زيارة عاشوراء

السنة الإلهية العظمی

البحث :

بتوفيق الله سبحانه قمت في هذا الكتاب بالبحث في :

١ ـ سند الزيارة ، صحته من عدمه

ـ شبهات وردود حول الزيارة

٣ ـ طرق وكيفية زيارة عاشوراء

٤ ـ فضل زيارة الحسين (ع) عموما ، عاشوراء خصوصا

٥ ـ في بعض مختصات الحسين (ع).

٦ ـ آثار زيارة عاشوراء (مجموعة من القصص).

فؤاد شبيب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله

الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

الإهداء :

إن الأشخاص الذين لهم فضل علي في زرع وغرس حب آل محمد عليهم جميعا صلوات الله وسلامه عموما ، وحب الحسين عليه السلام خصوص ، كثيرون.

لذا أحب أن أهدي هذا البحث إلى جميع أولئك الكرام ، ولكن أخص بالذكر :

١ ـ أبي وأمي العزيزين ، (حفظهما الله تعالى) حيث أنهما غرسا في کياني حب العترة الطاهرة (ع)، وخصوصا الإمام الحسين عليه السلام الذي منذ أن أدركت في طفولتي وأنا أسمع صرخات (واحسيناه) في مترلنا ، حيث كان الوالد ومازال يقيم مجالس الحسين (ع) في المنزل للرجال ، وكذلك الوالدة للنساء ، فجزاهما الله خير الجزاء ...

ـ أستاذي ومعلمي العلامة سماحة الشيخ عبد اللطيف الشبيب (قدس سره) ، حيث قام جزاه الله خيرا بتعليمي جملة من العلوم ، ومن أهم الأمور التي جنيت ثمارها هي طريقة التفكير العلمي والمنهجي في البحث ، حيث هذب ـ رحمه الله ـ هذه الموضوعة ، بالإضافة إلى تشجيعه لنا بممارسة البحث والكتابة. أسأل الله تعالى أن يفيض عليه شئابیب الرحمة والرضوان.

٣ ـ أخيرا ، وقبل أكثر من سنة ونصف من كتابة هذه الأسطر أخبرت حينها زوجتي بعظمة وفضل زيارة عاشوراء مع ذكر بعض القصص لها ، فرأيتها مبادرة ومداومة على هذه الزيارة إلى درجة أنها ـ كما قالت لي ـ تستحي أن تطلب من الله سبحانه بعد قراءة الزيارة والدعاء والصلاة ، لنفسها ودنياها شيء.

فأصبحت كلما أراها لي؟ أو تمارا عاكفة عليها أستحي من نفسي لكونها أحرص من على قراءتها.

لذا أهدي هذا البحث أيضا لها ـ حفظها الله ـ حيث أنه كلما رايتها متوجهة نحو الحسين (ع) بالزيارة أتشجع لأن أزور وأكتب بحثا حول الزيارة.

نسأل الله سبحانه أن يرزقنا حب

الحسين وآل الحسين عليهم السلام

١٤٣٣/٧/٢٠ ه

فؤاد شبیب

أم الحمام ـ القطيف

مقدمه :

المداومة على الآداب والسنن لا يمكن حصر ثوابها وثمارها (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (١) وهذه نعم وليست نعمة واحدة أفاض بها علينا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة (ع) والتي قام بتدوينها وحفظها لنا عظماؤنا وعلماؤنا كالشيخ الطوسي وابن طاووس وابن قولويه والمحدث القمي وغيرهم في كتبهم (رحمهم الله).

ومن جملة ما أفاض الله سبحانه وتعالى عبر أبواب رحمته والمدونة في كتب الأصحاب (رحمهم الله) تلك الزيارة العظيمة (زيارة عاشوراء) المشهورة ، وهذه الزيارة الشريفة فضل كبير لا يمكن لعقولنا القاصرة إدراكه ، وكيف يمكن ذلك في الوقت الذي لا يمكن إدراك الآثار التشريعية والتكوينية لمجرد هذه الألفاظ (السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته) حيث قام الدليل بالنص على ذلك كما في كامل الزيارات والمصباح والبحار وغيرها من المصادر ، فإذا كنا عاجزين عن إدراك هذا السلام الذي يبدوا بسيطا في نظر البعض! فكيف لنا أن ندرك الآثار التكوينية والتشريعية لزيارة عاشوراء.

دواعي هذا البحث:

ومن الأمور التي دعتني للبحث حول هذا الموضوع ، فضلا عن الأمر بالتزود والتأمل في أقوال المعصومين (ع) مجموعة مواقف وأمور أنتجت في النهاية

__________________

(١) سورة إبراهيم (٣٤) ، النحل ().

الداعي لأن أبحث حول الزيارة .. وأهم هذه الأسباب :

١ ـ قصة حدثت لأحد المؤمنين في أوربا ، وسأذكر ـ إنشاء الله ـ هذه القصة في الفصل الأخير (آثار زيارة عاشوراء ، مجموعة قصص ، القصة الأولى). حيث استوقفتني كثيرا ، ودعتني لأن أبحث حول هذا الكتر المهجور والتزود منه.

ـ سمعت من أحد المتدينين الذين لهم صيت بين الناس والداعين للانفتاح أنه قال ـ ما مفاده ـ : إن زيارة عاشوراء لا نذكرها كثيرا بين الناس لما فيها من اللعن الغليظ ، وإنما تسبب الفجوة بيننا وبين المخالفين وإن كان سندها صحيحة!!

فأثارني هذا القول ، كيف لنا أن نرد أمر شرعيا ورد لنا من خلفاء الله سبحانه وأن نرفع أيدينا عن هذه التوجيهات وأن نزهد فيها لمجرد الخوف والمحافظة على شعور المخالف؟! ومتى كان ذلك مسوغ لرفع اليد عن الأحكام الشرعية؟

ـ سمعت من أحد المثقفين ـ كما يحبون أن يوصفوا ـ في بعض المجالس وفي بعض المحطات الفضائية ، شبهات حول متن وسند الزيارة وملخص هذه الشبهات :

أولا : في محطة فضائية وعلى الهواء مباشرة كان لقاء مع أحد المثقفين الشيعة والمقيمين في أوربا ، وعند اتصال مباشر من أحد المشاهدين أورد إشكالا حول اللعن والسب .. (قاطعه الضيف) المثقف الشيعي قائلا : أنا لا أؤمن جميع هذه الأقوال ولا أنظر إليها بل ولا اطلعت عليها ولا أقر بالكتب التي فيها هذه الأمور من اللعن والسب ...

وأنا أعلم ـ شخصية ـ أن هذا الرجل هذه عقيدته فعلا ولم يكن الأمر تحاشية أو غيره ، فقلت في نفسي .. علينا إذا أن لا نقرأ القرآن فإن فيه كثيرا من اللعن على الظالمين!!

ثانيا : في أحد المجالس التي تضم جملة من الكتاب المثقفين ، جاء ذكر زيارة عاشوراء فقال أحدهم : إن هذه الزيارة مليئة باللعن لذا فإنما في ظني غير صحيحة السند.!! لعمري ماذا يسمى الحكم على الشيء دون علم!! وغيرها من هذه الشبهات كاختلاف الطريقة المتبعة في الزيارة وغيرها .لهذه الأسباب والدواعي ـ وغيرها ـ عزمت بعد الاتكال على الله سبحانه في البحث عن بعض ما يرتبط بالزيارة من حيث السند والمتن والقصص التي تمثل (المنهج التجريبي) كما يعبرون ، وغيرها من الأمور.

والله الموفق والمستعان

٢٠/٧/١٤٢٣ ه

نص زيارة عاشوراء

نقلنا نص الزيارة بالسند المذكور مع الدعاء من كتاب (مصباح المتهجد) الشيخ الطائفة الطوسي ـ رضوان الله عليه ـ حيث جاء في الكتاب ما نصه :روی محمد بن إسماعيل بن بزیع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر

(ع) قال من زار الحسين بن علي (ع) في يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكيا لقي الله عز وجل يوم يلقاه بثواب ألفي حجة وألفي عمرة و ألفي غزوة ثواب كل غزوة وحجة وعمرة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله (ص) ومع الأئمة الراشدين قال قلت جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم قال إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتله وصلی من بعد ركعتين وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس ثم ليندب الحسين (ع) ویکیه ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع علیه و ليعز بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين ع وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله تعالى جميع ذلك قلت جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم قال أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك قلت فكيف يعزي بعضنا بعضا قال

تقولون أعظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد (ع) وإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنه يوم تحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن فإن قضيت لم يبارك ولم ير فيها رشدا ولا يدخرن أحدكم لمترله فيه شيئا فمن ادخر في ذلك اليوم شيئا لم يبارك له فيما ادخره ولم يبارك له في أهله فإذا فعلوا ذلك كتب

الله تعالى لهم ثواب ألف حجة وألف عمرة وألف غزوة كلها مع رسول الله (ص) وكان له أجر وثواب مصيبة كل نبي ورسول ووصي وص دیق وشهید مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة.

قال صالح بن عقبة وسيف بن عميرة قال علقمة بن محمد الحضرمي قلت لأبي جعفر (ع) علمني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذا أنا زرته من قرب ودعاء أدعو به إذا لم أزره من قرب وأومأت من بعد البلاد ومن داري بالسلام إليه قال فقال لي يا علقمة إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقل بعد الإيماء إليه من بعد التكبير هذا القول فإنك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به زواره من الملائكة وكتب الله لك مائة ألف ألف درجة وكنت كمن استشهد مع الحسين ع حتى تشاركهم في درجاتهم ولا تعرف إلا في الشهداء الذين استشهدوا معه وکتب لك ثواب زيارة كل ني وكل رسول وزيارة كل من زار الحسين ع منذ يوم قتل عليه السلام وعلى أهل بيته

الزيارة :

((السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين ، وابن سيد الوصيين ، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوثر الموثور ، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك ، وأناخت برخلك عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار. يا أبا عبد الله ، لقد عظمت الرزية ، وحلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل الإسلام ، وحلت وعظمت مصيثك في السموات على جميع أهل السموات ، فلعن الله أنه أشت أساس الظلم والجور عليكم اهل

البيت ، ولعن الله امفتكم عن مقامكم وأزالتكم عن مراتبكم التي ربكم الله فيها ، ولعن الله أمة لكم ، ولعن الله المهدي لهم بالتكين من قتالكم ، برئت إلى الله واليكم منهم ومن أشياعهم وأتباعهم وأوليائهم.

يا أبا عبد الله ، إي سلم لمن سامكم ، وحرب لمن حاربكم وولى لمن والام وعدو لمن عاداكم إلى يوم القيامة ، ولعن الله آل زياد وآل مروان ، ولعن الله بني أمية قاطبه ، ولعن الله ابن محائة ، ولعن الله عمر بن س عد ، ولعن الله شمر ، والله أمة أسترحت وألمت وتهيأت ونقبت لقتالك ، أنت وأمي قد عظم مصابي بك ، فأسال الله الذي أكرم مقام ، وأكرمني بك ، أن يرزقني طلب ثارك مع إمام منصور من أهل بيت محمد صلی الله عليه وآله.

اللهم اعلي عندك وحيها بالحسين عليه السلام في الدنيا والآخرة من المقربين.

يا أبا عبد الله ، إني أتقرب إلى الله تعالى ، وإلى رسوله ، وإلى أمير اؤمنين ، وإلى فاطمة ، وإلى الحسن وإليك بموالاتك، وموالاة أوليائك وبالبراءة من قالك وتصب لك الحرب ، وبالبراءة من أس أساس الظلم والجور عليكم ، وعلى أشياعكم وأبرأ إلى الله وإلى رسوله وبالبراءة من أسس أساس ذلك ، ويمن عليه بيائه ، وتجرى في ظلمه جوره عليكم وعلى أشياعم ، برئت إلى الله وإليكم منهم ، وأثق إلى الله وإلى رسوله ثم إليكم بموالاتكم وموالاة ولكم ، وبالبراءة من أعدائكم ، والناصبين لكم الحرب ، وبالبراءة من أشياعهم وأتباعهم ، يا أبا عبد الله إني سلم لمن سالمم ، وحرب لمن حاربكم ، وولى لمن والام ، ولمن عاداكم ، فأسأل الله الذي أكرمين بمعرفتكم ، ومعرفة أوليائكم ، ورقي البراءة من أعدائكم ، أن

يجعلني معكم في الدنيا والآخرة ، وأن يثبت لي عندكم قدم صدق في الدنيا والآخرة ، وأسأله أن يعني المقام المحمود لكم عند الله ، وأن يرزقني طلب تاري مع إمام مهدي ظاهر ناطق بالحق منكم ، وأسأل الله بحقكم وبالشأن الذي لكم عنده أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما يغطى مصابا بمصيته ، يا لها من مصيبة ما أعظمها وأعظم زيتها في الإسلام وفي جميع أهل السموات والارض.

اللهم اجعلي في مقامي هذا من تنأه منك صلوات ورحمة ومغفرة. اللهم اقل محياي محيا محمد وآل محمد ، ومماتي ممات محمد وآل محمد.

اللهم إن هذا يوم تبكت به بنو أمية وابن آكلة الأكباد ، اللعين بن اللعين على لسانك ولسان نبيك صلى الله عليه وآله في كل موطن وموقف وقف فيه تي ـ صلى الله علیه وآله ـ.

اللهم العن أبا سفيان ومعاوية يزيد بن معاوية وآل مژوان عليهم من اللعنة أبد الآبدين ، وهذا يوم فرحت به آل زیاد وآل مروان عليهم اللعنة بقتلهم الحسين عليه السلام ، اللهم فضاعف عليهم اللعن والعذاب الأليم. اللهم إني أتقرب إليك في هذا اليوم ، وفي موقفي هذا ، وأيام حياتي بالبراءة منهم ، واللعنة عليهم ، وبالموالاة لبيك وآل نيك عليه وعليهم السلام.

ثم يقول : اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد ، وآخر تابع له على ذلك ، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين عليه السلام وشاعت وبايعت وتابعت على قتله. اللهم العنهم جميعا (يقول ذلك مائة مرة).

ثم يقول : السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك ، وأناخت برحلك عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت بقي الليل والنهار ، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم ، أهل البيت السلام على الحسين ، وعلى علي بن الحسين ، وعلى أولاد الحسين ، وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهم دون الحسين (يقول ذلك مائة مرة). ثم يقول : اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني ، وأبدأ به أولا ، ثم الثاني ،والثالث والرابع ، اللهم العن يزيد خامسا ، ولعن عبيد الله بن زياد وابن مرجانة و عمر بن سعد وشمر وآل أبي سفيان وآل زياد وآل مژوان إلى يوم القيامة.

ثم تسجد وتقول : اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك على مصابهم ، الحمد لله على عظيم رزيني. اللهم ارزقي شفاعة الحسين عليه السلام يوم الود ، وبت لي قدم ص دق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهم دون الحسين عليه السلام.

قال علقمة : قال أبو جعفر (عليه السلام) وإن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل فلك ثواب جميع ذلك.

وروی محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة قال خرجت مع صفوان بن مهران الجمال وعندنا جماعة من أصحابنا إلى الغري بعد ما خرج أبو عبد الله ع فسرنا من الحيرة إلى المدينة فلما فرغنا من الزيارة ص رف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله الحسين ع فقال لنا تزورون الحسين عمن هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين ع من هاهنا أومأ إليه أبو عبد الله

الصادق ع وأنا معه قال فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر ع في يوم عاشوراء ثم صلى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين (ع) وودع في دبرها أمير المؤمنين وأومأ إلى الحسين بالسلام منصرفا وجهه نحوه وودع وكان فيما دعا في دبرها :

((يا الله يا الله يا الله ، يا مجيب دعوة المضطرين ، یا کاشف رب المكروبين ، يا غياث المستغيثين ، یا صريخ الصرخين ، يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، ويا من هو بالنظر الاعلى ، وبالأفق المبين ، ويا من هو الرحمن الرحيم على العرش استوى ، ويا من يعلم خائنة الأعين وما خفي الصدور ، ويا من لا يخفى عليه خافية ، يا من لا تشبه عليه الاصوات ، ويا من لا غلطه الحاجات ، ويا من لأبيره إلحاح الملحين ، ويا مدرك كل قوت ، ويا جامع کل شمل ، ويا بارئ افوس بعد الموت ، يا من هو كل يوم في شأن ، يا قاضي الحاجات ، یا نفس الكربات ، یا مغطى الثؤلات ، يا ولي الرغبات ، یا کافي المهمات ، يا من يكفي من كل شيء ولا يكفي منه شي في السموات والارض ،

أسألك بحق محمد خاتم النبيين وعلي أمير المؤمنين ، وبحق فاطمة بنت تبي ، وبحق الحسن والحسين.

فاني بهم أنوه إليك في مقامي هذا ، وبهم أول ، وبهم أشفع إليك ، وبحقهم أسألك قسم وأغرم عليك ، وبالشأن الذي لهم عند وبالقدر الذي لهم عندك ، وبالذي فضلهم على العالمين ، وباسمك الذي جعله عندهم ، به خصصتهم دون العالمين ، وبه أبنتهم وأنت فضلهم من فضل

العالمين حتى فاق فضلهم فضل العالمين جميع أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تكشف ممي ممي وهمي وكربي ، وتكفيني الهم من مموري ، وتقضي عتي ديني ، وتجيرني من الفقر ، وتحيري من الفاقة ، وتغنيني عن المسألة إلى المخلوقين ، وتكفيني هم من أخاف هممه ، وجور من أخاف كوره ، وعسر من أخاف غره ، وژونة من أخاف ترونه ، ومن أخاف شه ، ومر من أخاف مكره ، وبعي من أخاف بغية ، وسلطان من أخاف سلطانة ، وكيد من أخاف كيده ، ومقدرة من أخاف مقدرته علي ، وترد عتي كي أكيدة ، ومر الكرة.

اللهم من أرادني فأرده ، ومن كادني فكذه ، واصرف عني كيده ومكره وبأسه وأمانيه ، وامنعه عني كيف شئت ، وانی شئت.

اللهم اشغله عني بفقر لا تجبه ، وبلاء لا تستره ، وبفاقة لا تشدها ، وبسقم لا تعافيه ، ولا عه ، وبمسكنة لا تجبرها.

اللهم اضرب بالذل تصب عينيه ، ودخل عليه الفقر في منزله ، والعلة والسقم في بدنه ، حتى تشغله تي بشغل شاغل لا فراغ له ، وأنسه ذكري كما أنسيته ذكرك ، وخذ عي بسمعه وبصره ولسانه ويده ورجله وقلبه وتجميع كوارحه ، وأدخل عليه في جميع ذلك الشقم ، ولا تشفه حتی تجعل ذلك كله شغ؟ شاغ به عي وممن ذكري.

واكفني یا کافي ما لا يكفي سواك فإن الكافي لا كافي سواك ، ومفرج لا مفرج سواك ، ومغيث لا مغيث سواك ، وجار لا جار سواك ، خاب من كان جاره سواك ، ومغيه سواك ، ومفزعه إلى سواك ، ومهره إلى سواك ،

وملجاه إلى غيرك ، ومنجاه من مخلوق غيرك ، فأنت ثقتي ورجائي وفرعي ومهربي وملجاي ومناي ، فبك أستفتح ، وبك أستج ، وبمحمد وآل محمد أتوجه إليك وأتوسل وأتشفع ، فأسألك يا الله يا الله یا الله ، فلك الحمد ، ولك الشكر ، وإليك النگی وائت المستعان ، فأسألك يا الله يا الله يا الله ، بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تكشف عتي غي وهمي وكربي في مقامي هذا ما كشفت عن بيك هه وتمه وكربه ، وكفيته هو عدوه ، اشف ي كما كشفت عنه ، وفرج عتي كما ف ت عنه ، واكفني كما كميته واصرف عتي هول ما أخاف قوله ومؤونة ما أخاف مؤونته ، وهم ما أخاف همه بلا مؤونة على نفسي من ذلك ، واصرفني بقضاء حوائجي ، وكفاية ما أهمي ممممه من أمر آخرتي و دنياي.

يا أمير المؤمنين ويا أبا عبد الله ، علیکما منی سلام الله أبد ما بقى الليل والنهار ، ولا نجعله الله آخر العهد من زيارتكما ولا فرق الله بيني وبينكما . اللهم أحيني حياة محمد صلى الله عليه وآله ورته ، وأمشي ممائهم ، وتوفني على متهم ، واحشرني في مرتهم ، ولا فرق بيني وبينهم طرفة عين أبدا في الدنيا والاخرة.

يا أمير المؤمنين يا أبا عبدالله ، أما زائرا ومتوسط إلى الله ربي وربكما ، وممنوها إليه بما ، وشفعة بما إلى الله تعالى في كاحتي هذه اشفعا لي إن لكما عند الله أمام المحمود ، والكاة الوحية ، والمنزل الرفيع والوسيلة ، إني أثقلب عنكما منتظرا لجز الحاجة وقضائها ونجاحها من الله بشفاعتكما لي إلى الله في ذلك فلا أخي ، ولا يكون منقلبي متقلبا

خائبا خاسرة بل يكون منقلبي منقلب راجح مفلح منجح م كابا بقضاء ميع الحوائج وشفعا لي إلى الله ، انقلبت على ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ومفوض أمري إلى الله ، ملجئا ظهري إلى الله ، متوگ على الله ، وأقول حسبي الله وكفى ، سمع الله لمن دعا ، ليس لي وراء الله وراء كم يا سادتي منتهی ، ما شاء ربي كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله أستودعكم الله ، ولا تجعله الله آخر العهد متي إليكما ، انصرفت يا سيدي يا أمير المؤمنين ومولاي وأنت يا أبا عبدالله ، يا سيدي سلامي عليكما مثل ما صل الليل والنهار واصل ذلك إليكماغي محجوب عنكما ، لأمي إن شاء الله وأسأله بحقكما أن يشاء ذلك يفعل فإنه حميد مجيد ،

انقلبت يا سيدي عثما تائب حامدا لله ، شاكرا راحية للاجابة ، غير آیس ولا قانط ، آئبا عائدة راجع إلى زيارتكما غير راغب عنكما ولا عن زیارتكما ، بل راجع عائد إن شاء الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا سادقي رغب إليكما وإلى زيارتكما بعد أن زهد فيما وفي زیارتكما أهل الدنيا فلا خيني الله ما ریموت ، وما أملت في زيارتكما ، إنه قريب مجيب)).

قال سيف بن عميرة فسألت صفوان فقلت له إن علقمة بن محمد الحضرمي لم يأتنا بهذا عن أبي جعفر ع إنما أتانا بدعاء الزيارة فقال صفوان وردت مع سيدي أبي عبد الله ع إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ودعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلی کما صلينا وودع كما ودعنا ثم قال لي صفوان قال لي أبو عبد الله ع تعاهد هذه الزيارة وادع بهذا الدعاء وزر به فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من

قرب أو بعد إن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغا ما بلغت ولا يخيبه يا صفوان وجدت هذه الزيارة مضمونة بمذا الضمان عن أبي وأبي عن أبيه علي بن الحسين ع مضمونا بهذا الضمان والحسين عن أخيه الحسن مضمونا بهذا الضمان والحسن عن أبيه أمير المؤمنين مضمونا بهذا الضمان وأمير المؤمنين عن رسول الله ص مضمونا بهذا الضمان ورسول الله ص عن جبرئیل ع مضمونا بهذا الضمان وجبرئيل عن الله عز وجل مضمونا بهذا الضمان قد إلى الله علی نفسه عز وجل أن من زار الحسين ع بهذه الزيارة من قرب أو بعد ودعا بهذا الدعاء قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغا ما بلغ وأعطيته سؤله ثم لا ينقلب عن خائبا وأقلبه مسرورا قريرا عينه بقضاء حاجته والفوز بالجنة والعتق من النار وشفعته في كل من شفع خلا ناصب لنا أهل البيت الى الله تعالى بذلك على نفسه وأشهدنا بما شهدت به ملائكة ملكوته على ذلك ثم قال جبرئیل یا رسول الله أرسلني إليك سرورا وبشرى لك وسرورا وبشرى لعلي وفاطمة والحسن والحسين وإلى الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة فدام یا محمد سرورك وسرور علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث ثم قال صفوان قال لي أبو عبد الله ع یا صفوان إذا حدث لك إلى اللله حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت وادع بهذا الدعاء وسل ربك حاجتك تأتك من الله والله غير مخلف وعده ورسوله (ص) منه والحمد لله.

الفصل الأول

١ ـ أقسام الحديث (نبذة مختصرة)

ـ طرق البحث العلمي في علم الرجال

ـ طرق وأسانيد زيارة عاشوراء

٤ ـ البحث في سند الزيارة ، صحته من عدمه.

مدخل :

ينبغي لنا أولا أن نتعرف على جملة من المواضيع المرتبطة بالروايات المعرفة موقع زيارة عاشوراء في خارطة علم الحديث والدراية ، ونذكر هنا ـ

ونقتصر ـ على ما يخدم البحث مبتعدين قدر الإمكان عن الإطناب والإطالة. ولمعرفة موقع زيارة عاشوراء يلزم التعرف على :

١ ـ أقسام الحديث

ـ بیان الطريقة المتبعة لدى العلماء والمحققين في أحوال الرجال

٣ ـ تطبيق ذلك على سند الزيارة.

أقسام الحديث:

بدأت محاولات لتقسيم الخبر منذ زمن العلامة الحلي (قدس) وشيخه (ابن طاووس) على ما ورد في الوسائل ، بل يصح نسبة أن المبتكر هذا التقسيم ـ الآتي ـ المشهور هو العلامة الحلي ، ولذلك أنكر عليه بعض الإخباريين هذا التقسيم بسبب أنهم يعتقدون أن جميع أخبار وأحاديث الكتب الأربعة (الكافي ، التهذيب ، الاستبصار ، من لا يحضره الفقيه) ص حيحة ويجب العمل بموجبها ، وذكروا مجموعة قرائن تدل على المدعي ، ولكن لا نريد الإطالة في ذلك حيث أننا سنبني على المشهور في التقسيم.

وليس كلامنا فعلا في الخبر (القطعي) ونعني به الخبر الذي يورث العلم بصدور مفاده عن المعصوم علیه السلام وذلك مثل :

١ ـ الخبر المتواتر : أي إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب (١).

٢ ـ الخبر المحفوف بالقرائن التي توجب القطع بصدوره عن المعصوم

٣ ـ الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم.

٤ ـ بناء وسيرة العقلاء الكاشف عن رأي المعصوم.

٥ ـ ارتکاز المتشرعة (٢).

بل كلامنا في الأخبار غير القطعية :

الطرق غير القطعية :

وما يهمنا إيراده لخدمة البحث هو (ما قام على اعتباره دلیل قطعي (٣)) والذي يكاد ينحصر (أو ينحصر) في أخبار الآحاد ، وقد اصطلح المتأخرون من علمائنا على تقسيم الخبر الواحد باعتبار اختلاف أحوال رواته إلى الأقسام الأربعة المشهورة (٤) (الصحيح ، الموثق ، الحسن ، الضعيف). وهذا ما يهمنا في البحث عن موقع زيارة عاشوراء سندا ، فهل هي صحيحة بالمعنى العلمي أم أنما موثقة أم حسنة أم ضعيفة ، وما هو القسم المأمورون بإتباعه وثبوت حجيته.

لذا ينبغي التعرف بشيء يسير على هذه الأقسام وما هو الحجة منها وغير الحجة.

قسم الحديث إلى أربعة أقسام (٥):

__________________

(١) الأصول العامة للفقه المقارن ص.

(٢) الأصول العامة للفقه المقارن ص.

(٣) المصدر السابق ص .

(٤) أصول الحديث وأحكامه ص ٤٣.

(٥) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص ٤٨.

١ ـ الصحيح : وهو ما كان جميع رواته عدولا إمامية. وهو حجة بلا خلاف.

٢ ـ الثقة : وهو ما كان روانه كلهم أو بعضهم من غير الإمامية ولكنهم وثقوا ، والمعروف بين الأعلام حجية خبر الثقة لأدلة كثيرة ليس هنا محل بحثها.

٣ ـ الحسن : وهو ما كان رواته كلهم أو بعضهم من الإمامية ولكنهم لم يعدلوا بل مدحوا فقط ، والذي عليه الأكثر من العلماء هو كون الخبر الحسن حجة كما ذكر ذلك النائين وغيره.

٤ ـ الضعيف : وهو ما كان رواته مجهولين أو مطعونين ، وغير الأقسام الأربعة ، والمعروف بين المتأخرين عدم حجيته. وكما سبق بيانه بأن بعض الأخباريين أشكلوا بل أنكروا هذا التقسيم وقد ذكر الحر العاملي () قرينة تدل على الأخذ بالكتب الأربعة وأن تقسيم العلامة الحلي ضعيف (١).

ولكي نتعرف على سند الزيارة ـ عاشوراء ـ وضمن أي التقسيمات السابقة تندرج نسلك طريق المشهور في ذلك ، ويلزم الالتفات إلى النتيجة السابقة وهي : أن الخبر الصحيح وكذا الثقة وكذا الحسن،حجة يجب العمل به وإنما الكلام في الضعيف إذا عمل به المشهور من الفقهاء.

وبعد بيان ذلك ، كيف نتعرف على الطريقة المتبعة لدى العلماء لإثبات وثاقة الرواة؟ ونذكر باختصار شديد ما أفاده صاحب كتاب(دروس

__________________

(١) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص ٤.

تمهيدية في القواعد الرجالية) حيث أفرد فصلا كاملا لذلك ونلخص ما أفاده في نقطتين :

الأولى : الطرق الخاصة لإثبات الوثاقة : وقبل الخوض في غمرات هذا المبحث لابد من القول أن ما سنذكره هو ما تسالم عليه أجلاء المحققين من الطائفة وسنبتعد عن مواطن الخلاف ، وما سنذكره من مواطن خلاف سيقتصر على ما تقتضية حاجة البحث. ذكر كثير من علمائنا أن التطبيق العملي للبحث عن وثاقة الرواة له اتحاهان : الأول هو (الطريق الخاص لإثبات الوثاقة) والثاني (الطريق العام لإثبات الوثاقة).

أما الطريق الأول لإثبات الوثاقة (الخاص) عدوا له مجموعة طرق منها التالي :

١ ـ شهادة المعصوم (ع) : ويشترط في هذا الطريق أن لا يكون الراوي للتوثيق هو نفس الشخص المراد إثبات وثاقته ، وإلا كان أشبه بالدور ، وهذا الطريق لا خلاف فيه.

ـ شهادة أحد الأعلام بالوثاقة : منهم (النجاشي) و (الطوسي) و (الكشي) بفتح الكاف ، ويكفي أحد هؤلاء ولا يشترط إجماعهم ، وهذا متفق عليه ،. وأما شهادة الأعلام المتأخرين كالعلامة وابن طاووس والشهيد الثاني وابن داوود ففيه خلاف.

٣ ـ الإجماع على الوثاقة : كالإجماع الذي ذكره الكشي حيث قال : (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء ...) وذكر ستة أشخاص. وغيرها من الإجماعات ، هذا بالنسبة إلى

ادعاء الإجماع من قبل المتقدمين ، وأما ادعاء الإجماع من قبل المتأخرين ففيه بحث.

٤ ـ الوكالة عن الإمام : والوكالة نوعان (عامة ، وخاصة) أما الأولى فلا إشكال على دلالتها على الوثاقة ، ووقع الخلاف في الوكالة الخاصة.

٥ ـ رواية الثقة : وفي هذا الطريق خلاف ، فقد ذهب صاحب المستدرك أن الراوي الثقة إذا روى عن أحد فيكون هذا (الأحد) ثقة ، وذهب غيره إلى عدم الدلالة.

٦ ـ شيخوخة الإجازة : وهي بمعنى أن يجيز أحد الرواة ـ كأستاذ ـ مثلا أحد التلاميذ ، فإن الأستاذ يسمى (شيخ الإجازة). فالكلام : هل إن الإجازة التي عند الثقة دليل على وثاقة شیخ الإجازة أم لا؟ ذهب الأكثر إلى دلالتها ، أما بعض المتأخرين إلى عدم الدلالة.

هذه مجموعة طرق خاصة لإثبات الوثاقة.

الثانية : طرق عامة لإثبات وثاقة الراوي :

١ ـ توثیق رواة تفسير القمي : وهو تفسير القرآن الكريم لعلي ابن إبراهيم القمي شيخ الكليني ، ذكر في مقدمة التفسير أنه (ما رواه مشايخنا وثقاتنا ..) ففهم من هذا أن جميع من ذكر في هذا التفسير ثقة .. وليس فقط مشايخ القمي المباشر ون بل جميع من ذكر كما نقل عن السيد الخوئي (قدس)، فيصبح بذلك عدد () راوية من الثقات بعد ما كانوا مجاهیل ، وعلی هذا الرأي الأكثر ، إلا أن البعض تأمل في ذلك من حيث إن

التفسير الموجود (خليط) بينه وبين غيره لما ورد فيه بعض الجمل التي تفيد العلم الإجمالي المانع من الأخذ به (راجع کتاب دروس تمهيدية).

٢ ـ رواة كامل الزيارات (وهذا الكتاب مهم في البحث) وهو الجعفر ابن قولويه ، وقال في مقدمة الكتاب : (وقد علمنا بانا لا تحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعني ولا في غيره ولكن ما وقع لنا من الثقات من أصحابنا ـ ره ـ ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال ...) وفهم من ذلك ـ كما سبق في تفسير القمي ـ كون جميع من ذكر في الكتاب وليس فقط مشایخ ابن قولويه المباشرون ثقات .. فيصبح بذلك () راويا ثقة على ما قيل ، وقد تأمل البعض في ذلك ، من كون العبارة أقصى ما تفيد أن الثقات هم خصوص مشایخ ابن قولويه المباشرون.

٣ ـ مشايخ النجاشي : وذلك لعبارات كثيرة تفيد أنه لم يأخذ إلا عن ثقة. ولذلك فإن جميع مشايخ النجاشي ثقات ، وهذا الطريق ثابت.

٤ ـ وقوع بني فضال في السند : وهم ثلاثة (الحسن ابن علي ابن فضال ، وأحمد ابن الحسن ابن علي ابن فضال ، وعلي ابن الحسن ابن علي ابن فضال) وهم جماعة فطحية ، وهي التي تقول بإمامة عبد الله الأفطح ابن الإمام الصادق (ع) وقد شكل الإمام العسكري (ع) عن ذلك فقال (خذوا ما رووا وذروا ما رأوا) وقال الشيخ الأنصاري (قدس) أن مت ما ورد في

سند الرواية بعض بن فضال فهي حجة ولو اشتملت على بعض

الضعفاء بين بن فضال والإمام. وقد رفض هذا الرأي كثير من الأعلام وهذا الطريق ليس مهما في البحث.

٥ ـ رواية أحد الثلاثة : وهم (محمد ابن عمير ، وصفوان ابن يحي

، وأحمد ابن نصر البزنطي) وذلك لعبارة الشيخ في عدة الأصول تفيد هذا المعن وهي : (... لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به ..) فذهب المشهور إلى أن مراسيل الثلاثة کمسانیدهم ، ورفض بعض الأعلام كالسيد الخوئي ذلك ، بدليل أن هذه القضية لا يمكن الإطلاع عليها إلا من قبل نفس الثلاثة وهذا يكون الشيخ قد استند إلى حدسه وإجتهاده وليس إلى حسه ..

هذه مجموعة طرق عامة لإثبات وثاقة الرواة ، وهناك توثيقات خاصة وعامة أخرى ، ولكن نكتفي بذكر ما سبق لكي لا يخرج البحث عن غرضه الأساس ، كما نود أن ننوه بأن هناك طرق غير الذي ذكر ولا تخضع العنوان عام أو خاص وسيتبين ذلك ـ إنشاء الله ـ من خلال دراسة أحوال بعض من وقعوا في سند الزيارة كإبراهيم ابن هاشم وغيره.

زيارة عاشوراء في المصادر

وردت زيارة عاشوراء في جملة من أمهات كتبنا الروائية أو الخاصة بالآداب والسنن من صلوات وزيارات وغيرها ، وبعد الإطلاع على بعض هذه المصادر ـ فيما هو متاح بين يدي ـ انتهيت إلى نتيجة (والله العالم) وهي :

أن زيارة عاشوراء المشهورة وردت في مصدرين أساسيين وهما : كتاب مصابح المتهجد لشيخ الطائفة الطوسي ، وکتاب کامل الزيارات ـ المتقدم ـ للشيخ جعفر ابن قولويه. وأن من جاء بعدهما نقل عنهما بذات السند المذكور فيهما إما كما في المصباح أو الكامل ، ومن هذه المصادر على سبيل المثال : کتاب بحار الأنوار حيث نقل نص الزيارة في المجلد تحت رقم (١) عن كامل الزيارات ، وتحت رقم () عن المصباح ، وأما مصباح الكفعمي فإنه أورد الزيارة من دون ذكر سندها ولكن بقرينة أنه أتي بالدعاء بعد الزيارة فيظهر أنه نقل عن المصباح ، وكذا مفاتیح الجنان فنقل المحدث القمي الزيارة كما في المصباح ، ومثله السيد الشيرازي في كتابه الدعاء والزيارة ، وأما ضياء الصالحين فقد نقل عن الكامل ، وكذا غيرها من الكتب والمصادر.

فعليه يتبين أن الزيارة لها مصدران (الكامل ـ المصباح) وبعد أن أشرنا إلى أن كامل الزيارات له شهرة بين المحققين على أن جميع من وقع في الكامل من الرجال في الأسانيد ثقات بتصريح مؤلفه ـ كما تقدم ـ ، ولكن لوجود قول مخالف سنبحث في أحوال رجال السند بالطريقة المتقدمة.

أما عن المصباح : فنقول يلزم التنبيه إلى أمر مهم وهو : أن شيخ الطائفة في كتبه التهذيب والمصباح والاستبصار وغيرها لا يذكر جميع رجال السند في الروايات التي ينقلها ، بل يذكر مباشرة صاحب الأصل ـ أي صاحب کتاب ـ وهو الرجل الذي جاءت الرواية عن طريقه عبر كتاب له أو غيره ، وأن أصحاب هذه الأصول متقدمين على الشيخ بطبقات ، لذا يرد السؤال : كيف نتوصل إلى صحة السند بين الشيخ وبين صاحب الأصل؟ وجواب ذلك : لمعرفة صحة السند بين الشيخ وصاحب الأصل يلزم مراجعة أحد الكتابين :

ألف : کتاب المشيخة : وهو کراس كتبه الشيخ في نهاية التهذيب والاستبصار ، ذكر الشيخ فيه طريقه إلى أصحاب الأصول التي نقل عنها الأحاديث.

باء : الفهرست : كذلك في الفهرست ذكر طرقه إلى أصحاب الأصول ، ولكن الفهرست أكبر مما ذكره في المشيخة لأن الفهرست ألفه لاستقصاء أصحاب الأصول والطرق إليهم.

وسيتضح ـ إنشاء الله ـ بعد هذه المقدمة المقتضبة كل ماسلف عند التطبيق ، فإن التطبيق أكثر تثبيتا للمعلومات.

سند زيارة عاشوراء (الرواة)

الزيارة عاشوراء عدة طرق وأسانيد :

الأول:

ذكر الشيخ (ره) في المصباح الصفحة ٥٣٦ وقال : روی محمد بن إسماعيل بن بزیع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن الإمام الباقر عليه السلام : من زار الحسين (ع) .... (ثم ذكر مجموعة روايات عن ثواب زيارة الإمام الحسين (ع). وبعد ذلك قال الشيخ : قال صالح بن عقبة وسيف ابن عميرة : قال علقمة ابن محمد الحضرمي قلت لأبي جعفر (ع) علمني دعاء (ثم بعد ذلك ذكر الزيارة).

أقول : الظاهر أن والد صالح بن عقبة جاء في سند الروايات التي تذكر ثواب زيارة الإمام الحسين (ع) أما نص الزيارة فالظاهر ليس في السند بقرينة أن سیف بن عميرة لم يرد في الروايات التي تذكر التواب ، وكذا قول الشيخ بعد أن جاء بالروايات في ثواب زيارة الحسين (ع) ختم وابتدأ با : قال صالح بن عقبة وسيف بن عميرة مما يفيد أن محمد بن إسماعيل روى الزيارة عنهما كما ابتدأ ذلك بقوله : (روی محمد بن إسماعيل بن بزيع ..) وعلى هذا يصبح سند الزيارة هو : روی محمد بن إسماعيل بن بزیع عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي عن الإمام الباقر (ع). هذا هو السند.

ولكي نتعرف على طريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل بن بزیع ، ننظر إلى كتابه (الفهرست) أو المشيخة.

وعلى ما في الفهرست توجد ثلاثة طرق للشيخ إلى محمد بن إسماعيل بن بزیع ونذكرها مفصلا :

الطريق الأول إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع كما في الفهرست صفحة ٥

تحت رقم ٦٠٥:

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن ابن أبي جيد

٣ ـ عن محمد ابن الحسن ابن الوليد

٤ ـ عن علي ابن إبراهيم

٥ ـ عن أبيه ، إبراهيم ابن هاشم

٦ ـ محمد ابن إسماعيل بن بزيع

٧ ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة (جمعا)

ـ عن علقمة بن محمد الحضرمي ، الذي يروي الزيارة عن الإمام الباقر

(ع).

الطريق الثاني إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع كما في الفهرست صفحة

تحت رقم :

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن الحسن ابن حمزة العلوي

٤ ـ علي ابن إبراهيم

٥ ـ عن أبيه ، إبراهيم ابن هاشم

٦ ـ عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع

٧ ـ عن صالح بن عقبة وسيف ابن عميرة

٨ ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، عن الإمام الباقر (ع).

الطريق الثالث إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع كما في الفهرست صفحة :

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن ابن أبي جيد

٣ ـ عن محمد ابن الحسن

٤ ـ عن سعد والحميري

٥ ـ عن أحمد ابن إدريس

٦ ـ محمد ابن يحي

٧ ـ أحمد ابن محمد ومحمد ابن الحسن

٨ ـ محمد ابن إسماعيل بن بزيع

٩ ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة

ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، عن الإمام الباقر (ع).

هذا هو الطريق الأول لسند الزيارة ، والذي هو في واقع الأمر ثلاثة طرق عن أصل لمحمد ابن إسماعيل.

الثاني :

ذكر الشيخ في المصباح صفحة قال : روی محمد ابن خالد الطيالسي عن سيف ابن عميرة قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمال ... ، والتي مفادها أنه ذكر صفوان أنه جاء بالزيارة عاشوراء) مع الإمام الصادق (ع) وزاد على ما نقله الحضرمي الدعاء المعروف بدعاء ص فوان بعد الزيارة.

وطريق الشيخ إلى محمد ابن خالد الطيالسي مذكور في الفهرست صفحة تحت رقم ١٤٨ وهو كما يلي :

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن أحمد ابن محمد ابن يحي

٤ ـ محمد ابن يحي

٥ ـ محمد ابن علي ابن محبوب

٦ ـ عن محمد ابن خالد الطيالسي

٧ ـ عن سيف ابن عميرة

٨ ـ عن صفوان ابن مهران الجمال ، الذي يروي الزيارة عن الإمام

الصادق (ع).

الثالث :

ذكر الشيخ ابن قولويه في كتابه (کامل الزيارات) صفحة زيارة عاشوراء بهذا الشكل : قال : حدثني حکيم بن داود بن حكيم وغيره ، عن محمد بن موسى الهمداني ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعا ، عن علقمة بن محمد الحضرمي ومحمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن مالك الجهني ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ، قال : من زار الحسين (عليه السلام) يوم عاشورا حتى يظل عنده باكيا لقي الله عز وجل يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجة وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة ، وثواب كل حجة وعمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله) ومع الأئمة الراشدين (عليهم السلام). قال : قلت : جعلت فداك فما لمن كان في بعد البلاد

وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم ، قال : إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في داره ، وأومأ إليه بالسلام واجتهد على قاتله بالدعاء ، وصلى بعده ركعتين ، يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ، ثم ليندب الحسين (عليه السلام) ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه ، ويقيم في داره مصیبته بإظهار الجزع عليه ، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا بمصاب الحسين (عليه السلام) ، فانا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك علي الله عز وجل جميع هذا النواب. فقلت : جعلت فداك وأنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك والزعيم به ، قال : أنا الضامن لهم ذلك والزعيم لمن فعل ذلك ، قال : قلت : فكيف يعزي بعضهم بعضا ، قال : يقولون : عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام ، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره م ع وليه الإمام المهدي من آل محمد (صلی الله عليه واله). فان استطعت إن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل ، فانه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة وان قضیت لم يبارك له فيها ولم ير رشدا ، ولا تذخرن لمترلك شيئا ، فانه من ادخر لمتزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدخره ولا يبارك له في أهله ، فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة وألف ألف عمرة وألف ألف غزوة كلها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكان له ثواب مصيبة كل بي ورسول وصديق وشهید مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلى إن تقوم الساعة

قال صالح بن عقبة الجهني وسيف بن عميرة ، قال علقمة بن محمد الحضرمي: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) : علمي دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قريب ، ودعاء أدعو به إذا لم أزره من قريب وأومأت إليه من

بعد البلاد ومن داري ، قال : فقال : ......... ثم ذكر الشيخ ابن قولویه كيفية ونص الزيارة.

أقول : أن الظاهر مما سبق ما يلي :

١ ـ أن السند المذكور من حكيم بن داوود بن حکیم وغيره إلى علقمة بن محمد الحضرمي. ومن محمد بن إسماعيل إلى مالك الجهي ، هما سندان مختلفان ولكنهما مشتركان في كوما موصلان إلى الرواية الواردة في ثواب الزيارة.

٢ ـ وإن قوله بعد الانتهاء من روايات ثواب الزيارة الأنف الذكر : قال صالح بن عقبة الجهني وسيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي ... مشعر بأن الشيخ ابن قولويه أورد نص الزيارة عن حکیم بن داوود بن حکیم وغيره عن محمد بن موسى الهمداني عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة عن علقمة بن محمد الحضرمي ، والأخير بدوره ينقل الزيارة عن الأمام الباقر عليه السلام.

٣ ـ إن ذکر محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهي .. فيه احتمالات :

أ ـ أنه ينقل روایات ثواب الزيارة بسندين كما تقدم ، أحدهما هذا هو المذكور.

ب ـ أن بن قولویه ربما ذكر ذلك لورود الزيارة في كتاب محمد بن إسماعيل وكأنه أراد الإشعار بذلك. ولكنه نقل ما في كتابه من النص بالسند المذكور في النقطة الثانية والله العالم.

ج ـ أنا نجزم بعدم صحة عطف محمد بن إسماعيل على علقمة بن محمد الحضرمي لكون الأخير متقدم على الأول بطبقات ولذلك لا يرد هذا الاحتمال.

إذا يتضح مما سبق أن الظاهر من سند الزيارة التي ينقلها بن قولويه في كتابه هو :

ـ أورد ابن قولویه

ـ عن حكيم بن داوود بن حكيم وغيره

محمد بن موسى الهمداني

محمد ابن خالد الطيالسي

سيف بن عميرة وصالح بن عقبة

ـ عن علقمة بن محمد الحضرمي .. الذي ينقل الزيارة عن الإمام

الباقر عليه السلام.

الخلاصة :

وبهذا يظهر أن الزيارة لها في واقع الأمر خمسة طرق في سندها ، ثلاثة منها فيما يوصل طريق الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزيع إلى الإمام الباقر (ع) ، وواحد من الشيخ إلى الطيالسي عن الإمام الصادق (ع)، وآخر ما ذكره ابن قولويه في الكامل.

ويكفي صحة أحد الطرق فقط ولا تستوجب صحة الجميع كما لا يخفی.

ولمعرفة أحوال هؤلاء الرجال وتمهيدا لعملية التطبيق نقول :

أ) ننظر هل ورد في حق أحدهم من قبل المعصوم (ع) مدح أو شهادة؟

ب) مراجعة كتب الرجال المتقدمين (النجاشي ، والطوسي ، والكشي)؟

ج) هل دخل أحدهم ضمن الإجماع المدعي من قبل الكشي أو غيره؟

د) هل كان أحدهم وكي عن الإمام عام أو خاصا؟

ه) شهادة المتأخرين (كالعلامة ، أو ابن داوود ، أو ابن طاووس ، أو

الشهيد الثاني) بناء على القول به.

و) النظر في وجود قرائن أخرى تدل على توثيق أحدهم من عدمه.

البحث في أحوال السند

وقبل التعرف على حال السند في جميع الطرق المتقدمة يلزم التنبيه على ثلاثة أمور :

الأمر الأول :

ذكرنا أن للشيخ الطوسي ثلاثة طرق إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ، فقد ترد شبهة مفادها : أنه ربما سمع الشيخ وروى الزيارة عن أحد هذه الطرق الثلاثة فقط ، فلماذا نذكر ونبحث عن حال السند بجميع طرقه؟ نقول : إن الشيخ الطوسي حينما نقول إن له ثلاثة طرق إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزيع ، هذا يعني أن جميع ما ينقله عن محمد ابن إسماعيل ينقله عن أصل لمحمد ابن إسماعيل ، وهذا الأصل أخبر به الشيخ من قبل الطرق الثلاثة ، فإذا لم يصح أحد الطرق فتكفي صحة الآخر لقيام الحجة ، وهذا الكلام لا خلاف فيه.

الأمر الثاني :

ذكر أبو الهدى الكلباسي في كتابه (سماء المقال في علم الرجال) في المجلد الأول في صفحة () أن جده العلامة الكلباسي جزم على عطف محمد ابن إسماعيل ابن بزيع على محمد ابن خالد .. ولكن أبا الهدى الكلباسي أظهر ضعف هذا القول ، بل إن الزيارة لها طريقان. وهذا على ما يظهر من محموعة قرائن هو الصواب ، وهو ما ذكرناه آنفا.

الأمر الثالث :

وننبه هنا على أمر مهم : أن علماءنا جزموا في مثل هذا السند الذي تتعدد طرقه بكفاية صحة أحد الطرق فقط ، ففي مثل حالنا مع الزيارة التي يوجد في واقع الأمر ـ كم مر ـ خمسة طرق إلى المعصوم (ع) ، فيكفي ثبوت صحة أحد الطرق ، فلو كان أربعة منها ضعيف السند وواحد فقط صحيح

السند فيكفي ذلك لثبوت الحجة بصحة هذا الطريق. وهذا الأمر مسلم به ولا قائل بخلافه وهو واضح ولا يحتاج إلى عناء الاستدلال لصحته. وبعد هذه الملاحظات نشرع بحول الله وقوته في البحث عن حال السند کما يلي :

١ ـ الطريق الأول من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ومنه إلى الإمام الباقر (ع).

٢ ـ الطريق الثاني من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ومنه إلى الإمام الباقر (ع).

٣ ـ الطريق الثالث من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ومنه إلى الإمام الباقر (ع).

٤ ـ الطريق الرابع من الشيخ إلى محمد ابن خالد الطيالسي إلى الإمام الصادق (ع).

ه ـ الطريق الخامس من ابن قولويه إلى الإمام الباقر (ع). وهو الموجود في كامل الزيارات.

الطريق الأول :

وللتعرف على حال السند المذكور في الطريق الأول والذي هو بهذا الشكل : عن شيخ الطائفة عن ابن أبي جيد عن محمد ابن الحسن ابن الوليد عن علي ابن إبراهيم عن أبيه إبراهيم ابن هاشم عن محمد ابن إسماعيل ابن بزيع ع ن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة عن علقمة ابن محمد الحضرمي ... الذي يروي الزيارة عن الإمام الباقر (ع).

ولمعرفة حال هذا السند نقوم بدراسته بهذا الشكل :

١ ـ الشيخ الطوسي :

غني عن التعريف وكالشمس في رابعة النهار ولا أحد يبحث عن أحواله إلا للتزود من حاله فتكفيه شهرته أنه (شيخ الطائفة) فهو عظیم الشان محدد للعلوم له کتب روائية منها التهذيب والاستبصار والمصباح ، وله كتب رجالية كالمشيخة والفهرست ورجال الشيخ. والكلام ليس في حاله بل أطبقت العصابة على توثيق من يوثقه الشيخ وحجية كلامه على المتأخرين عنه في حال الرجال ، ولا نريد الإطالة عنه فهو أسمى وأجل وأوضح أن يبحث عن حاله.

٢ ـ ابن أبي جيد :

بالنسبة إلى ابن أبي حيد في واقع الأمر لم يرد في حقه توثيق خاص من قبل الشيخ أو النجاشي ولم يكن أحد الذين أجمع على وثاقتهم .. أي أن الطرق في توثيق الرواة المتقدمة لا تنطبق عليه إلا في (شيخ الإجازة).

وقد ذكرنا ـ فيما سبق ـ أنه ليست الطرق المذكورة هي وحدها فقط التي تفيد التوثيق بل إن هناك طرق كثيرة أخرى ، ولكننا ذكرنا أهم الطرق المتبعة

، وقلنا أيضا إنه توجد طرق خاصة يمكن التعرف عليها من خلال البحث وضم بعض القرائن مع بعضها.

ولكن بالنسبة إلى ابن أبي جيد فأهم ما يمكن قوله في توثيقه هو كونه شیخ الإجازة ومن مشايخ الشيخ والنجاشي.

وقبل ذلك نتعرف عليه ونقول : هو علي ابن أحمد ابن محمد ابن أبي جيد(١) القمي وهو المعروف (أبو الحسن ابن أبي جيد القمي (٢)) ويظهر أنه أبوالحسين.

وهو من شيوخ الإجازة وشيخ للنجاشي فبناء على وثاقة جميع مشایخ الإجازة ، أو وثاقة جميع مشايخ النجاشي تثبت وثاقته (٣). وفي معجم رجال الحديث الجزء في صفحة قال : (ثقة لأنه من مشايخ النجاشي) ، وفي منتقى الجمان للشيخ حسن صاحب المعالم في الجزء الأول في صفحتي ٤١ ـ ٤٠ قال (ابن أبي جيد فإنه غير مذكور في كتب الرجال والشيخ رحمه الله يؤثر الرواية عنه غالبا ... ـ ثم ذكر بعض الروايات ـ إلى أن قال : فطريق ابن أبي جيد أعلى ، وللنجاشي عنه رواية كثيرة مع أنه ذكر في كتابه جماعة من الشيوخ وقال إنه ترك الرواية عنهم لسماعه من الأصحاب تضعیفهم) وفي الجزء الثاني من الكتاب صفحة ذكر صاحب المعالم في تصحيح أحد طرق الشيخ الطوسي وقال : (فطريقه إليه صحيح لأنه عن ابن أبي جيد) وهذا مما يفيد التوثيق.

وفي الفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم في الجزء الثالث منه في صفحة قال (وهو من مشايخهما ـ أي الطوسي والنجاشي ـ وكونه من مشايخ

__________________

(١) معجم رجال الحديث ج ص.

(٢) معجم رجال الحديث ج ص.

(٣) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص.

الإجازة يلحقه بالثقات) وفي الجزء نفسه صفحة قال : (أنه أعلى طرقهما ـ أي الطوسي والنجاشي ـ إلى محمد ابن الحسن ابن الوليد) وهذا يعني أن أعلى طرق النجاشي والطوسي إلى الثقة الجليل محمد ابن الحسن ابن الوليد هو عن طريق ابن أبي جيد وهذا يفيد التوثيق.

وعلى هذا نلخص ما يفيد توثيق ابن أبي جيد كالتالي :

١ ـ أنه شيخ إجازة للشيخ النجاشي.

٢ ـ أنه شيخ إجازة للشيخ الطوسي.

٣ ـ ذكر النجاشي في طرقه روایات كثيرة ، علما بأن النجاشي ترك

الرواية عن الضعفاء وبتصريحه.

٤ ـ إن أعلى الطرق بالنسبة للشيخ والنجاشي إلى الجليل الثقة محمد

ابن الحسن ابن الوليد هو عن طريق ابن أبي جيد ، وهذا ظاهر

في وثاقة الرجل وجلالته.

وعليه فإن النقطة الثانية والثالثة والرابعة هي نقاط ثابتة لابن أبي جيد ولكن بالنسبة للأولى (شيخ الإجازة) نعم هو شيخ إجازة ، ولكن الكلام في دلالة شيخوخة الإجازة بالنسبة للنجاشي على الوثاقة ، لذا يلزم ذكر المبنى الذي تتكيء عليه دلالة شيخوخة الإجازة لتتم الفائدة ، وقبل ذكر ذلك نقول : لابد من التنبيه إلى كفاية ضم بعض القرائن مع بعضها لإثبات وثاقة الراوي كما هو الحال هنا.

مبن دلالة شيخوخة الإجازة بالنسبة للنجاشي على الوثاقة :

ذكر النجاشي في ترجمة بعض الرواة ما يستفاد منه عدم روايته عن الضعفاء ، وأن النجاشي يوثق جميع مشايخه ، وأنه لا يروي إلا عمن يوثقه (١) ومن هذه العبارات :

ـ في ترجمة محمد ابن عبيد الله الجوهري قال: رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته.

ـ وفي ترجمة آخر قال : وكان في أول أمره ثبتأ ثم خلط ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ... رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه.

ومثل تلك العبارات كثيرة في كتابه مما استفاد منها العلماء والمحققون أنها تدل على وثاقة مشايخ الإجازة بالنسبة للنجاشي. وقد صرح بذلك كثير من علمائنا کصاحب المعالم والبهائي وبحر العلوم والخوئي وغيرهم ، وفي واقع الأمر لم أر ـ فيما اطلعت عليه من مصادر ـ من المحققين المتقدمين أو المتأخرين من رد هذا الأمر ، وربما يصح القول بكون وجود إجماع علی دلالة شيخوخة الإجازة على الوثاقة. وعلى هذا تتم وثاقة ابن أبي جيد فلا يوجد من رد رواية لوجود ابن أبي جيد في السند بل أطلقوا على الروايات التي في سندها ابن أبي جيد ـ مع ثبوت وثاقة جميع رجال السند على أنهما روایات صحيحة ، وعليه نخلص إلى أن ابن أبي جيد شيخ جليل وثقة.

__________________

(١) راجع كتاب ، دروس تمهيدية في الصفحات التالية : ـ ـ .

ـ محمد ابن الحسن ابن الوليد :

وهو الشيخ محمد ابن الحسن ابن أحمد ابن الوليد ، يقول النجاشي: أبو جعفر شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم ويقال إنه نزیل قم وما كان أصله منها : ثقة ثقة ، عين ، مسكون إليه. (١)

ويقول عنه الشيخ الطوسي في الفهرست : محمد ابن الحسن ابن الوليد القمي ، جلیل القدر عارف بالرجال موثوق به. (٢)

ولكي نبتعد عن الإطناب والإطالة ، خلاصة القول أنه شيخ جليل ثقة.

٤ ـ علي ابن إبراهيم :

وهو صاحب کتاب (التفسير) المعروف بتفسير القمي ـ المتقدم ـ الذي وقع الكلام فيه حيث ذهب جملة من الأعلام إلى توثيق جميع من ورد ذكره في هذا التفسير ، وذهب آخرون إلى توثيق مشايخ علي ابن إبراهيم فقط، وهذا يدل ـ فيما يدل على جلالة وعظمة علي ابن إبراهيم. قال النجاشي (٣): علي ابن إبراهيم ابن هاشم أبو الحسن القمي ، ثقة في الحديث ثبت معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر وصنف كتبا ... فهو من أجلاء هذه الطائفة ، ويأتي علي ابن إبراهيم في الدرجة الأولى فيمن يروي عنهم الكليني ، فإنه روى عنه ما يقرب من ثلث أحاديث كتابه فقد روى عنه ٤ حديثا (٤)، فلا نطيل الحديث فهو كالشمس في رابعة النهار.

__________________

(١) رجال النجاشي ص .

(٢) الفهرست ص تحت رقم

(٣) رجال النجاشي ص .

(٤) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص.

٥ ـ إبراهيم ابن هاشم :

ذكرنا فيما سبق أنه عند ذكر إبراهيم ابن هاشم سنتطرق إلى قرائن غير ما ذكرناه في بداية البحث لإثبات وثاقة الراوي وها نحن نشرع في ذلك. إبراهيم ابن هاشم هو والد علي ابن إبراهيم المتقدم ، ويقول العلامة فيه : (لم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ولا على تعديله بالتنصيص والروايات عنه كثيرة والأرجح قبول قوله) نعم لم يرد من قبل الطوسي أو النجاشي أو الكشي تنصيصا صريحا بتوثيقه ، بل غاية ما ذكره الطوسي والنجاشي أنه كوفي انتقل إلى قم وأصحابنا يقولون إنه أول من نشر حديث الكوفيين في قم.

ومن هذه العبارة استفيد مدح الرجل من دون توثيقه ، ومن هنا عد بعض الأصحاب الروايات التي يقع في سندها إبراهيم ابن هاشم حسنة لا صحيحة ، ولكن ـ كما قلنا ـ توجد بعض القرائن التي بمفردها أو مضمومة إلى غيرها تعطينا وتوصلنا إلى نتيجة مفادها وثاقة الرجل وجلالة قدره ، ومنها :

١) أن ولده كثير الرواية عنه جدا ، وقد قال في مقدمة التفسير أنهلا يروي تفسيره إلا عن الثقات ، وقد تمسك بهذا الرأي السيد الخوئي في معجم رجال الحديث ، ونقله الأيرواني في كتابه أيضا ، فلا يحتمل أن هذا الإكثار قد تحقق مع عدم الوثاقة.

٢) من الثابت المنصوص أن نشر حديث الكوفيين في قم كان من قبل إبراهيم ابن هاشم ، وكذلك من الثابت تاريخي تشدد المدرسة القمية فيمن يقبلون رواياته من عدمه ، بل تنقل قصص أنهم كانوا ينفون من قم من لا يرتضون قوله ، فيرد الكلام بعد ذلك : (إن نشر حديث الكوفيين في مدرسة قم المعروفة

بالتشدد لا نحتمل إمكان تحققه إلا من رجل جدير بقبول الأحاديث منه ، وهو ليس إلا من كان ثقة بل في أعلى درجاتهما ... وهل يحتمل قبول الأحاديث في أجواء تلك المدرسة المتشددة في شخص لم تثبت وثاقته (١))!

٣) كما أن إبراهيم ابن هاشم ورد في أسناد كثيرة في كامل الزيارات والذي شهد مؤلفه ابن قولويه في المقدمة بوثاقة جميع من ورد اسمه في الكتاب ، كما كثير من أجلاء الطائفة اعتقدوا بهذا ، وعليه تثبت وثاقة إبراهيم ابن هاشم ، وتمسك بهذا الأمر السيد الخوئي في المعجم.

٤) عند الاطلاع على معظم كتبنا الفقهية أمثال : التذكرة والمختلف للعلامة ، والدروس للشهيد الأول ، وجامع المقاصد للمحقق الكركي ، وكتاب المسالك والروضة للشهيد الثاني ، وحواشي الإرشاد للعلامة ، وكذا قواعد الأحكام ، والمناهل السوية للفاضل المقداد ، والمدارك للسيد محمد، والحدائق للبحراني ، وغيرها .. وغيرها من الكتب الفقهية ، نجد أنهم حكموا ب (صحة) لا ب (حسنة) روايات كثيرةجدا وقع في طريقها إبراهيم ابن هاشم. ٥) نقل السيد الخوئي في المعجم أن عدد الروايات التي وقع إبراهيم ابن هاشم في إسنادها (٦٤١٤) موردا ولا يوجد في الرواة مثله في كثرة الرواية. ومع عدم وجود تنصيص خاص بتوثيقه إلا أن هذا العدد الكبير حمله جل علماءنا والمحققين على كونه

__________________

(١) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص.

صحيحا لا حسنا ، مما يشي بتوثيقهم إياه ، خاصة إذا ضممنا هذه النقطة مع سابقتها.

٦) ذكر الشيخ الطوسي (ره) في الفهرست ص :له ـ إبراهيم ابن هاشم ـ عشرات المصنفات ... ، ثم ذكر طرقه إلى تلك المصنفات ، نقول : إن للشيخ عدة طرق إلى كتب إبراهيم ابن هاشم وليس طريقا أو أثنين ، فهل يحتمل أن الشيخ مع تعدد الطرق إلى كتب إبراهيم ابن هاشم ليس واثقا به وبكتبه. وبعد هذه القرائن نذكر بعض العبارات لبعض علماءنا في أحوال إبراهيم ابن هاشم :

ـ ذكر السيد بحر العلوم في الجزء الأول من كتابه (الفوائد الرجالية) في صفحة ٤٤٩ قو للشهيد الثاني في شرح الدروس (إن حديث إبراهيم ابن هاشم مما يعتمد عليه كثيرا وإن لم ينص الأصحاب على توثيقه ، ولكن الظاهر أنه من أجلاء الأصحاب وعظمائهم المشار إلى عظم متركتهم ورفع قدرهم في قول الصادق (ع) : اعرفوا منازل الرجال بقدر روایتهم عنا.) علما بأن الشهيد الثاني من المشهورين بالتشدد في قبول الروايات وأحوال الرجال.

ـ وقال السيد الداماد في (الرواشح) : (والصحيح الصريح عندي أن الطريق من جهته ـ أي إبراهيم ابن هاشم ـ صحيح ، فأمره أجل وحاله أعظم من أن يعدل بمعدل أو يوثق بموثق)

ـ يقول الشيخ البهائي عن أبيه : (أنه كان يقول : إني لأستحيأن لا أعد حديثه صحيحة) أي حديث إبراهيم ابن هاشم.

ـ ويقول المحقق الأردبيلي : (الظاهر أنه يفهم توثيق إبراهيم ابن هاشم من بعض الضوابط) كالتي ذكرناها.

ـ ويقول المحقق البحراني عن بعض معاصريه : (أنه نقل توثيقه عن جماعة وقواه)

ـ وفي الوسائل : (وقد وثقه بعض علمائنا) (١)

والخلاصة :

أن إبراهيم ابن هاشم ثقة جليل القدر وإن لم يتم التنصيص على وثاقته ولكن للاعتبارات المذكورة وغيرها تثبت وثاقته.

٦ ـ محمد ابن إسماعيل ابر

روى الحسين ابن خالد الصيرفي قال : كنا عند الرضا (ع) ونحن جماعة ، فذكر محمد ابن إسماعيل ابن بزیع فقال : (وددت أن فيكم مثله) (٢)

وقد ذكره النجاشي وقال : محمد ابن إسماعيل ابن بزيع أبو جعفر مولى المنصور وولد بزیع بیت ، منهم حمزة ابن بزیع ، كان من ص الحي هذه الطائفة وثقاتهم ، كثير العمل ، له کتب ...) (٣)

وفي رجال الطوسي ص ٣٦٤ ، قال الشيخ : محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ثقة صحيح كوفي ، مولى المنصور)

فلا نطيل الحديث عنه ، فهو ثقة لا ريب فيه.

__________________

(١) الفوائد الرجالية ج ص ٤٥ ـ ٤٥.

(٢) رجال النجاشي ص.

(٣) المصدر السابق

ـ ٧ ـ صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة :

بما أن في سند الزيارة ذكر الاثنين معا على سبيل الجمع ، لذا سوف نذكرهما كذلك ، إلا أننا ((ننبه)) على أنه لا إشكال ولا خلاف فيما إذا ثبتت وثاقة أحدهما فهذا يكفي ولا يشترط توثيقهما معا ، ولا خلاف في ذلك.

* صالح ابن عقبة :

وهو صالح ابن عقبة ابن سمعان ابن أبي ربيحة (١)أو (ذبيحة) (٢)، مولى رسول الله (ص) ، وقال الشيخ أنه من أصحاب الباقر والصادق والكاظم (ع) (٣) فصالح ابن عقبة لم يرد في حقه من قبل الشيخ أو النجاشي توثيق خاص ، ولكن يمكن إثبات وثاقته بمجموعة قرائن ، وقبل ذكرها فورد ما نسب قوله إلى ابن الغضائري وهو (صالح ابن عقبة ابن قیس ابن سمعان ابن أبي ربيحة مولى رسول الله (ص) روي عن أبي عبد الله (ع) ، غال ، كذاب ، لا يلتفت إليه) (٤).

وقد اعتمد على كلام الغضائري البعض وما زادوا عليه ، ولكن البحث وقع في أصل نسبة الكتاب ـ الذي نقل عنه ذلك ـ إلى ابن الغضائري ، فهناك قرائن كثيرة ذكرها السيد الخوئي في معجم رجال الحديث في الجزء الأول منه في صفحتي ـ ، ذكر فيها أن الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري فهو لم يثبت وجزم ـ بعد ذكر القرائن ـ على كون الكتاب ليس إلى ابن الغضائري لعدم ثبوته من جهة ، ولوجود قرائن أخرى خارجية تدل علی وثاقة صالح ابن عقبة منها :

__________________

(١) رجال النجاشي ص.

(٢) خلاصة الأقول ص. .

(٣) يضاح الاشتباه ص.

(٤) معجم رجال الحديث ج ص .

١ ـ وروده في أكثر من موضع في كتاب كامل الزيارات ، وبناء على توثيق جميع من ذكر في الكامل بتصريح مؤلفه ـ كما سبق ـ يكون بذلك صالح ابن عقبة من الثقات.

٢ ـ لقد وثقه علي ابن إبراهيم ابن هاشم القمي ، صاحب التفسير الذي عده جملة من علمائنا أن كل من ورد في التفسير فهو ثقة على ما صرح به مؤلفه. حيث (لا يعارض التضعيف المنسوب إلى ابن الغضائري توثيق علي ابن إبراهيم لما عرفت غير مرة من أن نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري لم تثبت فالرجل من الثقات) (١).

٣ ـ للشيخ الطوسي إلى صالح ابن عقبة طريقان ، وكلاهما صحيح ، لأن الرجال في الطريق جميعهم ثقات ، فهذه القرينة مع ذكر ما سبق تدل على وثاقة الرجل ، وأن صالح ابن عقبة من الثقات.

* سیف ابن عميرة:

قال النجاشي في رجاله ص : (سيف ابن عميرة النخعي ، ثقة ، كوفي نخعي ، عربي) وهذا يكفي لإثبات وثاقته.

وقد ذكرنا بأن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة ، الاثنان ينقلان الزيارة عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، لذا يكفي ثبوت وثاقة أحدهما ، وعليه فإن لم تثبت وثاقة صالح ابن عقبة ، فلا ريب في ثبوت وثاقة سيف ابن عميرة وهذا يكفي.

__________________

(١) معجم رجال الحديث ج ص.

ـ علقمة ابن محمد الحضرمي :

هو علقمة ابن محمد الحضرمي الكوفي ، من أصحاب الإمام الباقر (ع) ، وعده الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الصادق (ع) أيضا.

ونقل هذه الحادثة ونتأمل فيها جيدا : قال الكشي : حدثيني علي ابن محمد ابن قتبة القتيبي ، قال حدثنا الفضل ابن شاذان ، قال : حدثني أبي عن محمد ابن جمهور عن بکار ابن أبي بكر الحضرمي قال : دخل أبو بكر وعلقمة ـ وأبو بكر أخ العلقمة ابن محمد الحضرمي أصغر منه ـ علی زید ابن علي وكان علقمة أكبر من أبي ، فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكان بلغهما أنه قال : ليس الإمام منا من أرخى عليه ستره ، إنما الإمام من شهر سيفه! فقال له أبو بكر : ـ وكان أجرأهما ـ يا أبا الحسين أخبرني عن على ابن أبي طالب (ع) أكان إماما وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماما حق خرج وشهر سيفه؟ قال : وكان زيد يبصر الكلام. فسكت فلم يجبه. فرد عليه الكلام ثلاث مرات ، كل ذلك لا يجيبه بشيء ، فقال له أبو بكر إن كان علي ابن أبي طالب (ع) إماما فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره ، وإن لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك ها هنا؟ قال : فطلب من أبي علقمة أن يكف عنه فكف عنه (١).

من خلال هذه المناظرة استفاد كثير من العلماء کون علقمة الحضرمي إمامي ثابت الاعتقاد وحسن الحال وغير ذلك ، إلا أنه يلزم ذكر أنه ما وجدت في حقه توثيق خاص من قبل الشيخ أو النجاشي أو غيرهما من المتقدمين ، وأما المتأخرين فقد نقلوا ما ذكره الشيخ والنجاشي من كونه من أصحاب الإمام

__________________

(١) معجم رجال الحديث ج ص.

الباقر (ع) والصادق (ع) وأنه كوفي ، كما نقلوا المناظرة المتقدمة عن الكشي. وهنا نذكر ما استفاده العلماء والمحققون من هذه المناظرة في حق علقمة الحضرمي:

١) ذكر الشيخ الطوسي عند ذكر المناظرة المتقدمة وحينما وصل إلى ذكر أبي بكر الحضرمي قال ما نصه : (أبو بكر هذا هو عبد الله ابن محمد الحضرمي وأخوه علقمة ابن محمد أكبر منه ـ كما ذكر في الحديث ـ ويستبين أنه في صحة الحديث واستقامة الاعتقاد كأخيه عبد الله الأصغر منه) (١). تأمل في لفظ الشيخ حيث قال (صحة الحديث).

وقال أيضا وهو يذكر أبا بكر الحضرمي ما نصه (وهو معروف الجلالة صحیح الحديث وأما أخوه فممدوح وحسن الحال) (٢)

٢) ذكر الأردبيلي في كتابه جامع الرواة في الجزء الأول منه في ص ٥٤٥ ما نصه : (وفي ـ کش ـ في رواية مناظرة جرت لأبي بكر مع زيد ما يدل على أن علقمة مثله ـ مثل أخيه ـ في الاعتقاد وأنه أكبر من أبي بكر رحمه الله تعالى)

٣) كما ذكر السيد البروجردي في طرائف المقال في الجزء الأول منه في صفحة قال : علقمة ابن محمد الحضرمي ... وكان علقمة أكبر من أخيه كما في حديث بكار عن أبيه عبد الله وعمه علقمة وحكى فيه مناظرة أبيه مع زيد وفيه إشعار على حسنه وكونه إمامية ثابت الاعتقاد.

__________________

(١) اختيار معروف الرجال ج ص.

(٢) لمصدر السابق.

وعلى هذا يتبين أن أبا بكر الحضرمي الأخ الأصغر للقمة الحضرمي مشهور ومعروف بالوثاقة والجلالة وصحة الحديث أكثر من أخيه الأكبر علقمة ، ولكن حال علقمة الحضرمي حينما يذكره العلماء يقولون أنه كأخيه ، وكذا نصل إلى نتيجة وهي أنه ثقة جلیل القدر.

فعليه يكون طريق السند الواقع فيه علقمة ابن محمد الحضرمي صحيح ، ولذا يعد سند الزيارة بالطريق الأول صحيحا ، وقد تقدم الكلام في السند الصحيح ولا ريب في حجيته.

خلاصة الطريق الأول :

وبعد معرفة رجال سند الزيارة بالطريق الأول نصل إلى نتيجة أن جميع رجال سند الزيارة الآنف الذكر ثقات ، وعليه يكون سند الزيارة صحيحة ، وكما سبق في ذكر أقسام الحديث أن الحديث الصحيح حجة بلا خلاف ولا شبهة.

وأما إذا تأمل البعض في علقمة ابن محمد الحضرمي بأنه ممدوح فقط ، فيكون السند حسنا ، أي أنما تدخل في قسم (الحسن) من أقسام الحديث. ولم أجد من يعد الرواية التي يقع فيها علقمة ابن محمد الحضرمي حسنة وعلى فرض ذلك فالذي عليه الأكثر من العلماء والمحققين أن الرواية الحسنة حجة كما صرح به النائيني وغيره. ولكن الصواب كون الرواية الواقع علقمة ابن محمد الحضرمي في سندها صحيحة لا حسنة والله العالم.

الطريق الثاني :

الطريق الثاني لسند الزيارة وهو من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع، ومن الأخير إلى الإمام الباقر (ع) وهو كما يلي :

١ ـ الشيخ الطوسي

ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن الحسن ابن حمزة العلوي

٤ ـ عن علي ابن إبراهيم

٥ ـ عن إبراهيم ابن هاشم

٦ ـ عن محمد ابن إسماعيل ابن بزيع

ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة

ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، وهو الذي يروي الزيارة عن الإمام الباقر (ع).

وتفصيل القول في أحوال رجاله :

١ ـ الشيخ الطوسي : وقد تقدم الكلام عنه وخلاصته أنه أجل من أن يوثق موثق.

٢ ـ الحسين ابن عبيد الله :

وهو الحسين ابن عبيد الله الغضائري أستاذ الشيخ الطوسي ، وهو والد أحمد الغضائري صاحب رجال الغضائري ، والذي وقع في هذا الكتاب ما تقدم من عدم ثبوت النسبة إليه. قال النجاشي : الحسين ابن عبيد الله ابن إبراهيم الغضائري أبو عبد الله شيخنا رحمه الله له کتب .... أجازنا جميعها ، وجميع رواياته

عن شيوخه ومات رحمه الله في نصف صفر سنة إحدى عشر وأربعمائة.

ومثل ذلك قاله الشيخ أيضا.

ويقول السيد الخوئي في معجم رجال الحديث في الجزء السابع منه في ص : فلا ينبغي التردد في وثاقة الرجل لا من جهة توثيق ابن طاووس وبعض من تأخر عنه ولا من جهة أنه كثير الرواية أو أنه شيخ الإجازة ، فإنه لا ع برة بشيء من ذلك كما عرفت ، بل من جهة أنه شيخ النجاشي وجميع مشايخه ثقات) كما ذكرنا في ترجمة ابن أبي جيد.

إذا هو الشيخ الجليل الثقة الحسين ابن عبيد الله الغضائري.

٣ ـ الحسن ابن حمزة العلوي :

قال الشيخ : الحسن ابن حمزة العلوي الطبري يكن أبا محمد ، كان فاضلا أديا عارفا متفقها زاهد ورعا كثير المحاسن. (١)

وعن كتاب دروس تمهيدية ص : فهو المعروف بالمرعش أو المرعشي من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها على ما ذكره النجاشي.

وهو من مشايخ الشيخ المفيد والحسين ابن عبيد الله وأحمد ابن عبدون(٢) ، وهو على ما في الفوائد(٣) الحسن ابن حمزة ابن علي ابن عبد الله ابن محمد الحسن ابن الحسين ابن الإمام علي ابن الحسين ابن علي ابن أبي طالب عليهم السلام. المرعشي الطبري ترجم له النجاشي في رجاله : كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها قدم بغداد ولقيه شيوخنا سنة ٣٥٦ ... إذا فهو السيد الجليل الثقة الحسن ابن حمزة العلوي.

__________________

(١) الفهرست ص .

(٢) معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٣٤٥.

(٣) ج ص.

٤ ـ علي ابن إبراهيم :

وقد تقدم الكلام عنه ، ولا ريب في جلالته ووثاقته.

٥ ـ أبوه ، إبراهيم ابن هاشم :

كذلك تقدم الكلام عنه ، وقلنا إنه بمجموعة من القرائن التي لا تقبل الشك تثبت وثاقته.

٦ ـ محمد ابن إسماعيل ابن بزيع :

وهو بلا ريب من الثقات الأجلة بل من الذين ورد في حقهم من المعصوم مدح ، كما تقدم.

ـ صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة :

وكلاهما من التقات الأعاظم ، وإن ورد في حق صالح ابن عقبة شيء ـ ورده ليس بالعزيز ـ فإن سيف ابن عميرة لا خلاف على جلالة قدره ووثاقته ـ كما تقدم ـ.

ـ علقمة ابن محمد الحضرمي :

وقد تقدم القول فيه ، وأنه صحيح الحديث كما عبر الشيخ وأنه كأخيه (أبي بكر الحضرمي) في الوثاقة والعقيدة.

خلاصة الطريق الثاني :

إن هذا الطريق من طرق وأسانيد الزيارة ، على ما هو الاعتقاد کونه صحيحة لوثاقة جميع رجال السند ، فعليه تكون الرواية ص حيحة ، والصحة حجة بلا خلاف. وإن تأمل البعض في علقمة فالقول هو ما سبق في خلاصة الطريق الأول.

الطريق الثالث :

وهو أيضا طريق من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ، ومن الأخير

إلى الإمام الباقر (ع) ، وهو كما يلي :

١ ـ الشيخ الطوسي

ـ عن ابن أبي جيد

٣ ـ عن محمد ابن الحسن

٤ ـ عن سعد والحميري

٥ ـ عن أحمد ابن إدريس

٦ ـ عن محمد ابن يحي

٧ ـ أحمد ابن محمد ومحمد ابن الحسن

٨ ـ محمد ابن إسماعيل ابن بزيع

ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة

ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، وهو عن الإمام الباقر (ع).

وتفصيل القول :

١) الشيخ الطوسي : تقدم الكلام عن وثاقته وجلالته

) ابن أبي جيد : تقدم الكلام على أنه جلیل القدر ثقة بناء على القرائن

المذكورة.

) محمد ابن الحسن : وهو المتقدم ـ ابن الوليد ـ القمي الثقة الجليل.

٤) سعد والحميري : وقبل الحديث عنهما يلزم منا معرفة أمرين وهما :

أ ـ أن ثبوت وثاقة أحدهما كافية في ثبوت صحة الرواية أو الزيارة وهذا

الأمر لا خلاف فيه.

ب ـ التعرف على من هو المعني ب (سعد) وكذا التعرف على من هو المعني با (الحميري) فقد وقع بهذين الاسمين رجال متعددون ، ولتحرير ذلك نقول : لقد تسالم الأمر على أنه إذا أطلق ه ذين الاسمين (سعد والحميري) بهذه الصورة فهما : الأول : سعد ابن عبد الله الأشعري القمي. والثاني : عبد الله ابن جعفر الحميري.

وذلك بقرينة أنهما يكثران النقل ـ معا ـ في كثير من الموارد عن أحمد ابن إدريس ، وأنهما وقعا في طرق صحيحة من طرق الشيخ إلى كثير من الأصول ، كما أن طريق الشيخ إليهما كذلك صحيح ، وعلى أي حال فهما المتقدمان ، وعليه نبحث عن كل واحد منهما وإن كان

يكفينا ثبوت واحد منهما :

(سعد ابن عبد الله القمي):

يقول النجاشي عنه (سعد ابن عبد الله ابن أبي خلف الأشعري القمي أبو القاسم وشیخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها ... توفي سعد رحمه الله سنة إحدى وثلاثمائة وقيل تسعن وتسعين ومائتين) (١).

ويقول الشيخ عنه : (سعد ابن عبد الله القمي ، يكن أبا القاسم ، جلیل القدر واسع الأخبار كثير التصانيف ، ثقة) (٢)

فالأمر واضح ولا نطيل.

(عبد الله ابن جعفر الحميري):

قال الشيخ : (عبد الله ابن جعفر الحميري ، قمي ثقة) (٣)

__________________

(١) رجال النجاشي ص.

(٢) الفهرست ص.

(٣) رجال الطوسي ص ٤.

وفي موضع آخر قال عنه : (عبد الله ابن جعفر الحميري القمي ، يكن أبا العباس ، ثقة) (١)

فهو وسعد ثقات من أجلاء الأصحاب.

٥) أحمد ابن إدريس :

قال النجاشي عنه : (أحمد ابن إدريس ابن أحمد ابن علي الأشعري القمي كان ثقة فقيها في أصحابنا كثير الحديث صحيح الرواية ..) (٢)

وقال الشيخ عنه : (أحمد ابن إدريس أبو علي الأشعري القمي كان ثقة في أصحابنا فقيها كثير الحديث صحيحة) (٣)

٦) محمد ابن يحي:

قال النجاشي عنه (محمد ابن يحي أبو جعفر العطار القمي ، شيخ أصحابنا ثقة عين كثير الحديث له كتب منها كتاب مقتل الحسين عليه السلام) (٤)

وقال الشيخ عنه : (محمد ابن يحي العطار روی عنه الكليني ، قمي کثير الرواية) (٥)

ولا يخفى كفاية توثيق أحدهما ولا يلزم الإجماع.

كما أن الأيرواني في كتابه (دروس تمهيدية في القواعد الرجالية) ذكر أن محمد ابن يحي (يأتي بالدرجة الثانية ـ ممن يروي عنهم الكليني ـ فإنه روی ربع أحاديث كتابه ـ الكافي ـ روى عنه ٤ حديثا) فهو ثقة بلا شك ولا ريب.

__________________

(١) معجم رجال الحدیث ج ص .

(٢) رجال النجاشي ص .

(٣) الفهرست ص .

(٤) رجال النجاشي ص .

(٥) الفهرست ص .

٧) أحمد ابن محمد ومحمد ابن الحسن :

وهما على سبيل الجمع ، وقد ذكرنا غير مرة كفاية أحد الأثنين إذا كانا على سبيل الجمع ، وعليه نكتفي بتوثيق أحدهما وهو :

أحمد ابن محمد : هو أحمد ابن محمد ابن عيسى الأشعري ، وإن كان هذا الاسم (أحمد ابن محمد) مشتركة بين جماعة متعددين ولكننا نجزم بكونه ابن عيسى الأشعري لأمرين : الأول : أنه يروي كثيرا عن سعد ابن عبد الله ـ المتقدم ـ ، والثاني : أن محمد ابن يحي ـ تلميذه ـ والأخير يروي عن ابن عیسی أستاذه كثيرا.

قال النجاشي عنه : (أحمد ابن محمد ابن عیسی .... ـ إلى أن قال ـ وأبو جعفر رحمه الله شيخ القميين ، ووجههم ، وفقيههم ، غير مدافع وكان أيضا الرئيس الذي يلقي السلطان بها ، ولقي الرضا عليه السلام ...) (١)

إذا فهو ابن عيسى الأشعري الثقة الجليل.

) محمد ابن إسماعيل ابن بزيع : وقد تقدم الكلام في كونه ثقة عظيم الشأن.

) صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة : ثقتان جلیلان ، كما تقدم.

) علقمة ابن محمد الحضرمي : وقد سبق ذكره وأنه على المبني ثقة كأخيه أبي بكر الحضرمي.

__________________

(١) رجال النجاشي ص ـ .

خلاصة الطريق الثالث :

إن سند الزيارة بهذا الطريق صحيح كسابقيه من الطرق ، وهو داخل ضمن قسم (الصحيح) من أقسام الحديث ، وذلك لوثاقة جميع الرواة والله العالم.

الطريق الرابع :

لقد كانت الطرق الثلاثة المتقدمة هي من الشيخ الطوسي إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزيع ، ومن الأخير إلى الإمام الباقر (ع) ، وهي على ما تقدم طرق صحيحة.

وأما هذا الطريق فهو من الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد الطيالسي ، ومن الطيالسي إلى الإمام الصادق (ع) ، وهذا الطريق كالتالي :

١ ـ الشيخ الطوسي

ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن أحمد ابن محمد ابن يخي

٤ ـ عن أبيه محمد ابن يحي

٥ ـ عن محمد ابن علي ابن محبوب

٦ ـ عن محمد ابن خالد الطيالسي

٧ ـ عن سيف ابن عميرة

٨ ـ عن صفوان ابن مهران الجمال ، الذي يروي الزيارة مع الدعاء عن الإمام الصادق (ع).

ونبحث هنا عن أحوال هذا السند ورجاله :

١) الشيخ الطوسي : تقدم أنه أجل من أن يوثق.

٢) الحسين ابن عبيد الله : وهو الغضائري ـ المتقدم ـ استاذ الشيخ الطوسي الثقة الجليل.

) أحمد ابن محمد ابن يحي : هو أحمد ابن محمد ابن يحي العطار القمي ، وإن كان هذا الاسم (احمد ابن محمد ابن يحي) مشتركا بين مجموعة من الرواة ، ولكننا جزمنا بكونه العطار لوجود مجموعة

قرائن ، منها وأهمها أنه ينقل ذلك عن أبيه محمد ابن يحي ـ المتقدم ـ الثقة الجليل.

وحال أحمد ابن محمد ابن يحي العطار هو حال ابن أبي جيد المتقدم حيث أنه لم يرد في حقه توثیق خاص كما نقل ذلك الشيخ حسن صاحب المعالم في منتقى الجمان (١)، وقبل أن نذكر القرائن التي تدل على وثاقته ينبغي ذكر ما قاله الشيخ في حقه حيث قال (روی عن التلعکبري وأخبرنا عنه الحسين ابن عبيد الله وأبو الحسين ابن أبي جيد) ، وذكرنا هذه الجملة لكونها ستكون إحدى القرائن على التوثيق.

وحيث أنه لم يرد في حقه توثیق خاص ، فمن أين قال الأصحاب بوثاقته؟ الجواب :

ـ کونه من مشايخ الإجازة فهو شيخ للصدوق وابن نوح وغيرهما ، وبناء على كفاية شيخوخة الإجازة على الوثاقة فتثبت وثاقته ، وممن قال ذلك الشهيد الثاني والعلامة المجلسي والسيد الداماد والشيخ حسن صاحب المعالم وغيرهم (٢).

ـ ويقول السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية : (وتصحيح بعض طرق الشيخ كطريقه إلى الحسين ابن سعيد ونحوه ، يقتضي توثيقه) ، وهو الحق ، فكيف يحكم الشيخ بصحة طريق يقع فيه أحمد ابن محمد ابن يحي من دون أن يكون الشيخ يقول بوثاقته؟! فهذا الأمر لا يحتمل تصوره ، وممن قال بوثاقته بناء على هذه القرينة الميرزا الأستر آبادي والعلامة الحلي والشهید الثاني وغيرهم.

__________________

(١) الجزء الثاني ص .

(٢) الفوائد الرجالية ج ص .

ـ إن التعلبکري هذا العالم الجليل يكثر الرواية عن شيخه أحمد ابن محمد ابن نخي ، فكيف يروي هذا الثقة عن شخص لا يرى وثاقته! وكذا الشيخ الصدوق فقد أكثر الرواية عنه ، يقول السيد بحر العلوم في فوائده؟ (ورواية التعلبکري الثقة العديم النظير عنه ، تشعر بجلالته).

ـ كتب أبو العباس أحمد ابن علي ابن نوح السيرافي إلى النجاشي في جواب کتابه أمرا يشعر بالتسليم بوثاقة أحمد ابن محمد ابن حي العطار ، وهذه الرسالة التي سأل النجاشي أبا العباس تعريف الطرق إلى أبي سعيد الأهوازيين فقال : ... أما ما عليه أصحابنا والمعول عليه : ما رواه عنهما أحمد ابن محمد ابن عيسي : أخبرنا به الشيخ الفاضل أبو عبد الله الحسین ابن علي ابن سفيان البزوفري قال : حدثنا أبو علي الأشعري أحمد ابن إدريس ابن أحمد القمي قال : حدثنا أحمد ابن محمد ابن عیسی عن الحسين بن سعيد بكتبه الثلاثين كتابا وحدثنا أبو علي ـ بيت القصيد ـ أحمد ابن محمد ابن يحي العطار القمي قال : حدثنا أبي عبد الله ...) فإن هذا يشعر بالتسليم بجلالة كل من ذکر ، بمن فيهم أحمد ابن محمد ابن يحي العطار.

وعلى هذا .. نقل جملة للعلامة المجلسي حيث قال : (هو من مشايخ الإجازة وحكم الأصحاب بصحة حديثه) فتأمل في (ص حة حديثه) ، وبالجملة لم يقل أحد فيه أقل من كونه صحيح الحديث والذي عليه الأكثر الوثاقة ، وهذا لا ثمرة في البين ، حيث أن الثقة يحكم على حديثه بالصحيح ،

__________________

(١) معجم رجال الحدیث ج ص .

(٢) الجزء الثاني ص .

والصحيح الحديث يحكم على حديثه بالصحيح ، لا فرق ، فهو ثقة جليل القدر.

٤) محمد ابن يحي : وهو والد المتقدم ـ أحمد ابن محمد ـ وهو كما ذكرناه في الطريق الثالث من أجلاء الطائفة وثقاقم.

٥) محمد ابن علي ابن محبوب :

قال عنه النجاشي : (محمد ابن علي ابن محبوب الأشعري القمي أبو جعفر ، شیخ القميين في زمانه ثقة ، عين ، فقیه ، صحيح المذهب) (١)

فمقامه كما ترى من السمو والجلالة والوثاقة.

٦) محمد ابن خالد الطيالسي :

قال الشيخ : (محمد ابن خالد الطيالسي ، يكنى أبا عبد الله روی عن حميد أصولا كثيرة ومات سنة تسع وخمسين ومائتين ، وله سبع وتسعون سنة) (٢).

وقال أيضا وهو يتحدث عن ابن محمد ابن خالد وهو عبد الله ابن محمد : (حدثني عبد الله ابن محمد وهو أبو خالد الطيالسي ثقة لا مرية فيه. وأبوه أبو عبد الله محمد ابن خالد الطيالسي أيضا حسن الحال) (٣) ومحمد ابن خالد الطيالسي من أصحاب الإمام الكاظم (ع) على ما في رجال الشيخ. ولمحمد ابن خالد ولدان من الثقات الآجلة وهما عبد الله وأبو محمد الحسن ، وعلى أي حال ، فإن محمد ابن خالد الطيالسي اشتهر بحسن الحال وربما كان السبب في ذلك أنه لم يرو مباشرة عن المعصوم ، وكذا لم ترو عنه أحاديث كثيرة فقد وصلتنا من روايات وقع في

__________________

(١) رجال النجاشي ص.

(٢) رجال الطوسي ص ٤٤١.

(٣) لختیار معروف الرجال ج ص ٦٤٦.

أسانيدها بمذا (محمد ابن خالد الطيالسي) مورد فقط، ووقع ب (محمد ابن خالد التميمي) رواية واحدة في باب لا تحب ص لاة العيدين إلا مع الإمام. (١)

وعند ذكر ابنیه (عبد الله ـ وأبو محمد الحسن) ذكر أبوهما بأنه كولديه في حسن الحال ، وعند ضم بعض القرائن مع ما ذكر تثبت وثاقته ، ومن هذه القرائن :

ـ إن طريق الشيخ إليه طريق صحيح كما صرح به الجميع بلا خلاف وإن كان البعض تنظر في أحمد ابن محمد ابن يحي العطار ، وقد ذكرنا شأنه وأنه ثقة ، وهذا الأمر يشير إلى وثاقته.

ـ إن علي ابن الحسن ابن فضال ، يروي عن الطيالسي ، وقد أمرنا أن نأخذ بما يرويه بنو فضال ، حتى قال الشيخ الأنصاري : أن متى ما ورد في سند الرواية بعض بن فضال فهي حجة ولو اشتملت على بعض الضعفاء بين بن فضال والإمام. أقول : إن علي ابن الحسن ابن فضال على كونه قد خالف ، ولكن فيما يروي ورد الأمر بالأخذ به ، فهل يحتمل أن يروي هو مباشرة من غير ثقة!.

ـ إن معظم الذين يروون عنه كعلي ابن إبراهيم وسعد ابن عبد الله ومحمد ابن علي ابن محبوب وغيرهم ، جميعهم ثقات بل إتم أشهر من أن يوثقوا ، فهل يحتمل جميع هؤلاء الثابتة وثاقتهم لم يكونوا على اعتقاد بوثاقة محمد ابن خالد الطيالسي وقد تقدم القول بأن رواية الثقة (الواحد) عن أحد الرجال دلیل علی

__________________

(١) معجم رجال الحديث ج ص .

وثاقة ذلك الرجل عند البعض ، فكيف إذا كان الثقات (الجمع) يروون وليس واحدا فما ذاك إلا دليل الوثاقة بلا ريب. وكيف كان .. لم يقل أحد في شأنه بأنه أقل من كونه حسن الحال ، وأنه كولديه في الجلالة وبضم ما ذكر تثبت الوثاقة.

إذا هو محمد ابن خالد الطيالسي الثقة كولديه (عبد الله ـ وأبو محمد الحسن).

) سيف ابن عميرة : وهو من الثقات الأعاظم ولا خلاف على جلالة قدره ووثاقته ، كما تقدم.

) صفوان این مهران الجمال :

صفوان الجمال الفقيه الصالح الثقة المشهور في رواية عن الإمام الكاظم (ع) بالنسبة إلى الجمال التي كان يؤجرها صفوان کارون إلى الحج ، وكيف صنع صفوان بعد ذلك بحيث ترك التجارة حينما رأى أن الإمام غير راض عن ذلك وفي الرواية المعنية هذه الحملة عن الإمام الكاظم (ع) : (يا ص فوان كل شيء منك جميل ما خلا شيئا واحدا) وهذا الشيء هو إكراء ص فوان الجمال من هارون.

وقال النجاشي عنه : (صفوان ابن مهران ابن المغيرة الأسدي مولاهم ثم مولى بني كاهل منهم ، كوفي ، ثقة ، يكن أبا محمد) (١)

وعده الشيخ المفيد في الإرشاد من أصحاب الإمام الصادق (ع) حيث قال : صفوان الجمال من شيوخ أصحاب أبي عبد الله (ع) وخاصته ، وبطانته ، وثقاته الفقهاء الصالحين. (٢)

__________________

(١) رجال النجاشي ص.

(٢) معجم رجال الحديث ج ص

خلاصة الطريق الرابع :

إن رجال السند في زيارة عاشوراء في هذا الطريق هو أيضا صحيح ، صحيح ، وكل رواته من الثقات الأعاظم.

وعليه تكون الزيارة تندرج من ناحية السند في قسم (الصحيح) من أقسام الحديث والصحيح حجة بلا ريب ولا شبهة.

الطريق الخامس :

وهذا الطريق هو المذكور في كتاب (كامل الزيارات) لجعفر ابن محمد ابن قولویه وهو كما يلي:

١ ـ جعفر ابن محمد ابن قولويبه (صاب الكتاب)

٢ ـ عن حكیم ابن داوود ابن حكيم وغيره

٣ ـ عن محمد ابن موسی الهمداني

٤ ـ عن محمد ابن خالد الطيالسي

٥ ـ عن سيف ابن عميرة وصالح ابن عقبة

٦ ـ عن علقمة بن محمد الحضرمي ، الذي ينقل الزيارة عن الإمام الباقر (ع).

وقبل البحث في أحوال هؤلاء الرجال نذكر بما يلي :

أولا :

سبق الكلام في أن جميع من ذكر في هذا الكتاب ـ أسماء الرجال ـ هم من الثقات ، ووقع الخلاف في أن الثقات هل هم شيوخ ابن قولويه أم جميع المذكورين ، وقلنا إن الذي عليه الأكثر هو كون جميع من ذكر ثقات ، وذهب البعض إلى خصوص مشایخ ابن قولويه فقط.

ثانيا :

فعليه يلزم البحث عن جميع رجال سند الزيارة بناء على القول الثاني ، وهو خصوص کون مشایخ ابن قولویه هم الثقات ، وأن الباقي يلزم البحث عنهم.

ثالثا :

وبناء على الرأي الأول وهو كون جميع من ذكر ثقات ، يكون ذكر اسم أحد الرجال في الكتاب بينة على وثاقته ويلزم الأخذ بها ، ولكن مالم تعارضها بينة أخرى ، هذا متفق عليه.

وبناء على ذلك نبحث في أحوال الرجال كما يلي:

) جعفر ابن محمد ابن قولويه : وهو صاحب الكتاب ، فهو أجل من أن يوثق موثق.

) حکیم ابن داوود ابن حکیم : روى عن سلمة ابن الخطاب وروی عنه أبو القاسم جعفر ابن محمد ، وقال صاحب کتاب (مشايخ الثقات) غلام رضا عرفانیان ما نصه : حکیم ابن داوود ابن حکیم (شيخه) ثقة. والظاهر أنه من الثقات الأجلة بدلالة رواية جعفر ابن محمد ابن قولویه عنه ورواية والد جعفر ابن محمد عنه ، وهما من المشايخ الأعاظم بل لا خلاف في كون جميع مشایخ ابن قولويه ثقات ، هذا فضلا من أن جعفر ابن محمد ابن قولویه روى عنه في كتابه (کامل الزيارات) وكذا في التهذيب في باب صلاة الغدير. وبناء على هذه البينة نخلص إلى أنه من الثقات ، وعليه ذهب الأصحاب إلى عد الرواية الواقع فيها حکیم ابن داوود ابن حکیم مع صحة ووثاقة جميع الرجال صحيحة.

) محمد ابن موسی الهمداني : قال النجاشي : (محمد ابن موسی ابن عیسی أبو جعفر الهمداني ، ضعفه القميون بالغلو وكان ابن الوليد يقول أنه يضع الحديث ، والله العالم). (١)

__________________

(١) رجال النجاشي ص .

وقد كان محمد ابن الحسن ابن الوليد الثقة الجليل يستثن من رواية محمد ابن أحمد ابن يحي ما رواه عن محمد ابن موسى الهمداني ، وقد ذكر السيد الخوئي(قدس) في معجم رجال الحديث في الجزء الثامن عشر في صفحي ـ ٢٩٨ ، بعد أن ذكر كلام النجاشي في الهمداني قال : بقي هنا أمور :

ـ أن ظاهر كلام النجاشي التوقف في ضعف محمد ابن موسی ابن عيسى ووضعه للحديث حيث نسب ذلك إلى القميين وابن الوليد ، ثم عقبه بقوله والله العالم.

ـ الذي يظهر من مجموع الكلمات أن الأساس في تضعیف الرجل هو ابن الوليد وقد تبعه على ذلك الصدوق وابن نوح وغيرهما وهذا يكفي بالحكم بضعفه.

فهو ضعيف على ما يظهر ، والله العالم ..

٤) محمد ابن خالد الطيالسي : وقد تقدم في كونه ثقة على الأظهر.

٥) سيف ابن عميرة وصالح ابن عقبة : تقدم الكلام في كونهما من أجلاء الطائفة وثقات أعاظم.

٦) علقمة ابن محمد الحضرمي : وقد سبق ذكره وأنه على المبنى ثقة كأخيه أبي بكر الحضرمي.

خلاصة الطريق الخامس :

وبناء على ما مر في أحوال الرجال الواقعين في سند الزيارة المروية في كامل الزيارات ، يكون سندها ضعيفة ـ والله العالم ـ وذلك بسبب وقوع محمد ابن موسی الهمداني في سندها ، والذي ضعفه العلماء لتضعيف أهل قم والشيخ ابن الوليد إياه. وعلى القول بكون جميع رجال كامل الزيارات

ثقات ، يكون سند الزيارة صحيحا ، ولكن هذه البينة تعارضها بينة أخرى ، لذا تسقط.

الخلاصة

اتضح بعد ذكر أحوال رجال سند الزيارة بمختلف المصادر أن الزيارة خمسة طرق ، وقد تبين صحة أربعة طرق منها وهي : ثلاثة طرق من الشيخ الطوسي إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ، ومن ابن بزيع إلى الإمام الباقر (ع). وطريق من الشيخ الطوسي إلى محمد ابن خالد الطيالسي ، ومن الطيالسي إلى الإمام الصادق (ع). وهذه الطرق الأربعة صحيحة.

وعليه يتضح أن الزيارة كما في مصباح الشيخ الطوسي على اختلاف الرواة صحيحة.

أما الطريق الخامس وهو طريق ابن قولويه كما في كتاب كامل الزيارات ، ومن ابن قولويه إلى الإمام الباقر (ع) ، وهذا الطريق ضعيف على المصطلح ، ـ والله العالم ـ بسبب وجود محمد ابن موسى الهمداني الذي ضعفه العلماء بسبب تضعیف القميين له ، وكذا كلام الشيخ الجليل ابن الوليد فيه. وعلى هذا ، نقول مكرر : يكفي لثبوت الحجة والوجه الشرعي كون أحد الطرق فقط صحيحة ، أي لو كانت أربعة طرق من الخمسة ضعيفة وطريق واحد فقط صحيح أثبتت الحجة وهذا لا خلاف فيه ولا شبهة ولا ريب. كيف والحال عكس ذلك حيث أن أربعة طرق صحيحة من الخمسة وواحدا فقط ضعيف.

إذ لا مجال للشك في سند الزيارة ، بل إن البعض شكك دون تحقيق مع الأسف ـ بسبب شبهات من هنا وهناك والتي سنناقش ـ إنشاء الله ـ بعضها في الفصل الثاني. بل لا ينبغي للعاقل الشك في سند الزيارة ، لأن السند المذكور صحيح لا شبهة فيه.

وإنما الكلام في : هل إن سند الزيارة متصل إلى المعصوم علیه السلام ، كالصادقين (ع) ، أم أنهما (ع) روون ذلك حتى يصل السند إلى الباري جل وعلا؟ وهذا ما سنذكره الآن :

هل سند الزيارة إلى الله جل وعلا؟

ذكر الشيخ الطوسي في المصباح ، بعد أن جاء بالزيارة ودعاء صفوان بعد الزيارة أن صفوان روی ما نصه : قال لي أبو عبد الله ع تعاهد هذه الزيارة وادع بهذا الدعاء وزر به فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار هذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد إن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغا ما بلغت ولا يخيبه یا صفوان وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي وأبي عن أبيه علي بن الحسين ع مضمونا بهذا الضمان والحسين عن أخيه الحسن مضمونا بهذا الضمان والحسن عن أبيه أمير المؤمنين مضمونا بهذا الضمان وأمير المؤمنين عن رسول الله ص مضمونا بهذا الضمان ورسول الله ص عن جبرئیل ع مضمونا بهذا الضمان وجبرئيل عن الله عز وجل مضمونا بهذا الضمان قد آلى الله على نفسه(١) ..... إلخ.

وسند هذه الرواية هو عين سند الطريق الرابع المذكور أنفا ، وقد تبين أنه طريق صحيح ، مما يعني أن هذه الرواية صحيحة السند. ولكن هل يفهم مما سبق ـ نص الرواية ـ أن نفس ألفاظ زيارة عاشوراء من السلام واللعن وكذا الدعاء هو نص قدسي من الله جل وعلا؟ أم أن نتائج هذه الزيارة بهذه الكيفية جاء ضمانا من الله به؟

__________________

(١) مصباح المتهجد ص٥٤ ـ ٥٤٣.

إن قول الإمام الصادق (ع) : (وجدت هذه الزيارة مضمونة بمذا الضمان ..) ظاهر ـ والله العالم ـ في كون الزيارة من الله جل قدسه ، وأن ه ذه الزيارة بهذه الكيفية هي من الله سبحانه کالأحاديث القدسية. وخاصة وأن الإمام الصادق (ع) عند تتمة الحديث المتقدم جاء بما قاله الله جل وعلا ومما ذكر (قد آلى الله على نفسه عز وجل أن من زار الحسين (ع) بهذه الزيارة من قرب أو بعد ودعاء بهذا الدعاء قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغا ما بلغت وأعطيه سؤله .. وكل العبارات تحوي ضمير المتكلم وهو هنا الله عز وجل ، مما يعني أن نص الزيارة وكذا الدعاء وكذا الضمان بهذه الصورة إنما هو من الله سبحانه وتعالى ، كما أن الكلمات التي تلي النص المذكور سابقا ، أن جبرائیل (ع) جاء إلى النبي (ص) بالبشرى له ولعلي وفاطمة والحسنين ، والبشري هي هذه الزيارة وهذا الضمان.

فبناء على ذلك ذهب كثير إلى الاعتقاد بكون الزيارة والدعاء والضمان هو من قبل الله جل وعلا ، وما المعصوم (ع) هنا إلا راو هذه الزيارة والدعاء ، والله العالم.

الفصل الثاني

شبهات وردود

* الشبهة الأولى : السب واللعن.

* الشبهة الثانية : دعوى : التركيز على هذه الزيارة فيه إثارة فتنة الفرقة

بين المسلمين!

* الشبهة الثالثة : اختلاف ألفاظ الزيارة من مصدر لآخر، يشي

بضعفها!

* الشبهة الرابعة : إن تعدد طرق وكيفية الزيارة يدلل على ضعفها!

الشبهة الأولى :

ومفادها : أن الزيارة تشمل اللعن الغليظ والمكرر بصورة تثير مجموعة م ن الإشكاليات والتساؤلات والتي منها :

ـ كيف يصر أهل البيت (ع) على المداومة على هذه الزيارة وهي تشمل هذا السب واللعن في الوقت الذي هم (ع) فيه أبواب رحمة الله سبحانه وتعالى كما أن القرآن واضح بهذا الصدد ، كما قال تعالى في سورة الأنعام آية ـ ـ (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فیسبوا الله عدوا بغير علم).

ـ لا يليق بنا أن نخوض في أحوال غابت وبعدت حقائقها عنا ، ثم ما الذي ألزمنا وأوجب علينا أن نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه! وأي ثواب في اللعن والبراءة!! إن الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلف : لم لم تلعن؟ بل يقول له لم لعنت؟ ولو أن إنسان عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يكن عاصيا ولا آثما. (١)

ـ كيف لنا أن نقول بالزيارة في الوقت الذي نحن مأمورون بالتحلي بالأخلاق الفاضلة وأن فتره ألسنتنا عن الشتم والسب واللعن كما قال أمير المؤمنين (ع) (أكره لكم أن تكونوا سبابين).

ـ إن كل ما يصدر من الإنسان تجاه الآخر يريد الانتقاص من المسبوب وإغاظته حتى وإن كان ذلك القول يطابق الواقع ، فإن ذلك يعد قولا بذيئا ومذموما وفاحشا ، فهل نتصور أن يصدر من أهل البيت (ع) وهم الرحمة المهداة ومعدن الفضائل مثل ذلك!! إلى غير ذلك من الإشكاليات والتساؤلات ....

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ص كلام في المعالي الجويني.

الجواب على هذه الشبهة :

وللجواب على هذه الشبهة تحرر الكلام في نقاط محددة ثم خرج بالنتائج بناء على البحث العلمي وليس الاستحسان العقلي المحض :

النقطة الأولى :

لابد أن نتعرف على معاني هذه الألفاظ (السب ـ اللعن ـ الشتم) المعنى اللغوي لها والاصطلاح الشرعي إن وجد، وذلك لنضع النقاط على الحروف ونتعرف على الفوارق فيما بينها ، وأي العلاقة تحكم هذه المصطلحات من العلاقات المعروفة في علم المنطق والميزان.

السب : معناه :

السب : القطع. سب سبأ : قطعه : كالسيف يسمى سباب العراقيب لأنه يقطعها. والتساب : التقاطع. (١)

والسب : الشتم ، وهو مصدر سب يسبه سبأ : شتمه وأصله من ذلك.

وسب به : أكثر سبه. (٢)كما أن هذا القول محمول ـ على ما قيل ـ فيمن سب مسلما ، والله العالم.

وفي مختار الصحاح ص : س. ب. ب. السب : الشتم والقطع والطعن وبا به رد. والتساب التشاتم والتقاطع ، وهذا سبة عليه بالضم أي عار يسب به ، ورجل سبة يسبه الناس. ومثله في تاج العروس ج ص ، وكذا كتاب العين ، وغيرهما من الصحاح والقواميس اللغوية.

__________________

(١) لسان العرب ج ص ٤٥٥.

(٢) المصدر السابق.

وقد عرف السبب بعض علماء الأخلاق والسلوك بالنظر إلى منشأ هذا الأمر ودوافعه فقالوا : هو حالة نفسية وانفعال سلوكي أو لغوي يصدر في الغالب عند عدم الرضا من المسبوب ، وهو إذا لم يكن المسبوب مستحقا یکون خلقا سيئا لكونه يجوز بخياراته خیار ربه ، وهو يشير إلى ضعف في النفس وحالة غير سوية ولعل هذا مستل من قول أمير المؤمنين (ع) وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام .. فقال (ع) (إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر (١) ...)

وقد ورد لفظ (السب) في القرآن الكريم في سورة الأنعام ـ كما تقدم ـ وهي : (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فیسبوا الله عدوا بغير علم). ويعلق المحقق الأردبيلي في زبدة البيان ص ويقول : وهذه صريحة في عدم جواز فعل مباح بل واجب لو كان موجبا لسب الإله ونحوه فلا يفعل شيء يلزم منه ذلك من سب آلهتهم مثل سبهم وسب أصحابهم إذا كان موجب السب النبي (ص) والأئمة الأطهار (ع) والمؤمنين وهو ظاهر عقلا أيضا. وهذا واضح في كون السب لمن يستحق جائز في نفسه ولكنه يحرم أو يكره إذا استلزم ذلك أمرا آخر کسب الله ـ سبحانه ـ أو المعصومين (ع). كما أن العلامة المجلسي ذكر في البحار في الجزء ص ما نصه : قوله تعالى : (ولا تسبوا ...) قال الطبرسي رحمه الله : قال ابن عباس : لما نزلت (إنكم وما تعبدون من دون اللله حصب جهنم) قال المشركون : يا محمد لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون ربك! فتزلت الآية ، وقال قتادة : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فنهاهم الله عن ذلك لئلا يسبوا الله فإنهم

__________________

(١) بحار الأنوار ج ص

قوم جهلة ، وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول النبي (ص) : (إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفوانة سوداء في ليلة ظلماء) فقال (ع): كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله ، وكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتم لكيلا يسبوا ـ الكفار ـ إله المؤمنين فيكون المؤمنون قد أشركوا من حيث لا يعلمون. وبهذا نكون قد تعرفنا على معین وموقع (السب) لغة واصطلاحا.

الشتم : معناه :

شتم : الشتم : قبيح الكلام وليس فيه قذف ، والشتم : السب ، والتشاتم : المتساب ، والمشاتمة : المسابة ، وقال سيبويه في باب ما جرى مجرى المثل : كل شيء ولا شتيمة حر (١). وشتم : شتم فلان فلانا شتما(٢).

ومثله ـ كما تقدم في السب ـ في كتاب تاج العروس وغيره من حيث كون الشتم هو السب وشتمه بمعن سبه .. إذا الشتم هو عين السب لذا یکون الكلام عنهما (أي اللفظين) في دائرة واحدة حيث أن الشتم والسب علاقتهما ببعضهما علاقة ترادف أو عموم وخصوص مطلق ، كما سيتبين بعد قليل.

اللعن : معناه :

قال في مجمع البحرین ج ص: (لعن) قوله تعالى : (كما لعنا أصحاب السبت) أي مسخناهم قردة ، قاله في غريب القرآن. وفي لسان العرب ج ص قال : ولعنه يلعنه لعنة : طرده وأبعده ، وفي کتاب العين ج ص قال : ولعنه الله : باعده ، وفي المجمع : اللعن : الطرد من

__________________

(١) لسان العرب ج ص.

(٢) كتاب العين ج ٦ ص ٤٦.

الرحمة .. أي نطردهم من الرحمة ولعنهم الله بكفرهم أي أبعدهم وطردهم من الرحمة ..

واللعن ـ كما يعبر أهل السلوك ـ واقع ما دامت المعصية الموبقة توافق خيارات الإنسان. وقد وردت آيات كثيرة وروايات لا تحصى وقصص جمة تشمل اللعن سواء من الله سبحانه وتعالى أو من المعصوم (ع) ـ سنذكرها ـ.

العلاقة بين (السب ـ الشتم ـ اللعن) والفرق :

تبين مما سبق أن علاقة السب بالشتم علاقة عموم وخصوص مطلق بمعنى أن كل شتم هو سب ، وإن كان يبدو أن الشتم في خصوص السب بغیر استحقاق. ـ والله العالم ـ وعلى كل حال فإن الشتم هو السب والعكس أيضا كما سبق ، وعلى هذا لا يظهر فرق بين اللفظين إلا إذا قلنا أن الشتم مختص بما سبق أو مختص بسب مسلم من غير تأويل ، عليه تكون دائرة السب أوسع من الشتم ، فكل شتم سب ، وليس كل سب شتم. أما لفظة (اللعن) فهي مختلفة تماما عن كلا اللفظين (الشتم ، والسب) ولا علاقة لهذا اللفظ بهما ، فعلاقتهما (اللعن) من جهة و (السب والشتم) من جهة أخرى هي علاقة تباين ، أي تخالف. والفارق بينهما : أن اللعن هو الطرد من الرحمة ، أما السب والشتم فهما القطع والطعن في المسبوب على وجه حق أو غير حق، إن كان شتم. وعلى هذا تبين دائرة اختصاص كل لفظ من الألفاظ ، فلا نخلط بينها ، فإن كل لفظ له دلالته خصوصا إذا كان اللفظ صادرة من قبل المعصوم (ع).

تحرير محل الزراع:

إن زيارة عاشوراء لا تشتمل على سب أو شتم ، وإن كان الملعونون کیزید وعمر ابن سعد وشمر وغيرهم مستحقين لهذا الطعن والقطع ، بل الزيارة تشتمل على اللعن واللعنات للظالمين إما بالاسم صريحا أو تلميح.

وعلى هذا تسقط كل الدعاوى الواردة على الزيارة باشتمالها سبا أو شتم ... فإن الدعوى القائلة : كيف يصر أهل البيت (ع) في المداومة علی الزيارة بما تشمله من سب والقرآن يقول (ولا تسبوا ...) الآية ،. نقول : بأن هذا مصادرة ، فإن الزيارة لا سب فيها ولا شتم بل هي تحوي اللعن، والفرق بينهما واضح.

لذا نريح أنفسنا من الخوض فيما يقال على الزيارة من ناحية (السب والشتم)، فكل ما يقال هو أجنبي عن المقام وغريب عنه ، ويبقى الكلام في اللعن فقط.

والإشكال الذي يورده البعض حول اللعن والذي يمكن أن يناقش هو ما تقدم من كلام أبي المعالي الجويني الذي ذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ص . حيث قال : ما الذي ألزمنا وأوجب علينا أن نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه ، وأي ثواب في اللعن والبراءة ... إلى آخره ـ كما تقدم ـ.

وهنا يمكن القول : إن دفع ذلك من وجهين : أولهما : نقضي ، والآخر : حلي. أما النقضي إن نفس صاحب هذه المقولة ينقل ويعتقد بكثير من الروايات والقصص التي تخدم البحث وعلى النقيض من عقيدته ، حيث نقل روايات كثيرة تشمل اللعن ... وليس هذا مهم ـ فيما أظن ـ إنما الرد

الحلي هو الأمثل حيث فيه إقامة للحق والصواب بعيدا عن أي تشنیع أو جرح وهو ما يخدم هذا البحث.

الرد على شبهة اللعن :

وتحرر البحث في هذه الموضوعة في مجموعة نقاط :

١ ـ مشروعية اللعن ، من القرآن والسنة والآل (ع).

٢ ـ هل يمكن رد کتاب الله بسبب اللعن!.

ـ مناقشة الشبهة.

أولا : مشروعية اللعن :

وقبل البدء نشير إلى أننا سنذكر نماذج من الآيات والروايات ليس إلا ، ولو أردنا استقصاء جميع ما ورد من النصوص بهذا الشأن لخرج البحث عن المراد ، لذا سنشير إلى بعض النصوص كنماذج لإثبات مشروعية اللعن علی المستحقين :

ألف : من الكتاب العزيز :

إن لفظة (اللعن) وردت في القرآن الكريم في جملة من الآيات الطاهرات وقد لعن الله سبحانه وتعالى أصناف كثيرة في القرآن کالکافرین والمشركين والمنافقين والظالمين وغيرهم ، ومن هذه الآيات :

ـ في سورة البقرة آية قال تعالى : (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) وفي هذه الآية إخبار وصفة ، فالإخبار هنا لعله يفيد الأمر ، أي الأمر باللعن وهي صفة من صفات المؤمنين.

ـ في سورة الإسراء آية (٥٩) قال تعالى : (إلا فتنة للناس والشجرة المعونة في القرآن).

ـ وفي سورة المائدة آية قال تعالى : (لعن الذين كفروا من بي إسرائيل على لسان داود) فهل يستقیم کلام مستحسن بأن يتره ـ كما يعبر ـ لسانه من اللعن ، في الوقت الذي لسان هذا النبي العظیم داود يذكره ويتقرب إلى الله بذلك!

ـ وفي سورة الأحزاب آية ٦٤ قال جل اسمه : (إن الله لعن الكافرين

وأعد لهم سعيرا)

ـ وفي نفس السورة آية قال تعالى : (إن الذين يؤذون الله ورسوله العنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا)

ـ وفيها آية ٦١ قال جل من قائل : (ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا)

ـ وفي سورة (ص) آية قال تعالى : (وإن عليك لعنتي إلى ي وم الدين)

ـ وفي سورة النساء أية ٤٦ قال تعالى : (ولكن لعنهم الله بكفرهم ف لا يؤمنون إلا قليلا)

ـ وفي سورة البقرة آية قال جل وعلا : (فلعنة الله على الكافرين)

ـ وفي سورة التوبة آية ٦٨ قال تعالى : (ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم)

ـ وفي سورة الفتح آية ٦ قال تعالى : (وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد هم جهنم وساءت مصيرا)

ـ وفي سورة هود آية ١٨ قال تعالى : (ألا لعنة الله على الظالمين)

ـ وفي سورة الأعراف آية ٤٤ قال تعالى : (أن لعنة الله على الظالمين) وغيرها ... وغيرها .. من الآيات الطاهرات والتي من مجملها تدل على أن اللعن مأمور به شرعا من قبل الباري جل وعلا.

باء: الروايات :

فهي لا حصر لها من كثر ما ، وهذا القول من كلا الطرفين لا الشيعة فقط وكتبهم ، بل الفريقان ، ومن هذه النماذج الواردة :

* ذكر العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار ج ص ٤ أن النبي صلى الله عليه وآله وقبل وفاته بتسعة عشر يوما ، والنص مختصر : ... والله يقول : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي) فمن ظلمنا فعليه لعنة الله ، وأمرته أن ينادي : من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله ...) إلى آخر الرواية ، والتي في معظمها اللعن من الله ورسوله على المخالفين.

* وقد ذكر الشيخ الصدوق (ره) في كتاب الخصال في الجزء الثاني منه صفحة : قال الراوي : أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن : أو فن : يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرة ، وأبو سفیان جاء من الشام فوقع فيه أبو سفيان يسبه ويوعده فهم أن يبطش به ، فصرفه الله عن رسوله.

الثانية : يوم العير ... إذ طردها ليحرزها من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلعنه الله ورسوله.

الثالثة : يوم أحد ...

الرابعة : يوم الخندق ...

الخامسة : يوم الحديبية ...

السادسة : يوم الأحزاب ...

السابعة : يوم حملوا على رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة وهم اثنا عشر رجلا من بني أمية وخمسة من سائر الناس ، فلعن رسول الله (ص) من

على العقبة ـ غير النبي ـ وناقته وسائقه وقائده.

أقول : ينقل أن الراكب كان أبو سفيان والقائد معاوية والسائق يزيد

* روایات وردت عن النبي صلى الله عليه وآله منها :

ـ ملعون ملعون من يظلم بعدي فاطمة ابنتي(١)

ـ ملعون ملعون من ضيع من يعول(٢)

ـ ملعون ملعون مبغض علي ابن أبي طالب(٣)

وغيرها من الروايات على هذا النحو.

* ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام حينما اعترضه الأشعث ابن قیس وأمير المؤمنين (ع) يخطب على منبر الكوفة ، فمما جاء من كلام الأمير (ع) (.. عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين ..) (٤).

* والقول المشهور لأبي الفضل العباس ابن علي (ع) بمرأى ومسمع الإمام الحسين (ع) حينما جاء شمر ينادي : أين بنوا أختنا ... وكان يعني العباس ، فقال شمر (لكم الأمان من ابن زیاد فخلوا معسكر الحسين) فرد عليه أبو الفضل العباس أمام الحسين (ع) لعنك الله ولعن أمانك).

* ومن الروايات القصيرة الواردة عن بعض الأئمة عليه السلام :

ـ ملعون ملعون قاطع رحم(٥)

ـ ملعون من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها خمر(٦)

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ص

(٢) الكافي ج ٤ ص

(٣) كنز الفوائد ص ٦٣

(٤) مستدرك الوسائل ج ص

(٥) وسائل الشيعة ج ص

(٦) الكافي ج ٦ ص

وعلى هذا النحو.

* ومما جاء في كتب السنة من الروايات عن النبي الأعظم (ص) ـ وهي كثة جدا ـ والتي تفيد ما نحن بصدده :

جاء في مسند احمد لمؤلفه الإمام أحمد بن حنبل في ج ص : عن عكرمة عن ابن عباس قال قال النبي (ص) : ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه ملعون من ذبح لغير الله ملعون من غير تخوم الأرض ملعون من كمه أعمى عن طريق ملعون من وقع على بقيمة ملعون من عمل بعمل قوم لوط

وفي سنن الدارمي لمؤلفه عبد الله بن بهرام الدارمي في ج ص : عن بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله

ـ وسلم قال الحالب مرزوق والمحتكر ملعون

وفيه أيضا في ج ص :

عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وس لم : (ملعون من ضار مؤمنا أو مكر به).

وفي المستدرك للحاكم النيسابوري في ج ٤ ص : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعن الله سبعة من خلقه فرد رسول الله صلى الله عليه وآله على كل واحد ثلاث مرات ثم قال ملعون معلون ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من جمع بين المرأة وابنتها ملعون من سب شيئا من والديه ملعون من أتى شيئا من البهائم ملعون من غير حدود الأرض ملعون من ذبح لغير الله ملعون من تولى غير موالیه.

وغيرها كثير ....

جیم:

بعد أن ذكرنا بعض الآيات والروايات الدالة على جواز ـ الجواز بالمعن الأعم من المستحب والواجب والمكروه والمباح ـ اللعن بل رجحانه ، بل وجوبه في بعض الموارد ، نذكر هنا دليلا مستقلا منسلا من النصوص وقد أفردناه لأهميته وهو :

أجمع العلماء على وجوب الاعتقاد بفروع الدين كالصلاة والصوم وغيرها ، وعدوا المنكر لفرع من فروع الدين إما جاحدا أو كافر ـ بالمعنى الواسع ـ على تفصيل مذكور في مظانه ، ومن جملة فروع الدين الواجب الاعتقاد بما فرعين مهمين وهما (التولي والتبري) ، بمعنى أن المسلمين أجمعوا علی وجوب موالاة ومحبة أولياء الله سبحنه کالأنبياء والأوصياء وهذا لا خ لاف فيه ولا نقاش ، وكذلك أجمعوا على معاداة وبغض أعداء الله سبحانه. حيث قال جل اسمه : (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرهم). وكذا قوله تعالى : (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم). وعليه يكون الحب في الله واجب والبغض في الله واجب.

وهذا الحب والبغض (التولي والتبري) مصاديق كثيرة ، وما يهمنا ـ هنا في البحث ـ هو التبري ، حيث أن لعن أعداء الله سبحانه وتعالى ، وكذا أعداء رسوله (ص) من أجلى مصاديق التبري وله من الثواب ما لا يحصى ، وإن كان عدم اللعن نابعة ولو بشيء بسيط من الظن في أولمك بحيث يؤثر على الفرع الديني لكان الأمر معصية بلا ریب حيث فيه موالاة لأعداء الله ، ويكفي قوله تعالى : (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).

__________________

(١) سورة المجادلة آية

(٢) سورة الممتحنة آية .

ثانيا :

هل نرد کلام الله ـ سبحانه ـ بهذا الاستحسان؟:

إن القائلين بعدم وجوب اللعن ـ في بعض موارده ـ بل عدم رجحانه ، وأن الله جل وعلا لا يسألنا إذا لم نلعن أعداء الله ورسوله ، أو أننا لا نقرأ ولا نطلع على الكتب التي تحوي مثل هذه الأمور ، أو كما قال أحدهم في محطة فضائية : إني لا أؤمن بجميع تلك الكتب التي تحوي على هذه اللعنات .. أو كما قال أخر : إن زيارة عاشوراء لا نعمل بما ولا يقبلها عقلي لما فيها من اللعن الغريب وو ....

فعلى أولئك إعمال هذا المبني على جميع الكتب ، لا كتابا دون آخر من المصادر ، وفي جميع النصوص. وعليه فإن القرآن الكريم المنزل من قبل الله جل وعلا والمتضمن الكثير مما أنكروه ـ كما تقدم في الآيات السابقة .. وبهذا يظهر : فساد مبناهم ، وهم ـ والحال هذه ـ لا ينكرون القرآن العزيز وأنه متزل من قبل الله جل وعلا ، ولكنهم استحسنوا شيئا في قبال نص صریح وواضح ، فأقل ما يمكن أن يقال : إن هذا المبين لا يستقیم وواضح الفساد ، وأهم أخطئوا في الاتكاء على هذا المبين ، ونسأل الله أن يه دينا وإياهم إلى سواء السبيل إنه سميع مجيب.

ثالثا : (ملاحظة) :

اتضح مما سبق أن الإشكال الوارد حول الزيارة ـ عاشوراء ـ أو غيرها ، من ورود اللعن الغليظ فيها مما يجعلنا لا نؤمن بما ولا بغيرها ، كلام لا يستقیم بحال ففي إعمال هذه القاعدة رة لكتاب الله سبحانه ، فكل ما يقال حول اللعن وعدم استحسانه قليلا أو كثيرا ما هو إلا اجتهاد في قبال النص ـ

والعياذ بالله ـ ومردود بالدليل القاطع الواضح. وقد أتضح كل ذلك في النقاط السابقة.

الشبهة الثانية :

مفادها :

لا ينبغي التركيز على هذه الزيارة (زيارة عاشوراء) لما تتضمنه من أمور تثير الفتنة بيننا وبين إخواننا المسلمين ، وأن روح الإسلام والمبادئ والقيم التشريعية عندنا تقتضي العمل على قضايا أهم من ذلك والتي منها قيمة (الوحدة) ، أي الوحدة بين المسلمين في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة ها ، لمقاومة الغزو الاستعماري بكافة ص وره ، الثقافية، والفكرية ، والاقتصادية ، والسياسية ، بل وحتى العسكرية ووو. فضلا أن هذه الزيارة وغيرها ينفر من الدخول والإطلاع على المذهب ويثير التهكم. وعلى هذا الرأي فإن المناط يكون هو كل ما يمكن دخوله ضمن هذه الحلقة ، أي كل ما يثير التهكم والفتنة ويعرض قيمة الوحدة الإسلامية ندفعه ولا نعمل به.

رد الشبهة :

وقبل البدء فيما يمكن أن يقال في رد الشبهة نذكر ملاحظتين :

١) أن القائلين بهذه الدعوى يقولون بصحة الزيارة من حيث السند والصدور ولا إشكال لديهم في ذلك.

٢) وبناء على ذلك فلا بد من مشمول هذه الزيارة بأحد الأحكام الشرعية (الخمسة) وهو حكم الاستحباب هنا ، ولو من باب قاعدة التسامح في أدلة السنن ، ومرادهم مما تقدم في الشبهة هو رفع اليد عن هذا الحكم لما يرونه للتزاحم الواقع بين الأمرين.

وبعد ذلك يمكن القول :

إن التهكم وغيره ـ مما ذكر ـ لا يكفي لرفع اليد عن الأحكام الإلهية الثابتة والأساسيات الإعتقادية.

وللتوضيح :

إن التهكم ونحوه لا يكفي في رفع اليد عن الأساسيات الإعتقادية وما يرتبط كما. وحيث أن (البراءة) من أعداء الله تعالى من الأساسيات فلا يصح رفع اليد عن ذلك لتهكم أو نحوه ، والقضية لا تنحصر في (زيارة عاشوراء) بل ترتبط بمجمل (خط البراءة) ولو تنازلنا عن زيارة عاشوراء لوجب أن نرفع اليد عن كل ما يتعلق بالبراءة ، مثلا : لا يصح لنا أن نعتقد بأحقية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بالخلافة لأنه خلاف الوحدة ولا يصح لنا أن نعتقد بعلم الأئمة (ع) بالغيب لأنه يوجب التهكم ، ولا يصح لنا أن نقول ب (حلية زواج المتعة) لأنه يوجب تفريج من البعض ضدنا .. وهكذا ... ولن يصل خط التنازل هذا إلى حد ، إلا بالتخلي عن كل الأسس الإعتقادية وقد قال الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وقال (حتى یردوکم عن دینکم إن استطاعوا).

وبناء عليه :

لم نجد في كتب الفقه أو كتب الأصول واللذان (الفقه ، والأصول) يمثلان أساس الفكر الديني والاستنباط الشرعي ، ما يجعل التأملات السابقة ـ من التهكم وغيره ـ مرجحا لرد حكم أو الإعراض عن رواية ، ولا يمكن التمسك بدعوى من دون دلیل ، فيلزم على المدعي إقامة الدليل على دعواه ، وإلا فنضرب بالدعوى عرض الحائط.

ثم بعد ذلك : فإن العمل بهذه الدعوى والبناء عليها يستلزم بالضرورة التخلي عن الكثير من الأحكام الشرعية في جميع أبواب الفقه الصلاة والحج والخمس والجهاد وو ...، وكذا يستلزم الإعراض عن جملة من الروايات والتي تعد بالمئات ، التي تتعارض مع هذه الدعوة ، كما هو موجود في كتب الحديث ، أنظر بحار الأنوار للعلامة المجلسي في المجلد ().

فعليه : فإن هذه الشبهة والمقولة لا تستقيم أمام المنهج الدين فقها وأصولا ، وهي دعوی بلا دليل! والله العالم.

وذكر الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي (قدس) في كتابه (الشعائر الحسينية) أن الاستهزاء والضحك وغيره من المخالف لا يمكن القبول ب ا والاعتماد عليها لترك الشعائر الحسينية .. قال : (وأما ترك الشعائر الحسينية الضحك الأعداء منها فهذا يكشف عن المزامية بالغة في نفوس هؤلاء .. ولقد كان الجاهلون والمنافقون ألذع سخرية وأكثر ضحكا من الإسلام غير أن النبي العظيم لم يعر سخريتهم من الاهتمام ما كان يعيرها لطنين الذباب فمضى في سبيله لا يلويه شيء حتى أنتصر وألقي القرآن ضوءا على واقعهم المتفسخ بقوله ((وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن)) ولقد سخر اليهود بالأذان وسخر المشركون بالسجود فلم تثن من عزم المسلمين شيئا بل ضربوا على ذلك النهج المستقيم غير مبالين بعثرات غيرهم حق ادخروا لنا التشيع عبر الزوابع الهوج).

الشبهة الثالثة :

مفادها :

إن زيارة عاشوراء لها مصدران وهما : كتاب مصباح المتهجد لشيخ الطائفة الطوسي ، وکتاب کامل الزيارات لابن قولويه ، وإن للزيارة ألفاظ وعبائر مختلفة من مصدر لأخر ، وهذا الاختلاف يشي ولو بصورة غير كاملة بضعف الزيارة بل ربما تكون ملفقة ومن صنع بعض الشيعة!!

وفي واقع الأمر فإن هذه الشبهة لا تحتاج إلى كثير تأمل في تفنيدها ، ومن شدة ضعف هذا الرأي لا أحد يتبناه ...

وكيف كان .. يلزم الرد على ذلك :

إن ورود أدب أو سنة ، بل وحتى حكم في أكثر من نص منقول من أكثر من معصوم (ع) وتكون هذه النقولات إما مختلفة في بعض الألفاظ فقط من دون اختلاف في الأصل والمضمون ، وتارة يكون الاختلاف في المضمون. وإذا كان الأمر الواقع هو الثاني فإن الرجوع في ذلك إلى علم الأصول باب التعادل والتراجيح.

وأما إذا كان الأمر الواقع هو اختلاف في بعض الألفاظ فقط مع المحافظة على الأصل والمضمون فإن ذلك أمره سهل ويسير :

فإما أن يكون الاختلاف بسبب اختلاف الرواة ، وهو أمر أوضح من أن يوضح ، وإما أن يكون بتعدد المطلوب ، بمعن تعدد أفراد المستحب الكلي تخييرا ، وإما أن يكون الجمع بين الروايات جمعة عرفية عامة ، وذلك كما هو منقول عن الشيخ عبد الكريم الحائري (قدس) أنه كان يصف طريقة) العرف العام : هو العرف الاجتماعي العام الشامل للعرف الخاص بأهل فن معين كالعرف العلمي أو الفلسفي أو غيرهما.

متبعة لدى السيد الميرزا الشيرازي (قدس) كان يراها صحيحة ناتجة ع ن الجمع بين الأخبار(١)، وربما كانت طريقة السيد اليزدي صاحب العروة الوثقی

ـ الآتية في الفصل الثالث ـ كذلك أيضا ، أي الجمع بين الأخبار. وغيرها .. وغيرها .. من التوجيهات الممكنة للروايات المختلفة ، ويعرف ذلك ويظهر جليا في بطون كتب الفقه كالروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني ، والجواهر للشيخ النجفي ، والحدائق للبحراني وغيرها من الكتب.

وفي الجملة ، فإنه لا توجد اختلافات ـ بالمعنى العلمي المتعارف ـ في زيارة عاشوراء ، بل هي اختلافات قليلة جدا وبسيطة ، فعلى سبيل المثال وردت في الزيارة : (وعظمت المصيبة بك علينا ..) وتوجد في بعض النسخ بدل (بك) (بكم علينا) وعلى هذا النحو قس ، انظر مفاتیح الجنان للمحدث القمي.

فهذا لا يعد اختلافا بالمعن الأصولي لاختلاف الروايات ، وإن كان كذلك فأمره وحمله على ما ذكر لا يحتاج إلى عناء.

__________________

(١) مفاتیح الجنان ص ٥.

الشبهة الرابعة :

مفادها ::

هناك أكثر من طريقة في لسان الروايات لزيارة عاشوراء ، فإن المنقول ع ن الإمام الباقر (ع) يختلف عن المنقول عن الإمام الصادق (ع) في كيفية زيارة عاشوراء من التقديم والتأخير في الصلاة أو التكبير أو غيرها ..

وكذا توجد طرق عدة لدى علمائنا فهناك أكثر من ستة أو سبعة طرق للزيارة ، وإن هذا التعدد بهذا الشكل يضعف هذه الرواية.

في الرد على هذه الشبهة يمكن القول :

نعم .. توجد طرق متعددة في كيفية زيارة عاشوراء وذكر ذلك العلامة المجلسي في البحار. وهذا ما سنتناوله في الفصل اللاحق ـ إنشاء الله ـ مفصلا ، ولكن ما يمكن قوله هنا عين ما قيل في النقطة السابقة من باب تعدد المطلوب الاستحبابي ، أو محاولة للجمع بين الزيارتين أو غيرها ، فإن التعدد لا ينافي الصدور من جهة ، ولا ينافي تعدد المطلوب من جهة أخرى ، أو غيره من التوجيهات.

وتأتي هنا بمثال فقهي ، وكيف عالج علماؤنا الروايات المختلفة في شيء واحد:

وردت لدينا مجموعة روايات في استحباب الفصل بين الأذان والإقامة فمن هذه الروايات :

ـ صحیح سليمان ابن جعفر الجعفري قال : (سمعته يقول : أفرق بين الأذان والإقامة بنجلوس أو بركعتين) (١)

__________________

(١) الوسائل باب حديث .

ـ عن أبي عبد الله (ع) قال : (كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأصحابه من سجد بين الأذان والإقامة فقال في سجوده .... إلخ) (١)

ـ وفي الفقه الرضوي .. (وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمن ..) (٢)

وغيرها من الروايات التي تحوي نفس المضمون ، وقد استفاد علماؤنا الأعاظم من هذه الروايات التي تبدو أنها مختلفة ـ والحال غير ذلك ـ بأن المستحب متعدد بأي أمر أتيت كان مجزية ولك من الثواب الجزيل ، ولذا قال في العروة الوثقى وتبعه العلماء على ذلك ما نصه : (العاشر من المستحبات ـ : يستحب الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة ركعتين أو خطوة أو قعدة أو سجدة أو ذكر أو دعاء أو سکوت ... إلخ).

هذا والحال أن التعدد هنا واضح وجلي لا ريب فيه ، كيف إذا كان الأمر غير ثابت من اختلاف الطرق المروية ، وعلى القول بوجود الاختلاف فهناك أكثر من طريق للتعامل معها.

بل نزيد ونقول لو أن التعارض بين روايتين معينتين مستحکم ، أي ثابت ، فإن قدرنا على ترجيح إحداهما بناء على تأسيس الاعتقاد في ذلك في علم الأصول (باب التعادل والتراجيح) ، وإلا قلنا : (علمها عند أهلها) ولا نسقط رواية بلا دلیل وحجة قطعية واضحة.

والأمر في زيارة عاشوراء هين ، حيث أنه لا تعارض ، بل هناك طرق متعددة لمن كان عند الإمام الحسين عليه السلام طريقة ، ولمن كان عند الأمير عليه السلام طريقة أخرى ، أو كان بعيدا عن كربلاء طريقة ثالثة .. وهكذا.

__________________

(١) الوسائل باب حديث ١٤.

(٢) مستدرك الوسائل باب حديث .

إذا الشبهة لا يمكن أن تستقيم أمام ذلك ، وسيتضح في الفصل اللاحق ـ إنشاء الله ـ والمنعقد حول كيفية زيارة عاشوراء ، أكثر مما ذكرنا.

الفصل الثالث

طرق وكيفية زيارة عاشوراء

مدخل :

اختلفت الروايات الواردة في زيارة عاشوراء وذلك في كيفية وطريقة الإتيان بالزيارة ، وها واضح وظاهر حتى وصف العلامة المجلسي ذلك بقوله ((في العبارة إشكال وإجمال وتحتمل وجوها)) وعلى ذلك اختلفت طريقة العلماء فيها فمنهم من أخذ بنص رواية دون الأخرى وبعضهم بالأخرى دون الأولى ومنهم من حاول الجمع بين الروايات ومنهم من أعمل الأصل وغيرها من الطرق ، ولعل ذلك ـ كما سبق ـ لتعدد المطلوب.

لذا كان من اللازم إفراد فصل حول طريقة وكيفية زيارة عاشوراء وسيكون هذا الفصل في نقطتين.

الأولى : ذكر الطرق المتعددة والمستند ها.

الثانية : في اختصار زيارة عاشوراء (كطريقة مستقلة).

والله الموفق والمستعان.

طرق وكيفية زيارة عاشوراء:

وردت زيارة عاشوراء عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام لذا كان من اللازم ذكر الطريقة الموجودة في الروايات أولا ... والظاهر أن الموجود في الروايات الورادة عن المعصومين ثلاثة طرق كالتالي :

الطريقة الأولى :

ذكر محمد بن إسماعيل بن بزبع عن الإمام الباقر (ع) طريقة في مصباح الشيخ الطوسي ونقلها المحدث القمي في مفاتیح الجنان ص ومفادها كالتالي :

١/ البروز إلى الصحراء أو الصعود إلى السطح.

/ الإيماء إلى الإمام بالسلام (والظاهر أنها الزيارة ـ والله العالم).

٣/ الإجتهاد في الدعاء على قاتليه.

٤/ الصلاة ركعتين (صلاة الزيارة).

مع ملاحظة كون فعل ذلك كله في صدر النهار وقبل الزوال.

٥/ ثم يندب الحسين عليه السلام ، ويبكيه.

هذه هي الطريقة الأولى.

الطريقة الثانية :

وهي أيضا عن الإمام الباقر عليه السلام منقولة في نفس المصادر المتقدمة ، ويظهر أنها طريقة أخرى غير المتقدمة وإن كان السند واحدا ، وهي كالتالي :

(مفادها) : ـ مفاتیح الجنان ص

١/ التكبير

/ الإيماء إلى الإمام بالسلام (والظاهر سلام خفيف غير الزيارة)

٣/ الصلاة ركعتين

٤/ الإتيان بالزيارة (زيارة عاشوراء)

مع ملاحظة أن الإمام عليه السلام ذكر في هذه الرواية إن فعل ذلك في الدار يوجب ثواب جميع ذلك.

الطريقة الثالثة :

وهي رواية عن صفوان بن مهران الجمال عن الإمام الصادق عليه السلام ، حيث أن هذه الطريقة أتي بها الإمام الصادق عليه السلام مع جماعة من الأصحاب منهم (صفوان بن مهران) ، والمهم معرفة أنهم أتوا بهذه الطريقة عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، ومفاد الطريقة كالتالي :

/ زيارة أمير المؤمنين عليه السلام.

/ قراءة الزيارة ، أقول : هل المقصود زيارة عاشوراء أم سلام آخر؟ وما معنى رقم () الآتي.

٣/ الصلاة ركعتين

٤/ تودیع أمير المؤمنين عليه السلام

٥/ الإيماء للحسين عليه السلام بالسلام

٦/قراءة الدعاء (دعاء صفوان بعد الزيارة .. يا مجيب ...).

وهنا هل المقصود من رقم و ٥ قراءة الزيارة أم أن الأول س لام وجيز والثاني هو قراءة الزيارة أم العكس؟

الظاهر والله العالم أن قراءة زيارة عاشوراء هو في رقم حيث جاء النص كالتالي : (فلما فرغنا من الزيارة ـ زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ـ صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله عليه السلام فقال لنا : تزورون الحسين عليه السلام من هذا المكان عند رأس أمير المؤمنين صلوات الله عليه من ههنا وأومأ إليه أبو عبد الله عليه السلام وأنا معه. قال : فدعا ص فوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام). وهذا ظاهر أن زيارة عاشوراء تأتي بعد زيارة أمير المؤمنين عليه السلام. وبعد ذكر هذه الطرق المروية ينبغي التنبه على أن التعدد هذا يدل على مشروعية أي من هذه الطرق من باب تعدد المطلوب ، كما أن في قنوت الصلاة توجد أذكار كثيرة ومستحبة وبأي ذكر تاتي تكون قد أديت المطلوب كذلك أيضا في الزيارة بأي طريقة تأتي يكون الإنسان قد أدى المطلوب.

وينبغي هنا أن نشير إلى أن كثيرا من علماءنا الأجلة حاولوا الجمع بين ه ذه الأخبار والخروج بطريقة معينة حيث أن في بعض الروايات كما عبر العلامة المحلسي (في العبارة إشكال وإجمال).

ونذكر هنا طريقتين لعالمين من علمائنا الأعاظم وهما السيد محمد کاظم اليزدي صاحب العروة الوثقی قدس الله سره ، والثاني السيد المحدد الشيرازي الكبير قدس الله سره الشريف.

وقد ذكر محمد علي الطهراني في كتاب مفاتیح الجنان للمحدث القمي في هامش رقم ـ ـ من ص وقال مانصه :

لا يخفى أنه حتی من ليس في ديانته ولا في صدقه شك أن الطريقة المتبعة لدى المرحوم آية الله السيد محمد کاظم اليزدي طاب ثراه هي ما كان يصفها فيقول ينبغي أن أن يصعد الزائر مكان مرتفعا فيبدأ بقراءة زيارة من زیارات الأمير عليه السلام ثم يسلم على سيد الشهداء عليه السلام سلام وجيرا ثم يلعن قاتليه لعن أكيد شديدا ثم يصلي ركعتين صلاة الزيارة ثم يكبر مئة مرة ثم يقرأ زيارة عاشوراء بما فيها اللعن مئة مرة والسلام مئة مرة والدعاء اللهم خص ودعاء السجدة ثم يصلي ركعتين أخريين بعد ذلك ، وأنا العاصي قد سمعت المرحوم آية الله الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري طاب ثراه يصف طريقة كانت متبعة لدى المرحوم آية الله الميرزا الشيرازي طاب ثراه يراها صحيحة ناتجة عن الجمع بين الأخبار ، فكانت تتفق مع هذه الطريقة ولكن مع حذف زيارة الأمير عليه السلام والتكبير مئة مرة ... العاصي محمد علي الطهراني.

وبهذا يظهر أن طريقة السيد اليزدي كالتالي :

١/ الصعود إلى مكان مرتفع

/ زيارة أمير المؤمنين عليه السلام (إحدى زيارات الأمير عليه السلام)

٣/ السلام على الحسين عليه السلام سلام وجيز

٤ / يلعن قاتليه لعنا شديد وأكيد

٥/ الصلاة ركعتين ، صلاة الزيارة

٦/ يكبر مائة مرة.

/ قراءة زيارة عاشوراء (كاملة)

/ الصلاة ركعتين

وفي هذه الطريقة ملاحظات :

الأولى : فعل الصلاة قبل وبعد الزيارة ، وهذا بلا ريب أحوط لإحتمال فعلها في هذه الموراد بسبب الإجمال السابق.

الثانية : التكبير مائة مرة ، ولعل المستند في ذكر التكبير مائة مرة أمران الأول : حمل التكبير المستحب قبل الزيارة عموما كما قال الكفعمي. الثاني : أن السيد ابن طاووس في المصباح والمزار کما نقل ذلك العلامة المجلسي في بحاره الجزء في ص ، قال : إن مكان قوله من بعد الركعتين : قوله من بعد التكبير. وقد يحمل التكبير على الصلاة محازا والله العالم

الثالثة : والأهم أنه لا يوجد ذكر لدعاء صفوان بن مهران بعد الزيارة أو بعد الصلاة أو في أي موضع آخر. أما طريقة السيد المحدد الشيرازي قدس سره كالتالي :

/ الصعود لمكان مرتفع

٢/ السلام على الحسين سلام وجيز

٣/ يلعن قاتليه لعنة أكيد

٤/ الصلاة ركعتين (صلاة الزيارة)

٥/ها قراءة الزيارة (زيارة عاشوراء)

٦/ الصلاة ركعتين

وهي خالية من التكبير مائة مرة والسلام على الأمير ، وكذا خالية من دعاء صفوان بعد الزيارة ، ولعل في رقم ـ ه ـ قراءة الزيارة بمعناه الشامل للزيارة والدعاء ، والله العالم.

وهاتان الطريقتان واضحتان في كوفما محاولة للجمع بين الأخبار والظاهر ـ والله العالم ـ أن الكل حسن.

* مع العلامة المجلسي في البحار:

ذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار الجزء في ص معقبا ومبينا على کلام الإمام عليه السلام حين قال : (إذا أنت صليت الركعتين) قال العلامة المحلسي : أقول : وفي العبارة إشكال وإجمال وتحتمل وجوها .. ثم ذكر ستة وجوه وطرق لبيان موضع الصلاة من الزيارة ، وهذا يعني أنه ذكر ست طرق للزيارة وهي كالتالي :

الأول : أن يكون فعل تلك الأعمال والأدعية قبل الصلاة وبعدها مکررا. وهذا يعني الإتيان بالزيارة والدعاء وغيرها على أي وجه من الوجوه السابقة ولكن المهم الإتيان بالصلاة قبل وبعد جميع الأذكار.

الثاني : أن يكون المراد الإيماء بسلام آخر بأي لفظ أراد ثم الصلاة ثم قراءة الأدعية المخصوصة. وعليه تكون الطريقة كالتالي :

/ الإيماء بسلام إلى الحسين عليه السلام

/ الصلاة (صلاة ركعتي الزيارة)

/ قراءة الزيارة (زيارة عاشوراء)

٤/ الأدعية المخصوصة (دعاء صفوان)

وحمل الكفعمي العبارة على هذا الرأي. مع وجود مائة تكبيرة بعد الصلاة.

الثالث :

أن يكون المراد بالسلام قوله : السلام عليك إلى أن ينتهي إلى الأذكار المكررة ثم يصلي ويكرر كلا من الدعاءين مائة بعد الصلاة ويأتي بما بعدها. وعليه :

/ قراءة زيارة عاشوراء إلى أن يصل إلى اللعن مائة مرة ويقف قبل أن يلعن

/ يصلي ركعتين (الزيارة)

٣/ بعد الصلاة يأتي بمائة من اللعن ومائة مرة السلام.

٤/ ثم دعاء السجدة

٥/ دعاء صفوان بعد الزيارة

الرابع :

أن تكون الصلاة بعد تكرار الذکرین مائة مائة ثم بعد الصلاة : اللهم خ ص ... إلى آخر الأدعية. وعليه :

/ قراءة الزيارة واللعن مائة والسلام مائة ويقف

/ صلاة ركعتين (الزيارة)

٣/ ثم بعد الصلاة يأتي بدعاء .. اللهم خص ... وكذا دعاء السجدة

٤/ دعاء صفوان بعد الزيارة

الخامس :

أن تكون الصلاة متوسطة بين هذين الذكرین لقوله عليه السلام واجتهد على قاتله بالدعاء وصل بعدها والظاهر من هذا الكلام مايلي :

/ قراءة زيارة عاشوراء إلى أن ينتهي من اللعن مائة مرة.

/ الصلاة بعد اللعن (رکعي الزيارة).

٣/ السلام مائة مرة إلى أخره.

٤/ دعاء صفوان بعد الزيارة.

السادس :

أن تكون الصلاة متصلة بالسجود ولعل هذا أظهر المناسبة السجود بالصلاة ولأن ظاهر الخبر كون الصلاة بعد كل سلام ولعن. وهذا الرأي ما استظهره العلامة وهو كما يلي:

/ قراءة الزيارة مع اللعن مائة والسلام مائة ودعاء اللهم خص .. ثم يقف

/ الصلاة بعد دعاء اللهم خص.

٣/ دعاء السجدة بعد الصلاة

٤/ الأدعية المخصوصة.

كما أن العلامة المجلسي بعد أن ذكر هذه الطرق قال : وعلى التقادير العبارة في غاية التشويش ، وقال : ولعل الأحوط فعل الصلاة في المواضع المحتملة كلها.

الخلاصة :

وبهذا تظهر الطرق المتعددة في الزيارة والتي تربو على ثمانية طرق بالإضافة إلى نص الروايات فتكون إحدى عشرة طريقة.

وكيف كان ..

فإن الإتيان بها على أي وجه لا إشكال ولا شبهة في استحبابه ، وقد سألت أحد العلماء الأجلة عن الطريقة المناسبة التي ترونها في زيارة عاشوراء؟ قال : بأي طريقة تأتي فيها الثواب المرجو إنشاء الله تعالى .. والمهم الإتيان بما كاملة من اللعن والسلام مائة مرة ...

فينبغي العمل بما هو أقرب إلى الرواية أو الأقرب للجمع بين الأخبار للحصول على شرف الإتيان بالزيارة ، والله أكرم الأكرمين.

اختصار زيارة عاشوراء:

جاء في كتاب (الصدف المشحون بأنواع العلوم والفنون) وهو فارسي المؤلفه المولى محمد الشريف ابن الرضا الشيراويني. والكتاب في محلدين ، وقد ذكر في المجلد الثاني وقال :

حدثني محمد بن الحسن الطوسي في الروضة الرضوية يوم الإثنين ٤ محرم ١٢٤٨ قال : حدثي رئيس المحدثين العالم المحقق الشيخ حسين آل عصفور البحراني ، قال حدثني والدي عن أبيه عن جده بسنده إلى الإمام أبي الحسن علي الهادي النقي عليه السلام (١) أن من قرأ مة اللعن في زيارة عاشوراء ثم قال : اللهم العنهم جميعا تسعة وتسعين مرة كفي عن المائة وكذا السلام. وكذا في كتاب (ربع قرن مع العلامة الأميني) للحاج حسين الشاكري حيث جاء في ص قال : روى العلامة الفذ المولى شريف الشيراوني في كتابه (الصدف) ج ص عن مشايخه الأجلة معنعنا عن الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام أنه قال : من قرأ لعن زيارة عاشوراء المشهورة مرة واحدة ، ثم قال ((اللهم العنهم جميعا تسعة وتسعين مرة كان كمن قرأ المائة مرة ومن قرأ سلامها مرة واحدة ثم قال : السلام على الحسين وعلی علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين تسعة وتسعين مرة كان كمن قرأ المائة تامة من أولها إلى آخرها.

وهذا ملخص ما أورده وقاله العلامة الامين في كتاب آداب الزائر لمن يم الحائر بضمان وثواب زيارة عاشوراء ودعاء العلقمي. وهو ما نقله حسين الشاكري في الكتاب.

__________________

(١) الذريعة ج ص

ومثله ـ مع اختلاف يسير ـ ما نقله صاحب كتاب (ضياء الصالحين) في ص عن نقل النص عن ممتاز الدعوات عن كتاب الصدف. ولكنه ذكر أن لمحمد بن الحسن الطوسي أسانيد متعددة عن الإمام الهادي عليه السلام.

وخلاصته المذكورة :

أنه إذا قرأ الإنسان زيارة عاشوراء ووصل إلى جملة ... اللهم العن أول ظالم ظلم ... إلى آخره ، يقول بعد إتمام الجملة : اللهم العنهم جميعا تسعة وتسعين مرة.

وكذا عند السلام .. السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك ... إلى آخرها .. ثم يقول : السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ، تسعة وتسعين مرة ثم صلى ركعتين بعد السجدة وادع بعدها بدعاء صفوان بعد الزيارة ....

وهذا ملخص ماجاء في اختصار زيارة عاشوراء حيث أن اللعن مائة والسلام مائة تأخذ وقتا من المرء، جاءت هذه الرواية بهذا السند عن الإمام الهادي عليه السلام مختصر الزيارة ، وخصوص الاختصار في اللعن والسلام بدل المائة مرة، مرة واحدة معقبا بعدها بتسع وتسعين مرة.

قراءة زيارة عاشوراء أربعين مرة

فلسفة العدد

قرأت قصصا كثيرة تنقل عن بعض علمائنا رضوان الله عليهم إما عنهم أي هم يقرؤون الزيارة أربعين مرة ، أو أنهم يأمرون بذلك.

وفيما اطلعت عليه لم أجد نصا صريحا عن المعصوم علیه السلام يقول بزيارة عاشوراء أربعين مرة ، لذا أفردت هذه الصفحات بالبحث حول هذا العدد الأربعين) بصورة عامة ثم ننتهي بالنتيجة والتي قد تنطبق على زيارة عاشوراء وغيرها من الآداب والسنن والأدعية.

نواجه في القرآن الكريم والروايات المأثورة عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا عن أهل البيت عليهم السلام نصوص كثيرة تضم بين جوانبها أعدادا كالسبعة والسبعين والأربعين وغيرها من الأعداد والتي يقف المرء محتارا لا يستطيع التعرف على أسرارها وفلسفتها الوجودية.

ومن بين هذه الأعداد ـ عدد الأربعين ـ بل ترى أن هذا العدد امتیازا على غيره من الأعداد (وربما) يصح القول بأن عدد الأربعين يفوق جميع الأعداد من حيث الامتيازات الخاصة والنصوص الواردة ـ والله العالم ـ فقد وردت آیات وروایات كثيرة تستوقف المطلع على مايمكن استلهامه منها.

ومن الآيات والروايات التي ذكرت في عدد الأربعين) مايلي :

أولا : الآيات :

جاء في سورة البقرة آية (٥١) (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون).

وفي سورة المائدة آية () : (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين)

وفي سورة الأحقاف آية () (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك).

وغيرها من الآيات الطاهرات ، فورود هذا العدد (الأربعين) في هذه الآيات الطاهرة لم يكن ـ والعياذ بالله ـ اعتباطا بل له دلالاته التي يحتار في مغازيها الكمل وذوو الألباب ، وأما عن الروايات فهي كثيرة جدا وسنذكر شيئا منها ، وللتزود أكثر يمكن مراجعة كتاب الخصال لابن بابوية القمي.

الروايات :

وهي على انواع ، منها :

/ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (من قدم أربعين رجلا من إخوانه فدعا لهم ثم دعا لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه) (١)

/ وعنه عليه السلام : (إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم إنا لا نعلم منه إلا خير وأنت أعلم به منا قال الله تبارك وتعالى قد أجرت شهادتكم وغفرت له ماعلمت مما لا يعلمون) (٢)

٣/ وعنه عليه السلام : (ما من رهط أربعين رجلا من المؤمنين اجتمعوا فدعوا الله عز وجل في أمر إلا استجاب لهم) (٣)

__________________

(١) الخصال ص

(٢) الأربعون حديثا ص

(٣) الأربعون حديثا عن الوسائل ج ٤

٤/ عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ختنوا أولادكم يوم السابع فإنه اطهر واطيب وأسرع لنبات اللحم، فإن الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين صباحا) (١)

٥/ وعن الإمام العسكري عليه السلام أنه قال : (علامات المؤمن خمس : صلاة الخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر بسم الله الرحمن الرحيم) (٢)

٦/ وعن الباقر عليه السلام قال : (ما اخلص عبد الإيمان بالله أربعين يوما ، أو قال ما أجمل عبد ذكر الله أربعين يوما إلا زهده الله في الدنيا ، وبصره دائها ودوائها ، وأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه ..) (٣)

/ والحديث المشهور عن أبي عبد الله عليه السلام (قال من حفظ من شيعتنا أربعين حديثا بعثه الله عز وجل يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه) (٤)

وغيرها .. وغيرها من الروايات كاحتباس الوحي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعين يوما وغيرها من الأحداث كالانتقال بين النطفة والعلقة والمضغة .....

وبعد هذا .. فمن الواضح جدا أن هذا العدد خصوصية عند الشارع المقدس ولكن مع بالغ الأسف (أيها القارئ الكريم) حاولت جاهدا عبر وسائل مختلفة أن أتوصل إلى كلام أحد الأعلام في فلسفة هذا العدد واستنطاقه بالتفكير الأصولي والفقهي ، ولكني لم أجد بسبب شح المصادر في هذه البلاد ...

__________________

(١) الخصال ص

(٢) وسائل الشيعة ج

(٣) بحار الأنوار ج ص ٤

(٤) بحار الأنوار ج ص

ولعل ـ أكرر القول (لعل) ـ مما سبق من الآيات والروايات ومواقف العلماء بالعمل بزيارة عاشوراء أربعين مرة أو أمرهم بقراءة الزيارة أربعين مرة يمكن توجيه ذلك بأحد الوجوه العامة والتي منها :

١/ لعل تكرار العمل أربعين مرة يوجب الإصرار في الإلحاح والتوجه والدعاء والزيارة مما ينتج في النهاية الإستجابة.

/ لعل هناك أمرا عاما بالعدد الأربعين خفي علينا.

٣/ لعل في هذا العدد توجيها وحث على العمل المتواصل بحيث خلال هذه المدة (أربعين مرة) مرة واحدة فقط يكون الإخلاص من الزائر أو الداعي لله سبحانه ، فيستجاب له بسبب هذه المرة ، والله العالم.

الفصل الرابع

١ ـ في فضل زيارة الإمام الحسين (ع) ، في كل وقت وحين

ـ في فضل زيارة الإمام الحسين (ع) ، في أوقات مخصوصة.

٣ ـ في بعض مختصات الحسين (ع).

٤ ـ تأملات في فضل زيارة عاشوراء.

تمهيد :

إن ثواب زيارة الإمام الحسين (ع) سواء عن قرب أو بعد تصعب الاحاطة به ، فإن مجرد ذكر هذه الألفاظ : (السلام عليك يا أبا عبد الله) لها من الثواب والفضل ، بل الأثر التشريعي والتكوين ما يذهل ذوي الألباب. ومما يثير الذهن اختصاص الإمام الحسين (ع) بمئات الروايات المختلفة في تحديد ثواب زیارته (ع) ، وكذا اختصاصه بزيارات خاصة في أوقات مخصوصة وفي ظروف معينة ، وبل واختصاصه بألفاظ لا تنطبق إلا عليه من دون العالمين ، كل ذلك يثير في الذهن التساؤلات الكثيرة والتي ملخصها : لماذا الحسين فقط؟.

وهذا الفصل ليس معقودا للإجابة على هذا التساؤل ، بل لتأكيد الخصائص والفضل في زيارته (ع).

وإليك الشيء اليسير :

أولا : فضل زيارة الحسين (ع) في كل وقت وحين :

يوجد في الروايات حث مؤکد على زيارة الحسين عليه السلام عن قرب ، أي الإتيان عند القبر الشريف والسلام على الإمام. وكذلك يوجد ح ث مؤكد على زيارته (ع) لمن لا يستطيع ذلك ، أو كان في بعيد البلاد وأقاصيها ، كما أن الروايات الحاكية لفضل زيارته (ع) سواء عن قرب أو بعد متنوعة ومختلفة ، ونذكر هنا تلك الروايات في فضل زيارته (ع) و التي منها :

الحث على زيارته (ع) عن قرب في أي وقت :

عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إن الله عز وجل ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السلام فإذا هم الرجل بزيارته أعطاهم الله ذنوبه ، فإذا أخطأ محوها ، ثم إذا أخطأ ضاعفوا له الحسنات فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة) (١)

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : (من لم يأت قبر الحسين عليه السلام من شیعتنا كان منتقص الإيمان منتقص الدين ، وإن دخل الجنة كان دون المؤمنين في الجنة) (٢)

وعن أبي عبد الله (ع) قال : (من أتى قبر الحسين عليه السلام تشوقا إليه كتبه الله من الآمنين يوم القيامة ، وأعطى كتابه بيمينه ، وكان تحت لواء الحسين ابن علي ـ ع ـ حتى يدخل الجنة فيسكنه في درجته إن الله سميع عليم) (٣)

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ص .

(٢) كامل الزیارات ص ، ومثله في التهذيب ج ٦ ص .

(٣) الوسائل ج ص ٤.

وللمزيد من هذه الروايات انظر كامل الزيارات أو الوسائل أو المستدرك أو البحار أو غيرها من المصادر ، ومن هذه الروايات :

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجة وعمرة)

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثلاث حجج مع رسول الله ص لى الله عليه وآله).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل عشرين حجة وعشرين عمرة).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل خمسة وعشرين حجة).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية م ع رسول الله صلى الله عليه وآله).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل خمسين حجة مع رسول الله ص لى الله عليه وآله).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل سبعين حجة بعد حجة الإسلام).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل تسعين حجة من حجج رسول الله ـ ص ـ بأعمارها)

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل مائة حجة ومائة عمرة).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ألف حجة متقبلة وألف عمرة مبرورة).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثواب ألفي حجة وألفي ألف عمرة مع

(رسول الله صلى الله عليه وآله ، والأئمة الراشدين عليهم السلام).

وغيرها .. وغيرها .. من الروايات ، ولعل الوجه باختلاف لسان الروايات في مقدار الثواب هو اختلاف الأفراد والنوايا والشرائط والخصوصيات

وغيرها (والله العالم)، انظر كتاب نور العين في ثواب زيارة الإمام الحسين (ع).

وكذلك الحث على زيارته (ع) عن بعد ، بل يوجد حث على المداومة على زيارته (ع) في كل وقت وكل حين.

ثانيا : فضل زيارته في أوقات مخصوصة:

هناك تركيز على زيارة الحسين (ع) في أوقات مخصوصة وشريفة منها :

١ ـ زيارة الحسين (ع) في كل ليلة جمعة :

عن صفوان الجمال قال : قال لي أبو عبد الله (ع) لما أتى الحيرة : هل لك في قبر الحسين (ع)؟ قلت : وتزوره جعلت فداك؟ قال : كيف لا أزوره؟ والله يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ومحمد (ص) أفضل الأنبياء ونحن أفضل الأوصياء. فقال صفوان : جعلت فداك فتزوره في كل جمعة حتى تدرك زيارة الرب؟ قال (ع) : نعم يا صفوان. الزم ذلك(١) ........

ـ ليلة النصف من شعبان :

عن أبي حمزة الثمالي : عن علي ابن الحسين عليهما السلام قال : من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف بي فليزر الحسين (ع) ليلة النصف من شعبان ، فإن الملائكة والنبيين يستأذنون الله في زيارته فيؤذن لهم ، فطوبى لمن صافحهم وصافحوه) (٢). وقريب منه مروي عن الإمام الصادق (ع) في مصباح المتهجد.

__________________

(١) کامل الزیارات ص .

(٢) وسائل الشيعة ج ص ٤. ومثله في إقبال الأعمال ج ص ، وكذا البحار ج ص.

وعن الإمام الباقر (ع) : (من زار الحسين عليه السلام في ليلة النصف من شعبان غفرت له ذنوبه ولم تكتب عليه سيئة في سنته حتى تحول عليه السنة. فإن زاره في السنة المقبلة غفرت له ذنوبه). (١)

كما أن هناك زيارة خاصة في هذه الليلة مذكورة في كتب الأدعية كالمصباح والكامل والمفاتيح والدعاء والزيارة وغيرها.

٣ ـ ثلاثة أوقات في شهر رمضان (أول ليلة ـ ليلة النصف ـ آخر ليلة) :

فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : (من جاءه (ع) ـ أي الحسين ـ خاشعا محتسبا مستقی؟ مستغفر فشهد قبره في إحدى ثلاث ليال من شهر رمضان : أول ليلة من الشهر أو ليلة النصف أو آخر ليلة منه. تساقط عنه ذنوبه وخطاياه التي اجترحها كما يتساقط حشيم الورق بالريح العاصف. حتى إنه يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه(٢) ... إلى آخر الرواية.

٤ ـ ليلة القدر :

جاء عن الإمام الصادق (ع) في هذه الآية (فيها يفرق كل أمر حکیم) قال (ع) : (هي ليلة القدر يقضى فيها أمر السنة من حج وعمرة أو رزق أو أجل أو أمر أو سفر أو نكاح أو ولد إلى سائر ما يلاقي ابن آدم مما يكتب له أو عليه في بقية ذلك الحول من تلك الليلة إلى مثلها من عام قابل وهي في العشر الأواخر من شهر رمضان فمن أدركها ـ أو قال : شهدها. عند قبر الحسين (ع) يصلي عنده ركعتين أو ما تيسر وسأل الله تعالى الجنة واستعاذ به من النار ، أتاه الله تعالى ما سأل وأعاذه مما استعاذ منه (٣) ...

__________________

(١) مصباح المتهجد ص.

(٢) بحار الأنوار ج ص .

(٣) إقبال الأعمال ج ص.

٥ ـ ليلة العيد (عيد الفطر):

عن الصادق (ع) : (من زار قبر الحسين (ع) ليلة النصف من شعبان وليلة الفطر (١) ....)

٦ ـ ليلة عرفة :

وفي تتمة الرواية المتقدمة عن الإمام الصادق (ع) : (.. وليلة عرفة ..)، وعن الإمام الباقر (ع) أنه قال : (من بات ليلة عرفة في كربلاء وأقام بما حتى يعيد وينصرف وقاه الله شر سنته) (٢).

ـ يوم عرفة :

عن الإمام الصادق (ع) : (من أتى قبر الحسين عليه السلام بعرفة أقلبه الله ثلج الفؤاد (٣)).

ومثله عن الإمام الرضا (ع).

ـ ليلة العاشر من المحرم ويوم عاشوراء :

وهذا ما نحن بصدده في هذا الكتاب ، وتكفي هذه الزيارة لإثبات ذلك.

٩ ـ ليلة الأربعين (العشرين من شهر صفر) ويومه :

وقد وردت في ذلك روايات جمة ، منها : الرواية المشهورة عن الإمام العسكري عليه السلام وهي : (علامات المؤمن(٤)خمس: صلاة الإحدى والخمسين وزيارة الأربعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر با بسم الله الرحمن الرحيم).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ج ٦ ص .

(٢) كامل الزيارات ص ٤٥.

(٣) المصدر السابق ص.

(٤) نقلا عن كتاب آثار وبرکات سید الشهداء قال : في مصباح المتهجد (علامات المؤمنين خمس)

وهناك أوقات في السحر أو الضحى قبل الزوال وغيرها من الأوقات. وكما لا يخفى فإن زيارته (ع) تستحب على كل حال وفي كل حين ، كما أن الأغلب هذه الأوقات المخصوصة زيارات خاصة بألفاظ معينة وردت عن المعصوم (ع).

ثالثا : في بعض مختصات الحسين (ع) (١):

إن الحسين بن علي صلوات الله وسلامه عليه أعلى وأجل أن نتمكن ـ ونحن العاجزون ـ عن الحديث عنه بل وعن ذكر بعض ما يليق بجلال عظمته ورفيع درجاته وسمو مكانته ...

وقبل أن ندخل في الموضوع أود أن أذكر مقدمة تحوي مجموعة من النقاط (کمدخل إلى ما أردنا الإلماع إليه :

المقدمة :

أولا :

إن مكانة وعظمة الإمام الحسين عليه السلام لا يمكن لنا استيعابها ، كما أن الاعتراف بالعجز عن إدراك كنه الباري جل وعلا من صميم الإيمان المبني على المعرفة ، كذلك هم ـ المعصومون الأربعة عشر ـ لا يمكن لنا إحاطتهم ، ولا شك أنهم ليسو کالله سبحانه وتعالى في اللامحدودية ، ولكن مما لا شك فيه أنهم (ع) أوسع من جميع المخلوقات مما يجعل نسبة المخلوقات إليهم كالقطرة إلى المحيط .. والمثال للتقريب وإلا فالنسبة أكبر وأبعد .. وقد دلت على هذه الموضوعة الروايات المتعددة كبعض مقاطع الزيارة الجامعة وحدیث الكساء أو بعض أدعية شهر رجب وغيرها ، كما يدل على ذلك العقل ، ولسنا هنا في صدد إثبات ذلك وإنما أردنا الإشارة هذه الحيثية والتذكير.

إذا خلص إلى أن معرفة الإمام الحسين (ع) ـ حق المعرفة ـ فوق مستوى إدراكنا ولا تحيطه عقولنا بل تتهافت أمام شموخ صرحه ألباب أرباب أهل العلم والمعرفة.)

__________________

(١) هذه النقطة (التالية) هي في واقع الأمر بحث کتبته في محرم لعام ١٤٣٣ ه لتقديمه لإحدى المواقع على شبكة الانترنت (شبكة مزن الثقافية) وكان بعنوان (الحسین ابن علي (ع) جوهرة الوجود الفريدة) وهو في مختصات الإمام الحسين (ع) وأحببت أن أدرجه في هذا الفصل لتعم الفائدة.

ثانيا :

إن حديثنا عن الإمام الحسين (ع) في أية جنبة من جوانبه في حقيقته لو مجرد عن الأمر والامتثال لكان من الفضول وسوء الأدب ـ والحال هذه ـ ولكان مصداقا لتعدي العبد الآبق على سيده ومولاه الكريم .. فتبا لأقلامنا وألسنتنا لجرأتهما على سيدها ومولاها ، فإنه يشترط في الكاتب أو الناطق ع ن الحسين (ع) العلم والمعرفة والكمال (ولا علم ولا معرفة ولا كمال) ولا يقال أنه في نص بعض زيارة الإمام الحسين (ع) (أتيتك عارفة ..) مما يشي بإمكانية المعرفة ، فإن ذلك تعبد من قبيل قراءة القرآن ، ولا قائل من المسلمين بتمامية معرفتنا بالقرآن وعلومه في الوقت الذي لا ينفك لسان من المسلمين عن ترتيل آياته الطاهرة ، أو تكون المعرفة المذكورة مختصة بكونه مفروض الطاعة ويستفاد ذلك من الروايات.

كما أنه يشترط في القاريء ـ لا أعني قراءة هذه الأسطر القاصرة بل عموم القراءة عن الحسين (ع) ـ أو السامع وجود الأرضية الخصبة والاستعداد التقبل الفيوضات المتصلة بالمدد الإلهي من قبيل (يشرح صدره للإسلام). فيتضح بذلك أن حديثنا عن الحسين (ع) هو امتثال لأوامرهم (ع) (رحم الله من أحيا ذكرنا) أو (أمرنا) ، ولعل الحديث عنهم (ع) والتفكر في سيرتهم صغرى لكبرى (المودة في القربي) وكذا دليل العقل من رجوع

الجاهل للعالم والعليل للطبيب .. وأي عالم وأي طبيب الحسين بن علي (ع) الذي لا يحيطه تعریف ولا يمكن وصفه ، فهذا من ذا ليس إلا.

وقبل ذلك كله فإن مجرد ذكرنا للحسين (ع) فإنه من جميل فيوضاته لأنه خير وذلك من باب (إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه

ومنتهاه) وكذا (وبکم أخرجنا الله من الذل وفرج عنا غمرات الكروب وأنقذنا من شفا جرف الملكات).

ثالثا :

النقطة الثالثة والأخيرة في المقدمة معقودة لتبيين المراد بصورة إجمالية ومقتضبة من هذه الأسطر حيث نستمد الحكمة والمعارف والعلوم المتناثرة والمبثوثة بين ثنايا كلام الأنجم الساطعة وخصوصا في هذا المقام ، فيما ورد عن مختصات الإمام الحسين (ع) التي لا يشترك معه أحد فيها فوحده وحده الذي يختص كما لا يشاركه فيها حتى اللذين يفضلونه كجده وأبيه وأمه وأخيه عليهم صلوات المصلين وأهل الطاعة المقربين.

ومن نافلة القول أن نبين أمورا وهي :

١ ـ هنالك أمور مشتركة بين المعصومين (ع) جميعا سواء في الجانب التشريعي أو التكويني ، وكذا الولاية فيهما.

٢ ـ وهناك أمور مختصة بأهل الكساء خاصة (فاطمة وأبيها وبعلها وبنیها) وكذا الصاحب القائم (عج)

٣ ـ وهناك أمور ينفرد بما أحد المعصومين عليهم السلام عن غيره وذلك أيضا يشمل الجهتين (التكوينية والتشريعية).

وسيكون الحديث ـ بعون الله ـ في جانبين:

الجانب الأول : الولاية التكوينية والتشريعية للمعصومين (ع) (الشاملة للنقطة الأولى والثانية) بصورة مختصرة كمدخل للجانب الثاني

الجانب الثاني : من مختصات الإمام الحسين (ع) التي لا شريك له فيها ، التشريعية والتكوينية. ،، والله المستعان ،

الجانب الأول :

يشترك المعصومون (ع) ـ فيما يبدو ـ في معظم الصفات وجلها وخصوصا بالنظر إلى الجانب التشريعي ، وكذا لا يبعد التكوين أيضا وإن كان التفاوت في الثاني أوضح وأجلى. حيث ورد عن الرسول الأعظم (ص) (أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين كنا في سرادق العرش نسبح الله فسبحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عز وجل أدم بألفي عام ..) وكقوله تعالى في الحديث القدسي (يا محمد خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين من سنخ نوري) وبضميمة الرواية القائلة (أنم نور واحد) ، وبناء على القاعدة (أن التشريع من لوازم التكوين بالمعنى الأعم) بمعنى أن الولاية التشريعية من قبيل (ففوض إليه أمر دينه) أو (المفوض إليه دينه) هي إحدى مفردات الولاية التكوينية .. ولكن بالمعن الأعم أي كما أن للمعصوم القدرة على أن يبري الأكمه والأبرص ويحي الموتی ويخلق ويدير الكون (بإذني) كذلك له القدرة في التحليل والتحريم (ففوض إليه دينه).

ونذكر هنا ـ بإيجاز ـ شيئا عن هاتين الولايتين :

• الولاية التشريعية للمعصوم (ع) :

وهذه الولاية مستفادة من مجموعة من النصوص کالرواية الواردة والمتواترة في كتب الحديث كالبحار وغيره (إن الله أدب نبيه بآدابه ففوض إليه دينه) ورواية (المفوض إليه دينه) ، وكذا يسري الأمر في بقية المعصومين عليهم السلام وذلك أيضا مستفاد من الروايات كما في معن إحدى الروايات أن الله جل وعلا فوض للبي أمر دينه وأن النبي (ص) فوض أمر الدين لنا ، وكذا (أن لأولهم ما لآخرهم).

ولا يقال أن ذلك يكون في (عرض) الله سبحانه وتعالى ، عن أن سنة النبي (ص) وأهل بيته تكون في قبال ما يفرضه الله تعالى .. بل أن ذلك محکوم ب (وما ينطق عن الهوى) و (أن قلوبهم أوعية مشيئة الله سبحانه) وعلى هذا تصير وتسري الولاية.

وهي بهذا المعنى لا تنفي التفاضل فيما بينهم (ع) بل إنه بالإضافة إلى جميع هذه الصلاحيات التي يتمتعون بما (ع) يوجد فيما بينهم تفاضل وخصوصیات كقوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) وفيما نحن فيه ـ والكلام عن الحسين (ع) ـ مشمول بما ذكربل يفضل على جميع المعصومين سوى (جده وأبيه وأمه وأخيه) وهذا لا

يحتاج إلى عناء الاستدلال لوضوحه.

• الولاية التكوينية للمعصوم (ع):

شاءت إرادة الباري جل قدسه أن يجعل بين دفي كتابه المترل الآيات والآيات التي رتل ليلا ونمارة الدالة على قدرة المعصوم ـ عموم المعصوم ، الرسل والأنبياء والأئمة ـ بقيامه على خوارق الكون كإحياء الميت وشفاء المريض وخلق الطير وغيره والقدرة على تسيير الرياح وو .... والكثير من ذلك والتي لا تتسع هذه الأسطر لسردها ..

وذلك كله بفضله تعالى ومته (بإذني) ، والكلام بالنسبة للمعصوم وقدرته على الإتيان بخوارق الكون مفروغ منه ، وإنما الكلام في قدرة غير المعصوم من قبيل قصة آصف (وهو ليس بني) وقدرته على إتيان عرش بلقيس!!

والنبي (ص) وأهل بيته عليهم السلام بما أنهم أفضل خلق الله تعالى على الإطلاق فلا نبي مرسل ولا ملك مقرب يعلو عليهم بدلیل الحديث

القدسي المتقدم والذي تتمته (وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرضيين فمن قبلها كان عندي من المؤمنين) والعموم في النص يشمل الأنبياء والمرسلين ، وكذا (هذا نوري .. أفضله على جميع الأنبياء) وغيرها من الروايات.

بل أنهم عليهم السلام بيدهم زمام الكون ويفوقون جميع الخلائق في قدرتهم على ذلك بدلیل موقع اللام في كلمة (لأجلهم) الواردة في حديث الكساء الدالة على أنهم العلة الغائية في الخلق كما في الرواية (ما خلقت سماء مبنية .. إلا لأجل هؤلاء الخمسة) و (لولاك لما خلقت الأفلاك) وغيرها. وكما في نهج البلاغة (إنا صنائع ربنا والناس بعد صنائع لنا) وغيرها .. وغيرها مما تفيض به كتب الحديث ، وليس في ذلك من الغلو في شيء إذا كان محكوم بقول أمير المؤمنين (ع) (إياكم والغلو فينا ، قولوا إنا عبید مربوبون وقولوا في فضلنا ما ش ئتم) ، أو كما في البحار (لا تقولوا فينا ربنا وقولوا ما شئتم ولن تبلغوا). ولو أريد التكلم عن ذلك تفصيلا لجف القلم قبل بلوغ الغاية .. ولكننا أردنا الإلماع فقط.

إذا .. يتضح بذلك أن الإمام الحسين (ع) له تلك الولاية في الجانب التشريعي والتكوين بل يفوق جميع الخلق ـ إلا ما استني س ابقا ـ في سعة تلك القدرة والولاية ، بل نزيد على ذلك بأنه صلوات الله وسلامه عليه له خصوصيات لا يشترك معه أحد فيها .. والنقطة التالية معقودة لذلك :

• الجانب الثاني :

بعض خصوصیات الإمام الحسين (ع) التي لا يشترك معه أحد فيها : من الثابت أن رسول الله (ص) له بعض الخصوصيات التي ينفرد بها عن غيره من المعصومين (ع) ـ الأنبياء ، الرسل ، الأئمة ـ منها زواجه أكثر من أربع وغيرها من الخصوصيات ، وكذا الإمام علي (ع) ألا يخاطب غيره ب (أمير المؤمنين) ، وكذا السيدة فاطمة الزهراء (ع) في حرمة زواج الإمام علي (ع) على امرأة ما دامت الزهراء في ذمته .. وهكذا تفصل الأمور بالمراجعة لبعض كتب السيرة والحديث.

ونذكر هنا بعض مختصات الإمام الحسين (ع) التي لا شريك له فيها منها :

١ ـ ترکیب حروف اسمه الشريف (ال، ح ، س ، ي ، ن) وأثرها

التكوين :

ونعني أنه بمجرد ذكر الإمام (ع) بهذه التركيبة (الحسين) توجب الأثر في القلوب كأثر أشعة الشمس على الكائنات ، ويمكن استشفاف ذلك من رواية منقولة في البحار والاحتجاج وإرشاد القلوب ، وكذا في تأويل الآيات ، ودلائل الإمامة ، ومثله في كمال الدين ، والمناقب ، ومنتخب الأنوار .. وما يخص المقام من الرواية (.. أن زکریا (ع) سأل الله ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط علیه جبرائیل (ع) فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمد وعلي وفاطمة والحسن (ع) سرى عنه همه واحلى کر به ، وإذا ذكر اسم الحسين (ع) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة. فقال (ع) الي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسلیت بأسمائهم من

همومي وإذا ذكرت الحسين (ع) تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه الله ....)

مما يستفاد من الرواية أن نبي الله زکریا (ع) لم يكن يعلم التفصيل عن هذه الأسماء قبل أن يتأثر بدلیل (فأنبأه الله) مما يعني أن مجرد ذكر هذه الأسماء الشريفة له أثره في القلوب ، ويختص الإمام الحسين (ع) بأثر خاص وهو (خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة) وكذا (تدمع عيني وتثور زفرتي) ، ومثله ما جاء في إحدى زياراته عن الإمام الصادق (ع) (ربکی له جميع الخلائق) والإطلاق فيها بين المراد ، وكذا عندما قال يونس بن ظبيان للإمام الصادق (ع) (إن قلبه ليخفق عندما يتذكر الحسين). والمشاهدات في هذا الجانب كثيرة ، فكثير من المؤمنين بمجرد أن يذكر اسم الحسين (ع) تفيض أعينهم بالدموع وتثور منه الزفرات ، والذي يبدو أنه لا يلزم العلم بتفاصيل الحادثة لوقوع هذا الأثر ، والقول بأن الكثيرين يذكر اسم الحسين (ع) عندهم ولا يتأثرون ، يمكن حمله على أحد أمرين : إما أن تكون نسبة التأثير متفاوتة أي أن أرقى درجة (الاختناق بالعبرة وثوران الزفرة) فتتلوها تنازليا درجات مختلفة ، أو لاختلاف ترجمة التأثير من باب (لا تفقهون تسبيحهم). وهل الأثر يشمل جميع الناس أم أنه مختص بالمؤمنين؟

خصوص تأثيره بالمؤمنين فواضح ، أما شموله لجميع الناس فيمكن بالقرائن الخارجية القول به والتي منها بكاء قتلة الحسين (ع) عليه وهم قتلته ، وكذا کبكاء المسيحيين وأصحاب الديانات الأخرى عليه. وأما الذين لم يبكوا أو يتأثروا فلربما احتاجوا إلى (التذكير فقط كأمر (المعرفة).

ـ زيارة الحسين (ع) والسلام عليه وآثارهما التشريعية والتكوينية :

الله جل وعلا سنن في الوجود (تكوينية وتشريعية) وهذه السنن عرفوها بأنها (ظهورات من الصفات الإلهية والأحكام السارية والمنضبطة بضوابط خاصة) ومثالها السنن الكونية والاعتبارية ـ التشريعية ـ.

وقال أهل الكلام وعلماء التفسير أن هذه السنن كقيام الكون بالعلة والمعلول والسبب والمسبب (كل شيء عنده بمقدار) سنن غير مستثناة بل مستحكمة لا يمكن تغييرها بنحو التأبيد ويدل على ذلك ورود (کن) مرتين في سورة واحدة في أية واحدة (لن تجد لسنة الله تبديلا) أو (تحويلا). ولكن وردت سنة استثنائية أهم من جميع السنن المادية التكوينية ، بل وحاكمة عليها وهي ـ زيارة الإمام الحسين (ع) ـ ودلیل حاکميتها على السنن الكونية كتحقيق أمور کالرزق والشفاء وغيرهما ، وذلك من دون وجود سبب کوني ما ورد في البحار وغيرها من وقائع يومية تدل على حاكمية الزيارة على تلك السنن بسبب الزيارة كما ورد في البحار في المجلد () (أنه جاءت لزيارة الحسين (ع) مائة ألف امرأة عقيمة .. فولدن كلهن) وكذا ما ورد عن الإمام الصادق (ع) في أثر زيارة عاشوراء حيث قال (.. كل من زار الحسين عن قرب أو بعد ويدعوا بهذا الدعاء ـ دعاء علقمة بعد زيارة عاشوراء والذي يرويه صفوان ـ أقبل زيارته وأستجيب دعاءه وألي دعوته وأعطيه مراده أي شيء كان) فظهور العموم وشموله لما نحن فيه واضح. والروايات في هذه الجانب عديدة وللمزيد مراجعة (كامل الزيارات) والبحار وغيرهما.

ولو تتبعنا الاختراقات سواء ما ورد عنهم (ع) أو ما حدث إلى بعض أعاظمنا من علماءنا كالبروجردي والأميني والكوه كمري والمحدد الشيرازي والشيخ الأنصاري وغيرهم لكتب في ذلك المجلدات ، ولا تجد في غير زيارة الحسين (ع) هذا التأثير.

وأما من الناحية التشريعية للزيارة فالظاهر أماغير قابلة للتصور والاستيعاب ، فقد خُص الحسين (ع) بروايات لم ترد في أحد غيره بل ولا في حكم شرعي آخر كما في الرواية الصحيحة أن من زار الحسين (ع) (كمن زار الله في عرشه) وكذا عن الإمام الرضا (ع) في فضل زيارة النصف من رجب وشعبان قال (ع) (له من الأجر والثواب ما لا نهاية له ولا حد) وفي بعض الروايات (لا يحصيه إلا الله) وفي بعضها (صلت عليه ملائكة الله إلى حين موته) وفي الأخيرة جمع مضاف يفيد العموم ، أي جميع الملائكة وفي كل حين .. وغيرها مئات الروايات مما لا نجده في أي عبادة وأي عمل بل هي من مختصاته عليه السلام.

ومما يؤكد على عظمة زيارة الإمام الحسين (ع) خضوع كثير من أهم الواجبات الشرعية أمام تشريع الزيارة ، وهذا مما يثير العجب ، ونعني بذلك أن فقهاءنا يصرحون أنه في حال تعارض الحكم الاستحبابي مع الحكم الوجوبي يقدم الحكم الوجوبي وذلك ل (الإقتضائية والإقتضائية) وكذا تقدم بعض الواجبات على غيرها من الأحكام الوجوبية في نظام التشريع ومثاله إذا تعارض حفظ النفس ـ وهو من أهم الواجبات ـ مع واجب آخر أو مع محرم فإنهما ـ الواجب والحرام ـ يسقطان أمام حكم (حفظ النفس) وهذا الأمر مسلم به.

ولكن مما يثير العجب إذا تعارضت زيارة الحسين (ع) مع حفظ النفس

تخضع الثانية للأولى ، لما ورد عن الأئمة (ع) أنهم كانوا في عهد العباسيين يحثون الشيعة على زيارة الحسين (ع) وقد كان في زيارته إزهاق لأرواحهم وكانوا يعلمون ذلك!! في الوقت الذي لا يوجد تكليف يستقيم أمام حفظ النفس ـ علما بأن الحكم في هذه الأزمنة بحاجة إلى تأكد فقهي أي إجازة من الفقهاء ـ.

وكذا فمجرد السلام عليه هذه الألفاظ (السلام عليك يا أبا عبد الله) له آثاره وتموجاته ويحدث معادلات تغييرية لا يمكن لنا استيعابها بسبب الحجب ، ويكفي فيما ذكرنا عن الزيارة إشارة لذلك ، حيث السلام جزء الزيارة وله ما لها ـ فيما يبدو ـ.

٣ ـ بعض السلامات المختصة به (ع) دون غيره وكذا آثارها : يختص سيد الشهداء بزيارات خاصة في أيام السنة زائدا على ما ورد في التأكيد على زيارته المطلقة في كل وقت وفي كل حين دون سائر المعصومين (ع)

وفوق ذلك الاختصاص نری ـ فيما ورد ـ سلامات خاصة لا تنطبق إلا عليه ولا مصداق ها غيره (ع) ومن هذه العبائر ـ وهي كثيرة ـ قول الإمام الصادق (ع) ليونس بن ظبيان يعلمه كيفية زيارة ج ده الحسين (ع) ومما جاء في هذه الزيارة فيما يخص المقام (السلام عليك یا قتیل الله وابن قتيله ، السلام عليك يا ثار الله وابن ثأره ، السلام عليك یا وتر الله في السماوات والأرض) ويقول بعض الأجلة عن هذه العبائر أنها تشير إلى مقام مختص بالإمام الحسين (ع) لا يشار که أحد فيها ولا

يوجد في عالم الخليقة من أقصاه إلى أدناه إنسان خلع عليه ـ من عالم الغيب ـ هذه الألفاظ والعناوين.

وتمتلىء زياراته الطاهرة من شبيه هذه العبائر کزیارة وارث وزيارة عاشوراء والنصف من رجب وشعبان وغيرها ، وفي ظن أن هذا الأمر أوضح من أن يستدل عليه ويلمسه كل زائر ، وخصوصا من داوم على زيارة المعصومين (ع) يلمس الفارق في الألفاظ ويستشعر التباين في العبائر بين زيارة سائر المعصومين (ع) وزيارة الحسين (ع).

وبما أن للحسين (ع) هذه الخصوصية في تركيب (السلام) عليه ، كذلك الأثر المترتب عليه فإنه أيضا من مختصاته (ع) ، ولايمكن تصور وجود سلامات خاصة به (ع) من دون أثر مختص ، لأن ذلك من تفكيك الشيء عن ذاتیاته! بل نقول أن من لوازم هذا السلام الخاص الأثر المختص ، والله العالم.

٤ ـ تربة الحسين (ع) وآثارها التشريعية والتكوينية :

يحتار الكتل وذوو الألباب عند مطالعة ما ورد في (باب تربته صلوات الله عليه وفضلها) في البحار المحلد () وغيره ككامل الزيارات والتهذيب ومصباح الزائر وغيرها من المصادر.

فمن الأثر التشريعي الخاص بتربة الحسين (ع) : أنا أفضل تربة للسجود والذي يمثل قمة هرم التعبد والتذلل من العبد لمولاه ، فعن الصادق (ع) (السجود على تربة الحسين تخرق الحجب السبع) ولم يرد في غير تربة الحسين ذلك ، ومثله في جعل التربة (مسبحة) حيث سئل الإمام (ع) هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل؟ فأجاب الإمام (ع) (تسبح به فما من شيء من التسبيح أفضل منه ،

ومن فضله أن المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة تكتب له ذلك التسبيح). ولعل ذلك بعض الفضل مما يشي بوجود فضائل غيرها وذلك لورود (ومن فضله ..). وكذا وضع التربة في قبر الميت وما لها من الفضل حيث ورد (يوضع مع الميت في قبره ويخلط جنوطه إنشاء الله

ويظهر أن تلك خصوصية لتراب كربلاء التي شرفها الحسين (ع) ولعله لا يوجد في غيرها تلك الخصوصية ، والله العالم. ومن الآثار التكوينية لتربته (ع) : فذلك مما يحتاج إلى التسليم (وسلموا تسليما) وإلا لو أعملنا عقولنا القاصرة بمنأى عن النصوص لما استقام هذا الأمر رکن وذلك أن التراب أكله حرام ناهيك عما يسبه من أمراض وغيرها ، والشيء الذي هذا شأنه على نقيضه تربة الحسين (ع) حيث الاستحباب ، بل ولها أثرها العظيم كأثر الدواء على البدن وإن كانت معظم الأدوية لا تخلو من آثار جانبية سلبية ، في الوقت الذي لا أثر سلبية لأكل تربة الحسين (ع) ـ بشرطها وشروطها ـ بل إن أكله كما في الرواية (لما أخذ له) ، وفي الرواية عن الإمام موسی بن جعفر (ع) قال (لا تأخذوا من تربي شيئا لتبركوا به ، فإن كل تربة کنا محرمة إلا تربة جدي الحسين (ع) فإن الله عز وجل جعلها ش فاء الشيعتنا وأوليائنا) وعن الرضا (ع) (طين قبر الحسين (ع) فإن فيه شفاء من كل داء وأمنا من كل خوف) ولفظ ـ كل ـ من ألفاظ العموم.

وهنا ـ في هذا المقام ـ ثلاث ملاحظات يلزم ذکرها :

ـ الأولى : أن تتناول تربة الحسين (ع) شروطا لتؤتي أكلها كبعض الأذكار الخاصة والقدر المعين وغيرهما ..

ـ الثانية هناك استثناء في بعض الروايات هذا العام ـ شفاء من كل داء

ـ والاستثناء الوارد هو (إلا السام) ، ولكن يمعن الموت كما قال العلامة المجلسي في بحاره ..

ـ الثالثة : وردت رواية عن علي بن مهزیار ، تعطي هذه الخصوصية القبر النبي (ص) والوصي (ع) والإمام الحسن (ع) ، فلعله (ع) يشترك معهم في هذه الخصوصية ، إلا أن الوارد عن تراب قبر الحسين (ع) ما لا يحصى.

٥ ـ تضمين الأرض والسماء دمه وثأره :

جاء في البحار للعلامة المجلسي في المجلد () نقلا عن كامل الزيارات لابن قولويه ، والذي هو ـ کامل الزيارات ـ عند محدثي الشيعة وعلمائها من أجل الكتب وثاقة واعتبارا ، والرواية عن الإمام الصادق (ع) وهي معتبرة سندا ، في إحدى زيارات جده الحسين (ع) قال وهو يخاطبه (وضمن الأرض ومن عليها دمك وثأرك). يقول أحد الآجلة المحققين عن هذه العبارة .. وهذا مما استثن الله ج ل وعلا به الحسين (ع) وخصه به ، ولتبيين مراد الإمام الصادق (ع) من هذه العبارة والمستفاد من كلام العلماء كالمجلسي وغيره .. نذكر أمرين مهمين وهما :

الأول :

(الضمان):

إن مراد الإمام الصادق (ع) من هذه الكلمة (ضمن) في هذه الجملة هو المعنى العربي والشرعي لها ، والضمان باب أو فصل مستقل بذاته في الكتب الفقهية المطولة وغيرها. والمشهور عند علماء الشيعة ـ باختصار

ـ عن هذه الكلمة هو (التعهد بالدين للغير بنحو ينتقل من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن) بخلاف السنة والذي هو عندهم (ضم ذمة إلى ذمة) وللتفريق نذكر مثالا : زيد (دائن) أعطى عمر (مدين) ـ ١٠٠ دینار ـ کدين على عمر ، وبكر ضمن عمر بالتسديد. فعند غيرنا باستطاعة زيد أن يطالب عمر أو بكر بدنانيره على نحو التخيير. أما عندنا نحن الإمامية فإن زيدا لا يستطيع مطالبة إلا بكر (الضامن) ولا يطلب من عمر شیئا. كما أن هماك معنی اصطلاحي آخر حول فراغ ذمة المضمون عنه أم لا لسنا بصدده.

وفيما نحن فيه حول جملة (وضمن الأرض ...) فإن الحسين (ع) قتل في بقعة صغيرة من الكرة الأرضية وهي أرض كربلاء ، ولكن الله جل وعلا ضمن الأرض كلها بل ومن عليها لعظم الجناية ، ولا يقال أن هذا الضمان خلاف العدل فعليه لابد من تأويل اللفظ! بمعنى أن الأرض وكثير ممن عليها غير راضين عن قتل الحسين (ع) فكيف يضمنون دمه! فيدفع هذا أن الضمان ليس كله اختياريا بل في بعضه إجباري وهذا مسلم به في الفقه ومثاله إذا كسر النائم ـ وهو غير شاعر بما يصنع ـ کوز أحد فإنه يضمن ذلك ـ إجباريا ـ ولا قائل بأن هذا خلاف العدل ، وما نحن فيه من هذا.

الثاني :

عندنا في أصول الفقه في مباحث الألفاظ قاعدة تقول (المعنى الحقيقي إذا كان فيه محذر ينتقل إلى أقرب المحازات) وضمان الأرض ومن عليها دم الحسين (ع) بمعين مسئولية الأرض ومن عليها دمه بتمعن العقاب على هذه الجناية ، وهذا هو المعنى الحقيقي ، ولكن بقرينة أن هذا (مناف للعدل) فإننا ننتقل إلى أقرب المجازات وهي كثيرة ، ذكر بعضها العلامة المحلسي في المجلد المذكور في ص () .. ولكن أقربما يحتاج إلى تأمل وإعمال النظر.

ومنها ـ المحازات ـ بما أن قتل الحسين (ع) هو في حقيقته قتل للكرامة الإنسانية وقتل للمعنويات وقتل للدين وو .... فإن مسئولية الجميع هي إحياء شعائر الحسين (ع) والتي تمثل شعائر الله جل وعلا من خ لال كل الوسائل المتاحة الإعلامية وغيرها ولعل ذلك يتضح من كلمة (ثأرك).

والذي يظهر أن المسئولية المراده هي لنوعين :

الأول :

مسئولية الجمادات .. وهذا ظاهر في أنه أمر تكوين ، وهذا يعني أن ضمان الأرض ومن عليها من الجمادات مسئوليتها عن دم الحسين (ع) وثأره هي مسئولية من الجانب التكوين ـ والله العالم ـ

الثاني :

أما مسئولية ذوي العقول فإنهما مسئولية تشريعية أي من الجانب التشريعي

وهل يوجد في غير الحسين (ع) ذلك؟؟

وفي ختام بحث مختصات الحسين (ع) :

كنا نود ذكر بعض الخصوصيات الأخرى له (ع) کاستحباب الدعاء تحت قبته ، وأن الأئمة من ذريته ، وما يحويه دم قلبه الطاهر واسم الله الأعظم.

ولكن نكتفي بما ذكرنا سائلين المولى جل وعلا أن يتقبل منا هذا القليل من القليل ،،

رابعا : تأملات في فضل وبرکات زيارة عاشوراء :

جاء في ذيل زيارة عاشوراء وبعد دعاء صفوان ما نصه :

قال صفوان قال لي أبو عبد الله ع تعاهد هذه الزيارة وادع بهذا الدعاء وزر به فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد إن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغا ما بلغت ولا يخيبه يا صفوان وجدت هذه الزيارة مضمونة بمذا الضمان عن أبي وأبي عن أبيه علي بن الحسين ع مضمونا بهذا الضمان والحسين عن أخيه الحسن مضمونا بهذا الضمان والحسن عن أبيه أمير المؤمنين مضمونا بهذا الضمان وأمير المؤمنين عن رسول الله ص مضمونا بهذا الضمان ورسول الله ص عن جبرئیل ع مضمونا بمذا الضمان وجبرئيل عن الله عز وجل مضمونا بهذا الضمان قد إلى الله علی نفسه عز وجل أن من زار الحسين ع بهذه الزيارة من قرب أو بعد ودعا بهذا الدعاء قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغا ما بلغ وأعطيته سؤله ثم لا ينقلب عني خائبا وأقلبه مسرورا قريرا عينه بقضاء حاجته والفوز بالجنة والعتق من النار وشفعته في كل من شفع خلا ناصب لنا أهل البيت إلى الله تعالى بذلك على نفسه وأشهدنا بما شهدت به ملائكة ملكوته على ذلك ثم قال جبرئیل یا رسول الله أرسلني إليك سرورا وبشرى لك وسرورا وبشرى لعلي وفاطمة والحسن والحسين وإلى الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة فدام یا محمد سرورك وسرور علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث ثم قال صفوان قال لي أبو عبد الله ع یا صفوان إذا حدث لك إلى الله حاجة فزر هذه الزيارة من حيث كنت وادع

بهذا الدعاء وسل ربك حاجتك تأتك من الله والله غير مخلف وعده ورسوله (ص) بمنه والحمد لله.

ومن خلال هذا النص الشريف يمكن تدوين بعض الأمور المهمة .. والتي منها :

ـ تشریع زيارة عاشوراء من قريب وبعيد :

إن استحباب الإتيان بزيارة عاشوراء ليس فقط في يوم عاشوراء قبل الزوال ، أو أنما لابد وأن أتی من قرب أي عند قبر الحسين (ع) ، بل أن الاستحباب في كل وقت سواء كان من قريب أو بعيد كما في النص : (من قرب أو بعد) كما أنها تأتي من أي مكان بدلیل (من حيث كنت) ، وبهذا يكون الإمام (ع) قد شرع لنا استحباب الإتيان بالزيارة من قرب أو بعد وفي كل حين.

ـ جاء في النص : (.. تعاهد هذه الزيارة ..):

إن صيغة (تعاهد) التي ذكرها الإمام (ع) فيها دلالات وإشارات إلى عظمة الزيارة وإلى ضرورة الالتزام والمداومة عليها.

فإن لفظ (تعاهد) هي من : العهد ، وجمعه العهود ومعناه لغة الوعد الموثق ، والعهد هو الميثاق.

وأما شرع : فقد ذكر علمائنا في الكتب الفقهية فص مستقلا اسمه (النذر وأخواه) وهما (العهد واليمين). وما يهمنا في المقام هو العهد. فإذا أبرم أمرؤ عهدا فيلزم عليه تحقيقه بالشروط المذكورة في كتب الفقه ، والتي منها : أن يكون العهد طاعة واجبة أو مستحبة أو مباحأ راجح ، وأن يكون مقدور عليه ، وغيرها من الشروط.

ومن الشروط أيضا : احتياج العهد إلى اللفظ على الأقرب ، كما صرح بذلك غير واحد من علمائنا کالشهيد الأول في اللمعة وغيره ، وعلی کل حال ، سواء المبني على احتياجه إلى اللفظ أم لا ، فالعهد بين الإنسان وربه كأن يقول : (عاهدت الله على أن لا أترك زيارة عاشوراء) أو : (علي عهد الله أن لا أترك زيارة عاشوراء) مثلا.

فبعد ذلك :

ماذا يريد الإمام (ع) حينما قال لصفوان (تعاهد هذه الزيارة)؟ فعلی أقل التقادير لن يكون المعنى بأقل من المعنى اللغوي لها ، وإلا فشمول التوجيه للمعنيين غير بعيد ، وعليه فإن الإمام يأمرنا بأن نلتزم بهذه الزيارة بل ونعاهد أنفسنا مع الله سبحانه بأن نلتزم الإتيان بما على كل حال وفي كل حين ، والله العالم.

٣ ـ قضاء جميع الحوائج :

ثلاثة مقاطع من النص المتقدم جاءت في قضاء الحوائج وهي :

الأول : (إن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغا ما بلغت ولا يخيبه).

الثاني : (قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغا ما بلغ وأعطيته سؤله ثم لا ينقلب عني خائبا وأقلبه مسرورا قريرا عينه بقضاء حاجته).

الثالث : (وسل ربك حاجتك تأتك من الله والله غير مخلف وعده ورسوله (ص) منه والحمد لله).

وهذه المقاطع الثلاثة ، لو أردنا البحث عن مغازي مقطع واحد منها لخرجنا عن ما رسمنا له في هذا الكتاب. ولكن يمكن ذکر موجز عن بعض ذلك :

إن المقاطع الثلاثة تشترك في صيغة الإطلاق في اللفظ كما في الأول (وحاجته مقضية) وفي الثاني (بقضاء حاجته) وفي الثالث (حاجتك تأتيك). ولا ريب بأن ذكر العام بعد الخاص من الأوجه البلاغية والجمال البلاغي فإن وصول السلام والشفاعة وغيرها ، هي من الحوائج بصورة عامة ولكن الإمام (ع) ذكر العام بعد الخاص بلا شك لأمور عديدة والتي منها ـ والله العالم ـ الوجه البلاغي في الحديث فهم سادات المتكلمين والمتحدثين.

وكيف كان .. فإن الإطلاق في الجمل الثلاث تفيد قضاء جميع الحوائج ب لا استثناء وإن قوله (ع) : (بالغ ما بلغ) يؤكد ذلك.

٤ ـ تأكيد قضاء جميع الحوائج من الله سبحانه وتعالى :

إن الضمان المذكور في النص المتقدم والذي في ختام سلسلة الضمان يأتي الضمان من الباري جل وعلا.

فيحتار المرء في الإجابة على : لماذا كل ذلك؟

وربما يصح لو قلنا إن خصوص النص المذكور من أبرز ما أراد إيصاله والتأكيد عليه هو أن هذه الزيارة بهذا الشكل فيها قضاء جميع الحوائج ، فيؤكد (ع) تارة بالإطلاق وأخرى بذكر بعض الخصوصيات من العام ، وتارة أن ذلك علي (فإني ضامن على الله) وأخرى أن هذا الضمان من جميع آبائه الطاهرين إلى الله سبحانه وتعالى.

فالمراد منا بعد ذلك أن نلتزم هذه الزيارة ونسأل حوائجنا من الله س بحانه ونتقرب إليه بقراءة هذه الزيارة الشريفة.

٥ ـ الفزع إلى الله بهذه الزيارة :

قال الإمام الصادق (ع) : ياصفوان إذا حدث لك إلى الله حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت ...)

تقدم الكلام في لفظ (تعاهد هذه الزيارة) والتي تفيد ـ فيما تفيد ـ الالتزام بقراءة الزيارة سواء إلى حاجة أو لمجرد السلام والتقرب إلى الله س بحانه ، ثم يأتي التوجيه من المعصوم (ع) لصفوان وهو بالتالي لنا ، أن نفزع في قضاء حوائجنا إلى الله سبحانه بهذه الزيارة ، ولعل معين من المعاني : أنكم إذا لم تلتزموا القراءة وتتعاهدوا عليها ، فلا أقل من قراءتها إذا حدث لكم حادث زوروا (فزر) كما في الرواية ، واللفظ فعل أمر والمراد من صيغة (أفعل) واضح.

وفي واقع الأمر يختار ذوو الألباب في إدراك كنه وحقيقة هذا التوجيه فقط وفقط ، فضلا عن الزيارة والدعاء والطريقة وغيرها.

وفي ختام هذا الفصل (الرابع) أود أن أسجل عجزي وافتقاري ، فإنه كان ببالي تسجيل تأملات في كثير من الألفاظ في خصوص النص المتقدم كأفعال الأمر الواردة ودلالاتها ، والبحث عن هذا الضمان ، والسلام واصل ، والسرور والبشرى للأئمة (ع) .... وغيرها.

فأسأل الله تعالى أن يوفقني لكتابة بحث عن ذلك كله ، وأكتفي في هذا المقام بما ذكر ونسأله القبول.

الفصل الخامس

آثار زيارة عاشوراء

(مجموع خمس عشرة قصة)

وإليك أيها القارئ الكريم مجموعة قصص ومجربات في آثار زيارة عاشوراء الشريفة.

وكنت قد وعدت في المقدمة عند الحديث عن دواعي هذا البحث وقلت : قصة حدثت لأحد المؤمنين في أوربا ... ، سأذكرها القصة الأولى من هذا الفصل وإليكموها :

القصة الأولى :

في يوم الجمعة الموافق / محرم / ه ألقى سماحة العلامة السيد حسين بن المرجع الديني السيد صادق الشيرازي (حفظهما الله) محاضرة في دولة الكويت ، ذكر في هذه الكلمة قصة حول زيارة ع اشوراء وهي كالتالي(١) :

يقول السيد حسين : نقل في أحد الخطباء الأفاضل في بلاد الغرب قبل عام فيقول : كان لي قبل (٥) سنة طفل صغير واسمه زين العابدین ، وفي أحد الأيام كنا نتناول إحدى الوجبات ، وبينما الطفل يأكل (شرق) شرقة فدخل جزء من الطعام في رئته فاضطرب الولد وكان عمره بين الثالثة والرابعة ، وأخذ السعال منه مأخذا وأخذ السعال يتوالى عليه بصورة غريبة بحيث لا يستطيع التنفس. يقول والد الطفل ... فأخذته إلى المستشفى ووضعوه في العناية المركزة وبعد فترة طويلة من العلاج تحسنت حالته فخرجنا به من المستشفى.

وقال لي الدكتور إن رئته لازالت تحمل هذا الجزء من الطعام وإن إجراء العملية لإخراج هذا الجزء قضية خطيرة ربما تودي بحياة الولد فالطفل بين أمرين : إما إجراء العملية وهي خطيرة جدا ، وإما تبقى هذه الجزئية من الطعام في رئة الطفل وتعالجه طوال حياته بالمضادات الحيوية بجرعات كبيرة. يقول والد الطفل : فلم أختر إجراء العملية خوفا على طفلي ، وقبلت بالخيار الثاني فأخذت الطفل إلى المنزل ، وكان ولدي لا يستطيع النوم من شدة السعال من الصبح إلى الليل ، وكنت معه أستمر في إعطائه الأدوية

__________________

(١) بتصرف يسير

(المضادات) حتى إن الدكتور أكد لي بأن الأدوية سوف تسبب له فقدان المناعة.

وهذا ما حصل فعلا فأصبح يمرض بأقل عارض في تغير الجو مثلا ... وخلال عشر سنوات وأنا مع ولدي بهذه الحالة لم يكن له نمو طبيعي وأصبح عمره ١٤ سنة ولكن شكله الظاهري كأنه ابن ٦ سنوات فقط وكل ذلك بسبب الأدوية التي يأخذها ، ومع هذا كان السعال مستمر معه ، وبسبب ذلك ظهرت له مشاكل جديدة في بعض الأعضاء کالعينين وغيرها. وبعد هذه المدة من المعاناة وفجأة رأيناه في حالة احتضار حيث اشتد عليه المرض فأخذته إلى المستشفى في تلك البلاد (إحدى الدول الغربية) وبعد التحاليل والفحوصات أتضح أن مع الولد إلتهاب عنيفة في الرئة بسبب الطعام الموجود فيها فأصبحت الرئة متعفنة ولابد من إجراء العملية في أسرع وقت ممكن لإستئصال جزء كبير من الرئة وإن العملية خطيرة على حياة الولد. فلم أقبل ـ الكلام لوالد الطفل ـ إجراء العملية خوفا على الولد وأخرجته من المستشفى على مسئوليتي ..

فأصبحت في حيرة من أمري وحالة ولدي في ازدياد نحو الأسوأ وأنا خائف من إجراء العملية.

عندها لجأت إلى زيارة عاشوراء ، وصممت أن أختم زيارة عاشوراء أربعين يوما ، فلم تمض أيام وشعرت أن ولدي بدأ ينام ويتحسن ويخف السعال عنه.

ومضت الأيام تلو الأيام ولم أكمل الأربعين وإذا بالولد طاب من مرضه تماما.

وقال الخطيب السيد حسين الشيرازي : يقول والد الطفل : إن لدي ستة أولاد الآن وإن ولدي (المريض) هو أفضل الأولاد من ناحية المناعة والصحة الجسدية وأصبح لديه مظهر يبين فيه أنه أكبر من عمره الحقيقي ، وله حالات جسدية لاتكون عند من هم في عمره ، وإن بصره أفضل من جميع من في البيت ، حتى إن الأطباء أكدوا لي أنه يتمتع بحالة قلبية منظمة تؤكد أنه يتمتع بأفضل أنواع الصحة.

فسلام الله على الحسين وعلى علي بن الحسين

وعلى اولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.

القصة الثانية : (الإمام الحجة يؤكد على الزيارة)

ذكر المتحدث القمي (قدس) في المفاتيح ص قصة وردت في كتاب النجم الثاقب : وهي :

تشرف الحاج السيد أحمد الرشي بالحضور عند إمام العصر أرواحنا فداه في سفر الحج وقوله عليه السلام : لماذا لا تقرأ زيارة عاشوراء عاشوراء عاشوراء؟

وهذا يعني إن الحجة (عج) يؤكد لنا على الزيارة.

القصة الثالثة : (رفع العذاب عن مقبرة كاملة):

ذكر المحدث القمي أيضا هذه القصة : حدث الثقة الصالح التقي الحاج المولى حسين اليزدي المجاور للمشهد الغروي وهو من الذين وفوا بحق المجاورة وأتعبوا أنفسهم في العبادة ، عن الثقة الأمين الحاج محمد علي اليزدي قال : كان في يزد رجل صالح فاضل مشتغل بنفسه ومواظب لعمارة رمسه يبيت في الليالي بمقبرة خارج بلدة يزد تعرف بالمزار وفيها جملة من الصلحاء وكان له

جار نشأ معه من صغر سنه عند المعلم وغيره إلى أن صار عشارا وكان كذلك إلى أن مات ودفن في تلك المقبرة قريبا من المحل الذي كان يبيت فيه الرجل الصالح المذكور ، فرآه بعد موته بأقل من شهر في المنام في زي حسن وعليه نضرة النعيم فتقدم إليه وقال له : إني أعلم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك ولم يتبين عملك مقتضيا إلا للعذاب والنكال ، فبم نلت هذا المقام؟ قال : نعم الأمر كما قلت كنت مقيما في أشد العذاب من یوم وفاتي إلى أمس وقد توفيت فيه زوجة الأستاذ أشرف الحداد ودفنت في هذا المكان وأشار إلى طرف بينه وبينه قريب من مئة ذراع ، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبد الله عليه السلام ثلاث مرات وفي المرة الثالثة أمر برفع العذاب عن ه ذه المقبرة فصرت في نعمة وسعة وخفض عیش ودعة.

فانتبه متحيرا ولم تكن له معرفة بالحداد ومحله ، فطلبه في س وق الحدادين فوجده فقال له : ألك زوجة؟ قال : نعم توفيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني وذكر الموضع الذي أشار إليه. قال : فهل زارت أبا عبد الله عليه السلام؟ قال : لا. قال : فهل كانت تذکر مصائبه؟ قال : لا. قال : فهل كان لها مجلس تذكر فيه مصائبه؟ قال : لا. فقال الرجل : وما تريد من السؤال؟ فقص عليه رؤیاه قال : كانت مواظبة على زيارة عاشوراء.

القصة الرابعة :

ذكر الشيخ المهتدي البحراني في كتابه الرائع (قصص وخواطر) تحت عنوان (زيارة عاشوراء معجزة القرون) القصة التالية :

الحاج مكي المتروك (المحترم) زرته في منزله في الكويت ـ والكلام للشيخ المهتدي ـ بمناسبة مجلس عزاء حسين أقامه ليلة من ليالي شهر صفر لعام

(١٤ه) فأرابي ابنه (محسن) وكان عمره حدود العامين. قال إنه قبل عام كان مفلوج لم يتحرك ولم يحس بشيء. أخذته إلى الأطباء وكانوا حیاری في أمره حتى استولى علينا الحزن واليأس ، وخاصة أهلي فقد كادت تموت هما وكآبة. فسألت العالم الجليل سماحة آية الله السيد محمدرضا الشيرازي (دام ظله) نحل المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (قدس سره) طالبا منه الدعاء والحل لأزمتنا التي طالت وجلبت لي ولعائلتي أزمات وأزمات أخرى. فأرشدني سماحته إلى قراءة زيارة عاشوراء الحسين عليه السلام بمائة مرة السلام ومائة مرة اللعن. وذلك لمدة أربعين يوما دون انقطاع.

وكذلك مباشرة اتصلت بأخيه العلامة سماحة السيد مرتضی (دام ظله) فقال لي نفس الحل.

فالتزمت بقراءتها مع شرط المائة مرة التي قد يستقلها بعض الناس لذلك لم جنوا الثمرة الإعجازية. وإني أحلف لك يا شيخ ما بلغت اليوم العشرين من قراءتي للزيارة حتى قام طفلي هذا على قدميه ، وها هو كما تراه سالما من كل عاهة.

سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له.

القصة الخامسة :

ذكر السيد دستغيب في كتابه (القصص العجيبة) في الصفحة ٤ قصة ، نقلها عن العلامة الشيخ حسن فريد الكلبيكاني عن الشيخ عبد الكريم الحائري (قدس سره) وهي :

کنت از اول تحصيل العلوم الدينية ـ والكلام للشيخ الحائري ـ في سامراء عندما أصيب أهلها بوباء الطاعون وكان كل يوم يموت جمع منهم وفي أحد الأيام كنت في مترل أستاذي السيد محمد الفشار کي وكان فيه جمع من أهل العلم ، فدخل الميرزا محمد تقي الشيرازي الذي كان بمنزلة السيد فشار کي وتحدث عن المرض الوباء وإن الجميع مهددون بالموت.

ثم قال الميرزا : إذا أصدرت حكما فهل هو نافذ أم لا؟

فرد الجميع : إنه نافذ ويجب إجراؤه.

فقال الميرزا : إني أصدر حكما على جميع المسلمين الشيعة القاطنين في سامراء أن يقرؤوا زيارة عاشوراء من اليوم وحتى عشرة أيام ويهدوا ثواب ذلك الروح الشريفة السيدة / نرجس خاتون ، والدة الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه) ليبتعد عنهم البلاء.

فأبلغ الحاضرون حكمة ذاك للجميع (الشيعة) وانشغل الجميع بقراءة زيارة عاشوراء فتوقف موت المسلمين الشيعة بالمرض من الغد ، وكان غيرهم يموتون كالعادة حتى بان الأمر للجميع ، فسأل بعض أتباع المذاهب الأخرى أصدقائهم من المسلمين الشيعة عن سبب عدم ابتلائهم وموتهم بالبلاء.

فقالوا لهم : بزيارة عاشوراء

فشرع أولئك بقراتها أيضا ودفع عنهم البلاء.

القصة السادسة :

وإن ناقل القصة السابقة وهو العلامة الكبير الشيخ حسن فريد الكلبیکاني يقول معلقا بعد تلك القصة المنقولة للشيخ الحائري :

وفي أحد الأيام صادفتني متاعب شديدة فتذكرت حكم الميرزا (القصة السابقة) وبدأت بقراءة الزيارة من اليوم الأول لشهر محرم حتى إذا كان اليوم الثامن منه فرج الله عني بشكل خارق للعادة.

القصة السابعة :

كتب الولد الأكبر لآية الله الأمين الدكتور محمد هادي الأمين :

بعد أربع سنين من وفاة والدي المرحوم العلامة الأمين رأيته في إحدى ليالي الجمعة وقبل أذان الفجر سنة ٤ ه في عالم الرؤيا فرحا وعلى هيئة حسنة فتقدمت نحوه وسلمت عليه وسألته أي الأعمال أوصلتك إلى هذه السعادة؟ قال : ماذا تقول أنت؟ وعرضت عليه السؤال مرة أخرى هكذا : کتاب الغدير أو بقية التألیفات أو تأسيس مكتبة أمير المؤمنين؟ قال : وضح أكثر لا أعرف المقصود من سؤالك هذا ، قلت : أنت بعيد الآن عنا وذهبت إلى العالم الآخر فبأي الأعمال العلمية والخدمات الدينية والمذهبية وصلت إلى ما أرى؟ فمكث المرحوم الأمين قليلا ثم قال : فقط عن طريق زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام؟ ثم سألته : أنت تعرف في الوقت الحاضر أن الروابط السياسية بين إيران والعراق غير عادية والذهاب إلى كربلاء غ ير ممكن.

قال : أقيموا واشتركوا في مجالس عزاء الحسين عليه السلام ، فلها ثواب زيارة مرقد أبي عبد الله عليه السلام ثم قال : يا ولدي أوصيتك في السابق كثيرا بقراءة زيارة عاشوراء والآن أكرر عليك وأقول : استمر بقراءتها ولا تتر کها لأي سبب كان ، اقرأها دائما وكأنها جزء من واجباتك اليومية فإن

لهذه الزيارة فوائد وبرکات كثيرة وهي طريق نحاتك في الدنيا والآخرة أسألكم الدعاء (١).

القصة الثامنة :

قال الشيخ عبد الجواد الحائري المازندراني : جاء شخص إلى حضرة شيخ الطائفة : الشيخ زین العابدين المازندراني يشكو إليه ضيق المعاش فقال له الشيخ : اذهب إلى ضريح الإمام الحسين عليه السلام واقرأ زيارة عاشوراء فسيأتيك رزقك وإذا لم يأتك ارجع إلي فأعطيك ما تحتاج إليه ، وبعد فترة من الزمن التقيت به فسألته عن حاله ، فقال عندما كنت مشغولا بقراءة الزيارة في حرم الإمام أبي الأحرار عليه السلام جاءني رجل وأعطاني مبلغا من المال ففتحت أمامي أبواب الرزق(٢)

القصة التاسعة :

قال أحد الخطباء الوعاظ : جاءني قبل عدة سنين صدیق شاب مؤمن وطرح لي حاجة مستعصية ، وقال نويت الزواج منذ فترة ولكني في كل مرة أتقدم فيها أواجه بعض المشاكل والمصاعب فقلت له لعلك تقدمت إلى أفراد ليسو من مقامك وشأنك؟ قال : ليس كذلك ، وإذا لم تصدقي تقدم لي أنت إلى عائلة من طبقي وشأني واخطب لي.

__________________

(١) شرح زيارة عاشوراء (المقدمة) ص

(٢) المصدر السابق

فذهبت إلى أحد الأصدقاء الذي كنت مطمئنا منه بأنه يجيبي وطلبت منه ابنته هذا الشاب المؤمن ، في البداية وافق وبعد فترة قال : أستخير الله ومع الأسف أجاب بالرد.

هذه القصة المتني كثيرا وقال لي صديقي : رأيت الحق معي ، قلت له لا تؤذ نفسك ولقضاء مشكلتك اقرأ بعد أداء فريضة الصبح وتعقيباتازیارة عاشوراء مع اللعن مئة مرة والسلام مئة مرة.

فبدأ بقراءة الزيارة وفي يوم السابع والعشرين جاءني فرحة ، وقال تقدمت إلى أحد العوائل ، فوافقوا وأنا وهم في غاية الرضا واليوم بعد العصر تقام مراسيم الخطبة ، وأرجوا أن تكون من المشاهدين لها فقلت له حينئذ : لا تنس الثلاثة عشر يوما الباقية وأنت بدأت حياتك الزوجية ببركة زيارة عاشوراء وفي أي وقت واجهتك مشكلة في حياتك توسل بها لقضائها فإنها تقضي إنشاء الله (١)

القصة العاشرة:

ذكر العالم الجليل آية الله القوحاني النجفي (ره) في مذكراته ضمن خاطراته في المدة التي قضاها في أصفهان ، والتي استمرت أربع سنوات من السنة ١٣١٤ ه إلى ه. كتبت إلى أبي ليرسل رسالة يشرح لي فيها حالته لأني قلق عليه ، فما أن أرسلت الرسالة وإذا برسالة من أبي وصلتني يقول فيها بأن زوجته قد توفيت.

وكتب أيضا : إنه قبل عشر سنوات من هذه اقترض مبلغ أثني عشر تومان التسديد نفقات سفره لزيارة العتبات المقدسة ولكن بسبب (الربا) وصل القرض إلى ثمانين تومان وكل ما كان يملك أي لم يصل إلى هذا المقدار ،

__________________

(١) المصدر السابق

فصممت أن أقرأ زيارة عاشوراء ولمدة أربعين يوما وعلى س طح مسجد

السلط ن الصفوي وطلبت ثلاث حاجات.

الأولى : أداء قرض والدي.

الثانية : طلب المغفرة.

الثالثة : الزيادة في العلم والإجتهاد.

كنت أبدأ بالقراءة بعد الظهر وأتمها قبل أن يزول الظهر وتستغرق قراءتها مدة ساعين ، فلما تمت الأربعين يوما ، وبعد شهر تقريبا كتب لي الوالد : بأن الإمام موسی بن جعفر عليه السلام أدي قرضي فكتبت له : لا ، الإمام الحسين عليه السلام أداه ، وكلهم نور واحد.

القصة الحادية عشر:

وعن كتاب (القصص العجيبة) صفحة هذه القصة : الفقيه العادل والزاهد الشيخ جواد مشکور كان من أجلة العلماء والفقهاء في النجف الأشرف ومرجع تقلید لجميع المسلمين الشيعة في العراق ، ومن أئمة الجماعة في الصحن المطهر ، وقد توفي عام ه عن عمر ناهز التسعين عاما ...

نقل أنه في ليلة ٦/ / ه ، كنت في النجف الأشرف فرأيت في منامي ملك الموت (عزرائیل) فسلمت عليه وسألته : من أين أتيت فقال ملك الموت : أتيت من شیراز بعد أن قبضت روح الميرزا ابراهيم المحلاتي. فسألته : كيف حال روحه في البرزخ؟

فقال ملك الموت : هي في أفضل الحالات وفي أفضل حدائق عالم البرزخ وقد وكل الله بما ألف ملك يطيعون أمره.

فقلت له بأي الأعمال بلغ هذه المنزلة؟ أمقامه العلمي وتدريسه وتربيته التلاميذ؟

قال : كلا.

قلت : فهل بصلاة الجماعة وتبليغ الأحكام الإسلامية للناس؟

قال : كلا.

قلت : إذن فبم؟

قال : بقراءة زيارة عاشوراء.

وعلق السيد دستغیب على ذلك :

فقد كان المرحوم الميرزا إبراهيم المحلاتي مواظبا على قراءة زيارة عاشوراء في كل يوم من الثلاثين سنة الأخيرة من عمره وكان إذا منعه المرض أو أي سبب آخر عن قراءتها كان ينيب عنه أحد.

وعندما نفض الشيخ مشکور من نومه ذهب إلى منزل آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي وقص عليه مارآه.

فبكى الميرزا محمد تقي الشيرازي فسأله الحاضرون عن سبب بكائه فقال لهم :

توفي الميرزا المحلاتي وقد كان ركن من أركان الفقه.

فقالوا له : هذه رؤیا رآها الشيخ وقد لا تكون واقعية.

فقال : نعم لقد كانت رؤية ، لكنها رؤيا الشيخ مشکور ولیست رؤية شخص عادي.

وفي اليوم التالي وصلت برقية من شیراز إلى النجف الأشرف تبلغ وفاة الميرزا المحلاتي وتصدق رؤيا الشيخ مشکور.

وهذه القصة منقولة عن آية الله السيد عبد الهادي الشيرازي عن الشيخ مشکور ، وكذا عن السيد صدر الدين المحلاتي ابن المرحوم المحلاتي من الشيخ مشکور نفسه.

القصة الثانية عشر :

كان أحد المؤمنين يدعي ، الحاج محمد رحيم ، كان مخلصا ومحبا لسید الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.

وكان يقوم بأعمال في ترجمة هذا الحب ، ومن الأعمال التي كان يقوم بها المواظبة على زيارة عاشوراء ، وكان في كل ليلة بعد صلاة العشاء في المسجد المتصل ببيته يقيم مجلس الروضة الحسينية ... وهكذا يقوم بأعمال حسينية. وقعت له قصة جميلة وبسبب حبه للحسين والأعمال الحسينية وزيارة عاشوراء مدد في عمره عشر سنوات ، ونقل هذه القصة العلامة السيد دستغیب في كتاب القصص العجيبة :

نقل ولد الحاج محمد رحيم عن أبيه : قال مرض أبي مرضا شديدا وأمرنا أن ننقله إلى المسجد ، فقلنا له : لا يناسبك ذلك فسيأتي التجار والأشراف لعیادتك ولا يناسب أن يزوروك في المسجد.

قال : أريد الموت في بيت الله (فقد كان يحب المسجد كثير).

واضطررنا لنقله إلى المسجد إثر إصراره ولما اشتد عليه المرض في الليل وأغمي عليه نقلناه إلى المترل وكان في سكرات الموت واستيقنا من موته ، فجلسنا في الغرفة نبكي وتباحثنا في أمر تجهيزه ومحل دفنه ومجالس الفاتحة وفي السحر

ناداني وأخي ، فذهبنا نحوه وجدناه يتصبب عرقا وقال لنا : أذهبا وناما واعلما أني لن أموت وسأشفى من هذا المرض.

فتحيرنا من كلامه هذا ، وفي الصباح كان قد شفي من المرض تماما ولم يبق للمرض عليه أثر وجمع وسائل الاستشفاء وذهب إلى الحمام وقد منعنا خجلنا من سؤاله عن سبب شفائه وعدم موته. وقد وقعت هذه الحادثة في الليلة الأولى من شهر محرم الحرام عام ه.

ومع اقتراب موسم الحج قام بتصفية حساباته وإصلاح أعماله وهيأ مقدمات ومستلزمات سفر الحج وتحرك مع أول قافلة إلى الحج وقد رافقناه لوداعه في (حديقة الجنة) الواقعة على بعد فرسخ من شیراز وقضينا الليل معه هناك.

فقال لنا : لم تسألوني عن سبب عدم موني وشفائي من مرضي ، وسأخبركم بنفسي :

في تلك الليلة حلت منيتي وكنت أنازع سكرات الموت فرأيت نفسي في منطقة اليهود وأزعجتني الرائحة السيئة المنبعثة منهم وهول مشهدهم وعلمت أي إذا مت فسأكون معهم. فتوسلت إلى الله وأنا في تلك الحال فسمعت نداء يقول لي : هذا محل تاركي الحج. فقلت أين توسلي بسيد الشهداء وخدماتي له وفجأة تحول المنظر المهول إلى منظر مسر وقال لي : قبلت جميع خدماتك وتشفع لك سيد الشهداء عليه السلام وزاد في عمرك عشر سنوات وأخر موتك لتحج الحج الواجب. وقد أخبرتكم بذلك لأبي عازم إلى الحج الآن.

بعد عشر سنوات من تلك الحادثة وقبل أن يحل شهر محرم عام ه مرض والدي مرضا بسيطا وقال لنا : ليلة أول شهر محرم هي موعد موتي ، وبالفعل كما قال ففي شهر محرم الحرام رحل عن الدنيا (رحمة الله عليه).

القصة الثالثة عشر :

ذكر السيد علي الموحد الأبطحي في كتابه (زيارة عاشوراء وآثارها العجيبة) خمسة وأربعين قصة حول زيارة عاشوراء ، ونقل هنا ثلاث قصص

من هذا الكتاب فقط وإنهاء البحث بذلك :

مرض أحد أقرباء السيد زين العابدين الابرقوئي مرضا شديدا عند إصابته بقرحة في المعدة ونزف الدم ، وانتهى الأمر إلى يأس الأطباء منه ، وأمرهم بالذهاب إلى مدينة طهران وإجراء العملية الجراحية.

وصل الخبر إلى السيد ، وطلبوا منه الدعاء والتوسل ، فأمر السيد زين العابدين أولاده بالوضوء وقراءة زيارة عاشوراء تحت أشعة الشمس والدعاء للمريض بالشفاء.

وبعد ساعات خرج من غرفته وقال : لقد شفاه الله ، اذهبوا وبشروا أهلكم.

قال أحد علماء أصفهان ومن الملازمين للسيد زين العابدین : إن السيد زين العابدین ختم قراءة زيارة عاشوراء بنية الحصول على درجات الكمالات النفسية ، ومن هذه الزيارة وصل إلى ما وصل إليه.

القصة الرابعة عشر :

يقول السيد الأبطحي في كتابه :

قال أحد السادة رأيت في عالم الرؤيا المرحوم آية الله الحاج أغا حسين الخادمي ، والحاج الشيخ عباس القمي صاحب مفاتیح الجنان ، والحاج الشيخ عبد الجواد مداحيان قارئ مراثي الإمام الحسين (ع).

وكلهم جالسين في غرفة واحدة من غرف الجنة ، فسلمت علی آية الله الخادمي ، وسألته عن علة جلوسهم ومؤانستهم فقلت : أنت من الآيات والعلماء ، والحاج الشيخ عباس من المحدثين ، والحاج الشيخ عبد الجواد مداحيان قارئ مراثي الإمام الحسين (ع) ، فكيف جمعتم في مكان واحد وبأي مناسبة؟

فقال : كنا متساوين في مقدار قراءة زيارة عاشوراء.

القصة الخامسة عشر :

نقل السيد الأبطحي عن الشيخ الناصري وهو من ملازمي المرحوم آیة الله العظمى السيد محمد الكوه كمري والشيخ محمدي الأمري وعدد أخر ، بأنه في أيام الحرب العالمية الثانية وأيام المتفقين واجه الناس مشاكل ومصاعب كثيرة ، وبسبب عدم سقوط الأمطار والغلاء وقع طلاب العلوم الدينية والناس في مشاكل كثيرة ، حيث وصل سعر الرغيف الواحد إلى تومان واحد في الوقت الذي كانت فيه شهرية الطلاب في الحوزة العلمية مئة ريال فقط. لهذا أمر المرحوم آية الله السيد محمد الكوه كمري أربعين شخصا من طلاب العلوم الدينية (كان منهم ناقل هذه الرواية الشيخ الناصري ، ومحمدي ، وواعظي الذي كان لمدة أربع سنوات وكي؟ لمجلس الشورى) أن يذهبوا إلى مسجد جمکران (١) ، ويصعدون إلى السطح ويقرأون زيارة عاشوراء أربعين مرة مع اللعن مئة مرة والسلام مئة مرة ، ويتوسلون بالإمام موسی ابن جعفر (ع) وحضرة أبي الفضل العباس (ع) والطفل الرضيع للإمام الحسين (ع) ويدعون لهطول الأمطار ، ورفع الغلاء.

__________________

(١) مسجد جمکران : هو بالقرب من مدينة قم المقدسة يبعد عنها ما يقارب () كيلوا متر ، وهو من المساجد التي يظهر فيه الصاحب (عج) في ليالي معينة ، على ماينقل.

وفي النهاية وبعد أن تمت الأعمال والتوسلات ، رجعنا من مسجد جمکران ، ورغم أن الوقت كان صيفا فقد تلبدت السماء بالغيوم ، وهطلت الأمطار بكثرة إلى درجة أن المياه ملأت الشوارع.

وهكذا عن طريق الرحمة الإلهية هبطت الأسعار وأصبح سعر الرغيف الواحد من الخبز ستة ريالات بعد أن كان سعره تومان واحد.

وفي الختام :

توجد قصص كثيرة حول آثار زيارة عاشوراء ، ولكننا نكتفي بذلك ، ومن أراد التزود ففي كثير من المصادر المذكورة في هذا الفصل ـ الأخير ـ عشرات القصص عن ذلك.

ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على ولاية وحب الحسين عليه السلام وأن يوفقنا في المداومة على هذه الزيارة الشريفة.

والسلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلی أصحاب الحسين ما بقي ليل أو تمار.

والحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف خلقه

محمد وآله الطاهرين

المصادر

م

الکتاب

المؤلف

١

القرآن الکریم

كتاب الله سبحانه

٢

الكافي

الشيخ الكلين

٣

بحار الأنوار

العلامة المجلسي

٤

وسائل الشيعة

الحر العاملي

٥

مستدرك الوسائل

الميرزا النوري

٦

الخصال

الشيخ الصدوق

٧

التهذيب

الشيخ الطوسي

٨

المصباح

الشيخ الطوسي

٩

کامل الزیارات

الشيخ ابن قولویه

١٠

مفاتیح الجنان

الشيخ القمي

١١

ضیاء الصالحين

محمد الجوهرجي

١٢

الدعاء والزيارة

السيد محمد الشيرازي

١٣

إقبال الأعمال

السيد ابن طاووس

١٤

لسان العرب

ابن منظور

١٥

تاج العروس

الزبيدي

١٦

مختار الصحاح

محمد عبد القادر

١٧

كتاب العين

الخليل الفراهيدي

١٨

مجمع البحرین

الشيخ الطريحي

١٩

أصول الفقه المقارن

السيد محمد تقي الحكيم

٢٠

أصول الفقه

الشيخ محمد رضا المظفر

٢١

الأربعون حديثا

السيد الخميني

٢٢

من فقه الزهراء

السيد محمد الشيرازي

٢٣

مقتطفات ولائية

الشيخ الوحيد الخراساني

٢٤

العروة الوثقی

السيد اليزدي

٢٥

الذريعة

الشيخ أغا بزرك الطهراني

٢٦

شرح نهج البلاغة

ابن أبي الحديد

٢٧

قصص وخواطر

الشيخ عبد العظيم المهتدي

٢٨

القصص العجيبة

السيد دستغیب

٢٩

الشعائر الحسينية

السيد حسن الشيرازي

٣٠

حول البكاء على الحسين

الشيخ التستري

٣١

آثار وبرکات سید الشهداء في دار الدنيا

السيد هاشم البحراني

٣٢

أشرطة دروس الأخلاق

السيد صادق الشيرازي

٣٣

محاضرة (زيارة الإمام الحسين)

السيد حسين الشيرازي

٣٤

زيارة عاشوراء وآثارها العجيبة

السيد الأبطحي

٣٥

شرح زيارة عاشوراء

المولى حبيب الله الكاشاني

٣٦

دروس تمهيدية في القواعد الرجالية

الشيخ الأيرواني

٣٧

أصول الحديث وأحكامه

الشيخ السبحاني

٣٨

معجم رجال الحديث

السيد أبو القاسم الخوئي

٣٩

اختیار معرفة الرجال

الشيخ الطوسي

٤٠

الفهرست

الشيخ الطوسي

٤١

رجال النجاشي

الشيخ النجاشي

٤٢

رجال الكشي

للكشي

٤٣

المصباح

للكفعمي

٤٤

رجال ابن داوود

لأبن داوود

٤٥

خلاصة الأقول

العلامة الحلي

٤٦

الفوائد الرجالية

السيد بحر العلوم

٤٧

منتقى الجمان

الشيخ حسن صاحب المعالم

٤٨

طبقات الفقهاء

الشيخ السبحاني

٤٩

سماء المقال في علم الرجال

أبو الهدى الكلباسي

٥٠

الرواشح

السيد الداماد

٥١

مشايخ الثقات

غلام رضا عرفانیان

٥٢

الصدف المشحون بأنواع العلوم والفنون

المولى محمد شريف الشيرواني

٥٣

ربع قرن مع العلامة الأميني

حسين الشاكري

٥٤

جامع الرواة

الشيخ الأردبيلي

الفهرست

م

الموضوع

رقم الصفحة

١

الإهداء

٢

٢

مقدمة : دواعي البحث

٤

٣

نص زيارة عاشوراء

٧

٤

الفصل الأول

١٧

٥

أقسام الحديث

١٨

٦

الطرق الخاصة والعامة لإثبات الوثاقة

٢١

٧

زيارة عاشوراء في المصادر

٢٥

٨

سند زيارة عاشوراء (الرواة)

٢٧

٩

البحث في أحوال السند

٣٥

١٠

الطريق الأول في سند الزيارة

٣٧

١١

خلاصة الطريق الأول

٥٠

١٢

الطريق الثاني

٥١

١٣

خلاصة الطريق الثاني

٥٣

١٤

الطريق الثالث

٥٤

١٥

خلاصة الطريق الثالث

٥٨

١٦

الطريق الرابع

٥٩

١٧

خلاصة الطريق الرابع

٦٥

١٨

الطريق الخامس

٦٦

١٩

خلاصة الطريق الخامس

٦٨

٢٠

الخلاصة

٧٠

٢١

الفصل الثاني

٧٣

٢٢

الشبهة الأولى (اللعن)

٧٤

٢٣

الشبهة الثانية

٨٨

٢٤

الشبهة الثالثة

٩١

٢٥

الشبهة الرابعة

٩٣

٢٦

الفصل الثالث

٩٦

٢٧

طرق وكيفية زيارة عاشوراء

٩٨

٢٨

مع العلامة المجلسي في البحار

١٠٣

٢٩

اختصار زيارة عاشوراء

١٠٧

٣٠

قراءة الزيارة أربعين مرة (فلسفة العدد)

١٠٩

٣١

الفصل الرابع

١١٣

٣٢

فضل زيارة الحسين (ع) في كل وقت وحين

١١٥

٣٣

فضل زيارة الحسين (ع) في أوقات مخصوصة

١١٧

٣٤

في بعض مختصات الحسين (ع)

١٢١

٣٥

تأملات في فضل وبرکات زيارة عاشوراء

١٣٨

٣٦

الفصل الخامس (قصص)

١٤٣

٣٧

المصادر

١٦١

زيارة عاشوراء السنة الإلهية العظمى

المؤلف: فؤاد شبيب
الصفحات: 165
  • الإهداء
  • مع العلامة المجلسي في البحار
  • الشبهة الأولى (اللعن)
  • الشبهة الثانية
  • الشبهة الثالثة
  • الشبهة الرابعة
  • الفصل الثالث
  • طرق وكيفية زيارة عاشوراء
  • اختصار زيارة عاشوراء
  • الخلاصة
  • قراءة الزيارة أربعين مرة (فلسفة العدد)
  • الفصل الرابع
  • فضل زيارة الحسين (ع) في كل وقت وحين
  • فضل زيارة الحسين (ع) في أوقات مخصوصة
  • في بعض مختصات الحسين (ع)
  • تأملات في فضل وبرکات زيارة عاشوراء
  • الفصل الخامس (قصص)
  • الفصل الثاني
  • خلاصة الطريق الخامس
  • مقدمة : دواعي البحث
  • البحث في أحوال السند
  • نص زيارة عاشوراء
  • الفصل الأول
  • أقسام الحديث
  • الطرق الخاصة والعامة لإثبات الوثاقة
  • زيارة عاشوراء في المصادر
  • سند زيارة عاشوراء (الرواة)
  • الطريق الأول في سند الزيارة
  • الطريق الخامس
  • خلاصة الطريق الأول
  • الطريق الثاني
  • خلاصة الطريق الثاني
  • الطريق الثالث
  • خلاصة الطريق الثالث
  • الطريق الرابع
  • خلاصة الطريق الرابع
  • المصادر