخياط ، أبو عبد الله الملنجي الأصبهاني (٢). وهو من مشاهير القراء ، ومن المعمّرين.

أخذ القراءة عن خيرة القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو الفرج محمد بن الحسن بن علاّن ، وأبو محمد بن عبد الجبّار بن فروخ المعلّم » وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو القاسم الهذلي ».

__________________

(٢) الملنجي : بكسر الميم وفتح اللام ، وسكون النون ، وهذه نسبة إلى قرية بأصبهان يقال لها :

« ملنجة » انظر الأنساب للسمعاني ، ج ٥ ، ص ٣٨١.


لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « أحمد بن محمد بن يزده ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب أبو نصر الخباز » البغدادي. وهو شيخ جليل مشهور ، وقارئ ثقة عالي الإسناد. أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « منصور بن محمد بن منصور » صاحب « ابن مجاهد ».

وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف كتاب « المفيد في القراءات » ثم جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عليه قراءة القرآن : « أبو القاسم الهذلي ».

توفي « أحمد بن مسرور » في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم ، أبو الفضل الرازي » ، شيخ الإسلام ، الثقة ، الورع ، الإمام ، المقرئ ، مؤلف كتاب « جامع الوقوف » وغيره ، الطوّاف في البلاد من أجل تحصيل العلم ، والآخذ عن العلماء ، وقد ورد عنه قوله : « أول سفري في الطلب ـ أي طلب العلم ـ كنت ابن ثلاث عشرة سنة » ، ويعقّب « ابن الجزري » على هذا الخبر بقوله : « فكان طوافه في البلاد إحدى وسبعين سنة » (١).

ولد رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ، واحتل مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « أبو سعيد بن السمعاني » : « كان « أبو الفضل الرازي » مقرئا ، فاضلا ، كثير التصنيف ،

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٦٣.


حسن السيرة متعبدا ، حسن العيش ، منفردا ، قانعا باليسير ، يقرئ أكثر أوقاته ، ويروي الحديث ، وكان يسافر وحده ، ويدخل البراري » اهـ (١).

وقال « عبد الغفار الفارسي » : كان « أبو الفضل الرازي » ثقة ، جوّالا ، إماما في القراءات ، أوحد في طريقته ، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب ، فإذا عرف مكانه تركه ، وإذا فتح عليه بشيء آثر به ، وهو ثقة ، ورع ، عارف بالقراءات ، والروايات ، عالم بالأدب ، والنحو ، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي ، وهو أشهر من الشمس ، وأضوأ من القمر ، ذو فنون من العلم ، وله شعر رائق في الزهد. اهـ (٢).

وقال « أبو عبد الله الجلال » : خرج « أبو الفضل الرازي » من « أصبهان » متوجّها إلى « كرمان » فخرج الناس يشيعونه ، فصرفهم ، وقصد طريقه وحده ، وقال :

إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا

كفى لمطايانا بذكراك حاديا

أخذ « أبو الفضل الرازي » القراءة عن مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « علي بن داود الداراني ، وأبو الحسن الحمّامي » وغيرهما كثير. ثم تصدّر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو القاسم الهذلي ».

توفي « أبو الفضل الرازي » في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة ، رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عبد الرحمن بن الهرمزان الواسطي » وهو من خيرة علماء القراءات ، ومن الثقات المشهورين ، أخذ القراءة

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٦٢.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٦٢.


عن عدد من خيرة القراء ، فقد روى القراءة عرضا عن « عبد الغفار بن عبد الله الحضيني ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بجودة القراءة وحسن الأداء ، وأقبل عليه يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا « أبو القاسم الهذلي » وقال : « قرأت عليه بواسط ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عبد الرحمن بن الهرمزان ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل ابن راشد الحدّاد ، أبو محمد المصري » وهو شيخ صالح كبير ، ومن الثقات المشهود لهم بالعلم ، والإتقان ، أخذ القراءة عن عدد من القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو عديّ بن عبد العزيز بن الإمام ، وقسيم بن مطير ».

وبعد أن اكتملت مواهبه ، جلس لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وعرف بصحة الإسناد ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه ، وينهلون من علمه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو القاسم الهذلي ، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي » وغيرهما كثير. توفي « إسماعيل بن عمر » سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي ، أبو علي البغدادي » أحد القراء المشهورين ، ومن الثقات المؤلفين النافعين.

ومن مؤلفاته كتاب « الروضة في القراءات الإحدى عشرة ».

أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من علماء القراءات أذكر منهم : « أحمد بن عبد الله السوسنجردي ، وأبا الحسن بن الحمّامي » وغيرهما كثير. ثم رحل « الحسن بن محمد » إلى مصر ، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم


القرآن ، وحروف القراءات ، وعرف بين الناس واشتهر ، وأصبح من المتصدرين ، ومن شيوخ القراءات بمصر ، وأقبل عليه طلاب القراءات يأخذون عنه وينهلون من علمه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو القاسم الهذلي ، ومحمد بن شريح » وغيرهما كثير.

توفي « الحسن بن محمد » في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز ، أبو علي الأهوازي » شيخ القراءة في عصره بلا منازع ، وصاحب المؤلفات ، فقد ألّف كتاب « الإقناع » في القراءات ، وغيره.

وهو أستاذ كبير ، ومن القراء والمحدثين.

ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز ، وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره ، ثم قدم « دمشق » سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، فاستوطنها ، وأكثر من الشيوخ ، والروايات ، وذاع صيته بين الناس مما جعل الكثيرين يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ أبو طاهر السلفي » : سمعت « أبا البركات الخضر بن الحسن الحازمي » بدمشق يقول : سمعت الشريف النسيب « علي بن إبراهيم العلوي » يقول : « أبو علي الأهوازي » ثقة ثقة. اهـ (١).

وقال « أبو عبد الله الحافظ الذهبي » : « لقد تلقى الناس رواياته بالقبول ، وكان يقرئ بدمشق ، من بعد سنة أربعمائة ، وذلك في حياة بعض شيوخه » (٢).

أخذ « أبو علي الأهوازي » القراءة عن عدد كبير من خيرة علماء القراءة منهم : « إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري » ببغداد ، وسمع حروف القراءات من « عبد الوهاب الكلابي ».

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٢٠.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٢٢٠.


وبعد أن اكتملت مواهبه ، ووثق من نفسه تصدّر لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وازدحم على بابه الطلاب ينهلون من علمه ، ويأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو القاسم الهذلي ».

توفي « أبو علي الأهوازي » بدمشق سنة أربعين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن النعمان بن عبد السلام » يعرف بابن اللبان الأصبهاني.

وهو من خيرة علماء القراءات ، المشهود لهم بالثقة ، وصحة الإسناد ، قدم بغداد ، من أجل الأخذ عن شيوخها : اخذ القرآن ، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المديني ، وعبد الله بن محمد العطار الأصبهاني ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروفه ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه.

ومن الذين قرءوا عليه « أبو القاسم الهذلي ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عبد الله بن اللبان ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عبد الله بن شبيب بن عبد الله ابن محمد بن تميم أبو المظفر الضبّي الأصبهاني ». أحد مشاهير القرّاء بأصبهان ، ومن خيرة العلماء.

سئل عنه « إسماعيل بن الفضل الحافظ » فقال : « هو إمام ، زاهد ، عابد ، عالم بالقراءات ، كثير السماع » (١).

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٢٢.


أخذ « أبو المظفر » القراءة ، وحروف القرآن ، عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ».

ثم تصدر لتعليم القرآن ، والقراءات ، وأخذ عنه الكثيرون من الطلاب : وفي مقدمتهم « أبو القاسم الهذلي ، وإسماعيل بن الفضل السرّاج ».

توفي في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

ومن شيوخ : « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عبد الملك بن علي بن شابور بن نصر بن الحسين أبو نصر ، البغدادي الخرقي » ، أحد مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة ، وصحة الإسناد.

أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو الحسن الحمامي ، وعبيد الله بن مهران » وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو القاسم الهذلي ، وموسى بن الحسين المعدّل ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عبد الملك بن علي ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عبد الواحد بن عبد القادر المقدسي » ثم الدمياطي. أحد قراء القرآن ، أخذ القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو عيسى محمد بن عيسى الهاشمي ، وأبو الحسن محمد بن النضر ».

ثم تصدر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « أبو القاسم الهذلي » بدمياط.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عبد الواحد بن عبد القادر ».


ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عثمان بن علي بن قيس الأصبهاني الدلاّل » وهو من مشاهير علماء القراءات الثقات المعروفين.

أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو الفرج محمد بن إبراهيم الشنبوذي ، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن يوسف العلاف » وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، والإتقان ، وحسن الأداء ، وصحّة السند ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم الهذلي » فقد روى القراءة عنه عرضا.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عثمان بن علي ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « عبد الساتر بن الذّرب » اللاذقي ، أحد شيوخ القراءات الثقات المعروفين.

أخذ « عبد الساتر » القراءة عن عدد من خيرة القراء وفي مقدمتهم : « أبو أحمد السامري ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم الهذلي » باللاذقية.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عبد الساتر بن الذّرب ».

ومن شيوخ : « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أبو الحسين الخشاب التّنّيسي » نسبة إلى « تنيس » بكسر التاء ، وكسر النون المشددة ، وهي بلدة من بلاد « ديار مصر » في وسط البحر ، والماء بها محيط ، نسب إليها عدد من العلماء (١).

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ٤٨٧.


أخذ « أبو الحسين الخشاب » عن عدد من خيرة القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو أحمد السامري » فقد روى عنه القراءة عرضا.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم الهذلي ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « أبي الحسين الخشاب ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده أبو عبد الله الملنجيّ : بكسر الميم ، وفتح اللام ، وسكون النون ، وهي نسبة إلى قرية بأصبهان ، يقال لها : « ملنجة » وقد نسب إليها عدد من العلماء (١).

أخذ القراءة عن عدد من القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو الفرج محمد بن الحسن بن علاّن » الواسطي.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو القاسم الهذلي ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « أحمد بن محمد الملنجي » سوى أن « ابن الجزري » قال : « وعمّر حتى أدركه الحداد ، فكان آخر من قرأ عليه » (٢).

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « محمد بن عبد الله بن الحسن ابن موسى أبو عبد الله الشيرازي » ، نزيل مصر. وهو من خيرة علماء القراءات ، ومن الثقات المشهورين.

أخذ القراءة ، وحروف القراءات ، عن عدد من القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر محمد بن الحسن الطحّان ، وأبو علي الأهوازي ».

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٣٨١.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ١١١.


وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القراءات ، والقرآن الكريم ، وذاع صيته بين الناس ، واشتهر بالثقة وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علومه ، ومن الذين قرءوا عليه بمصر : « أبو القاسم الهذلي ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « محمد بن عبد الله ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام ، أبو عبد الله الكارزيني : بفتح الكاف ، والراء ، وكسر الزاي ، وهي نسبة إلى « كارزين » وهي من بلاد فارس ، مما يلي البحر ، وقد نسب إليها عدد من العلماء (١).

وهو إمام مقرئ جليل ، انفرد بعلوّ الإسناد في وقته ، وأثنى عليه الكثيرون من العلماء ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « هو مسند القراء في زمانه ، تنقّل في البلاد ، وجاور بمكة المكرمة ، وعاش تسعين سنة أو دونها ، لا أعلم متى توفي ، إلا أنه كان حيّا في سنة أربعين وأربعمائة ، سألت « الإمام أبا حيان » عنه ، فكتب إليّ إمام مشهور لا يسأل عن مثله » (٢).

أخذ « محمد بن الحسين الكارزيني » القراءة عن عدد من علماء القراءات ، وفي مقدمتهم : « الحسن بن سعيد المطوعي » ، وهو آخر من قرأ عليه.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وصحة الإسناد ، وتزاحم عليه الطلاب يأخذون عنه ، وينهلون من علمه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم الهذلي ، وأبو عليّ غلام الهرّاس » وغيرهما كثير.

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ١٢.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٣٣.


ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « محمد بن الحسين بن محمد أبو طاهر الحنائيّ الدمشقيّ ». وهو من خيرة القراء ، ومن الثقات المشهورين ، ومن الأئمة المعترف بمنزلتهم في هذا العلم الجليل.

أخذ « محمد بن الحسين » القراءة على عدد من العلماء الثقات ، وفي مقدمتهم : « أبو علي الأهوازي ، ومحمد بن أحمد بن خلف الفحّام ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، واشتهر بين الخاص والعام وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « أبو القاسم الهذلي » فقد قرأ عليه بدمشق.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « محمد بن الحسين ».

ومن شيوخ « أبي القاسم الهذلي » في القراءة : « محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال ، أبو بكر السلمي الجبني » شيخ القراء بدمشق ، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ، في بيت علم ، إذ كان والده يؤم بمسجد « تل الجبن » بدمشق ، ولهذا قيل له : « الجبني ».

أخذ « محمد بن أحمد » القراءة عن خيرة العلماء الأجلاء ، وفي مقدمتهم : « والده » رحمهما الله تعالى ، وجعفر بن أبي داود ، وغيرهما.

احتل « محمد بن أحمد » مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول عنه شيخه « أبو علي الأهوازي » : « وما خلت دمشق قطّ ، من إمام كبير في قراءة الشاميين ، يسافر إليه فيها ، وما رأيت بها مثل « أبي بكر السّلمي » من ولد « أبي عبد الرحمن السلمي » إماما في القراءة ، ضابطا للرواية ، قيّما بوجوه القراءات يعرف صدرا من التفسير ، ومعاني القراءات ، قرأ على سبعة من أصحاب « الأخفش » له منزلة في الفضل ، والعلم ، والأمانة ، والورع ،


والدّين ، والتقشف ، والفقر ، والصيانة » اهـ (١).

وبعد أن اكتملت مواهب « محمد بن أحمد » تصدّر لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم الهذلي ».

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ، والطواف في البلاد ، ثم نشر العلم ، توفي « أبو القاسم الهذلي » سنة خمس وستين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٨٥.


رقم الترجمة / ٩٢

« ابن الكوفيّ » (١) ت ٤٥١ هـ

هو : عبيد الله بن أحمد بن علي أبو الفضل ابن الكوفي الصدفي البغدادي ، وهو مقرئ ، عارف ، مصدّر ، ثقة.

ولد في سنة سبعين وثلاثمائة.

أخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتّاني ، البغدادي » ، وهو مقرئ ، محدث ، ثقة ، ولد سنة ثلاثمائة ، وقرأ القرآن على مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر بن مجاهد ».

قال « الإمام الداني » : قال « الكتاني » : « سألت من « ابن مجاهد » أن ينقلني عن قراءة « عاصم » إلى غيرها ، فأبى عليّ ، فقرأت قراءة « ابن كثير » على « بكّار » عن « ابن مجاهد » عن « قنبل » ثم يقول « الداني » : وطالت أيام « الكتاني » فكان من آخر من قرأ على « ابن مجاهد » اهـ (٢).

توفي « أبو حفص الكتاني » في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

وبعد أن اكتملت مواهب « ابن الكوفيّ » تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر صيته ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار ، أبو طاهر ، البغدادي الحنفي وهو إمام

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨٨ ، ورقم الترجمة ٥٥٦٧. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٠ ، ورقم الترجمة ٣٥٨. غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٨٥ ورقم الترجمة ٢٠١٥.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٨٧.


كبير في القراءات ، ومن المقرئين الثقات ، مؤلف كتاب : « المستنير في القراءات العشر ».

أخذ « ابن سوار » القراءة عن عدد كبير من القراء ، وفي مقدمتهم : « الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ».

ثم جلس « ابن سوار » لتعليم القرآن وحروف القراءات ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي بن سكّرة الصدفي » شيخ « ابن الباذش ». وروى عنه حروف القراءات : « الحافظ أبو طاهر السلفي ، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي.

توفي « ابن سوار » سنة ست وتسعين وأربعمائة.

احتل « ابن الكوفي » مكانة سامية بين العلماء ، مما جعلهم يثنون عليه وفي هذا يقول « الحافظ الخطيب البغدادي » : « كان ابن الكوفي من حفاظ القرآن ، ومن العارفين باختلاف القراءات ، ومنزله بدرب الدنانير من نواحي نهر طابق » اهـ (١).

توفي « ابن الكوفيّ » سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر : تاريخ بغداد ج ١٠ ، ص ٣٨٨.


رقم الترجمة / ٩٣

« المالقيّ » (١) ت ٧٠٥ هـ

هو : عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد أبو محمد الباهلي (٢) الأندلسي المالقي ، نسبة إلى « مالقة » بفتح اللام والقاف المخففة وهي ثغر هام يقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الجنوب الشرقي للأندلس ، على مقربة من الجزيرة الخضراء ، وجبل طارق (٣).

بعد أن حفظ « المالقي » القرآن الكريم تلقى العلم والقراءات على مشاهير علماء عصره وفي مقدمتهم :

١ ـ القاسم بن أحمد بن حسن أبو القاسم الحجري ، روى القراءات عنه « المالقي » من كتاب « التيسير ».

٢ ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان أبو عمر الأنصاري. حدث عنه بكتاب « التبصرة » سماعا « المالقي ».

٣ ـ إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو الوليد الأزدي الغرناطي الشهير بالعطار ، روى عنه « المالقي » كتاب « التبصرة » وغيره بالإجازة.

٤ ـ ومحمد بن عياش بن محمد بن أحمد أبو عبد الله القرطبي. روى عنه « المالقي » كتاب « التبصرة » قراءة.

__________________

(١) انظر ترجمة المالقي في المراجع الآتية :

طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٧٧. بغية الوعاة ج ٢ ، ص ١٢١. معجم المؤلفين ج ٥ ، ص ٢١٣.

طبقات المفسرين للداودي ج ١ ، ص ٣٥٩. الإحاطة في أخبار غرناطة ج ٣ ، ص ٥٥٣.

(٢) الباهلي نسبة إلى باهلة وهي قبيلة عظيمة.

(٣) انظر : معجم البلدان لياقوت الحموي ج ٥ ، ص ٤٣.


٥ ـ يوسف بن إبراهيم بن أبي ريحانة أبو الحجاج الأنصاري المالكي روى عنه « المالكي » كتاب « التيسير » قراءة.

٦ ـ الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص أبو علي الأندلسي الفهري المعروف بابن الناظر.

قرأ الروايات على « أبي محمد بن الكوّاب ، وأبي الحسن بن الدبّاج ، وقرأ « التيسير » و « الشاطبية » على « أبي بكر بن محمد بن وضاح اللخمي ، وأبي عامر يزيد بن وهب الفهري » بإجازتهما من « ابن هذيل » ، وروى كتاب « التبصرة » عن « موسى بن عبد الرحمن بن يحيى بن العربي ». وتصدر للإقراء بمالقة ، وألف كتاب « الترشيد » في التجويد.

قال « أبو حيان » : رحلت إليه من غرناطة لأجل الاتقان والتجويد ، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره. وحدث عنه بالتيسير سماعا ، والتبصرة قراءة « المالقي ».

٧ ـ أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم أبو جعفر الثقفي ، الحافظ المؤرخ ، انتهت إليه الرئاسة في العربية ورواية الحديث ، والتفسير والأصول.

قرأ على : « أبي الوليد إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد العطار » ، وسمع التيسير من محمد بن عبد الرحمن بن جوبر عن « أبي جمرة » ، عن أبيه عن « الداني » بالإجازة ، وهو مسند في غاية العلو ، وقرأ عليه عدد كثير منهم « المالقي » والوزير أبو القاسم محمد بن محمد بن سهل الأسدي الغرناطي ، ومحمد ابن علي بن أحمد بن مثبت ، وأبو حيان النحوي ، وأحمد بن موسى بن جرادة.

٨ ـ محمد بن محمد بن أحمد أبو بكر الأنصاري البلنسي.


وهو مقرئ كبير مشهور ، قرأ على والده بالقراءات الثمان ، وقرأ أيضا على « أبي جعفر الحصار ، ومحمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي ». وقرأ برواية « يعقوب الحضرمي » على « ابن نوح الخافقي ».

وأجازه « ابن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك » ، وقد أقرأ بسبتة ثم بتونس.

وقرأ عليه القراءات « أبو إسحاق الغافقي » مقرئ سبتة. وأبو العباس البطرني شيخ تونس ، وحدث عنه بالتيسير سماعا : « عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن أبي زكنون التونسي ، وقاسم بن عبد الله بن محمد الأنصاري » ، وحدث عنه بالتيسير.

٩ ـ محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص أبو بكر التجيبي الإشبيلي ، وهو أستاذ متصدر ، أخذ القراءات السبع عن « أبي بكر عتيق ، وأبي الحسين بن عظيمة » ، وقرأ بكتاب « الكافي » على : أبي العباس بن مقدام وأبي الحكم بن نجاح عن « أبي الحسن شريح ».

وقرأ عليه « أبو جعفر بن الزبير الحافظ » ، وأثنى عليه. وروى عنه كتاب « الكافي » سماعا « المالقي ».

وبعد أن بدت مواهب « المالقي » تصدر لتعليم القرآن وقراءاته ، واشتهر بالثقة ، والضبط ، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان ، فتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي مقدمتهم :

١ ـ محمد بن عبيد الله بن محمد أبو بكر بن منظور القيسي. من أعلام القضاة ، وأصله من « أشبيلية » من بيت علم وفضل نشأ « بمالقة » ثم كان قاضيها وخطيبها ، وله عدة مؤلفات منها : نفحات النسوك ، وعيون التبر المسبوك في أشعار الخلفاء ، والوزراء ، والملوك ، وغير ذلك.


٢ ـ ومحمد بن يحيى بن بكر أبو عبد الله قاضي الجماعة بغرناطة إمام مقرئ قرأ عليه « أبو القاسم محمد بن محمد بن الخشاب ، وأبو عبد الله محمد بن علي الحفار والمالقي وهو من مشاهير العلماء.

٣ ـ محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي أبو بكر المقرئ ، المشارك في فنون كثيرة ، تولى القضاء ببلده ، وخلف والده في الخطابة ، والإمامة ، وأقرأ ببلده ، فانتفع به خلق كثير.

لقد بلغ « المالقي » مكانة سامية من العلم ، والمعرفة والشهرة ، وقد خاض بحر العلوم من قراءات ، وتفسير ، وحديث ، وفقه ، وألف في القراءات كتاب شرح التيسير في القراءات السبع ، وانتهت إليه رئاسة الإقراء ، كل هذه الأمور أوجبت الثناء عليه.

قال « الخطيب البغدادي » : كان « المالقي » أستاذا متقنا ، إماما في القراءات وعلوم القرآن ، حائزا قصب السبق أداء ومعرفة ورواية ، وتحقيقا ، ماهرا في صناعة النحو ، فقيها ، أصوليا ، حسن التعليم ، فسيح التحليق ، منقطع القرين في الدين والصلاح ، وسكون النفس ، ولين الجانب ، والتواضع ، وحسن الخلق ، ووسامة الصورة ، كثير الخشوع والخضوع ، أقرأ عمره ، وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة (١).

وقال « ابن الجزري » : المالقي أستاذ كبير (٢).

توفي « المالقي » خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر : الإحاطة في أخبار غرناطة ج ٣ ، ص ٤٥٤.

(٢) انظر : طبقات القراء لابن الجزري ج ١ ، ص ٤٧٧.


رقم الترجمة / ٩٤

« محمّد بن الحسين الكارزيني » (١)

هو : محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام أبو عبد الله الكارزيني : بفتح الكاف والراء ، وكسر الزاي بعدها ياء منقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون ، نسبة إلى « كارزين » وهي من بلاد فارس ، نسب إليها الكثيرون من العلماء. والكارزيني إمام مقرئ جليل ، وقد انفرد بعلوّ الإسناد في وقته. قال عنه الحافظ الذهبي : الكارزيني مسند القراء في زمانه ، تنقل في البلاد ، وجاور بمكة المكرمة وعاش تسعين سنة أو دونها.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن وذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

تلقى « الكارزيني » القراءات القرآنية عن عدد كبير من خيرة العلماء في كثير من المدن والأمصار وفي مقدمتهم :

« الحسن بن سعيد بن جعفر بن الفضل بن شاذان أبو العباس المطوعي البصري العمري » ، مؤلف كتاب « معرفة اللامات وتفسيرها » ، وهو إمام عارف ثقة في القراءات ، وقد عمّر دهرا فانتهى إليه علوّ الإسناد في القراءات.

أخذ « الحسن المطوعي » القراءات عن عدد من خيرة العلماء منهم : إدريس ابن عبد الكريم ، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني ، وأحمد بن الحسين الحريري ، ومحمد بن سهل الأشناني ، والحسن بن حبيب الدمشقي ، ومحمد بن علي

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : القراء الكبار ج ١ ص ٣٩٧. طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٣٢.

الوافي بالوفيات ج ٣ ، ص ١٠. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٦٥.


الخطيب ، وعبيد الله بن الربيع الملطي ـ بفتح الميم واللام ، نسبة الى « الملطية » وهي من ثغور الروم مما يلي أذربيجان ـ ومحمد بن يعقوب المعدّل ، وأبو بكر ابن شنبوذ ، وأحمد بن موسى بن مجاهد ، ومحمد بن القاسم بن يزيد الاسكندري ، ومحمد بن موسى ، وغيرهم كثير.

وقد أخذ القراءات عن « الحسن بن سعيد المطوعي » عدد كبير وفي مقدمتهم : « محمد بن الحسين الكارزيني ، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ، وأبو الحسن عليّ بن محمد الخبازي ، وأبو بكر محمد بن عمر النهاوندي ـ نسبة إلى نهاوند ، بضم النون وفتح الهاء والواو ، وهي بلدة من بلاد الجبل ، كانت بها وقعة للمسلمين زمن « عمر بن الخطاب » رضي‌الله‌عنه ـ وأبو علي محمد ابن عبد الرحمن بن جعفر ، ومحمد بن الحسن الحارثي ، والمظفر بن أحمد بن إبراهيم ، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب ، وعلي بن جعفر السعيدي ، وعبد الواحد بن إبراهيم ، ومحمد بن عبد الله بن الحسن الشيرازي ، وإبراهيم بن إسماعيل بن سعيد ، وأحمد بن محمد بن صاف ، وأحمد بن محمد بن محمد القسري ، ومحمد بن علي بن أحمد » وغيرهم كثير.

ومن شيوخ « الكارزيني » : أحمد بن نصر بن منصور بن عبد المجيد بن عبد المنعم أبو بكر الشذائي البصري وهو إمام مشهور ، أخذ القراءات عن عدد من العلماء منهم : « عمر بن محمد بن نصر الكاغدي ، والحسن بن بشار بن العلاف ، وابن مجاهد ، وابن الأخرم ، ومحمد بن جعفر الحربي ، وابن شنبوذ ، ونفطويه ، ومحمد بن أحمد الداجوني الكبير ، وأبو مزاحم موسى الخاقاني ، وعبد الله بن الهيثم البلخي ، وأحمد بن سهلان ، وإسحاق بن أحمد النحوي ، ومحمد بن إبراهيم السوّاق ، والحسن بن وصيف ، ومحمد بن موسى الزينبي » وغير هؤلاء كثير.

وقد تتلمذ على « أبي بكر الشذائي » عدد كبير منهم : « أبو الفضل الخزاعي ، وأحمد بن عثمان بن جعفر المؤدب ، وأبو عمرو بن سعيد البصري ،


ومحمد بن الحسين الكارزيني ، والحسن بن علي الشاموخي ، ومحمد بن القاسم التكريتي ، وعلي بن محمد البرزندي ، وعلي بن جعفر السعيدي ، وإبراهيم بن أحمد الطبري ، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدادي ، وعلي بن محمد الخبازي » وغير هؤلاء كثير.

ومن شيوخ « الكارزيني » : عبد الله بن الحسن بن سليمان أبو القاسم البغدادي المعروف بالنخاس بالخاء المعجمة ، وهو مقرئ مشهور ثقة ماهر متصدّر ، أخذ القراءة عرضا عن : محمد بن هارون التمار صاحب رويس ، وروى القراءة عنه عرضا : محمد بن الحسين الكارزيني ، وأبو الحسن الحمامي ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الخبازي » وآخرون.

ومن شيوخ « الكارزيني » : عثمان بن أحمد بن سمعان أبو عمرو الرزاز البغدادي ، وهو مقرئ متصدر ، أخذ القراءة عرضا عن « أبي بكر يوسف بن يعقوب الواسطي ، وأحمد بن سهل الأشناني ، وموسى بن عبيد الله ».

وقد تتلمذ عليه الكثيرون ، منهم « عبد الباقي بن الحسن ، وأبو عبد الله محمد بن الحسين الكارزيني ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ».

ومن شيوخ « الكارزيني » : محمد بن حبيب بن عبد الوهاب أبو الأشعث الجارودي البصري ، وهو مقرئ معروف ، روى القراءة عرضا عن « أحمد بن مسعود السرّاج » ، وروى القراءة عنه عرضا « أبو عبد الله الكارزيني ، ومحمد بن أحمد المالكي ، وأبو الفضل الخزاعي ».

ومن شيوخ « الكارزيني » : محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علاّن أبو عبد الله ، وهو أستاذ كبير مقرئ محقق ، روى القراءة عرضا عن « عبد الله بن عبدان ، وأحمد بن سعيد الضرير ، ومحمد بن حامد بن وهب العطار ».

وروى القراءة عنه عرضا : ابنه أحمد ، ومحمد بن عبد الله بن المرزبان ، وأبو


الفضل الخزاعي ، ومحمد بن الحسين الكارزيني.

ومن شيوخ « الكارزيني » : فارس بن موسى أبو شجاع البصري ، الفرائضي وهو مقرئ متصدر ، قرأ على « إبراهيم بن زياد القنطري ، صاحب محمد بن يحيى ، وقرأ عليه « الكارزيني ، ومحمد بن جعفر الخزاعي ».

ومن شيوخ « الكارزيني » الذين أخذ عنهم القراءات : « محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون أبو الفرج الشنبوذي ، الشطوي البغدادي » ، وهو أستاذ من أئمة علماء القراءات.

ولد سنة ثلاثمائة ، وبعد أن تمّ نضجه رحل إلى الأمصار ، وأخذ عن الشيوخ وأكثر وتبحّر ، واشتهر اسمه ، وطال عمره ، مع علمه بالتفسير وعلل القراءات.

قال « أبو بكر الخطيب » : سمعت عبيد الله بن أحمد يذكر الشنبوذي فعظم أمره وقال : سمعته يقول : أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن ».

وقال « الإمام الداني » : الشنبوذي مشهور نبيل حافظ ، ماهر حاذق كان يتجول في البلدان ».

أخذ « أبو الفرج الشنبوذي » القراءة عرضا عن : « ابن مجاهد ، وأبي بكر النقاش ، وأبي بكر أحمد المنقى ، وأبي الحسن بن الأخرم ، وإبراهيم بن محمد الماوردي ، ومحمد بن جعفر الحربي ، ومحمد بن هارون التمار ، وأبي الحسن بن شنبوذ ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له ، ومحمد بن موسى الزينبي ، وموسى بن عبيد الله الخاقاني ، والحسن بن علي بن بشّار ، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم ، ومحمد بن أحمد بن هارون الرازي ، وأبي بكر محمد بن الحسن الأنصاري » ، وغير هؤلاء.


وقد أخذ القراءة عن « أبي الفرج الشنبوذي » عدد كبير منهم : « محمد بن الحسين الكارزيني ، وأبو علي الأهوازي ، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي ، والهيثم بن أحمد الصباغ ، وأبو العلاء محمد بن عليّ الواسطي ، وعبد الله بن محمد ابن مكي السواق ، وعلي بن القاسم الخياط ، وأبو علي الرهاوي ، وعبد الملك ابن عبدويه ، ومنصور بن أحمد العراقي ، وأحمد بن محمد بن سيار » وآخرون.

ومن شيوخ « الكارزيني » : أحمد بن محمد بن بشر بن علي بن محمد بن جعفر المعروف بابن الشارب ، أبو بكر الخراساني ، نزيل بغداد ، وهو شيخ جليل ثقة ثبت. أخذ القراءات عن : محمد بن موسى الزينبي ، وأبي بكر محمد ابن يونس ، وابن مجاهد ، وأبي مزاحم الخاقاني ، وآخرين.

وقد أخذ القراءات عن « ابن الشارب » : بكر بن شاذان ، والكارزيني ، وعلي بن أحمد بن عمر الحمّامي ، والقاضي أبو العلاء الواسطي ، وعلي بن محمد ابن الحسن الخبازي ، وأبو بكر أحمد بن غالب ، ومحمد بن إبراهيم بن البقار ، وآخرون.

ومن شيوخ « الكارزيني » : عبد الغفار بن عبيد الله بن السرّي أبو الطيب الحضيني : بالحاء المهملة ، والضاد المعجمة الكوفي ، ثم الواسطي ، وهو شيخ مقرئ ، ثقة ، وشيخ واسط.

أخذ « الحضيني » القراءة عن : « أبي العباس أحمد بن سعيد الضرير ، وأبي بكر بن مجاهد ، والحسين بن عليّ ، وأبي العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي ، والعباس بن الفضل ، وعبد الله بن عبد الجبار ، والحسن بن داود النقّار ، وجعفر بن سليمان القافلاني ، وعليّ بن محمد بن عمّار الزريري ، ومحمد ابن عمير القاضي » ، وغير هؤلاء.

وقد أخذ القراءة عن « الحضيني » عدد كبير منهم : « محمد بن الحسين الكارزيني ، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ، وأبو بكر أحمد بن المبارك


الواسطي ، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي ، وعبد الرحمن بن الهرمزان ، وعليّ بن محمد الخبازي ، وعبيد الله بن أحمد » وغير هؤلاء.

تصدّر « محمد بن الحسين الكارزيني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي ، المعروف بغلام الهرّاس » ، شيخ العراق ، والجوّال في الآفاق ، ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وقرأ « بواسط » على : عبيد الله بن إبراهيم ، وعبد الله بن أبي عبد الله الحسين صاحب النقاش ، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي.

وقرأ ببغداد على : « عبد الملك النهرواني ، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي ، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي ، ومحمد بن المظفر الدينوري ، والقاضي أبي العلاء ، وعليّ بن محمد بن عبيد الله الحذّاء ، وعلي بن محمد بن موسى الصابوني ، وبكر بن شاذان ، والحسن بن محمد السامري ، وعلي بن أحمد الحمّامي ، والحسن ابن ملاعب ».

وقرأ بالكوفة على : القاضي محمد بن عبد الله الجعفي ، وأبي الحسن محمد بن جعفر النحوي ابن النجّاد.

وقرأ بدمشق على : « أبي علي الأهوازي ، وأبي علي الرهاوي ». وقرأ بمصر على : « أبي العباس بن نفيس ، والفضل بن عبد الرزاق ، والحسين بن إبراهيم الأنباري ».

وقرأ بالبصرة على : « الحسن بن علي بن بشّار صاحب النقاش ، وعلي بن محمد بن علاّن ».

وقرأ بالجامدة بكسر الميم ، وهي قرية كبيرة من أعمال واسط ، بين واسط والبصرة منها جماعة من العلماء.


قرأ على : « محمد بن نزار التكريتي ، وعمّه محمد بن القاسم ».

وبحران على « أبي القاسم الزيدي ».

وبمكة المكرمة على : « أبي عبد الله بن الحسين الكارزيني ، وأبي عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد العجلي ، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الذهبي ».

ومن تلاميذ « الكارزيني » : عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري ، القطان الشافعي ، وهو شيخ أهل مكة عارف محقق أستاذ ثقة صالح.

له عدة مصنفات منها : كتاب التلخيص في القراءات الثمان ، وكتاب سوق العروس ضمّنه ألفا وخمسمائة رواية وطريق ، وكتاب الدرر في التفسير ، وكتاب الرشاد شرح القراءات الشاذة ، وكتاب عنوان المسائل ، وكتاب طبقات القراء ، وكتاب العدد ، وكتاب في اللغة.

أخذ « أبو معشر الطبري » القراءة عن عدد من العلماء منهم : « الكارزيني وأبو القاسم علي بن محمد بن علي الزيدي ، وإسماعيل بن راشد الحدّاد ، والحسن ابن محمد الأصفهاني ».

توفي أبو معشر الطبري بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.


رقم الترجمة / ٩٥

« محمّد بن سفيان » (١) ت ٤١٥ هـ

هو : محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني الفقيه المالكي.

تفقه على « أبي الحسن علي بن خلف القابسي » حتى برع في الفقه ، وسمع منه ، ثم رحل إلى مصر ، ألف كتاب « الهادي ».

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

قرأ « محمّد بن سفيان » بمصر القراءات القرآنية على عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : إسماعيل بن محمد المهري لورش ، وعرض الروايات على « أبي الطيب ابن غلبون » وقرأ أيضا على « يعقوب بن سعيد الهواري ، وكردم بن عبد الله ».

قال « الحافظ أبو عمرو الداني » : سمع معنا على الشيخ أبي الحسن عليّ بن محمد بن خلف الفقيه القابسي ، وكان ذا فهم ، وحفظ ، وستر ، وعفاف ، وخرج من القيروان لأداء فريضة الحج سنة ثلاث عشرة وأربعمائة فحج وجاور بمكة ، ثم أتى المدينة المنورة فمرض ، وتوفي بها أول ليلة من صفر ودفن بالبقيع.

أخذ القراءة عن « محمّد بن سفيان » عدد من طلاب العلم وفي مقدمتهم : « أبو بكر القصري ، والحسن بن علي الجلولي ، وعبد الملك بن داود القسطلاني ، وعبد الحق الجلاد ، وأبو العباس المهدوي ، وأبو العالية البندوني ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٠. طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٤٧.

الوافي بالوفيات ج ٣ ، ص ١١٤. الديباج المذهب ج ٢ ، ص ٢٣٥. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٠٣. نهاية الغاية الورقة ٢٣٨. تاريخ الاسلام الورقة ١٦٧ [ آيا صوفيا ٣٠٠٩ ].


وعثمان بن بلال العابد ، وأحمد بن الحجري شيوخ ابن بليمة ، وعبد الله بن سمران القروي شيخ الهذلي ، وأبو الحسن العجمي ، وعبد الله بن سهل » وآخرون.

توفي « محمّد بن سفيان » بالمدينة المنورة أول ليلة من صفر بعد رجوعه من الحج سنة خمس عشرة وأربعمائة ، ودفن بالبقيع.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٩٦

« محمّد بن شريح » (١) ت ٤٧٦ هـ

هو : محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف ، أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي ، نسبة إلى بلدة من بلاد الأندلس يقال لها « إشبيلية » وقد نسب إليها الكثيرون من العلماء (٢).

وابن شريح من خيرة علماء الأندلس المعروفين ، والمشهود لهم بالثقة والأمانة ، ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

وابن شريح منذ نعومة أظفاره رحل إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها ، ويخبرنا التاريخ أنه رحل إلى كل من « مصر ، وبغداد ، ومكة ».

احتل « ابن شريح » مكانة سامية بين العلماء مما جعل الكثيرين يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « أبو عبد الله الإشبيلي المقرئ ، الأستاذ ، مصنف كتاب « الكافي » وكتاب « التذكير » وكان من جلة قراء « الأندلس » (٣).

أخذ « محمّد بن شريح » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن نفيس ، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٤ ورقم الترجمة ٣٧٠. غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٥٣ ، ورقم الترجمة ٣٠٦٢. الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٥٥٣. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ١٢٠. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٥٤.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ١٦١.

(٣) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٤.


وهو من القراء المشهورين ، ومن الثقات المعروفين ، انتهى إليه علوّ الإسناد ، وقد عمّر حتى قارب المائة.

أخذ القراءة عن عدد من القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو عدي عبد العزيز ابن عليّ صاحب أبي بكر بن يوسف ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بعلوّ الإسناد ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وينهلون من علمه ، ومن الذين قرءوا عليه : « محمد بن شريح ، وعبد الوهاب ابن محمد القرطبي » وغيرهما كثير.

توفي « أحمد بن سعيد » في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل : سنة خمس وأربعين وأربعمائة.

ومن شيوخ « محمّد بن شريح » في القراءة : « أحمد بن محمد أبو الحسن القنطري » نزيل مكة المكرمة. وهو من شيوخ القراء المعروفين ، أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم : « الحسن بن محمد بن الحباب ، وعمر بن إبراهيم الكتّاني ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « محمد بن شريح ، وأحمد بن عمّار المهدوي » وغيرهما كثير.

توفي « أحمد القنطري » بمكة المكرمة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ « محمّد بن شريح » في القراءة : « أحمد بن عليّ بن هاشم » الملقب بتاج الأئمة ، أبو العباس المصري ، وهو من مشاهير القراء بمصر ، ومن الثقات المعروفين.


أخذ « تاج الأئمة » القراءة عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « عمر ابن عراك ، وأبو عدي عبد العزيز بن الإمام ». كما سمع حروف القراءات من « منير بن أحمد » عن أحمد بن إبراهيم بن جامع ، ومن « الحسن بن عمر ابن إبراهيم البزار ». ثم رحل إلى « بغداد » وقرأ على « أبي الحسن بن الحمامي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالثقة ، وصحّة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « محمّد بن شريح ».

ويحدثنا التاريخ أنه دخل بلاد الأندلس سنة عشرين وأربعمائة ، فقرأ عليه بها عدد كبير منهم : « أبو عمر الطلمنكي » مع كبر سنّة.

توفي « أحمد بن عليّ بن هاشم » سنة خمس وأربعين وأربعمائة.

ومن شيوخ « محمّد بن شريح » في القراءة : « الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي » أبو علي البغدادي ، وهو من مشاهير القراء ، المشهود لهم بالثقة ، وصحة الإسناد ، ومن المؤلفين المعروفين ، فهو صاحب كتاب « الروضة في القراءات الإحدى عشرة ».

ويحدثنا التاريخ أن « أبا علي البغدادي » رحل إلى « مصر » واشتهر بها حتى أصبح شيخا لقرّائها.

أخذ « أبو علي البغدادي » القراءة ، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن عبد الله السوسنجردي ».

وبعد ان اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « محمد بن شريح ، وإبراهيم بن إسماعيل ».


توفي « أبو علي البغدادي » في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ « محمّد بن شريح » : « مكي بن أبي طالب » يقول « الذهبي » : أجاز له ـ أي إلى « محمّد بن شريح » ـ « مكي بن أبي طالب » وأخذ عنه ، ومكي بن أبي طالب من خيرة العلماء الأندلسيين ، وهو إمام محقّق عارف ، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان.

احتل « مكي بن أبي طالب » مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول صاحبه « أحمد بن مهدي » المقرئ : كان « مكي بن أبي طالب » من أهل التبحّر في علوم القرآن ، والعربية ، حسن الفهم ، والخلق ، جيّد الدين والعقل ، كثير التأليف في علوم القرآن ، محسنا ، مجوّدا ، عالما بمعاني القراءات ، أخبرني أنه سافر إلى « مصر » وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وتردّد إلى المؤدبين ، وأكمل القرآن ، ورجع إلى « القيروان » ، ثم رحل فقرأ القراءات على « ابن غلبون » سنة ست وسبعين وثلاثمائة ، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك ، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحجّ ، ثم حج سنة سبع وثمانين وجاور ثلاثة أعوام ، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين ، وجلس للإقراء بجامع قرطبة ، وعظم اسمه ، وجلّ قدره (١).

ويقول « ابن بشكوال » : قلّده « أبو الحزم جهور » خطابة مسجد قرطبة بعد وفاة « يونس بن عبد الله القاضي » وكان قبل ذلك ينوب عنه ، وله ثلاثون تأليفا ، وكان خيّرا ، متديّنا ، مشهورا بالصلاح (٢).

ومن مؤلفاته : « التبصرة في القراءات السبع ، والكشف عن علل القراءات ، ومشكل إعراب القرآن ، والموجز في القراءات ، والرعاية في التجويد. ويقول « ابن الجزري » : وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا.

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٠٩.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٠٩.


ويقول رحمه‌الله تعالى : « ألفت كتابي الموجز في القراءات بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، وألفت كتاب التبصرة بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، وألفت كتاب « مشكل الغريب » بمكة المكرمة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، وألفت « مشكل الإعراب » في الشام ، ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة » (١).

توفي « مكي بن أبي طالب » في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

وبعد أن اكتملت مواهب « محمّد بن شريح » تولى خطابة مسجد « اشبيلية » وتصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « ابنه الخطيب أبو الحسن ، شريح » وعيسى بن حزم بن عبد الله بن اليسع ، أبو الأصبغ الغافقي ، الأندلسي نزيل المريّة بفتح الميم وتشديد الرّاء ، وهي مدينة عظيمة على ساحل بحر الأندلس. من شرقيها ، نسب إليها بعض العلماء.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عيسى بن حزم ».

وبعد هذه الحياة التي عاشها « محمّد بن شريح » توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣١٠.


رقم الترجمة / ٩٧

« محمّد بن عبد الله » (١) ت ٤٣١ هـ

هو : محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان بن شاذان أبو بكر الأصبهاني الأعرج يعرف بأبي شيخ ، نزيل بغداد ، مقرئ صالح عالي الإسناد ثقة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « محمّد بن عبد الله » في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ه ، أخذ « محمد بن عبد الله » القراءة القرآنية عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « عبد الله بن محمد بن فورك أبو بكر القباب الأصبهاني » ، إمام وقته ، مقرئ ، مفسر ، مشهور ، قال عنه « الحافظ أبو العلاء » : « أبو بكر القباب من جلة قراء أصبهان ، ومن العلماء بتفسير القرآن ، كثير الحديث ، ثقة نبيل » ت ٣٠٧ هـ.

ومحمد بن القاسم بن حسنويه بن عبد الله الأصبهاني المقرئ ، ومحمد بن أحمد ابن عمر بن يوسف أبو عمر الأصبهاني الخرقي الضرير المقرئ ، حاذق مشهور ، بأصبهان ، ثقة ، وقد عمّر دهرا طويلا ، ومحمد بن جعفر بن محمد أبو جعفر التميمي الصابوني الأصبهاني ، مقرئ ، مشهور ضابط شيخ أصبهان. وعبد الرحيم بن محمد الحسناباذي ، ومحمد بن علان ، وأبو بكر محمد بن علي بن أحمد ، ومحمد بن أحمد بن محمد الهروي ، والعباس بن أحمد بن المظفر السراج ، وأبو بكر بن حسنويه.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٥. القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٠.

إنباه الرواة ج ٣ ، ص ١٥٥. تلخيص ابن مكتوم ص ٢١٤.


تصدّر « محمّد بن عبد الله » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ويقرءون عليه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : « عبد السيد بن عتاب ، وعبد العزيز بن الحسين ، وأبو علي الشرمقاني ، وأبو الحسن الخياط ، وأبو القاسم الهذلي » وآخرون.

اشتهر « محمّد بن عبد الله » بالثقة والضبط وغير ذلك من الصفات الحميدة مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول الإمام « ابن الجزري » : « محمّد بن عبد الله نزيل بغداد ، مقرئ صالح ، عالي الإسناد ، ثقة » اهـ.

وقال « القفطي » : « محمّد بن عبد الله الأديب الأصبهاني حافظ النحو واللغة ، وروى الحديث ، واستفاد الناس منه ، وأخذوا عنه مدة طويلة » اهـ.

توفي « محمّد بن عبد الله » في ليلة الاثنين الثاني من جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ٩٨

« محمّد بن عبد الله » (١) ت ٤٥٢ هـ

هو : محمّد بن عبد الله ، ويقال : محمّد بن عبيد الله أبو الحسين المؤدب البغدادي ، الضرير ، وهو من القراء الثقات.

أخذ القراءة عن « عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي » ، وهو من القراء ، والمحدثين الثقات.

ولد سنة ثلاثمائة ، وأخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر ابن مجاهد » وسمع حروف القراءات من « إبراهيم بن عرفة نفطويه » وآخرين.

ثم تصدر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو نصر أحمد بن محمّد بن أحمد الحدّاد » وآخرون.

توفي « أبو حفص الكتاني » في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

وأخذ « محمّد بن عبد الله » سنة الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء ، فقد سمع « أبا الحسن الدارقطني ، وأبا حفص بن شاهين ، وأبا طاهر المخلص ».

توفي « محمّد بن عبد الله » يوم السبت سادس المحرم سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ، رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : تاريخ بغداد ج ٥ ، ص ٤٧٦ ورقم الترجمة ٣٠٣٠. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢١ ورقم الترجمة ٣٥٩. وغاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ص ١٩١ ورقم الترجمة ٣٢٠٥.


رقم الترجمة / ٩٩

« محمّد بن عليّ الشّوكاني » (١) ت ١٢٥٠ هـ

هو : محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعاني. وهو من حفاظ القرآن ، ومن خيرة العلماء المجتهدين المؤلفين : وهو مفسّر ، محدث ، فقيه ، أصوليّ ، مؤرخ ، أديب ، نحوي ، منطقي ، متكلم ، حكيم.

كتب « الشوكاني » لنفسه ترجمة في كتابه « البدر الطالع » أسوة بغيره من المحدثين ، والعلماء ، وهذا ملخص لما كتبه :

ولد يوم الاثنين الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف ، بهجرة شوكان من بلاد خولان ، ونشأ بصنعاء ، فقرأ « القرآن » على جماعة من المعلمين ، ثم ختمه على الفقيه « حسن بن عبد الله » وجوّده على جماعة من مشايخ القرآن بصنعاء ، ثم حفظ الكثير من الكتب ، منها : كتاب « الأزهار » للإمام المهدي ، ومختصر الفرائض للعصيفري ، والملحة للحريري ، والكافية الشافية لابن الحاجب ، والتهذيب للتفتازاني ، والتلخيص للقزويني ، ومنظومة الجزري ، وآداب البحث للعضد ، ومع ذلك كان كثير الاشتغال بمطالعة كتب التواريخ ، ومجاميع الأدب ، ثم شرع في طلب العلم ، وأخذ علومه عن عدد كبير من العلماء : فقرأ على والده رحمه‌الله تعالى في شرح الأزهار ، وشرح الناظري لمختصر العصيفري ، وقرأ الفقه على « أحمد بن محمّد بن الحرازي » وبه انتفع ، وعليه تخرج ، وطالت ملازمته له نحو ثلاث عشرة سنة.

وفي أيام قراءته في الفروع شرع في قراءة النحو ؛ فقرأ عدة كتب في ذلك منها : « الملحة وشرحها » على العلاّمة « إسماعيل بن الحسن بن أحمد » ، وقرأ

__________________

(١) انظر ترجمته في : البدر الطالع للشوكاني ج ٢ ، ص ٢١٤ ورقم الترجمة ٤٨٢.

معجم المؤلفين ج ١١ ، ص ٥٣.


شرح « الرضي » على الكافية على « القاسم بن يحيى الخولاني » ، وقرأ شرح « إيساغوجي » للقاضي زكريا على « عبد الله بن اسماعيل النّهمي ».

وقرأ الشرح المطول للسعد التفتازاني ، وقرأ شرح جمع الجوامع للمحلّى على « عبد القادر بن أحمد » ، وقرأ شرح الجزرية ، على « هادي بن حسين » ، وقرأ « البحر الزخار » وحاشيته ، وتخريجه ، وضوء النهار على شرح الأزهار على « عبد القادر بن أحمد ». وقرأ الكشاف وحاشيته ، على « الحسن بن إسماعيل المغربي ».

وسمع صحيح مسلم ، وسنن الترمذي ، وبعض الموطإ ، وبعض شفاء القاضي عياض ، على « عبد القادر بن أحمد ».

وسمع جميع سنن « أبي داود » وتخريجها للمنذري ، على « الحسن بن إسماعيل المغربي ». وكذلك سمع شرح بلوغ المرام ، على « الحسن بن إسماعيل » وهناك كتب أخرى ذكرها الشوكاني ، أعرضت عن ذكرها ، وبعد ذلك يقول « الشوكاني » : هذا ما أمكن سرده من مسموعات صاحب الترجمة ومقروءاته ، وله غير ذلك من المسموعات والمقروءات.

ثم يقول الشوكاني عن نفسه : « وكانت قراءتي لما تقدم ذكره في « صنعاء » ولم أرحل لأعذار منها : عدم الإذن من الأبوين ، وقد درس جميع ما تقدم ذكره ، وأخذه عنه الطلبة ، وتكرر أخذهم عنه في كل يوم من تلك الكتب ، وكثيرا ما كان يقرأ على مشايخه ، فإذا فرغ من كتاب قراءة أخذه عنه تلامذته ، بل ربما اجتمعوا على الأخذ عنه قبل أن يفرغ من قراءة الكتاب على شيخه ، وكان يبلغ دروسه في اليوم والليلة إلى نحو ثلاثة عشر درسا ، منها ما يأخذه من مشايخه ، ومنها ما يأخذه عنه تلامذته ، واستمرّ على ذلك مدّة حتى لم يبق عند أحد من شيوخه ما لم يكن من جملة ما قد قرأه.

ثم يقول الشوكاني عن نفسه : ثم إن صاحب الترجمة جلس لإفادة الطلبة فقط ، فكانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دروس ، في فنون


متعددة ، واجتمع منها في بعض الأوقات : التفسير ، والحديث ، والأصول ، والنحو ، والصرف ، والبيان ، والمعاني والمنطق ، والفقه ، والجدل ، والعروض.

ثم يقول الشوكاني : وكان في أيام قراءته على الشيوخ ، وإقرائه لتلامذته يفتي أهل مدينة صنعاء ، بل ومن وفد إليها ، بل ترد عليه الفتاوى من الديار التهامية ، وشيوخه إذ ذاك أحياء ، وكادت الفتيا تدور عليه من أعوام الناس وخواصهم ، واستمرّ يفتي من نحو العشرين من عمره فما بعد ذلك ، وكان لا يأخذ على الفتيا شيئا تنزها.

ويقول الشوكاني عن نفسه : وربما قال الشعر إذا دعت لذلك حاجة كجواب ما يكتبه إليه بعض الشعراء من سؤال ، أو مطارحة أدبيّة ، أو نحو ذلك ، ومن ذلك قوله :

أنا راض بما قضى

واقف تحت حكمه

سائل أن أفوز بالخير

من حسن ختمه

ويقول الشوكاني عن نفسه : وابتلى بالقضاء في مدينة صنعاء بعد موت من كان متوليا للقضاء ، وكان دخوله في القضاء وهو ما بين الثلاثين والاربعين.

ترك الشوكاني للمكتبة الإسلامية والعربية الكثير من المصنفات في علوم متفرقة منها المطولات ، ومنها المختصرات ، وقد ذكرها الشوكاني أثناء ترجمته لنفسه ، من هذه المصنفات : « نيل الأوطار وشرح المنتقى من الأخبار » أرشده إلى تصنيفه جماعة من شيوخه ، وعرض عليهم بعضا منه.

وكتاب « الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ».

وكتاب « المختصر البديع في الخلق الوسيع » ذكر فيه خلق السماوات والأرض ، والملائكة ، والجن ، والإنس ، وسرد غالب ما ورد من الآيات والأحاديث وتكلم عليها.


وكتاب « المختصر الكافي من الجواب الشوافي ».

ورسالة في أحكام الاستجمار ، ورسالة في أحكام النفاس ، ورسالة في الكلام على وجوب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الصلاة ، والقول الصادق في إمامة الفاسق ، ورسالة في « أسباب سجود السهو » وكتاب « البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع » وكتاب « فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير » في خمسة مجلدات.

ورسالة في وجوب الصوم على من لم يفطر إذا وقع الإشعار في دخول رمضان في النهار.

ورسالة في كون الخلع طلاقا ، أو فسخا. ورسالة في حكم الطلاق ثلاثا ، ورسالة في الطلاق البدعي ، ورسالة في نفقة المطلقة ، ورسالة في بيع الشيء قبل قبضه ، وشفاء العلل في حكم زيادة الثمن لأجل الأجل.

والقول المحرر في حكم لبس المعصفر ، وسائر أنواع الأحمر.

والبحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتّر ، وإتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة ، ورسائل في أحكام لبس الحرير ، ورسالة في حكم المخابرة ، وزهر النّسرين الفائح بفضائل العمرين.

ورسالة في لحوق ثواب القراءة ، المهداة من الأحياء إلى الأموات ، والقول المقبول في ردّ خبر المجهول من غير صحابة الرسول ، وفتح القدير في الفرق بين المعذرة والتعذير ، وتنبيه الأعلام على تفسير المشتبهات بين الحلال والحرام ، والدرّ النضيد في إخلاص التوحيد ، والقول الجليّ في لبس النساء الحليّ ، والقول المفيد في حكم التقليد ، والفتح الرباني في فتاوى الشوكاني.

ثم يقول الشوكاني بعد سرده لهذه المصنفات : هذا ما أمكن خطوره بالباب حال تحرير هذه الترجمة ، ولعل ما لم يذكر أكثر مما ذكر ، وقد كان جميع ما


تقدم من القراءة على شيوخه في تلك الفنون ، وقراءة تلامذته لها عليه مع غيرها ، وتصنيف بعض ما تقدم تحريره ، قبل ان يبلغ صاحب الترجمة أربعين سنة ، بل درس في شرحه للمنتقى قبل ذلك ، وترك التقليد ، واجتهد رأيه اجتهادا مطلقا غير مقيّد ، وهو قبل الثلاثين ، وكان منجمعا عن بني الدنيا لم يقف بباب أمير ، بل كان مشتغلا في جميع أوقاته بالعلم درسا وتدريسا وإفتاء وتصنيفا.

وهكذا كان الشوكاني ، حتى توفاه الله تعالى سنة خمسين ومائتين وألف من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ١٠٠

« محمّد النّجّار » (١) ت ٤٠٢ هـ

هو : محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي النحوي المعروف بابن النجار.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « ابن النجار » أول سنة ثلاث وثلاثمائة من الهجرة. أخذ « ابن النجار » القراءة عن خيرة العلماء ، يقول « ابن الجزري » : أخذ القراءة عرضا عن « محمّد بن الحسن بن يونس ، والحسن بن داود النقار ، وعن أبيه جعفر بن محمّد (٢).

كما أخذ حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء.

يقول « الخطيب البغدادي » : قدم « محمّد بن النجار » بغداد ، وحدث بها عن « محمّد بن الحسين الأشناني ، وعبيد الله بن ثابت الحريري ، وإسحاق بن محمّد بن مروان ، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، وأبي بكر بن دريد ، ونفطويه ، وأبي روق الهزّاني ، ومحمّد بن يحيى الصولي » (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : تاريخ بغداد ج ٢ ، ص ١٥٨. وإرشاد الأريب ج ١٨ ص ١٠٣. وإنباه الرواة ج ٣ ، ص ٨٣. وتذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٦٢. والوافي بالوفيات ج ٢ ، ص ٣٠٥. والبداية والنهاية ج ١١ ، ص ٣٤٧. ومعرفة القراء ج ١ ، ص ٣٦٧. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ١١. وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة ج ١ ، ص ٣١. وبغية الوعاة ج ١ ، ص ٦٩. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٦٤.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١١١.

(٣) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٦٧.


تصدر « محمّد بن النجار » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة ، وصحة السند ، وعمّر طويلا ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، يقول « الإمام ابن الجزري » : روى القراءة عن « ابن النجار » « الحسن ابن محمّد البغدادي ، وأبو علي غلام الهراس ، وأبو علي العطار » (١).

وقال « الخطيب البغدادي » : حدثنا عن « محمّد بن النجار » « محمّد بن عليّ ابن مخلد الوارق ، وأحمد بن علي بن التوزي ، وأبو القاسم الأهوازي ، وأحمد ابن عبد الواحد الوكيل » ، وغيرهم ، ثم يقول « البغدادي » : وذكر لي « الحسن ابن علي بن عبد الله المقرئ ، وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل » أنهما سمعا منه ببغداد في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة (٢).

اشتهر « ابن النجار » بين العلماء بالدقة والثقة ، مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « أبو علي البغدادي » : كان « ابن النجار » من جلة أهل العربية ومن أهل الحديث ، مثقفا ، فاضلا (٣).

وقال « ابن الجزري » : « ابن النجار مقرئ نحوي معمّر مسند ثقة » (٤) وقال « الخطيب البغدادي » : أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي ، وأبو منصور محمّد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري » قالا : توفي أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار المقرئ ، بالكوفة في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١١١.

(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٢ ، ص ١٥٩.

(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١١١.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١١١.


رقم الترجمة / ١٠١

« محمّد بن هانئ » (١) ت بعد ٣٩٠ هـ

هو : محمّد بن إبراهيم بن هانئ بن عيشون أبو عبد الله القيسي الأندلسي الألبيري.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « محمّد بن هانئ » القراءة القرآنية عن خيرة العلماء ، وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : رحل وأخذ القراءات عرضا عن محمّد بن عبد الله بن أشتة ، وسمع منه كتاب « المحبر » (٢).

تصدر « محمّد بن هانئ » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، يأخذون عنه ، وفي هذا يقول « الإمام الداني » : حدّث وكتب ، وقرأ عليه غير واحد من أصحابنا ».

وقال « ابن الجزري » : وممن قرأ عليه « مروان بن عبد الملك ».

توفي « محمّد بن هانئ » بعد التسعين وثلاثمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٨. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٤٧.

التكملة لكتاب الصلة ص ٣٧٤ والذيل والتكملة ج ٦ ، ص ١٠٦.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٤٧.


رقم الترجمة / ١٠٢

« محمّد الهرواني » (١) ت ٤٠٢ هـ

هو محمّد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني.

ولد سنة خمس وثلاثمائة من الهجرة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « الهرواني » القراءة عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « محمّد بن الحسن بن يونس النحوي ، وحماد بن أحمد الكوفي » (٢).

كما أخذ « الهرواني » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من العلماء. يقول « الخطيب البغدادي » : سمع « الهرواني » عليّ بن محمّد بن هارون الحميري ، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، ونحوهما. وقدم بغداد وحدث بها ، وكان ثقة فاضلا جليلا ، يقرئ القرآن ، ويفتي في الفقه على مذهب « أبي حنيفة » وكان من عاصره من الكوفة يقول : لم يكن بالكوفة من هو أفقه منه (٣).

ومن الأحاديث التي رواها « الهرواني » وذكرها « الخطيب البغدادي » ما يلي :

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : تاريخ بغداد ج ٥ ، ص ٤٧٣. وتذكره الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٦٢. والوافي بالوفيات ج ٣ ، ص ٣٢٠. والجواهر المضيئة ج ٢ ، ص ٦٥. ومعرفة القراء ج ١ ، ص ٣٦٨. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧. وشذرات الذهب ج ٣ ، ص ١٦٥.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧. والقراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٨.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ٥ ، ص ٤٧٢.


قال « البغدادي » : حدثني عبيد الله بن أبي الفتح ، حدثنا محمّد بن عبد الله الهرواني الكوفي ببغداد ، حدثنا علي بن محمّد بن هارون الحميري ، حدثنا أبو كريب محمّد بن العلاء ، حدثنا عبد الله بن إدريس بن الفرات القزاز عن أبيه عن « أبي حازم » عن « أبي هريرة » رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء ، كلما ذهب نبي خلفه نبي ، وإنه ليس كائن بعدي نبي ».

قالوا : يا رسول الله فما يكون؟ قال : « يكون خلفاء ويكثرون ».

قالوا : « يا رسول الله فما نصنع؟ قال : « أوفوا بيعة الأول فالأول ، أدّوا الذي عليكم ، ويسألهم الله الذي عليهم » اهـ (١).

تصدر « محمّد الهرواني » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « أبو علي البغدادي ، وأبو علي غلام الهراس ، ومحمّد بن علي بن الحسن العلوي ، وأبو علي الشرمقاني ، وأبو علي العطّار ، وأبو الفضل الخزاعي » (٢).

احتل « محمّد الهرواني » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه.

قال العتيقي » : ما رأيت بالكوفة مثله » (٣).

وقال « أبو علي المالكي » : كان من جلة أصحاب الحديث ، فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر » (٤).

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ٥ ، ص ٤٧٢.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧. والقراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٨.

(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧.

(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧.


وقال « أبو العزّ عن أبي علي الواسطي » : كان « محمّد الهرواني » جليلا في زمانه ، يرجل إليه في طلب القرآن والحديث من كل بلد (١).

وقال « ابن الجزري » : أبو عبد الله الجعفي الكوفي نحوي ، مقرئ ، ثقة يعرف بالهرواني بفتح الهاء والراء ، وهو الذي كان يأخذ بإعادة الإخلاص ثلاث مرات عند الختم ، انفرد بذلك في رواية « الأعشى » ذكر ذلك عنه « أبو الفخر حامد بن حسنويه القزويني ، والظاهر ذلك اختيار منه (٢).

قال « أحمد بن علي بن التوزي » : توفي القاضي أبو عبد الله بن الهرواني بالكوفة في ليلة الخميس الثاني عشر من رجب سنة اثنتين وأربعمائة ، وقد نيف على التسعين سنة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٧٧.


رقم الترجمة / ١٠٣

« مسافر بن الطيّب » (١) ت ٤٤٣ هـ

هو : مسافر بن الطيب بن عبّاد أبو القاسم البصري ، ثم البغدادي.

ولد « مسافر » سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.

أخذ « مسافر » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « علي بن محمّد بن إبراهيم بن خشنام المالكي أبو الحسن البصري الدلاّل » ، وهو شيخ مشهور ، زاهد ، صالح ، ثقة ، عدل.

عرض القراءة على : « أبي العباس محمّد بن يعقوب المعدّل ، وأبي بكر محمّد ابن موسى الزينبي ».

وأخذ عن « ابن خشنام » القراءة : « أحمد عبد الكريم بن عبد الله القاضي ، ومسافر بن الطيب ، ومحمّد بن الحسين الكارزيني ، وعليّ بن أحمد الجوردكي ، وطاهر بن غلبون ، وأبو القاسم عبد العزيز بن محمّد الفارسي ، وأبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري ، والحسن بن محمّد بن الفحام ، ومحمّد بن نزار التكريتي ».

توفي « ابن خشنام » بالبصرة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.

تصدّر « مسافر بن الطيّب » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أحمد بن الحسن ابن خيرون أبو الفضل البغدادي » ، وهو أستاذ مقرئ ثقة ، وأخذ القراءة

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : تاريخ بغداد ج ١٣ ، ص ٢٣١. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٤١. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٩٣ ـ ٢٩٤.


عرضا عن : عليّ بن طلحة البصري ، وروى الحروف عن « الحسن بن أحمد بن شاذان ، والقاضي الحسين الصيمري ».

وروى القراءات عنه عرضا : ابن أخيه « محمّد بن عبد الملك » وروى عنه حروف القراءات : « إبراهيم بن محمّد الهيتي ».

ومن تلاميذ « مسافر بن الطيّب » : عبد السيّد بن عتاب بن محمّد بن جعفر ابن عبد الله الحطاب » ، بالحاء المهملة أبو القاسم البغدادي ، الضرير ، قرأ على : « الحسن بن عليّ بن الصقر ، وأحمد بن رضوان ، والحسن بن ملاعب ، والحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني ، وأبي الحسن الحمّامي ، وعلي بن أحمد بن محمّد بن داود الرزاز ، وأبي العلاء الواسطي ، وأبي طاهر محمّد بن ياسين الحلبي ، وأبي بكر محمّد بن عليّ بن زلال ، ومحمّد بن عبد الله الشمعي ، والحسين بن أحمد الحربي ».

وقرأ على « عبد السيّد بن عتاب » : أبو علي بن سكرة الصدفي ، ومحمّد بن عبد الملك بن خيرون ، وأبو الكرم بن الشهرزوري.

توفي « عبد السيّد » سنة سبع وثمانين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « مسافر بن الطيّب » : علي بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن الجراح أبو الخطاب الوزير البغدادي الشافعي ، وهو إمام مقرئ ضابط مجوّد القراءة ، ولد سنة تسع أو عشر وأربعمائة ، وأخذ القراءة عن « علي ابن عمر بن بكير النجار ، وعلي بن الصقر الدينوري ».

وقرأ عليه : « أبو محمّد سبط الخياط ، وأبو الكرم الشهرزوري ، وسعد الله ابن الدجاجي ».

ونظم في القراءات كتابا ، وانتهت إليه رئاسة القراءة.


وكان يصلي بالمستظهر بالله التراويح ، توفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « مسافر بن الطيّب » : عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمّد أبو معشر الطبري ، القطان الشافعي ، شيخ أهل مكة ، وهو إمام عارف محقق ، وأستاذ ثقة صالح.

قرأ على : « أبي القاسم عليّ بن محمّد بن علي الزيدي بحرّان ، وأبي عبد الله الكارزيني ، وابن نفيس ، وإسماعيل بن راشد الحدّاد ، والحسين بن محمّد الأصفهاني ، وأبي الفضل عبد الرحمن بن الحسن الرازي ، وعليّ بن الحسين الطريثيثي ».

وقرأ عليه : « الحسن بن بليمة ، وإبراهيم بن عبد الملك القزويني ، وعبد الله ابن منصور بن أحمد البغدادي ، وعبد الله بن عمر بن العرجاء ، وإبراهيم بن المسبّح ومحمّد بن إبراهيم بن نعم الخلف ، ومنصور بن الحسين ، ومحمّد بن إبراهيم الأزجاهي ، وعبد الله بن أبي الوفاء القيسي ، وسليمان بن عبد الله الأنصاري ، ويحيى بن الخلوف الحميري ». وألف كتاب « التلخيص » في القراءات الثمان ، وكتاب « سوق العروس » فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق ، وكتاب الدرر في التفسير ، وكتاب الرشاد في شرح القراءات الشاذّة ، وكتاب « عنوان المسائل » وكتاب طبقات القراء ، وكتاب العدد ، وكتابا في اللغة.

توفي « أبو معشر الطبري » بمكة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ « مسافر بن الطيّب » : أحمد بن عبد القادر بن يوسف أبو الحسين المقرئ ، وقد قرأ عليه « أبو الكرم الشهرزوري ».

ومن تلاميذ « مسافر بن الطيّب » : أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار ، أبو طاهر البغدادي الحنفي ، وهو أستاذ كبير ثقة محقق ، قرأ على : « الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني ، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار ، وعلي


ابن محمّد بن فارس الخياط ، وعليّ بن طلحة بن محمّد البصري ، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب ، وفرج بن عمر الواسطي ، وأبي بكر محمّد ابن عبد الرحمن النهاوندي ، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي ، ومنصور ابن محمّد بن عبد الله التميمي ، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب ، وعبد الله ابن محمّد بن مكي ، وأبي الفتح عبد الواحد بن شيطا ، وأحمد بن محمّد بن إسحاق المقري ، ومسافر بن الطيب البصري » وروى قراءة الإمام محمّد بن إدريس الشافعي عن « أبي الفرج الحسين بن عليّ الطناجيري » ، ورواية « المسيبي » عن : « محمّد بن عبد الواحد بن رزمة » ورواية « الثعلبي » عن « ابن ذكوان » : عن « عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ، ورواية « العجليّ » عن حمزة » عن « الحسن بن محمّد الخلال » ، ورواية « الدوري عن الكسائي » عن عليّ بن محمّد ابن قشيش ، ورواية « أبي الحارث » عن « عبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي ».

قرأ عليه : « أبو عليّ بن سكرة الصدفي ، ومحمّد بن الخضر ، وأبو محمّد سبط الخياط ، وأبو الكرم الشهرزوري ». وروى عنه حروف القراءات : « الحافظ أبو طاهر السلفي ، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي ».

توفي « ابن سوار » سنة تسع وتسعين وأربعمائة.

توفي « مسافر بن الطيّب » في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.


رقم الترجمة / ١٠٤

« أبو مسلم الكاتب » (١) ت ٣٩٩ ه‍

هو : محمد بن أحمد بن علي بن حسين أبو مسلم كاتب الوزير « أبي الفضل » البغدادي نزيل مصر ، ولد سنة خمس وثلاثمائة.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو مسلم الكاتب » القراءة عن خيرة العلماء ، يقول « الإمام ابن الجزري » : روى القراءة عن « أبي بكر بن مجاهد ، ومحمد بن أحمد بن قطن ، وعلي بن أحمد بن بزيع » وسمع من « ابن دريد ، ونفطويه ، وابن الأنباري » وأبي القاسم البغوي ، وابن أبي داود ». ودخل المغرب فسمع من « أبي القاسم زياد بن مؤنس » (٢).

كما أخذ « أبو مسلم الكاتب » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خيرة العلماء ، يقول « الخطيب البغدادي » : نزل « أبو مسلم الكاتب » مصر وحدث بها عن « أبي القاسم البغوي ، وعبد الله بن أبي داود ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، وبدر ابن الهيثم ، وسعيد بن محمد ابن أخي زبير الحافظ ، وأبي بكر بن دريد ، وأبي بكر بن مجاهد ، وإبراهيم بن عرفة النحوي » (٣).

ثم يقول « الخطيب البغدادي » : حدثنا عنه « أحمد بن محمد العتيقي ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : تاريخ بغداد ج ١ ، ص ٣٢٣. وميزان الاعتدال ج ٣ ، ص ٤٦١. والوافي بالوفيات ج ٢ ، ص ٥٢. ومعرفة القراء ج ١ ، ص ٣٥٩. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ٧٣.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٧٣.

(٣) انظر تاريخ بغداد ج ١ ، ص ٣٢٣.


والقاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المصري ».

ثم يقول : وحدثني « الصوري » قال : حدثني « أبو الحسن العطار وكيل « أبي مسلم الكاتب » وكان من أهل العلم ، والمعرفة بالحديث ، كتب وجمع ولم يكن بمصر بعد « عبد الغني بن سعيد » أفهم منه ، قال : « ما رأيت في أصول « أبي مسلم » عن « البغوي » شيئا صحيحا غير جزء واحد ، كان سماعه فيه صحيحا ، وما عدا ذلك مفسودا » (١).

تصدر « أبو مسلم الكاتب » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، وتتلمذ عليه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الإمام ابن الجزري » : روى القراءة عن أبي مسلم الكاتب : الحافظ أبو عمرو الداني ، وقال : كتبنا عنه كثيرا ، ورشأ بن نظيف ، وأبو علي الأهوازي ، وأحمد بن بابشاذ ، وأحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة. اهـ (٢) احتل « أبو مسلم الكاتب » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. يقول « ابن الجزري » : أبو مسلم الكاتب نزيل مصر معمّر مسند عالي السند » (٣).

توفي « أبو مسلم الكاتب » في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ج ١ ، ص ٣٢٣.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٧٣.

(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٧٣.


رقم الترجمة / ١٠٥

« أبو معشر الطّبري » (١) ت ٤٧٨ هـ

هو : عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي ، أبو معشر الطبري القطان ، وهو من خيرة القرّاء ، ومن الثقات المشهورين ، وصاحب المؤلفات النافعة المفيدة. فقد ألف كتاب « التلخيص في القراءات الثمان » وكتاب « سوق العروس » فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق ، وكتاب « الدّرر في التفسير » وكتاب « الرشاد في شرح القراءات الشاذة ، وكتاب « عنوان المسائل » ، وكتاب « طبقات القراء ، وكتاب « العدد » ، وكتابا في اللغة.

احتلّ « أبو معشر الطبري » مكانة سامية ، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : « هو شيخ أهل مكة ، وإمام عارف ، محقق ، استاذ كامل ، ثقة » (٢).

أخذ « أبو معشر الطبري » القراءة ، وحروف القرآن عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو القاسم الحسيني ». وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة ، والصلاح ، ومن المعمّرين. احتلّ « عليّ بن محمد » مكانة سامية ومنزلة رفيعة ، وسيرة حسنة ، مما جعل الكثيرين يثنون عليه ، وفي هذا يقول « الإمام الداني » : « أبو القاسم الحسيني ، آخر من قرأ على « النقاش » وكان ضابطا ، ثقة ،

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٥. ورقم الترجمة ٣٧١. غاية النهاية في طبقات القراء ، ج ١ ، ص ٤٠١ ورقم الترجمة ١٧٠٨. ميزان الاعتدال ج ٢ ، ص ٦٤٤. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ١٢٣. طبقات المفسرين للداودي ج ١ ، ص ٣٣٨ ورقم الترجمة ٢٩٨. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٥٨.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٠١.


مشهورا ، أقرأ بحرّان دهرا طويلا » اهـ (١).

أخذ « أبو القاسم الحسيني » القراءة ، وحروف القرآن عن عدد من العلماء فقد قرأ بالروايات على « أبي بكر النقاش » وسمع منه تفسيره.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن والقراءات ، واشتهر بالثقة ، وصحة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، وفي مقدمة من قرأ عليه « أبو معشر الطبري ».

توفي « أبو القاسم الحسيني » في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « محمد بن الحسين بن محمد بن آذربهرام ، أبو عبد الله الكارزيني الفارسي » ، وهو من مشاهير القراء الثقات الضابطين ، انفرد بعلوّ الإسناد في زمانه ، قال عنه « الإمام الذهبي » : « محمد بن الحسين ، مسند القراء في زمانه ، تنقّل في البلاد ، وجاور بمكة المكرمة ، وعاش تسعين سنة أو دونها ، لا أعلم متى توفي ، إلا أنه كان حيا في سنة أربعين وأربعمائة » (٢).

أخذ « محمد بن الحسين » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « الحسن بن سعيد المطوعي » وهو آخر من قرأ عليه.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو معشر الطبري ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « محمد بن الحسين ».

ومن شيوخ « أبي معشر الطبري » في القراءة : أحمد بن سعيد بن أحمد بن

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٧٣.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ١٣٣.


عبد الله ، المعروف بابن نفيس ، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري.

وهو من القراء المشهود لهم بالثقة ، والأمانة ، وصحّة الإسناد ، ومن المعمّرين ، انتهى إليه علوّ الإسناد في زمانه.

أخذ القراءة عن مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو أحمد عبد الله السامري ، وأبو طاهر الأنطاكي » وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو معشر الطبري ».

توفي « أحمد بن سعيد » في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

وقيل : سنة خمس وأربعين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحدّاد ، أبو محمد المصري » ، وهو من القراء الكبار المشهود لهم بالثقة وصحة الإسناد.

أخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « قسيم بن مطير ». ثم تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بين الناس بصحة الإسناد ، وأقبل الطلاب عليه يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو معشر الطبري ».

توفي « إسماعيل بن عمرو » سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار ».

ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ، وهو من مشاهير علماء القراءات ، ومن الثقات المؤلفين ، صاحب كتاب « جامع الوقوف ».


أثنى عليه الكثيرون من العلماء ، وفي هذا يقول « أبو سعيد بن السمعاني » :

« كان مقرئا ، فاضلا ، كثير التصانيف ، حسن السيرة ، متعبّدا ، حسن العيش قانعا باليسير ، يقرئ أكثر أوقاته ، ويروي الحديث » اهـ (١).

وقال « عبد الغافر الفارسي » : كان ثقة جوّالا ، إماما في القراءات ، أوحد في طريقته ، وهو ثقة ، ورع ، عارف بالقراءات ، والروايات ، عالم بالأدب ، والنحو ، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي ، وهو أشهر من الشمس ، وأضوأ من القمر ، ذو فنون من العلم » اهـ (٢).

رحل « عبد الرحمن بن أحمد » إلى كثير من المدن ، والبلاد من أجل تلقي العلم ، والأخذ عن الشيوخ ، وكانت رحلته الأولى وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، ومكث في طوافه بالبلاد إحدى وسبعين سنة ، رحمه‌الله تعالى.

أخذ « عبد الرحمن بن أحمد » القراءة عن عدد كبير من علماء القراءات ، منهم : « علي بن داود الدارانيّ ، وأبو الحسن الحمامي » وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وصحة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علمه ، ويأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو معشر الطبري ».

توفي « عبد الرحمن بن أحمد » في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة.

ومن شيوخ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « علي بن الحسين بن زكريا ، أبو الحسن الطريثيثي » ، وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والاتقان.

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٦٢.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٦٢.


أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء ، وفي مقدمتهم : « أبو أحمد عبيد الله ابن مهران ، وأبو علي الأهوازي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بصحة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه « أبو معشر الطبري ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « علي بن الحسين ».

ومن شيوخ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « الحسن بن علي بن إبراهيم ابن يزداد ، أبو علي الأهوازي » ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز. وهو من مشاهير القراء ، ومن الثقات المعروفين بصحة الإسناد.

أخذ القراءات عن عدد كبير من علماء القراءات ، وفي مقدمتهم : « إبراهيم ابن أحمد بن محمد الطبري البغدادي ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بالصحة ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، وفي مقدمة من قرأ عليه « أبو معشر الطبري ».

توفي « الحسن بن علي » في ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة بدمشق. رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

كما أخذ « أبو معشر الطبري » القراءة عن مشاهير القراء ، أخذ كذلك سنة الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عدد من خيرة المحدثين ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : « وسمع الحديث من « أبي عبد الله بن نظيف ، وأبي النعمان تراب بن عمر ، وعبد الله بن يوسف ، وأبي الطيب الطبري » اهـ (١).

__________________

(١) انظر : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٦.


وبعد أن اكتملت مواهب « أبي معشر الطبري » تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وذاع صيته بين الناس ، واشتهر بالثقة وصحة الإسناد ، وأقبل عليه الطلاب من كل فجّ عميق يأخذون عنه ويتلقون عليه ، ومن تلاميذه في القراءة : « الحسن بن خلف بن عبد الله بن بلّيمة ـ بفتح الباء ، وتشديد اللام المكسورة ـ القيرواني » ، ونزيل الإسكندرية ، ومؤلف كتاب « تلخيص العبارات بلطيف الإشارات ».

ولد سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة ، وعني بالقراءات فرحل في طلبها إلى بعض المدن الإسلامية ، ومن ذلك أنه رحل إلى « مكة المكرمة » وقرأ على بعض شيوخها ، وفي مقدمتهم : « أبو معشر الطبري ».

وبعد أن حصّل العلم وقراءات القرآن تصدّر لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب.

ومن الذين قرءوا عليه : « أبو العباس أحمد بن الحطيئة ».

توفي « الحسن بن خلف » بالإسكندرية ثالث رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « إبراهيم بن عبد الملك بن محمد أبو إسحاق القزويني » ، ينعت بالضياء ، وهو من خيرة القراء المتصدرين ، ومن المشهورين بالثقة ، وصحة الإسناد ، وكان شيخ قزوين.

أخذ القراءات على عدد من خيرة العلماء ، فقد قرأ بالروايات على « أبي معشر الطبري ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، والقراءات ، واشتهر بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه.


ومن تلاميذه : « أحمد بن إسماعيل القزويني »

توفي « إبراهيم بن عبد الملك » بقزوين في حدود الأربعين وخمسمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « عبد الله بن منصور بن أحمد بن الخطاب بن سعيد ، أبو غالب البغدادي » ، وهو شيخ ضابط ، ثقة ، صالح ، متقن ، مجوّد.

أخذ القرآن ، والقراءات عن عدد من مشاهير القرّاء ، فقد أخذ القراءات تلاوة عن « أبي معشر الطبري » ، وأحمد بن عليّ بن عبد الله ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، والقراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وعرف بالثقة وحسن الأداء ، وصحة الإسناد. وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، فقد قرأ عليه بالروايات : « الحسن بن أحمد الهمذاني ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « عبد الله بن منصور ».

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « عبد الله بن عمر بن العرجاء ، وهي أمّه ، أبو محمد القيرواني ». وهو مقرئ حاذق ، ثقة ، رحّال ، فقد رحل إلى « مكة المكرمة » وأقام مجاورا زمانا يؤم الناس.

أخذ « عبد الله بن عمر » القراءة ، وحروف القراءات عن عدد من مشاهير القراء ، وفي مقدمتهم : « أحمد بن نفيس ، وأبو معشر الطبري ، وعبد الباقي ابن الحسن ».

وبعد أن اكتملت مواهبه ، وأصبح أهلا للتعليم ، تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بين الناس بالضبط ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه.


ومن الذين قرءوا عليه : « ولده الشيخ أبو علي الحسن ، وعبد الله بن خلف البيّاسي » وغيرهما كثير.

توفي « عبد الله بن العرجاء » في حدود الخمسمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « محمد إبراهيم بن نعم الخلف ، أبو عبيد الله الأندلسي ». وهو من القراء المشهود لهم بالثقة ، والتقوى ، والصلاح ، أخذ القرآن ، وحروف القراءات عن عدد من خيرة العلماء ، ورحل في سبيل العلم ، والأخذ عن الشيوخ ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى « مكة المكرمة » وقرأ بالروايات على « أبي معشر الطبري ».

توفي « محمد بن إبراهيم » سنة سبع وخمسمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الأزجاهي : بفتح الهمزة ، وسكون الزاي ، نسبة إلى « أزجاه » وهي إحدى قرى « خابران » من « خراسان » وقد نسب إليها عدد من العلماء (١).

الأبيوردي : بفتح الهمزة ، وكسر الباء ، وفتح الواو ، وسكون الراء وهي نسبة إلى « أبيورد » وهي بلدة من بلاد « خراسان » (٢).

وهو من خيرة القراء ، المشهود لهم بالثقة ، وصحة السند.

أخذ القراءة ، وحروف القراءات عن عدد من العلماء ، فقد أخذ القراءات عن « أبي معشر الطبري » بمكة المكرمة.

وبعد أن اكتملت مواهبه ، وأصبح أهلا للتدريس تصدر لتعليم القرآن وحروف القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه : « الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد

__________________

(١) انظر الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ١١٩.

(٢) انظر الأنساب للسمعاني ج ١ ، ص ٧٩.


الهمذاني » ببغداد.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « محمد بن إبراهيم » رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « عبد الله بن أبي الوفاء ، أبو محمد القيسيّ ، الصقليّ » وهو من القراء المتصدرين المشهود لهم بالثقة ، والأمانة.

أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من القراء ، فقد أخذ القراءات عن « أبي معشر الطبري ».

وبعد أن اصبح أهلا لتعليم القرآن وحروفه ، جلس لذلك ، واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « الشريف الخطيب أبو الفتوح ».

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « سليمان بن عبد الله بن سليمان الأنصاري ». وهو من القراء الثقات ، المعروفين بصحة الإسناد ، أخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو معشر الطبري ».

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن ، ومن الذين قرءوا عليه حسبما ذكره « ابن عيسى » : « عبد الله بن محمد بن خلف الداني ».

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « سليمان بن عبد الله ».

ومن تلاميذ « أبي معشر الطبري » في القراءة : « إبراهيم بن المسبح الفضي ، ومنصور بن الحسين ».

وكما تصدّر « أبو معشر الطبري » لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، تصدّر أيضا لتعليم سنة الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخذ عنه الكثيرون ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي : « وحدث عنه « أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، وإبراهيم


ابن أحمد الصيمري » وغيرهما (١).

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ، وتعليم كتاب الله تعالى ، وسنة نبيّه عليه الصلاة والسلام ، توفي « أبو معشر الطبري » بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٦.


رقم الترجمة / ١٠٦

« مكّي بن أبي طالب » (١) ت ٤٣٧ هـ

هو : مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي ، القيرواني ثم الأندلسي القرطبي. إمام علامة محقق عارف أستاذ القراء والمجوّدين.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « مكّي بن أبي طالب » بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة من الهجرة.

حفظ « مكّي بن أبي طالب » القرآن منذ نعومة أظفاره ، ثم بعد ذلك رحل إلى البلاد الإسلامية في سبيل طلب العلم ، ففي سنّ مبكرة لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره شدّ الرحال إلى مصر ، فكان يقيم سنتين وثلاثا ثم يعود إلى القيروان ، وكان يرحل إلى بلاد الحجاز ليؤدي فريضة الحج ، وكان يلقى الشيوخ ، ويأخذ عنهم ، ويستدرك ، ويستكمل ، ولا يقصّر ، واستمرت رحلاته في سبيل العلم مدّة خمس وعشرين سنة ، قضاها متردّدا بين القيروان ، ومصر ، والحجاز ، والشام.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٤. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٠٩. نزهة الألباء ص ٢٥٤. إنباه الرواة ج ٣ ، ص ٣١٣. الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٦٣١. وفيات الأعيان ج ٥ ، ص ٢٧٤.

مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٥٧. الديباج المذهب ج ٢ ، ص ٣٤٢. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٤٦.

بغية الوعاة ج ٢ ، ص ٢٩٨. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٢٦٠. طبقات المفسرين للداودي ج ٢ ، ص ٣٣١.


قال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ : « كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية ، حسن الفهم والخلق ، جيّد الدين والعقل ، كثير التأليف ، في علوم القرآن ، محسنا مجوّدا ، عالما بمعاني القراءات ، أخبرني أنه سافر إلى « مصر » وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وتردد إلى المؤدبين بالحساب ، وأكمل القرآن ، ورجع إلى القيروان ، ثم رحل فقرأ القراءات على « طاهر بن غلبون » سنة ست وسبعين وثلاثمائة ، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك ، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحج ، ثم حج سنة سبع وثمانين ، وجاور ثلاثة أعوام ، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وجلس للإقراء بجامع قرطبة ، وعظم اسمه ، وجلّ قدره » اهـ (١).

تلقى « مكّي بن أبي طالب » العلوم المختلفة على خيرة العلماء بالقيروان ، ومصر ، ومكة المكرمة. فمن شيوخه الذين أخذ عنهم « بالقيروان » الحافظ أبو الحسن القابسي وهو من جلة شيوخه ، وكان موضع الإجلال ، أخذ عنه « مكي » القراءة والحديث ومن شيوخه « بالقيروان » « أبو محمد بن أبي زيد ».

انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي بالمغرب ، وذكر « القاضي عياض » أنه حاز رئاسة الدين والدنيا ، وكان يسمى مالكا الأصغر ، وقد تفقه عليه « مكي ابن أبي طالب » ت ٣٨٩ هـ.

ومن شيوخه « بمصر » « محمد بن علي أبو بكر الأدفوي ».

ذكر « الذهبي » أنه برع في علوم القرآن ، وكان سيّد أهل عصره ، وقد لزم « أبا جعفر النحاس » وروى عنه كتبه ، وأخذ القراءة عرضا عن « المظفر ابن أحمد بن سمعان ». وذكر « الإمام الداني » أنه تفرد بالإمامة في قراءة « نافع » راوية « ورش » ت ٣٨٨ هـ.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٥. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٠٩.


ومن شيوخ « مكّي بن أبي طالب » بمصر « أبو الطيب طاهر بن غلبون » الذي يرجع إليه ضبط « مكي » للقراءة.

ومن شيوخه أيضا « أبو عديّ بن الإمام » أخذ عنه « مكي » رواية ورش. وكان لمجاورة « مكي » بمكة أثر واضح في تلمذته على بعض الشيوخ ولقائه إياهم ، ومن أبرزهم : « أحمد بن إبراهيم أبو الحسن العبقسيّ » مسند أهل الحجاز في وقته.

تصدر « مكّي بن أبي طالب » لتعليم القرآن وعلومه ، واشتهر بالثقة والضبط ، وحسن الأداء ، والأمانة ، وذاع صيته ، وأقبل عليه طلاب العلم ، يأخذون عنه ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : يحيى بن إبراهيم بن البياز ، وموسى بن سليمان اللخمي ، وأبو بكر محمد بن المفرّج ، ومحمد بن أحمد ابن مطرف الكناني ، وعبد الله بن سهل ، ومحمد بن محمد بن أصبغ ، ومحمد بن عيسى بن فرج المغامي ، ومحمد بن محمد بن بشير ، وحازم بن محمد ، وأحمد بن محمد الكلاعي ، وهو قرطبي ، وكان مقرئا فاضلا ، عالما بالقراءات ، ضابطا لها ، له عدة مؤلفات » ت ٤٣٢ ه‍ ، وصلى عليه شيخه « مكي ».

ومن تلاميذ « مكي » ابنه « أبو طالب محمد » وقد روى عن أبيه أكثر ما عنده ، وكان « أبو طالب » وافر الحظ من الأدب ، حسن الخطّ ، جيّد التقييد ، وكثير من مصنفات أبيه إنما كان تصنيفها عن طريقه ، ولي أحكام الشرطة وأمانة الجامع بقرطبة. ت ٤٧٤ هـ.

ترك « مكي » للمكتبة القرآنية والعربية عدة مصنفات مفيدة بلغت أكثر من ثمانين مصنفا ، قال رحمه‌الله : « ألفت كتابي » « الموجز في القراءات » بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، وألفت كتاب « التبصرة » بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، وألفت « مشكل الغريب » بمكة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، وألفت « مشكل الإعراب » ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين


وثلاثمائة ، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.

احتلّ « مكي » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « ابن بشكوال » : « قلّده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة ، بعد وفاة « يونس بن عبد الله القاضي » وكان قبل ذلك ينوب عنه ، وله ثمانون تأليفا ، وكان خيّرا ، متدينا ، مشهورا بالصلاح ، وإجابة الدعوة » اهـ (١).

وقال « الإمام ابن الجزري » : ومن تأليف « مكي » التبصرة في القراءات والكشف عليها وتفسيره الجليل ، ومشكل إعراب القرآن ، والرعاية في التجويد ، والموجز في القراءات ، وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا. اهـ (٢).

توفي « مكي » في ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٩٥.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣١٠.


رقم الترجمة / ١٠٧

« موسى بن عيسى » (١) ت ٤٣٠ هـ

هو : موسى بن عيسى بن أبي حاج أبو عمران الفاسي ثم القيرواني. ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

ولد « موسى بن عيسى » سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وما أن شبّ عوده حتى اتجه إلى حفظ القرآن وطلب العلم ، وقد تنقل في كثير من البلاد ليأخذ عن شيوخها ، ويتلقى عن علمائها ، ويتفقه على فقهائها ، فرحل في سبيل ذلك إلى كل من مكة المكرمة ، ومصر ، وبغداد.

وقد اكتسب « موسى بن عيسى » خلال رحلاته الكثير من العلم والمعرفة ، وفي هذا يقول « الإمام الداني » : أخذ « موسى بن عيسى » القراءة عرضا عن « أبي الحسن علي بن عمر الحمامي » ، وسمع جماعة ، كتب معنا بالقيروان ، وبمصر ، وبمكة ، وتوجه إلى بغداد ، وأنا بمكة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ، وأقام أشهرا ، وقرأ بها القرآن ، وسمع الحروف ، وكتب عن جماعة من محدثيها حديثا منثورا ، وشاهد مجلس القاضي الإمام أبي بكر محمد بن الطيب ، ثم انصرف إلى « القيروان ». وأقرأ الناس بها مدّة ، ثم ترك الإقراء ، ودارس الفقه ، وأسمع الحديث إلى أن توفي. اهـ (٢).

أخذ « موسى بن عيسى » القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « أبو

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٢١. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٩. جذوة المقتبس ص ٣٣٨.

الصلة لابن بشكوال ج ٢ ، ص ٦١١. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٣٠. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٤٧. تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١٠٩٧. الديباج المذهب ج ٢ ، ص ٣٣٧.

(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٢١.


الحسن الحمامي » وغيره.

كما تفقه على مشاهير العلماء أمثال : أبي محمد الأصيلي ، وأخذ أصول الفقه عن « أبي بكر بن الباقلاني ». كما أخذ حديث الهادي البشير ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن عدد من العلماء منهم : عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر ، وغيرهما ، كما سمع من « أبي الفتح بن أبي الفوارس ».

تصدر « موسى بن عيسى » للتعليم وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه القراءات والفقه ، والحديث ، واشتهر بالثقة والضبط ، والعدالة ، وذاع صيته مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « حاتم بن محمد » : كان أبو عمران الفاسي من أعلم الناس ، وأحفظهم ، جمع حفظ الفقه والحديث والرجال ، وكان يقرأ القراءات ويجوّدها مع معرفة بالجرح والتعديل ، أخذ عنه الناس من أقطار المغرب ولم ألف أحدا أوسع منه علما ، ولا أكثر رواية. اهـ (١).

وقال « الحافظ الذهبي » : موسى بن عيسى الفاسي المقرئ الفقيه المالكي الأصولي شيخ القيروان ، تفقه على « أبي الحسن » وهو أجلّ أصحابه ، ودخل الأندلس فتفقه على « أبي محمد الأصيلي » وسمع من عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر ، والكبار ، ثم حج مرات ، وقرأ القراءات ببغداد على « أبي الحسن الحمامي » وغيره ، وسمع من « أبي الفتح بن أبي الفوارس » وأخذ الأصول عن « أبي بكر بن الباقلاني » وانتهت إليه رئاسة العلم بالقيروان. اهـ.

توفي « موسى بن عيسى » في ثلاثة عشر رمضان سنة ثلاثين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٩.


رقم الترجمة / ١٠٨

« نصر بن عبد العزيز » (١) ت ٤٦١ هـ

هو : نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح أبو الحسين الفارسي الشيرازي. وهو من الثقات العدول ، والمحققين المسندين.

قال أبو القاسم بن الفحام : قال لنا « أبو الحسين نصر الفارسي » إنه قرأ بالطرق والروايات ، والمذاهب المذكورة في « كتاب الروضة » لأبي علي المالكي البغدادي ، على شيوخ « أبي عليّ » المذكورين في « الروضة » كلهم القرآن كله ، وإن « أبا علي » كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله ، وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه. اهـ (٢).

ويعقب « ابن الجزري » على هذا الخبر بقوله : قلت فتعلو لنا القراءات من طريقه عن طريق صاحب الروضة بواحد ، وانتقل إلى « مصر » أي نصر بن عبد العزيز ـ فكان مقرئ الديار المصرية ومسندها ، وألف بها كتاب « الجامع في العشر ».

أخذ « نصر بن عبد العزيز » حروف القراءات عن عدد من العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وأحمد بن نصر الشذائي » وغيرهما.

ثم جلس « علي بن جعفر » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « نصر بن عبد العزيز ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١١٥٨. مرآة الجنان ج ٣ ، ص ٨٥. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ٨٤.

حسن المحاضرة ج ١ ، ص ٤٩٤. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٠٩. طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣٣٦ ورقم الترجمة ٣٧٢٩. معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٢ ، ورقم الترجمة ٣٦٠.

(٢) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٣٣٦.


قال « ابن الجزري » : لا أدري متى مات « أبو الحسين السعيدي » إلا أنه بقي إلى حدود العشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : علي بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسين الحمامي ، شيخ العراق ، ومسند الآفاق ، وهو من الثقات البارعين ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرد بأسانيد القرآن وعلوّها (١).

أخذ « علي بن أحمد » القراءات عرضا عن مشاهير العلماء. وفي مقدمتهم : « أبو عيسى بكار ، وعبد الواحد بن عمرو ».

ثم جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ، وفي مقدمة من قرأ عليه « نصر بن عبد العزيز ، وأحمد بن مسرور ».

توفي « علي بن أحمد » في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وهو في تسعين سنة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « عبيد الله بن محمد أبو أحمد الفرضي البغدادي ». وهو إمام ثقة من القراء والمحدثين ، قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان أبو أحمد ثقة ورعا ، ديّنا ، حدثنا « منصور بن عمر » الفقيه قال : لم أر في الشيوخ من يعلم الله مثل أبي أحمد الفرضي ، اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة ، وإسناد ، وحالة متسعة في الدنيا ، وكان مع ذلك أورع الخلق ، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم ير مثله (٢).

أخذ « عبيد الله » القراءة عرضا وسماعا عن « أبي الحسن بن بويان » وهو آخر من لقي من أصحابه ممن روى عنه رواية « قالون » كما أخذ القراءة

__________________

(١) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.

(٢) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٤٩١.


عرضا عن عدد كبير وفي مقدمتهم : « الحسن بن محمد البغدادي » وآخرون.

جلس « عبيد الله بن محمد » لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « نصر بن عبد العزيز ، وعبد الله بن محمد شيخ الداني » وآخرون.

توفي « عبيد الله بن محمد » في شوال سنة ست وأربعمائة ، وله اثنتان وثمانون سنة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان » من مشاهير العلماء ، ومن الثقات المؤلفين ، والحذاق المسندين أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم : « زيد بن عليّ بن أبي بلال ، وأبي عيسى بكار » ، وآخرون.

ثم جلس لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة وجودة القراءة ، وأقبل عليه حفاظ القرآن ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « نصر بن عبد العزيز ، والحسن بن الفضل الشرمقاني » وآخرون.

توفي « عبد الملك بن بكران » في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « منصور بن محمد بن منصور أبو الحسن القزاز البغدادي » ، وهو من مشاهير القراء ، ومن الثقات المجوّدين.

أخذ قراءة « أبي عمرو بن العلاء البصري » عرضا عن « أبي بكر بن مجاهد » وهو آخر أصحابه موتا.

ثم تصدر لتعليم القرآن واشتهر بحسن القراءة وتجويدها ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من قرأ عليه : « نصر بن عبد العزيز ، وأحمد بن مسرور


الخباز » وآخرون.

قال « ابن الجزري » : بقي « منصور بن محمد » إلى حدود العشر وأربعمائة أو قبل ذلك ، فإن « الشيرازي » قرأ عليه بعد الأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « محمد بن المظفر بن علي ابن حرب أبو بكر الدينوري » شيخ الدّينور ، وإمام جامعها ، قدم إليها وأقرأ بها بعيد الأربعمائة ، وكان مقرئا حاذقا.

أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم : « الحسين بن محمد بن حبش الدينوري ».

ثم جلس لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « نصر بن عبد العزيز » و « أبو علي غلام الهراس » وآخرون.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي » ، نزيل بغداد وهو إمام محقق ، وأستاذ متقن ، وأصله من « فم الصلح » ونشأ « بواسط » ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ورحل إلى « الدينور » فقرأ على « أبي علي بن حبش ، وأبي بكر أحمد بن محمد الشارب » وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « نصر بن عبد العزيز ». وقرأ عليه بالروايات « أبو القاسم الهذلي ، وأبو علي غلام الهراس » قال عنه « الحافظ أبو عبد الله » : تبحّر في القراءات ، وصنّف ، وجمع ، وتفنّن ، وولي قضاء الحريم الظاهري ، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق ، وحدّث عن « القطيعي ، وأبي


محمد بن السقّا » وجماعة (١).

وقال عنه « ابن الجزري » : « هو صاحب السكت عن « رويس » انفرد به عنه ، وقد حدث عنه « أبو بكر الخطيب » (٢).

توفى « محمد بن علي أبو العلاء الواسطي » ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، ودفن بداره من بغداد.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « الحسن بن محمد بن يحيى ابن داود أبو محمد الفحّام » ، المقرئ ، الفقيه ، البغدادي ، السامري ، وهو شيخ بارع مصدّر ، ومن الثقات المشهورين ، أخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « أبو بكر النقاش ، وجعفر بن عبد الله السامري ».

ثم جلس لتعليم القرآن ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه ، وفي مقدمتهم : « نصر بن عبد العزيز ، وأبو علي غلام الهراس » وغيرهما.

توفي « الحسن بن محمد » سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « عبيد الله بن أحمد بن علي ابن يحيى أبو القاسم البغدادي المعروف بابن الصيدلاني.

ذكره « أبو عمرو الداني » فقال : هو مقرئ متصدر ، بغدادي. يكنى أبا القاسم سمع من « يحيى بن محمد بن صاعد » وعمّر ، وطالت أيامه (١).

وقال عنه « ابن الجزري » : هو من حذّاق المقرئين ، الضابطين المشهورين ،

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٠.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٠.


قرأ على « هبة الله بن جعفر ، وأبي طاهر بن أبي هاشم ».

وقرأ عليه « أبو الفرج النهرواني ، وأبو الحسن بن العلاف » ، وغيرهما.

توفي ببغداد سنة أربعمائة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور ، أبو الحسن السوسنجردي ثم البغدادي » ، وهو من القراء المشهورين بالضبط وجودة القراءة. ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

وأخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم : « زيد بن أبي بلال ، وعبد الواحد بن أبي هاشم » وغيرهما.

جلس « أحمد بن عبد الله » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « نصر بن عبد العزيز ، وأبو علي غلام الهراس ، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي ».

توفي « أحمد بن عبد الله » يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة عن نيّف وثمانين سنة.

ومن شيوخ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « علي بن محمد بن إسماعيل ابن الحسين أبو الحسن البغدادي » ، وهو من القراء المشهورين بالثقة وجودة القراءة.

أخذ القراءة عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « نظيف بن عبد الله أبو الحسن الحلبي » نزيل « دمشق » سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.

وبعد أن كملت مواهبه جلس لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « نصر بن عبد العزيز ، وعلي


ابن محمد بن فارس الخياط » وغيرهما.

وقال الذهبي : بقي « علي بن محمد » إلى حدود سنة أربعمائة.

وكما أخذ « نصر بن عبد العزيز » القراءة عن خيرة العلماء ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي مقدمة من أخذ عنهم الحديث « أبو الحسن ابن بشران ، وابن رزقويه ».

جلس « نصر بن عبد العزيز » لتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة : « عبد الرحمن بن عتيق أبو القاسم بن أبي سعيد بن الفحام » ، وهو أستاذ ثقة ، ضابط ، محقق ، مؤلف كتاب « التجريد » وشيخ الاسكندرية وانتهت إليه رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة.

قرأ الروايات على « إبراهيم بن إسماعيل المالكي » صاحب أبي علي البغدادي ، وأخذ العربية عن « علي بن ثابت » وشرح مقدمته.

قال « سليمان بن عبد العزيز الأندلسي » : « ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من « أبي القاسم بن الفحام » لا بالمشرق ولا بالمغرب » (١).

جلس « عبد الرحمن بن عتيق » لتعليم القرآن ، وذاع صيته في البلاد ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « نصر بن عبد العزيز ».

وقرأ عليه بالروايات « أبو العباس أحمد بن الحطيّة ، وأبو طاهر أحمد بن محمد السلفي » ، وغيرهما.

__________________

(١) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٣٧٤.


توفي « أبو القاسم بن الفحام » سنة ست عشرة وخمسمائة.

ومن تلاميذ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « خلف بن إبراهيم بن سعيد أبو القاسم بن النخّاس القرطبي المعروف بالحصّار » ، ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة والضبط وحسن القراءة ، وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل تحصيل القرآن. فقد قرأ بمكة المكرمة على « أبي معشر عبد الكريم الطبري » ، وبمصر على « نصر بن عبد العزيز » ، وبقرطبة على « أبي المطرف عبد الرحمن بن خلف ، ومعاوية بن محمد العقيلي » ، ثم رجع إلى قرطبة وولّي خطابتها ، وجلس لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة : « يحيى أبو عبد المنعم بن الخلوف الغرناطي ، ويحيى بن سعدون القرطبي ».

توفي « خلف بن إبراهيم » في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة.

ومن تلاميذ « نصر بن عبد العزيز » في القراءة : « مرشد بن يحيى المديني » وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والأمانة وحسن الأداء.

أخذ « مرشد » القراءة عن « نصر بن عبد العزيز » وروى حروف القراءات العشر سماعا من كتاب « الجامع » عن مؤلفه « نصر بن عبد العزيز » أيضا. جلس مرشد لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وقد روى عنه حروف القراءات العشرة بمضمّن كتاب « الجامع » « أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي ». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « مرشد ».

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

وكما أخذ « نصر بن عبد العزيز » القراءة عن خيرة العلماء ، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي هذا يقول « الحافظ الذهبي » : وحدّث « نصر بن عبد العزيز » عن « ابي رزقويه » وحدّث عنه « أحمد بن يحيى بن الجارود


المصري ، ومحمد بن أحمد بن الحطّاب الرازي » وغيرهما (١).

وبعد حياة حافلة بطلب العلم ، وتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، توفي « نصر بن عبد العزيز » سنة إحدى وستين وأربع مائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

__________________

(١) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٢٢.


رقم الترجمة / ١٠٩

« أبو نصر العراقي » (١)

هو : أبو نصر منصور بن أحمد بن إبراهيم ، العراقي. أستاذ كبير ومحقق شهير وشيخ خراسان.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « أبو نصر العراقي » القراءة عن خيرة العلماء وفي هذا يقول « ابن الجزري » : أخذ « العراقي » القراءة عرضا عن : « أبي بكر بن مهران ، وأبي الفرج الشنبوذي ، وإبراهيم بن أحمد المروزي ، والحسن بن عبد الله بن محمد صاحب ابن مجاهد ، وعبد الله بن يوسف ، وأحمد بن محمد السعيدي ، ومحمد بن أحمد بن أبي دارة ، ومحمد بن محمد بن الحسن بن عثمان الطرازي ، وأحمد بن محمد بن الحسن بن مقسم » وآخرين.

تصدر « أبو نصر العراقي » لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم : عبد الله الفراء ، وابنه عبد الحميد بن منصور العراقي ، وآخرون.

ترك « أبو نصر العراقي » مصنفات في القراءات منها : كتاب الإشارة ، والموجز في القراءات وغير ذلك.

والعراقي هذا هو الذي حكى عنه « أبو القاسم الهذلي » في كتابه « الكامل » إن الاختلاف في مدّ المتصل كالاختلاف في المفصل ، وقد أخذ ذلك « أبو

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٨٣. وطبقات القراء ج ٢ ، ص ٣١١.


شامة » بالتسليم فحكى فيه الخلاف ، وقلّده غيره ، وفي تحقيق ذلك يقول الإمام ابن الجزري : لقد وقفت على كلام « العراقي » في المدّ فلم أجده حكى سوى اختلاف المراتب ، ولم يحك القصر البتة (١).

توفي « أبو نصر العراقي » بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، إلا أن المؤرخين ما ذكروا تاريخ وفاته.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.

__________________

(١) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ، ص ٣١٢.


رقم الترجمة / ١١٠

« أبو نصر الكركانحي » (١) ت ٤٨١ هـ

هو : « محمد بن أحمد بن علي بن حامد أبو نصر الكركانجي : بضم الكاف ، وسكون الراء ، وهي نسبة إلى « كركانج » وهي اسم بلدة في « خوارزم » يقال لها : « الكركانجيّة » نسب إليها بعض العلماء (٢).

ولد سنة تسعين وثلاثمائة تقريبا.

وهو من خيرة القراء ، واشتهر بالثقة ، والأمانة ، وحسن الأداء. قال عنه « أبو سعيد السمعاني » : « له مصنفات كثيرة ، ككتاب « المعول » وكتاب « التذكرة » طوّف الكثير من العراق ، والحجاز ، والشام ، والجزيرة ، وكان زاهدا ، ورعا ، عابدا » (٣).

وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل العلم ، والأخذ عن الشيوخ ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى كل من : بغداد ، نيسابور ، الموصل ، حرّان ، دمشق ، مصر.

أخذ « أبو نصر الكركانجي » القراءة عن مشاهير علماء الأمصار التي رحل إليها : ففي بغداد أخذ القراءة عن « علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبي الحسن الحمامي ».

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية :

معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٩ ورقم الترجمة ٣٧٥. غاية النهاية في طبقات القراء ، ج ٢ ، ص ٧٢ ورقم الترجمة ٢٧٥٤. تذكرة الحفاظ ج ٣ ، ص ١١٩٦. الوافي بالوفيات ج ٢ ، ص ٨٨. النجوم الزاهرة ج ٥ ، ص ١٣٣. شذرات الذهب ج ٣ ، ص ٣٧٢.

(٢) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٥٥.

(٣) انظر : معرفة القراء الكبار ج ١ ، ص ٤٣٩.


وهو شيخ العراق ، ومسند الآفاق ، ومن الثقات المتصدرين.

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وأخذ القراءات عرضا عن « أبي بكر النقاش ، وهبة الله بن جعفر » ، وغيرهما.

قال عنه « الخطيب البغدادي » : كان صدوقا ، ديّنا ، فاضلا ، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها (١).

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو نصر الكركانجي » وغيره.

توفي « عليّ بن أحمد » في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي نصر الكركانجي » في القراءة « بنيسابور » : « محمد بن علي ابن محمد بن حسن أبو عبد الله الخبّازي ».

ولد سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة ، واشتهر بالثقة ، والصلاح ، وصحّة الإسناد ، وهو شيخ « نيسابور » ومسندها.

أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « والده » رحمهما الله تعالى ، إذ كان والده من مشاهير القراء ، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ويقرءون عليه.

قال « محمد بن عليّ الزنجي » : تخرج على يده ألوف بنيسابور ، وكان ذا حرمة وافرة لعبادته ، وزهده ، وتهجّده ، وكان يقال : مجاب الدعوة (٢).

__________________

(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٢٢.

(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٢٠٧.


ومن الذين قرءوا عليه « أبو نصر الكركانجي » وغيره كثير.

توفي « محمد بن عليّ » سنة تسع وأربعين وأربعمائة.

ومن شيوخ « أبي نصر الكركانجي » في القراءة بحرّان ـ وحرّان بلدة من الجزيرة كان منها جماعة من الفضلاء ، والعلماء في كل فنّ ، وهي من ديار « مصر » على القول الصحيح (١) ـ « أبو القاسم علي بن محمد الزيدي ».

ومن شيوخ « أبي نصر الكركانجي » في القراءة بدمشق : « الحسين بن عليّ ابن عبيد الله بن محمد ، أبو علي الرهاوي ، السلمي ». وهو من مشاهير القراء ، المعروفين بالثقة ، وصحّة الإسناد ، وشيخ قرّاء « دمشق ». اعتنى بالقراءات أتم عناية ، وأكثر من الشيوخ ، إذ أخذ حروف القراءات عن عدد كبير من علماء القراءات ، منهم : « الحسن بن سعيد البزّاز ، صاحب ابن شنبوذ ».

وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف في القراءات كتابا حافلا ، وتصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب ، يأخذون عنه ، وينهلون من علمه ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو نصر الكركانجي ، وأبو علي غلام الهرّاس ».

توفي « الحسين بن علي » بدمشق في شهر رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة ، رحمه‌الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ « أبي نصر الكركانجي » في القراءة بمصر : « إسماعيل بن عمرو ابن إسماعيل بن راشد الحدّاد ، أبو محمد المصري ». وهو من خيرة القراء ، المشهود لهم بالثقة ، والتقوى ، والصلاح ، وشيخ كبير متصدّر ، أخذ القراءة ، وحروف القراءات عن عدد من القراء المشهورين منهم : « أبو عديّ عبد العزيز بن الإمام ، وقسيم بن مطير » وغيرهما.

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٢ ، ص ١٩٥.


ثم تصدر لتعليم القرآن ، والقراءات ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم يوسف الهذلي ، وأبو نصر الكركانجي ».

توفي « إسماعيل بن عمرو » سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

وبعد أن اكتملت مواهب « أبي نصر الكركانجي » وأخذ العلم عن الشيوخ الذين سبق ذكرهم ، وعن غيرهم ، تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر ذكره بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن تلاميذه « الحسين بن مسعود بن محمد ، أبو محمد البغوي المفسّر » ، كان إماما في التفسير ، إماما في الحديث ، إماما في الفقه ، جليلا ، ورعا ، زاهدا ، تفقه على « القاضي الحسين » وهو أخصّ تلامذته ، وسمع الحديث منه ، ومن « أبي عمر عبد الواحد » وغيرهما.

والإمام البغوي من خيرة العلماء ، وله عدة مصنفات انتفع بها المسلمون منها تفسيره المعروف « معالم التنزيل » وشرح السنة ، والجمع بين الصحيحين ، والتهذيب في الفقه ، وله عدة فتاوى شيخه « القاضي الحسين » التي علّق عليها ، وقد بارك الله تعالى في مصنفاته ، وانتفع المسلمون بها ، ويقال إنه كان لا يلقي الدّرس إلا على طهارة ، وكان قانعا بعيش الدنيا ، فقيرا ، يرضى باليسير ، وكانت إقامته رحمه‌الله تعالى « بمروالرّوذ » وهي بلدة حسنة مبنية على وادي « مرو » فتحها « الأحنف بن قيس » وقد نسب إليها جماعة من العلماء (١).

توفي « أبو محمد الحسين البغوي » في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة « بمرو الروذ » وقد جاوز الثمانين ، ودفن عند « شيخه القاضي الحسين » رحمهما الله تعالى رحمة واسعة.

__________________

(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٢٦٢.


وبعد أن عاش « أبو نصر الكركانجي » حياة حافلة بالعمل والجدّ ، والنشاط ، وكثرة الترحال إلى المدن ، والبلاد ، من أجل أخذ العلم عن العلماء ، وبعد انقطاعه لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، توفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة ، وقيل سنة أربع وثمانين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.


رقم الترجمة / ١١١

« الهيثم بن الصبّاغ » (١) ت ٤٠٣ هـ

هو : الهيثم بن أحمد بن محمد بن سلمة أبو الفرج القرشي الشافعي المقرئ المعروف بابن الصباغ ، إمام مسجد اللؤلؤ بدمشق ، قيم بقراءة « ابن عامر » محقق لها.

ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ ه‍ ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ ه‍ ، ضمن علماء القراءات.

أخذ « ابن الصباغ » القراءة عن عدد من العلماء ، وفي هذا يقول الحجة « ابن الجزري » : أخذ « ابن الصباغ » القراءات عرضا عن « أبي الفرج الشنبوذي ، وأبي الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الأنطاكي » اهـ.

كما أخذ « ابن الصباغ » حديث الهادي البشير صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي هذا يقول « الخطيب البغدادي » : حدث « ابن الصباغ » عن عليّ بن أبي العقب ، وأبي عبد الله بن مروان ، ومحمد بن محمد بن آدم الفزاري ».

ثم يقول « البغدادي » : وعنه أي حدّث عنه « علي الربعي ، وعلي بن محمد ابن شجاع ، وأبو علي الأهوازي ، وغيرهم ».

تصدر « الهيثم » لتعليم القرآن ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون ، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة « أبو علي الأهوازي » وآخرون.

__________________

(١) انظر ترجمته في المراجع الآتية : القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٧٨. طبقات القراء ، ج ٢ ، ص ٣٥٧. تاريخ الاسلام الورقة ٣٦ ، [ آيا صوفيا ٣٠٠٩ ].


قال « ابن الجزري » : كان يقرئ بالجامع الأموي ، وصنف كتابا في قراءة حمزة.

توفي « الهيثم » بدمشق في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة من الهجرة.

رحمه الله تعالى رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.

تمّ ولله الحمد والشكر.



فهرس معجم حفّاظ القرآن

الجزء الثاني

١. إبراهيم بن أحمد هو إبراهيم بن أحمد بن ناصر بن خليفة ابن فرج المقدسي الدمشقي الشافعي (ت ٨٧٠ هـ) ١١

٢. إبراهيم بن ثابت هو إبراهيم بن ثابت بن أخطل ت ٤٣٢ هـ.................. ١٤

٣. إبراهيم الجعبري هو إبراهيم بن غمر بنإبراهيم بن خليل ابن أبي العباس أبو محمد الجعفري (ت ٧٣٢ هـ) ١٥

٤. إبراهيم حسن هو إبراهيم بن حسن بن أحمد بن محمد اليعمري (ت ١٢٢٣ هـ). ٢٢

٥. إبراهيم الطّبري هو إبراهيم بن أحمد أبو اسحاق الطبري المالكي البغدادي (ت ٣٩٣ هـ) ٢٣

٦. إبراهيم بن عمر هو إبراهيم بن عمر بن حسن بن الربا ابي أبي بكر البقاعي (ت ٨٨٥ هـ) ٢٥

٧. إبراهيم بن محمّد هو إبراهيم بن عمر بن خليل البرهان الطرابلسي الشامي (ت ٨٤١ هـ) ٢٧

٨. إبراهيم بن محمد هو إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي ابن مسعود بن رضوان المقدسي القاهري (ت ٩٢٣ هـ) ٣٠


٩. أحمد بن إبراهيم هو أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن عاصم ابن مسلم بن كعب أبو جعفر الأندلسي (ت ٧٠٨ هـ) ٣٢

١٠. أحمد بن إسماعيل هو أحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن بريدة الشهاب الابشلطي القاهري الأزهري (ت ٧٨٣ هـ) ٣٤

١١. أحمد بن إسماعيل هو أحمد بن إسماعيل بن عثمان التبريزي القاهري (ت ٧٩٣ هـ) ٣٦

١٢. أحمد التّستري هو أحمد بن محد بن عبيد الله بن إسماعيل أبو العباس العجلي التستري ٣٨

١٣. أحمد بن حجر العسقلانيّ هو أحمد بن علي بن محمد بن أحمد أبو الفضل العسقلاني القاهري (ت ٨٥٢ هـ) ٣٩

١٤. أحمد بن حسين هو أحمد بن حسين بن حسن بن علي ابن ارسلان أبو العباس الرملي الشافعي (ت ٨٤٤ هـ) ٤٤

١٥. أحمد بن الحسين هو أحمد بن الحسين بن علي زبارة........................... ٤٦

١٦. أحمد بن رجب هو أحمد بن رجب بن طيبغا المجدي ابن الشهاب القاهري ( ت ٨٥٠ هـ) ٤٩

١٧. أحمد بن رضوان هو أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس بن إسحاق بن عطية أبو الحسن الصيدلاني البغدادي (ت ٤٢٣ هـ).............................................................................. ٥١

١٨. أحمد بن سليمان الطّنجي هو أحمد بن سليمان بن أحمد أبو جعفر الكتاني الأندلسي الطنجي (ت ٤٤٦ هـ) ٥٣

١٩. أحمد بن عبد الله هو أحمد بن عبدالله بن بدر بن مفرّج الغُزّي ثم الدمشقي (ت ٨٢٢ هـ) ٥٧


٢٠. أحمد بن عرب شاه هو أ،حمد بن محمد بن عبدالله بن إبراهيم ابن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم أبو الحسن القاهري ت ٨٥٤ ه....................................................................... ٥٩

٢١. أحمد بن عليّ هو : أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم ، أبو الحسن بن عبد الصمد بن تميم ، القاهري (ت ٨٤٥ هـ).............................................................................. ٦٢

٢٢. أحمد بن عمّار المهدوي هو : أحمد بن عمّار بن أبي العباس الإمام أبو العباس المهدوي (ت ٤٤٠ هـ) ٦٤

٢٣. أحمد بن الفضل هو : أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمود بن جعفر أبو بكر الباطرقاني الأصبهاني (ت ٤٦٠ هـ) ٦٨

٢٤. أحمد القزويني هو : محمد بن أحمد بن عليّ أبو عبد الله بن أبي سعيد القزويني (ت ٤٥٢ هـ) ٧٣

٢٥. أحمد بن محمد هو : أحمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني المصري (ت ٩٢٣ هـ) ٧٧

٢٦. أحمد بن مسرور هو : أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب ، أبو نصر الخبّاز البغدادي (ت ٤٤٢ هـ) ٧٩

٢٧. أحمد بن نفيس هو : أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن سليمان المعروف بابن نفيس أبو العباس الطرابلسي (ت ٤٥٣ هـ) ٨٦

٢٨. أحمد بن هاشم هو : أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة أبو العباس المصري (ت ٤٤٥ هـ) ٩٠

٢٩. إسماعيل بن خلف هو : إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران أبو طاهر النحوي الأنصاري الأندلسي (ت ٤٥٥ هـ) ٩٤

٣٠. إسماعيل بن عمرو هو : إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحداد ، أبو محمد المصري (ت ٤٢٩ هـ) ٩٦


٣١. أبو البقاء العكبري هو : محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري )ت ٦١٦ هـ) ٩٨

٣٢. أبو بكر الباهلي هو : محمد بن أحمد بن علي أبو بكر الباهلي البصري النجار الصناديقي ١٠٥

٣٣. أبو بكر الخيّاط هو : محمد بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر أبو بكر البغدادي (ت ٤٦٧ هـ) ١٠٦

٣٤. أبو بكر السّلمي هو : محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الله بن حبيب أبو بكر السلمي الجبني ، الأطروش (ت ٤٠٧ هـ)...................................... ١١٥

٣٥. بكر بن شاذان هو : بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي (ت ٤٠٥ هـ) ١١٧

٣٦. أبو بكر الطّرازي هو : محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان أبو بكر الطرازي البغدادي (ت ٣٨٥ هـ) ١٢٠

٣٧. أبو جعفر الأزديّ هو : أحمد بن علي أبو جعفر الأزدي القيرواني المقرئ (ت ٤٢٧ هـ) ١٢٣

٣٨. جلال الدين السّيوطي هو : عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن الهمام الجلال (ت ٩١١ هـ) ١٢٤

٣٩. أبو الحسن السعيدي هو : عليّ بن جعفر بن سعيد أبو الحسن السعيدي الرازي الحذّاء (ت ٤٠٠ هـ) ١٢٨

٤٠. أبو الحسن الحمّامي هو : علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله (ت ٤١٧ هـ) ١٢٩

٤١. الحسن أبو علي البغدادي هو : الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي البغدادي (ت ٤٣٨ هـ) ١٣٢

٤٢. ابن الحطّاب هو : أحمد بن طريف أبو بكر القرطبي (ت ٤١٦ هـ).......... ١٣٦


٤٣. أبو حيّان الأندلسيّ هو : محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان ، أثير الدين الغرناطي (ت ٧٤٥ هـ) ١٣٧

٤٤. ابن خواستى هو عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستي أبو القاسم الفارسي البغدادي (ت ٤١٢ هـ)............................................................................. ١٦٢

٤٥. رشأ بن نظيف هو : رشأ بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي (ت ٤٤٤ هـ) ١٦٤

٤٦. زكريّا بن محمّد الأنصاري هو : زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري القاهري (ت ٩٢٦ هـ) ١٦٨

٤٧. سعيد بن محمد هو : سعيد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر المقدسي الحنفي ، نزيل القاهرة المعروف بابن الديري (ت ٨٦٧ هـ)............................................................................ ١٧١

٤٨. صالح بن عمر العسقلاني هو : صالح بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح علم الدين العسقلاني القاهري (ت ٨٦٨ هـ)............................................................................ ١٧٣

٤٩. ابن الصّقر هو : الحسن بن علي بن الصقر أبو محمد البغدادي (ت ٤٢٩ هـ). ١٧٥

٥٠. أبو طاهر الحلبيّ هو : محمد بن ياسين أبو طاهر البغدادي البزّار (ت ٤٢٦ هـ) ١٧٨

٥١. طاهر بن غلبون هو : طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك أبو الحسن الحلبي (ت ٣٩٩ هـ) ١٧٩

٥٢. عبد الباقي بن الحسن هو عبد الباقي بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن السقا أبو الحسن الخراساني (ت ٣٩٣ هـ)............................................................................ ١٨١

٥٣. عبد الباقي بن فارس هو : عبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي (ت ٤٥٠ هـ) ١٨٤


٥٤. عبد الرّحمن الخزرجي هو : عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد أبو القاسم الخزرجي القرطبي (ت ٤٤٦ هـ) ١٨٨

٥٥. عبد السّلام بن الحسين هو : عبد السلام بن الحسين بن محمد بن طيفور أبو أحمد البصري (ت ٤٠٥ هـ) ١٩٥

٥٦. عبد الله بن سهل هو : عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي (ت ٤٨٠ هـ) ١٩٧

٥٧. عبد الله بن شبيب هو : عبد الله بن شبيب بن عبد الله بن محمد بن تميم أبو المظفر الأصبهاني (ت ٤٥١ هـ) ٢٠٦

٥٨. عبد المنعم بن غلبون هو : عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك ، أبو الطيب الحلبي (ت ٣٨٩ هـ) ٢١٠

٥٩. عبد الملك النّهرواني هو : عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطّان (ت ٤٠٤ هـ) ٢١٣

٦٠. عبيد الله بن مهران هو : عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي (ت ٤٠٦ هـ)........................................................................ ٢١٥

٦١. عتبة بن عبد الملك هو : عتبة بن عبد الملك بن عاصم أبو الوليد الأندلسي العثماني (ت ٤٤٥ هـ) ٢٢٠

٦٢. ابن عتّاب هو : عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطّاب بالمهملة ، أبو القاسم البغدادي (ت ٤٨٧ هـ)............................................................................ ٢٢٤

٦٣. عثمان بن محمّد هو : عثمان بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أبي حفص عمر المتوكل الهنتاني (ت ٨٩٣ هـ)............................................................................ ٢٢٩

٦٤. ابن العلاّف هو : علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن علي أبو الحسن بن العلاف البغدادي (ت ٣٩٦ هـ) ٢٣١


٦٥. أبو العلاء الواسطي هو : محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي (ت ٤٣١ هـ) ٢٣٣

٦٦. أبو عليّ الأصبهاني هو : أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن سعيد أبو علي الأصبهاني (ت ٣٩٣ هـ) ٢٣٦

٦٧. أبو عليّ الأهوازيّ هو : الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز (ت ٤٤٦ هـ) ٢٣٧

٦٨. عليّ بن داود هو : علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني القطان (ت ٤٠٢ هـ) ٢٥٢

٦٩. أبو عليّ الشّرمقاني هو : الحسن بن أبي الفضل الشيخ (ت ٤٥١ هـ)........ ٢٥٤

٧٠. عليّ بن طلحة هو : عليّ بن طلحة بن محمد أبو الحسن البصري ، ثم البغدادي (ت ٤٣٤ هـ) ٢٦١

٧١. عليّ بن عبد الله هو : علي بن عبد الله بن أحمد بن علي بن عيسى الحسيني الملقب نور الدين السمهودي (ت ٩١٢ هـ)............................................................................ ٢٦٥

٧٢. أبو عليّ العطّار هو : الحسن بن علي بن عبد الله أبو علي العطار البغدادي (ت ٤٤٧ هـ) ٢٦٧

٧٣. أبو عليّ غلام الهرّاس هو : الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي (ت ٤٦٨ هـ) ٢٧١

٧٤. أبو عمرو الدّاني هو : الإمام العلامة الحافظ شيخ الشيوخ ، عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الأموي مولاهم القرطبي (ت ٤٤٤ هـ).............................................................. ٢٨٨

٧٥. عمر بن رسلان هو : عمر بن رسلان بن نصير بن صلح بن شهاب ، أبو حفص الكناني ، البلقيني (ت ٨٠٥ هـ) ٢٩٢


٧٦. أبو عمر الطلمنكي هو : أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري المالكي الطلمنكي (ت ٤٢٩ هـ) ٢٩٨

٧٧. عمر بن عراك هو : عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري (ت ٣٨٨ هـ) ٣٠٠

٧٨. عمر الكتّانيّ هو : عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي (ت ٣٩٠ هـ) ٣٠١

٧٩. فارس بن أحمد هو : فارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير (ت ٤٠١ هـ) ٣٠٣

٨٠. أبو الفتح بن شيطا هو : عبد الواحد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن شيطا البغدادي (ت ٤٥٠ هـ) ٣٠٥

٨١. ابن الفحّام السّامري هو : الحسن بن محمد بن يحيى بن داود أبو محمد الفحام المقرئ الفقيه البغدادي السامري (ت ٤٠٨ هـ)............................................................................ ٣٠٩

٨٢. ابن الفحّام هو : عبد الرحمن بن عتيق بن خلف أبو القاسم الفحام الصقلي (ت ٥١٦ هـ) ٣١١

٨٣. أبو الفرج النجاد هو : محمد بن يوسف بن محمد أبو الفرج الأموي الأندلسي (ت ٤٢٩ هـ) ٣١٥

٨٤. أبو الفضل الخزاعي هو : محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل الجرجاني (ت ٤٠٨ هـ) ٣١٦

٨٥. أبو الفضل الرّازي هو : عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار (ت ٤٥٤ هـ) ٣١٨

٨٦. أبو الفوارس هو : محمد بن العباس ، أبو الفوارس الأواني ، الصريفيني.......... ٣٢٥

٨٧. أبو القاسم الحسيني هو علي بن محمد بنعلي بن محمد أبو القاسم الحسيني الحراني الحنبلي (ت ٤٣٣ هـ) ٣٢٧


٨٨. قاسم بن قطلوبغا هو قاسم بن قطلوبغا زين الدين أبو العدل الودوني الحمال الحنفي (ت ٨٧٩ هـ) ٣٣٠

٨٩. أبو القاسم الظّهراوي هو قسيم بن أحمد بن مطبر المصري (ت ٣٩٨ هـ)..... ٣٣٤

٩٠. أبو القاسم الطرسوسي هو : عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن (ت ٤٢٠ هـ) ٣٣٦

٩١. أبو القاسم الهذلي هو : يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل اليشكري (ت ٤٦٥ هـ) ٣٣٨

٩٢. ابن الكوفيّ هو : عبيد الله بن أحمد بن علي أبو الفضل ابن الكوفي الصدفي البغدادي (ت ٤٥١ هـ) ٣٥٦

٩٣. المالقيّ هو : عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد أبو محمد الباهلي الأندلسي (ت ٧٠٥ هـ) ٣٥٨

٩٤. محمّد بن الحسين الكارزيني هو : محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام أبو عبد الله الكارزيني ٣٦٢

٩٥. محمّد بن سفيان هو : محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني الفقيه المالكي (ت ٤١٥ هـ) ٣٦٩

٩٦. محمّد بن شريح هو : محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف ، أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي (ت ٤٧٦ هـ)............................................................................ ٣٧١

٩٧. محمّد بن عبد الله هو : محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان بن شاذان أبو بكر الأصبهاني الأعرج (ت ٤٣١ هـ)............................................................................ ٣٧٦

٩٨. محمّد بن عبد الله هو : محمّد بن عبد الله ، ويقال : محمّد بن عبيد الله أبو الحسين المؤدب البغدادي ، الضرير (ت ٤٥٢ هـ)............................................................................ ٣٧٨

٩٩. محمّد بن عليّ الشّوكاني هو : محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله الشوكاني (ت ١٢٥٠ هـ) ٣٧٩


١٠٠. محمّد النّجّار هو : محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي (ت ٤٠٢ هـ) ٣٨٤

١٠١. محمّد بن هانئ هو : محمّد بن إبراهيم بن هانئ بن عيشون أبو عبد الله القيسي الأندلسي (ت بعد ٣٩٠ هـ) ٣٨٦

١٠٢. محمّد الهرواني هو محمّد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني (ت ٤٠٢ هـ).............................................................. ٣٨٧

١٠٣. مسافر بن الطيّب هو مسافر بن الطيب بن عبّاد أبو القاسم البصري (ت ٤٤٣ هـ) ٣٩٠

١٠٤. أبو مسلم الكاتب هو : محمد بن أحمد بن علي بن حسين أبو مسلم البغدادي (ت ٣٩٩ هـ) ٣٩٤

١٠٥. أبو معشر الطّبري هو : عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي ، أبو معشر الطبري القطان (ت ٤٧٨ هـ) ٣٩٦

١٠٦. مكّي بن أبي طالب هو : مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي ، القيرواني (ت ٤٣٧ هـ) ٤٠٦

١٠٧. موسى بن عيسى هو : موسى بن عيسى بن أبي حاج أبو عمران الفاسي (ت ٤٣٠ هـ) ٤١٠

١٠٨. نصر بن عبد العزيز هو : نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح أبو الحسين الفارسي الشيرازي (ت ٤٦١ هـ) ٤١٢

١٠٩. أبو نصر العراقي هو : أبو نصر منصور بن أحمد بن إبراهيم العراقي ........ ٤٢١

١١٠. أبو نصر الكركانحي هو : « محمد بن أحمد بن علي بن حامد (ت ٤٨١ هـ) ٤٢٣

١١١. الهيثم بن الصبّاغ هو : الهيثم بن أحمد بن محمد بن سلمة أبو الفرج القرشي (ت ٤٠٣ هـ) ٤٢٨


فهرس الألقاب والكنى

رقم التسلسل

رقم الترجمة

رقم الصفحه

١

أبو أحمد البصري

٥٥

١٩٥

٢

ابو أحمد الفرضي

٦٠

٢١٨

٣

أبو إسحاق الإقليشي

٢

١٤

٤

أبو إسحاق الطبري

٥

٢٣

٥

الأنصاري ( زكريا )

٤٦

١٦٨

٦

الأهوازي ( أبو علي )

٦٧

٢٣٧

٧

البرهان الطرابلسي

٧

٢٧

٨

أبو البقاء العكبري

٣١

٩٨

٩

أبو بكر الباطرقاني

٢٣

٦٨

١٠

ابو بكر الباهلي

٣٢

١٠٥

١١

ابن ابي بكر البقاعي

٦

٢٥

١٢

أبو بكر الخياط

٣٣

١٠٦

١٣

ابو بكر السالمي

٣٤

١١٥

١٤

أبو بكر الظرازي

٣٦

١٢٠

١٥

التبريزي

١١

٣٦

١٦

الجعفري ( أبو محمد )

٣

١٥

١٧

أبو جعفر الأزدي

٣٧

١٢٣


رقم التسلسل

رقم الترجمة

رقم الصفحه

١٨

أبو جعفر الأندلسي

٩

٣٢

١٩

أبو جعفر الكتاني

١٨

٥٣

٢٠

ابن حجر العسقلاني

١٣

٣٩

٢١

أبو الحسن البصري

٧٠

٢٦١

٢٢

أبو الحسن الحمامي

٤٠

١٢٩

٢٣

ابو الحسن الحمصي ( ابن فارس )

٥٣

١٨٤

٢٤

أبو الحسن الخراساني

٥٢

١٨١

٢٥

أبو الحسن الداراني القطان

٦٨

٢٥٢

٢٦

أبو الحسن الدمشقي

٤٥

١٦٤

٢٧

أبو الحسن الصيدلاني

٣٩

١٢٨

٢٨

ابو الحصن القاهري

١٧

٥١

٢٩

أبو الحسين الفارسي

٢١

٥٩

٣٠

أبو الحسين الفارسي

١٠٨

٤١٢

٣١

أبو الحسين المؤدب

٩٨

٣٧٨

٣٢

ابن الخطاب

٤٢

١٣٦

٣٣

أبو حفص الحضرمي

٧٧

٣٠٠

٣٤

أبو حفص الكتاني

٧٨

٣٠١

٣٥

أبو حفص الكتاني ( ابن رسلان )

٧٥

٢٩٢

٣٦

أبو حيان الأندلسي

٤٣

١٣٧

٣٧

الخزاعي ( ابو الفضل )

٨٤

٣١٦

٣٨

ابن خواستي

٤٤

١٦٢

٣٩

الداني ( ابو عمرو )

٧٤

٢٨٨

٤٠

ابن الديري

٤٧

١٧١


رقم التسلسل

رقم الترجمة

رقم الصفحه

٤١

ابن راشد الحداد ( أبو محمد المصري )

٣٠

٩٦

٤٢

ابر ضوان المقدسي

٨

٧٣

٤٣

زبارة ( علي زبارة )

١٥

١٢٩

٤٤

السيوطي

٣٨

١٢٤

٤٥

ابن شريح الرعيني

٩٦

٣٧١

٤٦

الشهاب الإبشيطي

١٠

٣٤

٤٧

الشوكاني

٩٩

٣٧٩

٤٨

أبو شيخ ( ابو بكر الأصبهاني

٩٧

٣٧٨

٤٩

ابن الصقر

٤٩

١٧٥

٥٠

ابو طاهر الحلبي

٥٠

١٧٨

٥١

أبو طاهر النحوي

٢٩

٩٤

٥٢

ابن طيبغا

١٦

٤٩

٥٣

ابو العباس التستري

١٢

٣٨

٥٤

ابو العباس الرملي

١٤

٤٤

٥٥

أبو العباس المصري

٢٨

٩٠

٥٦

أبو عبد الله قيرواني

٩٥

٣٦٩

٥٧

ابو عبد الله القيسي ( ابن هاني )

١٠١

٣٨٦

٥٨

ابو عبد الله الكارزيني

٩٤

٣٦٢

٥٩

العجمي

٢٠

١٨٤

٦٠

العدل السودوني

٨٨

٣٣٠

٦١

ابن عرب شاه

٢٠

١٨٤

٦٢

أبو العلاء الواسطي

٦٥

٢٣٣

٦٣

ابن العلاف ( أبو الحسن )

٦٤

٢٣١


رقم التسلسل

رقم الترجمة

رقم الصفحه

٦٤

أبو علي الأصبهاني

٦٦

٢٣٦

٦٥

أبو علي الأهوازي

٦٧

٢٣٧

٦٦

أبو علي البغدادي

٤١

١٣٢

٦٧

ابو علي الشرمقاني

٦٩

٢٥٤

٦٨

أبو علي العطار

٧٢

٢٦٧

٦٩

ابو علي غلام الهراس

٧٣

٢٧١

٧٠

ابن عمار ( المهدوي )

٢٢

٦٤

٧١

أبو عمران الفاسي

١٠٧

٤١٠

٧٢

أبو عمرو الداني

٧٤

٢٨٨

٧٣

ابن غلبون ( أبو الحسن )

٥١

١٧٩

٧٤

ابن غلبون ( أبو الطيب )

٥٨

٢١٠

٧٥

أبن فارس ( أبو الحسن )

٥٣

١٨٤

٧٦

أبو الفتح الحمصي الضرير

٧٩

٣٠٣

٧٧

أبو الفتح بن شيطا

٨٠

٣٠٥

٧٨

ابن الفحام السامري

٨١

٣٠٩

٧٩

ابن الفحام الصقلي

٨٢

٣١١

٨٠

أبو فرج القرشي

١١١

٤٢٨

٨١

ابن فرج المقدسي

١

١١

٨٢

ابو الفرج النجاد

٨٣

٣١٥

٨٣

أبو الفرج النهرواني

٥٩

٢٢٣

٨٤

أبو الفضل الخزاعي

٨٤

٣١٦

٨٥

أبو الفضل الرازي

٨٥

٣١٨

٨٦

أبو الفوارس

٨٦

٣٢٥


رقم التسلسل

رقم الترجمة

رقم الصفحه

٨٧

ابو القاسم البصري

١٠٣

٣٩٠

٨٨

أبو القاسم البغدادي الضرير

٦٢

٢٢٤

٨٩

أبو القاسم البغدادي

٣٥

١١٧

٩٠

أبو القاسم الحسيني

٨٧

٣٢٧

٩١

أبو القاسم الخزرجي

٥٤

١٨٨

٩٢

ابو القاسم الطرسوسي

٩٠

٣٣٦

٩٣

ابو القاسم الطهراوي

٨٩

٣٣٤

٩٤

أبو القاسم الهذلي

٩١

٣٣٨

٩٥

القاهري ( أبو الحسين )

٢١

٥٩

٩٦

القزويني ( أبو عبد الله )

٢٤

٧٣

٩٧

القسطلاني

٢٥

٧٧

٩٨

ابن الكوفي

٩٢

٣٥٦

٩٩

المالقي ( أبو محمد )

٩٣

٣٥٨

١٠

أبو محمد الأنصاري

٥٦

١٩٧

١٠٢

أبو محمد الباهلي ( المالقي )

٩٣

٣٥٨

١٠٣

ابو محمد الجعبري

٣

١٥

١٠٤

أبو محمد القيسي

٩٣

٣٥٨

١٠٥

أبو محمد المصري

١٠٦

٤٠٦

١٠٦

أبو مسلم الكاتب

١٠٤

٣٩٤

١٠٧

أبو معشر الطبري

١٠٥

٣٨٤

١٠٨

أبو المظفر الأصبهاني

٥٧

٢٠٦

١٠٩

ابن ممفرّج الغربي

١٩

٥٧

١١٠

المهدوي ( ابن عمار )

٢٢

٦٤


رقم التسلسل

رقم الترجمة

رقم الصفحه

١١١

ابن النجار

١٠٠

٣٨٤

١١٢

ابو نصر الخباز البغدادي

٢٦

٧٩

١١٣

ابو نصر العراقي

١٠٩

٤٢٢

١١٤

أبو نصر الكركانجي

١١٠

٤٢٣

١١٥

ابن نفيس الطرابلسي

٢٧

٨٦

١١٦

نور الدين السمهودي

٧١

٢٦٥

١١٧

الهذلي ( ابو القاسم )

٩١

٣٣٨

١١٨

الهرواني ( ابو عبدالله )

١٠٢

٣٨٧

١١٩

الهنتاني

٦٣

٢٢٩

١٢٠

أبو الوليد الأندلسي

٦١

٢٢٠

١٢١

اليعمري

٤

٢٢

معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ - ٢

المؤلف:
الصفحات: 446