

الاهداء
إلى بطل كندة وأميرها .. إلى الصحابي
الجليل الذي قاتل مع إمام الحق علي عليهالسلام
ببصيرة أهل اليقين ، وصرخ بوجه النواصب
في الكوفة مدافعا عن شرف الولاية بشجاعة أهل الولاء ..
إلى الشهيد الذي لقي ربّه متضرجاً
بدمائه وولده وخيرة أصحابه في مرج العذراء صابراً محتسباً ..
إلى حجر بن عدي الكندي أهدي هذا الجهد ؛
فأشفع لي ..
بِسْمِ اللهِ
الرَّحمَنِ الرَّحيْمِ
الحمد لله ربِّ العالمین والصلاة
والسلام على سيدنا ونبينا محمّدٍ وعلی آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة
على أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدّين.
لا يخفى عليك أنه قد وردت خمش زيارات في
يوم عاشوراء ذكرها العلّامة المجلسي في بحاره
ولكن الزيارة التي هي الورد الأعظم والإكسير الأتم الذين واظب عليه علماؤنا
الصالحون إنما هي المعرفة بـ(زيارة عاشوراء المشهورة) وهي من أهم الزيارات المروية
عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام
، قال آية الله المرحوم خاتمة المحدثين
الشيخ حسين النوري قدس سره في كتابه النجم الثاقب : وأما زيارة عاشوراء فيكفي في
فضلها ومقامها أنها لا تسانخها سائر الزيارات التي هي بحسب الظاهر من إنشاء
المعصوم وإملائه. ومع أنه لا يظهر من قلوبهم المطهرة شيء إلا ما وصل إلى ذلك
العالم الأرفع فإنها تُعد أيضاً من سنخ الأحاديث القدسية وقد انزلت بهذا الترتيب
من الزيارة واللعن والسلام
__________________
والدعاء من الحضرة
الأحدية جلت عظمته إلى جبرائيل الأمين ومنه إلى خاتم النبیین صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبحسب التجربة فإن المداومة عليها
أربعين يوما أو أقل لا نظير لها في قضاء الحاجات ، ونيل المقاصد ، ودفع الأعداء .
وأشار بقوله إنها من سنخ الأحاديث
القدسية إلى ما وراه صفوان عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام:
«تعاهد هذه الزيارة وادعُ بهذا الدعاء وزر به فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار
بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد إن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه
واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغاً ما بلغت ولا يخيبه.
يا صفوان! وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا
الضمان عن أبي وأبي عن أبيه علي بن الحسين عليهمالسلام ،
مضموناً بهذا الضمان ، والحسين عن أخيه الحسن مضموناً بهذا الضمان ، والحسن عن
أبيه أمير المؤمنين مضموناً بهذا الضمان ، وأمير المؤمنين عن رسول الله مضموناً
بهذا الضمان ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
عن جبريل عليهالسلام مضموناً
بهذا الضمان ، وجبريل عن الله عزّ وجلّ مضموناً بهذا الضمان ، قد آلى الله على
نفسه عزّ وجلّ أن من زار الحسين عليهالسلام بهذه الزيارة من قربٍ
أو بُعد ودعا بهذا الدعاء ، قبلت منه زيارته وشَفَّعتْه في مسألته بالغاً ما بلغ
وأعطيته سؤله ، ثم لا ينقلب عني خائباً واقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته
والفوز بالجنة والعتق من النار ، وشَفّعتْه في كل من شفع ، خلا ناصب لنا أهل البيت
آلى الله بذلك على نفسه وأشهدنا بما
__________________
شهدت به ملائكة
ملكوته على ذلك ، ثم قال جبرانیل : یا رسول الله! أرسلني إليك سروراً
وبشرى لك وسروراً وبشرى لعلي وفاطمة والحسن والحسين وإلى الأئمة من ولدك إلى يوم
القيامة فدام يا محمد سرورك وسرور علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى
يوم البعث» .
ودفعاً لشبهات بعض المشككين من
المحسوبين على الشيعة ، والتشيع منهم بريء فقد كتبت في سنة ١٤٠٥ هـ ق غامق رسالة
تحدثت فيها عن سند هذه الزيارة الشريفة ضمن كتابي الذي سميته أوراد السالكين الذي
تضمن مجموعة الزيارات والأدعية المهمة المروية بالأسانيد الصحيحة والمعتبرة عن
المعصومين عليهمالسلام
، وقد تركت نشره إلى أن يسمح بهذا القدر
المقدر له. وصادف أن طلب مني أخيراً بعض العلماء الأحبة أن أكتب سنداً لزيارة
عاشوراء فأخبرته بما قد قمت به من تحقيق سندها في تلك السنوات فرجَّع إعدادها
ونشرها فأجبت مأموله مظيفاً إليه بعض ما رأيته مناسباً وقد قسمته على أربعة فصول :
الفصل الأول : ذكر الحديث كما في مصادره ليتسنى لنا مناقشة السند بعد ذلك وشرح فقه
الزيارة. والفصل الثاني: ذكر بعض الحكايات والقضايا التي تبين فضلها. والفصل
الثالث : معالجة أسانيد الزيارة. والفصل الرابع : فقه الزيارة. وأخيراً ذكرت
الزيارة في خاتمة هذه الرسالة.
__________________
الفصل الأول
نص الحديث
الذي وردت فيه
الزيارة الشريفة
روى الشيخ الأقدم أبو جعفر محمد بن
قولويه (ره) في كتابه الشريف كامل الزيارات بإسناده عن الإمام الباقر عليهالسلام
..
وروى شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي (ره)
في كتابه الشريف مصباح المتهجد بأسانيده إلى الإمام الباقر عليهالسلام
قال : من زار الحسين بن علي عليهالسلام
في يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده
باكياً لقي الله عز وجل يوم يلقاه
بثواب ألفي
حجة وألفي
عمرة وألفي
غزوة ، ثواب كل غزوة وحجة وعمرة كثواب من حَجَّ واعتمر وغزا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وسلم ومع الأئمة الراشدين .
قال : قلت : جُعلت فداك فما لمن كان في
بعيد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم قال : إذا كان كذلك برز
إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء
على قاتله
__________________
وصلى من بعد ركعتين
وليكن ذلك في صدر النهار
قبل أن تزول الشمس، ثم ليندب الحسين عليهالسلام ويبكيه
ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع
عليه وليعزِّ بعضهم بعضاً
بمصابهم بالحسين عليهالسلام
وأنا
الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله تعالى
جميع ذلك
، قلت : جعلت فداك انت الضامن ذلك لهم
والزعيم ؟
قال : أنا الضامن
وأنا الزعيم لمن فعل ذلك.
قلت : فكيف يعزى بعضنا بعضاً : قال تقولون : أعظم
الله أجورنا بمصابنا بالحسین وجعلنا وإياكم من الطالبين
بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهمالسلام. وإن استطعت ان لا
تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة مؤمن فإن
قضيت لم يُبارَك
ولم ير فيها رشداً ولا يدَّخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادَّخر في ذلك اليوم
شيئاً لم يبارك له فيما ادَّخره ولم يبارك له في أهله ، فإذا فعلوا ذلك
كتب الله تعالى لهم
ثواب ألف
__________________
حجّة وألف عمرة وألف
غزوة كلّها مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وكان له أجر وثواب مصيبة كل نبي ورسول ووصي وصدّيق
وشهيد مات او فتل منذ خلق الله الدّنيا إلى أن تقوم الساعة.
قال صالح بن عقبة
وسيف بن عميرة: قال علقمة بن محمد الحضرمي ، قلت
لأبي جعفر عليهالسلام:
علّمني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذا أنا زرته من قرب ودعاء أدعو به إذا لم ازره من
فقب وأومأت
من بُعد البلاد ومن
داري بالسلام
إليه.
قال: فقال لي: يا علقمة! إذا أنت صليت
الركعتين بعد أن تومي إليه بالسلام فقل بعد
الإيماء إليه من بعد التكبير
هذا القول فإنك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به زواره
من الملائكة وكتب الله لك مائة ألف ألف درجة
، وكنت كمن
استشهد مع الحسين عليهالسلام
حتی
__________________
تشاركهم في درجاتهم
ولا تعرف إلّا في الشهداء الذين استشهدوا معه وكتب لك ثواب زيارة كلّ نبيّ وكل
رسول وزيارة كل من زار الحسين
عليهالسلام
منذ يوم قتل عليهالسلام
وعلى أهل بيته ...
قال علقمة : قال أبو جعفر عليهالسلام:
إن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل ، ولك ثواب جميع ذلك.
وروى محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن
عميرة قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمال وعندنا جماعة من أصحابنا إلى الغري
بعدما خرج ابو عبد الله عليهالسلام
فسرنا من الحيرة إلى المدينة فلما فرغنا
من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله الحسين عليهالسلام
فقال لنأ : تزورون الحسين عليهالسلام
من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين
عليهالسلام
من هيهنا أومأ إليه أبو عبد الله الصادق
عليهالسلام
وأنا معه قال: فدعا عنوان بالزيارة التي
رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر عليهالسلام في
يوم عاشوراء ، ثم صلى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين عليهالسلام وودع
في دبرها أمير المؤمنين وأومأ إلى الحسين بالسلام منصرفاً وجهه نحوه وودع ...
قال سيف بن عميرة : فسالت صفوان ، فقلت
له : أن علقمة بن محمد الحضرمي لم يأتنا بهذا عن أبي جعفر عليهالسلام
إنما آتانا بدعاء الزيارة ، فقال صفوان
: وردت مع سيدي أبي عبد الله عليهالسلام
إلى هذا المكان ، ففعل مثل الذي فعلناه
في زيارتنا ودعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلی كما صلينا وودع كما
ودعنا ، ثم قال لي صفوان : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام: تعاهد هذه الزيارة
وادعُ بهذا الدعاء وزر به فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار بهذه الزيارة ودعا
بهذا الدعاء من فرب أو بعد أن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب
وحاجته مقضية من الله بالغاً ما بلغت ولا يخيبه يا صفوان! وجدت هذه الزيارة مضمونة
بهذا الضمان عن أبي وابي عن أبيه علي بن الحسين عليهمالسلام مضموناً
بهذا الضمان
__________________
والحسين عن اخيه الحسن
مضموناً بهذا الضمان ، والحسن عن أبيه أمير المؤمنین مضموناً بهذا الضمان
وأمير المؤمنين عن رسول الله عليهالسلام
مضموناً بهذا الضمان ورسول الله عليهالسلام
عن جبرائیل عليهالسلام
مضموناً بهذا الضمان وجبرائيل عن الله
عز وجل مضموناً بهذا الضمان قد آلى الله على نفسه عزَّ وجلَّ أن من زار الحسين عليهالسلام
بهذه الزيارة من قربٍ او بعد ودعا بهذا
الدعاء ، قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغاً ما بلغ واعطيته سؤله ، ثم لا
ينقلب عني خائباً واقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته والفوز بالجنة والعتق من
النار وشفعته في كل من شنع خلا ناصب لنا أهل البيت آلى الله تعالى بذلك على نفسه
وأشهدنا بما شهدت به ملائكة ملكوته على ذلك ثم قال جبرائیل: یا رسول
الله! أرسلني إليك سروراً وبشرى لك وسروراً وبشرى لعلي وفاطمة والحسن والحسين وإلى
الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة فدام يا محمد سرورك وسرور علي وفاطمة والحسن
والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث ، ثم قال صفوان: قال لي أبو عبد الله عليهالسلام:
يا صفوان! إذا حدث لك إلى الله حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت ، وادع بهذا
الدعاء وسل ربك حاجتك تأتك من الله والله غير مخلف وعده ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وسلم بمنّه والحمد لله .
__________________
الفصل الثاني
ذكر بعض القضايا
التي تبين فضل
الزيارة
وقد سمعت وقرأت الكثير منها بالأسانيد
الصحيحة وروماً للاختصار أنقل لك بعضاً منها : روی خاتمة المحدثين الشيخ
النوري في النجم الثاقب ودار السلام بالإضافة إلى ما نقلناه عنه من حكاية السيد
الرشتي في (سند زيارة الجامعة) ، قال : (نقل الثقة المصالح المتقي الحاج الملا حسن
اليزدي وهو من أحسن مجاوري النجف الأشرف وكان مشغولاً دائماً بالعبادة والزيارة ،
عن الثقة الأمين الحاج محمد علي اليزدي.
قال : كان في يزد رجل صالح فاضل مشتغلاً
في نفسه ومواظباً لعمارة رمسه ، يبيت الليالي في مقبرة خارج بلدة يَزدْ تعرف
بالمزار ، وفيها جملة من الصلحاء ، وكان له جار نشأ منذ صغر سنّه عند المعلم وغيره
إلى أن صار عشّاراً في أول عمله ويقي كذلك إلى أن مات ودفن في تلك المقبرة قريباً
من المحل الذي كان يبيت فيه المولى المذكور : فرآه بعد موته بأقل من شهر في زيّ
حسن وعليه نظرة النعيم ، فتقدم إليه وقال له : إني أعلم بمبدئك ومنتهاك وباطنك
وظاهرك ، ولم تكن ممن يحتمل في حقه حسن في الباطن ليحمل فعله القبيح على بعض
الوجوه الحسنة كالتقية أو الضرورة او إعانة المظلوم وغيرها!
ولم يكن عمل مقتضياً إلا للعذاب والنكال
، فبم نليه هذا المقام؟! قال نعم الأمر كما قلت ، کنت مقيماً في أشد العذاب من يوم
وفاتي إلى أمس ، وقد توفيت فيه زوجة الأستاذ أشرف الحداد ، ودفنت في هذا المكان ،
وأشار إلى
طرف بينه وبينه قريب
من مائة ذراع ، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبد الله الحسين عليهالسلام
ثلاث مرات ، وفي المرة الثالثة أمر برفع العذاب من هذه المقبرة ، فصرت في نعمة
وسعة ، وخفض عيش ودعة. فانتبه متحيراً ، ولم تكن له معرفة باسم الحداد ومحله ،
فطلبه في سوق الحدادين ، ووجده ، فقال له: ألك زوجة؟ قال نعم ، توفيت بالأمس
ودفنتها في المكان الفلاني .. وذكر الموضع الذي أشار إليه.
قال : فهل زارت أبا عبد الله عليهالسلام؟
قال : لا ، قال: فهل كانت تندب وتذكر مصائبه؟ قال : لا ، قال : فهل كان لها مجلس
تُذكر فيه مصائبه؟ قال : لا ، فقال الرجل : وما تريد من السؤال؟ فقصَّ عليه رؤياه
، وقال : أريد أن أستكشف العلاقة بينها وبين الإمام عليهالسلام.
قال : كانت مواظبة على زيارة عاشوراء).
ولا يخفى أن السيد أحمد صاحب القضية من
الصلحاء والأتقياء مواظباً على الطاعات والعبادات والزيارات وأداء الحقوق وطهارة
اللباس والبدن من النجاسات المشبوهة ومعروفاً بالورع والسداد عند أهل البلد ،
ويأتيه نوادر الألطاف في كل زيارة ليس هنا مقام ذكرها.
ونقل قريباً من هذه القصة عن السيد حسين
النظام ديني الأصفهاني وكان من أجلّة العلماء قال:
كنت في أحد الأيام في منزل الحاج عبد
النفور وكان من الملازمين والمحبين لآية الله الحاج محمد تقي الفقيه الأحمدآبادي
مؤلف كتاب (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم عليهالسلام) فقال أحد أصدقائه
المعروف بالحاج السيد يحيي الملقب بـ(بنبه كار) توفي أخي منذ فترة ورأيته في
المنام بهيئة حسنة ، وعليه لباس جید وفاخر مما أثار تعجّبي ، فقلت له : يا
أخي من هو الذي خدعته في تلك الدنيا؟ قال : ما خدعت أحداً ، وما كنت أهلاً لهذه
الحال التي انا فيها ، قلت : أنا أعرفك جيداً ، وهذا اللباس والمكان ليس من شأنك؟
قال : نعم ، ولكن في الأمس كانت ليلة دفن والدة حفار القبور ، وقد حضر سيد الشهداء
عليهالسلام
لزيارتها ، فأمر الإمام عليهالسلام
فأعطوا كل من كان مجاوراً لقبر هذه
المرأة الصالحة لباساً
فاخراً ، وكنت أنا
ممن تنعم ببركاتها ، ولهذا تراني تغيرت حالي ، وانقلبت إلى أحسن حال. فنهضت من
منامي ، وكان الوقت قريباً من وقت أذان الصبح ، فترتبت أعمالي ، وذهبت إلى قبر أخي
في مقبرة تخت فولاد المعروفة بها مدينة أصفهان وقرأت عليه الفاتحة وبعض سور القرآن
، وسألت عن القبر الجديد الذي كان بجوار أخي ، فقالوا : هذا قبر والدة حفار القبور
، فقلت : متى دفنت؟ قالوا : البارحة كانت أول ليلة لها ، ففهمت بأن التاريخ مطابق
لما قاله أخي ، وذهبت بعد ذلك إلى مكان الحفار في تكية المرحوم آية الله آقا میرزا
ابو المعالي ـ أستاذ المرحوم آية الله العظمی البروجردي ـ صاحب الكرامات
العجيبة وكانت محاذية لقبر هذه المرأة المتوفاة ، فسلمت عليه ، وسألت عن أحواله
وعن وفاة والدته ، فقال : دفنت ليلة أمس ، قلت : هل كانت تقيم مجالس تعزية للإمام
الحسين عليهالسلام
وهل كانت قارئة لمراثي شهيد كربلاء وهل
انها تشرفت بزيارة مرقد أبي الأحرار الحسين بن علي عليهالسلام؟ قال : لا ، ثم قال
: لماذا تسأل مثل هذه الأسئلة؟ فشرحت له رؤياي ، فقال : كانت قارئة لزيارة عاشوراء
في كل يوم ، وكان في تكية آقا ميرزا أبو المعالي غرفة للحاج عبد الغفور يجتمع فيها
مع أصدقائه عند ذهابه إلى تخت فولاد ، وفي أحد الأيام وبرفقة المرحوم السيد مصطفى
فقيه إيماني والحاج الشيخ أمير آقا والحاج السيد حسين المهدوي الأردكاني ...
ومجموعة من العلماء وكبارهم ، وائمة الجماعة في أصفهان ، وأصحاب الحاج عبد الغفور
ذهبوا إلى تكية ميرزا أبو المعالي ، وعرَّفنا به حفّار القبور ، وأشار إلى قبر
والدته وقال : والدة هذا الحفَّار التي زارها الإمام الحسين عليهالسلام
وأعطى لباساً فاخراً لجميع الأموات
الذين دفنوا حول قبرها.
ونقل العلامة الزاهد الشهيد السيد عبد
الحسين دستغيب (ره) في كتابه القصص العجيبة ما تعريبه:
نقل العلّامة الجليل سماحة الشيخ حسن
فريد الكلبيكاني (وكان من الطبقة الأولى لعلماء طهران) عن أستاذه المرحوم آية الله
الحاج الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائري قدس سره أنه قال : عندما كنت في سامراء
مشتغلاً
بدراسة العلوم
الدينية ابتلي أهل سامراء بالوباء والطاعون بحيث كان
يموت كل يوم جماعة ، وفي يوم كنا مع جماعة من أهل العلم في بيت أستاذي المرحوم
السيد محمد الفشاركي أعلى الله مقامه ، وعلى حين غرّه جاء المرحوم الميرزا محمد
تقي الشيرازي رحمه الله تعالى (وكان مقامه العلمي بمستوی المرحوم الفشاركي)
وجرى حديث الطاعون والوباء وإن الجميع متعرضون لخطر الموت ، وحينها قال المرحوم
الميرزا : إذا حكمت بأمر فهل يلزمكم الممل به أم لا؟ فسلّم جميع حضار المجلس
واجابوا بالموافقة والقبول.
ثم قال بعد ذلك : حكمت على جميع الشيعة
القاطنين مدينة سامراء أن يقرأوا زيارة عاشوراء من هذا اليوم وإلى عشرة أيام ،
ويهدوا ثوابها إلى روح السيدة نرجس سلام الله عليها اُمّ الإمام الحجة بن الحسن عليهالسلام
لأجل أن يرفع البلاء عنهم. فأوصل حضّار
المجلس هذا الحكم إلى جميع الشيعة ، والتزم الجميع بقراءة زيارة عاشوراء في تلك
المدة. ومن اليوم الثاني توقفت الخسائر في الشيعة بينما كان يموت يومياً عدة من
أهل الخلاف بشكل واضح مما جعل بعضهم يسال مَنْ يعرفونهم من الشيعة عن سبب توقف
التلف فيهم. فقالوا لهم بأن السبب في ذلك هو زيارة عاشوراء. فالتزم أولئك بقرائتها
فرفع عنهم البلاء أيضاً.
وقال سماحة الشيخ فريد (سلّمه الله تعالی)
وكلما اصابتني شدَّة تذكرت أمر المرحوم الشيخ فأهتم بزيارة عاشوراء من بداية شهر
محرم فتنفرج عني الشدَّة بيوم الثامن بشكل إعجازي خارق للعادة .
ثم قال المرحوم دستغيب ما تعريبه : (ولا
شك أن مقام الميرزا الشيرازي هو فوق أن يقول شيئاً من عنده ، وبما أن هذا التوسل
(يعني زيارة عاشوراء لمدة عشرة أيام) لم يرد في رواية عن المعصوم عليهالسلام
، فلعله حصل عليها من رؤيا صادقة أو
مكاشفة أو مشاهدة للإمام عجّل الله تعالی فرجه وأعطاه هذا العمل بحيث أثر
ذلك الأثر.
ونقل المرحوم الحاج الشيخ محمد باقر شيخ
الإسلام : إنه كان للمرحوم
__________________
الميرزا الشيرازي
مجلس عزاء في بيته في كربلاء أيام العشرة الأولى من محرم ، وإذا كان يوم العاشر
ذهب هو والعلماء والطلاب إلى حرم سيد الشهداء عليهالسلام وحرم
أبي الفضل العباس عليهالسلام
معزين.
وكانت من عادة الميرزا في تلك الأيام
أنه يقرأ في كل يوم زيارة عاشوراء في غرفته وبعد ذلك بنزل ويحضر في مجلس العزاء.
وفي يوم كنت حاضراً في المجلس قبل مجيء الموسم ونجاة نزل الميرزا من درج الغرفة
إلى تحت وهو في حالة غير عادية مضطرباً ويأن ، ودخل المجلس وقال : لا بد أن
تتحدثوا هذا اليوم عن مصيبة عطش سيد الشهداء عليهالسلام وتقيموا
العزاء على هذه المصيبة ، فتغيرت حالات جميع حضار المجلس بحيث اُغمي على بعضهم.
وبعد ذلك قام الجميع مع الميرزا رحم على تلك الحال وذهبوا إلى الصَّحن الشريف
وتشرفوا بزيارة الحرم المقدس. وكأنما الميرزا كان مأموراً بتذكيره ذلك.
ثم قال السيد دستغیب : بالجملة
فإن كل من يزور زيارة عاشوراء مرة في اليوم ، أو لمدة عشرة أيام ، أو لأربعين
يوماً على نحو التوسل والاستشفاع بسيد الشهداء عليهالسلام لا
بقصد الورود عن المعصوم فإن عمله هذا صحيح وسوف يؤثر حتماً بحصول مقصوده. وقد نال
ناس كثيرون لا يعدُّون مقاصدهم من هذا الطريق .
كما نقل السيد دستغيب عن الفقبه الزاهد
العالم المرحوم الشيخ جواد بن الشيخ مشكور من أجلّة العلماء وفقهاء النجف الأشرف
وكان مرجع تقليد لجماعة من شيعة العراق ومن أئمة الجماعة في الصحن المطهر وقد توفي
في سنة ١٣٣٧
عن عُمر ناهز التسعين سنة ، ودفن في جوار أبيه في إحدى حجرات الصحن المطهر.
رأی هذا المرحوم في ليلة ٢٦ صفر ١٣٣٦ بالنجف الأشرف في
عالم الرؤيا عزرائيل ملك الموت ، وقد سأله بعد السلام عليه : من أين مجيئك ، فقال
: من شيراز وقد قبضت روح الميرزا إبراهيم المحلاتي ، فسأله الشيخ : في
__________________
أية درجة روحه في
البرزخ؟ فقال : في أحسن الحالات وفي أفضل بساتين عالم البرزخ وقد أوكل الله تعالى
به ألف ملك يلبّون أمره. قلت : بأي عمل من الأعمال وصل إلى هذا المقام؟ ألأجل
مقامه العلمي وتدريسه وتربيته الطلاب؟ قال: لا. فقلت : فلأجل صلاته الجماعة
وإيصاله الأحكام إلى الناس؟ فقال : لا. فقلت : فلأجل أي شيء؟ قال : لقرائته زيارة
عاشوراء (وقد كان المرحوم الميرزا المحلاتي لم يترك زيارة عاشوراء في الثلاثين سنة
الأخيرة من عمره. وكان ينيب عنه من يقرأها في أيام مرضه وكل أمر يعوقه عن
قرائتها).
وعندما استيقظ الشيخ المرحوم من النوم ،
وذهب في اليوم الثاني إلى منزل آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي ، وبعد أن حكى
له منامه .. بكى المرحوم الميرزا محمد تقي. فسال عن سبب بكائه ، قال: لقد ارتحل
الميرزا المحلاتي من الدنيا وكان عماداً للفقه. فقالوا له : إن ما رآه الشيخ كان
حلماً ، وقد لا يكون هذا الحلم صادقاً ، فقال الميرزا : نعم إنه حلم. ولكنه حلم
الشيخ مشكور وليس حلم شخص عادي. وفي اليوم التالي وصلت برقية من شیراز إلى
النجف الأشرف تخبر بوفاة الميرزا المحلاتي واتضح حينها صدق رؤيا الشيخ المرحوم.
وقد سمع هذه الحكاية جماعة من فضلاء
النجف الأشرف مباشرة من المرحوم آية الله السيد عبد الهادي الشيرازي وكان حينها
موجوداً في بيت المرحوم محمد تقي حينما جاء الشيخ المرحوم ونقل منامه وقد سمع هذه
الحكاية العالم الجليل الحاج صدر الدين المحلاتي حفيد ذلك المرحوم عن الشيخ مشكور .
__________________
الفصل الثالث
سند
زيارة عاشوراء
رواها الشيخ الأقدم ابو جعفر محمد بن
قولویه بسندين أولهما : عن حكيم بن داود وغيره من محمد بن موسى الهمداني عن
محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً عن علقمة بن محمد
الحضرمي عن الإمام الباقر عليهالسلام.
والسند
الثاني : محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن
مالك الجهني عن الإمام الباقر عليهالسلام.
ورواها شيخ الطائفة الطوسي (ره) بثلاثة
أسانيد.
السند
الأول : عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن مصالح
بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر عليهالسلام.
والسند
الثاني : فال صالح بن عقبة وسيف بن عميرة قال
علقمة بن محمد الحضرمي.
والسند
الثالث : عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن
عميرة عن صفوان بن مهران عن الإمام الصادق عليهالسلام.
البحث في السند الأول
للشيخ الطوسي
أما السند الأول للشيخ الطوسي فيقع
الحديث فيه أولاً عن طريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل بن بزیع .. ويصحح
بمنهجين :
المنهج
الأول : ما ذكره بعض المحققين
بعدم الفائدة من البحث عن الطريق وذلك لأنه على فرض ضعف الطريق فإنه لا يضرّ لمثل
هذا المورد ، وذلك لأن الشيخ ينقل مباشرة من نفس الكتاب ؛ وما ذكره سنده إلى محمد
بن إسماعيل في الفهرست إلا للتبرك أو لمحض إيجاد اتصال السند أو لغرض صحيح يقع
بهذا المستوی.
ولكن يؤاخذ عليه : إنما يصع هذا فيما لو
تمَّ القول بان الأصول كانت متواترة عند المحمدين الثلاثة. وهذه الدعوى تحتاج إلى
دليل. خصوصاً أن المحمدين الثلاثة قد ذكروا أسانيدهم إلى أصحاب الكتب مما يشمّ منه
عدم تواتر تلك الكتب لذلك احتاجوا إلى ذكر السند.
ثم إن مجرد وجود الكتاب عندهم لا ينفع
لتصحيح طريقه كما هو معلوم. بل لا بد من حصول المعلم بأن هذا الكتاب هو نفسه
الكتاب الأصل الذي روی عنه. فمثلاً حينما يقال إن لمحمد بن إسماعيل بن بزیع
کتاب ، ووجد كتاب منسوب إليه فلا تصح رواية هذا الكتاب عن صاحبه بدون أن يصح
الطريق الموصل إليه.
وإذا قيل : فكيف نعمل بالكتب الأربعة
وغيرها من مصنفات أصحابنا بدون الحاجة إلى اتصال السند كما هو رأي المشهور بل
الأشهر بل قد يقال بما لا يوجد له مخالف.
يقال : إن الكتب الأربعة وغيرها من
مصنفات أصحابنا إنما هي متواترة النسبة إلى أصحابنا جيلاً بعد جيل. نعم الكلام في
حجية نُسَخ البدل فيها ، فقد يقال بعدم تواترها فتبقى محتاجة للدليل. وأما الأصول
الأربعمائه فإنها
__________________
ليست كذلك وإنما وصلت
إلى المتقدمين بالإسناد وليست بالتواتر.
والمنهج
الثاني : بتصحيح طريق الشيخ إلى محمد بن
إسماعيل طبق قواعد الدراية وعلم الرجال. وقد ثبت حسب تلك القواعد جهة طريق الشيخ
إلى محمد بن إسماعيل. ولا يضر وجود ابن أبي الجيد في الطريق على فرض عدم توثيقه
كما هو مختار بعض المحققين. لأن الطريق غير منحصر به ، فللشيخ عدة طرق صحيحة إلى
محمد بن إسماعيل. إضافة إلى وثاقة ابن أبي الجيد كما هو الأقوى.
وأما محمد بن إسماعيل بن بزيع فقد نص
النجاشي على وثاقته قال: كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل له كتب منها
كتاب ثواب الحج وكتاب الحج ..) .
كما نص الشيخ على وثاقته ايضاً عندما
عدّه في أصحاب الرضا عليهالسلام
قال : (ثقة صحيح كوفي مولى المنصور) .
ثانياً
: وأما صالح بن عقبة فقد صُحّح بعدة طرق
:
الطريق
الأول : إن النجاشي ذكره قائلاً (صالح بن
عُقْبَةَ بن قيس بن سمعان بن ابي رُبَيْعَة مولى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، قيل : إنه روى عن أبي عبد الله عليهالسلام
، والله اعلم ...) .
بتقريب : إن ذكر النجاشي له دليل على
إماميته لأن مبنى النجاشي هو ذكره مصنفي الشيعة. كما أن النجاشي ملتزم بذكره القدح
بمن قدح فيهم أما في نفس ترجمة المقدوح أو حينما يذكره في نفس ترجمته ، وبما أنه
لم يتعرض له فيعلم سلامته من القدح ، وهذا نوع مدح .
__________________
ولكن فيه:
أولأ : إن عدم ذكر النجاشي القدح لا
يفيد أكثر من عدم القدح فيلزم أن يكون مجهولاً لا ممدوحاً. ولا ملازمة بين سلامة
الرجل من القدح وبين أن يكون ممدوحاً ، فليست القضية مانعة خلو وإنما يمكن ان تكون
شيئاً ثالثاً كما بيّنا.
نعم قد يقال بأن نفس ذكر الشيخ النجاشي
له في رجاله وقوله (له كتاب)
نوع مدح كما هو رأي بعض المحققين.
ولكن المبنى على عمومه لا يخلو من خدشة
فإن مجرد ان يكون الرجل شيعياً مؤلفاً وإن كان ذلك مدحاً له ولكن لا مدخلية لهذا
المدح في وثاقته وصدقه وإنما هو مدح كمالي زائد. نعم يمكن أن يكون مفيداً للوثاقة
على نحو الاحتمال وهو غير كاف بوحده لإثبات المدح المرتبط بالوثاقة إلا بإضافة
أوجه أخرى إليه كما لو روى عنه مباشرة الفقهاء من الشيعة ، وأكْثَر الإماميةُ
بالنقل عنه ، وكان من أصحاب الأئمة عليهمالسلام
حيث روى عنهم بلا واسطة وغيرها من
القرائن.
ومن الصحيح أن كل واحدة من هذه القضايا
لا تصلح لتوثيق الرجل ولكن مجموعها يقوي مدحه ؛ بل تصل مجموعة القرائن أحياناً إلى
حالة الاطمئنان إنه فوق الحسن بل بقوة الصحيح.
ولعلنا يمكننا إرجاع بعض تعابير الشيخ
المجلسي (ره) في (مرآة العقول) عن أسانيد الأحاديث (كالموثق) و (كالحسن) و (كالصحيح)
وغيرها إلى اعتماده على مثل تلك القرائن.
وعليه: فيمكننا القول بمدح مصالح بن
عقبة بعد أن ذكره النجاشي في كتابه. بالإضافة إلى عدم ذكر فدح فيه. وأضف إلى ذلك
رواية المشايخ عنه كمحمد بن إسماعيل بن بزيع (الذي عدّ من أصحاب الرّضا عليهالسلام
وله کتب رواها النجاشي والشيخ عنه) ،
كما روى عنه إبراهيم بن هاشم ومحمد بن
__________________
الحسين بن أبي الخطاب
، أظف إلى ذلك وقوعه في أسانيد تفسير القمي بالإضافة إلى عدّه الشيخ من أصحاب الصادق
عليهالسلام
وأصحاب الكاظم عليهالسلام
.
ثانياً : وما يمكن أن يقال بأن المقصود
من المدح بذكر النجاشي له مع عدم القدح أنه سالم من القدح وهو معنى ظاهر العدالة
فضلاً عن أصالة العدالة.
فإن هذا الجواب صحيح لو كان مبنى
العدالة الحكم على ظاهر في التوثيقات كما هو مختار بعض المحققين كالعلامة وغيره.
ولكن الحق أن التوثيق أمر مركب وليس بسيط يحتاج إلى قرائن زائدة مورثة للاطمئنان
بوثاقة الراوي. نعم ان عدم القدح من النجاشي يفرق عن غيره ، ولكنه لا يفيد إلا
زيادة نسبية محدودة لا ترتفع إلى مستوى الاطمئنان مما تدعمها قرائن أخرى كما
بيّناه قبل قليل. فلا تسلم کبری ظاهر العدالة من الخدشة. نعم القول بسلامة
صالح لعدم وجود قدح فيه من قبل النجاشي بالإضافة إلى تلك القرائن التي ذكرناها ..
جيد.
وإلى هذه القاعدة نُرجع مناقشتنا لما
قاله المجلسي الثاني في روضته
ونقله الشيخ أبو علي في رجاله
عن تعليقة الوحيد .. حيث قال : (ويظهر من المصنف ـ يعني الصدوق ـ ان كتابه معتمد
الأصحاب ، ولهذا ذكر اخباره الشيخ وعملوا عليها). فإنما تصل هذه المقالة قرينة فحسب
لترفع نسبة الاحتمال إضافة إلى تلك القرائن المتقدمة.
وهكذا ما قيل بأن الشيخ ذكره في فهرسته
وقال بأن له كتاب
، فإنه
__________________
لا يفيد وثاقة ، بل
ولا يصلح قرينة كما صلح رجال النجاشي ، فلم يقل رجالي بأن الشيخ قد ذكر القدح ان
وجد في فهرسته ، وان لم يذكر فدليل العدم وهو مدح كما قيل في رجال النجاشي. فمجرد
ذكر الشيخ في الفهرست لا ينفع. نعم يبقى الكلام في قوله (له كتاب) ونرجع إلى ما
بيّناه فإنه بوحده لا يصلح للاستدلال.
الطريق
الثاني : ان صالح بن عقبة قد وردت له رواية في
تفسير القمي ، فقد روى عنه إبراهيم بن هاشم وروی هو عن جميل في قوله تعالى وَهُوَ
الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً .
كما ورد في إسناد كامل الزيارات فقد روى
عن زيد الشحام وروی عنه محمد بن إسماعيل .
ويلزم على مبنى توثيقات التفسير والكامل
العامة دخوله بالتوثيق. كما هو مبنى السيد الأستاذ القديم. أو الالتزام بتوثيقات
التفسير العامة كما هو مبنى السيد الأستاذ الأخير. وعليه حكم على توثيق صالح بن
عقبة .
وأما ما قاله العلامة الحلي (ره) في
خلاصته : (كذاب غال لا يلتفت إليه)
فهو ما صرح به ابن داود في رجاله بأنه قول إبن الغضائري ، حيث قال : (يقصد من
أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام)
غض (يقصد فال إبن الغضائري) ليس حديثه بشيء ، كذاب غال كثير المناكير)
ولذلك أرجع الوحيد قول العلامة في الخلاصة إلى إبن الغضائري على ما نقله عنه الشيخ
أبو علي في رجال قال : (وفي تعليق (أي تعليقة الوحيد) الظاهر إن ما في صة (أي
خلاصة العلامة) من غض (أي إبن الغضائري) ومرّ ما فيه مراراً) .
__________________
بل في مجمع الرجال للقهبائي صريح عبارة
العلّامة في الخلاصة. وقد نسبها بعينها إلى أبي الغضائري حيث قال : ((غض) صالح بن
عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي رنيحة (كذا) مولی رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وسلم روى عن أبي عبد الله عليهالسلام
غال كذاب لا يلتفت إليه) .
والحق إن كتاب الغضائري لا يصلح معارضاً
بل لا يعتمد عليه أصلاً لعدم ثبوت إن الذي كان عند العلّامة والقهبائي هو نفس كتاب
إبن الغضائري ، بل المقطوع به أنه محرّف ، فضلاً عن الإرسال فيه فإنه لم يكن
موجوداً عند من سبق العلّامة ولم يرووا عنه. ومع ذلك فإن الدعوى المنسوبة إلى إبن
الغضائري هي خلاف الواقع لأمرين :
أولهما لو كانت النسبة صحيحة لأشار
إليها النجاشي. وقد سبق أن بيّنا التزام النجاشي بذكر القدح إن وجد. ومع عدم ذكره
يلزم عدم وجود مثل ذلك القدح.
وثانيهما
: بإستقراء الأخبار التي رواها تنتفي
تهمة الغلو ، لعدم وجوده فيها. ولذلك قال الوحيد في تعليقته على ما في رجال الشيخ
أبي علي : (إن ظاهر جش (النجاشي) عدم صحة ما نسب إليه ، سيما من قوله : له كتاب
يرويه جماعة. وروايته في كتب الأخبار صريحة في خلاف الغلو) .
ويبقى أخيراً ما ذكره المرحوم التستري
في قاموسه عندما ردّ على صاحب التنقيح العلّامة المامقاني (والفهرست ورجال الشيخ
في أصحاب الكاظم ـ عليهالسلام
ـ بلفظ «صالح بن عقبة» فمن أين المراد
بن هذا؟ ومن أين ليس مرادهما صالح بن عقبة بن خالد الأسدي ـ المتقدم ـ؟ وكون طريق
الفهرست محمد بن إسماعيل أعمّ ، وإن كان النجاشي قال في ذا : يروي كتابه محمد بن
إسماعيل) .
__________________
ويرد عليه:
١ ـ ذكر الشيخ في رجاله صالح بن عقبة بن
قيس بن سمعان مولی رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وسلم في أصحاب الصادق عليهالسلام
فقط ولم يذكر الثاني مع أنه ذكر عشرين
رجل بإسم (صالح) في أصحاب الصادق عليهالسلام
.
٢ ـ ثم ذكر في أصحاب الكاظم عليهالسلام
(صالح بن عقبة من أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام)
.
فإما نقول بأن القيد الزائد (من أصحاب
أبي عبد الله عليهالسلام)
ذكره ليعيده إلى من ذكره في أصحاب الصادق عليهالسلام أولاً.
أو على أقل تقدير : أنه لم يذكر في أصحاب الصادق عليهالسلام غيره
، فينحصر به. فيكون مقصود الشيخ لا محالة بأنه إبن قيس بن سمعان.
٣ ـ ومن البعيد جداً أن يكون مقصود
الشيخ من (صالح بن عقبة) الذي ذكره في أصحاب الباقر عليهالسلام
هو نفسه الذي ذكره في أصحاب الكاظم عليهالسلام
.. ومع فرض الإتحاد فهو ليس صالح بن عقبة الذي ذكره في أصحاب الصادق عليهالسلام
.. ومنشأ هذا الإستبعاد:
أولأ : كيف يكون من أصحاب الباقر عليهالسلام
وأصحاب الكاظم عليهالسلام
، ولم يكن من أصحاب الصادق عليهالسلام؟
ثانياً : قد نصّ الشيخ في رجاله على إنه
من أصحاب الصادق عليهالسلام
فكيف يصح القول بأنه من أصحاب الباقر عليهالسلام
.. وهو غير الذي ذكره في أصحاب الصادق عليهالسلام ..
٤ ـ نعم ربما يتوجه القول بأن (صالح بن
عقبة) الذي ذكره الشيخ في أصحاب الباقر عليهالسلام هو
نفسه الذي ذكره في أصحاب الصادق عليهالسلام
وفي أصحاب الكاظم عليهالسلام
.. فيلزم من ذلك الإتحاد .. ويردّه
__________________
التعدد الذي نصّ عليه
النجاشي في (صالح بن عقبة بن خالد)
و (صالح بن عقبة بن قيس) .
وربما يقال : إن المذكور في رجال الشيخ
في أصحاب الباقر عليهالسلام
ذكر لإسم الجد فيلزم أن يكون إبن قيس.
ولكن يرد عليه إن النجاشي روى عن محمد
بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة بن قيس بلا واسطة
بينما روي عن محمد بن إسماعيل بن بزيغ عن محمد بن أيوب عن صالح بن عقبة .. فيروي
عنه بواسطة (محمد بن أیوب) .. فيلزم من ذلك إختلاف الطبقة وتقدم (صالح بن
عقبة بن خالد) بطبقة واحدة .. وبما أن الشيخ ذكر (صالح بن عقبة) في أصحاب الباقر عليهالسلام
فيكون هو المقصود به يعني أن صالح بن
عقبة بن خالد من أصحاب الباقر. ولكن قد يجاب عليه إن وجود الواسطة لا يلزم تعدد
الطبقة فقد يروي بالواسطة كما يروي بلا واسطة ، فقد يكون (صالح بن عقبة بن خالد)
من أصحاب الصادق عليهالسلام
ولم يكن من أصحاب الباقر عليهالسلام
.. وأما رواية محمد بن إسماعیل بن بزیع عنه بالواسطة ، لم يكن ناشئاً
لتعدد الطبقة وإنما لأسباب أخرى يمكننا أن نتصور منها عدم ملاقاته له مع إنه عاصره
..
وعلى كل حال فما ذكره المرحوم التستري
لا وجه له. ولا فائدة بالإطالة حول هذا الموضوع فمما لا إشكال فيه أن صالح بن عقبة
المذكور في أصحاب الكاظم عليهالسلام
من رجال الشيخ هو نفسه الذي ذكره في
أصحاب الصادق عليهالسلام.
وهو إبن قيس بن سمعان الذي وقع في أسانيد الكامل والتفسير. وهو إما صحيح أو حسن
بلا أدنى إشكال على جميع المباني.
ثالثاً : وأما أبوه فهو عقبة بن قيس،
وقد عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليهالسلام ،
قائلاً (عقبة بن قيس والد صالح بن عقبة
__________________
كوفي)
.. ولذلك فقد صححه بعض المحققين لأنه من أصحاب الصادق
عليهالسلام
، وقد وثّق الشيخ المفيد وإبن شهر آشوب
جميع أصحاب الصادق عليهالسلام.
ولكن هذا التصحيح مبنائي وقد خدش به
السيد الأستاذ
وردّ كون جميع أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام
الذين ذكرهم الشيخ ثقات وليس هنا محل
تفصيل الكلام فيه.
وذكرت وجوه ثلاثة أخرى كلها مبنائية.
وعليه فالسند صحيح أو حسن حسب بعض المباني الرجالية كما تقدم لك بيانها.
السند الثاني للشيخ
الطوسي
والسند الثاني تقدم الكلام فيه إلى
(صالح). ويروي صالح عن علقمة. كما يروي محمد بن إسماعيل عن سيف بن عميرة عن علقمة
الحضرمي.
أما سيف بن عميرة : فقد قال النجاشي
(سيف بن عميرة النخعي عربي كوفي ثقة روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهالسلام
له كتاب يرويه جماعات من أصحابنا.
أخبرني الحسين بن عبيد الله عن أبي غالب الرازي عن جدّه وخال أبيه محمد بن جعفر عن
محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بكتابه) .
وقال الشيخ في فهرسته (سيف بن عميرة ثقة
كوفي نخعي عربي ...) .
وقال ابن شهر آشوب (سيف بن عميرة ثقة من
أصحاب الكاظم ...) .
وأما علقمة الحضرمي : فعدّه الشيخ في
رجاله من أصحاب الباقر عليهالسلام
، وعدّه أيضاً في
أصحاب الصادق عليهالسلام
وقال عنه : (علقمة
__________________
بن محمد الحضرمي
الكوفي أسند عنه)
وروى إبن قولويه في كامل الزيارات عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة عنه ، وروی
هو عن الإمام الباقر عليهالسلام
وهو ثقة عند من يقول
بصحة توثيقات كامل الزيارات العامة.
والطريق الأخر لتوثيقه ما ذكره بعض
المحققين :
أ ـ إن نفس رواية سيف بن عميرة وصفوان
عنه إما تعديل أو مدح له.
ب ـ كونه من أصحاب المصادق عليهالسلام
وبشهادة الشيخ المفيد والشيخ إبن شهر
آشوب بتوثيقهما العام لجميع أصحاب الصادق عليهالسلام.
جـ ـ عبارة الشيخ (أسند إليه) تفيد
المدح كما هو رأي جماعة.
د ـ المناظرة التي جرت بين أبي بكر
وعلقمة مع زيد ، وقد رواها الكشي في رجاله
مما تفيد نشيعه وإمامته وحسن إعتقاده.
ومع أنه لا تخلو كل واحدة من هذه
القرائن من مناقشة ، فلعل مجموعها تفيد حسن حاله ، لذلك قال المحقق الداماد في
تعاليقه على رجال الكشي عندما وصل إلى هذا الخبر : (أبو بكر هذا عبد الله بن محمد
الحضرمي وأخوه علقمة بن محمد أكبر منه ، كما ذكر في الحديث ، ويستبين إنه في صحة
الحديث وإستقامة الاعتقاد كأخيه عبد الله الأصغر منه ، وهما من أصحاب أبي جعفر
الباقر وأبي عبد الله الصادق عليهالسلام.
وقد ذكرهما الشيخ في كتاب الرجال فقال
في أصحاب الباقر عليهالسلام:
علقمة بن محمد الحضرمي أخو أبو بكر الحضرمي. وقال في أصحاب الصادق عليهالسلام
عبد الله بن محمد أبو بكر الحضرمي
الكوفي سمع من أبي الطفيل ، تابعي روى عنهما علیهماالسلام.
__________________
قلت : وهو معروف الجلالة صحيح الحديث ،
وأما أخوه علقمة فممدوح حسن الحديث) .
فالسند الثاني صحيح أو بقوة الصحيح او
حسن ، أو على أقل التقادير بقوة الحسن على شتى المباني.
السند الثالث للشيخ
الطوسي
والسند الثالث للشيخ : روی محمد
بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن صفوان .. والبحث فيه بمقامين:
المقام الأول : طريق الشيخ إلى محمد
الطيالسي ؛ وهو كما ذكره في الفهرست (محمد بن خالد الطيالسي له كتاب رويناه عن
الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن على بن محبوب
عنه) .
أما الحسين بن عبيد الله فهو إبن
الغضائري وهو من شيوخ الإجازة ومن شيوخ النجاشي وقد وثقه إبن طاووس ، وكان كثير
الرواية ، ومجموعها يفيد إعتباره. ولعل توثيق النجاشي باعتباره من شيوخه يفيد
وثاقته كما ذهب إليه السيد الأستاذ ويحتاج البحث إلى تفصيل لا نحتاج إليه هنا لأن
القول بوثاقته مما لا إشكال فيه.
وأما أحمد بن محمد بن يحيى فقد توقف
البعض في توثيقه لعدم ورود نص فيه. والأشهر وثاقته لأنه من شيوخ الإجازة وإعتماد
القدماء على روايته وغير ذلك مما هو مفصل في محلّه. والقرائن الكثيرة تعمد هذا
الاتجاه. كما إن الرأي الأول لا يخلو من مضايقة غير عرفية بلا أدنى شك.
وأما محمد بن يحيى أبوه فهو العطار
القمي (شيخ أصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث له كتب ...) قاله النجاشي.
وأما محمد بن علي بن محبوب فهو (الأشعري
القمي ، أبو جعفر ، شيخ
__________________
القميين في زمانه ، ثقة
، عين ، فقيه ، صحيح المذهب ، له كتب) قاله النجاشي
فالطريق صحيح على الأشهر.
وأما المقام الثاني في تحقيق بقية
السند:
فأما محمد بن خالد الطيالسي فقد عدّه
الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليهالسلام
، وذكره في باب (من
لم يرو عن الأئمة عليهمالسلام
، وقال عنه (يكنى أبا عبد الله روی
عنه حميد أصولاً كثيرة ومات سنة تسع وخمسين ومائتين وله سبع وتسعون سنة)
وقد وقع في أسانيد کامل الزیارات ، فقد روي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة ،
وروى عنه محمد بن موسى الهمداني .
وقد صحح بعدة وجوه : ذكره النجاشي في
رجاله ولم يقدح فيه وهو علامة المدح كما تقدم مثله سابقاً مع منافشتنا .. وذكره
الشيخ في أصحاب الكاظم عليهالسلام
.. وله كتاب نوادر .. وروى عنه حميد أصولاً كثيرة .. وقد روى عنه أجلّة الشيوخ
كعلي بن الحسن الفضال ومحمد بن علي بن محبوب وهو دليل إعتمادهم عليه.
ومع إمكان المناقشة في كل قرينة من هذه
القرائن ولكن مجموعها يورث الأطمئنان بحسن الرجل خصوصاً رواية محمد بن علي بن
محبوب عنه الذي
عبر عنه النجاشي (فقيه بالأضافة إلى
القرائن الأخرى.
وأما صفوان : فقد إحتمل بعض المحققين
أنه سند آخر وهو بعيد ، ومع ذلك فإن صفوان قد وقع في السند .. فإما على فرض أن
الشيخ يروي عن صفوان فطريق الشيخ إلى صفوان صحيح. وصفوان هو إبن مهران بن المغيرة
الأسدي (كوفي ، ثقة) قال النجاشي : وعدّه الشيخ المفيد في الإرشاد (في فصل النص
على إمامته (أي الأمام الكاظم عليهالسلام)
من أبيه علیهماالسلام)
قال : (فممّن روى صحيح النص بالإمامة عن أبي عبد الله الصادق
__________________
عليهالسلام
على إبنه أبي الحسن موسى عليهالسلام
من شيوخ أصحاب أبي عبد الله وخاصته
وبطانته وتقاته الفقهاء الصالحين رضوان الله عليهم ... وصفوان الجمال) .
فإذا كان سند صفوان مستقلاً فالسند صحيح
إنفاقاً.
وإذا كان سند صفوان متمماً للسند السابق
فهو حسن على مبانيه المفصّلة.
السند الأول للشيخ
جعفر بن قولويه
وأما السند الأول من كامل الزيارات
فالمهم فيه هو البحث عن طريق محمد بن خالد الطيالسي المذكور في المسند وأما باقي
السند فقد تقدّم الحديث عنه في أسانيد الشيخ الطوسي.
وهناك مسلكان لتصحيحه:
المسلك
الأول : بتصحيح السند حسب القواعد الرجالية
وفي السند: حكيم بن داود بن حكيم عن محمد بن موسى.
أما حكيم بن داود بن حكيم وإن لم يكن له
ذكر مستقل في كتب الرجال ولكنه وقع في إسناد كامل الزيارة وهو من شيوخ إبن قولويه
وقد قال إبن قولويه في مقدمة كامله إنه جمعه من (ما وقع لنا من جهة الثقات من
أصحابنا رحمهم الله برحمته ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك
عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم)
فهو عند الجميع توثيق لجميع من روى عنهم بلا واسطة. وإنما الخلاف فيمن وقع في
الإسناد غير أولئك. وأما حكیم بن داود فأکثر الشيخ بالرواية عنه في كامله ،
كما أن له رواية في التهذيب روى عنه إبن قولویه وروی هر عن سلمة بن
الخطاب ج ٦ التهذيب ـ باب زیارة أبي محمد الحسن بن علي عليهالسلام)
ـ ح ٨٥
ـ وكذلك ج ٦ ـ التهذيب ـ باب فضل زيارة (أبي عبد الله الحسين عليهالسلام)
ح ٩٢.
__________________
والنتيجة أنه ثقة.
وأما محمد بن موسى فقال عنه النجاشي
(ضعّفه القميّون بالغلو وكان إبن الوليد يقول إنه كان يضع الحديث والله أعلم)
ونقل الشيخ الصدوق تضعيف إبن الوليد (فإن شيخنا محمد بن الحسن عليهالسلام
كان لا يصححه ويقول أنه من طريق محمد بن
موسى الهمداني وكان غير ثقة ، وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ قدس الله روحه ولم يحكم
بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح) .
ومن الواضح إن منشأ تضعيف الشيخ هو
تضعيف شيخ إبن الوليد. فيبقى كلام إبن الوليد .. فهل إن تضعيفه ناشيء من كونه
غالياً بتصوره ، وعليه تحمل الروايات التي يشمّ منها رائحة الغلو من وضعه؟ وحينئذ
لا يمكن الاعتماد على قول إبن الوليد ولا الصدوق في هذه المسألة لأن رايهم في
الغلو معروف وقد أطلقوه حتى على من يقول بعدم سهو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
وسلم الذي هو من أصول مذهب أهل الحق.
وأما موقف النجاشي فأقل ما يظهر منه
التوقف فإنه وقف الحكم على علم الله تعالى عندما قال (والله أعلم) وحينئذ يأتي القول بوثاقة كل من ورد في
أسانيد كامل الزيارات فيشمله التوثيق بلا معارض قوي.
والمسلك الثاني : تصحيح السند بتلفيقه
مع سند الشيخ عن الطيالسي المتقدم. وهو وجيه.
السند الثاني للشيخ
جعفر بن قولویه
وأما سند الكامل الثاني : محمد بن
إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن الإمام الباقر عليهالسلام.
ويلزم البحث بهذا السند بمقامين أيضأ :
__________________
المقام
الأول : البحث عن طريق الشيخ إبن قولويه إلى
محمد بن إسماعيل. فهل إن ذكر محمد بن إسماعيل عطف على علقمة كما استظهره بعض
الأجلّة؟ فيكون جزء السند الأول .. أم إنه عطف على حكيم بن داود بن حكيم؟ فيكون
سنداً آخر. ولا إشكال بوقوع الإشتباه عند من توهم وحدة السند فإن محمد بن اسماعيل
من طبقة متأخرة عن طبقة علقمة ، فهو يروي عن صالح بن عقبة ؛ وصالح يروي عن علقمة.
بينما يفترض في هذا السند أن يكون محمد بن إسماعيل بطبقة متقدمة مرتبتين.
أظف إلى ذلك إنه يروي في السند الثاني
عن صالح بن عقبة. وصالح يروي في غير هذا السند عن علقمة. وعليه فمن البديهي إن ذكر
محمد بن إسماعيل يعود إلى سند ثاني.
ولكن ما هو طريق الشيخ ابن قولويه إلى
هذا السند ، ويحتمل فيه ثلاثة وجوه :
الوجه
الأول : أن يكون الشيخ ابن قولویه ترك
السند إلى الكتاب لتواتر کتاب محمد بن إسماعيل ، فلم پر حاجة إلى ذكر السند إليه
كما إحتمله بعض المحققين
ولكن هذه الدعوى تقع في أول الكلام وتحتاج إلى دليل ، بل الثابت كما بيّنا سابقاً
العدم ، ولذلك ذكر الشيخ وغيره طريقهم إليه. ولو كان متواتراً لما إحتاجوا بذكر
طرفهم إلى كتابه ؛ أو على الأقل لأشاروا إلى أنه متواتر ، ولم يذكروا السند إلا
لغرض معيّن كان لزاماً عليه أن يذكروه أو يلمحوا إليه.
الوجه
الثاني : أن يكون طريقه هو نفس طريق الصدوق ،
أو طريق الشيخ خصوصاً أنه واقع في طرق الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي. ولكن كما هو
معلوم فإن مجرد الإحتمال لا ينفع في مثل هذا المقام وإنما نحتاج إلى دعوی
مبرهنة قائمة بالدليل.
والإحتمال الثالث : إنه يعود إلى محمد
بن خالد الطيالسي ، فيكون طريقه إلى محمد بن إسماعيل هو عين طريقه إلى الطيالسي
وهذا شيء صحيح فهو واقع كذلك في أسانيد الشيخ الطوسي المتقدمة.
__________________
وحينئذٍ فإن الكلام المتقدم في السند
الأول يأتي هنا في السند الثاني.
المقام
الثاني : في أحوال بافي رجال السند.
وأما محمد بن إسماعيل وصالح بن عقبة فقد
تقدم الكلام عنهما في الأسانيد السابقة.
يبقى مالك الجهني : عدّه الشيخ في أصحاب
الباقر عليهالسلام
وفي أصحاب الصادق عليهالسلام
وقال : (الكوفي مات
في حياة أبي عبد الله عليهالسلام).
وإستدل على وثاقته بكونه من أصحاب
الإمامين الباقر والصادق علیهماالسلامبالإضافة
إلى رواية أصحاب الإجماع والشيوخ عنه كإبن مسكان وإبن أبي عمير ويونس. بالإضافة
إلى عدة روايات رويت عنه إن مع الإستدلال بها فلا إشكال بصحة الرجل بل وعدالته ،
ولكن الإشكال قائم بكونه واقع بنفسه في السند مما يلزم الدور.
وهنالك وجه لحل الدور ، وهو أن الرواية
التي رواها في كشف الغمة تدل بلا أدنى إشكال على عقيدة محبة للرجل لا تكون إلا عند
خلّص شيعتهم الذين هم فوق صفة الوثاقة الموصوف بها ممن وقع بأسانیدها من
غيرنا منم لا يستحق عنوان العدالة ولسنا هنا في تأسيس هذا المطلب المهم وإنما
أشرنا إليه نحسب على أن يتم تأصيله في محله إن شاء الله تعالی.
روى الأربلي عن مالك الجهني قال : كنت
قاعداً عند أبي جعفر عليهالسلام
فنظرت إليه وجعلت افكر في نفسي وأقول :
لقد عظّمك الله وكرّمك وجعلك حجة على خلقه. فألتفت إليّ وقال : يا مالك الأمر أعظم
مما تذهب إليه .
وروى أيضاً عن مالك الجهني ، قال : إني
يوماً عند أبي عبد الله عليهالسلام
جالس وأنا او حدّث نفسي بفضل الأئمة من
أهل البيت ، إذ أقبل عليّ
__________________
أبو عبد الله عليهالسلام
فقال : يا مالك ، أنتم والله شيعتنا
حقاً ، لا ترى إنك أفرطت في الفول في فضلنا ، يا مالك إنه ليس بقدر على صفة الله ،
وكنه قدرته ، وعظمته ، ولله المثل الأعلى ، وكذلك لا يقدر أحد أن يصف حق المؤمن ،
ويقوم به کما أوجب الله له على أخيه المؤمن ، يا مالك : إن المؤمنين ليلتقيان
فيصافح كل واحد منهما صاحبه فلا يزال الله ينظر إليهما بالمحبة والمغفرة ، وإنّ
الذنوب لتتحات عن وجوههما حتى يفترقا ، فمن يقدر على صفة هو هكذا عند الله تعالى .
وروى أيضاً عن مالك الجهني ، قال : كنا
بالمدينة حين أجلبت الشيعة وصاروا فرقاً ، فتنحينا عن المدينة ناحية ، ثم خلونا ،
فجعلنا نذكر فضائلهم وما قالت الشيعة ، إلى أن خطر ببالنا الربوبية ، فما شعرنا
بشيء إذا نحن بأبي عبد الله واقفاً على حمار ، فلم ندر من أين جاء ، فقال يا مالك
ويا خالد ، متى أحدثتما الكلام في الريوبية؟ فقلنا : ما خطر ببالنا إلا الساعة ،
فقال : إعلما إن لنا رباً يكلؤنا بالليل والنهار نعیده ، يا مالك ويا خالد ،
قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين ، فكررها علينا مراراً وهو واقف على حماره .
وروى محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم
، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن يحيى الحلبي ، عن مالك الجهني ، قال : قال أبو
جعفر عليهالسلام:
يا مالك أنتم شيعا ألا ترى أنك تفرط في أمرنا؟ إنه لا يقدر على صفة الله ، فكما لا
يقدر على صفة الله كذللك لا يقدر على صفتنا ، وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر
على صفة المؤمن ، إن المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه فلا يزال الله ينظر إليهما
والذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات الورق عن الشجر حتى يفترقا ، فكيف يقدر على
صفة من هو كذلك .
ثم إنه وقع في إسناد كامل الزيارات فقد
روى عنه حنان بن سدير ، وروی هو عن الإمام الصادق عليهالسلام
. وهو صحيح طبق مبنی
تصحيح من وقع في طريقه.
__________________
ومهما قيل فيه فقد عبّر مجموعة من
علمائنا عن الروايات التي وقع في إسنادها أنها صحيحة منهم العلّامة في المختلف
والشهيد في الدروس .
والخلاصة فاقل ما يقال في الرجل حسنه
كما هو مختار العلّامة المجلسي في الوجيزة
والنتيجة إن هذا السند معتبر بقوة الحسن أو الصحيح باختلاف المباني.
__________________
الطرق الأخرى المصححة
للزيارة
فضلاً عن كل ما ذكرناه من البحث والحديث
عن أحوال الأسانيد وأنها معتبرة ألأعم من الصحيح والحسن فإنّ هناك طرق اُخرى
لإثبات صدورها عن المعصوم عليهالسلام
، ومن تلك الطرق :
١ ـ إن الزيارة مذكورة في أصلين مهمين
أولهما : «كامل الزیارات ، الذي أصرّ مؤلفه على التدقيق بكل ما بسجله فيه
تدقيقاً مهماً حتى قال : (فأشغلت الفكر فيه وصرفت الهمّ إليه وسألت الله تبارك
وتعالى العون عليه حتی أخرجته وجمعته عن الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين من
أحاديثهم ولم او خرج حديثاً روي عن غيرهم إذا كان فيما روينا عنهم من حديثهم صلوات
الله عليهم كفاية عن حديث غيرهم وقد علمنا إنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا
المعنى ولا في غيره لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته
ولا أخرجت فيه حديثاً روی عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين
غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم) .
ويكفيك تيقناً ما قاله النجاشي في الشيخ
جعفر بن قولویه : (من ثقات أصحابنا أجلائهم في الحديث والفقه روی عن
أبيه وأخيه عن سعد ، وقال : ما سمعت عن سعدٍ إلا أربعة أحاديث. وعليه قرء شيخنا
أبو عبد الله الفقه ومنه حمل وكلما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه) .
وأما الكتاب الثاني فهو «مصباح المتهجد»
فيكفي لبيان أهميته أن الشيخ لم يؤلفه ككتب الفقه من أجل النظر فيها ، بل كتبه
للعمل بما فيه ، حيث قال في مقدمته : (وأسوق ذلك سياقة يقتضيه العمل وذكر ما لا بد
منه من مسائل الفقه فيه دون بسط الكلام في مسائل الفقه وتفريع المسائل عليها ، فإن
كتبنا المعمولة في الفقه والأحكام تتضمن ذلك على وجه لا مزيد عليه كالمبسوط
والنهاية والجمل والعقود ومسائل الخلاف وغير ذلك ، والمقصود من هذا
__________________
الكتاب مجرد العمل
وذكر الأدعية التي لم نذكرها في كتب الفقه ، فإن كثيراً من أصحابنا ينشط للعمل دون
التفقه وبلوغ الغاية فيه وفيهم من يقصد التفقه ، وفيهم من يجمع بين الأمرين فيكون
لكل طائفة منهم شيء يعتمدونه ويرجعون إليه وينالون بغيتهم منه) .
٢ ـ إن ذكرها في هذين المصدرين لأجل
العمل بها مؤثر على شهرتها عند الشيعة بل فقهاء الشيعة وهو يجبر الضعف إن وجد.
٣ ـ فصاحة ألفاظها وبيانها وما أحتوت من
معاني عظيمة دليل على صدورها من اومراء البيان والمعاني وهم حصراً أهل بيت العصمة
والطهارة عليهمالسلام.
٤ ـ والطريق الآخر لو لم يثبت إعتبار
بعض رجال السند فنرجع إليهم واحداً واحداً ونبحث عن واضع هذه الزيارة فهل فيهم أحد
قادر على وضعها .. ولنعمل هذا التخطيط لرجال السند:
أ ـ الرواية مروية عن الإمام الباقر عليهالسلام
والإمام الصادق عليهالسلام.
ب ـ إن الرواية صحيحة سنداً في الأسانيد
المنتهية إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع وهو ثقة. وبذلك تصح الأسانيد المنتهية إلى
محمد بن خالد الطيالسي بالمعنى الأعم من الصحيح فلا يتصور الوضع في اي واحدٍ ممّن
وقع في تلك الأسانيد المنتهية إليه ، لأنها قد رواها غيرهم من الثقات. وهكذا لو
إفترضنا بأن حال محمد بن خالد مجهول. فهو لا يضر بصحة السند لأن محمد بن إسماعيل
الثقة قد رواها أيضاً وهو في طبقة محمد بن خالد. فلا يمكن تصور الوضع فيه أو
الإشتباه أو التدليس.
جـ ـ وبذلك أيضاً لا يضر ضعف (محمد بن
موسی) على فرض ضعفه لأن الأسانيد الأخرى المنتهية إلى إبن بزیع تجبره.
د ـ والطبقة الثانية من الأسانيد تنهي
بـ(صالح بن عقبة وسيف بن عميرة).
__________________
والمشكلة في هذه الطبقة هي في عدم النص
على وثاقة صالح بن عقبة.
نعم المرجع كما حققنا سابقاً حسنه.
وأما سيف بن عميرة فقد نص النجاشي
والشيخ وإبن شهر آشوب على وثاقته. فالطبقة هذه صحيحة أيضاً ، ولا يمكن لصالح أن
يصنع الرواية لوجود سيف الثقة.
وإذا قيل : قد يكون محمد بن خالد قد
أضاف سيفاً إلى السند ـ فإن سند إبن بزيع قد خلى من هذه الإضافة ، فيكون الإتهام
بتحريف السند موجهاً إلى محمد بن خالد. والمتهم بوضع الحديث صالح بن عقبة.
هـ ـ وأما الطبقة الثالثة فالرواية
مروية عن عقبة بن قيس + علقمة + صفوان.
ولا يمكن أن يتواطأ الثلاثة على الوضع
خصوصاً إن فيهم صفوان وقد عرفت وثاقته.
و ـ فالمشكلة إذن منحصرة بين محمد بن
خالد وصالح بن عقبة ، فمن منهما يمكنه أن يضع تللك الزيارة التي نطقت بلاغتها
وبيانها ودقة معانيها وعلو مضامينها .. وهل يمكن إخفاء حال محمد بن خالد على إبن
محبوب الذي عبر عنه النجاشي بأنه (فقيه) ، لو اُفترض فيه التدليس بالأسانيد أو
الوضع في الأحاديث؟!
ومن القرائن الكثيرة التي ذكرناها ومن
غيرها يلزم إخراج محمد بن خالد من دائرة الإتهام خصوصاً أنه روى عنه حميد أصولاً
كثيرة مما لا ينسجم مع من يحتمل فيه الوضع في الحديث أو في الإسناد. بل لو كان فيه
ذلك لعرف عنه ، ولإمتنع المشايخ من الرواية عنه ، بينما نرى العكس حيث أنه ذُكر في
كتب الرجال من دون وصف یُشم منه شيء من ذلك ، بل وقد روى عنه المشايخ وفيهم
الفقهاء.
وأما صالح بن عقبة فلا يمكن تصور الوضع
منه بعدما أخرجنا الطيالسي من دائرة الإتهام لأنه لم يكن وحده الذي روى الحديث وإنما
رواه برفقة سيف الثقة.
وبذلك لا يمكن بحسب قانون الإحتمال أن
يكون الخبر إلا صادراً عن أهله المنصوص عليهم بالطهارة والعصمة عليهمالسلام.
وهذا هو الطريق الأخير الذي يمكننا
تصوره لتصحيح أسانید هذه الزيارة الشريفة.
وكل هذا الحديث فيما لو غضضنا الطرف عن
الأسانيد المذكورة وكلها حسان وصحاح. والله تعالى أعلم بالحال.
الفصل الرابع
فقه الزيارة
وقع البحث في كيفية الإتيان بهذه
الزيارة الكريمة مورد نظر الفقهاء العظام أعلى الله تعالى كلمتهم فألقوا رسائل
متنوعة تناولت هذا الموضوع بما يرتبط من المسائل التي يمكن تصورها وإستنباط
أحكامها ، وإستدلوا لكل كيفية ومسألة بما يناسبها من الأدلة.
وبما إننا لم نخصص هذه الرسالة
للإستدلال على هذه المطالب الشريفة لأن إستيفائها يحتاج إلى ذكر جميع الأقوال
ومناقشتها مما يلزم التنصيل بها وإقامة البرهنة ومناقشة الأدلة المقابلة ، وهذا
كله خارج تخصيصاً عن موضوع الرسالة المنعقد الدراسة (سند زيارة عاشوراء وبيان
فضلها) ، ومع ذلك فقد آثرنا ذكر أهم المسائل بما يناسب المقام.
المسألة
(١)
لقد وردت في رواية المصباح والكامل عدة أشياء يؤديها الزائر من ضمن زيارته لسيد
الشهداء عليهالسلام
فهل هي (جميعها أو بعضها) من أركان
الزيارة أم هي من شروط الكمال للعمل؟
وعلى فرض الركنية فلو لم يأتي بها
واكنني بدعاء الزيارة فقط فهل إن ما أتى به باطل أصلاً ، أم أن ما أتی به
صحيح ويلزمه أن يأتي بالباقي بعد ذلك في حالة وجوبها بنذرٍ وعهدٍ ويمين وغيرها ..
وعلى القول بعدم الركنية فهل تجزي
الزيارة وحدها دون الإتيان بباقي الأجزاء من الصلاة والتكبير والدعاء المعروف بإسم
علقمة؟ وفيه صور منهأ :
أ ـ لو نذر مثلاً أن يزور زيارة عاشوراء
دون إلتفات إلى باقي الأجزاء فهل يمكنه الإكتفاء بالإتيان بدعاء الزيارة وحده ..
ب ـ وعلى فرض عدم الكفاية فهل يصح عمله
ويجب عليه أن يأتي بباقي الأجزاء ولو بعد حين. أم يبطل ما قرأه من الزيارة ويلزمه
الإتيان بها؟
جـ ـ ثم تأتي المسألة الأخرى وهي
الترتيب فهل يلزم الترتيب على القول الأول وهو الركنية وعلى فرض الوجوب بنذر وعهدٍ
ويمينٍ وغيرها .. وهل يبطله عمله لو لم يأتي بالترتيب؟ .. ثم على القول الثاني وهي
الشرطية : هل يبطل عمله إذا لم يأتي بالترتيب ، أم أن الترتيب غير لازم .. وعلى
فرض اللزوم فهل هو شرط لصحة العمل أم أنه شرط لكماله؟
د ـ لو نذر زيارة عاشوراء وقصد دعاء
الزيارة وحده في اصل نذره ، فهل ينعقد مثل هذا النذر أم لا ينعقد بتفريب : إن
الزيارة عبادة مخصوصة بمقدمات ومؤخرات ، وأن مثل ذلك النذر غير مشروع لأنه قصد
عبادة على خلاف كيفيتها التي شرعت بها ..؟
هـ ـ وعلى القول بعدم الركنية فهل يصح
الإتيان ببعضها دون البعض ويحصل على ثواب العمل؟
الظاهر من الرواية والله تعالى العالم
أن نفس الزيارة مقصودة بنفسها ويحصل على ثوابها بحسب ما أتى به. وإذا أراد كمال
العمل فعليه أن يأتي بجميع ما وصف في الحديث الشريف. وأما إذا أراد أن يأتي بها
كوردٍ فعليه أن يأتي بجميع ما ذكر في الرواية وعليه أن يشخص کيفيتها إما إجتهاداً
أو تقليداً.
المسالة
() الظاهر
من خبر علقمة أن أعمال الزيارة على النحو التالي في يوم العاشر صدر النهار قبل
الزوال لمن لم يكن عند الحسين عليهالسلام:
أ ـ يبرز إلى الصحراء أو يصعد سطحاً
مرتفعاً في داره.
ب ـ أومأ إلى قبر الحسين عليهالسلام
في السلام.
جـ ـ إجتهد على قاتله بالدعاء.
د ـ يصلي بعده ركعتين.
هـ ـ ثم ليندب الحسين عليهالسلام
ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء
عليه وإظهار الجزع
والتلاقي بالبكاء.
و ـ وأن يقول بالتعزية : عظم (اعظم خ ل)
الله اوجورنا بمصابنا بالحسين عليهالسلام
، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهالسلام.
المسألة
(٣) تصع الزيارة في كل أيام السنة وطريقتهأ
:
أ ـ أن تسلم وتومأ إلى قبره الشريف.
ب ـ تصلي ركعتين.
جـ ـ ثم تزور بالزيارة.
د ـ ثم تدعو بالدعاء المعروف بدعاء
علقمة إن شئت ذلك لأجل كمال العمل.
المسألة
(٤) الظاهر أن صلاة زيارة عاشوراء قبل
الزيارة كما نصت عليه الرواية بلا فرق بين الحضور عند قبره عليهالسلام
والغياب عنه عليهالسلام
كما هو حال البعيد. وأما ما نقل عن
السيد الداماد من تحقيقه قاعدة : أن صلاة الزيارة للبعيد قبلها وللقريب بعدها وإن
نصّت عليه بعض الروايا ولكنها خارجة عن هذا المقام جزماً فإن الرواية ناصّة على
تقديم الصلاة للقريب والبعيد بعدما قال علقمة : (قلت لأبي جعفر عليهالسلام:
علمني دعاءاً أدعوا به ذلك اليوم إذا أنا زرته من قرب ودعاءاً أدعوا به إذا لم
أزره من قرب وأومأت من بُعْد البلاد ومن داري بالسلام إليه ، قال : فقال لي : يا
علقمة! إذا أنت صلّيت الركعتين بعد أن تومي إليه بالسلام فقل بعد الإيماء إليه من
بعد التكبير هذا القول) .
مسألة
(٥) لقد ورد لفظ التكبير في رواية المصباح
فقط ولم يرد في لفظ الكامل. ويظهر من سياقها في رواية المصباح كأنه ذكره عليهالسلام
قبل ذلك ولكنه غير مذكور مما يوقع في
النفس شيء إنه من زيادة النساخ أو غيرهم ، لأنه غير مذكور في الكامل وغير مذكور
قبل قوله (إذا أنت صليت
__________________
الركعتين بعد أن
توميء إليه بالسلام فقل بعد الإيماء إليه من بعد التكبير) فأيّ تكبير يقصد منه ..؟
وقد يحتمل أن المقصود من هذا التكبير هو تعقيب الصلاة المعروف الذي يؤتي به بعد
الإنتهاء منها.
وأما ما نقل عن بعض الأجلّة من الإتيان
بمائة تكبيرة فلم يظهر لنا منه وجه خصوصاً أن أقل ما يحرز الإتيان به واحدة فتسمى
تكبيرة أيضاً وإن أردنا شدّة الإحتياط فثلاث ، فما هو الوجه بتخصيصها بمائة أو
أكثر. نعم نصّ الكفعمي (ره) على المائة. ولكننا لم نحرز الرواية وإنما المحتمل ما
ذكره بعض الأجلة من أن كثيراً من الأخبار نصّت على الإتيان بمائة كبيرة قبل
الزيارة فيكون قوله عليهالسلام
(من بعد التكبير) هو التكبير المقصود في
تلك الزيارات.
والتكبير على كل حال حسن يثاب الإنسان
عليه إذا لم يأت به بقصد الجزئية وبكيفية للإحتياط الإتيان بواحدة أو ثلاث.
مسأله
(٦) ما هو مقصود من الإيماء بالسبابة معه؟
الظاهر من جملة من الروايات الثاني ، وإن أصرّ بعض الأجلّة أن مجرد التوجه إلى
القبر الشريف يسمى إيماءاً دون الحاجة إلى الإشارة بالإصبع. ولكن الظاهر من
الإيمان أنه لا يكفي مجرد التوجه ما لم يردفه بحركة من جسمه كإصبعه أو وجهه أو
غيرهما.
فلذلك يلزم (ولو إحتياطأ) الزائر أن
يردف توجهه بإشارة إصبعه أو وجهه إلى القبر الشريف والله العالم.
مسألة
() هل
أن الدعاء المعروف بإسم علقمة الذي رواه صفوان هو جزء الزيارة أم زائد عليها مستقل
عنها؟ الظاهر أن ما جاء به صفوان عن الإمام الصادق عليهالسلام إنما
هو طريقة ثانية للزيارة زاد فيها الدعاء.
وربما يقال بأن هذه الطريقة مخصوصة بمن
زار الإمام الحسين عليهالسلام
بزيارة عاشوراء عند قبر أمير المؤمنين عليهالسلام
لأن سيف ذكر أن علقمة لم يأتهم بهذا عن
أبي جعفر عليهالسلام
وإنما أتاهم بدعاء الزيارة فقط. فقال له
صفوان : (وردت مع سيدي أبي عبد الله عليهالسلام إلى
هذا
المكان ففعل مثل الذي
فعلناه في زيارتنا ودعي بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلّى كما صلّينا وودّع كما
ودعنا).
ولكن ذيل الرواية ينفي التخصيص حيث نقل
صفوان عن الإمام الصادق عليهالسلام
أنه قال له : (تعاهد هذه الزيارة وأدع بهذا الدعاء من قرب أو من بعد ... إلخ).
وعليه فإن الأكمل للزائر أن يأتي بهذا الدعاء
أيضاً بالإضافة إلى الزيارة ليحصل على ما ذكره الإمام الصادق عليهالسلام
من الثواب الكبير.
والغريب إشتهار الدعاء بإسم (علقمة) مع
أنه لم يروه وإنما رواه وذكره صفوان عن الإمام الصادق عليهالسلام
كما نصّ عليه خبر صفوان المتقدم.
مسألة
(٨) الظاهر من رواية الزيارة أن فيها سلام
أول يوميء الزائر إلى قبره عليهالسلام
ويسلم ثم يصلي الركعتين وبعد ذلك يأتي بالزيارة المروية.
وبذلك يفسر قوله عليهالسلام
(إذا أنت صليت الركعتين بعد أن توميء
بالسلام) ، وقد إستظهر بعض الأجلة أن المقصود من السلام هذا هو السلام الأخير بعد
اللعن في دعاء الزيارة ، فلذلك بين إن الصلاة تكون بعد الإتيان بدعاء الزيارة.
وإحتاط بعض الفقهاء على الله كلمتهم بالصلاة بعد السلام الأول الذي يتم بعد
الإيماء ، وبعد السلام الثاني الذي يتم بعد الزيارة. وهو تحميل للنص خلاف ظاهره.
مسألة
(٩) هل تلزم زيارة أمير المؤمنين عليهالسلام
لأجل كمال العمل ، عملاً برواية صفوان
المتقدمة حيث ذكر زيارة أمير المؤمنين عليهالسلام فيها؟
الظاهر من رواية صفوان شيئان : أولهما :
العمل بهذه الزيارة عند قبر أمير المؤمنين عليهالسلام وحينئذٍ
فيزور أمير المؤمنين عليهالسلام
أولاً ومن ثم يزور زيارة عاشوراء وبعد
ذلك يأتي بالدعاء الذي رواه صفوان. وثانيهمأ : إذا جاء بالزيارة في غير مقام أمير
المؤمنين عليهالسلام
وحينئذ فليس في النص ذكر لزيارة أمير
المؤمنين عليهالسلام
وإنما قال الإمام الصادق عليهالسلام
لصفوان (تعاهد بهذه الزيارة وإدع بهذا
الدعاء) وهذا نص واضح على خصوص زيارة عاشوراء والدعاء الذي رواه صفوان.
نعم في المزار الكبير (تعاهد بهذه
الزيارة وإدع بهذا الدعاء زرهما بهذه الزيارة .. إلخ) وفيه أيضاً أنه زاره
بالزيارة السادسة المعروفة. ولكن الكلام واقع في صحة نسبة الكتاب إلى إبن المشهدي
، وكذلك في جهالة المؤلف أيضاً ، وإن كان في ما ذكره الشيخ النوري (ره) في خاتمته
ما يؤيد صحة النسبة ويظهر حال مؤلفه مما لا طائل في الحديث عنه هنا موكليه إلى
محله .. ولكن لا يخفى أن خلو الرواية التي رواها الشيخ في المصباح وإبن فولوية في
الكامل عن هذه الخصوصية يضعف جداً القول بهذه الزيارة ومع ذلك لا يمنع القول
بالتسامح والإتيان بها رجاء كمال العمل بنحو مطلق لا بقصد الورود.
مسألة
() لا إشكال في جزئية اللعن والسلام الأخير
في دعاء الزيارة فلا تتم الزيارة من دونهما وما ذكره بعض المقصرين خذلهم الله
تعالى من أن في ذيل الزيارة كلام لا أصلٍ له إنما هو من إفتراءاته وما رأيه هذا
إلا كسائر آرائه الإستحسانية مقابل النص.
يبقى الكلام فيما ذكره بعض الأعلام رضي
الله عنهم من إمكان الإكتفاء عن تكرار ذکر اللعن بطوله مائة مرة بان يقرء مرة
واحدة ومن ثم يقال تسعة وتسعين مرة (اللهم العنهم جميعاً) وقد علّق عليه بعض
المؤلفين بأن هذا خارج عن نطاق النّص. وهو صحيح ولكن نقل عن كتاب الصدف المشحون
للمولی شريف الشيرواني أنه قال : حدثني العالم النبيل والفاضل الجليل محمد
بن الحسن الطوسي في الروضة المقدسة الرضوية على دفينها ألف سلام وتحية يوم الإثنين
رابع محرم سنة ٢٤٨
ألف ومأتي وثمان وأربعين قال حدثني رئيس المحدثين وشيخ المتأخرين العالم المحقق والفاضل
المدقق الشيخ حسين (إبن الشيخ محمد أخي صاحب الحدائق) بن عصفور البحراني قال حدثني
والدي الماجد المحدث عن أبيه عن جده يداً بيد عن آبائهم المحدثين من محدثي بحرين
عن سيدنا الإمام الهمام علي بن محمد بن علي بن موسی بن جعفر بن محمد بن علي
بن الحسين بن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أنه
قال : (من قرء زيارة عاشوراء المشهورة مرة واحدة ثم قال : «اللهم العنهم جميعاً»
تسعاً وتسعين مرة ، كان كمن قرئه مأة
مرة ، ومن قرء سلامها
مرة واحدة ثم قال «السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى
أصحاب الحسين» تسعاً وتسعين مرة ، كان كمن قرئه مأة مرة تامة من أولهما إلى
آخرهما) .
مسألة
() مثلما يصح أن يزار بزيارة عاشوراء في
يوم عاشوراء فكذلك يصح أن يزار بها في كل يوم لما روي في النص الشريف في ذيل رواية
علقة: (قال أبو جعفر عليهالسلام:
إن إستطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل ولك ثواب جميع ذلك) وليس المقصود من اليوم خصوص النهار ،
فإنه لفظ وأن اُستعمل في خصوصه في بعض الموارد ولكن مع الإطلاق ينصرف إلى النهار
والليل. ولا حاجة لإثباته بالإستدلال بذيل رواية صفوان وإن كان ذلك يؤكد المطلوب.
مسألة
(١٢) ذُكر في آخر الحديث برواية صفوان من
الإمام الصادق عليهالسلام
أنه قال : يا صفوان إذا حدث لك إلى الله
حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت وإدع بهذا الدعاء ورسل ربك حاجتك تأتك من الله
والله غير مخلف وعده ورسوله عليهالسلام
.
فما جرى عليه علماؤنا والصالحون من
اتخاذ هذه الزيارة الورد الأعظم ليس من طريق الإستحسان والتجربة فحسب وإنما هو
الطريقة الصحيحة التي وردت بالنص الصحيح ونصت عليه الرواية.
__________________
نص زيارة عاشوراء
السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللهِ
السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ رَسُولِ الله
السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَابْنَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ
السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ الله وَابْنَ ثارِهِ وَالوِتْرَ المَوتُورَ السَّلامُ
عَلَيْكَ وَعَلى الاَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ
عَلَيْكُمْ مِنِّي جَميعاً سَلامُ الله أَبَداً ما بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَيْلُ
وَالنَّهارُ. يا أَبا عَبْدِ الله لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلّتْ
وَعَظُمَتِ المُصِيبَةُ بِكَ [بِكُمْ] عَلَيْنا وَعَلى جَمِيعِ أَهْلِ الإسْلامِ
وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ فِي السَّماواتِ عَلى جَمِيعِ أَهْلِ
السَّماواتِ. فَلَعَنَ الله اُمَّةً أَسَّسَتْ أَساسَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ
عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَلَعَنَ الله
__________________
اُمَّةً دَفَعَتْكُمْ
عَنْ مَقامِكُمْ وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ الله فِيها.
وَلَعَنَ الله اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ وَلَعَنَ الله المُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ
مِنْ قِتالِكُمْ بَرِئْتُ إِلى الله وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ أَشْياعِهِمْ
وَأَتْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ. يَا أبَا عَبْدِ اللهِ إنِّي سِلْمٌ لِمَنْ
سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ [وَوليٌ لِمَنْ والاكُم وعدوٌّ لِمَنْ
عَاداكُمْ. كما في بعض نسخ المصباح] إلى يَوْمِ القِيامَةِ. وَلَعَنَ اللهُ آل
زِيَاد وَآلَ مَرْوانَ وَلَعَنَ اللهُ بَنِي اُمَيَّةَ قاطِبَةً وَلَعَنَ اللهُ
ابْنَ مَرْجانَةَ وَلَعَنَ اللهُ عُمَرَ بْنَ سَعْد وَلَعَنَ اللهُ شِمْراً
وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً أسْرَجَتْ وَألْجَمَتْ [وَتَهيّأتْ. كما في بعض نسخ
المصباح] وَتَنَقَّبَتْ لِقِتالِكَ
بِأبِي أنْتَ وَاُمِّي لَقَدْ عَظُمَ مُصابِي بِكَ فَأسْالُ اللهَ الّذِي أكْرَمَ
مَقامَكَ وَأكْرَمَنِي أنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إمام مَنْصُور [منصوب.
كما في بعض نسخ المصباح] مِنْ أهْلِ بَيْتِ مُحَمَّد صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ
اللّهُمَّ اجْعَلْنِي عِنْدَكَ وَجِيهاً بِالحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي
الدُّنْيا وَالآخِرةِ. يا أبا عَبْدِ الله إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلى الله تعالى
وَإِلى رَسُولِهِ وَإِلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَإِلى فاطِمَةَ وَإِلى الحَسَنِ
وَإِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ
[وموالاة أوليائك.
كما في بعض نسخ المصباح] [وَبِالبَرائةِ مِمَّنْ قاتَلَكَ وَنَصَبَ لَكَ الحَرْبَ
وَبِالبَرائةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ عَلَيْكُمْ وَعَلَى
أَشْيَاعِكُمْ وَأَبْرَءُ إِلى الله وَإِلى رَسُولِهِ. كما في بعض نسخ المصباح]
مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ
ذلِكَ وَبَنى عَلَيهِ بُنْيانَهُ وَجَرى فِي ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ
وَعَلى أَشْياعِكُمْ بَرِئْتُ إِلى الله وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَأَتَقَرَّبُ إِلى
الله ثُمَّ إِلَيْكُمْ بِمُوالاتِكُمْ وَمُوالاةِ وَلِيِّكُمْ وَالبَرائةِ مِنْ
أَعْدائِكُمْ
وَالنَّاصِبِينَ لَكُمْ
__________________
الحَرْبَ
وَبِالبَرائةِ مِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ. إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ
وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَوَلِيُّ لِمَنْ وَالاكُمْ وَعَدُوٌ لِمَنْ عاداكُمْ
فَأَسْأَلُ الله الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ أَوْلِيائِكُمْ
وَرَزَقَنِي البَرائةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا
وَالآخِرةِ وَأَنْ يُثَبِّتَ لِي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْقٍ فِي الدُّنْيا
وَالآخِرَةِ وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُبَلِّغَنِي المَقامَ المَحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ
الله وَأَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِكُمْ [ثَارِي. بعض نسخ المصباح] مَعَ إِمامِ
[مَهْدِي. بعض نسخ المصباح] هُدىً ظاهِرٍ ناطِقٍ بِالحَقِّ مِنْكُمْ. وَأَسْأَلُ
الله بِحَقِّكُمْ وَبِالَّشْأنِ الَّذِي لَكُمْ عِنْدَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي
بِمُصابِي بِكُمْ أَفْضَلَ ما يُعْطِي مُصاباً بِمُصِيبَتِهِ
، مُصِيبَةً ما أَعْظَمَها وَأَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الإسْلامِ وَفِي جَمِيعِ
السَّماواتِ وَالأَرْضِ. اللّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مَقامِي هذا مِمَّنْ تَنالَهُ
مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَهٌ. اللّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيايَ مَحْيا
مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمَماتِي مَماتَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى
الله عَلَيه وَآلِهِ) اللّهُمَّ إِنَّ هذا
يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الاَكْبادِ اللَّعِينُ
ابْنُ اللَّعِينِ عَلى لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ صَلّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ
فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَمَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ صَلّى الله عَلَيهِ
وَآلِهِ. اللّهُمَّ العَنْ أَبا سُفيانَ وَمُعاوِيَةَ وَ يَزِيدَ بْنَ مُعاوِيَةَ عَلَيْهِمْ
مِنْكَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الابِدِينَ
وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِيادٍ وَآلُ مَرْوانَ [عَلَيهِمُ اللعْنَةُ]
بِقَتْلِهِمُ الحُسَيْنَ عَلَيْهِ السلام ، اللّهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمْ
اللَّعْنَ مِنْكَ وَالعَذابَ الألِيمَ. اللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ فِي
هذا اليَوْمِ وَفِي مَوْقِفِي هذا
__________________
وَأَيامِ حَياتِي
بِالبَرائَةِ مِنْهُمْ وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ وَبِالمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ
وَآلِ نَبِيِّكَ عَلَيهِ وَعلَيْهِمُ، السَّلامُ.
ثم تقول مائة مرة :
اللّهُمَّ العَنْ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ
حَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآخِرَ تابِعٍ لَهُ عَلى ذلِكَ. اللّهُمَّ
العَنْ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ
الحُسَيْنَ وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ
عَلى قَتْلِهِ
اللّهُمَّ العَنْهُمْ جَميعاً.
ثم تقول مائة مرة :
السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ الله
وَعَلى الأَرواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ
عَلَيْكَ مِنِّي سَلامُ اللهِ أَبَداً ما بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَيْلُ وَالنَّهارُ
وَلا جَعَلَهُ الله آخِرَ العَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكُمْ السَّلامُ عَلى
الحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ وَعَلى أَوْلادِ الحُسَيْنِ وَعَلى
أَصْحابِ الحُسَيْنِ .
ثم قل مرة واحدة:
اللهمَّ خُصَّ أنْتَ أوّلَ ظالِمٍ
بِاللّعْنِ مِنِّي وَابْدَأْ بِهِ أوّلاً ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثَ
__________________
وَالرَّابِع اللهُمَّ
الْعَنْ يزِيَدَ خامِساً وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَاد وَابْنَ مَرْجانَةَ
وَعُمَرَ بْنَ سَعْد وَشِمْراً وَآلَ أبي سُفْيانَ وَآلَ زِيَاد وآلَ مَرْوانَ
إلَى يَوْمِ القِيامَةِ.
ثم تسجد وتقول :
اللهمَّ لَكَ الحَمْدُ حَمْدَ
الشَّاكِرينَ لَكَ عَلَى مُصابِهِمْ الحَمْدُ للهِ عَلَى عَظِيمِ
رَزِيّتي
، اللهُمَّ ارْزُقْني شَفاعَةَ الحُسَيْن عَلَيهِ السَّلأم يَوْمَ الوُرُودِ
وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْق عِنْدَكَ مَعَ الحُسَيْنِ وَأصْحابِ الحُسَيْن الّذِينَ
بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْن عَلَيْهِ السَّلأم .
__________________
الدعاء
الذي رواه صفوان عن الإمام الصادق عليهالسلام
وأمر بقرائته بعد زيارة عاشوراء
يا اَللهُ يا اَللهُ يا اَللهُ يا
مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ يا كاشِفَ كُرَبِ الْمَكْرُوبينَ يا غِياثَ
الْمُسْتَغيثينَ يا صَريخَ الْمُسْتَصْرِخينَ يا مَنْ هُوَ اَقْرَبُ اِلَيَّ مِنْ
حَبْلِ الْوَريدِ يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يا مَنْ هُوَ
بِالْمَنْظَرِ الاَعْلى وَبِالْاُفـُقِ الْمُبينِ وَيا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ
الرَّحيمُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وَيا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الاَعْيُنِ وَما
تُخْفِي الصُّدُورُ وَيا مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خافِيَهٌ يا مَنْ لا تَشْتَبِهُ
عَلَيْهِ الاَصْواتُ وَيا مَنْ لا تُغَلِّطُهُ الْحاجاتُ وَيا مَنْ لا يُبْرِمُهُ
اِلْحاحُ الْمُلِحّينَ يا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْت وَيا جامِعَ كُلِّ شَمْل وَيا
بارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْم فِي شَأن يا قاضِىَ
الْحاجاتِ يا مُنَفِّسَ الْكُرُباتِ يا مُعْطِيَ السُّؤُلاتِ يا وَلِيَّ
الرَّغَباتِ يا كافِىَ الْمُهِمّاتِ يا مَنْ يَكْفي مِنْ كُلِّ شَىْء وَلا يَكْفي
مِنْهُ شَيءٌ فِي السَّماواتِ وَالاَرْضِ اَسْاَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّد خاتَمِ
النَّبِيّينَ وَعَلِيِّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَبِحَقِّ فاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ
وَبِحَقِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَاِنّي بِهِمْ اَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ فِي
مَقامي هذا وَبِهِمْ اَتَوَسَّلُ وَبِهِمْ اَتَشَفَّعُ اِلَيْكَ وَبِحَقِّهِمْ
اَسْأَلُكَ وَاُقْسِمُ وَاَعْزِمُ عَلَيْكَ وَبِالشَّأنِ الَّذي لَهُمْ عِنْدَكَ
وَبِالْقَدْرِ الَّذي لَهُمْ عِنْدَكَ وَبِالَّذي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمينَ
وَبِاسْمِكَ الَّذي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ وَبِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ الْعالَمينَ
وَبِهِ اَبَنْتَهُمْ وَاَبَنْتَ فَضْلَهُمْ مِنْ فَضْلِ الْعالَمينَ حَتّى فاقَ
فَضْلُهُمْ فَضْلَ الْعالَمينَ جَميعاً اَسْاَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد
وَآلِ مُحَمَّد وَاَنْ تَكْشِفَ عَنّي غَمّي وَهَمّي وَكَرْبي وَتَكْفِيَنِى
الْمُهِمَّ مِنْ اُمُوري [أمري] وَتَقْضِيَ عَنّي دَيْني [ديوني] وَتُجيرَني مِنَ
الْفَقْرِ [وَتُجيرَني مِنَ
الْفاقَةِ]
وَتُغْنِيَني عَنِ [الْمَسْأَلَةِ اِلَى] الَمخْلُوقينَ وَتَكْفِيَني هَمَّ مَنْ
اَخافُ هَمَّهُ وَعُسْرَ مَنْ اَخافُ عُسْرَهُ وَحُزُونَةَ مَنْ اَخافُ
حُزُونَتَهُ وَشَرَّ مَنْ اَخافُ شَرَّهُ وَمَكْرَ مَنْ اَخافُ مَكْرَهُ وَبَغْيَ
مَنْ اَخافُ بَغْيَهُ وَجَوْرَ مَنْ اَخافُ جَوْرَهُ وَسُلْطانَ مَنْ اَخافُ
سُلْطانَهُ وَكَيْدَ مَنْ اَخافُ كَيْدَهُ وَمَقْدُرَةَ مَنْ اَخافُ مَقْدُرَتَهُ
عَلَيَّ وَتَرُدَّ عَنّي كَيْدَ الْكَيَدَةِ وَمَكْرَ الْمَكَرَةِ اَللّـهُمَّ
مَنْ اَرادَني فَاَرِدْهُ وَمَنْ كادَني فَكِدْهُ وَاصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُ
وَمَكْرَهُ وَبَأسَهُ وَاَمانِيَّهُ وَامْنَعْهُ عَنّي كَيْفَ شِئْتَ وَاَنّى
شِئْتَ اَللّـهُمَّ اشْغَلْهُ عَنّي بِفَقْر لا تَجْبُرُهُ وَبِبَلاء لا
تَسْتُرُهُ وَبِفاقَة لا تَسُدّها وَبِسُقْم لا تُعافيهِ وَذُلٍّ لا تُعِزُّهُ
وَبِمَسْكَنَة لا تَجْبُرُها اَللّـهُمَّ اضْرِبْ بِالذُّلِّ نَصْبَ عَيْنَيْهِ
وَاَدْخِلْ عَلَيْهِ الْفَقْرَ فِي مَنْزِلِهِ وَالْعِلَّةَ وَالسُّقْمَ فِي
بَدَنِهِ حَتّى تَشْغَلَهُ عَنّي بِشُغْل شاغِل لا فَراغَ لَهُ وَاَنْسِهِ ذِكْري
كَما اَنْسَيْتَهُ ذِكْرَكَ وَخُذْ عَنّي بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَلِسانِهِ
وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ وَقَلْبِهِ وَجَميعِ جَوارِحِهِ وَاَدْخِلْ عَلَيْهِ فِي جَميعِ
ذلِكَ الْسُّقْمَ وَلا تَشْفِهِ حَتّى تَجْعَلَ ذلِكَ لَهُ شُغْلاً شاغِلاً بِهِ
عَنّي وَعَنْ ذِكْري وَاكْفِني يا كافِيَ مالا يَكْفي سِواكَ فَاِنَّكَ الْكافِي
لا كافِىَ سِواكَ وَمُفَرِّجٌ لا مُفَرِّجَ سِواكَ وَمُغيثٌ لا مُغيثَ سِواكَ
وَجارٌ لا جارَ سِواكَ خابَ مَنْ كانَ جارُهُ سِواكَ وَمُغيثُهُ سِواكَ
وَمَفْزَعُهُ اِلى سِواكَ وَمَهْرَبُهُ اِلى سِواكَ وَمَلْجَأُهُ اِلى غَيْرِكَ
[سِواك] وَمَنْجاهُ مِنْ مَخْلُوق غَيْرِكَ فَاَنْتَ ثِقَتي وَرَجائي وَمَفْزَعي
وَمَهْرَبي وَمَلْجَئي وَمَنْجاىَ فَبِكَ اَسْتَفْتِحُ وَبِكَ اَسْتَنْجِحُ
وَبِمُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد اَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ وَاَتَوَسَّلُ وَاَتَشَفَّعُ
فَاَسْاَلُكَ يا اَللهُ يا اَللهُ يا اَللهُ فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ
وَاِلَيْكَ الْمُشْتَكى وَاَنْتَ الْمُسْتَعانُ فَاَسْاَلُكَ يا اَللهُ يا اَللهُ
يا اَللهُ بِحَقِّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ
مُحَمَّد وَاَنْ تَكْشِفَ عَنّي غَمّي وَهَمّي وَكَرْبي فِي مَقامي هذا كَما
كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَكَرْبَهُ وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ
عَدُوِّهِ فَاكْشِفْ عَنّي كَما كَشَفْتَ عَنْهُ وَفَرِّجْ
عَنّي كَما فَرَّجْتَ
عَنْهُ وَاكْفِني كَما كَفَيْتَهُ وَاصْرِفْ عَنّي هَوْلَ ما اَخافُ هَوْلَهُ
وَمَؤُنَةَ ما اَخافُ مَؤُنَتَهُ وَهَمَّ ما اَخافُ هَمَّهُ بِلا مَؤُنَة عَلى
نَفْسي مِنْ ذلِكَ وَاصْرِفْني بِقَضاءِ حَوائِجي وَكِفايَةِ ما اَهَمَّني هَمُّهُ
مِنْ اَمْرِ آخِرَتي وَدُنْياىَ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ وَيا اَبا عَبْدِ اللهِ
عَلَيكَ [عَلَيْكُما] مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ
وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِكُما وَلا فَرَّقَ
اللهُ بَيْني وَبَيْنَكُما اَللّـهُمَّ اَحْيِني حَياةَ [مَحْيا] مُحَمَّد
وَذُرِّيَّتِهِ وَاَمِتْني مَماتَهُمْ وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِهِمْ، وَاحْشُرْني
فِي زُمْرَتِهِمْ وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْن اَبَداً فِي
الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ وَيا اَبا عَبْدِاللهِ
اَتَيْتُكُما زائِراً وَمُتَوَسِّلاً اِلَى اللهِ رَبّي وَرَبِّكُما
وَمُتَوَجِّهاً اِلَيْهِ بِكُما وَمُسْتَشْفِعاً [بِكُما] اِلَى اللهِ تَعالى فِي
حاجَتي هذِهِ فَاشْفَعا لي فَاِنَّ لَكُما عِنْدَ اللهِ الْمَقامَ الَمحْمُودَ
وَالْجاهَ الْوَجيهَ وَالْمَنْزِلَ الرَّفيعَ وَالْوَسيلَةَ اِنّي اَنْقَلِبُ
مِنْكُما [عَنْكُما] مُنْتَظِراً لِتَنَجُّزِ الْحاجَةِ وَقَضائِها وَنَجاحِها
مِنَ اللهِ بِشَفاعَتِكُما لي اِلَى اللهِ فِي ذلِكَ فَلا اَخيبُ وَلا يَكُونُ
مُنْقَلَبي مُنْقَلَباً خائِباً خاسِراً بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبي مُنْقَلَباً
راجِحاً مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً بِقَضاءِ جَميعِ الحوائِجِ [حَوائِجي]
وَتَشَفَّعا لي. اِلَى اللهِ انْقَلَبْتُ [أنْقَلِبُ] عَلى ما شاءَ اللهُ وَلا
حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِاللهِ مُفَوِّضاً اَمْري اِلَى اللهِ مُلْجِأً ظَهْري
اِلَى اللهِ مُتَوَكِّلاً عَلَى اللهِ وَاَقُولُ حَسْبِيَ اللهُ وَكَفى سَمِعَ
اللهُ لِمَنْ دَعا لَيْسَ لي وَراءَ اللهِ وَوَراءَكُمْ يا سادَتي مُنْتَهى ما
شاءَ رَبّي كانَ وَمالَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ
بِاللهِ اَسْتَوْدِعُكُمَا اللهَ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي
اِلَيْكُما اِنْصَرَفْتُ يا سَيِّدي يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ وَمَوْلايَ وَاَنْتَ
يا اَبا عَبْدِاللهِ يا سَيِّدي وَسَلامي عَلَيْكُما مُتَّصِلٌ مَا اتَّصَلَ
اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، واصِلٌ ذلِكَ اِلَيْكُما غَيْرُ مَحْجُوب عَنْكُما سَلامي
اِنْ شاءَ اللهُ وَاَسْأَلُهُ بِحَقِّكُما اَنْ يَشاءَ ذلِكَ وَيَفْعَلَ فَاِنَّهُ
حَميدٌ مَجيدٌ اِنْقَلَبْتُ يا سَيِّدَىَّ عَنْكُما
تائِباً حامِداً للهِ
شاكِراً راجِياً لِلاِجابَةِ غَيْرَ آيِس وَلا قانِط تائِباً عائِداً راجِعاً اِلى
زِيارَتِكُما غَيْرَ راغِب عَنْكُما وَلا عَنْ [مِنْ] زِيارَتِكُما بَلْ راجِعٌ
عائِدٌ اِنْ شاءَ اللهُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِاللهِ العَليِّ العَظِيمِ
يا سادَتي رَغِبْتُ اِلَيْكُما وَاِلى زِيارَتِكُما بَعْدَ اَنْ زَهِدَ فيكُما
وَفِي زِيارَتِكُما اَهْلُ الدُّنْيا فَلا خَيَّبَنِيَ اللهُ ما رَجَوْتُ وَما
اَمَّلْتُ فِي زِيارَتِكُما اِنَّهُ قَريبٌ مُجيبٌ.
__________________
الفهرس
الاهداء......................................................................... ٥
مقدمة.......................................................................... ٧
الفصل الأول.................................................................. ١١
نص الحديث الزيارة الشريفة...................................................... ١٣
الفصل الثاني................................................................... ١٩
ذكر بعض القضايا............................................................. ٢١
الفصل الثالث................................................................. ٢٧
سند زيارة عاشورا............................................................... ٢٩
البحث السند الأول للشيخ الطوسي.............................................. ٣٠
السند الثاني للشيخ الطوسي..................................................... ٣٨
السند الثالث للشيخ الطوسي.................................................... ٤٠
السند الأول للشيخ جعفر بن قولوية.............................................. ٤٢
السند الثاني للشيخ جعفر بن قولوية............................................... ٤٣
الطرق الأخرى المصححة للزيارة................................................... ٤٨
الفصل الرابع................................................................... ٥٣
فقه الزيارة..................................................................... ٥٥
نص زيارة عاشوراء (١).......................................................... ٦٣
الدعاء........................................................................ ٦٨
الفهرس....................................................................... ٧٣
|