
تراثنا
|
صاحب
الامتیاز
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام
لإحياء التراث
المدير المسؤول :
السيّد جواد
الشهرستاني
|
العدد
الثاني [١٣٠]
|
السنة الثانية
والثلاثون
|
محتـويات العـدد
* النعماني ومصادر الغيبة (٤)
................................................... السيّد
محمّد جواد الشبيري الزنجاني ٧
* الطبري وتفاسير
الشيعة ـ التأثير والتأثّر.
................................................................. مرتضى
كريمي نيا ٣٤
* التراث الحديثي
لابن أبي جمهور.
................................................... السيّد
حسن الموسوي البروجردي ٩٣
ربيع
الآخر ـ جمادى الآخر
|
١٤٣٨ هـ
|
*
من ذخائر التراث :
* البحر الزاخر في أصول الأوائل والأواخر للسيّد محمّد
مهدي القزويني.
................................... تحقيق
: السيّد محمّد علي السيّد محمّد بحر العلوم ١٥١
* من أنباء التراث.
................................................................... هيـئة
التحرير ٢٦٩
* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (البحر الزاخر في أصول الأوائل
والأواخر للسيّد محمّد مهدي القزويني) ، والمنشورة في هذا العدد.

النعماني ومصادر الغيبة
(٤)
|
|
السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني
بسم الله الرحمن
الرحيم
لقد تناولنا في هذه
السلسلة من المقالات تاريخ حياة النعماني وأساتذته وتلامذته ، وقد تعرّضنا إلى كتاب
غيبة
النعماني وتحديد تاريخ تأليفه ومباحث أخرى حول الكتاب.
وفي هذه الحلقة سنعمد
إلى تعداد مؤلّفات النعماني ونتحدّث عن المعلومات المختلفة بشأنها ، وسوف نتحدّث بشكل
رئيسي عن تفسير
النعماني ، ونسبة رسالة المحكم والمتشابه إلى النعماني أو إلى
السيّد المرتضى.
مؤلّفات النعماني :
١ ـ كتاب الغيبة :
يعتبر هذا النصّ من
أشهر مؤلّفات النعماني ، وقد تحدّثنا آنفاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسنتحدّث عنه مفصّلاً.
أمّا هنا فنكتفي بالإشارة إلى أنّ العلاّمة الطهراني قال : «يتّضح من بعض المواطن أنّ
هذا الكتاب كان يُسمّى بـ : (ملاء
العيبة في طول الغيبة) ، أو أنّه كان معروفاً بهذه التسمية» ، وقد جاء هذا العنوان
في مدخل حرف (الميم) من كتاب
الذريعة أيضاً ، وإنّ عدم معرفة المصدر
الذي أخذ منه هذه التسمية يجعلنا عاجزين عن تقييم اعتبار مثل هذه المعلومة.
٢ ـ كتاب الفرائض :
لقد تعرّض أبو العبّاس
النجاشي إلى ذكر هذا الكتاب في معرض ترجمته لأبي عبد الله النعماني ، ولكن ليس له من أثر
اليوم بين أيدينا ، ولم أعثر على من تعرّض له ، وهنا سنكتفي ببيان موضوع هذا الكتاب
: إنّ كلمة فرائض ـ جمع فريضة ـ تستعمل في العديد من المعاني ، فالفريضة والفرض قد
تعني الواجب ـ دون أيّ قيد ـ ، جاء في كتاب العين : «الفرض : الإيجاب
، والفريضة : الاسم» ، وجاء في لسان العرب : «فرضت الشيء أفرضه
فرضاً : أوجبته ... وافترضته كفرضه : والاسم : الفريضة .... والفرض والواجب سيّان عند الشافعي ، والفرض آكد من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الواجب عند أبي حنيفة».
ونسب النجاشي في ترجمة
محمّد بن الحسن بن عبد الله الجعفري
كتاب علل الفرائض والنوافل إليه ، وإنّ كلمة الفرائض
في هذه العبارة تعني ـ بقرينة التقابل مع النوافل ـ مطلق الواجب.
وأحياناً تكون هذه
الكلمة بمعنى العمل الواجب الذي يكون مجعولاً من قبل الله مباشرة. في قبال السنّة بمعنى الحكم الذي يجعله النبيّ الأكرم(صلى
الله عليه وآله) وفقاً لبصيرته الإلهيّة والعناية التي حباه بها الله من معرفته(صلى
الله عليه وآله) بالمصالح والمفاسد ، وبذلك تكون ممضاة من قبل الله سبحانه وتعالى.
هناك اختلافات في الأحكام
بين الواجبات الإلهية المباشرة والواجبات الإلهية غير المباشرة ، وهذا يشير إلى أهمّية
القسم الأوّل ، وقد تمّت الإشارة إلى هذه المسألة في الحديث المعروف : (لا تعاد الصلاة)
أو عبارة : (لا تنقض السنّة الفريضة) ، بيد أنّ هذه الرسالة
لا تتسع للتفصيل في هذا البحث.
وعلى كلا المعنيين
فإنّ كتاب الفرائض للنعماني سوف يكون
له مدخلية في العديد من أبواب الفقه. وبطبيعة الحال قد يمكن لنا اعتبار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرائض بمعنى مطلق
الواجبات (العلمية والعملية والسلوكية والاعتقادية) ، وعندها يكون للكتاب مضمون كلامي
ـ فقهي مثل كتاب الاقتصاد
فيما يجب على العباد للشيخ الطوسي ، حيث
اشتمل القسم الأوّل منه على المسائل الكلامية ، والقسم الثاني منه على المسائل الفقهية.
كما تستعمل الفرائض
أحياناً في خصوص المواريث ، وذلك حيث نجد عنوان كتاب الفرائض ضمن آثار الكثير من
المؤلّفين المدرجة في كتب الفهارس والمراد في الكثير منها هو المواريث ، وإنّ ذكر هذه
التسمية إلى جانب الأبواب الفقهية الأخرى وخاصّة كتاب الوصايا خير شاهد على هذا
المعنى. وإنّ كتاب الفرائض للمؤلّفين الآتي ذكرهم يتعلّق بخصوص هذا الكتاب الفقهي ،
ومنهم : الحسن بن سعيد ، والحسين بن سعيد (مشتركان) ، وأحمد بن محمّد بن
الحسين بن الحسن بن دول القمّي ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصفوان بن يحيى ، وعبد العزيز بن يحيى
الجلودي ، وعليّ بن الحسن
ابن عليّ بن فضّال ، ومحمّد بن أرومة ، وموسى بن الحسن بن
عامر ، ويحتمل قويّاً :
الحسن بن محمّد بن سماعة ، وعليّ بن الحسن
الطاطري ، ومحمّد بن الحسن
الصفّار ، ومعاوية بن حكيم ، والحسن ابن محبوب.
وقد نسب النجاشي ثلاثة
كتب باسم الفرائض ، وهي : (الفرائض
الكبير) ، و (الفرائض الأوسط) ، و (الفرائض
الصغير) إلى الفضل بن شاذان ، ولابدّ من إرجاعها
إلى مسائل المواريث وفقاً لما ذكرنا ، وإنّ الفتاوى المنقولة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن هذا العالم في الكتب
الروائية في باب الإرث إنّما تمّ نقلها من
أحد هذه الكتب ، كما نقلت في الكتب الروائية فتاوى عن يونس بن عبد الرحمن ، ولابدّ وأن تكون
هذه الفتاوى مأخوذة عن كتاب
الفرائض أو كتابه الآخر
المسمّى بـ : (الفرائض
الصغير).
علماً بأنّ كتاب الإيجاز في الفرائض تأليف الشيخ الطوسي ، واحتجاج الشيعة على زيد
بن ثابت في الفرائض لسعد بن عبد الله كلاهما في المواريث.
ومن الجدير بالذكر
أنّ واحداً من كتب المواريث كتاب من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّ أمير
المؤمنين عليهالسلام ، وقد تمّ التعبير
عنه بـ : (صحيفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرائض) ، أو (صحيفة كتاب الفرائض). وقد قام الإمام محمّد الباقر عليهالسلام بإظهار هذا الكتاب
لزرارة ومحمّد بن مسلم ، ويحتمل أن يكون هذا الكتاب جزءاً من كتاب عليّ عليهالسلام ، والذي نقل عنه الأئمّة
عليهمالسلام الكثير من الروايات
المأثورة عنهم في مختلف الأبواب الفقهية وغير الفقهية.
وفي موضع من كتاب الكافي تمّ نقل الكثير من
الروايات التفصيلية بشأن ديات أعضاء جسم الإنسان عن أمير المؤمنين عليهالسلام تحت عنوان (كتاب الفرائض) ، «عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنين عليهالسلام على عليّ أبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحسن عليهالسلام فقال : هو صحيح». ولكن تمّ التعبير عن عرض هذا الكتاب في موضع آخر بلفظ : (عرضت
كتاب الديات) ، وذكر في موضع آخر
بعبارة : (عرضت الكتاب) أو (عرضت كتاب عليّ عليهالسلام) ، وهي تعبيرات صحيحة
، ويبدو أنّ التعبير بكتاب الفرائض عن كتاب الديات غير صحيح ، وأنّه قد نشأ من خلط
الرواة.
وقد استعملت للفرائض
في اللغة معاني أخرى أيضاً ، ولكن على فرض صحّة
هذه المعاني يبعد أن يكون المراد
من كتاب الفرائض واحداً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هذه المعاني.
هذا ويمكن لنا من خلال
كتاب الفرائض لأبي عبد الله النعماني أن نشهد على فقاهته.
٣ ـ كتاب الردّ على
الإسماعيلية :
كذلك نسب أبو العبّاس
النجاشي هذا الكتاب إلى النعماني في معرض ترجمته ، ولكن نسخته مفقودة
وليس لها من وجود حاليّاً ، ولم نرَ من نقل عن هذا الكتاب. يمكن القول بشأن موضوع هذا
الكتاب : إنّ اتّساع رقعة نفوذ الإسماعيلية ووصولهم إلى السلطة في شمال أفريقية ، مع
ادّعاء المهدوية من قبل الخلفاء الفاطميّين ، يمكن أن يكون هو الدافع وراء النعماني
في تأليف هذا الكتاب ، وقد سبق ـ في معرض تعريفنا بغيبة النعماني ـ أن ذكرنا أنّ النعماني
من خلال تأليفه لكتاب
الغيبة واصل جهاده الفكري
في مواجهة الأفكار المنحرفة وخاصّة الأفكار الإسماعيلية ، كاشفاً النقاب عن بطلان دعوى
المهدوية من قبل القائم الفاطمي. فقد خصّص باباً مستقلاًّ من كتاب الغيبة لإثبات عدم إمامة إسماعيل ابن الإمام الصادق عليهالسلام ، ولم يتعرّض في كتاب
الغيبة لأيّ فرقة منحرفة أخرى بهذه الصراحة ، ولم يبادر إلى الإجابة عن شبهاتها ، وهذا
يعكس الحجم الكبير لنفوذ الإسماعيلية ، وضرورة التصدّي لهم فكريّاً في تلك الفترة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما نلاحظ كتباً أخرى
للنعماني ـ غير كتبه الثلاثة ـ من خلال قراءتنا في تضاعيف الكتب الرجالية والروائية
:
٤ ـ كتاب الدعاء :
في رسالة أبي غالب
الزراري ـ ضمن الكتب الموجودة في مكتبته التي أجاز لولده روايتها عنه ـ تحدّث عن «أجزاء
بخطّي فيها دعاء السرّ» ، وأضاف أنّ النعماني قد رواها له عن المحدّثين المذكورين في
تلك الكتب.
يبدو أنّ النعماني
قد ألّف كتاباً في الدعاء ، وأنّ جميعه أو بعضاً منه يمثّل الأجزاء المشار إليها في
العبارة المتقدّمة.
ويمكن لنا في تأييد
نسبة تأليف كتاب الدعاء إلى النعماني أن نستشهد
بعدد من الروايات المنقولة في المصادر الحديثية عن النعماني وقد ورد فيها ذكر دعاء
أو عدد من الأدعية ، فقد روى علي بن محمّد بن يوسف الحرّاني دعاء الاعتقاد عن النعماني
بسنده إلى الإمام الكاظم عليهالسلام ، ونقلاً عن محمّد
ابن هارون التلعكبري في مجموع دعوات غازي بن محمّد الطرائقي أنّه يروي أدعية أيّام
الأسبوع بخطّ النعماني ، وهذه الأدعية منقولة عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روى العلاّمة المجلسي
عن كتاب قديم ـ عثر على نسخته في النجف ـ ، رواية في سندها أبو
عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني ، تشتمل هذه الرواية على كرامة لإمام العصر
والزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ، وقد انساق الحديث هناك إلى كلام الإمام الصادق
عليهالسلام في دعاء الإلحاح ،
ودعاء أمير المؤمنين عليهالسلام بعد صلاة الفريضة وفي
سجدة الشكر ، ودعاء الإمام السجّاد عليهالسلام أثناء السجود في حجر
إسماعيل عند الميزاب.
ويمكن أن تكون هذه
الرواية مأخوذة من كتاب الدعاء
، كما يمكن أن
تكون مأخوذة عن كتاب الدلائل الذي سنذكره في العنوان
الآتي.
٥ ـ كتاب الدلائل :
إنّ الدلائل تعني الكرامات
والمعاجز التي تثبت إمامة الأئمّة عليهمالسلام. وقد نسب ابن طاووس هذا الكتاب للنعماني ، ونقل عنه روايتين. وقد توصل جيلبرغ ـ باعتبار ورود دلائل الإمام الرضا في الجزء
التاسع ـ إلى الحدس بأن يكون الجزء الأوّل منه مختصّ بدلائل النبيّ الأكرم (صلى
الله عليه وآله) ، وأنّ سائر الأجزاء ترتبط بسائر الأئمّة الأطهار عليهمالسلام على ترتيب إمامتهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك رواية مروية في
غيبة
الطوسي نقلاً عن النعماني يمكن أن تكون منقولة عن كتاب الدلائل ؛ إنّ
هذه الرواية تشتمل على واحدة من دلائل إمام العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) والتي
حدثت في فترة الغيبة الصغرى وذلك في عام ٣٠٩ للهجرة ، وقد ورد فيها لفظ (الدلائل) ولفظ
(الدلالة) صراحة.
وقد تمّت الإشارة في
هامش كتاب الدعاء
إلى رواية أخرى يحتمل
أن تكون مأخوذة من هذا الكتاب.
وقد سبق في البحث عن
تلامذة النعماني أن ذكرنا رواية عنه نقلاً عن تاريخ دمشق لابن عساكر ، اشتملت على فضيلة
من فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام برواية عمر بن الخطّاب
، ويحتمل أن تكون هذه الرواية مأخوذة من هذا الكتاب ، وبطبيعة الحال فإنّ الفضائل لم
تعدّ من مصاديق الدلائل طبقاً لمصطلح ذلك العهد ، بيد أنّ كتب الدلائل ـ كما هو الحال
بالنسبة إلى دلائل
الإمامة للطبري ـ كانت تتعرّض في بعض المناسبات لفضائل الأئمّة عليهمالسلام أيضاً.
٦ ـ كتاب التسلّي والتقوّي
:
ورد في المسألة الحادية
عشرة من كتاب جوابات
المسائل الطرابلسيّات الثانية للسيّد المرتضى ، بحث
حول المُسوخ. وقد عرض السائل هذا البحث وأضاف قائلا : هناك الكثير من الروايات التي
تحدّثت عن مسخ الناس قبل يوم القيامة ، وقد أكّد الشيخ المفيد صحّتها ، ورواها في كتابه التمهيد ، بيد أنّه
عدّ نظريّة التناسخ
من المحالات ، وقال : ما ورد من الأخبار المعتبرة لا يفيد إلا مسخ الله لجماعات من
الناس قبل يوم القيامة.
وقد استطرد السائل
قائلاً :
إنّ النعماني قد روى
الكثير من هذه الروايات والتي تحتمل معنى النسخ ـ بمعنى التناسخ ـ كما تحتمل معنى المسخ
، وإنّ إحدى تلك الروايات هي التي رواها في كتاب التسلّي والتقوّي وأسندها إلى الإمام
الصادق عليهالسلام ، وهي رواية طويلة
جاء في آخرها أن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) وجبرائيل عليهالسلام ومَلَك الموت عليهالسلام يحضرون الكافر عند
قبض روحه.
ثمّ نقل من هذه الرواية
ما يزيد على صفحة تحدّثت عن مسخ أعداء أهل البيت عليهمالسلام على شكل ديدان ، ومسخ
عمر بن سعد على شكل قرد ، وقد طلب السائل من السيّد المرتضى توضيح هذا النوع من الأحاديث.
إنّ عنوان الكتاب والرواية
المنقولة يوحي أنّ للكتاب مضموناً مشابهاً لمضمون كتاب (بشارة المصطفى لشيعة المرتضى عليهالسلام) ؛ حيث تحدّث عن مكافأة من يعتقد بولاية أهل البيت عليهمالسلام ، وعقوبة أعدائهم.
جدير ذكره أنّه ورد
في كتاب كنز
الفوائد حديث له مضمون مشابه لمضمون حديث التثليث : «أيّها الناس ، حلالي
حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة ، وبينهما شبهات من الشيطان
...» ، وقد ورد في ذيلها
عبارة في ذمّ إيذاء المؤمن ، ووصف المؤمنين ومحبّتهم لبعضهم البعض ، وهو يذكّرنا بالأبيات
التي قالها الشاعر المعروف سعدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيرازي :
بني آدم أعضاى
يك ديگرند
|
|
كه در آفرينش
زيك گوهرند
|
چو عضوى به درد
آورد روزگار
|
|
دگر عضوها را
نماند قرار.
|
ويحتمل أن يكون حديث
«حلالي حلال إلى يوم القيامة ...» مأخوذاً من هذا الكتاب ، كما أنّه يحتمل أن يكون
من الروايات التي نقلها النعماني مشافهة ، أو يكون أساس نقل هذه الرواية من كتاب مثل
كتاب ابن محبوب وما جاء فيه من ذكر النعماني ما هو إلاّ لوقوعه في طريق الكراجكي إلى
هذا الكتاب.
٧ ـ تفسير النعماني
:
تضمّن الجزء الثالث
والتسعين من كتاب بحار
الأنوار على رسالة مستقلّة في (أصناف آيات القرآن وأنواعها وتفسير بعض
آياتها برواية النعماني) وقد جاء نصّها بشكل كامل ، وقد طبعت هذه الرسالة تحت عنوان
(المحكم
والمتشابه) طبعة حجرية في بيروت
(عام ١٣١٢ للهجرة) بخطّ محمّد تقي ، ولكن يُنسب تأليفها إلى السيّد المرتضى علم الهدى.
وبعد ذكر مقدّمة مشتملة على خطبة الكتاب وأهمّية القرآن ، واقتران القرآن وأهل
البيت عليهمالسلام ، وضرورة أخذ علم القرآن
عن أهل البيت وأتباعهم ، قال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«قال أبو عبد الله
محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني رحمهالله في كتابه في تفسير القرآن : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة ، قال : حدّثنا
أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي عن اسماعيل بن مهران عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن
أبيه عن اسماعيل بن جابر ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام يقول : إنّ الله تبارك
وتعالى بعث محمّداً ، فختم به الأنبياء ...».
وبعد ذكر بعض الأمور
بشأن الشريعة النبوية ، والظلم الذي لحق بأوصياء النبيّ بعد رحيله ، تمّ التذكير بالمنهج
الخاطئ في تفسير القرآن والرجوع إلى هذا الكتاب السماوي دون الالتفات إلى دقائقه ولطائفه
، ومن خلال الإشارة إلى أقسام الآيات القرآنية ومطالبها وضرورة إدراك ذلك كمقدّمة
للتفسير وحصر علم ذلك على أهل البيت عليهمالسلام ، ثمّ أضاف قائلاً
:
«ولقد سأل أميرَ المؤمنين
عليهالسلام شيعتُه عن مثل هذا
فقال : إنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن على سبعة أقسام ...».
ثمّ أحصى ما يقرب من
خمسين قسماً من الآيات والمعارف القرآنية ، ثمّ عمد بعد ذلك إلى توضيحها بالتفصيل.
وهناك عدّة نقاط جديرة بالبحث والدراسة بشأن هذه الرسالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ ـ نسبة الرسالة إلى
السيّد المرتضى.
ب ـ نسبة الرسالة إلى
النعماني.
ج ـ دراسة الرسالة
بوصفها نصّاً روائيّاً من حيث المتن والسند.
د ـ تقرير الرسالة
بوصفها نصّاً تفسيريّاً.
هـ ـ مقارنة الرسالة
بمقدّمة تفسير القمّي.
و ـ تفسير النعماني
ورسالة سعد بن عبد الله.
أ ـ نسبة الرسالة إلى
السيّد المرتضى :
لم يرد ذكر لهذه الرسالة
في عداد آثار السيّد المرتضى في كتب القدماء ، من قبيل : رجال النجاشي ، وفهرست الشيخ الطوسي ، وإجازة محمّد بن
محمّد البصروي عن السيّد المرتضى والتي اشتملت على قائمة بمؤلّفاته ، ومعالم العلماء لابن شهرآشوب ، ومن خلال تتبّعي
فإنّ أوّل شخص نسب هذه الرسالة إلى السيّد المرتضى هو الشيخ الحرّ العاملي ، حيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كرّر هذا الأمر في
الكثير من مواضع وسائل
الشيعة ، وأمل الآمل ، والفصول المهمّة في أصول
الأئمّة.
كما ذكر ذلك معاصره
العلاّمة محمّد باقر المجلسي في مقدّمة بحار الأنوار أيضاً ، ولكنّه لم يُشر إلى
هذه النسبة في أيّ موضع آخر من مواضع بحار الأنوار ، وقد اعتبر في جميع
المواطن أنّ هذه الرسالة هي من تفسير
النعماني ، واكتفى في نقل كامل
الرسالة بعبارة : (برواية النعماني) فقط. وبعد صاحب الوسائل كثيراً ما تردّدت نسبة
هذا الكتاب في كلمات الفقهاء إلى السيّد المرتضى ، من قبيل : صاحب الحدائق في كتاب
الحدائق
الناضرة ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكذلك في لؤلؤة البحرين ، وصاحب الرياض في رياض العلماء ، والمحقّق القمّي
في غنائم
الأيام ، والفاضل النراقي
في مستند
الشيعة ، وصاحب الجواهر في
جواهر
الكلام ، و ....
حيث يبدو أنّ نسبة
هذا الكتاب من قبل كبار العلماء جاءت تبعاً لما ورد في كتاب وسائل الشيعة الذي أضحى محوراً معتمداً
لدى الفقهاء في نقل الروايات ، كما أنّ صاحب الحدائق أخذ هذا الأمر في بعض الموارد
نقلا عن
الوسائل وقد اعتبر الفقهاء هذه النسبة من المسلّمات ولم يقوموا بأىّ
تحقيق في هذا الشأن.
ولم أجد أىّ شاهد معتبر
على إثبات هذه النسبة ، كما أنّ الهيكليّة العامّة لهذا التفسير الذي هو بأجمعه عبارة
عن نقل رواية فيها نوع من التفصيل تختلف عن أسلوب آثار السيّد المرتضى ، فقد انتهج
السيّد المرتضى في جميع مؤلّفاته منهجاً مستقلاًّ وإبداعيّاً بالكامل ، فقد عمد إلى
نقل الروايات في أثناء كتابه ، ولا نجد بين آثار السيّد كتاباً لا يعكس جانباً من أفكاره
وآرائه ، لذلك لا يمكن القبول بنسبة هذا الكتاب إلى السيّد المرتضى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جدير بالذكر أنّ المحقّق
المعروف محمّد أبو الفضل إبراهيم عمد في مقدّمة أمالي السيّد المرتضى إلى نسبة رسالة المحكم والمتشابه إلى السيّد
المرتضى نقلاً عن ابن شهر آشوب في معالم العلماء.
وقد تكرّر ذات الشيء
في مقدّمة الانتصار بقلم رشيد الصفّار
أيضاً ، وبطبيعة الحال تمّت المناقشة في نسبة الكتاب إلى السيّد المرتضى.
ولم يرد هذا الأمر
في أىّ واحد من طبعتي معالم
العلماء في ترجمة السيّد المرتضى ، وقد يكون منشأ هذا الاشتباه عبارة
المحدّث البحراني في لؤلؤة
البحرين ، فإنّه بعد ذكر كتب السيّد المرتضى ، قال : «هذا ما ذكره ابن
شهر آشوب في معالم
العلماء ، ومن مؤلّفاته أيضاً رسالة المحكم والمتشابه ، وكلّها منقولة من
تفسير
النعماني». وربّما كان كاتب المقدّمة قد ألقى نظرة سريعة على هذه العبارة
، فتصوّر أنّ المسألة المتعلّقة برسالة المحكم والمتشابه منقولة عن ابن شهر
آشوب.
إنّ عدم صحّة نسبة
هذا الكتاب إلى السيّد المرتضى يُعدُّ أمراً مسلّماً به تقريباً ، وعليه لم يتّضح لنا
سبب نسبة هذا الكتاب إليه ، والأمر الوحيد الذي يمكن ذكره في هذا الشأن هو أنّ صاحب
رياض
العلماء ينقل عن السيوطي في طبقات النحاة كتاباً تحت عنوان (المحكم) في عداد مؤلّفات السيّد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرتضى ، ولكن في النصّ المطبوع
لكتاب السيوطي ورد بدلاً من هذا الاسم مفردة (المحكي) ، وهي تتمّة لاسم كتاب
للسيّد المرتضى تحت عنوان : كتاب
النقض على ابن جنّي في الحكاية والمحكي ، والذي نسب في مصادر رجالية أُخرى إلى السيّد المرتضى أيضاً.
وبطبيعة الحال يبعد
أن يكون مثل هذا التصحيف هو الذي أدّى إلى هذه النسبة.
ب ـ نسبة الكتاب إلى
أبي عبد الله النعماني :
تقدّم أن رأينا الرواية
التفصيلية لهذه الرسالة عن النعماني في كتابه الذي ألّفه في تفسير القرآن ، وإنّ السند
المذكور في هذه الرسالة هو من الأسانيد المعروفة والمتكرّرة كثيراً عند النعماني ،
كما سنذكر ذلك في معرض الحديث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن سند هذا الكتاب.
بيد أنّ النجاشي لا
ينسب إليه مثل هذا الكتاب مع أنّه يقول في ترجمة النعماني : «رأيت أبا الحسين محمّد
بن علي الشجاعي الكاتب يقرأ عليه كتاب الغيبة ... ووصّى لي ابنه أبو عبد الله الحسين بن محمّد الشجاعي بهذا
الكتاب وبسائر كتبه ، والنسخة المقروءة [أي من كتاب الغيبة] عندي». قد يمكن بالالتفات
إلى هذه العبارة (سائر كتبه) من النجاشي التأمّل في نسبة هذا الكتاب إلى النعماني.
ولكن يجب الإلتفات
أوّلاً : أنّه لا يُفهم من هذه العبارة أنّ النجاشي كان بصدد إحصاء جميع مؤلّفات النعماني
، وخاصّة إذا ما عرفنا أنّ تفسير
النعماني ما هو إلاّ مجرّد رواية واحدة تفصيلية ، وربّما اعتبر النجاشي
ـ في هذا النوع من الموارد ـ الكتاب من تأليف شخص مثل الحسن بن علي بن أبي حمزة ، وهذا
ما سنتحدّث عنه فيما بعد أيضاً.
ثانياً : ليس هناك
من دليل على أنّ النجاشي قد حصل على جميع مؤلّفات النعماني ، كما لا يفهم ذلك من العبارة
المتقدّمة أيضاً ، وإنّما أقصى ما تفيده هذه العبارة هو أنّ أبا عبد الله الشجاعي قد
أوصى له بكتب النعماني التي بحوزته والتي ذكرها النجاشي ، وبالتالي فإنّ هذه الكتب
قد دخلت في ملكيّته ، وعلى فرض صحّة هذا الفهم من عبارة النجاشي ، لا يمكن لنا أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ننكر نسبة كتب أخرى
للنعماني غير تلك التي ذكرها النجاشي.
ثالثاً : سبق أن ذكرنا
أنّه يظهر من تضاعيف كتب القدماء أنّه بالإضافة إلى الكتب الثلاثة الأولى وهي : (الغيبة ، والفرائض ، والردّ
على الإسماعيلية) كان للنعماني كتب أخرى أيضاً ، ولا شكّ في أنّ كلام أمثال أبي غالب الزراري أقوى
ممّا فهمناه من كلام النجاشي.
بعد أن كانت عبارة
النجاشي لا يُفهم منها نفي نسبة هذا الكتاب للنعماني ، فما هو الدليل على إثبات ذلك
للنعماني؟
إنّ أوّل شيء يمكن
لنا أن نسوقه كدليل على هذه النسبة ، عبارة ابن شهر آشوب في باب (في من عُرف بكنيته)
في معالم
العلماء ، حيث قال :
«أبو عبد الله محمّد
بن إبراهيم ، له تفسير القرآن لأهل البيت عليهمالسلام».
قال سماحة السيّد المددي
بشأن هذه العبارة :
«إنّ هذا الاسم والكنية
وإن كانا ينطبقان على النعماني ، ولكن مع ذلك لا يمكن الاطمئنان إلى أنّ مراده منهما
هو النعماني المعروف ، فضلاً عن الجزم واليقين بذلك ، خاصّة وأنّ هذا الكتاب يشتمل
على تبويب لأبحاث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وآيات القرآن الكريم
، وإنّ جميعه جاء على شكل رواية واحدة مأثورة عن الإمام أمير المؤمنين ، وليس تفسيراً
بالمعنى المعروف».
يضيف الكاتب : أنّه
لا شكّ في أنّ مراد ابن شهر آشوب من هذه العبارة ليس هو النعماني ؛ وذلك لأنّه قد ترجم
للنعماني في باب الأسماء بعبارة : «محمّد بن إبراهيم أبو عبد الله النعماني ، من كتبه
كتاب الغيبة» ، ولا معنى إلى إعادة
ذكره مرّة ثانية في باب الكنى ، خاصّة وأنّ النعماني غير معروف بكنيته ، وأنّ النجاشي
يعلم بأنّ النعماني يُعرف بـ : (ابن زينب) ، وقد اشتهر في العصور
اللاحقة بالنعماني. وأنا لا أتذكّر أن رأيت كلاماً عن النعماني في كتاب دون ذكر لقبه.
علماً أنّه من الممكن
لشخص أن يذهب إلى القول بأنّ المراد من العبارة المتقدّمة هو النعماني ، وذلك من خلال
القول : إنّ هناك نسخة تحمل عنوان (تفسير القرآن لأهل البيت عليهم السلام) منسوبة إلى
شخص اسمه (أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم) قد وصلت إلى ابن شهر آشوب ، وحيث إنّه لم
يكن يعرف المؤلّف باسمه ، فقد ذكره في باب الكنى ، مع إضافة استبعاد أن يكون هناك مؤلّفان
لكتاب تفسير واحد ويتّحدان في الاسم واسم الأب والكنية ، وبذلك تكون نسبة هذا الكتاب
إلى النعماني ثابتة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيد أنّ هذا الاستدلال
غير متين ؛ إذ لا نعلم العصر الذي ينتمي له هذا الشخص ، وإنّ اسمه واسم أبيه وكنيته
كانت جميعها مشهورة ومتداولة ، ولا يبعد أن يكون هناك شخصان بهذه المواصفات خصوصاً
إذا كانا ينتسبان إلى عصرين مختلفين. وممّا يعزّز عدم متانة الاستدلال المتقدّم هو
أن نضيف هنا أنّ التعبير عن هذه الرسالة بـ : (لأهل البيت عليهمالسلام) ، مع أنّها لم تُنقل إلاّ عن أمير المؤمنين عليهالسلام لا يبدو مناسباً أبداً.
ثمّ إنّنا لو قبلنا
بأنّ النعماني كان له كتاب بعنوان (تفسير القرآن) ، فكيف يمكن لنا أن نثبت أنّ النسخة
الموجودة حاليّاً هي له ، أو أن نثبت أنّ هذه الرسالة مأخوذة عن تفسير النعماني؟
في الجواب عن هذا السؤال
نقول إجمالاً : إنّ إثبات نسبة النسخ إلى الكتب مسألة هامّة ، ولها أساليبها الخاصّة
، وإن الاستناد إلى إجازات العلماء في ذلك غير مجدية ؛ لأنّ الإجازات في أغلبها عامّة
ومن دون مناولة ، ولا تساعد على نسبة الكتب إلى مؤلّفيها ، فضلاً عن إثبات نسخة بعينها.
وعليه فإنّ إثبات نسبة النسخ إلى المؤلّفين يكون من خلال أساليب خاصّة تتبّع في
معرفة النُسخ مع الالتفات إلى علامات البلاغ ومقابلة ومقارنة الكتاب بآراء وأفكار المؤلّف
وأسلوب وسياق تأليفاته ، ومقارنة أسانيده بالأسانيد المعروفة ، وفي هذا الشأن لا فرق
بين الإجازة والوجادة أبداً طبقاً لمصطلح أهل الدراية.
وقد ذكرت تفصيل هذا
البحث في رسالة مستقلّة حول دور الطرق
والمشيخة في الأسناد
، ولا مجال لذكر هذا التفصيل هنا.
وإنّما نكتفي هنا بالإشارة
إلى أنّ ذكر اسم النعماني صراحة في بداية الكتاب ، وتطابق سنده مع الأسانيد المعروفة
للنعماني ، وانسجام محتوى الكتاب مع أسلوب التفكير الروائي للنعماني المبتني على محورية
أهل البيت عليهمالسلام في أخذ التعاليم الدينية
، لا يبعد أن يكون هذا الكتاب من تأليف النعماني.
ومن المفيد هنا أن
نشير إلى أنّ المحدّث النوري يرى أنّ رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى هي
اختصار لتفسير
النعماني ، ولكن بالالتفات إلى
فقدان أصل تفسير
النعماني ، وإنّ العبارة الواردة في بداية هذه الرسالة ليس فيها ما يصرّح
بوضوح أنّ كتاب تفسير
النعماني كان أكبر حجماً من هذه الرسالة ، فلا يمكن الحكم باختصار الرسالة
الموجودة عن تفسير النعماني.
نختم هذا القسم بنقل
ومناقشة كلام سماحة السيّد المددي حيث قال :
«بما أنّ النعماني
قضى آخر أيّام حياته في الشامات ـ وفي مدينة حلب تحديداً ـ وكانت وفاته هناك ، مضافاً
إلى انتشار تيّار الغلوّ في تلك المنطقة ـ وهو الأمر الذي يفسّر تواجد العلويّين هناك
حتّى هذه اللحظة ـ وتأثيره على الفكر الشيعي هناك ، هذا كلّه يقوّي احتمال كون هذا
الأمر هو السبب الكامن وراءاعتبار هذا الكتاب ضمن التراث العلمي للنعماني ، لينتشر
فيما بعد في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحافل العلمية المعروفة
آنذاك ، أي : قم وبغداد والكوفة وغيرها على صورته الراهنة دون إسناد مباشر إلى المؤلّف
ـ ولو على شكل إجازة ـ».
وقال في الختام :
«وبطبيعة الحال تبقى
هذه الأمور مجرّد احتمالات ، وعلى الرغم من قيام بعض الشواهد على تأييد ذلك ، ولكن
تبقى هناك حاجة إلى مزيد من الشواهد».
بيد أنّي لم أعثر ولو
على شاهد واحد ـ حتّى وإن كان ضعيفاً ـ يثبت أنّ الرسالة مورد البحث قد كتبت في الشامات.
ويبدو أنّ تأثير الغلوّ
على الفكر الشيعي في منطقة الشامات يعود إلى نشاط الحسين بن حمدان الخصيبي ، وقد أشارت
مصادر العلويّين إلى دوره الكبير في إرساء الدولة الحمدانية ، حتّى قالت فيه إنّه كان
المرشد الروحي لسيف الدولة الحمداني ، وتعتقد أنّ اعتلاء الدولة الحمدانية ما هو إلاّ
بسبب اهتمام الحسين بن حمدان بها وحرصه عليها. وقال ابن حجر : «قيل : إنّه كان يؤمّ لسيف الدولة». ولكن إلى أيّ حدّ يمكن الاعتماد على هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام؟ هذا كلّه يحتاج
إلى دراسة. وهل تأثير الحسين بن حمدان على سيف الدولة يعني بالضرورة تأثير تيّار الغلوّ
على الفكر الشيعي في تلك المنطقة؟ هذا كلّه غير واضح.
والأهمّ من ذلك أنّنا
لم نعثر على أىّ أثر يثبت لنا ارتباط الحسين بن حمدان بالنعماني ، ومن ناحية أخرى نجد
أنّ النعماني في هذه الرسالة يروي هذا الحديث الطويل عن طريق ابن عُقدة وهو من الكوفة
وارتحل إلى بغداد ، دون أن تكون له صلة بالشامات ، ولذلك لا يمكن لنا أن ندّعي انتقال
هذه الرسالة من الشامات إلى قم وبغداد والكوفة.
وللبحث صلة ...
الطبري وتفاسير الشيعة
التأثير والتأثّر في التراث التفسيري القديم
بين الشيعة والسنّة
|
|
مرتضى كريمي نيا
بسم الله الرحمن
الرحيم
إنّ العلاقة بين تفاسير
الشيعة قديماً وبين تفسير
الطبري إنّما هو موضوع قلّما قد بُحث في الأوساط العلمية رغم أهمّيته
الكبيرة ، وسأسعى في هذا المقال المختصر ـ جهد الإمكان ـ أن أخطو الخُطوات الأولى في
هذا المضمار ، وإنّ مقالتي هذه تبحث أوّلا عن المصادر والأبحاث والروايات الشيعية في
تفسير
الطبري ، ثمّ تتطرّق إلى التأثير المباشر أو غير المباشر لتفسير الطبري
على التفسير الشيعي في تسلّل بعض الأبحاث والروايات السُّنّية ـ ونعني بذلك أقوال الصحابة
والتابعين ـ إليها وذلك من خلال تفسير
التبيان في تفسير القرآن الذي ألّفه الشيخ الطوسي
في أواسط القرن الخامس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهجري.
فلذلك أرى من المناسب
أن نقوم بتقسيم هذا المقال إلى قسمين مستقلّين تحت عنوانين :
أ ـ استفادة الطبري
من تفاسير الشيعة.
ب ـ تأثير تفسير الطبري
على سائر التفاسير الشيعية المتأخّرة عليه.
إنّ تفسير الطبري يُعدّ أهمّ تفسير مأثور
للقرآن الكريم في التراث الإسلامي ، وسرعان ما أخذ هذا
الكتاب مكانته في المجاميع العلمية ، إذ لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا وإنّ التقارب الشيعي
ـ السنّي في مجال التفسير إنّما كان ناتجاً عن اهتمام المفسّرين الشيعة بتفسير الطبري
واطّلاعهم عليه.
ولكن قبل كلّ شيء لابدّ
لنا أن نرى مدى تأثّر الطبري بالروايات التفسيريّة الشيعية.
أ ـ استفادة الطبري
من تفاسير الشيعة :
لم يعط محمّد بن جرير
الطبري أيّ معلومة في تفسيره عن المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التي اعتمدها ، وما
قرّره ياقوت الحموي في شأن مصادر الطبري يحتمل أن يكون أقدم ما أُلّف في هذا المضمار
، فقد أشار في كتابه معجم
الأدباء إلى جملة من المصادر التي اعتمدها الطبري في تفسيره منها : «تفسير
ابن عباس بخمسة طرق ، تفسير سعيد بن جبير بطريقين ، تفسير مجاهد بن جبر بثلاث طرق وبطرق
أخرى غيرها ، تفسير قتادة بن دعامة والحسن البصري وعكرمة بثلاث طرق ، تفسير الضحّاك
بن مزاحم بطريقين ، تفسير عبدالله بن مزاحم برواية واحدة ، وعدّة تفاسير لمفسّرين آخرين
مثل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ابن جريج ومقاتل بن سليمان» ، كلّ ذلك يشير إلى
عدم وجود المصادر الشيعية القديمة ولا أسماء الرواة والمفسّرين الشيعة في تفسيره ،
ولكن ومع كلّ ذلك فإنّ البحث والتدقيق في متن تفسير الطبري يؤدّي بنا للحصول على
آثار تحكي عن اطّلاع الطبري على تفاسير الشيعة.
لقد مرّ التفسير الشيعي
بمراحل مختلفة وقد تبلورت معالمه وشاع أمره في الأوساط العلمية طوال تلك الحقب حتّى
زمان الطبري ، مضافاً إلى الروايات التفسيرية المختلفة لأئمّة الشيعة والمدوّنة هنا
وهناك في مصادرهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومجاميعهم الحديثية
من قبيل (الأصول الأربعمائة) فإنّ بعض أصحاب الأئمّة أيضاً قد عكفوا على تدوين كتب
التفسير وكتب القراءات ، وقد قدّمت المصادر الرجالية الشيعية والفهرست لابن النديم
تقارير في شأن المؤلّفات التفسيرية التي صنّفت في غضون القرنين الثاني والثالث الهجريّين
وإنّ أغلب هذه المصنّفات لم تصل إلينا ، فبعض هؤلاء المفسّرين هم عبارة عن : زيد بن
علي بن الحسين ، أبو الجارود زياد بن منذر ، جابر بن يزيد الحارث الجعفي ، أبو جعفر
محمّد بن علي بن أبي شعبة الحلبي ، أبو بكر داود بن أبي هند ، أبو سعيد أبان بن تغلب
، أبو حمزة ثابت بن دينار الثمالي ، أبو بصير الأسدي ، منخّل بن جمال الأسدي ، الحسن
بن واقد المروزي ، هشام بن سالم الجواليقي ، وهيب بن حفص الجريري ، محمّد بن الحسن
بن أبي سارة ، أحمد بن صبيح الأسدي ، أبو روق عطية بن الحارث ، الحسن بن علي بن أبي
حمزة الكوفي البطائني ، أبو جنادة الحسين بن مخارق السلولي ، أبو عبّاس أحمد بن الحسن
الاسفرائني ، أبو محمّد يونس بن عبد الرحمن ، أبو جعفر محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين
، أبو عبد الله محمّد بن خالد القمّي البرقي ، أبو جعفر محمّد بن أرمة القمّي ، أبو
محمّد الحسن بن علي بن فضّال الكوفي ، أبو علي الحسن بن محبوب السرّاد ، موسى بن إسماعيل
بن الإمام موسى بن جعفر ، أبو محمّد عبد الله بن وضّاح بن سعيد الكوفي ، أبو عبد الله
محمّد بن الحسن الرازي ، أبو محمّد الحسين بن سعيد بن مهران
الأهوازي ، أبو محمّد
الفضل بن شاذان بن الخليل الرازي النيسابوري ، أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن سيّار
البصري ، أبو الحسن علي بن الحسن بن فضّال الكوفي ، أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد
البرقي ، أبو عبد الله محمّد بن العبّاس المعروف بابن ماهيار ، أبو عبد الله أحمد بن
الحسن الخزاز ، أبو جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار القمّي ، فإنّ النسخ الأوّلية
من هذه الكتب لم يصل إلينا شيء منها بعينه ولكن العديد منها كان
في حوزة علماء الشيعة والسنّة وفي متناول أيديهم إلى قرون متمادية وقد نقلوا عنها في
تفاسيرهم ، وإنّ مضامين هذه
الروايات التفسيرية مختلفةٌ في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضامينها ، فمن هذه
الروايات ما تتطرّق إلى بيان اختلاف القراءات المنسوبة لبعض أئمّة الشيعة مثل الإمام
محمّد الباقر والإمام جعفر الصادق عليهماالسلام والمنسوبة أيضاً إلى
تلامذتهم مثل زيد بن علي وأبان بن تغلب ، ونزرٌ من هذه الروايات تتطرّق إلى شرح المعاني
اللغوية للمفردات القرآنية ، وبعضها يبيّن سبب نزول آية من القرآن الكريم ، كما أنّ
البعض الآخر منها تتصدّى إلى بيان المعنى الكلامي أو الفقهي وتارة إلى البعد الأدبي
للآية.
إنّ من أقدم أصحاب
الأئمّة ممّن عُرف أنّ لديه تفسيراً روائيّاً كانت لهم أحوالٌ مختلفة ، فتارةً نرى
شخصيّات معروفة منهم ولكن أصحاب التراجم الشيعة لا يعدّونهم من الطائفة الإمامية وذلك
إمّا لأنّهم في جميع أيّام حياتهم أو شطراً منها لم يكونوا من الشيعة الإمامية ، فعلى
سبيل المثال فإنّ زياد بن منذر المعروف بأبي الجارود كان زيديّاً ، وأبا الحسن علي
بن أبي حمزة البطائني وأبا محمّد الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني كلاهما واقفيّان
، وإنّ أحمد بن محمّد السيّاري البصري ومحمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني يُعدّان من
الغلاة ، وفي قبال هؤلاء هناك رجال أمثال جابر بن يزيد الجعفي (م ١٢٨هـ) ، وأبان بن
تغلب (م١٤١هـ) وثابت بن دينار المعروف بأبي حمزة الثمالي (م ١٤٨ ـ ١٥٠هـ) هم من حملة
علم التفسير وممّن حظوا عند
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرجاليين الشيعة بالمدح
والثناء ، ومنهم مثل مقاتل والواقدي والكلبي فهؤلاء أيضاً لا يمكن عدّهم بالمعنى المعروف
ومن الناحية الاعتقادية من الشيعة ، ولكن يبدو من خلال الآثار المنسوبة إليهم أنّهم
يميلون إلى نقل روايات الشيعة.
وبعد مُضيّ هذه الحقبة
ـ أي عهد الأئمّة عليهمالسلام ـ يأتي دور الرّعيل
الأوّل من التفاسير الشيعية المدوّنة في تلك الحقبة وقد وصلت إلينا وغالباً ما حصل
فيها تغييراً جذرياً أو جزئيّاً وهي مثل تفسير : الحبري ، والعيّاشي ، وفرات
الكوفي ، وعلي بن إبراهيم القمّي ، وقد كتبت في أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن
الرابع الهجري ، وإنّ هذه التفاسير بأسرها قد انتهجت منهج التفسير المنتخب وذلك بمعنى
أنّها لم يقصد فيها تفسير القرآن الكريم بشكل كامل من أوّل الفاتحة إلى آخر سورة الناس
، وبشكل عام فإنّ ملاك هذه التفاسير في انتخاب الآيات هو خصوص الآيات التي لها صلة
بالمفاهيم الكلامية والتاريخية والفقهية والتفسيرية لمدرسة أهل البيت
عليهمالسلام ، وقد اقتصروا في
تفاسيرهم على روايات الأئمّة عليهمالسلام فقط ونادراً ما يذكرون
رواية أو رأياً للصحابة والتابعين ، وقلّما يبحثون الجوانب الصرفية والنحوية والبلاغية
في تفسير الآيات أو يستشهدون ببيت من الشعر الجاهلي ، هذا وإنّ الطبري كان مطّلعاً
على أغلب هذه التفاسير ومطّلعاً على الروايات التفسيرية في التفاسير
المتقدّمة عليه ولكنّ عدد الروايات
التفسيرية الشيعية ـ سواءً كانت من أئمّة الشيعة أو من رواتهم ومفسّريهم ـ ليست بالكثيرة
في تفسيره ، ويبدو أنّ السبب في ذلك يعود إلى تشدّده في بحثه السندي للرواية في حين
نراه على العكس من ذلك في بعض الموارد الأخرى مثلا في نقله الإسرائيليّات من وهب بن
منبّه وكعب الأحبار ، حتّى أنّه ذكر في
تفسيره بعض الروايات وهي من وجهة نظره غير مقبولة لكن نادراً ما نرى
في تفسيره مثل هذا العمل في باب روايات التفسير الشيعي.
ومن الواضح أنّ الطبري
لم يرو في تفسيره من بعض التفاسير المتقدّمة عليه ومن جملتهم مقاتل بن سليمان ، محمّد
بن عمر الواقدي ومحمّد بن سائب الكلبي أيّ رواية ، كما أنّه
لم يولي اهتماماً كبيراً للقدماء من القرّاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمفسّرين الشيعة
مثل أبان بن تغلب ، وإنّ الدليل في عدم
توجّه الطبري إلى هذه التفاسير إنّما يعود إلى التفاوت والبون بين المشارب الفكرية
والاعتقادية للطبري مع مفسّري هذه التفاسير. وبعبارة أخرى فإنّ أهمّ دليل في هذا الأمر
إنّما هو لاحتواء هذه التفاسير على أبحاث غير سنّية كالتفسير بالرأي والميول الشيعية
أو الاعتزالية لمؤلّفيها ، والدليل الآخر هو أنّ بعض هؤلاء المفسّرين مثل مقاتل فإنّه
مشهور بالجعل والتدليس ، وأمّا الآخرين مثل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلبي فإنّه كان ذا
فكر اعتقادي خاصّ ، وهذا الأمر هو السبب
في عدم توجّه الطبري لآرائهم التفسيرية.
إذا أردنا أن نبحث
عن الروايات الشيعية في تفسير
الطبري فعلينا أوّلا أن نبحث عن روايات الأئمّة
عليهمالسلام في هذا التفسير ، فمن
بين قدماء مفسّري أهل السنّة إلى أواخر القرن الرابع الهجري مثل مقاتل بن سليمان (ت
١٥٠هـ) ؛ والفرّاء (ت ٣٢٧هـ) ؛ عبد الرزّاق الصنعاني (ت ٢١٠هـ) ؛ أبو عبيد قاسم بن
سلاّم (ت ٢٢٤هـ) ؛ الطبري (ت ٣١٠هـ) ؛ ابن أبي حاتم (ت ٣٢٧هـ) ؛ والسجستاني (ت ٣١٦هـ)
؛ والنحّاس (ت ٣٨٨هـ) ؛ وأبي بكر الجصّاص (ت ٣٧٠هـ) ؛ أبو ليث السمرقندي (ت ٣٧٣هـ)
قد كان لهم السهم الأوفر في نقل الروايات التفسيرية لأئمّة الشيعة وخاصّة نقل روايات
الصادقين عليهماالسلام التي جاءت في تفسير الطبري. علماً بأنّ منقولات الطبري قد نقلت بأسرها تقريباً إلى تفسير القرآن العظيم الذي ألّفه إسماعيل
بن عمر ابن كثير (ت ٧٧٤هـ) ، وإنّ أهمّ هذه الروايات هي تلك التي نقلت عن الإمام الباقر
والإمام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصادق
عليهماالسلام ، فإنّ مجموع روايات
الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام ، في تفسير الطبري على ما أحصيته
تبلغ (٥٣) رواية ، وإنّ أغلب ما احتوت عليه هذه الروايات من مواضيع إنّما
هو في مجال توضيح بعض الأمور الفقهية وقلّما تطرّقت إلى
البيان اللغوي في باب المفردات القرآنية ، وإنّ جميع هذه
الروايات ذات أسانيد غير شيعية ، أي أنّها نُسبت إلى الإمام الباقر والإمام الصادق
عليهماالسلام عن طريق رواة أهل السنّة
، وقد نسبت بعض هذه الروايات إلى الصادقين
عليهماالسلام في المصادر الشيعية
القديمة ـ مثل
الكافي للكليني وتفسير العيّاشي ... ـ وكان رواتها من الشيعة ، فعلى سبيل المثال يمكن المقايسة
بين هذه التفاسير فيما ورد من تعبير الكعبين
في الآية رقم (٦) من سورة المائدة فإنّ الطبري يذكر رواية الإمام الباقر
عليهالسلام عن طريق إسناد أحمد
بن الحازم الغفاري عن أبي نعيم عن القاسم بن الفضل الحدّاني عن أبي جعفر
عليهالسلام في حين أنّ الكليني
والعيّاشي يرويان نفس الرواية عن زرارة مباشرة.
هذا وإنّنا ذكرنا خصوص
روايات الإمام الباقر والإمام الصادق عليهماالسلام لأنّ أغلب التفاسير
الشيعية القديمة قد اعتمدت روايات هذين الإمامين ، علماً بأنّ في تفسير الطبري بعض الروايات المنسوبة
لبقية الأئمّة عليهمالسلام ، فعلى سبيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المثال هناك ستّ روايات
عن الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام ، ورواية واحدة
فقط جاءت عن الإمام الحسين بن علي عليهالسلام في بيان آية (وَيَتْلُوْهُ
شَاهِدٌ مِنْهُ) ، وأمّا عن الإمام
علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام في تفسير الطبري فإنّ هناك عشرين رواية جاءت له في هذا التفسير ، وأمّا عن الإمام
علي بن أبي طالب عليهالسلام فقد تكرّر اسمه (١٢٥)
مرّة في تفسير
الطبري ، علماً إنّها إذا قورنت مع مفسّرين مثل ابن عبّاس وابن مسعود
فإنّها قليلة جدّاً ، هذا وأنّ بقيّة الأئمّة
عليهمالسلام لم يرد رواية عنهم
في تفسير
الطبري.
هذا وقد خلا تفسير الطبري من ذكر مفسّري الشيعة
وكذلك من رواة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروايات التفسيرية
لأئمّة الشيعة ممّن أشرنا إليهم ، ونظراً إلى شهرة الكثير من هذه التفاسير في القرن
الثالث الهجري في العديد من البلاد الإسلامية وخاصّة العراق (الكوفة ، واسط ، البصرة
، بغداد) يمكننا أن نجزم أنّ هذه المصنّفات والروايات كانت في حوزة الطبري أو استمع
إلى بعضها من مشايخه ، ومع ذلك كلّه فإنّ الطبري أشار إلى ثلاثة عناوين منها في تفسيره
فقط ونقل منها روايات محدودة ، فمن بين هؤلاء الثلاثة ، أبو الجارود زياد بن منذر زيدي
المذهب والآخران جابر الجعفي وأبو حمزة الثمالي فهما إماميّان ، ولكن سلسلة ما نقله
الطبري من هؤلاء جاءت عن الرواة.
هذا وقد أورد الطبري
في تفسيره روايتين أيضاً عن أبي الجارود بمضامين شيعية بحتة ، حيث جاء طريق إسنادها
في تفسيره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقط ، أمّا الرواية الأولى
فقد نقلها أبو الجارود عن الإمام الباقر
عليهالسلام في تفسير آية (٧) من
سورة البيّنة بهذا النحو وهو أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال : إنّ المراد من
(خير البرية) هم عليّ عليهالسلام وشيعته.
وفي شأن الرواية الأخرى
فقد ذكر أبو الجارود نقلا عن زيد بن علي أنّ الأشخاص الحضور في واقعة يوم المباهلة
هم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، علي ، فاطمة ، الحسن ، الحسين
عليهمالسلام.
كما أنّ الروايتين
المنقولتين عن أبي حمزة الثمالي في تفسير الطبري أيضاً لها إسانيد غير شيعية ، كما أنّ محتواهما لا يمتّ إلى
عقيدة الشيعة بصلة ، فقد نقل أبو حمزة إحدى الروايتين عن سعيد بن جبير ، كما نقل الأخرى عن
يحيى بن عقيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا روايات جابر
الجعفي عن الإمام الصادق عليهالسلام والتي هي عبارة عن
أربع وعشرين رواية قد ذكرها الطبري في تفسيره بأسانيد غير شيعية ، وإنّ سلسلة أسانيد
أغلب هذه الروايات جاءت بالنحو التالي :
حدّثني ابن وكيع ،
قال : ثنا أبي ، عن اسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، وقد ذكرت سلسلة الإسناد هذه
في أكثر من ثلاثين رواية ، حيث جاء في نهايتها عوضاً عن الإمام الباقر
عليهالسلام أسامي أشخاص مثل عكرمة
، عبدالرحمن بن أسود ، مجاهد ، الشعبي ، وعطاء.
كما أنّ روايات جابر
الجعفي في تفسير
الطبري كذلك أيضاً ليس لها ذاك الارتباط الوثيق بالمعتقد الشيعي.
واستناداً إلى النماذج
التي عرضت آنفاً يمكننا أنّ نستنتج أنّ التفاسير الشيعية ـ مثل الحبري ، أبو الجارود
، وأبو حمزة الثمالي ـ وكذلك روايات أئمّة الشيعة المدوّنة في المصادر الروائية التفسيرية
القديمة لم تحظ بالاهتمام من قبل الطبري ، فإنّ عدد ما روي عن أئمّة الشيعة ـ (زين
العابدين ، الباقر ، الصادق عليهمالسلام) ـ في تفسير
الطبري قياساً مع عددها في تفاسير المعاصرين والمتأخّرين عنه ممّن أخذ
عن الطبري مثل عبد بن حميد ، ابن المنذر ، أبو الشيخ الأصفهاني ، ابن عساكر ، الدارقطني
، الطبراني ، الثعلبي ، الواحدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النيشابوري ، والحاكم
الحسكاني فإنّها أقلّ بكثير ، فإنّ قسماً كبيراً من روايات أئمّة الشيعة المذكورة في
هذه التفاسير موجودة كذلك في تفسير
الدرّ المنثور لجلال الدين السيوطي ، وبالرغم من ولع الطبري بالقراءات حتّى أنّنا كنّا
نتوقّع أن نجد في تفسيره ذكراً للقراءات المنسوبة لزيد بن علي ، وللإمام جعفر بن محمّد
الصادق عليهالسلام والإمام محمّد بن علي
عليهالسلام أو القراءات المنسوبة
لرواة الأئمّة عليهمالسلام مثل أبان بن تغلب ،
إلاّ أنّنا نتفاجأ بعدم وجود ذكر لها في تفسيره ، كما أنّه قلّما ذكر
الطبري في تفسيره أسباب نزول الآيات اعتماداً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الروايات الشيعية
، فإنّ المعتقد الكلامي للطبري كان سبباً في تركه الكثير من الروايات التفسيرية المتداولة
آنذاك ، حيث نلمس ذلك جليّاً بمجرّد مراجعة تفاسير الشرق الإسلامي ـ ما وراء النهر
، خراسان ونيسابور ـ حيث نجد الكثير من هذه الروايات فيها ، فقد تناولت هذه التفاسير
بكلّ رحابة الروايات الدالّة على نزول بعض الآيات في شأن الأئمّة
عليهمالسلام وذلك كما يتناولها
علماء الإمامية ، في حين أنّ الطبري لم يأخذ بنظر الاعتبار هذه الروايات ، فعلى سبيل
المثال نرى أثر ذلك واضحاً في تفسيره للآية المرتبطة بواقعة يوم غدير خمّ ، فإنّ الطبري
لم يُشر لا من بعيد ولا من قريب للأخبار المشهورة في باب حجّة الوداع وواقعة الغدير
في تفسيره الآية (٦٧) من سورة المائدة ولا ذكر أسباب نزولها ، في الوقت الذي ذكر غيره
من المفسّرين سبب النزول هذا بكلّ صراحة ، سواءٌ كان أولئك المفسّرون معاصرين له مثل
ابن أبي حاتم أو متأخّرين عنه مثل الثعلبي ، والنموذج الآخر هو
آية (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حَقّهُ) (من سورة الزخرف آية ٢٣) ، حيث ذكر مفسّرو الشيعة والكثير من
مفسّري أهل السنّة أنّ المراد من (القربى) في هذه الآية هم الإمام علي وسيّدتنا فاطمة
الزهراء والحسنان عليهماالسلام ولكنّ الطبري لم ينبس
بكلمة ولم يذكر أيّ رواية في هذا الشأن ، وإنّه إذا ذكر مثل هذه الروايات في بعض
الموارد إنّما يحملها على معناها العام.
ب) تأثير تفسير الطبري
على التفاسير الشيعية المتأخّرة عنه.
كما ذكرنا سابقاً فإنّ
أغلب التفاسير الشيعية القديمة قد اعتمدت أساساً على نقل روايات أئمّة الشيعة ، وبناءً
على ذلك فإنّه لا يوجد في هذه التفاسير أساليب تفسيرية أخرى تعتمد أقوال الصحابة والتابعين
مثلا ، أو آراء مفسّرين مثل مقاتل والكلبي ، وتفاسير لغوية وأدبية من مفسّرين مثل الفرّاء
وأبي عبيدة ، كما لا يوجد فيها تحليل للاختلافات في القراءات ، ولا المباحث
الكلامية للمعتزلة.
ولكنّنا عندما نراجع
التفاسير الشيعية المعاصرة وكذلك المتقدّمة عليها ـ ما عدا تفاسير الصدر الأوّل والحقبة
الصفوية ـ نرى جميع هذه العناصر ـ غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيعية ـ متواجدةً
فيها. فقد يتسائل البعض أنّ هذه العناصر التفسيرية غير الشيعية وخاصّة روايات الصحابة
والتابعين في أيّ عهد دخلت إلى التفسير الشيعي وعن أيّ طريق دخلت؟
إنّ قسماً كبيراً من
تأثّر التفسير الشيعي وتقاربه مع تفسير أهل السنّة ـ في الأسلوب والمحتوى ـ قد وقع
في القرن الخامس والقرون التي تلته وذلك نتيجة لاطّلاع المفسّرين الشيعة على تفسير الطبري ونقل روايات الصحابة
والتابعين استناداً إليه ، ويمكننا بسهولة استنتاج هذا الأمر من خلال مصنّفات
متكلّمي ومفسّري الشيعة الذين قطنوا بغداد بعد تأليف تفسير الطبري حيث نجد فيها فارق
كبير في طريقتها ومحتواها مع التفاسير الشيعية للقرنين الثاني والثالث الهجريين.
إنّ أهمّ ما يمتاز
به تفسير
الطبري من وجهة نظر قدماء مفسّري الشيعة وعلمائهم طوال القرون المتمادية
هو جمعه لأقوال الصحابة والتابعين ، خلافاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لبعض التفاسير مثل
مقاتل والكلبي حيث أكثر ما عمدا إليه هو طرح آرائهم وأقوالهم ، وخلافاً للتفاسير الأدبية
واللغوية للقرنين الثاني والثالث الهجريّين مثل الفرّاء ، أبي عبيدة وابن قتيبة إذ
أكثر ما تعرّضوا إليه في تفاسيرهم هو الجانب الأدبي واللغوي ، في حين تفسير الطبري نراه قد تطرّق لجمع
الآراء وروايات الصحابة والتابعين في تفسير الآيات القرآنية ، هذا وقياساً للتفاسير
المشابهة ـ مثل ابن منذر ، ابن أبي حاتم ـ فإنّ تفسير الطبري كان هو الأكثر
اهتماماً لدى المفسّرين ممّن تأخّر عنه وذلك لما احتواه من المباحث النقدية ،
ولنظمه الخاصّ ، ولاشتماله على أمور غير روائية.
وقد اعتمد أغلب الأدباء
والمحدّثين والمفسّرين قديماً تفسير
الطبري ، وقد حضي بعناية خاصّة من قبلهم ، فقد صرّح ابن النديم حين
تأليفه كتابه الفهرست في سنة (٣٧٧هـ) قائلا
: «كتاب التفسير لم يعمل أحسن منه» ؛ كما ذكر الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣هـ) أيضاً هذا
الأمر عن لسان أبي أحمد بن أبي طاهر الفقيه الإسفرائيني (ت ٤٠٦هـ) قائلا : «لو سافر
رجل إلى الصين حتّى يحصل له كتاب تفسير محمّد بن جرير لم يكن ذلك كثيراً». فإنّ هذا الاعتناء بتفسير الطبري وشهرته نراه في كافّة
المجاميع العلمية الثقافية للعالم الإسلامي تقريباً ، وخاصّة في العراق وإيران في مستهلّ
القرن الرابع الهجري ، فقد انتقلت نُسَخَهُ التفسيرية من بغداد إلى مرو سنة (٣٥٤هـ)
بأمر من منصور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بن نوح الساماني وذلك
بعد أقلّ من نصف قرن بعد رحيل الطبري ، ولمّا عسر عليه قراءة النصّ العربي أمر أن يترجم
إلى الفارسية ، وإنّ اهتمام الرمّاني (ت ٣٨٤هـ) ـ من المعتزلة ـ بتفسير الطبري ـ حيث نلاحظ ذلك واضحاً
فيمّا تبقّى من تفسيره ـ هو خير دليل على ذلك ، وكذلك أيضاً يتبيّن بشكل واضح من خلال
كتب الأدب مثل كتب أبي إسحاق الزجّاج (ت ٣١١هـ) وأبي جعفر النحّاس (ت ٣٣٨هـ) ، وذلك
كلّه يدلّ على أنّ في تلك الحقبة ـ أي أواسط القرن الرابع الهجري ـ لم يكن للمحدّثين
والمفسّرين في بغداد أن يتخلّوا عن تفسير الطبري ولولاه لما استطاعوا
أن يبتكروا الجديد في مؤلّفاتهم ، كما أنّ علماء الشيعة
ومفسّريهم لم يكونوا بمنأى عن هذا التأثّر العلمي آنذاك ، فليس من العجيب أن يحيل كلٌّ
من الوزير المغربي في مستهلّ القرن الخامس والشيخ الطوسي في أواسط ذلك القرن في تفسيريهما
كراراً إلى تفسير
الطبري ، أو يتعرّضان إلى نقده بأساليب مختلفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنّ جميع علماء الشيعة
ومتكلّميهم تقريباً كان لهم في بغداد تعاط علميّ ومناضرات مع أهل السنّة والمعتزلة
في عهد آل بويه ، فإنّ نقل الأقوال من مصنّفات أهل السنّة ونقدهم وتقييم أقوالهم في
مؤلّفات الشيخ المفيد والشريف المرتضى والشريف الرضي أكثر بكثير ممّا نقله العلماء
والمحدّثون الشيعة من القمّيين في الحقبة نفسها ، فإنّ العلماء والفقهاء الشيعة في
بغداد في غضون القرنين الرابع والخامس الهجري كانوا دائماً يرغبون في المشاركة في البحوث
العقلية والنقلية لعلم الكلام في أصل مناضراتهم الكلامية خلافاً لمدرسة المحدّثين في
قم الذين كانوا يميليون إلى المسلك الأخباري ، وقد تأثّر علم التفسير وعلم الكلام الشيعي
ببعض علماء بغداد من المعتزلة وذلك لمجاورة علماء الشيعة لعلماء المعتزلة ومقابلتهم
لهم أحياناً ، وقلّ ما نرى هذا التأثير في مصنّفات الشيخ المفيد ، في حين نراه واضحاً
في مصنّفات الشريفين الرضي والمرتضى ، وكذلك الشيخ الطوسي الذي هو من أبرز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تلامذة الشيخ المفيد
والشريف المرتضى وكان له دورٌ فاعل في هذا المجال حيث يمكن أن نقول أنّه في حين تأليفه
التبيان كان تفسير الطبري لا يفارقه ، وعلى هذا
الأساس فإنّ كثيراً من نقولات وآراء الصحابة والتابعين قد تسلّلت إلى تفسيره هذا ،
ولكنّ علينا أن لا ننسى أنّ الوزير المغربي قبل الشيخ الطوسي هو الذي خطا الخطوة الأولى
في هذا المجال ، وإن كانت خطوته محدودة النطاق ، فإنّه إضافة إلى اهتمامه بتفاسير المعتزلة
قد قام بنقل أقوال مفسّري أهل السنّة وروايات الصحابة والتابعين صراحة ، كما أنّه كان
يولي أهمية إلى تفسير
الطبري كذلك.
وعلى أقلّ التقديرات
فإنّ هناك ثلاثة من متكلّمي وأدباء ومفسّري الشيعة قبل الشيخ الطوسي نعرفهم كان لهم
في مصنّفاتهم التفسيرية اهتمام بالطبري وتفسيره ، حتّى أنّهم كانوا قد تناولوا أقواله
بطريقة انتقادية في بعض الأحيان ، وإنّ هؤلاء الثلاثة هم عبارة عن الشريف الرضي (ت
٤٠٦هـ) والشريف المرتضى (ت ٤٣٦هـ) والوزير المغربي (ت ٤١٨هـ) ، وبطبيعة الحال فإنّ
هذه الطّريقة هي استمراراً لطريقة مفسّري ومتكلّمي معتزلة بغداد في القرن الرابع الهجري
مثل أبي الحسن الرمّاني (ت ٣٨٤هـ) وذلك لأنّ علماء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيعة في ذلك العصر
كان لهم علاقة علمية حسنة مع معتزلة بغداد ، حتّى أنّ الشيخ الطوسي
أحياناً كان يذكر انتقاداته على تفسير
الطبري نقلا عن الرمّاني.
ألف) الشريف الرضي
(ت ٤٠٦هـ) :
هو الشاعر والأديب
والمتكلّم الشيعي المعروف وجامع نهج البلاغة في نهاية القرن الرابع الهجري ، له تأليفان
في القرآن وتفسيره ، يتبيّن منهما بوضوح إحالاته إلى الطبري ، فالكتاب الأوّل هو تلخيص البيان في مجازات
القرآن ، والكتاب الثاني هو حقائق التأويل في متشابه التنزيل ولم يصل منها
إلينا اليوم سوى قسم منها ، فإنّ ذكره للمطالب الأدبية وجوابه على الإشكالات
الكلامية في بعض آيات القرآن هما الركنان الأساسيّان لتأليفاته القرآنية
والتفسيرية ، وبالرغم من أنّ الشريف الرضي نادراً ما يتطرّق للروايات التفسيرية إلاّ
أنّه لم يضيّع أيّ فرصة لنقد آراء الطبري الروائية والدرايتية ، وقد انتقد الشريف الرضي
في مورد من الموارد الطبريَّ قائلا : «وذكر أبو جعفر الطبري عن عكرمة والسدّي أنّهما
قالا في ذلك : (إنّ الملائكة لمّا نادت زكريّا بالبشارة ، اعترض ذلك الشيطان فوسوس
إليه أنّ ما سمعه من غير جهة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الملائكة وأنّه من
جهة الشيطان ، ولو كان من الله تعالى لكان وحياً ، فشكّ حينئذ وقال ما قاله). وهذا
القول جهل عظيم من قائله وقلّة بصيرة بمنازل الأنبياء
عليهمالسلام وما يجوز عليهم ممّا
لا يجوز عليهم».
وهناك نموذج آخر من
انتقادات الشريف الرضي على الطبري في تفسير آية (لَنْ تُقبَلَ توبَتُهُمْ).
ب) الشريف المرتضى
(ت ٤٣٦هـ) :
الفقيه والمتكلّم الشيعي
البارز ، تليمذ الشيخ المفيد وشقيق الشريف الرضي ، ولد في بغداد وتوفّي فيها ، وقد
تولّى الزعامة العلمية للطائفة الشيعية في بغداد بعد الشيخ المفيد من (سنة ٤١٣ إلى
سنة ٤٣٦ هجرية) ، كانت له علاقات حسنة مع بعض المعتزلة في بغداد ، وقد حظي بمنزلة علمية
فائقة في الأدب ، والكلام ، والفقه ، وإنّ الجوانب العقلية في تصانيفه واضحة المعالم
أكثر ممّا نجده عند الفقهاء والمحدّثين القمّيّين. والشريف المرتضى وإن لم يؤلّف تفسيراً
مستقلاًّ في القرآن الكريم إلاّ أنّه قد أبدى اهتماماً كبيراً بالتفسير الأدبي في العديد
من تأليفاته ، وإنّ كتاب غرر
الفوائد ودرر القلائد المعروف بـ : أمالي المرتضى هو أحد تصانيفه الأدبية
التي سعى بها للإجابة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على التساؤلات المهمّة
في فهم الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الشريفة أو بيت من الأشعار العربية المعروفة
، أو يوضّح ما كان غامضاً منها ، ولم تكن أيّ واحدة من الروايات التي تناولها في البحث
شيعية تقريباً ، كما أنّ تفسيره لآيات القرآن أيضاً إنّما بني بأسره على أساس طريقة
جديدة متباينة عن سائر التفاسير الشيعية القديمة ، فإنّه كان كثيراً ما يستند على علوم
اللغة العربية ويستشهد بالشعر العربي وبأقوال النحاة وأهل البلاغة ، ويناقش روايات
الصحابة والتابعين ، ويبحث في الآراء العقلية والكلامية للمعتزلة ، وفي آخر المطاف
يعلن حكميّته في فهم بعض الآيات القرآنية الغامضة ، وكثيراً ما كان يستعمل الأسلوب
النقدي لآراء اللغويّين مثل أبي عبيدة وابن قتيبة وابن الأنباري في تقييمه لهم.
إنّ تصانيفه الأخرى
تحتوي على آرائه القرآنية والتفسيرية أيضاً ، هذا وإنّ ما يقارب من نصف كتابه تنزيه الأنبياء ـ الذي هو في الأصل
كتاب كلامي ـ قد اختصّ بتفسير وتأويل الآيات التي ينسب ظاهرها إلى الأنبياء في
ارتكاب الذنوب والاشتباهات ، وهي في رأي الشيعة مخالفة لعصمة الأنبياء ، فإنّه يسعى
إلى عرض هذه الآيات ببيان تاريخي ولغوي وكلامي على نحو لا ينافي عصمة الأنبياء ، وقد
ترك لنا بعض رسائل أخرى صغيرة قد جاءت في تفسير بعض آيات القرآن وسوره على نفس الطريقة
الأدبية والكلامية له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنّ أحد المصادر التي
اعتمدها الشريف المرتضى في جميع هذه المصنّفات هو تفسير الطبري ، فإنّه تارة يذكر
رأي الطبري ، وتارةً يذكر أقوال وروايات الصحابة والتابعين من غير تصريح باسم تفسير الطبري في نقله ، ففي تفسير
قصّة إبراهيم وذبحه أربعة طيور (سورة البقرة ٢٦٠) فإنّ السيّد المرتضى يشير إلى جملة
(ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِيَنَّكَ سَعْيَاً) ويتساءل هل من الصحيح أن ندعو الحيوانات سواء كانت حيّة أم ميّتةً
أو نأمرها في حين أنّ أمر الحيوانات التي لا عقل لها ولا وعي قبيح على كلّ حال؟ وبعد
ما يجيب على هذه الأسئلة يشير إلى قول الطبري ويعدّه صحيحاً وقريباً ، حيث أنّ رأي
الطبري هو أنّ هذه الجملة لا أمرٌ ولا دعاء بل هي تعبيرٌ لتكوين الشيء وإيجاده ، وفي
واقع الأمر إنّ الله يخبر عن تكوين هذه الطيور من غير أمر ودعاء وذلك مثل جملة : (كُوْنُوا
قِرَدَةً خَاسِئِيْنَ).
ج) أبو القاسم الحسين
بن علي المعروف بالوزير المغربي (ت ٤١٨هـ) :
هو الكاتب والوزير
والأديب والشاعر والمفسّر الشيعي الذي قضى أكثر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمره ـ القصير ـ في
الأمور السياسية وفي ديوان ثلاث من البلاطات ، الفاطمي في (مصر) ، والبويهي في (بغداد)
والحمداني في (حلب) ، وإنّ الأثر الوحيد
الذي تبقّى منه ـ وللأسف أنّه لم يُصحّح ولم ينشر حتّى الآن ـ هو كتابه الموسوم بـ
: (المصابيح
في تفسير القرآن) الحاوي على إشارات
وإحالات كثيرة إلى تفسير
الطبري ، وهو تفسير مختصر ومنتخب من القرآن ، وقد اشتملت نسخ هذا التفسير
على تفسير القرآن إلى آخر سورة الإسراء ، وإنّ تفسيره كتفسيري الشريف الرضي والشريف
المرتضى ذو منهجية تختلف مع سائر التفاسير الشيعية في بيانه الدقائق اللغوية واستشهاده
بالشعر الجاهلي ورجوعه إلى تفاسير المعتزلة خاصّة أبو مسلم والرمّاني والجبائي ، ورجوعه
المباشر إلى العهدين ونقله أقوالا من نصّي العهد القديم والجديد ، وذكره مكرّراً لأقوال
الصحابة والتابعين على أساس تفسير
الطبري وسائر المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السنّية ، كلّ هذه
تعدّ من الخصائص التي امتاز بها هذا التفسير ، وكراراً ما أشار الوزير المغربي في تفسيره
إلى الطبري ، وتارةً ينقل عنه سبب نزول آية من القرآن ويحكيها عن هذا التفسير بأسلوب
شيعي ، ونرى بوضوح أنّ الوزير المغربي قد اعتمد اعتماداً خاصّاً على تفسير الطبري في نقله الأقوال
والروايات التفسيرية المنسوبة للصحابة والتابعين ، حتّى أنّ الوزير المغربي يعدّ الطبري
في مورد من الموارد من أصحاب الحديث ، ففي تفسير آية (وَمِمّا رَزَقْنَاهُم
يُنْفِقُوْنَ) فإنّه بعد ما بيّن
موضوعاً ما منها قال : «وإلى ذلك ذهب ابن جرير الطبري من بين أصحاب الحديث».
إنّ ما نقله الوزير
المغربي عن الطبري أكثر بكثير ممّا نقله الشريفان الرضي والمرتضى ، ولكنّه قلّ ما سلك
جانب الانتقاد.
وفي العديد من المواضع
نراه ينقل مختصراً من أقوال الصحابة والتابعين على مبنى تفسير الطبري إلاّ أنّه لا يرى نفسه
ملزماً بالتصريح باسمه ، وتارة ينقل عن الطبري بعض الموارد التاريخية ويشير إلى المبهمات
القرآنية ويصرّح باسمه وذلك مثل الموارد التالية :
ففي مفردة (التنور)
من سورة هود (آية ٤٠) صرّح المغربي باسم الطبري قائلا : «[التنور] الباب الذي فار من
منه الماءُ ، جعله الله علامة بينه وبين نوح ، إذا رآه فاركب في الفلك ، وكان تنوراً
من حجر ... روى ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطبري ، وأنّه كان
لحوّاء».
كذلك ذكر المغربي اسم
ابن نوح الذي غرق وهو (فام) نقلا عن الطبري قائلا : «كان ابن نوح لم يجاهر بالكفر ،
فلذلك استحلّ أن يناديه (عن الحسن) ، وكان اسمه فام (عن الطبري)».
وفي تفسير آية (إنّا
لَنَرَاكَ فِيْنَا ضَعِيْفاً) من سورة هود (آية ٩١)
، قال : «روى ابن جرير الطبري في قوله : (إنّا لَنَرَاكَ فِيْنَا
ضَعِيْفاً) أنّه كان ضعيف
البصر ، وقال سعيد بن جبير : كان أعمى».
مضافاً إلى ذلك فإنّنا
نراه في بعض الأحيان عندما يتعرّض إلى بيان سبب النزول للآية أو ذكر تفسير خاصّ لها
فإنّه يبدأ أوّلا بقول الطبري وسائر المفسّرين من أهل السنّة ثمّ يقول : قد نُقل نفس
هذا الكلام كذلك عن الإمام الباقر أو الإمام الصادق
عليهماالسلام ؛ على سبيل المثال
ففي تفسير (آية ٥٥) من سورة المائدة والتي ذكرت جميع التفاسير الشيعية فيها أنّها نزلت
في علي عليهالسلام يذكر قائلا : «روى
الرازي والطبري والرّمّاني عن مجاهد والسدّي أنّها نزلت في علي
عليهالسلام تصدّق وهو راكع وكذلك
قال أبو جعفر» ، وكذلك في تفسير كلمة إبليس من سورة البقرة (آية ٣٤) يقول : «قال الطبري
: سمّيت الجنّ لأنّ إبليس كان خازناً للجنّة ، مملّكاً ما بين السماء والأرض ، وروى
البلخي عن ابن عباس نحواً من ذلك ، وكذلك رُوي عن أبي عبد الله».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يك تفسير الطبري المصدر الوحيد لنقل
آراء الطبري من قبل الوزير المغربي في تفسير المصابيح ، وإنّ أسماء وروايات الصحابة والتابعين المأخوذة عن تفسير الطبري
قد وردت في مواطن مختلفة من تفسير
المصابيح. وإنّ هذه الطريقة الإبداعية في التفسير الشيعي قد أخذت طريقها
بعد عدّة عقود إلى تفسير
التبيان على يد الشيخ الطوسي على نحو أوسع شموليةً ، فكراراً ما ذُكر
أسماء الكثير من الصحابة والتابعين وأقوالهم ، وفي بعض الأحيان جيء بأسماء أئمّة الشيعة
إلى جانب أسماء الصحابة والتابعين ، وإنّ عدد ومقدار هذه النقولات في المصابيح وبطريق أولى في التبيان ـ سواء كانت مع أسماء
الصحابة والتابعين أم بدونها ـ قد بلغت من الكثرة حدّاً بحيث لا يسع المقام لذلك ولا
يمكن استقراءها هنا.
وقد بيّن الوزير المغربي
كثيراً من أقوال الصحابة والتابعين بصيغة الفعل المجهول : (قيل) ، على سبيل المثال
فإنّه في تفسير كلمة (مُتَشَابِهَاً) من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سورة البقرة (آية ٢٥)
يذكر قائلا : «(مُتَشَابِهَاً) خياراً لا رديء فيه (عن قتادة). وقيل اللون واحدٌ والطعم مختلف»
وإنّ هذا الكلام قد تناقلته المصادر القديمة لأهل السنّة مثل ابن أبي حاتم عن يحيى
بن أبي كثير (م ١٣٢ق) : «فيقول لهم الولدان : كلوا فإنّ اللون واحدٌ والطعم مختلف.
وهو قول الله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً)».
وتارةً استفاد بشكل
كلّي من كلمة (المفسّرون) ومن تعابير مثل (قال المفسّرون) وذلك في بيان كلام معروف
ومتداول بين التابعين ؛ على سبيل المثال وتعقيباً للآية (٢٩) من سورة البقرة قال :
«وقال المفسّرون إنّ السّماوات كانت قبل أن تُسَوّى دخاناً». أو في عبارة (خِفَافَاً
وَثِقَالا) من الآية (٤١) من
سورة البقرة قال : «(خِفَافَاً وَثِقَالا) : شباباً وشيوخاً ، مشاغيل وفرّاغاً ، نشّاطاً وكارهين ، ركباناً
ومشاةً ، كلٌّ قاله المفسّرون». والأنموذج الآخر هو تفسيره في عقب آيات مشابهة في سورة
المائدة وهي الآيات رقم (٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧) فقد قال فيها الوزير المغربي على النحو التالي
: (وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ الله
فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) و (الظّالِمُوْنَ) و (الفَاسِقُوْنَ) ، قال المفسّرون : الأولى لليهود والثانية للنصارى والثالثة
للمسلمين» ، وهذا كلامٌ نقله الطبري في تفسيره عن الشعبي ، علماً أنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوزير المغربي كان
تارة يتّخذ قول (المفسّرين) دليلا على ردّ قول شخص مثل أبي مسلم الإصفهاني ؛ على سبيل
المثال فقد قال في عقب الآية (١٧) من سورة الأعراف «وزعم أبو مسلم أنّ رفع الجبل عليهم
يضلّلهم كان من الإنعام عليهم ، وذلك مخالف لما عليه المفسّرون» ؛ والجدير بالذكر هو
أنّ الشيخ الطوسي فيما بعد كراراً ما استفاد من كلمة (أكثر المفسّرين) في تفسير التبيان في إشارته إلى مفسّري
أهل السنّة من طبقة الصحابة والتابعين.
وتقريباً لم يك نقلٌ
من نقولات الوزير المغربي عن الصحابة والتابعين ولا حتّى عن الأئمّة
عليهمالسلام فيه شيء من الإسناد
، وبشكل عام فإنّه قد سلك الاختصار والانتخاب في المقام في أكثر نقولاته ، فعلى سبيل
المثال فإنّه يذكر كالتالي :
ـ «(قَاتَلَهُمُ
الله) لعنهم الله (عن ابن
عبّاس)».
ـ «(يُطْفِئُوا
نُوْرَ الله) هو القرآن والإسلام
(عن الحسن)».
ـ «(وَالْعَامِلِيْنَ
عَلَيْهَا) يروى عن مجاهد والضحّاك
أنّ للعامل الثُّمُن. وعن الحسن يعطى على قدر عمالته بغير حدٍّ محدود».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنّ نقل أقوال الصحابة
والتابعين وكذلك نقل آراء الأدباء والمفسّرين لم يقيلان الوزير المغربي عن نقده لهم
، ولكنّ نقده على روايات الصحابة والتابعين يأتي من خلال عدم التعرّض لآرائهم ؛ لأنّه
إذا لم يقبل قولا من الصحابة أو التابعين لم ير ضرورة لذكره في تفسيره ، وذلك لما صرّح
به في مقدّمة تفسيره من سلوكه طريق الاختصار والانتخاب في نقل الأقوال واتّخذ هذا الأمر
مبنىً له في تفسيره ، ومع كلّ ذلك فإنّه تارةً أبدى تعجّبه من الأقوال الأسطورية والخرافية
فمثلا في عقب الآية (٧٤) من سورة البقرة : «(مِنْ خَشْيَةِ الله) أي لخشية الله كما قال : (يَحْفَظُوْنَهُ مِنْ أَمْرِ
الله) أي : بأمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الله ، وقيل المراد
: الجبل الذي جعله الله دكّاً ، وقال مجاهد : كلّ حجر تردّى من رأس جبل فهو من خشية
الله ، وهو أعجب الأقوال إلينا» ، واستمراراً لكلامه فقد فسّر الحجارتين الأخريين من
قوله : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ
مِنْهُ الأنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ) بالأمور الحسّية بشكل كامل أو فسّرها بالمعجزات المعروفة في
بيان القرآن الكريم.
وجاء الأنموذج الآخر
من انتقاداته على مجاهد في آية (كُوْنُوا قِرَدَةً
خَاسِئِيْن) : «وكان مجاهد وحده
يقول : لم يُمسخوا ، وإنّما هذا مثلٌ ضُرب لهم كما قال : (كَمَثَلِ
الْحِمَارِ) وهذا قول انفرد به
مجاهد يخالف ظاهر التلاوة ويخالف ما قد ذكرناه في غير هذا الموضع من الرواية».
والمثال الآخر الذي
يذكره الوزير المغربي هو أنموذج من نقل الكلام الذي لم يعرب المغربي عن قائله ولم يقبله
لمخالفته المشهور وذلك في عقب الآية (٣٠) من سورة المائدة حيث قال : «وروى أبو مسلم
عن بعض المفسّرين أنّ ابني آدم رجلان من بني إسرائيل ، وليسا ولدين لآدم من صلبه ،
وذلك خلاف المشهور» ، ونحن نعلم أنّ هذا الكلام قد نُسب كثيراً في التفاسير القديمة
للحسن البصري وتارةً قد نُسب لابن عبّاس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د) الشيخ الطوسي (ت
٤٦٠هـ) :
وتزامناً مع تأليف
الشيخ الطوسي التبيان
في تفسير القرآن في أواسط القرن الخامس
الهجري فقد ورد تدوين التفسير الشيعي مرحلته الجديدة ، إذ أنّ الشيخ الطوسي الذي هاجر
من مدينة طوس في خراسان إلى بغداد كان قد أتقن العلوم الأدبية والحديثية والكلام والفقه
الشيعي والسنّي وتبحّر بها. وبعد تلمّذه في مدرسة الشيخ المفيد والسيّد المرتضى ومع
تأليفه العديد من المؤلّفات في مختلف مجالات العلوم الإسلامية فإنّ الكثير من التبادلات
الشيعية السنّية في مجال الحديث والفقه وأصوله قد بلغت على يديه مراحلها النهائية ،
فهو مؤلّف كتاب الخلاف في الفقه المقارن الشيعي
مع المذاهب السنّية الأربعة ، وكتاب عدّة الأصول في أصول الفقه ، وهو
الكتاب الذي تناول فيه لأوّل مرّة بعض المباني الأصولية لأهل السنّة مثل حجّية خبر
الواحد والإجماع بعد أن أجرى عليها تعديلات تتطابق مع وجهة نظر الشيعة وصيّرها
نظرية علميّة في علم الأصول ، وبناءً على ذلك فإنّه عندما صمّم أن يدوّن تفسيراً شيعياً
جامعاً على القرآن الكريم فإنّ نتيجة عمله لابدّ وأن تكون مختلفة عن مفسّري الشيعة
في القرون المتقدّمة ، ولابدّ أن يكون تفسيره أوّل تفسير شيعي كامل على القرآن الكريم
جاء على غير الطريقة المأثورة في التدوين. لقد استفاد الشيخ الطوسي في تفسيره هذا من جميع الآليّات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمناهج التفسيرية
المعروفة التي سرت إلى زمانه مع اعتماده على تركيب من مصادر الشيعة والسنّة والمعتزلة. هذا وإنّ تفسير الطبري الذي ألّف قبل مئة
وخمسين عاماً من الشيخ الطوسي في بغداد هو واحد من أهمّ المصادر التي اعتمدها الشيخ
الطوسي في نقل الروايات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الواقع أنّ الشيخ
الطوسي بتقليصه عدداً كبيراً من الروايات الشيعية في تفسيره واستفادته من تفسير الطبري ، حيث نقل منه عدداً
كبيراً جدّاً من الروايات يكون بذلك قد ساق التفسير الشيعي إلى مرحلة جديدة. وزيادة
على هذا فإنّه قد نقل عن تفاسير غير شيعية أخرى وفي مقدّمتها تفاسير المعتزلة مثل الرمّاني
وأبي مسلم الإصفهاني وأبي علي الجبّائي التي نقل عنها الكثير أيضاً ، كما أبدى اهتماماً
كبيراً أيضاً بالتفاسير النحوية واللغوية والبلاغية التي كانت قبله ، وكلّ هذه الأمور
لم تسبقه إليها التفاسير الشيعية المتقدّمة عليه.
إلاّ أنّ الشيخ الطوسي
وبالرغم من استفادته الكبيرة من تفاسير أهل السنّة وخاصّة تفسر الطبري فإنّه كان دائماً
يسعى في تفسير
التبيان أن يجعل نفسه في منأى
عن آراء مفسّري أهل السنّة والمعتزلة مؤكّداً على استقلاليّته المطلقة في فهم القرآن
من وجهة النظر الشيعية وذلك بتعابير مثل : «عندنا» ، «عند أصحابنا» ، «على مذهبنا» ، وإنّ هذه الاصطلاحات
تأتي عادةً في موضع يقصد فيه الشيخ الطوسي بيان وجهة نظر الإمامية في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب المعنى (اللغوي
، الأدبي ، الفقهي ، الكلامي) للآية ، ومن جانب آخر فإنّه إذا ذكر رأياً من أهل السنّة
أو المعتزلة وكان يرفض ذلك الرأي عبّر عنه بكلمة «المخالفون ، المخالفين» ، «مخالفونا ، مخالفينا» أو بجملة «من خالفنا».
لقد جاء الأنموذج التالي
في أوّل التبيان وهو واحد من بين المئات
من النماذج وهو قوله : «واعلموا أنّ العرف من مذهب أصحابنا والشائع من أخبارهم ورواياتهم
أنّ القرآن نزل بحرف واحد على نبيّ واحد ... وروى المخالفون عن النبيّ(صلى الله
عليه وآله) أنّه قال : نزل القرآن على سبعة أحرف كلّها شاف كاف».
وبعد هذه المقدّمة
لابدّ أن تكون لنا قراءة عن مدى تأثير تفسير الطبري على تفسير
التبيان بالرغم من إشارة الشيخ الطوسي في مقدّمة تفسيره إلى إفراط الطبري
في تفصيله للمطالب وعدّ هذا الأمر نقصاً في منهجية عمله ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن من الواضح أنّه
كثيراً ما استفاد من تفسير
الطبري في تفسيره ، فقد ذكر الشيخ تفسير الطبري أكثر من (٢٠٠) مرّة في الثلث الأوّل من تفسير التبيان بتعابير مثل : (قال الطبري ، واختاره الطبري ، وهو اختيار الطبري
...) ، أمّا في الثلثين
الأخيرين من تفسير
التبيان فقد ذكر اسم الطبري ما يقارب من (٢٠) مرّة ، علماً بأنّ هذا لا
يعني أنّ الطبري قد قلّت أهميّته عند الشيخ في الثلثين الأخيرين من تفسيره وذلك لأنّ
تفسير
التبيان قد اشتمل على مجموعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كبيرة من روايات الصحابة
مثل عمر بن الخطّاب ، أبو هريرة ، ابن مسعود ، ابن عبّاس ، سعد بن أبي وقّاص ، أبو
موسى الأشعري ، أبو العالية ، وجابر بن عبد الله وعلى مفسّرين تابعين مثل الحسن البصري
، عبدالله بن عمر ، سعيد ابن جبير ، وسعيد بن المسيّب ، مجاهد ، قتادة ، السدّي ، عكرمة
، أبو مالك ، الربيع ، وعطاء ، مع ذكر مختلف الأشعار والشواهد الأدبية التي نقلت نصّاً
من تفسير
الطبري.
هذا وأنّ الروايات
التفسيرية في جامع
البيان للطبري قد ذُكرت بأسرها بأسانيد كاملة ، وغالباً ما ينتخب الطبري
واحدة منها أو يرجّحها على سائر الروايات الأخر ، وفي قبال ذلك نرى الشيخ الطوسي قد
حذف جميع تلك الأسانيد تقريباً ورتّب خلاصة من الأقوال
مع ذكر قائليها ، ورجّح من بينها رأياً قد يكون تارةً موافقاً لرأي الطبري وقد يكون
مخالفاً له تارة أخرى.
إنّ واحدة من الأمور
التي يجدر الإشارة إليها في تفسير
التبيان هو أنّ الشيخ الطوسي في تفسيره يهتمّ ـ من بين المفسّرين المعاصرين
لزمانه في القرنين الثالث والرابع الهجري ـ بآراء ثلاثة من المفسّرين اهتماماً خاصّاً
وهم : الطبري ، البلخي ، الجبّائي ، وكأنّ أقوال المفسّرين جميعاً من كلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفريقين قد
تلخّصت في آراء هؤلاء الثلاثة ، فكثيراً ما تكرّر في التبيان منه قوله : «الطبري
، الجبائي ، البلخي وعليه أكثر المفسّرين» ، والذي نستفيده من عموم كلامه في التبيان وكأنّ أهمّ المفسّرين
من القدماء ـ الطبقة الأولى ـ هم من أمثال : ابن عبّاس ، ابن مسعود ، أبو هريرة ، ابن
عمر ، سعيد بن جبير ، مجاهد ، قتادة ، السدّي ، عكرمة ، أبو مالك ، ربيع ، عطاء الخراساني
، و ... وأمّا أهمّ المفسّرين في عهد التدوين هم المفسّرون الثلاثة : الطبري ، البلخي
، الجبّائي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا وأنّ الشيخ الطوسي
نراه في بعض الأحيان حتّى أقوال الشيعة الإمامية في الأمور الفقهية والاعتقادية كان
ينقلها عن الطبري أيضاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه المنهجية من العمل
التفسيري جعلت من تفسيره محايداً وغير متحيّز بشكل كامل إلى مذهب خاصّ ، وبذلك يكون
منهجه هذا عاملا مساعداً على الحوار العلمي بين المنهجين التفسيريّين الشيعي والسنّي
، حيث نرى تلك الظاهرة عملياً في تفسير آية الخمس واضحة للعيان ، فإنّ
الطوسي بعد أن بيّن الرأي الفقهي للشيعة في الفيء والخمس والغنائم قال : «وهو قول عليّ
بن الحسين بن علي بن أبي طالب ومحمّد بن علي الباقر ابنه
عليهمالسلام ، رواه الطبري بإسناده
عنهما».
هذا وحتّى بعض اختلاف
القراءات المنسوبة لأئمّة الشيعة فإنّ الشيخ الطوسي قد نقلها عن قول الطبري ، فمثلا
في عقب آية (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِيْنَ آمَنُوا) فإنّه قال : «وروي
عن ابن عبّاس أنّه قرأ (أفلم يتبيّن الذين آمنوا) من التبيين وروي مثله عن علي صلى
الله عليه وسلم رواه الطبري» ، وبناءً على قراءتنا
هذه يمكننا أن نقول أنّه لا يوجد قولٌ في مدح أئمّة الشيعة
عليهمالسلام وفضلهم وخاصّة في منزلة
الإمام عليّ عليهالسلام كان قد نقله الطبري
في تفسيره إلاّ وقد نقله الطوسي في تفسيره مصرّحاً باسم الطبري ، فمثلا في تفسير آية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(وَيَتْلُوْهُ شَاهِدٌ
مِنْهُ) فإنّه يذكر خمسة آراء
والرأي الرابع منها يدلّ على أنّ عليّاً لابدّ أن يكون هو المراد بالشاهد من الآية
ويقول : «روي عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين
عليهمالسلام أنّه عليّ بن أبي طالب
عليه السلام ورواه الرّمّاني وذكره الطبري بإسناده عن جابر بن عبدالله عن عليّ عليه
السلام».
وفي تفسير آية (٧)
سورة الرعد قال : «وروى الطبري بإسناده عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال :
لمّا نزلت (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلَكُلِّ قَوْم
هَاد) وضع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يده على صدره وقال : أنا المنذر (وَلِكُلِّ قَوْم هَاد) وأومأ بيده إلى منكب عليّ
عليهالسلام فقال : أنت الهادي
يا عليّ بك يهتدي المهتدون من بعدي».
وفي تفسير آية (وَتَعِيَهَا
أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) قال : «قيل : إنّه
لمّا نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وآله : (اللهمّ اجعلها أذن عليّ عليه
السلام) ورواه الطبري بإسناده عن مكحول ، ثمّ قال عليّ عليه السلام : فما سمعت من رسول
الله صلى الله عليه وآله شيئاً فنسيته». وبعد فاصل من الكلام أضاف قائلا : «وروى الطبري
بإسناده عن عكرمة عن بريدة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه
السلام : يا علي إنّ الله أمرني أن أدنيك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا أقصيك وأن أعلّمك».
إنّ اهتمام الشيخ الطوسي
واعتماده على تفسير
الطبري بشكل كبير جاء متزامناً مع التقليل من عدد الروايات المنقولة
من أئمّة الشيعة في تفسيره قياساً مع سائر التفاسير الروائية الشيعية التي كانت قبله
؛ وحتّى الشيء اليسير من الروايات المنقولة عن الأئمّة
عليهمالسلام لم يكن مستنداً فيه
إلى كتب التفسير والحديث الشيعي بل جاء هذا النقل من تفسير الطبري ، ومن الطبيعي أنّه
لا يمكن الجزم بكون نقل الشيخ الطوسي لروايات الأئمّة
عليهمالسلام أنّه قد اعتمد
الطبري دون المصادر الشيعية وذلك لحذفه سلسلة جميع أسانيد هذه الروايات تقريباً ، وإنّ
البحث ـ على سبيل المثال ـ في رواية واحدة من هذه الروايات كأنموذج وتحليله يبيّن مدى
التعقيد وصعوبة التحقيق في هذا الموضوع :
ففي عقب آية (وَالْمُسْتَغْفِرِيْنَ
بِالأَسْحَارِ) ذكر الشيخ الطوسي قائلا
: «وروي عن أبي عبد الله أنّ من استغفر الله سبعين مرّة في وقت السحر فهو من أهل هذه
الآية» ، فإنّ هذه الرواية
المنقولة هنا على هذا النحو لم تنقل عن الإمام الصادق في المصادر الشيعية قط وإنّما
جاءت قبل هذا في الطبري بسلسلة سند غير شيعيّة : «حدّثني المثنّى قال : حدّثنا إسحاق
قال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حدّثنا زيد بن الحباب
قال : حدّثنا أبو يعقوب الضبّي قال : سمعت جعفر بن محمّد يقول : من صلّى من الليل ثمّ
استغفر في آخر الليل سبعين مرّة كتب من المستغفرين بالأسحار».
فمن الواضح أنّ الشيخ
الطوسي لم ينقل الرواية المذكورة عن طريق شيعي ، كما أنّ قبل الطوسي هناك نقل مشابه
في تفسير
العيّاشي قد جاء فيه أنّ زرارة ينقل عن الإمام الباقر
عليهالسلام ما يشابه هذا الموضوع
مع تفصيل وذكر عناصر أكثر : «عن زراة قال : قال أبو جعفر : من داوم على صلاة الليل
والوتر واستغفر الله في كلّ وتر سبعين مرّة ثمّ واظب على ذلك سنة كتب من
المستغفرين بالأسحار» فمن خلال المقارنة
بين كلا النصّين يتبيّن لنا أنّ الطوسي قد نقل ذلك عن الطبري ، ونرى أنّ العيّاشي ينقل
روايته عن الإمام الباقر عليهالسلام ولكنّ الطبري والطوسي
ينقلان عن الإمام الصادق عليهالسلام ، هذا وإنّ
العيّاشي يزيد على ذلك في أصل روايته موضوع الدوام على صلاة الليل والاستغفار فيها
والمواظبة عليها إلى سنة ، في حين أنّ المحور الأصلي في رواية الطبري والطوسي هو الاستغفار
في منتصف الليل أو أوقات السحر فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنّ منهجية الشيخ الطوسي
المبتنية على تفسير
الطبري في نقل أقواله وآرائه تختلف مع منهجيّته في نقل روايات الطبري
للصحابة والتابعين ، فإنّ أقوال الطبري نفسه قد نقلت في التبيان بأشكال مختلفة :
ألف) بشكل عادي ومتعارف.
ب) مرفقة بالمدح والثناء.
ج) مردفة بالنقد والردّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمّا
النوع الأوّل : فإنّ الشيخ الطوسي
يأتي برأي الطبري في كثير من الموارد إلى جانب سائر الأقوال بشكل عادي ومتعارف عار
عن الحَكَميّة فيه ؛ فمثلا ذكر في قوله تبارك وتعالى (أَوْ ضَعِيْفَاً) : «قال مجاهد والشعبي
: هو الأحمق. وقال الطبري : هو العاجز عن الإملاء بالعيّ أو بالخرس ، أو في عقب قوله تعالى
: (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض) ذكر : «وقال الطبري
: (بَعْضُكُمْ) يعني الذين يذكرونني (قِيَامَاً وَقُعُوْدَاً
وَعَلَى جُنُوْبِهِمْ) من بعض في النصرة ،
والملّة ، والدين ، وحكم جميعكم فيما أفعل بكم حكم أحدكم في (أَنِّي
لاَ أُضِيْعَ عَمَلَ عَامِل) ذكر منكم ولا أنثى».
وأمّا
في النوع الثاني : فإنّ الشيخ الطوسي
يؤيّد رأيّ الطبري حتّى يعدّه الرأي المختار ، وقد استفاد الشيخ الطوسي في تأييد آراء
الطبري من تعابير مثل : «هو جيّد مليح» ، «وهو المعتمد عليه
في تأويل الآية»
«وهوالصحيح وبه قال
جميع الفقهاء» ، «والصحيح عندنا هو
الأوّل ، وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختيار الطبري» ، «واختاره الطبري
، وهو مذهبنا» ، وإنّ عدد هذه الموارد
قليلة في القياس مع النوع الأوّل والثالث.
وأمّا
في النوع الثالث : فإنّ الشيخ الطوسي
لم يذر آراء الطبري وسائر المفسّرين من السّنة والمعتزلة في تبيانه بدون نقد وتقييم
، وإن أمكننا أن نقوم بتقييم كلّي فإنّ الشيخ الطوسي بالنسبة لمفسّرين مثل الطبري ،
الجبّائي والأهمّ من ذلك كلّه نظرته إلى الرمّاني إنّما هي نظرة إيجابية ولكن مع ذلك
فإنّه لا يغضّ النظر عن الموارد التي يختلف فيها رأيه معهم ، فإن لم يستحسن رأياً
من آراء الطبري أو أقواله التفسيرية ، الكلامية ، الفقهية ، واللغوية فإنّه لا يتردّد
في نقد وردّ تلك الآراء أبداً ، ويتبيّن من خلال ذلك أنّ القدرة والهيمنة العلمية للطبري
في التفسير ـ وخاصّة في بغداد ـ لم تكن بدرجة من الأهميّة بحيث يرى الشيخ الطوسي نفسه
ملزماً على المداراة أو التقية ، فتارة ينقل هذه الانتقادات
عن قول الآخرين مثل الرمّاني ، ولكن في أغلب الأحيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو منه أنّه كان
يجعل رأيه في قبال رأي الطبري ففي مثل هذه الموارد يستفيد الشيخ الطوسي من تعابير مثل
«وهذا باطلٌ لأنّ ...» ، «وهذا ليس بصحيح
، لأنّه ...» ، «وقال الطبري القراءة
بتقديم المفعولين لا تجوز ، وهذا خطأ ظاهر ، لأنّ ...» ، «وطعن الطبري على
هذا الوجه ... وهذا الذي ذكره ليس بشيء لأنّ ...» ، «وهذا يبطل ما قاله» ؛ «والبيت الذي أنشدناه
، يفسد ما قاله» ، «وليس الأمر على
ما ظنّ».
وأمّا بالنسبة إلى
منهجيّة الشيخ الطوسي فإنّنا قلّما نعثر على صفحة من صفحات تفسير التبيان لم ترد فيها رواية
تفسيرية للصحابة والتابعين ، مفصّلة كانت أو مختصرة ، وكما ذكرنا سابقاً فإنّ أهمّ
مصدر اعتمده الشيخ الطوسي في هذا المجال هو تفسير الطبري ، إنّ هذه المنهجية
في المدرسة التفسيرية عند الشيخ الطوسي قد استمرّت من بعده عند المفسّرين مثل الطبرسي
(ت ٥٤٨هـ) في مجمع
البيان ، أبو الفتوح الرازي (ت القرن السادس الهجري) في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روض
الجنان ، قطب الدين الراوندي (ت القرن السادس الهجري) في فقه القرآن ، ابن شهر آشوب (٤٨٩
ـ ٥٨٨هـ) في متشابه
القرآن ومختلفه ، محمّد بن الحسن الشيباني
(ت ٦٤٠هـ) في نهج
البيان ، والفاضل المقداد (ت ٨٢٦هـ) في كنز العرفان في فقه القرآن.
وقد تركت هذه المنهجية
في العهد الصفوي وذلك بعد أن شاعت المنهجية الأخبارية بين علماء الشيعة ، حيث اعتبروا
تلك المنهجية منهجية غير صحيحة ، وبذلك قد آلت منهجية نقل أقوال الصحابة والتابعين
من المصادر السنّية إلى الأفول في تفاسير تلك الحقبة كتفسير الأسترآبادي النجفي (ت
٩٤٠هـ) تأويل
الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة وتفسير البرهان للسيّد هاشم البحراني (ت ١١٠٧هـ) وتفسير الصافي للفيض الكاشاني (ت
١٠٩١هـ) وتفسير
نور الثقلين للعروسي الحويزي (القرن
الحادي عشر).
ومن خلال هذا البحث
يمكننا القول بأنّ تفاسير الشيعة التي سلكت منهجيّة مدرسة الشيخ الطوسي قديماً وحديثاً
ـ ما عدا التفاسير الإخبارية في الحقبة الصفوية ـ جميعها اعتمدت منهجية الشيخ الطوسي
وتفسيره
التبيان باعتمادها على تفسير الطبري ونقل الروايات السنّية
من مصادرهم.
المصادر
١ ـ الإسرائيليّات في تفسير
الطبري : (دراسة في اللغة والمصادر العبرية) : ربيع ، آمال محمّد عبد
الرحمن ، القاهرة : المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، ١٤٢٢هـ. ق/٢٠٠١م.
٢ ـ الأصفى في تفسير القرآن
: الفيض الكاشاني ، المولى محسن ، تحقيق : م. ح. الدرايتي ، وم.
ر. النعمتي ، قم : دفتر تبليغات إسلامي (مكتب الإعلام الإسلامي) ، ١٤١٨ هـ. ق.
٣ ـ الأمالي : ابن بابويه ، محمّد
بن علي ، طهران : كتابجي ، ١٣٧٦ هـ. شمسي.
٤ ـ الأمالي : الطوسي ، أبو جعفر
محمّد بن الحسن ، قم : دار الثقافة ، ١٤١٤هـ. ق.
٥ ـ أنوار التنزيل وأسرار
التأويل : البيضاوي ، عبد الله بن عمر ، تحقيق : محمّد عبد الرحمن المرعشلي
، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، ١٤١٨ هـ. ق.
٦ ـ البحر المحيط : أبو حيّان الغرناطي
، تحقيق : صدقي محمّد جميل ، بيروت : أبو محمّد بن عاشور ، بيروت : دار إحياء التراث
العربي ، ١٤٢٢ هـ. ق.إحسان عبّاس ، الوزير المغربي أبو القاسم الحسين بن علي : الشاعر
الناثر الثائر ، عمّان : دار الشروق ، ١٩٨٨م.
٧ ـ البداية والنهاية : ابن الأثير ، أبو الفداء
، تحقيق : علي شيري ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، ١٤٠٨ هـ. ق.
٨ ـ تاريخ بغداد : الخطيب البغدادي ،
تحقيق : بشّار عوّاد معروف ، بيروت : دار الغرب الإسلامي ، ١٤٢٢ هـ. ق/٢٠٠٢م.
٩ ـ التبيان في تفسير القرآن
: الطوسي ، أبو جعفر محمّد بن الحسن ، تحقيق : أحمد قصير العاملي
، بيروت : دار إحياء التراث ، بدون تاريخ.
١٠ ـ تفسير القرآن العظيم : ابن أبي حاتم ، تحقيق
: أسعد محمّد الطيب ، الرياض : مكتبة نزار ، ١٤١٩ هـ. ق.
١١ ـ (تفسير أبي الجارود عن
الإمام الباقر : مساهمة في دراسة العقائد الزيدية المبكّرة) : ماهر جرّار ، في
مجلّة الأبحاث ، ش٥٠ ـ ٥١ ، (٢٠٠٢/٢٠٠٣) ص٣٧ ـ ٩٧.
١٢ ـ تفسير الشريف المرتضى
: الشريف المرتضى ، المسمّى بنفائس الفنون ، تحقيق : السيد مجتبى
أحمد الموسوي ، بيروت : شركة الأعلمي للمطبوعات ، ١٤٣١ هـ. ق.
١٣ ـ تفسير الصافي : الفيض الكاشاني ، المولى
محسن ، تحقيق : حسين الأعلمي ، طهران : إنتشارات سعدي ، ١٤١٥ هـ. ق.
١٤ ـ تفسير القرآن الكريم للشريف
المرتضى : الشريف المرتضى ، قم : مؤسّسة السبطين العالمية ، ١٤٣٠ هـ. ق.
١٥ ـ التفسير الكبير : مفاتيح الغيب : الرازي
، فخرالدين ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، ١٤٢٠ هـ. ق.
١٦ ـ تفسير المنار : رشيد رضا ، محمّد ،
القاهرة : الهيئة العامة المصرية للكتاب ، ١٩٩٠م.
١٧ ـ (تفسير الوزير المغربي
: قراءة في نسخه الخطّية) : كريمي نيا ، مرتضى
، في مجلّة تراثنا ، السنة الثلاثون ، العددان ١١٧ و ١١٨ ، محرّم الحرام ١٤٣٥ هـ. ق
، ص ٣٤٣ ـ ٣٧٤.
١٨ ـ تنزيه الأنبياء : الشريف المرتضى ، قم
: منشورات الشريف الرضي ، ١٣٧٧هـ. شمسي.
١٩ ـ جامع البيان في تفسير
القرآن : الطبري ، أبو جعفر محمّد بن جرير ، بولاق : المطبعة الأميرية
؛ أفست بيروت : دار المعرفة ، ١٤١٤ هـ. ق.
٢٠ ـ حقائق التاويل في متشابه
التنزيل : الشريف الرضي ، تحقيق : محمّد رضا آل كاشف الغطاء ، طهران :
موسّسة البعثة ، ١٤٠٦ هـ. ق.
٢١ ـ الخصال : ابن بابويه ، محمّد
بن علي ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجامعة المدرّسين
، ١٤٠٣ هـ. ق.
٢٢ ـ (روايات صادقين عليهماالسلام
در قديم ترين تفاسير أهل سنت) در طبري : كريمي نيا ، مرتضى
، پژوهي : انديشه گذاري طبري ، نابغه إيراني (مجموعة من المقالات) ، ويراستارى : محمّد
حسين ساكت ، طهران : خانه كتاب ، ١٣٩٣هـ. شمسي ، جلد ١ ، ص ٣٨١ ـ ٤٥٣.
٢٣ ـ سير أعلام النبلاء : الذهبي ، شمس الدين
، تحقيق : محمّد أيمن الشبراوي ، القاهرة : دار الحديث ، ٢٠٠٦م.
٢٤ ـ طبقات أعلام الشيعة : آقا بزرك الطهراني
، بيروت : دار الكتاب العربي ، ١٩٥٤م.
٢٥ ـ علل الشرائع : ابن بابويه ، محمّد
بن علي ، قم : إنتشارات داوري ، ١٩٦٦م.
٢٦ ـ الفهرست : ابن النديم ، تحقيق
: رضا تجدّد ، طهران : ابن سينا ، ١٩٧١م.
٢٧ ـ الفهرست : الطوسي ، أبو جعفر
محمّد بن الحسن ، تحقيق : جواد القيّومي ، قم : نشر الفقاهة ، ١٤١٧ هـ. ق.
٢٨ ـ الكافي : الكليني ، محمّد بن
يعقوب ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، طهران : دار الكتب الإسلامية ، ١٣٨٨هـ. شمسي.
٢٩ ـ كتاب التفسير : العيّاشي ، محمّد بن
مسعود ، تحقيق : هاشم الرسولي المحلاّتي ، طهران : المكتبة العلمية الإسلامية ، ١٣٨٠
هـ. شمسي.
٣٠ ـ كتاب الرجال : النجاشي ، أبو العبّاس
أحمد بن علي ، تحقيق : موسى الشبيري الزنجاني ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة
لجامعة المدرّسين ، ١٤٠٧ هـ. ق.
٣١ ـ الكشّاف عن حقائق غوامض
التنزيل : الزمخشري ، أبو القاسم محمود بن عمر ، بيروت : دار إحياء التراث
العربي ، ١٤٠٧ هـ. ق.
٣٢ ـ الكشف والبيان عن تفسير
القرآن : الثعلبي ، أبو أسحاق ، تحقيق : أبو محمّد ابن عاشور ، بيروت
: دار إحياء التراث العربي ، ١٤٢٢ هـ. ق.
٣٣ ـ المجازات النبوية : الشريف الرضي ، تحقيق
: طه محمّد الزيني ، القاهرة : مؤسّسة الحلبي ، ١٩٦٧م.
٣٤ ـ مجمع البيان في تفسير
القرآن : الطبرسي ، الفضل بن الحسن ، تحقيق : هاشم الرسولي المحلاّتي
، طهران : المكتبة العلمية الإسلامية ، ١٣٧٩ هـ. شمسي.
٣٥ ـ المحرّر الوجيز : ابن عطّية ، تحقيق
: عبد السلام عبد الشافي محمّد ، بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٤٢٢ هـ. ق.
٣٦ ـ (المراحل الأربعة في مدرسة
التفسير الشيعي : تمهيد في تاريخ التفسير الشيعي) : كريمي نيا ، مرتضى
، مجلّة تراثنا ، السنة الثلاثون ، العددان ١١٩ـ١٢٠ ، رجب ـ ذوالحجّة ١٤٣٥ هـ. ق ،
ص ٧ ـ ٤٣.
٣٧ ـ المصابيح في تفسير القرآن
: الوزير المغربي ، أبو القاسم حسين بن علي ، نسخة خطّية ، الرياض
، ٢٠٠٢م ؛ نسخة خطّية ، فاس ، جامع القرويّين.
٣٨ ـ (المصابيح في تفسير القرآن
: كنز من تراث التفسير الشيعي) : كريمي نيا ، مرتضى
، في مجلّة تراثنا ، السنة التاسعة والعشرون ، العددان ١١٣ و ١١٤ ، محرّم الحرام ١٤٣٤
هـ. ق ، ص ٥٥ ـ ١٠٠.
٣٩ ـ معاني القرآن : النحّاس ، أبو جعفر
أحمد بن محمّد ، تحقيق : محمّد علي الصابوني ، مكّة : جامعة أم القرى ، ١٤٠٩ هـ. ق.
٤٠ ـ معجم الأدباء : الحموي ، ياقوت بن
عبد الله ، تحقيق : إحسان عبّاس ، بيروت : دار الغرب الإسلامي ، ١٤١٤ هـ. ق/١٩٩٣م.
٤١ ـ نور الثقلين : العروسي الهويزي ،
عبد علي بن جمعة ، تحقيق : هاشم الرسولي المحلاّتي ، قم : إسماعيليان ، ١٤١٥ هـ. ق.
_ - Ayoub, Mahmoud M. (٢٠٠٠). ``Literary exegesis of the Qur'a¦n : the case of al-Sharâ¦f al-Rad¤â¦,'' in Literary
Structures of Religious Meaning in the Qur'a¦n, ed. Issa J. Boullata,
London : Curzon, PP. ٢٩٢ ـ ٣٠٩.
_ - Bar-Asher, Meir M.(١٩٩٩). Scripture and exegesis in early Ima¦m⦠Shiism, Leiden : E.J. Brill.
_ - Fudge, Bruce (٢٠١١).
Qur'a¦nic hermeneutics : Al-T¤abris⦠and the craft of commentary, London and New York : Routledge.
_ - Gilliot, Claude (١٩٩٠). Exإgإse, langue, et thإologie en Islam : I'exإgإse coranique de T¤abar⦠(m.٣١١/٩٢٣), Paris :
Vrin.
_ - Gleave, Robert (٢٠٠٧) Scripturalist Islam : the history and doctrines of the Akhba¦r⦠Shâ¦`⦠Islam, Leiden :
Brill.
_ - Goldziher, Ignaz (١٩٢٠). Die
Richtungen der islamischen Koranauslegung, Lieden : E.J. Brill.
_ - Horst, Heribert (١٩٥٣). ``Zur
غberlieferung im
Korankommentar at¤-T¤abarâ¦,'' in Zeitschrift de_r Deutschen
Morgenlandischen
Gesellschaft CIII, ٢٩٠ ـ ٣٠٧.
_ - Keremer, Joel L. (١٩٩٢).
Humanism in the Renaissance of Islam : The Cultural Revival During rht Buyid Age,
Leiden : Brill.
_ - Kohlberg, Etan (١٩٨٧).
``Al-us¤u¦l al-arba `umi'a,'' in Jerusalem Studies in Arabic and Islam X, ١٢٨
ـ ١٦٦.
_ - Kohlberg, Etan, & Amir-Moezzi, Mohammad Ali (٢٠٠٩).
Revelation and
falsificatoin : the Kita¦b al-qira¦'a¦t of Ah¤mad b. Muh¤ammad al-Sayya¦râ¦, critical edition with an
introductoin and notes, Leiden : E.J. Brill.
_ - Madelung, Wilferd (١٩٧٠).
``Imamism and Mu`tazilite Theology,'' in Toufic Fahd, ed., Shâ¦`isme
Ima¦mite : Colloque de Strasbourg (٦ ـ ٩ mai ١٩٦٨), Paris :
Presses Universitaires de France, PP. ١٣ ـ ٢٩؛ repr. in
W. Madelung, Religious Schools and Sects in Medieval Islam (London, ١٩٨٥), article Vll._ - Modarressi, Hossein (١٩٨٤). An
introduction to Shâ¦`⦠law, London : Ithaea Press.
_ - Modarressi, Hossein (٢٠٠٣).
Tradition and survival : A Bibliographic Survey of Early Shi`ite Literature,
Oxford : Oneworld.
التراث الحديثي لابن أبي جمهور
(دراسة تحليليّة)
|
|
السيّد حسن الموسوي البروجردي
بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين
، والصلاة والسلام على خاتم النبيّين وآله الطيّبين الطاهرين ، واللعن على أعدائهم
أجمعين.
تتجلّى العقليّة العلميّة
لدى كلّ عالم من خلال أسلوبه ومنهجه الخاصّ به. لذلك فإنّ الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي
(ق ١٠) أحد أعلام الفقه والحديث والكلام والفلسفة والعرفان ، المعروف في الأوساط العلميّة
بآرائه ومؤلّفاته ، بل بفكره ومنهجه ، وهو يعتبر مرحلة من مراحل تأريخ هذه العلوم
في المدرسة الإماميّة بين فترة مدرسة الحلّة المتمثّلة بآخر فقهائها الفاضل
المقداد (المتوفّى ٨٢٦ هـ) وابن فهد الحلّي (المتوفّى ٨٤١ هـ) وبين مدرسة النجف المتمثّلة
بأمثال الشيخ عبد العال الكركي (المتوفّى ٩٤٠ هـ) ، كما لا يخفى علينا أنّ الأحسائي
هو من نتاج هذين المدرستين واستفاد وأفاد فيهما.
يتميّز هذا الشيخ الجليل
بعقليّته الواسعة ذات الأبعاد المتعدّدة لجمعه بين علوم مختلفة من المعقول والمنقول
من الفقه وأُصوله والحديث وعلومه والعرفان والفلسفة والكلام والمنطق ، وقد استطاع أن
يؤلّف كتباً استدلالية عديدة في كلّ منها ، إلاّ أنّنا في هذا المقال نحاول الكشف عن
منهجه الحديثىّ الذي يتعلّق بموضوع كتابَيْه الحديثيّين عوالي اللآلي العزيزيّة ودرر اللآلي العماديّة.
وقد تناولت العديد
من الكتب والمقالات حياة شيخنا الأحسائي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ فلذلك أعرضنا عن
الإطناب في ترجمته ، ونقتصر على نظرة سريعة في حياته وشيوخه وتلاميذه وكتبه.
المؤلّف في سطور :
هو الشيخ شمس الدين
، أبو جعفر ، محمّد بن زين الدين علىّ بن إبراهيم بن حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي
أصلاً ، والشيباني قبيلة ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعروف بابن أبي جمهور.
ولد حوالي سنة (٨٣٨
هـ) في منطقة الأحساء.
كان فاضلاً ، متكلّماً
، منطقيّاً ، فيلسوفاً ، محدّثاً ، فقيهاً.
أخذ عن جماعة ، منهم
: والده زين الدين علىّ ، وزين الدين علىّ بن هلال الجزائري ، والسيّد شمس الدين محمّد
بن موسى الحسيني الموسوي ، والحسن بن عبد الكريم الفتّال النجفي ، والسيّد شمس الدين
محمّد بن أحمد الحسيني الموسوي ، ووجيه الدين عبد الله بن فتح الله بن عبد الملك بن
الفتحان الكاشاني القمّي الواعظ.
أخذ ابنُ أبي جمهور
دروسه الأُولى على يد والده ، ثمّ توجّه إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته ، فأخذ من
كبار فقهائها ، لا سيّما أُستاذه شرف الدين حسن بن عبد الكريم الفتّال.
وحجّ في سنة (٨٧٧ هـ)
، ثمّ عرّج على بلاد جبل عامل ، فدرس عند الشيخ الفقيه زين الدين علىّ بن هلال الجزائري
تلميذ أبي العبّاس أحمد بن فهد الحلّي شهراً كاملاً في منطقة كرك نوح ، ونال منه الإجازة.
وكرّ راجعاً إلى الأحساء
، ثمّ توجّه بعد فترة وجيزة إلى العراق ، فزار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراقد أئمّة أهل البيت
عليهمالسلام ، ومنه توجّه إلى خراسان
لزيارة مشهد الإمام الرضا عليهالسلام ، وأثناء السفر صنّف
رسالة زاد
المسافرين في أصول الدين ، ثمّ أمضى بقيّة حياته
في مشهد متنقّلاً بين طوس والمدن الأخرى ، ولم يزل يدأب ويجتهد ، ويتباحث مع السيّد
محسن بن محمّد الرضوي القمّي (ت ٩٣١ هـ) وغيره من العلماء في علمَي الكلام والفقه ،
حتّى مهر في العلوم ، وامتلك زمام الفضل والجدل ، وانتشر صيته. وكانت له مناظرات في
إثبات أحقّية المذهب الحقّ وخلافة أمير المؤمنين
عليهالسلام ، أهمّها مناظراته
مع الفاضل الهروي التي جرت عام (٨٧٨ هـ) في منزل السيّد الرضوي المذكور.
قرأ عليه الفقه والأصول
والحديث وغيرها جماعةٌ ، منهم : السيّد كمال الدين محسن بن محمّد بن عليّ الرضوي المشهدي
(المتوفّى ٩٣١ هـ) وله منه إجازة ، وربيعة بن جمعة العبرمي العبادي الجزائري وله منه
إجازة ، والسيّد شرف الدين محمود بن علاء الدين الطالقاني وله منه إجازة ، ومحمّد
ابن صالح الغروي الحلّي وله منه أربع إجازات ، وجلال الدين بهرام الإستر آبادي وله
منه إجازة ، وعلىّ بن قاسم بن عذاقة وله منه إجازة ... وغيرهم.
وهو في جميع تلك الأوقات
مشتغلٌ بالتدريس والبحث والتصنيف. وصنّف أكثر من خمسين كتاباً في الكلام والمنطق والفلسفة
والعرفان وأُصول الفقه والفقه وعلوم الحديث واثنتي عشرة إجازة ، منها : عوالي اللآلي العزيزية
في الأحاديث الدينيّة ، درر اللآلي العماديّة في الأحاديث الفقهيّة ، الأقطاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفقهيّة
على مذهب الإماميّة ، المسالك الجامعيّة في شرح الرسالة الألفيّة الشهيديّة ، زاد المسافرين
في أصول الدين ، رسالة كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال ، مسلك الأفهام في علم الكلام
، المجلي لمرآة المنجي وهو شرح لـ : مسلك الأفهام ، كشف البراهين
في شرح زاد المسافرين ، أسرار الحجّ ، مفتاح الفكر لفتح الباب الحادي عشر في أُصول
الدين ، معين الفكر في شرح الباب الحادي عشر ، معين المعين ، رسالة في مناظرة الملاّ
الهروي ، قبس الاقتداء في شرائط الإفتاء والاستفتاء.
أشار ابن أبي جمهور
إلى محلّ تأليف كتبه وتواريخ فراغه عنها ، ومن خلالهما يمكن لنا التعرّف على سيرته
ونشاطاته العلميّة على وجه الإجمال :
ـ ففي سنة (٨٧٨ هـ)
فرغ من تأليف كشف
البراهين في مشهد الإمام الرضا
عليهالسلام.
ـ في سنة (٨٨٠ هـ)
أجاز للسيّد جمال الدين حسن بن حسام الدين إبراهيم بن يوسف بن أبي شبانة على نسخة كتاب
تحرير
الأحكام.
ـ في سنة (٨٨٦ هـ)
فرغ من تأليف كتاب مسلك
الأفهام في القطيف ، ومن تأليف قبس الاقتداء في الأحساء.
ـ في سنة (٨٨٨ هـ)
فرغ من تأليف كتاب البوارق
المحسنيّة لتجلّي الدرّة الجمهوريّة في جزيرة أوال ، ومن
تأليف كاشفة
الحال عن أحوال الاستدلال في الاجتهاد في مشهد.
ـ في سنة (٨٨٩ هـ)
فرغ من تأليف رسالة تشتمل على أقلّ
ما يجب
على
المكلّفين ، وفرغ أيضاً من تأليف رسالة في النيّة.
ـ في سنة (٨٩٣ هـ)
فرغ من تأليف النور
المنجي من الظلام أثناء نزوله في الأحساء.
وهي حاشية على كتاب مسلك
الأفهام ، وكذا فرغ من كتابة وصيّته التي ضمّها في ما بعد إلى كتاب المجلي.
ـ في سنة (٨٩٥ هـ)
عند إقامته في النجف الأشرف فرغ من تسويد المجلي ، وفرغ من تأليف المسالك الجامعيّة.
ـ في سنة (٨٩٦ هـ)
فرغ من تبييض المجلي في مشهد ، وأجاز لمحمّد
ابن صالح الغروي لرواية المجلي
والمسالك وكاشفة الحال وغيرها.
ـ في سنة (٨٩٧ هـ)
فرغ من تأليف عوالي
اللآلي في مشهد ، وفيه أجاز للسيّد محسن الرضوي لرواية العوالي.
ـ في سنة (٨٩٨ هـ)
أجاز للشيخ محمّد بن صالح الغروي وجلال الدين بهرام الإسترابادي لرواية العوالي في قلفان أو قلقان
من ضواحي إستراباد.
ـ في سنة (٩٠١ هـ)
فرغ من تأليف كتابه درر
اللآلي العمادية في إستر آباد ، ومن
تأليف التحفة
الكلاميّة.
ـ وفي سنة (٩٠٤ هـ)
أنهى آخر مؤلّفاته وهو شرح الباب الحادي عشر للعلاّمة الحلّي في المدينة المنوّرة.
ـ وفي سنة (٩٠٦ هـ)
أجاز للشيخ عليّ بن قاسم بن عذاقة لرواية قواعد الأحكام في الحلّة.
لم نظفر على تاريخ
وفاته ، إلاّ أنّ آخر ما وصل إلينا من نشاطاته العمليّة
هو فراغه من تحرير
رسالته في أُصول الدين في سنة (٩٠٩ هـ) ، ودعا الكاتب للمؤلّف بالحياة بما نصّه : «مدّ
ظلّه وطوّل بقاؤه» ممّا يدلّ على أنّ الأحسائي توفّي بعد هذا التأريخ.
المنهج الحديثي عند
ابن أبي جمهور :
رغم كثرة مؤلّفات ابن
أبي جمهور إلاّ أنّ اسمه يقترن عادةً باسم كتابه عوالي اللآلي ، حيث يوصف ـ غالباً
ـ بـ : صاحب عوالي
اللآلي.
ويجدر بنا الالتفات
هنا إلى أمور لمعرفة مستوى شيخنا الأحسائي العلمىّ في الحديث وعلومه ؛ وسوف نتناول
هنا الروايات التي وردت في كتاب الدرر ؛ وكتاب العوالي ، ومن خلال البحث حول
كتاب العوالي يظهر موقفنا من كتاب
الدرر أيضاً.
وبناءً على ذلك يمكننا
أن ندرس مرويّات ابن أبي جمهور من جهتين ، وفي كلا الجهتين هناك إشكالات ترد على مرويّاته
؛ والجهتان هما :
أوّلا
ما يتعلّق بمصادر مرويّاته
والمباحث الرجاليّة والسنديّة لها.
ثانياً ما يتعلّق بمتنها وألفاظها
، ودقّة تلك المتون وضبطها.
أوّلاً : أمّا ما يتعلّق
بمصادر ابن أبي جمهور :
نراه في كتاب العوالي خاصّة وكذلك في روايات
كثيرة من كتاب الدرر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يصرّح باسم مصادره
في مرويّاته ، وليس هذا الأُسلوب غريباً آنذاك في عهده ، فهو أمرٌ اعتيادي بين المؤلّفين
خلال القرون الماضية ، ثمّ تغيّرت النظرة لهذا الأمر ، واعتبر ذلك من السرقات العلميّة
المشينة.
إنّ هذا المنهج في
التأليف خلق مشكلةً لنا في معرفة ميول أولئك المصنّفين ومصادرهم الفكريّة ، حيث يسدل
علينا حجاباً على مصادرهم التي استقوا منها واستندوا إليها في تصنيف كتبهم ، وهي المشكلة
الرئيسيّة في هذين الكتابين ـ العوالي
والدرر ـ إلاّ أنّنا بعد البحث والتدقيق ودراسة المرويّات ومقارنتها
مع سائر المصنّفات الحديثيّة يمكننا التوصّل إلى أنّ أغلبها موجودٌ في المصادر الشيعيّة
الحديثيّة ، ولا إشكال في هذا القسم من مرويّاته ، فقد أخذ فقهاؤنا نصوص تلك الروايات
عن مصادرها الأصليّة المعتبرة القديمة ، وليس عن ابن أبي جمهور الذي هو من متأخّري
المتأخّرين ، إلاّ أنّنا نواجه مشكلةً عويصة في غيرها من منقولاته التي لا توجد في
ما قبله من المصادر الحديثيّة الشيعيّة بنصّها ، وهذه الروايات مرسلةٌ كلّها
وأكثرها منسوبة إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، إلاّ القليل منها.
وبالجملة تنقسم منقولاته
إلى أقسام ستّة ؛ وهي كالتالي :
القسم
الأوّل : ما يوجد قبل ابن أبي جمهور في الكتب الفقهيّة لأصحابنا الإماميّة
فقط ، ولم نعثر عليه في مصادر السنّة.
القسم
الثاني : ما يوجد في مصادر السنّة الحديثيّة ، ونقله أصحابنا عنهم في
كتبهم الفقهيّة تحت عنوان : فقه الوفاق أو الخلاف.
القسم
الثالث : ما يوجد في المصادر الفقهيّة للشيعة كالشيخ والعلاّمة
والشهيد لا بعنوان الرواية والحديث بل بعنوان قول أو قاعدة.
القسم
الرابع : ما لا يوجد إلاّ في مصادر السنّة ومروىٌّ عن طرقهم ، ولا
يوجد في جميع مصادر الشيعة حديثيّةً كانت أو فقهيّةً أو غيرهما.
القسم
الخامس : ما يوجد في مصادر الصوفيّة فقط ، ولا أثر له في مصادر الشيعة
والسنّة الحديثيّة أو الفقهيّة.
القسم
السادس : لا يوجد في أىّ مصدر من مصادر المسلمين عامّةً ، وأوّل من نقله
هو ابن أبي جمهور ، وروايات هذا القسم قد تحتوي على مضامين شيعيّة أو سنّيّة أو صوفيّة
أو غيرها.
ولا يخفى ما في هذه
المعضلة الكبيرة من إدخال مثل هذه الروايات من غير تقييد في غير باب التعارض مثلا أو
لغير الاحتجاج.
ثانياً : أمّا ما يتعلّق
بمتن هذه الروايات :
إنّ أكثر تلك المتون
ـ كما ذكرنا ـ مأخوذةٌ من متون معروفة في كتبنا أو في كتب السنّة ولا إشكال فيها ،
ولكن نواجه في كتابيه العوالي
والدرر بمتون غريبة لم تُعهد فيما قبله ، وهو أوّل من ذكر هذه النصوص
، وبعد إمعان النظر فيها نكتشف أنّ فيها مشاكل أخرى عديدة ؛ وهي كالآتي :
المشكلة
الأولى : عدم التزامه بإيراد النصّ المروي في الروايات ؛ إذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقل بعض الروايات بالمعنى
وبألفاظ أخرى ، ولم يلتزم بمتونها المرويّة في مصادر الطائفتين.
المشكلة
الثانية : دمج رواية برواية أُخرى واختلاطهما ، وإيرادهما وكأنّها رواية
واحدة.
المشكلة
الثالثة : تلخيص رواية ونقلها بعنوان رواية جديدة.
ونستعرض هنا نماذج
من هذه الروايات التي رواها ابن أبي جمهور ؛ لكي نثبت ما تقدّم بيانه عن مصادر مرويّاته
في كتابيه ـ العوالي
والدرر ـ ومتونها ، علماً أنّنا قمنا بتخريجها من المصادر الحديثيّة
والفقهيّة ومصادر الصوفيّة ، ونقدّم العوالي في أوّلها ، كما أنّنا راعينا التسلسل الزمني للمصادر ، حيث
قدّمنا أوّل مصدر أورد الحديث من الكتب الفقهيّة حتّى ننتهي بمصنّفات العلاّمة الحلّي
(ت ٧٢٦ هـ) ؛ وذلك كلّه على ترتيب الأقسام الستّة التي ذكرناها ؛ فدونكها :
القسم
الأوّل : ما يوجد قبله في الكتب الفقهيّة للإماميّة فقط.
١) «الناس مسلّطون
على أموالهم».
٢) «من فاتته فريضة
فليقضها كما فاتته».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القسم
الثاني : ما يوجد في مصادر السنّة وورد في الكتب الفقهية للإماميّة.
وهذا القسم كثير جدّاً
في كتب ابن أبي جمهور فراجع الكتب وهوامشها.
القسم
الثالث : ما يوجد في المصادر الفقهيّة للشيعة بعنوان قاعدة عقليّة.
١) «إقرار العقلاء
على أنفسهم جائز».
٢) «كلّ مبيع تلف قبل
قبضه فهو من مال بائعه».
القسم
الرابع : ما لا يوجد إلاّ في مصادر السنّة فقط.
١) «أكرموا الهرّة
فإنّها من الطوّافين عليكم والطوّافات».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢) «إنّ لربّكم في
أيّام دهركم نفحات ، ألا فتعرّضوا لها بكثرة الاستعداد».
القسم
الخامس : ما يوجد في مصادر الصوفيّة فقط.
١) «لو لا أنّ
الشياطين يحومون حول قلب ابن آدم لنظر إلى الملكوت».
٢) «وفي الحديث القدسي
: يقول الله عزّ وجلّ : لا يسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن».
٣) «الشريعة أقوالي
، والطريقة أفعالي ، والحقيقة أحوالي».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القسم
السادس : لا يوجد في أيّ مصدر من مصادر المسلمين عامّةً.
١) «من اجتهد وأصاب
فله حسنتان ، ومن اجتهد وأخطأ فله حسنة».
٢) «وقد سئل عن معنى
التصوّف فقال(صلى الله عليه وآله) : التصوّف مشتقّ من الصوف ، وهو ثلاثة أحرف : ص وف
؛ فالصاد صبرٌ وصدقٌ وصفاءٌ ، والواو ودٌّ ووِردٌ ووفاءٌ ، والفاء فقرٌ وفردٌ وفناءٌ».
٣) «الدنيا حرامٌ على
أهل الآخرة ، والآخرة حرام على أهل الدنيا ، وهما معاً حرامان على أهل الله».
٤) «لا يترك الميسور
بالمعسور».
٥) «ما لا يدرك كلّه
لا يترك كلّه».
٦) «إتّباع الطاعة
بالطاعة دليلٌ على قبولها ، وعلامةٌ على حصولها».
٧) «لئن يصلّي الرجل
في جماعة صلاةً واحدةً أحبّ إلىّ من أن يصلّي الدهر وحده ، ولئن يصوم شهر رمضان في
الجماعة أحبّ إلىّ من أن يصوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدهر وحده».
٨) وانفراد ابن أبي
جمهور في الدرر
والعوالي بنقل رواية عن زرارة بن أعين ، وهي الرواية في مبحث التعادل
والتراجح لمعالجة الأخبار المتعارضة
وكيفيّة التعامل معها.
٩) «لمّا سمع بلالٌ
يؤذّن ، وسكت بعد فراغه : من قال مثل ما قال هذا بيقين دخل الجنّة».
١٠) «إذا سمعتم المؤذّن
فقولوا كما يقول ، ثمّ صلّوا عَلَىّ ، فمن صلّى عَلَىّ صلاةً صلّى الله عليه بها عشراً
، ثمّ سلوا لي الوسيلة ؛ فإنّها منزلةٌ في الجنّة لا ينبغي أن تكون إلاّ لعبد من عباد
الله ، وأنا أرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة».
١١) «إنّها ما بين العصر والمغرب».
١٢) «الساعة التي تذكر
في يوم الجمعة : عند نزول الإمام من المنبر».
١٣) «اطلبوا ساعة يوم
الجمعة في ثلاث مواضع : عند التأذين يوم الجمعة ، أو ما دام الإمام يذكر ، وعند الإقامة».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٤) «التمسوها في ثلاث
مواطن : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وما بين أن ينزل الإمام إلى أن يكبّر ،
وما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس».
١٥) «إذا كان يوم الجمعة
كان على أبواب المساجد ملائكةٌ يكتبون الأوّل فالأوّل فكمُهدي البُدْن والبقر والشاة
إلى علية الطير إلى العصفور فإذا خرج الإمام طويت الصحف وكان من جاء بعد خروج الإمام
كمن أدرك الصلاة ولم تفته».
١٦) «الصلاة عمود الدين
والإسلام ، والجهاد سنام العمل ، والصدقة شيءٌ عجيبٌ ، شيءٌ عجيبٌ ، شيءٌ عجيبٌ. فقال
له رجلٌ : يا أبا ذرّ ، ترى ما هو أفضل عمل؟ قال : ما هو؟ قال : الصيام. فقال أبوذرّ
: قربةٌ وليس هناك».
١٧) «من صام يوماً
من رمضان خرج من ذنوبه مثل يوم ولدته أُمّه فإن انسلخ عليه الشهر وهو حىٌّ لم تكتب
عليه خطيئةٌ إلى الحول».
١٨) «ما من يوم يصومه
العبد من شهر رمضان إلاّ جاء يوم القيامة في غمامة من نور في تلك الغمامة قصرٌ من درّة
له سبعون باباً كلّ باب من ياقوتة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حمراء».
١٩) «الحجّاج ، والعمّار
، والمجاهدين وفد الله من أهل الأرض ، ومن وافى بعرفة فسلم من ثلاث : أُذنه لا تسمع
إلاّ إلى حقّ ، وعيناه أن تنظر إلاّ إلى حلال ، ولسانه أن ينطق إلاّ بحقّ غفرت ذنوبه
وإن كانت مثل زبد البحر».
٢٠) «جاء جبرئيل إلى
النبىّ(صلى الله عليه وآله) يوم النحر ، فقال له : يا جبرئيل ، أصبنا نسكنا اليوم.
قال : نعم ، ولقد استبشر
أهل السماء بذبحكم ، واعلم يا محمّد ، أنّ الجذع من الضأن أحبّ إلى الله من السيّد
من المعز ، وأنّ السيّد من الضأن أحبّ إلى الله من البقرة ، ولو علم الله شيئاً أفضل
من كبش إبراهيم لأعطاه».
٢١) «من أعان مصاباً
غفر له ذنبه».
٢٢) «من كان له على
أخيه دَيْنٌ فهو يجري له صدقةٌ ما لم يأخذه».
٢٣) «ما تصدّق الناس
بصدقة أفضل من القول الحسن ، الكلمة يُفكُّ بها الأسير أو تجرُّ بها إلى أخيك نفعاً
أو خيراً أو تدفعُ عنه مكروهاً أو مظلمةً».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٤) «تعلّموا القرآن
واقرؤوه ، واعلموا أنّهُ كائنٌ لكم ذكراً وذخراً وكائنٌ عليكم وزراً ، فاتّبعوا القرآن
ولا يتبعنّكم ؛ فإنّه من تبع القرآن تهجّم به على رياض الجنّة ، ومن تبعه القرآن زَجّ
في قفاه حتّى يقذفه في جهنّم».
٢٥) «تعلّموا القرآن
؛ فإنّ مَثَل حامل القرآن كمَثَل رجل حمل جراباً مَملوءاً مسكاً ؛ إن فتحه فتحه طيّباً
، وإن أوعاه أوعاه طيّباً».
٢٦) «لو أنّ فاتحة
الكتاب وضعت في كفّة الميزان ووضع القرآن في كفّة لرجحت فاتحة الكتاب سبع مرّات».
٢٧) «فاتحة الكتاب
تعدل ثُلث القرآن».
٢٨) «من قرأ يس أمام
حاجة قُضيت له».
٢٩) «من قرأ في ليلة
: (ألم تَنْزِيلٌ) السجدة و (تَبَارَكَ الّذِيْ بِيَدِهِ
المُلْكُ) كان له من الأجر مثل ليلة القدر».
٣٠) «من قال : سبحان
الله والحمد الله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، صعد بها ملكٌ إلى السماء فلا يمرّ
بها على ملاء من الملائكة إلاّ استغفروا لقائلها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتّى يجيء بها إلى
ربّ العالمين».
٣١) «وروى النوفلي
حديثاً أسنده إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : إنّ لله ملكاً له أربعمائة ألف
رأس ، في كلّ رأس أربعمائة ألف وجه ، في كلّ وجه أربعمائة ألف لسان ، كلّ لسان يسبّح
الله على حِدَة.
فقال الملك : أي ربّ
، هل ممّن خلقت شيءٌ يسبّحك تسبيحي؟
قال : نعم ، يونس.
قال : فسئل النبيّ(صلى
الله عليه وآله) : أهو يونس بن متّي؟
قال : لا ، ولكن عبدٌ
يقال له : يونس.
فقال الملك : أي ربّ
، ائذن لي في زيارته ولقائه.
قال : نعم ، فقصده
الملك ، فقال : إنّي مع ما ترى من كثرة خلقي سألت ربّي : هل شيءٌ يسبّحه تسبيحي؟
قال : نعم ، يونس فما
تسبيحك؟
قال : أقول إذا أصبحت
وإذا أمسيت عشر مرّات : الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، أضعاف
ما حمده وسبّحه وهلّله وكبّره جميع خلقه ، وكما يحبُّ ويرضى ، وكما ينبغي لكرم وجهه
وعزّ جلاله ومداد كلماته».
٣٢) «روي في بعض كتب
الله المنزلة : أنّه ليس من عبد مسلم يرفع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقمةً إلى فيه فيقول
قبل أن يدخلها فاه : (بسم الله الحمد لله ربِّ العالمين) إلاّ لم تجاوز تراقيه حتّى
يغفر الله ذنوبَه وإن كانت ذنوبُهُ قد ملأت ما بين السماء والأرض ، وإذا شرب فمثل ذلك
إذا قال ذلك».
أقول
: هذه نماذج من مرويّات كثيرة تدلّ بوضوح على أنّ مثل هذه
المرويّات لم تُروَ عن طرق أصحابنا الإماميّة بالإسناد عن المعصوم ، وانفرد ابن أبي
جمهور بنقلها مع عدم ذكر مصادرها ، وقد أثارت هذه الروايات التي انفرد بها جدلاً كبيراً
في كتب الفقهاء والأصوليّين والمحدّثين ، وممّا أدّى إلى ذِكر هذا الشيخ الجليل في
كثير من المصنّفات بين مادح لمرويّاته وقادح لها ، وهذا هو السبب الرئيسي لاشتهاره
وانتشار ذكره عند إيراد مثل هذه الأخبار.
موقف العلماء من ابن
أبي جمهور :
لم يكن البحث عن ابن
أبي جمهور وآرائه الحديثيّة أمراً جديداً ، بل الظاهر من بعض القرائن أنّ البحث في
منقولاته وآرائه كان أمراً شائعاً حتى في زمانه ؛ حيث إنّنا نرى في فهارس المخطوطات
كثرة نسخ كتاب
العوالي لا سيّما في القرن
العاشر ـ يعني في عصر المؤلّف ـ وما بعده ، وكذا
الحال في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتابه الدرر ، وكتابة هذا العدد
من النسخ لابدّ وأن يكون لغرض الاطلاع والاستفادة منهما ، وهو دليلٌ كذلك على توفّر
نسخهما عند العلماء ، ولكن عدم النقل أو التعرّض لهما من قبل العلماء أمر غريب ولا
ينشأ إلاّ لموقفهم من الكتاب.
ومن هنا صرّح السيّد
نعمة الله الجزائري (ت ١١١٢ هـ) بأنّ كتاب العوالي وإن كان موجوداً في
خزائن الأصحاب ، إلاّ أنّهم معرضون عن مطالعته ، ومدارسته ونقل أحاديثه.
وهناك تصريحات من علمائنا
ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ في عدم اعتمادهم على مرويّات ابن أبي جمهور في كتاب العوالي وإعراض جماعة عنه ،
وأوّل من ذكر ابن أبي جمهور وأظهر رأيه فيه هو العلاّمة المجلسي (ت ١١١٠ هـ) ، إذ بيّن
في موضعين من مقدّمات موسوعته بحار
الأنوار ضعف مصنّفاته الحديثيّة ؛ فتارةً بالإيماء حيث قال : «وكتاب
عوالي
اللآلي ، وكتاب نثر
اللئالي قد نرجع إليها ونورد منها».
وأخرى تصريحاً يقوله
: «وكتاب عوالي
اللآلي وإن كان مشهوراً ومؤلّفه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الفضل معروفاً ،
لكنّه لم يميّز القشر من اللباب ، وأدخل أخبار متعصّبي المخالفين بين روايات الأصحاب
، فلذا اقتصرنا منه على نقل بعضها ، ومثله كتاب نثر اللئالي».
ثمّ اتّبعه جماعةٌ
من العلماء وتوسّع البحث والدراسة في مبانيه في الحديث ، وتضعيف تلك المباني والمرويّات
، ومن الذين أعرضوا عنه هو الشيخ عبد الله البحراني صاحب العوالم وقال : «كتاب عوالي اللآلي وكتاب نثر اللآلي كلاهما تأليف الشيخ
الفاضل محمّد بن أبي جمهور الأحساوي ، وهما وإن كانا مشهورين ومؤلّفهما بالفضل معروفاً
، لكنّه لم يميّز بين الحسن والأخيار ، وأدخل بعض أخبار
المخالفين بين أخبار الأخيار ، فلذا لم ننقل منهما إلاّ بعضها ولا أضع اليدين إلاّ
لبعضها».
وتلاهما الشيخ يوسف
البحراني (ت ١١٨٦ هـ) وقال : «كان فاضلاً مجتهداً متكلّماً ، له كتاب عوالي اللآلي جمع فيه جملة من الأحاديث
، إلاّ أنّه خلط الغثّ بالسمين ، وأكثر فيه من أحاديث العامّة ، ولهذا إنّ بعض مشايخنا
لم يعتمد عليه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن العلماء من قال
بالتفصيل ، حيث يفرّق بين مصنّفات ابن أبي جمهور الحديثيّة وبين مصنّفاته الكلاميّة
، ومن أولئك الأعلام الشيخ عبد الله ابن صالح السماهيجي البحراني (ت ١١٣٥ هـ) فقد ضعّفه
في الحديث وقوّاه في الكلام ، قال في إجازته للشيخ ناصر الجارودي القطيفي الخطّي :
«وكان هذا الشيخ عالماً فاضلاً خصوصاً في علم الكلام ، وله تصانيفٌ ؛ منها : كتاب عوالي اللآلي في علم الحديث ، وهو
كتاب غير معتبر عند أصحاب الحديث ؛ لأنّه جمع فيه بين الغثّ والسمين ، ومزج فيه أحاديث
عامّيّة بأحاديث الإماميّة ، وهو يدلّ على عدم فضله في علم الحديث ، ومنها : كتاب المجلي ، ومنها : كتاب زاد المسافرين وشرحه ، وهو يدلّ على
فضله ومهارته في علم الكلام».
هذا وقد أشار أكثر
الأعلام إلى جانب واحد في مرويّاته في الحديث وهو نقله من كتب المخالفين ، ولم يذكروا
مرويّاته التي انفرد بها ولا أثر لها حتّى في كتب العامّة ، أو الروايات الشيعيّة التي
انفرد بها ولا أثر لها في كتب من سبقه من علماء الإمامية ، أو دمجه بين أخبار الإمامية
وأخبار غيرهم ، أو نسبة الخبر إلى غير راويه. نعم ، لقد التفت المحدّث الشيخ يوسف البحراني
(ت ١١٨٦ هـ) في موضع واحد إلى الخطاء في نسبة الخبر ، فهو
رحمهالله أورد خبراً تفرّد ابن
أبي جمهور بذكره في كتاب العوالي عن العلاّمة مرفوعاً
عن زرارة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن أعين ، وعقّبه
بالنقد والتعليق ، علماً أنّ هذا الخبر لم يرد في
كتب العلاّمة ، قام المحدّث البحراني بمقارنة هذا الخبر الفريد مع مقبولة عمر بن
حنظلة الذي يشابهه في بعض الفقرات ويخالفه في البعض الآخر ، ورجّح المقبولة ، حيث قال
: «لا يبعد ترجيح العمل بما تضمّنته مقبولة عمر بن حنظلة ؛ لاعتضادها بنقل الأئمّة
الثلاثة ـ رضوان الله عليهم ـ وتلقّي الأصحاب لها بالقبول ، حتّى أنّه اتّفقت كلمتهم
على التعبير عنها بهذا اللفظ الذي كرّرنا ذكره ، وإطباقهم على العمل بما تضمّنته من
الأحكام ، بخلاف الرواية الأُخرى ، فإنّا لم نقف عليها في غير كتاب عوالي اللآلي ، مع ما هي عليه من
الرفع والإرسال ، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار
والإهمال وخلط غثّها بسمينها ، وصحيحها بسقيمها ، كما لا يخفى على مَن وقف على الكتاب
المذكور».
نقد الحديث عند ابن
أبي جمهور :
لا يمكن حلّ هذه المشكلة
التي نواجهها في مرويّات ابن أبي جمهور في كتابي العوالي والدرر ، إلاّ بعد دراسة آراء
ابن أبي جمهور ومبانيه في نقد الحديث ودرايته ، ولم نجد من درسها واستوفى حقّها ، كما
لم نجد بحثاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاملاً في هذا الموضوع
سوى بحوثا مكرّرة لا تسمن ولا تغني من جوع.
وهناك أُمور لابدّ
أن نضعها أمامنا حول آراء ابن أبي جمهور الحديثيّة قبل الورود في البحث :
أوّلاً
: إنّه يعدّ من الأصوليّين بلا شكّ ، وله مؤلّفات في علم أُصول
الفقه.
ثانياً
: إنّ ابن أبي جمهور سلك منهج العلاّمة الحلّي ـ نهج المتأخّرين
ـ في نقد الحديث وسنده ، حيث يصحّح الأحاديث ويضعّفها ويستخدم مصطلحاتهم في سبيل تقسيم
الأحاديث ، كما نلاحظ ذلك بوفور في كتاب درر اللآلي في أوّل أحاديثه ،
فقد أورد في أكثر الأخبار المرويّة فيه ألفاظ نحو : في الصحيح وفي الحسن وفي الموثّق
، مع أنّه لم يؤلّف كتاباً مستقلّاً في علم الحديث.
ومن المعلوم عدم صحّة
نسبة كتاب تحفة
القاصدين في معرفة اصطلاح المحدّثين إليه ، نعم ، له مباحث
حديثيّة أوردها في كتابه كاشفة
الحال عن أحوال الاجتهاد وهذه المباحث هي بعينها
مباحث تعرّض لها العلاّمة الحلّي لأوّل مرّة في تاريخ الحديث ، واستعمل اصطلاحاتها
في مؤلّفاته الفقهية.
ثالثاً
: إنّه يميل إلى العلوم العقليّة بشكل عامّ ، بل هذا الميل هو
أهمّ ميزة في تراث ابن أبي جمهور الأحسائي ؛ إذ أنّه أراد الجمع والمزج بين علم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام والفلسفة والتصوّف
وصناعة خليط بينها ، وقد صرّح بذلك لأوّل
مرّة ـ فيما رأيتُ ـ السيّد إعجاز حسين النيسابوري الكنتوري (ت ١٢٨٦هـ) ، فقد قال عند
إيراده لكتاب المجلي : «طبّق فيه بين الكلام والحكمة على مذاق الصوفيّة».
علماً أنّ الاختلاف
والجدل الموجود بين أتباع مدرستي أرسطو وأفلاطون في القرون الوسطى في غرب العالم سرى
إلى الفلاسفة الإسلاميّين أيضاً ، حيث إنّ المشّائيّين لا يقيمون للإشراقيّين وزناً
، والإشراقيّين لا يميلون إلى فلسفة المشائيّين ، وقد ظهر في عهد المسلمين أيضاً مدارس
أخرى كمدرسة المتكلّمين ومدرسة ابن عربي وتوسّع الخلاف بين هذه المدارس من جهات شتّى.
وقد سعى جمعٌ إلى تخفيف
الخلافات ، وجمع تلك المدارس في مجموع خليط بينها ؛ أمثال : الفخر الرازي والخواجة
الطوسي والسيّد حيدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآملي مع وجود الإختلاف
بين كلّ واحد منهم.
وهذا هو السرّ الذي
جلب أنظار المستشرقين إلى تراث ابن أبي جمهور ، فكتبوا عنه الدراسات والبحوث سواءً
في مباحثه الكلاميّة أو الفلسفية أو العرفانية ، وبيّنوا فيها آراءه في آثاره في هذه
المواضيع ؛ وقد كتب عنه ويلفرد مادلونغ في سنة (١٩٧٧م) بحثاً حول امتزاج علوم الكلام
والفلسفة والتصوّف عند ابن أبي جمهور ، وفي سنة (١٩٩٧م) كتبت زابينه شميتكه حول تأثير
شمس الدين الشهروزي على أفكار ابن أبي جمهور ، وغيرهما من البحوث والمقالات سواء المستقلّة
منها أو ما ورد في دوائر المعارف.
بعد ملاحظة هذه الأمور
وأخذها بعين الإعتبار في النقد الحديثي لمرويّات ابن أبي جمهور نستخلص من ذلك كلّه
بأنّ ابن أبي جمهور كان قد تناول اصطلاحات متأخري المحدّثين في الحديث وقد استعملها
، وسلك منهج العلاّمة الحلّي في ذلك متأثّراً بمبانيه ، آخذاً بقوله ، متلقّياً آراءه
بالقبول ، هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى قام بنقل مرويّات لا توجد إلاّ في مصادر
العامّة ، أو في مصادر الصوفيّة ، أو أنّها لا توجد في أىّ مصدر من المصادر وأنّه تفرّد
بنقلها ، وهنا تكمن المعضلة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توجيه المشكلة وتفسير
المعضلة :
وبعد أن تعرّفنا على
هذه المشكلة ، وواجهتنا هذه الظاهرة التي قد تبدو غريبة في مصنّفات ابن أبي جمهور الحديثيّة
وتراثه الحديثي المتمثّل بموسوعتَيْه الروائية ، وهما العوالي والدرر ، فينبغي لنا أن نجد
لها تفسيراً يرفع عنها هذا الإعضال ، وتوجيهاً علمياً يدفع عنها هذا الإشكال ؛ فنقول
: إذا عرفنا أنّ ابن أبي جمهور قد جمع في العلوم العقلية بين المذاهب الفكريّة
المختلفة ، بل حتّى المشارب النظريّة المتشتّتة ، حيث قد جمع بين الفلسفة والحكمة والتصوّف
والعرفان ، قد زال العجب وهان الخطب ، لما هو المعروف من أنّ هذه الطائفة لهم تسامحٌ
عجيب في الروايات ونقلها.
وليس ابن أبي جمهور
وحيداً في هذا المسلك ، فهناك طائفة من العلماء وجماعةٌ كبيرة من العرفاء والصوفية
والفلاسفة الذين لهم إدراك واسع في العلوم العقليّة إلاّ أنّهم يتساهلون في مقام رواية
الأحاديث ونقل الأخبار ، ولا يلاحظون المباني الحديثيّة ولا يراعون القواعد الرجاليّة
، فيَروُون كلّ منقول يوافق مذاقهم التأويلي وإن كان حديثاً مرسلاً ، وينقلون كلّ ما
يؤيّد آرائهم العقليّة وإن لم ينقله أحد من المحدّثين ، ويحدّثون بكلّ ما يلائم
أفكارهم العرفانيّة وإن لم يكن حديثاً أصلاً عند من يتتبّع في الأخبار والأحاديث ،
فنرى عدم الالتزام بالمباني والأصول الحديثيّة في مرويّات بعض علماء الشيعة بل فقهائها
الذين يعدّون من جماعة العرفاء والفلاسفة بل الصوفيّة أيضاً من أمثال : السيّد حيدر
الآملي (ت ٧٨٢ هـ) ، والملاّ صدرا
محمّد بن إبراهيم الشيرازي
(١٠٥٠ هـ) ، والملاّ عبد الرزّاق اللاهيجي (ت ١٠٧٢ هـ) ، والمولى محسن الفيض الكاشاني
(ت ١٠٩١ هـ) ، والشيخ أحمد بن زين
الدين الأحسائي (ت ١٢٤٣ هـ) كلّ بحسب ميوله ، ولا
يخفى على الخبير المطّلع جملةٌ من النقولات الشاذّة والأخبار النادرة في آثار
هؤلاء الأعلام.
وكما ذكرنا أنّ السبب
في نقل شواذ تلك الأخبار يتعلّق بملائمتها مع ذوقهم العرفانىّ والصوفىّ ، وكذلك ميولهم
في شرح الأخبار وتوضيح الأحاديث ، فكثيراً ما نرى في آثارهم أنّهم يحاولون تأويل الألفاظ
وحملها على خلاف ظواهرها ، بل قد تبتعد كثيراً عنها أو تتباين معها.
هذه السيرة الحديثيّة
نفسها قد سلكها شيخنا ابن أبي جمهور في نقل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار وشرح الأحاديث ، حيث اتّبع السيّد
حيدر الآملي المعلّم الروحي له ، وحاول أن يدمج بين التصوّف والتشيّع ، كما صنع الآملي.
إنّ ابن أبي جمهور
حاول إيجاد تجانس بين الآراء المتعارضة لمتكلّمي الشيعة والمعتزلة والأشاعرة وفلاسفتهم
المتّبعين لآراء أفلاطون مؤسّس مدرسة الإشراق ، وتلميذه أرسطو مبتكر منهج المشّائيين
، وكذلك تعاليم وحدة الوجود لابن عربي ، كذلك حاول أن يوجد مزيجاً بين أفكار هؤلاء
في عملهم الشرعي والحديثي.
ولذلك نرى أنّه ممدوحٌ
عند الصوفيّة ، وقد وصفه محمّد معصوم الشيرازي المعروف بمعصوم علي شاه النعمة اللهي
(ت ١٣٤٤ هـ) في كتابه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طرائق
الحقائق بـ : «المحقّق الكامل» و «من جملة الأعلام
والفقهاء العظام الذين رفعوا راية التصوّف وألّف كتباً ورسائل في صحّة طريق مشايخ الولاية
المرتضويّة».
وبهذا البيان فلا غرابة
في أخذه عن مصادر السنّة والصوفيّة ، ولا عجب في نقله عنهم روايات لا أثر لها في المصادر
الحديثيّة ، وآثار الوضع واضح من معانيها ، بل في ألفاظها ؛ كما مرّ ما نقل في وصف
التصوّف عن لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله) باستعمال هذا اللفظ ، ومن المعلوم أنّه
من الألفاظ المستحدثة بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله).
زبدة المخض :
ليس بإمكاننا أن نعتبر
ابن أبي جمهور الأحسائي صاحب فكر ومدرسة في الفقه والحديث ؛ وذلك لضعف مبانيه لا سيّما
في الحديث على التفصيل المتقدّم ، ولقلّة كتبه الفقهيّة ، مع أنّ هذا القليل هو جمعٌ
أو تلخيصٌ أو شرحٌ توضيحي لكتب الآخرين من غير إبداع أو طرح مبنىً مقبول جديد في
المسائل ، خلافاً لباقي الشروح المشهورة مثل جامع المقاصد ومدارك الأحكام وغيرهما.
فمثل كتاب الأقطاب الفقهيّة لابن أبي جمهور يحتوي
على بيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسائل الفقهيّة والقواعد
الكلّيّة على غرار كتاب القواعد
والفوائد للشهيد الأوّل ، وشرحيه على كتاب الألفيّة : التحفة الحسينيّة والمسالك
الجامعيّة فهما شرحان توضيحيّان لعبارات ألفيّة الشهيد الأوّل ، مع إشارة موجزة إلى الأدلّة الحديثيّة والأصوليّة للمسائل.
العلل والأسباب في
المنهجية التي انتهجها ابن أبي جمهور :
يمكن الإشارة إلى سببين
رئيسيَّين لميل ابن أبي جمهور ومَنْ ماثله من علماء لهذه الطائفة إلى هذا المنهج ،
حيث إنّهم ألّفوا كتباً مزجيّة للتوفيق بين أفكار الصوفية وأهل السنّة وبين الأفكار
الشيعيّة المتميّزة بحدودها وضوابطها الخاصّة ، وإليك بيان السبَبين.
السبب الأوّل : الأوضاع
السياسية :
من المعلوم أنّ من
النتائج التي تمخّض عنها الغزو المغولي المدمّر لإيران والعراق ، واستمرار سلّطتهم
على جملة من البلاد الإسلامية مدى عدّة قرون هو انتشار التصوّف بشكل متصاعد في إيران
والعراق في تلك الحقبة.
لقد كان من أهمّ أسباب
انتشار التصوّف في بداية الأمر هو الإحباط وكثرة المصائب والنكبات التي حلّـت على الإسلام
والمسلمين ؛ فدفعتهم هذه الظروف العصيبة إلى الالتجاء نحو التصوّف كملاذ من تلك المآسي
، وسبيلاً للتهرّب منها ، واتّخذوا من التقوقع والعزلة ـ وهي السمة الواضحة للاتّجاه
الصوفي ـ وسيلةً لتسكين
آلامهم النفسيّة ومعاناتهم ، ولكن لم يمْض وقتٌ طويل حتّى انجذب أُمراء المغول إلى
المذاهب الصوفيّة ؛ وذلك بفعل تأثير المعتقدات السابقة التي كانوا يعتقدونها ، وهي
الشامانية ، ومن هنا لاحظنا
أنّهم كانوا يبدون الكثير من الاحترام لمشايخ الصوفيّة ، بل وكانوا يقدّمون الدعم للتصوّف
، واهتمّوا ببناء الخانقاهات والتكايا للدراويش ، وأوقفوا لهم الأوقاف.
غير أنّ عصر ازدهار
التصوّف في إيران كان في القرن الثامن ، واستمرّ إلى أوائل العهد الصفوىّ ؛ أي في عصر
التيموريّين ، في هذا العهد استمرّت الأُمور على هذا المنوال ، إلى أن غدا التصوّف
أعظم قوّة ثقافيّة واجتماعيّة في ذلك العصر.
لابدّ من الإقرار أنّ
المذهب كشرع والتصوّف كطريقة تقاربا في الخانقاهات إلى حدّ كبير في ذلك العصر ، بحيث
بات من الصعب الفصل بين الشريعة والطريقة ، ففي ذلك العهد قلّما نجد شاعراً أو أديباً
ليس لديه مسحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عرفانيّة ، أو لم يعكس
صوراً من ذلك في أعماله ، وحتّى من العلماء مَنْ كان أدنى شهرةً وأقَلّ صيتاً ممّن
كان يقطن في تلك البقاع الجغرافيّة كان قد تأثّر بتلك الظاهرة ، فمن الصعب أن نستثنهم
من هذه الظاهرة ، فعددٌ منهم قد انجرف ضمن هذا التيّار بسبب البعد عن المراكز العلميّة
والحوزويّة الأصليّة.
وعلى صعيد آخر ، بعد
سقوط الخارزمشاهيّين ، وضعف تيّار أهل السنّة ، استطاع الشيعة زيادة نشاطهم وبرزت الأفكار
الشيعيّة إلى الحدّ الذي أثّرت فيه على أُمراء المغول ، ودفعت البعض منهم إلى اعتناقها
، مثلما هو الحال بالنسبة إلى السلطان ألجايتو محمّد خدا بنده (الذي حكم منذ سنة ٧٠٣
إلى سنة ٧١٦هـ) وهو ما ساعد على نشر المبادي الشيعيّة.
في هذا العصر نلاحظ
ـ لأوّل مرّة ـ ظهور التقارب بين التشيّع والتصوّف ، فإلى ما قبل ذلك
العصر كان التصوّف قائماً على مذاهب أهل السنّة.
في تلك الحقبة انجذبت
بعض الطرق الصوفيّة المهمّة مثل السلسلة الصفويّة ، والنوربخشيّة ، والنعمة اللهيّة
إلى التشيّع ، بحيث غدت رمزاً لتبليغ ونشر الأفكار الشيعيّة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمكن تقسيم الميول
الفكريّة لفقهاء الشيعة في ذلك العصر إلى ثلاث طوائف في ضوء ما تتّسم به أعمالهم ومؤلّفاتهم
:
الطائفة
الأُولى : الخطّ الفقهىّ والكلامىّ الشيعىّ الأصيل ، ومن أبرز أعلامه :
فخر المحقّقين (ت ٧٧١هـ) ، والشهيد الأوّل (ت ٧٨٦ هـ) ، وابن المتوّج البحراني (ت ٨٢٠
هـ) ، والمقداد السيورىّ (ت ٨٢٦ هـ) ، والشيخ مفلح الصيمري (القرن ٩) الذين كانوا يعيشون
خارج إيران ؛ أي في العراق ، وجبل عامل ، والحجاز ، والبحرين ، وبقوا منهمكين في النشاط
العلمي ، وبعيدين عن عواصم حكومة الإيلخانيّين والتيموريّين.
الطائفة
الثانية : الفقهاء الذين كانت مناهجهم العلميّة قائمة على أساس المنهج
الفقهي والكلامي الأصيل ، ولم يُقحموا أنفسهم بتاتاً مع الصوفية وذوي الخانقاه ، إلاّ
أنّه استهوتهم دراسة العرفان النظري ، فمالوا قليلاً إلى المباحث الصوفيّة في المسائل
الأخلاقيّة فحسب وليست الفقهيّة ، وكانوا ينقلون بعض أقوالهم في المسائل التي تتطابق
مع آرائهم ، كما هو الحال بالنسبة إلى ابن فهد الحلّي (ت ٨٤١ هـ) صاحب كتابي التحصين وعدّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الداعي ، وعليّ بن دقماق الحسيني
(ت ٨٤٠ هـ) صاحب كتاب نزهة
العشّاق. وهذه الطائفة كانت
تتواجد غالباً في العراق وإيران.
الطائفة
الثالثة : الفقهاء الذين مالوا إلى التصوّف كلّياً ، بل ذابوا في نظام
الخانقاهي وارتبطوا به ، ومن أبرز أعلام هذه الطائفة : السيّد حيدر الآملي (ت ٧٨٢ هـ)
، وابن أبي جمهور الأحسائي ، وهذه الطائفة تواجدت غالباً في إيران.
علماً بأنّ المجموعة
الثالثة ـ بالمقارنة مع المجموعتين الأُولى والثانية ـ كانت أقلّ منهما بكثير من حيث
العدد ، وكان زمام التيّار الشيعي والزعامة الدينية على عاتق المجموعتين الأُولتين.
وأمّا المجموعة الثالثة
فبسبب مزجها المباحث الفقهيّة والكلاميّة بغيرها من المباحث الأُخرى ، وعدم وضوح الرؤية
، وغياب المنهج الواضح لديها ، لم تَحْظَ بالقبول في الأوساط والحوزات العلميّة آنذاك
، وهُجرت مؤلّفاتها ، وبطبيعة الحال لا يمكن أن نعزو عدم القبول هذا إلى ما كان لدى
بعض الفقهاء من سلطة حكوميّة ؛ ذلك لأنّ البعض أعرض عن جمع مؤلّفاتهم وأعمالهم العلميّة
أثناء جمع التراث الفقهي والحديثي والكلامي الشيعي وتكثيره ، حتّى في غير العصر الصفوىّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السبب الثاني : الظروف
التي كان يعيشها علماء الشيعة :
وهو ما ذكره سماحة
المرجع الأعلى السيّد عليّ الحسيني السيستاني ـ أدام الله أيّامه ـ عند المناقشة في
الحديث المروىّ في كتاب العوالي عن زرارة في معالجة الأخبار المتعارضة ؛ وقال ما نصّه
: «ضعف الرواية سنداً ؛ لأنّ ابن أبي جمهور ينقل الرواية عن كتاب العلاّمة ، ولم يذكر
سند العلاّمة إلى زرارة ، فهي مرفوعة لا يعتمد عليها.
وربّما تناقش هذه الرواية
بعدم الاعتماد على ابن أبي جمهور الأحسائي خصوصاً كتابه هذا ؛ لاشتماله على أحاديث
العامّة ، وحتّى مثل صاحب الحدائق الذي ليس من دأبه المناقشة
في سند الروايات ، يناقش هذا
الكتاب بأنّه يشتمل على الغثّ والسمين!
ونحن قد تعرّضنا لهذا
الاعتراض في قاعدة الميسور ومناقشته بالتفصيل ، وذكرنا هناك بأنّ مجرّد اشتمال هذا
الكتاب على بعض روايات العامّة لا يعدّ قدحاً في شخصيّة هذا العالم الجليل الذي كان
من أكابر علماء الشيعة في أواخر القرن التاسع ، ولا في كتابه الذي تعمّد تدوين أحاديث
العامّة فيه ، خاصّةً في الظروف التي كان يعيشها ؛ لمواجهة بعض الإشكالات التي توجّهت
إلى الشيعة ، لأنّ أصولهم وكتبهم الحديثيّة خالية من أحاديث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبيّ (صلى الله
عليه وآله) بما ترمز إليه هذه الدعوى من أهداف غير سليمة.
وكذلك لا يُناقش الكتاب
بأنّه ينقل عن مصادر لم تصل إلينا ، كمؤلّفات العلاّمة والشهيد وفخر المحقّقين ؛ إذ
يلاحظ على ذلك أنّ عدم وصولها إلينا لا يدلّ على أنّها غير موجودة ، ليكون ذلك قدحاً
فيه.
وكذلك لا يناقش فيه
: بأنّه قد وثّق في مقدّمته جميع رواة كتابه ، مع أنّ بعضهم من العامّة ؛ فإنّه يلاحظ
على ذلك إنّما وثّق وسائطه إلى أصحاب الأُصول والكتب التي ينقل عنها ، ولم يتعرّض إلى
توثيق بقيّة سلسلة السند بما فيهم صاحب الأصل ومن قبله ، والحديث بتوسّع عن هذا الكتاب
ومؤلّفه مرّ مراراً في بعض بحوثنا الفقهيّة والأصوليّة ، وسيأتي البحث عنه حينما نبحث
عن الأخبار العلاجيّة».
ولا يخفى أنّ هذا السبب
الذي ذكره سماحته ـ دام ظلّه ـ من أنّ ابن أبي جمهور كان قد واجه بعمله هذا بعض الإشكالات
التي توجّهت إلى الشيعة ؛ يرجع إلى ما سمعتُه مشافهةً منه ـ مدّ الله تعالى ظلّه الوارف
على رؤوس المسلمين ـ : (من أنّ السلطة كانت لغير الشيعة فيتسامح الشيعة مع العامّة
، ثمّ انعكس هذا الأمر للشيعة في القرن العاشر ، يعني بعد تأسيس الدولة الصفويّة واستقرار
الدولة الشيعيّة وسلطتها ، فتعمّدُ تدوينِ أحاديث العامّة في كتابي العوالي والدرر كان للظروف التي عاش
فيها ابن أبي جمهور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في إيران).
وقد بيّنا أنّ هذا
التسامح أيضاً يرجع إلى ميل ابن أبي جمهور إلى التصوّف ، ومنهج الصوفيّة في نقل الأخبار
، ورواج التصوّف في إيران ، وتعامله مع محافل الصوفيّة في الخانقاهات وتكايا الدراويش
، مع أسبابها ومسبّباتها التي ذكرناها.
ثمّ إنّ كلام سيّدنا
المفدّى ـ دام علوّه ـ في دعوى العامّة من خلوّ كتبنا من أحاديث النبيّ(صلى الله
عليه وآله) ـ بما ترمز إليه هذه الدعوى من أهداف غير سليمة ـ هي دعوى موجودة ومتداولة
إلى الآن على لسان العامّة ، إلاّ أنّ هذه الشبهة لا يمكن توجيهها إلى الشيعة أصلاً
حتّى نحتاج إلى جوابها بهذا النحو ، مِن كونها السبب في نقل الأخبار من كتب العامّة
في تراثنا الشيعي ، لأنّ الأحاديث الأخلاقيّة وغيرها عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)
كثيرة في تراثنا وذلك واضح لمن راجع التراث الشيعي.
وقد مرّ أنّ الروايات
التي أوردها ابن أبي جمهور لا تختصّ بروايات العامّة ، بل روايات مختلفة في الأُصول
والفروع والأخلاق ، عن العامّة والصوفيّة وروايات لا نعرف مصادرها! هذا أوّلاً.
وثانياً
: لا سبيل لنا إلى تقييم شخصيّة مثل ابن أبي جمهور إلاّ عن
طريق تقييم آثاره ومؤلّفاته.
وأمّا مشايخه وتلامذته
في الرواية ، فهي طرق انحصرت به ، ولم نعرف عنهم شيئاً ، سوى ورودهم في طريق ابن أبي
جمهور سوآء راوياً أو مرويّاً عنه.
ثالثاً
: في خصوص مرفوعة زرارة وما ماثلها من الأخبار التي لا أثر لها
في مصدر آخر ، فهي المشكلة الأُمّ ، حيث إنّه ينسب خبراً مرفوعاً إلى العلاّمة ، ولم
نجده في كتب العلاّمة ولا في كتب تلامذته ومتّبعي مدرسته ، كفخر المحقّقين والشهيد
الأوّل والسيوري وابن فهد لا سيّما في مثل مرفوعة زرارة التي تتعلّق بمبحث التعادل
والتراجيح المشهور في كتب الفقهاء والأُصوليّين قديماً وحديثاً ، وإن صحّ وجود مثل
هذا الخبر لاشتهر وبان ، أو يشير أحدهم إلى وجود تلك الرواية مع ما نعرف من تداول المجاميع
الفقهيّة والأصوليّة للعلاّمة بين كلّ من تأخّر عنه.
تلخيص المقال :
في ختام كلامنا حول
ابن أبي جمهور واجهت كلمة قيّمة من العلاّمة الفقيه الأُصولىّ السيّد محمّد هاشم الخوانساري
(ت ١٣١٨ هـ) ـ صاحب كتاب أصول
آل الرسول وهو أخو صاحب روضات الجنّات ـ حول مرفوعة
زرارة المرويّة في العوالي
والدرر ، ذكره في كتابه المقالات اللطيفة في المطالب المنيفة المطبوع مع كتابه الآخر
مباني
الأصول له ، فارتأينا أن نورد هنا نصّ كلامه ، إذ إنّ كلامه هذا يتطابق
بمجمله على ما فصّلناه.
وهذا نصّ كلامه ، تغمّده
الله بواسع رحمته :
«وأمّا الدليل السادس
: فقد أورد عليه :
أوّلاً
: بضعف سند المرفوعة ، فقيل : إنّ هذه الرواية فقد ردّها من ليس
دأبه الخدشة في سند
الروايات المحدّث البحراني ، وأُشير بذلك إلى ما قاله ذاك المحدّث في المقدّمة التاسعة
من الحدائق في مقام الترجيح بما
تضمّنته مقبولة عمر بن حنظلة على ما تضمّنته تلك المرفوعة ، فقال :
إنّا لم نقف عليها
في غير كتاب عوالي
اللآلي ، مع ما عليه من الرفع والإرسال ، وما عليه الكتاب المذكور من
نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار والأعمال ، وخلط غثّها بسمينها وصحيحها بسقيمها
، كما لا يخفى على مَن وقف على الكتاب المذكور.
وثانياً
: بضعف دلالتها ؛ بأنّ المراد بالموصول هو خصوص الرواية المشهورة
من الروايتين دون مطلق الحكم المشهور ، ألا ترى أنّك لو سألت عن أىّ المسجدين أحبّ
إليك قلت : ما كان الاجتماع فيه أكثر ، لم يحسن للمخاطب ينسب إليك محبوبيّة كلّ مكان
يكون الاجتماع فيه أكثر ، بيتاً كان أو خاناً أو سوقاً ، وكذا لو أجبت عن سؤال المرجع
لأحد الرمّانتين فقلت : ما كان أكبر. والحاصل : إنّ دعوى العموم في المقام لغير الرواية
ممّا لا يظنّ بأدنى تلفّت.
وثالثا
: بمرجوحية دلالتها ، نظراً إلى أنّ الشهرة الفتوائية ممّا لا
يقبل أن يكون في طرفي المسألة ، فقوله : (يا سيّدي إنّهما مشهوران مأثوران) أوضح
شاهد على أنّ المراد بالشهرة ، الشهرة في الرواية الحاصلة بأن يكون الرواية ممّا اتّفق
الكلّ على روايته أو تدوينه ، وهذا ممّا يمكن اتّصاف الروايتين المتعارضتين به.
ويمكن الجواب عن الجميع
:
أمّا
عن الأوّل : فبأنّ كون الرجل متساهلاً
في نقل الأخبار ومكثراً من الروايات الضعيفة وتخليطها في الروايات المعتبرة وإن كان
موجباً لنوع من الكلام في روايته نظراً إلى كشفه عن عدم حذاقته وتفطّنه وعدم إقدامه
لنقد الأخبار ، كما هو طريقة الأخباريّين الذين لا يبالون عمّن يأخذون وعمّن يروون
، وهذا أمر يضرّ بمستند الأحكام المبتنية على أخبار الآحاد ، ومن هذه الجهة أخرج أحمد
بن محمّد بن عيسى الأشعري القمّي أحمد بن محمّد بن خالد البرقي عن قم ، وعلّله بأنّه
يروي عن المجاهيل ، ويعتمد على المراسيل على طريقة أهل الأخبار.
لكنّك خبير بأنّ هذا
الأمر إنّما يضرّ باعتماد هؤلاء على بعض الأخبار ، واستنباطاتهم للأحكام ، وهذا ممّا
لا مدخليّة له لنقل هؤلاء شيئاً من الأمور الحسّيّة ، فإنّ المدار في اعتبار نقلهم
على الوثاقة والصدق دون الغفلة والخطأ في طرق الاستنباط.
فعلى هذا كون ذلك الرجل
من المتساهلين في نقل الأخبار لا يضرّ بما نقله عن العلاّمة ، واطّلع عليه على وجه
المبادئ الحسّية.
نعم ، لو كان العلاّمة
من قبيل هؤلاء المتساهلين ، لكان رفعه الخبر إلى زرارة مضرّاً بالمقام باعتبار تلك
المساهلة ، ولمّا ثبت عدم كونه منهم ، فلا بأس بالخبر من جهته أيضاً.
نعم ، يمكن المناقشة
في أمر هذا الناقل من جهة أُخرى قد وقفت
عليها ، وهي أنّه من
جملة الحكماء الإشراقيّين والصوفيّة الذين مباني أُمورهم كثيرٌ من الخيالات الفاسدة
، والاستحسانات الردّيّة الكاسدة ، التي لا تكون مستندة إلى ركن وثيق من الكتاب والسنّة
والإجماع والعقل السليم ، كما يشهد به كتابه الموسوم بالمجلي ؛ فإنّه مملوّ من هذه
التمويهات والترّهات ، وصرّح في ديباجته : بأنّ طريقته طريقة الإشراقيّين من الحكماء
والصوفيّة من العلماء.
ولا يبعد أن يعدّ هذا
الكتاب من الكتب التي يضلّ بها كثير من الناس ، كما وقع ببعض من ظهر في قريب من عصرنا
من أهل الأحساء حيث بنى أكثر مطالبه
التي أشاعها بين الناس على ما وجده في هذا الكتاب ، على ما وقفنا عليه من كلماته الموافقة
لأكثر مطالب ذاك الكتاب.
والعجب أنّ الناس يظنّون
أنّ ما ذكره هذا البعض من أفكاره البديعة ، وأنّه مؤسّس هذه الشبهات ، مع أنّه قلّد
فيها ذلك الفاضل الذي من أهل بلده.
والفرقُ بينهما أنّ
أحدهما لم يتيسّر له إشاعة تلك الشبهات ، والآخر قد أقدم عليها ، فترتّب على هذه الإذاعة
ما يشاهد من جهّال عصرنا من الإضاعة ، حتّى آل الأمرُ في بعض أتباعه إلى الإلحاد والزندقة.
لكن يمكن التفصّي عن
هذا أيضاً بأنّ الفاضل المتقدّم من مشاهير الفقهاء الأجلاّء الذين لم يتأمّل أحدٌ في
وثاقته وجلالته ، واشتهر ذكر أقواله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في كلمات فقهائنا المتأخّرين
، ومثله حقيقٌ بأن يحمل كلماته الموهمة على المحتملات الصحيحة ، فهذه المناقشة أيضاً
لا يخرج المرفوعة عن الاعتبار.
وأمّا المناقشة فيه
بالرفع والإرسال فمندفعةٌ بموافقة كثير من فقراته لمقبولة عمر بن حنظلة ، وسائر الأخبار
المعتبرة الواردة في علاج المتعارضات» .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
١ ـ أخلاق محتشمي : محتشم السلطنة حسن
الإسفندياري ، مطبوعة بطهران في (١٣١٤ ش).
٢ ـ الأعلام : خير الدين الزركلي
(ت ١٣٩٦ هـ) ، دار العلم للملايين ، الطبعة الخامسة ، أيّار ١٩٨٠ م.
٣ ـ أعيان الشيعة : السيّد محسن الأمين
(١٢٨٢ ـ ١٣٧١ هـ) ، تحقيق : حسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، لبنان.
٤ ـ أمل الآمل : محمّد بن الحسن بن
علي الحرّ العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤ هـ) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني ، مكتبة الأندلس
، مطبعة الآداب النجف الأشرف ، بغداد.
٥ ـ أنوار البدرين : الشيخ علي بن الشيخ
حسن البلادي البحراني (١٢٧٤ ـ ١٣٤٠ هـ) ، تحقيق : محمّد علي محمّد رضا الطبسي ، مطبعة
النعمان ، ١٣٧٧ هـ ، تقريظ بقلم صاحب الفضيلة العلامة السيّد محمّد مهدي نجل العلاّمة
السيّد محمّد الموسوي الكاظمي ، النجف الأشرف ، العراق.
٦ ـ ابن أبي جمهور الأحسائي
في كتب التراجم والمصادر : إعداد : مؤسّسة تراث
الشيعة ، الناشر : جمعية ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث ، دار المحجّة البيضاء
، بيروت ، ١٤٣٥هـ ١٣٩٣ش.
٧ ـ إجازات علماء البحرين
: لمحمّد عيسى آل مكباس ، نشر : المؤلّف ، سنة ١٤٢٢ هـ.
٨ ـ إحياء علوم الدين : أبو حامد محمّد بن
محمّد بن محمّد بن أحمد الطوسي الشافعي المعروف بالغزالي (٤٥٠ ـ ٥٠٥ هـ) ، دار الكتاب
العربي ، بيروت ، لبنان.
٩ ـ إعلام الأحياء بأغلاط
الإحياء : أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمّد ابن الجوزي (٥١٠ ـ ٥٩٧
هـ).
١٠ ـ إيضاح الفوائد في شرح
إشكالات القوائد : فخر المحقّقين الشيخ
أبو طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (٦٨٢ ـ ٧٧١هـ) ، تحقيق : السيّد
حسين الموسوي الكرماني ، الشيخ علي پناه الاشتهاردي ، الشيخ عبد الرحيم البروجردي ،
الطبعة الأولى ، ١٣٨٧هـ ، المطبعة العلمية ، قم ، إيران.
١١ ـ إيضاح المكنون : إسماعيل باشا البغدادي
(١٣٣٩ ـك١٩٢٠ م) ، عنى بتصحيحه وطبعه على نسخة المؤلّف العبدان الفقيران إلى الله الغني
محمّد شرف الدين بالتقايا رئيس أمور الدين والمعلّم رفعت بيلكه الكليسي ، دار إحياء
التراث العربي بيروت ، لبنان.
١٢ ـ بحار الأنوار الجامعة
لدرر أخبار الأئمّة الأطهار : محمّد باقر بن محمّد
تقي بن مقصود علي الإصفهاني المعروف بالمجلسي (١٠٣٧ ـ ١١١٠ هـ) ، الطبعة الثانية ،
(١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م) ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت ، لبنان.
١٣ ـ التحفة السنية في شرح
نخبة المحسنية : السيّد عبد الله بن
نور الدين ابن المحدّث الجزائري الموسوي التستري (١١١٤ ـ ١١٧٣ هـ) ، طبع بتحقيق السيّد
علي رضا الزنجاني طبعة حجرية في طهران سنة ١٣٧٠ هـ. ويعمل السيّد محمّد جواد الجلالي
وآخرين في مؤسّسة فقه أهل البيت عليهمالسلام بقم على تحقيقه.
١٤ ـ تذكرة الفقهاء : أبو منصور جمال الدين
الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ) ، تحقيقّ مؤسّسة
آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الأولى ، محرّم ١٤١٤ هـ ، قم ، إيران.
١٥ ـ تعارض الأدلّة واختلاف
الحديث : تقريراً لأبحاث السيّد علي السيستاني ، السيّد هاشم الهاشمي.
١٦ ـ تعليقة أمل الآمل : الميرزا عبد الله بن
عيسى بن محمّد صالح أفندي الإصبهاني (١٠٦٦ ـ ١١٣٠ ح) ، تحقيق : السيّد أحمد الحسيني
، الناشر : مكتبة آية الله المرعشي ، مطبعة الخيّام ، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ ، قم ،
إيران.
١٧ ـ تفسير ابن عربي : أبو بكر محمّد بن علي
بن محمّد ابن العربي (٥٦٠ هـ / ٦٣٨ هـ) ، تحقيق : عبد الوارث محمّد علي ، الطبعة الأولى
، (١٤٢٢ هـ/ ٢٠٠١م) ، الناشر : دار الكتب العلمية ، مطبعة دار الكتب العلمية ، بيروت
، لبنان.
١٨ ـ تفسير القرآن العظيم : أبو الفداء إسماعيل
بن كثير القرشي الدمشقي (٧٧٤ هـ) ، قدّم له الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، (١٩٩٢
م / ١٤١٢ هـ) ، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان.
١٩ ـ التفسير الكبير = تفسير
الرازي : أبو عبد الله فخر الدين
محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين المعروف بالفخر الرازي (٥٤٤ ـ ٦٠٦ هـ) ، الطبعة الثالثة.
٢٠ ـ تفسير المحيط الأعظم : حيدر بن علي بن حيدر
بن علي العلوي ، المعروف بالآملي (كان حيّاً قبل ٧٨٧ هـ) ، تحقيق : محسن الموسوي التبريزي
، الطبعة الأولى ، ١٤١٤ هـ ، الطبعة الثانية ١٤١٦ هـ ، الطبعة الثالثة ١٤٢٢ هـ ، الطبعة
الرابعة ١٤٢٨ هـ ، الناشر : المعهد الثقافي نور على نور.
٢١ ـ التمهيد : أبو عمر يوسف بن عبد
الله بن محمّد بن عبد البرّ النمري القرطبي المالكي (٣٦٨ ـ ٤٦٣ هـ) ، تحقيق : مصطفى
بن أحمد العلوي ومحمّد عبد الكبير البكري ، ١٣٨٧هـ ، مطبعة المغرب ، الناشر : وزارة
عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية. التراث العربي ، بيروت ، لبنان.
٢٢ ـ تنبيه الغافلين : لأبي الليث نصر بن
محمّد الحنفي السمرقندي (ت ٣٧٣ هـ. ق) ، تحقيق : يوسف علي بديوي ، دار ابن كثير ـ بيروت
، الطبعة الأولى (١٤١٣ هـ. ق).
٢٣ ـ تنقيح المقال في علم الرجال
: للشيخ عبد الله بن محمّد حسن المامقاني (١٢٩٠ ـ ١٣٥١). الطبعة
الثانية ، ٣ مجلَّدات ، قم ، بالأوفست عن طبعة النجف الأشرف ، المطبعة المرتضوية ،
١٣٥٢هـ.
٢٤ ـ تهذيب الأحكام : أبو جعفر محمّد بن
الحسن الطوسي الملقّب بشيخ الطائفة (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان
، تصحيح : الشيخ محمّد الآخوندي ١٣٩٠ هـ ، الطبعة الرابعة ، ١٤٢٥ هـ ، الناشر : دار
الكتب الإسلامية ، طهران إيران.
٢٥ ـ جامع أسرار العلماء =
جامع الأحاديث والأقوال = استبصار الأخبار : الشيخ محمّد قاسم بن
محمّد بن جواد الشهير بابن الوندي والفقيه الكاظمي النجفي (ح ١١٠٠ هـ) ، مخطوط.
٢٦ ـ الجواهر الغوالي في شرح
العوالي : السيّد نعمة الله الجزائري (١١١٢هـ) ، مخطوط.
٢٧ ـ الحدائق الناضرة في أحكام
العترة الطاهرة : الشيخ يوسف البحراني
(١١٠٧ ـ ١١٨٦ هـ) ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم ، إيران.
٢٨ ـ خاتمة مستدرك الوسائل
: الحاجّ ميرزا حسين النوري الطبرسي (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠ هـ) ، تحقيق
ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، الطبعة
الأولى ، رجب ١٤١٥ هـ ، المطبعة ستاره ، قم ، إيران.
٢٩ ـ الخلاف : أبو جعفر محمّد بن
الحسن الطوسي الملقّب بشيخ الطائفة (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ، السيّد علي الخراساني والسيّد
جواد الشهرستاني والشيخ محمّد مهدي نجف ، إشراف الحاج الشيخ مجتبى العراقي ، ١٤٠٧ هـ
، الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم ، إيران.
٣٠ ـ دنبال جستجو در تصوف إيران
: عبد الحسين زرّين كوب ، طهران ، ١٣٦٢هـ. ش.
٣١ ـ الذريعة : العلاّمة الشيخ آقا
بزرك الطهراني (١٢٩٣ ـ ١٣٨٩ هـ) ، دار الأضواء ، الطبعة الثالثة ، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م
، بيروت ، لبنان.
٣٢ ـ الذريعة إلى أصول الشريعة
: أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمّد ابن إبراهيم الشريف
المرتضى (٣٥٥ ـ ٤٣٦ هـ) ، تحقيق : أبو القاسم گرجي ، (١٣٤٦ ـ ١٣٤٨ هـ. ش) ، مطبعة دانشگاه
طهران ، إيران.
٣٣ ـ الرسائل التسع : أبو القاسم نجم الدين
جعفر بن الحسن الحلّي الهذلي (٦٠٢ ـ ٦٧٦ هـ) ، تحقيق : رضا الأستادي ، الناشر : مكتبة
آية الله العظمى المرعشي ، الطبعة الأولى ، ١٣٧١هـ. ش / ١٤١٣ هـ. ق ، قم ، إيران.
٣٤ ـ روضات الجنّات في أحوال
العلماء والسادات : الميرزا محمّد باقر
الموسوي الخوانساري الإصبهاني (١٣١٣ هـ) ، عنيت بنشره مكتبة إسماعيليان ، قم ،
١٣٩٠ هـ.
٣٥ ـ روضة المتّقين في شرح
من لا يحضر الفقيه : محمّد تقي بن مقصود
علي الإصفهاني المعروف بالمجلسي الأوّل (١٠٠٣ ـ ١٠٧٠ هـ) ، تحقيق : السيّد حسين الموسوي
الكرماني والشيخ علي پناه الإشتهاردي ، الناشر : بنياد فرهنك اسلامي (حاج محمّد حسين
كوشانپور).
٣٦ ـ رياض العلماء وحياض الفضلاء
: للحجّة عبد الله الأفندي ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي
، إيران ، قم ، عام ١٤٠١ هـ.
٣٧ ـ رياض الجنّة : الميرزا محمّد حسن
الحسيني الزنوزي ، تحقيق : علي رفيعي ، قم ، مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، ١٤١٢ ق.
٣٨ ـ زاد المسير في علم التفسير
: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمّد الجوزي (٥٠٨ ـ ٥٩٧ هـ)
، حقّقه وكتب هوامشه : محمّد بن عبد الرحمن عبد الله ، وخرّج أحاديثه : أبو هاجر السعيد
بن بسيوني زغلول ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، جمادى الأولى
، ١٤٠٧ هـ ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
٣٩ ـ سماء المقال في علم الرجال
: أبو الهدى الكلباسي (ت ١٣٥٦ هـ) ، تحقيق : السيّد محمّد الحسيني
القزويني ، الناشر : مؤسّسة ولي العصر عليه السلام للدراسات الإسلامية ، الطبعة الأولى
، شعبان معظم ١٤١٩ هـ ، مطبعة أمير ، قم ، إيران.
٤٠ ـ سنن أبي داود : أبو داود سليمان بن
الأشعث السجستاني (٢٠٢ ـ ٢٧٥ هـ) ، تحقيق : سعيد محمّد اللحّام ، الطبعة الأولى
١٤١٠هـ/١٩٩٠م ، أخرجه وراجعه ووضع فهارسه : مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر ، دار
الفكر ، بيروت ، لبنان.
٤١ ـ سنن الدارقطني : أبو الحسن علي بن عمر
بن أحمد بن مهدي الدارقطني (٣٠٦ ـ ٣٨٥ هـ) ، تحقيق : مجدي بن منصور بن سيّد الشورى
، الطبعة الأولى ، ١٤١٧ هـ / ١٩٩٦ م ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.
٤٢ ـ سنن الدارمي : أبو محمّد عبد الله
بن الرحمن بن الفضل بن بهرام بن عبد الصمد التميمي السمرقندي الدارمي (١٨١ ـ ٢٥٥ هـ)
، طبع بعناية محمّد أحمد دهمان ، مطبعة الاعتدال ١٣٤٩هـ ، دمشق ، سوريا.
٤٣ ـ السنن الكبرى : أبو بكر أحمد بن
الحسين بن علي البيهقي (٣٨٤ ـ ٤٥٨ هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
٤٤ ـ سنن النسائي : أبو عبد الرحمن أحمد
بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار النسائي (٢١٥ ـ ٣٠٣ هـ) ، الطبعة الأولى ،
١٣٤٨ هـ / ١٩٣٠ م ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
٤٥ ـ سياست وفرهنگ روزگار صفوي : رسول جعفريان ، نشر
: علم ، طهران ، ١٣٩٢هـ. ش.
٤٦ ـ شرح الزيارة الجامعة : الشيخ أحمد بن زين
الدين الأحسائي (١٢٤١هـ) ، الطبعة الأولى ، (١٤٢٤هـ ، ٢٠٠٣م) ، دار المفيد للطباعة
والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان.
٤٧ ـ شرح فصوص الحكم : داود بن محمود بن محمّد
شرف الدين القيصري الرومي (ت ٧٥١ هـ) ، تحقيق : سيّد جلال الدين آشتياني ، ١٣٧٥هـ.
ش ، شركت انتشارات علمي وفرهنگي.
٤٨ ـ شعب الإيمان : أبو بكر أحمد بن الحسين
بن علي البيهقي (٣٨٤ ـ ٤٥٨ هـ) ، تحقيق : أبي هاجر محمّد السعيد بن بسيوني زغلول ،
الطبعة الأولى ، (١٤١٠ هـ / ١٩٩٠ م) ، الناشر : دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.
٤٩ ـ صحيح ابن حبّان بترتيب
ابن بلبان : علاء الدين علي بن
بلبان الفارسي (٦٧٥ ـ ٧٣٩ هـ) ، تحقيق : شعيب الارنؤوط ، الطبعة الثانية ، (١٤١٤ هـ
/ ١٩٩٣ م) ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، لبنان.
٥٠ ـ صحيح ابن خزيمة : أبو بكر محمّد بن إسحاق
بن خزيمة السلمي النيسابوري (٢٢٣ ـ ٣١١ هـ) ، تحقيق : الدكتور محمّد مصطفى الأعظمي
، الطبعة الثانية ، (١٤١٢ هـ / ١٩٩٢م) ، الناشر : المكتب الإسلامي.
٥١ ـ صحيح مسلم : أبو الحسين مسلم بن
الحجّاج بن مسلم القشيري النيسابوري (٢٠٤ ـ ٢٦١هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
٥٢ ـ الصلة بين التشيّع والتصوّف
: كامل مصطفى الشيبي ، الطبعة الثانية ـ دار المعارف ـ مصر ١٩٦٩.
٥٣ ـ طبقات أعلام الشيعة : للشيخ آقا بزرك الطهراني
، طبع : دار الكتاب العربي بيروت ١٩٧٥ م.
٥٤ ـ طرائق الحقائق : ميرزا معصوم علي المعروف
بميرزا آقا ابن الحاج ميرزا زين العابدين (١٢٧٠ ـ ١٣٤٤ هـ) ، نائب الصدر ، ت : أحمدي
، طهران ، ١٣١٨هـ.
٥٥ ـ العدّة (في أصول الفقه)
: أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي الملقّب بشيخ الطائفة (٣٨٥ ـ
٤٦٠ هـ) ، تحقيق : محمّد رضا الأنصاري القمّي ، الطبعة الأولى ، (١٤١٧ هـ / ١٣٧٦ هـ.
ش) ، مطبعة ستاره ، قم ، إيران.
٥٦ ـ عمدة القاري في شرح صحيح
البخاري : أبو محمّد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد العيني الحنفي (٧٦٢
ـ ٨٥٥ هـ) ، الناشر : دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.
٥٧ ـ عوالم العلوم والمعارف
والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال : الشيخ عبد الله بن
نور الله البحراني الإصفهاني (ت ١١٣٠ هـ) ، التحقيق والنشر في مدرسة الإمام المهدي
، بإشراف السيّد محمّد باقر بن المرتضى الموحّد الأبطحي الإصفهاني ، الطبعة الأولى
، (١٤٠٧ هـ / ١٣٦٥ ش) ، چاب أمير ، قم ، إيران.
٥٨ ـ عوالي اللئالي العزيزية
في الأحاديث الدينية : محمّد بن علي بن
إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور من أعلام القرن التاسع ، تحقيق : الحاج
آقا مجتبى العراقي ، الطبعة الأولى ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م ، مطبعة سيّد الشهداء ، قم ،
إيران.
٥٩ ـ غريب الحديث : أبو عبيد القاسم بن
سلام الهروي (١٥٧ ـ ٢٢٤ هـ) ، تحقيق : محمّد عبد المعيد خان ، الطبعة الأولى ، (١٣٨٤
هـ / ١٩٦٤ م) ، الناشر : دار الكتاب العربي ، طبع بإعانة وزارة المعارف للحكومة العالية
الهندية ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ، الهند ، بيروت ،
لبنان.
٦٠ ـ فتح الباري : أبو الفضل أحمد بن
علي بن حجر الكناني العسقلاني (٧٣٣ ـ ٨٥٢ هـ) ، الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر
، الطبعة الثانية ، مطبعة دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان.
٦١ ـ الفوائد الرضوية في أحوال
علماء المذهب الجعفرية : للشيخ عبّاس
القمّي ، طبع طهران سنة ١٣٦٧ هـ.
٦٢ ـ الفوائد الطريفة : محمّد باقر بن محمّد
تقي بن مقصود علي الإصفهاني المعروف بالمجلسي (١٠٣٧ ـ ١١١٠ هـ) ، تحقيق : السيّد مهدي
الرجائي.
٦٣ ـ فهرست كتب خطّى إصفهان
: السيّد محمّد علي الروضاتي ، الناشر : مؤسّسة الزهراء ، إصفهان
، الطبعة الأولى ، ١٣٨٦هـ. ش.
٦٤ ـ فهرستگان نسخه هاي خطّي
ايران (فنخا) : إعداد : مصطفى درايتي.
٦٥ ـ قوت القلوب في معاملة
المحبوب : أبو طالب محمّد بن علي بن عطية الحارثي المكّي (ت ٣٨٦ هـ) ،
تحقيق : باسل عيون السّود ، الطبعة الأولى ، (١٤١٧ هـ / ١٩٩٧ م) ، الناشر : دار الكتب
العلمية ، بيروت ، لبنان.
٦٦ ـ الكامل في ضعفاء الرجال
: أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمّد ابن مبارك بن
القطّان الجرجاني (٢٧٧ ـ ٣٦٥ هـ) ، الطبعة الأولى ، تحقيق : الدكتور سهيل زكّار ، الطبعة
الثالثة ، قرأها ودققّها على المخطوطات : يحيى مختار غزّاوي ، الطبعة الأولى ، (١٤٠٤
هـ / ١٩٨٤ م) ، الطبعة الثانية ، (١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م) ، الطبعة الثالثة ، (١٤٠٩ هـ /
١٩٩٨ م) ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
٦٧ ـ كتاب الدعاء : أبو القاسم سليمان
بن أحمد الطبراني (٢٦٠ ـ ٣٦٠ هـ) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، الطبعة الأولى ،
(١٤١٣ هـ / ١٩٩٣ م) ، الناشر دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.
٦٨ ـ كتاب الأمّ : أبو عبد الله محمّد
بن إدريس الشافعي (١٥٠ ـ ٢٠٤هـ) ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٠ هـ / ١٩٨٠ م ، الطبعة الثانية
، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
٦٩ ـ كشف الحجب والأستار عن
أسماء الكتب والأسفار : السيّد إعجاز حسين
النيسابوري الكنتوري (١٢٨٦ ـ ١٢٤٠ هـ) ، الناشر : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
، الطبعة الثانية ، ١٤٠٩ هـ ، مطبعة بهمن ، قم ، إيران.
٧٠ ـ كشف الخفاء ومزيل الإلباس
: الشيخ إسماعيل بن محمّد العجلوني الجرّاحي (١٠٨٧ ـ ١١٦٢ هـ)
، دار الكتب العلمية ، الطبعة الثالثة ، (١٩٨٨ م / ١٤٠٨ هـ) ، بيروت ، لبنان.
٧١ ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب
والفنون : مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة وبكاتب چلبي (١٠٦٧ هـ)
، مع مقدّمة للعلاّمة الحجّة آية الله العظمى السيّد شهاب الدين النجفي المرعشي ، دار
إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.
٧٢ ـ لؤلؤة البحرين في الإجازة
لقرّتي العين : للشيخ يوسف بن أحمد
البحراني (١١٠٧ ـ ١١٨٦ هـ). تحقيق : السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، الطبعة
الثانية ، قم ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث.
٧٣ ـ مباني الأصول : للسيّد الميرزا محمّد
هاشم بن الميرزا زين العابدين الموسوي الخوانساري الإصفهاني المعروف بچهار سوقي.
٧٤ ـ مجالس المؤمنين : القاضي نور الله التستري
(الشهيد في سنة ١٠١٩ هـ ق) ، تصحيح : أحمد عبد منافي ، المكتبة الإسلامية ـ طهران ١٣٦٥
هـ. ش.
٧٥ ـ المجلي مرآة المنجي : محمّد بن علي بن إبراهيم
الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور من أعلام القرن التاسع ، تحقيق : وتصحيح : رضا يحيى
پور فارمد ، الناشر : جمعية ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث ، الطبعة الأولى
، ١٤٣٤هـ.
٧٦ ـ مجموعة رسائل مشهور به
كتاب الإنسان الكامل : عزيز الدين بن
محمّد نسفي ، ماژيران موله ، ١٣٤١هـ. ش ، طهران ، ايران.
٧٧ ـ المحجّة البيضاء في
تهذيب الإحياء : محمّد محسن بن
مرتضى بن محمود الشهير الفيض الكاشاني (١٠٠٧ ـ ١٠٩١هـ) ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري
، الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، الطبعة الثانية ، مطبعة
مهر ، قم ، إيران.
٧٨ ـ مختلف الشيعة في أحكام
الشريعة : أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة
الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ) ، تحقيق ونشر : مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ، الطبعة الأولى
١٤١٥ هـ ، قم ، إيران.
٧٩ ـ المستدرك على الصحيحين
: أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن حمدويه ، الشهير بالحاكم
النيسابوري (٣٢١ ـ ٤٠٥ هـ) ، تحقيق : يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، دار المعرفة ، بيروت
، لبنان.
٨٠ ـ مستدرك الوسائل ومستنبط
المسائل : الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠ هـ) ، تحقيق :
مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث ، الطبعة
الأولى (١٤٠٨ هـ / ١٩٨٧ م) ، الناشر : مؤسّسة آل البيت
عليهمالسلام لإحياء التراث ،
بيروت ، لبنان.
٨١ ـ مسند أبي يعلى الموصلي
: أحمد بن علي بن المثنّى التميمي (٢١٠ ـ ٣٠٧ هـ) ، تحقيق : حسين
سليم أسد ، الطبعة الأولى ، (١٤١٢ هـ / ١٩٩٢ م) ، دار المأمون ، دمشق ، بيروت.
٨٢ ـ مسند أحمد بن حنبل (وبهامشه
منتخب كنز العّمال في سنن الأقوال والأفعال) : أبو عبد الله أحمد
بن محمّد بن حنبل (١٦٤ ـ ٢٤١ هـ) ، دار صادر ، بيروت ، لبنان.
٨٣ ـ مسند الشافعي : أبو عبد الله محمّد
بن إدريس الشافعي (١٥٠ ـ ٢٠٤ هـ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.
٨٤ ـ مصنّف ابن أبي شيبة في
الأحاديث والآثار : عبد الله بن محمّد
بن أبي شيبة الكوفي العبسي (١٥٩ ـ ٢٣٥ هـ) ، ضبطه وعلّق عليه : الأستاذ سعيد اللحّام
، راجعه وصحّحه وأشرف على إخراجه : مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر ، الطبعة الأولى
، (١٤٠٩ هـ / ١٩٨٨ م) ، الناشر : دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
٨٥ ـ مصباح الأصول (ضمن موسوعة
السيّد الخوئي) : تأليف السيّد محمّد
سرور الواعظ الحسيني البهسودي ، مؤسّسة إحياء آثار الإمام الخوئي ، ١٤٢٢ هـ ، قم ،
إيران.
٨٦ ـ مصباح الأنس بين المعقول
والمشهود : محمّد بن حمزة الفناري
(ت ٨٣٤ هـ) ، تحقيق : محمّد خواجوي ، مع تعليقات لميرزا هاشم الأشكوري وآية الله
الخميني والسيّد محمّد
القمّي وآقا محمّد رضا قمشئي والأستاذ حسن زاده آملي وفتح المفتاح ، الطبعة الأولى
، (١٤١٦ هـ / ١٣٧٤ هـ. ش) ، الناشر : انتشارات مولى ، مطبعة إيران مصوّر ، طهران ،
إيران.
٨٧ ـ مصباح الشريعة : المنسوب إلى الإمام
جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، الطبعة الأولى ،
(١٤٠٠ هـ / ١٩٨٠ م) ، منشورات مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، لبنان.
٨٨ ـ المعتبر : أبو القاسم نجم الدين
جعفر بن الحسن الحلّي الهذلي (٦٠٢ ـ ٦٧٦ هـ) ، تحقيق : عدّة من الأفاضل تحت إشراف آية
الله ناصر مكارم الشيرازي ، الناشر مؤسّسة سيّد الشهداء
عليهالسلام ، ١٣٦٤ هـ. ش ، مطبعة
مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، قم ، إيران.
٨٩ ـ المعجم الأوسط : أبو القاسم سليمان
بن أحمد الطبراني (٢٦٠ ـ ٣٦٠ هـ) ، تحقيق : أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمّد وأبو
الفضل عبد الحسن بن إبراهيم الحسيني ، (١٤١٥ هـ/ ١٩٩٥ م) ، الناشر : دار الحرمين للطباعة
والنشر والتوزيع.
٩٠ ـ معجم رجال الحديث : السيّد أبو القاسم
الموسوي الخوئي (١٣١٧ ـ ١٤١٣ هـ) ، الطبعة الخامسة ، طبعة منقحة ومزيدة السنة ١٤١٣
هـ / ١٩٩٢ م.
٩١ ـ المعجم الكبير : أبو القاسم سليمان
بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني (٢٦٠ ـ ٣٦٠ هـ) ، الطبعة الثانية ،
تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي ، الناشر مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، مصر.
٩٢ ـ معجم المؤلّفين : عمر رضا كحّالة (ت ١٤٠٨ هـ) ، الناشر مكتبة المثنّى ودار إحياء
التراث العربي ، بيروت ، لبنان.
٩٣ ـ مقابيس الأنوار = مقابس
الأنوار ونفايس الأسرار في أحكام النبي المختار وآله الأطهار : أسد الله الكاظمي (١١٨٦ ـ ١٢٣٧ هـ) ، الطبعة الحجرية ،
١٣٢٢هـ ، تبريز ، ايران.
٩٤ ـ المقالات اللطيفة في المطالب
المنيفة : للسيّد الحاج ميرزا محمّد هاشم بن زين العابدين الموسوي الخوانساري
الإصفهاني ، المتوفّى بالنجف سنة ١٣١٨هـ.
٩٥ ـ مقامات جامي گوشه هايي
از تاريخ فرهنگي واجتماعي خراسان در عصر تيموريان : عبد الواسع بن جمال الدين نظامي باخزري ، تحقيق : : نجيب مايل
هروي ، الطبعة الأولى ١٣٧١هـ. ش ، طهران ، ايران.
٩٦ ـ المنتظم في تاريخ الملوك
والأمم : أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمّد ابن الجوزي (٥١٠ ـ ٥٩٧
هـ) ، تحقيق : محمّد عبد القادر عطا مصطفى ، راجعه وصحّحه : نعيم زرزور ، دار الكتب
العلمية ، الطبعة الأولى ١٤١٢ هـ /١٩٩٢ م ، بيروت ، لبنان.
٩٧ ـ منتهى المطلب في تحقيق
المذهب : أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلاّمة
الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ) ، تحقيق : قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية التابع للعتبة
الرضوية المقدّسة ، الناشر : مجمع البحوث الإسلامية ، الطبعة الأولى ، ١٤١٢ ق ، مؤسّسة
الطبع والنشر في الآستانة الرضوية المقدّسة ، مشهد ، إيران.
٩٨ ـ الموطّأ : أبو عبد الله مالك
بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري (٩٣ ـ ١٧٩ هـ) ، تحقيق : محمّد فؤاد عبد الباقي ، ١٤٠٦
هـ / ١٩٨٥ م ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.
٩٩ ـ المهذّب البارع في شرح
المختصر النافع : أبو العبّاس أحمد بن
محمّد بن فهد الحلّي الأسدي (٧٥٧ ـ ٨٤١ هـ) ، تحقيق : الشيخ مجتبى العراقي ، ١٤٠٧
هـ ، الناشر : مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم ، إيران.
١٠٠ ـ نهاية الإحكام في معرفة
الأحكام : أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف ابن المطهّر المعروف بالعلاّمة
الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، الناشر : مؤسّسة إسماعيليان
، الطبعة الثانية ، ١٤١٠ هـ ، قم ، إيران.
١٠١ ـ الوافي : محمّد محسن بن مرتضى
بن محمود الشهير بالفيض الكاشاني (١٠٠٧ ـ ١٠٩١ هـ) ، منشورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين
علي عليهالسلام العامّة ، (١٤٠٦
هـ / ٦٥ ١٣هـ. ش) ، إصفهان ، إيران.
١٠٢ ـ هديّة العارفين : إسماعيل باشا البغدادي
(١٣٣٩ ـك١٩٢٠ م) ، طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية استانبول ،
١٩٥١ م ، أعادت طبعه بالأوفست دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان.
١٠٣ - Musical
Moment in the Shamanist ic Rites of the Sieberian Pagan Tribes ،
Yasser ١٩٢٦ New York.
من ذخائر التراث

مقـدّمة التحقيـق
بسم الله الرحمن الرحيم
يمثّل التراث الثقافي
رأسمال الأمم المتقدّمة والتي تسعى لأنّ تتّخذه منطلقاً في مستقبلها ، فتتكامل حضارتها
ماضياً وحاضراً ومستقبلاً في بوتقة واحدة ، ويدلّل ذلك على عمقها الثقافي وسعة اطّلاع
رجالاتها عبر هذا التاريخ الطويل ، وبالرغم من شدّة الأحوال وتدهور الأوضاع إلاّ أنّ
العطاء الثقافي ظلّ متدفّقا ومتطوّراً يتّسع مع اتّساع آفاق المعرفة ، ولذا كان الاهتمام
بالتراث وتحقيقه ونشره كجزء من حقّ الماضين من علمائنا علينا ، ومن أجل أن يطّلع الحاضر
على منجزات الماضي فيستعدّ ويتحمّس لإبداع جديد.
يمثّل تاريخ هذه الرسالة
ـ التي بين أيدينا ـ إلى فترة مزدهرة من تاريخ الحوزة العلمية في النجف الأشرف والذي
يشارف على الألف عام ، حيث يلي الفترة التي عادت فيه المركزية لها بعد هجرة السيّد
بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيرهما ليقودوا حركةً علميةً جديدةً في النجف
الأشرف ، حيث بدأ عصر
علمي جديد يزخر بالعطاء والابتكار والجدّية في كافّة جوانب المعرفة ، خصوصاً الأصولية
منها والفقهية ، وذلك في أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، ومروراً بالثالث عشر ، وفي
النصف الثاني من القرن الرابع عشر اتّخذت بعداً عالميّاً من خلال انتشار صيتها ونشر
تراثها العلمي ، وتأثيرها وتأثّرها الاجتماعي والسياسي في المحيط الإقليمي والدولي
، ولم تكن هذه الفترة خالية من الصعوبات والعقبات الأساسية وخصوصاً السياسية منها والتي
كان الهدف منها السيطرة على الجامعة الدينية إلاّ أنّ صمود مرجعيّتها الدينية ورجالاتها
حال دون تحقيق أهدافهم ومكايدهم ، وفي خضمّ كلّ هذه الحوادث برزت أسماء جديدة كانت
مؤسّسة لمدارس علمية متألّقة ما زالت أفكارها ونظريّاتها محور الدرس والبحث في
الحوزة وخارجها ، وأصبحت الحوزة العلمية في النجف الأشرف في يومنا حاضرة علمية تستعيد
مكانتها في ضمن الحواضر العلمية الإسلامية بل العالمية.
وسنسلّط الضوء على
هذه المخطوطة من خلال أمور ثلاثة : الأوّل حول أهمّية موضوع الكتاب ، والثاني : بيان
ترجمة المصنّف ، والثالث : وصف المخطوطة وكيفية التحقيق.
الأمر الأوّل : أهمّية
موضوع الكتاب.
تبرز أهمّية هذه الرسالة
التي نقدّمها للقرّاء الأفاضل من خلال مضمونها
وتفرّد مؤلّفها في
ذلك وابتكاره لها ، حيث سعى لاستخراج القواعد الأصولية من كتاب الله الحكيم ، والرجوع
بموضوعات علم أصول الفقه إلى جذورها القرآنية والتي تمثّل الأساس للاستنباط الفقهي
والأحكام الشرعية ، وهذا أمر انتبه إليه مؤلّفه وجعله مورد افتخاره ، حيث أشار إلى
ذلك في مقدّمته حيث قال إنّه «ممّا لم تسبق إليه أفهام العلماء الراسخين وممّا لم تصل
إليه أفكار السابقين». وكلّ من ترجم للمصنّف وأشار لمصنّفه هذا ذكر هذا الأمر ، لكن
نشير إلى أنّه قد سبق المصنّف فيما قد يقارب هذه المحاولة السيّد عبد الله شبّر (المتوفّى
١٢٤٢هـ) في كتابه الأصول
الأصيلة والذي سعى من خلاله إلى استنباط مهمّات المسائل الأصولية التي
تستنبط منه الأحكام الشرعية الفرعية من الآيات القرآنية وأخبار المعصومين ، وهو وإن اختلف عن
مصنّفنا أنّه لم يقتصر على القرآن الكريم ، لذا نراه في كثير من المواضع لم يستند إلى
القرآن الكريم واكتفى بالروايات الشريفة ، وبذلك يبقى لمصنّفنا السيّد القزويني هذا
الامتياز من اقتصاره على القرآن الكريم.
ويمكن أن نضيف بأنّ
المصنّف في مصنّفه هذا يكون قد حقّق أمرين مهمّين :
الأوّل
: هو أن يكون جواباً على من انتقد الفكر الإمامي في عدم
رجوعهم إلى القرآن الكريم ، وعدم اهتمامهم بالدراسات القرآنية ، فإنّ هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجهد يؤكّد على أنّ
المصدر الأوّل والأساسي في الفقه والفكر الشيعي على نحو العموم هو القرآن الكريم ،
سيّما بملاحظة أنّ أصول الفقه تمثّل منطق العلوم الدينية ،وبالتالي يكون هذا البحث
ردّاً عملياً على تلك الشبهة.
والثاني
: إنّ قواعد أصول الفقه الراجعة إلى طريقة الاستفادة من
النصوص الشرعية والتي عليها المدار في استنباط الأحكام الشرعية هي قواعد عقلائية عامّة
درج عليها العقلاء ، أو عرفية خاصّة ، ولم يكن للشارع المقدّس طريقة خاصّة يستعملها
في خطابه مع المكلّفين ، وبالتالي فإثباتها من خلال القرآن الكريم يكون من أحد طريقين
: أحدهما : أن يشير إلى القاعدة كما في الأخذ بخبر الواحد الثقة في آية النبأ ، والأخرى
: يكون من خلال تطبيق تلك القواعد كما في رجوعه للاستصحاب في كثير من المواطن.
ولا يخفى أنّ المصنّف
وإن كان موفّقاً في كثير من الموارد في الرجوع إلى الأصول القرآنية إلاّ أنّه في بعض
الأحيان لا يخلو من تكلّف في ذلك ، كما في الاستدلال بقوله تعالى : (ما
جَعَلَ الله لِرَجُل مِن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ، على عدم جواز استعمال
اللفظ في أكثر من معنى واحد ، وواضح التكلّف في الاستدلال بالأمر التكويني على الاستعمال
العرفي ، إلاّ على مبنى أنّ وزان الاعتبار على وزان التكوين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأمر
الثاني : ترجمة المصنّف.
السيّد
معزّ الدين محمّد مهدي الحسيني القزويني :
وسنتناول
ترجمته من خلال التركيز على عدّة أبعاد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البعد
الأوّل : نسبه : السيّد محمّد مهدي
ابن السيّد حسن ابن السيّد أحمد ابن السيّد محمّد ابن
السيّد أبو القاسم ـ المتولّي إمارة الحجّ في إيران زمان الدولة الصفوية ـ ابن أبي
الحسن (المدعو غراباً) ابن يحيى (المدعو عنبراً) ابن أبي القاسم علي بن محمّد أبي البركات
بن جعفر أحمد بن محمّد ـ صاحب دار الصخرة في الكوفة ـ بن زيد ابن علي الشاعر ـ وهو
علي الحماني ـ ابن محمّد الخطيب ابن جعفر الشاعر بن محمّد بن محمّد بن زيد الشهيد ـ
رضي الله تعالى عنه ـ ابن الإمام علي بن الحسين زين العابدين ابن الحسين الشهيد بن
علي ابن أبي طالب عليهمالسلام.
البعد الثاني : ولادته
وسيرته :
ولد في النجف الأشرف
عام (١٢٢٢هـ) ، وبدأ طلب العلم فيها من خلال تعلّم القرآن الكريم في أربعة أشهر وهو
ابن ثماني سنين ، ودرس علوم العربية المختلفة وختمها وهو ابن ثلاث عشر سنة بحيث قام
بتدريسها قبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلوغ سنّ التكليف ، ثمّ قرأ علم الفقه
وأصوله على علماء عصره في النجف الأشرف ، ثمّ شرع في التدريس في حوزة النجف الأشرف
فبلغ عدد طلاّب درسه أربعمائة طالب.
وانتقل إلى الحلّة
عام (١٢٥٣هـ) بأمر الشيخ حسن كاشف الغطاء حيث كان ممثّلا عنه ، وكان له دور بارز
هناك ، يحدّثنا الميرزا النوري : «أنّه بعد ما هاجر من النجف الأشرف إلى الحلّة واستقرّ
فيها وشرع في هداية الناس وإيضاح الحقّ وإبطال الباطل ، صار ببركة دعوته من داخل الحلّة
وأطرافها من الأعراب قريباً من مائة ألف نفس شيعياً إمامياً مخلصاً موالياً لأولياء
الله ، ومعادياً لأعداء الله ، بل حدّثني طاب ثراه أنّه لمّا ورد الحلّة لم يكن في
الذين يدّعون التشيّع من أعلام الإمامية وشعائرهم إلاّ حمل موتاهم إلى النجف
الأشرف ، ولا يعرفون من أحكامهم شيئاً حتّى البراءة من أعداء الله ، وصاروا
بهدايته صلحاء أبرار أتقياء وهذه منقبة عظيمة اختصّ بها من بين من تقدّم عليه وتأخّر».
ويحدّثنا الخاقاني
عن فترة تواجده في الحلّة : «وأبو جعفر رجل برهن في حياته التي قضاها في الحلّة أنّه
الحكيم الذي يلمس أدواء الناس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومشاكلهم ويسهر على
معالجتها وحلّها ، وبذلك نال مكانة سامية مكّنته من نيل زعامة دينية ودنيوية ندر أن
تمتّع بها علم آخر مثله ، فقد أحبّه الناس ، وعظّمه الجميع ، ولمزيد محبّته فقد أبقى
الذكر الحسن له ولأولاده الذين ورثوا سجاياه».
وفي عام (١٢٩٤هـ) رجع
إلى النجف واستمرّ فيها بالتدريس والإفتاء والتأليف حتّى سفره إلى الحجّ عام (١٢٩٩هـ)
، وقد توفّي أثناء عودته.
أمّا صفاته وملكاته
الإيمانية وما بلغه من تقوى وورع فيكفينا ما يحدّثنا عنه تلميذه الميرزا النوري : «وهو
من العصابة الذين فازوا بلقاء من إلى لقائه تمدّ الأعناق ـ صلوات الله وسلامه عليه
ـ ثلاث مرّات ، وشاهد الآيات البيّنات ، والمعجزات الباهرات» ، وذكر له عدداً من
الكرامات واللقاءات بصاحب الأمر أرواحنا له الفداء.
ويضيف في موضع آخر
: «وبالجملة فقد كان في المراقبة ، ومواظبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأوقات والنوافل والسنن
والقراءة مع كونه طاعناً في السنّ آية في عصره».
يذكر نجله السيّد محمّد
: «أن من عجائب أمره أنّه كان يصنّف ويكتب في المجلس العمومي بين الناس ، ويقضي الحوائج
، ويحكم في المرافعات الشرعية ، ويستفتى منه ويفتي ، ثمّ يرجع على كتابته في زمان واحد
، ومجلس واحد».
ويضاف إلى قدراته ملكته
الشعرية وقدرته الأدبية التي تظهر من خلال كتابته أرجوزتين أحدها في الفقه والثانية
في أصول الفقه ، ويذكره الخاقاني في ضمن شعراء الغري : «أديبا محلّقاً وكاتباً مطبوعاً
، استقلّ بأسلوبه ومرن القول حسب إرادته» ، مضافاً إلى شعره
الخاصّ الذي تناول فيه مواضيع مختلفة منها رثاء الإمام الحسين عليهالسلام في قصيدة مطلعها :
حرام لعيني أن
يجفّ لها قطر
|
|
وإن طالت
الأيّام واتّصل العمر
|
وما لعيون لا
تجود دموعها
|
|
همولاً وقلب لا
يذوب جوى عذر
|
البعد الثالث : مقامه
ومكانته العلمية :
يعتبر السيّد محمّد
مهدي القزويني أحد نوابغ القرن الثالث عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهجري ، وعلمائها
ومراجعها وممّن يشار إليه بالبنان ، ويظهر ذلك بشكل جليّ من خلال :
ـ كثرة مصنّفاته وتنوّعها
في علوم المعرفة المختلفة من فقه وأصول ، وتفسير ،وكلام ، وحكمة ، وحديث وحساب ، مضافاً
إلى حافظة جيّدة.
ـ طرق في التأليف مواضيع
مبتكرة مثل الرسالة التي نحن بصدد تحقيقها ، وكتاب علم الاستعداد من فروع علم أصول الفقه
، والذي عبر عنه الطهراني : «وعلم الاستعداد من فروع علم أصول الفقه وهو الذي أسّسه
واخترعه وألّف فيه».
ـ ثناء العلماء عليه
في إجازاتهم ، فيصفه العلاّمة النوري في بيان طرقه وإجازاته : «ومنها ما أخبرني به
إجازة سيّد الفقهاء الكاملين ، وسند العلماء الراسخين ، أفضل المتأخّرين وأكمل المتبحّرين
، نادرة الخلف وبقية السلف ، فخر الشيعة وتاج الشريعة ، المؤيّد بالألطاف الجلية والخفية
السيّد محمّد مهدي القزويني الأصل ...» ، ولا يخفى ما في هذه
الأوصاف من دلالة على علوّ مرتبته وفضله.
ـ مدح معاصريه له ،
قال عنه حرز الدين : «كان من عيون الفقهاء والأصوليّين ، وشيخ الأدباء والمتكلّمين
، ووجهاً من وجوه الكتّاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمؤلّفين».
ـ نال مرتبة الاجتهاد
بشهادات وإجازات من أساتذته وهو ابن ثماني عشرة سنة ، وأجازه السيّد محمّد
تقي القزويني تلميذ السيّد محمّد المجاهد الطباطبائي عام (١٢٤١ هـ) ـ أي عمره ١٩ سنة
ـ وقد أثنى عليه فيها ثناءً حسناً.
ـ كان رحمه الله يمتلك
حافظة قوية ، يظهر ذلك من وصف السيّد محسن الأمين العاملي : «وكان كثير الحفظ لا يكاد
ينسى ما سمعه أو رآه من منثور أو منظوم وكان لا يفتر عن التصنيف» ، ويصفه السيّد الصدر
: «كنت أتعجّب من حافظته : اتّفق أن صار الكلام في ترجيح الشعراء الأقدمين فأخذ
يتكلّم ويقرأ لهم من الشعر ما أبهرني».
البعد الرابع : أساتذته
:
١ ـ عمّه السيّد باقر
القزويني (المتوفّى سنة ١٢٤٧هـ) ، ويعبّر عنه السيّد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المترجم : «بوالدي
الروحاني وعمّي الجسماني» والسيّد باقر كان من
خواصّ وحافظ سرّ خاله السيّد بحر العلوم.
٢ ـ الشيخ موسى بن
الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء (المتوفّى سنة ١٢٤١هـ).
٣ ـ الشيخ علي بن الشيخ
جعفر كاشف الغطاء (المتوفّى سنة ١٢٥٣هـ) وقد تزوّج المصنّف ابنته.
٤ ـ الشيخ حسن بن الشيخ
جعفر آل كاشف الغطاء (المتوفّى سنة ١٢٦٢هـ).
٥ ـ السيّد قوام الدين
الأصفهاني.
البعد الخامس : آثاره
ومصنّفاته :
كان رحمه الله كثير
التأليف ، ولذا تعدّت مصنّفاته الخمسين في علوم المعرفة المختلفة وقد ذكرها نجله السيّد
محمّد في ترجمته ، وتلميذه الميرزا النوري في حاشية خاتمة المستدرك ، وقد طبعت في هامش
النسخة الجديدة من الخاتمة.
ـ في الفقه :
١ ـ بصائر المجتهدين في شرح
تبصرة المتعلمين : قال عنه اليعقوبي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«وهو كتاب شافي وافي
مبسوط في الاستدلال كثير الفروع غزير الإحاطة لا سيّما في المعاملات استوفى فيه تمام
الفقه ، في ضمن خمسة عشر مجلّداً من أوّل الطهارة إلى آخر الديات ، عدا الحج» ، ووصف الشيخ النوري
في حاشية خاتمة
المستدرك : «إنّ البصائر على قدر جواهر الكلام ، ومختصره أبسط من الروضة وأخصر من الرياض».
٢ ـ حلية المجتهدين : وهو مختصر الشرح السابق
في ضمن ثلاث مجلدات ، وصفه اليعقوبي : «وهو على اختصاره كثير النفع لا يكاد يشذّ عنه
فرع مع الإشارة إلى الدليل».
٣ ـ مواهب الأفهام في شرح
شرائع الإسلام : ظهر منه سبع مجلّدات
إلى آخر الوضوء ، وصفه اليعقوبي : «هو كتاب في الاستدلال مبسوط لا يكاد يوجد في كتب
المتأخّرين أبسط منه جمع فيه بين طريقتي الاستدلال والتفريع وما يقتضي له التعرّض من
أحوال رجال الحديث».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٤ ـ نفائس الأحكام : على نهج كشف الغطاء مقدّماته في أصول الدين
وأصول الفقه ، خرج منه أكثر العبادات وبعض المعاملات وإليه يشير السيّد حيدر الحلّي
بقوله :
له نفائس علم
كلّها درر
|
|
والبحر يبرز عنه
أنفس الدرر
|
٥ ـ شرح اللمعة الدمشقية : وفي الذريعة (شرح الروضة البهية) ، برز منه أكثر العبادات
على اختصار ، لم يتمّه.
٦ ـ منظومة في الفقه : تزيد على خمسة عشر
ألف بيت ، وذكر اليعقوبي أنّها في تمام العبادات.
٧ ـ فلك النجاة في أحكام الهداة
: رسالة في تمام العبادات ، كثيرة الفروع ، تقرب من الشرائع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٨ ـ وسيلة المقلّدين إلى أحكام
الدين : برز منه كتاب الطهارة
والصلاة والصوم والاعتكاف حسنة الإختصار.
٩ ـ رسالة اللمعات البغدادية
في الأحكام الرضاعية : فرغ منه سنة
(١٢٦٧هـ).
١٠ ـ الشهاب الرامض في أحكام
الفرائض : فرغ منه سنة (١٢٧٩هـ). وذكر في الذريعة كتاباً آخر في الإرث باسم (الإرث) وإنّه من
المتون الإرثية وقد شرحه تلميذه العلاّمة الشيخ محمّد الجزائري.
١١ ـ رسالة المناسك في أحكام
الحج : ذكر اليعقوبي بأنّ له كتابين أحدهما منسك كبير في أحكام الحجّ
، والآخر صغير ، وفي الذريعة أنّه فرغ منه سنة (١٢٧٧هـ) ، وفي الذريعة عنون
له كتاب دليل
المتحيرين في مناسك الحاج والمعتمرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١٢ ـ الإنسان في عوالمه الثلاث
: يذكر فيها حال الإنسان
من المبدأ إلى المعاد ، قال اليعقوبي : «وهي على اختصارها جيّدة النفع في بابها وهي
آخر تأليفاته وتصنيفاته وعليها جفّ قلمه الشريف كتبها في مكّة المشرّفة».
١٣ ـ القواعد الكلية الفقهية
: تزيد على خمسة وسبعين قاعدة ، وقد ذكر في الذريعة أنّ له كتابين أحدهما
القواعد
الفقهية وهو شرح جملة من معالم ابن قطّان ، وكتاب استنباط القواعد الفقهية أثبته الميرزا النوري».
١٤ ـ رسالة في شرح الحديث المعروف
بحديث ابن طاب المروي عن الإمام الصادق عليهالسلام : وقد أشار إلى هذا الحديث السيّد بحر العلوم في الدرّة :
ومشي خير الخلق
بابن طاب
|
|
يفتح منه أكثر
الأبواب
|
استخرج ثمانين باباً
، أربعين في الأصول وأربعين في الفقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا في الأصول :
١٥ ـ الفرائد : وهو في خمس مجلّدات
إلى آخر النواهي.
١٦ ـ الودائع : واف بتمام المسائل
الأصولية.
١٧ ـ المهذّب : جمع فيه كلمات الوحيد
البهبهاني مرتّباً لها من أوّل علم الأصول إلى آخر التعادل والتراجيح مع تهذيب منه
وتنقيح واختيارات وزيادات.
١٨ ـ الموارد : وهو متن حسن الاختصار
تامٌّ.
١٩ ـ شرح قوانين الميرزا القمّي
: برز منه جملة من الأدلّة العقلية وبعض التعريف واشتمل على فوائد
جليلة».
٢٠ ـ الأوامر والنواهي : رسالة مبسوطة مستقلّة
، ذكرها الشيخ الطهراني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنّه رآها في مكتبة
السيّد هبة الدين الشهرستاني.
٢١ ـ رسالة في حجّية الخبر
الواحد :
وفي الذريعة ذكرها بعنوان رسالة في حجية الأخبار.
٢٢ ـ السبائك الذهبية : منظومة وافية بتمام
علم أصول الفقه ، أوّلها :
يقول راجي عفو
ربٍّ محسن
|
|
محمّد المهديِّ
نجل الحسن
|
إلى قوله :
وسمتها لمّا بدت
مهذّبة
|
|
كالشمس بالسبائك
المذهّبة
|
٢٣ ـ رسالة في آيات الأصول
: استدلّ فيه على كلّ مطلب أصولي في مباحث الألفاظ وغيرها بآية
من القرآن الشريف ، وهي التي بصدد تحقيقها.
٢٤ ـ أساس الإيجاد لتحصيل ملكة
الاجتهاد.
٢٥ ـ درّة الغوّاصّ في بيان
الوضع للعامّ والموضوع له الخاصّ : ذكرها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الذريعة.
وفي علم المنطق والكلام
:
٢٦ ـ مضامير الامتحان في ميادين
المسابقة والبرهان : في علم المنطق
والكلام ، برز منها الأمور العامّة وبعض من الجواهر ، وقد فرغ منه سنة
(١٢٨٧هـ).
٢٧ ـ آيات المتوسّمين في أصول
الدين : في ضمن مجلّدين.
٢٨ ـ قلائد الخرائد في أصول
العقائد : فرغ منه في سنة (١٢٦٧هـ).
٢٩ ـ القلائد الحلّية في العقائد
الدينية : ذكره اليعقوبي.
٣٠ ـ كتاب الحادي عشر : ذكره الميرزا النوري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٣١ ـ كتاب الصوارم الماضية
لردّ الفرقة الهاوية : وتحقيق الفرقة
الناجية : فرغ منه سنة (١٢٧١هـ) ، قال عنه الشيخ النوري : «أنّها أحسن وأنفع ما كتب
في هذا الباب» وإليه يشير السيّد
حيدر الحلّي :
«فاستلّها
صوارماً فواعلاً
|
|
فعل السيوف ثكلت
أغمادها»
|
٣١ ـ رسالة في ابطال الكلام
النفسي.
وفي التفسير :
٣٢ ـ رسالة في تفسير الفاتحة.
٣٣ ـ رسالة في تفسير سورة الإخلاص.
٣٤ ـ رسالة في تفسير سورة القدر.
٣٥ ـ رسالة في علم التجويد
: توجد نسخة مخطوطة بتاريخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١٣٤٣هـ) برقم (٢٩٥٨)
في مكتبة الإمام الحكيم العامّة.
وفي الحديث والرجال
:
٣٦ ـ مشارق الأنوار في شرح
مشكلات الأخبار : برز منه شرح أربعة
عشر حديثاً ، منها من عرف نفسه
فقد عرف ربّه.
٣٧ ـ رسالة في شرح الحديث المشهور
: «حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة) : وقد تكون نفس الرسالة
التي ذكرها الشيخ الطهراني بعنوان (سفينة الراكب في بحر محبّة علي بن أبي طالب).
٣٨ ـ رسالة في شرح كلمات أمير
المؤمنين من خطبة من نهج البلاغة : وهو قوله عليهالسلام (لم تحط به الأوهام
بل تجلى لها بها وبها امتنع عنها وإليها حاكمها).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٣٩ ـ أمنية الموقن في حديث
نيّة المؤمن.
٤٠ ـ رجال السيّد مهدي : ذكر الطهراني أنّه
صرّح به في شرحه للمنظومة الأصولية.
ـ في علوم مختلفة :
٤١ ـ رسالة في أجوبة المسائل
البحرانية.
٤٢ ـ رسالة في أسماء القبائل
والعشائر : مرتبة على الحروف الهجائية
، فرغ منه سنة (١٢٨٨هـ).
٤٣ ـ كتاب الأقفال : وهو متن في علم النحو
في غاية الاختصار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٤٤ ـ المفاتيح في النحو : وهو شرح على الأقفال.
٤٥ ـ ديوان السيّد مهدي القزويني
: ذكره الطهراني في الذريعة.
وينقل اليعقوبي عن
ابنه العلاّمة السيّد حسين أنّ هناك العديد من الكتب التي صنّفها في الأصول والأخلاق
والطريقة وعلم الحكمة والنحو والحساب والبلاغة «لم نقف منها على رسم ، ولا سمعنا منها
سوى الاسم ، تلف جلّها بسبب تفرّق أوراقها عند المشتغلين واضمحلالهم في الطاعون».
البعد السادس : وفاته
:
توفّي رحمهالله عصر يوم الثلاثاء (١٣/
ربيع الأوّل / ١٣٠٠هـ) ، وكان في طريق عودته من حجّ بيت الله الحرام ، ووصل إلى مكان
قريب من السماوة ، ونقل إلى النجف الأشرف ، وصلّى عليه ولده المرحوم السيّد صالح مع
جمع من العلماء في صحن الإمام علي عليهالسلام ، ودفن في مقبرته المعروفة
بالنجف الأشرف ، وتقع في مقابل مسجد
صاحب الجواهر رحمهالله ، وقد أرّخ وفاته
الشيخ علي عوض الحلّي يقول فيها :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد غاب مهدينا
والعلم فيه معاً
|
|
فأرّخوا (أيّ
بدر للهدى غابا)
|
وقد كتب هذا التاريخ
على شبّاك مقبرته بالقاشاني.
كما أرّخ وفاته الشاعر
الملاّ عبّاس الزيوري البغدادي بقوله في آخر قصيدته (مهديّ آل محمّد قد غيّبا).
وقد رثاه علماء عصره
وشعراءه ، منهم السيّد محمّد سعيد الحبّوبي بقصيدة مطلعها :
سرى وحداء الركب
حمد أياديه
|
|
وآب ولا حاد بهم
غيّر ناعيه
|
والسيّد جعفر الحلّي
بقصيدة ومطلعها :
أأعزّي الكون
أنّ البدر غابا
|
|
أم أهنّيه بأنّ
السعد آبا
|
الأمر الثالث : بين
يدي الكتاب.
تبدأ قصّتي مع الكتاب
عندما جلب انتباهي عنوانه في فهرس المكتبة الخطّية لسيّدنا العمّ العلاّمة المحقّق
محمّد صادق بحر العلوم رحمهالله ، نسخها بخطّه الشريف
، وبالفعل اطّلعت على المخطوطة وآليت على تحقيقها ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاعتمدت عليها في مرحلة
التنضيد ، حتّى وافاني الأخ الحلّي بنسخة أخرى من الكتاب في مكتبة الإمام الحكيم رحمهالله ، فأكملت المشوار بمقابلة
كلا النسختين حتّى نصل إلى أفضل نصّ يمكن تقديمه للباحث الكريم.
اسم الكتاب :
اختلف المترجمون في
عنوان الكتاب مع اتّفاقهم على مضمونه ، حيث إنّ البعض لم يذكر لها عنواناً كما في ترجمة
نجله السيّد محمّد حيث عبّر عنها : «رسالة في القواعد الأصولية المستخرجة من
القرآن الكريم» ، بينما عبّر عنها
ولده الآخر السيّد حسين : «رسالة
في آيات الأصول» ، بينما عبّر
المحقّق الطهراني : «آيات الوصول إلى علم الأصول»؛ وقد يكون السرّ في
ذلك هو المصنّف نفسه ، حيث إنّه في مقدّمة الكتاب يذكر أنّه أسماه : «البحر الزاخر في أصول
الأوائل والأواخر» ، وعندما جاء في خاتمة الكتاب ذكر :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«وهذا أقصى ما أردنا
إتمامه من بيان آيات
الأصول» ، وقد يكون لهذا السبب
اتّخذوا ما ذكره أخيراً عنواناً للكتاب.
وصف النسختين :
الأولى
: وهي التي في مكتبة العلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم رحمهالله ، وقد جاءت في فهرس
مكتبته تحت رقم (٢٢٥) ، وصفها المحقّق الحلّي «بأنّها في ضمن مجموعة تحت رقم (١/٨٥)
، القياس (١٣×٢٠) ، عدد الأسطر (٢١) ، عدد الأوراق (١٦).
كتب الناسخ في أوّلها
أسماء الكتب الموجودة في المجموعة ، وتاريخ كتابة الصفحة سنة (١٣٥٢ هـ) ، وتاريخ كتابة
المجموعة هو ما بين (١٣٤٢هـ ـ ١٣٤٦هـ) ، والنسخة تقع ضمن مجموعة بتسلسل (١)» .
والمخطوطة كتبت بخطّ
واضح ، وضع الناسخ على جانب صفحاتها عناوين للمواضيع.
أمّا
النسخة الثانية : فهي الموجودة في مكتبة
الإمام الحكيم العامّة / قسم المخطوطات ، وقد عنونت في الصفحة الأولى : «كتاب البحر الزاخر في
أصول الأوائل والأواخر للعالم الماهر الحاوي
للمفاخر السيّد مهدي الحلّي القزويني ، وقد استنبط جملة من القواعد الأصولية من الآيات
القرآنية».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكتب على بطاقة المخطوطة
بالإضافة إلى اسم الكتاب واسم مؤلّفه : «الرقم العام : (١١٢٩) ، المجموعة (١٢) ، الناسخ
: مجهول(١) ، التاريخ : (١٢٩٣هـ) ، الموضوع : أصول الفقه ، اللغة : عربي ، الحجم :
(١٣×٢٠) ، عدد الصفحات : (٣٠) عدد الأسطر : (٢٠)».
خطوات التحقيق :
١ ـ كان الاعتماد على
النسخة الأولى في التنضيد ورمز لها بـ : (ص) ، وبعد التنضيد تمّت مقابلتها مع النسخة
الثانية ورمز لها بـ : (ح).
٢ ـ بما أنّ الهدف
هو إخراج نصّ صحيح من دون الإكثار من الهوامش التي لا تكون ذات نفع ، ولذا تجنّبت الإشارة
إلى الاختلاف بين النسختين في العديد من الأمور الجانبية :
منها
: طريقة الترقيم في تعداد الشواهد القرآنية ، فقد اعتمدت النسخة
(ص) على تدوينه (كتابة) بينما اختلف الأمر في النسخة (ح) بين (العدد والكتابة) ، ومن
أجل التوحيد اعتمدنا النسخة الأولى ، ولم نشر إلى مواضع الاختلاف إلاّ في أوّل مرّة.
منها
: الاختلاف في التأنيث والتذكير عند كتابة الأعداد ، حيث إنّ دأب
المصنّف في التعداد على كتابة (الآية الأولى) ـ مثلاً ـ وهكذا يدرج في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعداد ، وفي بعض
الأحيان نجده يذكر العدد رقماً ، ولذا قمنا بتأنيث كلّ الأعداد لأنّها تكون صفة للآية.
منها
: الاختلاف فيما يذكر قبل الآية ، بين (قوله تعالى) ، أو (قول
الله سبحانه وتعالى) ، وفي ثالث (قول الله تعالى). ولذا اعتمدنا ما هو مذكور في
النسخة (ص).
٣ ـ تصحيح الأخطاء
في الآيات القرآنية حيث يظهر أنّ المصنّف اعتمد على ذاكرته في كتابة بعض الآيات ، ولذا
اعتمدنا على كتابة الآية الشريفة كما هي في المصحف ، والإشارة إلى السورة ورقمها ورقم
الآية في الهامش.
٤ ـ تقطيع النصّ ووضع
علامات الترقيم الخاصّة بالنصوص.
٥ ـ استخراج الروايات
الواردة من كتب الحديث المعروفة ، وإرجاع الأقوال إلى أصحابها ـ على قلّتها ـ.
وأخيراً أتقدّم بالشكر
والتقدير إلى مكتبة الإمام الحكيم العامّة لإتاحتها الفرصة للاطّلاع على مصنّفات المؤلّف
الخطّية ، وتصويرها لنسخة الكتاب ، وأرجو من الباحث الكريم أن يعذرني إذا ما وجد خطأً
أو سهواً فهو غير متعمّد ، آملاً أن أكون بهذا قد ساهمت في إحياء تراث علمائنا السابقين
وإضافة قيّمة للمكتبة العلمية الحوزوية.
محمّد علي بحر العلوم
النجف الأشرف
٢٤ / شوال / ١٤٣٧هـ





البحر الزاخر في أصول الأوائل والأواخر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ألهمنا
من حقائق التنزيل ما يهدي عباده إلى سواء السبيل من كلّ دليل ، وصلّى الله على محمّد
وآله المحيطين بمراتب التأويل.
وبعد فيقول الراجي
عفو ربّه الغني محمّد بن الحسن المدعو بمهدي الحسيني الشهير بالقزويني : هذه جملة ما
استنبطنا دلالاته من الآيات القرآنية المتعلّقة بالأصول الفقهية ، وتيسّر لدينا ممّا
اغترفناه من البحور الإلهية ، ممّا لم تسبق إليه أفهام العلماء الراسخين ، وممّا لم
تصل إليه أفكار السابقين ، فإنّ القرآن العزيز بحر زاخر يخوض فيه كلّ وارد
وصادر ، ويرد منه كلّ واصل وقاصر ، وكم ترك فيه الأوّل للآخر ، وذلك فضل الله يؤتيه
من يشاء من عباده ، إنّه وليُّ التوفيق ، وسمّيتها (البحر الزاخر في أصول الأوائل والأواخر) ، ورتّبتها على إلهامات وخاتمة.
الإلهام الأوّل : في
المبادئ اللغوية ، وفيه واردات :
الوارد الأوّل : في
بيان الواضع ، وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ
كُلَّهَا).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآية
الثانية : قوله تعالى : (الرَّحْمَنُ * خَلَقَ
الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ).
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ ....
وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ).
فإنّ هذه الآيات الثلاثة
دالّة بقرينة التعليم للأسماء الذي هو جمع معرّف بالّلام وهو حقيقة في العموم سواء
أريد بالأسماء الألفاظ أو المسمّيات بواسطة دلالة الألفاظ عليها ، والتعليم للبيان
الذي هو عبارة عن إبداء ما في الضمير بواسطة التعبير ، وعمومه لتعليق الحكم على الطبيعة
أو بدليل الحكمة أو لفهم العرف منه العموم في المقامات البيانية والاستدلالية.
وكون المراد من الاختلاف
في الألسن إرادة اختلافها بأصناف اللغات لا بالأجرام ونفس النطق بحركاته ـ وإن احتمل
ذلك بقرينة مقابلته بالألوان ـ إلاّ أنّ المقابلة أظهر في ترجيح المعنى الأوّل بعد
كون الإنسان مخلوقاً من مادّة واحدة ومن والدين ، فإنّه يقتضي اتّحاد الأفراد من كلّ
وجه كالمضروب من الخواتيم المنقوشة ، إلاّ أنّ إبداع الصنع مع الاتّحاد بالمادّة والصورة
النوعيّتين واختلاف الألسن بالنطق والبيان واختلاف ألوان الصور الشخصية فإنّه من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كمال الصنع والإبداع بحيث
لا يشبه أحدٌ أمّه وأباه ولا أعمامه ولا أقربائه إلاّ النادر القليل بغير التأمّل والتفصيل
، ومع ذلك لا يكاد يحصل الاتّفاق من كلّ وجه بلا نزاع وشقاق.
فهي إذاً صريحة الدلالة
على أنّ الواضع للّغات هو الله سبحانه
وتعالى ، وإن كان في
الآيات الثلاثة مناقشات إلاّ أنّ الإعراض عنها أجدر.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَق * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي
عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ، فإنّ فيها دلالة
بعموم التعليم أنّ واضع اللغة اللفظية من التعبيرية والكتابية هو الله سبحانه وتعالى.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (مَا أَرْسَلْنَا مِنْ
رَسُول إلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) ، فإنّه يمكن أن يُستدلّ
بها على عكس ما ذكرناه من دلالة الآيات الأربعة الأُوَل ، وهو كون الواضع للّغة هو
البشر حيث اُسنِد اللسان إلى القوم لا إلى الرسول ، إذ المراد باللسان اللغة ـ كما
عرفت ـ لأنّ التعليم للغير من الله سبحانه وتعالى إنّما يكون بواسطة الوحي الإلهي ،
فإذا كان الرسول الموحى إليه مبعوثاً بلسان قومه ممّا يدلّ على سبق معرفة اللغة على
الرسالة ولا يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك إلاّ بوضع البشر
، وإن كان ذلك بإقدار البشر ، أمّا على ما نقوله من سرّ الأمر بين الأمرين ، أو ما
تقوله المعتزلة من تفويض البشر الأفعال والأقوال فظاهر.
وأمّا على ما تقوله
الأشاعرة من الجبر وأنّ الأقوال كالأفعال مخلوقة لله فإنّ للعبد فيها كسباً لأنّه يقولون بجريان عادة
الله تعالى في خلق الأفعال عند إرادة الفعل ، فيكون الكلام مخلوقاً عند إرادة النطق
، وإن كان الإيراد لازماً للأشاعرة القائلين بأنّ الواضع هو البشر.
والأقوى أنّ الجمع
بين الآيات ؛ أنّ الإرسال بلسان القوم لا ينافي كون اللسان موضوعاً لله بوحي سابق أنزله
على آدم عليهالسلام أبي البشر ، كما ورد
: «أنّ الله عزّوجلّ أنزل حروف المعجم على آدم عليهالسلام في اثنين وعشرين صحيفة» ، أو أنّ المراد بالعلم
الإلهام ، أو أنّ المراد من الوضع من الله الخلقُ والإيجاد ، فإنّه سبحانه وتعالى دعا
كلّ مكوّن باسمه فيكون الوضع
بهذا المعنى من الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا إذا أريد به
معنى الجعل والتعيين فإنّ الواضع هو البشر كما أنّ هذه الآية بعمومها تدلّ على ثبوت الحقيقة
اللغوية والعرفية العامّة والخاصّة لأنّها من لسان القوم ، دون الحقيقة الشرعية لأنّها
ليست من لسان القوم ، وإنّما هي من لسان الرسول موقوفة على بيانه سواء قلنا أنّ الشارع
هو المبدع أو المبيّن.
وكذا تدلّ على ثبوت
المجاز اللغوي والعرفي دون المجاز الشرعي على إشكال ، ويدلّ على ثبوت الإشتراك والمترادف
والنقل والإرتجال والإضمار والعموم والخصوص والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن والظاهر
والمؤوّل والمحكم والمتشابه والمنطوق والمفهوم والرمز والإشارة والتصريح والتلويح
والكناية والاستعارة ، فإنّ جميعَ هذه الصفات للألفاظ من
لسان القوم.
الآية
السادسة : قوله تعالى : (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ
كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) إلى آخر الآية ، ممّا يدلّ على وضع
الكتابة واعتبارها في العقود وترتّب الأحكام من الشهادات والوكالات والوصايا والولايات
وغيرها من الأعيان والديون.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا
فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) فإنّه يدلّ على وضع
الكتابة والعمل بمداليلها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتضمن الكتابة الدعوى إلى الإسلام وأصول
الدين التي لا يؤخذ بها إلاّ باليقين ، فدلالتها على العمل بالفروع أولى من الأصول
للإكتفاء فيها بالظنّ.
الوارد الثاني : في
الموضوع وفيه آيات وهي :
الآية
الثامنة : قوله تعالى : (إنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ
صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً) فإنّها تدلّ على أنّ
الكلام هو اللفظ بقرينة المقابلة بالصوم المراد به السكوت.
الآية
التاسعة : قوله تعالى : (أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ
ثَلاثَةَ أَيَّام إلاّ رَمْزَاً)
فإنّها تدلّ بناءً على كون الاستثناء
فيها متّصلاً على إطلاق الكلام على الإشارة حيث تكون من نوعه وإلاّ فعلى الانقطاع ،
فإطلاقه عليها من باب المجاز.
الآية
العاشرة : قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِبَشَر أَنْ
يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا
فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ) ممّا يدلّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على إطلاق الكلام على ما
في النفس من الإلهامات ، وعليه فإنّه يكون دليلاً للأشاعرة
على إطلاق الكلام على النفسي حقيقة ، وهو ضعيف لاحتمال أن يراد كون الملهَم هو اللفظ
دون المعنى لأنّ كلام الله مخلوق ، فإنّه يخلقه في النفس كما يخلقه في شجرة طور ، ويطلق
على اللفظي المسموع ـ كما بيّن حقيقته ـ بقوله : (أَوْ
مِنْ وَرَاءِ حِجَاب) وهو الكلام اللفظي
المخلوق.
وفي الآية أيضاً دلالة
على نسبة الحكاية من الكلام إلى المحكي عنه وإلى الحاكي مجازاً.
الآية
الحادية عشرة : قوله تعالى : (إنَّهُ
لَقَوْلُ رَسُول كَرِيم) فإنّه يدلّ على ثبوت
الحقيقة الشرعية ، فإنّ من جملة قول القرآن أسماء العبادات والمعاملات المرسومة فيه
ممّا لا يعرف أهل اللغة معناه من الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والاعتكاف والحجّ
والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبيع والصلح والإجارة والنكاح ونحوها والخلع
والظهار والإيلاء واللعان ونحو ذلك ، وأنّه يطلق اسم المتكلّم على الحامل لكلام الغير
والحاكي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع كون الكلام هو كلام
الله.
وأنّه يدلّ على صدق
المشتقّ مع عدم قيام مبدأ الاشتقاق بالذّات ، لقوله تعالى : (وكَلَّمَ
اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) مع كون الكلام قائماً
بالشجرة.
الثانية عشرة : قوله
تعالى : (إنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَاباً مَوْقُوتاً) فإنّه يستفاد من هذه
الآية وضع اسم الكتاب للصلاة ، فتثبت الحقيقة الشرعية بذلك.
الثالثة عشرة : قوله
تعالى : (بِئْسَ الإسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) فإنّها تدلّ على أنّ
الفاسق اسم لغير المؤمن بالوضع الشرعي.
الرابعة عشرة : قوله
تعالى : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ
أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ
لاَ عِلْمَ لَنَا إلاّ مَا عَلَّمْتَنَا) الآية فإنّها تدلّ على أنّ
اللغة توقيفية وأنّه لا دخل للرأي والعقل والقياس في تفسير الألفاظ ، وأنّ دلالة الألفاظ
على معانيها وضعية لا عقلية ولا طبعية ، كما يزعم عبّاد بن
سليمان الصيمري ، بدليل قوله تعالى
: (قَالَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَا
آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ
أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ
وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) ، ممّا يدلّ على ثبوت المجاز
لأنّ الإفك غير الحقيقة وهو أعمّ من الكذب.
السادسة
عشرة : قوله تعالى : (إنْ هِيَ إلاّ أَسْمَاءٌ
سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ) فإنّ فيها دلالة على
ثبوت المجاز في اللغة لقوله تعالى : (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
بِهَا مِنْ سُلْطَان) وإلاّ لكان إطلاق الآلهة
على الأصنام إطلاقاً حقيقياً ، والتالي باطل عقلاً ونقلاً.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ
تَسْمِيَةَ الأُنْثَى)
فإنّه ممّا يدلّ على اشتراط العلاقة
في المجاز ، وإذ لا علاقة قاضية بجواز إطلاق اسم الأنثى على الملائكة ، فلا يصحّ الإطلاق
، كما يدلّ عليه الإنكار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الله عزّوجلّ.
الوارد الثالث : في
بيان علامات الحقيقة والمجاز. وفيه آيات وهي :
الثامنة
عشرة : قوله تعالى : (وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ
أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) فإنّها تدلّ على أنّ
عدم صحّة السلب علامة الحقيقة بدليل النهي عن سلب اسم المؤمن عمّن ألقى السلام.
التاسعة
عشرة : قوله تعالى : (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ
أَبْنَاءَكُمْ) فإنّها تدلّ على أنّ
صحّة السلب من علائم المجاز بدليل قوله
تعالى : (ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ
اللهِ) ومع ذلك تدلّ على أصالة
الحقيقة.
العشرون
: قوله تعالى : (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ
مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلاّ الّلائِي
وَلَدْنَهُمْ) فإنّها تدلّ على أنّ
صحّة السلب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من علائم المجاز بدليل قوله
: (إنْ أُمَّهَاتُهُمْ) ، الآية.
الواحدة والعشرون :
قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ
الْمُقَرَّبُونَ) فإنّها دالّة على أنّ التبادر من
علائم الحقيقة لأنّ التبادر هو سبق المعنى من إطلاق اللفظ إلى الفهم وكلّ سابق مقرّب
، فالمتبادر هو المعنى الحقيقي.
الثانية
والعشرون : قوله تعالى : (مَا
جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُل مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) فإنّه يدلّ على عدم
جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، سواء كانا حقيقيّين كالمشترك أو مجازين
، أو حقيقة ومجاز للتنافي بين المرادين.
الثالثة
والعشرون : قوله تعالى : (وَلَوْ
رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ممّا يدلّ على حجّية
الدلالات الالتزامية وفحاوى الخطاب والرموز والإشارات والبطون لأنّ الاستنباط لا يقع
في الدلالات المطابقية.
الرابعة
والعشرون : إنّه يستفاد من آيتي
الحمل والفصل حجّية دلالة
الإشارة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوارد الرابع : في
الموضوع له وفيه آيتان ؛ وهي :
الخامسة
والعشرون : قوله تعالى : (نَزَلَ
بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) فإنّه يدلّ على أنّ
الألفاظ موضوعة للمعاني الذهنية ، كما أنّها موضوعة للأمور الخارجية
بدلالة صدق اسم القرآن في
الآية السابقة على القرآن القولي والمعنوي.
السادسة
والعشرون : قوله تعالى : (بَلْ
هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) فإنّه يدلّ أيضاً على
اطلاقه على المعنى الذهني ، كما أنّ الآية تدلّ على أنّ الموجود من القرآن شخصه لا
نوعه ، وإن احتُمل الأخير.
الوارد الخامس : في
بيان المشتقّ مضافاً إلى ما سبق ، وفيه آيات :
السابعة
والعشرون : قوله تعالى : (وَيُحِبُّونَ
أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَفْعَلُوا) الآية ، فإنّ فيها
دلالة على اشتراط وجود المبدأ (و) ثبوته في صدق المشتقّ
، وأنّه لا يصحّ الوصف بدونه.
الثامنة
والعشرون : قوله تعالى : (أَوْ
قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيءٌ) الآية ، فإنّه ممّا
يدلّ أيضاً على عدم صدق المشتقّ مع عدم وجود المبدأ أو قيامه به.
التاسعة
والعشرون : قوله تعالى : (اِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) فإنّه يدلّ على عدم
جواز صدق المشتقّ مع عدم بقاء مبدأ الاشتقاق ، ومثله قوله تعالى : (وَأَنْ
لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً) ، وقوله تعالى : (الَّذِينَ
هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ) في الدلالة على الإشتراط.
الثلاثون
: قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ) ممّا يدلّ على أنّ
أسماءه تعالى توقيفية ، وأنّ التصرّف بأسمائه إلحاد ، ومثله قوله تعالى : (قلِ
ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرَّحْمَنَ
أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) وإن احتُمل العكس ،
وأنّهما يدلاّن على أنّ الاطراد علامة الحقيقة وعدمه علامة المجاز.
الالهام الثاني : في
الأوامر :
(الوارد الأوّل : في
الأمر) وفيه آيات :
الأولى
: قوله تعالى : (وَمَا أَمْرُنَا إلاّ
وَاحِدَةٌ ...) الآية ، فإنّها تدلّ
على أنّ المراد بالأمر الفعل لأنّ فعل الله سبحانه وإيجاده واحد (مَا
تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُت) وليس المراد به القول
لتعدّد خطاباته ، فيدلّ على كون إطلاق الأمر على الفعل حقيقة ، ومثله قوله تعالى :
(اَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ) و ، وقوله تعالى :
(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا).
الآية
الثانية : (قَالَتْ
يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى
تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد وَالأَمْرُ إِلَيْكِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَانْظُرِي
مَاذَا تَأْمُرِينَ) فإنّ الظاهر أنّ المراد
من الأمر الأوّل في صدر الآية الفعلُ ، والمراد بالأمرين الأخيرين القولُ فيكون لفظ
الأمر إمّا حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر ، أو مشتركاً بينهما ، ولعلّ الأخير أقوى
لاتّحادهما في الإطلاق وكثرة الاستعمال واختلافهما بلفظ الجمع ، فإنّ الأوّل يجمع على
أمور والثاني على أوامر ، وقرينة المقام للتعيين لا للصرف من أحدهما إلى الآخر.
الثالثة
: قوله تعالى : (قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ
إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ
فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) فإنّ هذه الآية تحتمل
إرادة القول أو الفعل ، والأوّل أظهر ، وتدلّ على عدم اشتراط العلوّ أو الاستعلاء في
الأمر مع احتمال المجازية واستعماله على طريقة الاستعطاف والآداب.
الرابعة
: قوله تعالى : (لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ
مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) فإنّها ظاهرة في إرادة
القول في الأمرين معاً ، وتدلّ على أنّ الأمر للوجوب لغةً وعرفاً وشرعاً بقرينة ترتّب
العصيان على تركه.
الخامسة
: قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) فإنّها تدلّ أيضاً
على أنّ الأمر للوجوب لغةً وشرعاً ، أمّا الثاني فظاهر لنصّ الآية ، وأمّا الأوّل فلعموم
قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إلاّ بِلِسَانِ
قَوْمِهِ).
السادسة
: قوله تعالى : (فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ) فإنّها تدلّ على أنّ
الأمر للوجوب أيضاً حيث أوجب الأخذ بالأمر والعمل به.
السابعة
: قوله تعالى حكايةً عن موسى عليهالسلام : (أَفَعَصَيْتَ
أَمْرِي) فإنّها تدلّ على كون
الأمر للوجوب بدلالة الإنكار عليه بالعصيان في الترك ، والعاصي مستحقّ للعقاب بدليل
قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ
لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) ولو لم يكن للوجوب
لما صدق العصيان ، ولما استحقّ العقاب.
الثامنة
: قوله تعالى مخاطبا لإبليس : (مَا مَنَعَكَ ألاّ تَسْجُدَ
إِذْ أَمَرْتُكَ) فإنّها مع دلالتها
على كون الأمر للوجوب دالّة على أنّ للأمر صيغةً تخصّه وهي صيغة افعل ، إذ المراد من
الأمر المشار إليه في الآية قوله تعالى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيما سبق : (وَإِذْ
قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا).
التاسعة
: قوله تعالى : (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْ
إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فإنّها تدلّ على أنّ
افعل صيغة للأمر ، إذ المراد بالأمر هنا لفظ (كن) التي هي منشأ الكائنات.
العاشرة
: قوله تعالى : (إلاّ إِبْلِيسَ كَانَ
مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) وهو دليل الوجوب وإلاّ
لم يترتّب الفسق على المخالفة ، إن اُريد به الكفر مع الإصرار عليه ، وإن اُريد به
نفس المخالفة فهو أوضح في الدلالة إذا كان في معرض الذمّ.
الحادية
عشرة : قوله تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
ارْكَعُوا لاَ يَرْكَعُونَ) فإنّها مع دلالتها
على كون (افعل) صيغة للأمر دالّة على كونها للوجوب كالأمر حيث ذمّهم على ترك الركوع
بمجرّد القول.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا
اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُفْلِحُونَ).
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (أَمَرَ ألاّ تَعْبُدُوا
إلاّ إِيَّاهُ). فإنّ هذه الآيات الثلاثة تدلّ على أنّ الأصل في الأمر أن يكون
عبادة بالمعنى الأخصّ ، كما تدلّ على وجوب مباشرة المأمور للفعل.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (والَّذِينَ يَصِلُونَ
مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) فإنّها دالّة على كون
الأمر للوجوب بدليل مدحهم على الإمتثال.
(السادسة
عشرة) : قوله تعالى : (الَّذِينَ
يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ
بِهِ أَنْ يُوصَلَ) فإنّها تدلّ على الوجوب
بقرينة ذمّهم على عدم الامتثال.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً
فَاضْرِبْ بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ) فإنّها تدلّ على أن
الأمر للطبيعة ولا دلالة فيه ولا إشعار بمرّة ولا تكرار ، وأنّ الطبيعة تصدق بالدفعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثامنة
عشرة : قوله تعالى : (وَمَا أَمْرُنَا إلاّ
وَاحِدَةٌ) يدلّ على أنّ
الأمر للماهية إذ المراد بالواحدة الواحدة الحقيقية المتّحدة لا الوحدة التي هي
المرّة.
التاسعة
عشرة : قوله تعالى : (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) فإنّها تدلّ على أنّ
الأمر متعلّق بالماهية ، وإرادة الطبيعة واستفادة الوحدة إنّما هو من التنوين.
العشرون
: قوله تعالى : (فاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) فيه إشعار بدلالة
الأمر على التكرار أو الدوام ، وفيه دلالة على أنّ الأمر للندب.
الواحدة
والعشرون : قوله تعالى : (وَسَارِعُوا
إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبِّكُمْ ..) الآية ، فإنّها تدلّ
على أنّ الأمر للفور.
الثانية
والعشرون : قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْرَاتِ ..) الآية ، فإنّها أيضاً
تدلّ على أنّ الأمر للفور.
الثالثة
والعشرون : قوله تعالى : (إنَّهُمْ
كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً) فيه إشعار بأنّ الأمر
للفور ، ومثله قوله في الآية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(السابقة) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) فإنّها تدلّ على الفورية.
الرابعة
والعشرون : قوله تعالى : (فَإِذَا
قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ) فإنّها تدلّ على أنّ
الأمر بعد إيهام الحظر للإباحة.
الخامسة
والعشرون : قوله تعالى : (وَأْمُرْ
أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) الآية ، فإنّها تدلّ
على أنّ الأمر بالأمر أمر.
السادسة
والعشرون : قوله تعالى : (وَأْمُرْ
قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) ممّا يدل على أنّ الأمر
بالأمر أمر.
السابعة
والعشرون : (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا
لَهُ عُدَّةً) فإنّها تدلّ على وجوب
المقدّمة.
الثامنة
والعشرون : قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا
لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) الآية ، فإنّها أيضاً
تدلّ على وجوب المقدّمة.
التاسعة
والعشرون : قوله تعالى : (ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نَصَبٌ
وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ
وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَيْلا إلاّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ
اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠) وَلاَ يُنْفِقُونَ نَفَقَةً
صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إلاّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ
اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فإنّها مع دلالتها
على اعتبار المقدّمة وملحوظيّتها تدلّ على ترتّب الثواب عليها.
الثلاثون
: قوله تعالى : (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا
أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ
بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ) فإنّ في هذه الآية
تمام الدلالة على كون المطلوب في الأصول والفروع الموافقة الواقعية وارتكاب الأخذ بالمتيقّن
من باب المقدّمة ، وبذلك يحصل الدلالة على وجوب المقدّمة العلمية في الفعل والترك ،
بل وجوب المقدّمات الظنّية والمحتملة والمشكوك فيها ، ويدلّ على أنّ أصالة الشغل تُوجب الإتيان بما
يخرج عن عهدة التكليف على وجه اليقين لأنّ ترك ما أشركوا به إن لم ينفع فلا ضرر فيه
، بخلاف الإشراك بالله فإنّه ضرر محض.
الواحدة
والثلاثون : قوله تعالى : (الَّذِينَ
آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بِظُلْم
أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) ، فإنّ في هذه الآية
دلالة على أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، لأنّ العمل الصالح إن قلنا بأنّه
من أركان الإيمان ولا يكفي الإقرار باللسان ولا الاعتقاد بالجنان بدون العمل بالأركان
، فلا إشكال أنّ ترك العدل وارتكاب الظلم الذي هو خلاف العدل موجب لسلب الإيمان بالكلّية
، فلا أمن فيه ولا عمل بدونه.
وإن
قلنا : بأنّ الإيمان مجرّد الاعتقاد والتصديق باللسان والعمل من
مكمّلاته ، فلا إشكال أنّ فعل الضدّ من عبادة مع ترك الضدّ الآخر المضيّق موجب لارتكاب
الإثم وتحمّل المعصية بضميمة العبادة الموجب فعلها لتركه ، وذلك موجب لارتكاب المعصية
بفعل الطاعة ، ولا يطاع الله من حيث يُعصى ، فالعبادة الواقعة اللازمة للمعصية غير
مرادة للشارع بل منهيٌّ عنها.
الثانية
والثلاثون : قوله تعالى : (وَهُوَ
الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ
أَرَادَ شُكُوراً) فإنّ في هذه الآية
إشعاراً بل دلالة على ملازمة القضاء للأداء وبالعكس ، بناءً على أنّ المراد أنّ كلاًّ
من الوقتين يخلف الآخر فيما يفوت الإنسان فيه من الأعمال ، فما يفوت في الليل يتدارك
بالنهار وبالعكس ، وفيه إشعار إذا قلنا بأنّ الأمر للفور وفات في الزمان الأوّل فإنّه
يجب الإتيان به في الزمان الثاني ، ويدلّ على ثبوت التوسعة في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القضاء لإطلاق الاستخلاف
فيهما في أي جزء كان سواء تخلّل بينهما واجب آخر أم لا ، وفيه احتمال تعيين قضاء الفائتة
الليلية في نهارها والنهارية في ليلتها ، أو على تعيين قضاء فائتة اليوم أو المتّحدة
قبل الأدائية ، وربّما يستفاد من قوله تعالى : (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) هذا المعنى من الاختلاف
على أن يكون (المراد) التخلّف لا
التخالف.
الثالثة
والثلاثون : قوله تعالى : (كَلاّ
لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) فإنّ فيه إشعاراً على
ملازمة الأداء للقضاء وبالعكس على أن يكون المراد من القضاء معنى تدارك ما فاته من
الأمر ، مع احتمال كون المراد بالقضاء المنفي عدم الإتيان بالمأمور به مطلقاً لعدم
ثبوت الحقيقة الشرعية للقضاء وعدم دلالة الحقيقة اللغوية عليه ، لأنّ للقضاء في اللغة
ولسان الشارع إطلاقات منها الحكم ، ومنها الإلزام ، ومنها معنى الخلق والإيجاد على
حدّ قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاّ
إِيَّاهُ) وقوله تعالى : (فقَضَاهُنَّ
سَبْعَ سَمَوَات ..) الآية ، (فَاقْضِ
مَا أَنْتَ قَاض) من إرادة الحكم أو
الإلزام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الآية الأولى والخلق
من الآية الثانية والثالثة.
الرابعة
والثلاثون : قوله تعالى : (وَمَا
يَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) فإنّ هذه الآية ممّا
تدلّ على أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء ، فإنّه لا يكون خيراً إلاّ
أن يكون مجزيّاً إذ لا خير في غير المجزي من الأعمال ، وهو بمعنى حصول الامتثال وترتّب
الثواب عليه بدليل عدم الكفران ، وفي دلالته على معنى سقوط القضاء أو عدم وجوب التعبّد
به ثانياً إشكال ، وفيها أيضاً دلالة على عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه ،
أو أنّ النهي عن الضدّ
لا يقتضي الفساد لدلالتها على عدم إحباط الطاعة بالمعصية ، والجمع بينهما يقضي العمل
على الأخير ، وفيها أيضاً دلالة على ملازمة الإجزاء للقبول.
الخامسة
والثلاثون : قوله تعالى : (فمَنْ
يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا
لَهُ كَاتِبُونَ) ومثله قوله تعالى :
(وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْر فَلأَنْفُسِكُمْ
وَمَا تُنْفِقُونَ إلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْر
يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) فإنّها أيضاً تدلّ
على اقتضاء الأمر للإجزاء وعدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاصّ ، أو عدم
اقتضاء النهي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التبعي للفساد ، وملازمة
الإجزاء للقبول.
السادسة
والثلاثون : قوله تعالى : (وَمَا
لأَحَد عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَة تُجْزَى إلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى) فإنّ في هذه الآية
دلالة على ملازمة الإجزاء للقبول أيضاً خلافاً للمرتضى رحمهالله.
السابعة
والثلاثون : قوله تعالى : (وَمَنْ
يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الاْخِرَةِ نُؤْتِهِ
مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) فإنّ في هذه الآية
وما قبلها من الآيات دلالة على أنّ ترتب الثواب بحسب النية والمعرفة لا بمجرّد الجعل والفيض
واللطف من الله تعالى ، وإن كان كلّ ذلك بلطفه أو بحسب العقل من لزوم ثبوت الجزاء على
العمل ، ويؤيّده آيات النيّة وأحاديثها وإلاّ إذا أُريد به وجه الله تعالى من غير قصد
شيء من ذلك ولا تعيين ثواب فإنّه يكون مرجعه إلى الله حسب ما يراه الله من مصلحة العبد
في الدنيا والآخرة ، ويكون من الجزاءات العقلية لا الشرعية التعبدّية الموظّفة على
تلك العبادة.
ومن هنا اختلفت مراتب
العبادة على حسب المعرفة ، أمّا الأوّل : فلقوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى : (قُلْ
كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) ، وقوله تعالى : (وَأَنْ
لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلاّ مَا سَعَى) ، وأمّا الأخير فلقوله
تعالى : (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل مِنْكُمْ
مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى).
الوارد
الثاني : في أقسام الواجب ، وفيه آيات :
الأولى
: قوله تعالى : (ومَا أَرْسَلْنَاكَ إلاّ
كَافَّةً لِلنَّاسِ ..) الخ ، ممّا يدلّ على
الوجوب (العيني) بضميمة قوله تعالى
: (وأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) ، وغيرها مثلها ممّا
صدّر من الآيات بـ : (يا أيّها الذين آمنوا) ، (يا أيّها الناس) ، وقوله تعالى : (إِنْ
كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثانية
: قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ) يدلّ على الوجوب
المعيّن.
الثالثة
: قوله تعالى : (اَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ
الشَّمْسِ ..) الآية ، وقوله
تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) وغيرها من الآيات ،
فكما تدلّ على الوجوب العيني فإنّها تدلّ على الوجوب المعيّن.
الرابعة
: قوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فإنّ هذه الآية تدلّ
على الوجوب الكفائي.
الخامسة
: قوله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ممّا تدلّ على ذلك
أيضاً.
السادسة
: قوله تعالى : (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ
كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ..) الآية ، ممّا يدلّ
على ذلك أيضاً ، ومثلها آيات متعدّدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السابعة
: قوله تعالى : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) بعد قوله : (فَوَلِّ
وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) ممّا يدلّ على ثبوت
الواجب التخييري ، ومن ذلك الآيات الدالّة على وجوب الكفّارة الرمضانية وكفّارة
الظهار تخييراً وترتيباً.
الثامنة
: قوله تعالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْساً إلاّ وُسْعَهَا) ممّا يدلّ على عدم
جواز التكليف بما لا يطاق ، وعدم جواز الأمر مع العلم بانتفاء الشرط الوجوبي لأنّه
من المحال وجواز التكليف إلى حدّ الوسع.
التاسعة
: قوله تعالى : (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ممّا يدلّ على وجود الواجب الموسع.
العاشرة
: قوله تعالى : (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) فإنّه يدلّ على أصالة
التوسعة في الواجبات ، لأنّ التضييق حرج في الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحادية
عشرة : قوله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ
الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ممّا يدلّ على ثبوت
التوسعة كذلك لأنّها من اليُسر.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (ومَا أَرْسَلْنَاكَ إلاّ
كَافَّةً لِلنَّاسِ) وغيرها من الآيات المتقدّمة
، ممّا يدلّ على أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع والأصول لعموم الرسالة بكلّ شيء من أصل
أو فرع إلى كلّ واحد.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (لكُلّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ
شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً).
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (لكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا
مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ) ممّا يدلّ على أنّ
من تديّن بدين قوم لزمه حكمهم ، وعلى الإلزام بما ألزموا به أنفسهم.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) ممّا يدلّ على جواز
تبعيض المأمور به المركّب ووجوب الإتيان ببعضه ، ولا ينتفي بانتفاء الجزء وذلك في الأوامر
النفسية لا إشكال فيه إلاّ ما أخرجه الدليل.
وفي دلالة الآية على جواز التبعيض في
الأوامر التبعيّة من مقدّمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الواجب بحيث لا يلزم
منه تحصيل اليقين مطلقاً ، حيث يلزم منه العسر والحرج أو تعذّر الإتيان بالجميع وجواز
الاكتفاء بالظنّ ، وممّا يدلّ على وجوب العمل
بمقدّمة الواجب ما لم يعارضه دليل العسر والحرج.
الإلهام الثالث : في
النهي ، وفيه آيات :
الأولى
: قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ
أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) ممّا يدلّ على أنّ
النهي يدلّ على طلب الترك ومطلق المنع الظاهر في الحرمة شرعاً.
الثانية
: قوله تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) والأمر للوجوب فيقابله
النهي في الحرمة.
الثالثة
: قوله تعالى : (إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فإنّه يدلّ على كون
النهي للتحريم بدليل وقوعه في مقام التوبيخ.
الرابعة
: قوله تعالى : (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ
عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) ممّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يدلّ على إطلاق الكراهة
على الحرمة ، لأنّ ما تقدّم ممّا نهى الله عنه في الآيات المتقدّمة على هذه الآية مجمع
على حرمته ضرورة كتاباً وسنّة.
الخامسة
: قوله تعالى : (إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ
مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) ممّا يدلّ على أنّ
النهي عبارة عن كفّ النفس عن الفعل المنهي عنه لا نفس (لا تفعل) لعدم صدق الاجتناب
بدونه ، ويُحتمل دلالته على العكس.
السادسة
: قوله تعالى : (وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ
يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) ممّا يدلّ على أنّ
النهي نفس (لا تفعل) بدليل أنّه تعالى مدح أقواماً في الآية على عدم الفعل.
السابعة
: قوله تعالى : (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ
تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ) ، وقوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى حكايةً عن قول
إبليس (لعنه الله) (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا
عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلاّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ ..) الآية ، ممّا يدلّ
على أنّ للنّهي صيغةً تخصّه ، وهو قوله (وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ
الشَّجَرَةَ).
الثامنة
: قوله تعالى : (ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُل
مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)ممّا يدلّ على عدم
جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد شخصي لامتناع اجتماع الإرادة والكراهة في محلٍّ واحد
مورداً (أو) متعلّقاً ، إذ لا تكون
الإرادة إلاّ والمراد معها.
التاسعة
: قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ
يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْم) ممّا يدلّ على جواز
اجتماعهما بدليل المدح في الآية على عدم ارتكاب الإثم مع الطاعة.
العاشرة
: قوله تعالى : (إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ
مِنَ الْمُتَّقِينَ) ممّا يدلّ على
اقتضاء النهي الفساد في العبادة المشتملة على النهي شرعاً أو عقلاً.
الحادية
عشرة : قوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلاّ أَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَكُونَ
تِجَارَةً عَنْ تَرَاض) ممّا يدلّ على أنّ
النهي في المعاملة يقتضي الفساد لأنّ ما ليس تجارة عن تراض من الأكل بالباطل ، والمراد
به غير الصحيح من المعاملة وهو الفاسد ، لا ما كان فيه إثم فقط.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ
عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ
أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) فإنّ فيها دلالة على
أنّ عدم النهي عن الشيء يفيد جواز الإتيان بالضدّ أو الأمر به.
الإلهام الرابع : في
آيات المنطوق والمفهوم ، وفيه آيات :
الأولى
: قوله تعالى : (مَا أَرْسَلْنَا مِنْ
رَسُول إلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) فإنّها بعمومها ممّا
تدلّ على حجّية المفهوم كالمنطوق لأنّه من لسان قومه مع اشتمال القرآن على كلا القسمين
بضميمة قوله تعالى : (إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً
عَرَبِيّاً) فيكون الدالّ بالمفهوم
من الكلام العربي المقصود دلالته على معناه ، فيكون حجّة للأوامر الدالّ على وجوب العمل.
الثانية
: قوله تعالى : (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ
وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْقَوْلِ) ، ممّا يدلّ على حجّية
المنطوق الغير الصريح ، والمفهوم بقسميه الموافق والمخالف ، لأنّ ذلك من لحن القول
الذي هو غير الصريح من القول.
الثالثة
: قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي
أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) فإنّها تدلّ على حجّية
مفهوم الشرط.
الرابعة
: قوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ
إِذَا عَاهَدُوا) فإنّها تدلّ على مفهوم
الشرط كذلك.
الخامسة
: قوله تعالى : (أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ
إذا عاهدتم) ، فإنّها ممّا
تدلّ على ذلك كذلك.
السادسة
: قوله تعالى : (إلاّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ
أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ) فإنّها مع دلالتها
على مفهوم الشرط تدلّ على حجّية مفهوم الغاية.
السابعة
: قوله تعالى : (إنَّ اللَّهَ بَالِغُ
أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قَدْراً) فإنّها تدلّ على حجّية
مفهوم الغاية من وجهين ، حيث جعل لكلّ شيء حدّاً وغاية (و) هو بالغها.
الثامنة
: قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فإنّها تدلّ على تقدير
تفسير العقود بالعهود على حجية مفهوم الشرط ، بل حجّية كلّ مفهوم.
التاسعة
: قوله تعالى : (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ
الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) فإنّها تدلّ على حجّية
مفهوم الصفة ، ولو لم يكن كذلك لما حسُن التنزيه ، ولم يتوجّه الذمّ على من وصفه بغير
ما وصف به نفسه.
العاشرة
: قوله تعالى : (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يَصِفُونَ) فإنّها تدلّ كذلك.
الحادية
عشرة : قوله تعالى : (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ
بِئْسَ الإسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) فإنّها تدلّ على عدم
حجّية مفهوم اللقب وحجّية مفهوم الصفة.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (ومَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ
إلاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كَفَرُوا) فإنّها تدلّ على مفهوم
العدد.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ
لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْر فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ممّا يدلّ على حجّية
مفهوم العدد مع احتمال العكس.
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ
تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) ممّا يدلّ على حجية
مفهوم الزمان.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ
لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) ممّا يدلّ على عدم
حجّية مفهوم المكان لعدم جواز أن يُدعى بغيرها من الله أحداً ، نعم تدلّ على حجّية
مفهوم الحصر.
الإلهام الخامس : في
آيات العامّ والخاصّ.
الآية
الأولى : قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
رَسُول إلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) فالدلالة من وجهين
من حيث اللفظ ومن حيث المعنى ، أمّا من حيث اللفظ فإنّ (ما) من أدوات العموم النافية
لمطلق الرسالة إلاّ بلسان القوم ، فإنّ صحّة الاستثناء دليل العموم بأنّ كلّ رسول مرسل
بلسان قومه ، وأمّا من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث المعنى فلأنّ العموم
والخصوص من لسان القوم.
الثانية
: قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاّ
كَافَّةً لِلنَّاسِ).
الثالثة
: قوله تعالى : (وَمَا مِنْ إله إلاّ اللَّهُ).
الرابعة
: قوله تعالى : (وَمَا مِنْ دَابَّة فِي
الأَرْضِ وَلاَ طَائِر يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ).
الخامسة
: قوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ
وَحَرَّمَ الرِّبَا) ممّا يدلّ على أنّ
المفرد المحلّى باللام للجنس ، وأنّه يفيد العموم بواسطة تعليق الحكم على الطبيعة.
السادسة
: قوله تعالى : (إنَّ الإنْسَانَ لَفِي
خُسْر * إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا) ممّا يدلّ على أنّ
المفرد المحلّى باللام ـ بدليل الاستثناء ـ للعموم.
السابعة
: قوله تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ
عَلَى النِّسَاءِ) ممّا يدلّ على أنّ
الجمع المحلّى باللام للعموم ، ومثله قوله تعالى : (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ
الْفَاسِقِينَ) ومثله قوله تعالى :
(يوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ
مِثْلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حَظِّ
الأُنْثَيَيْنِ).
الثامنة
: قوله تعالى : (اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ) ممّا يدلّ على أنّ
أقلّ الجمع ثلاثة.
التاسعة
: قوله تعالى : (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ) ممّا يدلّ على أنّ
أقلّ الجمع اثنان لحجب الأخوين ، إلاّ أن تكون اللام في (له) بمعنى (مع) ، فإنّ
الاثنين مع الميّت أخوة.
العاشرة
: قوله تعالى : (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ
مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَال مِنَ الْجِنِّ) ممّا يدلّ على أنّ
الجمع المنكر لا يفيد العموم.
الحادية
عشرة : قوله تعالى : (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) ممّا يدلّ على عدم
دلالة النكرة في سياق الإثبات على العموم.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ
النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ..) الآية ، وقوله تعالى
: (هلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ
لاَ يَعْلَمُونَ) ، (أفَمَنْ
كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ) ، (وَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَسْتَوِي
الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ * وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ
الْحَرُورُ مَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ) ، فإنّ نفي الإستواء
يدل على العموم.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ
النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ) ممّا يدلّ على جواز
التخصيص إلى الواحد ، وقد فسّر بنعيم بن مسعود ، وفيه دلالة على أنّ
العامّ إذا خصّص فإنّه حجّة في الباقي ، سواء قلنا بأنّه حقيقة أو مجاز.
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ
الأَنْعَامِ إلاّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) فإنّه يدلّ على جواز
التخصيص بمجمل ، إلاّ أنّه لا حجّية فيه.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (إلاّ الَّذِينَ تَابُوا
مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) فإنّه يدلّ على أنّ
الاستثناء المتعقّب (للجمل) يرجع إلى الأخيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السادسة
عشرة : قوله تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى
يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) فإنّه يدلّ على وجوب
العمل بالعامّ حتّى يأتي المخصّص.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا
الْقُرْآنُ لاُِنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) فإنّ في هذه الآية
دلالة على عموم خطاب المشافهة ، أو أنّ خصوص خطاب القرآن من باب الوضع شامل للموجود
والمعدوم ، والحاضر لمجلس الخطاب وللغائب عنه كوضع السجلاّت
والطوامير ونحوها ، وأنّ كلَّ من يطّلع عليه مخاطب به وإن كان الخطاب على لسان الحاضرين
من أهل الشفاه.
الثامنة
عشرة : قوله تعالى : (هذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ
وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو
الأَلْبَابِ) ممّا يدلّ على ذلك
أيضا ، بل دلالتها على كونه من باب خطاب الوضع (أدل) من الآية الأولى.
التاسعة
عشرة : قوله تعالى : (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) ممّا يدلّ على وجوب
حمل العامّ على الخاصّ مع المنافاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العشرون
: قوله تعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) فإنّه ممّا يدلّ على
وجوب حمل العامّ على الخاصّ والمطلق على المقيّد ، ووجوب ردّ المتشابه إلى المحكم والمجمل
إلى المبيّن والظاهر إلى المؤوّل.
الحادية
والعشرون : قوله تعالى : (وَأْمُرْ
قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) يدلّ على ذلك أيضاً.
الثانية
والعشرون : قوله تعالى : (عفَا
اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) بعد قوله تعالى : (فَإِذَا
اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) ، فإنّ ظاهر الآيتين
وضمّ دلالة بعضها على بعض ممّا يدلّ على عدم جواز العمل بالعامّ قبل الفحص عن
المخصّص.
الإلهام السادس : في
المحكم والمتشابه ، وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مُحْكَمَاتٌ
هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ
آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (فإنّه) ممّا يدلّ على وجوب
العمل بالمحكم وعدم جواز العمل بالمتشابه من دون ورود النصّ في بيانه ، ووجوب ردّ المتشابه
إلى المحكم والظاهر إلى المؤوّل والمجمل إلى المبيّن.
الآية
الثانية : قوله تعالى : (ثمّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) ممّا يدلّ على
وجوب ردّ المجمل إلى المبيّن.
الآية
الثالثة : (بَلْ
كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) ممّا يدلّ على عدم
جواز ردّ ما لا يفهم وما لا يعلم من الآيات والأخبار (أو) إنكاره قبل الإحاطة
بتأويله وحقّه وباطله والمعرفة به.
الإلهام السابع : في
حجّية الأدلّة الأربعة :
قال الله تعالى : (وَلَيْسَ
الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَنِ
اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) ممّا يدلّ على توقيفية
أدلّة الأحكام قطعية أو ظنّية كالأحكام ولا يجوز أخذ الأحكام من غير الطرق التي أمر
الله بها سواء كانت علمية أو ظنّية.
الدليل الأول : الكتاب
وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) ممّا يدلّ على حجّية
الكتاب ووجوب العمل به.
الآية
الثانية : (هَذَا
بَلاَغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الألْبَابِ) ممّا يدلّ على ذلك
أيضاً).
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا
الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) ممّا يدلّ على عموم
حجّيته لمن حضر في زمان الخطاب ، أو غاب عنه وإلاّ لم يكن فائدة بالإنذار به.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رَبِّكُمْ) ممّا يدلّ أيضاً على
الحجّية لوجوب الاتّباع.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ
الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) ممّا يدلّ عليه.
الآية
السادسة : قوله تعالى : (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ
بِقُوَّة) ممّا يدلّ عليه.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ
وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ).
الآية
الثامنة : قوله تعالى : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا
بِأَحْسَنِهَا) إلى غير ذلك من الآيات
المتكثّرة.
الآية
التاسعة : قوله تعالى : (إنّا نَحْنُ نَزَّلْنا
إلَيْكَ الذِّكْرَ وَإنّا لَهُ لَحَافِظُوْنَ) ممّا يدلّ على عدم
تحريف القرآن.
الآية
العاشرة : قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ
عَنْ مَوَاضِعِهِ) ممّا يدلّ على وقوع
التحريف في القرآن.
الآية
الحادية عشرة : قوله تعالى : (وَيْلٌ
لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بِأَيْدِيهِمْ
ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) ممّا يدلّ على وقوع
التحريف وحمله على النقيصة والتقديم والتأخير لا الزيادة ، للإجماع على عدم وقوع
شيء من كلام غير الله فيه ، وإنّما الذمّ عليهم متوجّه إلى المعنىْ الأوّل من
التحريف.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ
غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) ممّا يدلّ على إعجاز
القرآن في نفسه لعدم الاختلاف بين آياته لفظاً أو معنىً لردّ متشابهه إلى محكمه ومفهومه
إلى منطوقه وعامّه إلى خاصّه ، ومطلقه إلى مقيّده ، ومجمله إلى مبيّنه ، وظاهره إلى
مؤوّله ، ومجازه إلى حقيقته.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَة مِنْ
مِثْلِهِ).
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَر
مِثْلِهِ) ممّا يدلاّن على أنّه
معجز نفسه.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلا) ممّا يدلّ على
وجوب التجويد فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السادسة
عشرة : قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيّاً) وقوله : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
رَسُول إلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) ممّا يدلّ على وجوب
القراءة بما يجب في النحو والصرف ، واستحباب ما استحبّ بهما.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر
مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَث إلاّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) ممّا يدلّ على حدوث
القرآن ، وأنّ القرآن اسم لجملة المنزل من الألفاظ
المقروءة والمسموعة والمكتوبة من إطلاق الكلّي على جزئيّاته وأفراده تسمية كلّ سورة
وكلّ آية وكلّ كلمة وكلّ حرف مقصود به القرآنية.
(الإلهام
الثامن) : الدليل الثاني :
السُنّة وفي حجّيته قولاً وفعلاً
وتقريراً ، وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فإنّ هذه بعمومها ممّا
تدلّ على وجوب الأخذ بما جاء به من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قول أو فعل أو تقرير.
الآية
الثانية : قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) فإنّها ممّا تدلّ على
وجوب العمل بأمره من ترك أو فعل أو قول ، وإن كان ظاهر إطلاق الطلب ينصرف إلى
القول.
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (اَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ) فإنّ من تمام الطاعة
العمل بما أمروا به.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا
تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ) ممّا يدلّ على حجّية
الخبر المتواتر ولو لم يكن الخبر مفيداً للقطع لما توجّه الذمّ على الأمم.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ
بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ
نَادِمِينَ) فإنّها تدلّ بمفهوم
الشرط على حجّية خبر العدل ، وعدم قبول خبر الفاسق ومجهول الحال إلاّ من بعد
التبيّن ، وتدلّ بمفهوم الصفة على حجّية خبر غير معلوم الفسق فيدخل مجهول الحال ، إلاّ
أنّ التعليل ينافي الأخذ بقوله ، ويدخل الحسن في خبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العدل بناء على أنّ
العدالة حسن الظاهر ، ويدلّ على حجّية الموثّق والخبر الضعيف المجبور بالشهرة أو بظواهر
الكتاب والسنّة ، ومن ذلك قبول مرسل الثقة لأنّه نوع من التبيّن.
الآية
السادسة : قوله تعالى : (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ
كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ
إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ممّا يدلّ على حجّية
خبر الواحد مطلقاً لوجوب الحذر عند إنذار الطائفة ، ولو لم يجب قبول الإنذار لما وجب
الحذر.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (الَّذِينَ يَكْتُمُونَ
مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ)ممّا يدلّ على حجّية
الخبر أيضاً لأنّه من البيّنات التي لا يجوز كتمانها وهو قبولها.
الآية
الثامنة : قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا
أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ
اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِث فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) ممّا يدلّ على حجّيته
أيضاً ، ولو لم يكن حجّة لما توجّه الذمّ عليهم بالتكذيب مع أنّ الرسل المذكورين غير
معصومين.
الآية
التاسعة : قوله تعالى : (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإ
بِنَبَإ يَقِين) فإنّ دلالته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على قبول خبر الحيوان
ممّا يشعر بقبول خبر الإنسان العدل بالأولوية.
الآية
العاشرة : قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ
قُلْ أُذُنُ خَيْر لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) فإنّه دالّ على حجّية
الخبر أيضاً.
الآية
الحادية عشرة : قوله تعالى حكايةً
عن بنت شعيب : (إنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ
مَا سَقَيْتَ لَنَا) فإنّ في هذه الآية
دلالة على حجّية خبر الواحد ، مع أنّها أنثى وإلاّ لما صدّقها موسى عليهالسلام وتبعها.
الثانية
عشرة : قوله تعالى حكاية عنه : (إنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ
الْقَوِيُّ الأَمِينُ) فإنّه وإن احتمل كونه
شهادة إلاّ أنّه يؤكّد حجّية الخبر لانفرادها بالشهادة.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى حكاية عن قول أخوة يوسف إخباراً عن أبيهم : (يَا
أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ
الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِن لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) وتصديق يعقوب لهم دليل
حجّية خبر الواحد وقبوله ، وإن احتمل الشهادة.
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (اِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) وقولهم (وَاسْأَلِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الْقَرْيَةَ
الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا) ولو لم يكن الخبر حجّة
لما قبل ذلك منهم ، ولا كان السؤال عن ذلك مفيداً.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (فلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ
أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ) فلو لم يكن خبر البشير
مقبولاً لما حصلت البشارة ولا دخل عليه السرور وإن كان قرينة التصديق (القميصَ).
السادسة
عشرة : قوله تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ
النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) فإنّها تدلّ على قبول
خبر الواحد إذ المراد بالناس هنا ـ كما حكاه المفسّرون ـ نعيم بن مسعود ، فلو لم يكن الخبر
الواحد مقبولاً في العادة لما توجّهت المذمّة على تسرّع قبوله.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ
سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا) فهذه الآية دالّة على
حجّية الخبر المتواتر ، إن قلنا بحصول التواتر في عدد مخصوص ، وإلاّ كان دالاًّ على
حجّية خبر الواحد المستفيض ، ولو لم يكن حجّة لما كان لاختياره السبعين مزيد فائدة
، إذ الغرض إخبار قومهم بما يشاهدون من تكليم الله عزّ وجلّ لموسى نبيّه إذا رجعوا
إليهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثامنة
عشرة : قوله تعالى : (ومِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ
يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) فإنّ فيها دلالة على
حجّية خبر العدل أيضاً ، إذ لو لم يقبل خبرهم لم تحصل الهداية منهم.
التاسعة
عشرة : قوله تعالى : (وإذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ
نَفَراً مِنَ الْجِنِّ ..)الآية ، ممّا تدلّ على حجّية الخبر أيضاً ، وذلك بإنذارهم لقومهم
في رجوعهم في قولهم (َفقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا
قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ).
العشرون
: قوله تعالى : (ولاتُطِعْ كُلَّ حَلَّاف
مَهِين * هَمَّاز مَشَّاء بِنَمِيم) ممّا يدلّ على عدم
قبول الخبر الضعيف.
الواحدة
والعشرون : قوله تعالى : (وَلاَ
تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) ممّا يدلّ كذلك على
عدم حجّية كلّ خبر غير كامل للشرائط.
الثانية
والعشرون : قوله تعالى : (إنْ
جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا) ممّا يدلّ على اشتراط
عدالة الراوي ويلزمه اشتراط البلوغ والعقل ، إذ لا تصدّق العدالة بغيرهما ، فإنّ الفاسق
يمكن أن يتحرّز من الكذب لتكليفه أو استحيائه من الناس ، وعدّ مثل ذلك نقصاً في حقّه
بخلاف الصبي والمجنون فإنّه لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكليف عليهما حتّى
يتحرّزا من الكذب ، ويدلّ على اشتراط الإسلام لفسق الكافر ، وعلى اشتراط الإيمان لفسق
المخالف والتوثيق في الموثّق غير العدالة المطلوبة شرعاً ، وقد تدلّ الآية على أنّ
التزكية من باب الخبر أو الشهادة ، بناءً على عمومها للموضوعات.
الثالثة
والعشرون : (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً
لاَ يَسْتَوُونَ) ممّا يدلّ على عدم
قبول خبر الفاسق وتقديم خبر العدل على الموثّق.
الرابعة
والعشرون : قوله تعالى : (الَّذِينَ
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) ممّا يدلّ على تقديم
قول المعدّل على الجارح ، وربّما يحتمل العكس.
الخامسة
والعشرون : قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَالرَّسُولَ) ممّا يدلّ على حجّية
الفعل كالقول لعموم الأمر بالإطاعة.
السادسة
والعشرون : قوله تعالى : (لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ممّا يدلّ على وجوب
التأسّي بفعله.
السابعة
والعشرون : قوله تعالى : (فَبِهُدَاهُمُ
اقْتَدِهِ) فإنّها بعمومها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ممّا تدلّ على وجوب
التأسّي بالنبي (ص) وأنّه متعبّد بشريعة من قبله.
الثامنة
والعشرون : قوله تعالى : (هذَا
عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب) فإنّ فيها دلالة على
حجّية التقرير من المعصوم لدلالتها على امتنانه بالقول أو السكوت والإمساك عن الجواب.
وأمّا ظاهر قوله تعالى
بعد قول أخوة يوسف : (إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ
أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ) فإنّه لا يدلّ على
الرضا بالسكوت بل العكس ، ومثله قوله تعالى : (عَرَّفَ
بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْض) فإنّ التقرير إنّما
يكون حجّة حيث لا يعلم عدم الرضا من قرينة أخرى.
التاسعة
والعشرون : قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُكَ
مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) وقوله (نُعَلِّمَهُ
مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) ، وقوله تعالى : (قَالَ
يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى
قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ...) الآية ، ممّا يدلّ
على حجّية رؤيا المعصوم في المنام في الجملة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلاّ أنّ قوله (اضْغَاثُ
أَحْلاَم وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ) ممّا يدلّ على العدم.
الإلهام التاسع : الدليل
الثالث : الإجماع ، وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ
فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ) ممّا يحتمل أن يكون
الإجماع بمعنى العزم أو معنى الاتّفاق.
الآية
الثانية : قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) أي اعزموا.
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (ومَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ
نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) ممّا يدلّ على حجّية
الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم أو المنضمّ إليه المعصوم لا مطلقاً ، كما تزعمه العامّة
، إذ المراد بسبيل المؤمنين سبيل الرسول والإمام لأنّ الإضافة للعهد ، وإلاّ كان ذلك
مشاققة للرسول ، فلا يجوز الإجماع في مقابلة النصّ بدليل قوله تعالى : (مِنْ
بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى) وقوله تعالى : (إنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضَلاَلا
بَعِيداً) ، وسبيل الله هو سبيل
الرسول والإمام المعصوم لقوله تعالى : (وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) ، وقوله تعالى : (وعَلَى
اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) ، ويدلّ عليه قوله
تعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) والصراط في الكتاب
أمير المؤمنين عليهالسلام بدليل قوله تعالى :
(وإنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا
لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) وقد أمر الله باتّباعه
بقوله في الآية المتقدّمة (فَاتَّبِعُوهُ) ... (ذَلِكُمْ
وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فدلّ على أنّ الحجّة
قول الإمام انفرد أو انضمّ إلى الإجماع ولا عبرة بالإجماع بدونه.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ
وَلِكُلِّ قَوْم هَاد) ممّا يدلّ على بقاء
المعصوم والحجّة ، وهو ممّا يدلّ على حجّية الإجماع في زمان الغيبة (لوجوب الهداية
على الإمام) ووجوب الإنكار عليه
لو خالفوا الحقّ أو زادوا أو أنقصوا ، فإنّ تصرّفه لطف كوجوده وظهوره ، فإن منع مانع
من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظهوره فلا مانع من
وجوده ولا تصرّفه لقدرته وتمكّنه ، نظير قوله تعالى فيما حكى عن موسى
عليهالسلام (َفدَخَلَ الْمَدِينَةَ
عَلَى حِينِ غَفْلَة مِنْ أَهْلِهَا ..) الآية ، حيث قضى الأمر
موسى ونصر وليّه وقتل عدوّه من حيث لا يشعرون ، ومع عدم ظهور الإنكار يدلّ على رضاه
وتقرير المعصوم حجّة.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا) فإنّها دالّة على وجوب
الردّ مع الاختلاف إلى الله عزّ وجلّ ، وهو الرجوع إلى الكتاب ، وإلى الرسول وهو الرجوع
إلى السنّة ، فلا يجوز العمل بالقياس أو الاجتهاد بالدين والأخذ بالاستحسان
، وأمّا المفهوم فإنّه وإن دلّ بظاهره على أنّه مع عدم النزاع لا يحتاج إلى الردّ إلاّ
أنّه لا دلالة فيه على حجّية الإجماع لعموم المفهوم لأنّه أعمّ من ثبوت الإجماع وعدمه
، فإنّ رفع النزاع لا يستلزم ثبوت الإجماع ، كما أنّ نفي الخلاف لا يثبت الوفاق ، فإنّه
قد يكون لعدم النصّ أو عدم الافتقار إلى الواقعة أو ارتفاع الموضوع ، فلا يدلّ على
حجّية الإجماع في نفسه في مقابلة قول الله وقول الرسول ، وإلاّ لم يكن إجماعاً لتحقّق
النزاع مع المخالفة ما لم يكن موافقاً لرأي المعصوم ، فيكون حجّة لموافقته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو سلّمنا فلا يدلّ
على عدم وجوب الردّ لأنّه من باب مفهوم اللقب فيبقى عموم ما دلّ على وجوب طاعة الله
ورسوله كقوله : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) على حاله مع أنّه دالّ
بالمفهوم.
هذا ويمكن الاحتجاج
بها على حجّية الإجماع لدلالتها على وجوب الردّ مع النزاع حيث لا يعلم قول الله ورسوله
، ومع العلم فإن كان ذلك لموافقة قول الله وقول رسوله فقد حصل الردّ
وبطل النزاع ، وإن كان الاجتماع مع المخالفة فلا تعويل عليه لبقاء النزاع مع الإجتماع
لأنّ النزاع مطلق الإعتراض ، والاعتراض باق مع المخالفة فاحتيج إلى الجواب والعذر
عن المخالفة ، ومعه فيطول النزاع ، كيف وقد قال تعالى : (فَلاَ
وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ
يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
الآية
السادسة : قوله تعالى : (إِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى
الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) فإنّها تدلّ على حجّية
الإجماع المركّب في الجملة ، والأخذ بأحد القولين فإن أمكن الصلح وهو إمكان الجمع بينهما
بتأويل أحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطرفين ورد أحد القولين
إلى الآخر ورفع الشبهة عنه فذاك ، وإلاّ وجب الترجيح ودفع المرجوح ما لم يمكن تأويله
، ومثله إذا اختلفت الأمّة على قولين ولم تفصل بينهما.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) ممّا يدلّ على جواز
استقرار الإجماع بعد الخلاف.
الآية
الثامنة : قوله تعالى : (إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ
بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا ..) الآية ، ممّا يدلّ
على حجّية الإجماع المنقول بمعنى الكاشف لثبوت الإتّفاق الكاشف عن رأي المعصوم الذي
هو الإجماع المنقول بالخبر الواحد ، والإجماع
بأيّ طريق حصل فهو حجّة لا بمعنى المنكشف لعدم صدق النبأ عليه فلا يكون خبراً.
الإلهام العاشر : في الأدلّة
العقلية ، القول في كون الأفعال لها جهات محسنة ومقبّحة ، وأنّ أفعاله معلّلة بالأغراض
، وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ
وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية ، فإنّ المراد
بالباطل المخلوق عبثاً لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لغرض وغاية ، وإن جلّ
الخالق عنها.
الآية
الثانية : (َومَا
خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إلاّ بِالْحَقِّ).
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَات لِأُولِي الأَلْبَابِ) ومن هذا القبيل في
القرآن كثير.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) ممّا يدلّ على ثبوت
الجهات للأفعال الموجبة للحسن أو القبح ذاتاً أو صفة لازمة أو بالوجوه والاعتبارات.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا
شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ) وهو ممّا يدلّ على
أنّ الحسن والقبح بالوجوه والاعتبارات.
الآية
السادسة : قوله تعالى : (فبظُلْم مِنَ الَّذِينَ
هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَات أُحِلَّتْ لَهُمْ) ما يدلّ على أنّ أفعاله
معللة بالأغراض ، وأنّ حسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكلّف به لا يدلّ
على حسن التكليف.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا
أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) ممّا يدلّ على أنّ
الأحكام تابعة للجهات الواقعية من حسن أو قبح.
الآية
الثامنة : قوله تعالى : (فبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) الآية ممّا يدلّ
على أنّ أفعاله معلّلة بالأغراض ، وأنّ الأحكام تابعة للجهات.
الآية
التاسعة : قوله تعالى : (اِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى
أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) يدلّ على أنّ أفعاله
معللة بالأغراض.
الآية
العاشرة : قوله تعالى : (إنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ
بِالْفَحْشَاءِ) ، وقوله تعالى : (إنَّ
الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) ، وقوله تعالى : (اِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) ممّا يدلّ على أنّ
الأحكام تابعة للحسن والقبح العقليّين ، فلا يأمر بقبيح ولا ينهى عن حسن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحادية
عشرة : قوله تعالى : (فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ) ، وقوله تعالى : (أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار) ممّا يدلّ على كون
الأحكام تابعة للحسن والقبح ، ومثله قوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) ، وقوله تعالى : (فَمَنْ
كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ).
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ
حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا) ممّا يدلّ على عدم
الملازمة بين حكومة العقل والشرع.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ
اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) ممّا يدلّ على عدم
حرمة الشيء الحسن وحلية القبيح لتبعيّة الأحكام للجهات المحسّنة والمقبّحة.
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) فإنّه يدلّ على تبعية
الأحكام للجهات الواقعية ، وإن لم تصل إليها العقول ضرورة أو نظراً لقوله (وما
بطن).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (وَمَا يَعْقِلُهَا إلاّ
الْعَالِمُونَ) ممّا يدلّ على حجّية
العقل.
السادسة
عشرة : قوله تعالى : (إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى
لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ممّا يدلّ على حجية
العقل ، وغير ذلك من الآيات.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ
وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) ممّا يدلّ على نفي
الجبر والتفويض وثبوت الأمر بين الأمرين.
الثامنة
عشرة : قوله تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إلاّ
أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ممّا يدلّ بظاهره على
الجبر.
التاسعة
عشرة : قوله تعالى : (فمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ
وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) ، وقوله تعالى : (إمَّا شَاكِراً وَإِمَّا
كَفُوراً) ، وقوله تعالى : (ذلِكَ
بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ) ، وقوله تعالى : (فَبِمَا
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى : (مَنْ
عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا) ، وقوله تعالى : (إنْ
أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) ، ممّا يدلّ على
ثبوت الإختيار للإنسان.
وقوله تعالى : (ومَا
كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ، وقوله تعالى : (وَرَبُّكَ
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ممّا يدلّ على الجبر
، والحمل أنّ الاختيار في المشيئة التكليفية لا ينافي إمضاء المشيئة التكوينية لأنّها
من قبيل المانع للأفعال.
القول في أصل الإباحة
والبراءة ، وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا
أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِم يَطْعَمُهُ إلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ
دَماً مَسْفُوحاً ..) الآية ممّا يدلّ
على أنّ الأصل الإباحة فيما لا نصّ فيه مع الشكّ في الحكم بين الحرمة والحلّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآية
الثانية : قوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ
اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ..) الآية ممّا يدلّ على
أصالة الإباحة فيما فيه منفعة ، ولم يعلم فيه مفسدة وإباحة ما لا مفسدة فيه.
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْساً إلاّ مَا أَتَاهَا) ممّا يدلّ على أنّ
الأصل براءة الذمّة فيما لا نصّ فيه ، وأنّه لا تكليف إلاّ بعد البيان.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ
عَنْ بَيِّنَة وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة) ممّا يدلّ على أصالة
الإباحة فيما شكّ في حرمته أو إباحته ممّا لا نصّ فيه ، وعلى أصالة براءة الذمّة ممّا
شُك في وجوبه وعدمه ممّا لا نصّ فيه ، وعلى أصالة التخيير فيما تعارض فيه النصّان لعدم
البيّنة على التعيين مع عدم جواز إلغاء الدليلين وعدم الترجيح في البين.
ويدلّ على وجوب تجنّب الشبهة المحصورة لأنّه
من البيّن الحكم بالتمكّن من تحصيل العلم الإجمالي بالاجتناب من دون حرج ولا عسر ،
ومثله وجوب تحصيل الموضوع المشتبه مع وجوب الحكم فيجب من باب المقدّمة الإتيان به لأنّه
من البيّن الحكم ، وتحكيم أصالة البراءة في المشتبه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغير المحصور لعدم
البيان مع عسر الاجتناب.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ
حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا) ممّا يدلّ على كلّ
من أصالة الإباحة وأصالة البراءة فيما لا نصّ فيه.
الآية
السادسة : قوله تعالى : (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ
بِقُوَّة) ممّا يدلّ على أنّ
الأمر بالعمل بما وصل إليه من دليل ، وأنّ الأصل الإباحة والبراءة فيما لا يصل إليه فيه نصّ.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (فخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ
مِنَ الشَّاكِرِينَ) ممّا يدلّ على ذلك
أيضاً كذلك ، وربّما تشعر الآيتان
بأصالة التخيير فيما تعارض فيه الأصلان
أو الدليلان لأنّهما ممّا آتاهم ولا ترجيح لأحدهما على الآخر ، ومع تعذّر الجمع بينهما
(و) لا إسقاطهما.
الآية
الثامنة : قوله تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ
قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) ما يدلّ على أصالة
البراءة فيما لا نصّ فيه ، وأنّه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا تكليف إلاّ بعد
البيان.
الآية
التاسعة : قوله تعالى : (إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا
إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) ممّا يدلّ على عدم
جواز العمل بأصالة البراءة إلاّ بعد الفحص عن المعارض.
الآية
العاشرة : قوله تعالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْساً إلاّ وُسْعَهَا) ممّا يدلّ على نفي
التكليف بما لا يطاق ، وقوله تعالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْساً إلاّ مَا أَتَاهَا) ممّا يدلّ على ذلك
أيضاً.
الآية
الحادية عشرة : قوله تعالى : (وَمَا
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) وقوله تعالى : (يُرِيدُ
اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ممّا يدلّ على نفي
العسر والحرج وما يلزم الضيق من التكليف إلى حدّ الوسع ، وأنّ التكليف إنّما هو فيما
دون الوسع.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ
أَحَقُّ بِالأَمْنِ) ممّا يدلّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أصالة الشغل مع
الشكّ في المكلّف به ، ووجوب الإتيان بما يوجب الفراغ بيقين.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (أولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ
عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) ممّا يدلّ على وجوب
الاحتياط والعمل بأصالة الشغل.
الرابعة
عشرة : وقوله تعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) بناءً على أنّ المراد
بالمنزّل الحكم لا الدليل ، ممّا يدلّ أيضاً على ذلك.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (واتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ) ممّا يدلّ على وجوب
الاحتياط مع الشكّ في المكلّف به في فعل أو (ترك).
السادسة
عشرة : قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) ممّا يدلّ على وجوب
الإتيان بالميسور من الأعمال ، أو من متعلّقاتها مع تعذّر الزائد من المكلّف به ، أو
الإتيان بتمام الشيء المكلّف به.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ
الْمُدْحَضِينَ) وقوله تعالى : (إذْ
يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) ممّا يدلّ على حجّية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرعة وأصل مشروعيّتها
في الشرائع السابقة ، مع أصالة بقاء الأحكام وعدم ثبوت النسخ بالخصوص ، أو أصالة الاشتراك
في التكليف.
الثامنة
عشرة : قوله تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى
يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ممّا يدلّ على حجّية
الاستصحاب وعدم جواز نقض اليقين بالشكّ ، والعمل على ما كان حتّى يأتي اليقين بخلافه.
التاسعة
عشرة : قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) ممّا يدلّ على حجّية
الاستصحاب لوجوب العمل على بقاء حكم التناول طول الليل ، أو (البناء
على بقاء الليل) حتّى يتبيّن الفجر.
العشرون
: قوله تعالى : (إنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) الآية ، ممّا يدلّ
على حجّية استصحاب الجنس.
الواحدة
والعشرون : قوله تعالى : (شَرَعَ
لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً ..) الآية ، ممّا يدلّ
على ذلك كذلك.
الثانية
والعشرون : قوله تعالى : (مَا
يُقَالُ لَكَ إلاّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْ
قَبْلِكَ) ممّا يدلّ على ذلك
أيضاً كذلك ، ومثله قوله تعالى : (وَكَتَبْنَا
عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الآية ، وقوله تعالى
: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ممّا يدلّ على اشتراك
الأحكام السابقة واستصحاب بقائها.
الثالثة
والعشرون : قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ
لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَة مَا كَانَ
لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا) ممّا يدلّ على أنّ
الأصول المعتبرة ما ثبت حجّيته من كتاب وسنّة قاطعين أو عقل قاطع في
البين.
وأمّا الأصول المثبتة
من غير الطرق الشرعية كالقياس والاستحسان (فهي) من الشجر الذي أنبته
الناس ، والشجر الذي ما له قرار فليس بحجّة ، وفيه دلالة على أنّ
الإمامة لا تكون بالاختيار.
الرابعة
والعشرون : قوله تعالى : (مَا
عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيل)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ممّا يدلّ على رفع
الإثم والضمان على المحسن ونفي السبيل عليه ، وإن استلزم من فعله ما ينافي الإثم والضمان.
الخامسة
والعشرون : قوله تعالى : (فَأَوْجَسَ
فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قلْنَا لاَ تَخَفْ) الآية ، ممّا يدلّ
على وجوب اجتناب الضرر المظنون وظنّ الضرر من باب المقدّمة.
السادسة
والعشرون : قوله تعالى : (أَهُمْ
يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ) ممّا يدلّ على بطلان
القياس.
السابعة
والعشرون : قوله تعالى : (أيَحْسَبُونَ
أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ) ممّا يدلّ على بطلان
القياس.
الثامنة
والعشرون : قوله تعالى : (وَلاَ
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ) الآية ، ممّا يدلّ
على بطلان القياس.
التاسعة
والعشرون : قوله تعالى : (مَا
نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) ممّا يدلّ على وقوع
النسخ وإمكانه ، والعمل بالناسخ وبطلان العمل بالمنسوخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإلهام الحادي عشر
: في الاجتهاد والتقليد.
أمّا الاجتهاد ففيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ
كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ
إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ممّا يدلّ على وجوب
الاجتهاد وطلب التفقّه في الدين وأنّه واجب كفائي لا عيني ، كما تدّعيه علماء حلب ، ويبطل بذلك دعوى
الإخبارية من بطلان الاجتهاد.
الآية
الثانية : قوله تعالى : (إِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ
نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا
فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) ممّا يدلّ على وجوب
طلب العلم إمّا باجتهاد أو تقليد.
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ
مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لاَ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلاّ الْحَقَّ) ممّا يدلّ على اشتراط
الأخذ بالعلم واليقين لأنّ المراد من الحقّ العلم ، وأنّه لا يوصل إليه إلاّ العلم
، وأنّ الظنّ ليس بحجّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقوله تعالى : (وَإِنَّ
الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) فالظنّ لا يكون طريقاً
إليه فلا يؤخذ بالدليل المظنون
، وأمّا الحكم المظنون فالظنّ فيه ليس بحجّة فيه على الأصل ، فإن قام دليل على حجّيته
من طريق مقطوع به فذاك وإلاّ فلا.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) والمراد اجتنبوا الظنّ
اجتناباً كثيراً وإلاّ لم يتمّ التعليل.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ
عِلْم إلاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ) وقوله تعالى : (إنْ
يَتَّبِعُونَ إلاّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إلاّ يَخْرُصُونَ) إلى غير ذلك من الآيات
الدالّة على عدم حجّية الظنّ في الأصول والفروع ، خرج ظنّ المجتهد
بالدليل دون غيره.
الآية
السادسة : قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ
إِنْ كُنْتُمْ لاَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَعْلَمُونَ) ممّا يدلّ على وجوب
العمل بظنّ المجتهد للأمر بالسؤال.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (أفَمَنْ يَهْدِي إِلَى
الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إلاّ أَنْ يُهْدَى) ممّا يدلّ على حجّية
ظنّ المجتهد ووجوب تقديم الأعلم.
الآية
الثامنة : قوله تعالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْساً إلاّ مَا آتَاهَا) ممّا يدلّ على حجّية
ظنّ المجتهد لأنّ الذي آتاه الله هو الظنّ.
الآية
التاسعة : قوله تعالى : (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ
بِقُوَّة).
الآية
العاشرة : قوله تعالى : (فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ).
الحادية
عشرة : قوله تعالى : (مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ
نَأْخُذَ إلاّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ) فإنّ هذه الآيات ممّا
تدلّ على وجوب الأخذ بما دلّ الدليل عليه من قطع أو ظنّ.
الثانية
عشرة : قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ
وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فِيهَا
قُرًى ظَاهِرَةً) ممّا يدلّ على وجوب
الرجوع إلى علماء الإمامية والمجتهدين لأنّهم هم القرى الظاهرة التي بين الناس وبين
المعصومين من الأئمّة الطاهرين ، ويدلّ على عدم جواز خلوّ العصر من المجتهد كعدم خلوّه
من الحجّة.
الثالثة
عشرة : قوله تعالى : (إنْ تَتَّقُوا اللَّهَ
يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً) ممّا يدلّ على اشتراط
الملكة في المجتهد ، وتشعر الآية بأنّها موهبة.
الرابعة
عشرة : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا
فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) ممّا يدلّ على أنّ
الملكة كسبية ولا منافاة بينهما وبين الآية المتقدّمة ، لكون مقدّمات الجعل كسبية وهو
تقوى الله ، وفيها دلالة على وجوب التقليد.
الخامسة
عشرة : قوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ)ممّا يدلّ على اشتراط
الإسلام ولا يجوز الأخذ من الكافر مطلقاً ولو كان مرتدّاً عن فطرة.
السادسة
عشرة : قوله تعالى : (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً
كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ) ممّا يدلّ على اشتراط
الإيمان فلا يجوز الرجوع إلى المخالف ، وبالآيتين يستدلّ على اشتراط العدالة أيضاً
والبلوغ والعقل اللازمين لها ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومثله قوله تعالى :
(إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا) فإنّه ممّا يدلّ على
اشتراط العدالة في المجتهد كالراوي.
السابعة
عشرة : قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ
إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) ممّا يدلّ على وجوب
التقليد على غير المجتهد بقرينة الأمر بالسؤال.
الثامنة
عشرة : قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ممّا يدلّ على وجوب
التقليد لأنّ الكون مع الصادقين يراد به أتباعهم.
التاسعة
عشرة : قوله تعالى : (اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْ
أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) ممّا يدلّ على وجوب
التقليد وتقليد العدل لعدم سؤاله الأجر ، وعدم جواز الرجوع إلى المخالفين المستحلّين
للرشوة.
الآية
العشرون : قوله تعالى : (وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ
وَلاَ الأَمْوَاتُ) ممّا يدلّ على حرمة
تقليد الميّت ابتداءً واستدامة.
الحادية
والعشرون : قوله تعالى : (إنَّا
وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَى
آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) ممّا يدلّ ـ حيث ذمّ
الكفّار بذلك ـ على حرمة التقليد في أصول الدين.
الثانية
والعشرون : قوله تعالى : (هَذَا
عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب) ممّا يدلّ على تفويض
الأحكام إلى النبي (ص) دون المجتهد.
الثالثة
والعشرون : قوله تعالى : (وَاتَّبِعْ
سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) ممّا يدلّ على اشتراط
العصمة في الإمام والعدالة في المجتهد.
الرابعة
والعشرون : قوله تعالى : (قُلْ
هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا) ممّا يدلّ على بطلان
عبادة الجاهل والمخالف لوجوب المعرفة ، (وكلاهما).
ضلال بدليل قوله تعالى
: (إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلاَلا بَعِيْداً) والسبيل هو الإمام
عليهالسلام ونائب الإمام ، فالأخذ
للأحكام من غيرهم ضلال.
خاتمة : في التعادل
والتراجيح ، وفيه آيات :
الآية
الأولى : قوله تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ
الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَحْسَنَهُ) فإنّه يدلّ على وجوب
الأخذ بالأحسن ، وهو المحفوف بالمرجّحات الداخلية والخارجية من الأدلّة.
الآية
الثانية : قوله تعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) ممّا يدلّ على وجوب
الأخذ بالأحسن واتّباع الأحسن.
الآية
الثالثة : قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى
الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ ..)الآية ، ممّا يدلّ على تقديم
قول الأعلم ، وتقديم الفاضل على المفضول.
الآية
الرابعة : قوله تعالى : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ممّا يدلّ على
تقديم خبر الصادق والأصدق.
الآية
الخامسة : قوله تعالى : (أفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ) ، (أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ، ممّا يدلّ على الأخذ
بالمرجّحات وتقديم الصحيح على الحسن ، والحسن على الموثّق ، والموثّق على الضعيف.
الآية
السادسة : (أفَمَنْ
كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ممّا يدلّ على تقديم
العدل على غيره.
الآية
السابعة : قوله تعالى : (وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) وقوله تعالى : (وَالصُّلْحُ
خَيْرٌ) ممّا يدلّ على أنّ
الجمع بين الدليلين مهما أمكن أولى من الطرح ، لأنّه من الصلح بين الطرفين.
وهذا أقصى ما أردنا
إتمامه من بيان آيات الأصول
وكان الفراغ من تجديد
مسوّدتها عشيّة السبت حادي عشر
من شهر رمضان المبارك
من شهور سنة الثالثة والتسعين
بعد الألف والمائتين
هجرية على مهاجرها ألف صلاة
وسلام وتحية ، على يد مؤلّفها مهدي
الحسيني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
١ ـ القرآن الكريم.
٢ ـ الأصول الأصيلة : شبّر ، السيّد عبد
الله (ت ١٢٤٢هـ) تصدّى لطبعه حفيده السيّد صباح شبّر ، الطبعة الأولى ، بدون تاريخ
أو مكان الطبع.
٣ ـ الأصول العامّة للفقه
المقارن : الحكيم ، السيّد محمّد تقي (ت ١٤) ، مؤسّسة آل البيت
عليهمالسلام للطباعة والنشر ، قم
، الطبعة الثانية ، ١٩٧٩م.
٤ ـ الأعلام : الزركلي : خير الدين
، دار العلم للملايين الطبعة الخامسة ، أيار (مايو) ١٩٨٠م.
٥ ـ الإنسان في عوالمه الثلاث
: القزويني ، السيّد محمّد مهدي الحسيني (ت ١٣٠٠هـ) ، تحقيق وتقديم
جودت القزويني ، دار الأضواء ، بيروت ـ لبنان ١٤٠٨هـ ـ ١٩٨٧م.
٦ ـ أعيان الشيعة : الأمين ، السيّد محسن
، حقّقه وأخرجه حسن الأمين دار التعارف للمطبوعات بيروت.
٧ ـ البابليّات : اليعقوبي ، الشيخ محمّد
علي ، دار البيان العربي ، قم ـ إيران.
٨ ـ بحار الأنوار الجامعة
لدرر أخبار الأئمّة الأطهار : المجلسي ، محمّد باقر
(ت ١١١٠هـ) ، مؤسّسة الوفاء ، الطبعة الثانية ١٤٠٣هـ ـ ١٩٨٣م.
٩ ـ التبيان في تفسير القرآن
: الطوسي ، محمّد بن الحسن (ت٤٦٠هـ) ، تحقيق وتصحيح أحمد حبيب
قصير العاملي ، مكتب الإعلام الإسلامي ، قم ١٤٠٩هـ.
١٠ ـ تفسير القمّي : القمّي ، أبو الحسن
علي بن إبراهيم (من أعلام القرن الثالث الهجري) ، صحّحه وعلّق عليه وقدّم له السيّد
طيّب الموسوي الجزائري ، مؤسّسة دار الكتاب للطباعة والنشر ـ قم ١٤٩٤هـ.
١١ ـ تفصيل وسائل الشيعة : الحرّ العاملي ، محمّد
بن الحسن (ت١١٠٤هـ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت
عليهمالسلام لتحقيق التراث ، قم
الطبعة الثانية ـ ١٤١٤هـ.
١٢ ـ تكملة أمل الآمل : الصدر ، السيّد حسن
(ت ١٣٥٤هـ) ، تحقيق د. حسين علي محفوظ ، عبد الكريم الدبّاغ ، عدنان الدبّاغ ، طبع
دار المؤرّخ العربي ، بيروت ـ لبنان ١٤٢٩هـ ـ ٢٠٠٨م.
١٣ ـ خاتمة مستدرك وسائل الشيعة
: النوري ، الميرزا حسين ، تحقيق مؤسّسة آل البيت
عليهمالسلام لإحياء التراث ـ قم
إيران سنة ١٤١٥هـ.
١٤ ـ الدرر البهية في تراجم
علماء الإمامية : بحر العلوم ، السيّد
محمّد صادق ، حقّقه وعلّق عليه ووضع فهارسه وحدة التحقيق في العتبة العباسية المقدّسة
، إشراف أحمد علي مجيد الحلّي ، الطبعة الأولى ١٤٣٤هـ ـ ٢٠١٣م.
١٥ ـ الذريعة الى أصول الشريعة
: المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي (ت ٤٣٦هـ) ، تصحيح وتعليق أبو
القاسم كرجي ، جامعة طهران ١٣٤٨هـ.
١٦ ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة
: الطهراني ، الشيخ آقا بزرك ، دار الأضواء بيروت الطبعة الثالثة
١٤٠٣ هـ ـ ١٩٨٣ م.
١٧ ـ سعد السعود : ابن طاوس ، علي بن
موسى بن جعفر ، منشورات الرضي ـ قم ـ ١٣٦٣هـ.
١٨ ـ شعراء الحلّة : الخاقاني ، علي ، المطبعة
الحيدرية ، النجف ـ العراق ١٣٧٢هـ ـ ١٩٥٢م.
١٩ ـ طبقات أعلام الشيعة : الطهراني ، الشيخ آقا
بزرك ، طبع دار إحياء التراث ٢٠٠٩م.
٢٠ ـ طروس الإنشاء وسطور الإنشاء
: القزويني ، السيّد محمّد بن السيّد محمّد مهدي(ت ١٣٣٥هـ) ، تحقيق
الدكتور جودت القزويني ، توزيع بيسان للنشر والتوزيع ، لبنان ، الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
ـ ١٩٩٨م.
٢١ ـ فهرس التراث : الجلالي ، السيّد محمّد
حسين الحسيني ، تحقيق : محمّد جواد الحسيني الجلالي الطبعة : الأولى ١٤٢٢ هـ.
٢٢ ـ المعارف : ابن قتيبة ، أبي محمّد
عبدالله بن مسلم ، حقّقه وقدّم له د. ثروت عكاشة ، الطبعة الثانية ـ دار المعارف ـ
مصر.
٢٣ ـ المنتظم في تاريخ الملوك
والأمم : ابن الجوزي ، أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمّد (ت٥٩٧هـ)
، دراسة وتحقيق محمّد عبد القادر عطا ، مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب. العلمية
ـ الطبعة الأولى ـ لبنان ـ ١٩٩٢م.
٢٤ ـ موسوعة طبقات الفقهاء
: السبحاني ، الشيخ جعفر
، مؤسّسة الإمام الصادق عليهالسلام ـ قم ـ ايران الطبعة
الأولى ، ١٤٢٠هـ.
٢٥ ـ النجم الثاقب في أحوال
الإمام الحجّة الغائب (عج) : النوري ، الميرزا
حسين ، تقديم وترجمة وتحقيق وتعليق : السيّد ياسين الموسوي.
من أنبـاء التـراث
هيئة التحرير
كتب صدرت محقّقة
* تسلية الحزين في
فقد العافية والأحباب والبنين.
تأليف : السيّد
عبد الله شبّر (ت ١٢٤٢ هـ).
كتاب روائي جمع
فيه المصنّف نبذاً من روايات أهل البيت عليهمالسلام التربوية والأخلاقية التي تحثُّ المؤمن على الصبر في
مختلف مواطن الابتلاء كما ترشده إلى شكر المنعم عند العافية وتهديه إلى الإلتزام
بالخلق الرفيع والنبل في المعاشرة ، وتخصّه بالأجر الجزيل عند الله وقرب المنزلة
لديه ؛ ذكرت للكتاب مقدّمة للتحقيق وترجمةً
|
|
للمصنّف.
تحقيق : أحمد
عبّاس الأنصاري.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٢٨٧.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء ـ العراق.
* وصول الأخيار إلى
أصول الأخبار.
تأليف : الشيخ
حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي (ت٩٨٤هـ).
كتاب في علم
دراية الحديث رتّبه على أُصول في التعريفات والتقسيمات والاصطلاحات في الألقاب.
وقد ذكر في أوّل الكتاب أدلّة الإمامة وأطال
|
البحث جاء على
شكل مقدّمة وفيها فصول : في شرف العلوم بأسرها ودلائله ، الفصل الثاني : وتفاضل
العلوم بعضها على بعض ، وفضل حفظ أربعين حديثاً ، ما جاء في فضائل الأئمّة من
طرق أهل السنّة ، وفي فضائل أهل البيت عليهمالسلام ، بعض فضائل علي عليهالسلام ، وبعض فضائل فاطمة الزهراء وأولادها المعصومين عليهمالسلام ...
في تعريف الأصول
الحديثية الخمسة ومؤلّفوها.
تحقيق : جعفر
المجاهدي ـ عطاء الله الرسولي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٣٤٣.
نشر : العتبة
الحسينية المقدّسة ـ كربلاء ـ العراق.
* الصحابة الكرام
(١ ـ ٣).
تأليف : الشيخ
محمّد علي نجفيان النجف آبادي (النجفي)
|
|
(ت ١٤١٧ هـ).
تناول المصنّف
في كتابه تراجم الصحابة «الذين هداهم الله إلى الصراط المستقيم وآمنوا به حقّ
إيمان ولم يرتّدوا بعده ارتداد كفر ولم يغيّروا بعده» كما أشار إلى «أنّ الصحابة
قوم من الناس لهم ما للنّاس وعليهم ما عليهم» وذلك ردّاً منه لنظرية الصحابة
القائمة عند أهل السنّة وقد رتّب الكتاب بترتيب حروف المعجم في ٢٦ باباً ، وقد
تمّ عدد من ترجم له من الصحابة بعد استقراء لهم ٥٦٧ صحابيّاً ، وقد ختم الكتاب
بذكر باب الكنى حيث أتمّه بذكر أبي طالب عليهالسلام عمّ النبي (صلى الله عليه وآله).
تحقيق : مركز
إحياء التراث الإسلامي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٦٤٢ و ٦٣٦ و ٨١٢.
نشر : المركز
العالي للعلوم والثقافة
|
الإسلامية ـ
طهران ـ إيران.
* كنز جامع الفوائد
ودافع المعاند (١ ـ ٢).
تأليف : علم بن
سيف بن منصور (من أعلام القرن الرابع الهجري).
يأتي هذا الكتاب
في عداد كتب مناقب أهل البيت عليهمالسلام ، وهو مختصر ومنتخب من كتاب تأويل الآيات الظاهرة تأليف
السيّد شرف الدين علي الاسترآبادي وقد رتّبه على ترتيب أسماء وسور القرآن الكريم
، وله فصل في (فضل محبّة علي عليهالسلام وشيعته) وخاتمة ، كما اشتمل على مقدّمة التحقيق وفهارس
عامّة.
تحقيق : عقيل
عبد الحسن الربيعي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٤٩ و ٤٨٣.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
|
|
* السحاب المطير في
تفسير آية التطهير.
تأليف : الشهيد
الثالث القاضي السيّد نور الله التستري (ت ١٠١٩ هـ).
احتوى الكتاب
على رسالتين ، الأولى : في تفسير آية التطهير ، وقد ناقشت أهمّ ما رافق آية
التطهير من أهواء ونزعات واعتراضات وإيرادات على استدلال الشيعة الإمامية بها
على عصمة أهل البيت عليهمالسلام. والرسالة الثانية : هي نهاية الأقدام في وجوب المسح على
الأقدام للشهيد الثالث أيضاً ، وقد ناقشت هذه الرسالة وجوب المسح على الأقدام في
الوضوء لا الغسل ، وذلك ما يوافق مذهب أهل البيت عليهمالسلام.
تحقيق : هدى
جاسم محمّد أبو طبرة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٢٧٣.
نشر : دار
السلام ـ بغداد ـ العراق.
|
* أنوار الفقاهة (١
ـ ١٠).
تأليف : حسن بن
جعفر كاشف الغطاء (ت ١٢٦٢ هـ).
موسوعة فقهية
استدلالية مفصّلة ، اشتملت على أغلب أبواب الفقه ، وقد تضمّنت تحقيقات لطيفة
ونوادر فقهية رائعة. استوفى فيه المؤلّف الأدلّة والأحكام ، حتّى قيل فيه إنّه
لم ير مثله في كثرة التفريع والإحاطة بنوادر الاستقامة في طريق الاستدلال ،
اشتملت هذه الموسوعة على مقدّمة التحقيق بترجمة للمصنّف وبتعريف الكتاب ومنهجية
تحقيقية كما اشتملت على الفهارس العامّة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٦٠٤ و ٥٦٠ و ٤٠٠ و ٣٨٤ و ٦٤٠ و ٤٠٠ و ٤٤٤ و ٥٢٤ و ٥٩٦ و ٣٣٢.
نشر : المركز
العالي للعلوم والثقافة الإسلامية ـ طهران ـ إيران.
|
|
* الكشكول فيما جرى
لآل الرسول عليهمالسلام.
تأليف : السيّد
حيدر بن علي الحسيني الآملي (من أعلام القرن الثامن الهجري).
دراسة تاريخية
عرض فيها المصنّف الأسباب التي أدّت إلى اختلاف الأمّة بعد رسولها الخاتم وما
جرى بعده (صلى الله عليه وآله) على أهل بيته عليهمالسلام من نوائب وآهات معتمداً الروايات الموثّقة بين الفريقين
مشيراً في بدء الكتاب إلى مخالفة إبليس أمر الباري في عدم السجود لآدم ، وما جرى
من اختلاف بين قابيل وهابيل من أنّها سنّة سرت في البشرية منذ ذلك العهد وحتّى
زماننا هذا ، وقد جاء هذا الكتاب بأسلوب أدبي يفتتح فصوله بالسجع جواباً على من
سأله عن سبب الأختلاف بين الشيعة والسنّة لما جرى آنذاك من فتن ومحن بين
الفريقين سنة سبعمائة وخمس وثلاثين للهجرة.
|
اشتمل الكتاب
على مقدّمة التحقيق ومقدّمة المصنّف وإثنين وعشرين فصلاً وخاتمة.
تحقيق : علي عبد
الكاظم عوفي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٠٥.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* كنز المطالب وبحر
المناقب في فضائل علي بن أبي طالب عليهالسلام(١
ـ ٣).
تأليف : السيّد
ولي نعمة الله الحسيني الحائري (من أعلام القرن العاشر الهجري).
كتاب مناقب جمع
فيه المصنّف ما أمكنه من مناقب أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهالسلام الدالة على ما حباه الله عزّ وجلّ من كرامة إلهية تضاهي
كرامة الأنبياء عليهمالسلام اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق ومقدّمة المصنّف ، وقد
ذكرت تلكم
|
|
المناقب في تسعة
وتسعين فصلاً.
تحقيق : علي عبد
الكاظم عوفي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٣٥٩ و ٣٥٩ و ٢٩٨.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* تقويم المحسنين
في معرفة الساعات والشهور والسنين.
تأليف : الحكيم
الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ هـ).
كتاب في علم
النجوم يختصّ بالهيئة من حيث سعادة الأيّام ونحوستها والساعات وبعض ما يختصّ
بوضع القمر والنجوم ، وقد قرن المصنّف به الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في ردّ ذلك فيما يدلّون به على بطلان تلكم الاعتقادات.
اشتمل الكتاب
على مقدّمة في تعريف علم النجوم وصحّة نسبة
|
الكتاب للمصنّف
وعلى مقدّمة المصنّف وفهارس عامّة.
تحقيق : الشيخ
علي الشريعتي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٤٣.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* المختار من أخبار
الأئمّة الأبرار عليهمالسلام
(١ ـ ٣).
تأليف : الشيخ
علي بن الحسين بن أبي الجامع العاملي (ت ١١٣٥ هـ).
كتاب روائي
تناول فيه المصنّف الأخبار الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام المتضمّنة للعقائد الدينية الصحيحة والأخبار المشتملة
على حكم وآداب اخلاقية وتربوية معتمداً فى ذلك كتاب الكافي والتهذيب ومن لا
يحضره الفقيه ، اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق وعشر حدائق بفصولها في : العقل
والعلم ، التوحيد ، الحجّة ،
|
|
الإيمان والكفر
، الدعاء ، فضل القرآن ، العشرة ، الصدقة ، والإنفاق والمعروف ، الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وفي عمل السلطان ، الموت وما يسبقه وما يلحقه.
تحقيق : الشيخ
عبد الحليم عوض الحلّي والسيّد خالد الغريفي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٥٨٦ و ٥٣٦ و ٤٥٢.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* موضّح أسرار
النحو.
تأليف : الشيخ
محمّد بن الحسن الفاضل الهندي (ت ١١٣٥ هـ).
كتاب في علم
النحو التزم فيه المصنّف جانب الإيجاز والاختصار اشتمل على جميع أبواب النحو
بأسلوب تعليمي ميسّر ، وقد تميّز الكتاب بجودة الترتيب والتنسيق وحسن الاستدلال
وقوّة الإقناع ، كما
|
ناقش مصَنِّفُه
الأقوال والآراء وفصّل القول فيها مبيّناً مواطن الصواب أو الخلل منها.
اشتمل الكتاب
على قسمين ، الأوّل : دراسة للمحقّق بمقدّمة التحقيق وثلاثة فصول في المؤلّف
والكتاب والنسخ المخطوطة ومنهج التحقيق والخاتمة.
والثاني خصِّص
للكتاب المحقّق بمقدّمته وأبوابه الثلاثة ، في الإسم ، في الفعل ، في الحرف.
تحقيق : الدكتور
علي موسى الكعبي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٥٦٧.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* تحفة الطالبين في
معرفة أصول الدين.
تأليف : الشيخ
عبد السميع بن
فيّاض الأسدي
الحلّي (من أعلام القرن
|
|
العاشر).
كتاب عقائدي
تطرّق فيه المصنّف إلى تبيين معالم أُصول الدين الخمسة وقد انتهج في أبحاثه
الدمج بين المباحث الكلامية وبين المباحث الفلسفية والفلكية كما ذكر بعض
اصطلاحات الفلكيّين والفلاسفة المتقدّمين مشيراً إلى ما يقابلها باصطلاح الشرع.
اشتمل الكتاب
على مقدّمة التحقيق وخمس فصول في : التوحيد ، العدل ، النبوّة ، الإمامة ،
المعاد.
تحقيق : الشيخ
عبد الحليم عوض الحلّي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٢٧.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* منهج الإرشاد إلى
ما يجب فيه الاعتقاد.
تأليف : الشيخ
خضر الدجيلي (ت
|
١٣٨٣ هـ).
كتاب في علم
الكلام يتناول فيه المصنّف رحمهالله الأبحاث العقائدية لأصول الدين ، وقد قرن أبحاثه بآيات
الذكر الحكيم وبالروايات الواردة عن أئمّة الهدى عليهمالسلام ، اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق ومقامين في أصول
الدين الخمسة وفي الأخلاق وعلى خاتمة. وفهارس عامّة.
تحقيق : أمير
كريم الصائغ.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٢٨٧.
نشر : العتبة
الحسينية ـ كربلاء المقدّسة ـ العراق.
* رسالة الإمامة (١
ـ ٢).
تأليف : الكليني
الرازي (ت ٣٢٩ هـ).
كتاب روائي
احتوى على رسائل الأئمّة المعصومين الإثني عشر عليهمالسلامالواردة عنهم في موارد شتى ، بدءاً
|
|
بأمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليهالسلام وحتّى الإمام الحجّة المنتظر عليهالسلام ، وهو كتاب معتمد في النقل ولم يبق منه سوى ما تناقلته
المصادر الشيعية سواء مباشرة كان ذلك النقل أو بالواسطة ، وقد بذل الدكتور
السيّد ثامر العميدي جهداً كبيراً في إحياء معالم هذا الكتاب وتتبِّبعِ آثارِه
من بطون المصادر ، وقد ذكر المحقّق مراحل البحث والتنقيب عن معالم هذا الكتاب في
دراسة علمية في مقدّمة التحقيق ، كما ألحقت به فهارس عامّة لكلّ جزء.
تحقيق : د.
السيّد ثامر العميدي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٤٩ و ٥٥٨.
نشر : دار
السلام ـ بغداد ـ العراق.
* منهج الرشاد لمن
أراد السداد.
تأليف : الشيخ
جعفر كاشف الغطاء.
يفصح الكتاب عن
أوّل مناظرة
|
جرت بين زعيمين
من زعماء المسلمين الشيخ جعفر كاشف الغطاء الشيعي والأمير عبد العزيز بن سعود
الوهابي وهو حوار في عهده الأوّل الذي يأتي في مضمار المناظرات بين المذاهب
الإسلامية الهادفة إلى التقريب بين المسلمين ورفع النزاعات الطائفية ، والذي
يكشف عن سلمية المتحاورين ومدى تفاهمهما وتعاطفهما لحلّ الأزمات في خضمّ
السياسات القائمة آنذاك وبعيداً عن التأثّر بها ، اشتمل الكتاب على مقدّمة
التحقيق بترجمة للمؤلّف والحياة السياسية للنجف الأشرف والحوار الجاري بين
الطرفين والخطوات السلمية بينهما التي بادر بها الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
تحقيق : د. جودت
القزويني.
عدد الصفحات :
١٩٢.
نشر : الخزائن
لإحياء التراث ـ بيروت ـ لبنان.
|
|
* العرى العاصمة في
تفضيل الزّهراء فاطمة.
تأليف : الشيخ
محمّد رضا الغرّاوي الخزرجي (ت١٣٠٣ هـ).
كتاب مناقب ذكر
فيه المصنّف رحمهالله من مناقب وسيرة سيّدة نساء العالمين ما يخصّها بالتفضيل
على سائر الخلق سوى أبيها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
اشتمل الكتاب
على مقدّمة وبابين ؛ الأوّل : في حياة المصنّف العلمية وآثاره ، وذكر المؤلّفات
التي تناولت سيرة الزهراء عليهاالسلام ، ومنهج التحقيق ، ووصف المخطوطات المعتمد عليها.
والثاني : العرى
العاصمة دراسة وتحقيق.
تحقيق : علي
عبّاس الأعرجي.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٢٠٨.
نشر : مؤسّسة
نصيحة الضالّ ـ الديوانية ـ العراق.
|
* ديوان ومقامة.
تأليف : السيّد
محمّد بن علي آل نجم السكيكي المَكّي العاملي (ت ١١٣٩ هـ).
كتاب أدبي من
سلسلة ذخائر الحرمين الشريفين ، احتوى على مقدّمتين في ترجمة الشاعر تحكيان
مقامَه العلمي ومشايخه وإجازاته وعلى ديوان شعر ومقامة أدبية تحت عنوان مذاكرة
ذوي الراحة والعنا في المفاخرة بين الفقر والغنى ، تشتمل على مواعظ وحكم أدبية
مزيّنة بصناعة السجع وبشواهد شعرية ، كما تضمّن الديوان على قصائد في الإلهيّات
، مدح النبي وآله ، رجال العصر والمناسبات ، الإخوانيّات والمراسلات ، الغزليّات
، الحماسة والافتخار وذمّ الزمان والهجر والمجون ، معرباً عن قوّة الصناعة
الشعرية ومدى تضلّعه بلغة الضاد.
تحقيق : السيّد
عبد الستّار الحسني.
|
|
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٣٩٩.
نشر : بوستان
كتاب ومكتبة فدك ـ قم ـ إيران.
* موسوعة الإمام
الكاظم عليهالسلام (١ ـ ٨).
تأليف : السيّد
محمّد الحسيني القزويني.
تبنّت مؤسّسة
ولي عصر بإشراف آية الله الخزعلي إصدار موسوعات روائية ترتكز على حياة العترة
الطاهرة بحثاً وتنقيباً في مصادر الإمامية لجميع ما صدر عنهم عليهمالسلام قولاً وفعلاً وتقريراً في الأحكام والعقائد والتفسير
والأخلاق وما ورد فيهم من المناقب والفضائل ، وتمّ حتّى الآن إصدار أربع موسوعات
بدءً بالإمام الجواد عليهالسلاموالإمام الهادي عليهالسلام والإمام العسكري عليهالسلام والإمام الرضا عليهالسلام وهذه هي الموسوعة الخامسة التي
|
استعرضت حياة
الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام ، وقعت في ثمان مجلّدات مع الفهارس العامّة.
تحقيق : اللجنة
العلمية لمؤسّسة ولي عصر عليهالسلام.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٥٠٨ و ٤٤٨ و ٤٩٢ و ٥٣٢ و ٥٢٤ و ٣٨٣ و ٤٩٨ و ٥٧٨.
نشر : مؤسّسة
ولي عصر عليهالسلام ـ قم ـ إيران.
كتب صدرت حديثاً
* حقيقة الصحيفة
السجادية.
تأليف : السيّد
محمّد رضا الجلالي.
بمناسبة إقامة
المؤتمر العالمي للإمام السجّاد عليهالسلام ، جاء هذا الكتاب ردّاً على التضليلات والإثارات ، التي
أجّجّ لهيبها المدعو بناصر بن عبد الله
|
|
القفاري على
الطائفة الشيعية أتباع آل محمّد عليهمالسلام إفكاً وزوراً وتهريجاً وكذباً في تضعيف معتقداتهم الحقّة
، التي ورثوها عن أئمّة الهدى الإثني عشر عليهمالسلام وذلك في كتابه : (حقيقة ما يسمّى زبور آل محمّد) ، حيث
أخذ المؤلّف عليه في مقدّمته نقاطاً علمية وفنيّة تدلّ على هزالة أسلوبه العلمي
وعدم درك (القفاري) وفهمه للكثير من الاصطلاحات والمقوّمات العلمية ، ثمّ شرع
بالردّ عليه أخذاً بمقاطع كلامه الذي أنتهج به أسلوب الإثارة والتضليل على
الواقع ، كما هو دأبهم ، كما أردف أخيراً كتاب (القفاري) بكتابه.
اشتمل الكتاب
على مقدّمة المؤلّف وثلاثة مباحث في : حقيقة الصحيفة السجّادية ، إلى من تنسب
الصحيفة ، صحف أُخرى منسوبة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١١٤.
نشر : مجمع
جهاني أهل بيت.
|
* توجيه المحتضر
وتجهيز الميّت تجاه القبلة.
تأليف : السيّد
هاشم الناجي الجزائري.
كتاب روائي من
موارد استقبال القبلة في القرآن والحديث ، جمع فيه المؤلّف الآيات والروايات
وبعض أقوال العلماء الواردة بهذا الشأن ، اشتمل الكتاب على تمهيدين ، الأوّل :
حكم التوجيه إلى القبلة ، والثاني : هيئة وكيفية التوجيه إلى القبلة ، كما اشتمل
على سبعة عشر عنوان في هذا المضمار.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٠٤.
نشر : ناجي
الجزائري ـ قم ـ إيران.
* موسوعة الأذان
بين الأصالة والتحريف (١ ـ ٣).
تأليف : السيّد
علي الشهرستاني.
كتاب فقهي ، عرض
المؤلّف فيه
|
|
دراسة فقهية
تاريخية مسلّطاً الضوء على العلل والأسباب التي أدّت إلى اختلاف المسلمين في
الأحكام الشرعية موضّحاً فيه ملابسات التشريع ، غير متناس لمنهج الأقدمين في
دراسة الفروع ، آخذاً بنظر الاعتبار ما يلائم عقلية المسلم المعاصر من التعرّف
على جذور الخلاف وأسبابه وقد جاءت هذه الدراسات بياناً لكلّيات عقائدية تاريخية
فقهية ينبغي أن يعرفها ويتعرّف عليها كلّ مسلم ، غير جامد على منهج ونسق معروف
عند طبقة خاصّة من الفقهاء والمؤرّخين ، هذا وجعل المؤلّف دراسته عن الأذان عمّا
هو الأصيل منه والمحرّف ، فجاءت في ثلاثة أبواب ، الباب الأوّل : «حيّ على خير
العمل» الشرعية والشعارية. الباب الثاني : «الصلاة خير من النوم» شرعة أم بدعة؟
الباب الثالث : «أشهد أنّ عليّاً وليُّ الله» بين الشرعية والابتداع. وقد
|
قدّم لهذه الأبواب
بعض البحوث التمهيدية ، كالأذان لغة واصطلاحاً ، وكبيان ما قاله أهل السنّة
والجماعة بمذاهبهم الأربعة ، والشيعة ـ بفرقها الثلاث ـ في بدء الأذان وللمؤلّف
وقفة مع أحاديث الرؤيا ، ثمّ تحقيق في ما وراء نظرية الرؤيا.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٨٠ و ٤٨٠ و ٦٠٨.
نشر : المؤمل ،
توزيع انتشارات فدك ، قم ـ إيران.
* شذرات الذهب في
شرح سلسلة الذهب.
تأليف : الشيخ
مهدي عباس البحراني.
كتاب من سلسلة
البحوث العقائدية تناول المؤلّف فيه شرح الحديث المنقول عن سيّدنا ومولانا ثامن
الحجج علي بن موسى الرضا عليهالسلام المعروف بحديث سلسلة الذهب ، وبيّن ما يتضمّنه من مطالب
عقائدية هامّة في
|
|
التوحيد
والإمامة والولاية.
اشتمل الكتاب
على مقدّمة والحديث المبارك وسبعة أبحاث في كلمة التوحيد ، تفسير كلمة الشهادة ،
التحقيق في كلمة الشهادة ، كيف تكون كلمة التوحيد حصناً؟ أركانها اثنان النفي والإثبات
وشروطها ، آثار كلمة التوحيد على المسلم ، أقسام التوحيد ، نواقض كلمة التوحيد ،
باب من تقبل منه الشهادة ، في ثواب الموحّدين ، الحديث الرابع ، شارح الحديث
العلاّمة نعمة الله الجزائري ، ... وأبحاث أخرى في هذا الشأن.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٣٤.
نشر : باقيات ـ
قم ـ إيران.
* القول الجلي في
تفسير آية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).
تأليف : الشيخ
مهدي عبّاس علي البحراني.
|
كتاب من سلسلة
البحوث العقائدية تناول فيه المؤلّف بحثاً عقائديّاً في تفسير آية الصلاة على
النبي من سورة الأحزاب كونها في الرسول وآله ، وهم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، معتمداً في ذلك على كتب الفريقين ، وقد ارتأى المؤلّف
أن يورد هذا البحث إتماماً لكتاب «الآيات الباهرة في مناقب العترة الطاهرة» وهي
آيات التطهير والمودّة والمباهلة الدالّة على الولاية والعصمة والإمامة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٣٨.
نشر : باقيات ـ
قم ـ إيران.
* كشف الأستار عن
علل سكوت حيدر الكرّار.
تأليف : الشيخ
مهدي عبّاس علي البحراني.
كتاب من سلسلة
البحوث العقائدية تناول فيه المؤلّف الردّ على الشبهات
|
|
المثارة حول
سكوت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في المرحلة العصيبة التي مرّت بها الأمّة بعد رحيل
الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأختلاف الصحابة وتسوّرهم منصب الخلافة
الألهية بغير حق.
وقد أورد
المؤلّف الشبهات على شكل أسئلة وقد أجاب عنها معتمداً في ذلك على خطب وكتب أمير
المؤمنين عليهالسلام وأصحابه رضیاللهعنه في نهج البلاغة وشروحه ، كما اعتمد على كتاب صفّين لنصر
بن مزاحم وعلى كتابي الإحتجاج وبحار الأنوار.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٦٦.
نشر : باقيات ـ
قم ـ إيران.
* الدعاء تجاه
القبلة في القرآن والحديث.
تأليف : السيّد
هاشم الناجي الموسوي الجزائري.
|
كتاب من سلسلة
موسوعة آثار الأعمال ، تطرّق فيها المؤلّف إلى موارد استقبال القبلة في القرآن
والحديث تبييناً وتوجّهاً منه إلى جانب من جوانب آداب الدعاء المؤكّد عليها في
تعاليم الدين الحنيف اشتمل الكتاب على العناوين التالية : الدعاء تجاه القبلة ،
دعاء الأنبياء ، دعاء الأوصياء ، دعاء الأولياء ، دعاء الأعلام والمعاريف ، دعاء
الأشخاص والأفراد الذين لم يصرح بأسمائهم ، الدعاء في هذه الأمكنة ، الدعاء في
هذه الأزمنة والأوقات ، الدعاء عند أعمال ومناسك الحجّ والعمرة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
١٩٢.
نشر : ناجي
جزائري ـ قم ـ إيران.
* بحوث فقهية
(المسائل المستحدثة في الحجّ).
تأليف : الشيخ
علي الفاضل القائيني
|
|
النجفي.
كتاب فقهي وهو
نتاج بحوث خارج الفقه التي ألقاها المؤلّف من كتاب الحج للعروة الوثقى متناولاً
المسائل المستجدّة والمستحدثة علميّاً ، وجعل ملاك بحثه الفقهي قائماً على وثاقة
الراوي ووثاقة الصدور. اشتمل الكتاب على المواضيع التالية : المواقيت ،
الاستضلال في الليل ، تعلية البيت حال الطواف ، الطواف بين الكعبة والمقام ،
المقام ، توسعة المسعى ، الاختلاف في الهلال ، الوقوف بمزدلفة ، رمي الجمرات ،
مكان الذبح ، تأخير العادة النسائية ، الاستدارة في الصلاة ، الصلاة في الأماكن
الأربعة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٠٠.
نشر : آل فاضل ـ
قم ـ إيران.
* قبسات من علم
الرجال (١ ـ ٢).
تأليف : السيّد
محمّد رضا السيستاني.
|
أبحاث رجالية
استلّها تلميذه السيّد محمّد البكّاء من سائر تأليفات أستاذه الفقهية ومن
تقريرات أفاضل تلامذته وجمعها ورتّبها على شكل مواد لم تكتب في الأساس لإعداد
كتاب مستقلّ في علم الرجال بل تمّ التعرّض لها بصورة متفرّقة في ضمن المباحث
الفقهية ما اقتضته المناسبات ، فالكتاب لا يشكّل منظومة متسلسلة ومتكاملة من
مباحث هذا العلم بل مقتطفات منه ، وقد أجرى عليه المؤلّف بعض التغييرات إعداداً
للطبع بحيث تمّ تنظيمه في عشرة فصول : في حجّية آراء علماء الرجال ، في تفسير
بعض مصطلحات الرجاليّين. في التوقيعات العامّة وما يلحق بها ، في أحوال عدد من
رجال الأسانيد ، في حجّية مراسيل جمع من رواة الحديث ، في التعريف بعدد من كتب
الرجال والتفسير والحديث في أسانيد الصدوق والشيخ في الفقيه والتهذيبين ، في
بيان عدد من
|
|
السقط والتحريف
والتصحيف والحشو في أسانيد الروايات ، في تمييز المشتركات وتعيين المبهمات من
الأسماء والكنى والألقاب ، وفي فوائد متفرّقة.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٦٢٤ و ٦٤٤.
نشر : النجف
الأشرف ـ العراق.
* فقه الزائر.
كتاب فقهي يحتوي
على مسائل شرعية يبتلى بها الزائر للمراقد المقدّسة وقد اهتمّت شعبة التبليغ في
العتبة العلوية المقدّسة في تسليط الضوء على جملة من الأحكام الشرعية التي تكون
محلّ ابتلاء الزائر للأماكن المقدّسة ونشرها بين أيديهم حتّى يتعرّف المؤمنون
عليها وقد جاءت هذه المسائل مطابقة لفتاوى آية الله العظمى السيّد علي السيستاني
حفظه الله تعالى بأسلوب مبسّط رعاية لفهم القارئ.
|
الحجم : رقعي.
عدد الصفحات :
٧٩.
نشر : العتبة
العلوية ـ النجف الأشرف ـ العراق.
* النور المبين في
شرح التحرير ومنهاج الصالحين.
تأليف : السيّد
نور الدين شريعتمدار الجزائري.
كتاب فقهي ، وهو
شرح استدلالي على كتاب منهج الصالحين لآية الله العظمى السيّد محسن الحكيم قدسسره ، حاوياً لجميع الأبواب الفقهية الواردة في الكتاب من
قسم العبادات والمعاملات كما هو شرح استدلالي أيضاً على كتاب الحج والقضاء
والشهادات والقصاص والحدود والديّات والمسائل المستحدثة من كتاب تحرير الوسيلة
لآية الله العظمى الإمام الخميني قدسسره ، وقد صدر من هذا الكتاب أربعة أجزاء : كتاب الاجتهاد
|
|
والتقليد ، كتاب
الخمس ، وكتاب الحجّ في جزئين.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٤٣٦ ،٥٠٤ ، ٦٠٢ ،٥٩٠.
نشر : دار
الكتاب الجزائري ـ قم ـ إيران.
* أمالي الوحيد لما
في أصول الفقه من جديد ج(١).
تأليف : الشيخ
محمّد رضا الأنصاري القمّي.
كتاب أُصولي ،
عمد فيه المؤلّف إلى محاضرات بحث الخارج التي ألقاها أستاذه المرجع الديني آية
الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظلّه الوارف في حرم السيّدة فاطمة
المعصومة عليهاالسلام في قم المقدّسة لأكثر من عقد ونصف العقد تقريباً ، وهي
الدورة الثانية من علم الأصول جمعها ورتّبها وقام بترجمتها إلى اللغة
|
العربية بأسلوب
علمي ، وهذا هو الجزء الأوّل من هذا الاصدار وقد ابتدأ به من تحديد موضوع علم
الأصول منتهياً به إلى آخر أبحاث انقسامات الواجب.
الحجم : وزيري.
عدد الصفحات :
٨٤٠.
نشر : منشورات
دار المهذّب ـ النجف الأشرف ـ العراق.
* أُسس العدالة
والاعتدال عند أمير المؤمنين عليهالسلام.
تأليف : السيّد
محمّد صادق الخرسان.
دراسة في
العدالة والإعتدال مقتبسة من سيرة سيّد الموحّدين أمير
|
|
المؤمنين علي
ابن أبي طالب عليهالسلام ، تدلّ على الاهتمام العلوي بإقامة العدل؛ من خلال سيادة
العدالة المجتمع ووضع الحدِّ من امتدادات الظلم والإضطهاد والتجاوز والتفريط ،
مؤكّداً على محورية الاعتدال في حفظ توازنات الأفراد والجماعات وتأمين حقوقهم. اشتمل
الكتاب على مقدّمة الطبعة الثانية ، تمهيد ، الفصل الأوّل : العدالة في منظور
أمير المؤمنين عليهالسلام ، الفصل الثاني : الإعتدال عند أمير المؤمنين عليهالسلام ، الخاتمة.
الحجم : رقعي.
عدد الصفحات :
٤٩.
نشر : دار
البذرة ـ النجف الأشرف ـ العراق.
|
|