

بسم اللّه الرحمن الرحيم
مقدمة
المركز :
الحمدُ للّه ربِّ العالمين .. والصلاة
والسلام على رسول اللّه سيد الخلائق وخاتم النبيين محمد وعلى أهل بيته الطيبين
الطاهرين.
وبعد .. فإنّ حق الرسول العظيم على
أتباعه لحق عظيم ، يتفاوت الأفراد في معرفته ومستويات أدائه ، وليس من شك فإنّ حبه
هو من أولى هذه الحقوق ، إذ هو المقدمة الضرورية لما يتبعه من اقتفاء أثره وتحرّي
سُنّته وإحياء أمره وحسن اتباعه ، فما لم يتحقق الحب الصادق فلا نستطيع أن ننتظر
الاتباع والاهتداء والاقتداء. ومن هنا قال 6
: « لا يؤمن
أحـدكم حتى أكون أحبُّ إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين
».
إنّ حبه 6
فرع لحب اللّه تعالى ، وكلاهما من بديهيات الايمان وأولوياته ، كما ان حبه 6 يستلزم حب أولى الناس به وأقربهم منزلة
لديه وأخصّهم بحمل أمانته وأداء رسالته ، وبهذا تتكامل سلسلة الحب متلازمة الحلقات
، وبدون ذلك فليس ثمة حب للّه ولا لرسوله .. ومن هنا قال 6 : « احبوا اللّه لما يغذوكم به من نعمه ، واحبوني
بحب اللّه ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ».
وأهل بيته وأولى الناس به هم الذين
اختارهم حين أمره اللّه تعالى بمباهلة النصارى في قوله تعالى : ( قُلْ
تعالُوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل ...
).
وهم الذين خصّهم في تأويل آية التطهير
حين نزلت ( إنّما يريد اللّه ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
) فأدار كساءه
على نفسه الشريفة وعلي وفاطمة والحسن والحسين :
، وقال : « اللّهمّ
هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا ..
» وهم الذين اختصهم في الأمر بالصلاة حين نزل قوله تعالى : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها
) فراح يطرق
باب بيت علي وفاطمة
فجر كل يوم ويقول : «
الصلاة الصلاة .. ( إنّما يريد اللّه ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
) ».
وهم الذين أمرنا بالصلاة عليهم معه كلما
ذكر النبي 6 إذ قال : « قولوا اللّهمَّ صلِّ
على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم
».
وليس ينفك هذا الحب عن صدق الولاء وحسن
الاهتداء والاقتداء بالهدي الذي كانوا عليه « إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه
... » فكما كان الحب مقدمة أولى للاتباع ، فإنّ
الاتباع شرطا لازم ومصداق أكيد للحب الصادق .. وإلاّ كان مجرد دعوى قاصرة عن بلوغ
معناها وغايتها. ومن هنا كان حب أهل بيت النبي 6
مقدمة لحسن اتباعهم والسير على نهجهم واقتفاء أثرهم ، قال 6 : « إنّي تارك فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا
بعدي ، كتاب اللّه .. وعترتي أهل بيتي
» فلم يكن الحب الذي من علاماته الاحترام لهم والتأدب معهم وميل القلب إلى ذكرهم
.. لم يكن لوحده غاية مالم تتحقق لوازمه ومصاديقه في اتباع نهجهم والاهتداء بهديهم
والذبّ عنهم ، وبدون هذا سيبقى مفهوما قاصرا لم يحقق معناه ولم يبلغ أهدافه
ومقاصده.
من كل هذا أصبح هذا النوع من الحب ، حب
اللّه وحب رسوله وحب أهل بيت رسوله ، مبدأً رساليا كبيرا يتضمن أبعادا مهمة وخطيرة
في حياة الفرد والمجتمع ، فهو المفتاح في علاقة الفرد والاُمّة بتعاليم السماء ، على
هذا دلّنا اللّه تعالى ورسوله ، وبه أمرنا ، لا لقرب لحمتهم من النبي 6 وحسب ، على ما في هذا من شرف رفيع ، بل
لأنّهم عيبة علمه وحملةُ أمانته والمصطفين على الناس من بعده شرفا وعلما وحكمة
وهديا.
وفي هذا الكتاب نحاول الاقتراب أكثر
فأكثر إلى معرفتهم ومعرفة حقهم الثابت علينا ، فكل ذلك من المعارف الضرورية التي
لا غنى لمسلم عنها.
واللّه من وراء القصد ، وهو الهادي إلى
سواء الصراط
مركز الرسالة
المقدِّمة
الحمدُ للّه ربِّ العالمين وأفضل الصلاة
وأتم التسليم على محمد المصطفى الأمين وآله الهداة الميامين.
وبعد : إنّ حبّ أهل البيت : عترة النبي المصطفى 6 يعدّ ضرورة من ضرورات الدين الإسلامي
الثابتة بالقطع كتابا وسُنّة ، قال تعالى : (
قُل لا
أسألُكُم عَلَيهِ أجرا إلاّ المودَّةَ في القُربَى
).
وتواتر عن النبي المصطفى 6 أنّه قال : «أحبوا اللّه لما
يغذوكم من نعمته ، وأحبوني بحبّ اللّه ، وأحبوا أهل بيتي بحبي
».
وتواتر عنه 6 : « أنّ حبهم علامة الإيمان ، وأن بغضهم علامة
النفاق » و « أنّ من أحبهم أحب اللّه ورسوله ، ومن أبغضهم
أبغض اللّه ورسوله » وعشرات الأحاديث
التي تحث على حبهم وتنهى عن بغضهم.
ومما لا ريب فيه أنّه تعالى لم يفرض
حبهم ومودتهم إلى جانب وجوب التمسك بهم إلاّ لأنهم أهل للحب والولاء من حيث قربهم
إليه سبحانه ومنزلتهم عنده وطهارتهم من الشرك والمعاصي ومن كل ما يبعد عن دار
كرامته وساحة رضاه.
لذا فإنّ حبّ أهل البيت : عقيدة مستمدة من كتاب اللّه تعالى
وسُنّة نبيه المصطفى 6
، وليس هو مجرد هوىً عابر أو عاطفة مجرّدة ، إنّه مبدأ يتعلق بحبّ القادة
الرساليين الذين جعلهم اللّه تعالى هداة للبشر بعد نبيه الكريم 6 وحباهم أفضل صفات الكمال من شجاعة
وعفّة وصدق وعلم وحكمة وخلق ، وجعلهم أبوابه والسبل إليه والأدلاّء عليه وعيبة
علمه وخزّان معرفته وتراجمة وحيه وأركان توحيده.
إنّه مبدأ يتعلق بحبّ أحد الثقلين
اللذين أوجب الرسول
المصطفى 6 على أُمّته التمسك بهما حتى يردا عليه
الحوض ، وجعلهم أمانا لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، وكسفينة نوح من
ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى.
وفي هذا البحث حاولنا إلقاء الضوء على
بعض الجوانب المهمة التي تخصّ مودة أهل البيت :
باعتبارها فرضا علينا وواجبا في أعناقنا ، وذلك من خلال خمسة فصول :
الفصل الأول : من هم أهل البيت؟
الفصل الثاني : حبهم : في الكتاب والسُنّة والأدب.
الفصل الثالث : بعض فضائلهم : في الكتاب والسُنّة.
الفصل الرابع : معطيات حبهم :.
الفصل الخامس : أهل البيت : بين الغلو والبغض.
نرجو من اللّه تعالى أن ينفع به الاخوة
المؤمنين وأن يجعله خيرا لنا في الدنيا وذخرا في الآخرة.
واللّه ولي التوفيق
الفصل الأول
من هم أهل البيت؟
المبحث الأول
أهل البيت في اللغة
والاصطلاح
أولاً
: أهل البيت في اللغة والعرف :
يحددّ المفهوم اللغوي لكلمة أهل بما
يضاف إليها ، فأهل القرى : سكانها ، وأهل الشيء : صاحبه ، وأهل الكتاب : أتباعه أو
قرّاؤه ، وكذلك أهل التوراة وأهل الانجيل ، وقد ورد بعض هذه الألفاظ في القرآن الكريم
.
وأهل الرجل : عشيرته وذوو قرباه ، وأخصّ الناس به ، ومن
__________________
يجمعه وإياهم نسب أو
دين .
قال تعالى (
وأمُر
أهلَكَ بِالصَّلاةِ )
أي ذوي قرباك ومن يرتبط بك في النسب.
وقال تعالى ( يا نُوحُ إنَّهُ ليسَ مِن أهلِكَ
) مشيرا إلى ابنه ، وهو من أهله من حيث
النسب ، لكنه تعالى أراد أنه ليس من أهل دينك وملتك والسائرين على منهجك.
وأهل بيت الرجل : ذوو قرباه ومن يجمعه
وإياهم نسب
، وأطلقت في الكتاب الكريم على أولاد إبراهيم 7
وأولاد أولاده ، قال تعالى : (
رحمةُ اللّه
وبرَكاتُهُ عَليكُم أهلَ البيتِ إنَّهُ حَميدٌ مجيدٌ
) .
وصار «أهل البيت»
متعارفا بين المسلمين في آل النبي 6
، تبعا
للنصوص ، وهم كما في حديث الكساء وغيره : محمد رسول اللّه 6 والإمام علي والزهراء والحسن والحسين : ، والذين نزلت فيهم آية التطهير ( إنَّما يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ
الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) .
__________________
ويطلق عليهم آل النبي 6 أو عترته أيضا ، والآل مقلوب عن الأهل ، فيقال : آل اللّه وآل رسوله ، أي
أولياؤه ، أصلها أهل ، ثم اُبدلت الهاء همزة ، فصارت في التقدير أأل ، فلمّا توالت
الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا .
والعترة هم أهل البيت : ، صرّح به ابن منظور ، مستدلاً بقوله 6 « إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي
أهل بيتي » قال : فجعل العترة أهل البيت : .
وثمة فرق بين أهل الرجل وأهل بيت الرجل
، فقد عُبّر في اللغة مجازابأهل الرجل عن امرأته ، قال الزبيدي في تاج العروس : (ومن
المجاز : الأهل للرجل زوجته) .
أما أهل بيت الرجل : فهم من يجمعه
وإياهم نسب ، وتُعورِف في اُسرة النبي 6
.
__________________
ثانيا
: أهل البيت في اصطلاح الكتاب والسُنّة :
ولـ «أهل البيت»
في لسان الكتاب والسُنّة معنى خاص ، فالمراد من أهل البيت هم : رسول اللّه 6 ، والإمام علي ، وفاطمة الزهراء ، وسيدا
شباب أهل الجنة الحسن والحسين :
، ويلحق بهم الذرية الطاهرة ، وهم الأئمة التسعة المعصومون من ولد الإمام الحسين : ، وهؤلاء هم أقرب الناس إلى النبي 6 وأخصّهم به من حيث العلم ، وأعرفهم
بدينه ، وأعلمهم بسنته ونهجه.
وهناك جملة وافرة من الروايات الصحيحة
عن النبي 6 من الطرفين
المصرّحة بأسمائهم
، زيادة على تواتر نصوص سابقهم على إمامة لاحقهم عند الامامية ، وهذا ما ينطبق
تمام الانطباق على ما جاء في الصحيحين ، عن النبي 6
من أن الأئمة اثنا عشر وكلهم من قريش .
وقد اختصّ عنوان أهل البيت بهم دون غيرهم ، مهما كان قربه من النبي 6 ، سواء بذلك نساؤه أو أتباعه أو ذوو
قرباه ، وهذا ما نطق به القرآن الكريم ، وما ذكرته السُنّة النبوية المطهّرة ، وما
نقله الصحابة والتابعون ورواة الحديث.
جاء عن أم سلمة أنه عندما نزلت ( إنَّما يُريدُ اللّه ليُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ
أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تطهيرا
) قالت : فأرسل
رسول اللّه 6 إلى علي
__________________
وفاطمة والحسن
والحسين ، فقال : « هولاء
أهل بيتي » .
وعن عائشة قالت : كان أحبّ الرجـال إلى
رسول اللّه 6 ـ تعني
الإمام عليّا 7
ـ لقد رأيته وقد أدخله تحت ثوبه ، وفاطمة وحسنا وحسينا ، ثم قال : « اللهم هولاء أهل بيتي
» .
وعن الإمام علي 7 أنّه عندما نزلت آية التطهير قال : « فقال رسول اللّه 6
: يا علي هذه الاية نزلت فيك وفي سبطيَّ والأئمة من ولدك
» .
هذا بالاضافة إلى أن المراد من البيت في
لفظة (أهل البيت) ليس المسكن ، وإنما المراد هو بيت الرسالة أي البيت النبوي ، وأهل
البيت : هم الذين
تربّوا ودرجوا في أحضان الرسالة ، ونشأوا في بيت الطهارة والعلم ، وعرفوا كل صغيرة
وكبيرة ، وأحاطوا بكل شاردة وواردة ، لذلك تجد أنهم قد أجابوا على كل مسألة ومعضلة
وجّهت إليهم وفي كل مجالات الدين وعلومه ، ولا تجد ذلك عند غيرهم مهما بلغ في
العلم والمعرفة.
روي أن رسول اللّه 6 ، عندما قرأ قوله تعالى : ( في
بُيُوتٍ أذِنَ اللّه أن
__________________
تُرفَعَ
وَيُذكَرَ فيها اسمُهُ )
سُئل : أي بيوت هذه؟ فقال 6
: « بيوت
الأنبياء » ، قال أبو بكر : يا رسول اللّه ، هذا
البيت منها؟ ـ يعني بيت علي وفاطمة ـ قال 6
: « نعم ، من
أفاضلها » .
وعن أمير المؤمنين 7 قال : « نحن بيت النبوّة ، ومعدن الحكمة ، أمان لأهل
الأرض ، ونجاة لمن طلب » .
وقال الإمام الحسين 7 : « إنّا أهل بيت النبوّة
» .
المبحث الثاني
أهل البيت في آية التطهير
المراد بآية التطهير قوله تعالى : ( إنَّما يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ
الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) .
ولقد أكّدت مصادر الحديث والتفسير على
أن المراد من أهل البيت الذين نزلت فيهم هذه الآية هم : محمد رسول اللّه 6 ، وعلي بن أبي طالب ، وفاطمة الزهراء ،
والسبطان الحسن والحسين (صلوات اللّه عليهم أجمعين).
__________________
فقد أخرج مسلم في الصحيح بالإسناد إلى
عائشة ، قالت : خرج النبي 6
غداةً وعليه مِرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين
فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : ( إنَّما يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ
الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) .
وذكر الفخر الرازي هذه الرواية في
تفسيره وعقّب عليها بقوله : واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحّتها بين أهل
التفسير والحديث .
وأخرج الترمذي في سننه حديث أم سلمة : أن
النبي 6 جلّل على
الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءً وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي ، أذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا ».
قالت أمّ سلمة : وأنا معهم يا رسول
اللّه؟ فقال : إنك على خير .
وأخرج الحاكم في المستدرك عن أمّ سلمة ،
قالت : في بيتي نزلت (
إنَّما
يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) ، قالت : فأرسل
رسول اللّه 6 إلى علي
وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : « هؤلاء أهل بيتي
».
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط
البخاري ولم يخرجاه .
__________________
وعن واثلة بن الأسقع ، قال : أتيت علياً
فلم أجده ، فقالت لي فاطمة : «
انطلق إلى رسول اللّه 6 يدعوه »
فجاء مع رسول اللّه 6
فدخلا ودخلت معهما ، فدعا رسول اللّه 6
الحسن والحسين ، فأقعد كل واحد منهما على فخذيه ، وأدنى فاطمة من حجره وزوجها ، ثم
لفّ عليهم ثوبا وقال : (
إنَّما
يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) ، ثم قال : « هؤلاء أهل بيتي ،
اللهم أهل بيتي أحق ».
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه .
حديث
الكساء بين الرواة والمصادر :
رواة
الحديث من الفريقين :
لقد روى حديث الكساء المبين لآية
التطهير في كتب العامة جمع كبير من كبار الصحابة والتابعين ، مؤكدين نزول الآية في
الخمسة أهل الكساء :.
كأنس بن مالك والبراء بن عازب وثوبان
مولى النبي 6 والإمام
الحسن المجتبى 7
وأبي الحمراء مولى النبي 6
وحكيم بن سعد وحماد بن سلمة ودحية بن خليفة الكلبي وأبو الدرداء وزيد بن أرقم
وزينب بنت أبي سلمة وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وشداد بن عمار
وشهر بن حوشب وعائشة وعبداللّه بن جعفر وعبداللّه بن عباس وعبداللّه بن معين مولى
أم سلمة وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن يسار وعطية العوفي والإمام علي بن أبي طالب 7 والإمام علي
__________________
ابن الحسين زين
العابدين 7 وعمر بن أبي
سلمة وعمرة بنت أفعى وقتادة ومجاهد بن جبر المكي ومحمد بن سوقة وأبي المعدّل
الطفاوي ومعقل ابن يسار وواثلة بن الأسقع
وغيرهم.
ورواه مفسرو الشيعة ومحدّثوهم عن الإمام
أمير المؤمنين علي 7
وولده الإمام الحسن السبط والإمام علي بن الحسين زين العابدين والإمام محمد بن علي
الباقر والإمام جعفر بن محمد الصادق والإمام علي بن موسى الرضا :.
ورووه أيضا عن أبي الأسود الدؤلي وأنس
بن مالك وجابر بن عبداللّه الأنصاري وأبي الحمراء مولى النبي 6 وأبي ذر الغفاري وسعد بن أبي وقاص وأبي
سعيد الخدري وأم سلمة وشهر بن حوشب وعائشة وعبداللّه ابن عباس وعطاء بن يسار وعطية
العوفي وعلي بن زيد وعمر بن ميمون الأودي وواثلة بن الأسقع وغيرهم .
__________________
ومما تجدر الاشارة إليه هنا هو أن طرق
العامة إلى حديث الكساء قد بلغت أربعين طريقاً ، وطرق الشيعة الامامية قد بلغت
ثلاثين طريقا .
مصادر
حديث الكساء :
أما المصادر التي دوّنت حديث الكساء
ونصّت على نزول آية التطهير في الخمسة الذين شملهم رسول اللّه 6 بردائه فهي كثيرة جداً ، نقتصر على ذكر
بعض مصادر العامة :
١ ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٣١ و ٣ : ٢٥٩
، ٢٨٥ و ٤ : ١٠٧ و ٦ : ٢٩٢ ، ٢٩٦ ، ٢٩٨ ، ٣٠٤ ، دار الفكر ـ بيروت.
٢ ـ فضائل الصحابة / أحمد بن حنبل ٢ : ٦٦
ـ ٦٧ / ١٠٢ وغيره ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ط١.
٣ ـ التاريخ الكبير / البخاري ١ : القسم
الثاني : ٦٩ ـ ٧٠ و ١١٠ ، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٤ ـ صحيح مسلم ٤ : ١٨٨٣ / ٢٤٢٤ ، دار
الفكر ـ بيروت ط٢.
٥ ـ الجامع الصحيح للترمذي ٥ : ٣٥١ ، ٣٥٢
، ٦٦٣ ، ٦٩٩ ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
٦ ـ خصائص أمير المؤمنين 7 / النسائي : ٣٧ ، ٤٩ وغيرها ، مكتبة
__________________
المعلا ـ الكويت ط١.
٧ ـ المعجم الكبير / الطبراني ٣ : ٤٦ / ٢٦٦٢
و ٣ : ٤٧ / ٢٦٦٦ و ٣ : ٤٩ / ٢٦٩٨ ، وغيرها كثير ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت
ط٢.
٨ ـ المعجم الصغير / الطبراني ١ : ١٣٥ ،
دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٩ ـ أنساب الأشراف / البلاذري ٢ : ١٠٤ ،
مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ط١.
١٠ ـ مصابيح السُنّة / البغوي ٤ : ١٨٣ /
٣٧٩٦ ، دار المعرفة ـ بيروت ط١.
١١ ـ معالم التنزيل / البغوي ٤ : ٤٦٤ ، دار
الفكر ـ بيروت.
١٢ ـ الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٩ : ٦١
/ ٦٩٣٧ ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١.
١٣ ـ مشكل الآثار / الطحاوي ١ : ٣٣٢ ، دار
صادر ـ بيروت ط١.
١٤ ـ العقد الفريد / ابن عبد ربه
الاندلسي ٤ : ٣١١ ، دار الكتاب العربي ـ بيروت.
١٥ ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم
النيسابوري ٢ : ٤١٦ و ٣ : ١٣٣ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٥٨ ، ١٧٢ ، دار الفكر ، بيروت.
١٦ ـ أسباب النزول / الواحدي : ٢٠٣ ، دار
الكتب العربية ـ بيروت ط١.
١٧ ـ الاستيعاب في معرفة الصحابة / ابن
عبدالبر ٣ : ١١٠٠ ، دار الجيل ، بيروت ط١.
١٨ ـ تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي ١٠
: ٢٧٨ / ٥٣٩٦ ، دار الكتاب العربي ـ بيروت.
١٩ ـ تفسير الخازن ٥ : ٢٥٩ ، دار المعرفة
ـ بيروت.
٢٠ ـ أُسد الغابة في معرفة الصحابة / ابن
الأثير ٢ : ١٠ ، ١٣ ، ١٩ ، ٢١ و ٤ : ٤٦ ـ ٤٧ و ٤ : ١١٠ و ٥ : ٤٠٧ و ٦ : ٧٨ ـ ٧٩ ، دار
إحياء التراث العربي ـ بيروت.
٢١ ـ جامع الاصول / ابن الأثير الجزري ٩
: ١٥٥ / ٦٧٠٢ و ٦٧٠٣ و ٦٧٠٥ ، دار الفكر ـ بيروت ط٢.
٢٢ ـ أحكام القرآن / الجصاص ٣ : ٥٢٩ ، المكتبة
التجارية ـ مكة المكرمة.
٢٣ ـ أحكام القرآن / ابن عربي ٣ : ١٥٣٨
، دار المعرفة ـ بيروت.
٢٤ ـ تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٢٣٣
، مؤسسة أهل البيت :
ـ بيروت.
٢٥ ـ الكشّاف / الزمخشري ١ : ٣٦٩ ، دار
الكتاب العربي ـ بيروت ط٣.
٢٦ ـ مفاتيح الغيب / الرازي ٨ : ٧١.
٢٧ ـ ترجمة الإمام علي 7 من تاريخ دمشق / ابن عساكر ، تحقيق
محمد باقر المحمودي ١ : ٢٧٣ ـ ٢٧٤ / ٣٢٢ ، دار التعارف ـ بيروت ط١. وترجمة الإمام
الحسين 7 : ٦١ ـ ٧٧ ،
مؤسسة المحمودي ـ بيروت ط١.
٢٨ ـ منهاج السُنّة / ابن تيمية ٣ : ٤ و
٤ : ٢٠ ، المكتبة العلمية ـ بيروت.
٢٩ ـ تاريخ الإسلام / الذهبي ٣ : ٤٤ و ٥
: ٩٥ ـ ٩٦ ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ط١.
٣٠ ـ سير أعلام النبلاء / الذهبي ٢ : ١٢٢
وصححه ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ، ط١.
٣١ ـ البداية والنهاية / ابن كثير ٧ : ٣٣٨
، دار الفكر ـ بيروت ط٣.
٣٢ ـ الاصابة في تمييز الصحابة / ابن
حجر ٤ : ٢٧٠ ، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
٣٣ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد / الهيثمي
٧ : ٩١ و ٩ : ١١٩ ، ١٢١ ، ١٤٦ ، ١٦٧ ـ ١٦٩ ، ١٧٢ ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ط٣.
٣٤ ـ تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني
٢ : ٢٩٧ ، حيدرآباد ـ الهند ط١.
٣٥ ـ الاتقان / السيوطي ٤ : ٢٧٧ ، منشورات
الرضي ـ قم ط٢.
٣٦ ـ الدر المنثور / السيوطي ٥ : ١٩٨ ، ١٩٩
، مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي ـ قم.
٣٧ ـ الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي
: ١٣٩ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ٢٢٩ ، مكتبة القاهرة ـ مصر ط٢.
٣٨ ـ كنز العمال / المتقي الهندي ١٣ : ١٦٣
/ ٣٦٤٩٦ وغيره ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ط٥.
٣٩ ـ فتح القدير / الشوكاني ٤ : ٣٤٩ ـ
٣٥٠ ، دار المعرفة ـ بيروت ط٢.
٤٠ ـ جميع كتب مناقب أهل البيت : في آية التطهير.
وهناك مصادر أخرى كثيرة يطول المقام
بذكرها جميعاً ، وهي بمجموعها تؤكد أن أهل البيت هم النبي 6 والإمام علي وفاطمة والحسن والحسين : ، وهو ما أطبق على روايته الشيعة
الامامية وأجمع عليه كافة علمائهم
، ورواه العامة في صحاحهم وسننهم ومسانيدهم وأجمع عليه مفسروهم وأيدته الغالبية
العظمى من علمائهم كما تقدم من ذكر رواة الحديث ومصادره.
صحة
الحديث :
لم يقتصر رواة حديث الكساء على روايته
وحسب ، بل صرّح كثير منهم بصحته وعدم ترقي الشك إليه ، كأحمد بن حنبل في مسنده ، والحاكم
النيسابوري في المستدرك ، والذهبي في تلخيص المستدرك ، والبيهقي في السنن وغيرهم.
وصرّح بعض العلماء بقوله : أجمع
المفسرون ، وروى الجمهور .
وممن صرّح بصحة الحديث ابن تيمية
المعروف بعدائه السافر لأهل البيت :
ومحاولاته في طمس فضائلهم ومناقبهم ، قال في حديث الكساء : (وأما حديث الكساء فهو
صحيح ، رواه أحمد والترمذي من حديث أم سلمة ، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة) .
__________________
وقال بعد أن ذكر طائفة من الروايات التي
تؤكد على أن الآية خاصة في أهل البيت :
: (ولما بيّن سبحانه أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل بيته ويطهرهم تطهيرا ، دعا
النبي 6 لأقرب أهل
بيته وأعظمهم اختصاصا به ، وهم : علي وفاطمة رضي اللّه عنهما وسيدا شباب أهل الجنة
، جمع اللّه لهم بين أن قضى لهم بالتطهير وبين أن قضى لهم بكمال دعاء النبي 6 ) .
وقال الذهبي في حديث الكساء : (وصحَّ أن
النبي 6 جلَّل فاطمة
وزوجها وأبنيهما بكساء ، وقال : «
اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي ، اللهمَّ فاذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا »
.
التشكيك
في مفهوم أهل البيت :
ممّا تقدم من النصوص الصحيحة والتي فاقت
حدّ التواتر يتضح بشكل جلي لا لبس فيه أن المراد بأهل البيت المذكورين في آية
التطهير هم الخمسة أهل الكساء لا غيرهم.
ورغم الوضوح في تحديد مفهوم أهل البيت
الذين نزلت فيهم آية التطهير المباركة وحَصَرهم رسول اللّه 6 تحت الكساء ليؤكد على اختصاصهم بالآية
ويقطع الطريق لمن تسوّل له نفسه الادّعاء بشمولها لغيرهم ، فقد حاول البعض التشكيك
والتعويم لهذا المفهوم متجاوزا الصحيح من سنة الرسول 6
المنقول عن أئمة الهدى وجمع غفير من
__________________
الصحابة والتابعين.
في هذا السياق تجد آراء وأقوال اُخرى في
تحديد المراد بأهل البيت في آية التطهير ، وجميعها مناقضة لسبب نزول الآية المصرّح
به في أغلب التفاسير وكتب الحديث ، ومعارضة للسُنّة الصحيحة المتمثلة في قول النبي
6 وفعله
وتقريره على ما سيأتي بيانه.
وأهم هذه الوجوه :
أولاً
: أن المراد من أهل البيت : النبي 6 وحده .
وهذا قول شاذ وغريب ومخالف لما صح
وتواتر عن النبي 6
في تعيين أهل البيت في كتب الفريقين.
ثانيا
: أن المراد من أهل البيت : من حرمت
عليهم الصدقة من أقارب النبي 6
كآل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس ، ومستند هذا القول رواية منسوبة إلى زيد بن
أرقم .
وهذا القول مردود من عدّة وجوه منها :
١ ـ إنّ تفسير زيد للمراد من أهل البيت
في آية التطهير اجتهاد منه في مقابل النصوص الصريحة والمتواترة عن النبي 6 في تعيين أهل البيت.
٢ ـ إنّ هذا الحديث معارض بحديث آخر
لزيد بن أرقم نفسه ، يثبّت فيه أن نساء النبي 6
غير داخلات في أهل البيت ، فقد سُئل زيد : من
__________________
أهل بيته ، نساؤه؟
فقال : لا وايم اللّه ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم يطلقها
فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله .
٣ ـ إن هذا الحديث يوحي باخراج النبي 6 عن أهل البيت ، وهو خلاف المشهور والوارد
عنه 6 وما جاء في
سبب نزول الآية.
٤ ـ إنَّ حرمة الصدقة لا تنحصر
بالمذكورين في حديث زيد ، فإن بني عبد المطلب بل وجميع بني هاشم يشاركونهم في
التحريم أيضاً ، وهذا يعني دخولهم جميعا في مفهوم أهل البيت ، الأمر الذي يناقض
الأحاديث الصحيحة الواردة في تحديدهم من قبل مشرع الاسلام النبي الأكرم 6.
ثالثا
: إنّ المراد من أهل البيت خصوص نساء
النبي 6 ؛ لأنّ سياق
الآية في بيان حالهنّ ، وهذا الرأي منسوب إلى رواية عكرمة البربري ، وإلى عروة بن
الزبير ، ومقاتل بن سليمان .
وهناك رأي آخر متفرع من هذا القول يذهب
إلى أن أهل البيت هم علي وفاطمة والسبطان مع زوجات النبي 6 .
__________________
والرأي الثالث قد لاقى رواجا كبيرا لدى
بعض الكتّاب والباحثين الذين احتجوا بورود آية التطهير في سياق الخطاب لنساء النبي
6.
وفيما يلي أهم النقاط التي تؤكد بطلان
هذا القول :
١ ـ إن هذا القول منسوب إلى عكرمة
ومقاتل وعروة بن الزبير ، وهؤلاء مشهورون بالكذب والخلاف لأهل البيت :.
أما عكرمة فهو من الخوارج الصفرية وقيل
: الأباضية ، ولا ينتظر من خارجي يكفّر الإمام عليا 7
أن يجعله من أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير ، فضلاً عن أن عكرمة مشهور
بالكذب وخصوصاً على ابن عباس ، فعن عبداللّه بن الحارث ، قال : دخلت على علي بن
عبداللّه بن عباس ، وعكرمة موثّق على باب الكنيف. فقلت أتفعلون هذا بمولاكم؟! فقال
: إن هذا الخبيث يكذب على أبي.
وعن ابن عمر أنه قال لمولاه نافع : اتق
اللّه ، لا تكذب عليّ كما كذّب عكرمة على ابن عباس.
وقال فيه ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك
: كذَّاب.
وقال محمد بن سعد : ليس يُحتج بحديثه.
لذلك حرَّم مالك الرواية عنه ، وشهد
معظم أهل العلم بكذبه.
أما من حيث عقيدته الفاسدة ، فقد عُرف
عنه أنه يتهاون بالصلاة ، فقد ذُكر عند أيوب بأنّ عكرمة لا يحسن الصلاة ، فقال
أيوب : أوكان يصلي؟!
وعُرف عكرمة أيضا بطعنه في الدين ، وذلك
لمقولاته الباطلة ، منها :
قوله وقد وقف ذات يوم على باب مسجد
النبي 6 : ما فيه
إلاّ كافر!
وكان يحب الغناء ويستمعه ، ويلعب بالنرد
، وكان خفيف العقل ، ولهذا نراهم قد زهدوا فيه وتركوا جنازته ولم يشيّعه أحد ، فاكتروا
له أربعة من السودان .
وأما مقاتل بن سليمان فشأنه شأن عكرمة
في عدائه لأمير المؤمنين 7
، وكان من الكذابين والمتروكين ومن القائلين بالإرجاء والتشبيه.
قال خارجة بن مصعب : كان جهم ومقاتل
عندنا فاسقين فاجرين.
وقال : لم أستحلّ دم يهودي ولا ذمي ، ولو
قدرت على مقاتل بن سليمان في موضع لا يراني فيه أحد لقتلته.
وقال الجوزجاني : كان كذابا جسورا.
وقال عمرو بن علي : متروك الحديث ، كذاب.
وقال ابن حبّان : كان يكذب في الحديث.
وقال أبو حاتم : متروك الحديث.
__________________
وقال النسائي : كذاب ، ثم قال : الكذابون
المعروفون بوضع الحديث على رسول اللّه 6
أربعة ، وعدّ مقاتلاً منهم.
وقال الذهبي : أجمعوا على تركه .
أما عروة بن الزبير ، فكان ممّن يحملون
عداءً شديدا لأمير المؤمنين علي 7
حتى إنه إذا ذُكر علي 7
نال منه.
وعدّه الاسكافي من التابعين الذين
كانوايضعون أخبارا قبيحة في الإمام علي 7
.
٢ ـ أما دعوى وحدة السياق باعتبار أن آية
التطهير وردت ضمن آيات الخطاب لنساء النبي 6
، فإن اختلاف الضمائر بين آية التطهير والآيات السابقة عليها والآيات اللاحقة لها
يدلّ على اختلاف المخاطب ، فالخطاب قبل آية التطهير كان موجّهاً لنساء النبي 6 بضمير التأنيث (يا نِسَاءَ
النَّبيِّ لستُنَّ كأحدٍ مِن النِّساءِ )
، ثم جاء
الخطاب في آية التطهير بضمير التذكير ، فلو كان المراد بها نساء النبي 6 لبقي الخطاب بضمير التأنيث (عنكنّ) و
(يطهركنّ) ، وقد روي هذا الاستدلال عن زيد بن
__________________
علي بن الحسين : .
وقال أبو حيان الاندلسي في تفسيره في
معرض ردّه على من ذهب إلى اختصاص الآية بالأزواج : ليس بجيّد ، إذ لو كان كما
قالوا لكان التركيب : (عنكنّ) و (يطهركنّ) .
ثم إن اختلاف المخاطب لا يقدح بوحدة
سياق الآيات القرآنية ؛ لأن الانتقال في سياق الضمائر وارد في القرآن الكريم في
كثير من الآيات
، ووارد في الفصيح من لسان العرب وأشعارهم وأقوالهم ، وهو أحد وجوه البديع في علم
البلاغة العربية ، ويسمى الالتفات.
ومن خلال تتبع الروايات التي تحدّثت عن
آية التطهير ، يبدو واضحا أنها لم تنزل مع الآيات التي تخاطب نساء النبي 6 بل نزلت بصورة منفردة وفي واقعة معينة
وقضية خاصة ، كما توحي بذلك روايات أمّ سلمة التي نزلت الآية في بيتها .
وذلك يدل على عدم صحة الاحتجاج بوحدة
السياق التي روّج لها بعض من يهمهم التشكيك في كل فضيلة لعترة النبي المصطفى
(صلوات اللّه عليهم أجمعين).
٣ ـ لقد صرّحت الكثير من الروايات التي
جاءت على لسان أزواج النبي 6
بعدم شمول آية التطهير لهنّ ، وقد قدّمنا رواية الترمذي التي
__________________
أخرجها عن أم سلمة ،
أنها قالت : وأنا معهم يارسول اللّه؟ فقال 6
: « إنك على
خير ».
وأخرج الطحاوي عن أم سلمة قالت : نزلت
هذه الآية في بيتي (
إنَّما
يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) وفي البيت
سبعة : جبريل وميكائيل وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ ورسول اللّه ـ وأنا على الباب
، قلتُ : ألست من أهل البيت؟ قال 6
: « إنك إلى
خير ، إنك من أزواج النبي » .
وفي
رواية أخرى : قالت أم سلمة : ألست من أهل البيت؟ قال 6
: « أنت إلى خير ، إنك من أزواج النبي »
، وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين .
وفي رواية الحاكم : أنه 6 منع زينب من الدخول معهم ، وقال لها : « مكانك ، فانك إلى
خير إن شاء اللّه » .
فهذه الروايات وغيرها كثير التي جاءت
بألفاظ متقاربة قد أخرجت نساء النبي 6
عن مفهوم أهل البيت ، ومن الروايات الاخرى التي جاءت من غير أزواجه 6 ، ما رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن
أرقم
__________________
وقد سُئل : من أهل
بيته ، نساؤه؟ قال : لا وايم اللّه ، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم
يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله .
٤ ـ لقد مارس الرسول 6 إجراءً عمليا في ضمّ علي وفاطمة والحسن
والحسين : بردائه
ليؤكد نزول آية التطهير فيهم دون غيرهم من أهل بيته وأزواجه وسائر المسلمين ، ولم
يكتف 6 بهذا القدر
، بل أكّد على تطبيق هذا المفهوم مرارا ليؤكد للناس أن هؤلاء هم أهل بيته دون
غيرهم وليبيّن عظم منزلتهم.
فقد روي عن أبي الحمراء أنه قال : حفظت
من رسول اللّه 6
ثمانية أشهر بالمدينة ، ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى إلى باب علي فوضع
يده على جنبتي الباب ، ثم قال : « الصلاة الصلاة (
إنَّما
يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) ، وذلك بعد نزول قوله تعالى ( وأمُر أهلَكَ بالصَّلاةِ ) .
وفي رواية اخرى عن أبي الحمراء ، قال : شهدنا
رسول اللّه 6 تسعة أشهر
يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول : « السلام عليكم ورحمة
اللّه وبركاته أهل البيت (
إنَّما
يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) .
__________________
وروي نحوه عن ابن عباس .
ولم يكن هذا الاجراء اعتباطيا من نبي
الهدى 6 الذي لا
ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، بل إنه قول وفعل وتقرير ينبئ عن الارادة
الالهية في تحديد المصداق الحقيقي لأهل البيت في آية التطهير.
٥ ـ إن آية التطهير تقضي بإذهاب الرجس
الذي هو الذنوب والآثام عن أهل البيت ، وقد صدّر النص بأقوى أدواة الحصر (إنما)
لإرادة التطهير وإذهاب الرجس.
قال الزمخشري : تطهّر من الاثم : تنزّه
منه .
وقال الرازي : « لِيُذهِبَ عَنكُمُ
الرِّجسَ » أي يزيل عنكم
الذنوب .
وقال الطبري : إنما يريد اللّه ليذهب
عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد ويطهّركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي
اللّه تطهيرا.
وروى بسنده إلى سعيد بن قتادة أنه قال :
( إنَّما يُريدُ اللّه لِيُذهِبَ
عَنكُمُ
__________________
الرِّجسَ
أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيرا
) فهم أهل
بيتٍ طهّرهم اللّه من السوء وخصّهم برحمة منه .
وروي عن ابن عطية أنه قال : الرجس اسم
يقع على الاثم والعذاب وعلى النجاسات والنقائص ، فأذهب اللّه جميع ذلك عن أهل
البيت .
فالآية حسب كلام هؤلاء الأعلام تفيد
عصمة أهل البيت :
، وأن اللّه تعالى أذهب عنهم الذنوب والآثام وطهّرهم من كل ألوان المعاصي ، وذلك
مقتضى العصمة.
والسيرة الفعلية لبعض نساء النبي 6 في حياته الشريفة وبعد وفاته تنبئ
بخروجهن عن دائرة العصمة والطهارة من الذنوب والآثام ، فقوله تعالى في بعضهن : (إن تَتُوبا
إلى اللّه )
يدلُّ على
وقوع المعصية ؛ لأنّ التوبة مترتبة على المعصية.
وقوله تعالى ( فَقَد صَغَت قُلُوبُكُما )
أي عدلت ومالت عن الحق ، وهو صريح بمخالفتهما.
وفي قوله تعالى : (وإن
تَظَاهَرا عَليهِ )
، روى
البخاري في الصحيح عن ابن عباس أنه سأل عمر بن الخطاب عن اللتين تظاهرتا على النبي
6 من أزواجه ،
فقال : هما حفصة وعائشة .
__________________
وقال الزمخشري في تفسيره لبعض الآيات
التي ذكرت ونوّهت بنساء النبي 6
: (وفي طي هذين التمثيلين بأميّ المؤمنين ـ يعني عائشة وحفصة ـ وما فرط منهما من
التظاهر على رسول اللّه 6
بما كرهه ، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده ، لما في التمثيل من ذكر الكفر) .
وأما بعد وفاة النبي 6 فمعلوم في السيرة والتاريخ موقف عائشة
من عثمان وتأليبها الناس على قتله وتسميته بنعثل ، ولما قتل وعلمت بمبايعة الناس
الإمام عليا 7 ، ادّعت أن
عثمان قُتل مظلوما ، وفي ذلك يقول عبيدة بن أبي سلمة وهو ابن أمّ كلاب :
فمنك البداء ومنك الغير
|
|
ومنك الرياح ومنك المطر
|
وأنت أمرت بقتل الإمام
|
|
وقلت لنا إنه قد كفر
|
ومن ثمَّ خروجها بعد ذلك على الخليفة
الشرعي وتجهيزها جيشا لمحاربته ، وقتل نتيجة تلك الحرب ثلاثون ألفا من المسلمين.
ومثل هذه الأعمال تخرج صاحبها عن حدّ
الطهارة والعصمة من الآثام ، سيّما وأن إرادة الطهارة في الآية لا يمكن تفسيرها
بالارادة التشريعية القاضية بإذهاب الرجس عن جميع المكلفين لا عن خصوص أهل البيت : بل هي إرادة التسديد والتوفيق اللذين
يمدّ بهما سبحانه
__________________
بعض عباده الذين
يصطنعهم على عينه ، ويختارهم بعلمه ، ويراهم أهلاً لحمل مشعل دينه وهدايته ، ويؤيدهم
بتسديده ولطفه بوسائل قد نعلمها وقد لا نعلمها ، ومن هنا قال تعالى : « اللّه أعلمُ حيثُ
يَجعلَ رِسَالَتهُ » .
ويمكن القول إنّ الإرادة في آية التطهير
إرادة تكوينية خصّ بها اللّه تعالى أهل البيت :
دون سواهم من الناس وحصر ذلك بأقوى أدوات الحصر ، والارادة التكوينية متعلقها
الامور الواقعية من أفعال المكلفين ، ومحال أن يتخلف فيها مراده تعالى عمّا يريد .
وقد ثبت من خلال هذه الأدلة أن آية
التطهير لا تشمل نساء النبي 6
، كما أنه لم تدّع واحدة من نساء النبي 6
نزول الآية فيهن مع ما فيها من شرف عظيم ومنزلة تمدّ إليها الأعناق.
وعليه فالآية خاصة بالخمسة أهل الكساء :
النبي وعلي والزهراء والسبطان الحسن والحسين :
، وهو ما ورد في صحيح الأخبار وقام الدليل على إثباته وباللّه التوفيق.
__________________
الفصل الثاني
حبّ أهل البيت عليهم السلام
في الكتاب والسُنّة
إنّ محبة أهل البيت : والولاء لهم عنصر أساسي من عناصر
العقيدة ومقومات الايمان ومرتكزات الرسالة المحمدية الغراء ، ولقد جاءت النصوص
القرآنية والحديثية واضحة وصريحة في تأصيل هذا المبدأ الولائي وتعميق دلالاته
ومعطياته.
وسنتناول في هذا الفصل بعض الأمثلة من
النصوص القرآنية التي تظافرت الروايات على نزولها في أهل البيت : لتوكيد محبتهم وفرض مودّتهم ، ونعرض
كذلك بعض الأحاديث والأخبار التي جاءت لتعميق هذا المبدأ العقائدي القويم ، وذلك
في مبحثين :
المبحث الأول
حب أهل البيت :
في القرآن الكريم
فيما يلي نعرض أهم النصوص القرآنية
النازلة في محبة أهل البيت :
أو المفسرة بذلك مع بيان الروايات والاخبار الموضحة لذلك من المصادر المعتبرة.
١ ـ قوله تعالى : (قل لا
أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى
) .
هذه هي آية المودة التي أكدت أغلب كتب
التفسير وكثير من مصادر الحديث والسيرة والتاريخ نزولها في قربى النبي 6 : علي والزهراء والحسن والحسين وذريتهم
الطاهرين :.
روى السيوطي وغيره في تفسير هذه الآية
بالاسناد إلى ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية « قُل لا أسألُكُم عَليه أجرا إلاّ المودَّةَ
في القُربى » قالوا : يا رسول
اللّه ، من قرابتك هؤلاء الذين وجّبت علينا مودتهم؟
قال 6
: « علي وفاطمة
وولداهما » .
__________________
وهذه الآية تدلّ على وجوب المودة لأهل
البيت الذين نصّ الحديث على تحديدهم ، وقد استدلّ الفخر الرازي على ذلك بثلاثة
وجوه ، فبعد أن روى الحديث عن الزمخشري قال : فثبت أن هؤلاء الأربعة أقارب النبي 6 ، واذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين
بمزيدٍ من التعظيم ، ويدلّ عليه وجوه :
الأول : قوله تعالى : « إلاّ المودَّةَ في
القُربَى ».
الثاني : لاشك أنّ النبي 6 يحبّ فاطمة 3 ، قال 6
: « فاطمة بضعة
مني ، يؤذيني ما يؤذيها » وثبت بالنقل
المتواتر عن رسول اللّه 6
أنه كان يحبّ عليا والحسن والحسين ، واذا ثبت ذلك وجب على كلّ الأمة مثله ، لقوله
تعالى : ( واتَّبعُوهُ لَعلَّكُم
تَهتَدُونَ )
، ولقوله : ( فَليَحذَرِ الَّذينَ
يُخالِفُونَ عَن أمرِهِ ) .
الثالث : إنّ الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك
جُعل هذا الدعاء خاتمة التشهّد في الصلاة ، وهو قوله : « اللهمّ صلِّ على محمد
وآل محمد » وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل
، فكلّ ذلك يدل على أن حب محمد وآل محمد واجب.
وقال الشافعي :
يا راكبا قف
بالمُحصّب من منى
|
|
واهتف بساكن
خِيفها والناهضِ
|
سَحَرا إذا فاض الحجيجُ
إلى منى
|
|
فيضا كما نَظم
الفراتِ الفائضِ
|
__________________
إن كان رفضا حبّ آل محمدٍ
|
|
فليشهد الثقلان أني رافضي
|
وأشار الشافعي إلى نزول آية المودة في
أهل البيت : بقوله :
يا أهل بيت رسول اللّه حبكم
|
|
فرضٌ من اللّه في القرآن أنزله
|
ما
روي عن أئمة أهل البيت : في هذه الآية :
احتجّ أئمة الهدى المعصومون : بهذه الآية على فرض مودتهم ووجوب
محبتهم وحقّهم على كلِّ مسلم ، فقد روى زاذان عن الإمام أمير المؤمنين علي 7 ، أنّه قال : « فينا في آل حم آية ، لا
يحفظ مودتنا إلاّ كل مؤمن » ثم قرأ : « قُلْ لا أسألكُم عَليهِ أجرا إلاّ الموَدَّةَ
في القُربَى » .
وإلى هذا أشار الكميت الأسدي بقوله :
وجدنا لكم في آل حم آية
|
|
تأولها منّا تقي ومعرب
|
وروي عن الإمام زين العابدين 7 أنّه قال : خطب الحسن بن علي 7 الناس حين قتل علي 7 فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : « ... وأنا من أهل
البيت الذي افترض اللّه مودتهم على كل مسلم
» ، فقال تبارك وتعالى : « قُلْ
لا أسألكُم عَليهِ أجرا إلاّ الموَدَّةَ في القُربَى ومَن يَقتَرِف حَسَنَةً
نَّزِد لهُ فِيها
__________________
حُسنا
» فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت
.
وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم ، أنّه قال
: لمّا جيء بعلي بن الحسين 7
أسيرا ، فأُقيم على درج دمشق ، قام رجلٌ من أهل الشام ، فقال : الحمد للّه الذي
قتلكم وأستأصلكم وقطع قرني الفتنة.
فقال له علي بن الحسين 7 : « أقرأت القرآن؟ قال : نعم. قـال : أقرأت آل حم ،
قال : قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم. قال : ما قرأت : « قُل لا أسألكُم عَليهِ أجرا
إلاّ المودَّةَ في القُربَى »؟ قال : وانكم
لأنتم هم؟ قال : نعم
».
وروى اسماعيل بن عبدالخالق عن أبي
عبداللّه 7 ـ في حديث ـ
قال : سمعته 7 يقول لأبي
جعفر الأحول : « ما
يقول أهل البصرة في هذه الآية « قُلْ لا أسألكُم عَليهِ أجرا إلاّ الموَدَّةَ في
القُربَى »؟ فقال : جعلت فداك ، انهم يقولون : إنّها
لأقارب رسول اللّه 6.
فقال : كذبوا إنّما نزلت فينا خاصة ، في أهل البيت ، في علي وفاطمة والحسن والحسين
أصحاب الكساء .
__________________
تأويلات
أُخرى في الآية :
مما تقدم يتبين أن آية المودة واضحة
وصريحة في وجوب محبة أهل البيت :
، وهو المعنى المتبادر من الآية كما ذكره العلماء كالكرماني ، والعيني وغيرهما ، فضلاً عن الأحاديث المفسّرة
للآية الواردة عن أهل البيت :
وعن جمعٍ من الصحابة والتابعين وأئمة الحديث .
ورغم أن الآية واضحة الدلالة وضوح الشمس
في رائعة النهار إلاّ أن البعض حاول إزالة الحقّ عن موضعه متأولاً كلام اللّه بما
تشتهي نفسه مبتدعا بعض الأقوال التي لا تستند إلى دليل علمي أو هي قائمة على دليل
واهٍ لا يصلح حجة ولا ينهض برهانا وافيا في بيان المراد من الآية الكريمة ، وفيما
يلي أهم هذه الأقوال :
القول
الأول : قيل إن الخطاب لقريش والأجر المسؤول هو
مودتهم للنبي 6
لقرابته منهم ، وذلك لأنهم كانوا يكذّبونه ويبغضونه لتعرضه لآلهتهم على ما في بعض
الأخبار ، فأُمِر 6
أن يسألهم في حال عدم إيمانهم المودّة ، لمكان قرابته منهم ، وأن لا يؤذوه ولا
يبغضوه.
ومستند هذا القول هو رواية عن طاووس قال
: (سأل رجل ابن عباس عن قول اللّه عزَّ وجل : « قُل لا أسألكم عَليهِ أجرا إلاّ الموَدَّةَ
في القُربَى » فقال
__________________
سعيد بن جبير : قربى
محمد 6 ، قال ابن
عباس : عجّلت ، وإن رسول اللّه 6
لم يكن بطن من بطون قريش إلاّ ولرسول اللّه 6
فيهم قرابة فنزلت : «
قُلْ لا أسألكُم عَليهِ أجرا إلاّ الموَدَّةَ في القُربَى »
إلاّ أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم من القرابة) .
وفي هذا القول أمور ، منها :
١ ـ إنّ نظرة أولية لسند هذه الرواية
تسقطها من الاعتبار ، ففي سندها شعبة بن الحجاج وهو معروف بالوضع والكذب ، وفيه
يحيى بن عبّاد الضبعي وهو من الضعفاء ، كما صرح بذلك ابن حجر عن الساجي .
ولم يعقّب الذهبي على كلام الساجي في
تضعيفه .
وفيه محمد بن جعفر
وقد ذكره ابن حجر مع من تكلم فيه ، وذكر قول ابن أبي حاتم : ( .. لا يحتج به ) .
وفيه محمد بن بشار وهو أيضا ممن تكلم
فيه علماء الجرح والتعديل ، وذكروا أنه ضعيف .
ومما تقدم يتبيّن أن سند الرواية يدل
على أنها ساقطة من الاعتبار ولا تكون محلاً للاحتجاج.
__________________
٢ ـ إنّ هذه الرواية معارضة لما تواتر
من الأحاديث الصحيحة عن النبي 6
، وقد ذكرنا بعضها آنفا ، ومعارضة لحديث آخر صحيح عن ابن عباس ، وآخر لسعيد بن جبير ، يصرّحان بأن
المراد من القربى في الآية هم : (الإمام علي ، والزهراء ، والحسن ، والحسين : ) .
٣ ـ إنّ الآية مدنية لا مكية كما جاء في
سبب نزولها ، وإنّ الخطاب فيها لكافة المسلمين لا لخصوص قريش.
القول الثاني : معنى القربى في آية
المودة التقرب إلى اللّه ، والمودة في القربى هي التودد إليه تعالى بالطاعة
والتقرب ، فالمعنى : لا أسألكم عليه أجرا إلاّ أن تودّوه وتحبوه تعالى بالتقرب
إليه.
ومستند هذا القول رواية منسوبة إلى ابن
عباس عن النبي 6
أنّه قال : « قُلْ لا أسألكم عليه أجرا على ما جئتكم به من البينات والهدى إلاّ أن
تتقربوا إلى اللّه بطاعته .
وفي هذا القول عدة أمور ، منها :
١ ـ إنّ الرواية التي يستند إليها هذا
القول ضعيفة السند كما صرّح بذلك ابن حجر .
__________________
٢ ـ لم يرد في لغة العرب استعمال لفظ
القربى بمعنى التقرب.
٣ ـ إنّ التقرب إلى اللّه سبحانه هو
محتوى ومضمون الرسالة نفسها ، فكيف يطلب النبي 6
التقرب إلى اللّه تعالى لأجل التقرب إلى اللّه تعالى ، وهذا أمر لا يعقل ولا يرتضيه
الذوق السليم لأنّه يؤدي إلى أن يكون الأجر والمأجور عليه واحد.
على أن في هذه الآية قولين آخرين هما
أبعد مما ذكرناه ، فلا يُعبأ بهما ، ومن مجمل ما تقدم يتبين أن المراد بالمودة في
القربى ، مودة قرابة النبي 6
وهم عترته من أهل بيته :
، وقد تكاثرت الروايات من طرق العامّة والشيعة في تفسير الآية بهذا المعنى على ما
بيناه في أول الفصل ، ويؤيده الأخبار المتواترة من طرق الفريقين على وجوب موالاة
أهل البيت : ومحبتهم.
وقال الزمخشري بعد اختياره لهذا الوجه :
فان قلت : هلاّ قيل : إلاّ مودة القربى ، أو إلاّ المودة للقربى؟ وما معنى قوله : إلاّ
المودة في القربى؟
قلت : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها ، كقولك
: لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحبّ شديد ، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله.
قال : وليست (في) بصلة للمودة كاللام ، إذا
قلت : إلاّ المودة للقربى ، إنّما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : المال
في الكيس ، وتقديره : إلاّ المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها .
إنّ التأمل في هذا التأكيد على ثبوت
المودة في القربى وتمكنها فيهم
__________________
وكونهم جعلوا مكانا
للمودة ومقرا لها ، والتأمل في الروايات المتواترة الواردة من طرق الفريقين عن
النبي 6 المتضمنة
لارجاع الناس في فهم كتاب اللّه بما فيه من أصول معارف الدين وفروعها وبيان حقائقه
إلى أهل البيت كحديث الثقلين وحديث السفينة وغيرهما ، لا يدع ريبا في أن إيجاب
مودتهم : على كل مسلم
وجعلها أجرا للرسالة ، إنّما كان وسيلة لإرجاع الناس إليهم ، لما لهم من المكانة
العلمية ولبيان دورهم الرسالي والريادي في حياة الاُمّة.
شبهات
وردود :
بعد أن ثبت أن الآية تخص أهل بيت العصمة
: المتمثلين
بالإمام علي والبتول فاطمة وذريتهما من الأئمة المعصومين : ، أُثيرت حولها شبهات من قبل المخالفين
والمبغضين لأهل البيت :
، ليصرفوها عن وجهها الصحيح ، وفيما يلي نعرض هذه الشبهات مع الرد عليها :
الاُولى
: سورة الشورى مكية :
مضمون هذه الشبهة هو نفي كون الآية
ثابتة في أهل بيت النبوة :
والروايات المؤكدة والمؤيدة لها ، وذلك من خلال ادعاء أن سورة الشورى مكية ، ولم
يتزوج الإمام علي من الزهراء 8
، ولم يكن هناك الحسن والحسين 8
، حتى تكون الآية نازلة في حقهم.
الجواب
:
أولاً
: إنّ الأخبار والاحاديث الواردة عن النبي
6 والأئمة
الطاهرين : وتصريح
الاصحاب والتابعين والعلماء على أن الآية ثابتة بحق أهل البيت : كافٍ في ردِّ الشبهة وإبطالها.
ثانيا
: إنّ ظاهرة وجود آيات مدنية في سور مكية
، أو وجود آيات مكية في سور مدنية ، كثيرة جدا في القرآن الكريم ، ولا يمكن لأحد
إنكارها أو التشكيك فيها ، ومن أمثلة ذلك :
١ ـ سورة الرعد فانها مكية إلاّ قوله
تعالى : « ولا
يَزال الَّذينَ كَفَرُوا ... »
.
٢ ـ سورة الاسراء فإنّها مكية إلاّ قوله
تعالى : « وإن
كَادُوا ليَستَفزُونَكَ ... واجعَل لي مِن لَدُنك سُلطانا نَصِيرا »
.
٣ ـ سورة المدّثر فإنّها مكية غير آية
من آخرها .
٤ ـ سورة المطففين فإنّها مكية إلاّ
الآية الاُولى .
هذا بالنسبة إلى وجود آيات مدنية في سور
مكية.
ومن الآيات المكية التي جاءت في سور
مدنية :
١ ـ سورة المجادلة فإنّها مدنية إلاّ
العشر الأول .
٢ ـ سورة البلد فإنّها مدنية إلاّ من
الآية الاُولى إلى الآية الرابعة .
__________________
وغيرها كثير.
ثالثا
: صرّح الكثير من العلماء والمفسرين على
أن آية المودة مع ثلاث آيات بعدها قد نزلت بالمدينة المنورة.
قال الشوكاني في ذلك : (وروى ابن عباس
وقتادة أنها ـ سورة الشورى ـ مكية إلاّ أربع آيات منها أُنزلت بالمدينة : « قُل لا أسألكُم ...
» ) .
وقال الالوسي في معرض الجواب : هي مكية
إلاّ أربع آيات ، من قوله تعالى : « قُلْ لا أسألكُم ... »
إلى أربع آيات ، وقال مقاتل فيها مدني .
كما أجاب القرطبي بقوله : (قال ابن عباس
وقتادة : إلاّ أربع آيات منها أُنزلت بالمدينة « قُل لا أسألكُم ... »
إلى آخرها)
، كذلك ذكر النيسابوري والخازن في تفسيرهما .
الثانية
: الآية لا تتناسب مع مقام النبوة ومنافية لبعض الآيات :
مضمون هذه الشبهة : إنّ طلب الأجر على
الرسالة والهداية من قبل النبي 6
، لا يتناسب مع مقام النبوة السامي ؛ لأنّ النبي 6
متفانٍ في اللّه سبحانه ، وان كل الذي عاناه من العذاب والمشقة والهجرة وسوء
المعاملة والحصار والمحاربة حتى من عشيرته وقومه ، والذي تحمله بصبر وإيمان منقطع
النظير ، كان في عين اللّه وفي سبيله لا يبتغي منه إلاّ مرضاة اللّه سبحانه وتعالى
، وأنّه لا يطلب أي شيء على ذلك ،
__________________
فلا يناسبه 6 أن يطلب أجرا على الرسالة في مودة
قرباه.
وقالوا إنّ الآية تناقض بعض الآيات
القرآنية التي تنفي طلب الأجر ، مثل قوله تعالى : ( .. قُلْ ما أسألُكُم
عَلَيهِ مِن أجرٍ وَمَا أنَا مِنَ المُتَكَلّفِينَ
) .
وقوله تعالى : ( قُلْ ما سألتُكُم مِن أجرٍ فَهُو لَكُم إن
أجرِيَ إلاّ عَلى اللّه وهُو على كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ
) .
وقوله تعالى : ( قُلْ ما
أسألكُم عَلَيهِ مِن أجرٍ إلاّ مَن شَاءَ أن يَتَّخِذَ إلى ربِّهِ سَبِيلاً
).
وقوله تعالى : ( قُلْ لا أسألُكُم عليهِ أجرا إن هُوَ إلاّ
ذِكرى للعَالَمِينَ ) .
الجواب
:
إنّ المتتبع لسيرة النبي 6 وبالأخص في بداية الدعوة الإسلامية يجد
أن النبي الأكرم 6
قد وقف بكل صلابة وإيمان راسخ في محاربة العصبية القبلية والحمية الجاهلية التي
كانت سائدة في المجتمع الجاهلي آنذاك ، وقد وضع الإسلام مقابل ذلك ميزانا آخر
للأفضلية وهو التقوى والعمل الصالح ، قال تعالى : (
إنّ
أكرَمَكُم عِندَ اللّه أتقَاكُم
) .
وعلى هذا الأساس حارب رسول اللّه 6 كل من حارب الإسلام
__________________
ووقف عقبة أمام نشره
ولو كان أقرب الناس إليه في القرابة مثل عمه وعشيرته ، فتراه لعن عمّه أبا لهب
وتبرأ منه : ( تَبَّت يَدَا أبي
لَهبٍ وَتَبَّ * ما أغنَى عَنهُ مَالُهُ وما كَسَبَ ...
)
، ومن جانب آخر قرّب إليه من آمن به وصدّق بنبوّته ولو كان لا يمس إليه بصلة أو
قرابة ، بل حتى لو كان عبدا حبشيا أو مولىً ، كما قال 6 في حق سلمان الفارسي : « سلمان منّا
أهل البيت .
فالنبي 6
عندما يطلب المودة لأقربائه ويجعلها أجرا على رسالته ، لا يعني بذلك جميع أقربائه
؛ لأنّ ذلك ينافي صريح القرآن الكريم ، إذ كيف يطلب رسول اللّه 6 مودة من لعنه اللّه في محكم كتابه مثل
أبي لهب ، وإنّما يطلب المودة لمجموعة خاصة وأفراد معينين من أقربائه ، والذين بهم
يتم حفظ الرسالة الإسلامية والنبوة المحمدية ، ومنهم يؤخذ الدين الصحيح ، وبهم
النجاة من الاختلاف والانحراف ، وهم الأئمة المعصومون : من أهل البيت.
فالنبي 6
إذن يطلب الأجر الذي هو بالحقيقة عائد إلى المسلمين ، لا إلى النبى 6 ولا إلى أهل بيته : ؛ لأنّهم لم يكونوا بحاجة إلى هذه
المودة ، إلاّ بالقدر الذي يفيد سائر الاُمّة في الحفاظ على مبادئ الدين وكتاب
اللّه المبين وسيرة سيد المرسلين 6.
وبهذا يتضح أنه ليس ثمة منافاة بين
الآية وبين الآيات التي تنفي طلب الأجر ، فالأجر في الآيات هو أجر حقيقي ، وهذا ما
لا يطلبه رسول
__________________
اللّه 6 وإنّما عمله خالص للّه تعالى ، أما
الأجر في الآية فهو لفظي ؛ لأنّه يرجع بكلِّ بركاته ومعطياته على المسلمين ، وهو
صريح قوله تعالى : « قُلْ
ما سألتُكُم من أجر فَهُو لَكُم ...
».
وقد تأكد ممّا قدمناه أنّ آية المودة
والنصوص المفسرة لها كافية في إثبات وجوب حبّ أهل البيت : على كل مسلم ، ولتأصيل هذا المبدأ
وتعميق دلالاته نورد بعض الآيات الأخرى المفسّرة بهذا المعنى.
٢ ـ قوله تعالى : ( إنَّ الَّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
سَيَجعلُ لَهُمُ الرَّحمنُ ودَّا
) .
فقد ورد عن جابر بن عبداللّه قوله : قال
رسول اللّه 6 لعلي بن أبي
طالب 7 : « يا علي قُل : ربِّ
اقذف لي المودة في قلوب المؤمنين ، رب اجعل لي عندك عهدا ، رب اجعل لي عندك ودا
» ، فأنزل اللّه تعالى : «
إنَّ الَّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجعلُ لَهُمُ الرَّحمنُ ودَّا
» فلا تلقى مؤمنا ولا مؤمنة إلاّ وفي قلبه ود لأهل البيت : .
وروي الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس . وعن أبي
سعيد الخدري
، والبراء بن عازب
، ومحمد بن الحنفية .
__________________
٣ ـ قوله تعالى : ( مَن جَاءَ بِالحَسنَةِ فَلَهُ خَيرٌ مِّنهَا ...
) .
عن الإمام أبي جعفر الباقر 7 قال : « دخل أبو عبداللّه الجدلي على أمير
المؤمنين فقال له : يا أبا عبداللّه ألا أخبرك بقوله تعالى : « من جاء بالحسنة فله
خيرٌ منها .. »؟ قال : بلى جعلت
فداك. قال 7 : الحسنة
حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا ، ثم قرأ الآية .
ونفس الحديث ورد على لسان أبي عبداللّه الجدلي
.
٤ ـ قوله تعالى : ( الَّذينَ آمنُوا وتَطمئنُّ قُلُوبُهم بِذِكرِ
اللّه ألا بِذِكرِ اللّه تطمئنُّ القُلُوبُ
) .
عن الإمام أمير المؤمنين 7 : « أنّ رسول اللّه 6
لما نزلت هذه الآية قال 6 : ذاك من أحب اللّه ورسوله
وأحب أهل بيتي صادقا غير كاذب ، وأحب المؤمنين شاهدا وغائبا ، ألا بذكر اللّه يتحابّون
» .
هذا وقد وردت آيات كثيرة مفسرة في تأكيد
هذا المعنى بطرق صحيحة عن أهل البيت :
أعرضنا عن ذكرها ايثارا للاختصار.
__________________
المبحث الثاني
حبّ أهل البيت :
في السُنّة المطهّرة
أثبتت النصوص القرآنية كما تقدم في
المبحث الأول مبدأ المودّة لأهل البيت :
بشكل صريح لا يقبل التأويل ، وفي هذا المبحث سنسلط الضوء على بعض ما ورد في
السُنّة المباركة في تأكيد المودّة والولاء لأهل البيت : وبيان فضل حبهم وخصائصه وعلاماته.
وقد أكدت السُنّة المباركة على أنّ حبّ
أهل البيت : أساس
الإسلام وعلامة الإيمان وأفضل العبادة وأن حبهم حبّ اللّه ورسوله ، والتأكيد على
هذه المضامين يدلّ على أنّ حب أهل البيت :
يجسّد عمق الولاء والمحبة للرسالة بجميع مفرداتها ، بل هو مرتكز أساس لعمق
الانتماء للإسلام وأصالة الارتباط بالعقيدة وقوة التفاعل معها.
والقراءة المتأملة للنصوص الحديثية التي
سنوردها في هذا المبحث تبرز لنا بوضوح أصالة العلاقة بين مبدأ المحبة لهم : وبين الانتماء للرسالة ، فبمقدار ما
يترسّخ هذا المبدأ في شعور الاُمّة ووجدانها يتعزّز المستوى الولائي للرسالة
والعقيدة وتتحدد الهوية الايمانية للاُمّة.
وفيما يلي نشير إلى أهم مضامين الحبّ
والمودّة لأهل البيت :
الواردة في السُنّة المطهرة ، مذكّرين بأن النصوص الحديثية المعبّرة عن تلك
المضامين قد جاءت على نحوين ، الأول منها : عبّر عن الأئمة المعصومين : بأهل البيت ، والثاني : عبّر عن
أعيانهم وأشار إلى
أسمائهم.
الحثّ
على محبتهم : :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيكم ، وحب
أهل بيته ، وقراءة القرآن » .
٢ ـ وقال 6
: « أُذكركم
اللّه في أهل بيتي ، أُذكركم اللّه في أهل بيتي ، أُذكركم اللّه في أهل بيتي
» .
٣ ـ وقال أمير المؤمنين 7 : « أحسن الحسنات حبنا ، وأسوأ السيئات بغضنا
» .
حبّهم
حبّ اللّه ورسوله 6 :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « أحبوا اللّه لما يغذوكم من نعمه ، وأحبوني لحبّ
اللّه ، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي
» .
٢ ـ وعن زيد بن أرقم ، قال : كنت عند
رسول اللّه 6 فمرّت فاطمة
3 وهي خارجة
من بيتها إلى حجرة النبي 6
ومعها ابناها الحسن والحسين ، وعلي :
في آثارهم ، فنظر إليهم النبي 6
فقال :
__________________
«
من أحبّ هؤلاء فقد أحبّني ، ومن أبغضهم فقد أبغضني
.
٣ ـ وقال أمير المؤمنين 7 : « سمعتُ رسول اللّه 6
يقول : أنا سيد ولد آدم ، وأنت يا علي والأئمة من بعدك سادة أُمتي ، من أحبنا فقد
أحبّ اللّه ، ومن أبغضنا فقد أبغض اللّه ، ومن والانا فقد والى اللّه ، ومن عادانا
فقد عادى اللّه ، ومن أطاعنا فقد أطاع اللّه ، ومن عصانا فقد عصى اللّه
» .
٤ ـ وقال الإمام الصادق 7 : « من عرف حقنا وأحبنا ، فقد أحبّ اللّه تبارك
وتعالى » .
حبّهم
أساس الإسلام :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « أساس الإسلام حبي وحب أهل بيتي
» .
٢ ـ وقال 6
: « لكلِّ شيء
أساس ، وأساس الإسلام حبنا أهل البيت
».
٣ ـ وقال أمير المؤمنين 7 : « قال لي رسول اللّه 6
: يا علي ، إنّ الإسلام عريان ، لباسه التقوى ، ورياشه الهدى ، وزينته الحياء ، وعماده
الورع ، وملاكه العمل الصالح ، وأساس الإسلام حبّي وحبّ أهل بيتي
» .
__________________
حبّهم
عبادة :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « حب آل محمد يوما خير من عبادة سنة
ومن مات عليه دخل الجنة .
٢ ـ وقال 6
: « اعلم أنّ أول عبادته المعرفة به .. ثم الايمان بي والاقرار بأنّ اللّه أرسلني
إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى اللّه باذنه وسراجا منيرا ، ثم حب أهل
بيتي الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
٣ ـ وقال الإمام الصادق 7 : « إنّ فوق كل عبادةٍ عبادةً ، وحبنا
أهل البيت أفضل عبادة .
حبّهم
علامة الايمان :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « لايؤمن عبد حتى أكون أحبُّ إليه من
نفسه ، وأهلي أحبُّ إليه من أهله ، وعترتي أحبُّ إليه من عترته ، وذاتي أحبُّ إليه
من ذاته .
__________________
٢ ـ وقال 6
: « لا يحبنا
أهل البيت إلاّ مؤمن تقي ، ولا يبغضنا إلاّ منافق شقي
» .
٣ ـ وقال الإمام الباقر 7 : « حبنا إيمان ، وبغضنا كفر
» .
٤ ـ وقال 7
: « إنّما حبنا أهل البيت شيء يكتبه اللّه في قلب العبد ، فمن كتبه اللّه في قلبه
لم يستطع أحد أن يمحوه ، أما سمعت اللّه يقول : « أولئك كتبَ في قلُوبِهِم الإيمان وأيّدَهُم
بِروحٍ مِنهُ » فحبنا أهل البيت من أصل الإيمان
» .
حبّهم
علامة طيب الولادة :
١ ـ قال رسول اللّه 6 مشيرا إلى أمير المؤمنين 7 : « يا أيُّها الناس امتحنوا أولادكم بحبّه ، فإنّ
عليا لا يدعو إلى ضلالة ، ولا يبعد عن هدىً ، فمن أحبّه فهو منكم ، ومن أبغضه فليس
منكم
».
٢ ـ وروي عن أبي بكر أنّه قال : رأيت
رسول اللّه 6 خيّم خيمة ،
وهو متكئ على قوس عربية ، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : « معشر المسلمين ، أنا
سلم لمن سالم أهل الخيمة ، وحرب لمن حاربهم ، ولي لمن والاهم ، لا يحبّهم إلاّ
سعيد الجَدّ طيب المولد ، ولا يبغضهم إلاّ شقي الجدّ رديء الولادة
» .
__________________
٣ ـ وعن أمير المؤمنين 7 في وصية النبي 6 لأبي ذر 2
قال : « قال النبي 6
: يا أبا ذر ، من أحبّنا أهل البيت فليحمد اللّه على أوّل النعم. قال : يا رسول
اللّه ، وما أول النعم؟ قال : طيب الولادة ، إنّه لا يحبنا إلاّ من طاب مولده .
٤ ـ وقال رسول اللّه 6 : « يا علي ، من أحبني وأحبك وأحبّ
الأئمة من ولدك ، فليحمد اللّه على طيب مولده ، فإنّه لا يحبنا إلاّ من طابت
ولادته ، ولا يبغضنا إلاّ من خبثت ولادته .
٥ ـ وقال الإمام الصادق 7 : « واللّه لا يحبنا من العرب والعجم
إلاّ أهل البيوتات والشرف والمعدن ، ولا يبغضنا من هؤلاء وهؤلاء إلاّ كل دنس ملصق .
٦ ـ وقال عبادة بن الصامت : كنّا نبور أولادنا بحبّ علي بن أبي طالب ، فإذا
رأينا أحدا لا يحبُّ علي بن أبي طالب ، علمنا أنّه ليس منّا ، وانه لغير رشدة .
٧ ـ وقال محبوب بن أبي الزناد : قالت
الأنصار : إن كنّا لنعرف الرجل لغير أبيه ببغضه علي بن أبي طالب .
__________________
حبهم
ممّا يُسأل عنه يوم القيامة :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « أول مايُسأل عنه العبد حبّنا أهل
البيت.
٢ ـ وقال 6
: « لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن
جسده فيما أبلاه ، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين كسبه ، وعن حبنا أهل البيت .
٣ ـ وعنه 6
مثله ، وزاد في آخره : فقيل : يا رسول اللّه ، فما علامة حبكم؟ فضرب بيده على منكب
عليّ 7 .
__________________
حبُّ
الإمام علي 7 :
إنّ المضامين التي أشرنا إليها آنفا
والتي تمثل خلاصة النصوص الإسلامية المعبّرة عن فضل حب أهل البيت : وخصائصه وعلاماته ، تتجسّد أيضا في
أفرادهم ، ويتجلّى ذلك واضحا بقراءة الأحاديث الواردة في حب أمير المؤمنين 7 باعتباره علامة لحبّ أهل البيت :.
روي عن رسول اللّه 6 أنّه قال : « لا يؤمن رجل حتى
يحبُّ أهل بيتي لحبّي » فقال عمر بن الخطاب
: وما علامة حبّ أهل بيتك؟ قال 6
: « هذا »
وضرب بيده على عليّ .
ومن هنا فإنّ التأكيد على محبة أمير
المؤمنين علي 7
هو تأكيد على محبّة أهل البيت جميعا وعلى التمسك بهم والاقتداء بآثارهم.
فضل
حبه 7 :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « عنوان صحيفة المؤمن حبُّ علي
».
٢ ـ وقال 6
: « براءة من
النار حبُّ علي » .
٣ ـ وقال 6
: « يا علي ، طوبى
لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك
» .
__________________
لماذا
نحبُّ عليا 7؟
إنّ حبّنا لأمير المؤمنين 7 لم يكن اعتباطيا ، بل هو من صميم
العقيدة الإسلامية ومن أهم مسلماتها ، وقد وردت نصوص الحديث وهي تحمل دلالات هذا
المبدأ وأبعاده وأسبابه ، ولو تأملنا هذه النصوص لتبين لنا صدق هذه المحبّة وعمق
أساسها وذلك للأسباب التالية :
أولاً
: حبّه 7 أمر إلهي :
أمر اللّه تعالى رسوله الأكرم 6 بمحبة أمير المؤمنين 7 ، لذلك يتوجب علينا العمل بما أمر به
تعالى رسوله 6.
روى بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول
اللّه 6 : « إنّ اللّه أمرني أن
أحبُّ أربعة ، وأخبرني أنه يحبهم
» فقالوا : من هم يا رسول اللّه؟ فقال : « علي منهم ، علي منهم
» يكررها ثلاثا « وأبو
ذرّ ، والمقداد ، وسلمان أمرني بحبّهم
وتكرار
النبي 6 لاسم أمير
المؤمنين 7 ثلاث مرات
يعرب عن مدى اهتمامه بهذا الأمر ، والأمر بمحبة أبي ذر والمقداد وسلمان هي فرع من
محبة أمير المؤمنين 7
؛ ذلك لأنّ هؤلاء الصحابة 2
كانوا المصداق الحقيقي لشيعة أمير المؤمنين 7
ومحبيه والسائرين على منهجه ، وسيرتهم تكشف عمق اخلاصهم وولائهم له.
__________________
ثانيا
: إنّ اللّه تعالى ورسوله 6 يحبان أمير المؤمنين 7
:
والنصوص الدالة على هذا المعنى كثيرة
جدا نكتفي منها بحديثين :
١
ـ حديث الطائر :
وهو يثبت أنّ أمير المؤمنين 7 أحبُّ الخلق إلى اللّه ، فقد روي
بالاسناد عن أنس بن مالك ، قال : كان عند النبي 6
طير أُهدي إليه ، فقال : « اللهمَّ
ائتني بأحبّ الخلق إليك ليأكل معي هذا الطير
» فجاء علي فرددته ، ثم جاء فرددته ، فدخل في الثالثة ، أو في الرابعة ، فقال له
النبي 6 : « ما حبسك عني؟
» ، قال : « والذي بعثك
بالحق نبيا ، إني لأضرب الباب ثلاث مرات ويردني أنس ».
فقال رسول اللّه 6 : « لِمَ رددته؟
» قلت : كنت أحبّ أن يكون رجلاً من الأنصار ، فتبسّم النبي 6 .
٢
ـ حديث الراية :
وهو دليلنا الآخر على محبة اللّه تعالى
ورسوله 6 لأمير
المؤمنين
__________________
والتي توجب علينا
محبته والتمسك بولايته والسير على هديه ، والراية هي راية خيبر ، إذ بعث بها رسول
اللّه 6 أبا بكر ، فعاد
ولم يصنع شيئا ، فأرسل بعده عمر ، فعاد ولم يفتح ، وفي رواية الطبري : فعاد يجبّن
أصحابه ويجبّنونه .
فقام رسول اللّه 6 فيهم ، فقال : « لأعطين الراية غدا
رجلاً يحبُّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله ، كرار غير فرار »
وفي رواية : « لا يخزيه
اللّه أبدا ، ولا يرجع حتى يفتح عليه »
.
ثالثا
: حبّه حبٌ للّه ولرسوله 6 :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « من أحبَّ عليا فقد أحبني ، ومن أبغض عليا فقد
أبغضني » .
__________________
٢ ـ وقال 6
: « من أحبني
فليحبُّ عليا ، ومن أبغض عليّا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه عزَّ وجلّ
، ومن أبغض اللّه أدخله النار
» .
٣ ـ وقال 6
: « من أحبّ
عليا فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب اللّه ، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ، ومن
أبغضني فقد أبغض اللّه عزَّ وجلّ
» .
وممّا تقدم تبين أن محبة أمير المؤمنين 7 تفضي إلى محبة الرسول 6 ومحبة اللّه سبحانه ، وذلك غاية ما
يصبو إليه المؤمنون باللّه ، ومنتهى أمل الآملين.
رابعا
: حبّه إيمان وبغضه نفاق :
١ ـ روي بالاسناد عن أُمّ سلمة ، قالت :
كان رسول اللّه 6
يقول : « لا يحبُّ
عليّا منافق ، ولا يبغضه مؤمن »
.
٢ ـ وقال أمير المؤمنين 7 : « والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد
النبي الاُمي إليَّ أنه لا يحبني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق »
.
__________________
٣ ـ وقال 7
: « لو ضربت
خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجمّاتها على
المنافق على أن يحبني ما أحبني ، وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الأكرم 6
أنّه قال : يا علي ، لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبك منافق
» .
٤ ـ وعن أبي سعيد الخدري ، قال : (إنّا
كنا نعرف المنافقين ـ نحن معاشر الأنصار ـ ببغضهم علي بن أبي طالب) .
٥ ـ وعن أبي ذر ، قال : ما كنا نعرف
المنافقين إلاّ بتكذيبهم اللّه ورسوله ، والتخلف عن الصلاة ، والبغض لعلي .
وعليه فان حبّ أمير المؤمنين علي 7 من علامات الايمان ، وليس أحد ممن آمن
باللّه تعالى ورسوله 6
إلاّ ويودُّ التحلي بصفات الايمان والتي من أهم مصاديقها مودّة من أمر اللّه تعالى
بمودته ومحبة من يحبه اللّه ورسوله 6.
وبغض الإمام علي 7 من علامات النفاق ، ولا يبغضه إلاّ
منافق ، كما هو صريح الاحاديث المتقدمة ، وفي هذا المضمون قال أحمد بن حنبل :
__________________
(ولكن الحديث الذي
ليس عليه لبس قول النبي 6
: « لا يحبك
إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق
» ، وقال اللّه عزّ وجلّ (
إنَّ
المنَافِقينَ في الدَّركِ الأسفَلِ مِنَ النَّارِ
) ، فمن أبغض عليا فهو في الدرك الاسفل
من النار) .
__________________
حب
فاطمة الزهراء 3 :
فاطمة الزهراء 3 من أهل البيت الذين وجبت علينا محبّتهم
، وحبّ الزهراء 3
نابع من حب رسول اللّه 6
لها ، فهي أُمّ أبيها وبضعته وروحه التي بين جنبيه ، وكان 6 يحبّها حبا لا يشبه محبة الآباء
لبناتهم ، تلك المحبة التي تنبعث من العاطفة الأبوية وحسب ، بل كان حبه 6 لها مشوبا بالاحترام والتبجيل ، وذلك
لما تتمتع به الزهراء 3
من الفضائل الفريدة والمواهب والمزايا الفذّة ، فهي ابنة الإسلام الاُولى التي
درجت وترعرعت في أحضان النبوة وشبّت في كنف الإمامة ، وهي المعصومة من كل دنسٍ
وعيب ، فكانت المرأة المثلى في الإسلام ، والجديرة بالاقتداء بها في كل عصر ومصر.
وما كان رسول اللّه 6 يدع فرصة أو مناسبة تمرُّ إلاّ ونوّه
بعظمة الزهراء 3
وإظهار فضلها وبيان مكانتها عند اللّه تعالى ورسوله 6
، وذلك لكي يحثُّ المسلمين على مودتها والتقدير لها من بعده ؛ لأنّها بقيته
الباقية وأُمّ الأئمة المعصومين وقادة المسلمين المحافظين على رسالة الإسلام وسنة
جدهم المصطفى 6.
وفيما يلي بعض ما جاء عن الرسول الأكرم 6 وما حكي من سيرته 6 في محبة الزهراء 3 :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « فاطمة بضعة مني ، من أغضبها أغضبني »
.
__________________
٢ ـ وقال 6
: « فاطمة بضعة
مني ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها »
.
٣ ـ وقال 6
: « يافاطمة ، إنّ
اللّه يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك
».
٤ ـ روي عن عائشة أنّها قالت : ما رأيت
أحدا أشبه حديثا وكلاما برسول اللّه 6
من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه وكان النبي 6 إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته
وأجلسته في مجلسها .
٥ ـ وروي أنّ عائشة سُئلت : أي الناس
كان أحبُّ إلى رسول اللّه؟ قالت : فاطمة. قيل : ومن الرجال؟ قالت : زوجها .
٦ ـ وعن بريدة ، قال : كان أحب النساء
إلى رسول اللّه 6
فاطمة ،
__________________
ومن الرجال علي .
ورغم ثبوت محبّة الزهراء 3 قرآنا وسُنّةً كما تقدم ، فإنّها تعرضت
عقيب وفاة أبيها 6
لأبشع أنواع التعسف والظلم ، فقد سلبوها ميراث أبيها ، وأغضبوها وآذوها حتى اضطرت
إلى المواجهة والاحتجاج بما جاء على لسان أبيها المصطفى 3 من فرض محبتها ومودتها على المسلمين
حيث قالت : « نشدتكما اللّه ، ألم تسمعا رسول اللّه 6
يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني؟
» قالا : نعم .. .
وكأنّ القوم لم يسمعوا بذلك ، بل لم
يسمعوا أن اللّه يغضب لغضبها ويرضى لرضاها!! وأنّ اللّه تعالى قال : ( إنَّ الَّذينَ يُؤذُونَ اللّه ورَسُولَهُ
لَعَنَهُمُ اللّه في الدُّنيَا والآخِرَةِ وأعدَّ لَهُم عَذَابا مُّهِينا
) فباءوا بهذا الخطر العظيم حينما ودّعت
الزهراء 3 هذه الحياة
وهي غضبى عليهم غير راضية عنهم.
__________________
حبّ
السبطين الحسن والحسين 8 :
الحسن والحسين 8 سبطا رسول اللّه 6 وريحانتاه ، وسيدا شباب أهل الجنة ، ومن
أهل الكساء الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وقد ثبتت محبتهما بنصّ
القرآن الكريم في آية المودة المتقدمة في أول هذا الفصل ، ونضيف هنا طرفا من
الحديث الصحيح الوارد في محبة رسول اللّه 6
لهما وتأكيده على حبّهما والتمسك بهما ، وذلك لأنهما يمثلان الخطّ الرسالي الصحيح
الذي يدعو إلى التمسك بمبادئ الإسلام الأصيل ومنهج الكتاب الكريم والسُنّة
المحمدية الغرّاء قولاً وعملاً.
وفيما يلي بعض ما ورد في محبة الحسنين 8 من صحيح الأثر ومتواتر الخبر :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « الحسن والحسين ابناي ، من أحبهما أحبني ، ومن
أحبني أحبّه اللّه ، ومن أحبّه اللّه أدخله الجنة ، ومن أبغضهما أبغضني ، ومن
أبغضني أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أدخله النار »
.
٢ ـ وقال 6
: « هذان ابناي
، الحسن والحسين ، اللهمّ إني أُحبّهما ، اللهمّ فأحبهما وأحبّ من يُحبّهما
» .
__________________
٣ ـ وفي حديث أبي هريرة ، قال : سمعت
رسول اللّه 6 يقول في
الحسن والحسين : « من
أحبني فليحبّ هذين .
٤ ـ وقال 6
: « ذروهما
بأبي وأمي ، من أحبني فليحبّ هذين
.
٥ ـ وقال 6
: وقد اعتنق الحسن 7
: « اللهمَّ
إنّي أحبه فأحبه وأحب من يحبه
.
٦ ـ وقال 6
: « حسين مني
وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الأسباط
.
٧ ـ وقال 6
: « الحسن
والحسين ريحانتاي .
٨ ـ وعن أبي أيوب الانصاري ، قال : دخلت
على رسول اللّه 6
__________________
والحسن والحسين
يلعبان بين يديه ، فقلت : يا رسول اللّه أتحبهما؟ فقال : « وكيف لا أُحبهما وهما
ريحانتاي من الدنيا أشمّهما » .
وممّا تقدم يتبين أنّ حب الحسن والحسين 8 واجب على كل مسلم ومسلمة لقوله تعالى :
( لقَد كانَ لَكُم في
رَسُولِ اللّه أُسوَةٌ حَسَنةٌ
) ، وهذا الحبّ جزء لا يتجزأ من مودة
النبي 6 وأمير
المؤمنين والزهراء 8
والذي يقتضي الرضوان ونيل أرفع الدرجات ، وقد روي عن رسول اللّه 6 أنّه أخذ بيد الحسن والحسين فقال : « من أحبني وأحبّ هذين
وأباهما وأُمهما كان معي في درجتي يوم القيامة
» .
على أن المراد من إيجاب مودّة أهل البيت
: ليس مجرد
المحبة وحسب ، بل العمل بما تقتضيه من الاقتداء بهديهم والتولّي لهم والبراءة من
أعدائهم ، قال رسول اللّه 6
: « من سره أن
يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوالِ عليا من بعدي ، وليوالِ
وليّه ، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي
وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أُمتي ، القاطعين بهم صلتي ، لا أنالهم اللّه شفاعتي
» .
__________________
المبحث الثالث
حب أهل البيت :
في الشعر العربي
لا يخفى أن بعض الشعر مستودع للحكمة
والفصاحة فضلاً عن أنّه ديوان حافل بالأحداث والوقائع التاريخية المهمة.
وقد سجّل شعراء الإسلام منذ عهد الرعيل
الأول وإلى اليوم آيات الولاء والحبّ التي تكنّها قلوبهم وضمائرهم وتعتلج في
صدورهم تجاه النبي المصطفى 6
وعترته الأطهار :
، مؤكدين أصالة هذا المبدأ العقائدي وإلهيته ومبينين أهم آثاره ومعطياته.
ولا ريب أنّ أول شعراء الإسلام شيخ
البطحاء وعمّ سيد الأنبياء أبا طالب 2
كان في طليعة الشعراء الذين أكّدوا إلهية هذا الحبّ وأصالته حيث قال :
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمدا
|
|
نبيا كموسى خطّ في أول الكتبِ
|
وأن عليه في العباد محبّةً
|
|
ولا شكّ فيمن خصّه اللّه بالحبِّ
|
__________________
ومن هنا جاء اعترافه بالنبوة وإقراره
بالرسالة ، وصدق ولائه ونصرته وعمق محبّته التي تصل إلى حدّ الجود بالنفس وهو أقصى
غاية الجود ، وقد عبّر عن ذلك بقوله :
لعمري لقد كُلِّفتُ وجدا بأحمدٍ
|
|
وأحببته حُبّ الحبيب المواصلِ
|
وَجُدتُ بنفسي دونه وحميته
|
|
ودارأت عنه بالذرى والكلاكلِ
|
كذبتم وبيت اللّه نُسلِمُ أحمدا
|
|
ولمّا نطاعن دونه ونقاتلِ
|
ونُسلمه حتى نُصرّعَ حوله
|
|
ونَذْهَل عن أبنائنا والحلائلِ
|
إنّ شعر الولاء والحبّ لعترة
النبي المصطفى 6
يعتبر من الاغراض السامية الخالدة التي تؤكّد عمق الولاء لرسالة الإسلام وشدّة
الارتباط بالقادة الرساليين ، وتكشف عن إلتزام الشاعر بواحدٍ من أهم المبادى ء
الإسلامية ، ألا وهو مودّة ذوي القربى أهل بيت النبي 6
، التي تضمن سعادة الدارين.
وفيما يلي بعض النماذج المختارة التي
تؤكّد الولاء والمحبّة لأهل البيت :
مرتبة وفقا لوفيات الشعراء :
__________________
١
ـ حرب بن المنذر بن الجارود (من أعلام القرن الأول) :
قال في حبّهم : :
فحسبي من الدنيا كَفافٌ يُقيمني
|
|
وأثواب كَتّانٍ أزور بها قبري
|
وحبّي ذوي قربى النبي محمد
|
|
فما سُؤلنا إلاّ المودّة من أجرِ
|
٢ ـ الفرزدق ، همام بن
غالب التميمي الدارمي ، أبو فراس (ت / ١١٠ هـ) :
قال في مطلع قصيدته الميمية التي أنشدها
بمحضر هشام بن عبدالملك مادحا الإمام زين العابدين 7
:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
|
|
والبيتُ يعرفه والحلُّ والحرمُ
|
إلى أن قال :
مشتقة من رسول اللّه نبعته
|
|
طابت مغارسُهُ والخِيمُ والشيمُ
|
من معشرٍ حُبّهم دينٌ ، وبغضهمُ
|
|
كفرٌ ، وقربهم منجىً ومعتصمُ
|
مقدّم بعد ذكر اللّه ذكرهمُ
|
|
في كلِّ بدءٍ ومختوم به الكلمُ
|
يستدفع الشرّ والبلوى بحبّهم
|
|
ويُستربُّ به الإحسان والنِّعمُ
|
٣ ـ الكميت بن زيد الأسدي (ت / ١٢٦
هـ) :
قال في مطلع قصيدته البائية من (الهاشميات)
:
__________________
طربتُ وما شوقا إلى البيض أطربُ
|
|
ولا لعبا منّي وذو الشيب يلعبُ
|
إلى أن قال :
ولكن إلى النفر البيض الذين بحُبّهم
|
|
إلى اللّه فيما نالني أتقرّبُ
|
خفضتُ لهم منّي جَنَاحي مودّةٍ
|
|
إلى كنفٍ عطفاه أهلٌ ومرحبُ
|
فقل للذي في ظلِّ عمياء جونةٍ
|
|
ترى الجور عدلاً أين لا أين تذهبُ
|
بأيِّ كتابٍ أم بأية سُنّةٍ
|
|
ترى حبّهم عارا عليَّ وتحسبُ
|
فمالي إلاّ آل أحمد شيعة
|
|
ومالي إلاّ مشعب الحق مشعبُ
|
ومَن غيرهم أرضى لنفسي شيعة
|
|
ومن بعدهم لا مَن أُجلّ وأرجبُ
|
فإنّي عن الأمر الذي تكرهونه
|
|
بقولي وفعلي ما استطعت لأجنبُ
|
يشيرون بالأيدي إليَّ وقولهم
|
|
ألا خاب هذا والمشيرون أخيبُ
|
فطائفة قد كفّرتني بحبّكم
|
|
وطائفة قالوا مسيء ومذنبُ
|
فما ساءني تكفير هاتيك منهم
|
|
ولا عيب هاتيك التي هي أعيبُ
|
وجدنا لكم في آل حاميم آية
|
|
تأوّلها منّا تقيّ ومُعربُ
|
أُناسٌ بهم عزّت قريش فأصبحوا
|
|
وفيهم خِباء المكرمات المطنّبُ
|
__________________
٤
ـ السيد الحميري (ت / ١٧٣ هـ) :
قال في ولاء أهل البيت : وحبّهم :
إنّا ندين بحبّ آل محمدٍ
|
|
دينا ومن يحبّهم يستوجبِ
|
منّا المودّة والولاء ومن يُرد
|
|
بدلاً بآل محمد لا يُحببِ
|
ومتى يمت يرد الجحيم ولا يرد
|
|
حوض الرسول وإن يرده يُضربِ
|
وقال أيضا :
تتمّ صلاتي بالصلاة عليهم
|
|
وليست صلاتي بعد أن أتشهّدا
|
بكاملةٍ إن لم أصلِّ عليهم
|
|
وأدعو لهم ربا كريما ممجّدا
|
بذلتُ لهم ودّي ونصحي ونصرتي
|
|
مدى الدهر ما سُمّيت يا صاح سيدا
|
وإنّ امرءا يلحى على صدق ودّهم
|
|
أحقُّ وأولى فيهم أن يُفنّدا
|
وقال مبيّنا أحد آثار مودّة أمير
المؤمنين 7 :
أحبُّ الذي من مات من أهل ودّه
|
|
تلقّاه بالبشرى لدى الموت يضحكُ
|
ومن مات يهوى غيره من عدوه
|
|
فليس له إلاّ إلى النار مسلكُ
|
أبا حسن إنّي بفضلك عارفٌ
|
|
وإنّي بحبلٍ من هواك لمُمسكُ
|
__________________
وأنت وصيّ المصطفى وابن عمّه
|
|
فإنّا نعادي مبغضيك ونتركُ
|
مواليك ناجٍ مؤمن بيّن الهدى
|
|
وقاليك معروف الضلالة مشركُ
|
٥ ـ سفيان بن مصعب العبدي ، (من
أعلام القرن الثاني) :
قال مؤكدا ولاء أهل البيت : :
آل النبي محمدٍ
|
|
أهل الفضائل والمناقبْ
|
المرشدون من العمى
|
|
والمنقذون من اللوازبْ
|
الصادقون الناطقون
|
|
السابقون إلى الرغائبْ
|
فولاهمُ فرضٌ من الر
|
|
حمن في القرآن واجب
|
وهم الصراط فمستقيم
|
|
فوقه ناجٍ وناكب
|
وقال أيضا :
ِ يا سادتي يا بني علي
|
|
يا آل طه وآل صاد
|
من ذا يوازيكم وأنتم
|
|
خلائف اللّه في البلادِ
|
أنتم نجوم الهدى اللواتي
|
|
يهدي بها اللّه كلّ هادِ
|
لازلت في حبّكم أُوالي
|
|
عمري وفي بغضكم أُعادي
|
وما تزوّدت غير حبّي
|
|
إياكم وهو خير زادِ
|
_________________
وذاك ذخري الذي عليه
|
|
في عرصة الحشر اعتمادي
|
ولاكم والبراء ممّن
|
|
يشنأكم اعتقادي
|
٦ ـ أبو عبداللّه محمد بن إدريس
الشافعي (ت / ٢٠٤ هـ) :
قال في مودة أهل البيت : :
يا آل بيت رسول اللّه حُبّكم
|
|
فرضٌ من اللّه في القرآن أنزلهُ
|
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم
|
|
من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له
|
وقال :
قالوا ترفّضت قلت كلا
|
|
ما الرفض ديني ولا اعتقادي
|
لكن توليت غير شكّ
|
|
خير إمامٍ وخير هادِ
|
إن كان حبّ الولي رفضا
|
|
فإنّ رفضي إلى العباد
|
وقال أيضا :
يا راكبا قف بالمحصّب من منى
|
|
واهتف بقاعد خيفها والناهضِ
|
سَحَرا إذا فاض الحجيج إلى منى
|
|
فيضا كمُلتطم الفرات الفائضِ
|
إن كان رفضا حبّ آل محمد
|
|
فليشهد الثقلان أنّي رافضي
|
__________________
وقال :
لو فتّشوا قلبي لألفوا به
|
|
سطرين قد خطّا بلا كاتبِ
|
العدل والتوحيد في جانبٍ
|
|
وحبّ أهل البيت في جانبِ
|
وقال :
لئن كان ذنبي حبّ آل محمد
|
|
فذلك ذنبٌ لست عنه أتوبُ
|
هم شفعائي يوم حشري وموقفي
|
|
وبغضهم للشافعيّ ذنوبُ
|
٧ ـ دعبل بن علي الخزاعي (ت / ٢٤٦ هـ) :
قال في تائيته المشهورة التي أنشدها
بمحضر الإمام علي بن موسى الرضا 7
ومطلعها :
تجاوبن بالإرنان والزفراتِ
|
|
نوائحُ عُجم اللفظ والنطقاتِ
|
إلى أن قال :
فيا وارثي علم النبي وآله
|
|
عليكم سلام دائم النفحاتِ
|
ملامكَ في آل النبي فإنّهم
|
|
أحبّاي ما عاشوا وأهل ثقاتِ
|
تخيرتهم رشدا لأمري فإنّهم
|
|
على كلِّ حالٍ خيرة الخيراتِ
|
نبذتُ إليهم بالمودة صادقا
|
|
وسلّمت نفسي طائعا لولاتي
|
فياربّ زدني من يقيني بصيرةً
|
|
وزد حبّهم ياربِّ في حسناتي
|
__________________
أحبّ قصيّ الرحم من أجل حبّكم
|
|
وأهجر فيكم أُسرتي وبناتي
|
فيانفس طيبي ثمّ يا نفس أبشري
|
|
فغير بعيدٍ كلّ ما هو آتِ
|
فإنّي من الرحمن أرجو بحبّهم
|
|
حياةً لدى الفردوس غير بتاتِ
|
وقال في غيرها :
في حُبّ آل المصطفى ووصيّه
|
|
شغلٌ عن اللذّات والقِيناتِ
|
إنّ النشيد بحبّ آل محمد
|
|
أزكى وأنفع لي من القُنياتِ
|
فاحشُ القصيدَ بهم وفرّغ
|
|
فيهم قلبا حشوتَ هواهُ باللذاتِ
|
واقطع حِبالة من يُريد سواهمُ
|
|
في حُبّه تَحلُل بدار نجاةِ
|
٨ ـ أبو الفتح كشاجم (ت / ٣٦٠
هـ) :
قال في حبِّ أهل البيت : :
طهرتم فكنتم مديح المديح
|
|
وكان سواكم هجاء الهجاء
|
قضيتُ بحبّكم ما عليَّ
|
|
إذا ما دعيتُ لفصل القضاء
|
وأيقنتُ أنّ ذنوبي به
|
|
تساقطُ عنّي سُقوطَ الهباءِ
|
_________________
فصلّى عليكم إله الورى
|
|
صلاةً توازي نجوم السماءِ
|
وقال في حبِّ أمير المؤمنين 7 :
حبّ الوصيّ مبرّة وصلهْ
|
|
وطهارة بالأصل مكتفلهْ
|
والناس عالمهم يدين بهْ
|
|
حبّا ويجهل حقّه الجهلهْ
|
٩ ـ الناشى ء الصغير (ت / ٣٦٥ هـ) :
قال في حبِّهم : :
يا آل ياسين من يحبّكم
|
|
بغير شكّ لنفسه نصحا
|
أنتم رشاد من الضلال كما
|
|
كلّ فسادٍ بحبّكم صلحا
|
وكلّ مستحسن لغيركم
|
|
إن قيس يوما بفضلكم قبحا
|
وقال أيضا :
بآل محمد عُرِفَ الصوابُ
|
|
وفي أبياتهم نزل الكتابُ
|
محبّتهم صراطٌ مستقيمٌ
|
|
ولكن في مسالكه عقابُ
|
همُ النبأ العظيم وفُلك نُوحٍ
|
|
وباب اللّه وانقطع الخِطابُ
|
__________________
١٠
ـ ابن حمّاد العبدي (من أعلام القرن الرابع) :
قال في حبِّهم : :
آل النبي محمد خير الورى
|
|
وأجلّهم عند الإله مكانا
|
قومٌ إذا أصفى هواهم مؤمنٌ
|
|
يُعطى غدا ممّا يخاف أمانا
|
قومٌ يطيع اللّه طائع أمرهم
|
|
وإذا عصاه فقد عصى الرحمانا
|
وهمُ الصراط المستقيم وحبّهم
|
|
يوم المعاد يُثقل الميزانا
|
وتوالت الأخبار أنّ محمدا
|
|
بولائهم وبحفظهم أوصانا
|
وأتى القرآن بفرض طاعتهم على
|
|
كلِّ البرية فاسمع القرآنا
|
وقال :
وإن يك حبّ أهل البيت ذنبي
|
|
فلست بمبتغٍ عنه منابا
|
أُحبّهم وأمنحهم مديحا
|
|
وأمنح من يسبّهم سبابا
|
ولم أمدحهم قطّ اكتسابا
|
|
ولكنّي مدحتهم ارتغابا
|
١١ ـ الصاحب بن عبّاد (ت / ٣٨٥ هـ) :
قال في حبِّهم : :
حبّي محضٌ لبني المصطفى
|
|
بذاك قد يشهد اضماري
|
__________________
ولامني جاري في حبّهم
|
|
فقلت بعدا لك من جارِ
|
واللّه مالي عملٌ صالحٌ
|
|
أرجو به العتق من النارِ
|
إلاّ موالاة بني المصطفى
|
|
آل الرسولِ الخالقِ الباري
|
وقال :
إذا تراضى مديحي آل ياسينا
|
|
وجدتُ في القلب أحزانا أفانينا
|
يا طبعُ فِضْ بمديح الطاهرين ولا
|
|
تَغِضْ وجدّد ثناءا للوصيّينا
|
الحمدُ للّه لمّا أن هديتُ إلى
|
|
محبَّة السادة الغرّ الميامينا
|
حبّ النبي وأهل البيت معتمدي
|
|
إذا الخطوب أساءت رأيها فينا
|
وقال في حبِّ أمير المؤمنين 7 :
إنّ المحبّة للوصيّ فريضة
|
|
أعني أمير المؤمنين عليا
|
قد كلّف اللّه البرية كلّها
|
|
واختاره للمؤمنين وليا
|
وقال :
بحبّ عليّ تزولُ الشكوك
|
|
وتسمو النفوس ويعلو النِّجار
|
فأين رأيت محبّا له
|
|
فثمّ الزكاء وثمّ الفخار
|
وأين رأيت عدوا له
|
|
ففي أصله نسبٌ مستعار
|
_________________
فلا تعذلوه على فعله
|
|
فحيطان دار أبيه قصار
|
وقال :
حبّ علي بن أبي طالب
|
|
هو الذي يهدي إلى الجَنّهْ
|
والنار تصلى لذوي بغضه
|
|
فمالهم من دونها جُنّهْ
|
والحمدُ للّه على أنني
|
|
ممّن أوالي وله المِنّهْ
|
وقال :
حبّ الوصيّ علامةٌ
|
|
في الناس من أقوى الشهودِ
|
فإذا رأيت مُحبّه
|
|
فاحكم على كرمٍ وجودِ
|
١٢ ـ مهيار الديلمي (ت ٤٢٨ هـ)
:
قال في حبِّهم : :
لهف نفسي يا آل طه عليكم
|
|
لهفةً كسبها جوىً وخبال
|
وقليلٌ لكم ضلوعي تهت
|
|
زّ مع الوجد أو دموعي تزالُ
|
كان هذا كذا وودّي لكم حس
|
|
ب ومالي في الدين بعد اتصالُ
|
وطروسي سودٌ فكيف بي الآ
|
|
ن ومنكم بياضها والصِّقالُ
|
_________________
حبّكم فَكّ أسري من الشر
|
|
ك وفي منكبي له أغلالُ
|
كم تزمّلت بالمذلّة حتّى
|
|
قمتُ في ثوب عزّكم اختالُ
|
وقال أيضا :
وفيكم ودادي وديني معا
|
|
وإن كان في فارس مولدي
|
خصمتُ ضلالي بكم فاهتديت
|
|
ولولاكم لم أكن أهتدي
|
وجرّدتموني وقد كنتُ في
|
|
يد الشرك كالصارم المغمدِ
|
١٣ ـ الشيخ العارف محييالدين بن
عربي (ت / ٦٣٨ هـ) :
قال في حبِّهم : :
فلا تعدل بأهل البيت خلقا
|
|
فأهل البيت هم أهل الشهادهْ
|
فبغضهم من الإنسان خسرٌ
|
|
حقيقيّ وحُبّهم عبادهْ
|
١٤ ـ كمال الدين الشافعي (ت / ٦٥٢
هـ) :
قال في حبِّهم : وتعداد فضائلهم :
هم العروة الوثقى لمعتصم بها
|
|
مناقبهم جاءت بوحيٍ وإنزالِ
|
وهم أهل بيت المصطفى فودادهم
|
|
على الناس مفروضٌ بحكمٍ واسجالِ
|
__________________
وقال :
يا ربِّ بالخمسة أهل العبا
|
|
ذوي الهدى والعمل الصالحِ
|
ومن هم سفن نجاة ومن
|
|
والاهمُ ذو متجرٍ رابحِ
|
فانني أرجو بحبّي لهم
|
|
تجاوزا عن ذنبي الفادحِ
|
فهم لمن والاهمُ جُنّةٌ
|
|
تنجيه من طائره البارحِ
|
١٥ ـ صفي الدين الحلي (ت ٧٥٢
هـ) :
قال في حبِّهم : :
بكم يهتدي يا بني الهدى
|
|
وليّ إلى حبِّكم ينتسب
|
به يكسب الأجر في بَعثِهِ
|
|
ويخلصُ من هول ما يكتسب
|
وقال :
يا عترة المختار يامن بهم
|
|
يفوز عبدٌ يتولاهمُ
|
أُعرفُ في الحشر بحبّي لكم
|
|
إذ يُعرَف الناس بسيماهمُ
|
وقال :
يا عترة المختار يامن بهم
|
|
أرجو نجاتي من عذابٍ أليم
|
حديث حبّي لكم سائرٌ
|
|
وسرّ ودّي في هواكم مقيم
|
__________________
قد فزتُ كلّ الفوز إذ لم يزل
|
|
صراط ديني بكم مستقيم
|
فمن أتى اللّه بعرفانكم
|
|
فقد أتى اللّه بقلب سليم
|
وقال :
توالَ عليا وأبناءه
|
|
تفُز في المعاد وأهواله
|
إمامٌ له عقد يوم الغدير
|
|
بنصّ النبي وأقواله
|
له في التشهّد بعد الصلاة
|
|
مقامٌ يخبر عن حاله
|
فهل بعد ذكر إله السماء
|
|
وذكر النبي سوى آله
|
١٦ ـ شمس الدين المالكي (ت / ٧٨٠
هـ) :
قال في حبّ الحسنين 8 :
هما قُرّتا عين الرسول وسيّدا
|
|
شباب الورى في جنّة وتخلّدِ
|
وقال هما ريحانتاي أُحبُّ من
|
|
أحبّهما ، فاصدقهما الحبّ تسعدِ
|
١٧ ـ شهاب الدين أحمد بن أحمد الحلواني الشافعي (ت / ١٣٠٨ هـ) :
له قصيدة يقول فيها :
بنفسي أهل البيت من مثلهم علاً
|
|
وهم في عيون المجد نورٌ قد افترّا
|
ومن ذا يساوي أو يقارب بَضعة
|
|
لهم تنتهي العلياء والرتبة الكبرى
|
_________________
محبّتهم باب الرضا ورضاهم
|
|
يسام بأرواح المحبّين لو يُشرى
|
بمدحتهم جاء الأمين فأصبحت
|
|
عشورا تؤدي كلّما قارى ء يقرا
|
لعمري هذا المجد والعز والعلا
|
|
وأرقى مراقي الفخروالشرف الأسرا
|
فيا أيُّها الساعي ليمحو مجدهم
|
|
رويدك لا تستطيع أن تطمس البدرا
|
ويامن يعاديهم لفرط شقائه
|
|
تمتّع قليلاً أنت في سقر الحمرا
|
ويامن يواليهم ويَحفَظ ودّهم
|
|
ويكرم مثواهم هنيئا لك البشرى
|
فلابدّ يوم العرض تسمع قائلاً
|
|
تفضّل تفضّل فادخل الجنة الخضرا
|
١٨ ـ الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي (المولود سنة ١٣٣٥ هـ) :
قال في اُرجوزته الشهيرة (ملحمة أهل
البيت) مشيرا إلى قول النبي 6
: « من أحبّ
أهل بيتي دخل الجنة ».
أخذ المصطفى النبي بكفّي
|
|
حسنٍ والحسين أخذ اصطفاءِ
|
قال هذان والزكية منّا
|
|
وهي بنتي وسيدُ الأوصياءِ
|
من أحبّ الجميع منهم ووالى
|
|
كلّ فردٍ منهم بخير ولاءِ
|
نالَ بعد الدخول جنّة عدنٍ
|
|
درجاتٍ لخاتم الأصفياءِ
|
وقال تحت عنوان (حبّ فاطمة 3 ينفع في مواطن) :
__________________
إنّ حبّ الزهراء ينفع حقا
|
|
أهله في مواطنٍ للبلاءِ
|
وأقلُّ الأهوال منها بلاءً
|
|
ساعة الموت عند وقت الفناءِ
|
وعذابُ القبور والحشر منها
|
|
وعبور الصراط يوم البقاءِ
|
وحساب العباد والوزن عدلاً
|
|
عند وضع الميزان يوم اللقاءِ
|
ليس ينجي العباد بالأمن منها
|
|
غير حبّ الزكية الحوراء
|
فمحبُّ الزهراء يدخل حقا
|
|
في جنان المأوى مع الصلحاءِ
|
١٩ ـ السيد محسن الأمين العاملي (ت / ١٣٧١ هـ) :
قال في مودة آل البيت : :
آل النبي هم مصابيح الهدى
|
|
تُجلى بنور هداهم الظلماتُ
|
جبهاتهم بالنور تشرق كلّما
|
|
قد أظلمت من غيرهم جبهاتُ
|
أجر الرسالة ودّهم نزلت له
|
|
في الذكر من ربِّ السما الآياتُ
|
هم عصبةٌ بسوى الصلاة عليهم
|
|
من مسلمٍ لا تُقبَل الصلواتُ
|
يا آل بيت محمد بولائكم
|
|
تُمحى الذنوب وتُضاعفُ الخيراتُ
|
وبغير حُبّكم إذا جمع الورى
|
|
يوم الجزا لا تُقبَل الطاعاتُ
|
حُبّي لكم ذخري وإنّ جوانحي
|
|
عمر الزمان عليه مطوياتُ
|
__________________
الفصل الثالث
فضائل أهل البيت عليهم
السلام في القرآن والسُنّة
المتتبع للنصوص الإسلامية قرآنا وسُنةً
يجد وبوضوح أنّه لم يرد في القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهّرة في أحدٍ مثلما
ورد في أهل البيت :
من تعداد فضائلهم المتميزة ومناقبهم التي اختصوا بها من بين أفراد الاُمّة وحازوها
من دونهم.
ومما لا شكّ فيه أنّ وصول هذا الكم
الهائل من الروايات في فضل أهل البيت :
وبيان منزلتهم رغم محاولات الطمس والتحريف والتغيير التي تعرضت لها تلك الروايات ،
يشير بوضوح إلى موقعهم الريادي في قيادة مسيرة الاُمّة وكونهم يحملون مؤهلات
واستعدادات لتلك القيادة.
ونحن أمام هذه الكثافة الكبيرة من نصوص
المناقب والفضائل الخاصة بأهل البيت :
لا يسعنا إلاّ أن نقدّم نماذج منها لتكون مؤشرات صريحة على الخصوصية التي تميز بها
أهل البيت : دون سائر
الاُمّة ، وذلك من خلال مبحثين.
المبحث الأول
فضائل أهل البيت :
في القرآن الكريم
عرض الكتاب الكريم جوانب مهمة من فضائل
أهل البيت : وموقعهم
المتميز في حياة الاُمّة ، فأكّد على حالة الاقتران بين الرسول الأعظم 6 وأهل بيته المعصومين : ، ومن الشواهد المتفق عليها آية
المباهلة وآية التطهير ، وأكّد على أهمية الولاء والحبّ لأهل البيت : وأوجبه على المسلمين ، كما جاء في آية
المودّة ، وثمة مظاهر متعددة من فضائلهم ومناقبهم التي اختصوا بها تدل عليها
الآيات الكثيرة النازلة في حقهم ، والتي سنذكر بعضها في هذا المبحث :
١ ـ قوله تعالى : ( فَمن حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ ما جَاءَكَ مِنَ
العِلمِ فَقُلْ تَعَالوا نَدعُ أبناءَنَا وأبناءَكُم ونِساءَنا ونِسَاءَكُم
وأنفُسَنَا وأنفُسَكُم ثُم نَبتَهِلْ فَنَجعَلْ لَّعنةَ اللّه عَلى الكَاذِبينَ ) .
جاء هذا الخطاب الالهي على أثر المحاجّة
بين الرسول الأكرم 6
ووفد نصارى نجران الذين ادعوا الحق لأنفسهم والظهور على الدين ، فدعاهم رسول اللّه
6 إلى
المباهلة بناءً على هذه الآية المباركة ، وكان نتيجة ذلك أن ردّ ادعاءهم إلى
نحورهم ، وأفحمهم بالحجة وغلبهم بالبرهان ، فاختاروا الموادعة ودفع الجزية على أن
يباهلوا الرسول الأكرم 6
وأهل بيته : بعد أن
تيقنوا العذاب الأليم واللعنة الدائمة ،
__________________
والقصة أشهر من أن
تذكر تفاصيلها وجزئياتها ، فقد تكفلت كتب التاريخ والحديث والسيرة والتفسير
ببيانها على وجه التفصيل.
والذي يهمنا هنا هو بيان مصاديق هذه
الآية المباركة الذين اصطفاهم اللّه تعالى لتلك المنازل العظمى ، وبيان مدلولات
هذا الاختيار الالهي الهادف.
أجمعت كتب التفسير والحديث والسيرة على
أن الذين انتخبهم رسول اللّه 6
بناء على الأمر الالهي كمصاديق للآية الكريمة هم علي وفاطمة والحسن والحسين ولا
أحد سواهم .
فعن سعد بن أبي وقاص ، قال : لما نزلت
هذه الآية « فَقُلْ
تَعَالوا نَدعُ أبناءَنَا وأبناءَكُم »
دعا رسول اللّه 6
عليا وفاطمة وحسنا وحسينا :
فقال : « اللهمَّ
هؤلاء أهل بيتي » .
وعن جابر بن عبداللّه ، قال : « أنفُسَنَا وأنفُسَكُم
» رسول اللّه 6
وعلي ، و « وأبنَاءَنا
» الحسن والحسين ، و « نِسَاءَنا
»فاطمة
، وروي
__________________
نحوه عن الشعبي ، بل وروى ذلك نحو (٢٤) بين صحابي
وتابعي ، وأكثر من (٥٢) من رواة الحديث وعلماء التفسير .
وقال الزمخشري منبها إلى سبب تقديم
الأبناء والنساء على الأنفس في الآية المباركة : وقدّمهم في الذكر على الأنفس
لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، بأنهم مقدمون على الأنفس مُندكون بها ، وفيه
دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء ، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي 6 .
أما
الدلالات التي يحملها هذا النص القرآني ، فهي :
الدلالة
الاُولى :
إنّ تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة
عفوية مرتجلة ، وإنّما هو اختيار إلهي هادف ، وقد أجاب الرسول 6 حينما سُئل عن هذا الاختيار بقوله : « لو علم اللّه تعالى
أن في الأرض عبادا أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين ، لأمرني أن أباهل بهم ، ولكن
أمرني بالمباهلة مع هؤلاء ، فغلبت بهم النصارى ».
الدلالة
الثانية :
إنّ ظاهرة الاقتران الدائم بين الرسول 6 وأهل بيته : تعبر عن مضمون رسالي كبير يحمل دلالات
فكرية وروحية وسياسية خطيرة ،
__________________
فالمسألة ليست
تكريسا للمفهوم القبلي الذي ألفته الذهنية العربية ، بل هو الإعداد الرباني الهادف
لصياغة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة ، هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت : بما يملكونه من إمكانات تؤهلهم لذلك.
الدلالة
الثالثة :
لو حاولنا أن نستوعب مضمون المفردة
القرآنية التي جاءت في هذا النص وهي قوله تعالى : « أنفسنا
» لاستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في الأدلة المعتمدة لاثبات الإمامة.
إنّ هذه المفردة القرآنية تعتبر عليا 7 الحالة التجسيدية الكاملة لشخصية
الرسول 6 ، نستثني
النبوة التي تمنح لرسول اللّه 6
خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه ، فعلي 7
بما يملكه من هذه المصداقية الكاملة هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول 6 في حياته وبعد مماته .
٢ ـ قوله تعالى : ( فَوَقَاهُمُ اللّه شَرَّ ذَلِكَ اليومِ وَلَقَّاهُم
نَضَرةً وَسُرُورا * وَجَزاهُم بِما صَبَرُوا جَنَّةً وحَرِيرا
) .
فقد توافق المفسرون والمحدثون على أنّ
هذه الآيات نزلت في أهل البيت :
خاصة ، في قصة تصدّق علي وفاطمة والحسنين :
على المسكين واليتيم والأسير ، وظاهر من اللفظ القرآني أن اللّه تعالى بشّرهم
__________________
بالجنّة والرضوان .
٣ ـ قوله تعالى : ( إنَّ اللّه ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على
النَّبيِّ يَا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَليهِ وسَلِّمُوا تَسلِيما
) ، ففي هذه الآية المباركة أوجب اللّه تعالى
الصلاة على الآل كما أوجبها على النبي 6
، وذلك يحكي عن حالة الاقتران بين النبي وآله كما شهدناه في آية التطهير والمودة.
وجاء في الصحيح المتفق عليه أنّه قيل
لرسول اللّه 6 : يا رسول
اللّه ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟
فقال 6
: « قولوا : اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم
، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد .
وقد عبّر الشافعي عن فرض الصلاة على
الآل بقوله :
يا أهل بيت رسول اللّه حبكم
|
|
فرضٌ من اللّه في القرآن أنزلهُ
|
__________________
كفاكم من عظيم الشأن أنكم
|
|
من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ
|
٤ ـ قوله تعالى : (
واعتَصِمُوا
بِحَبلِ اللّه جَمِيعا ) .
فقد جاء عن الإمام الرضا 7 ، عن أبيه عن آبائه عن الإمام علي 7 قال : « قال رسول اللّه 6
: من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل اللّه المتين
فليوالِ عليا وليأتم بالهداة من ولده ».
كما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق 7 في قوله تعالى : « واعتَصِمُوا بِحَبلِ
اللّه جَمِيعا ولا تَفَرَّقُوا
» قال : « نحن حبل
اللّه
».
٥ ـ قوله تعالى : ( يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا اتَّقُوا اللّه وكُونُوا
مَعَ الصَّادِقِينَ ) .
جاء عن الإمام الباقر 7 في هذه الآية قوله : « مع آل محمد : .
وورد عن عبداللّه بن عمر قوله في الآية
: « اتَّقُوا
اللّه » قال : أمر اللّه أصحاب محمد بأجمعهم
أن يخافوا اللّه ثم قال لهم : «كُونُوا
مَعَ الصَّادِقينَ » يعني محمدا وأهل
بيته .
__________________
١) الصواعق المحرقة : ١٤٨.
٦ ـ قوله تعالى : ( فأسألُوا أهلَ الذِّكرِ إن كُنتُم لا
تَعلَمُونَ ) .
عن الإمام الباقر 7 قال : « لما نزلت هذه الآية ... قال علي 7
: نحن أهل الذكر الذي عنانا اللّه جلَّ وعلا في كتابه »
.
٧ ـ قوله تعالى : ( إنّما أنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هادٍ
) .
جاء عن الإمام أبي جعفر 7 قوله في الآية : « رسول اللّه 6
المنذر ، ولكلِّ زمان منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي اللّه 6
، ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحد بعد واحد »
.
٨ ـ قوله تعالى : ( وما يَعلَمُ تأويلَهُ إلاّ اللّه والرَّاسِخُونَ
في العِلمِ ) .
عن الإمام الصادق 7 قال : « الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمة من
بعده » .
عليٌ
7 في القرآن :
ويضاف إلى الآيات المفسّرة في أهل البيت
: ما اختصّ به
أمير المؤمنين علي 7
من الآيات الكثيرة التي بيّنت فضله ومنزلته وخصائصه ومكارم أخلاقه ووجوب إطاعته ، وهي
كثيرة عبّر عنها حبر الاُمّة عبداللّه
__________________
ابن عباس بقوله : ما
نزل في أحدٍ من كتاب اللّه تعالى ما نزل في عليّ .
وبقوله : ليست آية في كتاب اللّه « يا أيُّها الَّذينَ
آمَنُوا » إلاّ وعلي أولها وأميرها وشريفها ، ولقد
عاتب اللّه أصحاب محمد 6
ولم يذكر عليا إلاّ بخير. أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس .
وبالنظر لكثرة الآيات النازلة فيه 7 فقد اهتمّ قدامى المحدثين والمفسرين
بإفراد موضوع ما نزل من القرآن في علي 7
بالتصنيف والتأليف ، كالجلودي والطبراني وأبي نعيم ومحمد بن مؤمن الشيرازي
والحسكاني وأبي الفرج الاصفهاني والحبري والمرزباني وأبي إسحاق الثقفي وأبي جعفر
القمي والمجاشعي وأبي عبداللّه الخراساني وغيرهم .
وفيما يلي نذكر نخبة من آي القرآن الكريم
النازلة في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7
خاصة :
١ ـ قوله تعالى : ( اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وأتمَمتُ
عَليكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ
__________________
لَكُمُ
الإسلامَ دِينا )
هذه الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين 7
(فقد تعاضدت الروايات الصحيحة الأسانيد التي تصرّح بنزول هذه الآية على رسول اللّه
6 بعد المسير
من حجة الوداع ، وفي أثناء خطبة الغدير ، وقد ثبت هذا من عدة طرق رجالها ثقات ، عن
عدد كبير من الصحابة ، منهم علي بن أبي طالب 7
، وعبداللّه بن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وسلمان
الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والمقداد بن الأسود ، وأبو هريرة) .
وجاء فيها : ان النبي 6 يوم دعا الناس إلى غدير خم ، وذلك يوم
الخميس ، ثم دعا الناس إلى علي بن أبي طالب ، فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى
بياض ابطيه ، وقال 6
: « من كنت
مولاه فعلي مولاه ، اللهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل
من خذله » ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية : « اليَومَ أكمَلتُ
لَكُم دينَكُم ... » فقال رسول اللّه 6 : « اللّه أكبر على اكمال الدين ، واتمام النعمة ، ورضى
الرب برسالتي والولاية لعلي » .
وسجّل شاعر الرسول 6 حسان بن ثابت الأنصاري هذا الحدث
التاريخي بكلمات من نور بعد أن استأذن الرسول الأعظم 6
فأذن له ،
__________________
فقال حسان :
يناديهم يوم الغدير نبيهم
|
|
بخمٍّ وأسمع بالرسول مناديا
|
يقول فمن مولاكم ووليكم
|
|
فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
|
إنّك مولانا وأنت ولينا
|
|
ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا
|
فقال له قم يا علي فانني
|
|
رضيتك من بعدي إماما وهاديا
|
فمن كنت مولاه فهذا وليه
|
|
فكونوا له أنصار صدق مواليا
|
هناك دعا اللهمَّ والِ وليّه
|
|
وكن للذي عادى عليّا معاديا
|
ومن قصيدة لأمير المؤمنين علي 7 مطلعها :
محمد النبي أخي وصنوي
|
|
وحمزة سيد الشهداء عمّي
|
إلى أن يقول 7 :
فأوجب لي الولاء معا عليكم
|
|
رسول اللّه يوم غدير خمِّ
|
فويلٌ ثم ويل ثم ويلٌ
|
|
لمن يلقى الإله غدا بظلمي
|
__________________
٢ ـ قوله تعالى : ( يَا
أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ وإن لم تَفعَل فَما
بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ واللّه يَعصِمُكَ مِن النَّاسِ
) وهذه الآية ، نزلت في ولاية أمير
المؤمنين 7 وبنفس
المناسبة التي نزلت فيها الآية الاُولى ، فقد روى الواحدي بالاسناد عن أبي سعيد
الخدري ، قال : نزلت هذه الآية يوم غدير خم في علي بن أبي طالب 2 .
وروى السيوطي والشوكاني عن ابن مسعود
أنّه قال : كنا نقرأ على عهد رسول اللّه 6
( يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إليكَ
مِن رَّبِّكَ ) أنّ عليا
مولى المؤمنين ( وإن لم تَفعل فما بَلغتَ رِسَالَتَهُ ) .
٣ ـ قوله تعالى : ( إنّما وَليُّكُمُ اللّه وَرَسُولُهُ والَّذِينَ
آمَنُوا الَّذينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤتُونَ الزَّكاةَ وَهُم رَاكِعُونَ
) ، هذه الآية نزلت في ولاية أمير
المؤمنين 7 أيضا ، فقد
أكدت أكثر كتب التفسير على نزول هذه الآية في الإمام علي بن أبي طالب 7 حين تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته ، ومعنى الولي في هذه الآية لايكاد
ينصرف عن المعنى المتبادر وهو مالك
__________________
الأمر والأولى
بالتصرف ، أي من له صلاحية الولاية على أمور الناس والأولى بها منهم ، وهو الإمام
، وهي نصّ صريح على إمامة أمير المؤمنين 7
بعد رسول اللّه 6
، وأنشأ حسّان بن ثابت في هذا المعنى قائلاً :
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي
|
|
وكل بطيء في الهدى ومسارعِ
|
أيذهب مدحي والمحبين ضائعا
|
|
وما المدح في جنب الاله بضائعِ
|
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكعٌ
|
|
فدتك نفوس القوم يا خير راكعِ
|
فأنزل فيك اللّه خير ولاية
|
|
وبيَّنها في محكمات الشرائعِ
|
٤ ـ قوله تعالى : (
وَأنذِر
عَشِيرَتَكَ الأقرَبِينَ ) .
جاء في كتب التفسير والسيرة في سبب نزول
هذه الآية : أن رسول اللّه 6
دعا بني عبد المطلب وأولم لهم ، ثم توجه اليهم قائلاً : « يا بني عبد المطلب ، واللّه
ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به ، إني جئتكم بخير الدنيا
والآخرة ، وقد أمرني اللّه تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الامر ، على
أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ »
فأحجم القوم عنها جميعا ، فقال علي 7
أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه ، فأخذ 6
برقبته ، ثم قال : « إنّ
هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأسمعوا له وأطيعوا
» .
__________________
والآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين
علي 7 كثيرة ، لايسعنا
الاحاطة بها في هذا المختصر ، ومن أراد المزيد فليرجع الى الكتب المصنّفة في هذا
الموضوع .
المبحث الثاني
فضائل أهل البيت :
في السُنّة المطهّرة
لم يرد في السنة المباركة في فضل أحدٍ
مثلما ورد في أهل البيت :
من الأحاديث الصحيحة والمتواترة التي تصرّح بخصائص تفردوا بها وفضائل لا يشاركهم
فيها أحد ، فهم سفن النجاة وأزمّة الحق وألسنة الصدق وأمان الاُمّة والعروة الوثقى
ودعائم الدين وأبواب العلم .. الى آخر الصفات التي تصرّح بها الأحاديث النبوية.
ولم يكن تأكيد الرسول الاكرم 6 على تلك الخصائص والصفات منطلقا من
بواعث ذاتية أو عاطفية ، بل انه يعبّر عن تأصيل المبدأ القيادي للاُمّة بعد الرسول
6 ، وذلك يتضح
من جملة الظواهر المستمدّة من النصوص الحديثية ، كالتأكيد على حالة الاقتران بين
الرسول الاعظم 6
وبين أهل البيت :
، والاقتران بين الكتاب الكريم وأهل البيت :
، ولزوم التمسك بهم والاقتداء بنهجهم ، وتأكيد الحبّ والموالاة لهم ، وبيان
__________________
الموقع المتميز لهم
دون سائر أفراد الامة ، كما هو واضح في حديث الثقلين وحديث السفينة وحديث الكساء
والمنزلة وغيرها ..
وفيما يلي نورد طائفة من هذه الأحاديث
المتفق عليها عند الفريقين :
١ ـ قال 6
: « إنّي تارك
فيكم الثقلين ، ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب
اللّه حبل ممدود من السماء الى الارض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا
عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما
» .
٢ ـ وقال 6
: « مثل أهل
بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق
» .
٣ ـ وقال 6
: « النجوم
أمان لأهل الارض من الغرق ، وأهل بيتي أمان
__________________
لأمتي
من الاختلاف ، فاذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا ، فصاروا حزب إبليس »
.
٤ ـ وقال 6
لعلي وفاطمة والحسن والحسين :
: « أنا حرب
لمن حاربتم ، وسلم لمن سالمتم
» .
وفي لفظ آخر : « أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم
لمن سالمكم ».
٥ ـ وقال 6
وقد جلس مع علي وفاطمة والحسن والحسين :
: « اللهمّ
هؤلاء أهل بيتي ، اللهمّ عادِ من عاداهم ووالِ من والاهم
» .
٦ ـ وقال 6
: « إنما مثل
أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني
__________________
اسرائيل
، من دخله غُفِر له » .
٧ ـ وقال 6
: « نحن أهل
البيت لايقاس بنا أحد » .
٨ ـ وقال 6
موصيا : « أنشدكم
اللّه في أهل بيتي » .
٩ ـ وقال 6
: « من حفظني
في أهل بيتي فقد اتخذ عند اللّه عهدا »
.
١٠ ـ وقال 6
: « من أحبّ أن
يُبارك له في أجله وأن يمتّعه اللّه بما خوله ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة
» .
١١ ـ وقال 6
: « اخلفوني في
أهل بيتي » .
١٢ ـ وقال 6
: « استوصوا
بأهل بيتي خيرا ، فأني اُخاصمكم عنهم غدا ، ومن أكن خصمه أخصمه ، ومن أخصمه دخل
النار » .
__________________
فضائل
أمير المؤمنين 7 :
اختصّ أمير المؤمنين علي 7 بفضائل لا تدانى ومنزلة لا تضاهى ، فهو
أخو رسول اللّه 6
وأول من آمن به وصدّقه ، وأحبّ الناس إلى اللّه تعالى وإلى رسوله 6 ، وهو وصيّ رسول اللّه 6 ووارثه وصفيه ووزيره وباب مدينة العلم
وولي كلّ مؤمن بعده.
وفضائله المبيّنة عن منزلته السامية عند
اللّه تعالى كثيرة تفوق حدّ الإحصاء ، أفردها كثير من العلماء والمحدثين بالتصنيف
والتأليف .
روى الحاكم باسناده عن أحمد بن حنبل ، قال
: ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول اللّه 6
من الفضائل أكثر ما جاء لعلي بن أبي طالب 7
. ورواه ابن
عساكر ، وابن حجر
، وقال الأخير : وكذا قال النسائي وغير واحد .
وقال ابن أبي الحديد : اعلم أنّ أمير
المؤمنين 7 لو فخر
بنفسه ، وبالغ في تعديد مناقبه وفضائله بفصاحته التي آتاه اللّه تعالى إياها
واختصّه بها ، وساعده على ذلك فصحاء العرب كافة ، لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به
الرسول الصادق صلوات اللّه عليه في أمره .
__________________
وفيما يلي بعض تلك الفضائل التي اختص
بها أمير المؤمنين 7
من بين أفراد الاُمّة :
١ ـ إنّه أحبّ الخلق إلى اللّه تعالى ، وذلك
في حديث الطائر المشهور المتواتر ، وقد أوردناه في المبحث الثاني من الفصل الثاني
صفحة (٦٢) مع مصاره ، فراجع.
٢ ـ وقال 6
مخاطبا أمير المؤمنين علي 7
: « أنت مني
بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنه لا نبي بعدي
» .
والظاهر من القرآن الكريم ان هارون كان
وزير موسى 7 وخليفته في
قومه ، وكذلك
أمير المؤمنين 7
، فهو نصّ صريح في خلافته 7.
٣ ـ ولعلّ حديث الراية في يوم خيبر
ومجيئه بالفتح والظفر ، هو أربى فضائله 7
، وقد مرّ نصّه في المبحث الثاني من الفصل الثاني صفحة (٦٣) مع جملة من مصادره ، فراجع.
٤ ـ وفي تبليغ سورة براءة ، بعث رسول
اللّه 6 أبا بكر إلى
أهل مكة ، فسار بها ثلاثا ، ثم قال لعلي 7
: « الحقه ، فردّ علي أبا بكر ، وبلّغها أنت » ففعل وأخذها منه وسار إلى مكة ، ورجع
أبو بكر إلى النبي 6
قائلاً : يا رسول اللّه ، أحدث فيَّ شيء؟ قال 6
: « لا ، ولكن
أُمرت أن لا يبلّغها
__________________
إلاّ
أنا أو رجل مني » وفي رواية : « لا يبلّغ عني إلاّ أنا
، أو رجل منّي » .
٥ ـ ودعا رسول اللّه 6 عليا 7
يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال رسول اللّه 6 : « ما أنا انتجيته ، ولكنّ اللّه انتجاه
» .
٦ ـ وفي حديث سدّ الأبواب الشارعة في
مسجد النبي ، قال 6
: « سدّوا
الأبواب إلاّ باب علي » فتكلم الناس بذلك ، فقال 6
: « أما بعد ، فإني اُمرت بسدّ هذه الأبواب إلاّ باب علي ، وقال فيه قائلكم ، واللّه
ما سددّته ولا فتحته ، ولكن اُمرت فاتّبعته »
.
٧ ـ وقال 6
: « أنا مدينة
العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب
» ، وفي لفظ
آخر « أنا دار
الحكمة وعلي بابها » .
__________________
٨ ـ وقال 6
: « إنّ عليا
مني وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي »
.
٩ ـ وقال 6
: « لكل نبي
وصيّ ووارث ، وإن عليا وصيي ووارثي »
.
١٠ ـ وقال 6
: « من آذى
عليا فقد آذاني » .
فهذه النصوص النبوية وغيرها الكثير ، دلائل
بيّنة تحكي عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7
على جميع أفراد الاُمّة ، وكونه المؤهل لتسنّم الدور القيادي في حياة الأمة وتحمّل
أعباء الرسالة بعد رسول اللّه 6.
__________________
الفصل الرابع
معطيات حبّ أهل البيت عليهم
السلام
حبّ أهل البيت : مبدأ رسالي يتضمن أبعادا مهمة وخطيرة ،
لها آثارها في حياة الفرد المسلم وحياة المجتمع الإسلامي ، فحبهم لم يكن مجرد
علاقة قلبية أو ارتباط عاطفي يشدّنا إلى أفراد معينين لأنهم قربى النبي 6 وعترته ، بل إنّه تعلّق بحبل اللّه الممدود
من السماء إلى الأرض بعد النبي 6
والذي يتحقق من خلاله ارتباط حياة الفرد والمجتمع بتعاليم السماء وبإرادة الخالق
العزيز ، ذلك لأنّهم :
يمثّلون الثقل الالهي في الأرض وهم آيات اللّه والدّالون عليه وفيهم تتجسّد الصفات
والكمالات التي يريدها اللّه تعالى.
فحبّهم يمثل في الواقع حبّ للّه وللقيم
الربانية والكمالات الالهية ، وهو يسمو بالمؤمن في مدارج الوصول إلى الكمال الذي
يريده اللّه سبحانه.
ومن جانب آخر فان حبّهم : يضمن سلامة الطريق المؤدي إلى الأهداف
التي تريدها الرسالة الإسلامية ، ذلك لأنّهم النبع الصافي والمصدر الأمين لأحكام
الرسالة ومفاهيمها والانفتاح على قيمها
الاخلاقية وعطاءاتها
التربوية ، وبذلك فان مودة أهل البيت :
ضمان لصيانة الشريعة الإسلامية وخط الرسالة المحمدية وأفكارها وحفظ الاُمّة من
الانحراف كي تسير في السبيل المستقيم الذي يؤمن لها الخير والكمال.
وفيما يلي أهم الآثار المترتبة على حبّ
أهل البيت : عترة النبي
المصطفى المعصومين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) والمعطيات الدنيوية والأخروية
لمودتهم وفقا لما جاء في النصوص الاسلامية :
١
ـ حبّ أهل البيت : حبّ للّه وفي اللّه :
إنّ حبّ أهل البيت : يجسّد حبّ اللّه تعالى وحبّ رسوله 6 في أجلى صوره ، وذلك غاية أمل المؤمنين
، قال تعالى : (
والَّذِينَ
آمَنُوا أشدُّ حُبّا للّه )
وقال تعالى : (
قُلْ إن
كُنتُم تُحبُّونَ اللّه فاتَّبِعُوني يُحببكُمُ اللّه
) .
وقد تقدم في الفصل الثاني ما يدلُّ على
أنّ حبّهم : هو حبّ
اللّه سبحانه ورسوله 6.
كما أن حبّهم : من أكبر المصاديق للحبّ في اللّه ؛
لأنّه حبٌّ يتوجه إلى أفراد يحبّهم اللّه ويندب إلى حبّهم ، وبغض أعدائهم يجسد
البغض في اللّه ؛ لأنّه بغضٌ يتوجه إلى أفراد يبغضهم اللّه ويأمر ببغضهم ، وذلك
حقيقة الإيمان وأوثق عراه ، قال رسول اللّه 6
: « أوثق عرى
الإيمان الحبّ والبغض في اللّه »
.
__________________
وعندما يكون حبّهم : للّه ننال به سعادة الدارين والقرب من
منازل الصالحين ، قال الإمام الحسين 7
: « من أحبّنا
للدنيا ، فإنّ صاحب الدنيا يحبّه البر والفاجر ، ومن أحبنا للّه كنّا نحن وهو يوم
القيامة كهاتين » وقرن بين سبابتيه
.
٢
ـ معرفة الحق والسلامة من الانحراف :
لاريب أنّ الفرد المسلم بحاجة إلى
المنهل الرائق والنبع الأصيل الذي يضمن له معرفة الحق من الباطل ويحقق له أقرب
الطرق التي تؤمّن الوصول إلى خير الدنيا والآخرة ، وبما أن الإنسان يميل إلى الأخذ
ممن أحب وممّن تعلق قلبه به ، فان من يهوى أهل البيت :
سوف يأخذ العلم من أهله ، والدين من محله ، والتنزيل من مَنزِله ، والاعتقاد من
أصله ، وبذلك تكون محبتهم :
وقاءً وعاصما من الانحراف في تيارات الباطل والفرق الضالة ، وتكون فيصلاً للدين
الحق عن تمويهات المبطلين وتشبيهات المغرضين.
٣
ـ استكمال الدين :
قال رسول اللّه 6 : « حبّ أهل بيتي وذريتي استكمال الدين
» .
٤
ـ طاعة اللّه تعالى ورسوله 6 :
إنّ حبّ أهل البيت : والتمسك بولائهم هو أمر إلهي ورد في
الكتاب الكريم وعلى لسان الرسول الأعظم 6
كما تقدم في الفصل الثاني من
__________________
هذا البحث ، وعليه
فان محبتهم طاعة للّه تعالى وللرسول 6
: ( وَمَن يُطِعِ اللّه وَرَسُولَهُ
فَقد فَازَ فَوزَا عَظيما ) .
٥
ـ التمسّك بالعروة الوثقى :
قال رسول اللّه 6 مخاطبا أمير المؤمنين علي 7 : « يا علي ، من أحبكم وتمسك بكم ، فقد تمسك
بالعروة الوثقى » .
وقال 6
: « من أحبّ أن
يتمسك بالعروة الوثقى ، فليتمسك بحبّ علي وأهل بيتي
» .
وقال أمير المؤمنين علي 7 : « العروة الوثقى المودة لآل محمد 6 » .
٦
ـ اطمئنان القلب وطهارته :
قال أمير المؤمنين 7 : « إنّ رسول اللّه 6
لمّا نزلت هذه الآية ( ألا بِذكرِ اللّه تَطمَئنُّ
القُلوبُ )
قال : ذاك من أحبّ
اللّه ورسوله ، وأحبّ أهل بيتي صادقا غير كاذب ، وأحب المؤمنين شاهدا وغائبا ، ألا
بذكر اللّه يتحابون .
وقال الإمام الباقر 7 : « لا يحبّنا عبد ويتولانا حتى يطهّر اللّه قلبه ،
ولا
__________________
يطهّر
اللّه قلب عبدٍ حتى يسلّم لنا ويكون سلما لنا ، فإذا كان سلما لنا سلّمه اللّه من
شديد الحساب ، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر »
.
وقال الإمام الصادق 7 : « لا يحبّنا عبدٌ إلاّ كان معنا يوم القيامة ، فاستظلّ
بظلّنا ، ورافقنا في منازلنا » .
٧
ـ الحكمة :
قال رسول اللّه 6 : « من أراد التوكل على اللّه فليحب أهل بيتي ، ...
ومن أراد الحكمة فليحبّ أهل بيتي ، ... فواللّه ما أحبّهم أحدٌ إلاّ ربح الدنيا
والآخرة » .
وقال الإمام الصادق 7 : « من أحبنا أهل البيت ، وحقّق حبنا في قلبه ، جرت
ينابيع الحكمة على لسانه ، وجدّد الايمان في قلبه »
.
٨
ـ الاغتباط عند الموت :
قال أمير المؤمنين 7 للحارث الأعور : « لينفعنّك حبنا عند
ثلاث : عند نزول ملك الموت ، وعند مساءلتك في قبرك ، وعند موقفك بين يدي اللّه
».
__________________
٩
ـ الشفاعة يوم القيامة :
قال رسول اللّه 6 : « شفاعتي لاُمتي من أحب أهل بيتي ، وهم شيعتي
» .
وقال 6
: « الزموا
مودتنا أهل البيت ، فإنّه من لقي اللّه يوم القيامة وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا
» .
١٠
ـ التوبة والمغفرة وقبول الأعمال
:
قال رسول اللّه 6 : « من مات على حب آل محمد مات شهيدا ، ألا ومن مات
على حبّ آل محمد مات مغفورا له ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا ، ألا ومن
مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان »
.
وقال 6
: « حبنا أهل
البيت يكفّر الذنوب ويضاعف الحسنات »
.
وقال أمير المؤمنين 7 : « من أحبّنا أهل البيت عظم إحسانه ، ورجح
__________________
ميزانه
، وقبل عمله ، وغفر زلله ، ومن أبغضنا لا ينفعه إسلامه
» .
وقال الإمام الحسن 7 : « إنّ حبنا ليساقط الذنوب من ابن آدم كما يساقط
الريح الورق من الشجر » .
وقال الإمام الباقر 7 : « بحبّنا تغفر لكم الذنوب »
.
١١
ـ نور يوم القيامة :
قال رسول اللّه 6 : « أكثركم نورا يوم القيامة أكثركم حبا لآل محمد
».
وقال 6
: « أما واللّه
لا يحبّ أهل بيتي عبدٌ إلاّ أعطاه اللّه عزَّ وجل نورا حتى يرد عليّ الحوض ، ولا
يبغض أهل بيتي عبدٌ إلاّ احتجب اللّه عنه يوم القيامة »
.
١٢
ـ الأمن من أهوال القيامة :
قال رسول اللّه 6 : « ألا ومن أحب آل محمد أمن من الحساب والميزان
والصراط » .
__________________
وقال 6
: « من أحبنا
أهل البيت حشره اللّه تعالى آمنا يوم القيامة
» .
وقال 6
: « حبّي وحبّ
أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهنّ عظيمة : عند الوفاة ، وفي القبر ، وعند
النشور ، وعند الكتاب ، وعند الحساب ، وعند الميزان ، وعند الصراط
» .
وقال 6
: « أثبتكم
قدما على الصراط أشدّكم حُبا لأهل بيتي
» .
وقال 6
: « ما أحبّنا
أهل البيت أحدٌ فزلّت به قدم ، إلاّ ثبّتته قدمٌ أُخرى ، حتى ينجيه اللّه يوم
القيامة » .
١٣
ـ دخول الجنة والنجاة من النار :
قال رسول اللّه 6 : « ألا ومن مات على حبّ آل محمد بشّره ملك الموت
بالجنة ثم منكر ونكير ، ألا ومن مات على حب آل محمد يزفُّ إلى الجنة كما تزف
العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد فتح له من قبره بابان إلى
الجنة ، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل اللّه قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن
مات على حبّ آل محمد مات على
__________________
السُنّة
والجماعة » .
وقال 6
: « من أحبنا
للّه أسكنه اللّه في ظلٍّ ظليل يوم القيامة يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، ومن أحبنا يريد
مكافأتنا كافأه اللّه عنّا الجنّة
».
وعن حذيفة قال : رأيت رسول اللّه 6 أخذ بيد الحسين بن علي فقال : « أيُّها الناس ، جدّ
الحسين أكرم على اللّه من جدّ يوسف بن يعقوب ، وإنّ الحسين في الجنة ، وأباه في
الجنة ، وأُمّه في الجنة ، وأخاه في الجنة ، ومحبهم في الجنة ، ومحب محبهم في
الجنة » .
وقال الإمام الصادق 7 : « واللّه لا يموت عبدٌ يحبّ اللّه ورسوله
ويتولى الأئمة فتمسّه النار » .
١٤
ـ الحشر مع النبي 6 وآله : :
قال رسول اللّه 6 : « يرد عليَّ الحوض أهل بيتي ومن أحبّهم من أُمتي
كهاتين » يعني السبّابتين .
وعن أمير المؤمنين 7 قال : « إنّ رسول اللّه 6
أخذ بيد الحسن والحسين ، فقال : من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأُمهما ، كان معي في
__________________
درجتي
يوم القيامة » .
وقال 7
: « من
أحبّنا كان معنا يوم القيامة ، ولو أن رجلاً أحبّ حجرا لحشره اللّه معه » .
وقال الإمام الصادق 7 : « من أحبّنا ، لم يحبّنا لقرابة بيننا وبينه ، ولا
لمعروف أسديناه إليه ، إنّما أحبنا للّه ولرسوله ، فمن أحبنا جاء معنا يوم القيامة
كهاتين » وقرن بين سبّابتيه .
١٥
ـ خير الدنيا والآخرة :
قال رسول اللّه 6 : « من رزقه اللّه حب الأئمة من أهل بيتي ، فقد
أصاب خير الدنيا والآخرة ، فلا يشكّنّ أحدٌ أنه في الجنة ، فإنّ في حبّ أهل بيتي
عشرين خصلة ، عشر منها في الدنيا ، وعشر منها في الآخرة.
أما
التي في الدنيا : فالزهد ، والحرص على العمل ، والورع في الدين ، والرغبة في
العبادة ، والتوبة قبل الموت ، والنشاط في قيام الليل ، واليأس ممّا في أيدي الناس
، والحفظ لأمر اللّه ونهيه عزَّ وجل ، والتاسعة بغض الدنيا ، والعاشرة السخاء.
وأما
التي في الآخرة : فلا ينشر له ديوان ، ولا ينصب له ميزان ، ويعطى
__________________
كتابه
بيمينه ، وتكتب له براءة من النار ، ويبيَضّ وجهه ، ويكسى حلل من حلل الجنّة ، ويُشفّع
في مائة من أهل بيته ، وينظر اللّه عزَّ وجلّ إليه بالرحمة ، ويُتَوّج من تيجان
الجنة ، والعاشرة يدخل الجنة بغير حساب ، فطوبى لمحبي أهل بيتي
» .
وواضح من هذا الحديث ومما تقدم من
أحاديث هذا الفصل أنّ حبّ أهل البيت :
يعني حبّ خصال الخير ومكارم الأخلاق التي ندب إليها اللّه تعالى ورسوله الكريم 6 كالزهد ، والورع في الدين ، والرغبة في
العبادة ، والتوبة قبل الموت ، وقيام الليل ، وغيرها ممّا يؤدي بالعبد إلى منازل
الأخيار والفوز بالرضوان.
ومن هنا يتضح أيضا أن إيجاب حبّهم : يعني إيجاب التمسّك بهم كقادة رساليين
يمثلون إرادة الحق وسُنّة سيد المرسلين 6
لإقامة دعائم الدين وتهذيب النفوس لتبلغ منازل الكمال التي أرادها اللّه تعالى لها.
وكذلك وجوب محبة شيعتهم والتبري من
أعدائهم ؛ لأنّ مجرد حبّهم :
دون العمل بما يقتضيه ذلك الحبّ لا يغني عن صاحبه شيئا ولا يوصله إلى نيل المعطيات
التي أشرنا إليها في هذا الفصل.
ولهذا ورد عن الإمام الصادق 7 أنّه قال : « ليس الناصب من نصب لنا
أهل البيت ، لأنّك لا تجد أحدا يقول : أنا أبغض محمدا وآل محمد ؛ ولكن الناصب من
نصب لكم وهو يعلم أنّكم تتوالونا وتتبرأون من أعدائنا »
.
__________________
وجاء عن الإمام أبي الحسن الكاظم 7 أنّه قال : « من عادى شيعتنا فقد
عادانا ، ومن والاهم فقد والانا ؛ لأنّهم منّا ، خلقوا من طينتنا ، من أحبّهم فهو
منّا ، ومن أبغضهم فليس منّا ... »
.
__________________
الفصل الخامس
أهل البيت عليهم السلام بين
الغلو والبغض
مما لاشك فيه أن خصال الخير والمكارم
تقع بين محذورين أو قل بين رذيلتين ، فالشجاعة تقع بين التهور والجبن ، والكرم يقع
بين البخل والاسراف ، والاعتدال في حبّ أهل البيت :
يقع بين الغلو والبغض ، وقد نبّه النبي المصطفى 6
والأئمة الهداة :
على هلاك الغالين والمبغضين ونجاة المعتدلين في حبهم :.
قال أمير المؤمنين 7 : « قال لي النبي 6
: فيك مثلٌ من عيسى ، أبغضته اليهود حتى بهتوا أُمّه ، وأحبّته النصارى حتى أنزلوه
بالمنزلة التي ليس به ».
ثم قال 7
: « يهلك فيَّ
رجلان : محبّ مفرط يقرظني بما ليس فيَّ ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني »
.
__________________
وعليه فلابدّ من بيان منازل حبهم : ليتسنى لنا الامساك بالنمط الأوسط
والنمرقة الوسطى التي بها يلحق التالي وإليها يرجع الغالي.
الغلوّ
:
الغلوّ في اللغة : هو مجاوزة الحدّ
والخروج عن القصد
، قال تعالى : (
يا أهلَ
الكِتابِ لا تَغلُوا في دِينِكُم وَلا تَقُولُوا عَلى اللّه إلاّ الحَقَّ إنَّما المسِيحُ
عِيسَى ابنُ مَريمَ رَسُولُ اللّه وكلِمَتُهُ ألقاهآ إلى مَريَمَ ورُوحٌ مِّنهُ
فامِنُوا بِاللّه وَرُسُلِهِ ولا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيرا لَّكُم إنَّما
اللّه إلهٌ واحِدٌ سُبحَانَهُ أن يَكونَ لَهُ وَلَدٌ
) .
قال الشيخ المفيد 2 : فنهى عن تجاوز الحدّ في المسيح ، وحذّر
من الخروج عن القصد في القول ، وجعل ما ادّعته النصارى فيه غلوّا لتعدّيه الحدّ .
والغلوّ في الاصطلاح : هو مجاوزة الحدّ
المعقول والمفروض في العقائد الدينية والواجبات الشرعية.
والغالي عند الشيعة الإمامية : من يقول
في أهل البيت :
ما لا يقولون في أنفسهم كما يدّعون فيهم النبوة والاُلوهية .
قال الإمام الصادق 7 : « لعن اللّه من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا ،
لعن اللّه من أزالنا عن العبودية للّه الذي خلقنا ، وإليه مآبنا ومعادنا ، وبيده
__________________
نواصينا
» .
أسباب
نشوء الغلوّ :
الغلوّ ظاهرة غير طبيعية تنمُّ عن
الانحطاط الفكري والفساد العقيدي ، ومردّ هذا الفساد إلى عدم فهم الدين والابتعاد
عن حقيقة العبودية للّه والانبهار بكرامات المخلوق دون معجزات الخالق.
وقد نشأ الغلو لأسباب عديدة ، منها
الرواسب والآثار الفكرية المتسربة من الأديان السابقة ، وقد أشار الكتاب الكريم
إلى وجود هذا الانحراف عند أهل الكتاب كما مرَّ في الآية المتقدّمة وفي قوله تعالى
: ( لَقَدْ كَفَرَ
الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللّه هُوَ المسِيحُ ابنُ مَريَمَ
) .
ومنها أسباب سياسية تهدف إلى التسلط على
رقاب الناس وطلب الرئاسة والزعامة ، أو إلى الحط من مكانة الأشخاص الذين يغالون
فيهم وتشويه سمعتهم والتقليل من شأنهم وتكفيرهم ، أو إلى اتهام إحدى الفرق بتأليه
البشر لافساد عقيدتها وتشويه مبادئها وابعاد الناس عنها.
قال الإمام الرضا 7 : « إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا ، وجعلوها
على ثلاثة أقسام : أحدها الغلو ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح
بمثالب أعدائنا ، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول
بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم
ثلبونا بأسمائنا ، وقد قال اللّه عزَّ وجلَّ :
__________________
(
ولا
تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللّه فَيَسُبُّوا اللّه عَدَوا بِغيرِ
عِلمٍ )
.
ومنها المصالح المادية والأطماع الشخصية
الهادفة إلى ابتزاز أموال الناس وأكلها بالباطل ، ومنها النزوات الفردية الدنيئة
الناشئة من الشذوذ الخلقي والعقد النفسية التي دعت أصحابها إلى التمرد على شرعة
الخالق العزيز ، فأباحوا المحرمات واستخفوا بالعبادات وركنوا إلى اللهو والدعة ، ولجميع
الأسباب التي ذكرناها وبشكل عام يمكن القول إن الغلو بمظاهره المختلفة ظاهرة طارئة
نشأت بدعم منظّم من قبل أعداء الإسلام الذين عجزوا عن مواجهته في مواطن الوغى
وساحات القتال ، فظلّوا يكيدون له ويتربصون به الدوائر ، ليسلبوا مبادئ الإسلام من
نفوس أبنائه ، ويشوهوا أساسياته وضرورياته ومعتقداته ، ولم يتم لهم مرادهم ، فقد
قطع الأئمة الهداة :
الطريق أمام هذا الداء الوبيء وحاربوه بكل ما أُتيح لهم من عناصر القوة والامكان.
مقولات
الغلاة وفرقهم :
أهمّ مقولات الغلاة هو القول بأُلوهية
النبي 6 والأئمة : وبكونهم شركاء للّه سبحانه في الربوبية
، وكونهم يرزقون ويخلقون ، وأن اللّه تعالى حلّ فيهم أو اتحد بهم ، وانهم يعلمون
الغيب من غير وحي أو إلهام ، والاعتقاد بكونهم من القدم مع نفي الحدوث عنهم ، والقول
بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات والعبادات ، ولا تكليف مع تلك المعرفة ، والقول
بأنّ اللّه فوض إليهم أمر العباد بالتفويض المطلق على جهة
__________________
الاستقلال ، والقول
بأن الأئمة : أنبياء ، والقول
بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، وإنكار موتهم وشهادتهم بمعنى أنهم لم يُقتلوا بل
شبّه لقاتليهم ، وتفضيل الأئمة :
على النبي 6 في العلم أو
الشجاعة وغيرها من مكارم الاخلاق ، إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة التي تنقص من
عظمة الخالق وقدرته وشأنه وإنزال المخلوق بمنزلته تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا ،
أو تلك التي تفرّط في حق الأئمة :
وتنزلهم في غير المنزلة التي جعلها اللّه لهم والرتبة التي خصّهم بها.
وفِرق الغلاة كثيرة نشأت في أدوار
مختلفة ، منهم البيانية والخطابية والشعيرية والمغيرية والبائية والغرابية
والعليائية والمخمسة والبزيعية والمنصورية
، وغيرهم من فرق الضلال التي انقرضت جميعا والحمد للّه.
ومن يدين ولو ببعض معتقداتهم فهو كافر
ملعون خارج عن الإسلام بنصّ الكتاب الكريم والسُنّة المطهّرة وإجماع الطائفة
المحقّة الاثني عشرية على ما سيأتي بيانه.
موقف
أهل البيت : من الغلاة :
وقف أهل البيت : موقفا صريحا مضادا لحركة الغلو ، فاجتهدوا
في محاربته ، وبذلوا كل ما بوسعهم للقضاء على الغلو والغلاة والحيلولة دون انتشاره
، وبينوا أن الغلو كفر وشرك وخروج عن الإسلام ، ولعنوا الغلاة وتبرّءوا منهم ، وقطع
الطريق أمامهم وكشفوا عن تمويهاتهم وأكاذيبهم ،
__________________
وحذّروا شيعتهم منهم
، وفيما يلي طائفة من الاخبار الواردة في هذا الشأن.
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « إياكم والغلو ، فإنّما أهلك من كان قبلكم
الغلو في الدين » .
٢ ـ وقال أمير المؤمنين 7 : « بني الكفر على أربع دعائم : الفسق ، والغلو ،
والشك ، والشبهة » .
٣ ـ وقال 7
: « إياكم
والغلو فينا ، قولوا : عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ما شئتم
» .
٤ ـ وقال الإمام الصادق 7 : « قل للغالية توبوا إلى اللّه ، فانكم فسّاق كفار
مشركون » .
٥ ـ وقال 7
: « لعن اللّه عبداللّه
بن سبأ ، إنّه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين 7
، وكان واللّه أمير المؤمنين 7 عبدا للّه طائعا ، الويل
لمن كذب علينا ، وإنّ قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، نبرأ إلى اللّه منهم
، نبرأ إلى اللّه منهم » .
٦ ـ وعنه 7
وقد سأله سدير : إنّ قوما يزعمون أنكم آلهة ، يتلون بذلك
__________________
علينا قرآنا ( وَهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إلَهٌ وفي الأرضِ
إلَهٌ )
؟ فقال 7 : « ياسدير ، سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من
هؤلاء براء ، وبريء اللّه منهم ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي ، واللّه لا
يجمعني اللّه وإياهم يوم القيامة إلاّ وهو ساخط عليهم
» .
٧ ـ وقال 7
: « احذروا على
شبابكم الغلاة لا يفسدونهم ، فان الغلاة شرّ خلق اللّه ، يصغّرون عظمة اللّه ويدّعون
الربوبية لعباد اللّه ، واللّه إنّ الغلاة شرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين
أشركوا
».
موقف أعلام الإمامية من الغلاة :
وقف أتباع مذهب أهل البيت : من أعلام الفرقة المحقّة موقفا واضحا
وصريحا من حركة الغلو والغلاة ، يستند إلى الاخبار الواردة عن أئمة أهل البيت : ، فأجمعوا على البراءة من مقولاتهم
الفاسدة ولعنوهم وبينوا كذبهم وافتراءاتهم في العديد من كتب العقائد والكلام ، واليك
نماذج من أقوالهم.
قال الشيخ الصدوق 2 : (اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم
كفار باللّه تعالى ، وأنهم شرّ من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية ، ومن
جميع أهل البدع والأهواء والمضلّة) .
وقال الشيخ المفيد 2 : (والغلاة من المتظاهرين بالإسلام ، هم
الذين
__________________
نسبوا أمير المؤمنين
والأئمة من ذريته :
إلى الأُلوهية والنبوة ... وهم ضلاّل كفّار ، حكم فيهم أمير المؤمنين 7 بالقتل والتحريق بالنار ، وقضت الأئمة : عليهم بالاكفار والخروج عن الإسلام) .
وقال الشيخ المظفر 2 : (لا نعتقد في أئمتنا : ما يعتقده الغلاة والحلوليين « كَبُرت كَلِمةً
تَخرُجُ مِن أفوَاهِهِم » بل عقيدتنا
الخاصة أنّهم بشر مثلنا ، لهم ما لنا ، وعليهم ما علينا ، وإنّما هم عباد مكرمون ،
اختصّهم اللّه تعالى بكرامته ، وحباهم بولايته ، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال
اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفّة وجميع الاخلاق الفاضلة
والصفات الحميدة ، لا يدانيهم أحدٌ من البشر فيما اختصوا به.
قال إمامنا الصادق 7 : « ما جاءكم عنّا ممّا يجوز أن يكون في المخلوقين
ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا ، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن
يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا »
.
وقال الشيخ كاشف الغطاء في معرض حديثه
عن الغلاة ومقالاتهم : (أما الشيعة الإمامية وأئمتهم :
فيبرأون من تلك الفرق براءة التحريم ... ويبرأون من تلك المقالات ، ويعدونها من
أشنع الكفر والضلالات ، وليس دينهم إلاّ التوحيد المحض ، وتنزيه الخالق عن كل
مشابهة للمخلوق ..) .
__________________
بغض
أهل البيت : :
إلى جانب الغلو في النبي والأئمة : فان البعض يقصّر في حقهم وينتقص من
قدرهم ويحط من مكانتهم الحقّة عند اللّه تعالى ومنزلتهم ودورهم في تبليغ الرسالة
والحفاظ عليها وتنفيذ أحكامها ، منكرين ما ينسب إليهم من معاجز وكرامات ذهبت بها
الركبان وشهد لها الموالف والمخالف ، فجعلوهم كسائر الناس ، والأنكى من ذلك أن
البعض من الناصبة قد يصل إلى حد البغض المقيت والحقد الدفين لكلِّ ما يمت إلى أهل
البيت : من عقائد
ومكارم وفضائل ولكلِّ من يدين بحبهم ويقتدي بهم كقادة رساليين انتجبهم اللّه تعالى
لتبليغ دينه واتمام رسالته.
وبغضهم :
عصيان لأمر اللّه تعالى ولأمر رسوله 6
القاضي بمحبتهم والتمسك بحبلهم والاقتداء بهديهم ، وهو بغض للّه تعالى ولرسوله 6 ، قال الرسول الأكرم 6 مشيرا إلى أهل البيت : : « من أبغضهم فقد أبغضني
» ، وقال
الإمام الهادي 7
: « من أبغضكم فقد أبغض اللّه
، وقال 6 : « من سبّ عليا فقد سبّني
، ومن سبني فقد سبّ اللّه » .
وبغضهم :
من علامات النفاق والشقاء ورداءة الولادة ، قال رسول اللّه 6 : « من أبغضنا أهل البيت فهو منافق
» .
__________________
وقال 6
: « لا يبغضنا
إلاّ منافق شقي » .
وقال 6
: « لا يبغضهم
إلاّ شقي الجَدّ رديء الولادة
» .
آثار
بغضهم : :
إذا كانت مودة أهل البيت : تضمن للمرء سعادة الدارين ، فإن بغضهم
ونصب العداء لهم يوجب الخروج عن الملّة ودخول النار وغضب الجبّار والشقاء الأبدي
كما هو مدلول الأحاديث الصحيحة الآتية :
١ ـ قال رسول اللّه 6 : « والذي نفسي بيده ، لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ
إلاّ أدخله اللّه النار » .
٢ ـ وقال 6
: « صنفان من
أُمتي لا نصيب لهما في الإسلام : الناصب لأهل بيتي حربا ، وغالٍ في الدين مارقٌ
منه » .
٣ ـ وقال 6
مشيرا إلى الحسن والحسين 8
: « من أبغضهما
فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه ، ومن أبغض اللّه أدخله النار »
.
__________________
٤ ـ وقال 6
: « من أبغضهم
أبغضه اللّه » .
٥ ـ وقال 6
: « من أبغضنا
أهل البيت حشره اللّه يوم القيامة يهوديا
» قال جابر بن عبداللّه الانصاري : فقلت : يا رسول اللّه ، وإن صام وصلّى وزعم
أنّه مسلم؟ قال 6
: « وان صام
وصلّى وزعم أنه مسلم » .
٦ ـ وقال أمير المؤمنين 7 : « لمبغضينا أفواج من سخط اللّه
».
٧ ـ وقال الإمام الباقر 7 : « جاء رجل إلى النبي 6
فقال : يا رسول اللّه ، أكلّ من قال لا إله إلاّ اللّه مؤمن؟ قال 6
: إن عداوتنا تلحق باليهود والنصارى »
.
الاعتدال
في محبّة أهل البيت : :
مما تقدم تبين لنا أن النجاة تتمثل في
الاعتدال بحبهم :
، فهو الحدّ الوسط الذي يقع بين الافراط والتفريط ، وهو الحبّ الذي أُمرنا به ، وعلينا
أن ندين به ونلقى اللّه عليه ، وهو حبّ للّه وفي اللّه سبحانه.
قال رسول اللّه 6 : « يا علي ، ان فيك مثلاً من عيسى بن مريم ، أحبّه
قوم فأفرطوا في حبّه فهلكوا فيه ، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا فيه ، واقتصد
فيه قوم فنجوا » .
__________________
وقال الإمام أمير المؤمنين 7 : « أحبونا بحبّ الإسلام ، فان رسول اللّه 6
قال : لا ترفعوني فوق حقي ، فإنّ اللّه تعالى اتخذني عبدا قبل ان يتخذني رسولاً
» .
وقال أمير المؤمنين 7 : « سيهلك فيَّ صنفان : محبّ مفرط يذهب به الحبّ
إلى غير الحق ، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق ، وخير الناس فيَّ حالاً
النمط الأوسط فالزموه » .
وقال 7
: « يهلك
فينا أهل البيت فريقان : محبّ مطري ، وباهت مفتري
» .
وقال الإمام الرضا 7 : « نحن آل محمد النمط الأوسط الذي لا يدركنا
الغالي ولا يسبقنا التالي » .
اللهمَّ اجعلنا أنصار صدق لهم ، وأمتنا
على محبّتهم ، واحشرنا على موالاتهم ، إنّك نعم المولى ونعم النصير.
وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربِّ
العالمين
وأفضل الصلاة وأتم التسليم
على محمد المصطفى
وآله الهداة الميامين
__________________
المحتويات
مقدِّمة المركز............................................................... ٥
المقدِّمة.................................................................... ٧
الفصل الأول
من هم أهل البيت؟ .........٩
المبحث الأول : أهل البيت في اللغة والاصطلاح................................. ٩
أولاً : أهل البيت في
اللغة والعرف.......................................... ٩
ثانيا : أهل البيت في
اصطلاح الكتاب والسُنّة............................... ١٢
المبحث الثاني : أهل البيت في آية التطهير...................................... ١٤
حديث الكساء بين الرواة
والمصادر........................................ ١٦
رواة الحديث من
الفريقين................................................. ١٦
مصادر حديث الكساء................................................... ١٨
صحة الحديث........................................................... ٢٢
التشكيك في مفهوم أهل
البيت............................................ ٢٣
الفصل الثاني
حبّ أهل البيت : في الكتاب والسُنّة .........٣٧
المبحث الأول : حبّ أهل البيت : في القرآن الكريم........................ ٣٨
١ ـ قوله تعالى : « قُلْ لا أسألكم عليه
أجرا إلاّ المودة في القربى ».......... ٣٨
ماروي عن أئمة أهل
البيت : في هذه الآية.............................. ٤٠
تأويلات اُخرى في
الآية................................................... ٤٢
شبهات وردود............................................................. ٤٦
الاُولى : سورة الشورى
مكية.............................................. ٤٦
الثانية : الآية لا
تتناسب مع مقام النبوة ومنافية لبعض الآيات................. ٤٨
٢ ـ قوله تعالى : « إنّ الذين آمنوا
وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا » ٥١
٣ ـ قوله تعالى : « من جاء بالحسنة فله
خير منها » ....................... ٥٢
٤ ـ قوله تعالى : « الذين آمنوا وتطمئن
قلوبهم بذكر اللّه ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب » ٥٢
المبحث الثاني : حبّ أهل البيت : في السُنّة المطهّرة......................... ٥٣
الحث على محبتهم : ................................................. ٥٤
حبّهم حبّ اللّه
ورسوله 6 .......................................... ٥٤
حبّهم أساس الإسلام..................................................... ٥٥
حبّهم عبادة............................................................. ٥٦
حبّهم علامة الإيمان...................................................... ٥٦
حبّهم علامة طيب
الولادة................................................ ٥٧
حبّهم مما يُسأل عنه
يوم القيامة............................................. ٥٩
حبّ الإمام علي 7 ...................................................... ٦٠
فضل حبّه 7 ......................................................... ٦٠
لماذا نحب عليّا 7 ........................................................ ٦١
أولاً : حبّه أمر إلهي...................................................... ٦١
ثانيا : إنّ اللّه
ورسوله 6 يحبان أمير المؤمنين 7........................ ٦٢
١ ـ حديث الطائر...................................................... ٦٢
٢ ـ حديث الراية....................................................... ٦٢
ثالثا : حبّه حبّ اللّه ورسوله 6 ........................................ ٦٣
رابعا : حبّه إيمان وبغضه نفاق................................................ ٦٤
حبّ فاطمة الزهراء 3 ................................................ ٦٧
حبّ السبطين الحسن والحسين 8 ........................................ ٧٠
المبحث الثالث : حبّ أهل البيت : في الشعر العربي........................ ٧٣
الفصل الثالث
فضائل أهل البيت : في القرآن والسُنّة .........٩١
المبحث الأول : فضائل أهل البيت : في القرآن الكريم...................... ٩٢
عليٌ في القرآن............................................................ ٩٨
المبحث الثاني : فضائل أهل البيت : في السُنّة المطهّرة...................... ١٠٤
فضائل أمير المؤمنين 7 ............................................... ١٠٨
الفصل الرابع
معطيات حبّ أهل البيت : .........١١٣
١ ـ حبّ أهل البيت : حبّ للّه وفي اللّه .............................. ١١٤
٢ ـ معرفة الحق والسلامة من الانحراف.................................... ١١٥
٣ ـ استكمال الدين...................................................... ١١٥
٤ ـ طاعة اللّه تعالى ورسوله 6 ...................................... ١١٥
٥ ـ التمسك بالعروة الوثقى.............................................. ١١٦
٦ ـ اطمئنان القلب وطهارته............................................... ١١٦
٧ ـ الحكمة............................................................. ١١٧
٨ ـ الاغتباط عند الموت.................................................. ١١٧
٩ ـ الشفاعة يوم القيامة.................................................. ١١٨
١٠ ـ التوبة والمغفرة وقبول الأعمال....................................... ١١٨
١١ ـ نور يوم القيامة.................................................... ١١٩
١٢ ـ الأمن من أهوال القيامة............................................. ١١٩
١٣ ـ دخول الجنة والنجاة من النار........................................ ١٢٠
١٤ ـ الحشر مع النبي 6 وآله : .................................. ١٢١
١٥ ـ خير الدنيا والآخرة................................................. ١٢٢
الفصل الخامس
أهل البيت : بين الغلو والبغض .........١٢٥
الغلو..................................................................... ١٢٦
أسباب نشوء الغلو...................................................... ١٢٧
مقولات الغلاة وفرقهم.................................................. ١٢٨
موقف أهل البيت : من الغلاة....................................... ١٢٩
موقف أعلام الإمامية
من الغلاة.......................................... ١٣١
بغض أهل البيت : ................................................... ١٣٣
آثار بغضهم........................................................... ١٣٤
الاعتدال في محبة أهل البيت : ......................................... ١٣٥
المحتويات................................................................. ١٣٧
|