محتويات الكتاب

المقدمة........................................................................ ٩

وصف المخطوطة............................................................ ٩

أولا ـ مؤلف المخطوطة........................................................ ١٠

ثانيا ـ عنوان الكتاب........................................................... ١٦

ـ مؤلف الكتاب........................................................... ٣٩

الرموز.................................................................... ٤٣

(في بيان مقالات فرق الرفض)................................................. ٤٧

الكيسانية................................................................ ٤٧

ذكر فرق الضلال من الخوارج.................................................. ٥٧

ذكر المحكمة الاولى........................................................ ٥٨

ذكر الازارقة.............................................................. ٦٣

ذكر النجدات............................................................ ٦٥

ذكر الصّفرية الزيادية...................................................... ٦٧

ذكر الميمونية............................................................. ٦٨

ذكر الشعيبية............................................................. ٦٩

ذكر الحازمية والحمزية...................................................... ٧٠

ذكر المعلومية والمجهولية..................................................... ٧٢

ذكر الصلتية.............................................................. ٧٢

ذكر الاخنسية والمعبدية.................................................... ٧٣

ذكر الشيبانية والشبيبية.................................................... ٧٤

ذكر الرشيدية............................................................. ٧٦

ذكر المكرمية.............................................................. ٧٧

ذكر الحفصية............................................................. ٧٧

ذكر اليزيدية.............................................................. ٧٨

ذكر الحارثية.............................................................. ٧٨

ذكر اصحاب طاعة لا يراد الله تعالى بها ، منها : الأباضية الواقفة................ ٧٩

ذكر فرق الضلال من القدرية والمعتزلة عن الحق................................ ٨٢

ذكر الواصلية............................................................. ٨٣

ذكر العمرية.............................................................. ٨٦

ذكر الهذيل العلاف....................................................... ٨٨

ذكر النظامية............................................................. ٩١

ذكر الاسوارية........................................................... ١٠٢

ذكر الاسكافية.......................................................... ١٠٣

ذكر الجعفرية............................................................ ١٠٤

ذكر البشرية............................................................ ١٠٧

ذكر المردارية............................................................ ١٠٩

ذكر الهشامية........................................................... ١١٠

ذكر الحائطية والحدثية.................................................... ١١٥

ذكر الحمارية............................................................ ١١٧

ذكر المعمرية............................................................ ١١٨

ذكر الثمامية............................................................ ١٢١

ذكر الجاحظية........................................................... ١٢٣

ذكر الخياطية............................................................ ١٢٦

ذكر الكعبية............................................................ ١٢٧

ذكر الجبائية............................................................ ١٢٨

ذكر البهشمية.......................................................... ١٢٩

ذكر فرق الضلال من المرجئة................................................ ١٣٨

ذكر اليونسية........................................................... ١٢٩

ذكر الغسانية........................................................... ١٤٠

ذكر الثوبانية............................................................ ١٤٠

ذكر الثومنية............................................................ ١٤١

ذكر المريسية............................................................ ١٤١

ذكر فرق الضلال من النجارية................................................ ١٤٢

ذكر البرغوثية........................................................... ١٤٣

ذكر الزعفرانية........................................................... ١٤٣

ذكر المستدركة.......................................................... ١٤٤

ذكر فرق الضلال من الجهمية................................................ ١٤٥

ذكر البكرية المبتدعة..................................................... ١٤٦

ذكر الضرارية الضالة..................................................... ١٤٧

ذكر الضلال من الكرّامية..................................................... ١٤٩

الباب الرابع

بيان التحقيق لنجاة اهل السنة والجماعة.................................... ١٥٤

الفهارس

ـ فهرس المراجع المذكورة في الهوامش......................................... ١٦٣

ـ فهرس الاعلام المذكورة في كتاب «الملل والنحل»............................ ١٦٦

ـ فهرس الكتب المذكورة في نص الكتاب.................................... ١٧٢

ـ فهرس البلدان والمدن.................................................... ١٧٣

ـ فهرس الاصطلاحات والكلمات.......................................... ١٧٤

ـ فهرس الآيات القرآنية والاحاديث......................................... ١٨٢

المقدّمة

وصف المخطوطة

توجد في مكتبة الاوقاف ببغداد مخطوطة تحت رقم ٦٨١٩ تشتمل على ١٢٧ ورقة ، وكل ورقة صفحتان. ذكر على الصفحة اليمنى من الورقة رقم ٣٩ العنوان التالي :

«كتاب المسائل الخمسين في علم اصول الدين»

وجاء بعد هذا العنوان : «اعلم انه ثبت في كتب الشرع ، وذكر في الأصل والفرع ، ان كبائر الاثم سبعون كبيرة ، وان الفاظ الكفر أيضا سبعون لفظا. فمن فعل كبيرة من الكبائر واستحلها ، او تكلم بلفظ من الفاظ الكفر ، عامدا طوعا ، يكفر بالله تعالى ، كما ورد في المنظوم :

اعدادها سبعون بالحساب

فاعلها بشّره بالعذاب

يحدّد النكاح والايمان

كذا روى سيدنا النعمان»

ثم ينقطع الكلام بعد هذين البيتين ، وتبدأ الصفحة اليسرى من ذات الورقة رقم ٣٩ بمسألة الامامة. ولا توجد أية علاقة بين ما جاء في الصفحة اليمنى وما جاء في الصفحة اليسرى من هذه الورقة. ثم يستطرد الكلام ابتداء من الصفحة اليسرى للورقة ٣٩ حتى الورقة ١٢٧ وهي آخر ورقة للمخطوطة ، وذلك بخط منتظم وواضح وبقلم واحد. فيكون الجزء الخاص بموضوع الامامة وما يليه في هذه المخطوطة هو من الصفحة اليسرى للورقة ٣٩ الى الصفحة اليمنى من الورقة ١٢٧ ، اي ٨٨ ورقة مجموع صفحاتها ١٧٦ صفحة ؛ وعدد اسطر كل صفحة هو ١٣ سطرا وابعاد كل صفحة ١٧ سم في ١٣ سم.

وفي الورقة الأخيرة من هذه المخطوطة ورد عدد من عناوين لكتب متنوعة ولأسماء مؤلفيها مثل : ملل ونحل الشهرستاني ـ ملل ابن حزم ـ ملل استكتبناها في اسلامبول ـ جلاء العينين ـ الجواب الفسيح ـ النبراس للكوداني.

«ملل» ابي منصور عبد القاهر الخ ...

وهذا العنوان بالذات : «ملل» ابي منصور عبد القاهر يلفت النظر اذ انه مختصر عنوان كتاب «الملل والنحل» لعبد القاهر البغدادي.

وبعد المطالعة والتدقيق والتحقيق في الاوراق ابتداء من الصفحة اليمنى للورقة ٣٩ من هذه المخطوطة حتى نهايتها في الورقة ١٢٧ اتضح لنا الآتي :

أولا ـ مؤلف المخطوطة

المخطوطة لعبد القاهر البغدادي

المخطوطة هي كتاب لعبد القاهر البغدادي صاحب كتاب «الفرق بين الفرق» (١) وهناك عدة أدلة على ذلك واردة في المخطوطة ذاتها. ومن هذه الأدلة :

__________________

(١) طبع كتاب «الفرق بين الفرق» للامام الاستاذ ابي منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي لاول مرة في مصر القاهرة عام ١٣٢٨ ه‍ / ١٩١٠ م بمطبعة المعارف ، ووقف على طبعه وضبطه وتعليق حواشيه محمد بدر. والاصل منقول عن نسخة واحدة في الكتبخانة الملوكية ببرلين رقم٢٨٠٠konigh.biblioth.zuberlin.٢٨٠٠.H.H.X.I.١٢٨٩٣.IV.٧٥١٠. وقد ذكره بروكلمان geschichtederara bischenliteratur في الجزء الأول صفحة ٣٨٥ المطبوع في weimar سنة ١٨٩٨.

ـ ثم طبع ثانية مع ترجمة للمؤلف وتصحيح وهوامش وضعها الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري عن نسخة خطية كانت مملوكة لجلبي زاده احد احفاد سلطان الصوفية وامام الفلاسفة مولانا جلال الدين الصديقي ناظم كتاب «المثنوي» ومؤسس الطريقة المولوية المتوفى ٦٧٢ ه‍ المشهور مزاره بمدينة «قونية» ـ عني بنشره وراجع اصله ووقف على طبعه السيد عزت العطار الحسيني الدمشقي الموطن الشهير بالعطار ، مؤسس ومدير مكتب نشر الثقافة الاسلامية من اقدم عصورها الى الآن ، سنة ١٣٦٧ ه‍ / ١٩٤٨ م. وكان فضل العثور على هذه النسخة النادرة لحضرة الاخ البحّاثة الأديب الاستاذ سامي نجل ناشر العلوم والمعارف وخادم الشريعة الاسلامية السيد امين الخانجي.

١ ـ جاء في الصفحة الثانية من الورقة رقم ٤٢ سطر ٢ :

وقال الاستاذ الامام عبد القاهر ـ صاحب الكتاب : قد اجبنا الفريقين عن شعرهما. يقول :

يا ايها الرافضة المبطلة

دعواكم من اصلها مبطلة

وجاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (طبعة بدر ص ٥٤ ، طبعة الكوثري ص ٤٤ ، وطبعة عبد الحميد ص ٧١) :

«قال عبد القاهر : قد اجبنا الفريقين عن شعرهما بقولنا :

يا ايها الرافضة المبطلة

دعواكم من اصلها مبطلة»

وفي المخطوطة وردت الأبيات الخمسة المذكورة في كتاب «الفرق بين الفرق» بكاملها.

ووردت هذه الأبيات الخمسة أيضا في «مختصر الفرق بين الفرق» للرسعني ص ٦٤ ، وجاء قبل هذه الأبيات : «فاجابهما عبد القاهر المصنّف فقال : «يا ايها الرافضة المبطلة ...» فهذا دليل واضح على ان صاحب الكتاب المخطوط هنا هو عبد القاهر البغدادي.

٢ ـ وجاء في الصفحة الثانية من الورقة ١١٤ سطر ١٠ من المخطوطة :

__________________

ـ ثم طبع كتاب «الفرق بين الفرق» مرة أخرى ، وقد حقق اصوله ، وفصله ، وضبط مشكله ، وعلق حواشيه محمد محيي الدين عبد الحميد ـ ونشرته مكتبة محمد علي صبيح واولاده بميدان الأزهر بمصر سنة ١٩٦٤.

ـ وهناك «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» تأليف عبد القاهر بن طاهر ابي منصور البغدادي ـ اختصار عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف الرّسعني. حرّره فيليب حتّى د. ف. استاذ التاريخ في الجامعة الاميركية ببيروت واحد اساتذة جامعة كولومبيا في نيويرك سابقا. مطبعة الهلال بمصر سنة ١٩٢٤ عن «مخطوطة في دار الكتب الظاهرية بدمشق عنوانها «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» تأليف عبد القاهر بن طاهر ابي منصور البغدادي رحمه‌الله ، اختصار عبد الرزاق بن رزق الله بن ابي بكر بن خلف الرسعني. ونسخة الأصل بخطه» ـ المخطوطة صفحاتها ١١١ بالقطع المتوسط المائل الى الصّغر.

وقال الاستاذ الامام ابو منصور ، صاحب الكتاب : رضي الله عنه ، «رأيت بالري رجلا من اصحابنا يقول لواحد من هذه الطائفة (طائفة المستدركة من الزعفرانية) :

«اخبرني عن قولي لك انك انسان عاقل ، فاضل ... فسكت خجلا».

وجاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (ط. بدر ١٩٨ ، ط. الكوثري ص ١٢٧ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٠ ـ ٢١١) : قال عبد القاهر [واسمه بالكامل : ابو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي] : «ناظرت بعض هذه الطائفة بالري ، فقلت له : اخبرني عن قولي لك انت انسان عاقل مولود من نكاح ... فسكت خجلا». ففي هذين الموضعين ، اي في الصفحة الثانية من الورقة رقم ٤٢ سطر ٢ وفي الصفحة الثانية من الورقة ١١٤ سطر ١٠ جاء اسم «عبد القاهر» في الموضع الاول واسم «ابو منصور» في الموضع الثاني ، وكان كل من الاسمين مسبوقا باللقب الذي اشتهر به المؤلف وهو «الاستاذ الامام» ؛ وهذا دليل قاطع على ان مؤلف هذا الكتاب (المخطوط) هو الاستاذ الامام ابو منصور عبد القاهر وهو صاحب كتاب «الفرق بين الفرق».

وبجانب هذا الدليل القاطع ورد في المخطوطة بعض الأدلة الأخرى التي تشير الى ان صاحبها هو مؤلف كتاب «الفرق بين الفرق» منها :

٣ ـ جاء في الصفحة الاولى من الورقة رقم ٦٣ سطر ٤ :

قال الاستاذ صاحب الكتاب : وقد قلنا في واصل من كيسنا :

مقالة ما وصلت بواصل

بل قطع الله به اوصالها

والقصيدة واردة بكاملها في المخطوطة وهي عبارة عن احد عشر بيتا.

وجاء في كتاب «الفرق بين الفرق» : ط. بدر ص ١٠٠ ، ط. الكوثري ص ٧٢ ، ط. عبد الحميد ص ١٢٠ ، «ومقالة واصل في الجملة كما قلنا في بعض اشعارنا :

مقالة ما وصلت بواصل

بل قطع الله به اوصالها

وهذا هو البيت الوحيد الوارد في كتاب «الفرق بين الفرق» ، ويليه : «وسنذكر تمام ابيات هذه القصيدة بعد هذا ان شاء الله عزوجل». ولم يأت ذكر لباقي هذه القصيدة في كتاب «الفرق بين الفرق» ، بينما وردت القصيدة كاملة في هذه المخطوطة (١). ومن المؤكد في كتاب «الفرق» ان مطلع هذه القصيدة هو لعبد القاهر البغدادي ، والقصيدة واردة هنا بكاملها في المخطوطة. فهذا أيضا دليل قاطع على ان مؤلف الكتاب المخطوط هنا هو ذات مؤلف كتاب «الفرق بين الفرق».

٤ ـ جاء في الصفحة الثانية من الورقة ٤٩ سطر ٦ :

«وكان عمران بن حطان من الصفرية ، وهو شاعرهم وناسكهم ومفتيهم. وهو الذي رثى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي (ر) فقال في ضربته اياه :

يا ضربة من تقي ما اراد بها

الا ليبلغ من ذي العرض رضوانا

اني لا ذكره يوما فاحسبه

اوفى البرية عند الله ميزانا

ونحن نقول لهذا الراثي : «حشرك الله مع من رثيته».

وقد جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (طبعة بدر ص ٧٢ وطبعة الكوثري ص ٥٥ وطبعة عبد الحميد ص ٩٣) : وكان عمران بن حطّان هذا ناسكا شاعرا شديدا في مذهب الصفرية ، وبلغ من خبثه في غزوة علي (ر) انه رثى عبد الرحمن ابن ملجم ، وقال في ضربه عليا :

يا ضربة من (منيب) ما اراد بها

إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

اني لأذكره يوما فأحسبه

أوفى البريّة عند الله ميزانا

قال عبد القاهر : وقد اجبناه عن شعره هذا بقولنا :

يا ضربة من كفور ما استفاد بها

الا الجزاء بما يصليه نيرانا

اني لألعنه دينا ، والعن من

يرجو له ابدا عفوا وغفرانا

ذاك الشقي لأشقى الناس كلهم

اخفهم عند رب الناس ميزانا»

__________________

(١) ربما اكتفى البغدادي بذكر هذا البيت الاول من قصيدته هذه في كتاب «الفرق بين الفرق» على اساس أنه أوردها في كتاب سابق وهو موضوع هذه المخطوطة.

فالاستشهاد بشعر عمران بن حطّان واحد في المخطوطة هنا وفي كتاب «الفرق بين الفرق» ، وحكم المؤلف على عمران بن حطّان واحد فيهما. فذلك أيضا من الأدلة على ان صاحب المخطوطة هو صاحب كتاب «الفرق بين الفرق».

٥ ـ جاء في الصفحة الثانية من الورقة ٥٥ سطر ٣ :

«وقلنا لهذه الفرقة (١) : انكرتم على عائشة خروجها الى البصرة في حرب الجمل ، واكفرتموها بذلك ، واستدللتم عليها بقول الله عزوجل : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) (سورة الاحزاب الآية ٣٣). فهلا ا كفرتم غزالة وحميرة بخروجهما الى الكوفة للقتال؟»

وقد جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» (ط. بدر ص ٢٩٢ ، ط. الكوثري ص ٦٧ ، ط. عبد الحميد ص ١١٣) :

قال عبد القاهر : يقال للشبيبية من الخوارج : انكرتم على أمّ المؤمنين عائشة خروجها الى البصرة مع جندها الذي كلّ واحد منهم محرم لها لأنها أمّ جميع المؤمنين في القرآن ، وزعمتم انها كفرت بذلك. وتلوتم عليها قول الله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (سورة الاحزاب آية ٣٣). فهلا تلوتم هذه الآية على غزالة أمّ شبيب؟ وهلا قلتم بكفرها وكفر من خرجن معها من نساء الخوارج الى قتال جيوش الحجاج؟»

فالسؤال المحرج الموجه من مؤلف هذه المخطوطة الى فرقة الشبيبية من الخوارج هو ذات السؤال الذي يوجهه عبد القادر البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» لذات الفرقة. والاستشهاد جاء بذات الآية في الجهتين. الا انه جاء في المخطوطة ذكر غزالة وحميرة بينما في كتاب «الفرق بين الفرق» لم يذكر عبد القاهر الا غزالة أم شبيب.

٦ ـ جاء في الصفحة الأولى من الورقة ١٢٢ سطر ١٠ :

«وقد استقصينا فضائح الكرامية في كتاب مفرد ، وفيما ذكرنا منها في هذا الكتاب كفاية ؛ وقد وفينا بما وعدنا في اوّل الكتاب من ذكر فضائح اثنين

__________________

(١) المقصود هنا : الشبيبية من الخوارج.

وسبعين فرقة من ذكر الأهواء المنتسبة الى الاسلام». اما ما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» بخصوص الكرامية ففيه توضيح واف لهذه الفرقة (انظر ط. بدر ص ٢٠٢ الى ٢١٤ ، ط. الكوثري ص ١٣٠ الى ١٣٨ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٥ الى ٢٢٥) فكأن البغدادي اعدّ كتاب «الفرق بين الفرق» بعد هذه المخطوطة اذ انه في هذه المخطوطة يوجز موقف الكرامية في حين انه يتوسع في عرض مواقفهم في كتاب «الفرق» حيث يذكر انه ناظر احدهم ، وهو ابن مهاجر ، في مجلس ناصر الدولة ابي الحسن محمد بن ابراهيم بن سيمجور صاحب جيش السامانية في سنة سبعين وثلاثمائة في هذه المسألة (مسألة اسماء الله) وألزمه فيها.

فكل هذه الأدلة تثبت ان مؤلف الكتاب المخطوط هنا هو ، بلا أدنى ريب ، الاستاذ الامام ابو منصور عبد القاهر (البغدادي). فقد جاء في المخطوطة ذكر اسمه بجزئيه وهما : (ابو منصور) تارة ثم (عبد القاهر) تارة أخرى ، وفي كلتا الحالتين كان الاسم مسبوقا باللقب الذي اشتهر به وهو (الاستاذ الامام). فيكون مصنف الكتاب هو «الاستاذ الامام ابو منصور عبد القاهر» المشهور بالبغدادي.

ووردت الابيات التي وضعها هو في واصل بن عطاء مسبوقة بهذا الكلام : «قال الاستاذ صاحب الكتاب» وهذه الأبيات مذكورة في كتاب «الفرق بين الفرق» مسبوقة أيضا بهذا الكلام : «كما قلنا في بعض اشعارنا» ، وكتاب «الفرق بين الفرق» هو لابي منصور عبد القاهر البغدادي.

وورد في المخطوطة موقفه من عمران بن حطّان وحكمه عليه ، وهو ذات الحكم الوارد أيضا في كتاب «الفرق بين الفرق» ؛ وكذلك الحال فيما يتعلق بموقفه من الشبيبية من الخوارج والكرامية ؛ وهو يصرح ان مثل هذه الاحكام عليهم هي له ، وتدل على موقفه منهم.

فثبت هكذا لدينا ان صاحب الكتاب هو : الاستاذ الامام ابو منصور عبد القادر البغدادي.

بقي علينا أن نتأكد من عنوان هذا الكتاب.

ثانيا : عنوان الكتاب

١ ـ مقارنة بين كتاب «الفرق بين الفرق» وكتاب «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» للبغدادي واختصار عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني.

ينقسم كتاب «الفرق بين الفرق» خمسة ابواب هي كما يلي :

الباب الأول : في بيان الحديث المأثور في افتراق الامة.

الباب الثاني : في كيفية افتراق الامة ثلاثا وسبعين فرقة. وبيان الفرق الذي يجمعهم اسم ملة الاسلام في الجملة ـ وهو فصلان.

الباب الثالث : في بيان تفصيل مقالات فرق الأهواء وبيان فضائحهم ـ وهو يشتمل على فصول ثمانية : الروافض ـ الخوارج ـ المعتزلة ـ المرجئة ـ النجارية ـ الجهمية ـ الكرامية ـ المشبهة.

الباب الرابع : في بيان الفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست من الاسلام ـ

وهو يشتمل على سبعة عشر فصلا :

السبائية ـ البيانية ـ المغيرية ـ الحربية ـ المنصورية ـ الجناحية ـ الخطابية ـ الغرابية والمفوضية والذمية ـ الشريعية والنميرية ـ الحلولية ـ اصحاب الاباحة من الخرمية ـ اصحاب التناسخ ـ الخابطية من القدرية ـ الحمارية من القدرية ـ اليزيدية من الخوارج ـ الميمونية من الخوارج ـ الباطنية ـ

الباب الخامس : في بيان اوصاف الفرقة الناجية ـ وهو سبعة فصول :

في بيان اوصاف اهل السنة والجماعة ـ في بيان تحقيق النجاة لاهل السنة والجماعة ـ في بيان الأصول التي اجتمع عليها اهل السنة ـ الكلام على السلف الصالح من الأمة ـ في بيان عصمة الله اهل السنة عن تكفير بعضهم بعضا ـ في بيان فضائل اهل السنة ـ في بيان آثار اهل السنة في الدين والدنيا ـ انتهاء الكتاب.

اما «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» للرسعني فجاءت فيه الابواب الاربعة الأولى المذكورة في كتاب «الفرق» مع فصول كل باب تماما حسب الترتيب الوارد في «الفرق». اما الباب الخامس الوارد في «الفرق» فلا ذكر له في «مختصر» الكتاب.

٢ ـ اما بخصوص المخطوطة هنا فنلاحظ :

ا ـ انه لم يرد فيه الا ذكر باب واحد ، وهو الباب الرابع في الورقة ١٢٢ منه. ولم نجد قبل ذلك ذكرا لا لباب آخر ولا لفصل من فصول الكتاب ؛ بل هناك عناوين باسماء الفرق كما هو واضح في فهرست المخطوطة.

ب ـ ان عدد الفرق المذكورة في المخطوطة هو سبع ، كما يلي :

الكيسانية ـ الخوارج ـ المعتزلة ـ المرجئة ـ النجارية ـ الجهمية ـ الكرامية. ولكل فرقة منها اقسام.

واذا قارنا هذا التقسيم الوارد في المخطوطة بما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» لاحظنا انه جاء في الباب الثالث منه ذكر ثمان فرق ؛ سبع منها مذكورة في المخطوطة وبذات الترتيب ، اما الفرقة الثامنة ، وهي فرقة المشبهة الواردة في كتاب «الفرق» فانها غير مذكورة في المخطوطة.

فيكون ما ورد في المخطوطة هي الفصول السبعة (عدا الفصل الثامن) من الباب الثالث من كتاب «الفرق بين الفرق» يضاف إليها ما جاء في الباب الخامس من هذا الكتاب ويقابله ـ بالعنوان فقط ـ ما جاء في الباب الرابع من المخطوطة.

٣ ـ المخطوطة ليست مختصرا لكتاب «الفرق بين الفرق»

وهناك عدة ادلة على ذلك ، منها :

ا ـ جاء في الفصل الثالث من الباب الثالث من كتاب «الفرق بين الفرق» قول المؤلف :

«قد ذكرنا قبل هذا ان المعتزلة افترقت فيما بينها عشرون فرقة ، كل فرقة منها تكفر سائرها ، وهي : الواصلية ـ والعمروية ـ والهذيلية ـ والنظامية ـ والاسوارية ـ والمعمرية ـ والاسكافية ـ والجعفرية ـ والبشرية ـ والمردارية ـ والهشامية ـ والثمامية ـ والجاحظية ـ والخابطية ـ والحمارية ـ والخياطية ـ واصحاب

صالح قبة ـ والمريسية ـ والشحامية ـ والكعبية ـ والجبائية ـ والبهشمية المنسوبة الى ابي هاشم بن الجبائي.

فهذه اثنتان وعشرون فرقة ؛ فرقتان منها من جملة فرق الغلاة في الكفر ، نذكرهما في الباب الذي نذكر فيه فرق الغلاة وهما : الخابطية والحمارية. وعشرون منها قدرية يجمعها كلها في بدعتها امور ...»

وجاء في «مختصر الفرق بين الفرق» في الفصل الثالث من الباب الثالث :

«قد ذكرنا قبل هذا ان المعتزلة افترقت فيما بينها اثنتين وعشرين فرقة : فرقتان منها من جملة فرق الغلاة في الكفر ، نذكرهم في بابهم ـ وهما الحابطية والحمارية ـ وعشرون منها قدرية محضة يجمعها كلها امور منها نفيهم صفات الله ...» ثم يأتي ذكر اهم بدع المعتزلة ، كما جاء في كتاب «الفرق» ، وهي نفي صفات الله الازلية ـ استحالة رؤية الله بالابصار ـ القول بحدوث كلام الله ـ وقولهم بان الله غير خالق لأكساب الناس ، ولذلك سمّاهم المسلمون قدرية ـ وقولهم ان الفاسق من أمة الاسلام في منزلة بين المنزلتين : لا مؤمن ولا كافر ـ وان الله لا يغفر لمرتكبي الكبائر بلا توبة.

فجاء «مختصر الفرق» متفقا تماما مع كتاب «الفرق».

بينما جاء في المخطوطة : «قد بينا ان القدرية عشرون فرقة ، وهي : الواصلية ـ والعمرية ـ والهذيلية ـ والنظامية ـ والاسوارية ـ والاسكافية ـ والجعفرية ـ والبشرية ـ والمردارية ـ والهشامية ـ والحابطية ـ والحدثية ـ والحمارية ـ والمعمرية ـ والثمامية ـ والجاحظية ـ والخياطية ـ والكعبية ـ والجبائية ـ والبهشمية.

وسنذكر من فضائح كل فرقة منهم ما يكشف عن كفرها».

فلم يميز عبد القاهر البغدادي في هذه المخطوطة بين الغلاة اعني الحابطية والحمارية من جهة ، والقدرية المحضة من جهة اخرى كما فعل في كتاب «الفرق» وكما جاء في «مختصر الفرق». بل ، في المخطوطة ، بعد ما ذكر اسماء الفرق العشرين عرض مباشرة موقف كل فرقة منها ومعها الحابطية والحمارية.

فكأن البغدادي استدرك في كتاب «الفرق بين الفرق» وتنبه الى الفرق الموجود بين القدرية المحضة والغلاة منهم ، فارجأ الى الباب الرابع من كتابه ـ وهو الباب الخاص بالغلاة ، وهي الفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه ، فرقتين وهما الحابطية والحمارية كان قد عرض موقفهما في كتاب سابق (وهي المخطوطة هنا) في الفصل المخصص للمعتزلة.

ومما يجدر ملاحظته ان المخطوطة لم تخصص بابا منفردا «للفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه» كما جاء في كتاب «الفرق» وفي «مختصره» حيث الباب الرابع منهما خاص بالغلاة من الفرق.

ب ـ فيما يتعلق بالخوارج نلاحظ ان عبد القاهر البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» وكذلك الرسعني في «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» قد خصصا للميمونية من الخوارج الفصل السادس عشر من الباب الرابع ـ وهو الباب الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه. فاعتبرا الميمونية من غلاة الخوارج الذين خرجوا عن فرق الاسلام.

وكذلك الأمر فيما يتعلق باليزيدية من الخوارج ، فقد خصصا لهم الفصل الخامس عشر من الباب الرابع ، الخاص بالفرق المنتسبة الى الاسلام وهي ليست منه.

ولكن في المخطوطة هنا يذكر البغدادي الميمونية واليزيدية مع فرق الخوارج مستعرضا مواقفهم بالتفصيل مثل ما فعل بباقي فرق الخوارج ، دون ان يميز بين الخوارج المحض والغلاة منهم ، كما فعل في كتاب «الفرق» وكما جاء في «مختصر الفرق» أيضا.

فاذا كانت المخطوطة ملخصا لكتاب «الفرق بين الفرق» لجاء فيها هذا التمييز بين اصحاب الفرق والغلاة منهم ، كما حدث في «مختصر كتاب الفرق» وكتاب «الفرق» ذاته.

ولكنا نلاحظ هنا في المخطوطة ان هذا التمييز غير وارد. فالاستدراك بين اصحاب الفرق والغلاة منهم جاء بعد كتابة او املاء هذه المخطوطة.

ج ـ لقد خصص عبد القاهر في كتاب «الفرق بين الفرق» وكذلك الرسعني في «مختصر الفرق» في الباب الرابع الخاص بالغلاة الذين خرجوا عن فرق الاسلام ، الفصول التالية :

الفصل الثاني للبيانية من الروافض ـ الفصل الرابع للحربية ـ الفصل الخامس للمنصورية ـ الفصل السابع للخطابية ـ الفصل الحادي عشر للخرمدينية ـ والفصل الثاني عشر للراوندية ـ وكلها من الرافض.

اما في المخطوطة ، فقد جاء ذكر هذه الفرق مع مواقفها بايجاز ، في آخر الكلام عن الامامة ، وهكذا اعتبرهم هنا عبد القاهر البغدادي من فرق الروافض ، لا من الغلاة الذين ليسوا من فرق الاسلام.

لو كانت المخطوطة مختصرا لكتاب «الفرق بين الفرق» لورد فيها هذا التمييز بين اصحاب الفرق من جهة والغلاة منهم من جهة اخرى ، كما جاء في كتاب «الفرق» وفي «مختصره» للرسعني. وعدم اثبات مثل هذا التمييز هنا لا يعتبر سهوا من قبل مؤلف الكتاب ، اذ ان هذا التمييز لم يذكر في ثلاث فرق كبيرة وهي الرافضة ، والخوارج ، والقدرية المعتزلة.

فيستنتج من ذلك ان هذه المخطوطة ليست مختصرا آخر لكتاب «الفرق بين الفرق».

ه ـ يقول عبد القاهر البغدادي في اوّل الباب الرابع من المخطوطة انه قد ذكر في الباب الاول من «هذا الكتاب» قول النبي (ص) لما سئل عن الفرقة الناجية : «ما انا عليه واصحابي».

فكأن الباب الأول من المخطوطة ـ وهو ناقص هنا ـ خاص بالحديث المأثور في افتراق الأمة. ونلاحظ ان الكتب التي تعرض مواقف الفرق تبدأ بهذا الحديث : تفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة. ثم يلي هذا الباب باب ثان خاص بالفرق التي يجمع بينها اسم ملة الاسلام ، وكيف افترقت الامة ، ونشأة الخلاف حول الامامة. ـ وهذا الباب الثاني ناقص أيضا هنا في المخطوطة.

وهكذا تنحصر المخطوطة في بابين اثنين هما الباب الثالث والباب الرابع لكتاب واحد.

وجاء الباب الثالث ، بالرغم من ضياع بعض الورقات الأولى منه ، عرضا شاملا لسبع فرق هي : الروافض ـ الخوارج ـ المعتزلة ـ المرجئة ـ النجارية ـ الجهمية ـ الكرامية ـ مع اقسام كل فرقة دون التمييز بين اتباع الفرقة والغلاة منهم ، كما ذكرنا سابقا.

وموضوع الباب الثالث هنا يقابله البابان الثالث والرابع من كتاب «الفرق بين الفرق». وقد فصّل البغدادي في هذا الكتاب الاخير الغلاة عن اصحاب الفرق ، وخصص لهم فصلا مستقلا هو الفصل الرابع. وهكذا يكون كتاب «الفرق بين الفرق» اوضح من المخطوطة في تقسيمه للفرق.

اما الباب الرابع من المخطوطة ، فعنوانه شبيه بعنوان الباب الخامس من كتاب «الفرق بين الفرق» ـ وهذا الباب الخامس ناقص في «مختصر كتاب الفرق» للرسعني.

ولكن ترتيب الباب الرابع في المخطوطة يختلف عن ترتيب الباب الخامس من كتاب «الفرق». فاذا كانت المخطوطة مختصرا لكتاب «الفرق» لكان الترتيب متفقا بين الكتاب الاصلي وملخصه كما نلاحظ في «مختصر» الرسعني لكتاب «الفرق». ولكننا نلاحظ إن في الصفحتين الأولتين (ص ١٢٣ ـ ١٢٤) من الباب الرابع من المخطوطة يتساءل المؤلف كيف يمكن اعتبار القدرية والخوارج والروافض والنجارية والبكرية والضرارية من اهل السنة؟ ـ اما في كتاب «الفرق» فمثل هذا التساؤل وارد في الفصل الثاني من الباب الخامس ، لا في اوّل هذا الباب.

وما اتى في المخطوطة بعد ذلك من الصفحات ١٢٥ الى ١٢٧ فقد ورد جزء منه في الفصل الأول ، وجزء منه في الفصل الثالث وجزء في الفصل الخامس وجزء في الفصل السادس من الباب الخامس من كتاب «الفرق بين الفرق».

فكأن الباب الرابع في المخطوطة جاء بمثابة مخطط اولي وسريع للباب الخامس من كتاب «الفرق» كما وان الباب الثالث من المخطوطة جمع في الواقع بابين هما الثالث والرابع من كتاب «الفرق» ؛ مما يدل على ان المخطوطة كانت محاولة اولى في عرض الفرق والملل والنحل ؛ فهي اسبق عهدا من كتاب «الفرق بين الفرق» لا مخلصا له.

٤ ـ عنوان المخطوطة :

ا ـ يذكر عبد القاهر البغدادي في كتاب «الفرق بين الفرق» ما يأتي :

وللاباضية والبيهسية بعد هذا مذاهب قد ذكرناها في كتاب «الملل والنحل» وفيما ذكرنا منه في هذا الكتاب كفاية («الفرق بين الفرق» ط. بدر ص ٨٩ ، ط. الكوثري ص ٦٥ ، عبد الحميد ص ١٠٩).

نقارن ما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» مع ما جاء في المخطوطة بخصوص الاباضية أولا ثم بخصوص البيهسية.

الاباضية

كتاب الفرق بين الفرق

 ـ اجمعت الاباضية على القول بامامة عبد الله بن اباض ، وافترقت فيما بينها فرقا يجمعها القول بان كفار هذه الامة ـ يعنون بذلك مخالفيهم من هذه الامة ـ براء من الشرك والأيمان ، وانهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين ، ولكنهم كفار. واجازوا شهادتهم ، وحرموا دماءهم في السر ، واستحلوها في العلانية.

وصححوا مناكحتهم والتوارث منهم ، وزعموا انهم في ذلك محاربون لله ولرسوله لا يدينون دين الحق. (انظر ط. بدر ص ٨٢. الكوثري ص ٦١ ، عبد الحميد ص ١٠٣).

ـ وكانت الاباضية من الخوارج يقولون ان مرتكب ما فيه الوعيد مع معرفته بالله عزوجل وبما جاء من عنده كافر كفران نعمة وليس بكافر كفر شرك (ط. بدر ص ٩٧ الكوثري ص ٧٠ ، عبد الحميد ص ١١٨).

ـ واوجبت الاباضية القطع (للسارق) في قليل السرقة وكثيرها (بدر ص ١٣٠ ، الكوثري ص ٨٨ عبد الحميد ص ١٤٤).

المخطوطة

ـ ذكر الحارثية منهم : هؤلاء اتباع الحرث الاباضي وانفرد عنهم في قوله بالقدر ، على مذهب المعتزلة ، وقال بان الاستطاعة قبل الفعل. فاكفرته الاباضية واهل السنة في ذلك (الورقة ٥٧).

ـ فهذه اصناف الخوارج المكفر بعضهم لبعض ، ولأقوام مجهولين منهم بدع ، منها :

قول قوم من الاباضية : لا حجة لله تعالى على الخلق في التوحيد الا بالخبر ، وما يقوم مقام الخبر من اشارة (الورقة ٥٨).

ـ ومنها قول الاباضية بجواز امر الله تعالى عنده بحكمين متضادين في شيء واحد ، وقالوا ان ذلك كمن دخل زرعا لغيره ، فهو مأمور بالخروج منه ، ومنهي عنه ، لأن في خروجه افساد زرع غيره. (الورقة ٥٨).

ـ وقد سرقوا (الكرامية من الخوارج) هذه البدعة من اباضية الخوارج الذين قالوا : ان قول النبي (ص) : «انا نبيّ» بنفسه حجة لا يحتاج معها الى برهان (بدر ص ٢١٠ ، الكوثري ص ١٣٥ ، عبد الحميد ص ٢٢٢).

يتضح لنا من هذه المقارنة بين ما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» وما جاء في المخطوطة ان مواقف الاباضية المذكورة في المخطوطة غير واردة بتاتا مرة أخرى في كتاب «الفرق بين الفرق» وهي ثلاثة مواقف مهمة : ١) عدم قول الاباضية بالقدر مثل ما قالت المعتزلة ـ ٢) الانسان غير محاسب عن التوحيد ما لم يأته نبي يعلمه بان الله واحد لا شريك له ـ ٣) يجوز ان يأمر الله بحكمين متضادين في شيء واحد ؛ كما جاء في المثال الذي ذكروه هنا. ـ لذلك قال عبد القاهر البغدادي «وللاباضية بعد هذا مذاهب قد ذكرناها في كتاب «الملل والنحل». فاذا ما اضيفت هذه المذاهب الثلاثة الواردة هنا في المخطوطة الى ما جاء عن الاباضية في كتاب «الفرق بين الفرق» تكونت لدينا فكرة عن الاباضية تميزهم عن باقي فرق الخوارج.

ولنقارن بعد ذلك بين ما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» مع ما جاء في المخطوطة بخصوص البيهسية :

البيهسية

كتاب الفرق بين الفرق

ـ وتبع بعد هؤلاء الابراهيمية قوم يقال لهم البيهسية اصحاب ابي بيهس هيصم بن عامر.

قالوا ان ميمونا كفر بان حرم بيع الأمة في دار التقية من كفار قومنا ، وكفرت الواقفة بان لم يعرفوا كفر ميمون ، وصواب ابراهيم ، وكفر ابراهيم بان لم يتبرأ من الواقفة (ط. بدر ص ٨٧ ، ط. الكوثري ص ٦٤ ، ط.

عبد الحميد ص ١٠٨).

المخطوطة

ـ وتبع بعد هؤلاء قوم يقال لهم البيهسية ، اصحاب أبي بيهس ، وقالوا ان ميمونا كفر حين حرّم بيع الأمة في دار التقية من كفار قومنا. وكفرت الواقفة بأن لم يعرفوا كفر ميمون وصواب ابراهيم ، فكفر ابراهيم حين لم يتبرأ من اهل الوقف.

ـ وفرقة ثالثة من الصفرية (من الخوارج) قالت بقول من قال من البيهسية ان صاحب الذنب لا يحكم عليه بالكفر حتى يرفع الى الوالي فيحده. (ط. بدر ص ٧٠ ، ط. الكوثري ص ٥٤ ، ط. عبد الحميد ص ٩١).

ـ ثم ان البيهسية قالت ان من واقع ذنبا لم نشهد عليه بالكفر حتى يرفع الى الوالي ويحد ولا نسميه قبل الرفع الى الوالي مؤمنا ولا كافرا.

ـ وقال بعض البيهسية فاذا كفر الامام كفرت الرعية.

ـ وقال بعضهم : كلّ شراب حلال الأصل موضوع عمن سكر منه كلّ ما كان منه في السكر : من ترك الصلاة ، والشتم لله عزوجل ، وليس فيه حدّ ولا كفر ما دام في سكره.

ـ وقال قوم من البيهسية يقال لهم العوفية : السكر كفر اذا كان معه غيره من ترك الصلاة ونحوه (ط. بدر ص ٨٨ ، ط. الكوثري ص ٦٥ ، ط. عبد الحميد ص ١٠٩).

ـ ثم ان البيهسية قالوا ان من وقع ذنبا لم نشهد عليه بالكفر حتى يرفع الى الوالي ، ولا نسميه قبل الرفع الى الوالي مؤمنا ولا كافرا. ووافقهم في ذلك قوم من الصفرية.

ـ وقال بعض البيهسية ان الذنوب كلها شرك ، وكل ذنب لم يحكم الله فيه حكما مغلظا ، ولم يقفنا على تغليظه فهو مغفور.

الورقة ٤٣ :

وقال بعض البيهسية : كل شراب حلال الأصل موضوع ، فمن يسكر منه كل ما كان منه في السكر من ترك الصلاة وشتم الله تعالى ، ولا حد فيه ، ولا حكم فيه ، ولا يكفر به ما دام في سكره.

ـ وقالت العوفية من البيهسية : السكر كفر اذا كان معه غيره من ترك الصلاة ونحوه. (الورقة ٥٩).

من مقارنة ما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» مع ما جاء في المخطوطة بخصوص البيهسية ، نلاحظ ان البغدادي في كتاب «الفرق» يكرر أربعة مواقف لهذه الفرقة مذكورة في المخطوطة ، وهي :

١) تكفيرهم ميمونا حين حرّم بيع الامة ـ ٢) لا يسمون المذنب كافرا ولا مؤمنا الا بعد رفع امره الى الوالي ـ ٣) كل شراب حلال الا اذا نتج عنه ما يقع تحت الحد ـ ٤) السكر كفر.

ولكن هناك موقفا لهذه الفرقة مذكور في المخطوطة ولم يرد ذكره في كتاب

الفرق ، وهو قول البيهسية بان الذنوب كلها شرك ، وان كل ذنب لم يحكم الله فيه حكما مغلظا فهو مغفور. فكأن العقل في رأيهم لا يستطيع تحديد الذنوب ، بل الشرع هو الذي يحددها.

فالبغدادي مصيب عند ما قال : قد ذكرنا في كتاب «الملل والنحل» مذاهب الاباضية والبيهسية. وفعلا ، مواقف هاتين الفرقتين الواردة في المخطوطة تبرز ما تميزت به جوهريا هاتان الفرقتان عن باقي فرق الخوارج.

اما ما ذكر عن الاباضية في «مختصر كتاب الفرق» للرسعني فهو ملخص لما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» وهذا نصه :

ذكر الاباضية : اجمعوا على إمامة عبد الله بن اباض. وافترقوا فرقا يجمعها القول باكفار هذه الامة وانهم ليسوا بمؤمنين ولا مشركين ولكنهم كفار. ـ واجازوا شهادتهم ، وحرموا دماءهم سرا واستحلوها علانية ـ وصححوا مناكحتهم والتوارث منهم ، ـ واستحلوا من اموالهم الخيل والسلاح ـ فاما الذهب والفضة فانها تردّ الى اصحابها ـ (مختصر الفرق ص ٨٧ ـ ٨٨).

وما جاء في المخطوطة عن الاباضية فلا أثر له في هذا المختصر.

اما البيهسية فلا ذكر لهم في «مختصر الفرق».

ب ـ هكذا يتضح لنا معنى قول عبد القاهر البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» (ط. بدر ص ٨٩ ؛ ط. الكوثري ص ٦٥ ؛ ط. عبد الحميد ص ١٠٩) : «ان للاباضية والبيهسية بعد هذا مذاهب قد ذكرناها في كتاب «الملل والنحل» وفيما ذكرنا منه في هذا الكتاب كفاية» ـ وفي هذا الكلام تصريح منه أيضا بانه وضع كتاب «الملل والنحل» قبل كتاب «الفرق بين الفرق».

ـ والترتيب الواضح في كتاب «الفرق بين الفرق» في عرض مواقف الفرق وتمييز اصحاب الفرق من الغلاة منهم ، وتخصيص باب منفرد لهؤلاء الغلاة ، دليل على ان المحاولة الثانية التي قام بها عبد القاهر عند ما انشأ كتاب «الفرق بين الفرق» جاءت اوضح من المحاولة الاولى التي قام بها في كتاب «الملل والنحل».

ـ ثم ذكر البغدادي في الباب الرابع من كتاب «الفرق بين الفرق» ـ وهو الباب الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه ـ عددا من الفرق بتوسع ، مخصصا فصلا كاملا لكل واحدة منها في حين انه في المخطوطة هنا اكتفى بذكر اسماء هذه الفرق وما تميزت به ، وذلك بكل ايجاز. هذا ما حدث بخصوص بعض فرق الروافض ، مثلا :

المخطوطة

 الورقة ٤٣

والحربية الذين قالوا بامامة عبد الله ابن عمر بن حرب الكندي بعد ابن الحنفية ، ولم يقنعوا بذلك حتى قالوا بإلهيته.

الورقة ٤٣ :

والمنصورية الذين قالوا بامامة ابي منصور العجلي.

كتاب الفرق بين الفرق

الفصول المخصصة لكل فرقة في الباب الرابع

الفصل الرابع : في ذكر الحربية وبيان خروجهم عن فرق الامة. هؤلاء اتباع عبد الله بن عمر بن حرب الكندي وكان على دين البيانية في دعواها ان روح الاله تناسخت في الأنبياء والأئمة الى ان انتهت الى ابي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية. ثم زعمت الحربية ان تلك الروح انتقلت من عبد الله بن محمد ابن الحنفية الى عبد الله بن عمرو بن حرب ، وادعت الحربية في زعيمها عبد الله بن عمرو بن حرب مثل دعوى البيانية في بيان بن سمعان ؛ وكلتا الفرقتين كافرة بربها وليست من فرق الاسلام ، كما ان سائر الحلولية خارجة عن فرق الاسلام (ط. بدر ٢٣٣ ، ط. الكوثري ص ١٤٩ ، ط. عبد الحميد ص ٢٤٣ ، مختصر الفرق ص ١٥١).

الفصل الخامس : في ذكر المنصورية وبيان خروجها عن جملة فرق الاسلام. هؤلاء اتباع ابي منصور العجلي الذي زعم ان الامامة دارت في اولاد علي حتى انتهت الى ابي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي المعروف بالباقر. وادعى هذا العجلي انه خليفة الباقر. ثم الحد في دعواه ، فزعم انه عرج به الى السماء وان الله تعالى مسح بيده على رأسه وقال له : يا بني بلغ عني. ثم انزله الى الارض ؛ وزعم انه الكسف الساقط من السماء المذكور في قوله : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً

مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (سورة الطور مكية ٤٤). وكفرت هذه الطائفة بالقيامة والجنة والنار ، وتأولوا الجنة على نعيم الدنيا ، والنار على محن الناس في الدنيا. واستحلوا مع هذه الضلالة خنق مخالفيهم. واستمرت فتنتهم على عادتهم الى ان وقف يوسف بن عمر الثقفي ، والي العراق في زمانه ، على عورات المنصورية ، فاخذ أبا منصور العجلي وصلبه. وهذه الفرقة أيضا غير معدودة في فرق الاسلام لكفرها بالقيامة والجنة والنار (ط. بدر ص ٢٣٤ ، ط. الكوثري ص ١٤٩ ، ط. عبد الحميد ص ٢٤٣ ، مختصر الفرق ص ١٥٢).

الورقة ٤٣ :

والخطابية الذين قالوا بامامة ابي الخطاب.

ولا نعلم احدا من اهل الاهواء ادعى الربوبية لامامه وزعيمه غيرهم.

الفصل السابع : في ذكر الخطابية : اتباع ابي الخطاب الأسدي. وهم يقولون ان الامامة كانت في اولاد علي الى ان انتهت الى جعفر الصادق. ويزعمون ان الأئمة كانوا آلهة. وكان ابو الخطاب يزعم أولا ان الأئمة انبياء ثم زعم انهم آلهة وان اولاد الحسن والحسين كانوا ابناء الله واحباءه. وكان يقول ان جعفرا إله. فلما بلغ ذلك جعفرا لعنه وطرده ؛ وكان ابو الخطاب يدعي بعد ذلك الالهية لنفسه. وزعم اتباعه ان جعفرا إله غير ان ابي الخطاب افضل منه وافضل من علي.

والخطابية يرون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم. ثم ان أبا الخطاب نصب خيمة في كناسة الكوفة ودعا فيها اتباعه الى عبادة جعفر ؛ ثم خرج ابو الخطاب على والي الكوفة في أيام المنصور ، فبعث إليه المنصور بعيسى بن موسى في جيش كثيف ، فاسروه. فصلب في كناسة الكوفة الخ ... (ط. بدر ص ٢٤٢ ، الكوثري ص ١٥٠ ، عبد الحميد ص ٢٤٧ ؛ مختصر الفرق ص ١٥٥).

لم يميز عبد القاهر البغدادي في هذه المخطوطة بين الروافض المحض وغلاتهم الذين خرجوا من الاسلام ، بينما هذا التمييز واضح في كتابه «الفرق بين الفرق».

ومما يجدر ذكره هنا في هذه المخطوطة هو ان عبد القاهر البغدادي ذكر فيها عن الفرق بعض المواقف وبعض المعلومات التي لم يأت على ذكرها في كتابه «الفرق بين الفرق». وقد اوضحنا في الهوامش كل هذه الزوائد الواردة في المخطوطة. وكأن البغدادي اكتفى بانه أوردها سابقا في كتابه المخطوط هذا وغفل عنها في كتاب «الفرق».

ج ـ جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» في آخر الفصل الثامن من الباب الثالث : «في بيان مذاهب المشبهة من اصناف شتّى» قول البغدادي : «وهذا باب ان اطلناه طال ، ونشر الأذيال ، وقد بينا تفصيل أقوال المعتزلة والمشبهة ، واقوال سائر أصحاب الأهواء في كتابنا المعروف بكتاب «الملل والنحل» ، وفيما ذكرنا منها في هذا الباب كفاية ، والله اعلم.» (الفرق ط. بدر ص ٢١٩ ؛ ط. الكوثري ص ١٤١ ؛ ط. عبد الحميد ص ٢٣٠).

وهذه المرة الثانية التي يذكر فيها البغدادي كتابه «الملل والنحل» في كتابه «الفرق بين الفرق» وهنا يقول انه بيّن تفصيل اقوال المعتزلة والمشبهة في كتابه «الملل والنحل».

فاذا رجعنا الى كلامه الخاص بذكر «فرق الضلال من القدرية والمعتزلة» في المخطوطة ، نلاحظ انه خصص لهذه الفرقة ـ فرقة المعتزلة ـ من الورقة ٥٩ / ٢ الى الورقة ١٠٩ / ٢ اي خمسين ورقة مجموعها مائة صفحة ، في حين ان مجموع اوراق المخطوطة التي عثرنا عليها هنا هو ٨٨ ورقة. فيكون البغدادي قد خصص للمعتزلة القسم الاكبر من مخطوطته هذه ، وربما خصص لهم نصفها او ما يزيد. وقد ذكرنا في الهوامش الخاصة بالمعتزلة عند كلامه عنهم ، ما هو وارد في المخطوطة هنا عن المعتزلة وغير مذكور في كتاب «الفرق بين الفرق» ممّا يثبّت قول البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» : «قد بينا تفصيل اقوال المعتزلة في كتابنا المعروف بكتاب «الملل والنحل». وفي هذه المخطوطة لم يميز البغدادي بين المعتزلة المحض والغلاة منهم ، مثل الحابطية والحدثية والحمارية ، وقاسم الدمشقي ، كما انه يذكر ، بعد كلامه عن البهشمية من المعتزلة ، اصحاب الاهواء منهم ،

والجدل الذي كان يدور بينهم ، مثال ذلك الحوار بين سبعة من زعماء المعتزلة حول مسألة القدرة. ويذكر البغدادي رأي كل واحد منهم ؛ وهؤلاء السبعة هم : النظّام ، الاسواري ، ابو الهذيل ، بشر بن المعتمر ، المردار ، الاشبح (الاشج) والاسكافي.

اما فيما يتعلق بالمشبهة الذين يقول في كتاب «الفرق» انه تكلم عنهم في كتابه «الملل والنحل» فنجد في هذه المخطوطة عرضا وافيا للكرامية وهم من المشبهة. وفعلا يقول البغدادي في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ٢١٨ ، ط. الكوثري ص ١٤١ ، ط. عبد الحميد ص ٢٢٩). «وزادت الكرامية على المعتزلة البصرية في تشبيه إرادة الله تعالى بإرادات عباده. وزعموا ان ارادته من جنس ارادتنا ، وانها حادثة فيه كما تحدث ارادتنا فينا. وزعموا لاجل ذلك ان الله تعالى محل للحوادث ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».

فما يذكره البغدادي في آخر الفصل الثامن من الباب الثالث من كتابه «الفرق بين الفرق» بانه بيّن تفصيل اقوال المعتزلة والمشبهة في كتابه المعروف بكتاب «الملل والنحل» ينطبق تماما على ما جاء في المخطوطة هنا بخصوص المعتزلة والمشبهة من الكرامية. الأمر الذي يزيدنا ثقة بان هذه المخطوطة هي كتاب «الملل والنحل» للبغدادي.

وهناك ادلة اخرى تثبت ذلك ، منها :

د ـ جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» في الفصل الثاني عشر من الباب الرابع : في ذكر اصحاب التناسخ من اهل الأهواء (ط. بدر ص ٢٥٤ ، ط. الكوثري ص ١٦٢ ، ط. عبد الحميد ص ٢٧٢) ما نصه كما يلي ؛ وجاء في المخطوطة في ورقة رقم ٩٠ / ٢ ما نصه :

كتاب الفرق

 وذكر اصحاب المقالات عن سقراط وافلاطون واتباعهما من الفلاسفة أنهم قالوا بتناسخ الأرواح ،

المخطوطة الورقة رقم ٩٠ / ٢

 واما بدعة التناسخ ، فأول من قالها من الفلاسفة سقراط ، ثم صار إليه في دولة

على تفصيل قد حكيناه عنهم في كتاب «الملل والنحل».

ـ وقال بعض اليهود بالتناسخ ، وزعم انه وجد في كتاب دانيال ان الله تعالى مسخ بختنصر في سبع صور من صور البهائم والسباع ، وعذبه فيها كلها ثم بعثه في آخرها موحدا.

ـ واما اهل التناسخ في دولة الاسلام فان البيانية والجناحية والخطّابية والراوندية من الروافض الحلولية ، كلها قالت بتناسخ روح الاله في الأئمة بزعمهم.

ـ واوّل من قال بهذه الضلالة السّبئيّة من الرافضة لدعواهم ان عليا صار إلها حين حلّ روح الاله فيه.

ـ وزعمت البياتية منهم ان روح الاله دارت في الأنبياء ، ثم في الائمة الى ان صارت في بيان بن سمعان.

ـ وادعت الجناحية منهم مثل ذلك في عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر.

ـ وكذلك دعوى الخطابية في ابي الخطّاب. وكذلك دعوى قوم من الروندية في أبي مسلم صاحب دولة بني العباس ...

ـ واما اهل التناسخ من القدرية فجماعة منهم : احمد بن خابط وكان معتزليا منتسبا الى النظام ، وكان على بدعته في الطفرة ... وزاد على النظام في ضلالة في التناسخ.

ومنهم : احمد بن محمد القحطي ، وافتخر بانه كان منهم في التناسخ والاعتزال ، ومنهم عبد الكريم بن ابي العوجاء ...

ـ وتفصيل (رأي) هؤلاء في التناسخ ان احمد بن خابط زعم ان الله تعالي أبدع خلقة الاسلام قوم من غلاة الروافض ، فزعموا ان روح الاله تناسخت في الأئمة ؛ وادعت البيانية بهذه العلة الإلهية بيان ، وادعاها الخطّابية بابي الخطّاب ثم ادعها الحلولية في اتباع ابي طسان الدمشقي ثم ادعتها الحائطية من القدرية.

ويقال لهم : ينبغي ان لا تغضبوا على من ضربكم ونتف اسبلتكم ان كان كل ما يصيبكم من ألم ومحنة جزاء على معصية سبقت منكم في قالب آخر ، لان موقع الجزاء المستحقة غير ملوم على فعله.

ـ في ذكر الحمارية منهم :

هؤلاء قوم من معتزلة عسكر مكرم ، اختاروا من كل بدعة شرعة. فاخذوا من ابن حائط قوله بالتناسخ ، واخذوا من بدع عباد بن سليمان قوله بان الذين نسخهم الله قردة وخنازير ، كانوا في حال كونهم قردة وخنازير ناسا ، وكانوا معتقدين للكفر في تلك الحال.

وجاء في الورقة رقم ٨٩ / ٢ :

وقال (احمد بن حائط) بالتناسخ ، وزعم ان الله تعالى ابتدأ الخلق في الجنة ضربة واحدة وانما خرج من خرج منها بالمعصية.

اصحابه سالمين عقلاء ، بالغين ، في دار سوى الدنيا التي هم فيها اليوم ، وأكمل عقولهم وخلق فيهم معرفته والعلم به ، واسبغ عليهم نعمه.

ـ وزعم ان الانسان المأمور المنهي المنعم عليه هو الروح التي في الجسم ، وان الاجسام قوالب للأرواح ...

ثم زعم ان الروح لا يزال في هذه الدنيا يتكرر في قوالب وصور مختلفة ما دامت طاعته مشوبة بذنوبه ، وعلى قدر طاعاته وذنوبه يكون منازل قوالبه في الانسانية والبهيمية ، (ط. بدر ص ٢٥٥ / ٢٥٧ ، ط. الكوثري ص ١٦٤ / ١٦٥ ط. عبد الحميد ص ٢٧٤ ـ ٢٧٥).

يتضح لنا من هذا النص الوارد في كتاب «الفرق بين الفرق» ان كتاب «الملل والنحل» للبغدادي وضع قبل كتاب الفرق ـ وهذه المرة الثالثة التي يذكر فيها كتابه «الملل والنحل» في كتابه «الفرق بين الفرق» ؛ ثم ما جاء في المخطوطة هنا بخصوص بدعة التناسخ هو :

١ ـ ان سقراط هو اوّل من قال بالتناسخ.

٢ ـ غلاة الروافض قالوا بالتناسخ حتى ينتهوا الى ان روح الله تناسخت في الأئمة.

٣ ـ يعتبر ابن حابط اكبر ممثل للقول بالتناسخ.

٤ ـ التناسخ عقاب للانسان : اذ ان روح الشرير من الناس تنتقل الى جسم حيوان.

٥ ـ ابتدأ الله الخلق في الجنة ولكن خرج منها الانسان بمعصيته.

ـ واذا رجعنا الى كتاب «الفرق بين الفرق» (الفصل الثاني عشر من الباب الرابع منه) وجدنا ان هذه النقط الخمس الواردة في المخطوطة يعرضها البغدادي

ويتوسع فيها. فكأن البغدادي رسم مخططا لمذهب اصحاب التناسخ في كتاب «الملل والنحل» ، وذلك معنى قوله «انهم قالوا بتناسخ الارواح على تفصيل قد حكيناه عنهم في كتاب «الملل والنحل» ـ والتفصيل هو في الواقع هذه النقاط المهمة الخاصة بالتناسخ والواردة في «الملل والنحل» ؛ ثم توسع في هذا التفصيل في كتاب «الفرق».

ـ اما ما جاء في «مختصر الفرق» للرسعني (ص ١٦٤ ـ ١٦٥) عن ذكر اصحاب التناسخ فهو ملخص لما جاء في كتاب «الفرق» ولكن لم يأت في هذا «المختصر» ذكر سقراط ، ولا ذكر الروافض القائلين بالتناسخ ـ بل جاء ذكر احمد بن حابط من القدرية وعبد الكريم بن ابي العوجاء ، وجاء عرض لرأيهم القائل بان التناسخ عقاب. مما يدل على ان المخطوطة هنا ليست مختصرا لكتاب الفرق ، بل التفصيل المنوه عنه في كتاب «الفرق» هو ما ورد في المخطوطة التي هي كتاب «الملل والنحل».

ـ وجاء في نهاية هذا الفصل الثاني عشر من الباب الرابع من كتاب «الفرق بين الفرق» ما نصه «فهذا تفصيل قول اصحاب التناسخ ، وقد نقضنا عللهم في كتاب «الملل والنحل» بما فيه كفاية (ط. بدر ص ٢٥٩ ، ط. الكوثري ، ص ١٦٥ ، ط. عبد الحميد ص ٢٧٦).

ـ وجاء في المخطوطة ، الورقة رقم ٩٠ / ٢ ما نصه : ويقال لهم (لأصحاب التناسخ) : «ينبغي ان لا تغضبوا على من ضربكم ونتف اسبلتكم ، ان كان كل ما يصيبكم من ألم ومحنة جزاء على معصية سبقت منكم في قالب آخر ؛ لان موقع الجزاء المستحقة غير ملوم على فعله».

ومما تجدر ملاحظته هنا هو ان في كتاب «الفرق بين الفرق» استعرض البغدادي مختلف مواقف اصحاب التناسخ دون اي تعليق او رد عليها (انظر الفرق ط. بدر ص ٢٥٣ ـ ٢٥٩ ، ط. الكوثري ص ١٦٢ ـ ١٦٥ ، ط. عبد الحميد ص ٢٧٠ ـ ٢٧٦) بينما في هذه المخطوطة ، بعد ما يعرض البغدادي ـ (بطريقة

مختصرة عما جاء في كتاب الفرق) ـ موقف اصحاب التناسخ ينتقص موقفهم بحيث يعتبر القول بالتناسخ قولا له نتائج مردودة.

اما في مختصر «الفرق» للرسعني (ص ١٦٥) نجد هذه الجملة الموجزة للغاية في آخر كلام البغدادي عن اصحاب التناسخ حيث يقول : «... الى غير ذلك من الهذيان» ففي «المختصر» اعتبر القول بالتناسخ ضربا من الهذيان بينما في المخطوطة يوضح البغدادي نقضه لهذا القول بالتناسخ مما يتفق وما جاء في كتاب «الفرق» عند ما يقول : وقد نقضنا عللهم في كتاب «الملل والنحل». وفي هذه المخطوطة يوجد هذا النقض عند ما ذكر : «ينبغي ان لا تغضبوا على من ضربكم ... على فعله».

ه ـ جاء في المخطوطة ورقة ١٢٢ / ٢ في آخر ذكر الضلال من الكرّامية قول البغدادي : «ولم نذكر الباطنية فيهم (في الكرامية) لانها لم تتمسك بشيء من اصول الاسلام ولا بشيء من فروعه ، وانما هم دعاة المجوس الى تأويل اركان شريعة الاسلام على وجوه يؤدي الى المجوسية ـ واختلف اصحابنا فيهم : فمنهم من قال : حكمهم حكم المجوس ، يجوز وضع الجزية عليهم مع تحريم ذبائحهم ، ونكاح نسائهم ـ ومنهم من قال : حكمهم حكم المرتدين وان تابوا ، والا قتلوا ـ وقال مالك : لا يقبل توبة الباطني والزنديق بعد العثور عليه ، وانما يقبل التوبة اذا ابتدأ بها قبل العلم للعلم ـ وهذا هو الاحوط في الباطنية والزنادقة».

هذا كل ما يذكره البغدادي عن الباطنية في هذه المخطوطة. فهو جعلهم في مصاف المجوس وذكر رأي اهل السنة فيهم.

ولكن في كتاب «الفرق بين الفرق» لم يذكر البغدادي مثل هذا الكلام عن الباطنية في عرضه لمذهب الكرامية في الفصل السابع من الباب الثالث (انظر «الفرق» ط. بدر ص ٢٠٢ ـ ٢١٤ ، ط. الكوثري ص ١٣٠ ـ ١٣٧ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٥ ـ ٢٢٥) وكذلك لم يأت ذكر للباطنية في كلامه عن الكرامية في «مختصر الفرق» للرسعني ص ١٣٩.

غير إن البغدادي في كتاب «الفرق بين الفرق» خصص للباطنية فصلا كاملا طويلا مفصلا وهو الفصل السابع عشر من الباب الرابع الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه (ط. بدر ص ٢٦٥ ـ ٢٩٩ ، ط. الكوثري ص ١٦٩ / ١٨٨ ، ط. عبد الحميد ص ٢٨١ ـ ٣١٢) كما ورد أيضا في (مختصر الفرق) فصل كامل للباطنية وهو الفصل السابع عشر والاخير من الباب الرابع للكتاب (انظر مختصر الفرق ص ١٧٠ ـ ١٨٠).

ونفهم قول البغدادي في هذه المخطوطة : «لم نذكر الباطنية منهم ...» وذلك عند ما نجده يقول في كتاب «الفرق» في مستهل الفصل الذي عقده للباطنية ـ اي الفصل السابع عشر من الباب الرابع : «اعلموا ـ اسعدكم الله ـ ان ضرر الباطنية على فرق المسلمين اعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم ، بل اعظم من مضرّة الدهرية وسائر اصناف الكفرة عليهم ، بل اعظم من ضرر الدجّال الذي يظهر في آخر الزمان ، لأن الذين ضلّوا عن الدين بدعوة الباطنية من وقت ظهور دعوتهم الى يومنا اكثر من الذين يضلون بالدجال في وقت ظهوره ، لان فتنة الدجّال لا تزيد مدتها على اربعين يوما ، وفضائح الباطنية اكثر من عدد الرمل والقطر.» (بدر ص ٢٦٥ ، الكوثري ص ١٦٩ ؛ عبد الحميد ص ٢٨٢).

فلما كان البغدادي لم يميز في هذه المخطوطة بين الفرق المنتمية الى الاسلام والفرق التي ليست منه ، اكتفى في تنويهه الى الباطنية بما ذكره عنهم في آخر كلامه عن الكرامية ـ حيث جاء كلامه مقتضبا للغاية.

اما في كتاب «الفرق» فانه خصص بابا مستقلا فيه سبعة عشر فصلا للفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه ، لذلك توسع بقدر المستطاع في كلامه عن الباطنية.

وهنا نلاحظ أيضا ان كتاب «الملل والنحل» اسبق عهدا من كتاب «الفرق» وكان بمثابة محاولة اولى لعرض مواقف الفرق المختلفة.

و ـ جاء في نهاية الركن الخامس عشر والاخير من الفصل الثالث من الباب الخامس لكتاب «الفرق بين الفرق» ما نصه : «وقد استقصينا بيان احكام أهل الأهواء في كتاب «الملل والنحل» وذكرنا في هذا الكتاب طرفا من احكامهم عند اهل السنة وفيه كفاية. والله أعلم» (ط. بدر ص ٣٥٢ ، ط. الكوثري ص ٢١٧ ، ط. عبد الحميد ص ٣٥٨) (١).

وفي هذا الفصل الثالث من الباب الخامس لكتاب «الفرق بين الفرق» يستعرض البغدادي خمسة عشر ركنا هي اصول الدين ، ويقيس بمقتضاها موقف مخالفي اهل السنة في هذه الاركان.

ونذكر هنا بعض الامثلة لمخالفي اهل السنة في هذه الاركان ، ونقابل فيها ما جاء في كتاب الفرق بين الفرق مع ما جاء في المخطوطة لنثبت قول البغدادي بانه استقصى بيان احكام اهل الاهواء في كتابه «الملل والنحل».

ما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق»

الركن الأول : ضللوا (اهل السنة) الخوارج في انكارها الرجم ... والخوارج الذين قطعوا يد السارق في القليل والكثير من الحرز وغير الحرز (ط. بدر ص ٣١٤ ، الكوثري ص ١٩٦ ، عبد الحميد ص ٣٢٧).

الركن الثالث : اكفروا (اهل السنة) ثمامة واتباعه من القدرية في قولهم ان الافعال متولدة لا فاعل لها ، واكفروا معمرا واتباعه من القدرية في قولهم ان الله تعالى لم يخلق شيئا من الاعراض وانما خلق الاجسام (بدر ص ٣١٩ ، الكوثري ص ١٩٩ عبد الحميد ص ٣٣٢).

ما جاء في المخطوطة

ورقة ٤٧ / ١ ذكر الازارقة من الخوارج : انكروا الرجم ...

٤٧ / ٢ وقطعوا (الخوارج) يد السارق في القليل والكثير واكفرتهم الأمة في هذه البدع كلها ...

ورقة ٩٥ / ٢ والبدعة الثانية (لثمامة) قوله بان الافعال المتولدة لا فاعل لها ، وهذا تجرء على نفي الصانع.

ورقة ٩١ / ٢ : ومن بدع (معمر) قوله ان الله تعالى ما خلق لونا ولا طعما ولا رائحة ولا حركة ولا سكونا ولا حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة ولا حياة ولا موتا ولا سمعا ولا بصرا ولا قدرة ولا علما ولا ألما ولا لذة ولا شيئا من

__________________

(١) في «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» للرسعني هذا الباب الخامس غير وارد بتاتا.

ما جاء في كتاب الفرق بين الفرق

 الركن الرابع : وقد نفت المعتزلة عنه (الله) جميع الصفات الازلية ، وقالوا ليس له قدرة ولا علم ولا حياة ولا رؤية ولا ادراك للمسموعات.

واثبتوا له كلاما محدثا (ط. بدر ص ٣٢٢ ، الكوثري ص ٢٠١ ، ط. عبد الحميد ص ٣٣٤).

الركن الخامس : وقد افرط الجبائي في هذا الباب (في اسماء الله) حتى سمى الله مطيعا لعبده اذا اعطاه مراده ، وسماه محبلا للنساء اذا خلق فيهن الحبل (ط. بدر ص ٣٢٦ ، ط. الكوثري ص ٢٠٣ ، ط. عبد الحميد ص ٣٣٧).

الركن السادس : الكلام في عدل الاله ...

وخلاف قول الجهمية : ان العباد غير مكتسبين ولا قادرين على اكسابهم (ط. بدر ص ٣٢٧ الكوثري ص ٢٠٤ ، عبد الحميد ص ٣٣٨).

الركن الثامن : وقالوا (اهل السنة) باعجاز القرآن في نظمه ، على خلاف قول من

ما جاء في المخطوطة

 الاعراض وانما خلق الاجسام. وخلقت الاجسام الاعراض في نفسها.

ورقة ٩٢ / ٢ والفضيحة الثانية له (لمعمر) انه لما زعم ان الله تعالى لم يخلق شيئا من الاعراض ادته هذه البدعة الى القول بان القرآن ليس كلام الله تعالى.

ورقة ٦٧ / ١ ومن فضائحه (لأبي الهذيل العلاف) أيضا قوله بان علم الله هو الله ، وقدرته هي هو. ويلزمه على هذه البدعة امران : احدهما انه يوجب عليه ان يكون علمه هو قدرته لرجوعهما الى ذات واحدة ، ولو كان علمه قدرته لوجب ان يكون معلوماته مقدورات له ، فيكون ذاته مقدورا له ، كما هو معلوم له.

ورقة ٩٢ / ٢ انه (معمر بن عباد) لا يثبت لله صفة قائمة ؛ فلزمه على أصله ان لا يكون لله تعالى كلام ولا امر ولا نهي ولا خبر.

الورقة  ودار بينه (ابي الحسن الاشعري) وبين الجبائي مسائل تعرف بالحصينات بين بها ضلالات الجبائي بتسمية الاله مطيعا للعبد اذا فعل مراد عبده ، والتزم في ذلك قياسه في قوله ان الطاعة موافقة الإرادة. وسماه أيضا محبلا للنساء لخلق الحبل فيهن. وهذه البدعة توقع الناس باحبال مريم وحدها.

الورقة ١١٥ / ١ الجهمية اتباع جهم بن صفوان الترمذي الذي قال بالاجبار والاضطرار الى الاعمال ، ونفي الاستطاعات كلها.

الورقة ٧٤ / ٢. والفضيحة الثالثة عشر له (للنظام) قوله بان نظم القرآن غير معجز ،

زعم من القدرية ان لا اعجاز في نظم القرآن كما ذهب إليه النظّام (ط. بدر ص ٣٣٥ ، الكوثري ص ٢٠٨ ، عبد الحميد ص ٣٤٤).

وقالوا (اهل السنة) : من معجزات محمد (ص) انشقاق القمر ، وتسبيح الحصا في يده ، ونبوع الماء من بين اصابعه ، واشباعه الخلق الكثير من الطعام اليسير ونحو ذلك. وقد خالف النظّام واتباعه من القدرية ذلك. (ط. بدر ص. ٣٣٥ ، الكوثري ص ٢٠٨ ، عبد الحميد ص ٣٣٤).

وانما وجه الدلالة منه على صدق النبي (ص) ما فيه من الاخبار عن الغيوب. وزعم ان العباد قادرون على مثل القرآن وعلى ما هو افصح منه. وفي هذا ابطال اعجاز القرآن.

الورقة ٧٥ / ٢ وكذبه (النظام) في روايته انشقاق القمر ، وفي رواية الجن ... وانشقاق القمر ان احاله فقد احال تفريق اجزاء جسم مؤلف وان اجاز انشقاقه عقلا. فما المانع من وقوعه مع ورود الخبر؟ واما رواية الجن فان احالها لزمه ان لا يرى الجن بعضهم بعضا.

يتضح لنا من هذه الامثلة ان قول البغدادي المذكور في كتاب «الفرق بين الفرق» (في نهاية الفصل الثالث من الباب الخامس) بانه استقصى بيان احكام اهل الاهواء في كتاب «الملل والنحل» هو قول ينطبق تماما على ما جاء في هذه المخطوطة ؛ الامر الذي يزيد في اعتقادنا ان هذه المخطوطة هي فعلا كتاب «الملل والنحل» للبغدادي.

ز ـ يذكر ابو مظفر الأسفرايني في كتابه «التبصير في الدين» ص ١٢٠ عبد القاهر البغدادي وكتابه «الملل والنحل» بقوله : «ولو لم يكن لأهل السنة والجماعة من مصنف لهم في جميع العلوم ، على الخصوص والعموم الّا من كان فرد زمانه وواحد أقرانه في معارفه وعلومه ، وكثرة الغرر في تصانيفه ، وهو الإمام ابو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي التميمي ، قدس الله روحه ، وما من علم من العلوم الّا وله فيه تصانيف. ولو لم يكن له من التصانيف الّا كتاب «الملل والنحل» في اصول الدين ، وهو كتاب لا يكاد يسع في خاطر بشر انه يتمكن من مثله لكثرة ما فيه من فنون علمه. وتصانيفه في الكلام ، والفقه ، والحديث ، والمقدرات (الحساب) التي هي أم الدقائق ، تخرج عن الحصر ، ولم يسبق الى مثل كتبه في هذه الانواع من حسن عبارته ، وعذوبة بيانه ، ولطافة كلامه ، في جميع كتبه.»

فاذن كتاب «الملل والنحل» هو قطعا كتاب لعبد القاهر البغدادي ، وقد ذكره هو صراحة في كتابه «الفرق بين الفرق» (١) ، وذكره أيضا صهره وتلميذه ابو مظفر الأسفرايني في كتابه «التبصير في الدين».

ثم ان كتاب «الملل والنحل» اسبق عهدا من كتاب «الفرق بين الفرق» اذ انه اتى ذكره في هذا الكتاب الأخير.

اما وصف الأسفرايني المقتضب لكتاب «الملل والنحل» هذا فانه ينطبق تماما على ما جاء في هذه المخطوطة. يقول الأسفرايني عنه : «كتاب «الملل والنحل» في اصول الدين ، هو كتاب لا يكاد يسع في خاطر بشر انه يتمكن من مثله لكثرة ما فيه من فنون علمه».

وفعلا من يطالع هذه المخطوطة يجد فيها عرضا وافيا لمختلف فرق الرافضة ، والخوارج ، والمعتزلة ، والمرجئة ، والجهمية والكرامية ، وبما اختلفت هذه الفرق عن اهل السنة والجماعة ، مما يدل على معرفة واسعة لمختلف الفرق التي ظهرت منذ بداية الاسلام حتى عهد عبد القاهر البغدادي.

ان أبا الحسين عبد الرحمن الملطي المتوفى ٣٧٧ ه‍ بكتابه «التنبيه والرد على اهل الاهواء والبدع» قد سبق عبد القاهر البغدادي في عرض مواقف الفرق ؛ ولكن هذه المخطوطة ـ وهي بلا شك كتاب «الملل والنحل» للبغدادي ، تتميز عن كتاب «التنبيه» للملطي بالوضوح والترتيب والجلاء.

__________________

(١) ذكره في كتاب «الفرق بين الفرق» عند كلامه عن الاباضية والبيهسية (ط. بدر ص ٨٩ ، ط الكوثري ص ٦٥ ، ط عبد الحميد ص ١٠٩) وذكره في آخر الباب الثالث في بيان مذاهب المشبهة (ط بدر ص ١٢٩ ، الكوثري ص ١٤١ عبد الحميد ص ٢٣٠) وذكره أيضا في الفصل الثاني عشر من الباب الرابع من «الفرق» عند كلامه عن اصحاب التناسخ (ط بدر ص ٢٥٤ ـ ٢٥٩ ط الكوثري ص ١٦٢ ـ ١٦٥ ط عبد الحميد ص ٢٧٢ ـ ٢٧٦) حيث جاء ذكر كتاب «الملل والنحل» مرتين في هذا الفصل.

وكذلك ذكر البغدادي كتابه «الملل والنحل» في آخر الفصل الثالث من الباب الخامس لكاتبه «الفرق بين الفرق» (ط بدر ص ٣٥٢ ط الكوثري ص ٢١٧ ط عبد الحميد ص ٣٥٨).

ـ وقد لفت النظر الى هذه المخطوطة والى حقيقة عنوانها : «الملل والنحل» للبغدادي ، الشيخ محمد زاهد الكوثري اذ ذكر في هامش ص ٦٥ من طبعته لكتاب «الفرق بين الفرق» ان كتاب «الملل والنحل» هذا يوجد مخطوطا في مكتبة الاوقاف ببغداد ، وانه كان في مكتبة عاشر في الآستانة.

وذكر أيضا الشيخ محمد زاهد الكوثري في مقدمة طبعته لكتاب «الفرق بين الفرق» ص ٧ : «وله (لعبد القاهر البغدادي) مؤلفات كثيرة ، ذكر ابن السبكي كثيرا منها ، ومن انفعها كتاب «الملل والنحل». وهو من محفوظات مكتبة الاوقاف ببغداد».

ثالثا : مؤلف الكتاب (١)

هو الامام الاستاذ ابو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي البغدادي ، ولد ببغداد ونشأ بها ورحل مع ابيه ، وهو فتى ، الى خراسان وسكنا بنيسابور. وتفقه على الاستاذ ابي إسحاق بن محمد الأسفرايني ، وقرأ عليه اصول الدين ، ومهر في فنون عديدة خصوصا في علم الحساب. وبعد وفاة استاذه ابي إسحاق (٤١٨ ه‍ / ١٠٢٧ م) خلفه وجلس للاملاء في مسجد عقيل ، فأملى سنتين ،

__________________

(١) المراجع : ا ـ ابن خلّكان «وفيات الأعيان» (طبعة مصر ١٢٧٥ ه‍) ١ : ٤٢٣

ب ـ الكتبي «فوات الوفيات» (ط مصر ١٢٩٩) ١ : ٢٩٨ (عبد القاهر ابن طاهر بن محمد بن عبد الله التميمي).

ج ـ السّبكي «طبقات الشافعية الكبرى» (ط مصر) ٢ : ٢٢٨ ؛ ٣ : ٢٣٨ ـ ٢٤٢ (عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي).

د ـ ency clopaediaofislam : baghdadi

ه ـ مجلد ١ ص ٣٨٥ c.brockelmann geschic htederarabischen litteratur.­

و ـ مجلد ٢٨ ص ٢٦  i.friedlander journal americanoriental society­.  

ز ـ الفخر الرازي «الرياضة المونقة».

ح ـ ابن عساكر : «التبيين».

واختلف إليه الأئمة فقرءوا عليه ، ومنهم ناصر المروزي ، وابو القاسم القشيري. وكان والد البغدادي ابو عبد الله طاهر رجلا ذا مال وثروة ومروءة ، ترك ماله الى ابنه فانفقه على اهل العلم والحديث حتى افتقر ، ولم يكتسب بعلمه مالا. وفي ايام فتنة التركمانية بنيسابور (٤٢٩ ه‍ ـ ١٠٣٧ م) خرج عبد القاهر من نيسابور الى اسفراين ، فابتهج الناس بمقدمه ، ولكن ايامه لم تطل ، فتوفي في السنة نفسها في اسفراين ، ودفن الى جانب شيخه ابي إسحاق ابراهيم بن محمد الأسفرايني.

وكان ابو منصور البغدادي تخرج في علم اصول الدين على الطريقة الاشعرية على الاستاذ ابي إسحاق الأسفرايني هذا المتوفى سنة ٤١١ ه‍ وهو تخرج في ذلك على الامام ابي الحسن الباهلي المتوفى سنة ٣٧٠ ه‍ ، وهو تخرج في علم اصول الدين على الامام ابي الحسن الاشعري (١).

تصانيف البغدادي :

من تصانيفه : «التكملة» في علم الحساب ، «تفسير القرآن» ، «فضائح المعتزلة» ، «ابطال القول بالتولد» «فضائح الكرّامية» ، «الايمان واصوله» ، «الملل والنحل» ، «نفي خلق القرآن» ، «الفرق بين الفرق» ، وبخصوص كتابه «الملل والنحل» قال عنه صهر المؤلف وتلميذه الناسج على منواله ، الامام ابو المظفر الأسفرايني في كتابه «التبصير في الدين» ص ١٢٠ : «ولو لم يكن لاهل السنة والجماعة من مصنف لهم في جميع العلوم على الخصوص والعموم الا من كان فرد زمانه وواحد اقرانه في معارفه وعلومه ، وكثرة الغرر في تصانيفه وهو الامام ابو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي التميمي قدس الله روحه ، وما من علم من العلوم الا وله فيه تصانيف. ولو لم يكن له من التصانيف الا كتاب «الملل والنحل» في اصول الدين ، وهو كتاب لا يكاد يسع

__________________

(١) جاء في المخطوطة (في نهاية الورقة ٨٢ / ٢) ، عند ذكر الفضيحة الخامسة من فضائح بشر بن المعتمر ، وهي الفضيحة الخاصة بالكلام عن الحركة ، ما نصه : يقول صاحب الكتاب : «وهذا قول ابي الهذيل والجبائي وابنه وشيخنا ابي الحسن الاشعري رحمه‌الله».

في خاطر بشر انه يتمكن من مثله لكثرة ما فيه من فنون علمه. وتصانيفه في الكلام والفقه والحديث والمقدرات (الحساب) التي هي أم الدقائق تخرج عن الحصر ، لم يسبق الى مثل كتبه في هذه الانواع ، من حسن عبارته ، وعذوبة بيانه ، ولطافة كلامه في جميع كتبه».

ويذكر الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري في مقدمة طبعته لكتاب «الفرق بين الفرق» (القاهرة ١٣٦٧ ه‍ / ١٩٤٨ م) : «له (لعبد القاهر البغدادي) مؤلفات كثيرة ذكر ابن السبكي كثيرا منها ؛ ومن انفعها كتاب «الملل والنحل» وهو من محفوظات مكتبة الاوقاف ببغداد» (ص ٧). ويضيف الشيخ الكوثري في هامش ١ من ص ٦٥ من طبعته لكتاب «الفرق بين الفرق» : «كتاب «الملل والنحل» في مكتبة الاوقاف ببغداد ، وكان في مكتبة عاشر في الآستانة».

وقد ذكر الدكتور فيليب حتّى في مقدمة طبعته لكتاب «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» اختصار عبد الرزاق بن رزق الله ابي بكر بن خلف الرّسعني (ص ٨) طبعة الهلال بمصر سنة ١٩٢٨ : «وان كانت قيمة الكتاب (كتاب الفرق بين الفرق) باعتبار البحث والاستقراء دون قيمة أخويه «كتاب الملل والنحل» للشهرستاني (المتوفى سنة ٥٤٨ ه‍ / ١١٥٣ م) و «كتاب الفصل في الملل والاهواء والنحل» لابن حزم (المتوفى ٤٥٦ ه‍ / ١٠٦٣ م) ، فلكتاب «الفرق بين الفرق» ميزة الاسبقية عليهما ، فهو أقدم مصدر نستقي منه معلومات بشأن نشوء الفرق الاسلامية وتأثير بعضها على بعض ، وتأثير الفلسفات اليونانية (واخصها الافلاطونية الجديدة) والديانات المسيحية واليهودية والفارسية والهندية عليها ـ ولدى الاطلاع يتبين ان ظهور أكثر الفرق الاسلامية يمثّل ردّ الفعل الذي حصل في العقل الاسلامي السامي من عوامل الديانات والفلسفات التي احتك بها المسلمون في سورية والعراق وبلاد فارس. وهذا هو تعليل عدم قيام فرق اسلامية ذات شأن في جزيرة بلاد العرب» ـ ه.

ولكن هناك كتاب اسبق عهدا من كتاب «الفرق بين الفرق» يعرض مواقف مختلف الفرق الاسلامية حتى القرن الرابع الهجري ، وهو كتاب «التنبيه والرد على اهل الاهواء والبدع» لابي الحسين محمد بن احمد بن عبد الرحمن الملطي

الشافعي ، المتوفى سنة ٣٧٧ ه‍» ونشر هذا الكتاب في القاهرة سنة ١٣٦٩ ه‍ / ١٩٤٩ م وقدم له الشيخ محمد زاهد الكوثري.

ثم كتاب «الملل والنحل» لعبد القاهر البغدادي اسبق عهدا من كتاب «الفرق بين الفرق» اذ انه ذكره في كتابه الاخير هذا. وكتاب «الملل والنحل» هو ما ننشره الآن حسب ما عثرنا عليه في مكتبة الاوقاف ببغداد.

هذه المخطوطة التي ننشرها هنا هي في الواقع كتاب سابق لكتاب «الفرق بين الفرق» لعبد القاهر البغدادي ؛ وهي تحوي عددا من المعلومات اهملها فيما بعد البغدادي في كتابه «الفرق» ؛ كما انها تبين لنا فكرة المؤلف الأولى عن مختلف الفرق ، وذلك قبل ان توضح لديه هذه الفكرة ، وقبل ان يدخل عليها بعض التعديلات ، لا سيما هذا التمييز الذي اجراه بين المعتدل والمتطرف من اصحاب الفرق ، اذ انه خصص الجزء الرابع من كتابه «الفرق بين الفرق» لهؤلاء الغلاة الذين لم يعودوا في نظره من المسلمين.

ان مثل هذا التمييز يدل على تبدل في حكم المؤلف على هؤلاء الغلاة ، عند ما كتب كتاب «الفرق بين الفرق». ونتساءل هنا : هل هذا التبدل في الحكم عليهم راجع الى معرفة اوضح واكمل حصل عليها البغدادي بعد ما كتب كتاب «الملل والنحل»؟ أم هناك ظروف أخرى جعلته يبدل موقفه تجاههم؟ ـ هذا ما يتطلب دراسة خاصة.

فكتاب «الفرق بين الفرق» هو في الواقع اعادة النظر في كتاب «الملل والنحل» الذي كان قد وضعه أولا عبد القاهر البغدادي ، ثم نقّح فيه وحذف بعض الفقرات منه واضاف إليه بعض المعلومات ، وميز بين اقسام الفرقة الواحدة. وقد ذكرنا في الهوامش هذه التنقيحات التي ادخلها البغدادي على كتابه الاول «الملل والنحل». وفي هذه الهوامش قارنا بين ما جاء في المخطوطة من جهة ، وما يقابله في كتاب «الفرق بين الفرق» في طبعاته المختلفة.

الرموز

رمزنا الى الطبعة الأولى التي نشرها محمد بدر هكذا : ط. بدر.

والى الطبعة التي صححها محمد زاهد الكوثري : ط. الكوثري.

والى الطبعة التي حققها محمد محيي الدين عبد الحميد : ط. عبد الحميد.

والى «مختصر كتاب الفرق بين الفرق». اختصار عبد الرزاق الرسعني : مختصر الفرق (للرسعني).

ملاحظة ١ ـ الارقام التى على هامش صفحات النص تدل على رقم اوراق المخطوطة والرقم ١ مع الحرف ا يدلان على الصفحة اليمنى ؛ والرقم ٢ مع الحرف ب يدلان على اليسرى من اوراق المخطوطة.

٢ ـ الخط المائل / في النص يدل على نهاية صفحة من صفحات المخطوطة وبداية صفحة أخرى.

كتاب الملل والنّحل

للبغدادي

في بيان مقالات فرق الرفض الكيسانية

الإمامة صارت الى ابن الحنفية بوصية اخيه الحسين إليه ، قبل خروجه الى الكوفة. وكان ولد الحسين يومئذ صغارا ، فلذلك اوصى الى اخيه ، وهؤلاء جاهلون بتلك الوصية ، فليس فيها ذكر عهد إليه ، وانما اوصى إليه في ماله وولده وصدقة يتصدق بها عنه.

ولما تم للمختار بيعة اهل الكوفة ، وقتل من ظفر به من قتلة الحسين واصحابه بكربلاء ، وانفذ برأسي عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد الى ابن الحنفية ، ثني بعده كله ، وتكهن ، وسجّع كاسجاع الكهنة (١). فقال في بعض خطبه : «اما ورب البحار والمهابة والقفار ، والنحل والاشجار ، والملائكة الابرار ، والمصطفين الاخيار ، لاقتلن كل جبار بكل لدن خطار ومهند بتار ، حتى اذا اقمت عمود الدين ، وشفيت غليل الصادقين من اولاد القاسطين / ونفيه المارقين ، لم يكبر عليّ زوال الدنيا ، ولم احفل بالموت (٢) اذا اتى ، اذا كان المصير الى دار الجزاء» (٣).

وقال في خطبة اخرى : «اما ومنشئ السحاب ، الشديد العقاب ، السريع الحساب ، منزل الكتاب ، لانبشن قبر ابن شهاب ، ولابعثن الاحزاب الى بلاد الاعراب (٤)».

__________________

(١) «وسجع كاسجاع الكهنة» في طبعة الكوثري «لكتاب الفرق بين الفرق» ص ٣١ جاء : «وسجع كأسجاع الكهنة» وكذلك في طبعة بدر ص ٣٣ ، وعبد الحميد ص ٤٦.

(٢) في المخطوط : اجفل بالموت.

(٣) هذه الخطبة : «اما ورب البحار والمهابة والقفار ... دار الجزاء» غير واردة في الطبعات الأربع لكتاب «الفرق بين الفرق».

(٤) هذه الخطبة : «اما ومنشئ السحاب ... بلاد الاعراب».

جاء في طبعة حتّى لمختصر كتاب الفرق بين الفرق ص ٤٥ : «اما ومنشئ السحاب ، الشديد العقاب ، السريع الحساب ، العزيز الوهاب ، القدير الغلاب ، لأنبشنّ قبر ابن شهاب ، المفتري الكذاب ، المجرم المرتاب».

وجاء في طبعة الكوثري ص ٣١ : «اما وممشي السحاب ، الشديد العقاب ، السريع الحساب ،

وقال في خطبة اخرى : «اما والذي جعلني بصيرا ، ونوّر قلبي تنويرا ، لاحرقن بالمصر دورا ، ولانبشن بها قبورا ، ولا شفين فيها صدورا (١)».

وقال أيضا : «وحق النون والقلم ، ورب الحرم والبيت المحرم ، والركن المعظم ، ليرفعن علم من الكوفة الى اضم الى اكناف ذي سلم من العرب والعجم (٢)».

وقال أيضا : «اما والمرسلات عرفا ، وعصف العاصفات عصفا ، لنعسفن من بغانا عسفا حتى يسوم القوم منا خسفا (٣)».

وكان السبب في قول المختار بالبدا انه انفذ صاحب جيشه ، احمد بن شميط (٤) ، مع جيش كثيف الى قتال / مصعب بن الزبير ، واخبرهم بان الله قد وعده بان الظفر يكون لهم. فرجعوا إليه منهزمين ، وسألوه عن وعده اياهم بالظفر ، فقال

__________________

العزيز الوهاب ، القدير الغلاب ، لأنبشنّ قبر ابن شهاب ، المفتري الكذاب ، المجرم المرتاب» ـ (ط بدر ص ٣٤ : أما وتمشّى السحاب ...) ط عبد الحميد ص ٤٧.

(١) هذه الخطبة : «اما والذي جعلني بصيرا ... فيها صدورا».

جاء في طبعة حتّى ص ٤٦ : «الحمد لله الذي جعلني بصيرا ، ونوّر قلبي تنويرا. والله لأحرقنّ بالمصر دورا ، ولانبشن بها قبورا ، ولأشفين منها صدورا وكفى بالله هاديا ونصيرا».

وكذلك في الطبعات الثلاثة الاخرى لكتاب «الفرق بين الفرق» (ط بدر ص ٣٢ ، ط الكوثري ص ٣٢ ، عبد الحميد ص ٤٨).

(٢) هذه الخطبة : «وحق النون والقلم ، ... العرب والعجم».

جاء في طبعة حتّى ص ٤٦ : «برب الحرم ، والبيت المحرم ، والركن المكرّم ، والمسجد المعظم ، وحق نون والقلم ليرفعنّ لي علم ، من هاهنا إلى إضم ، ثم الى اكناف ذي سلم».

وفي طبعة الكوثري ص ٣٢ وكذلك ط بدر ص ٣٤ ، وط عبد الحميد ص ٤٨ : «برب الحرم ، والبيت المحرم ، والركن المكرّم ، والمسجد المعظم ، وحق ذي القلم ، ليرفعن لي علم ، من هنا الى أضم ، ثم الى اكناف ذي سلم» (إضم : واد في الحجاز ـ ياقوت «معجم البلدان» ١ : ٢٨١ ـ ذو سلم : واد على طريق بصرة الى مكة ـ ياقوت «معجم البلدان» ٥ : ١١٢).

(٣) هذا القول : «اما والمرسلات عرفا ، وعصف العاصفات ... منا خسفا» غير وارد في الطبعات الاربعة لكتاب «الفرق بين الفرق».

(٤) احمد بن شميط : من قواد المختار ، قتله مصعب بن الزبير في موقعة سنة ٦٧ ه‍ (الطبري ٢ : ٦٥٥ ـ ٦٥٩).

ان الله بدّله : اما سمعتم قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (١)؟ ـ وكان في بعض حروبه قد اسر رجلا من اصحاب مصعب بن الزبير يقال له سراقة بن مرداس البارقي (٢) ، فقال له : «ما اسرني اصحابك ، وانما غلبنا الملائكة الذين (٣) كانوا في جيشك [ ] (٤) خيل خضر. فاعجبه ذلك ، فاطلق عنه ، فلحق بمصعب ، ثم كتب الى المختار يقول :

«ألا ابلغ أبا إسحاق اني

رأيت الخضر وهما مصمتات

أري عينيّ ما لم تبصراه

كلانا عالم بالتّرهات

كفرت لوحيكم وجعلت نزرا

علي قتالكم حتى الممات»

ثم ان مصعبا حاصر المختار في قصره بالكوفة حتى خرج إليه / مستقبلا ، فقتله اخوان يقال لهما طارف وطريف ، ابناء عبد الله بن دجاجة الحنفي.

وقال في ذلك اعشى همدان :

__________________

(١) الآية (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) قرآن كريم سورة الرعد آية ٣٩.

البداء : هو ان يقرر الله شيئا ثم يعدل عنه ويبدله ـ الشهرستاني ١ : ١٩٨ وابن حزم ٤ : ١٨٢ «وطائفة منهم تقول ان الله تعالى يريد الشيء ويعزم عليه ثم يبدو له فلا يفعله. وهذا مشهور للكيسانية».

(٢) سراقة بن مرداس البارقي : نسبة الى جبل بارق باليمن ينزله الأزد ، فارس مشهور ، وشاعر معروف. جاء في طبعة الكوثري ص ٣٢ : «واسر جماعة منهم وكان في الأسراء رجل يقال له سراقة بن مرداس البارقي ، فتقدم الى المختار ؛ وخاف البارقي ان يأمر بقتله ، فقال للذين اسروه وقدموه الى المختار : «ما انتم اسرتمونا ، ولا انتم هزمتمونا بعدتكم ، وانما هزمنا الملائكة الذين رأيناهم على الخيل البلق فوق عسكركم». فأعجب المختار قوله هذا ، فاطلق عنه. فلحق بمصعب بن الزبير ، ولاه اخوه عبد الله العراقين ، فسار إليه عبد الملك بن مروان فقتله سنة ٧٢ ه‍ بالبصرة وكتب منها الى المختار هذه الأبيات :

الا أبلغ أبا اسحاق أنّي

رأيت البلق دهما مصمتات

أري عيني ما لم تنظراه

كلانا عالم بالترهات

كفرت بوحيكم وجعلت نذرا

عليّ قتالكم حتى الممات»

(٣) في المخطوط : الذي.

(٤) بياض في المخطوط ربما المقصود : ورأيناهم على.

لقد نبّئت والأنباء تنمي

بما لاقى الكواذب بالمذار (١)

وما إن سرّني إهلاك قومي

وان كانوا وحقك في خسار

ولكني سررت بما لاقى

ابو إسحاق من خزي وعار

ولما قتل المختار استوت خراسان والعراقان والحجاز واليمن لعبد الله بن الزبير ، فدعا ابن الحنفية الى طاعته ، فهرب منه الى عبد الملك بن مروان. فلما بلغ أيلة كره ابن مروان جواره بالشام ، فامره بالرجوع. فخرج الى الطائف وتولى بها دفن عبد الله بن عباس ، وخرج منها الى اليمن. فمات في طريقه (٢).

واختلفت الكيسانية بعد موته : فمنهم من زعم انه في جبل رضوى ، وانه حي لم يمت ، وهو المهدي المنتظر ، وانما عوقب بالحبس هناك الى عبد الملك بن مروان / وخروجه قبل ذاك الى يزيد بن معاوية. وهذا قول الكربيّة منهم ، اتباع ابي كرب الضرير (٣). وعلى هذا المذهب كان كثيّر صاحب عزة ،

__________________

(١) جاء في طبعة بدر ص ٣٧ وفي طبعة الكوثري ص ٣٤ وط عبد الحميد ص ٥٢ ... بما لاقى الكوارث بالمذار.

هذه الأبيات لاعشى همدان (اخباره مذكورة وكذلك نسبه في «الاغاني» ٥ : ١٤٦ ـ ١٦١). المذار : ذكرها ابن حوقل ص ١٦١ و ١٧١ والمقدسي (طبعة دي غويه في ليدن ص ٢٥٨) وهي من ناحية الكوفة.

(٢) بخصوص هذه النهاية جاء في طبعة حتّى ص ٥٠ : «وقالوا : كان يجب على محمد (ابن الحنفية) ان يقاتل ابن الزبير ، فعصى ربّه بترك قتاله ، وعصاه بقصده عبد الملك بن مروان ، وكان قد عصاه قبل ذلك بقصده يزيد بن معاوية». ثم انه رجع من طريقه الى ابن مروان الى الطائف وشهد دفن ابن عباس. ثم سافر الى اليمن. فلما بلغ شعب رضوي اختلفوا فيه» ...

وجاء في طبعة الكوثري ص ٣٤ (كذلك ط بدر ص ٣٨ ، ط عبد الحميد ص ٥٣) : وقالوا : انه كان يجب عليه ان يقاتل ابن الزبير ولا يهرب ، فعصى ربه بتركه قتاله ، وعصاه بقصده عبد الملك بن مروان. وكان قد عصاه قبل ذلك بقصده يزيد بن معاوية. ثم انه رجع من طريقه الى ابن مروان الى الطائف. ومات بها ابن عباس ودفنه ابن الحنفية بالطائف. ثم سار منها الى الذر. فلما بلغ شعب رضوى اختلفوا فيه.

(٣) عرض موقف الكيسانية من محمد بن الحنفية هنا يتفق والوقائع التاريخية اكثر مما ذكر في الطبعات الاربع لكتاب الفرق ، اذ جاء فيها اختلاف الكيسانية في ابن الحنفية قبل الكلام عن مختلف الحالات التي مرّ بها قبل انقطاع اخباره ـ يعتبر للكربيّة من غلاة الكيسانية.

الشاعر ، والسيد الحميري أيضا. ولهذا قال كثيّر في شعره :

الا ان الأئمة من قريش

ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه

هم الأسباط ليس بهم خفاء

وسبط لا يذوق الموت حتى

يقود الخيل يقدمها اللواء (١)

فقال السيد الحميري :

الا قل للوصي فدتك نفسي

أطلت بذلك الجبل المقاما

أضرّ بمعشر والوك منا

وسمّوك الخليفة والاماما

وعادوا فيك أهل الارض طرّا

مقامك عندهم ستين عاما (٢)

__________________

(١) هذه الأبيات لكثير عزة ناقصة هنا ـ والقصيدة هي كما يلي :

ألا ان الأئمة من قريش

ولاة الحق أربعة سواء

عليّ والثلاثة من بنيه

هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط ايمان وبرّ

وسبط غيّبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى

يقود الخيل يقدمها اللّواء

تغيّب لا يرى فيهم زمانا

برضوى عنده عسل وماء

وكان كثير عزة الشاعر على مذهب الكيسانية الذين زعموا إمامة محمد بن الحنفية ولم يصدقوا بموته.

(المرجع : شرح ديوان كثيّر عزة نشره هنري بريز ، الجزائر عام ١٩٣٠ الجزء الثاني ص ١٨٦).

(٢) هذه الأبيات هي للسيد الحميري ، لا لكثير عزة كما جاء في طبعة الكوثري (ص ٢٩ وط عبد الحميد ص ٤٢ ط بدر ص ٣٠ والقصيدة بكاملها كما يأتي :

ألا قل للوصي فدتك نفسي

أطلت بذلك الجبل المقاما

أضرّ بمعشر والوك منّا

وسمّوك الخليفة والإماما

وعادوا فيك أهل الأرض طرّا

مقامك عندهم ستّين عاما

وما ذاق ابن خولة طعم موت

ولا وارت له ارض عظاما

لقد أمسى بمجرى شعب رضوى

تراجعه الملائكة الكلاما

وإنّ له لرزقا من إمام

: واشربة يعلّ بها الطّعاما

هذا البيت الأخير ورد في طبعة حتى هكذا (صفحة ٤٠)

وإنّ له لرزقا من طعام

وأشربة يعلّ بها الطّعاما

وفي ط الكوثري ص ٢٩ وفي ط عبد الحميد ص ٤٣ :

وإنّ له لرزقا كل يوم

وأشربة يعلّ بها الطّعاما

وكان الشاعر السيد الحميري على مذهب الكيسانية الذين ينتظرون محمد بن الحنفية ويزعمون انه محبوس بجبل رضوى الى ان يؤذن له بالخروج. انظر : احمد صلاح نجا : الكميت ابن زيد الاسدي [دار العصر ـ بيروت ١٩٥٧] ص ٢١٦.

ومنهم من اقر بموته ، ونقل الامامة منه الى غيره. واختلف هؤلاء في المنقول إليه على الوجوه التي بيناها قبل هذا.

/ وتكفير هؤلاء واجب في اجازتهم على الله البداء وقولهم بانه قد يريد شيئا ثم يبدو له. وقد زعموا انه اذا امر بشيء ثم نسخه ، فانما نسخه لانه بدا له فيه. وفيهم من اجاز البداء عليه فيما لم يطلع عليه عباده. ومنهم من اجازه فيما اطلع عليه عباده ومما لم يطلعهم عليه. ومن قال منهم بحلول روح الاله في الأيمة فكفره ككفر الحلولية مع كفره بالبداء مزدوج. والزيدية مع الامامية تكفران الغلاة من الروافض بين الزيدية والامامية تكفيرا. ـ وقد قال شاعر الامامية في الزيدية :

يا ايها الزيدية المهملة

إمامكم ذا آفة مرسلة

يا رخمات الجو تبا لكم

غصتم فاخرجتم لنا جندله

فاجابتهم الزيدية بقول شاعرها :

إمامنا منتصب قائم

لا كالذي يطلب بالغربلة

/ كل امام لا يرى جهرة

ليس يساوي عندنا خردلة

وقال الاستاذ الامام عبد القاهر ، صاحب الكتاب (١) : قد اجبنا الفريقين عن شعرهما. يقول :

يا ايها الرافضة المبطلة

دعواكم من اصلها مبطلة

إمامكم ان غاب في ظلمه

فاستدركوا الغائب بالمشعلة

او كان مغمورا باغماركم

فاستخرجوا المغمور بالغربلة

لكن امام الحق في قولنا

في سنة او آية منزلة

وفيهما للمهتدي مقنع

كفى بهذين لنا منزلة

__________________

(١) الاستاذ الامام ، صاحب الكتاب ، هو عبد القاهر بن طاهر ابي منصور البغدادي ، الاصولي الشافعي ، ولد ببغداد وسافر الى نيسابور ، وتوفي سنة ٤٢٩ ه‍ له كتاب «فضائح المعتزلة» و «فضائح الكرامية» و «الملل والنحل» وغير ذلك. نقل من «دائرة المعارف» (هذا ما جاء على هامش صفحة ٤٢ من المخطوط).

والأبيات المذكورة بعد هي في الواقع لعبد القاهر البغدادي ، كما هو مذكور في مختلف الطبعات لكتابه «الفرق بين الفرق». راجع مثلا ص ٤٤ من طبعة الكوثري ، ط بدر ص ٥٤ ط عبد الحميد ص ٧١. وهذا دليل قاطع على ان الكتاب هو لعبد القاهر البغدادي.

وقال الاستاذ الامام ، رضي الله عنه : ما رأينا ولا سمعنا بنوع من الكفر الا وجدنا شعبه منه في مذاهب الروافض ، لان فيهم من قال بالبداء وجواز التغيير على الله تعالى ، كالمجوس. ومنهم من ابطل الفرائض واستباح المحرمات كالخرمدينية (١) والمزدكية (٢) من المجوس ، وفيهم من شبه / معبوده بصورة الانسان كالمشبهة من اليهود. وفيهم من زعم ان الله فوض خلق الدنيا وتدبير العالم الى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والى علي ، فجعله إلها ثانيا ، كما جعلت النصارى المسيح إلها ثانيا. فاما فتن منهم بالهية الايمة وعبدوهم. وادناهم كفرا المنتظرون لامام يظهر فيبين لهم معالم دينهم ، فهم اليوم في حيرة من احكام الشرع ، يزعمون انهم في التيه ، وما زالوا يتعصبون في نصب امام من اهل البيت حتى

__________________

(١) الخرمدينية : اتى ذكرهم مع اصحاب الاباحة ـ في طبعات كتاب «الفرق بين الفرق» : فجاء في الباب الرابع ، الفصل الحادي عشر من كتاب «الفرق بين الفرق» : في ذكر اصحاب الاباحة من الخرّمية ، فهؤلاء صنفان : صنف منهم كانوا قبل الاسلام ... والصنف الثاني ، الخرمدينية ظهروا في دولة الاسلام وهم فريقان ، بابكية ، ومزيارية ، وكلتاهما معروفة بالمحمّرة. فالبابكية منهم اتباع بابك الخرمي الذي ظهر في جبل البدين بناحية آذربيجان وكثر بها اتباعه واستباحوا المحرمات وقتلوا الكثيرين من المسلمين ، وجهز إليه خلفاء بني العباس جيوشا كثيرة مع افشين الحاجب ، ومحمد بن يوسف التغري ، وابي دلف العجلي ، واقرانهم وبقيت العساكر في وجهه مقدار عشرين سنة الى ان اخذ بابك واخوه اسحاق بن ابراهيم وصلبا بسرّ من رأى في ايام المعتصم ـ واما المازيارية منهم فهم اتباع مازيار (وهو من وجوه عسكر المعتصم وانباؤه في كتب التاريخ في حوادث سنة ٢٢٤ ه‍) الذي اظهر دين المحمرة بجرجان (الفرق ـ طبعة الكوثري ص ١٦١ ط عبد الحميد ص ٢٦٧ ، بدر ص ٢٥١). ويذكر عبد القاهر البغدادي أيضا الخرمدينية في كتابه «الفرق بين الفرق» مع المجوس واعتبرهم فرقة منهم اذ يقول : المجوس اربع فرق : زروانية ، ومسخية وخرمدينية ، وبه آفريدية. (الفرق ـ طبعة الكوثري ص ٢١٤ ؛ ط بدر ص ٣٤٧ ؛ ط عبد الحميد ص ٣٥٤).

(٢) المزدكية ـ يذكر عبد القادر البغدادي في «الفرق» في الباب الرابع ، الفصل الحادي عشر مع اصحاب الاباحة من الخرمية ـ فيقول : هؤلاء صنفان : صنف منهم كانوا قبل الاسلام كالمزدكية الذين استباحوا المحرمات (الفرق بدر ص ٢٥١ ، عبد الحميد ص ٢٦١ ، طبعة الكوثري ص ١٦٠). وجاء أيضا في «الفرق : «واما المزدكية من المجوس فلا يجوز قبول الجزية منهم لانهم فارقوا دين المجوس الاصلية باستباحة المحرمات كلها وبقولهم : ان الناس كلهم شركاء في الاموال والنساء وسائر اللذات» (ط بدر ٣٤٧ ط ، الكوثري ص ٢١٥ ، ط عبد الحميد ص ٣٥٥).

اخرج الامامة خمسة نفر منهم عن اهل البيت : أخرج الامامة الراوندية (١) الذين اخرجوها الى ولد العباس. والبيانية (٢) الذين اخرجوا الامامة الى بيان بن سمعان.

__________________

(١) الراوندية : «الراوندية من الروافض الحلولية كلها قالت بتناسخ روح الاله في الأئمة بزعمهم. واوّل من قال بهذه الضلالة السبائية من الرافضة لدعواهم ان عليا صار إلها حين حلّ روح الاله فيه (الفرق بين الفرق ط بدر ص ٢٥٤ ، ط عبد الحميد ص ٢٧٢ ، طبعة الكوثري ص ١٦٣) ويذكرهم البغدادي مع اصحاب التناسخ في الفصل الثاني عشر من الباب الرابع.

(٢) البيانية : يذكرهم البغدادي (الفرق بين الفرق ط بدر ص ٢٥٤ ، طبعة الكوثري ص ١٦٣ ، ط عبد الحميد ص ٢٧٢) في الفصل الثاني عشر من الباب الرابع مع اصحاب التناسخ ويقول : وزعمت البيانية منهم ان روح الاله دارت في الأنبياء ثم في الأئمة الى ان صارت في بيان ابن سمعان. ـ ويذكرهم البغدادي مع غلاة الامامية الذين قالوا بإلهية الأئمة ، واباحوا محرمات الشريعة واسقطوا وجوب فرائض الشريعة (ط بدر ص ١٧ ، ط عبد الحميد ص ٢٣ ، ص ١٩ من طبعة الكوثري) ـ وجاء في ذكر الكيسانية من الرافضة : «وذهب الباقون من الكيسانية الى الاقرار بموت محمد بن الحنفية ، واختلفوا في الامام بعده. فمنهم من زعم ان الامامة بعده رجعت الى ابن اخيه علي بن الحسين زين العابدين ، ومنهم من قال برجوعها بعده الى ابي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية. واختلف هؤلاء في الامام بعد ابي هاشم. فمنهم من نقلها الى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بوصية ابي هاشم إليه. وهذا قول الراوندية ، ومنهم من زعم ان الامامة بعد ابي هاشم صارت الى بيان ابن سمعان وزعموا ان روح الله تعالى كانت في ابي هاشم ثم انتقلت منه الى بيان». (الفرق ص ٢٧ من طبعة الكوثري ط بدر ص ٢٨ ، ط عبد الحميد ص ٤٠) ـ ويذكرهم أيضا البغدادي في الفصل الثامن من الباب الثالث الخاص بمذاهب المشبهة. فيقول : ومنهم البيانية : اتباع بيان بن سمعان الذي زعم ان معبوده انسان من نور على صورة الانسان في اعضائه وانه يفنى كله الا وجهه (الفرق. ص ١٣٨ من طبعة الكوثري ، ط بدر ص ٢١٤ ، ط عبد الحميد ص ٢٢٦) ـ ويذكرهم البغدادي أيضا في «الفرق» في الفصل الثالث من الباب الرابع : في ذكر البيانية من الغلاة وبيان خروجها عن فرق الاسلام : هؤلاء اتباع بيان بن سمعان التميمي وهم الذين زعموا ان الامامة صارت من محمد بن الحنفية الى ابنه ابي هاشم عبد الله بن محمد ، ثم صارت من ابي هاشم الى بيان بن سمعان بوصيته إليه. واختلف هؤلاء في بيان زعيمهم ، فمنهم من زعم انه كان نبيا وانه نسخ بعض شريعة محمد (ص) ومنهم من زعم انه كان إلها (ص ١٤٥ من طبعة الكوثري ، ط بدر ص ٢٢٧ ، ط عبد الحميد ص ٢٢٦) ـ وهم من غلاة الروافض (الفرق بدر ص ٣٠٧ ، عبد الحميد ص ٣٢١ ، ص ١٩٣ طبعة الكوثري) ـ ويذكر البغدادي أيضا : «واما الكفرة الذين ظهروا في دولة الاسلام ، واستتروا بظاهر الاسلام ، واغتالوا المسلمين في السر كالغلاة من الرافضة السبائية ، والبيانية (الفرق : ص ٢١٦ من طبعة الكوثري ، بدر ص ٣٤٩ ، ط عبد الحميد ص ٣٥٦).

والحربية (١) الذين قالوا بامامة عبد الله بن عمر بن حرب الكندي بعد ابن الحنفية ، ولم يقنعوا بذلك حتى قالوا بالهيته. والمنصورية (٢) الذين قالوا بامامة ابي منصور العجلي. والخطابية (٣) الذين قالوا / بامامة ابي الخطاب. ولا نعلم احدا من اهل

__________________

(١) الحربية : هم من غلاة الرافضة (الفرق بدر ص ٢٨ ، عبد الحميد ص ٤١ ، طبعة الكوثري ص ٢٧) ـ ويقول البغدادي : والفرق المنتسبة الى الاسلام في الظاهر مع خروجها عن جملة الامة عشرون فرقة ، هذه ترجمتها : سبائية ، وبيانية ، وحربية ... (بدر ص ٢٢٢ ، عبد الحميد ص ٢٣٣ ، ط الكوثري ص ١٤٣) ـ ويقول في ذكر الحربية وبيان خروجهم عن فرق الامة : هؤلاء اتباع عبد الله بن حرب الكندي ، وكان على دين البيانية في دعواها ان روح الاله تناسخت في الأنبياء والأئمة الى ان انتهت الى ابي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية. ثم زعمت الحربية ان تلك الروح اتصلت من عبد الله بن محمد بن الحنفية الى عبد الله بن عمرو بن حرب. وادعت الحربية في زعيمها عبد الله بن عمرو بن حرب مثل دعوى البيانية في بيان بن سمعان. وكلتا الفرقتين كافرة بربها ، وليست من فرق الاسلام ، كما ان سائر الحلولية خارجة عن فرق الاسلام (الفرق ط. الكوثري ص ١٤٩ ، ط بدر ص ٢٣٣ ، ط عبد الحميد ص ٢٤٣).

(٢) المنصورية : من غلاة الرافضة (الفرق ط الكوثري ص ١٩ وص ١٩٣ ، ط بدر ص ٣٠٧ ، ط عبد الحميد ص ٣٢١) ـ «هم اتباع ابي منصور العجلي الذي شبه نفسه بربه. وزعم انه صعد الى السماء. وزعم أيضا ان الله مسح يده على رأسه وقال له : يا بني بلّغ عني. (الفرق ط الكوثري ص ١٣٨ ، بدر ص ٢١٥ ، عبد الحميد ص ٢٢٦) ويقول عبد القاهر البغدادي : «ان الباطنية ، والمنصورية ، والجناحية ، والخطابية قد اكفروا أبا بكر وعمر وعثمان واكثر الصحابة باخراجهم عليا من الامامة في عصرهم ، وهم قد اخرجوا الامامة عن اولاد علي في اعصار زعمائهم (الفرق ، بدر ص ٢٣٧ ، عبد الحميد ص ٢٥٠ ، ط الكوثري ص ١٥٢) ويعتبرهم البغدادي من الكفرة الذين ظهروا في دولة الاسلام واستتروا بظاهر الاسلام واغتالوا المسلمين في السر (الفرق ط الكوثري ص ٢١٦ ، ط عبد الحميد ص ٣٥٦ ط بدر ص ٣٤٩).

(٣) الخطابية : من غلاة الرافضة (الفرق ط الكوثري ص ١٩ وص ١٨٠ وص ١٩٣) ـ هم الذين قالوا بإلهية الأئمة وبالهية ابي الخطاب الاسدي (الفرق بدر ص ٢١٥ ، عبد الحميد ص ٢٢٦ ، ط. الكوثري ص ١٣٨) ـ هم من الفرق المنتسبة الى الاسلام في الظاهر مع خروجها عن جملة الأمة (الفرق بدر ص ٢٢٢ ، عبد الحميد ص ٢٣٢ ، ط الكوثري ص ١٤٣). هم اتباع ابي الخطاب الأسدي ، وهم يقولون أن الامامة كانت في اولاد علي الى ان انتهت الى جعفر الصادق ، ويزعمون ان الأئمة كانوا آلهة. وكان ابو الخطاب يزعم أوّلا ان الأئمة انبياء ، ثم زعم انهم آلهة وان اولاد الحسن والحسين كانوا ابناء الله واحباءه. وكان يقول ان جعفرا إله فلما بلغ ذلك جعفرا لعنه وطرده. وكان ابو الخطاب يدعي بعد ذلك الالهية لنفسه ، وزعم اتباعه ان جعفرا إله ، عن ان أبي الخطاب افضل منه وافضل من علي (الفرق ، بدر ص ٢٤٢ ، عبد الحميد

الاهواء ادعى الربوبية لامامه وزعيمه غيرهم ، ولا من ادعى نبيا بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم غير اليزيدية (١) من الخوارج ، كما نذكرهم بعد هذا. والحمد لله على العصمة من الضلالة والبدعة.

__________________

ص ٢٤٧ ، ط. الكوثري ص ١٥٠ ـ ١٥١). وهم من الحلولية (البغدادي : الفرق ، عبد الحميد ص ٢٥٤ ، ط. الكوثري ص ١٥٤) ـ هم من الكفرة الذين ظهروا في دولة الاسلام واستتروا بظاهر الاسلام واغتالوا المسلمين في السر (الفرق. ط الكوثري ص ٢١٦ ، ط. بدر ص ٣٤٩ ، ط. ظبد الحميد ص ٣٥٦).

(١) اليزيدية من الخوارج : هم اتباع يزيد بن ابي انيسة ، ليست من فرق الاسلام لقولها بان شريعة الاسلام تنسخ في آخر الزمان بني يبعث من العجم (الفرق ، بدر ص ١٨ ؛ عبد الحميد ص ٢٤ ؛ ط. الكوثري ص ٢٠) ـ «فأما اليزيدية من الاباضية (من فرق الخوارج) والميمونية من العجاردة (من فرق الخوارج) فانهما فرقتان من غلاة الكفرة الخارجين عن فرق الامة (الفرق ، بدر ص ٥٥ ، عبد الحميد ص ٧٣ ، ط. الكوثري ص ٤٥) ـ هم من الفرق المنتسبة الى الاسلام في الظاهر مع خروجها عن جملة الامة (الفرق ، بدر ص ٢٢٢ ، عبد الحميد ص ٢٣٢ ، ط. الكوثري ص ١٤٣) ـ هم اتباع يزيد بن ابي انيسة الخارجي وكان من البصرة ثم انتقل الى جور من ارض فارس ، وكان على رأس الاباضية من الخوارج ، ثم انه خرج عن قول جميع الأمة لدعواه ان الله عزوجل يبعث رسولا من العجم وينزل عليه كتابا من السماء وينسخ بشرعه شريعة محمد (ص). وزعم ان اتباع ذلك النبي المنتظر هم الصابئون المذكورون في القرآن. فاما المسمون بالصابئة من اهل واسط وحران فما هم الصابئون المذكرون في القرآن. وكان مع هذه الضلالة يتولى من شهد لمحمد (ص) بالنبوة من اهل الكتاب وان لم يدخل في دينه ، وسماهم بذلك مؤمنين. وعلى هذا القول يجب ان يكون العيسوية ، والموشكانية من اليهود مؤمنين لانهم اقروا بنبوة محمد (ص) ولم يدخلوا في دينه (الفرق ، ط. الكوثري ص ١٦٧ ـ ١٦٨ ، ط. بدر ص ٢٦٤ ، عبد الحميد ص ٢٨٠).

ملاحظة : ما جاء في آخر هذا الفصل بعد شعر عبد القاهر (البغدادي) غير مذكور في كتاب «الفرق بين الفرق» ولا في ملخص الفرق بين الفرق للرسعني ـ ان البغدادي لخص في نهاية هذا الفصل موقف بعض فرق الروافض لا سيما الغلاة منهم.

ذكر فرق الضلال من الخوارج (١)

قد بينا قبل ان الخوارج على كم فرقة ، كل فرقة تكفر سايرها ، وهي (٢) المحكمة الاولى ، والازارقة ، والنجدية ، والصفرية ، والميمونية ، والشبيبية (٣) ، والحمزية ، والحازمية ، والمعلومية ، والمجهولية ، والصلتية ، والاخنسية ، والمعبدية ، والشيبانية مع الشبلية (٤) ، والرشيدية ، والحفصية ، واليزيدية ، والحارثية ، واصحاب طاعة لا يراد الله تعالى بها.

وسنذكر من فضائح كل فرقة منها ما يبين عن كفرها وضلالتها عن الايمان ان شاء الله تعالى.

__________________

(١) هذا الفصل يقابل الفصل الثاني من الباب الثالث من كتاب «الفرق بين الفرق» للبغدادي.

(٢) ترتيب فرق الخوارج كما جاء في طبعات كتاب «الفرق» هو كالآتي :

المحكمة الاولى ـ والازارقة ـ والنجدات ـ والصفرية ـ ثم العجاردة المفترقة فرقا : منها الحازمية ـ والشعيبية (أ) ـ والمعلومية ـ والمجهولية ـ واصحاب طاعة لا يراد الله تعالى بها ـ والصلتية ـ والأخنسية ـ والشبيبية ـ والشيبانية ـ والمعبدية ـ والرشيدية ـ والمكرمية (ب) والحمزية ـ والشمراخية (ج) والابراهيمية (د) ـ والواقفة (ه) والاباضية. والاباضية منهم افترقت فرقا معظمها فريقان : حفصية ـ وحارثية. فاما اليزيدية من الاباضية ، والميمونية من العجاردة فانهما فرقتان من غلاة الكفرة.

أ ـ هذه الفرقة غير مذكورة في المخطوط مع قائمة الفرق ولكنها مذكورة في تفصيل الفرق.

ب ـ المكرمية : هذه الفرقة غير مذكورة في بيان قائمة فرق الخوارج ـ في المخطوط ـ ولكنها مذكورة بالتفضيل بعد ذكر الرشيدية.

ج ـ هذه الفرقة غير مذكورة في المخطوط.

د ـ هذه الفرقة غير مذكورة في المخطوط.

ه ـ هذه الفرقة غير مذكورة في المخطوط.

(٣) الشبيبية : ورد هذا الاسم هكذا هنا في القائمة ولكن في تفصيل الفرق وردت الفرقة تحت اسم «الشعيبية» مما يتفق مع باقي الطبعات لكتاب «الفرق».

(٤) الشبلية : ورد اسم هذه الفرقة هنا خطأ اذ ان في تفصيل الفرق ذكرت هذه الفرقة تحت اسم «الشبيبية» مما يتفق مع ما ورد في باقي طبعات كتاب «الفرق».

ذكر المحكمة الاولى / منهم

الخوارج على اختلاف فرقها ، يجمعها القول بتكفير علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير وعائشة ، وجيشهما ، وتكفير معاوية واصحابه بصفين ، وتكفير الحكمين ومن حكّمهما ، او رضي بحكمهما ، وتكفير كل من ارتكب كبيرة ، ووجوب الخروج على السلطان الجائر ، وان كان على رأيهم (١).

واختلفوا في اوّل من شرى (تشري) (٢) منهم ، فمنهم من قال اولهم عروة بن جرا (٣) اخو ابي بلال بن مرداس الخارجي. ومنهم من قال : أولهم يزيد بن عاصم المحاربي. ومنهم من قال : اولهم رجل من ربيعة من بني يشكر ، كان مع علي بصفين ، فلما رأى الفريقين قد كتبا كتاب الاتفاق على الحكمين ، ركب فرسه واستسقى من (د) ما (٤) اصحاب علي واصحاب معاوية ، وقال : «اشرب من دمائكم و (د) ما معاوية ، وكلكم (د) ماؤه نار حامية ، ارجو من الله جنانا عالية ، فيها ظلال

__________________

(١) هذا الحكم العام على الخوارج الوارد هنا بعد عنوان «ذكر المحكمة الاولى منهم» مذكور في باقي طبعات «الفرق بين الفرق» ، مباشرة بعد القائمة الخاصة بذكر فرق الخوارج وقيل «ذكر المحكمة الأولى منهم». (ط بدر ص ٥٥ ، ط. الكوثري ص ٤٥ ، عبد الحميد ص ٧٣).

(٢) شري ، الأصح : تشري.

(٣) عروة بن حدير ، ويقع محرفا في بعض كتب المقالات عروة بن جدير. ويقال : عروة بن أدية ، بضم الهمزة وفتح الدال وتشديد الياء ، وهو صواب أيضا : حدير ابوه أو جده ، وأدية جدته ، ويقال أمه ، نص على ذلك ابو العباس المبرد في كتاب الكامل (٢ : ١١٦ الخيرية) قال : «ويقال : فيما يروى من الاخبار ، ان اوّل من حكم عروة بن أدية ، وأدية جدة له جاهلية ، وهو عروة بن حدير احد بني ربيعة بن حنظلة» ا ه. وقال ابن قتيبة : هو عروة بن عمرو بن حدير ؛ وقد قاتل عروة في حرب النهروان ثم نجا منها ، فلم يزل حيا مدة من خلافة معاوية ، ثم اتى به الى زياد بن ابيه ، فسأله اسئلة ، ثم أمر به فضربت عنقه ، ثم دعا مولى له فسأله عنه وقال : صف لي اموره ، فقال : اطنب أم اختصر؟ فقال : بل اختصر. فقال : ما اتيته بطعام في نهار قط ، ولا فرشت له فراشا بليل قط ؛ يريد انه صائم النهار قائم الليل دائما. وهذا مصداق قوله عليه الصلاة والسلام في شأن الخوارج المارقين من الدين كما يمرق السهم من الرمية حيث يقول : «يحقر أحدكم صلاته بجنب صلاتهم». اما الاسم كما ورد في المخطوط فلا شك انه محرّف.

(٤) (د) ما ـ الدال ساقطة في المخطوط ، والمقصود «دماء».

وقطوف دانية (١)». / ثم نادى بين العسكرين : «الا اني خلعت عليا ومعاوية ، وبرئت منهما ، ولا حكم الا لله (٢)». ثم قتل رجلا من اصحاب علي ، وقتل آخر من اصحاب معاوية. ثم قتله قوم من همدان. وفيه يقول النجاشي ، شاعر علي :

«ما كان اغنا اليشكري عن التي

اقاد بها جمرا من النار حاميا

ينادي والحوادث جمة

خلعت عليا مرة ومعاويا

فضلّ ضلالا لم ير الناس مثله

واصبح يهوى في جهنم تاويا»(٣)

ثم ان الخوارج ، بعد رجوع علي من صفين الى الكوفة ، وانتظاره انقضاء السنة التي كانت احلا (٤) بينه وبين معاوية ، انخزلت طائفة منهم ، وجاءت أربعة الف (آلاف) فارس كانوا عباد (٥) عسكره ، الى حروراء ، ولذلك يقال لهم حرورية. وانضم إليهم بعد ذلك ثمانية آلاف فارس ، فصاروا اثني عشر. واميرهم

__________________

(١) ان هذا القول : «اشرب من دمائكم ودماء معاوية ... وقطوف دانية» غير وارد في كتاب «الفرق بين الفرق».

(٢) اما قول هذا الرجل من ربيعة : «الا اني خلعت عليا ... ولا حكم الا لله» ورد القسم الاول منه في «الفرق» ؛ اما القسم الأخير من قوله : «ولا حكم الا لله» فغير وارد فيه. وورد في باقي طبعات كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ٥٦ ، الكوثري ص ٤٦ ، عبد الحميد ص ٧٥) انه قتل رجلا من اصحاب علي ، وقتل آخر من اصحاب معاوية قبل ان يبوح بهذا القول ، اما في المخطوط هنا فمذكور انه اباح بهذا القول أولا ثم قتل رجلا من اصحاب علي وآخر من اصحاب معاوية. فكأن في كتاب الفرق يصحح البغدادي بعض الهفوات التي وقعت منه في كتابه الاسبق «الملل والنحل».

(٣) هذه الأبيات للنجاشي غير واردة في كتاب «الفرق بين الفرق».

(٤) احلا ـ الاصح : احلاها ـ لم يأت في كتاب «الفرق» ان عليا قد احلّ سنة بينه وبين معاوية بل ورد فقط : «ثم ان الخوارج بعد رجوع علي من صفين الى الكوفة ، انجازوا الى حروراء ...» («الفرق» ط. بدر ص ٢٥٦ ، الكوثري ص ٢٤٦ ، عبد الحميد ص ٧٥).

(٥) عباد. الاصح : عماد ـ جاء في كتاب «الفرق» ان عدد الخوارج «كان يومئذ اثنا عشرة ألفا» («الفرق» ط. بدر ص ٥٧ ، الكوثري ص ٤٩ ، عبد الحميد ص ٧٥). اما في هذه المخطوطة فقد جاء «انهم كانوا أربعة آلاف فارسا ، كانوا عماد عسكره ، ... وانضم إليهم بعد ذلك ثمانية آلاف فارس ، فصاروا اثني عشر».

يومئذ عبد الله (١) في الاحكام ، واميرهم للقتال شبث بن ربعي (٢).

/ فقالوا جميعا : «لا حكم الا الله» ، فلهذا سموا محكمة.

ثم ان عليا خرج في اثرهم ، وناظرهم ، وظهرت حجته عليهم فاستأمن إليه ابن الكوّاء في يمينه الف (٣). ـ وقال شاعرهم :

«كرهنا ان نريق دما حراما

وهيهات الحلال من الحرام»(٤)

وانحاز الباقون من الخوارج ، وهم أربعة آلاف ، الى عبد الله بن وهب الراسبي الحرامي ، وحرقوص بن زهير ، المعروف بذي الثدية. وانحازوا الى النهروان. وقاتلهم بها علي واصحابه. وقال : لا يقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة. فقتل يومئذ تسعة من اصحاب علي ، ونجا من الخوارج تسعة ، وقتل الباقون منهم مع زعيمهم ابن وهب وذي الثدية.

ثم خرج بعد واقعة النهروان من الخوارج اشرس بن عوف في جيشه ، فوجه إليه بالابرش بن حسان (٥) ، فقتله واصحابه بالانبار. ثم خرج عليه علقمة / التميمي ،

__________________

(١) عبد الله بن الكواء اليشكري. ذكره الدينوري ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، والطبري ١ : ٣٣٤٩ ـ والمخطوط هنا يوضح وظيفته بانه كان اميرهم في الاحكام.

(٢) شبث بن ربعى التميمي الرّياحي. ذكره الدينوري ٢٢٣ والطبري ٢ : ٦٢١ ـ ٦٢٤ كان قائد الميسرة في حرب علي للخوارج ، ثم خان والتحق بهم (ملاحظة حتّى ص ٦٧ رقم ٥).

شبث بن ربعي ـ بكسر الراء وسكون الباء ـ التميمي ، الرياحي : له ذكر في تجميع الخوارج وتوحيد كلمتهم (الكامل للمبرد ٢ : ١١٦) وله من قبل ذلك كلام يراجع فيه معاوية ويدعوه الى موادعة علي والدخول في طاعته (وقعة صفين ١٨٧ ، ١٩٧) وكان احد الذين يؤمرهم علي على من يخرجه لقتال معاوية وأهل الشام (ص ١٩٥) ، وله شعر يتبجح فيه بالنصر على جيش معاوية (ص ٢٩٤) ويقال انه كان مؤذنا لسجاح حين ادعت النبوة (المعارف ٤٠٥)

(انظر الملاحظة رقم ٢ من ص ٧٥ من ط. عبد الحميد لكتاب الفرق بين الفرق).

(٣) جاء في «الفرق» : «فاستأمن إليه ابن الكواء مع عشرة من الفرسان» (ط. بدر ص ٥٧ ، ط. الكوثري ص ٤٦ ، ط. عبد الحميد ص ٧٥).

(٤) هذا البيت غير وارد في كتاب «الفرق».

(٥) ورد في المخطوطة اسم قائد جيش علي الذي وجهه الى اشرس بن عوف الخارجي ـ وهذا القائد هو الابرش بن حسان ؛ واسمه غير وارد في كتاب «الفرق».

فوجه إليه علي معقل بن قيس (١) ، فقتله واصحابه بماسبذان ، ثم خرج عليه الابرش بن بشر العرني ، فوجه إليه بحارثة بن قدامة السعدي التميمي (٢) ، فقتله واصحابه بجرجرايا. ثم خرج عليه سعيد بن قفل ، فاخرج إليه سعد بن مسعود فقتله واصحابه (٣). ثم خرج إليه ابو مريم السعدي ، فوجه إليه علي بسريح بن هاني وبحارثة بن قدامة التميمي (٤) ، فقتلاه واصحابه. وخرج عليه الحارث بن راشد (٥) ، فاخرج إليه علي معقل بن قيس الرياحي (٦) ، فقتله بناحية الاهواز.

ثم خرج على معاوية ابن الجوشا (٧) بالنخيلة ، فقاتله معاوية باهل الكوفة فقتله. ثم خرج عليه جريرية بن وداع الأسدي (٨) بالنخيلة ، فوجه إليه معاوية بعبد الله بن عوف بن احمر (٩) ، فقتله. ثم خرج (قرة) فروة (١٠) بن نوفل الاشجعي ، والمستورد بن علقمة التميمي على المغيرة بن شعبة ، وهو / امير الكوفة ، فوجه

__________________

(١) معقل بن قيس ، قائد جيش علي ؛ لم يرد ذكره في كتاب «الفرق».

(٢) الابرش بن بشر العزفي ؛ جاء في «كتاب الفرق» : الأشهب بن بشر العرني ـ «الفرق» ط. بدر ص ٦١ ، الكوثري ص ٤٩ ، عبد الحميد ص ٨١. اما اسم حارثة بن قدامة السعدي التميمي قائد جيش علي ضد الابرش فلم يرد في كتاب «الفرق».

(٣) سعيد بن قفل : ورد في كتاب «الفرق» : سعد بن قفل (الفرق ط. بدر ص ٦١ الكوثري ص ٤٩ ، عبد الحميد ص ٨١). اما سعد بن مسعود ، قائد جيش علي ، فلم يرد ذكره في كتاب «الفرق».

(٤) سريح بن هاني وحارثة بن قدامة التميمي : قائدان من قواد علي لم يرد ذكرهما في كتاب «الفرق».

(٥) الحارث بن راشد ـ خارجي ـ لم يرد ذكره في كتاب «الفرق».

(٦) معقل بن قيس الرياحي ـ من قواد علي ـ لم يرد ذكره في كتاب «الفرق».

(٧) هو عبد الله بن جوشا الطائي (انظر الفرق ـ طبعة الكوثري ص ٤٩ ، ط. بدر ص ٦٢ ، ط. عبد الحميد ص ٨١).

(٨) جريرية بن وداع الاسدي ـ اما في طبعة الكوثري ص ٤٩ ، ط. بدر ص ٦٢ ، ط. عبد الحميد ص ٨٢ ، فجاء «حوثرة» بن وداع الاسدي.

(٩) عبد الله بن عوف بن احمر ؛ لم يذكر اسمه في كتاب «الفرق».

(١٠) فروة بن نوفل (هكذا في المخطوط) ؛ اما في «الفرق» فجاء : قرة بن نوفل (ط. الكوثري ص ٤٩ ، ط. بدر ص ٦٢ ، ط. عبد الحميد ص ٨٢).

إليهما جبلا (١) فقتله. ثم خرج عليه معاذ بن جرير ، فارسل إليه المغيرة قائدا من بني تميم ، فقتله (٢). ثم خرج زياد بن خراش العجلي على زياد ابنه ، فقتله جيش زياد. ثم خرج على عبيد الله بن زياد بالكوفة خوارج ، فوجه إليهم بمالك ابن حبيب الحنظلي ، فقتلهم (٣). ثم خرج بالبصرة (٤) قريب بن مرة الازدي وزخارف (٥) بن زخر الطائي ، فقتلهما عباد بن حصين. ثم خرج سهم بن غالب على عبد الله بن عامر بالبصرة ، فقتله زياد بن ابيه (٦). ثم خرج ابو بلال مرداس ابن اكنيه الذي رثاه عمر بن حصان بقوله :

«انكرت بعدك ما كنت أعرفه

ما الناس بعدك يا مرداس بالناس»

(٧) فهؤلاء هم الذين خرجوا من الخوارج المحكمة. ولم يحدثوا مذهبا غير ما حكيناه عنهم من اكفار علي (و) عثمان واصحاب الذنوب كلهم. واسماؤهم يومئذ ثلاثة : حرورية ، ومحكمة ، ومارقة (٨) ، / للخبر الذي روي فيهم انهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

فما زالوا على هذه الجملة حتى ظهرت الازارقة من اتباع نافع بن الازرق ،

__________________

(١) جبلا ـ لم يذكر في كتاب «الفرق».

(٢) جاء في «الفرق» : «ثم خرج عليه (على المغيرة) معاذ بن جرير ، فأرسل إليه المغيرة قائدا من بني تميم ، فقتله (ط. بدر ص ٦٢ ، الكوثري ص ٤٩ ، ط. عبد الحميد ص ٨٢).

(٣) «ثم خرج على عبيد الله بن زياد ... فقتلهم». هذه الموقعة غير واردة في «الفرق»

(٤) ثم خرج بالبصرة : لم يأت ذكر البصرة في «الفرق».

(٥) زخارف (هكذا هنا في المخطوط) ؛ وجاء «زحاف» في ط. الكوثرى ص ٤٩ ، ط. بدر ص ٦٢ ط. عبد الحميد ص ٨٢.

(٦) «ثم خرج سهم بن غالب ... فقتله زياد بن ابيه» هذه الموقعة غير واردة في «الفرق».

(٧) «ثم خرج ابو بلال مرداس ... مرداس بالناس» جاء ذكر هذه الموقعة في ذكر الصفرية من الخوارج ، في «الفرق» (انظر ط. الكوثري ص ٥٥ ، ط. بدر ص ٧١ ، ط. عبد الحميد ٩٢) ـ اما اسم الشاعر في هذه الطبعات فهو عمران بن حطان ـ وجاء في المخطوطة هنا : عمر بن حصان.

(٨) لم ترد هذه التسمية الثلاثية : «حرورية ، ومحكمة ، ومارقة» في «الفرق».

فانه اظهر البراءة من القعدة عنهم ، وان كانوا على رأيه ، وامتحن من قصد عسكره منهم ، واكفر من لم يهاجر إليه منهم.

وقيل اوّل من اظهر هذا الخلاف منهم عبد الله بن الوضيني (١) ، وخالفه نافع في أول امره. فلما مات الوضيني صار نافع الى قوله بخلافة اياه حين خالفه ، واكفر من يخالفه بعد موته.

فهذا بيان المحكمة الأولى ، ولله المنة على هذه العصمة.

ذكر الأزارقة منهم

هؤلاء اتباع ابي راشد بن نافع بن الأزرق (٢) ، الذي غلب على الاهواز وما وراءها من ارض فارس وكرمان ، وقاتله المهلب بن ابي صفرة.

والذي أظهره من / خلافه على المحكمة برأيه من القعدة عنه منهم ، والمحبة لمن قصد عسكره ، وتكفير من لم يهاجر إليه. فلما اظهر نافع هذا القول فارقه عند ذلك نجدة بن عامر الحنفي ، وعطية بن الاسود ، وابو فديك ، وقصدوا اليمامة ، وبايعوا بها نجدة بن عامر. فما زالوا معه الى ان نقموا عليه امورا ، كما نذكرها بعدها.

وزعمت الأزارقة ان كل كبيرة كفر وشرك ، وان دار مخالفيهم دار كفر. وزعموا ان كل من اقام في دار الكفر فهو كافر ، وان كان على رأيهم.

__________________

(١) «الوضيني» هكذا هنا في المخطوطة ، ولكن جاء «الوضين» في ط. الكوثري ص ٥٠ ، ط. بدر ص ٦٣ ، ط. عبد الحميد ص ٨٤.

(٢) جاء في «الفرق» : «نافع بن الازرق الحنفي المكنى بابي راشد».

وجاء هنا في المخطوطة اشارة مقتضبة عن نافع : «الذي غلب على الاهواز ... ابي صفرة» اما في «الفرق» فالاشارة إليه اوسع ، اذ جاء : «ثم الأزارقة بعد اجتماعها على البدع التي حكيناها عنهم بايعوا نافع بن الازرق وسموه امير المؤمنين ، وانضم إليهم خوارج عمان واليمامة ، فصاروا اكثر من عشرين الفا ، واستولوا على الأهواز وما وراءها من ارض فارس وكرمان ، وجبوا خراجها ...» (ط. بدر ٦٤ ، ط. الكوثري ص ٥١ ، ط عبد الحميد ص ٨٥).

وزعموا قتل الأطفال ، وزعموا ان اطفال مخالفيهم مخلدون في النار. وانكروا الرجم. واستحلوا (حفر) (١) كفر الامانة التي امر الله تعالى بأدائها. وقالوا ان مخالفينا مشركون ، فلا يلزمنا اداء امانتهم إليهم. ولم يقيموا الحد على قاذف المحصن ، واقاموه على قاذف المحصنات من النساء. وقطعوا (يد) (٢) / السارق في القليل والكثير. ولم يعتبروا في السرقة نصابا. واكفرتهم الأمة في هذه البدع كلها بعد كفرهم بتكفيرهم الاخيار من الصحابة. فباءوا بكفر على كفر كمن باء بغضب على غضب.

ومات نافع بن الازرق على كفره بناحية الاهواز ، وصار امر الازارقة الى قطرا (٣) بن الفجاءة التميمي المازني. ثم اختلفوا على قطريّ بفارس ، ففارقه جماعة من زعمائهم ، مثل عبد الله الكبير ، وعبد ربه الصغير مع اتباعهما. ثم فارقه بعد ذلك عبيدة بن الهلال اليشكري. وانهزم قطريّ الى طبرستان ، وعبيدة الى ناحية بسطام ، فبعث الحجاج إليهم سفيان بن الابرد الكلبي في جيش كثيف ، فقتلوهما.

__________________

(١) حفر : هكذا في المخطوط هنا. وجاء في «الفرق» «كفر» (ط. بدر ص ٦٤ ، الكوثري ص ٥٠ ، عبد الحميد ص ٨٤).

(٢) كلمة «يد» ساقطة هنا في المخطوط ، ومذكورة في «الفرق» (الفرق ، ط. بدر ص ٦٤ ، الكوثري ص ٥١ ، عبد الحميد ص ٨٤).

(٣) هو قطريّ (ذكره الدينوري ٢٨٥ ، والطبري ٢ : ١٠٠٣ ، ١٠١٧ ـ ١٠٢٠ وفي الطبري ٢ : ١٠٠٣ ضبط اسمه هكذا قطريّ بن الفجاءة ـ راجع خطبته في «العقد الفريد» (طبعة مصر ١٣٠٥) ٢ : ١٥٥ ـ اسم أمه ، على ما ذكره المسعودي ، الفجاءة ، ويقول المجد انها اسم والده ، وهو البطل المعروف ، عثر به فرسه فمات سنة ٧٩ ه‍ واتي برأسه الى الحجاج (انظر طبعة الكوثري ص ٥١ في الهامش).

ملاحظة : ذكر الازارقة هنا جاء مختصرا عما جاء في «الفرق» وحتى في مختصر الفرق بين الفرق ـ ط. حتّى ص ٧٢ ـ ٧٦.

ذكر النجدات (١) منهم

هؤلاء اتباع نجدة بن عامر الحنفي (٢). وكانوا في الأصل / مع الازارقة ، ثم فارقوه لما اكفر القعدة (٣) / منهم عنه ، وامتحن من قصد عسكره ، وتابعوا نجدة بن عامر ، فما زال زعيما لهم الى ان نقموا منه امورا فارقه لاجلها ابو فديك (٤) وعطية بن الاسود الحنفي (٥). وانحاز عطية الى سجستان. فخوارج سجستان وفهستان (٦) يقال لهم «عطوية» لانهم اتباع عطية.

واختلف الباقون من النجدات على نجدة (٧) ، بعد ان فارقه عطية ، وخلعوه ، وجعلوا الاختيار إليه في اختيار من يبايعونه ، فاختار أبا فديك. فانفذ ابو فديك الى نجدة جيشا ، فقتلوه. وانفذ عبد الملك بن مروان الى ابي فديك جيشا مع عبيد الله بن معمر التميمي ، فقتلوه. ـ الذي (٨) نقموا على نجدة امور ، منها

__________________

(١) ويقال لهم أيضا «النجدية» ، تاج العروس : «ولم يقل فيهم النجديّة ليفرّق بينهم وبين من انتسب الى بلاد نجد» ـ المقريزي ٢ : ٣٥٤ ، ومن «اسمائهم» «العاذرية» ، الشهرستاني ١ : ١٦٥.

(٢) سماه المقريزي ٢ : ٣٥٤ «نجد بن عويمر وهو عامر الحنفي». وابن حزم ٤ : ٩٠ «نجدة بن عويم» ، وكلاهما خطأ نسخي. الطبري ٢ : ٤٠١ و ٤٠٢ وهو «نجدة الحروري» المذكور في الدينوري ص ٣١٣ «ونجدة بن عامر الحنفي الشارئ» المذكور في الاغاني ١٢ : ٢٥ و ٢٧ ـ (انظر «مختصر الفرق بين الفرق» للرسعني ص ٧٧ (الهامش) ـ هو رأس النجدات من الخوارج ، قتله اصحابه سنة ٦٩ ه‍ ، وانما قيل لاتباعه النجدات لتفرق بالنسبة الى نجد (الفرق بين الفرق ـ طبعة الكوثري ص ٥٢ ـ الهامش).

(٣) القعدة : القاعدين عن القتال ـ جمع قاعد.

(٤) أبو نديك : هكذا في الشهرستاني ١ : ١٦٥ ، جاء «أبو قديل» في طبعة بدر ص ٦٦ ـ راجع الطبري ٢ : ٥١٧ اما في الفرق ط الكوثري ص ٥٢ وط. عبد الحميد ص ٨٧ فجاء : ابو فديك.

(٥) عطية بن الأسود الحنفي ، راجع الشهرستاني ١ : ١٦٥ والطبري ٢ : ٥١٧ «عطية بن الأسود اليشكري». ذكره الدينوري ص ٢٧٩.

(٦) فهستان : لم يرد ذكرها في كتاب «الفرق».

(٧) نجدة بن عامر.

(٨) الذي ، بمعنى «ما» نقموه على نجدة امور.

انه انفذ جيشا في غزو البحر فانفذ (١) ، ففضل من انفذه في غزو البر (٢). وانه اشترى ابنة عثمان بغيهم ، / وردها على عبد الملك بن مروان (٣). ـ وانه غدر بالجهالات (٤). وقالوا له : اخرج الى المسجد وتب من هذه الاحداث ، ففعل ذلك (٥). ـ ثم ان قوما منهم ندموا على استتابته ، فقالوا له : قد اخطأنا في استتابتك لانك امام ، وقد تبنا من استتابتك ، فتب من توبتك ، واستتب الذين استتابوك والا قاتلناك. فخرج الى قومه وتاب من توبته. فاكفرته طائفة منهم ،

__________________

(١) جاء في «الفرق» : «انه بعث جيشا في غزو البر ، وجيشا في غزو البحر» ـ اما الكلام هنا فناقص ، تتمته تكون : انه انفذ جيشا في غزو البحر وأنفذ جيشا في غزو البر.

(٢) تتمة الكلام في «الفرق» : «ففضّل من انفذه في غزو البر (على الذين بعثهم في البحر في الرزق والعطاء). انظر مثلا طبعة الكوثري ص ٥٢ ـ ٥٣ وطبعة حتّى ص ٧٨ ، ط. بدر ص ٦٧ ، ط. عبد الحميد ص ٨٨.

(٣) توضيح الكلام حسب ما جاء في «الفرق» هكذا : «انه بعث جيشا فأغاروا على مدينة الرسول (ص) واصابوا منها جارية من بنات عثمان بن عفان ؛ فكتب إليه عبد الملك في شأنها ، فاشتراها من الذي كانت في يديه وردها الى عبد الملك بن مروان. فقالوا له : انك رددت جارية لنا على عدونا» (انظر طبعة الكوثري ص ٥٢ وطبعة حتّى ص ٧٨ ، ط. بدر ، ص ٦٧ ، ط عبد الحميد ص ٨٨).

(٤) غدر ـ الأصح عذر. الكلام هنا موجز. ورد تفصيله في (الفرق ط. الكوثري ص ٥٢ ، ط. بدر ص ٦٧ ، ط. عبد الحميد ص ٨٨) هكذا : «انه عذر أهل الخطأ في الاجتهاد بالجهالات. وكان السبب في ذلك انه بعث ابنه المضرج مع جند من عسكره الى القطيف ، فاغاروا عليها وسبوا منها النساء والذرية ، وقوّموا النساء على أنفسهم ، ونكحوهنّ قبل اخراج الخمس من الغنيمة وقالوا : ان دخلت النساء في قسمنا فهو مرادنا ، وان زادت قيمهن على نصيبنا من الغنيمة غرمنا الزيادة من اموالنا. فلما رجعوا الى نجدة سألوه عما فعلوا من وطء النساء ومن اكل طعام الغنيمة قبل اخراج الخمس منها وقبل قسمة أربعة اخماسها بين القائمين. فقال لهم : لم يكن لكم ذلك. فقالوا : لم نعلم ان ذلك لا يحل لنا. فعذرهم بالجهالة».

(٥) الكلام موجز جدا هنا ومبهم إذ انه لم يأت ذكر لهذه الاحداث التي طلبوا منه ان يتوب عنها. اما تفصيل هذه الأحداث فورد في الفرق. فجاء : «ومن ضلالاته أيضا انه اسقط حد الخمر ، ومنها أيضا انه قال : من نظر نظرة صغيرة ، او كذب كذبة صغيرة واصر عليها فهو مشرك. ومن زنى وسرق ، وشرب الخمر غير مصر عليه فهو مسلم ، اذا كان من موافقيه على دينه. فلما أحدث هذه الأحداث وعذر اتباعه بالجهالات استتابه اكثر اتباعه من احداثه ، وقالوا له : اخرج الى المسجد ...» (ط. بدر ص ٦٨ ، ط. الكوثري ص ٥٣ ، ط. عبد الرحمن ٨٩).

وبقي قوم على رأيه ؛ وقالوا ان الدّين أمران : أحدهما معرفة الله تعالى ، ومعرفة رسله عليهم‌السلام ، وتحريم دماء المسلمين واموالهم ، وتحريم الغصب ، والاقرار بما جاء من عند الله جملة. فهذا واجب عامة ، وما سوى هذا فالناس معذورون في جهالته حتى تقوم عليهم الحجة في جميع الحلال والحرام. ومن استحل باجتهاده شيئا محرما فهو معذور ، ومن خاف العذاب على المجتهد المخطئ / قبل ان يقوم عليه الحجة ، فهو كافر (١).

ثم انهم استحلوا بعد ذلك دماء اهل العهد واموالهم في دار البعثة ، وتبرءوا جميعا ممن حرمها. وتولوا اصحاب الحدود عن موافقيهم ، وقالوا : لعل الله يعذبهم بذنوبهم في غير النار ، ثم يدخلهم الجنة (٢).

وزعموا ان من نظر نظرة صغيرة ، او كذب كذبة صغيرة ، فهو مشرك. ومن زنا وسرق وشرب الخمر غير مصرّ فهو مسلم (٣). ومن اجل هذا فارقهم عطية وذهب الى سجستان ، وقيل لاصحابه «عطوية».

ومنهم العجاردة. والعجاردة فرق ، نذكرها بعد هذا.

ذكر الصفرية الزيادية منهم

هؤلاء اتباع زياد بن الاصفر ، وهم الذين وافقوا الازارقة في جميع بدعها الا في عذاب الاطفال (٤) ، فانهم لم يجيزوه ، واكفروا الازارقة واكفرتهم الازارقة في ذلك.

__________________

(١) الكلام من : «وقالوا ان الدين امران ... الى فهو كافر» وارد في «الفرق» حرفيا تقريبا (انظر ط. الكوثري ص ٥٣ ، ط. بدر ص ٦٨ ، ط. عبد الحميد ص ٨٩) ولكنه ورد فيها قبل ان يطلب منه اصحابه ان يتوب على أحداثه ، بينما في هذا المخطوط الكلام وارد بعد ان طلبوا منه ان يتوب.

(٢) الكلام الوارد في هذه الفقرة غير مذكور في «الفرق».

(٣) في «الفرق» (ط. الكوثري ص ٥٣ ، ط. بدر ص ٦٨ ، ط. عبد الحميد ص ٨٩) ذكر الكلام الوارد في هذه الفقرة «وزعموا ان من نظر ... مع الاحداث التي طلبوا من نجدة ابن عامر».

(٤) عذاب الأطفال ، جاء في «الفرق» : «قتل اطفال مخالفيهم ونسائهم» (ط. كوثري ط ٥٤ ، ط. بدر ص ٧٠ ، ط. عبد الحميد ص ٩١).

/ وكان عمران بن حطان من الصفرية ، وهو شاعرهم وناسكهم ومفتيهم (١) ، وهو الذي رثى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي رضي الله عنه ، فقال في ضربته اياه :

«يا ضربة من تقي (٢) ما اراد بها

الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

اني لا ذكره يوما فأحسبه

اوفى البرية عند الله ميزانا

ونحن نقول لهذا الراثي : حشرك الله مع من رثيته (٣).

ذكر الميمونية (٤) منهم

هؤلاء فرقة من العجاردة ، وكانت العجاردة قد فارقت الازارقة والنجدات بقولها : يجب ان يدعى الطفل اذا بلغ ، ويجب البراءة منه قبل ذلك حتى يدعى الى الاسلام او يصفه هو. وفارقوا الازارقة في شيء آخر ، وهو ان الازارقة استحلت اموال مخالفيهم من غير قتل ، والعجاردة لا يرون المال حتى يقتل صاحبه.

__________________

(١) عمران بن حطّان : بكسر الحاء وتشديد الطاء المهملتين ـ السدوسي البصري ، احد بني عمرو بن شيبان ابن ذهل بن ثعلبة بن عكاية بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، رأس من رءوس الخوارج ، وخطيبهم وشاعرهم البليغ مات في سنة ٨٤ (العبر : ١ / ٩٨).

جاء في «الفرق» : «اتخذت الصفرية عمران بن حطان إماما ... وكان عمران بن حطان هذا ناسكا شاعرا شديدا في مذهب الصفرية» (ط. كوثري ص ٥٥ ، ط. بدر ص ٨٢ ، ط. عبد الحميد ص ٩٣).

(٢) جاء في «الفرق» (ط. كوثري ص ٥٥ ، ط. بدر ٧٢ ، ط. عبد الحميد ص ٩٣).

يا ضربة من منيب ما اراد بها ...

(٣) هذه الخاتمة غير واردة في كتاب «الفرق بين الفرق».

(٤) في «الفرق» (ط. كوثري ص ١٦٨ ، ط. بدر ص ٢٦٤ ، ط. عبد الحميد ص ٢٨٠) جاء ذكر اليمونية في الباب الرابع الفصل السادس عشر من الكتاب تحت عنوان : في ذكر الميمونية من الخوارج وبيان خروجهم عن «فرق الاسلام» ، والباب الرابع خاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه.

وتنسب هذه الفرقة الى «ميمون بن خالد» حسب ما جاء في «الملل والنحل» للشهرستاني ١ : ١٧٥ او «ميمون بن عمران» حسب ما جاء في «شرح المواقف» ٣ : ٢٩٢ ، وخطط المقريزي ٢ : ٣٥٤.

ووافقوا الازارقة / في ان اطفال المشركين في النار ، فكانت العجاردة على هذه الجملة الى ان ظهر فيهم خلاف الميمونية في القدر والاستطاعة والمشيئة على نحو قول القدرية فيها ، فاكفرتهم العجاردة والازارقة في ذلك وفي قولهم ان الاطفال كلهم في الجنة.

ثم ان الميمونية ازدادوا كفرا على كفرهم بقولها انه يجوز نكاح بنات البنات ، وبنات البنين ، ونكاح بنات اولاد الاخوة وبنات اولاد الاخوات ، وقالوا ان الله تعالى انما حرم البنات والاخوات والعمات والخالات وبنات الاخ وبنات الاخت ، ولم يحرم بنات اولاد هؤلاء. ويلزمهم على هذا القياس نكاح الجدات ، لان الله تعالى حرم الامهات ولم يذكر امهات الامهات ، ولا امهات الاباء ، فان التزموا ذلك تمحضوا في المجوسية ، وان امتنعوا منه لزمهم قياس بنات / البنات ، كما سوى امهات الامهات على الامهات.

وحكى الكرابيسي عن الميمونية انهم انكروا ان تكون سورة يوسف من القرآن (١) ، فباءوا بكفر على كفر.

ذكر الشعيبية منهم

هؤلاء أيضا من العجاردة ، وخالفوا الميمونية في القدر والاستطاعة والمشيئة.

والسبب في ذلك انه كان لميمون على شعيب مال ، فتقاضاه. فقال له شعيب : اعطيكه ان شاء الله. فقال له ميمون : قد شاء الله ان تعطينيه الساعة. فقال له شعيب : لو شاء الله تعالى ذلك لم اقدر على ان لا اعطيكه. فقال له ميمون : قد شاء الله ذلك لأنه امر به ، وما لم يشأ لم يأمر به. فافترقت العجاردة عند ذلك ، وتبع كل واحد منهما قوم منهم. وكتبوا بذلك الى عبد الكريم (٢) ابن عجرد ، وهو في حبس السلطان. / فكتب في جوابهم : انا نقول ما شاء الله كان ، وما لم يشأ

__________________

(١) انكر بعض العجاردة كون سورة يوسف من القرآن بدعوى انها قصة عشق ، لا يجوز ان تكون من القرآن ـ الشهرستاني ، الملل ١ : ١٣٦ (طبعة عبد الرحمن خليفة ـ القاهرة ١٣٤٧ ه‍ على هامش الفصل لابن حزم).

(٢) في المخطوط : عبد النيم.

لم يكن ، ولا يلحق بالله سوء. ـ فوصل الجواب إليهم بعد موت (اللئيم) (١) في الحبس. وادعى ميمون انه قد قال بقولي لانه قال : ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن.

ومالت القدرية الى ميمون ، وهؤلاء يرتعي بهم لتمجسه في نكاح بنات البنات. وقد تحقق فيه وفيهم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : القدرية مجوس هذه الامة.

ذكر الحازمية والحمزية منهم

اما الحمزية ، فاتباع حمزة بن ادراك (٢) الخارجي في ايام الرشيد ، بخرسان. وجاء حمزة الى هراة وبوشنج (٣) ، وهزم إليها عمرو بن يزيد الازدي ، واستولى بعد ذلك على اسفرار وسجستان. فقاتله بعد ذلك عيسى بن علي بن عيسى بن ماهان (٤) ، وانهزم منه حمزة الى فهستان (٥) بعد ان قتل من اصحابه / ثلثون الفا. ثم قاتله بعد ذلك طاهر بن الحسن (٦) ، واتى علي به ، فعده من الخوارج ، وامر بشد كل رجل منهم على شجرتين بالحبال ، ثم ارسلت الشجرتان فرجعت كل واحدة منهما بنصف جسد المشدود عليها (٧).

__________________

(١) اللئيم : المقصود هنا ؛ ابن عجرد. ولم يرد في باقي الطبعات ذكر «اللئيم».

(٢) في «الفرق» : «حمزة بن أكرك» (ط. بدر ص ٧٦ ، ط. الكوثري ص ٥٨ ، ط. عبد الحميد ص ٩٨) ـ ولكن جاء في المقريزي ٢ : ٣٥٥ «حمزة بن أدرك» وفي الطبري : «حمزة بن أترك».

(٣) جاء «يوشنج» في «الفرق» (ط. بدر ص ٧٨ ، ط. الكوثري ص ٥٩ ، ط. عبد الحميد ص ٩٩).

(٤) لم يرد اسم عيسى بن ماهان هكذا في «الفرق» ؛ ولكن جاء «علي بن عيسى بن هاديان وهو يومئذ والي خراسان» في (ط. بدر ٧٨ وفي ط. الكوثري جاء في ص ٥٩) : «ثم انتصب علي ابن عيسى بن ماديان وهو يومئذ والي خراسان» وكذلك (ط. عبد الحميد ص ٩٩).

(٥) جاء في «الفرق» : «فانهزم منه الى ارض سجستان» (ط. بدر ص ٧٨. ط. الكوثري ص ٥٩ ، ط. عبد الحميد ص ٩٩).

(٦) في «الفرق» «طاهر بن الحسين» (ط. بدر ص ٧٩ ، الكوثري ص ٥٩ ، عبد الحميد ص ٥٩).

(٧) الكلام في المخطوطة هنا موجز جدا وناقص. اما تفصيله فهو كما جاء في «الفرق» : «فلما تمكن المأمون من الخلافة كتب الى حمزة كتابا استدعاه فيه الى طاعته ، فما ازداد الا عتوا

ثم استولى بعد ذلك حمزة على نواحي سجستان وهراة وفهستان في ايام عسكر مرافع بن الليث ، حتى خرج إليه من نيسابور عبد الرحمن النيسابوري في عشرين الفا من الغزاة ، فهزموا حمزة ، ومات في هزيمته. وكانت هذه الواقعة من مفاخر اهل نيسابور.

وكان حمزة على دين القعدة من الخوارج. ثم انه قال بالقدر ، فاكفرته الازارقة والقعدة في ذلك.

وقال بان اطفال المشركين في النار ، فاكفرته القدرية في ذلك.

وانفرد أيضا مع اتباعه بان لم يستحل غنائم اعدائه ومخالفيه. وكان اذا ظفر باعدائه في حروبه يأمر اصحابه باحراق / غنائمهم وعقر دوابهم وقتل الاسرى منهم.

واما الحازمية (١) منهم ، فانهم فرقة من العجاردة قالوا بالقدر والمشيئة ، كقول اهل السنة. وخالفوا جمهور الخوارج في الولاية والعداوة ، وقالوا انهما صفتان لله تعالى في ذاته ـ فان الله تعالى لم يزل محبا لاوليائه ومبغضا لاعدائه. وهذا القول منهم صواب ، موافق لقول اهل السنة والجماعة في الموافاة ، غير ان اسلافهم من الخوارج اكفروهم بهذا القول ، واكفروا اسلافهم في خلافه. ـ وقد الزم اصحابنا الحازمية على قولها بالموالاة ان يكون علي وطلحة والزبير وعثمان من اهل الجنة لانهم من اهل بيعة الرضوان تحت الشجرة. وقد قال الله عزوجل فيهم : ( لَقَدْ

__________________

في أمره ، فبعث المأمون بطاهر بن الحسين لقتال حمزة. فدارت بين طاهر وحمزة حروب قتل فيها من الفريقين مقدار ثلاثين الفا ، اكثرهم من اتباع حمزة ؛ وانهزم فيها حمزة الى كرمان ، واتى طاهر على القعدة عن حمزة ممن كانوا على رأيه وظفر بثلاثمائة منهم. فأمر بشد كل رجل منهم بالحبال بين شجرتين قد جذبت رءوس بعضها الى بعض ، ثم قطع الرجل بين الشجرتين ، فرجعت كل واحدة من الشجرتين بالنصف من بدن المشدود عليها» (ط. الكوثري ص ٥٩ ، ط. بدر ص ٧٩ ، ط. عبد الحميد ص ١٠٠).

(١) جاء في ط. بدر ٧٣ وطبعة الكوثري ص ٥٦ وط. عبد الحميد ص ٩٤ «الخازمية» ولكن جاء في مختصر الرسعني ص ٨٠ «الحازمية» وهم اصحاب حازم بن علي (الشهرستاني ، الملل ١ : ١٧٦).

رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (١) ، اذا سلموا ان الرضى من الله عزوجل ، انما يكون عمن علم انه يموت مؤمنا. ـ / وهذا ما لا انفصال لهم عنه على هذا الاصل (٢).

ذكر المعلومية والمجهولية منهم

هاتان الفرقتان كانتا في الاصل من الحازمية ، وافترقتا من حين زعمت المعلومية ان من لم يعرف الله تعالى بجميع اسمائه فهو جاهل به ، والجاهل به كافر (٣). فاكفرهم اسلافهم في ذلك.

ثم مالوا مع ذلك الى قول القدرية في القدر ، فاكفرتهم الحازمية واهل السنة في ذلك.

ووافقوا اهل السنة في ان الاستطاعة مع العقل ، ولا يكون الا ما شاء الله. فاكفرتهم القدرية في مسألتي الاستطاعة والمشيئة. فاكفرهم سائر الأمة في قولهم ان الجاهل ببعض (٤) اسماء الله جاهل به.

واما المجهولية منهم ، فقالوا ان من عرف الله سبحانه وتعالى ببعض اسمائه فقد عرفه. لكنهم وافقوا (٥) القدرية في القدر ، فاكفرهم / الحازمية في ذلك.

ذكر الصلتية منهم

كان هؤلاء من العجاردة ، ونسبوا الى عثمان بن ابي الصلت (٦) ، وقيل صلت ابن ابي الصلت. وتفردوا عن اسلافهم بان قالوا : من استجاب لنا وأسلم ، توليناه

__________________

(١) سورة الفتح الآية ١٨

(٢) هذه الفقرة الخاصة «بالحازمية» تلخص أهم مواقفها دون ان تهمل موقفا من المواقف التي تميزت بها. وهكذا يكون هذا العرض وسطا بين ما جاء مطولا في كتاب «الفرق بين الفرق» وما جاء في مختصره للرسعني.

(٣) الكلام هنا مطابق لما جاء في «الفرق» (بدر ص ٧٦ ، الكوثري ص ٥٧ ، عبد الحميد ٩٧).

(٤) ـ جاء في المخطوط «يبغض» ـ وهذا لا يتفق والمعنى.

(٥) جاء في المخطوط «وافقهم».

(٦) جاء في بدر ص ٧٦ ، الكوثري ص ٥٨ ، عبد الحميد ص ٩٧ : «صلت بن عثمان وقيل صلت بن ابي الصلت». وجاء في الشهرستاني ١ : ١٧٣ والمقريزي ٢ : ٣٥٥ «عثمان بن

وبرئنا من أطفاله ، لانه ليس لهم (١) اسلام حتى يدركوا ، فيدعوا الى الاسلام ويقبلوه (٢). وخالفهم في ذلك قوم من العجاردة ، فقالوا ليس لأطفال المؤمنين ولا لأطفال المشركين ولاية ، ولا براءة حتى يدركوا الى الاسلام (٣) ، فيقروا به او ينكروه.

ذكر الأخنسية والمعبدية (٤) منهم

كان هؤلاء من جملة الثعالبة ، والثعالبة من جملة العجاردة. وكان ثعلبة زعيم الثعالبة مع عبد الكريم بن عجرد يدا واحدة الى ان اختلفا (في) امر الاطفال. والسبب في ذلك ان رجلا خطب بنت ثعلبة بن مشكان (٥) هذا. / فقال له : بيّن مهرها. فارسل الخاطب امرأة الى أمها يسألها هل بلغت. فان بلغت واقرت بالاسلام ، لم يبالي كم كان مهرها. فقالت أمها : هي مسلمة في الولاية ، بلغت او لم تبلغ ، ـ فأخبر عبد الكريم ثعلبة بذلك. فاختار عبد الكريم البراءة من الاطفال قبل البلوغ. ـ وقال ثعلبة : بل نحن على ولايتهم صغارا وكبارا (٦).

__________________

ابي الصلت» وكذلك ورد اسمه في «لب اللباب» ص ١٦٢ ، وجاء في «شرح المواقف» ٣ : ٢٩٢ «عثمان بن ابي الصلت وقيل الصلت بن الصامت».

(١) في المخطوط «له» وهذا خطأ واضح ، وجاء «لهم» في الفرق.

(٢) جاء في الفرق (بدر ص ٧٦ ، الكوثري ص ٥٨ ، عبد الحميد ص ٩٧) : «فيدعون حينئذ الى الاسلام فيقبلونه» وهو الأصح.

(٣) الكلام هنا ناقص ، وقد جاء في الفرق (بدر ٧٦ ، الكوثري ٥٨ ، عبد الحميد ٩٨) : «حتى يدركوا فيدعوا الى الاسلام».

(٤) في الفرق جاء ذكر المعيدية منفصلا عن ذكر الاخنسية ومتقدما عليهم.

اما في المخطوط هنا فقد جاء ذكر الثعالبة مع الاخنسية والمعيدية.

(٥) الشهرستاني ١ : ١٧٧ يسميه «ثعلبة بن عامر» ؛ والمقريزي ٢ : ٣٥٥ يتبعه في ذلك. اما صاحب التبصير في الدين (ص ٣٣) فذكر مثل الذي جاء هنا في المخطوط. واما الاشعري في مقالات الاسلاميين ١ : ١٦٧ فلم يزد عن «ثعلبة».

(٦) هنا الكلام مضطرب. أولا يضاف بعد «وكبارا» : «الى ان يبين لنا منهم انكار للحق» (كما جاء في الفرق : بدر ص ٨١. عبد الحميد ص ١٠١ ، الكوثري ص ٦٠) ثم يضاف بعد ذلك : «ثم اختلفوا في ذلك حتى يكون منهم ...»

حتى يكون منهم رجل اسمه الاخنس ، فقال : يتوقف عن جميع من في دار التقية (١) ، الا من عرفنا منه ايمانا ، فتولينا عنه ، او كفرا فتبرينا منه. وحرموا الاغتيال منه والقتل في السر ، وان يبدأ أحد من اهل القبلة بقتال حتى يدعى ، الا من عرفوه بعينه. فبرئت منهم الثعالبة.

وخرجت بعد ذلك من الثعالبة فرقة يقال لها المعبدية زعيمها امام اسمه معبد (٢) ، خالف الثعالبة / في اخذ الزكاة من العبيد ، واعطائهم منها.

واكفرت كل واحدة من الفرقتين اختها ، وليس هذا الخلاف موجبا للتكفير عند الفقهاء. ومن ائمة الفقه من قال بان العبد يملك ، واوجب عليه الزكاة في ملكه (٣).

ذكر الشيبانية والشبيبية منهم

اما الشيبانية فاصحاب شيبان بن سلمة الخارجي في ايام ابي مسلم صاحب دولة بني العباس ، وهو الذي اعان أبا مسلم على نصر بن يسار (٤) ، فبرئت منه الثعالبة لمعاونته أبا مسلم. واظهر البراءة منه زياد بن عبد الرحمن ، فلذلك قيل للمنكرين على شيبان من الخوارج زيادية.

وذكر الموالون له انه تاب من احداثه ، وثبتوا على ولائه ، وهؤلاء خوارج نساوايبورد (٥) وتورخان. وهذا قول عطية الجوزجاني (٦). فقالت الثعالبة له ان ذنوب شيبان / لا تسقط بالتوبة ، لأنها مظالم العباد. وكان مما احدث شيبان هذا قوله بتشبيه الله تعالى ببعض خلقه ، واتباعه مشبهة الخوارج.

__________________

(١) ورد في المخطوط : «دار البقبه» ثم ورد في المخطوطة ورقة  دار التفية» ربما المقصود : دار النقية بمعنى الدار الطاهرة وهي دار الاسلام او الدار التي فيها الخوارج اذ يعتبرون انفسهم انقياء. وسبق وذكر في ص ٦٧ سطر ٧ «دار البعثة» بمعنى دار الاسلام.

(٢) ذكره الأشعري في المقالات ١ : ١٦٧ ، والأسفرايني في «التبصير في الدين» ص ٣٣ والشهرستاني في «الملل والنحل» ١ : ١٣٢ ، وسمي صاحب هذه الفرقة : معبد بن عبد الرحمن.

(٣) لم يأت هذا التوضيح عن امتلاك العبد في «الفرق».

(٤) لم يذكر هذا التوضيح في «الفرق»

(٥) نساوايبورد : لا شك انها نيسابور.

(٦) كل هذا التوضيح غير وارد في «الفرق».

واما الشبيبية فاتباع شبيب بن يزيد بن نعيم بن شيبان ، وكان يكنى أبا الصحارى الخارجي ، وكان مع صالح بن مسرح (١) ، رأس الصفرية. فمات صالح بالموصل ، واوصى الى شبيب. وقبر صالح هناك ، لا يخرج احد منهم الا حلق رأسه عند قبره (٢).

وخرج شبيب على الحجاج مع اتباعه ، فكانوا على رأي المحكمة الاولى ، وانفردوا عن سائر الخوارج بان اجازوا إمامة المرأة اذا قامت بامورهم ، وخرجت على مخالفيهم. وقالوا ان غزالة أم شبيب كانت إماما بعد موت شبيب ، لان شبيبا لما دخل الكوفة ، اقامها على منبرها في المسجد الجامع حتى خطبت.

ووجه الحجاج الى / شبيب بعبيد ابن ابي المحارق القيسي ، في الف فارس ، فهزمه شبيب. ثم وجه إليه بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، فهزمه شبيب. فوجه إليه بعثمان بن ورقا التميمي ، فقتله شبيب. وبقت فتنته اربع سنين. ثم انه كبس الكوفة ليلا ومعه أمه غزالة وامرأته حميرة في مائة (٣) من نساء الخوارج قد تقلدن السيوف واعتقلن الرماح ، وألف من رجال قومه من بني شيبان ، فقتلوا حراس المسجد ، وخطبت أمه على المنبر ، حتى قال فيها ايمن بن حزيم الأسدي (٤) :

أقامت غزالة سوق الضراب (٥)

لأهل العراقين حولا قميطا

سمت للعراقين في جيشها

فلاقى العراقان منها أطيطا

__________________

(١) في طبعة بدر ص ٨٩ جاء : «صالح بن مشرح» وفي مختصر الفرق (ط حتّى ص ٩٠) جاء : صالح بن مشروح ، ولكن الطبري ورد «مسرّح» (الطبري ٢ : ٨٨٠ ـ ٨٨١).

(٢) «لا يخرج احد منهم الا حلق رأسه عند قبره» هذا الكلام غير وارد في الفرق ؛ ولكن ورد في «المعارف ص ٤١٠» : «لا يخرج إليه احد من الصفرية إلا حلق رأسه عنده» ذكره عبد الحميد في طبعته لكتاب «الفرق» ص ١١٠ هامش ١.

(٣) جاء في الفرق (بدر ص ٩٠ ، الكوثري ص ٦٦ ، عبد الحميد ص ١١١ ، حتّى ص ٩٢) «في مائتين».

(٤) في الفرق (بدر ص ٩١ ، الكوثري ص ٦٦ ، عبد الحميد ص ١١٢ ، حتّى ص ٩٢) «خزيمة بن قاتل الاسدي» وفي الاغاني ١٠١٠ : ٨٥ خزيم بن فاتك وخزيم بن الاخزم (ابن فاتك) راجع فهرس الأغاني.

(٥) في طبعة بدر ص ٩١ جاء : «سيوف الضراب» وجاء في طبعة الكوثري ص ٦٦ وفي ط. عبد الحميد ص ١١٢ ، جاء : «سوق الضرار».

ثم خرج إليه الحجاج في جيشه ، فهزم شبيبا وجيشه ، وبعث لسفين (١) بن الابرد الكلبي في اثره. فوافاه على شط الدجلة ، وسار شبيب بفرسه على جسرها ، فانقطع / الجسر وغرق شبيب مع فرسه ، وبقي اتباعه على القول بامامة أمه بعده الى ان قتلها سفيان بن الابرد.

وقلنا لهذه الفرقة (٢) : انكرتم على عائشة خروجها الى البصرة في حرب الجل ، واكفرتموها بذلك ، واستدللتم عليها بقول الله عزوجل : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) (سورة الاحزاب الآية ٣٣). فهلا اكفرتم غزالة وحميرة بخروجهما الى الكوفة للقتال؟ فان زعمتم انهما معذورتان لانهما خرجتا مع محرميهما شبيب ، فان كل من كان في عسكر عائشة كان محرما لها لانها أم الجميع. وقلنا لهم : اذا كان المؤتمّ (٣) امثالكم فامامتكم لائقة بكم.

ذكر الرشيدية منهم

هؤلاء يعرفون بهذا اللقب ، وبالعشيرية (٤) ، وذلك انهم كانوا يؤدون مما سقى بالقنى والانهار الجارية نصف العشر. / فقال لهم زياد بن عبد الرحمن فيه العشر ، ولا يجب البراءة ممن غلط فيه بنصف العشر. فقال له رجل اسمه رشيد : ان لم يسعنا البراءة منهم عملنا بقولهم. فاكفر كل واحد منهما صاحبه ، وصار لكل واحد منهما تبع.

__________________

(١) سفين : سفيان.

(٢) وقلنا لهذه الفرقة : ـ عبد القاهر البغدادي هو الذي يتكلم هنا ـ انظر ط. بدر ص ٩٢ ، ط. الكوثري ص ٦٧ ، ط. عبد الحميد ص ١١٣ ، ط. حتّى ص ٩٤ حيث جاء : «قال عبد القاهر : يقال للشبيبية من الخوارج : انكرتم على أم جميع المؤمنين عائشة خروجها الى البصرة مع جندها الذي كل واحد منهم محرم لها لانها أم جميع المؤمنين في القرآن ، وزعمتم انها كفرت بذلك وتلوتم عليها قول الى تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) فهلا تلوتم هذه الآية على غزالة أم شبيب؟ وهلا قلتم بكفرها وكفر من خرجن معها من نساء الخوارج الى قتال جيوش الحجاج؟ ...

(٣) المؤتمّ ـ المؤتمّ (الذي يؤتمن على شيء؟).

(٤) لم يرد هذا الاسم في الفرق (بدر ص ٨٢ ، الكوثري ص ٦٠ ، عبد الحميد ص ١٠٢ ، حتّى ص ٨٦) ولكن في «مقالات الاسلاميين» ١ : ١٦٨ ذكر انها تسمى «العشرية» وفي الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٣٢ جاء «اصحاب رشيد الطوسي ، ويقال لهم العشرية».

ذكر المكرمية منهم

هؤلاء اتباع ابي مكرم (١) الذي قال ان تارك الصلاة كافر ، وليس كفره لترك الصلاة ، ولكن لجهله بالله تعالى. ـ وكذلك قالوا في سائر الكبائر. فالله تعالى يتولى العبد او يبرأ منه على ما علم من عاقبة امره. فاكفره اكثرهم. ـ

وقالوا ليس فعل الكبيرة جهلا ولكن نفس الكبيرة كفر (٢). فكفرته الثعالبة بذلك وبالموافاة.

ذكر الحفصية منهم

هؤلاء اتباع حفص بن ابي المقدام ، وكان من الاباضية / من اصحاب عبد الله بن إباض (٣) وانفرد بان قال بين الشرك والايمان معرفة الله تعالى وحده ، فمن عرف الله وكفر بما سواه من رسول او جنة او نار او عمل بالكبائر من قتل وزنا ونحوهما فهو كافر ، وليس بمشرك. ومن جهل الله تعالى وانكره فهو مشرك. فبرئت منه الاباضية (٤). وقالوا ان الايمان بالكتب والرسل متصل بالتوحيد ، وكل من ألحد في واحد منهما فهو مشرك.

__________________

(١) في الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٣٣ ، جاء : «مكرم بن عبد الله العجلي» ، بينما جاء في «مقالات الاسلاميين» ١ : ١٦٨ وفي التبصير في الدين ص ٣٤ «ابو مكرم».

(٢) لم يرد ذلك في «الفرق».

(٣) لم يرد هذا التوضيح في «الفرق» (ط. بدر ص ٨٢ ، ط. الكوثري ص ٦٢ ، ط. عبد الحميد ص ١٠٤).

(٤) جاء هنا السبب الذي من اجله برئت الاباضية من حفص بن ابي المقدام ، وهو غير مذكور في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ٨٢ ، الكوثري ص ٦٢ ، عبد الحميد ص ١٠٤).

ذكر اليزيدية (١) منهم

هؤلاء اتباع يزيد بن ابي انيسة (٢) ، وكان اباضيا. وانفرد عنهم بان قال يتولى المحكمة الاولى قبل نافع بن الازرق. وتبرأ من اهل الاحداث بعدهم ، ويتولى الاباضية كلها الا لمن بلغه قولنا فخالفه. ـ وزعم أيضا ان الله تعالى سيبعث رسولا من العجم ، وينزل عليه كتابا من / السماء جملة واحدة وينسخ به شريعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وزعم ان تلك الملة الصابئة المذكورة في القرآن ، وليست هي الصابئة المعروفة اليوم.

وتولى يزيد هذا من شهد لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالنبوة من اهل الكتاب ، وان لم يدخل في دينه. وهؤلاء اكفر فرقة من فرق الخوارج.

ذكر الحارثية منهم

هؤلاء اتباع الحرث الاباضي (٣). وانفرد عنهم في قوله بالقدر ، على مذاهب المعتزلة. وقال بان الاستطاعة قبل الفعل. فاكفرته الاباضية واهل السنة في ذلك.

__________________

(١) في «الفرق» جاء ذكرهم في الباب الرابع ، الفصل الخامس عشر ، وهو الباب الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه (ط. بدر ص ٢٦٣ ، ط. الكوثري ص ١٦٧ ، ط. عبد الحميد ص ٢٧٩).

(٢) ورد هذا الاسم في الملل للشهرستاني ، وفي المقالات للأشعري ؛ وفي أصول الدين للبغدادي (ص ١٦٢) «يزيد بن انيسة». وفي المحدثين من اسمه زيد بن ابي أنيسة ، وله ترجمة في «ميزان الاعتدال» للذهبي برقم ٢٩٩٠ ، وقد يختلط بهذا على بعض الناس (انظر هامش ٢ من ص ٢٧٩ من ط. عبد الحميد) ؛ وهو غير زيد بن أبي أنيسة المحدث.

(٣) هو الحارث بن يزيد الاباضي ـ انظر مقالات الاسلاميين ١ : ١٧١ ، الملل والنحل ١ : ١٣٦ ، التبصير في الدين ٣٥.

ذكر اصحاب طاعة لا يراد الله بها

انما قال هؤلاء بصحة طاعة لا يراد الله تعالى بها ، كما ذهب إليه ابو الهذيل واتباعه من القدرية. وقال / اصحابنا ان ذلك لا يصح الا في طاعة واحدة (وهؤلاء) (١) وهو الاستدلال على معرفة الله تعالى. فان الجاهل به مأمور بذلك ، واستدلاله عليه طاعة منه لله تعالى ، لانه امره به قبل معرفته بانه مأمور به ، فاذا عرف الله تعالى لم يصح منه بعد ذلك طاعة الله تعالى الا اذا قصد بها التقرب إليه.

فهذه اصناف الخوارج المكفر بعضهم لبعض ، ولأقوام مجهولين منهم بدع منها : قول قوم من الاباضية لا حجة لله تعالى على الخلق في التوحيد الا بالخبر ، وما يقوم مقام الخبر (٢) من اشارة.

ومنها قول قوم منهم ان من دخل في دين الاسلام وجبت عليه الشرائع والاحكام ، وقف عليها او لم يقف.

ومنها قول بعضهم : من ورد عليه الخبر بتحريم الخمر او بتحويل القبلة فعليه ان يعلم ان الذي اخبره مؤمن او كافر ، وعليه ان / يعلم ذلك بالخبر ، وليس عليه ان يعلم ان ذلك عليه بالخبر.

ومنها قول بعضهم : ليس على الناس المشي الى الصلاة ، ولا الركوب للحج ، ولا شيء من اسباب الطاعات وانما عليهم فعل الطاعات باعيانها.

ومنها قول جمهورهم ان العالم يفنى كله اذا افنى الله تعالى اهل التكليف ، لانه انما خلقه لهم ، فلا معنى لبقائه بعدهم.

ومنها قول الاباضية بجواز امر الله تعالى (عنده) بحكمين متضادين في شيء واحد ، وقالوا ان ذلك كمن دخل زرعا لغيره ، فهو مأمور بالخروج منه ، ومنهي عنه ، لان في خروجه افساد زرع غيره.

__________________

(١) في المخطوط : هؤلاء ـ هذا خطأ واضح ـ المقصود : هو.

(٢) في المخطوط : بالخير ـ الاصح : بالخبر ، اي عن طريق نبي يخبر بأن الله واحد.

وفي الخوارج فرقة تعرف بالواقفة ، ان رجلا منهم اسمه ابراهيم دعا [فرقة (تعرف بالواقفة)] (١) الى داره ، وامر جارية له ، هي على رأيه ، بشيء. فابطأت عليه. فحلف ليبيعنها في الاعراب. فقال له رجل اسمه / ميمون (٢) ، وليس هو صاحب الميمونية من العجاردة : كيف تبيع جارية مؤمنة (الى) (٣) الكفرة؟ ـ قال ابراهيم : فان الله تعالى احل البيع وحرم الربا (٤). وقد مضى اصحابنا وهم يستحلون ذلك. فتبرأ منهم ميمون ، وتوقف آخرون منهم في امرها (٥) ، وكتبوا بذلك الى علمائهم. فاجابوهم بان بيعها حلال ، وبانه يستتاب ميمون ، ويستتاب من توقف في ابراهيم. ـ فصاروا ثلاث فرق : ابراهيمية ، وميمونية ، وواقفية (٦). وتبع ابراهيم على اجازة هذا البيع قوم منهم يقال لهم الضحاكية ، واجازوا أيضا نكاح المسلمة منهم (٧) من كفار قومهم في دار التفيّة (٨) ، كما يجوز للرجل منهم نكاح الكافرة من قومه في دار التفيّة (٩). فاما في دار حكمهم فلا يستحلون ذلك. وقوم منهم توقفوا في هذه المسألة ، وفي امر هذه الزوجة ، وقالوا ان ماتت لم / نصل (١٠) عليها ، ولم نأخذ ميراثها ، لانا لا ندري ما حالها. ـ وتبع بعد هؤلاء قوم يقال

__________________

(١) (فرقة تعرف بالواقفة). هذا الكلام زائد غير مذكور في «الفرق» ـ (انظر ط. بدر ص ٨٧ ، ط. الكوثري ص ٦٤ ، ط. عبد الحميد ص ١٠٧).

(٢) هو ابن عمران كما في شرح المواقف ، والمقريزي ؛ وفي الشهرستاني : ابن خالد.

(٣) في المخطوط : من.

(٤) «وحرم الربا» غير وارد في «الفرق» (ط. بدر ص ٨٧ ، الكوثري ص ٦٤ ، عبد الحميد ص ١٠٧).

(٥) في «الفرق» جاء «في ذلك» (ط. بدر ص ٨٧ ، ط. الكوثري ص ٦٤ ، ط. عبد الحميد ص ١٠٧) ـ اما ما جاء في المخطوط هنا «في امرها» فانه اوضح.

(٦) جاء «وواقفة» في «الفرق» : (بدر ص ٨٧ ، الكوثري ص ٦٤ ، عبد الحميد ص ١٠٨).

(٧) «المسلمة منهم» اوضح من «المسلمة» كما جاء في الفرق (بدر ص ٨٧ ، الكوثري ص ٦٤ ، عبد الحميد ص ١٠٨).

(٨) في المخطوط : النبية ـ ربما المقصود : النقية او البعثة.

(٩) «كما يجوز للرجل ... دار التفيّة» غير وارد في الفرق (ط. بدر ص ٨٧ ، الكوثري ٦٤ ، عبد الحميد ص ١٠٨).

(١٠) جاء «نصلي» وهذا خطأ.

لهم البيهسية ، اصحاب ابي بيهس (١) ، وقالوا ان ميمونا كفر حين حرم بيع الامة في دار التفيّة من كفار قومنا. وكفرت الواقفة بان لم يعرفوا كفر ميمون وصواب ابراهيم ، فكفر ابراهيم حين لم يتبرأ من اهل الوقف. ثم ان البيهسية قالوا ان من واقع ذنبا لم يشهد عليه بالكفر حتى يرفع الى الوالي ويحدّ ، ولا نسميه قبل الرفع الى الوالي مؤمنا ولا كافرا. ووافقهم في ذلك قوم من الصفرية (٢). وقال بعض البيهسية ان الذنوب كلها شرك ، وكل ذنب لم يحكم الله فيه حكما مغلظا ، ولم يقفنا على تغليظه فهو مغفور (٣). ـ وقال بعض البيهسية : كل شراب حلال الاصل موضوع ، فمن يسكر (٤) منه كل ما كان (منه) في السكر / من ترك صلاة وشتم الله تعالى ، ولا حد فيه ، ولا حكم فيه ، ولا يكفر به ما دام في سكره. وقالت العوفية من البيهسية : السكر كفر اذا كان معه غير من ترك الصلاة ونحوه. ومنها ان الشمراخية منهم ، اتباع عبد الله بن شمراخ (٥) ، قالوا

__________________

(١) أصحاب ابي بيهس هيصم بن عامر (كان في زمان الحجاج وقتل في المدينة) (ط. الكوثري ص ٦٤ وط. عبد الحميد ص ١٠٨) وجاء في هامشها : «قال ابن قتيبة «البيهسية من الخوارج ينسبون الى ابي بيهس ، من بني سعد بن ضبيعة بن قيس ، واسمه هيصم بن جابر ، وكان عثمان ابن حيان والي المدينة قطع يديه ورجليه» ه. وفي كلام الشهرستاني زيادة تفصيل في شأن أبي بيهس ، قال : «وقد كان الحجاج طلب أبا بيهس في ايام الوليد ، فهرب الى المدينة ، فطلبه بها عثمان ابن حيان المري ، فظفر به وحبسه ، وكان يسامره الى ان ورد كتاب الوليد بان يقطع يديه ورجليه ، ويقتله ، ففعل به ذلك» ه. وقال في لسان العرب «وبيهس : من اسماء العرب ، والبيهسية : صنف من الخوارج نسبوا الى ابي بيهس هيصم بن جابر احد بني سعد بن ضبيعة بن قيس» ه.

(٢) «ووافقهم ... الصفرية» غير وارد في «الفرق» مع العلم ان الكلام السابق متفق مع ما جاء في (ط. بدر ص ٨٨ ، الكوثري ص ٦٥ ، عبد الحميد ص ١٠٩).

(٣) الكلام من «وقال بعض البيهسية ... فهو مغفور» غير وارد في «الفرق».

(٤) جاء في بدر ص ٨٨ ، والكوثري ص ٦٥ ، وعبد الحميد ص ١٠٩ : «كل شراب حلال الأصل موضوع عمن سكر منه كل ما كان منه في السكر من ترك الصلاة ، والشتم لله عزوجل وليس فيه حد ولا كفر ما دام في سكره». وهنا الكلام يبدو اوضح.

(٥) لم تذكر الشمراخية ولا عبد الله بن شمراخ في «الفرق». ولكن البغدادي يقول في كتابه «الفرق بين الفرق» ط. بدر ص ٨٩ وط. الكوثري ص ٦٥ وط. عبد الحميد ص ١٠٩ :

دماء قومنا حرام في السّر ، وحلال في العلانية ، ودماء الابن حرام في دار التفيّة ودار الهجرة ، وان كانا مخالفين لهم. ـ ومنها ان قوما من الخوارج قالوا ان اهل الذنوب لا نسميهم الا بالاسم المستوى من ذنوبهم : كذاب ، وسارق ، وقاذف ، ولا نسميه كافرا. فاما صاحب ذنب لا حد فيه فهو كافر.

فهذه اصول بدع الخوارج المارقة ، خذلهم الله تعالى.

ذكر فرق الضلال من القدرية والمعتزلة عن الحق

قد بينا ان القدرية عشرون فرقة وهي :

/ الواصلية ، والعمرية (١) ، والهذيلية ، والنظامية ، والاسوارية ، والاسكافية ، والجعفرية ، والبشرية ، والمردارية ، والهشامية ، والحائطية ، والحدثية (٢) ، والحمارية ،

__________________

«وللاباضية والبيهسية بعد هذا مذاهب قد ذكرناها في كتاب «الملل والنحل» وفيما ذكرنا منه في هذا الكتاب كفاية.

(ملاحظة : اوضحنا ذلك في مقدمة الكتاب).

(١) جاء في ط. بدر ص ٩٣ ، الكوثري ص ٦٧ ، عبد الحميد ص ١١٤ «العمروية».

(٢) الحدثية : هذه الفرقة غير مذكورة في «الفرق» انظر ط. بدر ص ٩٣ ، الكوثري ص ٦٧ ، عبد الحميد ص ١١٤ ، ولكن ورد في كتاب «الفرق» (ذات المراجع) اسماء ثلاث فرق غير واردة هنا في المخطوط ، وهي : «اصحاب صالح قبة ـ المريسية ـ الشحامية». وجاء أيضا في «الفرق» : فهذه ثنتان وعشرون فرقة ، فرقتان منها من جملة فرق الغلاة في الكفر ، نذكرهما في الباب الذي نذكر فيه فرق الغلاة ، وهما : الخابطية والحمارية ، وعشرون منها قدرية محضة يجمعها كلها في بدعها امور (ذات المراجع) ، وجاء أيضا في مختصر «الفرق» للرسعني ص ٩٥ ما يلي : «قد ذكرنا قبل هذا ان المعتزلة افترقت فيما بينها اثنتين وعشرين فرقة ، فرقتان منها من جملة فرق الغلاة في الكفر نذكرهم في بابهم ، وهما الحائطية والحمارية. وعشرون منها قدرية محضة يجمعها كلها امور» ـ وهذا الكلام ناقص في المخطوط هنا.

ملاحظة : المخطوط يستعرض كلا من العشرين فرقة المذكورة في اوّل هذا الباب ، ولم يميز بين فرق الغلاة في الكفر والقدرية المحضة ، كما جاء في «الفرق» ومختصره ـ مما يدل على ان المخطوط اسبق من «الفرق» ويتميز عنه.

والمعمرية ، والثمامية ، والجاحظية ، والخياطية ، والكعبية ، والجبائية ، والبهشمية.

وسنذكر فضائح كل فرقة منهم ما يكشف عن كفرها ان شاء الله تعالى (١).

ذكر الواصلية منهم

هؤلاء اتباع واصل بن عطاء الغزال الأبلع (٢) ، وكان بدء شانه ان الامة في وقت الحسن البصري اختلفوا فيمن يكثر الكبائر من الامة. فزعمت الازارقة من الخوارج انه مشرك كافر ، وقالت الاباضية منهم انه موحد كافر وليس بمشرك. وزعمت البكرية انه منافق. وقال الجمهور الأعظم من الصحابة والتابعين انه / مؤمن بتوحيده ومعرفته بربه ، وتصديقه لكتب ربه ورسوله ، فاسق بكبيرته. فخرج واصل عن اقوال الامة في هذا الأصل ، وزعم انه فاسق ، لا مؤمن ولا كافر ، وجعل الفاسق في منزلة بين المنزلتين ، اوجب له الخلود في النار مع خروجه من الكفر. ـ فلما رأى الحسن خلاف واصل على الامة ، طرده عن مجلسه ، فاعتزل عنه الى سارية من سواري مسجد البصرة ، واظهر بدعته عندها. فقال الناس فيه : انه اعتزل الأمة ، فسمي اتباعه معتزلة. وانضم إليه عمرو بن عبيد بن باب ، مولى تميم واسد في غيهما ، ودعيا الاعمار الى القدر والى المنزلة بين المنزلتين في الفاسق ، ونسجا على منوال معبد الجهني في القدر وخلطاه ببدعة المنزلة بين المنزلتين ، ووافقا الخوارج في تأبيد عقاب الفاسق. / فلذلك سميت المعتزلة مخانيث الخوارج (٣) ، لان الخوارج لما حكموا من تأبيد عقاب الفاسق سموه كافرا. ـ وزعمت المعتزلة انه موحد ، مطيع ، وفيه ايمان وطاعات كثيرة ، وهو مع ذلك مخلد في النار. ـ وقالوا انما لم نسمه مؤمنا لان هذا من اسماء المدح ،

__________________

(١) في المخطوط هنا ، بعد ما عدّد المؤلف اسماء العشرين فرقة ، بدأ مباشرة بعرض موقف كل فرقة ، بينما في كتاب «الفرق بين الفرق» وفي «مختصره للرسعني» يعرض ما اجمعت عليه المعتزلة من آراء : نفي الصفات ، حدوث كلام الله ، المنزلة بين المنزلتين ، ان الله شيء لا كالاشياء ، وان الله خلق ما خلق لا من شيء ، ومن ثم يأتي الكلام عن كل فرقة مبتدأ بالواصلية (بدر ص ٩٣ ـ ٩٦ ، الكوثري ص ٦٨ ـ ٧٠ ، عبد الحميد ص ١١٤ ـ ١١٦ ، الرسعني ص ٩٥ ـ ٩٧).

(٢) «الأبلع» غير وارد في «الفرق».

(٣) مخانيث ـ جاء في المخطوط : مجانيب.

ولا يوصف الفاسق باسم المدح. ويلزمهم على هذا ان لا يسموه موحدا ولا عارفا بالله تعالى ، لان هذين الاسمين من اسماء المدح (١).

ثم ان واصلا شان بدعته في القدر وفي المنزلة بين المنزلتين بحكمه في علي وطلحة والزبير ، فقال لو شهد علي وطلحة والزبير عندي على باقة بقل ، لم احكم بشهادتهم (٢) ؛ ولو شهد عندي علي مع واحد من عسكره قبلت شهادتهما ؛ وانما لا أقبل شهادة رجلين احدهما من عسكر علي والآخر من عسكر طلحة والزبير ، لان / احد الفريقين فاسق ، من اهل النار ، وان لم يعرف الفاسق منهما بعينه ، كالمتلاعبين احدهما فاسق لا بعينه ولا يقبل شهادتهما بفسق احدهما. ونتيجة هذا القول انه يجوز عند واصل ان يكون علي وابناه وابن عباس ، وعمار بن ياسر ، وابو أيوب الانصاري وسائر من كان في عسكر علي يوم الجمل فسقة مستحقين للخلود في النار ، لا مؤمنين ولا كافرين ، ويجوز ان يكون طلحة والزبير وعائشة واتباعهم هم الفسقة المخلدون في النار. فهذا رجل قد شك في ايمان الخيار من الصحابة الذين شهد لهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجنة ، واخبر الله برضاه عنهم في بيعة الرضوان.

فهذه بدع واصل. وقد ادعت المعتزلة لواصل كرامات ، كذبوا في بعضها ، وقلبوا في بعضها / مثل مناقب : فزعموا انه صحب محمد بن علي بن الحنفية ، وعبد الله بن علي بن أبي طالب واخذ عنهما مقالته (٣) ، ومدحوه بانه كان الثغ في حرف الراء ، فاحتال لاخراج الراء من كلامه. فزعم انه (بدأ) (٤) في مجلس عبد الله ابن عمر بن عبد العزيز خطبة لا راء فيها. وهذه خرافات امانيهم في الغرور. وقيل لهم لو كان على رأي محمد وعبد الله ابني علي بن ابي طالب لما رد شهادة

__________________

(١) كل ما جاء في ذكر الواصلية هنا ملخص لما جاء فيما بعد في كتاب «الفرق بين الفرق» (انظر ط. بدر ص ٩٦ ـ ٩٨ ، ط. الكوثري ص ٧٠ ـ ٧١ ط. عبد الحميد ص ١١٧ ـ ١١٨ وأيضا مختصر الفرق للرسعني ص ٩٧ ـ ٩٨).

(٢) جاء في المخطوط : بشهادتهما.

(٣) الكلام من «فهذه بدع واصل ... الى مقالته» غير وارد في «الفرق».

(٤) هذه الكلمة غير واضحة في المخطوط ؛ لعلها «بدأ».

ابيهما. واما لثغته في الراء فمن مثالبه ، لانها تمنع من كونه مؤذنا وإماما للقارئين لعجزه لقوله : اشهد ان محمدا رسول الله ، وان يقول : الله اكبر. وكان لا يصح منه قراءة آية فيها الراء.

وكفى المعتزلة خزيا ان يكون زعيمها من لا يصح صلاتهم خلفه.

واما خطبته التي لا راء فيها فعساه كان في تحبيرها اياما. / ولصاحب هذا الكتاب خطب كثيرة ، منها ما ليس فيه حرف الألف ، ومنها ما ليس فيه حرف الواو ، وهذا اصعب من اسقاط الراء عن الخطبة. فان قالوا ان بشار بن برد الشاعر ، مدح واصلا في تلك الخطبة فقال فيه : أبا حذيفة ، قد اتيت معجزة من خطبة بدهت من غير تكرير. ـ قيل لهم : هذا أيضا من موضوعاتكم على لسان بشار. والمعروف من شعر بشار هجاؤه واصلا بالقصيدة التي يقول فيها :

ما لي اشايع غزالا له عنق

كنقنق الدّوّ ، ان ولى وان مثلا

عنق الزرافة ، ما لي وبالكم

تكفرون رجالا ، كفّروا رجلا(١)

وقد ذكر زعماء المعتزلة في كتبهم ان بشارا كان على دين الكاملية من الروافض ، وانه كان يرى تفصيل النار على الارض وأعاروه (٢) بذلك. وزعموا ان واصلا كان يهدد بشارا بالقتل. افتراه كان يمدح عدوه من يراه كافرا في دينه؟ واذا افتخرت المعتزلة بواصل / سلمناه إليهم ، وتمثلنا بقول الشاعر :

هل مشتر والسعيد بايعه؟

هل بايع والسعيد من وهبا (٣)؟

قال الاستاذ صاحب الكتاب (٤) : وقد قلنا في واصل من كيسنا :

__________________

(١) ورد البيت الأول فقط في المخطوط ، اما البيت الثاني فاضفناه من كتاب «الفرق».

(٢) في المخطوط : والعروة.

(٣) كل ما جاء هنا في هذه الصفحة غير مذكور في كتاب «الفرق».

(٤) صاحب الكتاب هو عبد القاهر البغدادي اذ ان في كتاب «الفرق» يذكر البغدادي : «ومقالة واصل في الجملة كما قلنا في بعض اشعارنا :

مقالة ما وصلت بواصل

بل قطع الله به اوصالها

ويضيف : «وسنذكر تمام ابيات هذه القصيدة بعد هذا ان شاء الله عزوجل» ولكنه لم يذكر باقي القصيدة في كتاب «الفرق» وكأن البغدادي اكتفى بان القصيدة مذكورة في كتاب «الملل والنحل» (انظر «الفرق» ط. بدر ص ١٠٠ ، الكوثري ص ٧٢ ، عبد الحميد ص ١٢٠). وقد اوضحنا ذلك في مقدمة الكتاب.

مقالة ما وصلت بواصل

بل قطّع الله به اوصالها

قوائم ما تحتها قواعد

شلت يد الباقي الذي اطالها

أم الطواغيت عن الحق انثنت

فزنبير للرحم اعتزالها

لو رضي الله لها اقوالها

ما خالفت اقوالها افعالها

تلفتت غزلته وهي التي

من كل عدل حسالها

ستحصد الغي غدا ندامة

اذا رأت في صحفها اعمالها

تنهي عن الشيء وتأتي مثله

تجمع في ضلالها احلالها

واها لها لا بل عليها فيه

محالها اركبها محالها

لم يصطنع بوصفها انفسها

واعظمت في (ربها) مقالها

سبحان من امهلها بحلمه

وما رأى امهالها اهمالها

/لا عمّر الله بها ربوعها

ولا سقى غياثه اطلالها.

ذكر العمرية (١) منهم

هؤلاء اتباع عمرو بن عبيد ، وكان على رأي واصل بن عطاء في القدر وفي المنزلة بين المنزلتين. وزاد عليه في الطعن على شهادة رجلين ، احدهما من عسكر علي والآخر من اصحاب الجمل لفسق احدهما لا بعينه. ـ وزعم عمرو ان كل واحد من العسكرين لو شهد مع (شاهد) (٢) عدل من غير الفريقين لم يحكم بشهادتهما ، وفي هذا حكم منه بفسق الفريقين يوم الجمل. فأصل هذه البدعة من واصل ، والزيادة فيها من عمرو. ومن شأن (التملماذ) (٣) ان يزيد على الاستاذ. وافترق اتباعهما من القدرية في هذه المسألة : فذهب معمر والنظام والجاحظ الى قول واصل في علي وطلحة والزبير. ـ وقال (حوشب) (٤) / وهاشم

__________________

(١) جاء في «الفرق» بدر ص ١٠٠ ، الكوثري ص ٧٢ ، عبد الحميد ص ١٢٠ : «العمروية» هؤلاء اتباع عمرو بن عبيد بن باب مولى بني تميم ، وكان جده من سبي كابل وما ظهرت البدع والضلالات في الأديان إلا من ابناء السبايا ، كما روي في الخبر.

(٢) ناقص كلمة شاهد في المخطوط ؛ لا بد منها لتوضيح الكلام.

(٣) هكذا في المخطوط ؛ والمقصود التلميذ.

(٤) هكذا في المخطوط ـ وهو غير واضح ـ ربما المقصود : هو (اي عمرو بن عبيد).

ونص في هذين العسكرين : بحب القادة وهلك الاتباع. ـ وتكلم الاصم (١) منهم في هذا الباب وفي شأن علي ومعاوية والحكمين ، وصرف امر معاوية على وجوه جعله في اكثرها مصيبا ، وفي بعضها احسن حالا من علي.

وقال اهل السنة بتصويب علي في جميع حروبه ، وبصحة شهادة فيها علي او طلحة او الزبير على رغم من ردها. وكان عمرو بن عبيد (٢) ، مع بدعته التي ذكرناها ، كاذبا في رواياته عن الحسن البصري وغيره ، وهي الذي روى عن الحسن في تفسير غير اولى الإربة انه المخنث. وقال اصحاب الحسن : كذبت عليه ، فانه لم يقل ذلك. وقال حماد بن زيد : قيل لايوب ان عمرو بن عبيد روى عن الحسن ان السكران من النبيذ لا يجلد. فقال : كذب عمرو. انا سمعت الحسن يقول : يجلد السكران من النبيذ. ـ وقال زكريا بن / يحبى الساجي في كتاب «العلل» كان شعبه قد روى عن عمرو بن عبيد حديثين ، ثم تركهما لما علم ضلالته. وقال أيضا : كان الحسن وأيوب وابن عوف وسليمان (٣) التميمي ويونس بن عبيد ينهون الناس عن عمرو بن عبيد. ـ وروى محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير ، باسناد عن مطر الوراق ، قال : كان عمرو بن عبيد يلقاني ، فيحلف علي بالحديث ، فاعلم انه كاذب. ـ وذكر الكعبي (٤) في «مقالاته» ان المنصور الخليفة مدح عمرا ، وقال نثرت الحبّ ، فلقطوا غير عمرو بن عبيد. ـ وهذا من اكاذيب الكعبي ، وهو الذي روى ان عمرا كان من الداعين الى البيعة لزيد الناقص في ولايته. افترى المنصور ، مع صرامته وعداوته لبني امية ، يمدح داعيهم ومن خرج عليه مع إبراهيم بن / عبد الله بن الحسن ابن الحسين بالبصرة حتى لحقه سوم عمرو ، فقتل في حربه؟ وعمرو ، في الجملة ، مسلم للمعتزلة بلا نزاع ، والسلام.

__________________

(١) موقف الأصم المذكور هنا الى آخر الصفحة غير وارد في «الفرق بين الفرق».

(٢) الكلام ابتداء من هنا الى آخر الصفحة غير وارد في «الفرق بين الفرق».

(٣) سليمان : سليمان.

(٤) في المخطوط : الكفتي ـ ولكن جاء بعد سطرين : الكعبي وهو الاصح.

ذكر الهذيل العلاف (١)

التائه من جهالته في ضلالته.

ومن فضائحه قوله : تفنى مقدرات الله عزوجل ، وانه لمقدورات الله تعالى (حدا) (٢) لا يكون بعد انتهائها قادرا على احداث شيء ، ولا على احياء ميت ، ولا على إماتة حي ، ولا على تحريك ساكن ، ولا على شيء بوجه. وزعم ان اهل الجنة واهل النار ، في حال فناء مقدورات الله تعالى ، يبقون جمودا ، لا يقدرون على شيء ، من صحة عقولهم. ـ وشنع المردار عليه في هذه المسألة بان قال : يلزمه ، اذا كان ولي الله تعالى في الجنة يتناول باحدى يديه الكاس من بعض ازواجه ، ويتناول باليد الأخرى بعض التحف ، / ثم حضر وقت السكون الدائم ، الذي هو آخر مقدورات الله تعالى عنده ، ان يبقى بعد تلك الحال على هيئة المصلوب ابدا. ـ وقد اعتذر ابو الحسن الخياط لابي الهذيل في هذا (الباب) (٣) بان قال : ان الله ، عند انتهاء مقدوراته ، يجمع في اهل الجنة اللذات كلها : لذة الجماع ، ولذة الاكل ، ولذة الشرب ، وساير اللذات (٤) ، فيبقون

__________________

(١) نسب ابي الهذيل اوضح في كتاب الفرق (ط. بدر ص ١٠٢ ، الكوثري ص ٧٣ ، عبد الحميد ص ١٢١ ، ١٢٢ ، مختصر الفرق ص ١٥١) وقد جاء في «الفرق» : هؤلاء اتباع ابي الهذيل محمد بن الهذيل المعروف بالعلاف. كان مولى لعبد القيس ، وقد جرى على منهاج ابناء السبايا لظهور أكثر البدع منهم. وفي هامش ٢ لصفحة ١٢١ من ط. عبد الحميد : «هو ابو الهذيل محمد بن الهذيل بن عبد الله ، البصري ، العلاف ، شيخ المعتزلة ومقدمهم ومقرر طريقتهم والمناظر عليها ، والذاب عنها. اخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل ابن عطاء ؛ ثم يقال ان واصلا اخذه عن ابي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية. ويقال : بل اخذه عن الحسن البصري ، وقد اختلف في وفاته ، فقيل توفي في سنة ٢٢٦ وقيل في سنة ٢٣٥ ه‍ وقيل في سنة ٢٣٧ («العبر» ١ / ٤٢٢ و «شذرات الذهب» ٢ : ٨٥ وابن خلكان الترجمة رقم ٥٧٨ و «طبقات المعتزلة» ص ٤٤) وانما قيل له العلاف لان داره بالبصرة كانت في العلافين».

(٢) ليلا : في المخطوط والاصح : حدا.

(٣) يضاف : الباب ، لتوضيح المعنى.

(٤) تفاصيل كل هذه اللذات المذكورة هنا غير واردة في «الفرق» (بدر ص ١٠٣ ، الكوثري ص ٧٤ ، عبد الحميد ص ١٢٣) حيث جاء : «يجمع في أهل الجنة اللذات كلها ، فيبقون على ذلك في سكون دائم».

على ذلك في سكون دائم ابدا. ـ وفي هذا الاعتذار احالة (١) من وجوه : احدها جواز اجتماع لذات متضادة في محل واحد ، ولو جاز ذلك كان اجتماع لذات متضادة في محل واحد. والوجه الثاني ان هذا الاعتبار (٢) ، لو صح ، لوجب ان يكون حال اهل الجنة ، عند فناء مقدورات الله تعالى ، احسن من حالهم عند كون الاله قادرا. ومن العجب ان المعتزلة عابت جهما (٣) / في قوله : تفنى الجنة والنار بعد فنائهما (٤). وكيف لم يعب شيخها ابو الهذيل في دعواه فناء مقدورات الله تعالى جملة؟.

ومن فضائح ابي الهذيل (٥) أيضا قوله بان اهل الجنة مضطرون الى اقوالهم وحركاتهم وكل ما يكون منهم من اكل وشرب وجماع وغير ذلك. وكانت المعتزلة تكفر جهما في قوله ان العباد في الدنيا مضطرون الى ما يكون منهم (٦) ويكفرون اصحابنا في قولهم بان الله عزوجل خالق اكساب العباد. ويقولون لجهم : اذا خلق الله الظلم والكذب ، وجب ان يكون ظالما كاذبا. ـ فهلا قالوا لابي الهذيل : اذا خلق الله عزوجل اكل اهل الجنة وشربهم ، وجب ان يكون بها (٧) اكل وشرب؟ وقد الزمه المردار ذلك ، وقال ان أبا الهذيل جهمي الآخرة. وقال له : اذا قلت ان الله / خالق اقوال اهل الآخرة لزمك ان يكون هو الخالق لقول اهل النار ، (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٨) وهذا كذب منهم ، وفاعل الكذب كاذب. وهذا

__________________

(١) جاء في المخطوط : حاله ؛ ولكن باقي الكلام يدل على انها «احالة» بمعنى استحالة قبول هذا الاعتذار.

(٢) جاء في «الفرق» «الاعتذار» ذات المراجع المذكورة في الصفحة السابقة ، هامش رقم ٢ ؛ ولكن لفظ «الاعتبار» هنا صح أيضا.

(٣) الجهم بن صفوان.

(٤) لا شك في ان الكلام ناقص هنا ، تكملته تكون : بعد قولهم بفنائهما ـ (اعني كيف تعير المعتزلة على جهم قوله بفناء الجنة والنار وهو يقول بفنائهما؟).

(٥) جاء في المخطوط : أبا الهذيل ، والأصح : ابي الهذيل.

(٦) كان الجهم بن صفوان جبريا ، لا يقول بحرية الاختيار عند الانسان ، بينما المعتزلة كانوا قدرية ، بمعنى انهم يقولون بان الانسان قادر على افعاله.

(٧) جاء في المخطوط : بهما اكلا وشربا.

(٨) سورة الانعام : مكية ٢٣.

الالزام متوجه على ابي الهذيل ، لانه يقول ان الكاذب منا انما كان كاذبا لانه فعل الكذب ، ولا يلزمنا على اصلنا ، لان الكاذب عندنا من قام به الكذب ولا من فعله.

ـ ومن فضائحه أيضا قوله بطاعات كثيرة لا يراد بها الله عزوجل ، وانه يجوز ان يطيع الله بانواع كثيرة من الطاعات من لا يعرفه ، فليس على الارض زنديق ولا ملحد الا وهو عنده مطيع لله تعالى من وجوه ، وان عصاه من جهة كفره. ـ وقال اصحابنا ان الطاعة لله قبل معرفته انما يصح في شيء واحد وهو النظر الواجب على العاقل ليتوصل به / الى معرفة ربه عزوجل ، فانه طاعة منه ، لانه مأمور به قبل معرفته بربه تعالى. ولا يصح من احد طاعة لله تعالى في غير ذلك الا بعد ان يعرفه ويقصد به التقرب بها إليه. وكان ابو الهذيل يحتج لبدعته هذه بان يقول ان أوامر الله تعالى بإزائها زواجر ، فلو كان من لا يعرف الله تعالى تاركا لجميع اوامره وجب ان يكون قد صار الى جميع زواجره ، ووجب من هذا ان يكون الدهري نصرانيا يهوديا مجوسيا وثنيا ، وهذه اغلوطة منه. وجوابه عنها ان كل طاعة يضادها معارض متضادة ، وبكل واحد منهما يخرج عن الطاعة والايمان واذا دخل في نوع من الكفر خرج عن اضداده من انواع الكفر ، كما يخرج به عن الايمان. وهذا واضح في نفسه.

ـ ومن فضائحه أيضا قوله بان علم الله هو الله / وقدرته هي هو (١) ، ويلزمه على هذه البدعة امران : احدهما انه يوجب عليه ان يكون علمه هو قدرته لرجوعهما الى ذات واحدة ؛ ولو كان علمه قدرته لوجب ان يكون معلوماته مقدورات له ، فيكون ذاته مقدورا له ، كما هو معلوم له. وهذا الحاد مما يؤدي إليه مثله.

ـ ومن فضائحه بقسمة كلام الله تعالى قسمين : قسمة لا في محل ، وهو قوله الشيء «كن» ، وباقي كلامه في محل ، مع كون القسمين عرضين حادثين. فاما قوله بحدوث إرادة الاله في محل فقد شاركه فيه البصريون من المعتزلة.

فهذه اقواله في ربه ، لا شكرا لله له اقواله. وكم له فضائح لو وضعت على الجبال دكدكت جباله.

__________________

(١) ردت المعتزلة الصفات الى الذات الالهية. انظر : كتابنا «فلسفة المعتزلة» الجزء الاول : التوحيد من ص ٣٧ الى ص ٥٥ ـ مطبعة نشر الثقافة ـ الاسكندرية ١٩٥٠.

ذكر النظّامية منهم

هؤلاء اتباع إبراهيم بن سيار (١). والمعتزلة [أتموه] (٢) في تلقيبه / بالنظام يوهم (٣) انه ناظم الكلام ، وانما كان ينظم الخرز ، فسمي النظام. وكان في شبابه قد عاشر قوما من الثنوية وعاشر الحصري الخداد ، وابن ابي العوجاء واتباعهما الذين قالوا بتكافؤ الادلة (٤) ، وقوما من الفلاسفة. فاخذ من الفلاسفة قوله بنفي الجزء الذي لا يتجزأ ، واخذ من الثنوية الديصانية قوله بان الإله لا يقدر على فعل ما هو ظلم او كذب ، واخذ من هشام بن الحكم الرافضي قوله بان الالوان والاصوات اجسام ، واخذ من نفاة النظر قوله بابطال حجة الاجماع والتواتر وابطال المقاييس الشرعية ، ودلّس مذاهب الثنوية والملحدة في دين الاسلام.

وفضائحه يري منها قوله بان الله تعالى لا يقدر ان يفعل بعباده في الدنيا خلاف ما فيه صلاحهم ، ثم زاد على هذا ان / قال انه لا يقدر على ان ينقص

__________________

(١) جاء في «الفرق» ط. بدر ص ١١٣. الكوثري ص ٧٩ ، عبد الحميد ١٣١ : هؤلاء اتباع ابي اسحاق ابن سيّار المعروف بالنّظّام ؛ وفي هامش ٢ لصفحة ١٣١ من ط. عبد الحميد : «النظام هو ابو اسحاق ابراهيم بن سيار المعروف بالنظام ، وهو ابن اخت ابي الهذيل العلاف ، ومنه أخذ الاعتزال ، وهو شيخ ابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، وهو معدود من اذكياء المعتزلة وذوي النباهة فيهم ، يذكرون انه ظهر في سنة ١٦٠ من الهجرة ، وقرر مذهب الفلاسفة في القدر فتبعه خلق ، وكان من صغره يتوقد ذكاء ويتدفق فصاحة ، وقد اداه ذكاؤه المتوقد ، وبيانه المتدفق ، واطلاعه على الكثير من كتب الفلاسفة الطبيعيين والإلهيين الى انه ذهب المذهب الذي انكره عليه عامة المسلمين ، وسبحان الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء. وتوفي ما بين سنة ٢٣١ وسنة ٢٣٢ (انظر النجوم الزاهرة ٢ / ٢٣٤ ، والتنبيه ٤٣ ، ٤٤. واعتقادات فرق المسلمين ص ٤١ ودائرة معارف البستاني ١ / ٢٦٨ وطبقات المعتزلة ٤٩ ـ ٥٢ والعبر ١ / ٣١٥ و ٤٥٦).

(٢) كلمة مبهمة في المخطوط ؛ لا شك في انها تدل على التهكم.

(٣) الاصح : يوهمون.

(٤) جاء في الفرق (بدر ص ١١٣ ، الكوثري ص ٧٩ ، عبد الحميد ص ١٣١) : «وكان في زمان شبابه قد عاشر قوما من الثنوية ، وقوما من السمنية القائلين بتكافؤ الادلة» ـ اما هنا في المخطوط فقد جاء ذكر اسم الحصري الخداد وابن ابى العوجاء ، وهذان الاسمان غير مذكورين في كتاب الفرق.

نعيم اهل الجنة ، ولا على ان يزيد في عذاب اهل النار شيئا ، ولا على ان ينقص من عذابهم شيئا ، لان الزيادة فيه والنقصان منه ظلم ، ولا يقدر على الظلم. وزعم أيضا انه غير قادر على اخراج احد من اهل الجنة عنها.

وقال أيضا انه لا يقدر ان يعمي بصيرا ، ولا على ان يمرض صحيحا ، ولا على ان يفقر غنيا اذا علم ان البصر والصحة والغنى اصلح لهم.

وزعم أيضا انه لا يقدر على ان يخلق حية او عقربا او جسما فعلم ان خلق غيره اصلح من خلقه.

ـ ثم قال : لو ان طفلا وقف على شفير جهنم لم يكن الله تعالى قادرا على طرحه فيها ، وقدرت الزبانية (١) على طرحه فيها ، وقد اكفرته (٢) البصرية من المعتزلة في هذا (٣) ، وقالوا : لا فرق بين قول النظام انه يكون من الله / تعالى ما لا يوصف بالقدرة على ضده وبين قول من زعم انه مطبوع على فعل لا يصح منه خلافه. وهذه الشناعة ساقطة عن اصحاب الحديث ، لانهم قالوا ان الله تعالى قادر على ما يصح حدوثه وعلى اخراج اهل الجنة منها ، وعلى اخراج المشركين من النار ، وانما اوجبوا التحليل من جهة طريق الخير ، ووصفوه بالقدرة على الزيادة في نعيم اهل الجنة وفي عذاب اهل النار ، وعلى ان ينقص منهما ، وقالوا : كل ما فعله من مقدوراته لا يكون شيء منه ظلما. فاما قدرته على كذب يكون به كاذبا فمحال ، لان صدقه من صفاته الأزلية ، وان كان هو الخالق لكذب غيره. كما انه لما كان علمه من صفاته الأزلية استحال ان يكون قادرا على جعل (٤) بصيرته جاهلا ، وان كان خالقا لجهل غيره (٥).

__________________

(١) الزبانية : «ملائكة غلاظ شداد» تطرح الهالكين الى النار الابدية ـ قرآن كريم ٦٦ : ٦.

(٢) اكفرته : الأصح كفرته.

(٣) الكلام من : ثم قال : «لو ان طفلا ... في هذا» غير وارد في كتاب «الفرق».

(٤) في المخطوط : جهل بصيرته جاهلا ، لا شك ان «جهل» هنا وردت خطأ من قبل الناسخ.

(٥) الكلام من «وهذه الشناعة ساقطة عن اصحاب الحديث ... الى لجهل غيره» غير وارد في كتاب «الفرق».

والفضيحة الثانية / من فضائح النظام قوله بان الانسان هو الروح ، وهو جسم لطيف مداخل هذا الجسم الكثيف ، مع قوله ان الروح هي الحياة ، وانه جوهر واحد غير متضاد. وفي هذا القول من الفضائح فنون ، منها ان الانسان لا يدرك بشيء من الحواس ، وانما يرى ويلمس الجسد الذي فيه الانسان. ومنها انه يوجب ان الصحابة ما رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وانما رأوا قالبا فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ويوجب ان احدا ما رأى اباه ولا أمه واخاه ، وانما رأى قوالبهم. واذا زعم ان الانسان غير قالبه لزمه مثل ذلك في الملائكة وفي كل حيوان : فلا يكون الذي قد رأى جبريل ، ولا احد رأى جمادا ولا فرسا ، وانما رأى قوالب هذه الحيوانات. وقيل له : اذا كان الانسان هو الروح وهو الزاني / السارق ، وهو غير الجسد ، والجلد والقطع وافعال على الجسد فقد قطع غير السارق ، وجلد غير الزاني (١).

والفضيحة الثالثة ، قوله بان الروح حي لنفسه ، ومستطيع لنفسه. فان أجاز على الروح الموت والعجز بطل قوله انه حي مستطيع لنفسه ، لوجود نفسه في حال موتها وعجزها. وان زعم ان الموت والعجز يحلان الجسد دون الروح ، فقد جعل الذي يموت من لم يكن حيا قط ، والذي يعجز من لم يكن قادرا قط. وان قال ان الروح تحيا وتقدر لنفسها ، وانما تموت او تعجز لانه يطرأ عليها (٢) لم ينفصل ممن قال ان الروح ميتة عاجزة لنفسها ، وانما يختار ويقدر بصفة يطرأ عليها.

والفضيحة الرابعة قوله بان الروح جنس واحد ، وافعالها جنس واحد ، وان الاجسام ضربان : حي وميت : وان الحي / منها محال ان يصير ميتا ، وان الميت منها محال ان يصير حيا. وانما اخذ هذا القول من الثنوية الديصانية (٣) في قولها ان النور من شأنه الارتفاع ، والظلام موات ثقيل من شأنه

__________________

(١) الكلام في هذه الجملة الاخيرة مضطرب. المقصود منه : الجلد والقطع لا يقعان على الجسد ، فيكون قد قطع غير السارق ، وجلد غير الزاني.

(٢) الكلام هنا ناقص ـ المقصود هنا : لانه يطرأ عليها الموت او العجز.

(٣) جاء في «الفرق» : بدر ص ١١٩ : الثنوية البرهانية ، الكوثري ص ٨٢ : الثنوية البرهمية ؛ عبد الحميد ص ١٣٦ : الثنوية البرهميّة.

التسفل ، ومحال ان يصير الميت الثقيل حيا خفيفا ، وان يصير الحي الخفيف ثقيلا ميتا. ثم ان النظام فسر هذه البدعة : فانه قال ان الحيوان كله جنس واحد (١) ، لا يفارقه في توليد الادراك ، فزعم ان الجنس الواحد لا يكون منه عملان مختلفان ، كما لا يكون من النار تبريد وتسخين ، ولا من الثلج تبريد وتسخين. وهذا تحقيق قول الثنوية ان النور يفعل الخير دون الشر ، وان الظلام يفعل الشر دون الخير ، وان الفاعل الواحد لا يفعل فعلين متضادين ، كما لا يكون من النار ولا من الثلج تبريد وتسخين معا. واعجب من هذا انه صنف / كتابا على الثنوية والزمهم فيه استحالة مزاج النور والظلمة إذ (٢) كانا عنده مختلفين في الجنس والعمل ، وكانت جهات حركتيهما مختلفة. ثم زعم ان الروح تداخل الجسد ، وهي خفيفة ، تتحول بطبعها الى فوق ، والجسد ثقيل متحرك الى اسفل. والمداخلة في المختلفين ابعد من المجاورة والمزاج بينهما.

والفضيحة الخامسة قوله بان النار من شأنها انها تعلو كل شيء (٣) ، وانها اذا سلمت من الشوائب (الحابسة) (٤) لها في هذا العالم ، علت وجاوزت السموات والعرش ، الى (٥) ان يلقاها من جنسها ما يتصل به. فلا تفارقه. وكذلك قال في الروح ، اذا فارق الجسد ارتفع واحيا ، وهذا معنى قول الثنوية ان الذي شاب من اجزاء النور بأجزاء الظلمة (٦) اذا انفصلت منها وارتفعت الى عالمها ، فان كان / ثبتت النار والروح عالما تخلصان إليه بعد الانفصال ، فهو ثنوي.

__________________

(١) في المخطوط : فأن ـ في كتاب الفرق الكلام من : «فان قال ان الحيوان كله جنس واحد ... الى آخر الفقرة» هو الفضيحة الخامسة (بدر ص ١٢٠ ، الكوثري ص ٨٣ ، عبد الحميد ص ١٣٧) بينما هنا ألحق هذا الكلام بالفضيحة الرابعة.

(٢) في المخطوط : اذا.

(٣) الكلام هنا خاص بالفضيحة السادسة في كتاب «الفرق» (بدر ص ١٢٠ ، الكوثري ص ٨٣ ، عبد الحميد ص ١٣٧).

(٤) جاء في المخطوط «الخامسة».

(٥) في المخطوط : الا.

(٦) «إذ الذي شاب من اجزاء النور باجزاء الظلمة اذا انفصل منها ارتفع الى عالم النور» كما جاء في كتاب «الفرق» (بدر ص ١٢١ ، الكوثري ص ٢٨٣ ، عبد الحميد ص ١٢٧). ولكن جاء في المخطوط هنا : ان الذي شاب من اخر النور بأجزاء الظلمة.

وان ثبتت فوق الهواء (١) دون القلل نارا يخلص إليها النيران المرتفعة من الارض ، فهو من اهل الطبائع الذين زعموا ان مسافة الهواء من فوق الارض ستة عشر ميلا ، ثم فوقه نار متصلة بالعلل يخلص إليها لهب النار ؛ فهو اما ثنوي واما طبيعي ، تدلّس نفسه في غمار المسلمين (٢).

والفضيحة السادسة له قوله بان افعال الحيوان كلها جنس واحد ، وهي كلها حركة (٣). والسكون عنده حركة اعتماد. والمعلوم والارادات عنده من جملة الحركات. والاعراض عنده جنس واحد ، وهي كلها حركات. فاما الالوان والطعوم والاصوات والخواطر ، فانها عنده اجسام مختلفة ، متداخلة. ويلزمه على هذا القول ان يكون / الايمان من جنس الكفر ، والعلم من جنس الجهل ، والحب من جنس البغض. ويلزمه ان يكون فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمؤمنين مثل فعل ابليس بالكافرين ، وان يكون دعوة احدهما مثل دعوة الآخر ومن جنسه. ويلزمه ان لا يغضب على من لعنه ، لان قول القائل : لعن الله النظام ، من جنس قوله : رحمه‌الله (٤).

والفضيحة السابعة قوله بان الروائح والالوان والطعوم والاصوات اجسام ، لان هذا القول اداه الى المداخلة على الاجسام ، وهي اجتماع جزءين في حيز واحد. ومن اجاز هذا لزمه دخول الجمل في سمّ الخياط (٥).

والفضيحة الثامنة قوله في الاصوات ، انه يستحيل ان يسمع اثنان صوتا واحدا الا على معنى انهما سمعا جنسا واحدا من الصوت كما يأكلان جنسا واحدا من الطعام وان كان / مأكول احدهما غير مأكول الآخر. انما الجأه الى هذا القول قوله بانه (٦) جسم ولا يجوز ان يهجم قطعة واحدة منه على سمعين ، وانما شبه

__________________

(١) جاء في المخطوط : الهوي.

(٢) قارن ما جاء في الفضيحة الخامسة هنا مع ما جاء في الفضيحة السادسة في كتاب الفرق (ط بدر ص ١٢٠ ـ ١٢١ ، الكوثري ص ٨٣ ، عبد الحميد ص ١٣٧).

(٣) ناقص «وسكون».

(٤) ما جاء هنا في الفضيحة السادسة مطابق تقريبا لما جاء في الفضيحة السابعة من كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٢١ ـ ١٢٢ ، الكوثري ص ٨٣ ـ ٨٤ ، عبد الحميد ص ١٣٨ مع بعض التوسع القليل في كتاب «الفرق»).

(٥) سمّ الخياط : الإبرة.

(٦) بانه : اي الصوت.

الصوت المسموع بالماء المصبوب على قوم ، فما يصب (١) على كل واحد منهم غير ما يصب على الآخر. ويلزمه على هذا ان لا يكون جماعة من الصحابة سمعت كلمة واحدة من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لان كل واحد منهم سمع جزءا من كلمته او من صوته ، وليس الجزء منها كلمة تامة.

والفضيحة التاسعة له قوله بانقسام لا الى غاية ، وفيه احالة احاطة علم الله تعالى باجزاء العالم ، بخلاف قوله (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (٢). وقد انكر النظام على الثنوية قولها ان الهمامة (٣) التي هي روح الكافر عندهم ، قطعت بلادها ووافت / درجات النور. وقال لهم : ان كانت بلادها لا تتناهى من جهة السفل ، فكيف قطعتها الهمامة؟ ثم زعم مع ذلك ان الروح اذا فارق البدن يقطع هذا العالم الى فوق ، واجزاء ما يقطعه غير متناهية ، ولا جل هذا قال بالطفرة (٤). وزعم ان القاطع للشيء يقطع بعضه ويطفر بعضه. ولا ينفصل على هذا من المانوية (٥) اذا قالوا ان الهمامة قطعت بعض بلادها وطفرت بعضها حتى وافت النور.

والفضيحة العاشرة له قوله بالطفرة ، وان الشيء يكون في مكان ، فيصير منه الى المكان الثالث او العاشر منه من غير ان يمر بالوسط. ونحن نتحاكم إليه في إحالة هذا القول وان كان التحكيم بعد ابي موسى خارجا من الحزم.

والفضيحة الحادية عشر له قوله لا يعلم / باخبار الله تعالى ، ولا باخبار رسوله ، ولا باخبار اهل دينه شيء. وانما الجأه الى ذلك قوله بانه لا يعلم شيء من الاجسام والالوان بشيء من الاخبار. وقال ان المعلومات ضربان : محسوس وغير محسوس ، منها اجسام فحسب ، ولا يصح العلم بها الا من جهة الحس. وغير

__________________

(١) في المخطوط : فيصب ـ الصح : فما يصب.

(٢) سورة الجن ؛ مكّية ٢٨.

(٣) جاء في المخطوط «الهامة» وكذلك في ط. الكوثري ص ٨٤ ، وط. عبد الحميد ص ١٣٩ ؛ ولكن في ط. بدر ص ١٢٣ جاء «الهمّامة» وجاء أيضا «الهمامة» في كتاب الانتصار للخياط (انظر ص ٣١ من طبعتنا لهذا الكتاب) وفي هذا المخطوط هنا يوضح معنى «الهمامة» فيقول : «هي روح الكافر عندهم» ، بينما في باقي المراجع جاء : «الهمامة التي هي روح الظلمة عندهم».

(٤) فيما يتعلق بالطفرة انظر «الملل والنحل» للشهرستاني ١ : ٦٣ وكذلك الايجي : «المواقف» ص ١٩١ والاشعري : «مقالات الاسلاميين» ٢ : ١٨ (تحقيق عبد الحميد ـ طبعة القاهرة ١٩٥٤.

(٥) في المخطوط : المامونية.

المحسوس شيئان : قديم وعرض ، وطريق العلم بهما النظر دون الخبر. فقيل له : على هذا الأصل ، كيف عرفت ان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسائر الأنبياء والملوك كانوا في الدنيا؟ فقال : ان الذين شاهدوه اقتطعوا منه حين رأوه قطعة توزعوها بينهم ووصلوها بارواحهم ، فلما اخبروا التابعين عن وجوده خرج منهم مفرق تلك القطعة فاتصل بالتابعين ، فعرفوه به عند خبرهم لاتصال / ارواحهم بحرفيه. وهكذا قصة الناقلين عن التابعين ، ومن بعدهم الى ان وصل إلينا. ـ فقيل له : قد علمت اليهود والنصارى وسائر الكفرة بكون نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقد اتصلت (قطعة منه) بارواحهم ، ويجب اتصال قطعة من المشركين الذين في النار اذا سمع كل واحد من الفريقين خبر الآخر! ـ وكفاه بهذا خزيا (١).

والفضيحة الثانية عشر (٢) له : قوله بان الله تعالى خلق الناس والبهائم والجمادات والنبات في وقت واحد ، وان خلق آدم لم يتقدم خلق اولاده. غير ان الله عزوجل اكمن بعض الأشياء في بعض والتقدم والتأخير انما يقع في ظهور الاشياء من أماكنها دون اختراعها. وهذه البدعة زائدة على قول من قال من الرافضة المعني به ان الله تعالى خلق ظلال الناس / معا ، ثم عرض عليهم بيعة علي (٣). وفيه تكذيب لما اجتمع عليه المسلمون واهل الذمة من ان الله تعالى خلق اللوح والقلم قبل سائر خلقه. وقوله بكمون (٤) بعض الاجسام في بعض شيء من قول من قال من الدهرية بكمون الاعراض في الاجسام ، وزعم ان تغير الجسم من

__________________

(١) ما جاء في الفضيحة الحادية عشرة هنا متفق مع ما جاء في الفضيحة الثانية عشرة في كتاب «الفرق» مع بعض الايجاز هنا (انظر «الفرق» ط. بدر ص ١٢٥ ـ ١٢٦ ، الكوثري ص ٨٥ ـ ٨٦ ، عبد الحميد ص ١٤٠ ـ ١٤١). يضاف هنا (قطعة منه) لتوضيح للعنى.

(٢) لم يذكر في المخطوط هنا ما جاء في الفضيحة الثالثة عشرة في كتاب «الفرق» ما حكاه الجاحظ عنه من قوله بتجدد الجواهر والاجسام حالا بعد حال (انظر «الفرق» ط. بدر ص ١٢٦ ، الكوثري ص ٨٦ ، عبد الحميد ص ١٤١) فلم تذكر هذه المسألة قط في المخطوط هنا. ـ اما الفضيحة الثانية عشرة الواردة في المخطوط هنا تقابل الفضيحة الرابعة عشرة الواردة في كتاب «الفرق» (انظر «الفرق» بدر ص ١٢٧ ، الكوثري ص ٨٦ ، عبد الحميد ص ١٤٢).

(٣) الكلام من «وهذه البدعة زائدة ... الى بيعة علي» غير وارد في كتاب «الفرق».

(٤) بكمون : جاء في المخطوط : يكون.

حال الى حال انما يكون بظهور بعض الاعراض وكمون بعضها فيه.

والفضيحة الثالثة عشر (١) له قوله بان نظم القرآن غير معجز ، وانما وجه الدلالة منه على صدق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما فيه من الاخبار عن الغيوب. وزعم ان العباد قادرون على مثل القرآن وعلى ما هو افصح منه. وفي هذا ابطال اعجاز القرآن.

والفضيحة الرابعة عشر (٢) له قوله بان التواتر غير موجب العلم / الضروري.

والفضيحة الخامسة عشر (٣) له قوله يجوز اجتماع الامة على الباطل من جهة الرأي. وكان مع هذا مبطلا للقياس الشرعي ، وغير قائل باخبار الآحاد ، فاذا لم يزمع هذا حجة الاجماع ولا حجة التواتر ، (فما) اراد الا رفع احكام الشريعة بقوله (او) بما يؤدي إليه (٤).

والفضيحة السادسة عشر (٥) له ما حكاه عنه الجاحظ في كتاب «المعارف» ، وفي كتاب «الفتيا» من طعنه على خيار الصحابة ، وانه زعم ان أبا هريرة كان اكذب الناس ، وادعى ان عمرا شك يوم الحديبية في دينه ، وانه كان فيمن يقر بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة العقبة (٦) ، وانه ضرب فاطمة ومنع ميراث العترة (٧) ، وعذب نصر بن الحجاج ، وحرم نكاح الموالي للعربيات ، وابدع

__________________

(١) الفضيحة الثالثة عشرة هنا تقابل الفضيحة الخامسة عشرة في كتاب «الفرق» (انظر بدر ص ١٢٨ ، الكوثري ص ٨٧ ، عبد الحميد ص ١٤٣).

(٢) ما جاء هنا في الفضيحة الرابعة عشرة هو ملخص لما جاء في الفضيحة السادسة عشرة في كتاب «الفرق بين الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٢٨ ، ط. الكوثري ص ٨٧ ، عبد الحميد ص ١٤٣).

(٣) ما جاء في الفضيحة الخامسة عشرة هنا يوجز ما جاء في الفضيحة السابعة عشرة في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٢٩ ، الكوثري ، ص ٨٧ ، عبد الحميد ص ١٤٣).

(٤) ورد في المخطوط : فاذا لم يزمع هذا حجة الاجماع ولا حجة التواتر ، فمن اراد الا رفع احكام الشريعة لقوله بما يؤدي إليه ـ وهذا كلام مبهم حاولنا توضيحه بما وضعناه بين قوسين.

(٥) ما ورد في الفضيحة السادسة عشرة هنا جاء ذكره في كتاب «الفرق» في الفضيحة الحادية والعشرين بعد الكلام عن الطلاق وترك الصلاة (انظر ط بدر ص ١٣٣ ، الكوثري ص ٨٩ ، عبد الحميد ص ١٤٧ ـ ١٤٨).

(٦) الليلة التي فيها تمت البيعة للنبي (ابن هشام ١ : ١٥١ ، ١٥٣).

(٧) جاء في ط. بدر ص ١٣٣ «الفترة» وفي ط. الكوثري ص ٨٩ «الضرة» وفي عبد الحميد ص ١٤٨ «العترة» ويرجح عبد الحميد ان الأصح هو «العترة» وهنا في المخطوط أيضا «العترة». العترة : عترة الرجل : اخص اقاربه ـ ابن الأثير (النهاية) ٣ : ٦٥

صلاة التراويح (١) ، ونهى / عن متعة الحج (٢) ، وعاب عثمان بإيوائه الحكم بن العاص ، وتوليته الوليد بن عقبة الكوفة ، وأنّه استأثر بالحمى (٣) وثلب عليا بقوله في بقرة قتلت حمارا : اقول فيها برأيي ، وعاب ابن مسعود بقوله في حديث تزويج بنت واشق (٤) : اقول فيها برأيي وعابه بروايته عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ان السعيد من سعد في بطن أمه ، والشقي من شقى في بطن أمه». وزعم ان هذا كذب منه ، وكذّبه في روايته انشقاق القمر (٥) ، وفي رواية الجن (٦) ، وما للصحابة عند هذا الطاعن ذنب غير انهم كانوا موحّدين لا ملحدين مثله. وانشقاق القمر ان احاله فقد احال تفريق اجزاء جسم مؤلف ، وان اجاز انشقاقه عقلا ، فما المانع من وقوعه مع ورود الخبر به؟ واما رواية الجن فان احالها / لزمه ان لا يرى الجن بعضهم بعضا ، وان اجازها لم ينكر وقوعها لبعض الناس ، كما رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الملائكة دون الناس. وحديث السعادة والشقاوة صحيح وان رغم انفه في طعنه على الصحابة كما قيل : وهل يضرّ السحاب نباح الكلاب؟ وكقول الآخر : هل يضر البحر لسان اجرب ان رمى فيه وليد بحجر (٧) ـ وكقول الثالث : «ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها ، أم بلت حيث تناطح البحران» (٨).

__________________

(١) صلاة التراويح : جمع ترويحة وهي الجلسة التي بعد اربع ركعات في ليالي رمضان (صحيح مسلم ٢ : ١٧٦).

(٢) الزيجة المؤقتة في وقت الحج.

(٣) أراض لبيت المال محمية لمواشيه ، فزعم أن عثمان خصّ بها نفسه (راجع : ph.hitti originso ftheislamicstate ,p٢٣).

(٤) جاء في كتاب الفرق ، ط. بدر ص ١٣٤ «في حديث تزويج بنت واشق» وفي ط. الكوثري ص ٩٠ «في حديث تزويج بروع بنت واشق» وفي ط. عبد الحميد ص ١٤٨ «في حديث تزويج بروع بنت واشق». وفي مختصر الفرق ط. حتّى ص ١٠٧ «في حديث بروع بنت واشق» مع التعليق الآتي : العبارة مشوهة ، والشهرستاني ١ : ٧٣ اغفل هذه الرواية ، اما ابن مسعود ، فهو عبد الله ، ذكره الطبري ١ : ٢٣٧٦ ، والبلاذري ٢٧٣) ه تعليق فيليب حتّى.

(٥) القرآن ٥٤ : ١ «اقتربت الساعة وانشق القمر».

(٦) القرآن ٧٢ : ١ ـ ٦.

(٧) هذا القول الآخر غير وارد في كتاب «الفرق».

(٨)

ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها

أم بلت حيث تناطح البحران

يوما إذا خطرت عليك قرونهم

تركتك بين كلاكل وجران

وكقول حسان : ما أبالي أنبّ بالحزن تيس (١).

والفضيحة السابعة عشر (٢) له قوله في باب الوعيد ان من اخذ بالخيانة مائة وتسعة وتسعين درهما او سرقها لم يفسق بذلك حتى يكون مائتي درهم فصاعدا ، فان ثني على هذا ما يقطع فيه اليد. فما قال احد من فقهاء الامة ان نصاب القطع مائتان ، وانما / اوجب الشافعي القطع بربع دينار او قيمته ، واوجبه (بعضهم) بربع دينار او ثلاثة دراهم. واوجبه بعضهم بأربعين درهم ، واوجبه ابو حنيفة بما قيمته عشرة دراهم ، واوجبت الاباضية القطع في القليل والكثير ، وما علقه احد بمائتي درهم. ولو كان التفسيق معتبرا بالقطع لوجب ان لا يفسق غاصب الف دينار ، ولا سارق من غير حرز ، لانه لا قطع عليهما. وان اعتبره بالزكاة لزمه تنسيق من الحنطة ما فيه الزكاة وان كانت قيمته دون مائتي درهم.

والفضيحة الثامنة عشر (٣) ، ضلالته في الفقه ، وقد زعم ان الطلاق او لم ينوه (٤) خلاف قول الامة (انه) مع النية طلاق ، فقد قال بعضهم (٥) بان الكنايات في حال الغضب كالصريح. وزعم (إن) من ظاهر من امرأته بذكر البطن / والفرج

__________________

جاء هذان البيتان في كتاب «الانتصار» للخياط المعتزلي (ط. نيبرغ ص ١٧٣) ويردهما الخياط للاخطل. ـ واستشهد بالبيت الأول الجاحظ في كتاب الحيوان (ط. مصر ١٩٠٧) ١ : ٧.

(١) البيت لحسان بن ثابت وهو :

ما أبالي أنبّ بالحزن تيس

أم لحاني يظهر غيب لئيم

(نبّ التيس : صاح عند هياجه).

(٢) ما جاء في الفضيحة السابعة عشرة هنا يقابل ما جاء في الفضيحة الثامنة عشرة في كتاب «الفرق» (انظر طبعة بدر ص ١٢٩ ـ ١٣٠ ؛ الكوثري ص ٨٧ ـ ٨٨ ؛ عبد الحميد ص ١٤٤).

(٣) الفضيحة الثامنة عشرة هنا تقابل الفضيحة الحادية والعشرين في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٣١ ـ ١٣٢ ، الكوثري ص ٨٩ ؛ عبد الحميد ص ١٤٥ ـ ١٤٦).

(٤) الكلام هنا موجز للغاية ومبهم اذ انه ناقص ؛ اما ما جاء في كتاب «الفرق» فقد يوضحه : «قوله ان الطلاق لا يقع بشيء من الكنايات كقول الرجل لامرأته انت خلية ، او برية ، أو حبلك على غاربك ، او الحقي بأهلك ، او اعتدى او نحوها من كنايات الطلاق عند الفقهاء ، سواء نوى بها لطلاق او لم ينوه» (انظر ط. بدر ص ١٣٢ ، الكوثري ص ٨٩ ، عبد الحميد ص ١٤٥ ـ ١٤٦).

(٥) فقهاء العراق ـ كما جاء في «الفرق» (ذات المراجع السابقة الذكر في ٤).

انه لا يكون مظاهرا. وزعم ان النوم كيفما كان لا ينقض الطهارة ، واحتج بابي موسى الأشعري في ذلك مع تفسيقه اياه في التحكيم. وزعم ان من ترك صلاة مفروضة او صلوات لم يلزمه قضاءها. وقد كفر سلف الامة من قال بذلك ، وفي التابعين من اوجب لفوات صلاة واحدة قضاء الف صلاة ، وبه قال سعيد ابن المسيب ، واوجب بعضهم بها قضاء صلوات يوم وليلة. وكان النظّام اضمر سقوط وجوب الصلوات ، فلم يجسر على اظهار هذه البدعة ، فاسقط القضاء ، لان سقوطه يوجب سقوط وجوب الاداء.

ـ ومن فضائح (١) النظام في المعاد قوله بان العقارب والحيات والخنافس والحشرات والكلاب تحشر الى الجنة ، ولا يكون لمن مات من / اطفال الأنبياء عليهم‌السلام عليها فضل في نعيم الجنة ، لانه لا عمل لهم كما لا عمل لها ، ولا يجوز التفضيل عنده الا من جهة العمل ، ولم يرض بالحجر على ربه في ذلك حتى زعم انه لا يقدر على تفضيل الاطفال على البهائم في نعيم الجنة. وقلنا انه ينبغي ان لا تغضب على من دعا لك فقال : حشرك الله الى مأوى الكلاب والخنازير والقرود ان كان جميع هؤلاء في الجنة عندك.

ـ ثم انه مع ضلالاته (٢) كان افسق خلق الله في زمانه ، وذكر القتيبيّ (ابن قتيبة) (٣) في كتاب «اختلاف الحديث» : انه كان يغدو على سكر

__________________

(١) هنا يبدأ كلام خاص بالفضيحة التاسعة عشرة حسب ترتيب المخطوط ، وهذه الفضيحة تقابل الفضيحة العشرين في كتاب «الفرق» (بدر ص ١٣١ ، الكوثري ص ٨٨ ، عبد الحميد ص ١٤٥).

(٢) الكلام ابتداء من «ثم انه مع ضلالاته كان افسق خلق الله الى النهاية» وارد في أواخر الفضيحة الحادية والعشرين في كتاب «الفرق» (انظر ط بدر ص ١٣٥ ـ ١٣٦ ، ط. الكوثري ص ٩١ ، عبد الحميد ص ١٤٩ ـ ١٥٠).

(٣) عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، الدينوري ويقال المروزي النحوي اللغوي ، ولد ابوه بمرو فلذلك يقال له المروزي ، وتولى قضاء الدينور ردحا من الزمان فلذلك يقال له الدينوري ، ويقال له أيضا القتيبي (كما هو وارد في المخطوط هنا) أو القتبي نسبة الى جده قتيبة ، ولد في مستهل رجب من سنة ٢١٣ وسكن بغداد مدة وحدث بها عن اسحاق بن راهويه. وقد توفي على الأرجح في منتصف رجب سنة ٢٧٦ (العبر ٢ : ٥٦ ـ فهرست ابن النديم ص ١٢١ ط. مصر).

ويروح على سكر ، وأنشد من خمرياته قوله :

ما زلت آخذ روح الزّقّ في لطف

وأستبيح دما من غير مذبوح

حتّى انثنيت ولي روحان في جسدي (١)

والزّقّ مطروح (٢) جسم بلا روح

/ ومن كانت هذه بدعه كفاه بها خزيا.

ذكر الاسوارية منهم

كان علي الاسواري (٣) من اتباع ابي الهذيل على ضلالته ، ثم انتقل الى بدعة النظام وزاد عليه بدعة عظيمة ، وهي قوله ان الله تعالى لا يقدر ان يفعل ما علم انه لا يفعله. والسبب في ذلك انه قال يوما للنظام : هل يقدر الله تعالى على فعل الظلم والكذب؟ ـ فقال : لو كان قادرا عليهما (بذر) (٤) لعله قد ظلم او كذب فيما مضى ، او لعله يجوز أو يكذب في المستقبل ، ولم يكن لنا من جوره وكذبه امان الا من جهة حسن الظن به. واما دليل نومن منه ، فلا ، لان الدليل لا يخرجه من قدرته عليه (٥) ، ومتى قدر عليه صح ان يفعله. فقال له الاسواري : يلزمك على هذا الاصل ان لا يقدر على ان يفعل ما / علم او خبر بانه لا يفعله ، وان كان ذلك من حسن ما قد فعله في الصلاح ، وان اجزت قدرته على ذلك فما يؤمنك من فعله؟ فقال له النظام : هذا لازم من قولك فيه. فقال : انا اسوي بينهما فاقول انما لا يقدر على الجور والكذب ولا على ان يفعل ما علم انه لا يفعله. فاكفره النظام وابو الهذيل في ذلك ، واكفرهما.

__________________

(١) بدن («الفرق» ط. بدر ص ١٣٦ ، الكوثري ص ٩١ ، عبد الحميد ص ١٥٠).

(٢) مطّرح ، (في «الفرق» ـ ذات المراجع).

(٣) جاء في هامش ٢ لصفحة ١٥١ من طبعة عبد الحميد : «علي الاسواري كان من اصحاب ابي الهذيل واعلمهم ، ثم انتقل الى النظام ، وروى انه صعد بغداد لفاقة لحقته ، فلقي النظام ، فسأله : ما جاء بك؟ فقال : الحاجة. فأعطاه الف دينار وقال له : ارجع من ساعتك. فيقال ان النظام خاف ان يراه الناس فيفضلوه عليه (طبقات المعتزلة ص ٧٢).

(٤) هكذا في المخطوط. ويمكن حذف هذه الكلمة دون التأثير على المعنى.

(٥) عليه : الجور او الكذب. والاصح : عليهما.

وقال اصحابنا : لا فرق بين قول الاسواري ان الله لا يقدر على ترك ما نفع منه وبين قول من يزعم انه مطبوع على ما نفع منه ، لانه لا يتوهم منه تركه ، ولا فعل غيره (١).

ذكر الاسكافية منهم

هؤلاء اتباع ابي جعفر محمد بن عبد الله الاسكافي (٢). والذي تفرد من البدع من سائر القدرية بقوله بان الله تعالى انما يوصف بالقدرة على ظلم / المجانين والاطفال ولا يقدر على العقلاء. فخرج عن قول النظام والاسواري بانه لا يقدر على الظلم بحال. وخرج عن قول المعتزلة البصرية بانه قادر على الظلم والكذب ،

__________________

(١) ما ذكر هنا في المخطوط اوسع مما جاء في كتاب الفرق (انظر «الفرق» ط. بدر ص ١٣٦ الكلام عن الاسوارية ساقط ؛ الكوثري ص ٩١ ، عبد الحميد ص ١٥١ ، حيث جاء : الاسوارية هم اتباع علي الاسواري وكان من اتباع ابي الهذيل ثم انتقل الى مذهب النظام وزاد عليه في الضلالة بان قال : ان ما علم الله ان لا يكون لم يكن مقدورا لله تعالى ؛ وهذا القول منه يوجب ان تكون قدرة الله متناهية ، ومن كان قدرته متناهية كان ذاته متناهية ، والقول به كفر من قائله.

وجاء في مختصر الفرق ص ١٠٩ : «الاسوارية اتباع علي الاسواري وكان من اتباع ابي الهذيل. ثم انتقل الى مذهب النظام وزاد عليه في الضلالة ـ جاء في كتاب طبقات المعتزلة تأليف احمد بن يحيى بن المرتضى ـ تحقيق سوسنة ديفلد ـ فلزر ـ بيروت ١٩٦١ م ص ٧٢ : «ومنها علي الاسواري ، قال ابو القاسم : وكان من اصحاب ابي الهذيل واعلمهم فانتقل الى النظام ، وروي انه صعد بغداد لفاقة لحقته ، فقال النظام : ما جاء بك؟ فقال : بحاجة. فاعطاه الف دينار وقال له : ارجع من ساعتك ؛ فقيل انه خاف ان يراه الناس فيفضّل عليه».

الاسواري هو ابو علي عمرو بن قائد الاسواري ، انظر المقريزي ٢ : ٣٤٦ ، وهو منسوب الى قرية من قرى اصبهان ـ الأسيوطي : «لب الألباب في تحرير الأنساب» (ليدن ١٨٤٠) ص ١٥ ، و «مراصد الاطلاع» ١ : ٦٤

(٢) جاء في هامش ٢ لصفحة ١٦٩ من طبعة عبد الحميد : «هو ابو جعفر محمد بن عبد الله الاسكافي ، ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة السابعة ، وقال عنه : كان الاسكافي خياطا ، وكان عمه وأمه يمنعانه من الاختلاف في طلب العلم ويأمرانه بلزوم الكسب. فضمه جعفر ابن حرب الى نفسه ، وكان يبعث الى أمه كل شهر عشرين درهما حتى بلغ ما بلغ. وروي عن أبي الحسين الخياط ان الاسكافي مات في سنة ٢٤٠ ه‍ (انظر طبقات المعتزلة ص ٧٨).

غير انه لا يفعلهما لعلمه بقبحهما ، وغناه عنهما. فجعل بين القولين منزلة لقوله انه (قادر) (١) على ظلم المجانين والاطفال ، ولا يقدر على ظلم العقلاء. وقد اكفره اصحابه في ذلك واكفرهم.

ومن بدع الاسكافي أيضا قوله : يجوز ان يقال ان الله خلق (الطاعة والمعارف) وان كان هو الخالق لها (٢).

وقد روى بعض المعتزلة في كتابه ان محمد بن الحسن رأى الاسكافي يوما راجلا ، فنزل له عن دابته. وهذا من كذب القدرية على محمد. وكيف يصنع محمد بن الحسن هذا الصنيع بمعتزلي اعاد الصلاة؟

كذلك / روى عنه هشام بن عبد الله الرازي ، وروى هو عن يحيى بن اليمن عن ابي يوسف القاضي انه سئل عن المعتزلة ، فقال لهم : زنادقة. وذكر الشافعي في كتاب «القياس» رجوعه عن قبول شهادة المعتزلة (٣).

ذكر الجعفرية منهم

هؤلاء اتباع جعفرين ، احدهما جعفر بن حرب (٤) ، والآخر جعفر بن

__________________

(١) ناقص في المخطوط ؛ ولا بد من هذا اللفظ لتوضيح المعنى.

(٢) الكلام هنا مبهم ـ والقول هنا الخاص بان الله خلق الطاعة والمعارف ... غير وارد في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٥٥ ـ ١٥٦ ، الكوثري ص ١٠٢ ، عبد الحميد ص ١٦٩).

(٣) هاتان الروايتان الواردتان هنا باختصار مذكورتان بتوسع في كتاب «الفرق» (ذات المراجع المذكورة في رقم ٢).

(٤) هو ابو الفضل جعفر بن حرب ، ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة (انظر طبقات المعتزلة تحقيق سوسنة ديفلد فلزر ص ٧٣ ـ ٧٦) «وميزان الاعتدال» رقم ١٤٩٧ ، وقد جاء في هامش ١ لصفحة ١٦٧ من طبعة عبد الحميد لكتاب «الفرق» :

ـ جعفر بن حرب ، هو ابو الفضل ، ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة ، وذكر ان له كتبا كثيرة في الجلي من علم الكلام والدقيق ، ومن اخباره التي حكاها ابن المرتضى انه حضر مجلس الواثق العباسي للمناظرة. فحضر وقت الصلاة فقاموا لها وتقدم الواثق يصلي بهم ، فتنحى جعفر بن حرب فنزع خفيه وصلى وحده ، وكان اقربهم إليه يحيى بن كامل. فجعلت الدموع تسيل من عيني يحيى خوفا على جعفر من القتل ، قال : ثم لبس جعفر خفيه وعاد الى المجلس واطرق. ثم اخذوا في المناظرة ، فلما خرجوا قال له القاضي احمد بن ابي داود :

مُبَشّر (١) ، وهما صاحبا ابي موسى المردار (٢). ـ والعصا منها العصية ، ولا تلد الحية الا الحية (٣).

فاما ابن مبشر ، فانه كان مع كفره في القدر ، زعم ان في فساق هذه الامة من هو شر من اليهود والنصارى والمجوس والزنادقة ، هذا مع قوله ان الفاسق لا مؤمن ولا كافر. فجعل من ليس بكافر شرا من الكافر ، والموحد شرا من الثنوي.

وزعم أيضا ان اجماع الصحابة على جلد / شارب الخمر خطأ ، لانهم اجمعوا عليه برأيهم. وشارك بهذا الخوارج في اسقاط حد الخمر ، وقد اجمعت الامة قبله على تكفير من اسقط حد الخمر ، كما قالوا بتكفير من اسقط الرجم (٤) ،

__________________

ان هذا (يريد الواثق) لا يحتملك على هذا الفعل ، فان عزمت عليه فلا نحضر مجلسه. فقال جعفر : ما اريد الحضور لو لا انك تحملني عليه. فلما كان المجلس الثاني نظر الواثق ثم قال : اين الشيخ الصالح؟ فاعتذر عنه ابن ابي داود. ولم يحضر جعفر مجلسه بعد ذلك (طبقات المعتزلة ص ٧٣ ـ ٧٦ ، ميزان الاعتدال رقم ١٤٩٧).

(١) هو ابو محمد جعفر بن مبشر الثقفي ، ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة السابعة مع جعفر بن حرب (انظر طبقات المعتزلة ص ٧٦ ـ ٧٧).

وقال ابن المرتضى عنه : بلغ في العلم والعمل هو وجعفر بن حرب حتى كان يضرب بهما المثل فيقال : علم الجعفرين وزهدهما. وذكر ان الواثق قال يوما لابن ابي دؤاد : لم لا تولي اصحابي (يريد المعتزلة) القضاء كما تولى غيرهما؟ فقال : يا امير المؤمنين ان اصحابك يمتنعون من ذلك ، وهذا جعفر بن مبشر وجهت إليه بعشرة آلاف درهم فأبى ان يقبلها. فذهبت إليه بنفسي واستأذنت ، فأبى ان يأذن لي ؛ فدخلت إليه بغير اذن ، فسل سيفه في وجهي وقال : الآن حلّ لي قتلك. فانصرفت عنه. فكيف أولي مثله القضاء؟ (طبقات المعتزلة ص ٧٦ ـ ٧٧ ، ميزان الاعتدال رقم ١٥١٧).

(٢) لم يذكر ذلك في «كتاب الفرق».

(٣) جاء ذكر هذا المثل في «كتاب الحيوان» للجاحظ ١ : ٤ (طبعة مصر سنة ١٣٢٣ ه‍).

(٤) قال بعض الفقهاء ان «الخمر» اي عصير العنب هو المحرم ، اما «النبيذ» او «الشراب» وهو عصير غير العنب كالتفاح والتمر فشربه حلال. راجع goldziher : ledogme ـ ص ٥٤ ـ والخمر النيء هو عصير العنب اذا لم يطبخ على النار بل ترك يختمر لنفسه. اما عصير العنب اذا عولج على النار فله احكام خاصة.

«كما قالوا بتكفير من اسقط الرجم» غير وارد في «الفرق» اما ما يتعلق بشارب الخمر فقد ورد في كتاب «الفرق» (انظر الفرق ط. بدر ص ١٥٣ ، الكوثري ص ١٠١ ، عبد الحميد ص ١٦٨).

وانما اختلفوا في حد شارب النبيذ اذا لم يسكر منه ، فقد وجب عليه الحد عند فريقي الرأي والحديث (١).

وزعم هذا المبتدع أيضا : من سرق حبة وما دونها فهو فاسق مخلد في النار ، منخلع من الايمان. وخالف بذلك اسلافه الذين قالوا بغفران الصغائر مع اجتناب الكبائر (٢).

وزعم أيضا ان رجلا لو بعث الى امرأة رسولا (٣) ليتزوجها فجاءته ، فوطئها من غير عقد لم يكن عليه حد ، وكان وطئه اياها طلاقا اذا كانت نيته انه انما احضرها على سبيل النكاح. وقال بعض المعتزلة انه انما اسقط / الحد عن المرأة وانه اوجبه على الرجل لانه زان. وهذا القائل جاهل بان المطاوعة للزاني زانية. وانما اختلف الفقهاء فيمن اكره امرأة على الزنا : فاوجب الشافعي عليه الحد دونها ، واوجب لها مهر مثلها ، وعليها العدة. واوجب غيره الحد عليه واسقط المهر. ولم يسقط احد من السلف الحد عن المطاوعة في الزنا ، كما اسقط بن مبشر. وكفاه بهذا خزيا.

واما جعفر بن حرب فانه جرى على ضلالات المردار ، وزاد عليه قوله بان بعض الجملة غير الجملة (٤) وان يد الانسان غير الانسان. ويلزمه على هذا ان تكون الجملة غير نفسها لان كل بعض لها (هو) غيرها عنده (٥).

__________________

(١) فريق اهل الرأي من الفقهاء هم مجتهدو العراق ، وفريق أهل الحديث مجتهدو الحجاز (الشهرستاني الملل ٢ : ٤٥ ـ ٤٦).

(٢) الكلام هنا متفق مع ما جاء في كتاب «الفرق» (ذات المراجع التي في رقم ٤ من الصفحة السابقة).

(٣) لم يأت ذكر «رسول» في كتاب «الفرق» (انظر الفرق ط. بدر ص ١٥٤ ، الكوثري ص ١٠١ ، عبد الحميد ص ١٦٨).

(٤) يريد : ان بعض الجملة هو غير الجملة.

(٥) هذا الكلام مختصر لما جاء في كتاب «الفرق» (ذات المراجع التي في رقم ٣).

ذكر البشرية منهم

هؤلاء اتباع بشر بن المعتمر (١). وقد كفره سائر المعتزلة / بامور ، واكفره اصحابنا بامور سواها. فما اكفرته المعتزلة في قوله بان الله تعالى قادر على لطف لو فعله بالكافر لآمن طوعا. واكفروه بقوله ان الله لو خلق العقلاء ابتداء في الجنة والنعيم وتفضّل بذلك عليهم لكان ذلك اصلح لهم. واكفروه في قوله ان الله لو علم من عبده انه لو ابقاه لآمن ، لكان ابقاؤه اياه اصلح له من ان يميته كافرا. واكفروه في قوله ان الله لم يزل مريدا ، وفي قوله ان الله اذا علم حدوث الشيء ولم يمنع منه ، فهو مريد لحدوثه.

وهذه المسائل الخمس التي اكفره فيها البصريون فان الحق فيها عندنا مع بشر ، والمكفر فيها له فهو الكافر دونه (٢).

ونحن نكفر بشرا في امور منها قوله ان الله تعالى ما اولى مؤمنا في حال ايمانه ولا عادى كافرا في حال كفره. وهذا خلاف / قول الجميع ، لأن اصحابنا قالوا ان الله تعالى لم يزل مواليا لمن علم انه يكون عند وجوده وليا له ، ومعاديا لمن علم انه اذا خلقه وأماته يموت كافرا. واما اسلاف المعتزلة فانهم قالوا ان الله لا يولي احدا قبل وجود معصيته ، وانما يكون مواليا للعبد في حال وجود الطاعة ،

__________________

(١) هو ابو سهل ، بشر بن المعتمر ، الهلالي ، من اهل بغداد ، وقيل : بل من أهل الكوفة. ولعله كان كوفيا ثم انتقل الى بغداد ، وهو رئيس معتزلة بغداذ ـ وله قصيدة اربعون الف بيت ردّ فيها على جميع المخالفين ـ وقيل للرشيد انه رافضي فحبسه ، فقال في الحبس شعرا (من الرجز) :

لسنا من الرافضة الغلاة

ولا من المرجئة الحفاة

لا مفرطين بل نرى الصّديقا

مقدّما والمرتضى الفاروقا

نبرأ من عمرو ومن معاوية.

الى آخر ما ذكره ، فلما بلغت الرشيد افرج عنه (طبقات المعتزلة ، تحقيق سوسنة ديفلد ـ فلزر ، ص ٥٢ ـ ٥٤).

(٢) الكلام الى هنا مطابق لما جاء في كتاب «الفرق» (انظر كتاب «الفرق» ط. بدر ص ١٤١ ـ ١٤٢ ، ط. الكوثري ص ٩٥ ، ط. عبد الحميد ص ١٥٦).

ومعاديا له عند وجود المعصية منه. وخرج بشر عن القولين ، فزعم انه يواليه في الحال الثالثة من وجود طاعته ، ويعاديه في الثاني من حال وجود كفره.

وقال : لو جاز ان يوالي او يعادي العبد في حال وجود ايمانه او كفره لجاز ان يثيبه او يعاقبه في حال وجود ايمانه او كفره. وقد قال اصحابنا ان ذلك جائز عندنا ، وانما يتوجه الزامه على من اوجب من المعتزلة / تأخير الثواب والعقاب عن العمل.

والفضيحة الثانية من فضائح بشر افراطه في التولد في قوله ان الانسان يصح ان يخلق لونا وطعما ورائحة وسمعا ورؤية بالتولد اذا فعل اسباب هذه المعاني. وكذلك قوله في الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. واكفره اكثر المعتزلة بذلك.

والفضيحة الثالثة له قوله بان الله تعالى يغفر للعاصي ذنبه ، ثم يعود فيما غفر له فيعذبه عليه اذا عاد الى معصيته. فسئل على هذا عن كافر تاب عن كفره ثم شرب الخمر بعد اسلامه من غير استحلال وعافصه الموت قبل توبته من الخمر. فزعم ان الله تعالى يعذبه في القيمة (القيامة) على الكفر الذي قد تاب منه. فقيل له : يجب على هذا ان يكون عذاب العاصي من اهل ملة الاسلام مثل عذاب الكافر. فالتزم ذلك.

والفضيحة الرابعة انه / قال ان الله قادر على ان يعذب الطفل ظالما في تعذيبه اياه ، ولو فعل ذلك لكان الطفل بالغا عاصيا مستحقا للعقاب. وهذا في التقدير كأنه يقول انه قادر على ان يظلم ويكذب ، ولو ظلم وكذب لكان عادلا صادقا ، فينتقض بآخر كلامه اوله.

والفضيحة الخامسة له في الدقائق ، قوله بان الحركة تحل في المتحرك وليس هو في المكان الاول ، ولا في الثاني ، ولكن الجسم يتحرك بها من الاول الى الثاني. وهذا خلاف قول الجميع ، لان منهم من قال ان الحركة توجد والجسم في المكان الاول ، وبها ينتقل عنه الى الثاني. وهذا قول النظام وابن بشر. ومنهم من قال انها توجد فيه وهو في المكان الثاني ، وهذا قول ابي الهذيل والجبائي وابنه وشيخنا ابي الحسن الاشعري / رحمه‌الله. ومنهم من قال : الحركة كونان (١) يختلفان في

__________________

(١) جاء في المخطوط : لونان.

الجسم ، احدهما يحل فيه وهو في المكان الاول ، والثاني يحل فيه وهو في المكان الثاني. وهذا قول ابن الراوندي وابي العباس القلانسي. وزعم بشر انها تحل فيه لا في المكان الاول ، ولا في الثاني ، وليس بين الحالين واسطة. وهذا قول لا يعقله هو عن نفسه ، فكيف يعقله عنه خصمه (١)؟

ذكر المردارية (٢) منهم

هؤلاء اتباع المعروف بابي موسى المردار ، وكان قد افتتح دعوته بان قال لاتباعه ان الناس قادرون على مثل القرآن وعلى ما هو احسن منه نظما. وفي هذا ابطال اعجاز القرآن.

ثم قال بتكفير من لابس السلطان (٣) في زمانه ، وزعم انه لا يرث ولا يورث. وكيف / غفل سلطانه في زمانه عن قتله على هذه البدعة؟!

وزعم أيضا ان الله تعالى قادر على ان يظلم ويكذب ، ولو فعل ما قدر عليه من الظلم والكذب لكان إلها ظالما كاذبا.

وحكى عنه صاحبه ابو زفر انه اجاز وقوع فعل واحد من فاعلين على

__________________

(١) الفضائح الخمس المذكورة هنا في المخطوط ، واردة بذات الترتيب في كتاب «الفرق» مع بعض الاختلاف في التعبير فقط (انظر الفرق ط. بدر ص ١٤٢ ـ ١٤٥ ، الكوثري ص ٩٥ ـ ٩٦ ، عبد الحميد ص ١٥٧ ـ ١٥٩) اما ما جاء في «مختصر الفرق» للرسعني عن البشرية فانه موجز جدا وبعض المسائل غير واردة فيه (مختصر الفرق ص ١١٠ ـ ١١١) فكأن ما جاء في كتاب «الفرق» ما هو الا تكرار لما ذكر في كتاب «الملل والنحل» مع بعض الاختلاف في التعبير بينما الأفكار هي هي.

(٢) المردارية هم اتباع ابي موسى عيسى بن صبيح ، ولقبه المردار ، وفي «طبقات المعتزلة» (ابن المردار). قال ابن الاخشيد : هو من علماء المعتزلة ومن المقدمين فيهم ، وكان ممن اجاب بشر بن المعتمر ، ومن جهة ابي موسى انتشر الاعتزال في بغداد. ويقال انه كان من احسن عباد الله قصصا ، وافصحهم منطقا ، واثبتهم كلاما (طبقات المعتزلة ٧٠ ـ ٧١) وقال الشهرستاني : عيسى بن صبيح الملقب بالمردار. وقد تلمذ لبشر بن المعتمر ، واخذ العلم عنه ، وتزهد ، ويسمى راهب المعتزلة. ثم ذكر ما انفرد به عنهم (الملل ١ / ٦٨ ـ ٦٩).

(٣) في المخطوط : الشيطان ـ وفي كتاب «الفرق» : «السلطان» (ط. بدر ص ١٥١ ، الكوثري ص ١٠٠ ، عبد الحميد ص ١٦٥).

التولّد ، مع انكاره على اهل السنة قولهم يجوز فعل من فاعلين ، احدهما خالق والآخر مكتسب.

وزعم ان من اجاز رؤية الله تعالى بالابصار بلا كيف فهو كافر بالله ، والشاك في كفره كافر ، وكذلك الشاك في الشاك لا الى نهاية. والباقون من المعتزلة (انما قالوا بتكفير من اجاز الرؤية على جهة) (١) المقابلة او التحديد او اتصال الشعاع به. والمثبتون للرؤية يكفرون منكرا بها ، وهم في هذا التكفير اكثر عددا واعز نفرا.

ومن فضائح المردار انه لما حضرته / الوفاة اوصى بان يتصدق بماله ولا يدفع شيء منه الى ورثته ، واعتذر بعض اصحابه عنه بانه كان في ماله شبه ، وللمساكين فيه حق قد خانهم فيه ، فلذلك اوصى به لهم. وفي هذا اقرار منهم بانه كان عاصيا او خائنا للمساكين ، فلزمهم الحكم باستحقاقه الخلود في النار على اصولهم في الوعيد ، وكفاه خزية (٢).

ذكر الهشامية منهم

هؤلاء اتباع هشام بن عمر الفوطي (٣) الذي حرم على الناس ان يقولوا : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (٤) ، مع ورود القرآن به. وزعم الخياط انه انما منع لفظ الوكيل فيه نطقا ، ولم يمنع منه كتابة. ومن العجب ان اسم الله تعالى يجوز ان

__________________

(١) الكلام بين الهلالين ناقص في هذا المخطوط ووارد في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٥٢ ، الكوثري ص ١٠٠ ، عبد الحميد ص ١٦٦) ولا بد منه لاستقامة المعنى.

(٢) ما ذكر هنا من فضائح المردارية مطابق في المعنى لما جاء في كتاب «الفرق» (ذات المراجع التي ذكرت في رقم ١ وفي رقم ٢).

(٣) هو هشام بن عمرو ، الشيباني ، ذكره ابن المرتضى آخر من ذكر من اهل الطبقة السادسة ، وحكى عن يحيى بن اكثم ان المأمون العباسي كان اذا دخل عليه هشام هذا يتحرك له حتى انه ليكاد يقوم (طبقات المعتزلة ص ٦١). وقد اختلفوا في ضبط (الفوطى) فيضبطه قوم بضم الفاء وسكون الواو ، ويضبطه آخرون بضم الفاء وفتح الواو ، والاول على انه نسبة الى الفوطة مفردا ، والثاني على انه نسبة الى الفوط جمعا.

(٤) قرآن كريم ٣ : ١٧٣.

يكتب ولا يجوز ان يذكر. وزعم الفوطي ان الوكيل في الرتبة دون الموكل. وهذا / من جهله باللغة ، لان الوكيل في اللغة بمعنى الكافي ، ومنه يسمى وكيل الرجل وكيلا لانه يكفيه ما وكله فيه ، وهذا معنى قولنا : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). ومعنى حسبنا : كاف ، لان ما بعد «نعم» ينبغي ان يكون موافقا لمن قبله ، كقولنا : الله رازقنا ونعم الغافر ، وقد يكون الوكيل بمعنى الحفيظ ، ومنها قول الله تعالى : (قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (١) ، اي بحفيظ. ويقال في نقيضه : رجل وكل ، اي بليد غير حفيظ ، والوكالة البلادة. واذا كان الوكيل بمعنى الكافي والحفيظ ، وكان الله تعالى كافيا وحفيظا ، كان المانع من تسمية الله تعالى وكيلا جاهلا بمعاني الأسماء في اللغة. ـ ثم ان الفوطي طرد بدعته هذه ، فمنع من اطلاق كثير مما نطق به القرآن ، فمنع ان يقال ان الله تعالى اضل الفاسقين ، مع قول الله تعالى : (وَما / يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) (٢). ـ ومنع ان يقال في القرآن انه عمي على الكافرين ، وقد اخبر الله تعالى بذلك ، كما اخبر بان القرآن هدى للمتقين. ومنع ان يقال : انه الف بين قلوب المؤمنين ، مع قول الله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (٣). ـ وكان اصحابنا يتعجبون من اطلاق البصرية المعتزلة في اوصاف الله تعالى على ما يقتضيه القياس عندهم من غير اصل له في الكتاب والسنة ، وزال هذا التعجب بامتناع الفوطي وخلفه المعروف بعباد بن سليمان من اطلاق ما نطق به القرآن والسنة.

ـ ومن فضائح الفوطي قوله بان الاعراض لا تدل على الله تعالى ولا على رسله ولا شيء من احكامه ؛ وان فلق البحر ، وقلب العصا حية ، واحياء الموتى (٤) ، وانشقاق القمر لا يدل شيء منه / على صدق من ظهر عليه. ـ هذا قول الفوطي وصاحبه عباد بن سليمان العمري ، وزعما ان الدليل على الله وعلى رسله

__________________

(١) سورة الانعام : مكية ٦٦

(٢) سورة البقرة : مدنية ٢٦

(٣) سورة الانفال : مدنية ٦٣

(٤) «أحياء الموتى» غير وارد في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٤٨ ، الكوثري ص ٩٨ ، عبد الحميد ص ١٩٢).

يجب ان يكون محسوسا ، والجسم محسوس ، فالاجسام هي الادلة ، والاعراض معلومة بالأدلّة النظرية. وفي تحقيق هذا المذهب ابطال دلالة كلام الله عزوجل ، وكلام رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الحلال والحرام ، والوعد والوعيد ، وفيه دفع الشريعة. وما اراد غيره لقولهما ما يؤدي إليه.

والفضيحة الثالثة (١) قوله بالمقطوع والموصول. وذلك انه زعم ان رجلا لو اسبغ الوضوء ثم افتتح الصلاة متقربا الى الله تعالى عازما على اتمامها ، وركع وسجد مخلصا في ذلك كله ، الا ان الله تعالى علم إنه يقطعها في آخرها ؛ ان اوّل صلاته وآخرها معصية. وقال اسلافه : / ان ما مضى منها طاعة وان لم تكن صلاة كاملة. ومن قال من اصحابنا بالموافاة ، قال علمنا بقطعها انها لم تكن مقبولة. ولم يقل احد ان الماضي منها معصية غير الفوطي. وقد يصح كون المقطوع طاعة ، كما لو مات فيها كان ما مضى منها طاعة وان لم تكن صلاة كاملة.

والفضيحة الرابعة (٢) له انكاره لكثير مما تواترت به الاخبار الموجبة للعلم الضروري ، كانكاره حصار عثمان وقتله بالغلبة. وزعم ان شرذمة قليلة جاءت إليه تشكوا عماله (٣) ، ثم دخلوا عليه وقتلوه غرة. وزعم أيضا ان عليا وطلحة والزبير ما قادوا جيوشهم للقتال في حرب الجمل ، وانما برزوا للمشاورة ، وتقاتل اتباع الفريقين في ناحية اخرى حتى كان منهم ما كان. ـ ومنكر هذا / الذي تواترت به الاخبار كمنكر وقعة بدر وأحد مع تواتر الخبر بهما ، كمنكر سائر ما تواترت به الاخبار من شأن الأنبياء والملوك. وقد شاركه في هذه البدعة علي الاسواري والقسم الدمشقي ، وكل منهم كسير وعوير ليس فيه جبير (٤).

__________________

(١) لم يأت في المخطوط هنا رقم للفضيحتين الاولى والثانية ـ اما الفضيحة الثالثة المذكورة هنا فانها تقابل الفضيحة الرابعة في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٤٩ ، الكوثري ص ٩٨ ـ ٩٩ ، عبد الحميد ص ١٦٣).

(٢) الفضيحة الرابعة هنا تقابل الفضيحة الخامسة في كتاب «الفرق» (المراجع المذكورة اعلاه).

(٣) هذا الزعم غير مذكور في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٤٩ ؛ الكوثري ص ٩٩ ؛ عبد الحميد ص ١٦٣).

(٤) ما جاء هنا اوسع مما ذكر في كتاب «الفرق». (المراجع ذاتها المذكورة في رقم ٢) ، حيث جاء : الفضيحة الخامسة من فضائحه : انكاره حصار عثمان وقتله بالغلبة والقهر. وزعم

والفضيحة الخامسة (١) له قوله في الامامة ان الامة اذا اجتمعت كلمتها وتركت الظلم احتاجت الى الامام يسوسها ، واذا عصت وفجرت وقتلت وإليها استغنت عن الامام ، ولم تعقد حينئذ الامامة لاحد. وما اراد بهذا الأمر (الا الطعن) في إمامة (٢) علي رضي الله عنه ، لانها عقدت له في حال الفتنة بعد قتل عثمان رضي الله عنه. وعلى منواله نسج الاصم طعنه في إمامة علي ، وزعم / ان الامامة لا تثبت باجماع الامة على امام بعينه ، وضميره ابطال إمامة علي ، لان الامة لم تجمع عليه في وقته ، بل تثبت اهل الشام على خلافه الى ان مضى لسبيله واثبت إمامة معاوية لاجماع الناس عليه بعد قتل علي رضي الله عنه ، وقرت عيون الرافضة المائلين الى الاعتزال لقول الاصم والفوطي وواصل وعمرو بن عبيد واتباعهم في علي وإمامته وشهادته.

والفضيحة السادسة (٣) للفوطي قوله بتكفير من قال ان الجنة والنار مخلوقتان. ومن شك في خلقهما من اسلافه لم يكفر من قال بوجودهما. واصحابنا يقسمون بان الفوطي لا يدخل الجنة المخلوقة لانكاره وجودها. ـ واعظم من هذا انكاره افتضاض / الابكار في الجنة ، وهو الذي يحرم ما انكره.

ومن فضائح تلميذه عباد (٤) ، وقد نسج على منواله في بدعه وزاد عليه امتناعه

__________________

ان شرذمة قليلة قتلوه غرّة من غير حصار مشهور. ومنكر حصار عثمان مع تواتر الاخبار به كمنكر وقعتي بدر وأحد مع تواتر الاخبار بهما ، وكمنكر المعجزات التي تواترت الاخبار بها. (الفرق ط. بدر ص ١٤٩ ، الكوثري ص ٩٩ ، عبد الحميد ص ١٦٣) اما في مختصر الفرق فجاء : «ومنها انكاره إمامة علي (ر) واعترافه بامامة معاوية نظرا الى ان الامة لم تجتمع على علي واجتمعت على معاوية بعد قتل علي» (مختصر الفرق ص ١١٢).

(١) الفضيحة الخامسة هنا تقابل الفضيحة السادسة في كتاب الفرق (ذات المراجع المذكورة في رقم ٣).

(٢) الكلام بين قوسين وارد في كتاب «الفرق» وناقص في المخطوط ؛ ولا بد منه لتوضيح المعنى.

(٣) الفضيحة السادسة هنا تقابل ما جاء في الفضيحتين السابعة والثامنة في كتاب «الفرق» (انظر كتاب الفرق ط. بدر ص ١٥٠ ، الكوثري ص ٩٩ ، عبد الحميد ص ١٦٤).

(٤) فضائح عباد المذكورة هنا في آخر الكلام المخصص للهشامية ، غير وارد هكذا في كتاب «الفرق» وانما نوه البغدادي عرضا في كتاب «الفرق» الى عباد في سياق حديثه عن

من القول بان الله تعالى خلق الكافر لانه اسم للعبد وكفره ، وليس الكفر من خلقه عنده. وزعم عباد أيضا ان الذين مسخهم الله عزوجل ، قردة وخنازير كانوا بعد المسخ ناسا معتقدين للكفر. وزعم أيضا ان الانسان اذا مات وصار ترابا فالمعنى الذي لاجله كان انسانا موجود فيه حال كونه ترابا. ـ واكفر هو وهشام من قال في اسماء الله تعالى انه الضار النافع ، فها هنا التنويه في دعواهم ان الضار هو غير النافع. وبحق قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ان القدرية مجوس هذه الامة. وكان هذان القدريان / مع كفرهما يريان قتل مخالفيهما في السر واخذ اموالهم وان كانوا من ملة الاسلام ؛ وضاهيا بذلك المنصورية (١) (الخبث) ومن غلاة الروافض. وقولنا فيهم مثل ما رواه نبينا ؛ والسلام.

__________________

الهشامية في ذكر الفضيحة الثانية لهم (انظر الفرق ط. بدر ص ١٤٧ ، الكوثري ص ٩٧ ، عبد الحميد ص ١٦١) اذ جاء : «ومنع عبّاد ان يقال : ان الله تعالى ثالث كل اثنين ، ورابع كل ثلاثة ، وهذا عناد منه لقول الله عزوجل (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (سورة المجادلة آية ٧) ـ وكان يمنع ان يقال : ان الله عزوجل املى للكافرين. وفي هذا عناد منه لقوله عزوجل (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً ، وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) سورة آل عمران الآية ١٧٨. فان كان عباد قد اخذ هذه الضلالة عن استاذه هشام فالعصا من العصيّة ، ولن تلد الحية الا الحية. وان انفرد بها دونه فقد قاس التلميذ ما منع من اطلاقه على ما منع استاذه من اطلاق اسم الوكيل والكفيل على الله تعالى (ط. بدر ص ١٤٧ ـ ١٤٨ ؛ الكوثري ص ٩٨ ، عبد الحميد ص ١٦١ ـ ١٦٢).

(١) لقد خصص البغدادي للمنصورية في كتاب «الفرق» الفصل الخامس من الباب الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه. اما في المخطوطة هنا فانه يقارن بين موقف الفوطي واتباعه وموقف المنصورية في كلامه عن الهشامية ، فلم يخصص للغلاة بابا خاصا بل ذكرهم مع اصحاب الفرق المحض. انظر أيضا الشهرستاني «الملل والنحل» على هامش «الفصل» لابن حزم ٢ : ١٥ ما يتعلق بالمنصورية.

ذكر الحائطية (١) والحدثية (٢) منهم

هؤلاء اتباع رجلين ، يقال لاحدهما احمد بن حائط ، والآخر فضل الحدثي ، وهما من تلامذة النظام ، وانما جمعنا بينهما لاتفاقهما في الشرك وفي التناسخ وان افترقا في فروعهما.

ـ وقد زعما ان للخلق ربين وخالقين ، احدهما الاله القديم ، الآخر مخلوق ، وهو عيسى بن مريم. وزعما ان المسيح ابن الله تعالى على التبني (٣) دون الولادة ، وان المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة ، وهو الذي عناه الله بقوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (٤). وهو الذي يأتي (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) (٥) ، وهو الذي اراده النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله ان الله تعالى / خلق آدم على صورته ، يعني ان عيسى خلق آدم على صورة نفسه. وهو المراد بقوله : «ترون ربكم

__________________

(١) جاء في كتاب الفرق ا «الحائطية» (في ط. بدر ص ٢٦٠) وجاء الخابطية (في ط. الكوثري ص ١٦٦ وط. عبد الحميد ص ٢٢٨). ويذكر عبد الحميد في هامش ٣ ص ٢٢٨ : «ابن خابط : ذكره الحافظ بن حجر والسفاريني بالحاء المهملة وبعد الألف الهمزة والتحقيق انه بالخاء المعجمة وبعد الألف ياء موحدة ـ وقد ترجم له الصفدي ترجمة واسعة في «الوافي» وجاء «احمد بن خابط» في ابن حزم ٤ : ١٩٧ ـ ١٩٨ ؛ وفي «لب الألباب» ص ٨٦ ، ـ و «خابط» في شرح المواقف ٣ : ٢٨٥ وقد ورد هذا الاسم محرفا على اوجه كثيرة. راجع friedlander في  jaosمجلد ٢٩ : ١٠ وexpose ـ desacy­ ص ٤٢ من المقدمة.

(٢) نسبة الى فضل الحدثي : المنسوب الى الحدثية ، وهي بلد على شاطئ الفرات ، وقد وقع في شرح عقيدة السفاريني (١ ؛ ٧٩) الحدبي بياء موحدة تحتية.

ملاحظة : لم يذكر البغدادي هاتين الفرقتين مع المعتزلة في كتاب «الفرق بين الفرق» كما فعل هنا ؛ بل ذكرهما في الفصل الثالث عشر من الباب الرابع الخاص بالفرق التي انتسبت الى الاسلام وليست منه. انظر ط. بدر ص ٢٦٠ ، الكوثري ص ١٦٦ ، عبد الحميد ص ٢٧٧. وأيضا مقدمتنا للكتاب.

(٣) جاء في كتاب «الفرق» : «على معنى دون الولادة» انظر ط. بدر ص ٢٦٠ ، الكوثري ص ١٦٦. عبد الحميد ص ٢٧٧).

(٤) سورة الفجر مكية ٢٢

(٥) سورة البقرة ، مدينية ٢١٠

كما ترون القمر ليلة البدر» (١). وانما سمي المسيح لانه تدرع جسد انسان ، وكان قبل تدرعه اياه عقلا ، وهو العقل الذي خلقه الله تعالى أولا وقال له : «اقبل ، فاقبل ، وادبر ، فادبر. فقال : بك اعطي وبك آخذ» (٢).

وزعم أيضا ان في الطير انبياء منها ، وكذلك في البق والبعوض وسائر الحيوانات ، لقوله : وان (ما) (٣) من امة (الا) خلا فيها نذير. وقوله : ما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم. وقال (لعنه) الله (٤) بالتناسخ. وزعم ان الله تعالى ابتدأ الخلق في الجنة ضربة واحدة ، وانما خرج من خرج منها بالمعصية.

ثم انهما طعنا في النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من اصل انكحته ، وزعما ان أبا ذر الغفاري كان أنسك / أمته وازهد.

وقال ان كل من نال خيرا في الدنيا فانما ناله بعمل كان منه ، ومن ناله مرض وآفة فبذنب كان منه ، وما سمح الناس بذبحه فلانه كان قتالا ، وما امتنعوا من ذبحه فلانه كان في بدء امره عفيفا عن الدماء.

وزعما ان البغلة عوقبت بالعقم لانها كانت في بدء خلقها زانية ، وصار التيس وثابا على الاناث جزاء له على عفته من قبل.

وقالا ان التكرير لا يزال قائما في الدنيا الى ان يمتلئ مكيال الخير او مكيال الشر. فاذا خلص العمل طاعة نقل صاحبه الى الجنة ، وان خلص معصية نقل صاحبه الى النار.

__________________

(١) وفي البخاري : «انكم سترون ربكم» الحديث ـ والعرب تضرب المثل بالقمر في الشهرة والظهور ، وليس المراد التشبيه في التدوير والمسير والحد كما في «مختلف الحديث» لابن قتيبة (هامش رقم ٣ ص ١٦٦ من طبعة الكوثري لكتاب «الفرق»).

(٢) جاء في كتاب «الفرق» (بدر ص ٢٦١ ، الكوثري ص ١٦٦ ، عبد الحميد ص ٢٧٧) : «ان الله تعالى خلق العقل فقال له : أقبل فاقبل. وقال له : أدبر فادبر. فقال : ما خلقت خلقا أكرم منك وبك أعطي وبك آخذ».

(٣) تضاف (ما) لاستقامة المعنى وتحذف (الا). الكلام ابتداء من «وزعم أيضا ان في الطير انبياء ... الى النار ، في آخر الصفحة» غير وارد في كتاب «الفرق» في ذكر هذه الفرقة.

(٤) في المخطوط : وقال الله : لا شك في أن لفظ «لعنه» ساقط هنا قبل «الله».

وقد شاركا الثنوية بدعوى خالقين ، وشاركا النصارى بدعوى الإلهية المسيح ، وتحامقا في دعواهما ان المسيح خلق اباه آدم. فيا عجبا من فرع يخلق اصله (١).

واما بدعة التناسخ ، فاول من قالها / من الفلاسفة سقراط ، ثم صار إليه في دولة الاسلام قوم من غلاة الروافض ، فزعموا ان روح الاله تناسخت في الأئمة. وادعت البيانية بهذه العلة الإلهية بيان ، وادعاها الخطّابية بابي الخطّاب ، ثم ادعاها الحلولية من اتباع ابي طسان الدمشقي ، ثم ادعتها الحائطية من القدرية. ـ ويقال لهم : ينبغي ان لا تغضبوا على من ضربكم ونتف اسبلتكم ان كان كل ما يصيبكم من الم ومحنة جزاء على معصية سبقت منكم في قالب آخر ، لان موقع الجزاء المستحقة غير معلوم على فعله (٢).

ذكر الحمارية منهم (٣)

هؤلاء قوم من معتزلة عسكر مكرم ، اختاروا من كل بدعة شرعة. فاخذوا من ابن حائط قوله بالتناسخ ، واخذوا من بدع عباد بن سليمان قوله بان الذين نسخهم / الله قردة وخنازير كانوا (قبل) (٤) حال كونهم قردة وخنازير ناسا ، وكانوا معتقدين للكفر في تلك الحال. وكان عباد يزعم ان الانسان اذا مات

__________________

(١) اما الكلام من «وقد شاركا التنويه ... فرع يخلق اصله» فقد نوه إليه البغدادي في كتاب الفرق (بدر ص ٢٦١ ، الكوثري ص ١٦٦ عبد الحميد ص ٢٧٨).

(٢) ما جاء هنا عن التناسخ قد توسّع فيه البغدادي في كتاب «الفرق» في الفصل الثاني عشر من الباب الرابع (بدر ص ٢٥٣ ، الكوثري ص ١٦٢ ، عبد الحميد ص ٢٧٠). وفي هذا الفصل من كتاب «الفرق» يذكر قوله : «وذكر اصحاب المقالات عن سقراط وافلاطون واتباعهما من الفلاسفة انهم قالوا بتناسخ الارواح على تفصيل قد حكيناه عنهم في كتاب «الملل والنحل») (المراجع المذكورة اعلاه). وفي المخطوط هنا يذكر : «ثم صار إليه في دولة الاسلام قوم من غلاة الروافض ، فزعموا ان روح الاله تناسخت في الأئمة ...) (انظر في مقدمتنا للكتاب : ثانيا عنوان الكتاب ؛ رابعا : ذكر اصحاب المقالات ... انهم قالوا بتناسخ الأرواح).

(٣) ذكر البغدادي هذه الفرقة في الفصل الرابع عشر من الباب الرابع من كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ٢٦١ ، الكوثري ص ١٦٧ ، عبد الحميد ص ٢٧٨ وفي مختصر الفرق للرسعني ص ١٦٧).

(٤) في المخطوط «في» ، الاصح «قبل».

وصار ترابا ففيه المعنى الذي كان به انسانا. واخذوا من بدع جعد بن درهم قوله بان النظر اوجب المعرفة ، فهي فعل لا فاعل له. ثم قاس بعضهم خالق الولد. واخذوا من زعيم لهم يعرف بعمر بن حماد قوله بانه يجوز ان يقدر الله تعالى على فعل البداء.

ـ واخذوا من الاسكافي قوله بانه لا يجوز ان يقال ان الله تعالى خلق الطنابير والمعازف ، وان كان هو الخالق لاجسامها. ثم زادوا من حماريتهم على هذا ان قالوا ليس الخمر من خلق الله ، وانما هي من اختراع الخمّار ، لان الله تعالى لا يفعل ما يكون يسبب المعصية.

وزعم قوم منهم ان الانسان / قد يخلق انواعا من الحيوانات ، كمن يطبق الآجر على التبن والسرقين فيظهر تحتها العقارب ، او يدفن اللحم في موضع حار فيتدوّد. ويزعمون ان الانسان هو الخالق لتلك العقارب والديدان.

واخذوا عن الصالحي منهم قولهم بأنه يجوز أن يقدر الله عزوجل الانسان على ان يفعل الحياة والقدرة. ـ فصار للحمارية في كل بدعة شرعة ، كمن له في كل سواد نخلة وفي كل قطيع سخلة (١).

ذكر المعمرية منهم

هؤلاء اتباع معمر بن عباد السلمي (٢) الذي حوى انواعا من البدع ، منها :

قوله ان الله تعالى ما خلق لونا ، ولا طعما ، ولا رائحة ، ولا حركة ولا سكونا ، ولا حرارة ولا برودة ، ولا رطوبة ولا يبوسة ، ولا حياة ولا موتا ، ولا سمعا ، ولا

__________________

(١) ما جاء هنا عن هذه الفرق يتفق مع ما ذكره البغدادي في كتاب «الفرق» (انظر المراجع المذكورة في رقم ١ من الصفحة السابقة).

(٢) هو ابو عمرو ؛ معمر بن عباد السلمي. قال ابن المرتضى : كان عالما عدلا ، وتفرد بمذاهب ، وكان بشر بن المعتمر وهشام بن عمرو وابو الحسن المدائني من تلامذته. ثم حكى ان الرشيد وجه به الى ملك السند ليناظره ، وان ملك السند دسّ له من سمّه في الطريق ، فمات (طبقات المعتزلة ٥٤ ـ ٥٦).

بصرا ، ولا قدرة ، ولا علما ، ولا ألما ولا لذة ، ولا شيئا من / الاعراض. وانما خلق الأجسام (١) ، وخلقت الأجسام الأعراض في نفسها. وزعم ان ما في الجسم من لون وطعم ورائحة وحرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة ، فهو من فعل الجسم بطبعه. وكذلك بقاؤه فعل له بطبعه. وكذلك صلاح الزروع وفسادها من فعل الزروع عنده بطباعها.

وزعم أيضا ان فناء كل فان فعله دون ربه.

وحكى ابو الحسن (٢) الخياط عنه انه كان مع هذا كله يقول ان الله تعالى ملوّن الأجسام الملوّنة. وهذا قول لا معنى تحته على اصله ، لانه ان اراد به انه خلق الالوان فليس هذا قوله ، وان اراد به خلق التلون لزمه ان يقول ان الله تعالى مفسد الزرع ، خلق الفاسد. فقد ابطل معمر بهذه البدعة (فأيد) قول الله عزوجل انه يحيى ويميت ، ان لم يكن هو خالقا / للموت والحياة (٣).

والفضيحة الثانية له انه لما زعم ان الله تعالى لم يخلق شيئا من الاعراض ادته هذه البدعة الى القول بان القرآن ليس كلام الله تعالى ، لانه لم يمكنه ان يقول انه فعله كما قال سائر المعتزلة ، لدعواه ان الله تعالى غير فاعل الاعراض ، ولا ان يقول ان كلامه صفة قائمة به ، لأنه لا يثبت لله صفة قائمة. فلزمه على اصله ان لا يكون لله تعالى كلام ولا امر ولا نهي ولا خبر. وفي هذا ابطال احكام الشريعة ، وما اراد غيره لقوله بما يؤدي إليه.

__________________

(١) يذكر فيليب حتّى في هامش طبعته «لمختصر كتاب الفرق بين الفرق» للرسعني ص ١١٠ هامش رقم ١ : «عنى «بالأجسام» ما نسميه اليوم «مادة» فنظريته اذا هي أنّ الله خلق المادة فقط ؛ اما التغييرات ـ الأعراض ، التي تحدث فيها فإما تتأتى ضرورة بحكم طبيعتها كالاحتراق في النار ، والاشعاع من الشمس ، او تنتج اختيارا وبداعي حرية الإرادة ، كما هي الحال في عالم الحيوان والانسان. راجع الشهرستاني ١ : ٨٣ ـ ٨٤ وmacdonald muslimtheology ص ١٤٣ ـ ١٤٤ وo ,leary ص ١٢٧ ـ ١٢٨.

(٢) الاصح : ابو الحسين الخياط ، صاحب كتاب «الانتصار».

(٣) لفظ (فأيد) زائد هنا ولا معنى له ، لذلك وضعناه بين قوسين. هذه الفقرة الخاصة بما حكاه ابو الحسين الخياط عن معمر غير واردة في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٣٦ ـ ١٣٧ ، ط. الكوثري ص ٩٢ ، ط. عبد الحميد ص ١٥٢).

والفضيحة الثالثة له قوله باعراض لا نهاية لها في كل نوع منها ، وذلك انه قال ان المتحرك متحرك بحركة حلت فيه ، وتلك الحركة اختصت بمحلها لمعنى سواها في محلها ، وذلك المعنى أيضا حال فيه لمعنى سواه لا الى نهاية. وكذلك / قوله في اختصاص اللون والطعم وكل عرض بمحله. ونتيجة هذه البدعة موجبة ان الانسان القادر على فعل عرض ما يكون اقدر من ربه ، لان ربه انما قدر على فعل الاجسام ، وهي محصورة العدد ، والقادر من (١) يفعل في حالة واحدة لا نهاية له من انواع الاعراض ، والقادر على ما لا نهاية له في وقته اقدر ممن لا يقدر الا على افعال محصورة في الوقت (٢).

والفضيحة الرابعة له في قوله في الانسان انه شيء غير هذا الجسد (٣) ، وهو حي قادر عالم مختار وليس هو متحركا ولا ساكنا ، ولا متلونا ، ولا يرى ، ولا يلمس ، ولا يحل موضعا ، ولا يحويه مكان. فاذا قيل له : هل هو في الارض او في السماء ، او في الجنة او في النار؟ قال انه في الجسد مرئي ، وفي الجنة منعم ، وفي النار معذب ، وليس هو في شيء من هذه / المواضع حالا ولا متمكنا ، لانه ليس بطويل ولا عريض ، ولا ذي وزن. وكأنه اراد ان يصف الانسان بصفة الاله ، لان الانسان حي قادر عالم مختار حكيم ، وكذلك الله تعالى. والانسان عنده ليس بطويل ولا عريض ، ولا ذي وزن ولون وتأليف وحركة ، وليس بحال في مكان ، ولا متمكن فيه ، وكذلك الله تعالى. وكما يقال ان الاله مدبر للعالم وليس هو حالا فيه ولا متمكنا ، كذلك الانسان عنده مدبر للجسد وليس بحال فيه ولا متمكن ، فوصف الانسان بصفة الله تعالى. ـ ثم انه وصف الحمار

__________________

(١) جاء في المخطوط «ما».

(٢) في الفضيحة الثالثة هنا لم يأت ذكر لما حكاه الكعبي «في مقالاته» عن معمر بأن الحركة انما خالفت السكون لمعنى سواها ...» وهو وارد في كتاب «الفرق» (انظر الفرق ط. بدر ص ١٣٨ ، الكوثري ص ٩٢ ـ ٩٣ ، عبد الحميد ص ١٥٣) ولكن جاء في آخر الكلام هنا تنويه الى ما حكاه الكعبي في مقالاته عن معمر بان الاعراض كلها فعل الجسم بطبعه الا الإرادة فانها فعل الانسان». والكلام هنا اوضح مما جاء في «الفرق» بهذا الصدد.

(٣) المقصود «بالانسان» هنا النفس. وما يذكره معمر هنا يصبح واضحا اذا ما طبّق على النفس.

والكلب وكل حيوان بمثل هذه الصفات. فزعم أن كل حيوان غير جسده الذي هو مدبر له ، وكل حيوان عالم قادر مختار ، غير متحرك ولا ساكن ، ولا ذي لون ، ولا ذي وزن ، فوصف كل ما دب ودرج / بصفات معبوده ، ونفى عنه ما ينفيه عن معبوده (١).

ومن فضائحه امتناعه من القول بان الله عالم بنفسه ، فقال : من شرط المعلوم ان يكون غير العالم به. ومنع أيضا من تسمية الاله قديما مع وصفه اياه بانه ازلي. وهذا كمنع من منع من تسميته باقيا مع وصفه اياه بانه دائم الوجود. ـ وحكى الكعبي عنه في «مقالاته» ان الاعراض كلها فعل الجسم بطبعه الا الإرادة فانها فعل الانسان. فاذا زعم ان الانسان لا فعل له الا الإرادة ، لزمه ان لا يكون الانسان مصليا ولا صائما ولا حاجا ، ولا زانيا ، ولا سارقا ، لانه لم يفعل صلاة ولا صياما ولا حجا ولا زنا ولا سرقة. فلتفتخر المعتزلة بهذا الشيخ فانه لائق لهم (٢).

ذكر الثمامية منهم

هؤلاء اتباع ثمامة بن اشرس النميري (٣). وحكى ابن قتيبة عنه في / كتاب «مختلف الحديث» انه رأى قوما يتعادون يوم الجمعة الى المسجد الجامع ، فقال لبعض اتباعه : «انظر الى الحمير والبقر». ثم قال : «ما ذا صنع ذلك العربيّ بالناس!» يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ـ وذكر الجاحظ ان المأمون رآه يوما في الطريق سكران فقال : «يا ثمامة». قال : «اي والله». قال : «ألا تستحي؟». قال : «لا والله». قال : «عليك لعنة الله». قال : «تترى ثم تترى».

وحكى الجاحظ ان غلامه قال له ليلة (٤) : قم صلّ. فتغافل. فقال له :

__________________

(١) الكلام هنا من «ثم انه وصف الحمار والكلب ... عن معبوده» غير وارد في كتاب «الفرق» (انظر بدر ص ١٤١. الكوثري ص ٩٤ ، عبد الحميد ص ١٥٥).

(٢) الكلام هنا من «ومن فضائحه ... لائق لهم» ورد جزء منه في كتاب «الفرق» ؛ في الفضيحة الثالثة وهو الخاص بان الاعراض كلها فعل الجسم بطبعه الا الإرادة ، اما باقي الكلام فانه زائد هنا (انظر الفرق ط. بدر ص ١٣٨ ، الكوثري ص ٩٣ ، عبد الحميد ص ١٥٣).

(٣) هو ثمامة بن الاشرس ، ويكنى أبا معن النميري ـ ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة السابعة (طبقات المعتزلة ص ٦٢).

(٤) جاء في الفرق ط. بدر ص ١٥٨ ط. الكوثري ص ١٠٤ ، عبد الحميد ص ١٧٤) «وذكر الجاحظ أيضا ان غلام ثمامة قال يوما لثمامة» : وهذا اوضح مما جاء في المخطوط هنا.

قم صلّ واسترح. قال : انا مستريح ان تركتني. فكان من حق الجاحظ ان يستر على عيب استاذه ومواقفه في المعارف. غير ان الله تعالى اراد انطاقهم بفضائحهم (١).

ومن بدع ثمامة سيئات ، احدها قوله ان المعارف كلها ضرورية / ، وان من لم يضطر الى معرفة الله تعالى فليس مأمورا بها ، وانما خلق للعبرة والسخرة كسائر الحيوان الذي ليس بمكلف.

ولهذا زعم ان عوام اليهود والنصارى والزنادقة يصيرون في القيامة ترابا ، لان من لم يكن مأمورا لم يستحق ثوابا ولا عقابا. فاعتذر الخياط بان قال انه كان يرى تخليد اليهود والنصارى والزنادقة وسائر الكفرة في النار ، غير انه كان لا يوقع هذه الأسماء الا على من خلق الله المعرفة الضرورية ونصحه دينه. ـ والكفرة عندهم العارفون بما امروا به ، ونهوا عنه ، القاصدون الى الكفر بالله تعالى ، والمعصية له. فيقال له : اخبرنا عن عامة الدهرية ، هل عرفوا الله ضرورة؟ وعن عامة اليهود والنصارى ، هل عرفوا صحة نبوة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالضرورة؟ فان قالوا : قد / عرفوا كل ما دل عليه العقل والشرع بالضرورة. فان قالوا : قد عرفوا كل ما دل عليه العقل والشرع (٢) ثم جحدوا ذلك لم ينفصل. فمن قال ان الثمامية قد عرفوا فساد قولهم وصحة قول من اكفرهم ضرورة ، فهم الذين يصيرون عند ثمامة ترابا. فلا معنى لانكار الخياط هذا التشنيع على ثمامة (٣).

والبدعة الثانية قوله بان الافعال المتولّدة لا فاعل لها ، وهذا تجرء الى نفي الصانع ، لانه لو صح وجود فعل بلا فاعل ، لم يكن حينئذ في الافعال دلالة على فاعلها ، كما ان من اجاز كتابة لا من كاتب ، وبناء لا من باني ،

__________________

(١) الكلام : «فكان من حق الجاحظ ... بفضائحهم» غير وارد في كتاب «الفرق».

(٢) لا شك في ان هنا تكرارا لهذا الجملة : «قد عرفوا ... العقل والشرع».

(٣) هنا الكلام الخاص بمصير اليهود والنصارى اوسع مما جاء في كتاب «الفرق» (انظر كتاب الفرق ط. بدر ص ١٥٧ ، الكوثري ص ١٠٣ ، عبد الحميد ص ١٧٢ ، مختصر الفرق ص ١١٥).

لزمه كل بناء وكتابة لا من بان ولا من كاتب. ونتيجة هذه البدعة من ثمامة ان كلام الانسان عنده لا فاعل له ، لانه متولد عنه. فلما ذا يلوم الكاذب على كذبه ، ولم يفعل كذبا؟ ـ وكان ثمامة مع بدعته يقول في دار / الاسلام انها دار شرك. وكان يحرم السّبي ، لان المسبيّ عنده ما كان عرف ربه ولا عصاه اذا لم يعرفه.

وقيل انه كان مولي لنمير (١) ، وكان هجينا بامه ، فان كان السابي لأمه عنده واطيا لمن هي حرام عليه لزمه على اصله ان يكون ولد زنى. وكفاه بهذا خزيا (٢).

ذكر الجاحظية منهم

هؤلاء قوم من غواة القدرية بالبصرة ، انتسبوا الى عمرو بن بحر الجاحظ (٣) اعتزازا منهم بحسن نذلته (٤) وبلاغته في كتبه التي لها ترجمة تروق بلا معنى ،

__________________

(١) ذكره ابن المرتضى في اوائل من ذكر من رجال الطبقة السابعة. وذكر له اخبارا كثيرة مع المأمون العباسي كما ذكر ان اوّل اتصاله بالخلفاء كان بهارون الرشيد ، وان قد تمكن منه تمكنا عظيما حتى عادله في السفر الى مكة ، وانه كان يملأ اذن الرشيد علما وادبا ، وان كان يدبر في نفسه الوقيعة بمحمد بن سليمان عند الرشيد ، لانه كان قد قطع يدي عيسى الطبري ، وان ثمامة اخذ على نفسه ان يقتل محمد بن سليمان نفسه بسبب ذلك ، وانه ما زال بالرشيد حتى كان منه ما كان (طبقات المعتزلة ص ٦٢ ـ ٦٧) ومحمد بن سليمان بن علي : ابن عم المنصور أمير البصرة وفارس. وذكر الذهبي انه مات في سنة ١٧٣ ه‍ ولم يذكر انه قتل (العبر : ١ / ٢٦٣ ، ميزان الاعتدال رقم ١٣٩٤).

(٢) كل ما ذكر هنا بخصوص ثمامة وارد في كتاب «الفرق» ط. بدر ص ١٥٧ ، ط. الكوثري ص ١٠٣ ـ ١٠٥. ط. عبد الحميد ص ١٧٣ ـ ١٧٧ ، مختصر الفرق للرسعني ص ١١٥ ـ ١١٧) ولكن بترتيب آخر.

(٣) الجاحظ : هو ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، كان بحرا من بحور العلم ، رأسا في الكلام والاعتزال ، وعاش تسعين سنة او يزيد ، اخذ عن القاضي ابي يوسف ، وعن ثمامة ابن اشرس ، وعن ابي اسحاق النظام ، وصنف التصانيف الجياد ، ومات في سنة ٢٥٠ ويقال في سنة ٢٥٥ (العبر ١ / ٤٥٦ ـ ابن خلكان الترجمة ٤٧٩ ـ وطبقات المعتزلة ٦٧).

(٤) في ط. بدر «بحسن بذله» ص ١٦٠ ـ وفي ط. الكوثري ص ١٠٥ «بحسن بيان» وكذلك في ط. عبد الحميد ص ١٧٥ ـ امّا في مختصر الرسعني «اغتروا بزلّة» ص ١١٧

واسم يهول بلا جسم. ولو عرفوا ضلالاته لاستغفروا من ظنهم اياه انسانا فضلا ان يظنوا به احسانا.

ومن بدع الجاحظ فان المعارف طباع ، وهي مع ذلك فعل للعباد ، وليست باختيار لهم. هذا ما حكاه الكعبي عنه ، ونسبه ان يكون غلطا منه / عليه ، لان المعرفة لو كانت عنده فعلا للعباد ما كانت مروة (١) عنده.

وقد حكى الكعبي عنه في «مقالاته» ان الانسان لا فعل له الا الإرادة. وفي هذا دليل على كذبه عليه ، لان المعرفة فعل العباد. واذا كان من قوله للجاحظ وثمامة ان الانسان لا فعل له الا الإرادة لزمهما ان لا يكون الصلوات والحج والعمرة والجهاد من افعال العباد ، وان لا يكون الزنا ، واللواط ، وشرب الخمر ، والسرقة ، والقذف من اكتساب العباد ، لان هذه الأفعال غير الإرادة. وفي هذا ابطال الثواب والعقاب على الاكتساب.

ومن بدع الجاحظ أيضا قوله باستحالة العدم على الجواهر والاجسام. وفي هذا ابطال حدوثها ، لان الذي يستحيل عدمه هو القديم.

ومن بدعه أيضا قوله بان الله عزوجل ، لا يدخل احدا النار ، وانما النار تجذب اهلها الى نفسها بطبعها ، ثم تمسكهم / في نفسها على الخلود. فان قال بمثل هذا في الجنة ، وانها تجذب اهلها الى نفسها بطبعها ، فقد قطع الرغبة عن الله تعالى والرهبة منه. وكفاه بذلك خزيا.

ومن فضائحه مجونه في كتبه التي اغوى بها الفسقة ، مثل كتابه في «حيل اللصوص» ، وكتابه في «غش الصناعات» وكتابه «في الفخار والمؤاجرين» (٢). وزين بكتاب «البخلاء» البخل في اعين البخلاء. وصنف كتابا في «النواميس»

__________________

(١) هكذا في المخطوط ؛ والمرجح ان يكون المقصود المعرفة لا تروى ، بمعنى انه لا يكتسبها شخص من آخر ويجوز ان تكون الكلمة «مرويّة».

اما الكلام من «ونسبه ان يكون غلطا ... عنده» زائد هنا وغير وارد في كتاب «الفرق».

(٢) اسم كتاب «في الفخار والمؤاجرين» غير وارد في كتاب «الفرق». انظر ط. الكوثري ص ١٠٦ ؛ ط. بدر ١٦٢ ط. عبد الحميد ص ١٧٧ ومختصر الفرق للرسعني ص ١١٨.

التي تجتلب بها المحتالون الودائع ، وسجن (١) كتابه المعروف «بالفتيا» بالطعن على اعلام الصحابة في فتاويهم. وقد جرى المثل بان من كان في اصله لئيما وفي دينه ذميما ، لم يزل لنفسه عارا بهيما الا بحلة ، واستباح به حريما ، ومن لم يأخذه في تحلية الغيرة وفي بدعته غيرة (٢).

واقصى (٣) كتبه اثرا كتاباه المعروفان «بطبائع الحيوان» معا في كتاب الحيوان لارسطاطاليس ، / وضم إليهما (٤) ابياتا من الشعر ، وطوله بمناظرة في المفاخرة بين الديك والكلب. والمناظرة في ذلك تضييع للوقت بالمقت (٥). ثم انه لحن في هذين الكتابين لحنا لا يخفى على الصبيان. فقال : تستحب الجارية ان تكون لحانة ، والسر فيه قول مالك بن اسما ، ويلحن احيانا ، وخير الحديث ما كان لحنا. فظن انه اراد اللحن الذي هو في الخطابة ، وانما اراد الشاعر لحن القول من قول الله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) (٤٧ / ٣٠). ـ وقد افتخر الكعبي في «مقالاته» بالجاحظ ، وزعم انه كناني. ولو كان كنانيا من ولد كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس ابن مضر بن اياد بن معد بن عدنان ، لما تعصب للقحطانية على العدنانية (٦).

وكتاب آخر في «فضل الموالي على العرب». وسجن هذين الكتابين بما قيل في هجو العدنانية / وسائر العرب ، فصار مثله في ذلك كمثل بن بسام في هجائه ابيه ، حتى قال فيه الحطيئة (٧) :

من كان يهجو اباه

فشعره قد كفاه

لو انه من ابيه

ما كان يهجو اباه

__________________

(١) سجن بمعنى اخفى.

(٢) هذا المثل : «من كان في اصله لئيما ... غيره» غير وارد في كتاب الفرق.

(٣) في المخطوط : واقصى.

(٤) في المخطوط : إليها.

(٥) في كتاب الفرق ط. بدر ص ١٦٢ ، ط. الكوثري ص ١٠٧ ، وط. عبد الحميد ص ١٧٧ : «بالغث».

(٦) الكلام من «ثم انه لحن في هذين الكتابين ... العدنانية» غير وارد في كتاب الفرق.

(٧) في المخطوط ححطه ، وهذا مبهم. ابن بسّام هو علي بن محمد بن ناصر بن منصور ابن بسّام الكاتب ، توفي سنة ٣٠٢ ه‍.

وهو في الجملة كما قال فيه الشاعر العدناني التميمي (١) :

لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا

ما كان الا دون قبح الجاحظ

ندل (٢) ينوب عن الجحيم بنفسه

وهو القذى في كلّ طرف لاحظ

ذكر الخياطية منهم

هؤلاء اتباع ابي الحسين الخياط (٣) ، استاذ الكعبي قبل خلافه اياه.

وقد شارك الخياط القدرية في اكثر بدعها ، وزاد عليها ما لم يسبق إليه في المعدوم. وذلك ان القدرية اختلفت في تسمية المعدوم شيئا ، فمنهم من سماه معلوما ومذكورا ولم يسمه شيئا ولا جوهرا ولا عرضا. وهذا القول موافق / اهل السنة في المعدوم. ومنهم من سماه شيئا ولم يسمه جوهرا ولا عرضا ، وبه قال الكعبي. وزعم الجبائي وابنه ان المعدوم في حال عدمه شيء ، وان الجوهر جوهر والعرض عرض ، والسواد سواد ، والبياض بياض قبل حدوثه ، وكذلك الحرارة والبرودة ، واجريا على المعدوم في حال عدمه كل وصف يستحقه عند وجوده لنفسه او لجنسه. وامتنع هؤلاء من تسمية المعدوم جسما. وزعم هشام الفوطي (٤) ان المعدوم الذي لا يحدث قط ليس بشيء ، وما عدم بعد حدوثه شيء في حال عدمه (٥).

__________________

(١) لم يأت ذكر «العدناني التميمي» في كتاب «الفرق» انظر ط. بدر ص ١٦٣ ، ط. الكوثري ص ١٠٧ ط. عبد الحميد ص ١٧٨ ، ومختصر الفرق ص ١١٨

ملاحظة : اجمالا كل ما ذكر عن الجاحظ هنا جاء ذكره في كتاب «الفرق» مع بعض الاختلاف في الاسلوب ؛ ولكن جاء هنا بعض البيانات الغير واردة في كتاب «الفرق» كما اوضحنا ذلك في حينه.

(٢) في مختلف طبعات كتاب «الفرق» جاء : «رجل». (انظر المراجع المذكورة في الرقم ١).

(٣) هو ابو الحسين عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط ، ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة الثامنة ، وقال عنه : استاذ ابي القاسم البلخي عبد الله بن احمد ، وكان ابو علي يفضل البلخي على استاذه ، وله كتب كثيرة في النقض على ابن الراوندي. وكان ابو الحسين فقيها صاحب حديث ، واسع الحفظ لمذاهب المتكلمين (طبقات المعتزلة ص ٨٥).

(٤) الكلام الخاص بهشام الفوطي هنا غير وارد في كتاب «الفرق».

(٥) في المخطوط : عدومه.

وخرج الخياط عن قول الجميع بزعمه ان المعدوم جسم ان كان في حدوثه جسما. وقال لكل صفة يصح كونه عليها في حال حدوثه فتلك الصفة ثابتة له في حال عدمه ، ولم يسمه في حال عدمه متحركا / لأنه لا يصح ان يكون في حال حدوثه متحركا.

وهذه الفرقة من المعتزلة يقال لها المعدومية. وهذا اللقب لائق بهم.

ذكر الكعبية منهم

هؤلاء اتباع ابي القاسم الكعبي (١) الذي كان خاطب ليل (٢) يدّعي في كل شيء وهو خال من كل شيء.

وقد خالف الكعبي البصرية من القدرية في امور ، منها ان البصرية زعمت ان الله يرانا ولا يرى نفسه. وزعم الكعبي انه لا يرى نفسه ولا غيره الا على معنى العلم بنفسه وبغيره.

ومنها ان البصرية قالت ان الله سامع الكلام والاصوات على الحقيقة ، لا على معنى العلم بها ، وزعم الكعبي والبغداديون من القدرية ان الله انما يسمع بمعنى يعلم المسموع.

ومنها ان البصرية قالت بان الله مريد بإرادة ليست هي امره ، كما / قاله اهل الصفات. وزعم الكعبي انها ليست لله تعالى إرادة. وقال : اذا قلنا انه اراد فعل غيره فمعناه انه قد امر بذلك الفعل. وقد اكفرته البصرية بذلك ، لانه اذا قال ان فعل الله تعالى واقع منه بغير إرادة واختيار ، فهو بمنزلة من قال بوقوع الفعل من الطبع بغير اختيار.

ومنها انه صار الى قول من أوجب الاصلح في التكليف وغيره ، ولم يوجبه البصريون منهم الا في التكليف.

__________________

(١) هو ابو القاسم عبد الله بن احمد بن محمود البلخي الكعبي (انظر «طبقات المعتزلة» لابن المرتضى ص ٨٨).

(٢) في المخطوط : خاطب ليلي : وهو صح أيضا.

ومنها ان البصرية قالت بان الاستطاعة معنى غير السلامة وصحة البدن ، وزعم الكعبي انها صحة البدن وسلامته من الآفات.

وذكر بعض البصريين في كتابه ان الكعبي انفرد بعشر مسائل اكفره بها اصحاب الجبائي وابنه ، واكفرهما في خلافه. واهل السنة يكفرون الجميع بحمد الله ومنه (١).

ذكر الجبائية منهم

هؤلاء اتباع ابي علي الجبائي (٢) الذي اغوى اهل الاهواز واهل عسكر مكرم (٣). واكرم الله عزوجل شيخنا أبا الحسن (٤) عند خذلانه الجبائي. وذلك انهما (٥) كانا على بدعة واحدة.

ثم ان أبا الحسن رحمه‌الله اقتفى آثار الامام الموفق زكريا بن يحيى الساجي

__________________

(١) هذه الفقرة الأخيرة غير واردة في كتاب «الفرق».

(٢) هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن ابان ، الجبائي ـ نسبة الى جبى بضم الجيم وتشديد الباء ، وهي بلد من اعمال خوزستان في طرف من البصرة والأهواز ـ البصري ، شيخ المعتزلة وابو شيخها عبد السلام ابي هاشم ، وهو عندهم الذي سهل علم الكلام ويسره وذلّله. وكان بعد ذلك فقيها ورعا زاهدا ، لم يتفق لأحد من اذعان سائر طبقات المعتزلة له والاقرار له بالتقدم والرئاسة بعد ابي الهذيل العلاف مثل ما اتفق له. تلقى الاعتزال على ابي يعقوب الشمام ولقي غيره من متكلمي زمانه. وكان من حداثة سنه معروفا بقوة الجدل ، توفي في سنة ٣٠٣ ه‍ (العبر ٢ / ١٢٥ ، طبقات المعتزلة ص ٨٠ ـ ٨٥ ، وابن خلكان الترجمة رقم ٥٧٩ ـ وشذرات الذهب ٢ / ٢٤١).

(٣) جاء في كتاب الفرق (الكوثري ص ١١٠ ، ط. عبد الحميد ص ١٨٣ ، ط. بدر ص ١٦٧ ومختصر الفرق ص ١٢١) «الذي أضلّ اهل خوزستان».

(٤) ابو الحسن «الاشعري» ـ لقد تخرج ابو منصور البغدادي في علم اصول الدين على الطريقة الاشعرية على الاستاذ ابي اسحاق الأسفرايني المتوفى سنة ٤١١ ه‍ وهو تخرج في ذلك على الامام ابي الحسن الباهلي المتوفى سنة ٣٧٠ ه‍ كما في «عيون التواريخ». وهو تخرج في علم اصول الدين على الامام ابي الحسن الاشعري» (انظر طبعة الكوثري لكتاب الفرق بين الفرق للبغدادي ص ٧).

(٥) المقصود هنا اهل الاهواز واهل عسكر مكرم.

صاحب كتاب «اختلاف العلماء في اصول الدين وفروعه» ، فاثبت الله قدمه ورفع علمه ورزقه من الاتباع ما لم يرزق احدا من المسلمين مثله (١). ودار بينه وبين الجبائي مسائل تعرف بالحصينات (٢) ، بيّن بها ضلالات الجبائي بتسمية الاله مطيعا للعبد اذا فعل مراد عبده ، والتزم في ذلك قياسه في قوله ان الطاعة موافقة الإرادة. وسماه أيضا محبلا للنساء لخلق الحبل فيهن ، وهذه البدعة توقع الناس / باحبال مريم وحدها. فتعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.

ومن ضلالاته أيضا ان كلام الله عزوجل عرض يوجد في امكنة كثيرة وفي مكان بعد مكان ، من غير ان يعدم عن مكانه الاول ، ثم يحدث في الثاني (٣).

ذكر البهشمية منهم

هؤلاء اتباع ابي هاشم الجبائي (٤) ، واكثر معتزلة عصرنا على ضلالته ، لدعوة ابن عباد (٥) إليها في ايام وزارته لآل بويه. وقد شارك ابو هاشم القدرية في معظم

__________________

(١) الكلام ابتداء من «ثم ان أبا الحسن ... الى من المسلمين مثله» غير وارد في كتاب «الفرق بين الفرق» (راجع ط. الكوثري ص ١١٠ ، عبد الحميد ص ١٨٣ ، ط. بدر ص ١٦٧ ومختصر الفرق ص ١٢١).

(٢) لم يرد هذا اللفظ في كتاب «الفرق» (ذات المراجع المذكورة في رقم ١).

(٣) ذكر ضلالات الجبائي جاء هنا مختصرا ، ولكن البغدادي توسع في هذه البدع في كتاب «الفرق» (المصادر المذكورة في رقم ١).

(٤) هو ابو هاشم ، عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، قدم ابن المرتضى ذكره على جميع رجال الطبقة التاسعة من طبقات المعتزلة مع تأخره عنهم في السن لتقدمه في العلم ، وحكى عنه انه لم يبلغ غيره مبلغه في علم الكلام ، وكان من شدة حرصه يسأل اباه أبا علي حتى يتأذى به ، وكان يسأله طول نهاره ما قدر ، فاذا كان في الليل سبق الى موضع مبيت ابيه لئلا يغلق دونه الباب. فاذا استلقى ابو علي على سريره وقف ابو هاشم بين يديه يسأله حتى يضجره ، فيحول وجهه عنه ، فيتحول الى جهة وجهه ، فلا يزال كذلك حتى ينام ؛ وربما سبق ابو علي فأغلق على نفسه الباب دونه. وقد خالف ابو هاشم اباه في جملة من المسائل ، كان خالف ابوه استاذه أبا الهذيل في مسائل. ومات أبو هاشم بن الجبائي ببغداد في شهر شعبان من سنة ٣٢١ ه‍ (طبقات المعتزلة ص ٩٤ ـ ٩٦ ـ وكتاب العبر ٢ / ١٨٧).

(٥) هو ابو القاسم اسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن احمد بن ادريس الطالقاني ،

كفرها ، وانفرد عنها بمخازي لم يسبق إليها : منها قوله باستحقاق الذم لا على ذنب ، وذلك انه زعم ان القادر منا يجوز ان يخلو من الفعل والترك (١) ، وهو غير ممنوع.

وكان اصحابنا قد الزموا المعتزلة التسوية بين الاوقات المحصورة بغير حصر ونهاية في تقدم الاستطاعة / على الفعل ان جاز تقدمها عليه وقتا واحدا واوقاتا محصورة. فرأى ابو هاشم توجه الالزام عليهم ، فسوى بين الأمرين ، واجاز ان يبقى (٢) المستطيع ابدا مع بقاء استطاعته وتوفر آلاته ، وارتفاع الموانع عنه خاليا من الفعل والترك. ـ فقيل له : أرأيت لو كان هذا القادر مأمورا منهيا ، ولم يفعل فعلا ولا تركا ، ما ذا يكون حاله؟ ـ فقال : يكون عاصيا ، مستحقا للذم والعقاب ، لا على فعل ، لانه لم يفعل ما امر به مع قدرته عليه وتوفر آلاته وارتفاع الموانع منه. ـ فقيل له : كيف صار مستحقا للعقاب ، بان لم يفعل ما امر به؟ وهلا استحق المدح والثواب بان لم يفعل ما نهي عنه؟ ـ

وكانت المعتزلة قبله يكفرون اهل السنة في قولهم ان الله عزوجل يعذب الكافر على كسبه الكفر الذي / هو من خلق الله تعالى. وزاد تكفيرهم لابي هاشم على قوله بان الله يعذب العاصي له على فعل يكتسب ، ولا محدث منه.

ثم انه مع هذه الجملة التي قدرناها عليه قال : لو قدرنا ان هذا المكلف

__________________

الملقب بالصاحب. وقال عنه ابن خلكان : نادرة الدهر ، واعجوبة العصر في فضائله ومكارمه وكرمه. اخذ الأدب عن ابي الحسين احمد بن فارس اللغوي صاحب «كتاب المجمل في اللغة» واخذ من ابي الفضل بن العميد وغيرهما ... وهو أول من لقّب بالصاحب من الوزراء لانه كان يصحب ابن العميد. وقال الصابي في «كتاب التيجان» : انه قيل له الصاحب لانه صحب مؤيد الدولة بن بويه منذ الصبا وسماه الصاحب فاستمر عليه هذا اللقب واشتهر به ، ثم سمي به كل من ولي الوزارة بعده ... وكان مولده لاربع عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة ٣٢٦ ه‍ في اصطخر ، ويقال في الطالقان. وتوفي في ليلة الجمعة الرابع والعشرين من صفر سنة ، ٣٨٥ ه‍ بالري. ثم نقل الى اصبهان ، ودفن في قبة بمحلة تعرف بباب دزبة (ابن خلكان ، الترجمة رقم ٩٣ ، و «يتيمة الدهر» للثعالبي ٣ / ١٩٢ ـ ٢٩٠ بتحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد ، و «معاهد التنصيص» ٥٥٠ بولاق).

(١) جاء في طبعة الكوثري ص ١١١ : والشرك. وفي ط. عبد الحميد ص ١٨٦ : والترك كما هو في المخطوط هنا.

(٢) في المخطوط : واجاز ان ينفى المستطيع ابدا مع نفاء استطاعته اما في «الفرق» (انظر رقم (١) هنا) : واجاز ان يبقى المستطيع ... وهو اصح واوضح.

تغير تغيرا قبيحا لاستحق بذلك قسطين من العذاب : احدهما للقبيح الذي فعله ، والثاني للحسن الذي لم يفعله ، وانه لو تغير تغيرا حسنا ، وفعل من مثل افعال الأنبياء عليهم‌السلام ، وكان الله قد امره بشيء فلم يفعله ، ولا فعل ضده ، كان مخلدا في النار.

والزمه اصحابنا في الحدود مثل قوله في القسطين ، حتى يكون عليه حدان : احدهما للزنا ، والثاني لما يفعله من ترك الزنا. وكذلك القول في حد القذف وشرب الخمر والقصاص. والزموه كفارتين عن الفطر في شهر رمضان / بالجماع : احدهما بفطره والثانية بان ما وجب عليه من الصوم. فلما توجه عليه هذا الالزام ارتكب ما هو اشنع منه ، فقال : انما نهي عن الزنا والشرب والقذف ، فاما ترك هذه الافعال فغير واجب عليه. والزموه القول بثلاثة اقساط واكثر الى ما لا نهاية له ، اثبت قسطين فيما هو متولد عنه ، قسطا لانه لم يفعل السبب. وقد وجدنا من المتولدات ما يتولد عن اسباب كثيرة يتقدمه ، كالاصابة المتولدة عن حركات كثيرة يفعلها في السهم عنده ، فكل حركة سبب لما يليها ، الى العاشر ثم العاشر سبب للاصابة. فيجب على اصله اذا امره الله تعالى بالاصابة فلم يفعل ، احد عشر قسطا : عشرة لانه لم يفعل تلك الحركات ، وواحد لانه لم يفعل الاصابة. ـ ومن اصله انه اذا كان / مأمورا بالكلام فلم يفعل ، استحق قسطين ، (قسطا) (١) لانه لم يفعل الكلام ، وقسطا لانه لم يفعل سبب الكلام ، ولو انه فعل ضد سبب الكلام لا يستحق قسطين ، وقام هذا عنده مقام السبب الذي لم يفعله. ـ فيقال له : هلا استحق ثلاثة اقساط : قسطا لانه لم يفعل الكلام؟ وذكر بعض اصحابنا انه كان لا يثبت القسطين الا في ترك سبب الكلام وحده. وقد نص في كتاب : «استحقاق الذم» على خلافه ، فقال كلاما نزل مخصوص محكمه حكم سبب العطية الواجبة كالزكاة والكفارة ، وقضاء الدين ، ورد المظالم. واراد بهذا ان الزكاة والكفارة وامثالهما لا يقع بجارحة مخصوصة ، ولا له ترك واحد مخصوص ، بل لو صلى او حج ، كان ذلك تركا للزكاة ، وللكلام سبب ، وتركه مخصوص ، فكان / تركه قبيحا. فاذا فعل ترك سبب الكلام

__________________

(١) لا بد من اضافة لفظ : «قسطا».

استحق به قسطا ، وليس للعطية ترك قبيح. ـ فيقال له ان كان ترك الصلاة والزكاة ليس بقبيح ، وجب ان يكون حسنا ، وهذا خروج عن الدين. ثم انه لاجل هذه البدعة خالف الاجماع بفرقه بين الجزاء وبين الثواب والعقاب ، فاجاز ان يكون في الجنة ثواب كثير ، لا يكون جزاء ، وان يكون في النار عقاب كثير ، لا يكون جزاء ، لان القرآن ناطق بان الجزاء لا يكون الا على عمل وقد يكون عنده لا عقاب على ما لم يفعل (١).

ومن فضائحه قوله بالاحوال (٢). والجاءه إليها قول اصحابنا المعتزلة : هل فارق العالم منا من ليس بعالم لنفسه او لمعنى؟ ويطلب مفارقته اياه لنفسه للتجانس الواقع بين العالم والجاهل منا. وصح انه انما فارقه لمعنى وجب بذلك اثبات / ذلك المعنى لكل عالم. فزعم انه انما فارقه بحال لا موجودة ولا معدومة.

وقال بالاحوال في ثلاثة مواضع : احدها الموصوف الذي يكون موصوفا لنفسه بما يستحقه بحال يفارق بها غيره ، والثاني الموصوف بالشيء لمعنى يصير مختصا بذلك المعنى دون غيره بحال ، والثالث ما يستحقه لا لنفسه ولا لمعنى فيختص بهذا الوصف دون غيره عنده بحال. وزعم ان الاحوال لا معلومة ولا مجهولة ، ولا موجودة ولا معدومة ، ولا مذكورة. وقد ذكرها بلفظه ، فصار بذكره لها مناقضا قوله بها غير مذكورة. ـ وزعم ان احوال الباري عزوجل لا نهاية لها ، كما ان معلوماته ومقدوراته لا نهاية لها. وزعم انها ليست هي الباري ولا غيره.

ومن فضائحه قوله في التوبة (٣) ، انها لا تصح من قبيح (مع) / الاصرار على قبيح آخر يعلمه او يعتقده قبيحا ، وان كان حسنا. وان التوبة من العظائم

__________________

(١) كل ما ذكر الى هنا وارد في كتاب «الفرق» بذات المعنى ولكن باسلوب مختلف (انظر ط. بدر ص ١٦٩ ـ ١٧٣ ، ط. الكوثري ص ١١١ ـ ١١٣ ، ط. عبد الحميد ص ١٨٦ ـ ١٨٩).

(٢) القول بالاحوال هنا يقابل ما جاء في الفضيحة السادسة في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١٧٧ ، ط. عبد الحميد ص ١٩٥ ، ط. بدر ص ١٨٠). والفضائح هنا غير مرقمة كما هو الحال في كتاب «الفرق».

(٣) القول الخاص بالتوبة هنا يقابل الفضيحة الثالثة في كتاب الفرق (ط. بدر ص ١٧٥ ، ط. الكوثري ص ١١٤ ، ط. عبد الحميد ص ١٩٠).

لا تصح مع الاصرار على منع حبّة واحدة عليه. ـ وسألناه (١) عن يهودي اسلم وتاب عن جميع القبائح ، غير انه اصر على منع حبة فضة غير مستحل لها. فزعم ان توبته على الكفر ما صحت ، وانه غير مسلم ، بل هو كافر باليهودية التي كان عليها. ثم انه قال انه ليس بيهودي ولا تائب من اليهودية. وهذه مناقضة ظاهرة.

ومن فضائحه في التوبة أيضا (٢) قوله : لا تصح التوبة عن شيء بعد العجز عنه ، وهذا يوجب ان لا يصح توبة الكاذب من كذبه بعد خرسه.

ومن فضائحه قوله باستحقاق الذم والشكر على فعل الغير (٣). وقال فيمن امر غيره بان يعطي الفقير شيئا ، فاعطاه ، استحق هذا الامر الشكر والثواب على نفس العطية التي هي فعل غيره. / وكذلك لو امره بمعصية ففعلها استحق الذم على ما هي فعل غيره. وليس هذا منه كقولنا. وقال اصحابه انه يستحق المدح او الذم على نفس المأمور به اذا وجدوا ثبت شكرا آخر وذما آخر على نفس الامر ، هذا مع انكاره علينا ثواب العبد على كسبه الذي هو خلق ربه.

ومن فضائحه المسألة المعروفة بالافادة (الإرادة) المشروطة (٤) ، وهي قوله : لا يجوز ان يكون شيء واحد مرادا من وجه مكروها من وجه. قال : لا يجوز ان يكون المريد الا مريدا للشيء بجميع وجوهه ولم ينفعه هذا لركوب ، فان المعلوم ينقض قوله ، لان الشيء يجوز ان يكون معلوما من وجه ومجهولا من وجه آخر. ولما ركب هذا الارتكاب في الإرادة جلب على نفسه ما فيه هدم اصله واصول المعتزلة ،

__________________

(١) جاء في «الفرق» (ط. الكوثري ص ١١٤ ، ط. عبد الحميد ص ١٩١ ، ط. بدر ص ١٧٦) : وقد سأله اصحابنا ...»

(٢) الكلام هنا يقابل ما جاء في الفضيحة الرابعة من كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١١٥ ، عبد الحميد ص ١٩١ ، ط. بدر ص ١٧٧).

(٣) الكلام الخاص باستحقاق الذم ... يقابل ما جاء في الفضيحة الثانية في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١١٣ ، ط. عبد الحميد ص ١٨٩ ، ط. بدر ص ١٧٤).

(٤) الكلام الخاص بالافادة (الإرادة) المشروطة يقابل الفضيحة الخامسة في كتاب الفرق (ط. الكوثري ص ١١٥ ، ط. بدر ص ١٧٧ ط. عبد الحميد ص ١٩٢).

ولزما عليه ان يكون من القبائح العظام ما / لم يكرهه الله عزوجل ، ومن الحسن الجميل ما لم يرده ، ان السجود لله عبادة له ، يلزمه على اصله ان لا يلزمه عبادة الصنم ، والسجود للصنم قبيح ، وكذلك قول القائل : محمد رسول الله ، اذا اراد به الخبر عن محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. يجب على اصله ان يكرهه خبرا عن محمد آخر مع كون ذلك كفرا. ـ وقد ذكر (١) هذا كله في «جامعه الكبير» ونص فيه على ان السجود للصنم لم يكرهه الله عزوجل. واكفره اصحابه بذلك.

ومن فضائحه نفيه لجملة من الاعراض (٢) : كيفية (٣) البقاء ، والادراك ، واللذة والألم.

وزعم ان الألم يلحق الانسان عند المصيبة ، والألم الذي يجده عند شرب الدواء الكريه ليس بمعنى وليس هو اكثر من ادراك ما ينفر عنه الطبع ، والادراك ليس بمعنى عنده ، ومثله ادراك جواهر (أهل) (٤) النار في جهنم ، وغيرها. وليست / اللذة عنده معنى اكثر من ادراك المشتهى. والادراك ليس بمعنى. وزعم ان كل الم يحدث عنه الوهي فهو معنى ، كالالم عند الضرب. ويلزمه اذا نفى كون اللذة معنى ان لا يزيد لذات اهل الثواب في الجنة على لذات الاطفال التي نالوها بالتفضيل ، لانه لا يكون لا شيء اكثر من لا شيء.

ومن فضائحه في الفناء (٥) ان الله تعالى لا يقدر على ان يفني ذرة من العالم مع بقاء السموات والارض ، وبناه على اصله ان الجسم يفنى بفناء لا في محل يكون

__________________

(١) جاء «ذكرت» في المخطوط ، والصح : ذكر.

(٢) هذا يقابل ما جاء في الفضيحة السابعة في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١١٨ ، عبد الحميد ص ١٩٦ ، ط. بدر ص ١٨٣).

(٣) هكذا في المخطوط.

(٤) ساقط لفظ (اهل) في المخطوط ، ولا بد منه لاستقامة المعنى ، وهو مذكور في كتاب الفرق (ط. الكوثري ص ١١٨ ، عبد الحميد ص ١٩٩ ، ط. بدر ص ١٨٣).

(٥) يقابل ما جاء في الفضيحة الثامنة في كتاب الفرق (ط. بدر ص ١٨٣ ـ ١٨٤ ، ط. الكوثري ص ١١٨ ، ط. عبد الحميد ص ١٩٧).

ضدا لجميع الاجسام. وحسبه من هذه الفضيحة دعواه ان الله تعالى يقدر ان يفني جملة لا يقدر على افناء بعضها.

ومن فضائحه قوله ان الطهارة (١) غير واجبة ، وذلك انه مع ابيه قالا ببطلان الصلاة في دار مغصوبة ، واجاز الوضوء بماء مغصوب ، وفرق بينهما بان الطهارة غير / واجبة ، وانما امر الله العبد ان يصلي اذا كان متطهرا. واستدل على ان الطهارة غير واجبة بان غيره لو طهره مع كونه صحيحا أجزأه. ثم طرد هذه الاعتدالة في الحج ، وزعم ان الوقوف والطواف والسعي غير واجب في الحج ، لانه يجزيا كل ذلك اذا فعله راكبا. واوجب الدعاء والاحرام في الحج. فجعل ما اوجبته الامة في الحج غير واجب ، وما لم توجبه الامة من الدعاء فيه واجبا. ويلزمه على هذا الاعتدال ان لا يوجب الزكاة والكفارة والنذور وقضاء الديون ، لان وكيله ينوب عنه فيها. وفي هذا ابطال احكام الشريعة ما اضمر غيره لقوله بما يؤدي إليه. ولو لا ابن عباد في وزارته دعا الاعمار الى بدعته لاضمحلت بدعته. والملحد يبصر الملحد ، وابن عباد ...

يقول :

/ صاحبنا احواله عالية

لكنما عرفته خالية

فان عرفت السر من حاله

لم تسأل الله سوى العافية (٢)

فهذه فرق الاعتزال التي اكفرت بعضها بعضا ، كقول الله تعالى في امثالهم (فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) (المائدة ١٤).

واكثرهم يكفرون عامتهم المقلدين لهم (قسوة) لاتباعهم مع قول الله تعالى فيهم : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا (وَرَأَوُا الْعَذابَ) وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ.) (البقرة ١٦٦) (٣).

__________________

(١) يقابل ما جاء في الفضيحة التاسعة في كتاب «الفرق» (ذات المصادر المذكورة في رقم ٥ في الصفحة السابقة).

(٢) الكلام الخاص بابن عباد وكذلك شعره غير وارد في كتاب «الفرق».

وهنا ينتهي الكلام عن البهشمية ويبدأ الكلام عن المعتزلة اجمالا.

(٣) وردت الآية هنا في المخطوط ناقصة (ورأوا العذاب).

ومن مكابرات جمهورهم دعواهم ان الذي يقدر على ان يرتفع من الارض شبرا قادر على الصعود الى السماوات ، كل بقة او بعوضة قادرة على شرب ماء البحار والانهار ، وعلى قتل اهل السموات والارض. ويزعم اكثرهم ان الزنج والترك قادرون على افتراض مثل قصائد العرب وعلى معارضة القرآن بمثله وما هو افصح منه ، وان / المقيد المغلل قادر على طفر الانهار والصعود الى السماء. ومن لم يعد هذه مكابرة ولا وجه لانكاره مكابره السوفسطائية (١) ، وكان فيهم رجل يعرف بقاسم الدمشقي يزعم ان حروف الصدق هي حروف الكذب باعيانها. وان حروف قول القائل : لا إله الا الله ، هي حروف من قال لا إله الا المسيح. وان الحروف التي الفها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كلامه هي الحروف التي الفها الشيطان في تكذيبه ، وان الحروف التي في القرآن في كتاب زرتشت المجوسي ، وان لم يكن هذه مكابرة فلا مكابرة في قول اهل العناد من السوفسطائية (٢).

وذكر اصحاب التواريخ ان سبعة من زعمائهم اجتمعوا في مجلس وظهرت محاربهم في مسألة القدرة على الظلم والكذب ، فقيل للنظام : هل يقدر الله عزوجل على ان يكذب؟ فقال : لو قدر عليه لم يدر لعله قد / ظلم وكذب فيما مضى ، او لعله يظلم او يكذب في المستقبل ، ولم يكن لنا من ذلك امان الا من جهة حسن الظن به. فاما دليل مؤمن منه فلا ، لان الدليل لا يخرجه من القدرة عليه ، وما قدر عليه لم يؤمن وقوعه منه. فقال له الاسواري : يلزمك على هذا ان لا يقدر على ما علمه انه لا يفعله او اخبرنا به لا يفعله ، لانه لو قدر عليه لم يؤمن وقوعه منه فيما مضى ، او في المستقبل. ـ فقال له النظام : هذا لازم ، فما قولك فيه؟ قال : انا اسوي بينهما او اقول انه لا يقدر على الجور ولا على ما علم انه لا يفعله ، ولا على ما اخبرنا به لا يفعله ، وان كان فعل مثله عدلا منه. فقال ابو الهذيل للاسواري : ما تقول في فرعون ومن علم الله منهم

__________________

(١) الكلام الخاص بالزنج والترك الى ... السوفسطائية ، غير وارد في كتاب «الفرق».

(٢) ورد هذا الكلام عن قاسم الدمشقي في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٨٥ ، ط. الكوثري ص ١١٩ ، عبد الحميد ص ١٩٨).

انهم لا يؤمنون؟ هل كانوا قادرين على الايمان أم لا؟ فان قلت : انهم لم / يقدروا عليه. قلت بان الله بكلفهم ما لا يطيقون به ، وهذا عندكم كفر. وان قلت : انهم قادرون عليه ، فما يؤمنك ان يكون قد وقع من بعضهم ما علم الله منه انه لا يقع ، او اخبر بانه لا يقع على قوة اعتلالكم ، واعتلال النظام؟ وقالا لابي الهذيل : هذا لازم لنا. فما تقول انت؟ ـ فقال : اقول ان الله قادر على ان يجور ويكذب ، وعلى ما علم انه لا يفعله. فقالا له : أرأيت لو فعل الجور والكذب وما علم انه لا يفعله كيف كان يكون حال الدلائل التي دلت على ان الله عزوجل لا يجور ولا يكذب ولا يفعل ما علم انه لا يفعله؟ ـ فقال : هذا محال. ـ فقالا له : فكيف يكون المحال فعله مقدورا عليه؟ ولم أحلت هذا مع كونه مقدورا لله عزوجل عندك؟ ـ فقال : لانه لا يقع الا عن آفة ، ومحال دخول / الآفات على الله عزوجل. ـ فقالا له : ومحال أيضا ان يكون الله قادرا على ما لا يقع منه الا عن آفة تدخل عليه. فبهت الثلاثة. ـ فقال لهم بشر بن المعتمر : انا اقول ان الله تعالى قادر على ذلك كله. ـ فقالوا : أرأيت لو فعل ما قدر عليه من تعذيب الطفل ما كانت حال الدلائل التي دلت على ان الله لا يجور؟ ـ فقال : لو عذب الله الطفل جائرا عليه في تعذيبه ، لكان الطفل بالغا عاقلا ، عاصيا ، مستحقا للعذاب ، وكانت الدلائل بحالها في دلالتها على عدله. ـ فقالوا له : سخنت عينيك ، كيف يكون عادلا بفعل الجور؟ ـ فقال لهم المردار : انا اقول انه لو فعل الجور والكذب المقدورين له ، كان إلها ظالما ، كاذبا. ـ فقالوا له : كيف كان مستحقا للعبادة والمدح ، وهو بالظلم / والكذب يستحق الذم؟ ـ فقال لهم الأشبح (١) : انا اقول انه قادر على الجور والكذب ، ولو وقعا منه كانت الدلائل بحالها. ـ فقال له الاسكافي : أخطأت ، لان العدل لا ينقلب جورا والجور لا ينقلب عدلا ، ولكني اقول :

__________________

(١) جاء في ط. بدر ص ١٨٨ وفي ط. الكوثري ص ١٢١ وط عبد الحميد ص ٢٠٠ «الأشجّ» ويقول الكوثري في هامش ص ١٢١ : رقم ١ : هو من زعماء المعتزلة معاصر لبشر بن المعتمر.

لو فعل الجور والكذب ما كان العقل موجودا ، وكان واقعا لمجنون او منقوص. ـ فقالوا له : كأنك تقول انه انما يقدر على ظلم المجانين ولا يقدر على ظلم العقلاء. وافترقوا يومئذ على تكفير بعضهم بعضا. ولما انتهت نوبة الاعتزال الى الجبائي وابنه امسكا عن الجواب في هذه المسألة بنعم او لا (١).

وقال اصحاب ابي هاشم : من قال لنا هل يصح وقوع ما يقدر الله عليه من الظلم والكذب؟ ـ قلنا : يصح ذلك ، لانه لو لم يصح وقوعه منه لم يكن قادرا عليه ، لانه لا يقدر على المحال. ـ فان قال : فلم يجز (٢) / وقوع ذلك منه ـ قلنا : لعلمه بقبحه وغناه عنه. ـ فان قال : أرأيت لو وقع منه مقدوره من الظلم والكذب هل كان وقوع ذلك منه دليلا على جهله او حاجته؟ ـ قلنا : محال ذلك. لانا قد علمناه عالما غنيا. ـ فان قال : فهل يجوز ان يقال وقوع ذلك منه الا على جهله او حاجته؟ ـ قيل : لا يوصف بذلك من حيث عرفنا دلالة الظلم على جهل وحاجة بنفي ولا اثبات. ـ قلنا له : كذلك نقول.

فهؤلاء قد اقروا بالعجز عن الجواب في هذه المسألة ، ولو وفقوا للصواب ورجعوا الى قولنا بان الله عزوجل قادر على كل مقدور له لو وقع منه لم يكن جورا ، وحالوا عليه الكذب كما احلناه ليحصلوا من هذه الاكرام.

والحمد لله الذي انقذنا من ضلالاتهم التي صاروا من اجلها حيارى كاليهود والنصارى (٣).

ذكر فرق الضلال من المرجئة

ان المرجئة اليوم ثلاثة اصناف ، صنف منهم قد جمعوا بين الارجاء في الايمان وبين القدر ، على مذاهب المعتزلة ، كغيلان ، وابي شمر واتباعهما. فهؤلاء مرجئة قدرية جامعة بين كفري الأرجاء والقدر.

__________________

(١) الحوار المذكور هنا بين المعتزلة السبعة وارد في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٨٦ ، الكوثري ص ١١٩ ـ ١٢١ ، عبد الحميد ص ١٩٨ ـ ٢٠١).

(٢) في المخطوط : فلم يجوز.

(٣) ما جاء هنا في خاتمة الكلام عن المعتزلة ورد بذات المعنى في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٨٨ ـ ١٨٩ ، الكوثري ص ١٢١ ـ ١٢٢ ، عبد الحميد ص ٢٠٠ ـ ٢٠١).

وصنف منهم قالوا بالارجاء والجبر ، على مذهب جهم. فهم معدودون في الجهمية.

والصنف الثالث منهم مرجئة خالصة عن القدر والجبر ، وانما ضلت هذه الطائفة بالارجاء دون غيره. وهي فيما بينها خمس فرق ، تكفر بعضها بعضا. وهم : اليونسية ، والغسّانية ، والثوبانية ، والتومنية ، والمريسية.

واختلفوا في وجه تسميتهم ، فزعم الكعبي في «مقالاته» انهم مرجئة لتركهم القطع على عقاب من لم يتب عن كبيرة حتى / مات. وهذا خطأ منه ، لان الذين يرجون لاهل الكبائر من هذه المغفرة رجايته غير مرجئة. وانما المرجئة الذين اخروا العمل عن الايمان ، دليله قول الله تعالى ، فيما حكاه عن قوم فرعون ، انهم قالوا : ارجأه وآخره (١) ، اي أخره الى إن يجتمع السحرة عندك (٢). وقولي ارجأه بغيرهم ، وهو كالاول في المعنى. يقال منه ارجئت الامر وارجأته ، اي آخرته ، ودليله أيضا من السنة قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا». قيل : «يا رسول الله ، من المرجئة؟» فقال : «الذين يقولون الايمان كلام». وفي هذا دليل على انهم (٣) المرجئة الذين اخروا العمل على الايمان.

ذكر اليونسية منهم

هؤلاء اتباع يونس بن عون الذي زعم ان الايمان في القلب واللسان ، وانه / هو المعرفة بالله تعالى ، والخضوع له ، والمحبة له ، والاقرار بانه واحد ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٤) ، ما لم يقم عليه حجة الأنبياء ، عليهم‌السلام. فان قامت عليهم حجتهم كالتصديق لهم ، ومعرفة ما جاء من عندهم في الجملة من الايمان. وليست معرفة تفضيل ما جاء من عنده ايمانا ، ولا من جملته. وقالوا : ليس كل خصلة

__________________

(١) جاء في المخطوط : ارجه واخاه ، وهذا خطأ من الناسخ.

(٢) لم يرد ذكر هذا القول عن قوم فرعون في كتاب «الفرق بين الفرق» ـ (راجع ط. الكوثري ص ١٢٢ وطبعة عبد الحميد ص ٢٠٢ ، ط. بدر ص ١٩٠) ولكن ورد قول النبي (ص) في كتاب «الفرق» : لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا.

(٣) ورد في المخطوط : ان.

(٤) سورة الشورى : مكية ١١.

من خصال الايمان ايمانا ، ولا بعض ايمان ، ومجموعها ايمان. ـ وحكى (١) بعض المقالات عن ابي شمر القدري مثل قول هؤلاء اليونسية في الايمان. وذلك غلط منه ، لان أبا شمر يقول بالقدر ، ويونس لا يقول به ، ويجمل المعرفة بان الله واحد ليس كمثله شيء مع الاقرار به ايمانا قبل حجة الرسول ، حتى يعرف كل ما يستخرج بالمعقول من عدل الاله ، واراد بعدله ما يذهب إليه / من القدر. ـ وزعم ان الشاك في ذلك كله او في بعضه كافر. وكذلك الشاك في تكفير الشاك. وليس هذا قول اليونسية.

ذكر الغسّانية منهم

هؤلاء اتباع غسّان المرجئ الذي التجى في الفقه الى محمد بن الحسن ، وزعم ان الايمان هو الاقرار والمحبة لله تعالى ، والتعظيم له ، وترك الاستكبار عليه. ـ وقال بانه يزيد ولا ينقص. ـ وفارق اليونسية بان كل خصلة من خصال الايمان سماه بعض الايمان. ـ وكان غسان يزعم ان قوله في الايمان كقول ابي حنيفة ، رحمه‌الله ، فيه. وهذا غلط منه ، لان أبا حنيفة قال ان الايمان هو المعرفة والاقرار بالله تعالى ، وبرسله ، وبما جاء من عندهما في الجملة ، ولا يزيد ولا ينقص ، وغسان يقول بزيادة الايمان (٢).

ذكر الثوبانية / منهم

هؤلاء اتباع ابي ثوبان المرجئ الذي قال ان الايمان هو الاقرار والمعرفة بالله تعالى وبرسله عليهم‌السلام ، وبكل ما يجب في العقل فعله ، وما جاز في العقل تركه ، فليست به من الايمان. وفارقوا الغسانية بايجابهم في العقل شيئا قبل ورود الشرع (٣).

__________________

(١) الكلام ابتداء من هنا الى آخر الفقرة غير وارد في كتاب «الفرق».

(٢) ما ورد هنا عن الغسانية يتفق مع ما ذكر عنهم في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٩١ ، ط. الكوثري ص ١٢٣ ، ط. عبد الحميد ص ٢٠٣).

(٣) يتفق هنا الكلام عن الثوبانية مع ما جاء في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٩١ ، ط. الكوثري ص ١٢٤ ، ط. عبد الحميد ص ٢٠٤).

ذكر الثّومنيّة منهم

هؤلاء اتباع ابي معاذ الثّومني الذي قال ان الايمان ما عصم من الكفر ، وهو اسم لخصال اذا تركها التارك او ترك خصلة منها كفر ، ومجموع تلك الخصال التي تكفر بترك واحدة منها ايمان ، ولا يقال للخصلة منها انها ايمان ، ولا بعض ايمان. ـ وزعم ان تارك الفريضة التي ليست بايمان يقال له فسق ، ولا يقال له فاسق على الاطلاق ، اذا لم يتركها جاحدا لها. ـ ففارق اليونسية والغسانية والثوبانية في هذا لان هؤلاء سموه فاسقا (١). ـ / وزعم ابو معاذ ان من لطم نبيا او قتله كفر ، لا من اجل لطمه وقتله ، ولكن من اجل عداوته وبغضه له واستخفافه به وبحقه.

ذكر المريسية منهم

هؤلاء اتباع بشر بن غياث المريسي (٢) ، عارفا في المذهب ، في الفقه على رأي ابي يوسف. غير انه لما اظهر بدعته في خلق القرآن اكفرته الصفاتية. ولما اظهر موافقة الصفاتية في ان الله عزوجل خلق اعمال العباد ، وفي ان الاستطاعة مع الفعل اكفرته المعتزلة في ذلك. ـ وقال في الايمان بقول ابن الراوندي ، وهو انه التصديق بالقلب واللسان ، وان الكفر هو الجحد والانكار. ـ وزعم ان السجود للصنم ليس بكفر لكنه دلالة على الكفر. ـ فهذه فرق المرجئة المكفرة بعضها البعض.

__________________

(١) هذا الفرق بين الثومنية وباقي فرق المرجئة غير وارد في كتاب «الفرق».

(٢) هو بشر بن غياث المريسي ، مبتدع ضال ، تفقه اوّل امره على قاضي القضاة ابي يوسف صاحب ابي حنيفة ، وأتقن علم الكلام ، ثم جرد القول بخلق القرآن ، وناظر عليه ، ولم يدرك الجهم بن صفوان ولكنه اخذ مقالته ، واحتج لها. ودعا إليها ، واخذ في ايام دولة الرشيد ، وأوذى لأجل مقالته ، وحدث البويطي قال : سمعت الشافعي يقول : ناظرت المريسي في القرعة ، فذكرت له فيها حديث عمران بن حصين ، فقال : هذا قمار ، فأتيت أبا البختري القاضي فحكيت له ذلك ، فقال : يا أبا عبد الله ، شاهد آخر وأصلبه. ومات بشر في سنة ٢١٨ ه‍ وهو من ابناء السبعين («ميزان الاعتدال» للذهبي رقم ١٢١٤ ، ابن خلكان ، الترجمة رقم ١١٢ ، تاريخ بغداد ٧ / ٥٦).

ذكر فرق الضلال من النجارية

/ هؤلاء اتباع الحسين بن محمد النجار (١). ويجمعهم القول بنفي صفات الله عزوجل ، كما نفته المعتزلة ، واحالة رؤية الله تعالى ، كما احالته القدرية ، والقول بحدوث كلام الله تعالى ، والقول بان الجسم اعراض مجتمعة ، وان القرآن اذا كتب فهو جسم ، واذا قرئ فهو عرض.

فاكفرهم اصحابنا في هذه الاصول.

ووافقوا اصحابنا في ان الله عزوجل خالق أكساب العباد ، وفي انه لا يكون الا ما شاء الله عزوجل. وفي ان الاستطاعة مع الفعل ، وفي باب الوعيد والوعد. فاكفرتهم المعتزلة في ذلك.

وقالوا في الايمان انه هو المعرفة بالله عزوجل ، وبرسله وبفرائضه المجمع عليها ، والخضوع له ، والاقرار باللسان. فمن جهل شيئا من ذلك وقد قامت به الحجة عليه ، او عرفه ، ولم يقر به ، فقد كفر. ـ وقالوا انما ضممنا الخضوع الى الاقرار والمعرفة / لان ابليس عرف الله ، واقر به ، وانما كفر باستكباره (٢).

وقالوا : كل خصلة من خصال الايمان طاعة ، وليست بايمان ، ومجموعها ايمان ، وليست خصلة منها عند الانفراد ايمانا ولا طاعة. ـ وقالوا ان الايمان يزيد ولا ينقص.

__________________

(١) هو ابو عبد الله ، الحسين بن عبد الله ، النجار ، كان حائكا في طراز العباس بن محمد الهاشمي ، وهو من متكلمي المجبرة ، وقيل انه كان يعمل الموازين ، وكان اذا تكلم سمع له صوت كصوت الخفاش ؛ وله مع النظام مجالس ومناظرات ؛ وسبب موته انه تناظر يوما مع النظام فأفحمه النظام ، فقام محموما ومات عقب ذلك. وقد ذكر ابن النديم هذه المناظرة وذكر له عدة كتب. (الفهرست ص ٢٥٤ طبعة مصر ١١٤٨ ه‍).

وجاء في مختصر «الفرق بين الفرق» للرسعني ص ١٢٦ : «هؤلاء اتباع ابي الحسين النجار المصري» اما في طبعة بدر ص ١٩٥ ، وط. الكوثري ص ١٢٦ وط. عبد الحميد ص ٢٠٧ جاء : «هؤلاء اتباع الحسين بن محمد النجار».

(٢) هذا التوضيح ابتداء من «وانما ضممنا الخضوع الى الاقرار ... باستكباره» غير وارد في مختلف طبعات كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٢٦ ، الكوثري ص ١٢٦ ، عبد الحميد ص ٢٠٨).

فهذا ما اجمعت عليه النجارية من اصولهم. ـ وافترقوا بعد ذلك في خلق القرآن اكثر من عشر فرق ، تكفر بعضها بعضا. ومعظمها ثلاث فرق ، وهي البرغوثية ، والزعفرانية الاولى (١) ، والمستدركة من الزعفرانية (٢).

ذكر البرغوثية منهم

هؤلاء اتباع محمد بن عيسى ، الملقب ببرغوث ، وهو على اصول النجار ؛ يقول (٣) برغوث : ان المكتسب ليس بفاعل على الحقيقة ، وفي دعواه ان المتولدات فعل الله عزوجل بايجاب الطبيعة ، على معنى ان الله تعالى طبع / الحجر طبعا يذهب اذا وقع ، وطبع الحيوان طبعا يألم اذا ضرب. فالنجار مع اصحابنا في ان الله عزوجل خلق المتولدات اختراعا بلا طباع الاجسام (٤).

ذكر الزعفرانية منهم

هؤلاء نجارية الذين ينتسبون الى الزعفراني الذي كان يقول ان كلام الله عزوجل وكل ما هو غيره مخلوق (٥) ، ثم يقول مع ذلك «ان الكلب خير ممن يقول ان كلام الله مخلوق». ـ وقال يوما في دعاية على منبره «يا رب القرآن اهلك من يقول : القرآن مخلوق (مولود)» ، فناقض بآخر كلامه اوله (٦).

__________________

(١) لم يرد لفظ «الأولى» في كتاب «الفرق».

(٢) ما ورد هنا عن «النجارية» متفق اجمالا مع ما جاء في كتاب «الفرق» (انظر المراجع المذكورة في رقم ٢ من الصفحة السابقة) الا ان في كتاب «الفرق» جاء رأي النجارية في الجسم والعرض وهو غير وارد هنا.

(٣) لم يرد «يقول» في المخطوط اضفناها لاستقامة المعنى.

(٤) الكلام هنا عن البرغوثية متفق مع ما جاء في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١٢٦ ـ ١٢٧ ، عبد الحميد ص ٢٠٩ ، ط. بدر ص ١٢٧).

(٥) هنا الكلام مضطرب وقد ورد واضحا في كتاب «الفرق» ، اذ جاء : «ان كلام الله تعالى غيره ، وكل ما هو غير الله تعالى مخلوق» (ط. بدر ص ١٢٧ ، الكوثري ص ١٢٧ ، عبد الحميد ص ٢٠٩).

(٦) قوله هذا «يا رب القرآن ... أوله» غير وارد في كتاب «الفرق».

ذكر المستدركة منهم

هؤلاء يقال لهم بالفارسية (دربا قتلنر) (١) يوهمون انهم استدركوا ما خفي على اسلافهم. وذلك ان اسلافهم امتنعوا من تسمية القرآن مخلوقا ، وقال المستدركة منهم بانه مخلوق.

ثم افترقت المستدركة / فيما بينها فرقتين ، زعمت احداهما ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : كلام الله مخلوق ، بهذه اللفظة ، على ترتيب حروفها. ومن لم يقل ان الذي قال ذلك فهو كافر. فزعمت الفرقة الثانية منها ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لم يقل ان القرآن مخلوق بهذه اللفظة ، لكنه دل على انه مخلوق بما يدل عليه. ومن زعم انه قال ان ذلك مخلوق بهذه اللفظة فهو ضال. ـ

وقوم منهم يزعمون ان كلام مخالفيهم كله كذب وان كان خبر المخالفة على وفق مخبره.

قال الاستاذ الامام ابو منصور (٢) ، صاحب الكتاب ، رضي الله عنه : رأيت بالري رجلا من اصحابنا يقول لواحد من هذه الطائفة : اخبرني عن قولي لك انك انسان عاقل ، فاضل ، مولود من نكاح / صحيح ، هل هو صدق أم كذب؟ ـ فقال هو كذب منك. فقال له صاحبنا : صدقت. فسكت خجلا.

__________________

(١) هذا التوضيح غير وارد في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٢٧ ، الكوثري ص ١٢٧ ، عبد الحميد ص ٢١٠).

(٢) جاء في كتاب «الفرق» (بدر ص ١٢٨ ، الكوثري ص ١٢٧ ، عبد الحميد ص ٢١٠) : «قال عبد القاهر ـ ويعرف عبد القاهر البغدادي باسم : ابي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي (انظر عنوان الكتاب ومؤلفه في ط الكوثري ، وفي مختضر الفرق للرسعني) والرواية المذكورة هنا وردت في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ١٢٨ ؛ الكوثري ص ١٢٧ ، عبد الحميد ٢١٠ ـ ٢١١) والكلام هنا صريح للغاية للدلالة على ان الكتاب هو للامام ابي منصور عبد القاهر البغدادي ، وفي مختصر «الفرق» للرسعني ص ١٢٧ جاء : قال مصنف الكتاب عبد القاهر. ثم يأتي ذكر ما دار من حديث بين عبد القاهر واحد هذه الطائفة (المستدركة) بالريّ كما ورد في كتاب «الفرق» وفي المخطوط هنا.

ذكر فرق الضلالة من الجهمية

هؤلاء اتباع جهم بن صفوان (١) الترمذي الذي قال بالاجبار والاضطرار الى الاعمال ، ونفي الاستطاعات كلها. وكان يظهر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويخرج بالسلاح على السلطان. وقتل بمرو ، وقتله سلم بن احوز (٢) المازني من مازن تميم في آخر ايام بني مروان.

واكثر اتباعه بترمذ (٣) ونواحيها.

ومن بدعة قوله بان الجنة والنار تفنيان. وزعم ان الايمان هو المعرفة بالله تعالى فقط ، وان الكفر هو الجهل به فقط. ـ وزعم ان الناس انما يضاف إليهم الافعال على المجاز ، كما يقول تحركت الشجرة ، ودارت الرحا ، وزالت / الشمس ، من غير ان يكون لهذه الاشياء استطاعة على الفعل المضاف إليها. ـ وزعم أيضا ان علم الله محدث. وقال : لا اقول ان الله شيء ، ولا انه لا شيء ، ولا اقول انه موجود ، حي ، ولكني اقول انه موجود محيي. ـ وقال : لا اصفه بصفة يجوز وصف غيره بها ، ووصفه بانه فاعل ، خالق ، لان هذين الوصفين خاصان بالله عزوجل عنده. فاكفره اصحابنا في نفيه الصفات الازلية ، وقوله تفنى الجنة والنار. واكفرته المعتزلة في نفي الاستطاعة ، وخلق الله تعالى اعمال العباد.

__________________

(١) جهم بن صفوان ، هو ابو محرز جهم بن صفوان الراسبي. قال عنه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (رقم ١٥٨٤) «الضال المبتدع ، رأس الجهمية ، هلك في زمان صغار التابعين ، وما علمته روى شيئا ، ولكنه زرع شرا عظيما» وقال الطبري عنه : انه كان كاتبا للحارث بن سريج الذي خرج من خراسان في آخر دولة بني أمية. (انظر حوادث سنة ١٢٨) وكان جهم هذا تلميذا للجعد بن درهم الزنديق الذي كان اوّل من ابتدع القول بخلق القرآن. وفيه يقول الذهبي في «ميزان الاعتدال» (رقم ١٤٨٢) : الجعد بن درهم عداده في التابعين ، مبتدع ضال ، زعم ان الله لم يتخذ ابراهيم خليلا ، ولم يكلم موسى تكليما ، فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر».

(٢) جاء في المخطوط : ابن أخو ؛ وهذا خطأ ـ وهو سلم بن أحوز ، كان قائدا من قواد نصر بن سيار في خراسان في أواخر بني مروان (انظر «مقالات الاسلاميين» ١ : ١٣١ والتبصير في الدين ص ١٨ ، ٦٤).

(٣) جاء في كتاب «الفرق» : واتباعه اليوم بنهاوند (ط. الكوثري ص ١٢٨ ، عبد الحميد ص ٢١٢ ط. بدر ص ٢٠٠).

ذكر البكرية المبتدعة منهم

هؤلاء اتباع بكر ابن اخت عبد الواحد بن زيد. وكان يوافق النظام على ان الانسان هو الروح. ووافق اصحابيا في ابطال التولد ، وفي ان الله عزوجل هو / المخترع للألم عند الضرب (١). واجاز وقوع الضربة من غير حدوث الم بعدها. وانفرد بقوله ان الله يرى في القيامة بصورة يخلقها ، ويكلم الناس في تلك الصورة. ـ وزعم ان الكبائر من اهل القبلة نفاق ، وان صاحب الكبيرة منافق وعابد للشيطان ، وان كان من اهل الصلاة. وزعم ان مع كونه منافقا يكذب لله تعالى في خبره ، جاحدا له ، وانه في الدّرك الاسفل من النار ، ومخلدا فيها ان مات على ذلك ، وانه مع ذلك مسلم مؤمن. ـ ثم انه قال في علي وطلحة والزبير ان ذنوبهم كانت كفرا وشركا ، غير انهم مغفور لهم ، لان الخبر ورد بان الله عزوجل اطّلع على اهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم. ـ وزعم أيضا ان الاطفال في المهد لا يألمون وان قطعوا وحرقوا ، واجاز ان يكونوا في وقت العذاب / متلذذين ، وان اظهروا البكاء والضجيج. ـ وقال : لو خلق الله الالم فيهم بلا جرم لكان ظالما لهم (٢). ـ وزعم أيضا ان الله لا يؤلم البهائم ، لانه ليس لها ذنوب ، واجاز ان يسيء بعض البهائم الى بعض ، فقيل له : بما ذا تعلم المسيء انه مسيء؟ قال : بخجله واعتذاره وهربه ، كالعقربة (٣) اذا لسعت هربت من خوف القتل. وهذا دليل انها عالمة بانها جانية. فقيل له : اذا كان العالم بانه جاني عندك ، مستحقا للخلود في النار ، وكان شرا من عابد وثن ، لزمك ان يكون العقرب بهذه الصفة (٤). ـ وابدع في الفقه قوله بتحريم اكل الثوم والبصل. واوجب الوضوء من قرقرة البطن. وتكفيره واجب في جميع بدعه.

__________________

(١) في المخطوط : عند الضرورة ؛ والأصح : عند الضرب.

(٢) هذا القول : «لو خلق الله ... لهم» غير وارد في كتاب «الفرق».

(٣) في المخطوط : العقرب اذا لسعت ... فالاصح : العقربة.

(٤) هذا الزعم «بان الله لا يؤلم البهائم ... الصفة» غير وارد في كتاب «الفرق».

ذكر الضرارية الضالة

هؤلاء اتباع ضرار بن عمرو (١) الذي وافق اصحابنا في ان الله تعالى / خالق اكساب العباد ، وفي ابطال التولد. ووافق المعتزلة في ان الاستطاعة قبل الفعل. لكنه زعم انها بعض المستطيع. ووافق النجار في قوله ان الجسم اعراض مجتمعة من لون وطعم ورائحة ونحوها من الاعراض التي لا يخلو الجسم منها. واجاز ان يفعل الانسان للطول والعرض والعمق وان كانت ابعاضا للجسم. (٢) ـ وزعم أيضا ان الله تعالى يرى في القيامة بحاسة (٣) سادسة يرى بها المؤمنون ماهية الاله. ووصفه بالماهية ، كما قاله ابو حنيفة (٤) وحفص الفرد (٥). ـ وانكر حرف ابن مسعود (٦) ،

__________________

(١) ظهر ضرار بن عمرو في ايام واصل بن عطاء. وقد وضع بشر بن المعتمر كتابا في الرد على ضرار سماه «كتاب الرد على ضرار» ؛ وذكر صاحب «الانتصار» نقلا عن الراوندي ان له كتابا سماه «التحريش» ذكر فيه مستند كل فرقة فيما هي عليه من كلام الرسول (ص) ولا بد انه قد اختلق فيه ووضع ، وضب في الباطل ووضع («الانتصار» للخياط ص ١٣٦) وانظر أيضا «ميزان الاعتدال» ٢ : ٣٢٨ الترجمة رقم ٣٩٥٣).

(٢) الكلام من «واجاز ان يفعل ... للجسم» غير وارد في كتاب «الفرق».

(٣) ورد في المخطوط : مماسة / ولكن في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١٣٠ ، عبد الحميد ص ٢١٤) ورد : «بحاسة سادسة» وهو الاصح.

(٤) ورد هذا الاسم في المخطوط غير منقوط.

(٥) حفص الفرد ، قال عنه ابن النديم : «من المجبرة ، ومن اكابرهم ، نظير النجار ، ويكنى أبا عمرو ، وكان من اهل مصر ، قدم البصرة فسمع بابي الهذيل واجتمع معه وناظره ، فقطعه ابو الهذيل ، وكان أولا معتزليا ثم قال بخلق الافعال ، وكان يكنى أبا يحيى ، ثم ذكر له عدة كتب (الفهرست ص ٢٥٥).

(٦) المراد القراءة التي كان يقرأ بها الصحابي ابن مسعود بعض آيات القرآن (مختصر الفرق ، طبعة فيليب حتّى ، هامش ص ١٣٠) ـ ابن مسعود ، هو صاحب رسول الله وأحد السابقين الاولين واحد كبار البدريين واحد نبلاء الفقهاء والمقرءين : ابو عبد الرحمن عبد الله بن أم عبد ، الهذلي ، كان يحتري في الاداء ، ويتشدد في الرواية ، ويزجر تلامذته عن التهاون في ضبط الألفاظ. وقد أسلم قبل اسلام عمر بن الخطاب ، وحفظ من رسول الله سبعين سورة. وفي شأنه يقول رسول الله : «من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد».

وحرف ابي بن كعب (١) في القرآن. وشهد بأن الله تعالى لم ينزلهما. ونسب ابيا وابن مسعود الى الضلال في مصحفيهما.

ثم انه شك في عامة المسلمين ، وقال : لا ادري ، لعل سرائر العامة كلها شرك ، فكفر (٢) ، وفي هذا شرك منه / فيما اجمعت الامة عليه ، لان الاجماع انما يكون حجة اذا صدر عن أمه فيها فرقة معصومة عن الخطأ. وكان يزعم ان معنى وصف الله تعالى بانه حي ، عالم ، قادر ، هو انه ليس بميت ، ولا جاهل ، ولا عاجز. ويلزمه على هذا ان يكون. ـ فهذا قول ضرار بن عمرو المبتدع. وليس هو ضرار بن (فرد) (٣) الفقيه الفرضي المقدسي ، المكنى بابن نعيم (٤).

__________________

وبالجملة فقد كان من سادة الصحابة ، وأوعية العلم ، وأئمة الهدى ، وله قراءات وفتاوى ينفرد بها وهي مذكورة في كتب العلم («تذكرة الحفاظ» رقم ٥ ، و «مشاهير علماء الأمصار» رقم ٢١).

(١) هو ابو المنذر ، ابي بن كعب بن قيس ، الانصاري ، الخزرجي النجاري ، كان أقرأ الصحابة وسيد القراء ، شهد بدر والمشاهد كلها ، وقرأ القرآن على النبي (ص) وجمع بين العلم والعمل ، وكان عمر بن الخطاب يكرم ابيا ويهابه ويستفتيه ، ولما مات ابي قال عمر : اليوم مات سيد المسلمين ، وكانت وفاته في سنة ١٩ وقيل في سنة ٢٢ ه‍ («تذكرة الحفاظ» رقم ٦ ، و «مشاهير علماء الأمصار» رقم ٣١).

(٢) جاء في كتاب «الفرق» (ط. بدر ص ٢٠٢ ، ط. الكوثري ص ١٣٠ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٥) : شرك وكفر ـ وباقي الكلام هنا من «وفي هذا شرك ... من الخطأ» غير وارد في كتاب «الفرق».

(٣) كلمة (فرد) غير واضحة في المخطوط.

(٤) هذا التوضيح عن ضرار بن عمرو غير وارد في كتاب «الفرق».

ذكر الضلال من الكرّامية (١)

اعلموا ان الكرامية بخراسان ثلاث فرق يقال لها الحقاقية (٢) والاسحاقية والطرائقية ، لكنها على اختلافها لا تكفر بعضها بعضا ، ويكفرها مخالفوها. فلذلك عددناها فرقة واحدة (٣).

فمن فضائحهم في باب التوحيد ، قولهم ان الله جسم ، له حد ونهاية من جهة السفل ، وجائز عليه ملاقاة الاجساد التي تحته. فشاركوا / المشبهة في التجسيم ، وشاركوا الثنوية في التحديد من جهة واحدة ، لان الثنوية زعمت ان النور له نهاية من جهة السفل ، ولا نهاية له من خمس جهات.

وقال زعيمهم ابن كرّام في خطبة كتابه المعروف «بعذاب القبر» : «ان الله تعالى أحديّ الذات ، احديّ الجوهر» ، فسماه جوهرا ، كما سمته النصارى جوهرا (٤). وامتنع اصحابه في معنى الاستواء على العرش ، فمنهم من زعم ان كل العرش مكان له ولو خلق بإزاء العرش. فمنهم من زعم ان كل العرش مكان ،

__________________

(١) نسبة الى ابي عبد الله ، محمد بن كرام السجستاني ، الزاهد ، شيخ الطائفة الكرامية ، وكان من عباد المرجئة (العبر ١ / ١٠) ويختلف العلماء في ضبط كرام ، والاكثرون على انه بفتح الكاف وتشديد الراء (انظر اللباب ٣ / ٣٢ ـ لسان الميزان ٥ / ٣٥٣ والقاموس المحيط).

توفي ابن كرّام سنة ٢٥٦ ه‍ وتعاليمه مجسمة اي ان لله جسما واعضاء وهو يتحرك ويجلس ، واتخذ ابن كرّام بعض آيات القرآن في وصف الله بمعناها الحرفي ، فهو غالى في الصفات ، ويمثل حركة رد فعل ضد المعتزلة ... ومن اتباعه محمود الغزنوي ٣٨٨ ـ ٤٢١ ه‍ غازي الهند وصديق البيروني والفردوسي وابن سينا. وكان لم يزل لكرامية في ايام المقدسي (٩٨٥) خوانق ومجالس ببيت المقدس على ما ذكر في «احسن التقاسيم» ص ١٧٩ (انظر هامش ص ١٣١) «مختصر الفرق» للرسعني.

(٢) جاء في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١٣٠ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٥ ط. بدر ص ٢٠٣) : حقائقية.

(٣) الى هنا الكلام متفق مع ما جاء في كتاب «الفرق» انظر «الفرق» ط. بدر ص ٢٠٢ ، الكوثري ص ١٣٠ ، عبد الحميد ص ٢١٥) ولكن جاء بعد ذلك في كتاب «الفرق» إيضاح عن زعيم الكرامية محمد بن كرّام وعن نشر دعوتهم.

(٤) هذا التوضيح غير وارد في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ٢٠٣ ، الكوثري ص ١٣١ ، عبد الحميد ص ٢١٦).

ولو خلق عرشا آخر او عروشا كثيرة لصار الجميع مكانا له. وهذا يوجب ان يكون العرش المعروف كبعض الاله في عرضه. ومنهم من قال : لو خلق بإزاء العرش عرشا آخر كان العرش الاول مكانا له دون الثاني. وهذا يوجب ان عرضه / كعرض العرش المعروف الآن.

ثم انهم قالوا بقول ان الله له حد ونهاية واحدة ، ولا نقول انه محدود ، متناه لنفينا عنه الحد والنهاية في خمس جهات. ـ وقالوا ان الله محل الحوادث ، يحدث عنه اعراض كثيرة وهي اقواله وارادته (وادراكاته) (١) المرئيات (وادراكاته) (٢) للمسموعات ومماساته لما تحته من العرش.

وزعموا انه لا يحدث في العالم جسم ولا عرض الا بعد حدوث اعراض كثيرة في ذات الاله ، منها قوله لذلك «كن موجودا» ، وكل حرف من هذا القول عرض حادث فيه. ومنها ارادته بحدوث ذلك الحادث. فاذا حدث القول والإرادة فيه ، حدث المراد المقول له «كن». وعند حدوث هذا المراد تحدث في الله تعالى رؤية له ، وان كان الحادث كلاما او صوتا حدث في الله / استماع له ، ولو لم يحدث منه الادراك له لم يكن له رائيا ولا سامعا. وقد نعقوا بهذه البدعة على انفسهم دلالة الموحدين على حدوث الاجسام ، لانهم استدلوا على حدوث الاجسام بحلول الاعراض الحادثة فيها ، وقالوا : ما كان محلا للحوادث لم يخل من الحوادث ، ولم يسبقها ، وما لم يسبق الحوادث كان محدثا. فاذا زعمت الكرامية ان معبودها محل الحوادث فانه سابق لها ، صاروا الى مثل قول اهل الهيولى الذين زعموا ان هيولى العالم الآن محل الحوادث ، وهو سابق لها.

وزعمت الكرامية أيضا ان الله كما لا يخلق في العالم شيئا الا بعد حدوث اعراض كثيرة فيه ، كذلك لا يعدم من العالم شيئا الا بعد حدوث اعراض فيه ، منها ارادته لفناء ذلك الفاني. ـ ومنها قوله : «افن» او «كن معدوما» ، فصارت الحوادث في العالم كله. ـ وزعم اكثرهم ان الحوادث / فيه عندهم اضعاف جميع الحوادث التي تحدث في الله عزوجل ، لا يجوز عدمها. وهذا

__________________

(١) في المخطوط : والراية.

(٢) في المخطوط : والداماته.

تحقيق كون الاله قادرا على شيء لا يقدر على اقراره.

وقالوا في باب التعديل والتجوير ان الله لو علم انه لو خلق الخلق لم يؤمن به احد منهم لكان خلقه لهم عبثا منه ، وانما حسن منه احداث الخلق بعلمه بان بعضهم يؤمن به ، فحجروا على ربهم احداث الكفرة على الانفراد ، مع علمهم بان كفر الكافرين لا يضره كما لا ينفعه ايمان المؤمنين.

وزعم قوم منهم ان اوّل خلق يخلقه الله عزوجل يجب ان يكون حيا ، يصح منه الاعتبار ، وانه لو بدأ بخلق الجمادات لم يكن حكيما. وزادوا في هذا على القدرية الذين قالوا لا بد من ان يكون في جملة الخلق من يصح منه الاعتبار مع جواز الابتداء بالجمادات ، وقد صح الخبر بان الله بدأ باحداث اللوح والقلم ، ثم اجرى / القلم على اللوح بما هو كائن الى يوم القيامة.

وزعموا أيضا انه لا يجوز في حكمة الله تعالى اخترام الطفل الذي يعلم انه لو بلغ لآمن ، ولا الكافر الذي في علمه انه لو زاد في عمره لآمن ، الا ان يكون في اخترامه اياه قبل وقت ايمانه صلاح لغيره. وهذا قول اكثر القدرية.

وقلنا للكرامية : اذا لم توجبوا على الله ان يفعل بالعبد ما هو اصلح له ، فكيف اوجبتم عليه ان يفعل به الاصلح بغيره؟

وزعموا ان النبوة والرسالة صفتان قائمتان بالنبي الرسول سوي الوحي إليه وسوي ارساله اياه.

 وزعموا ان من حصل فيه تلك الصفة وجب على الله عزوجل ارساله. وزعموا انه لا يجوز من الله تعالى عزل الرسول عن رسالته قبل موته. ـ وزعموا انه يصح من النبي كل ذنب لا يوجب حدا ، ولا يسقط عدالته ، واجاز بعضهم عليه الخطأ في التبليغ / وزعم ان نبينا صلى الله وسلم اخطأ في سورة «والنجم» حتى جرى على لسانه «تلك الغرانيق العلى وانّ شفاعتها ترتجى» (١). وقال اصحابنا : ذلك من القاء الشيطان في خلال تلاوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. واوجبوا عصمة الأنبياء عليهم‌السلام عن الذنوب بعد النبوة ، وتأولوا ما ذكر في القرآن من ذنوبهم على وقوعها قبل نزول الوحي عليهم ، وحجرته الكرامية على ربها

__________________

(١) مسألة «الغرانيق» اخلوقة ساقطة (انظر ط الكوثري ص ١٣٥ هامش رقم ١ و ٢).

للاقتصار على رسول واحد. وقال اصحابنا : لو دام شرع الرسول الاول الى يوم القيامة جاز ، كما ادام شريعة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى يوم القيامة. ولو وجب تواتر الرسل عليهم‌السلام ، لم يجز وقوع فترة بين رسولين (١).

واجازت الكرامية كون امامين واكثر في وقت واحد من وقوع القتال له. وزعموا ان عليا ومعاوية كانا امامين يجب على الناس اتباع كل واحد منهما طاعته غير ان عليا كان إماما على / السنة ، ومعاوية على خلاف السنة.

وزعموا ان يزيد بن معاوية كان هو الامام في وقته ، وان الحسين بن علي رضي الله عنه كان خارجا عليه ، ولم يكن في قتاله معذورا (٢).

وزعموا ان الايمان هو القول السابق في ذكر الاول ، وهو قولهم يلي بعد قول الله عزوجل : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ ٧ / ١٧٢). ـ وزعموا ان المنافق المعتقد للكفر (مؤمن) (٣) على الحقيقة. ـ وزعموا ان القائلين بهذا القول متساوون في الايمان اذ ان ايمان المنافقين كايمان الأنبياء وساير المؤمنين.

ثم ان زعيمهم ابن كرام خاض في الفقه ، فزعم ان المسافر تكفيه من صلاة الخوف تكبيرتان ، ولم يرض بقول اهل العراق انه يؤخر الصلاة الى وقت الامكان ، فلا يقول الشافعي انه يصلي كما يمكنه بإيماء وغيره ، ولا يقول من قال يكفيه في الخوف ركعة واحدة ، كما ذهب / إليه إسحاق بن راهويه ، وخالف الامة باقتصاره على تكبيرتين.

وسمع ابن كرام من اصحاب الرأي الرخصة في الصلاة على الارض التي اصابها البول ، وخفت بالشمس ، والصلاة في الثوب الذي عليه قدر الدرهم من النجاسة ، فزاد عليهم في الرخصة واجاز الصلاة في الثوب وان كان جميعه مغرقا في النجاسة.

وسمع قولا ذكر في ان صوم رمضان يصح بغير نية ، وقول ابي حنيفة ان الوضوء والغسل يصحان بغير نية ، فزاد في هذه الرخصة ، فزعم ان الفرائض من الصلاة والصيام وغيرهما يصح كلها بغير نية ، ويكفيه فيهما النية الاصلية ، يريد

__________________

(١) الآراء الواردة هنا وهي آراء الكرامية ، مذكورة في كتاب «الفرق» ولكن على ترتيب آخر.

(٢) ما يتعلق بيزيد بن معاوية والحسين بن علي غير وارد في كتاب «الفرق».

(٣) في المخطوط ساقط «مؤمن» واضيفت الكلمة على الهامش.

بها نية قبول الاسلام بفرائضه عند اسلامه ، واوجبوا النية في النوافل. ثم انه احدث صلوات منها صلاة السّبوع ومنها صلاة شهر ، واجاز الخروج منها الاكل والشرب وساير الاشغال ، ثم البناء عليها (١).

وكان من اتباعه / بنيسابور رجل يعرف بابراهيم بن مهاجر يزعم ان اسماء الله تعالى اعراض فيه ، وان الله غير الرحمن والرحمن غير الرحيم ، والخالق غير الرازق ، وكذلك كل اسم له عرض غير الاسم الآخر ، وكلها اعراض حالة فيه. وكذلك قال في اسماء الناس ، فمن سرق فزنا عنده ، فان السارق الذي فيه غير الزاني وكل واحد منها عرض فيه. ـ وكان منهم آخر يقال له ابو يعقوب الجرجاني (٢) يزعم ان لله تعالى علوما كثيرة ؛ وزعم بعضهم ان الله تعالى عليم يعلم باحدهما معلوما به ويعلم بالاهدا العلم (٣). فزعم المعروف منهم بابي جعفر (٤) ان لله قدرا بعدد انواع مقدوراته في ذاته بزعمه.

وقد استقصينا فضائح الكرامية في كتاب مفرد (٥) ، وفيما ذكرنا منها في هذا الكتاب كفاية. وقد وفينا بما وعدنا في اوّل الكتاب من ذكر فضائح اثنين وسبعين فرقة من ذكر الأهواء المنتسبة / الى الاسلام ، ولم نذكر الباطنية (٦) فيهم لانها لم تتمسك بشيء من اصول الاسلام ولا بشيء من فروعه ، وانما هم دعاة المجوس

__________________

(١) ذكر هذه الصلوات غير وارد في كتاب «الفرق».

(٢) لم يرد ذكر ابي يعقوب الجرجاني في كتاب «الفرق». وورد في المخطوط : «الجرجاني».

(٣) الكلام هنا مضطرب. ربما المقصود : يعلم باحدها معلوماته ويعلم بالاخرى العلم.

(٤) لم يرد ذكر ابي جعفر هذا في كتاب «الفرق».

(٥) لم يأت ذكر هذا الكتاب ولا عنوانه في «الفرق بين الفرق» بل جاء في «الفرق» ان عبد القاهر (صاحب الكتاب) ناظر ابن مهاجر (من الكرامية) في مجلس ناصر الدولة ابي الحسن محمد بن ابراهيم بن سيمجور صاحب جيش السامانية في سنة سبعين وثلاثمائة (٣٧٠) في هذه المسألة (مسألة اسماء الله) والزمه فيها ... ان يكون معبوده عرضا ... الخ. (انظر الفرق ط. بدر ص ٢١٣ ، الكوثري ص ١٣٧ ، ط. عبد الحميد ص ٢٢٤ ـ ٢٢٥).

(٦) لقد خصص عبد القاهر البغدادي فصلا كاملا للباطنية في كتاب «الفرق» وهو الفصل السابع عشر من الباب الرابع من الكتاب ، ويستهل هذا الفصل بقوله : «اعلموا اسعدكم الله ان ضرر الباطنية على فرق المسلمين اعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم ...»

الى تأويل اركان شريعة الاسلام على وجوه يؤدي الى المجوسية. واختلف اصحابنا فيهم : فمنهم من قال : حكمهم حكم المجوس ، ويجوز وضع الجزية عليهم مع تحريم ذبائحهم ، ونكاح نسائهم. ـ ومنهم من قال حكمهم حكم المرتدين وان تابوا والا قتلوا. ـ وقال مالك : لا يقبل توبة الباطني والزنديق بعد العثور عليه ، وانما يقبل التوبة اذا ابتدأ بها قبل العلم للعلم. وهذا هو الاحوط في الباطنية والزنادقة.

الباب الرابع من هذا الكتاب

بيان التحقيق لنجاة أهل السنة والجماعة

قد ذكرنا في اوّل باب من هذا الكتاب قول / النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لما سئل عن الفرقة الناجية : ما انا عليه واصحابي. ـ وليس اليوم فرقة على ما كان عليه اصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اهل السنة من فقهاء الامة ومتكلميهم الصفاتية دون اهل الاهواء من القدرية والرافضة والخوارج والجهمية والنجارية والمجسمة.

وكيف يكون القدرية على سيمات الصحابة ، وقد شك زعيمهم واصل في شهادته عدا له اخيار الصحابة ، مثل علي واصحابه ، ومثل طلحة والزبير واتباعهما. وشك في شهادتهم معه عمرو بن عبيد ، وبذلك قال ابو الهذيل والنظام واكثر القدرية ، فطعن النظام في ابن مسعود وفي كل من حكم في اصحابه في فرع من الفروع باجتهاده ، وابطل الحجة من اجماع الصحابة ومن بعدهم ، واجاز اجتماعهم على الخطأ ، ورد اكثرهم الاخبار المروية / عن الصحابة في احكامهم بعلة انها اخبار آحاد. ففي اي يتبعون آثار الصحابة بعد هذا / ثم انهم حكموا بالوعيد ، وهم افسق خلق الله عزوجل ، وكذلك قال فيهم شاعرنا (١) :

__________________

(١) جاء في «الفرق» (ط. بدر ص ١٧٧ ، الكوثري ص ١١٥ ، عبد الحميد ص ١٩١) : «حتى قال فيهم بعض المرجئة».

يعيب القول بالارجاء حتى

يرى بعض الرّجاء من الجرائر

واعظم من ذوي الأرجاء جرما

وعيديّ أصرّ على الكبائر

فاما الخوارج كلها اكفرت عليا وابن عباس وأبا أيوب الانصاري والحسن والحسين وسائر اتباع علي من الصحابة ، واكفرت عثمان وطلحة والزبير وعائشة واصحاب الجمل ، ولا يكون على سمت الصحابة. وهم لا يقبلون شيئا من الآثار المروية عنهم لقولهم بتكفير رواة الحديث كلهم ، وكيف يكون على آثارهم من لا يرى اجماعهم ، ولا اجماع من بعدهم حجة.

واما الروافض فان الكاملية منهم يكفرون جميعهم ، ويكفرون عليا معهم ، وجمهورهم الاكبر من الامامية يزعمون ان / الصحابة كفروا الا ستة منهم. والجارودية من الزيدية يكفرون اكثر الصحابة ، والامامية منهم يقولون لا حجة الا في قول الامام ، ولا يقبلون الروايات في احكام الصحابة وآثارهم. فكيف يصح اقتداؤهم بهم؟ بل هي اليوم من دينهم في النية الى ان يظهر امامهم.

وغلاة الروافض من اشباه المغيرية والمنصورية والخطابية كفرة بدعواهم الإلهية الأئمة ، وتشبيههم الصانع بصورة الانسان ، وتكفيرهم اخيار الصحابة. فلا يقتدي بهم من يكفرهم.

وكذلك النجارية والجهمية ، لا يصح منها الاقتداء بآثار الصحابة ، لقولهم بتكفير الناقلين لآثار الصحابة واحكامهم ، فلا يعرفون حينئذ من آثارهم شيئا ، وليس فيهم امام في نقل الحديث والآثار ، فلم يكونوا قط على سمت الصحابة.

وكذلك البكرية والضرارية لا يصح منها الاقتداء بالصحابة / مع تكفيرها نقلة اقوال الصحابة وآثارهم فردها ما روى عنهم على الرواة عنهم ، وانما يقتدي بهم من يحيى آثارهم ويراهم القدوة في فريقي الرأي والحديث دون من يشتري لهم الحديث (١).

__________________

(١) ما جاء في اوّل هذا الباب الرابع هنا ما هو الا مراجعة خاطفة لما جاء ذكره سابقا عن مختلف هذه الفرق التي يستعرضها المؤلف. اما ما جاء في الباب الرابع من كتاب «الفرق» فهو اوسع بكثير فيما يتعلق بعرض موقف الفرق العديدة التي انتسبت الى الاسلام وليست منه (انظر «الفرق» الباب الرابع ط. بدر ص ٢٢٠ ـ ٢٩٩ ، الكوثري ص ١٤١ ـ ١٨٨ ، عبد الحميد ص ٢٣٠ ـ ٣١٢).

ومما يؤكد هذا الذي قلنا ما عرفته الخاصة من ائمة الدين من اهل السنة ، وقد عرفوا جميعا انه لم يكن قط في الخوارج ولا في الروافض ولا في القدرية ولا في النجارية ولا في الجهمية ولا في الجسمية الكرامية امام صار صاحب مطلب في الفقه ، ولا امام مقبول للرواية في الحديث ، ولا امام في القرآن ، ولا امام يقتدى به في التفسير ، ولا في الوعظ والتذكير ، ولا امام في النحو واللغة. ـ وائمة هذه العلوم على الخصوص والعموم من اهل السنة والجماعة ، كمالك والشافعي وابي حنيفة والاوزاعي والثوري واحمد وإسحاق وابي ثور واقرانهم في الفقه ، وكشعبة والثوري / ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعلي ابن المديني ومحمد بن اسماعيل ومسلم بن الحجاج ، واقرانهم في حفظ الحديث ، ومعرفة الحرج والتعديل ، وكالقرّاء السبعة واقرانهم في القرآن.

وكالخليل وابي عمرو بن العلاء ، والاخفش ، وسيبويه ، والفراء ، والزجاج ، وسائر ائمة النحو في علم النحو.

كل هؤلاء من اهل السنة والجماعة (١).

وانما نسب المبرد النحوي الى القدر لانه شان نفسه بمجالسة الجاحظ ومعاشرته.

ومما تحقق الهداية والنجاة لاهل السنة قول الله عزوجل : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (سورة العنكبوت ، مكية ٦٩). والجهاد جهادان ، احدهما بالجدل مع اهل الزيغ لاظهار الحق وتحقيقه ، وابطال الباطل وتزهيقه. وهذا الجدل ظاهر في اهل السنة في علم الفقه وفي علم الكلام والاصول معا ، وجدال / خصومهم ، كما قال الله تعالى : (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) (٤٠ / ٥) ـ والجهاد الثاني بالقتال في ثغور الاسلام مع اصناف الكفرة في الاطراف (٢). ـ ولم يكن

__________________

(١) ما يذكره هنا المؤلف في هذا الباب الرابع جاء في الباب الخامس من كتابه «الفرق بين الفرق» (ط. بدر ص ٢٩٩ ـ آخر الكتاب ؛ الكوثري ص ١٨٨ ـ ٢٢٣ ، عبد الحميد ص ٣١٢ ـ آخر الكتاب) وهكذا يكون كتاب «الملل والنحل» للبغدادي محلولة أولى عرض فيها مواقف اهم الفرق ثم توسع كثيرا في كتاب «الفرق بين الفرق» واضاف أيضا الكثير من الفرق التي لم يأت ذكرها في «الملل والنحل».

(٢) في كتاب «الفرق بين الفرق» صنف البغدادي اهل السنة والجماعة ثمانية اصناف

في فرقة من فرق اهل الضلالة قط حسر عن بلاد الكفر ، وليس لهم ثغر ينسب إليهم بالفتح. وقد حرموا الجهاد مع أمراء اهل السنة لتكفيرهم اياهم. وانما الجهاد في الثغور من اهل السنة. ـ وبان بذلك تحقيق الهداية فيهم لقول الله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢٩ / ٦٩) ـ وما خرج قط من اهل الاهواء جيش الا على المسلمين في دار الاسلام ، كخروج الخوارج على علي ، عليه‌السلام ، بالنهروان ، وخروج الازارقة بنواحي الاهواز وفارس وكرمان ، وخروج النجدات باليمامة ، وخروج العجاردة بنواحي سجستان وفهمسان ، وخروج المنصورية بما وراء النهر على المسلمين ، / وخروج القدرية مع ابراهيم بن عبد الله بن الحسن ابن الحسين بن علي بالبصرة على المنصور حتى لحق ابراهيم شومهم فقتل معهم ، وخرجوا أيضا مع برز الناقض بعد ان اغروه بالقدرة ، فلحقه شومهم ، فكان على بني امية اشام من التشويش ، واشام من الداحس والغبراء على العرب.

وما خص الله تعالى به اهل السنة انه عصمهم من تكفير بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه ، لانهم لم يختلفوا في اصول التوحيد ، ولا في اصول الوعد والوعيد ، وانما اختلفوا في شيء من احكام الحلال والحرام ، والخلاف فيها لا يوجب تكفيرا ولا تضليلا. ومن اعتبر وجوه الخلاف لهنّ متكملي اهل السنة كالحارث المحاسبي ، وعبد الله بن سعيد ، والحسين بن الفضل ، وعبد العزيز المكي ، والقلاتي والاشعري ، واقرانهم ، لم نجد فيما بينهم خلافا يوجب / تكفيرا. وكذلك فقهاؤهم ، كمالك ، والشافعي ، وابن حنيفة واتباعهم ، يختلفون في فروع ليس فيها تضليل ولا تكفير. ووجدنا الروافض فرقا تكفر بعضها بعضا ، كتكفير الزيدية والامامية الغلاة منهم ، ولا تكفر بعض الغلاة بعضا ، وفرق الخوارج ان تزيح الناس بعضها لبعض. ـ ووجدنا القدرية مسرعة الى تكفير بعضها بعض ، وحسبك

__________________

ويتكلم عن الصنف السابع منهم فيقول : «قوم مرابطون في ثغور المسلمين في وجوه الكفرة ، يجاهدون اعداء المسلمين ، ويحمون حمى المسلمين ...» (ط. بدر ص ٣٠٣ ، ط. الكوثري ص ١٩٠ ، ط. عبد الحميد ص ٣١٧). ولكن هذا التقسيم غير وارد هنا في كتاب «الملل والنحل» بل جاء ذكر الجهاد بالقتال في ثغور الاسلام. والآية المذكورة هنا (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا ... سُبُلَنا) هي التي يحتج بها أيضا البغدادي في كتاب «الفرق».

من ذلك تكفير الجبائي ابنه ، وتكفير الابن اباه. وتكفير البغداديين منهم. وكل زعيم منهم يكفر غيره منهم ، كتكفير النظام لابي الهذيل ، وتكفير ابي الهذيل للنظام ، والمردار منهم كتب في تكفير ابي الهذيل والنظام ، وكعلي بن عيسى النخعي منهم في عصرنا كتابا في تكفير ابي هاشم بن الجبائي ، ذكر فيه ان أبا هاشم ادخل النصرانية في الاعتزال. ـ ووجدنا النجارية بالري اكثر من عشر فرق تكفر بعضها بعضا ، والجهمية والضرارية ، والبكرية كل فرقة منها تكفر سائرها ، وتكفرها سائر الامة (١).

وهم يقولون في سائر / الاهواء انهم مؤمنون حقا لأنهم قد اتوا بالشهادتين ، ويرون خلاص جميع المبتدعة من هذه الامة من النار بعد العقاب.

ويقول جميع مخالفيهم فيهم انهم لا ينجون من النار. ـ فصاروا من هذه الجهة شر الفرق عندنا.

وقد ذكرنا قبل هذا تكفير فرق الخوارج بعضها لبعض. ـ وهذا امر (خلا) (٢) السنة منه.

ثم ان الله تعالى قد خص اهل السنة بان جعل مدار الفتاوى عليهم ، لا يقبل في بلد من بلاد المسلمين فتوى قدري ولا جهمي ، ولا نجاري ، ولا خارجي ، ولا رافضي ، ولا جسمي الا اذا تستر المفتي منهم بمذهب الشافعي او ابي حنيفة ، ولم يظهر بدعته التي اضمرها في القدر او يخالف [اجتهاد] (٣) العالم على فتواه

__________________

(١) ما يذكره هنا صاحب الكتاب هو مجمل لما ذكره في كتابه هذا عن الفرق التي استعرضها وهذا يختلف عما جاء في كتاب «الفرق» الذي خصص الباب الرابع منه للفرق التي انتسبت الى الاسلام وهي ليست منه.

فكأن صاحب الكتاب (كتاب الملل والنحل) شعر بان الباب الرابع والاخير منه موجز جدا فقسم هذا الباب قسمين وجعل منه بابين : احدهما وهو الرابع في كتاب «الفرق» خصصه للفرق التي ادعت الاسلام وهي ليست منه بشيء وخصص الباب الخامس والاخير للفرقة الناجية.

(٢) في المخطوط الكلمة غير واضحة.

(٣) الكلمة غير واضحة في المخطوط ـ لعلّ معناها «اجتهاد».

ولا على شهادته. ـ واذا مات واحد من اهل البدعة لم يشهد جنازته الا الغواة من جنسه. ولم تكن على جنازته جمل من الناس ، ومن عرف منه السنة والصلاح فحاضروا جنازته [ ] (١) مشاهدة المسلمين في اعتقادهم. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء [ ] (٢) والفضل العظيم.

تم الكتاب بحمد الله وعونه

__________________

(١) كلمة مطموسة في المخطوط.

(٢) كلمة مطموسة في المخطوط.

فَهَارِسُ الكِتَاب

فهرس المراجع المذكورة في الهوامش

كتاب أصول الدين ـ لابي منصور عبد القادر ابن طاهر التميمي البغدادي : مجلدان ، استانبول ١٣٤٦ / ١٩٢٨ ، مطبعة الدولة ، الطبعة الاولى.

كتاب الاغاني ـ لابي الفرج علي بن الحسين الاصفهاني ـ القاهرة ، ١٣٤٥ ـ ١٣٥٧ / ١٩٢٧ ـ ١٩٣٨.

كتاب الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد ، ما قصد به من الكذب على المسلمين والطعن عليهم. ـ لابي الحسين عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط المعتزلي ، مع مقدمة وترجمة فرنسية للدكتور البير نصري نادر ، بيروت ١٩٥٧ ، المطبعة الكاثوليكية ؛ وأيضا تحقيق الدكتور نيبرج ، مصر ١٣٤٤ / ١٩٢٥.

كتاب التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن فرق الهالكين ـ لابي مظفر عماد الدين شاهفور بن طاهر الأسفرايني ؛ بتحقيق محمد زاهد الكوثري ، القاهرة ١٩٤٠.

كتاب تذكرة الحفاظ ـ لشمس الدين محمد ابن احمد الذهبي ـ ١ ـ ٤ حيدرآباد ، ١٣٧٥ ـ ١٣٧٧ / ١٩٥٥ ـ ١٩٥٨.

كتاب الحيوان ـ لابي عثمان عمرو بن بحر ابن محبوب الجاحظ ـ طبعة مصر ١٣٢٣ / ١٩٠٧ ، المطبعة الحميدية المصرية.

كتاب الرسل والملوك ـ لابي جعفر محمد ابن جرير الطبري ـ ليدن ، طبعة دي غويه ١٨٧٩ / ١٩٠١.

كتاب شذرات الذهب في اخبار من ذهب ـ لابي الفلاح عبد الحيّ بن العماد الحنبلي. القاهرة ١٣٥٠ ـ ١٣٥١ / ١٩٣١ ـ ١٩٣٢

كتاب الفرق بين الفرق ـ للإمام الاستاذ ابي منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي ـ طبعة القاهرة ، محمد بدر ، عام ١٣٢٨ / ١٩١٠ ـ طبعة الشيخ محمد زاهد الكوثري ، مكتب نشر الثقافة الاسلامية ١٣٦٧ / ١٩٤٨ ـ طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد ـ مصر ١٩٦٤. ـ ومختصر «كتاب الفرق بين الفرق» ـ تأليف عبد القاهر بن طاهر ابن منصور البغدادي ، اختصار عبد الرزاق الرسعني ، حرره فيليب حتّى ، القاهرة مطبعة الهلال ، ١٩٢٤.

كتاب الكامل ـ لابي العباس محمد بن يزيد المبرد. طبعة ليبزغ ed.w.wright ,leipzig , ١٨٩٢ ـ ١٨٧٤.

كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر في التاريخ ـ لابي الحسن علي بن الحسين ابن علي المسعودي الشافعي. مجلدان ، القاهرة ١٣٤٦.

كتاب المعارف ـ لابي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكاتب الدينوري. نشره في وستنفلد عام ١٨٥٠ في غوتنغن.

كتاب معاهد التنصيص على شواهد التلخيص ـ لابي الفتح عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن احمد العباسي. جزءان في مجلد واحد ،

تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد. القاهرة ١٣١٦ / ١٨٩٨.

كتاب الموقف في علم الكلام ـ للقاضي عضد الدين عبد الرحمن الايجي. القاهرة ١٣٥٧.

كتاب ميزان الاعتدال في تراجم الرجال ـ لشمس الدين محمد بن احمد الذهبي. ١ ـ ٣. القاهرة ١٣٢٥ / ١٩٠٧.

احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم ـ لشمس الدين المقدسي. ليدن ١٣٢٤ / ١٩٠٦ ، طبعة دي غويه degoeje

الجامع الصحيح ـ لابي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري. ليدن ١٨٦٢.

شرح ديوان كثيّر عزة ـ نشره هنري بريز. الجزائر ١٩٢٨ / ١٩٣٠ جزءان.

شرح الهاشميات للشاعر الكميت ـ بقلم محمد محمود الرافعي. مصر (بدون تاريخ) طبقات المعتزلة ـ تأليف احمد بن يحيى بن المرتضى ، عنيت بتصحيحه سوسنة ديفلد ، فلزر ـ النشرات الاسلامية ، يصدرها لجمعية المستشرقين الالمانية : هلموت ريتر والبرت ديتريشي. جزء رقم ٢١ ، بيروت ١٣٨٠ / ١٩٦١.

العقد الفريد ـ لشهاب الدين احمد المعروف بابن عبد ربه الاندلسي المالكي. بولاق ١٣١٦ / ١٨٩٨.

عيون التواريخ ـ محمد بن شاكر بن احمد الكتبي ـ مخطوط دار الكتب. القاهرة تاريخ ١٤٩٧.

الفصل في الملل والاهواء والنحل ـ لابن حزم الظاهري الاندلسي. صححه وذيّله بهوامش عبد الرحمن خليفة. القاهرة ١٣٤٧.

فلسفة المعتزلة (فلاسفة الاسلام الاسبقين) ـ للدكتور البير نصري نادر ، الجزء الاول : التوحيد ، مطبعة نشر الثقافة ، الاسكندرية ١٩٥٠ ؛ الجزء الثاني : العدل ، بغداد ١٩٥١.

الفهرست ـ لابي الفرج محمد بن إسحاق النديم المشهور بابن النديم ، مع مقدمة عن حياة ابن النديم وفضل الفهرست ، بقلم احد اساتذة الجامعة المصرية ، المكتبة التجارية ، مصر ١٣٤٨.

الكميت بن زيد الاسدي ـ لاحمد صلاح نجا ـ دار العصر ، بيروت ١٩٥٧.

لب الالباب في تحرير الانساب ـ لجلال الدين عبد الرحمن الاسيوطي الشافعي. ليدن ١٨٤٠.

مقالات الاسلاميين واختلاف المصلين ـ تأليف ابي الحسن علي بن اسماعيل الاشعري بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد. الجزء الاول : القاهرة ١٣٦٩ / ١٩٥٠ ؛ الجزء الثاني : القاهرة ١٣٧٣ / ١٩٥٤.

الملل والنحل ـ لابن ابي الفتح محمد بن القاسم عبد الكريم بن ابي بكر احمد الشهرستاني ، على هامش «الفصل في الملل والاهواء والنحل» ، لابن حزم القاهرة ١٣٤٧.

المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ـ لتقي الدين ابي العباس احمد بن علي المقريزي. القاهرة ١٣٢٥ / ١٩٠٦.

النجوم الزاهرة في ملوك مصر القاهرة ـ لجمال الدين ابي المحاسن يوسف تغري بردى. القاهرة ، دار الكتب المصرية ١٩٢٩ / ١٩٥٠.

هاشميات الكميت بن يزيد الاسدي ـ بتفسير ابي رياش احمد بن ابراهيم القيسي ـ ليدن ١٩٠٤.

وفيات الاعيان وانباء ابناء الزمان ـ للقاضي احمد بن محمد بن خلكان ، ١ ـ ٢ ، بولاق ١٣٧٥.

يتيمة الدهر في محاسن اهل العصر ـ لابي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي. ١ ـ ٤ ، القاهرة ١٣٥٢ / ١٩٢٤ ؛ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.

فهرس الاعلام المذكورة في كتاب «الملل والنحل»

ا

آدم ٩٧ ، ١١٧

ابراهيم (من الواقفة) ٨٠ ، ٨١

ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسين ابن علي ٨٧ ، ١٥٧

ابراهيم بن مهاجر من الكرامية ١٥٣

ابليس ٩٥

ابن ابي العوجاء ٩١

ابن ابي كعب (ابو المنذر بن قيس الانصاري) ١٤٧

ابن بسام (علي بن محمد بن ناصر بن منصور) ١٢٥

ابن حائط (احمد) ١١٥ ، ١١٧

ابن الحنيفة ٤٧ ، ٥٠ ، ٥٥

ابن الجوشا (عبد الله بن جوشا الطائي) ٦١

ابن الراوندي ١٠٩ ، ١٤١

ابن شهاب ٤٧

ابن عباس ٨٤ ، ١٥٥

ابن عباد (ابو القاسم اسماعيل بن العباس ابن عباد بن احمد بن ادريس الطالقاني الملقب بالصاحب) ١٢٩ ، ١٣٥

ابن عوف ٨٧

ابن قتيبة ١٠١ ، ١٢١

ابن الكوّاء (انظر عبد الله ابن الكوّاء اليشكري)

ابن كرّام ١٤٩ ، ١٥٢

ابن مسعود (الصحابي) ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٥٤

ابن مسعود (عبد الله) ٩٩

ابن وهب (انظر عبد الله بن وهب الراسبي)

ابو أيوب الانصاري ٨٤ ، ١٥٥

ابو بيهس ٨١

ابو بلال ابن مرداس الخارجي ٥٨

ابو بلال مرداس بن اكنية ٦٢

ابو ثوبان المرجئ ١٤٠

ابو ثور ١٥٦

ابو جعفر (من الكرامية) ١٥٣

ابو الحسن الاشعري ١٠٩ ، ١٢٨

ابو حنيفة ١٠٠ ، ١٤٠ ، ١٤٧ ، ١٥٢ ، ١٥٦ ، ١٥٨

ابو الخطاب ٥٥ ، ١٩٧

ابو ذر الغفاري ١١٦

ابو راشد بن نافع بن الازرق ٦٣

(ابو زفر ١٠٩)

ابو شمر (القدري) ١٣٨ ، ١٤٠

ابو طسان الدمشقي ١١٧

ابو العباس القلانسي ١٠٩

ابو عمرو بن العلاء ١٥٦

ابو فديك ٦٣ ، ٦٥

ابو كرب الضرير ٥٠

ابو مريم السعدي ٦١

ابو مسلم ٧٤

ابو معاذ التّومني ١٤١

ابو مكرم ٧٧

ابو منصور العجلي ٥٥

ابو موسى الأشعري ١٠١

ابو موسى المردار (انظر المردار)

ابو هاشم الجبّائي ١٢٩ ، ١٣٠ ، ١٣٨ ، ١٥٨

ابو هريرة ٩٨

ابو الهذيل العلّاف المعتزلي ٧٩ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ١٠٢ ، ١٠٨ ، ١٣٦ ، ١٣٧

ابو يوسف القاضي ١٠٤ ، ١٤١

احمد ١٥٦

احمد بن شميط ٤٨

إسحاق ١٥٦

إسحاق بن راهويه ١٥٢

اشرس بن عوف ٦٠

اعشى (همدان) ٤٩

الأبرش بن بشر العرني ٦١

الأبرش بن حسّان ٦٠

الاخنس ٧٤

الاخفش ١٥٦

ارسطاطاليس ١٢٥

الأستاذ صاحب الكتاب (الإمام الاستاذ ابو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي البغدادي) ٨٥ ، ١٤٤

الاسكافي (ابو جعفر محمد بن عبد الله) ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١١٨ ، ١٣٧

الاسواري (علي الاسواري المعتزلي) ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١١٢ ، ١٣٦

الاشبح ١٣٧

الاصم ٨٧ ، ١١٣

الاوزاعي ١٥٦

ايمن بن حزيم الاسدي ٧٥

أيوب ٨٧

ب

برز الناقص ١٥٧

برغوث (انظر محمد بن عيسى)

بشّار بن برد (الشاعر) ٨٥

بشر بن المعتمر ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١٣٧

بشر بن غياث المريسي ١٤١

بكر ابن اخت عبد الواحد بن زيد ١٤٦

بيان بن سمعان ٥٤ ، ١١٧

ث

ثعلبة بن مشكان أو ثعلبة بن عامر ٧٣

تمامة بن الاشرس النميري ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤

الثوري ١٥٦

ج

الجاحظ (عمرو بن بحر) ٨٦ ، ٩٨ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٥٦

الجبّائي ابو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام ١٠٩ ، ١٢٦ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣٨ ، ١٥٨

جبل ٦٢

جبريل (الملاك) ٩٣

جريرية بن وداع الاسدي ٦١

جعد بن درهم ١١٨

جعفر بن حرب ١٠٤ ، ١٠٦

جعفر بن مبشر ١٠٥ ، ١٠٦

الجهم بن صفوان الترمذي ٨٩ ، ١٣٩ ، ١٤٥

ح

الحارث بن راشد ٦١

حارثة بن قدامة السعدي التميمي ٦١

الحجاج ٦٤ ، ٧٥ ، ٧٦

الحرث الاباضي ٧٨

صرقوص بن زهير (المعروف بذي الثدية) ٦٠

حسّان ١٠٠

الحسن (ابن علي بن ابي طالب) ١٥٥

الحسن البصري ٨٣ ، ٨٧

الحسين (ابن علي بن ابي طالب) ٤٧ ، ١٥٢ ، ١٥٥

الحسين بن محمد النجار (انظر النجّار) الحصري الخداد ٩١

الحطيئة ١٢٥

حفص بن ابي المقدام ٧٧

حفص الفرد ١٤٧

الحكم بن العاص ٩٩

حماد بن يزيد ٨٧

حمزة بن ادراك الخارجي ٧٠ ، ٧١

حميرة (امرأة شبيب بن يزيد بن نعيم بن شيبان) ٧٥ ، ٧٦

خ

الخليل ١٥٦

الخيّاط (أبو الحسين ـ المعتزلي) ٨٨ ، ١١٠ ، ١١٩ ، ١٢٢ ، ١٢٦ ، ١٢٧

ذ

ذي الثدية (انظر صرقوص بن زهير)

ر

الرشيد ٧٠

رشيد ٧٦

ز

الزّبير ٥٨ ، ٧١ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ١١٢ ، ١٤٦ ، ١٥٤ ، ١٥٥

الزجاج ١٥٦

زخارف بن زخر الطائي ٦٢

زرتشت (المجوسي) ١٣٦

الزعفراني ١٤٣

زكريا بن يحيى الساجي ٨٧ ، ١٢٨

زياد بن الاصفر ٦٧

زياد بن خراش العجلي ٦٢

زياد بن زياد بن خراش ٦٢

زياد بن عبد الرحمن ٧٤ ، ٧٦

زيد (الناقص في ولايته) ٨٧

س

سراقة بن مرداس اليارقي ٤٩

سريح بن هاني ٦١

سعد بن مسعود ٦١

سعيد بن قفل ٦١

سعيد بن المسيب ١٠١

سفيان بن الابرد الكلبي ٦٤ ، ٧٦

سقراط ١١٧

سلم بن اهوز المازني ١٤٥

سليمان التميمي ٨٧

سهم بن غالب ٦٢

سيبويه ١٥٦

ش

الشافعي ١٠٠ ، ١٠٤ ، ١٠٦ ، ١٥٢ ، ١٥٦ ، ١٥٨

شبث بن ربعي ٦٠

شبيب بن يزيد بن نعيم بن شيبان (ويكنى أبا الصحارى الخارجي) ٧٥ ، ٧٦

شعيب ٦٩

شعبة ٨٧

شيبان بن سلمة الخارجي ٧٤

ص

صالح بن مسرّح ٧٥

(رأس الصفرية)

الصالحي (من الحمارية) ١١٨

صلت بن ابي الصلت (انظر عثمان بن ابي الصلت) ٧٢

ض

ضرار بن فرد الفقيه الفرضي المقدسي المكنى بابن نعيم ١٤٨

ضرار بن عمرو ١٤٧ ، ١٤٨

ط

طارف ٤٩

(من ابناء عبد الله بن دجاجة الحنفي) طريف ٤٩

(من ابناء عبد الله بن دجاجة الحنفي) طلحة ٥٨ ، ٧١ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ١١٢ ، ١٤٦ ، ١٥٤ ، ١٥٥

ظ

ظاهر بن الحسن ٧٠

ع

عائشة (أم الجميع) ٥٨ ، ٧٦ ، ٨٤ ، ١٥٥

عبّاد بن سليمان العمري (المعتزلي) ١١١ ، ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٧

عبّاد بن حصين ٦٢

العباس ٥٤

عبد ربه الصغير ٦٤

عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث ٧٥

عبد الرحمن بن ملجم ٦٨

عبد الرحمن بن مهدي ١٥٦

عبد الرحمن النيسابوري ٧١

عبد القاهر (البغدادي) ٥٢

عبد الكريم بن عجرد ٦٩ ، ٧٣

عبد الله (ابن الكوّاء اليشكري) ٦٠

عبد الله بن إباض ٧٧

عبد الله بن دجاجة (الحنفي) ٤٩

عبد الله بن الزبير ٥٠

عبد الله بن شمراخ ٨١

عبد الله بن عامر ٦٢

عبد الله بن عباس ٥٠

عبد الله بن عمر بن حرب الكندي ٥٥

عبد الله بن علي بن ابي طالب ٨٤

عبد الله بن عمر بن عبد العزيز ٨٤

عبد الله بن عوف بن احمر ٦١

عبد الله بن الوضيني ٦٣

عبد الله بن وهب الراسبي ٦٠

عبد الله الكبير ٦٤

عبد الملك بن مروان ٥٠ ، ٦٥ ، ٦٦

عبيد بن ابي المحارق القيسي ٧٥

عبيد الله بن زياد ٤٧ ، ٦٢

عبيد الله بن معمر التميمي ٦٥

عبيدة بن هلال اليشكري ٦٤

عثمان بن ابي الصلت (او الصلت بن ابي الصلت) ٧٢

عثمان بن عفان ٥٨ ، ٦٢ ، ٦٦ ، ٧١ ، ٩٩ ، ١١٢ ، ١١٣ ، ١٥٥

عثمان بن ورقة التميمي ٧٥

عروة بن جرا (او ابن حدير) ٥٨

عطية بن الاسود الحنفي ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٧

عطية الجوزجاني ٧٤

علقمة التميمي ٦٠

علي بن ابي طالب ٥٣ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦٠ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٨ ، ٧١ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ١١٢ ، ١١٣ ، ١٤٦ ، ١٥٢ ، ١٥٤ ، ١٥٥ ، ١٥٧.

علي بن عيسى النخعي ١٥٨

علي بن المديني ١٥٦

عمار بن ياسر ٨٤

عمر بن حصان ٦٢

عمر بن حماد ١١٨

عمر (ابن الخطاب) ٩٨

عمر بن سعد ٤٧

عمران بن حطان ٦٨

عمرو بن عبيد بن باب (المعتزلي) ٨٣ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ١١٣ ، ١٥٤

عمرو بن يزيد الازدي ٧٠

عيسى بن علي بن عيسى بن ماهان ٧٠

عيسى بن مريم ١١٥

غ

غزالة (أم شبيب) ٧٥ ، ٧٦

غسان (المرجئ) ١٤٠

غيلان ١٣٨

ف

فاطمة (الزهراء بنت الرسول) ٩٨

الفراء ١٥٦

فرعون ١٣٦

فروة بن نوفل الاشجعي ٦١

فضل الحدثي ١١٥

الفوطي (هشام بن عمر) ١١٠ ، ١١١ ، ١١٢ ، ١١٣ ، ١٢٦

ق

قاسم (او القسم) الدمشقي ١١٢ ، ١٣٦

القتيبي (انظر ابن قتيبة) ١٠١

قطرا بن الفجاءة التميمي المازني ٦٤

قريب بن مرة الازدي ٦٢

ك

كثيّر (عزة) ٥٠ ، ٥١

الكرابيسي ٦٩

الكعبي (ابو القاسم عبد الله بن احمد بن محمود) البلخي ٨٧ ، ١٢١ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٣٩

كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن اياد بن معد بن عدنان ١٢٥

م

المأمون (الخليفة) ١٢١

مالك بن اسما ١٢٥

مالك (ابن أنس) ١٥٤ ، ١٥٦

مالك بن حبيب الحنظلي ٦٢

المبرّد (النحوي) ١٥٦

محمد (الرسول) ٥٣ ، ٥٦ ، ٧٨ ، ٨٥ ، ٩٧ ، ١٣٤

محمد بن اسماعيل ١٥٦

محمد بن اسماعيل البخاري ٨٧

محمد بن الحسن ١٠٤

محمد بن علي بن الحنفية ٨٤

محمد بن عيسى (الملقب ببرغوث) ١٤٣

المختار ٤٧ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٠

المردار (ابو موسى) المعتزلي ٨٨ ، ٨٩ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١٣٧ ، ١٥٨

مرافع بن الليث ٧١

مريم (البتول) ١٢٩

مستورد بن علقمة التميمي ٦١

مسلم بن الحجاج ١٥٦

المسيح (انظر أيضا عيسى بن مريم) ٥٣ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١٣٦

مصعب بن الزبير ٤٨ ، ٤٩

مطر (الورّاق) ٨٧

معاوية (ابن ابي سفيان) ٥٨ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٨٧ ، ١١٣ ، ١٥٢

معبد (ابن عبد الرحمن) ٧٤

معبد الجهني ٨٣

معقل بن قيس الرياحي ٦١

معمّر (بن عبّاد السلمي) ٨٦ ، ١١٨ ، ١١٩

المغيرة بن شعبة (امير الكوفة) ٦١ ، ٦٢

مكرم بن عبد الله العجلي (انظر ابو مكرم) ٧٧

المنصور (الخليفة) ٨٧ ، ١٥٧

المهلب بن ابي صفرة ٦٣

ميمون (رأس الميمونية) ٦٩ ، ٧٠

ن

نافع بن الازرق ويكنى ابو راشد بن نافع بن الازرق) ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٧٨

النجار (الحسين بن محمد) ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٧

النجاشي (شاعر علي) ٥٩

نجدة بن عامر الحنفي ٦٣ ، ٦٥

نصر بن الحجاج ٩٨

نصر بن يسار ٧٤

النظام (ابراهيم بن سيار) ٨٦ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ٩٤ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٨ ، ١١٥ ، ١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٤٦ ، ١٥٤ ، ١٥٨

ه

هشام (انظر الفوطي) ١١٤

هشام بن الحكم (الرافضي) ٩١

هشام بن عبد الله الرازي ١٠٤

و

واصل بن عطاء الغزال (رأس المعتزلة) ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ١١٣ ، ١٥٤

الوليد بن عقبة ٩٩

ي

يحيى بن سعيد ١٥٦

يحيى بن معين ١٥٦

يحيى بن اليمن ١٠٤

يزيد بن ابي انيسة (الاباضي) ٧٨

يزيد بن عاصم المحاربي ٥٨

يزيد بن معاوية ٥٠ ، ١٥٢

يونس بن عبيد ٨٧

يونس بن عون ١٣٩

فهرس الكتب المذكورة في نص الكتاب

كتاب «العلل» لزكريا بن يحيى الساجي ٨٧

كتاب «تاريخ» (محمد بن اسماعيل البخاري) ٨٧

كتاب «مقالات» الكعبي ٨٧ ، ١٢١ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٣٩

كتاب النّظام على الثنوية ٩٤

كتاب «المعارف» للجاحظ ٩٨

كتاب «الفتيا» للجاحظ ٩٨ ، ١٢٥

كتاب «اختلاف الحديث» لابن قتيبة ١٠١

وجاء كتاب «مختلف الحديث» لابن قتيبة في ص ١٢١

كتاب «القياس» للشافعي ١٠٤

كتاب «حيل اللصوص» للجاحظ ١٢٤

كتاب «غش الصناعات» للجاحظ ١٢٤

كتاب «في الفخار والمؤاجرين» للجاحظ

١٢٤

كتاب «البخلاء» للجاحظ ١٢٤

كتاب «النواميس» للجاحظ ١٢٤

كتاب «طبائع الحيوان» للجاحظ ١٢٥

كتاب «الحيوان» لارسطاطاليس ١٢٥

كتاب «فضل الموالي على العرب» للجاحظ ١٢٥

كتاب «اختلاف العلماء في اصول الدين وفروعه» لزكريا بن يحيى الساجي ١٢٩

كتاب «استحقاق الذم» لابي هاشم الجبائي ١٣١

كتاب «الجامع الكبير» لابي هاشم الجبائي ١٣٤

كتاب «عذاب القبر» لابن كرّام ١٤٩

فهرس البلدان والمدن

اسفرار ٧٠

اضم ٤٨

الأنبار ٦٠

الأهواز ٦١ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ١٢٨ ، ١٥٧

بسطام ٦٤

البصرة ٦٢ ، ٧٦ ، ٨٧ ، ١٥٧

بوشنج ٧٠

ترمذ ١٤٥

تورخان ٧٤

جبل رضوى ٥٠

جرجرايا ٦١

الحجاز ٥٠

حروراء ٥٩

خرسان ٥٠ ، ٧٠

دار الاسلام ١٢٣

دار البعثة ٦٧

ذو سلم ٤٨

الري ١٤٤

سجستان ٦٥ ، ٦٧ ، ٧٠ ، ٧١ ، ١٥٧

الشام ٥٠

صفين ٥٨ ، ٥٩

الطائف ٥٠

طبرستان ٦٤

العراقان ٥٠

عسكر مكرم ١١٧ ، ١٢٨

فارس ٦٣ ، ٦٤ ، ١٥٧

فهستان ٦٥ ، ٧٠ ، ٧١

فهمسان ١٥٧

كربلاء ٤٧

كرمان ٦٣ ، ١٥٧

الكوفة ٤٧ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٩ ، ٦١ ٦٢ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٩٩

مازن تميم ١٤٥

ماسبزان ٦١

مرو ١٤٥

الموصل ٧٥

النخيلة ٦١

نساوايبورد ٧٤

النهروان ٦٠ ، ١٥٧

نيسابور ٧١ ، ١٥٣

هراة ٧٠ ، ٧١

همدان ٥٩

اليمامة ٦٣ ، ١٥٧

اليمن ٥٠

فهرس الاصطلاحات والكلمات

ا

ابطال احكام الشريعة ١١٩

ابطال حجة الاجماع والتواتر ٩١

ابطال المقاييس الشرعية ٩١

اجتماع الأمة على الباطل ٩٨

الاجماع ١٤٨

اجماع الأمة ٩٨ ، ١١٣

احبال مريم ١٢٩

أحد (وقعة) ١١٢

الاحرام ١٣٥

احياء الموتى ١١١

اخبار الآحاد ٩٨

اخترام الطفل ١٥١

أخروا العمل عن الأيمان ١٣٩

الإرادة المشروطة ١٣٣

الأرجاء ١٣٩

الأرجاء في الايمان ١٣٨

الأرجاء والجبر ١٣٩

أرجأه وآخره (العمل) ١٣٩

استحالة العدم على الجوهر والاجسام ١٢٤

استحقاق الذم لا على ذنب ١٣٠

استحقاق الذم والشكر على فعل الغير ١٣٢

استدلال ٧٩

الاستطاعة ٦٩ ، ٧٨ ، ١٢٨ ، ١٤٢ ، ١٤٧

الاستطاعة معنى غير السلامة ١٢٨

الاستواء على العرش ١٤٩

اسماء الله اعراض فيه ١٥٣

اسماء المدح ٨٣ ، ٨٤

اسماء الناس ١٥٣

اصحاب التواريخ ١٣٦

اصحاب الجمل ١٥٥

اصحاب الحدود ٦٧

اصحاب الحديث ٩٢

اصحاب الذنوب ٦٢

اصحاب الرأي ١٥٢

الاصرار على قبيح ١٣٢

الاصلح ١٢٧

اطفال المشركين ٦٩ ، ٧٣

اعتزال الأمة ٨٣

اعجاز القرآن ٩٨ ، ١٠٩

الأعراب ٨٠

اغتيال ٧٤

الإفادة (الإرادة) المشروطة ١٣٣

افتضاض الأبكار ١١٣

اكساب (او اكتساب) العباد ٨٩ ، ١٢٤ ، ١٤٢

أكمن ٩٧

القاء الشيطان ١٥١

اللذة والألم ١٣٤

إله ثان ٥٣

الاله القديم ١١٥ ، ١٢١

الاله المخلوق ١١٥

الاله مطيع للعبد ١٢٩

الله أحدى الجوهر ١٤٩

الله أحدى الذات ١٤٩

الله جسم ١٤٩

الله جوهر ١٤٩

الله خالق اكساب العباد ١٤٧

الله لا يعدم من العالم شيئا ١٥٠

الله لا يؤلم البهائم ١٤٦

الله له حد ونهاية واحدة ١٥٠

الله محبّل للنساء ١٢٩

الله محل الحوادث ١٥٠

الله مريد بإرادة ليست هي امره ١٢٧

الله يرانا ولا يرى نفسه ١٢٧

الله يرى في القيامة بحاسة سادسة ١٤٧

الله يرى في القيامة بصورة يخلقها ١٤٦

الله يعذب العاصي له ١٣٠

ألوهية (إلهية) ٥٥ ، ١١٧

ألوهية (الإلهية) الأئمة ١٥٥

أم الجميع ٧٦

امام ٥٣ ، ٦٦ ، ١٥٢

الامامة ٤٧ ، ٥٢ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ١١٢ ، ١١٣

إمامة المرأة ٧٥ ، ٧٦

(كون) امامين واكثر في وقت واحد ١٥٢

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ١٤٥

الانسان غير قالبه ٩٣

الانسان غير هذا الجسد ١٢٠

الانسان لا فعل له الّا الإرادة ١٢١ ، ١٢٤

انشقاق القمر ٩٩ ، ١١١

انقسام لا الى غاية ٩٦

أهل الآخرة ٨٩

أهل الأهواء ٥٥ ، ١٥٤ ، ١٥٧

أهل بدر ١٤٦

أهل البدعة ١٥٩

اهل البيت ٥٣ ، ٥٤

اهل بيعة الرضوان ٧١

اهل التكليف ٧٩

اهل الثواب ١٣٤

اهل الجنة ٧١ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٢

اهل الحديث ١٠٦

اهل الذمة ٩٧

اهل الذنوب ٨٢

اهل الرأي (او اصحاب) ١٠٦

اهل الزيغ ١٥٦

اهل السموات والارض ١٣٦

اهل الصفات ١٢٧

اهل الصلاة ١٤٦

اهل الضلالة ١٥٦

اهل العراق ١٥٢

اهل العناد ١٣٦

اهل العهد ٦٧

اهل القبلة ٧٤ ، ١٤٦

اهل الكبائر ١٣٩

اهل الكتاب ٧٨

اهل ملة الاسلام ١٠٨

اهل النار ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٢ ، ١٣٤

اهل الهيولى ١٥٠

اوجب الاصلح في التكليف ١٢٧

اوجب الوضوء من قرقرة البطن ١٤٦

ايجاب الطبيعة ١٤٣

الايمان ٧٧ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢

الايمان في القلب واللسان ١٣٩ ، ١٤١

الايمان المنافقين كإيمان الأنبياء ١٥٢

الايمان هو الاقرار والمحبة لله ١٤٠

الايمان هو القول السابق في ذكر الاول ١٥٢

الايمان هو المعرفة بالله فقط ١٤٥

الايمان هو المعرفة والاقرار بالله ١٤٠ ، ١٤٢

الايمان يزيد ولا ينقص ١٤٢

ب

بايعوا (بايع) ٦٣

البداء ٤٨ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ١١٨

بدر (وقعة بدر) ١١٢

بدع ٧٩ ، ١٠٣

بدعة ١٠١ ، ١٠٢ ، ١١٢ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢٢ ، ١٢٤ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣٢ ، ١٤٦

البراءة ٦٨ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٦

بلاد الكفر ١٥٧

بلا كيف ١١٠

بيعة اهل الكوفة ٤٧

بيعة الرضوان ٧١ ، ٨٤

بيعة علي ٩٧

ت

تائب ١٣٢

تأبيد عقاب الكافر ٨٣

تارك الصلاة ٧٧

التجسيم ١٤٩

تحريم اكل الثوم والبصل ١٤٦

تحريم الخمر ٧٩

التحكيم ١٠١

تحويل القبلة ٧٩

ترك الصلاة ٨١

تشبيه الله ببعض خلقه ٧٤

التعديل والتجوير ١٥١

تقدم الاستطاعة على الفعل ١٣٠

تكافؤ الادلة ٩١

تكرير ١١٦

التكليف ١٢٧

تناسخ ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧

تواتر ٩٨

التوبة ٧٤ ، ١٣٢ ، ١٣٣

لا تصح التوبة عن شيء بعد العجز عنه ١٣٢

التوحيد ٧٧ ، ١٤٩

التولد (افعال متولدة) متولد ـ متولدات ١٠٨ ، ١١٠ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٣١ ، ١٤٣ ، ١٤٦ ، ١٤٧

التيه ٥٣

ث

ثغور الاسلام ١٥٦

ثنوي ٩٥ ، ١٠٥

الثواب ١٢٤

ثواب العبد على كسبه ١٣٣

ج

الجسم (الاجسام) ١١٢ ، ١١٩ ، ١٣٤ ، ١٣٥

الجزية ١٥٤

الجسم اعراض مجتمعة ١٤٢ ، ١٤٧

الجماعة ٧١

(رواية) الجن ٩٩

(تفنى) الجنة والنار ١٤٥

الجنة والنار تفنيان ١٤٥

الجهاد ١٥٧

الجهاد جهادان ١٥٦

جهنم ١٣٤

ح

حال (احوال) ١٣٢

الحج ١٣٥

الحجة ٦٧

حجة الاجماع ٩٨

حجة التواتر ٩٨

لا حجة الّا في قول الإمام ١٥٥

حجّة الرسول ١٤٠

حد الخمر ١٠٥

الحدود ١٣١

الحرام ٦٧

حرب الجمل ١١٢

حرف ١٤٧ ، ١٤٨

الحركة ١٠٨

حركة اعتماد ٩٥

حسن الظن ١٣٦

حسن الظن بالله ١٠٢

حصار عثمان ١١٢

الحصينات ١٢٩

الحكمين ٥٨

الحلال ٦٧

حلول روح الإله في الأئمة ٥٢

الحلولية ٥٢

الحمى ٩٩

ما كان محلا للحوادث لم يخل من الحوادث ١٥٠

حيز ٩٥

(اجتماع جزءين في حيز واحد) ٩٥

خ

الخير ٧٩ ، ٩٧

خلق ١٥١

خلق الله اعمال العباد ١٤٥

خلق القرآن ١٤١ ، ١٤٣

الخلود في النار ٨٤ ، ١٤٦

د

دار الاسلام ١٢٣ ، ١٥٧

دار البعثة ٦٧

دار حكمهم ٨٠

دار شرك ١٢٣

دار كفر ٦٣

دار مغصوبة ١٣٥

دار النقية ٧٤ ، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٢

دار الهجرة ٨٢

الدرك الاسفل من النار ١٤٦

دعاة المجوس ١٥٣

الدعاء ١٣٥

الدقائق ١٠٨

دليل نظري (ادلة نظرية) ١١٢

دماء المسلمين ٦٧

الدهرية ٩٧

الدين ٦٧

ذ

يصح من النبي كل ذنب لا يوجب حدا ١٥٠

الذنوب ١٥١

ر

الرأي ٩٨

الربا ٨٠

الربوبية ٥٥

الرجم ٦٤ ، ١٠٥

رواة الحديث ١٥٥

الروح ٩٣

روح الإله ١١٧

الروح جنس واحد ٩٣

رؤية الله ١١٠ ، ١٤٢

ز

الزبانية ٩٢

الزكاة ٧٤ ، ١٠٠ ، ١٣١ ، ١٣٥

زنديق ٩٠

زواجر ٩٠

زيادة الايمان ١٤٠

س

سبي (المسبى) ١٢٣

سجّع كأسجاع الكهنة ٤٧

السجود للصنم ١٣٤ ، ١٤١

السحرة ١٣٩

السعي (في الحج) ١٣٥

السكر ٨١

سلف الأمة ١٠١

ش

شارب النبيذ ١٠٦

شبّه معبوده بصورة الانسان ٥٣

شرك ٦٣ ، ٧٧ ، ٨١ ، ١١٥ ، ١٢٥ ، ١٤٦ ، ١٤٨

شرى ٥٨

ص

الصحابة ٨٤ ، ٩٣ ، ٩٦ ، ١٢٥ ، ١٥٤ ، ١٥٥

الصريح ١٠٠

صلاة التراويح ٩٩

صلاة الخوف ١٥٢

صلاة السّبوع ١٥٣

صلاة شهر ١٥٣

صوم رمضان يصح بغير نية ١٥٢

الصلاة على الارض التي اصابها البول ١٥٢

الصلاة في الثوب الذي عليه قدر الدرهم من النجاسة ١٥٢

الصلاة في الثوب وان كان جميعه مغرقا من النجاسة ١٥٢

صلاة مفروضة ١٠١

صلاح واصلح ١٥١

ط

طاعة ٧٩ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٢ ، ١١٦ ، ١٤٢

الطاعة موافقة الإرادة ١٢٩

طباع الاجسام ١٤٣

طبيعي ٩٥

الطفرة ٩٦

الطواف (في الحج) ١٣٥

الطهارة ١٣٥

ظ

ظلال الناس ٩٧

ظهور ٩٨

ع

عابد للشيطان ١٤٦

عاصي ١٠٨ ، ١١٠ ، ١٣٠ ، ١٣٧

عبادة الصنم ١٣٤

العترة ٩٨

عداوة ٧١

ما عدم بعد حدوثه (هو) شيء في حال عدمه ١٢٦

عذاب الاطفال ٦٧

العرش ١٤٩ ، ١٥٠

عرض (اعراض) ١١١ ، ١١٢ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٣٤

العصمة ٥٥

عصمة الأنبياء ١٥١

العطية الواجبة ١٣١

عظائم ١٣٢

عقاب ١٢٤

عقل (العقل الذي خلفه الله أوّلا) (المسيح) ١١٦

علم الله محدث ١٤٥

غ

الغصب ٦٧

غفران الصغائر ١٠٦

ف

فاسق (الفاسقون) ٨٣ ، ٨٤ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١١١ ، ١٤١

الفتنة ١١٣

الفرائض ٥٣

فريق الحديث ١٠٦

فريق الرأي ١٠٦

الفعل ٧٨

فعل خالق ١١٠

فعل الكبيرة ٧٧

فعل مكتسب ١١٠

فقهاء الأمة ١٠٠

فلق البحر ١١١

فتاء ١١٩ ، ١٣٤

فتاء ذلك الفاني ١٥٠

ق

القبائح العظام ١٣٤

القتل في السر ٧٤

القدر ٦٩ ، ٧١ ، ٧٨ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ١٠٥ ، ١٣٨ ، ١٤٠ ، ١٥٦ ، ١٥٨

مسألة القدرة على الظلم والكذب ١٣٦

القدرية ١٠٣ ، ١١٤ ، ١٢٦ ، ١٢٧

القديم ١٢٤

القرآن مخلوق ١٤٣ ، ١٤٤

القرّاء السبعة ١٥٦

القسطان (اقساط ، قسط) ١٣١ ، ١٣٢

قضاء الديون ١٣٥

القطع ١٠٠

القعدة ٦٣ ، ٦٥

قلب العصا حية ١١١

القلل ٩٥

القلم ٩٧ ، ١٥١

القياس الشرعي ٩٨

القيامة ١٠٨

ك

كافر ٦٧ ، ٧٢ ، ٧٧ ، ٨١ ، ٨٣ ، ١٠٥ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٠ ، ١١٤ ، ١٣٠ ، ١٣٢ ، ١٤٠

اكفر واكفرتهم ٧١ ، ٧٢ ، ٧٦ ، ١٥٦

الكبائر ٧٧ ، ٨٣ ، ١٠٦ ، ١٤٦

كبيرة ٥٨ ، ٦٣ ، ٧٧ ، ١٤٩

كفّارتان (كفّارة) ١٣١ ، ١٣٥

كفر ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٩ ، ٧٧ ، ١٠٨ ، ١٤١ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٥١

كفر باستكباره ١٤٢

الكفر هو الجهل (بالله) فقط ١٤٥

كلام الله ٩٠ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤

كلام الله عرض ١٢٩

كمون ٩٧ ، ٩٨

الكنايات ١٠٠

ل

لطف ١٠٧

اللوح ٩٧ ، ١٥١

ليلة البدر ١١٦

ليلة العقبة ٩٨

م

ماء مغصوب ١٣٥

ماهية (الله ماهية) ١٤٧

متعة الحج ٩٩

المحرمات ٥٣

محل ١٣٤

مخلد في النار ٨٣ ، ١٣١

مداخلة ٩٤ ، ٩٥

المرتدين ١٥٤

المريد للشيء ١٣٣

مسخ ١١٤

مسلم ٦٧

مسلم مؤمن ١٤٦

مشبهة ٧٤

مشرك ٦٧ ، ٧٧ ، ٨٣

مشرك كافر ٨٣

مشركون ٦٤ ، ٩٢

المشيئة ٦٩ ، ٧١

مظالم العباد ٧٤

المعاد ١٠١

المعارف ضرورية ١٢٢

المعارف طباع ١٢٤

المعدوم ١٢٦ ، ١٢٧

المعدوم الذي لا يحدث قط ليس بشيء ١٢٦

المعدومية ١٢٧

المعدوم في حال عدمه شيء ١٢٦

معرفة الله ٧٧

المعرفة فعل العباد ١٢٤

معصية ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٢ ، ١١٦ ، ١١٨

معنى (معاني) ١٢٠ ، ١٣٤

المقطوع والموصول ١١٢

المكتسب ١٤٣

مكلّف ١٣٠

مكيال الخير ١١٦

مكيال الشر ١١٦

ملة الاسلام ١١٤

ملحد ٩٠

منافق ٨٣ ، ١٤٦ ، ١٥٢

منزلة بين المنزلتين ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٦

المهدي المنتظر ٥٠

الموافاة ٧١ ، ١١٢

موالاة ٧١

موحد ٨٤ ، ١٠٥

موحد كافر ٨٣

مؤمن ٨١ ، ١٠٥

ن

النار تجذب اهلها الى نفسها بطبعها ١٢٤

نذور ١٣٥

نذير ١١٦

نسخ ٥٢

وينسخ ٧٨

(ادخل) النصرانية في الاعتزال ١٥٨

النظر ٩٠ ، ٩٧ ، ١١٨

نظم القرآن ٩٨

نعيم الجنة ١٠١

نفاة النظر ٩١

نفي الاستطاعة ١٤٥

نفي الصفات الازلية ١٤٥

نفي صفات الله ١٤٢

النور له نهاية من جهة السفل ١٤٩

النية ١٥٥

نية (الفرائض من الصلاة والصيام وغيرها يصح كلها بغير نية) ١٥٢

النية الاصلية ١٥٢

النية في النوافل ١٥٣

نية قبول الاسلام ١٥٣

ه

الهمامة (روح الكافر) ٩٦

هيولى العالم ١٥٠

و

ورود الخبر ٩٩

ورود الشرع ١٤٠

وضوء ١٣٥

الوضوء والغسل يصحان بغير نية ١٥٢

الوعد والوعيد ١١٢ ، ١٤٢ ، ١٥٧

الوعيد ١٠٠ ، ١١٠ ، ١٥٤

الوقوف (في الحج) ١٣٥

الوكالة ١١١

وكل ١١١

الوكيل ١١٠ ، ١١١

ولاية ٧١ ، ٧٣

ي

الله يقدر ان يفني جملة لا يقدر على افناء بعضها ١٣٥

الله لا يقدر ان يفني ذرة من العالم ١٣٤

يوم الجمل ٨٦

يوم الحديبية ٩٨

يوم القيامة ١٥١ ، ١٥٢

فهرس الآيات

(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) ٤٩

(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) ٧٢

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) ٧٦

(وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ٨٩

(وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) ٩٦

(حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ١١٠ ، ١١١

(قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) ١١١

(وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) ١١١

(وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) ١١١

(وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) ١١٥

(فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) ١١٥

(لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ١٢٥

(فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) ١٣٥

(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا (وَرَأَوُا الْعَذابَ) وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) ١٣٥

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ١٣٩

تلك الغرانيق العلى وان شفاعتها ترتجى ١٥١

(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ١٥٢

(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) ١٥٦ ، ١٥٧

(وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) ١٥٦

فهرس الاحاديث

القدرية مجوس هذه الأمة ٧٠ ، ١١٤

السعيد من سعد في بطن أمه ، والشقي من شقى في بطن أمه ٩٩

ان الله تعالى خلق آدم على صورته ١١٥

ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ١١٦

هو العقل الذي خلقه الله تعالى أولا وقال له :

اقبل فأقبل ، وادبر فأدبر. فقال : بك اعطي وبك آخذ ١١٦

لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا ١٣٩

(المرجئة) الذين يقولون الايمان كلام ١٣٩

قيل : «يا رسول الله ، من المرجئة؟ فقال : الذين يقولون الايمان كلام» ١٣٩.

صدر في سلسلة «نصوص ودروس ـ المجموعة التاريخيّة»

١. أبو الفرج ابن العبري ، تاريخ الزمان لابن العبري ؛ نقله إلى العربيّة إسحاق أرملة.

٢. مقدّمة في تاريخ صدر الاسلام ، تأليف الدكتور عبد العزيز الدوري.

٣. من مقدّمة ابن خلدون ؛ تحقيق الدكتور ألبير نصري نادر.

٤. كتاب مختصر الشريعة ؛ جمعه المطران عبد الله قراعلي ، قدّم له ونشره عن النسخة الأصليّة الأب بولس مسعد.

٥. كتاب الملل والنحل للبغدادي ؛ تحقيق الدكتور ألبير نصري نادر.

٦. المجمع البلدي ؛ نشره وعلّق عليه الأب بولس مسعد.

٧. أحوال النصارى في خلافة بني العبّاس ؛ تأليف الدكتور جان موريس فييه ، ترجمة حسني زينة.

٨. العلّامة غريغوريوس الملطي المعروف بابن العبري ، تاريخ مختصر الدول ؛ وقف على طبعه ووضع حواشيه الأب أنطون صالحاني اليسوعيّ.

٩. الحضارة العباسيّة ؛ تأليف الدكتور وليم الخازن.

١٠. جدول السنين الهجريّة وما يوافقها من السنين الميلاديّة ؛ إعداد أنطون بشاره قيقانو.

انجزت «المطبعة الكاثوليكية ش م ل» عاريا ـ لبنان

طبع كتاب «الملل والنحل» في الخامس عشر

من كانون الأول ١٩٩٢

٠١٩٢٠٨ ـ ١ ـ ١٥ / ١٢ / ٩٢

الملل والنحل

المؤلف: عبدالقاهر بن طاهر البغدادي
الصفحات: 184
ISBN: 2-7214-8039-1
  • المقدمة 9
  • وصف المخطوطة 9
  • أولا ـ مؤلف المخطوطة 10
  • ثانيا ـ عنوان الكتاب 16
  • ـ مؤلف الكتاب 39
  • الرموز 43
  • (في بيان مقالات فرق الرفض) 47
  • الكيسانية 47
  • ذكر فرق الضلال من الخوارج 57
  • ذكر المحكمة الاولى 58
  • ذكر الازارقة 63
  • ذكر النجدات 65
  • ذكر الصّفرية الزيادية 67
  • ذكر الميمونية 68
  • ذكر الشعيبية 69
  • ذكر الحازمية والحمزية 70
  • ذكر المعلومية والمجهولية 72
  • ذكر الصلتية 72
  • ذكر الاخنسية والمعبدية 73
  • ذكر الشيبانية والشبيبية 74
  • ذكر الرشيدية 76
  • ذكر المكرمية 77
  • ذكر الحفصية 77
  • ذكر اليزيدية 78
  • ذكر الحارثية 78
  • ذكر اصحاب طاعة لا يراد الله تعالى بها ، منها : الأباضية الواقفة 79
  • ذكر فرق الضلال من القدرية والمعتزلة عن الحق 82
  • ذكر الواصلية 83
  • ذكر العمرية 86
  • ذكر الهذيل العلاف 88
  • ذكر النظامية 91
  • ذكر الاسوارية 102
  • ذكر الاسكافية 103
  • ذكر الجعفرية 104
  • ذكر البشرية 107
  • ذكر المردارية 109
  • ذكر الهشامية 110
  • ذكر الحائطية والحدثية 115
  • ذكر الحمارية 117
  • ذكر المعمرية 118
  • ذكر الثمامية 121
  • ذكر الجاحظية 123
  • ذكر الخياطية 126
  • ذكر الكعبية 127
  • ذكر الجبائية 128
  • ذكر البهشمية 129
  • ذكر فرق الضلال من المرجئة 138
  • ذكر اليونسية 129
  • ذكر الغسانية 140
  • ذكر الثوبانية 140
  • ذكر الثومنية 141
  • ذكر المريسية 141
  • ذكر فرق الضلال من النجارية 142
  • ذكر البرغوثية 143
  • ذكر الزعفرانية 143
  • ذكر المستدركة 144
  • ذكر فرق الضلال من الجهمية 145
  • ذكر البكرية المبتدعة 146
  • ذكر الضرارية الضالة 147
  • ذكر الضلال من الكرّامية 149
  • الباب الرابع
  • بيان التحقيق لنجاة اهل السنة والجماعة 154
  • الفهارس
  • ـ فهرس المراجع المذكورة في الهوامش 163
  • ـ فهرس الاعلام المذكورة في كتاب «الملل والنحل» 166
  • ـ فهرس الكتب المذكورة في نص الكتاب 172
  • ـ فهرس البلدان والمدن 173
  • ـ فهرس الاصطلاحات والكلمات 174
  • ـ فهرس الآيات القرآنية والاحاديث 182