تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الثاني [١٣٠]

السنة الثانية والثلاثون

محتـويات العـدد

* النعماني ومصادر الغيبة (٥)

.............................................. السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ٧

* علماء الإمامية في بلاد الحرمين.

.......................................................... وسام عبّاس السبع ٤١

* تراكيب الشَّرط في نصِّ الزِّيارة الجامعة الكبيرة.

...................................................... د. هاشم جعفر حسين ٩٨

...................................................... د. عدوية عبد الجبار الشرع


* بابل وخططها في معجم البلدان.

..................................................... مصطفى صباح الجنابيّ ١٣٤

* من ذخائر التراث :

* مناظرة أبي الهذيل العلاّف.

.................................... تحقيق : السيّد حسين الموسويّ البروجرديّ ٢٠٣

* من أنباء التراث.

.............................................................. هيـئة التحرير ٢٦٩

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (مناظرة أبي الهذيل العلاّف) والمنشورة في هذا العدد.




النعماني ومصادر الغيبة (١)

(٥)

السيّد محمّد جواد شبيري زنجاني

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد تناولنا في هذه السلسلة من المقالات تاريخ حياة النعماني وأساتذته وتلامذته ، وقد تعرّضنا إلى كتاب غيبة النعماني وتحديد تاريخ تأليفه ومباحث أخرى حول الكتاب ، وتعداد مؤلّفات النعماني وتحدّثنا عن المعلومات المختلفة بشأنها ، وكذلك كتاب تفسير النعماني ، ونسبة رسالة المحكم والمتشابه إلى النعماني أو إلى السيّد المرتضى ، وسوف نبحث هنا بالتفصيل حول سند ومضمون هذا الكتاب وخاصّة الحسن بن علي بن أبي حمزة وأبوه من الناحية الرجالية ، حيث يتبيّن من خلال كلّ ذلك عدم اعتبار تفسير النعماني نصّاً حديثيّاً.

ج ـ مناقشة تفسير النعماني بوصفه نصّاً روائياً :

القسم الأوّل : مناقشة سند رواية النعماني :

ـ إنّ أوّل من روى هذا الحديث هو أحمد بن محمّد بن سعيد

__________________

(١) تعريب : السيّد حسن علي مطر الهاشمي.


المعروف بابن عُقدة ، وهو على مذهب الزيدية الجارودية ، ولكن لا شكّ في وثاقته وجلالة قدره(١).

ـ أمّا إسماعيل بن مهران فقد أثنى النجاشي في رجاله عليه تبعاً لفهرست الشيخ الطوسي بوصفه : «ثقة معتمد عليه»(٢) ، وقال عنه علي بن الحسن بن فضّال : «رُمىَ بالغلوّ» ، وأضاف محمّد بن مسعود العيّاشي بعد نقل هذا الكلام : «يكذبون عليه ، كان تقيّاً ثقة خيّراً فاضلاً»(٣). وعليه لا ينبغي التشكيك في وثاقته.

بيد أنّ ابن الغضائري قال عنه :

«ليس حديثه بالنقي ، فيضطرب تارة ويصلح أخرى ، ويروي عن الضعفاء كثيراً ، ويجوز أن يخرج شاهداً»(٤).

غير أنّ هذا الكلام ـ مع الالتفات إلى فقرته الأخيرة ـ يثبت عدم إمكان اعتبار روايات إسماعيل بن مهران دليلاً من وجهة نظر ابن الغضائري ، وإنّما يمكن لنا الاستناد إليها باعتبارها شاهداً فقط ، بيد أنّه ثبت في محلّه أنّ تضعيفات ابن الغضائري تقوم على قاعدة معرفة مضامين النصوص لرواة

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٩٤ / ٢٣٣ ؛ فهرست الشيخ الطوسي ، ص ٦٨ / ٨٦ ؛ رجال الطوسي ، ص ٤٠٩ / ٥٩٤٩ = ٣٠ ؛ غيبة النعماني ، ص ٢٥.

(٢) رجال النجاشي ، ص ٢٦ / ٤٩ ، ويبدو أنّه أخذه عن فهرست الشيخ الطوسي ، ص ٢٧ / ٣٢.

(٣) رجال الكشّي ، ص ٥٨٩ / ١١٠٢.

(٤) رجال ابن الغضائري ، ص ٣٨ ؛ مجمع الرجال ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ؛ رجال ابن داود ، ص ٤٢٨ / ٦١ ؛ رجال العلاّمة الحلّي ، ص ٨ / ٦.


الحديث ، وهو أمر استنباطي واجتهادي لا حجّية له ، والعبارة المذكورة هنا هي في حدّ ذاتها شاهد صريح على استناد ابن الغضائري على مضامين نصوص روايات إسماعيل بن مهران في تضعيفه.

وأمّا الرواي الأخير لهذا الحديث فهو إسماعيل بن جابر. قال الشيخ الطوسي في باب أصحاب الباقر عليه‌السلام من رجاله :

«إسماعيل بن جابر الخثعمي الكوفي ، ثقة ، ممدوح ، له أصول رواها عنه صفوان بن يحيى»(١).

وهنا توجد بعض الأبحاث الرجالية بشأن تحديد هوية هذا الراوي وارتباطه بإسماعيل الجعفي ، وقد تحدّثنا عن ذلك في رسالة مستقلّة حول إسماعيل الجعفي ، ولا نرى حاجة إلى إعادة هذه الأبحاث في هذا المقال. وعلى أىّ حال ليس هناك من كلام في وثاقة ثلاثة رواة في سند هذه الرواية ، ويبقى الكلام في ثلاثة رواة آخرين في سند هذه الرواية ، وهم :

أوّلاً : أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي :

ليس هناك توثيق صريح له ، ولكن من الممكن إثبات اعتبار الحديث من ناحيته ببيانين ، وفي كلا البيانين تمّ الاستفادة من المباني الرجالية المختلف فيها ، ولكنّنا نرى صحّة المباني الرجالية لهذين البيانين ، وهنا لا نجد مجالاً لطرح هذه المباني وإثباتها ، ولذلك سنكتفي بذكر أصل هذين البيانين :

__________________

(١) رجال الشيخ الطوسي ، ص ١٢٤ / ١٢٤٦ = ١٨.


البيان الأوّل : روى ابن عُقدة الكثير من الروايات عن هذا الراوي(١) ، وإن كثرة رواية كبار المشايخ عن راو واحد تشكّل دليلاً على وثاقته.

البيان الثاني : يبدو أنّ هذا السند هو طريق النعماني إلى كتاب الحسن ابن عليّ بن أبي حمزة البطائني الذي تكرّر ذكره مراراً في غيبة النعماني(٢) ، وقد تعرّضنا في سياق الكلام عن مصادر غيبة النعماني إلى طرق الكشف عن مصادر الكتب ونشير هنا إلى أنّ من بين الأساليب الهامّة في معرفة المصادر أنّه إذا كانت الأسانيد المنتهية إلى شخص معيّن ذات ترتيب واحد وقد تعدّدت من بعده إلى طرق مختلفة ، كان ذلك الشخص مؤلّفاً للمصدر ، وإنّ السند المشترك المتكرّر إليه يعتبر طريق المؤلّف إلى مصدر الكتاب.

وفيما يتعلّق بنفس هذا السند الوارد في غيبة النعماني كذلك نتوصّل من خلال نفس هذا المبنى إلى أنّ الحسن بن عليّ بن أبي حمزة هو مؤلّف المصدر الذي أخذ عنه النعماني أحاديثه ، وما جاء في هذا السند هو نفسه الذي جاء في السند الذي بحثنا عنه في بداية تفسير النعماني. وقد نسب

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٤ / ١ ، ١٠ / ٧ ، ٢٨ / ٥٣ ، ٣٦ / ٧٣ ، ٤٦ / ٩٥ ، ١٢٤ / ٣٢٠ ، ١٢٦ / ٣٢٨ ، ١٧١ / ٤٥٠ ، ٣٢٣ / ٥٨٥ ، ٢٥٢ / ٦٦٣ ، ٢٨١ / ٧٤٥ ، ٣٠٣ / ٨٢٦ ، ٣٥٦ / ٩٥٢ ، ٤١٤ / ١١٠٣ ، ٤١٧ / ١١١٥ ، ٤٤٩ / ١٢١٢ ، وانظر أيضاً : الهامش التالي.

(٢) غيبة النعماني ، ص ٣٤ / ٣ ، ٥١ / ٢ ، ٥٤ / ٦ ، / ١٩٤ / ١ ، ١٩٨ / ١١ ، ٢٠٠ / ١٦ ، ٢٠٤ / ٦ ، ٢٣٤ / ٢١ ، ٢٤٠ / ٣٥ ، ٢٤١ / ٣٧ ، ٢٥٠ / ٦ ، ٢٥٣ / ١٣ ، ٢٥٧ / ١٤ ، ٢٦٣ / ٢٢ و ٢٤ ، ٢٦٤ / ٢٧ ، ٢٦٧ / ٣٧ ، ٢٦٩ / ٤٠ ، ٣١٧ / ٢ ، ٣٢٠ / ١٠ ؛ وأيضاً : مزار المفيد ، ص ١٥٨ / ٣ ؛ فهرست الشيخ الطوسي ، ص ٨٩ / ١١٩.


النجاشي في رجاله في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة كتاباً إليه بعنوان (فضائل القرآن)(١) ، مع ذكر طريقه إليه(٢) ، وهو نفس الطريق مورد البحث. ومن خلال مجموع هذه الموارد يبدو أنّ الطريق المذكور هو طريق النعماني إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة.

ومن ناحية أخرى قال عليّ بن الحسين بن فضّال إنّه كتب تفسير القرآن من بدايته إلى نهايته عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، وربّما كان هذا يعني أنّ الحسن بن علي بن أبي حمزة كان له كتاب في التفسير وأنّ ابن فضّال قد كتب نسخة عنه وقام بروايته عنه.

ويحتمل أن يكون (فضائل القرآن) و (تفسير القرآن) أجزاء من كتاب أوسع عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، وأنّه يشتمل على مباحث تفسيرية عامّة مثله مثل تفسير النعماني ، تفسير آحاد السور وفضل قراءة سور القرآن.

ولو ثبت أنّ تفسير النعماني مأخوذ عن كتاب الحسن بن عليّ بن فضّال ، لأمكننا ذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار المبنى الرجالي القائل بعدم الحاجة إلى مناقشة السند في الطريق إلى الكتب ، تصحيح الطريق المتقدّم ، رغم عدم إمكان إثبات وثاقة أحمد بن يوسف بن يعقوب.

__________________

(١) نقل الشيخ الصدوق الكثير من الروايات في أبواب ثواب سور القرآن التي تصل أسانيدها إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة وتنفصل عنه بعد ذلك ، ويبدو أن هذه الأحاديث مأخوذة من كتاب فضائل القرآن هذا (انظر : ثواب الأعمال ، ص ١٣٠ ـ ١٥٨).

(٢) رجال النجاشي ، ص ٣٦ / ٧٣.


الثاني والثالث : الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني وأبوه علي ابن أبي حمزة :

ـ كان عليّ بن أبي حمزة البطائني من الوكلاء البارزين للإمام الكاظم عليه‌السلام ومن المعتمدين في المجتمع الشيعي ، وبعد سجن الإمام الكاظم عليه‌السلام كان الشيعة يحملون الكثير من أموال الإمام إلى عليّ بن أبي حمزة وغيره من وكلاء الإمام. وبعد استشهاد الإمام عليه‌السلام تسبّبت كثرة هذه الأموال بافتتان بعض هؤلاء الوكلاء ، فقالوا بأنّ الإمام الكاظم هو آخر الأئمّة ، وأنكروا إمامة الإمام الرضا عليه‌السلام ، وهكذا تبلور مذهب الواقفية(١).

وعلى الرغم من ذلك فقد ورد اسم عليّ بن أبي حمزة في الكثير من الروايات ، وقد روى عنه كبار المحدّثين من أمثال ابن أبي عمير ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، والحسن بن محبوب ـ من أصحاب الإجماع ـ وكذلك عليّ بن الحكم ، وغيرهم ، وعليه كيف نوفّق بين ذلك وبين الانحراف العقائدي الشديد لعليّ بن أبي حمزة؟

ذكرت هنا احتمالات ، نشير إلى بعضها إجمالاً :

يذهب المحدّث النوري إلى الاعتقاد بأنّ عليّ بن أبي حمزة كان ثقة حتّى بعد تأسيس مذهب الواقفية(٢) ، بيد أنّ الشواهد التاريخية الواضحة تثبت

__________________

(١) فيما يتعلّق بظهور المذهب الواقفي ، انظر : رجال الكشّي ، ص ٤٠٤ / ٧٥٩ / ٨٧١ ، ٤٦٧ / ٨٨٨ ؛ علل الشرائع ، ج ١ ، ص ٢٣٥ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ١ ، ص ١١٢ / ٢ و ١١٣ / ٣ ؛ غيبة الطوسي ، ص ٦٤.

(٢) خاتمة المستدرك ، ج ٤ ، (مستدرك الوسائل ، ج ٢٢) ، ص ٤٦٨ ـ ٤٧١.


البون الشاسع بين الواقفة والإمامية ، ومع سعة هذا الشرخ لا يمكن اعتبار زمان تحمّل الحديث عن عليّ بن أبي حمزة يعود إلى زمن انتسابه إلى المذهب الواقفي(١) ، فمن ناحية كان موقف الواقفة تجاه الإمام الرضا عليه‌السلام شديداً ، حتّى سمحوا لأنفسهم أن يتجرّأوا ويتجاسروا على مقامه الشريف(٢) ، حتّى أنّ الإمام الرضا عليه‌السلام قد حظر التعامل مع الواقفة ومجالستهم ، واعتبرهم بمثابة النواصب(٣) ، وبذلك يتّضح الموقف السلبي للشيعة منهم ، وإنّ لقب الممطورة(٤) ـ الذي يعني الكلاب المبتلّة بماء المطر ـ هو اللقب الذي أطلقه الإمامية على الواقفة ، ممّا يثبت الشرخ الواسع بين هذين الاتجاهين(٥).

وعليه فإنّ كبار الإمامية قبل ظهور الواقفية أي في الوقت الذي كان

__________________

(١) صرّح الشيخ البهائي في بعض كتبه بهذا الأمر.

(٢) انظر على وجه الخصوص : رجال الكشّي ، ص ٤٥٥ ـ ٤٦٧ ؛ غيبة الشيخ الطوسي ، ص ٢٣ ـ ٨١.

(٣) رجال الكشّي ، ص ٤٥٧ / ٨٦٤ ؛ وكذلك في ص ٢٢٩ / ٤١٠ و ٤١١ ، ٤٦٠ / ٨٧٣ و ٨٧٤.

(٤) رجال الكشّي ، ص ٤٦٠ / ٨٧٥ و ٤٦١ / ٨٧٨ و ٨٧٩ ؛ غيبة الطوسي ، ص ٦٩ ؛ الفصول العشرة في الغيبة ، ص ٤٨ و ١٠٩ ؛ كمال الدين ، ص ٩٣ ؛ المسائل الصاغانية ، ص ٦.

(٥) تمّت الإشارة في كتب المقالات والفرق من قبيل : فرق الشيعة للنوبختي ، ص ٨١ و ٨٢ ؛ المقالات والفرق ، ص ٩٢ و ٩٣ ؛ مقالات الإسلاميّين ، ص ٢٩ ، إلى الجذور التاريخية لهذا اللقب ، ووجه هذه التسمية كناية عن الكلاب التي يصيبها المطر لشدّة عفنها وإهمالها عند الناس ، وربّما كان ذلك بسبب تنجّس الإنسان الذي يدنو من مثل هذه الكلاب. ومهما كان فإنّ هذا التعبير يحكي عن عمق الشرخ بين الإمامية والواقفة ، وانظر أيضاً : مكتب در فرايند تكامل ، ص ٨٤ ، الهامش رقم : ٣٣.


يشهد فيه لعليّ بن أبي حمزة وغيره من الواقفة المعروفين من أمثال زياد بن مروان القندي بجلالة القدر كانوا يأخذون عنهم الرواية ، وحيث إنّ مدار تقييم أحاديث كل راو هو زمن تحمّل الحديث عنه ، لذلك فإنّ الانحراف المذهبي وضعف أو كذب هؤلاء الرواة بعد ذلك لا يضرّ بصحّة الأحاديث المروية عنهم قبل حصول هذا الانحراف.

بيد أنّ هذه الطريقة في إثبات الاعتبار لروايات عليّ بن أبي حمزة لا يجدينا نفعاً في بحثنا هذا ؛ لأنّ هذه الطريقة إنّما تأتي فيما إذا كان الراوي عن عليّ بن أبي حمزة من الإمامية ، وليس شخصاً مثل الحسن بن عليّ بن أبي حمزة الذي هو من كبار الواقفة.

وبطبيعة الحال لو ذهبنا مذهب المحدّث النوري في توثيق عليّ بن أبي حمزة حتّى بعد تأسيس المذهب الواقفي ، فإنّ نتيجة البحث سوف تأخذ منحىً آخر مغايراً تماماً ، بيد أنّ هذا المبنى غير تام كما أثبتنا ذلك بالتفصيل ، وعليه تكون الرواية عن عليّ بن أبي حمزة غير تامّة.

ـ أمّا الحسن بن عليّ بن أبي حمزة فكما جاء في رجال الكشّي أنّ عليّ بن الحسن بن فضّال قال عنه :

«كذّاب ملعون ، رويت عنه أحاديث كثيرة ، وكتبت عنه تفسير القرآن كلّه من أوّله إلى آخره ، إلاّ أنّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثاً كثيراً»(١).

__________________

(١) رجال الكشّي ، ص ٥٥٢ / ١٠٤٢ ، جدير بالذكر أنّ هذا الكلام بهذه الألفاظ ورد في ترجمة عليّ بن أبي حمزة أيضاً ، وكان السؤال فيه موجّهاً من قبل العيّاشي إلى عليّ


وفي رجال النجاشي نقلاً عن رجال الكشّي تمّ الاكتفاء بعبارة (فطعن عليه) فقط(١) ، ويحتمل أنّ سبب ذلك جنوح النجاشي إلى الاختصار.

وقيل بشأنه في رجال ابن الغضائري :

«واقف ابن واقف ، ضعيف في نفسه ، وأبوه أوثق منه ، وقال عليّ بن

__________________

ابن الحسن أيضاً (ص ٤٠٤ / ٧٥٦). إنّ مورد السؤال هنا هو (ابن أبي حمزة) ، وبقرينة عنوان رجال الكشّي يبدو للذهن أنّ المراد منه هو عليّ بن أبي حمزة ، إلاّ أنّ القرائن الواضحة تثبت أنّ المراد من ابن أبي حمزة هو الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، وعليه فإنّ ذكر هذه العبارة في ذيل ترجمة عليّ بن أبي حمزة ليس صحيحاً. وإنّ أهمّ قرينة على ذلك أنّ ولادة عليّ بن الحسن بن فضّال كانت بعد وفاة عليّ بن أبي حمزة. وفي توضيح هذا الأمر من الضروري أن نشير إلى ولادة عليّ بن الحسن بن فضّال. قال النجاشي في ترجمته (رجال النجاشي ، ص ٢٥٧ / ٦٧٦) أنّه عندما كان في الثامنة عشرة من عمره قابل أحاديث أبيه معه ، وحيث أنّه لم يكن يفهم الأحاديث ، فإنّه لم يكن يرويها على نحو مباشر ، وإنّما يروي الحديث عن أبيه بتوسّط أخويه ، وبعد الالتفات إلى أنّ وفاة أبيه الحسن بن عليّ بن فضّال في عام ٢٢٤ ، إذا كان زمن مقابلة الأحاديث في حدود تلك الفترة ، ستكون ولادة عليّ في حدود عام ٢٠٦ ، وعلى أيّ حال لا يمكن لولادته أن تكون أبعد بكثير من هذا التاريخ ، ولذلك يمكن القول إنّه ولد في عام ٢٠٢ أو ٢٠٣ للهجرة بعد استشهاد الإمام الرضا عليه‌السلام ، إلاّ أنّ عليّ بن أبي حمزة قد ذكر في عدد من الروايات أنّه توفّي في حياة الإمام الرضا عليه‌السلام ، (رجال الكشّي ، ص ٤٠٤ / ٧٥٥ ، ٤٤٤ / ٨٣٤) وقد ورد التصريح في رواية أنّه توفّي عندما كان الإمام الرضا في خراسان ، (دلائل الإمامة ، ص ٣٦٥ / ٣١٨) ، وعليه فإنّ وفاة عليّ بن أبي حمزة كانت في السنوات الأخيرة من حياة الإمام الرضا عليه‌السلام. من هنا كان سماحة الوالد ـ مدّ ظله ـ يؤكّد في بحث كلّيّات علم الرجال بالاستناد إلى هذا الدليل أنّ المراد من ابن أبي حمزة في كلام عليّ بن الحسن بن فضّال ، ليس عليّ بن أبي حمزة.

(١) رجال النجاشي ، ص ٣٦ / ٧٣.


الحسن بن فضّال(١) : «إنّي لأستحي من الله أن أروي عن الحسن بن عليّ» ، وحديث الرضا عليه‌السلام فيه مشهور»(٢).

وقد اعتبر بعض مشايخ حمدويه بن نصير الحسن بن عليّ بن أبي حمزة أنّه «رجل سوء»(٣) ، وقد اعتبره الكشّي في ترجمة شعيب العقرقوفي أنّه كذّاب(٤).

كما أنّ وقوع الحسن بن عليّ بن أبي حمزة في أسانيد كامل الزيارات وأسانيد تفسير القمّي ليس دليلاً على وثاقته أيضاً ، ولذلك ليست هناك من حاجة إلى مقارنة هذا الأمر بالتضعيفات المتقدّمة(٥).

وعلى الرغم من ذلك فقد سعى المحدّث النوري من خلال تقديم بعض القرائن إلى إثبات وثاقة الحسن بن عليّ بن أبي حمزة(٦).

__________________

(١) جاء في النصّ المطبوع لرجال ابن الغضائري ، ص ٥١ / ٣٣ (الحسن بن عليّ بن فضّال) ، ويبدو أنّه من الخطأ ، والصحيح ما ذكرناه نقلاً عن مجمع الرجال ، ج ٢ ، ص ٢٢. انظر أيضاً : رجال العلاّمة الحلّي ، ص ٢١٣ / ٧. ولا يبعد أن يكون هذا الأمر فيه إشارة إلى ما ذكر في رجال الكشّي ، وأنّه قد حصل تحريف في أحد هذين النقلين.

(٢) إنّ حديث الإمام الرضا عليه‌السلام بشأن عليّ بن أبي حمزة مشهور ، وليس بشأن ولده الحسن (انظر : معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ١٦).

(٣) رجال الكشّي ، ص ٥٥٢ / ١٠٤٢.

(٤) رجال الكشّي ، ص ٤٤٣ / هامش ٨٣١.

(٥) قارنوا ذلك بما جاء في معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ١٥.

(٦) مستدرك الوسائل ، ج ٢٢ ، (خاتمة المستدرك ، ج ٤) ، ص ٢٤٢.


نقل ومناقشة كلام المحدّث النوري في إثبات وثاقة الحسن بن علي بن أبي حمزة :

القرينة الأولى : إنّ أحمد بن محمّد بن أبي نصر ـ من الجماعة التي لا تروي إلاّ عن الثقة ـ قد روى عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة في باب تدبير التهذيب.

كان سماحة الوالد ـ مدّ ظله ـ يُشير في أبحاثه الرجالية إلى أنّ هذا الحديث بالالتفات إلى تعقيداته السندية والمتنية لا يصحّ الاستناد إليه في الأبحاث الرجالية ، ويحتمل احتمالا كبيراً أنّه تعرّض للتحريف ، وفي الموارد التي يكون فيها الحديث عرضة للغرابة والتعقيد والإعضال لا يمكن التمسّك بأصالة عدم التحريف للقول بانتفاء احتمال التحريف في السند ، وفي ملحق المقال سوف نتحدّث بشأن هذا السند.

القرينة الثانية : رواية الكثير من الكبار عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة.

فقد ذكر المحدّث النوري أسماء عدد من الأشخاص الذين يروون عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، وإنّ أغلب هؤلاء لم يروِ عنه إلاّ رواية واحدة أو بضع روايات في الحدّ الأقصى ، وإنّ وثاقة بعضهم بحاجة إلى بحث وتحقيق ، كما هو الحال بالنسبة إلى صالح بن أبي حمّاد(١) ، وفيما يخصّ هذا

__________________

(١) ذكر صالح بن حمّاد في المستدرك ، ج ٢٢ (خاتمة المستدرك ، ج ٤) ، ص ٢٤٣ ، وهو خطأ.


الراوي لم نعثر على رواية مباشرة له عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة(١).

والراوي الوحيد الذي له الكثير من الروايات عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، هو إسماعيل بن مهران ، وليس هناك من شكّ في جلالة قدره ، بالرغم من وجود بعض التضعيفات في حقّه ، ولكن لا يمكن التعويل عليها كثيراً(٢).

بيد أنّ كثرة رواية إسماعيل بن مهران عنه لا تنهض في كونها دليلاً على وثاقة الحسن بن علي بن أبي حمزة(٣) ، وذلك للأسباب الآتية :

__________________

(١) وبطبيعة الحال فإن صالح بن أبي حماد في بعض الروايات يروي عن الحسن بن علي (الكافي ، ج ٢ ، ص ١٥٧ / ٣. ج ٤ ، ص ١٥٥ / ٥. ج ٥ ، ص ٩٢ / ٤) ، والمراد من الحسن بن علي في هذا الأسناد إما هو الوشاء (الذي يروي عنه صالح بن أبي حماد إمّا بهذا العنوان أو بعنوان الحسن بن علي الوشاء. انظر : معجم الرجال ، ج ٩ ، ص ٣٧٥ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ٢ ، ص ٢٢٨ / ١ ، وقارن ذلك بصفحة ٢٣٢ / ١) أو ابن فضّال (الذي يروي عنه أيضاً صالح بن أبي حماد. انظر : معجم الرجال ، ج ٩ ، ص ٣٧٣) ، وليس هناك من مبرّر يحتّم علينا القول بأن المراد من الحسن بن علي هنا هو الحسن بن علي بن أبي حمزة ، أو أن ننفي احتمال ذلك.

(٢) وقد نقلت في شأنه أكثر أقوال الرجاليين انظر : رجال ابن الغضائري ، ص ٣٨ ؛ رجال الكشّي ، ص ٥٨٩ / ١١٠٢.

(٣) ما سنعمد إلى توضيحه في النصّ إنّما هو بشأن أداء الرواية عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة من قبل إسماعيل بن مهران. ولكن يبقى السؤال هنا : مع وجود الشرخ الكبير بين الإمامية والواقفة ، كيف يمكن لإسماعيل بن مهران أن يروي عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة؟ في الجواب عن هذا السؤال يجب علينا أن ندرك أنّ الحسين بن مهران وهو أخو إسماعيل بن مهران كان من الواقفة (رجال النجاشي ، ٥٦ / ١٢٧ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ٢ ، ٢١٣ / ٢٠) ؛ كما كان ابن عمّه أحمد بن محمّد بن أبي


أوّلاً : قال ابن الغضائري عن إسماعيل بن مهران : «يروي عن الضعفاء». فإذا قبلنا بهذا الكلام فإنّ كثرة الرواية لإسماعيل بن مهران عن أحد الرواة لا تكون دليلاً على وثاقة ذلك الراوي ؛ لأنّ رواية الأحاديث الكثيرة من قبل راو جليل القدر عن أحد الرواة تدلّ على وثاقة المروي عنه باعتبارها قاعدة سارية في قبول وثاقة المرويّ عنه ولكنّها لا تصدق في الرواة الذين لا يتحرّزون عن الرواية عن الضعفاء من أمثال أحمد بن محمّد بن خالد البرقي الذي يخالف في ذلك ديدن المحدّثين.

ثانياً : لو لم نقل بما قاله الغضائري ، أو أنكرنا نسبة كتاب الرجال إليه ، واعتبرنا مؤلّفه شخصاً مجهولاً لا يُعتمد عليه ، فوفقاً لمقتضى التحقيق فإن كثرة رواية الأجلاء عن رجل واحد لا يقوم دليلاً على وثاقته دائماً ، بل إنّ ذلك يتوقّف على شروط ، منها :

١ ـ أن لا تكون الروايات المروية عنه خاصّة بالمستحبّات والسنن ؛ إذ قد يكون هناك تعويل في الرواية على قاعدة (من بلغ) أو قاعدة (التسامح في أدلّة السنن) ، دون النظر إلى وثاقة الراوي.

٢ ـ في الموارد التي لا يكون فيها خبر العادل غير العلمي حجّة ، بل

__________________

نصر في بداية أمره واقفيّاً ثمّ اهتدى بعد ذلك (غيبة الطوسي ، ص ٧١ / ٤٦). بل كان آل مهران من القائلين بالمذهب الواقفي (غيبة الطوسي ، نفس الموضع). لذلك يحتمل أنّ كون إسماعيل بن مهران كان واقفيّاً في بداية أمره ، ثمّ اهتدى ، وإنّ أخذه الحديث عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة يعود للفترة التي كان فيها واقفيّاً. وعلى فرض أنّ إسماعيل بن مهران لم يكن واقفيّاً أبداً ، يمكن القول بأنّ واقفية أسرته هي التي أعدّت الأرضية إلى ارتباطه بالحسن بن عليّ بن أبي حمزة.


يجب في مورده تحصيل العلم ، كما هو الحال بالنسبة إلى المسائل الاعتقادية ؛ إذ في هذا النوع من المسائل قد يكون نقل الرواية عن الراوي مقدّمة لتحصيل العلم ، بمعنى أنّه من خلال ضمّ الأحاديث الأخرى بعضها إلى البعض الآخر وتراكم القرائن المختلفة نتوصّل إلى إثبات المسألة ، ففي تحصيل العلم لا حاجة إلى أن يكون كلّ واحد من الأحاديث المعتمد عليها معتبرة بأجمعها ، ومن هنا كانت الأحاديث الضعيفة مؤثّرة في تحقيق التواتر ، ففي المسائل الاعتقادية تروى الكثير من الأحاديث في الكتب الروائية ، والكثير من هذه الأحاديث غير معتمدة من الناحية السندية ، ولكنّها تساعد على تحصيل العلم من خلال ضمّها إلى الأحاديث الأخرى ، ولذلك مثلاً نشاهد في كتاب الحجّة من الكافي أسماء كثير من المجهولين ، ويبعد أن يكون الكليني من القائلين بتوثيق جميع هؤلاء الأشخاص ، بل يبدو أنّ السبب في نقل الرواية عن هؤلاء الأفراد يعود إلى نفس هذه المسألة المشار إليها آنفاً من ضمّ الأحاديث بعضها إلى بعض.

وفيما يتعلّق بإسماعيل بن مهران ورواياته الكثيرة عن الحسن بن عليّ ابن أبي حمزة فلا ينطبق عليه ما ذكرناه آنفاً وإنّما من باب أنّ كثيراً من رواياته إنّما هي في السنن والمستحبّات من قبيل : ثواب سور القرآن الكريم(١) ، أو فضل الصلوات على النبيّ الأكرم وأهل بيته(٢) فلا داعي لوثاقة

__________________

(١) الكافي ، ج ٢ ، ص ٦٢٠ / ٣ ، ٦٢٣ / ١٠ ؛ أمالي الصدوق ، المجلس ١٦ / ٨ ، وخاصّة ثواب الأعمال ، أبواب ثواب قراءة سور القرآن ، ص ١٣٠ ـ ١٥٨.

(٢) الكافي ، ج ٢ ، ص ٤٩٢ / ٦.


السند فيها وذلك وفقاً لقاعدتي «من بلغ» و «التسامح في أدلّة السنن».

كما روى إسماعيل بن مهران الكثير من الروايات المتّصلة بموضوع الغيبة والمهدوية عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة(١) ، إذ يمكن لمثل هذه الروايات أن تكون مقدّمة لتحصيل العلم واليقين ، دون الأخذ بنظر الاعتبار وثاقة المروي عنه.

مضافاً إلى أنّه حتّى لو افترضنا أنّ إسماعيل بن مهران كان يرى وثاقة الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، فإنّ هذا التوثيق معارض بتضعيفه من قبل عليّ بن الحسن بن فضّال.

أمّا القرينة الثالثة ـ التي ترتبط بموضوع بحثنا الأصلي بشكل أكبر ـ وهي أنّ الأصحاب قد تلقّوا روايات الحسن بن عليّ بن أبي حمزة بالقبول.

وقد ذكر المحدّث النوري تفسير النعماني هذا بوصفه شاهداً على هذه المسألة ، وأشار إلى أنّ عليّ بن إبراهيم قد جاء بخلاصة هذه الرواية في بداية تفسيره ، وقد لخّص السيّد المرتضى تفسير النعماني وقد عرف هذا التلخيص بـ : رسالة المحكم والمتشابه ، وقد غيّر الشيخ الجليل سعد بن عبد الله ترتيب هذا الحديث ، وعمد إلى تبويبه ، وتفريق أجزائه على مختلف الأبواب.

ولكن هذه القرينة أيضاً لا يمكن القبول بها على وثاقة الحسن بن عليّ ابن أبي حمزة ؛ إذ يمكن القول بشأن مقدّمة تفسير علي بن إبراهيم والارتباط الوثيق بينهما :

__________________

(١) لقد ورد ذكر إسماعيل بن مهران في سند مشابه لسند تفسير النعماني في كتاب غيبة النعماني بكثرة ، وقد أشرنا إلى هذه الموارد في بداية الكلام عن تفسير النعماني.


أوّلاً : ليس هناك من دليل على أنّ هذه المقدّمة مأخوذة من هذا التفسير ، بل يحتمل أن تكون مأخوذة من رواية أخرى ، وهي نفسها كانت قد وصلت إلى الحسن بن عليّ بن أبي حمزة أيضاً ، وإنّه أضاف عليها إضافات كثيرة ونسبها إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وثانياً : إنّ التفسير الموجود اليوم باسم تفسير عليّ بن إبراهيم كذلك ليس من تأليفه ، بل هو تفسير شخص آخر ، ويبدو أنّه من تأليف علي بن حاتم القزويني الذي كان يكثر من النقل عن تفسير القمّي(١) ، فنسب إلى القمّي وعلى الرغم من التصريح باسم عليّ بن إبراهيم في مقدّمة هذا التفسير ، ولكن بملاحظة ما قيل في حقّ عليّ بن حاتم من أنّه «يروي عن الضعفاء»(٢) ، وتوسّط شخص اسمه أبو الفضل العبّاس بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بين مؤلّف هذا التفسير وعليّ بن إبراهيم في مستهلّ نصّ التفسير(٣) ، والذي لم نعثر على دليل على وثاقته ؛ كلّ ذلك يجعلنا لا نستطيع الاعتماد على مقدّمة هذا التفسير ، وتبعاً لذلك لا يمكن القول باعتماد علي بن إبراهيم على الحسن بن عليّ بن أبي حمزة.

وقد تحدّثنا سابقاً حول رسالة المحكم والمتشابه ونسبتها إلى السيّد المرتضى.

كما أنّ رسالة سعد بن عبد الله رسالة مجهولة ولا يمكن الجزم بنسبتها

__________________

(١) دانشنامة جهان إسلام ، مدخل تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي ، للكاتب.

(٢) رجال النجاشي ، ص ٢٦٣ / ٦٨٨.

(٣) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٧.


إلى سعد بن عبد الله ، وسوف نتحدّث عنها بتفصيل أكثر إن شاء الله.

فبالالتفات إلى ما تقدّم نستنتج عدم وجود دليل على وثاقة الحسن بن عليّ بن أبي حمزة.

المسألة الأخرى التي يمكن أن نشير إليها بشأن سند تفسير النعماني هي أنّ رواية عليّ بن أبي حمزة عن إسماعيل بن جابر لم ترد في موضع آخر ، ولكن حيث إنّ هذه المسألة بالنظر إلى الظروف الزمانية والمكانية لا تجعل من رواية عليّ بن أبي حمزة عن إسماعيل بن جابر أمراً مستغرباً(١) ، لا تكون مسألة ذات أهمّية.

فنتيجة البحث هي أنّه بلحاظ وجود الحسن بن عليّ بن أبي حمزة وأبيه في سند تفسير النعماني ، لا يمكن اعتبار هذا الكتاب بوصفه نصّاً حديثيّاً معتبراً.

أمّا الآن فنتساءل : هل يمكن اعتبار هذا الحديث بملاحظة نصّه رواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام؟

القسم الثاني : مناقشة تفسير النعماني بملاحظة نصّ الحديث.

الذي يبدو من تفسير النعماني باستثناء المقدّمة التي هي عبارة عن

__________________

(١) إن كلاًّ من عليّ بن أبي حمزة وإسماعيل بن جابر من أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم عليهما‌السلام ، وكلاهما كوفيّ. (انظر : رجال الشيخ الطوسي ، ص ١٦٠ / ١٧٨٩ = ٩٣ ، ٣٣١ / ٤٩٣٤ = ١٣ ؛ رجال البرقي ، ص ٢٨ ؛ وكذلك : رجال الشيخ الطوسي ، ص ٢٤٥ / ٣٤٠٢ = ٣١١ ، ٣٣٩ / ٥٠٤٩ = ١٠ ؛ رجال البرقي ، ص ٢٥ و ٤٨ ؛ رجال الكشّي ، ص ٤٩ / ٦٥٦).


صفحتين ، والصفحة التي في بداية الرواية المروية عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّ بقية الرواية إلى نهايتها هي من كلمات الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهذا ما تشهد له العبارات الواردة في النصّ من قبيل : «سُئل صلوات الله عليه»(١) ، أو «سألوه»(٢) التي ورد ذكرها في هذه الرسالة مراراً وتكراراً ، وفي بعض موارد الحديث نجد تعبيرات تؤكّد على هذا الأمر ، من قبيل :

ـ «لمّا أردت قتل الخوارج بعد أن أرسلت إليهم ابن عبّاس لإقامة الحجّة عليهم ، قلت : يا معشر الخوارج»(٣).

طبقاً لهذه العبارة تكون هذه الرواية قد صدرت عن أمير المؤمنين بعد معركة النهروان مع الخوارج.

ـ ثمّ قال صلوات الله عليه : «وأوصاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا عليّ إن وجدت فئة تقاتل بهم ؛ فاطلب حقّك ، وإلاّ فالزم بيتك ، فإنّي قد أخذت لك العهد يوم غدير خمّ بأنّك خليفتي ووصيّي ، يا أبا الحسن حقيق على الله ...»(٤).

ـ «وذلك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يُكثر من مخاطبتي بأبي تراب»(٥).

والآن نريد أن نرى هل يمكن من خلال قراءتنا لنصّ هذا الحديث أن نحكم بأنّ هذا التفسير من كلام الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام؟

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ١١.

(٢) بحار الأنوار، ج ٩٣، ص ٦ و ١١ و ١٢ و ١٦ و ١٧ ـ مرّتين ـ و ٢٠ و ٢٢ و ٢٣.

(٣) بحار الأنوار ٩٣ / ١٥.

(٤) بحار الأنوار ٩٣ / ١٥.

(٥) بحار الأنوار ٩٣ / ٢٧.


ونناقش هذا البحث من زاويتين ، الأولى من ناحية الأساليب والالتفات للمفردات والعبارات وطريقة ترتيبها ، والثانية من ناحية المحتوى ومقارنة الأفكار المثارة في الحديث ومدى انسجامها مع عصر أمير المؤمنين عليه‌السلام.

مناقشة أسلوب تفسير النعماني(١) :

قال سماحة السيّد المددي بشأن أسلوب الكتاب :

«إنّ أسلوب الكتاب بشكل عام أقرب إلى تأليف كتاب أو رسالة منه إلى كلام المعصومين عليهم‌السلام المتعارف والمتعاهد لدينا ، كما أنّه من الناحية الأدبية متوسّط في أدائه الأدبي ، وهو ممزوج بالمصطلحات العلمية من قبيل : العام والخاص ، والناسخ والمنسوخ ، والقياس والرأي والاجتهاد وما إلى ذلك ، وإنّه من ناحية أسلوب البيان ومتانة الألفاظ ودقّة المعاني ووضوح المطالب وشموليّتها واستيعابها غير قابل للمقارنة بنهج البلاغة على الإطلاق»(٢).

إنّ كلام سماحة السيّد في مجموعه كلام صائب ومتين ، وإن كنت أختلف معه في بعض الجزئيّات ، فمثلاً :

إنّ كلمات من قبيل : العام والخاص ، والناسخ والمنسوخ ، ليست

__________________

(١) بعد أن أعددت مقدّمات كتابة هذه المقالة وتدوين بعض أجزائها ، اطّلعت على مقال لسماحة السيّد المددي في العدد ٢٨ من مجلّة (آيينه ى پژوهش) (وهنا أرى من واجبي أن أتقدّم بالشكر لسماحة الشيخ مهدوي راد الذي أطلعني على هذا المقال والتي لفتت انتباهي عندما كتبت هذا الجزء من مقالتي هذه وعندما تعرّضت إلى نسبة هذه الرسالة إلى النعماني فبذلت جهدي في بيان المضامين المفصّلة في مقالته على نحو الإجمال.

(٢) آيينه ى پژوهش ، العدد : ٢٨ ، ص ١١٤.


مصطلحات علمية بالضرورة ، فإنّ هذه الكلمات مستعملة في الأحاديث بمعانيها العرفية ، وهي قريبة من معانيها الاصطلاحية(١) ، كما أنّ مفردة القياس والرأي والاجتهاد ليست مفردات مستحدثة ، ولذلك فقد وردت في الأحاديث المعتبرة المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن أمير المؤمنين عليهما‌السلام ، فمثلاً وردت كلمة القياس في حديث معتبر عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) إذ يقول : «ما على ديني من استعمل القياس في ديني»(٢).

وفي رواية أخرى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيها : «من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ، ومن دان الله بالرأي لم يزل رأيه في ارتماس»(٣).

ولو أنّه قد ذكر مفردة الاستحسان بدلاً من ذكر هذه المفردات لكان أنسب(٤).

كما أنّ مقارنة تفسير النعماني بنهج البلاغة الذي هو مختار الشريف

__________________

(١) من باب المثال انظر : الكافي ، ج ١ ، ص ٦٢ / ١ ، ص ٢١٣ / ٢ ؛ بصائر الدرجات ، ص ٢٠٣ / ٤ ، ٢٠٤ / ٨ ؛ تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١٦٤ / ٦ ؛ كتاب سُليم بن قيس ، ص ٦٢٠ و ٧٨٣ حيث جاء التعبيرفي هذه الموارد بمفردات العام والخاص والناسخ والمنسوخ ، وبعضها لا إشكال فيه من الناحية السندية (بصائر الدرجات ، ص ٢٠٣ / ٤).

(٢) أمالي الصدوق ، مج ٢ / ٣ ؛ التوحيد ، ص ٦٨ / ٢٣ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ١ ، ص ١١٦ / ٤ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ٩.

(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ٥٧ / ١٧.

(٤) حيث لم أرَ استعمال مفردة الاستحسان في رواية بمعنى مشابه للمعنى المراد اصطلاحاً.


الرضي من مجموع كلمات الإمام لا يبدو صائباً ؛ لأنّ مؤلّف نهج البلاغة إنّما اختار بعض الخطب والكلمات عن أمير المؤمنين التي رأى أنّها تقف في مرتبة عالية من الناحية الأدبية والبلاغية.

وقد نقل سماحة السيّد المددي ثلاثة مقاطع من هذه الرسالة ليستنتج منها عدم تشابه هذه الرسالة بالكلام المعروف عن الإمام ، وإنّ هذه المقاطع خير شاهد على هذا الكلام ، وخاصّة المقطع الأوّل (ص ٦٧ بالالتفات إلى عبارة : وغيره ممّا لو شرح لطال به الكتاب) والمقطع الثالث (ص ٩١ ، وأمّا الردّ على من قال بالرأي والقياس والاستحسان ، ...).

وهذه نماذج أخرى نذكرها في سياق الكلام :

ـ «وقد اعترض على ذلك بأن قيل : قد رأينا أصنافاً من الحيوان لا يُحصى عددها ، يبقى ويعيش بغير أمر ولا نهي ... وإذا جاز أن يستقيم بقاء الحيوان المستبهم ... بطل قولكم إنّه لابدّ للناطقين من آمر وناه ، وإلاّ لم يبقوا. والردّ عليهم هو أنّ الله تعالى لمّا خلق الحيوان على ضربين : مستبهم وناطق ...» (ص ٤٢).

ـ «قال المعترض : قد وجدنا بعض البهائم ... قيل : هذا الذي ذكرتم لا يكون على العموم ، وإنّما يكون في الواحد بعد الواحد لعلّة ما ... وجه آخر هو أن ... فبطل الاعتراض» (ص ٤٣).

ـ «اللهمّ إلاّ أن يدّعي مدّع أنّ الإمامة مستغنية عمّن هذه صفته ...» (ص ٤٤).

علماً بأنّ عبارة (اللهمّ إلاّ أن) قد وردت في رواية عن الإمام جعفر


الصادق عليه‌السلام(١) ، ولكنّها لم ترد في عبارات من سبقه من الأئمّة عليهم‌السلام ، وخاصّة عن الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام(٢).

ـ «وأمّا من أنكر فضل رسول الله ٩ ، فالدليل على بطلان قوله قول الله عزّ وجلّ ... والدليل على ذلك قول جبرئيل ٧ ... ويزيد ذلك بياناً قوله تعالى ...» (ص٨٧).

وسوف نشير لاحقاً إلى نماذج شبيهة بهذه النماذج.

وخلاصة القول : إنّ الأسلوب الأدبي لتفسير النعماني ومفرداته وتعبيراته لا تنسجم مع أسلوب الأحاديث المعروفة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

محتوى رسالة النعماني :

لقد تمّ ذكر الكثير من آيات القرآن الكريم في تفسير النعماني للردّ على بعض الأفكار والآراء ، وإنّ ظاهر عبارات التفسير يفهم منها أنّ هذه الأفكار كانت موجودة في عصر صدور هذا الحديث ، وأنّ الحديث إنّما صدر للإجابة عن هذه الأفكار والآراء ، وإنّ هذه الآراء ليست من الآراء التي ظهرت بعد صدور النصّ بسنوات. في حين أنّ هذه الأفكار التي اشتملت عليها هذه الرسالة لم تكن مطروحة في عصر الإمام عليّ عليه‌السلام ، ويبدو أنّها ظهرت بعد ظهور علم الكلام واتّساع رقعة الجدل الكلامي بين المسلمين في مرحلة

__________________

(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٢٣٣ / ١ ؛ إرشاد المفيد ، ج ٢ ، ص ١٨٧ ؛ رجال الكشّي ، ص ٤٢٨ / ٨٠٢.

(٢) وإنّ نقل دعائم الإسلام ، ج ٢ ، ص ٣٥٣ في هذا المورد غير معتمد.


لاحقة ، وعلى الرغم من عدم توفّر الوقت الكافي لدراسة جميع الأحاديث المعتمدة المروية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إلاّ أنّني لا أتصوّر إمكانية العثور على شاهد معتبر يُثبت وجود هذه الأفكار في عصر الإمام عليّ عليه‌السلام. ومن بين تلك الأفكار مثلاً :

ـ الردّ على من زعم أنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وأنّ الكفر كذلك (ص ٥).

ـ ردٌّ على من زعم أن ليس بعد الموت وقبل القيامة ثواب وعقاب (ص ٥ ، وكذلك ص ٨٤).

ـ ردٌّ على من أنكر فضل النبيّ (صلى الله عليه وآله) على جميع الخلق (ص ٥ ، وكذلك ص ٨٧).

ـ ردٌّ على من أنكر الإسراء به (صلى الله عليه وآله) ليلة المعراج (ص ٥ وكذلك ص ٨٥).

ـ أمّا الردّ على المجبّرة وهم الذين زعموا أنّ الأفعال إنّما هي منسوبة إلى العباد مجازاً لا حقيقة ، وإنّما حقيقتها لله لا للعباد ، وتأوّلوا في ذلك آيات من كتاب الله لم يعرفوا معناها (ص ٨٥).

كما أنّ استعمال مصطلحي الحقيقة والمجاز في عصر الإمام عليّ عليه‌السلام موضع تأمّل!

ـ وخالفهم فرقة أخرى في قولهم ؛ فقالوا إنّ الأفعال نحن نخلقها عند فعلنا لها ، وليس فيها صنع ولا اكتساب ولا مشيئة ولا إرادة ... (ص ٨٦).

ـ وأمّا عصمة الأنبياء والمرسلين والأوصياء فقد قيل في ذلك أقاويل


تختلف ، قال بعض الناس : هو مانع من الله تعالى يمنعهم عن المعاصي فيما فرض الله عليهم من التبليغ عنه إلى خلقه ، وهو فعل الله دونهم ، وقال آخرون : العصمة من فعلهم ؛ لأنّهم يحمدون عليها ، وقال آخرون : يجوز على الأنبياء والمرسلين والأوصياء ما يجوز على غيرهم من الذنوب كلّها ، والأوّل باطل لقوله ... (ص ٨٨ و ٨٩).

ـ أمّا الإحتجاج على من أنكر الحدوث مع ما تقدّم فهو أنّا لمّا رأينا هذا العالم المتحرّك متناهية أزمانه وأعيانه وحركاته وأكوانه وجميع ما فيه ، ووجدنا ما غاب عنّا من ذلك يلحقه النهاية ووجدنا العقل يتعلّق بما لا نهاية ، ولولا ذلك لم يجد العقل دليلاً يفرّق ما بينهما ، ولم يكن لنا بدّ من إثبات ما لا نهاية له معلوماً معقولاً أبديّاً سرمديّاً ليس بمعلوم أنّه مقصور القوى ولا مقدور ولا متجزّئ ولا منقسم ، فوجب عند ذلك أن يكون ما لا يتناهى مثل ما يتناهى ، وإذ قد ثبت لنا ذلك فقد ثبت في عقولنا أنّ ما لا يتناهى هو القديم الأزلي ، وإذا ثبت شيءٌ قديم وشيءٌ محدث ، فقد استغنى القديم البارئ للأشياء عن المحدث الذي أنشأه وبراه وأحدثه ، وصحّ عندنا بالحجّة العقلية أنّه المحدث للأشياء ... (ص ٩٠ ـ ٩١).

وفيما بعد تتواصل هذه البحوث والمفردات الفلسفية.

ـ أمّا الردّ على من قال بالرأي والقياس والاستحسان والاجتهاد ومن يقول : (إنّ الاختلاف رحمة) ، فاعلم أنّا لمّا رأينا من قال بالرأي والقياس قد استعمل شبهات الأحكام لمّا عجزوا عن عرفان إصابة الحكم ، وقالوا : «ما من حادثة إلاّ ولله فيها حكم ، ولا يخلو الحكم من وجهين ، إمّا أن يكون نصّاً أو


دليلاً ، وإذ رأينا الحادثة قد عدم نصّها فزعنا ـ أي رجعنا ـ إلى الاستدلال عليها بأشباهها ونظائرها» (ص ٩١).

ومن ثمّ يستمرّ في نقل ونقد مختلف الأدلّة من الآيات والروايات النبوية وعمل الصحابة المستفادة في إثبات القياس ، ولكن عند مقارنة كلّ ذلك بالروايات المأثورة عن الأئمّة وخاصّة أمير المؤمنين عليه‌السلام لا نرى وجه شبه بينهما.

والمسألة الملفتة للانتباه في هذا البحث هي أنّ المقاطع الأخيرة من الرسالة غلب عليها الطابع العقلي والفلسفي بحيث تختلف اختلافاً كاملاً عن أسلوب وسياق الرسالة العام في بدايتها ووسطها.

خلاصة الكلام : إذا لقينا نظرة عابرة على نص هذا الكتاب ومقارنة أسلوبه الأدبي والأفكار المطروحة فيه بالأسلوب الأدبي المتّبع في الأحاديث المروية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام والأفكار السائدة في ذلك العصر ، تجعل احتمال صدور هذه الرواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام منتفياً تقريباً.

وبطبيعة الحال فإنّ سماحة السيّد المددي ذكر كلاماً بشأن هذه الرسالة ورسالة سعد بن عبد الله وهو في مجموعه كلام صائب ومتين ، إذ يقول : «لا شكّ في أنّ كلتا الرسالتين ترجع جذورهما إلى النصوص الروائية لأهل البيت عليهم‌السلام ، وإنّ الكثير من مضامينهما ـ حتّى الروايات المحرّفة ـ وصلت إلينا ولكن بألفاظ وتعبيرات مختلفة ـ المرسلة أو المسندة منها ـ عن الأئمّة عليهم‌السلام ، ويُحتمل احتمالاً قويّاً ـ قريباً لليقين ـ أنّ الكثير من الروايات في مجال فضائل القرآن وأنواع الآيات وتبويبها الموضوعيّ ، ودلالة الآيات القرآنية على أحقّية


منهج أهل البيت عليهم‌السلام ، وبطلان سائر المذاهب المنحرفة وبعبارة أخرى : إنّ محورية القرآن الكريم في جميع مجالات معارف وأحكام الإسلام والتي وصلت إلينا عن الأئمّة عليهم‌السلام ـ وخاصّة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ كانت في متناول الأصحاب المتقدّمين وقد وردت في هاتين الرسالتين إمّا بالمعنى أو بالمضمون ، وذلك وفقاً للمذاق الشخصي للمؤلّفين وأسلوبهم(١).

استدراك :

فيما يتعلّق بالبحث عن وثاقة الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ذكرنا أنّ المحدّث النوري رحمه‌الله وقد كان من ضمن استدلالاته استدلاله برواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر عنه ، وكان سند الرواية ونصّها كالآتي :

«عنه (أي محمّد بن أحمد بن يحيى) ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : قلت له : إنّ أبي هلك وترك جاريتين ... فقال عليه‌السلام : رضىَ الله عن أبيك ، ورفعه مع محمّد وأهله ...»(٢).

ولكن هذه الرواية تواجه مشكلتين ، مشكلة من حيث السند ، ومشكلة عند مقارنة سندها مع متن الحديث ، وكلّ ذلك يؤدّي إلى عدم إمكان الاستناد إليها ، وذلك للأسباب الآتية :

أوّلاً : إنّ طبقة محمّد بن أحمد بن يحيى تثبت أنّه لا يروي عن أحمد

__________________

(١) كيهان انديشه ، العدد : ٢٨ ، ص ١٢٢.

(٢) التهذيب ، ج ٨ ، ص ٢٦٢ / ١٦.


ابن محمّد بن أبي نصر مباشرة ، بل لابدّ من وجود شخص يتوسّط بينهما. علماً أنّ أسانيد بعض الروايات تذكر رواية محمّد بن أحمد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، إلاّ أنّ هذه الروايات تبدو مرسلة ، أو أنّها تعرّضت للسقط أو للتحريف. والتفصيل في هذا الأمر لا يتناسب مع هذه الرسالة.

وفي الروايات التي تتعرّض أسانيدها للتحريف يكون احتمال حصول التحريف في سائر أجزائها الأخرى قويّاً أيضاً ؛ إذ أنّ بعض أسباب التحريف من قبيل : إعياء الناسخ عند كتابة السند ، أو اضطراب الهامش والنصّ ، أو تعذّر قراءة خطّ الناسخ ، لا يستبعد أن تسري إلى جميع أجزاء السند.

وثانياً : في بعض نسخ التهذيب ورد ذكر نصير بدلاً من نصر ، ويبدو أنّ التصحيف هذا ورد في هذه النسخة خطأ ، لعدم وجود شخص بهذا الاسم في الأسانيد والكتب الرجالية(١) ، بيد أنّ هذا الخطأ ـ مع الالتفات إلى ما تقدّم سابقاً ـ يمكن أن يؤثّر في البحث عن السند ، ولربّما أدّى بنا هذا النوع من الأخطاء إلى تحديد السند الصحيح.

ثالثاً : من الغريب وجود الحسن بن عليّ بن أبي حمزة في هذا السند لسبب يتعلّق بشخص الرواي ، وآخر يتعلّق بمتن الحديث ، إذ لم نرَ رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر عنه في موضع آخر أبداً ، ومن جهة أخرى فإنّ

__________________

(١) وبطبيعة الحال فإنّنا نرى مثل هذا العنوان في بعض الأسانيد المحرّفة ، كما في : تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٧ ، وقارن ذلك أيضاً بـ : بحار الأنوار ، ج ٩٢ ، ص ٢٢٨ / ٨ ؛ قرب الأسناد ، الطبعة الحجرية ، ص ١٥١ ، وقارن ذلك أيضاً بـ : بحار الأنوار ، ج ٤٩ ، ص ٢٦٢ / ٥ ـ ص ١٥٣ ـ وقارن ذلك أيضاً بـ : بحار الأنوار ، ج ٤٩ ، ص ٢٦٥ / ٨.


المراد من (أبي الحسن) عليه السلام في الحديث مع ملاحظة الظروف المحيطة به ومع الالتفات إلى نصّ الحديث لا يمكن أن يكون هو الإمام الكاظم عليه‌السلام ؛ إذ ورد الكلام في نصّ الحديث عن موت والد الراوي ، وقد كان عليّ بن أبي حمزة على قيد الحياة في زمن إمامة الإمام الرضا عليه‌السلام ، وهو الذي أسّس مذهب الوقف مع جماعة آخرين ، وإنّ مواجهاته مع الإمام الرضا عليه‌السلام مشهورة(١) ، وقد كانت وفاته في أواخر حياة الإمام الرضا عليه‌السلام. وسواء أكان المراد من أبي الحسن هو الإمام الرضا عليه‌السلام أو الإمام الهادي عليه‌السلام سيواجه الحديث مشكلة :

فأوّلاً : إنّ الحسن بن عليّ بن أبي حمزة كان واقفيّاً ، لا يؤمن بإمامة الرضا عليه‌السلام والأئمّة من بعده ، فمن المستبعد جدّاً أن يسأله عن الحكم الشرعي لمسألته.

وثانياً : إنّ التعبير بـ : (رضي الله عن أبيك ، ورفعه مع محمّد (صلى الله عليه وآله) وأهله) لا يتناسب أبداً مع عليّ بن أبي حمزة البطائني الذي أكّدت الروايات بقاءه على فساد مذهبه من الوقف ووفاته على ذلك ، وابتلائه بالعذاب الأخروي(٢).

كان سماحة الوالد ـ مدّ ظله ـ في بحث مشايخ البزنطي ومناقشة ما إذا

__________________

(١) رجال الكشّي ، ص ٤٦٣ / ٨٨٣ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ٢ ، ص ٢١٣ / ٢٠ ؛ غيبة الطوسي، ص ٢٢٤ / ١٨٨ ؛ دلائل الإمامة ، ص ٤٣٥ / ٤٠٥ ؛ وكذلك انظر : غيبة الطوسي ، ص ٦٩ / ٧٤ ، ٧٠ / ٧٥ ؛ قرب الأسناد ، ص ٣٤٧ / ١٢٥٥ ، ٣٥١ / ١٢٦٠ ، ٣٧٤ / ١٣٣٠ ، ٣٩١ / ١٣٧٠ ؛ تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٧٢ / ٧٥ ؛ رجال الكشّي ، ص ٤٠٥ / ٧٦٠ ؛ دلائل الإمامة ، ص ٣٦٥ / ٣١٨.

(٢) رجال الكشّي ، ص ٤٠٤ / ٧٥٥ ، ٤٤٤ / ٨٣٤ ؛ دلائل الإمامة ، ص ٣٩٥ / ٣١٨.


كان يروي عن غير الثقة أم لا؟ مع الأخذ بنظر الاعتبار ما تقدّم ، لا يرى هذه الرواية مناسبة في إثبات نقل البزنطي عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، ويطرح احتمال وقوع التحريف في سند هذا الحديث بشكل قويّ.

فإذا كان قد وقع التحريف في هذا السند ، فما هو السند الصحيح؟

هناك عدّة احتمالات في البين :

١ ـ الاحتمال الأوّل ـ على ما خطر في ذهني ـ أن يكون راوي الحديث أحد أبناء أبي حمزة الثمالي ، وأبو حمزة راو عظيم الشأن ، جليل القدر ، وقد ورد التعبير عنه في بعض الروايات بالقول : (أبو حمزة في زمانه ، مثل سلمان في زمانه)(١) ، يكون هذا وبذلك فإنّ الدعاء الرفيع الوارد عن الإمام في هذا الحديث بشأنه يكون مناسباً جدّاً.

وقد راجعت مخطوطة أسانيد أصحاب الإجماع للسيّد الوالد ـ قسم أسناد البزنطي ـ للتأكّد من هذا الاحتمال ، فوقعت على رواية البزنطي عن محمّد بن أبي حمزة في سند واحد ، وقد نُقلت هذه الرواية في كتاب الحسين بن سعيد والذي طبع بعنوان نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ، على الشكل الآتي :

«النضر وأحمد بن محمّد وعبد الكريم جميعاً عن محمّد بن أبي

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ١١٥ / ٢٩٦ ، رواية مرسلة عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، رجال الكشّي ، ص ٤٨٥ / ٩١٩ بسند متّصل عن الإمام الرضا عليه‌السلام ، وكذلك في ص ٢٠٣ / ٣٥٧ بعبارة (كلقمان في زمانه) ويبدو أنّه تحريف. انظر : قاموس الرجال ، ج ٢ ، ص ٤٥٠.


حمزة ، عن سعيد بن يسار ...»(١).

إنّ أحمد بن محمّد ـ أستاذ الحسين بن سعيد ـ هو أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ؛ لأنّ الحسين بن سعيد لا يروي عن شخص آخر باسم أحمد بن محمّد(٢) ، وإنّ محمّد بن أبي حمزة هو نجل أبي حمزة الثمالي المعروف(٣).

وفي بيان تحريف السند الذي نحن في صدده يمكن لنا أن نحتمل أنّ أصل السند هو (ابن أبي حمزة) ، وأنّ المراد منه هو محمّد بن أبي حمزة ، بيد أنّ بعض المحدّثين توهّم أنّه الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، ومن باب النقل بالمعنى ، نقلوا السند على صيغته الموجودة في التهذيب.

وهذا الاحتمال جيّد ، ولكن نظراً إلى أنّ رواية البزنطي عن محمّد بن أبي حمزة لم ترد في غير المورد المتقدّم ، فإنّه يصعب التعويل على هذا

__________________

(١) الكتاب المطبوع باسم نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ، ص ٩٣ / ٢٢٠ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٣٨١ / ١٧٠٢٠ ؛ بحار الأنوار ، ج ١٠٤ ، ص ٨ / ١٢.

(٢) معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٤٢٨ ، وهناك رواية عن الحسين بن سعيد عن أحمد بن محمّد بن يزيد (الكافي ، ج ٦ ، ص ٣٥٦ / ٨) ، وقد نقلت بنفسها في مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ٤٢٠ عن أحمد بن يزيد وهو النقل الصحيح. وقد روى الحسين بن سعيد في رواية أخرى عن أحمد بن يزيد (الكافي ، ج ٦ ، ص ٣٧٨ / ١ ؛ المحاسن ، ج ٢ ، ص ٥٦٤ / ٩٧١) ويبدو أنه قد تمّ تصحيف أحمد بمحمّد في بعض النسخ ، وقد جاءت هاتان النسختان مع بعضهما في بعض النسخ المتأخّرة.

(٣) رجال البرقي ، ص ٢٠ ؛ رجال الطوسي ، ص ٣١٣ / ٤٦٥٠ = ٦٧٥ ؛ رجال النجاشي ، ص ٣٥٨ / ٩٦١ ، وكذلك : ص ٥٤ / ١٢١ ، وقد ورد في رجال الطوسي ، ص ٣٠٠ / ٤٣٩٣ = ٤١٨ عنوان (محمّد بن أبي حمزة التيملي الكوفي) ، ويبدو أنّ التيملي تصحيف عن الثمالي.


الاحتمال بشكل قاطع.

٢ ـ الاحتمال الثاني في هذا السند أن يكون راوي الحديث هو عليّ بن أبي حمزة ، الذي روى عنه أحمد بن محمّد بن أبي نصر عدّة روايات(١) ، وقد عبّر عنه البزنطي في بعض الروايات بـ : (ابن أبي حمزة)(٢) ، ولذلك يمكن اعتبار أصل السند ابن أبي حمزة ، وقد تمّ تطبيق الترحيم الصادر عن الإمام خطأ على عليّ بن أبي حمزة.

وفي تأييد هذا الاحتمال نقول : إن التعبير بـ : (هلك) يعني (مات) ، وهو تعبير خاصّ لا يحتوي على دلالة سلبية ، وإنّ هذا التعبير رغم استعماله في آية إرث الكلالة (النساء : ١٧٦) ، ولكنّه على كلِّ حال ليس تعبيراً شائعاً ، علماً بأنّ هذه المفردة نشاهدها في بعض أسئلة علي بن أبي حمزة(٣).

فيما يتعلّق بهذا الاحتمال يجدر بنا القول : إنّنا نشاهد في الكثير من الروايات نقل عليّ بن أبي حمزة عن أبيه(٤) ، وقد تمّ التعبير في أغلبها عن

__________________

(١) معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٦١٥ و ٦١٦ و ٦٢٥ نقلاً عن مشيخة الفقيه [ج ٤ ، ص ٤٨٨] ـ طريق المؤلّف إلى علي بن أبي حمزة ـ ج ٢٣ ، ص ٣٢٦.

(٢) الكافي ، ج ٤ ، ص ٣١٦ / ٧ ، ٣٦٧ / ١ ؛ قرب الأسناد ، ٣٥١ / ١٢٦٠ ، ٣٧٤ / ١٣٣٠ ، ٣٩١ / ١٣٧٠ ، وكذلك : تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٧٢ / ٧٥.

(٣) الكافي ، ج ٧ ، ص ١٨ / ١٠ (سألت عبداً صالحاً عن رجل هلك فأوصى بعتق نسمة ...). الفقيه ، ج ٤ ، ص ٢٦١ / ٥٦٠٨ (عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن جار لي هلك وترك بنات ...).

(٤) الكافي ، ج ٤ ، ص ٦٠ / ٢ ، في سند ضعيف ومرسل ؛ أمالي الصدوق ، مج ٩٥ / ١٠ ؛ الخصال ، ص ١٦٠ / ٢٠٦ (الراوي عن عليّ بن أبي حمزة في كلا هذين السندين هو الحسين بن يزيد النوفلي) ؛ مشكاة الأنوار ، ص ١٠٠ لا يخلو من إرسال.


عليّ بن أبي حمزة بعبارة عليّ بن سالم(١) ، ومع ذلك ليس هناك من دليل يُثبت أنّ سالم أبو حمزة البطائني كان من الكبار والأجلاّء ، إذ لم يرد ذكره في أيٍّ من الكتب الرجالية ، وإنّما ورد اسمه في بعض نسخ رجال الشيخ في جملة أصحاب الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام(٢).

٣ ـ الاحتمال الثالث أنّ أصل السند هو : أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الحسن بن عليّ ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، وقد أضيف (بن أبي حمزة) إلى السند خطأً ، أو أنّه كان على شكل هامش تفسيري ، ثمّ أضيف إلى النصّ بتصوّر أنّه سقط منه ، أو أنّ بعض النسّاخ تصوّر أنّ المراد من الحسن بن عليّ هو ابن أبي حمزة ، وأضيفت هذه العبارة إلى السند إمّا عن قصد أو من سهو القلم.

وفي توضيح هذا الاحتمال نقول : في الجزء الثامن من التهذيب والذي فيه هذا الحديث الذي نحن بصدده ، جاء حديث آخر بهذا السند :

__________________

(١) الفقيه ، ج ٣ ، ص ٣١٣ / ٤١١٩ ، ٣٥١ / ٥٧٥٨ ؛ التهذيب ، ج ٧ ، ص ١٧٨ / ٤٢ (ويبدو أنّه مأخوذ من مورد الفقيه الأوّل) ؛ الاختصاص ، ص ٢٢٣ ؛ أمالي الصدوق ، مج ٤ / ٧ ، ٢٩ / ٢١ ، ٤٩ / ١٦ ، ٧٠ / ١٠ ، ٧٢ / ٧ ، ٩٢ / ٤ ، ٩٤ / ٧ ؛ التوحيد ، ص ٤٠٣ / ١٠ ؛ الخصال ، ص ٦٨ / ١٠١ ، ٧٢ / ١٠٩ ؛ صفات الشيعة ، ص ٢ ، علل الشرائع ، ج ١ ، ص ١٣ / ١٠ ، ١٥ / ١ ، ٦٨ / ١ ، ٧٧ / ١ ، ١٣١ / ١ ، ١٥٤ / ١ ، ٢٨٣ / ١ ، ٢٨٤ / ١ ، ج ٢ ، ص ٥٧١ / ٤ ؛ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ١ ، ص ٧ / ٢ ؛ فضائل الأشهر الثلاثة ، ص ١٨ / ٣ ؛ كمال الدين ، ص ١٣٥ / ٤ ؛ قصص الأنبياء للراوندي ، ص ٦٦ / ٤٧.

(٢) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٢١٨ / ٢٨٨٤ = ١٢٢ ، راجع : هامش الكتاب ومعجم الرجال ، ج ٨ ، ص ٩.


«عنه (أي محمّد بن أحمد) ، عن أبي عبد الله الرازي ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الحسن بن عليّ ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قلت له : إنّ لي جارية ...»(١).

إنّ سند هذا الحديث ـ الذي يشبه السند الذي نحن بصدده من عدّة جهات ، وقد تحدّث نصّه عن جارية أيضاً كما هو حال الحديث المعنيّ لدينا ـ يمكن أن ينفعنا في حلّ مشاكل السند الذي نبحثه ؛ إذ ورد في هذا السند اسم أبي عبد الله الرازي بين محمّد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وبإضافته إلى السند المعنيّ في بحثنا يرتفع أوّل إشكال لدينا.

ومن ناحية أخرى : إذا نظرنا إلى عبارة (الحسن بن عليّ) من دون بن أبي حمزة فسوف يرتفع الإشكال في الراوي الأخير للحديث أيضاً.

فإذا كان هذا الاحتمال صحيحاً ، فمن هو المراد من الحسن بن علي؟

مع الالتفات إلى السند الذي جاء في مستطرفات السرائر ، (ص ٥٧٥) نقلاً عن جامع البزنطي «قال : وحدّثنا الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن أبيه عليّ بن يقطين ...» ، يمكن أن يكون المراد من الحسن بن عليّ هو الحسن ابن عليّ بن يقطين وأبوه عليّ بن يقطين ، وهو من الأجلاّء ومن كبار الشيعة ، وهو بجدارة يستحقّ دعاء الإمام عليه‌السلام القائل : «رضي الله عن أبيك ، ورفعه مع محمّد وأهله».

إلاّ أنّ تعقيدات مستطرفات السرائر بشكل عام ، والغرائب العديدة التي في هذا الكتاب ـ خاصّة عند روايته عن جامع البزنطي ـ لا يمكن لنا إثبات

__________________

(١) التهذيب ، ج ٨ ، ص ٣١٠ ، ح ٢٦.


رواية البزنطي عن الحسن بن عليّ بن يقطين بمجرّد النظر إلى هذا السند الوحيد.

وعلى كلِّ حال لا شكّ في حدوث التحريف في السند الذي نحن بصدده ، وبذلك يبقى السند الأصلي مجهولا لدينا ، ومع الالتفات إلى تحريف السند ، فإنّ الاستناد إليه في البحث عن وثاقة الحسن بن عليّ بن أبي حمزة لا يكون تامّاً.

وللبحث صلة ...


علماء الإمامية في بلاد الحرمين في القرن الحادي عشر

على ضوء كتاب العلاّمة آقا بزرك الطهراني

(الروضة النضرة في المائة الحادية عشرة)

(١)

وسام عبّاس السبع

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة

أثناء اطّلاعي على كتاب الروضة النضرة في المئة الحادية عشرة(١) للعلاّمة الكبير آقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩ هـ/١٩٧٠ م) استرعى انتباهي الحشد الكبير من علماء الإمامية الذين جاوروا مكّة والمدينة لفترات متفاوتة ، فالبعض ولد في أرض الحرمين ، والبعض الآخر جاور العتبات المقدّسة لبضع سنوات من حياته ثمّ آثر الرجوع لمسقط رأسه ، فيما البعض الآخر قرّر قضاء سنوات عمره الأخيرة بجوار بيت الله الحرام أو مرقد النبيّ (صلى الله عليه وآله) بالمدينة ليدفن في أشرف البقاع.

__________________

(١) سنعتمد في هذا البحث على النسخة التي صدرت ضمن موسوعة (طبقات أعلام الشيعة) عن دار إحياء التراث العربي ط١ ، بيروت ٢٠٠٩ م ، الجزء الثامن ، القرن الحادي عشر.


وأمام هذه الوفرة في المعلومات وغزارة المادّة التاريخية حول الموضوع ، وجدتُ من المناسب أن أقدّم قراءة موجّهة لهذا الكتاب القيّم ، أستقصي فيها ملامح الدور العلمي والأدبي لعلماء الإمامية في بلاد الحرمين ، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التالية :

أوّلاً : إبراز قيمة التراث العلمي الذي تركه شيخ الباحثين الحجّة العَلَم الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه‌الله.

ثانياً : إيضاح ملامح الدور الإمامي في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) في (مكّة المكرّمة) و (المدينة المنوّرة) من خلال إعادة اكتشاف دور علماء الإمامية وإسهاماتهم في رفد الحركة العلمية والأدبية في ذلك القرن.

ثالثاً : تقديم دراسة متأنّية وهادئة للجذور التاريخية للوجود الإمامي في مكّة والمدينة ، وهو وجود عريق يتّصل بمرحلة صدر الإسلام في القرن الأوّل الهجري ، وإزالة الغموض المرتبط بالتاريخ الشيعي في هذه المنطقة نتيجة لسيادة رؤية أحادية تُقصي التأثيرات الشيعية من الذاكرة التاريخية لأسباب ودواعي طائفية ترتهن بشكل كبير لما يجري اليوم من تحوّلات وأحداث سياسية وصراعات دولية.

رابعاً : محاولة إبراز صفحة مشرقة من صفحات التواصل الفكري المثمر بين علماء الإسلام بمختلف طوائفهم ، وهي صفحة من تاريخنا الإسلامي المجيد تبعث على الفخر والاعتزاز.


هذه هي أبرز الأهداف التي يتوخّاها الباحث ، ويسعى للتأكيد عليها ، فإنّ وُفّقَ في ذلك فذلك من فضل الله ، وإن أخفق فله شرف المحاولة ومسعى التلميذ.

ولقد استفدنا من بعض المصادر والمراجع المرتبطة بموضوع البحث ، ويأتي كتاب فرحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام للحسيني الكاشاني وأمل الآمل للحرّ العاملي ، وتتميم أمل الآمل لعبد النبي القزويني ، وسلافة العصر لابن معصوم المدني ، وحياض العلماء ورياض الفضلاء للميرزا الشيخ عبد الله الأفندي ، من أهمّ المصادر التي اعتمدنا عليها ؛ لأنّها أضافت عنصراً جديداً ومعلومات وفيرة على هذه الدراسة ، لاعتبارات ثلاثة :

ـ أنّها مصادر الشيخ الطهراني نفسه في كتابه الروضة النضرة.

ـ أنّها مصادر تشترك في الموضوع نفسه وتعالج فترة زمنية واحدة.

ـ وحيث إنّ الطهراني عالج مادّته باختصار ، فإنّ هذه المصادر زوّدتنا بتفاصل أكثر وأضاءت جوانب مهمّة لم يشأ الطهراني بحثها بتوسّع في الروضة النضرة ، وإنّما قدّم ملامح رئيسية هي بمثابة مفاتيح تخدم القارئ الذي يريد التوسّع في دراسة الشخصيّات والأعلام الذين ترجم لهم.

أمّا بالنسبة للمصادر الأخرى ، فمنها : مجموعة كتب حديثة تبحث في تاريخ تلك الفترة الاجتماعي والثقافي ، فضلاً عن المقالات والأبحاث المنشورة في عدّة كتب أو مجلاّت تبحث في تاريخ المنطقة بالنحو الذي تكشف عنه المصادر والمراجع الواردة في هوامش البحث.


وقبل أن أختم هذه السطور ، بودّي أن أتقدّم للصديقين العزيزين اللذين ساهما في قراءة مسوّدة هذا البحث وأغنياه بملاحظاتهما القيّمة ، وهما : الأستاذ السيّد علي السادة والأستاذ حسين منصور الشيخ ، ومن البداهة أنّني وحدي مسؤول عن نواقص وأخطاء هذا البحث.

والله وليّ التوفيق

وسام عبّاس السبع

البحرين


تمهيد

مكّة والمدينة المجتمع والتاريخ

حفلت منطقة الحجاز بمجموعة من الوقائع المهمّة تاريخيّاً وثقافيّاً واجتماعيّاً ، وعندما يرد اسمها غالباً ما يقرن بالتوقير والتعظيم ، وقد وتضاعفت أهمّيتها بعد ظهور الإسلام في مكّة المكرّمة ، عندما سطعت أنواره من بطحائها ، وصارت الكعبة المشرّفة قبلة المسلمين ، حيث اتّجهت إليها الأنظار وازداد العناية بأمرها.

ولمّا بلغ المسلمون قمّة المجد والسيادة في منتصف القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) ، ازدهرت العلوم الإسلامية في أرجائها ، وتنبّه رواة الحديث والمغازي إلى وجوب التصنيف والتدوين في الحرمين ، بحيث صار لكلّ منهما رجال قصروا عليهما عنايتهم.

وبدءاً من القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) ، كان الخلفاء والحكّام المسلمين يبدون اهتماماً كبيراً ببلاد الحجاز ، وذلك طمعاً في شرف رعاية المقدّسات الإسلامية فيها ، إذ كانت الهيمنة على الحرمين الشريفين تُعدّ إحدى أبرز مؤشّرات السيادة على العالم الإسلامي ، ومن يوليها الرعاية الواجبة فهو الأحقّ بالاتّباع ، ولذلك كان الصراع متواصلا عبر التاريخ على نيل شرف خدمتها والسيطرة عليها.

وممّا يدلّ على ما يتمتّع به الحرمان الشريفان في مكّة المكرّمة والمدينة


المنوّرة من اهتمام ، أنّ جدلاً كثيراً حدث بين العلماء حول أفضلية مكّة المكرّمة على المدينة المنوّرة ، أو العكس ، شارك فيه كثير من علماء المذاهب الإسلامية ، حتّى أنّ الإمام جلال الدين السيوطي (ت ٩١١ هـ/ ١٥٠٥ م) ألّف رسالة صغيرة في هذا الشأن سمّاها : الحجج المبينة في التفضيل بين مكّة والمدينة قرّر فيها تفضيل المدينة المنوّرة على مكّة المكرّمة بقوله : «الذي تميل إليه النفس تفضيل المدينة»(١).

وقد تَنَاولَ السيّد علي خان المدني (ت ١١٢٠ هـ/ ١٧٠٨ م) مسألة الصلاة في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وأضرحة آل البيت ، وبَيَّن أفضليّتها على بعضها ورجّح استحباباً مجاورة مكّة المكرّمة خلافاً لما ذكره غيره مستنداً في ذلك على ما رواه ابن بابويه ، فقال : «وأمّا كون الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله) فيدلّ صريحاً ما رواه رئيس المحدّثين أيضاً في كتاب ثواب الأعمال بإسناده عن مسعد بن صدفه عن الصادق عليه‌السلام قال : (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاةٌ في مسجدي تعدل عند الله عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام ؛ فإنّ الصلاة فيه تعدل ألف صلاة في مسجدي) ، وفي هذا المعنى أخبار أخر»(٢).

ثمّ إنّ المستفاد به في ذلك ما جاء من أحاديث آل البيت عليهم‌السلام ، في كون

__________________

(١) الحجج المبيّنة في التفضيل بين مكّة والمدينة : ٤٣.

(٢) رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين الإمام علي بن الحسين عليه‌السلام ١/٤٧٦ ـ ٤٧٧.


مكّة أفضل من سائر بقاع الأرض ، وأنّ الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)(١).

مكّة المكرّمة :

وقد اختُلِفَ في سبب تمسيتها ؛ فقيل : سمّيت مكّة لأنّها بين جبلين مرتفعين عليها وهي في هبطة بمنزلة المكوك ، وقيل لازدحام الناس فيها حيث يقصدونها من جميع الأطراف من قولهم : امتكّ الفصيل أخلاف الناقة إذا جذب جميع ما فيها جذباً شديداً فلم يَبقَ فيها شيئاً ، وهذا قول أهل اللغة. وقال آخرون : سمّيت مكّة لأنّها لا يفجر بها أحد إلاّ بكّت عنقه ، فكان يصبح وقد التوت عنقه. وبكّة موضع البيت ، وما حول البيت مكّة(٢).

وبكّة هي مكّة بيت الله الحرام ، أبدلت الميم باء ، وقيل بكّة بطن مكّة ، وقيل : موضع البيت المسجد ومكّة وما وراءه ، وقيل : البيت مكّة وما ولاه بكّة ، وقال ابن الكلبي : «سمّيت مكّة لأنّها بين جبلين بمنزلة المكوك ، وقال أبو عبيدة : بكّة اسم لبطن مكّة ، وذلك أنّهم كانوا يتباكّون فيه أي يزدحمون»(٣).

وتُعدّ مكّة المكرّمة أوّل بلد مقدّس في الإسلام ، ففيها أوّل الحرمين

__________________

(١) رياض السالكين١/٤٧٦ ـ ٤٧٧.

(٢) معجم البلدان ٥/١٨٢.

(٣) معجم البلدان ١/٤٧٥.


وثاني القبلتين ، وهي مهبط الوحي والتنزيل ومحطّ أنظار المسلمين ، يتوجّهون شطرها ويحجّون إليها من كلّ حدب وصوب ، فلا عجب أن تهفوا إليها قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، فيرجون الله مخلصين أن يمنحهم التوفيق لزيارتها ، ويكتب لهم حجّ البيت فيها وزيارة قبر نبيّه (صلى الله عليه وآله) قبل أن يتوفّاهم الله ويفارقون هذه الحياة الدنيا.

ولم تكن رحلة الحجّ في الفترة التي ندرسها سهلة يسيرة على المسلمين بالشكل التي هي عليه اليوم ، فقد كانت حرارة الشمس الحارقة تصهر الأجساد الآدمية في وهاد الحجاز القاحلة ، وكان على الحجّاج أن يتلاءموا مع برودة ليل الصحراء ، وكان عليهم أن يقاسوا آلام الجوع وكظّة العطش وهم يلهجون بصوت جهير دون توقّف : «لبّيك اللهمّ لبّيك».

كان موكب الحجيج يشقّ طريقه الصحراوي بمهابة ، وكانت القوافل تسير بجمالها الملفوفة بالسجّاد ، وكانت النساء على الجمال يهلّلن على طول الطريق ، وكذا كان يفعل الرجال الذين كانوا يقودون الجمال(١).

وكان الخوف يسيطر على الحجّاج وهم يترقّبون الهجمات التي يشنّها الأعراب ، وكثيراً ما لاتقتصر هذه الهجمات على السرقة والنهب ، إذ يسقط فيها ضحايا كثر ، ومن كان ينجو من القتل تتربّص به الصحراء بقسوتها ، فيموت وهو يحاول الفرار عطشاً ، والمحظوظ من تكتب له النجاة في هذه التجربة المهلكة.

__________________

(١) مكّة المكرّمة في عيون رحّالة نصارى : ٩٦.


ويعطينا الرحّالة الألماني يوهان وايلد Johann Wild ـ على سبيل المثال ـ معلومات حول رحلته للحجّ في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) كعبد رقيق مع سيّده الفارسي إلى مكّة ضمن القافلة المصرية ، وقد عسكر القائد (أمير الحجّ) في حديقة تبعد ميلين عن القاهرة قبل أسبوع ، وتقاطر الحجّاج إلى هناك بالتدريج ، أطلقت الأبواق إيذاناً ببدء الرحلة ، كان الحجّاج يسيرون في نظام لكي تسهل مراقبتهم في أثناء الرحلة ، كانت تحمل الجمال في أرتال الواحدُ تلو الآخر ، ومئة من الجنود المماليك المرافقين ومعهم ستّة مدافع. كان ثلاثون جملاً تحمل سلالاً فارغة لوضع الذين يمرضون من الحجّاج فيها. وكان كلّ رجل يحمل جوداً مملوءاً بالماء يكفي لثلاثة أيّام ، لم يكن هناك إمكانية لإعادة ملئه قبل الوصول إلى السويس ، وما كان شيء أثمن من الماء آنذاك. كان من المناظر المألوفة أن ترى الحجّاج الفقراء يطوفون بالمعسكر يتسوّلون ، وحينما يُقَدّم لهم الطعام كانوا يرفضون قائلين : «لا نريد أن نأكل لكن إكراماً لله شربة ماء».

بعد عبور السويس جابوا شبه جزيرة سيناء ، وكانوا يقضون يوماً كاملاً في شقّ طريقهم عبر الممرّ المرعب لسلسلة العقبة ، وهي سلسلة جبال عالية وصخور شاهقة ، كانت الجمال تقاد من خطامها بينما سار الحجّاج على الأقدام ، مكثوا يومين في مدينة العقبة في الوادي حيث آبار مياه الأمطار الحلوة يحرسها الجنود المماليك خوفاً من البدو.

كان عدد رجال القافلة (٢٠٠٠٠) وعدد الجمال (١٠٠٠٠٠). وصلوا إلى


ينبع ـ وتقع في منتصف الطريق إلى مكّة ـ في زهاء ١٩ أو ٢٠ يوماً ، وكان عدد الوفيات (١٥٠٠) رجل و (٩٠٠) جمل. بعد ينبع تعرّضوا لمضايقات من البدو وهم يعبرون الجبال(١).

المدينة المنوّرة :

أمّا (المدينة المنوّرة) ، فسمّيت أيضاً يثرب ، قال أبو القاسم الزجّاجي : «يثرب مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، سمّيت بذلك لأنّ أوّل من سكنها عند التفرّق يثرب بن قانية بن مهلائيل ابن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سالم ابن نوح عليه‌السلام ، فلمّا نزلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، سمّاها طيبة وطابة كراهية للتثريب ، وسمّيت مدينة الرسول لنزوله بها.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله) ، لمّا هاجر : «اللهمّ إنّك أخرجتني من أحبّ أرضك إلَيّ

فأسكنّي أحبّ أرضك إليك ، فأسكنه المدينة»(٢).

وللمدينة تسعة وعشرون اسماً ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان(٣) ، وتكتسب المدينة قداسة خاصّة عند المسملين لشرافة ما ضمّته

__________________

(١) المصدر السابق : ٩٥ ـ ٩٦ ، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ٢/١٩٤.

(٢) معجم البلدان ٥/٤٣٠.

(٣) وهي : المدينة ، وطيبة ، وطابة ، والمسكينة ، والعذراء ، والجابرة ، والمحبّة ، والمجبّة ، والمحبورة ، ويثرب ، والناجية ، والموفية ، وأكّالة البلدان ، والمباركة ، والمحفوفة ، والمسلمة ، والمجنّة ، والقدسية ، والعاصمة ، والمرزوقة ، والشافية ، والخيرة ، والمحبوبة ، والمرحومة ، وجابرة ، والمختارة ، والمحرمة ، والقاصمة ، وطبابا. انظر : معجم البلدان ٥/٨٣.


في ترابها. وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله : «ربّ أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ، قالوا : المدينة ومكّة»(١). وقال (صلى الله عليه وآله) : «من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليفعل فإنّه من مات بها كنت له شهيداً (أو شفيعاً) يوم القيامة»(٢).

التركيبة الاجتماعية في مكّة والمدينة :

انقسم مجتمع (مكّة المشرّفة) و (المدينة المنوّرة) في القرن الحادي عشر الهجري إلى مجموعة متنوّعة من الطبقات :

ـ أولى هذه الطبقات في مجتمع مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة هي (طبقة الأشراف) ، والأشراف ينتسبون إلى سيّدنا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ومنهم آل الحسن بمكّة المكرّمة وآل الحسين بالمدينة المنوّرة(٣) ، وقد بدأ ظهور طبقة الأشراف سنة ٣٥٨ هـ (٩٦٩ م) ، حينما استقلّ أبناء الحسن والحسين بمكّة والمدينة وتولّوا أمور الحجاز(٤) ، وأصبح هذا اللقب يطلق على أمراء الحرمين الشريفين وأفراد عائلاتهم ، فلم يكن هذا اللقب معروفاً في بلاد الحجاز من قبل(٥) ، وتمتّع الأشراف داخل المجتمع الإسلامي بمكانة

__________________

(١) معجم البلدان ٥/٨٣.

(٢) معجم البلدان ٥/٨٣.

(٣) شفاء الغرام ٢/١٩٤.

(٤) إتّعاظ الحنفا بأخبار الأئمّة الفاطميّين الخلفاء : ١٠١.

(٥) العلاقات بين مصر والحجاز زمن الفاطميّين والأيّوبيّين : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.


عظيمة ، حيث تمتّعوا بالاحترام والتقدير من قبل الجميع ، وقد سكن بعضهم المدينة المنوّرة وما حولها ، وبعضهم سكن منعزلاً عن بقية السكّان(١) ، وكان اختيار أمير المدينة من بينهم لرفعة مكانتهم.

ـ ومن الطبقات التي كانت ذات شأن عظيم داخل مجتمع مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة هي (طبقة أصحاب الوظائف الدينية) وتتمثّل في القضاة والخطباء والقرّاء والمؤذّنين والأئمّة وغيرهم(٢).

ـ وأجلّ تلك المناصب كان (منصب القضاء) ، فهي الوظيفة الثانية بعد (ولاية إمارة المدينة) ، فلابدّ أن يكون القاضي في المدينة من كبار العلماء والفقهاء لعظمة وظيفته(٣) ، حيث كانوا يختارون من رجال العلم وأهل الدين ، ويقومون على تنفيذ الأحكام الدينية على كلّ الناس ، وقد وجد في المدينة قضاة لجميع المذاهب ، فكان لكلّ طائفة إمامها وقاضيها(٤) ، كما تمتّع القضاة بنفوذ كبير داخل الدولة وباحترام أمراء بلاد الحجاز ، وكذلك سلاطين المماليك بمصر ، وعاش هؤلاء القضاة في سعة من العيش نتيجة لما أغدقته الدولة عليهم(٥).

ـ وأمّا خطباء المدينة فهم يأتون بعد القضاة في مكانتهم ، وكما كان

__________________

(١) الدرر السنية في الأنساب الحسنية والحسينية : ٥٩.

(٢) المجتمع الحجازي في العصر المملوكي :١٩.

(٣) العلاقات بين مصر والحجاز : ٢٢٩.

(٤) رحلة ابن بطّوطة المسمّاة تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار.؟؟؟

(٥) المجتمع الحجازي في العصر المملوكي : ٢٠.


لكلّ طائفة قاض ، كان لها إمام يؤمّها في صلاتها ، فلكلّ إمام مكان محدّد في المسجد يصلّي فيه مع أتباعه(١).

ـ ومن أبرز الطبقات في مجتمع مكّة والمدينة : (طبقة المجاورين) ، وهم يشكّلون جزءاً كبيراً في البناء الاجتماعي لمجتمع المدينة المنوّرة ، حيث استقرّوا واندمجوا مع السكّان الأصليّين ، وهم من أكبر طبقات المدينة عدداً ، وتسميتهم تأتي من الجوار والمجاورة ، وتعني المجاورة البقاء في مكّة والمدينة لفترة غير معلومة تنتهي بخروج المجاور من إحدى هاتين المدينتين أو الوفاة بهما(٢).

وتتكوّن هذه الطبقة من كثيرين قدموا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي للمجاورة بجوار المسجد النبوي ، وتعدّدت بلدانهم ، خاصّة مصر والشام والعراق والمغرب واليمن وفارس وبلاد ما وراء النهر وغيرها ، وكان منهم العلماء والتجّار وطلبة العلم وأرباب الوظائف الدينية كالأئمّة والقضاة وجماعات أخرى وفدت على المدينة. ولفضل المجاورة بها ، ما لبثوا أن استقرّوا واندمجوا مع سكّانها وشاركوهم في الحركة العلمية والاقتصادية(٣).

ولم تكن مدّة مجاورتهم محدّدة ، فقد تطول أو تقصر ، تبعاً لرغبة المجاور وأحوال مكّة والمدينة خلال فترة وجوده ، فقد يمكث بعضهم بضع

__________________

(١) الرحلات المغربية والأندلسية مصدر من مصادر تاريخ الحجاز في القرنين السابع والثامن الهجريّين : ٢٠٦.

(٢) لسان العرب ١/٥٣٠ ـ ٥٣١.

(٣) العلاقات بين مصر والحجاز : ٢٣٤ ـ ٢٣٥.


سنوات ، وآخرون يفضّلون الإقامة حتّى يدركهم الموت ، ومارس العديد منهم بعض الأعمال إضافة إلى تولية الوظائف الدينية ، ومنها إمامة الحرم النبوي والأذان والقضاء والتدريس والفتوى ، ومنهم طلاّب للعلم(١) ، وقد نالوا الرعاية من جانب الحكّام المسلمين.

ـ أيضاً ، شكّلت (طبقة الأغوات)(٢) طبقة ذات خصائص اجتماعية خاصّة ؛ والأغوات هم من يقومون على خدمة المسجد النبوي الشريف ، بعضهم من أصل حبشي أو صقلبي ، وكان صلاح الدين الأيّوبي هو الذي ثبّت قاعدة الخدّام في الحرم النبوي ، وأوقف عليهم الأوقاف والجامكية(٣) ، ولهم كتاب بذلك وقفهم فيه على الحرم النبوي الشريف سنة ٥٦٨ هـ (١١٧٢ م) ، كان موجوداً لديهم إلى أيّام السخاوي(٤).

كانت طبقتهم كما ذكرها السخاوي في كتابه التحفة اللطيفة تقوم بحفظ المسجد نهاراً ، ومباشرة قفل أبوابه ، والمبيت فيه لحراسته ، ممّا هو الأصلي في ابتكارهم ، وتنزيل القناديل وتعليقها للتعمير والوقود وغسلها أومسحها وإسراج ما يوقد منها سَحَراً ، والدوران بعد صلاة العشاء بالقناديل لتفقد من

__________________

(١) الحياة العلمية الاجتماعية في مكّة : ١٤٤.

(٢) الأغوات جمع آغا والمقصود بها خدّام سيّد السادات (صلى الله عليه وآله). ينظر : تحفة المحبّين والأصحاب في معرفة ما للمدنيّين من الأنساب : ٥٣.

(٣) الجامكية : لفظ فارسي مشتقّ من جامة بمعنى اللباس ؛ أي نفقات أو تعويض اللباس الحكومي وقد ترد بمعنى الأجر أو الراتب أو المنحة والجمع (جامكيات ، جوامك ، جماكى) ينظر : معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي : ٥١.

(٤) التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة ١/٦١ ـ ٦٣.


يخشى مبيته ، ويرجعون عليه بالمنع ولا يبيت فيه إلا الفرّاش لإطفاء القناديل وفتح الأبواب للمؤذّنين وكنس المسجد والروضة والحجرة كلّ جمعة مع مسح الجدر كلّ سنة وفرش بساط أمير المدينة(١).

ـ كما كانت لـ (طبقة التجّار) مكانة كبيرة في المجتمع المكّي والمدني ، وتتكوّن هذه الطبقة من التجّار الذين يعملون في التجارة بين الشرق والغرب(٢) ، حيث يأتون إلى الأماكن المقدّسة بالأطعمة والمؤن المختلفة التي تحتاجها ويشترون من أهلها بضائعهم ، وخاصّة التمر الذي تشتهر به المدينة وتصدّره إلى الخارج(٣) ، وقد قام التجّار بدور كبير في تجارة بلاد الحجاز لاعتماد هذه البلاد بالدرجة الأولى على التجارة(٤) ، لذا كانوا طبقة ثريّة داخل المجتمع لما يعود عليهم من ثراء بسبب اشتغالهم بالتجارة(٥).

ـ وإلى جانب هذه الطبقات ، كانت هناك (طبقة العامّة) ، وهي التي تمثّل الغالبية العظمى داخل مجتمع المدينة ، فمنها الفلاّحون الذين يمثّلون فئة فقيرة داخل المجتمع ، نظراً لطبيعة أراضيها قليلة الأمطار(٦). فضلاً عن أنّ الحرفة الأساسية عند أهل مكّة والمدينة هي الرعي ، نظراً للبيئة التي كانوا

__________________

(١) المصدر نفسه ١/٦١ ـ ٦٣

(٢) العلاقات بين مصر والحجاز زمن الفاطميّين والأيّوبيّين : ٢٣٨.

(٣) الرحلة الحجازية لولي النعم الحاج عبّاس حلمي باشا الثاني خديوي مصر : ٢٥٩.

(٤) الرحلات المغربية والأندلسية : ٢٠٦ ـ ٢٠٧.

(٥) المدينة المنوّرة في العصر الأيّوبي : ١٢٢.

(٦) العلاقات بين مصر والحجاز ، زمن الفاطميّين والأيّوبيّين : ٢٣٨.


يعيشون فيها ، ولأنّها الحرفة المفضّلة عند العربي التي تتّفق مع طبيعة الأرض(١).

ـ كذلك ، كان هناك (الأعراب) الذين يعيشون خارج الأماكن المقدّسة في مكّة والمدينة في المناطق المحيطة بها ، وعلى طول الطرق المؤدّية إليها ، فهم فئة من الناس احترف بعضهم السرقة والنهب والاعتداء على الحجّاج وسلب أموالهم ، كما ظهر خطرهم أيضاً على أهل بلاد الحجاز(٢).

ولم يكن إرضاء هؤلاء الأعراب والقبائل بالأمر اليسير ، فكثيراً ما تعرّضوا لقوافل الحجّاج بأعمال القتل والسلب والنهب ، بل كانوا يغيرون على المدينة المنوّرة للسلب والنهب أيضاً(٣).

ـ وإلى جانب هؤلاء ، شكّل (العبيد) إحدى طبقات مجتمع مكّة والمدينة ، وكان منها أتباع الأمير وأعوانه وخواصّه الذين يسهرون على راحته وخدمته ، بالإضافة إلى تنفيذ أوامره ، حيث كان لكلّ أمير مجموعة من العبيد من أجناس مختلفة ، فمنهم الفرس والروم والبربر والأحباش والنوبة والزنج ، وكلّ مجموعة من هؤلاء كانت لهم عاداتهم من الأطعمة والأشربة والملابس(٤).

__________________

(١) العلاقات بين مصر والحجاز ، زمن الفاطميّين والأيّوبيّين : ٢٣٨.

(٢) الرحلات المغربية والأندلسية : ٢٠٢.

(٣) شؤون الحرمين الشريفين في العهد العثماني في ضوء الوثائق التركية العثماني : ٢٢ ـ ٢٣.

(٤) مظاهر الحياة الاجتماعية في مكّة والمدينة إبّان القرن الثامن الهجري من خلال كتب الرحّالة : ١٢٣.


ـ وكذلك كانت هناك مجموعة تعمل في الحقول والبساتين للخدمة فيها وحراستها ورعي المواشي. ولولا هؤلاء ما قامت زراعة بالمدينة ، وكانوا يتقاضون مقابل ذلك بعض من الغلّة ، ومنهم يقوم بالخدمة في البيوت وهم يسمّون بالنخولة(١) ، كما كانت الإماء والجواري منهم من يجلبن من أسواق النخاسة ، منهنّ الحبشيّات والروميّات والشركسيّات والعربيّات من مولّدات المدينة والطائف واليمامة ومصر(٢).

__________________

(١) المدينة المنوّرة في العصر الأيّوبي ٢/١٢٣.

(٢) تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي : ٤٣٢.


أوّلاً : كتاب (الروضة النضرة) وسيرة مؤلّفه

١) أهمّية كتاب (الروضة النضرة) :

من الخصائص المميّزة في التراث العربي الإسلامي عنايته الشديدة بكتب السير ، وقد ولع المؤرّخون العرب بهذا الفنّ وسبقوا الأمم المعاصرة في هذا المضمار ، فتنوّعت تأليفاتهم وتعدّدت ، فمنها ما رتّبت السير فيه على طبقات ، فهناك كتب لطبقات الشعراء ، والنحاة ، والأدباء ، والأطبّاء ؛ ومنها ما تعدّى إلى تراجم الأعيان عامّة دون الاقتصار على طبقة خاصّة ؛ ومنها ما رتّبت السير فيه على المشاهير في هذا القرن أو ذاك ، فهناك كتاب في أعيان القرن الثامن(١) ، وذلك في أعيان القرن التاسع(٢) ، وهناك كتب في القرن العاشر(٣) ، وآخر في أعيان القرن الحادي عشر(٤) والثاني عشر(٥) والثالث عشر(٦).

وتأتي أهمّية كتاب الروضة النضرة في المائة الحادي عشرة من حيث كون مؤلّفه عالماً من طبقة العلماء المتخصّصين في المخطوطات ، فقد أفنى

__________________

(١) الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة.

(٢) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.

(٣) الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة.

(٤) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

(٥) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر.

(٦) حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر.


آقا بزرك الطهراني جُلَّ حياته في جمع وملاحقة التراث الإمامي المخطوط.

وهو صاحب الكتاب الذائع الصيت : الذريعة إلى تصانيف الشيعة(١) وفكرة تأليفه كانت في مدينة الكاظميّة أيضاً في قصّة معروفة حدثت له مع السيّد حسن الصدر (ت١٣٥٤ هـ/ ١٩٣٥ م) والشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء (ت١٣٧٣ هـ/ ١٩٥٤ م) إذ اتّفقوا في تلك البلدة وأقسموا على وضع ما يخدم الطائفة ردّاً على جرجي زيدان الذي أنكر في أحد كتبه عدم وجود تصانيف للشيعة ، والثلاثة كتبوا ووفّقوا في ذلك(٢).

__________________

(١) وصفه عبد الجبّار عبد الرحمن في كتابه دليل المراجع العربية والمعرّبة بقوله : «جمع فيه الكتب المؤلّفة على مَرّ العصور ، ورتّبها حسب العناوين ، وإذا تشابهت يُراعي فيها أسماء مؤلّفيها. وهو عمل ببليوغرافي رائع لم يظهر مثله أو ما يُوازيه في البلاد العربية في العصر الحديث ، يضع أوّلاً اسم الكتاب بين قوسين ، ثمّ يذكر اسم المؤلّف الكامل وسنيّ ولادته ووفاته (إن وجدت) ، ومكان وجود الكتاب وذكر بدايته». ينظر : الفضلي ، عبد الهادي : أصول تحقيق التراث : ٧٦.

(٢) وكان الباعث على تأليف الذريعة هو ما ذكره (جرجي زيدان) في كتابه (تاريخ آداب اللغة العربيّة) حينما تحدّث عن الشيعة فقال ما خلاصته : (الشيعة طائفة صغيرة لم تترك أثراً يُذكر ، وليس لها وجود في الوقت الحاضر) فدفع هذا القول الشيخ آقا بزرك ورفيقيه في العلم السيّد حسن الصدر والشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء أن يتعاهدوا ويأخذ كلّ واحد منهم على عاتقه بيان جانب من جوانب الثقافة الشيعيّة الفنّيّة والتعريف بها. وقد تقرّر أن يبحث العلاّمة السيّد حسن الصدر في الآثار العلميّة الشيعيّة ، وبيان فضل الشيعة ، وإسهامهم في تأسيس علوم الإسلام ، وظهرت ثمرة بحثه في كتابه (تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام) الذي طبع بمساعدة الشيخ نفسه عام ١٣٧٠ هـ ، أمّا العلاّمة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء فقد تقرّر أن يكتب نقداً لكتاب جرجي زيدان (تاريخ آداب اللغة العربيّة) ويكشف عن كلّ أخطائه فيه ، وقد


وقد طبع الكتاب ضمن موسوعة طبقات أعلام الشيعة وكان نصيب القرن الحادي عشر هو الجزء الثامن من هذه الموسوعة ، وقد سماه : الروضة النضرة في علماء المئة الحادية عشرة كما كتبه بخطّه على ظهر النسخة الأصلية من الكتاب(١).

وهذه الأجزاء التي ضمّتها طبقات الأعلام لا تشتمل إلاّ على فهرس صغير لأسماء بعض من عثر عليهم المؤلّف عندما كان مشغولاً بتأليفه موسوعته : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ولقرب عهد القرن الحادي عشر فقد كان اطّلاع المؤلّف عن رجاله في إيران خاصة أكثر من سوابقه فزاد حجم هذا المجلّد بالنسبة إلى ما قبله. وأمّا علماء الشيعة في الهند وما والاها فليس فيه ذكر عنهم مع الأسف.

وقد رتّب هذا الجزء كسوابقه على حروف المعجم في أسماء المترجمين ثمّ أشهر ألقابهم ، وقد حُلَّت مشكلة المعروفين بالكنى بغضّ النظر عن كلمات (الأب) و (الابن) و (الأم) ، فأورد ابن حسام في الحاء وأبو البركات وأبو القاسم في الباء والقاف.

وأمّا الأسماء المركّبة التي زاد انتشارها في القرن الحادي عشر عمّا قبله

__________________

نفّذ هذه المهمّة ، وكتب نقداً علميّاً جامعاً للكتاب بمجلّداته الأربعة وطبع ضمن كتابه المراجعات الريحانيّة ، وأمّا الشيخ آقا بزرك فقد تعهّد أن يكتب فهرساً يجمع فيه أسماء كلّ مؤلّفات الشيعة ، انظر : عبد الرحيم محمّد عليّ : شيخ الباحثين آقا بزرك الطهرانيّ حياته وآثاره ، (مطبعة النعمان ، ط١ ، النجف الأشرف١٣٩٠ هـ) : ٢٩ ـ ٣٠.

(١) الروضة النضرة : ١.


فما كان منها مركّباً من (محمّد) مع أحد ألقاب الأئمّة عليهم‌السلام فقد افترض المؤلّف رحمه‌الله ذلك اللّقب علماً للمترجم له وجعل (محمّد) لقباً مقدّساً لكلّ مُسْلم فأورد (محمّد صادق) في الصاد و (محمّد كاظم) في الكاف مثلاً ، ولعلّ ذلك لكثرة مثل هذا التركيب.

لقد استندت معظم الأحكام والتوصيفات التي كان يطلقها الطهراني في كتابه حول أحوال الشخصيّات التي تناولها ممّا يستنبطه من آثارهم الشخصيّة المخطوطة ، ثمّ من التواريخ العامّة المخطوطة القليلة الوجود ، مثل : أمل الآمل ورياض العلماء ، وذلك قبل طبعهما ، وقليلاً ما كان ينقل عن المطبوعات.

٢) طريقة معالجته للموضوع :

يتّبع الطهراني طريقة معيّنة في معالجته سير من يترجم لهم ، فهو يذكر اسم العالم ونسبه وأحياناً عمل الوالد ، وفي بعض الحالات تاريخ ومكان الولادة ، وأسماء الأقارب المرموقين من أهل العلم والرياسة ، ثمّ يتطرّق إلى من حضر العالمُ لدروسهم ومن أجازه منهم ، وما هي الكتب التي درسها والوظائف التي تولاّها ، ثمّ يذكر أهمّ إنتاج العالم الأدبي والكتب التي كتبها والدواوين ، وأحياناً يذكر أبرز آراءه ، وشيئاً عن علاقته بالسلطة ، ثمّ يتطرّق إلى ذكر آرائه وبعض المعلومات العامّة من أحواله الشخصية ووضعه المالي وأسفاره والعلوم التي برع بها ، وأقوال العلماء فيه ، ثمّ أبناءه وتلامذته الذين


اشتهروا من بعده ومن ترجم له منهم ، ثمّ ينتهي إلى تحديد مكان وتاريخ الوفاة وسببها ، خصوصاً في حالات القتل والاغتيال.

لقد أخذتُ كلّ هذه المواضيع بعين الاعتبار ودوّنتُ معلوماتها ثمّ اخترت منهم من جاور أو ولد وعاش أو توفّي في أرض الحرمين لإعطاء معلومات عن عدّة مواضيع مرتبطة بصلب فكرة البحث.

٣) حياة المؤلّف :

مؤلّف كتاب الروضة النضرة هو الشيخ محمّد محسن الشريف المدعوّ بآقا بزرك ابن الحاجّ عليّ بن محمّد رضا ابن الحاج محمّد محسن الطهرانيّ(١).

ـ ولد في ١١ ربيع الأوّل ١٢٩٣هـ (٦ ابريل ١٨٧٦م) في مدينة طهران وسط عائلة معروفة بالتديّن والتقوى.

ـ كان أبوه من التجّار الأفاضل المعروفين بالالتزام والتديّن ، ألّف كتاباً أرّخ فيه الحوادث التي رافقت حركة تحريم التنباك ، أمّا جدّه ، فهو الحاج محسن من التجّار البارزين الذين لهم الفضل في تأسيس أوّل مطبعة في إيران.

ـ بدأ فـي طهران بدراسة العلوم الدينية وعمره عشر سنوات ، وظلّ مشغولاً بالدراسة في طهران مدّة اثنتي عشرة سنة قضاها عند الأساتذة

__________________

(١) على هامش الذريعة : ٥٩٨.


المعروفين ، من أمثال : الشيخ محمّد حسين الخراساني ، والميرزا محمود القمّي ، والشيخ علي نوري الإيلكاني ، والسيّد عبد الكريم اللاهيجي ، وغيرهم.

ـ هاجر إلى النجف الأشرف عام ١٣١٥هـ (١٨٩٧م) لإكمال دراسته الحوزوية عند مراجعها العظام آنذاك ، وعاش في النجف الأشرف حوالي أربع عشرة سنة.

ـ سافر إلى سامرّاء المقدّسة والتحق بحوزتها العلمية للاستفادة من دروس علمائها الأعلام ، وبقي هناك مدّة أربع وعشرين سنة.

ـ في عام ١٣٥٤هـ (١٩٣٥م) عاد إلى مدينة النجف الأشرف وبقي فيها مشغولاً في البحث والتصنيف إلى آخر لحظة من عمره الشريف.

ـ وخلال المدّة التي قضاها بين حوزتي النجف الأشرف وسامرّاء المقدّسة ، درس على يد كثير من الأساتذه المشهورين ، نذكر بعضاً منهم : الميرزا حسين النوري ، السيّد مرتضى الكشميري ، الشيخ محمّد طه نجف ، الميرزا حسين خليل ، الآخوند الخراساني ، السيّد محمّد كاظم اليزدي ، الميرزا محمّد تقي الشيرازي ، الملاّ فتح الله الإصفهاني ، الشيخ علي كاشف الغطاء (ت ١٣٥٠هـ/ ١٩٣١م) ، وغيرهم.

ـ حاز الطهراني على إجازة بالرواية ونقل الحديث من كبار علماء الشيعة آنذاك ، منهم : السيّد محمّد علي الشاه عبد العظيمي ، والشيخ علي الخاقاني ، والشيخ محمّد صالح آل طعّان البحراني ، والشيخ موسى


الكرمانشاهي ، والسيّد أبي تراب الخونساري ، والسيّد حسن الصدر صاحب كتاب تأسيس الشيعة ، وغيرهم.

وله إجازة بالرواية من مشاهير علماء العامّة كذلك ، منهم : الشيخ محمّد علي الأزهري المعروف بـ (الشيخ علي) ، وهو من علماء المذهب المالكي ، والشيخ عبد الوهّاب الشافعي ، والشيخ إبراهيم الحمدي من علماء المدينة المنوّرة ، والشيخ عبد القادر الطرابلسي من مدرّسي الحرم النبوي الشريف ، والشيخ عبد الرحمن الحنفي من مدرّسي الجامع الأزهر.

وقد حصل منه كثير من علماء الشيعة البارزين على إجازة في رواية الحديث ، نذكر بعضاً منهم ، وهم : آية الله السيّد حسين البروجردي ، والسيّد عبد الحسين شرف الدين ، والعلاّمة الشيخ عبد الحسين الأميني صاحب كتاب الغدير ، والشيخ عبد الهادي الفضلي ، والسيّد محمّد حسين الجلالي وغيرهم.

ـ وللشيخ الطهراني خمسة أبناء وأربع بنات ، فالذكور هم :

١ ـ الدكتور محمّد رضا ، وقد قتل في سنة ١٣٥٤هـ أو ١٣٥٥هـ (الشمسية) أيّام الحكومة العسكرية التي شكّلت في طهران قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

٢ ـ محمّد باقر المنزوي : توفّي عام ١٣٤٣هـ ، وقد حزن عليه الشيخ آقا بزرك وتأثّر تأثّراً شديداً ، ورثاه في قصيدة شعرية.

٣ ـ الدكتور علي نقي المنزوي وأحمد المنزوي : تمّ بإشرافهما طباعة


ونشر كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة.

٤ ـ الأستاذ محمّد تقي المنزوي.

ـ انتقل آقا بزرك إلى رحمة الله بتاريخ ١٣ ذي الحجة ١٣٨٩هـ (٢٠ فبراير ١٩٧٠م) بعد أن قضى ستّاً وتسعين سنة من عمره الشريف بالسعي الحثيث لخدمة الإسلام العزيز ، وقام بتغسيله آية الله المدني ، وشيّع تشييعاً مهيباً ، وصلّى على جسده الطاهر آية الله العظمى السيّد أبوالـقاسم الخوئي قدس‌سره ، ولشدّة تعلّقه بالكتب رحمه‌الله أوصى بدفنه في مكتبتة التي أوقفهـا لخـدمة المسلمين ، وذلك في النجف الأشرف ، وقد أرّخ الشاعر السيّد موسى الكاظمي الهندي وفاته بهذا البيت من الشعر :

كان اسمه تاريخه

(آقا بزرك محسنُ) (١٣٨٩هـ)

٤) آثاره العلمية :

كان الشيخ الطهراني يمتلك مكتبة كبيرة تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب والمخطوطات القيّمة ، وقد أوقفها رحمه‌الله لخدمة عامّة المسلمين ، وقد قام بتأليف أكثر من مئة مؤلّف في مختلف المجالات العلمية ، نأتي على ذكر أبرزها :

١ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : قام بتأليفه ردِّا على ما أثاره الكاتب جرجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة العربية من شبهات حول الشيعة


ومذهب التشيّع ، ومن أبرز تلك الشبهات أن ليس للشيعة دور فـي بناء الفكر والثقافة الإسلامية ، وقد ذكر الشيخ في هذا الكتاب أربعة وخمسين ألفاً وتـسـعمئة وخمسة وثلاثين (٥٤٩٣٥) مؤلّفاً لعلماء الشيعة في مختلف العلوم الإسلامية ، وقد تجشّم في سبيل إنجاز هذه الموسوعة الذريعة إلى تصانيف الشيعة كثيراً من صعاب السفر والتنقّل بين العراق وإيران وسـورية وفلسطين ومصر وبلاد الحجاز ، لغرض تتبّع الفهارس التي أوردت أسماء تلك الكتب ، وقد طبع هذا الكتاب عدّة مرّات في مدينة النجف الأشرف وطهران في خمسة وعشرين مجلّداً.

٢ ـ طبقات أعلام الشيعة : تناول رحمه‌الله في هذا الكتاب ذكر وتعداد علماء الشيعة من القرن الرابع إلى القرن الرابع عشر الهجري ، ألّفه بعد الانتهاء من كتاب الذريعة.

٣ ـ حياة الشيخ الطوسي : طبع على شكل مقدّمة لكتاب تفسير التبيان ، وقد ترجم إلى اللغة الفارسية.

٤ ـ هديّة الرازي إلى المجدّد الشيرازي : وكتب هذا الكتاب في شرح حياة المجدّد الميرزا حسن الشيرازي الكبير (مطبوع ومترجم إلى اللغة الفارسية).

٥ ـ مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال : ألّفه في شرح أحوال ستّ مئة عالم وكاتب ، وردت أسماؤهم في كتب الرجال (طبع في إيران عام ١٣٨٣هـ).


٦ ـ المشيخة : خلاصة لكتاب مصفى المقال.

٧ ـ النقد اللطيف في نفي التحريف عن القرآن الشريف : (مخطوط).

٨ ـ توضيح الرشاد في تاريخ حصر الاجتهاد : حول تاريخ المذهب الشيعي ، بالإضافة إلى بحوث حول الإجتهاد في مذهب الشيعة ، ونفي الإدّعاءات القائلة بحصر الإجتهاد في المذاهب الأربعة فقط.

٩ ـ تفنيد قول العوام بقدم الكلام : كتاب عقائدي يبحث في نفي قدم كلام الله ، ألّفه بناءاً على طلب أحد علماء الموصل في عام ١٣٥٩هـ (مخطوط).

١٠ ـ ضياء المفازات في طرق مشايخ الإجازات : كتبه بشكل يشبه هيئة شجرة (مخطوط).

١١ ـ إجازات الرواية والوراثة في القرون الأخيرة الثلاثة : (مخطوط).

١٢ ـ مستدرك كشف الظنون : (مطبوع في طهران سنة ١٣٨٧هـ).

١٣ ـ تعريف الأنام في ترجمة المدنية والإسلام : حول عدم التعارض بين الدين والمدنية الحاضرة ، والكتاب مترجم إلى اللغة الفارسية بعنوان : المدنية والإسلام.

١٤ ـ تقريرات دروس الآخوند الخراساني وشيخ الشريعة الإصفهاني في الفقه والأصول ، بالإضافة إلى عشرات المؤلّفات الأخرى.


١٥ ـ كشكول الطهراني : طبع مرّتين ، في إيران عن مجلس الشورى ، وطبعة أخرى صدرت بإعداد محمّد علي الحسيني الجلالي.

وعلى الرغم من كثرة انشغالاته بالتأليف والتصنيف ، كان الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه‌الله يتمتّع بقريحة شعرية جيّدة ، وقد كتب منظومة شعرية عقائدية نذكر منها هذين البيتين :

الحمد للربّ لا من سواه

لا يستحقّ المدح إلا الله

يا ربّنا صلّ على المختار

محمّد وآله الأطهار

وقد تحمّل الشيخ الطهراني الكثير من أجل تأليف كتاب الذريعة ، وأقلّ ذلك كلام بعضهم على تأليفه هذا ، فقد قال الشيخ محمّد حرز الدين (ت ١٣٦٥هـ/ ١٩٤٦م) في كتابه معارف الرجال : «... وقد زرته حينما ورد النجف ، ولا أنسى أنّها كانت يوم الثلاثاء ٢٧ جمادى الثانية سنة ١٣٥٤هـ (٢٦ سبتمبر ١٩٣٥م) في دار الشاعر الأديب السيّد باقر الهنديّ في محلّة الحويش ، وهو إذ ذاك رجلٌ خبير ، عارف متتبّع بحّاثة ، متضلّعٌ في الأدب ، قويّ العضلات ، لا يكلُّ من الكتابة ولا يملّ ، منقّباً عن آثار العلماء والمؤلِّفين من علماء الشيعة الإمامية ومؤلّفيهم بعنوان موجز مرتّب على حروف الهجاء ، وأراني شيئاً من مؤلّفاته المخطوطة ، وحدّثني البعض من أصحابه بقوله : (لو أنّ الشيخ المترجم له بذل جهده هذا في علمي الفقه والأصول لكان فقيهاً حقّاً وعالماً محقّاً) ، وأنا لا أقول بهذه المقالة بل أقدِّر له جهوده واحترم مقامه في


هذا السبيل السامي»(١).

وأمّا عن همّته في التأليف ، فقد كان ذا عزم وصبر وإصرار غريب ، وينقل المحقّق أحمد مجيد الحلّي عن العلاّمة المحقّق السيّد محمّد مهديّ الموسويّ الخرسان قوله : «أنّه كلّما وجدتم في كتاب الذريعة ذكراً لأيّة نسخة من مكتبة آل الخرسان فقصّته أنّه كان الشيخ الطهرانيّ رحمه‌الله يأتي من سامرّاء إلى النجف وينزل عندنا ويصعد لمكتبتنا ويسجّل منها لكتابه الذريعة ، وكانت مهمّتي أن أملأ له (الكازة)(٢) نفطاً وقت المغرب لعدم وجود الكهرباء حينها وأصعد بها له ، وكان من عادته أن لا يتعشّى ، وتنفد الكازة من النفط في منتصف الليل مرّة أخرى فأملأها ثانية فتنفد إلى الفجر ، فيخرج إلى الحرم العلويّ للصلاة والزيارة ، وبعدها يرجع إلى الدار فيفطر بالقليل من الطعام ويهجع هنيهة ، ثمّ يباشر الكتابة مرّة أخرى»(٣).

ولم يترك الطهراني الكتابة والتأليف إلى آخر عمره ، فكثيراً ما قرأ بعضنا تحت مقدّمات ما يكتبه عبارة : «كتبه بيده المرتعشة في مكتبته الجاني الفاني الآقا بزرك الطهرانيّ» ، فقد عاش هذا الشيخ خمساً وتسعين سنة ، وكانت يده في آخر سنوات عمره الشريف ترتعش ، وكان من أجل أن يكتب كتبه ومقالاته يشدُّ القلم بيده لكي لا يسقط منها ، وهو يكتب ولا يتوقّف عن

__________________

(١) معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء ٢/١٨٨ ، الرقم ٣٠٢.

(٢) هي باللهجة النجفيّة السراج النفطيّ الذي يُقال له بالعامّيّة أيضاً : (اللالة).

(٣) عين على الذريعة : ٤٦٨.


ذلك.

وينقل أنه كان يمسك يمينه بيساره ويكتب لكي لا ترتعش ، وقد شاهده العلاّمة الشيخ باقر شريف القرشي (ت ١٤٣٣ هـ/ ٢٠١٢م) والقلم مشدودٌ بإصبعه وهو واضع يده تحت حنكه ليمسكها من الرعشة في الكتابة(١).

وكان لا يشغله شيء عن عمله في تأليف الذريعة ، فقد قال رحمه‌الله في تأبينه للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء : «... إخواني الكرام : لا أخال أنّ أحداً من النجفيّين وغيرهم لا يعلم بأنّي لم أشترك في أيّ حفل من المحافل والحفلات التي تقام في سائر المناسبات والحوادث العامّة والخاصّة ، ولم أقف خطيباً في أيّ ناد من الأندية علميّة كانت أم أدبيّة ، وذلك لعجزي عن أمثال ذلك أوّلا ، ولاشتغالي بما وقفت نفسي عليه وكرّست حياتي لأجله ثانياً ، غير أنّ هول المصاب وعظم الخطب أوقفاني هذا الموقف»(٢).

هذا مع قلّة في ذات اليد وشظف العيش ، فقد رأيت في مكتبته بأمّ عيني بعض مسوّدات كتابه الذريعة وقد كتب بعضها على أكياس السكّر والشاي السمراء القديمة التي كانت متداولة حينذاك ، وبعضها على حواشي الأوراق المطبوعة والفائضة من كتابه الذريعة والطبقات(٣).

__________________

(١) مرجع سابق : ٤٦٨.

(٢) شيخ آقا بزرك تهراني؟؟؟

(٣) مرجع سابق : ٤٦٨.


وقد حظي كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة بشهرة واسعة وتلقّفته الساحة العلمية بتعطّش وافتتان ، وعني به الباحثون والعلماء حتّى لقد كُتبت حوله عشرات الكتب والمقالات بين استدراك واختصار وتصحيح ، وقد أحصى محمّد حسين النجفي(١) في مقالة نشرها في مجلّة ميراث شهاب (ع ٧١ ، ٢٢٥ ـ ٢٤٣) بعنوان (در برتو الذريعة)(٢) ما نشر حول هذا الكتاب فبلغت ٦٤ عملاً.

يتحدّث المعماري العالمي محمّد مكّية (ت ١٤٣٦هـ/ ٢٠١٥م) عن ملابسات تأسيس مشروع جامعة الكوفة كمشروع علمي ريادي بعيد عن وصاية الحكومة المركزية في بغداد ، ويشير إلى أنّ من أوائل من بكّروا في تأييد المشروع رئيس المجمع العلمي العراقي محمّد رضا الشبيبي والسيّد محسن الحكيم والشيخ آقا بزرك الطهراني ، «كذلك التقيت بالشيخ آقا بزرك الطهراني ، وهو من رجال العلم المشهورين في الحوزات الدينية الشيعية ، وقد استقبلنا بترحاب ومودّة ، وأتذكّر أنّه صعد بجسمه النحيل وما يحمل على كاهله من عقود طويلة السلّم إلى رفوف مكتبته العامرة ليهدينا منها كتاباً من كتبه لعلّه الذريعة إلى تصانيف الشيعة. وفي إحدى زياراتنا إلى النجف ، أنا والدكتور علي الوردي زرنا السيّد الخوئي وجرى حوار معه حول مشروع

__________________

(١) من المحقّقين الشباب النابهين والملتحقين بطلب العلوم الدينية في مدينة قم المقدّسة ، له عدد من المقالات المنشورة في بعض المجلاّت المعنية بالتراث الإمامي.

(٢) وتعني : «في ظلال الذريعة».


الجامعة ، وكان متواضعاً تواضع العلماء ، وعمد إلى محاورة علي الوردي فيما يكتبه في علم الاجتماع ، وفي تلك الزيارة سمعنا من الخوئي تبريكاته للمشروع»(١).

يقول مكّية : «لفت انتباهي مكتبة العلاّمة الكبير الشيخ آقا بزرك الطهراني العامرة ، التي احتوت الآلاف المؤلّفة من الكتب ، فمن صفحات كتبها ومخطوطاتها ألّف موسوعتيه المعروفتين الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، وكتاب طبقات أعلام الشيعة. وقد سلف أن ذكرت تحمّسه وانفعاله فرحاً بنا أن صعد السلّم رغم تقدّمه بالسنّ ونحول بدنه إلى رفوف الكتب ليهدينا منها ، مع أنّه يعرف بأنّنا لم نكن من أهل الالتزام الديني ، وبصفتنا علمانيّين ، لكن كان اللقاء والتفاهم والتعاطف بيننا وبينه حميميّاً. فما توافر من طيبة وحسن نيّات وجدّية في مشروع علمي يكفي أن نكون بمفهوم هذا العالم الجليل ، الأقرب إليه»(٢).

وينقل الخطيب السيّد حسن الكشميري(٣) الذي قرأ في مجلس الشيخ آقا بزرك الطهراني ما يزيد على ستّ سنوات متواصلة ، حيث كان لديه مجلس أسبوعي في النجف الأشرف يقام صباح كلّ يوم خميس من كلّ أسبوع. يقول : «كان الشيخ آقا بزرك في غاية التواضع بحيث أنّ من لا يعرفه

__________________

(١) خواطر السنين ... سيرة معماري ويوميّات محلّة بغدادية : ٢٢٤.

(٢) خواطر السنين : ٢٢٦.

(٣) إذاعة طهران ، برنامج (مع الصادقين). وقد طبع مؤخّراً.


وهو يمشي في الطريق لايميّزه عن أيّ طالب علم مبتدي ، كان عادّيّاً في حركاته ، مترسّلاً في تصرّفاته ، وقد كان يشعر بالاستئناس الغامر عندما كان يجلس في مكتبته تحوطه كتبه وأوراقه من كلّ ناحية ، وما دخلت عليه بيته إلاّ ووجدته غارقاً بين كتبه وأوراقه وهو مُنحَن وهو يكتب بأصابع مرتعشة. كان لا يَمَلُّ من الكتابة والقلم ، وقد أوصى أن يُحوّل بيته الذي كان لا يملك سواه إلى مكتبة عامّة ، كما أوقف مكتبته الشخصية للمطالعة وأهل العلم».

ومن الصفات التي كنت ألاحظها في سلوك هذا المربّي الكبير ، يقول الكشميري : «أنّه كان لا يسمح بأن يقبّل أَحَدٌ يَدَه ، حتّى أولاده وأسباطه ، وفي إحدى المرّات وفيما كنّا نسير معاً لزيارة الحرم العلوي المطهّر ، سألته : مولاي لما كُلُّ هذا الإصرار على رفضكم تقبيل اليد ، فحبس أنفاسه وأجاب بهدوء : «أتعرفون السيّد صادق ، قلت نعم أعرفه ، هو رجل من كبار العلماء والشعراء ومن فضلاء الحوزة العلمية ، فقال لي : كان السيّد صادق أستاذي وقد تتلمذت عليه وتأثّرت بأخلاقه ، وكان من الأساتذة المحبوبين عندي ، وكان يرفض أن يُقبّل أَحَدٌ يده ، فسألته ذات السؤال الذي سألتني إيّاه ، فأجابني ببيتي شعر :

يد تُقبّل لايُدرى بما صَنَعَت

ولو دروا أبدلوها القطع بالقبلِ

ليست لها غاية ترجو النجاة بها

إلا ولاء أمير المؤمنين علي»

يقول السيّد الكشميري : «كنت أشاهده حينما كان يزور مقام أمير المؤمنين ، كان يقرأ الزيارة بكلّ أعضائه ، وكان حينما يقف عند الضريح المقدّس


يرتجف بخشوع يقارب الانهيار شعوراً منه بعظمة الإمام وحبا فيه.

وقد دفن بعد وفاته في منزله طبقاً لوصيّته ، والذي أوقفه كمكتبة عامّة.

لم يترك من حطام الدنيا درهماً واحداً ، وعاش في النجف أكثر من نصف قرن عيش الكفاف ، وكان دائماً مديناً للبقّال وصاحب المكتبة ، وأتذكّر أنّه بعد وفاته جمع أثاث بيته حينها ولم يساوي إلا سبعة دنانير عراقية ، أي ما يعادل وقتها ٢١ دولار تقريباً ، هذا كلّ ماتركه هذا الرجل العظيم من مال».


ثانياً : التواجد الإمامي في بلاد الحرمين

تعدّ (المدينة المنوّرة) في العصر الإسلامي الأوّل بمثابة المدرسة الأولى للمسلمين ، فقد ظهرت أولى ملامح الحياة العلمية للمسلمين في هذه المدينة التي انطلقت منها المسيرة المظفّرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي عصر الصحابة والتابعين لهم بإحسان تكاملت مع ظهور المجتمع الإسلامي في (المدينة) ، واستمرّت إلى حياة الإمام الصادق عليه‌السلام ، «وكانت المدينة المنوّرة الوطن الأوّل لفقهاء الشيعة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، فكان من فقهاء الصحابة بعد الإمام أمير المؤمنين والزهراء والحسنين عليهم‌السلام : ابن عبّاس حبر الأمّة وفقيهها ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو رافع إبراهيم مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)»(١).

ومن التابعين تولّى جمع كثير من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام حفظ السنّة النبوية وتداولوها فيما بينهم ، ونقلوها إلى الأجيال التي تليهم بأمانة ، حتّى قال الذهبي في ميزان الاعتدال : «فهذا ـ أي التشيّع ـ كثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو ردّ حديث هؤلاء ـ أي الشيعة ـ لذهبت جملة الآثار النبوية»(٢).

وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام أوّل من صنّف في الفقه ، ودوّن الحديث

__________________

(١) مقدّمة الشيخ محمّد مهدي الآصفي لكتاب (رياض المسائل) ١/١١.

(٢) ميزان الاعتدال ١/٥.


النبوي ، ولم يوافق عمر بن الخطّاب على رأيه ؛ «فعن السيوطي في تدريب الراوي قال : كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم ، فكرهها كثير منهم ، وأباحتها طائفة وفعلوها : منهم : علي وابنه الحسن»(١) ، فكتب الجامعة وهي من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّ علي عليه‌السلام ، وكان يبلغ سبعين ذراعاً ، وقد تواتر نقله في أحاديث الأئمّة من أهل البيت عليهم‌السلام(٢). وكان لسلمان مدوّنة في الحديث كما يقول ابن شهرآشوب. وعلي بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان من فقهاء الشيعة وخواصّ أمير المؤمنين عليه‌السلام. قال النجاشي : «وهو تابعي من خيار الشيعة ، كانت له صحبة من أمير المؤمنين ، وكان كاتباً له ، وحفظ كثيراً ، وجمع كتاباً في فنون الفقه كالوضوء والصلاة وسائر الأبواب ، وكانوا يعظّمون هذا الكتاب»(٣).

ومنهم : سعيد بن المسيّب ـ وهو أحد الفقهاء الستّة ـ والقاسم بن محمّد بن أبي بكر ، قال أبو أيّوب : ما رأيت أفضل منه ، وفي كتاب الكافي عن يحيى بن جرير قال : قال أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : كان سعيد بن المسيّب والقاسم بن محمّد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين عليه‌السلام(٤).

وبلغ هذا الازدهار الفكري غايته في عهد الإمام الصادق عليه‌السلام ، فقد

__________________

(١) تدريب الراوي ٦٥/٢.

(٢) أعيان الشيعة ١/٢٩٠.

(٣) رجال النجاشي : ٥.

(٤) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ٢٩٩.


ازدهرت المدينة المنوّرة في عصر الإمام ، وزخرت بطلاّب العلوم ووفود الأقطار الإسلامية ، وانتظمت فيها حلقات الدرس ، وكان بيته جامعة إسلامية يزدحم فيه رجال العلم وحملة الحديث من مختلف الطبقات ينتهلون موارد علمه. قال ابن حجر عن الإمام الصادق عليه‌السلام : نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمّة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيّين وأبي حنيفة وشعبة وأيّوب السجستاني(١).

من هنا «كانت المدينة المنوّرة في عهد الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام مدرسة للفقه الشيعي ، ومركزاً كبيراً من مراكز الإشعاع العقلي في العالم الإسلامي. ويطول بنا الحديث لو أردنا أن نحصي عدد الفقهاء من الشيعة في هذه الفترة وما تركوا من آثار ، ويكفي الباحث أن يرجع إلى كتب أعيان الشيعة ، ورجال النجاشي ، والكشّي ، وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ليعرف مدى الأثر الذي تركه فقهاء الشيعة في هذه الفترة التي تكاد تبلغ قرناً ونصف قرن من تاريخ الإسلام في الدراسة الفقهية ، والمحافظة على السنّة النبوية»(٢).

ويتواجد حتّى اليوم في (المدينة المنوّرة) أربع جماعات شيعية :

* النخاولة : ومفردها نخلي ، وهم من القبائل العربية ، وقد تداخل

__________________

(١) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة : ١٩٩.

(٢) رياض المسائل ١/١٤.


معهم عدد من أبناء القبائل الأخرى طلباً للحماية قبل نحو قرنين من الزمان مثل (العصارى) الذين ينتمون إلى عنزة (بني أعصر). والنخاولة هم أكثر الشيعة عدداً وانتشاراً ، وقد تعرّضوا للاضطهاد والأذى بسبب التحامل الطائفي.

* الأشراف : ويأتون بعد النخاولة في العدد ، وهم سادة بني هاشم ، كما أنهم ينتشرون في مناطق أخرى غير المدينة المنوّرة ، مثل : مكّة المكرّمة وجدّة والطائف والمدن الجنوبية.

قال صاحب كنز الأنساب : إنّ من بين من ينتمي إلى هذه القبيلة (الأشراف) في المنطقتين الغربية والجنوبية الحيادرة ، والنسبة إليهم حيدرية ، وهم بطن من بني جعفر الصادق يعرفون ببني أيمن. وآل إبراهيم ويسكنون ينبع النخل ، وآل حسين مع قبيلة الظفير سادة حسينيّون.

وقد حكم الأشراف المناطق المقدّسة سنوات طويلة في القرون الماضية وحتّى وقت قريب(٦٨).

* قبائل حرب وجهينة (الحروب) : حيث اعتنق بعض أفرعها المذهب الشيعي (فرع بني علي/ الفريد ، وغيرهما). وقد أشار أحد الكتّاب إلى انتشار المذهب الشيعي بين قبائل حرب وجهينة.

* المشاهدة : وهم من أصول عربية ويتواجدون في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة ، إلاّ أنّهم أقلّ الفئات عدداً ، ومن آل المشهدي الكاتب

__________________

(٦٨) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ٢٠/٢١٠.


والروائي محمّد بن عيسى المشهدي(١).

وكانت إمارة المدينة المنوّرة للحسينيّين كما كانت إمارة مكّة للحسنيّين ، لكن أمراء مكّة تظاهروا بالتسنّن فدام ملكهم إلى الربع الأوّل من القرن العشرين وكان آخرهم الملك حسين وابنه علي ، وأمراء المدينة تظاهروا بالتشيّع فزال ملكهم للعصبية. ولم يذكر المؤرّخون من أحوال أمراء المدينة إلاّ نتفاً يسيرة وربّما كان للعصبية مدخل في ذلك ، ولم يذكرهم صاحب مجالس المؤمنين مع ذكره لكثير ممّن هم دونهم.

وفي صبح الأعشى : «وإمرتها [أي المدينة] الآن سنة ٧٩٩هـ (١٣٩٧م) متداولة بين بني عطية وبين بني جماز وهم جميعاً على مذهب الإمامية».

ويفهم من صبح الأعشى أنّ أوّل من ولّي إمرة المدينة مستقلاًّ بها طاهر أبو الحسين بن محمد الملقّب بمسلم بن طاهر بن الحسن بن أبي القاسم طاهر ابن يحيى بن الحسن بن جعفر حجّة الله ابن أبي جعفر عبدالله بن الحسين الأصغر ابن علي زين العابدين ابن الحسين السبط ابن علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وكما كانت (المدينة المنوّرة) التي شهدت ميلاد المجتمع الإسلامي الأوّل تزخر بالوجود الشيعي كذلك كانت (مكّة المكرّمة) المدينة التي تهفو لها قلوب المسلمين ، وفي أفيائها الطاهرة تسكن أقدس البقاع وأطهر الأمكنة ، وفي موسم الحجّ تتهافت إليهما جموع المسلمين القاصدين الحجّ.

ولقد ضمّت مكّة والقرى المحيطة بها أعداد من الشيعة ، ويظهر ممّا

__________________

(١) دائرة المعارف الشيعية ٢٠/٢١٠.


عن الجامع اللطيف عند ذكره ولاة مكّة كثرة الشيعة فيها في القرن السادس الهجري ، فإنّه ذكر أنّ ممّن ولّي مكّة سيف الإسلام طغتكين أخ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب سنة ٥٨١هـ (١١٨٥م) وأنّه قدم مكّة هذه السنة ومنع الأذان بـ (حيّ على خير العمل). ويظهر ممّا ذكره ابن حجر في أوّل الصواعق كثرتهم بها في القرن العاشر الهجري(١).

وكذلك فإنّ السيّد نور الدين علي العاملي أخو صاحب المدارك (ت ١٠٦٨هـ) المتوفّى في مكّة ، «وقد كان ساكناً فيها ، ولا يسكنها وهو العالم الشيعي الكبير إلاّ لوجود شيعي فيها»(٢). وهذا ما يفسّر بقاءه في مكّة أكثر من عشرين سنة(٣).

ويذكر السيّد محسن الأمين عنه : «وكانت في ذلك العصر الكلمة والغلبة بمكّة المكرّمة لعلماء الإمامية ، وكانت الإمامة في المسجد الحرام لهم كما يدلّ عليه كلام ابن حجر في أوّل صواعقه ، حيث ذكر أنّه التمس على أقرائها بمكّة حيث إنّ مجمع الروافض بها ، وقال : «طَهّرَ الله البيت منهم». ويدلّ عليه أيضاً ما في تكملة أمل الآمل من أنّ عنده نسخة من كتاب المحاسن للبرقي في أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام بخطّ الإمام بمقام إبراهيم الخليل عليه‌السلام بالمسجد الحرام بمكّة المشرّفة السيّد الشريف عبد الله بن محمّد

__________________

(١) دائرة المعارف الشيعية ٢١/١٣٧.

(٢) المرجع نفسه ٢١/١٣٧.

(٣) أمل الآمل ١/١٢٥.


ابن علي الحسيني الطبري فرغ من نسخها يوم الأحد المبارك من شهر جمادى الأولى من ١٠٤٤هـ (١٦٣٥م).

وذكره السيّد ضامن بن شدقم في كتابه وأثنى عليه وقال : منشؤه في الشام ثمّ عطف عنان عزمه إلى البيت الحرام ، تشرّفنا برؤيته مراراً بمكّة المكرّمة سنة ١٠٦٨هـ»(١).

في المقابل ، نستنتج ممّا ذكره زين العابدين بن نور الدين الحسيني الكاشاني من أعلام القرن الحادي عشر الهجري في فرحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام ـ وقد كان مجاوراً مكّة ـ أنّ سلطنة الحرمين الشريفين كانت بيد «المخالفين» ، أي من أهل السنّة والجماعة(٢). وعندما تحدّث الحسيني عن (صفة المسجد الحرام) قال : «وأمّا الأمكنة المبتدعة لكلّ إمام من الأئمّة الأربعة ولا حاجة إلى ذكرها»(٣) ، وفي ذلك إشارة إلى أنّ أروقة الحرم المكّي كانت تشهد تدريساً لفقه المذاهب الأربعة بشكل رسمي ونظامي ، أمّا حلقات التدريس طبقاً للمذهب الشيعي الإمامي فقد كانت على الأرجح تتمّ في نطاق ضيّق وبحذر شديد ، ورغم ذلك فإنّ عدم تطرّق السيّد الحسيني إلى حلقات الدرس الشرعي الإمامي ولو بإشارة خاطفة أمرٌ يسترعي الانتباه حقّاً. من هنا يمكن القول أنّ محاولة السيّد محسن الأمين إعطاء الوجود الإمامي في

__________________

(١) أعيان الشيعة ٨/٢٨٩.

(٢) فرحة الأنام في تأسيس بيت الله الحرام : ٥٦.

(٣) فرحة الأنام : ٩٧.


الحجاز زخماً أكبر ، والمبالغة في تقدير حجمه في بلاد الحرمين أمر يتّسم بعدم الدقّة ، خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الفتن الطائفية التي اندلعت في بحر هذا القرن ، فقد انتشرت بين سكّان مكّة في ذلك الحين إشاعة مفادها أنّ الشيعة لا يتمّ حجّهم في مذهبهم إلاّ إذا لوّثوا الكعبة بالنجاسة ، وقد صدّق الكثير من الناس هذه الإشاعة كما هي عادة الناس عند استفحال التعقّب الطائفي لديهم ، وفي ٨ شوال ١٠٨٨هـ (٤ ديسمبر ١٦٧٧م) وقعت فتنة طائفية في مكّة المكرّمة من جرّاء تلك الإشاعة ، ننقل فيما يلي وصفاً لتلك الحادثة كما رواها رجل من أهل مكّة شاهدها بنفسه ، حيث قال ما نصّه :

«وفي سنة ثمان وثمانين وألف يوم الخميس ثامن شوّال منها وقع حادث غريب ، وكارثة عجيبة ، هو أنّه وقع في ليلته أن لوّث الحجر الأسود وباب الكعبة ومصلّى الجمعة وأستار البيت الشريف بشيء يشبه العذرة في النتن والخبث ، فصار كلّ من يريد تقبيل الحجر يتلوّث وجهه ويداه ، ففزعت الناس من ذلك ، وضجّت الأتراك واجتمعت ، وغسل الحجر والباب والأستار بالماء ، وبقي الأتراك والحجّاج والمجاورون في أمر عظيم ، وكان إذ ذاك رجل من فضلاء الأروام يلقّب درس عام ، فكان يرى جماعة من الأرفاض بالمسجد الحرام ، وينظر صلاتهم وسجودهم وحركاتهم عند البيت والمقام ، فيحترق لذلك ويتأوّه ، فلمّا وقع هذا الواقع قال : ليس هذا إلاّ فعل هؤلاء الأرفاض اللئام ، الذين يلازمون المسجد الحرام ، وكان حينئذ مع قضاء الملك العلاّم ، السيّد محمّد مؤمن الرضوي قاعداً خلف المقام ، يتلو كتاب الله ذي


الجلال والإكرام ، فأتوا إليه ، وأُخذت الختمة من يديه ، وضُرب على رأسه ، وسُحب حتّى أخرج من باب المسجد المعروف بباب الزيادة فطرح خارج الباب ، وضرب بالحجارة والكسارات حتّى زهق ومات ، وفي حال مسكهم إيّاه من المسجد كلّمهم فيه شخص شريف من السادة الرفاعية يسمّى السيّد شمس الدين ، فعدوا عليه وألحقوه به ، فضرب حتّى مات وجرّ ، ثمّ أصابوا آخر فضربوه وأخرجوه وقتلوه ، وعلى من قبله طرحوه ، ثمّ فعلوا ذلك برابع ، ثمّ بخامس ، ولقد رأيتهم مطروحين ، وبقي بعضهم على بعض ، الآتي والذاهب يوسعهم السبّ والركل ، ولقد رأيت ذلك الشيء وتأمّلته فإذا هو ليس من القاذورات ، وإنّما هو من أنواع الخضراوات ، عجين بعدس ممخخ وأدهان معفّنات ، فصار ريحه ريح النجاسات ، وكان هذا الفعل عند مغيب القمر من تلك الليلة ، ليلة الخميس ثامن الشهر المذكور ، ولم يعلم الفاعل لذلك ، وغلب بعض الظنون أنّ ذلك جعل عمداً وسيلة إلى قتل أولئك ، والله أعلم بالسرائر ، وهو متولّي الباطن والظاهر»(١). وقد تكرّرت هذه الأحداث المؤسفة في مكّة وأخذت بعضها طابعاً دمويّا وراح ضحيّتها عدد من علماء الإمامية في ظلّ موجة من الكراهية الطائفية أدّت بعضها إلى طرد الشيعة نهائيّاً من مكّة(٢).

ولعلّ في إشارة الحسيني الكاشاني ، زين العابدين بن نور الدين في

__________________

(١) قصّة الأشراف وآل سعود : ٣٧ ـ ٣٨.

(٢) قصّة الأشراف وآل سعود : ٣٨.


كتابه فرحة الأنام من استياء شيخ الحرم المكّي من دور الكاشاني (مجتهد الرافضة)(١) في تأسيس الكعبة وإعادة إعمارها ما يعطي ظلالاً لطبيعة الجوّ المحتقن طائفيّاً وقتها.

وقد ذكر الكاشاني أسماء عدد من علماء الإمامية الذين ساهموا في إعادة إعمار بيت الله الحرام بعد سقوط أمطار غزيرة شتاء عام ١٠٣٩هـ (١٦٣٠م) حينما دخل سيل عظيم في المسجد الحرام وغمر الكعبة ، وأحدث دماراً كبيراً في الحرم المكّي ، كما خلّف خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات ، وهم : «محمّد الحسين ، وسيّد أحمد بن محمّد معصوم(٢) ، ومحمّد علي بن عاشور وأبوه ، وحسن بن عبدالله السمناني المكّي ، ودرويش حيدر الكشميري ، وميرزا خان الكشميري ، والحاج حسن علي الأردبيلي ، والحاج معصوم بيك التبريزي ، وحاجي محمّد شفيع التبريزي وولده إبراهيم بيك ، والشيخ طائف رفيع السيّد ، ولدي أبو جعفر ، وإسماعيل ابن شهيد أوغلي ، والشيخ عبد علي وعبدان للفقير هما : مفلح ونافع»(٣).

__________________

(١) فرحة الأنام : ٣٨.

(٢) والد السيّد علي خان المدني صاحب (سلافة العصر) ، والسيّد أحمد كان تلميذاً للشيخ محمّد أمين الاسترابادي ، وأنّ وفاته كانت في سنة ١٠٨٦ هـ ، خاتمة مستدرك الوسائل ١/٢٤٤.

(٣) فرحة الأنام : ١٠٩ ـ ١١١.


ثالثاً : مظاهر النشاط العلمي في مكّة والمدينة

تعدّدت الأسباب والبواعث التي كانت تدفع علماء الأمصار من مختلف بقاع العالم الإسلامي إلى اتّخاذ المدينتين المقدّستين : (مكّة المكرّمة) و (المدينة المنوّرة) مكاناً للسكن والإقامة الدائمة أو المؤقّتة ، وحيث إنّ الدراسة تستهدف بالبحث رصد مظاهر النشاط العلمي لعلماء الإمامية من الذين اتّخذوا من هاتين المدينتين مقرّاً لإقامتهم ، فإنّنا سنحاول هنا إبراز أهمِّ هذه الأدوار العلمية التي نهضوا بها في بلاد الحرمين ، من خلال الاستشهاد بنماذج محدودة نرى أنّها تصلح إلى حدّ بعيد في الخروج باستنتاج قابل للتعميم وصولاً إلى نتائج معيّنة في الموضوع.

١) المجاورة :

رغم اختلاف الدوافع وتباين الأهداف التي كانت تدفع علماء الإسلام على مرّ العصور إلى الارتشاف الإيماني من ربوع أقدس البقاع وأطهرها في مكّة والمدينة ، إلاّ أنّ المقطوع به أنّ هذه الفئة ساهمت بشكل كبير في إثراء الحركة العلمية ومدّها بأسباب النموّ والازدهار ، وكما كانت الأهداف تتباين ، كانت المدّة التي يرغب المسلم المتعطّش لقضائها مجاوراً بيت الله الحرام أو قبر النبي (صلى الله عليه وآله) طامحاً في التعرّض للنفحات القدسية المباركة تختلف بدورها ؛ فمن هؤلاء من ربط بقاءه بنهاية أداء النسك ، ومنهم من مكث فيها فترة من


الزمن راغباً بالجوار ومستمتعاً براحة البال ، على أن يرحل منها بعد تحقيق الأهداف التي بقي من أجلها ، بيد أنّ فئة ثالثة من أولئك القادمين قد راموا الاستقرار الدائم فيها ليختموا حياتهم الدنيا في أقدس البقاع وأطهرها. وعلى الفئتين الأخيرتين أطلق لقب المجاورين.

وتزخر الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت عليهم‌السلام من توجيهات حاثّة على استحباب زيارتهم عليهم‌السلام ، فعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «بينما الحسين بن علي عليه‌السلام في حِجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ رفع رأسه فقال له : يا أبة ما لمن زارَك بعد موتك؟ فقال : يابنيّ من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة ، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة ، ومن أتى أخاك بعد موته فله الجنّة ، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة»(١).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة»(٢).

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «قالَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من أتى مكّة حاجّاً ولم يزرني بالمدينة جفوته يوم القيامة ؛ ومن زارني زائراً وجبت له شفاعتي ؛ ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة ، ومن مات في أحد الحرمين ؛ مكّة أو المدينة لم يعرض إلى الحساب ؛ ومات مهاجراً إلى الله ، وحشر يوم القيامة

__________________

(١) كامل الزيارات : ٩.

(٢) كامل الزيارات : ١٠.


مع أصحاب بدر»(١).

وعن علىِّ بن الحسين : عليه‌السلام قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إلىَّ في حياتي ، فإنّ لم تستطيعوا فابعثوا إلىَّ بالسّلام فإنّه يبلغني»(٢).

ولعلّ هذا ما يفسّر ظاهرة ازدهار حواضر العلم في العالم الإسلامي عند الإمامية بالقرب من مراقد الأئمّة عليهم‌السلام في المدن المقدّسة : المدينة المنوّرة ، النجف الأشرف ، كربلاء المقدّسة ، قم المقدّسة ، وخراسان ، والكاظمية.

ولقد ذكرنا أبرز من جاور المدينتين المقدّسيتن مكّة والمدينة من علماء الإمامية منهم : محمّد الشدقمي المدني الحسيني وكان حافظاً للقرآن بالقرآءات السبع(٣) ، وحيدر بن علي بن نجم الدين الموسوي العاملي (ت ١٠٦٣هـ/ ١٦٥٣م)(٤) ، والمير حسين القاضي(٥) ، وإبراهيم بن عبد الله الخطيب الإسترآبادي(٦) ، ونعمة الله بن علي بن أحمد الحسيني الحسني النسّابة(٧) المجاور للمدينة المنوّرة وآخرين.

__________________

(١) كامل الزيارات : ١١.

(٢) كامل الزيارات : ١٢.

(٣) الروضة النضرة : ٥٢٣.

(٤) الروضة النضرة : ١٩٤.

(٥) الروضة النضرة : ١٧٨.

(٦) الروضة النضرة : ٣.

(٧) الروضة النضرة : ٦١٩.


٢) طلب العلم :

لعلّ من أبرز الدوافع التي كانت تحرّك علماء الإسلام من مختلف المذاهب الإسلامية ، ومنهم علماء الإمامية للهجرة إلى (مكّة المكرّمة) و (المدينة المنوّرة) هو الهدف العلمي ، فقد كانت المدينتان المقدّستان تعجّان بنشاط علمي واسع ، كان فيه دور علماء الإمامية بارزاً ومؤثراً ، فهذا مصطفى ابن محمّد التبريزي صاحب تحفة القرّاء وتحفة الأبرار تشرّف بزيارة العتبات ثلاث مرّات وللحجّ ثلاث مرّات ، وفي الحجّة الثانية قرأ بمكّة على إسماعيل القاري وقرأ في سائر أسفاره على جمع من قرّاء العرب مدّة ثلاثين سنة ، وكتب في حجّه الثالث ١٠٦٧هـ التحفة بين الحرمين راجعاً عن الحجّ ، ولمّا حجّ ورجع إلى إصفهان لازم خدمة مجتهد الزمان الآخوند الملاّ محمّد الخراساني ، يراجع في مشكلاته ويأخذ منه أحكامه(١).

وكان السيّد مرتضى ابن المصطفى التبريزي تملّك نسخة تّامّة من أوّل (الأُصول) إلى آخر (الرّوضة) في الكافي ، وقرأ أكثره على شيخه الملاّ محمّد مؤمن ابن الشاه قاسم السبزواري ، فكتب شيخه إجازة مفصّلة في آخره في ١٠٦٠هـ (١٦٥٠م) وذكر فيها من مشايخه محمّد الشهير بنصر المحدّث التوني والحسن بن المشغري الراويين عن الميرزا محمّد الرجالي الاسترابادي ، وقد قرأ عليه أيّام مجاورتهما لمكّة ، وثالثهما بدر الدين الحسيني العاملي المدرّس

__________________

(١) الروضة النضرة : ٥٦٥ ـ ٥٦٦


في الروضة الرضويّة والراوي عن البهائي(١).

وجاء في مجموعة التذكارات لبهاء الدين علي بن يونس الحسيني التفريشي التي كتبها في ١٠٢٤هـ (١٦١٥م) وقدّمها لأُستاذه محمّد السبط ، فكتب له : «بسم الله والحمد لله. يقول فقير عفو الله محمّد بن الحسن العاملي إنّ السيّد السند ... ثمّ إنّي اشتغلت بما لابدّ منه من العلوم العقليّة والنقليّة على والدي جمال الدين الحسن قدس‌سره وبعد ذلك على شيخي السيّد شمس الدين محمّد ابن أبي الحسن ... وبعد وفاتهما توجّهت إلى مكّة أقمت نحواً من خمس سنين مشتغلاً في الحديث على الميرزا محمّد الاسترآبادي ...

وفي أثنائها بما لابدّ منه من الأُصول على السيّد ... الأمير نصير الدين حسين قدس‌سره ، مضافا إلى ما لابدّ منه من العلوم على المولى ... محمّد أمين ، وصرفتُ برهة في الاشتغال على بعض العامّة ... إلى أن سهّل الله الوصول إلى العتبات ... وصرتُ منتظماً في سلك أصحاب الإجازات تيمّناً»(٢).

وقد أجيز علي رضا ابن آقا جاني من الميرزا محمّد الاسترابادي الرجالي بمكّة بعد قراءته عليه أكثر كتاب التهذيب ، فكتب شيخه له إجازة بخطّه صورتها وهي في آخر النسخة هكذا :

«بسم الله والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد فقد ذاكر المولى الفاضل الورع ، خلاصة الأفاضل المتورّعين مولانا علي رضا وفّقه الله

__________________

(١) الروضة النضرة : ٥٥٩ ـ ٥٦٠.

(٢) الروضة النضرة : ٥٢٠.


لما يحبّ ويرضى أكثر كتاب تهذيب الأحكام وبحث تفتيش وتحقيق وإتقان في مدّة من الزمان وكذلك جملة من بقيّة الكتب الأربعة المشهورة في هذا الزمان ، فلمّا لم يساعده على إتمامها حوادث الأيّام أجزت له روايتها بطرقي المقرّرة وأعلاها ما نبّهت عليه في كتب الرجال وإنّما اكتفينا عن التفصيل بهذا الإجمال لضيق المجال وقرب الترحال ، مشرطاً عليه الأخذ بطريق الاحتياط وملازمة الجادّة الموظّفة بين أُولي الفضل والكمال. كتب ذلك العبد الفقير إلى رحمة ربّه الهادي محمّد بن علي الاسترابادي في أواخر شهر ذي الحجّة الحرام بمكّة المكرّمة زادها الله تعظيماً وتشريفاً سنة ستّ عشرة بعد الألف سنة ١٠١٦هـ (١٦٠٧م) حامداً مصلّياً على محمّد نبيّه وآله مسلّماً مستغفراً عفي عنهما بمحمّد وآله»(١).

وقد قرأ رحمة الله الگيلاني الحيدر آبادي مؤلّف برهان القارئ في تجريد كلام الباري في مكّة على أحمد الجكمي ، وكان نزيل حيدر آباد الهند وحجّ منها ١٠٤٢هـ (١٦٣٢م) وعاد إلى حيدر آباد ١٠٤٥هـ (١٦٣٥)(٢).

وقد تتلمذ حسين العيناثي العاملي في مكّة على محمّد أمين

__________________

(١) الروضة النضرة : ٣٩٨.

(٢) الروضة النضرة : ٢١٧.


الإسترآبادي(١) ، وهو أستاذ الحرّ العاملي وقد أجازه سنة ١٠٥١هـ (١٦٤١م) كما ذكره في آخر الجواهر السنيّة. وقال الحرّ العاملي(٢) : «كان فاضلاً عالماً ثقةً صالحاً زاهداً عابداً فقيهاً ماهراً شاعراً ، قرأ عنده أكثر الفضلاء المعاصرين ، بل جماعة من المشايخ السابقين عليهم ، وأكثر تلامذته صاروا فضلاء علماء ببركة أنفاسه. قرأت عنده جملة من كتب العربية والفقه وغيرهما من الفنون ، وممّا قرأت عنده أكثر كتاب المختلف ، وألّف رسائل متعدّدة وكتاباً في الحديث وكتاباً في العبادات والدعاء وهو أوّل من أجازني وكان ساكناً في بلدة جبع ومات بها. انتهى».

ويوجد بخطّه في مكتبة (مدرسة البروجردي) في النجف الفوائد المدنية لأُستاذه محمّد أمين فرغ منه مؤلّفه ١٠٣١هـ (١٦٢٢م) وفرغ من كتابته نهار الأربعاء ٢٧ ذي الحجّة ١٠٤٧هـ وكتب معه الإثنى عشرية الحجيّة للبهائي في ١٠٢٥هـ (١٦١٦م) ورسالة في عدم جواز تقليد الميّت للشهيد الثاني. قال بعد ذكر نسبه : «المشتهر بابن الحسام العيناثي العاملي»(٣).

كما سافر جمال الدين ابن نور الدين علي الجبعي الموسوي العاملي (ت ١٠٩٧هـ/ ١٦٨٦م) ، قال الحرّ العاملي : «عالم ، فاضل ، مدقّق ، ماهر ،

__________________

(١) رياض العلماء وحياض الفضلاء ١/٤٤.

(٢) أمل الآمل ١/٧٠.

(٣) الروضة النضرة : ١٧٣ ـ ١٧٤.


أديب شاعر ، كان شريكنا في الدرس عند جماعة من مشايخنا ، سافر إلى مكّة وجاور بها ثمّ إلى مشهد الرضا عليه‌السلام ثمّ إلى حيدر آباد وهو الآن ساكن بها ، مرجع لفضلائها ، وله شعر كثير ومعمّيات ، وله حواش كثيرة ، وأورد جملة من أشعاره»(١).

كما جاور مكّة محمّد باقر السبزواري ، ابن محمّد مؤمن (ت ١٠٩٠هـ/ ١٦٧٩م) في عام ١٠٦٢هـ (١٦٥٢م) ، وقد وصفه الحرّ العاملي بـ : «العالم الفاضل الحكيم المتكلّم ، الجليل القدر» وهو من المجتهدين المتبحّرين في علوم الدين وسائر الفنون والعلوم وأصناف المنطوق والمفهوم. وله الرواية عن محمّد تقي المجلسي (ت ١٠٧٠هـ/ ١٦٦٠م) وعن نور الدين علي بن علي بن حسين بن أبي الحسن العاملي (ت ١٠٦٨ هـ/ ١٦٥٨م) ، وكان يدرّس بإصفهان بالمدرسة (السميعية) وأوقف لها مكتبة فاشتهرت المدرسة بعد تدريسه فيها باسمه(٢).

كما كان للميرزا محمّد أمين الاسترابادي صاحب الفوائد المدنية والفوائد المكّية دور تعليمي مهمّ في مكّة والمدينة ، فقد جاور المدينة ثمّ مكّة وبها توفّي سنة ١٠٣٦هـ (١٦٢٧م) ، عنه أخذ جمّ غفير من العلماء

__________________

(١) الروضة النضرة : ١٢٢.

(٢) الروضة النضرة : ٧١ ـ ٧٢.


وتلمّذوا عليه ، وله إجازته بخطّه لتلميذه المير عبدالهادي الحسيني التستري كتبها له على ظهر الفقيه بعد قراءته عليه في ١٠٢٩هـ (١٦٢٠م)(١).

وممّن كان لهم دور تعليمي مهمّ : حسن العاملي ، ويظهر من إجازة محمّد مؤمن ابن شاه قاسم السبزواري (ت قبل ١٠٧٧هـ/ ١٦٦٦م) لمير مرتضى بن مصطفى التبريزي التي كتبها في ١٠٦٠هـ (١٦٥٠م) له بخطّه الجيّد : «إنّي قد قرأت معظم الكتب الأربعة على شيخي ومعتمدي وثقتي المبرور المرحوم الفاضل النقي محمّد الشهير بنصر المحدّث التّوني رحمه‌الله ، ثمّ قابلت بعض ما بقى منها مع الشيخ المرحوم المغفور الورع التقي النقي الكامل الشيخ حسن بن المشغري وهما قد قرآ الكتب الأربعة وغيرها مدّة مجاورتهما ببيت الله الحرام على الشيخ السعيد الفاضل الكامل الميرزا محمّد الاسترابادي الذي يروي عن الشيخ إبراهيم بن علي بن عبدالعالي الميسي». كما قرأ على الميرزا الاسترابادي (ت ١٠٢٨هـ/ ١٦١٩م) مؤلّف كتاب الرجال أَوَانَ مجاورته بمكّة(٢).

وكان الدرس الفقهي الذي يتّخذ من كتب (الحديث) و (الرواية) محوراً للعملية التعليمية مزدهر بشكل ملحوظ ، وينقل الحرّ العاملي في ترجمته

__________________

(١) الروضة النضرة : ٥٦.

(٢) الروضة النضرة : ١٤٩ ـ ١٥٠.


لأحمد ابن الحسين النباطي العاملي أنّه : «كان عالماً فاضلاً أديباً صالحاً عابداً ورعاً ، وكان شريكنا في الدرس حال القراءة على زين الدين بن محمّد بن الحسن بن الشهيد والحسين بن الحسن بن يونس الظهيري العاملي والعمّ محمّد بن علي الحرّ العاملي في مكّة وتوفّي بالنبطية في ١٠٧٩هـ»(١).

ويذكر الحسيني الكاشاني ، زين العابدين بن نور الدين بامتنان شديد تأثير زوجته وأمّ ولده محمّد الباقر ، «سكينة بيكَم رحمها الله التي كانت معينتي في طلب العلم بمكّة المعظّمة»(٢) وقد ماتت ودفنت في مكّة.

كلّ ذلك يؤكّد أنّ علماء الإمامية شاركوا في القرن الحادي عشر بفعالية في الحياة العلمية في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة ، مستفيدين من وجود كبار العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية الذين كانوا يتوافدون دون انقطاع لأداء مناسك الحجّ وزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) أو لمجاورة هاتين البقعتين المقدّستين.

٣) التصنيف العلمي :

لعلّ من أبرز المظاهر الدالّة على وجود حركة علمية نشطة في مكّة

__________________

(١) الروضة النضرة : ٣٨ ؛ رياض العلماء ٣/٢٧٤.

(٢) فرحة الأنام : ١٠٧.


والمدينة المنوّرة في غضون القرن الحادي عشر هو كثافة ما صنّفه العلماء المسلمون من كتب ومصنّفات علمية في مختلف العلوم الإسلامية وعلى رأسها الفقه والحديث والتفسير والتاريخ وعلم الرجال والتراجم وعلم الفلك والطبّ والحساب واللغة.

ومن أبرز علماء الإمامية المصنّفين عبدالنبي بن سعد الجزائري (ت ١٠٢١هـ/ ١٦١٢م) ، الذي كتب في المدينة المنوّرة بأمر شمس الدين بن علي الشدقمي المدني شرحاً على إرشاد الأذهان عُرف بـ : الاقتصاد في شرح الإرشاد(١).

كما صنّف محمّد أمين الاسترابادي (ت ١٠٣٦هـ/ ١٦٢٧م) الفوائد المدنية والفوائد المكّية ، حيث كان متصلّبا في الأخبارية ضدّ الأُصوليّين وأهل العقل ، ويظهر من فوائده المدنية أنّ له شرح أُصول الكافي وشرح الاستبصار وشرح تهذيب الأحكام ، وقد ردّ على المحقّق الدواني والمولى صدرا في حواشيهما على شرح التجريد ، وله رسالة في البداء وأُخرى في طهارة الخمر ونجاستها ، وجواب مسائل الحسين الظهيري العاملي ، و (دانش نامه) فارسي في مسائل كلامية متفرّقة ، والمسائل الكلامية الثلاث في : (علم الله) و (ربط الحادث بالقديم) و (أفعال العباد). وقد شاهد الشيخ يوسف

__________________

(١) الروضة النضرة : ٢٦٧ ـ ٢٦٨.


البحراني له حاشية بعض أبواب الطهارة من المدارك(١).

كما ألّف أحمد المكّي ابن شهاب الدين الفضل بن محمّد باكثير في مكّة عام ١٠٢٧هـ (١٦١٨م) كتابه وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل أخرج فيه مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام من كونه أخاً للرسول ووصيّاً ووزيراً له وغير ذلك من عقائد الشيعة ، والله العالم بالسرائر(٢).

كما وضع خضر الموصلي (ت ١٠٠٧هـ/ ١٥٩٩م) نزيل مكّة المعظّمة كتابه الإسعاف في ١٠٠٣هـ (١٥٩٥م) ، ويظهر من الإسعاف كونه إماميّا كما في نسخة موجودة في مكتبة مدرسة (سپهسالار)(٣).

كما وضع الملاّ خليل القزويني (ت ١٠٨٩هـ/ ١٦٧٨م) بعض المصنّفات التي كتبها في مكّة المكرّمة ، ويذكر الحرّ العاملي(٤) أنّه كان : «فاضلاً ، علاّمة ، حكيماً ، متكلّماً ، محقّقاً مدقّقاً ، فقيهاً ، محدّثاً ، ثقةً ، جامعاً للفضائل ، ماهراً ، معاصراً ، له مؤلّفات ؛ شرح الكافي فارسي وشرح عربي وشرح عدّة الأُصول ورسالة الجمعة وحاشية مجمع البيان والرسالة القمّية

__________________

(١) أمل الآمل ٢/١١٢.

(٢) الروضة النضرة : ٣٧ ـ ٣٨.

(٣) الروضة النضرة : ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٤) الروضة النضرة : ١٩٩ ـ ٢٠٠.


والمجمل في النحو ورموز التفاسير الواقعة في الكافي والروضة. رأيته بمكّة الحجّة الأُولى كان مجاوراً بها مشغولاً بتأليف حاشية مجمع البيان»(١).

ومن المصنّفين الإمامية شمسا الگيلاني الإصفهاني وهو من الذين وفِّقوا لمجاورة بيت الله الحرام ، وتركوا تراثاً غزيراً ومتنوّعاً ، ومن مصنّفاته : إثبات الواجب وأسئلة سألها عن أُستاذه ملاّ صدرا (ت ١٠٥٠هـ/ ١٦٤٠م) والتحقيقات ألّفها سنة ١٠٤٥هـ (١٦٣٥م) وحدوث العالم وتفسير هل أتى ، والحاشية على الشرح الجديد والقديم للتجريد ، والحاشية على شرح حكمة العين ، والحاشية على كتاب المعالم واسمها فصول الأُصول ، والحكمة المتعالية ، ودفع شبهة ابن كمّونة ، وشرح خلاصة الحساب لأُستاذه البهائي والعلم الإلهي أو النورية ألّفها بمكّة ١٠٤٨هـ (١٦٣٨م) ، وتوجد رسالته في علم الواجب ، ورسالته في الوجود عند صدر الدين بن الشيخ أحمد الناهضي في النجف ذكر في آخره : «أنّه تمّ على يد مؤلّفه أقلّ العباد ، المجاور بمكّة خير البلاد ، وزادها الله تعالى خيراً وشرفاً إلى يوم الميعاد ، أفقر خلق الله الغني محمّد المشتهر بـ : شمسا الجيلاني غفر الله له ولوالديه ولجميع من له حقّ عليهما أو عليه في تأريخ ١٠٤٨هـ حامداً مصلّياً مستغفراً»(٢).

والبحث صلة ...

__________________

(١) الروضة النضرة : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٢) الروضة النضرة : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.


تراكيب الشَّرط في نصِّ الزِّيارة الجامعة الكبيرة

د. هاشم جعفر حسين

د. عدوية عبد الجبار الشرع

بسم الله الرحمن الرحيم

توطئة :

الزيارة الجامعة الكبيرة المرويّة عن الإمام عليّ الهادي عليه‌السلام موسوعة معرفية متكاملة ، تضمّنت معارف إلهية متعالية ، وحقائق عن مقامات آل البيت ومنازلهم عند الله سبحانه رائقة ، ومطالب في افتقار الخلق إليهم ، ووجوب موالاتهم واتّباعهم واسعة ، انتظمها قول بليغ سُبكت لآلئ ألفاظه وانتُخبت نفائس معانيه لتُصاغ في نصّ يُؤذِن بورودها عن عين صافية ، موصولة بينابيع الوحي والإلهام.

وقد شَرَحَ الزيارة أكابرُ العلماءِ ، فقد شَحَذَ نصُّها الشَّريفُ هِمَمَهُمْ ، وَبَرى أقلامَهَمْ ، فأقبلوا عليها يشرحون متنَها ، وينهلون من معارفها ، واستمرّت تلك الشروح جيلاً بعد جيل ، حتّى أحصى منها المحقّق آغا بُزرك


الطهراني عشرين شرحاً(١).

وقد روى هذه الزيارة أكابرُ المُحدِّثين عن ثقاتِ أصحاب الإمام عليه‌السلام ، وأوّلهم الشيخ الصدوق في كتابيه عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ومَن لا يحضره الفقيه ، ممّا يثبت صحّة سندها ، فضلاً عن أنّ قوّة متنها يصحّح نسبتها إلى بيت العصمة عليهم‌السلام ، إذ ليس بمقدور غيرهم أن ينسج نسج كلامهم أو أن يستوحي مضامين نصوصهم.

أمّا تسميتها بـ : (الزيارة الجامعة الكبيرة) فيمكن لنا من استنطاق اللغة والاطّلاع على المناسبة التي رُويت فيها الزيارة أن نصل إلى بعض اللطائف المتعلّقة بالعنوان.

فـ (الزيارة) في اللغة مصدرٌ للفعل (زارَ ـ يَزورُ) بمعنى : (مالَ وعَدَلَ) ، وفي ذلك يقول ابنُ فارس : «الزاءُ والواوُ والراءُ ، أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المَيْلِ والعُدُولِ ، فالزائرُ يَميلُ إلى شخص ويَعدلُ عن غيرِه»(٢).

ومنه يتّضح أنّ زيارة الأئمّة عليهم‌السلام تستوجب الميل إليهم والعدول عمّن سواهم ، وهي الحكمة التي ابتغاها الأئمّة من حثِّ شيعتهم وأتباعهم على ملازمة زيارة النبي وآل بيته المعصومين. فالزائر حاضر عند المزور بالجسد مرّة ، وبالقلب مرّة أخرى ، وبالجسد وبالقلب في مرتبة أعلى مرغوب في

__________________

(١) ينظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة : ٣/٢٣٩ ، ٣٠٢ ، و ٧/٤٣ ، و ٨/٤٤ ، و ١٦/٦٩ ، و ١٨/٣٠٤ ـ ٣٠٦ ، و ١٩/٢٣١.

(٢) ينظر : مقاييس اللغة : ٣/٣٦ ، (زور).


تحقّقها عند الزائر ، ومعها يقف في ساحة المقامات العالية بين يدي المعصومين عليهم‌السلام ، ليقرَّ لهم بالموالاة ويشهد على نفسه بالبراءة من أعدائهم ، ويتعهّد بالسير على منهجهم ، والعدول عن نهج مخالفيهم.

والذي يجب أن يُدرَك أنّ حقيقة التولّي لآل البيت والبراءة من أعدائهم موصولة بحقيقة موالاة الخالق (عزّ وجلّ) وتوحيده والإخلاص في طاعته ، والتبرّي عن كلِّ ما يوجب الشرك والكفر ، ولذا ورد في أحاديثهم عليهم‌السلام عن الرسول الأكرم : «يا عليُّ مَن زارني حيّاً أو ميّتاً أو زاركَ في حياتك أو بعد موتك أو زار فاطمةَ أو زار الحسنَ أو زار الحسينَ في حياتهم أو بعد وفاتِهم كان كَمَنْ زار الله في عرشِه»(١). ومنه يُعلَم أنّ الزيارة هي ارتباط روحي مع الإمام المعصوم ، وإعراض عن غيره ، وتسليم لمنهجه الذي هو منهج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، المُبلَّغ به عن الله سبحانه وتعالى. وأنّ مَن يقرأ الزيارة الجامعة يتّضح له هذا المعنى جليّاً ، ومن أمثلة ذلك قول الإمام عليه‌السلام : «مَنْ وَالاكُمْ فَقَدْ وَالى اللهَ ، وَمَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى الله»(٢).

أمّا لفظ (الجامعة) فمأخوذ من مناسبة الزيارة ، ذلك أنّ الراوي طلب من الإمام أن يعلّمه قولاً بليغاً كاملاً يصلح لزيارة أىِّ واحد منهم (سلام الله عليهم) ، فجمع له الإمام بهذه الزيارة ما أراد. وأمّا وصف هذه الزيارة بـ : (الكبيرة) ، فلأنّها من أطول الزيارات الواردة إلينا عن المعصومين عليهم‌السلام.

__________________

(١) بحار الأنوار : ٩٧/٢٥٩.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨.


وأمّا اختيار دراسة تراكيب الشرط في نصِّ هذه الزيارة الشريفة ، فمردّه إلى أنّه قد ثبت للباحث من استقراء النصِّ أنّ أسلوب الشرط كان من المهيمنات الأسلوبية فيه ، وقد تنوّعت تراكيبه في مواضع كثيرة من الزيارة ، واستُعين بها لتثبيت المضامين الاعتقادية العالية ، بما تضمّنته بنية الشرط من مسبّبات ونتائج تقود الأذهان إلى الإذعان لما يُلقى إليها والتسليم به.

وبعد استقراء مادّة الدراسة ، قُسِّمت على تمهيد تضمّن بنية الشرط وتوظيفها في نصِّ الزيارة ، ثمّ مبحثين ، درس أحدهما : التركيب الأصلي للشرط في نصِّ الزيارة ، وتضمّن الآخر : تراكيب شرطية متنوّعة.


تمهيد

توظيف أسلوب الشرط في نصِّ الزيارة :

إنَّ من بينِ الصِّلات النحوية المهمّة في الكلام بنية الشرط ، وقد نالت حظّاً وافراً من عناية النحويّين قديماً وحديثاً ، فدرسه بعضهم ضمن موضوع الجزم ، على حين أفرد له آخرون باباً مستقلاًّ(١).

والشرط تركيب نحوي ، مفاده «وقوع الشيء لوقوع غيره»(٢) ، أو «تعليقُ شيء بشيء ، بحيث إذا وُجِدَ الأوّلُ وجد الثاني»(٣) ، وتتكوّن جملة الشرط في الكلام من ثلاثة عناصر أساسية فضلاً عن الروابط التي تربط تلك العناصر المكوّنة لها ، فتتركّب تلك العناصر مع بعض لتشكّل هذا الأسلوب وتميُّزه من غيره ، وهي لا تستقلّ عن بعضها ، بل تتّحد هذه الجملة المتكوّنة من الأداة

__________________

(١) في كتاب (الجمل) المنسوب إلى الخليل بن أحمد : ٢١٥ ، دُرس الشرط ضمن باب الجزم بعنوان (الجزم بالمجازاة وخبرها) ، وعند سيبويه في (الكتاب ٣/٦) ، أفرد له باباً بعنوان (باب الجزاء) ، وورد عند المبرّد في (المقتضب : ٢/٤٦ ـ ٥٩) بعنوان (هذا بَاب المجازاة وحروفها) و (باب مسائِل المجازاة وما يجوز فِيها وما يمْتَنع مِنْها) ، ودرسه ابن السرّاج في (الأصول في النحو : ٢/١٨٧) بعنوان (فصل من مسائل المجازاة) ، وورد عند الزمخشري في (المفصّل في صنعة الإعراب ٤٣٩) ، بعنوان (الشرط) ، وبيّن أبو البركات الأنباري في (أسرار العربية ٢٣٨) أحكامه في (باب الشرط والجزاء) ، وشرحه ابن يعيش في (شرح المفصّل : ٤/٢٧٧ ، و ٥/١٠٥) ضمن باب جزم الفعل المضارع ، وباب الحروف.

(٢) المقتضب : ٢/٤٦.

(٣) التعريفات : ١٢٥.


وفعل الشرط وجوابه لتكوِّن فكرةً أو معنىً تامّاً.

وأداة الشرط هي الجزء الحيوي المُميَّز في هذا التركيب ، لِمَا لها من أثر مهمٍّ في الربط بين أجزاء الجملة الشرطية ، إذْ تجعلها تَجَمّعاً واحداً يرتبط بعضه ببعض ، لكن عملها هذا لا يتمُّ بمفردها ، فهي من حيث التَّضامّ تكون ذات افتقار متأصِّل إلى الضمائم ، إذ لا يكتمل معناها إلاّ بها ، فحرف الجرّ مثلاً لا يفيد معنىً واضحاً إلاّ مع ذكر المجرور(١) ، وكذلك أداة الشرط لا يتّضح معناها إلاّ مع ذكر ضمائمها (الشرط والجواب) ، فلا معنى لها في نفسها ، إنَّما يكون لها معنى بتركّبها معهما ، وهي تتصدّر فعل الشرط والجواب وتقوم بمهمّة ربط جملة بجملة ، تكون الأُولى سبباً والثانية مُتَسَبِّباً عنه(٢) ، لذا قيل : الشرط «علّةٌ وسببٌ لوجود الثاني»(٣) ، فعندما يقول الإمام عليه‌السلام : «مَنْ أَتَاكُمْ نَجَا ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِكُمْ هَلَكْ»(٤) ، يعني أنَّ الإتيان لهم عليهم‌السلام هو السبب الموصل للنجاة ، وعدم الإتيان سبب في الهلاك وموصل إليه ؛ فمَن أتاكم وعرفكم واتَّبعكم نجا ، ومَن تخلَّف عنكم ولم يتّبعكم هلك(٥) ، أي : إنَّ الركن المتمثّل بفعل الشرط هو سبب وجود الركن المتمثّل بجواب الشرط والمُوْصِل إليه ، لذلك يقال : «إنَّ كلَّ شَيء يُتوصّل بِهِ إِلَى شَيء فَهُوَ سَبَب. وجعلتُ فلاناً سَبَباً

__________________

(١) ينظر : اللغة العربية معناها ومبناها : ١٢٦.

(٢) ينظر : ارتشاف الضرب : ١٨٦٢.

(٣) شرح المفصّل : ٥/١١١.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨.

(٥) ينظر : في رحاب الزيارة الجامعة : ٤٠٣.


إِلَى فلان فِي حَاجَتي وَوَدَجاً ، أَي : وُصْلَةً وذَرِيعةً»(١) ، وسُمِّيَ بفعل الشرط ، لأنَّ «المتكلّم يعدُّ تحقّق مدلوله ووقوع معناه شرطاً لتحقّق مدلول الجواب ووقوع معناه ، ولا يمكن ـ عنده ـ أن يتحقّق معنى الجواب ولا يحصل إلاّ بعد تحقّق معنى الشرط وحصوله ، إذ لا يتحقّق المشروط إلاّ بعد تحقّق شرطه»(٢).

أمَّا الركن الآخر في الجملة الشرطية فهو جواب الشرط ، وبه تتمّ فائدة الكلام الشرطي ، لذا لا بُدَّ أنْ يكون للشرطِ من جواب وإلاّ لا يكون كلاماً مفيداً ، فهو نظيرُ المبتدأ الذي لا يكتمل معناه إلاَّ بالخبر(٣) ، فالخبر وحده لا يفيد معنىً تامّاً ، إنَّما هو متمّمٌ ومكمّلٌ للمعنى مع المبتدأ وهكذا جواب الشرط.

فهذه العناصر لا تكون عائمة في فضاء النصّ ، بل تربطها أواصر وعلاقات لا تنفك ّ عن أن تجعلها مترابطة ، فإذا«انْحَلَّ الرِّبَاطُ الْوَاصِلُ بَيْنَ طَرَفَيِ المجازاة عاد الْكَلامُ جُمْلَتَيْنِ كَمَا كَانَ»(٤).

وانمازت الجملة الشرطية بمزيّة الإبهام والعموم(٥) ، فقد قيل : إنَّ

__________________

(١) تهذيب اللغة : ١٢/٢٢٠ ، (سب).

(٢) النحو الوافي : ٤/٤٢٢.

(٣) ينظر : الاُصول في النحو : ٢/١٥٨ ، وهمع الهوامع : ٢/٥٤٤.

(٤) البرهان في علوم القرآن : ٢/٣٥٢.

(٥) ينظر : الجملة الشرطية عند النحاة العرب : ٢١٢.


المجازاة «ليست بشيء مخصوص إنَّما هي للعامّة»(١) ، وهذا يعطي مساحة واسعة للمتكلّم في الوصول إلى مراده بهذا التركيب ، فهو يقصد أنْ ينبّه الآخرين ويرشدهم إلى معرفته بشأنهم وبيان حالهم من دون تصريح ، فيركن إلى الإبهام والإعمام باستعمال التركيب الشرطي ، ومن أغراض هذا النوع من الإبهام أنّه ينفع المتكلّم في كونه وسيلة لمدِّ جسور التواصل بينه وبين المتلّقي وإقباله على ما يُلقَى عليه ، فالشَّيء إِذا أُبهم كانت النَّفس مشرفة إليه أكثر من المُصرَّح به(٢) ، وكانت استجابتها لرسالته والإذعان لما فيها أيسرَ ، فبالإبهام يتخلّص المتكلِّم من الإشارات الواضحة التي قد تؤذي المتلّقي ، لذا كانت سمة الإعمام في الشرط بارزة ، غرضها الإرشاد وتنبيه المخاطب إلى ما هو أولى بمعرفته ، ولهذا اعتمده الإمام الهادي عليه‌السلام في نصِّ الزيارة الجامعة وسيلةً من وسائل الإرشاد والتنبيه والإقناع.

__________________

(١) الأصول في النحو : ٢/١٦٦.

(٢) ينظر : علل النحو : ٣٢٣.


المبحث الأوّل

التركيب الأصلي للشرط في نصِّ الزيارة :

استعملت الجملة الشرطية بترتيبها الأصلي الذي يتكوّن من العناصر الثلاثة متتابعة ـ (أداة الشرط وفعل الشرط وجواب الشرط) ـ في واحد وعشرين موضعاً ، وهذا النمط هو الأكثر وروداً في النصّ ، وانماز بتنوّع الأداة ، إذ استعمل الإمام عليه‌السلام ثلاث أدوات ، هي : (مَنْ ، لَوْ ، إنْ) ، وسنتكلّم عنها مرتّبة بحسب ورودها في النصِّ الشريف :

١ ـ مَنْ : اسم وُضِعَ للدلالة على مَنْ يعقل ، ثم ضُمِّنَ معنىً آخر وهو الشرط ، فصار اسماً يدلُّ على المجازاة(١) ، فهو كناية عن جنس العاقلين ، وعلّة استعماله في التركيب الشرطي أنّه يتضمّن معنى العُمُوم لجميع مَن يعقل(٢) ، فضلاً عن استعماله اسماً مُبهماً في أزمان الربط بين الفعل والجزاء ، إذ يقوم بربط الشرط بالجواب بزمن مطلق(٣).

ويُشْعِر التركيب الشرطي بالأداة (مَنْ) «بعدم التعويل على أصل الشخص ومكانته أو أي اعتبار آخر ، وحقيقته ترتيب جزاء على شخص ما اتّصف بصفة ما بحيث يبدو كلُّ مَن اتَّصف بالصفات ، أو تلبَّس بالأعمال

__________________

(١) ينظر : كتاب سيبويه : ٣/٥٦ ، وشرح شذور الذهب : ٤٣٤ ، وشرح التصريح : ٢/ ٣٩٩.

(٢) ينظر : علل النحو : ٤٣٦ ، وشرح شذور الذهب : ٤٣٤.

(٣) ينظر : شرح التسهيل : ٤/٦٨.


مستحقّاً لذلك الجزاء خيراً كان أو شرّاً»(١).

وتَرِدُ الأداة (مَنْ) في دلالات سياقية متعدّدة منها «الترهيب والترغيب ، والدعاء ، والتهديد ، والتحذير ، وبيان العاقبة»(٢) ، وفي نصِّ الزيارة الجامعة الكبيرة استعملت هذه الأداة في التركيب الشرطي ، وكان لها الحضور الأكبر في النصّ ، إذ وردت في تسعة عشر موضعاً ، منها أحد عشر موضعاً على الترتيب الأصلي للجملة الشرطية ، وثمانية مواضع خالفت ذلك. ومن البديهي أن يكثر استعمال هذه الأداة في نصوص الزيارة ، ذلك أنّ الإمام عليه‌السلام في مقام مخاطبة العقلاء من الأمّة عامّةً ، لغرض إرشادهم وتنبيههم على حقائق الأمور المبهمة عندهم ، غير القارّة في أذهانهم ، فقال عليه‌السلام : «مَنِ اتَّبعكم فالجنّةُ مَأوَاهُ ، وَمَنْ خَالفكم فالنارُ مثواه ، وَمَنْ جَحَدَكُم كَافِرٌ ، وَمَنْ حَاربكم مُشْرِكٌ ، وَمَنْ رَدَّ عليكم في أسْفَلِ دَرَك من الجحيم»(٣) ، فيُلحَظ ورود جمل شرطية متوالية ، عُطِفَ بعضها على بعض بالواو ، فالجملة الاُولى (مَن اتّبعكم فالجنّة مأواه) وردت لأجل الترغيب بدلالة قوله (الجنّة مأواه) ، على حين سيقت الجملة الثانية (وَمَنْ خَالفكم فالنار مثواه ، وَمَنْ رَدَّ عليكم في أسْفَلِ دَرَك من الجحيم) في مَعْرِضِ الترهيب بدلالة قوله (فالنار مثواه) ، وقوله (في أسفل درك في الجحيم) ، وكذلك ورد قوله عليه‌السلام : (مَنْ جَحَدَكُم

__________________

(١) ظواهر أسلوبية وفنّية في سورة النحل : ٥٨.

(٢) أنماط التركيب القرآني : ٢١٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨


كَافِرٌ ، وَمَنْ حَاربكم مُشْرِكٌ) في معرض الترهيب والتخويف والتقرير ، وورد الشرط في هذا النصّ أفعالاً ماضية ، هي (اتَّبعكم ، خَالفكم ، جَحَدَكُم ، حَاربكم ، رَدَّ عليكم) لكن هذه الأفعال قد سُلب منها الدلالة على الماضي ، ودلّت على الاستمرارية ، ذلك أنّ خطابات النصّ المقدّس لا يتعلّق بها زمن محدّد ، لأنّها خارجة في أصل وضعها عن حدود الزمان والمكان ، فممّا لا شكَّ فيه أنّ الأمور المشروطة التي ذكرها الإمام عليه‌السلام تنطبق على أحكام عالمنا في مبدئه ومنتهاه ، وأنّها تنطبق على العوالم كلّها ، فأتباعُ الأئمّة فائزون في الشؤون كلّها ، على حين أنّ مخالفيهم وجاحديهم ومحاربيهم والرادّين عليهم خاسرون في أولاهم وأُخراهم. فكان فعل الشرط سبباً في أنْ يكون للمخالف أو المتّبع لهم عليهم‌السلام جزاءً يتناسب وفعله تجاههم ، فكانت «متابعتهم عليهم‌السلام سَبَباً لدخول الجنّة ، ومخالفتهم سَبَباً لدخول النار»(١) ، فالتَّاءُ وَالْبَاءُ وَالْعَيْنُ في هذا الفعل ـ تبعـ أَصْلٌ وَاحِدٌ يدلّ على «التُّلُوُّ وَالْقَفْوُ. يُقَالُ تَبِعْتُ فُلاناً إِذَا تَلَوْتَهُ ، وَاتَّبَعْتَهُ. وَأَتْبَعْتُهُ إِذَا لَحِقْتَهُ. وَالأَصْلُ وَاحِد»(٢) ، والاتِّبَاعُ : «أنْ يقفو المُتَّبِعُ أثرَ المُتَّبَعِ بالسعي في طريقه ، وهو يستعار في الدين والعقل والفعل»(٣) ، وهذا القفو واللحاق يشيران إلى معنى الاعتقاد بهم عليهم‌السلام(٤) ، فالمعنى على ذلك أنّ أيّ شخص على وجه العموم اعتقد بولاية أهل البيت عليهم‌السلام ، ولحقهم وقفا

__________________

(١) الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة : ٢١٧.

(٢) مقاييس اللغة : ٣٦٢ ، (تَبِعَ).

(٣) نزهة الأعين النواظر ، باب (الاتباع) : ٨٥.

(٤) ينظر : الأعلام اللامعة في شرح الزيارة الجامعة : ١٩٥.


أثرهم سيكون جزاؤه الجنّة ، ومَنْ جحد ولايتهم فالنار جزاؤه(١) ، فـ (مَنْ) لم تُعيِّن شخصاً بذاته ، ولم تحدّد له صفات وخصائص ، بل خصَّت الجميع بإبهام وشيوع ، ولم تُعوِّل على أصل الشخص ومكانته أو أيّ اعتبار آخر ، بل رتّبت الجزاء على الشخص الذي يتّصف بتلك الصفة المخصوصة. وورد الجواب جملة اسمية وهو ممّا لا يصلح أن يكون جواباً ، لذلك جيء بالفاء الرابطة بين فعل الشرط وجوابه ليتعلّق الأوّل بالثاني ويكون سبباً في وقوعه(٢). ومجيء الجواب جملةً اسميّةً دليلٌ على أنَّ الجزاء المذكور جزاء ثابت لا تغيّر فيه ، سواء كان جنّةً أمْ ناراً ، فناسب التعبير بها مَن استمرّ على اتِّباعه لهم عليهم‌السلام ومَن خالفهم على وجه الاستمرار ، ولذلك إذا نظرنا إلى فعل الشرط وجدناه قد ورد فعلاً مضارعاً (يأتكم) ، ليدلّ بذلك على تجدّد الاتّباع مع مزاولته والاستمرار عليه.

أمّا جواب الشرط فقد تنوّع في سياق النصّ المذكور ، فورد جملةً اسمية دالّة على المآل ، ففي الموضع الأوّل والثاني قال : (فالجنّة مأواه ، فالنّار مثواه) ، وورد اسماً مشتقّاً (كافرٌ ، مشركٌ) من غير أن يقترن بما يصلحه لأن يكون جواباً للشرط ، وفي ذلك مخالفة لما استقرّ في أذهان النحويّين وما سطّروه في مؤلّفاتهم ، من أنّ جواب الشرط إذا لم يكن صالحاً وجب أن يقترن بالفاء ليكوِّنَ جملة فعلية أو اسمية تصلح للجواب ، فهم في

__________________

(١) ينظر : الأعلام اللامعة : ١٩٥.

(٢) ينظر : اللمع في العربية : ١٣٥ ، والمفصّل في صنعة الإعراب : ٤٤٠.


مثل ما ورد في نصّ الإمام يجب أن يقدِّروا (فاءً) رابطة للجواب بالشرط ويعربوا (كافر ومشرك) خبراً لمبتدأ محذوف ، بتقدير (فهو كافر ، فهو مشرك) وفي ذلك من التكلّف ما لا يخفى ، وإثبات لنقص استقرائهم للشواهد ما لا يُنكر ، فالقواعد إنّما تُقعّد على الاستعمال الفصيح لا على القياسات المستنبطة من الاستقراء غير التامّ ، فنصوص المعصومين عليهم‌السلام من أوثق المدوّنات اللغوية التي وردت إلينا ، ولو أنّ أيادي اللغويّين امتدّت أو تمتدّ إليها بالدراسة المستفيضة لأصبنا من ذلك بسهم وافر من الشواهد التي تساهم في تأصيل التقعيد النحوي واللغوي ، وعلى ذلك يجب الإقرار بأنّ هناك قسماً آخر من أقسام الجملة الشرطية يرد فيه الجواب اسماً مشتقّاً بلا تأويل ، وهذا الاسم يعرب خبراً لـ : (مَن) الشرطية مباشرة بلا تقدير للرابط ، وفي ذلك الدلالة على الاختصار بنطق الجواب وهو ممّا يستحبّ وروده في جواب الشرط ، الذي يمثّل نتيجة الحدث الصادر من الاسم المبهم الذي تشير إليه (مَن) الشرطية ، فضلاً عن أنّ بنية مثل هذا الجواب هي بنية اسم مشتقّ يلتقي مع الفعل في أحكام ودلالات بيّنة.

وكذلك ورد جواب الشرط في هذا النصّ شبه جملة (في أسْفَلِ دَرَك من الجحيم) ، وهو أيضاً ممّا لم يُشِر إليه النحويّون في أنواع تراكيب الجملة الشرطية ، ولم تُذكر له أمثلة لنقص الاستقراء.

٢ ـ لو : حرف «لِمَا كان سيقع لوقوع غيره»(١) ، أو حرف يدلّ على

__________________

(١) كتاب سيبويه : ٤/٢٣٤.


امتناع وجود الجواب لامتناع وجود الشرط(١) ، وهي تقوم بوظيفة تعليق حدوث الجواب على حدوث الشرط في الزمن الماضي(٢) ، فتستعمل للشرط في الماضي مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزاء ، كانتفاء الإكرام في قولك : (لو جئتني لأكرمتك) ، فالإكرام منتف وممتنع لانتفاء المجيء الذي كان لا بُدَّ أنْ يحصل ، فتعلّق حدوث الثاني على حدوث الأوّل(٣) ، أمّا مجيؤها بمعنى (إنْ) ، فيكون للتعليق في المستقبل ، لذلك إنْ «وليها فعل ماض لفظاً اُوِّلَ بالفعل المستقبل معنى»(٤) ، وتستعمل (لو) «فيما لا يتوقّع حدوثه ، وفيما يمتنع تحقُّقه ، أو فيما هو محال أو من قبيل المحال»(٥) وجوابها فعل مجزوم بـ : (لم) أو منفي بـ : (ما) أو مثبت متّصل بلام مفتوحة(٦) ، ودخول اللام في جوابها يكون «لتأكيد ارتباط إحدى الجملتين بالأخرى ويجوز حذفها»(٧) ، فتلحق به إنْ كان مثبتاً ، وتمتنع عنه إنْ كان منفيّاً بـ : (لم)(٨) ، ووردت هذه الأداة في الزيارة الجامعة في موضع واحد ، في قول الإمام عليه‌السلام : «اللَّهُمَّ إِنِّي لَوْ وَجَدْتُ شُفَعَاءَ أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّد وَأَهْلِ بَيْتِهِ الأَخْيَارِ ، الأَئِمَّةِ الأَبْرَارِ ،

__________________

(١) ينظر شرح المفصّل : ٥/ ١٠٥ ـ ١٠٦.

(٢) ينظر : شرح التصريح : ٢/٤١٩.

(٣) ينظر : الإيضاح في علوم البلاغة : ٢/١٢٥.

(٤) شرح التصريح : ٢/٤١٨

(٥) في النحو العربي نقد وتوجيه : ٢٩١.

(٦) ينظر : شرح الكافية الشافية : ٣/١٦٣٩.

(٧) المفصّل في صنعة الإعراب : ٤٥١.

(٨) ينظر : شرح الكافية الشافية : ٣/١٦٣٩ ـ ١٦٤٠.


لَجَعَلْتَهُمْ شُفَعَائِي»(١).

وهذا التركيب مكوَّن من الأداة (لو) ، وفعل الشرط (وجدت) ، والجواب (لجعلتهم) ، وكلاهما ماضيان ، وثبتت اللام في الجواب لتأكيد ارتباط جملة فعل الشرط بالجواب ، وتصدّر هذا التركيب بلفظة (اللّهُمّ) التي تدلّ على لفظة (الله) المختصّة بندائه (عزّ وجلّ) ، فلا تُسْتَعْمَلُ فِي نداء غَيْرِهِ ، مع دلالتها على تفخيم المنادى ،(٢) وتفخيم الأمر المنادَى لأجله ، فاتّخاذ الشفعاء الأقرب إلى الله موجب للقبول والفوز في الأمور كلّها ، وعدم التوفيق إلى ذلك مهلكة ومفسدة.

وقد تعلّق في هذه الجملة الشرطية وقوع (الجواب) وهو جعلُ شفعاء أقرب إلى الله غير محمّد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته عليهم‌السلام لانتفاء الشرط ، وهو وجود مثل هكذا شفعاء بهذه الكيفية وهذه الصفات ، فتقرّر أنّه لم يجد أقرب منه ، لذلك لم يتّخذ غيرهم ، فالجعلُ منتف لانتفاء الوجود ، ومتى سيقع ويتحقّق وجود مثل هؤلاء الشفعاء ـ على الفرض ـ سيتّخذهم شفعاؤه عند الله ، ولكنّه لم يجد أقرب منهم قرباً معنويّاً إلى الله تعالى ، ولذلك فإنَّ عبارة (إنِّي لو وجدت) فيها إشعار وتلويح بعدم وجدان شفعاء بهذا القيد الذي قيّده الإمام عليه‌السلام(٣) وخصَّهم بأنّهم كانوا أقرب إلى الله من محمّد وآل محمّد في أىِّ

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٩١.

(٢) ينظر في تأصيل هذا اللفظ ، والخلاف فيه ، وفي دلالته : كتاب سيبويه : ٢/١٩٦ والمقتضب : ٤/٢٤٢ ، والإنصاف في مسائل الخلاف (م ٤٧) ١/ ٢٧٩ ـ ٢٨٠.

(٣) ينظر : الأعلام اللامعة : ٢٨٣.


حال ، ولو وُجِدُوا لوجب اتّخاذهم ، لكن هذا ممتنع لامتناع وجودهم أصلاً.

ونلمس من هذا الكلام أيضاً تعريضاً بمَن يتّخذ غيرهم شفعاء ، لأنَّهم لا يشفعون له ، كما قال تعالى في كتابه العزيز : (يَوْمَئِذ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً)(١) ، وقال تعالى : (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)(٢) ، ويعضد ذلك التعريض تعدُّد الأوصاف ذات المقامات العالية التي ذُكرت في وصف أولئك الشفعاء في النصِّ : (أقْرَبَ إلَيْكَ من مُحَمِّد وأهْلِ بَيْتِهِ) ، (الأخْيارِ) ، (الأئِمَّةِ) ، (الأبْرارِ).

٣ ـ إنْ : حرف شرط جازم ، يدخل على جملتَين لا صلة بينهما ، فيربط إحداهما بالأُخرى ، ويُصيّرهما كالجملة ، نحوَ : (إن تأتني آتِك) ، والأصلُ (تأتيني آتيك) ، فلمّا دخل حرف الشرط (إنْ) ، عقد إحديهما بالأخُرى ، فلو قال : إن تأتني ، وسكتَ ، لا يكون كلاماً ، حتّى تأتي بالجملة الأخُرى ، لأنَّ بينهما معنىً معقوداً ومتّصلاً ، فهما نظيرا المبتدأ والخبر اللذين لا يستغني أحدهما عن الآخر(٣) ، أمّا زمن التعليق بينهما فهو المستقبل(٤) ، وتدخل (إنْ) على الماضي فتقلبه مستقبلاً ، لأنَّ حقَّها «أنْ يليها المستقبل من الفعل ، لأنَّك إنَّما تشرط فيما يأتي أنْ يقعَ شيءٌ لوقوع غيره ، وإنْ وليها فعل

__________________

(١) طه : ١٠٩.

(٢) المدثر : ٤٨.

(٣) ينظر : شرح المفصّل : ٥/١٠٦.

(٤) ينظر : المصدر نفسه : ٤/٢٦٤ ، واللمحة في شرح الملحة : ٢/٨٦٦.


ماض أحالت معناه إلى الاستقبال»(١).

ونجدها قد وردت في نصِّ الزيارة الجامعة في موضع واحد ، في قوله عليه‌السلام : «اِنْ ذُكِرَ الخَيْرُ كُنْتُمْ أَوَّلَهُ وَأَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأْوَاهُ وَمُنْتَهَاهُ»(٢)

فانطلاق الخير وابتداؤه يكون منهم ، وانتهاؤه يكون بهم ، وأنَّهم أساس الخير وأصله ، فهو قائم بهم ومتوقّف عليهم ، وهم أعلى شيء في هذا الخير ، وأنَّهم مركزه ووسطه وجوهره المنضوي عليهم ، وهم المأوى والمُتَجَمَّع الذي يأوي إليه الخير ويلجأ ، ومكان أمانه واستقراره وحفظه ، فقد احتَووه احتواءً كاملاً تامّاً من حيث المبدأ والمنتهى وجهات انتشاره واستقراره ، فهو لا يفارقهم في حال ذهاب أو إياب.

وفي النصّ الشريف ورد التركيب الشرطي مكوّناً من الأداة (إنْ) ، وفعل شرط ماض مبني للمجهول ، طوي فاعله لغرض التركيز على الحدث وتعميم دلالته ليشملَ كلَّ ذاكر للخير مِن دون استثناء أحد(٣) ، ثم إنّ لمضي الفعل دلالةً على أنَّ الأمر متحقّق في الواقع ، إذ لا بُدَّ من أنْ يكون هناك ذاكر للخير ، فاستعمال (ذُكِرَ) «تحقيقاً للأمر ، وتثبيتاً له ، أي إنَّ هذا وعدٌ موفىً به لا محالة ، كما أنَّ الماضي واجب ثابتٌ لا محالة»(٤) ، فهو قطعيّ الحدوث ، لذلك جيء بالفعل الماضي المبني للمجهول ليدلّ على قطعية ذكر الخير من جانب

__________________

(١) الأصول في النحو : ٢/١٥٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٩٠.

(٣) ينظر : أسرار العربية : ٨٥.

(٤) الخصائص : ٣/٣٣٤.


وذكر الخير على سبيل العموم من جانب آخر ، ممّا سيضفي إبهام ذكر الخير وعدم تحديده بوقت معيّن ، فمتى ذُكِرَ أو سَيُذكَر الخير يكونون أهل البيت عليهم‌السلام أوّله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه ، ولكن هذا الأمر لا يعني العكس ، بأنَّه إنْ لم يُذكَر الخير لم يكونوا أوّله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه ، بل إنَّهم هكذا على كلّ حال سواء ذُكر الخير أم لم يُذكَر ، لأنَّ كلَّ خير يرجع إليهم ويبدأ منهم ، لأنّهم سببه(١) ، فأصل الخير ومبتدؤه ومنتهاه لا يتوقّف على ذكر الخير ، بل هم هكذا في كلّ حال ، ومنه يتّضح أنّ العلاقة السببية بين الشرط والجواب قد تنتفي في بعض الأحيان ، لأنَّه «قد يخرج الشرط عن ذلك ، فلا يكون الثاني مُسبّباً عن الأوّل ، ولا متوقّفاً عليه».(٢)

__________________

(١) ينظر : الأعلام اللامعة : ٢٦٦.

(٢) أسلوب الشرط والقسم من خلال القرآن الكريم : ١٠.


المبحث الثاني

تراكيب شرطية متنوّعة :

ما سبق من تراكيب الجُمل الشرطية الواردة في الزيارة الجامعة الكبيرة جرى على الترتيب الأصلي ، غير أنّه قد ورد ترتيب آخر ، أو شكل آخر للجملة الشرطية يحصل بتقدّم الجواب على الأداة وفعل الشرط ، فتنزاح هذه العناصر عن مواقعها التي وضعت لها ، وفي ذلك خرق للنظام المعهود ، فالعناصر المكوّنة للجملة الشرطية ثابتة الموقع في الأصل ، إذ تتصدّر الأداة متلوّة بفعل الشرط ثمّ الجواب.

غير أنّه يمكن تقرير أنّ رتبة الشرط من الأداة من الرتب المحفوظة في النظام النحوي التركيبي ، فإن اختلّت يختلّ التركيب(١) ، أمَّا الجواب فليس كذلك ، بل قد تتغيّر رتبته بتقدّمه على الأداة ، ومستندُ هذا التقرير الاحتكام إلى كثرة السماع الذي ورد بتقديم الجواب على الأداة(٢) ، وهذا التقديم كأنّه يؤدّي إلى «ولادة جديدة للأسلوب الشرطي ، وذلك لأنّ دلالته تختلف عن دلالة النمط الذي تكون عناصره محفوظة الرتب»(٣) ، وقد اختلف النحويّون في أحكام هذا التقديم ، أيُعدَّ المتقدّم هو الجواب ، أم إنَّ الجواب قد حُذِفَ

__________________

(١) ينظر : اللغة العربية معناها ومبناها : ٢٠٧.

(٢) ينظر : المقتضب : ٢/٦٨ ، والإنصاف في مسائل الخلاف (م ٨٧) ٢/٥١٧.

(٣) الجملة الشرطية في نهج البلاغة : ١٨٨.


ودلَّ عليه شيء؟ فالبصريّون لا يجيزون تقدّم الجواب على الأداة وفعل الشرط ، ذلك أنّ جواب الشرط يكون محذوفاً إنْ تقدَّم على أداة الشرط وفعل الشرط ، كما في : (أنت ظالمٌ إنْ فعلْتَ) ، وأنّ المذكور المتقدِّم دليلٌ عليه ، ذلك أنّ أدوات الشرط عندهم لها الصدارة في الكلام وأنّ رتبة الجزاء تأتي بعد رتبة الشرط ، لأنّ الشرط سببٌ في الجزاء ، وأنّ الجوازم من العوامل الضعيفة ، والعامل الضعيف لا يقوى على العمل وهو متأخِّر عن معموله ، واشترطوا صحّة التقديم في حال كون فعل الشرط ماضياً في اللفظ أو في المعنى ، إذ يجوز أنْ يقال عندهم : (آتِيكَ إنْ أتيتَني) ، ولا يجوز أنْ يقال :(آتيك إنْ تأتني) ، والسبب في ذلك أنَّ فعل الشرط في الاُولى (أتيتني) ماض ، وفي الثانية (تأتني) مضارع ، فَحُذِفَ الجواب ، وما تقدّم من شبه الجواب وهو (آتيك) ليس جواباً إنَّما هو دالٌّ عليه ، أي (آتيك إنْ أتيتني آتيك)(١). أمَّا الكوفيّون فيرون أن لا حذف لجواب الشرط ، إنَّما هو عينه المتقدّم على الأداة(٢) ، ويرى بعض المحدثين أنَّه على الرغم من هذه الولادة الجديدة أو التغيير الذي طرأ على الجملة الشرطية وما يترتّب على ذلك من دلالة ، يجب المحافظة على الرتب وإن تقديراً(٣). ومنهم مَنْ يرى أنَّ هذا التقديم في عناصر الجملة الشرطية ولاسيّما في الأدوات (مَنْ ، ما ، متى ،

__________________

(١) ينظر : كتاب سيبويه : ٣/٦٦ ، والمقتضب : ٢/٦٨ ، والخصائص : ٢/٣٨٩ ـ ٣٩٠ والمفصّل في صنعة الإعراب ٤٤١ ، وهمع الهوامع : ٢/٥٥٩.

(٢) ينظر : الإنصاف (م ٨٧) ٢/٥١٤.

(٣) ينظر : في النحو العربي نقد وتوجيه : ٢٨٩.


أينما) يُحوِّل أداة الشرط إلى اسم موصول يُعرَبُ فاعلاً ، ومعنى ذلك أنّ الجملة تتحوّل إلى جملة فعلية بعد أنْ كانت اسمية قبل التقديم ، فيذهب بذلك معنى الشرط منها(١).

وأقول : إنّ الثابت في الأحكام النحوية أنّ العدول بالتراكيب عن الترتيب الأصلي يوجب تغيّراً في الأحكام وفي المعنى ، ولنا أن نتساءل عن هذا التغيّر في تركيب الشرط المعدول هذا ، ولربّما يكون الجواب عن تغيّر الحكم بأنّ الجملة الشرطية التي تقدّم فيها ما يشعر بجواب الشرط هي جملة ناقصة من حيث الصنعة النحوية ، حُذف منها الجواب ، لكنّها تامّة الفائدة ، مكتفية بترتيبها الجديد ، ذات دلالة مميّزة مختصّة بالعناية بالجواب المتقدّم ، فبالتقديم يحصل تخصيص ، أو اهتمام بالمقدّم أو عناية أكبر(٢) ، وهذا يختلف عن معنى الجملة قبل التقديم.

وهو معنى راجح ، ذلك أنّ العلل التي ذكرها جمهور النحويّين غير مقنعة ، إذ إنّ الصدارة في الكلام ، والرتبة ، والسببية ، والنتيجة ، تصطدم كلّها بالتقدّم من أجل العناية بالمتقدِّم ، ولأنّ ضعف العامل وقوّته مسألة عقلية لا ترتبط بالاستعمال اللغوي ، فالمتكلّمُ له أن يُعنى بالجواب أو ما يُشعِرُ به فيقدِّمه ، عنايةً به ، وإغراءً للسامع ، إن كانت النتيجة هي المطلوبة.

وقد ورد هذا الترتيب في نصّ الزيارة الجامعة في ثمانية مواضع ، في

__________________

(١) ينظر : من وظائف الصوت اللغوي : ٦٨.

(٢) ينظر : دلائل الإعجاز : ١/١٠٧ ، والإيضاح في علوم البلاغة : ٢/٥٠ ، ١٦٥.


قوله عليه‌السلام : «سَعَدَ مَنْ وَالاكُمْ ، وَهَلَكَ مَنْ عَادَاكُمْ ، وَخَابَ مَنْ جَحَدَكُمْ ، وَضَلَّ مَنْ فَارَقَكُمْ ، وَفَازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ ، وَأَمِنَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْكُمْ ، وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ ، وَهَدِيَ مَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ»(١).

ففي هذه المواضع ورد فعل الشرط وجوابه ماضياً ، وقُدِّمَ الجواب (سَعَدَ ، هَلَكَ ، خابَ ، ضلَّ ، فازَ ، أمِنَ ، سَلِمَ ، هدِيَ) ، وهذا يستدعي التوقّف عنده ، فقد يكون تقدّم الجزاء للعناية ، أو الترغيب به ، لأنّه غاية ما يرجوه المتلقّي من تقرّبه من أهل البيت عليهم‌السلام مثل (سعد ، فاز ، أمن ، سلم ، هدي) ، وقد يكون الغرض منه الترهيب أو التخويف أو بيان المآل ، مثل (هَلَكَ ، خَاب ، ضَلَّ) ، فالعناية كانت بالجزاء أو النتيجة التي يؤول إليها الحال ترغيباً تارة ، وترهيباً وتخويفاً تارة أخرى ، لأنَّ مضمون الشرط «سبب ونتيجة»(٢). ثم إنّ تقديم هذه الأفعال الماضية مؤذنٌ بحتمية تحقّقها ، فهو إخبار واقع قد تيقّن مُخبِرُه بوقوعه ، ومضى عنده فعله ، فرآه على حقيقته فأخبر به إخبار إحاطة لا تحصيل.

ويتنوّع فعل الشرط وجوابه بين الفعلية والاسمية لكن الفعلية هي الغالبة عليهما ، فيجب في جملة الشرط أن تكون فعلية ، أمّا جملة الجواب فالأصل فيها أن تكون فعلية ويجوز أن تكون اسمية(٣) ، فإنْ كانتا فعليّتين يكون

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨.

(٢) الجملة الشرطية في نهج البلاغة : ٢٨.

(٣) ينظر : شرح ابن عقيل : ٤/٣٢.


الفعلان إمَّا «مضارعين ، أو ماضيين ، أو أحدهما ماضياً والآخر مضارعاً. فإن كانا مضارعين ، كانا مجزومين وظهر الجزمُ فيهما ، كقولك (إنْ تقمْ أقمْ) وإنْ كانا ماضيين ، كانا مُثْبَتَيْن على حالهما وكان الجزم فيهما مقدّراً ، نحوَ قولك :(إنْ قمتَ قمتُ) والمعنى (إنْ تقمْ أقمْ)»(١) ، واختصَّ الشرط بالأفعال أكثر من الأسماء ، لأنَّ ذلك يعود للأفعال وما تحمله من خاصّية التجدّد والانقضاء(٢).

وجواب الشرط يرد تركيباً إسناديّاً فعليّاً تارةً ، أو تركيباً إسناديّاً اسميّاً تارةً ثانية ، أو تركيباً شرطيّاً تارةً ثالثة(٣) ، وهو ترتيب خاصّ وردت على نسقه الجملة الشرطية في كلام الإمام عليه‌السلام ، فورد الجواب جملاً شرطية متتابعة ، شكّلت بمجموعها جواباً أو جزاءً لشرط تقدّم عليها ، أو بياناً لنتيجة مترتّبة على شرط قد سبق ذكره ، فيأتي ذلك الجواب متّصلاً بالفاء الرابطة بينه وبين الشرط المتقدّم عليه ، ونجد ذلك في قوله عليه‌السلام : «عَصَمَكُمُ الله مِنَ الزَّلَلِ ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ ، وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ ، وَأذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهيراً ، فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ ، وَأكْبَرْتُمْ شَأْنَهُ ، وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ ، وَأدَمْتُمْ ذِكْرَهُ ، وَوَكَّدْتُمْ ميثاقَهُ ... وَنَشَرْتُمْ شَرايِعَ أحْكامِهِ ، وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ ، وَصِرْتُمْ في ذلِكَ مِنْهُ إلى الرِّضا ، وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ ، وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ

__________________

(١) شرح المفصّل : ٥/١٠٨.

(٢) ينظر : شرح المفصّل : ٥/١٠٨.

(٣) ينظر : التراكيب الإسنادية : ١٧٥.


مَنْ مَضى ، فَالرّاغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ ، وَاللاّزِمُ لَكُمْ لاحِقٌ ، وَالْمُقَصِّرُ في حَقِّكُمْ زاهِقٌ»(١) ، فتظهر الفاء لبيان النتيجة المترتّبة على ما ذكر قبلها ، فالفاء في (فالراغب) سببية عمّا سبقها من الكلام ، أي : بعد أن ثبت أنَّكم الأئمّة الراشدون المهديّون المعصومون المكرّمون المقرّبون المتّقون الصادقون وغيرها من الصفات المتقدّمة ، يكون الراغب عنكم مارق ، أي خارج عن دين الله (عزَّ وجلَّ) ، وكذلك مَن لازمكم وقال بإمامتكم وأخذ بأقوالكم وتبعكم كان لاحقاً لكم في الدنيا والآخرة(٢) ، فالفاء بيَّنت هذا الجزاء المُترتّب على ما سبق من كونهم الأئمّة والراشدين ـ إلى آخر الصفات ـ الذين يهلك مَنْ يعاديهم ويفوز مَنْ يواليهم.

ويُلحَظُ في نصِّ الزيارة الجامعة أنَّ هناك جُملاً تكرّرت بشكل منتظم يُسمّى تكرار التراكيب المتراصّة أو الجمل المتوازية ، ويعمد المتكلّم في هذا النوع من التكرار إلى توجيه خطابه بجمل ، لا ألفاظ ، منسّقة تركيبيّاً من حيث مكوّناتها ، تربطها أداة من الأدوات ، فتتتابع الأفكار وتتلاحق بتلاحق تلك التراكيب المنسَّقة لغرض يرمي المتكلّم إلى إيصاله ، فضلاً عن أنَّ بناء الجمل على هذه الشاكلة يمنح مجالاً للسرد وتعانق الأفكار والمعاني بيسر ، إذ يبتعد عن التعقيد والتكلّف ، علاوةً على ما فيه من انطلاق وحلّ لعقدة اللسان ، لعدم وجود ما يفصل تلك التراكيب المتوازية بعضها عن بعض ، فالجمل بهذا

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٧.

(٢) ينظر : في رحاب الزيارة الجامعة : ٣٥٧ ـ ٣٥٩ ، والأعلام اللامعة : ١٧ ـ ١٧٧.


البناء تبدو مستقلّة ، كلّ واحدة منها على حدة ، لكنّها من حيث الدلالة مرتبطة ومتآصرة ، فقد رُتِّبَتْ في النطق على موجب ترتيبها في الفكر(١).

ونجد أنَّ هذا النوع من التكرار قد برز أكثر في تكرار تراكيب الشرط(٢) في نصِّ الزيارة الجامعة بجمل متوازية منسّقة ، ففي قوله عليه‌السلام : «مَنْ وَالاكُمْ فَقَدْ وَالى الله ، وَمَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى الله ، وَمَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ الله ، وَمَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ الله ، وَمَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِاللهِ»(٣) ، وكذلك في قوله عليه‌السلام : «سَعَدَ مَنْ وَالاكُمْ ، وَهَلَكَ مَنْ عَادَاكُمْ ، وَخَابَ مَنْ جَحَدَكُمْ ، وَضَلَّ مَنْ فَارَقَكُمْ ، وَفَازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ ، وَأَمِنَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْكُمْ ، وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ ، وَهَدِيَ مَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ ، مَنْ اتَّبَعَكُمْ فَالجَنَّةُ مَأْوَاهُ ، وَمَنْ خَالَفَكُمْ فَالنَّارُ مَثْوَاهُ ، وَمَنْ جَحَدَكُمْ كَافِرٌ ، وَمَنْ حَارَبَكُمْ مُشْرِكٌ ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ في أَسْفَلِ دَرِك مِنَ الجَحِيمِ»(٤).

فيلحظ تكرّر الجمل الشرطية في كلام الإمام عليه‌السلام ، ففي كلامه (مَنْ ولاكم فقد وإلى الله) (ومَنْ عاداكم فقد عادى الله) (ومَنْ أحبّكم فقد أحبَّ الله) (ومَنْ أبغضكم فقد أبغض الله) (ومَنْ اعتصم بكم فقد اعتصم

__________________

(١) ينظر : اُسلوب طه حسين في ضوء الدرس اللغوي : ١٠١ ـ ١٠٢.

(٢) نجد مثال هذه الجمل حاضرة في القرآن الكريم ، مثلا توازي الجمل الشرطية المصدرة بـ : (مَنْ) ، في قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) [الجاثية :١٥] ، وفي قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ) [الأنفال : ٣٨]

(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨.

(٤) المصدر نفسه : ٢/٣٨٨.


بالله) كرّر نسقاً نمطيّاً للجملة الشرطية تكوَّن من الأداة (مَنْ) وفعل الشرط وجوابه ، وفي كلامه : (سعد مَنْ والاكم) (وهلك مَنْ عاداكم) (وخاب مَنْ جحدكم) (وضلّ مَنْ فارقكم) (وفاز مَنْ تمسّك بكم) (وأمن مَنْ لجأ إليكم) (وسلم مَنْ صدّقكم) (وهدي مَنْ اعتصم بكم) كرّر نسقاً آخر للجملة الشرطية بتقدُّم الجواب على الشرط.

والربطُ بين هذه الجمل بالواو بشكل منسّق يلفت الانتباه ويدعو للتفكّر فيه ، فكان هذا التكرار سبباً في ضمِّ أجزاء الكلام وتنسيقها تنسيقاً جميلاً ، إذ تعاضدت التراكيب المتوازية في إماطة اللثام عن خبايا المعنى وإجلائه أكثر بهذا الضُّمّ والتراصّ الجميل ، وكأنّه كما يقول الجرجاني : «ترى سبيلَه في ضمِّ بعضِه إلى بعض سبيلَ مَنْ عمدَ إلى لآل فخرَطَها في سلك»(١) ، فجاءت التراكيب المتراصّة حاملة مع توازيها حيوية ومرونة ، كسرت قيود الرتابة والملل ، وجلبت أُنْس النفوس وارتياحها عند تلقّيها ، فيُلحَظ في مجموعة التكرارات هذه كيف كان تكرار الأداة (مَنْ) سبباً لتماسك النصِّ بتوالي التراكيب الشرطية بالعطف عليها بحرف الواو ، التي جمعت بتواليها معاني متعدّدة ، فضلاً عمّا لهذا العطف من آثار مهمّة في بناء وحدة النصّ وربط المتواليات مع بعضها(٢).

وكذلك كان للتقابل ـ الذي يعني «إيراد الكلام ، ثمّ مقابلته بمثله في

__________________

(١) دلائل الإعجاز : ١٢٦

(٢) ينظر : التوازي التركيبي في القرآن الكريم : ١/٩٢.


المعنى واللفظ على جهة الموافقة أو المخالفة»(١) الذي اكتنف هذه الجمل المتوالية ـ أثرٌ في الكشف عن المعنى وتوضيحه ، فللتقابل بين الألفاظ سحرٌ عجيب في نفس المتلقّي إن تُليت عليها المتقابلات ، ذلك أنّ «للنفوس في تقارن المتماثلات وتشافعها والمتشابهات والمتضادّات وما جرى مجراها تحريكاً وإيلاعاً بالانفعال إلى مقتضى الكلام ، لأنّ تناصر الحسن في المستحسنين المتماثلين والمتشابهين أمكنُ من النفس موقعاً من سنوح ذلك لها في شيء واحد. وكذلك حال القبح»(٢).

ففي كلام الإمام عليه‌السلام جُمعت ألفاظ متقابلة من شأنها أنْ تحرّك انفعال النفس لها ، كالموالاة والمعاداة ، والهدى والضلال ، والجنّة والنار ، والحبّ والبغض ، فقابل بين (من والاكم فقد والى الله ، من عاداكم فقد عادى الله) ، و (من أحبّكم فقد أحبَّ الله ، من أبغضكم فقد أبغض الله) ، وبين (سعد من والاكم ، هلك من عاداكم) و (خاب من جحدكم ، فاز من تمسّك بكم) ، وبين (ضلّ من فارقكم ، هدي من اعتصم بكم) و (من اتّبعكم فالجنّة مأواه ، من خالفكم فالنار مثواه) ، فالفعلان (والاكم ، أحبّكم) قابلا الفعلين (عاداكم ، أبغضكم) ، ومن المؤكّد أنَّ أفعال (الولاء والحبّ) أكثر تأثيراً في النفس من أفعال (العداء والبغض) ، فالنفس الإنسانية بفطرتها تميل إليهما ، وتولع وتتحرّك باتّجاههما ، وإذا بها تجد أنَّ أثر الموالاة

__________________

(١) كتاب الصناعتين : ٣٣٧.

(٢) منهاج البلغاء : ٤٠.


والحبّ يرتبطان بالله (عزَّ وجلَّ) ، فمَن والى محمّداً (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته عليهم‌السلام فقد حظي بموالاة الله تعالى ، فهم المؤدّون إليه ، فتأنس النفس لذلك. أمَّا البغض والمعاداة لله سبحانه ، فمعه الانفعال السلبي ، لأنّ النفس بفطرتها لا تعادي الله ولا تبغضه ، فتفرّ من كلِّ ما يؤدّي بها إلى ذلك ، وتضطرب أكثر عندما توازن بين (خالفكم ، جحدكم ، حاربكم ، ردّ عليكم) وما جُعل نتيجة محصّلة لهذه الأفعال المذكورة (النار مثواه ، كافر ، مشرك ، في أسفل درك من الجحيم) ، فبالمتقابلات في أسلوب الشرط وغيره تُفرق النفس بين الحسن والقبيح وتختار الأفضل منهما. كذلك وقع التقابل بين الأفعال (سعد ، هلك) و (خاب ، فاز) و (هدي ، ضلَّ) ومن المؤكّد أنَّ النفس تغبط لما يسعدها ويهديها لا لما يهلكها ويضلّها. فيلحظ الجمع بين المتقابلات المتنوّعة كالجنّة والنار ، السعادة والهلاك ، الهدى والضلال ، الخيبة والفوز ، المولاة والمعاداة ، وإنّما حكمة الجمع ما بين هذه المتقابلات هي دفع المتلقّي للتمييز بينها وتأييد النافع منها والانتصار له ، ورفض المؤذي منها ، والابتعاد عنه.


خلاصة البحث

خلص البحث إلى النتائج الآتية :

١ ـ وردت أنماط عدّة من تراكيب الشرط في نصِّ الزيارة الجامعة الكبيرة ووُظِّفت لتحقيق الغرض الذي سعت الزيارة لإقراره ، ذلك أنّ أسلوب الشرط بما يحمل من مسبّبات ونتائج ساهم في تطويع العقول للإقرار بالمضامين العقائدية العالية التي تضمّنها النصّ الشريف.

٢ ـ ساعد أسلوب الشرط بما انماز به من إبهام وإعمام في أدواته على أن يتخلّص المتكلّم من الإشارات الواضحة التي قد تؤذي المتلقّي ، ولاسيّما أنّ الزيارة تقرّر المآل الحسن لِمُتَّبع آل البيت ، والعاقبة السيّئة لِمَن خالفهم ، فكان الإبهام والإعمام وسيلة من وسائل تنبيه المخاطب على ما يحتاج إلى معرفته في عقيدته ، ووصلة لإرشاده وإقناعه بالحقائق.

٣ ـ كثر استعمال الجملة الشرطية بترتيبها الأصلي ، المكوَّن من (أداة الشرط وفعل الشرط وجواب الشرط) في نصّ الزيارة ، فورد في واحد وعشرين موضعاً ، وتنوّعت أدوات الشرط ، فاستعملت ثلاثة منها ، هي (مَن ، ولو ، وإنْ). وكانت الأداة الاسمية (مَن) أكثرها استعمالاً ، إذ وردت في تسعة عشر موضعاً ، وعلّل الباحث ذلك بمناسبة المقال للحال ، ذلك أنّ نصوص الزيارة ناظرة إلى مقام مخاطبة العقلاء من الأمّة عامّة ، لغرض إرشادهم وتنبيههم على حقائق الأمور المبهمة عندهم غير القارّة في أذهانهم. على


حين استعملت الأداتان (لو) ، و (إنْ) مرّة واحدة.

٤ ـ سُلب الزمن من فعل الشرط وجوابه في نصوص الزيارة ، وعلّل الباحث ذلك بأنّ خطابات النصوص المقدّسة لا تخضع لزمن محدّد ، بل هي نصوص تجاوزت الزمان والمكان ، وأفعالها دالّة على الاستمرارية.

٥ ـ خالفت جملة من تراكيب الشرط ما ثبت عند النحويّين في باب أحكام فعل الشرط وجوابه ، فورد فيها الجواب اسماً مشتقّاً في قول الإمام عليه‌السلام : «مَنْ جَحَدَكُم كَافِرٌ ، وَمَنْ حَاربكم مُشْرِكٌ» ، وورد الجواب شبه جملة في قوله : «وَمَنْ رَدَّ عليكم في أسْفَلِ دَرَك من الجحيم» ، إذ لم تقترن هذه الأجوبة بفاء الجزاء مع أنّها لا تصلح أن تكون جواباً للشرط.

ونبّه الباحث على أنّ هذه الأجوبة يجب أن تقرّ في باب جملة الشرط ، سدّاً لنقص الاستقراء عند النحويّين ، وأشار إلى وجوب الانتفاع من نصوص المعصومين عليهم‌السلام في الاستشهاد اللغوي ، لكونها من أوثق المدوّنات اللغوية التي وردت إلينا.

٦ ـ عرض الباحث لتراكيب شرطية لم ترد على الترتيب الأصلي لجملة الشرط ، وفيها يتقدّم جواب الشرط على الأداة وفعل الشرط ، وفاتش النحويّين في أحكام هذا التركيب ودلالته ، وخلص إلى رأي مفاده أنّ مثل هذه الجمل يمكن أن تعدَّ من الجمل الناقصة التي لا تحتاج إلى تقدير الجواب ، وأنّها مكتفية بعناصرها النحوية ، وأنّها تامّة الفائدة ، وأنّ لها معنىً دلاليّاً لا يتوافر عليه الترتيب الأصلي للكلام.


ولاحظ الباحث في نصِّ الزيارة تراكيب شرطية يتكرّر فيها جواب الشرط على شكل جمل شرطية متتابعة متناسقة تشكّل بمجموعها جواباً للشرط. ولاحظ أيضاً جملاً تكرّرت بشكل منتظم متراصّ ، تقابلت فيه الجمل الشرطية في تراكيب شرطية منسوقة بالواو ، زادت من تماسك النصّ ووحدته ، وحقّقت دلالات متنوّعة سجّلها الباحث في متن الدراسة.

والحمد لله أوّلاً وأخيراً


المصادر

المطبوعات :

١ ـ ارتشاف الضرب من لسان العرب : أبو حيّان النحوي (محمّد بن يوسف بن علي (ت ٧٤٥ هـ) ، تحقيق وشرح ودراسة : رجب عثمان محمّد ، مراجعة ، رمضان عبد التوّاب ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط ١ ، ١٩٩٨ م.

٢ ـ أسلوب الشرط والقسم من خلال القرآن الكريم : صبحي عمر شو ، دار الفكر ، عمان ، ٢٠٠٩ م.

٣ ـ اُسلوب طه حسين في ضوء الدرس اللغوي : د. زهران البدراوي ، دار المعارف ، القاهرة ، دار المعارف ، مصر ، ١٩٨٢م.

٤ ـ الأصول في النحو : ابن السرّاج (أبو بكر محمّد بن السرّي بن سهل) (ت ٣١٦ هـ) ، تحقيق : د. عبد الحسين الفتلي ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، ط ٣ ، ١٩٩٦م.

٥ ـ الأعلام اللامعة في شرح الجامعة : محمّد بن عبد الكريم الطباطبائي ، تحقيق وتعليق : كاظم البهادلي ، مؤسّسة الرافد ، قم ، ٢٠١١م.

٦ ـ الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويّين البصريّين والكوفيّين : أبو البركات الأنباري (كمال الدين عبد الرحمن بن محمّد ت ٥٧٧هـ) ، تحقيق : محمّد محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة التجارية الكبرى ، مصر ، (د. ت).

٧ ـ الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة : الشيخ جواد عبّاس الكربلائي ، مراجعة : محسن الأسدي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، ط ١ ، ٢٠٠٧ م.


٨ ـ الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة : السيّد عبد الله شبّر ، مكتبة الألفين ، الكويت ، ط ١ ، ١٩٨٣م.

٩ ـ الإيضاح في علوم البلاغة : جلال الدين القزويني (محمّد بن عبد الرحمن بن عمر) (ت ٧٣٩هـ) ، تحقيق : محمّد عبد المنعم خفاجي ، دار الجيل ، بيروت ، ط ٣ ، (د. ت).

١٠ ـ بحار الأنوار : محمّد تقي المجلسي (ت ١٠٧٠هـ) مؤسّسة الوفاء ، بيروت ، ط ٢ ، ١٤٠٣هـ.

١١ ـ البرهان في علوم القرآن : الزركشي (أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن بهادر) (ت ٧٩٤هـ) تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، ط ١ ، ١٩٥٧ م.

١٢ ـ التعريفات : الشريف الجرجاني (علي بن محمّد بن علي) (ت ٨١٦ هـ) ضبطه وصحّحه : جماعة من العلماء ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٨٣م.

١٣ ـ تهذيب اللغة : الأزهري (أبو منصور محمّد بن أحمد) (ت ٣٧٠هـ) تحقيق : محمّد عوض مرعب ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط ١ ، ٢٠٠١م.

١٤ ـ الجملة الشرطية عند النحاة العرب : أبو أوس ابراهيم الشمسان ، مطابع الدجوي ، القاهرة ط ١ ، م.

١٥ ـ الخصائص : ابن جنّي (أبو الفتح عثمان بن جنّي) (ت ٣٩٢هـ) ، الهيأة المصرية العامّة للكتاب ، ط ٤ ، (د. ت).

١٦ ـ دلائل الإعجاز : الجرجاني (عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمّد) (ت ٤٧١ هـ) تحقيق : محمود محمّد شاكر ، مطبعة المدني ، القاهرة ، دار المدني ، جدّة ، ط ٣ ، ١٩٩٢م.

١٧ ـ شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك : ابن عقيل (عبد الله بن عبد الرحمن) (ت ٧٦٩هـ) ، تحقيق : محمّد محيي الدين عبد الحميد ، دار التراث ، القاهرة ، ط ٢٠ ، ١٩٨٠م.


١٨ ـ شرح التسهيل : ابن مالك (محمّد بن عبد الله) (ت ٦٧٢هـ) تحقيق : د. عبد الرحمن السيّد ، ود. محمّد بدوي المختون ، دار هجر ، ط ١ ، ١٩٩٠م.

١٩ ـ شرح التصريح على التوضيح : خالد الأزهري (خالد بن عبد الله بن أبي بكر) (ت ٩٠٥ هـ) دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط ١ ، ٢٠٠٠م.

٢٠ ـ شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب : ابن هشام (عبد الله بن يوسف بن أحمد) (ت ٧٦١هـ) تحقيق : عبد الغني الدقر ، الشركة المتّحدة ، سوريا (د. ت)

٢١ ـ شرح الكافية الشافية : ابن مالك ، تحقيق : عبد المنعم أحمد هريدي ، جامعة أمّ القرى ، دار المأمون للتراث ، دمشق ، (د. ت).

٢٢ ـ شرح المفصّل : ابن يعيش (يعيش بن علي بن يعيش) (ت ٦٤٣هـ) ، قَدَّمَ له : د. إميل بديع يعقوب ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط ١ ،٢٠٠١م

٢٣ ـ علل النحو : ابن الورّاق (محمّد بن عبد الله بن العبّاس) (ت ٣٨١هـ) تحقيق : محمود جاسم محمّد الدرويش ، مكتبة الرشد ، السعودية ، ط ١٩٩٩١م.

٢٤ ـ في رحاب الزيارة الجامعة (البيان الكامل لفضائل أهل البيت عليهم‌السلامومناقبهم الرائعة في زيارتهم الجامعة) : السيّد علي الحسيني الصدر ، مؤسّسة الرافد ، قم ، ط ٣ ، ٢٠١٠ م.

٢٥ ـ في النحو العربي نقد وتوجيه : د. مهدي المخزومي ، دار الرائد العربي ، بيروت ، ط ٢ ، ١٩٨٦م.

٢٦ ـ كتاب سيبويه : سيبويه (عمرو بن عثمان بن قنبر) (ت١٨٠هـ) ، تحقيق : عبد السلام محمّد هارون ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط ٣ ، ١٩٨٨ م.

٢٧ ـ اللغة العربية معناها ومبناها : د. تمّام حسان ، عالم الكتب ، بيروت ، ط ٥ ، ٢٠٠٦م.


٢٨ ـ اللمع في العربية : ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس ، دار الكتب الثقافية ، الكويت ، (د. ت).

٢٩ ـ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب : ابن هشام ، تحقيق : د. مازن المباركو محمّد علي حمد الله ، دار الفكر ، دمشق ، ط ٦ ، ١٩٨٥م.

٣٠ ـ المفصّل في صنعة الإعراب : الزمخشري (أبو القاسم محمود بن عمرو) (ت٥٣٨هـ) تحقيق : د. علي بو ملحم ، مكتبة الهلال ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٩٣م.

٣١ ـ مقاييس اللغة : ابن فارس (أحمد بن فارس بن زكريّا) (ت ٣٩٥ هـ) تحقيق : عبد السلام محمّد هارون ، دار الفكر ، ١٣٩٩هـ ، بيروت ، ١٩٧٩م.

٣٢ ـ المقتضب : المبرّد (أبو العبّاس محمّد بن يزيد) (ت ٢٨٥ هـ) تحقيق : محمّد عبد الخالق عضيمة ، عالم الكتب ، بيروت ، (د. ت).

٣٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ابن بابويه القمّي (أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين) (ت٣٨١ هـ) أشرف على تصحيحه وطبعه والتعليق عليه : حسين الأعلمي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٨٦م.

٣٤ ـ النحو الوافي : د. عبّاس حسن ، دار المعارف ، مصر ، ط ١٥ ، (د. ت).

٣٥ ـ نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر : الجوزي (أبو الفرج عبد الرحمن ابن علي بن محمّد) (ت٥٩٧ هـ) ، تحقيق : محمّد عبد الكريم كاظم الراضي ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، ط ١ ، ١٩٨٤م.

٣٦ ـ همع الهوامع في شرح جمع الجوامع : السيوطي (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر) (ت٩١١هـ) تحقيق : عبد الحميد هنداوي ، المكتبة التوفيقية مصر ، (د. ت).

المخطوطات :

١ ـ أسلوب الشرط في نهج البلاغة (دراسة نحوية تطبيقية) : يُسرى خلف سمير ، الجامعة المستنصريّة ، كليّة الآداب ، ٢٠٠٩ م.


٢ ـ أنماط التركيب القرآني (دراسة في سور آل حم) : علي ميران جبّار ، جامعة الكوفة ، كلّية الآداب ، ٢٠٠٩م.

٣ ـ التوازي التركيبي في القرآن الكريم : عبد الله خليف خضيّر عبيد الحيَّاني ، جامعة الموصل ، كلّية التربية ، ٢٠٠٤م.

٤ ـ ظواهر أسلوبية وفنّية في سورة النحل : أسامة عبد المالك ابراهيم عثمان ، جامعة النجاح الوطنية ، كلّية الآداب ، ٢٠٠١م.


بابل وخططها في معجم البلدان

مصطفى صباح الجنابيّ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصَّلاة والسَّلام على سيّد الأوصياء والمرسلين محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

أمّا بعد ..

لم يكن الجغرافيّون العرب مجرَّد رحّالة متنقّلين بين المدن والأمصار ، بل أنّهم خلَّفوا لنا ثروة تراثية علمية في ضوء ما خطّوه من معاجم وأسفار ومصوّرات وخرائط أسهمت وبشكل فاعل في حفظِ التراثِ التاريخي والجغرافي للأمصار والمدن ، فالعلاقة بين التراث والجغرافيا قائمة على دراسة المعلومات التراثية والتاريخية المبثوثة في كتب الجغرافيا التي اهتمّت بدراسة الأماكن ، ومن المعاجم كتاب معجم البلدان ، المعجم الببلوغرافي للبلدان الإسلامية وغيرها ، والذي اتّخذناه أنموذجاً لاستقصاء ما جاء به عن مدينة


(بابل) وأعمالها قبل سنة (٦٢٦هـ) ـ سنة وفاة مصنِّفه ـ ، ولا يخفى على أحد ماذا تعني (بابل) ، المدينة التي مازالت تعيش في وجدان التراث ، فطالما اقترن اسمها في أذهان العالم الخارجي بالآثار والحضارة والعلم ، فقد كانت موطناً لأولى الحضارات البشرية ومسرحاً لأهمّ الأحداث التاريخية.

وكان السبب في اختيار البحث هذا هو معرفة حدود مدينة (بابل) وأعمالها في هذا المعجم الضخم الذي يؤرّخ لهذه المدينة العريقة من القرون الأولى إلى القرن السابع ، بل تعدّى ذلك إلى تاريخ ما قبل الميلاد ، وقد قسّمت البحث هذا على محورين ، عناوينها كالآتي :

المحور الأوّل : نبذة يسيرة عن المؤلِّف والمؤلَّف.

المحور الثاني : تضمّن ما ذُكِر عنها من مدن وأعلام وأعمال بصورة نصّية مرتّبة حسب الترتيب الألفبائي مع بعض التعاليق المتعلّقة بمطالب البحث.

واعتمدتُ في البحث هذا على مجموعة من المصادر التاريخية والجغرافية وكتب الأنساب والتراجم التي تُعدّ من أمّات الكتب وغيرها ، وما ورد فيه بين معقوفين فهو زيادة منّي اقتضاها السياق.

وختام الديباجة هذه أن أشكر الأستاذ المحقّق أحمد علي مجيد الحلّي لما درَّه علَيّ من الفوائد العلمية من يراع قلمه ، كما وأشكر إدارة مجلّة تراثنا المتمثّلة بفضيلة الشيخ نصير الدين الشيخ عبد الحليم آل كاشف الغطاء ـ أيّده الله تعالى ـ والإخوة العاملين فيها على جهودهم في نشر التراث المعرفي ومن


ضمنها هذا البحث الذي بين يدي القارئ ، وأحمد الله تعالى الذي وفّقني إلى إنجازه محاولةً منّي لاستقصاء جوانبه المختلفة ، فإن كنت أصبت فذلك من نعم الله عليّ ، وإن جانبني التوفيق فحسبي أجر المجتهد ، وأقول قولي هذا والحمد لله ربِّ العالمين.

المحور الأوّل

المؤلِّف والمؤلَّف

المؤلِّف(١) :

هو شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي البغدادي (٥٧٤ ـ ٦٢٦هـ) ، مؤرخٌ ثقةٌ ، من أئمّة الجغرافيّين ، ومن العلماء باللّغة والأدب.

أصله من الروم ، أُسِر من بلاده صغيراً ، وابتاعه ببغداد تاجرٌ يُدعى (عسكر بن إبراهيم الحموي) ، فربّاه وعلّمه وشغّله بالأسفار في متاجره ، ثمَّ أعتقه سنة (٥٩٦ هـ) وأبعده ، فعاش من نَسخِ الكتبِ بالأجرةِ ، وعطَف عليهِ مولاهُ بعد ذلك ، فأعطاه شيئاً من المال واستخدمه في تجارته فاستمرّ إلى أن توفي مولاه ، فاستقلَّ بعلمهِ ، ورحل رحلةً واسعةً انتهى بها إلى (مرو) بخراسان وأقام يتَّجر ، ثمَّ انتقل إلى خوارزم ، وبينما هو فيها خرج التتر سنة

__________________

(١) يُنظر ترجمته : تاريخ إربل : ١ / ٣١٩ ، وفيات الأعيان : ٦ / ١٢ ، الأعلام : ٨ / ١٣١.


(٦١٦هـ) فانهزم بنفسه تاركاً ما يملك ، ونزل بالموصل وقد أعوزه القوت ، ثمَّ رحل إلى حلب وأقام في خان بظاهرها إلى أن توفّي بها سنة (٦٢٦هـ) وعمره حينئذ واحد وخمسون عاماً ، أمّا نسبته فيُرجَّح أنّها انتقلت إليه من مولاه (عسكر الحموي) المذكور.

مؤلّفاته :

إنَّ قراءة كتاب معجم البلدان تكشف عمّا يمتلكه الحموي من معرفة واسعة للعديد من العلوم المختلفة ما بين جغرافية ، وتاريخ ، ولغة ، وأدب ، وتراجم ، فقد أنتج عدد من المؤلّفات التي لها حيّز كبير في الأوساط العلمية ، هذا على الرغم من أنَّه عاش حياة مضطربة إلاّ أنَّه أنتج جملة من المؤلّفات العلمية ، وأهمّها(١) :

١ ـ أخبار أهل الملل وقصص أهل النحل ، في مقالات أهل الإسلام.

٢ ـ أخبار الشعراء.

٣ ـ أخبار المتنبّي.

٤ ـ أخبار الوزراء.

٥ ـ أخبار النحويّين.

٦ ـ إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (معجم الأدباء).

__________________

(١) ياقوت الحموي مؤرّخاً : ٩٥ ـ ١٠٨ ، فقد أورد المؤلِّف جميع مؤلَّفات ياقوت الحموي وما يتعلّق بها.


٧ ـ أوزان الأسماء والأفعال الحاصرة في كلام العرب.

٨ ـ الردّ على ابن جنّي عند كلامه في الهمزة والألف من سرّ الصناعة.

٩ ـ ضرورات الشعر.

١٠ ـ كتاب الدول في التاريخ.

١١ ـ كتاب في أخبار الأمراء الغوريّين.

١٢ ـ كتاب في النسب.

١٣ ـ المبدأ والمآل في التاريخ.

١٤ ـ مجموع كلام أبي علي الفارسي.

١٥ ـ مختصر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

١٦ ـ معجم البلدان.

١٧ ـ المشترك وضعاً والمفترق صقعاً.

١٨ ـ المقتضب في النسب.

١٩ ـ منتخب كتاب (الأغاني).

٢٠ ـ نهاية العجب في أبنية كلام العرب.

المؤلَّف :

يمثِّل معجم البلدان نمطاً من أنماط الفهرسة والتبويب في انتخاب المعلومات الجغرافيَّة وتصنيفها حسب الترتيب الألفبائي ، ويتطلَّب التأليف في هذا المجال جهداً كبيراً وعملا دؤوباً ووقتاً ليس بالقليل ، وكذلك يجب أن


تتوفّر لديه المهارة والخبرة ؛ كونه يحتاج إلى قدرة عالية في حصر المادّة وتبويبها وفهرستها وتقديمها بين يدي القارئ بحُلَّة جميلة ، ولذا حاز الكتاب اهتمام الباحثين والمؤلِّفين القدامى والمحدّثين.

إنَّ فكرة تأليف الكتاب ظهرت عندما كان ياقوت حاضراً في (مَرْو) في مجلس للإمام السمعاني سنة (٦١٥هـ) وسُئِل عن كلمة (حُباشة)(١) ـ وهي سوقٌ من أسواق العرب في الجاهلية ، ورد ذكرها في الحديث الشريف ـ فقال : إنَّه حُباشة بـ (ضمّ الحاء) قياساً على أصل هذه اللفظة في اللغة ، لأَنّ الحُباشَةَ : الجماعة من الناس من قبائل شتّى ، فانبرى له رجلٌ من المحدِّثين وقال : إنَّما هو حَباشةُ بـ(الفتح) ، وصمَّم على ذلك وكابر ، وجاهرَ بالعناد من غير حُجّة وناظر ، وقد تعذَّر على ياقوت أن يدعم رأيه بالنقل عن العلماء على الرغم من اكتظاظ مكتبات (مَرْو) بالمراجع ، فأُلقي حينئذ في رُوعه افتقارُ العالم إلى كتاب فيه ذا الشأْن مضبوطاً ، بالتَّقييد مخطوطاً ، متقناً للألفاظ ، ليكون في مثل هذه الظُّلمْة هادياً ، وإلى ضَوءِ الصواب داعياً ، ونبَّه على هذه الفضيلة النبيلة(٢).

__________________

(١) حُباشة : (بضمّ أوّله والشين معجمة) : وهو سوق بـ(تهامة) يبعُد عن مكّة ستّ ليال من جهة اليمن ، كان يتردّد عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) للتجارة بمال خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ قبل البعثة.

ينظر : أخبار مكّة : ١ / ١٩١ ، معجم ما استعجم : ١ / ٤١٨ ، معجم البلدان : ٢ ٢٤٣ (حباشة).

(٢) ينظر : معجم البلدان : ١/١٠ (المقدِّمة).


أمّا منهجه : فقد ذكر في مقدِّمة كتابه المنهج الذي اعتمده في التأليف ، فقد رتَّب مواد كتابه ترتيباً ألفبائياً ، وضبطها بالحروف ، مثبتاً شكل كتابتها ؛ خشية من التصحيف والتحريف ، ممّا سهَّل على الباحثين البحث واستخراج المعلومة ، على أنَّ هذا الترتيب قد يختلف داخل الحرف الواحد أحياناً ، بعد ذلك يورد وصفاً شاملا عنها ، مع الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والشعر العربي والأمثال والحكايات.

وقد صرَّح الحموي عن الغرض من تأليف هذا الكتاب بما نصَّه : «وقد قدّمتُ أمام الغرض من هذا الكتاب ، خمسة أبواب بها يتمّ فضله ، ويغزر وبله :

الباب الأوّل : فيذكر صورة الأرض وحكاية ما قاله المتقدّمون في هيئتها ، وروينا عن المتأخّرين في صورتها.

الباب الثاني : في وصف اختلافهم في الاصطلاح على معنى الإقليم وكيفيّته واشتقاقه ودلائل القبلة في كلِّ ناحية.

الباب الثالث : فيذكر ألفاظ يكثر تكرار ذكرها فيه يحتاج إلى معرفتها كالبريد ، والفرسخ ، والميل ، والكورة(١) ، وغير ذلك.

الباب الرابع : في بيان حكم الأرضين والبلاد المفتتحة في الإسلام وحكم قسمة الفيء والخراج فيما فتح صلحاً أو عنوة.

__________________

(١) البريد : أربعة فراسخ ، والفرسخ : ثلاثة أميال ، والميل : أربعة آلاف ذراع ، والكُورَة ـ بالضمِّـ : الْمَدِينَة والصُّقْع.

يُنظر : لسان العرب : ٣ / ٨٦ ، تاج العروس : ١٤ / ٧٧.


الباب الخامس : في جمل من أخبار البلدان التي لا يختصّ ذكرها بموضع من دون موضع ، لتكمل فوائد هذا الكتاب ، ويستغنى به عن غيره في هذا الباب»(١).

ونتيجة لهذا المنهج والنظرة الموسوعية للمؤلّف ، فقد استوعب المعجم الكثير من العلوم والمعارف السائدة آنذاك ، حتّى غدا موسوعة ضخمة ، ليس في الجغرافية فحسب ، بل في اللغة والأدب والنحو والصرف والتاريخ .. وأصبح الآن مصدراً لا غنى عنه في الكثير من العلوم ، كما وألِّفت كتباً وكراريساً وبحوثاً استوحت علوماً منه.

__________________

(١) يُنظر : معجم البلدان : ١/١٥ (المقدِّمة).


المحور الثاني

بابل وخططها

لم يذكر الحموي (بابل) ضمن الإقليم الثالث عند تقسيمه للأقاليم السبعة ، وقد ذكرها منه جملة من الجغرافيّين منهم محمّد بن أبي طالب الأنصاري الدمشقي (٧٢٧هـ)(١) ، بل لم يجعلها إقليماً على حدة ، كما جعلها ابن الفقيه الهمذاني(ت ٣٦٥هـ) في كتابه البلدان فإنَّه ذكرها إقليماً رابعاً وحدّها من أفريقيا إلى بلخ(٢) ، ولعلَّ السعة التي ذكرها الهمذاني هي من المجاز ، والله العالم.

وقال الحموي عند وصفه لها : «وإقليم بابل موضع اليتيمة من العقد ، وواسطة القلادة ، ومكان اللبّة من المرأة الحسناء ، والمحّة من البيضة ، والنقطة من البركار(٣)»(٤) ، ذاكراً إنَّ حدّها الأنبار(٥).

وذكر أنَّها على الفرات ، معتمداً قول حمزة ونصّه(٦) : «كانت دارا الملك

__________________

(١) ينظر : نخبة الدهر : ٣١.

(٢) معجم البلدان : ١/٦١.

(٣) (بركار) : كلمة فارسية ، وهي من أدوات النَقّاش والنجّار ، لها شعبتان ينضمّان وينفرجان لتقدير الدارات ، ويُطلق عليها بالعربية (الفرجار).

يُنظر : تاج العروس : ١ / ٢٨٤٣.

(٤) معجم البلدان : ٤ / ٩٤.

(٥) معجم البلدان : ١ / ٢٥٧.

(٦) حمزة بن الحسن الأصفهاني (ت ٦٠ هـ) : مؤرّخ ، أديب ، من أهل أصفهان ، زار


من أرض العراق : إحداهما عبر دجلة ، والأخرى عبر الفرات ، وهما : (بافيل) ، و (طوسفون) ، فعرّب (بافيل) على (بابل) وعلى (بابلون) أيضاً ، و (طوسفون) على (طيسفون) و (طيسفونج)(١)».

وذكر أعمال بابل وقراها جزءٌ لا يتجزّأ عن تراثها الحضاري والفكري ؛ كونها كانت تمدّها بالحياة الثقافية والاقتصاديّة ، فقد نشأ الكثير من رجال الفكر والقلم في هذه القرى ونُسِبوا إليها ، فكان لهم شأن يُذكر في العلم والأدب والسياسة.

وقد أطنب فيها الحموي وفي قراها ، وعدد ما ذكره منها (٤٩) موضعاً ، غير أعمالها وتراجم أعيانها ، وما ذلك إلاّ المادّة التراثية الغنية التي اتَّصفت بها هذه المدينة منذ الزمن الغابر.

وإليك خطط بابل وأعمالها :

١ ـ أَجَمَةُ بُرس (بالفتح والتحريك)(٢) :

(أجمة بُرس) ، بحضرة الصّرح ، صرح نمروذ بن كنعان بأرض بابل ،

__________________

بغداد مرّات عديدة ، كان مؤدّباً مشاركاً في أنواع من العلوم ، له : (الأمثال الصادرة عن ثبوت الشعر) ، و (أصفهان وأخبارها) ، و (التشبيهات) ، وغيرها.

يُنظر : الأعلام للزركلي : ٢ / ٢٧٧ ، معجم المؤلِّفين : ٤ / ٧٨.

(١) طيسفونج : قرية كبيرة في شرقي دجلة مقابل النعمانية بين بغداد وواسط ، وبها آثار خراب قديم ، وأصلها (طوسفون) فعرِّبت على(طيسفون) و (طيسفونج).

يُنظر : معجم البلدان (باب الطاء والفاء) : ٤ /٣٥.

(٢) معجم البلدان : ١ / ١٠٣ ، وينظر : مادّة (برس) في حرف الباء من هذه المقالة.


وفي هذه الأجمة هوّة بعيدة القعر ، يُقال : إنَّ منها عُمِل آجر الصرح ، ويُقال : إنّها خُسِفت ، والله أعلم.

قال البلاذري(١) في كتاب الفتوح(٢) : يُقال إنّ عليّاً ـ رضي الله عنه ـ ألزم أهل أجمة برس أربعة آلاف درهم ، وكتبَ لهم بذلك كتاباً في قطعة أُدم.

٢ ـ الإسكندريّة(٣) :

«التي بأرض بابل»

٣ ـ الأَمِيرِيةُ(٤) :

من قُرى النيل من أرض بابل ، يُنسب إليها : أبو النجم بدر بن جعفر ، الضرير الشاعر ، دخل واسطاً في صباه وحفظ بها القرآن المجيد وتأدّب ، ثمَّ قدِم بغداد فصار من شعراء الديوان ، وجعل له على ذلك رزقٌ دارّ ، وأقام بها إلى أن مات في رمضان سنة (٦١١هـ)(٥).

__________________

(١) البلاذري : هو أبو الحسن ، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري ، توفّي بعد سنة (٢٧٩هـ) ، مؤرّخ أديب كاتب شاعر نسّابة من أهل بغداد.

يُنظر : معجم الأدباء : ٥/٩٣ ، فوات الوفيات : ١/١٥٥.

(٢) فتوح البلدان : ٢ / ٣٣٦.

(٣) معجم البلدان : ١ / ١٨٣ ، ولم يتحدَّث عنها غير المذكور هنا.

(٤) معجم البلدان :١ / ٢٥٦.

(٥) أبو النجم ، بدر بن جعفر بن عثمان الأميري (ت٦١١هـ) ، الشاعر الضرير ، من قرية


ومن شعره :

عذيري من جيل غدوا وصنيعهم

بأهل النّهى والفضل شرّ صنيعِ

ولؤم زمان لا يزال موكّلا

بوضع رفيع أو برفعِ وضيعِ

سأصرف صرف الدهر عنّي بأبلج

متى آتِهِ لم آتِهِ بشفيعِ

٤ ـ بابِلُ (بكسر الباء)(١) :

«اسم ناحية منها (الكوفة) و (الحلّة) ، يُنسب إليها السّحر والخمر(٢).

قال الأخفش(٣) : «لا ينصرف لتأنيثه ؛ وذلك أنّ اسم كلّ شيء مؤنّث إذا

__________________

تعرف بالأميريّة من نواحي النيل ، نشأ بواسط وقرأ بها القرآن ، والأدب ، وسمع الحديث ، وقال الشعر ، وقدم بغداد وسكنها ، ومدح بها الصدور والأعيان ، وصار أحد شعراء الديوان ، ينشد في التهاني والتعازي ، وكان شيخاً محسناً متديّناً.

ينظر : الوافي بالوفيات : ١٠/٥٦.

(١) معجم البلدان : ١ / ٢٠٩ ـ ٣١١.

(٢) قال تعالى : (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَد حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَد إِلاّ بِإِذْنِ الله ..). (البقرة : الآية ١٠٢).

(٣) أبو الحسن ، سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء ، النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط (ت ٢١٥هـ) ، عالم باللغة والأدب ، من أهل بلخ ، سكن البصرة وأخذ العربية عن سيبويه ، له : (تفسير معاني القرآن) ، و (شرح أبيات المعاني) ، و (الاشتقاق) ، و (معاني الشعر) ، وغيرها.

يُنظر : إنباه الرواة : ٢ / ٣٦ ، طبقات المفسّرين : ١ / ٣١ ، الأعلام : ٣ / ١٠١.


كان علماً وكان على أكثر من ثلاثة أحرف فإنّه لا ينصرف في المعرفة»(١).

وقد ذكرتُ فيما يأتي في ترجمة (بابليون)(٢) معنى (بابل) عند أهل الكتاب ، وقال المفسّرون(٣) في قوله تعالى : (.. وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ..)(٤) قيل : (بابل العراق) ، وقيل : (بابل دنباوند(٥)).

__________________

(١) معاني القرآن للأخفش : ١ / ١٤٧.

(٢) معجم البلدان ١ / ٣١١ ، وينظر : مادّة (بابليون) ، قال الحموي في مادّة (بابليون) ما نصّه : «ذكر أهل التوراة أنّ مقام آدم عليه‌السلام ، كان ببابل ، فلمّا قتل قابيل هابيل مقت آدم قابيل فهرب قابيل بأهله إلى الجبال عن أرض بابل فسُمّيت بابل ، يعني به : الفرقة ، فلمّا مات آدم عليه‌السلام ، ونُبِّئ إدريس عليه‌السلام ، وكثُر ولد قابيل في تلك الأرض ، وأفسدوا ونزلوا من جبالهم ، وخالطوا أهل الصلاح ، وفسدوا بهم ، دعا إدريس ربَّه أن ينقله إلى أرض ذات نهر مثل أرض بابل ، فأري الانتقال إلى أرض مِصر ، فلّما وردها وسكنها واستطابها اشتقَّ لها اسماً من معنى بابل ، وهو (الفرقة) ، فسمّاها بابليون ، ومعناها الفرقة الطيّبة ، والله أعلم».

معجم البلدان :١ / ٣١١.

(٣) قال المفسّرون : أمّأ (بابل) : هو اسم قرية أو موضع من مواضع الأرض ، اختلف أهل التأويل فيه. قال قوم : هي بابل العراق. وقال آخرون : بابل دُنْبَاوَنْد أو (دماوند).

يُنظر : التبيان في تفسير القرآن : ١/٣٧٢ ، جامع البيان في تأويل القرآن : ٢/٤٣٦ ، مجمع البيان : ١/٣٠١ ، تفسير الميزان : ١/١٣٤ ،وغيرها من كتب التفاسير.

(٤) البقرة : الآية ١٠٢.

(٥) قال الحموي : دَنباوَنْد ـ بفتح أوّله ويضمّ ، وبعد الواو المفتوحة نون ساكنة ، وآخره دال ـ : من كور(الري) بينها وبين(طبرستان) ، فيها فواكه وبساتين وعدّة قرى عامرة وعيون كثيرة ، وهي بين الجبال ، وفي وسط هذه الكورة جبل عال جدّاً مستدير كأنّه قبّة ، رأيته ولم أر في الدنيا كلَّها جبلا أعلى منه يشرف على الجبال التي حوله


وقال أبو الحسن(١) : (بابل الكوفة).

وقال أبو معشر(٢) : «الكلدانيّون هم الذين كانوا ينزلون بابل في الزمن الأوّل.

ويُقال : إنّ أوّل من سكنها نوح عليه‌السلام ، وهو أوّل من عمّرها ، وكان قد نزلها بعقب الطوفان ، فسار هو ومن خرج معه من السفينة إليها لطلب الدفء ، فأقاموا بها وتناسلوا فيها وكثروا من بعد نوح ، وملّكوا عليهم ملوكاً ، وابتنوا

__________________

كإشراف الجبال العالية على الوطاء ، يظهر للناظر إليه من مسيرة عدّة أيّام ، والثلج عليه ملتبس في الصيف والشتاء كأنّها البيضة ، وللفرس فيه خرافات عجيبة وحكايات غريبة ، يُعرف بـ(جبل دنباوند). معجم البلدان : ٢ / ٤٣٦.

(١) أبو الحسن ، علي بن زيد بن محمّد بن الحسين البيهقي الحكيم (ت٥٦٥هـ) ، من سلالة خزيمة بن ثابت الأنصاري ، قاضي بيهق ، اشتغل بعلوم الحكمة والحساب والفلك ، له الكثير من المؤلَّفات ، منها : (تاريخ بيهق).

يُنظر : سير أعلام النبلاء : ٣ / ٥٨٥ ،والأعلام للزركلي : ٤ / ٢٩٠.

(٢) أبو معشر الفلكي ، جعفر بن محمّد بن عمر البلخي (ت ٢٧٢ هـ) ، عالمٌ فلكىٌّ مشهور ، كان أوّلا من أصحاب الحديث ، وتعلّم النجوم بعد سبع وأربعين سنة من عمره ، وكان إليه المنتهى فِي فنّ التّنجيم ، وكان أعلم الناس بتاريخ الفرس وأخبار سائر الأمم ، وعمّر طويلا ، فقد جاوز عمره المئة ، أصله من (بلخ) في خراسان ، أقام زمناً في بغداد ومات بـ(واسط).

له : كتاب (الطبائع) ، و (المدخل الكبير) ، و (القرانات) ، و (الألوف في بيوت العبادات) ، و (مواليد الرجال والنساء) وطبع بعنوان (الكتاب في التمام والكمال) ، و (الدول والملل) ، و (الملاحم) ، و (هيئة الفلك) ، و (طبائع البلدان) وغيرها.

يُنظر : الوافي بالوفيات : ١١ / ١٠٣ ، وفيات الأعيان : ١ / ٣٥٨ ، الأعلام للزركلي : ٢ / ١٢٧ ، معجم المؤلّفين : ٩ / ١٥٦.


بها المدائن ، واتّصلت مساكنهم بدجلة والفرات ، إلى أن بلغوا من دجلة إلى أسفل (كسكر)(١) ، ومن الفرات إلى ما وراء (الكوفة) ، وموضعهم هو الذي يُقال له : (السواد) ، وكانت ملوكهم تنزل (بابل) ، وكان الكلدانيّون جنودهم ، فلم تزل مملكتهم قائمةً إلى أن قُتل (دارا) آخر ملوكهم ، ثمّ قُتل منهم خلق كثير فذلّوا وانقطع ملكهم»؟

وقال يزدجرد بن مهبندار(٢) : «تقول العجم : إنّ الضحّاك الملك الذي كان له ـ بزعمهم ـ ثلاثة أفواه وستّ أعين بنى مدينة بابل العظيمة ، وكان ملكه ألف سنة إلاّ يوماً واحداً ونصفاً ، وهو الذي أسّره أفريدون الملك وصيّره في (جبل دنباوند) ، واليوم الذي أسّره فيه يعدّه المجوس عيداً ، وهو المهرجان ، قال : فأمّا الملوك الأوائل ـ أعني ملوك النبط ـ وفرعون إبراهيم عليه‌السلام فإنّهم كانوا نزلا ببابل ، وكذلك بخت نصّر ، الذي يزعم أهل السير أنّه ممّن ملك الأرض بأسرها ، انصرف بعدما أحدث ببني إسرائيل ما أحدث إلى بابل فسكنها»؟

__________________

(١) كسكر : ناحية بين واسط والبصرة ، معناه (عامل الزرع) و (أرض الشعير) ، وهي نيّف وثلاثون فرسخاً.

يُنظر : آثار البلاد وأخبار العباد :١ / ٤٤٦. معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع : ٤ / ١١٢٨ ، معجم البلدان : ٤ / ٤٦١.

(٢) أبو سهل ، يزدجرد بن مهبندار ـ وقيل : مهبندان ، ومهبنذاذ ـ : الكسروي من كتّاب المعتضد العبّاسي ، قدم بغداد ونشأ بها وحصل بها العلم والأدب ، توفّي في حدود سنة (٢٩٠هـ) ، له من المؤلّفات : (فضائل بغداد وأخبارها) ، وكتاب (الدلائل على التوحيد من كلام الفلاسفة) ، وغيرهما.

يُنظر : فهرست ابن النديم : ١٤٣ ، الوافي بالوفيات : ٢٨/٦ ، هديّة العارفين : ٢ / ٥٣٥.


قال أبو المنذر هشام بن محمّد(١) : «إنَّ مدينة بابل كانت اثني عشر فرسخاً في مثل ذلك ، وكان بابها ممّا يلي الكوفة ، وكان الفرات يجري ببابل حتّى صرفه بخت نصّر إلى موضعه الآن مخافة أن يُهدم عليه سور المدينة ؛ لأنَّه كان يجري معه ، قال : ومدينة بابل بناها بيوراسب الجبّار ، واشتقّ اسمها من اسم المشتري ؛ لأنَّ بابل باللّسان البابلي الأوَّل اسمٌ للمشتري ، ولمّا استتمّ بناؤها جمع إليها كلُّ من قدر عليه من العلماء ، وبنى لهم اثني عشر قصراً على عدد البروج ، وسمّاها بأسمائهم ، فلم تزل عامرة حتّى كان الإسكندر ، وهو الذي خرَّبها»؟

وحدَّثَ أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري(٢) في كتاب المجالسة من تصنيفه : «حدَّثنا إسماعيل بن يونس ومحمّد بن مهران ، قالا : حدَّثنا عمرو بن ناجية ، حدَّثنا نعيم بن سالم بن قنبر ــ مولى علي ابن أبي

__________________

(١) أبو المنذر ، هشام بن محمّد بن السائب الكلبي الكوفي (ت ٢٠٤ هـ) ، النسّابة ، عالم بالنسب وأخبار العرب وأيّامها ومثالبها ووقائعها ، أخذ عن أبيه وعن جماعة من الرواة له ما يزيد على مائة وخمسين مصنّفاً ، أشهرها : كتاب (جمهرة النسب) ، قال عنه ياقوت : «ولله درّه ما تنازع العلماء في شيء من أمور العرب إلاّ وكان قوله أقوى حجّةً ، وهو مع ذلك مظلوم وبالقوارص مكلوم».

يُنظر : فهرست ابن النديم ص ١٠٨ ، معجم البلدان : ٢ / ١٨٨ ، تراثنا : ٥ / ٢٩.

(٢) أبو بكر ، أحمد بن مروان الدينوري (ت ٣٣٣هـ) ، الفقيه العلاّمة المحدِّث ، قاض من رجال الحديث ، كان على قضاء (القلزم) ثمِّ ولي قضاء (أسوان) بمصر عدّة سنين ، وتوفّي بالقاهرة ، له : (المجالسة وجواهر العلم) ، و (الردّ على الشافعي) ، و (مناقب مالك).

يُنظر : سير أعلام النبلاء : ١٥ / ٤٢٧ ، الأعلام للزركلي : ١ / ٢٥٦.


طالب عليه‌السلام عن أنس بن مالك ، قال : لمّا حشر الله الخلائق إلى بابل ، بعث إليهم ريحاً شرقية وغربية وقبلية وبحريّة ، فجمعهم إلى بابل ، فاجتمعوا يومئذ ينظرون لما حُشِروا له ، إذ نادى مناد : (من جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره فاقتصد البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء).

فقام يعرب ابن قحطان ، فقيل له : يا يعرب ابن قحطان بن هود أنت هو ، فكان أوّل من تكلّم بالعربية ، ولم يزل المنادي ينادي : من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا ، حتّى افترقوا على اثنين وسبعين لساناً ، وانقطع الصوت وتبلبلت الألسن ، فسميَّت (بابل) ، وكان اللسان يومئذ بابليّاً ، وهبطت ملائكة الخير والشرّ وملائكة الحياء والإيمان ، وملائكة الصحّة والشقاء ، وملائكة الغنى ، وملائكة الشرف ، وملائكة المروءة ، وملائكة الجفاء ، وملائكة الجهل ، وملائكة السيف ، وملائكة البأس ، حتّى انتهوا إلى العراق ، فقال بعضهم لبعض : افترقوا.

فقال ملك الإيمان : أنا أسكن المدينة ومكّة ، فقال ملك الحياء : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنَّ الإيمان والحياء ببلد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.

وقال ملك الشقاء : أنا أسكن البادية ، فقال ملك الصحّة : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنَّ الشقاء والصحّة في الأعراب.

وقال ملك الجفاء : أنا أسكن المغرب ، فقال ملك الجهل : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنَّ الجفاء والجهل في البربر.


وقال ملك السيف : أنا أسكن الشام ، فقال ملك البأس : وأنا معك.

وقال ملك الغنى : أنا أقيم ههنا ، فقال ملك المروءة : وأنا معك ، وقال ملك الشرف : وأنا معكما ، فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق»(١).

قلت : هذا خبر نقلته على ما وجدته ، والله المستعان عليه(٢).

وقد روي أنّ عمر بن الخطّاب سأل دهقان(٣) الفلّوجة عن عجائب بلادهم؟

فقال : كانت بابل سبع مدن ، في كلِّ مدينة أعجوبة ليست في الأخرى.

فكان في المدينة التي نزلها الملك بيت فيه صورة الأرض كلّها برساتيقها وقراها وأنهارها ، فمتى التوى أحد بحمل الخراج من جميع البلدان ، خرق أنهارهم فغرقهم وأتلف زروعهم وجميع ما في بلدهم حتّى يرجعوا عمّا هم به ، فيسدُّ بأصبعه تلك الأنهار فيستدّ في بلدهم.

وفي المدينة الثانية : حوضٌ عظيمٌ ، فإذا جمعهم الملك لحضور مائدته حمل كلّ رجل ممّن يحضره من منزله شراباً يختاره ، ثمَّ صبّه في ذلك الحوض ، فإذا جلسوا للشراب [شَرِبَ] كلّ واحد شرابه الذي حمله من منزله.

وفي المدينة الثالثة : طبلٌ معلّقٌ على بابها ، فإذا غاب من أهلها إنسان وخفي أمره على أهله وأحبّوا أن يعلموا أحىٌّ صاحبهم أم ميّت ضربوا ذلك الطبل ، فإن سمعوا له صوتاً فإنّ الرجل حىٌّ ، وإن لم يسمعوا له صوتاً فإنَّ

__________________

(١) المجالسة وجواهر العلم : ٥ / ١٣١ ـ ١٣٢.

(٢) معجم البلدان : ١ / ٣١٠.

(٣) الدِّهْقَانُ والدُّهْقانُ : اسم فارسىٌّ معرَّب ، يعني به (التاجر).

يُنظر : المحكم والمحيط الأعظم : ٢ / ٢٤٨.


الرجل قد مات.

وفي المدينة الرابعة : مرآة من حديد ، فإذا غاب الرجل عن أهله وأحبّوا أن يعرفوا خبره على صحّته ، أتوا تلك المرآة فنظروا فيها فرأوه على الحال التي هو فيها.

وفي المدينة الخامسة : أوزة من نحاس على عمود من نحاس منصوب على باب المدينة ، فإذا دخلها جاسوس صوّتت الأوزة بصوت سمعه جميع أهل المدينة ، فيعلمون أنَّه قد دخلها جاسوس.

وفي المدينة السادسة : قاضيان جالسان على الماء ، فإذا تقدَّم إليهما الخصمان وجلسا بين أيديهما غاص المبطل منهما في الماء.

وفي المدينة السابعة : شجرة من نحاس ضخمة كثيرة الغصون لا تظلُّ ساقها ، فإن جلس تحتها واحد أظلّته إلى ألف نفس ، فإن زادوا على الألف ، ولو بواحد ، صاروا كلّهم في الشمس.

قلت : وهذه الحكاية كما ترى خارقة للعادات ، بعيدة من المعهودات ، ولو لم أجدها في كتب العلماء لما ذكرتها ، وجميع أخبار الأمم القديمة مثلها ، والله أعلم»(١).

«وقد جعلت القدماء ملوك الأرض طبقات ، فأقرّت فيما زعموا جميع الملوك لملك بابل بالتعظيم ، وأنَّه أوّل ملوك العالم ، ومنزلته فيها كمنزلة القمر في الكواكب ، لأنَّ إقليمه أشرف الأقاليم ، ولأنَّه أكثر الملوك مالاً ، وأحسنهم

__________________

(١) معجم البلدان : ١/٣٠٩ ـ ٣١١.


طبعاً ، وأكثرهم سياسةً وحزماً ، وكانت ملوكه يلقّبونه بـ : (شاهنشاه) ، ومعناه ملك الملوك ، ومنزلته من العالم كمنزلة القلب من الجسد والواسطة من القلادة»(١).

«وذكر آخرون ـ من الفرس أيضاً ـ أنَّ أفريدون الملك قسّمَ الأرض بين بنيه الثلاثة ، فملّك سلم ـ وهو شرم ـ على المغرب ، فملوك الروم من ولده ، وملّك إيران ـ وهو إيرج ـ على بابل والسواد ، فسمّى إيران (شهر) ، ومعناه بلاد إيران ، وهي : العراق والجبال وخراسان وفارس ، فملوك الأكاسرة من ولده ، وملك طوج ـ وقيل : توج ، وقيل : طوس ـ على المشرق فملوك الترك والصين من ولده»(٢).

٥ ـ باجوا(٣) :

موضع ببابل من أرض العراق في ناحية القف(٤).

٦ ـ بَربِسْما (بكسر الباء الثانية وسكون السين المهملة)(٥) :

«طسُّوج من كورة الأستان الأوسط من غربي سواد بغداد.

__________________

(١) معجم البلدان ١ / ٤٧.

(٢) معجم البلدان ١ / ٢٧٩.

(٣) معجم البلدان ١ / ٣١٤.

(٤) سيأتي ذكر ناحية القف في (حرف القاف).

(٥) معجم البلدان : ١ / ٣٧٠ ، مراصد الاطلاع :١ / ١٧٦ ، وفيه : (بربيسيا) وتقع في كورة الأستان الأوسط ، تحت حلّة ابن دبيس.


قال ابن كناسة(١) : لقي عمر بن أبي ربيعة(٢) مالك بن أسماء بن خارجة(٣) الفزاري فأنشده مالك من شعره ، فقال : ما زلتُ أحبُّك من يوم بلغني قولك :

إنَّ لي عند كلِّ نفحة ريحا

نٌ من الجلّ ، أو من الياسمينا

نظرةٌ والتفاتةٌ ، أترجّى

أن تكوني حللت فيما يلينا

إلاّ أنَّ أسماء القرى التي تذكرها في شعرك قبيحة ، قال له : مثل ماذا؟ قال : مثل قولك :

__________________

(١) أبو عبد الله ، وأبو يحيى ، محمّد بن عبد الله بن عبد الأعلى بن عبد الله بن خليفة بن زهير بن نضلة ، الأسدي الكوفي ّ (ت ٢٠٧هـ) ، الإمام العلاّمة ، الثقة البارع ، الأديب ، وكناسة : لقب لجدّه عبد الأعلى ، وقيل : لقب لأبيه ، ويجوز أن يكون لقباً لهما ، له : كتاب (الأنواء) ، و (معاني الشعر) ، و (سرقات الكتب من القرآن) ، وغيرها.

يُنظر : الوافي بالوفيات : ٤ / ٢٦٦ ، سير أعلام النبلاء : ٩ / ٥٠٩ ، الأعلام للزركلي : ٦ / ٢٢١.

(٢) أبو الخطّاب ، عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرّة القرشي المخزومي (ت ٩٣ هـ) ، شاعر مشهور ، لم يكن في قريش أشعر منه ، وهو كثير الغزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة ، وله في ذلك حكايات مشهورة.

يُنظر : وفيات الأعيان : ٣ / ٤٣٦ ، تهذيب الأسماء واللغات : ٢ / ١٥ ، ديوان الإسلام : ٣ / ٢٧٦. الأعلام للزركلي : ٥ / ٤٦ ، معجم المؤلّفين : ٧ / ٢٩٤.

(٣) أبو الحسن، مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري(ت١٠٠ هـ)، وأمّه أمّ ولد تسمّى صفيّة، شعره كثير، وهو من فحول الشعراء، وكان شعره ذو صبغة غزلية ظريفة.

يُنظر: معجم الشعراء: ١ / ٣٦٤، سير أعلام النبلاء: ٤ / ٣٧٥، الجرح والتعديل: ٨ / ٢٠٤، الأعلام: ٥ / ٢٥٧.


إنَّ في الرّفقة التي شيّعتنا

نحو بربيسما لزين الرّفاق

أشبع الكسرة فنشأت منها ياء ، ويروى (بربسميا) ، والصحيح هو المترجم به»(١).

٧ ـ بُرْسٌ(٢) :

«موضعٌ بأرضِ بابل ، به آثار لبخت نصّر ، وتلّ مفرط العلوّ يسمّى صرح البرس(٣) ، وإليه ينسب عبد الله بن الحسن البرسي(٤) ، كان من أجلّة الكتّاب وعظمائهم ، ولّيِ ديوان بادوريا(٥) في أيّام المعتضد وغيره ، وعاش إلى صدر أيّام المقتدر ، ولا أدري هل أدرك غيره من الخلفاء أم لا؟».

٨ ـ بَرْ مَلاحَةُ(بالفتح ، والحاء مهملة)(٦) :

«موضعٌ في أرض بابل قرب حلّة دبيس بن مزيد شرقي قرية يُقال لها : (القسونات) ، بها قبر باروخ أستاذ حزقيل ، وقبر يوسف الرّبّان ، وقبر يوشع ـ

__________________

(١) الطَّسُّوجُ : الناحِية.

تاج العروس : ٦ / ٨٦.

(٢) معجم البلدان ١ / ٣٨٤.

(٣) ما زالت آثار هذا الصرح باقية إلى يوم الناس هذا.

(٤) لم أعثر على ترجمته ، وكلّ من ذكره اعتمد على ما ذكره ياقوت هنا.

(٥) (بادوريا) : طسُّوج من كورة الاستان بالجانب الغربي من بغداد.

يُنظر : معجم البلدان : ١ / ٣١٧.

(٦) معجم البلدان : ١ / ٤٠٣.


وليس يوشع بابن نون ـ وقبر عزرة ـ وليس عزرة بناقل التوراة الكاتب ـ والجميع يزوره اليهود(١).

وفيها أيضاً قبر (حزقيل) المعروف بـ(ذي الكفل)(٢) ، يقصده اليهود من البلاد الشاسعة للزيارة».

٩ ـ بَزِيقِيا (بالفتح ثمّ الكسر ، وياء ساكنة ، وكسر القاف ، وياء ، وألف)(٣) :

«قريةٌ قرب حلَّة بني مزيد من أعمال الكوفة».

١٠ ـ بَنُورَا (بالفتح ثمَّ الضمّ ، والواو ساكنة ، وراء ، وألف مقصورة)(٤) :

«قرية قرب النّعمانية بين بغداد وواسط ، وبها كان مقتل المتنبي في

__________________

(١) ما زالت هذه القبور الأربعة باقية إلى يوم النّاس هذا ، وهي بجوار قبر ذي الكفل النبي عليه‌السلام ، وقد ذكرهم قبل ياقوت الحموي : أبو الحسن علي بن أبي بكر الهروي (ت ٦١١هـ) في كتابه (الإشارات إلى معرفة الزيارات : ٦٨). (أحمد الحلّي).

(٢) مازال قبره باق إلى يوم الناس هذا ، وأُلّفت حول تاريخ القبر هذا عدَّة كتب بعضها صدر من أمانة المرقد نفسه ، وقد ذكره قبل ياقوت الحموي : نصر بن مزاحم المنقري (ت ٢١٢هـ) في كتابه (وقعة صفين : ١٢٦) عن لسان الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام (ت ٤٠هـ) باسم (يهودا بن يعقوب) ، وأبو الحسن علي بن أبي بكر الهروي (ت ٦١١هـ) في كتابه (الإشارات إلى معرفة الزيارات : ٦٠ ، و ٦٨). (أحمد الحلّي)

(٣) معجم البلدان : ١ / ٤١٢.

(٤) معجم البلدان : ١ / ٥٠١.


بعض الروايات(١) ، وحدّثني الشريف أبو الحسن علي بن أبي منصور الحسن ابن طاووس العلوي(٢) أنّ بنورا من نواحي الكوفة ثمّ من ناحية نهر (قورا) قرب (سورا) ، بينهما نحو فرسخ ، منها كان الشريف النسّابة عبد الحميد بن التقي العلوي(٣) ، كان أوحد الناس في علم الأنساب والأخبار ، مات في سنة(٥٩٧هـ)».

١١ ـ الجامِعَين(٤) :

«كذا يقولونه بلفظ المجرور المثنّى : هو حلّة بني مِزيد ، التي بأرض بابل على الفرات بين بغداد والكوفة(٥) ، وهي الآن مدينة كبيرة آهلة ، قد

__________________

(١) وقبره معلوم إلى يوم النّاس هذا (أحمد الحلّي).

(٢) السيّد علي بن الحسن بن محمّد ابن طاووس العلوي : سيّد كبير ، متزهّد ، حسن السيرة ، أمّه زيدية ، ذكره ابن الطقطقي (كان حيّاً سنة ٧٢٩هـ) بهذا الوصف في كتاب (الأصيلي في أنساب الطالبيّين) ، ص١٣٠.

(٣) السيّد أَبو عَلي عبد الحميد بن عبد الله بن أُسامَة بن أَحْمد ابن التقي الهاشمي الْعلوِي الْحسَيني الزيدي الشريف النَّقيب (ت٥٩٧هـ) ، عاش خمْساً وسبعين سنة ، وكان إماماً في الأنْساب ، واشتغل على ابن الخشّاب ، قيل عنه : أنّه لم يكن تحت السَّماء أحد أعرف من ابْن التقي بالأنساب ، وكَان يحدِّث عن معْرفته بالعجائب ، وكان مع ذلك عارفاً بالطبّ والنجوم وعلوم كثيرة من الْفقْه والشعر وغيره.

يُنظر : الوافي بالوفيات : ١٨ / ٤٤ ، طبقات النسّابين : ١ / ١١٤. تاريخ الإسلام : ١٢ / ١١٠٠.

(٤) معجم البلدان : ٢ / ٩٦ ، ٢٩٤ مادة الحلّة ، وسيأتي الكلام عنها.

(٥) من الملاحظ أنَّ ياقوتاً هنا أطلق لفظ (الحلّة) على (الجامعين) ، وكرّر هذا الإطلاق


ذكرت تاريخ عمارتها وكيفيّتها في الحلّة(١) ، وقد أخرجَت خلقاً كثيراً من أهل العلم والأدب يُنسبون (الحلّي)(٢).

وقال زائدة بن نعمة بن نعيم المعروف بالمحفحف(٣) القشيري يمدحُ دبيساً(٤) :

__________________

في مادة (حلّة) قائلا : «والحلّة : مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى الجامعين» ، فلاحظ.

(١) معجم البلدان : ٢ / ٢٩٤ ، وسيأتي الكلام عنها في مادّة (حلّة).

(٢) وهي أقدم من تمصير الحلَّة فقد ذكرها أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الإصطخري الفارسي (ت ٣٤٦ هـ) في كتابه (مسالك الممالك) في خريطة صورية تظهر عظمة هذه البلدة بالنسبة لبلد العراق ، ومحمّد بن أحمد البشاري المقدسي (ت ٣٨٠هـ) في كتابه (أحسن التقاسيم) ، وابن الأثير (ت ٦٣٠هـ) في تاريخه في حوادث سنة (٤٩٥ هـ) ، بما نصَّه : «وفيها بنى سيف الدولة صدقة بن مزيد الحلّة بالجامعين وسكنها ، وإنّما كان يسكن هو وآباؤه قبله في البيوت العربية» ، واستناداً إلى قول ابن الأثير أيّد الشيخ يوسف كركوش القائلين بأنَّ الجامعين كانت مدينة زاهرة ، وتقع بالجانب الشرقي مقابل الحلّة في موضع عامر بالخصب ثمَّ تلاشى أمرها أثر بناء سيف الدولة الحلّة بإزائها بالجانب الأيمن للفرات.

ينظر : أحسن التقاسيم : ١٠٩ ، الكامل في التاريخ : ٨ / ٢١٤ ، تاريخ الحلّة : ١/٤.

(٣) ذكره الحموي في (معجم الأدباء) بعنوان (المحفحف) ، لكن الكتبي في الوفيات ذكره بعنوان (المجفجف) ـ بجيمين وفاءين ـ وقال ما نصَّه : «زائدة بن نعمة بن نعيم بن نجيح أبو نعمة القشيري المعروف بـ(المجفجف) ـ بجيمين وفاءين ـ ، الشاعر البدوي ، مدح سادات العرب وأهل البيوت ، وله في سيف الدولة صدقة وابنه مزيد عدّة قصائد ، ودخل الشام ومدح ملوكها».

ينظر : معجم الأدباء : ١١ / ١٥٤ ، الوافي بالوفيات : ١٤ / ١١٤.

(٤) أبو الأغر ، نور الدولة دبيس بن سيف الدولة أبي الحسن صدقة بن منصور بن دبيس


وقد حكمت كلّ الملاحم أنَّه

على الجانب السّعدي قابلك السّعد

وقلنا بأرضِ الجامعينِ وبابلَ

وقد أفسدت فيها الأعاريب والكرد

ألا فتنحّوا عن دبيس وداره

فلا بدّ من أن يظهر الملِك الجعد».

١٢ ـ جَنْدَةُ(١) :

«ناحية في سواد العراق بين فم النيل والنّعمانية».

١٣ ـ الحَصَّاصَةُ (بالفتح ، وتشديد ثانيه)(٢) :

«وهي من قرى السواد قرب قصر ابن هبيرة من أعمال الكوفة».

١٤ ـ الحِلَّةُ (بالكسر ثمّ التشديد)(٣) :

«وهو في اللّغة القوم النزول وفيهم كثرة.

__________________

ابن علي بن مزيد الأسدي الناشري (ت٥٢٩هـ) ، ملك العرب ، صاحب الحلّة المزيديّة ، كان جواداً كريماً ، عنده معرفة بالأدب والشعر ، وتمكّن في خلافة الإمام المسترشد واستولى على كثير من بلاد العراق.

يُنظر : وفيات الأعيان : ٢ / ٢٦٣ ، سير أعلام النبلاء : ١٨ / ٥٥٧ ، تاريخ الإسلام : ١١ / ٤٨٦ ، الأعلام : ٢ / ٣٣٦.

(١) معجم البلدان : ٢ / ١٧٠.

(٢) معجم البلدان : ٢ / ٢٦٣.

(٣) معجم البلدان : ٢ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥.


قال الأعشى(١) :

لقد كان في شيبان لو كنت عالماً

قباب وحي حلّة وذراهم(٢)

والحلّة أيضاً : شجرة شائكة أصغر من العوسج.

وقال :

يأكل من خصب سيّال وسلم

وحلّة لمّا يوطّئها النعم

والحلّة : علمٌ لعدّة مواضع ، وأشهرها حلّة بني مزيد :

مدينةٌ كبيرةٌ بين الكوفة وبغداد كانت تسمّى (الجامعين) ، طولها سبع وستّون درجة وسدس ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة ، تعديل نهارها خمس عشرة درجة ، وأطول نهارها أربع عشرة ساعة وربع ، وكان أوّل من عمّرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن عليا بن مزيد الأسدي(٣)

__________________

(١) ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن سعد بن مالك بن ضبيعة ، وكان أعمى ، ويكنّى أبا بصير (ت ٧هـ) ، عدّه ابن سلام من الطبقة الأولى من فحول الجاهلية ، وأدرك الإسلام فى آخر عمره ، ورحل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ليسلم. فقيل له : إنّه يحرّم الخمر والزنا ، فقال : أتمتّع منهما سنة ثمّ أسلم ؛ فمات قبل ذلك بقرية اليمامة السنة السابعة للهجرة.

ينظر : طبقات ابن سلام ٥٤ ، شرح المعلّقات التسع : ١ / ١٧ ، الشعر والشعراء : ١ / ٢٥٠.

(٢) كتاب العين : ٣ / ٢٦.

(٣) سيف الدولة ، أبو الحسن ، صدقة بن منصور بن دبيس المزيدي الناشري ـ نسبة إلى ناشرة بن نصر بطن من أسد الأسدي(ت٥٠١ هـ) ـ أمير بادية العراق ، وباني مدينة الحلّة ، ولي إمرة بني مزيد بعد وفاة أبيه (سنة ٤٧٩ هـ) ، فبنى الحلّة (بين الكوفة وبغداد) وأسكن بها أهله


(ت ٥٠١هـ) ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ، فلمّا قوي أمره واشتدَّ أزره وكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية : بركياروق ، ومحمّد ، وسنجر ، أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحروب انتقل إلى الجامعين ـ موضع في غربي الفرات ـ ليبعد عن الطالب ، وذلك في محرّم سنة (٤٩٥هـ) ، وكانت أجمة تأوي إليها السباع فنزل بها بأهله وعساكره وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة وتأنّق أصحابه في مثل ذلك فصارت ملجأً ، وقد قصدها التجّار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدّة حياة سيف الدولة ، فلمّا قُتل بقيت على عمارتها ، فهي اليوم قصبة تلك الكورة ، وللشعراء فيها أشعار كثيرة ، منها قول إبراهيم بن عثمان الغزّي(١) وكان قدمها

__________________

وعساكره سنة (٤٩٥ هـ). كان شجاعاً بطلا ، حازماً طمّاحاً إلى التغلّب والسيادة ، موصوفاً بمكارم الأخلاق. ثارت في أيّامه الفتن بين أبناء ملكشاه السلجوقي ، فاحتلّ صدقة الكوفة واستولى على هيت وواسط ثمّ البصرة ، وانتظم له ملك بادية العراق ، إلى أن زحف عليه السلطان محمّد بن بركيارق ابن ملكشاه بجيش فيه خمسون ألف مقاتل ، فنشبت بينهما

حرب طاحنة انتهت بمقتل صدقة عند النعمانية.

يُنظر : الكامل في التاريخ : ١٠ / ٤٤٠ ، تاريخ الإسلام : ٣٥ / ٧ ، الوافي بالوفيات : ١٦ / ١٧٢ ، أعيان الشيعة : ٦ / ٣٩١ ، الأعلام : ٢ / ٣٣٦.

(١) أبو إسحاق ، إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمّد الكلبي الأشهبي الغزّي (ت ٥٢٤هـ) ، شاعرٌ كبير ولد ونشأ في غزّة ، ثمّ سافر إلى دمشق وسمع من الفقيه نصر المقدسي سنة (٤٨١هـ) ، ثمّ غادر إلى بغداد وأقام بالمدرسة النظامية سنين عدّة ، كان يُعدُّ من الشعراء الفحول ، ومن أعظم الشعراء الذين أنجبتهم فلسطين ، تُوفّي ما بين (بَلْخ) و (خراسان) ، ودُفن في بلخ.

يُنظر : وفيات الأعيان : ١ / ٥٧.


فلم يحمدها :

أنا في الحلّة الغداة كأنّي

علوي في قبضة الحجّاج

بين عرب لا يعرفون كلاماً

طبعهم خارج عن المنهاج

وصدور لا يشرحون صدوراً

شغلتهم عنها صدور الدّجاج

والمليك الذي يخاطبه النا

س بسيف ماض وفخر وتاج

ما له ناصح ولا يعلم الغيـ

ـب وقد طال في مقامي لجاجي

قصّةٌ ماوجدت غير ابن فخر الـ

ـدين طبّاً لها لطيف العلاج

وإذا سلّطت صروف الليالي

كسّرت صخر تدمر كالزجاج».

وتوفي فيها أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن هالة الرناني عائداً من مكّة سنة(٥٣٥هـ)(١).

١٥ ـ خُطَرْنِيَةُ (بالضمّ ثمَّ الفتح ، وبعد الراء الساكنة نون مكسورة ، وياء آخر الحروف مخفّف)(٢) :

«ناحية من نواحي بابل العراق».

__________________

(١) أبو العبّاس ، أحمد بن محمّد بن أحمد بن هالة الرناني (ت ٥٣٥هـ) ، هذه النسبة إلى(رنان) وهي إحدى قرى (أصبهان) ، كان مقرئاً فاضلا ، قرأ القرآن على أبي علي الحدّاد وأبي العزّ الواسطي ، وختم عليه القرآن خلق كثير ، سمع الحديث الكثير من غانم بن أبي نصر البرجي ، والحافظ إسماعيل بن محمّد بن الفضل وغيرهما ، توفّي بالحلّة عائداً من مكّة سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.

يُنظر : اللباب في تهذيب الأنساب : ٢ / ٣٨ ، الوافي بالوفيات : ٧ / ٢١١ ، تاريخ الإسلام : ٣٦ / ٣٦٧ ، الأنساب للسمعاني : ٣ / ٩٤.

(٢) معجم البلدان : ٢ / ٣٧٨.


١٦ ـ درتا(بالتاء)(١) :

«في أرض بابل».

١٧ ـ الدَّيرُ الخَصِيبُ (بفتح الخاء المعجمة ، وكسر الصاد المهملة ، والباء الموحّدة)(٢) :

«قرب بابل عند بزيقيا ، وهو حصن».

١٨ ـ زَاقِفُ(٣) :

«قريةٌ من نواحي النيل من ناحية بابل ، نُسب إليها ابن نقطة أبا عبد الله محمّد بن محمود الأعجمي الزاقفي(٤) ، قرأ الأدب على شيخنا أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري(٥) وسافر في طلب العلم ، وكان صالحاً».

__________________

(١) معجم البلدان : ٢ / ٤٥٢.

(٢) معجم البلدان :٢ / ٥٠٧.

(٣) معجم البلدان : ٣ / ١٢٧.

(٤) أبو عبد الله محمّد بن محمود ابن الأعجمي الزاقفي (ق ٧) ، قرأ الفقه والأدب على أبي البقاء العكبري (ت ٦١٦هـ) ، وسمع الحديث ، وكان صالحاً ، وذكر أنَّ نسبته إلى زاقف : قرية قريبة من النيل.

يُنظر : إكمال الإكمال : ٢ / ٧٢٨ ، توضيح المشتبه : ٤ / ٩٤ ، لبّ الألباب :١٢٢ ، تاريخ الحلّة :١ / ٧.

(٥) أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري النحوي الضرير اللغوي البارع (ت٦١٦هـ) ، أصله من عكبرى ـ بلدة عراقية قرب بغداد ـ ولد ببغداد سنة (٥٥٨هـ)


١٩ ـ سُورَا(١) :

«موضع بالعراق من أرض بابل ، ألفه مقصورة على وزن (بشرى) ، وهي مدينة السريانيّين ، وقد نسبوا إليها الخمر ، وهي قريبة من الوقف والحلّة المزيدية.

قال أبو جفنة القرشي(٢) :

وفتىً يدير عليّ من طرف له

خمراً تولّد في العظام فتورا

ما زلت أشربها وأسقي صاحبي

حتّى رأيت لسانه مكسورا

ممّا تخيّرت التجّار ببابل

أو ما تعتّقه اليهود بسورا

وقد مدّه عبيد الله بن الحرّ(٣) في قوله :

ويوماً بسوراء التي عند بابل

أتاني أخو عجل بذي لجب مجر

فثرنا إليهم بالسّيوف فأدبروا

لئام المساعي والضرائب والنّجر

__________________

وتوفّي فيها ، له : (إعراب القرآن) و (تفسير القرآن) و (شرح ديوان الحماسة) ، وغيرها.

يُنظر : إنباه الرواة : ٢ / ١١٧ ، معجم الأدباء ٤ / ١٥١٦ ، معجم البلدان : ٤ / ١٦٠ ، وفيات الأعيان : ٣ / ١٠١.

(١) معجم البلدان : ٣ / ٢٧٨.

(٢) أبوجفنة القرشي ، من الخلعاء ومدمني الشرب المتطرّحين في الديارات والحانات. ولا ذكر له سوى ما جاء في كتاب الديارات ، ينظر : الديارات : ص٦٩.

(٣) عبيد الله بن الحرّ بن عمرو الجعفي (ت٦٨ هـ) ، الفاتك الشاعر ، من بني سعد ، قائد ، من الشجعان الأبطال ، وهو من خيار قومه شرفاً وصلاحاً وفضلا واجتهاداً ، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ينظر : رجال النجاشي : ٩ ، الكامل في التاريخ : ٤ / ٢٧٨ ، الأعلام : ٤ / ١٩٢.


ويُنسب إلى سورى من أهل العلم : إبراهيم بن نصر السوراني(١) ، من أهل سورا ، حكى عن سفيان الثوري(٢) ، روى عنه محمّد بن عبد الوهّاب العبدي(٣).

وأمّا الحسين بن علي بن جود [خود ـ ظ] السوراني(٤) الحربي كانت

__________________

(١) إبراهيم بن نصر بن منصور أبو إسحاق (السوراني) الفقيه المطّوّعي الشهيد ، استشهد سنة (٢١٠هـ) ، وقيل أيضاً (السوريني) ، وقيل : (السورياني) ، قال السمعاني : «هذه النسبة إلى سوريان ، وظنّي أنّها قرية من قرى نيسابور ، منها : إبراهيم بن نصر السورياني النيسابوري».

يُنظر : تاريخ دمشق : ٧ / ٢٣٦ ، الأنساب للسمعاني : ٧ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

(٢) أبو عبد الله ، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (ت ١٦١ هـ) ، من بني ثور بن عبد مناة ، من مضر ، ولد ونشأ في الكوفة ، كان من أصحاب الدراية في علوم الدين والتقوى ، انتقل إلى البصرة ومات فيها مستخفياً ، له : (الجامع الكبير) ، و (الجامع الصغير) ، وكلاهما في الحديث ، وكتاب في الفرائض.

يُنظر : تاريخ نيسابور : ١ / ٣٢ ، سير أعلام النبلاء : ٦ / ٦٢٠ ، الأعلام : ٣ / ١٠٤.

(٣) أبو أحمد الفرّاء ، محمّد بن عبد الوهّاب بن حبيب بن مهران العبدي النيسابوري (ت٢٧٢هـ) ، الحافظ ، الأديب ، ويعرف أيضاً بـ : (حَمَكَ) ، فقيه وأديب من نيسابور ، وأحد رواة الحديث ، ولد بعد سنة (١٨٠هـ) ، وأخذ الأدب عن الأصمعي ، وابن الأعرابي ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، والحديث عن أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وغيرهم.

يُنظر : سير أعلام النبلاء : ١٢ / ٦٠٦ ، تهذيب التهذيب : ٩ / ٣١٩.

(٤) الحسَيْن بن عَلي بن الْحُسَيْن بن (خود) أبو علي بن السوراني من أهل الحربية ، حدّث عَن أبي الْقَاسِم سعيد بن أَحْمد بن الْحسن بن الْبنّاء (ق ٦) ، قيل لي : إنَّمَا قيل لَهُ : (السوراني) ؛ لأنّ دَارهم كَانَت عِنْد سور الحربية فَقيل لأبِيهِ : (السوراني).

يُنظر : إكمال الإكمال لابن نقطة : ٣ / ٣٦٢ ، توضيح المشتبه : ٥ / ٢٠٨.


داره عند السوراء ، فقيل له : السوراني»(١).

[و] نهرُ سُورَى (بالضمّ) ، ويُقال له : سوراء(٢) ، [وعليه] جسر سورا(٣).

٢٠ ـ السِّيبُ (بكسر أوّله ، وسكون ثانيه)(٤) :

«وأصله مجرى الماء كالنهر : وهو كورة من سواد الكوفة ، وهما سيبان : الأعلى والأسفل من طسُّوج (سورا) عند قصر ابن هبيرة ، يُنسب إليها أحمد بن محمّد بن أحمد بن علي السيبي(٥) أبو بكر الفقيه الشافعي ، ولد بقصر ابن هبيرة سنة (٢٧٦هـ) ، ورحل إلى بغداد وتفقّه على أبي إسحاق المروزي(٦)

__________________

(١) معجم البلدان : ٣ / ٢٧٨.

(٢) معجم البلدان : ٥ / ٣٢١ ، وهو نهر حلّة بني مزيد نفسه المذكور في : ٤ / ٢٤٢.

(٣) معجم البلدان : ٤ / ٣٦٥.

(٤) معجم البلدان : ٣ / ٢٩٣.

(٥) أبو بكر السيبي ، أحمد بن محمّد بن علي بن الحسن بن يحيى ، ولد بقصر أبي هبيرة سنة (٢٩٦هـ) ـ والتاريخ الذي في المتن لعلّه من أغلاط التصحيف فبين السبعين والتسعين يرد التصحيف ـ ورحل إلى بغداد بعد أن حرق القرمطي قصر ابن هبيرة ، ونشر بها مذهب الشافعي ، ومات في أوّل يوم من رجب سنة (٣٧٢هـ).

تاريخ الإسلام : ٨ / ٣٧١. سير أعلام النبلاء : ١٤ / ١٤٦ ، تاريخ بغداد وذيوله : ٥ / ٢٧٣.

(٦) أبو إسحاق ، إبراهيم بن أحمد المروزي (ت٣٤٠ هـ) ، فقيه انتهت إليه رئاسة الشافعية بالعراق بعد ابن سريج ، ولد بـ(مرو الشاهجان) ـ قصبة خراسان ـ وأقام ببغداد أكثر أيّامه ، وتوفّي بمصر ، له تصانيف منها (شرح مختصر المزني) وغيره.

يُنظر : سير أعلام النبلاء : ١٢ / ٣٩ ، الأعلام : ١ / ٢٨ ، تهذيب الأسماء واللغات : ٢ / ١٧٥.


ورجع إلى القصر ونشر فيه فقه الشافعي وحدّث عن جماعة ، ومات بقصر ابن هبيرة سنة (٣٩٢هـ) ، روى عن عبد الله بن أحمد الأزدي وجماعة سواه ذكروا في تاريخ بغداد».

٢١ ـ شالَها :

«مدينةٌ قديمةٌ كانت بأرضِ بابلَ خرّبتها (إياد) ، ولها قصّة نذكرها في الهفّة من هذا الكتاب(١) ، إن شاء الله تعالى(٢)».

٢٢ ـ شَهْرَاباذ :

«مدينةٌ كانت بأرض بابل ، وهي مدينة إبراهيم عليه‌السلام ، وكانت عظيمة جليلة القدر ، راكبة البحر(٣) فنضب ماؤه عنها فبطلت ، وموضع مجراه وسمته معروف إلى الآن(٤)».

__________________

(١) قال الحموي وقصّة إياد : مدينةٌ قديمةٌ كانت في طرف السواد بناها سابور ذو الأكتاف وأسكنها إياداً لمّا قتل من قتل منهم في مدينة (شالها) لمّا عصوا عليه ، ونُقل من بقي منهم إلى هذه المدينة وجعلها محبساً لهم ، ونهى الرعية عن مخالطتهم وأمر أن لا تدخل العرب داخل الحصن ، فمن دخل بغير إذنه قُتِل ، وكان كلّ من سخطت عليه ملوك فارس نفته إلى الهفّة ، ووسمتها بالنفي واللَّعن ، وكان النبط يسمّونها : (هفاطرناي) ، وآثار سورها بيّنة لم تندرس.

معجم البلدان : ٣ / ٣٥٧.

(٢) معجم البلدان : ٣ / ٣١١.

(٣) يعني الفرات.

(٤) معجم البلدان : ٣ / ٣٥٧.


٢٣ ـ شُوشَة(١) :

«قرية بأرض بابل أسفل من حلّة بني مزيد ، بها قبر القاسم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق(٢) ، وبالقرب منها قبر ذي الكفلـ وهو حُزقيلـ في

__________________

(١) معجم البلدان :٣ / ٣٧٢.

(٢) القاسم ابن الإمام موسى الكاظم عليهما‌السلام تذكر المصادر القديمة أنّ قبره في (شوشة) ـ قرية قرب ذي الكفل ـ وتذكر أنّ قبر القاسم بن العبّاس ابن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام في سورا ـ بين الحلّة والديوانية ـ وجلالة قدرهما معروفة لا تنكر ، بينما اشتهر في العصور المتأخّرة خلاف ذلك ، أي أنّ الذي في سورا هو قبر القاسم ابن الإمام موسى الكاظم عليهما‌السلام ، والذي في شوشة هو قبر القاسم بن العبّاس ابن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلاموإليك ما ذكروا :

١ ـ السائح علي بن أبي بكر الهروي (ت٦١١هـ) ، قال في كتابه (الإشارات إلى معرفة الزيارات : ٦٨) ما نصّه : «شوشة : بها قبر أبي القاسم (كذا) بن موسى بن جعفر رضي الله عنه».

٢ ـ ياقوت الحموي (ت٦٢٦هـ) ، وقوله ورد في المتن أعلاه.

٣ ـ السَّيِّد الجليل العالم الفاضل المحدِّث النسَّابة أبو الفتح أحمد المعروف بابن المحسن الرضوي (ق٧) ، نقل عنه ذلك ابن عنبة في كتابه (عمدة الطالب : ٢٣٠) ، قال ما نصّه : «قال الشيخ رضي الدين حسن بن قتادة للحسين الرسّي النسّابة : سألت الشيخ جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي النسّابة عن المشهد الذي بشوشى المعروف بالقاسم ، فقال : سألت والدي فخاراً عنه ، فقال : سألت السيّد جلال الدين عبد الحميد التقي عنه ، فقال : لا أعرفه ولكنّه مشهد شريف وقد زرته ، فقال والدي : وأنا أيضاً زرته ولا أعرفه ، إلاّ أنّي بعد موت السيّد عبد الحميد وقفت على مشجّرة في النسب قد حملها بعض بني كتيلة إلى السيّد مجد الدين محمّد بن معيّة وهي جمع المحسن الرضوي النسّابة وخطّه ، يذكر فيها : القاسم بن العبّاس ابن موسى الكاظم (ع) قبره بشوشى في سواد الكوفة ، والقبر مشهور وبالفضل مذكور».

٤ ـ وذكره عبد المؤمن بن عبد الحقّ البغدادي (ت ٧٣٩هـ) في كتابه (مراصد


__________________

الاطّلاع : ٢ / ٨١٩) بما نصّه : «شوشة : قرية بأرض بابل ، أسفل من حلّة بني مزيد ، بها قبر القاسم بن موسى بن جعفر ، وبالقرب منها قبر ذي الكفل ـ وهو حزقيل ـ في برّ ملاحة».

٥ ـ ذكره السيّد محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت ١٢٠٥هـ) في كتابه (تاج العروس :١٧ / ٢٣٨) بما نصّه : «وشُوشَةُ : موضع ، وفي التكملة للصاغاني قرية بأرض بابل ، أسفل من الحلّة ، بقربها قبر ذي الكفل عليه‌السلام. قلت : وبهذه القرية قبر القاسم بن موسى بن جعفر الصادق بن موسى ـ رضي الله تعالى عنهم ـ من آل البيت ، ويُتبرّك به».

بينما قال السيّد أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة (ت٨٢٨ هـ) في كتابه (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب :٢٣٠) قبل نقل كلام السيّد المحسن الرضوي ـ السابق الذكر ، إذ قال ما نصّه : «والعقب من العبّاس بن موسى الكاظم (ع) من القاسم المدفون بشوشى وحده ، وهم قليل ..».

وأمّا من قال أنّ القاسم بن العبّاس ابن الإمام موسى الكاظم عليهما‌السلام في سورا هو تاج الدين محمّد ابن القاسم المعروف بابن مُعَيّة المتوفّى سنة (٧٧٦هـ) في تعليقة له رأيتها على كتاب (شجرة أنساب العلويّة) والمسمّى ببحر الأنساب المخطوط ، والذي كتب بتاريخ شهر شعبان سنة (٦٠٧هـ) ، ونسخته اليوم في مكتبة العلاّمة السيّد هاشم ابن السيّد جعفر آل بحر العلوم ، وقد اطّلعت على النسخة هذه أثناء فهرستي لمخطوطات المكتبة ودوّنت نصّ العبارة منها ، ونصّ ما ذكر فيه : «القاسم بن العبّاس : كان القاسم هذا قد اختفى ، وكتم نفسه ونسبه ، ورفع إلى سورا المدينة يزرع بقلا ويتقوّت من ثمنه ولا يعرفه أحد ، وولد هناك بنتاً ، واعتقده الناس لزهده وعبادته ، ولا يعرفونه ، وذكر السيّد ابن معيّة النسّابة أنّ صديقاً لهذا يُدعى عيسى أراد الحجّ فجاء ليودّعه وسأله عن حاجته ، فقال : إنّ لي إليك حاجة ، قال : وما هي؟ قال تحمل هذه ابنتي إلى المدينة فإذا وصلت المدينة فاسأل عن الدرب الفلاني فإذا دخلته فاترك هذه الصبيّة هناك ، واذهب لشأنك ، ففعل الرجل ما أمره ، قال : فلمّا تركتها في ذلك الدرب ذهبت حتّى طرقت باب دار ففتح لها فدخلت فلم يكن بأسرع من أن سمعت


بَرملاحة».

٢٤ ـ شِينْوَر :

«صقعٌ بالعراق بين بابل والكوفة(١)».

٢٥ ـ صابرنيشا(٢) :

من قرى السيب الأعلى من أعمال الكوفة منها كان الفضل بن سهل بن زادان(٣) فروخ وزير المأمون وصاحب أمره :

__________________

الواعية ، وزاد ذلك حتّى انتشر في جميع المدينة ، فسألت بعض من مرّ بي عن ذلك؟

فقال : أنّه وصل الخبر الآن بوفاة القاسم بن العباس بن موسى الكاظم بالعراق ، ووصلت ابنته ، جاء بها رجل من أهل العراق ، فسألته عن حاله؟ فقال : نعم. كان بسورا المدينة يكتم نفسه خوفاً من الخلفاء ، فعجبت من ذلك ، فلمّا رجعتُ إلى سورا أخبرني الناس بوفاة ذلك الرجل فأعلمهم أنَّه العبّاس بن موسى الكاظم عليه‌السلام ، فبنوا عليه مشهد ، وهو الآن مشهور يُزار» ، ونفس النصّ هذا ورد في كتاب (الأنساب المشجّرة) المطبوع سنة (١٤٣٣هـ) ، والذي طبع على نسخة مكتبة كاشف الغطاء العامّة ، والظاهر أنّ القبر الذي في سورا اشتهرت نسبته للقاسم بن موسى الكاظم عليه‌السلام بعد الألف الأولى ، إذ ذكره بهذه النسبة مرتضى آل نظمي زاده البغدادي (ت ١١٣٦هـ) في كتابه (تذكرة الأولياء في تراجم الأئمّة والمتصوّفة والزهّاد ، وما جاورها من البلدان : ٣٥١). (أحمد الحلّي).

(١) معجم البلدان : ٣ /٣٨٦.

(٢) معجم البلدان : ٣ / ٣٨٧.

(٣) الفضل بن سهل السرخسي كان وزير المأمون ومدبّر أموره ، كان مجوسيّاً فأسلم على


٢٦ ـ صَرَاةُ جَامَاسْب :

«تستمدّ من الفرات ، بنى عليها الحجّاج بن يوسف مدينة النيل التي بأرض بابل(١) ، وكانت دارا الملك من أرض العراق إحداهما عبر دجلة والأخرى عبر الفرات وهما (بافيل) و (طوسفون) ، فعرّب (بافيل) على (بابل) وعلى (بابلون) أيضاً و (طوسفون) على (طيسفون) و (طيسفونج)(٢)».

٢٧ ـ الصَّرَوَاتُ(٣) :

«كأنّه جمع صروة ، وهي قرى من سواد الحلّة المزيدية ردّ إلى واحدة ، وقد نسب إليها أبو الحسن علي بن منصور بن أبي القاسم الربعي المعروف بابن الرطلين الشاعر الصروي(٤) ، ولد بها ونشأ بواسط وسكن بغداد».

__________________

يدي يحيى البرمكي وصحبه ، وكان من صنايع آل برمك ولقِّب بـ : (ذي الرئاستين) ؛ لأنّه قُلِّد الوزارة ورئاسة الجند ، وجمع بين السيف والقلم ، وهو الذي أظهر للإمام الرضا عليه‌السلام عداوة شديدة ، وحسده على ما كان المأمون يفضّله به. قتل في الحمام بسرخس مغافصة ، وذلك يوم الخميس ٢ شعبان سنة ٢٠٢. يُنظر : وفيات الأعيان : ٤ / ٤١ ، الوافي بالوفيات : ٢٤ / ٣٢ ، الكنى والألقاب : ٢ / ٢٥٤ ، معجم رجال الحديث : ١٤ / ٣٠٨.

(١) معجم البلدان : ٥ / ٤٠٠.

(٢) معجم البلدان : ٥ / ٤٠٨.

(٣) معجم البلدان : ٣ / ٤٠٢.

(٤) أبو الحسن علي بن منصور بن أبي القاسم الصروي الشاعر ، سكن بغداد ورووا عنه شيئاً من شعره.

يُنظر : توضيح المشتبه : ٥ / ٤٤٣. نشوء المحاضرة وأخبار المذاكرة : ٢ / ٣٠٣ ، إكمال الإكمال : ٣ / ٦١٤.


٢٨ ـ صريفين(١) :

لم يصرّح الحموي أنَّها من قرى بابل فقد اكتفى بذكر ما نصَّه : «وصريفين أيضاً ، ممّا ذكره الهلال بن المحسن(٢) : من بني الفرات أصلهم من بابلا صريفين من النهروان الأعلى».

٢٩ ـ العقر(٣) :

«والعقر عدّة مواضع منها (عقر بابل) قرب كربلاء من الكوفة ، وقد روي أنّ الحسين ـ رضي الله عنه ـ لمّا انتهى إلى كربلاء وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد ، قال : ما اسم تلك القرية؟ ـ وأشار إلى العقر ـ فقيل له : اسمها العقر ، فقال : نعوذ بالله من العقر.

فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟ قالوا : كربلاء. قال : أرض كرب وبلاء ، وأراد الخروج منها فمنع حتّى كان ما كان».

٣٠ ـ الغامِرِيّةُ :

قرية في أرض بابل قرب حلّة بني مزيد ، منها كان أبو الفتح بن جيّاء

__________________

(١) معجم البلدان : ٣ / ٤٠٤. ووردت أنَّها قرية من قرى بابل في مراصد الاطّلاع (٢ / ٨٣٩).

(٢) أبو الحسن ، هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابئ الحرّاني (ت ٤٤٨ هـ) ، مؤرّخ ، كاتب ، من أهل بغداد ، كان أبوه وجدّه من الصابئة ، وأسلم هو في أواخر عمره ، وهو من شيوخ الخطيب البغدادي ، له : (تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء) ، و (رسوم دار الخلافة) ، و (الفرج بعد الشدّة) ، و (غرر البلاغة) ، و (الهفوات) ، و (نشوار المحاضرة) ، و (بغداد وذكر خرابها) ، وغيرها.

الأعلام : ٨ / ٩٢ ، الذريعة : ٥ / ٩٥ ، قاموس الرجال : ١١ / ٦١٠.

(٣) معجم البلدان : ٤ / ١٣٦ مادّة (العَقْرُ).


الكاتب الشاعر(١).

٣١ ـ غرما(٢) :

مدينة تقع على نهر قورا ، قال الحموي : «ونهر [قورا] عليه عدّة قرى منها : سوار وغرما».

٣٢ ـ القف(٣) :

«موضع بأرض بابل قرب (باجوا) و (سورا) ، خرج منه شبيب بن بجرة الأشجعي الخارجي(٤) المشارك لابن ملجم في قتل علي ـ رضي الله عنه ـ ، في جماعة من الخوارج فخرج إليه أهل الكوفة في إمارة المغيرة بن شعبة فقتلوه».

__________________

(١) أَبُو الفرج ، محمّد بْن أَحْمَد بْن حمزة بْن جيّا (ت ٥٧٩ هـ) ، من أهل الحلّة المزيدية ، يلقّب شرف الكتّاب ، كان نحويّاً لغويّاً فطناً شاعراً مترسّلا ، من فرسان البلاغة والشعْر.

يُنظر : خريدة القصر وجريدة العصر : ١ / ٩٧ ، معجم الأدباء : ٦ / ٢٣٨٧ ، تاريخ الإسلام : ١٢ / ٦٣٠. المحمّدون من الشعراء : ١ / ٥١ ، تاريخ بغداد وذيوله العلمية : ١٥ / ١٠.

(٢) معجم البلدان : ٣ / ٤٤٧.

(٣) معجم البلدان : ٤ / ٣٤٨.

(٤) شَبِيب بن بَجَرَة الأشجعي (ت بعد ٤٠ هـ) ، خارجي من أهل الكوفة ، اشترك مع عبد الرحمن ابن ملجم في مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سنة (٤٠ هـ) في الكوفة ، ضربه بالسيف أوّلا ، وتلاه ابن ملجم ، فكانت ضربة هذا في وسط رأسه ، وأكثر المؤرّخين على أنّ شبيباً هرب في غمار الناس بعد جرحه أمير المؤمنين ، واختفى أثره.

ينظر : تاريخ الإسلام :٢ / ٢٠٦ ، الأعلام : ٣ / ١٥٦ ، أعيان الشيعة ٣ : ٥٦٨.


٣٣ ـ قُبِّينُ (بالضمّ ثمّ الكسر والتشديد ، وياء مثنّاة من تحت ، وآخره نون)(١) :

«اسم أعجمي لنهر وولاية بالعراق ، ذُكِر عن الأقيشر(٢) ـ واسمه المغيرة ابن عبد الله الأسدي ـ أنّ الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة(٣) المعروف بـ : (القباع) أخرجه مع قومه لقتال أهل الشام ، ولم يكن عند الأقيشر فرس فخرج على حمار ، فلمّا عبر على جسر سوراء نزل بقرية يقال لها : (قبّين) فتوارى عند خمّار نبطي تبذل زوجته الفجور فباع حماره وجعل ينفقه هناك إلى أن قفل الجيش ، فقال عند ذلك :

خرجتُ من المصر الحواري أهله

بلا نيّة فيها احتساب ولا جعل

إلى جيش أهل الشام أغزيت كارهاً

سفاهاً بلا سيف حديد ولا نصل

__________________

(١) معجم البلدان : ٤ / ٣٠٩.

(٢) أبو معرض ، المغيرة بن عبد الله بن معرض الأسدي(ت ٨٠ هـ) ، شاعر هجاء ، عالي الطبقة ، من أهل بادية الكوفة ، كان يتردّد إلى الحيرة ، ولد في الجاهلية ، ونشأ في أوّل الإسلام ، وعاش عمراً طويلا وأدرك دولة عبد الملك بن مروان وقتل بظاهر الكوفة خنقاً بالدخان ، لُقّب بالأقيشر ؛ لأنّه كان أحمر الوجه أَقشر وكان يغضب إذا دُعي به.

ينظر : تاريخ دمشق : ٦٠ / ٦٣ ، مختصر تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٨٢ ، الأعلام : ٧/٢٧٧.

(٣) الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم (ت نحو ٨٠هـ) ، متولِّي البصرةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ ، سمّي بـ(القباع) ؛ لأنَّه وضع مكيالاً سمّاه القباع أَي (الضخم) ، وكان خطيباً عفيفاً ، وكان فِيهِ سواد لأنّ أمه كانت حبشية نصرانية.

ينظر : الطبقات الكبرى (ط العالمية) : ٥ / ٢٠ ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال : ٥ / ٢٣٩ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ٤٨٤. الوافي بالوفيات : ١١ / ١٩٦ ، الأعلام : ٢ / ١٥٦.


ولكن بسيف ليس فيه حمّالة

ورمح ضعيف الزّجّ منصدع الأصل

حباني به ظلم القباع ولم أجد

سوى أمره والسير شيئاً من الفعل

فأزمعت أمري ثمّ أصبحت غازياً

وسلّمت تسليم الغزاة على أهلي

جوادي حمار كان حيناً لظهره

إكاف وآثار المزادة والحبل

فسرنا إلى قبّين يوماً وليلة

كأنّا بغايا ما يسرن إلى بعل

مررنا على سوراء نسمع جسرها

يئطّ نقيضاً من سفائنه العصل(١)

فلمّا بدا جسر الصراة وأعرضت

لنا سوق فراغ الحديث إلى الشغل

نزلنا إلى ظلّ ظليل وباءة

حلال برغم القلطبان(٢) وما يغلي

بشارطة من شاء كان بدرهم

عروساً بما بين المشبّه والفسل

فأتبعتُ رمحَ السوء سنّة نصله

وبعتُ حماري واسترحتُ من الثّقل

مهرتهما جرديقة فتركتها

طموحاً بطرف العين شائلة الرجل

تقول طباناً قل قليلا ألا ليا

فقلت لها : اصوي فإنّي على رسلي».

٣٤ ـ قَصْرُ ابن هُبَيْرَةَ(٣) :

«ينسب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة بن معيّة بن سكين بن خديج بن بغيض

__________________

(١) الاعوِجَاج في صلابة.

تاج العروس : ٢٩ / ٤٨٦.

(٢) القَلْطَبانُ : وأَصلها(القَلْتبانُ) لفظة قديمة عن العرب غيّرتها العامّة الأُولى فقالت : (القَلْطَبان) ، وهو لفظٌ يُطلق على من لاغَيْرةَ له (الديَّوُّث).

يُنظر : لسان العرب : ١ / ٦٨٩ ، تاج العروس : ١ / ٨٥٣.

(٣) معجم البلدان : ٤ /٣٦٥.


ابن مالك بن سعد بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان(١) ، كان لمّا ولّي العراق من قبل مروان بن محمّد بن مروان(٢) بنى على فرات الكوفة مدينة فنزلها ولم يستتمّها حتّى كتب إليه مروان بن محمّد يأمره بالاجتناب عن مجاورة أهل الكوفة ، فتركها وبنى قصره المعروف به بالقرب من جسر سورا ، فلمّا ملك السفاح(٣) نزله واستتمّ تسقيف مقاصير فيه وزاد في بنائه وسمّاه (الهاشمية) ، وكان الناس لا يقولون إلاّ (قصر ابن هبيرة) على

__________________

(١) أبو خالد ، يزيد بن أبي المثنّى عمر بن هبيرة .. بن فزارة ، ونسب فزارة من ولاة الدولة الأمويّة ، أصله من الشام ولي قنّسرين للوليد بن يزيد ، ثمّ جمعت له ولاية العراقين (البصرة والكوفة) سنة (١٢٨هـ) في أيّام مروان بن محمّد ، قُتِلَ فِي ذي القعدة سنة (١٣٢هـ).

وفيات الأعيان : ٦ / ٣١٣ ، مختصر تاريخ دمشق : ٢٧ / ٣٨٧ ، سير أعلام النبلاء : ٦ / ٢٠٧ ، الأعلام : ٨ / ١٨٥.

(٢) مروان بن محمّد بن مروان بن الحكم (ت ١٣٢ هـ) ، يقال له : الحمار ، ويلقّب بالجعدي نسبة إلى مؤدّبه (الجعد ابن درهم) ، آخر خلفاء بني أميّة ، ولد بالجزيرة سنة (٧٢هـ) ، وقيل : سُمّي بالحمار لأنَّ العرب تُسمّي كلّ مئة سنة حماراً ، فلمّا قارب ملك بني أميّة مئة سنة لَقَّبوا مروان بالحمار لذلك ، وكانت خلافته من سنة (١٢٧ ـ ١٣٢هـ).

يُنظر : تاريخ الإسلام : ٣ / ٧٣٢ ، فوات الوفيات : ٤ / ١٢٧ ، مختصر تاريخ دمشق : ٢٤ / ٢١٥ ، الأعلام : ٧ / ٢٠٨.

(٣) أبو العبّاس ، عبد الله بن محمّد بن علي بن حبر الأمّة عبد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي ، الهاشمي العبّاسي (ت١٣٦هـ) من أوّل خلفاء بني العبّاس.

ينظر : سير أعلام النبلاء : ٦ / ٢٣٩ ، فوات الوفيات : ٢ / ٢١٥ ، الأعلام : ٤ / ١١٦.


العادة الأولى ، فقال : ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنه ، فرفضه وبنى حياله مدينة ، ونزلها أيضاً المنصور(١) واستتمّ بناءٌ كان قد بقي فيها ، وزاد فيها أشياء وجعلها على ما أراد ، ثمَّ تحوّل منها إلى بغداد فبنى مدينة وسمّاها (مدينة السلام).

قال هلال بن المحسن(٢) في كتاب بغداد وذكر خرابها : «وأمّا قصر ابن هبيرة فإنّي أذكر فيه عدَّة حمّامات ، وكثيراً من الناس منهم : قضاة ، وشهود ، وعمّال ، وكتاب ، وأعوان ، وتُنَاء(٣) ، وتجّار ، وكنت أحدّث بذلك شرف الدولة بن علي(٤) في سنة (٤١٥هـ) على ضمان النصف من سوق الغزل بها

__________________

(١) عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس القرشي الهاشمي العباسي ، ولد قريب (٩٥هـ) ثاني خلفاء بني العبّاس ، بويع الخلافة بعد موت أخيه عبد الله السّفاح ، وتوفي عند بئر ميمون في الحرم سنة (١٥٨هـ).

ينظر : تاريخ الإسلام : ٤ / ١٠٦ ، تاريخ دمشق : ٣٢ / ٢٧٧ ، الوافي بالوفيات : ١٧ / ٢٣٣ ، مورد اللطافة في من ولي السلطة والخلافة : ١ / ١١٩.

(٢) أبو الحسين ، هلال بن المحسّن بن إبراهيم بن هلال الصابئ الحراني (ت٤٤٨ هـ) ، مؤرّخ ، كاتب ، من أهل بغداد. كان أبوه وجدّه من الصابئة ، وأسلم هو في أواخر عمره ، وكان قد تعلّم الأدب وهو على دين آبائه ، وولي ديوان الإنشاء ببغداد زمناً ، وهو والد أبو الحسن الملقّب بـ(غرس النعمة) صاحب الفضائل والتآليف النافعة. له : (تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء) ، و (ذيل تاريخ ثابت بن سنان) ، و (غرر البلاغة) ، و (أخبار بغداد) ، وكتاب (الكتّاب) ، و (السياسة).

يُنظر : وفيات الأعيان : ٦ / ١٠١ ، الأعلام : ٨ / ٩٢.

(٣) تنا بالمكان يتنو فهو تان ، والجمع(تُنّاء) ،إذا أقام به.

يُنظر : تهذيب الّلغة : ٥ / ٢٣.

(٤) أبو الحسن، علي بن الحسن بن علي بن صدقة (ت ٥٢٥هـ)، ابن الوزير أبي علي،


وضمّنته بسبعمائة دينار في كلّ سنة ، وضمّن الناظر في الحساميّات من جهة الغرب النصف الآخر بألف دينار ، لأنّ يده كانت بسطى ، وما بقي في هذا الموضع اليوم أكثر من خمسين نفساً من رجال ونساء في بيوت شعثة على حال رثّة».

قال ابن طاهر(١) : حدّث من هذا القصر : علي بن محمّد بن علي بن الحسن المكنّى أبا الحسن ، وهو أخو أحمد بن محمّد ، روى عن عبد الله بن إبراهيم الأزدي وغيره ، وروى عنه : ابن أخيه أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمّد ، وعبد الله بن إبراهيم بن محمّد بن الحسن الأزدي القصري الضرير.

__________________

كان يلقّب بشرف الدولة، لم يستقلّ بالوزارة إنّما ناب عن أبيه، وكان أبوه وزير المسترشد ويُلقَّب بـ (جلال الدولة)، وهو أوّل من ولّي الوزارة من بني صدقة.

ينظر : الوافي بالوفيات : ٢٠ / ١٩٣، معجم الأدباء : ٤ / ١٦٨٨، تاريخ بغداد وذيوله : ١٨ / ١٩٨.

(١) أبو الفضل ، محمّد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الحافظ المعروف بابن القيسراني (ت ٥٠٧هـ) ، كان أحد الرحّالين في طلب الحديث ، سمع بالحجاز والشام ومصر والثغور والجزيرة والعراق والجبال وفارس وخوزستان وخراسان ، واستوطن همذان وكان من المشهورين بالحفظ والمعرفة بعلوم الحديث ، وله في ذلك مصنّفات ومجموعات تدلّ على غزارة علمه وجودة معرفته.

له : (أطراف الكتب الستّة) ، (وأطراف الغرائب للدارقطني) ، (وكتاب الأنساب) ، وغير ذلك من الكتب ، وكانت له معرفة بعلم التصوّف وأنواعه متفنّناً فيه وله فيه تصنيف أيضاً ، وله شعر حسن ، وكانت ولادته بتاريخ ٦ شوّال سنة (٤٤٨ هـ) ببيت المقدس ، وتوفّي سنة (٥٠٧ هـ) ببغداد.

ينظر : تاريخ دمشق : ٥٣ / ٢٨٠ ، وفيات الأعيان : ٤ / ٢٨٧ ، سير أعلام النبلاء : ١٩ / ٣٦١ ، الوافي بالوفيات : ٣ / ١٣٩ ، الأعلام : ٦ / ١٧١.


حدّث عن الحسن الحلواني وأحمد الدورقي ، روى عنه أبو أحمد بن عدي ، وأبو بكر الإسماعيلي وغيرهما.

وعبد الكريم بن علي بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبد الله أبو عبيد الله التميمي المعروف بابن السيني القصري ، روى عن محمّد بن عمر ابن زنبور وأبي محمّد الأكفاني ، روى عنه أبو بكر الخطيب ووثّقه توفّي سنة (٤٥٩ هـ).

وأبو بكر محمّد بن جعفر بن رميس القصري ، ومحمّد بن طوس القصري الذي ينسب إليه تعليق الكتاب عن أبي علي الفارسي ، قاله : أبو منصور المقدّر الأصبهاني في كتاب له صنّفه في ثلب أبي الحسن الأشعري(١)».

٣٥ ـ قُوسانُ (بالضمّ ثمّ السكون وسين مهملة واَخره نون)(٢) :

«كورة كبيرة ونهر عليه مدن وقرى بين النعمانية وواسط ، ونهره الذي يسقي زروعه يقال له : الزابّ الأعلى».

٣٦ ـ قيلوية (بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، ولام مضمومة ، وواو ساكنة)(٣) :

«قرية من نواحي مطيرآباذ قرب النيل ، إليها يُنسب أبو علي الحسن بن

__________________

(١) وقال في مادّة (أبّا) : ((ونهر أبّا بين الكوفة وقصر ابن هبيرة ، ينسب إلى أبّا بن الصامغان من ملوك النبط)).

معجم البلدان : ١ / ٣١.

(٢) معجم البلدان : ٣ / ٤٤٧ ، وفي مراصد الاطّلاع (٣ / ١١٣٣) : (قلت : هو شطّ النيل).

(٣) معجم البلدان : ٤ / ٤٣٢.


محمّد بن إسماعيل القيلوي(١)».

٣٧ ـ كُوثَى (كوثى بالضمّ ثمّ السكون والثاء مثلّثة وألف مقصورة تكتب بالياء لأنّها رابعة الاسم)(٢) :

«قال نضر(٣) : كوث الزرع تكويثاً إذا صار أربع ورقات وخمس ورقات وهو الكوث ، وكوثى في ثلاثة مواضع بسواد العراق في أرض بابل ، وبمكّة وهو منزل بني عبد الدار خاصّةً ثمَّ غلب على الجميع ولذلك قال الشاعر :

لعن الله منزلا بطن كوثى

ورماه بالفقر والإمعار

لست كوثى العراق أعني

ولكنَّ كوثة الدار دار عبد الدار.

__________________

(١) أبو علي القيلوي ، الحسن بن محمّد بن إسماعيل بن أبي العزّ بن علي (ت ٦٣٣هـ) ، خازن الكتب ، ولد بالنيل ، ودخل بغداد ، وقرأ بها الأدب ، وجالس الأدباء والفضلاء ، وكان يتّجر في الكتب ، ويسافر بها إلى الشام وبلاد الجزيرة. وكانت له معرفةٌ حسنة بخطوط العلماء ، ويحفظ كثيراً من الآداب والأخبار والحكايات وسير النّاس ، وكتب الكثير ؛ من ذلك : صحاح الجوهري ، وقال : كتبت ألفي مجلّدة ، ثمّ إنّه فارق بغداد ، وسكن الشام ، وبقي في خدمة الملك الظاهر صاحب حلب ، واتّصل بعد وفاته بالأشرف ، وبقي معه مدّة بحرّان ودمشق ، وكان يتولّى خزانة الكتب بهما.

ينظر : الوافي بالوفيات : ٤ / ١٩٥ ـ ١٩٦.

(٢) معجم البلدان : ٤ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨.

(٣) النضر بن شميل النحوي البصري : كان عالماً بفنون من العلم ، وصاحب غريب وفقه وشعر ، ومعرفة بأيّام العرب ، وهو من أصحاب الخليل بن أحمد الفراهيدي ، مات سنة (٢٠٢ هـ).

ينظر : مستدركات علم رجال الحديث : ٨ / ٧٦.


قال أبو المنذر [الكلبي] : سُمي نهر كوثى بالعراق بكوثى من بني أرفخشد بن سام بن نوح عليه‌السلام وهو الذي كراه فنُسب إليه وهو جدّ إبراهيم عليه‌السلام أبو أمّه بونا(١) بنت كرنبا بن كوثى ، وهو أوّل نهر أخرج بالعراق من الفرات ، ثمَّ حفر سليمان نهر أكلف ثمّ كثرت الأنهار.

وكوثى العراق كوثيان : أحدهما كوثى الطريق ، والآخر كوثى ربى ، وبها مشهد إبراهيم الخليل عليه‌السلام وبها مولده(٢) ، وهما من أرض بابل ، وبها طُرِح إبراهيم في النار(٣) ، وهما ناحيتان ، وسار سعد من القادسية في سنة عشر ففتح كوثى ، وقال زهرة بن جؤية(٤) :

لقينا بكوثى شهريار نقوده

عشيّة كوثى والأسنّة جائرة

__________________

(١) قال أبو بكر أحمد ابن أبي سهل الحلوانيّ: كنّا روينا عن الكلبيّ (نونا) بنونين، وحفظي (بونا) بالباء في أوّله.

معجم البلدان: ٤ / ٢.

(٢) وما زال مشهد مولده قائمٌ إلى يوم النّاس هذه بجوار الصرح ، وقد ذكره السيّد علي بن كريم النيلي (ق٩) في كتابه (السلطان المفرّج عن أهل الإيمان) نقل حكاية وقعت فيه.

(٣) قال محمّد بن أحمد البشاري المقدسي (ت ٣٨٠هـ) في كتابه أحسن التقاسيم : (١٠٩) ما نصّه : «ومدينة إبراهيم كوثا ربا ، وثمّ تلال هي رماد نار نمرود».

(٤) ساعدة بن جؤية الهذلي ، أحد بني كعب ابن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد هذيل بن مدركة ، شاعر محسن جاهلي ، وهو من مخضرمي الجاهلية والإسلام ، وشعره محشوٌّ بالغريب والمعاني الغامضة وليس فيه من الملح ما يصلح للمذاكرة. له : ديوان شعر.

يُنظر : المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء : ١ / ١٠٣ ، معجم الشعراء العرب : ١ / ١٣٦٦ ، أنساب الأشراف : ١١ / ٣٤٥ ، الأعلام : ٣ / ٧٠.


وليس بها إلاّ النساء وفلّهم

عشيّة رحنا والعناهيج حاضرة

أتيناهم في عقر كوثى بجمعنا

كأنَّ لنا عيناً على القوم ناظرة

وقال أبو منصور : حدَّثنا محمّد بن إسحاق السعدي ، عن الرمادي ، عن عبد الرزاق ، عن معمّر عن أيّوب ، عن محمّد بن سيرين قال : سمعت عبيدة السلماني يقول : سمعتُ عليّاً [عليه السلام] يقول : «من كان سائلاً عن نسبنا فإنّنا نبطٌ من كوثى».

وروي عن ابن الأعرابي(١) أنَّه قال : سأل رجلٌ عليّاً [عليه السلام] أخبرني عن أصلكم معاشر قريش؟ فقال : «نحن من كوثى».

قال ابن الأعرابي : واختلف الناس في قول علي عليه‌السلام «نحن من كوثى».

فقال قوم : أراد كوثى السواد التي ولد بها إبراهيم الخليل [عليه السلام].

وقال آخرون : أراد بقوله كوثى مكّة ، وذلك أنَّ محلّة بني عبد الدار يُقال لها : كوثى ، فأراد أنّنا مكّيون من أمّ القرى مكّة.

قال أبو منصور : والقول : هو الأوّل لقول علي عليه‌السلام فإنّنا نبط من كوثى ،

__________________

(١) أبو عبد الله ، محمّد بن زياد بن الأعرابي الهاشمي (ت٢٣١هـ) ، عالم باللغة والنسب ، يروي عن معاوية الضرير والقاسم بن معن وغيرهم ، وعنه إبراهيم الحربي وثعلب وأبو شهيب وغيرهم ، ولِد بالكوفة سنة (١٥٠هـ) ، له : مصنّفات كثيرة أدبية ، وتاريخ القبائل ، وكان صاحب سنّة واتباع ، مات بسامرّاء ، وقيل : إنَّه كان ربيب المفضّل بن محمّد الضبّي صاحب (المفضليّات) ، فأخذ عنه.

يُنظر : سير أعلام النبلاء : ٩ / ٧٥.


ولو أراد كوثى مكّة لما قال : نبط ، وكوثى العراق هي سرّة السواد ، وأراد عليه‌السلام أنّ أبانا إبراهيم عليه‌السلام كان من نبط كوثى ، وأنَّ نسبنا ينتهي إليه.

ونحو ذلك قال ابن عبّاس(١) : (نحن معاشر قريش حيّ من النبط من أهل كوثى ، والأصل آدم والكرم التقوى والحسب الخلق وإلى هذا انتهت نسبة الناس)(٢).

وهذا من علي وابن عبّاس تبرّؤ من الفخر بالأنساب ، وردع عن الطعن فيها ، وتحقيق لقول الله عزّ وجلّ : (إنّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)(٣).

وقد نسب إليها : (كوثي) و (كوثاني) ، فمن الثاني أبو منصور بن حمّاد ابن منصور الضرير الكوثاني(٤) ، روى عن أبي محمّد عبد الله بن محمّد بن

__________________

(١) أبو العبّاس ، عبد الله بن عبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمي(ت٦٨هـ). الحبر البحر ، ابن عمّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وأبو الخلفاء ، ولد في شعب بني هاشم بمكّة قبل الهجرة بثلاث سنين ، وشهد مع علي عليه‌السلام معركتي الجمل وصفّين.

يُنظر : الوافي بالوفيات : ٥ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤ ، مختصر تاريخ دمشق : ٤ / ٢٤٣ ، وفيات الأعيان : ٣ / ٦٣ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٣١ ، موسوعة الأعلام : ١ / ٣٥٢.

(٢) بحار الأنوار : ٦٤ / ١٧٧.

(٣) الحجرات : ١٣.

(٤) ما جاء عنه في من ذكرته من المصادر لم يأتِ بزيادة على ما جاء أعلاه في المتن.

يُنظر : توضيح المشتبه : ٧ / ٣٤٦ ، وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه : ٣ / ١٢٢٢ ، والأنساب للسمعاني : ١١ / ١٦٦.


هزارمرد الصريفيني(١) ، سمع منه الحافظ أبو القاسم الدمشقي(٢)».

وقال الحموي : «بأبرقوه : شبه تلّ عظيم ، ويسمّى ذلك التلّ اليوم :(جبل إبراهيم) ، ولم يشاهد إبراهيم عليه‌السلام ، أرض فارس ولا دخلها ، وإنّما كان ذلك بكوثا ربّا من أرض بابل(٣)».

٣٨ ـ الكُوَيْفَةُ(٤) :

«تصغير الكوفة التي تقدّم ذكرها ، يُقال لها : كويفة ابن عمر ، منسوبة إلى عبد الله بن عمر بن الخطّاب(٥) ، نزلها حين قتل بنت أبي لؤلؤة والهرمزان

__________________

(١) أبو محمّد ، عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن مجيب بن هزارمرد الصريفيني (ت ٤٦٩هـ) ، ولد في بغداد ، روى كتاب (الجعديّات) عن أبي القاسم بن حبابة.

ينظر : سير أعلام النبلاء : ١٣ / ٤٤٧ ، توضيح المشتبه : ٨ / ٦٩ ، تاريخ الإسلام : ١٠ / ٢٧٩ ، الأنساب للسمعاني : ٨ / ٥٩.

(٢) أبو القاسم ، علي ابن الشيخ أبي محمّد الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين (ت ٥٧١ هـ) ، لُقِّب بـ(ابن عساكر) ، مُحدّث الشام ، الحافظ الكبير المجوّد ، كان كريم النَّفس يكرم الغرباء ، كتب الكثير ، صنّف وخرج وعُني بالكتابة والمطالعة ، وأشهر مصنّفاته (تاريخ دمشق).

ينظر : سير أعلام النبلاء : ١٥ / ٢٤٧ ، خريدة القصر وجريدة العصر : ٢ / ٢٧٨ ، تاريخ بغداد وذيوله : ١٥ / ٢٩٥ ، إنباه الرواة على أنباه النحاة : ١ / ٤١٢.

(٣) معجم البلدان : ١ /٧٠.

(٤) معجم البلدان : ٤ / ٤٩٦.

(٥) عبد الله بن عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عدي بن كعب بن


وجفينة العبادي ، وهي بقرب بزيقيا».

٣٩ ـ الكوفة (بالضمّ)(١) :

«المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق».

٤٠ ـ شانيا :

«رُستاق(٢) من نواحي الكوفة من طسُّوج سورا من السيب الأعلى(٣)».

٤١ ـ غطط :

«رستاق بالكوفة متّصل بشانيا من السيب الأعلى قرب سورا(٤)».

__________________

لؤي بن غالب بن فهر ، أسلم وهو صغير السنّ ، ثمَّ هاجر مع أبيه لم يحتلم ، واستُصغِر يوم أحد ، فأوّل غزواته الخندق ، وهو ممّن بايع تحت الشجرة ، روى عن أبي بكر وأبيه عمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وأبي ذرّ ومعاذ بن جبل وغيرهم (ت ٧٣هـ في مكّة).

ينظر : الطبقات الكبرى : ٤ / ١٠٥ ، معرفة الصحابة لأبي نعيم : ٣ / ١٧٠٧ ، الوافي بالوفيات : ١٧ / ١٩٧ ، الأعلام : ٤ / ١٠٨.

(١) معجم البلدان : ٤ / ٤٩٠ ، ربّما يستغرب القارئ على أنَّ الكوفة من أعمال بابل ، فهي كانت كذلك بقول الحموي الخبير ، والظاهر أنّها مشهورة في ذلك في عصره وما قبله ، فقد قال الإمام الباقر (عليه لسلام) في فضل مسجد الكوفة : «كوفان روضة من رياض الجنَّة .. وهي سرَّة بابل ..».

ينظر : الكافي : ٣ /٤٩٣.

(٢) (رُسْتَاقٌ) ـ بالضَّمّ ـ : كُورَةٌ كَثِيرَة القُرى.

تاج العروس : ٤ / ٤٢١.

(٣) معجم البلدان : ٣ / ٣١٥.

(٤) معجم البلدان : ٤ / ٢٠٧.


٤٢ ـ مزيد (بالفتح ثمّ السكون وفتح الياء بنقطتين)(١) :

«من تحت حلّة بني مزيد ، ذُكرت في حلّة».

٤٣ ـ المَنقُوشِيَة(٢) :

«من قرى النيل من أرض بابل ، منها أبو الخطّاب محمّد بن جعفر الربَعي(٣) ، شاعر جيّد ، قدم بغداد وأصعد منها إلى ناحية الجزيرة فأقام عند الملك الأشرف ابن الملك العادل مدّة وتنقّل في نواحي ديار بكر ومدح ملوكها ، وهو حيّ في أيّامنا هذه ، وقد أنشدني من شعره أشياء ضاعت منّي».

٤٤ ـ نَرْسُ (بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره سين مهملة)(٤) :

«نرس : قرية كان ينزلها الضحّاك بيوراسب(٥) ببابل ، وممّن يُنسب إليها :

__________________

(١) معجم البلدان : ٥ / ١٢٢.

(٢) معجم البلدان : ٥ / ٢١٦.

(٣) أبو الخطّاب ، محمّد بن جعفر بن الحسين الربعِي النيلي ، المنفوشي ف (المنفوشة) : من قرى النّيل ببلاد العراق ، قال ابن النجّار : قدم علينا بغداد شابّاً ومدح الإمام الناصر وأكابر دولته واجتمعت به مراراً وسمعت منه ، وكان أديباً ، شاعراً ، فاضلا ، حسن الأخلاق ، متودّداً ، سافر إلى بلاد الجزيرة وَأقَام بـ(آمد) ومدح السّلاطين ، شعره جيّد ، وغزله رَقِيق ، وأسلوبه حسن.

يُنظر : الوافي بالوفيات : ٢ / ٢٢٤ ، ٢١ / ٢٩٧.

(٤) معجم البلدان : ٥ / ٢٨٠.

(٥) بيوراسب : الفرس ينسبونه هكذا : بيوراسب بن رتيكان بن ويدوشتك بن فارس بن


أبو الغنائم محمّد بن علي بن ميمون النرسي (١) المعروف بأُبي ، سمع الشريف أبا عبد الله عبد الرحمن الحسني ، ومحمّد ابن إسحاق بن فرويه ، روى عنه الفقيه أبو الفتح نصر ابن إبراهيم المقدسي وهو من شيوخه ، وممّا رواه عنه نصر بن محمّد بن الجاز عن محمّد بن أحمد التميمي أنبأنا أحمد بن علي الذهبي أنَّ المنذر بن محمّد أنشده لعبيد الله بن يحيى الجعفي قال :

يا ضاحك السنّ ما أولاك بالحزن

وبالفعال الذي يجزى به الحسن

أما ترى النقص في سمع وفي بصر

ونكبة بعد أخرى من يد الزمن

وناعياً لأخ قد كنت تألفه

قد كان منك مكان الروح في البدن

أخنت عليه يد للموت مجهزة

لم يثنها سكن مذ كان عن سكن

فغادرته صريعاً في أحبّته

يدعى له بحنوط التّرب والكفن

كأنّه حين يبكي في قرائبه

وفي ذوي ودّه الأدنين لم يكن

__________________

أفروال ، ومنهم من خالف في هذا. ويزعمون أنَّه ملك الأقاليم كلّها ، وكان ساحراً كافراً وقتل أباه ، وكان أكثر إقامة ببابل ، والعرب تسمّيه الضحّاك. تاريخ ابن خلدون : ٢ / ١٨٣.

(١) أبو الغنائم ، محمّد بن علي بن ميمون بن محمّد النرسي الكوفي (ت ٥١٠هـ) ، محدِّث الكوفة ، الشيخ الحافظ المقرئ ، وكان يعيش من النساخة وَلُقِّب بِـ (أُبَيّ) لجودة قراءته ، مات بحلّة بني مزيد ، وكان قد خرج من بغداد مريضاً ليذهب إلى الكوفة ، فمات يوم السبت السادس عشر من شعبان ، وحمل إلى الكوفة ودفن هناك.

له : مختصر سمّاه (ثواب قضاء حوائج الإخوان وما جاء في إغاثة اللّهفان) ، و (الهواتف).

ينظر : الوافي بالوفيات : ٤ / ١٠٥ ، سير أعلام النبلاء : ١٤ / ٢٣٩ ، الأعلام : ٦ / ٢٧٨ ، تاريخ بغداد وذيوله : ٢١ / ٢١ ـ ٢٢ ، تذكرة الحفّاظ : ٤ / ٣٩.


من ذا الذي بان عن إلف وفارقه

ولم يحل بعده غدراً ولم يخن؟

ما للمقيم صديق في ثرى جدث

ولا رأينا حزيناً مات من حزن».

وقال الحموي : «وكلّ نهر حفره نرسي بن بهرام بن بهرام بن بهرام(١) بنواحي الكوفة مأخذه من الفرات ، عليه عدّة قرى قد نسب إليه قوم ، والثياب النرسية منه(٢)».

٤٥ ـ النِّيلُ (بكسر أوله)(٣) :

«بليدة في سواد الكوفة قرب حلّة بني مزيد يخترقها خليج كبير يتخلّج من الفرات الكبير حفره الحجّاج بن يوسف(٤) وسمّاه بـ(نيل مصر) ، وقيل : إنَّ النيل هذا يستمدّ من صراة جاماسب ، يُنسب إليه خالد بن دينار النيلي أبو

__________________

(١) نرسي بن بهرام بن بهرام بن بهرام بن هرمز بن سابور بن أردشير بن بابك بن ساسان بن بابه بن ساسان بن بلاس بن شهر أباد، ابن أولاد ملوك الفرس، ملك تسع سنين وستّة أشهر.

ينظر: بغية الطلب في تاريخ حلب: ٧ / ٣٤٧٥.

(٢) معجم البلدان : ٤ / ٢٢٤.

(٣) معجم البلدان : ٥ / ٣٣٤.

(٤) الحجّاج بن يوسف الثقفي : الظالم المشهور ، قائد ، سفّاك ، خطيب. ولد ونشأ في الطائف ، ثمَّ انتقل إلى الشام فلحق بجيش عبد الملك بن مروان ، ثمَّ ما زال يظهر حتّى قلّده أمرة العسكر ، بعد ذلك ولاّه مكّة والمدينة والطائف ، ثمّ أضاف إليها العراق ، وكان سفّاكاً سفّاحاً باتّفاق المؤرّخين ، توفّي بمدينة واسط (سنة ٩٥هـ). ودفن بها ، وعُفي قبره وأجري عليه الماء.

يُنظر : بغية الطلب في تاريخ حلب : ٥ / ٢٠٣٧ ، وفيات الأعيان : ٢ / ٢٩ ، سير أعلام النبلاء : ٤ / ٣٤٣ ، الأعلام : ٢ / ١٦٨.


الوليد الشيباني(١) ، كان يسكن النيل ، حدّث عن الحسن العكلي ، وسالم بن عبد الله ، ومعاوية بن قرّة ، روى عنه الثوري وغيره.

وقال محمّد بن خليفة السّنبسي(٢) شاعر بني مزيد يمدح دبيساً بقصيدة مطلعها :

قالوا هجرت بلاد النيل وانقطعت

حبال وصلك عنها بعد إعلاق

فقلت إنّي وقد أقوت منازلها

بعد ابن مزيد من وفد وطرّاق

فمن يكن تائقاً يهوى زيارتها

على البعاد فإنّي غير مشتاق

وكيف أشتاق أرضاً لا صديق بها

إلاّ رسوم عظام تحت أطباق».

٤٦ ـ نِفَّرٌ (بكسر أوّله ، وتشديد ثانيه ، وراء)(٣) :

«بلد أو قرية .. من نواحي بابل بأرض الكوفة ، قال أبو المنذر [الكلبي] :

__________________

(١) تُنظر ترجمته : الأنساب للسمعاني : ١٣ / ٢٣٨ ، اللّباب في تهذيب الأنساب : ٣ / ٣٤٢. وما جاء في ذكره لم يتعدَّ ما ذكره الحموي في كتابه هذا.

(٢) أبو عبد الله ، محمّد بن خليفة بن حسين النميري العراقي (ت ٥١٥هـ) ، الشاعر المعروف بـ(السنبسي) ؛ وهذه النسبة إلى (سنبس) ، قبيلة معروفة من طيِّئ ، منها شعراء وفضلاء وجماعة من أهل العلم أصله من (هيت) ، أقام بالحلّة عند سيف الدولة صدقة بن مزيد ، وكان شاعره وشاعر ولده دبيس.

ينظر : فوات الوفيات : ٣ / ٣٤٩ ، الأنساب للسمعاني : ٧ / ٢٥٣ ، تاريخ بغداد وذيوله : ١٥ / ٢٦ ، الأعلام : ٦ / ١١٦.

(٣) معجم البلدان : ٥ / ٢٩٥


إنّما سمّي نفّر نفّراً لأنَّ نمرود بن كنعان ـ صاحب النسور ـ حين أراد أن يصعد إلى الجبال فلم يقدر على ذلك هبطت النسور به على نفّر فنفرت منه الجبال ، وهي جبال كانت بها فسقط بعضها بفارس فرقاً من الله فظنّت أنّها أمر من السماء نزل بها ، فذلك قوله عزّ وجلّ : (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال)(١).

وقال أبو سعد السمعاني(٢) : نفّر من أعمال البصرة ، ولا يصحّ قول الوليد بن هشام القحذمي(٣) ـ وكان من أبناء العجم ـ : حدّثني أبي ، عن جدّي قال : (نفّر مدينة بابل».

__________________

(١) سورة إبراهيم (ع) : ٤٦.

(٢) أبو سعد ، عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي السمعاني (ت٥٦٢هـ) ، و (السمعاني) نسبة إلى سمعان بطن تميم ، الحافظ الكبير ، الأوحد الثقة ، محدِّث خراسان ، صاحب المصنّفات الكثيرة ، ولد بِـ(مَرْوَ) ، في شعبان سنة (٥٠٦هـ) ، سمع الكثير حتّى كتب عن أربعة آلاف شيخ ، وصنَّف في التفسير والتاريخ والأنساب.

وقال عنه ابن الأثير : «كان أبو سعد واسطة عقد البيت السمعاني ، عينهم الباصرة ، وإليه انتهت رآستهم ، وبه كملت سيادتهم ، رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق الأرض وغربها».

يُنظر : كتاب اللّباب : ١ / ١٤ ، سير أعلام النبلاء : ٢٠ / ٤٥٦ ـ ٤٦٢ ، ومقدِّمة الأنساب : للدكتور عبد الله البارودي : ١ / ١٠ ـ ١٢.

(٣) أبو عبد الرحمن ، الوليد بن هشام القحذمي (ت ٢٢٢هـ) ، من أهل البصرة يروي عن حَريز بن عثمان حَدَّثَنا عنه أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي.

يُنظر : الأنساب للسمعاني : ١٠ / ٣٤٤ ، لسان الميزان : ٨ / ٣٩٣.


٤٧ ـ الهَاشِمِيةُ(١) :

«مدينة بناها السفّاح بالكوفة ، وذلك أنّه لمّا ولي الخلافة نزل بقصر ابن هبيرة ، واستتمّ بناءه وجعله مدينة ، وسمّاها (الهاشمية) ، فكان الناس ينسبونها إلى ابن هبيرة على العادة ، فقال : ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنها ، فرفضها وبنى حيالها مدينة سمّاها (الهاشمية) ونزلها ، ثمَّ اختار نزول الأنبار فبنى مدينتها المعروفة فلمّا توفّي دُفن بها ، وبالهاشمية هذه حبَس المنصور : عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب(٢) ـ رضي الله عنه ـ ومن كان معه من أهل بيته».

٤٨ ـ همينيا(٣) :

«قرية تقع على نهر ماري من أعمال بابل.

نهرُ مَارِي (بكسر الراء ، وسكون الياء)(٤) :

__________________

(١) معجم البلدان : ٥ / ٣٨٩.

(٢) أبو محمّد ، عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب الهاشمي القرشي(ت ١٤٥ هـ) ، من أهل المدينة ، كان ذا هيبة ولسان وشرف ، سُمّي(المحض) لأنَّ أباه الحسن بن الحسن عليه‌السلام ، وأمّه فاطمة بنت الحسين عليهما السلام ، فهو هاشمي خالص ، لأنّه ثمرة التقاء بين الفرعين المباركين : الحسني والحسيني ، حبسه المنصور عدّة سنوات ، ونقله إلى الكوفة فمات سجينا فيها.

يُنظر : أنساب الأشراف : ٣ / ٨٤ ، الأعلام : ٤ / ٧٨ ، الجريدة في أصول أنساب العلويّين : ٣ / ٢٧.

(٣) معجم البلدان : ٥ / ٢٣٢.

(٤) معجم البلدان : ٥ / ٢٣٢.


بين بغداد والنعمانية مخرجه من الفرات وعليه قرى كثيرة منها همينيا ، وفمه عند النيل من أعمال بابل».

٤٩ ـ واسط(١) :

«قرية قرب مطير آباذ قرب حلَّة بني مزيد ، يُقال لها : (واسط مرزاباذ)».

تمّ في ذكرى ليلة مولود الإمام الأغرّ ، الإمام الثاني عشر

الحجّة ابن الحسن ـ صلوات الله عليهما ـ

ليلة النصف من شهر شعبان المبارك سنة ١٤٣٧هـ ،

والحمد لله ربِّ العالمين ،

وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

__________________

(١) معجم البلدان : ٥ / ٣٥٣.


المصادر

* القرآن الكريم.

١ ـ آثار البلاد وأخبار العباد : القزويني ، زكريّا بن محمّد بن محمود (ت ٦٨٢هـ) ، نشر : دار صادر ـ بيروت ، (د. ت).

٢ ـ أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم : المقدسي ، محمّد بن أحمد شمس الدين (ت٣٨٠هـ) ، تحقيق : د. محمّد مخزوم ، نشر : دار إحياء التراث ـ بيروت ، سنة : ١٤٠٠هـ.

٣ ـ أخبار مكّة في قديم الدهر وحديثه : الفاكهي ، أبو عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس المكّي (ت٢٧٢هـ) ، تحقيق : د. عبد الملك عبد الله دهيش ، نشر : دار خضر ـ بيروت ، ط٢ ، سنة : ١٤١٤هـ.

٤ ـ الإشارات إلى معرفة الزيارات : الهروي ، أبي الحسن علي بن أبي بكر (ت٦١١هـ) ، تحقيق : د. علي عمر ، نشر : مكتبة الثقافة الدينية ـ القاهرة ، ط١ ، سنة : ١٤٢٣هـ.

٥ ـ الأصيلي في أنساب الطالبيّين : ابن الطقطقي ، محمّد بن تاج الدين الحسني (كان حيّاً سنة ٧٢٩هـ) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، نشر : مكتبة السيّد المرعشي ـ قمّ المقدّسة ، سنة١٤١٨هـ.

٦ ـ الأعلام : الزركلي ، خير الدين بن محمود الدمشقي (ت ١٣٩٦هـ) ، نشر : دار العلم للملايين ـ بيروت ، ط٥ ، سنة ١٩٨٠م.


٧ ـ أعيان الشيعة : الأمين ، السيّد محسن بن عبد الكريم (ت١٣٧١هـ) ، تحقيق : حسن الأمين ، نشر : دار التعارف ـ بيروت ، (د. ت).

٨ ـ إكمال الإكمال : ابن نقطة ، محمّد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع البغدادي (ت٦٢٩هـ) ، تحقيق : د. عبد القيّوم عبد ربّ النبي ، نشر : جامعة أمّ القرى ـ مكّة المكرّمة ، ط١ ، سنة : ١٤١٠هـ.

٩ ـ إنباه الرواة على أنباه النحاة : القفطي ، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف (ت٦٤٦هـ) ، نشر : المكتبة العصرية ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤٢٤ هـ.

١٠ ـ الأنساب : السمعاني ، أبو سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور المروزي ، (ت٥٦٢هـ) ، تحقيق : عبد الرحمن بن يحيى المعلّمي اليماني وغيره ، نشر : مجلس دائرة المعارف العثمانية ـ حيدر آباد ، ط١ ، سنة : ١٣٨٢ هـ.

١١ ـ بحار الأنوار : العلاّمة المجلسي (ت ١١١٠هـ) ، تحقيق : السيّد إبراهيم الميانجي ومحمّد الباقر البهبودي ، نشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ط٣ ، سنة :١٤٠٣ هـ.

١٢ ـ بغية الطلب في تاريخ حلب : العقيلي ، كمال الدين عمر بن أحمد بن هبة الله ابن أبي جرادة (ت ٦٦٠هـ) ، تحقيق : د. سهيل زكّار ، نشر : دار الفكر ـ بيروت. (د. ت).

١٣ ـ البلدان : الهمداني ، أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن إسحاق المعروف بابن الفقيه (ت ٣٦٥هـ) ، تحقيق : يوسف الهادي ، نشر : عالم الكتب ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١٦ هـ.

١٤ ـ تاج العروس من جواهر القاموس : الزبيدي ، السيّد محمّد مرتضى الحسيني (ت١٢٠٥هـ) ، تحقيق : علي شيري ، نشر : دار الفكر ـ بيروت ، سنة ١٤١٤ هـ. ق.


١٥ ـ تاريخ ابن خلدون : عبد الرحمن ابن خلدون (ت ٨٠٨هـ) ، ضبط متنه ووضع حواشيه : خليل شحادة ، نشر : دار الفكر ـ بيروت ، (د. ت).

١٦ ـ تاريخ إربل : ابن المستوفي ، المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب اللّخمي الإربلّي (ت ٦٣٧هـ) ، تحقيق : سامي بن سيّد خماس الصقّار ، نشر : دار الرشيد ـ العراق ، سنة : ١٩٨٠ م.

١٧ ـ تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام : الذهبي ، شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز (ت ٧٤٨هـ) ، تحقيق : د. بشّار عوّاد معروف ، نشر : دار الغرب الإسلامي ، (د. ت).

١٨ ـ تاريخ بغداد وذيوله : الخطيب البغدادي ، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي (ت٤٦٣هـ) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١٧ هـ.

١٩ ـ تاريخ الحلّة : كركوش ، الشيخ يوسف (ت ١٤١١هـ) ، نشر : المكتبة الحيدريّة ، ط١ ، سنة : ١٤٣٠هـ.

٢٠ ـ تاريخ دمشق : ابن عساكر ، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (ت ٥٧١هـ) ، تحقيق : عمرو بن غرامة العمروي ، نشر : دار الفكر للطباعة ـ بيروت ، سنة : ١٤١٥ هـ.

٢١ ـ التبيان في تفسير القران : الطوسي ، شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن ابن علي ، قدّم له : الشيخ أغا بزرك الطهراني ، تصحيح : أحمد حبيب العاملي ، نشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. (د. ت)

٢٢ ـ تذكرة الأولياء في تراجم الأئمّة والمتصوّفة والزهّاد : مرتضى آل نظمي زادة البغدادي (ت ١١٣٦هـ) ، تحقيق : د. حميد مجيد هدّو ، نشر : الهلالـ بيروت ، ط١ ، سنة : ٢٠١٢م.


٢٣ ـ تذكرة الحفّاظ : الذهبي ، شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن عثمان ابن قَايْماز (ت ٧٤٨هـ) نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١٩هـ.

٢٤ ـ مجلَّة تراثنا : مجلَّة تصدر عن مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في قمّ المقدَّسة ، عدّة أعداد.

٢٥ ـ تلخيص تاريخ نيسابور : ابن البيع ، أبو عبد الله الحاكم محمّد بن عبد الله بن محمّد بن حمدويه بن نُعيم النيسابوري (ت٤٠٥هـ) ، تلخيص : أحمد بن محمّد بن الحسن بن أحمد المعروف بالخليفة النيسابوري ، نشر : مكتبة ابن سينا طهران.

٢٦ ـ تهذيب الأسماء واللّغات : النووي ، أبو زكريّا محيي الدين يحيى بن شرف (٦٧٦هـ) ، نشر : شركة العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية ، ط : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، (د. ت).

٢٧ ـ تهذيب التهذيب : العسقلاني ، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمّد بن أحمد ابن حجر (ت ٨٥٢هـ) ، نشر : مطبعة دائرة المعارف النظامية ـ الهند ، ط١ ، سنة : ١٣٢٦هـ.

٢٨ ـ تهذيب اللّغة : الهروي ، محمّد بن أحمد بن الأزهري ، أبو منصور (ت ٣٧٠هـ) ، تحقيق : محمّد عِوض مرعب ، نشر : دار إحياء التراث العربي بيروت ، ط١ ، سنة : ٢٠٠١م.

٢٩ ـ توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم : الشافعي ، أبي بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد بن أحمد بن مجاهد القيسي الدمشقي ، شمس الدين الشهير بابن ناصر الدين (ت٨٤٢هـ) ، تحقيق : محمّد نعيم العرقسوسي ، نشر : مؤسسة الرسالة ـ بيروت ، (د. ت)


٣٠ ـ جامع البيان في تأويل القرآن : محمّد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي ، أبو جعفر الطبري (ت ٣١٠هـ) ، تحقيق : أحمد محمّد شاكر ، نشر : مؤسّسة الرسالة ، ط١ ، ١٤٢٠ هـ.

٣١ ـ الجرح والتعديل : أبو محمّد ، عبد الرحمن بن محمّد بن إدريس بن المنذر التميمي (ت ٣٢٧هـ) نشر : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، (د. ت).

٣٢ ـ الجريدة في أصول أنساب العلويّين : السيّد حسين الزرباطي ، ط١ ، (د. ت).

٣٣ ـ جمل من أنساب الأشراف : البَلاذُري ، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود (ت٢٧٩هـ) ، تحقيق : سهيل زكّار ورياض الزركلي ، نشر : دار الفكر ـ بيروت ، (د. ت).

٣٤ ـ خريدة القصر وجريدة العصر : الكاتب الأصبهاني ، أبو عبد الله ، محمّد بن محمّد صفيّ الدين بن نفيس الدين (ت ٥٩٧هـ) ، تحقيق : محمّد بهجة الأثري ود. جميل سعيد ، نشر : مطبعة المجمع العلمي ـ العراق ، سنة : ١٣٧٥ هـ.

٣٥ ـ الديارات : الشابشتي : أبو الحسن علي بن محمّد (ت ٣٨٨هـ) ، تحقيق : كوركيس عوّاد ، نشر : دار الرائد العربي ـ بيروت ،ط٣ ، سنة : ١٤٠٦هـ.

٣٦ ـ ديوان الإسلام : الغزي ، شمس الدين أبو المعالي محمّد بن عبد الرحمن (ت ١١٦٧هـ) ، تحقيق : سيّد كسروي حسن ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١١ هـ.

٣٧ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : آقا بزرگ الطهراني (ت ١٣٨٩هـ) ، نشر : دار الأضواء ـ بيروت ، ط٣ ، سنة : ١٤٠٣هـ.

٣٨ ـ رجال النجاشي : أبو العبّاس أحمد بن علي النجاشي الأسدي الكوفي ، نشر : مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ٢٠١٠م.


٣٩ ـ سير أعلام النبلاء : الذهبي ، شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز (ت ٧٤٨هـ) نشر : دار الحديثـ القاهرة ، سنة : ١٤٢٧هـ.

٤٠ ـ شرح المعلّقات التسع : منسوب للشيباني ، أبو عمرو إسحاق بن مِرار الشيباني (ت ٢٠٦ هـ) ، تحقيق : عبد المجيد همّو ، نشر : مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤٢٢ هـ.

٤١ ـ الشعر والشعراء : الدينوري ، أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت ٢٧٦هـ) ، نشر : دار الحديث ـ القاهرة ، ط١ ، سنة : ١٤٢٣ هـ.

٤٢ ـ طبقات الفقهاء : الشيرازي ، أبو إسحاق إبراهيم بن علي (ت ٤٧٦هـ) ، تحقيق : إحسان عبّاس ، نشر : دار الرائد العربي ـ بيروت ، ط١ ، ١٩٧٠هـ.

٤٣ ـ الطبقات الكبرى : ابن سعد ، أبو عبد الله محمّد بن سعد بن منيع البصري ، البغدادي (ت ٢٣٠هـ) ، تحقيق : محمّد عبد القادر عطا ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١٠ هـ

٤٤ ـ طبقات المفسّرين : أحمد بن محمّد الأدنه وي (ق ١١) تحقيق : سليمان بن صالح الخزّي ، نشر : مكتبة العلوم والحكم ـ السعوديّة ، ط١ ، سنة : ١٤١٧هـ.

٤٥ ـ طبقات النسّابين : بكر بن عبد الله بن محمّد بن عبد الله (ت ١٤٢٩هـ) ، نشر : دار الرشد ـ الرياض ، ط١ ، سنة : ١٤٠٧ هـ.

٤٦ ـ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ابن عنبة ، أحمد بن علي الحسيني (ت ٨٢٨هـ) ، تحقيق : محمّد حسن آل الطالقاني ، نشر : المطبعة الحيدريّة ، ـ النجف ، ط٢ ، سنة : ١٣٨٠هـ.

٤٧ ـ العين : الفراهيدي ، الخليل بن أحمد (ت١٧٠هـ) ، تحقيق : د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي ، نشر : مؤسّسة دار الهجرة ـ قمّ ، ط٢ ، سنة١٤٠٩هـ.


٤٨ ـ فتوح البلدان : البلاذري ، أحمد بن يحيى بن جابر (ت ٢٧٩هـ) ، تحقيق : د. صلاح الدين المنجد ، نشر : مكتبة النهضة المصريّة ـ القاهرة ، مط : مطبعة لجنة البيان العربي ، سنة ١٩٥٦م.

٤٩ ـ فوات الوفيات : الكتبي ، صلاح الدين محمّد بن شاكر (ت ٧٦٤هـ) تحقيق : إحسان عبّاس ، نشر : دار صادر ـ بيروت ، ط١ ، (د. ت).

٥٠ ـ قاموس الرجال : التستري ، الشيخ محمّد تقي (معاصر) ، نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ـ قم ، ط١ ، سنة : (١٤١٩هـ).

٥١ ـ الكافي : الكليني ، محمّد بن يعقوب الرازي (ت ٣٢٩هـ) ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، نشر : دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، ط٣سنة : ١٣٦٧ ش.

٥٢ ـ الكامل في التاريخ : ابن الأثير الجزري ، علي بن محمّد الشيباني (ت ٦٣٠) ، نشر : دار صادر ـ بيروت ، سنة : ١٣٨٦ هـ.

٥٣ ـ الكنى والألقاب : الشيخ عبّاس القمّي (ت ١٣٥٩هـ) ، تقديم : محمّد هادي الأميني ، نشر : مكتبة الصدر ، طهران إيران.

٥٤ ـ لبّ اللّباب في تحرير الأنساب : السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت ٩١١هـ) ، نشر : دار صادر ـ بيروت. (د. ت)

٥٥ ـ اللباب في تهذيب الأنساب : ابن الأثير الجزري ، علي بن محمّد الشيباني (ت ٦٣٠هـ) ، نشر : دار صادر ـ بيروت. (د. ت)

٥٦ ـ لسان العرب : ابن منظور ، محمّد بن مكرم (ت٧١١هـ) ، نشر : أدب الحوزة ـ قمّ المقدَّسة ، سنة ١٤٠٥هـ.

٥٧ ـ لسان الميزان : العسقلاني ، أحمد بن علي (ت ٨٥٢هـ) ، تحقيق : دائرة المعارف النظامية ـ الهند ، نشر : مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت ، ط٢ ، سنة : ١٣٩٠هـ.


٥٨ ـ المجالسة وجواهر العلم : الدينوري ، أحمد بن مروان المالكي (ت ٣٣٣هـ) ، تحقيق : أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ، نشر : جمعية التربية الإسلامية ـ البحرين ، ط : دار ابن حزم ـ بيروت ، سنة : ١٤١٩هـ.

٥٩ ـ مجمع البيان في تفسير القران : الطبرسي ، أمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن ، نشر : دار العلوم للتحقيق والطباعة ـ بيروت ، ط١ : ٢٠٠٥م.

٦٠ ـ المحكم والمحيط الأعظم : المرسي ، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده (ت : ٤٥٨هـ) ، تحقيق : عبد الحميد هنداوي ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤٢١ هـ.

٦١ ـ المحمّدون من الشعراء وأشعارهم : جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي (ت٦٤٦هـ) ، تحقيق : حسن معمري ، راجعه وعارضه بنسخه المؤلّف : حمد الجاسر ، نشر : دار اليمامة ، سنة : ١٣٩٠ هـ.

٦٢ ـ مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر : محمّد بن مكرم بن علي الأنصاري الرويفعي الإفريقي (ت ٧١١هـ) ، تحقيق : روحية النحّاس ، رياض عبد الحميد مراد ، محمّد مطيع ، نشر : دار الفكر للطباعة والنشر ـ دمشق ، ط١ ، سنة : ١٤٠٢ هـ.

٦٣ ـ مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع : عبد المؤمن بن عبد الحقّ ، ابن شمائل القطيعي البغدادي ، الحنبلي(ت ٧٣٩هـ) ، نشر : دار الجيل ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١٢ هـ.

٦٤ ـ مشجّر الأنساب : مجهول المؤلّف ، طبع باهتمام : السيّد محمّد صادق الخرّازي والشيخ شريف آل كاشف الغطاء والسيّد علي موجاني ، سنة : ١٤٣٣هـ.

٦٥ ـ معاني القرآن : الأخفش الأوسط ، أبو الحسن المجاشعي بالولاء ، البلخي ، البصري (ت ٢١٥هـ) ، تحقيق : د. هدى محمود قراعة ، نشر : مكتبة الخانجي ـ القاهرة ، ط١ ، سنة : ١٤١١هـ.


٦٦ ـ معجم الأدباء : الحموي ، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي (ت ٦٢٦هـ) ، تحقيق : إحسان عبّاس ، نشر : دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ، ط١ ، سنة : ١٤١٤ هـ.

٦٧ ـ معجم رجال الحديث : السيّد أبو القاسم الخوئي (ت ١٤١٣هـ) ، ط ٥ ، سنة : ١٤١٣هـ.

٦٨ ـ معجم الشعراء : المرزباني ، أبي عبيد الله محمّد بن عمران (ت ٣٨٤ هـ) ، تصحيح وتعليق : الأستاذ الدكتور ف. كرنكو ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط٢ ، سنة : ١٤٠٢هـ.

٦٩ ـ معجم المؤلّفين : كحّالة ، عمر بن رضا بن محمّد راغب بن عبد الغني الدمشقي (ت ١٤٠٨هـ) ، نشر : مكتبة المثنّى ـ بيروت ، ط : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٧٠ ـ معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع : المؤلّف : الأندلسي ، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمّد البكري (ت ٤٨٧هـ) ، نشر : عالم الكتب ـ بيروت ، ط٣ ، سنة : ١٤٠٣ هـ.

٧١ ـ معرفة الصحابة : الأصبهاني ، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى ابن مهران (ت٤٣٠هـ) ، تحقيق : عادل بن يوسف العزازي ، نشر : دار الوطن للنشر ـ الرياض ، ط١ ، سنة ١٤١٩ هـ.

٧٢ ـ المؤتلف والمختلف : ابن القيسراني ، محمّد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الشيباني ، المعروف (ت ٥٠٧هـ) ، تحقيق : كمال يوسف الحوت ، نشر : دار الكتب العلمية ـ بيروت ، (د. ت).

٧٣ ـ مورد اللطافة في من ولّي السلطنة والخلافة : أبو المحاسن ، يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي (ت ٨٧٤هـ) ، تحقيق : نبيل محمّد عبد العزيز


أحمد ، نشر : دار الكتب المصريّة ـ القاهرة. نشر : مكتبة الخانجي ـ القاهرة ، ط١ ، ١٤١١ هـ.

٧٤ ـ الميزان في تفسير القران : الطباطبائي ، العلاّمة السيّد محمّد حسين (ت١٤٠٢ هـ) ، تصحيح وإشراف : الشيخ حسين الأعلمي نشر : منشورات مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت ، ط١ ، سنة ١٩٩٧م.

٧٥ ـ نخبة الدهر في عجائب البرّ والبحر : شمس الدين ، محمّد بن أبي طالب الأنصاري الدمشقي (ت٧٢٧هـ) ، نشر : دار إحياء التراث ـ بيروت ، ط٢ ، سنة : ١٤١٩هـ.

٧٦ ـ نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة : التنوخي ، المحسن بن علي بن محمّد بن أبي الفهم داود البصري (ت ٣٨٤هـ) ، تحقيق : عبّود الشالجي ، سنة : ١٣٩١ هـ

٧٧ ـ هديّة العارفين في أسماء المؤلِّفين وآثار المصنّفين : البغدادي ، إسماعيل بن محمّد أمين بن مير سليم الباباني (ت ١٣٩٩هـ) ، نشر : وكالة المعارف الجليلة ـ إستانبول ، مط : دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، سنة : ١٩٥١م.

٧٨ ـ الوافي بالوفيات : الصفدي ، خليل بن أيبك (ت ٧٦٤هـ) ، تحقيق : أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى ، مط : دار إحياء التراث ـ بيروت ، سنة ١٤٢٠ هـ.

٧٩ ـ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان : ابن خلّكان ، أبو العبّاس شمس الدين أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي (ت ٦٨١هـ) ، تحقيق : إحسان عبّاس ، نشر : دار صادر ـ بيروت ، (د. ت).

٨٠ ـ ياقوت الحموي مؤرخاً : الحميدي ، د. يوسف بن عبد العزيز ، منشورات ضفاف ـ بيروت ، ط١ ، سنة ١٤٣٥هـ.


من ذخائر التراث



مناظرة أبي الهذيل العلّاف

تحقيق

السيّد حسين الموسويّ البروجرديّ



مقدِّمـة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين كما هو أهله ، والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا خاتم الأنبياء أبي القاسم محمّد ، وآله البررة الطيّبين الطاهرين المعصومين ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، سيّما ابن عمّه وزوج ابنته وأبي سبطيه والوصيّ من بعده ووارث علمه وقائد الغرّ المحجّلين ويعسوب الدين ، مولانا أبا الحسن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى لقاء يوم الدين.

أمّا بعد ؛ فإنّ من طبيعة الاستدلالات العقليّة والبراهين الكلاميّة هي الصعوبة وتحمّل العناء ، ولا تستعذب إلى النفوس وتقرب لدى الأفهام إلاّ بعد تكرارها وممارستها إلى أن تصبح ملكةً عند المتعلّم ، هذا بالنسبة إلى من وقف نفسه في التعلّم ، بخلاف من لم تحصل لديه الخبرويّة التامّة والممارسة الدائمة ، وكذلك هو حال عامّة الناس ؛ لصعوبة البراهين والاستدلالات


عليهم ، ودقّتها وظرافتها لديهم ، فاتّخذ العلماء سبلاً أُخرى ـ غير البرهان العقلي ـ لتفهيم العقول ، ووقوعها محلّ الرضا والقبول.

ومن أهمّ وجوه البرهان والاستدلال ما يرتبط منها بأُصول الدين ، كمسألة الإمامة والولاية بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؛ فإنّها من أهمّ ما يمكن أن يتضلّع المسلم المؤمن فيها ؛ فهي الركن والأساس في الاعتقاد ، وإذا سلم منها سلم في غيرها حتّى في التوحيد ومعرفة الخالق ، كما ورد عن الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام : «بُني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية ، ولم يُناد بشيء كما نودي بالولايةِ»(١).

وقد قال العلاّمة الشيخ محمّد رضا المظفّر رحمه‌الله (ت ١٣٨٣ هـ) في حقيقة البرهان في بيان أقسام الصناعات الخمسة :

«إنّ العلوم الحقيقيّة التي لا يُراد بها إلاّ الحقّ الصراح لا سبيل لها إلاّ سبيل البرهان ؛ لأنّه هو وحده من بين أنواع القياس الخمسة ـ يصيب الحقّ ويستلزم اليقين بالواقع ، والغرض منه معرفة الحقّ من جهة ما هو حقّ ، سواء كان سعي الإنسان للحقّ لأجل نفسه ليناجيها به وليعمر عقله بالمعرفة أو لغيره لتعليمه وإرشاده إلى الحقّ ، ولذلك يجب على طالب الحقيقة ألاّ يتّبع إلاّ البرهان ، وإن استلزم قولاً لم يقل به أحد قبله»(٢).

__________________

(١) الكافي : ٢ / ١٨ ، ح ١.

(٢) المنطق للمظفّر : ٣٦٠.


فعلى الباحثين والمفكّرين أن يقرّروا هذه المباحث لحاجة الناس إليها.

بناءً على ذلك التجأ العلماء في صنوف التصنيف إلى طرق وسبل أُخرى يأنس بها العوام ، وتتقرّب إلى الأفهام ، نحو القصص والأشعار والأراجيز وسائر أنواع التصنيف وفنون التأليف.

ومن المعلوم أنّ الشعر في لسان المناطقة من الصناعات الخمسة ، قال الشيخ المظفّر رحمه‌الله في تعريف الشعر :

«إنّ الشعر صناعة لفظيّة تستعملها جميع الأُمم على اختلافها ، والغرض الأصلي منه التأثير على النفوس لإثارة عواطفها من سرور وابتهاج أو حزن وتألّم أو إقدام وشجاعة أو غضب وحقد أو خوف وجبن أو تهويل أمر وتعظيمه أو تحقير شيء وتوهينه ، أو نحو ذلك من انفعالات النفس ، والركن المقوّم للكلام الشعري المؤثّر في انفعالات النفوس ومشاعرها أن يكون فيه تخييل وتصوير ؛ إذ للتخييل والتصوير الأثر الأوّل في ذلك ، كما سيأتي بيانه ، فلذلك قيل : إنّ قدماء المناطقة من اليونانيّين جعلوا المادّة المقوّمة للشعر القضايا المتخيّلات فقط ، ولم يعتبروا فيه وزناً ولا قافية» (١).

فعلى هذا التعريف تكون القصص من أقسام الشعر عند المناطقة ، وقد صرّح بذلك الخواجه نصير الدين الطوسي (٦٧٢ هـ) في معيار الأشعار بقوله : «إنّ الشعر عند المنطقيّين كلام مخيّل موزون ، وفي عرف الجمهور كلام

__________________

(١) المنطق للمظفّر : ٤٦٠.


موزون مقفّى».

إنّ القصّة والأُسطورة وما شابههما عُدّت عند المناطقة من أقسام الشعر باعتبار اتّخاذ المناشئ فيها وإن لم تكن موزونة كما يقول الأُدباء ، وهي كما عرفتَ أوقع في النفوس ، وأنجع في القلوب ، وأنفع في حصول الغرض المطلوب ، وهو استبدال صعوبة البرهان والاستدلال إلى السهل اليسير بنحو يستفيد الجميع منه على اختلاف أذواقهم.

وهذا النوع من التصنيف كان رائجاً منذ القدم ، باختلاف الأغراض من التأليف في شتّى المواضيع والعلوم ، ولم تخلو المكتبة الشيعيّة من هذه التصانيف أيضاً ؛ فقد كان لعلمائنا الأبرار ـ قدّس الله منهم أسرار ـ عدّة تصانيف في هذا المجال ، حيث يعثر المتتبّع في التراث على جملة من المصنّفات خلّفها علماؤنا في نشر العقيدة الحقّة بين الطائفة المحقّة ، وترويجها بين عامّة الناس ؛ لتكون أقرب إلى الأفهام والعقول ، وآنس لدى النفوس ، ويمكن أن تعدّ من جملة هذا التراث المصنّفات التالية :

١ ـ شرح المنام ؛ وهو مناظرة الشيخ المفيد رحمه‌الله مع عمر في المنام ؛ طبع بتحقيق الأُستاذ العلاّمة السيّد محمّد رضا الجلالي (حفظه الله) ، وقد ذكرها الشيخ الطبرسي (٥٤٨ هـ) في الاحتجاج ، تبدأ بقوله : «حدّث الشيخ أبو عليّ الحسن بن محمّد الرقّي بالرملة في شوّال سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة ، عن الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان (رضي


الله عنه) أنّه قال : رأيت في المنام سنة من السنين كأنّي قد اجتزت في بعض الطرق فرأيت حلقة دائرة فيها ناس كثيرة ، فقلت : ما هذا؟ قالوا : هذه حلقة فيها رجل يقصّ ، فقلت : من هو؟ قالوا : عمر بن الخطّاب ، ففرّقت الحلقة فإذا أنا برجل يتكلّم على الناس بشيء لم أحصله ، فقطعت عليه الكلام وقلت : أيّها الشيخ ، أخبرني ...»(١).

٢ ـ الإبانة عن المماثلة بين طريقي النبوّة والإمامة ؛ تأليف : أبي الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي (٤٤٩ هـ).

قال العلاّمة الطهراني : «كتابٌ حسنٌ لطيفٌ لم يسبق إليه [أحد] ، أثبت فيه تساوي طريقي إثبات الإمامة الخاصّة والنبوّة الخاصّة على منكريهما ، فيفرض مجلساً فيه إمامي ومعتزلي ويهودي ، ويذكر الاحتجاج للنبوّة على اليهودي ومثله للإمامة على المعتزلي»(٢).

٣ ـ الرسالة الحسنيّة ؛ قال العلاّمة الطهراني : «رسالة في الإمامة تنسب إلى مؤلّفها ، وهو بعض الجواري من بنات الشيعة ، دوّنت فيها مناظرتها مع علماء المخالفين في عصر هارون الرشيد ، وفي الرياض : إنّها تنسب إلى الشيخ أبي الفتوح الرازي»(٣).

__________________

(١) الاحتجاج : ٢ / ٣٢٦.

(٢) الذريعة : ١ / ٥٧ / ٢٨٩.

(٣) الذريعة : ٧ / ٢٠ / ٨٩.


وقال أيضاً في ذيل رسالة يوحنّا الذمّي : «ولكن أقدم نسخة من الحسنيّة هي التي أتى بها الملاّ إبراهيم الإسترآبادي أو الملاّ ضياء الدين من دمشق إلى إيران في سفر حجّه ٩٥٨»(١).

وقد سمعت من بعض المستبصرين من تركيا وقد اعتنق مذهب أهل البيت عليهم‌السلام بعد أن كان علويّاً : إنّ حكاية الرسالة الحسنيّة مشتهرة بينهم ، ومنتشرة نسخها عندهم.

٤ ـ مؤتمر علماء بغداد ؛ وهي قصّة خياليّة في حوار دار بين الملك السلجوقي والعلوي والعبّاسي بمعاونة الوزير العالم الأديب الكامل نظام الملك مؤسّس المدرسة النظاميّة في مدينة بغداد بين القرن الرابع والخامس الهجري.

وقد أشار إلى افتراضيّة هذه القصّة سماحة السيّد جعفر مرتضى العاملي في كتابه الفاخر مأساة الزهراء عليها‌السلام(٢).

٥ ـ رسالة يوحنّا الذمّي ؛ تنسب إلى أبي الفتوح الرازي (ق ٦ هـ) ، قال العلاّمة الطهراني : «قصة خيالية مثل قصّة الجزيرة الخضراء ، والحقائق الراهنة ، والطرائف ، وهي مثل الحسنية»(٣).

__________________

(١) الذريعة : ٢٥ / ٢٩٦ / ١٨٩.

(٢) مأساة الزهراء عليها‌السلام : ٣٥٤.

(٣) الذريعة : ٢٥ / ٢٩٦ / ١٨٩.


ولها ترجمة باللغة الفارسيّة عنوانها : منهاج المناهج(١).

٦ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ؛ تأليف : السيّد رضي الدين أبي القاسم عليّ بن موسى ابن طاوس الحلّي (٦٦٤ هـ) ، وقد تعرّض إلى مذاهب العامّة ، وقد سمّى نفسه : عبد المحمود بن داود الكتابي ، وهو اسم رمزي.

٧ ـ مناظرة أبي الهذيل العلاّف مع مجنون ؛ التي بين يدي القارئ الكريم.

وقفت قبل سنوات على نسخة من كتاب تنبيه الخواطر ونزهة الناظر للأمير ورّام بن أبي فراس (٦٠٥ هـ) في مكتبة مجلس الشورى تاريخها (٨٦٢ هـ) ، وفي نهايتها بنفس الخطّ وجدت هذه المناظرة ، وبعد المراجعة إلى الفهارس وصلت إلى عدّة نسخ من هذه المناظرة.

وقد ذكرها الشيخ أبو منصور الطبرسي (٥٤٨ هـ) في كتابه الاحتجاج.

أمّا بالنسبة إلى سائر النسخ ـ غير نسختنا هذه ـ فبعد أن وقفت عليها لاحظت فيها اختلافاً كثيراً بينها وبين النسخة التي هي الأساس في عملنا ، ممّا يشعر بأنّ لهذه القصّة تحريرين ، مضافاً إلى أنّ تاريخ جميعها يرجع إلى ما بعد القرن الحادي عشر ، وهذا التحرير يرجع إلى عهد ما بعد الشيخ المفيد رحمه‌الله لوجود النقل فيه عن كتاب الإفصاح مصرّحاً باسم الشيخ المفيد رحمه‌الله.

__________________

(١) الذريعة : ٢٣ / ١٧٦ / ٨٥٤٧.


وأمّا بالنسبة إلى ما نقله صاحب الاحتجاج ، فبعد مقابلته مع نسختنا لاحظت نقصان ما أورده ، مضافاً إلى الاختلاف الموجود بينهما.

وقد شوّقني ذلك لتحقيق هذه المناظرة اعتماداً على النسخة المذكورة القديمة الفريدة في نوعها.

وقد وقفت على ترجمة باللغة الفارسيّة لهذه المناظرة بعنوان : «مناظره ى دانشمند ديوانه نما» ، لسپهر الثاني الكاشاني (١٣٤٠ هـ) ، ولكن لم نقف على نسخة من ترجمته ليتبيّن أنّ ترجمته كانت على أيّ تحرير منها.

ولهذه الترجمة نسخة في المكتبة الوطنيّة في طهران برقم : (٣٢٥) ، كتبه محمّد تقي كمال السلطنة خادم مظفّر الدين شاه ، في ذي القعدة سنة (١٣٢٠ هـ) ، في (٣٢) ورق(١).

مناظرة أبي الهذيل في سطور :

إنّ هذه المناظرة عبارة عن قصّة خياليّة بين مجنون ساكن في دير ، وأبي الهذيل العلاّف من أكبر علماء المخالفين في زمانه ، والظاهر أنّ هذه الحكاية وضعت في بيان الأدلّة على إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وأنّها واضحة جدّاً ، وأنّ أدلّتها كالشمس البازغة في رابعة النهار ، لا تستطيع العقول إنكارها.

__________________

(١) الذريعة : ٢٢ / ٢٩٢ / ٧١٤٦.


وهذا الوضوح بمكانة ممّا يفهمها ويحتجّ بها حتّى الرجل الذي يحسبه الناس مجنوناً ، وعلى العكس فإنّ الرجل المجنون احتجّ على أبي الهذيل بأدلّة لم يقدر على جوابها.

وإنّ خياليّة الحكاية لا يضرّ بأهمّيّتها ، فإنّنا نعترف بعدم وجود رجل مجنون ، وأنّه لم يناظر أبا الهذيل ، لكن هي بحدّ ذاتها مهمّة لانطوائها على جملة من المسائل الكلاميّة والبراهين والاستدلالات بلغة بسيطة يفهمها الجميع.

فعلى هذا الأساس ـ حينئذ ـ أن مثل هذه القصص لا يمكن ردّها ولا دفعها لمجرّد كونها قصصاً ، بل لابدّ من اعتبار محتواها ، ولا يرتاب قاري هذا القصص في أنّ هذه القصص نجد فيها بحثاً علميّاً شيّقاً.

علماً بأنّ الاستدلال والبرهان لا يحتاجان إلى السند والطريق ، بل المناط مطابقتهما للقواعد والقياسات التي استحسنها العقل ، وإن نجعلهما في قالب لا يتعارف إلقاء البراهين فيها.

أبو الهذيل العلاّف في سطور :

محمّد بن الهذيل بن عبيد الله بن مكحول ، أبو الهذيل العلاّف ، مولى عبد القيس.

شيخ المعتزلة ، ورأسها ، ومصنّف الكتب في مذاهبهم ، وهو من أهل


البصرة ، ورد بغداد(١).

يقال : إنّه أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل تلميذ واصل بن عطاء الغزال(٢).

ومن كلامه في حقّ مذهب الاعتزال : «أخذت ما أنا عليه من العدل والتوحيد عن عثمان الطويل ، وأخبرني أنّه أخذه عن واصل بن عطاء ، وأخذه عن عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة ، وأخذه من أبيه ، وأخبره أنّه أخذه عن أبيه عليّ ، وأنّه أخذه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأخبره أنّ جبريل نزل به عن الله تعالى»(٣).

له كتب كثيرة ، قال الذهبي : «وتصانيفه كثيرة ، ولكنّها لا توجد».

وذكر من كتبه : كتاب في الردّ على المجوس ، وردّ على اليهود ، وردّ على المشبّهة ، وردّ على الملحدين ، وردّ على السوفسطائيّة(٤).

وقد روى عنه غياث بن إبراهيم ، وسليمان بن قرم أحاديث مسندة ، ودرس عنده الكلام أبو يعقوب يوسف بن عبيد الله الشحّام البصري وهو

__________________

(١) فهرس ابن النديم : ٢٠٣ ، تاريخ بغداد : ٤ / ١٣٦ / ١٧٩٨ ، سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٤٢ / ١٧٣ ، لسان الميزان : ٥ / ٤١٣ / ١٣٦٤.

(٢) سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٤٣ / ١٧٣.

(٣) فهرس ابن النديم : ٢٠٢.

(٤) سير أعلام النبلاء : ١١ / ١٧٤ / ٧٥.


صاحبه(١) ، جعفر بن حرب الهمداني(٢) ، عليّ بن ياسين(٣).

توفّي أبو الهذيل بسرّ من رأى في سنة (٢٢٦ هـ) ، وقيل : أنّه مات سنة (٢٣٥ هـ) ، وكانت سنّ أبي الهذيل مائة سنة وأربع سنين ، وقيل : مائة سنة.

مناظرة أُخرى مع أبي الهذيل :

ومن الطريف في المقام وجود مناظرة أُخرى مع أبي الهذيل العلاّف ، وهي ـ بخلاف هذه المناظرة التي نحن بصدد تحقيقها ـ حقيقيّة واقعيّة ، وقد ذكرها الكشّي رحمه‌الله مسندة في رجاله ، وإليك نصّها :

محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني أبو عليّ المحمودي ، قال : حدّثني أبي ، قال : قلت لأبي الهذيل العلاّف : إنّي أتيتك سائلاً.

فقال أبو الهذيل : سل فاسأل الله العصمة والتوفيق.

فقال أبي : أليس من دينك أنّ العصمة والتوفيق لا يكونان من الله لك إلاّ بعمل تستحقّه به؟

قال أبو الهذيل : نعم.

__________________

(١) سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٥٣ / ١٨٥.

(٢) تاريخ بغداد : ٧ / ١٧٣ / ٣٦٠٩.

(٣) سير أعلام النبلاء : ١٠ / ٥٤٣ / ذيل ١٧٣.


قال : فما معني دعائي ، أعمل وآخذ.

قال له أبو الهذيل : هات مسائلك.

فقال له شيخي : أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : (الْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(١).

قال أبو الهذيل : قد أكمل لنا الدين.

فقال شيخي : فخبّرني أن سألتُك عن مسألة لا تجدها في كتاب الله ، ولا في سنّة رسول الله ، ولا في قول الصحابة ، ولا في حيلة فقهائهم ما أنت صانع؟

فقال : هات.

فقال شيخي : خبّرني عن عشرة كلّهم عنين وقعوا في طهر واحد بامرأة وهم مختلفوا الأُمّة ، فمنهم من وصل إلى بعض حاجته ، ومنهم من قارب حسب الإمكان منه ، هل في خلق الله اليوم من يعرف حدّ الله في كلّ رجل منهم مقدار ما ارتكب من الخطيئة ، فيقيم عليه الحدّ في الدنيا ، ويطهّره منه في الآخرة ، ولنعلم ما يقول في أنّ الدين قد أكمل لك؟

فقال : هيهات خرج آخرها في الإمامة(٢).

وأيضاً كان عليّ بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار ، أبو

__________________

(١) سورة المائدة : ٣.

(٢) اختيار معرفة الرجال : ٢ / ٨٣٤ / ١٠٦٠.


الحسن الميثمي كلّم أبو الهذيل العلاّف(١) ، والظاهر أنّ المراد من قوله : «كلّم» أنّه ناظره.

وقد صنّف المتكلّم الإمامي النحرير الحسن بن موسى النوبختي (حدود ٣١٠ هـ) كتاب الردّ على أبي الهذيل العلاّف في أنّ نعيم أهل الجنّة منقطع(٢).

مواصفات النسخة :

وقفت على هذه المخطوطة في ضمن مجموعة في مكتبة مجلس الشورى ، وتلك برقم : (٦٩٦٩).

كتبت في الورقة الأُولى منها قصيدة لصفيّ الدين الحلّي (٧٥٠ هـ) لم أجدها في ديوانه المطبوع ، ثمّ تليها كتاب تنبيه الخواطر ونزهة الناظر المعروف بمجموعة ورّام للأمير ورّام بن أبي فراس (٦٠٥ هـ) كاملة.

ورد في نهايتها : «وقع الفراغ من نسخه يوم الإثنين سادس عشر رجب الفرد من سنة اثنتي وستّين وثمانمائة (٨٦٢) غفر الله لكاتبه ولجميع المؤمنين آمين».

وقد وردت هذه المناظرة في ستّ عشرة صفحة بنفس الخطّ بعد كتاب تنبيه الخواطر.

__________________

(١) خلاصة الأقوال : ١٧٦ / ٩.

(٢) رجال النجاشي : ٦٣ / ذيل ١٤٨.


منهج التحقيق :

١ ـ تصحيح النصّ اعتماداً على نسخة الأصل.

٢ ـ تخريج الآيات القرآنيّة الواردة في المتن ووضعها بين قوسين مزدوجين «».

٣ ـ تخريج الأحاديث المذكورة عن النبيّ وآله عليهم‌السلام من المجاميع الحديثيّة.

٤ ـ تخريج الوقائع المنقولة من المصادر المعتبرة.

٥ ـ تفصيل ما أشار في المتن مختصراً في الهامش.

وفي الختام ؛ نحمد الله ونشكره على توفيقه إيّانا لتحقيق هذا الأثر وإصداره ، ونسأله أن يوفّقنا لخدمة الدين ومذهب أهل البيت عليهم‌السلام وإحياء التراث الإسلامي.

  وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، وصلَّى الله على نبيّنا وسيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

السيّد حسين الموسوي البروجردي




مناظرة أبي الهذيل العلاّف

قال أبو (١) الهذيل :

دخلت دير زكي(٢) لأنظر ما فيه من المجانين ؛ فإذا أنا برجل معتزل عن المجانين على مصلاّه ، نظيف الثياب ، حسن الوجه ، وبين يديه مرآةٌ ومِشْط وهو يسرّح لحيته ، فبدأ بالسلام ، ثمّ قال : من أين الشيخ؟

قلتُ : من أهل البصرة.

ثمّ قال : وأنا من أهل بغداد.

قال : وإلى من تنتسب؟

قلت : أُعرف بأبي الهذيل البصري.

فتبسّم ضاحكاً وقال : أبو الهذيل المنسوب إلى القدّار؟

قلتُ : نعم.

قال : فهل لك في المسائل ، فعسى يحصل فائدة؟

قلتُ : نعم.

قال : أخبرني عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أوصى قبل موته أم لا؟

__________________

(١) في الأصل : (أبي).

(٢) في بعض المصادر : (زكن).


قلت : قد قال قومٌ : إنّه أوصى ، وقال آخرون : إنّه لم يوصِّ.

فقال البغدادي : إنّا لله ، لئن كان رسول الله لم يُوَصّ ، فقد ترك سنّةً من سنن الله (عزّ وجلّ) [التي] أمر بها في كتابه ، ولقد ترك الناسَ حيارى مضلّين ، وحوشي من هذا ، ولئن كان أوصى فلقد كفروا بمخالفة وصيّته.

قلت : أدّى خيارهم إلاّ أنّه لم يُوَصّ.

قال : فلماذا قدّم عليه أبو بكر ، وقد كان أهلُ بيته أولى بموضعه؟

قلتُ : إنّ أبا بكر وُلّي برضى المسلمين به.

قال : قد كان الخلاف يومئذ أشهر وأعظم ؛ أليس الزبير أتى بسيف مشهور في يده؟ وقال : كلاّ [لا] يملكها أحد دون عليّ مادام سيفي هذا بيدي ، فقام عمر بن الخطّاب يحدّثه حتّى أدلى السيف من يده(١).

وهذا سلمان يقول : «كردي ونكردي» ـ بالفارسيّة ـ أي عملتم ولم تعملوا(٢).

__________________

(١) إشارة إلى حين انصرف عليّ عليه‌السلام وبنو هاشم إلى منزل عليّ عليه‌السلام ومعهم الزبير ، فذهب إليه عمر في جماعة ممّن بايع ، فقالوا لهم : بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس ، فوثب الزبير إلى سيفه ، فقال عمر : عليكم بالكلب العقور فاكفونا شرّه ، فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده ، فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره (راجع : الاحتجاج : ١ / ٩٥ ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٨ ، تقريب المعارف : ٣٢٧ ، شرح نهج البلاغة : ٦ / ١١).

(٢) كان كلامه على سياق فارسيّ قديم قاله لأبي بكر ، وكامله : كردي ونكردي وحقّ أمير (ميره) ببردي ، أي عملت ولم تعمل وغصبت حقّ أمير المؤمنين عليه‌السلام.


وهو الذي قال فيه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) : «سلمان منّا أهل البيت»(١).

وهذا أبو سفيان بن صخر بن حرب قال : سأملأها خيلاً ورجالاً ولأردّنّ الحقّ إلى أربابه(٢).

وهذا أبو قحافة يقول إذ سمع الضجّة في المسجد(٣) : ما هذا؟ فقيل له : إنّ الناس يعقدون البيعة لابنك عتيق ، قال : وأين العبّاس صنو رسول الله ، وعمّه ، وسيّد بني عبد المطّلب في الجاهليّة والإسلام؟

قالوا : العبّاس طليق.

قال : فأين عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وزوج ابنته ، وأبو سبطيه ، وأحبّ الناس إليه ، أقدمهم سلماً ، وأنفسهم علماً ،

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ٧٠ / ٢٨٢ ، الغارات : ٢ / ٨٢٣ ، الاختصاص : ٣٤١ ، الاحتجاج : ١ / ٣٨٧ ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٧٥ ، الطبقات الكبرى : ٤ / ٨٣ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٣ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ٥٩٨ ، الدرر لابن عبد البرّ : ١٧٠ ، مجمع الزوائد : ٦ / ١٣٠ ، الجامع الصغير : ٢ / ٥٢ / ٤٦٩٦ ، كنز العمّال : ١١ / ٦٩٠ / ٣٣٣٤٠ .. وغيرها من المصادر.

(٢) وذلك أنّ أبا سفيان بن حرب لمّا سمع بيعة أبي بكر جاء إلى الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : ما بال هذا الأمر في أقلّ قريش قلّة وأذلّها ذلّة ـ يعني أبا بكرـ والله لئن شئت لأملأنّها ـ يعني المدينة ـ عليهم خيلاً ورجالاً (المصنّف للصنعانيّ :

٥ / ٤٥١ / ٩٧٦٧ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ٧٨ ، الاستيعاب : ٣ / ٩٧٤ و ٤ : ١٦٧٩ ، كنز العمّال : ٥ / ٦٥٧ / ١٤١٥٦).

(٣) في الأصل زيادة : (فقال).


وأشجعهم قلباً؟

قالوا : ابنك أسنّ منه.

قال : فأنا إذاً أسنّ من ابني ، فبايعوني(١).

هذا ، وقد أتى جماعة إلى أبي ذرّ الغفاري فقالوا : يا جندب ، مدّ يدك نبايعك ، فإنّا سمعنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ الغفاري» ، فقال لهم : لستُ بذاك ، بايعوا من الله ورسوله جعله لها وجعلها له ، بايعوا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام.

وقد اختلف الأنصار حتّى قالوا : منّا أمير ومنكم أمير(٢).

فأين يكون الرضا مع هذا الاختلاف؟

قلت : إذا شدّ البيعة سبعة من المسلمين وجب على صاحبها الاجتهاد.

قال : هذا رأي الخوارج ، وإن كان كذلك وأين السبعة ، وقد قام من الأنصار سعد بن أبي عبادة في سقيفة بني ساعدة يبايعوه ، فجاء أبو بكر وعمر وأبو عبيدة فقالوا للأنصار : ماذا تصنعون؟

قالوا : نبايع سعداً.

__________________

(١) تثبيت الإمامة : ٢٢ ، شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٢٢.

(٢) الكافي : ٨ / ٥٨ / ذيل حديث ١٩ ، الأمالي للسيّد المرتضى : ١ / ١٩٨ ، نهج البلاغة : ١ / ١١٦ ، مسند أحمد : ١ / ٢١ و ٢٩٦ و ٤٠٥ ، صحيح البخاري : ٤ / ١٩٤ و ٨ / ٢٧ ، سنن النسائي ٢ / ٧٤ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ٦٧ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ١٤٢ و ١٤٣ و ١٥٢ .. وغيرها من المصادر.


فقالوا : إنّ الأئمّة من قريش.

فقال أبو بكر : هذا عمر قد عرفتم بأسه ، وهذا أبو عبيدة قد عرفتم فضله ؛ فبايعوا أيّهما شئتم.

فقام عمر ، فصافحه وقال : أنت أولى بها منّا يا أبا بكر.

ولم يكن معهم أحد من بني هاشم ؛ لأنّ موت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان أشدّ عليهم غمّاً من أن يتنافسوا في طلب الدنيا في مثل ذلك الوقت ، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يفرغ من جهازه.

وبعد يا أبا الهذيل ، فكيف شدّ البيعة لمَن هو في بيعة غيره ؛ ألم يكن أبو بكر وعمر في جيش أُسامة يصلّيان بصلاته والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) يقول في مرضه : «أنفذوا جيش أُسامة»(١) ، وهذا أُسامة يقول لأبي بكر عند تأمّره : أمّا أنا فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمّرني عليك وعلى صاحبك ، فأنت مَن أمّرك علَيّ؟ والله لا أطعتك أبداً ، ولا حللتُ لك عهدي ، ولا صلّيتُ لك إلاّ بصلاتي.

يا أبا الهذيل ، فأين اجتماع المسلمين ورضاهم هاهنا مع الاختلاف.

وأخبرني يا أبا الهذيل ، عن أبي بكر لمّا خطب الناس على منبر رسول

__________________

(١) المسترشد : ١١٣ و ١١٦ ، التعجّب : ٤٢ ، الاحتجاج : ١ / ٣٨١ ، كشف المهجّة : ١٧٦ ، الطبقات الكبرى : ٤ / ٦٧ ، تمهيد الأوائل للباقلاّني : ٤٩٠ ، تاريخ مدينة دمشق : ٢ / ٥٧ و ٨ / ٦٢ و ٦٥ و ١٠ / ١٣٩ ، أنساب الأشراف ١ / ٣٨٤ ، المغازي للواقدي ٢ / ١١٢١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١٣ .. وغيرها من المصادر.


الله (صلّى الله عليه وآله) أوّل خطبة خطبها فقال : ولّيتكم ولستُ بخيّركم ، وإنّي لأثقلكم بها حملاً(١).

أتراه صادقاً فيما قال أم كاذباً؟ فإن كان صادقاً فلا ينبغي له أن يليها وهو يعلم أنّ غيره خيراً منه ، وإن كان كاذباً فمنبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لا يعلوه الكاذبون.

ثمّ قال : يا أبا الهذيل ، أخبرني عن قول عمر يوم السقيفة : وددتُ أن أكون شعرة في صدر أبي بكر(٢).

أكان ذلك أم لا؟

فقلت : اللّهمّ نعم ، قد كان ذلك.

فقال : أليس هو القائل في خلافته : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرّها ، فمَن عاد إلى مثلها فاقتلوه(٣).

__________________

(١) جاء بهذه العبارة في الطبقات الكبرى : ٥ / ٣٤٠ ، ولكن بعبارات مختلفة في تأويل مختلف الحديث / ١٠٩ ، كشف المشكل لابن الجوزي : ١ / ٣١٣ ، الرياض النضرة : ١ / ٢٤٠ ، تخريج الآثار : ٢ / ٤٠٥ و ٤٠٦ ، تفسير الرازي : ٢٣ / ١١٧ ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٧ ، تاريخ الطبري : ٢ / ٤٥٠ ، المنتظم : ٢ / ٦٨ ، الكامل لابن الأثير : ٢ / ٣٣٢ ، تاريخ الإسلام : ١٤ / ٢٩٢ .. وغيرها من المصادر.

(٢) التعجّب : ١٣٩ ، الاستيعاب : ٣ / ١١٥٠ ، الرياض النضرة : ١ / ٢٠٨ ، تاريخ مدينة دمشق : ٣٠ / ٣٤٣ و ٤٤ / ٣٨٦ ، الوافي بالوفيات : ٢٢ / ٢٨٥ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٦٦ ، كنز العمّال : ١٢ / ٤٩٦ / ٣٥٦٢٦.

(٣) الإيضاح لابن شاذان : ١٣٤ ، المسترشد : ٢١٣ ، التعجّب للكراجكي : ٥٤ ، مناقب


فيا عجباه من هذين(١) القولين! أو لا يعلم من كان له عقل ومعرفة أنّ القولين كذباً؟

ثمّ قال : أخبرني عمّا رواه علماؤكم : أنّ عمر سراج أهل الجنّة في الجنّة(٢).

قلت : قد رُوي ذلك.

فقال : وا عجبا! يكون عمر سراج أهل الجنّة في الجنّة ، ولا يكون آدم صفوة الله ، ولا إبراهيم خليل الله ، ولا موسى كليم الله ، ولا عيسى روح الله ، ولا محمّد حبيب الله؟

فقلت : كلاّ ، ما أحسب هذا الحديث صحيحاً.

قال : وأيّ شيء رويتموه بحمد الله صحيحاً؟

ثمّ قال : ومن أعجب أحاديثكم المتناقضة أنّكم قدّمتم عمر على رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

__________________

آل أبي طالب : ٣ / ٤٣٠ ، الاحتجاج : ١ / ٣٨١ ، الصراط المستقيم : ٢ / ٣٠٢ ، صحيح البخاري : ٥ / ٢٠٨ ، المواقف للإيجي : ٣ / ٦٠٠ ، تمهيد الأوائل للباقلاّني : ٤٩٥ ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٥٨ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ١٢٣ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٦٧.

(١) في الأصل : (هذا).

(٢) الكامل لابن عديّ : ٤ / ١٩٠ ، علل الدار قطني : ٥ / ٢٧٧ ، تاريخ بغداد : ١٢ / ٤٩ ، تاريخ مدينة دمشق : ٤٤ / ١٦٦ و ١٦٧ ، الرياض النضرة : ٢ / ٣١١ ، الجامع الصغير : ٢ / ١٧٩ / ٥٦٠٩ ، كنز العمّال : ١١ / ٥٧٧.


قلت : وكيف ذلك؟

قال : رويتم أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال : وزنت بأُمّتي فرجحت ، ووزن أبو بكر فرجح ورجح ووزن عمر فرجح ورجح ورجح ، ثمّ رجح ـ ثلاث مرّات ـ ، فهو أفضل ، نعوذ بالله من هذا الكفر.

ثمّ قال : وأعجب من هذا أنّكم رويتم أنّه مكتوب على سرادق العرش : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، عمر الفاروق(١).

قلت : قد رُوي ذلك وأنا له منكر(٢).

قال : يا سبحان الله! أيكتب رسول الله باسمه وأبو بكر بكنيته وعمر بلقبه ، فنعوذ بالله كيف يكتب أسماء المشركين على سرادق العرش وهم يعبدون الأصنام ، وقد قال عزّ وجلّ : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)(٣) ؛ لنجاستهم قبل الإسلام ، ويكتب أسماؤهم على ساق العرش قبل خلعهم الكفر.

__________________

(١) المعجم الكبير : ١١ / ٦٣ ، الكامل لابن عدي : ٥ / ٣٣ و ٦ / ٣٢٥ ، طبقات المحدّثين بأصبهان : ٤ / ٦٦ ، تاريخ بغداد : ٥ / ٢٠٧ و ٧ / ٣٤٧ ، تاريخ مدينة دمشق : ١٣ / ١٠ ، ميزان الاعتدال : ١ / ٥٤٠ ، لسان الميزان : ٢ / ٢٩٥ ، مجمع الزوائد : ٩ / ٥٨ ، الدرّ المنثور : ٤ / ١٥٤.

(٢) وأيضاً ذكره ابن حبّان وابن الجوزي في كتابي المجروحين والموضوعات ، كتاب المجروحين : ١ / ٣٥٦ و ٢ / ١١٦ ، كتاب الموضوعات : ١ / ٣٠٩ و ٣٢٧ و ٣٣٧ ، الكشف الحثيث : ٢٥٢.

(٣) سورة التوبة : ٢٨.


ثمّ قال : وأخبرني يا أبا الهذيل ، عن هذا الاسم الذي تسمّونه به وهو قولكم : (الصدّيق) ، هو اسم سمّاه به أبوه أو عرف به في الجاهليّة؟

قلت : إنّما سمّي الصدّيق ؛ لأنّه صدّق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وآمن به.

فتبسّم ضاحكاً وقال : قد سبقه بالتصديق جماعة غير واحد ؛ هذا ورقاء ابن نوفل(١) لمّا أخبرته خديجة بنت خويلد رضی‌الله‌عنها أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) رأى جبرئيل فقال لها : ما أهبط جبرئيل منذ رفع المسيح عليه‌السلام فأرسلي إلى محمّد حتّى أسأله عن ذلك.

فلمّا جاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وعرف أمره ، أرسل إلى خديجة : أنّ محمّداً وصف لي صفة الأنبياء وهبوط الملائكة عليهم‌السلام وسألته عمّا لا يعرفه إلاّ الأنبياء فأجابني عليه ، وهو النبيّ الموصوف في الكتب أنّه صاحب الدين الحنيفي ، فاستوصى به فلئن أدركت دعوته لأكوننّ له أصدق عون ، ومات رحمه‌الله قبل ظهور دعوته (صلّى الله عليه وآله) وقد قال (صلّى الله عليه وآله) وقد سئل عن ورقاء بن نوفل فقال : «رجل آمن بي وصدّق بنبوّتي قبل إظهار دعوتي»(٢).

__________________

(١) كذا في الأصل ، والظاهر أنّ الصواب : ورقة بن نوفل ، كما في المصادر.

(٢) انظر : مسند أحمد : ١ / ٣١٢ ، صحيح البخاري : ١ / ٣ و ٤ / ١٢٤ و ٦ / ٨٨ ، صحيح مسلم : ١ / ٩٧ ، المصنّف للصنعاني : ٥ / ٣٢٢ ، الذرّيّة الطاهرة : ٥٨ / ٢٠ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٨٤ و ٧ / ٥١ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٩ / ٦.


فشكر الله ذلك يا أبا الهذيل ، فهذا ورقاء بن نوفل قد صدّق قبل صاحبكم ، فسمّوه صدّيقاً.

وهذا الحبر الراهب قد صدّق به من قبل صاحبكم ، وهو [في] سفره عند مسيره إلى الشام ، فسمّوه صدّيقاً(١).

وهذا سيف بن ذي يزن(٢) صدّق به ، وقال لجدّه عبد المطّلب ما قاله من أجله ، وقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يترحّم عليه فسمّوه صدّيقاً(٣).

وهذا تبّع بن حسّان قد آمن به قبل مولده ومبعثه بسبعمائة [عام] ، وقال في قصيدته :

شَهِدتُ عَلَى أحْمَد(٤) بأنّه

رَسُولٌ [من اللهِ] بَارِي النَّسَمْ(٥)

__________________

(١) دلائل النبوّة : ١١ ، الخرائج والجرائح : ١ / ١٣٩ / ٢٢٦ ، الطبقات الكبرى : ١ / ١٢١ و ١٥٣ ، تاريخ الطبري : ٢ / ٣٢ ، تاريخ بغداد : ١٠ / ٢٥١ ، الاستيعاب : ١ / ٣٤ ، دلائل النبوّة للأصبهاني : ١ / ٣٩٠ ، تاريخ مدينة دمشق : ٣ / ٦.

(٢) في الأصل : (يزد).

(٣) قرب الإسناد : ٣١٩ ، كمال الدين : ١٧٦ / ٣٢ ، كنز الفوائد للكراجكي : ٨٢ ، الخرائج والجرائح ١ / ١١٤ / ١٩٠ و ١٢٩/ ٢١٥ و ٣ / ١٠٧١/ ٦ ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢٠ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٢ ، الأخبار الطوال : ٦٣ ، تاريخ مدينة دمشق : ٣ / ٤٤١ ، أُسد الغابة : ٢ / ٣٨٢ ، الإصابة : ٣ / ٢٤٩ / ٣٨٤١ ، البداية والنهاية : ٢ / ٢٢٤.

(٤) صرف «أحمد» للضرورة.

(٥) كمال الدين : ١٧٠ / ٢٥ ، الخرائج والجرائح : ١ / ٨١ / ١٣٣ ، مناقب آل أبي


وقد قال (صلّى الله عليه وآله) : «رحم الله تبّعاً ، مات مؤمناً مصدّقاً» ، فسمّوه صدّيقاً.

وقد روى سالم بن أبي جعد ، عن محمّد بن سعد بن أبي وقّاص أنّه قال لأبيه سعداً : كان أبو بكر أوّلكم إسلاماً؟ قال : لا ، قد أسلم قبله أكثر من خمسين رجلاً ، ـ ذكره المفيد في كتاب الإفصاح في الإمامة ـ(١).

وهؤلاء صدّيقين هم أولى من صاحبكم لأنّهم قبله.

قلت : يرحمك الله ، ليس بجهل ما ذكرت غير أنّ هؤلاء صدّقوا قبل الدعوى وإظهار الدين.

__________________

طالب : ٢ / ٩٣ ، إعلام الورى : ١ / ٦١ ، الدرّ النظيم : ١٨ ، الصراط المستقيم : ١ / ٥٧ ، المعارف لابن قتيبة : ٦٠ ، فتوح الشام للواقدي : ١ / ٥٤ ، تفسير الثعلبي : ٩ / ٩٧ ، تفسير القرطبي : ١٦ / ١٤٥ ، تفسير الثعالبي : ٥ / ٢٠١ ، البداية والنهاية : ٢ / ٢٠٤ ، السيرة النبويّة لابن كثير : ١ / ٢٣ ، سبل الهدى والرشاد : ٣ / ٢٧٤.

ومدحه الله تعالى في كتابه هكذا : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّع وَالَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِيْنَ) ، الدخان : ٤٤ / ٣٧ ، فإنّ تبّعاً ملكاً من حمير وكان مؤمناً وقومه كفّاراً فذمّ الله قومه.

وتمام الشعر هكذا :

شَهِدتُ عَلى أحمَد بأنّه

رَسُولٌ من اللهِ بارِي النَّسَمْ

فَلَو مَدَّ عُمْرِي إلى عُمرِهِ

لَكُنتُ وَزِيراً لَه وابنَ عَمْ

وَكُنتُ عذاباً عَلَى المشركينَ

أسقِيهِمُ كأسَ حتْفَ وَغَمْ

(١) لعلّ هذه العبارة من زيادة النسّاخ ، الإفصاح : ٢٣٢ ، كنز الفوائد للكراجكي : ١٢٤ ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢٨٩ ، تاريخ الطبري : ٢ / ٦٠ ، البداية والنهاية : ٣ / ٣٩ ، السيرة النبويّة لابن كثير : ١ / ٤٣٦.


ولِمَ يقاس مَن صدّق وأجاب وتابع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بمَن لم يره؟

فتبسّم ضاحكاً ، وقال : هذه خديجة بنت خُويلد أوّل مَن صدّقت من النساء ، وهذا عليّ بن أبي طالب أوّل مَن صدّق من الرجال ، فلِمَ لا تسمّوهما صدّيقين مع أنّ عليّاً ـ صلوات الله عليه ـ هو الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، الذي فرّق بين الحقّ والباطل بسيفه في الحرب وبلسانه في العلم؟!

فقلت : إنّ عليّاً عليه‌السلام وقت مبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان غلاماً صغيراً ، وليس إسلام الصغير مثل إسلام الكبير.

فقال : وهذا أيضاً أشدّ لعمى قلوبكم وبصائركم ، أتقولون أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) دعاه إلى الإيمان أو لم يَدعُه؟ فإن قلتم : إنّه لم يدعه فقد كفرتم ؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أمره أن يدعوا الصغير والكبير والحرّ والعبد.

وإن قلتم : إنّه دعاه وأجاب الدعوة فما فضل الكبير على الصغير ، والدعوة واحدة ، والسابق إليها أفضل من المتخلّف ، فإنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لم يدعه إلاّ وهو مكلّفٌ عاقلٌ وآخذ منهاج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، ووهب نفسه لله ولرسوله فضيلة من الله تعالى فضلّه على الخلق جعلتموها بجهلكم نقصاً ، وقد نطق القرآن بمدح الصغير في غير موضع ، وأنّ الله قد رضي عمل الصغير ، واصطفى الصغير في غير موضع ، إذ يقول عزّ من قائل


في أصحاب الكهف : (إنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً)(١) ، وأصحاب الكهف كانوا غلماناً حكماء(٢) كانوا يقومون على رأس الملك ، فأثنى الله عليهم بذلك ، وشكرهم ، ولم يحبطْ عملهم لحداثة سنّهم.

وقال الله تعالى في عيسى عليه‌السلام : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّا)(٣).

وقال في إبراهيم : (فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)(٤).

وقال في يوسف : (امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ)(٥).

وقال في يحيى : (وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً)(٦).

وقال في ذمّ الكبير : (إنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ(٧)) (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ)(٨) ، وقال : (جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَة أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا)(٩).

__________________

(١) سورة الكهف : ١٣.

(٢) في الأصل : (بل بقراط الحكيم).

(٣) سورة مريم : ٢٩.

(٤) سورة الأنبياء : ٦٠.

(٥) سورة يوسف : ٣٠.

(٦) سورة مريم : ١٢.

(٧) سورة طه : ٧١.

(٨) سورة الأحزاب : ٦٧.

(٩) سورة الأنعام : ١٢٣.


ولم نر الصغير(١) في كتاب الله مذموماً ولا منقوصاً لصغر سنّه ؛ بل نراه ممدوحاً مذكوراً.

فقلت : رحمك الله ، من الناس يفضّلون أبا بكر ؛ لأنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قدّمه إلى الصلاة بالناس.

قال : يا أبا الهذيل ، كيف يأمره النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وهو مخرجه في جيش أُسامة(٢) ، ثمّ خرج متّكئاً على يد عليّ بن أبي طالب والفضل بن العبّاس ، فأخرج أبا بكر وصلّى بالناس(٣)؟! هذا لا يجوز لأنّ الصلاة غير تامّة لخروجه ، وأيّ شيء أنقص من هذا وأنتم تجعلونه حسباً؟!

وأيضاً فأنتم ترون الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر ، تروون ذلك ، وأيّ فضل له بالصلاة ، وهو أنّ الفاجر عندكم فيها سواء ، ولا يعلمون أنّ الفاجر لا تقبل شهادته ، فكيف يقلّد للصلاة؟ وإنّما يجب أن يكون الإمام يعرف الحلال والحرام ، ويحفظ القرآن ، ويعرف التأويل ، ويفهم الأحكام ، ويعرف الناسخ

__________________

(١) في الأصل قوله : (ولم نر الصغير) مكرّر.

(٢) تجهيز جيش أُسامة وتخلّف جماعة عنه معروف ومشهور نقله المؤالف والمخالف ، وهو أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جهّز جيش أُسامة ، وولاّه على جماعة منهم أبو بكر وأمره بالخروج ، والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) يقول : «جهّزوا جيش أُسامة ، لعن الله من تخلّف عن جيش أُسامة» ، وذلك لما خاف منه ومن جماعته أن يبدّلوا أمره.

(٣) قد نقل العامّة قصّة صلاة أبي بكر بصور متعدّدة مع أنّها قصّة واحدة ، وقد كتب سماحة الأستاذ السيّد عليّ الميلاني رسالة في هذا الموضوع بعنوان : (رسالة في صلاة أبي بكر) ، فعليك بمطالعة هذه الرسالة.


والمنسوخ؟

وأنتم تعلمون أنّ أبا بكر ما كان يحفظ القرآن جميعه ، وقد جعل الله تعالى أحكامه كلّها في القرآن ، وقد يحمد الله غير مدّع للعلم.

ويدلّ على ذلك أنّه لمّا وصل إليه رسول ملك الروم بالهدايا والمسائل بعد وفاة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فقال : أُمرت ألاّ أدفع ما معي حتّى أُجيب عن هذه المسائل(١) ، فلم يفهم المسائل ، فسألوا عليّ بن أبي طالب ، فأجاب عنها وقبض الهدايا وصرفها في حقّها.

وقال عمر في خلافته : لولا عليّ لهلك عمر(٢).

قال : قد كان ذلك.

قال : وهذا أبو بكر حين قعد ووجّه خالد بن الوليد إلى مَن منع الزكاة فسبى ذراريهم وباعها ، أفحكم الله ورسوله أن تباع المسلمات؟!

ولمّا وثب خالد بن الوليد إلى زوجة مالك بن نويرة رحمه‌الله ـ بعد

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ١٨١.

(٢) قال عمر هذه المقالة مراراً ؛ إقراراً بالغلط ، جاءت هذه المقالة بألفاظ متعدّدة وموارد كثيرة في أكثر من واقعة ، نذكر بعض مصادرها : تفسير العيّاشي : ١ / ٧٥ ، الكافي : ٧ / ٤٢٤ ، دعائم الإسلام : ١ / ٨٦ و ٢ / ٤٥٣ ، من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٣٦ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠٦ ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣١١ و ٢ / ١٨٤ ، الطرائف : ٢٥٥ و ٥١٦ ، تمهيد القواعد للباقلاّني : ٥٠٢ و ٥٤٧ ، الاستيعاب : ٣ / ١١٠٣ ، تفسير السمعاني : ٥ / ١٥٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ١٨ و ١٤١ و ١٢ / ١٧٩ و ٢٠٥ ، نظم درر السمطين : ١٣٠ و ١٣٢ ، المواقف للإيجي : ٣ / ٦٢٧ و ٦٣٦ ، تفسير الرازي : ٢١ / ٢٢ ، المناقب للخوارزمي : ٨١ ، مطالب السؤول : ٧٧.


أن قتله مظلوماً وهو يصلّي ـ تزوّجها ودخل بها من ليلته ، شهد بذلك عبد الله بن عمر بن الخطّاب وغيره وقالوا لأبي بكر : ارجم خالداً فإنّه زنا ، فلم يتعرّض له ، وأنكر ذلك عمر فخالفه فيه أشدّ المخالفة ، ثمّ لمّا ولّي عمر الخلافة فتغافل عنه أيضاً(١).

ثمّ قال : أخبرني يا أبا الهذيل ، أليس من فضائلكم قوله تعالى : (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)(٢)؟ ولا تعتبرون في ذلك أيّهما أفضل : مَن بات على فراش رسول الله (صلّى الله عليه وآله) [و] يعرّض نفسه لضرب السيوف ، ولم يحزن ولم يجزع ، أم مَن هو مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) محزونٌ مكروبٌ ، حتّى أحوج أن ينهى عن ذلك ، ويقول له : (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا)(٣).

ولعلّ جاهلكم(٤) يقول : إنّ حزنه على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنّ الرسول ما خاف ، ومَن قال ذلك فقد أعظم على الله وجعل الرسول

__________________

(١) وهذه الواقعة أيضاً مشهورة تجدها في جميع كتب التواريخ والسير وكتب الكلام ، وهي إحدى موارد الطعن في أبي بكر بن أبي قحافة ، لاحظ : التعجّب للكراجكي : ١٠٨ ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٣١ ، تاريخ الطبري : ٢ / ٥٠٢ ، أُسد الغابة : ٤ / ٢٩٥ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٣٥٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٧ / ٢٠٢ ، وفيات الأعيان : ٦ / ١٥ ، المواقف للإيجي : ٣ / ٥٩٩ ، كنز العمّال : ٥ / ٦١٩ / ١٤٠٩١.

(٢) سورة التوبة : ٤٠.

(٣) سورة التوبة : ٤٠.

(٤) في الأصل زيادة : (أن).


جباناً.

وأيضاً ولو وثق أبو بكر بقول الرسول بأنّهم لا يصلون إليه ؛ ما حزن على نفسه لعلّه يقيه(١) ، وأيضاً فإنّ الرسول لا ينهى إلاّ عن السوء والفحشاء.

قال : ورويتم أنّ أبا بكر يوم الحساب : إن شاء جاز الجنّة وإن شاء وقف(٢) ، وهذا هو العجب ، الأنبياء في أهوال ذلك اليوم كلّ واحد يسأل في نفسه ، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) يشفع في أُمّته ، وأبو بكر إن شاء جاز وإن شاء وقف ، أعمى الله قلب مَن رواه.

وأعجب من هذا أنّكم تفضّلون أبا بكر على عمر(٣) ، ثمّ تنسون فتجعلون عمر أفضل من أبي بكر بألف درجة(٤).

قلت : وكيف ذلك؟

قال : رويتم أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال : احتبس علَيّ الوحي

__________________

(١) كذا في الأصل.

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣٠ / ١٥٢ ، ذكر أخبار أصبهان : ٢ / ٧٩.

(٣) سنن أبي داود : ٢ / ٣٩٧ / ٤٦٢٨ ، الثقات لابن حبّان : ٩ / ٢٤ ، الاستيعاب : ٣ / ١١٥٠ ، تاريخ مدينة دمشق : ٥٩ / ١٤٢ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٧ / ١٧٤ ، تهذيب الكمال : ٢١ / ٣٢٦ ، البداية والنهاية لابن كثير : ٨ / ١٣٩ ، مجمع الزوائد : ٩ / ٥٨.

(٤) جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : «فلقائل أن يقول : لم قلت : إنّ المسلمين أجمعوا على أنّ أبا بكر أفضل من عمر ، مع أنّ كتب الكلام والتصانيف المصنّفة في المقالات مشحونة بذكر الفرقة العمريّة ، وهم القائلون : إنّ عمر أفضل من أبي بكر ، وهي طائفة عظيمة من المسلمين» (شرح نهج البلاغة : ١٧ / ١٧٤).


فما ظننت إلاّ أنّه نزل على عمر(١) ، فمَن هو عديل النبوّة يكون أفضل من أبي

__________________

(١) ذكره صاحب الاحتجاج وقال بعده : فقال يحيى بن أكثم : وقد روي أيضاً : أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال : ما احتبس عنّي الوحي قطّ إلاّ ظننته قد نزل على آل الخطّاب. فقال عليه‌السلام : وهذا محال أيضاً ؛ لأنّه لا يجوز أن يشكّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في نبوّته قال الله تعالى : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ) سورة الحجّ : [٢٢ / ٧٥] فكيف يمكن أن تنتقل النبوّة ممّن اصطفاه الله تعالى إلى من أشرك به؟!

وقال العلاّمة الأميني في كتاب الغدير : «وأمثال هذه الأكاذيب فإنّ من يكون بتلك المثابة حتّى يكاد أن يبعث نبيّاً لا يفقد علم واضحات المسائل عند ابتلائه أو ابتلاء من يرجع أمره إليه من أمّته بها ، ولا يتعلّم القرآن في اثنتي عشر سنة؟ وأين كان الحقّ والملك والسكينة يوم كان لا يهتدي إلى أمّهات المسائل سبيلاً فلا تسدّده ولا تفرغ الجواب على لسانه ولا تضع الحقّ في قلبه؟ وكيف يسع المسدّد بذلك كلّه أن يحسب كلّ الناس أفقه منه حتّى ربّات الحجال؟! وكيف كان يأخذ علم الكتاب والسنّة من نساء الأمّة وغوغاء الناس فضلاً عن رجالها وأعلامها؟! وكيف كان يرى عرفان لفظة في القرآن تكلّفاً ويقول : هذا لعمر الله هو التكلّف ، ما عليك يا بن أم عمر أن لا تدري ما الإب؟! وكيف كان يأخذ عن أولئك الجمّ الغفير من الصحابة ويستفتيهم في الأحكام؟! وكيف كان يعتذّر عن جهله أوضح ما يكون من السنّة بقوله : ألهاني عنه الصفق بالأسواق؟! وكيف كان لم يسعه أن يعلم الكلالة ويقيمها ولم يتمكّن من تعلّم صور ميراث الجد وكان النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يقول : ما أراه يعلمها ، وما أراه يقيمها ، ويقول : أنّي أظنّك تموت قبل أن تعلم ذلك؟! وكيف كان مثل أبي بن كعب يغلظ له في القول ويراه ملهى عن علم الكتاب بالصفق بالأسواق وبيع الخيط والقرظة؟! وكيف كان أمير المؤمنين جاهلاً بتأويل القرآنً؟ وكيف وكيف وكيف وكيف! نعم راق للقوم أن ينحتوا له فضائل ويغالوا فيها ولم يترؤوا في لوازمها ، وحسبوا أنّ المستقبل الكشّاف


بكر.

قلت : قد رُوي ذلك وما أظنّه حقّاً.

قال : وكيف ذلك وقد أخذ الله ميثاق محمّد باسمه وموضعه فقال عزّ من قائل : (وَمُبَشِّراً بِرَسُول يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(١).

وقال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ)(٢) ، ولم يذكر عمر بحرف من القرآن ، ويل لكم ممّا تقولون.

ثمّ قال : ورويتم أيضاً في أحاديثكم الباطلة : أنّ عمر كان على المنبر قرأ سارية جيشه بهوازن ، فصاح : يا سارية الجبل ، فسمعه مَن [في] المدينة(٣) ، أعمى الله قلوبكم.

قلت : وقد رُوي ذلك وأنا متوقّف عنه.

__________________

يمضي كما مضت القرون خالياً عن باحث أو منقب ، أو أنّ بواعث الإرهاب يلجم لسانه عن أن ينطق ، ويضرب على يده عن أن تكتب ، ولا تفسح حريّة القلم والمذاهب والأفكار للعلماء أن يبوحوا بما عندهم» (الغدير : ٦ / ٣١٢).

(١) سورة الصفّ : ٦.

(٢) سورة الأعراف : ١٥٧.

(٣) تأويل مختلف الحديث : ١٥٢ ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٥٦ ، تاريخ الطبري : ٣ / ٢٥٤ ، الاستيعاب : ٤ / ١٦٠٥ ، إكمال الكمال : ٣ / ٣٩٥ ، تاريخ مدينة دمشق : ٢ / ٣٦٦ و ٢٠ / ٢٤ ، أسد الغابة : ٢ / ٢٢٤ ، الإصابة : ٣ / ٥ ، الكامل في التاريخ : ٣ / ٤٢ ، تاريخ الإسلام : ١ / ٣٨٤ ، الوافي بالوفيات : ٩ / ٢٣٢ ، سبل الهدى والرشاد : ١٠ / ٢٤٠.


قال : فمَن يعجز عن أحكام الدين حتّى يقول : لولا عليّ لهلك عمر(١) ، يرى سارية جيشه ـ يا حمير ـ بل هذا من معجزات الرسول (صلّى الله عليه وآله) حتّى كان على المنبر فقال : «رُفع لي كلّ حافظ وحفظ لي كلّ رافع حتّى أنّي لا أرى مصارع أصحابي بالشام»(٢) ، فجعلتم عمر بجهلكم مثله.

ورويتم أيضاً أنّ عمر ما سلك طريقاً إلاّ سلك الشيطان غيره.

قلت : رُوي ذلك.

قال : ويحك يا أبا الهذيل ، إنّ الشيطان لم يهب آدم وهو في الجنّة محفوفاً بالملائكة حتّى دخل إليه وغرّه وأوقعه في الشجرة حتّى أُهبط إلى

__________________

(١) قال عمر هذه المقالة مراراً إقراراً بالغلط ، جاءت هذه المقالة بألفاظ متعدّدة وموارد كثيرة وفي أكثر من واقعة ، ونحن نذكر بعض مصادرها : تفسير العياشيّ : ١ / ٧٥ ، الكافي : ٧ / ٤٢٤ ، دعائم الإسلام : ١ / ٨٦ و ٢ / ٤٥٣ ، من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٣٦ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠٦ و ١٠ / ٥٠ ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣١١ و ٢ / ١٨٤ ـ ١٨٧ ، الدرّ النظيم : ٢٥٤ و ٢٦١ و ٣٩١ و ٦٠٦ ، الطرائف : ٢٥٥ و ٥١٦ ، كشف الغمّة : ١ / ١١٠ ، تمهيد الأوائل للباقلاّني : ٥٠٢ و ٥٤٧ ، الاستيعاب : ٣ / ١١٠٣ ، تفسير السمعانيّ : ٥ / ١٥٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ١٨ و ١٤١ و ١٢ / ١٧٩ و ٢٠٥ ، نظم درر السمطين : ١٣٠ و ١٣٢ ، المواقف للإيجيّ : ٣ / ٦٢٧ و ٦٣٦ ، تفسير الرازيّ : ٢١ / ٢٢ ، المناقب للخوارزميّ : ٨١ ، مطالب السؤول : ٧٧ .. وغيرها من المصادر.

(٢) انظر : الطبقات الكبرى : ٢ / ١٤ ، تاريخ الطبريّ : ٢ / ١٤١ ، تخريج الأحاديث والآثار : ٢ / ٢٧٤ ، التبيان في تفسير القرآن : ٥ / ٨١ ، جامع البيان : ٩ / ٢٤٦ ، تفسيرالسمرقنديّ : ٢ / ٧ ، تفسير الثعلبيّ : ٤ / ٣٣١ ، تفسير القرطبيّ : ٧ / ٣٧٤ ، تاريخ الإسلام : ٢ / ٨٢ ـ ٨٤.


الأرض.

ولم يهب نوحاً حتّى ركب معه في السفينة ، ولم يهب الأسباط وهم أولاد الأنبياء حتّى ألقى بينهم العداوة في يوسف ، ولم يهب موسى حتّى حمله أن وكز القبطي فقتله فقال : (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)(١) ؛ أيهاب [من] عمر؟

ثمّ رويتم أنّ رسول الله كان في المسجد وبين يديه رجل ينشده شعراً ، فدخل عمر ، فأمره بالسكوت ، وقال [النبيّ (صلّى الله عليه وآله)] : هذا رجل يكره الباطل(٢).

فيا لهم الويل ، أيكرهون الباطل لعمر ويرضونه لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟! لو قال هذا اليهود والنصارى والمجوس ؛ لوجب على المسلمين إلاّ يسمعوه لفضاعته.

ثمّ قال : أليس دوّن الدواوين ، وفرض العطايا والتفاضل فيه ، وأعطى بعضاً خمسمائة ألف ، وبعضاً أقلّ وأكثر إلى الخمسين وفرّق لأزواج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فرائض مختلفة ، وفضّل حفصة ابنته ، وابنة صاحبه عائشة على أزواج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بألف درهم ؛ أفهذا حكم

__________________

(١) سورة القصص : ١٥.

(٢) إحياء علوم الدين : ٢ / ٢٧٨ ، الاستغاثة في بدع الثلاثة : ٢ / ٥١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٢ / ١٧٨ ، مشارق أنوار اليقين : ٣٣٠ ، الصراط المستقيم : ٣ / ٢٢٩.


الله؟!(١).

ثمّ قال : وقد دخلوا عليه في مرضه فقالوا : لِمَ لا توصِ؟

فقال : إن أُوصيت فقد أوصى مَن هو خير منّي ؛ أما إنّه لو كان سالماً مولى حذيفة حيّاً لولّيته(٢).

هذا الأمر بعد قوله يوم السقيفة : «الأئمّة من قريش» وبه فتح الأنصار ، والعجب كلّ العجب أن يرى سالماً يصلح للخلافة(٣) ولا يرى عليّاً يصلح

__________________

(١) جاء في المصادر أنّ عمر فضّل عائشة عليهنّ بألفين ، كتاب الأموال لأبي عبيد : ٢٢٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ٧ / ٦١٤/ ٣ ، فتوح البلدان للبلاذري : ٣ / ٥٥٦ / ١٠٣١ ، تاريخ الطبري : ٣ / ١٠٩ ، المستدرك للحاكم : ٤ / ٨ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٢ / ٢١٤ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٥٠٣ ، وقالوا : فعل ذلك عمر لمحبّة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لعائشة!!!

قال ابن أبي الحديد في الطعون على عمر والجواب عنها في الطعن الخامس : أنّه كان يعطي من بيت المال ما لا يجوز حتّى إنّه كان يعطي عائشة وحفصة عشرة آلاف درهم في كلّ سنة ومنع أهل البيت عليهم‌السلام خمسهم الذي يجري مجرى الواصل إليهم من قبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنّه كان عليه ثمانون ألف درهم من بيت المال على سبيل القرض ، وهو أخذ هذا الكلام عن السيّد المرتضى في كتاب الشافي في الإمامة : ٤ / ١٨٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٢ / ٢١٠.

(٢) تاريخ المدينة : ٣ / ٩٢٢ ، كتاب الفتوح للبلاذري : ٢ / ٣٢٥ ، العقد الفريد : ٣ / ٤٠٧ ، حلية الأولياء : ١ / ١٧٧ ، البداية والنهاية : ٦ / ٣٧٠.

(٣) قال العلاّمة شرف الدين رحمه‌الله في النصّ والاجتهاد : «وكأنّه ما اكتفى بما ألحق بهم من الهوان والامتهان بقوله : لو كان أبو عبيدة حيّاً لاستخلفته ، ولو كان سالماً حيّاً لاستخلفته ، تفضيلاً لهم على الستّة ، وفيهم أخو النبيّ ووليّه ووارثه ووصيّه وهارون


لها ، ولا العبّاس بن عبد المطّلب وهو استقى بسببه ولم يدخله في الشورى ؛ فإن كان هذا الأمر يصلح لذوي القرابة والشرف فالعبّاس أحقّ به لأنّه والد الرسول عليه‌السلام بعد والده ، وأشرفهم في الجاهليّة والإسلام ، وإن كان العصبيّة فهو كذلك ، فاختر له يا أبا الهذيل أحد هذا الأمرين.

ثمّ قال : لِمَ جعلوهما ضجيعيه ولم يجعلوا ولده الحسن عليه‌السلام؟ بقعة من الأرض تكفيهما ؛ لأنّ الله تعالى نهى عن دخول بيت النبيّ إلاّ بإذنه(١) ، ثمّ قال : (وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيث إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ)(٢) ، وبعد فإنّ الناس إلى يومنا هذا يمنعون من رَفعِ الصوت عند قبره (عليه

__________________

هذه الأمّة وأقضاها وباب دار الحكمة وباب مدينة العلم (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَاب) ؛ على أنّ سالماً لم يكن من قريش ، ولا من العرب وإنّما هو أعجميّ من إصطخر أو من كرمد ، وكان عبداً مملوكاً لزوجة أبو حذيفة بن عتبة ، واسمها ثبية بنت يعار بن زيد بن عبيد بن زيد الأنصاري الأوسي ، وقد انعقد الإجماع نصّاً وفتوىً على عدم جواز عقد الإمامة لمثله فكيف مع هذا يقول : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً استخلفته»؟!

(١) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيث إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً).

(٢) سورة الأحزاب : ٥٣.


السلام) ، وأبو بكر وعمر رضيا أن يضرب لهما عند رسول الله بالمعاول(١) والمساحي(٢) ، فيا سبحان الله ما أعجب هذا الأفعال!

قلتُ : صدقتَ ولكن البيت لعائشة.

قال : وأيّ بيت لها؟ والله يقول في كتابه : (بُيُوتِ النَّبِيِّ)(٣).

قلت : صار إليها بمهرها وثمنها.

قال : أليس قلتم : إنّه لم يورّث لمّا منع أبو بكر فاطمة عليها‌السلام فدكاً؟ والله يقول في قصّة زكريّا ويحيى عليهما‌السلام : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ)(٤) ، وقال عزّ من قائل : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ)(٥).

ويل لمَن يقول هذا يا أبا الهذيل ، وقد قال الله في كتابه : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ)(٦) ، وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أجلّ من أن يدخل بامرأة ولم يؤت مهرها ، هذا كفر وتكذيب للقرآن.

ثمّ رويتم عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : «اللّهمّ لا تنسِ هذه

__________________

(١) المعاول جمع المعول : أداة لحفر الأرض.

(٢) المساحي جمع مسحاة ، وهي ما تقشرّ به الأرض وتكون من حديد.

(٣) سورة الأحزاب : ٥٣.

(٤) سورة مريم : ٦.

(٥) سورة النمل : ١٦.

(٦) سورة الأحزاب : ٥٠.


الكلمات لعثمان»(١).

قلت : نعم قد رُوي ذلك.

قال : أنّى لهم الويل ، أيصفون الله بالنسيان؟! وقد قال الله في كتابه : (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)(٢).

قال : لعلّ قائل هذا المعنى قوله : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(٣) ، ويحتجّ بأنّ معناه : تركوا الله فتركهم فيقولوا : إنّما النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ألاّ يترك لعثمان ذلك ، فهاهنا لا يجوز إذ قال : (لاَ يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً)(٤) ، وقالوا : (إنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ)(٥) ، وقال : (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)(٦) ، وقال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَهُ)(٧) ، والله تعالى لا يحبط عمل عامل سوءه وخيره ، يا لمَن اعتقد هذا.

ثمّ قال : جعلتم عثمان ذو النورين والله يقول : (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ

__________________

(١) حلية الأبرار : ١ / ٥٩ ، تفسير القرطبي : ٣ / ٣٠٦ ، تاريخ مدينة دمشق : ٣٩ / ٢٠٠ ، كنز العمّال ٥ / ٧٢١ و ١١ / ٥٩٣.

(٢) سورة مريم : ٦٤.

(٣) سورة التوبة : ٦٧.

(٤) سورة الحجرات : ١٤.

(٥) سورة التغابن : ١٧.

(٦) سورة الأنعام : ١٦٠.

(٧) سورة الزلزلة : ٧ و ٨.


وَالأَرْضِ)(١) ، وقال : (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا)(٢) ، فمن أجل ذلك يكون الخالق تبارك وتعالى نوراً واحداً ولعثمان نورين؟

أجل إنّه نفى أبا ذر الغفاري الطيّب المطيّب ، ودحية الكلبي ، وردّ طريدي رسول الله وهو ساخط عليهما ، ولم يردّهما أبو بكر ولا عمر فردّهما هو ، وأقطع مروان أقطاع المسلمين كالمريد وغمر وأعطاه مائتي ألف ، وأقبل يقسّم أموال المسلمين في آل أبي العاص وآل أبي معيط ـ لعنهم الله ـ(٣) ، فقعد عند ذلك ابن مسعود وقال : إنّما كنتُ أحسبك أنّك [....](٤) لدين

__________________

(١) سورة النور : ٣٥.

(٢) سورة التحريم : ٨.

(٣) قال اليعقوبي في تاريخه : «ونقم الناس على عثمان بعد ولايته بستّ سنين ، وتكلّم فيه من تكلّم ، وقالوا : آثر القرباء ، وحمى الحمى ، وبنى الدار ، واتّخذ الضياع والأموال بمال الله والمسلمين ، ونفى أبا ذر صاحب رسول الله ، وعبد الرحمن بن حنبل ، وآوى الحكم بن أبي العاص ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح طريدي رسول الله ، وأهدر دم الهرمزان ، ولم يقتل عبيد الله بن عمر به ، وولّى الوليد بن عقبة الكوفة ، فأحدث في الصلاة ما أحدث ، فلم يمنعه ذلك من إعاذته إيّاه ، وأجاز الرجم ، وذلك أنّه كان رجم امرأة من جهينة دخلت على زوجها ، فولدت لستّة أشهر ، فأمر عثمان برجمها ، فلمّا أخرجت دخل إليه عليّ بن أبي طالب فقال : «إنّ الله عزّ وجلّ يقول : (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُوْنَ شَهْرَاً) ، وقال في رضاعه حولين كاملين ، فأرسل عثمان في أثر المرأة ، فوجدت قد رجمت وماتت واعترف الرجل بالولد» ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٧٤.

(٤) الظاهر سقوط كلمة في هذا الموضع.


المسلمين ؛ إذ كانت [الأموال] لهم ، وكنتُ خازناً لله ولرسوله(١) ، والآن فلا حاجة في ذلك ، وعلّق المفاتيح على المنبر وانصرف(٢).

فكيف ترى ـ يا أبا الهذيل ـ علماءكم والروّاة مثل ابن عمر وأمثاله الذي قال فيه أبوه لمّا قيل له : يوصي إليه ، فقال : أُولّي أُمور المسلمين مَن لا يحسن طلاق زوجته(٣)؟! فمَن كان عند أبيه كذلك كيف يثق بعقله وروايته؟

وقد كان عمر وولده يوم غدير خمّ ، وعمر القائل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : بخ بخ يا أبا الحسن ، أصبحتَ مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة(٤).

__________________

(١) في الأصل : (أحسبك أنّك لدين المسلمين إذ كان لهم وكنت خازن الله ورسوله).

(٢) وذلك أنّ عثمان سيّره من الكوفة إلى المدينة ، وحرمه عطاءه ثلاث سنين ، ولمّا بلغ عثمان أنّ عبد الله مريض حمل إليه عطاءه خمسة عشر ألفاّ وقال : هذا عطاؤك خمسة عشر ألفاً فاقبضه ، قال : منعتنيه إذ كان ينفعني! فأنا آخذه منك يوم القيامة ، فانصرف ولم يقبل عطاءه ، تاريخ المدينة : ٣ / ١٠٤٩ ـ ١٠٥١.

(٣) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٣٨ ، ١٦٠.

(٤) تاريخ بغداد : ٨ / ٢٨٤ ، شواهد التنزيل : ١ / ٢٠٣/ ٢١٣ ، تاريخ مدينة دمشق : ٤٢ / ٢٣٣ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٨٦.

وقال أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي في كتابه سرّ العالمين ـ على اختلاف كان في انتساب هذا الكتاب إليه ـ في باب ترتيب الخلافة والمملكة : «وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته (صلّى الله عليه وآله) في يوم غدير خمّ باتّفاق الجميع وهو يقول : (من كنت مولاه فعليّ مولاه) ، فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن ، لقد أصبحت مولاي ومولى كلّ مولى. فهذا تسليم ورضى وتحكيم ، ثمّ بعد هذا غلب الهوى لحبّ الرئاسة ، وحمل عمود الخلافة وعقود النبوّة ، وخفقان الهوى في قعقعة


وعبد الله بن عمر لم يُبايع عليّاً ، واستقاله منها ، ثمّ ذهب إلى معاوية وابنه يزيد ـ لعنه الله ـ فبايعهما طائعاً غير مكره(١).

أفلا يعلم العقلاء أنّ هذا جهل وضلال يا أبا الهذيل ، لو تكلّمنا بكلمات نعلم لطال الشرح وامتدّ القول ، ولكنّي أقول قولاً مخلصاً : إنّ الله وحده لا شريك له ليس كمثله شيء ، وأنفى عنه الولد والشبيه والظلم والجور.

وأشهد أنّ رسله ابتعثت بإذنه ، وأقرّت لإظهار دعوته بالعلامات الواضحات والدلالات [و] المعجزات ، وإنّه ختم أنبياءه بالبشير النذير السراج المنير محمّد (صلّى الله عليه وآله) ؛ فبلّغ رسالات ربّه ، ونصح لأُمّته ، وجاهد حقّ الجهاد.

وأشهد أنّ وصيّه ووليّ الأمر من بعده أقضاهم بالسويّة ، وأعدلهم

__________________

الرايات ، واشتباك ازدحام الخيول ، وفتح الأمصار ، وسقاهم كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأوّل ، فنبذوه وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمناً قليلاً» ، سرّ العالمين : ١ / ٣١ ، نشر مكتبة الجندي بمصر وتحقيق الأستاذ الشيخ محمّد مصطفى أبو العلا الشهير بحامد.

(١) قال خليفة بن خيّاط في تاريخه : «قال ابن عمر حين بويع يزيد بن معاوية : إن كان خيراً رضينا وإن كان بلاء صبرنا» ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٦٤.

قال نافع : «لمّا خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه ومواليه ـ وفي رواية سليمان حشمه وولده ـ وقال : إنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : ينصب لكلّ غادر لواء يوم القيامة» ، مسند أحمد : ٢ / ٧٠ ، صحيح البخاري : ٨ / ٩٩ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ١٦٠.


بالقضيّة ، وأكثرهم علماً ، وأفقههم في دين الله عزّ وجلّ ، وأقرأهم لكتابه ، وأعرفهم بمتشابهه وناسخه ومنسوخه وتأويله وواضحه وتنزيله ومحكمه ومفصّله ، وأكرمهم كفّاً ، وأطيبهم نسلاً ، وأشجعهم قلباً ، وأربطهم جأشاً ، وأعلاهم رتبة في حجره ، وزوج ابنته ، وأبو سبطيه ، ووارث علمه ، وخازن سرّ الله ، من قال فيه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب»(١) ، قسيم الجنّة والنار ، خاصف النعل(٢) ، وصاحب النجم(٣) ، والطائر [المشوي] ، أحبّ خلق الله إلى الله

__________________

(١) الأمالي للصدوق : ٦١٩ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ٢١٠ ، تحف العقول : ٤٣٠ ، شرح الأخبار : ١ / ٨٩ / ٢ ، الأمالي للطوسي : ٥٥٩ / ١١٧٢ ، العمدة لابن البطريق : ٣٠١ / ٥٠٦ ، الصراط المستقيم : ٢ / ١٩ و ٢٠ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٢٦ و ١٢٧ ، الكامل لابن عدي : ١ / ١٩٠ و ٢ / ٣٤١ و ٣ / ٤١٢ ، تاريخ بغداد : ٣ / ١٨١ و ٥ / ١١٠ و ٧ / ١٨٢ و ١١ / ٥٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٧٨ ـ ٣٨٣ و ٤٥ / ٣٢١ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٢ ، تهذيب الكمال ١٨ / ٧٧ و ٢٠ / ٤٨٥ ، تاريخ جرجان : ٦٥ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٩٥ ، المناقب للخوارزمي : ٨٣ / ٦٩ .. وغيرها من المصادر ، وقد ألّف العلاّمة الغماري كتاباً في هذا الحديث الشريف وسرد أسانيدها بعنوان : «فتح الملك العليّ في باب مدينة علم النبيّ عليّ».

(٢) إشارة إلى قوله (صلّى الله عليه وآله) : «إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل» ، فسئل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) : من هو؟ فقال : «خاصف النعل» يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى) ، يقول الله عزّ وجلّ : وخالق النجم إذا هوى (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم) يعني محمّداً (صلّى الله عليه وآله) في محبّة علي بن أبي


ورسوله(١) ، مَن علّمه النبيّ ألف ألف باب من العلم(٢) ، ومَن باهل به وبزوجته يوم المباهلة عن أمر الله(٣) ، مَن سدّ أبواب أصحابه عن المسجد وترك بابه ، وقال له : «لك في المسجد مثل ما لي ، وعليك ما علَيّ»(٤).

__________________

طالب (وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) يعني في شأنه (إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوْحَى) ، الأمالي للصدوق : ٦٦٠ / ٨٩٣.

(١) إشارة إلى قضيّة الطائر المشوي الذي أُهدي للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) حيث روى أنس بن مالك قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله) : «اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي» ، فجاء عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فدقّ الباب ، فقلت [أي أنس] : مَن ذا؟ فقال : «أنا عليّ» ، فقلت : إنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) على حاجة ، حتّى فعل ذلك ثلاثاً ، فجاء الرابعة فدخل ، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله) : «ما حبسك؟» قال : «قد جئت ثلاث مرّات» ، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله [لأنس]) : «ما حملك على ذلك؟» قال [أنس] : قلت : كنت أحبّ أن يكون رجلاً من قومي ، الأمالي للطوسي : ٢٥٣ / ٤٥٤.

(٢) إشارة إلى كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام حيث قال : «فانّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) علّمني ألف باب من العلم يفتح كلّ باب ألف باب ولم يعلّم ذلك أحداً غيري» ، الخصال : ١٨٩ / ٢٦١.

(٣) إشارة إلى قضيّة مباهلة نصارى نجران ونزول القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام : (إنّما يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً) ، الأحزاب : ٣٤ / ٣٣.

(٤) روى النميري في كتاب تاريخ المدينة : «خرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على (.....) في المسجد ، فنهاهم أن يتّخذوه بيوتاً ـ أو نحو هذا ـ فخرجوا منه ، فأدرك عليّاً عليه‌السلام فقال : (ارجع ، فإنّ الله قد أحلّ لك فيه ما أحلّ لي) تاريخ مدينة للنميري : ١ / ٣٨.


ومَن قال فيه : «إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين والأنبياء أجمعين فيناديني جبرئيل فيدفع إليّ لواء الحمد(١) ، فأدفعه إليك ، فتسير به أمامي إلى الجنّة»(٢) ، ومَن تولّى غسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وتكفينه والصلاة عليه ، ومَن قال فيه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) : «ستقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل»(٣).

وبعد يا أخي يا أبا الهذيل ، فإنّي أتولاّهم ، وأتبرّأ من أعدائهم ، وممّن ظلمهم ومَن حاربهم ، فاشهد لي بذلك.

__________________

(١) في الأصل : (فينادي جبرئيل لواء الحمد فيدفعه إليّ).

(٢) تفسير فرات : ٤٩٤ / ٦٤٦ ، الأمالي للطوسي : ٢٠٩/ ٣٥٩ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٥٥ ، تاريخ مدينة دمشق : ٣٥ / ٣٣٨ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢١ ، كشف اليقين : ٤٦٦ ، كنز العمّال : ١٣ / ١٤٥ / ٣٦٤٥٥.

(٣) تفسير القمّي : ٢ / ٣٢١ ، الكافي : ٥ / ١٢ / ٢ ، الخصال : ٢٧٦ / ١٨ ، تحف العقول : ٢٩٠ ، كفاية الأثر : ٦٦ و ٧٦ و ٨٨ و ١١٧ و ١٢١ و ١٣٥ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ١١٦ / ٣٣٦ و ٦ / ١٣٧ / ٢٣٠ ، المسترشد : ٣٥٧ / ٤٩ ، الأمالي للطوسي : ٣٥١ / ٧٢٦ ، المناقب للخوارزمي : ٦١ / ٣١ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢٤ ، كشف اليقين : ١٣٧ ، الطرائف : ٥٢١ ، الصراط المستقيم : ٢ / ٨٧.


المصادر

القرآن الكريم.

١ ـ اختيار معرفة الرجال : أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (٤٦٠ هـ) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، نشر مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام في قم المقدّسة بمطبعة بعثت ، سنة الطبع : ١٤٠٤ هـ.

٢ ـ الاحتجاج : أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي (٥٤٨ هـ) ، تحقيق : السيّد محمّد باقر الخرسان ، منشورات النعمان النجف الأشرف ، سنة الطبع ١٣٨٦ ـ ١٩٦٦ م.

٣ ـ الأخبار الطوال : أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري (٢٨٢ هـ) ، تحقيق : عبد المنعم عامر وجمال الدين الشيّال ، دار إحياء الكتب العربي ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه ـ منشورات الشريف الرضي ، الطبعة الأُولى سنة ١٩٦٠ م.

٤ ـ الاختصاص : أبو عبد الله محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (الشيخ المفيد) (٤١٣ هـ) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة في قم المقدّسة ، سنة الطبع ١٤١٤ ـ ١٩٩٣ م.

٥ ـ الاستغاثة في بدع الثلاثة : أبو القاسم الكوفي (٣٥٢ هـ).

٦ ـ الاستيعاب في معرفة الأصحاب : لأبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ (٤٦٣ هـ) ، تحقيق : عليّ محمّد البجاوي ، دار الجيل بيروت ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٢ هـ ـ ١٩٩٢ م.


٧ ـ أُسد الغابة في معرفة الصحابة : أبو الحسن عليّ بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير (٦٣٠ هـ) ، دار الكتاب العربي بيروت ـ لبنان.

٨ ـ أنساب الأشراف : أحمد بن يحيى المعروف بالبلاذري (٢٧٩ هـ) ، تحقيق : محمّد حميد الله ، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربيّة ـ دار المعارف بمصر ، سنة الطبع ١٩٥٩ م.

٩ ـ الإصابة في تميز الصحابة : أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (٨٥٢ هـ) ، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود وعليّ محمّد معوّض ومحمّد عبد المنعم البري وعبد الفتّاح أبو سنة وجمعة طاعر النجّار ، دار الكتب العلميّة بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى ١٤١٥ هـ ـ ١٩٩٥ م.

١٠ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى : أمين الإسلام الشيخ أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (ق ٦ هـ) ، تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، الطبعة الأُولى ربيع الأوّل ١٤١٧ هـ.

١١ ـ الإفصاح في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام : (الشيخ المفيد) أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي (٤١٣ هـ) ، تحقيق قسم : الدراسات الإسلاميّة ـ مؤسّسة البعثة قم ، مركز مؤسّسة البعثة للطباعة والنشر ، سنة الطبع ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م.

١٢ ـ الأمالي : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (٣٨١ هـ) ، تحقيق قسم الدراسات الإسلاميّة ـ مؤسّسة البعثة ـ قم ، الطبعة الأُولى ١٤١٧ هـ.

١٣ ـ الأمالي : شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ، تحقيق : قسم الدراسات الإسلاميّة ـ مؤسّسة البعثة ، نشر دار الثقافة ـ قم ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٤ هـ.


١٤ ـ الأمالي : الشريف أبي القاسم عليّ بن الطاهر أبي أحمد الحسين الموسوي (٤٣٦ هـ) ، تحقيق : أحمد الشنقيطي ، منشورات مكتبة السيّد المرعشي النجفي أُوفست عن طبعة مصر ، سنة الطبع ١٤٠٣ هـ.

١٥ ـ الإمامة والسياسة : أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (٢١٣ ـ ٢٧٦ هـ) ، تحقيق : الدكتور طه محمّد الزيني ، الناشر مؤسّسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع.

١٦ ـ الإيضاح : الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري (٢٦٠ هـ) : تحقيق : السيّد جلال الدين الحسيني الأُرموي المحدّث ، طبعة جامعة طهران ، سنة الطبع ١٣٦٣ ش.

١٧ ـ البداية والنهاية : أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (٧٧٤ هـ) ، تحقيق : عليّ شيري ، دار إحياء التراث العربي بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى ١٤٠٨ هـ.

١٨ ـ تاريخ الإسلام : محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (٧٤٨ هـ) ، تحقيق : عمر عبد السلام تدمري ، دار الكتاب العربي ، الطبعة الثانية ١٤٠٩ هـ ـ ١٩٩٨ م.

١٩ ـ تاريخ الخلفاء : جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (٩١١ هـ) ، تحقيق : لجنة من الأُدباء ، دار التعاون عبّاس أحمد الباز مكّة المكرّمة.

٢٠ ـ تاريخ الطبري : أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (٣١٠ هـ) ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات بيروت ـ لبنان.

٢١ ـ تاريخ اليعقوبي : أحمد بن أبي يعقوب العبّاسي المعروف باليعقوبي (٢٨٤ هـ) ، دار صادر بيروت.

٢٢ ـ تاريخ بغداد (أو مدينة السلام) : أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب البغدادي (٤٦٣ هـ) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى في سنة ١٤١٧ هـ.


٢٣ ـ تاريخ مدينة دمشق : أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي المعروف بابن عساكر (٤٩٩ ـ ٥٧١ هـ) ، تحقيق : عليّ شيري ، دار الفكر بيروت ـ لبنان ، ١٤١٥ هـ ـ ١٩٩٥ م.

٢٤ ـ تأويل مختلف الحديث : أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (٢١٣ ـ ٢٧٦ هـ) ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان.

٢٥ ـ التبيان في تفسير القرآن : شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ، تحقيق : أحمد حبيب قصير العاملي ، دار احياء التراث العربي ، الطبعة الأُولى شهر رمضان ١٢٠٩ هـ.

٢٦ ـ تثبيت الإمامة : الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين بن القاسم (٢٤٥ ـ ٢٩٨ هـ) ، دار الإمام السجّاد عليه‌السلام بيروت ـ لبنان ، الطبعة الثانية سنة ١٤١٩ هـ.

٢٧ ـ تحف العقول عن آل الرسول ـ صلّى الله عليهم ـ : أبو محمّد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحراني (ق ٤ هـ) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفّاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ، الطبعة الثانية سنة ١٣٦٣ ش ـ ١٤٠٤ هـ.

٢٨ ـ التعجّب من أغلاط العامّة في مسألة الأمامة : أبو الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي (٤٤٩ هـ) ، تحقيق : فارس حسّون كريم.

٢٩ ـ تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان في تفسير القرآن) : عبد الرحمن بن محمّد الثعالبي المالكي (٧٨٦ ـ ٨٧٥ هـ) ، تحقيق : عليّ محمّد معوّض والشيخ عادل أحمد عبد الموجود وعبد الفتّاح أبو سنة ، دار احياء التراث العربي ـ مؤسّسة التاريخ العربي بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٨ هـ.


٣٠ ـ تفسير العيّاشي : أبي النظر محمّد بن مسعود بن عيّاش السلمي السمرقندي المعروف بالعيّاشي (٣٢٠ هـ) ، تحقيق : السيّد هاشم الرسولي المحلاّتي ، المكتبة العلميّة الإسلاميّة طهران.

٣١ ـ تفسير القمّي : أبو الحسن عليّ بن إبراهيم القمّي (ق ٣ ـ ٤ هـ) ، تحقيق : السيّد طيّب الجزائري ، مؤسّسة دار الكتاب قم ـ إيران ، الطبعة الثالثة ، شهر صفر عام ١٤٠٤ هـ.

٣٢ ـ تفسير فرات الكوفي : فرات بن إبراهيم الكوفي (٣٥٢ هـ) ، تحقيق : محمّد كاظم ، مؤسّسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ طهران ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٠ هـ ـ ١٩٩٠ م.

٣٣ ـ تقريب المعارف : أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي (٣٧٤ ـ ٤٤٧ هـ) ، تحقيق : فارس تبريزيان الحسّون ، الناشر : المحقّق ، سنة الطبع ١٤١٧ هـ ق ـ ١٣٧٥ هـ ش.

٣٤ ـ تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل : أبو بكر محمّد بن الطيّب الباقلاّني (٤٠٣ هـ) ، تحقيق : عماد الدين أحمد حيدر ، مركز الخدمات والأبحاث الثقافية مؤسّسة الكتب الثقافية ، الطبعة الثالثة سنة ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م.

٣٥ ـ تهذيب الأحكام : شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، دار الكتب الإسلاميّة طهران ، الطبعة الثالثة سنة ١٣٦٤ هـ ش.

٣٦ ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال : جمال الدين أبي الحجّاج يوسف المزّي (٦٥٤ ـ ٧٤٢ هـ ـ) ، تحقيق : بشّار عوّاد معروف ، مؤسّسة الرسالة بيروت ، الطبعة الرابعة سنة ١٤٠٦ هـ ـ ١٩٨٥ م.


٣٧ ـ الثقات : محمّد بن حبّان بن أحمد أبي حاتم التميمي البستي (٣٥٤ هـ) ، الطبعة الأُولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيّة بحيدر آباد الدكن الهند ، سنة الطبع ١٣٩٣ هـ ـ ١٩٧٣ م.

٣٨ ـ الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي : أبو عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (٦٧١ هـ) ، تحقيق : أحمد عبد العليم البردوني ، دار احياء التراث العربي بيروت ـ لبنان ، سنة الطبع ١٤٠٥ هـ ـ ١٩٨٥ م.

٣٩ ـ جامع البيان في تفسير عن تأويل آي القرآن : أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (٣١٠ هـ) ، تحقيق : الشيخ خليل الميس وصدقي جميل العطّار ، دار الفكر ، سنة الطبع ١٤١٥ هـ ـ ١٩٩٥ م.

٤٠ ـ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير : جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (٨٤٩ ـ ٩١١ هـ) ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ، سنة الطبع ١٤٠١ ـ ١٩٨١ م.

٤١ ـ حلية الأبرار : السيّد هاشم البحراني (١١٠٧ هـ) ، تحقيق : الشيخ غلام رضا مولانا البروجردي ، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة ـ قم المقدّسة ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١١ هـ.

٤٢ ـ الخرائج والجرائح : قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي (٥٧٣ هـ) ، تحقيق : مؤسّسة الإمام المهدي عليه‌السلام قم المقدّسة ، سنة الطبع ذي الحجّة ١٤٠٩ هـ.

٤٣ ـ الخصال : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (٣٨١ هـ) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، جامعة المدرسين بالحوزة العلميّة بقم المشرّفة ، الطبعة الأُولى ١٨ ذي القعدة الحرام ١٤٠٣ هـ ـ ٥ شهريور ١٣٦٢ ش.


٤٤ ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : العلاّمة الحلّي أبو منصور الحسن بن يوسف ابن المطهّر الأسدي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ) ، تحقيق : الشيخ جواد القيّومي ، المطبعة مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الأُولى في عيد الغدير ١٤١٧ هـ ، مؤسّسة نشر الفقاهة.

٤٥ ـ الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور : جلال الدين عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي (٩١١ هـ) ، دار الفكر بيروت ـ لبنان.

٤٦ ـ الدرّ النظيم : الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم بن فوز بن مهنّد الشامي المشغري العاملي (٦٦٤ هـ) ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة.

٤٧ ـ الدرر في اختصار المغازي : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ (٤٦٣ هـ).

٤٨ ـ دلائل النبوّة : أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل التيمي الأصبهاني (٤٥٧ ـ ٥٣٥ هـ) ، تحقيق : أبو عبد الرحمن مساعد بن سليمان الراشد الحميد ، دار العاصمة للنشر والتوزيع.

٤٩ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : العلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني (١٣٨٩ هـ) ، دار الأضواء ـ بيروت ، الطبعة الثالثة في سنة ١٤٠٣ هـ.

٥٠ ـ الذرّيّة الطاهرة : أبو بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد الأنصاري الرازي الدولابي (٢٢٤ ـ ٣١٠ هـ) ، تحقيق : السيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ، سنة الطبع ١٤٠٧ هـ.

٥١ ـ ذكر أخبار أصبهان : أبي نعيم أحمد بن عبد الله الإصبهاني (٤٣٠ هـ) ، طبع في مدينة ليدن بمطبعة بريل ، سنة الطبع ١٩٣٤ م.


٥٢ ـ رجال النجاشي : أبو العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي (٣٧٢ ـ ٤٥٠ هـ) ، تحقيق : السيد موسى الشبيري الزنجاني ، الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ، تاريخ النشر ١٤١٦ هـ.

٥٣ ـ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد : محمّد بن يوسف الصالحي الشامي (٩٤٢ هـ) ، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود وعليّ محمّد معوض ، دار الكتب العلميّة بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م.

٥٤ ـ سنن أبي داود : أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (٢٧٥ هـ ـ) ، تحقيق : سعيد محمّد اللّحام ، دار الفكر بيروت ـ لبنان ، سنة الطبع ١٤١٠ هـ ـ ١٩٩٠ م.

٥٥ ـ السنن الكبرى : أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (٣٠٣ هـ) ، تحقيق : عبد الغفّار سليمان البنداري وسيّد كسروي حسن ، دار الكتب العلميّة بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١١ هـ ـ ١٩٩١ م.

٥٦ ـ السنن الكبرى : أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي (٤٥٨ هـ) ، دار الفكر بيروت ـ لبنان.

٥٧ ـ سير أعلام النبلاء : محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (٧٤٨ هـ) ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد ، مؤسّسة الرسالة ـ بيروت ، الطبعة التاسعة ، سنة ١٤١٣ ـ ١٩٩٣ م.

٥٨ ـ الشافي في الأمامة : الشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (٤٣٦ هـ) ، تحقيق : السيّد عبد الزهراء الحسيني الخطيب والسيّد فاضل الميلاني ، مؤسّسة الصادق للطباعة والنشر طهران ـ إيران ، الطبعة الثانية سنة ١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٦ م.


٥٩ ـ شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد المعتزلي (٥٨٦ ـ ٦٥٦ هـ) ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربيّة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، الطبعة الأُولى سنة ١٣٧٨ هـ ـ ١٩٥٩ م.

٦٠ ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ : عبيد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني الحذّاء الحنفي النيسابوري (ق ٥ هـ) ، تحقيق : الشيخ محمّد باقر المحمودي ، مؤسّسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي مجمع أحياء الثقافة الإسلاميّة ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١١ هـ ـ ١٩٩٠ م.

٦١ ـ صحيح البخاري : أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري الجعفي (٢٥٦ هـ) ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ، سنة الطبع ١٤٠١ هـ ـ ١٩٨١ م.

٦٢ ـ صحيح البخاري : أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري الجعفي ، دار الفكر طبعة بالأُوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة بإستانبول ، سنة الطبع ١٤٠١ هـ ـ ١٩٨١ م.

٦٣ ـ صحيح مسلم : أبو الحسين مسلم بن الحجّاج بن مسلم القشيري النيسابوري (٢٦١ هـ) ، دار الفكر بيروت ـ لبنان.

٦٤ ـ الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم : الشيخ زين الدين أبو محمّد عليّ بن يونس العاملي النباطي البيّاضي (٨٧٧ هـ) ، تحقيق : محمّد الباقر البهبودي ، المكتبة المرتضوية ، الطبعة الأُولى سنة ١٣٨٤ هـ.

٦٥ ـ الطبقات الكبرى : محمّد بن سعد (٢٣٠ هـ) ، دار صادر البيروت.

٦٦ ـ طبقات المحدّثين بأصبهان والواردين عليها : أبو عبد الله بن محمّد بن جعفر المعروف بأبي الشيخ الأنصاري (٣٦٩ هـ) ، تحقيق : عبد الغفور عبد الحق حسين البلوشي ، مؤسّسة الرسالة بيروت ـ لبنان ، سنة الطبع ١٤١٢ هـ.


٦٧ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف : رضي الدين أبي القاسم عليّ بن موسى ابن طاوس (٦٦٤ هـ) ، مطبعة الخيام ـ قم ، سنة الطبع ١٣٩٩ هـ.

٦٨ ـ العلل الواردة في الأحاديث النبويّة : أبو الحسن عليّ بن عمر بن أحمد الدارقطني (٣٠٦ ـ ٣٨٥ هـ) ، تحقيق : محفوظ الرحمن زين الله السلفي ، دار طيبة ـ الرياض ، الطبعة الأُولى سنة ١٤٠٥ هـ ـ ١٩٨٥ م.

٦٩ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : أبو جعفر الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (٣٨١ هـ) ، تحقيق : الشيخ حسين الأعلمي ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولسنة ١٤٠٤ هـ ـ ١٩٨٤ م.

٧٠ ـ الغارات : أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي الكوفي (٢٨٣ هـ) ، تحقيق : السيّد جلال الدين الأُرموي المحدّث ، طبع على طريقة أوفست في مطابع بهمن.

٧١ ـ فتوح البلدان : أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (٢٧٩ هـ) ، تحقيقّ صلاح الدين المنجد ، مكتبة النهضة المصريّة القاهرة ، مطبعة لجنة البيان العربي.

٧٢ ـ فتوح الشام : أبو عبد الله محمّد بن عمر الواقدي (٢٠٧ هـ) ، دار الجيل بيروت ـ لبنان.

٧٣ ـ فهرس النديم : أبو الفرج محمّد بن أبي يعقوب إسحاق المعروف بالورّاق (٤٣٨ هـ) ، تحقيق : رضا تجدّدن طبعة فلوجل ـ مصر.

٧٤ ـ قرب الإسناد : الشيخ الجليل أبو العبّاس عبد الله بن جعفر الحميري (ق ٣ هـ) ، تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٣ هـ.

٧٥ ـ الكافي : ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (٣٢٨ / ٣٢٩ هـ) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفّاري ، دار الكتب الإسلاميّة ، الطبعة الثالثة سنة ١٣٦٧ ش.


٧٦ ـ الكامل في التاريخ : أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني المعروف بابن الأثير (٦٣٠ هـ) ، دار صادر ودار بيروت ، سنة الطبع ١٣٨٥ هـ ـ ١٩٦٥ م.

٧٧ ـ الكامل في ضعفاء الرجال : أبو أحمد عبد الله بن عديّ الجرجاني (٢٧٧ ـ ٣٦٥ هـ) ، تحقيق : سهيل زكّار ويحيى مختار غزاوي ، دار الفكر بيروت ـ لبنان ، الطبعة الثالثة ، محرّم ١٤٠٩ هـ.

٧٨ ـ كتاب المجروحين : (من المحدّثين والضعفاء والمتروكين) : محمّد بن حبّان بن أحمد أبي حاتم التميمي البستي (٣٥٤ هـ) ، تحقيق : محمود إبراهيم زايد ، دار الباز للنشر والتوزيع ـ عبّاس أحمد الباز ـ مكّة المكرّمة.

٧٩ ـ الكشف الحثيث عمّن رمي بوضع الحديث : برهان الدين الحلبي (٨٤١ هـ) ، تحقيق : صبحي السامرائي ، عالم الكتب ومكتبة النهضة العربيّة ، الطبعة الأُولى سنة ١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م.

٨٠ ـ الكشف والبيان عن تفسير القرآن (تفسير الثعلبي) : الثعلبي (٤٢٧ هـ) ، تحقيق : أبي محمّد بن عاشور ونظير الساعدي ، دار إحياء التراث العربي بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى سنة ١٤٢٢ هـ ـ ٢٠٠٢ م.

٨١ ـ كشف المحجّة لثمرة المهجّة : رضي الدين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر ابن محمّد بن طاوس الحسني (٦٦٤ هـ) ، منشورات المطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف ، سنة الطبع ١٣٧٠ هـ ـ ١٩٥٠ م.

٨٢ ـ كشف المشكل من حديث الصحيحين : أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (٥٩٧ هـ) ، تحقيق : عليّ حسين البوّاب ، دار الوطن ـ الرياض ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٨ هـ ـ ١٩٩٧ م.


٨٣ ـ كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام : الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (٦٤٨ هـ ـ ٧٢٦ هـ) ، تحقيق : حسين الدرگاهي ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١١ هـ ـ ١٩٩١ م.

٨٤ ـ كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر : أبو القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الخزّاز القمّي الرازي (ق ٤ هـ) ، تحقيق : السيّد عبد اللطيف الحسيني الكوه كمري الخوئي ، إنتشارات بيدار ، مطبعة الخيّام ـ قم ، سنة الطبع ١٤٠١ هـ.

٨٥ ـ كمال الدين وتمام النعمة : الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين ابن بابويه القمّي (٣٨١ هـ) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفّاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة ، سنة الطبع محرّم الحرام ١٤٠٥ هـ ـ مهر ١٣٦٣ ش.

٨٦ ـ كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال : علاء الدين عليّ المتّقي بن حسام الدين الهندي (٩٧٥ هـ) ، تحقيق : الشيخ بكري حيّاني والشيخ صفوة السفا ، مؤسّسة الرسالة بيروت ، سنة الطبع ١٤٠٩ هـ ـ ١٩٨٩ م.

٨٧ ـ كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال : علاء الدين عليّ المتّقي بن حسام الدين الهندي (٩٧٥ هـ) ، تحقيق : بكري حيّاني وصفوة السفا ، مؤسّسة الرسالة ـ بيروت ، سنة الطبع ١٤٠٩ هـ ـ ١٩٨٩ م.

٨٨ ـ كنز الفوائد : أبو الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي (٤٤٩ هـ) ، مكتبة المصطفوي ـ قم ، الطبعة الثانية سنة ١٣٦٩ ش.

٨٩ ـ لسان الميزان : أبو الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (٨٥٢ هـ) ، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات بيروت ف لبنان ، الطبعة الثانية سنة ١٩٧١ م ـ ١٣٩٠ هـ.


٩٠ ـ مأساة الزهراء عليها‌السلام : السيّد جعفر مرتضى العاملي ، دار السيرة بيروت لبنان ، الطبعة الثانية ، جمادي الأوّل ١٤١٨ هـ ، الموافق أيلول ـ ١٩٩٧ م.

٩١ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : نور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثمي (٨٠٧ هـ) ، دار الكتب العلميّة بيروت ـ لبنان ، سنة الطبع ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٨ م.

٩٢ ـ المستدرك على الصحيحين : أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (٤٠٥ هـ) ، تحقيق : يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، دار المعرفة بيروت ـ لبنان.

٩٣ ـ المسترشد في إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : محمّد ابن جرير بن رستم الطبري الإمامي (ق ٤ هـ) ، تحقيق : الشيخ أحمد المحمودي ، مؤسّسة الثقافة الإسلاميّة لكوشانبور ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٥ هـ.

٩٤ ـ مسند أحمد : أحمد بن محمّد بن حنبل (٢٤١ هـ) ، دار صادر بيروت.

٩٥ ـ المصنّف : أبو بكر عبد الرزّاق بن همام الصنعاني (١٢٦ ـ ٢١١ هـ) ، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي.

٩٦ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي (٦٥٢ هـ) ، تحقيق : ماجد أحمد العطيّة.

٩٧ ـ المعارف : ابن قتيبة أبو محمّد عبد الله بن مسلم الدينوري (٢١٣ ـ ٢٧٦ هـ) ، تحقيق : ثروت عكاشة ، دار المعارف بمصر ، الطعبة الثانية سنة ١٩٦٩ م.

٩٨ ـ المعجم الكبير : أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (٢٦٠ ـ ٣٦٠ هـ) ، تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الثانية.

٩٩ ـ المعجم الكبير : أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (٢٦٠ هـ ـ ٣٦٠ هـ) ، تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الثانية.


١٠٠ ـ المغازي : محمّد بن عمر بن واقد (٢٠٧ هـ) ، تحقيق : مارسدن جونس ، نشر دانش إسلامي ، سنة الطبع رمضان ١٤٠٥ هـ.

١٠١ ـ المناقب : الموفق بن أحمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي (٥٦٨ هـ) ، تحقيق : الشيخ مالك المحمودي ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة ، الطبعة الثانية سنة ١٤١١ هـ.

١٠٢ ـ مناقب آل أبي طالب : أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن شهرآشوب السروي المازندراني (٥٨٨ هـ) ، تحقيق : لجنة من أساتذة النجف الأشرف ، الناشر المكتبة الحيدرية ، سنة الطبع ١٣٧٦ هـ ١٩٥٦ م.

١٠٣ ـ المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم : أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد ابن الجوزي (٥٩٧ هـ) ، تحقيق : محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا ونعيم زرزور ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٢ هـ ـ ١٩٩٢ م.

١٠٤ ـ المنطق : الشيخ محمّد رضا المظفّر (١٣٨٣ هـ) ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

١٠٥ ـ من لا يحضره الفقيه : أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (٣٨١ هـ) ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، دار الكتب الإسلاميّة طهران ، الطبعة الخامسة سنة ١٣٩٠ هـ.

١٠٦ ـ المواقف : الإيجي (٧٥٦ هـ) ، تحقيق : عبد الرحمن عميرة ، دار الجيل بيروت ـ لبنان ، سنة الطبع ١٤١٧ هـ ـ ١٩٩٧ م.

١٠٧ ـ الموضوعات : أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن الجوزي القرشي (٥١٠ ـ ٥٩٧ هـ) ، تحقيق : عبد الرحمن محمّد عثمان ، الطبعة الأُولى سنة ١٣٨٦ هـ ـ ١٩٦٦م.


١٠٨ ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال : أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن عثمان (٧٤٨ هـ) ، تحقيق : عليّ محمّد البجاوي ، دار المعرفة بيروت ـ لبنان ، الطبعة الأُولى سنة ١٣٨٢ هـ ـ ١٩٦٣ م.

١٠٩ ـ نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين : جمال الدين محمّد بن يوسف بن الحسن بن محمّد الزرندي الحنفي المدني (٧٥٠ هـ) ، مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام العامّة ، الطبعة الأُولى سنة ١٣٧٧ هـ ـ ١٩٥٨ م.

١١٠ ـ نهج البلاغة : شرح : الشيخ محمّد عبده ، الناشر : دار الذخائر قم المقدّسة ، الطبعة الأُولى سنة ١٤١٢ ق ـ ١٣٧٠ ش.


من أنبـاء التـراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* دلائل الصدق لنهج الحقّ (٧ ـ ٨).

تأليف : العلاّمة الشيخ المظفّر ، محمّد حسن بن محمّد بن عبد الله النجفي (ت ١٣٧٥ هـ).

أثر قيّم ، يضمّ مباحث جليلة في العقائد الإسلامية ، وهو مناقشة علمية موضوعية في مسائل خلافية مهمّة عديدة ، وردت في كتاب إبطال الباطل للفضل بن روزبهان الأصفهاني ، الذي ألّفه للردّ على كتاب نهج الحقّ وكشف الصدق للعلاّمة الحلّي (٧٢٦ هـ) ، الذي أثبت فيه ما تذهب إليه الإمامية ـ

بعد مناقشة آراء مخالفيهم ـ بأسلوب رصين ونقاش علمي نزيه.

ويعدّ مكمّلاً ومتمّماً لما في إحقاق الحقّ للشهيد الثالث القاضي السيّد نور الله التستري المستَشهد سنة (١٠١٩ هـ) ، من ردود على أباطيل كتاب الفضل المذكور.

اشتمل على مقدّمة بثلاثة مطالب ، ثمّ مباحث التوحيد والعدل والنبوّة ، ثمّ الإمامة ، وبعض فضائل أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ، ثمّ سيرة الخلفاء والصحابة ، والمعاد.

وهو يذكر أوّلاً كلام العلاّمة ، ثمّ ردّ ابن روزبهان ، ثمّ نقضه للردّ.

حُقّق اعتماداً على ٣ نسخ ، مخطوطة ومطبوعتين ، ذكرت


مواصفاتها في المقدّمة.

لقد سبق تعريف الكتاب في العدد (٧٩ ـ ٨٠) ، وقد صدر الجزءان السابع والثامن وبهما يتمّ الكتاب ، حيث اشتملا على المطاعن التي رواها السنّة في أبي بكر ، المطاعن التي نقلها السنّة في عمر بن الخطّاب ، المطالب التي رواها الجمهور عن عثمان ، ما رواه الجمهور في مطاعن معاوية ، نسب معاوية واستلحاقه لزياد ، دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) على معاوية وقوله (صلى الله عليه وآله) إنّه يموت على غير سنّتي ، ولعنه من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، سمّ معاوية للحسن عليه‌السلام وجنايات ابنه وأبيه وأمّه ، قتل معاوية للمهاجرين والأنصار ، ما رواه الجمهور في حقّ الصحابة ، ارتداد الصحابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، مخالفة الصحابة للنبي ، براءة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من فعل خالد ، عدم صلاحية أبو بكر لتبليغ سورة براءة و...

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٦٠٠ و ٥٦٨.

تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ فرع دمشق ـ ١٤٢٦ هـ.

* كتاب الحجّ.

تأليف : معاوية بن عمّار الدهني.

يعدّ كتاب الحجّ من الكتب الروائية المتلقّاة عن الإمامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، وهو من الأصول المفقودة التي أخذ رواياتها معاوية بن عمّار الدهني عن الإمامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام مباشرةً ، وقد استخرجها المحقّق معتمداً على الكتب الأربعة ووسائل الشيعة ، اشتمل الكتاب على فذلكة البحث ، المقدّمة ، حول الكتاب ، ترجمة معاوية بن عمّار ، وعلى ثلاث وعشرين باباً ابتداءً بمقدّمات حول الحجّ وحجّ الأنبياء وانتهاءً بزيارة المدينة المنوّرة.

تحقيق : الشيخ محمّد عيسى آل


مكباس.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٢٠٣.

نشر : دار مشعر ـ طهران ـ إيران.

* نور الأبرار المبين.

تأليف : محمّد بن غياث الدين الشيرازي.

تناول المصنّف كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فاختار من بحر فصاحته وبلاغته قصارَها مجتنباً تكرارَها ، وقد رتّبها ونضّدها بأبواب على ترتيب حروف الهجاء وسمّاه نور الأبرار المبين من حِكَمِ أخ الرسول أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وقد قام بتحقيقه ووضع الفهارس له مركز احياء التراث للعتبة العباسية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٤١ صفحة.

نشر : دار الكفيل ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* مسند أبي هاشم الجعفري.

تأليف : داود بن القاسم بن إسحاق ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (ت ٢٦١ هـ).

كتاب روائي يحتوي على مجموعة من الروايات التي قرّرها عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام ممّن عاصرهم بدءاً بالإمام الرضا عليه‌السلام وانتهاءاً بالإمام الحجّة المنتظر عليهم‌السلام أُخذت من أمّهات المصادر الروائية.

اشتمل الكتاب على كلمة المركز والمقدّمة وستّة فصول في : العقائد ، أهل البيت عليهم‌السلام والعلم بالغيب ، أهل البيت عليهم‌السلام والولاية التكوينية ، الفقه ، في الأشربة والأطعمة ، في الأخلاق ، الفهارس الفنية.

تحقيق : الشيخ رسول مالك الدجيلي (الجيلاوي).

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢٦٦.

نشر : دار الكفيل ـ كربلاء ـ العراق.


* وفيات الأعلام (١ ـ ٢).

تأليف : السيّد صادق آل بحر العلوم (ت ١٣٩٩ هـ).

كتاب تراجم انتحى فيه المصنّف ترجمة جمٍّ غفير من الأعلام لعدّة قرون بدءاً من القرن السادس الهجري وحتّى القرن الرابع الهجري من الأعلام المعاصرين له رحمه‌الله ، وجاءت هذه التراجم بذكر وفياتهم معتمداً الاختصار في أغلبها ، كما أطنب في ذكر بعضهم فشرح أحوالهم.

اشتمل الكتاب على توطئة ومقدّمة في ترجمة حياة المصنّف ومنهجية التحقيق كما تظمّن فهارس عامّة.

تحقيق : مركز إحياء التراث التابع لدار مخطوطات العتبة العبّاسيّة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٢٦٧ للجزئين.

* قواعد المرام في علم الكلام.

تأليف : كمال الدين ميثم بن علي

ابن ميثم البحراني (ت ٦٩٩ هـ تقريباً).

كتاب كلامي تطرّق فيه المصنّف إلى مباحث علم الكلام في أصول الدين ، وقد بوّبها وفصّلها وبيّن مقاصدها بأسلوب علمي مع أقامة الحجج والبراهين ، ذاكراً أقوال وحجج علماء سائر الفرق ثمّ يعالجها ويردّها بسجال علميٍّ في إثبات آراء علماء مذهب أهل البيت في الأصول الاعتقادية الخمسة.

اشتمل الكتاب على تمهيد ومقدّمة التحقيق بترجمة حياة المصنّف وبذكر منهجية التحقيق.

كما اشتمل على خطبة وثماني قواعد في : المقدّمات ، أحكام كلّية للمعلومات ، حدوث العالم ، إثبات العلم بالصانع وصفاته ، أفعاله تعالى وأقسامها وأحكامها ، النبوّة ، المعاد ، الإمامة.

تحقيق : أنمار معاد المظفّر.

الحجم : وزيري.


عدد الصفحات : ٥٣٤.

نشر : العتبة الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* عطر العروس فيما تبتهج به النفوس.

تأليف : محمّد بن عبد الوهّاب بن داود الهمداني الكاظمي.

كتاب في فضائل الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، صنّفه المؤلّف في شرح ثلاثة أبيات للشاعر عبد الباقي العمري في حديث البسملة مطلعها :

(صنو طه المصطفى وابنته مع سبطيه الكنوز المقفلة) وقد قام بشرح هذه الأبيات في أيّام زواجه فأسماه بعطر العروس ، اشتمل الكتاب على مقدّمة في ترجمة حياة المصنّف وفي موضوع الكتاب وسبب تأليفه ونسخه وترجمة عبد الباقي العمري كما شفّع بفهارس عامّة.

تحقيق : محمّد كاظم المحمودي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٢١٠.

نشر : العتبة العلوية ـ النجف الأشرف ـ العراق.

* أنوار الهداية في الإمامة والولاية.

تأليف : الشيخ غلام رضا الباقري النجفي (ت ١٤٣٧هـ).

يأتي هذا الكتاب في عداد الأبحاث الكلامية التي تناول المصنّف فيها الأصل الثالث من الأصول الاعتقادية لمدرسة الإمامية في الإمامة والولاية ، حيث بحث فيه عن الإمامة والولاية الإلهية لأمير المؤمنين وأهل بيته عليهم‌السلام.

اشتمل الكتاب على ترجمة المؤلّف ومقدّمته ثمّ شرحه أبحاث الإمامة والولاية بالتفصيل المفهرس في الكتاب.

تحقيق : الشيخ محمّد الباقري.

الحجم : وزيري.


عدد الصفحات : ٥٨٢.

نشر : مؤسّسة التاريخ العربي ـ بيروت ـ لبنان.

* الفرقان في فقه القرآن.

تأليف : الشيخ غلام رضا الباقري النجفي (ت ١٤٣٧هـ).

كتاب فقهي ، وهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات الفقهية لأبواب الطهارة والصلاة والصوم ، ألقاها المصنّف في مدرسة الإمام الصادق عليه‌السلام في مشهد المقدّسة معوّلاً فيها على الآيات القرآنية.

اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق بترجمة لحياة المصنّف وعلى مقدّمة المؤلّف ثمّ الأبحاث الفقهية مبتدئاً من باب الطهارة.

تحقيق : السيّد عبد المجيد مير دامادي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٦٤.

نشر : مؤسسة التاريخ العربي ـ بيروت ـ لبنان.

* تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام (١ ـ ٢).

تأليف : السيّد حسن الصدر الكاظمي العاملي (ت ١٣٥٤ هـ).

الكتاب عبارة عن موسوعة مقتضبة للعلوم الإسلامية ، ذكر فيها المصنّف أسبقية الشيعة في العلوم الإسلامية ودورهم الريادي في تشييد صرح العلوم ، وإكمال مبانيه وتجلية معانيه ، وقد ظهر هذا السفر بحلّة قشيبة مع تعليق ومراجعة السيّد عبد الستّار الحسني وقد اشتمل على مقدّمة التحقيق في سيرة حياة المصنّف بقلم الشيخ محمّد الحسين الواعظ النجفي ، وعلى مقدّمة المحقّق في منهجية التحقيق كما اشتمل على العناوين التالية بسائر فصولها : تأسيس الشيعة الكرام الجزء الأوّل ، وتأسيس الشيعة


الكرام الجزء الثاني ، الملحق : مختصر الكلام في مؤلّفي الشيعة من صدر الإسلام ، الفهارس العامّة.

تحقيق : الشيخ محمّد جواد المحمودي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٥١٧ صفحة للجزئين.

نشر : مؤسّسة تراث الشيعة ـ قم ـ إيران.

* الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة.

تأليف : السيّد علي خان المدني الحسيني الشيرازي (ت١١٢٠ هـ).

كتاب تراجم ، عمد فيه المصنّف إلى ذكر طبقات أعلام الشيعة ممّن ثبتوا على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام من الرعيل الأوّل من صحابته ثمّ عرّج إلى ذكر سائر العلماء من المحدّثين والمفسّرين والفقهاء

والشعراء ، ظهر الكتاب بحلّة قشيبة وقد اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق في سيرة حياة المصنّف ومنهجية التحقيق ثمّ ذكر الطبقة الأولى في بابين الأوّل : في بني هاشم وساداتهم من الصحابة. والثاني : في ذكر غير بني هاشم من الصحابة.

كما اشتمل الجزء الثاني على الطبقة الرابعة في سائر العلماء والمحدّثين والمفسّرين والفقهاء. والطبقة الحادية عشرة : في الشعراء ، والتحرير الثاني من الدرجات الرفيعة ، والتعليقات على الدرجات ، والفهارس العامّة.

وقد علّق عليه السيّد عبد الستّار الحسني.

تحقيق : الشيخ محمّد جواد المحمودي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٥٥١.

نشر : مؤسّسة تراث الشيعة ـ قم ـ إيران.


* ديوان الحافظ البرسي.

تأليف : رجب البرسي.

هو الشيخ الحافظ الفاضل رضي الدين رجب بن محمّد بن رجب البرسي الحلّي ، عرف بشعره وشاعرّيته في فضائل أهل البيت والأئمّة الأطهار عليهم‌السلام خاصّة وقد تميّز شعره بأنواع الصنائع الشعرية وقد بيّنها المحقّق في مقدّمته في شرح شاعريته وبدائع شعره ومنها الجناس الذي بدت أعلامه لائحة في قصائده سبق وأن جمع الديوان الشيخ محمّد بن طاهر السماوي (ت ١٣٧٠ هـ) وقد أُضفي على ذلك في هذه الطبعة ما فاته وقد بلغ عدده (٧٨) قصيدة جمعها المحقّق من عدّة مصادر ذكرها في المقدّمة.

تحقيق : حيدر عبد الرسول عوض.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٩٢.

نشر : العتبة الحسينية ـ كربلاء المقدسة ـ العراق.

* نشوة السلافة ومحلّ الإضافة.

تأليف : الشيخ محمّد علي بن بشارة آل موحي الخيقاني (من اعلام القرن الثاني عشر).

كتاب أدبي في الشعر القريض ، الجزء الأوّل منه اختار فيه ما وقع عليه نظره من كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكلّ مصر للعلاّمة السيّد على صدر الدين ابن معصوم المدني. وكان عدد الشعراء الذين اختارهم ٥٤ شاعراً ، وفي آخره أضاف سبعة شعراء مغاربة ممّن لم يذكرهم صاحب السلافة رغم أنّهم من معاصريه ، وقد نقل المؤلّف هؤلاء السبعة من كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب.

حقّق هذا الجزء سابقاً معتمداً على نسخة واحدة : الدكتور محمّد بحر العلوم.

الجزء الثاني : (محلّ الإضافة) : وقد ترجم فيه المؤلّف لعدد من


مشاهير أدباء عصره ممّن لم يرد ذكرهم في سلافة العصر ، وسار في عرض التراجم على النهج الذي سلكه مؤلّف السلافة.

تحقيق : الدكتور كامل سلمان الجبوري.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٥٢.

نشر : الرافد للمطبوعات ـ بغداد ـ العراق.

* ديوان الشداقمة (أشراف المدينة المنوّرة).

كتاب أدبي يشتمل على أشعار السادة الشداقمة وهي الأسرة الحسينية العلوية التي جاءت تسميتها من جدّهم شدقم بن ضامن الذي ينتهي نسبه إلى الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

برز فيهم مجموعة كبيرة من النقباء

والأشراف والعلماء والأدباء والشعراء. وقد احتوى هذا الديوان أربعةً منهم وهم : الحسن بن علي الشدقمي النقيب ، ولده علي بن الحسن بن علي الشدقمي النقيب ، ولده الثاني محمّد ابن الحسن بن علي الشدقمي النقيب ، حفيده ضامن بن شدقم بن علي بن الحسن بن علي الشدقمي النقيب ، وقد جاءت تراجمهم مرتّبة حسب ورود أشعارهم في الديوان.

تحقيق : كامل سلمان الجبوري.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٤٩.

نشر : الرافد للمطبوعات ـ بغداد ـ العراق.

* موسوعة الشيخ عبد الرحمن ابن محمّد ابن العتائقي الحلّي (١ ـ ٦).

اشتملت هذه الموسوعة على مصنّفات الشيخ عبد الرحمن بن محمّد


ابن إبراهيم ابن العتائقي ، وهي عبارة عن :

رسالة فقهية تحت عنوان تجريد النيّة من الرسالة الفخرية ، والإيضاح والتبيين شرح مناهج اليقين ، تصدّى به لشرح مناهج اليقين في أصول الدين للعلاّمة الحلّي ، والقسطاس المستقيم والنهج القويم ومعه الرسالة المكمّلة لشرح المناهج وهو كتاب في علم المنطق والكلام ، والإرشاد في معرفة مقادير الأبعاد ومعه كتاب تصويح الروضة أو المناظرات أحدهما في علم الهيئة والآخر عبارة عن مناظرات اعتقادية.

تحقيق وتعليق : شعبة إحياء التراث والتحقيق في العتبة العلوية المقدّسة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : (٢١٥) ، (٥٤٢) ، (١٧٨) ، (٨٨) ، (١٢٥) ، (٧٣).

نشر : العتبة العلوية ـ النجف الأشرف ـ العراق.

* سبيل الهداية في علم الدراية والفوائد الرجالية.

تأليف : المولى علي الخليلي الرازي النجفي (ت ١٢٩٧ هـ).

يضمّ هذا السفر علمي الدراية والرجال ، وهما تصنيفان مستقلاّن تأليفاً وغايةً ، حيث يبحث الأوّل عن معرفة الخبر وسنده ، ويبحث الثاني عن أحوال الرجال ، وقد احتوى هذا الكتاب على فروع كثيرة وآراء مختلفة ، وأقوال متعدّدة حديثية ورجالية وأصولية وفقهية في موضوعي علمَي الدراية والرجال وكأنّه أعدّ منهجاً دراسيّاً لطلبة العلوم الدينية.

وقد جاء علم الرجال فيه على شكل فوائد رجالية ، اشتمل الكتاب على مقدّمة في ترجمة المصنّف ومنهجية التحقيق وعلى فهارس عامّة.

تحقيق : السيّد محمّود المقدّس الغريفي.

الحجم : وزيري.


عدد الصفحات : ٣٨٠.

نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ـ إيران.

كتب صدرت حديثاً

* فدك والعوالي والحوائط السبعة في الكتاب والسنة.

تأليف : السيّد محمّد باقر الحسيني الجلالي.

كتاب تاريخي ، تناول المؤلّف فيه أهمّ التظلّمات التاريخية لأهل بيت الرسول الأعظم عليهم‌السلام بعد رحيله (صلى الله عليه وآله) في غصب فدك نحلة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، حيث عدّها منطلق الإعلان عن الحقّ وإظهار الحقيقة ، مصحّحاً ما وجده وقع خلطاً من بعض الكتّاب في الأمور المرتبطة بفدك ومبطلاً لبعض الآراء ومعتمداً في بحثه على ما يرتبط بالاحتجاجات والمناقشات مع المعارضين ، اشتمل

الكتاب على عشر أبواب : فدك في أملاك الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، العوالي أو الحوائط السبعة ، التعريف بفدك ، فدك في الحديث الشريف ، فدك في آيات القرآن ، نحلة فاطمة عليها‌السلام ، فدك في التاريخ ، محكمة فدك ، فدك في الخطبة التاريخية للصديقة الكبرى فاطمة الزهراء ، ظلامة الزهراء عليها‌السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٧٨٢.

نشر : مؤسسة طيبة لاحياء التراث ـ قم ـ إيران.

* تهذيب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (١ ـ ٢).

تأليف : السيّد عبد الهادي الشريفي.

عمد المؤلّف إلى تهذيب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي مقتصراً في ذلك على موارد الشرح التي أوردها ابن أبي الحديد لخطب


ورسائل وحكم الإمام علي عليه‌السلام ، دون الالتفات إلى ما ذكره المصنّف في موسوعته من وقائع تاريخية وقصص أدبية وحكم وأشعار و... ، منتزعاً منه ما انتهجه من شرح الجمل والمفردات وفقاً لمذهبه وقد ناقشها باختصار في الهامش كما شرح الألفاظ العربية التي أهملها المصنّف اعتماداً على كتب اللغة والتاريخ وشروح النهج ، وقد ضبط النصّ نتيجة لمطالعة عدّة نسخ ذكر بعضها في مقدّمة الكتاب مخرّجاً الأحاديث الشريفة من مصادرها كما قام بإرجاع النصوص الكلامية والتاريخية والأدبية إلى أصحابها.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٧١٢ و ٨٠٠.

نشر : دار الحديث ـ قم ـ إيران.

* عقيدة الشيعة (١ ـ ٢).

تأليف : الشيخ محمّد رضا

الأنصاري.

كتاب عقائدي ، عرض فيه المؤلّف المعتقد الشيعي النابع من أصل رسالة السماء المتمثلة بالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطيّبين الطاهرين عليهم‌السلام ، وهو المذهب المعروف بالمذهب الاثني عشري ، وقد جاء هذا العرض تأصيلاً وتوثيقاً للمعتقد الشيعي الإثني عشري من خلال سبعين رسالة اعتقادية من القرن الثاني لغاية القرن العاشر الهجري.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٠٠ و ٤٨٧.

نشر : دار التفسير ـ قم ـ إيران.

* استراحة ثانية في رمضان.

تأليف : الدكتور صلاح مهدي الفرطوسي.

كتاب أدبي متنوّع بمقالات تناولها المؤلّف في السيرة النبوية الشريفة وسيرة بعض الصحابة كما تناول جانباً


من كتب الأقدمين ومن مختار الشعر ومن بعض حكم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد عرض أيضاً أحد الكتب التي تناولت سيرته عليه‌السلام ونوّه ببعض أساتذته الماضين منهم رحمه‌الله ، كما عرض بعض الأحداث لواقع العراق اليوم وذكر من قام بتكريمه في داخل العراق وخارجه ، متّبعاً في مقالاته النهج الأكاديمي ، وهذه هي الاستراحة الثانية التي جاءت على إثر الاستراحة الأولى التي ألّفها قبل أكثر من عقد على حد تعبيره.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٤٨.

نشر : التميمي ـ النجف الأشرف ـ العراق.

* إبطال القول بالحكم الظاهري.

تأليف : السيّد علي حسن مطر الهاشمي.

كتاب أُصولي ، عرض فيه المؤلّف

بحثاً أصوليّاً في إبطال القول بالحكم الظاهري.

وهو من الدراسات الأصولية التي التزمها المؤلّف على شكل مواضيع مقتضبة في جوانب مختلفة من علم أصول الفقه ، وقد انعقد فيه البحث في ثلاثة مطالب :

الأوّل : إشارة إلى تاريخ تقسيم الحكم الشرعي إلى واقعي وظاهري ، وبيان لتعريفهم كلاًّ من هذين الحكمين وعرض لما ذهبوا إليه من مناشىء الحكم الظاهري.

الثاني : بيان الاعتراضات على جعل الحكم الظاهري مع التسليم بوجود مناشئه.

المطلب الثالث : بيان الاعتراض على الحكم الظاهري بنفي وجود مناشئه رأساً.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٧٧.

نشر : آواي منجي ـ قم ـ إيران.


* الواضح في شرح العروة الوثقى (١ ـ ١٢).

تأليف : الشيخ محمّد الجواهري.

كتاب فقهي ، احتوى على تقريرات بحث الخارج على العروة الوثقى في باب الحج ، التي كتبها المؤلّف عن استاذه آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي بأسلوب علمي سلس البيان ، وذكر له مقدّمة بيّن فيها معالم كتابه والمنهجية التي رسمها له والأمور التي تطرّق في البحث.

الحجم : رحلي.

عدد الصفحات : ٤٠٠ صفحة تقريباً لكل جزء.

نشر : العارف للمطبوعات ـ بيروت ـ لبنان.

* التفسير الفقهي الإسلامي وصلته بالتفسير الموضوعي.

تأليف : السيّد ثامر العميدي.

دراسة في المناهج التفسيرية

للقرآن الكريم ، عرض المؤلّف من خلالها بحثاً مقارناً في التفسير الفقهي وصلته بالتفسير الموضوعي وقد جاءت هذه الدراسة في فصول ثلاثة ، الأوّل : لمحات في التفسير الموضوعي والتفسير الفقهي.

الثاني : منهج العامّة في تفسير آيات الأحكام.

الثالث : المنهج الموضوعي في تفسير آيات الأحكام عند الإمامية مع تبادل المنهج التفسيري بين الفريقين.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٨١.

نشر : مجمع دار السلام الثقافي ـ بغداد ـ العراق.

* الشيعة في الكويت (١٢٨ ـ ١٢٩).

تأليف : محمّد سعيد الطريحي.

قدّمت موسوعة الموسم الفصلية المصورة والتي تعنى بالآثار والتراث


في سنتها الثلاثين من تاريخ الإصدار عدّة أجزاء خصّصتها بتاريخ دولة الكويت وتراثها ، وذلك تضامناً مع احتفال العالم الإسلامي في هذا العام ٢٠١٦م بالكويت عاصمةً للثقافة الإسلامية. تستعرض فيه زوايا من المعارف التاريخية والإجتماعية والثقافية المعبّرة عن حضارة الشعب الكويتي وأصالته ، وقد سلّطت فيها الأضواء على تراث الطائفة الشيعية ومعطياتها وتعايشها السلمي والحضاري. وقد صدّرت سابقاً هذه الموسوعة الجزءين ١٢٦ و ١٢٧ تحت عنوان دماء في محراب الإمام عبارة عن بداية عمل عن تراث الكويت وقد جاءت فيهما المقالات والأبحاث والوثائق والصور التي تستذكر جريمة تفجير جامع الإمام الصادق عليه‌السلام وقد أصدرت اليوم هذين الجزءين ١٢٨ و ١٢٩ من الموسم إلى القرّاء الكرام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٨٥٦ ـ ٨٨٠.

نشر : أكاديمية الكوفة ـ هولندا.

* الدماء الثلاثة

تأليف : عواطف عبد الهادي الفضلي.

كتاب فقهي ، احتوى على تقريرات دروس الأستاذ الشيخ مهدي البرهاني في شرح الرسالة العملية (المسائل المنتخبة) لسماحة آية الله العظمى السيّد علي السيستاني دام ظلّه ، وقد ارتأت احدى تلامذته ، جمع تقريرات المسائل المختصّة بأحكام الدماء الثلاثة (الحيض والاستحاضة والنفاس) في كتاب اشتمل على مقدّمة وأربعة أبواب وأسئلة واختبارات لعموم الفائدة للباحثين.

أشرف على مراجعة الكتاب وتدقيقه والتعليق عليه الشيخ الدكتور محمود العيداني.

الحجم : وزيري.


عدد الصفحات : ٢٠٤.

نشر : منشورات العطّار ـ قم ـ إيران.

* أقرب المجازات إلى مشايخ الإجازات.

تأليف : العلاّمة السيّد علي النقوي.

تعدّ إجازة الحديث أحد أهمّ طرق الحفاظ على سلسلة سند الحديث والإبقاء على النصّ الوارد عن المعصومين عليهم‌السلام.

وقد جاء هذا الكتاب ليستعرض إجازة السيّد علي النقوي الهندي ـ أحد مشايخ الإجازة ـ للعلاّمة الكبير السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم يجيزه فيها رواية الحديث والسنّة وتأتي أهمّية هذا الكتاب في سند الرواة الطويل المتّصل بين عصر المجاز وعصر الإمام المعصوم عليه‌السلام ، وقد عنعن فيها المجيز للرواة الأعلام مردفاً لهم ترجمة وافية لمشايخه ومشايخ مشايخه إلى عصر

النصّ ، وقد قدّم السيّد محمّد رضا الجلالي لهذا السفر دراسة مقتضبة يبين فيها أهمّية دور الإجازة حيث عدّ سماحته أحد المجازين له في سلسلة سند الرواة من هذا السفر والكتاب نسخة مصوّرة لخطّ المصنّف وقد أعدّه ووضع فيها فهارسه مركز احياء التراث التابع لدار مخطوطات العتبة العبّاسية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٦٥٠ صفحة

نشر : العتبة العبّاسية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* بحوث في تاريخ الإسلام ج(١).

تأليف : محمود العيداني.

قراءة تاريخية مناطها النظرة القرآنية والإمام المعصوم وفق منهجية رسمها المؤلّف لأبحاثه التاريخية وقد بيّن معالمها في مقدّمة كتابه ، اشتمل


الكتاب على خمسين بحثاً وقد جعل لكلّ بحث تحت عنوان أهداف البحث ومقدّمته. بدءاً بتاريخ النبي الأعظم وحتّى بحثه المعنون فاطمة عليها‌السلام بعد أبيهارسول الله(صلى الله عليه وآله).

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٢٣.

نشر : العتبة العبّاسية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

* فكر الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام كما يبدو في نهج البلاغة.

تأليف : الدكتور جليل منصور العُريّض (ت ١٤٣٥ هـ).

تناول المصنّف رحمه‌الله دراسة فكرية لنصوص نهج البلاغة ألمّت بجميع الجوانب السياسية والإجتماعية والأخلاقية والتربوية ، لكون نصوصه صادرة عن شاهد عيان ثقة ، عايش أحداث تاريخ صدر الإسلام معاينة مباشرة منذ بزوغ الدعوة حتّى الوقت

الذي تمخّض بالنقلات الحضارية الخطيرة ، التي كان مؤدّاها في نهاية المطاف تحوّل الخلافة الإسلامية إلى ملك وراثي. اشتمل الكتاب على مقدّمة يبيّن فيها مختلف الدراسات لنهج البلاغة ثمّ يعرض دراسته لهذا الكتاب الثرّ ، وعلى خمس أبواب : دراسة لما دار حول نصوص نهج البلاغة من جدل في مدى صحّة نسبته لعلي عليه‌السلام دراسة الفكر السياسي في نهج البلاغة ، دراسة لفكر الإمام علي عليه‌السلام الإجتماعي ، دراسة الجانب الكلامي وما احتوى عليه نهج البلاغة من تأمّلات كونية ، دراسة الأساليب التعبيرية في نهج البلاغة باعتبارهما البوتقة الجامعة لتفرّعات ذلك الفكر في شتّى ميادينه.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٩١٢.

نشر : دار المحجّة البيضاء ـ بيروت ـ لبنان.


* محاسن المجالس في كربلاء.

تأليف : سلمان هادي آل طعمة.

كتاب من موسوعة تراث كربلاء ، وهو من التراث الديني والمجتمعي لمدينة كربلاء حفظ فيه المؤلّف إرثاً كبيراً من الروايات والقصص والأحاديث والطرائف التي كانت تدور في هذه المجالس ، وقد ذكر إحصاءاً وصفاً دقيقاً لمجالس مدينة كربلاء المقدّسة قسّمها على القرون التى أُنشئت فيها بدءاً بالقرن الثامن الهجري ، حيث بلغت مجالس كربلاء

وطويريج ثمانين مجلساً ونيّف ، وقد ذكر ترجمة الشخصيّات والتعريف بالأُسر التي قامت بإنشاء هذه المجالس ورعايتها ، كما ذكر شطراً من الأراجيز والقصائد في الرثاء وتواريخ الأحداث وشيّد بشعرائهم مثل الشاعر الكبير محسن أبو الحبّ والشيخ محمّد السماوي والشيخ عبد الحسين الحويزي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٣٤.

نشر : دار الكفيل ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.

تراثنا ـ العدد [ 131 ]

المؤلف:
الصفحات: 286