تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الثاني [١٣٢]

السنة الثانية والثلاثون

محتـويات العـدد

* النعماني ومصادر الغيبة (٦)

................................................. السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ٧

* طبقات الإجازات بالروايات.

.................................................... الشيخ ناصر الدين الأنصاري ٣٧

* المصنّفات العقائدية للمحدّثين الكوفيين.

..................................................... د. علي عبد الزهرة الفحّام ١٧٨


شوّال ـ ذو الحجّة

١٤٣٨ هـ

* كاشف الغطاء وجهوده الأدبية والنقدية.

.......................................................... د. حسين حافظ لفته ٢٤٢

* من ذخائر التراث :

* رسالة في جواز النسخ لشريف العلماء المازندراني

........................................ تحقيق : الشيخ حسين حلبيان الإصفهاني ٢٧٩

* من أنباء التراث.

.................................................................. هيـئة التحرير ٣٢٣

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (رسالة في جواز النسخ لشريف العلماء المازندراني) والمنشورة في هذا العدد.





النعماني ومصادر الغيبة (١)

(٦)

السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

تحدّثنا في هذه السلسلة من المقالات عن أبي عبد الله النعماني صاحب كتاب الغيبة ، وفي معرض دراسة مؤلّفاته تناولنا تفسير النعماني في بعض جوانبه ، وقلنا سابقاً : إنّ رسالة تفسير النعماني لا يمكن الاستناد إليها من حيث السند ، وأمّا من حيث ألفاظ المتن ، والأفكار المطروحة فيها ؛ فإنّها غير منسجمة مع الروايات المأثورة عن الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، ومع عصر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ولذلك لا يمكن اعتبار كتاب تفسير النعماني نصّاً روائيّاً ، ولكنّه يبقى مع ذلك في عداد التفاسير الشيعية القديمة.

وفي هذا القسم سوف نتحدّث عن هذا الكتاب ، ونحلّل الآراء والأفكار التفسيرية المطروحة فيه ، كما نتناول أسلوب المفسّر في بيان الآيات القرآنية ، وفي بداية البحث سوف نلقي نظرة عامّة على هذا التفسير.

__________________

(١) تعريب : السيّد حسن علي مطر الهاشمي.


د ـ تفسير النعماني بوصفه نصّاً تفسيريّاً :

نظرة عامّة على تفسير النعماني :

يستهلّ الكاتب هذا الكتاب بمقدّمة(١) يبدو أنّها ليست لأبي عبد الله النعماني. وقد تمّ التأكيد في هذه المقدّمة على وجوب اتّباع القرآن والسنّة ، كما تمّت الإشارة إلى أنّ فهم القرآن يتوقّف على مراجعة أحاديث أهل بيت النبيّ عليهم‌السلام ، ثمّ تعرّض إلى الآيات التي تشير إلى الإمام عليّ عليه‌السلام ، فإنّ الفكرة التأويلية واضحة عند المؤلّف في تفسيره لمصطلحات مثل : (السبيل)(٢) و (الذكر)(٣) ، و (القرآن)(٤) بأمير المؤمنين عليه‌السلام. وهذا النهج التأويلي هو الغالب والمهيمن على مجموع هذا التفسير.

وقد ختمت هذه المقدّمة بذكر آية تمّ تطبيقها على الأئمّة عليهم‌السلام من خلال الاستناد إلى وجوب العصمة.

وبعد هذه المقدّمة تمّ نقل رواية طويلة عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، في حين أنّ المرويّ من هذه الرواية عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، هو ما يقرب من الصفحة الأولى فقط. أمّا سائر الرواية فهي عن الإمام عليّ عليه‌السلام ، حيث أكّد الإمام

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٩٢ ، ص ١ ـ ٣.

(٢) في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً)، الفرقان: ٢٧.

(٣) في قوله تعالى : (يَاوَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ...) ، الفرقان : ٢٨ ـ ٢٩.

(٤) في قوله تعالى : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) ، الفرقان : ٣٠.


الصادق عليه‌السلام في بدايتها على مسألة خاتمية النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) ، وإفضاء علم كتاب الله إلى أوصيائه ، وتفرّق الناس عنهم ، ثمّ أشار إلى انحراف الناس في تفسير القرآن ، وبيّن العلوم المختلفة التي يتوقّف عليها علم تفسير كلام الله. وكان هذا نافذة إلى الكلام المروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، حيث يتمّ التعرّض في بداية الرواية المنقولة عن الأمير عليه‌السلام إلى بيان فهرسة لأقسام الآيات ومضامينها ، ثمّ تعرّض بعد ذلك إلى شرح هذه الفهرسة التي تشتمل على الكثير من مصطلحات ومباحث العلوم القرآنية.

فهرسة عناوين تفسير النعماني :

تمّ تنظيم فهرسة أقسام الآيات ومضامينها على ثلاثة أنحاء ، فأوّلاً تمّ ذكر الأقسام السبعة لآيات القرآن الكريم ، حيث قال : «وهي : أمر ، وزجر ، وترغيب ، وترهيب ، وجدل ، ومثل ، وقصص» ، ثمّ قال : «هناك مصطلحات ثنائية متقابلة في القرآن الكريم ، من قبيل : الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والخاصّ والعام ...» ، وما إلى ذلك ، وختمه بعبارة : «حرف مكان حرف» ، وهكذا يمكن الحصول على ما يقرب من أحد عشر عنواناً(١) ، وفي النوع الثالث من الفهرسة يبدأ بكلمة (منه) ، ليتعرّض إلى بيان أقسام وأنواع

__________________

(١) وذلك باعتبار الناسخ والمنسوخ عنواناً واحداً ، وكذا المحكم والمتشابه عنواناً واحداً أيضاً. وعنوان منقطع (الواو) بعد هذه الكلمة زائدة معطوف ، ومنقطع غير معطوف ، إذا اعتبرا عنوانين كان النوع الثاني أحد عشر عنواناً ، وإذا اعتبرا عنواناً واحداً كان المجموع عشرة عناوين.


الآيات القرآنية ، حيث كرّر كلمة : (منه : ...) واحداً وأربعين مرّة.

وبذلك يكون قد ذكر ما مجموعه ٥٨ أو ٥٩ عنواناً من عناوين علوم القرآن في هذه الفهرسة.

أمّا العناوين التي جاءت في القسم الثالث بتصدير كلمة (منه : ...) ، فيمكن لنا ـ بالالتفات إلى موضوعاتها ـ أن ندرجها ضمن الأقسام الآتية(١) :

أ ـ الارتباط بين لفظ القرآن ومعناه(٢) ، من قبيل :

ما لفظه خاصّ (الرقم ١٨) ، ما لفظه واحد ومعناه جمع (الرقم ٢٠) ، مخاطبة لقوم والمعنى لآخرين (الرقم ٣٦) ، مخاطبة للنبيّ(صلى الله عليه وآله) ومعناه واقع على أمّته (الرقم ٣٧).

ب ـ التحريف اللفظيّ أو المعنويّ في القرآن ، من قبيل :

ما هو باق محرّف عن جهته (الرقم ٢٤) ، ما هو على خلاف تنزيله (الرقم ٢٥) ، ما تأليفه وتنزيله على غير معنى ما أنزل فيه (الرقم ٣٩).

ج ـ التأويل والتنزيل ، من قبيل :

ما تأويله في تنزيله (الرقم ٢٦) ، ما تأويله قبل تنزيله (الرقم ٢٧) ، ما تأويله بعد تنزيله (الرقم ٢٨).

__________________

(١) تسهيلاً لوصول القارئ إلى المصدر عمدنا في هذا المقال إلى ترقيم عناوين الفهرسة ، وبذلك تشغل أقسام الآيات السبعة التسلسل من العدد : ١ إلى ٧ ، والعناوين التي تأتي بعد عبارة : في القرآن ناسخ ومنسوخ و ... من العدد : ٨ إلى ١٧ (واعتبرنا عبارة : منقطع معطوف ومنقطع غير معطوف ، عنوانين) ، والعناوين المبدوءة بكلمة : (منه) من العدد : ١٨ إلى ٥٨.

(٢) الأعداد من ١٨ إلى العدد ٢٣ ، وكذلك العددان ٣٦ و ٣٧ من هذا القسم أيضاً.


د ـ تأليف الآيات وارتباطها ببعضها ، من قبيل :

آيات بعضها في سورة وتمامها في سورة أخرى (الرقم ٢٩) ، آيات نصفها منسوخ ونصفها متروك على حاله (الرقم ٣٠) ، آيات مختلفة اللفظ متّفقة المعنى (الرقم ٣١) ، آيات متّفقة اللفظ مختلفة المعنى (الرقم ٣٢).

هـ ـ أنواع الرُخَص في القرآن(١) ، من قبيل :

آيات فيها رخصة وإطلاق بعد العزيمة (الرقم ٣٣) ، رخصةٌ صاحبها فيها بالخيار ، إن شاء أخذ وإن شاء تركها (الرقم ٣٤).

و ـ الردّ على الأديان والمذاهب والأفكار المنحرفة(٢) ، من قبيل :

ردّ من الله تعالى واحتجاج على جميع الملحدين والزنادقة والدهرية والثنوية والقدرية والمجبّرة وعبدة الأوثان وعبدة النيران (الرقم ٤٢) ، الردّ على من زعم أنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وإنّ الكفر كذلك (الرقم ٤٣).

ز ـ أخبار الأوصياء والأنبياء ، من قبيل :

معرفة ما خاطب الله عزّ وجلّ به الأئمّة والمؤمنين (الرقم ٥٤) ، أخبار خروج القائم منّا عجّل الله فرجه (الرقم ٥٥) ، أخبار الأنبياء وشرائعهم وهلاك أممهم (الرقم ٥٧) ، ما بيّن الله تعالى في مغازي النبيّ(صلى الله عليه وآله) وحروبه وفضائل أوصيائه (الرقم ٥٨).

__________________

(١) الأعداد من ٣٣ إلى ٣٥ من هذا القسم.

(٢) الأعداد من ٤٠ إلى ٥٣ (باستثناء العدد ٤٨ الذي ذكر لمناسبة) ، من هذا القسم.


ح ـ موضوعات متفرّقة(١) ، من قبيل :

[ما] لا يُعرف تحريمه إلاّ بتحليله (الرقم ٣٨) ، صفات الحقّ وأبواب معاني الإيمان ووجوبه ووجوهه (الرقم ٤٨).

المقارنة بين الفهرسة الإجمالية وبين الأبحاث التفصيلية في تفسير النعماني :

بعد ذكر عناوين أقسام الآيات والأبحاث القرآنية المطروحة يعمد صاحب التفسير إلى شرح هذه العناوين بشكل مُسهب ، ومن خلال المقارنة بين العناوين وبين الشروح نشاهد اختلافاً كبيراً بينهما ، وهو أمر بحاجة إلى بحث ودراسة من أجل الوقوف عند أسباب هذا الاختلاف.

١ ـ الاختلاف في الترتيب :

يبدأ شرح الأبحاث التفصيلية في تفسير النعماني من القسم الثاني من عناوين الفهرسة ، ابتداءً من شرح الناسخ والمنسوخ(٢) (الرقم ٨ من الفهرس) ، والمحكم والمتشابه(٣) (الرقم ٩ من الفهرس) ، والخاصّ والعامّ(٤) (الرقم ١٠ من الفهرس) ، حيث يتمّ تناول شرح عناوين الفهرس ، وبعد ذلك

__________________

(١) الأعداد من ٣٨ و ٤٨ و ٥٦ من هذا القسم.

(٢) بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ٦ ـ ١١.

(٣) المصدر أعلاه ، ص ١١ ـ ٢٣.

(٤) المصدر أعلاه ، ص ٢٣ ـ ٢٦.


تمّ شرح الأرقام : ٢٢(١) و ١٩(٢) و ٢٥(٣) ومن الفهرس ، وبذلك يظهر الاختلاف الواضح بين ترتيب الفهرس وترتيب الأبحاث التفصيلية.

وقد ورد شرح الأقسام السبعة من الآيات القرآنية الموجودة في بداية الفهرس في شرح الأبحاث ضمن الأرقام : ٢٧(٤) و ٢٨ و ٢٩ و ٣٠ و ٣١ و ٣٢(٥) و ٣٣(٦).

__________________

(١) المصدر أعلاه ، ص١١ ـ ٢٦.

(٢) المصدر أعلاه ، ص٢٦.

(٣) المصدر أعلاه ، ص٢٦ ـ ٢٨.

(٤) القسم الأوّل من الأقسام السبعة : أمر لم يبيّن تحت هذا العنوان ، ولكن توضيح فرائض (البحار ج٩٣ ، ص٦٢ ـ ٦٥) يمكن أن نعدّه شرحاً لهذا القسم.

(٥) المصدر أعلاه ص٦٥ ـ ٦١٨.

(٦) نذكر هنا العناوين التي تمّ شرحها في تفسير النعماني على ترتيب وأرقام الصفحات في بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ثمّ نشير إلى رقم ذكرها في الفهرست : ١ ـ الناسخ والمنسوخ (ص ٦ ـ ١١) ، وفي هامشها سُئل الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام عن أوّل سورة نزلت في مكّة ، وأوّل سورة نزلت في المدينة المنوّرة ، وأجاب الإمام عن ذلك؟ (الفهرست ، رقم ٨) ، ٢ ـ المحكم والمتشابه (ص ١١ ـ ٣٢ ،؟ رقم ٩) ، ٣ ـ الخاصّ والعامّ (ص ٢٣ ،؟ رقم ١٠) ، ٤ ـ ما ظاهره العموم ومعناه الخصوص (ص ٢٣ ـ ٢٥ ، لم يرد في الفهرست على هذه الشاكلة) ، ٥ ـ ما لفظه خصوص ومعناه عموم (ص ٢٥ و ٢٦ ، لم يرد في الفهرست على هذه الشاكلة) ، ٦ ـ ما لفظه ماض ومعناه مستقبل (ص ٢٦ ،؟ رقم ٢٢) ، ٧ ـ ما نزل بلفظ العموم ولا يراد به غيره (ص ٢٦ ،؟ رقم ١٩) ، ٨ ـ ما حُرّف من كتاب الله (ص ٢٦ ـ ٢٨ ،؟ رقم ٢٥) ، ٩ و ١٠ ـ الآية التي نصفها منسوخ ونصفها متروك بحاله لم ينسخ ، وما جاء به من الرخصة بعد العزيمة ، ص ٢٨ ،؟ الأرقام ٣٠ و ٣٣ وكذلك رقم ١٢) ، ١١ ـ الرخصة التي هي الإطلاق بعد النهي (ص ٢٨ ، لم يرد في الفهرست) ، ١٢ ـ الرخصة التي ظاهرها خلاف باطنها (ص ٢٩ ،؟ رقم


__________________

٣٥) ، ١٣ ـ الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار ، ص ٣٠ ، رقم ٣٤ ، جاء هذا الرقم في شرح الأبحاث في أصل نسخة البحار قبل الرقم السابق ، وتمّ تغييره من قبل مصحّح البحار) ، ١٤ ـ المنقطع المعطوف في التنزيل (ص ٣٠ ـ ٣٢ ،؟ رقم ١٥) ، ١٥ ـ حرف مكان حرف (ص ٣٢ ،؟ رقم ١٧) ، ١٦ ـ [ما هو متّفق اللفظ مختلف المعنى] ، (ص ٣٢ ،؟ رقم ٣٢ ، هذا العنوان أضافة من مصحّح البحار بالالتفات إلى الفهرست الإجمالي وتفسير القمّي) ، ١٧ ـ احتجاجه تعالى على الملحدين (ص ٣٣ و ٣٤ ،؟ رقم ٤٠) ، ١٨ ـ الردّ على عبدة الأصنام والأوثان (ص ٣٤ و ٣٥ ـ٤٠) ، ١٩ ـ الردّ على الثنويّة (ص ٣٥ و ٣٦ ـ رقم ٤٠) ، الردّ على الزنادقة ، (ص ٣٦ و ٣٧ ،؟ رقم ٤٠) ، ٢١ ـ الردّ على الدهرية (ص ٣٧ ، جاء في هامش آية : وهذا وأشباهه ردّ على الدهرية والملاحدة ممّن أنكر البعث والنشور ، رقم ٤٠) ، ٢٢ ـ ما جاء في القرآن على لفظ الخبر ومعناه الحكاية (ص ٣٨ ، رقم ٢٣ ، وقد ورد في هامش توضيح آية : إنّه ردّ على اليهود ، رقم ٤٢) ، ٢٣ ـ الردّ على النصارى (ص ٣٨ و ٣٩ ، رقم ٤١) ، ٢٤ ـ السبب الذي به بقاء الخلق (ص ٣٩ ـ ٤٦ ،؟ رقم ٥٦) ، ٢٥ ـ معايش الخلق وأسبابها (ص ٤٦ ـ ٤٩ ،؟ رقم ٥٦) ، ٢٦ ـ الإيمان والكفر والشرك وزيادته ونقصانه (ص ٤٩ ـ ٦٢ ،؟ الأرقام ٤٣ و ٤٨ و ٤٩) ، وفي هامش شرح العنوان نشاهد العناوين الآتية : ما فرض الله على الجوارح (ص ٤٩ ـ ٥٤) ، السبق إلى الإيمان (ص ٥٤ و ٥٥) ، طاعة ولاة الأمر (ص ٥٥ ـ ٥٨) ، فضل المؤمنين (ص ٥٩) ، وجوه الكفر (ص ٦٠ و ٦١) ، وجوه الشرك (ص ٦١ و ٦٢) ، وجوه الظلم (ص ٦٢) ، الردّ على من أنكر زيادة الكفر (ص ٦٢) ، ٢٧ ـ الفرائض (ص ٦٢ ـ ٦٥ ،؟ رقم ٥٦ وكذلك الأرقام ١ و ١٣ و ١٤) ، وكذلك ورد ضمناً : شرح حدود الفرائض وحدود الإمام المستحقّ للإمامة (ص ٦٤) أيضاً ، ٢٨ ـ الزجر في كتاب الله (ص ٦٥ ،؟ رقم ٢) ، ٢٩ ـ ترغيب العباد (ص٦٥ ،؟ رقم ٣) ، ٣٠ ـ الترهيب (ص ٦٥ ،؟ رقم ٤) ، ٣١ ـ الجدل (ص ٦٦ ،؟ رقم ٥) ورد في هذا الرقم الاحتجاج على الملحدين وأصناف المشركين ، (أيضاً ،؟ رقم ٤٠) ، ٣٢ ـ القصص عن الأمم (ص ٦٧ ،؟ رقم ٧) ، وقد تمّ تقسيم هذا الرقم إلى ثلاثة أقسام ، وهي : (ما مضى) ، و (ما كان في عصره) ، و (ما أخبر الله تعالى به أنّه يكون بعده).


٢ ـ فرز عناوين الفهرس :

إنّ بعض عناوين الفهرس تشتمل بدورها على عدد من العناوين ، قد تمّ فرزها وتناولها في الشرح مع عدم مراعاة ترتيبها.

من باب المثال : ورد العنوان الأربعون في الفهرس على النحو الآتي :

__________________

٣٣ ـ ضرب الأمثال (ص ٦٨ ،؟ رقم ٦) ، ٣٤ ـ الذي تأويله في تنزيله (ص ٦٨ و ٦٩ ،؟ رقم ٢٦) ، ٣٥ ـ الذي تأويله قبل تنزيله (ص ٦٩ ـ ٧٧ ـ رقم ٢٧) ، ٣٦ ـ ما تأويله بَعْدَ تنزيله (ص ٧٧ ـ ٧٨ ، رقم ٢٨) ، ٣٧ ـ [ما تأويله مع تنزيله] ، (ص ٧٨ ـ ٨٢) ، هذا العنوان من إضافة مصحّح البحار ، وقد جاء في نصّ البحار في ص ٧٩ هذا العنوان : أمّا ما أنزل الله تعالى في كتابه ممّا تأويله حكاية في نفس تنزيله وشرح معناه ، كما جاء العنوان المضاف من قبل المصحّح في ص ٦٨ أيضاً ، ولكنّه لم يرد في الفهرست) ، ٣٨ ـ الرد على من أنكر خلق الجنّة والنار (ص ٨٢ و ٨٣ لم يرد في الفهرست) ، ٣٩ ـ [الرد على] من أنكر البداء (ص ٨٣ و ٨٤ ، لم يرد في الفهرست) ، ٤٠ ـ الردّ على من أنكر الثواب والعقاب في الدنيا وبعد الموت قبل القيامة (ص ٨٤ و ٨٥ ،؟ رقم ٤٤) ، ٤١ ـ الرد على من أنكر المعراج (ص ٨٥ ،؟ رقم ٤٦) ، ٤٢ ـ الرد على المجبّرة (ص ٨٥ و ٨٦ ،؟ رقم ٤٠) ، ٤٣ ـ [الردّ على القدرية ، ص ٨٦ ، العنوان من قبل كاتب السطور ،؟ رقم ٤٠] ، ٤٤ ـ الردّ على من أنكر الرجعة (ص ٨٦ ،؟ رقم ٥١) ، ٤٥ ـ من أنكر فضل رسول الله (ص) ، (ص ٨٦ ـ ٨٨ ،؟ رقم ٤٥) ورد في هامش هذا الرقم بحث عصمة الأنبياء والمرسلين والأوصياء وما قيل في ذلك من الأقاويل (ص ٨٨ ـ ٩٨) ، ٤٦ ـ الردّ على المشبّهة (ص ٩٠ ، لم يرد في الفهرست). ٤٧ ـ مخاطبة النبيّ والمراد غيره (ص ٩٠ ،؟ رقم ٣٧) ، ٤٨ ـ مخاطبة لقوم والمراد به قوم آخرون (ص ٩٠ ،؟ رقم ٣٦). ٤٩ ـ الاحتجاج على من أنكر الحدوث (ص ٩٠ و ٩١ ، بحث كلاميّ عقليّ وليس تفسيريّاً ، ولم يرد في الفهرست) ، ٥٠ ـ الردّ على من قال بالرأي والقياس والاستحسان والاجتهاد ومن يقول أنّ الاختلاف رحمة (ص ٩١ ـ ٩٧ ، بحث كلاميّ عقليّ ، وأحياناً يرد ذكر بعض الآيات ، ولم يأت على ذكرها في الفهرست).


«ومنه ردّ من الله تعالى واحتجاج على جميع الملحدين والزنادقة والدهرية والثنوية والقدرية والمجبّرة وعبدة الأوثان وعبدة النيران».

وقد تمّ شرح هذا العنوان مع تفكيكه إلى العناوين الآتية :

١٧ ـ احتجاجه تعالى على الملحدين (ص ٣٣ ـ ٣٤).

١٨ ـ الردّ على عبدة الأصنام والأوثان (ص ٣٤ ـ ٣٥).

١٩ ـ الردّ على الثنوية (ص ٣٥ ـ ٣٦).

٢٠ ـ الردّ على الزنادقة (ص ٣٦ ـ ٣٧).

٢١ ـ الردّ على الدهرية (ص ٣٧ ، وفي هامش الآية في نهاية الصفحة ، جاء ما يلي : وهذا وأشباهه ردّ على الدهرية والملاحدة ممّن أنكر البعث والنشور).

٢٢ ـ الردّ على المجبّرة (ص ٨٥ ـ ٨٦).

٢٣ ـ الردّ على القدرية (ص ٨٦ ، العنوان من كاتب السطور).

والمثال الآخر هو العنوان السادس والخمسون ، حيث ورد في الفهرس على الشكل الآتي :

«ما بيّن الله تعالى فيه شرائع الإسلام وفرائض الأحكام ، والسبب في معنى بقاء الخلق ومعائشهم ووجوه ذلك».

وقد تمّ إيضاح هذا العنوان ضمن العناوين الآتية :

٢٤ ـ السبب الذي به بقاء الخلق (ص ٣٩ ـ ٤٦).

٢٥ ـ معايش الخلق وأسبابها (ص ٤٦ ـ ٤٩).

٢٧ ـ الفرائض (ص ٢٦ ـ ٦٥).


كما جاء في ضمنها بيان حدود الفرائض وحدود الإمام المستحقّ للإمامة.

كما أنّ العنوانين رقم ١٣ و ١٤ من الفهرس (الحلال والحرام ، والفرائض والأحكام) ليسا أجنبيّين عن هذا القسم أيضاً.

٣ ـ التغيير في عناوين الفهرس :

لدى شرح البحوث حدثت بعض التغييرات في بعض عناوين الفهرس ، وهي في غالبها من باب النقل بالمضمون ، من قبيل :

تبديل كلمة المَثَل (رقم ٦ الفهرس) بضرب الأمثال (في شرح الأبحاث رقم : ٣٣ ، ص ٦٨) ، أو تبديل القصص (رقم ٧ الفهرس) بالقصص عن الأمم (في شرح الأبحاث رقم ٣٢ ، ص ٦٧).

إلاّ أنّ هذا النوع من التغييرات لا يؤثّر في شيء ، ولكن تحدث أحياناً بعض التغييرات التي تؤثّر في المعنى أيضاً ؛ من باب المثال ورد الرقم ٤٤ في الفهرس على النحو الآتي : (ردّ على من زعم أن ليس بعد الموت وقبل القيامة ثواب وعقاب) ، ولكنّها جاءت في شرح البحوث على النحو الآتي : الردّ على من أنكر الثواب والعقاب في الدنيا(١) ، وبعد الموت قبل القيامة (الرقم ٤٠ ص ٨٤ ـ ٨٥).

والمثال الآخر الملفت للنظر : عنوان الخاصّ والعامّ في الفهرس ، ففي

__________________

(١) وبطبيعة الحال إذا أخذنا المعنى المقابل للآخرة ، بشكل يشمل عالم البرزخ أيضاً ، عندها يكون معنى العبارتين واحداً.


الفهرس وفي ضمن عناوين المجموعة الثانية ذكر عنوان الخاصّ والعامّ (رقم ١٠) ، ونشاهد في ضمن عناوين المجموعة الثالثة من الفهرس (التي تبدأ بعبارة (منه) ـ العناوين التالية :

١٨ ـ ما لفظه خاصّ.

١٩ ـ ما لفظه عامّ محتمل العموم(١).

في حين نرى في شرح أبحاث هذا التفسير ما يلي :

رقم ٣ ـ وسألوه صلوات الله عليه عن الخاصّ والعامّ في كتاب الله تعالى ، فقال : إنّ من كتاب الله تعالى آيات لفظها الخصوص والعموم ، ومنه آيات لفظها الخاصّ ومعناه عام ، ومن ذلك لفظ عامّ يريد به الله تعالى العموم ، وكذلك الخاصّ أيضاً.

رقم ٤ ـ فأمّا ما ظاهره العموم ومعناه الخصوص ، فقوله تعالى ... (ص٢٣).

رقم ٥ ـ وأمّا ما لفظه خصوص ومعناه عموم (ص ٢٥).

رقم ٧ ـ وأمّا ما نزل بلفظ العموم ، ولا يراد به غيره (ص ٢٦).

إنّ هذا النوع من التغييرات يحتمل أن يكون ناشئاً عن خطأ الناسخين ، ففي عبارة الفهرس قد يكون هناك سقط ، بل وتحريف أحياناً ، وبذلك ظهر هذا الاختلاف.

__________________

(١) بعد هذه العناوين ، جاء في عناوين أخرى : ٢٠ ـ ما لفظه واحد ومعناه جمع. ٢١ ـ ما لفظه جمع ومعناه واحد. وهذان العنوانان لا ربط لهما بمسألة العامّ والخاصّ ، وإنّما هي عناوين مستقلّة تمّ إيضاحها في تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١١ ، ولم ترد في شرح بحوث تفسير النعماني.


٤ ـ عناوين الفهرس التي لم تُشرح :

لم ترد بعض عناوين الفهرس في الشرح التفصيلي لأبحاث تفسير النعماني ، ويحتمل أن يكون خطأ في النسخة أو حدوث سقط فيها هو الذي تسبّب بذلك. في حين نرى بعض هذه العناوين في مقدّمة تفسير القمّي ، من قبيل :

رقم ١١ ـ مقدّم ومؤخّر (تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٨).

رقم ٢٠ ـ ما لفظه واحد ومعناه جمع (تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١١).

رقم ٢١ ـ ما لفظه جمع ومعناه واحد (تفسير القمّي ، ج١ ، ص ١١).

رقم ٢٩ ـ آيات بعضها في سورة ، وتمامها في سورة أخرى (تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١٢).

رقم ٥٠ ـ ردّ على من وصف الله تعالى وحده (تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٥).

بيد أنّ هناك العديد من العناوين لم ترد في تفسير القمّي أيضاً ، وهذه العناوين هي كالآتي :

رقم ١٦ ـ منقطعٌ غير معطوف.

رقم ٢٤ ـ ما هو باق محرّف عن جهته.

رقم ٣١ ـ آيات مختلفة اللفظ متّفقة المعنى.

رقم ٣٨ ـ ما لا يعرف تحريمه إلاّ بتحليله. (وقد جاء هذا العنوان في فهرس تفسير القمّي أيضاً ، ولكن لم يذكر له شرحاً.

رقم ٣٩ ـ ما تأليفه وتنزيله على غير معنى ما أنزل فيه. (معنى العبارة


غير واضح ، وأنّ احتمال وقوع التحريف فيها يبدو احتمالاً وجيهاً).

رقم ٤٧ ـ ردّ على من أثبت الرؤية. في (تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٠ ، جاء بدلاً من هذا العنوان ، عنوان : الرد على من أنكر الرؤية).

رقم ٥٢ ـ الردّ على من زعم أنّ الله عزّ وجل لا يعلم الشي حتّى يكون.

رقم ٥٣ ـ ردّ على من لم يعلم الفرق بين المشيئة والإرادة والقدرة في مواضع.

رقم ٥٤ ـ معرفة ما خاطب الله عزّ وجلّ به الأئمّة والمؤمنين.

رقم ٥٥ ـ أخبار خروج القائم منّا عجّل الله فرجه.

رقم ٥٧ ـ أخبار الأنبياء وشرائعهم وهلاك أممهم.

رقم ٥٨ ـ ما بيّن الله تعالى في مغازي النبيّ(صلى الله عليه وآله) وحروبه وفضائل أوصيائه ، وما يتعلّق بذلك ويتّصل به.

علماً أنّه من الممكن أن يكون المؤلّف قد اعتبر بعض هذه العناوين ـ من قبيل : (أخبار الأنبياء) ـ غنيّة عن الشرح والتوضيح ، بيد أنّ أغلب العناوين المتقدّمة تحتاج إلى شرح ، من هنا يحتمل بشكل كبير أن يكون شرح هذه العناوين قد سقط من النسخة الموجودة لتفسير النعماني.

ومن الجدير بالذكر أنّ هناك عناوين أخرى في الفهرس لم يرد شرحها في التفسير ، ولكن ربّما كان سبب عدم ذكرها عائداً إلى الاكتفاء بشرح العناوين المماثلة لها ، من قبيل الرقم (١٣ و ١٤) من الفهرس : (الحلال والحرام ، والفرائض والأحكام) ، والرقم (١) من الفهرس : (الأمر) ، إذ تمّ توضيحها إلى حدٍّ ما ضمن الشرح المتعلّق بالفرائض (رقم ٥٦ من الفهرس =


٢٦ من شرح الأبحاث ، ص ٦٢ ـ ٦٥) ، وكذلك قد يكون المراد من الرقم (١٢) في الفهرس : (العزائم والرخص) ، ربّما كان المراد منه هو الرقم (٣٣) في الفهرس : (آيات فيها رخصة وإطلاق بعد العزيمة).

٥ ـ العناوين التي ورد شرحها في المتن ولم تذكر في الفهرس :

وهي عبارة عن :

الرقم ١١ ـ الرخصة التي هي الإطلاق بعد النهي (ص ٢٨).

الرقم ٣٧ ـ ما تأويله مع تنزيله (ص ٧٨ ـ ٨٢)(١) ـ وفي ص ٦٨ تمّت الإشارة له أيضاً ، وجاء في ص ٧٩ : (وأمّا ما أنزل الله تعالى في كتابه ممّا تأويله حكاية في نفس تنزيله) ومن ثمّ شرح معناه.

الرقم ٣٨ ـ الردّ على من أنكر خلق الجنّة والنار (ص ٨٢).

الرقم ٣٩ ـ [الردّ على] من أنكر البداء (٨٣ ـ ٨٤).

الرقم ٤٦ ـ الردّ على المشبّهة (ص ٩٠).

الرقم ٤٩ ـ الاحتجاج على من أنكر الحدوث (ص ٩٠ ـ ٩١) ، وقد ذكر في هذا الرقم بحث كلامي عقلي دون الاستناد إلى أىّ آية.

الرقم ٥٠ ـ الردّ على من قال بالرأي ، والقياس ، والاستحسان ، والاجتهاد ، ومن يقول إنّ الاختلاف رحمة (ص ٩١ ـ ٩٧) ، وحلّ المباحث الواردة من هذا القبيل هي كلامية أيضاً ، وقد استند أحياناً في تضاعيف البحث إلى بعض الآيات.

__________________

(١) عنوان هذه الصفحة من إضافات مصحّح البحار استناداً إلى تفسير القمّي.


إذن فما الوجه في مثل هذا النوع من الاختلاف بين فهرس المباحث وشرحها؟

يبدو أنّه يعود إلى حدوث سقط في سائر أرقام النسخ المتوفّرة للفهرس ، باستثناء الرقم ٤٩ و ٥٠ ، ولكنّ هذين الرقمين نظراًإلى الاختلاف الفاحش بينهما وبين سائر بحوث الرسالة ـ يمكن أن لا يكونان من أصل الرسالة ، بل إنّها من المسائل الملحقة بها.

إنّ الاختلافات الموجودة بين فهرس تفسير النعماني وشرح أبحاثه إذا أرجعناها إلى خطأ الناسخين ووقوع التحريف ، أو حدوث سقط في النسخ المتوفّرة ، فإنّه لا يمكن تبرير جميع هذه الاختلافات بمثل هذه التبريرات ، علماً بأنّني لم أجد توضيحاً شافياً لهذه الاختلافات ، وعلى كلّ حال فإنّ هذه الاختلافات تساهم بدورها في التقليل من قيمة واعتبار هذا الكتاب ، خاصّة إذا نظرنا إليه بوصفه نصّاً روائيّاً.

وفيما يلي نقدّم مزيداً من التوضيح بشأن أبحاث هذا الكتاب ، وفي البداية نذكر عبارة من هذا الكتاب ـ ترتبط بمبحث المهدوية ـ تيمّناً وتبرّكاً.

المهدوية في تفسير النعماني :

إنّ من البحوث القرآنية التي تمّت الإشارة إليها في مقدّمة تفسير النعماني : (أخبار خروج القائم منّا عجّل الله فرجه) (رقم ٥٥) ، ولكن للأسف الشديد إنّ هذا العنوان لم يتمّ تناول شرحه في التفسير.

أمّا العنوان الآخر في المقدّمة والذي يرتبط بمبحث المهدوية فهو : (ردٌّ


على من أنكر الرجعة ، ولم يعرف تأويلها) (رقم ٥١) ، وقد جاء في توضيح هذا المبحث :

«وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقول الله عزّ وجلّ : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ)(١) ، أي : إلى الدنيا. وأمّا معنى حشر الآخرة ، فقوله عزّ وجلّ : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا)(٢) ، وقوله سبحانه : (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ)(٣) ، في الرجعة ، فأما في القيامة ، فإنّهم يرجعون».

وفي هذه الفقرة تمّ التأكيد على هذه المسألة ، وهي أنّ الحشر في القيامة حشر عام لا يُستثنى فيه أيّ شخص ، وإنّ الحشر الذي يخصّ (فوجاً) من الكافرين والمكذّبين لا يمكن أن يكون في القيامة ، وإنّما يعود إلى عصر الظهور ، وبذلك يُشير إلى ما يذهب إليه الشيعة من القول بالرجعة.

ومن ثمّ استطرد في كلامه قائلاً :

«ومثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَاب وَحِكْمَة ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)(٤) ، وهذا لا يكون إلاّ في الرجعة».

طبقاً لهذه الآية الشريفة أخذ الله على النبيّين عهداً بأن يؤمنوا بالنبيّ

__________________

(١) النمل : ٨٣.

(٢) الكهف : ٤٧.

(٣) الأنبياء : ٩٥.

(٤) آل عمران : ٨١.


الخاتم (صلى الله عليه وآله) وأن ينصروه ، وإنّ الإيمان بنبيّ الإسلام من قبل أنبياء السلف مفهومه واضح ، إلاّ أنّ نصرة نبيّ الإسلام من قبل الأنبياء الماضين لا يمكن تصوّره إلاّ في عصر الظهور ، وهذا يثبت مفهوم الرجعة.

«ومثله ما خاطب الله تعالى به الأئمّة ووعدهم بالنصر والانتقام من أعدائهم ، فقال سبحانه : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)(١) ، وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا. ومثله قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)(٢) ، وقوله سبحانه : (اِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد)(٣) ، أي : رجعة الدنيا».

وإنّ الوعد بالنصر المؤزّر للمؤمنين والمتديّنين ، وحكومتهم على الأرض ، وانتشار الأمن والسلام ، وانحسار الخوف والرعب ، لا يتحقّق إلاّ في عصر الرجعة.

ثمّ أجاب عن استبعاد عودة الناس إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وذلك من خلال ذكر أمثلة قرآنية فيها دلالة على عودة بعض الناس إلى الحياة في هذه الدنيا ، من قبيل قوله تعالى :

__________________

(١) النور : ٥٥.

(٢) القصص : ٥.

(٣) القصص : ٨٥.


(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)(١) ، ثمّ ماتوا. وقوله عزّ وجلّ : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا)(٢) ، فردّهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا وشربوا ونكحوا ، ومثله خبر العزير.

وفي تضاعيف تفسير النعماني ثمّة عبارات ملفتة للانتباه بشأن إمام العصر (عج) ، ففي بحث المحكم والمتشابه ـ وبمناسبة البحث عن معاني (الضلال) ـ أشار إلى معنى من بين معاني هذه المفردة ـ الضلال ـ التي وردت في رواية عن النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) خاطب فيها الإمام الوصيّ عليه‌السلام يذكر فيها أمر الناس في عصر الغيبة ؛ حيث فقدوا إمامهم ، واستقاموا على الصبر في انتظار بزوغ شمس الهداية ، وقد ورد التعبير عنهم بـ : (أهل الضلال) ، إذ يقول :

«يا أبا الحسن ، حقيق على الله أن يُدخل أهل الضلال الجنّة ، وإنّما أعني بهذا المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان ، المستور عن الأعيان ، فهم بإمامته مقرّون ، وبعروته مستمسكون ، ولخروجه منتظرون ، موقنون غير شاكّين ، صابرون مسلمون ، وإنّما ضلّوا عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه».

ففي عصر الغيبة إنّما يكون الضالّ هم الناس ، حيث يفتقدون بركة ظهور الإمام ولا يدركون حضور شخصه الكريم ، علماً بأنّ وجود إمام

__________________

(١) البقرة : ٢٤٣.

(٢) الأعراف : ١٥٥.


العصر(عج) كلّه حضور دائم.

وبعد ذكر هذا المثال ، قال :

«فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه‌السلام ، المتمسّك بإمامته ، موسّعٌ عليه جميع فرائض الله الواجبة عليه ، مقبولة منه بحدودها ، غير خارج عن معنى ما فرض الله ، فهو صابر محتسب ، لا تضرّه غيبة إمامه»(١).

في توضيح أقسام النور ومعانيه في القرآن ـ من خلال الإشارة إلى أنّ القرآن والأوصياء المعصومين عليهم‌السلام هم أنوار إلهية تضاء بها المدن ، ويهتدي بها عباد الله ـ عمد إلى تأويل قوله تعالى : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)(٢) ، وتمّ تطبيق مقاطع الآية على النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) ، والصدّيقة الطاهرة وأولادها المعصومين عليهم‌السلام ، وممّا جاء في هذا التطبيق ، قوله : «والكوكب الدرّي القائم المنتظر الذي يملأ الأرض عدلاً»(٣).

وتطغى مباحث الإمامة على جميع مواضيع تفسير النعماني.

الناسخ والمنسوخ في تفسير النعماني :

إنّ أوّل بحث تمّ شرحه في تفسير النعماني هو مبحث (النسخ) ، ويبدأ

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ١٦.

(٢) النور : ٣٥.

(٣) المصدر أعلاه ، ص ٢١.


هذا المبحث ببيان السرّ في ظهور النسخ. وإنّ النسخ مرتبط بالتدرّج فيالتشريع ، فقد كان الناس في عصر نزول القرآن قريبو عهد من الأفكار والتقاليد الجاهلية ، وكان من الصعب عليهم تقبّل الأحكام الجديدة المغايرة لما ألفوه طوال حياتهم السابقة ، لذلك فقد اقتضت رحمة الله أن يتمّ إنزال الأحكام الشرعية بشكل تدريجي وعبر برنامج مرحلي(١).

ثمّ أشار إلى ستّ عشرة آية من الآيات المنسوخة في القرآن ، وأغلبها من الآيات المعروفة في كونها منسوخة ، من قبيل آية حدّ الزنا(٢) ، وآية عدّة الوفاة(٣) ، وآية الكفّ(٤) ، وآية الأمر بالهدنة مع الكافرين(٥) ، وآية عدد

__________________

(١) المصدر أعلاه ، ص ٦.

(٢) محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٠٧ ؛ بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ، ص ٢٢١ ؛ ابن المتوّج ، الناسخ والمنسوخ ، ص ٨٧ ؛ شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ١٣٦.

(٣) محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٠٥ ؛ بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ، ص ٢١٣ ؛ ابن المتوّج ، الناسخ والمنسوخ ، ص ٧٠ ؛ شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ١٠٨.

(٤) الناسخ والمنسوخ ص ١٧٢ ، شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ٢٦١ ؛ وفي التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٨٠ هناك مناقشة في نسخ هذه الآية.

(٥) الناسخ والمنسوخ ص ١٢١ ، شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ١٩٠ ؛ وانظر أيضاً : محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣١٧ ، وفي ص ٣٥٤ نقل عن صاحب مجمع البيان أنّه لم يذهب إلى القول بنسخ هذه الآية.


المقاتلين(١) ، وآية ميراث الأخوة في الدين(٢).

بيد أنّ مفاد النسخ في تفسير النعماني أوسع من معناه الاصطلاحي ، فقد تطرّق في هذا التفسير إلى بيان أحكام منسوخة لم تنزل آية في القرآن على طبقها ؛ وتوضيح ذلك : إنّ بعض أحكام الشريعة الإسلامية كان يتمّ تطبيقها في بداية الأمر دون أن تنزل آية على طبقها ، وقد تمّ إلغاء هذه الأحكام بعد مدّة ، وقد تمّ بيان إبطال هذا الحكم وإلغاؤه من خلال آية أو آيات ، من قبيل الآية التي حوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرّفة(٣) ، في حين نحن لا نرى الآية المنسوخة هنا(٤).

هو هناك إشارة في تفسير النعماني إلى أنّ الحكم كان في بادئ الأمر هو حرمة مقاربة الزوجة في شهر رمضان حتّى في الليل ، وأنّ الصائم لو نام في الليل لم يجز له تناول الطعام ، ولكنّ هذا الحكم قد ألغي بالآية رقم ١٨٧ من

__________________

(١) محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٠٣ ؛ بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ، ص ٢٢٨ ؛ ابن المتوّج ، الناسخ والمنسوخ ، ص ١٢١ ؛ شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ١٩٠.

(٢) محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣١١ ؛ ابن المتوّج ، الناسخ والمنسوخ ، ص ١٢٢ ؛ شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ١٩٢.

(٣) البقرة : ١٤٤.

(٤) وقد نقل عن قتادة أنّ آية تحويل القبلة ناسخة لقوله تعالى : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) ، البقرة : ١١٥. انظر : محمّد هادي معرفت ، (التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣١٩ بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص ٢٠٠) ، بيد أنّ هذا الكلام على فرض صحّته ، لا ربط له بكلام النّعماني في تفسيره.


سورة البقرة. وهنا كذلك لا يوجد تصريح بالآية المنسوخة ، ولكن مع ملاحظة عبارة : «على معنى صوم بني إسرائيل في التوراة» يُحتمل أن تكون الآية التي اعتبرت منسوخة هي قوله سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(١)(٢).

وقد استعمل مؤلّف تفسير النعماني أحياناً مصطلح (النسخ) بشأن أحكام كانت في الشرائع السابقة ولم ترد في الشريعة الإسلامية ، من قبيل الأحكام القاسية التي فرضت على بني إسرائيل(٣) ، أو كيفية قصاص الأنفس في التوراة حيث لم يشترط التساوي بين القاتل والقتيل في الجنس (ذكر أو أنثى) ، ولم يشترط المنزلة الاجتماعية (حرّ أو عبد) ، بينما هذه الشروط موجودة في الشريعة الإسلامية(٤). علماً بأنّ التعبير بـ : (الناسخ) في هذه الموارد لا ينسجم مع معناه الاصطلاحي.

ورد ذكر بعض الآيات في هذا التفسير ضمن الآيات المنسوخة ، مع أنّ

__________________

(١) البقرة : ١٨٣.

(٢) الناسخ والمنسوخ ، ص ٥١ ؛ شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ٧٧ ؛ وانظر أيضاً : محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٢١ حيث ناقش في كون هذه الآية منسوخة.

(٣) محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ٩.

(٤) محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ٩ ، ومن الجدير ذكره أنّ الرجل إذا قتل امرأة أمكن لأوليائها أن يقتصّوا من القاتل ، ولكن عليهم ـ في هذه الحالة ـ أن يدفعوا لورثته وذويه نصف ديته. وفيما يتعلّق بآية القصاص ، انظر أيضاً : الناسخ والمنسوخ ، ص ٤٧ ؛ شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ٦٨ ؛ محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٢٢٠.


هناك بحثاً ونقاشاً في كونها منسوخة أو غير منسوخة ، وقد رفض البعض اعتبارها منسوخة. وقد تمّ البحث حول ذلك في كتب التفسير والعلوم القرآنية بالتفصيل(١) ، ولا نرى حاجة إلى الخوض في طرح هذه المسائل في هذه الدراسة ، إلاّ أنّنا سنكتفي هنا بالبحث في آية واحدة فقط. فقد ورد في تفسير النعماني أنّ قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)(٢) ، قد تمّ نسخه بقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(٣)(٤) وقد نقل عن بعض المفسّرين من أمثال : ابن عباس والسدّي وقتادة وربيع اعتبار نسخ الآية الأولى. كما وردت بعض الروايات في هذا الشأن أيضاً(٥). ولكنّ هذا الادّعاء

__________________

(١) كما في قوله تعالى : (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) ، النساء : ٨. فقد ذهب سعيد بن المسيّب إلى اعتبارها منسوخة بآية المواريث ، وتدلّ على ذلك بعض الروايات عن الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما‌السلام أيضاً ، إلاّ أنّ بعض الروايات الأخرى لا تعتبر الآية منسوخة ، انظر : الناسخ والمنسوخ ، ص ٨٣ ؛ شرح عبد الجليل القارئ على الناسخ والمنسوخ ، ص ١٣١ ؛ محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٣١ ؛ بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ، ص ٢٥٤. وقوله تعالى : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقاً حَسَناً) ، النحل : ٦٧ ، فقد دلّت بعض الروايات على أنّها منسوخة ، واعتبرها الفيض الكاشاني من باب نسخ السكوت. انظر : محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٦٥. وقوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ، البقرة : ٨٣ ، التي قال قتادة إنها منسوخة بآيات السيف ، انظر : محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣١٩.

(٢) آل عمران : ١٠٢.

(٣) التغابن : ١٦.

(٤) بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ١١.

(٥) محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٢٩. وقال الشيخ


يبدو غريباً للوهلة الأولى ؛ لأنّ الشرط في النسخ أن يكون مضمون الآيتين متنافياً. بالالتفات إلى أنّ الآية الأولى ـ بحكم العقل القطعي والبديهي ـ مقيّدة بالقدرة ، لا يكون هناك تناف بين الآيتين ، كي يمكن لنا أن ندّعي النسخ(١).

بيد أنّ هذا الإشكال غير صحيح(٢) ، ولتوضيح عدم صحّة هذا الاستدلال من المناسب أن نلاحظ هنا ثلاثة أمور ، وهي كالآتي :

المسألة الأولى : صحيح أنّ التكاليف بحكم العقل مقيّدة بالقدرة ، بيد أنّ القدرة التي يشترطها العقل في التكاليف هي القدرة العقلية ، وليست العرفية ؛ فالتكليف الذي يقترن امتثاله بالحرج والمشقّة التي لا تحتمل جائز عقلاً ، رغم أنّه غير مقدور عرفاً.

المسألة الثانية : لو ورد ذكر مفاهيم من قبيل : القدرة والاستطاعة في الأدلّة الشرعية ، فالظاهر منها القدرة العرفية ، ولذلك فإنّها لا تشمل موارد الحرج.

المسألة الثالثة : إنّ الأحكام الشرعية مقيّدة بعدم الحرج بأدلّة خاصّة دلّت على نفي الحرج ، من قبيل قوله تعالى : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ

__________________

الطبرسي رحمه‌الله : (وأنكر الجبائي نسخ هذه الآية ؛ لما فيه من إباحة بعض المعاصي) ، لم يتّضح مراد الجبائي من هذا الكلام. هذا وقد ذكر ابن عبّاس في مجمع البيان بوصفه من الذين قالوا بعدم نسخ الآية.

(١) ذكر هذا الإشكال في كتاب (التمهيد) على صورة إشكالين. انظر : محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٣٣٠.

(٢) ورد بيان عدم صوابية هذا الإشكال في (بحوث في تاريخ القرآن وعلومه) ، ص ٢٠٩ ، حيث إنّ أصل كلامه وأصل كلامنا واحد ، ولكن هناك بعض الفوارق بينهما في كيفية تقريب الكلام.


مِنْ حَرَج)(١) ، بيد أنّ هذا التقييد لا يرد في جميع الموارد ، فإذا كان الحكم من البداية ناظراً إلى حالة الحرج ـ من قبيل آيات الجهاد ـ فإنّ أدلّة نفي الحرج لا ترفع وذلك الحكم ، بعبارة أخرى : إذا كان الفرد الظاهر لدليل هو حالة الحرج ، حيث لا يصحّ إخراج الفرد الظاهر من الدليل ، فإنّ أدلّة نفي الحرج لا يمكنها أن تقيّد هذا الدليل ، وفيما يتعلّق بقوله تعالى : (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)(٢) يمكن اعتبار الفرد الظاهر للتقوى الإلهية بالشكل الذي يستحقّها المقام الربوبي صورة حرجية ، حيث تقترن بمشقّة كبيرة(٣) ؛ لذلك لا يمكن اعتبار مورد الحرج خارجاً عن مفاد هذه الآية ، وعليه فإنّ هذه الآية ستنافي قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(٤) قهراً.

علماً بأنّنا لسنا بصدد إثبات النسخ في هذه الآية(٥) ، وإنّما أقصى ما نريد قوله هو إنّ هذه الدعوى غير مُستبعدة ، ولا يمكن أن يكون هذا

__________________

(١) الحج : ٧٨.

(٢) آل عمران : ١٠٢.

(٣) جاء في (بحوث في تاريخ القرآن وعلومه) ، ص ١١٠ ، قوله : (إنّ تعبيرات من قبيل : "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ" ، و : "فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا" ناظرة بأجمعها إلى أمر يفوق المتعارف ، ولكن هل تشتمل هذه الآيات على ذمّ الفرد على عدم قيامه بالتكليف الذي فيه حرج عليه؟ ليس واضح تماماً.

(٤) التغابن: ١٦.

(٥) إذ أوّلاً : لم يثبت كون صورة الحرج هي الفرد الظاهر في مورد قوله تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ). وثانياً : يحتمل أن يكون قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) قرينة على أنّ الأمر في قوله تعالى (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) ليس أمراً إلزاميّاً شرعيّاً ، بل هو أمر استحبابي ، أو أمر إلزامي أخلاقي. وإذا كان هذا المعنى خلاف الظاهر البدويّ لهذه الآية ، لن يكون دليلاً على نسخ هذه الآية.


الإشكال دليلاً على عدم متانة تفسير النعماني.

والنقطة التي تستحقّ التأمّل ـ فيما يتعلّق ببحث النسخ في تفسير النعماني ـ هي أنّ هذا الكتاب قد ذكر آيتين بوصفهما من الآيات المنسوخة ، وهو أمر لم نشاهده في أيّ كتاب آخر ، وهاتان الآيتان هما :

أوّلاً : قوله تعالى : (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)(١) ، فقد ورد في تفسير النعماني أنّ المشار إليه في عبارة (وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) هو الرحمة ، أي : خلقهم للرحمة بهم. وقال : إنّ هذه الآية قد نسخت بقول الله تبارك وتعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إلاّ لِيَعْبُدُونِ)(٢)(٣) بيد أنّي لم ألحظ تنافياً بين هاتين الآيتين ـ حتّى على المستوى البدوي ـ كي يمكن الحديث عن النسخ ، فإذا كانت الغاية من خلق الجنّ والإنس عبادة الله تعالى فهل يكون ذلك منافياً لكونه قد خلق الناس رحمة بهم؟! وهل عبادة الحقّ تعالى تتنافى مع رحمته؟!

هذا وأنّ هذه الآية هي من سنخ الأخبار وليست بياناً للأحكام ، والنسخ إنّما يأتي في الأحكام دون الأخبار(٤).

__________________

(١) هود : ١١٨ ـ ١١٩.

(٢) الذاريات : ٥٦.

(٣) بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ١٠. ويحتمل أن يكون المراد في تفسير النعماني هو نسخ الآية في سورة الذاريات ، بالآية الواردة في سورة هود.

(٤) محمّد هادي معرفت ، التمهيد في علوم القرآن ، ج ٢ ، ص ٢٨٣. وقد روى الطبرسي في هامش تفسيره لقوله تعالى : (اِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى


والآية الثانية هي : (إنّ الذّيْنَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنّا الحُسْنى ... لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ)(١) ـ والتي مفادها الأخبار ـ قد ذكرها النعماني في تفسيره بأنّها نسخت بقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إلاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمَاً مَقْضِيّاً)(٢)(٣).

__________________

وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ، البقرة : ٦٢ ، عن ابن عبّاس أنّه قال بنسخ هذه الآية بقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) في سورة آل عمران ، الآية رقم : ٨٥. وأضاف قائلاً : (وهذا بعيد ؛ لأنّ النسخ لا يجوز أن يدخل الخبر الذي هو متضمّن للوعد ، وإنّما يجوز دخوله في الأحكام الشرعية التي يجوز تغيّرها وتبدّلها بتغيّر المصلحة) ، ثمّ قال : (فالأولى تفنيد هذه النسبة إلى ابن عبّاس). [وجدنا العبارة الأخيرة في الكتاب المتوفّر عندنا من مجمع البيان لعلوم القرآن ، كالآتي : (فالأولى أن يحمل على أنه لم يصحّ هذا القول عن ابنعباس) ، المعرّب].

إنّ أصل ما ذكره العلاّمة الطبرسي كلام صحيح ، بيد أنّ تطبيقه على هذا البحث لا يصحّ ؛ إذ يمكن اعتبار مضمون الآية مرتبطاً بالشريعة ، وذلك بأن نقول : إنّ الالتزام بالشرائع السابقة في بداية الأمر والعمل بها كان جائزاً ، ثمّ نُسخ هذا الحكم ، وإنّ الوعد في الآية إنّما يقتصر على أولئك الذين كانوا متمسّكين بالأديان السابقة بعد نزول الآية ، وقبل نزول الآية الثانية ، أمّا بعد نزول الآية الثانية فلا وجود لوعد في البين. وبطبيعة الحال فإنّنا لا نروم تصحيح دعوى النسخ ؛ لأنّ مضمون الآية الواردة في سورة البقرة لا يفيد تأييد الأديان السابقة ، وإنّما مرادها شيء آخر ذكرته كتب التفسير. وكلّ ما نريد قوله هنا هو إنّ ادّعاء النسخ في هذه الآية ليس مستغرباً.

(١) سورة الأنبياء : ١٠١ ـ ١٠٣.

(٢) سورة مريم : ٧١.

(٣) بحار الأنوار ج٩٣ / ص١١ ، يحتمل من عبارة تفسير النعماني أن يكون مرادها نسخ الآية الثانية مع الآية الأولى.


فإنّ هذه الآية التي تطرّقت للإخبار عن يوم القيامة لا يمكن لها أن تكون منسوخة ، وقد ذكر المفسّرون في تفسير الآية الثانية وجوهاً مختلفة بحيث عدّ بعضهم موضوع الآية في الكفّار خاصّة ، وفسّر بعضهم الآية بوجوه أخرى نستغني عن ذكرها في هذا المقال(١) ، ونحن نشير هنا إلى ما ذكرها أحد أولئك المفسّرين :

فقد ذهب أحد المفسّرين إلى أنّ كلمة الورود في الآية إنّما هي بمعنى الوصول إلى جهنّم ومشارفها لا الدخول بها(٢) ، ومنهم الزجّاج ، وقد عدّ آية (إنّ الذّيْنَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنّا الحُسْنى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُوْنَ) دليلا قاطعاً على هذا التفسير ، ولسنا هنا في صدد البحث عن مدى صحّة وسقم هذا الإستدلال(٣) وإنّ الفخر الرازي عدّ الآية دليلا على تفسير الورود بالدخول في جهنّم(٤) ، وعلى كلّ حال فإنّه يمكن أن يُستشعر نوع من التنافي بين مدلول تلك الآية مع الظهور البدوي لآية (وَإِنْ مِنْكُمْ إلاّ وَارِدُهَا) ، وربّما يكون مثل هذا الاستشعار ـ مع عدم التوجّه بشرائط النسخ ـ سبباً جعل النعماني يعدّ

__________________

(١) تفسير الطبري (تحقيق محمود شاكر) ، ج١٦ ص١٢٦ ـ ١٣٢ ، التفسير الكبير للفخر الرازي (منشورات محمّد علي بيضون) ج٢١ ، ص ٢٠٧ ـ ٢٠٩ مجمع البيان (أوفسيت طبعة مصر) ج٦ ، ص٥٠٤ ـ ٥٠٦ و ...

(٢) مجمع البيان ج٦ ، ص ٥٠٥.

(٣) إنّ الآية المذكورة لا تنفي دخول المؤمنين في النار فقط بل تبيّن أنّ المؤمنين مبعدون عن النار كذلك ، فإذا كان الورود في الآية الأخرى بمعنى الوصول فإنّها لا تتلائم مع معنى ابتعادهم عنها.

(٤) التفسير الكبير ، ٢١ / ٢٠٨.


الآية الأولى منسوخة في تفسيره.

خلاصة الكلام في هذا القسم هو أنّ توضيحات تفسير النعماني في شأن النسخ والآيات المنسوخة بالرغم من أنّها لا تخلو من فائدة إلاّ أنّها لا تخلو من التأمّل الذي يقلّل من شأن الكتاب ، خصوصاً إذا أردنا اعتباره متناً حديثيّاً.

وللبحث صلة ...


(طبقات الإجازات بالروايات)

إجازة آية الله السيّد حسن الصدر

لآية الله السيّد صدر الدين الصدر

والعلاّمة الشيخ محمّد باقر النجفي الإصفهاني

الشيخ ناصر الدين الأنصاري القمّي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أجازنا أن نحدّث بنعمته ونروي حديث علمه وقدرته ، والصلاة على خير الرواة من ربّ السماوات محمّد وآله الهداة ، ثمّ الرحمة والرضوان على حفظة الشريعة وقادة الشيعة.

هذه إجازة ثمينة لطيفة ـ وهى احدى الإجازات الطويلة ـ تحتوي على فوائد كثيرة كتبها الإمام العلاّمة آية الله السيّد حسن الصدر (١٢٧٢ ـ ١٣٥٤ هـ) لآية الله السيّد صدر الدين الصدر (١٢٩٩ ـ ١٣٧٣ هـ) والمحقّق الأديب الشيخ محمّد باقر النجفي الإصفهاني الشهير بـ : (أُلفت) (١٣٠١ ـ ١٣٨٤ هـ) ، وبما أنّها مشتملة على فوائد رجالية وتاريخية كثيرة ، قمت بتحقيقها والتعليق عليها وأقدّمها إلى روّاد العلم ، وقد سبق لي أن حقّقت إجازته الكبيرة للعلاّمة الشيخ


آقا بزرگ الطهراني وطبعت لأوّل مرّة مزيّنة بتعاليق الفقيه الرجالي آية الله السيّد موسى الشبيري الزنجاني ـ مشكوراً ـ والتي كتبها بطلب منّي.

والنسخة المعتمدة هي بخطّ المحقّق الفقيد الحجة السيّد أحمد الروضاتي ، المستنسخة من الأصل ـ بخطّ المؤلّف ـ والمطبوعة في كتابه نفحات الروضات(١).

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يتغمّد المجيز والمجازَيْن والمستنسخ والأعلام التي ذكرت أسماؤهم في هذه الإجازة برحمته الواسعة وأن تشملنا بركاتهم ، إنّه عليّ قدير.

المجيز :

العلاّمة السيّد حسن الصدر (١٢٧٢ ـ ١٣٥٤ هـ) :

شيخ المحدّثين آية الله العظمى السيّد حسن صدر الدين الموسوي الكاظمي.

ولد بمشهد الكاظمين في يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة (١٢٧٢ هـ) ، ونشأ وترعرع في كنف والده المقدّس آية الله السيّد هادي صدر الدين منشأً كريماً حبّذ له العلم وهيأ له أسبابه وقرأ على أعلام الكاظمية كالشيخ باقر آل يس والسيّد باقر الحيدري والشيخ أحمد العطّار والشيخ باقر السلماسي وتتلمذ على أبيه الفقه والأصول سطحاً.

__________________

(١) نفحات الروضات : ٣٩٥ ـ ٤٦٣.


الهجرة إلى النجف :

ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف في سنة (١٢٩٠ هـ) ، فأسحر الليل وأكبّ على التعلّم والتحصيل باذلاً أقصى جهده في أخذ العلم من كبار شيوخها ، فقرأ الفلسفة والكلام على الشيخ محمّد باقر الشكّي والشيخ محمّد تقي الگلپايگاني والشيخ عبد النبي النوري ، واستفاد علم الفقه وأصوله من الأعاظم والأكابر كالسيّد المجدّد الشيرازي والميرزا حبيب الله الرشتي والشيخ محمّد حسين الكاظمي والفاضل الإيرواني والحاج ملاّ علي الخليلي الطهراني والسيّد مهدي القزويني وغيرهم.

الهجرة إلى سامراء :

وفي سنة (١٢٩٧ هـ) ، هاجر إلى سامرّاء ـ حيث هاجر إليها الإمام المجدّد الشيرازي في سنة (١٢٩١ هـ) ـ للاستفادة الأكثر من الإمام الشيرازي ، بعد أن جاء إليها في سنة (١٢٩٢ هـ) وبقي بها سنة ونصف ولكنّه رجع إلى النجف ، وهذه المرّة الثانية الّتي التحق بحوزة الإمام المجدّد ، فعكف على دروسه ينتهل من نميره العذب ولا تفوته محاضراته العلمية إلى حين وفاته سنة (١٣١٢ هـ) وكان لاستاذه الإمام الشيرازي به عناية تامّة واهتمّ بشأنه كلّ الاهتمام ، لما كان يرى فيه من آثار التفوّق العلمي والمواصلة والمثابرة على الدراسة والتحصيل ، وكانت إقامة السيّد فيها سبع عشرة سنة ، ما جفّ فيها لبده ولا فاتته فيها نهزه ، وكان فيها تعقّب خطوات أستاذه الإمام وسائر


أساتذته الأعلام ، متتبّعاً أطوار الأبطال من أركان تلك الحوزة في سامرّاء ، مستقرئاً طرائق الماضين من أساطين الإمامية ، يتعرّف بذلك مداخل العلماء في التحقيق والتدقيق ومخارجهم ويتدبّر أساليبهم في النقض والإبرام واستنباط الأحكام ـ وكان بينه وبين الإمام العلاّمة الميرزا محمّد تقي الشيرازي مذاكرة ومناظرة في وقت خاصّ من كلّ يوم استمّرت اثنتي عشر سنة ، وما برح السيّد في سامراء مجدّاً مجتهداً يقظ الجنان ، نافذ الهمّة في العلم والعمل حتّى رجع منها إلى مسقط رأسه الكاظمية بعد وفاة أستاذه بعامين(١).

العودة إلى الكاظمية :

عاد إلى الكاظمية المقدّسة سنة (١٣١٤ هـ) وبقي فيها وكانت أوقاته منقسمة بين المحراب والمكتبة والكتابة والدرس والإرشاد ، وبعد سنتين من عودته (١٣١٦ هـ) فجع بوفاة والده وزادت مسؤليّاته الاجتماعية والدينية ، وبعد وفاة ابن عمّه العلاّمة السيّد إسماعيل الصدر في (١٣٣٨ هـ) رجع إليه في التقليد جماعة من أهل العراق وظهرت رسالته العلمية رؤوس المسائل المهمّة ، فأصبح بعد ذلك مرجعاً عظيماً قلّده الناس.

قال العلاّمة الطهراني عنه :

«رجع إلى الكاظمية فاشتغل بالتصنيف والتأليف في جميع العلوم

__________________

(١) مأخوذ من كلام السيّد عبد الحسين شرف الدين في بغية الراغبين ١/٣٠١.


الإسلامية من الفقه والأصول والرجال والدراية والحديث والنسب والتاريخ والسير والتراجم والأخلاق والحكمة والكلام والجدل والمناظرة والمناقب والدعاء وغيرها من فنون العلم. وكان طويل الباع ، واسع الاطلاع ، غزير المادّة في تمام هذه العلوم ، مستحضراً لأغلب مطالبها ، وهو من النادرين الذين جمعوا في التأليف بين الإكثار والتحقيق ، فتصانيفه على كثرتها وضخامة مجلّداتها وتعدّد أجزائها هي الغاية في بابها ، فقد كان ممعناً في تتبّع آثار المتقدّمين والمتأخّرين من الشيعة والسنّة ، موغلاً في البحث عن دخائلهم وممحّصاً لحقائقهم ومستجلياً ما في آثارهم من الغوامض ، ومستخرجاً المخبّآت بتحقيقات أنيقة وبيانات وشيقة ، فقد تجاوزت تصانيفه السبعين وكلّها نافعة جليلة وهامّة مفيدة».

تلامذته :

وتتلمذ عليه كلّ من الآيات : الشيخ آقا بزرگ الطهراني ، والشيخ عبّاس القمّي ، والشيخ محمّد علي الحايري القمّي ، والسيّد شهاب الدين المرعشي النجفي ، والشيخ مرتضى آل ياسين.

الراوون عنه :

ويروي عنه بالإجازة :

السيّد أبو الحسن الإصفهاني.


الشيخ محمّد كاظم الشيرازي.

الشيخ محمّد حسين الغروي الإصفهاني.

الشيخ راضي آل ياسين.

الشيخ محمّد رضا آل ياسين.

الشيخ محمّد علي الغروي الأردوبادي.

الشيخ آقا بزرگ الطهراني ، الذي أجازه بإجازة كبيرة في سنة (١٣٣٠ هـ) وأنا حقّقتها وطبعتها مذيّلة بتعليقات الفقيه العلاّمة السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، كتبها بالتماس منّي.

السيّد صدر الدين الصدر ـ وهي هذه التي بين يديك ـ مذيّلة بتعليقات الفقيه العلاّمة السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، كتبها بالتماس منّي.

الشيخ ميرزا محمّد الفيض القمّي.

الشيخ محمّد علي الحايري القمّي.

الشيخ عبّاس المحدّث القمّي.

الشيخ علي الزاهد القمّي.

السيّد محمّد هادي الميلاني.

الشيخ أبو المجد محمّد رضا النجفي الإصفهاني.

الشيخ مهدي النجفي الإصفهاني.

الشيخ محمّد باقر النجفي الإصفهاني.

السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي.

السيّد محمّد مرتضى الجنفوري الهندي.


السيّد علي نقي النقوي الهندي.

السيّد رضا الموسوي الهندي.

السيّد أبو الحسن النقوي الهندي.

السيّد شبير حسن الفيض آبادي الهندي.

السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي.

الشيخ حبيب المهاجر العاملي.

السيّد هبة الدين الشهرستاني.

السيّد ميرزا هادي الخراساني.

الشيخ هادي آل كاشف الغطاء.

الميرزا أبو عبد الله الزنجاني.

الميرزا فضل الله شيخ الإسلام الزنجاني.

الشيخ محمّد أمين صدر الإسلام الخوئي.

السيّد محمّد صادق بحر العلوم.

الشيخ حيدر قلي السردار الكابلي.

الشيخ محمّد السماوي النجفي.

مؤلفاته المطبوعة :

١ ـ تكملة أمل الآمل ـ وهي أشهر مؤلّفاته وقد طبع في ٦ مجلّدات بتحقيق المحقّق الأستاذ المرحوم حسين علي محفوظ ، وصديقي الأستاذ عبد


الكريم الدباغ ، وعدنان الدباغ.

٢ ـ تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام ، طبع بتحقيق الفاضل الشيخ محمّد جواد المحمودي (في مجلّدين).

٣ ـ الشيعة وفنون الإسلام ـ وقد ترجم إلى الفارسية مرّتين : من قبل الحجة المرحوم السيّد علي أكبر البرقعي القمي (باسم : شيعه يا پديد آورندگان فنون اسلامى) ومن قِبَل السيّد محمّد المختاري السبزواري (باسم : شيعه وپايه گذارى علوم اسلامى) وقد ترجم إلى الاردو من قبل السيّد محمّد كاظم الموسوي اللكهنوي الهندي.

٤ ـ نهاية الدراية ـ شرح وجيزة الشيخ البهائي في الدراية ـ طبع بتحقيق الأستاذ ماجد الغرباوي.

٥ ـ الإجازة الكبيرة ـ للشيخ آقا بزرگ الطهراني ـ طبعت بتحقيق الشيخ ناصر الدين الأنصاري.

٦ ـ الطبقات في الرواة ومشايخ الإجازات ـ إجازته للسيّد صدر الدين الصدر والشيخ محمّد باقر الإصفهاني وهي هذه الإجازة.

٧ ـ بغية الوعاة في طرق طبقات مشايخ الإجازات ـ طبع بتحقيق صديقي محمّد حسين النجفي.

٨ ـ بهجة النادي في أحوال أبي الحسن الهادي ـ طبع مرّتين : بتحقيق الشيخ محمّد حسين النجفي ، وبتحقيق صديقي عبد الكريم الدباغ.

٩ ـ فصل القضاء في الكتاب المشهور بفقه الرضا ـ طبع مرّتين :


بتحقيق الحجّة الشيخ رضا الأستادي ، وبتحقيق الحجة السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي.

١٠ ـ وفيات الأعلام من الشيعة الكرام ـ طبع بتحقيق الأستاذ كاظم ثامر الخفاجي.

١١ ـ عدد من خرج إلى حرب الحسين عليه‌السلام ـ طبع ثلاث مرّات : بتحقيق السيّد حسين وتوت ، وبتحقيق الشيخ حيدر مال الله وبتحقيق السيّد منتظر الحيدري.

١٢ ـ الغرر في نفي الضرار والضرر ـ طبع بتحقيق الشيخ مسلم الرضائي.

١٣ ـ تعارض الاستصحابين ـ طبع بتحقيق الشيخ مسلم الرضائي.

١٤ ـ تعليقة على خاتمة المستدرك ، للمحدّث النوري ، طبعت بتحقيق الشيخ ضياء علاء الكربلائي الخطيب.

١٥ ـ مصنّفات السيّد حسن الصدر ، طبعت بتحقيق الفاضل حسين هليب الشيباني.

١٦ ـ ذكر سلمان ، طبع بتحقيق علي عليزاده (في مجلة ميراث بهارستان ، ٢١).

١٧ ـ تبيين الرشاد في لبس السواد على الأئمّة الأمجاد ـ طبع بتحقيق الفاضل محسن الصادقي.

١٨ ـ نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ـ طبع مرّتين : بتحقيق


الحجّة الشيخ محمّد رضا الأنصاري القمّي ومرّة أخرى بتحقيق الأستاذ السيّد مهدي الرجائي.

١٩ ـ المسائل المهمّة ـ رسالة عملية.

٢٠ ـ المسائل النفيسة ـ رسالة عملية.

٢١ ـ رؤس المسائل المهمّة ـ رسالة عملية.

٢٢ ـ مختلف الرجال ـ طبع بالهند.

٢٣ ـ نكت الرجال ـ طبع بالهند.

٢٤ ـ سبيل الصالحين ونهج الصالحين في السير والسلوك ـ طبع بتبريز.

٢٥ ـ الغالية لأهل الأنظار العالية ـ طبع ببغداد.

٢٦ ـ عيون الرجال ـ طبع بلكهنو في (١٣٣١ هـ).

٢٧ ـ ذكرى ذوي النهى في حرمة حلق اللّحى ـ طبع ببغداد.

٢٨ ـ ذكرى المحسنين ـ في ترجمة السيّد محسن الأعرجي ـ طبع بتحقيق الفاضل عبد الكريم الدبّاغ وترجمه أحمد روزبهاني بالفارسية (باسم : ياد نيكان) وطبع ـ بطهران (مع حواشي مجتبى مقدّسي).

٢٩ ـ ردّ فتاوى الوهابيّين ـ طبع ببغداد ، وقد طبع اخيرا بتحقيق صديقي الشيخ أحمد محمّد رضا الحائري.

٣٠ ـ كشف الظنون عن خيانة المأمون ـ سيطبع بتحقيق الفاضل محسن الصادقي.


٣١ ـ شرح وسائل الشيعة ـ طبع بتحقيق الشيخ كاظم البغدادي (في ٦ مجلدات).

٣٢ ـ ارشاد المقلدين ، رسالة عملية بالفارسية ، طبعت سنة ١٣٣٨.

٣٣ ـ مجمع الإجازات ـ سيطبع من قبل العتبة المقدّسة العبّاسية.

٣٤ ـ انتخاب القريب من التقريب ، لابن حجر العسقلاني ـ طبع بتحقيق ثامر كاظم الخفاجي.

٣٥ ـ تعريف الجنان في حقوق الإخوان ـ طبع مرّتين : بتحقيق الشيخ محمّد جعفر الإسلامي (في مجلّة بساتين) وبتحقيق الشيخ هادي السامرّائي.

٣٦ ـ عمر وقول هجر ـ طبع بتحقيق الشيخ حيدر الوكيل.

٣٧ ـ البراهين الجليّة في ضلال ابن تيمية ، (وسوف يطبع بتحقيق مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ، فرع مشهد).

٣٧ ـ الدرر الموسوية طبع بتحقيق الشيخ علي جاسم شكارة الساعدي.

مؤلّفاته المخطوطة :

١ ـ إباحة الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر.

٢ ـ إبانة الصدور في موقوفة ابن أذينة المأثور.

٣ ـ الإبانة عن كتب الخزانة.

٤ ـ أحاديث الرجعة.

٥ ـ أحكام الشكوك.

٦ ـ إحياء النفوس بآداب ابن طاوس.


٧ ـ أخبار الغيبة.

٨ ـ الإخفات في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين.

٩ ـ بعض مسائل الوقف.

١٠ ـ البيان البديع في أنّ محمّداً هو ابن بزيع.

١١ ـ تبيين الإباحة في مشكوك ما لا يؤكل لحمه للمصلّين.

١٢ ـ تبيين مدارك السداد بين المتن والحواشي لنجاة العباد.

١٣ ـ تحصيل الفروع الدينية في فقه الإمامية.

١٤ ـ تحيّة أهل القبور بالمأثور.

١٥ ـ تطهير المياه.

١٦ ـ تعليقة على رسائل الشيخ الأنصاري.

١٧ ـ تعليقة على كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري.

١٨ ـ تعليقة على كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري.

١٩ ـ تعليقة على كتاب رسالة التقيّة للشيخ الأنصاري.

٢٠ ـ حدائق الوصول في بعض مسائل الأصول.

٢١ ـ حجّية الظن في أفعال الصلاة.

٢٢ ـ الحقائق في حديث خير الخلائق.

٢٣ ـ سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد.

٢٤ ـ هداية النجدين وتفصيل الجندين.

٢٥ ـ نهج السداد في حكم أراضي السواد.


٢٦ ـ مفتاح السعادة وملاذ العبادة.

٢٧ ـ محاسن الرسائل في معرفة الأوائل.

وغيرها من المخطوطات (المفهرسة في مقدّمة الإجازة الكبيرة بتحقيقي).

وفاته :

توفّي ببغداد عن عمر ناهز ٨٢ سنة ، قضى كلّه في خدمة الدين والمذهب ، في عصر الخميس الحادي عشر من شهر ربيع الأوّل سنة (١٣٥٤ هـ) ، وشيّع جثمانه الطاهر إلى الكاظمية المقدّسة تشييعاً منقطع النظير حضره أكثر من مائة ألف مشيّع من مختلف الطبقات ـ من العلماء والأفاضل ورئيس الوزراء والوزراء والأعيان والنوّاب ـ ودفن في مقبرة والده الواقعة في الصحن الكاظمي المقدّس ، وأقيمت له فواتح ـ حضرها جمع غفير ـ في إيران ولبنان وأكثر مدن العراق ، وابّنه الخطباء ورثاه الشعراء. رضوان الله عليه.

المجاز : آية الله السيّد صدر الدين الموسوي الصدر (١٢٩٩ ـ ١٣٧٣ هـ)

هو السيّد صدر الدين محمّد علي ابن السيّد إسماعيل بن صدر الدين محمّد بن صالح بن محمّد بن شرف الدين إبراهيم العاملي.

ولد يوم سابع عشر ذي القعدة (١٢٩٩ هـ) وترعرع تحت كنف والده


الجليل العلاّمة السيّد إسماعيل الصدر ، وهاجر إلى النجف الأشرف وتتلمذ على الأعلام ، منهم : الآخوند الخراساني والسيّد محمّد كاظم اليزدي والشيخ آقا رضا الهمداني والشيخ محمّد طه نجف والسيّد محمّد بحر العلوم وغيرهم. يغوص على دقائق المسائل الأصولية ، وغوامض الأحكام الفقهية ، حتّى عظم وقعه فى نفوس أساتذته ، وسطع فضله في أوساط النجف الأشرف ، ثمّ رجع إلى أبيه في كربلا وعكف على دروسه فقهاً وأصولاً ، ووقف نفسه على خدمته ليلاً ونهاراً ، حتّى أصبح من العلماء الأجلاّء ، وبعد وفاة والده في (١٣٣٨ هـ) ، هاجر إلى مشهد الرضا عليه‌السلام وصار من المراجع ، وبالغ في خدمة الدين وأهله ، وتعظيم شعائر الله ، وتربية روّاد العلم ، وهاجر إلى قم المقدّسة في سنة (١٣٤٩ هـ) بطلب الفقيه المؤسّس الشيخ عبد الكريم الحائري ، وشرع في التدريس والتأليف ، ونهض بأعباء المرجعية والزعامة الروحية للحوزة العلمية بعد وفاة آية الله الحائري مع زميله آية الله السيّد محمّد الحجّة الكوهكمري وزميله الآخر آية الله السيّد محمّد تقي الخوانساري ، فكان هؤلاء الثلاثة دعامة الحوزة وحصنها ، وقادتها وموجّهيها ، وقد عملو بإخلاص وتضحية ، فوزّعوا الأعمال والمسؤليّات والمهام والنفقات ، وهكذا حتّى حلّ قم الزعيم الديني الأكبر السيّد البروجردي ، فأجمع الكلّ على إناطة الأمور به وإيكالها إليه ، وبدأ المترجم له بتقديم مكان صلاته له ، وآثر الانزواء. وقد عرف بصفات ميّزته عن الكثيرين من معاصريه وليس ذلك غريباً عليه ، فبيته كريم ، وجدّه ووالده كلّهم على تلك الشاكلة ،


وكان فقيهاً متضلّعاً ، وأديباً بارعاً ، وورعاً تقيّاً ، وكان مخلصاً في أعماله وأقواله ، ولذلك كانت له مكانة سامية جدّاً في نفوس الجميع.

مؤلّفاته المطبوعة :

١ ـ مختصر تاريخ الإسلام.

٢ ـ رسالة الحقوق.

٣ ـ خلاصة الفصول.

٤ ـ المهدي عليه‌السلام.

٥ ـ رسالة في الطلاق.

٦ ـ سفينة النجاة.

٧ ـ مناسك الحجّ.

٨ ـ منتخب المسائل.

٩ ـ الحاشية على العروة الوثقى.

١٠ ـ الحاشية على وسيلة النجاة.

١١ ـ مقدّمة كبيرة على (المراجعات).

١٢ ـ مقالات عديدة في مجلّة (العرفإنّ).

ومؤلفاته المخطوطة :

١ ـ رسالة في حقوق المرأة في الإسلام.


٢ ـ الحاشية على كفاية الأصول.

٣ ـ لواء الحمد ـ في أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله).

٤ ـ مدينة العلم ـ في أخبار أهل البيت عليهم‌السلام.

٥ ـ رسالة في : إثباة عدم تحريف الكتاب.

٦ ـ رسالة في : ردّ شبهات الوهابية.

٧ ـ رسالة في : أصول الدين.

٨ ـ رسالة في : حكم ماء الغسالة.

٩ ـ رسالة في : مناسك الحجّ.

١٠ ـ منظومة في العلوم.

وفاته :

انتقل إلى رحمة الله يوم ١٩ ربيع الثاني سنة (١٣٧٣ هـ) ، فخسر به الإسلام أحد رجاله ، والعلم أحد أبطاله ، وكان يومه مشهوداً في قم ، فقد بكته طبقات الناس ، وصلّى عليه السيّد البروجردي وخلفه الألوف من أهل العلم والتقوى ، ودفن في بقعة العلماء في جوار حرم السيدة المعصومة ، بجوار قبر المؤسّس الحائري ، وأقيمت له الفواتح في مدن إيران والعراق وسوريا ولبنان ، ورثاه كثير من الشعراء بالفارسية والعربية (منهم : والدي الحجّة الشيخ محمّد علي الأنصاري المطبوع في ديوانه). وخلّف ولدين عالمين جليلين : الحجّة السيّد رضا الصدر (١٣٣٩ ـ ١٤١٤ هـ) صاحب المؤلّفات الكثيرة ،


والحجّة الزعيم اللبناني المفقود السيّد موسى الصدر (١٣٤٧ هـ ـ؟) ـ رحمهما الله.

والمجاز الآخر المحقّق الشيخ محمّد باقر النجفي الإصفهاني ، الشهير بـ : (الفت) (١٣٠١ ـ ١٣٨٤ هـ) :

هو الفاضل الأديب والمؤرّخ الشيخ محمّد باقر ابن العلاّمة الزعيم الشيخ محمّد تقي آقا نجفي الإصفهاني ابن العلاّمة الشيخ محمّد باقر ، ابن العلاّمة الفقيه الكبير الشيخ محمّد تقي النجفي الإصفهاني صاحب هداية المسترشدين.

ولد ليلة الجمعة الثاني من شهر جمادى الاخرى سنة (١٣٠١ هـ) وهاجر في شبابه إلى النجف الأشرف وحضر على أعلامها كـ : الآخوند الخراساني وشيخ الشريعة الإصفهاني والشيخ محمّد باقر الإصطهباناتي ، ورجع إلى مسقط رأسه إصفهان في سنة (١٣٢٨ هـ) ودخل في مجالي العلم والأدب والسياسة ، وألّف كتباً عديدة ، منها :

١ ـ نفحات الروضات ـ تلخيص لروضات الجنّات.

٢ ـ أبواب الروضات ـ فهرس روضات الجنّات.

٣ ـ نسب نامه : ترجمة أجداده بالفارسية.

٤ ـ ديوان شعره بالفارسية.

٥ ـ دانش نامه ـ منتخب من أشعار شعراء إصفهان.


٦ ـ جريدة (آفتاب).

٧ ـ مجمع الإجازات ومنبع الإفادات.

٨ ـ كشف الحجب عن أسامي الكتب.

وفاته :

توفّي قدس‌سره صباح الأربعاء السادس والعشرين من ربيع المولود سنة (١٣٨٤ هـ) بإصفهان ، ودفن بجوار والده ، وخلّف ولده الفاضل الشيخ بهاء الدين النجفي (١٣٢٢ ـ ١٤٠٢ هـ) ـ رحمه الله ـ

وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربّ العالمين




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أجازنا أحسن الجوائز بيُمنه وكرمه ، وعلّمنا نقل حديث وحدته وأبديّته ، ورواية أحاديث قدسه وأزليّته ، وألهمنا صحاح براهين علمه وقدرته ، وعرّفنا أخبار عدله وحكمته ، والصلاة على أشرف البريّات ، وخير الرواة لأخبار السموات ، محمّد وآله الهداة ، مصابيح الظلمات في المفصّلات والمعضلات ، بالرواية عنهم تتفاضل الدرجات ، وتتنوّع الروايات ، فالصحيح ما صحّ عنهم ، والحسن ما حسن بهم ، والمرفوع ما اتصل بهم ، والمقبول ما أُسند عنهم ، والموثّق من وثق بهم ، والمعلّق ما لم يتصل بهم ، والموقوف ما وقف على غيرهم ، والمقطوع من انقطع عنهم ، والمجهول من جهلهم ، والمنكر من أنكرهم ، فهم أبواب العلم وخزنة الوحي ورواة الدين ، وحفظة الشرع المبين ، والرحمة والرضوان على نَقَلَة آثارهم ، المعنعنة عنهم عن جدّهم الصادق الأمين ؛ وبرواية ذلك فضل الراوي لحديثهم على سبعين ألف عابد ، وحباه الله أجر الصائم المجاهد ، وبرواية علومهم ينفون العلماء عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين.

أمّا بعد : فلمّا كان الاتصال بحَمَلَةِ أخبار الأئمّة الهادين ونَقَلَةِ آثارهم في الدّين من أفضل ما تصرف إليه همم العلماء خلفاً عن سلف ، وخصوصاً أهل البيت والشرف ، ومن حلّوا منه بأعلى الغُرَف ، سئلانى النّوران المنيران الفاضلان الكاملان ، البرّان التقيّان العالمان العاملان ، سَميّا جدّيهما الحجّتين


الآيتين : السيّد صدر الدين(١) ، ابن سيّدنا حجّة الإسلام السيّد إسماعيل ، ابن السيّد الحجّة آية الله في العالمين السيّد صدر الدين ، والشيخ محمّد باقر(٢) ، ابن الشيخ حجّة الإسلام الشيخ محمّد تقي الشهير بآقا نجفي ، ابن الحجّة آية الله في العالمين شيخ الطائفة الشيخ محمّد باقر الإصفهاني ، أدام الله تعالى توفيقهما للعلم والعمل فأجزتُهما بروايتي ودرايتي اجازةً يتّصل بها طريقها إلى طبقات الشيوخ والمصنّفين في كلّ العلوم ، وخصوصاً علماء أرباب الطبقات الثانية ، أهل المائة الثالثة عشر ، والثانية عشر ، والحادية عشر ، والعاشرة ، والتاسعة ، والثامنة ، والسابعة ، والسادسة ، والخامسة ، المتأخرين عن الشيخ الطوسي في الطبقة ، لأنّ طبقته هي الطبقة الأولى من طبقات المتقدّمين من أهل الكتب والأصول في الحديث من أصحابنا المتقدّمين ، وأنّهم لا يبلغون تسعمائة ، والذين يتكرّرون في الأسانيد ، غالباً لا يبلغون مائتين ، كما ترى غالباً في الطبقة الأولى : الشيخ المفيد ، والحسين بن عبيد

__________________

(١) هو المرجع الديني آية الله السيّد محمّد علي صدر الدين الموسوي الصدر (١٢٩٩ ـ ١٣٧١ هـ) من علماء قم ومراجع الفتيا وزعماء الحوزة العلمية بعد وفاة زعيمها الشيخ عبد الكريم الحائري قدس‌سره. له من الكتب : (تلخيص الفصول ، المهدي ، مختصر تاريخ الإسلام ورسالة الحقوق ، الحاشية على العروة الوثقى) وخلّف ولدين عالمين : آية الله السيّد رضا الصدر والزعيم المفقود السيّد موسى الصدر.

(٢) هو الفاضل الحجّة الشيخ محمّد باقر بن الشيخ محمّد تقي بن الشيخ محمّد باقر بن الشيخ محمّد تقي الإصفهاني صاحب الحاشية على المعالم ، (١٣٠١ ـ ١٣٨٤ هـ) من فضلاء اصفهان ومن تلامذة الآخوند الخراساني. له : (أبواب الروضات ، ديوان شعر ، نسب نامه ، وسائل رستگارى ، دانش نامه ، مجمع الإجازات ومجلة آفتاب).


الله بن إبراهيم الغضائري ، وابن أبي جيد القمّي ، وأحمد بن عبدون ، وأحمد ابن محمّد بن موسى الأهوازي ، والحسن بن أحمد بن القاسم بن محمّد بن أبي طالب ، وإن كان مشايخ الشيخ أكثر من ذلك.

وفي الثانية : أبا القاسم جعفر بن قولويه ، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، وأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، والصدوق أبو جعفر بن بابويه ، وأبو العبّاس بن عُقدة(١) الحافظ ، ومحمّد بن أحمد بن داود القمّي.

وفي الثالثة : شيخنا المتقدّم محمّد بن يعقوب الكليني ، ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، وعلي بن الحسين بن بابويه ، وموسى(٢) بن المتوكّل ، وأبو جعفر محمّد بن قولويه ، والتلّعُكبري(٣) ، وغيرهم من مشايخ الصدوق.

وفي الرابعة : أحمد بن يحيى العطّار(٤) ، وأحمد بن إدريس ، ومحمّد ابن إسماعيل البندقي راوية الفضل بن شاذان ، وسعد بن عبد الله ، وعلي بن إبراهيم ، وغيرهم من مشايخ الكليني ، ومحمّد بن الحسن الصفّار ، وعبد الله ابن جعفر الحميري ، وعلي بن فضّال(٥) ونحوهم.

__________________

(١) أبا العبّاس بن عقدة ، هو في طبقة الكليني ، بل الظاهر أنّه اكبر من الكليني ويروي عنه الكليني وإن تأخّر وفاته عن الكليني بنحو من ثلاث سنين (الشبيري)

(٢) الصواب : محمّد بن موسى بن المتوكّل. (الشبيري)

(٣) التلعكبري هو في طبقة الصدوق ، فهو من الطبقة الثانية ، وتوفّي سنة (٣٨٥ هـ) ؛ فهو غير متقدّم طبقة على ابن قولويه المتوفّى (٣٦٨ أو ٣٦٩ هـ) وابن داود المتوفّى (٣٦٨ هـ) والصدوق المتوفّى ٣٨١ (الشبيري)

(٤) الصواب : محمّد بن يحيى العطّار. (الشبيري)

(٥) علي بن فضّال ، من الطبقة الخامسة ، ومعاصر لابن عيسى وأحمد البرقي. (الشبيري)


وفي الخامسة : أحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، والحسين بن الحسن بن أبان ، ويعقوب بن يزيد الكاتب ، ومحمّد بن علي بن محبوب ، وأيّوب بن نوح ، وإبراهيم بن هاشم ، ومحمّد ابن عبد الجبار.

وفي السادسة : الحسين بن سعيد ، وأخوه الحسن ، وعلي بن مهزيار ، وعبد العزيز بن المهتدي ، وموسى بن القاسم ، والحسن بن علي بن فضّال(١) ، والحسن بن علي الوشّا(٢) ، وعلي بن الحكم ، وعبد الرحمن بن أبي نجران ، والحسين بن علي بن يقطين ، والعبّاس بن معروف ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، والهيثم بن مسروق(٣) ، وسهل بن زياد(٤).

وفي السابعة : محمّد بن أبي عمير ، ويونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، والنضر بن سويد ، وفضالة بن أيّوب ، وعلي

__________________

(١) الحسن بن علي بن فضّال في طبقة البزنطي والحسن بن محبوب. (الشبيري)

(٢) عن الوشّاء قال : «أنّي أدركت في هذا المسجد تسعمأة شيخ ، كلّ يقول : حدّثني جعفر بن محمّد» ، فعليه هو من الطبقة السابعة وكذا علي بن الحكم ؛ فإنّ عمدة مشايخه الذين يكثر النقل عنهم من مشايخ الطبقة السابعة الذين يكثر نقل هؤلاء عنهم ، نظير : أبان بن عثمان والحسين بن أبي البلاد والحسين بن عثمان وسيف بن عميرة وصفوان الجمّال ومالك بن عطية وعبد الله بن بكير وعبد الله بن يحيى الكابلي والعلاء بن رزين وعلي بن أبي حمزة ومثنّى الحنّاط ومعاوية بن وهب وموسى بن بكير وهشام بن سالم وأبي ايّوب الخرّاز وأبي المغراء. (الشبيري).

(٣) الصواب : بن أبي مسروق. بزيادة (أبي). (الشبيري)

(٤) سهل بن زياد ، هو في طبقة إبراهيم بن هاشم وابن عيسى. (الشبيري)


ابن يقطين(١) ، ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع ، وعلي بن جعفر ، وحمّاد بن عيسى ، ومحمّد بن سنان ، وعثمان بن عيسى.

وفي الثامنة : جميل بن دَرّاج ، وحمّاد بن عثمان النّاب ، وأبان بن عثمان ، وعبد الله بن مُسكان ، وهشام بن سالم ، وعبد الله بن سِنان ، وعبد الرحمن بن الحجّاج ، وعلي بن حمزة البطائني ، والعلاء بن رزين ، وعلي بن رئاب ، وأبي ولاّد الحنّاط ، والقاسم بن عروة ، ومعاوية بن عمّار ، وإسحاق ابن عمّار ، وأبو أيّوب الخزّاز(٢) ، وسيف بن عميرة ، وزيد الشحّام ، وحفص ابن البَختري ، وابن أبي زياد السكوني ، وعبيد بن زرارة ، وعمّار الساباطي.

وفي التاسعة : زرارة بن أعين ، وأخوته ، ومحمّد بن مسلم الطائي ، وأبو بصير يحيى بن القاسم ، وأبو بصير ليث بن البختري ، والفضيل بن يسار.

وفي العاشرة : أبو حمزة الثمالي ، وأبو خالد الكابلي ، وطلحة بن يزيد(٣) ، وغيرهم ممّن يروي عن الباقر عليه‌السلام وعلي بن الحسين عليه‌السلام.

__________________

(١) علي بن يقطين ، روى عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، وعلى ما ذكره الشيخ والنجاشي ولد سنة اربع وعشرين ومأة ومات سنة اثنتين وثمانين ومأة وعلى ما ذكره الكشّي مات سنة ثمانين ومأة. وعلى التقديرين هو من الطبقة الثامنة ، بل عدّ حمّاد بن عيسى في هذه الطبقة أنسب من عدّه في الطبقة السابعة (الشبيري).

(٢) الصواب : الخرّاز ، بالمهملة بعد المعجمة. (الشبيري)

(٣) طلحة بن زيد الذي صحّف هنا وفي بعض المواضع بـ : (ابن يزيد) ، من الطبقة التاسعة بل من صغارها ، فقد روى عن زرارة بن أعين في (التدوين ٢/٤٢٣) ، ولم


وربما علا الإسناد ، فيروي الشيخ عن الصادق عليه‌السلام بستّ وسائط أو خمس ، والكليني بثلاثة.

وأصحاب الطبقات المتأخّرة عن الشيخ من تلامذته إلى علماء عصرنا لايحصون كثرة ، وطبقاتهم ثمانية :

الاولى : أهل عصرنا.

الثانية : أهل عصر الآقا المحقّق البهبهاني.

الثالثة : أهل عصر العلاّمة المجلسي صاحب البحار.

الرابعة : أهل عصر شيخنا البهائي.

الخامسة : أهل عصر الشهيد الثاني.

السادسة : أهل عصر الشهيد الأوّل.

السابعة : أهل عصر العلاّمة الحلّي.

الثامنة : أهل عصر المحقّق صاحب الشرايع ، منه إلى الشيخ أبي علي ابن الشيخ الطوسي ؛ وسأذكر منهم ما به الكفاية لأهل الدراية ، وقد منّ الله تعالى عليّ بالرواية عن جلّ تلك الطبقات. وأجزتُ لهما دام تأييدهما الرواية عنّي عن كلّ تلك الرّواة من أرباب الطبقات عن الأئمّة الهداة.

وبعد ذلك سئلاني أدام الله تأييدهما أن أكتب لهما ما أجزت لهما ممّا

__________________

يكن له رواية عن زين العابدين عليه‌السلام ، ولا يوجد له رواية عن الباقر عليه‌السلام في الكتب الأربعة ، وإنّما عدّه الشيخ في (رجاله) من أصحاب الباقر والصادق عليهما‌السلام ، واقتصر النجاشي في (فهرسته) على روايته عن أبي عبد الله عليه‌السلام (الشبيري).


صحّ لي روايته عن مشايخي رضوان الله تعالى عليهم ، وأن أرتّب طريق ذلك ليسهل عليهما الحفظ والإسناد.

[الطبقة الاولى]

فأقول ـ وبالله جلّ جلاله التوفيق والتسديد ـ : إنّي أروي عن عدّة من الشيوخ من أرباب الطبقة الأولى من طبقات المتأخّرين ، وهم أهلُ عصرنا ومن يروون عنه من مشايخهم ؛ مثل : رئيسهم شيخنا العلاّمة المرتضى الأنصاري ومعاصريه ، ومن يروي عنهم ممّن في طبقة شيوخه ، اخترتهم من بين أساتيدي الذين أدركتُهم وأخذت سائر العلوم عنهم لشدّة ممارستهم بالحديث والرواية وتضلّعهم في الرجال والدراية من بين العلوم الإسلامية ، فاتّصلتُ بهم وحصّلتُ من الطّرق أزكاها وأعلاها وأوثقها وأنا ذاكرهم على ترتيب أزمان الإستجازة منهم : [الشيخ ملاّ على الخليلي الرازي النجفي]

أوّلهم : الشيخ الفقيه الرّبانّي ومن لم يكن له في عصره ثاني ، أزهد أهل زمانه وأورع أقرانه ، جمال السالكين ، وشيخ الفقهاء والمحدّثين ، المولى الوليّ الحاج ملاّ علي الرازي النجفي(١) المتوفّى في شهر صفر سنة ألف ومأتين وسبعة وتسعين (١٢٩٧ هـ) في النجف الأشرف ، ودفن في وادي

__________________

(١) هو من أعاظم تلامذة الشيخ صاحب (الجواهر) وصاحب (الفصول) وشريف العلماء صاحب الكتب الجليلة النافعة. منها : (خزائن الأحكام في شرح تلخيص المرام ، سبيل الهداية في علم الدراية وغصون الأريكة الغروية في الأصول الفقهية). أنظر : الإجازة الكبيرة ، ص٦٣ ـ ٦٥.


السّلام. وسمعت منه قبل وفاته بأيّام قلائل أنّه بلغ من العمر السبعين ، قال : أظُنُّ أنّي أموت في هذه السَّنَة وكان كما قال. أجازني في مسجد السّهلة سادس ربيع الثاني سنة ست وتسعين بعد المأتين والألف (١٢٩٦ هـ) وأنا يومئذ إبن أربع وعشرين سنة لتولّدي في تاسع وعشرين شهر رمضان المبارك يوم الجمعة عند الزوال سنة ألف ومأتين واثنتين وسبعين (١٢٧٢ هـ) أجازني قدس‌سره عن عدّة من مشايخه :

أوّلهم : شيخه وشيخ الطائفة ، أستاده في الفقه الشيخ محمّد حسن صاحب جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام المتوفّى في غرّة شعبان سنة ستّ وستّين بعد المائتين والألف (١٢٦٦ هـ) في النجف الأشرف بطرقه الآتية.

[الشيخ عبد العلي الرشتي]

وعن الشيخ الفقيه التقي النقي شارح الشرايع(١) الشيخ عبد العلي الرشتي الأصل النجفي الموطن والمدفن بطرقه الآتية.

[الشيخ جواد ملاّ كتاب]

وعن الشيخ العلاّمة المتبحّر ، الشيخ الفقيه العماد ، الشيخ جواد ملاّ

__________________

(١) قال المؤلّف في (الإجازة الكبيرة) : «وعندي من مصنّفاته الجليلة المجلّد الأوّل من (منهاج الأحكام) في شرح (شرائع الاسلام) بخطّه الشريف وقلمه اللطيف. فرغ منه في سنة (١٢٢٥ هـ) ، وقد كتب شيخ الطائفة الشيخ جعفر صاحب (كشف الغطاء) والسيّد صاحب (الرياض) إجازة له في ظهره» ونقل هاتين الإجازتين في (الفوائد الرضوية ص٢٣٦) ، وله أيضاً الرواية بالإجازة عن السيّد الإمام بحر العلوم ، ودفن في حجرة السيّد صدر الدين العاملي في الصحن الشريف العلوي عليه‌السلام.


كتاب شارح اللمعتين في عشر مجلّدات إلى كتاب النكاح بطرقه الآتية.

وعن الشيخ العالم العامل التقي الزاهد الرفيع العماد ، الشيخ رضا(١) ابن الشيخ زين العابدين بن بهاء الدين المدفون بـ : (مدراس الهند) بطرقه الآتية. وكان للشيخ رضا المذكور شرح على شرايع الإسلام ورسالة في الفتوى ؛ وكان له ابن فاضل يعرف بالشيخ جواد. مات الشيخ رضا سنة تولّدي(٢).

وعن شيخ الطائفة ، آية الله في العالمين الشيخ مرتضى الأنصاري ابن الأمين الدسفولي(٣) المتولّد سنة إحدى عشر بعد المائتين والألف (١٢١١ هـ)(٤) وانتقل إلى جوار رحمة الله ليلة السبت الثامنة عشر من جمادى الأخرى سنة إحدى وثمانين بعد المائتين والألف (١٢٨١ هـ) بطرقه الآتية.

[طرق صاحب الجواهر]

فأنا أروي عنه قدس‌سره عن شيخه صاحب جواهر الكلام ، عن شيخ الطائفة الشيخ جعفر ابن الشيخ الجليل الشيخ خضر الجناجي من [عشيرة] آل علي المنتهين في النسب إلى مالك الأشتر النخعي. توفّي الشيخ كاشف الغطاء(٥)

__________________

(١) كان الشيخ رضا ابن الشيخ زين العابدين ابن الشيخ بهاء الدين العاملي ، صهر السيّد جواد العاملي ، وهو سبط السيّد صاحب (مفتاح الكرامة).

(٢) سنة (١٢٧٢ هـ).

(٣) الدزفولي (خ ل).

(٤) والصحيح: (١٢١٤ هـ) يوم عيد الغدير. (الشبيري)

(٥) صاحب الموسوعة الفقهية المشهورة : (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء) ، وشرح (القواعد للعلاّمة). وأبو أسرة كاشف الغطاء العلمية الكبيرة الباقية إلى اليوم في النجف الأشرف.


في سنة ثمان وعشرين بعد المائتين والألف (١٢٢٨ هـ).

وعن شيخه السيّد جواد(١) ، الرفيع العماد الراسي الأوتاد ، الماجد الأجداد ، صاحب مفتاح الكرامة ، ابن السيّد محمّد العاملي الشقرائي الحسيني ، المتوطّن في النجف الأشرف ، المتوفّى قبل شيخ الطائفة صاحب كشف الغطاء بسنتين (١٢٢٦ هـ) ، عن شيخيهما الإمامين العلمين : الأستاد الأكبر العلاّمة البهبهاني محمّد باقر بن محمّد أكمل ، مروّج الطريقة في المائة الثالثة عشر ، تولّد سنة ستّة عشر بعد المائة والألف (١١١٦ هـ) وتوفّي في كربلا سنة ستّ بعد المائتين والألف (١٢٠٦ هـ) ، والسيّد العلاّمة الطباطبائي المهدي بحر العلوم ، تولّد في كربلاء ليلة الجمعة في شهر شوّال سنة خمس وخمسين بعد المائة والألف (١١٥٥ هـ) ، وكان والده السيّد الفقيه السيّد مرتضى قد رأى في المنام كأنّ محمّد بن إسماعيل بن بزيع قد جاءَ دارَ السيّد وأشعل شمعة فوق سطح الدار فتولّد له السيّد آية الله في العالمين ، صاحب الكرامات الباهرات ، والمراقبات الصادقات ، والعلوم الخفيّات ، لا يسع المقام شرحها. توفّي سنة (١٢١٢ هـ) اثني عشر بعد المائتين والألف في النجف الأشرف ، وهو صاحب القبّة الخضراء في المسجد الطوسي ، بطرقهما الآتية وأسانيدهما المشروحة إن شاء الله قريباً.

__________________

(١) من تلامذة الوحيد البهبهاني والسيّد مهدي بحر العلوم والسيّد علي صاحب (الرياض) وله أيضاً : شرح طهارة الوافي من تقريرات بحث أستاذه بحر العلوم على نهج تفسير مجمع البيان فيه تحقيقات رجالية وإفادات بديعية في شرح متون الأخبار.


[طرق الشيخ عبد العلي الرشتي]

وأجازني روايته الثانية عنه عن الشيخ عبد العلي المتقدّم ذكره ، عن السيّد المهدي بحر العلوم المتقدّم ذكره وعن العالم الرباني الشيخ أبي علي محمّد بن إسماعيل الرجالي الحائري صاحب منتهى المقال في علم الرجال ، تولّد سنة تسع وخمسين ومائة بعد الألف (١١٥٩ هـ) وتوفّي في كربلاء سنة خمسة عشر ومائتين [بعد الألف] ، (١٢١٥ هـ) ، عن أستاذهما الوحيد البهبهاني بطرقه الآتية.

وكان المولى الحاج ملاّ علي قدس‌سره يغالي في هذا الطريق(١) لأنّه أعلى طرقه.

[طرق الشيخ جواد ملاّ كتاب]

وأجازني روايته الثالثة عنه ، عن الشيخ الفقيه الشيخ جواد ملاّ كتاب ، عن السيّد جواد صاحب مفتاح الكرامة ، عن مشايخه الثلاثة : الوحيد البهبهاني والسيّد بحر العلوم والسيّد الأجل السيّد مير علي ابن السيّد محمّد علي الطباطبائي صاحب الرياض ـ وكانت اُمّه بنت المولى محمّد أكمل ـ فالأستاد الأكبر المحقّق البهبهاني خاله وجدّ ولديه السيّدين السندين : السيّد المجاهد(٢) محمّد بن علي صاحب المفاتيح والمسالك في أصول الفقه ،

__________________

(١) يقول المؤلف في اجازته للعلاّمة الطهراني : «كان الحاج ملاّ علي يعظّم هذا الطريق جدّاً ، ويقول : رزقنا عالياً والحمد لله ؛ لأنّه يروي عن السيّد بحر العلوم بلا واسطة». (الإجازة الكبيرة : ٧٥)

(٢) من تلامذة السيّد بحر العلوم ـ وكان صهره على بنته ـ ووالده العلاّمة. له غير


والسيّد الرباني ومن ليس له في عصره ثاني السيّد مهدي(١) ـ كان تولّد صاحب الرياض في الثاني عشر من ربيع المولود سنة إحدى وستّين ومائة بعد الألف (١١٦١ هـ) وتوفّي في الحائر سنة إحدى وثلاثين ومائتين بعد الألف (١٢٣١ هـ) ودفن مع خاله الأستاد الأكبر في الرواق مما يلي أقدام الشهداء ـ عن خاله(٢) المعظّم والأستاد الأعلم بطرقه الآتية إن شاء الله.

[طرق الشيخ رضا بن زين العابدين]

وأجازني روايته الرابعة عنه ، عن : الشيخ الفقيه الشيخ رضا بن زين العابدين المتقدّم ذكره ، عن عدّة من مشايخه.

[العلاّمة السيّد عبد الله الشبّر]

منهم : السيّد المتبحّر ، العلاّمة في الحديث ، المكثر في التصنيف ، السيّد عبد الله(٣) ابن السيّد العلاّمة السيّد محمّد رضا شبّر الحلّي الأصل ،

__________________

المفاتيح والمناهل والمسالك : المصباح الباهر في نبوّة نبيّنا الطاهر وعمدة المقال في أحوال الرجال والوسائل إلى النجاة وإصلاح العمل. توفّي ليلة السبت (٢٤ع ٢ ـ سنة ١٢٤٢ هـ).

(١) هو سبط الوحيد البهبهاني ، وأمره في فقهه وورعه وزهده أشهر من أن يذكر وهو أستاذ الشيخ الأنصاري. له : رسالة في حجّية الكتاب ورسالة في المشترك ورسالة في أصالة البرائة. توفّي سنة (١٢٦٠ هـ).

(٢) الوحيد البهبهاني الآقا محمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني ، مجدّد الفقاهة ومؤسّس الاجتهاد في رأس القرن الثالث عشر.

(٣) راجع ترجمته المفصّله : الإجازة الكبيرة (للمؤلّف) ص٨٣ ـ ٨٩. وهو صاحب : (مصابيح الكلام في شرح مفاتيح شرائع الإسلام ، جامع المعارف والأحكام ، مصابيح


النجفي المولد ، الكاظميّ الموطن والمنشاء والمدفن ، كان السيّد ممن انتهت إليه رياسة الشيعة ببغداد ، حدّثني بجملة من كراماته وعجائب أحواله شيخ عصره شيخنا الشيخ محمّد حسن آل يس ، وقد ترجمه تلميذه الشيخ عبد النبي الكاظمي في كتابه تكملة الرجال على كتاب نقد الرجال وعدّد كتبه ومصنّفاته وقد رأيت الكثير منها ، توفّي سنة (١٢٤٣ هـ) ثلاث(١) واربعين بعد المائتين والألف في شهر رجب ، عن أبيه السيّد العالم العامل السيّد رضا شبّر(٢) ، وعن السيّد المحقّق المؤسّس المتقن السيّد محسن(٣) بن الحسن الأعرجي صاحب المحصول والوافي والوسائل وعن شيخ الطائفة الشيخ

__________________

الأنوار ، تفسير القرآن والأخلاق وشرح نهج البلاغة وشرح الزيارة الجامعة وشرح خطبة الزهراء) ، ومن تلامذة : الشيخ عبد النبي الكاظمي والشيخ محمّد جعفر الدجيلي والشيخ أحمد البلاغي والشيخ حسين بن محفوظ العاملي والسيّد هاشم الأعرجي والشيخ مهدي ابن الشيخ أسد الله التستري وغيرهم.

(١) الصحيح : الثاني. (الشبيري)

(٢) كان من علماء عصره وفقهائه الأعلام. له : (تفسير القرآن) ، ولا يبعد ان يكون من تلامذة السيّد مهدي بحر العلوم. مات حدود (١٢٣٠ هـ) ودفن في رواق الكاظمين عليهما‌السلام على يمين الداخل للرواق من جهة القبلة ودفن معه بعده ولده السيّد عبد الله الشبّر.

(٣) المولود حدود (١١٣٠ هـ) والمتوفّى : (١٢٢٧ هـ). له : (المعتصم في أصول الفقه ، والغرر والدرر في الفقه ، وشرح أوائل الاستبصار ومعاملات الكفاية والوافي والعدّة في الرجال). توفّي سنة (١٢٢٧ هـ) ودفن بمقبرته المعروفة قرب مسجده بالكاظمية. أولاده كلّهم من العلماء وهم : السيّد كاظم ، السيّد حسن ، السيّد محمّد والسيّد علي.


جعفر(١) ابن الشيخ خضر صاحب كشف الغطاء [عن] والشيخ أحمد(٢) بنزين الدين الأحسائي الذي تنسب إليه الفرقة المُحْدِثة المعروفة بالشيخية وعن الشيخ المتبحّر الشيخ أسد الله ابن الحاج إسماعيل الدزفولي المتوطّن في أواخر عمره في بلد الكاظمين ، صاحب المقابيس وأبو النواميس ، وقد رأيت إجازته للسيّد عبد الله شبّر بخطّه قد أثنى فيها على السيّد عبد الله ثناءً عظيماً ووصفه بأوصاف المتبحّرين في العلوم والمحقّقين في الفروع والأصول ، وبالجملة وَصَفه بما يوصَف به العلاّمة آية الله جمال الدين الحلّي ، ومن هنا أنا عرفت فضل السيّد عبد الله لأنّي مع كثرة ما رأيتُ من مؤلّفاته لم أر فيها تحقيقاً ولا نظراً دقيقاً ، لكن حال الشيخ أسد الله صاحب المقابيس(٣) معلوم من حيث التحقيق والتدقيق والتقوى والورع فلا يظنّ به المجازفة بل هو

__________________

(١) هو الإمام العلاّمة الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، المولود (١١٥٦ هـ) والمتوفّى سنة (١٢٢٨ هـ). تتلمذ على أبيه والسيّد صادق الفحّام والشيخ الوحيد البهبهاني والشيخ محمّد مهدي الفتوني والشيخ محمّد تقي الدورقي. من آثاره : (كشف الغطاء عن خفيّات مبهمات الشريعة الغرّاء ـ وهو أمر عظيم الّفه في السفر ولم يكن معه غير القواعد للعلاّمة ـ ومشكاة المصابيح ، وغاية المأمول في علم الأصول ، وبغية الطالب ، والحقّ المبين في تصويب المجتهدين ، ومنهج الرشاد لمن أراد السداد في الردّ على الوهابيين) وغير ذلك.

(٢) المولود (١١٦٦ هـ) والمتوفّى سنة (١٢٤١ هـ). من تلاميذ الوحيد البهبهاني والميرزا مهدي الشهرستاني وصاحب (الرياض) والشيخ جعفر كاشف الغطاء. صاحب : (شرح الزيارة الجامعة ، وشرح التبصرة للعلاّمة ، وشرح المشاعر لصدر المتألهين ، والرسائل الخاقانية) ودفن بعد وفاته في البقيع الغرقد مقابل بيت الأحزان.

(٣) الصحيح: المقابس. (الشبيري)


القول الفصل ، جميعاً ، عن عدّة من المشايخ العظام الآتي ذكرهم منهم : السيّد الشريف بحر العلوم المهدي ، عن الأستاد الأكبر المولى محمّد باقر بن محمّد أكمل بطرقه الآتية.

وأجازني قدس‌سره بروايته الخامسة عنه ، عن شيخنا العلاّمة المرتضى الأنصاري ناصر الملّة والدين بالعلم والورع والزهد والعبادة حتّى صار يضرب به المثل ، وقد تقدّم تاريخ تولّده ووفاته ، عن العالم الفقيه والفاضل النبيه المولى أحمد(١) ابن العلاّمة المهدي النيراقي(٢) الكاشاني المتوفّى سنة (١٢٤٥ هـ) ألف ومأتين وخمس وأربعين ، عن السيّد العلاّمة السيّد بحر العلوم المهدي ، وعن أبيه المولى الجليل المهدي(٣) بن أبي ذر الكاشاني النراقي صاحب اللوامع وجامع السعادات المتوفّى سنة (١٢٠٩ هـ) تسع ومأتين بعد الألف ، عن مشايخهما العظام الآتي إلى ذكرهم الإشارة ، أعظمهم الأستاد الأكبر الآقا محمّد باقر بن محمّد أكمل بطرقه الآتية إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) هو صاحب كتب كثيرة في علوم شتّى كوالده العلاّمة. منها: (مناهج الأصول ومستند الشيعة ومعراج السعادة ومفتاح الأحكام وعوائد الأيام والخزائن وسيف الأمة (في الردّ على الفادري النصراني) وأساس الأحكام في شرح شرايع الإسلام) توفّي بالوباء ليلة الأحد (٢٣ع٢/١٢٤٥ هـ) ودفن عند والده في الصحن الشريف العلوى عليه‌السلام.

(٢) الصحيح : النراقي. (الشبيري)

(٣) المولى مهدي النراقي ، صاحب كتب كثيرة في الفقه والأصول والكلام والأخلاق ، كـ : معتمد الشيعة ، تجريد الأصول ، أنيس الموحّدين ، أنيس التجّار ، مشكلات العلوم ، جامع السعادات ، محرّق القلوب ، وهو من تلامذة الوحيد البهبهاني والمولى إسماعيل الخاجوئي ووالد العلاّمة الكبير المولى أحمد النراقي.


حيلولة : وعن شيخنا العلاّمة المرتضى الأنصاري ، عن أستاده السيّد العلاّمة ، آية الله في العالمين ، السيّد صدر الدين الموسوي العاملي الإصفهاني(١) عمّ أبي وشقيق جدّي السيّد محمّد علي وأكبر منه بثلاث سنين ـ تولّد في قلعة (شدغيث) قرب «معركة» من بلاد (بشارة) من جبل عامل سنة (١١٩٣ هـ) ثلاث وتسعين ومائة بعد الألف ، وارتحل به أهله وهو ابن سبع سنين إلى العراق لمّا أرسل أبوه عليهم من العراق ، وهو السيّد الإمام العلاّمة صاحب الكرامة ، الشريف المعظّم ، السيّد صالح ابن السيّد العلاّمة المتبحّر السيّد شرف الدين محمّد الموسوي صهر الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي صاحب الوسائل والراوي لها عنه بلا واسطة كما ستعرف.

[سبب انتقال السيّد صالح الموسوي إلى العراق]

وسبب ذلك أنّ الطاغية أحمد الجزّار والي (عكّا) لمّا ملك بلاد الشامات وعادى أهل الجبل لنصبه وشدّة عداوته ، وقتل خيار المؤمنين بعد أن عذّبهم بأنواع العذاب ، ولم يمكنه الفتك بالسيّد الجدّ ـ السيّد صالح ـ علانية فاغتاله بالحيلة ، أرسل في الليل جماعة فجاء واحد منهم إلى باب الدار واختفى الباقون خلف الجدار وطرق الباب وقال : سائل يسئل عن مسئلة شرعية ابتلى بها الليلة ، فأرسل السيّد المعظّم إبنه السيّد أبو البركات ، وكان من

__________________

(١) المتولّد في سنة (١١٩٣ هـ) والمتوفّى (١٢٦٤ هـ). صاحب الكتب التالية: المجال في علم الرجال، مستطرفات المسائل، شرح مقبولة عمر بن حنظلة، التعليقة على نقد الرجال ومنتهى المقال، شرح تهذيب المنطق وغيرها. انظر ترجمته: الإجازة الكبيرة: ص٥٨ ـ ٦١.


أهل الفقه والاجتهاد ، فلم يرجع إلى أبيه ، فلمّا طال بأبيه الإنتظار نزل لتعرّف حال ابنه ، قبضوا عليه أيضاً واخذوه إلى أحمد الجزّار. قال السيّد : فقتلوا السيّد أبو البركات بمحضري وأدخلوني إلى الجبّ وهو حبس شبه البئر مُظلِم لا يتميز للمحبوس فيه الليل من النهار ، فلمّا طال مكث السيّد المعظّم فيه ، قال : فضاق صدري من جهة عدم تمييز أوقات الصلوات فقلتُ لمن معي وكانوا قبلي في الحبس : إنّي أدعو الله تعالى ربي بدعاء الطائر الرومي وانتم آمِّنوا على دعائي يفرّج لنا الله تعالى ، قال : فلمّا دعوت الله جلّ جلاله بألفاظ ذلك الدعاء إنشقّ الجبّ وخرجت أنا وستّة معي وتوجّهت من حيث يخفى إلى العراق ، ولمّا وصلتها أرسلت على الأهل والأولاد فجائوني جميعاً مع بنت الشيخ امّهم الستّ المعظّمة ، وهي بنت الشيخ علي ابن الشيخ محي الدين ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني ، وهذا سبب انتقالنا إلى العراق.

وقرأ السيّد العلاّمة السيّد صدر الدين على أبيه العلاّمة وعلى السيّد المحقّق بحر العلوم وعلى السيّد المحقّق السيّد محسن صاحب المحصول وعلى السيّد مير سيّد علي صاحب الرياض وأجازوه ، وبرع في العلوم ، وله حكايات ونوادر مع العامّة ليس هذا موضع ذكرها. صنّف في الفقه(١)

__________________

(١) اسمه : (مستطرفات المسائل). وهو في الفروع الفقهية التي لم يتعرّض لها أحد من الفقهاء (الإجازة الكبيرة (للمؤلّف) : ٦٥.


والرجال(١) والفروع والأصول وهاجر إلى إصفهان وأقام بها حتّى رأى في المنام أمير المؤمنين عليه‌السلام يطلبه للضيافة في حضرته في صفر ، ففهم منه قرب الرحيل وأمر أن يتوجّه به إلى الغري وأنّه في ضيافة أمير المؤمنين عليه‌السلام في أوّل يوم من صفر ، فتوجّه إلى النجف وتوفّي في أوّل ليلة من صفر سنة (١٢٦٣ هـ) ثلاث وستين ومائتين بعد الألف(٢).

[مشايخ السيّد صدر الدين]

وهو يروي عن عدّة من شيوخ الطائفة :

أوّلهم وأجلّهم : آية الله تعالى السيّد الشريف الطباطبائي الشهير بـ : (بحر العلوم).

وثانيهم : السيّد المحقّق المقدّس البغدادي ، السيّد محسن الأعرجي.

وثالثهم : شيخ الطائفة كاشف الغطاء أبو بعض أزواجه وجدّ جملة من أولاده.

ورابعهم : السيّد العلاّمة المير سيّد علي صاحب الرياض ، وكان شديد الوثوق به وبفهمه وعلمه ، وكان يرجّحه على المحقّق القمّي ، ويبالغ في تعظيمه ، وحكم باجتهاده وفراغه قبل أن يكمل له سبعة عشر سنة ، وكان الشيخ المحقّق المعروف بالتأسيس في الأصول شريف العلماء أحد تلامذته ،

__________________

(١) اسمه : (المجال في علم الرجال ، والتعليقة على منتهى المقال ، والتعليقة على نقد الرجال).

(٢) في الإجازة (ص٦٠) : (١٢٦٤ هـ).


ومنه تعلّم التحقيق والتشقيق الذي لم يتّفق في العلماء له شقيق ولا رفيق.

وخامسهم : والده المعظّم(١) ، شيخ الشيوخ والمعظّم في الحكمة الإلهية والطبّ والكلام والحديث والفقه.

وسادسهم : السيّد الرباني الميرزا مهدي الشهرستاني الحائري المتوفّى سنة (١٢١٦ هـ) ست عشر ومائتين والف هجرية ، جميعا عن جماعة من الشيوخ الجلّة يأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى.

[مشايخ الوحيد البهبهاني]

منهم : الأستاد الأكبر المحقّق البهبهاني ، رئيس الطبقة الثانية من طبقات المتاخّرين وهم ما بين المائة الثانية عشر والثالثة عشر ، تولّد سنة (١١١٦ هـ) وتوفّي سنة (١٢٠٦ هـ) قدس‌سره(٢) ، عن والده الأفضل المولى محمّد أكمل صهر المولى نور الدين ابن المولى محمّد صالح المازندراني ، وامّ الآغا نور الدين المذكور بنت التقي المجلسي ، ولذا يعبّر المولى الآقا باقر(٣) ابن المولى محمّد أكمل عن التّقي المجلسي بالجدّ ، وعن ابنه العلاّمة صاحب البحار بالخال ، عن مشايخه الأعاظم الأفاخم : المحقّق الملقّب بالمدقّق الذي ليس له ثاني محمّد بن الحسن الشيرواني(٤) صاحب الحاشية على معالم الأصول وشارح

__________________

(١) وهو السيّد صالح ابن السيّد محمّد ـ صهر صاحب (الوسائل) ـ ابن العلاّمة السيّد زين العابدين ابن العلاّمة السيّد نور الدين أخي السيّد محمّد صاحب (المدارك).

(٢) في (مرآة الأحوال) : خمس ومأتين ، وهو الأظهر. (الشبيري)

(٣) أي : الوحيد البهبهاني.

(٤) المولود : (١٠٣٣ هـ) والمتوفّى : يوم الجمعة ٢٩ شهر رمضان (١٠٩٨ هـ) والمدفون


التهذيب للشيخ الطوسي في الحديث ، والمحقّق جمال الدين(١) ابن العلاّمة آقا حسين بن جمال الدين الخوانساري ، والفقيه الشيخ جعفر القاضي(٢) ، ومولانا محمّد شفيع الاسترآبادي(٣) ، والحجّة الشيخ محمّد باقر العلاّمة المجلسي جميعا ، عن المولى المروّج المحدّث التقي والد العلاّمة المجلسي ، عن الشيخ الأفضل محمّد بهاء الدين ابن الشيخ العلاّمة الوحيد الحسين بن عبد الصمد العاملي ، عن شيخه جدّنا الأمّي(٤) الشيخ زين الدين الشهيد الثاني قدس‌سره.

حيلولة : وعن آية الله بحر العلوم ، عن السيّد المحقق السيّد حسين القزويني صاحب معارج الأحكام وغيره ، عن والده الفقيه الميرزا إبراهيم ابن العلاّمة الأمير محمّد معصوم الحسيني القزويني المتوفّى سنة خمس وأربعين ومائة بعد الألف (١١٤٥ هـ) وكان قد ناهز الثمانين ، عن عدّة من الشيوخ :

__________________

في سرداب مدرسة ملاّ جعفر بقرب روضة الإمام الرضا عليه‌السلام ، وهو صهر المجلسي الأوّل ورزق منها العالم الجليل الملاّ حيدر علي وهو صهر المجلسي الثاني.

(١) المتوفّى : ٢٦ شهر رمضان (١١٢٥ هـ) والمدفون في قبرستان (تخت فولاذ) بإصفهان وعلى قبره قبّة عظيمة. صاحب (شرح غرر الحكم والحاشية على شرح اللمعة وترجمة كلام الله المجيد والصحيفة السجادية).

(٢) المتوفّى سنة (١١١٥ هـ) والمدفون بقرب قبر العلاّمة الحلّي في الحرم المقدّس العلوي عليه‌السلام.

(٣) وأمّه بنت المولى محمّد تقي المجلسي ، وهو صاحب (شرح مبسوط على قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين عليه‌السلام).

(٤) أمّ السيّد صدر الدين السّتّ بنت الشيخ علي ابن الشيخ يحيى ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.


[مشايخ الميرزا إبراهيم القزويني]

أوّلهم : العلاّمة صاحب بحار الأنوار.

وثانيهم : جمال الدين الخوانساري المتوفّى في شهر الله المبارك سنة خمس وثلثين ومائة بعد الألف (١١٣٥ هـ) ، عن والد أستاد الكلّ في الكلّ المحقّق آغا حسين الخوانساري.

وثالثهم : الشيخ جعفر القاضي ، عن المولى التقي المجلسي بطرقه المتقدّمة والآتية ، عن الشهيد الثاني.

حيلولة : وعن السيّد حسين القزويني المذكور ، عن السيّد الشهيد الحائري السيّد نصر الله بن الحسين الموسوي المعروف بـ : (ابن قطّة) وكان يوم شهادته بـ«قسطنطنية» قد تجاوز الخمسين سنة ، وكان من نَصَرة الدين ، والمجتهد في إعلاء حقّية مذهب الإمامية بالقلم والبيان ، لا نظير له في المناظرة مع أهل الخلاف.

[قصّة مؤتمر النجف]

ولمّا كانت سنة ستّ وخمسين ومائة وألف (١١٥٦ هـ) جاء نادر شاه إلى نحو العراق بجحافل متواترة وجنود متوفّرة عدد الرمل والحصى ، وبثّ سراياه وعساكره في تلك الأراضي وأبقى لحصار (بغداد) نحو سبعين ألف ، وأرسل لحصار (البصرة) نحو تسعين ألف ، وتوجّه هو مع باقي عسكره إلى (شهر زور) فأطاعه أهلها وكذلك عشائر الأكراد والأعراب ، ثمّ توجّه إلى قلعة (كركوك) فحاصرها ثمانية أيام ضرب عليها في هذه المدّة عشرين ألف طوب


ومثلها قنابر حتّى سلّموا وأطاعوه ، ثمّ توجّه إلى (إربل) فسلّم أهلها وأطاعوه ، ثمّ توجّه إلى (الموصل) وكان معه من العسكر نحو مائتي ألف مقاتل ، وفي ظرف سبعة أيام رمى عليهم نحو اربعين ألف طوب ومثلها قنابر ، ثمّ حفر لغوماً وملأها باروداً ورصاصاً وأشعلها بالنار حتّى ملكها ، ثمّ ارتحل منها وتوجّه بعسكره إلى (بغداد) ، فجاء ونزل في قصبة (الكاظمين) ، وأرسل إلى أحمد باشا والي بغداد أنّ قصدي الإقرار منكم بصحّة مذهب الشيعة والتصديق بانّه مذهب جعفر بن محمّد الصادق ، ثمّ توجّه إلى (النجف) لزيارة أمير المؤمنين وليرى القبة التي أمر بأن تبنى بالذهب ، فلمّا ورد (كربلا) واجتمع بالسيّد نصر الله المدرّس أحبّه وقرّبه وأخذه معه إلى النجف ، وعقد مجلساً للعلماء في رواق الحرم المطهّر يوم الأربعاء لأربع وعشرين خلون من شوّال ، وكان معه جماعة من علماء إيران وعلماء الأفغان وعلماء ما وراء النهر ، وطلب حضور عالم بغداد فأرسل أحمد باشا عبد الله أفندي بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين العبّاسي البغدادي الشهير بـ : (السويدي) ، وكان المجلس مشتملاً على نحو سبعين من علماء إيران الشيعة ، منهم : المولى علي أكبر الملاّ باشي(١) والآقا حسين مفتي ركاب(٢) والملاّ محمّد اللاهيجاني

__________________

(١) هو المولى علي أكبر الطالقاني الخراساني الشهيد (١١٦٠ هـ). كان هو والميرزا مهدي الاسترآبادي والميرزا أبو القاسم الكاشي هم الشخصيات الأولى في إيران كلّها في زمن نادر شاه (الكواكب المنتشرة/٧٥٤) وهو ملاّ باشي (وهذا اللقب أوّل المناصب الروحية في الدولة الصفوية) نادر. انظر : الكواكب ٤٩٦ ـ ٤٩٩.

(٢) هو الآقا حسين الخاتون آبادي بن آقا إبراهيم الشريف المشهدي ـ شيخ الإسلام في


والآقا شريف(١) مفتي المشهد الرضوي والميرزا برهان قاضي شيروان والشيخ حسين ـ الفقيه بأردبيل ـ والميرزا أبي الفضل القمّي والحاج صادق الجامي والسيّد محمّد مهدي الإصفهاني ـ إمام الجمعة بها ـ والحاج محمّد زكي الكرمانشاهي(٢) والحاج الهمامي ـ فقيه شيراز ـ والميرزا أسد الله التبريزي والملاّ طالب ـ فقيه مازندران ـ(٣) والملاّ محمّد مهدي ـ نائب الصدارة بمشهد الرضا ـ والملاّ محمّد صادق ـ فقيه خلخال ـ والمولى محمّد مؤمن الاسترآبادي والسيّد محمّد نقي ـ الفقيه بقزوين ـ والملاّ محمّد حسين السبزواري والسيّد بهاء الدين الكرماني.

ومن علماء العراق جماعة ، منهم : السيّد نصر الله المدرّس الحائري(٤)

__________________

عسكر نادر شاه ـ الشهيد (١١٥٩ هـ). له رسالة في معنى اللطف ورسالة تحريم الجمعة ، وهو ثالث الموقّعين خوفاً من نادر شاه على وثيقة مؤتمر النجف في ٢٤ شوال (١١٥٦ هـ). انظر : الكواكب المنتشرة ، ص١٩٦ ـ ١٩٧. الإجازة الكبيرة (الجزايري) ، ص١٣٢ ، تتميم الأمل ، ص١٢٨ ـ ١٢٩.

(١) هو محمّد شريف المشهدي الخادم بن آقا بديع. من تلامذة المولى رفيع الگيلاني ، وكان شيخ الإسلام ورئيس العلماء في المشهد. انظر : الكواكب المنتشرة ص٣٤١ ، تتميم الأمل ، ص١٧٨.

(٢) هو الحاج محمّد زكي الكرمانشاهي ، القاضي الشهيد (١١٥٩ هـ) ، له (الردّ على نجاسة غير الإمامي). كان شيخ الإسلام بكرمانشاه ولحسن وعظه اهتدى به خلق كثير لما في عظمته من التأثير. انظر : الكواكب المنتشرة ص٢٩٠ ـ ٢٩١ ، الإجازة الكبيرة (الجزايري) ص١٤٠.

(٣) هو محمّد طالب المازندراني بن محمّد حسين الأمير كلائي ولعلّه من تلاميذ المولى محمّد السراب التنكابني. انظر : الكواكب المنتشرة ص٣٩٤.

(٤) هو نصر الله بن الحسين الموسوي المدرّس الشهيد قبل سنة (١١٦٨ هـ). وله اليد الطولى


والشيخ جواد النجفي(١) الكوفي وغيرهم من العلماء.

وكان من علماء الأفغان الأعاظم سبعة : الملاّ حمزة القلنجاني الحنفي ـ مفتي افغان ـ والملاّ أمين القلنجاني ابن الملاّ سليمان ـ قاضي افغان ـ والملاّ دنيا الحنفي الخلفي والملاّ طه الأفغاني ـ المدرّس بـ : (نادرآباد) ـ الحنفي والملاّ نور محمّد الأفغاني القلنجاني الحنفي والملاّ عبد الرزاق الأفغاني القلنجائي الحنفي والملاّ إدريس الأفغاني الأبدالي الحنفي.

ومن علماء ما وراء النهر أيضاً سبعة : مقدّمهم العلاّمة هادي خواجه الملقّب بـ : (بحر العلم) بن علاء الدين البخاري القاضي بـ : (بخارى) الحنفي ، والثاني مير عبد الله صدور البخاري الحنفي والثالث قلندر خواجه البخاري الحنفي والرابع ملاّ أميد صدور البخاري الحنفي والخامس پادشاه مير خواجه البخاري الحنفي والسادس ميرزا خواجه البخاري الحنفي والسابع الملاّ إبراهيم البخاري الحنفي ، واتّفقوا على رفع السبّ عن الخلفاء ، وقاموا

__________________

في التاريخ والمقطّعات وكان مرضيّاً مقبولاً عند المخالف والمؤالف وفضائله كثيرة لا يسع المقام نقل تمامها. له: (النفحة القدسية وحرمة التتن وكتاب الإجازات والروضات الزاهرات وسلاسل الذهب). انظر: الكواكب المنتشرة ص٧٧٥ ـ ٧٧٨. الإجازة (الجزائري) ص٨٣.

(١) هو ابن شرف الدين العاملي النجفي ، المتوفّى حدود (١١٦٦ هـ) ، من ذرّية الشهيد الأوّل. وله التقريظ على القصيدة الكرّارية لمحمّد شريف بن فلاح الكاظمي ووصف هناك بـ : «العالم الربّاني والمحقّق الثاني المحدّث الفقيه الأصولي اللغوي النحوي العروضي الشيخ جواد بن شرف الدين النجفي». انظر : الكواكب المنتشرة ص١٥٢ ـ ١٥٣.


وتصافحوا وكتبوا جريدة طولها أكثر من سبعة أشبار ، فيها ما قرّروه وألتزموه ، ووضع كلٌّ خاتَمه تحت اسمه ، وكان الغرض إصلاح ذات البين وإطفاء الفتنة وحقن دماء المسلمين ، وصلّوا الجمعة جميعاً في مسجد الكوفة والإمام فيهم السيّد نصر الله الحائري ، وخطب وصَلّى على النبي (صلى الله عليه وآله) ثمّ قال : وعلى الخليفة الأوّل من بعده على التحقيق أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه وعلى الخليفة الثاني الناطق بالصدق والصواب سيّدنا عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه لكنّه كسر الراء من عمر إشارة إلى أنّه لا عدل فيه ولا معرفة ، ثمّ قال : وعلى الخليفة الثالث جامع القرآن عثمان بن عفّان رضي‌الله‌عنه وعلى الخليفة الرابع ليث بني غالب ، سيّدنا علي بن أبي طالب ، وعلى ولديه : الحسن والحسين وعلى باقي الصحابة والقرابة (رضوان الله عليهم أجمعين) إلى آخر الخطبة.

قال عبد الله أفندي السويدي عند نقله للخطبة في رحلته : «لكنّه كسر الراء من عمر مع أنّ الخطيب إمام في العربية لكنّه قصد دسيسة لا يهتدي إليها إلاّ الفحول وهي أنّ منع صرف (عمر) إنّما كان للعدل والمعرفة ، فصرفه هذا الخبيث قصداً إلى أنّه لا عدل فيه ولا معرفة قاتله الله من خطيب وأخزاه ومحقه وأذلّه في دنياه وعقباه». انتهى

[قصّة شهادة السيّد نصر الله الحائري]

أقول : ثمّ إنّ الشاه النادر أرسل السيّد نصر الله بعد هذا المجلس إلى الحرمين مكّة والمدينة ليواجه علمائها وشرفائها وحمل معه هدايا وتحف ،


وبعد ما أوصلها ورجع من طريق البصرة أرسل إليه نادر شاه يأمره بالرواح إلى السلطان محمود بن السلطان مصطفى ومعه نسخة الجريدة حتّى يتمّ ما أراده من الاتّحاد ويملك بذلك كل ممالك العثمانية وغيرها من بلاد أهل السنة والجماعة ، فكتب عبد الله أفندي السويدي الحاضر في مجلس الصلح إلى من يخبر السلطان بنصب السيّد نصر الله وأنّه صاحب الخطبة يوم الجمعة في المسجد بالكوفة وكسرة راء (عمر) وبيّن دسيسة الشاه نادر ، فلمّا ورد السيّد نصر الله إسلامبول رتّبوا عليه أشياء كفرّية وشهدوا عليه بها ، فقتل رضوان الله عليه.

يروي ، عن الشيخ المحدّث الربّاني المولى أبو الحسن الشريف الفتوني النباطي الإصفهاني الغروي المتوفّى في أواخر عشر الأربعين بعد المائة والألف (١١٤٠ هـ) ، وعندي له رسالة بخطّه الشريف في الرضاع ، اختار فيها عموم المنزلة ، وله : رسالة في عدم انفعال ماء القليل ، لكنّه صاحب مرآة الأنوار(١) في التفسير في ثلاث مجلّدات إلى أواسط البقرة الجلد الأوّل منه في أنواع علوم القرآن خير من إتقان الجلال السيوطي ، والى هذا الشيخ ينتسب الشيخ صاحب الجواهر من قبل الامّهات لأنّ أمّ والدة الشيخ باقر(٢) آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت الشريف المذكور.

يروي الشيخ أبو الحسن الشريف عن جماعة منهم : [الأول]

__________________

(١) طبع هذا الكتاب بتحقيق رشيق من قبل (مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث). في ثلاث مجلّدات.

(٢) وهو أبو صاحب (الجواهر) ـ الشيخ محمّد حسن النجفي ابن الشيخ باقر ـ


[طرق الشيخ أبو الحسن الشريف]

العلاّمة المجلسي صاحب البحار بطرقه المتقدّم إليها الإشارة والآتية مفصّلا إلى الشهيد الثاني ، و [الثاني] عن خاله المير محمّد صالح الخاتون آبادي ولذلك لقب بـ : (الشريف) وهذا المولى المير محمّد صالح كان صهر العلاّمة المجلسي توفي رحمه‌الله سنة ستّة عشر ومائة وألف (١١١٦ هـ) ، عن العلاّمة المجلسي والشيخ علي السبط جدّنا الأمّي باسنادهما الآتي إليه الإشارة عن قريب إن شاء الله تعالى.

وعن [الثالث] الشيخ عبد الواحد بن محمّد البوراني ، عن الشيخ صفي الدين ، عن والده الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي مؤلّف مجمع البحرين ، عن الشيخين الأكرمين : السيّد شرف الدين علي الحسني الحسيني الشولستاني والشيخ محمّد بن جابر ، عن والده الشيخ جابر بن عبّاس النجفي صاحب المؤلّفات ، عن الشيخ عبد النبي شارح تهذيب الأصول ، عن عمّنا(١) السيّد محمّد صاحب المدارك ، عن الشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي وغيره ، عن الشيخ الشهيد الثاني.

حيلولة : وعن السيّد آية الله بحر العلوم والسيّد صاحب الرياض والسيّد الميرزا مهدي الشهرستاني ، عن الشيخ الفقيه المحدّث الشيخ يوسف

__________________

(١) آل صدر الدين وآل شرف الدين من أحفاد السيّد نور الدين علي بن علي بن الحسين ، المشتهر بابن أبي الحسن الموسوي العاملي المتوفّى (١٠٦٨ هـ) فالشيخ حسن بن الشهيد الثاني خال آل صدر الدين والسيّد محمّد صاحب (المدارك) عمّ آل صدر الدين.


البحراني صاحب الحدائق المتولّد سنة (١١٠٧ هـ) الف ومأة وسبعة والمتوفّى في كربلا ١٤ ربيع المولود سنة (١١٨٦ هـ) الف ومائة وستّة وثمانين المدفون في الرواق المطهّر(١) ، عن شيخه ملاّ محمّد(٢) بن فرج الله المعروف بـ : (ملاّ رفيعا) ، عن شيخه العلاّمة محمّد باقر المجلسي وآقا جمال الدين محمّد بن المحقّق آقا حسين بن جمال الدين الخوانساري ، عن العلاّمة التقي مولانا محمّد تقي المجلسي ، عن الشيخ البهائي ، عن أبيه الشيخ حسين عن جدّنا(٣) الشهيد الثاني.

وعن الشيخ يوسف المذكور ، عن السيّد عبد الله بن علوي البلادي ، عن جماعة : منهم : الشيخ أحمد بن إبراهيم الدرّازي ، أبو الشيخ يوسف المذكور ،

ومنهم : الشيخ المحدّث عبد الله بن صالح السماهيجي البحراني جامع الصحيفة العلوية ومنية الممارسين في أجوبة الشيخ ياسين وهو أحسن مصنّفاته ، كان أخباريّاً صلباً ، يروي عن جماعة : منهم : شيخه ، بل شيخ الطائفة ، الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله بن علي بن حسن بن أحمد بن عمّار بن يوسف البحراني الستراوي أصلاً ، الماحوزي الدوسنجي منزلاً

__________________

(١) قبور الوحيد البهبهاني والسيّد مرتضى الطباطبائي ـ والد سيّدنا المهدي بحر العلوم ـ وصاحب (الرياض) وصاحب (الحدائق) كلّها عند رجلي الشهداء.

(٢) رفيع الدين محمّد الجيلاني الرشتي ، صهر أبي المعالي الكبير ، وامّ زوجته بنت المولى محمّد صالح المازندراني.

(٣) الصحيح : عن جدّنا الأمّي.


ومنشأً ، الحجري تحصيلاً ، كان واحداً في الحفظ والذكاء وسرعة الجواب وحدّة النظر وحسن التقرير والتحرير ، وإليه انتهت رياسة البحرين ، المتوفّى سنة (١١٢١ هـ) الف ومائة واحدى وعشرين في ١٧ رجب وعمره يقرب من خمسين سنة ، عن العلاّمة المجلسي.

ومنهم : الشيخ العالم الصالح محمّد بن يوسف بن علي بن كمبار البلادي البحراني ، عن العلاّمة المجلسي.

حيلولة : وعن السيّد الفاضل محمّد ابن السيّد علي ابن السيّد حيدر المعروف بـ : (السيّد محمّد حيدر) الحسيني الموسوي المكّي ، والشيخ ناصر ابن محمّد الجارودي الخطّي ، عن الشيخ أبي الحسن الشريف الإصفهاني العاملي المتقدّم ذكره ، عن العلاّمة المجلسي.

حيلولة : وعن الشيخ ناصر المذكور ، عن الشيخ الفاضل المتبحّر الميرزا عبد الله بن عيسى الإصفهاني الشهير بـ : (ميرزا عبد الله أفندي التبريزي) ، عن العلاّمة المجلسي.

حيلولة : وعن الشيخ محمّد بن يوسف المتقدّم ، عن السيّد نعمت الله الجزائري ، عن العلاّمة المجلسي.

حيلولة : وعن الشيخ محمّد بن يوسف ، عن الشيخ الفاضل المحقّق الشيخ محمّد بن ماجد الماحوزي البحراني ، عن العلاّمة المجلسي.

حيلولة : وعن الشيخ محمود الثقة بن عبد السلام البحراني ، عن الشيخ المحدّث محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ، عن العلاّمة المجلسي.


حيلولة : وعن الشيخ عبد الله السماهيجي المذكور ، عن شيخنا العالم النبيل والمحدّث الفقيه الجليل الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري العرفي النجفي المتوفّى سنة (١١٥٠ هـ) الف ومائة وخمسين عن جملة من مشايخه :

[طرق الشيخ أحمد الجزايري]

منهم : شيخه التقي العالم الكبير الشريف أبو الحسن النباطي العاملي المتقدّم ذكره ، عن شيخه الأتقى الأورع الأعلم الشيخ عبد الواحد بن محمّد البوراني ، عن منبع الفضائل والعلوم الشيخ التقي النقي الشيخ صفيّ الدين ابن الشيخ الأوحد الشيخ فخر الدين ابن الشيخ محمّد علي الطريحي النجفي ، عن والده المذكور(١). عن الشيخين الجليلين : [أوّلهما] ، الأمير شرف الدين والملّة السيّد شرف الدين علي(٢) الحسني الحسيني الشولستاني وثانيهما : الشيخ الفقيه المبرور الشيخ محمّد(٣) بن جابر ، عن والده الشيخ جابر(٤) بن

__________________

(١) الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي الرمّاحي صاحب (مجمع البحرين ومطلع النيّرين) في غريب الحديث و (جامع المقال) في الرجال و (الفخرية) في الفقه ، توفّي سنة (١٠٨٥ هـ) ، وقيل : توفّي سنة (١٠٨٧ هـ) ولكن في (أعلام الشيعة) : مادّة تاريخ وفاته (يطوف عليهم ولدان مخلّدون)= (١٠٨١ هـ) وأيضاً : (يخلفه بعده صفيّ الدين) = (١٠٨١ هـ). راجع ترجمته : الإجازة الكبيرة (للمؤلّف) : ص١٠٨ ـ ١٠٩.

(٢) المتوفّى سنة (١٠٦٠ هـ) والمدفون بالنجف ، صاحب (كنز المنافع في شرح المختصر النافع) و (توضيح الأقوال والأدلّة) ، تلميذ الأمير فيض الله التفريشي والشيخ محمّد ابن الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ومن مشايخ العلاّمة المجلسي.

(٣) فقيه محدّث رجالي متبحّر ، من تلامذة الشيخ محمّد بن الحسن بن زين الدين الشهيد. له رسالة في الكنى والألقاب وكتاب في الرجال.

(٤) فاضل صالح ، يروي عنه المولى محمّد تقي المجلسي.


عبّاس النجفي ، عن شيخه الأفضل الأعلم الأسعد الشيخ عبد النبي(١) بن سعد الجزائري ، عن عمّنا السيّد السند محمّد صاحب المدارك ، عن شيخيه الأجلّين الأعلمين : الشيخ عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي وعن الشيخ المحقّق الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين عن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.

ومنهم : الشيخ حسين ابن الشيخ عبد علي الخمايسي النجفي ، عن أبيه ، عن الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري ، عن السيّد صاحب المدارك ، عن أبيه السيّد علي بن الحسين الموسوي العاملي ، عن شيخه وجدّ ابنه السيّد محمّد ، الشيخ زين الدين الشهيد.

حيلولة : وعن الشريف أبي الحسن المذكور ، عن الشيخ عبد الواحد المتقدّم ذكره ، عن الشيخ الأجلّ حسام الدين(٢) بن درويش علي الحلّي ، عن الشيخ البهائي ، عن أبيه ، عن الشهيد الثاني ، والسيّد حسن ابن السيّد جعفر الكركي.

حيلولة : وعن الشيخ عبد الواحد المذكور ، عن الشيخ فخر الدين الطريحي ، عن الشيخ محمّد بن جابر ، عن السيّد شرف الدين بن علي ، عن شيخه السيّد الكبير المير فيض الله ، عن جدّنا(٣) صاحب المعالم ، عن الشيخ

__________________

(١) صاحب (حاوي الأقوال في معرفة الرجال) و (شرح تهذيب الأصول) للعلاّمة وكتاب في الإمامة.

(٢) صاحب رسالة (ميزان المقادير) ، كتبها سنة (١٠٥٦ هـ).

(٣) الجدّ الأمّي.


حسين بن عبد الصمد العاملي والد البهائي ، عن الشيخ الشهيد الثاني.

[طرق الشيخ فخر الدين الطريحي]

حيلولة : وعن الشيخ فخر الدين المذكور ، عن السيّد مير شرف الدين ، عن شيخه الفاضل الميرزا الاسترآبادي الرجالي ، عن شيخه الشيخ إبراهيم ابن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي.

حيلولة : وعن الشيخ فخر الدين ، عن السيّد المولى مير محمّد مؤمن الحسيني الاسترآبادي الشهيد بمكّة في نفس الحرم سنة (١٠٨٨ هـ) الف وثمانية وثمانين صاحب كتاب الغيبة والرجعة ، عن شيخه السيّد الإمام العلاّمة جدّنا السيّد نور الدين علي المتولّد سنة تسعمائة وسبعين (٩٧٠ هـ) المتوفّى في ذي الحجّة الحرام سنة (١٠٦٨ هـ) الف وثمانية وستّين ، عن أخيه [لأبيه] السيّد محمّد صاحب المدارك ، وعن أخيه لاُمّه الشيخ حسن صاحب المعالم ، وهما عن السيّد الجدّ الأعلى السيّد علي بن الحسين المعروف بـ : (ابن أبي الحسن) تلميذ الشهيد الثاني وصهره.

حيلولة : وعن السماهيجي المتقدّم عبد الله بن صالح البحراني ، عن شيخه العلاّمة الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي ، عن شيخه وأستاده العلاّمة الوحيد والفقيه الفريد الشيخ سليمان بن علي بن [سليمان بن] أبي ظبية الشاخوري البحراني(١) صاحب رسالة تحليل التتن والقهوة ورسالة

__________________

(١) المتوفّى سنة (١١٠١ هـ) ، وظبية بالظاء المشالة ثم الباء الساكنة الموحّدة ثم الياء المثناة ثم الهاء.


تحليل جميع السمك(١) ورسالة تحريم صلوة الجمعة في زمن الغيبة ، عن الشيخ الفاضل المدقّق أحمد بن محمّد بن علي بن يوسف بن سعيد المقشاعي البحراني صاحب الرسالة في جواز التقليد وجملة من المصنّفات ، أوّل من نشر العلم والحديث في البحرين ، قبره فيها مزار معروف ، عن الشيخ محمّد بن الحسين البهائي ، والشيخ محمود بن عبد السلام [المعني] البحراني ، عن أستاده السيّد هاشم المعروف بالعلاّمة البحراني ، عن الشيخ فخر الدين النجفي ، عن الشيخ محمّد بن جابر النجفي ، عن الشيخ محمود ابن حسام الدين المشرقي ، عن الشيخ البهائي ، وعن الشيخ محمود المذكور ، عن الشيخ محمّد بن سليمان المقابي البحراني ، عن الشيخ زين الدين علي بن سليمان البحراني ، عن الشيخ البهائي.

وعن الشيخ محمود المذكور ، عن الشيخ محمّد علي الكاظمي ، عن شيخه حسام الدين الحلّي ، عن شيخه الشيخ بهاء الدين.

حيلولة : وعن الشيخ محمود والشيخ ناصر الجارودي ، عن الميرزا عبد الله بن عيسى ، وعن الشيخ ناصر المذكور ، عن الشريف أبي الحسن مدرّس النجف ، عن ملاّ محمود الصالح الواعظ ، جميعاً ، عن الشيخ الحرّ صاحب الوسائل ، عن شيخه الشيخ زين الدين ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن صاحب المعالم ، عن الشيخ بهاء الدين.

حيلولة : وبالإسناد ، عن العلاّمة المجلسي ، عن الفيض الكاشاني ،

__________________

(١) ولكن في أنوار البدرين (ص١٣١): رسالة في تحريم السمك جملة.


وخليل القزويني ، ومحمّد صالح الطبرسي المازندراني ، عن مشايخهم ، منهم : التقي المجلسي ، عن الشيخ البهائي.

وبالإسناد ، عن المحدّث الكاشاني ، عن شيخه السيّد ماجد ابن السيّد هاشم الصادقي البحراني ـ أوّل من نشر الحديث بـ : (شيراز) ، عن الشيخ البهائي.

وعن الأخوند ملاّ محسن المذكور ، عن الشيخ البهائي بلا واسطة ، أيضاً ، عن أبيه ، عن الشهيد الثاني علي بن أحمد العاملي المعروف بـ : (ابن الحجّة) ، عن مشايخه وَهُمْ عدّة يأتي إليها الإشارة إن شاء الله

[الميرزا محمّد هاشم الخوانساري الإصفهاني]

والثاني من شيوخي في الإجازة : السيّد الحبر الهُمام العلاّمة ، والفقيه المحدّث الحافظ الفهّامة ، المتبحّر في الفنون ، والمتوحّد في الأسانيد والمتون ، صاحب أصول آل الرسول ، السيّد الأيدّ الخوانساري الميرزا محمّد هاشم الإصفهاني(١) ، ابن السيّد الكامل الميرزا زين العابدين الخوانساري المتوطّن في إصفهان ، عن عدّة من الأعلام والفقهاء العظام ، أجلّهم وأعلاهم : آية الله في العالمين السيّد محمّد صدر الدين ، ابن السيّد المعظّم الفقيه السيّد

__________________

(١) الإجازة الكبيرة : ص٥٦ ـ ٥٧. صاحب (مباني الأصول) و (مناسك الحج) و (أصول آل الرسول) و (معدن الفوائد) و (ميزان الأنساب). المولود (١٢٣٥ هـ) والمتوفّى (١٣١٨ هـ). كان تلميذ والده الجليل والسيّد حسن المدرّس والشيخ الأنصاري والسيّد صدر الدين العاملي ـ وهو صهره ـ.


صالح(١) ، ابن العلاّمة المتبحّر السيّد محمّد شرف الدين الموسوي ، عن أبيه السيّد صالح المذكور ، عن أبيه السيّد محمّد ، عن شيخه محمّد بن الحسن الحرّ العاملي صاحب الوسائل.

وعن السيّد صدر الدين المذكور ، عن أبيه السيّد صالح ، عن الشيخ سليمان بن معتوق العاملي ، عن الشيخ الحرّ صاحب الوسائل.

وعن السيّد صدر الدين ، عن شيخه السيّد المحسن بن الحسن الأعرجي المتقدّم ذكره ، عن الميرزا المحقّق أبو القاسم القمّي صاحب الغنائم والقوانين وغيرهما المتولّد سنة خمسين ومائة وألف (١١٥٠ هـ) والمتوفّى سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف (١٢٣١ هـ) عن جماعة من مشايخه :

أولهم : السيّد حسين الخوانساري.

وثانيهم : الآقا العلاّمة البهبهاني.

وثالثهم : أستاده النحرير الهزارجريبي الآتي ذكره مفصّلاً.

ورابعهم : الشيخ مهدي الفتوني(٢).

وعن السيّد صدر الدين ، عن الميرزا القمّي بلا واسطة أيضاً ، عن

__________________

(١) كان ـ رحمه الله ـ من الأعاظم العاملين والعلماء الجامعين المشاركين ومن الأدباء البارعين في الشعر والنثر والفقه كما كانت له اطلاع في الطبّ والرياضيّات. ولد في (١١٢٢ هـ) من ابنة الشيخ حرّ العاملي صاحب (الوسائل) وتوفّي سنة (١٢١٧ هـ).

(٢) أحد المهادي الخمسة وهُم : المولى مهدي النراقي والشيخ مهدي الفتوني والسيّد مهدي بحر العلوم والسيّد مهدي الشهرستاني والسيّد مهدي الخراساني الشهيد. وهو أستاد السيّد بحر العلوم والمحقّق القمّي صاحب (القوانين).


مشايخه الأربع المذكورين بطرقهم المتقدّمة والآتية.

وعن السيّد صدر الدين ، عن السيّد آية الله المهدي بحر العلوم ، عن مشايخه : الآقا البهبهاني قدس‌سره ، والسيّد حسين القزويني بطرقه المتقدّمة ، والسيّد حسين ابن السيّد أبي القاسم جعفر بن الحسين الحسيني الموسوي الخوانساري ، والسيّد الحسيب النسيب مير عبد الباقي ـ إمام الجمعة بإصفهان ـ بطرقهما الآتية ، والعالم النحرير الآقا محمّد باقر الهزارجريبي الغروي موطناً ومدفناً ، عن شيخيه : الحاجّ شيخ محمّد بن الحاجّ شيخ محمّد زمان القاساني أصلاً ، الإصفهاني موطناً ، والنجفي خاتمةً ، والمولى ميرزا إبراهيم بن غياث الدين محمّد الإصفهاني الخوزاني ـ قاضي إصفهان ـ المتقدّم ذكره في عداد من كان مع نادر شاه في النجف الأشرف من علماء إيران وأنّه كان قاضي عسكر النادري وهما عن المير محمّد حسين الخاتون آبادي ، والمولى الحاج محمّد طاهر ابن مقصود علي الإصفهاني ، والشيخ حسين الماحوزي ، والمولى محمّد قاسم بن محمّد رضا الهزارجريبيّ جميعاً ، عن العلاّمة المجلسي.

وعن السيّد صدر الدين ، عن السيّد بحر العلوم ، والمحقق الميرزا القمّي ، جميعاً ، عن السيّد حسين ابن السيّد أبي القاسم الموسوي الخوانساري ، عن المولى محمّد صادق ابن العلاّمة مولانا محمّد بن الفتّاح التنكابني المشتهر بـ : (سراب) ، عن والده ، عن المولى محمّد باقر بن محمّد مؤمن الخراساني السبزواري صاحب الذخيرة والكفاية ، عن مولانا التقي


المجلسي ، بطرقه المتقدّمة والآتية مفصّلاً إلى الشهيد الثاني.

وعن السيّد صدر الدين ، عن السيّد بحر العلوم ، والسيّد الجليل الميرزا مهدي الشهرستاني ، جميعاً عن السيّد الجليل والفاضل النبيل المير عبد الباقي(١) طاب ثراه ، عن والده العلاّمة وشيخه الفهّامة أفضل المتاخّرين وخاتمة المجتهدين الأمير محمّد حسين(٢) طاب ثراه ، عن شيخه وجدّه من قِبَل الأمّ العلاّمة لسان الشيعة ومروّج الشريعة المولى محمّد باقر المجلسي بطرقه المتقدّمة إجمالاً والآتية مفصّلاً إلى الشهيد الثاني.

وعن السيّد صدر الدين عن السيّد بحر العلوم والسيّد محسن صاحب المحصول والميرزا الشهرستاني الحائري ، جميعاً عن الشيخ المحدّث الفقيه الشيخ يوسف ابن الشيخ الفقيه الشيخ أحمد بن إبراهيم البحراني صاحب الحدائق ، عن الشيخ حسين بن جعفر الماحوزي ، عن الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني المتقدّم ، عن العلاّمة صاحب بحار الأنوار بطرقه المعروفة في

__________________

(١) الأمير عبد الباقي ابن المولى محمّد حسين ابن المولى محمّد صالح الخاتون آبادي الحسيني الإصفهاني، المتوفّى سنة (١٢٠٧ هـ) وصاحب كتاب (أعمال شهر رمضان) وأمّه بنت الفاضل المقدّس الآقا محمّد صادق نجل العلاّمة المجلسي.

(٢) الأمير محمّد حسين بن محمّد صالح بن عبد الواسع الحسيني الإصفهاني ، كان سبط العلاّمة المجلسي وإمام الجمعة بإصفهان ، المتوفّى ليلة الإثنين ٢٣ شوّال المكرّم سنة (١١٥١ هـ) ، صاحب كتب كثيرة ، منها : (خزائن الجواهر في أعمال السنة والسبع المثاني في زيارات الأئمّة بعراق والنجم الثاقب في إثباة الواجب ومفتاح الفرج وكلمة التقوى) ومن أحفاده السيّد الأجل الفقيه الميرزا أبو القاسم إمام الجمعة بطهران ، والد الفقيه الأجلّ السيّد زين العابدين الحسيني إمام الجمعة بطهران ، المدفون بها قرب حرم عبد العظيم الحسني وعليها قبة عظيمة وبقعة فخيمة المعروفة بـ : (سر قبر آقا).


أربعينه وخاتمة بحاره الآتية مفصلاً إن شاء الله.

وثاني ما أجازني به الميرزا محمّد هاشم روايته : عن العلاّمة المرتضى الأنصاري قدس‌سره ، عن شيخيه الأعظمين : السيّد صدر الدين العاملي قدس‌سره ، والمولى النيراقي(١) أحمد بن المهدي بن أبي ذرّ الكاشاني ، عن جماعة من الشيوخ :

منهم : السيّد بحر العلوم بطرقه المتقدّمة.

[طرق الشيخ أحمد النراقي]

ومنها [ما] عن الشيخ المحدّث أبو صالح الشيخ محمّد مهدي الفتوني ابن الشيخ بهاء الدين العاملي النجفي ، عن شيخه المولى أبو الحسن الشريف العاملي بطرقه المتقدّمة والآتية.

حيلولة : وعن المولى أحمد النيراقي ، عن أبيه الفقيه ، عن المحقّق الحاج الشيخ محمّد بن الحاج شيخ محمّد زمان الكاشاني المتقدّم ذكره بطرقه السابقة ، وعن المولى صاحب المستند ، عن المولى محمّد إسماعيل بن محمّد حسين بن محمّد رضا بن علاء الدين محمّد المازندراني المعروف باصفهان بـ : (إسماعيل الخاجوئي)(٢) ، لجلوسه في محلة (خاجو) من

__________________

(١) الصحيح : النراقي.

(٢) صاحب المؤلّفات الكثيرة ، كـ : (شرح دعاء الصباح ، وجامع الشتات ، والفوائد الرجالية ، وشرح الأربعين وشرح المدارك وهداية الفؤاد إلى أحوال المعاد ورسائل في : الإمامة والغنا وفضل الفاطميّين والردّ على الصوفية). وطبعت هذه الرسائل بتحقيق


محالّها ، عن الشيخ حسين الماحوزي المتقدّم ذكره بطرقه ، وعن المولى الهرندي محمّد مهدي الإصفهاني المدفون في مسجد الجامع بإصفهان.

حيلولة : وعن المولى أحمد النيراقي ، عن السيّد الميرزا مهدي الشهرستاني وشيخ الطائفة جعفر بن خضر كاشف الغطاء بطرقهم المتقدّمة والآتية.

وممّا اجازني السيّد المولى الميرزا محمّد هاشم روايته ، عن أبيه الميرزا زين العابدين ، عن أبيه السيّد المجاهد أبو القاسم جعفر بن الحسين الموسوي الخوانساري ، عن أبيه السيّد حسين بن أبي القاسم جعفر الكبير الموسوي الخوانساري ، طيب الله تربتهم ، عن المولى محمّد صادق بن محمّد ابن عبد الفتّاح التنكابني المشتهر بـ : (سراب) ، عن والده المذكور ، عن العلاّمة المتبحّر صاحب البحار بطرقه المتقدّمة.

وعن الميرزا زين العابدين والد السيّد المجيز ، عن المولى المير محمّد حسين ، عن والده المير عبد الباقي بطرقه المتقدّمة وعن الميرزا زين العابدين المذكور ، عن السيّد محمّد الرضوي ، عن الشيخ كاشف الغطاء ، عن مشايخه المتقدّم ذكرهم وعنه أيضاً ، عن والده الميرزا زين العابدين الخوانساري ، عن السيّد حجّة الإسلام السيّد محمّد باقر الرشتي الأصل الإصفهاني الرياسة ـ كان

__________________

المحقق السيّد مهدي الرجائي. تتلمذ عليه المولى مهدي النراقي والآقا محمّد البيدآبادي والميرزا أبي القاسم المدرّس الإصفهاني والملاّ محراب الحكيم الإصفهاني. توفّي سنة (١١٧٣ هـ).


من أعظم آيات الله الباهرة ـ عن شيخ الطائفة الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء والسيّد المحقّق السيّد محسن الأعرجي بطرقهما المتقدّمة وعن أبيه السيّد زين العابدين الخوانساري عن أبيه السيّد جعفر الموسوي الخوانساري عن السيّد آية الله بحر العلوم.

وممّا اجازني أيضاً قدس‌سره [ما] عن أستاده السيّد المحقّق المدرّس المير سيّد حسن(١) بن المير سيّد علي الحسيني الإصفهاني ، عن الميرزا زين العابدين الخوانساري والد السيّد الميرزا محمّد هاشم المجيز لي.

وممّا اجازني أيضاً روايته عن الشيخ الفقيه البهيّ الشيخ مهدي(٢) ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، كان عالماً متبحّراً في الفقه ، لامثل مدرسته في مدارس النجف ، عن عمّه شيخ الطائفة الحسن بن جعفر صاحب انوار الفقاهة المتولّد سنة (١٢٠١ هـ) احدى ومائتين وألف وتوفّي سنة (١٢٦٢ هـ) اثنين وستيّن بعد المائتين والألف ـ حدّثني الفاضل الملاّ محمّد الإيرواني قدس‌سره قال : «إنّه كان أشرح صدراً في الفقه من أبيه الشيخ كاشف

__________________

(١) المشهور بالمدرّس ، مؤسّس في علم الأصول وكان أفضل تلامذة الشيخ محمّد تقي صاحب الحاشية وتتلمذ عليه الميرزا الشيرازي والسيّد محمّد هاشم الجارسوقي الإصفهاني. له مصنفات ، كـ : (جوامع الأصول) و (قاعدة الأصول) و (قاعدة لا ضرر) وغيرها.

(٢) المتوفّى سنة : (١٢٨٩ هـ). انتهت إليه الرئاسة في هذا البيت بعد الشيخ الأنصاري ورجعت إليه البلاد سيّما بلاد الترك وبنى مدرسة في النجف وأخرى في كربلا ـ الموجودتان إلى اليوم ـ وصاحب (كتاب الصوم والخيارات والمكاسب المحرّمة).


الغطاء». وحدّثني أبي(١) العلاّمة طاب ثراه : «أنّه لم يكن في عصره أفقه منه» ـ يروي عن والده الشيخ كاشف الغطاء ، عن المولى المحقّق في المعقول والمنقول الآقا باقر الهزارجريبي ، عن المولى الميرزا إبراهيم القاضي ، عن السيّد المير ناصر الدين أحمد ابن السيّد محمّد بن الأمير روح الأمين المشهور الحسيني المختاري السبزواري ، عن تاج الفقهاء بهاء الدين محمّد بن تاج الدين حسن(٢) بن محمّد الإصفهاني الملقّب بالفاضل الهندي(٣) المتولّد في سنة (١٠٦٢ هـ) الف واثنين وستيّن والمتوفّى في شهر رمضان سنة (١١٣٧ هـ) سبع وثلثين بعد المائة والألف ، عن والده المعروف بـ : (ملاّ تاجا) المتوفّى سنة (١٠٥٨ هـ) ، عن المولى حسنعلي.

وممّا أجازني روايته أيضاً عن السيّد صدر الدين العاملي المتقدّم عن الشيخ صاحب كشف الغطاء عن السيّد بحر العلوم صاحب المصابيح عن شيخه البحراني صاحب الحدائق عن شيخه الشيخ عبد الله بن علي بن أحمد البلادي صاحب الرسائل في المعقول المتوفّى بـ : (شيراز) سنة جلوس نادر شاه سنة (١١٤٨ هـ) الف ومأة وثمانية وأربعين المدفون عند أحمد بن موسى الكاظم عليه‌السلام ، عن شيخه العلاّمة الشيخ سليمان(٤) صاحب المعراج شرح فهرس

__________________

(١) هو العلاّمة السيّد هادي صدر الدين.

(٢) هو صاحب كتاب (تحفة المجالس) المشهور.

(٣) هو صاحب (كشف اللثام) و (المناهج السويّة). والمعروف بـ : «كاشف اللثام».

(٤) هو الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي الدونجي البحراني ، المولود في (١٠٧٥ هـ)


الشيخ المتقدّم ذكره ، عن شيخه الفقيه الشيخ سليمان بن علي الشاخوري البحراني المتوفّى سنة (١١٠١ هـ) احدى ومائة وألف ، عن الشيخ الجليل الشيخ جعفر بن كمال الدين صاحب اللباب وغيره المتوطن بـ : (حيدر آباد) الهند المتوفّى سنة (١٠٩١ هـ) الف واحدى وتسعين والشيخ صالح بن عبد الكريم الكزركراني البحراني الشيرازي(١) صاحب الرسالة في الأسماء الحسنى ، كلاهما عن طود العلم المنيف وعضد الدين الحنيف جدّنا الأعلى السيّد نور الدين علي الموسوي الجبعي ثمّ المكّي صاحب الفوائد المكية في ردّ الفوائد المدنية الأسترآبادي وصاحب الأنوار البهية في شرح الاثنى عشرية في الصلوة البهائية وشرح النافع مختصر الشرايع وغير ذلك ، عن أخيه السيّد المعظم صاحب المدارك ، عن مشايخه الخمسة :

[طرق السيّد صاحب المدارك]

الأوّل : أبوه الأعظم علي بن أبي الحسن الموسوي وربما قيل : علي بن الحسين بن أبي الحسن وفي الكلّ نسبة إلى الجدّ الأعلى أبي الحسن الموسوي المعروف ، وإلاّ فهو أخو جدّنا السيّد نور الدين المتقدّم وهما إبنا

__________________

والمتوفّى سنة (١١٢١ هـ) ، محقّق مدقّق ، خطيب شاعر حافظ ومؤرخ محدّث جليل صاحب : (الأربعين في الإمامة ومعراج أهل الكمال والبلغة في الرجال وأزهار الرياض والفوائد النجفية).

(١) تولّى القضاء بأمر الشاه سليمان الصفوي بمدينة شيراز وبها توفّي وقبره معروف بجوار السيّد علاء الدين حسين، انتهت إليه رياسة البلد المذكور وقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها أحسن قيام وانقادت إليه حكّامها فضلاً عن رعيّتها، لورعه وتقواه ونشر العلوم والتدريس فيها.


السيّد علي بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن أبي الحسن المذكور ، كما حكاه الشيخ الحرّ في أمل الآمل في ترجمة السيّد حسين ابن السيّد محمّد صاحب المدارك ، عن خطّ السيّد حسين المذكور وكذلك رأيته بخطّ عمّنا العلاّمة السيّد صدر الدين ابن السيّد صالح بن محمّد شرف الدين بن إبراهيم بن نور الدين علي أخو السيّد محمّد صاحب المدارك ابن علي بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن أبي الحسن الموسوي العاملي ، وبالجملة فمن ظنّ التعدّد فقد وهم.

والثاني : الشيخ أحمد بن الحسن بن سليمان النباطي العاملي.

والثالث : السيّد علي المشتهر بـ : (ابن الصائغ) الحسيني الجزّيني.

والرابع : الشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي ، جميعاً عن الشيخ السعيد الشهيد الثاني.

والخامس : المولى الربّاني والمؤسّس الصمداني أحمد بن محمّد الأردبيلي المتوفّى سنة (٩٩٣) تسعمأة وثلاثة وتسعين في النجف ، عن السيّد علي الصائغ العاملي المتقدّم ذكره ، عن شيخه الشهيد الثاني.

[طرق المحدّث النوري صاحب المستدرك]

وثالث من أجازني رواياته المولى ثقة الإسلام ومحيي دارس الأحكام ، خاتمة المتبحّرين في الحديث ، أبو الفضائل والفواضل وأشبه من رأيت بالسلف الصالح من علماء الأوائل ، ثقة الإسلام شرف الحاجّ المولى الميرزا حسين النوري الطبرسي الغروي ثمّ العسكري ثمّ الغروي صاحب


كتاب مستدرك الوسائل الفائق على جوامع الأواخر والأوائل ، الباقي للشيعة ببقاء الشريعة ، عن جماعة من المشايخ شاركني في الرواية ، عن المولى الحاج ملاّ علي بن الحاج ميرزا خليل الرازي النجفي المتقدّم ، وعن السيّد الميرزا محمّد هاشم الخوانساري السابق ، وعن السيّد السند المتتبع الفقيه المتبحّر المصنّف المكثر السيّد مهدي القزويني الأصل ، النجفي المولد والمنشأ ، الحلّي الموطن ، الغروي الخاتمة ، الفائز بملاقات الإمام المهدي من حيث لا يعرفه مراراً ، عن عمّه السند الشيخ الفقيه الناسك السيّد باقر القزويني صاحب الكرامات ، عن السيّد آية الله بحر العلوم الطباطبائي بطرقه المتقدّمة.

واختصّ ثقة الإسلام النوري قدس‌سره بما أجازني روايته أيضاً عن شيخه وأستاده ، آية الله الباهرة شيخنا العلاّمة المرتضى الأنصاري ، عن مشايخه المتقدّم ذكرهم بطرقهم المشار إليها.

[طرق الشيخ عبد الحسين الطهراني]

واختصّ أيضاً بما أجازني روايته عن أستاده واستناده شيخ العراقين ، الشيخ عبد الحسين الطهراني أسكنه الله أعلى جنانه ، كان من أعظم العلماء عند المخالفين والمؤالفين ، ومن أحسن من شيّد الدين ، عن شيخه الشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر في الفقه بطرقه المتقدّمة.

حيلولة : وعن شيخ العراقين المذكور ، عن العالِمَين العَلَمين : السيّد محمّد شفيع الجابلقي صاحب الروضة البهية في الاجازات المتوفّى سنة (١٢٨٠ هـ) ثمانين ومائتين وألف ، والمولى محمّد رفيع الجيلاني ، عن


السيّدين العلمين : حجّتي الإسلام السيّد صدر الدين عمّنا المعظّم والسيّد المتبحّر الحجّة السيّد محمّد باقر الرشتي ، عن الشيخ المعظّم الشيخ سليمان ابن معتوق العاملي ، عن شيخيه الأعلمين : السيّد محمّد شرف الدين ابن العلاّمة السيّد إبراهيم ابن الإمام الفقيه المحدّث السيّد زين العابدين الموسوي العاملي جدّنا الأعلى قدس‌سره وعن الشيخ الفقيه المحدّث البحراني الشيخ يوسف صاحب الحدائق بطرقهم المتقدّمة.

حيلولة : وعن السيّدين المعظمين : السيّد صدر الدين العاملي والسيّد محمّد باقر الرشتي الإصفهاني ، عن السيّد المحقّق السيّد محسن الأعرجي الكاظمي صاحب المحصول وغيره ، عن المحقّق القمّي صاحب القوانين ، عن مشايخه الأربع المتقدّم ذكرهم بطرقهم.

حيلولة : وعن شيخ العراقين الشيخ عبد الحسين طاب ثراه ، عن المولى حسينعلي الملايري التويسركاني المتوفّى سنة (١٢٩٦ هـ) الف ومأتين وستّة وتسعين صاحب كشف الأسرار في شرح الشرايع والحاشية على القوانين المسمّاة بالمقاصد العلية في جلدين والحواشي على الجامع العبّاسي ، عن المحقّق في الفقه والأصول وشيخ الفحول الشيخ محمّد تقي بن عبد الرحيم صاحب الهداية وهي التعليقة الكبيرة على المعالم في أصول الفقه ، ورأيت له كتاب الطهارة (استدلالي) فيه التبحّر وله رسائل أخر ، عن شيخه وأستاده وجدّ أولاده شيخ الطائفة الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء ، عن السيّد بحر العلوم المهدي ، عن السيّد حسين القزويني المتقدّم ذكره ،


عن السيّد السعيد الشهيد السيّد نصر الله الحائري الموسوي ، عن العالم المتبحّر السيّد عبد الله ابن العالم السيّد نور الدين ابن السيّد نعمة الله الجزائري صاحب الاجازة الكبيرة ، عن جماعة من الشيوخ المذكورين في إجازته.

[مشايخ السيّد عبد الله الجزايري]

أوّلهم : السيّد نصر الله الشهيد المذكور ، روى كلّ واحد منهم عن الآخر ، عن المحدّث الجليل الشيخ محمّد باقر المكّي موطناً ابن المولى محمّد حسين النيسابوري ، عن السيّد عليخان صاحب السلافة(١) والطبقات(٢) ، عن العلاّمة المجلسي.

ورأيت رواية المجلسي عن السيّد عليخان المذكور ، كما أنّي رأيت رواية الشيخ محمّد باقر المكّي المذكور عن العلاّمة المجلسي بلا واسطة.

حيلولة : وعن السيّد نصر الله الحائري ، عن المولى محمّد حسين الطوسي البغجمي ، عن الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ صاحب الوسائل ، والعلاّمة محمّد باقر المجلسي ، والمولى محمّد أمين ابن الشيخ محمّد علي الكاظمي صاحب المشتركات ، عن شيخه فخر الدين الطريحي المتقدّم ذكره وطرقه إلى الشهيد الثاني.

حيلولة : وعن السيّد عبد الله الجزائري المذكور ، عن السيّد رضي

__________________

(١) السلافة البهيّة في شرح الفوائد الصمديّة.

(٢) الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة.


الدين بن محمّد بن علي بن حيدر العاملي المتوطّن بمكّة ، عن أبيه ، عن المولى محمّد شفيع بن محمّد علي الاسترآبادي ، عن والده ، عن المولى التقي المجلسي بطرقه.

وعن السيّد عبد الله المذكور ، عن السيّد الصدر شارح الوافية محمّد باقر القمّي الغروي ، عن الشيخ أبي الحسن الشريف العاملي ، والشيخ أحمد ، وأظنّه يروي عن الآقا رضي الدين [القزويني] صاحب قبلة الآفاق ولسان الخواص الراوي عن المولى خليل القزويني.

حيلولة : وعن السيّد عبد الله المذكور ، عن أبيه السيّد نور الدين صاحب فروق اللغات المطبوع بإيران نظير كتاب لمع البرق في معرفة الفرق للشيخ إبراهيم الكفعمي ، عن الشيخ الحر صاحب الوسائل بطرقه المذكورة في آخرها وعن والده السيّد نعمة الله الجزائري صاحب الأنوار عن جماعة :

[مشايخ السيّد نعمة الله الجزايري]

منهم : السيّد مير فيض الله الطباطبائي ، والسيّد حسين ابن السيّد حيدر الكركي ، والشيخ نور الدين محمّد بن حبيب الله ؛

ومنهم : السيّد محمّد مهدي ابن السيّد محسن الرضوي المشهدي الراوي ، عن المحقّق الكركي ، عن أبيه المحسن النقيب بن محمّد الرضوي القمّي ، عن ابن أبي جمهور الأحسائي ، عن المشايخ المذكورين في أوّل كتابه عوالي اللئالي ، أعلاها عن علي بن هلال الجزائري ذو الإسناد الصحيح.

ومنهم : عن المير شرف الدين علي بن حجّة الله الحسني بإسناده الآتي


عن قريب.

ومنهم : الشيخ علي بن جمعة العروسي الحويزي الشيرازي ـ صاحب كتاب نور الثقلين في التفسير بالمأثور وهو كتاب حسن غير أنّ صاحبه أخباري صلب ـ ، عن شيخه المولى علي نقي بن أبي العلا محمّد هاشم الفراهاني الشيرازي الإصفهاني المتوفّى سنة ألف وستّين ، وهذا صاحب كتاب الجامع الصفوي في رد الحنفي في الإمامة ، عن الشيخ بهاء الدين المتقدّم ذكره وطرقه إلى الشهيد الثاني.

ومنهم : الشيخ المحدّث ، جعفر بن كمال الدين البحراني ، عن علي بن نصر الله الجزائري ، عن الشيخ يونس الجزائري ، عن الشيخ الجليل عبد العالي بن علي بن عبد العالي ، عن والده الشيخ المحقّق الثاني علي المذكور.

ومنهم : السيّد محمّد بن شرف الدين علي بن نعمة الله الجزائري ، عن العالم الشيخ عبد النبي ابن الشيخ سعد الجزائري الغروي الحائري صاحب الحاوي في الرجال ، عن عمّنا السيّد صاحب المدارك

ومنهم : الشيخ هاشم المحقّق بن الحسين بن عبد الرؤف الإحسائي ، عن جدّنا السيّد نور الدين أخو صاحب المدارك المتقدّم ذكره وإسناده.

ومنهم : الشيخ الفاضل الجواد بن سعد بن جواد الكاظمي ، عن شيخه البهائي المتقدّم ذكره وطرقه إلى الشهيد الثاني.

ومنهم : الشيخ الجليل حسين بن محيي الدين العاملي النجفي ، عن والده محيي الدين بن عبد اللطيف ، عن والده الشيخ عبد اللطيف صاحب


الرجال ، عن والده الشيخ نور الدين علي ، عن والده الشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي جامع العاملي ، عن المحقّق الثاني بطرقه الآتية.

ومنهم : الآقا حسين الخوانساري المتوفّى سنة (١٠٥٨ هـ)(١) تلميذ المير أبي القاسم الفندرسكي في الحكمة ، وعندي له حاشية على إلهيّات الشفا ، يروي الحديث عن المولى التقي المجلسي قراءةً وسماعاً وإجازةً.

[العلاّمة المجلسي ومشايخه]

ومنهم : العلاّمة المجلسي صاحب البحار رئيس الطبقة الثالثة من طبقات المتأخّرين ، وَهُمْ ما بين المائة الحادية عشر والثانية عشر ، تولّد سنة (١٠٣٧) سبع وثلاثين بعد الألف وتوفّي في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة (١١١١ هـ) أحد عشر ومائة وألف(٢) بإصفهان وقبره الشريف هناك مزار معروف ، عن جماعة من الأعلام :

منهم : الشيخ الجدّ ، الشيخ علي بن محمّد بن الحسن بن الشهيد الثاني بطرقه المتقدّمة.

ومنهم : الشيخ أفضل أهل عصره الميرزا رفيع الدين محمّد بن حيدر الطباطبائي المتقدّم ذكره النائيني ، عن المولى عبد الله التستري ، والشيخ محمّد بهاء الدين العاملي بطرقه المتقدّمة والآتية.

__________________

(١) الصواب : ثمان وتسعين (١٠٩٨).

(٢) والمشهور : (١١١٠ هـ) وقيل في تاريخه بالفارسية : (ماه رمضان چوبيست وهفتش كم شد. تاريخ وفات باقر اعلم شد).


ومنهم : المير محمّد قاسم بن الأمير محمّد القهپائي الطباطبائي ، عن شيخ الإسلام الشيخ البهائي.

ومنهم : المولى محمّد شريف بن شمس الدين محمّد الرويدشتي(١) الإصفهاني ، عن الشيخ البهائي.

ومنهم : المولى محمّد حسن بن محمّد مؤمن الاسترآبادي الشهيد المتقدّم ذكره ، عن جدّنا الأعلى السيّد نور الدين أخي صاحب المدارك بطرقه المتقدّمة.

ومنهم : الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ ، جدّنا من قبل أمّ جدّنا السيّد صالح ابن السيّد محمّد صهر الشيخ الحرّ المتقدّم ذكره.

ومنهم : السيّد عليخان المتقدّم ذكره صاحب شرح الصحيفة.

ومنهم : السيّد الميرزا الجزائري وهو محمّد(٢) بن شرف الدين علي بن نعمة الله الموسوي صاحب جوامع الكلم في الحديث ، عن الشيخ محمّد بن خاتون العاملي المتوطّن بـ : (حيدرآباد) الهند ، عن والده ، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي.

ومنهم : المولى محمّد طاهر القمّي(٣) بن محمّد حسين الشيرازي

__________________

(١) والد العالمة الفاضلة الفقيهة «حميدة» صاحبة الحواشي على الكتب الرجالية.

(٢) عالم فقيه محدّث حافظ ، صاحب (جوامع الكلم) في جمع أحاديث الكتب الأربعة وغيرها. روى عنه صاحب (الوسائل).

(٣) كان شيخ الإسلام بقم ومن مشايخ إجازة العلاّمة المجلسي والحرّ العاملي وقبره في مزار شيخان في مرقد الصحابي الجليل زكريّا بن آدم الأشعري.


المتوفّى سنة (١٠٩٨ هـ)(١) ، كان أخباريّاً صلباً ، رأيت جملة من مصنّفاته(٢) ، كان معروفاً بالفضل في زمن الفاضل الكاشاني صاحب الوافي ، يروي ، عن السيّد جدّنا المعظّم السيّد نور الدين أخو (٣) صاحب المدارك المتقدّم ذكره.

[مشايخ السيّد شرف الدين الشولستاني]

ومنهم : السيّد الشولستاني الأمير شرف الدين علي(٤) بن حجّة الله بن شرف الدين علي الطباطبائي الغروي ، المدفون في النجف على جبل (شرشفان)(٥) توفّي سنة (١٠٦٠)(٦) ، عن المير فيض الله التفرشي الحسيني المتقدّم ، عن صاحب المعالم الحسن بن زين الدين ، وعن ابنه الشيخ محمّد ابن الحسن بن زين الدين بطرقهم المتقدّمة.

ويروي أيضاً : عن الميرزا الاسترآبادي الرجالي محمّد بن علي ، عن

__________________

(١) في وقائع السنين والأعوام لمعاصره الخاتون آبادي وهو يكتب الوقائع يوماً بيوم ما لفظه : «فوت آخوند مولانا محمّد طاهر شيخ الإسلام قم در هشت ساعتي شب جمعة بيست وسوم ذي القعدة سنة هزار وصد هجري ، عمر أو صد سال بود». (الشبيري)

(٢) منها : (الأربعين في فضائل أمير المؤمنين وتحفة الأخيار في الردّ على الصوفية ، وحكمة العارفين في ردّ شبه المخالفين وشرح تهذيب الحديث وهديه سليماني).

(٣) كذا ، والصحيح : أخي.

(٤) فقيه محقّق شاعر أديب ، صاحب كتاب (كنز المنافع في شرح المختصر النافع) و (توضيح الأقوال والأدلة في شرح الاثنى عشرية) في الصلاة لصاحب المعالم ورسائل عديدة في الفقه والحديث والأدب). كان من مشايخ العلاّمة المجلسي وولده السيّد الجليل السيّد مير علي رضا الحسيني.

(٥) هكذا في المخطوطة. وعامّة الناس يسمّونه : جبل شريفشان.

(٦) كان حيّاً في (١٠٦٣ هـ). انظر : الذريعة ١/١٦ رقم ٧٦ و ١/٢٠٩ رقم ١٠٩٢.


ظهير الدين أبي إسحق إبراهيم الميسي ، عن أبيه الشيخ نور الدين بن علي بن عبد العالي الميسي المتقدّم ، وعن المحقّق الثاني.

ويروي المير شرف الدين أيضاً ، عن ظهير الدين الشيخ إبراهيم الميسي المتقدّم ذكره ، وعن المولى عبد الله التستري [عن نعمة الله بن أحمد ابن الخاتون العاملي ، عن](١) المحقّق الثاني الآتي ذكره ، وعن الشيخ البهائي فصار مشايخ المير شرف الدين ستّة.

حيلولة : وعن العلاّمة صاحب البحار ، عن مولانا محمّد مؤمن بن دوست محمّد الاسترآبادي(٢) ـ الشهيد بـمكّة ـ ، عن جدّنا الأعظم السيّد نور الدين(٣) العاملي الموسوي ، وعن السيّد زين العابدين بن نور الدين مراد بن مرتضى الحسيني الكاشاني(٤) نزيل مكّة الشهيد بأيدي المخالفين بمكّة المعظّمة صاحب الشرف في التأسيس للكعبة من الغرق الحادث في زمانه

__________________

(١) عن مجمع الإجازات ومنبع الإفادات ، ص٦٥٦.

(٢) الحسيني العقيلي ، صاحب رسالة في الرجعة. كان صهراً لأمين الاسترآبادي واستشهد بمكّة في سنة (١٠٨٨ هـ) بيد أهل السنة مع جماعة من الشيعة.

(٣) السيّد نور الدين علي ابن السيّد علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي، المتولّد عن أمّ صاحب (المعالم) سنة (٩٧٠ هـ) والمتوفّى بمكّة سنة (١٠٦٨ هـ). صاحب: (الفوائد المكّية في نقض الفوائد المدنية، والأنوار البهية في شرح الاثني عشرية البهائية (في الصلاة) وشرح إرشاد العلاّمة).

(٤) صاحب (مفرّحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام) بالفارسية والعربية وكان الغرق في بيت الله الحرام في يوم الأربعاء تاسع شعبان المعظّم سنة (١٠٢٩ هـ) وهلك بسببه أكثر من أربعة آلاف شخصاً.


وهذا المير زين العابدين والشيخ إبراهيم(١) بن عبد الله الخطيب المازندراني يرويان عن شيخهما الأمين الاسترآبادي صاحب الفوائد المدنية والمؤسّس للطريقة المبتدعة الأخبارية الجديدة

والعلاّمة المجلسي يروي عن المذكورين عنه عن مشايخه الثلاثة : عمّنا السيّد صاحب المدارك وجدّنا الأُمّي صاحب المعالم والميرزا الكبير الاسترآبادي صاحب منهج المقال في علم الرجال بطرقهم المتقدّمة والآتية.

حيلولة : وعن العلاّمة المجلسي صاحب البحار ، عن السيّد فيض الله المتقدّم ، عن السيّد حسين ابن السيّد حيدر بن قمر الحسيني الكركي العاملي ـ المفتي بإصفهان ـ ، عن الشيخ نجيب الدين علي ابن الشيخ شمس الدين محمّد بن مكّي بن عيسى بن حسن بن جمال الدين عيسى الشامي العاملي الجبعي شارح الاثنى عشرية للحسن بن زين الدين الشهيد ، عن الشيخ البهائي وصاحبي المعالم والمدارك ، وعن أبيه ، عن جدّه ، عن ظهير الدين الشيخ إبراهيم الميسي المتقدّم ذكره ، عن جدّنا الشهيد الثاني.

حيلولة : وعن العلاّمة المجلسي ، عن المولى محمّد صالح المازندراني محشّي المعالم وشارح أصول الكافي المتوفّى سنة (١٠٨١ هـ) ألف واحدى وثمانين(٢) بإصفهان عن الشيخ البهائي بطرقه المتقدّمة والآتية.

__________________

(١) المتوفّى : (١٠٣٦ هـ) ستّ وثلاثين بعد الألف.

(٢) كذا في خاتمة المستدرك ، والصواب كما في وقائع السنين وجامع الرواة : سنة ستّ وثمانين بعد الألف (الشبيري).


حيلولة : عن العلاّمة المجلسي ، عن المولى خليل بن الغازي القزويني المتولّد سنة (١٠٠١ هـ) احدى وألف [و] المتوفّى سنة (١٠٨٩ هـ) تسع وثمانين وألف ، عن شيخنا البهائي.

حيلولة : وعن العلاّمة المجلسي ، عن المولى الفقيه أبو الحسن حسنعلي التستري الإصفهاني صاحب كتاب التبيان في الفقه المتوفّى سنة (١٠٧٥ هـ) خمس وسبعين بعد الألف ، عن المولى المعظّم شيخ الشيوخ المولى عبد الله التستري ، عن المقدّس الأردبيلي ، والشيخ الجليل أحمد بن نعمة الله ، عن أبيه نعمة الله المعروف بـ : (ابن خاتون) جدّه الأعلى لأنّه ابن الشيخ شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن شمس الدين محمّد بن خاتون العاملي العيناثي ، عن أبيه أبي العبّاس أحمد وعن أبي الحسن علي بن عبد العالي الكركي صاحب جامع المقاصد.

حيلولة : وعن العلاّمة المجلسي ، عن ابن عمّة والده المعظّم عبدالله بن جابر العاملي ، عن أبيه الشيخ جابر ، عن المحقّق الثاني ، ويروي الشيخ عبدالله بن جابر العاملي المذكور ، عن درويش محمّد بن الحسن العاملي النطنزي الإصفهاني جدّ والد(١) العلاّمة المجلسي من قبل أمّه وهو أوّل من نشر الحديث بإصفهان في الدولة الصفوية ، عن المحقّق الثاني بطرقه الآتية إن شاء الله.

__________________

(١) والد العلاّمة المجلسي هو : المولى محمّد تقي المجلسي ، صاحب (روضة المتقين) و (لوامع صاحبقرانى) وكلاهما في شرح الفقيه وشرح الصحيفة السجادية وشرح الزيارة الجامعة وغيرها. توفّي سنة : (١٠٧٠ هـ) وقبره بإصفهان مزار مشهور وبجنبه ولده العلاّمة المولى محمّد باقر المجلسي في المسجد الجامع.


وقد رزقنا الله تعالى هذا الطريق عالياً لأنّه عن المجلسي إلى المحقّق الثاني بواسطتين.

حيلولة : وعن العلاّمة المجلسي ، عن والده التقيّ ، عن جماعة كثيرة ، منهم :

[مشايخ المولى محمّد تقي المجلسي]

أستاده المولى المحقّق التستري المولى عبد الله بن الحسين المتقدّم.

ومنهم : المحقّق الشيخ يونس الجزائري ، عن الشيخ عبد العالي ، عن أبيه المحقّق الثاني.

ومنهم : السيّد حسين ابن السيّد حيدر الكركي المتقدّم.

ومنهم : القاضي أبو الشرف المتقدّم في مشايخ ابنه المجلسي.

ومنهم : الشيخ عبد الله بن جابر المتقدّم أيضاً في مشايخ إبنه العلاّمة المجلسي.

ومنهم : جابر بن عبّاس النجفي ، عن الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري النجفي المتقدّم ذكرهما.

ومنهم : القاضي معزّ الدين محمّد بن تقي الدين الإصفهاني ، عن العالم الشيخ عبد العالي بن المحقّق الثاني ، وعن الأجلّ الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي البحراني الخُطّي الغروي ، عن أستاذه المحقّق الثاني وعن شيخه إبراهيم بن الحسن الدرّاق ، عن علي بن هلال الجزائري أستاد المحقّق الثاني.


ومنهم : الشيخ أبو البركات ، عن المحقّق الثاني.

ومنهم : الميرزا إبراهيم الهمداني ، عن شيخه محمّد بن نعمة الله بن خاتون العاملي ، عن والده شهاب الدين أحمد ، وجدّه الشيخ نعمة الله بطرقهم المتقدّمة.

ومنهم : المير الداماد الآتي ذكر طرقه.

ومنهم : الشيخ بهاء الدين العاملي المتوفّى سنة (١٠٣٠ هـ) رأس الطبقة الرابعة من طبقات المتأخّرين ، وهم ما بين المائة العاشرة والحادية عشر ، عن والده الحسين بن عبد الصمد المتوفّى سنة (٩٨٤ هـ) ، وكانت ولادته أوّل يوم من محرّم الحرام سنة (٩١٨ هـ) ، عن السيّد بدر الدين حسن ابن السيّد جعفر ابن فخر الدين حسن بن أيّوب بن نجم الدين الأعرجي الحسيني العاملي الكركي ، والسيّد حسين المجتهد المفتي بإصفهان و [وهذا السيّد بدر الدين حسن] ابن خالة المحقّق الكركي وشيخ جدّنا الشهيد الثاني وصاحب كتاب المحجة البيضاء والحجّة الغراء المتوفّى سنة (٩٣٣ هـ) ، عن شيخيه : المحقّق الثاني والشيخ الحسن الميسي الآتي.

حيلولة : وعن والده الحسين بن عبد الصمد ، عن جدّنا الشيخ الشهيد الثاني.

[مشايخ المحدّث الفيض الكاشاني]

حيلولة : وعن العلاّمة المجلسي صاحب البحار ، عن : المولى الشيخ المحدّث المحسن بن مرتضى المشتهر بـ : (الفيض الكاشاني) صاحب الوافي


وغيره المتوفّى سنة (١٠٩١ هـ) عمّر(١) أربع وثمانون سنة ، عن جماعة :

منهم : الشيخ البهائي ، والمولى الخليل القزويني ، ومحمّد طاهر القمّي ، والمحقّق جدّنا الشيخ محمّد بن صاحب المعالم ، والمولى محمّد صالح المازندراني ، والسيّد ماجد بن هاشم بن علي بن مرتضى بن علي بن ماجد الحسيني ، والملاّ صدرا الشيرازي المتألّه ، جميعاً عن شيخنا البهائي والمحقّق السيّد مير محمّد باقر الداماد المتوفّى سنة إحدى وأربعين وألف (١٠٤١ هـ) في النجف الأشرف ـ قيل : كان قد جاء للزيارة مع الشاه صفي يوم كانت العتبات بيد الصفوية قبل أخذ مرادخان العثماني لها منهم فإنّه أخذها سنة ثمانية وأربعين وألف ـ ، عن(٢) جدّنا المعظّم العلاّمة السيّد نور الدين بن علي ابن أبي الحسن الموسوي المتقدّم ذكره ، وعن الشيخ عبد العالي بن المحقّق الثاني ـ وكان خاله ـ ، وعن الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي أبو (٣) البهائي المتقدّم ، عن جدّنا الشهيد الثاني رأس الطبقة الخامسة من طبقات المتأخرين ، وهم ما بين المائة التاسعة والعاشرة ، تولّد قدس‌سره سنة أحد عشر وتسعمائة (٩١١ هـ) وعمّر أربع وخمسين سنة وقتل شهيداً في سنة

__________________

(١) عن عمر (خ ل).

(٢) في رواية المير داماد عن نور الدين بن علي جدّ المجيز تأمّل. وإنّما يروي عن الجدّ الأعلى للمجيز السيّد نور الدين علي بن الحسين والد صاحب (المدارك) ، يروي عنه بعض الأدعية في المشهد الرضوي سنة (٩٨٨ هـ). أمّا الرواية عن أخي صاحب (المدارك) المتأخّر عنه طبقة لا تخلو عن بُعد ، ولعلّه وقع الخلط بينهما. (الشبيري).

(٣) كذا والصحيح : أبي البهائي.


(٩٦٥ هـ) خمس وستين وتسعمائة قدّس الله روحه المطهّر وهو زين الدين ابن نور الدين علي بن أحمد بن محمّد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن مشرف الجَبُعي العاملي.

وقد عرفتَ روايتَه عن السيّد حسن ابن السيّد جعفر الأعرجي العاملي الكركي ، وعن الشيخ أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي العيناثي ، عن أبيه بطرقه الآتية.

وعن الشيخ الأعظم نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي زوج خالته وأبو بعض أزواجه الراوي عن الشيخ محمّد بن محمّد بن داود المؤذّن الجزّيني ابن عمّ الشهيد الأوّل ، عن الشيخ ضياء الدين علي ، عن والده الشهيد الأوّل أبو عبد الله شمس الدين محمّد ابن المولى الأجل الأمجد العالم(١) الفاضل مجمع الفضائل ومرجع الأفاضل شرف الدين مكّي ، عن نحو أربعين شيخاً من العامّة والخاصّة من الشام ، والقدس ، والخليل ، والمغرب ، ومصر ، والعراق ، والمدينة المنورة ، ومكّة المعظّمة ، كما ستعرف.

ويروي الشهيد الثاني عن المؤذّن الجزّيني ، عن السيّد علي بن دقماق(٢) ـ بالقاف ـ صاحب نزهة العشّاق في الأدب ، عن ابن قطّان(٣)

__________________

(١) العامل (خ ل).

(٢) معرّب (طخماق) وهو حجر يُعمل منه النار.

(٣) المولى الجليل والفقيه النبيل محمّد بن شجاع القطّان الأنصاري الحلّي وطبع كتابه (معالم الدين) بتحقيق صديقي الفاضل المرحوم إبراهيم البهادري.


صاحب معالم الدين في فقه آل ياسين ، عن المقداد(١) السيوري الأسدي الحلّي الغروي صاحب اللوامع الإلهية وغيره ، عن شيخنا الشهيد الأوّل

وعن شمس الدين ابن المؤذّن الجزّيني المذكور ، عن جدّه لأمّه علي ابن علي بن جمال الدين محمّد بن طي العاملي الفقعاني صاحب كتاب المسائل المتوفّى سنة (٨٥٥ هـ) خمس وخمسين وثمان مأة ، عن محمّد بن محمّد بن عبد الله العريضي ، عن الشيخ ابن حسام وهو زين الدين جعفر بن حُسام العيناثي العاملي ، عن السيّد(٢) الحسن بن أيّوب بن نجم الدين الأعرج الحسيني الأطراوي العاملي ، عن الأساطين الأربع : فخر المحقّقين ، والسيّد عميد الدين ، وأخيه السيّد ضياء الدين ، والشيخ الشهيد الأوّل ، وعن الشيخ المؤذّن الجزّيني المذكور ، عن أبي البركات الحسن بن أحمد بن يوسف بن علي الكركي المعروف بـ : (ابن العِشره) (بكسر العين المهملة ثمّ سكون الشين المعجمة ثمّ الراء المهملة المفتوحة ثمّ الهاء) ، عن جماعة :

أوّلهم : محمّد بن محمّد بن مكّي ، عن والده محمّد بن مكّي الشهيد ، وعن ابن مُعَيّة.

__________________

(١) جمال الدين أبو عبد الله مقداد بن عبد الله الأسدي الحلّي صاحب (نهج المسترشدين وكنز العرفإنّ والتنقيح الرايع في شرح مختصر الشرايع وشرح باب الحادي عشر ونضد القواعد الفقهية وشرح مباديء الوصول وغيرها) وقبره ببغداد على طريق القافلة الراحلة إلى العتبات.

(٢) هو السيّد عز الدين حسن بن نجم الدين أيّوب بن الحسين بن مسلم ، وكلمة (بن) بين (أيّوب) و (نجم الدين) زائدة.


ثانيهم : الشيخ ابن فهد.

ثالثهم : الشهيد الأوّل.

رابعهم : محمّد بن نجدة الشهير بـ : (ابن عبد العالي)(١) ، عن شيخه الشهيد الأوّل.

حيلولة : وعن الفاضل الميسي المذكور ، عن الشيخ محمّد بن أحمد ابن محمّد الصهيوني(٢) العاملي(٣) ، عن الشيخ عزّ الدين الحسن بن العشرة بطرقه المتقدّمة ،

وعن أحمد بن الحاج علي العيناثي ، عن الشيخ جعفر بن حسام المتقدّم ذكره.

حيلولة : وعن الفاضل الميسي ، عن شيخه المحقّق الثاني علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي ، عن محمّد بن خاتون المتقدّم ذكره ، عن الشيخ أحمد بن الحاج علي العيناثي ، عن جعفر بن حُسام إلى آخر ما تقدّم في مشايخ سميّه الميسي.

ويروي أيضاً : عن علي بن هلال الجزائري ، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي المتولّد في سنة (٧٥٧ هـ) المتوفّى سنة (٨٤١ هـ) ، وعندي له جملة رسائل غير ما اشتهر من مصنّفاته ، كلّها بخطّ تلميذه

__________________

(١) هو الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمّد بن نجدة بن عبد العالي.

(٢) نسبة إلى (صهيون) جبل في بيت المقدس يقدّسه اليهود.

(٣) فاضل جليل شاعر أديب منشيء ، قاضي بعلبك ، خطّه وشعره في غاية الجودة.


الشيخ الفاضل الفقيه علي بن فضل الله بن هيكل الحلّي ، يروي ، عن الفاضل المقداد السيوري ، وعن علي بن الخازن الحائري(١) ، عن الشهيد الأوّل.

ويروي ابن فهد عن ابن المُتَّوج البحراني(٢) الشيخ فخر الدين أحمد ، عن فخر المحقّقين.

ويروي ابن فهد عن السيّد علي(٣) صاحب كتاب التبيان المتقدّم ذكره ، ابن السيّد عبد الكريم بن عبد الحميد بن التقي عبد الله بن أسامة العلوي الحسيني ، عن فخر الدين ، والسيّد عميد الدين ، وأخيه السيّد ضياء الدين ، والشيخ الشهيد السعيد.

تولّد الشهيد سنة (٧٣٤ هـ)(٤) أربع وثلاثين وسبعمائة(٥) بعد موت

__________________

(١) زين الدين أبو الحسن علي بن الخازن الحائري ، فقيه فاضل عالم كامل أستاذ ابن فهد الحلّي وتلميذ الشهيد الأوّل.

(٢) أحمد بن عبد الله بن سعيد بن متوّج البحراني ، عالم فاضل مفسّر أديب شاعر عابد ، صاحب (النهاية في تفسير خمسمأة آية). طبعت بتحقيق الفاضل المحقّق الشيخ كريم باريك بين القزويني.

(٣) السيّد بهاء الدين علي النيلي النجفي ، صاحب (الأنوار المضيئة ـ في خمس مجلّدات وطبع منتخبه بتحقيق المحقّق السيّد جعفر الرفيعي ـ والدرّ النضيد في تعازي الإمام الشهيد ، والسلطان المفرّج عن أهل الإيمان ، وإيضاح المصباح لأهل الصلاح ، وسرور أهل الإيمان في علامات ظهور صاحب الزمان صلوات الله عليه).

(٤) الصحيح : أنّ مولده حدود سنة (٧٢٤ هـ).

(٥) هكذا حكاه الشهيد الثاني عن خطّ أبي طالب محمّد ولد الشهيد وقال بعده : «عندي في تاريخ مولده على الوجه الذي ذكره نظر بيّن من وجوه كثيرة يحتاج إلى بيان طويل والله أعلم». وقد كتب الشهيد ترجمته بخطّه لشمس الدين الجزري وفيه : (أنّه ولد بعد العشرين وسبعماة) ويكفي هذا الوجه للنظر في التاريخ المزبور (الشبيري).


العلاّمة الحلّي باثني عشر(١) سنة لأنّ موت العلاّمة سنة (٧٢٢ هـ)(٢) وقتل الشهيد يوم التاسع من جمادى الأولى سنة (٧٨٦ هـ) فيكون عمره اثنان وخمسون سنة وهو رأس الطبقة السادسة من طبقات المتأخّرين ، وهم ما بين المائة السابعة والثامنة ويروي الشهيد عن الكثير كما تقدّم ،

[مشايخ الشهيد الأوّل]

منهم : السيّد النسابة محمّد بن مُعَيَّة المتوفّى سنة (٧٧٦ هـ) ستّ وسبعين وسبعمائة بالحلّة ، وحمل إلى النجف الأشرف ، ويروي عنه صاحب عمدة الطالب في الأنساب ، وهو يروي عن جماعة :

منهم : السيّد علم الدين المرتضى علي ابن السيّد النسّابة جلال الدين عبد الحميد ابن السيّد النسّابة شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار بن أحمد ابن محمّد بن أبي الغنائم محمّد بن الحسين بن محمّد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، عن والده السيّد النسّابة جلال الدين عبد الحميد ، عن والده الأسعد فخار(٣) بن معد.

ومنهم : ظهير الدين محمّد(٤) ابن فخر المحقّقين ، عن أبيه ، عن جدّه

__________________

(١) الصحيح : ثمان سنين.

(٢) الصحيح : (٧٢٦ هـ).

(٣) شمس الدين أبو علي فخار بن مُعَدّ الموسوي الحايري صاحب كتاب (حجّة الذاهب إلى إيمان أبي طالب) أو (الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب). وهذا السيّد الجليل كان من عظماء وقته وكبراء زمانه في الدين والدنيا فخراً.

(٤) شيخ فاضل فقيه وجيه ، توفّي في أيّام حياة والده فخر المحقّقين.


العلاّمة.

ومنهم : السيّد مجد الدين محمّد بن علي الأعرج الحسيني ، والد السيّد العميدي ، عن العلاّمة الحلّي.

ومنهم : السيّد أبو القاسم علي ابن السيّد غياث الدين عبد الكريم بن طاوس العلوي الحسني ، عن السيّد عبد الحميد بن فخّار المتقدّم ، وعن والده الجليل غياث الدين عبد الكريم بن جلال الدين أحمد ابن طاوس ، عن جماعة من الأجلّة :

الأوّل : المحقّق صاحب الشرايع.

الثاني : والده أبو الفضائل أحمد بن طاوس.

الثالث : عمّه السيّد رضي الدين علي بن طاوس.

الرابع : مولانا نصير الملّة والدين الطوسي.

الخامس : الشيخ بن جهم.

السادس : ابن عمّ المحقّق نجيب الدين يحيى بن سعيد صاحب الجامع.

السابع : السيّد عبد الحميد بن فخار المتقدّم.

الثامن : الشيخ ميثم شارح النهج الآتي ذكره. حيلولة : أيضاً عن محمّد بن معيّة ، عن السيّد جلال الدين جعفر بن علي ابن صاحب دار الصخر الحسيني ، عن المحقّق.

حيلولة : وعن محمّد بن معيّة ، عن نصير الدين علي بن محمّد بن


علي القاشي بطرقه الآتية.

حيلولة : عن الشهيد ، عن رضي الدين أبي الحسن علي ابن الشيخ السعيد جمال الدين أحمد بن يحيى المزيدي الحلّي الفقيه المعروف ـ توفّي غروب يوم عرفة سنة (٧٥٧ هـ) سبع وخمسين وسبعمائة ودفن بالغريّ ـ ، عن جماعة :

الأوّل : العلاّمة الحلّي.

والثاني : الشيخ حسن بن علي بن داود الرجالي المتولّد سنة (٦٤٧ هـ) ستمأة وسبعة وأربعين(١) الراوي ، عن أحمد بن طاوس ، وعن ابنه السيّد عبد الكريم بن طاوس ، وعن الشيخ المحقّق الحلّي.

الثالث : عن الشيخ نجيب الدين محمّد(٢) بن جعفر بن محمّد بن نما الحلّي الفقيه أستاد المحقّق.

الرابع : هو الشيخ محمّد بن أحمد بن صالح الآتي.

الخامس : الشيخ صفيّ الدين محمّد(٣) بن نجيب الدين يحيى بن سعيد صاحب الجامع.

السادس : هو محمّد بن جعفر بن نما الحلّي المعروف بابن الأبريسمي.

__________________

(١) كان حيّاً سنة (٧٠٧ هـ) سبع وسبعمأة.

(٢) المتوفّى سنة (٦٤٥ هـ). والد الشيخ جعفر صاحب كتاب (مثير الأحزان) وجدّ الشيخ جلال الدين حسن بن نظام الدين أحمد بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن نما ، من مشايخ الشهيد الأوّل.

(٣) هو الشيخ الإمام العلاّمة من أعاظم مشايخ الإجازة.


السابع : من مشايخ المزيدي : السيّد رضي الدين معيّة الحسيني.

الثامن : والده جمال الدين أحمد بن يحيى المزيدي المتقدّم ذكره.

[الطريق الثالث للشهيد]

حيلولة : وعن الشيخ السعيد الشهيد الأوّل ، عن الفقيه أبي الحسن علي ابن أحمد بن طرّاد المطارآبادي المتوفّى يوم الجمعة أوّل رجب سنة (٧٦٢ هـ) اثنين وستّين وسبعمائة ، عن جماعة من الأجلّة : العلاّمة الحلّي وابن داود والشيخ صفيّ الدين محمّد.

[الطريق الرابع للشهيد]

حيلولة : وعن الشهيد ، عن الحسن بن نظام الدين أحمد ابن الشيخ محمّد بن نما ، عن المزيدي المتقدّم ، وعن يحيى بن سعيد إبن عم المحقّق ونظام الدين أحمد أبيه ، عن أبيه نجيب الدين محمّد بن نما الآتي في مشايخ المحقّق ، وعن أخيه نجم الملة والدين جعفر بن محمّد بن نما صاحب كتاب مثير الأحزان وكتاب شرح الثار عن أبيه محمّد بن نما.

[الطريق الخامس للشهيد]

حيلولة : وعن شيخنا الشهيد ، عن السيّد علاء الدين أبي الحسن علي ابن محمّد بن الحسن بن زهرة الحسيني الحلبي ، عن العلاّمة الحلّي ، والشيخ طومان(١) بن أحمد العاملي المتوفّى بـ : (طيبة) في سنة (٧٢٨ هـ) ثمان

__________________

(١) الشيخ نجم الدين طومان العاملي ، شيخ عالم فاضل محقّق وإمضائه : (يثق بالله الصمد طومان بن أحمد).


وعشرين وسبعمائة أو ما قاربها.

[مشايخ الشيخ شمس الدين]

عن شمس الدين أبو جعفر محمّد بن أحمد بن صالح السيبي القُسّيني المعروف الراوي عن جماعة :

منهم : السيّد فخار بن مُعَدّ الموسوي.

و [منهم] : نجيب الدين محمّد بن نما.

ومنهم : المحقّق صاحب الشرايع.

ومنهم : السيّد رضي الدين علي بن طاوس.

ومنهم : أحمد بن طاوس.

ومنهم : السيّد رضي الدين محمّد بن محمّد بن محمّد بن زيد بن الداعي الحسيني الأفطسي الآوي النقيب صاحب السيّد علي بن طاوس الذي كثيراً ما يعبّر عنه بـ : (الاخ الصالح) وتوفّي السيّد رضي الدين محمّد الآوي المذكور ليلة الجمعة رابع صفر سنة (٦٥٤ هـ) أربع وخمسين وستمائة ، يروي ، عن أخيه الروحاني علي بن طاوس ، وعن والده فخر الدين محمّد ، عن أبيه رضي الدين محمّد ، عن أبيه زيد ، عن والده الداعي بن زيد بن علي ابن الحسين بن الحسن بن أبي الحسن علي بن أبي محمّد الحسن النقيب الرئيس بن علي بن محمّد بن علي بن علي المعروف بـ : (الجزري) الذي قتله الرشيد (لعنه الله) عن السيّد علم الهدى المرتضى ، والشيخ أبي جعفر الطوسي ، وسلاّر ، وابن البرّاج ، وأبي الصلاح ، والتقي الحلبي جميع ما


صنّفوه ورووه وأجيز لهم روايته وسمعوه.

ومن مشايخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح السيبي المتقدّم ، أبوه أحمد أجازه في سنة (٦٣٥ هـ) خمس وثلاثين وستّمأة ، عن مشايخه الثلاثة :

الأوّل : المولى نصير الدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البحراني ، عن القاضي أبي الحسن علي بن عبد الجبار بن عبد الله بن علي المقريء الرازي الفقيه الصالح ، عن والده القاضي عبد الجبار(١) الملقّب بـ : (المفيد) ، وعن الراونديين الجليلين : السيّد فضل الله(٢) والقطب الراوندي(٣) ويروي الفقيه الراشد ، عن الأوّل من الراونديين بلا واسطة أيضاً.

والثاني : الشيخ قوام الدين محمّد بن محمّد البحراني ، عن السيّد فضل الله الراوندي.

الثالث : الشيخ علي بن محمّد بن فرج السوراوي ، عن الحسين بن رطبة بطريقه الآتي.

__________________

(١) الشيخ أبو الوفاء مفيد الرازي ، من أعيان تلامذة الشيخ الطوسي وسلاّر الديلمي وابن البراّج الطرابلسي.

(٢) السيّد الإمام أبو الرضا ضياء الدين فضل الله الراوندي ، صاحب (ضوء الشهاب في شرح الشهاب) و (النوادر) و (الاربعين حديثاً) و (نظم العروض للقلب المروض). كان حيّاً في سنة (٥٦٠ هـ).

(٣) الإمام قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي صاحب (ضياء الشهاب في شرح الشهاب) و (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة) و (الخرائج والجرائح) و (فقه القرآن) و (قصص الأنبياء) و (دعوات). مات في سنة (٥٧٣ هـ) ودفن في صحن حرم السيّدة المعصومة بقم.


ومن مشايخ شمس الدين محمّد المذكور ، الشيخ شمس الدين علي بن ثابت بن عصيدة السوراوي الفاضل الفقيه الجليل ، عن شيخه عربي بن مسافر الآتي ذكره.

ومنهم : أيضاً : الشيخ محمّد بن أبي البركات اليماني الصنعاني أجازة سنة (٦٣٦ هـ) ، عن عربي بن مسافر بطرقه.

حيلولة : وعن شيخنا الشهيد ، عن السيّد أبو طالب أحمد بن أبي إبراهيم محمّد بن زهرة الحسيني ، عن العلاّمة ، وعلاء الملّة والدين أبي الحسن علي بن زهرة عمّ أبي طالب أحمد بن إبراهيم المذكور.

حيلولة : وعن الشهيد ، عن مهنّا(١) بن سنان قاضي المدينة صاحب المسائل ، عن العلاّمة الحلّي ، وابنه فخر المحقّقين.

حيلولة : وعن الشهيد ، عن السيّد عبد الحميد بن فخار الموسوي المتقدّم.

حيلولة : وعن الشهيد ، عن السيّد شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن أبي المعالي العلوي الموسوي المتوفّى في شهر رمضان سنة (٧٦٩) تسع وستين وسبعمائة ، وهو يروي عن السيّد محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي ، عن نجيب الدين يحيى بن سعيد ، إبن عمّ المحقّق ، وعن

__________________

(١) السيّد مهنّا الحسيني المدني ، السيّد الكبير النقيب الحسيب ، مفخر السادة وزين السيادة ، معدن المجد والفخار والحِكَم والآثار صاحب كتاب (المسائل) و (المعجزات).


الشيخ الإمام كمال الدين علي بن شرف الدين الحسين بن حمّاد الليثي نسباً الواسطي ، وهذا الشيخ يروي عن جماعة :

أوّلهم : السيّد عبد الكريم بن طاوس.

وثانيهم : الشيخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح المتقدّم ذكره آنفاً.

وثالثهم : يحيى بن سعيد ، إبن عمّ المحقّق.

ورابعهم : جعفر بن محمّد بن نما وقد مرّ ذكره.

خامسهم : الشيخ كمال الدين ميثم البحراني.

سادسهم : الشيخ شمس الدين أبي محمّد محفوظ بن وشاح العاملي الهرملي ، عن المحقّق صاحب الشرايع.

سابعهم : المحدّث الجليل محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري صاحب المزار بطرقه الآتية.

حيلولة : وعن الشيخ الشهيد ، عن جلال الدين محمّد بن محمّد بن أحمد الكوفي الهاشمي ، عن الشيخ نجم الدين المحقّق صاحب الشرايع.

حيلولة : وعن شيخنا الشهيد ، عن قطب الدين أبو جعفر محمّد(١) بن محمّد الرازي البويهي الحكيم المتألّه المعروف شارح المطالع والشمسيه وصاحب المحاكمات بين شرح الفخر الرازي وشرح الخواجه نصير الدين على الإشارات لابن سينا وقد وَهَمَ بعض الناس في حقّ هذا المولى ، فنسبه

__________________

(١) من تلامذة العلاّمة الحلّي وشارح (القواعد) ، المتوفّى سنة (٧٧٦ هـ).


إلى علماء الجمهور ، مع أنّه من ذريّة ابن بابويه القمّي ونحن نفتخر به في قبالهم.

حيلولة : وعن شيخنا الشهيد ، عن السيّد الجليل المرتضى عميد الدين عبد المطّلب(١) ابن السيّد مجد الدين أبي الفوارس محمّد الأعرج الحلّي ، وأُمّه أخت العلاّمة بنت الشيخ سديد الدين بن المطهّر ، يروي عن والده ، وعن العلاّمة ، وعن جدّه فخر الدين علي(٢) المتوفّى سنة (٧٧٢ هـ) سبعمأة واثنين وسبعين ، والشيخ مفيد الدين بن جهم ، والشيخ رضي الدين علي(٣) أخو العلاّمة ، جميعاً عن المحقّق صاحب الشرايع.

حيلولة : وعن شيخنا الشهيد ، عن شيخه الأعظم أستاد الشيوخ فخر المحقّقين(٤) ، عن والده آية الله العلاّمة ، وعن عمّه علي بن سديد الدين يوسف بن المطهّر بطرقه الآتية.

حيلولة : وعن شيخنا الشهيد ، عن السيّد ضياء الدين عبد الله بن أبي

__________________

(١) صاحب (منية اللبيب في شرح التهذيب وكنز الفوائد في حلّ مشكلات القواعد وتبصرة الطالبين في شرح نهج المسترشدين). توفّي سنة (٧٥٤ هـ) ودفن في الحرم المقدّس العلوي.

(٢) علي بن محمّد بن الأعرج الحسيني الحلّي.

(٣) الشيخ رضي الدين علي بن يوسف بن المطهّر الحلّي ، صاحب كتاب (العُدَد القوية لدفع مخاوف اليومية).

(٤) أبو طالب فخر الدين محمّد بن الحسن بن سديد الدين يوسف ، المتولّد سنة (٦٩١هـ) والمتوفّى سنة (٧٨١ هـ) والمدفون في جوار والده في الحرم المقدّس العلوي عليه‌السلام. صاحب (إيضاح الفوائد في شرح القواعد) و (الفخرية في معرفة النيّة).


الفوارس أخو السيّد عميد الدين ، عن خاله العلاّمة آية الله في العالمين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي ، رأس الطبقة السابعة من طبقات المتأخّرين وهم ما بين المائة السادسة والسابعة ، أُمّه أخت المحقّق صاحب الشرايع ، تولّد العلاّمة في التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة (٦٤٨ هـ) ثمان وأربعين وستمائة وتوفّي يوم السبت الحادي والعشرين من محرّم الحرام سنة (٧٢٦ هـ) ستّ وعشرين وسبعمائة وقيل اثنين وعشرين وستمائة.

[مشايخ العلاّمة الحلّي]

والعلاّمة قدس‌سره يروي عن جماعة من الأعاظم :

[الأوّل] منهم : الشيخ مفيد الدين محمّد بن علي بن محمّد بن جهم الأسدي أعلم تلامذة المحقّق ، عن فخار بن مُعَدّ.

[الثاني] ومنهم : الشيخ المتألّه ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، عن الخواجة نصير الدين الطوسي ، والشيخ علي ابن الشيخ سليمان البحراني ، عن كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي بن سعيد بن سعاد صاحب رسالة العلم التّي شرحها نصير الدين الطوسي ، عن الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي.

[الثالث] ومنهم : الحسن(١) بن علي بن سليمان المتقدّم ذكره ، عن والده.

__________________

(١) كذا. والصحيح : الحسين.


[الرابع] ومنهم : الشيخ نجيب الدين أبو أحمد أو أبو زكريّا يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلّي الهذلي ابن عمّ صاحب الشرايع(١) صاحب الجامع(٢) والنزهة المتولّد سنة (٦٠١ هـ) احدى وستمائة وأُمّه بنت محمّد بن إدريس صاحب السرائر ، توفّي في ذي القعدة سنة (٦٩٠ هـ) تسعين وستمائة ، عن السيّد محيي(٣) الدين ، والمحقّق صاحب الشرايع ، ونجيب الدين أبي إبراهيم محمّد بن نما ، وشمس الدين أبي علي فخّار بن مَعَدّ ، والشيخ محمّد بن أبي البركات المتقدّم ذكره.

[الخامس] ومنهم : والده الأجلّ سديد الدين أبو يعقوب(٤) يوسف بن زين الدين علي بن المطهّر الحلّي ، عن جماعة من الأساتيد وأرباب الأسانيد اثني عشر جليلاً :

[أوّلهم] : المحقّق نصير الدين الطوسي.

و [ثانيهم] : فخار بن مَعَدّ الموسوي.

[ثالثهم] : ونجيب الدين محمّد بن نما.

[رابعهم] : والشيخ مهذّب الدين الحسين بن أبي الفرج ابن ردّه النيلي ،

__________________

(١) وهو المحقّق الحلّي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهُذَلي الحلّي.

(٢) وكتابيه : (الجامع للشرايع ونزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر).

(٣) وهو السيّد محيي الدين أبو حامد نجم الإسلام محمّد بن أبي القاسم عبد الله بن علي بن زهرة الحلبي ، صاحب كتاب (الاربعين) ، كانت أمّه بنت الشيخ ابن إدريس أيضاً.

(٤) والصحيح : أبو المظفّر.


عن الحسن بن أمين الدين أبي علي الفضل الطبرسي صاحب كتاب مكارم الأخلاق ، عن أبيه صاحب مجمع البيان ويروي ابن ردّة المذكور أيضاً ، عن أحمد بن علي بن عبد الجبار الطبرسي القاضي.

والخامس ممن يروي عنه سديد الدين بن المطهّر : السيّد أحمد بن يوسف بن أحمد العريضي العلوي الحسيني ، عن برهان الدين محمّد بن محمّد علي الحمداني القزويني.

وسادسهم : الشيخ راشد بن إبراهيم البحراني المتقدّم ذكره في طرق السيبي.

وسابعهم : الشيخ يحيى بن محمّد بن يحيى بن الفرج السوراوي الفاضل الصالح ، عن رشيد الدين بن شهرآشوب ، وعن الحسين بن هبة الله ابن رطبة الآتي ذكرهما.

وثامنهم : السيّد عزّ الدين أبي الحارث محمّد الحسيني.

تاسعهم : السيّد صفي الدين أبو جعفر محمّد بن معدّ بن علي بن رافع ابن أبي الفضائل معدّ بن علي بن حمزة بن أحمد بن حمزة بن علي بن أحمد ابن موسى بن إبراهيم ابن الإمام الكاظم موسى بن جعفر ، العالم الفاضل المحدّث ، عن برهان الدين محمّد بن محمّد القزويني الآتي ذكره ، وعن الشيخ أبي الحسن علي بن يحيى الحنّاط(١) شيخ ابن طاوس.

عاشرهم : الشيخ الجليل السوراوي علي بن ثابت المتقدّم في مشايخ

__________________

(١) شيخ عالم فاضل جليل ، يروي عن ابني : إدريس والبطريق.


السيبي.

وحادي عشر هم : السيّد رضي الدين علي بن طاوس.

وثاني عشر هم : ـ وبه يتمّ العدد ـ الشيخ سالم بن محفوظ الآتي ذكره.

رجعنا إلى مشايخ العلاّمة آية الله :

و [السادس] منهم : الخواجه نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي ، فخر الشيعة وناموس الشريعة المتولّد بـ : (طوس) يوم السبت الحادى عشر من جمادى الأولى وقت طلوع الشمس بطالع الحوت سنة (٥٩٧ هـ) سبع وتسعين وخمسمائة ، عمّر خمس وسبعين سنة وسبعة أشهر وسبعة أيام ، ودفن في رواق حرم الكاظمين ممايلي رأس الجواد عليه‌السلام في القبر الذي كان الخليفة الناصر احتفره لنفسه ولم يوفّق له ، وكانت الشيعة في تقيّة من إظهار قبره الشريف لا يعرفه إلاّ الخواصّ ، لكنّ اليوم بحمد الله في تمام الظهور ، حتّى كتب في الإيوان الذي فيه قبره في حاشيته اسمه ووصفه ، بأمر فرهاد ميرزا بن محمّد شاه(١) بن فتحعلي شاه قاجار لمّا عمّر صحن

__________________

(١) الصحيح : هو الحاج فرهاد ميرزا بن عبّاس ميرزا (نائب السلطنة) بن فتح علي شاه قاجار (١٢٣٣ ـ ١٣٠٥ هـ) كان فاضلاً أديباً مؤرّخاً جامعاً للفنون العصرية ، ماهراً في التاريخ والجغرافيا والرياضيّات. له من الكتب المطبوعة : (جام جم ، زنبيل (كشكول) ، قمقام زخار ـ مقتل الحسين بالفارسية ـ ، هداية السبل ـ رحلة حجّه ـ ،


الكاظمين ، وهذا المحقّق يروي ، عن والده ، عن السيّد فضل الله الراوندي ، شيخ ابن شهرآشوب ، وعن شيخه معين الدين سالم(١) بن بدران المصري ، عن السيّد بن زهرة صاحب الغنية شيخ المحقّق.

وعن الشيخ برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني نزيل الري ، عن الشيخ سديد الدين محمود الحمّصي الآتي ذكره ، والشيخ منتجب الدين ابن بابويه صاحب الفهرس المعروف يروي فيه عن مائة شيخ مثل : الشيخ أبو الفتوح الرازي المفسّر ، وأبو علي الطبرسي صاحب مجمع البيان ، والسيّد أبو تراب وأخيه أبو حرب المجتبى ابنا الداعي بن القاسم الحسيني الراويان عن المفيد النيسابوري الشيخ عبد الرحمن عمّ الشيخ أبو الفتوح الرازي.

وعن ابن عمّه الشيخ بابويه ، عن أبيه أبي المعالي سعد ، عن أبيه أبي جعفر محمّد ، عن أبيه ثقة الدين الحسن ، عن أبيه أبي عبد الله الحسين ، عن أبيه شيخ الشيعة علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رحمه‌الله.

وعن قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي والسيّد الإمام أبو الرضا فضل الله بن علي الراوندي شيخ ابن شهرآشوب.

وعن والده موفّق الدين أبو القاسم عبيد الله ، عن والده أبي محمّد

__________________

شرح خلاصة الحساب ، وديوان شعره) ومن آثاره الخيرية الباقية : تعميره للصحن الكاظمي وحجراته وتذهيبه لمناراته في سنة (١٢٩٧ هـ).

(١) أبو الحسن سالم بن بدران بن علي المازني ، فقيه جليل ، يذكر فتاواه في المواريث. له : (التحرير) المحتوي على أحكام المواريث.


الحسن المعروف بـ : (حَسَكا) ـ يعني الرئيس ـ ، عن والده الحسين [بن بابويه] ، عن والده ثقة الدين الحسن إلى آخر ما مرّ.

وعن عمّه أبي جعفر محمّد جدّ بابويه المتقدّم ذكره.

وعن شيخ الطائفة الطوسي.

وعن سلاّر بن عبد العزيز.

وعن القاضي ابن البراج وأمثالهم.

رجعنا إلى عدّ مشايخ آية الله العلاّمة :

و [السابع] منهم : السيّد أبو الفضائل أحمد(١) بن موسى بن جعفر ـ الذي هو صهر الشيخ الطوسي(٢) ـ بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أبي عبد الله محمّد الملقّب بـ : (الطاوس) لحسن وجهه وجماله ، والسيّد أبو الفضائل أحمد أوّل من نظر في الرجال والجرح والتعديل وجمع بين متعارضاتها توفّي سنة (٧٧٠ هـ)(٣).

ومشايخه في الرواية سبعة ، ويشاركه فيها أخوه رضي الدين صاحب

__________________

(١) شيخ الفقهاء وفقيه أهل البيت عليهم‌السلام ، فاضل شاعر عالم صالح زاهد عابد ورع فقيه محدّث محقّق مدقّق ، فخر الفقهاء وسند الأفاضل ، صاحب (بناء المقالة العلويّة في نقض الرسالة العثمانيّة ، وحلّ الاشكال في علم الرجال ، ـ الّذي حرّره وهذّبه الشيخ حسن صاحب (المعالم) وسمّاه بـ : (التحرير الطاوسي ـ وعين العبرة في غبن العترة ، والازهار في شرح لاميّة المهيار). توفّي (٦٧٣ هـ) ودفن بالحلّة.

(٢) هذا خطأ واضح وصهر الشيخ الطوسي هو محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن. (الشبيري)

(٣) والصحيح : توفّي بعد أخيه السيّد رضي الدين علي بن موسى بتسع سنين في (٦٧٣هـ).


الاقبال غالباً وهم : السيّد فخار بن معد ، والحسين بن أحمد السوراوي ، والسيّد صفيّ الدين محمّد بن معدّ الموسوي ، والشيخ نجيب الدين محمّد بن نما ، والسيّد محيي الدين ابن أخي ابن زهرة صاحب الغنية ، وأبو علي الحسين بن خشرم ، والشيخ الفقيه محمّد بن غالب ، عن محمّد بن معد الموسوي.

[ترجمة السيّد بن طاوس]

ومن مشايخ آية الله العلاّمة : السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن طاوس(١) المتّفق على جلالته وكراماته ، وفي كتبه الموجود اليوم كفاية في الدلالة على ما كان عليه قدس‌سره من الربّانية ، كانت أُمّه بنت الشيخ ورّام وأُمّ أبيه(٢) بنت الشيخ الطوسي ، توفّي ببغداد ـ كما في مجموعة الشهيد الأوّل ونقله في البحار ـ بكرة الأثنين خامس ذي القعدة من سنة (٦٦٤ هـ) أربع وستين وستّمائة ، وكان مولده يوم الخميس منتصف محرّم سنة (٥٨٩ هـ) تسع

__________________

(١) السيّد رضي الدين علي بن موسى بن حعفر بن طاوس الحسني الحسيني ، صاحب الكتب المفيدة المتعددة ، منها : (اللهوف ، الطرائف ، فتح الأبواب ، غياث سلطان الورى ، مصباح الزائر ، الإقبال ، الأمان ، فلاح السائل ، سعد السعود ، الدروع الواقية ، مهج الدعوات ، جمال الأسبوع ، محاسبة النفس ، اليقين ، كشف المهجة ، فرج المهموم ، المجتنى) وغيرها. وكلّها مطبوعة.

(٢) يقول العلاّمة الطهراني : «هو صرّح بانّ الشيخ أبا علي الطوسي كان خال والده والشيخ الطوسي جدّه من قبل الأمّ ، فلعلّه كان جدّه الاعلى». (الانوار الساطعة : ١٨٥) ، وراجع في كيفية انتسابه إلى الشيخ : (الفوائد الرضوية ، ص٣٣٤) وفيه يقول : «فظهر أنّ انتساب السيّد إلى الشيخ من طرف والده أبي إبراهيم موسى الذي أمّه بنت الشيخ لا من طرف أمّه بنت الشيخ ورّام ، وما ذكروه من انّ أمّ السيّد يعني زوجة ورّام بنت الشيخ فباطل من وجوه».


وثمانين وخمسمائة ، ويروي عن جماعة :

الأوّل منهم : الشيخ حسين بن محمّد السوراوي أجازه في سنة تسع وستمائة ، عن الطبري صاحب بشارة المصطفى الآتي ذكره.

ثانيهم : أبو الحسن علي بن يحيى بن علي الحنّاط أجازه سنة تسع وستمائة ، عن جماعة ، وهم : الشيخ عربي بن مسافر شيخ المحقّق ، وعلي ابن حمزة الطوسي ، وعلي بن نصر الله بن هارون المعروف جدّه بالكمال الحلّي ، والشيخ المؤسّس محمّد بن إدريس الحلّي ، والشيخ ابن بطريق الحلّي ، وبرهان الدين الحمداني القزويني المتقدّم ، والشيخ المقريء جعفر ابن أبي الفضل محمّد بن محمّد شعرة الجامعي ، والشيخ عبد الله بن حمزة ابن عبد الله بن حمزة الطوسي ، عن الشيخ عفيف الدين محمّد بن الحسين الشوهاني ، عن الشيخ المفيد عبد الجبار بن عبد الله المقريء ، عن شيخ الطائفة الطوسي.

[الثالث] ومن مشايخ السيّد بن طاوس : الشيخ الجليل أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر بن أسعد(١) الإصفهاني ـ شارح دعاء صنمي قريش(٢) ـ

__________________

(١) بن محمّد بن هبة الله بن حمزة الإصفهاني ، الملقّب بـ : (سفرويه) أو (سفروه) (المتوفّى : ٦٤٠ هـ).

(٢) باسم : (رشح الولاء في شرح الدعاء) ، ومن كتبه : (فضيلة الحسين وفضله وقتله ، منبع الدلائل ومجمع الفضائل ، وديوان شعر بالفارسية ، ومجمع البحرين ومطلع السعادتين ، وتوجيه السؤالات في حلّ الإشكالات). وللشيخ قيس العطّار رسالة في ترجمة أحواله ، طبعت في (صفايى نامه ، ص١٣٧ ـ ١٤٨).


أستاد الخواجه نصير الدين والشيخ ابن ميثم ، عن عماد الدين أبي الفرج علي ابن الشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين الراوندي الفقيه الثقة ، عن والده قطب الدين الراوندي وعن جماعة من مشايخ ابن نما كما ستعرف.

[الرابع] ومن مشايخ السيّد بن طاوس : الشيخ نجيب الدين ابن نما شيخ المحقّق.

و [الثامن] منهم أيضاً : السيّد شمس الدين فخّار بن معدّ الموسوي والشيخ تاج الدين بن الدربي والشيخ صفيّ الدين محمّد بن معد الذي مرّ ذكره في مشايخ والد العلاّمة والشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلّي ، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الأكبر والسيّد أبو حامد محيي الدين محمّد بن عبد الله بن زهرة الحسيني الإسحاقي ابن أخي ابن زهرة الحلبي صاحب الغنية.

[ترجمة المحقق الحلّي]

التاسع من مشايخ آية الله العلاّمة : خاله الأعظم وأستاده الأكرم المحقّق على الإطلاق الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلّي(١) ، شيخ الطبقة السابعة من طبقات المتأخّرين عن الشيخ ، وهم ما بين المائة السادسة والسابعة ، توفّي فجر يوم الخميس

__________________

(١) صاحب : (شرايع الإسلام ، ومختصر النافع ، والمعتبر في شرح المختصر ، ومعارج الأصول ، واستحباب تياسر القبلة ، والنكهة في المنطق ونهج الوصول إلى معرفة الأصول ، والمسلك في أصول الدين) وغيرها.


ثالث شهر ربيع الآخر سنة (٦٧٦ هـ) ستّ وسبعين وستمائة سقط من أعلا درجة في داره في غلس الفجر فخرّ ميّتاً لوقته من غير نطق ولا حركة وانفجع الناس لوفاته واجتمع الخلق الكثير وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام(١) ـ سئل عن تولّده قال : من سنة (٦٠٢ هـ) اثنين وستمائة ، كذا وجدته بخطّ الشيخ الأفضل علي بن فضل الله بن هيكل الحلّي جامع المسائل الشاميّات الأولى والثانية لأستاده الشيخ أحمد بن فهد الحلّي ـ لكن في الحلّة السيفية بنية معروفة بـقبر المحقّق صاحب الشرايع ـ يروي قدس‌سره عن والده الشيخ حسن ، عن أبيه يحيى الأكبر بن الحسن بن سعيد ، عن الشيخ عربي بن مسافر العبادي الفقيه الصالح ، عن جماعة :

منهم : الشيخ عماد الدين الطبري شيخ إجازة محيي الدين بن زهرة والشيخ أمين الدين حسين بن طحّال شيخ ابن نما الآتي والشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسين بن جمال الدين هبة الله بن الحسين بن رطبة السوراوي ، ويروي السوراوي هذا ، عن شيخ الطائفة الطوسي.

ومنهم : الشيخ أبي محمّد الياس بن محمّد بن هشام الحائري ، عن ابن الشيخ المولى أبي علي الطوسي شيخ الطبقة الثامنة من طبقات المتأخّرين الآتي ذكره.

__________________

(١) قال أبو علي الحائري : وهذا عجيب ، فإنّ الشايع بين الخاصّ والعامّ أنّ قبره بالحلّة وهو مزار معروف وعليه قبّة وله خدّام يخدمون قبره يتوارثون ذلك أبّا عن جدّ ، وقد خربت عمارته فأمر الأستاد العلاّمة دام علاه بعض أهل الحلة فعمّروها وقد تشّرفت بزيارته قبل ذلك وبعده.


ويروي شيخنا المحقّق صاحب الشرايع أيضاً ، عن السيّد محيي الدين ابن زهرة(١) ـ وهو محمّد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحلبي صاحب كتاب الأربعين ـ ، عن جماعة :

الأوّل : الشيخ ابن شهرآشوب رشيد الدين المازندراني الآتي ذكره.

والثاني : عمّه السيّد عزّ الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني صاحب الغنية المتولّد في شهر رمضان سنة (٥١١ هـ) إحدى عشر وخمسمائة والمتوفّى سنة (٥٨٥ هـ) خمس وثمانين وخمسمائة ، عن أبي منصور السيّد محمّد بن الحسن بن منصور النقّاش ، عن أبي علي بن الشيخ.

[مشايخ ابن زهرة]

ويروي السيّد صاحب الغنية ، عن ابن الحاجب الحلبي أبي علي الحسن بن الحسين المعروف بـ : (ابن الحاجب) الحلبي ، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي سهل الزين آبادي ، عن الشيخ رشيد الدين علي ابن زيرك القمّي(٢) والسيّد أبي هاشم المجتبى(٣) بن حمزة بن زهرة بن زيد

__________________

(١) هو نجم الإسلام أبو حامد محمّد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي ، سبط ابن إدريس الحلّي وابن خالة ابن سعيد الحلّي صاحب كتاب (الأربعين في حقوق الإخوان).

(٢) محدّث فقيه فاضل واعظ، قرأ على الفقيه اميركا بن أبي اللجميم بقزوين.

(٣) هو أبو هاشم مجد الدين المجتبى بن حمزة بن زيد بن مهدي بن حمزة بن محمّد بن عبد الله بن علي بن الحسن المثلّث بن الحسن المثنّى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام. يروي عن الشيخ الطوسي. (الفوائد الرضوية ، ص٣٧٢). بدون واسطة زهرة.


الحسيني ، عن المفيد عبد الجبار الرازي الآتي ذكره.

ويروي صاحب الغنية أيضاً ، عن الفقيه [ابي عبد الله] الحسين بن طاهر بن الحسين الأصغري(١) ، عن الشيخ أبي الفتوح الآتي ذكره.

ويروي السيّد أبو المكارم أيضاً ، عن أبيه علي بن زهرة.

والثالث من مشايخ السيّد محيي الدين بن زهرة : والده أبو القاسم عبد الله بن علي صاحب المؤلّفات الكثيرة(٢) ، عن أخيه أبي المكارم ابن زهرة.

والرابع : جدّه لأُمّه الشيخ ابن إدريس الآتي ذكره.

والخامس : الشريف الفقيه عزّ الدين أبو الحرث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني العلوي البغدادي ، عن القطب الراوندي والشيخ شمس الدين أبو الحسين أو أبو زكريّا يحيى(٣) بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمّد ابن بطريق الحلّي الأسدي ، عن الشيخ عماد الدين أبي جعفر محمّد بن أبي القاسم علي بن محمّد بن علي الطبري الآملي الكُحّي صاحب بشارة

__________________

(١) كذا ، والصحيح : الصوري

(٢) كالتجريد في الفقه والتبيين لمسئلتي الشفاعة وعصاة المسلمين وتبيين المحجّة في كون إجماع الإمامية حجّة.

(٣) أبو الحسين شمس الدين يحيى بن بطريق ، صاحب (خصائص الوحي المبين في مناقب أمير المؤمنين والنهج المعلوم إلى نفي المعدوم وعمدة صحاح الأخبار في مناقب الأئمّة الأطهار وتصفّح الصحيحين في تحليل المتعتين واتفاق الأثر في إمامة الأئمّة الاثنى عشر).


المصطفى لشيعة المرتضى(١) ، عن أربعة عشر شيخاً :

أوّلهم : أبي علي بن الشيخ.

ثانيهم : ابن بابويه المعروف بـ : (حَسَكا)(٢) المتقدّم ذكره.

ثالثهم : الشيخ الأمين أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن شهريار(٣) الخازن بمشهد أمير المؤمنين.

رابعهم : الشيخ أبي البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم الرقّاء البصري قرأ عليه في سنة (٥١٦) ستّة عشر وخمسمائة في مشهد أمير المؤمنين بأسانيده الّتي ذكرها عنه في بشارة المصطفى فراجعها.

خامسهم : الشيخ الفقيه أبي النجم محمّد بن عبد الوهاب بن عيسى السمّان الورع الفقيه.

سادسهم : والده أبي القاسم علي بن محمّد بن علي الفقيه.

سابعهم : أبو اليقظان عمّار بن ياسر.

ثامنهم : ولده أبي القاسم سعد بن عمّار ، يروي هؤلاء الثلاثة ، عن الشيخ الزاهد إبراهيم بن أبي نصر الجرجاني ، عن السيّد الزاهد محمّد بن

__________________

(١) وله غير كتاب (البشارة) ، كتاب (الفرج في الأوقات والمخرج بالبيّنات وشرح الذريعة والزهد والتقوى).

(٢) هو مخفّف (حسن كيا) وكيا بالفارسية بمعنى الكبير.

(٣) صهر الشيخ الطوسي ، وابنه أبو طالب حمزة بن محمّد ـ من بنت الشيخ ـ من الفضلاء أيضاً.


حمزة الحسيني المرعشي رحمه‌الله ، عن أبي عبد الله الحسين بن بابويه أخو (١) الصدوق.

تاسعهم : الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي الزيدي في النسب والمذهب.

عاشرهم : أبو غالب سعيد بن محمّد الثقفي الكوفي أجازه سنة (٥٦٠ هـ) ستّين وخمسمائة ، عن الشريف أبي عبد الله محمّد بن علي بن عبد الرحمن العلوي صاحب كتاب التعازي ، عن أبيه ، وعن عمر بن إبراهيم الكلتاني المقريء ، وعن محمّد بن عبد الله الجعفي ، وعن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله الشيباني ، وعن زيد بن جعفر بن محمّد بن صاحب ، وعن محمّد بن الحسين السَمَلي ، وعن جعفر بن محمّد الجعفري بأسانيدهم المذكورة في البشارة وفرحة الغري.

حادي عشرهم : أبو محمّد الجبّار بن علي بن جعفر المعروف بـ : (حدقة) الرازي.

قال في البشارة : «أخبرني بها بقرائتي عليه سنة (٥١٨ هـ) ثمان عشر وخمسمائة» ، عن أبي محمّد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوري(٢) وهو عمّ الشيخ أبي الفتوح الرازي المفسّر بالفارسية شيخ ابن

__________________

(١) كذا ، والصحيح : «أخي».

(٢) هو الشيخ المفيد النيشابوري الخزاعي، نزيل الرّي، شيخ الأصحاب ومحدّثهم. صاحب: (سفينة النجاة في مناقب أهل البيت وعيون الأخبار العلويّات والرضويّات والمواعظ والزواجر).


شهرآشوب الآتي.

ثاني عشرهم : الشيخ الأديب أبي علي محمّد بن علي بن قرداش التميمي ، عن أبي الحسين محمّد بن محمّد النقّاد الحميري.

ثالث عشرهم : الشيخ محمّد بن علي بن عبد الصمد بن محمّد النيشابوري شيخ ابن شهرآشوب الآتي.

رابع عشرهم : أبي طالب ؛ هو السيّد الإمام الزاهد يحيى بن الحسن بن عبد الله الجُوّاني الحسيني الأملي عن الشيخ أبي علي جامع بن أحمد الدهشاني(١) ، عن الشيخ أبي الحسن علي بن الحسين بن العبّاس ، عن أبي إسحق إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم الثعالبي ، عن أبي القاسم يعقوب بن أحمد السرّي الفروضي ، عن أبي بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي إلى آخر ما في صحيفة الرضا.

[بقية مشايخ المحقّق الحلّي]

رجعنا إلى مشايخ المحقّق صاحب الشرائع أيضاً :

[الرابع] منهم : الشيخ محمّد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الحلّي الربعي المعروف بـ : (ابن نما) على الإطلاق كان شيخَ الشيعة ورئيسها غير مدافع ، وهو الذي عمّر بيوت الدرس إلى جانب المشهد المنسوب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه بالحلّة السيفية وأسكنها الفقهاء ،

__________________

(١) الصحيح : الدهستاني.


وتوفّي طاب ثراه في رابع ذي الحجّة (٦٤٥ هـ) سنة خمس وأربعين وستمائة وقد ناهز الثمانين ، وحمل من يومه إلى مشهد الحسين عليه‌السلام ، وكان يوم وفاته يوماً عظيماً رثاه الناس ورثاه ابن العلقمي ، كذا وجدته بخطّ الشيخ الفقيه علي ابن فضل الله بن هيكل الحلّي تلميذ الشيخ أحمد بن فهد الحلّي رحمه‌الله المتقدّم ذكره.

[مشايخ ابن نما الحلّي]

وهذا الشيخ ابن نما يروي عن جماعة كثيرة مثل :

[الأول] : برهان الدين محمّد بن محمّد القزويني المتقدّم.

و [الثاني] : أبيه جعفر بن نما ، عن الشيخ ابن إدريس الآتي ذكره ، والحسين بن رطبة المتقدّم ذكره ، وعن أبيه الجليل هبة الله بن نما العفيف الرئيس ، عن الشيخين : أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي ، والياس بن هشام [الحائري] ، عن أبي علي ابن الشيخ.

و [الثالث] : يروي محمّد بن نما أيضاً ، عن الشيخ الجليل السعيد المتبحّر أبو عبد الله محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري المعروف بـ : (محمّد بن المشهدي) وبـ : (ابن المشهدي) مؤلّف المزار الكبير ، عن شمس الدين يحيى بن البطريق المتقدّم ذكره ، وعزّ الدين السيّد ابن زهرة السابق ، ومهذّب الدين الحسين بن ردّه المتقدّم ذكره في مشايخ سديد الدين بن المطهّر ، والشيخ شاذان بن جبرئيل القمّي شيخ السيّد فخار الآتي ، والشيخ أبو البقاء بن نما المتقدّم ، وأبو عبد الله الحسين بن جمال


الدين هبة الله بن الحسين بن رُطبة السوراوي الفقيه الجليل ، عن الشيخ أبي علي ابن الشيخ.

[مشايخ ورّام بن ابي فراس]

ويروي ابن المشهدي أيضاً : عن الأمير الزاهد أبو الحسين ورّام ابن أبي الفوارس(١) ، ورّام بن حمدان بن عيسى بن أبي نجم بن ورّام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم بن مالك بن الحارث الأشتر النخعي توفّي ثاني محرّم سنة (٦٠٥ هـ) خمس وستمائة ، عن سديد الدين محمود(٢) بن علي بن الحسن الحمّصي الرازي العلاّمة المتكلّم المشهور ، عن موفّق الدين الحسين بن الفتح الواعظ البكرآبادي الجرجاني الفقيه الصالح الثقة ، عن الشيخ أبي علي ابن الشيخ.

ويروي الشيخ ورّام أيضاً : عن السيّد الأجلّ الشريف أبي الحسن علي(٣) بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني ، عن الحسين بن رُطبة المتقدّم ، وعن الشيخ علي بن علي بن نما ، عن أبي محمّد الحسن بن علي بن حمزة الأقساسي من ذريّة يحيى بن زيد الشهيد.

__________________

(١) في بعض الكتب : أبي فراس.

(٢) هو صاحب : (المنقذ من التقليد والتبيين والتنقيح في التحسين والتقبيح وبداية الهداية والمصادر في أصول الفقه). توفّي حدود (٥٨٥ هـ) عن مأة سنة.

(٣) علاء الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن محمّد بن (أبي خ) الحسن بن زهرة بن علي بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن الحسين بن إسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وهو الذي كتب العلاّمة الإجازة الكبيرة له ولولديه: أبي عبد الله الحسين وأبي عبد الله محمّد وأبناء أخيه: أحمد والحسن.


[مشايخ ابن المشهدي]

ومن مشايخ ابن المشهدي : الشيخ العالم المقريء أبو عبد الله محمّد ابن هارون بن الكمال.

ومنهم أيضاً : الدوريستي المعروف ، أبو محمّد نجم الدين عبد الله(١) ابن جعفر بن محمّد الفقيه المحدّث ، عن جدّه الجليل جعفر بن محمّد الدوريستي ، عن جدّه الآتي في مشايخ ابن شاذان القمّي.

ومنهم أيضاً : ابن شعرة الجامعاني ، الشيخ أبو جعفر بن أبي الفضل بن شعرة ، عن بهاء الشرف راوي الصحيفة الكاملة.

ومنهم : والده جعفر بن علي المشهدي ، عن السيّد بهاء الشرف المذكور.

ومنهم أيضاً : الشريف أبو القاسم بن الزكي العلوي ، عن السيّد بهاء الشرف المذكور.

ومنهم أيضاً : الشريف أبو الفتح بن جعفريّة العلويّة الطوسي الحسيني الحائري وهو محمّد بن محمّد بن الجعفريّة ، عن الشيخ عماد الدين أبي القاسم الطبري ، وعن الشريف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الحسن العلوي الحسيني ، عن أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن شهريار

__________________

(١) من أحفاد حذيفة بن اليمان صاحب سرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، توفّي سنة (٦٠٠ هـ) وجدّه جعفر بن محمّد يروي عن الشيخين المفيد والطوسي والسيّدين الرضي والمرتضى وابن عيّاش أحمد بن محمّد بن عبد الله الجوهري صاحب (مقتضب الأثر).


الخازن ، عن والده.

ومنهم أيضاً : سالم بن قبادويه(١).

ومنهم أيضاً : السيّد عزّ الدين شرف شاه بن محمّد الحسيني الأفطسي النيشابوري المعروف بزيارة المدفون بالغري ، عن شيخه أبي الفتوح الرازي الآتي ذكره.

ومنهم أيضاً : الشيخ المكين أبو منصور محمّد بن الحسن بن منصور النقّاش الموصلي ، عن الشريف أبي الوفاء المحمّدي الموصلي ، عن أبي عبد الله محمّد بن محمّد شيخنا المفيد.

ويروي أبو منصور النقّاش ، عن أبي علي ابن الشيخ الطوسي كما تقدّم.

ومنهم أيضاً : محمّد بن علي بن شهرآشوب الآتي ذكره.

ومنهم أيضاً : جلال الدين عبد الحميد بن التقي عبد الله بن أسامة العلوي الحسيني جدّ السيّد بهاء الدين علي صاحب الأنوار المضيئة ، عن السيّد فضل الله الراوندي الآتي ذكره.

وعن الشيخ المقريء أبي الفرج أحمد بن حشيش القرشي ، عن الشيخ العدل الحافظ أبي نعيم محمّد بن علي بن ميمون القرشي ، عن الشريف أبي عبد الله محمّد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني صاحب كتاب التعازي المتقدّم ذكره.

__________________

(١) في الفوائد الرضوية : قهارويه ، شيخ فاضل جليل القدر.


ومنهم أيضاً : الشيخ الجليل أبو الخير سعد بن أبي الحسن الفرّاء رضي الله عنه ، عن الشيخ الفقيه أبي عبد الله الحسين بن طحال المقدادي المتقدّم ذكره ، عن الشيخ أبي علي الطوسي.

ومنهم : الشريف ابن الحمد النحوي أبو جعفر محمّد ، أجازه سنة (٥٧١ هـ) احدى وسبعين وخمس مأة.

ومنهم : عماد الدين الطبري محمّد بن أبي القاسم ، قرأ عليه سنة (٥٥٣ هـ) ثلاث وخمسين وخمسمائة بالمشهد الغروي ، عن الشيخ المفيد أبي علي ابن الشيخ الطوسي.

ومنهم : الشيخ عربي بن مسافر ، والشيخ هبة الله بن نما المتقدّم ذكرهما.

فرغنا من مشايخ ابن المشهدي.

والرابع من مشايخ (ابن نما) على الإطلاق : هو الشيخ عماد الدين أبو الفرج علي ابن الشيخ قطب الدين الراوندي.

عن والده.

وعن السيّد ضياء الدين فضل الله الراوندي.

[مشايخ عماد الدين الراوندي]

وعن جمال الدين الشيخ أبو الفتوح الرازي المفسّر.

وعن سديد الدين محمود الحمّصي.


وعن أمين الدين الفضل بن الحسن الطبرسي.

والخامس من مشايخ ابن نما : أبو الحسن علي بن يحيى بن علي الخيّاط المتقدّم في مشايخ رضي الدين بن طاوس.

[بقية مشايخ المحقق الحلّي] :

فرغنا من مشايخ ابن نما ورجعنا إلى مشايخ المحقّق نجم الدين الحلّي.

[والخامس] منهم : السيّد السند الجليل النسّابة شيخ الشرف شمس الدين أبو علي فخار بن معدّ الموسوي صاحب كتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب كتاب حسن ، يروي فيه ، عن جماعة مثل :

[الأول] : عربي بن مسافر.

و [الثاني] : السيّد عبد الحميد بن عبد الله التقي ، شيخ ابن المشهدي.

[مشايخ شاذان بن جبرئيل القمّي]

و [الثالث :]شاذان(١) بن جبرئيل بن إسماعيل القمّي الراوي عن الطبري صاحب البشارة المتقدّم ، وعن أبيه جبرئيل بن إسماعيل المذكور ، عن الشيخ أبي الحسن محمّد بن محمّد البصري صاحب كتاب المفيد في التكليف ، عن

__________________

(١) أبو الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمّي ، صاحب رسالة (إزاحة العلّة في معرفة القبلة) وكتاب (الفضائل).


السيّد علم الهدى المرتضى.

حيلولة : وعن شاذان القمّي ، عن الشيخ الفقيه ريحان بن عبد الله الحبشي أبو محمّد المصري الذي ذكره السيوطي في كتاب أخبار الحبوش ، مات سنة (٥٦٠ هـ) ستّين وخمسمائة ، عن أبي الفتح محمّد بن عثمان الكراجكي ،

وعن القاضي عبد العزيز(١) بن أبي كامل الطرابلسي الفقيه المعروف ، عن العلاّمة الكراجكي ، وعن أبي الصلاح تقيّ الدين نجم(٢) بن عبيد الله الحلبي خليفة الشيخ الطوسي في البلاد الشاميّة صاحب الكافي في الفروع الفقهية وهو : (الحلبي) على الإطلاق في لسان الفقهاء وهو يروي عن السيّد المرتضى والشيخ الطوسي.

حيلولة : وعن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل ، عن عزّ الدين(٣) أبي القاسم عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البرّاج الفقيه القاضي بـ : (طرابلس الشام) في مدّة عشرين سنة تلميذ علم الهدى وشيخ الطائفة الطوسي ، توفّي ليلة الجمعة لتسع خلون من شعبان سنة (٤٨١ هـ) ، وكان مولده ومنشاؤه بمصر ، عن علم الهدى ، وعن شيخ الطائفة ، وعن أبي

__________________

(١) عزّ الدين عبد العزيز الطرابلسي ، من تلامذة الشيخ الطوسي والمرتضى وابن البرّاج.

له : (الكامل والمهذّب ، والموجز والجواهر).

(٢) وله : (تقريب المعارف) في الكلام و (البرهان على ثبوت الإيمان).

(٣) والصحيح : سعد الدين عزّ المؤمنين ، صاحب : (جواهر الفقه ، المهذّب في الفقه ، شرح جمل العلم والعمل ، عماد المحتاج في مناسك الحاج) وغيرها.


الصلاح الحلبي ، وعن أبي الفتح الكراجكي.

حيلولة : وعن شاذان بن جبرئيل القمّي ، عن الشيخ الفقيه أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عمر العمري الطرابلسي ، عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي المتقدّم.

حيلولة : وعن شاذان بن جبرئيل المذكور ، عن السيّد أبو المكارم ابن زهرة صاحب الغنية المتقدّم ذكره.

حيلولة : وعن شاذان القمّي المذكور ، عن الشيخ أبو محمّد حسن بن حسوله بن صالحان القمّي الخطيب بالجامع العتيق ، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد بن عبّاس الدوريستي ، و (دوريست) قرية بينها وبين (الري) فرسخين ، ومشايخ «دوريست» من أعلم بيوت الشيعة في العالم ،

ويروي هذا الشيخ الدوريستي ، عن الشيخ المفيد ، والسيّد المرتضى ، والرضي ، والشيخ الطوسي بطرقهم الآتية والمتقدّمة ، وعن والده محمّد بن أحمد الدوريستي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه الصدوق والشيخ الأقدم أحمد بن محمّد بن عيّاش.

حيلولة : وعن والده الشيخ الجليل محمّد بن أحمد بن العبّاس بن الفاخر الدوريستي ، عن الشيخ الأجلّ أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه الصدوق.

حيلولة : وعن شاذان بن جبرئيل القمّي ، عن أبي جعفر محمّد بن موسى بن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي المتقدّم ، عن جدّه أبي


عبد الله المذكور.

حيلولة : وعن شاذان القمّي المذكور ، عن السيّد أحمد بن محمّد الموسوي ، عن القاضي ابن قدامه ، عن السيّدين : علم الهدى المرتضى ، وأخيه السيّد الرضي طاب ثراهما.

حيلولة : وعن شاذان بن جبرئيل المذكور ، عن الشيخ محمّد بن سرآهنك ، عن علي بن علي بن عبد الصمد.

[مشايخ فخار بن معدّ]

فرغنا من مشايخ شاذان بن جبرئيل القمّي ورجعنا إلى مشايخ السيّد فخار بن معدّ الموسوي.

و [الرابع] منهم : الشيخ المحقّق النبيه أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إدريس الحلّي العجلي الرَبَعي ،

حكى الشهيد عنه أنّه قال : «بلغتُ الحُلُمَ سنة (٥٥٨ هـ) ثمان وخمسين وخمس مائة» وتوفّي سنة (٥٧٨ هـ) ثمان وسبعين وخمس مائة كذا في المنقول عن خطّ الشهيد ، ولعلّ الناسخ صحّف تسعين بسبعين ، بل يمكن القطع بذلك ، لأنّه ذكر تواريخ في كتابه السرائر هي بعد سنة ثمان وسبعين كما هو صريح كلامه في كتاب الصلح ، قال : «إلى يومنا هذا وهو سنة سبع وثمانين وخمسمائة» وفي كتاب المواريث قال : «في عصرنا هذا وهو سنة ثمان وثمانين وخمسمائة» وفي كتاب المزارعة اخبر فيه عن تقدّم موت السيّد العلوي أبو المكارم ابن زهرة الحلبي على تصنيفه السرائر ، وقد عرفت انّ


السيّد ابن زهرة مات سنة (٥٨٥ هـ) خمس وثمانين وخمسمائة ، وأعظم من ذلك إجازته الرواية للسيّد فخار بن معدّ ، قال السيّد فخار في كتابه(١) : «من ذلك ما أخبرني به شيخنا السعيد أبو عبد الله محمّد بن إدريس رضي الله عنه في شهر ربيع الأوّل سنة (٥٩٣ هـ) ثلاث وتسعين وخمسمائة» بل هو المنقول صريحاً عن الكفعمي في وفيات العلماء أنّه قال : «وجدت بخطّ ولده الصالح ما لفظه : (توفّي والدي محمّد بن إدريس يوم الجمعة وقت الظهر ثامن عشر شوّال سنة (٥٩٨ هـ) ثمان وتسعين وخمسمائة فيكون عمره خمس وخمسين سنة تقريباً)».

يروي ، عن الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العلوي العريضي تقدّم ذكره في مشايخ الشيخ ورّام ، وعن الشيخ عربي بن مسافر العبادي المتقدّم ذكره ، وعن السيّد أبو المكارم بن زهرة صاحب الغنية ، وعن الشيخ الحسين بن رُطبة المتقدّمان ، وعن عبد الله بن جعفر الدوريستي ، عن جدّه أبي جعفر محمّد بن موسى ، عن جدّه أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي ، وعن السيّد شرف شاه ، عن أبي الفتوح الرازي المفسّر.

حيلولة : وعن فخار بن معدّ الموسوي ، عن الشيخ أبو الفضل بن الحسين الحلّي الأجدب قرأ عليه سنة (٥٩٥ هـ) خمس وتسعين وخمسمائة ، عن الشيخ السيّد أبي الفتح محمّد بن محمّد بن جعفريّة العلويّة الحسيني الطوسي المتقدّم في مشايخ ابن المشهدي.

__________________

(١) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب.


حيلولة : وعن فخار بن معدّ ، عن السيّد الصالح النقيب أبو منصور الحسن بن معيّة العلوي الحسني ، عن الشيخ الفقيه أبي محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد الدوريستي المتقدّم.

حيلولة : وعن فخار بن معدّ الموسوي ، عن السيّد النقيب أبو جعفر يحيى بن محمّد بن أبي زيد العلوي النقيب البصري ، عن والده أبي طالب محمّد بن محمّد بن أبي زيد النقيب الحسن البصري ، عن تاج الشرف محمّد ابن محمّد بن أبي الغنائم المعروف بـ : (ابن السخطه) العلوي الحسيني البصري النقيب ، عن الشيخ الإمام العالم أبي الحسن نجم الدين علي بن محمّد الصوفي العلوي العمري النسّابة الشجري المعروف صاحب كتاب المجدي في أنساب الطالبيّين.

حيلولة : وعن السيّد فخار بن معدّ عن الشريف النقيب أبو طالب محمّد بن الحسن بن محمّد بن معيّة العلوي الحسيني.

حيلولة : وعن فخار بن معدّ الموسوي ، عن أبي العزّ محمّد بن علي الفويقي.

قال فخار بن معدّ في كتابه المتقدّم ذكره(١) : «أخبرني مشايخي أبو عبد الله محمّد بن إدريس ، وأبو الفضل شاذان بن جبرئيل ، وأبو العزّ محمّد بن علي الفويقي رضوان الله عليهم بأسانيدهم إلى الشيخ المفيد.

__________________

(١) أي : (الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب).


حيلولة : وعن السيّد فخار بن معدّ المذكور ، عن والده الجليل(١) ، عن أبي يَعلى محمّد بن علي بن حمزة الأقسيسي العلوي الحسيني نقيب الحائر المقدّس بأسانيده إلى الواقدي.

حيلولة : وعن فخار بن معدّ ، عن العالم عميد الرؤساء رضيّ الدين أبو منصور هبة الله(٢) بن حامد بن أحمد بن أيّوب بن علي بن أيّوب الحلّي صاحب كتاب الكعب المتوفّى سنة (٦١٠ هـ) عشر وستمائة ، عن السيّد بهاء الشرف راوي الصحيفة الكاملة بن نجم الدين أبي الحسن محمّد بن الحسن ابن أحمد بن علي بن محمّد بن عمر بن يحيى بن الحسين النسّابة بن أحمد المحدّث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الإمام السجاد عليه‌السلام.

وقد روى عنه غير عميد الرؤساء جماعة ممّن تقدّم أسنادهم ، كابن السكّون ، والشريف الأجلّ نظام الشرف أبو الحسن بن العريضي العلوي ، وجعفر بن علي والد محمّد ابن المشهدي ، والشيخ هبة الله بن نما ، والشيخ المقرىء جعفر بن أبي الفضل بن شعرة ، والشريف أبو القاسم بن الزكي

__________________

(١) هو النقيب الطاهر معد بن فخار الموسوي الحائري ، كان ذا جاه عريض وبسطة عظيمة وتمكّن تام.

(٢) هو الإمام الفقيه الفاضل الجامع الأديب الكامل نحوي لغوي شاعر ، شيخ وقته ومتصدّر بلده ، المقبول عند الخاصّة والعامّة ، وله نظم ونثر وكان يلقّب بـ : (وجه الدريبة).


العلوي ، والشريف أبو الفتح بن الجعفريّة ، والشيخ سالم بن قبارويه(١) ، والشيخ عربي بن مسافر وغيرهم ، وقد عرفت طرقهم.

حيلولة : وعن فخار بن معدّ الموسوي ، عن الشيخ أبي الحسن علي ابن محمّد بن محمّد بن علي بن محمّد بن محمّد بن السكون الحلّي المعروف بـ : (ابن السكون) ومن أصحابنا وقيل أنّه القائل : (حدّثنا) في أوّل الصحيفة ـ وإن لم يكن فهو العميد وهو في طبقة ابن السكون أيضاً ، وهما من تلامذة ابن العصّار اللغوي ـ والسند الشائع فيها ينتهي إلى نسخة الشهيد الأوّل ، وهو يرويها عن السيّد تاج الدين محمّد بن قاسم بن معيّة عن والده وهو يرويها عن كليهما وكذا سائر طرق الشهيد المنتهية إلى ابن نما والسيّد فخار والسيّد عبد الله بن زهرة الحلبي فكلّهم يروونها عن كليهما وكلاهما يروونها عن السيّد بهاء الشرف فلا ثمرة عليه في تعيين أنّ القائل : (حدّثنا) أيّهما.

حيلولة : وعن فخار بن معدّ ، عن السيّد السعيد الفقيه أبو محمّد قريش بن السُبَيْع بن مهنا بن السُبَيْع العلوي المدني وقد يقال : (قريش بن مهنا) للاختصار ، عن الحسين بن رُطبة ، عن أبي علي ابن الشيخ الطوسي.

[بقية مشايخ المحقّق]

فرغنا من مشايخ فخار بن معدّ [و] رجعنا إلى مشايخ المحقّق نجم الدين أيضاً.

__________________

(١) في الكتب : قهارويه.


و [السادس] منهم : السيّد مجد الدين العريضي ، علي بن الحسن بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسن بن عيسى بن محمّد ابن عيسى بن علي بن جعفر العريضي صاحب المسائل ، عن أخيه جدّنا الإمام الكاظم عليه‌السلام ، عن ابن المولى ، عن الحسين بن رُطبة ، عن الشيخ أبي علي الطوسي ، عن والده شيخ الطائفة.

و [السابع] منهم : الشيخ الفقيه سالم بن محفوظ بن عزيزة ، عن أبي علي بن رُطبة ، عن أبي علي الحسن بن محمّد شيخ الطائفة ، عن والده محمّد بن الحسن الطوسي.

و [الثامن] منهم : الشيخ سديد الدين بن محفوظ سالم المتقدّم ذكره يروي عنه المحقّق ، عن جدّه يحيى نجيب الدين ، وعن ابن رُطبة كما عرفت آنفاً فسديد الدين سالم يروي عن ابن رُطبة بلا واسطة ومعها أيضاً ، فلا منافاة.

و [التاسع] منهم : تاج الدين الحسن بن علي الدربي لا السّندي كما توهّم.

ويروي عنه أيضاً السيّد علي بن طاوس وهو يروي ، عن الشيخ عربي ابن مسافر ، وابن شهريار الخازن ، والشيخ محمّد بن عبد الله البحراني الشيباني ، وفخر الشيعة ابن شهرآشوب صاحب كتاب متشابه القرآن الموجود في خزانة مولانا ثقة الإسلام النوري صاحب المستدرك ولابن شهرآشوب كتاب المناقب المشهور ، وكتاب معالم العلماء ، ورأيت له


اختصار كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة لعلي بن أحمد الكوفي المعروف.

[مشايخ ابن شهرآشوب]

ويروي ابن شهرآشوب عن العلماء الذين أدركهم وهم كثيرة :

منهم : الشيخ أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي صاحب كتاب الاحتجاج ، عن السيّد العالم العابد مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي ، عن الشيخ أبي علي الطوسي ، عن أبيه أبي جعفر شيخ الطائفة ، عن الشيخ الصدوق أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي المتقدّم ذكره.

ومنهم : الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الشوهاني نزيل طوس ، عن الشيخ أبي علي ابن الشيخ والشيخ أبي الوفاء عبد الجبّار بن علي المقريء الرازي الآتي ذكره.

ومنهم : الشيخ محمّد بن علي بن الحسن الحلبي ، عن الشيخين : الشيخ أبي علي ابن الشيخ والشيخ أبي الوفاء عبد الجبّار المتقدّمان.

ومنهم : الشيخ ركن الدين أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد السبزواري النيسابوري التميمي صاحب رواية حرز الجواد عليه‌السلام.

ويروي ابن شهرآشوب ، عن الجليل محمّد بن علي بن عبد الصمد أخو المذكور ، كلاهما عن أبي علي الطوسي ، وأبي الوفاء الرازي ، وعن والدهما أبي الحسن علي ، عن أبيه عبد الصمد بن محمّد التميمي ، عن الشيخ الصدوق ابن بابويه فهو في طبقة الشيخ المفيد ، ومشايخُه يعرف من كتاب بشارة المصطفى من الجزء الرابع منها.


ويروي أبو الحسن علي بن عبد الصمد أيضاً : عن السيّد أبي البركات علي بن الحسين الحسيني الحوري في سنة (٥٤١ هـ) احدى وأربعين وخمسمائة عن الشيخ الصدوق ابن بابويه والحوري (بالراء غير المعجمة) كما في ضبط السيّد في فرحة الغري.

ومنهم : والده الشيخ علي بن شهرآشوب ، عن الشيخ أبي علي وأبي الوفاء الرازي ، وعن والده شهرآشوب ، عن الشيخ الطوسي شيخ الطائفة.

ومنهم : جدّه الجليل شهرآشوب كما نصّ عليه في أوّل المناقب.

ومنهم : الشيخ العالم الرشيد أبو سعيد عبد الجليل بن عيسى بن عبد الوهاب الرازي المتكلّم الفقيه أستاد الأئمة في عصره ، عن ابن الشيخ وأبي الوفاء الرازي.

ومنهم : السيّد أبو الفضل الداعي بن علي بن الحسن الحسيني وقد يعبّر عنه بـ : (أبي الفضل الداعي) ، عن الشيخ أبي الوفاء ، عن الشيخ الطوسي.

وعن أبي علي ، عن أبيه الشيخ الطوسي.

ومنهم : الشيخ الجليل أبو المحاسن مسعود بن علي بن محمّد الصواني ، وعن علي بن عبد الصمد التميمي ، عن الشيخين : أبي علي وأبي الوفاء.

ومنهم : الشيخ أبي علي محمّد بن الفضل الطبرسي عنهما أيضاً.

ومنهم : الشيخ الفقيه المتقدّم الحسين بن أحمد بن طحال بإسناده السابق.


ومنهم : أمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي المفسّر الفقيه عن جماعة ، وهم : الشيخ أبو علي ابن الشيخ ، والشيخ أبو الوفاء عبد الجبار الرازي ، والشيخ موفق الدين الحسين بن الفتح الواعظ البكرآبادي الجرجاني ، عن أبي علي بن الشيخ

حيلولة : وعن أمين الإسلام عن السيّد محمّد بن الحسين الحسيني ، عن الشريف أبي الحسين طاهر بن محمّد الجعفري ، عن ابن عياش صاحب كتاب المقتضب والشيخ الامام أبي الفتح عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن القشيري الذي روى عنه صحيفة الرضا عليه‌السلام.

حيلولة : وعن أمين الإسلام أبي علي الفضل الطبرسي ، عن الشيخ أبي الحسن عبد الله بن محمّد بن الحسين البيهقي الإمامي كبير الشيعة.

حيلولة : وعن ابن شهرآشوب صاحب المناقب ، عن الشيخ الإمام جمال الدين أبو الفتوح الحسين بن علي بن محمّد بن أحمد الخزاعي الرازي النيسابوري المفسّر المعروف بـ : (أبي الفتوح الرازي) الراوي عن أبي الوفاء عبد الجبّار الرازي ، وعن والده الشيخ علي بن محمّد ، عن والده الشيخ الجليل أبي سعيد محمّد بن أحمد بن الحسين النيسابوري ، عن أبيه ، عن السيّدين : المرتضى والرضي ، وعن الشيخ الطوسي ، والسيّد أبي محمّد زيد ابن علي بن الحسين الحسيني.

حيلولة : وعن أبي سعيد محمّد بن أحمد المذكور ، عن الشيخ الصائن أبي القاسم عبد العزيز بن محمّد بن عبد العزيز الإمامي النيشابوري شيخ


الأصحاب وفقيههم في عصره ، عن الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

حيلولة : وعن أبي سعيد محمّد بن أحمد النيسابوري المذكور ، عن الشيخ العدل المحسن بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي عمّ والد أبي الشيخ المفيد عبد الرحمن النيسابوري.

حيلولة : وعنه أيضاً ، عن السيّد أبي الخير الداعي بن الرضا بن محمّد العلوي الحسيني.

حيلولة : وعنه أيضاً ، عن الشريف أبي إبراهيم ناصر بن الرضا بن محمّد بن عبد الله العلوي ، عن الشيخ الطوسي

حيلولة : وعنه أيضاً ، عن الوزير السعيد ، ذو المعالي ، زين الكفاة ، أبو سعد منصور بن الحسين الآبي ، صاحب كتاب نثر الدرر في المحاضرات في سبعة مجلّدات ، كلّها بخطب بليغة على حدة وأبواب لم يجمع مثله ، توجد نسخة من أوّل مجلّداته عند المولى الأعزّ الشيخ هادي ابن الشيخ الفاضل الشيخ عبّاس بن شيخ المحقّقين الشيخ علي بن شيخ الطائفة الشيخ جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء سلّمه الله تعالى.

ورأيت ذكره في كتاب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون قال بعد ذكره : «اختصره من كتابه نزهة الأدب ورتّبه على أربعة فصول» ، وذكر فهرس الفصول(١) فراجع.

__________________

(١) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ٢/١٩٢٧.


يروي عن الشيخ الطوسي ، وعن الصدوق ابن بابويه ، وقد رزقناه عالياً والحمد لله ربّ العالمين.

ويروي عنه الشيخ المفيد عبد الرحمن النيسابوري والشيخ أبي سعيد محمّد بن أحمد في الأربعين قال في أربعينه [ذيل الحديث] الثاني والعشرون : «أخبرنا الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي رحمه الله رحمة واسعة بقرائتي عليه في مسجدي في سنة (٤٣٢ هـ) اثنين وثلاثين وأربعمائة قال : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه هذا يوم الجمعة لتسع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين قال : حدّثنا أبي ... إلى آخره» وظاهر أنّ من زمان الرواية عنه وزمان تحمّله عن الصدوق أربع وخمسون سنة ، فيكون هو في التاريخ الأوّل شاب بابن عشرين أو أقلّ أو أكثر بقليل ، وفي الثاني بابن أربع وسبعين أو أقلّ أو أكثر بقليل.

وكيف كان هو من العمر المتعارف لا استغراب فيه أصلاً ، فلا يقال : كيف يروي عن الصدوق في هذا التاريخ الذي هو قبل وفات الصدوق بثلاث سنين من يقرأ على الشيخ الطوسي ويحدّث سنة (٤٣٢ هـ) اثنين وثلاثين وأربعمائة فتدبّر فيما ذكرنا يرتفع عنك الاستغراب ، وإن كنت من أهل التّتبع تعرف كثرة نظائره وأنّه ليس بعزيز.

ومن مشايخ الشيخ المفيد أبي سعيد محمّد بن أحمد بن الحسين المذكور ، الشيخ أبو عبد الله الحسن بن الحسين بن بابويه المتقدّم ذكره.

وقد فرغنا من مشايخه الذين ذكرهم في كتاب الأربعين ونسخته رأيتها


بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجباعي جدّ شيخنا البهائي كتبه عن خط الشهيد الأوّل وكتب الشهيد نسخته عن نسخة كتب في مراغه سنة (٥٣٤ هـ).

رجعنا إلى مشايخ ولده الشيخ أبو الفتوح الرازي فإنّه يروي أيضاً عن عمّ والده الشيخ المفيد الحافظ أبو محمّد عبد الرحمن ابن الشيخ أبي بكر أحمد النيسابوري الخزاعي نزيل الري الفاضل المتبحّر.

وعن الشيخ أبي علي الطوسي.

وعن القاضي الفاضل الحسن الاسترآبادي شيخ ابن شهرآشوب أيضاً.

[بقية مشايخ ابن شهرآشوب]

فرغنا من مشايخ الشيخ أبي الفتوح الرازي ورجعنا إلى مشايخ ابن شهرآشوب ومنهم : الشيخ الإمام أبو الحسين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي المعروف بالقطب الراوندي صاحب فقه القرآن فرغ من تصنيفه سنة (٥٦٢ هـ) وقبره بـ : (قم) معروف.

[مشايخ القطب الراوندي]

وهو يروي عن الطبرسي صاحب مجمع البيان.

وعن عماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري صاحب البشارة.

وعن السيّد مرتضى بن الداعي الرازي صاحب تبصرة العوام.

وعن أخيه المجتبى بن الداعي الرازي وقد تقدّما في مشايخ منتجب الدين.

وعن أبي الحسن علي بن علي بن عبد الصمد التميمي.


وعن أخيه محمّد بن علي بن عبد الصمد التميمي وقد مرّ في مشايخ ابن شهرآشوب.

وعن السيّد أبو البركات محمّد بن محمّد بن إسماعيل الحسيني المشهدي ، عن الشيخ جعفر الدوريستي ، عن الشيخ المفيد ، ويروي السيّد أبو البركات أيضاً ، عن الإمام محيي الدين أبي عبد الله الحسين بن المظفر بن علي الحمداني نزيل قزوين المصنّف المعروف.

ويروي القطب الراوندي أيضاً : عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن علي ابن المحسن الحلّي ، عن الشيخ الطوسي ، وعن ابن البرّاج.

ويروي قطب الراوندي أيضاً : عن أبي نصر الغاري (بالعين المعجمة) نسبة إلى (غار) قرية من قرى الإحساء ، عن منصور العكبري ، عن أبي المفضّل محمّد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني ، وعن السيّد المرتضى ، وأخيه الرضي.

ويروي القطب أيضاً : عن الشيخ أبي القاسم بن كميح ، عن الشيخ المفيد ، وعن الشيخ أبي جعفر الدوريستي وربّما روى ابن كميح عن المفيد بواسطة الشيخ أبي جعفر الدوريستي كما في قصص الأنبياء(١) لكن نصّ في الرياض : أنّه يروي عن المفيد فتأمّل.

ويروي القطب الراوندي أيضاً : عن الأستاذ أبي جعفر محمّد بن المرزبان ، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر الدوريستي ، عن أبيه عن الشيخ

__________________

(١) قصص الأنبياء : ص١٠٩.


الصدوق.

ويروي القطب أيضاً : عن الشيخ أبي عبد الله الحسين الموّدب القمّي ، عن جعفر الدوريستي

ويروي القطب أيضاً : عن الشيخ أبي الحسين أحمد بن محمّد بن علي بن محمّد الرشكي ، وعن الشيخ هبة الله بن دعويدار ، وعن السيّد علي ابن أبي طالب السليقي ، كلّهم عن الفقيه الجليل أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي.

ويروي القطب أيضاً : عن ابن الشجري البغدادي المعروف بين الفريقين المتولّد في سنة (٤٠٥ هـ) خمس وأربعمائة والمتوفّى في يوم الخميس لعشر بقين من شهر رمضان سنة (٥٤٢ هـ) اثنين وأربعين وخمسمائة واسمه (هبة الله بن علي بن محمّد بن حمزة العلوي الحسيني) ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي بطرقه السابقة ، وعن ابن قدامة عن السيّد الرضي الشريف الموسوي.

ويروي القطب الراوندي أيضاً : عن الشيخ أبي المحاسن مسعود بن علي بن محمّد الصواني المتقدّم ذكره.

ويروي القطب أيضاً : عن الأستاد أبي جعفر كميح أخي الأستاد أبي القاسم المتقدّم ذكره ، عن أبيه كميح ، عن القاضي ابن البرّاج وقد تقدّم ذكره.

ويروي القطب : عن السيّد الجليل ذو الفقار بن أحمد الآتي في مشايخ السيّد فضل الله.


ويروي القطب : عن الشيخ عبد الرحمن البغدادي المعروف بـ : (ابن الإخوة) ، عن السيّدة النقيّة بنت السيّد المرتضى ، عن عمّها السيّد الرضي.

ويروي القطب أيضاً : عن الشيخ الجليل أبي جعفر محمّد بن علي النيشابوري الآتي ذكره في مشايخ السيّد الراوندي.

حيلولة : ويروي ابن شهرآشوب : عن أبي جعفر ، وأبي القاسم ابني كميح ، عن أبيهما ، عن ابن البرّاج ، عن الشيخ.

حيلولة : يروي ابن شهرآشوب : عن السيّد الجليل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الكجّي الجرجاني عن أبيه أبي زيد عبد الله بن علي كيابكي ابن عبد الله بن عيسى بن زيد بن علي الحسيني عن السيّد المرتضى والسيّد الرضي.

ويروي ابن شهرآشوب أيضاً : عن السيّد أبو الصمصام الآتي ذكره ، وعن القاضي الآمدي ناصح الدين أبو الفتح عبد الواحد بن محمّد التميمي الآمدي صاحب غرر الحكم(١) الإمامي الشيعي ، شرح كتابه المحقّق الخوانساري جمال الدين بالفارسية.

ويروي ابن شهرآشوب أيضاً : عن القاضي الفاضل حسن الاسترآبادي ، عن ابن قدامة وابن قدامة هو أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة قاضي الأنبار توفّي في شوّال يوم السادس عشر سنة (٤٨٦ هـ) ستّ

__________________

(١) ترجم والدي الحجّة الشيخ محمّد علي الأنصاري القمّي (غرر الحكم) بالفارسية ونشره لأوّل مرّة في إيران وهو سبب معروفية الكتاب بين الفضلاء والعلماء.


وثمانين وأربعمائة في خلافة المقتدي العبّاسي ، عن السيّد المرتضى.

ويروي ابن شهرآشوب أيضاً : عن الفتّال ابن الفارسي أبو علي محمّد ابن الحسن ، وقد ينسب إلى جدّه علي بن أحمد بن علي النيسابوري وقد ينسب إلى جدّه الأعلى أحمد صاحب كتاب روضة الواعظين المقتول شهيداً ـ قتله ابو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور الملقب بـ : (شهاب الإسلام) لعنه الله ـ ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، وعن أبيه الحسن ، عن السيّد المرتضى.

ويروي ابن شهرآشوب أيضاً : عن السيّد العالم مهدي بن أبي حرب الحسيني ، شيخ الطبرسي صاحب الاحتجاج.

ويروي أيضاً ابن شهرآشوب : عن (فريد خراسان) أبي الحسن بن أبي القاسم البيهقي المقيم بنيسابور ـ أوّل من شرح نهج البلاغة(١) ـ ، عن الإمام الزاهد الحسن بن يعقوب بن أحمد الفارسي ، عن الشيخ جعفر الدوريستي الفقيه ، وعن والده الإمام أبي القاسم زيد بن محمّد البيهقي ، عن الشيخ جعفر الدوريستي ، وعن أبي الأعزّ محمّد بن همام البغدادي تلميذ الرضي.

ويروي ابن شهرآشوب : عن أبي القاسم زيد بن محمّد البيهقي صاحب حلية الأشراف ، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي ، وعن السيّد أبي الحسن علي بن محمّد المتقدّم ، عن والده السيّد محمّد بن

__________________

(١) باسم : معارج نهج البلاغة.


جعفر ، وعن السيّد علي بن أبي طالب الآملي ، عن السيّد أبي طالب يحيى بن الحسن بن الحسين بن هارون الحسيني الهروي الراوي ، عن أبي الحسين النحوي سنة (٣٠٥ هـ) خمس وثلثمائة.

السابع والعشرون من مشايخ ابن شهرآشوب : السيّد ضياء الدين أبو الرضا فضل الله الراوندي بن علي بن عبد الله الحسني صاحب كتاب النوادر ورسالة الدعوات وغيرهما يروي عن اثنين وعشرين من المشايخ الأجلّة.

[مشايخ السيّد فضل الله الراوندي]

الأوّل : الإمام أبو المحاسن عبد الواحد الشهيد بن إسماعيل بن أحمد الروياني.

الشيخ الثاني : السيّد أبو البركات محمّد بن إسماعيل المشهدي المتقدّم في مشايخ القطب الراوندي.

الشيخ الثالث : شرف السادات السيّد أبو تراب المرتضى.

الشيخ الرابع : أخوه الجليل أبو حرب المنتهى ابنا السيّد الداعي الحسيني ومرّ ذكرهما في مشايخ المنتجب.

الشيخ الخامس : السيّد علي بن أبي طالب السليقي الحسني المتقدّم في مشايخ البيهقي.

الشيخ السادس : الحسين بن محمّد بن عبد الوهاب البغدادي.

الشيخ السابع : أبو جعفر محمّد بن علي بن محسن المقريء ، المتقدّم في مشايخ القطب.


الشيخ الثامن : القاضي عماد الدين أبو محمّد الحسن الاسترآبادي المتقدّم ذكره.

الشيخ التاسع : السيّد نجم الدين حمزة بن أبي الأعزّ الحسيني ، يروي هو والقاضي عماد الدين أبو محمّد الحسن الاسترآبادي ، عن القاضي أبي المعالي أحمد بن قدامة ، عن السيّدين : السيّد المرتضى والشريف الرضي ويروي ابن قدامة ، عن الشيخ المفيد أيضاً.

الشيخ العاشر : الفقيه أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد ، وقد تقدّم في مشايخ ابن شهرآشوب ، عن أبيه علي بن عبد الصمد ، عن السيّد أبي البركات علي بن الحسين الجوري.

الشيخ الحادي عشر : أخوه الشيخ الجليل محمّد بن علي بن عبد الصمد وقد مرّ مع أخيه.

الشيخ الثاني عشر : الشيخ مكّي بن أحمد المخلطي ، عن أبي علي بن غانم العصمي الهروي ، عن المرتضى.

الشيخ الثالث عشر : أبو عبد الله جعفر بن محمّد الدوريستي.

الشيخ الرابع عشر : علي بن الحسين بن محمّد ، عن أبي الحسن علي ابن محمّد الخليدي ، عن الشيخ أبي الحسن علي بن نصر القطّاني رضي الله عنه ، عن أحمد بن الحسن بن أحمد بن داود الوثابي القاشاني ، عن أبيه ، عن علي بن محمّد بن شيرة القاشاني ، عن مولانا الحسن العسكري عليه‌السلام.

أقول : لكن بهذا الطريق يروي السيّد فضل الله المناجاة الطويلة لأمير


المؤمنين لا غير

ويرويها عن السيّد فضل الله أيضاً الشيخ تاج الدين محمّد بن محمّد الشعيري صاحب كتاب جامع الأخبار المشهور ، فاغتنم.

الشيخ الخامس عشر : الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسن النيسابوري ، عن أبي علي ابن الشيخ ، وعن الحاكم أبي القاسم عبد الله بن عبيد الله الحسكاني ، عن أبي القاسم علي بن محمّد العمري ، عن أبي جعفر محمّد بن بابويه.

الشيخ السادس عشر : أبو الحسين النحوي.

الشيخ السابع عشر : أبو علي الحدّاد وهو عندي مجهول.

الشيخ الثامن عشر : الشيخ أبو نصر الغاري المتقدّم في مشايخ القطب الراوندي.

الشيخ التاسع عشر : السيّد عماد الدين أبو الصمصام وأبو الوضّاح ذو الفقار بن محمّد بن معدّ بن الحسن بن أبي جعفر أحمد الملقب بـ : (حميدان) أمير اليمامة ، عن السيّد المرتضى ، والشيخ الطوسي ، والنجاشي صاحب الرجال ، والشيخ سلاّر بن عبد العزيز ، والشيخ أبو الخير بركة بن محمّد بن بركة الأسدي ، عن الشيخ الطوسي أبو جعفر محمّد بن الحسن.

ويروي هذا السيّد الجليل أيضاً ، عن الشيخ محمّد بن علي الحلواني تلميذ السيّد المرتضى عنه رحمه‌الله.

الشيخ العشرون من مشايخه : الشيخ الجليل أبو الوفاء عبد الجبّار


المفيد بن عبد الله بن علي المقريء النيسابوري ، ثمّ الرازي ، عن شيخ الطائفة الطوسي ، والقاضي ابن البرّاج ، وأبي يعلى حمزة بن عبد العزيز الديلمي الطبرستاني المدعوّ بـ : (سلاّر). ويروي سلاّر ـ أعلى الله مقامه ـ عن الشيخ المفيد ، والسيّد المرتضى.

حيلولة : ويروي المفيد عبد الجبّار أبو الوفاء المذكور ، عن المولى الأجلّ ذو الكفايتين أبو الجوائز الحسن بن علي بن محمّد بن باري الكاتب ، المعاصر للشيخ الطوسي ، عن الشيخ أبي بكر محمّد بن أحمد بن محمّد المفيد الجرجاني ، وعن علي بن عثمان بن الحسين ، عن الحسن بن ذكوان الفارسي ، وقد أدرك الحسن بن ذكوان المذكور زمن رسول الله ، كان له يوم مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) إثنان وعشرون سنة ، وكان على دين المجوسية ، لكنّه أسلم على يد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو صاحب الخمسة عشر حديث الّتي رواها أبو الجوائز الحسن بن علي بن محمّد بن باري الكاتب المذكور ، قال : «حدّثنا علي بن عثمان بن الحسين صاحب الديباجي (بتلّ هوازي) من أعمال (بطيحة) سنة (٣٨٩ هـ) تسع وثمانين وثلثمائة ولي يومئذ سبع سنين ، قال : كنت ابن ثماني سنين بـ : (واسط) وقد حضرها الحسن بن ذكوان الفارسي رحمه‌الله في سنة (٣١٣ هـ) ثلاث عشر وثلاثمائة أيّام المقتدر بالله العبّاسي وقد بلغه خبره فاستدعاه إلى بغداد ليشاهده ويسمع منه ، وكان لابن ذكوان حينئذ ثلاثمائة وخمسة وعشرون سنة ، وقد كان عمى عرف أنّه قد روى أخباراً عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام بقرية (إبراهيم) من أعمال (البطيحة) وبـ : (واسط) في


اجتيازه بها إلى (بغداد) فأحبّ أن يكون له بذلك إجازة منه حين علم أنّ مسئلة إعادة ما رواه لي يصعب عليه ، فدخل بي إليه ورفق في خطابه على ما يبعثه لي منه ، ولم يزل معه إلى أن اجتاز لي في الموضعين بحسب ما بلغني عنه ، ثمّ كبر سنّي وتطلّعت إلى علم الحقائق نفسي فلقيت من لقاه ، فأخذت تلك الأخبار رواية ودراية فأحرزت بالإجازة علوّ الأسناد والدراية وعند شدّ الأزر بباب اليقين وصحة الاعتقاد» إلى آخر ما ذكره.

وذكر السيّد محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي في إجازته للسيّد شمس الدين محمّد بن جمال الدين أحمد بن أبي المعالي أستاد الشهيد هذه الأحاديث بالإسناد المذكور ،

قال : «وأجزت له رواية الأحاديث المرويّة عن الحسن بن ذكوان الفارسي ، عن نجيب الدين ـ يعني يحيى بن أحمد بن الحسن بن سعيد الحلّي ـ ، عن السيّد المذكور ـ يعني محيي الدين محمّد بن عبد الله بن زهرة ـ ، عن الفقيه شاذان بن جبرئيل القمّي ، قال : حدّثني عماد الدين أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري قال : أخبرني الشيخ أبو الوفاء عبد الجبّار بن عبد الله بن علي المقريء قال : حدّثنا أبو الجوائز الحسن بن علي بن محمّد ابن باري الكاتب رحمه الله تعالى بـ : (النيل) في ذي القعدة سنة (٤٥٨ هـ) ثمان وخمسين وأربعمائة في مشهد الكاظم عليه‌السلام قال : حدّثنا عليّ بن عثمان ابن الحسين إلى آخر ما تقدّم آنفاً» فاغتنما ذلك أدام الله توفيقكما فقد رزقناه عالياً والحمد لله.


ونظير هذا في العلوّ ما أرويه بأسانيد السابقة عن السيّد المدرّس الشهيد السيّد نصر الله الحائري الحسيني ، عن الزاهد العابد الشيخ صالح بن سليمان العاملي ، عن الشيخ الجليل محمّد الحرفوشي العاملي ، عن أبي الدنيا المعمّر المغربي ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

[أعلى الطرق للسيد الصدر]

حيلولة : وعن الميرزا محمّد هاشم الخوانساري الإصفهاني شيخ إجازتي ، عن عمّنا آية الله العلاّمة السيّد صدر الدين ، عن أبيه جدّنا السيّد المعظّم السيّد صالح ، عن أبيه جدّنا العلاّمة السيّد محمّد ، عن شيخه وجدّ أولاده الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ صاحب الوسائل ، عن الشيخ محمّد بن علي بن محمّد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي المتوفّى سنة (١١٥٩ هـ) تسع وخمسين ومائة بعد الألف صاحب التعليقه على قواعد الشهيد ، عن علي بن عثمان بن خطّاب بن مرّة بن مؤيّد الهمداني المعروف بـ : (ابن أبي الدنيا المعمّر المغربي) الذي أدرك أمير المؤمنين عليه‌السلام ومن بعده من الأئمّة والعلماء ، وله حكايات وروايات مذكورة في مواضعها.

والشيخ الحادي والعشرون من مشايخ السيّد فضل الله الراوندي : الشيخ أبو الفضل عبد الرحيم بن الإخوة البغدادي المتقدّم ذكره في مشايخ القطب الراوندي.

والشيخ الثاني والعشرون من مشايخ السيّد فضل الله : شيخنا الفقيه شيخ الشيوخ ومن تنتهي إليه الإجازات وطبقات المتأخّرين الشيخ أبو علي


الحسن بن شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ولم أقف على تاريخ وفاته غير أنّه كان حيّاً في سنة (٥١٥ هـ) خمسمائة وخمسة عشر ، كما في مواضع كثيرة من بشارة المصطفى وغيره ، والمتيقن روايته عن أبيه شيخ الطائفة قدس‌سره لكنّا وصلنا أسنادنا إلى كلّ من في طبقته كأبي الفتح الكراجكي محمّد بن عثمان والشيخ أبو الحسن محمّد بن محمّد البصري ، والقاضي عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي ، والشيخ أبو الصلاح تقيّ الدين نجم بن عبيد الله الحلّي ، والقاضي ابن البرّاج ، والشيخ أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد بن عبّاس الدوريستي ، والقاضي ابن قدامة ، والشيخ علي بن علي بن عبد الصمد ، والشريف أبو الوفاء المحمّدي الموصلي ، وأبو منصور محمّد ابن الحسن بن منصور النقّاش الموصلي ، وأمثالهم مما تقدّم حتّى لم يبق فيما أعلم طريق يتنافس في الاتّصال به إلاّ صحّ لي فيه الاتّصال ، وأخرجتُه في هذه الطبقات وبه يتمّ الاتصال بكلّ أرباب المصنّفات والمؤلّفات في جميع الطبقات حتّى الرواة عن النبي وآله الهداة ، ولم يبق إلاّ أن أزيدكما إجازة رواية مصنّفاتي ومؤلّفاتي وما خرج من تحت يدي في قالب الجمع والإملاء والنظم والإنشاء ، ولا يحضرني ذكر أسماء الأكثر منها لأنّي حين كتابة هذه الأحرف أنا بالغريّ الشريف جئت لزيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لكن أذكر ما ببالي منها على الوصف الإجمالي :

فمنها : سبيل الرشاد في شرح رسالة نجاة العباد : خرج منه مجلّد كبير من الأوّل إلى آخر أحكام الخلوة ، وآخر من أوّل كتاب الصلوة إلى آخر


المواقيت.

ومنها : رسالة في مباحث الشكوك الغير(١) المنصوصة.

ومنها : رسالة في مسئلة الظنّ بالأفعال والركعات في الصلوة.

ومنها : رسالة في تطهير الكرّ ورسالة في مسئلة تتميم الكرّ.

ورسالة في قاعدة نفي الضرر(٢).

ورسالة في قاعدة السلطنة.

ورسالة في تعارض الاستصحابين(٣).

ورسالة في تضييق القضاء في الصوم الفائت قبل رمضان الحاضر.

ورسالة في حجّية مقطوعة ابن أذينة في إرث ذات الولد من الرباع.

ومنها : نهاية الدراية(٤) في شرح رسالة البهائي الوجيزة في أصول علم الحديث

ومنها : كتاب مختلف الرجال(٥).

وكتاب البراهين الجليّة في كفر ابن تيميّة(٦).

__________________

(١) كذا ، والصحيح : غير المنصوصة.

(٢) سوف تطبع بتحقيق الأخ الفاضل الشيخ مسلم الرضائي في مجلّة (تراثنا).

(٣) طبعت بتحقيق الأخ الفاضل الشيخ مسلم الرضائي في (العقد الايماني في تكريم الخراساني).

(٤) طبع بتحقيق الأستاذ ماجد الغرباوي.

(٥) طبع بالهند.

(٦) سيطبع بتحقيق رشيق من قبل مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام بقم.


ورسالة سبيل الصالحين في طريق العبودية(١).

وكتاب إحياء النفوس ببيانات ابن طاوس : واستخرجتها من مؤلّفات السيّد جمال الدين علي بن طاوس.

ورسالة في إثبات أنّ المهدي هو ابن الحسن العسكري من طرق ما رواه علماء الجمهور : وذكرتُ من وافقنا على ذلك منهم ومن صنف منهم في ذلك.

ومنها : كتاب مجالس المؤمنين في وفيات الأئمّة الطاهرين.

ومنها : رسالة في ترجمة السيّد الوالد السيّد هادي قدس‌سره(٢).

ومنها : كتاب الدرر الموسوية في شرح العقائد الجعفرية : وهو كتاب لا نظير له في بابه.

ومنها : كتاب الحواشي المبسوطة على رسائل شيخنا العلاّمة الأنصاري المرتضى بن الأمين التستري طاب ثراه.

ومنها : حاشية على كتاب الطهارة له قدس‌سره.

ومنها : رسالة سبيل النجاة في المعاملات.

ومنها : رسالة فصل القضاء في الكتاب المشتهر بفقه الرضا(٣) وانه كتاب التكليف للشلمغاني.

__________________

(١) طبعت بتبريز.

(٢) طبعت بتحقيق الأخ الفاضل محمّد حسين النجفي ، في مجلّة (ميراث شهاب).

(٣) طبع مرّتين : بتحقيق الحجّة الشيخ رضا الأستادي وبتحقيق الاستاذ السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي في مجلّة (علوم الحديث).


ومنها كتاب الالتقاطات في المحاضرات.

ومنها رسالة في حقوق الإخوان(١).

ومنها رسالة أدلّة حرمة حلق اللحية المسمّاة بـ : (الغالية) [لأهل الأنظار العالية](٢)

ورسالة في نفي كراهة لبس السواد على الحسين عليه‌السلام(٣) بل استحبابه شرعاً.

ومنها رسالة ذكرى المحسنين(٤) في ترجمة السيّد المحقّق السيّد محسن الأعرجي صاحب الوافي والمحصول.

ومنها كتاب نكت الرجال على منتهى المقال(٥) : جمعت فيه ما وجدته من الحواشي على نسخة منتهى المقال بخطّ سيّدنا الامام العلاّمة عمّنا السيّد صدر الدين.

ومنها : الحواشي على منتهى المقال (بعدُ لم أدوّنها).

ولي حواش على تلخيص المقال (أيضاً لم أدوّنها).

ومنها : كتاب حدائق الأصول (لم يتمّ).

__________________

(١) باسم (مصابيح الإيمان في حقوق الإخوان). طبع أكثر من مرّة.

(٢) طبع ببغداد.

(٣) طبعت بتحقيق الأخ الفاضل الشيخ محسن الصادقي في (جشن نامه آيت الله رضا أستادى).

(٤) طبعت في أوّل (وسائل الشيعة) للسيّد محسن الأعرجي وترجم بالفارسية أيضاً.

(٥) طبع بالهند.


ولي حاشية على المعالم : في الأصول أولى وثانية (غير تامّة).

ورسالة في النحو مثل لمحة الأعراب : كتبتها لولدي مير سيّد علي.

ولي حواشي على حاشية الملا عبد الله اليزدي الحائري على تهذيب المنطق.

ومنها : كتاب الإبانة عن كتب الخزانة : أعني خزانة كتبي ، وهو كتاب نفيس يشتمل على مقدّمة نفيسة ذكرتُ فيها ما رُوِي في مدح الكتب وما قيل في مدحها وحسن جمعها بما لا يوجد جمعه في غيره ، وذكرت أسماء العلوم التي اشتملت الخزانة على المصنّفات فيها على ترتيب الحروف الهجائية ، ثمّ ذكرت كلّ علم منها ، وسرّدتُ المصنّفات التي في الخزانة في ذيله إلى آخر الكتاب ، وغير ذلك ممّا لا يحضرني ذكره(١) ، فليرويا عنّي كلّ ما خرج منّي في قالب التصنيف أدام الله جلّ جلاله لهما التوفيق للعلم والعمل ولا ينساني من صالح الدعاء في مظانّ الاستجابة ، وأوصيهما بما أوصاني به مشايخي قدس‌سرهم من التحرّج في الفتوى والتورّع فيها مهما أمكن ، وملازمة طريقة الاحتياط لأنّها سبيل النجاة ، ودوام المراقبة لله تعالى ، وإدامة المحاسبة للنفس عند غروب الشمس في كلّ يوم ، وشدة المزاولة لكتب الحديث والاستقامة

__________________

(١) فمن مؤلّفاته المطبوعة غير المذكورة : ١ ـ تكملة أمل الآمل في ستّة مجلّدات ، و ٢ ـ الإجازة الكبيرة للعلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني صاحب الذريعة و ٣ ـ ردّ فتاوى الوهابيين ، و ٤ ـ ذكرى ذوي النُهى في حرمة حلق اللّحى ، و ٥ ـ وفيات الأعلام من الشيعة الكرام ، و ٦ ـ تأسيس الشيعة الكرام لفنون الإسلام ، و ٧ ـ الشيعة وعلوم الإسلام ، و ٨ ـ نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين.


في فقهها ، والاستعانة على ذلك بالتقوى ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

وحررتها بيمناي الداثرة يوم السبت ثاني عشر ربيع الثاني سنة (١٣٢٥هـ) الخمسة والعشرين والثلاثمائة بعد الألف ، وأنا الأحقر أبو محمّد الحسن ابن الهادي من آل السيّد صدر الدين الموسوي العاملي الكاظمي والحمد لله أوّلاً وآخراً وهو حسبي ونعم الوكيل.

ولمّا انتهيت في كتابة هذه الأحرف إلى هنا ذكرت أنّي نسيت ذكر طريق من طرقي في الإجازة لم أذكره ، وهو ما أجازني به الشيخ الفقيه المستقيم في الفقاهة والمعتدل في فنون الفقه ، جناب الحاج ميرزا حسين بن المرحوم الحاج ميرزا خليل الطبيب الطهراني الغروي ، عن المولى الأعظم الأفخم المتبحّر في العلوم والواحد في التقوى والتحقيق الآخوند ملاّ زين العابدين الگلپايگاني قدس‌سره المتوفى في أواخر المائة الثالثة بعد الألف شارح درّة السيّد بحر العلوم وصاحب كتاب التحقيق في الأسماء الحسنى وغيره من المصنّفات والرسائل في فنون العلم ، عن شيخه المحقّق المؤسّس المتقن ، الشيخ محمّد تقي صاحب الحاشية الكبرى على المعالم المتقدّم ذكره ، عن شيخه شيخ الطائفة الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء بطرقه المتقدّمة وعن الشيخ صاحب الجواهر بطرقه المتقدّمة والحمد لله أوّلاً وآخراً ، فليرويا عنّي بهذا الطريق أيضاً أدام الله تعالى لهما التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.


المصنّفات العقائدية للمحدّثين الكوفيّين

في القرن الثالث الهجري

د. علي عبد الزهرة الفحّام

بسم الله الرحمن الرحيم

يوصف القرن الهجري الثالث بأنّه من أكثر القرون الإسلامية ازدهاراً في الفكر والثقافة والعلوم ، فقد توسّعت فيه حركة التأليف ، ونشط سوق الورّاقين والنسّاخ ، وتبنّت الدولة العبّاسية ـ بجهل أو بسوء نيّة ـ سياسة الاعتماد على الثقافة المترجمة من الحضارات الأخرى كاليونانية والهندية والصينية ، وازدهرت العلوم الطبيعية والتطبيقية.

أمّا على صعيد الفكر الديني الإسلامي فالقرن الثالث هو قرن الصراعات الفكرية بامتياز ، بدءاً بمسألة خلق القرآن التي أثارها المأمون العبّاسي ، واشتدّ سعيرها في زمان المعتصم والواثق ، مروراً بصعود نجم الحنابلة المجسّمة ، وتسيّدهم منابر الدرس والبحث والتأليف والقضاء ، ثمّ ما جرى بينهم وبين مدرسة الرأي من السجالات والصراعات ، وصولاً إلى ظهور حركات الغلوّ


والزندقة والتصوّف والشعوذة والإلحاد التي استغلّت نفوذ الأفكار الدخيلة لترسم ملامح جديدة لعقائد وأحكام ما عرفتها الأدبيّات الإسلامية العامّة ومنها الأدبيّات الشيعية قبل هذا القرن ، وصارت أساساً للملل والنحل التي ظهرت بطبعات متعدّدة على مدى حقب زمنية مختلفة في التاريخ الإسلامي.

وكان القرن الثالث الهجري عصر التصعيد الطائفي والاحتقان المذهبي بين مذهب السلطة العبّاسية وبين شيعة أهل البيت عليهم‌السلام ، وذكر بعض الباحثين أنّ أحمد بن حنبل لمّا سيطر على منابر الحكومة الرسمية «أخذ يوسّع استخدام لقب (أهل السنّة) والذي كان مخصوصاً بالعلماء مدوّني السنّة النبوية ليشمل أيضاً الأتباع المقلّدين لمذهبه والعوامّ المؤيّدين لمنهج أهل الحديث. وبهذا يكون أحمد بن حنبل قد احتكر اسم أهل السنّة ليكون عنواناً (خاصّاً) لبعض المسلمين دون غيرهم من أهل القبلة(١)» ، يؤكّد هذه الحقيقة ما ذكره ابن حجر في ترجمة محدّثهم علي بن نصر الجهضمي ، وهو من شيوخ الستّة ، قال : «قال أبو علي بن الصوّاف عن عبد الله بن أحمد : لمّا حدّث نصر ابن علي بهذا الحديث ـ يعني حديث علي بن أبي طالب (أنّ رسول الله أخذ بيد حسن وحسين فقال : من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان في درجتي يوم القيامة) ـ أمر المتوكّل بضربه ألف سوط ، فكلّمه فيه جعفر بن عبد الواحد وجعل يقول له : هذا من أهل السنّة ، فلم يزل به حتّى تركه»(٢).

__________________

(١) أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة ص٢٥١.

(٢) تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٣٠ ، ولفظ الحديث كما أخرجه الترمذي وأحمد في


ولا شكّ أنّ الحالة الشيعية في الكوفة تأثّرت بمجمل التطوّرات السياسية والفكرية التي عصفت بالبلاد الإسلامية عموماً ، وبالكوفة على وجه الخصوص ، فالتراجع النسبي لمدرسة الكوفة انعكست تأثيراته في مدرسة الحديث الشيعي في الكوفة ، وجملة الفتن والأحداث السياسية والأمنية ألقت بظلالها على طبيعة النشاط ، ومستوى الحضور ، والنتاج الكمّي والنوعي لمصنّفات المُحَدِّثين الشيعة ، أضف إلى ذلك ظاهرة هجرة المُحَدِّثين وانتقالهم إلى مناطق أكثر أمناً ، كلّها عوامل أسهمت في تحديد نسبي لنشاط المدرسة الكُوفية ، ولا سيّما في نهايات القرن الثالث الهجري.

إنّ هذا التراجع النسبي لا يعني أنّ الكوفة قد أقفرت من رجالاتها وأعلامها المُحَدِّثين ، أو انعزلت عن الساحة الإسلامية ؛ فقد بقيت المدرسة الكُوفية بثقلها وحضورها تسهم في رسم معالم الفكر الشيعي ، وتشارك بقية المدن والحواضر الشيعية بتصدير المُحَدِّثين ، وتصنيف الكتب ، وكتابة الرسائل والأصول ، وبقيت مساجدها عامرة بحلقات الدرس والمذاكرة ، تزخر بالشيوخ والحفّاظ ، وهي ـ على كثرة الصعاب والتحدّيات ـ لا زالت مقصداً للرواة والمُحَدِّثين الذين كانوا يسافرون إليها طلباً لإجازات الشيوخ ، أو لأخذ نوادر الروايات وأعلاها سنداً ، أو لحضور مجالس كبار الحفّاظ والمُحَدِّثين ، حتّى إنّ كبير القمّيّين وشيخ الأشاعرة فيها أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري كان قد قصد الكوفة في بواكير حياته ، وأخذ كثيراً عن مشايخ

__________________

مسنده ١ / ٧٧ «من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة».


الكُوفيّين وثقاتهم ومحدّثيهم ، قال النجاشي : «أخبرني ابن شاذان قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى عن سعد عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن علي الوشّاء فسألته أن يُخرج إليّ كتاب العلاء بن رزين القلاّء وأبان بن عثمان الأحمر ، فأخرجهما إليّ فقلت له : أحبّ أن تجيزهما لي ، فقال لي : يا رحمك الله وما عجلتك؟ اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ، فقلت : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلٌّ يقول حدّثني جعفر بن محمّد»(١) ، ويغلب الظنّ أنّ هذه الحادثة وقعت في بداية القرن الثالث للهجرة ، وهي تشير بوضوح أنّ مدرسة الكوفة كانت تحتلّ موقع الصدارة بين الحواضر الشيعية ، وهي لا زالت تستأثر بالسيادة على بقيّة المدارس ، ولا زال بريقها يأسر عيون الرجال الباحثين عن علوّ الأسناد وصحّة المتن.

إنّ استقراء المصنّفات الحديثية الكُوفية في القرن الثالث الهجري يؤشّر لنا حجم التنوّع المعرفي الذي أنتجه المُحَدِّثون الكُوفيّون ، وأبرز ملامحه عملية التخصّص في رواية الحديث وفي التأليف ، بحيث لم يتركوا مجالاً من مجالات المعرفة والعلوم الدينية إلاّ وتركوا فيه بصمة وأثراً شاخصاً في عالم التصنيف.

المصنّفات العقائدية :

أظهر الاتّجاه التصنيفي للمحدّثين الكُوفيّين في القرن الثالث الهجري

__________________

(١) رجال النجاشي ص٣٩.


تنوّعاً في الموضوعات والمسائل ذات الصبغة العقائدية ، إلاّ أنّ الباحث يمكنه أن يلمس تركيزاً في الجهد التأليفي واتّجاهاً نحو التصنيف في مسائل الإمامة ، والدلائل والبشارات ، وما يتعلّق بها من مواضيع الغَيبة والرجعة وصفة الإمام المهدي عليه‌السلام ، ومواضيع أخرى ذات صلة بموضوعة الإمامة كالوصيّة والفضائل والحوض والشفاعة وغيرها ، ويبدو أنّ أجواء التشنّج والاحتقان المذهبي الذي تميّز به القرن الثالث الهجري قد ألقت بظلالها على اتجاهات التأليف عند المُحَدِّثين الكُوفيّين ، لاسيّما وأنّ الكوفة كانت مسرحاً للتجاذب العقائدي بين الجماعات والمدارس الفكرية ، فضلاً عن تنافس القوى السياسية على مساحة النفوذ في المجتمع الكُوفي المحتضن ـ منذ تأسيسه ـ لتناقضات الحالة الإسلامية العامّة وتنوّعاتها الاجتماعية والنفسية والذهنية ، وكان هذا التنافس يصطبغ غالباً بالبعد العقائدي والآيديولوجي ، وكثيراً ما ساهم في هيمنة الاصطفافات الطائفية والمذهبية على المشهد السياسي والمجتمعي.

أمّا أهمّ المواضيع التي تطرّق لها المُحَدِّثون الشيعة في مصنّفاتهم ، فهي :

أوّلاً : التوحيد وتفرّعاته :

ظلّت النقاشات عن المباحث التوحيدية حامية الوطيس في المدن والأمصار الإسلامية ـ ومنها الكوفة ـ منذ أن تبنّى المأمون مسألة (خلق


القرآن)(١) ، وليس انتهاءً بظهور جماعات التشبيه والتجسيم في الخطّ السلفي المتشدّد ، وجماعات الغلوّ والارتفاع ، والزندقة والإلحاد ، التي ما برحت تنغمس في المجتمع الإسلامي ، وتنتشر بين أبنائه مع انتشار كتب الفلسفة وأفكارها ، بفضل ١سياسة (الانفتاح) الفكري التي اتّبعتها السلطة العبّاسية ، يقول السيّد حسن الصدر : «ترجمت كتب متعدّدة في أوائل القرن الثالث الهجري من اليونانية والسريانية وغيرها إلى العربية ؛ وآنذاك ، أصبحت طريقة التفكّر الفلسفي في متناول أيدي العموم»(٢).

إنّ التنوّع في الأفكار والمباحث الفلسفية المطروحة ، وتعدّد المدارس والنحل ذات التأسيس العقدي ، انعكس في تنوّع المباحث التوحيدية وتفريعاتها ، ومنها البحث في صفات الله تعالى وشؤونات ذاته المقدّسة ، ومسائل الخلق وابتداء العالم ، والعقيدة في عصمة الأنبياء ، وتمييز الفكر الإسلامي عن شوائب ودرنات الفكر الإسرائيلي ، ومباحث القضاء والقدر ، والبحث في أفعال العباد ، ومسائل الجبر والتفويض ، وتعريف المصطلحات

__________________

(١) كان في رجال العامّة الكُوفيّين بعض الرواة الذين وقفوا موقفاً صلباً من مسألة خلق القرآن ، وقاوموا ضغط السلطة وتهديداتها ، ومنهم (عمرو بن حمّاد بن زهير التيمي) ، وهو مولى آل طلحة الكُوفي ، توفّي سنة (٢١٩ هـ) ، وكان من شيوخ أحمد والبخاري ويحيى بن معين ، وقد امتحن وعذّب لأجل امتناعه عن القول بخلق القرآن ، لمّا بلغ كتاب المأمون إلى الكوفة وسئل عن فحواه ، فقال : إنّما هو ضرب الأسواط ، وقال : رأسي أهون علىّ من هذا ، ولم يزل مصرّاً على امتناعه حتّى مات سنة (٢١٩ هـ). راجع : تهذيب التهذيب ٨/٢٤٧.

(٢) الشيعة في الإسلام ص٨٧.


القرآنية والروائية كالعرش والكرسي والحوض والشفاعة والبرزخ والصراط والحساب والأعراف ، ومسائل العدل في أفعال الله تعالى وتشريعاته ، فضلاً عن موضوعات مصادر التشريع والخلاف في السنّة وحجّيّتها ، ودور العقل وما يتفرّع عنه من القياس والاستحسان وغيرها ، وقد كان للشيعة دور كبير في معترك هذه المسائل ، ولاسيّما ما كان منها من مختصّات التشيّع كالبداء والرجعة وعقيدة الأمر بين الأمرين في القضاء والقدر.

وإذا كانت نار الفتنة قد نشبت واستعرت بين المعتزلة والمُحَدِّثين (السلفيين) في غير واحد من البلاد ، فإنّ الحالة الشيعية لم تكن بمنأى عن تلكم الصراعات ، وكان للشيعة حضور كبير في معادلة التأثير والتأثّر ، وساهم الشيعة ـ كما غيرهم ـ في صياغة وتوجيه الرأي العام الكُوفي نحو مسارات محدّدة تختزل حجم القوى الفكرية الفاعلة على الأرض.

أمّا أهمّ الذين صنّفوا في التوحيد من المُحَدِّثين من المدرسة الكُوفية الشيعية في القرن الثالث الهجري ، فهم :

١ ـ إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل بن هلال المخزومي :

كان من أهل مكّة ، ثمّ هاجر والتحق بمدرسة الكوفة وتتلمذ على يد كبار المُحَدِّثين فيها ، من أمثال : أيّوب بن نوح ، وعلي بن الحسن بن فَضّال ، له كتاب التوحيد ، رواه عنه علي بن أحمد العقيقي ، وابنه محمّد بن


إسماعيل(١).

٢ ـ إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي ، الكُوفي ، الأصبهاني (ت٢٨٣هـ) :

المؤرّخ والمفسّر المعروف ، له كتاب (خلق السماوات)(٢).

٣ ـ علي بن أبي صالح الحَنّاط :

علي بن أبي صالح الحَنّاط ، أبو الحسن ، الكُوفي ، يُعرف بـ : علي بن بَزُرْج الحَنّاط ، واسم أبي صالح محمّد ، يلقّب بَزُرْج(٣) ، روى عن عمرو بن اليسع ، وروى عنه جعفر بن أحمد بن يوسف الأزدي ، له كتب عدّة في مباحث التوحيد وما يرتبط به من أمر الخلق وقوانين العوالم على اختلاف مستوياتها ومراحلها ، ومن هذا الكتب(٤) :

ـ كتاب الأظلّة ، والأظلّة هي تعبير روائي عن الأرواح وعالم الذرّ والمثال(٥).

__________________

(١) رجال النجاشي ص٣١ ؛ رجال الطُّوسي ص٤١٥ ؛ فهرست الطُّوسي ص٤٨ ؛ معالم العلماء ص٤٤ ؛ موسوعة طبقات الفقهاء ٣/١٣٣.

(٢) فهرست الطُّوسي ص٣٩ ؛ معالم العلماء ص٣٩ ؛ موسوعة طبقات الفقهاء ٣/٤٩.

(٣) بفتح الباء وقيل بضمّها ، ويكتبها بعضهم (برزج).

(٤) رجال النجاشي ص٢٥٧.

(٥) الأظلّة هو عالم الأرواح قبل أن يخلق الله الأبدان ، وقد وردت روايات عدّة عن


ـ كتاب الجنّة والنار.

ـ كتاب البَداء والمشيّة ، ولعلّ من مرويّاته ما رواه أبو المفضّل محمّد ابن عبد الله بن مطّلب الشيباني قال : حدّثنا حُمَيد بن زِياد ، عن علي بن بزرج الحَنّاط ، عن محمّد بن جعفر المكفوف ، عن إسماعيل بن منصور الزبالي ، عن أبي ركاز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من قال يوم الجمعة حين يصلّي الغداة قبل أن يتكلّم : اللهمّ ما قلت في جمعتي هذه من قول أو حلفت فيها من حلف أو نذرت فيها من نذر فمشيّتك بين يدي ذلك كلّه ، فما شئت منه أن يكون كان وما [لم] تشأ منه لم يكن ، اللهمّ اغفر لي وتجاوز عنّي اللهمّ من صلّيت عليه فصلواتي عليه ومن لعنت فلعنتي عليه ؛ كان كفّارة من جمعة إلى جمعة»(١).

٤ ـ إبراهيم بن سليمان بن عبيد الله بن خالد النَهمي :

هو إبراهيم بن سليمان ، الخزّاز ، أبو إسحاق الكُوفي ، كان ثقة في

__________________

قوانين ذلك العالم ، وعلاقته بعالم الدنيا هذا ، ومن ذلك قول الصادق عليه‌السلام : «إن الله آخى بين الأرواح في الأظلّة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلّة ، ولم يورث الأخ من الولادة» ـ بحار الأنوار ٦/٢٤٩ ، ومن ذلك أيضاً ما ورد عن الثمالي : قال : دخلت حبابة الوالبية على أبي جعفر عليه‌السلام فقالت : أخبرني يا بن رسول الله أيّ شيء كنتم في الأظلّة؟ فقال عليه‌السلام : «كنّا نوراَ بين يدي الله قبل خلق خلقه ، فلمّا خلق الخلق سبّحنا فسبّحوا ، وهلّلنا فهلّلوا ، وكبّرنا فكبّروا ، وذلك قوله عزّ وجلّ : (وَأَ لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لاََسْقَيْنَاهُم مَاءً غَدَقاً) الطريقة حبّ عليٍّ صلوات الله عليه ، والماء الغدق الماء الفرات وهو ولاية آل محمّد عليهم‌السلام» ـ بحار الأنوار ٢٥/٢٤.

(١) رجال النجاشي ص١٨ ؛ فهرست الطُّوسي ص٣٨ ؛ موسوعة طبقات الفقهاء ٣/٤٥.


الحديث ، يسكن في الكوفة في بني نَهم ، وسكن في بني تميم فقيل تميمي ، وسكن في بني هلال ، ونسبه في نهم ، له كتب ، منها : كتاب قبض روح المؤمن ، كتابا الدفائن ، كتاب خلق السماوات(١).

٥ ـ حمّاد بن عيسى الجُهَني :

له مسائل في التوحيد عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام ، نقل النجاشي عن شيخه أحمد بن الحسين الغضائري قال : «رأيت كتاباً فيه عبر ومواعظ وتنبيهات على منافع الأعضاء من الإنسان والحيوان وفصول من الكلام في التوحيد ، وترجمته (مسائل التلميذ وتصنيفه عن جعفر بن محمّد بن علي) ، وتحت الترجمة بخطّ الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني : التلميذ حمّاد بن عيسى ، وهذا الكتاب له ، وهذه المسائل سأل عنها جعفراً عليه‌السلام وأجابه»(٢) ، ومن رواياته ما رواه الصَّدوق عن أبيه ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا محمّد بن عيسى ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حمّاد بن عيسى ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : لم يزل الله يعلم؟ قال : أنّى يكون يعلم ولا معلوم ، قال : قلت : فلم يزل الله يسمع؟ قال : أنّى يكون ذلك ولا مسموع ، قال : قلت : فلم يزل يبصر؟ قال : أنّى يكون ذلك ولا مبصر ، قال : ثمّ قال :

__________________

(١) رجال النجاشي ص١٨ ؛ فهرست الطُّوسي ص٣٨ ؛ موسوعة طبقات الفقهاء ٣/٤٥.

(٢) رجال النجاشي ص١٤٣.


«لم يزل الله عليماً سميعاً بصيراً ، ذات علامة سميعة بصيرة»(١).

٦ ـ علي بن الحسن بن علي بن فَضّال :

علي بن الحسن بن علي بن فَضّال بن عمر بن أيمن ، مولى عكرمة بن ربعي الفّياض ، أبو الحسن ، الكُوفي ، كان من أعلام الفطحيّة ومصنّفيهم ، ذكر النجاشي وغيره أنّ له كتاب الجنّة والنار(٢).

٧ ـ علي بن الحسن الطاطَري :

علي بن الحسن بن محمّد ، أبو الحسن ، الطائي ، الجُرمي ، الكُوفي ، من عتاة الواقفة ، وأحد كبار الداعين لمذهب الوقف المبتدع ، له كتاب (التوحيد) ، (الفطرة) ، (الولاية)(٣) ، لم أجد رواياته في كتب الحديث ، إلاّ أنّ النجاشي ذكر في ترجمة مالك الحضرمي أنّه «أدرك أبا عبد الله عليه‌السلام ... وروى عن أبي الحسن عليه‌السلام وكان متكلّماً ، ثقة ثقة في الحديث ، وله كتاب في التوحيد رواية علي بن الحسن الطاطَري ، أخبرنا محمّد بن عثمان قال : حدّثنا جعفر ابن محمّد بن عبيد الله قال : حدّثنا عبيد الله أحمد بن نهيك عن علي بن الحسن الطاطَري عنه»(٤).

__________________

(١) التوحيد ص١٣٩.

(٢) رجال النجاشي ص٢٥٧ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص١٠٠.

(٣) رجال النجاشي ص٢٥٤ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص٩٩.

(٤) رجال النجاشي ص٢٠٥.


ثانياً : مباحث الإمامة :

وهي مباحث كثيرة جدّاً ومتشعّبة ، وقد أحتلّت مساحة واسعة من الجهد الفكري والنتائج التصنيفي للمدرسة الشيعية في الكوفة ، ويعكس هذا الاهتمام حرص المدرسة الكُوفية الشيعية على شغل الفراغ الفكري الذي كابده المخالفون بسبب فشل نظريّتي الشورى والتوريث عندهم ، وعدم انتظام أمر البلاد الإسلامية تحت كنف سلطة عادلة ، تحكم بالقرآن وتعمل بأحكام الإسلام البعيدة عن التحريف والتشويه ، وقد أثمر هذا الجهد التصنيفي باتّساع رقعة المستبصرين كمّاً ونوعاً ، وتقوية الوجود الشيعي ، بعمقه البشري ، وإرثه الحضاري والفكري ، في حواضر مختلفة من البلاد الإسلامية.

لقد أظهرت الأصول والكتب الشيعية المصنّفة في موضوعة الإمامة وجود خطّين عند المُحَدِّثين في طرح المسائل الخلافية ؛ الأوّل يقوم على بيان مرويّات التنصيص الشرعي على الإمامة من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة ، مع التركيز على الأسانيد المشتملة على رجال العامّة وحفّاظهم ، ويدخل تحت هذا القسم روايات المناقب التي امتازت بقوّة وغزارة الإسناد وتنوّع المصادر ، أمّا القسم الثاني فقد ركّز على تعرية الموروث المقدّس عند العامّة ، وكشف عوار نظريّات التقديس والتصنيم ، فكانت كتب ومصنّفات المثالب من أهمّ محطّات المواجهة مع الآخر ، ومن أكثر أنواع التصنيفات خطراً وتهديداً لشرعية النظرية العقائدية لمدرسة المخالفين لأهل البيت عليهم‌السلام ، وهي بلا شكّ من أكثر الأساليب تأثيراً في توهين المباني الشرعية لنظرية


الخلافة عند العامّة.

والملاحظ في القرن الهجري الثالث أنّ التصدّعات الشيعية الداخلية قد أنتجت خطّاً جديداً من مصنّفات الحديث الشيعي في موضوعة الإمامة ، اهتمّت باحتواء معترك الصراع الشيعي الشيعي ، ولاسيّما مع الواقفة والفطحيّة والغلاة ، الذين راجت سوقهم واشتدّ عودهم بين الفينة والفينة مستغلّين أوضاع الترهّل السياسي والأمني وانشغال السلطة بصراعاتها ومعاركها الداخلية.

أهمّ المؤلّفين في هذا المجال فهم :

١ ـ مؤلّفات إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي (ت ٢٨٣ هـ) :

أبو إسحاق ، إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي ، الكُوفي ، الأصفهاني (ت ٢٨٣ هـ) ، المؤرّخ والمفسّر المعروف ، من المُحَدِّثين المستبصرين ، كان زيديّاً ثمّ انتقل إلى مذهب الإمامية الإثني عشرية ، له كتب عديدة في الإمامة ومسائلها ، منها : الإمامة الصغير والكبير ، كتاب المودّة في ذوي القربى ، كتاب المعرفة ، كتاب الحوض والشفاعة ، كتاب الوصيّة(١).

ومن روايات كتاب الوصية ، ما أورده الصَّدوق ، قال : «حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رحمه‌الله ،

__________________

(١) رجال النجاشي ص١٧ ؛ فهرست الطُّوسي ص٣٩ ؛ معالم العلماء ص٣٩ ؛ موسوعة طبقات الفقهاء ٣/٤٩.


قال : حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب ، عن أحمد بن علي الأصبهاني ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، قال : حدّثنا مخول بن إبراهيم ، قال : حدّثنا عبد الرحمن بن الأسود اليشكري ، عن محمّد بن عبيد الله ، عن سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه ، قال : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من وصيُّك من أمّتك ، فإنّه لم يُبعث نبي إلاّ كان له وصيٌّ من أمّته؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (لم يبيّن لي بعد). فمكثت ما شاء الله أن أمكث ، ثمّ دخلت المسجد ، فناداني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : (يا سلمان ، سألتني عن وصيّي من أمّتي ، فهل تدري من كان وصيّ موسى من أمّته؟) فقلت : كان وصيّه يوشع بن نون فتاه. قال : (فهل تدري لم كان أوصى إليه؟) فقلت : الله ورسوله أعلم. قال : (أوصى إليه لأنّه كان أعلم أمّته بعده ، ووصيّي أعلم أمّتي من بعدي علي بن أبي طالب)»(١).

كتاب (المعرفة) :

ومن أهمّ هذه الكتب وأشهرها كتاب المعرفة ، وهو كتاب فريد جمع فيه شيخنا أبو إسحاق الثقفي بين المناقب والمثالب ، مناقب آل محمّد ، ومثالب أعدائهم ، وامتاز الكتاب بكون أسانيده مروية عن مشايخ العامّة وثقاتهم ، وكانت نسخته الأصلية وصلت عند السيّد ابن طاووس (ت ٦٦٤ هـ) ، ويظهر أنّه كان متكوّناً من أربعة أجزاء ، قال الشيخ أغا بزرك : «وحكى السيّد بن طاووس في كتاب اليقين عن كتاب المعرفة هذا ، وقال : أنّه أربعة

__________________

(١) أمالي الصَّدوق ص٦٣.


أجزاء ، ظاهراً أنّها كتبت في حياة أبي إسحاق المؤلّف ـ الخ. ونقل عنه ثلاثة عشر ، حديثاً في تسمية علي عليه‌السلام بأمير المؤمنين ، ومع ملاحظة تعدّد طرق بعضها يصير ستّة عشر وفي كشف المحجّة أوصى إلى ابنه بالرجوع إليه»(١) ، ويبدو من كلام النجاشي والسيّد ابن طاووس وغيرهما أنّ كتاب المعرفة كان كتاباً ضخماً ، وفيه مواضيع عقدية متعدّدة ، وأنّه ذكر فيه كمّاً كبيراً من روايات مثالب كبار الصحابة ، حتّى أثار جدلاً واسعاً في أوساط المجتمع الكُوفي ، يقول النجاشي : «وكان سبب خروجه من الكوفة أنّه عمل كتاب المعرفة ، وفيه المناقب المشهورة والمثالب ، فاستعظمه الكُوفيّون وأشاروا عليه بأن يتركه ولا يخرجه ، فقال : أيّ البلاد أبعد من الشيعة(٢) ، فقالوا : أصفهان ، فحلف لا أروي هذا الكتاب إلاّ بها فانتقل إليها ورواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه»(٣) ، ويقول السيّد ابن طاووس : «كتاب المعرفة تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي. وقد أثنى عليه محمّد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست في الرابع فقال ما هذا لفظه : أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الأصفهاني من ثقات العلماء المصنّفين. [ثمّ قال] : إنّ هذا أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي كان من الكوفة ومذهبه مذهب الزيدية ثمّ رجع إلى اعتقاد

__________________

(١) الذريعة ٢١/٢٤٣.

(٢) يظهر لي أنّ المقصود : أيّ البلاد أبعد عن التشيّع ؛ وهي كلمة تشير إلى ما كان يتمتّع به هذا الراوي من روح التحدّي والجرأة في الطرح ؛ والثقة بالنفس والمبدأ ، وهي تشير أيضاً إلى ثقله النوعي بين المُحَدِّثين من مختلف المذاهب الإسلامية.

(٣) رجال النجاشي ص١٧.


الإمامية ، وصنّف هذا الكتاب المعرفة ، فقال له الكُوفيّون : تتركه ولا تخرجه لأجل ما فيه من كشف الأمور ، فقال لهم : أيّ البلاد أبعد من مذهب الشيعة؟ فقالوا : أصفهان ، فرحل من الكوفة إليها وحلف أنّه لا يرويه إلاّ بها ، فانتقل إلى أصفهان ورواه بها ثقة منه بصحّة ما رواه فيه. وكانت وفاته سنة ثلاث وثمانين ومائتين. والذي ننقله عنه من الأحاديث رواها برجال المذاهب الأربعة ليكون أبلغ في الحجّة. ووجدنا هذا الكتاب أربعة أجزاء ، ظاهراً أنّها كتبت في حياة أبي إسحاق إبراهيم الثقفي الأصفهاني ، ونرويها بطرقنا التي ذكرناها في كتاب الإجازات لما يخصّني من الإجازات»(١) ، وقال في كتاب آخر له : «وذكر إبراهيم بن محمّد الثقفي في الجزء الثالث من كتاب المعرفة ـ بروايته عن رجال الأربعة المذاهب ـ قدوحاً كثيرة وطعوناً عظيمة في الخمسة الذين ضمّهم عمر إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام في الشورى وكلّها قدوح في دين هؤلاء الخمسة وفي أنسابهم ، فلينظر كلّ من شكّ في ذلك إلى الكتاب المذكور»(٢).

ويبدو من بعض كلمات السيّد ابن طاووس أنّ إبراهيم الثقفي قد ذكر في كتاب المعرفة أسماء عصابة المنافقين الذين اشتركوا بمحاولة الاغتيال الفاشلة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) عند منصرفه من غزوة تبوك ، وهي أسماء ظلّت طيّ الكتمان طيلة القرون الأولى ، ولم يصرّح بها إلاّ قلّة من المُحَدِّثين ، قال ابن

__________________

(١) اليقين ص١٩٥.

(٢) الطرائف ص٤٨١.


طاووس بعد أن أورد كلام الزمخشري حول هؤلاء المنافقين : «توافق خمسة عشر منهم على أن يدفعوا راحلته إلى الوادي إذا تسنّم العقبة بالليل فأخذ عمّار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وبقعقعة السلاح فالتفت فإذا قوم متلثّمون ، فقال : إليكم يا أعداء الله فهربوا. يقول علي بن موسى بن طاووس : ولم يذكر الزمخشري أسماء هؤلاء الخمسة عشر ولا الإثني عشر ، وقد ذكرهم أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي الذي انتقل من الكوفة إلى أصفهان لأجل كتابه كتاب المعرفة الذي كاشف أهل أصفهان بتصنيفه وضمن صحّة ما فيه»(١).

__________________

(١) سعد السعود ص١٣٥ ، جرت محاولة الاغتيال الفاشلة هذه بعد قفول النبي (صلى الله عليه وآله) من غزوة تبوك سنة (٩ هـ) ، إذ اتّفق جماعة من الحزب القرشي المنافق على تنفير دابّة النبي عند وادي العقبة ، بهدف إسقاطه في الوادي وإزهاق نفسه الشريفة ، وقد ذكر ابن حزم الأندلسي المتوفّى سنة (٤٥٦ هـ) هذه الحادثة في كتابه المحلّى قائلاً : «وأمّا حديث حذيفة فساقط ، لأنّه من طريق الوليد بن جميع ، وهو هالك ، ولا نراه يعلم من وضع الحديث ، فإنّه قد روى أخباراً فيها أنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقّاص رضي‌الله‌عنه أرادوا قتل النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وإلقاءَه من العقبة في تبوك ، ولو صحّت لكانت بلا شكّ على ما بيّنا من أنّهم صحّ نفاقهم ، وعاذوا بالتوبة ، ولم يقطع حذيفة ولا غيره على باطن أمرهم ، فتورّع عن الصلاة عليهم». والوليد بن جميع هو الوليد بن عبد الله بن جميع. جاء في كتاب ميزان الاعتدال للذهبي : الوليد بن جميع وثّقه ابن معين ، والعجلي ، وقال أحمد وأبو زرعة : ليس به بأس ، وقال أبو حاتم : صالح الحديث. وجاء في كتاب الجرح والتعديل للرازي : عن إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين ، أنّه قال : الوليد بن جميع ثقة. وذكره ابن حجر العسقلاني في


نماذج من روايات كتاب (المعرفة):

* الشيخ الصَّدوق : «أبي رحمه الله قال : حدّثني عبد الله بن الحسن المؤدّب عن أحمد بن علي الأصبهاني عن إبراهيم بن محمّد الثقفي عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن إسحاق عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالساً وعنده نفر من أصحابه فيهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام إذ قال : (من قال لا إله إلا الله دخل الجنّة) ، فقال رجلان من أصحابه : فنحن نقول لا إله إلا الله ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إنّما تقبل شهادة أن لا إله إلا الله من هذا ومن شيعته الذين أخذ ربّنا ميثاقهم) ، فقال الرجلان : فنحن نقول لا إله إلا الله ، فوضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على رأس علي عليه‌السلام ثمّ قال : (علامة ذلك أن لا تحلاّ عقده ولا تجلسا مجلسه ولا تكذّبا حديثه)»(١).

* السيّد ابن طاووس : «فيما نذكره أيضاً من كتاب المعرفة لإبراهيم الثقفي الأصفهاني ، في تسمية رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً عليه‌السلام بأمير المؤمنين وسيّد المسلمين وخير الوصيّين وأولى الناس بالنبيّين وأمير الغرّ المحجّلين ، فقال ما هذا لفظه :

حدّثنا إبراهيم قال : وأخبرني إبراهيم بن منصور وعثمان بن سعيد قالا :

__________________

الإصابة في جملة رواته. وذكره ابن كثير في جملة رواته الثقات. وذكره مسلم في صحيحه في جملة رواته. راجع : اغتيال النبي ص٦٩.

(١) ثواب الأعمال ص٧.


حدّثنا عبد الكريم بن يعقوب الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس بن مالك قال : كنت خادماً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فبينما أوضّيه إذ قال : (يدخل داخل هو أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وخير الوصيّين وأولى الناس بالنبيّين وأمير الغرّ المحجّلين). فقلت : اللهمّ اجعله رجلاً من الأنصار حتّى قُرع الباب فإذا علي عليه‌السلام فلمّا دخل عرق وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عرقاً شديداً ، فمسح رسول الله من وجهه بوجه علي ، فقال : ما لي يا رسول الله ، أنزل فيَّ شيءٌ؟ فقال : (أنت منّي وتؤدّي عنّي وتبرء ذمّتي [وتبلّغ] رسالتي) ، قال : يا رسول الله ، أو لم تبلّغ الرسالة؟ قال : (بلى ، ولكن تعلّم الناس من بعدي من تأويل القرآن ما لم يعلموا أو تخبرهم)»(١).

* «وقال إبراهيم الثقفي : أخبرنا إسماعيل بن صبيح قال : حدّثنا زياد [بن] المنذر الهمداني عن أبي داود عن بريدة الأسلمي قال : كنّا إذا سافرنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) كان علي عليه‌السلام صاحب متاعه يضمّه إليه. فإذا نزلنا يتعاهد متاعه ، فإن رأى شيئاً يرمّه رمّه وإن كان نعل خصفها. فنزلنا منزلاً ، فأقبل علي عليه‌السلام يخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله). فدخل أبو بكر فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إذهب فسلّم على أمير المؤمنين). قال : يا رسول الله ، وأنت حيٌّ؟ قال : (وأنا حيٌّ). قال : من ذلك؟ قال : (خاصف النعل). ثمّ جاء عمر فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (اذهب فسلّم على أمير المؤمنين). فقال بريدة : وكنت أنا فيمن دخل معهم ،

__________________

(١) اليقين ص١٩٧.


فأمرني أن أسلّم على علي عليه‌السلام. فسلّمت عليه كما سلّموا»(١).

ونقل ابن طاووس من كتاب المعرفة للثقفي الأصفهاني في تسمية رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي عليه‌السلام بأمير المؤمنين وسيّد المسلمين وقائد الغرّ المحجّلين وخاتم الوصيين(٢).

٢ ـ إسماعيل بن محمّد المخزومي :

هو إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل بن هلال المخزومي ، له كتاب الإمامة ، وكتاب المعرفة ، رواهما عنه علي بن أحمد العقيقي ، وابنه محمّد بن إسماعيل(٣) ، ولم أعثر على شيء من مرويّات هذين الكتابين في المصادر الشيعية المتوفّرة بين أيدينا.

٣ ـ عيسى بن المُستفاد :

عيسى بن المستفاد ، أبو موسى البَجَلي الضرير ، روى عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام ، له كتاب الوصيّة(٤) ، وهذا الرجل وإن طعن فيه البعض من أهل

__________________

(١) المصدر نفسه ص٢٠٣.

(٢) المصدر نفسه ص٩٨.

(٣) رجال النجاشي ص٣١ ؛ رجال الطُّوسي ص٤١٥ ؛ فهرست الطُّوسي ص٤٨ ؛ معالم العلماء ص٤٤ ؛ موسوعة طبقات الفقهاء ٣/١٣٣.

(٤) رجال النجاشي ص٢٩٧ ؛ معالم العلماء ص١٢١ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٨٨ ؛ رجال الغضائري ص٨١.


صنعة الرجال إلا أنّ القرائن تشير إلى وثاقته ، وإلى اعتبار كتبه ، إذ نقل عن كتابه الوصيّة وروى عنه كلٌّ من : الكُلَيني في الكافي ، وعلي بن يونس العاملي (ت ٨٧٧ هـ) في كتابه الصراط المستقيم ، والسيّد ابن طاووس في كتابه الطرائف(١) ، قال المحدّث النوري ـ أعلى الله مقامه ـ عن كتاب الوصيّة لابن المستفاد : «هذا الكتاب قد اعتمد عليه الأعاظم من الشيوخ ، فأخرج منه ثقة الإسلام في الكافي في باب أنّ الأئمة عليهم‌السلام لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلاّ بعهد من الله عزّ وجلّ. إلى آخره حديثاً طويلاً. وقال السيّد الرضي في كتاب الخصائص : حدّثني هارون بن موسى ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عمّار العِجْلي الكُوفي ، قال : حدّثني عيسى الضرير ، عن أبي الحسن عن أبيه عليهما‌السلام ... الخبر. وقال : حدّثني هارون بن موسى ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن علي ، قال : حدّثنا أبو موسى عيسى الضَّرير ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال ... الخبر ... وكذا نقله عنه رضي الدين علي بن طاووس في الطرفة الخامسة عشر والسادسة عشر من كتابه الطرف ... وقال السيّد ابن طاووس في أوّل الكتاب المذكور : وقد رأيت كتاباً يسمّى كتاب الطرائف في مذاهب الطوائف ، فيه شفاء لما في الصدور. إلى أن قال : وإنّما نقلت ما هنا ما لم أره في ذلك الكتاب من الأخبار المتحقّقة أيضاً في هذا الباب ، وهي ثلاث وثلاثون طرفة ، انتهى. وكلَّها منقولة من كتاب عيسى بلا واسطة»(٢).

__________________

(١) راجع : الكافي ١/٢٨١ ؛ الصراط المستقيم ٢/٨٩ ؛ بحار الأنوار ٢٢/٢٧٦.

(٢) خاتمة المستدرك ٢/٢٨٧ ـ ٢٨٦.


من روايات هذا الكتاب ما أورده ثقة الإسلام الكُلَيني في الكافي ، قال : «الحسين بن محمّد الأشعري ، عن معلّى بن محمّد عن أحمد بن محمّد ، عن الحارث بن جعفر ، عن علي بن إسماعيل بن يقطين ، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال : حدّثني موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : قلت لأبي عبد الله : أليس كان أمير المؤمنين عليه‌السلام كاتب الوصيّة ورسول الله (صلى الله عليه وآله) المملي عليه وجبرئيل والملائكة المقرّبون عليهم‌السلام شهود؟ قال : فأطرق طويلاً ثمّ قال : يا أبا الحسن قد كان ما قلت ولكن حين نزل برسول الله (صلى الله عليه وآله) الأمر نزلت الوصيّة من عند الله كتاباً مسجّلاً ، نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة ، فقال جبرئيل : يا محمّد مُر بإخراج من عندك إلاّ وصيّك ، ليقبضها منّا وتشهدنا بدفعك إيّاها إليه ضامناً لها ـ يعني عليّاً عليه‌السلام ـ فأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بإخراج من كان في البيت ما خلا عليّاً عليه‌السلام ، وفاطمة فيما بين الستر والباب ، فقال جبرئيل : يا محمّد ربّك يقرئك السلام ويقول : هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمّد شهيداً ، قال : فارتعدت مفاصل النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال : يا جبرئيل ربّي هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام صدق عزّ وجلّ وبرّ ، هات الكتاب ، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له : أقرأه ، فقرأه حرفاً حرفاً ، فقال : يا علي! هذا عهد ربّي تبارك وتعالى إليّ شرطه عليَّ وأمانته وقد بلّغت ونصحت وأدّيت ، فقال علي عليه‌السلام وأنا أشهد لك [بأبي وأمّي أنت] بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري


ولحمي ودمي ، فقال : جبرئيل عليه‌السلام : وأنا لكما على ذلك من الشاهدين ... الخبر»(١).

٤ ـ محمّد بن سنان :

محمّد بن سنان ، أبو جعفر ، الزاهري ، الكُوفي ، ثقة جليل على التحقيق(٢) ، له كتب ، منها : كتاب الأظلّة ، كتاب الوصيّة ، رواه النجاشي عن جماعة من شيوخه عن أبي غالب أحمد بن محمّد [الزراري] ، عن عمّ أبيه علي بن سليمان ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن محمّد بن سنان(٣).

ومن نماذج مرويّات كتاب الوصيّة ما رواه علي بن بابويه عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود : عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إنّ حسيناً عليه‌السلام لما حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٨١.

(٢) كما هو اختيار جملة من المحقّقين ، ولعلّ خير من أزال الغبار عن حاله وأثبت وثاقته وجلالة قدره شيخنا المحدّث النوري ـ أعلى الله مقامه ـ إذ عقد بحثاً في خاتمة مستدركه في بيان حاله وردّ الشبهات عنه ، فأفاد وأجاد ، وأعاد للرجل شيئاً من حقّه المغبون بسبب التسرّع في الجرح وقلّة التحقيق عند الرجاليّين ـ راجع : خاتمة المستدرك ٤ / ٦٤ ؛ وقد أشار السيّد بحر العلوم في فوائده إلى «جلالة محمّد بن سنان ورياسته وعلوّ شأنه وعظم قدره ولقائه أربعة من الأئمّة وروايته عنهم واختصاصه بهم ، ووكالته لهم» ـ الفوائد الرجالية ٣ / ٦٥.

(٣) رجال النجاشي ص٣٢٨.


فاطمة ابنة الحسين عليه‌السلام ، فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ، ووصيّة ظاهرة ، ووصيّة باطنة. وكان علي بن الحسين عليه‌السلام مبطونا معهم ، لا يرون إلاّ أنّه لما به ، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليه‌السلام. ثمّ صار ذلك الكتاب ـ والله ـ إلينا. فقلت : ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟ فقال : فيه ـ والله ـ جميع ما احتاج إليه ولد آدم إلى أن تفنى الدنيا»(١) ، ومن روايات هذا الكتاب أيضاً ما رواه الشيخ الكُلَيني : «محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن ابن أبي يعفور ، عن المعلّى بن خنيس قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (إنّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا) قال : «أمر الله الإمام الأوّل أن يدفع إلى الإمام الذي بعده كلّ شيء عنده)»(٢).

٥ ـ علي بن الحسن بن علي بن فَضّال :

علي بن الحسن بن علي بن فَضّال بن عمر بن أيمن ، أبو الحسن ، الكُوفي ، كان من أعلام الفطحية ومصنّفيهم ، ذكر النجاشي وغيره أنّ له كتاب المعرفة(٣) ، ويبدو أن مواضيع الكتاب ذات علاقة بمباحث الإمامة ، وهناك روايات عدّة رويت عن علي بن الحسن بن علي بن فَضّال في مسائل الإمامة

__________________

(١) الإمامة والتبصرة ص٦٣.

(٢) الكافي ١ / ٢٧٧.

(٣) رجال النجاشي ص٢٥٧ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص١٠٠.


ومعرفة حقّ أهل البيت عليهم‌السلام ، من ذلك ما رواه الصَّدوق «عن شيخه محمّد بن إبراهيم بن إسحاق ، قال : أخبرنا أحمد ابن محمّد الهمداني ، قال : أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فَضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام : أنّه قال : (نحن سادة في الدنيا وملوك في الآخرة)»(١).

٦ ـ علي بن الحسن الطاطَري :

علي بن الحسن بن محمّد ، أبو الحسن ، الطائي ، الجرمي ، الكُوفي ، من عتاة الواقفة ، وأحد كبار الداعين لمذهب الوقف المبتدع ، له كتاب الإمامة ، الولاية ، المعرفة(٢) ، وبحمد الله تعالى فإنّ كتب الحديث الشيعية تخلو تماماً من رواياته في الإمامة ، ولعلّها روايات تخدم مذهب الواقفة ، وتروّج لمبدأ الانسلاخ من عقيدة الأئمّة الاثني عشر ، وقد ألّف أبو سهل النوبختي كتاباً في الردّ عليه بعنوان كتاب الردّ على الطاطَري في الإمامة(٣).

ثالثاً : كتب المناقب والفضائل :

تندرج مصنّفات الفضائل والمناقب في قسم المباحث العقدية المتعلّقة بالإمامة ، إلاّ أنّ مواضيعها أعمّ وأكثر تنوّعاً ، وغالباً ما تربط بين الجوانب

__________________

(١) أمالي الصَّدوق ص٦٥٢.

(٢) رجال النجاشي ص٢٥٤ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص٩٩.

(٣) فهرست الطُّوسي ص٤٩.


العقدية والقرآنية وبين المرويّات التاريخية ، ويدخل فيها كتب فضائل أهل البيت عليهم‌السلام وذكر مناقبهم ، وبيان درجاتهم عند الله تعالى ، وما أعطاهم من الكرامات والمعاجز في الدنيا والآخرة ، كما تشمل كتب فضائل الشيعة وأصحاب الأئمّة ، وهذه الأخيرة لها مساس بالجانب العقائدي والتاريخي ، وتنفع الباحثين أحياناً في دراسة تاريخ التشيّع ، والبحث في سيرة رجالات الشيعة ، وما مرّت به الحالة الشيعية من أدوار ومراحل مختلفة خلال مسيرتها مع أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام.

وممّن ألّف في المناقب في القرن الثالث الهجري :

١ ـ إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي (ت ٢٨٣ هـ) :

له كتاب المعرفة ، وهو كتاب يجمع ـ كما ذكرنا سابقاً ـ بيّن المناقب لأهل البيت عليهم‌السلام ومثالب أعدائهم ومخالفيهم ، وقد مرَّ علينا جانب من مرويّات هذا الكتاب.

٢ ـ الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني :

كان من وجوه الواقفة ، وأبوه (علي بن أبي حمزة) من مؤسّسي هذه الفرقة المخذولة ، له كتاب فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام(١) ، ومن رواياته ما أورده الصَّدوق : «حدّثنا علي بن أحمد بن موسى الدقّاق رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا

__________________

(١) رجال النجاشي ص٣٦ـ٣٧.


محمّد بن أبي عبد الله الكُوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (علي بن أبي طالب إنّه أخي وشقيقي وصاحب الأمر بعدي وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة وصاحب شفاعتي وحوضي ، وهو مولى كلّ مسلم وإمام كلّ مؤمن وقائد كلّ تقيٍّ ، وهو وصيّي وخليفتي على أهل أمّتي في حياتي وبعد موتي ، محبّه محبّي ومبغضه مبغضي ، وبولايته صارت أمّتي مرحومة ، وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة)»(١).

٣ ـ عُبيد بن كُثير بن محمّد (ت ٢٩٤ هـ) :

عُبيد بن كُثير بن محمّد (أو عبيد بن محمّد بن كثير) ، أبو سعيد ، العامري ، الكلابي ، الوحيدي ، الهلالي ، الكُوفي ، التمّار ، له كتاب الفضائل ، وكتاب المعرفة(٢).

روى عن : نوح بن دَرّاج ، ومحمّد بن مروان ، ومحمّد بن جنيد ، ومحمّد بن إسماعيل الأحمسي ، وإبراهيم بن إسحاق العمي ، ومحمّد بن راشد ، وأحمد بن صبيح ، وهشام بن يونس ، ورزيق ، وجندل ، ويحيى بن الحسن ، ويحيى بن مساور ، وحسين بن نصر ، وضرار بن صرد.

__________________

(١) أمالي الصَّدوق ص١٧٥.

(٢) رجال النجاشي ص٢٣٤ ؛ معالم العلماء ص١١٨.


وروى عنه : جعفر بن محمّد بن عمر الأحمسي ، ومحمّد بن عبد الله ابن يوسف العماني ، وأحمد بن هاشم الكناني ، وإسحاق بن محمّد المنصوري ، وسليمان بن أحمد الطبراني ، وروى عنه فرات الكُوفي صاحب التفسير في أكثر من ٦٠ مورداً.

وقد ضعّفه النجاشي وابن الغضائري ، وزعما أنّه كان يضع الحديث ، وهو بري من هذه التهمة براءة الذئب من دم يوسف ، وقد تتبّعتُ رواياته فلم أجد فيها إلا الاستقامة وروح التشيّع الأصيلة ، وأغلب رواياته في تفسير فرات الكُوفي إنّما هي في فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم‌السلام ، ويظهر من خلال النظر في كتب الجرح والتعديل عند المخالفين أنّ أصل التهمة له والتشنيع عليه إنّما جاءت عنهم ، قال الذهبي : «عُبيد بن كُثير العامري التمّار قال الأزدي : متروك الحديث وقال الدارقطني : كوفي متروك»(١) ، واتهمه ابن حبّان أنّه يروي نسخة مقلوبة من حديث أبان بن تغلب(٢).

ومن روايات كتابه ما أورده السيّد ابن طاووس نقلاً عن ابن مردويه في كتابه المناقب قال : «حدّثنا أبو بكر أحمد بن كامل وأحمد بن محمّد بن عمرو ابن سعيد الأخمس قال : حدّثنا عُبيد بن كُثير العامري ، قال : حدّثنا محمّد بن علي الصَّيرفي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل اليشكري ، عن شريك عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة اليماني رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : عليٌّ

__________________

(١) المغني في الضعفاء ٢ / ٣٦.

(٢) كتاب المجروحين ٢ / ١٧٦.


خير البشر فمن أبى فقد كفر»(١).

ومن رواياته الأخرى في المناقب ما رواه محمّد بن أبي القاسم الطبري ، قال : «أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن بقراءتي عليه في الموضع المقدّس المذكور على ساكنه السلام في شوّال سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد البرسي المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين ، في ذي الحجّة سنة اثنتين وستّين وأربعمائة ، قال : أخبرنا محمّد بن علي بن محمّد القرشي ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن عمر الأحمسي من أصل خطّ أبي سعيد بيده ، قال : أخبرنا أبو عُبيد بن كُثير الهلالي التمّار ، قال : أخبرنا يحيى بن مساور ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ، عن آبائه ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال : (والذي نفسي بيده ، لا تفارق روح جسد صاحبها حتّى يأكل من ثمار الجنّة أو من شجرة الزقوم ، وحين يرى ملك الموت يراني ويرى عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، فإن كان يحبّنا قلت : يا ملك الموت! ارفق به إنّه كان يحبّني ويحبّ أهل بيتي ، وإن كان يبغضنا قلت : يا ملك الموت! شدّد عليه إنّه كان يبغضني ويبغض أهل بيتي)»(٢).

ومن رواياته ما رواه محمّد بن أبي القاسم الطبري أيضاً ، قال : «حدّثنا أبو أحمد إسحاق بن محمّد المنصوري ، قال : حدّثنا عُبيد بن كُثير قال :

__________________

(١) الطرائف ص٨٨.

(٢) بشارة المصطفى ص٢٥.


حدّثنا إبراهيم بن إسحاق العمي ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التميمي ، عن أبيه عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (من شكّ في عليٍّ فهو كافر)»(١).

٤ ـ يحيى بن زكريّا بن شيبان (كان حيّاً سنة ٢٧٣ هـ) :

يحيى بن زكريّا بن شيبان ، أبو عبد الله ، الكندي ، العلاّف ، وصفه النجاشي بأنّه الشيخ ، الثقة ، الصَّدوق ، لا يطعن عليه ، له كتب ، منها : كتاب الفضائل ، ثمّ ذكر طريقه إليه ، قال : «أخبرنا محمّد بن جعفر قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا يحيى بن زكريّا بن شيبان»(٢) ، وذكر الطهراني كتابه بعنوان كتاب الفضائل أو فضائل الآيات(٣).

سمع منه ابن عقدة سنة (٢٦٥ هـ و ٢٦٧ هـ و ٢٧٣ هـ) ، كما سمع منه وروى كثيراً من روايات كتبه ولاسيّما في باب الفضائل(٤) ، وقد روى يحيى

__________________

(١) المصدر نفسه ص١٩٥.

(٢) النجاشي ص١٦ ، ٥١ ، ٧٥ ، ٤٢٨ ؛ فهرست الطُّوسي ص٣٥ ، ٦٢.

(٣) الذريعة ١٦/٢٥١.

(٤) قال النعماني : «أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكُوفي ، قال : حدّثنا يحيى بن زكريّا بن شيبان من كتابه في سنة ثلاث وسبعين ومائتين ...«ـ غيبة النعماني ص٧٢ ؛ وقال النجاشي : «أخبرنا محمّد بن جعفر قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدّثنا يحيى بن زكريّا بن شيبان من أصل كتابه سنة سبع وستين ومائتين ...» ـ غيبة النعماني ص٧٢ ؛ وقال ابن طاووس : «رويناه بإسنادنا إلى أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال : أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن زكريّا ابن شيبان العلاّف في كتابه ، سنة خمس وستّين ومائتين ...» ـ إقبال الأعمال ١/٢٥٨.


بن زكريّا جملة من كتب أصحابنا وأصولهم الحديثية ، منها كتب : إبراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري ، والحسن بن الحسين العرني ، كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، والصلت بن الحرّ ، وعلي بن سيف النخعي ، كتاب الجمل لنصر بن مزاحم(١).

ومن روايات كتابه في الفضائل ما رواه النعماني في غيبته ، قال :

«أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكُوفي ، قال : حدّثنا يحيى بن زكريّا بن شيبان من كتابه في سنة ثلاث وسبعين ومائتين ، قال : حدّثنا علي بن سيف بن عميرة ، قال : حدّثنا أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إنّ من أهل بيتي اثنا عشر محدّثاً)»(٢).

أمّا رواياته في كتب العامّة فنذكر منها ما رواه ابن المغازلي في مناقبه ، قال : «أخبرنا أبو طاهر محمّد بن علي بن محمّد البَيِّعُ مكاتبة ، حدَّثنا أبو أحمد بن أبي مُسلم الفَرَضي ، حدَّثنا أبو العبّاس ابن عُقْدَةَ الحافظ ، حدَّثنا يحيى بن زكريّا ، حدَّثنا علي بن يوسف بن عُمَير ، حدَّثنا أبي قال : أخبرني الوَليد بن المُسيَبْ عن أبيه عن المِنْهال بن عَمرو عن عَبّاد بن عبد الله قال : سمعت عليّاً يقول : (ما نزلت آية في كتاب الله جلَّ وعزَّ إلاّ وقد علمتُ مَتى نزلت ، وفيمَ أُنْزِلت ، وما من قريش رجل إلاّ قد نزلت فيه آية من كتاب الله

__________________

(١) النجاشي ص٤٤٢. غيبة النعماني ص٧٢

(٢) غيبة النعماني ص٧٢.


تسوقُه إلى جنّة أو نار) ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين فما نزلت فيك؟ فقال : (لولا أنّك سألتني على رؤوس الملأ ما حدَّثتُك ، أما تقرأ : (أَفَمْن كانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّه ويَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْه) رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بيِّنة من ربّه وأنا الشّاهدُ منه أتْلُوه وأتبَعُه ، والله لأن تَعلمونَ ما خَصَّنا الله عزَّ وجلَّ به أهلَ البيت أحَبُّ إلىَّ ممّا عَلَى الأرض من ذهبة حَمْراء أو فِضّة بَيْضاء)»(١).

٥ ـ علي بن الحسن الطاطَري :

علي بن الحسن بن محمّد ، أبو الحسن ، الطائي ، الجرمي ، الكُوفي ، من عتاة الواقفة ، وأحد كبار الداعين لمذهب الوقف المبتدع ، له كتاب المناقب(٢) ، ولعلّ من رواياته ما رواه محمّد بن يعقوب ، عن حُمَيد بن زِياد ، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان ، عن علي بن الحسن الطاطَري ، عن محمّد بن زياد بيّاع السابُري ، عن أبان ، عن عجلان أبي صالح ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «قتل علي بن أبي طالب عليه‌السلام بيده يوم حنين أربعين»(٣).

رابعاً : كتب الردّ على الغلاة :

كان خطر الغلاة يتزايد في مدرسة الكوفة ، فإنّ أغلب نحل الغلاة

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي ص٢٢٠.

(٢) رجال النجاشي ص٢٥٤ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص٩٩.

(٣) الكافي ٨/٣٧٦ ؛ تفسير البرهان ٢/٧٥٥.


تضرب جذورها في أعماق الكوفة ، وينحدر رجالاتها وزعماؤها من المجتمع الكُوفي ، وقد ألمحنا مراراً إلى احتضان هذه المدينة لتناقضات البيئة الإسلامية ، فيجتمع فيها النواصب مع الشيعة ، وتنتعش فيها روايات العثمانيّين إلى جانب روايات مثالب بني أمية ، ويعيش المؤيّدون لخلق القرآن والمعارضون له ، وينشط فيها الأشاعرة وأهل الاعتزال ، ويتصارع فيها أهل الرأي مع أهل الحديث.

إنّ هذا التنوّع في الحاضنة الكُوفية انعكس على المجتمع الشيعي ، فروايات الغلاة لازالت في متناول أيدي المُحَدِّثين ، ومع تقدّم السنين ، كانت طبعات جديدة لمذاهب الغلوّ والإرتفاع تظهر في أزقّة الكوفة ومدارسها ، فظهرت الخطّابية بصورة (الإسماعيلية) ، وانشطر جزء من الخطّابية ليشكّل نواة فرقة (القرامطة) ، وظهرت المفوّضة في سواد الكوفة ؛ وفي مقابل هذا المدّ الفكري والبشري ، تصدّى المُحَدِّثون الكُوفيّون من الشيعة المخلصين لموجات الغلوّ ، وألّفوا مجموعة من الكتب والمصنّفات في الردّ عليهم ، وبيان أوهامهم واشتباهاتهم ، وكثير من مرويّاتهم المكذوبة والموضوعة ، ومن أهمّ المؤلّفين الذين صنّفوا الكتب في الردّ على الغلاة :

١ ـ الحسن بن علي بن فَضّال :

الحسن بن علي بن فَضّال ، أبو محمّد ، الكُوفي ، من كبار المُحَدِّثين ، أدرك الإمام الكاظم عليه‌السلام ، كان فطحيّاً مشهوراً كما ذكرنا سابقاً ، لكنّه استبصر


في أخريات ساعاته وهو يحتضر ، فمات وقد قال بالحقّ رحمه الله تعالى ، توفّي سنة ٢٢٤ هـ ، له عدة كتب منها : الردّ على الغالية(١) ، ومن وراياته التي نقلها في ذمّ الغلاة ما رواه الصَّدوق في الخصال عن أبيه وابن الوليد معاً عن محمّد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس معاً ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن فَضّال ، عن داود بن أبي يزيد ، عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزّ وجلّ : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاك أَثِيم) قال : «هم سبعة : المغيرة ، وبيان ، وصائد ، وحمزة بن عمارة البربري ، والحارث الشامي ، وعبد الله بن الحارث ، وأبو الخطّاب»(٢).

٢ ـ إبراهيم بن أبي حفص الكاتب :

إبراهيم بن أبي حفص بن قتّة ، أبو إسحاق ، الكاتب ، كان مقبولاً عند العامّة والخاصّة ، وصفه النجاشي بأنّه ثقة ، وجه في أصحابنا ، من أصحاب مولانا أبي محمّد العسكري عليه‌السلام ، وذكر من كتبه كتاب الردّ على الغالية وأبي الخطّاب(٣) ، وقال الطُّوسي في ترجمته : «شيخ من أصحاب أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام ، ثقة وجيه ، له كتب ، منها الردّ على الغالية

__________________

(١) رجال النجاشي ص٣٤ ـ ٣٦.

(٢) بحار الأنوار ٢٥/٢٧٠.

(٣) رجال النجاشي ص١٩.


وأبي الخطّاب وأصحابه»(١) ، كما ذكره ابن شهرآشوب في معالمه(٢) ، وقال عنه ابن حجر : «ذكره أبو جعفر الطُّوسي في رجال الشيعة وقال كان أحد المصنّفين ، روى عن أبي محمّد العسكري ، كان مقبول القول ، ما رأيت أعقل منه ولا أحسن من حديثه»(٣) ، سمع من يحيى بن عمر الأسباطي ، ويبدو أنّه عمّر إلى منتصف القرن الرابع الهجري(٤).

خامساً : كتب الردّ على الواقفة وبقية الفرق الضالّة :

بذل المُحَدِّثون الكُوفيّون جهداً مشكوراً في الردّ على الفرق المنتحلة للتشيّع ، وأسهمت هذه الردود في رأب جزء من الصدع الذي أحدثتها هذه الفرق ، وممّن ألّف في ذلك جعفر بن محمّد بن إسحاق بن رباط البَجَلي ، وهو شيخ الصفواني الذي يعدّ أحد رواة الكافي ، يروي عن أحمد بن محمّد ابن خالد البرقي ، قال عنه النجاشي «شيخ ، ثقة ، كوفيّ ، من أصحابنا ، له كتاب الردّ على الواقفة ، كتاب الردّ على الفطحية ... أخبرنا ابن نوح عن أبي عبد الله الصفواني عن جعفر بن محمّد بن إسحاق بكتبه»(٥).

__________________

(١) فهرست الطُّوسي ص٤٠.

(٢) معالم العلماء ص٤١.

(٣) لسان الميزان ١/٤٩.

(٤) توضيح المشتبه ٣/١٨٣.

(٥) رجال النجاشي ص١٢١.


سادساً : كتب الدلائل والبشارات :

أفردناها في عنوان خاصّ لأهمّيتها في المصنّفات الحديثية ، وقد كان جملة من المُحَدِّثين يميلون إلى التصنيف في دلائل الإمامة والبشارات ، وهي تضمّ أحاديث في المعاجز والكرامات ، وفي بشارات النبي (صلى الله عليه وآله) وانباءاته الغيبية عن الائمّة عليهم‌السلام وأسمائهم وصفاتهم ، وكان الشيعة يشعرون بالحاجة إلى مثل هذه المصنّفات في معركة صناعة الرأي العام ، فهي مهمّة لتأسيس حملة مضادّة لحملة التشكيك بالمتون والأسانيد الحديثية التي استعر أوارها مع وصول المُحَدِّثين السلفيّين إلى سيادة المنابر الفكرية في الحكومة العبّاسية وتأسيسهم لجملة من المباني والقواعد التي وجّهت المسار الحديثي بعيداً عن الخطّ الفكري لأهل البيت عليهم‌السلام ، لا سيّما في ما يتعلّق بإثبات إمامتهم وبيان أدلّتها ، وفي بيان مثالب أعدائهم وزيف ادّعائهم للخلافة ، أمّا أهمّ رجالات الشيعة الذين ألّفوا الكتب والرسائل في هذا الموضوع فنذكر منهم :

١ ـ الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني :

له كتاب الدلائل(١) ، وقد نقل ابن شهر آشوب (ت ٥٨٨ هـ) عن كتاب الدلالات بعض الروايات عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، ورجّح الجلالي أنّ المقصود منه كتاب الدلائل نفسه ، وهو وجه جيّد ، ومن روايات كتابه ما ذكره الطبري في دلائل الإمامة ، قال : «وروى الحسن ، قال : أخبرنا أحمد بن

__________________

(١) رجال النجاشي ص٣٦ ـ ٣٧.


محمّد ، عن محمّد بن علي الصَّيرفي ، عن علي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام ، فقلت : جعلت فداك ، بمَ يعرف الإمام؟ قال : (بخصال ؛ أمّا أوّلهنّ فبشيء تقدّم من أبيه فيه ، وعرفه الناس ، ونصّبه لهم علماً حتّى يكون عليهم حجّة ، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصّب أمير المؤمنين عليه‌السلام علماً ، وعرفه الناس ، وكذلك الأئمّة ، يعرفونهم الناس ، وينصّبونهم لهم حتّى يعرفوهم ، ويسأل فيجيب ، ويسكت عنه فيبتدئ ، ويخبر الناس بما في غد ، ويكلّم الناس بكلّ لسان). قلت : بكلّ لسان؟ قال : (نعم). قلت : فأعطني علامة. قال : (نعم الساعة قبل أن تقوم أعطيك علامة تطمئنّ إليها). قال : ثمّ إنّه مرَّ علينا رجل من أهل خراسان ، فكلّمه الخراساني بالعربية ، فأجابه بالفارسية. قال الخراساني : والله ، ما منعني أن أكلّمك بكلامي إلا أنّي ظننت أنّك لا تحسن أن تجيبني. قال : (سبحان الله! إذا كنت لا أحسن أن أجيبك فما فضلي عليك؟!) ثمّ قال : (يا أبا محمّد ، إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ، ولا طير ، ولا بهيمة ، ولا شيء فيه روح ، بهذا يعرف الإمام ، فمن لم تكن فيه هذه الخصال ، فليس بإمام)»(١).

ومن روايات الكتاب أيضاً ما أورده ابن شهرآشوب (ت ٥٥٨ هـ) في مناقبه ، في باب إمامة أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، قال : «دلالات الحسن بن علي بن أبي حمزة عن بعض أصحابه عن مبشر بيّاع الزطّي قال : أقمت على باب أبي جعفر فطرقته فخرجت إليّ جارية خماسية فوضعت يدي على يدها وقلت

__________________

(١) دلائل الإمامة ص٣٣٧.


لها : قولي لمولاك هذا مبشر بالباب. فناداني من أقصى الدار : (ادخل لا أباً لك) ، ثمّ قال لي : (أما والله يا مبشر لو كانت هذه الجدار يحجب أبصارنا كما يحجب عنكم أبصاركم لكنّا وأنتم سواء) ، فقلت : جعلت فداك ، والله ما أردت إلاّ الازدياد في ذلك إيماناً.

الحسن بن مختار عن أبي بصير قال : كنت أقرئ امرأة القرآن وأعلّمها إيّاه فمازحتها بشيء ، فلمّا قدمت على أبي جعفر عليه‌السلام قال لي : (يا أبا بصير أيّ شيء قلت للمرأة؟) فقلت بيدي هكذا ـ يعني غطّيت وجهي ـ ، فقال : (لا تعودنّ إليها)»(١).

٢ ـ الحسن بن محمّد بن سَماعة (ت ٢٦٣ هـ) :

الحسن بن محمّد بن سَماعة أبو محمّد الكندي الصَّيرفي ، له كتب منها : كتاب البشارات وكتاب الدلائل(٢).

٣ ـ الحسن بن علي بن فَضّال :

ذكر النجاشي وغيرْ أنّ له كتاب البشارات(٣) ، روى له الطبري صاحب بشارة المصطفى(٤) ، ومن رواياته ما أورده المحدّث النوري في النجم

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب ٣/٣١٦.

(٢) رجال النجاشي ص٤١ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٠٣.

(٣) رجال النجاشي ص٣٦.

(٤) راجع كتاب بشارة المصطفى الصفحات : ٢١٧ ، ٣٢٥ ، ٤٣٥.


الثاقب ، قال : «وروي عن الحسن بن علي بن فَضّال وابن أبي نجران عن حمّاد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان بن تغلب عن سُليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : (ألاَ أبشّركم أيّها الناس بالمهدي؟) قالوا : بلى. قال : (فاعلموا أنّ الله يبعث إلى أمّتي سلطاناً عادلاً ، وإماماً قاسطاً ، يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً ، وهو التاسع من ولد ولدي الحسين ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ؛ ألا لا خير في الحياة بعده ، ولا يكون انتهاء دولته إلاّ قبل القيامة بأربعين يوماً)»(١).

٤ ـ حُمَيد بن زِياد الدهقان (ت ٣١٦ هـ) :

حُمَيد بن زِياد بن حمّاد بن حمّاد بن زياد ، هوار الدهقان ، أبو القاسم ، الكُوفي ، من مشايخ ثقة الإسلام الكُلَيني (ت ٣٢٩ هـ) ، قال عنه النجاشي : «سكن سورا ، وانتقل إلى نينوى ـ قرية على العلقمي إلى جنب الحائر على صاحبه السلام ـ ، كان ثقةً واقفاً ، وجهاً فيهم»(٢) ، وقال عنه الطُّوسي : «ثقة ، كثير التصانيف ، روى الأصول أكثرها ، له كتب كثيرة على عدد كتب الأصول»(٣) ، له كتاب الدلائل(٤) ، ذكره ابن شهرآشوب بعنوان كتاب

__________________

(١) النجم الثاقب ١ / ٥١٩.

(٢) رجال النجاشي ص١٣٢.

(٣) فهرست الطُّوسي ص١١٤.

(٤) رجال النجاشي ص١٣٢ ؛ فهرست الطُّوسي ص١١٤.


الدلالة(١).

٥ ـ محمّد بن علي بن إبراهيم الصَّيرفي :

محمّد بن علي بن إبراهيم (أبو سمينة) ، القرشي ، الكُوفي ، طعن عليه القمّيون ، وتبعهم الرجاليّون ، ولكن التتبّع الصحيح لمرويّاته يكشف لنا أنّها سليمة من الغلوّ ، وقد أخرج له جملة من كبار المُحَدِّثين وثقاتهم كثقة الإسلام الكُلَيني والصَّدوق والطُّوسي ، ورواياته مبثوثة في كثير من مصادر الحديث ، قال عنه النجاشي : «محمّد بن علي بن إبراهيم بن موسى أبو جعفر القرشي مولاهم ، صيرفي ، وكان يلقّب محمّد بن علي أبا سمينة ، ضعيف جدّاً ، فاسد الاعتقاد ، لا يعتمد في شيء. وكان ورد قم ـ وقد اشتهر بالكذب بالكوفة ـ ونزل على أحمد بن محمّد بن عيسى مدّة ، ثمّ تشهّر بالغلوّ ، فجفي ، وأخرجه أحمد بن محمّد بن عيسى عن قم ، وله قصّة ... له ... كتاب الدلائل»(٢) ، وقد أخرج له ابن جرير الطبري في دلائل الإمامة عدّة روايات ، منها ما رواه «عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن علي الصَّيرفي ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مُسكان وأبي سعيد المكاري وغير واحد من أصحابنا ، عن عبد الأعلى بن أعين ، قال : قال مرازم : بعثني أبو جعفر الخليفة وهو معي إلى أبي عبد الله عليه‌السلام وهو بالحيرة ، ليقتله ، فدخلنا عليه في رواقه ليلاً ، فنلنا منه حاجتنا

__________________

(١) معالم العلماء ص٧٩.

(٢) رجال النجاشي ص٣٣٢.


ومن ابنه إسماعيل ، ثمّ رفعنا إليه فقلنا : قد فرغنا ممّا أمرتنا به. قال : فأصبحنا من الغد ، فوجدناه في رواقه جالساً ، فبقينا متحيّرين»(١).

٦ ـ علي بن أسباط :

علي بن أسباط بن سالم بيّاع الزَّطّي أبو الحسن المقرئ ، الكُوفي ، كان فطحيّاً ، ورجع إلى مذهب الإمامية ، وصفه النجاشي بأنّه كان أوثق الناس وأصدقهم لهجةً ، وذكر من كتبه كتاب الدلائل ، وأورد طريقه إلى الكتاب قائلاً : «له كتاب الدلائل ، أخبرنا أحمد بن علي قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن داود قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن علاّن قال : حدّثنا حُمَيد بن زِياد ، عن محمّد بن أيّوب الدهقان ، عن علي بكتابه وأخبرنا الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن جعفر عن حميد [عن محمّد بن أيّوب الدهقان ، عن علي بكتابه]»(٢) ، وقد أخرج له الطبري في دلائل الإمامة ، وابن حمزة الطُّوسي في الثاقب في المناقب ، «عن علي بن أسباط ، قال : ذهبت إلى الرضا عليه‌السلام في يوم عرفة فقال لي : (أسرج لي حماري) ، فأسرجت له حماره ، ثمّ خرج من المدينة إلى البقيع يزور فاطمة عليها‌السلام ، فزار وزرت معه ، فقلت : سيّدي على كم

__________________

(١) دلائل الإمامة ص٢٥٨ ؛ ولعلّ هذه الرواية وأمثالها هي التي جرت عليه نقمة القمّيين الذين كانوا يطعنون في الرواة لروايتهم المعاجز العظيمة ، والمقامات الرفيعة للأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، وإلاّ فالرجل رواياته مستقيمة ، وقد أخرج له كلّ المُحَدِّثين والمصنّفين من الشيعة.

(٢) رجال النجاشي ص٢٥٢.


أسلّم؟ فقال لي : (سلّم على فاطمة الزهراء البتول ، وعلى الحسن والحسين ، وعلى علي بن الحسين ، وعلى محمّد بن علي ، وعلى جعفر بن محمّد ، وعلى موسى بن جعفر عليهم أفضل الصلاة وأكمل التحيّات) ، فسلّمت على ساداتي ورجعت. فلما كان في بعض الطريق : قلت : يا سيّدي إنّي معدم وليس عندي ما أنفقه في عيدي هذا. فحكّ الأرض بسوطه ، ثمّ ضرب بيده ، فتناول سبيكة ذهب ، فيها مائة دينار ، فقال لي : (خذها) ، فأخذتها فأنفقتها في أموري»(١).

٧ ـ علي بن الحسن بن علي بن فَضّال :

علي بن الحسن بن علي بن فَضّال ، كان فقيهاً مبرّزاً بالكوفة ، ووجه أصحابنا ، وثقتهم ، وقد انتهت أليه كثير من كتب الأئمة عليهم‌السلام وأصحابهم ، إلاّ أنّه كان فطحيّاً ، ومات على ذلك على الأرجح ، صنّف كتباً كثيرةً ، منها كتاب البشارات(٢) ، ولعلّ من رواياته ما أورده الثقة الجليل محمّد بن الحسن الصفّار ، قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فَضّال ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن محمّد الأشعري ، عن حمران الحلبي ، عن عبد الله بن سليمان ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل

__________________

(١) الثاقب في المناقب ص٤٧٣.

(٢) رجال النجاشي ص٢٥٧ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص١٠٠.


حيث ما دار العلم»(١).

٨ ـ صفوان بن يحيى البَجَلي :

صفوان بن يحيى البَجَلي ، أبو محمّد ، البَجَلي ، بيّاع السابُري ، قال النجاشي : «كوفي ، ثقة ثقة ، عين ... له كتاب البشارات»(٢) ، قال عنه الطُّوسي : «صفوان بن يحيى البَجَلي ، مولى بجيلة ، يكنّى أبا محمّد ، بيّاع السابُري ، أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم»(٣) ، ولعلّ من رواياته ما أورده صاحب الاختصاص ، قال : «حدّثنا جعفر بن الحسين المؤمن ، عن محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : (فَبَشِّرْ عِبَادْ * الّذِيْنَ يَسْتَمِعُوْنَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُوْنَ أَحْسَنَه) قال : (هم المسلّمون لآل محمّد صلّى الله عليهم وسلّم إذا سمعوا الحديث أدّوه كما سمعوه لا يزيدون ولا ينقصون)(٤) ، ومنها أيضاً ما أورده المُفيد في أماليه ، قال : «حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال : حدثني أبي قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن

__________________

(١) بصائر الدرجات ص٢٠٥.

(٢) رجال النجاشي ص١٩٧.

(٣) فهرست الطُّوسي ص١٤٥.

(٤) الاختصاص ص٥.


يحيى ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال : (إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم داود النبي عليه‌السلام ، فيأتي النداء من عند الله عزّ وجلّ : لسنا إيّاك أردنا وإن كنت لله خليفة ، ثمّ ينادي ثانية : أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فيأتي النداء من قبل الله عزّ وجلّ : يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده ، فمن تعلّق بحبله في دار الدنيا فليتعلّق بحبله في هذا اليوم ليستضيء بنوره ، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان. قال : فيقوم أناس قد تعلّقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنّة ، ثمّ يأتي النداء من عند الله جلّ جلاله : ألا من ائتمّ بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث شاء ويذهب به ، (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوْا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ الله أَعْمَالَهُمْ حَسَرَات عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ)»(١).

سابعاً : كتب الغَيبة وما يتعلّق بها :

ويشمل التصنيف في هذه المجموعة الكتب المصنّفة في الغَيبة ، والرجعة ، والفتن والملاحم ، وما يتعلّق بها من أخبار آخر الزمان ، وشروط الساعة وعلاماتها ، ويعدّ التصنيف في مواضيع الغيبة من أكثر اتّجاهات

__________________

(١) أمالي المُفيد ص٢٨٥.


التصنيف اهتماماً عند المُحَدِّثين الكُوفيّين من الشيعة ؛ ويبدو أنّ ذلك يعود لأسباب :

أوّلاً : إنّ عقيدة الغَيبة وانتظار الفرج كان هاجساً يراود أحلام الشيعة الذين كانوا يرون فيها الضوء المرتقب في نهاية النفق المظلم لسيطرة دولة الباطل على مقادير البلاد ومصالح العباد ، وما أحدثوه في الدين من بدع وضلالات ، على حساب حقّ أهل البيت السليب ، وتراثهم المنهوب.

ثانياً : إنّ ظهور بعض الجماعات المذهبية كجماعة الواقفة أعاد طرح مباحث الغيبة بقوّة في الأوساط الشيعية ، إذ نجح زعماء هذه الجماعات في تذويب عقائدها وتنظيراتها داخل القواعد الشيعية من خلال توظيف مسألة الغيبة ، وتأويل بعض النصوص والروايات المتشابهة ، وقد وصل بهم الأمر إلى وضع الأحاديث واختلاقها ، مستغلّين الجوّ العاطفي الذي تفرضه هذه النصوص في قلوب الشيعة لجذب الأتباع والمريدين ، وكسب التأييد والنفوذ عند مختلف الطبقات الشيعية.

إنّ نظرة فاحصة لأهمّ الكتب والمصنّفات الشيعية حول مسألة الغيبة يكشف لنا اهتمام زعماء الواقفة أو المحسوبين عليهم بالتصنيف في هذا المجال ، والأهمّ من ذلك أنّ كتبهم ورواياتهم مبثوثة في مصادرنا الأصلية كغيبة النعماني وغيبة الطُّوسي وغيرهما ، وهو ما يرجّح أنّهم صنّفوا هذه الكتب في حال استقامتهم ، أو أنّهم رووا روايات صحيحة إلاّ أنّهم استعملوا سلاح التأويل في توظيف هذه النصوص والعبور على متنها إلى تحقيق


أهدافهم في التأثير على العقلية الشيعية وتعزيز حضورهم في الوسط الشيعي.

أمّا أهمّ الذين صنّفوا كتباً في مباحث الغيبة وتفرّعاتها من المُحَدِّثين الكُوفيّين في القرن الثالث الهجري ، فهم :

١ ـ الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني :

قال النجاشي : «له كتب ، منها : كتاب الفتن وهو كتاب الملاحم ، وكتاب القائم الصغير ، وكتاب الغيبة ، وكتاب الرجعة»(١) ، وهذا الرجل حضيت رواياته باهتمام كبير في كتب الحديث الشيعية ، على الرغم من كونه وجهاً من وجوه الواقفة ، وقد أشارت بعض النصوص إلى توبته ورجوعه إلى إمامة الرضا عليه‌السلام ، وربّما صدر عنه شيء من ذلك ـ إما حقيقة أو تظاهراً ـ ، لذلك أخرج حديثه في الغيبة ومباحثها كلّ من صنّف من الشيعة تقريباً(٢).

ومن رواياته ما رواه الصَّدوق في كمال الدين ، قال : «حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران رضي الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله الكُوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال :

__________________

(١) رجال النجاشي ص٣٦ـ٣٧.

(٢) أورد رواياته على سبيل المثال لا الحصر : البرقي في المحاسن ١ / ٨٩ ، والصفّار في بصائر الدرجات ص٣٦٦ ، والكُلَيني في الكافي ١ / ١٣٧ ، وأكثر من الرواية عنه المحدّث النعماني في الغيبة ص٤٢ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٥٩ ، وآخرون.


سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (إنّ سنن الأنبياء عليهم‌السلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة). قال أبو بصير : فقلت : يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟ فقال : (يا أبا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى ، ذلك ابن سيّدة الإماء ، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ، ثمّ يظهره الله عزّ وجلّ فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، وينزل روح الله عيسى بن مريم عليه‌السلام فيصلّي خلفه وتشرق الأرض بنور ربّها ، ولا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزّ وجلّ إلاّ عبد الله فيها ، ويكون الدين كلّه لله ولو كره المشركون)»(١).

أمّا في مباحث الرجعة فإنّ روايته وردت في تفسير علي بن إبراهيم القمّي ، إذ روى حديثه «عن جعفر بن أحمد ، عن عبد الله بن موسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى (والسّمَاءِ وَالطّارِقِ) قال : (السماء هنا أمير المؤمنين عليه‌السلام) ـ إلى أن قال ـ قلت : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) قال : ذاك رسول الله (صلى الله عليه وآله). ثمّ قال (إنّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) كما خلقه من نطفة يقدر أن يرده إلى الدنيا وإلى القيامة)»(٢).

٢ ـ الحسن بن محمّد بن سَماعة (ت ٢٦٣ هـ) :

هو الحسن بن محمّد بن سَماعة ، أبو محمّد ، الكندي ، الصَّيرفي ،

__________________

(١) كمال الدين ص٣٤٥.

(٢) تفسير القمّي ٢ / ٤١٥.


الكُوفي ، مرّت بعض ترجمته ، وكان هذا الرجل واقفيّاً جلداً متعصّباً ، إلاّ أنّه نال مدح النقّاد وثناءهم ، قال النجاشي : «وله كتب منها : الغيبة ، البشارات ... أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان قال : حدّثنا علي بن حاتم قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت قال : رويت كتب الحسن بن محمّد بن سَماعة عنه»(١) ، وقال الطُّوسي : «وله ثلاثون كتاباً ، منها : كتاب الغيبة. ومات ابن سَماعة سنة ثلاث وستين ومائتين في جمادي الأولى ، وصلّى عليه إبراهيم بن محمّد العلوي ، ودفن في جعفي»(٢) ، روى له النعماني والطُّوسي في كتابيهما الغَيبة ، والصَّدوق في كمال الدين ، والعجب من تعصّبه على الوقف مع كلّ ما رواه في الإمام المهدي عليه‌السلام.

ومن رواياته ما أورده الصَّدوق في كماله ، قال : «حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن الحسين بن يزيد الزيّات ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن ابن سَماعة ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن أبيه ، عن المفضّل بن عمر قال : قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : (إنّ الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نوراً قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام فهي أرواحنا). فقيل له : يا ابن رسول الله ومن الأربعة عشر؟ فقال : «محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين ، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجّال ويطهّر الأرض من

__________________

(١) رجال النجاشي ص٤١.

(٢) فهرست الطُّوسي ص١٠٣.


كلّ جور وظلم)»(١).

ومنها أيضاً ما أورده النعماني في غيبته ، قال : «حدّثنا به محمّد بن همّام ، قال : حدّثنا حُمَيد بن زِياد الكُوفي ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سَماعة ، قال : حدّثنا أحمد بن الحسن الميثمي ، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنّه قال : سمعته يقول : (نزلت هذه الآية التي في سورة الحديد (وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) في أهل زمان الغيبة ، ثمّ قال عزّ وجلّ : (اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)

وقال : إنّما الأمد أمد الغيبة)»(٢).

٣ ـ عبد الله بن جَبَلة الكناني (ت ٢١٩ هـ) :

وكان من وجوه الواقفة أيضاً ، قال النجاشي : «عبد الله بن جَبَلة بن حيّان بن أبجَر ، الكناني ، أبو محمّد ، عربي صليب ، ثقة ، روى عن أبيه عن جدّه حيّان بن أبجَر ، وبيت جَبَلة بيت مشهور بالكوفة. وكان عبد الله واقفاً ، وكان فقيهاً ثقة مشهوراً. وله كتب ، منها ... كتاب الصفّة في الغيبة على مذاهب الواقفة ... أخبرنا بجميعها الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن

__________________

(١) كمال الدين ص٣٣٥.

(٢) غيبة النعماني ص٣١.


جعفر ، عن حميد وأحمد بن عبد الواحد ، عن علي بن حبشي بن قوني ، عن حميد قال : حدّثنا أحمد بن الحسن البصري ، عن عبد الله بن جَبَلة. ومات عبد الله بن جَبَلة سنة تسع عشرة ومائتين»(١) ، ويبدو أنّ كتابه في الغيبة كان معروفاً ، إذ نقل عنه الفضل بن شاذان في كتابه ، ورواياته مبثوثة في كتاب الغيبة للنعماني ، والغيبة للطوسي ، والذي يدقّق في تلك الروايات يجد أنّ فيها نصوصاً تحتجّ بها الواقفة في إثبات مدّعياتها في غيبة وحياة الإمام الكاظم عليه‌السلام ، ومن هذه الروايات :

ـ ما رواه النعماني ، قال : «حدّثنا علي بن أحمد ، عن عبيد الله بن موسى ، عن عبد الله بن جَبَلة ، عن الحسن بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليه‌السلام يقول : (في صاحب هذا الأمر سنّة من أربعة أنبياء : سنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّد (صلى الله عليه وآله)). فقلت : ما سنّة موسى؟ قال : (خائف يترقّب). قلت : وما سنّة عيسى؟ فقال : (يقال فيه ما قيل في عيسى). قلت : فما سنّة يوسف؟ قال : (السجن والغيبة). قلت : وما سنّة محمّد (صلى الله عليه وآله)؟ قال : (إذا قام سار بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلاّ أنّه يبيّن آثار محمّد ، ويضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجاً مرجاً حتّى يرضي الله). قلت : فكيف يعلم رضاء الله؟ قال : (يلقي الله في قلبه الرحمة)»(٢).

__________________

(١) رجال النجاشي ص٢١٦.

(٢) غيبة النعماني ص١٦٨.


ـ ما رواه النعماني «عن عبد الله بن جَبَلة ، عن سلمة بن جناح ، عن حازم بن حبيب ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقلت له : أصلحك الله ، إنّ أبويّ هلكا ولم يحجّا ، وإنّ الله قد رزق وأحسن فما تقول في الحجّ عنهما ، فقال : (افعل فإنّه يبرد لهما) ، ثمّ قال لي : (يا حازم ، إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين يظهر في الثانية ، فمن جاءك يقول : إنه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه)»(١).

ـ ومنها ما رواه النعماني أيضاً ، قال : «حدّثنا علي بن الحسين المسعودي ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا محمّد بن حسّان الرازي ، عن محمّد بن علي الكُوفي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن جَبَلة ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : (لو قد قام القائم لأنكره الناس ، لأنّه يرجع إليهم شابّاً موفّقاً لا يثبت عليه إلاّ من قد أخذ الله ميثاقه في الذرّ الأوّل)»(٢).

٤ ـ علي بن أبي صالح الحَنّاط :

علي بن أبي صالح ، الحَنّاط ، واسم أبي صالح محمّد يلقّب بَزُرْج ، له كتب عدّة ، منها : كتاب الملاحم(٣).

__________________

(١) المصدر نفسه ص١٧٦.

(٢) المصدر نفسه ص١٩٤.

(٣) رجال النجاشي


٥ ـ الحسن بن علي بن فَضّال :

ذكروا أنّ له كتاب الملاحم(١) ، ومن رواياته في الملاحم ما رواه ابن الفقيه الهمذاني (ت ٣٤٠ هـ) ـ وكان من المخالفين ـ «عن محمّد بن الريّان عن إسماعيل الرازي قال : قال لي الحسن بن علي بن فَضّال : تعرف الدولاب؟ قلت : نعم ، أعرفه. قال : تعرف شجرة تسمّى آزاذ؟ قلت : لا. قال : فروى عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد رضي‌الله‌عنه أنّه قال : (إذا اتّصلت حيطان المدينة بحيطان الدولاب فعندها توقّعوا بلاء القوم ، ثمّ تلا قول الله عزّ وجلّ (وإِنْ من قَرْيَة إلاّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً). قال : الري)»(٢).

أمّا في مصادر الشيعة فنذكر ما رواه النعماني عن ابن عقدة ، قال : «حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس ، قال : حدّثنا الحسن بن علي بن فَضّال ، قال : حدّثنا ثعلبة بن ميمون ، عن معمر بن يحيى ، عن داود الدجاجي عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما‌السلام ، قال : (سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِم) فقال : انتظروا الفرج من ثلاث ، فقيل : يا أمير المؤمنين وما هن؟ فقال : اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان. فقيل : وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال : أو ما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن : (إِن نَشَأْ

__________________

(١) رجال النجاشي ص٣٦.

(٢) البلدان ص٥٤٣.


نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) ، هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، وتوقظ النائم ، وتفزع اليقظان)»(١).

٦ ـ العبّاس (عُبَيْس) بن هشام الناشري (ت ٢٢٠ هـ) :

العبّاس (عُبَيس) بن هشام ، أبو الفضل ، الناشري ، الأسدي ، عربي ، ثقة ، جليل ، في أصحابنا ، كثير الرواية ، كسر اسمه فقيل عُبَيْس ، له كتاب الغيبة(٢) ، روى عن عبد الله بن جَبَلة الكناني كثيراً من روايات الغيبة ، ولعلّ كان خصّيصاً به ، ومن رواياته ما ورد في غيبة النعماني ، قال رحمه‌الله : «أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا القاسم بن محمّد ، قال : حدّثنا عبيس بن هشام ، قال : حدّثنا عبد الله بن جَبَلة ، عن أبيه ، عن محمّد بن الصامت ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما من علامة بين يدي هذا الأمر؟ فقال : (بلى). قلت : وما هي؟ قال : (هلاك العبّاسي ، وخروج السفياني ، وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء ، والصوت من السماء). فقلت : جعلت فداك ، أخاف أن يطول هذا الأمر؟ فقال : (لا ، إنما هو كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً)»(٣).

وروى عنه الطُّوسي في غيبته ، قال : «أخبرني الحسين بن عبيد الله ،

__________________

(١) غيبة النعماني ص٢٦٠.

(٢) رجال النجاشي ص٢٨٠.

(٣) غيبة النعماني ص٢٦٩.


عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري ، عن علي بن محمّد ، عن الفضل بن شاذان ، عن أحمد بن محمّد وعبيس بن هشام ، عن كرام عن الفضيل قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام هل لهذا الأمر وقت؟ فقال : (كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون)»(١).

٧ ـ جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري :

جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري ، الكُوفي ، البزّاز ، ثقة جليل على التحقيق ، له كتاب الملاحم والفتن(٢) ، قال عنه الطُّوسي : «جعفر بن محمّد بن مالك ، كوفي ، ثقة ، ويضعّفه قوم ، روى في مولد القائم عليه‌السلام أعاجيب»(٣) ، ولسنا ندري ما طبيعة هذه الأعاجيب التي تحدّث عنها الشيخ الطُّوسي ، وقد راجعت روايات الرجل في باب الغيبة والملاحم فلم أجد أعاجيب أو أحاديث منكرة ، وإنّما رواياته مشهورة مبثوثة في أمّهات كتب الحديث الشيعية ومنها :

ـ روى الصَّدوق الأوّل «عن محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا جعفر ابن محمّد بن مالك ، قال : حدّثني حمدان بن منصور ، عن سعد بن محمّد ، عن عيسى الخشّاب قال : قلت للحسين بن علي عليه‌السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟

__________________

(١) غيبة الطُّوسي ص٤٢٥.

(٢) رجال النجاشي ص١٢٢.

(٣) رجال الطُّوسي ص٤١٨.


قال : (لا ، ولكن صاحب الأمر الطريد الشريد ، الموتور بأبيه ، المكنّى بعمّه ، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر)»(١).

ـ أبو جعفر الشيخ الصَّدوق ، قال : «حدّثنا محمّد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن إدريس قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكُوفي قال : حدّثني إسحاق بن محمّد الصَّيرفي ، عن أبي هاشم ، عن فرات بن أحنف ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نُباتة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه ذكر القائم عليه‌السلام فقال : (أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل : ما لله في آل محمّد حاجة)»(٢).

ـ الشيخ الصَّدوق : «حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا جعفر ابن محمّد بن مالك الفزاري ، عن علي بن الحسن بن فَضّال ، عن الريّان بن الصلت قال : سمعته يقول : سئل أبو الحسن الرضا عليه‌السلام عن القائم عليه‌السلام فقال : (لا يرى جسمه ولا يسمّى باسمه)»(٣).

ـ المحدّث الأجلّ النعماني «عن محمّد بن همّام ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك وعبد الله بن جعفر الحميري ، جميعاً ، قالا : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ومحمّد بن عيسى وعبد الله بن عامر القصباني جميعاً ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن محمّد بن مساور ، عن المفضّل

__________________

(١) الإمامة والتبصرة ص١١٥.

(٢) كمال الدين ص٣٠٢.

(٣) كمال الدين ص٣٧٠.


ابن عمر الجعفي ، قال : سمعت الشيخ ـ يعني أبا عبد الله عليه‌السلام ـ يقول : (إيّاكم والتنويه ، أما والله ليغيبنّ سبتاً من دهركم ، وليخملنّ حتّى يقال : مات ، هلك ، بأيّ واد سلك؟ ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين ، وليكفأنّ تكفّؤ السفينة في أمواج البحر ، فلا ينجو إلاّ من أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه ، ولترفعنّ اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أيّ من أيّ). قال [المفضّل] : فبكيت ، ثمّ قلت له : كيف نصنع؟ فقال : (يا أبا عبد الله ـ ثمّ نظر إلى شمس داخلة في الصفّة ـ أترى هذه الشمس؟) فقلت : نعم ، فقال : (والله لأمرنا أبين من هذه الشمس)»(١).

٨ ـ علي بن الحسن بن علي بن فَضّال :

كان من أعلام الفطحية ومصنّفيهم ، ذكر النجاشي وغيره أنّ له كتاب الغيبة ، وكتاب الملاحم(٢) ، ومن رواياته ما أورده الشيخ الصَّدوق عن محمّد ابن إبراهيم بن إسحاق رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فَضّال ، عن أبيه عن أبي الحسن علي ابن موسى الرضا عليه‌السلام أنّه قال : (كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه) ، قلت له : ولم ذلك يا بن رسول الله؟ قال : (لأنّ إمامهم يغيب عنهم). فقلت : ولم؟ قال : (لئلا يكون في عنقه لأحد حجّة إذا

__________________

(١) غيبة النعماني ص١٥٤.

(٢) رجال النجاشي ص٢٥٧ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص١٠٠.


قام بالسيف)»(١).

٩ ـ علي بن الحسن الطاطَري :

علي بن الحسن بن محمّد ، أبو الحسن ، الطائي ، الجرمي ، الكُوفي ، من عتاة الواقفة ، وأحد كبار الداعين لمذهب الوقف المبتدع ، له كتاب الغَيبة(٢) ، ولم نجد رواياته في كتب الشيعة ، ولعلّ عناده وتعصّبه لمذهب الواقفة حدا بالمُحَدِّثين الشيعة إلى العزوف عن مرويّاته في أبواب الإمامة والغيبة.

__________________

(١) علل الشرائع ١ / ٣٥٤.

(٢) رجال النجاشي ص٢٥٤ ؛ فهرست الطُّوسي ص١٥٦ ؛ معالم العلماء ص٩٩.


المصادر

١ ـ اغتيال النبي : نجاح الطائي ، دار الهدى للتراث ، الطبعة الأولى ، بيروت ، ١٤١٩ هـ ـ ١٩٩٨ م.

٢ ـ إقبال الأعمال : رضي الدين علي بن موسى جعفر بن طاووس ، (ت٦٦٤ هـ). تحقيق : جواد القيّومي الأصفهاني ، نشر : مكتب الإعلام الإسلامي ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٤ هـ.

٣ ـ الاختصاص : المنسوب إلى أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (الشيخ المفيد) (ت ٤١٣ هـ). تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الرابعة ، قم ، ١٤١٤ هـ.

٤ ـ الأمالي : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين القمّي ، (ت ٣٨١ هـ). تحقيق : قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٧ هـ.

٥ ـ الأمالي : الشيخ المفيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان العُكبري البغدادي ، (٣٣٦ ـ ٤١٣ هـ). تحقيق : الحسين أستاد ولي ـ علي أكبر الغفّاري ، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، المطبعة الإسلامية ، قم ، ١٤٠٣ هـ.


٦ ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة : أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (والد الشيخ الصدوق) ، (ت ٣٢٩ هـ). تحقيق ونشر : مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ، قم ، ١٤٠٤ هـ.

٧ ـ أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة : أسعد القاسم ، مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، الطبعة الأولى ، بيروت ، ١٤١٨ هـ ـ ١٩٩٧ م.

٨ ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار : محمّد باقر المجلسي ، (ت١١١١هـ). مؤسّسة الوفاء ، الطبعة الثانية ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣ م.

٩ ـ البرهان في تفسير القرآن : هاشم الحسيني البحراني (ت ١١٠٧ هـ). تحقيق : قسم الدراسات الاسلامية ، مؤسّسة البعثة ، قم ، ١٤٢٩ هـ ـ ٢٠٠٨ م.

١٠ ـ بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى عليه‌السلام : عماد الدين أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري (في القرن السادس). تحقيق : جواد القيّومي الأصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٠ هـ.

١١ ـ بصائر الدرجات الكبرى : أبو جعفر محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار (ت٢٩٠ هـ). الناشر : مؤسّسة الأعلمي ، طهران ، ١٤٠٤ هـ.

١٢ ـ البلدان : أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن إسحاق الهمذاني (ت ٣٤٠ هـ) ، تحقيق : يوسف الهادي ، عالم الكتب للطباعة والنشر ، الأولى ، بيروت ، ١٤١٦ هـ ـ ١٩٩٦ م.


١٣ ـ تفسير القمّي : أبو الحسن علي بن إبراهيم القمّي (توفي بعد ٣٠٤ هـ). صحّحه وعلّق عليه وقدّم له السيّد طيّب الموسوي الجزائري. مؤسّسة دار الكتاب للطباعة والنشر ، قم ـ إيران ١٤٠٤ هـ.

١٤ ـ التوحيد : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، (ت٣٨١ هـ). صحّحه وعلّق عليه : هاشم الحسيني الطهراني ، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ، قم المقدّسة ، ١٣٩٨ هـ.

١٥ ـ توضيح المشتبه (في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم) : ابن ناصر الدين شمس الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد القيسي الدمشقي (ت ٨٤٢ هـ) ، حقّقه وعلّق عليه : محمّد نعيم العرقسوسي ، مؤسّسة الرسالة ، الطبعة الثانية ، بيروت ، ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م.

١٦ ـ تهذيب التهذيب : أحمد بن علي بن أحمد بن حجر العسقلاني ، (ت ٨٥٢ هـ). دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، بيروت ، ١٤٠٤ هـ ـ ١٩٨٤ م.

١٧ ـ الثاقب في المناقب : عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي المعروف بـ : (ابن حمزة) ، (ت٥٦٠ هـ). تحقيق : نبيل رضا علوان ، الناشر : مؤسّسة أنصاريان ، قم المقدّسة ، الطبعة الثانية ، إيران ، ١٤١٢ هـ.

١٨ ـ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بـ : الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ). تحقيق : السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الخرسان. الناشر : منشورات الرضي ، قم ، ١٤١٠ هـ.


١٩ ـ خاتمة مستدرك الوسائل : الميرزا حسين النوري الطبرسي ، (ت ١٣٢٠ هـ). تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم ، ١٤١٥ هـ.

٢٠ ـ دلائل الإمامة : أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الصغير ، (من أعلام القرن الخامس الهجري). تحقيق : قسم الدراسات الإسلامية ، مؤسّسة البعثة ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٣ هـ.

٢١ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : آقا بزرگ الطهراني ، (ت ١٣٨٩ هـ). دار الأضواء ، الطبعة الثالثة ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣ م.

٢٢ ـ رجال السيد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية : محمّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (١١٥٥ ـ ١٢١٢ هـ). حقّقه وعلّقه عليه : محمّد صادق بحر العلوم ـ حسين بحر العلوم. الناشر : مكتبة الصادق ـ طهران.

٢٣ ـ رجال الطوسي : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ). تحقيق : جواد القيّومي الأصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم المقدّسة ، ١٤١٥ هـ.

٢٤ ـ الرجال لابن الغضائري : أحمد بن الحسين الغضائري الواسطي البغدادي ، (من أعلام القرن الرابع الهجري). تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي. مؤسّسة دار الحديث ، قم ، ١٤٢٢ هـ.

٢٥ ـ رجال النجاشي : أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي الأسدي الكوفي ، (٣٧٢ ـ ٤٥٠هـ). تحقيق : السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، جماعة المدرّسين ، قم المقدّسة ، ١٤٢٩هـ.


٢٦ ـ سعد السعود : رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحسني الحسيني (ت٦٦٤ هـ). الناشر : منشورات الرضي ، قم.

٢٧ ـ سنن الترمذي (الجامع الصحيح) : أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت ٢٧٩ هـ). حقّقه وصحّحه : عبد الوهاب عبد اللطيف ، دار الفكر ، الطبعة الثانية ، بيروت ، ١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣ م.

٢٨ ـ الشيعة في الإسلام : محمّد حسين الطباطبائي ، ترجمة : جعفر بهاء الدين ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٢٥ هـ.

٢٩ ـ الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم : زين الدين أبو محمّد علي بن يونس العاملي البياضي النباطي (ت ٨٧٧ هـ). تحقيق : محمّد باقر البهبودي ، المكتبة المرتضوية ، الطبعة الأولى ، طهران ، ١٣٨٤ هـ.

٣٠ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف : أبو القاسم علي بن موسى الحلّي ، ابن طاووس (ت ٦٦٤ هـ). مطبعة الخيّام ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤٠٠ هـ.

٣١ ـ علل الشرائع : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت٣٨١ هـ). منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها ، النجف الأشرف ، ١٣٨٥ هـ ـ ١٩٦٦ م.

٣٢ ـ الغيبة : أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب المعروف بالنعماني (ت ٣٦٠ هـ). تحقيق : فارس حسّون كريم ، منشورات أنوار الهدى ، قم ـ إيران ، الطبعة الأولى ـ ١٤٢٢ هـ.


٣٣ ـ الفهرست : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، (ت ٤٦٠ هـ). تحقيق : جواد القيّومي. طبع ونشر مؤسّسة نشر الفقاهة ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٧هـ.

٣٤ ـ الكافي : أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، (ت ٣٢٩ هـ). صحّحه وعلّق عليه : علي أكبر الغفّاري. الناشر : دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الثالثة ، طهران ، ١٣٨٨ هـ

٣٥ ـ كتاب المجروحين : محمّد بن حبّان التميمي البستي (ت ٣٥٤ هـ). تحقيق : محمود إبراهيم زايد ، توزيع : دار الباز للنشر والتوزيع ، مكّة المكرّمة.

٣٦ ـ كمال الدين وتمام النعمة : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد علي بن الحسين ابن بابويه القمّي (ت٣٨١ هـ). صحّحه وعلّق عليه : على أكبر الغفّاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، جماعة المدّرسين ، قم المقدّسة ، ١٤٠٥ هـ.

٣٧ ـ لسان الميزان : شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، (ت ٨٥٢ هـ). منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، الطبعة الثانية ، بيروت ، ١٩٧١ م ـ ١٣٩٠ هـ.

٣٨ ـ المحاسن : أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، (ت ٢٩٠ هـ) ، عني بنشره وتصحيحه والتعليق عليه : جلال الدين الحسيني المشتهر بالمحدّث ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ، ١٣٧٠ هـ.

٣٩ ـ مسند أحمد : أحمد بن حنبل (ت ٢٤١). الناشر : دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.


٤٠ ـ معالم العلماء : ابن شهرآشوب المازندراني ، (ت ٥٨٨ هـ). مكتبة أهل البيت عليهم السلام الالكترونية ، الإصدار الثاني ، ١٤٣٣ هـ ـ ٢٠١٢ م.

٤١ ـ المغني في الضعفاء : شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ). دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ، بيروت ، لبنان ١٤١٨ هـ ـ ١٩٩٧م.

٤٢ ـ مناقب آل أبي طالب : مشير الدين أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني ، (ت ٥٨٨ هـ). قام بتصحيحه وشرحه ومقابلته على عدة نسخ خطّية لجنة من أساتذة النجف الأشرف ، المطبعة الحيدرية ، النجف ، ١٣٧٦ هـ ـ ١٩٥٦ م.

٤٣ ـ مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام : علي بن محمّد بن محمّد الواسطي الجُلابي الشافعي الشهير بابن المغازلي (ت ٤٨٣ هـ). انتشارات سبط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٦ هـ.

٤٤ ـ موسوعة طبقات الفقهاء : جعفر سبحاني. مطبعة اعتماد ، قم ، ١٤٢٤ هـ.

٤٥ ـ النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجة الغائب : حسين النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ). ترجمة وتحقيق : السيّد ياسين الموسوي.

٤٦ ـ اليقين : رضي الدين علي بن موسى جعفر بن طاووس (ت٦٦٤ هـ). مؤسّسة دار الكتاب الجزائري ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٣ هـ.


الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره

وجهوده الأدبيّة والنقديّة

د. حسين لفته حافظ

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمّد الأمين وآل بيته الطيبين الطاهرين وبعد ...

فقد خلّف الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء رحمه الله تراثاً أدبيّاً واسعاً ، ترك بصمته الواضحة في مسيرة الأدب العربي ، وقد تنوّع هذا التراث الأدبي ، ليشمل فنّ الشعر متمثّلا بالمراثي الحزينة التي كتبها الإمام بحقّ أهل البيت عليهم السلام ، فضلاً عن فنّ الخطابة ذلك الفنّ الرفيع الذي أجاد فيه الإمام كاشف الغطاء أيّما إجادة ، فضلاً عن اختيارات الشيخ الأدبية ، فقد برع في فنّ الاختيارات ليترك لنا أثراً أدبيّاً مهمّاً تمثّل بـ : (مختار كتاب الأغاني) إذ ركّز فيه على الأدب الشيعي متمثّلاً بأشهر أعلامه من شعراء المذهب الأمامي (دعبل الخزاعي) و (الكميت بن زيد الأسدي) وسواهم ، وكذلك ناقش


البحث فنّ المقالة عند الشيخ الإمام كاشف الغطاء ، فقد كتب عدّة مقالات وقد نشرت أغلب هذه المقالات في مجلاّت متعدّدة ، منها مجلّة البيان ومجلّة العدل ومجلّة الغري ومجلّة الاعتدال وغيرها من المجلاّت والصحف التي كانت تصدر آنذاك ، فضلاً عن الجهود النقدية التي تمثّلت بملاحظاته النقدية التي انتشرت في طيّات كتبه ومنها كتابه (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)(١) ، و (المراجعات الريحانية) ، فضلاً عن ديوان شعره.

أمّا عن منهج الدراسة فقد اتبعت فيه المنهج التحليلي الفنّي ، الذي حاول رصد جهود الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء الأدبية والنقدية وتحليلها فنّيّاً من خلال ربط السابق باللاحق لكي يقف القارئ على الإسهامات والإضافات المعرفية التي جاء بها ، أمّا عن الصعوبات التي واجهت الباحث فقد تمثّلت في أنّ أكثر نتاج الشيخ محمّد حسين كان مخطوطاً فضلاً عن تنوّعه وكثرته ، أمّا عن مصادر الدراسة فقد تنوّعت هذه المصادر لتشمل كتب الحديث والسيرة والأدب والتاريخ والنقد والمعاجم والدواوين الشعرية ، والمباحث الآتية تكشف عن طبيعة الدراسـة.

__________________

(١) الكتاب يقع في جزأين ، حقّق الجزء الأوّل منه الدكتور جودت القزويني ، أمّا الجزء الثاني فقد قام بتحقيقه لجنة التحقيق في مكتبة الإمام كاشف الغطاء وعلى رأسهم حفيده الشيخ أمير شريف محمّد الحسين كاشف الغطاء ، وقد استطعت من خلاله الاطّلاع على هذا الجزء والاستفادة منه في موضوع بحثي.


المبحث الأول

خطب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره

يرى أغلب الباحثين أنّ الخطابة أخذت تتطوّر وتنتعش منذ أواخر القرن الماضي ، ويعدّ عصر الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء من العصور التي تفنّن فيها الخطباء ، وذلك طبيعي في مثل هذه النهضة الجديدة التي كثرت فيها الجمعيّات والأحزاب وتطوّرت فيها الحياة السياسية والاجتماعية ، وفتحت أبواب شتّى لمخاطبة الجمهور ، ونشأت في الأقطار العربية المختلفة ضروب من الخطب لم يعنى فيها القدماء(١) ، وهي عادة من الأسلوب السهل المرسل ، على أنّه يمتاز عن الأسلوب الكتابي السائد في المقالات والمؤلّفات بما يكثر فيه من صنع المخاطبة والاستفهام والإيهام والتكرير والتعجّب والقسم وتقطيع العبارات تقطيعاً يناسب نبرات المتكلّم وإشاراته ، مع الإكثار من الشواهد الموضّحة والعبر المؤثّرة وهو ما يتلائم وخطب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، فقد عرف الشيخ أنّ للخطابة دوراً هامّاً في حركة الكلمة في العقل وفي القلب وفي الواقع من خلال تأثيرها الإيجابي على قناعات الناس في مختلف جوانب الفكر والحياة ، حتّى استطاع الشيخ رحمه الله أن يعيد إليها الروح ، فقد اهتم بالأسلوب الجميل والتعبير بالكلمة الطيّبة والقول الحسن.

__________________

(١) ينظر الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث : ٤٥٨.


لقد امتلك الشيخ محمّد حسين قوّة الخطابة والشاعرية وهما صنوان في قوّة الحسّ وجيشان العاطفة وسرعة البديهة(١) ، وقد اعتمد الشيخ على تقنيّات خاصّة في خطبه منها توازن الجمل وطريقة إلقائها ، والإيجاز الذي يعطيك ألفاظاً قليلة ومعاني كثيرة.

لقد امتلك الشيخ أسلوباً مشرقاً في الخطابة اذ امتلأ بعناصر الأدب الرفيع ونصاعة البيان واللباقة المدهشة فلا عجب في ذلك فهو : «أشعر الشعراء وأخطب الخطباء ، ربّ الفصاحة والبلاغة ... زعيم النهضة العلمية والأدبية في العراق»(٢).

ورأى بعض الدارسين أنّ كتابات الشيخ تجمع بين الأدب والسياسة والاجتماع ، وهي صفات يندر أن نجدها في رجال الدين ، فصرنا نسمع على لسانه نغمات الحرّية ، والوطنية والشعب والاستقلال ... وموضوعات مقتنصة من مناسبات مختلفة ليتّخذ منها عنواناً للتعبير عن رأى أو مناقشة ظاهرة من

__________________

(١) ينظر معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام : ١٠٤٨. ، كتب الكثيرون عن شخصيته الفذّة ومنهم الشيخ الكاظمي (ت١٣٩١هـ) في قوله : «العلاّمة الكبير ، والعلم الشهير ، والفقيه النحرير ، والمتكلّم الخبير ، الشيخ محمّد حسين بن الشيخ علي كاشف الغطاء النجفي قدس سرّهما ... ، وكان رحمه الله مخلص الطويّة ، دمث الأخلاق ، ليّن العريكة ، صادق النيّة ، خطّ على صفحات القلوب ، ورسم على صحف الجنان (حبّ الوطن من الإيمان) وكان رحمه الله بعيداً عن التعصّب ، كارهاً للتملّق والرياء ، كثير الحياء ، لطيف المعاشرة ، حسن المحاضرة» ينظر : فهرس التراث : ٤١٤ ـ ٤١٥.

(٢) أحسن الأثر : ٢٠.


مظاهر المجتمع الكبير(١) ، يقول علي الخاقاني صاحب مجلّة البيان : «بأنّ له شخصيّة فذّة يصعب على الزمن أن يأتي بمثلها ، فقد جمعت كثيراً من النواحي التي عزّ أن تجتمع في فقيه أو في زعيم ديني»(٢).

إذاً الشيخ محمّد حسين له قدرة خطابية فائقة عزيزة النظير ، واطلاع واسع ودقيق في الآداب واللغة ، فكتب ردوداً على فحولها المعاصرين له ، مثل الريحاني ، والأب إنستاس الكرملي ، وجرجي زيدان وغيرهم(٣).

__________________

(١) ينظر أساليب المقالة وتطوّرها : ٣٠.

(٢) شعراء الغري : ٨ / ١١٥.

(٣) ينظر معجم مؤرّخي الشيعة : ١٧٨.


المبحث الثاني

شاعرية الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره

برع الشيخ في نظم الشعر ، حتّى وصل مرحلة متقدّمة ، وقصائده التي نظمها تشهد على قوّة شاعريته ، إلاّ أنّه توقّف عن نظم الشعر ليتفرّغ للزعامة الدينية بعدما وصل مرحلة الاجتهاد ، فقد ذكر في مقدّمة ما جمعه من شعره الذي سمّاه بـ : (الحسن من شعر الحسين) قوله : «ولمّا تكمّل نصيبي منه وأستتمّ ـ أي الشعر ـ قطعت علائقي منه ، وجرتها لما هو منه أهمّ ، وقلت لنفسي : هذا أوان الحرب فأشتدّي زيم(١) ، لست براعي إبل ولا غنم ، العلم خير مستعاد يغتنم»(٢) وعلى الرغم من قلّة شعره المنشور ، إلاّ أنّه أخذ حيّزاً بين الأدباء ، وأخذوا يذكرونه في محافلهم ومؤلّفاتهم ، لأنّهم وجدو فيه قوّة الشاعرية وطول النفس الشعري ، ومنهم روفائيل بطي فقد عدّه واحداً من روّاد الشعر العراقي الحديث ، والدكتور يوسف عزّ الدين وربّما وجدوا أنّ أغلب أشعاره تندرج بما بات يعرف بالأدب الملتزم أو الموجّه ، فقد سخّر الشيخ أغلب أشعاره لخدمة مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ورثاء رمز من رموزه ألا وهو الإمام الحسين عليه‌السلام ، فضلاً عن قضايا الأمّة المصيريّة كقضية

__________________

(١) (هذا أوان الشدّ فاشتدّي زيم) مثل من أمثال العرب. وزيم أسم فرس.

ينظر : كتاب جمهرة الأمثال : ٢ / ٣٦٢.

(٢) الحسن من شعر الحسين. للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء. ديوان مخطوط في مكتبة كاشف الغطاء العامّة في النجف الأشرف. تسلسل: ٣.


فلسطين وسواها من القضايا التي تهمّ الشعوب العربية ، فقد عرف عن الشيخ كثرة أسفاره في تلك البلدان ، وقد كان يحمل همّ هذه الشعوب المضطهدة ، وقد عبّر عن هذا الهمّ في بعض قصائده ، وهو ما لاحظه الدكتور يوسف عز الدين في قوله معلقا على قصيدته النونية :

«لقد كان أوضح أسلوباً وأسطع قصداً ... فقد تجلّت في قصيدته روح العالم القائد الذي يشعر بالمسؤولية الملقاة على كاهله ، وتجلّت روح إسلامية أصلية عميقة تطالب بالكفاح والنضال والمساعدة السريعة للمسلمين ، وصوّر الحادث تصويراً يدفع كلّ مسلم إلى المشاركة العاجلة فيها ، لما فيها من تأنيب واستفزاز ونداء لإغاثة الإسلام الذي صمّ المسلمون آذآنهم عن سماعه»(١).

ونبّه الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء إلى قضيّة مهمّة لها علاقة بالشاعرية تتمثل في علاقة البيئة بالإنتاج الشعري وذلك في مقدّمة كتاب (سحر بابل وسجع البلابل) في حديث خاصّ عن الحلّة الفيحاء وبيئتها الغنّاء جاء فيه :

«أمّا حضارتها في الشعر ـ فحدّث ولا حرج ـ فإنّ لتربتها ومائها وهوائها تأثيراً عجيباً في تلطيف الشعور ، وتنشيط القرائح ، وتوسيع الخيال ، وتمكين الخفّة والأريحية .... وأعان على ذلك ما عرفت من حسن هوائها وطيب

__________________

(١) الشعر العراقي الحديث وأثر التيّارات السياسية والاجتماعية فيه : ٥٧.


تربتها ومائها حتّى أنّ الداخل إليها يحسّ بتغيير دفعي وانتقال فجائي»(١).

ولاشكّ في أنّ مثل هذا الحديث يندرج ضمن دوافع قول الشعر ، وهو موضوع مهمّ لأنّ له علاقة مباشرة بالإبداع الشعري والعوامل التي تقف وراءه.

ومن الجدير بالذكر أن المتتبّع لشاعرية الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء يجد أنّه برع وأكثر من القول في غرض الرثاء دون غيره من الأغراض الشعرية وخاصّة في قصائده التي يرثي فيها سيد الشهداء عليه السلام : «فليس في الدنيا واقعة أليمة كواقعة كربلاء ، التي هزّت العالم وأثّرت في النفوس ، وأهاجت لوعة الشعراء منذ أكثر من ألف وثلاثمئة وستّين سنة ، حيث كوّنت قصائدهم ومراثيهم ذلك الأدب النثر والشعر الفيّاض الذي ملأ مئات الدواوين والمجلّدات»(٢).

وتعدّى اهتمام الشيخ بالشعر إلى تضمينه في أغلب مؤلّفاته الأدبية ومنها (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)(٣).

ويبدوا أنّ للبيئة التي عاش فيها الشيخ تأثير على إنتاجه الأدبي ، فقد كانت بيئة غنيّة تساعد على قول الشعر ، نتيجة وجود حركة شعرية في ذلك الوقت ، وقد كانت ثقافة الشيخ واطلاعه الواسع رافداً آخر من روافد الشعر.

__________________

(١) سحر بابل وسجع البلابل : ٥.

(٢) ينظر : أدب الطفّ أو شعراء الحسين (ع) / من القرن الأوّل الهجري حتّى القرن الرابع عشر : ١ / ١٨ ، ٢١.

(٣) ينظر العبقات العنبريّة : ج١ : ٣٢ ، ٤١ ،٤٩ ، ٥١ ، ج٢ : ١١ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٣٤.


المبحث الثالث

فن المقالة الأدبية

وهو فنّ آخر من الفنون الأدبية التي برع فيها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، حتّى عدّه الدارسون من روّاده ومنهم الدكتور منير بكر الذي رأى أنّه : «مُنح قدرة المصلح ، وموهبة الأديب ، فاستطاع أن يتحرّى الحقائق ، ويستقصي الأدلّة والشواهد ، وأن يلتزم بالحيدة والإنصاف في كلّ كلمة خطّها ، والبعد عن التحيّز والهوى في كلّ رأي جاهر به ودعا له ، (فضلاً عن) ما يسبغه على تلك الموضوعات والآراء من الوحدة الموضوعية والصياغة الفنّية ، فاستحقّ أن يكون بحقّ فقيهاً متحرّراً ، وكاتباً مجيداً وصحفيّاً لامعاً»(١).

وذلك يدلّ على القدرة الفنّية والموهبة والطبع الذي امتاز به الشيخ رحمه الله ، وتكشف أغلب مقالاته التي نشرت في المجلاّت النجفيّة التي كانت تصدر آنذاك عن شخصيّته التي كانت تقف في صدارة هذا العصر ، ولا عجب في هذا ، لأنّ هذه الشخصيّة امتلكت مقوّمات العالمية في بعدها التفكيري الإنساني وأدبيّتها التي تجمع بين آليّات المنطق ومتطلّبات الإجادة الفنّية ، تتجاوز الأفق المحلّي إلى الآفاق العالمية إبداعاً وتلقّياً ، ويشير جعفر الخليلي إلى هذه الشهرة في قوله :

«ولعلّ أوّل باب فتح لشهرة الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء في

__________________

(١) هكذا عرفتهم : ٢٣٠.


خارج النجف كان عن طريق المراسلات التي جرت بينه وبين أمين الريحاني ، تلك المراسلات التي تتضمّن تبادل آراء في ردود أعجبت جميع قرّاء العربية على اختلاف نحلهم ، ثمّ جمعت وطبعت باسم (المراجعات الريحانيّة(١).

ومن الجدير بالذكر أنّ لبيئة النجف الأثر الكبير في إنتاج الشيخ محمّد حسين الأدبي ، فهي مدينة شهدت نهضة علمية وأدبية لم تشهدها المدن العراقية قاطبة ، ولعلّ ازدهار الأدب فيها نتيجة منطقية لازدهار علوم الدين.

وقد قال الريحاني عن هذه المدينة : «ليست النجف عظيمة بطبيعتها ولا في مقدّساتها بل في رجالها»(٢).

وقد تطلّب كتابة المقالة عند الشيخ طاقات فنّية متنوّعة تتعلّق بالدقّة في اختيار الألفاظ وحسن تنميقها ، وحلاوة تركيب الجمل وصياغة العبارات في تأليف المعاني ، والموازنة بينها وبين الكلمات التي تعبّر عنها ، إلى جانب توخّي الإمتاع الفنّي لنفس القارئ.

أمّا فيما يتعلّق بالبناء الفنّي للمقالة عند الشيخ فقد التزم بمنهج محدّد يتمثّل في البدء والعرض والخاتمة ، وقد ضمّن هذا الأسلوب الكثير من المسائل الفنّية نحو التنويع الشعري ، فقد كان يضمّن المقالة أبياتاً من الشعر ، أغلب هذه الأبيات تشتمل على فنّ الحكمة وما يلائم سياق المقالة ، فضلاً

__________________

(١) أساليب المقالة وتطوّرها في الأدب العراقي الحديث والصحافة العراقية : ٣٨٨.

(٢) العراق : ٢٢٤.


عن ظاهرة أخرى هي الاقتباس والتضمين ، فقد حرص الشيخ محمّد حسين على الاقتباس من القران الكريم ، كما ضمّن مقالته بعض الأمثال والحكم.

أمّا الميزة الأخرى لمقالاته تتمثّل بالإيجاز ، فقد أظهر الكاتب مهارته الفنّية وثروته الفكرية من خلال عرضه للمسائل والقضايا التي يريد أن يوضّحها للمتلقّي ، وقد مال الشيخ إلى السهولة والوضوح والابتعاد عن التعقيد في أغلب مقالاته.

لعلّ أبرز سمات فنّ المقالة عند الإمام كاشف الغطاء هو قصرها ، فهي عنده وحدة قائمة بذاتها ، يعالج فيها موضوعاً محدّداً ، ويلعب الخيال دوراً مهمّاً في مقالاته الأدبية ، لأنّ هذا الخيال يساعد على ابتداع المعاني ، بحيث ينسجها حول الخاطرة ويجلوها في أروع صورة ، ومن ذلك مقالة الإمام التي تحمل عنوان (العدل أساس الملك) استهلّها بحديث نبويّ شريف هو «عدل ساعة في الحكم خير من عبادة سبعين سنة»(١).

لقد جعل الإمام كاشف الغطاء من عباراته والأفكار التي عرض لها في المقالة موجّهة لإبراز الفكرة الأساسية وإيضاحها ، لذلك تجنّب الحشو والإطالة ، وابتعد عن العبارات التي لا تؤدّي وظيفة جوهرية في إظهار القصد الذي يتوخّاه من مقالته.

ومن الجدير بالذكر أنّ عنوان المقالة له خطره(٢) ، ومن المستحسن أن

__________________

(١) نشر هذا المقال في مجلّة العدل : ٣ ، العدد ١٩ ـ ٢٠ ، عام ١٣٨٦.

(٢) ينظر : النقد الأدبي : ٨٨.


يكون مما يثير الانتباه ، وقد برع الإمام في وضع عناوين مقالاته واذكر منها : (بين الهدى والضلال أو التوحيد والإلحاد) ، و (الشباب) ، و (التضحية في ضاحية الطفّ) ، و (علي فوق العبقريّات) ، و (إلى فلسطين) و (المولد النبويّ صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، و (الفردوس الأعلى) و (موقف الحسين يوم الطفّ)(١).

أي أنّ الإمام الراحل كان يهتمّ كثيراً بانتقاء عنوان المقالة التي يكتبها ، ومن هنا جاءت عناوين مقالاته منسجمة تمام الانسجام مع المضمون.

ومن الباحثين من يرى أنّ الدوافع وراء كتابة المقالة هو محاولة الكاتب تغيير الوضع نحو الأحسن ، لذلك تكون نقمة الكاتب على الأوضاع الفاسدة سبباً أساسيّاً وراء صياغة المقالة(٢).

وقد لاحظ أكثر الدارسين لجهود الشيخ كاشف الغطاء إبداعه في هذا المجال فقد جاء في (سلسلة رواد التقريب) أنّ الإمام كاشف الغطاء برع في مجال النثر ، حيث كان رحمه الله ذا بيان ساحر جذّاب وأسلوب مشرق وهّاج ، يرسل الكلام في تعبير قويّ ولسان ذلق وفصاحة نادرة ، حتّى لتنقضي الساعات الطويلة على السامع وهو لا يحسبها سوى دقائق قصيرة ، وطالما كان يرقى المنابر في شتّى المناسبات ، فيملك القلوب بسحر بيانه ، ويستولي

__________________

(١) نشرت هذه المقالات في مجلّة الاعتدال والغري والبيان والعدل.

(٢) ينظر أدب المقالة.


على العقول بحلاوة منطقه ، وكان يصدح بخطاباته الرشيقة في أماكن شتّى(١).

أمّا السمة الأخرى التي اشتملت عليها مقالات الشيخ رحمه‌الله فتتمثّل بفنّ التضمين ، وهي سمة فنّية امتازت بها أغلب مقالاته ، وقد تنوّع التضمين عنده ، فنجده تارة يستعين بالنصّ القرآني نحو قوله في مقالة كتبها مخاطباً الشباب جاء فيها :

«انهضوا نهضة شريفة تعيدون بها مجد أسلافكم ، تعاشروا بعضكم مع بعض بروح الحنان والرحمة ، والإخاء والمودّة ... كونوا كأوائلكم أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم»(٢).

فهو هنا يشير إلى قوله تعالى :

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْع أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(٣).

أمّا فيما يتعلّق بتضمين الحديث النبويّ الشريف فقد أجاد الإمام أيّما إجادة في توظيف الحديث ، فقد جاء في مقالة عنوانها (علي فوق العبقريّات)

__________________

(١) ينظر : سلسلة روّاد التقريب (الإمام كاشف الغطاء) : ٨٧.

(٢) الشباب ، مقالة منشورة في مجلّة الاعتدال. والآية ٢٩ من سورة الفتح.

(٣) سورة محمّد(صلى الله عليه وآله) : ٢٩.


قوله :

«وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيه : (يا عليّ ما عرف الله إلاّ أنا وأنت ، وما عرَفنا إلاّ الله)»(١).

أمّا الشعر فقد كان له حضوره في مقالات الشيخ ، إذ استفاد من الأبيات التي تحمل مضموناً إنسانيّاً عالياً ، ويغلب عليها طابع الحكمة ، نحو قوله في مقالة عنوانها (موقف الحسين يوم الطفّ) جاء فيها :

«وعلى كلّ فالمسلمون جميعاً بل والإسلام من ساعة قيامه إلى قيام الساعة رهين شكر للحسين عليه‌السلام وأصحابه على ذلك الموقف الذي أقلّ ما يقال فيه :

لقد وقفوا في ذلك اليوم موقفاً

إلى الحشر لا يزداد إلاّ معاليا»(٢).

__________________

(١) عليّ فوق العبقريّات : ٢ ، مقال منشور في مجلّة العدل ، العدد ٢٤ ، شعبان ١٣٧٣هـ

(٢) موقف الحسين يوم الطفّ : ٤٢٠ ، مقال منشور في مجلّة النشاط الثقافي ، ١٣٧٨هـ.


المبحث الرابع

جهود الشيخ محمّد حسينقدس‌سره النقديّة

وهناك سمة أخرى حوتها مقالات الإمام الراحل وهي تطرّقها إلى بعض القضايا النقدية ، فهو يرى أنّ النقد يحتاج إلى درية وثقافة عالية كي يستطيع من خلالها أن يمحّص الأشياء ويخضعها لميزان النقد ، ونجد هذا عنده في حديثه الخاصّ عن الريحاني ، وقد نشره تباعاً في جريدة النجف التي كانت تصدر عام (١٩٢٦م) تحت عنوان (الريحاني في ميزان النقد) أو (نظرة في كتابه ملوك العرب)(١) ، جاء فيه : «إنّ كاتباً كالريحاني يؤلّف سفراً ككتاب (ملوك العرب) يدخل فيه من باب إلى باب وينتقل فيه من موضوع إلى موضوع ... وأهل العلم له بالمرصاد ، يضعونه تحت مطرقة النقد ، وفي بوتقة التمحيص ، وعلى معيار الاختبار»(٢).

فضلاً عن هذا ناقش الإمام كاشف الغطاء قضيّة التحريف وعدم الدقّة في النقل في مقالته المنشورة في جريدة النجف في قوله :

«إن ّالوهن في كتاب (ملوك العرب) تجاوز إلى التشويه والمسخ والقلب والإبدال والتغيير والتحريف في كثير مما يستشهد من آية محكمة أو مثل

__________________

(١) ينظر جريدة النجف ، تحرير يوسف رجيب ٢٨ ما يس ١٩٢٦م مقال للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء بعنوان (الريحاني في ميزان النقد).

(٢) مقال الريحاني في ميزان النقد ، جريدة النجف : ١.


سائر أو بيت شعر شايع ، فتراه يذكر الآية محرّفة مصحّفة ، قد امتلخ بالتصحيف فصاحتها ، ومسخ بالتحريف صورتها ، وهبط بها من سماء سنائها إلى حضيض ظلمائها ، وهكذا قد يروي الشعر الفصيح الذي هو غاية في البلاغة والانسجام ممسوخاً منسوخاً قد اضطرب حتّى وزنه وزهقت منه حتّى روحه وتفسّخ حتّى معناه ولفظه ، وقد ينسب الشعر الشايع المشهور إلى غير قائله ويعزوه إلى غير أبيه»(١).

يتّضح لنا حرص الإمام على الأمانة في النقل وخاصّة مع النصوص القرآنية والحديث النبويّ الشريف ، وتظهر لنا قدرة الإمام اللغوية والأدبية في نقد النصوص ، فهو يرسم لنا طريقة الحوار في النقد البنّاء الذي يهدف إلى إصلاح النصوص وتقويمها ، وهذا النوع من النقد يصحّ أن نطلق عليه بالنقد البنّاء الهادف.

تنوّعت جهود الشيخ محمّد حسين النقدية ، فقد عالج في مؤلّفاته مختلف أنواع القضايا النقدية ، وقد انتشرت هذه القضايا في ثنايا مؤلّفاته الأدبية ، ومنها كتاب (مختار الأغاني) الذي تعرّض فيه إلى بعض الشعراء الذين ورد ذكرهم في موسوعة كتاب (الأغاني) ، كما وأنّه اختار من شعر الشعراء ما يعطي القارئ صورة عن منزلته الشعرية ونواحي امتيازه فيه ، لقد مارس الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء دور الناقد الواعي ، بدءاً بقضيّة

__________________

(١) مقال الريحاني في ميزان النقد ، جريدة النجف : ٢.


حذف السند واختصار النسب وذكر الأخبار المهمّة وحذف كلّ ما هو ماجن طلباً للإيجاز ، فضلاً عن غربلة وتنقيح الأشعار والأخبار الواردة في الكتاب ، فكان لا يدوّن إلاّ القصيدة المستحسنة النظم ، ومعياره في ذلك جودة حسّه وذوقه الرفيع المدرّب كونه أحد الشعراء الذين عرفوا مسالك الشعر ، ومن ثمّ قام بعمليّة نقدية أخرى تتعلّق بالمنهج الإسلامي الملتزم الذي كان يتّبعه في أغلب مؤلّفاته ، فنجده يختار للشاعر الجيّد من شعره والذي يحمل عادة مضموناً إسلاميّاً هادفاً لا يتعارض وتعاليم الدين الإسلامي ، حتّى أنّه كان ينتقد على صاحب (الأغاني) إيراده للنوادر التافهة أو الماجنة ، فهو يأخذ على الأصفهاني إيراده لنماذج من شعر أبو الأسود الدؤلي لم تكن بالقوّة الكافية في قوله : «ثمّ إنّ أبا الفرج ذكر جملة وافية من شعره ولكنّه ليس بتلك القوّة والمتانة ، ونحن نذكر ما ننتخبه من أشعاره ، وجميع ما أورده من شعره إنّما كان في وقايع خاصّة ولكنّه لا يخلو أكثره عن حكم وآداب من ذلك قوله :

وأهوج ملحاح تصاممت قبله

إلى سمعه وما بسمعي من باس»(١).

بعدها يعلّق الشيخ محمّد حسين على هذه القصيدة بقوله :

«وهذه الأبيات أكثرها في غاية التعقيد ، وكذا أكثر شعره ، وليته حين أخذ النحو عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أخذ منه علم المعاني والبيان حتّى يفصح في بيان ما يريد»(٢).

__________________

(١) مختار من شعراء الأغاني : ١١ ـ ١٢.

(٢) المصدر نفسه : ١٣.


إذاً الشيخ كان مع الشعر الواضح البيّن الذي لا يحتاج معه القارئ إلى كدّ الذهن وإتعاب الخاطر ، وأن يتجنّب التعقيد الذي تسبّبه استعمالات الشاعر لألفاظ مهجورة أو تراكيب غامضة معقّدة ، والمسألة لها علاقة بطريقة تركيب الشاعر للجمل ، ومدى التزامه بالقواعد النحوية ، وإشارة الناقد هنا إلى أن يتسلّح الشاعر بالبلاغة العربية المتمثّلة بعلم المعاني والبيان ، وأن يتّخذ الشاعر من طريقة وأسلوب الإمام عليّ عليه‌السلام منهجاً يحتذيه فيما ينظم من قصائد.

ويتّضح من هذا أنّ الشيخ عمل على إعادة إنتاج وإخراج كتاب (الأغاني) بروح نقديّة ، فقد كثرت الملاحظات النقديّة والمؤاخذات من قبل الشيخ رحمه الله على صاحب (الأغاني).

ولا يخلو الكتاب النفيس للشيخ الإمام محمّد حسين كاشف الغطاء المسمّى بـ : (المراجعات الريحانية) من وجود آراء نقدية ، فقد كان النقد الأدبي عنده لون من ألوان الحوار ، كما وللحوار والمناظرة أدب خاصّ ، فضلاً عن النقد اللغوي الذي احتلّ حيّزاً لا بأس به ، وقد تطرّق من خلاله إلى مسائل لغويّة منها قضيّة الاشتراك اللفظي والترادف وتأثيره على تفسير وفهم النصّ ، فقد ردّ الشيخ على الأب انستاس الكرملي عندما اتّهمه بأنّ آفة كلامه الإكثار والتفريط فقد ردّ عليه بأنّ هذا الاستعمال اللغوي ليس من التكرير أو الزيادة ، إنّما هو محاكاة للكلام البليغ ، وقد استشهد على ذلك بنصوص من القران الكريم والشعر العربي الفصيح.


ومن القضايا النقدية المهمّة التي تطرّق إليها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء قضيّة اللفظ والمعنى ، محاولاً البحث عن سرّ الجمال في النصوص ، هل يرجع إلى اللفظ أم المعنى ، أم إلى تآزر اللفظ مع المعنى وجودة صياغتهما ، وهو الرأي الذي يميل إليه الشيخ ، ويعتمد إلى إثبات جودة النصّ من خلال تحليل أجزاء النصّ ومكوّناتها البنائية لكي يصل إلى إثبات جودته ، وخاصّة في معرض ردّه على بعض الرسائل التي تتّهم بعض الخطب بعدم الاعتدال ، أو الإيجاز المخلّ أو ركاكة التركيب ، قائلاً :

«أمّا الألفاظ فقد نظرنا كلّ واحد ممّا اشتملت عليه الخطبتان ... نظرناها بالعين المجرّدة فلم نجد فيهما ولا لفظة واحدة خارجة عن حدّ الاعتدال ، لا مرذولة سافلة ، ولا وحشية نافرة ، هذا من حيث مفردات الألفاظ ، وأمّا من حيث الصياغة والتركيب فليس في شيء منهما إيجاز مخلّ أو إطناب مملّ ، أو تقديم وتأخير موهم»(١).

ومن الجدير بالذكر أنّ الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء تأثّر بالتراث العربي القديم في مجال النقد ، وربّما يعود السبب في ذلك إلى ثقافته وتأثّره بالموروث العربي من أدب ونقد ، فقد كان يحفظ الكثير من النصوص القديمة ، ويتّضح هذا من كثرة استشهاداته بهذه النصوص والتي يعود بعضها إلى أمراء البيان في العصر الجاهلي ، أمثال أكثم وقس بن ساعدة الأيادي.

__________________

(١) المراجعات الريحانية : ٢ / ٤٣.


إذاً كثرت جهود الشيخ النقدية وتنوّعت وتعدّدت مصادره في النقد ، وعلى الرغم من هذا التنوّع والتعدّد ، إلاّ أنّ هناك خيطاً يجمعها هو أسلوب الشيخ في النقد ، ومن أبرز ملامح هذا الأسلوب هو المنهج الذوقي ، فقد امتلك حاسّة من الذوق المدرّب الذي استطاع من خلاله أن يميّز بين الجيّد والرديء في الأعمال التي تناولها بالدراسة والتحليل ، ومنها نقوده الأدبية التي اشتمل عليها كتابه (مختار من شعراء الأغاني) ولا عجب في ذلك «فالإمام كاشف الغطاء أديب بأدقّ معاني كلمة الأدب ، فقد كتب في جملة من الأنواع الأدبية ، وبرع في أكثر من فنّ ، وما خطبه وكتبه ومقالاته وكلماته إلاّ دليل ذلك»(١).

لقد اختار الشيخ من شعره المختار ما يعطي القارئ فيه صورة عن منزلته الشعرية ونواحي امتيازه فيه ، وهذه ناحية مهمّة في تقريب الإفهام من تلك العصور المشرقة ... فإنّه ليس من المتيسّر على كلّ قارئ تناول تلك الموسوعات(٢).

أمّا عن المنهج المتّبع في هذا الكتاب فقد وضع خطوطه نجله الشيخ عبد الحليم كاشف الغطاء في قوله : «وقد انتهج سماحته في الاختصار الأمور التالية : حذف السند ، واختصار النسب ، وذكر الأخبار المهمّة ، وحذف النوادر التافهة والماجنة ، وانتخاب الجيّد من نظم الشاعر ، وذكر أبياتاً قليلة من

__________________

(١) أساطين المرجعية العليا في النجف الأشرف : ٢٢٧.

(٢) ينظر مقدّمة مختار من شعراء الأغاني : ٤.


القصائد المشهورة»(١).

لقد كان الشيخ يأخذ على أبي الفرج الأصفهاني اختياره لأشعار يرى أنّها ليست من القوّة والمنزلة الشعرية ، ومن ذلك حديثه عن أبي الأسود الدؤلي في قوله :

«ثمّ إنّ أبا الفرج ذكر جملة وافية من شعره ولكنّه ليس بتلك القوة والمتانة ، ونحن نذكر ما ننتخبه من أشعاره ، وجميع ما أورده من شعره إنّما كان في وقايع خاصّة ، ولكنّه لا يخلو أكثره عن حكم وآداب»(٢).

ومن ملامح النقد عند الشيخ ميله إلى الأسلوب الواضح ، فقد كان الشيخ يرفض الشعر المعقّد والغامض ، وذلك لأنّه يؤمن بقضية أنّ الشعر رسالة ، ومطلوب منه أن يوصل هذه الرسالة إلى كافّة الطبقات ، فهو مع الشعر الهادف والموجّه ، لهذا نجده يستنكر على بعض الشعراء استعمال الأسلوب المعقّد ، الذي يبعد الفكرة ، ويكد الذهن ، ويحتاج من المتلقّي أن يفسّر النصّ حتّى يصل إلى مراده ، وقد ورد هذا في تعليقه على أبيات من الشعر اختارها صاحب الأغاني ومنها :

وَأَهوَجَ مِلجاج تَصامَمتُ قيلَهُ

أَن اسمَعَهُ وَما بِسَمعىَ مِن باسِ

وَلَو شِئتُ ما أَعرَضتُ حَتّى أَصَبتُهُ

عَلى أَنفِهِ خَدباءَ تَعضِلُ بِالآسي

فَإِنَّ الِلسانَ لَيسَ أَهوَنُ وَقعِهِ

بِأَصغَرَ آثاراً مِنَ النَحتِ بِالفاسِ

وَذي إِحنَّة لَم يُبدِها غَيرَ أَنَّهُ

كَذي الخَبلِ تَأبى نَفسُهُ غَيرَ وَسواسِ(٣)

__________________

(١) المنتخب من شعراء الأغاني : ٦.

(٢) المختار من شعراء الأغاني : ١٠.

(٣) مختار من شعراء الأغاني : ١١.


فقد علّق الشيخ كاشف الغطاء عليها بقوله :

«وهذه الأبيات أكثرها في غاية التعقيد ، وكذا أكثر شعره ، وليته حين أخذ النحو عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أخذ منه علم المعاني والبيان حتّى يفصح في بيان ما يريد»(١).

إذاً الشيخ لاحظ أنّ هذا الشعر يندرج ضمن شعر العلماء الذي يفتقر أحياناً إلى الصورة الفنّية المؤثّرة ، لهذا يؤكّد على مسألة مهمّة وهي أنّ الشاعر عليه أن يتقن فنّ البلاغة العربية ، لأنّه من خلالها يستطيع أن ينتقي الصور الفنّية المؤثّرة التي تستند إلى فنون البلاغة البيانية من تشبيه واستعارة ومجاز وكناية.

ومن الجدير بالذكر أنّ الإمام كاشف الغطاء تنبّه إلى مسألة دقيقة تتعلّق بصحّة نسبة الأبيات الشعرية إلى قائليها ، وهي قضيّة مهمّة من قضايا النقد الأدبي ، فعلى الناقد أن يتأكّد من قائل الأبيات الشعرية قبل القيام بعملية النقد والدراسة لأي نصّ من النصوص ، وهي تعدّ الخطوة الأولى ، وقد ورد هذا في حديثه عن الشاعر (ديك الجنّ)(٢) الذي ترجم له صاحب الأغاني واختار له من الأبيات قوله :

__________________

(١) المختار من شعراء الأغاني : ١٢. والأبيات منسوبة إلى أبي الأسود الدؤلي ، ينظر الديوان : ٩٦ وكتاب الأغاني : ٢ / ١٤٣.

(٢) ديك الجنّ لقب غلب عليه ، واسمه عبد السلام ، وهو شاعر مجيد يذهب مذهب أبي تمّام في شعره وهو من شعراء الدولة العبّاسية وكان من ساكني حمص ، وكان يتشيّع تشيّعاً حسناً.


يا طَلْعَةً طَلَعَ الحِمَامُ عَلَيها

وجَنَى لَها ثَمَرَ الرَّدَى بِيَدَيْها

رَوّيْتُ مِنْ دَمِها الثّرى ولَطَالَما

رَوَّى الهَوَى شَفَتَيَّ مِنْ شَفَتيْها

قَدْ باتَ سَيْفي في مَجَالِ وِشَاحِها

ومَدَامِعِي تَجْرِي على خَدَّيْها

فَوَحَقِّ نَعْلَيْها وما وَطِىَ الحَصَى

شَيء أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَعْلَيْها

ما كانَ قَتْليِها لأَنِّي لَمْ أَكُنْ

أَبكي إذا سَقَطَ الذُّبَابُ عَلَيْها

لكنْ ضَنَنْتُ على العيونِ بِحُسْنِها

وأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الحَسُود إِليها(١)

فقد علّق عليها الإمام كاشف الغطاء بقوله :

«وذكر أبو الفرج هنا أنّ هذا الأبيات تروى لغير ديك الجنّ وذكر قصّة لها ... أقول : ولكن الأبيات المتقدّمة إلى شعر ديك الجنّ أقرب ، وهي بأسلوبه ألصق وأنسب ، كما تشهد بذلك بقيّة مراثيه مثل قوله :

أَشْفَقْتُ أَنْ يَرِدَ الزَّمانُ بِغَدرِهِ

أَوْ أُبْتَلى بَعْدَ الوِصَالِ بَهَجْرِهِ

قَمَرٌ أَنا اسْتَخْرجُتُهُ مِنْ دَجْنِهِ

لِبَليّتي وجَلَوْتُهُ مِنْ خِدْرِهِ

فقتلتُهُ ولَهُ عَلَيَّ كَرامَةٌ

مِلء الحَشا ولهُ الفُؤادُ بأَسْرِهِ

عَهْدِي بِهِ مَيْتاً كأَحْسَنِ نائم

والحُزْنُ يَسْفَحُ عَبْرَتي في نَحْرِهِ

لَوْ كانَ يَدري الميْتُ ماذا بَعْدَهُ

بالحىِّ حَلَّ بَكَى لهُ في قَبْرِهِ

غُصَصٌ تكادُ تغيظ مِنها نَفْسُهُ

وتكادُ تُخْرِجُ قَلْبَهُ مِنْ صَدْرِهِ»(٢)

__________________

(١) الأبيات في الديوان : ١٦٦ ، والمختار من شعراء الأغاني : ١٥٨ ، والأغاني : ٤ / ٢٢٣.

(٢) مختار من شعراء الأغاني : ١٥٩.


نلاحظ أنّ الإمام محمّد حسين رحمه الله يلجأ إلى خبرته ومعرفته الفنّية بأسلوب الشاعر ديك الجنّ ليحكم على نسبة الأبيات إليه وليس إلى غيره كما رأى الأصفهاني ، أي أنّ لكلّ شاعر أسلوب خاصّ به ، وقد كان المعيار هنا هو الاحتكام إلى طريقة الشاعر في الرثاء واستعماله للمفردة الشعرية ، كلّ هذه القرائن مكّنت من الحكم على الأبيات الشعرية التي مرّ ذكرها.

أمّا عن النقد الذوقي فقد كثر عنده ، ومن أمثلة ذلك حديثه عن الأبيات الجيّدة عند الشاعر ديك الجنّ في قوله :

«ومن جيّد شعره قوله من قصيدة طويلة يرثي بها جعفر بن علي الهاشمي :

على هذهِ كانتْ تَدورُ النّوائِبُ

وفي كُلِّ جَمْع للذَّهَابِ مَذَاهِبُ

نَزَلْنَا على حُكْمِ الزَّمانِ وأَمرِهِ

وهل يَقْبَلُ النَّصْفَ الألَدُّ المُشَاغِبُ

وتَضحكُ سِنُّ المرْءِ والقلبُ مُوجَعٌ

ويرضى الفَتَى عن دَهْرِهِ وهوَ عاتِبُ

أَلاَ أَيُّها الرُّكْبانُ والرَّدُ واجبٌ

قِفُوا حَدِّثُونا ما تَقُولُ النّوادِبُ

إلى أَيِّ فِتْيانِ النّدى قَصَدَ الرَّدى

وأَيُّهُمُ نابَتْ حِمَاهُ النّوائِبُ

فيَا لأَبي العَبّاسِ كَمْ رُدَّ راغبٌ

لِفَقْدِكَ مَلهوفاً وكَمْ جُبَّ غَارِبُ»(١)

__________________

(١) المختار من شعراء الأغاني : ١٦٢ ـ ١٦٣. وقد لاحظ بعض الباحثين وجود ظاهرة النقد الذوقي في نتاج الشيخ في قوله : «الذوق الرفيع السليم ودقّة الحسّ ، ولا بدّ أن يكون متوقّد الفكر ، ثاقب الرأي والبصيرة ، وحنكته الحياة ، ويمتلك ثقافة فنّية واسعة


على الرغم من عدم ذكر السبب الذي يقف وراء اختيار الشيخ لهذه القصيدة إلاّ أنّ كلّ صاحب ذوق يدرك جيّداً القيمة الفنّية التي تشتمل عليها ، بدءاً من التصوير الفنّي إلى العبارات الشعرية التي تتناسب والغرض الشعري في انسجام تامّ ، فضلاً عن المعاني الشريفة التي ضمّنها الشاعر قصيدته.

ويبدو أنّ الشيخ محمّد حسين كان يميل إلى الشعر الرقيق دون غيره من الأغراض الشعرية ، ويكشف عن هذا تعلياقته النقدية التي تناثرت في مختاراته من كتاب الأغاني جاء هذا في حديثه عن الشاعر قيس بن ذريح :

«وله أشعار كثيرة أغلبها يشتمل من الرقّة على ما يقطع قلب الصخر ، ويحقّ لو بكت الخنساء به على قائلها وعلى صخر ، فمن مشجياته قوله :

إذا خَدِرَت رِجلي تَذَكَّرتُ مَن لَها

فَنادَيتُ لُبنى بِاِسمِها وَدَعَوتُ

دَعَوتُ الَّتي لَو أَنَّ نَفسي تُطيعُني

لَفارَقتُها مِن حُبِّها وَقَضَيتُ

بَرَت نَبلَها لِلصيدِ لُبنى وَرَيَّشَت

وَرَيَّشتُ أُخرى مِثلُها وَبَرَيتُ

فَلَمّا رَمَتني أَقصَدَتني بِسَهمِها

وَأَخطَأتُها بِالسَهمِ حينَ رَميتُ

وَفارَقتُ لُبنى ضَلَّةً فَكَأَنَّني

قُرِنتَ إِلى العُيّوقِ ثُمَّ هَوَيْتُ

فَيا لَيتَ أَنّي مِتُّ قَبلَ فِراقِها

وَهَل تَرجِعَن فَوتَ القَضِيَّةِ لَيتُ»(١).

__________________

في أنواع الفنون وطبيعتها وخاصّة إيقاع الأصوات ودلالاتها وسرّ البناء وحقيقته ، فيهتمّ ببناء النصّ والمضمون في وحدة واحدة ، من دون ميل لكفّة أو أخرى ، فيعتمد المنهج الفنّي في النقد» ينظر المنهج النقدي للإمام كاشف الغطاء في (مراجعاته الريحانية) : ٣٠٦.

(١) مختار من شعراء الأغاني : ٢٤ ، والأبيات في الديوان.


وحديث الإمام هنا يتعلّق بقضيّة الصدق الفنّي في الشعر ، فهو قد لاحظ أنّ الأبيات قد امتازت بأنّها أشدّ إرهافاً وتأثيراً في المتلقّي نتيجة قوّة الانفعال وعمقه ، وأنّ الشاعر امتلك القدرة على نقل عاطفته في نوع من الأداء يثير الإحساس والمشاعر الوجدانية ، ومن ثمّ حقّق الخاصّية الفنّية في الأداء ، وهي سمة يشترك فيها الشعراء المبدعون أمثال قيس بن ذريح ، ومن الباحثين من يرى أنّ «السبب هو أنّ الفنّ لا يقتصر على علاج مشاكل وقتية ، أو قضاء مصالح جزئية في هذا الجانب أو ذاك من حياتنا ،بل هو يتناول هذه الحياة نفسها ، فينفذ إلى صميمها ويضرب أعمق جذورها ، وهو يزيدنا فهماً للحياة الإنسانية نفسها ، إذ يتعمّق عواطفنا فيها ، وردّ فعلنا على تجاربنا فوق ظهر هذه الأرض»(١).

__________________

(١) محاضرات في عنصر الصدق في الأدب : ٢٠.


المبحث الخامس

ملامح الالتزام في أدب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء

مرّت كلمة الأدب بمراحل متعدّدة ، وذهب بعض الباحثين إلى أنّ هذه الكلمة من الكلمات التي تطوّر معناها بتطوّر حياة الأمّة العربية وانتقالها من دور البداوة إلى أدوار الحضارة ، وقد اختلفت عليها معان متقاربة حتّى أخذت معناها الذي يتبادر إلى أذهاننا اليوم ، وهو الكلام الإنشائي البليغ الذي يقصد به التأثير في عواطف القرّاء والسامعين ، سواء أكان شعراً أم نثراً(١).

وهذا الوصف ينطبق على ما تركه الشيخ رحمه‌الله من أدب امتاز فنّه بمتعة جاذبة وتأثير كبير نتيجة سحر البيان الذي اشتمل عليه ، إلاّ أنّ هذا الأدب اشتمل على فوائد عظيمة ، لأنّه كان يؤدّي وظائف ، منها تهذيب النفوس وتعليم المتلقّي ، خاصّة وأنّ الشيخ يعرف تأثيره في حياة الناس ، وذلك من خلال تذوّقهم الفطري لسحر الأدب وجمال المعاني.

لقد كان الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء يسعى إلى أن ينبّه الأمّة إلى ضرورة استكمال فكر النهضة الإسلامية في الجانب الأدبي والثقافي ، واثبات شمولية الإسلام ، وأنّه صالح لكلّ عصر وزمان.

فالأدب بطبيعته نشاط إنساني متميّز يرتبط بشكل من الأشكال بطبيعة

__________________

(١) ينظر تاريخ الأدب العربي ، د. شوقي ضيف : ٣. وينظر : نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد ، د. عبد الرحمن رأفت الباشا ، الرياض ، ١٩٨٥م.


تكوين الأديب : النفسي والفكري والتأريخي ، ويهتمّ بالعلاقات المختلفة بين الأديب وموروثه الثقافي من جهة والخطوط الرئيسة التي تحكم عصره وتشكّل ظواهره العامّة من جهة أخرى(١).

وقد لاحظ أغلب الباحثين أنّ الدين كان رافداً من روافد الشعر في ذلك الوقت ، وأنّ الالتزام في معناه الأدبي هو اعتبار الكاتب فنّه وسيلة لخدمة فكرة معيّنة عن الإنسان لا لمجرّد تسلية غرضها الوحيد المتعة بالجمال(٢).

والملتزم هو الذي يتّخذ موقفاً في النزعات السياسية والاجتماعية معبّراً عن أيدلوجية طبقة ما أو نزعة كأن تكون دينية تخدم الدين أو المذهب الذي يعتنقه الأديب الملتزم(٣).

لقد كان الشيخ رحمه الله من الأدباء الملتزمين بالعقيدة والأخلاق ، وهو يرى أنّ الأديب المسلم عليه أن يلتزم بالمبادئ الإسلامية ، وعليه أن يضع في اعتباره ضرورة أن يكون أديباً مسلماً حقيقيّاً من جانب ، وأنّه يعيش في مجتمع مسلم لابدّ من مراعاة قيمه الأساسية من جانب آخر ، ولهذا ترجم هذه الفكرة في أغلب مؤلّفاته التي وصلت إلينا ومنها كتابه (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية) فقد كان يحرص على اختيار الأبيات التي تحمل مضموناً إسلاميّاً فيه دعوة إلى الإصلاح ومحبّة الله عز وجلّ ، ومن ذلك ما اختاره

__________________

(١) ينظر : تطوّر الشعر العربي الحديث في العراق : ١٥.

(٢) ينظر : في الأدب الإسلامي (قضاياه وفنون ونماذج منه) : ٧٥.

(٣) ينظر المصدر السابق ، والالتزام الإسلامي في الشعر : ٢٧.


للشيخ خضر بن يحيى فقد كان فقيهاً متبتّلاً وزاهداً ، فقد قال عنه أنّه «كان يتضلّع بعبادة ربّه ، ويشتاق السكون إلى رحمته وقربه ، ويبرّي قلبه من الذنوب ، ويمحو عن صحيفة نفسه درن العيوب ، مشتاقاً إلى رحمة مولاه ، طالباً الفوز برضاه قائلاً :

طوبى لمن طيّب أوقاته

إذا نأى عنكم بمعناكم

وإن نأت عن داركم داره

داوى الحشى منكم بذكراكم

وقوله :

أكملت في ذا العام ستّين سنة

مرّت وما كأنّها إلاّ سنة

لم تدّخر فيها سوى توحيده

وغير حسن الظنّ فيه حسنه

ما حال من لم يتّعظ بزاجر

وفي مراعي اللهو أرخى رسنه

وإنّما الناس نيام من يمت

منهم أزال الموت عنه وسنه»(١).

وتركيز الشيخ رحمه الله على انتقاء الأشعار التي تتلاءم ومنهجه في التوجيه والإرشاد ، لأنّه يرى أنّ الدين الإسلامي عقيدة راسخة هدفها سعادة الناس في الدارين ، وحلّ مشاكلهم وتوجيههم لكلّ خير ، وإذا كان شأن الأديب الملتزم «أن يكشف كلّ هذه الخيرات وينقلها إلى الآخرين»(٢) ، فإنّه ينطلق من عقيدته ـ وحتماً كانت عقيدة إسلامية ـ لذلك راح يحارب الواقع

__________________

(١) العبقات العنبريّة في الطبقات الجعفريّة : ١ / ٣٩.

(٢) ينظر : مجلّة أضواء إسلامية ، مقالة بعنوان : حول الأدب الإسلامي الملتزم ، العدد الأوّل : ٣٠ ، ١٩٦٤م.


غير المرضي محاولاً حثّ النفوس على طلب المعالي والدفاع عن مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، لهذا نراه يختار نماذج من الشعر الرفيع تعود للشاعر سيّد حيدر الحلّي في قوله :

«منها ما كتبه إمام الشعراء في زمانه ، وزين الشرفاء من أقرانه ، الشاعر المشهور ذو الفضل الأشهر ، سيّدنا السيّد حيدر الحلّي المعروف ، من أبيات كثيرة المحاسن ، وكأنّه لم يعثر عليها جامع ديوانه فيرسمها في معجزات فرقانه ، أو لسرّ آخر وهي :

وقائلة أين تبغي بها

رويداً أخا المطلب النازحِ

أرح فلقد غاض ماء السماح

فلا ريّ غاد ولا رائحِ

فقلت سأطرح ثقل الرجاء

لدى صفوة الشرفِ الواضحِ

ثوت من مهديها المكرمات

وقامت مع الخلف الصّالح»(١).

إذاً الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء يرى أنّ هذا النوع من الأدب يتيح قدراً كبيراً من الحرّية والمرونة للأديب كي يعبّر عن خلجاته وأشواقه في إطار التزامه بالفكرة الإسلامية.

لقد سعى الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء إلى بلورة فكرة الالتزام في

__________________

(١) العبقات العنبريّة في الطبقات الجعفريّة : ٢ / ٩٠ وينظر عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق تحقيق حسن العلمي ج٢ ، ص١٢. ومن الجدير بالذكر أنّ قضيّة رثاء الإمام الحسين عليه السلام اشتهرت عند الشعراء حتّى صاروا يتسابقون فيها حتّى أصبحت مهمّة من مهمّات الشعراء ، ولغرض الوقوف على المزيد ينظر : تطوّر الشعر العر بي في العراق : ٤٣.


بقيّة أعماله الأدبية والثقافية ، وأراد تطبيقها وخاصّة في المقالات الموجّهة التي كتبها ، حتّى قال عنه الأستاذ عبد الحسن الغراوي : «لقد تقدّم العلاّمة كاشف الغطاء خدمات طائلة وأيادي جلّى يشكرها له العلم والأدب ، ونحن إذا ما استعرضنا خدمات الشيخ في كلّ فنّ وباب فلا نكاد نحصيها بالإحاطة الشاملة ، بل ولا نعطيها حقّها من البحث والكتابة ، حيث تجاوزت حدّ الإحصاء ، ونأت عن العدّ والحساب»(١).

والمعروف أنّ المقالة نوع من الأنواع الأدبية التي يعبّر بها الأديب عن حالة من حالات مشاعره وعواطفه نثراً وبصفحات قليلة ، وأنّه في هذه الصفحات أشبه بالشاعر الوجداني ، وأنّ مقالته أقرب إلى القصيدة ، فأنت تحسّ تأثّره وتألّمه ، وأنّه ينقل إليك هذا التأثّر وهذا التألّم وما يصاحبهما من أفكار ونظرات وتأمّلات.

لقد كان الشيخ يحمل همّ العراق بين جنباته ، فقد كان يطمح أن يصل أبناء العراق إلى مستوى من الرقي الاجتماعي ، لهذا نجده وفي مقالة أخرى عنوانها (نهضة العراق الاجتماعية) يتحدّث عن نهضة العراق الاجتماعية قائلا : «هو موضوع جدير بالبحث والعناية ، فإنّ التقدّم العمراني والاقتصادي لا يثمر الثمر الجنيّ النافع ، ولا يعطي الغاية المتوخّاة إذا لم يصحبه الإصلاح الاجتماعي ، فيسير الرقي المادّي للبلاد مع الرقي المعنوي والنفسي لأبنائها

__________________

(١) العلاّمة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ومقامه في التوجيه : مقال منشور في مجلّة العرفان العدد ٩ ، ص ٩٥٨ ، لبنان ١٣٦٨هـ.


جنباً إلى جنب ، وقد تطرّقت لهذه المواضيع مفصّلاً غير مرّة في أكثر خطبي ومؤلّفاتي ، ولازالت هي دعواي وإليها دعوتي»(١).

ومن الجدير بالذكر أنّ دعوة الإمام كاشف الغطاء لم تقتصر على العراق إنّما تعدّته لتصبح دعوات إقليمية للدول العربية ، ومن هنا جاءت كلماته في المقالة التي يتحدّث فيها عن وضع العراق الراهن ووحدة الدول العربية ، فهو يرى أنّ الوحدة سبب النهضة والانتعاش ، فالقصد على حدّ قول الشيخ هو : «تبليغ دعوتنا الصارخة إلى إخواننا العرب بل وعامّة المسلمين لا في العراق فحسب بل في عامّة أقطار الأرض ، أنّ هذا هو يوم الوحدة المنشودة والضالّة المفقودة»(٢).

ومن ملامح الالتزام في أدب المقالة عند الشيخ أنّه كان يوظّف أبياتاً من الشعر ، أغلب هذه الأبيات تدخل ضمن الأبيات الملتزمة ، ومنها حديثه عن فلسطين وما أصابها من نكبة في قوله : «وكنت لا أزال أتمثّل في خطبتي وفتاواي في فاجعة فلسطين الدامية من مقاطيعي القديمة وهو :

ألا هزّة في الكون يعصف ريحها

فنترك أرض الظالمين بوارا»(٣).

لقد كانت مقالات الشيخ طافحة بمعاني الوفاء والنبل ، ومنها مقالته التي يتحدّث فيها عن الإمام علي عليه‌السلام وقد حملت عنوان «علي فوق العبقريات» ،

__________________

(١) نهضة العراق الاجتماعية ، مقال منشور في مجلّة الهاتف ، النجف الأشرف.

(٢) مقال للشيخ محمّد حسين يتحدّث فيه عن وضع العراق ، مجلّة الغري : ١١٦٩ ، العدد ٦٨ ، النجف ، ١٣٦٠هـ.

(٣) المصدر نفسه.


فقد اشتملت هذه المقالة على معاني شريفة ومنها قوله :

«أمّا الكتابة عن شخصيّة كعلي بن أبي طالب عليه‌السلام الذي لا تعدّ مناقبه ، ولا تحصى فضائله ، بل لو أراد الكاتب مهما كان أن يكتب في كلّ واحدة من زواياه وخصائصه مؤلّفاً ضخماً لما استطاع أن يوفّيها حقّها ويستوفي جميع خصوصيّاتها ، انظر مثلاً إلى ذلك شجاعته ، ومواقفه في سبيل الدعوة إلى الإسلام ، وتضحياته العظمى وهو ابن عشرين أو دونها»(١).

الخاتمة

وفي ختام هذا البحث أودُّ أن أسجّل بعض النتائج التي توصّل إليها البحث وأذكر منها :

١ ـ أظهر البحث أنّ الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء تنبّه إلى أنّ للخطابة دوراً هامّاً في حركة الكلمة في العقل والقلب وفي الواقع من خلال تأثيرها الإيجابي على قناعات الناس في مختلف جوانب الحياة ، لهذا راح الإمام يوظّف هذا الفنّ خدمة للقضايا المصيرية التي تهمّ المجتمع كونه من المصلحين الكبار الذين قلّ نوعهم.

٢ ـ بيّن البحث قدرة الشيخ الفنّية على توظيف السمات الفنّية في أدبه ، ومنها طريقته في البدء والعرض والختام ، فضلاً عن التنويع بين الشعر والنثر ،

__________________

(١) عليّ فوق العبقريّات : ٢ ، مقال منشور في مجلّة العدل ، العدد٢٤ الجزء ٣ ، ١٣٧٣هـ.


وإجادته في كلّ منهما ، من خلال الاستفادة من تقنيّة الاقتباس والتضمين بين ثنايا ما يكتب ، وهذا يدلّ على كثرة خزينه الثقافي ممّا يمكّنه من الاستفادة منه في المواضع الملائمة.

٣ ـ كشف البحث عن سمة فنّية لازمت أغلب نتاج الشيخ الأدبي والنقدي تتمثّل في ميله إلى فنّ الإيجاز في أغلب كتاباته الفنّية ، ومردّ ذلك يعود إلى مهارة الشيخ الفنّية وثروته الفكرية والثقافية.

٤ ـ أثبت الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره ومن خلال مؤلّفاته الأدبية والنقدية ، امتلاكه زمام الخطابة والشعر ، فعنده الخطيب والشاعر صنوان لا يفترقان في قوّة الحسّ وجيشان العاطفة وسرعة البديهة وقوّة التصوير ، ومن ثمّ هو يشرك السامعين معه في عاطفته ، بلسانه وقلمه.

٥ ـ شخّص البحث ظاهرة الالتزام في أدب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، فقد كان أدبه ينطلق من رؤية أخلاقية تبرز مصداقيته في الالتزام بتوظيف الأدب لخدمة العقيدة والشريعة والقيم وتعاليم الإسلام ومقاصده.

وأخيراً آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين


المصادر

القران الكريم.

١ ـ الاتجاهات الادبية في العالم العربي الحديث : أنيس الخوري المقدسي ، الطبعة الاولى ، منشورات كلّية العلوم والآداب ، جامعة بيروت الأمريكية ، (د. ت).

٢ ـ أدب الطفّ أو شعراء الحسين عليه‌السلام من القرن الأوّل الهجري حتّى القرن الرابع عشر : جواد شبّر ، ط١ ، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات بيروتـ لبنانـ ١٣٨٨هـ ـ ١٩٦٩م.

٣ ـ أدب المقالة : زكي نجيب ، الطبعة الأولى ، القاهرة.

٤ ـ أساطين المرجعيّة العليا في النجف الأشرف : الدكتور محمّد حسين علي الصغير ، مؤسّسة البلاغ ، دار سلوني.

٥ ـ أساليب المقالة وتطوّرها في الأدب العراقي الحديث والصحافة العراقية : د. منير بكر التكريتي ، ط١ ، مطبعة الإرشاد ـ بغداد ١٩٧٦م.

٦ ـ الأغاني : لأبي الفرج الأصفهاني (ت٣٥٦هـ) تحقيق : الدكتور يوسف البقاعي ، وغريد الشيخ ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ـ لبنان ، ط١ ، ٢٠٠٠م.

٧ ـ الالتزام الإسلامي في الشعر : د. عبد الرحمن ناصر الخنين ، دار الأصالة ، الرياض ، ط١ ، ١٤٠٨هـ.


٨ ـ تاريخ الأدب العربي : أحمد حسن الزيّات ، دار نهضة مصر للطبع والنشر ، القاهرة ، ط٢٥ ، (د. ت).

٩ ـ تطوّر الشعر العربي الحديث في العراق : د. علي عبّاس علوان ، منشورات وزارة الإعلام ـ الجمهورية العراقية. سلسلة الكتب الحديثة (٩١) سنة ١٩٧٥م.

١٠ ـ جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري : (ت ٣٩٥هـ) تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، عبد المجيد قطامش ، دار الجيل ، بيروت ـ لبنان ، ط٢ ، ١٩٨٨م.

١١ ـ ديوان ديك الجنّ الحمصي : تحقيق : عبد المعين الملوحى ومحيي الدين الدرويشي ، حمص ، ١٩٦٠.

١٢ ـ الريحاني في ميزان النقد : مقال للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، منشور في جريدة النجف ، ٢٨ مايس ١٩٢٦م.

١٣ ـ سحر بابل وسجع البلابل : السيّد جعفر الحلّي ، تحقيق : الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، الطبعة الأولى ، دار الأضواء ، بيروت ـ لبنان ، ٢٠٠٣م.

١٤ ـ سلسلة روّاد التقريب (الإمام كاشف الغطاء) : محمّد جاسم الساعدي ، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، إيران ، طهران ، ٢٠٠٧م.

١٥ ـ الشعر العراقي الحديث وأثر التيّارات السياسية والاجتماعية فيه.

١٦ ـ العبقات العنبريّة في الطبقات الجعفريّة : العلاّمة الكبير الإمام الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، ج١ ، تحقيق : الدكتور جودت القزويني ، والجزء الثاني ، تحقيق : لجنة التحقيق في مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامّة ، النجف الأشرف ، ٢٠١١م.

١٧ ـ عليّ فوق العبقريّات : مقال منشور في مجلّة العدل ،العدد٢٤ الجزء ٣ ، ١٣٧٣هـ.


١٨ ـ في الأدب الإسلامي (قضاياه وفنون ونماذج منه) : د. محمّد صالح الشنطي ، دار الأندلس ، حائل ، ط٢ ، ١٤١٨هـ.

١٩ ـ محاضرات في عنصر الصدق في الأدب : الدكتور محمّد النويهي ، معهد الدراسات العربية العالية ، ١٩٥٩م.

٢٠ ـ المختار من شعراء الأغاني : سماحة الإمام الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء ، النجف الأشرف ، ذي القعدة ، ١٣٦٩هـ.

٢١ ـ المراجعات الريحانية : الإمام محمّد حسين كاشف الغطاء ، تحقيق وتعليق : محمّد عبد الحكيم الصافي ، الناشر : ذوي القربى ، إيران سنة (١٤٢٧هـ).

٢٢ ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف الأشرف خلال ألف عام : محمّد هادي الأميني ط١ مطبعة الأداب ، النجف ، ١٣٨٤ هـ ١٩٦٤م.

٢٣ ـ معجم مؤرّخي الشيعة : صائب عبد الحميد ، الجزء الثاني ، مؤسّسة دائرة معارف الفقه الإسلامي.

٢٤ ـ النقد الأدبي : الدكتور علي جواد الطاهر ، الطبعة الثانية ، بغداد ، ١٩٦٢م.

٢٥ ـ نهضة العراق الاجتماعية : مقال للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، منشور في مجلّة الهاتف ، العدد ٢١٨ ،٢٣ ربيع الثاني ، ١٣٥٩هـ.


من ذخائر التراث





مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّد المرسلين محمّد وآله الطاهرين.

وبعد فإنّ من أساطين الحوزة العلمية بكربلاء المقدّسة العلاّمة الفقيه الأصولي وأُستاذ الأساطين المولى محمّد شريف المازندراني الشهير بشريف العلماء.

قال صاحب روضات الجنّات في وصف شريف العلماء : «رئيس الأصوليّين النبلاء الفحول ، بل الجامع بين المعقول والمنقول ، مولينا شريف الدين محمّد ابن المولى حسن علي الآملي المازندراني الأصل الحائريّ المسكن والمدفن»(١).

__________________

(١) روضات الجنّات ، ص١٢.


وشريف العلماء مشتهر بالأصول ، ولكن يظهر من بعض الكلمات المنقولة من شريف العلماء مهارته وتسلّطه في الفقه أيضاً(١).

ووصفه العلاّمة التنكابني في قصص العلماء بما ترجمته هكذا : «محمّد شريف ابن ملاّ حسن علي المازندراني الآملي الملقّب بشريف العلماء وقدوة الفقهاء وأُسوة الفضلاء ، مؤسّس علم الأُصول وأُستاذ الفحول ، نادرة الدهر وأُعجوبة الزمان ووحيد العصر ، شمس فلك المنقول وبدر سماء الأُصول ، الحائري مولداً ومدفناً»(٢).

ومن تلامذته : السيّد ابراهيم ابن السيّد محمّد باقر الموسوي صاحب ضوابط الأُصول(٣) ، والآخوند ملاّ إسماعيل اليزدي ، والآخوند ملاّ آقا الدربندي ، وسعيد العلماء البارفروشي ، والسيّد محمّد شفيع البروجردي ، والشيخ مرتضى الأنصاري(٤) ، والمولى عبدالعظيم بن محمّد اللواساني صاحب روض المحصلين(٥) ، والمير سيّد حسن المدرّس الإصفهاني(٦).

والشيخ الأنصاري أشار إلى بعض آراء أُستاذه الشريف في كتبه(٧).

__________________

(١) قصص العلماء ، ص٤٣٧.

(٢) قصص العلماء ، ص١٣٧.

(٣) قصص العلماء ، ص٥.

(٤) قصص العلماء ، ص١٣٧.

(٥) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج١ ، ص٢٧٢.

(٦) تذكرة القبور ، ص٨٧.

(٧) منها الكشف الحكمي في البيع الفضولي. راجع : كتاب المكاسب ، ج٣ ، ص٤٠٧.


وذكر تلميذه العالم الفاضل السيّد محمّد شفيع الجابلقي البروجردي ترجمة أُستاذه شريف العلماء هكذا : «السالك في مسالك التحقيق ، والعارج في مدارج التدقيق ، مقنّن القوانين الأصولية ، مشيّد المباني الفروعية ، مفتاح العلوم الشرعية ، مربّي علماء الإمامية ، مدرّس الطالبين جميعا في جوار ثالث الأئمّة ، أعني شيخنا وأستاذنا ومربّينا ووالدنا الروحاني والعالم الرّباني محمّد شريف ابن الملاّ حسنعلي المازندراني أصلاً والحائري مسكناً ومدفناً.

ولا بأس بذكر جملة من أحواله فنقول :

إنّه رحمه الله من أهل آمل مازندران ، والظاهر أنّ مولده في كربلاء المشرّفة ، ببالي أنّه مسموع من لسانه الشريف ، عاش في كربلاء أكثر عمره الشريف ، واشتغل أوّلا على السيّد الأُستاد الآقا السيّد محمّد ابن الآقا السيّد علي الآتي ذكرهما ، ثم الآقا السيّد علي والد السيّد الأستاد في تسع سنين في الأصول والفقه ، فصار محسوداً بين الحاسدين ، مستغنياً عن الإشتغال ، وقابلاً للإفتاء ، ومجتهداً بصيراً وجامعاً لجميع الشرائط المعتبرة»(١).

وذكر السيّد محمّد شفيع البروجردي : «أنّه بعد الاستفادة من درس أستاذه ارتحل إلى ديار العجم وبقي في كلّ مدينة شهراً أوشهرين أوأشهر ، واشتغل بالسياحة ـ ومنظوره رحمه الله تحصيل الأسباب والكتب ـ ثمّ رجع مع أبيه رحمهما الله بعد زيارة مولانا ثامن أئمّة الهدى عليه السلام إلى كربلاء ـ

__________________

(١) الروضة البهيّة في الإجازة الشفيعيّة ، ص٣١ و ٣٢.


شرّفها الله تعالى ـ وحضر درس أُستاذه رحمه الله ، لكن أُستاذه صار شيخاً معمّراً ، فاشتغل هو بالمطالعة والمباحثة وجدّ كمال الجهد حتّى صار مدرّساً ماهراً نزير النظير ، وصار مجلسه مملوّا من العلماء العظام ، وببركة أنفاسه الشريفة ترقّى جمع كثير في مدّة يسيرة من حضيض التقليد إلى أوج الإجتهاد»(١).

وكذا قال : «صرف عمره الشريف في تربية الطالبين ، وكان له مجلسان : أحدهما للمنتهين والآخر للمبتدئين ، ويدرّس في أيام التعطيل لجمع آخر من الطالبين ، وفي شهر رمضان يدرّس بالليل ، وكان مشغولاً مع الطالبين إلى نصف الليل بالمباحثة ، وبعد بالزيارة والعبادة ، فلذا كان قليل التصنيف.

ومصنّفاته على ندارتها لم تخرج من السواد إلى البياض ، قلت له رحمه الله في زمان : اشتغل بالتصنيف والتأليف وثبّت هذه التحقيقات التي لم تصل إليها أيدي العلماء الماهرين والفضلاء المتبحّرين والفقهاء الكاملين ، فأجابني بأنّ تكليفي تربية الطالبين وتعليم المتعلّمين ، وما ألّفتموه وصنّفتموه فهو منّي.

وكان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والضبط ودقّة النظر وسرعة الإنتقال في المناظرات وطلاقة اللسان ، لم أر مثله قطّ ، ولم يباحث مع أحد إلاّ وقد غلب عليه وكان له يد طولى في علم الجدل.

__________________

(١) راجع : الروضة البهيّة في الإجازة الشفيعيّة ، ص٣٢. مع تفاوت يسير.


توفّي رحمه الله في كربلاء المشرّفة في الطاعون الواقع فيه في سنة خمسة أوستة(١) وأربعين ومائتين بعد الألف ، ودفن في داره ، وفزت بزيارة قبره الشريف في السرداب المدفون فيه ولم أسأل منه إجازة الروايات واتّصال سلسلة الأخبار بالصراحة ، وكان إجازتي مقصورة على الإذن في العمل والفتوى وشهادة البلوغ إلى مرتبة الإجتهاد ، وكان هذا غفلةً منّي ، اللهم اعف عن زلاّتي وغفلاتي»(٢).

وذكر بعض الأعلام أنّه تلمّذ على الميرزا القمّي صاحب القوانين(٣)والسيّد صدر الدين محمّد جدّ أسرة الصدر(٤).

وفي التكملة : «وحدّثني العلّامة الميرزا محمّد هاشم المذكور(٥) : أنّ شريف العلماء كان من تلامذة السيّد صدر الدين ، وكان السيّد يمنعه من كثرة التعمّق في أصول الفقه ، ويأمره بالتعمّق بالفقه»(٦).

وأيضا يظهر من بعض الحكايات المنقولة عن العلاّمة التنكابني أنّ مدار

__________________

(١) هكذا ثبت والصحيح : خمس أوستّ.

(٢) الروضة البهيّة في الإجازة الشفيعيّة ، ص٣٢ و ٣٣.

(٣) تذكرة العلماء ، ص ٩٨ ونص عبارته بالفارسية : «پس از آن به قدر يك سالي نزد فاضل قمّي تلمّذ كرد وبعد از آن به كربلا مراجعت فرمود». وكذا راجع : لباب الألقاب ، ص٣٥ ؛ والآراء الفقهية ، ج٥ ، ص٤٠٠.

(٤) فقيه صدر ، ص٢٠٧ و ٢٠٨.

(٥) مراده رحمه الله : العلاّمة الفقيه آية الله السيّد محمّد هاشم الجهارسوقي الخوانساري.

(٦) تكملة أمل الآمل ، ج١ ، ص٢٠١.


درسه في الأصول كتاب قوانين الأصول ، وفي الليل كان يقرأ أسطراً من الكتاب ويدور في حجرته ويفكّر حتى الصبح(١).

وجاء في موسوعة طبقات الفقهاء :

«شريف العلماء (.. ـ ١٢٤٦ هـ) : محمّد شريف بن حسن علي المازندراني الأصل ، الحائري ، الشهير بشريف العلماء ، كان فقيهاً إماميّاً مجتهداً ، من كبار الأصوليّين ومشاهير المدرّسين ، له يد طولى في علم الجدل. ولد في الحائر (كربلاء). وتتلمذ أوّلا على السيّد محمّد المجاهد بن علي بن محمّد علي الطباطبائي الحائري ، ثمّ حضر في الفقه والأصول على والده السيّد علي الطباطبائي صاحب الرياض ولازمه مدّة تسع سنوات. وسافر إلى إيران وتنقّل في مدنها ورجع إلى كربلاء فحضر برهة على أُستاذه صاحب الرياض ، ثمّ ترك ذلك ، وأكبّ على المباحثة والمطالعة ، وبرع في أصول الفقه.

وتصدّر للتدريس فمهر فيه ، واتّجهت إليه الأنظار ، وتهافت عليه أهل العلم لغزارة علمه وحسن تقريره ، حتّى بلغ عدد من يحضر درسه ألف شخص أوأكثر»(٢).

وعلى ما يظهر من العلاّمة التنكابني كان سفره إلى أيران بمرافقة والده المولى حسنعلي ، وفي هذه الرحلة وفّق لزيارة مولانا الإمام علي بن موسى

__________________

(١) قصص العلماء ، ص١١٣.

(٢) موسوعة طبقات الفقهاء ، ج١٣ ، ص٥٩٢ و ٥٩٣.


الرضا عليه آلاف التّحية والثناء(١).

وقال الشيخ عبّاس القمّي : «شريف العلماء المولى محمّد شريف بن حسن علي المازندراني الحائري ، شيخ الفقهاء العظام ومربّي الفضلاء الفخام ، أُستاذ العلماء الفحول جامع المعقول والمنقول ، تولّد في الحائر الشريف ، وتلمّذ على صاحب الرياض والسيّد المجاهد ، ورزق السعادة في التدريس والإفادة وكثرة التلاميذ من الفقهاء والعلماء.

قال سيّدنا الأجلّ المضطلع الخبير الكامل أبو محمّد الحسن صاحب تكملة أمل الآمل : حدّثني شيخنا الفقيه الشيخ محمّد حسن آل ياسين وكان أحد تلامذة شريف العلماء قال : كان يدّرسنا في علم الأصول في الحائر المقدّس في المدرسة المعروفة بـ : (مدرسة حسن خان) ، وكان يحضر تحت منبره ألف من المشتغلين وفيهم المئات من العلماء الفاضلين ، ومن تلامذته شيخنا العلاّمة الشيخ المرتضى الأنصاري (رحمه الله ...) وكان بعض تلامذته كالفاضل الدربندي يفضّله على جميع العلماء المتقدّمين انتهى. وممن تلمّذ عليه السيّد إبراهيم صاحب الضوابط والمولى إسماعيل اليزدي الذي حكى أنّه يرجّحه بعضهم على أستاذه ، وجلس بعد وفاة أستاذه مجلسه ، وكان يدرّس ولكن لم يبق كثيراً بل بقي قرب سنة ثمّ لحق بأستاذه رحمة الله عليهما ، وممّن تلمّذ عليه أيضا سعيد العلماء والسيّد محمّد شفيع الجابلقي وكتب هذا

__________________

(١) قصص العلماء ، ص١٣٧ و ١٣٨.


السيّد ترجمة أستاذه الشريف في الروضة البهيّة إلى غير ذلك. توفّي في الحائر المقدّس بالطاعون سنة (١٢٤٥) (غرمه)(١) ، وقبره في دار يكون بقرب الصحن المطهّر من طرف الجنوب»(٢).

والعلاّمة الحسيني الجلالي في فهرس التراث وصفه بـ :«زعيم الحوزة العلمية بكربلاء»(٣).

ومع جميع هذه الأوصاف يظهر أنّه رحمه الله قليل التأليف ، حيث سأله أحد تلامذته : لماذا لاتؤلّف كي يورث الخلف من تحقيقاتك؟ وأجاب بما حاصله : «إنّي مهتمّ بتربية الطّلاب وتعليم المتعلّمين ومؤلّفات تلامذتي يحكي عنّي»(٤).

تاريخ وفاته :

وضبط صاحب الجواهر سنة الطاعون ـ الذي بسببه ارتحل شريف العلماء ـ في آخر كتاب النكاح من الجواهر هكذا : «والحمد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً وله الشكر على توفيقه لإتمام كتاب النكاح الذي هو آخر قسم العقود ، والرجاء منه التوفيق لإتمام الباقي الذي منه القسم الثالث في

__________________

(١) يساوي (١٢٤٥) بحساب الأبجد.

(٢) الكنى والألقاب ، ج٢ ، ص٣٦١.

(٣) فهرس التراث ، ج٢ ، ص٨٧.

(٤) قصص العلماء ، ص١٣٩.


الإيقاعات ، وهي أحد عشر كتاباً ، وقد كان ذلك عند العصر تقريباً في يوم الأربعاء : رابع عشر من ربيع الثاني من سنة السابعة والأربعين بعد الألف والمأتين ، وهي السنة التي أدّب الله في شوّال سابقتها ـ أي السادسة والأربعين ـ أهل بغداد وفي ذي القعدة منها أهل الحلّة وأهل النجف وأهل كربلاء وغيرهم بالطاعون العظيم الذي قد منّ علينا وعلى عيالنا وأطفالنا وبعض متعلّقينا بالنجاة منه ، وكم له من نعمة ، فإنه المنّان الكريم الرحمن الرحيم»(١).

قال صاحب روضات الجنّات في سنة وفاة شريف العلماء : «المتوفّى بالطاعون الواقع في حدود سنة ستّ وأربعين ومأتين بعد الألف»(٢).

وكذا في تذكرة العلماء ضبط تاريخ وفاته سنة (١٢٤٦ هـ)(٣).

وإنّ رأي سيّدنا الأستاذ العلاّمة الفقية آية الله السيّد موسى الشبيري الزنجاني على أنّه توفّي بالطاعون في ٢٤ ذي القعدة من عام (١٢٤٦ هـ)(٤).

وذكر المحقّق السيّد عبدالعزيز الطباطبائي في بعض تعليقاته على طبقات أعلام الشيعة : «في مكتبة العلاّمة السيّد أحمد الزنجانى رحمه اللّه في قم مجموعة أوّلها مشارع الأحكام لصاحب الفصول بخطّ أحد تلامذته(٥)

__________________

(١) جواهرالكلام ، ج٣١ ، ص٣٩٨.

(٢) روضات الجنّات ، ص١٢.

(٣) تذكرة العلماء ، ص٩٨.

(٤) راجع : لباب الألقاب للعلاّمة المولى حبيب الله الشريف الكاشاني مع تعاليق سيّدنا الأستاذ آية الله السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، ص٣٥.

(٥) وهو الشيخ الكجائي الجيلاني من تلامذة العلاّمة الفقيه الأصولي الشيخ محمّد حسين صاحب الفصول.


وعليه مذكّرات سجّلها في أيّام الطاعون ، وأرّخ فيها موت جماعة من المشهورين والمغمورين ، وممّا أرّخ هناك وفاة شريف العلماء في ٢٤ ذي القعدة (١٢٤٦) فقال ما معرّبه : وفي هذا اليوم توفّي شريف العلماء هو وزوجته وبنته وابنه ، ويهلك بالطاعون في كلّ يوم بين المائتين وخمسين إلى الثلاثمائة نفس ، وأمّا بغداد فجرفها الطاعون عن آخرها»(١).

وهذا هو أيضا رأي العلاّمة السيّد محمّد علي الروضاتي(٢).

وجاء في قصص العلماء أنّه ارتحل شريف العلماء رحمه الله إلى دار القرار وسنيّ عمره بين ٣٠ إلى ٤٠ ، ودفن في سرداب بيته(٣). ومرقده الآن في زقاق في شارع باب القبلة من الحرم الحسيني الشريف ، وبجنب مرقده اليوم مدرسة شريف العلماء. على قبره مكتوب على الكاشي :

«المولى شريف العلماء : هذا المرقد الشريف للشيخ العلاّمة أُستاذ العلماء والمجتهدين وقدوة الفقهاء المحقّقين(٤) ، الجامع بين المعقول والمنقول ، حاوي الفروع والأصول ، شيخنا ومولانا شريف الدّين محمّد ابن المولى حسن علي الآملي المازندراني الحائري قدّس سرّه العزيز المتوفّى

__________________

(١) طبقات أعلام الشيعة ، ج٢٠ ، ص٨٥٤.

(٢) راجع : مكارم الآثار للميرزا محمّد علي المعلّم الحبيب آبادي مع تعاليق العلاّمة السيّد محمّد علي الروضاتي ، ج٤ ، ص١٢٧٢.

(٣) نفس المصدر.

(٤) ويحتمل : المدقّقين.


١٢٤٥(١) جدّد سنة ١٣٥٨»(٢).

حول الرسالة :

وهذه الرسالة الّتي بين يدي القاري تختصّ بخصوصية أنّها من مؤلّفات شريف العلماء ، والكاتب عبدالعظيم اللواساني ـ وهو من تلاميذ شريف العلماء ـ وقد صرّح في حاشية الصفحة الأولى من المخطوطة : أنّه عثر على نسختها بخطّه الشريف.

وموضوع هذه الرسالة (النسخ في الشريعة) ، مخطوطتها في تسع صفحات في آخر مجموعة أصولية(٣) في مكتبة آية الله السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي تغمّده الله برحمته ورضوانه ، استكتبها العالم الفاضل المولى عبدالعظيم اللواساني رحمه الله في زمن حياة أستاذه الشريف سنة (١٢٤٢هـ).

وبعد تحقيق الرسالة بناءً على النسخة الآنفة الذكر عثرنا على نسخة أُخرى أكمل من النسخة المذكورة وذلك في مكتبة (آستان قدس رضوي) وقد حصلنا عليها بمساعي الأخ الفاضل الشيخ علي أكبر پور جعفر. وفي

__________________

(١) الصحيح عندنا أنّه رحمه الله توفّي في سنة (١٢٤٦ هـ).

(٢) والظاهر أن الصواب (١٣٨٥ هـ) إذ في هذه السنة أمر آية الله السيّد محسن الطباطبائي الحكيم بتشييد مقبرة شريف العلماء وإعادة بناء مدرسة شريف العلماء. راجع : المفصّل في تاريخ النجف الأشرف ، ج٨ ،ص٧٤ و ٧٦ و ٢٥٦.

(٣) فهرست كتابهاي خطّي كتابخانه آية الله مرعشي ، ج١ ، ص٢٦.


فهرست المكتبة لم يُذكر مصنّف الرسالة(١) وكذا في أصل النسخة ، وقد ذُكر كاتبها محمّد رضا بن محمّد إسماعيل القاري الطوسي المشهدي ، ولكن بعد التطبيق والمقارنة بينها وبين نسخة مكتبة آية الله المرعشي صرنا مطمئنين بأنّها نسخة من رسالة (جواز النسخ) لشريف العلماء المازندراني. ورمزنا بـ : (م) إشارة إلى نسخة مكتبة آية الله المرعشي ، وبـ : (ق) إشارة إلى نسخة مكتبة (آستان قدس) في الحرم الرضوي الشريف. وفي نسخة (آستان قدس رضوي) زيادة لا توجد في نسخة المكتبة المرعشية أثبتناها منها.

وفي الختام أشكر سيّدنا العلاّمة الجليل السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي حفظه الله تعالى حيث أمرني بتحقيق هذه الرسالة. وبهذا يستحقّ الشكر الجزيل.

__________________

(١) فهرست كتب خطّي كتابخانه مركزي آستان قدس رضوي ، ج١٦ ، ص٢١٨.






رَبِّ وفّق للإتمام(١)

رسالة في بيان جواز النسخ لأُستادنا ومولانا شريف العلماء

آخند ملاّ شريف سلّمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين(٢)

فائدة :

لا ريب في جواز النسخ عقلاً ، خلافاً لبعض فرق اليهود ، فأنكره نظراً(٣) إلى أنّ أحكام الله(٤) تعالى تابعة للمصالح الكامنة ، والنّسخ يتنافى التبعية ؛ فإنّه لو ورد أمر بشيء ثم ورد بعد ذلك النهي عنه فإمّا أن لايتّصف ذلك الشيء بشيء من الحسن والقبح ، أويتّصف بهما معاً ، أويتّصف بأحدهما دون الآخر ، والإحتمالات الأربعة كلّها فاسدة.

أمّا الأوّل : فللزوم(٥) خلوّ الحكمين عن المصلحة.

__________________

(١) هذه العبارة مكتوبة في أعلى الصفحات كلّها من نسخة (م) بخطّ الكاتب.

(٢) في (ق) : بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي ورجائي.

(٣) في (ق): بناءً منهم على أنّ أحكام الله تعالى.

(٤) في حاشية (م) : بعد استكتابي هذه الرسالة من غير نسخة الأصل بخطّ شريف أستادنا الشريف شرّفه الله قدره ووجدت في نسخة الأصل عوض (نظرا إلى أنّ أحكام الله الخ) : (وبناء منهم على أنّ أحكام الله الخ). ع ظ ي م.

(٥) في (ق) : فلما يلزم.


وأمّا الثّاني : فللزوم اتّصاف الشيء الواحد بأمرين متضادّين ومصلحتين متقابلتين.

وأمّا الثّالث : فللزوم(١) خلوّ أحد الحكمين عن المصلحة.

وفيه : إنّا نختار الشقّ الثاني من الترديد ونمنع بطلانه لعدم لزوم اجتماع المتضادّين في أمر واحد ؛ إذ ذلك إنّما هو إذا اتّحد المتعلّق ، والإتّحاد ممنوع ، لجواز أن يكون الشيء الواحد ذا مصلحة في زمان فيؤمر به وذا مفسدة في آخر فنهي عنه(٢) ، وإن قلنا بأنّ الحسن والقبح من الصفات الذاتية للأفعال ، إذ ليس(٣) أحكام الله تابعة بمجرّد(٤) الحسن والقبح الذاتيّين مطلقاً وإلاّ لزم التكليف بالمحال في صورة اجتماع الذاتيّين(٥) في محلّ واحد من جهتين وتعليلتين(٦) ، كالصدق الضّارّ الموجب لهلاك النبي صلّى الله عليه وآله ، والكذب النّافع الموجب لعصمته ؛ بل إنّما تتبعهما(٧) لو لم يعارضهما ذاتي آخر ، وإلاّ فالتّخيير إن تساويا ، وإلاّ فالعمل بالأقوى(٨).

__________________

(١) في (ق) : فلما يلزم.

(٢) في (ق) : فينهى عنه.

(٣) في (ق): ليست.

(٤) في (ق) : لمجرّد.

(٥) في (ق) : الذاتيّتين.

(٦) في (ق) : من جهتيتن تعليليّتين.

(٧) في (ق) : تبعتهما.

(٨) في (ق) : وإلاّ فالتخيير على تقدير التساوي إذ الترجيح على تقدير الرجحان.


وحينئذ فيجوز أن يكون للشيء حسن ذاتي أوقبح كذلك(١) ، ولإيجاده في زمان مخصوص حسن أوقبح كذلك(٢).

فيصحّ النّسخ من جهة هذا(٣) على مذهب من يقول بالتّحسين والتّقبيح العقليين.

وأمّا الأشاعرة القائلون بهما شرعاً فلايرد(٤) عليهم هذا الإشكال رأساً.

وقد يتمسّك بأنّه لو جاز النّسخ لزم ارتفاع الوثوق ببقاء الأحكام نظراً إلى احتمال النّسخ(٥) في كلّ حكم ، واللازم باطل لكونه منافياً لغرض المكلِّف(٦) ، إذ غرض المكلّف(٧) إنّما هو الإطاعة والإنقياد ولايحصلان مع احتمال النسخ.

وفيه نظر :

أمّا أوّلا : فلأنّ الملازمة ممنوعة(٨) ؛ لأنّ الظاهر من الأدلة الدالّة على الأحكام بقائها واستمرارها ، إذ المفروض ذلك ، [واحتمال النسخ خلاف

__________________

(١) في (ق) : قبح ذاتي أو حسن كذلك.

(٢) في (ق) : ولإيجاده في زمان مخصوص مصلحة تقابله من الحسن في الأوّل والقبح في الثاني.

(٣) في (ق) : هنا.

(٤) في (ق) : النافون لهما فلا يرد.

(٥) في (ق) : ببقاء الأحكام لاحتمال النسخ.

(٦) في (ق) : المكلِّف تعالى.

(٧) في (ق) : غرضه تعالى.

(٨) في (ق) : فلمنع الملازمة.


الظاهر](١) ، واحتمال إرادة المجاز في تلك الأدلة وذلك غير مضرّ بالتمسّك بأصالة الحقيقة(٢) ، مع أنّه قد يمكن القطع ببقاء الحكم بالقرائن(٣) الخارجة.

وأمّا ثانيا : فلمنع بطلان اللازم ، إذ لامنافاة فيه للغرض بوجه ، إذ المكلّف إذا حضره وقت العمل(٤) ولم يصل إليه النّاسخ اعتقد بوجوب العمل جزماً نظراً إلى علمه بوجوب البيان(٥) حينئذ فيحصل الإطاعة.

لايقال : إنّ جواز(٦) النّسخ مستلزم للإغراء بالجهل ، والخطاب بما له ظاهر مع إرادة خلاف ظاهره من غير نصب القرينة(٧) وهو قبيح عقلاً.

لأنّا نقول : غاية ما ذكر لزوم تأخير البيان عن وقت الخطاب وقبحه ممنوع.

ألا ترى أنّ المولى قد يأمر عبده بإعطاء شخص في كلّ يوم درهماً مع كونه قاصداً حين الخطاب بعض الأيّام ولكنّه أخفى الأمر لمصلحة ، ثمّ إذا انتهى الوقت المقصود فنهاه عنه(٨) ، مع أنّه(٩) لايعدّ في العرف هجناً قبيحاً

__________________

(١) أثبتناها من (ق).

(٢) في (ق) : غير مضرّ بأصالة الحقيقة ، ولم يرد فيها «التمسك».

(٣) في (ق) : القراين.

(٤) لم يرد «العمل» في (ق).

(٥) في (ق) : بلزوم البيان.

(٦) لم يرد «الجواز» في (ق).

(٧) في (ق) : قرينة تدلّ عليه.

(٨) في (ق) : ينهاه عنه.

(٩) لم يرد «أنّه» في (ق).


ويعدّه العقلاء حسناً وإن علموا(١) بعلمه حين الخطاب ، وكذا لاريب في جوازه سمعاً لما سيجيء ، خلافاً لبعض آخر من فرق اليهود نظراً إلى ما نقلوه عن موسى عليه السلام «تمسّكوا بالسبت أبداً»(٢) وأمثال ذلك.

وفيه : أنّ هذه الرواية وما ماثلها من الأخبار الآحاد فلا تعتبر في أمثال المسائل.

سلّمنا اعتبارها في أمثالها ، لكن ذلك إذا خلي المقام عن المعارض ، وذلك في حيّز المنع ـ كما سيجيء ـ فالمراد بالتأبيد ومثله طول الزمان كما ورد نظيره في شريعة موسى عليه السلام(٣).

هذا مع التمسّك بالرواية من الإيرادات التي ليس المقام [لايقاً](٤) بذكرها ، وكذا لاريب في وقوعه ، خلافاً لبعض آخر من فرق اليهود لمّا أنكروا(٥) معجزات نبيّنا صلّى الله عليه وآله.

وفيه : أنّه قد تواتر الأخبار ببعض معجزات نبيّنا كشقّ القمر وحنين الجذع وتسبيح الحَصا(٦) ، والمُنْكِر إنّما أنكرها لما عرضه من شبهة

__________________

(١) في (ق) : عملوا.

(٢) راجع : تهذيب الوصول إلى علم الأصول ، ص١٨٤.

(٣) في (ق) : على نبيّنا وعليه السلام.

(٤) أثبتناها من (ق) وفي (م) : لائق.

(٥) في (ق) : لما أنكروه.

(٦) وفي (ق) : الحصاة.


التقليد(١) لآبائه واُمّهاته ، مع أنّه لا احتياج في معرفة نبوّة نبيّنا صلّى الله عليه وآله إلى إثبات(٢) هذه المعجزات وأمثالها ، بل يكفي في هذه المعرفة ملاحظة القرآن والتدبّر فيه ؛ فإنّ من لاحظ القرآن وتدبّر فيه علم أنّ هذا الكلام ليس إلاّ من الله تعالى(٣) ، إذ لاقدرة لأحد من العباد الإتيان بمثل هذا الكلام في الفصاحة والبلاغة ، وإلاّ لأوتي(٤) بمثله في هذه المدة [الطويلة](٥) غاية الطول ، وإن كنتم في ريب ممّا نقول فأتوا بسورة من مثله(٦) ، بل هذه المعجزة أحسن من جميع [معجزات](٧) جميع الأنبياء عليهم السلام ، نظراً إلى دوام هذه المعجزة(٨) وانقطاع ساير المعجزات(٩).

وقد(١٠) ثبت من هذه الكلمات وقوع النسخ لبداهة ثبوت [أحكام](١١)

__________________

(١) في (ق) : شبهته.

(٢) في (ق) : ثبوت.

(٣) لم يرد (تعالى) في (ق).

(٤) في (ق) : لأتى.

(٥) أثبتناها من (ق) وفي (م) : الطويل.

(٦) هكذا في النسخة وفي القرآن الكريم : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَة مِنْ مِثْلِهِ). سورة البقرة/٢٣.

(٧) أثبتناها من (ق) وفي (م) : المعجزات.

(٨) في (ق) : لدوامها.

(٩) في (ق) : انقطاع غيرها من المعجزات.

(١٠) في (ق) : فقد.

(١١) أثبتناها من (ق) وفي (م) : الأحكام.


في هذه الشريعة لم يكن(١) في الشّرايع السّابقة ، والقول بأنّ كلّ هذه الأحكام المنسوخة في الشرايع السابقة كانت محدودة مخالف الضرورة(٢) ، وإذا ثبت وقوعه ثبت جوازه سمعاً وعقلاً ، لأنّ الأوّل أخصّ من الأخيرين ، ووجود الأخصّ مستلزم لوجود الأعمّ ، بل وقوع النّسخ في شريعتنا أيضا ممّا لاريب فيه كنسخ وجوب الصلاة إلى بيت(٣) المقدس وتبدّل وجوبها إليه بوجوبها(٤) إلى القبلة المعهودة(٥) ، وكتبدّل الاعتداد بالحول(٦) في المتوفّى عنها زوجها إلى الاعتداد بأربعة أشهر وعشراً(٧) ، إلى غير ذلك ، ولاعبرة بخلاف أبي مسلم الإصفهاني(٨) بل ولاريب(٩) في وقوعه في الكتاب الكريم أيضاً كما في الاعتداد وغير ذلك.

__________________

(١) في (ق) : لم تكن.

(٢) في (ق) : للضرورة.

(٣) في (ق) : البيت.

(٤) في (ق) : لوجوبها.

(٥) (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَة تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ). سورة البقرة/١٤٤.

(٦) (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعا اِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاج). سورة البقرة/٢٤٠.

(٧) (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْرا). سورة البقرة/٢٣٤.

(٨) راجع : تفسير أبي مسلم الإصفهاني ، ص١٧ ، مفاتيح الأصول ، ص٢٤٦.

(٩) في (ق) : بل لاريب.


والتمسّك بقوله تعالى : (لايَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ)(١) ، فاسدٌ جدّاً ، إذ الظاهر من الآية الكريمة أنّه ليس من الكتب السماوية ما يدلّ على بطلانه ولايجيء(٢) بعده شيء يبطله.

فائدة :

اعلم أنّ ما يحتمل كونه ناسخاً إمّا أن يرد قبل حضور من العمل ، أوبعد حضوره وقبل مضي زمن قابل للعمل(٣) ، أوبعد حضوره ومضي زمن قابل للعمل(٤).

فهذه مقامات ثلاثة لابدّ من التكلّم فيها :

* أمّا الأوّل : فالأكثر على عدم النسخ فيه. وينسب إلى المفيد(٥)القول بالجواز(٦) وعليه الأشاعرة(٧). والحق [هو](٨) ما ذهب إليه الأكثرون.

__________________

(١) سورة فصّلت/ ٤٢.

(٢) في (ق) : لايأتي.

(٣) في (ق) : مضيّ زمن العمل قابل للعمل.

(٤) في (ق) : قابل له.

(٥) أوائل المقالات ، ص١٢٢ و ١٢٣.

(٦) الأنسب : القول بالوقوع.

(٧) راجع : نهاية الوصول إلى علم الأصول ، ج٢ ، ص٦١٢.

(٨) أثبتناها من (ق).


وتحقيق هذا المقام يحتاج إلى تمهيد مقدّمة : وهي أنّ الأمر إمّا أن يحسن لحسن متعلقه أو لحسن نفسه لا لحسن متعلّقه ، والأوّل مشروط بكون [المتعلّق](١) فيه ممكناً ومقدوراً للمكلّف ، وإلاّ لم يتّصف بالحسن والقبح لأنّهما من صفات الأفعال الإختيارية ، والأمر في هذا القسم حقيقي لغةً وعرفاً ويصدق على متعلّقه أنّه مأمور به ومطلوب صدقاً حقيقيّاً في اللغة والعرف ، وهذا القسم ينقسم إلى قسمين لأنّه إمّا أن يكون الداعي إلى الأمر والطّلب فيه زيادة على حسن متعلّقه وقوعه وحصوله(٢) في الخارج فيثاب عليه ؛ وإمّا أن يكون الدّاعي إلى الأمر فيه العقاب على ترك متعلّقه [وإظهار حسن متعلّقه](٣) ، والأوّل يسمّى(٤) بالحقيقي اللبّي ، والثّاني يسمّى بالإبتلائي السّاذج ، وليس المراد بالحقيقي في القسم الأوّل ما يقابل المجاز(٥) اللغوي حتّى لايصلح(٦) المقابلة ، لما عرفت من كون الأمر في كلّ من القسمين حقيقيّاً(٧) في اللغة والعرف العام ، والتّكاليف بالنسبة إلى المطيعين القادرين

__________________

(١) أثبتناها من (ق) وفي (م) : التعلّق.

(٢) لم يرد (وحصوله) في (ق).

(٣) أثبتناها من (ق).

(٤) في (ق): مسمّى.

(٥) في (ق) : المجازي.

(٦) في (ق) : لايصحّ.

(٧) في (ق) : حقيقية.


على الفعل كلّها حقيقة من القسم الأوّل(١) ، وبالنسبة إلى العصاة القادرين عليه ابتلائية ومن القسم الثّاني(٢).

وصدور الأمر [في القسم الأوّل](٣) من مكلّف مشروط [بعلمه](٤) بوقوع الفعل في الخارج بعد الطلب في العالم بعواقب الأمور ، وبعدم العلم بعدم وقوعه في الجاهل بها وذلك لقبح الطّلب مع العلم بعدم وقوع المطلب(٥) [في الخارج] (٦) لو كان الداعي وقوع الفعل(٧) وحصوله في الخارج.

ألا ترى أنّ المسكين السّائل لو علم بعدم إعطاء شخص شيئاً له لو طلبه(٨) لم يسأل منه لو كان مقصوده حصول الفعل(٩) ، ولو سأل(١٠) منه على ذلك الوجه لعدّه العقلاء سفيها.

__________________

(١) في (ق) : حقيقة لمّية.

(٢) لم ترد (ومن القسم الثاني) في (ق).

(٣) أثبتناها من (ق).

(٤) أثبتناها من (ق) وفي (م) بعمله.

(٥) في (ق) : المطلوب.

(٦) أثبتناها من (ق).

(٧) في (ق) : وقوعه.

(٨) في (ق): لو طلبه منه.

(٩) في (ق) : حصول الفعل في الخارج.

(١٠) في (ق) : لو طلب.


وفي القسم الثاني مشروط بالعلم بعدم وقوعه في العالم بعواقب الأُمور ، وبعدم العلم بوقوعها في الجاهل بها(١) ، وإلاّ لزم السّفه.

والقسم الثاني ـ وهو الّذي يحسن لنفسه لا لحسن متعلّقه ـ ليس متعلّقه في نفس الأمر مطلوباً ـ وإن كان(٢) الظاهر من الكلام أنّ المطلوب هو المتعلّق ـ وهذا أيضا يسمّى بالابتلائي ، ولايصدق على متعلّق الأمر حينئذ وبعد الإنكشاف أنّه مأمور به ومطلوب. وإطلاق المأمور به عليه مجاز لغةً وعرفاً.

وهذا القسم أيضاً ينقسم إلى قسمين :

قسم يكون الداعي إلى صدور الأمر فيه التّوطين عليه(٣) ليثاب عليه كتكليف الحايض في نهار رمضان بالصوم فيه قبل الانكشاف إذا لم تفطر قبله.

وقسم يكون الداعي إلى صدور الأمر فيه العقاب على ترك التّوطين كتكليفها بالصوم كذلك قبل الانكشاف إذا أفطرت قبله.

وهذا القسم بقسميه مشروط بعدم الإمكان(٤) [في حقّ المكلَّف مع عدم علمه لعدم الإمكان](٥) ، والأوّل مسمّى بالإبتلائي المثوب(٦) وهو تكليف

__________________

(١) (وبعدم العلم بوقوعها في الجاهل بها) لم ترد في (ق).

(٢) لم يرد (كان) في (ق).

(٣) في (ق) : وقوع التوطين عليه.

(٤) في (ق) : عدم إمكان متعلّقه.

(٥) أثبتناها من (ق).

(٦) في (ق) : المشوب.


المطيع في صورة عدم إمكانه(١).

فهذه أربعة أقسام وبالمقايسة يعلم أقسام النهي.

إذا تمهّد ذلك فنقول :

القائل بجواز النسخ قبل حضور زمان العمل إن قال بأنّ المراد من التكليف المنسوخ هو مايقصد به التوطين وما يحسن لأجل نفسه فلا نضايق(٢) من جوازه بل وقوعه ولكنّه ليس بنسخ ، إذ النسخ رفع الحكم الشرعي المتأخّر والذي قصد من الأمر على هذا الفرض قد حصل الامتثال به ويسقط التكليف به والحكم السابق قد ارتفع حينئذ بنفس الإتيان(٣) لا بالدليل الشرعي المتأخّر.

أللّهم إلاّ أن يكون الكلام حينئذ في تسميته نسخاً ، ويكون ذلك مناقشة لفظية لا يجدي(٤) نفعاً.

وإن أراد به ما يقصد به المتعلّق وما يكون المطلوب فيه هو نفس المتعلّق.

__________________

(١) في (ق) : وهو تكليف المطيعين الغير القادرين على الفعل ، والثاني مسمّى بالإبتلائي من جهتين ، من جهة الفعل ومن جهة التوطين حيث لم يقع هذا تكليف العصاة منهم.

(٢) في (ق) : فلا نضائق.

(٣) في (ق) : بنفس التوطين عليه إن تحقّق التوطين عليه إن تحقّق التوطين وإلاّ فقد ارتفع بانقضاء زمانه لا بالدليل الشرعي المتأخّر.

(٤) في (ق) : لا تجدي.


ففيه :

أوّلا : إنّ الّذي يتعلّق به التّكليف أوّلاً ثم يعرضه النسخ ، إمّا أن لايتّصف بمصلحة لا في التكليف الأوّل ولا في النّسخ(١) ، وإمّا أن يتّصف بها فيهما معاً(٢) ، وإمّا أن يتّصف بها في أحدهما دون الآخر.

والشقوق كلّها باطلة :

أمّا الأوّل : فللزوم خلوّ الحكمين عن المصلحة ، وقد برهنّا على فساده في مقامه من أنّ الأحكام تابعة للمصالح.

وأمّا الثاني : فللزوم اجتماع المتضادّين في محلّ واحد نظراً إلى اتّحاد الزّمان ؛ وإن كان زمان صدور الحكمين مختلفين(٣) ، إذ ذلك غير مجد.

وأمّا الثالث(٤) : فللزوم خلوّ أحد الحكمين عن المصلحة [وأمّا ثانياً فلأنّه](٥) غير قادر عليه ، لأنّ المانع الشرعي كالمانع العقلي.

وحينئذ فالتكليف به مع علمه بالنسخ تكليف بالمحال وهو غير جائز

__________________

(١) في (ق) : في آن النسخ.

(٢) لم يرد «معا» في (ق).

(٣) في (ق) : مختلفا.

(٤) في (ق) : وأمّا الثالث فللزوم اجتماع المتضادّين في محلّ واحد وآن خلوّ أحد الحكمين عن المصلحة. وأمّا ثانياً فلأنّه غير قادر عليه لأنّ المانع الشرعي كالمانع العقلي فيكون التكليف به مع علمه بالنسخ قبيحاً لكونه تكليفاً بالمحال لايجوز صدوره عن الحكيم فضلاً عن الله تعالى.

(٥) أثبتناها من (ق).


من الحكيم فضلاً عن الله تعالى.

فإن قلت : هذا إذا كان التكليف تنجيزيّاً ، وأمّا إذا كان تعليقيّاً فلايلزم حينئذ محذور.

قلت : هذا مع كونه فاسداً من حيث الإشتراط(١) من العالم بعواقب الأُمور مع اتّحاد الحال قبيح موجب لخروجه عن كونه نسخاً لعدم الرفع فيه واشتراط الرفع في النسخ.

واحتجاج القائل بالجواز بوقوعه في الشريعة حيث إنّه تعالى أمر إبراهيم(٢) بذبح ولده إسمعيل(٣) ، فاسد جداً :

أوّلا(٤) : فلأنّه كما يحتمل النسخ كذا يحتمل أن يكون المأمور به والمرئي في المنام [هو](٥) نفس المقدّمات(٦) فلا يكون نسخاً لإتيانه بما أمر به من المقدّمات ؛ ويشهد عليه قوله تعالى : (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا)(٧).

ويحتمل بعد [تسليم كون](٨) المأمور به هو نفس الذّبح ، أن يكون

__________________

(١) في (ق) : مع كونه فاسداً يصحّ الاشتراط.

(٢) في (ق): إبراهيم عليه السلام.

(٣) راجع : الذريعة إلى أُصول الشريعة ، ج١ ، ص٤٣٨.

(٤) في (ق) : وأمّا أوّلا.

(٥) أثبتناها من (ق).

(٦) لم يرد (المقدّمات) في (ق).

(٧) سورة الصافّات/ ١٠٥.

(٨) أثبتناها من (ق) وفي (م) : تسليم بكون.


إبراهيم عليه السلام قد أتى بالذّبح المأمور به على زعم الخصم كما ورد أنّه عليه السلام كلّما قطع التحم(١).

ويحتمل أن يكون المقصود من الأمر في نفس الأمر هو الإبتلائي(٢) والتّوطين.

ويحتمل أن يكون هذه القضية من باب البداء المصطلح بين الشيعة بمعنى أنّه عليه السلام ظهر له من جانب الله تعالى(٣) إرادته بصيرورة ولده إسمعيل عليه السلام(٤) مذبوحاً بيده لما رأى في المنام من اشتغاله بذبحه ثمّ ظهر له خلاف ذلك حيث بعث بعد اشتغاله بالمقدّمات فداء ولده(٥) ، وجزعه إنّما هو لما اعتقد بأنّه سيؤمر بالذبح من جهة ما رءاه في المنام ويشهد عليه قوله تعالى حكاية عن إسمعيل عليه السلام : (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ)(٦) إلى(٧) الآية.

__________________

(١) ماوجدنا حديثاً أو أثراً في هذا المعنى. نعم جاء في بحار الأنوار هذا الأمر على وجه الاحتمال في كيفية الأمر. والنص هكذا : «الذبح عبارة عن قطع الحلقوم ، فلعلّ ابراهيم عليه السلام قطع الحلقوم إلاّ أنّه كلّما قطع جزءاً أعاده الله التأليف». بحار الأنوار ، ج١٢ ، ص١٣٨.

(٢) في (ق): الابتلاء.

(٣) في (ق) : تعلّق.

(٤) لم ترد عليه‌السلام في (ق).

(٥) في (ق) : لولده.

(٦) سورة الصافّات/ ١٠٢.

(٧) لم يرد (إلى) في (ق).


فإنّ الظاهر من قوله تعالى(١) (تُؤْمَرُ) الاستقبال واشتهاره بالفضل إنّما هو من جهة اشتغاله ببعض المقدّمات وقيامه مقام امتثال الأمر إذا وصل إليه ، وهذا من أقوى أفراد الإطاعة.

ألا ترى أنّ العبد لو اعتقد بأنّ المولى سيأمره بشيء فأتى ببعض مقدّماته من جهة التهيّأ إلى امتثال الأمر أذا أمره(٢) ، لمدحه العقلاء وازداد قربه ومنزلته عند المولى(٣) ، وإن لم يكن الإعتقاد مطابقاً للواقع.

والاشتهار بذبيح الله إنّما هو من جهة أنّه لمّا أعدّه للذبح وعزم عليه إذا وصل الأمر إليه ، ينزّل منزلة المذبوح ؛ فلذا اشتهر بهذا الوصف.

والفداء إنّما هو [لـ](٤) ما اعتقده من الأمر بالذبح بعد ذلك.

[وهذا التوجيه](٥) وإن كان ذلك خلاف الظاهر لكن يعارض هذا الظاهر ظاهر آخر يوافقه يظهر بالتأمّل فيما سبق.

__________________

(١) (تعالى) لم يرد في (ق).

(٢) في (ق) : فأتى ببعض مقدّماته وهيّأ نفسه في امتثال الأمر إذا أمره.

(٣) في (م) : (والحمد لله ربّ العالمين. تمّت هذه الفائدة في كربلاء المعلّى على ساكنها آلاف تحيّة وثناء ، على يد الحقير عبد العظيم لواساني في سنة (١٢٤٢). جناب أستاد إين مسأله را تمام نه نوشته بودند. آنقدر[كه] نوشته [اند] بنده هم نوشتم. والله سبحانه حفظه).

والظاهر أنّ شريف العلماء وفّق لإضافة بقيّة إلى الرسالة ، والتكملة واردة في (ق) دون (م). وبقيّة الرسالة موجودة في نسخة (ق) فقط.

(٤) إضافة من المحقّق.

(٥) إضافة من المحقّق.


وإيراد المدية(١) غير مسلّم لعدم الدليل عليه وإنّما روي بطريق الآحاد وإن اشتهر بين الناس.

ولو أُورد بمنافاة بعض ما ذكر للإحتمال الأوّل ، فيظهر جوابه ممّا ذكر.

وإذا احتملت قضيته عليه السلام هذه الاحتمالات المذكورة سقط الإستدلال بها إلاّ أن يكون احتمال النسخ أرجح من سائر الاحتمالات وهو في حيّز المنع.

وأمّا ثانياً : فلأنّه لو سلّم رجحان احتمال النسخ وكونه أرجح من غيره من الإحتمالات فغايته الظهور ، والظاهر يدفع بالقاطع ، وقد ظهر لك آنفا.

وكما لايصحّ التمسّك بما ذكر لايصحّ التمسّك بما روي أنّ النبي صلّى الله عليه وآله أمر ليلة المعراج بخمسين صلاة ثمّ راجع إلى أن عاد إلى خمس(٢) ، لوجوه :

الأوّل : أنّ الرواية فلا يعتبر في المسائل الأصولية.

الثاني : أنّ مضمونها مخالف للاعتبار ؛ إذ فيها طعن على الأنبياء عليهم السلام بالإقدام على المراجعة في الأوامر.

والثالث : أنّها معارضة بالأخبار الكثيرة التي كادت أن تصل إلى حدّ التواتر من حيث اشتمالها على [كونه صلّى الله عليه وآله](٣) مبعوثاً على الملّة

__________________

(١) المُدية : السكّين ، الشفرة. راجع : كتاب العين ، ج٥ ، ص٣١٣ وج٨ ، ص٨٨.

(٢) كتاب من لايحضره الفقيه ، ج١ ، ١٩٧.

(٣) في (ق) : (كونها).


السمحة(١).

والرابع : أنّها معارضة بالبرهان القطعي المذكور سابقاً.

ولا يليق أن نتصدّى لسائر الإحتجاجات فإنّه تضييع للعمر والأوقات.

* أمّا المقام الثاني : وهو بيان حكم النسخ بعد حضور زمن العمل وقبل مضيّ زمن قابل للعمل ، فالحكم فيه كالحكم في المقام الأوّل لما مرّ من الوجهين ، والظاهر أنّ القائل به في المقامين الأوّلين ...(٢) القائل بالجواز.

* أمّا المقام الثالث : وهو النسخ بعد حضور وقت العمل ومضيّ مدّة قابلة لتحقّق العمل فيها ، فإمّا أن يكون مع التمكّن من العمل فيها أولا.

وعلى التقدير الثاني : فالحكم فيه كالحكم في المقامين الأوّلين والوجه هو الوجه.

وعلى التقدير الأوّل : فإمّا أن يكتفى في الإمتثال بالمرّة الواحدة أولا.

وعلى التقدير الأوّل فلا يصحّ الحكم بكون التكليف الثاني ناسخاً للأوّل بل هو إبتداء التكليف ، لأنّ التكليف الثاني إمّا أن يرد [بعد](٣) تحقّق العمل أو قبله ،

__________________

(١) راجع : الكافي للشيخ الكليني : ج١ ، ص١٧ وج٥ ، ص٤٩٤ ؛ والخصال للشيخ الصدوق ، ج١ ، ص٣٢٨.

(٢) غير مقروء.

(٣) إضافة من المحقّق.


وعلى أيّ تقدير لايصحّ الحكم به ، أمّا على الأوّل : فلتحقّق الإمتثال وارتفاع الحكم السابق بنفس العمل والنسخ يشترط فيه الرفع بالدليل الشرعي المتأخّر.

وأمّا على الثاني : فإن كان مع مضيّ جميع زمان العمل فالحكم بعدم النسخ فيه ظاهر لارتفاع الحكم السابق حينئذ بنفس انقضاء زمان العمل.

وإن كان مع بقائه فلأنّه :

إن كان المقصود بالتكليف الأوّل الإبتلاء والتوطين لا نفسه ، فقد امتثل به المكلّف وخرج به عن العهدة إن تحقّق التوطين.

وإلاّ فالتكليف مرتفع بنفس انقضاء التوطين ، ولايتصور النسخ حينئذ لاختلاف متعلّق الناسخ والمنسوخ ، وعلى الفرض مع أنّ الناسخ مشروط باتّحاد المتعلّق فليس ذلك من محلّ النزاع في شيء كما سبق الإشارة إليه.

وإن كان المقصود به نفس الفعل لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة والمنافاة لغرض المكلّف ، إذ مقصوده من ذلك حصول الفعل إلى الخارج ووقوعه فيه ، أوالإبتلاء و [لا إظهار](١) حسنه ومحبوبيّته والعقاب على تركه.

وعلى التقديرين يلزم ما ذكر.

أمّا الأوّل : فظاهر لما مرّ من لزوم السفهيّة في مثل ذلك الطلب مع عدم العلم بعدم وقوع المطلوب.

وأمّا على الثاني : فللزوم الإغراء بالجهل والعقاب من غير بيان على تقدير

__________________

(١) وفي (ق) : لإظهار.


القول باستحقاق العقاب ، وإلاّ لزم خلوّ التكليف عن الفائدة وهو ما ذكر من اللازم.

وإن لم يكتف في الإمتثال بالمرّة الواحدة :

فإن ورد الناسخ بعد انقضاء جميع زمن العمل صحّ الحكم بالنسخ ، وقع العمل أم لا ، ولايرد عليه شيء ممّا ذكر ، بل لابدّ فيه من الحكم بالنسخ أيضاً لئلاّ يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.

وإلاّ فإن حصل العمل في المرّة الأولى صحّ الحكم بالنسخ أيضا لعدم ورود محذور.

وإلاّ فلايصحّ الحكم به لأنّه تخصيص في الأزمان ولايتصور في المقام لأنّه إن قصد بالتكليف الأوّل الإبتلاء والتوطين خرج عن محلّ النزاع ولايتصوّر التخصيص الزماني على هذا الفرض لظهور عدم إرادة المتعلّق حينئذ لا بالنسبة إلى ما قبل النسخ لأنّه المفروض ولا بالنسبة إلى ما بعده لوجود الناسخ ، فرجع إلى الإستثناء المستغرق.

وإن أراد به ما هو متعلّقه لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة والمنافاة لعين ما ذكر.

فتدبّر فيه فإنّه من مزالّ الأقدام ومطارح الأفهام.

[وفّقني ربّي لتحقيق هذه الرسالة من تراث الشيعة الإمامية شيّد الله أركانهم في أوائل شهر ربيع الأوّل من سنة (١٤٣٨ الهجرية) على هاجرها وآله آلاف التحيّة والسلام ، بيد هذا الفقير إلى رحمة ربّه المنّان المستعان حسين بن مصطفى آل حلبيان الإصفهاني].


المصادر

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ الآراء الفقهية : الشيخ هادي النجفي ،عطر عترت ، قم ، ١٣٩١ ش.

٣ ـ أوائل المقالات : الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان ، دارالمفيد ، بيروت ، ١٤١٤.

٤ ـ بحار الأنوار : العلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت ، ١٤٠٣.

٥ ـ تذكرة العلماء : المولى محمّد بن سليمان التنكابني ، باهتمام محمّد رضا أظهري ، غلامرضا پرنده ، مركز الأبحاث الإسلامي للحرم الشريف الرضوي(بنياد پژوهشهاي اسلامي آستان قدس رضوي) ،١٣٩٣ ش.

٦ ـ تذكرة القبور : الآخوند المولى عبدالكريم الگَزي الإصفهاني ، المطبوع باهتمام الأُستاذ ناصر الباقري البيدهندي.

٧ ـ تفسير أبي مسلم الإصفهاني : أبو مسلم محمّد بن علي بن مهربزد بن بحر الإصفهاني ، جمع وإعداد وتحقيق : الدكتور خضر محمّد نبها ، تقديم : رضوان السيّد ، دار الكتب العلمية ؛ بيروت.

٨ ـ تكملة أمل الآمل : السيّد حسن الصدر ، تحقيق حسين علي محفوظ ، عبدالكريم الدباغ ، عدنان الدباغ ، دارالمؤرخ العربي ، بيروت ، ١٤٢٩.


٩ ـ تهذيب الوصول إلى علم الأصول : العلاّمة الحلّي ، مؤسّسة الإمام علي عليه السلام ، لندن ،١٣٨٠ش.

١٠ ـ جواهر الكلام : الشيخ محمّد حسن النجفي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٤٠٤.

١١ ـ الخصال : الشيخ محمّد بن علي بن بابويه الصدوق ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، نشر جامعة المدرّسين بقم ، ١٣٦٢ش.

١٢ ـ الذريعة إلى أُصول الشريعة : السيّد المرتضي ، تحقيق الدكتور ابوالقاسم گرجي ، منشورات جامعة طهران ، ١٣٤٦ ش.

١٣ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الشيخ آقابزرگ الطهراني ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٠٣.

١٤ ـ روضات الجنات : السيّد محمّد باقر بن زين العابدين الموسوي الخوانساري ، تصحيح السيّد محمّد علي الروضاتي ، طبع باهتمام السيّد سعيد الطباطبائي النائيني ، ١٣٦٧.

١٥ ـ الروضة البهية في الإجازة الشفيعية : السيّد محمّد شفيع الموسوي الجابلقي البروجردي ، تحقيق السيّد جعفر الحسيني الإشكوري ، مؤسّسة تراث الشيعة ، قم ، ١٤٣٤.

١٦ ـ طبقات أعلام الشيعة : الشيخ آقابزرگ الطهراني ، مع تعاليق السيّد عبدالعزيز الطباطبائي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٤٣٠.

١٧ ـ فقيه صدر : حسين حلبيان ، المطبوع في مجموعة مقالات مؤتمر آية الله السيّد حسين الخادمي الإصفهاني ، إصفهان ، ١٣٩٤ ش.

١٨ ـ فهرس التراث : السيّد محمّدحسين الحسيني الجلالي ، دليل ما ، قم ، ١٤٢٢.


١٩ ـ فهرست كتابهاي خطّي كتابخانه آية الله مرعشي : ج١ ، السيّد أحمد الحسيني الأشكوري ، بإشراف السيّد محمود المرعشي النجفي ، قم.

٢٠ ـ فهرست كتب خطّي كتابخانه مركزي ومركز أسناد آستان قدس رضوي : ج١٦ ، محمّد وفادار مرادي ، مشهد الرضا عليه السلام ، ١٣٨٠ ش.

٢١ ـ قصص العلماء : المولى محمّد بن سليمان التنكابني ، المطبوع باهتمام محمّدرضا برزگر خالقي وعفت كرباسي ، شركت انتشارات علمي وفرهنگي ، طهران ، ١٣٨٩ش.

٢٢ ـ الكافي : الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني ، تصحيح علي أكبر الغفّاري ومحمّد آخوندي ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ، ١٤٠٧.

٢٣ ـ كتاب العين : خليل بن أحمد الفراهيدي ، تحقيق : مهدي المخزومي ، إبراهيم السامرائي ، نشرالهجرة ، قم ، ١٤١٠.

٢٤ ـ كتاب من لايحضره الفقيه : الشيخ محمّد بن علي بن بابويه الصدوق ، نشر جامعة المدرّسين بقم ، ١٤١٣.

٢٥ ـ الكنى والألقاب : الشيخ عبّاس القمّي ، تقديم محمّد هادي الأميني ، طهران ، مكتبة الصدر.

٢٦ ـ لباب الألقاب في ألقاب الأطياب : المولى حبيب الله الشريف الكاشاني ، مع تعاليق السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، تحقيق الشيخ نزار حسن ، السيّد جواد بركچيان ، مراجعة الشيخ حسين الشريف ، مؤسّسة تراث الشيعة ، قم ، ١٤٣٦.

٢٧ ـ مفاتيح الأصول : السيّد محمّد بن علي الطباطبائي المجاهد ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم.


٢٨ ـ مكارم الآثار : الشيخ محمّد علي المعلم الحبيب آبادي ، مع تعاليق السيّد محمّد علي الروضاتي ، نفائس مخطوطات إصفهان ، ١٣٦٤ ش.

٢٩ ـ المفصّل في تاريخ النجف الأشرف : حسن عيسى الحكيم ، المكتبة الحيدرية ، قم ، ١٤٢٧.

٣٠ ـ المكاسب : الشيخ مرتضى الأنصاري ، مجمع الفكر الإسلامي ، قم.

٣١ ـ موسوعة طبقات الفقهاء : اللجنة العلمية في مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، قم ، ١٤١٨.

٣٢ ـ نهاية الوصول إلى علم الأصول : العلاّمة الحلّي ، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري ، مؤسّسة الإمام الصادق ، قم ، ١٤٢٥.


من أنبـاء التـراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* توحيد الإماميّة.

تأليف : الشيخ محمّد باقر الملكي الميانجي.

من مصنّفات علم الكلام تناول فيه المصنّف الأصل الأوّل من أصول الدين (التوحيد) منتهجاً في أبحاثه نقد الآراء المخالفة لمدرسة آل البيت عليهم‌السلام ، وقد افتتح كتابه عن اهمّية العلم والمعرفة مبيناً بعض المفاهيم المتقاربة مثل العلم والعقل واليقين والقطع لينطلق من خلالها إلى بحث التوحيد وما يرتبط به.

كما تطرّق لبحث الأسماء والصفات

بالاستناد إلى المعرفة الفطريّة والعقلية ، ورسم الحدود التي تحاصر الفكر الإنساني في مجال معرفة الله.

اشتمل الكتاب على كلمة المؤسّسة وحياة المؤلّف وخطبة الكتاب وعلى أربعة عشر فصل مثل : بحوث تمهيدية ، معرفته تعالى في الكتاب والسنّة ، مواقف التعريف ، التذكّر إلى المعرفة ، التوحيد ، نفي التوصيفات عنه تعالى و ...

تحقيق : مؤسّسة معارف أهل البيت عليهم‌السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٩٠.

نشر : نشر معارف أهل بيت عليهم‌السلام ـ قم ـ إيران.


* معاني أفعال الصلاة وأقوالها.

تأليف : الشيخ أحمد بن فهد الحلّي (ت ٨٤١ هـ).

بيّن المصنّف في كتابه هذا أسرار العبادة ذلك من خلال شرحه أفعال الصلاة وأقوالها الشاملة لكلِّ فعل يقوم به المصلّي في أداء الصلاة ولكلّ قول ينطق به حيث قال رحمه‌الله : فهذه مقدّمة وجيزة تشتمل على معاني أفعال الصلاة ممّا لا يستغني عنها أحدٌ من المصلّين ، ولم يتعرّض لإفرادها أحدٌ من المصنّفين ولم يسع التخلّي عنها أحدٌ من المكلّفين ، وصفتُها تقرُّباً إلى الله الكريم ، وطلباً لثوابه الجسيم مرتّبة على فصول.

اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق بترجمة المصنّف والنسخ المعتمدة على ستّة فصول : الوضوء ، معنى النيّة والقيام معنى تكبيرة الإحرام ، معنى قراءة الفاتحة ، معنى سورة الإخلاص ، معنى الذكر.

تحقيق : مركز تراث الحلّة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٠٨.

نشر : دار الكفيل ـ كربلاء ـ العراق.

* كتاب المناهج المقنعة الأنيسة والمغنية النفيسة.

تأليف : مهذّب الدين أحمد بن عبد الرضا البصري.

يعدّ هذا الكتاب من مصنّفات علم الدراية الذي يعنى بعلم الحديث والرواية ، ويعدّ مصنّفه من أعلام القرن الحادي عشر الهجري ، وقد جاء في تعريف الكتاب ما ذكر في المقدّمة أنّه : «أوضح فيها أهمّ عناصر هذا العلم مبتدئاً بتعريف علم الدراية ، والفرق ما بين الحديث والخبر والسنّة والحديث القدسي ، ثمّ أوضح مراتب الحديث من المواتر والآحاد والمرسل والمنقطع إلى ما يقرب من ثلاثين نوعاً من أنواع الحديث عن سلسلة السند


والألفاظ التي تطلق على الحديث كالصحيح والحسن والقوي وغير ذلك.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وترجمة المؤلّف والنسخة المعتمدة في التحقيق.

تحقيق : د. توفيق الحجّاج ود.

قاسم خلف السكيني.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٢٤.

نشر : دار الكفيل ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* شرح زيارة عاشوراء.

تأليف : مفيد بن محمّد نبي الشيرازي (ت ١٣٢٥ هـ).

تطرّق المصنّف إلى شرح مفردات الزيارة وعباراتها معتمداً على الكتب اللغوية والشروح المعتبرة لزيارة عاشوراء ، كما تطرّق إلى ذكر الأحداث التاريخية والأمور الاعتقادية وفقاً لما رآه مناسباً مع عبارات الزيارة معتمداً

على الكتب الروائية الشيعية ، كما نقل آراء الشارحين للزيارة ممّن سبقه أو أحال إليها كما نرى ذلك بما نسبه إلى العلاّمة المجلسي فكثيراً ما اعتمد آراءه في كتاب بحار الأنوار ، ذكر المحقّق في مقدّمته الشروح التي صنّفت في زيارة عاشوراء وترجمة حياة المؤلّف ومنهجيته في التحقيق كما شفّع الكتاب بفهارس عامّة.

تحقيق : محمّد حسين درايتي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٨٦٣.

نشر : پزوهشكده باقر العلوم ـ قم ـ إيران.

* المحصول في علم الأصول (١ ـ٢).

تأليف : السيّد محسن بن الحسن الأعرجي (ت١٢٢٧ هـ).

كتاب أصولي جليل في بابه ، وهو من التآليف التي تدلُّ على علوّ شأن


مصنّفه وجودته في التحرير والإبداع الأصولي ، وهو كتاب حسن التنظيم ، جيّد العبارة ، والقارىء له يشعر بوضوح بامتلاك المصنّف لزمام اللغة العربية وتظلّعه بها ببراعة الاستدلال وعلوّ الهمّة ، فإنّه يجول بعبارات واثقة ونشر جميل يخيّل إلى القارىء أنّه أمام مقطوعة نثرية بليغة أبدع فيها المصنّف رغم عقلانية المطالب الأصولية وعمليّتها ودقّتها.

وقد وضع المصنّف كتابه على مقدّمة ومطالب عدّة احتوت على معظم المطالب الأصولية السائدة آنذاك. وقد قدّمت له مقدّمة التحقيق بترجمة المصنف والنسخ المعتمدة في التحقيق.

تحقيق : هادي الشيخ طه.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٧٥ ، ٨٤٥.

نشر : دار الكفيل ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* الفضائل ومستدركاتها.

تأليف : سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمّي من أعلام القرن السادس الهجري.

كتاب فضائل ، اهتمّ المصنّف فيه بذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام من احتجاجات ومعجزات ومناقب ، كما أشار إلى زواج عبد الله بآمنه ومولد النبي (صلى الله عليه وآله) وذكر خبر مولد الإمام علي عليه‌السلام وتلاوته عليه‌السلام الكتب السماوية وتسميته بأمير المؤمنين عليه‌السلام قبل خلق آدم ونزول النجم في داره وردّه الشمس و ... كما قدّمت للكتاب مقدّمة التحقيق بترجمة المصنّف ومنهجية التحقيق.

تحقيق : الشيخ عبد الله الصالحي النجفي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٧٣٥.

نشر : العتبة العبّاسية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.


* التذكرة.

تأليف : السيّد علي خان المدني.

يأتي الكتاب في مضمار كتب (الكشكول) ، الذي طالما عرف عند العلماء لجمع أماليهم ومذكراتهم العلمية والأدبية وما شاكلها ، مثل كشكول الشيخ البهائي وكشكول البحراني وكشكول الطبرسي و .... ، كذلك احتوى هذا الكتاب على مواضيع متنوّعة أدبية وتاريخية وتراجم ، ويبدو من النسختين المعتمدتين في تحقيق هذا السفر أنّ المصنّف كان يضيف إليه إلى أواخر عمره ، فهو كتاب يحكي لنا شخصية المصنّف ومقامه العلمي والإجتماعي والأخلاقي كما يبيّن لنا شطراً من أسفاره وأوطاره في مكّة والهند وإيران. هذا وقد حظيت آراءه العلمية في هذا الكتاب بالقبول من سائر المذاهب الإسلامية.

تحقيق : محمّد كاظم المحمودي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٨٧٨.

نشر : پزوهشكده باقر العلوم عليه‌السلام ـ قم ـ إيران.

* تلخيص المرام في فقه حج بيت الله الحرام.

تأليف : جمال الدين الحسن بن زين الدين العاملي (ت ١٠١١ هـ). من الكتب الفقهية المختصّة بأحكام الحجّ ومناسكه وقد عالج المصنّف فيه الأمور التي يبتلى بها الحاجّ في أداء مناسكه ، بدءاً من أعمال المدينة المنوّرة وختماً بطواف النساء ، كلّ ذلك داعماً آراءه الفقهية بأحاديث أهل البيت عليهم‌السلام.

اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق بترجمة المؤلّف ، في رحاب الكتاب ، من صنّف في أحكام الحجّ والمناسك ، نماذج من نسخ الكتاب ، مقدّمة المصنّف ، أعمال المدينة


المنوّرة ، الحجّ وأقسامه ، مصادر التحقيق ، فهارس وموضوعات.

تحقيق : الشيخ هادي القبيسي العاملي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٠٦.

نشر : العتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* ديوان النخيل (١ ـ ٢).

تأليف : الشيخ أحمد الدجيلي.

ديوان شعر ، تضمّن مختارات من أشعار الشيخ أحمد الدجيلي ، الذي يحكي ديوانه عن مدرسة العلم والأدب في النجف الأشرف لاسيما مسقط رأسه الدجيل الذي ينتمي إليها موطناً ، وقد اعتنت بنشر هذا الأدب المكتبة الأدبية المختصّة في النجف الأشرف ، وقد احتوى الكتاب على عدّة مقدّمات ، منها : تصدير للعلاّمة الشيخ محمّد علي اليعقوبي في

المختار من شعر الدجيلي وعملية التحقيق ، ووصف النسخة المخطوطة ، وعلى ترجمة الشاعر في سيرته ، ومحطّات في حياة الشاعر ، ولمحة عن بعض أغراضه الشعرية. وقد حفل ديوانه بالمناسبات الدينية من المواليد والمراثي ، وقد تأثّر بتاريخ الأنبياء مستلهماً من قصصهم التربوية ، كما تأثّر بالتاريخ الإسلامي في ذكر مواقف الصحابة الثابتين والراسخين منهم على المنهج الرسالي ولا يخلو هذا الديوان من الأشعار الوطنية والسياسية.

تحقيق : رعد الدجيلي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٦٤ و ٤٩٦.

نشر : المكتبة الأدبية المختصّة ـ النجف الأشرف ـ العراق.

* سير وتراجم نجفيّة.

تأليف : الشيخ محمّد رضا المظفّر.

كتاب تراجم ، عرض فيه المؤلّف


تراجم لثمانية عشر شخصية من أعلام علماء مدرسة النجف الأشرف ، بدءاً بمؤسّس مدرستها الشيخ الطوسي رحمه‌الله وانتهاءاً بالشيخ محمّد علي الأردوبادي رحمه‌الله ، بدراسة علمية تحقيقية قد أدلى برأيه فيها ملمّاً ببعض جوانبها وهو كتاب يكشف عن مجد مدرسة النجف الأشرف وتاريخها المعطاء الثرّ.

تحقيق : الدكتور محمّد جواد الطريحي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٨٦

نشر : مركز دراسات تاريخ النجف الأشرف ـ النجف الأشرف ـ العراق.

* المحقّق الحلّي وكتابه تلخيص الفهرست (دراسة وتحقيق).

تأليف : المحقّق الحلّي (ت٦٧٢ هـ).

كتاب رجالي من المخطوطات

التراثية ، وهو تلخيص لكتاب الفهرست لشيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي لخّصه العلاّمة الحلّي مقتصراً على أسماء الرواة مجرّدةً من ذكر الكتب والأسانيد مرتّباً على الحروف في الأسماء والألقاب والكنى.

وقد زوّد الكتاب بمقدّمة التحقيق وترجمة للعلاّمة الحلّي.

تحقيق : الدكتور ثامر كاظم الخفاجي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٩٨.

نشر : منشورات الرافد ـ بغداد ـ العراق.

* سير جامع المعارف والأحكام (١ ـ ٢).

تأليف : السيّد عبد الله شبّر (ت ١٢٤٢) كتاب روائي ، وهو عبارة عن


موسوعة متكاملة من الفقه والعقائد قد جمع المصنّف فيه كلّ ما جاء في الكتب الأربعة المعتمدة في استنباط الأحكام بكلّ أقسامها من الواجب والمستحبّ والمباح والمكروه والحرام.

لقد شرح فيه بعض الأحاديث التي تحتاج إلى توضيح معتمداً على كتب أُخرى غير الكتب الأربعة.

تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٦٠ و ٤٣٨.

نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم ـ إيران.

* تفسير العيّاشي (١ ـ ٥).

تأليف : المحدّث أبو النضر محمّد ابن مسعود بن عيّاش السلمي السمرقندي (ت ٣٢٠ هـ) تقريباً.

كتاب تفسير ، وهو من الكتب

التراثية المأثورة والمهمّة في مدرسة التفسير الشيعي ، حيث يعدّ مصنّفة من أعلام الشيعة الإمامية وأساطين الحديث والتفسير بالرواية أخذاً من علوم مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ونقلاً عنهم.

لقد ظهر هذا السفر الجليل بحلّة قشيبة مترجماً باللغة الفارسية مرادفاً للتفسير بالنصّ العربي ومحقّقاً مع ذكر مقدّمة للكتاب احتوت على ترجمة المصنّف وذكر منهجية التحقيق والعمل على هذا التفسير الجليل.

تحقيق وترجمة : الشيخ عبد الله صالحي.

عدد الصفحات : ٦٧٩ و ٧٨٣ و ٥٧٧ و ٧٤٣ و ٤٧٧.

نشر : ذوي القربى ـ قم ـ إيران.

* أخبار البصرة.

تأليف : عمر بن شبة النميري (ت ٢٦٢ هـ).


دراسة علمية ومحاولة في مجال التحقيق لإحياء كتاب أخبار البصرة لعمر بن شبة النميري.

يعدّ هذا الكتاب من كتب التراث التاريخي الذي طمت عليه بوارح الانقراض والإتلاف وقد جاءت هذه الدراسة في بابين :

الأوّل : في حياة المصنّف ودراسة كتاب أخبار البصرة وذلك في فصول.

والباب الثاني : قد استقلّ باستعراض ما جمعه الباحث من روايات أخبار البصرة الضائع ؛ لتعطي صورةً عن الأصل المفقود علّها أن تكون الأقرب.

تحقيق : د. سلمى عبد الحميد حسين الهاشمي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٨٦.

نشر : دار الكفيل ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

كتب صدرت حديثاً

* السيّد محمّد جمال الهاشمي حياته وأدبه.

تأليف : السيّد عبد الهادي الشريفي.

كتاب أدبي ، يشتمل على دراسة تاريخية للتراث العلمي لمدرسة النجف الأشرف ، لقد تناول المؤلف شخصية الشاعر السيّد محمّد جمال الهاشمي حيث بيّن المؤلّف فيه منزلته العلمية وصناعته الأدبية الثرّة ، وقد قسّم البحث إلى أربعة فصول : الفصل الأوّل عن بيئة الشاعر ونشأته ، الفصل الثاني عن أسرته ونسبه ، الفصل الثالث عن شعره وشاعريّته ، الفصل الرابع عن أغراضه الشعرية وموضوعاته ، والخاتمة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٨٠٦.


* أعلام المجاورين بمكة المكرّمة (١ ـ ٢).

تأليف : الشيخ حسن الواثقي.

كتاب تراجم ، تناول فيه المؤلّف دراسة تاريخ الحرمين الشريفين مكّة والمدينة دراسةً علميةً بحثاً وتنقيباً عن التراث العلمي لمدرسة أهل البيت عليهم‌السلام وقد تكفّل بترجمة من جاور مكّة المعظّمة برهةً من الزمن من روّاد العلم للمدرسة الإمامية ممّن شدّوا رحالهم من سائر أقصاع البلاد الإسلامية مثل البحرين والإحساء والقطيف والعراق ولبنان وإيران والهند ، حيث اتّخذوا مكّة لهم ملاذاً وملجأً للاشتغال بالعبادة وتحصيل العلم ، فكانوا ما بين أستاذ وتلميذ ومجيز ومجاز ومعلِّم ومتعلِّم ومؤلّف وناسخ حفل بهم هذا السفر الجليل ، وقد جاءت أسماؤهم فيه مرتّبة على ترتيب الحروف الهجائية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٠٥٥.

نشر : بوستان كتاب ـ قم ـ إيران.

* فهرس المخطوطات في مكتبة راغب پاشا (١ ـ ١٠).

تأليف : الدكتور محمّد السيّد الدغيم.

الكتاب هو عبارة عن فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مكتبة راغب پاشا في مدينة اسطنبول وهي من المكتبات الإسلامية العريقة التي أسست منذ عهد السلطان عثمان الثالث ، احتوى الفهرس على مقدّمة في أسلوب الفهرسة وذكر المكتبات الإسلامية وتاريخ فهرسة المخطوطات في تركيا وفهارس مكتبة راغب پاشا منذ تأسيسها وذكر ترجمة وقفيّة راغب پاشا التي حظيت بها هذه المكتبة ، وقد صوّرت جميع مخطوطات هذه المكتبة بحيث امتازت فهرستها بصور آوائل المخطوطات وأواخرها.


الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : أكثر من ٨٠٠

صفحة لكل جزء.

نشر : مؤسّسة السقيفة العلمية ـ جدّة ـ المملكة العربية السعودية.

* تاريخ الحوزات العلمية والمدارس الدينية عند الشيعة الإمامية (١ ـ ٦).

تأليف : الشيخ عدنان فرحان القاسم.

ناقش المؤلّف في كتابه تاريخ الحوزات العلمية والمدارس الدينية عند الشيعة الإمامية ، وهي دراسة تناولت واحداً من أهمّ وأبرز الجوانب التراثية للطّائفة الشيعية ، حيث يتبيّن من خلال هذه الدراسة مراحل تطوّر الحوزات العلمية واتّساع رقعتها في المعمورة الإسلامية ومدى تأثير الفقه الشيعي والمنهجية العلمية الشيعية على الصعيد الاجتماعي والسياسي

والعلمي ، كما تذكّرنا هذه الدراسة الحوزات والمدارس المركزية والمتشعّبة منها كونها مؤسّسة علمية واحدة ومتوحّدة ومتطوّرة عبر تاريخها ، وقد جاءت هذه الدراسة ضمن مخطّط ذكره في مقدّمة الكتاب كما تمّ ذكر مقدّمتين لهذا الكتاب من قبل آية الله الشيخ محمّد مهدي الآصفي وآية الله الشيخ علي رضا الأعرافي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٠٢ ، ٢٨٧ ، ٣٢٠ ، ٣٦٧ ، ٣٠٤ ، ٣٩٢.

نشر : شركة دار السلام ـ بيروت ـ لبنان.

* إيمان جدّ النبي وأبويه.

تأليف : السيّد حيدر السيّد موسى وتوت.

دراسة استدلالية تناولها المؤلّف في إيمان جدّ النبي وأبويه ، ردّاً


للمزاعم التافهة في عدم إيمانهم ، وإلزاماً للخصوم والمخالفين بما ورد في كتبهم ومصنّفاتهم وجاء عن كبار أعلامهم من القول بنفي إيمان أبوي الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وإيمان جدّه عبد المطلب بن هاشم وعلى هذا فقد رتّب البحث على قسمين : قسم في إيمان جدّه ، والآخر في إيمان والديه مع ذكر خاتمة للبحث.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٩٢.

نشر : مركز الأمير لإحياء التراث الإسلامي ـ النجف الأشرف ـ العراق.

* معجم المصطلحات الكلامية.

الكتاب عبارة عن معجم جمعت فيه المصطلحات الكلامية عند المسلمين وقد عرّفت بالتعريف الذي أورده المتكلّمون على مدّ القرون على شتّى فرقهم وتنوّع مشاربهم ، سبق وأن طبع هذا الكتاب تحت عنوان (شرح

المصطلحات الكلامية) وقد جدّدت طباعته بالعنوان المذكور مع إعادة النظر والتنقيح وإضافة الاستدراكات والزيادات.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٣٥ و ٤٥٢.

نشر : مجمع البحوث الإسلامية ـ مشهد ـ إيران.

* معارف الصحيفة السجادية.

تأليف : الشيخ علاء الحسون.

جمع المؤلّف في كتابه ما استلهمه من المعاني والمعارف المخزونة في أدعية الصحيفة السجادية ، وقد عرض هذه المعارف المقتبسة من تلكم الأدعية حسب المواضيع المرتّبة وفق الحروف الألف بائية وأوردها علىشكل عبارات مرقّمة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٦٨.

نشر : الرافد ـ قم ـ إيران.

تراثنا ـ العدد [ 132 ]

المؤلف:
الصفحات: 334