






بسم اللّه الرّحمن
الرّحيم
وبه ثقتي وعليه توكلي
الحمد للّه بجميع محامده كلّها على جميع
نعمه كلّها .. الحمد للّه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه .. وصلاة
اللّه وسلامه على النبي الخاتم ، والوصي الحق ، وذريته الطاهرة عليه وعليهم السلام
، خاصه خاتم الأئمّة ، وولي الامة .. الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل .. واللعنة
الدائمة الأبدية على أعدائهم ومناوئيهم أجمعين إلى قيام يوم الدين ...
وبعد ؛ كنّا على موعدة تصدير هذه
الموسوعة العظمى بما جاد به جامعها ومحبرها شيخنا المعظّم الجدّ المقدّس قدّس سرّه
من فوائد رجالية ..
بعد أن كان لنا الشرف ـ وأيّ شرف ـ في
الإعانة على تحقيقها ، والمبادرة إلى إخراجها ، فكان أن صدر من تلك الموسوعة حتّى
يومك هذا نحو ثلاثين مجلّدا ، كنت فيها مخرجا ومراجعا ، ومستدركا ومنسقا .. كلّ
ذاك برّا لشيخي الوالد دام ظله ، وحفظا لحرمة مولاي الجدّ قدّس سرّه .. واعتقادا
بما لهذه الموسوعة من أهمية علمية ، ومفخرة دينية ، وفتح علمي ..
والمفروض في هذه الإطلالة العاجلة أن
ابادر بترجمة للمصنف قدّس سرّه ـ كالعادة ـ ثمّ الحديث عن عملنا في الكتاب وتحقيقه
كما هو متعارف .. لو لا إنّي اكتفيت من ذا وذاك بما جمعته عن الأوّل وجمّعته في
كتاب (مخزن المعاني) عن شيخنا الجدّ طاب رمسه واسرته ، وبما ذكرته في القسم الثاني
من المقدّمة الذي جاء باسم (مسرد التنقيح) من دراسة حول الموسوعة وعملنا فيها ..
لذا لم أجد ثمّة مسوغا للتكرار أو داعيا
للإسهاب ..
ولقد حدّثنا المصنف قدّس سرّه في ديباجة
موسوعته الرجالية عن سيره وكيفية تبويب الكتاب مع فهرسته للفوائد ، وقد عبّر عنها
هناك ب : المقدمة .. وقال رحمه اللّه
:
وكتاب التنقيح ستّ مجلّدات
، وقد تضمّن : مقدّمة ، وفصولا ، وخاتمة ..
ثمّ قال عن الفوائد الرجالية هذه :
المجلّد
الأول : في المقدمة ، وقد تضمّنت الكلام في
مقامات أربعة :
الأول : في تعريف علم الرجال.
والثاني : في موضوعه.
والثالث : في فائدته ، ووجه الحاجة إليه
وما يتعلّق به.
__________________
والرابع : في فوائد يلزم بيانها.
ثمّ قال : وفهرستها على ما يسطر :
الفائدة
الأولى : في بيان كيفية الرجوع إلى كتب الرجال
لإخراج أسامي رجال السند وتحصيل أحوالهم.
الفائدة
الثانية : في مواليد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله
والأئمّة ووفياتهم صلوات اللّه عليه وعليهم أجمعين [وأسماءهم وكناهم وألقابهم].
الفائدة
الثالثة : في بيان الرموز
المستعملة في كتب الرجال
، وبيان فساد استعمالها ، وبيان مسلك ابن داود في رمز(لم).
الفائدة
الرابعة : في غناء المشايخ الثلاثة وأشباههم ـ بل
جميع مشايخ الإجازة ـ عن التنصيص بالتوثيق في حقّهم ، وفي ذيله بيان المراد ب : (شيخ
الإجازة) ، والفرق بينه وبين : (شيخ الرواية).
الفائدة
الخامسة : في بيان المراد بقولهم في حقّ جمع من
رجالنا : (يعرف حديثه وينكر) ، وقولهم : (يعرف تارة وينكر اخرى).
الفائدة
السادسة : في بيان عدم الوثوق
بما في الكتب الفقهية الاستدلالية المختصرة والمطولة من القدح في الرجال.
الفائدة
السابعة : في الكلام في روايات الفطحية والواقفية
وكفاية الإستقامة أخيرا ، وسكوته عن إخباره حال استقامته في قبولها.
__________________
وتذييل ؛ يتضمن بيان أنّ الفطحية أقرب
المذاهب الفاسدة إلى الحقّ.
الفائدة
الثامنة : في دفع التنافي بين ذكر الشيخ رحمه
اللّه في رجاله رجلا واحدا تارة من أصحاب أحد الأئمّة عليهم السلام واخرى في باب
من لم يرو عنهم عليهم السلام.
الفائدة
التاسعة : في دفع التنافي بين ذكر الشيخ رحمه
اللّه في رجاله رجلا واحدا تارة من أصحاب أحد الأئمّة عليهم السلام وتوثيقة إيّاه
، واخرى في باب أصحاب إمام آخر وسكوته في حقّه أو تضعيفه إيّاه.
الفائدة
العاشرة : في لزوم الاهتمام في ضبط الأسماء والألقاب
حتّى لا يشتبه رجل بآخر.
الفائدة
الحادية عشرة : في الإشارة إلى
عدّة من أصحاب الجرح والتعديل من القدماء.
الفائدة
الثانية عشرة : في تفسير عدّة
ألفاظ دائرة على ألسنتهم وأقلامهم ك : شرطة الخميس ، والحواريين ، والزهّاد
الثمانية ، والتابعين ، والفقهاء ، والسابقين الأولين ، والأركان الأربعة ، وثقات
أمير المؤمنين عليه السلام ، وأصفيائه ، والباقين على منهاج نبيّهم من غير تغيير ولا
تبديل ، والسفراء الأربعة ، ومدّعين السفارة كذبا ، والاثني عشر ، والسبعين
المبايعين للرسول الأمين صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، والاثني عشر منافقا من
الصحابة ، والاثني عشر من الصحابة الذين أنكروا على أبي بكر في غصبه الخلافة ..
الفائدة
الثالثة عشرة : في تنقيح عدم جواز
اعتماد المجتهد على تصحيح الغير مع إمكان مباشرته التصحيح.
الفائدة
الرابعة عشرة : في إبطال ما زعمه
جمع من الأخباريين من كون تنويع الأخبار من العلاّمة أو أستاده ابن طاوس قدّس
سرّهما ، وكونه بدعة.
الفائدة
الخامسة عشرة : في لزوم الاهتمام
في تمييز الرجال المشتركين المختلفين وثاقة وضعفا .. وكيفية ذلك وأسبابه.
الفائدة
السادسة عشرة : في بيان خطأ
البناء على اتحاد رجلين بمجرّد اشتراكهما في الاسم أو الوصف [أو الكنية أو اللقب
فقط].
الفائدة
السابعة عشرة : في حكم الرجوع إلى
أهل التواريخ والسير من العامة وغيرهم من أهل المذاهب الفاسدة فيما يرجع إلى أحوال
الرجال .. وفي ذيله الإشارة إلى ما ارتكبوه في كتب رجال العامة من إعمال التعصّب وجعل
التشيّع موجبا للضعف مطلقا أو في الجملة.
الفائدة
الثامنة عشرة : في أنّ وصف خبير
بأحوال الرجال حديثا بالصحّة المصطلحة شهادة منه بوثاقة رجال السند.
الفائدة
التاسعة عشرة : في بيان مرادهم
بقولهم(ثقة) ، وكشف سكوت النجاشي والشيخ عن الغمز في مذهب الرجل عن كونه إماميا ..
وتذييله ببيان النكتة في إرداف قولهم : (ثقة) في بعض الرجال بقولهم : (صدوق) مع
استلزام العدالة الصدق.
الفائدة
العشرون : في حجية الخبر الموثّق وبيان عدم
اجتماع فساد العقيدة مع العدالة.
الفائدة
الحادية والعشرون : في لزوم التدقيق
في الجرح كالتدقيق في التعديل ، وخطأ ما جروا عليه من المسامحة في الأوّل والتدقيق
في الثاني ، وعدم قدح الخطأ في فروع الاصول في العدالة.
الفائدة
الثانية والعشرون : في نقل عدّة عبائر
للشيخ المفيد رحمه اللّه تفيد توثيق جمع من أصحاب الباقرين والكاظم عليهم السلام.
الفائدة
الثالثة والعشرون : في ردّ ما تداوله
جمع من الأواخر من المبادرة إلى الحكم بإرسال الرواية بمجرد رواية راو عن آخر بغير
واسطة لمجرّد غلبة روايته عنه بواسطة.
الفائدة
الرابعة والعشرون : في جملة أمور
يستفاد منها وثاقة الراوي.
الفائدة
الخامسة والعشرون : في عدم صحّة ما
صدر من جمع من نسبة الغلو إلى جمع من الرواة ، وكذا الوقف.
الفائدة
السادسة والعشرون : في أنّ من ثبتت
عدالته أو حسن حاله لا يناقش في حاله بالحرمان من حضور وقعة الطفّ ما لم يعلم وجه
عدم حضوره.
__________________
الفائدة
السابعة والعشرون : في عدم كون الخروج
بالسيف من أولاد الأئمّة عليهم السلام على إطلاقه دليل الفسق ، وأنّ خروجهم قسمان
: قسم يوجب الفسق ، وقسم آخر لا يوجبه ، وبذيله حكم خروج من خرج معهم من أصحاب
الأئمّة عليهم السلام.
الفائدة
الثامنة والعشرون : في أنّ صحبة
النبيّ صلّى اللّه عليه وآله بمجردها لا تثبت عدالة من اتّصف بها ، بل حال المتّصف
بها في خبره حال غيره ، وفي ذيلها حال أهل بيعة الرضوان.
الفائدة
التاسعة والعشرون : في حكم ما إذا
دلّت الأخبار على عدالة رجل أو حسن حاله وقد جرحه علماء الرجال.
الفائدة
الثلاثون : في فوائد مختصرة
متفرقة :
إحداها : كفاية استقامة الرجل قبل موته
بمقدار واعتداله في الاعتماد على حديثه.
الثانية : عدم كون رواية الرجل ما
يستلزم وثاقته أو مدحه من باب الشهادة للنفس حتّى ترد لذلك روايته تلك.
الثالثة : في بيان مسلك العلاّمة في
الخلاصة وابن داود في رجاله.
الرابعة : تأخّر زمان المحقّق الشيخ
محمّد عن زمان الفاضل الجزائري ، وكون الأوّل متلقّيا من الثاني جملة من المطالب.
الخامسة : حال توثيقات ابن نمير.
السادسة
: في بيان طريقة الشيخ رحمه اللّه في
رجاله.
السابعة
: في نقل كلام الشيخ الحرّ العاملي الباني
على توثيق الأربعة آلاف أصحاب الصادق عليه السلام .. وردّه.
الثامن
: نقل كلام العلاّمة المجلسي رحمه اللّه
في أنّ جلّ تعبير العامة عن الإمام جعفر بن محمّد عليهما السلام هو : الصادق .. ومناقشة
ذلك.
التاسع
: المقصود من وصف بعض الرجاليين للرجل ب
: (المعدل).
العاشر
: كانت العرب تنسب قديما إلى القبائل وبعد
توطّنها المدن والقرى نسبت إليها وضاعت الأنساب ..] .
هذا هو فهرس مقدّمة الكتاب .. كما رتّبه
رحمه اللّه ..
وكان بودّي أن أستدرك هذه الفوائد ـ لقناعتي
بوجود فوائد اخرى كثيرة ـ أو نذكر ما هناك من مناقشات أو ملاحظات عليها منّا أو من
الأعلام ـ كما هو صنيعنا مع كتاب دراية الشيخ الجدّ قدّس سرّه (مقباس الهداية) ..
ـ فكان أن جمعت منها ورتبتها وأثبتّ الكثير .. إلاّ أنّ إنهماكي في تصحيح الموسوعة
وإخراجها واستدراكها .. مع اقتصار الفوائد هذه على مجلّدين من السلسلة (١ و ٢) حال
دون تحقيق هذه الامنية التي
__________________
نسأل اللّه سبحانه وتعالى
أن يوفّقنا لذلك في القريب العاجل .. حيث قد تطبع مستقبلا ـ مستقلا ومنفصلا ـ مفصّلا
.. ومن اللّه التوفيق وعليه التكلان.
كما لا أتطرق للحديث عن هذا العلم
تأسيسا أو تاريخا ، وأدواره وما مرّ عليه وجرى .. بل أقتصر على مقالة السيد الأمين
رحمه اللّه في أعيانه حيث قال
: حصل التهاون في علم الرجال من المتأخّرين في عصرنا وما قرب منه وفي علم الحديث ،
واشتغل الناس عنهما بعلم أصول الفقه ، وصاروا يكتفون في تصحيح الروايات وتضعيفها
بما صححه غيرهم.
أما معرفة حدود تاريخ تأليف هذه الفوائد
الثمينة ، فيظهر مما نصّ عليه قدّس سرّه في آخر الفائدة الثالثة والعشرين من
فوائده حيث قال : وعليك بالمحافظة على ما ذكرناه ، فإنّه ممّا منح اللّه به عبده في
الثلث الأخير من ليلة الجمعة ، من شهر شوال ، سنة ألف وثلاثمائة وثمان وأربعين.
والملاحظ أنّ طبع هذه الفوائد جاء
متأخّرا عن طبع الموسوعة ـ مع أنّي كنت قد حقّقتها وصفّفتها منذ أكثر من خمسة عشر
سنة .. ـ وذلك لسعي لإخراج مجلّدات الشيخ الوالد ـ حفظه اللّه ـ قبلها لإدخل
السرور عليه حتما وكي أحظى برضاه دوما ..
ومع كل هذا اقتصرت في مسعاي على ما
رأيته ضروريا أو مفيدا ـ كما قلت
__________________
ومع كل هذا اقتصرت في مسعاي على ما
رأيته ضروريا أو مفيدا ـ كما قلت سابقا ـ فالمحقّق ـ مهما كان وأنّى كان ـ يحذو
حذو المؤلف ويتبّع أثره ويسير على خطاه .. بعد أن كان النص يقيّده ، والكلمة
تحدّده .. وفكرة المؤلف تشدّه ..
ولا يفوتني في هذه العجالة من تقديم
العذر وطلب النصح عن كلّ زلاتي ونقائص عملي ـ وما أكثرها ـ مع تكرر رجائي من
إخواني الأعلام الأفاضل أن لا يبخلوا عليّ بملاحظاتهم وإرشاداتهم .. سائلا من
المولى عزّ اسمه لهم ولي التوفيق ورضاه والدار الآخرة ..
والحمد للّه أوّلا وآخرا.
|
محمّد رضا
المامقاني
قم ١٤٢٦ ه
|
بسم اللّه الرّحمن
الرّحيم
وبه نستعين
الحمد للّه رب العالمين ، والصلاة والسلام
على أشرف الأنبياء والمرسلين ، محمّد وآله الغرّ الميامين ، سيّما ابن عمّه وصهره وخليفته
علي أمير المؤمنين عليه السلام.
والرحمة والرضوان على فقهائنا الراشدين
، ورواة أحاديثنا المرضيّين.
وبعد ؛ فالعبد الأذلّ الفاني :
عبد اللّه المامقاني
عفى عنه ربّه
ابن الشيخ قدّس سرّه ، يقول :
إنّي كنت موعدا أنّي بعد الفراغ من
مقباس الهداية في علم
الدّراية
__________________
[أن] أصنّف كتابا في علم الرجال ، مستقصيا
لفوائده ، مبيّنا لرموزه ومطالبه ، جامعا لأحوال آحاد الرجال ، باسطا للمقال ، رافعا
للإشكال ، مزيلا للإعضال ، معينا لأهل الاستدلال ، في إثبات الحرام والحلال ، وقد
عاقني عوائق الدهر وجملة من الأشغال ، نحوا من ستّ عشرة من الأعوام والأحوال
، إلى أن ساعدني على الوفاء بالوعد التوفيق والإقبال ، فبادرت إلى ذلك متوكّلا على اللّه ذي الجبروت والجلال ،
خادما بذلك
__________________
لشرع سيّد الرسل ، عليه
وآله صلوات اللّه الملك المتعال ، راجيا منهم الشفاعة لي في الدارين للخلوص في
الأعمال ، وللخلاص من الأهوال ، وسمّيته بـ :
تنقيح المقال في علم
الرّجال
وفّقنا اللّه تعالى لإتمامه على أحسن
حال ، وأن ينفعنا به في المبدأ والمآل ، إنّه الوليّ المتعال :
__________________
وقبل الأخذ في ذلك ؛
فاعلم :
أنّ وضع كتابي هذا إنّما هو لاستعلام
حال من يحتاج إليه في معرفة حال أسانيد الأخبار إلى معرفة حاله. ولذا لا نتعرّض
فيه من تراجم العلماء الأعلام إلاّ لما في كتب الرجال ، صرفا للعمر في الأهمّ ، وإحالة
ذلك إلى الكتب المعدّة للتراجم ك : أمل الآمل ، وتكملته المسمّاة ب : تذكرة
المتبحّرين ، ورياض العلماء ، ومجالس المؤمنين ، وروضات الجنّات .. وغيرها.
نعم ؛ يلزمنا ذكر من عنونوه في كتب
الرجال ، أو كان من علماء الرجال والحديث إن شاء اللّه تعالى .
__________________
وإذ قد عرفت ذلك ؛
فاعلم :
أنّ هذا الكتاب
يتضمّن :
مقدّمة
وفصولا
وخاتمة
__________________
أمّا المقدّمة :
فالكلام فيها في
مقامات :
[المقام] الأوّل
في تعريفه
وقد صدر من أهل الفنّ تعريفات :
فمنها : أنّه : العلم الباحث عن رواة
الأخبار الواردة عن رؤساء الدين ، من حيث الأحوال التي لها مدخل في الردّ والقبول
، وتمييز ذواتهم عند الاشتباه.
فبقيد (البحث عن رواة الأخبار) يخرج
باقي العلوم ، حتّى علم الدراية ـ الباحث عن سند الحديث ومتنه ، دون آحاد رجال
السند ـ.
وبقيد (الورود عن رؤساء الدين) يخرج ما
يبحث فيه عن أحوال رواة السير والتواريخ.
وبقيد (الحيثيّة) يخرج البحث عن الأحوال
التي لا مدخل لها فيه ؛ كالكتب الموضوعة لبيان أحوال الفقهاء والمحدّثين ، الخارجة
عن حيث الوثاقة والديانة.
ويمكن الغنى عن أخذ قيد (الحيثيّة) بدعوى
أنّه الظاهر من التعريف.
وبقيد (تمييز ذواتهم عند الاشتباه) دخل
ما وضع لتمييز المشتركات.
ومنها : ما في لبّ اللّباب
للفاضل الأسترآبادي قدّس سرّه من أنّه : علم يقتدر به على معرفة أحوال الخبر
الواحد صحّة وضعفا وما في حكمها
؛ بمعرفة سنده ، ورواة سلسلته منه
ذاتا ووصفا ، مدحا وقدحا .. وما في معناهما.
قال : فبقيد (أحوال الخبر) يخرج العلوم
الباحثة عن أحوال غيره ؛ كالكلام ، والفقه وأصوله .. وأمثالها.
وبقيد(الصحة والضعف .. ونحوهما) يخرج
علم الدراية الباحث عن أحوال
سند الحديث ومتنه ـ الذي يتقوّم به كتقوّم الإنسان بمتنه وظهره ـ وكيفيّة تحمّله ،
وآداب نقله.
ودخل به أصناف مباحث هذا العلم ؛ إذ قد
يعرف به صحّة الحديث ، وقد يعرف به ضعفه ، وقد يعرف به ما في حكم الصحة في الحجيّة
والاعتماد ؛ ككونه حسنا ، أو موثّقا ، أو قويّا على وجه ، وقد يعرف به ما في حكم
الضعيف
؛ ككونه قاصرا بسبب كون الراوي ممّا اختلف فيه ، أو
__________________
الإهمال والجهل .
وفي حكمه القيد الأخير ، فهو كالتأكيد ،
مع أنّه مخرج لمعرفة حال الخبر بسبب الإجماع
.. ونحوه ، والمعرفة الحاصلة من معرفة السند بغير هذا العلم ، ومقيّد لعموم
كلمة(ما) في قولنا : (ما في حكمهما) بإخراج ما في حكم الضعف بنحو الإرسال ؛ فإنّه
معلوم بمجرّد ملاحظة السند ـ وهو الإرسال الجلي ـ والداخل في الرجال هو الخفي منه .
وكذا ما في حكم الصحة بالانجبار بالشهرة
[ونحوها] ، فإنّه يعلم من الفقه .
وهذا القول بدل من قولنا : (به)بدل
الاشتمال ، ففيه جهة تأسيس.
ودخل بقيد(المدح) أقسامه من البالغ حدّ
الوثاقة .. وغيره .
__________________
والمراد ب : ([ما في] حكم المدح) ما
كان تعلّقه بالخبر ذاتا وبالراوي عرضا
، كما في قولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، للاتّفاق على إفادته
المدح بالنسبة إلى من يقال في حقّه ذلك ، وما في حكم الذمّ واضح. انتهى.
ولا يخلو بعض ما ذكره من النظر ، فتدبّر
.
ومنها : ما ذكره بعض المحقّقين
من أنّه : ما وضع لتشخيص رواة الحديث من حيث هم كذلك
.. ذاتا ووصفا ، مدحا وقدحا.
فبقيد(الوضع)خرج ما كان من علم الحديث والتاريخ
.. وغيرهما ،
__________________
مشتملا على بيان جملة
من الرواة على الوجه المزبور ، فإنّ شيئا من ذلك لم يوضع لذلك ، وكذا علم الكلام ،
سواء خصّصنا
الرواة بغير الأئمّة عليهم السلام أم لا
، كما يشهد بذلك : أنّهم عليهم السلام رووا
عن آبائهم عليهم السلام ، وفي كثير من الأخبار إطلاق المحدّث
عليهم ، وهو بمعنى الراوي ـ كما هو ظاهر هذه الأخبار .. وغيرها ـ وإن خصّصنا
الحديث ـ كالخبر ـ بنفس قول المعصوم عليه السلام ـ كما في بداية الشهيد الثاني رحمه اللّه ـ دون ما يحكيه ، كما هو
صريح غيره.
أمّا على الأوّل ـ وهو تخصيص الرواة
بغير الأئمّة عليهم السلام ـ : فخروج علم الكلام ظاهر ؛ لعدم البحث فيه عن غيرهم
من الرواة.
وأمّا على الثاني ـ وهو تعميم الرواة
لهم ـ : فالوجه في خروج علم الكلام
__________________
أنّ البحث عن حال
الأئمّة عليهم السلام فيه ليس من حيث كونهم رواة ، بل من حيث كونهم أئمّة دعاة إلى
اللّه تعالى ، ولذا زدنا قيد(الحيثيّة) في التعريف .
وخرج بقيد(التشخيص)علم الدراية الباحث
عن سند الحديث ومتنه ، وكيفيّة تحمّله وآدابه
؛ ضرورة أنّ البحث في الدراية ليس صغرويّا
، وليس فيها تشخيص حال راو أصلا ، بل البحث فيها كبروي صرف ، وهو بيان أنّه : كلّما
كانت الرواة جميعا أو بعضا بصفة .. كذا ، فحكمه .. كذا .
__________________
__________________
وإضافة الرواة إلى الحديث.
إمّا للجنس ، وهو الأظهر بالنظر إلى
كليّة العلوم ، وكليّة موضوعاتها ـ وموضوع الرجال هو الرواة ـ.
أو للعهد الخارجي ؛ بالإشارة إلى
المذكورين في أسانيد الأخبار ، وهو الأقرب بالنظر إلى قصر البحث فيه عن الجزئيّات
الخاصّة ، ولا ضير فيه ؛ لأنّ اللّغة أيضا كذلك.
والمراد ب : (الرواة)ليس خصوص الذكور ،
بل ما يشمل الأنثى ، لا وضعا بل تغليبا ، أو استطرادا ، أو لأنّها ـ لقلّتها ـ بحكم
العدم ، فلا يقدح التسمية بـ : علم الرجال.
والمراد بـ : (الحديث) في التعريف : ما
روي عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو أحد الأئمّة المعصومين عليهم السلام ،
أو الصحابي ، أو التابعي ..أو غيرهم ، كما بيّناه في المقباس .
__________________
وأمّا القيود الأخيرة
؛ فللتّعميم والإشارة إلى أنواع البحث فيه ، فإنّ من الرجال من يتشخّص بهذا العلم
ذاته خاصّة ، ومنهم ذاته مع مدحه أو قدحه ـ المراد بهما مطلقهما لا خصوص العدالة والفسق
ـ ففاقد أحدهما قليل جدّا ؛ لأنّ كونه من أصحابنا أو من أصحاب أحد المعصومين عليهم
السلام داخل في وصف المدح ، وقلّ من لم يذكر هذا في حقّه.
والتصريح بكونه مجهولا أو مهملا ـ في
كتب المتقدّمين ـ داخل في وصف القدح ولو بحسب الثمر .
ومع الغضّ عن ذلك كلّه ، فالجواب عن
خروج غير الممدوح والضعيف الاجتهادي ـ أعني المجهول والمهمل ـ في تعبيراتهم أنّهما
ـ لندرتهما أو قلّة الاعتناء بشأنهما ـ كالمعدوم ، وأنّ الوضع لغرض لا يلازم ترتّب
الغرض في جميع المصاديق ، خصوصا إذا كان لمانع سابق أو لاحق
، فيكون البحث عن
__________________
هؤلاء حينئذ من باب
التطفّل.
ولو زيد في التعريف عطف(ما في
حكمهما)على(المدح) [والقدح] لإدخال
المجهول والمهمل ، لم يكن به بأس ، وإن كان ترك ذلك أيضا غير قادح ، بعد ما عرفت
من اندراجهما في المقدوح بحسب الثمر .
__________________
وأمّا المناقشة في التعريف ، بعدم شموله
للمشتركات التي لم يفد شيء من المميّزات تمييز بعضهم عن بعض.
فالجواب عنها كالجواب عن خروج المجهول والمهمل
؛ من أنّها لقلّتها كالمعدوم ؛ وأنّ الوضع لغرض لا يلازم ترتّب الغرض في جميع
المصاديق.
ولا وجه للجواب بخروج تمييز المشتركات
عن الرجال ، وأنّ علمه مغاير لعلم الرجال ؛ إذ التمييز ليس من أحوال الرواة ، والبحث
في الرجال إنّما هو عن أحوالهم .
فإنّ فيه ؛ أنّ تمييز المشتركات من جملة
المباحث الرجاليّة ، وجزء لعلم الرجال ، ولذا ترى أنّ أسباب التمييز كلّها أو
جلّها موجودة في طيّ كلماتهم .. وقد تعرّضوا لتمييز جملة من الرجال المختلف فيهم
في كتب الرجال ، وتمييز المشتركات للكاظمي .. وغيره معدود من أهمّ كتب الرجال.
__________________
وقد أدخله صاحب منتهى المقال في كتابه ،
على أنّ التمييز كالاشتراك من الأحوال .
ودعوىكون المراد بـ : (الأحوال)خصوص وصفي
المدح والقدح ، كما ترى .
__________________
ومنها : ما عن بعض الأواخر
، من أنّه : علم يبحث يه
عن أحوال الراوي ، من حيث اتّصافه بشرائط قبول الخبر وعدمه.
قال : وهذا الحدّ مانع جامع لجميع
مسائل هذا العلم ، ممّا كان له تعلّق بذات المخبر أوّلا وبالذّات ، وبالخبر ثانيا وبالعرض
، كقولهم : إنّ فلانا
__________________
عدل أو فاسق ، لاقى
فلانا أو لم يلاقه ، أو
بالعكس ، كقولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن فلان .. لإفادة ذلك المدح
اتّفاقا لمن يقال في حقّه .
..إلى غير ذلك من التعريفات التي ليس
الغرض من نحوها إلاّ المعرفة في الجملة ، لا الحدّ التام ، ولا المعرفة التامّة
الموجبة للتدقيق في قيودها ـ كما نبّهنا على ذلك غير مرّة ـ ولذا يكفي في التعريف
كلّ من التعريفات المذكورة .. وأمثالها ، وإنّما نقلنا لك عدّة منها لتطّلع على
كلماتهم .
__________________
بقي هنا الإشكال الذي يوجّه إلى جملة من
العلوم ، وهو أنّ العلم في الحقيقة : ما يستفاد منه قواعد كلّية يقتدر بها على
معرفة الجزئيّات الغير المحصورة ، ويحتاج إلى النظر وإعمال القوّة .. وليس هذا
العلم بهذه المثابة ؛ لعدم استناد حصوله إلاّ إلى الحواسّ الظاهرة الخارج إدراكاتها
من زمرة العلوم.
والجواب عن الإشكال :
أوّلا : منع كون العلم حقيقة فيما ذكره
، بل كلّ ما جمع مطالب متناسبة يجمعها عنوان عامّ فهو علم.
وثانيا : إنّ هذا العلم ـ أيضا ـ متضمّن
للقواعد الكلّية التي يقتدر بها على معرفة الجزئيّات ، فإنّه يتضمّن وثاقة جمع ، وضعف
آخرين ، ويقتدر بالاطّلاع
__________________
على ذلك على معرفة
أنّ الحديث الفلاني صحيح ، أو ضعيف ، أو .. غيرهما ، كما لا يخفى .
* * *
__________________
المقام الثاني
في موضوع هذا العلم
ولا ريب في أنّ موضوعه
: رواة الحديث
؛ فإنّ موضوع كلّ علم : ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، والبحث هنا عن عوارض
الراوي ؛ فإنّ المراد بالراوي إن كان هو الجنس ، فالبحث عمّا يعرض لجزئياته ومصاديقه
__________________
من الأوصاف المميّزة
لبعضها عن بعض ، والموجبة لاعتبار قول بعض وعدمه في آخر.
فلا يتوهّم أنّ البحث عن ذوات الجميع أو
الأكثر ليس بحثا عن عوارض الموضوع ولا جزئيّاته ؛ لأنّ الغرض منه تمييزها لا
أعيانها ، كما هو واضح.
ويمكن على هذا جعل البحث عن عوارض نفس
الموضوع ، بناء على جعل الجزئيّة والشخصيّة من عوارض الجنس ، فلا إشكال في البحث
عن الذوات ولو من حيث الأعيان.
وأمّا مع إرادة العهد ؛ فالبحث عن عوارض
الموضوع ، ولا بدّ حينئذ من حمل البحث عن الذوات على ما ذكر ، وإلاّ لم يكن بحثا
عن العوارض ، ومع ذلك :
فربّما يورد في المقام إشكال وهو : أنّ
[من] جملة الأحوال المبحوث عنها هو فسق الراوي ، وهو عرض يعرض الإنسان بواسطة
القوّة الشهويّة والغضبيّة ، وهما أعمّ ؛ لمكان عروضهما للحيوان ، فلا يكون من
الأعراض الذاتية ، فإنّها إنّما تلحق بالذات للحيوان ، وبواسطته تلحق الإنسان.
وردّ ؛ بأنّ صحّة هذا الإيراد مبتنية
على كون العارض للنّوع بواسطة الجزء الأعمّ الذي هو الجنس عرضا غريبا لا ذاتيّا ، وهو
محلّ منع ، بل العدالة والفسق من العوارض الذاتيّة جدّا ، فإنّ الواسطة واسطة في
الثّبوت لا في العروض.
سلّمنا ؛ لكنّ الواسطة مساوية ؛ بداهة
عدم إمكان عروض الفسق والعدالة لغير الإنسان .
وتوهّم أنّ الموضوع ليس مطلق الإنسان ، بل
الموضوع هو الراوي مدفوع ؛ بأنّ البحث عن العدالة والفسق أيضا إنّما هو من حيث
كونهما ممّا له دخل في قبول الخبر وعدمه ، والعدالة والفسق ـ بملاحظة هذه الحيثيّة
ـ ممّا يختصّ بالرواة ، مع أنّه لا ينافي عمومه كونه من الأعراض الذاتيّة ، كما لا
ينافي خصوصه .
__________________
__________________
المقام الثالث
في بيان فائدة علم
الرجال المحتاج إليها
على ما هو المتعارف
في كلّ علم
وقد اختلف التعبير عن ذلك :
فمنهم
: من عبّر ب : الفائدة ، وأطلقها.
ومنهم : من عبّر ب : الفائدة المحتاج
إليها .. نظرا إلى أنّ مطلقها غير موجب للاحتياج ، إلاّ بتكلّف في الحاجة .
__________________
ومنهم : من عبّر ب : وجه الحاجة إليها
.. مريدا الفائدة الخاصّة من مطلق الحاجة في المقام ، مع احتمال الإطلاق لمجرّد
الإشارة إلى عدم لغويّة البحث عنه والاشتغال به .
__________________
[الأقوال في مقدار
الحاجة إلى علم الرجال]
وكيف كان ؛ فقد وقع الخلاف العظيم في
الحاجة إلى هذا العلم وعدمها ، فمعظم الأصوليّين على أنّه محتاج إليه ، بل هو
المشهور ، بل المعروف بينهم ،
__________________
بل استظهر بعضهم عدم
الخلاف المعتدّ به فيه
، وإن كان هو كما ترى ، بعد مخالفة المنكرين لحجيّة أخبار الآحاد.
نعم ؛ كونه المشهور بين المجتهدين ممّا
لا يكاد ينكر ، فقد تسالموا على عدّه بخصوصه ممّا يتوقّف عليه الاجتهاد في كتبهم
الأصوليّة ، وبنوا عليه في كتبهم الفقهيّة .
__________________
وأمّا من نصّ على اختيار خلاف ذلك ، أو
لزمه ذلك ـ على اختلاف مشاربهم ـ فهم ـ على ما أفاده بعض الأجلّة
ـ فرق :
فمنهم : الحشويّة
؛ القائلون بحجيّة كلّ حديث ؛ إذ الجميع حينئذ معتبر
__________________
عندهم ، فلا حاجة
عندهم إلى تمييز الصحيح من السقيم .
نعم ؛ إن كان من مذهبهم التزام الترجيح
عند التعارض بخصوص العدالة والأعدليّة .. ونحوهما دون التخيير أو الطرح أو الترجيح
بغير ما ذكر ـ ممّا يعرف بغير الرجال ـ لزمهم القول بالافتقار حينئذ إن لم يبنوا
على ما يأتي من غيرهم ، لكنّه مع ذلك لا يخرجهم عن مخالفة المشهور القائلين
بالافتقار في غير صورة التعارض أيضا.
ومنهم : المنكرون لحجيّة أخبار الآحاد ؛
بدعوى قطعيّة الأحكام بالكتاب والإجماع والأخبار المفيدة للعلم بتواتر أو استفاضة
..أو غير ذلك ، ممّا لا مدخل لعلم الرجال في حصوله
، كالسيّد
، وابن
__________________
إدريس
، وابن زهرة
.. وأضرابهم
، لكن لا يبعد عدم إنكارهم الحاجة إلى علم الرجال رأسا ، لانتفاعهم به في مقام
الترجيح ، لعدم إمكان إنكارهم لتعارض خبرين محفوفين بالقرائن القطعيّة ، فيحتاجون
حينئذ إلى الترجيح بالأعدليّة الموقوف إحرازها على علم الرجال ، إلاّ أن يمنعوا
الترجيح بالمرجّحات المنصوصة ، لكون الناطق بها أخبار آحاد عارية عن الحجيّة ، فيلتزموا
بالتخيير ، أو التساقط والرجوع إلى الأصل حينئذ.
ومنهم : المدّعون لقطعيّة الصدور في كتب
الأخبار المتداولة بين أصحابنا ، أو خصوص الأربعة المعروفة منها
؛ بزعم استفادته من أمور
__________________
لفّقوها ـ يأتي إلى
بعضها الإشارة ـ ومحصّلها القطع بأخذ ما فيها من الاصول الأربعمائة المعروفة في
عصرهم عليهم السلام ، وعلى هذا أكثر الأخباريّين .
ومن هؤلاء من راعى بعض الإنصاف ، وتحرّز
عن هذا الجزاف ، لكنّه بنى على اعتبار جميع ما في الكتب الأربعة ، لشهادة مصنّفيها
الثّقات بذلك. فأخبارها وإن لم تكن قطعيّة الصدور ، إلاّ أنّها قطعيّة الاعتبار ، فتوافقهم
في الأخير.
ومن خلط بين الطريقتين ، فجمع في
الحكاية بين الطائفتين ، فقد خبط خبطا واضحا إلاّ بالنسبة إلى من قال من الأوّلين
بمقالة الآخرين بطريق التنزّل.
ومنهم : المكتفون بتصحيح الغير مطلقا ؛ وهم
أكثر العلماء ـ على ما يظهر منهم في كتبهم الاستدلاليّة ـ وأمّا الاكتفاء به في
حال الاضطرار ـ لفقد كتب هذا الفنّ ونحوه ـ فليس على خلاف المذهب المشهور .
__________________
ومنهم : المفصّلون بين صورة التعارض .. وغيرها
، بالاقتصار في عدم الافتقار على الأخير.
ومنهم : المفصّلون بين وجود شهرة جابرة
أو مرجّحة وعدمها
؛ بالافتقار في الأخير دون الأوّل ، وهو الذي يظهر من عمل هذه الأعصار .
وأقول : ما هو المشهور بين المجتهدين
الأصوليّين هو الحقّ الحقيق بالإذعان به.
__________________
ولنا على ذلك أمور :
الأوّل
: [إنّ إثبات حجية الخبر والأخذ به موضوعا
إنّما هو من باب .. الوثوق والاطمئنان العقلائي] أنّ الحقّ الحقيق بالقبول ـ كما
نقّحناه في علم الأصول
ـ أنّ العمل بالأخبار إنّما هو من باب الوثوق والاطمئنان العقلائي ، ومن البيّن ـ الذي
لامرية فيه لذي مسكة ـ في مدخليّة ملاحظة أحوال الرجال في حصول الوثوق وعدمه ، وحدوثه
وزواله ، فالأخذ بالخبر من دون رجوع إلى أحوال رجاله تقصير في الاجتهاد ، وهو غير
جائز ، كما لا يجوز الفتوى قبل بذل تمام الوسع ، فتبيّن الحاجة إلى علم الرجال .
__________________
الثاني : [ان الأخذ به موجب لتقديم أحد
وجهى الخبر من الصدق والكذب] الثاني : أنّه لا ريب في أنّ كلّ خبر ـ من حيث هو ـ يحتمل
الصدق والكذب ، فتقديم أحد هذين الاحتمالين على الآخر لا بدّ له من مرجّح ودليل ، لئلاّ
يلزم الترجيح بلا مرجّح ، الذي اتّفق العقلاء على بطلانه وقبحه.
والمرجّح على قسمين : قطعي ، وظني ، وكلّ
منهما إمّا داخلي ، أو خارجي ، والقطعي الداخلي هو التّواتر ، والخارجي هو
الاحتفاف بالقرائن المورثة للقطع ، والظني الخارجي اعتضاد الرواية بالسيرة والشهرة
.. ونحوهما ، والظني الداخلي هو عدالة الراوي ووثاقته ..
والأقسام الثلاثة الأول لا تفي بالفقه ،
فتعيّن الاستناد إلى الأخير أيضا ، وذلك لا يحصل إلا بالاختبار ، ولا طريق لنا
اليوم إلى الاختبار إلاّ المراجعة إلى ما كتب في أحوال الرجال ، وهو المطلوب.
الثالث : [أنّ الأخذ به عملا بالأخبار
العلاجية] الأخبار المستفيضة ـ بل المتواترة معنى ـ العلاجيّة الآمرة بالرجوع عند
تعارض الأخبار إلى الأعدل والأورع والأفقه ؛
فإنّ إحراز
__________________
هذه الصفات في رجال
الإسناد موقوف على مراجعة علم الرجال ، لفقد معاشرتنا معهم ، وانتفاء الشهادة
اللفظيّة فيهم ، فانحصر في الكتبيّة الموجودة في كتب الرجال ، وإن لم نقل بكونها
من باب الشهادة الشرعيّة ، والترجيح بالشهرة ، وموافقة القرآن .. ونحوهما ـ ممّا
لا مدخل للرجال فيه ـ لا يغني عن الأوّل ، وإلاّ لما أمر بالجميع ، كيف وهو أحد
أسباب الترجيح ، ولا ترجيح لها على غيرها ، فلتحمل
الأخبار على تعيين كلّ في طائفة ، أو عند تعذّر الآخر ، أو التخيير.
ويمكن تقرير هذا الوجه بطريق عقلي وهو :
أنّا نعلم يقينا أنّ الأخبار متعارضة ، ونعلم إجمالا بوجود المرجّح لأحد
المتعارضين منها في الواقع ونفس الأمر ، وأنّ الأخذ بأحدهما ـ مع التمكّن من تحصيل
المعرفة بالمرجّح بالرجوع إلى علم الرجال ـ باطل ، لقبح الترجيح بغير مرجّح ، فيلزم
الرجوع بحكم العقل إلى علم الرجال لتحصيل هذا المرجّح ، وهو المطلوب .
__________________
والعجب كلّ العجب من الفاضل النّراقي
، حيث إنّه ـ مع كون أخبار علاج التعارض في الكتب الأربعة التي اعترف بصحّة ما
فيها ـ ناقش في المقام بأنّه لم ينصّ باعتبار الأعدليّة والأوثقيّة ومثلهما
إلاّ في روايتين ، إحداهما : في تعارض الحاكمين ، ولا دخل لها بالمدّعى ، والاخرى
، لا حجيّة فيها ؛ لعدم صحّة سندها.
وليت شعري ، إذا كان عدم صحّة السند
قادحا في الخبر ـ وإن كان موجودا في الكتب الأربعة ـ فما معنى إصراره على صحّة
جميع ما في الكتب الأربعة ..؟!إن هذا إلاّ تناقضا بيّنا!
على أنّ عدم صحّة سند الخبر المذكور غير
قادح بعد تلقّي جميع الأصحاب له بالقبول .
__________________
هذا كلّه مضافا إلى عدم انحصار فائدة
علم الرجال في تصحيح السند ، بل له فوائد اخر لها مدخل في الفقه غير تلك :
فمنها : الضبط والأضبطيّة ؛ وإن كان أصل
الحديث متيقّن الصدور ، لرفع القدح في الحديث بزيادة حركة أو حرف أو نقطة أو
نقصانها .. أو نحوها.
ومنها : إنّ الاتّفاق ـ منّا ومن
الأخباريّة ـ واقع على وجود ما هو تقيّة في الروايات ، وفي الرجال ما هو مبيّن ومحكوم
عليه بأنّه عامي ، فلا بدّ من معرفة الرجال بذلك ليعلم ما هو تقيّة أو غير تقيّة ،
ليؤخذ به أو يطرح.
وأشدّ الحاجة إلى ذلك عند تعارض
الحديثين ، ويكون كلّ منهما موافقا لمذهب العامّة.
والحاصل ؛ إنّ فائدة علم الرجال لا تنحصر
فيما له دخل في تصحيح السند فقط ، بل له فوائد اخر
، فتدبّر.
وربّما احتجّ موافقونا في القول بالحاجة
إلى علم الرجال بوجوه أخر ، فما تمّت دلالته منها يكون دليلا ، وما لم تتمّ دلالته
يكون مؤيّدا لنا.
__________________
أحدها : الأصل ؛ بتقريب أنّه بعد حجيّة
أخبار الآحاد ، ولزوم العمل بها ـ خلافا لعلم الهدى
وأضرابه
قدّس أسرارهم ـ فلا خلاف في جواز ذلك بعد الرجوع إلى أحوال الرجال ، وتمييز
المعتبر منها من غيره ، وجوازه قبل ذلك محلّ خلاف وإشكال ، والأصل عدم الجواز .
ثانيها : إنّ أخبار الآحاد لا تفيد
غالبا إلاّ الظنّ ، وقد تطابق الكتاب والسنة على حرمة العمل بالظنّ ، خرج من ذلك
خبر الواحد المحرز اعتباره بمراجعة أحوال رجال سنده ، وبقي غيره تحت أصالة حرمة
العمل بالظنّ .
ثالثها : إنّ مصير عامّة المجتهدين إلى
الافتقار إلى علم الرجال ولو في الجملة ـ إن لم يفد القطع بالحاجة إلى علم الرجال
ـ فلا أقلّ من إفادته الظنّ بذلك ، فالإقدام على العمل بالخبر ـ من غير مراجعة كتب
الرجال ـ قبيح مذموم عقلا ونقلا.
__________________
رابعها : إنّ أخبارنا قد تضمّنت جملة من
الأخبار الموضوعة ، فلا يجوز العمل بها إلاّ بعد تحقيق حال رجالها.
أمّا الصغرى ؛ فلوجهين : عقلي ، ونقلي.
أمّا الأوّل : فهو أنّه لا ريب في حصول
العلم الإجمالي بوجود الوضّاعين والمندسّين والمدلّسين والمتعمّدين الكذب على
اللّه ورسوله وأوليائه صلوات اللّه عليهم بين الرواة ، والعلم بصدور ذلك منهم حاصل
لكلّ متتبّع لكتب الأخبار ، حتّى أنّ المغيرة بن سعيد قال ـ فيما حكي عنه ـ : فيما
حكي عنه ـ : قد دسست في أخباركم أخبارا كثيرة تقرب من مائة ألف حديث .
__________________
وأمّا الثاني : فلاستفاضة الأخبار بذلك
؛ ففي النبوي صلّى اللّه عليه واله وسلّم المعروف : «ستكثر بعدي القالة عليّ» .
وعن الصادق عليه السلام : «إنّ لكلّ رجل
منّا رجلا يكذب عليه» .
__________________
وعنه عليه السلام : «إنّ المغيرة بن
سعيد [لعنه اللّه] دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي ، فاتّقوا اللّه ولا
تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا [تعالى] وسنّة نبيّنا ..» .
وعنه عليه السلام
: «إنّا أهل بيت صادقون ، لا نخلو من كذّاب يكذب
__________________
علينا ، فيسقط صدقنا
بكذبه» .
وعن يونس أنّه قال : وافيت العراق ، فوجدت [بها] قطعة
من أصحاب أبي جعفر و [وجدت أصحاب] أبي عبد اللّه عليهما السلام متوافرين ، فسمعت
منهم ، وأخذت كتبهم ، وعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها
أحاديث كثيرة أن تكون من أصحاب أبي
عبد اللّه عليه السلام» ، قال [لي] : «إنّ أبا الخطّاب كذب على أبي عبد اللّه عليه
السلام ، لعن اللّه أبا الخطّاب ، وكذلك أصحاب أبي الخطّاب يدسّون من
هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام فلا تقبلوا
علينا خلاف القرآن» .
__________________
وفي جملة من الأخبار ـ الأخبار
العلاجيّة
ـ : «إنّ ما خالف القرآن
..» ، وفي بعضها : «.. ما خالفه وخالف السّنة
__________________
إنّي ما قلته» .
__________________
وفي آخر : الأمر بضرب مخالفه وجه الجدار
..
.. إلى غير ذلك من الأخبار .
__________________
__________________
وأمّا الكبرى ؛ فلأنّ إخراج الموضوعة
عمّا بأيدينا غير معلوم ، وادّعاؤه ـ كما يأتي ـ غير مسموع ، فالعمل بالجميع من
غير تمييز
الموضوع عن غيره بالمقدور قبيح ، مخالف للأخبار المذكورة في الصغرى .
وبعبارة اخرى : العمل بكلّ خبر يقضي
بعدم العمل بشيء من الأخبار إلاّ بعد الفحص والبحث عن صدوره ؛ ضرورة أنّ من جملة
الأخبار ما سمعته في الصغرى ، وهي تمنع من العمل بكلّ خبر ، وإلى ذلك أشار المحقّق
رحمه اللّه في المعتبر
، من ردّ مذهب الحشويّة
بغفلتهم عمّا تحته من التناقض ، وحيث احتجنا إلى التمييز
، فلا خلاف في حصوله بملاحظة حال رجال السند ، وحصوله بغيره كليّا غير ثابت بعد ما
يأتي في توهين دعواه ،
__________________
فلابدّ من الرجوع إلى
علم الرجال عملا بما مرّ في الصغرى من العلم الإجمالي والأخبار ، وإلاّ للزم تحليل
الحرام وتحريم الحلال مع التمكّن من التشخيص والتمييز بالرجوع إلى علم الرجال ، فثبت
لزوم الرجوع إليه ، وهو المطلوب .
خامسها : [لزوم الفحص لعدم اعتبار خبر
الفاسق بل المنع من الأخذ به] إنّ قول الفاسق وخبره ـ مع العراء عن التثبّت وقرائن
الصدق والجابر ـ غير معتبر شرعا ، والعمل به مذموم عقلا ، منهيّ عنه شرعا ، لقوله
سبحانه : (إِنْ جٰاءَكُمْ
فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ..)
الآية ، وحيث إنّ كلّ خبر
لم يحرز حال رجاله يحتمل كون بعض رجاله فاسقا ، لم يجز عند العقلاء الأخذ به قبل
الفحص عن حال رجاله والتثبّت ، وسدّ باب احتمال كون بعض رواته فاسقا ، وذلك لا
يكون إلاّ بمراجعة أحوال رجال السند ، فظهرت الحاجة إلى علم الرجال .
سادسها : [الإجماع على المنع من العمل
بخبر الفاسق العاري عن قرائن الصدق] الإجماع ـ حتّى ممّن عدا الحشويّة من
الأخباريّين ـ على المنع من العمل بخبر الفاسق العاري عن قرائن الصدق ، غاية ما
هناك أنّ الأخباريّة ينازعون في الصغرى ، ويدّعون وجود قرائن الصدق مع كلّ خبر ، ولازمه
عدم جواز العمل بها مع العراء عن قرائن الصدق ، ولا اعتناء بخلاف الحشويّة في
العمل بكلّ خبر حتّى الفاقد للقرينة بالمرّة.
__________________
سابعها : [سيرة العلماء في تدوين كتب
الرجال والرجوع إليها في معرفة الرواة] أنّ سيرة العلماء قديما وحديثا على تدوين
كتب الرجال وتنقيحها ، وتحصيلها بالشراء والاستكتاب ومطالعتها ، والرجوع إليها في
معرفة أحوال الرواة ، والعمل بها ، وقد كان للسابقين ـ كالصدوقين
والشيخين
والفاضلين
..
__________________
وغيرهم ـ فيه مهارة ،
وكانوا يعدّونه في أصولهم من شرائط الاجتهاد
، فهل ترى من نفسك كون ذلك كلّه منهم لغوا وعبثا!؟حاشا وكلاّ! بل عملهم هذا يكشف
عن رضا المعصوم عليه السلام ، ويؤكّد ذلك سيرة الرواة والمحدّثين ، حيث إنّها ـ من
زمن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمّة عليهم السلام ـ قد استقرّت إلى
زمان تأليف الكتب الأربعة ، بل إلى
__________________
تأليف الثلاثة
المتأخّرة ـ الوافي والوسائل والبحار ـ على [الالتزام ب] ذكر جميع
رجال الأسانيد ، حتّى أنّ أحدا منهم لو أسقطهم أو بعضهم في مقام أشار إليهم في
مقام آخر ، كما في الكتب الأربعة ، وصرّحوا بأنّ ذلك منهم للاحتراز من لزوم
الإرسال والقطع والرفع .. ونحوهما
ممّا ينافي اعتبار الخبر ، ولولا أنّ غرضهم اطّلاع المجتهدين على رجال السند ، ومراجعة
أحوالهم حسب المقدور ، وتحصيل الوثوق بآحادهم ، لما تكلّفوا ذكر آحاد السند تماما
، ولو كان بناؤهم على اعتبار الأخبار من غير ملاحظة أحوال الرواة ، لمجرّد الأخذ
من الاصول الأربعمائة أو لغيره من قرائن الاعتبار ؛ لكان تطويل الكتب بذكر جميع
الأسانيد ـ بل تصدّيهم للتعرّض لأحوال الرجال من زمن الشيخ الطوسي ، بل من قبله ، وتصنيفهم
في ذلك إلى الآن ـ لغوا وعبثا ، حاشاهم عن ذلك !
__________________
حجّة النّافين للحاجة إلى علم الرجال ..
وجوه موهونة ، وشبهات واهية لا اعتناء
بها في قبال حجّة المثبت :
أحدها :
[أن العمل بالموثق والحسن بل الضعيف
المنجبر مغن عن التعديل] إنّ مصير الأكثر إلى اعتبار الموثّق ـ بل الحسن بل الضعيف
المنجبر ـ ، ينفي الحاجة إلى علم الرجال ؛ لأنّ عملهم ذلك يكشف عن عدم الحاجة إلى
التعديل.
وفيه : أنّا لا نعتبر الرجوع إلى أحوال
الرجال للتعديل حتّى ينتقض بما ذكره المستدلّ ، وإنّما نعتبره من باب تحصيل الوثوق
بالصدق المبعّد لاحتمال الكذب.
وإن شئت قلت : إنّ الآية قد منعت من
قبول خبر الفاسق من غير تبيّن وتثبّت .. ومراجعة حال الراوي وتحصيل الوثوق العادي
بصدقه نوع تثبّت وتبيّن ؛ فيلزم .
__________________
ثانيها :
إنّ عدالة الرواة لا طريق إليها إلاّ
بالرجوع إلى كتب أهل الرجال الذين أخذوا عدالة الرواة من كتب غيرهم ، وغيرهم من
غيرهم .. ولا يثبت بذلك التعديل المعتبر ؛ لعدم العبرة بالقرطاس ، وأنّ شهادة
الفرع غير مسموعة في المقام ، سيّما مع عدم معلوميّة الأصل ، وحجيّة تزكية الراوي
مبني على ثبوت تزكية المزكّي ، وليس لنا طريق إليه .
وفيه : أنّ التزكية هنا ليست شهادة حتّى
يعتبر فيها ما يعتبر في تلك من الأصالة ، والشفاه .. وغيرها ، وإلاّ لما جاز أخذ
الأخبار من الاصول ، مع أنّها مأخوذة من الاصول الأربعمائة.
بل المقصود من الرجوع إلى علم الرجال هو
التثبّت ، وتحصيل الظنّ الاطمئناني الانتظامي ـ الذي انتظم أمور العقلاء به فيما
يحتاجون إليه ـ وهو يختلف باختلاف الأمور معاشا ومعادا ، ويختلف في كلّ منهما
باعتبار زيادة الاهتمام به ونقصانه ، ولعلّه أحد الوجوه للتسامح في أدلّة السنن
، ولا ريب
__________________
أنّ الظنّ المعتبر
كذلك يحصل بمراجعة كتب الرجال وتزكية الفرع عن الفرع .. ونحو ذلك من اجتماع أمارات
التوثيق.
مضافا إلى منع ابتناء جميع التوثيقات
على الرجوع إلى كتب السابقين ؛ إذ قد يحصل الظنّ بالعدالة الموجب للاعتماد على خبر
الراوي والمخبر بممارسة الرجل للرجل الممارس له ، وقد يحصل بقيام قرائن وعلامات
تنبىء عن حصول الملكة فيه ـ وإن لم يكن معاصرا له ـ فيوجب جواز العمل به لمن حصل
له الظنّ بها ، ولا يستلزم حجّية خبره لو أخبر عنها ليرد علينا جواز التعويل على
تصحيح الغير ؛ فإنّ الظنّ الحاصل بالاجتهاد يجوز للظانّ العمل به ، ولا يجوز للغير
العمل بخبره إلاّ عند عجزه عن الاجتهاد فيه.
نعم ؛ الظنّ الحاصل لغير المعاصر قد
يستند إلى أمارات تكشف عن العدالة بحيث تقبل الشهادة بها ، حيث إنّه لم يلحق
بالاجتهاد الممنوع العمل به للغير ؛ ضرورة عدم ورود دليل على اعتبار تقارن عصر
المعدّل والمعدّل ، ولذا جاز العمل والاعتماد لنا على تزكية النجاشي والكشي والشيخ
.. وأضرابهم ، مع أنا لم نعاصرهم ، ولم يحصل لنا الوثوق بكلامهم إلاّ من جهة
الأمارات الدالّة على وثاقتهم .
__________________
ثالثها :
إنّ من المعلوم إجمالا أنّ جلّ الرواة
بل كلّهم فقدوا العدالة في الجملة ، بمعنى أنّهم لم يستمرّوا عليها من أوّل بلوغهم
إلى زمان وفاتهم ، سيّما لو فسرّنا العدالة ب : الملكة ؛ فإنّ من البعيد غاية
البعد حصول الملكة لهم من أوّل البلوغ مستمرّة إلى حين الوفاة.
سلّمنا أنّ فيهم من كان كذلك ؛ لكنّه
نادر.
سلّمنا عدم النّدرة ؛ لكنّه مشتبه غالبا
، ولا نرى أحدا يتفحّص عن أحوال الرجال كذلك ، ولا عن تقارن زمان الرواية لزمان
العدالة.
فعلى هذا ؛ فلا ثمرة في علم الرجال إلاّ
أن يثبت العدالة واقترانها لحال الرواية ، وأنّى لك بإثباته !
__________________
والجواب :
أوّلا : إنّ شأن أهل الرجال بيان حال
الراوي ، فإذا قيل : إنّ فلانا عدل ، فهو في قوّة : إنّ فلانا الراوي عدل ، فيكون
من باب تعليق الحكم على الوصف ، فيتّحد زمان الرواية والعدالة
، مع أنّ قرينة الحال في وضع كتب الرجال وعدم اعتناء العلماء بهذه الدقّة يكشف عن
ذلك أيضا.
وثانيا : إنّ التزكية تحمل على الزمان
المتأخّر ، فإذا ثبتت عدالته فيه ، كان تقرير العدل لما سبق منه من الروايات ـ مع
لحوق الإجازة به ـ بمنزلة الرواية ، فتقارن زمان العدالة وزمان الرواية ، فكان
إبقاء ما كان من كتبه ومرسوماته ومرويّاته على حاله بمنزلة رواية إجماليّة ، وإجازة
عامّة.
ألا ترى أنّ الشيخ الطوسي مثلا لمّا كتب
التهذيب والاستبصار لم يقل لجميع الناس : ارووا عنّي .. فوضع الكتاب لغرض الرواية وتسويغ
نقل الحديث عنهما ، وحال الاستدامة كحال الابتداء.
فظهر من ذلك أنّ من صنف أصلا ، أو رسم
رواية في حال فسقه ، ثمّ صار ثقة ، ومضى زمن يمكن فيه التغيير على تقدير تعمّد
الكذب ، أو ظهور الخطأ ، ولم يفعل ، جازت الرواية عنه ، ولم يقدح فيه فسقه حال
التحمّل ، أو
__________________
حال الرواية قبل هذه
الحالة ؛ لتحقّق ما يقضي بجواز الرواية عنه ـ وهو الإلقاء أو ما في حكمه ـ حال
العدالة ، متأخّرا كان عن الإلقاء حالة الفسق أو متقدّما عليه ؛ ضرورة عدم قدح
الفسق اللاّحق للعدالة السابقة ، والرواية حالتها.
فظهر من ذلك فائدة ، وهي : إنّ الجماعة
الذين قدحوا فيهم بالوقف والفطحيّة والناووسيّة .. ونحو ذلك ـ ك : أبان بن عثمان
، وعبد اللّه بن بكير ، وعلي بن الحسن بن فضال .. وأضرابهم من الذين وثّقوهم علماء
الرجال يمكن قبول روايتهم ـ حتّى لمن لم يقل بحجّية الموثّق ـ وذلك لأنّ أخبارهم
عن الوقف ونحوه لا بدّ أن تنزّل على الإخبار بذلك بعد حدوثه ؛ ضرورة عدم تديّن أحد
به قبل حدوثه ، وإخبارهم عن العدالة والتّوثيق يمكن حمله على الإخبار عن العدالة
الكائنة قبل زمان الوقف مثلا ، فما علم صدوره قبل الوقف ـ كأن كان الراوي عنه تلك
الرواية مات قبل حدوث الوقف ـ فهو الصحيح قطعا ، وما علم صدوره بعد الوقف ، فضعيف
؛ لأنّ الوقف ونحوه ـ على ما يظهر من الأخبار ـ لم يتديّن به إلاّ من غرّته الدنيا
، أو قصّر في التفتيش عن أمر الإمامة ـ حيث إنّ إمام العصر كان حاضرا ـ فالمتديّن
بغير دينه من أمثال هؤلاء الرواة أو مطلقا إمّا عامد أو جاهل مقصّر ، وأمّا ما لم
يعلم تاريخ صدوره ـ كما إذا كانت الرواية عن الصادق عليه السلام مثلا ـ فالظاهر
أيضا صدوره قبل الوقف ؛ إذ المعلوم من طريقة الرواة ـ سيّما الثقاة منهم ـ حفظ
الروايات بالرسم والضبط في أصل أو كتاب ، وقد مرّ أنّ رسم الرواية كذلك إلقاء لها لمن
أراد روايتها ، ولا يقدح فيه المتأخّر من الفسق أو الموت أو
الجنون .. أو نحو ذلك
من الأمور المانعة من قبول الخبر ، مضافا إلى أنّ المعلوم من طريقة أصحابنا أنّهم
كانوا يسمّون الواقفية : الكلاب الممطورة
، تشبيها لهم بها في وجوب الاجتناب عنهم ، فكيف يعقل مع ذلك أخذ الروايات عنهم حال
الوقف مع عدم روايتهم لها قبله؟!ولا فرق في ذلك بين من علم تاريخ ولادته أو تحمّله
أنّه قبل حدوث المذهب الفاسد أو بعده ، لإمكان عدم تديّنه بذلك في زمان الرواية ، كما
لا يخفى.
فظهر من ذلك صحّة أكثر الموثّقات وحجّيتها
، حتّى على القول بعدم حجّية الموثّق.
ويؤكّد ذلك لو كان الخبر منافيا لمذهب
الوقف أو وجدت أمارات اخر.
__________________
ثمّ إنّه حكي عن ضياء العالمين
أنّه قال : إنّ من الواقفيّة من يقول بوكالة باقي الأئمّة عن الكاظم عليه السلام وخصّ
الكلاب الممطورة بغيرهم ..
فعلى هذا ما ذكره المولى الوحيد رحمه
اللّه ـ من أنّ : رواية من
قيل فيه إنّه واقفي عن الرضا عليه السلام تدلّ على عدم وقفه ، أو رجوعه عنه .. ممّا
لا وجه له ، إلاّ أن يدّعى الغلبة ، ويحمل على الغالب ، فتدبّر جيّدا.
ويقرب من هذا الوجه وسابقيه إشكالات
أوردت على مراجعة أحوال الرجال ، ذكرناها مع أجوبتها في آخر الجهة الثالثة من
الفصل السادس من مقباس الهداية
، فعليك بمراجعتها.
__________________
رابعها :
إنّ علم الرجال علم منكر يجب التحرّز
عنه ؛ لأنّ فيه تفضيح الناس ، وقد نهينا عن التجسّس عن معائبهم ، وأمرنا بالغضّ والتسترّ.
وفيه :
أوّلا : النقض ؛ بالجرح والتعديل في
مقام المرافعات ، وبذكر المعائب في مقام الإشارة إلى المستشير ، مع أنّ الأحكام
الكلّية الإلهيّة أولى من الحقوق الجزئيّة المجوّز فيها ذلك.
وثانيا : الحلّ ؛ تارة : بأنّ من
المقرّر في الاصول سقوط حرمة المقدّمة المنحصرة إذا توقّف عليها واجب أهمّ ، كإنقاذ
الغريق عند كونه أجنبيّة ، أو توقّفه على غصب في الآلة أو الطريق أو غيرهما ، والتوقّف
والأهمّية هنا بديهيّتان.
واخرى : بالمنع من شمول أدلّة المنع من
الغيبة وإشاعة الفاحشة لمثل المقام ، ولو للانصراف إلى غيره.
وثالثة : على فرض شمول أدلّة المنع
للمقام ، فلا بدّ من تخصيصها بما مرّ منّا حجّة للإثبات.
ورابعة : بصدور ذلك عن أئمّتنا عليهم
السلام بالنسبة إلى كثير من الرواة المجروحين بالاعتقاد أو الجوارح.
خامسها :
إنّ جملة من أهل هذا العلم الذي قد بنوا
على أقوالهم في الجرح والتعديل كانوا فاسدي العقيدة ـ وإن لم يكونوا فسّاقا
بالجوارح ـ مثل ابن عقدة ؛ فإنّه كان زيديّا جاروديّا ـ على ما نصّوا عليه
ـ ومثل علي بن الحسن ابن فضّال فإنّه كان فطحيّا فاسد المذهب
، وكثيرا ما يعتمدون على أقوالهم في أحوال الرجال
، والحال أنّ لازم فساد المذهب عدم الاعتماد عليهم في ذلك ؛ إذ لا فسق أعظم من
فساد المذهب.
والجواب :
أوّلا : النقض ؛ [بالعمل] بروايات هؤلاء
، حيث إنّ الأصحاب
__________________
يعتمدون عليها من غير
نكير للإذن من أئمّتنا عليهم السلام في الأخذ بما رووا ، فيلزم من حجّية روايته
حجّية جرحه وتعديله أيضا.
وثانيا : إنّ الاعتماد على أقوال أهل
الرجال ليس من باب البناء على الشهادة ، حتّى يعتبر في صاحبها العدالة ، بل هو من
باب الفحص والتثبّت والتبيّن وتحصيل الوثوق والطمأنينة بحكم اللّه سبحانه ، فلا
يضرّ فساد مذهب بعضهم بعد الوثوق به ، بشهادة أركان الدين ، كما يتضّح ذلك بأمرهم
عليهم السلام بالأخذ بما رواه بنو فضّال
مع كونهم فطحيّة فاسدي العقيدة .
__________________
سادسها :
إنّ الخلاف العظيم في معنى العدالة والفسق
يمنع من الأخذ بتعديل علماء الرجال ، بعد عدم معلوميّة مختار المعدّل في معنى
العدالة ، أو مخالفته معنا في المبنى ، فإنّ مختار الشيخ رحمه اللّه في العدالة
أنّها ظهور الإسلام ، بل ظاهره دعوى كونه مشهورا ، فكيف يعتمد على تعديله من يقول
بكون العدالة هي الملكة ؟!
والجواب :
أوّلا : النقض ؛ بالمرافعات .. وغيرها ؛
فإنّك ترى إنفاذ الحاكم لحكم الحاكم الآخر من دون استعلام أنّ العدالة عند الحاكم
ما هي؟.
وثانيا : ما مرّ من أنّ مراجعة علماء
الرجال إنّما هو من باب التديّن الحاصل على كل حال .
__________________
وثالثا : إنّ عدالة مثل الشيخ رحمه
اللّه والتفاته إلى الخلاف في معنى العدالة تقتضيان إرادته بالعدالة ـ فيمن أثبت
عدالته من الرواة ـ العدالة المتفقّ عليها ؛ فإنّ التأليف والتصنيف إذا كان لغيره
ـ خصوصا للعمل به مدى الدهر ، لا سيّما في هذا الأمر العظيم ـ إنّما يكون على وجه
ينتفع به الكلّ أو الجلّ ، فلا يبنى على مذهب خاصّ إلاّ بالتنبيه عليه.
وبعبارة اخرى ؛ علم الرجال من مقولة
السير والتواريخ ، ولا يقصد هناك إلاّ النقل إلى الغير ، وحينئذ فيلزم أن يكون
الإخبار بالعدالة على وجه يعتمد عليه الجميع ـ لعلمهم بالخلاف في معناها ـ مضافا
إلى أنّ هناك قرائن
__________________
تدلّ على أنّهم
أرادوا بالعدالة معنى الملكة ، وهو أنّا وجدنا علماء الرجال قد ذكروا في جملة من
الرواة ما يزيد على ظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق ، بل على حسن الظاهر بمراتب ، ومع
ذلك لم يصرّحوا فيهم بالتعديل والتوثيق .. ألا ترى أنّهم ذكروا في إبراهيم بن هاشم
أنّه أوّل من نشر أحاديث الكوفيّين بقم !وهذا
يدلّ على ما هو أقوى من حسن الظاهر بمراتب ؛ لأنّ أهل قم كان من شأنهم عدم الوثوق
بمن يروي عن الضعفاء ، بل كانوا يخرجونه من بلدهم ، فكيف بمن كان هو في نفسه فاسقا
، أو على غير الطريقة الحقّة؟!
فتحقّق نشر الأخبار بينهم يدلّ على كمال
جلالته ، ومع ذلك لم يصرّح فيه أحد بالتوثيق والتعديل ، فملاحظة أمثال ذلك تفيد
أنّ مرادهم بالتوثيق إنّما هو إثبات العدالة بالمعنى المتّفق عليه ، وهو الملكة.
ولقد أجاد العلاّمة التستري الشيخ أسد
اللّه عليه رضوان اللّه حيث قال ـ فيما حكى عنه تلميذه : صاحب التّكلمة
ـ : إنّ تعديلهم لا ينتفع به الكلّ .. وهم قد
انتفعوا به ، وتلقّوه بالقبول ، ولم نر من قدمائهم ولا من
__________________
متأخّريهم ما يشير
إلى تأمّل من جهة ما ذكرت ، [بل]
ولا نرى المضايقة التي ذكرت في تعديل من التعديلات ، مع جريانها فيها.
وأيضا
؛ لو أراد المعدّل العدالة
المعتبرة عنده ، كان عليه أن يقول : فلان ثقة عندي ، حذرا من التدليس ، والعادل لا
يدلّس [مع أنّ رواياتهم كذلك ، فتأمل] .
وأيضا ؛ العادل إذا أخبر أنّ فلانا عادل
متّصف بالعدالة المعتبرة شرعا ، فيقبلون ولا يتثبّتون ، فتأمّل.
وأيضا ؛ لم يتأمّل أحد
من علماء الرجال والمعدّلين في تعديل الآخر من تلك الجهة أصلا
، مع إكثارهم من التأمّل من جهات اخر ، بل
هم يتلقّون تعديل الآخر بالقبول حتّى أنّهم يوثّقون بتوثيقه ، ويجرحون بجرحه .
__________________
سابعها :
إنّ الصّحة عند المتأخّرين
لا بدّ فيها من ثبوت العدالة والضّبط والإماميّة في جميع سلسلة السند ، وقلّما
تعرّضوا في أحوال الرجال لجميع ذلك ، بل يكتفون بقولهم : فلان ثقة .. أو من وجوه
أصحابنا .. أو كبارهم .. ونحو ذلك ، ولا دلالة في شيء ممّا ذكر على ما ذكروه ، حتّى
لفظ الثقة ؛ فإنّ غاية مفادها العدالة ، وأمّا الضبط والإماميّة فلا ، سيّما إذا
كان في كلام غير الاثنى عشري.
وبالجملة ؛ فهم يكتفون في الصحّة بأمور
لا دلالة لها عليها بشيء من الدلالات.
ودعوى النقل في جميع ذلك إلى ما استفادوه
منها مجازفة ، أو لا شاهد عليها أصلا.
والجواب :
أوّلا : إنّ لهم في الألفاظ المستعملة
في التوثيق اصطلاحات
__________________
شرحناها في مقباس
الهداية
، وكلام كلّ متكلّم يحمل على مصطلحه ، لتقدّم العرف الخاصّ على العرف العامّ واللغة.
وثانيا : ما مرّ
، من أنّ الغرض من مراجعة علم الرجال التثبّت الحاصل بذلك على كلّ حال ، كما لا
يخفى.
ثامنها :
إنّ كثيرا من تعديلاتهم وتضعيفاتهم مبني
على ترجيحهم واجتهادهم ، ولا يجوز للمجتهد البناء على اجتهاد غيره ، وما ليس من
ذلك فهو شهادة كتبيّة لم يعلم إيقاعها منهم باللّفظ. وقد أجمع أصحابنا ـ وورد [ت] بعض
الأخبار أيضا ـ بعدم العبرة في الشهادة على الكتابة.
وأيضا ؛ فالأغلب أنّها من شهادة الفرع ،
بل فرع الفرع .. وهكذا ، ولا خلاف في عدم اعتبار غير الاولى مطلقا ، ومورد اعتبار
الأولى الأموال وحقوق المخلوقين دون غيرها ، وكون مدح الرواة وقدحهم منها ممنوع .
__________________
وفيه : ما مرّ
من أنّ الرجوع إلى علم الرجال من باب التبيّن وتحصيل الوثوق بالخبر لا من باب
الشهادة الشرعيّة المعتبر فيها اللفظ والتعدّد ، على أنّه يمكن إدراج ذلك في الشهادة
اللفظيّة ؛ بدعوى أنّ لحوق الإجازة بالكتابة يجعلها بحكم الملفوظة ، نظير ما ذكروه
في الوصيّة والإقرار ؛ من أنّ كتابة الموصي والمقرّ ليست وصيّة ولا إقرارا إلاّ
إذا لحق بها قوله : هذه وصيّتي وإقراري .. وكذا قول المجيز : أجزت لك أن تروي عنّي
كتابي هذا .. أو الكتب الفلانيّة .. عناه أنّ هذه رواياتي اروها عنّي ، فكأنّ ما
في كتب الرجال ـ بعد لحوق الإجازة من المشايخ ـ بحكم الملفوظ ، ولو أنكر منكر
الدلالة اللغويّة على ذلك فلا يسعه إنكار قضاء عرفهم به.
وأمّا عدم جواز رجوع مجتهد إلى اجتهاد
غيره ، فإنّما هو فيما يمكنه الاجتهاد فيه ، لا ما تقصر يده عنه فيه ـ كما نحن فيه
ـ ، ولذا ترى رجوعهم إلى كلمات أهل اللّغة ، مع فقد أكثرهم للإيمان فضلا عن
العدالة ، وما ذاك إلاّ لانحصار طريق تحصيل اللّغة في الرجوع إليهم ، فهو رجوع إلى
__________________
أهل الخبرة ، وقد جرت
عادة العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة وإن لم يكن مسلما ؛ مضافا إلى أنّ كون
جميع تعديلاتهم من باب الاجتهاد ممنوع
، بل هي من باب نقل اللاّحق عن السابق كما في اللّغة ، أو بشياع الحال المكتفى به
في العدالة والجرح ، كما في كثير من متقاربي العصر أو متحدّيه مع فقد الملاقاة والمعاشرة
.. أو بقرائن اخر مفيدة للوثوق والاطمئنان.
تاسعها :
إنّ من راجع منتقى الجمان .. وغيره ـ من
كتب الماهرين في معرفة الطبقات ـ يظهر له أنّ جملة من الروايات ـ لا سيّما في كتب
الشيخ رحمه اللّه ـ مرسلة بالمعنى الأعمّ ، لسقوط راو أو اثنين ، وغير العارف
بالطبقة يظنّ الاتصال ، ويصحّح السند بمجرّد وثاقة المذكورين في السند ، وليس كذلك
في الواقع.
__________________
وكذا يظهر له أنّ في كثير من الأسانيد
قد وقع غلط واشتباه في أسامي الرجال ، أو آبائهم ، أو كناهم ، أو ألقابهم ..
وكذا وقع في كثير كلمة المجاوزة بين
شخصين وحقّه العطف ، فبضعف أحدهما يضعف الخبر ، أو العكس فبالعكس ، وكلاهما من
الخطأ. وقد تكون مصحّفة من كلمة(ابن) فيشتبه الراوي ويضعّف بالوالد ، ولا دخل له
بالسند .. إلى غير ذلك.
وأيضا ؛
: إنّ كثيرا ممّا رواه الشيخ رحمه اللّه عن موسى بن القاسم العجلي (
قد أخذه من كتابه ، وهو
أيضا أخذه من كتب جماعة ، فينقل عنهم من غير ذكر الوسائط اتّكالا على ذكرها في
أوّل كتابه ، فينقل الشيخ رحمه اللّه [عن موسى] عن
أحد الجماعة من غير إشارة إلى الواسطة ، فيظنّ الاتّصال مع أنّ الواقع الإرسال ، وجميع
ذلك محتمل في جميع الموارد من الشيخ رحمه اللّه و [من] غيره.
__________________
وممّا يخصّ روايته عن الكافي أنّه قد
يترك أوّل السند اعتمادا على ذكره قبله ، وربّما غفل عنه الشيخ رحمه اللّه فروى
بإسقاط أوّل السند بزعم الاتصال ..
ولازم ما ذكر كلّه عدم العبرة بعلم
الرجال .
وأنت خبير بأنّ غاية ما ينتجه ـ ما أطال
به ـ هو عدم صحّة الاعتماد على تصحيح من لم يكن خبيرا بطبقات الرجال ، مميّزا
للقطع والإرسال. وأين ذلك من عدم الحاجة إلى علم الرجال بالكلّية؟!وعدم إفادة
مراجعته التثبّت والتبيّن والاطمئنان؟!وإنّما يصحّ ما ذكره برهانا لاعتبار كون من
يصحّح السند متضلّعا في أحوال الرجال ، عالما بطبقاتهم ، مجتهدا في الجهات الخفيّة
الراجعة إلى ذلك ، كما هو ظاهر لا سترة عليه ، وهذا حال كلّ من
علم من العلوم ، فإنّه لا يستفيد به إلاّ الخبير بمزاياه وزواياه ونكاته واصطلاحاته.
__________________
وبالجملة ؛ ما زعمه المستدلّ حجّة له
حجّة عليه ؛ لإفادته لزوم الاجتهاد في علمي الحديث والرجال.
وأيضا ؛ لو كان ما ذكره من وقوع الخطأ
في بعض الأوقات من بعضهم موجبا لرفع اليد عن مراجعة أحوال الرجال ، لأوجب رفع اليد
بالنسبة إلى العمل بنفس الأخبار ، لكثرة وقوع أشباه ما ذكر فيها.
وأمّا ما نسبه إلى المنتقى ـ من نفي
وجود أكثر أنواعه في أخبارنا ـ ففيه :
أوّلا : أنّه مناف لما طفحت به عبارات
المنتقى ، كيف وقد وضع الكتاب في الأحاديث الصحاح والحسان؟!
وثانيا : إنّ نفي وجود أكثر أنواعه فيها
مبني على مبناه من اعتبار التعدّد في المزكّي ، فلا يتمّ على مسلك المشهور.
وثالثا : إنّ اعتراف البعض ـ على فرض
ثبوته ـ إنّما يقدح في حقّه ، لوضوح عدم مضيّ إقرار أحد في حقّ غيره.
عاشرها :
إنّ أكثر أسامي الرجال مشتركة بين عدل
أو ممدوح .. وغيره ، وأكثر أسباب التمييز لا تفيد إلاّ أقلّ مراتب الظنّ المنهي عن
العمل به عقلا ونقلا ، كتابا وسنّة وإجماعا. وكيف يجوز القول باعتبار مثل هذا
الظنّ ..؟!وهذا بخلاف ما يحصل من الشواهد على اعتبار أخبار الكتب المعتبرة من
القطع أو الظنّ القوي المتآخم للعلم.
وفيه ؛
أوّلا : إنّ جملة من الأسانيد لا اشتراك
في رجالها ، وما فيه اشتراك فجملة من أسباب التمييز ممّا يفيد الاطمئنان .
وثانيا : إنّا إنّما اعتبرنا الرجوع إلى
علم الرجال حسب الوسع والطاقة ، وخروج التمييز في بعض الموارد عن طوع الوسع لا
يسقط التكليف عن الرجوع إليه بقدر الوسع .
حادي عشرها :
إنّ أحاديثنا كلّها قطعيّة الصدور عن
المعصوم عليه السلام ، وما كان كذلك فلا يحتاج إلى ملاحظة سنده .
__________________
أمّا الكبرى ، فظاهرة.
وأمّا الصغرى ؛ فلأنّ أحاديثنا محفوفة
بقرائن تفيد القطع :
فمنها : القرائن الحاليّة والمقاليّة في
متونها واعتضاد بعضها ببعض ، وكون الراوي ثقة في نفسه أو في الرواية ، غير راض
بالافتراء ولا متسامح في أمر الدين فيأخذ الرواية من غير ثقة أو مع فقد قرينة
الاعتبار.
ومنها : نقل العالم الثقة الورع له في
كتابه المؤلّف للإرشاد ورجوع الشيعة إليه.
ومنها : كون راويها ممّن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصحّ عنه على المعنى الظاهر الذي عليه الأكثر ، المبيّن في مقباس
الهداية .
ومنها : كون راويها ممّن نصّ في
الروايات على توثيقه ، وأمر بالأخذ منه ومن كتابه ، أو أنّه المأمون في أمر الدين والدنيا
..
ومنها : وجودها في الكتب الّتي شهد
مؤلّفوها بصحّة ما فيها من الأخبار ، وأنّهم أخذوها من الكتب المعتمدة والاصول
المعتبرة التي إليها المرجع ، وعليها المعوّل .
__________________
وأنت خبير بأنّ شيئا ممّا ذكر ـ بل ولا
جميعها ـ لا يقتضي كون أحاديثنا كلّها قطعيّة الصدور ، وغاية ما يمكن أن يسلّم هو
إفادتها الظنّ القوي في جملة من الأخبار ، وهو لا يغني عن ملاحظة أحوال الرجال ؛ ضرورة
أنّ احتمال إيراث مراجعة أحوالهم زيادة الاطمئنان أو زواله بالمرّة يكفي في وجوب
الرجوع بعد ما علم من لزوم بذل تمام الجهد في تحصيل الحكم الشرعي ، وعدم جواز
المسامحة فيه بوجه ، وعدم حجّية مطلق الظنّ إلاّ عند العجز عن تحصيل العلم أو
الاطمئنان ،
كما لا يخفى .
والعجب كلّ العجب من صاحب المستند ـ حيث
إنّه بعد جعل أحد احتمالات الحاجة إلى علم الرجال ؛ توقف تحصيل الظنّ القوي الواجب
تحصيله في مقام الاستنباط على علم الرجال ، ثمّ ردّه بمنع وجوب تحصيل
__________________
الظنّ بالأقوى ـ قال
: وما الدليل الذي يدلّ على أنّ الخبر الذي هو حجّة هو ما يكون ظنّه أقوى ، مع
أنّه لو أخذ بغير الأقوى أيضا ـ مع عدم التعارض ـ ينتفي فائدة علم الرجال أيضا ، وإن
تركته فيلزم الاقتصار على نادر من الأخبار ؛ إذ لا يوجد خبر إلاّ ويوجد أقوى
منه؟!. انتهى المهمّ من كلامه زيد في إكرامه .
وهو من غرائب الكلام ، وسخائف الأوهام ؛
ضرورة انحصار طريق حجّية الخبر ـ عند التحقيق في بناء العقلاء ـ على اعتبار الخبر
المطمئنّ به ، ولا ريب عند كلّ ذي مسكة في كون مراجعة الرجال من أسباب حصول
الاطمئنان ، وحينئذ فنطالبه بالدليل على حجّية مطلق الخبر المظنون الصدور عند
إمكان تقوية الظنّ بصدوره ، بل الأصل عدم حجّيته إلاّ عند العجز عن تحصيل الظنّ
الأقوى ، لقاعدة الانسداد الغير [كذا] الجارية ، مادامه [كذا] قادرا على تحصيل
الظنّ الأقوى.
__________________
ثاني عشرها :
إنّ أخبار الكتب الأربعة قطعيّة
الاعتبار وإن لم تكن قطعيّة الصدور عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، وذلك لمكان
شهادة المحمّدين الثلاثة على صحّة ما في كتبهم ؛ فإنّ الصدوق رحمه اللّه قال في
أوّل الفقيه : إنّي لا أورد في هذا الكتاب إلاّ ما أفتي به وأحكم بصحّته ، وهو
حجّة بيني وبين ربّي .
وقال الكليني في أوّل الكافي
ـ مخاطبا لمن سأله تصنيفه ـ : وقلت : [إنّك] تحبّ أن يكون عندك كتاب كاف يجمع [فيه]
من جميع فنون علوم
الدين ، ما يكتفي به المتعلّم ، ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه من يريد علم
الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام ، والسنن القائمة التي
عليها العمل ، وما يؤدّي
فرض اللّه عزّ وجلّ وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .. إلى أن قال : ولقد
يسّر اللّه تعالى ـ وله الحمد ـ تأليف ما سألت ،
__________________
وأرجو أن يكون بحيث
توخّيت .
انتهى .
والشيخ رحمه اللّه قال في العدّة
: إنّ ما عملت به من الأخبار فهو صحيح. انتهى.
والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنّ ما نسب إلى العدّة لم يوجد
منه فيها عين ولا أثر ، ولو كان فلا دلالة فيه على كون جميع ما في التهذيبين
معمولا به له حتّى يكون قد شهد بصحّة الجميع ، وأمّا ما في أوّل الفقيه ، فقد نصّ
جمع ـ منهم شريك المحدّثين في المسلك ، المحدّث البحراني قدّس سرّه فيما يزود على
أربعين موردا من كتابه
ـ بأنّ الصدوق رحمه اللّه لم يلتزم في
__________________
أثناء الكتاب بما وعد
به في أوّله ، وذلك ظاهر عند كلّ من لاحظ الفقيه ، فإنّه كثيرا ما يورد خبرا ويفتي
بخلافه ، والعدول عن القول في كتب العلماء أمر شائع ذائع
؛ مع أنّ كلامه غير صريح ـ بل ولا ظاهر ـ فيما حاول المحدّثون إثباته ، بل هو ظاهر
أو صريح في الإخبار عن الفتوى
، لأنّ معرفة صحة الحديث كمعرفة الحكم الشرعي من المسائل الاجتهاديّة ، فكما أنّ
فتوى الفقيه ليس حجّة إلاّ في إثبات أنّ رأيه ذلك ، فيثمر ذلك بالنسبة إلى مقلّديه
في العمل به ، وبالنظر إلى غيره في تحصيل الشهرة ونحوه ، فكذا الإخبار عن صحّة
الحديث ظاهر في بيان اعتقاده الاجتهادي فيما بينه وبين ربّه.
وأيضا ؛ كون ما فيها مأخوذا من الكتب
المشهورة التي عليها المعوّل في الرجوع إليها عند الاحتياج إلى خبر لا يقضي بأنّ
جميع ما فيه متّفق على جواز العمل به ، بل المراد أنّ تلك الكتب يعوّل عليها من
حيث صدق ما ذكروه من الأسانيد وإن كان ضعيفا ، فمعناه التعويل على النسبة ؛ ضرورة
أن التعويل على كلّ كتاب ليس إلاّ تصديقه فيما أنشأ به ، ولم ينشىء إلاّ أنّ هذا
الخبر رواه
__________________
فلان .. عن فلان ..
وأيضا ؛ لو كان مثل هذا القول كافيا
للمجتهد في الحكم بصحّة الدليل لكان جميع ما تضمّنته كتب الأصحاب من أدلّة الفتاوى
حجّة ؛ للعلم بأنّه لا يستند في إثبات الحكم إلى ما لا يعتقد حجّيته.
وأمّا ما في الكافي .. فلا دلالة فيه
على مدّعاهم ؛ لأنّك إذا تأمّلته تجده دالاّ على أنّ الكتاب مشتمل على الآثار
الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام .. ونحن لا ننكر ذلك ، لا أنّ جميع ما فيه صحيح
..
وكون الكتاب جامعا لجميع فنون علوم
الدين .. غير أنّ جميع ما فيه صحيح يجوز الأخذ به من غير ملاحظة سنده من حيث
الصحّة والفساد ، مع أنّ جواز أخذ السائل منه بعض الأخبار يحتمل أن يكون على جهة
التقليد ، وهو لا يثبت صحّة جميع الأخبار التي فيها
بالنظر إلى المجتهدين ، فيكون ذكره لجميع رجال الأسانيد ، وبيانه مراده من بعض
الألفاظ ـ كقوله : عدّة من أصحابنا ـ ضابطا واضحا وقرينة قويّة لإرادته تهيئة
مقدّمة تمييز الصحيح من غيره بالنسبة إلى غير مقلّديه ، وكاشفا عن فتواه بمضمون ما
صحّ سنده عنده لهم.
ولو تنزّلنا عن ذلك كلّه نقول : إنّ ما
في الكافي لا يثبت مدّعى الخصم ، لعدم وفائه لجميع الفروع ، وعلى فرض كون أخباره
بحكم الصحيح ، فما حال أخبار باقي الكتب المحتاج إليها إلاّ حال مطلق الخبر
المحتاج فيه إلى
__________________
التثبّت .. والرجوع
إلى علم الرجال نوع تثبّت .
ثانيهما : ـ بعد الإغماض عن الأوّل ـ أنّ
أخبارهم بصحّة ما في كتبهم شهادة يعتبر فيها التعدّد ، وتعيين المشهود به من
الروايات والرواة ، وكون الشهادة لفظيّة ، وعن حسّ وحياة الشاهدين .. وكلّ ذلك
منتف في المقام ؛ ضرورة عدم تعيين الرواية والرواة في كلام اثنين بحيث تتوارد
الشهادتان على أمر واحد ، وعدم كون شهادتهم لفظيّة بل كتبيّة ، وكون شهادتهم عن
حدس واجتهاد لا [عن] حسّ ، وعدم حياتهم .
فإن قلت : إنّ المراد منه ليس الشهادة
المتعارفة المصطلحة ، بل مجرّد الخبر.
قلنا : إنّه لم يقم دليل معتبر على
حجّية خبر العادل على سبيل الإطلاق على وجه يشمل الأخبار لا عن حسّ.
__________________
سلّمنا ؛ لكنّهم يخبرون بصحّتها عندهم ،
وهو لا يجدي بالنسبة إلى غيرهم من المجتهدين ، سيّما بعد وضوح كون صحّتها عندهم
ناشئة من الترجيح والرجوع إلى أحوال الرجال .. أو غير ذلك ، فهي بالفتوى أقرب من
الشهادة والخبر ، بل هي منها ؛ لكونها إخبارا عمّا اجتهد فيه في المسألة الأصولية
، وهي مسألة حجّية أخبار الآحاد.
فإن قلت : إنّ مورد خبرهم الواقع.
قلنا : لكنّا نعلم أنّ طريقه إنّما هو
فهمهم وحدسهم ، ولا دليل على تصديق مثل هذا الخبر تصديقا خبريّا ، بل هو إنّما
يصدّق تصديقا مخبريّا ، بمعنى عدم حمله على الكذب بحسب اعتقاده.
فسقط بما ذكرنا كلّه ما صدر عن جمع من
المحدّثين ـ منهم قاشانيّهم في الوافي
ـ من قول : إنّ مدار الأحكام الشرعيّة [اليوم] على هذه الاصول الأربعة ، وهي
المشهود عليها من مصنّفيها بالصحّة ، [ولا مدخل لما ذكر في ذلك] فإن كانوا لا
يعتمدون على شهادتهم بصحّة كتبهم ، فلا يعتمدوا على شهادتهم وشهادة أمثالهم في
الجرح والتعديل أيضا. انتهى.
فإنّ فيه : ما عرفت من المنع صغرى وكبرى.
وأوهن منه قوله
بعد ذلك : وأيّ فرق بين الأمرين. انتهى.
__________________
فإنّ فيه : وضوح الفرق بين المقامين ، فإنّ
مقامات الإخبارات تختلف في الظهور :
ففي ما صنّف في الجرح والتعديل كتاب
يرجع إليه من احتاج إلى الجرح والتعديل في تصحيح الأخبار يظهر من المخبر إرادة
التزكية.
وفي مقام بيان الفتوى والاستدلال عليه
يظهر منه إرادة الإخبار عن الفتوى ، وعن أنّ الدليل لذلك حجّة على زعمه.
وفي مثل الكتب الأربعة المذكورة فيها
سند الأدلّة يظهر من المخبر إرادة بيان فتواه وإراءة مستندة ، حتّى يستند إليه من
بعده من المجتهدين إن اطمأن بصحّة الدليل.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا وضوح حاجة
المجتهد في اجتهاده إلى علم الرجال ، لتوقّف استفراغ الوسع في تحصيل الحكم الشرعي
الواجب عليه على مراجعته .
__________________
ومن هنا ينبغي القول بعدم جواز اعتماد
المجتهد في المخبر
على تصحيح الغير مع إمكان مباشرته للتصحيح ؛ ضرورة عدم حصول استفراغ الوسع منه
حينئذ ، كما لا يحصل استفراغ تمام الوسع بالاعتماد على قول علماء الرجال من دون
اجتهاد في علم الرجال. وقد قضى الوجدان بأنّ جمعا ممّن لم ينصّ علماء الرجال
بتوثيقهم في كتبهم الموضوعة لذلك قد حصل لنا ببذل الجهد العلم بوثاقتهم ، كإبراهيم
بن هاشم ، حيث وجدنا من ابن طاوس في كتابه البشرى
دعوى الاتّفاق على أنّه ثقة عدل .
__________________
تذييل وتنقيح :
يتضمّن أمورا :
[الأمر] الأوّل :
إنّه ربّما زعم بعض أواخر الأخباريّين
لفظيّة النزاع بين الأصوليّين والأخباريّين ، حيث قال
: إنّ الاطمئنان حاصل بصحّة الاصول فلا يحتاج إلى علم الرجال. وهذا هو العلم
العادي ، وهو يحصل بخبر الثقة الضابط المتحرّز عن الكذب ، بل وغير الثقة إذا علم
من حاله أنّه لا يكذب ، أو دلّت القرينة على صدقه ، وهذا هو الذي اعتبره الشارع في
ثبوت الأحكام عند
__________________
الرعية ، وقد عمل
الصحابة وأصحاب الأئمّة عليهم السلام بخبر العدل الواحد ، وبالمكاتبة على يد الشخص
الواحد ، ولا ينافي هذا الجزم تجويز العقل خلافه ، نظرا إلى إمكانه ، كما لا ينافي
العلم بحياة زيد الذي غاب عنّا لحظة تجويز موته فجأة ، و [من] تتبّع كلمات العرب
ظهر له أنّ إطلاق العلم على ذلك حقيقة عندهم.
والحاصل ؛ أنّ الاطمئنان يجوز العمل به
، فإن شئت فسمّه : علما ، وإن شئت فسمّه : ظنّا ، فالنزاع بين الأخباريّين وبين
المجتهدين لفظي. انتهى.
وأقول : في جعله النزاع لفظيّا من النظر
ما لا يخفى ؛ فإنّه خلاف صريح كلماتهم ، كالنظر في تسمّية ما ذكره علما عاديا ، فإنّ
العلم العادي ما لا يحتمل النقيض أصلا مادام الشخص عالما بواسطتها ، ككون الجبل
حجرا ؛ فإنّه لا يحتمل النقيض حال العلم بأنّه حجر ، سواء كان في شيء من الأوقات
أو دائما.
والحاصل ؛ أنّه مادامت العادة تقتضي
انتفاء النقيض فلا احتمال للنقيض ، وذلك لا ينافي إمكان تبدّل الحجر ذهبا بالذات
من حيث القابليّة ، وعموم قدرة اللّه تعالى ، وأمّا مجرّد الاطمئنان وعدم الدغدغة
الحاصل للشخص من جهة عدم الالتفات إلى ما يوجب زوال العلم فليس بعلم حقيقة وفي نفس
الأمر ، بل هو جزم حصل للشخص ، ويتفاوت بتفاوت الأشخاص من حيث التنبّه للاحتمالات وعدمه.
فالأولى أن يسمّي ما يدّعيه من الجزم أو الاطمئنان ب : العلم العرفي لا العادي
الذي هو مثل العلم العقلي في عدم احتمال النقيض مادام العلم والعادة.
ثمّ مع ذلك ؛ فدعواه بالنسبة إلى جميع
أخبار الكتب الأربعة ، أو الكتب المعتمدة .. كما ترى ، سيّما بعد تمادي الأيّام
المتطاولة ، وسنوح السوانح ، ووقوع ما وقع من الغفلات والزلاّت والاشتباهات ، واحتمال
تداخل الاصول المعتمدة بغيرها ، فإنّ من الاصول ما قد وقع القدح في أربابها ، ك :
علي بن [أبي] حمزة ، والسكوني ، والحسن بن صالح بن حي ، ووهب بن وهب القرشي ، ومحمّد
بن موسى الهمداني ، وعبد اللّه بن محمّد العلوي ، ومحمّد ابن علي الصيرفي ، ويونس
بن ظبيان ، ومحمّد بن سنان .. ونظائرهم ، ونسبوا كثيرا منهم إلى الإضطراب والتشويش
، ورداءة الأصل ، والضعف .. وورد في حقّ كثير منهم ذموم ، كما لا يخفى على الخبير
المتفحّص.
[الأمر] الثاني :
إنّه قد ظهر لك ممّا حرّرناه أنّ
اللاّزم على الفقيه هو بذل تمام الجهد والوسع في تحصيل الاطمئنان بالحكم الشرعي ، فيلزمه
مراجعة كلّ ما يحتمل مدخليّته في زيادة الوثوق والاطمئنان ، ومن ذلك علم الرجال ، فإنّ
اعتبارنا لمراجعته إنّما هو من باب توقّف استفراغ الوسع وبذل تمام الجهد على ذلك ،
وقد مرّ أنّا لم نعتبر توثيقهم من باب الشهادة المصطلحة ، لفقد ما يعتبر فيها من
الحسّ والحياة واللّفظ في ذلك وإنّما اعتبرناه من باب إيراث الوثوق والاطمئنان
بصدور الخبر ، ولذا نقول بحجية كلّ خبر حصل الاطمئنان بصدوره ، صحيحا كان أو
موثّقا ، أو حسنا ، أو قويّا ، أو ضعيفا منجبرا بالشهرة.
ولا نقول بحجّية الخبر الصحيح الأعلى
إذا كان معرضا عنه بين الأصحاب ؛ ضرورة كشف إعراضهم عنه ـ مع كونه بين أظهرهم ـ عن
سمّية فيه ، وسلبه الوثوق بصدوره ، ولذا تداولوا أنّ الخبر كلّما ازداد صحّة واعتبارا
ازداد بسبب إعراض الأصحاب عنه ضعفا وانكسارا.
نعم ؛ لا يخفى أنّ الإعراض مانع من
العمل بالخبر لسلبه الاطمئنان به ، لا أنّ عمل الأصحاب شرط في حجّية الخبر
المطمئنّ به ، وتظهر الثمرة في الخبر الموثوق به الذي لم يحرز عمل الأصحاب به ولا
إعراضهم عنه ، فإنّه حجّة على ما اخترناه دون بناء على شرطيّة العمل .. ولكن لا
دليل على الشرطية المذكورة ، والأصل يدفعها.
وأمّا مانعيّة الإعراض ؛ فمنشأها ما
لوّحنا إليه من سلبه الوثوق بالخبر ، ولذا لا يقدح احتمال الإعراض ما لم يتحقّق ويحرز
، فتدبّر.
[الأمر] الثالث :
إنّه قد صدر من الأصحاب الإفراط والتفريط
في هذا الباب :
فمن الأوّل ؛ ما عليه جماعة ـ منهم ثاني
الشهيدين رحمهما اللّه من
__________________
قصر الحجّية على
الصحيح الأعلى المعدّل كلّ من رجاله بعدلين ، نظرا إلى إدراج ذلك في البيّنة
الشرعيّة ، التي لا تختصّ حجّيتها بالمرافعات على الأقوى ، لما نطق بذلك من
الأخبار الصحيحة ، مثل قوله عليه السلام في خبر مسعدة بن صدقة : «والأشياء كلّها
على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة»
حيث جعل عليه السلام قيام البيّنة رديفا للاستبانة والعلم.
ووجه كون هذا المسلك إفراطا أنّ طريق
الإطاعة موكول إلى العقل والعقلاء ، ونراهم يعتمدون في أمور معاشهم ومعادهم على
كلّ خبر يثقون به من أيّ طريق حصل لهم الوثوق والاطمئنان ، فلا معنى لقصر الحجّية
على الصحيح الأعلى ـ كما عليه جمع ـ ، ولا مطلق الصحيح ـ كما عليه آخرون ـ ، ولا
هو والموثّق والحسن ـ كما عليه ثالثة ـ بل المدار على حصول الوثوق
__________________
والاطمئنان من أيّ
سبب كان ، بعد عدم تقصير المجتهد في بذل وسعه وصرف جهده ، مع أنّ إدراج توثيق
علماء الرجال في عنوان الشهادة المصطلحة ـ ليشمله قوله عليه السلام : «أو تقوم به
البيّنة ..» ـ اشتباه عظيم ، بعد فقده لجميع شروط الشهادة من الحسّ والحياة واللّفظ
؛ ضرورة كون توثيقاتهم حدسيّة اجتهادّية ، وهم ميّتون وليسوا بأحياء ، وشهاداتهم
كتبيّة لا لفظيّة .
ومن
الثاني ؛ ما صدر من جماعة
ـ منهم : الشيخ الأمين
__________________
الأسترآبادي رحمه
اللّه ، والشيخ الحرّ
العاملي رحمه اللّه في خاتمة وسائل الشيعة
، والمحدّث البحراني في مقدّمات الحدائق
..
__________________
وغيرهم من المحدّثين
، وصاحب المستند
من الأصوليّين ـ من القول بحجّية جميع أخبار الكتب الأربعة وأضرابها من الخصال ، والعيون
، والعلل .. ونحوها ، [الوجوه الملفقة لإثبات حجية أخبار الكتب الأربعة خاصة .. وجوابها]
نظرا إلى وجوه لفّقوها ، زعموا وفائها بالدّلالة على حجّية أخبار الكتب الأربعة ، وغناء
المجتهد في العمل بها عن مراجعة أحوال الرجال ، وأصرّوا على ذلك غاية
__________________
الإصرار ، وينبغي نقل
شطر منها ، والإشارة إلى قصورها عن إثبات مقصدهم.
ما ذكروه بتقريرات متقاربة
، وهو : إنّ المعلوم بالتواتر
__________________
والأخبار المحفوفة
بالقرائن القطعيّة أنّه كان دأب قدماء أصحابنا المعاصرين للأئمّة عليهم السلام إلى
زمان المحمّدين الثلاثة ، في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة ، ضبط الأحاديث وتدوينها
في مجالس الأئمّة عليهم السلام .. وغيرها والمسارعة إلى إثبات ما يسمعونه ، خوفا
من تطرّق السهو والنسيان ، وعرض ذلك عليهم ، وكانت هممهم
__________________
مبذولة على تأليف ما
يعمل به الفرقة المحقّة ، وعرضه على الأئمّة عليهم السلام.
وقد صنّفوا الاصول الأربعمائة من
أجوبتهم ، وما كانوا يستحلّون الرواية ما لم يجزموا بصحّتها ، وقد عرضوا على
الصادق عليه السلام كتاب عبد اللّه بن علي الحلبي فاستحسنه ، وعلى العسكري عليه
السلام كتاب يونس ابن عبد الرحمن ، والفضل بن شاذان فأثنى عليهما.
وكانوا يوقفون شيعتهم من أحوال
الكذّابين ، ويأمرونهم بمجانبتهم ، وعرض ما يرد من جهتهم على الكتاب والسنة ، ويستبعد
أنّ ثقاة أصحاب الأئمّة عليهم السلام إذا سمعوا من أئمّتهم مثل ذلك أن يستحلّوا
بعد ذلك نقل ما لا يثقون بصحّته ، مع أنّ ما يظهر من بعض الأحاديث أنّ الأخبار
التي يدسّونها إنّما كان من أحاديث الكفر والزندقة والإخبار بالغرائب .. ومن علم
سيرة الأصحاب يعلم ما ذكر ، حتّى أنّهم شدّدوا الأمر في ذلك ، حتّى ربّما تجاوز
الحدّ ، بل كانوا يجانبون الرجل بمجرّد التهمة بذلك ، كما وقع لأحمد بن محمّد بن
عيسى مع البرقي وسهل بن زياد.
ومن الظاهر أنّه مع شهرة الأمر في
معدودين لا يعتمد أحد ممّن اطّلع على أحوالهم على رواياتهم إلاّ بعد اقترانها بما
يوجب صحّتها.
وقد نقل الصدوق رحمه اللّه في العيون
حديثا ، في سنده محمّد بن
__________________
عبد اللّه المسمعي ، فقال
: كان شيخنا أبو الوليد
يسيء الرأي فيه ، [راوي هذا الحديث] وإنّما أخرجنا
هذا الخبر في هذا الكتاب ؛ لأنّه كان في كتاب الرحمة ، وقد قرأه عليهم فلم ينكروا .
فانظر إلى شدّة احتياطهم في عدم نقل ما
لا يثقون به ، وما كانوا يستحلّون الرواية بمجرّد الوجدان ، بل يروون ما روي لهم ،
أما سمعت أنّ أيّوب بن نوح دفع دفترا إلى حمدويه فيه أحاديث محمّد بن سنان ، فقال
[لنا] : إن شئتم أن تكتبوا
ذلك فافعلوا ، فإنّي كتبت عن محمّد بن سنان ، ولكنّي لا أروي لكم عنه شيئا
، فإنّه قال قبل موته : كلّ ما حدّثتكم به لم يكن سماعا لي ..!
__________________
مضافا إلى أنّ الثقة الضابط العالم إذا
جمع كتابا في الأحاديث في زمان تكثر فيه القرائن ، بل يمكن تحصيل العلم غالبا ، سيّما
مع وجود الاصول ـ المعتبرة المعروضة على المعصوم ـ المختلفة من أيدي الثقاة العدول
، ويريدون كونه مرجعا للناس ودستورا لهم ، ويقرب زمانهم من زمان الحجّة ، ويتمكّن
من تمييز الصحيح عن الفاسد ، لا يجمع إلاّ ما ظهر له صحّته ، سيّما مع شدّة
الكذّابين ، فوثاقة أرباب الكتب الأربعة .. وأضرابها وجلالتهم تقضي بعدم التقصير
في ذلك. كيف ؛ والمؤرّخون الذين يؤلّفون كتابا في التاريخ ـ مع عدم ربطه بعمل أو
حكم شرعي ، وعدم حظّ لهم من الوثاقة ـ لا يثبتون إلاّ بعد تثبّت وحصول ظنّ ، ولا
ينقلون عن أيّ شخص أو كتاب كان!فما ظنّك بهؤلاء المشايخ العظام الذين هم أمناء
الدين؟!ولو كانوا يأخذون الرواية من غير الكتب المعتبرة ، كيف يدلّسون ويشهدون
بصحّة ما نقلوه وكونه حجّة بينهم وبين ربّهم؟!وإذا
__________________
انضمّ إلى ذلك شهادات
جملة من الأساطين بصحّة تلك الأخبار ازداد الظنّ بالصحّة قوّة.
ألا ترى إلى قول الشهيد رحمه اللّه
أنّه : كتب من أجوبة مسائل أبي عبد اللّه عليه السلام أربعمائة مصنّف [لأربعمائة
مصنّف] ، وأنّه دوّن من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل .
وكذلك مولانا الباقر عليه السلام .. ورجال باقي الأئمّة مشهورون.
وقول الشهيد الثاني رحمه اللّه في
الدراية
: قد كان استقرار الإماميّة على
أربعمائة مصنّف [لأربعمائة مصنف] ، سمّوها : اصولا ، فكان عليها اعتمادهم ، فتداعت
الحال إلى ذهاب معظمها ، ولخّصها جماعة في كتب خاصّة .. وأحسنها الأربعة المعروفة
..
__________________
__________________
وقول صاحب المعالم
: إنّ أثر الإجازة بالنسبة إلى العمل إنّما يظهر حيث لا يكون متعلّقها معلوما
بالتواتر ونحوه ككتب أخبارنا ؛ فإنّها متواترة إجمالا ، والعلم بصحّة مضامينها
تفصيلا يستفاد من قرائن الأحوال ، ولا مدخل للإجازة فيها غالبا.
وقول البهائي رحمه اللّه في الوجيزة
: إنّ جميع أحاديثنا ـ إلاّ ما ندر ـ ينتهي إلى أئمّتنا الأثني عشر عليهم السلام.
__________________
وقول الفاضل التوني رحمه اللّه
: إنّ أحاديث الكتب الأربعة [أعني الكافي ، والفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار] مأخوذة
من اصول وكتب معتمدة معوّل عليها ، كان مدار العمل عليها عند الشيعة. وكان عدّة من
الأئمّة عليهم السلام عالمين بأنّ شيعتهم يعملون بها في الأقطار والأمصار ، وكان
مدار مقابلة
الحديث وسماعه في زمان العسكريّين عليهما السلام ـ بل بعد زمان الصادقين عليهما
السلام
ـ على هذه الكتب.
..إلى غير ذلك من شهادات العلماء
الثقاة.
وهل ترى من نفسك تجويز أن يكون الظنّ
بصحّة تلك الأخبار ـ بعد هذه الشهادات مع شهادات مصنّفيها ـ أدون من الظنّ الحاصل
من مراجعة علماء الرجال ..؟!
ثمّ لا تتوهّم عدم صحّة كتب المشايخ ، لمكان
وجود المتعارضين ، ومخالف الإجماع ، بل الضرورة ، وكذا أنّ بعض المشايخ لم يعمل
بما في كتاب بعض آخر ؛ وذلك لأنّ صحّة الأحاديث لا تنافي شيئا ممّا ذكر ؛ لأنّ
المراد بالصحّة كونها مقطوع الصدور أو مظنونه ، ولا تنافي بين صدور المتعارضين في
نظرنا ؛ لأنّ دواعي الاختلافات كانت كثيرة ، مع إمكان تأويلات لا تصل إليها عقولنا
، وعدم العمل قد يكون لظنّ عدم الدلالة أو
__________________
وجود المعارض.
نعم ؛ القدماء الموجودون قبل زمان
المحمّدين الثلاثة ربّما كانوا يحتاجون إلى معرفة حال الرواة ، لعدم انحصار
الروايات حينئذ في المدوّنة ، ولم يكن الجميع منقّدا منسوبا إلى الثقاة ، بل كان
متحمّلوا الروايات موجودين غالبا ، فكثيرا ما كانوا يحتاجون إليه.
والحاصل ؛ أنّ مقصودهم كان تحصيل
القرينة والظنّ بصدق الخبر ، وكان حال الراوي أحد طرق الظنّ .. ثمّ لحق بهم قوم من
القدماء وتكلّموا في شرائط العمل بالحديث من حيث هو حديث ، ولم يقصدوا أنّ ذلك
لازم مطلقا حتّى في خبر يظنّ صدقه من قرينة اخرى.
ثمّ المتأخّرون عنهم الموجودون في زمان
انقراض الرواة والكتب المجهولة أربابها رأوا طريقة القدماء في النظر إلى الرواة ، ولا
حظوا كتب القوم وزبرهم ، ورأوا أنّهم ذكروا للخبر شرائط ، فزعموا أنّ ذلك في كلّ
خبر وأيّ رواية ، ولم يتفطّنوا بأنّ مدارهم على الظنّ لا القطع ، وهو حاصل في
الكتب المعتمدة ، كما عرفت.
هذا أحد الوجوه التي لفّقوها الجماعة
المتقدّم ذكرهم لإثبات الغناء عن علم الرجال مع اختلافهم في التعبير.
فمنهم : من جعل ما ذكر برهانا لقطعيّة
صدور أخبار الكتب الأربعة.
ومنهم : من جعله بعينه حجّة لظنّية
صدورها.
وأنت خبير بأنّ ما ذكروه بطوله لا يوجب
قطعيّة الصّدور بلا شبهة وإنّما تفيد ظنيّة صدورها ، ولا دليل على حجّية مثل هذا
الظنّ ما لم يبلغ إلى حدّ الاطمئنان العقلائي ، ولا شبهة عند كلّ منصف متدبّر في
كون علم الرجال من جملة الأسباب المفيدة للظنّ ، فما المانع من ضمّه إلى ما ذكروه
ليورث الاطمئنان المبني عليه أساس العقلاء في أمور معاشهم ومعادهم؟
وأمّا التعلّق بشهادة من تقدّم نقل
كلامه بصدور ما في الكتب الأربعة عن الأئمّة عليهم السلام ..
ففيه : ما أسبقناه من عدم اندراج ذلك في
الشهادة الشرعيّة المصطلحة المأخوذ فيها حياة الشاهد ونطقه ، وكون شهادته عن حسّ ،
وكون ما مرّ شهادة حدسيّة اجتهاديّة من غير حيّ ، فلا تكون حجّة من حيث هي شهادة.
نعم ؛ تفيد الظنّ ، ولا دليل على حجّية
مطلق الظنّ ما لم يصل إلى حدّ الاطمئنان المعتمد للعقلاء ، وبعد كون المدار على
الاطمئنان فلا مانع من كون علم الرجال من أسباب حصوله ، ككون كلّ من شهادة هؤلاء وشهادة
أرباب الكتب أيضا من أسباب إيراث الاطمئنان ، بعد ما أسبقنا بيانه من عدم اندراج
شهادة أرباب الكتب أيضا في الشهادة المصطلحة ، على أنّ نفس تصنيف الشيخ رحمه اللّه
الذي له اثنان من الكتب الأربعة ـ الفهرست وغيره في الرجال ـ أقوى شاهد على الحاجة
إلى علم الرجال ، وعدم إغناء كتابيه عنه.
مضافا إلى أنّ تضمّن تلك الكتب بعض
الأخبار المتروكة بين جميع الأصحاب ـ حتّى مصنّف الكتاب ـ ممّا يوهن مدّعى هؤلاء ،
وإلى أنّ صاحب الحدائق ـ الذي بالغ في مقدّمات الحدائق غاية المبالغة في حجّية
شهادة أرباب الكتب الأربعة وأضرابها بصحّة ما رووه فيها ، وأنّهم لم يدرجوا إلاّ
ما صحّ عندهم ، وهو حجّة عندهم ، وعليه عملهم ومذهبهم ـ قد صرّح فيما يزيد عن
خمسين موضعا في طيّ أبواب الحدائق بأنّ الصدوق رحمه اللّه لم يف في طيّ الفقيه على
ما وعد به في أوّل الكتاب ، فراجع تظفر .
وأشدّ غرابة ممّا في البيان المذكور ما
في ذيله من نسبة الجهل والاشتباه إلى من تأخّر عن زمان انقراض الرواة ، حيث زعموا
الحاجة إلى أحوال الرجال في كلّ خبر.
فإنّ فيه ؛ أنّ أهل كلّ طبقة من العلماء
والمحدّثين من زمان الأئمّة عليهم السلام إلى زماننا هذا كانوا يحضرون عند المشايخ
، ويلقّن كلّ منهم حقيقة الحال لمن تلمّذ على يده ، فكيف يعقل ما نسب إليهم من
الزّعم والاشتباه؟!إن هذا إلاّ سوء ظنّ بحملة الشرع ومشايخ المذهب .
__________________
ثانيها : ما ذكره غير واحد منهم
؛ من أنّ مقتضى الحكمة الربانيّة ، وشفقة الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمّة
عليهم السلام أن لا يضيع من في أصلاب الرجال من الأمة ويتركوا حيارى يلتجؤون إلى
التشبّث بظنون واهية وغيرها ، بل يمهّد لهم اصول معتبرة يعملون
بها في الغيبة ، كما هو الواقع والمعلوم بالتتبّع في أحوالهم ، والتأمّل في
الأحاديث الكثيرة الدالة على أنّهم أمروا أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم وتأليفه
، والعمل به في الحضور والغيبة بالنصّ عليها ، بقولهم : سيأتي زمان لا يستأنسون
إلاّ بكتبهم
.. وفي الأحاديث الكثيرة الدالّة على اعتبار تلك الكتب ، والأمر بالعمل بها ، وعلى
أنّها عرضت على الأئمّة عليهم السلام فمدحوها ومدحوا صاحبها.
__________________
وقد نصّ المحقّق
بأنّ كتاب يونس بن عبد الرحمن وكتاب الفضل بن شاذان كانا عنده.
وذكر علماء الرجال أنّهما عرضا على
الأئمّة عليهم السلام فما الظنّ بأرباب الأربعة .
وقد صرّح الصدوق رحمه اللّه في مواضع
بأنّ كتاب محمّد بن الحسن الصفار ـ المشتمل على مسائل وجوابات العسكري عليه السلام
ـ كان عنده بخطّه الشريف ، وكذا كتاب عبد اللّه بن علي الحلبي المعروض على الصادق عليه
السلام .
ثمّ رأيناهم يرجّحون كثيرا ما حديثا
مرويّا في غير الكتاب المعروض على الحديث الذي فيه. وهذا لا يتّجه إلاّ بأنّهم
جازمون بكونه في الاعتبار وصحّة الصدور كالكتاب المعروض.
__________________
ويقرب من ذلك ما ترى من الشيخ وغيره إلى
زمان الاصطلاح والعمل بكثير ممّا هو ضعيف عليه ، وكثيرا ما يعتمدون على طرق ضعيفة
مع تمكّنهم من طرق صحيحة ـ كما صرّح به صاحب المنتقى .. وغيره ـ.
وهذا ظاهر في صحّة تلك الأخبار بوجوه
اخر ، ودالّ على عدم العبرة بالاصطلاح الجديد.
وحصول العلم بقول الثقة ليس ببدع ولا
منكر ، فقد نصّ صاحب المدارك
وغيره على أنّه يتّفق كثيرا حصول العلم بالوقت من أذان الثقة الضابط العارف حيث لم
يكن مانع من العلم ، وبمثله صرّح كثير من علمائنا في مواضع كثيرة.
هذا ؛ وأنت خبير بأنّ ما ذكره اعتبار
صرف ؛ ضرورة أنّ الواجب على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والإمام عليه السلام
بيان الأحكام على المتعارف ، فإذا عصت الأمّة وتسبّبت لغيبة الأئمّة عليهم السلام وقصور
اليد عنهم ، لم يكن على الأئمّة عليهم السلام بحث ، بل كان وزر انقطاع اللّطف على
السبب ، ولو كان ما ذكره من الاعتبار منتجا للزم الأئمّة عليهم السلام كتابة كتاب
جامع لجميع الفروع الفقهيّة ، وأمر الشيعة بتدرّسه وتعلّمه ونسخه يدا بيد .. وحيث
لم يفعلوا ذلك بآن عدم لزومه عليهم.
__________________
ومجرّد أمرهم بالكتابة والرواية لا يدلّ
على القطع بصدور جميع ما في الكتب الأربعة عنهم عليهم السلام ، ومطلق الظنّ غير
كاف مع إمكان بذل الوسع وايصاله إلى حدّ الاطمئنان المعتبر عند العقلاء ، ولا ريب
في أنّ أحوال الرجال لها مدخل في إيصال الظنّ بالصدور في جملة من الأخبار إلى حدّ
الاطمئنان.
مع أنّا لو تنزّلنا وسلّمنا الاطمئنان
بصدور ما في الكتب الأربعة ، فمن الواضح عدم وفائها بجميع الأحكام ، فلا بدّ في
سائر الأخبار ـ المحتاج إليها في الفقه ـ من مراجعة رجالها حتّى يحصل الاطمئنان
بصدورها ليجوز الاعتماد عليها ، فإنكار الحاجة إلى علم الرجال وتخطئة جمّ غفير من
الأساطين خطأ ظاهر عند أولي البصائر .
ثمّ إنّه لا يخفى عليك أنّي لم أعثر على
من ذكر وجه عدم كتابة الأئمّة عليهم السلام كتابا جامعا للفروع جميعا يجعلونه
مرجعا للشيعة في الأحكام في زمان الحضور وبعد الغيبة ..
والذي أظنّه ـ وإن كان ظنّي لا يغني من
الحقّ شيئا ـ أنّ السر في ذلك هو أن يتداول بينهم الجدّ والجهد في تحصيل حكم اللّه
تعالى بعد الغيبة الكبرى ، ليكون الجادّ في ذلك مأجورا في الآخرة ، ومرجعا للشيعة
في الحوادث الواقعة ـ نظير الراعي للغنم ـ إذ لو كان الكتاب المذكور صادرا منهم
__________________
عليهم السلام لما كان
تحصيل الحكم الشرعي صعبا مستصعبا موجبا لعلوّ رتبة صاحبه ، ومورد ورد الشيعة ومئولهم
، واللّه العالم
بالأسرار وأولياؤه الأطهار عليهم صلوات اللّه الملك الجبار .
ثالثها : إنّ شهادة مؤلّفي الكتب
الأربعة بصحّة ما فيها من الأخبار ، وأنّهم أخذوها من الكتب المعتمدة والاصول
المعتبرة التي إليها المرجع وعليها المعوّل يورثنا القطع العادي بصحّة تلك الأخبار
ـ كعلمنا بأنّ الجبل لم ينقلب ذهبا ـ ولو لم يجز لنا قبول شهاداتهم في صحّة أحاديث
كتبهم لما جاز لنا قبولها في مدح الرواة وتوثيقهم ، فلا يبقى حديث صحيح ولا حسن ولا
موثّق ، بل تبقى جميع أخبارنا ضعيفة ، واللاّزم باطل ، فكذا الملزوم ، والملازمة
ظاهرة ، بل الإخبار بالعدالة أشكل وأعظم وأولى بالاهتمام من الإخبار بنقل الحديث
من الكتب المعتمدة ، فإنّ ذلك أمر محسوس ، والعدالة أمر خفي عقلي يعتبر الاطّلاع
عليها . ولا مفرّ لهم عن
هذا الالتزام عند الإنصاف .
__________________
وأيضا ؛ فإنّ علماءنا الأجلاّء الثقات
إذا جمعوا
أحاديث وشهدوا بثبوتها وصحتها ، لم يكن أدون من إخبارهم بأنّهم سمعوها من
المعصومين عليهم السلام ، لظهور علمهم وصلاحهم وصدقهم وعدالتهم في أنّه مع إمكان
العمل بالعلم لم يعملوا بغيره ، ففي الحقيقة هم ينقلونها عن المعصوم عليه السلام.
وقد وردت روايات كثيرة جدّا في الأمر
بالرجوع إلى الرواة الثقات مطلقا إذا قالوا
: إنّ الخبر من المعصوم .. وليس هذا من القياس ، بل عمل بالعموم.
وأيضا ؛ فإنّهم إن كانوا ثقاتا حين
شهادتهم وجب قبولها ، لكونها عن محسوس ـ وهو النقل عن الكتب المعتمدة ـ وإلاّ كانت
أحاديث كتبهم ضعيفة باصطلاحهم ، فكيف يعملون بها؟!.
هذا ؛ وأنت خبير بما فيه :
أوّلا : من منع شهادة مؤلّفي الكتب
الأربعة بصحّة جميع ما فيها ، كما مرّ
منّا وجهه في جواب العاشر من حجج المانعين للحاجة إلى علم الرجال ، وسنزيده وضوحا.
__________________
وثانيا
: من منع إفادة شهادتهم القطع ، وعدم
اندراجها في الشهادة المصطلحة ـ كما مرّ غير مرّة ـ حتّى تندرج في أخبار اعتبار
البيّنة تعبّدا. وإنّما غاية ما تفيده الشهادة المذكورة الظنّ ، وقد عرفت آنفا أنّ
من تمكّن من ظنّ لا يجوز له العمل به مع تمكّنه من تحصيل ظنّ أقوى منه بالغ حدّ
الاطمئنان ، ومن البيّن إيراث مراجعة علم الرجال قوّة الظنّ ، فالحاجة إليه واضحة.
وأمّا النقض ـ بقبول شهادتهم في حقّ
الرجال وتوثيقهم لهم ـ فمردود ؛ بأنّ ذلك أيضا من باب الوثوق والاطمئنان ، ولذا لا
يعتمد على ما لا يورث الاطمئنان منها أيضا.
وأمّا دعوى أنّ الناقل عن أصل من الاصول
الأربعمائة ونحوها ناقل عن المعصوم عليه السلام نفسه ، فممنوعة ، وشتّان ما بين
النقل عن المعصوم وبين النقل عمّن ينقل عن المعصوم عليه السلام ، ولذا تراهم
يقدّمون عالي السند ـ وهو الذي وسائطه قليلة ـ على كثير الوسائط.
وأمّا التعلّق بأمرهم عليهم السلام
بالرجوع إلى الرواة الثقاة .. فلا ينفع الخصم إن لم يضرّه ، من حيث إنّ مراجعة علم
الرجال إنّما هي لإحراز الموضوع ـ وهو كون الخبر الذي يراد العمل به خبر ثقة ـ.
وأمّا ما في الذيل ؛ فيردّه ما مرّ من
منع شهادتهم بصحّة كلّ ما نقلوه ، ولو سلم فلا مانع من مراجعة أحوال الرجال لتقوية
الظنّ وإيصاله إلى حدّ الاطمئنان.
وبالجملة ؛ فعلى فرض تسليم شهادة
الكليني رحمه اللّه بصحّة جميع ما في الكافي لا ينتج مطلب الخصم ، ولا يصحّح له
قول : إنّ الظنّ الحاصل بواسطة الوثوق على أرباب الكتب يغنينا.
فإنّ فيه : أنّه في الجملة مقبول ، وأمّا
بالنسبة إلى جميع الروايات المسطورة في الكتب المعتمدة ، وبالنسبة إلى جميع
الأشخاص حتّى من جدّ واجتهد في الرجال وصار صاحب باع وسيعة ، وعثر على مطالب جديدة
لم يسبقه فيها أحد ـ كالمحقّق الوحيد البهبهاني رحمه اللّه .. ونظرائه ممّن عثر
على قرائن في الجرح والتعديل لم يتفطّن لها القدماء ، كما لا يخفى على من راجع
فوائده الرجاليّة ـ .. فهل اقتصار مثله على قول الغير في التصحيح ، أو على مجرّد
الاعتماد على المصنّف لكونه من أهل الثقة إلاّ تقليدا محرّما؟!.
بل الحقّ والإنصاف أنّ علم الرجال من
العلوم الشريفة التي من لم يجتهد فيها كان مقلّدا ، يحرم على الغير أن يقلّده ؛ ضرورة
أنّ المتبحّر فيه يحصل له من أسباب الاطمئنان بالخبر ما لا يحصل لغيره ، فغيره لا
يكون مستفرغا للوسع حتّى يجوز للغير تقليده ، واللّه العالم.
رابعها : أنّ هذا الاصطلاح مستحدث من
زمن العلاّمة وشيخه محمّد بن أحمد بن طاوس
، كما هو معلوم لا ينكرونه ، وهو اجتهاد منهم وظنّ.
__________________
فيرد عليه :
أوّلا : ما ورد في أحاديث الاستنباط والاجتهاد
والظنّ المذكورة في كتاب القضاء وغيره من كتب الأخبار ، وهي مسألة اصوليّة ، فلا
يجوز فيها التقليد ، ولا العمل بالظنّ اتّفاقا من الجميع ، وليس لهم دليل قطعي ، فلا
يجوز العمل به.
وما يتخيّل من الإستدلال لهم ظنّي السند
أو الدلالة أو كلاهما ، فكيف يجوز الإستدلال بظنّ على ظنّ؟!فإنّه دور ، مع قولهم
عليهم السلام : «شرّ الأمور محدثاتها» .
__________________
وثانيا : أنّه مستلزم لضعف أكثر
الأحاديث التي قد علم نقلها من الاصول المجمع عليها ؛ لأجل ضعف بعض رواتها أو
جهالتهم أو عدم توثيقهم ، فيكون تدوينها عبثا ، بل محرّما ، وشهادتهم بصحّتها زورا
وكذبا.
ويلزم بطلان الإجماع الذي علم دخول
المعصوم عليه السلام فيه.
واللّوازم باطلة ، فكذا الملزوم ، بل
مستلزم لضعف الأحاديث كلّها ؛ لأنّ الصحيح عندهم هو ما رواه العدل الضابط الإمامي
في جميع الطبقات ، ولم ينصّوا على عدالة واحد من الرواة إلاّ نادرا ، وإنّما نصّوا
على التوثيق ، وهو لا يستلزم العدالة قطعا ، بل بينهما عموم من وجه ،
__________________
كما صرّح به الشهيد
الثاني رحمه اللّه ..
وغيره .
ودعوى بعض المتأخّرين
أنّ الثقة بمعنى العدل الضابط .. ممنوعة ،
__________________
وهو مطالب بدليلها
، وإنّما المراد بها من يوثق بخبره ، ويؤمن منه الكذب عادة.
وقد صرّح بذلك جماعة من المتقدّمين ، وكذلك
كون الراوي ضعيفا في الحديث لا يستلزم الفسق ، بل يجامع العدالة ؛ إذ العدل الكثير
السهو ضعيف في الحديث .
ومن هنا يظهر فساد ما قيل من أنّ آية
النبأ مشعرة بصحّة هذا الاصطلاح ، مضافا إلى كون دلالتها بالمفهوم الضعيف المختلف
في حجّيته ، فإن أجابوا بأصالة العدالة ، أجبنا بأنّه خلاف مذهبهم ، ولا يذهب إليه
إلاّ قليل ، ومع ذلك يلزم الحكم بعدالة المجهولين والمهملين ، وهم لا يقولون به.
وثالثا : أنّ هذا الاصطلاح ، يستلزم
تخطئة جميع الطائفة المحقّة في زمن الحضور والغيبة ، كما ذكره المحقّق رحمه اللّه
في أصوله
، حيث قال :
__________________
أفرط قوم
في العمل بخبر الواحد ..إلى أن قال : واقتصر قوم عن هذا الإفراط ، فقال : كلّ سليم
السند يعمل به ، وما علم أنّ الكاذب قد يصدق ، ولم يتفطّن
أنّ ذلك طعن في علماء الشيعة ، وقدح في المذهب ؛ إذ لا مصنّف إلاّ وهو يعمل بخبر
المجروح كما يعمل بخبر العدل
.. ونحوه كلام الشيخ رحمه اللّه وغيره في عدّة مواضع.
ورابعا : أنّ طريقة المتقدّمين موافقة
لطريقة الخاصّة ، والإصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامّة واصطلاحهم ، بل هو مأخوذ
من كتبهم ، كما هو ظاهر للمتتبّع ، وكما يفهم من كلام الشيخ حسن .
وخامسها : إنّ طريقة القدماء موجبة للعلم
، مأخوذة عن أهل العصمة عليهم السلام ؛ لأنّهم قد أمروا باتّباعها وقررّوا العمل
بها ، فلم ينكروه ، وعمل بها الإماميّة في مدّة تقارب سبعمائة سنة ، والاصطلاح
الجديد ليس كذلك قطعا ، فتعيّن العمل بطريقة القدماء.
وقد نقل الشيخ رحمه اللّه ، والمحقّق
رحمه اللّه .. وغيرهما على اصطلاح القدماء ..
فالاصطلاح الجديد استمرّوا على خلافه من
زمن الأئمّة عليهم السلام
__________________
إلى زمان العلاّمة ، وقد
علم دخول المعصوم في ذلك الإجماع.
هذا ؛ وأنت خبير بسقوط ما أطال به ؛ ضرورة
أنّ كون أصل هذا الإصطلاح مستحدثا من زمن ابن طاوس والعلاّمة رحمهما اللّه وهم صرف
، واشتباه محض
، بل الحادث في زمانهم تنقيحه وثبته في الكتب ، ومن لاحظ كلمات الشيخ رحمه اللّه
في مصنّفاته وتصنيفه الفهرست ، وكلمات سائر القدماء ومصنّفاتهم في الرجال كرجال
أحمد بن محمّد بن خالد البرقي
، ومحمّد بن يعقوب الكليني ، ومحمّد بن محمّد بن النعمان المفيد ، وحميد بن زياد ،
وأبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي ، وأبي العبّاس أحمد بن محمّد بن
سعيد المعروف ب : ابن عقدة ، وأحمد بن عبد الواحد المعروف ب : ابن عبدون ، وأحمد
بن الحسين بن عبد اللّه
الغضائري ، وأبي العبّاس أحمد بن علي النجاشي ، وأحمد ابن علي العلوي العقيقي .. وغيرهم
ممّا سطرنا أسماءهم في مقباس الهداية
، ظهر له أنّ هذه الطريقة كانت دائرة بينهم ، سائرة في ألسنتهم ،
__________________
جارية على أقلامهم ، غايته
أنّ جعل هذا الإصطلاح لمّا كان لتحصيل الاطمئنان وقوّة الظنّ بصدور الخبر ، وكانت
أمارات الصحّة في أزمنتهم ـ لقربهم من أعصار الأئمّة عليهم السلام ـ كثيرة كانت
حاجتهم إليه أقلّ من حاجتنا ، وأين ذلك من كونه مستحدثا صرفا حتّى يشمله قولهم
عليهم السلام : «شرّ الامور محدثاتها»؟!
على أنّ الخبر أجنبي عن نحو المقام ، وإلاّ
للزم المتأخّرين ترك بذل الوسع في تحصيل الاطمئنان بالأحكام الشرعيّة وتقليد
المتقدّمين ، مع أنّ بذل الوسع في تحصيل الحكم الشرعيّ مندوب إليه ، محثوث عليه ، وهو
النظر في الحلال والحرام الذي ورد في حقّه منصب الحكومة الشرعيّة ، والولاية
الإلهية ، والنيابة عن الحجّة عجّل اللّه تعالى فرجه وجعلنا من كلّ مكروه فداه ، وأين
ذلك ..؟!وكيف هو من استنباط الأحكام من الاستحسانات ، والمصالح المرسلة ، والأقيسة
الذي زعم هذا القاصر انطباق أخباره على محلّ البحث ، واشتبه عليه الاستنباط
المذكور بالنظر في الحلال والحرام ، وبذل الوسع في تحصيل الحكم الشرعي ، حتّى لم
يميّز بين الأخبار الذامّة للإستنباط وبين المادحة للنظر ، الجاعلة لصاحبه كأنبياء
بني إسرائيل ، ونائبا عن الحجّة عليه السلام ووزيرا له ، ووليّا من قبل اللّه
تعالى على الشيعة؟!.
وليت شعري من لم يميّز بين اصول الدين واصول
الفقه ، وزعم قيام الإجماع على عدم جواز العمل بالظنّ والاطمئنان في اصول الفقه ، والحال
أنّه
كالفقه في حجّية
الاطمئنان العادي فيه ، وإنّما مورد اتّفاقهم على عدم حجّية الظنّ إنّما هي اصول
الدين ، كيف يحوم حول ميدان آية اللّه على الإطلاق ، ويروم نسبة البدعة في الدين ،
ومخالفة إجماع الفقهاء والمجتهدين إليه؟!.إن هذا إلاّ من باب أنّ : «المرء عدوّ ما
جهله» ، أعاذنا اللّه
تعالى منه ومن أمثاله.
وأمّا إيراده ـ ثانيا ـ : فيتّجه عليه
منع لزوم ضعف أكثر الأحاديث ، وضعف جملة منها لا غائلة فيه ، وكون تدوينها عبثا
غلط ؛ لإمكان انضمام قرائن إليها مورثة للوثوق بها ، من عمل الأصحاب .. ونحوه ، وشهادتهم
بصحّتها غير مسلّمة حتّى تكون زورا ، مع أنّ الوثوق بورودها كاف في صحّة الشهادة ،
إلاّ أنّ ذلك حيث لم يندرج في الشهادة المصطلحة ورجع إلى الاجتهاد لم نجعلها في
حقّ غيرهم حجّة تعبّدا ، بل جعلناها من أسباب الوثوق لنا ، فيكون ثبتها وتدوينها
إحسانا إلينا لا عبثا.
وأمّا الإجماع الذي ادّعاه ؛ فلم نفهم
له أصلا.
ولقد أجاد بعض من عاصرناه
، حيث قال : إنّ تحقّق الإجماع غير ثابت ، خصوصا إن أريد بغير نقد
وانتخاب ، أو قطعيّة الصدور ، ومحكيه
__________________
غير نافع في إثبات
هذا المرام ، مع وهنه بردّ أكثر الأصحاب أو جميعهم لكثير ممّا فيها.
وقد اعترف المعترض نفسه في بعض كلماته
بترجيحهم كثيرا ما للحديث المروي في غير الكتاب المعروض على المعصوم عليه السلام
على المروي فيه ، مضافا إلى أنّ لازم ما ذكره المعترض كون أرباب الاصول كلّهم ممّن
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ، لا خصوص الرجال الذين ذكرناهم في مقباس
الهداية .
والتالي واضح الفساد ، فكذا المقدّم.
وإلى ما قيل من أنّ وجه الإجماع والعمل
غير معلوم ؛ أنّه من جهة مطلق الظنّ ، أو كونه نبأ
العدل ..أو غير ذلك ، ومثله ليس حجّة ، لا لاختلاف مستند الفتوى ، بل لاختلاف
المفتى به ، ومن هنا سمّي : إجماعا تقييديا.
وأمّا ما اعترض به ـ بعد ذلك ـ من أنّ
الثقة أعمّ من العدالة والضبط .. فهو ناش من قصوره عن الاطلاع على اصطلاح أهل
الرجال ؛ من إرادتهم : عدل إمامي ضابط ، من قولهم : (ثقة) ، وأنّ الوجه في عدولهم
عن قولهم : (فلان عدل)إلى قولهم : (فلان ثقة)إنّما هو الشهادة بضبطه ، كما أوضحناه
في مقباس الهداية
، ومطالبة الدليل على إرادتهم من الثقة : العدل الضابط ناش من القصور عن أنّ أخبار
صاحب الاصطلاح بمصطلحه لا يحتاج
__________________
إلى الدليل ، مع أنّ
العدول عن كلمة(عدل)إلى كلمة(ثقة)أعدل شاهد على ذلك.
وأمّا إيراده ـ ثالثا ـ : باستلزام هذا
الاصطلاح تخطئة جميع الطائفة والقدح فيهم .. فناش أيضا من قصوره ؛ ضرورة أنّ عمل
الأصحاب بخبر المجروح إنّما كان بعد احتفافه بقرائن مفيدة للوثوق والاطمئنان
بالخبر. وحيث طال العهد واختفت جملة من القرائن ، أسسوا الأساس الجديد لتحصيل
الوثوق بالخبر ، وإلاّ فليس داع لهم إلى تحمّل التعب الشديد في استقصاء أحوال
الرجال غير ذلك.
والعجب من مباهاته بتصريح المحقّق رحمه
اللّه بما يوافقه ، مع أنّه ليس مراد المحقّق من(القوم)الذين أشار إليهم أهل هذا
الاصطلاح ، لوضوح طرحهم كثيرا من سليم السند ، وعملهم بكثير من ضعيفه .
وأمّا إيراده ـ رابعا ـ : فيرّده ما
عرفت في ردّ الثالث ، من أنّ القدماء كانوا مدركين لقرائن خفيت بمرور الزمان ، فتداركوا
الأمر بمراجعة أحوال الرجال التي هي من أسباب الوثوق بالخبر.
وأمّا أنّ ذلك موافق لطريقة العامّة ؛ فمغالطة
بيّنة ؛ ضرورة أنّه ليس كلّما يوافق العامّة باطلا ، ولو كان البناء على مخالفتهم
كلّية للزم ترك جملة ممّا لا شبهة في حقّيته.
وأمّا الإيراد الخامس : فقد بان الجواب
عنه ممّا ذكرنا ؛ فإنّ استمرار
__________________
طريقة الأصحاب دهورا
على العمل بالخبر المحفوف بقرائن تورث الوثوق به ، لا يمنعنا ـ بعد اختفاء جملة من
القرائن ـ من تطلّب قرائن اخر مفيدة للوثوق. فنحن على ما عليه القدماء من العمل
بالخبر المطمئن به ، إلاّ أنّ أسباب الاطمئنان مختلفة ، على أنّ هذا الذي جعلناه
من أسباب الاطمئنان قد كان متداولا عند القدماء أيضا كما يكشف عنه تصدّيهم لبيان
أحوال الرجال ، ونقلهم تمام الأسانيد في كتبهم ، وإنّما تلقّوه المتأخّرون عنهم
يدا بيد ، كما مرّت إليه الإشارة ، وأوضحناه في الفصل الرابع من مقباس الهداية في
الدراية
، فراجع.
والعجب كلّ العجب من أنّ هذا المحدّث
المورد ـ الذي لا يسوي الإجماع المحقّق عنده في الفروع الفقهيّة بشيء ، ولا يقول
بحجيته ـ كيف كرّر هنا دعوى الإجماع على خلاف طريقة المتأخّرين قاطعا بدخول
المعصوم فيه؟!أعاذنا اللّه تعالى عن اتّباع الهوى.
خامسها : إنّهم اتّفقوا على أنّ مورد
التّقسيم الخبر الواحد العاري عن القرينة .. وقد عرفت أنّ أخبار الكتب المشهورة
محفوفة بالقرينة ، وقد اعترف بذلك بعض أصحاب الاصطلاح الجديد في عدّة مواضع ، فلا
موضوع له فيها.
وأنت خبير بما فيه :
أوّلا : من منع اختصاص المقسم بغير
المحفوف بالقرائن.
__________________
وثانيا : ما مرّ من منع احتفاف الكتب
الأربعة بما يورث الاطمئنان بصدور جميع ما فيها ، لما مرّ من عدم وجدان ما نسب إلى
عدّة الشيخ رحمه اللّه واعتراف محدّثهم البحراني بعدم التزام الصدوق رحمه اللّه
بما وعده في أوّل الفقيه.
وبالجملة ؛ فدعوى قطعيّة أخبار الكتب
الأربعة واضحة البطلان ، ونسبة شهادتهم بقطعيّتها إليهم خطأ صرف ؛ ضرورة خلوّ
كلماتهم عن الدلالة على علميّة جميع ما جمعوه في كتبهم من الأخبار ، وإنّما فيها
ما يفيد أنّها معمول بها عندهم أو عند غيرهم ، لوضوح أعمّية العمل من العلم ، وكذا
أخذ ما فيها من الاصول المعتبرة ، فدعوى كونها قطعيّة بجميع ما فيها عند أربابها
ممنوعة ، فضلا عن قطعيّتها عند غيرهم ممّن عاصرهم أو تأخّر عنهم ؛ فإنّ المرجعيّة والتعويل
على شيء لا تقتضي إلاّ الحجّية والاعتبار ، وغايتهما إفادة الوثوق والإعتماد ، وأين
ذلك من العلم؟!كما يكشف عن ذلك التزامهم بذكر أسانيد الأخبار تفصيلا ، معلّلين
بالتحرّز عن وقوع الإرسال في أخبارهم ، ولو كانت علميّة لم يفتقر إلى ذلك أصلا ، ولبطل
التعليل المذكور.
وأيضا تراهم غير متفقّين في الجمع لما
جمعوه ، فالكليني رحمه اللّه ترك كثيرا ممّا نقله المتأخّر عنه ، وكذا المتأخّر
عنه قد زاد على ما جمعه السابق عليه ، حتّى بالنسبة إلى الكليني والصدوق رحمهما
اللّه ، مع تقارب العصر ، والمنقول من أحوالهم إنّهم كانوا يتعبون في جمع الأخبار ونقدها
وتصحيحها ،
ومن هذا شأنه كيف
يترك جملة من الأخبار التي وافقه غيره عليها ويأتي بغيرها؟!.
وأيضا ؛ فالصدوق رحمه اللّه ترى اعتمد
كثيرا على تصحيح وتضعيف شيخه ابن الوليد ، حتّى قال
: إنّ كلّما صحّحه شيخي فهو عندي صحيح.
وذكر بعد
استقصائه لرواية محمّد بن موسى الهمداني أنّ : كلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ ، ولم
يحكم بصحّته ، فهو عندنا متروك .. وأيّ مدخل لذلك في الأخبار العلمية؟!وكيف يستفاد
من تصحيح الغير العلم بالصدور خصوصا؟!ومن الظاهر ـ بل المعلوم ـ أنّ تصحيح شيخه وتضعيفه
كان بالاجتهاد في
الرجال ، كما وقع التعليل في بعض ذلك. وقد نصّوا في أحوال شيخه أنّه كان عارفا
بالرجال .
وكيف تردّ الأخبار العلميّة بدعواه أخذها من
__________________
الكتب المعوّل عليها
بمجرّد تضعيف شيخه؟! ، ومن لاحظ أوّل الاستبصار المتأخّر عن جميع هذه الكتب مصنّفا
وتصنيفا ـ وهو في الحقيقة لسان غيره ـ علم علما قطعيّا أنّ هذا الإسناد إليهم
توهّم صرف ، أو صرف افتراء ؛ لأنّه بعد أن ذكر المتواتر وما أوجب العلم ، وجعل
القسم الآخر كلّ خبر لا يكون متواترا ، ويتعرّى من واحدة من القرائن التي ذكرها.
قال
: إنّ ذلك خبر واحد ، ويجوز العمل به على شروط ، فإذا كان خبر لا يعارضه خبر آخر ؛
فإنّ ذلك يجب العمل به لأنّه من الباب الذي عليه الإجماع في النقل ، إلاّ أن يعرف تاواهم بخلافه ، فيترك لأجلها العمل به
، وإن كان هناك ما يعارضه ، فينبغي أن ينظر في المتعارضين ، فيعمل على أعدل الرواة
..إلى أن قال : وأنت إذا فكّرت في هذه الجملة وجدت الأخبار كلّها لا تخلو من قسم
من هذه الأقسام ، ووجدت ـ أيضا ـ ما عملنا عليه في هذا الكتاب وفي غيره من كتبنا
في الفتاوى في الحلال والحرام لا يخلو من واحد من هذه الأقسام ، ولم نشر في أوّل [كل]
باب إلى ذكر ما رجّحنا به الأخبار التي [قد] عملنا عليها ـ وإن كنّا قد أشرنا في
أكثرها إلى ذكر ذلك ـ طلبا للإيجاز والاختصار. انتهى ما في الاستبصار .
__________________
وهل يقدر عاقل أن يقول : الآحاد التي
عمل بها الشيخ رحمه اللّه ، وادّعى عليه الإجماع المفيد ، لكون عمل من سبقه أيضا
عليه ، ونظر فيه مع التعارض إلى ما لا يعلم أو يظنّ إلاّ بالرجال ، وكان بناؤه في
كتبه جميعا على الترجيح بالأسباب التي يعلم ممّا ذكر منها أنّها ممّا يعرف بالرجال
، وغايتها إفادة الظنّ ..أنّى مع ذلك عالم بصدور هذه الأخبار عن المعصوم عليه
السلام أو بمفادها من غير رجوع إلى الرجال؟بل التحقيق عدم حصول الظنّ أيضا بذلك
إلاّ في جملة منها معيّنة أو مجملة.
ومنه يظهر أنّ ما مرّ من تنزيل بعضهم
لدعوى القطعيّة على إرادة العلم العادي أو العرفي واضح الفساد ـ كما مرّ ـ ، خصوصا
والأخير لا يغني عن الاجتهاد والرجوع إلى الرجال وغيره من أسباب الظنّ بالاعتبار
أو الدلالة.
نعم ؛ إن أرادوا بذلك قطعيّة الحجّية ؛ فهو
حقّ لا شكّ فيه حتّى عند العاملين بالظنّ المطلق ، إلاّ أنّ ذلك من مقدّمات الإفتقار
إلى الرجال لا من الأدلة على خلافه.
وأمّا الاستدلال بأنّ أقوالهم في
أوائلها شهادة منهم عليها ، وهي حجّة ، سيّما وهي متضمّنة لتعليل رواة ما في كتبهم
من الأخبار ، وأنّها لا تقصر ـ إن لم تكن أولى ـ من شهادة واحد أو أكثر من علماء
الرجال على وثاقة راو ،
فقد أسبقنا ما يردّه
من منع كونه حجّة من وجوه سطرناها ، فلاحظ وتدبّر .
__________________
__________________
[الأمر] الرابع :
إنّا لمّا أشرنا في طيّ المطلب الثالث
إلى أنّ الرجوع إلى إخبارات علماء الرجال فيما يفيد تشخيص ذوات الرواتب ، ببيان
الأسامي والكنّى والألقاب والأنساب .. وغيرها ، وصفاتهم ؛ ببيان المدح والذمّ .. وغيرهما
، إنّما هو لكونه نوع تثبّت وتبيّن مورثا للاطمئنان الذي هو المدار والمرجع في
تحصيل الأحكام الشرعيّة ، من باب بناء العقلاء على الاعتماد عليه في امور معاشهم ومعادهم
، ظهر لك أنا قد استرحنا عن النزاع الواقع بين الأصحاب في أنّ إخباراتهم تلك هل هي
من باب مطلق النّبأ والخبر ، أو من باب الشهادة ، أو من باب الفتوى المبتنية على
الظنون الاجتهاديّة المعتبرة ـ بعد انسداد باب العلم وما هو بمنزلته ـ ، أو من باب
قول أهل الخبرة؟ .. فإنّ بكلّ منها قائلا ، فالمشهور الأوّل. والشهيد الثاني
ونجلاه ـ صاحبا المدارك والمعالم ـ .. وغيرهم ـ ممّن قال بالصحيح الأعلى ـ على
الثاني ، وصاحب الفصول رحمه اللّه وجمع على الثالث ، والأخير مذكور وجها أو قولا
في المسألة ، ولم يعلم قائله صريحا ، وظنّي اتّحاده مع سابقه ، وإن كان ظاهر بعض
الأساطين الافتراق ، فتدبّر جيّدا. والثمرة بينها أنّه :
__________________
على الأوّل ؛ يعتبر الوثوق وغيره من
شرائط الخبر.
وعلى الثاني ؛ يعتبر العدالة ، والتعدّد
، واللّفظ ، والحياة .. وغيرها من شروط الشهادة.
وعلى الثالث ؛ يعتبر فيمن يرجع إليه
شروط المفتي ، وعدم قدرة من يرجع إليه عن الاجتهاد بنفسه في أحوال الرجال ؛ ضرورة
أنّ المجتهد لا يجوز له التقليد إلاّ عند العجز عن الاجتهاد.
وعلى الرابع ؛ يعتبر فيه ما يعتبر في
الخبر من الوثوق بقوله ، والاطمئنان به ، ويزداد هنا اعتبار إحراز كونه من أهل
الخبرة ، ولا يعتبر في الخبر مثله ؛ إذ لا يبتني على الاطّلاع على ما يتوقّف عليه
الوثوق بخبره كما هنا.
وأوضح شاهد على عدم كون الرجوع إلى
إخبارات أهل الرجال من باب الشهادة والفتوى اعتمادهم في جملة من أحوال الرجال على
من لا يعتمد على فتواه ولا شهادته ، ك : بني فضّال الممنوع من قبول آرائهم ، لفقد
بعض شروط المفتي ـ وهو كونه إماميّا ـ فيهم ، والمجوّز للأخذ بما رووا.
وحيث إنّه قد أخذ في الخبر الابتناء على
الحسّ المحض ، وإخبارات أهل الرجال إخبار بأمر غير حسي ؛ ضرورة عدم تعقّل محسوسيّة
العدالة ، تعيّن كون قبول إخباراتهم من باب الأخذ بقول أهل الخبرة المأخوذ في
اعتباره الوثوق ، ولا يضرّ عدم تبيّن قائل به بعد قضاء الدليل به ، فتدبّر جيّدا.
[الأمر] الخامس :
إنّ كون مجموع ما بين دفّتي كلّ واحد من
الكتب الأربعة من حيث المجموع متواترا ممّا لا يعتريه شكّ ولا شبهة ، بل هي عند
التأمّل فوق حدّ التواتر ، ولكن هل هي متواترة بالنسبة إلى خصوص كلّ حديث؟
وبعبارة اخرى : هل كلّ حديث وكلمة ـ بجميع
حركاتها وسكناتها الإعرابيّة والبنائيّة ، وبهذا الترتيب للكلمات والحروف ـ على
القطع أم لا؟.
فالمعروف بين أصحابنا المجتهدين الثاني
، كما هو قضيّة عدّها أخبار آحاد ، واعتبارهم صحّة سندها أو ما يقوم مقام الصحّة. وجلّ
الأخباريّة على الأوّل ، كما يقتضيه قولهم بوجوب العمل بالعلم ، وأنّها قطعيّة
الصدور ، وهو من عجائب الأوهام ..!وكيف يمكن القطع بذلك؟!. وهل هو إلاّ رجما
بالغيب ، وتجرّيا على اللّه تعالى ورسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟.
والوجدان أكبر شاهد وأعظم متمسّك
لبطلانه ؛ فإنّا نجد اختلافا كثيرا في النسخ من حيث الزيادة والنقصان ، والتقديم والتأخير
، وإبدال كلمة باخرى ، مضافا إلى أنّها غير معربة من حين الأخذ من
المعصوم عليه السلام
، ولم نر أحدا من المتقدّمين ولا المتأخّرين نصّ على تقييد الأعاريب والحركات والسكنات
في الأغلب ، بل أخذهم لذلك على مقتضى قواعد العربيّة كلّ بحسب فهمه ، مع الاحتمال
في كثير من الكلمات لأعاريب مختلفة ، وباختلافها يختلف المعنى.
[الأمر] السادس :
إنّه زعم بعض من لا يعتنى بقوله : قصر
الحجّية على الكتب الأربعة ، وأنّه لا يجوز العمل بالأخبار المرويّة في غيرها ممّا
ليس فيها.
وهو كما ترى ممّا يضحك الثكلى!إذ أيّ
دليل خصّ أدلّة حجّية الخبر بالكتب الأربعة وأخرج الأخبار المرويّة في غيرها عن
تحت تلك الأدلة ؟!
.
__________________
__________________
__________________
__________________
المقام الرابع
في فوائد متفرّقة
يلزم تحريرها قبل
الأخذ في أحوال الرجال
__________________
[الفائدة] الاولى
بيان كيفيّة الرجوع
إلى كتب الرجال
لإخراج أسامي رجال السند
، وتحصيل أحوالهم
وذلك أنّ أكثر كتب هذا العلم مبوّبة على
فصول :
الأوّل : في الأسامي .
والثاني : الكنى.
والثالث : في الألقاب.
والوجه في ثبتهم كلاّ من الأخيرين في
فصل مستقلّ لأجل أن لا يفوت من لا اسم له وإنّما يعرف بالكنية خاصّة ، أو باللقب
خاصّة ، أو شاع التعبير عنه
__________________
في الأسناد بالكنية
أو اللّقب ، وإلاّ فهم يذكرون الألقاب والكنّى لمن لهم أسماء في ذيل أسمائهم .. بل
قلّ أن لا يذكروا لقب من له لقب ، وكنية من له كنية عقيب اسمه ، إلاّ أنّهم لو لم
يعدّوا للكنى والألقاب فصلا يذكر فيه اسم من اشتهر بكنيته أو لقبه ، وأحوال من لا
اسم له أصلا لفات الطالب حال جملة من الرواة ، أو لزمه تحمّل المشقّة ؛ ضرورة أنّه
قد لا يعبّر في السند إلاّ بالكنية وحدها ؛ ك : ابن أبي عمير ، وابن بكير ، أو
اللّقب وحده ؛ ك : البزنطي والسكوني مثلا ، ولولا أنّ للكنى والألقاب بابين
مستقلّين يذكر الاسم عقيبهما للزم المراجع أن يستقصي ـ من باب الألف إلى باب الياء
ـ الأسماء ، حتّى يقف على اسم صاحب الكنية أو اللّقب ويراجع حاله ، وذلك عسر وحرج
شديد لا يمكن تحمّله. فلذا التزموا بوضع فصلين في الألقاب والكنّى على سبيل
الاستقصاء ، مع ذكر اسم كلّ خلفه .
__________________
ثمّ إنّهم رتّبوا في كلّ من الفصول
الثلاثة أبوابا على عدد الحروف الهجائيّة ، وحال ترتيبها نظير ما عليه كتب اللّغة
، ويذكرون في كلّ باب لجميع من صدّر اسمه أو كنيته أو لقبه بحرف ذلك الباب ، مراعيا
ترتيب الحروف الهجائيّة في الحرف الأوّل ، ثمّ في الثاني ، ثمّ في الثالث والرابع
من حروفه .. وهكذا
، فيقدّمون(آدم)على(أبان) ، لتقدّم الألف ـ الذي ثاني حرفه ـ على
__________________
الباء ـ الذي هو ثاني
حروف أبان ـ وهكذا يقدّمون(أبان)على(أحمد) ، لتقدّم حرفه الثاني على ثاني
حروف(أحمد) ، ويقدّمون(أبان)على(إبراهيم) لأنّهما وإن تساويا في الحرفين الأوّلين
، إلاّ أنّ الحرف الثالث من (أبان) ـ وهو الألف ـ مقدّم على الراء ـ الذي هو ثالث
حروف(إبراهيم) ـ.
وأيضا يقدّمون المكبّر على المصغّر ك :
الحسن والحسين ، وعمر وعمير ، بل كلّ ما فيه حرف زائد يؤخّر عمّا خلا من ذلك الحرف
، فيقدّم (حارث)على(حارثة) ، و (عمّار)على(عمارة) ، و (سلام)على(سلامة) ، و (عبيد)على(عبيدة)
.. وهكذا مراعيا في ذلك وجها اعتباريّا ، هو أنّ الزيادة فرع ما زيد عليه فحقّه
التأخير .. وهو منقوض بتقديمهم كلّ ما زيادته الألف
__________________
على الخالي منه ، كتقديم(زياد)على(زيد)
، و (سلام)على(سلم) ، و (الحارث)على(الحرث )
، و (عامر)على(عمرو)و (عمر) .. وغير ذلك.
ثمّ إنّ هذا إذا اختلفت الأسماء
المصدّرة بحرف الباب ـ ولو في حرف واحد ، ولو اتّفقت في الجميع ـ راعوا الترتيب
المذكور في أسماء الآباء ، فيقدّمون(آدم بن إسحاق)على(آدم بن عبد اللّه) ، ـ لتقدّم
أوّل حرف من إسحاق ـ على أوّل حرف من عبد اللّه ، وإن تأخّر ثاني إسحاق على ثاني
عبد اللّه .. وهكذا في (آدم بن عبد اللّه) ، و (آدم بن المتوكّل) ..
ومع توافق أسماء آباء الجميع يراعى ما
ذكر في ثانيها ، ومع الاتّفاق فيه ففي ثالثها .. وهكذا.
ولو تساوت أسماء الآباء أيضا في الحروف
؛ روعي ما ذكر في أسماء الأجداد. فيقدّم(أحمد بن محمّد بن أحمد) ، على(أحمد بن
محمّد بن إسحاق) ـ لتقدّم الحاء على السين ـ وهو على(أحمد بن محمّد بن جعفر) ـ لتقدّم
الألف على الجيم ـ وهو على(أحمد بن محمّد بن الحسن) ـ لتقدّم الجيم على الحاء .. ـ
وهكذا يتصاعد إلى أسامي آباء الأجداد على النحو المزبور .
__________________
ولو كان الاشتراك في الجميع ، أو لم يكن
أسامي أجداد الجميع ، أو البعض مذكورة ، روعي الترتيب المذكور في الألقاب والكنى ،
سواء كان في مقابل الكنية أو اللّقب في أحدهما في الآخر ، كما في (أحمد بن علي
العلوي) حيث يقدّم على(أحمد بن علي الفائدي) ، لتقدّم العين على الفاء. وفي (أحمد
بن محمّد بن أبي عبد اللّه)حيث يقدّم على(أحمد بن محمّد بن أبي الغريب) ، ـ لتقدّم
العين المهملة على الغين المعجمة ـ وفي (إسماعيل بن أبي فديك)حيث يقدّم
على(إسماعيل الأزرق) ، لتقدّم الباء في (أبي)على الزاي في (الأزرق) ، أو كان في
مقابله الاسم ، كما في (محمّد بن خالد الطيالسي) ، حيث يقدّم على(محمّد بن خالد بن
عبد الرحمن) ، لتقدّم الطاء على العين ، بعد عدم لحاظ الابن في الترتيب. فالمقابلة
بين(الطيالسي) و (عبد الرحمن) ..إلى غير ذلك.
وقد يكون نظر الترتيب في الكنّى بينها وبين
مثلها ، أو بين الألقاب أو الأسامي إلى ما أضيف إليه الأب ، بإسقاط الأب عن
الملاحظة ، كما يسقطون الابن عن الملاحظة في المصدّرة بالابن ، فيقدّم(أحمد بن عبد
اللّه الإصفهاني) ، على(أحمد بن عبد اللّه بن أميّة)لتقدّم الصاد ـ الذي هو ثاني
حروف(الإصفهاني)على الميم ـ الذي هو ثاني حروف أميّة ـ ولا يلاحظ الابن ، وإلاّ
لاقتضى تقديم الثاني على الأوّل ، لتقدّم الباء على الصاد.
وكذا يقدّمون(محمّد بن قيس الأسدي)على(محمّد
بن قيس
أبي عبد اللّه) ، لتقدّم
السين على العين
، ولو كانوا يعتبرون كلمة الأب للزم تقديم الثاني على الأوّل ، لتقدّم الباء على
السين .. فظهر أنّهم في الغالب لا يعتبرون كلمتي الابن والأب.
وأمّا الكنّى والألقاب المذكورة خلف
الأسماء ؛ فلا يلاحظون الترتيب المزبور فيها غالبا. فقد يقدّم الكنية على اللّقب ،
وقد يعكس من دون مراعاة للترتيب في حروفهما ، فيقال : محمّد بن مروان الدّهلي
البصري ، أصله كوفي ، أبو عبد اللّه ومحمّد بن مسعود بن عيّاش السلمي السمرقندي
أبو النظر ، ويقال أيضا : محمّد بن يحيى أبو جعفر العطّار القمي.
نعم ؛ الغالب تقديم الكنية على اللّقب.
وقد توسّط الكنية بين لقبين ، أو عدّة
ألقاب ؛ كما في محمّد بن جعفر بن محمّد بن عبد اللّه النحوي أبو بكر المؤدّب.
ولعلّ إهمالهم لمراعاة ترتيب الأسماء في
الكنّى والألقاب ، وكذا الترتيب عن
الكنّى والألقاب بالالتزام بتقديم أحدهما خاصّة .. هو اختلاف الكنّى والألقاب في
الاشتهار ، فيؤخّر الأشهر ـ لقبا كان أو كنية ـ لحصول المعرفة به إن لم يحصل بغيره
، كما هو
القاعدة في التعاريف والرسوم.
هذا كلّه بالنسبة إلى الأسماء والألقاب والكنّى
المذكورة عقيبها.
__________________
وأمّا إذا كان الموجود في السند خصوص
الكنية من دون اسم ، أو خصوص اللّقب كذلك ، فينبغي الباحث عن حال السند أن يراجع
فصل الكنّى والألقاب ، المرتّب كلّ منهما في فصله ترتيب الأسماء ، معرضا عن كلمتي
الأب والابن والأمّ في الألقاب ، فيقدّم في الكنّى(أبو إبراهيم)على (أبي أحمد) ، لتقدّم
الباء على الحاء ، ويقدّم(أبو أحمد)على(أبي إسحاق) ، لتقدّم الحاء على السين ، ويقدّم(أبو
إسحاق)على(أبي إسماعيل) ، لتقدّم ثالث حروفه ـ وهو الحاء ـ على ثالث حروف الثاني ـ
وهو الميم ـ ..
ويقدّم في الألقاب(الآدمي)على(الأبزاري)
، لتقدّم الألف على الباء ، ويقدّم(الأبزاري)على(الإبلي) ، لتقدّم حرفه الثالث ـ وهو
الزاي ـ على ثالث صاحبه ـ وهو اللام ـ ، ويقدّم(الإبلي)على(الأجلح)لتقدم الباء على
الجيم ؛ وهو على(الأحمري)لتقدّم الجيم على الحاء .. وهكذا.
وقدّموا باب الكنّى على باب الألقاب ، لتصدّر
الألف في جميع الكنّى ـ مصدّرة بالابن كانت أو بالأب أو الأمّ أو الأخ أو الاخت ـ.
وقدّموا باب المصدّر بالأب على المصدّر
بالابن ؛ نظرا إلى شرف الأب وتقدّمه رتبة ، كما قدّموا باب المصدّر بالأخ على
المصدّر بالاخت لذلك.
وإذ قد عرفت ذلك كلّه ، فاعلم :
أنّ المراجع إلى الكتب لتشخيص حال سند
إن وجد ما أراده من الاسم أو الكنية أو اللّقب منحصرا به في أحد الفصول أو مميّزا
بالأب أو الجدّ أو
اللّقب أو الكنية
ضبطه ، ونظر في حاله ووصفه من مدح أو قدح ، وحكم على السند بما استفاده منها ، ولو
لم يجد تعرّضهم لحال الرجل فلا يبادر إلى الحكم بجهالة الرجل ، بل يبذل جهده ليجد
تنصيصا بحاله ولو بالجهالة ، وإن لم يقف حتّى على ذلك ، فليراجع حال أخي ذلك الرجل
، أو أبيه ، أو ابنه .. لأنّهم كثيرا ما يتعرّضون لبيان أحوال الرجل في عنوان أحد
هؤلاء .. بذكر وصف للجميع أو له خاصّة ، فمع عدم وجدان اسمه في موضعه ، لا ينبغي
التسارع إلى الحكم بإهماله ، أو جهالته ، أو ضعفه ، لسعة دائرة حال هذا العلم.
وكذا لا يكتفي بمراجعة كتاب لم يجمع
جميع الأسامي والكنّى والألقاب والأوصاف والأقوال ، بل يلاحظ الجامع لجميع ذلك ، كما
لا يكتفي بمراجعة كتاب أسقط ذكر المجاهيل ـ كمنتهى المقال ـ إذ كثيرا ما يشترك
أسامي الثقاة مع المجاهيل بحيث لا يميّز ، أو يتوقّف التمييز على ملاحظتهما معا ، فيلزم
مراجعة كتاب جامع لأسماء المجاهيل أيضا.
ثمّ إن وجد الاسم الذي يريده مشتركا بين
جمع ؛ فإن كان مشتركا بين ثقات ، أو بين ضعفاء .. لم يحتج إلى التمييز ؛ للزوم
أخذه بالأوّل وتركه للثاني على كلّ حال ؛ إلاّ إذا كان للخبر الذي أحد رجاله فما
زاد مشترك بين الثقات مبتلى بالمعارض ، فإنّه يلزمه بذل الجهد في التمييز لتعيين
الأخذ بالأعدل والأوثق من المتعارضين ، كما يلزم بذل الجهد في التمييز لو اختلفت
طبقات المشتركين ؛ فإنّ التمييز لإحراز اتّصال السند وعدم إرساله لازم ، كما لا
يخفى.
وإن كان الاشتراك بين ثقة وضعيف ، لزمه
مراجعة المقامات المعدّة لتمييز المشتركات ، وتعيين أنّ الاسم الذي يريده أيّهما ،
ليرتّب على كلّ حكمه. ويأتي في الخاتمة
بيان كيفيّة التمييز إن شاء اللّه تعالى.
وبالجملة ؛ فينبغي بذل تمام الوسع في
هذا الباب ، حتّى يحصل العذر عند الخطأ
، وفّقنا اللّه تعالى للصواب وتحصيل المعذوريّة عند الخطأ ، بحقّ من حقّه عظيم .
__________________
__________________
__________________
__________________
الفائدة الثانية
في بيان مواليد أهل
البيت صلوات اللّه عليهم
ووفياتهم ، وأسمائهم
، وكناهم ، وألقابهم
__________________
لينتفع بذلك في تمييز
المسند من المرسل ؛ فإنّه إذا كانت ولادة الراوي بعد وفات المروي عنه ، أو وفاته
قبل ولادة المروي عنه ثبت الإرسال في السند.
فنقول :
أمّا النبي الأكرم صلّى اللّه عليه وآله
وسلّم ..
فاسمه : محمّد ، وأحمد
، ابن عبد اللّه بن عبد المطّلب
__________________
ابن هاشم
..
وكنيته : أبو القاسم .
__________________
وألقابه : الأمين ، والصادق ، والنبي ، والرسول
، وربيع الأرامل واليتامى ، والبشير النذير .
ولد صلوات اللّه عليه وآله بمكّة
في السابع عشر من
__________________
ربيع الأوّل من عام
الفيل على ما اتّفقت عليه
__________________
الإماميّة
، إلاّ من شذّ منهم .
__________________
وذهب أكثر المخالفين إلى أنّه ولد في
الثاني عشر من ربيع الأوّل .
وذكره الكليني
رحمه اللّه اختيارا أو تقيّة.
وذهبت شرذمة منهم إلى أنّها كانت في
الثامن منه .
وذهب شاذّ منهم إلى أنّه ولد في الثامن
من شهر رمضان .
__________________
ومات أبوه في المدينة عند أخواله وهو
صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ابن شهرين .
__________________
وماتت امّه آمنة بنت وهب ، وهو ابن أربع
سنين .
__________________
ومات جدّه عبد المطّلب وله نحو من ثمان
سنين .
وتزوّج خديجة وهو ابن تسع وعشرين سنة .
__________________
وولد له منها قبل مبعثه : القاسم ، ورقيّة
، وزينب ، وأمّ كلثوم.
وولد له بعد المبعث : إبراهيم ، والطاهر
، وفاطمة عليها السلام .
وروي
أنّ من عدا فاطمة ولدوا جميعا قبل البعثة .
وبعث صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في
السابع والعشرين من رجب ،
__________________
باتّفاق الإماميّة .
وقد كان عمره الشريف عنده أربعين سنة .
__________________
وقيل : في السابع عشر من شهر رمضان .
وقيل : لثمان خلون منه .
وقيل : للثاني عشر من ربيع الأوّل .
ومكث في مكّة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة
، ثمّ هاجر إلى المدينة في
__________________
شهر محرّم الحرام .
وقيل : في أوّل ليلة من شهر ربيع الأول .
__________________
ومات مسموما يوم الاثنين الثامن والعشرين من شهر صفر ،
__________________
سنة [إحدى] عشرة من
الهجرة ، على ما ذهب إليه أكثر الإماميّة .
__________________
وكان عمره الشريف ثلاث وستون سنة.
__________________
وذهب جمهور العامّة إلى أنّه صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم توفّي في ثاني عشر ربيع الأوّل ، وهو المشهور بينهم پ
، واختاره من أصحابنا ـ تقيّة أو اختيارا ـ الكليني رحمه اللّه في الكافي
، وابن شهر آشوب في مناقبه
.. ولهم في ذلك أقوال اخر :
__________________
فالخوارزمي ؛ على أنّه صلّى اللّه عليه وآله
وسلّم توفّي في أوّل ربيع الأوّل .
والثعلبي والقاضي أبي بكر ؛ على أنّه في
ثاني ربيع الأوّل
.. وحكاه الطبري
، عن ابن الكلبي ، وأبي مخنف .
__________________
وقيل : لثماني عشر ليلة منه .
وقيل : لعشر خلون منه .
وقيل : لثمان بقين منه .
وقيل : لثمان خلون منه .
وقيل : في الثالث عشر منه .
وقيل : في الرابع عشر منه .
وقيل : في الخامس عشر منه .
__________________
تكملة
[في الجمع بين الأخبار الواردة في حمل
امه صلّى اللّه عليه واله وولادته صلّى اللّه عليه واله] روى في الكافي أنّ امّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قد
حملت به في أيّام التشريق ، وأنّ ولادته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في ربيع
الأوّل ، وعليه فقد أورد جملة
هنا إشكالا
، وهو أنّ أقلّ مدّة الحمل ستّة أشهر وأكثره تسعة. ولا يزيد على سنة عند علمائنا ،
وليس للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم
__________________
خصوصيّة في الزيادة
على ذلك أو النقصان عنه
، فمقتضى أنّ امّه حملت به في أيّام التشريق ، ووضعته في ربيع الأوّل أن يكون زمان
لبثه في بطن امّه إمّا ثلاثة أشهر ، أو سنة وثلاثة أشهر.
وأجود الأجوبة عن هذا الإشكال أنّ
المراد بأيّام التشريق غير الأيام المعروفة
، بل كانت عند العرب في كلّ سنتين يحجّون في شهر. وسمّي ذلك :
__________________
نسيئا
؛ كأنّ الشهر الذي حجّ فيه العام السابق قد نسي ، وهو المراد
__________________
بقول
: ()
.
__________________
__________________
__________________
استطراد مفيد
أجمع العلماء والمحدّثون وأصحاب السير
على أنّ حجّة الوداع كانت وقفتها في عرفات يوم الجمعة
بلا ريب.
ونقل النووي في الروضة
أنّ وفاة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانت ضحوة يوم الاثنين ، لاثني عشر خلت
من ربيع الأوّل ـ على ما نقله جمع من أصحاب السير ـ وهو مذهب الجمهور.
__________________
واعترضه بعض العلماء
بأنّه لا يستقيم بأن يكون وفاته صلوات اللّه عليه وآله يوم الاثنين ، ثاني عشر
ربيع الأوّل ، حيث كانت الوقعة في عام حجّة الوداع يوم الجمعة
، سواء تمّت الشهور الثلاثة التي بقيت من عمره أم نقصت أم تمّ بعضها ؛ لأنّها إن
تمتّ ؛ كان الثاني عشر من ربيع الأوّل : الأحد ؛ لأنّه يكون أوّل ذي الحجّة : الخميس
، وآخره : الجمعة ، وأوّل المحرّم : السبت ، وآخره : الأحد ، وأوّل صفر : الاثنين
، وآخره : الثلاثاء ، وأوّل ربيع الأوّل : الأربعاء ؛ وحينئذ يكون ثاني عشرة : الأحد
..
وإن نقص شهر واحد ؛ كان أوّل ربيع
الأوّل : الثلاثاء ، فيكون ثاني عشرة : السبت ..
وإن نقص شهران ، كان أوّل ربيع الأوّل :
الاثنين ، وثاني عشرة : الجمعة ..
وإن نقصت الثلاثة ، كان أوّل ربيع
الأوّل : الأحد ، وثاني
__________________
عشرة : الخميس.
قال العلاّمة ابن العماد
: وهذا الاعتراض ساقط من أصله ، والصواب ما قاله الجمهور وصاحب الروضة ؛ وذلك لأنّ
التاريخ إنّما يقع برؤية الهلال ، والأهلّة تختلف باختلاف المطالع ، وكلّ قطر
يؤرّخون ويصومون برؤيتهم ، ولا يعتبرون رؤية من بعد عنهم ، كما قاله الأصحاب واتّفقوا
عليه في كتاب الصيام ، وحينئذ فأهل مكّة رأوا هلال ذي الحجّة ليلة الخميس ، ووقفوا
الجمعة ، وأهل المدينة يجوز أنّهم رأوه ليلة الجمعة ؛ لأنّ مطلعهم مختلف مع أهل
مكّة. فإذا تمّت الشهور ، كان أوّل ذي الحجة : الجمعة ، وآخره : السبت ، وكان أوّل
ربيع الأوّل الخميس ، ويكون ثاني عشرة : الاثنين ..
وهذا الجواب صحيح ، ويتصوّر بغير هذا.
والعجب ممّن يقدم على تغليط جمهور
العلماء ويغفل عن قاعدة التاريخ وأقوال العلماء في اختلاف المطالع ورؤية الأهلّة. انتهى
ما قاله ابن العماد ملخّصا من سيره .
__________________
وأنت خبير بما في جوابه هذا من النظر ؛ ضرورة
أنّ مكّة والمدينة من قطر واحد ، واختلاف مطلعهم ممنوع ، ودعواه نشأ
من عدم الاطّلاع على قواعد الهيئة والنجوم ، ومن كان له خبر بذلك علم أنّه لا يعقل
اختلاف الهلال في المدينة مع مكّة ، فعلى فرض أنّ أهل المدينة بنوا على كون أوّل
ذي الحجّة الجمعة لعدم رؤيتهم إلاّ ليلتها يلزمهم بعد عود النبي صلّى اللّه عليه وآله
وسلّم من الحجّ ، وتبيّن رؤيتهم الهلال في مكّة ليلة الخميس أن يعدلوا عمّا هم فيه
، ويبنوا على كون أوّل ذي الحجة الخميس .. فالحق أنّ الإشكال المذكور لا مدفع له.
ومثله يجري فيما روته الشيعة
أيضا من كون وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اليوم الثامن والعشرين من صفر ؛ لأنّا
إن فرضنا ذي الحجة ومحرّم تامّين ، كان أوّل صفر يوم الاثنين ، وكان الثامن والعشرون
يوم الأحد ، وإن فرض نقصان أحد الشهرين كان أوّل صفر يوم الأحد وكان
__________________
الثامن والعشرون منه
يوم الخميس ، وإن فرض نقصان الشهرين جميعا ، كان أوّل صفر السبت ، وكان الثامن والعشرون
منه الجمعة ، وحيث إنّ كون العيد في حجّة الوداع يوم الجمعة ممّا لا يمكن المناقشة
فيه بوجه ، فلا بدّ وأن يناقش في كون وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوم
الاثنين
، لعدم تمشّيه على كلّ من الروايتين في وفاته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فتدبّر
جيّدا.
* * *
__________________
إشكال مشهور
مقدمته : إنّ المشهور المعروف بين
المسلمين ولادته صلّى اللّه عليه واله وسلّم في شهر ربيع الأوّل ـ على اختلافهم
المزبور في يومه ـ.
وروي
أنّ امّه حملت به في أيّام التشريق عند الجمرة الوسطى.
__________________
قيل
: سمّيت ب : أيّام التشريق ؛ إمّا من تشريق اللّحم ـ وهو تقديده وبسطه في الشمس
ليجفّ ـ لأنّ لحوم الأضاحي كانت تشرّق فيها ـ أي تشرّر في الشمس ـ ، أو لأنّ الهدي
والضحايا لا تنحر حتّى تشرق الشمس ـ أي تطلع ـ.
وحينئذ فلازم الجمع بين تاريخ ولادته
صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وتاريخ الحمل ، هو كون مدّة حمله ثلاثة أشهر ، أو سنة وثلاثة
أشهر.
والأوّل خلاف المعتاد ، ونصّ القرآن
بمقتضى الجمع بين آية الحمل وآية الرضاع ـ بكون أقلّ الحمل ستة أشهر ـ ولو كان قد
تخلّف فيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لتكثّرت الدواعي إلى نقله بعدّه من خصائصه
صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .. ولم يذكره أحد ، والثاني مخالف لما اتّفق عليه
الأصحاب واستفاضت الأخبار من عدم زيادة الحمل على سنة .. ولو تخلّف فيه صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم لاحتجّت العامّة في تجويزهم كون
__________________
الحمل أكثر من سنة
بذلك.
وأجيب عن الإشكال بوجوه :
أحدها : ما عن الفاضل الجزائري في
الحاوي
من إمكان أن يكون ذلك من خصائصه صلّى اللّه عليه وآله وسلم [ولم ينقل] .
وضعفه ظاهر ؛ ضرورة توفّر الدواعي إلى
نقل مثله ـ لو كان ـ سيّما من المخالفين المجوّزين زيادة الحمل عن سنة ، لكفاية
مورد واحد لإثبات الإمكان .
ثانيها : إنّ نقل كون الحمل أيّام
التشريق سهو
من قلم الكليني رحمه اللّه نشأ من ذهاب العامة إلى أنّه حملت به امّه في أيّام
التشريق ، أو عشيّة عرفة ، عند الجمرة الوسطى .. ولم يرد ذلك بطريق معتمد.
ويبعّده أنّ بعض روايات العامّة تضمّنت
تعيين كون الحمل عند الجمرة
__________________
الوسطى ، وذلك ـ سيّما
في أيّام الحجّ ـ غير معقول ؛ لعدم إمكان نصب الفسطاط عند الجمرة حينئذ حتّى يقع
فيه ما يورث الحمل.
ثالثها : إنّ تعيين ذي الحجّة للحجّ
إنّما هو في الإسلام ، وأمّا قبل الإسلام فكان الحجّ ينقل من شهر إلى آخر ، فأيّام
التشريق الأيام المعلومة من شهر جمادى الأولى الذي وقع فيه حجّ المشركين في عام
الفيل باعتبار النسيء .. حيث كانوا يؤخّرون الحجّ عن ذي الحجة ، فيحجّون سنتين في
محرّم ، وسنتين في صفر .. وهكذا إلى أن يتمّ الدور ، ثمّ يستأنفونه .
ونوقش في هذا الوجه بأنّه يستلزم
الإغراء بالجهل ، فإنّ المعروف من أيّام التشريق هي الثلاثة في ذي الحجّة.
وأيضا ؛ عليه يكون في كلّ شهر أيام
التشريق .. فمن أين علم أنّه في جمادى الأولى؟!والمقام مقام بيان ابتداء الحمل ، وعلى
ما ذكر لا يحصل
__________________
البيان بل يحصل
الإبهام والإغراء.
رابعها : هو الثالث ، بضميمة أنّ ابن
بابويه في كتاب النبوة
، وابن طاوس في الإقبال رويا
أنّ الحمل كان ليلة الجمعة لاثنتي عشر ليلة بقيت ن جمادى الأخرة ؛ فإنّه حينئذ يرتفع
الإشكال ، ويكون مدة الحمل تسعة أشهر من دون زيادة ولا نقص ، سيّما على مختار
الأصحاب في ولادته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فتدبّر .
__________________
وأمّا :
أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السّلام
وأمّه : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد
مناف ، وهو أوّل هاشمي ولده هاشم مرّتين .
__________________
وأسمائه كثيرة ، وفي البحار
عن الأنوار
: إنّ له في كتاب اللّه ثلاثمائة اسم .. فأمّا في الأخبار فاللّه أعلم بذلك.
__________________
أقول : من أراد العثور على أسمائه وألقابه
فليراجع البحار .
والمعروف من ألقابه :
أمير المؤمنين ، وإمام المتّقين ، وقائد
الغرّ المحجّلين ، ويعسوب الدين ، والأنزع البطين ، والمرتضى ، وباب مدينة العلم ،
وزوج البتول ، وأخو الرسول ، وصهر الرسول .. وغير ذلك.
وكناه المعروفة :
أبو الحسن ، وأبو الحسنين ، وأبو شبر وشبير
، وأبو تراب
، وأبو السبطين ، وأخو الرسول .. وغير ذلك .
والمستعمل ـ في الأخبار ـ اسمه : علي
عليه السلام. ولقبه : أمير المؤمنين عليه السلام ، ويندر استعمال أبي الحسن عليه
السلام فيه في أخبار الأحكام.
__________________
والمعروف بين المسلمين أنّه ولد في مكة
، في بيت اللّه الحرام
،
__________________
والمشهور بين الأصحاب
ـ وأشهر الروايات عندهم ـ أنّه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر رجب ، قبل البعثة
باثنتي عشرة سنة .
وروى صفوان الجمّال عن مولانا الصادق
عليه السلام أنّه ولد بسبع خلون من شعبان .
__________________
وقيل : ولد قبل النبوة بعشر سنين .
وقيل : بعد عام الفيل بثلاثين سنة .
__________________
وقيل : قبله بخمس وعشرين سنة.
وقيل
: .. بثلاث وعشرين سنة .
وهو أوّل من آمن برسول اللّه صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم من الذكور .
__________________
وضربه ابن ملجم بسيف مسموم على رأسه في
محراب مسجد الكوفة ، صبيحة ليلة
الجمعة
لتسع عشرة ليلة مضين من
__________________
شهر رمضان .
وتوفّي صلوات اللّه عليه ليلة إحدى وعشرين
منه .
__________________
ودفن في النجف الأشرف ، في قبر أعدّه له
نوح النبي صلوات اللّه عليه.
ومدّة عمره الشريف خمس وستون سنة .
وقالت العامة
وبعض الخاصّة
: إنّه توفّي وعمره ثلاث وستون
__________________
سنة
، فيكون بعد الهجرة بأربعين سنة .
__________________
__________________
وأمّا :
الصّديقة الكبرى
فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها
فقد ولدت بمكة بعد النبوة بخمس سنين
، في العشرين من جمادى الآخرة
، يوم الجمعة
، وقيل : ولدت بعد
__________________
البعثة بسنتين .
وروت العامّة أنّ مولدها قبل البعثة
بخمس سنين
، والأوّل
__________________
أظهر
، لتسالمهم على أنّها كانت عند الهجرة بنت ثمان سنين ، وأنّ الهجرة كانت بعد
النبوة بثلاث عشرة سنة
، فلو كانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين ، للزم أن تكون عند الهجرة بنت ثمانية
عشر سنة
، وهو مقطوع
__________________
البطلان ، ولو كانت
ولادتها بعد النبوة بسنتين للزم كونها عند الهجرة بنت إحدى عشرة سنة ، وهو أيضا
مبيّن العدم ، فتعيّن الأوّل.
وقد زوّجها النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم
من أمير المؤمنين عليه السلام أوّل يوم من ذي الحجة ، وزفافها يوم الثلاثاء لست
خلون من ذي الحجّة ، بعد غزوة بدر
، وقد دخلت حينئذ في السنة العاشرة
__________________
من ولادتها .
والرواية الناطقة بأنّ تزويجها يوم
السادس من ذي الحجّة يراد بها الزفاف ، فتجتمع الأخبار .
وأمّا وفاتها ؛ فالأقوال والأخبار فيها
مختلفة في أنفسها ، ولا تلائم
__________________
الأقوال والأخبار في
ولادتها ، ولا أخبار مدّة عمرها ، ولا الأخبار في مدّة مكثها بعد أبيها .
وقد استوفينا الكلام في المقام في الجهة الثانية عشرة من الفصل الحادي عشر من مرآة
الكمال
، ورجّحنا كون وفاتها في ثالث
__________________
__________________
__________________
__________________
__________________
__________________
__________________
جمادى الآخرة سنة
عشرة من الهجرة كما
رجّحنا كون قبرها في
__________________
دارها
، خلف قبر النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، دون البقيع ، ودون ما بين
__________________
القبر الشريف والمنبر
، فراجع.
وألقابها كثيرة .. راجع من شاء مظانّها
كالبحار ..
وغيره .
__________________
وأما :
الإمام أبو محمّد
الحسن المجتبى
ابن أمير المؤمنين
عليهما السّلام
وأمه : سيدة النساء [صلوات اللّه وسلامه
عليها].
فقد ولد بالمدينة المشرفة في يوم
الثلاثاء ؛ في منتصف شهر رمضان
سنة اثنتين من الهجرة ؛ على ما أفاده في الكافي
، والتهذيب
،
__________________
والدروس .
أو سنة ثلاث من الهجرة ؛ على ما في
إرشاد المفيد
، ومصباح الكفعمي
، ومناقب ابن شهر آشوب
، ومحكي كشف الغمّة .
__________________
__________________
وتوفّي مسموما يوم الخميس من شهر صفر
سنة تسع وأربعين من الهجرة .
__________________
ومضى وعمره الشريف سبع وأربعون سنة على
ما في الكافي
، والتهذيب
، وكذا في إرشاد المفيد بزيادة
: أو سنة خمسين من الهجرة
، عن سبع أو ثمان وأربعين [سنة]
، واقتصر الكفعمي
على ذكر سنة الخمسين.
وفي يوم وفاته من شهر صفر أقوال
؛ ففي إرشاد المفيد
، وعن
__________________
الكفعمي
أنّه سابع صفر
، وفي الكافي
، ومحكي كشف الغمة
أنّه آخره.
__________________
وزاد في الثاني أنّه يوم الخميس ، وعن
المناقب
أنّه لليلتين بقيتا من شهر صفر .
__________________
ودفن في مقبرة جدّته فاطمة بنت أسد .
__________________
__________________
وأمّا :
الإمام أبو عبد اللّه
سيّد الشهداء
الحسين بن علي أمير
المؤمنين عليهما السّلام
وأمّه : الصدّيقة الكبرى عليها السلام.
فقد ولد بالمدينة المشرّفة
، والأشهر أنّه ولد يوم الخميس
، وقيل
__________________
يوم الثلاثاء. وعليهما
، فعن إعلام الورى
، ومصباح الكفعمي
أنّه ثالث شعبان ، بل في البحار
أنّه الأشهر ، ووردت به روايتان : أحدهما
عن الصادق عليه السلام.
وعن إرشاد المفيد
، والمناقب
، وكشف الغمّة
،
__________________
ومصباح الشيخ
، أنّه خامس شعبان
، وهو المحكي عن ابن نما .
وعن التهذيب والدروس
أنّه آخر ربيع الأوّل .
__________________
ومستند ذلك ما ثبت واشتهر بين الفريقين
من كون ولادة الحسن [عليه السلام] في منتصف شهر رمضان ، بضميمة ما ورد صحيحا من
أنّ بين ولادتيهما لم يكن إلاّ ستّة أشهر وعشرة أيّام
، لكن ذلك معارض بما ورد من
__________________
أنّ بين ولادتيهما
عشرة أشهر وعشرون يوما .
__________________
ثمّ إنّ في سنة ولادته أيضا خلافا ؛ فعن
المناقب
، وإعلام الورى
، وكشف الغمّة
، والإرشاد
، ومصباح الشيخ
، وابن نما أنّه
سنة أربع من الهجرة .
وعن التهذيب والكافي والدروس أنّه سنة ثلاث من الهجرة.
ونقل ابن نما قولا بأنّ مولده عليه السلام لخمس خلون
من
__________________
جمادى الأولى ، سنة
أربع من الهجرة .
ومضى قتيلا يوم عاشوراء ـ عصر عاشر
محرّم ـ وهو يوم الجمعة
، أو السبت
، أو الاثنين ..
بطفّ كربلاء سنة ستين
__________________
من الهجرة
، ودفن بها.
ويقال : سنة إحدى وستين .
وعلى هذا فعمره الشريف ستّ وخمسون سنة ،
وخمسة أشهر ، كما هو أحد الأقوال .
__________________
وقيل : ثمان وخمسون .
وقيل : سبع وخمسون وخمسة أشهر .
__________________
وقيل : خمسون كملا .
ومدّة إمامته إحدى عشرة سنة .
__________________
تذييل :
نقل الناقد في هامش فوائد خاتمة النقد
، عن ابن طاوس رحمه اللّه أنّه قال في ربيع الشيعة
: إنّ الحسين عليه السلام ولد
بالمدينة يوم الثلاثاء.
وقيل : يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان.
وقيل : لخمس خلون منه سنة
أربع من الهجرة. ولم يكن بينه وبين أخيه الحسن عليه السلام إلاّ الحمل ، والحمل
ستّة أشهر. انتهى كلام ابن طاوس.
قال الناقد : وهذا مناف لقوله عند ذكر
الحسن عليه السلام ، حيث قال : الحسن عليه السلام ؛ ولد بالمدينة ليلة النصف من
شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة. انتهى.
ووجه المنافاة ؛ أنّه إذا لم يكن بينهما
سوى الحمل ـ وهو ستّة أشهر ـ
__________________
وكان ولادة الحسن
عليه السلام في شهر رمضان ، لزم كون ولادة الحسين عليه السلام في شهر صفر فلا
يلائم كونها في شعبان.
وأيضا ؛ فلازم كون ولادة الحسن عليه
السلام سنة الثلاث
، وولادة الحسين عليه السلام سنة الأربع
مع كون ولادة الحسن عليه السلام في شهر رمضان ، وولادة الحسين عليه السلام في
شعبان هو كون ما بينهما أحد عشر شهرا.
والذي يظهر لي أنّ تفسير الحمل بستّة
أشهر قد وقع من ابن طاوس سهوا ، وأنّ المراد بالحمل أحد عشر شهرا.
ويقرّب ما قلناه إنّ وقوع حمل الحسين
عليه السلام بعد ولادة الحسن عليه السلام بلا فصل بعيد ، بخلاف ما إذا كان المراد
بالحمل أحد عشر شهرا ؛ فإنّه يكون ابتداء حمل الحسين عليه السلام بعد ولادة الحسن
عليه السلام بأربعة أشهر ونصفا تقريبا ، وحمله ستّة أشهر ، فيتمّ المطلوب ، فتدبّر
.
__________________
وأمّا :
الإمام أبو محمّد
زين العابدين وسيّد الساجدين
علي بن الحسين عليهما
السّلام
وامّه شهر بانو
شاه زنان بنت يزدجرد شهريار كسرى .
__________________
__________________
فقد ولد بالمدينة المشرّفة في خلافة
جدّه أمير المؤمنين عليه السلام
__________________
يوم الخميس ، كما عن
كشف الغمّة
، والمناقب
، والفصول المهمّة .
أو يوم الجمعة ، كما عن روضة الواعظين
، وإعلام الورى .
أو يوم الأحد ، كما عن الدروس .
خامس شعبان ؛ كما عن كشف الغمّة
، والمناقب
، والفصول المهمة
، والدروس .
__________________
أو تاسعه ؛ كما عن الروضة
، والمناقب .
أو سابعه ؛ على قول.
أو ثامنه ؛ على قول آخر .
وعن إعلام الورى
أنّه في منتصف جمادى الآخرة .
وعن المصباحين
، ومصباح الكفعمي
، وإقبال الإعمال
أنّه في منتصف جمادى الأولى
..
__________________
وسنته ؛ سنة ثمان وثلاثين من الهجرة ، كما
عن إرشاد المفيد
، والكافي
، وكشف الغمّة
، والمناقب
، ومصباح الكفعمي
، وروضة الواعظين
، والتذكرة
، والدروس
، والفصول المهمّة
، والدّرر
،
__________________
والذخيرة
.. وغيرها .
[قبل وفاة أمير المؤمنين عليه السلام
بسنتين ؛ كما عن الإرشاد
،
__________________
وكشف الغمة
، والمناقب
، وغيرها
.
وفي رواية أنّ ولادته سنة سبع وثلاثين
، وقيل : ستّ وثلاثين .
__________________
وبقي عليه السلام بعد أبيه ثلاثا وثلاثين
سنة ؛ على ما عن كشف الغمّة .
أو أربعا وثلاثين سنة ؛ كما عن الإرشاد
، والمناقب .
أو خمسا وثلاثين سنة ؛ على ما عن الكافي
، وإعلام الورى .
__________________
وقضى سلام اللّه عليه مسموما بسمّ
الوليد بن عبد الملك بن مروان لعنة اللّه عليه
يوم السبت ، كما عن المناقب
، وروضة الواعظين
، والدروس
وإعلام الورى .
ثامن عشر محرّم
؛ كما عن كشف الغمّة
، وكفاية الطالب
، ويوافقه ما عن المناقب
من أنّه لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرّم ،
__________________
أو لاثنتي عشرة ليلة .
وعن الدروس أنّه قبض في ثاني عشر محرّم.
وعن مصباح الشيخ
، وتاريخ المفيد
، والكفعمي
أنّه في الخامس والعشرين من المحرّم.
__________________
وعن الجدول
أنّه في الثاني والعشرين منه سنة خمس وتسعين .
__________________
ودفن بالبقيع عند عمّه الحسن عليه
السلام.
وكان عمره الشريف سبعا وخمسين سنة ، كما
عن الكافي
، والإرشاد
، وكشف الغمّة
، وإعلام الورى
، وروضة الواعظين
، والدروس .
__________________
وقيل : تسع وخمسون سنة وأربعة أشهر وأيّام
.
ومدّة إمامته ثلاث وثلاثون سنة ، كما عن
الكشف .
أو أربع وثلاثون ؛ كما عن الإرشاد
، والمناقب .
أو خمس وثلاثون ؛ كما عن الكافي
، وإعلام الورى .
__________________
__________________
تذييل :
قد سها هنا قلم الناقد حيث أرّخ ولادته
عليه السلام بسنة ثلاث
وثلاثين ، ووفاته عليه السلام بسنة خمس وتسعين ، وجعل مدّة عمره سبعا وخمسين سنة
، مع أنّ لازم الجمع بين التاريخين هو كون مدّة عمره اثنتين وستين سنة ، لا سبعا وخمسين
، ولم يؤرّخ أحد ولادته عليه السلام بسنة ثلاث وثلاثين .
وأظنّ أنّ منشأ اشتباه الناقد أنّه وجد
تصريح جمع بقاءه بعد أبيه ثلاثا وثلاثين سنة ، وكان في نسخته بين تاريخ الولادة ومدة
بقائه بعد أبيه سقط ، فوقع هذا الاشتباه .
__________________
وأما :
الإمام أبو جعفر
محمّد بن علي الباقر عليهما السّلام
وامّه أمّ عبد اللّه فاطمة بنت الحسن .
__________________
وقيل
: أمّ عبيد ، فهو أوّل فاطمي بين فاطميتين .
وقد ولد بالمدينة يوم الجمعة ، كما عن
إعلام الورى
، والمصباحين
، وشواهد النبوّة
، وتاريخ الغفاري ،
ونطقت به رواية
__________________
جابر الجعفي .
بل هو الأشهر.
أو يوم الثلاثاء ؛ كما عن المناقب
، وروضة الواعظين .
أو يوم الاثنين ؛ كما عن الكفعمي
، والشهيد في الدروس .
__________________
ثالث صفر ؛ كما عن الكفعمي
، والفصول المهمّة
، وشواهد النبوّة .
سنة سبع وخمسين ؛ كما عن إعلام الورى
، والمصباحين .
__________________
والإرشاد
، والكافي
، وروضة الواعظين
، والمناقب
، وكشف الغمّة
، والفصول المهمّة
، وشواهد النبوّة
، وبه نطقت رواية جابر .
__________________
وعن الكفعمي
أنّه ولد سنة تسع وخمسين .
وقبض سلام اللّه عليه مسمومابسم هشام
لعنه اللّه .
ودفن بالبقيع يوم الاثنين ؛ كما عن
الكفعمي
، والدروس .
__________________
في ذي الحجّة ؛ كما في المناقب
، وإعلام الورى
، وروضة الواعظين .
في السابع منه ؛ كما عن الكفعمي
، والدروس .
وقيل : في ربيع الأوّل .
وقيل : في ربيع الثاني .
سنة مائة وأربع عشرة كما عن الإرشاد
،
__________________
والكافي
، والمناقب
، وإعلام الورى
، وروضة الواعظين .
أو سنة مائة وستّ عشرة ؛ كما عن الكفعمي
(.
__________________
أو سنة مائة وسبع عشرة ؛ كما عن كشف
الغمّة
، والفصول المهمّة .
وعمره الشريف سبع وخمسون سنة ؛ كما عن
الكافي
،
__________________
وإعلام الورى
، والمناقب
، وروضة الواعظين
، والكفعمي .
أو ثمان وخمسون ؛ كما عن الفصول المهمّة
.
وقيل : ستون .
__________________
وقيل : ثمان وستون .
ومدّة إمامته ثمانية
عشرة سنة ..
__________________
كما عن المناقب
، وإعلام الورى .
وفي خبر أبي بصير
، عن الصادق عليه السلام : أنّ مدّة إمامته تسع عشرة سنة وشهران .
__________________
__________________
وأمّا :
الإمام أبو عبد اللّه
وأبو إسحاق
جعفر بن محمّد الصادق
عليهما السّلام
وأمّه : فاطمة أمّ فروة ابنة القاسم بن
محمّد .
__________________
فقد ولد بالمدينة يوم الاثنين ؛ كما عن
الكفعمي
، والدروس .
أو يوم الجمعة عند طلوع الفجر ؛ كما عن
المناقب
، وروضة الواعظين .
سابع عشر ربيع الأوّل ؛ كما عن كشف
الغمّة
، وروضة الواعظين
،
__________________
والمناقب
، وإعلام الورى
، والدروس
أو في غرّة رجب ؛ كما عن الكفعمي في
موضع آخر.
سنة ثلاث وثمانين ؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
،
__________________
والمناقب
، وروضة الواعظين
، وإعلام الورى
، والدروس
، والكفعمي
، وابن الخشاب .
__________________
وقيل : سنة ستّ وثمانين .
وعن محمّد بن طلحة
، والحافظ عبد العزيز
: سنة الثمانين .
__________________
وقبض عليه السلام مسموما بسمّ المنصور
عليه اللّعنة.
ودفن بالبقيع يوم الاثنين ؛ كما عن
الكفعمي
، والدروس .
منتصف رجب ؛ كما عن إعلام الورى
، والكفعمي .
أو في شهر شوال ؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
، والمناقب
، وروضة الواعظين .
__________________
سنة مائة وثمان وأربعين ؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
، وروضة الواعظين
، وإعلام الورى
، والدروس ،
والكفعمي
، وابن الخشّاب .
__________________
وعمره الشريف خمس وستّون سنة ؛ كما عن
الإرشاد
، والمناقب
، وإعلام الورى
، والدروس
، وابن الخشّاب .
__________________
وقيل : ثمان وستون
، وحكي ذلك عن الفصول المهمّة
، ومحمّد بن طلحة .
وقيل : خمسون سنة .
__________________
ومدّة إمامته أربع وثلاثون سنة ؛ كما عن
الإرشاد
، والمناقب .
__________________
__________________
وأمّا :
الإمام أبو إبراهيم ،
وأبو الحسن ، وأبو محمّد ،
وأبو علي
موسى بن جعفر الكاظم عليهما السّلام
وأمّه : حميدة البربريّة المصفّاة .
__________________
فالمشهور أنّه ولد بالأبواء
منزل بين مكّة والمدينة .
__________________
وقال الحافظ عبد العزيز
أنّه ولد بالمدينة ، والأوّل أصحّ.
وقد ولد يوم الأحد كما عن الكافي ، والمناقب ، والدروس .
سابع عشر شهر صفر ؛ كما عن الكافي
، والدروس .
__________________
سنة مائة وثمان وعشرين ؛ كما عن الكافي
، وكشف الغمّة
، والمناقب
، وإعلام الورى
، والدروس .
__________________
وقيل : سنة مائة وتسع وعشرين .
وقبض مسموما بسمّ الرشيد ، ودفن بمقابر
قريش في جنب بغداد يوم الجمعة ، كما عن روضة الواعظين .
__________________
الخامس والعشرين من رجب ؛ كما هو ظاهر
العيون
، وكشف الغمّة
، وإعلام الورى
، والحافظ عبد العزيز .
__________________
وقيل : في خامس رجب
، ولعلّ الأوّل أشهر.
سنة مائة وثلاث وثمانين ؛ كما عن الكافي
، والروضة
، والدروس
، والمناقب
، وكشف الغمّة
، وإعلام الورى
،
__________________
والحافظ عبد العزيز .
وقيل : سنة مائة وستّ وثمانين .
وعن الإقبال : سنة تسع وثمانين ومائة .
وعمره الشريف خمس وخمسون سنة ؛ كما عن
إعلام الورى ،
__________________
وكشف الغمّة .
وعن الكافي
والمناقب
؛ أربع وخمسون سنة .
__________________
ومدّة إمامته ؛ خمس وثلاثون سنة ، كما
عن الكافي
، والمناقب .
__________________
وأمّا :
الإمام أبو الحسن
الثاني
علي بن موسى الرضا
عليهما السّلام
رزقنا اللّه تعالى
زيارته ثالثة .
وامّه : امّ البنين
، واسمها : الخيزران
__________________
المرسية
، أو سكينة ، أو سكنة ، أو نجمة ، أو شقراء النوبية .
__________________
فقد ولد بالمدينة يوم الجمعة ؛ كما عن
المناقب
، وإعلام الورى
، وروضة الواعظين
، والحافظ عبد العزيز .
__________________
أو يوم الخميس ؛ كما عن الكفعمي
، والعيون نقلا
عن مع من أهل المدينة.
حادي عشر ذي القعدة الحرام ؛ كما عن
الكفعمي
، وروضة الواعظين
، وإعلام الورى
، والحافظ عبد العزيز .
__________________
أو حادي عشر ذي الحجّة ؛ كما عن كشف
الغمّة .
أو حادي عشر ربيع الأوّل ؛ كما عن
المناقب .
سنة مائة وثمان وأربعين ؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
، وإعلام الورى
، وروضة الواعظين
، والدروس
، والكفعمي .
__________________
أو سنة مائة وثلاث وخمسين ؛ كما عن كشف
الغمّة
، والمناقب
، والحافظ عبد العزيز .
__________________
أو سنة مائة وإحدى وخمسين على قول .
__________________
وقبض مسموما بسمّ المأمون الملعون .
ودفن بطوس في جنب قبر هارون الرشيد ، ممّا
يلي القبلة في دار حميد بن قحطبة الطائي ، في قرية يقال لها : سناباد من رستاق
نوقان .
وكان وفاته يوم الجمعة ؛ كما عن روضة
الواعظين ،
والمناقب ،
والذخيرة .
__________________
أو يوم الثلاثاء ؛ كما عن الكفعمي .
أو يوم الاثنين ؛ كما قيل.
في شهر صفر
؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
، والدروس .
__________________
في السابع عشر منه ؛ كما عن الكفعمي
، والمناقب
، والذخيرة .
أو لسبع بقين من شهر رمضان
؛ كما عن بعضهم.
أو لتسع بقين منه ؛ كما حكاه في العيون
عن جمع.
__________________
أو غرّته ؛ كما عن المناقب
، والذخيرة .
سنة ثلاث ومائتين ؛ كما عن الكافي
،
__________________
والإرشاد
، وروضة الواعظين
، والدروس
، والكفعمي
، والطبرسي .
أو سنة مائتين وستّ ؛ كما عن كشف الغمّة
،
__________________
والحافظ عبد العزيز .
أو سنة اثنتين بعد المائتين ؛ كما عن
كتاب مواليد الأئمّة
، والمناقب
، والذخيرة .
__________________
وكان عمره الشريف خمسا وخمسين سنة ؛ كما
عن الكافي
، والإرشاد
، وروضة الواعظين
، والطبرسي .
أو إحدى وخمسين سنة ؛ كما عن الكفعمي .
أو تسعا وأربعين سنة وأشهرا ؛ كما عن
كشف الغمّة
، وموضع آخر
__________________
من الكافي .
ومدّة إمامته عشرون سنة ؛ كما عن
المناقب .
__________________
__________________
وأمّا :
الإمام أبو جعفر
الثاني
محمّد بن علي التقي
الجواد عليهما السّلام
وأمّه : أمّ ولد ، يقال لها : سبيكة
__________________
النوبية أو
درّة .
وكانت مريسيّة. وكانت من أهل بيت مارية
القبطيّة .
__________________
ولد بالمدينة ليلة الجمعة ؛ كما عن
المناقب
، وكشف الغمّة
، وروضة الواعظين
، وتاريخ الغفاري
، وابن عيّاش .
في شهر رمضان ؛ كما عن الكافي
، وإعلام الورى
،
__________________
والدروس .
في التاسع عشر منه ؛ كما عن الإرشاد
، وكشف الغمّة
، والمناقب .
وعن تاريخ الغفاري
في النصف منه.
__________________
أو في السابع عشر منه ؛ كما في إعلام
الورى .
أو لعشر خلون من رجب ؛ كما عن ابن عيّاش
.
أو عاشر رجب ؛ كما قيل .
__________________
سنة مائة وخمس وتسعين ؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
، والمناقب
، وكشف الغمّة
، وروضة الواعظين
، والدروس
، وإعلام الورى .
__________________
وقبض مسموما بسمّ المعتصم أو الواثق
لعنة اللّه عليهما .
ودفن عند جدّه يوم السبت على قول .
أو يوم الثلاثاء ؛ كما عن دلائل الحميري
، ومحمّد بن سعيد ، وابن الخشاب.
في ذي القعدة ؛ كما عن الإرشاد .
__________________
أو في آخره ؛ كما عن الكافي
، والمناقب
، والروضة
، وإعلام الورى
، والدروس .
أو حادي عشر ؛ على قول .
أو خامسه ؛ على قول آخر .
__________________
أو في ذي الحجّة ؛ كما عن كشف الغمّة
، وابن الخشّاب .
أو لست خلون من ذي الحجّة ؛ كما عن
دلائل الحميري .
سنة مائتين وعشرين ؛ كما عن الكافي ،
__________________
والإرشاد
، والمناقب
، وكشف الغمة
، وإعلام الورى
، وروضة الواعظين
، والدروس
، ودلائل الحميري .
وكان عمره الشريف خمسا وعشرين سنة ؛ كما
عن الإرشاد
،
__________________
والمناقب
، وكشف الغمّة
، وإعلام الورى .
أو خمسا وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر
يوما ؛ كما عن الكافي .
أو خمسا وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني
عشر يوما ؛ كما عن دلائل الحميري
..
__________________
وابن الخشاب .
ومدّة إمامته سبع عشرة سنة ؛ كما عن
الإرشاد
، والمناقب
، وإعلام الورى .
وقيل
: تسع عشرة سنة إلاّ خمسا وعشرين يوما .
__________________
__________________
__________________
وأمّا :
الإمام أبو الحسن
الثالث
علي بن محمّد الهادي
النقي العسكري عليهما السّلام
المتوكّل ، الناصح ، المفتاح ، المرتضى
سلام اللّه عليهما.
وامّه أمّ ولد ، يقال لها : سمانة
المغربيّة ، ولقبها : السيدة
، وكنيتها :
__________________
أمّ الفضل .
وإنّما سمّي هو وولده عليهما السلام ب
: العسكري ؛ لأنّ المحلّة التي يسكناها من سرّ من رأى كانت تسمّى عسكرا .
ولد عليه السلام ب : صريا
من المدينة المشرّفة يوم الثلاثاء ؛ كما عن
__________________
روضة الواعظين
، وإبراهيم بن هاشم القمي
، وابن عيّاش .
أو يوم الجمعة ؛ كما عن كشف الغمّة .
منتصف ذي الحجّة ؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
، وروضة الواعظين
، والدروس
، والمناقب
،
__________________
وإعلام الورى .
أو في السابع والعشرين منه ؛ كما عن
مصباح الشيخ
روايته.
أو ثاني رجب
؛ كما عن كشف الغمّة .
__________________
أو خامسه ؛ كما عن موضع آخر منه .
أو لثلاث عشر خلون من رجب ؛ كما عن إبراهيم
بن هاشم .
سنة مائتين واثنتي عشرة ؛ كما عن الكافي
، والإرشاد
،
__________________
والمناقب
، وإعلام الورى
، وروضة الواعظين
، وكشف الغمّة
، والدروس .
أو سنة مائتين وأربع عشرة ؛ كما عن كشف
الغمّة
، وابن عيّاش
،
__________________
والحافظ عبد العزيز
، وعن إبراهيم بن هاشم روايته .
وقبض عليه السلام مسموما بسمّ المعتز
لعنه اللّه تعالى ، ودفن ب : سرّ من رأى في داره ، يوم الاثنين ؛ كما عن المصباح
، والدروس
، ومروج الذهب .
__________________
ثالث رجب
؛ كما عن كشف الغمّة
، والمصباح
، والدروس .
__________________
أو لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة ؛ كما
عن موضع آخر منه .
أو لثلاث ليال بقين منه ، نصف النهار ؛ على
ما في روضة الواعظين .
أو لأربع بقين منه ؛ كما في الكافي
، ومروج الذهب .
__________________
سنة مائتين وأربع وخمسين كما عن الإرشاد
، وروضة الواعظين
، والدروس
، وكشف الغمّة
، وإعلام الورى
، ومروج الذهب .
__________________
ومدّة عمره الشريف أربعون سنة ؛ كما عن
كشف الغمّة
، ومروج الذهب
، وابن عيّاش
،
__________________
والحافظ عبد العزيز .
أو إحدى وأربعين سنة ؛ على رواية
إبراهيم بن هاشم .
أو بزيادة ستّة أشهر ؛ كما عن الإرشاد .
أو سبعة أشهر ؛ كما عن روضة الواعظين .
__________________
أو اثنتين وأربعين
سنة ؛ كما قيل .
ومدّة إمامته ثلاث وثلاثون سنة ؛ كما عن
الإرشاد ،
وروضة الواعظين .
أو مع زيادة أشهر ؛ كما عن كشف الغمّة ، وإعلام الورى .
__________________
وكان عمره الشريف في مبدأ إمامته ثمان
سنين ونصفا تقريبا .
__________________
وكان سني إمامته عليه السلام بقية ملك
المعتصم ، ثمّ الواثق ، [والمتوكّل ،] والمنتصر ، والمستعين ، والمعتز .
__________________
فائدة
قد ذكروا
في وجه تسمية مولانا علي الهادي ومولانا الحسن العسكري عليهما السلام ب : العسكري
، وجهين :
أحدهما : ما في البحار عن علل الشرائع ، ومعاني الأخبار ، قال : سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم
يقولون : إنّ المحلّة التي يسكنها الإمامان علي ابن محمّد والحسن بن علي عليهما
السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى :
عسكرا ؛ فلذلك قيل لكلّ واحد منهما : العسكري
.
__________________
ثانيهما : ما في البحار
أيضا ، عن الخرائج
، قال : روي أنّ المتوكّل أو الواثق أو غيرهما أمر العسكر
ـ وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسرّ من رأى ـ أن يملأ كلّ واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر ، ويجعل بعضه على
بعض في وسط تربة واسعة
هناك ، ففعلوا فلمّا صار مثل جبل عظيم ـ واسمه : تلّ المخالي ـ صعد فوقه ، واستدعى
أبا الحسن [عليه السلام] واستصعده ، وقال : استحضرتك لنظارة خيولي ، وقد كان أمرهم
__________________
أن يلبسوا التجافيف
ويحملوا الأسلحة ، وقد عرضوا بأحسن زينة ، وأتمّ عدّة ، وأعظم هيبة.
وكان غرضه أن يكسر قلب كلّ من يخرج عليه
، وكان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من أهل بيته [أن يخرج] على
الخليفة.
فقال له أبو الحسن عليه السلام : «وهل [تريد
أن] أعرض عليك عسكري؟!».
قال : نعم.
فدعى اللّه سبحانه ؛ فإذا بين السماء والأرض
من المشرق و
المغرب ملائكة مدجّجون .. فغشي على الخليفة ، فلمّا أفاق ، قال أبو الحسن عليه
السلام : «نحن لاننافسكم
في الدنيا ، نحن مشتغلون بأمر الآخرة ، فلا عليك شيء ممّا تظنّ» .
__________________
وأمّا :
الإمام أبو محمّد
الحسن بن علي العسكري عليهما السّلام
الصامت ، الهادي ، الرفيق ، الزكي ، النقي
، الخالص ، السراج سلام اللّه عليه .
وأمّه : أمّ ولد يقال لها : حديثة ؛ كما
عن الإرشاد
..
أو : حديث ؛ كما عن المناقب
، وإعلام الورى
، والدروس .
__________________
أو : سليل ؛ كما عن عيون المعجزات .
أو : سوسن ؛ كما قيل .
أو : جريبة ؛ على قول آخر .
__________________
ولد بالمدينة ؛ على ما صرّح به جمع
، وبسرّ من رأى ؛ على قول
، يوم الجمعة ؛ كما عن المناقب
، وإعلام الورى .
أو يوم الاثنين ؛ كما عن الكفعمي (.
في شهر ربيع الأوّل ؛ كما عن الإرشاد .
__________________
في الثامن منه ؛ كما عن الكشف
، عن محمّد بن طلحة .
أو في ربيع الثاني ؛ كما عن الكافي
، ودلائل الحميري
، وإقبال الأعمال
، والدروس .
في العاشر منه ؛ كما عن المصباحين .
__________________
أو في الرابع منه ؛ كما عن الكفعمي .
أو في الثامن منه ؛ كما عن المناقب وإعلام الورى
، والحافظ عبد العزيز .
سنة مائتين [واثنين] وثلاثين ؛ كما عن
الإرشاد .
أو سنة إحدى وثلاثين ومائتين ؛ كما عن
الكشف عن محمّد
__________________
ابن طلحة
، وعيون المعجزات
، وابن الخشّاب
، والحافظ عبد العزيز .
أو سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ؛ كما عن
الكافي
، ودلائل الحميري
، وإعلام الورى
، والكفعمي .
__________________
وقبض عليه السلام مسموما بسمّ المعتمد ،
أو المعتضد لعنهما اللّه تعالى.
ودفن عند أبيه عليه السلام يوم الجمعة ؛
كما عن الإرشاد
،
__________________
وروضة الواعظين
، ودلائل الحميري
، وإكمال الدين
، والكفعمي
، وابن الخشّاب .
أو يوم الأحد ؛ كما عن الدروس .
__________________
أو يوم الأربعاء ؛ على قول .
لثمان خلون من ربيع الأوّل ؛ كما عن
الإرشاد ،
وإكمال الدين ،
__________________
ودلائل الحميري
، والدروس
، والكفعمي
، وابن الخشّاب
، بل في
__________________
البحار
أنّه المشهور .
أو أوّل يوم منه ؛ كما عن المصباحين [للشيخ]
، والكفعمي .
أو في الربيع الثاني ؛ كما عن عيون
المعجزات .
__________________
سنة ستين ومائتين ؛ كما عن الإرشاد
، وإكمال الدين ،
ومروج الذهب
، وعيون المعجزات ،
وابن الخشّاب
، والحافظ عبد العزيز
، والكفعمي
، نقلا عن محمّد بن طلحة .
__________________
وعمره الشريف تسع وعشرون سنة ؛ كما عن
إكمال الدين
، والمناقب
، ومروج الذهب
، وعيون المعجزات
، وابن الخشّاب
،
__________________
والكفعمي عن محمّد بن
طلحة .
أو ثمان وعشرون سنة ؛ كما عن الإرشاد
، ودلائل
[الإمامة ، وعيون] المعجزات والدروس
، والحافظ عبد
العزيز .
__________________
ومدّة إمامته ستّ سنين ؛ كما عن إعلام
الورى .
أو خمس سنين وأشهر [ا] ؛ كما عن روضة
الواعظين
، والكفعمي
، عن محمّد بن طلحة .
__________________
وكان سني إمامته في بقية ملك المعتز ، ثمّ
المهتدي ، والمعتمد .
__________________
وأمّا :
الإمام المنتظر
المهدي عليه السّلام
المظفّر ، صاحب العصر والزمان ، وسلطان
الوقت والأوان ، وخليفة الرحمن ، القائم ، أبو القاسم ، الحجّة بن الحسن ، عجّل
اللّه تعالى فرجه ، وجعلنا من أنصاره وأعوانه ومن كلّ مكروه فداه.
وأمّه : نرجس
خاتون ، ولها أسماء أخر : ريحانة
، وصقيل
،
__________________
وسوسن
، وخمط .
وقد ولد عليه السلام يوم الجمعة ، منتصف شعبان ، على أشهر
__________________
الأقوال والروايات .
__________________
وقيل : لثمان خلون منه
، كما هو نصّ خبر المفضّل .
وفي الإرشاد
: في الثالث والعشرين من شهر رمضان .
__________________
سنة مائتين وخمس وخمسين
؛ كما مرّ في خبر
__________________
المفضّل الطويل .
__________________
وعمره الشريف عند فوت أبيه خمس سنين ، آتاه
اللّه تعالى فيه
__________________
الحكمة وفصل الخطاب ،
وجعله إمام أولي الألباب ، وجعله آية للعالمين كما آتى الحكمة يحيى عليه السلام
صبيّا ، وجعل عيسى بن مريم عليه السلام في المهد نبيّا ، وجعل سبحانه جدّه الجواد
عليه السلام إماما وهو ابن ثمان سنين ونصف تقريبا .
وله عليه السلام غيبتان
:
إحداهما : من يوم فوت أبيه عليه السلام وهي
الصغرى ؛ التي مدّتها ثمان أو تسع وستون سنة إلاّ شهرا
؛ لأنّ فوت مولانا العسكري عليه السلام ـ
__________________
في أصحّ الروايات وأشهرها
ـ في شهر ربيع الأوّل سنة مائتين وستين كما عرفت ، وموت السمري ـ الذي هو آخر
السفراء ، وبموته وقعت الغيبة الكبرى التي هي أعظم البلايا والمحن ، وأشدّ المصائب
والفتن ـ منتصف شعبان سنة ثلاثمائة وثمان أو تسع وعشرين ، على ما صرّح به جمع
، وبين التاريخين ثمان أو تسع وستون سنة.
فما قيل من أنّ الغيبة الصغرى أربع وسبعون
سنة اشتباه بلا شبهة
، إلاّ أن يحسبها من سنة الولادة ، فإنّه يتمّ على
__________________
أحد التاريخين في فوت
السمري ، وينقص سنة على الآخر ، وكذا اشتبه من قال : إنّه عجّل اللّه تعالى فرجه
كان عند الغيبة الكبرى ابن عشرين سنة ؛ فإنّ لازمه كون الغيبة الصغرى خمس عشرة سنة
، وهو كما ترى.
وأمّا الغيبة الكبرى ؛ فلا يعلم مدّتها
إلاّ اللّه سبحانه ، أسأله تعالى أن يعجّل فرجه ، ويسهّل مخرجه ، ويجعلنا من خدمه وأعوانه
، ويميتنا على ولايته وولاية آبائه الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين ولعنته على
أعدائهم إلى يوم الدين .
ومن أراد العثور على وجه تسميته ب : القائم
، واستحباب القيام ووضع اليدين على الرأس عند ذكر اسمه ، وجواز تسميته باسمه الذي
هو اسم جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .. فليراجع الجهة الثانية عشرة
من الفصل الحادي عشر من مرآة الكمال .
ومن أراد العثور على الأشخاص الذين رأوا
الحجّة المنتظر روحي فداه أو وقفوا على معجزاته ، فليراجع الجلد الثالث عشر من
بحار الأنوار
،
__________________
وما ألحقه به في جنّة
المأوى .
يأتي ذكر سفرائه عليه السلام إجمالا ، في
الفائدة الثانية عشرة إن شاء اللّه تعالى .
__________________
__________________
تكملة
قد سمعت منّا ذكر لقب كلّ إمام وكنيته
عند ذكر اسمه .
فمنهم : من له كنية واحدة كأكثرهم .
ومنهم : من له كنيتان كالصادق عليه
السلام ، حيث إنّ كنيته الشائعة :
__________________
أبو عبد اللّه
، ويكنّى : أبا إسحاق ـ أيضا ـ وهو الغالب في أخبار إبراهيم بن عبد الحميد
الصنعاني
، كالكاظم عليه السلام ؛ فإنّ إحدى كنيتيه :
__________________
أبو إبراهيم
، والاخرى : أبو الحسن .
وهذا الأخير مشترك بين أربعة من الأئمّة
:
__________________
أوّلهم :
أمير المؤمنين عليه السلام ..
والثاني : الكاظم عليه السلام ..
والثالث : الرضا عليه السلام ..
والرابع : الهادي عليه السلام
..
__________________
وهو في الأخبار عند الإطلاق الكاظم عليه
السلام
، وقد يقيّد فيه ب : الأوّل
، ويقيّد غالبا ب : الثاني في الرضا عليه السلام
، وب : الثالث أو : الأخير .. في الهادي عليه السلام .
__________________
وأبو جعفر
؛ هو الباقر عليه السلام
، ويقيّد غالبا في الجواد عليه السلام ب : الثاني .
وأبو عبد اللّه ؛ هو سيّد الشهداء ، والصادق عليهما السلام
، إلاّ أنّه إذا
__________________
أطلق في الأخبار أريد
به الثاني .
وعبّر معروف بن خرّبوذ عنه عليه السلام
في رواية ب : ابن المكرمة .
وأبو محمّد ؛ كنية المجتبى ، والسجّاد ،
والعسكري عليهم السلام جميعا ،
إلاّ أنّه عند الإطلاق في الأخبار يراد
__________________
به العسكري عليه
السلام .
وقد يكنّى السجّاد ب : أبي الحسن
، وأبي بكر .
وأبو القاسم ؛ كنية النبي صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم والحجّة ، إلاّ أنّه يراد غالبا عند الإطلاق الثاني عجّل اللّه
تعالى فرجه .
__________________
وذكر بعض المتبحّرين أنّ : أبا القاسم
لقب الرضا عليه السلام
أيضا.
وكلّما قيل أحدهما عليهما السلام
فالمراد به : الصادقان عليهما السلام .
وقد يعبّر عن الإمام عليه السلام تقيّة
ب : الشيخ ، والفقيه
، والعالم
،
__________________
والغريم ، والاستاذ ،
والرجل
، والماضي ، وعبد صالح ، والعبد الصالح .
والأكثر التعبير بكلّ منها عن الكاظم
عليه السلام لشدّة التقيّة في زمانه ، وخوف الشيعة من ذكره بأسمائه وكناه وألقابه
الشريفة المعروفة .
__________________
وكذا يعبّر غالبا عن الحجّة ب : الصاحب
، وصاحب الدار ، وصاحب الزمان ، والغريم ، والقائم ، والمهدي ، والهادي ، والرجل
الهادي ، والمرتضى ، وصاحب العسكر .
وصاحب الناحية
: الهادي ، أو الزكي ، أو الصاحب [عليه السلام] .
وقد يعبّر عن الإمام عليه السلام ب : الأصل
.
وقد يعبّر عن الهادي ب : الصادق عليه
السلام كما في خبر محمّد بن
__________________
عبد الجبار ، عن
الصادق عليه السلام في أقلّ ما يعطى الفقير من الصدقة
، حيث حكم أهل الخبرة بأنّ المراد ب : الصادق عليه السلام ، هو الهادي عليه
السلام .
وعن إعلام الورى أنّ من ألقاب الهادي عليه السلام : العالم
، والفقيه
، والأمين ، والطيّب .
__________________
تذييل :
الذي ظهر لي بالتتبّع أنّ التعبير عن
الإمام عليه السلام ب : الماضي
، لم يقع تقيّة ، وإنّما كانت العادة ثبت الرجل اسم الإمام عليه السلام في أوّل
رواياته ، وتعبيره عنه في الروايات المتأخّرة ب : الماضي ـ أي : الذي مضى اسمه
الشريف ـ فزعم من لم يتتبّع أنّه من الألفاظ المعبّر بها للتقيّة ، فتتبّع تجد صدق
ما قلناه.
* * *
__________________
__________________
وقد عثرت على جدول مثبت في بعض الكتب
الرجالية المعتمدة ، فأحببت إثباته هنا تسهيلا للأمر ، ولا ألتزم بصحّة جميع ما فيه
، فإنّ في جملة منه خلافا يأتي في الصفحة الآتية إن شاء اللّه تعالى.
* * *
وجدت هذا الجدول في بعض الكتب الرجالية
المعتمدة فأحببت إثباته هنا تسهيلا للأمر ولا ألتزم بصحة جميع ما فيه ، فإنّ في
جملة منه خلافا .
__________________
الأسماء
|
محمّد صلّى اللّه عليه وآله
|
علي عليه السّلام
|
فاطمة عليها السّلام
|
الحسن عليه السّلام
|
أشهر الكنى
|
أبو القاسم
|
أبو الحسن
|
أم أبيها
|
أبو محمّد عليه السلام
|
أشهر الألقاب
|
المصطفى
|
المرتضى
|
الزهراء
|
الزكي
|
مكان الولادة
|
شعب أبي طالب
|
الكعبة
|
مكة
|
المدينة
|
أيام الولادة
|
الاثنين
|
الجمعة
|
الجمعة
|
الثلاثاء
|
شهور الولادة
|
١٧ ربيع الأوّل(ع ل)
|
١٢ أو ١٣ رجب
|
عشرون جمادى الثانية
|
نصف شهر رمضان
|
سني الولادة
|
عام الفيل
|
٣٠ من عام الفيل
|
بعد البعثة ٥ سنين
|
٣ بعد الهجرة
|
ملوك وقت الولادة
|
أنو شيروان
|
شهريار
|
يزدجرد
|
يزدجر
|
أسماء الأمهات
|
آمنة بنت وهب
|
فاطمة بنت أسد
|
خديجة بنت خويلد
|
فاطمة عليها السلام
|
نقش الخاتم
|
الشهادتان
|
الملك للّه الواحد القهار
|
آمن المتوكلون
|
العزة للّه تعالى
|
عدد الأزواج
|
خمس عشرة
|
اثني عشر(غير السراري)
|
علي عليه السلام
|
٦٤ (عدا السراري)
|
عدد الأولاد
|
ثمان أولاد
|
٢٧ أولاد
|
٥ أولاد
|
١٥ أولاد
|
عدد سني الأعمار
|
٦٣
|
٦٣
|
١٨
|
٤٨
|
أيام الوفاة
|
الاثنين
|
الاثنين
|
الاثنين
|
الخميس
|
شهور الوفاة
|
٢٨ صفر
|
٢١ رمضان
|
٣ جمادى الثانية
|
٧ صفر
|
سني الوفاة
|
١١ من الهجرة
|
٤٠ من الهجرة
|
١١ من الهجرة
|
٤٩ من الهجرة
|
أمكنة الوفاة
|
المدينة
|
الكوفة
|
المدينة
|
المدينة
|
سبب الوفاة
|
مرض وقبض فيه.
|
قتله ابن ملجم
|
ضربت وأجهضت
|
سمّته جعدة
|
|
وقيل : كان مسموما
|
لعنه اللّه
|
|
لعنه اللّه
|
أمكنة القبور
|
مسجده
|
الغري
|
في الروضة
|
في البيع
|
ملوك وقت الوفاة
|
هرقل
|
معاوية لعنه اللّه
|
أبو بكر
|
معاوية لعنه اللّه
|
أسماء بوابهم
|
علي عليه السلام
|
قنبر وسلمان
|
فضة
|
سفينة
|
__________________
الأسماء
|
الحسين عليه السّلام
|
علي عليه السّلام
|
محمّد عليه السّلام
|
جعفر عليه السّلام
|
موسى عليه السّلام
|
أشهر الكنى
|
أبو عبد اللّه
|
أبو الحسن
|
أبو جعفر
|
أبو عبد اللّه
|
أبو إبراهيم
|
أشهر الالقاب
|
الشهيد
|
السجاد
|
الباقر
|
الصادق
|
الكاظم
|
مكان الولادة
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
بالأبواء(بين مكة والمدينة)
|
أيام الولادة
|
الخميس
|
الأحد
|
الاثنين
|
الاثنين
|
الاثنين أو الأحد
|
شهور الولادة
|
٣ شعبان
|
٥ شعبان
|
٣ صفر
|
١٧ أو ١٤ ربيع الاول
|
٧ أو ٤ صفر
|
سني الولادة
|
٤ بعد الهجرة
|
٣٨ من الهجرة
|
٥٧ أو ٥٩ من الهجرة
|
٨٣ من الهجرة
|
١٢٨ من الهجرة
|
ملوك وقت الولادة
|
يزدجر
|
أمير المؤمنين عليه السلام
|
معاوية
|
عبد الملك بن مروان
|
إبراهيم بن الوليد
|
أسماء الأمهات
|
فاطمة عليها السلام
|
شاه زنان
|
أم عبد اللّه بنت الحسن
|
أم فروة [بنت القاسم]
|
حميدة أم ولد
|
نقش الخاتم
|
إن اللّه بالغ أمره
|
حسبي اللّه لكل غم
|
العزة للّه جميعا
|
اللّه خالق كل شيء
|
كن من اللّه على حذر
|
عدد الأزواج
|
خمس(عدا السراري)
|
امرأة واحدة
|
اثنتان(غير السراري)
|
اثنتان(غير السراري)
|
لم تحصى السراري
|
عدد الأولاد
|
٦ أولاد
|
١٥ أولاد
|
٦ أو ٧ أولاد
|
١٠ أولاد
|
٣٧ أولاد
|
عدد سني الأعمار
|
٥٧ وخمسة أشهر
|
٥٧
|
٥٧
|
٦٥
|
٥٥
|
أيام الوفاة
|
الاثنين
|
السبت
|
الاثنين
|
الاثنين
|
الجمعة
|
شهور الوفاة
|
١٠ محرم
|
٢٢ محرم
|
٧ ذي الحجة
|
١٥ رجب
|
٦ رجب
|
سني الوفاة
|
٦١ من الهجرة
|
٩٥ من الهجرة
|
١١٦ من الهجرة
|
١٤٨ من الهجرة
|
١٨٩ من الهجرة
|
أمكنة الوفاة
|
كربلاء
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
في الحبس ببغداد
|
سبب الوفاة
|
ذبحه شمر
لعنه اللّه
|
سمّه هشام بن عبد الملك
لعنه اللّه
|
سمّه هشام
لعنه اللّه
|
مسموما في العنب
|
سمّه الرشيد
لعنها اللّه
|
أمكنة القبور
|
في كربلاء
|
في البقيع
|
في البقيع
|
في البقيع
|
مقابر قريش
|
ملوك وقت الوفاة
|
يزيد لعنه اللّه
|
الوليد بن عبد الملك
|
هشام بن عبد الملك
|
الرشيد
|
الرشيد
|
أسماء بوابهم
|
رشيد الهجري
|
أبو خالد الكابلي
|
جابر الجعفي
|
الفضل [كذا] بن عمر
|
محمّد بن الفضل
|
__________________
الأسماء
|
علي عليه السّلام
|
محمّد عليه السّلام
|
علي عليه السّلام
|
الحسن عليه السّلام
|
م ح م د عجل اللّه فرجه الشريف
|
أشهر الكنى
|
أبو الحسن
|
أبو جعفر
|
أبو الحسن
|
أبو محمّد
|
أبو القاسم
|
أشهر الالقاب
|
الرضا
|
الجواد
|
الهادي
|
العسكري
|
الخلف المهدي
|
مكان الولادة
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
سرّ من رأى
|
أيام الولادة
|
الخميس
|
الجمعة
|
الجمعة
|
الاثنين
|
الجمعة
|
شهور الولادة
|
١١ ذي القعدة
|
١٠ رجب
|
٢ رجب
|
٤ أو ٧ ربيع الثاني
|
نصف شعبان
|
سني الولادة
|
١٤٨ من الهجرة
|
١٩٥ من الهجرة
|
٢١٢ من الهجرة
|
٢٣٢ من الهجرة
|
٢٥٥ من الهجرة
|
ملوك وقت الولادة
|
المنصور
|
محمّد الأمين
|
المأمون
|
الواثق بن المعتصم
|
المعتمد بن المتوكل
|
أسماء الأمهات
|
ام البنين
|
الخيزران
|
سمانة(ام ولد)
|
حريثة ام ولد
|
نرجس
|
نقش الخاتم
|
أنا للّه ولي
|
المهيمن عضدي
|
حفظ العهود من اجلال المعبود
|
أنا للّه شهيد
|
أنا حجة اللّه وخاصته
|
عدد الأزواج
|
امرأة غير السراري
|
امرأة وسرية
|
عدّة سرايا
|
عدّة سرايا
|
من بنات أبي لهب
|
عدد الأولاد
|
٢أو ٣أولاد
|
٤ أولاد
|
٥ أولاد
|
كر وأنثى لا غير
|
علم ذلك عند اللّه
|
عدد سني الأعمار
|
٥٥
|
٢٥
|
٤١
|
٢٨
|
مضى منه ١٣٥٠ واللّه عالم بالباقي
|
__________________
الأسماء
|
علي عليه السّلام
|
محمّد عليه السّلام
|
علي عليه السّلام
|
الحسن عليه السّلام
|
م ح م د عجل اللّه فرجه الشريف
|
أيام الوفاة
|
الثلاثاء
|
الثلاثاء
|
الاثنين
|
الجمعة
|
الجمعة
|
شهور الوفاة
|
١٧ صفر
|
١٠ رجب
|
٣ رجب
|
٨ ربيع الاول
|
علم ذلك عند اللّه
|
سني الوفاة
|
٢٠٢ من الهجرة
|
٢٢٠ من الهجرة
|
٢٥٤ من الهجرة
|
٢٦٠ من الهجرة
|
علم ذلك عند اللّه
|
أمكنة الوفاة
|
داره بطوس
|
بغداد
|
داره ب :
|
داره ب :
|
وفاته عند النبي (ص)
|
|
|
|
سر من رأى
|
سر من رأى
|
|
سبب الوفاة
|
سمّه المأمون
لعنه اللّه
|
سمّه المعتصم
لعنه اللّه
|
سمّه المعتز
لعنه اللّه
|
سمّه المعتمد
لعنه اللّه
|
خاف فغاب ولم يمت بعد
|
أمكنة القبور
|
طوس
|
مقابر قريش
|
داره بسر من رأى
|
عند أبيه
|
محل غيبته السرداب
|
ملوك وقت الوفاة
|
المأمون
|
المعتصم
|
المعتمدا والمعتز
|
المعتمد
|
استتر من المعتمد
|
أسماء بوابهم
|
عمر بن الفرات
|
عمر بن الفرات
|
عثمان بن سعيد
|
عثمان بن سعيد
|
عثمان بن سعيد .. وغيره
|
__________________

__________________
الأسماء
|
الكنى
|
الألقاب
|
مكان
الولادة
|
أيام
الولادة
|
شهر
الولادة
|
سنة
الولادة
|
محمد
|
أبو القاسم
|
المصطفى
|
شعب أبي طالب
|
الأثنين
|
ربيع الأول
|
عام الفيل
|
علي
|
أبو الحسن
|
المرتضى
|
الكعبة
|
الجمعة
|
١٣ رجب
|
٣٠ عام الفيل
|
فاطمة
|
أم أبيها
|
الزهراء
|
مكة
|
الجمعة
|
٢٠ جمادي الثانية
|
٥ بعد المبعص
|
الحسن
|
أبو محمد
|
الزكي
|
المدينة
|
الثلاثاء
|
١٥ رمضان
|
٣ هجرية
|
الحسين
|
أبو عبد الله
|
الشهيد
|
المدينة
|
الخميس
|
٣ شعبان
|
٤ هجرية
|
علي بن الحسين
|
أبو الحسن
|
السجاد
|
المدينة
|
الأحد
|
٥ شعبان
|
٣٧ هجرية
|
محمد بن علي
|
أبو جعفر
|
الباقر
|
المدينة
|
الاثنين
|
٣ صفر
|
٥٧ هجرية
|
جعفر بن محمد
|
أبو عبدالله
|
الصادق
|
المدينة
|
الاثنين
|
١٧ ربيع الاول
|
٨٣ هجرية
|
موسى بن جعفر
|
أو ابراهيم
|
الكاظم
|
المدينة
|
الأحد
|
٣ صفر
|
١١٨ هجرية
|
علي بن موسى
|
ابو الحسن
|
الرضا
|
المدينة
|
الخميس
|
١١ ذي القعدة
|
١٤٨ هجرية
|
محمد بن علي
|
ابو جعفر
|
الجواد
|
المدينة
|
الجمعة
|
١٠ رجب
|
١٩٥ هجرية
|
علي بن محمد
|
ابو الحسن
|
الهادي
|
المدينة
|
الجمعة
|
٤ رجب
|
٢١٢ هجرية
|
الحسين بن علي
|
ابو محمد
|
العسكري
|
المدينة
|
الاثنين
|
٤ ربيع الاول
|
٢٣٢ هجرية
|
محمد بن الحسن
|
ابو القاسم
|
الخلف المهدي
|
سر من رأى
|
الجمعة
|
١٥ شعبان
|
٢٥٥ هجرية
|
الأسماء
|
ملكوك
الولادة
|
الأمهات
|
عدد
الأزواج
|
عدد
الأولاد
|
مدة
الأعمار
|
أيام
الوفاة
|
شهور
الوفاة
|
محد صلى الله عليه وآله وسلم
|
أنو شيروان
|
آمنة
بنت وهب
|
١٥
|
٨ أولاد
|
سنة ٦٣
|
الأثنين
|
٢٨ صفر
|
علي عليه السلام
|
شهريار
|
فاطمة بتى أسد
|
١٢ عدد السراري
|
٢٧ أولاد
|
سنة ٦٣
|
الاثنين
|
٢١ رمضان
|
فاطمة عليها السلام
|
يزجرد
|
خديجة بنت
خويلد
|
علي بن
أبي طالب
|
٥ أولاد
|
سنة ١٨
|
الاثنين
|
٣
جمادي الثانية
|
الحسن عليه السلام
|
يزجرد
|
فاطمة
|
٤ عدد
السراري
|
١٥ أولاد
|
سنة ٤٨
|
الخميس
|
٧ صفر
|
الحسين عليه السلام
|
يزجرد
|
فاطمة
|
٥ عدد
السراري
|
٦ أولاد
|
سنة ٥٧
وخمسة أشهر
|
الخميس
|
١٠ محرم
|
علي بن الحسين عليه السلام
|
علي بن أبي طالب
|
شاهزنان
|
١
|
١٥ أولاد
|
سنة ٥٧
|
الاثنين
|
١٢ محرم
|
محمد بن علي عليه السلام
|
معاوية
|
أم عبدالله
بنت الحسن
|
٢ عدد
|
٧ أولاد
|
سنة ٥٧
|
السبت
|
١٧ ذي الحجة
|
جعفر بن محمد عليه السلام
|
مروان
|
أم فروة
|
٢ عدد السراري
|
١٠ أولاد
|
سنة ٦٥
|
الاثنين
|
١٥ رجب
|
موسى بن جعفر عليه السلام
|
ابراهيم الوليد
|
حميدة
|
لم تحصى السراري
|
٣٧ أولاد
|
سنة ٥٥
|
الاثنين
|
٦ رجب
|
علي بن موسى عليه السلام
|
المنصور
|
أم البنين
|
عدا السراري
|
١٠ أولاد
|
سنة ٥٥
|
الجمعة
|
١٧ صفر
|
محمد بن علي عليه السلام
|
محمد الأمين
|
الخيزران
|
١ عدد السراري
|
٤ أولاد
|
سنة ٢٥
|
الثلاثاء
|
١٠ رجب
|
علي بن محمد عليه السلام
|
المأمون
|
سمانة
|
عدة سرايا
|
٥ أولاد
|
سنة ٤١
|
الاثنين
|
٣ رجب
|
الحسين بن علي عليه السلام
|
الواثق
|
حديثة
|
عدة سرايا
|
ذكر وأنثى
|
سنة ٢٨
|
الجمعة
|
٨ ربيع الأول
|
محمد بن الحسن عليه السلام
|
المعتمد
|
نرجس
|
من بنات أبي لهب
|
لله أعلم
|
علم ذلك عندالله
|
علم ذلك
عندالله
|
علم ذلك عند الله
|
__________________
__________________
سنين
الوفاة
|
أمكنة
الوفاة
|
سبب
الوفاة
|
ملوك
الوفاة
|
أمكنة
القبور
|
أسماء
الأبواب
|
نقش
الخواتيم
|
١١ هجرية
|
المدينة
|
بالسم
|
هرقل
|
مسجد المدينة
|
علي بن أب طالب
|
الشهادتان
|
١٠ هجرية
|
الكوفة
|
قتله ابن ملجم
|
معاوية
|
نجف الكوفة
|
قنبر وسلمان
|
الملك لله الواحد القهار
|
١١ هجرية
|
المدينة
|
ضربت وغصب حقها
|
أبو بكر
|
روضة على قول
|
فضة
|
آمن المتوکلون
|
٥٠ هجرية
|
المدينة
|
سمته جعدة
|
معاوية
|
البقيع
|
سفينة
|
العزة للله تعالى
|
٦١ هجرية
|
كربلاء
|
قتله الشمر
|
يزيد
|
كربلاء
|
رشيد الهجري
|
ان الله بالغ أمره
|
٩٥ هجرية
|
المدينة
|
سمّه هشام
|
الوليد
|
البقيع
|
أبو خالد الكابلي
|
حسبي الله
|
١١٤ هجرية
|
المدينة
|
سمّه هشام
|
هشام
|
البقيع
|
جابر الجعفي
|
العزة جميعاً لله
|
١٤٨ هجرية
|
المدينة
|
سم بالعنب
|
المنصور
|
البقيع
|
مفضل بن عمر
|
الله خالق كل شيء
|
١٨٣ هجرية
|
بغداد مقابر قريش
|
سمّه الرشيد
|
الرشيد
|
مقابر قريش
|
محمد بن الفضل
|
كل من الله على حذر
|
٢٠٣ هجرية
|
طوس خراسان
|
سمّه المأمون
|
المأمون
|
طوس خراسان
|
عثمان بن سعيد
|
أنا منه ولي
|
٢٢٠ هجرية
|
بغداد مقابر قريش
|
سمّه المعتصم
|
المعتصم
|
مقابر قريش
|
عثمان بن سعيد
|
المهيمن عضدي
|
٢٥٤ هجرية
|
سر من رأى
|
سمّه المعتز
|
المعتمد
|
سر من رأى
|
عثمان بن سعيد
|
أنا منه شهيد
|
٢٦٠ هجرية
|
سر من رأى
|
سمّه المعتمد
|
المعتمد
|
سر من رأى
|
عثمان بن سعيد
|
أنا حجّة الله وخاصة
|
...
|
...
|
...
|
...
|
...
|
|
|
__________________
الأسماء
|
محمد صلى الله عليه وآله وسلم
|
علي عليه السلام
|
فاطمة عليها السلام
|
الحسن علیه السلام
|
الكنى
|
أبو قاسم
|
أبو الحسن
|
أم ابيها
|
أبو محمد
|
الألقاب
|
المصطفى
|
المرتضى
|
الزهراء
|
الزكي
|
أمكنة الولادة
|
شعب أبي طالب
|
الكعبة
|
مكة
|
المدينة
|
أيام الولادة
|
الاثنين
|
الجمعة
|
الجمعة
|
الثلاثاء
|
شهور الولادة
|
سابع عشر ربيع الأول
|
ثالث عشر رجب
|
عشرون جمادي الاخرى
|
نصف رمضان
|
سن الولادة
|
عام الفيل
|
سنة ثلاثين من عام الفيل
|
بعد البيعة (كذا والظاهر : البعثة)
بخمس سنين
|
سنة ثلاث من الهجرة
|
ملوك وقت الولادة
|
أنو شيروان
|
شهريار
|
يزجرد
|
يزدجر
|
أسماء الأمهات
|
آمنة بنت وهب
|
فاطمة بنت أسد
|
خديجة بنت خويلد
|
فاطمة عليها السلام
|
نقش الخواتيم
|
الشهادتان
|
الملك لله الواحد القهار
|
آمن المتوكلون
|
العزة لله
|
عدد الأزواج
|
خمس عشرة
|
١٢ (غير السراري)
|
علي عليه السلام لا غيره
|
١٦٤ (عدد السراري)
|
عدد الأولاد
|
ثمان أولاد
|
سبعة عشرون
|
خمسة أولاد
|
خمسة عشر ولد
|
مدة الأعمار
|
ثلاث وستون سنة
|
ثلاث وستون سنة
|
ثمانية عشر سنة
|
ثماني وأربعون
|
أيام الوفاة
|
الاثنين
|
الاثنين
|
الاثنين
|
الخميس
|
شهور الوفاة
|
لليلتين بقيتا من صفر
|
حادي عشرين من رمضان
|
ثالث جمادي الآخرة
|
سابع صفر
|
سنة الوفاة
|
إحدى عشر من الهجرة
|
الأربعون من الهجرة
|
إحدى عشرة من الهجرة
|
سنة خمسين [من الهجرة]
|
أمكنة الوفاة
|
المدينة
|
نجف الكوفة
|
المدينة
|
المدينة
|
سبب الوفاة
|
مرض وقبض فيه
|
قتله ابن ملجم
|
ضربت وأسقطت
|
سمّتة جعدة
|
ملوك وقت الوفاة
|
هرقل
|
معاوية بن أبي سفيان
|
أبوبكر
|
معاوية بن أبي سفيان
|
أسماء بوابهم
|
علي بن أبي طالب عليه السلام
|
قنبر وسلمان الفارسي
|
فضة (أمثلها)
|
سفينة
|
أمكنة القبور
|
مسجده الان
|
مشهده بالغري
|
في الروضة
|
في البقيع
|
__________________
الحسين عليه السلام
|
علی علیه السلام
|
محمد عليه السلام
|
جعفر عليه السلام
|
موسى عليه السلام
|
أبوعبدالله
|
أبو الحسين
|
أبو جعفر
|
أبو عبدالله
|
أبو إبراهيم
|
الشهيد
|
السجاد
|
الباقر
|
الصادق
|
الكاظم
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
الخميس
|
الأحد
|
الاثنين
|
الاثنين
|
الأحد
|
ثالث شعبان
|
خامس شعبان
|
ثالث صفر
|
سابع عشر ربيع الأول
|
سابع صفر
|
أبربع من الهجرة
|
ثمان وثلاثين
|
سبع وخمسين
|
ثلاث وثمانين
|
ثمان وعشرين ومائة
|
يزجرد
|
أميرالمؤمنين علي عليه السلام
|
معاوية بن أبي سفيان
|
عبدالملك ابن مروان
|
إبراهيم بن الوليد
|
فاطمة عليها السلام
|
شاه زنان شهر بانو
|
أم عبدالله بنت الحسن (ع)
|
أم فروة بنت القاسم
|
حميدة أم ولد
|
إن الله بالغ أمره
|
لكل غم حسبي الله
|
العزة لله جميعاً
|
الله خالق كل شيء
|
كن من الله على حذر
|
خمس (عدد السراري)
|
امرأة واحدة
|
امرأتان (غير السراري)
|
امرأتان (عد السراري)
|
له السراري لا يحصرن
|
ستة أولاد
|
خمسة عشر
|
تسعة أولاد
|
عشرة أولاد
|
سبعة وثلاثون ولداً
|
سبع وخمسون
|
سبع وخمسون
|
سبع وخمسون
|
خمسة وستون
|
خمس وخمسون
|
الاثنين
|
السبت
|
الاثنين
|
يوم الاثنين
|
يوم الجمعة
|
عاشرمحرم
|
ثاني عشرون محرم
|
سابع ذي الحجة
|
من نصف رجب
|
سادس رجب
|
سنة أحدى وستين
|
سنة خمس وتسعين
|
سنة ست عشر ومائة
|
ثمان وأربعون ومائة
|
ثلاث وثمانين ومائة
|
كربلاء
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
في الحبس ببغداد
|
قتلة شمر لعنة الله
|
سمّة هشام بن عبد الملك
|
سمّه أيضاً هشام
|
مسموماً في عنب
|
سمّة الرشيد
|
يزيد عليه اللعنة
|
الوليد بن عبد الملك
|
هشام بن عبد الملك
|
الدوانقي
|
زمن الرشيد
|
رشيد الهجري
|
أبو خالد الكابلي
|
جابر الجعفي
|
المفضل بن عمر
|
محمد بن الفضل
|
في كربلاء
|
في البقيع
|
في البقيع
|
بالبقيع
|
مقابر قريش
|
علي عليه السلام
|
محمد عليه السلام
|
علي عليه السلام
|
الحسن عليه السلام
|
م ح م عليه السلام
|
أبو الحسن
|
أبو جعفر
|
أبو الحسن
|
أبو محمد
|
أبو القاسم
|
الرضا
|
الجواد
|
الهادي
|
العسكري
|
الخلف المهدي
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
المدينة
|
به سرّ من رأى
|
الخميس
|
يوم بالجمعة
|
الجمعة
|
الاثنين
|
الجمعة
|
حادي عشر ذي القعدة
|
عاشر رجب
|
ثاني رجب
|
رابع ربيع الآخر
|
نصف شعبان
|
ثمانی وأربعين ومائة
|
لخمس وتسعين ومائة
|
لاثنتي عشرة ومائتين
|
لاثنتين وثلاثين ومائتين
|
لخمس وخمسين ومائتين
|
المنصور
|
محمد الأمين
|
المأمون
|
أبو أيوب المعتصم
|
المعتمدين المتوكل
|
أم البنين أم ولد
|
الخيزران أم ولد
|
سمانة أم ولد
|
حديثة أم ولد
|
نرجس أم ولد
|
أنالله ولي
|
المهيمن عضدي
|
حفظ العهود من أخلاق المعبود
|
أنالله شهيد
|
أنا حجة الله وخاصته
|
أمرأة عد السراري
|
أمراة عد السراري
|
سرية لا غير
|
سرية واحدة
|
زوجته من بناب أبي لهب
|
ثلاثة أولاد
|
أربعة أولاد
|
خمسة أولاد
|
ذكر وأنثى لا غير
|
علم ذلك عند الله
|
إحدى وخمسون
|
خمس وعشرون
|
إحدى وأربعون
|
ثمانية وعشرون
|
ستمائة وأربعون الآن
|
يوم الثلاثاء
|
يوم الثلاثاء
|
يوم الاثنين
|
يوم الجمعة
|
يوم الجمعة
|
سابع عشر صفر
|
عاشر رجب
|
ثالث رجب
|
ثامن ربيع الأول
|
ذلك العلم عندالله
|
لسنة ثلاث ومائتين
|
لسنة عشرين ومائتين
|
لأربع وخمسين ومائتين
|
لسنة ستين ومائتين
|
علم ذلك عندالله
|
داره بطوس
|
بغداد
|
داره بـ : سرّ من رأى
|
داره بـ : سرّ من رأى
|
في السرداب بـ : سرّ من رأى
|
سمّه المأمور في عنب
|
سمّه المعتصم
|
سمّة المعتز
|
سمّة المعتمد
|
خاف وغاب
|
زمن المأمون
|
زمن المعتصم
|
زمن المعتز
|
المعتمد
|
استثر من المعتمد
|
عمر بن الفرات
|
عمر بن الفرات
|
عثمان بن سعيد
|
عثمان بن سعيد
|
عثمان بن سعيد
|
دارحميدة بن قحطبة بسناباد طوس
|
مقابر قريش
|
بسر من رأى
|
في الدار مع أبيه
|
في السرداب بـ : سرّ من رأي
|
__________________


الفائدة الثالثة
إنّه قد جرت العادة في كتب الرجال
على رموز لأصحاب أهل البيت صلوات اللّه عليهم
، ورموز لجملة من مصنّفي الأخبار والرجال ، ورموز
__________________
لكتب الرجال ، كما
جرت طريقة نفر من مؤلّفي الأخبار ـ كالبحار والوافي .. وغيرهما ـ رموزا لكتب
الأخبار واصطلاحات
:
* * *
__________________
فمن الأول
:
الرمز لأصحاب الرسول صلّى اللّه عليه وآله
وسلّم : (ل).
ولأصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام
: (ي).
ولأصحاب الحسن عليه السلام : (ن) .
ولأصحاب الحسين عليه السلام : (سين) .
__________________
ولأصحاب علي بن الحسين عليه السلام : (ين).
ولأصحاب الباقر عليه السلام : (قر).
ولأصحاب الصادق عليه السلام : (ق) .
ولأصحاب الكاظم عليه السلام : (ظم) برمز أكثر كتب الرجال ، و (م) منفردا
برمز ابن داود .
ولأصحاب الرضا عليه السلام : (ضا) .
ولأصحاب الجواد عليه السلام : (ج) في
أكثر كتب الرجال ، و (د)وحده في رجال ابن داود .
واشتبه من جعل رمز كل من مولانا الجواد
عليه السلام وابن داود : (د) .
__________________
ولأصحاب الهادي عليه السلام : (دى) .
ولأصحاب العسكري عليه السلام : (كر) في
جملة من الكتب ، منها رجال ابن داود ، و (رى) في جملة اخرى .
وقد بوّب الشيخ رحمه اللّه رجاله [في] بابين
:
أحدهما : فيمن يروي عن أحدهم عليهم
السلام بما ذكر.
والآخر : فيمن لم يرو عنهم وإن كان ممّن
عاصرهم صلوات اللّه وسلامه عليهم ، وكثيرا ما يذكر الرجل في البابين ، إلاّ أنّه
يذكره في باب(لم) [أي من لم يرو عنهم عليهم السلام] قائلا : روى عنه فلان ، وفي
باب من روى عنهم عليهم السلام مجرّدا عن ذلك ، مشيرا إلى أنّ ما رواه فلان عنه لم
يروه الرجل المذكور عن المعصوم عليه السلام بلا واسطة ، بخلاف ما رواه عنه غيره. فتوّهم
التناقض في كلامه ـ كما ظنّه بعضهم ـ لا وجه له .
__________________
ومن الثاني
:
الرمز للصدوق رحمه اللّه : (ق).
وذلك خلاف الحزم ؛ ضرورة أنّه لا معنى
لاتحاد رمز الصادق عليه السلام والصدوق رحمه اللّه ، فالأولى الرمز للثاني (صق).
__________________
وللشيخ رحمه اللّه : (خ) .
وللفضل بن شاذان : (فش) .
ولمحمد بن مسعود
: (معد) .
ولابن عقدة
: (عقد) ، وفي بعض كتب الرجال : (قد) .
ولابن طاوس : (طس) .
__________________
ولابن عبدون
: (عب).
ولابن الغضائري
: (غض) .
وللشهيد الثاني : (شه) .
__________________
ولعلي بن الحسن بن فضّال
: (عل) ، وفي بعض الكتب
: (فض).
وللشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق
: (سف) .
وللمجهول : (م) .
__________________
ومن الثالث
:
الرمز لرجال الكشي
: (كش).
ولرجال النجاشي
: (جش).
ولفهرست الشيخ
: (ست) .
__________________
ولرجال الشيخ : (جخ) .
ولخلاصة العلاّمة
: (صه).
ولإيضاح الإشتباه : (ضح) .
ولرجال ابن داود
: (د).
__________________
ولكتاب البرقي
: (قي) .
ولرجال محمّد بن شهر آشوب
: (ب) ..
ويرمز له في منهج المقال
: (مر).
__________________
ولفهرست علي بن بابويه
: (عه) .
ولرجال علي بن أحمد العقيقي
: (عق) .
ولتقريب ابن حجر
: (قب).
__________________
ولمختصر الذهبي
: (هب) .
ولمختصر تذكرة الذهبي : (مخهب).
ولكتاب أمل الآمل : (مل) .
ولكتاب المشتركات
لمحمّد أمين الكاظمي رحمه اللّه : (مشكا).
ولمنهج المقال ـ الشهير ب : الرجال
الكبير ـ للميرزا محمّد الأسترآبادي : (هج) .
__________________
ولتعليقة المولى الوحيد البهبهاني
عليه : (تعق) .
ولغير المذكور في الرجال الكبير : (غب) .
ولغير المذكور فيه وفي التعليقة : (غين)
أي الغير المذكور في
الكتابين.
ولتلخيص الرجال الكبير المعروف ب : الوسيط
: (ص) ، وقد يرمز له
: (ط) .
ولنقد الرجال للفاضل التفرشي
المعاصر للميرزا محمّد : (قد) .
__________________
وقد يعبّر عنه ب : النقد .
وللميرزا محمّد والتفرشي : (هما) .
والمراد بالناقدين : (هما)أيضا ، حيثما
يعبّر به في إتقان المقال لآية
اللّه الشيخ محمّد طه نجف قدّس سرّه .
وهناك عدّة اخرى من كتب الرجال لم
يرمزوا لها .
فمنها : مجمع الرجال ؛ تأليف مولانا
الشيخ عناية اللّه قدّس
سرّه ، وقد يعبّر عنه ب : المجمع ، وربّما يرمز له نادرا : (مع).
ومنها : حاوي الأقوال في معرفة الرجال ؛
للفاضل النحرير الشيخ
__________________
عبد النبي الجزائري
رحمه اللّه ، وقد يعبّر عنه ب : الحاوي. وربّما يرمز لمصنّفه : (ع ب).
ومنها : منتهى المقال ؛ للشيخ أبي علي
الحائري .
ومنها : جامع الرواة ؛ للحاج محمّد
الأردبيلي رحمه اللّه تلميذ المولى مقصود علي رحمه اللّه ، والد المجلسي الأوّل
رحمه اللّه ، على ما في البحار .
ومنها : جامع المقال فيما يتعلّق بأحوال
الحديث والرجال ؛ للشيخ فخر الدين بن محمّد علي الطريحي صاحب مجمع البحرين .
ومنها : تلخيص المقال ؛ للحاج ميرزا
إبراهيم الخوئي.
ومنها : رجال الشيخ عبد اللطيف بن علي
بن أحمد بن أبي جامع الحارثي ، ونعبّر عنه ب : مقدمة الجامع للحارثي.
ومنها : نكت الرجال ؛ حواشي السيّد صدر
الدين صاحب الوافية على منتهى المقال.
__________________
ومنها : تكملة الرجال ؛ للمحقّق المدقّق
الشيخ عبد النبي بن علي الكاظمي ، تعليقا على نقد الرجال للتفريشي.
ومنها : توضيح الاشتباه ؛
للساروي المازندراني.
ونحن حيث زيّفنا فيما يأتي في ذيل هذه
الفائدة كتابة الرموز ، نعبّر عن كل شخص وكتاب باسمه ، غايته أنّا نقتصر على الجزء
الأوّل من الاسم ، فنعبّر عن منهج المقال ب : المنهج ، وعن منتهى المقال ب : المنتهى
.. وهكذا.
ولا يظنّ ظانّ أنّا إذا قلنا المنتهى
نريد منتهى العلاّمة رحمه اللّه في الفقه.
__________________
ومن الرابع
:
الرمز لكافي الكليني
: (كا)بالكاف بعده الألف ، وقد يرمز له : (في)كما في جميع جامع الرواة.
وللفقيه : (يه) بالياء
المثناة من تحت ، بعده الهاء.
وللتهذيب : (يب) بالياء المثناة من تحت ، ثمّ الباء
الموحّدة.
وللاستبصار : (صا) بالصاد المهملة ، بعدها ألف.
__________________
ولعيون أخبار الرضا عليه السلام : (ن) .
ولعلل الشرائع : (ع).
ولإكمال الدين : (ك)
ـ لا اللام ـ.
ولتوحيد الصدوق رحمه اللّه : (يد)
بالمثناة من تحت ، والدال المهملة.
وللخصال : (ل) ـ دون الكاف ـ.
ولأمالي الصدوق رحمه اللّه : (لى)
باللام ، ثمّ الياء المثناة من تحت.
ولثواب الأعمال : (ثو)بالثاء المثلثة ، ثمّ
الواو.
ولمعاني الأخبار : (مع)
بالميم والعين المهملتين.
__________________
ولقرب الإسناد
: (ب) ـ الباء الموحّدة ـ.
ولبصائر الدرجات : (ئر)بالهمزة ، ثمّ
الراء المهملة ؛ أو (ير)بالياء المثناة من تحت ، ثمّ الراء المهملة .
ولأمالي الشيخ : (ما)بالميم بعدها ألف .
ولغيبة الشيخ الطوسي رحمه اللّه : (غط)بالغين
المعجمة ، والطاء المهملة.
وللمصباحين
: (مصبا).
ولإرشاد الديلمي
: (شا)بالشين المعجمة ، بعدها ألف.
ولمجالس المفيد رحمه اللّه : (جا) بالجيم
، ثمّ الألف.
__________________
ولكتاب الاختصاص : (ختص)
بالخاء المعجمة ، ثمّ التاء المثناة من فوق ، ثمّ الصاد المهملة.
ولكامل الزيارة
: (مل)بالميم واللام. وهو مشترك مع ما مرّ من رمز أمل الآمل ، ويتميّز بالمنقول ؛ فإن
كان من الأخبار فمن الأوّل ، وإن كان من أحوال الرجال فمن الثاني.
وللمحاسن : (سن)
ولتفسير علي بن إبراهيم : (فس)
بالفاء ، ثمّ السين المهملة.
ولتفسير العياشي : (شى) .
ولتفسير الإمام العسكري عليه السلام : (م).
ولروضة الواعظين : (ضه) .
ولإعلام الورى
: (عم)بالعين المهملة ، ثمّ الميم.
__________________
ولمكارم الأخلاق : (مكا) .
وللاحتجاج : (ج) .
ولمناقب ابن شهر آشوب : (قب).
ولكشف الغمة : (كشف) .
ولتحف العقول : (ف).
وللعمدة : (مد) .
ولكفاية النصوص : (فص)بالفاء ، والصاد
المهملة.
ولتنبيه الخواطر : (نبه
بالنون ، ثمّ الباء الموحدة ، ثمّ الهاء.
ولنهج البلاغة : (نهج) .
__________________
ولطبّ الأئمّة : (طب).
ولصحيفة الرضا عليه السلام : (صح)
بالصاد والحاء المهملتين.
وللخرايج : (يح) .
ولقصص الأنبياء : (ص).
ولضوء الشهاب : (ضو) .
ولأمان الأخطار : (طا)
بالطاء المهملة ، ثمّ الألف.
__________________
ولكشف اليقين : (شف)
بالشين المعجمة ، ثمّ الفاء.
وللطرايف : (يف) .
وللدروع الواقية : (قيه).
ولفتح الأبواب : (فتح) .
ولكتاب النجوم : (نجم) .
__________________
ولجمال الأسبوع : (جم)بالجيم ، ثمّ
الميم.
ولإقبال العمل
: (قل) بالقاف
، ثمّ اللام.
ولفلاح السائل : (تم)بالتاء المثناة من
فوق ، والميم ؛ لكونه من متمّمات المصباح.
ولمهج الدعوات : (مهج) .
ولمصباح الزائر : (صبا) بالصاد
المهملة ، ثمّ الباء الموحّدة ، ثمّ الألف.
ولفرحة الغري : (حة) .
ولكنز جامع الفوائد وتأويل الآيات
الظاهرة : (معا) .
__________________
ولغوالي اللئالي : (غو)بالغين المعجمة ،
والواو .
ولجامع الأخبار : (جع)بالجيم والعين المهملة.
ولغيبة النعماني : (نى) بالنون
، ثمّ الياء المثناة من تحت.
والعجب ممّن أبدل ذلك
، فقال : ولمنية النعماني : (مي)بالميم ، ثمّ الياء المثناة من تحت. انتهى.
فإنّ هذا الكتاب لا وجود له في كتب
الأخبار حتّى يرمز له.
ولكتاب الروضة : (فض)
ـ بالفاء ، والضاد المعجمة ـ لكونه في الفضائل.
ولمصباح الشريعة : (مص) .
__________________
ولقبس المصباح : (قبس)بالقاف الموحّدة ،
ثمّ السين المهملة .
وللصراط المستقيم : (ط)بالطاء المهملة.
ولمنتخب البصائر : (خص)
بالخاء المعجمة ، والصاد المهملة.
وللسرائر : (سر)
بالسين والراء المهملتين.
ولكتاب العتيق الغروي : (ق) ـ القاف ـ.
ولبشارة المصطفى : (بشا)بالباء الموحدة
، والشين المعجمة بعدهما ألف.
ولكتابي الحسين بن سعيد ، أو لكتابه والنوادر
: (ين)بالياء المثناة من تحت ، ثمّ النون.
وللعيون والمحاسن : (عين)بالعين المهملة
، ثمّ الياء المثناة من تحت ، ثمّ النون.
وللغرر والدرر : (غر)بالغين المعجمة ، ثمّ
الراء المهملة .
ولمصباح الكفعمي : (كف)بالكاف ، ثمّ
الفاء.
وللبلد الأمين : (لد)
باللام ، ثمّ الدال المهملة.
__________________
ولقضاء الحقوق : (قضا) .
وللتمحيص : (محص)بالميم ، ثمّ الحاء والصاد
المهملتين.
وللعدّة : (عده) .
وللجنة : (جنة) .
وللمنهاج : (منها) .
__________________
وللعدد : (د) ـ الحرف الأخير ـ.
وللفضائل : (يل)
ـ جزؤه الأخير ـ.
ولتفسير فرات بن إبراهيم : (فر)بالفاء ،
والراء المهملة.
ولدعائم الإسلام : (عا)بالعين المهملة ،
ثمّ الألف.
وقد التزم بهذه الرموز الفاضل المجلسي
قدّس سرّه في بحار الأنوار .
ولكلّ من المشايخ الثلاثة ، وصاحب
الوافي ترتيب خاصّ في نقل الأخبار يأتي بيانه في خاتمة الكتاب
إن شاء اللّه تعالى .
__________________
تذييل :
يتضمّن أمرين :
الأوّل :
إنّ الإنصاف أنّ هذا الذي تداولوه في
كتب الرجال والأخبار من التعبير بالرموز مرجوح غايته لوجهين :
أحدهما : إنّ من لم يكن ممارسا لها غاية
الممارسة ـ على وجه لا يفترق الحال عند مبيّن الرمز والمرموز عنه ـ إذا أراد
مراجعة حال راو في كتب الرجال تعسّر عليه الأمر ؛ لاستلزامه مراجعة أوّل الكتاب في
كلّ رمز رمز حتّى يستفيد المطلب ، وذلك مشوّش لفكره .. ولا كذلك لو كتب المرموز
عنه من غير رمز ؛ فإنّه يستفيد المطلب من نفس العبارة.
وكذا الحال إذا أراد مراجعة رواية في
البحار أو نقلها ؛ فإنّه يحتاج إلى مراجعة الرموز حتّى يطّلع على أنّ المرموز عنه
أيّ كتاب هو ، بخلاف ما لو كتب اسم الكتاب من غير رمز.
وكذا الحال في اصطلاحات الوافي ؛ فإنّه
كلّ ما رأى المطالع في أوّل السند كلمة : الاثنين ، أو الثلاثة ، أو الأربعة .. وهكذا
يلزمه مراجعة المقدّمة الثالثة من أوّل الكتاب ـ أو الفهرست الذي صنعه ولد صاحب
الوافي ـ حتّى يفهم
المراد بالكلمة
، وذلك يؤدي إلى تشويش الفكر ، وتعسّر الأمر ، ولا مصلحة في الرمز إلاّ الاختصار. ومصلحته
لا تقابل المفسدة المزبورة. ومن يكتب كتابا كبيرا مثل البحار لا وجه لطلبه
الاختصار
المترتّب عليه المفسدة المزبورة.
ثانيهما : إنّ الرموز كثيرا ما تتشابه ؛
فيشتبه الكاتب أو المطالع فيبدّل واحدة باخرى ، وهذا المحذور منتف في كتابة
المرموز بغير رمز.
وأوضح الشهود على ما ذكرنا أنّ(جش)الذي
يرمز للنجاشي ، مبدل ب : (كش) في الغالب في رجال ابن داود ـ كما لا يخفى على
الممارس ـ ومن لم يلتفت من الأواخر إلى هذه النكتة اعترض على ابن داود ـ في موارد
غير عديدة ـ بخلوّ رجال الكشّي عمّا نسبه إليه ابن داود ، مع أنّ ابن داود نسب ذلك
إلى(جش) ، ولردائة خطّه ـ على ما نقل ـ اشتبه الأمر على المستنسخ فأبدله ب : (كش).
وأيضا قد كثر في كلماتهم إبدال : (ري)ب
: (دي) فترى الرجل رمز :
__________________
(ري) مريدا به
العسكري عليه السلام ، واشتبه المستنسخ فأبدله ب : (دي) الذي هو رمز الهادي عليه
السلام ، فأتى المتأخّر فلم يجده في باب أصحاب الهادي عليه السلام ، واعترض بخلوّ
رجال الشيخ رحمه اللّه منه ، وما ذلك كلّه إلاّ [من] مفاسد الرمز.
ولما ذكرنا كلّه ؛ التزمنا في كتابنا
هذا بأن لا نستعمل رمزا أصلا ، ليستريح المطالع من استعلام المراد بالرموز بالرجوع
في كلّ فقرة إلى ما ذكرناه في الفائدة ، ويستريح من الاشتباه.
وإنّما أوردنا الرموز على عادة
المصنّفين للانتفاع بها عند مراجعة غير كتابنا هذا ، واللّه الموفّق.
الثاني :
إنك قد عرفت أنّ المتعارف عندهم
رمز(لم)لمن عدّه الشيخ رحمه اللّه في رجاله ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام ،
ولابن داود في ذلك مسلك خاصّ ؛ وذلك
أنّه إن رمز(لم)(جخ)أراد بذلك عدّ الشيخ الرجل في رجاله ممّن لم يرو عنهم عليهم
السلام ، وإن رمز(لم) مجرّدا كان ذلك منه إشارة إلى خلوّ رجال النجاشي من نسبة
الرواية عن إمام عليه السلام إلى الرجل ، فكلّ من لم ينسب النجاشي إليه الرواية عن
إمام رمز له ابن داود ب : (لم) مجرّدا عن(جخ).
وقد استفدنا ذلك باستقراء رجال ابن داود
، وكنت من ذلك في ريب إلى أن
وقفت على تصريح
اللاهيجي في خير الرجال
، في طي كلماته بذلك. ومن خفيت عليه هذه النكتة ـ كالميرزا ، والحائري .. وغيرهما ـ
قد كثر منهم الاعتراض على ابن داود في موارد عديدة رمز فيها(لم) .. بخلو رجال
الشيخ رحمه اللّه عن ذلك ، ولم يلتفتوا إلى أنّه إذا رمز(لم) مجردا عن(جخ) ، لم
يرد أنّ الشّيخ رحمه اللّه عدّه ممّن لم يرو عنهم عليهم السلام ، وإنّما يريد ذلك
حيث عقّب(لم)ب : (جخ).
وإن اتّفق وقوفك في أوائل تراجم كتابي
هذا على مثل الاعتراض المذكور .. فاعلم أن ذلك منّي تبعيّة لمن سبقني قبل التفاتي
إلى النكتة المذكورة ، فاغتنمها حتّى لا تقع فيما وقعوا فيه من الاشتباه.
ثمّ إنّه لمّا آل الأمر بي إلى هنا عثرت
على قول المحقّق الداماد في الرواشح السماويّة أنّ
النجاشي : .. قد علم من ديدنه ـ الذي كان عليه في كتابه ، وعهد من سيرته التي
التزمها فيه ـ إنّه إذا كان لمن يذكره من الرجال رواية عن أحدهم عليهم السلام ؛ فإنّه
يورد ذلك في ترجمته أو [في] ترجمة [آخر] غيره ، إمّا من طريق الحكم به ، أو على
سبيل النّقل عن قائل ، فمهما أهمل القول فيه فذلك آية أنّ الرجل عنده من طبقة من
لم يرو عنهم عليهم السلام.
__________________
وكذلك كلّ من فيه مطعن وغميزة ؛ فإنّه
يلتزم إيراد ذلك في ترجمته أو [في] ترجمة غيره. فمهما لم يورد ذلك مطلقا ، واقتصر
على مجرّد ترجمة الرجل ، وذكره من دون إرداف ذلك بمدح أو ذمّ أصلا كان ذلك آية أنّ
الرجل سالم عنده عن كلّ مغمز ومطعن.
فالشيخ تقي الدين بن داود حيث إنّه يعلم
هذا الاصطلاح ، فكلّما رأى ترجمة رجل في كتاب النجاشي خالية عن نسبته إليهم عليهم
السلام بالرواية عن أحد منهم عليهم السلام أورده في كتابه ، وقال : (لم)(جش) ، وكلّما
ذكر رجل في كتاب النجاشي مجرّدا عن إيراد غمز فيه ، أورده في قسم الممدوحين في كتابه
، مقتصرا على ما ذكره ، وقال :
(جش) ، ممدوح.
والقاصرون عن تعرّف الأساليب والاصطلاحات
كلّما رأوا ذلك في كتابه اعترضوا عليه أنّ النجاشي لم يقل : (لم)أو لم يأت بمدح أو
ذمّ ، بل ذكر الرجل وسكت عن الزائد عن أصل ذكره .
__________________
الفائدة الرابعة
إنّه قد صرّح جمع من أجلاّء أهل هذا
الفن بعدم الحاجة في معرفة حال المشايخ الثلاثة .. وأشباههم إلى مراجعة كتب الرجال
.
__________________
قال الشيخ الشهيد الثاني قدّس سرّه في
شرح الدراية
: تعرف العدالة المعتبرة في الراوي ؛ بتنصيص عدلين عليها ، أو بالاستفاضة ـ بأن
تشتهر عدالته بين أهل النقل .. و
غيرهم من أهل العلم ، كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني رحمه
اللّه .. وما بعده إلى زماننا هذا ـ لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ المشهورين إلى
تنصيص
__________________
على تزكية
، ولا تنبيه
على عدالة ، لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم زيادة على العدالة.
وإنّما يتوقّف على التزكية غير هؤلاء من
الرواة الذين لم يشتهروا بذلك ، ككثير ممّن سبق على هؤلاء ، وهم طرق الأحاديث
المدونة في الكتب غالبا. انتهى.
وقال ولده المحقّق الشيخ حسن صاحب
المعالم في منتقى الجمان
إنّه :
__________________
يروي المتقدّمون من
أصحابنا
رضي اللّه عنهم عن جماعة من مشايخنا
الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم وليس لهم ذكر في كتب الرجال ، والبناء على
الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين .
ويشكل بأنّ قرائن الأحوال شاهدة ببعد
اتّخاذ ذلك
الأجلاّء الرجل الضعيف أو المجهول شيخا يكثرون الرواية عنه ، ويظهرون الاعتناء به .
__________________
ورأيت لوالدي رحمه اللّه كتابا
في شأن بعض مشايخ الصدوق رحمه اللّه قريبا ممّا نقلناه .
وربّما يتوهّم أنّ في ترك التعرّض
لذكرهم في كتب الرجال ، إشعارا بعدم الاعتناء بهم .. وليس بشيء ؛ فإنّ الأسباب في مثله
كثيرة ، وأظهرها أنّه لا تصنيف لهم. وأكثر الكتب المصنّفة في الرجال لمتقدّمي
الأصحاب اقتصروا فيها على ذكر المصنّفين ، وبيان الطرق إلى رواية كتبهم ..
ثمّ ذكر : إنّ من هذا الباب رواية الشيخ رحمه
اللّه عن أبي الحسين بن أبي جيّد ..
ورواية المفيد رحمه اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن
__________________
الوليد .. ورواية
الصدوق رحمه اللّه ، عن محمّد بن علي ماجيلويه ، وأحمد ابن محمّد بن يحيى العطّار
..
وقال : [و]
العلاّمة رحمه اللّه يحكم بصحّة الإسناد المشتمل على أمثال هؤلاء ، وهو يساعد ما
قرّبناه. انتهى .
وقال الشيخ البهائي رحمه اللّه في محكي
مشرق الشمسين :
قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح
، غير أنّ أعاظم علمائنا المتقدّمين قدّس اللّه أرواحهم قد اعتنوا بشأنه ، وأكثروا
الرواية عنه ، وأعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحّة روايات هو في
سندها ، والظاهر أنّ هذا القدر كاف في حصول
__________________
الظنّ بعدالته.
ثمّ ذكر إنّ من ذلك : أحمد بن محمّد بن
الحسن بن الوليد .. وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار .. والحسين بن الحسن بن أبان
.. وأبو الحسين علي بن أبي جيّد ، قال : فهؤلاء .. وأمثالهم من مشايخ الأصحاب لنا
ظنّ بحسن حالهم ، وعدالتهم ، وقد عددت حديثهم في الحبل المتين ، وفي هذا الكتاب [في
الصحيح]
جريا على منوال مشايخنا المتأخّرين ، ونرجو من اللّه سبحانه أن يكون اعتقادنا فيهم
مطابقا للواقع. انتهى.
وقال السيّد الداماد قدّس سرّه في
الرواشح السماوية
: إنّ للصدوق رحمه اللّه أشياخا : .. كلّما سمّى واحدا منهم في سند
الفقيه .. قال (رضي اللّه عنه)كجعفر بن محمّد بن مسرور. فهؤلاء أثبات أجلاّء ، والحديث
من جهتهم صحيح ، نصّ عليهم بالتوثيق أو لم ينصّ. انتهى .
__________________
وقال في موضع آخر من الرواشح
ما لفظه : هل رواية الثقة الثبت عن رجل سمّاه تعديل ، أم لا؟قال في شرح العضدي : إنّ فيه مذاهب :
أولها : تعديل ؛ إذ الظاهر أنّه لا يروي
إلاّ عن عدل.
الثاني : ليس بتعديل ؛ إذ كثيرا ترى من
يروي ولا يذكر ممّن
يروي.
وثالثها ـ وهو المختار ـ : [إنّه] إن
علم من عادته أنّه لا يروي إلاّ عن عدل فهو تعديل ، وإلاّ فلا.
و (ثقة ثقة صحيح الحديث) في اصطلاح أئمة
التوثيق والتّوهين من أصحابنا رضوان اللّه عليهم تعبير عن هذا المعنى .
__________________
ثمّ إنّ لمشايخنا الكبراء مشيخة يوقّرون
ذكرها ، ويكثرون من الرواية عنهم والاعتناء بشأنهم ، ويلتزمون إرداف تسميتهم
بالترضية
__________________
عنهم به ، والرحمة
لهم ألبتة .. فأولئك ـ أيضا ـ ثبت فخماء ، وأثبات أجلاّء ، ذكروا في كتاب الرجال
أو لم يذكروا .. والحديث من جهتهم صحيح [معتمد عليه ؛ نصّ عليهم بالتزكية والتوثيق
أم لم ينصّ] .
وهم : كأبي الحسين علي بن أحمد بن أبي
جيد ، وأبي عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضائري ، وأبي عبد اللّه أحمد بن عبدون
المعروف ب : ابن الحاشر .. أشياخ شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه ، والشيخ
أبي العباس النجاشي رحمه اللّه .
وشيخنا العلاّمة الحلّي رحمه اللّه في
الخلاصة عدّ
طريق الشيخ رحمه اللّه إلى جماعة ـ كمحمّد بن إسماعيل [بن بزيع] ، ومحمّد بن علي
بن محبوب ، ومحمّد بن يعقوب الكليني رحمهم اللّه .. وغيرهم ـ صحيحا ، وأولئك
الأشياخ في الطريق ، واستصحّ في مواضع كثيرة [عدّة] جملة
من الأحاديث ، وهم في الطريق.
__________________
وابن أبي جيّد أعلى سندا من الشيخ
المفيد رحمه اللّه ؛ فإنّه يروي عن محمّد بن الحسن بن الوليد بغير واسطة [والمفيد
يروي عنه بواسطة] .
وكان ابن
شاذان القاضي القمي رحمه اللّه أبي الحسن أحمد بن علي بن الحسن ، وابن الجندي أحمد
بن محمّد بن عمران بن موسى الجرّاح ، شيخي [الشيخ] أبي العباس النجاشي رحمه اللّه
يستند إليهما ، ويعظّم ذكرهما كثيرا .
وعلي بن أحمد بن العباس النجاشي ، شيخه ووالده
، ذكره في ترجمة الصدوق رحمه اللّه أبي جعفر بن بابويه رضي اللّه عنه وطريقه إليه
، وذكر أنّه قرأ بعض كتب الصدوق رحمة اللّه عليه .
وكأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، وأبي
علي أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري ـ شيخي الشيخ المفيد أبي عبد اللّه محمّد بن
محمّد بن النعمان [رضي اللّه تعالى عنه] ـ فإنّ أمرهما أجلّ من الافتقار إلى تزكية
مزّك ، وتوثيق موثّق.
[و] كأشياخ الصدوق ابن الصدوق عروة
الإسلام أبي جعفر محمّد بن
__________________
علي بن بابويه القمّي
رضوان اللّه عليهما : الحسين بن أحمد بن إدريس أبي عبد اللّه الأشعري [القمي] ، أحد
أشياخ التلعكبري [أيضا ، ذكره الشيخ في كتاب الرجال ]
.. وغيره من أشياخه
الذين ترضّى عليهم ، أو ترحّم لهم ..
ويأتي تعداد مشايخ الصدوق رحمه اللّه مع
تمييز من ترضّى عليه أو ترحّم لهم في الفائدة الرابعة
من خاتمة الكتاب إن شاء اللّه [تعالى] .
__________________
__________________
__________________
__________________
__________________
__________________
تذييل
قد جرى على ألسنة أهل الفن وصف بعض
الرجال بكونه : شيخ الإجازة
، وآخر بأنّه : شيخ الرواية ، وفرّق صاحب التكملة
بينهما بأنّ :
الأوّل : من ليس كتاب له يرويه ولا
رواية تنقل ، بل يجيز برواية كتاب غيره
، ويذكر في السند لمجرد
اتّصال السند ، قال : فلو كان ضعيفا لم يضر ضعفه.
__________________
والثاني : هو من تؤخذ الرواية منه ، ويكون
في الأغلب صاحب كتاب ، بحيث يكون هو أحد من تستند إليه الرواية ، وهذا تضرّ جهالته
في الرواية ، ويشترط في قبولها عدالته.
وطريق العلم بأحد الأمرين هو أنّه إن
ذكر له كتاب كان من مشايخ الرواية ، وإلاّ كان من مشايخ الإجازة .
ولي فيما ذكره من الفرق نظر ؛ لانتقاضه
فيهما جميعا في موارد كثيرة لا تخفى على المتتبّع .
__________________
الفائدة الخامسة
إنّه قد تكرّر من أهل الرجال ـ سيّما
ابن الغضائري رحمه اللّه ـ في حقّ جماعة من رجالنا قولهم : يعرف حديثه وينكر ، أو
يعرف تارة وينكر اخرى .
__________________
وإنّا وإن ذكرنا في مقباس الهداية
ما ذكروه في المراد بالعبارة ، إلاّ أنّا لكثرة وقوعه في كلمات أصحابنا أهمّنا شرح
الكلام فيه هنا أيضا فنقول : قد صدر منهم في المراد بالعبارة [وجوه] :
أحدها : إنّ بعض أحاديثه معروف ، وبعضها
منكر.
__________________
وإنّ المراد بالمنكر : ما لا موافق له
في مضمونه من الكتاب والسّنة ، وبالمعروف : ما يوافق مضمونه بعض الأدلّة ، وعلى
هذا ، يراد بالمنكر ما تفرّد
بروايته .
وينافي ذلك قوله في بعض المواضع : ويجوز
أن يخرج شاهدا ، [فإنّ تخريج المنكر شاهدا] إذا
كان له موافق في المضمون.
ثانيها : إنّ بعض أحاديثه منكر مخالف
للأدلّة في مضمونه ، وبعضها معروف له موافق فيها ، وهذا يقرب من سابقه .
ويمكن الجواب بأنّ ضمير(يجوز)يرجع إلى
أصل حديثه لا إلى خصوص المنكر لترد المنافاة والمدافعة ؛ فإنّ التخريج يكون
بالنسبة إلى بعض أحاديثه ، وهو ما يعرف.
ثالثها : إنّ المراد بالمنكر الأعاجيب ،
على حدّ ما قاله الشيخ رحمه اللّه في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك ، ويقابله قوله : (يعرف).
__________________
رابعها : إنّ المراد بالعبارة احتمالات
أنّه يقبل تارة ، ولا يقبل اخرى.
احتمله بعضهم ، ولم أفهم معناه ؛ لأنّ
قبول الرواية يتوقّف على كونه ثقة ، فإذا قبلت له رواية لزم قبول جميع رواياته
، إلاّ أن يريد قبول بعض الأصحاب وعدم قبول بعض آخر ، فيرجع إلى بيان أنّه مختلف
فيه بين الأصحاب.
ولعلّه يساعد على ذلك قوله : (أمره
مختلط) ، وقوله : (يجوز أن يخرج شاهدا) ، وقوله : (أمره مظلم) .
وعلى هذا الاحتمال لا يعارض قول ابن
الغضائري : (يعرف وينكر)توثيق النجاشي .. وغيره.
خامسها : إنّ المراد به أنّه يعرف معنى
حديثه وينكر ؛ بمعنى أنّه مضطرب الألفاظ .. على حدّ ما قيل في ترجمة الحسن بن
العبّاس .
ويساعد على ذلك قوله
في ترجمة حميد بن شعيب ـ بعد العبارة ـ : وأكثر
__________________
تخليطه فيما يرويه عن
جابر.
وقد اختار هذا التفسير بعضهم
، حيث قال : إنّ الظاهر من قول ابن الغضائري : (يعرف وينكر) ، اضطراب الحديث.
سادسها : إنّ قوله : (يعرف وينكر)تفسير
لقوله : (مختلط) ، ومعنى اختلاط الحديث أنّه لا يحفظه على وجهه.
ويدلّ عليه ما في العيون ، عن الزيّات بن
الصّلت : وكنت أخلط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه على وجهه .
__________________
والذي تحصّل لي بسير
كلماتهم في التراجم واستقصائها أنّ المراد ورود حديث الرجل تارة مقبولا للعقول
موافقا لظاهر الكتاب والسنة ، واخرى غير مقبول للعقول وغير موافق لظواهر الكتاب والسنة
، ككون الصلاة تتكلّم ، وكون الفحشاء والمنكر أسماء رجال ، وكون ذكر اللّه الأكبر
هم الأئمّة عليهم السلام .. وقد تتبّعت كثيرا من موارد قولهم في رجل : (يعرف وينكر)
، فوجدتها على هذه الصّفة ، ووجدت ما ينكر منها عندهم قد ثبتت صحّته بالبراهين
الواضحة ، وصار من ضروريات مذهب الإمامية اليوم
،
__________________
فتتبّع .
__________________
الفائدة السادسة
إنّ من لاحظ الكتب الفقهيّة ، وسبرها
من البداية إلى النهاية ، وكان ذا خبرة بأحوال الرجال ، لا يبقى له وثوق بما صدر
منهم فيها من الجرح في الرجال. وكأنّي أرى للأصحاب في الكتب الفقهيّة شوقا إلى
تضعيف الرجال ، ويقدمون عليه بأدنى شيء ، ويرى منهم [ب] زعمهم كون ذلك احتياطا في
الدين ، وتدقيقا في أحكام الشرع المبين ..!ذاهلين عن أنّ ترك الأخبار ـ من غير سبب
متقن ـ يؤدي إلى الالتجاء إلى إعمال الاصول المقصور حجيّتها على صورة فقد الدليل ،
ويختلّ به حكم اللّه الواقعي ، فلا تذهل كما ذهل من قبلك من الفحول.
وإن أردت أن أعدّد لك الموارد المذكورة
لكان كتابا مستقلا .. إلاّ أنّه يكفيك منها رمي مثل كاشف الرموز
الثقة النحرير محمّد ابن عيسى اليقطيني
بالوقف ، مع خلوّ جميع كتب الرجال والفقه
__________________
منه ، وعدم تعقلّ ذلك
في حقّه ، من حيث إنّ الرجل من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام ، وليس للوقف
بعد الكاظم عليه السلام مسرح ولا مسرى .
ولا يخفى عليك أنّ ما صدر منّا في منتهى
المقاصد بالنسبة
إلى جرح الرجال ـ حاله حال سائر الكتب الفقهيّة ـ لا يعتمد عليه ؛ لأنّي صنّفته
قبل الخوض التام في هذا الفن ، واللّه الموفّق.
* * *
__________________
الفائدة السابعة
إنّه كثيرا ما يطعن في سند الرواية باشتماله
على رجال الفطحيّة
ـ وهم في السلسلة الذين رابعهم عمّار الساباطي ـ فإنّهم كانوا فطحيّة ، يقولون
بإمامة عبد اللّه بن جعفر الأفطح ،
نصّ على ذلك علماء الرجال .
__________________
وقد عدّ الكشي
من رجال الفطحيّة : محمّد بن الوليد الخزّاز ،
ومعاوية بن حكيم ،
ومصدّق بن صدقة ،
ومحمّد بن سالم ابن عبد الحميد ،
وعبد اللّه بن بكير ،
والحسن بن علي بن فضّال ،
__________________
وعمّار الساباطي
، وعلي بن أسباط
، وبني الحسن بن علي بن فضّال
ـ عليا وأخويه ـ ويونس بن يعقوب
.. وغيرهم من أجلّة الفقهاء والعلماء .
__________________
وفي حديث هشام بن
سالم : إنّ الفطحيّة
رجعوا عن مقالتهم إلاّ طائفة منهم ، مثل : عمّار .. وأصحابه.
وقد ذكر الشيخ رحمه اللّه في الاستبصار
: إنّ عمّارا ـ هذا ـ ضعيف ، فاسد المذهب ، لا يعمل على ما يختصّ بروايته.
ولكنّ العلاّمة الطباطبائي
قد ناقش فيما ذكر ؛ بأنّ : .. هؤلاء وإن كانوا فطحيّة فاسدي العقيدة ، إلاّ أنّهم
ثقات في النقل ، معتمد عليهم في الرواية ، و [قد نصّ] علماء الرجال كما نصّوا على
فساد مذهبهم ، فكذا نصّوا على توثيقهم ، وأنّهم من أجلّة العلماء الفقهاء
، فالرواية ـ على هذا ـ من جهتهم موثّقة ، والموثّقة ـ عندنا ـ حجة.
__________________
وأمّا عمّار ؛ فمجمع على توثيقه وفضله وفقاهته
وقبول روايته [قال الشيخ في الفهرست
: ..] ، وله كتاب كبير جيّد معتمد.
وقال في التهذيب : إنّه ثقة في النقل ، لا يطعن عليه
فيه.
وقال المحقّق في المعتبر : إنّ الأصحاب عملوا بروايته.
وحكي عن الشيخ رحمه اللّه
أنّه قال ـ في غير موضع
من كتبه ـ : إنّ الإمامية مجمعة على العمل برواية
السكوني ، وعمار .. ومن ماثلهما
__________________
من الثقات.
ومن هذا يعلم أنّ ما ذكره الشيخ رحمه
اللّه في الاستبصار [من أنّ عمّارا ـ هذا ـ ضعيف فاسد المذهب ، لا يعمل على ما يخص
بروايته ..]
محمول على المنع من العمل بروايته مع
وجود معارض صحيح السند لا مطلقا
، كما يستفاد من كلامه في العدّة .
وقال أبو عمرو الكشي
: قال محمّد بن مسعود العيّاشي : عبد اللّه بن بكير وجماعة
من الفطحيّة هم فقهاء أصحابنا .. وعدّ منهم : عمّار بن موسى الساباطي ، وبني الحسن
بن [علي بن] فضّال ـ عليّا ، وإخوته : أحمد بن الحسن ، ومحمّد بن الحسن
ـ.
__________________
وذكر المفيد رحمه اللّه في رسالته
الهلاليّة
أنّه : من أصحاب الاصول المعروفة ، ومن جملة الفقهاء والرؤساء الأعلام ، المأخوذ
عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام ، والذين لا مطعن عليهم ولا طريق إلى ذمّ
واحد منهم.
وقال النجاشي
رحمه اللّه : عمّار بن موسى [الساباطي أبو الفضل ، مولى] ، وأخواه ـ قيس وصباح ـ رووا
عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، [وكانوا] ثقات في النقل .. ولم يتعرّض لذكر مذهبه.
واستظهر العلاّمة الطباطبائي رحمه
اللّه منه وممّا سمعته من الشيخ المفيد رحمه اللّه استقامته في المذهب ، و رجوعه إلى الحقّ كغيره من الفطحيّة ، واستشهد
لذلك بما رواه الكشّي في كتاب الرجال بإسناده عن متروك ، عن أبي الحسن [الأوّل] عليه السلام ، قال
: «واستوهبت عمّار الساباطي من ربّه
__________________
فوهب لي» .
وبالجملة ؛ فلا ينبغي طرح الرواية بمجرد
كون راويها فطحيّا ونحوه ، بل بنى بعض أساطين هذا الفنّ من الأواخر
على صحّة الأخبار المرويّة عن الموثّقين ـ وإن كان الراوي فاسد المذهب ، سيّما إذا
كان الرجل واقفيّا ـ نظرا منه إلى أنّ الواقفيّة ونظائرهم كانوا أصحابنا يتجنّبون
عنهم حال وقفهم وعدم استقامتهم ، وكانوا يسمّونهم : الكلاب الممطورة ـ تشبيها بها
في وجوب الاجتناب عنها ـ. فيظهر من ضبط أصحابنا روايات بعض الواقفية ، والاعتناء
بها ، واستجازتهم منهم فيها أنّ تلك الروايات قد صدرت منهم في حال الاستقامة ، سيّما
لو كانت الروايات عن الصادق عليه السلام ، أو
__________________
الكاظم عليه السلام ؛
فإنّ ظاهرهم أنّهم كانوا يأخذون تلك الروايات ويروونها لغيرهم ، حرصا عليها وتحفّظا
عن الخطأ والنسيان ، ولو كان بالضبط في الاصول في حال الاستقامة فإنّه أداء أيضا ،
ومخالفة الراوي بعد الأداء لا تقدح فيه ؛ ضرورة عدم اشتراط الاستمرار على العدالة
في قبول الرواية حال الاستقامة ـ كما أوضحناه في مقباس الهداية
ـ فمتى وردت رواية لأصحابنا عن بعض الواقفيّة يغلب على الظنّ أن تلك الرواية كانت
في حال الاستقامة ـ شفاها أو كتابة ـ لما عرفت من أنّ الكتابة أيضا نوع أداء ، بل
ربّما يكشف رواية الواقفي عمّن لا يقول بإمامته عن عدوله عن الوقف ، كما سيجيء
في ذيل ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد الأسدي البزّاز إن شاء اللّه تعالى.
بل وكذلك الأمر لو روى واقفي عن واقفي
مع كون الراوي عن الأوّل عدلا إماميّا ؛ فإنّ الظاهر أنّ الأداء إلى الإمامي كان
في زمان استقامة الأول ، والأداء إليه كان في حال استقامة الثاني ، وبذلك ينفتح لك
باب عظيم في حجيّة الموثّقات المعهودة ، وكونها بحكم الصّحاح .
__________________
وتوهّم أنّه ـ على هذا ـ لا تبقى ثمرة
لقول أهل الرجال : فلان واقفي ، أو فلان فطحي ، أو ناووسي ..أو غير ذلك ؛ مدفوع
بأنّ الثمرة تظهر في موارد :
فمنها : عند التعارض بين هذا الخبر وبين
الخبر الصحيح المصطلح ؛ فإنّ الظنّ بصدور الخبر الصحيح في حال العدالة أقوى من
الظن الحاصل بصدور الموثّق كذلك.
وإن قلنا : بأنّ كلّ راو يعلم علما
إجماليّا بوجود حالة له خالية عن العدالة ، فإنّ الاحتمال المذكور فيهما سواء.
ومنها : فيما لو علم أنّ الرواية قد
صدرت في حال وقف الراوي ، فإنّها بناء على عدم حجيّة الموثّق ليست بحجّة.
ومنها : أنّ الراوي لو روى ما يؤيّد
مذهب الوقف لم يعبأ به في قبال ما دلّ على بطلان الوقف ، بخلاف ما لو كان الراوي
عدلا ؛ فإنّه يجب التأويل له حينئذ.
لا يقال : إنّ ظاهر أهل الرجال ذكر
أوصاف الراوي من حيث إنّه راو ، فمعنى الإخبار بكونه واقفيا هو الحكم بوقفه حال
الرواية ، كما أنّ الظاهر من الحكم بالعدالة هو الحكم بها كذلك.
__________________
لأنّا نقول : إنّ المعهود من استقصاء
موارد كلماتهم خلاف ذلك ؛ فإنّهم كثيرا ما يذكرون أحوال الراوي التي لا مدخليّة
لها في الرواية ـ كقولهم : فلان نزيل البلدة الفلانيّة ، أو منسوب إلى بلدة فلان ،
أو شاعر أديب .. أو غير ذلك ـ ممّا لا مدخليّة له في قوة الرواية وضعفها ، بل
نظرهم إلى ذكر أحوال الرجل بما اطّلعوا عليه.
وبما ذكر يندفع اعتراض الوحيد البهبهاني
قدّس سرّه
ـ في ترجمة : إبراهيم بن صالح ـ على العلاّمة رحمه اللّه بأنّه : .. بعد اعتباره
الإيمان في الراوي لا وجه لإيراد كثير من أهل العقائد الفاسدة في القسم الأول ، وتصريحه
بالاعتماد على رواياتهم ، مثل الحسن بن علي بن فضال وابنه .. وغيرهما.
ثمّ لا يخفى عليك أنّه إذا تعارض الخبر
الموثّق ـ المزبور الذي بنينا على صحّته ـ مع الخبر الصحيح المصطلح ، فالظاهر
تقديم الثاني ؛ لاندراجه في قوله عليه السلام : «خذ بأعدلهما عندك ، وأوثقهما
في نفسك» .
__________________
مضافا إلى أنّ العدول عن الدين ينبىء عن
نقصان في الرجل ، وأنّ منشأ عدوله أنّه لم يكن متثبّتا في اعتقاده الأوّل.
وأمّا لو اختار الخلاف في الأمور
المستحدثة ـ كالوقف .. ونحوه ـ فالظاهر ذلك أيضا ؛ لأنّ ذلك ينبىء عن عدم تمييز
العادل عن الدين ، وحذاقة من لم يعدّل ، حيث ميّز الحق عن الباطل ، سيّما إذا كانت
الشبهة قوية ، فتدبّر جيّدا ، فإنّه دقيق نافع ، واللّه الموفّق.
* * *
__________________
تذييل
لا يخفى عليك أنّ القول بالفطحيّة أقرب
مذاهب الشيعة إلى الحق
، من وجهين :
أحدهما : إنّ كلّ مذهب من المذاهب
الفاسدة يتضمّن إنكار بعض الأئمّة عليهم السلام ، ومن المعلوم بالنصوص القطعيّة وضرورة
المذهب أنّ من أنكر واحدا منهم كان كمن أنكر جميعهم ، والفطحي يقول بإمامة الاثني
عشر جميعا ، ويزيد : (عبد اللّه)بين الصادق والكاظم عليهما السلام ، فهو يقول
بإمامة ثلاثة عشر ويحمل أخبار الاثني عشر إماما على الاثني عشر من ولد أمير
المؤمنين عليه السلام ، فلا يموت الفطحي إلاّ عارفا بإمام زمانه ، بخلاف من مات من
أهل سائر المذاهب ، فإنّه يموت جاهلا بإمام زمانه.
__________________
نعم ؛ من مات من الفطحيّة في السبعين
يوما ـ زمان حياة عبد اللّه بعد أبيه ـ مات غير عارف لإمام زمانه ، فمات ميتة
جاهلية ، بخلاف من مات بعد وفاة عبد اللّه .
ثانيهما : إنّ كلّ ذي مذهب من المذاهب
الفاسدة قد تلقّى ممّن يعتقده إماما من غير الاثني عشر فروعا مخالفة لفروعنا بخلاف
الفطحيّة ؛ فإنّ عبد اللّه لم
__________________
يبق إلاّ سبعين يوما
، ولم يتلقّوا منه حكما فرعيّا ، وإنّما يعملون في الفروع بما تلقّوه من الاثني
عشر ، فالفطحيّة قائلون بالاثني عشر ، عاملون بما تلقّوه من الاثني عشر ، فليس
خطأهم إلاّ زيادة(عبد اللّه)سبعين يوما بين الصادق والكاظم عليهما السلام ، وإيراث
ذلك الفسق محلّ تأمل
، ولعلّه لذا لم يرد في الفطحيّة ما ورد في الواقفية وغيرهم من اللّعن والتوبيخ ، كالتعبير
عن الفطحيّة
ب : الكلاب الممطورة .
* * *
__________________
الفائدة الثامنة
إنّ الشيخ رحمه اللّه قال في أوّل كتاب
رجاله : إنّي قد أجبت إلى
ما تكرّر السؤال عنه
؛ سؤال الشيخ الفاضل
[فيه] من جمع كتاب يشتمل على أسماء
__________________
الرجال الذين رووا عن
النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم و [عن] الأئمّة عليهم السلام من بعده إلى زمن
القائم [عليه السلام] عجّل اللّه تعالى فرجه ..
ثمّ أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن
الأئمّة عليهم السلام
من رواة الحديث ، أو من عاصرهم ولم يرو عنهم. انتهى .
__________________
ثمّ وفى بما وعد ، فعقد بابا لمن روى عن
النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، ثمّ بابا لمن روى عن أمير المؤمنين عليه
السلام ، ثمّ بابا لكلّ من روى عن إمام إمام .. على الترتيب ، ثمّ بابا لمن لم يرو
عن أحد من الأئمّة عليهم السلام.
وقد اتّفق له في هذا الكتاب ذكر الرجل
في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام مع ذكره له بعينه في بعض أبواب من روى عنهم
عليهم السلام ، كما في بكر بن محمّد الأزدي ، وثابت بن شريح .. وغيرهما
، وهذا من
__________________
التنافي البيّن .
وقد أشكل على أساتيد الفنّ حلّ ذلك ، فذكروا
احتمالات :
أحدها : أن يكون المراد ممّن يذكرهم في
الأبواب من هو أعمّ من أصحاب الرواية واللّقاء والمعاصرة من دون رواية
؛ فيكون ذكره للرجل في تلك الأبواب لمعاصرته ، وذكره في باب من لم يرو لعدم
روايته.
وهذا الاحتمال في غاية البعد ، لصراحة
كلامه في الأبواب في تعداد من روى عنهم عليهم السلام ، وشمول باب من لم يرو لمن
عاصرهم ولم يرو عنهم عليهم السلام ، كما هو واضح.
ثانيها : أن يكون مراده بالرواية عنهم
عليهم السلام ما يعمّ الرواية بالمشاهدة والكتابة. وبعدم الرواية عنهم عليهم
السلام عدم الرواية
__________________
بخصوص المشافهة.
وهذا الاحتمال في البعد كسابقه ؛ ضرورة
قضاء المقابلة بإرادة المعنى الواحد في النفي والإثبات ، مضافا إلى عدم ظهور اطراد
هذا الوجه في مواضع الإشكال.
ثالثها : أن يكون المراد في القسم
الثاني من عاصرهم ولم يرو عنهم عليهم السلام ، أو روى عنهم وبقي بعدهم عليهم
السلام ؛ بأن يكون المراد بمن تأخّر زمانه أعمّ ممّن وجد بعدهم ، أو بقي بعدهم وإن
روى عنهم.
وهذا الاحتمال في البعد كسابقيه ؛ لأنّ
الظاهر من قوله : من تأخّر زمانه عن زمان الأئمّة عليهم السلام .. عدم إدراكه
زمانهم ؛ إمّا لعدم وجوده في ذلك الزمان ، أو لصغره وعدم قابليّته للرواية عنهم
عليهم السلام.
رابعها : أن يكون قد تحمّل الرواية عنهم
عليهم السلام صغيرا وأدّاها بعدهم كبيرا ، فهو من أصحابهم وممّن تأخّر زمان روايته
عنهم عليهم السلام.
وهذا الاحتمال أيضا بعيد جدّا
؛ ضرورة أنّ من المقرّر في علم الدراية ـ كما بيّناه في مقباس الهداية
ـ عدم شرطيّة الكبر في تحمّل الرواية ؛ فهذا الذي تحمّل صغيرا وأدّى كبيرا ممّن
روى عنهم عليهم السلام ، فإثباته في عداد من لم يرو عنهم عليهم السلام لا وجه له ،
وليس عنوان الباب الأخير : من لم يكن من أصحابهم عليهم السلام .. حتّى ينطبق على
هذا الذي تحمّل
__________________
صغيرا ولم يكن من
أصحابهم عليهم السلام.
مضافا إلى عدم ظهور اطّراد هذا الوجه في
مواضع الإشكال.
خامسها : أن يكون اختلاف كلام الشيخ
رحمه اللّه لاختلاف العلماء في شأن أمثال هؤلاء الذين ذكرهم في الموضعين ، أو
اختلاف نظر الشيخ رحمه اللّه في ذلك ، أو تردّده فيه.
وهذا ـ أيضا ـ بعيد ؛ ضرورة أنّ عادة
الشيخ رحمه اللّه في هذا الكتاب على بيان معتقده في حقّ الرجال من دون نظر إلى
أقوال العلماء فيهم ، وذكره لهم في المقامين على سبيل الجزم ينافي تردّده في ذلك.
على أنّه على ذلك كان يلزمه التنبيه على
السبب المذكور ، كما يلزمه التنبيه على تردّده لو كان متردّدا.
مضافا إلى أنّ عدّه لهم فيمن روى عنهم
عليهم السلام يكشف عن عثوره على روايتهم عنهم عليهم السلام ، فلا يمكن إنكاره
لروايتهم عنهم عليهم السلام بعد ذلك.
نعم ؛ لو كان مقدّما باب من لم يرو
لأمكن أن يقال إنّه لم يعثر على روايتهم عنهم عليهم السلام ، فعدّهم في باب من لم
يرو عنهم عليهم السلام ، ثمّ عثر على روايتهم عنهم عليهم السلام ، فعدّهم بعد ذلك
في عداد من روى عنهم عليهم السلام.
سادسها : ما حكي عن الميرزا رحمه اللّه
في الوسيط
، في ترجمة بكر بن
__________________
محمّد الأزدي أنّه
قال : وأمّا ما في (لم) [أي باب من لم يرو عنهم عليهم السلام] : بكر بن محمّد
الأزدي ، روى عنه العبّاس بن معروف .. فهو إمّا سهو ، أو بناء على أنّ العبّاس لم
يرو عن بكر إلاّ ما رواه من غيرهم [عليهم السلام] ، ثمّ قال : وكثيرا ما وقع فيه
مثل هذا. انتهى.
ويقرب من ذلك ما حكي عنه رحمه اللّه في
ترجمة ثابت بن شريح
، حيث ذكر عن(جش) [أي النجاشي] أنّه روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وأكثر عن
أبي بصير ، والحسين بن أبي العلاء ، قال : ولإكثاره عن غيرهم [عليهم السلام] أورده
الشيخ رحمه اللّه في (لم). انتهى.
وبعد ذلك ـ أيضا ـ ومنافاته لجلالة
الشيخ رحمه اللّه ـ أيضا ـ واضح .
سابعها : أن يكون المراد بالأوّل كونه
راويا عنه بالواسطة ، وبالثاني عدم
__________________
روايته عنه عليه
السلام بغير واسطة.
وهذا في البعد كإخوته ، لظهور كليهما في
الأوّل.
ثامنها : أن يكون المراد بالأوّل كونه
راويا عن الإمام عليه السلام نادرا ، وبالثاني عدم روايته عنه كثيرا شائعا.
وهذا كسوابقه في البعد.
تاسعها : ما يظهر من ابن داود من حمله
ذلك من الشيخ رحمه اللّه على زعم التعدّد ، قال
في ترجمة القاسم بن محمّد الجوهري : إنّ الشيخ رحمه اللّه ذكر القاسم بن محمّد
الجوهري في رجال الكاظم عليه السلام ، وقال : كان واقفيّا ، وذكر في باب من لم يرو
عن الأئمّة عليهم السلام : القاسم بن محمّد الجوهري ، روى عنه الحسين بن سعيد ، فالظاهر
أنّه غيره. انتهى .
واعترضه الميرزا في منهج المقال بأنّ
الاتحاد واضح عند التأمّل. انتهى.
وهذا الوجه كسابقه في بعده من رتبة
الشيخ رحمه اللّه وجلالته .
__________________
__________________
__________________
وبالجملة ؛ فلم نقف على ما يزيح الإشكال
تحقيقا ، فلا محمل لما صدر من الشيخ رحمه اللّه إلاّ العدول عمّا ذكره أوّلا ، أو
سهو القلم الذي يعذر فيه من لم يكن معصوما.
وربّما نقل
عن النقد في ترجمة القاسم بن محمّد الجوهري حلّ جيّد للإشكال ، ولم أقف في النقد
في ترجمة القاسم بن محمّد الجوهري
منه على
__________________
عين ولا أثر ، وإنّما
الموجود فيه عدّ موارد من عدّ الشيخ رحمه اللّه لرجل مرّة في أصحاب أحد الأئمّة
عليهم السلام واخرى في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام ، من دون تعرّض لحلّ ذلك.
نعم ؛ في تكملة النقد
للشيخ عبد النبي الكاظمي قدّس سرّه التعرّض لحلّ ذلك بوجوه ، حيث قال ـ بعد ذكر
أنّ ذلك من الشيخ رحمه اللّه أوجب توهّم كثير تعدّد الرجل حذرا من تناقض قوله : ..
فيحكم بالتعدّد ، وهذا كثيرا ما يعتبره ابن داود ، فيحكم بالتعدّد ـ ما لفظه : .. ولقد
أحسن بعض مشايخنا
__________________
في توجيه ذلك حيث قال
: قد يقطع الشيخ رحمه اللّه برواية الراوي عنهم عليهم السلام بلا واسطة ، فيذكره
في باب من روى عنه عليه السلام ، وقد يقطع بعدم الرواية عنهم عليهم السلام فيذكره
في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام ، وقد يحصل له الشكّ في ذلك فلا يمكنه التطلّع
والتفحّص عن حقيقة الحال ، فيذكره في البابين تنبيها على الاحتمالين.
وقيل : إنّما يذكر
فيهما باعتبار الأمرين ـ أعني أنّه قد يروي عنهم عليهم السلام بلا واسطة ، فيذكره
في باب من روى عنهم عليهم السلام ، وقد يروي بواسطة ، فيذكره في باب من لم يرو
ـ فيذكره في البابين.
ثمّ قال : وله وجه آخر وجيه ، يشهد به
بعض كلام الشيخ رحمه اللّه وهو : أنّه قد يقع الاختلاف
في ملاقاة الراوي للمعصوم عليه السلام ، فيذكره في البابين إشارة إلى الخلاف ، وجمعا
للأقوال. انتهى.
وأقول : هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرها
كالوجوه المزبورة في البعد ، سيّما الأوّلان .
والذي ظهر لي ـ بلطف اللّه سبحانه بعد
فضل الغوص في التراجم ، والالتفات إلى نكات كلمات الأعاظم ، من دون تصريح أحد منهم
بذلك ـ أنّ
__________________
الرجال أقسام :
فقسم منهم : يروي عن الإمام دائما بغير
واسطة.
وقسم منهم : لم يرو عن إمام عليه السلام
أصلا إلاّ بالواسطة ، لعدم دركه أزمنة الأئمّة عليهم السلام ، أو عدم روايته
عنهم عليهم السلام.
وقسم منهم : له روايات عن الإمام عليه
السلام بلا واسطة ، وروايات عنه عليه السلام بواسطة غيره.
فالذي يذكره الشيخ في باب من روى عن
أحدهم عليهم السلام تارة ، وفي باب من لم يرو عنهم عليهم السلام اخرى ، يشير بذلك
إلى حالتيه ، فباعتبار روايته عنه عليه السلام بغير واسطة أدرجه فيمن روى عنه عليه
السلام ، وباعتبار روايته عنه عليه السلام بواسطة آخر ، أدرجه في باب من لم يرو
عنهم عليهم السلام. ومصداقه كثير ..
منهم : بكر بن محمّد الأزدي ؛ فإنّ له
روايات عن الصادق والكاظم عليهما السلام بغير واسطة ، وبروايات عن أحد الأئمّة
عليهم السلام بواسطة عمّته : غنيمة .. وغيرها ، فلذا أدرجه تارة في باب أصحاب
الصادق عليه السلام ، واخرى في باب أصحاب الكاظم عليه السلام ، وثالثة في باب
أصحاب الرضا عليه السلام ، ورابعة في باب من لم يرو
__________________
عنهم عليهم السلام.
ومنهم : ثابت بن شريح ؛ فلاحظ ترجمته
تجد ما قلناه ، وتدبر جيّدا .
__________________
الفائدة التاسعة
إنّه قد اتّفق للشيخ رحمه اللّه في
رجاله أنّه ذكر رجلا في أصحاب أحد الأئمّة عليهم السلام ووثّقه ، وذكره في أصحاب
إمام آخر ولم يوثّقه ، أو ضعّفه.
وربّما أوجب ذلك لبعضهم الاشتباه وزعم
دلالة ذلك على التعدّد رفعا للتنافي .. ولكنّه ليس على ما زعم.
بل الظاهر قصر العدالة أو التضعيف على
حالة روايته عن ذلك الإمام عليه السلام ، كما أنّ تعديل الراوي من غيره ـ أو منه
في غير الكتاب ـ منزّل على عدالة الراوي في حال تلك الرواية .. وكذا الجرح ، فإنّ
بحث علماء الفنّ عن أحوال الرجال إنّما هو من حيث إنّه راو ، فيحكم بانطباق حالة
الرواية على حالة العدالة ، وحينئذ ؛ فإذا وثّق الشيخ رحمه اللّه رجلا في حالة
متقدّمة وضعّفه في زمان متأخّر فكما بينّا.
وإن وثّقه في الحالة المتقدمة وسكت عنه
في الحالة المتأخّرة ، فالظاهر جريان العدالة في الحالة المتأخّرة استصحابا ، فتكون
جميع الروايات التي رواها متأخّرا عن زمان التوثيق معتبرة.
وإن ضعّفه في الحالة المتقدّمة ووثّقه
في الحالة المتأخّرة ، فالظاهر لزوم قبول جميع رواياته وإن كان عن إمام ثبت في
زمانه عليه السلام ضعفه ؛
ضرورة أنّ عدم ردّه
في حال الوثاقة لما رواه قبل ذلك وسكوته عنه كاف في صحّة أخباره .. كما يظهر من
سيرة العلماء رضي اللّه عنهم وديدنهم فيمن علموا بعدالته في زمان ، فإنّهم يقبلون
جميع أخباره المدوّنة في كتبه وإن كان سابقا على زمان عدالته ، ولعلّ ذلك لأنّ حفظ
الرواية في كتاب أو أصل بمنزلة أداء مستقلّ ولو أنّ فيها خلاف الواقع لأخبر به ، وإلاّ
لكان غاشّا.
واحتمال النسيان والخطأ قائم في نفس خبر
العدل أيضا فلا يقدح ؛ لاندفاعه بأصالة عدمهما التي هي من الاصول العقلائيّة .
__________________
فهرس الجزء الأول
من
الفوائد الرجالية
المدخل.......................................................................... ٩
الديباجة....................................................................... ٢١
المقدمة
وفيها مقامات :
[المقام]
الأول
في تعريف علم الرجال........................................................... ٢٩
[المقام]
الثاني
في موضوع علم الرجال.......................................................... ٤٥
[المقام]
الثالث
في بيان فائدة علم الرّجال المحتاج
إليها............................................. ٤٩
الأقوال في مقدار الحاجة إلى علم الرجال
وعدمه..................................... ٥١
حجة
المثبتين للحاجة إلى علم الرجال
أحدها : إنّ إثبات حجية الخبر والأخذ به
موضوعا إنّما هو من باب .. الوثوق والاطمئنان
العقلائي...................................................................... ٥٨
ثانيها : ان الأخذ به موجبا لتقديم أحد
وجهين الخبر من الصدق والكذب.............. ٥٩
ثالثها : أنّ الأخذ به عملا بالأخبار
العلاجية...................................... ٥٩
رابعها : افتقار تصحيح الخبر وتمييز الموضوع
والضعيف عن غيره .. إلى الاستعانة بالرجال. ٦٤
خامسها : لزوم الفحص لعدم اعتبار خبر
الفاسق بل المنع من الأخذ به ، ومع عدم الإحراز
لحال رجاله يحتمل الفسق فلزم مراجعة
أحوال رجال السند............................ ٧٣
سادسها : الإجماع على المنع من العمل
بخبر الفاسق العاري عن قرائن الصدق........... ٧٣
سابعها : سيرة العلماء في تدوين كتب
الرجال والرجوع إليها في معرفة الرواة............. ٧٤
حجية
النافين للحاجة إلى علم الرجال
الأوّل : العمل بالموثق والحسن ـ بل
الضعيف المنجبر ـ مغن عن الحاجة إلى التعديل....... ٧٧
الثاني : أخذ الرجاليين التعديل بعضهم
من بعض ، وهي شهادة فرعية غير مسموعة..... ٧٨
الثالث : فقد الرواة العدالة في الجملة
في برهة ولا نعلم المقارنة لها عند الأخبار........... ٨٠
الرابع : كون علم الرجال منكر لما فيه
من تفضيح الناس والتجسس عليهم!............. ٨٥
الخامس : كون بعض أعلام هذا العلم من
فاسدي العقيدة فلا يصح الاعتماد عليهم.... ٨٦
السادس : الاختلاف العظيم في معنى
العدالة والفسق يمنع من الأخذ بتعديل علماء الرجال وجرحهم ٨٨
السابع : صحة الحديث ملازمة مع عدالة وضبط
وإمامية جميع سلسلة السند ولم يتعرض لكل ذلك غالبا في الرجال ٩٢
الثامن : تعديل الرجاليين وتضعيفهم
اجتهاد منهم لا يصح اعتماد مجتهد آخر عليه ، مع أنها
كتبية ، ومن باب شهادة الفرع أو فرع
الفرع....................................... ٩٣
التاسعة : يظهر من بعض الأسانيد عدم
الاتصال ، أو اشتباه في الاسماء ووجود كلمة المجاوزة وحقها العطف .. وغير ذلك ممّا
يوجب عدم الوثوق في الخبر ولازمه عدم العبرة بعلم الرجال...................................... ٩٥
العاشرة : أسماء الرجال غالبا مشتركة
بين العدل أو الممدوح وغيره وأسباب التمييز لا توجب
إلا ظنّا منهيا بخلاف اعتبار أخبار
الكتب المعتبرة قطعا أو ظنا فإنّها متآخما للعلم......... ٩٨
الحادي عشر : إنّ أخبارنا كلّها قطعية
الصدور ، وما كان كذلك لا يحتاج إلى ملاحظة السند ٩٩
الثاني عشر : كون أخبار الكتب الأربعة
قطعية الاعتبار وإن لم تكن قطعية الصدور عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام فلا حاجة
للرجال............................................................................ ١٠٣
تذييل وتنقيح يتضمن امور :
[الأمر] الأوّل : دعوى لفظية النزاع بين
الأصوليين والأخباريين في الحاجة وعدم الاحتياج إلى
علم الرجال.................................................................. ١١١
[الأمر] الثاني : لزوم مراجعة الفقيه
لكل ما يحتمل مدخليته في زيادة الوثوق والاطمئنان ومنه
علم الرجال.................................................................. ١١٣
[الأمر] الثالث : إفراط وتفريط الأصحاب
في حجية أخبار الكتب الأربعة والبحث في قطعية صدورها وعدمه ١١٤
الوجوه الملفقة لإثبات حجية أخبار الكتب
الأربعة خاصة .. وجوابها.................. ١١٨
الوجه الأوّل : ديدن الأصحاب على ضبط
الأحاديث وتدوينها ممّا يبعّد احتمال الوضع أو الضعف .. وجوابه ١١٩
الوجه الثاني : مقتضى الحكمة الربانية
عدم ترك الأمة حيارى تتشبّث بالظنون وغير ذلك .. وجوابه ١٣١
الوجه الثالث : شهادة مؤلفي الكتب
الأربعة بصحة ما فيها من الأخبار .. وجوابه..... ١٣٥
الوجه الرابع : إنّ هذه المصطلحات
مستحدثة من زمن العلاّمة وابن طاوس رحمهما اللّه ، وذلك اجتهاد منهم وظنّ .. وردّه ١٣٨
الوجه الخامس : طريقة القدماء موجبة
للعلم واتباعا للشريعة بخلاف الاصطلاح الجديد ، فإنّه ليس كذلك .. وجوابه ١٤٣
[الأمر] الرابع : إخبارات الرجاليين هل
هي من باب الخبر أو الشهادة؟............... ١٥٦
[الأمر] الخامس : كلّ حديث من الكتب
الأربعة لا يمكن عدّه متواترا وإن كانت الكتب في الجملة كذلك؟ ١٥٨
[الأمر] السادس : دعوى قصر الحجية على
الكتب الأربعة .. وما فيها.............. ١٥٩
[المقام]
الرابع
فوائد
متفرقة يلزم تحريرها قبل الأخذ في أحوال الرجال
الفائدة
الاولى
(١٦٣
ـ ١٧٦)
في بيان كيفيّة الرّجوع إلى كتب الرّجال
لإخراج أسامي رجال السّند وتحصيل أحوالهم في : الأسامي ، والكنى ، والألقاب ١٦٣
الفائدة
الثانية
(١٧٧
ـ ٤١٨)
في بيان مواليد أهل البيت صلوات اللّه
عليهم ووفياتهم ، وأسمائهم وكناهم ، وألقابهم صلوات اللّه عليهم لينتفع بذلك في
تمييز المسند من المرسل............................................................................ ١٧٧
النبي
الأكرم صلّى اللّه عليه واله
اسمه ، وكنيته ، وألقابه ، وولادته صلّى
اللّه عليه واله................................ ١٧٨
أبواه صلّى اللّه عليه واله........................................................ ١٨٤
زوجاته ، وأولاده صلّى اللّه عليه واله............................................. ١٨٦
وفاته صلّى اللّه عليه واله....................................................... ١٩١
تكملة : في الجمع بين الأخبار الواردة
في حمل امه صلّى اللّه عليه واله وولادته صلّى اللّه عليه واله ١٩٧
استطراد مفيد : اشكال وجواب في زمان
وفاته صلّى اللّه عليه واله.................... ٢٠٣
إشكال مشهور : حمل امّه وولادته صلّى
اللّه عليه واله والجواب عنه................... ٢٠٧
الإمام
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام
أبواه عليهما السّلام........................................................... ٢١٣
أسماؤه ، وألقابه ، وكناه عليه السّلام............................................. ٢١٥
ولادته عليه السّلام............................................................ ٢١٦
شهادته ، ومدفنه ، ومدة عمره عليه
السّلام...................................... ٢٢٠
الصديقة
الكبرى فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها
مولدها عليها السّلام.......................................................... ٢٢٥
زواجها ، وذريتها عليها السّلام.................................................. ٢٢٨
شهادتها ، ومدفنها عليها السّلام................................................ ٢٢٩
الإمام
أبو محمد الحسن بن علي المجتبى عليهما
السّلام ولادته عليه السّلام..................................................... ٢٤٠
يوم شهادته ، ومدت عمره ، مدفنه عليه
السّلام.................................. ٢٤٣
الإمام
أبو عبد اللّه الحسين بن علي الشهيد عليهما السّلام
مولده عليه السّلام............................................................ ٢٤٩
شهادته ، وعمره عليه السّلام................................................... ٢٥٥
تذييل : في بيان مقدار الفاصلة بين
ولادة الحسنين عليهما السّلام................... ٢٥٩
الإمام
أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين عليهما السّلام
امه ، ومولده عليه السّلام...................................................... ٢٦١
شهادته ، وعمره الشريف ، ومدفنه عليه السّلام.................................. ٢٧٠
عمره الشريف ، ومدة إمامته عليه السّلام........................................ ٢٧٣
تذييل : في بيان اشتباه نقد الرجال في
ضبط تاريخ ولادته عليه السّلام................ ٢٧٦
الإمام
أبو جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السّلام
أمه ، وولادته عليه السّلام...................................................... ٢٧٧
شهادته ، مدفنه عليه السّلام................................................... ٢٨٢
عمره الشريف عليه السّلام..................................................... ٢٨٥
مدة إمامته عليه السّلام........................................................ ٢٨٧
الإمام
أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام
امّه ، وولادته عليه السّلام...................................................... ٢٩١
شهادته ، ومدفنه عليه السّلام.................................................. ٢٩٦
عمره الشريف ، ومدة امامته عليه السّلام........................................ ٢٩٨
الإمام
أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليهما السّلام
امّه ، ومولده عليه السّلام...................................................... ٣٠٣
شهادته عليه السّلام........................................................... ٣٠٧
عمره الشريف................................................................ ٣١٠
مدة امامته عليه السّلام........................................................ ٣١١
الإمام
أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام
امّه ، ومولده عليه السّلام...................................................... ٣١٥
شهادته ، ومدفنه عليه السّلام.................................................. ٣٢٢
عمره الشريف................................................................ ٣٢٨
مدة إمامته عليه السّلام........................................................ ٣٢٩
الإمام
أبو جعفر الثاني محمّد بن علي الجواد عليهما السّلام
امّه ، ومولده عليه السّلام...................................................... ٣٣١
شهادته ، ومدفنه عليه السّلام.................................................. ٣٣٨
عمره الشريف ، ومدة إمامته عليه السّلام........................................ ٣٤٠
الإمام
أبو الحسن الثالث علي بن محمّد الهادي عليهما السّلام
امّه ، ومولده عليه السّلام...................................................... ٣٤٥
شهادته عليه السّلام........................................................... ٣٥١
مدة عمره ، وامامته عليه السّلام................................................ ٣٥٥
فائدة : في وجه تسمية مولانا الإمام
الهادي والعسكري عليهما السّلام ب : العسكري.. ٣٦٠
الإمام
أبو محمّد الحسن بن علي العسكري عليهما السّلام
امّه ، ولادته عليه السّلام....................................................... ٣٦٣
شهادته ، ومدفنه عليه السّلام.................................................. ٣٦٩
عمره الشريف................................................................ ٣٧٥
مدة إمامته عليه السّلام........................................................ ٣٧٧
الإمام
المنتظر المهدي عجل اللّه تعالى فرجه الشريف
أمّه ، وولادته عليه السّلام...................................................... ٣٧٩
عمره الشريف عليه السّلام..................................................... ٣٨٥
غيبتا الحجة عليه السّلام....................................................... ٣٨٦
وجه تسميته ب : القائم ، ووجوب القيام
لإسمه................................... ٣٨٨
تكملة :
في تعداد ألقاب الأئمّة وكناهم عليهم
السّلام وأشهرها.............................. ٣٩١
تذييل : السبب في التعبير عن الأئمّة
عليهم السّلام ب : الماضي ، وليس ذلك عن تقية ٤٠٣
جدول أسماء الأئمّة عليهم السّلام وما
يرجع عنهم عليهم السّلام..................... ٤٠٦
الفائدة
الثالثة
(٤١٩
ـ ٤٥٣)
في
بيان رموز أصحاب الأئمّة عليهم السّلام والأعلام والكتب
فمن الأول : أي الرموز لأصحاب الرسول
عليهم السّلام والأئمّة عليهم السّلام........ ٤٢١
ومن الثاني : أي الرمز لبعض العلماء من
مصنفي الأخبار والرجال................... ٤٢٤
ومن الثالث : أي الرمز لبعض الكتب في
الرجال.................................. ٤٢٨
ومن الرابع : أي من الرموز التي قررت
لبعض الكتب............................... ٤٣٧
تذييل : وفيه أمران :
الأول : في بيان مرجوحية استعمال الرمز......................................... ٤٤٩
الثاني : المراد من الرمز (لم) في رجال
الشيخ رحمه اللّه............................... ٤٥١
الفائدة
الرابعة
(٤٥٥
ـ ٤٧٤)
في بيان شيخ الإجازة وعدم الحاجة في
معرفة حال المشايخ الثلاثة وغيرهم لمراجعة كتب الرجال ٤٥٥
تذييل : في معنى شيخ الإجازة وشيخ
الرواية والفرق بينهما.......................... ٤٧٢
الفائدة
الخامسة
(٤٧٥
ـ ٤٨١)
في بيان قولهم : يعرف حديثه وينكر .. وما
شابهه................................. ٤٧٥
الفائدة
السادسة
(٤٨٣
ـ ٤٨٤)
في جرح بعض العلماء لبعض الرواة في
كتبهم الفقهية............................... ٤٨٣
الفائدة
السابعة
(٤٨٥
ـ ٤٩٩)
في بيان عدة الرجال من الفطحية وحالهم
الواقفة................................... ٤٨٥
تذييل : في بيان أقربية الفطحية من مذهب
الشيعة الإمامية......................... ٤٩٧
الفائدة
الثامنة
(٥٠١
ـ ٥١٥)
في حل إشكال من عدّ من أصحاب الإمام
عليه السّلام وعدّه ثانيا فيمن لم يرو عنهم عليهم السّلام ٥٠١
الفائدة
التاسعة
(٥١٧
ـ ٥١٨)
في بيان إشكال وجوابه في ذكر الشيخ رحمه
اللّه رجلا وتوثيقه مرة وتضعيفه أخرى...... ٥١٧
الفهرس...................................................................... ٥١٩
* * *
|