


المقدمة
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة
والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، محمدوآله الطيبين الطاهرين.
وبعد :
فإن الاسلام دين اللّه الخاتم ، وشريعته
الأخيرة للبشرية جمعاء في كافة أقطارها ، على مدى عصورها وأزمانها ، وقد جاء هذا
الدين لينقذ البشرية من الجهل ، ويُخرجها من ظلماته إلى نور العلم والهدى ، فكان
الحثُ على العلم وبيان قيمة العلماء من المعالم البارزة في القرآن الكريم وكلام
أئمة الدين.
وقد ورد في القرآن الكريم ما يزيد على
٧٥٠ اية في العلم ومشتقّاته ، من مدح العلماء ، وحثٌ على طلب العلم ، وبيانٍ
لأهمية العلم في حياة الانسان ، ويكفيك منها قوله تعالى : « قُلْ هَلْ يَسْتَوِي
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ »
وقوله تعالى
: « إِنَّمَا
يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ
» أما ما أثِر
عن النبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ في هذا
الباب فهو أكثرمن أن يُحصر ، وما على طالبه إلاّ أن يمدّ يده إلى أقرب كتاب حديثي
إليه فسيجد
__________________
فيه فصلاً بل فصولاً
في الاشادة بالعلم والعلماء ، وسيمرّ عليك في أثناء هذا الكتاب من ذلك الشيء
الكثير.
هذا في اهتمام قادة الاسلام بالعلم
بجميع شعبه وفنونه.
أمَا علم الحديث الشريف فهو علم إسلامي
بحت نشأ ونما وآتى اُكله ليحفظ لنا أقوال المعصومين :
التي هي بيان وتفسير للقران الكريم ، وهدى إلى سعادة الدنيا والاخرة ، فيها جميع
ما يحتاجه الانسان لتكميل نفسه وعمارة دنياه وسعادة أخراه.
ولهذا العلم الشريف. في المكتبة
الآسلامية سهم كبير ومكان عال ، فالعلوم الاُخرى من تفسير وفقه وعقائد و ... تعتمد
عليه وتستمدّ منه ، فهو الصدر الأول للمفسر والفقيه والمتكلّم والعارف ...
وهوعلم تتميز به الاُمة الاسلامية عن
بقيَة الأمم ، حيث حفظ هذا العلم الشريف جميع كلام النبي الأكرم وآل بيته الطاهرين
وإخبارهم عن الله تعالى وما يتعلق بسيرهم وحياتهم ، وحفظ لنا ـ إضافة إلى هذا ـ الصحيح
من كلام الأنبياء السابقين :
... مما لا نجده عند أتباع الديانات الاخرى.
وقد أتعب علماء المسلمين أنفسهم في نقل
الحديث الشريف وحفظ أسانيده ، ووضعوا له علماً مستقلاً يضبط أصوله وفروعه أسموه
علم دراية الحديث.
وكان أن نبغ عباقرة ثقات حفظوا هذا
العلم للأمة ، وكان منهم من يحفظ مئات الألوف من الأحاديث بأسانيدها ، ودونوا
الكتب المهمَة الضخمة فيه ، فوصلت إلينا مكتبة فاخرة من كتب الحديث الشريف.
من هذه الكتب التي وصلت إلى أيدينا كتاب
« أعلام الدين » وهوكتاب جامع في طائفة مفيدة قيمة من الحديث الشريف ، وقد بناه مؤ
لفه على أبواب وفصول ، ذكر في كل باب وفصل منها مجموعة من الأحاديث الشريفة.
وأليك عرضاً موجزاً للكتاب ، وهو عرض
مختصر لا يغني عن مطالعة الكتاب والاستفادة من غرر أحاديثه الكريمة.
بدأ المؤلف كتابه بفصل في المؤمن وما
خصه الله وحباه من كريم لطفه
وجزيل مننه وإحسانه
، وأن التارك للدنيا الزاهد فيها مثله كمثل الشمعة التي تحرق نفسها لتضيء الدرب
للآخرين.
وأتبعه بفصل عن الدليل على حدوث الانسان
وإثبات محدثه ، استدل فيه بدليل الخلقة وغيره من الأدلة على إثبات الخالق تعالى ، وفَرع
عليه وجوب الشكرعلى النعمة ، وفسر الشكر بانه الاعتراف بالنعمة مع تعظيم منعمها ، ومن
أولى من الله تعالى بالشكرعلى نعمه الوافرة؟!
ثم ساق لنا كتاب (البراهان على ثبوت
الايمان) لأبي الصلاح التقي بن نجم بن عبيدالله الحلي ، وهذا من مميزات الكتاب حيث
حفظ لنا نسخة من هذا الكتاب الذي تخلو فهارس المكتبات المخطوطة ـ في حدود اطلاعنا
ـ عن نسخة منه.
وأتبعه بالخطبة الخالية من الألف
المنقولة عن أميرالمؤمنين 7.
وعقبها بفصل في فضل العلم والعلماء ، يذكر
فيه نصيحة الامام أميرالمؤمنين 7
الطويلة لكميل التي يقول في فقرة منها :
« يا كميل ، العلم خير من المال ، العلم
يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الانفاق ، وصنيع
المال يزول بزواله ».
ثم يتحدث عن أهمية القرآن في حياة
المسلمين فيذكر : قوله 7
: « قراءة القران أفضل من الذكر ، والذكر أفضل من الصدقة ، والصدقة أفضل من الصيام
، والصوم جُنة من النار ».
ثم يتطرق إلى صفات المؤمن وخلاله الحسنة
فيذكرأحاديث منها :
قال أبوعبداللّه 7 : « من سرته حسنته ، وساءته سيئته فهو مؤمن
».
وفي الكتاب من المواعظ والحكم الشيء
الكثير ، والتذكير بما حرم الله ، والأمر بغض الأبصار ، والخضوع في العبادة
والتواضع.
وفيه ذكر صفات المؤمنين وكيف أنّ قلوبهم
خاشعة وأبدانهم طيّعة في عبادة رب العالمين.
وذكر أوصاف شيعة علي المرتضى ، وكيف أن
شفاههم ذابلة ، ووجوهم
مصفرة من خشية الله
، وألوانهم متغيرة ، وبطونهم خميصة « اتخذوا الأرض فراشاً ، والتراب بساطاً ، والماء
طيباً ، والقرآن شعاراً ، والدعاء دثاراُ ».
وأتبعه بفصل من الأدب والخلق الرفيع
ومكارم الأخلاق ، ولم ينس الغنى والفقر والأرزاق ، فعقد لها فصولاً.
أعقبها بفصل في ذكر الموت والقتل ، والفرق
بينهما.
وجاء بعده بفصل في كلام أميرالمؤمنين 7 في الاخوان وآداب الاخوة في الايمان.
وفصل مما ورد في ذكر الظلم.
وذكر وصية النبي لأبي ذر ، وهي وصية
مفصلة مطوَلة ، وفيما أنزل الله على عيسى بن مريم 7
من الوعظ. وهما من نوادر النصوص التى تستحق التدبر والاعتبار بها.
ورجع فذكر فصلاً مفصّلاً في ذكر حقوق
الاخوان من أحاديثه.
ولم يهمل العبادة التي فيها تهذيب النفس
وتكميلها وتحليتها بالفضائل ، فعقد فصلاً في قيام الليل والترغيب فيه.
ولم يهمل المؤلف أقوال الحكماء
والمؤمنين الصادقين ، ومواقفهم البطولية في مجابهة طواغيت زمانهم ، فقد روى لنا من
حكمة لقمان وصيته لولده تلك الوصيّة الخالدة المعروفة.
وروى لنا موقف خالد بن معمر لما سأله
معاوية : على ما أحببت علياً؟قال : على ثلاث خصال : على حلمه إذا غضب ، وعلى صدقه
إذا قال ، وعلى عدله إذا ولي.
وكانت للشعر الحكمي والعرفاني عند
الديلمي منزلة سامية ، فقد ذكر المؤلف من هذه الأشعار مجموعة طريفة.
وذكر مواعظ بعض العلماء للحكام ، كما
روى لنا كتاب الحسن البصرى إلى عمر بن عبدالعزيز.
ويذكر مآل المؤمنين الصالحين إلى الجنة
والسعادة الأخروية حيث الحور
والولدان المخلدون ،
والأنهار الجارية ، ومنابر الياقوت الأحمر في خيام اللؤلؤ الرطب ...
ويعقبه بقول أميرالمؤمنين 7 : « فيا عجباً لمن يطلب الدنيا بذل النفوس
والتعب ، ولا يطلب الآخرة بعز النفوس والراحة؟! »
ويعقد بابأ مهشاً في حسن الظن باللّه
تعالى جاء فيه الحديث القدسي الشريف : « أنا عند ظن عبدي بي ، فلا يظن بي إلآ
خيراً ».
ويعرج على قول النبي الأكرم 9 : « من حفظ عنّي أربعين حديثاً حشره
الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ».
ويستطرد بذكر الأربعين حديثاً المعروفة
بالأربعين الودعانية لابن ودعان الموصلي.
وللأسماء الالهية الحسنى مكانها الشامخ
في الكتاب ، استهلّها المؤلف بالحديث النبويَ الشريف : « إن لله تسعة وتسعين اسماً
من أحصاها ودعا بها دخل الجنة ».
ثمَ يذكر فضائل قراءة القرآن الكريم
وثواب تلاَوته ، ويستطرد في فضائل السور الكريمة سورة سورة.
ولآل البيت : النصيب الأوفر ، حيث روى المؤلف عدة أحاديث
في فضلهم ومكانتهم العليا عند الله تعالى.
وذكر المؤلف الخواتيم والفصوص فعقد لها
فصلا ذكرفيه فضل التختّم بالفيروزج والياقوت والعقيق وأشباه ذلك.
وعقد فصلا لذكر الموت وما بعد الموت ، ساق
فيه الأحاديث المبشرة للمؤمن والرادعة عن المعاصي ، والتي فيها أوصاف أهوال الموت
والقبروالحساب ...
وذكر الدعاء وأهميته في الدين الاسلامي
وكونه من العبادة ، فذكرأحاديث كثيرة منها ، قوله 7
: « ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة ، وإعلموا
أن الله لا يقبل
دعاء من قلب غافل ».
وختم كتابه بنصائح قيمة للقارئ اللبيب ،
وهي خلاصة معاناة المؤَلف في حياة زاهدة تقية مؤمنة.
ومن ميزات الكتاب انفراده بأحاديث لم
يعثر عليها في الكتب الروائية الموجودة ، نقلها صاحب البحار عن كتابنا هذا.
ترجمة
المؤلف
إسمه
واسم أبيه :
إتَفقت المصادر المترجمة له على أنَ
اسمِه (الحسن) ولكنّها اختلفت اختلافاً شديداً في اسم أبيه ، قال صاحب أعيان
الشيعة في ترجمته : اقتصر بعضهم في اسم أبيه على أبي الحسن ، وبعضهم سماه محمداً
ولم يذكر أبا الحسن ، وبعض قال : الحسن بن أبي الحسن محمّد ، فجعل كنية أبيه أبا
الحسن واسمه محمداً ، وبعضهم قال : الحسن بن أبي الحسن بن محمد.
وعنونه في الرياض مرّة الحسن بن أبي
الحسن محمد ، واُخرى الحسن بن أبي الحسن بن محمد.
وعنونه صاحب أمل الامل : الحسن بن محمد
الديلمي.
قال صاحب الرياض : لعله كان في نسخة
صاحب الأمل لفظة (ابن) بعد أبي الحسن ساقطة فظن أن أبا الحسن كنية والده محمد ، فأسقط
الكنية رأساً ، ولعله سهو.
وأقول : هذا تخرص على الغيب.
وقال السيد الأمين أيضاً : وفي صدر نسخ
إرشاده ، وكذا في بعض المواضع منه : الحسن بن محمد الديلمي.
أقول : الصواب أنه الحسن بن أبي الحسن
محمد ، وأبوالحسن كنية أبيه واسم أبيه محمد. أما محمد بن أبي الحسن بن محمد فزيادة
(ابن) قبل محمد من سهو النساخ ، ومثله يقع كثيراً ، فحين يرى الناظر الحسن بن أبي
الحسن محمد ،
يسبق إلى ذهنه زيادة
ابن قبل محمد.
انتهى ما ذكره السيد الامين في ج ٥ : ٢٥٠
من أعيان الشيعة.
وعاد في ج ٤ : ٦٢٩ قائلاً : الحسن بن
أبي الحسن الديلمي يأتي بعنوان الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي.
وكرره في ٤ : ٦٢٩ أيضاً قائلاً : الحسن
بن أبي الحسن بن محمد الديلمي يأتي في ترجمة الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، احتمال
أن يكون أبوالحسن كنية والده واسمه ، وأن يكون محمد اسم جده ، فراجع.
هذا مجمل القول في اختلافهم في اسم
أبيه.
والذي نطمئنَ إليه ما جاء في أعلام
الدين نفسه ص ٩٧ حيث يقول ما نصٌه : « يقول العبد الفقير إلى رحمه اللّه وعفوه ، الحسن
بن علي بن محمد بن الديلمي تغمَده اللّه برحمته ومسامحته وغفرانه ، جامع هذا
المجموع ... »
وهذا ما يحل المشكلة في اسم أبيه ، حيث
صرَح بأن اسم والده « علي » وعلي يكنى أبا الحسن كما هو معروف ، فيكون محمد جداً
له.
فالمحصل أن مؤلفنا هو الحسن بن أبي
الحسن علي بن محمد بن الديلمي.
القول
في طبقته وعصره
ينقسم العلماء في تحديد طبقة المترجم له
إلى قسمين :
الأول : يرى أنه من المتقدّمين على
الشيخ المفيد أو من معاصريه ، وهو ما ذهب إليه صاحب الرياض ، ونقله عنه السيد الأمين في الأعيان ، ويستند هذا الرأي إلى ما يلي :
١ ـ إن الكراجكي في كنز الفوائد ، وشرف
الدين النجفي في تأويل الايات الباهرة ، نسبا كتاب التفسير إلى الحسن بن أبي الحسن
الديلمي ، ونقلا عنه بعض الأخبار
، وبما أن الكراجكي قد تُوفي سنة ٤٤٩ هـ ، فمن الطبيعي أن يكون من
__________________
نقل عنه الكراجكي
متقدما طبقة عليه.
٢ ـ قول صاحب الرياض بأنَه رأى « في كتب
من تقدم على العلاّمة بكثير روايته عن كتاب حسن بن أبي الحسن الديلمي ، ومنهم ابن
شهرآشوب في المناقب ، وابن جني في البحث » .
ومع هذا فإنَ صاحب الرياض لا يخفي تردده
حول هذا الرأي ، لقوّة أدلة الرأي الاخر
الذيَ سنذكره بعد قليل ، مع العلم أن ما ذكر صاحب الرياض أوجدَ حيرة بدتْ واضحة في
كلام من بحث حول طبقة المترجم له ، حتَى ان السيد الأمين صرَح في الأعيان قائلاً :
« ومع ذلك فالظاهر انه لا يرتفع الاشكال ، فإن تأريخ (٦٧٣) لا يكاد يجتمع مع تاريخ
(٨٤١) وكذلك تأريخ (٤١٣) لا يكاد يجتمع مع تأريخ (٥٨٨) إلا أن يُلتزم بأن معاصرته
لبعض من ذكر غير صواب ، والله أعلم »
وقبل أن نتطرق إلى أدلة القائلين بالرأي
الآخر ـ الذين لم يتطرقوا للجواب على ما ذكره صاحب الرياض ـ نرى لزاما علينا أن
نبيَن بعض الحقائق حول كلام صاحب الرياض ، لعلها تكون بمثابة الخطوة الاُولى في
الطريق الموصل إلى ما نركن إليه من َرأي ، مستهدفين بذلك الحقيقة في طرح الإشكال
والجواب عليه ، فنقول :
١ ـ لم نعثر في كتاب « كنز الفوائد » للكراجكي
ـ وعندنا منه نسخة مطبوعة على الحجر مقابلة مع نسخة مخطوطة ثمينة ، كتبت سنة ٦٧٧ هـ
، موجودة في مكتبة الإمام الرضا 7
في مشهد المقدسة ـ على أيّ أثر للحسن بن أبي الحسن الديلمي أو أحد كتبه!
٢ ـ إذن ، كيف ذكر صاحب الرياض ذلك؟!
وهل يوجد تبرير مقنع يمكننها من خلال تبنيه حلّ الاشكال؟ وللجواب على هذه الأسئلة
وغيرها نطرح ما يلي :
__________________
ليس من شك أن كتاب « بحارألأنوار » لشيخ
الإسلام العلامة المجلسي (ت ١١١٠ هـ) يعتبر من أهم الموسوعات ألحديثية التي جمعت التراث
الروائي ، فصانته بذلك من الضياع ، وحفظته من التلف ، فكان أن اعتمد العلامة
المجلسي ـ رضوان الله عليه ـ على مجموعة كبيرة من كتب الرواية والحديث ذكرها في
مقدمة كتابه الكبير ، وقد استخدم طريقة الرموز في الاشارة للكتب التي نقل عنها ، فرمز
لكتاب الخصال بـ « ل » وللكافي بـ « كا » ولأمالي إلمفيد بـ « جا » وهكذا ... ، ولم
يذكر لطائفة صغيرهّ من الكتب رمزاً ما ، بل صرح بأسمائها حين نقل عنها.
ومن الكتب التي اعتمدها المجلسي ونقل
عنها ، كتاباً « كنز جامع الفوائد » و « تأويل الآيات الظاهرة » ، ورمز لهما معا
بـ « كنز » لكون أحدهما مأخوذاً عن الآخر .
وكتاب « تأويل الآيات الظاهر في فضائل
العترة الطاهرة » للسيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي الغروي تلميذ المحقق
الكركي الذيَ توفي سنة ٩٤٠ هـ ، جمع فيه تأويل الآيات التي تتضمن مدح أهل البيت : ومدح أوليائهم وذم أعدائهم من طرقنا
وطرق أهل السنة
وينقل فيه عن عدة مصادر ، منها مارواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي .
وكتاب « كنز جامع الفوائد ودافع المعاند
» ، هو للشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلّي ، انتخبه واختصر في سنة ٩٣٧ هـ من
كتاب « تأويل الايات ألظاهرة » الانف ألذكر. ولذا فقد أشار العلآمة المجلسي لهما
برمز « كنز » ، باعتبار أن أحدهما منقول عن الآخر.
ولعل هناك من يتوهم أن رمز « كنز » هو
لكتاب « كنز الفوائد » للكراجكي ، فينقل النصوص عن كتاب بحار الأنوار وينسبها
لكتاب « كنزألفوائد » كما حصل لبعض علمائنا رضوان اللّه عليهم ، فلعل ما ذكره صاحب
__________________
الرياض من قوله : « نسب
الكراجكي في كنز الفوائد وصاحب كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة كتاب
التفسير إلى الحسن بن أبي الحسن الديلمي ويروي عنه بعض الأخبار في أواخر كتابه » هو من هذا القبيل ، أي أنه رأى ما نقله
العلآمة المجلسي عن هذين الكتابين برمز « كنز » فتبادر إلى ذهنه أن هذه النصوص
منقولة عن كتاب « كنز الفوائد » للكراجكي.
ويدعم هذا الاحتمال ذكر صاحب الرياض
لكتاب « تأويل الايات » بضميمة كتاب « كنزالفوائد » ، ممَا يؤكد أنه ـ رضوان الله
عليه ـ استند في كلامه هذا على ما راه في كتاب « بحارالأنوار ». والله العالم.
وعلى هذا نكون قد دفعنا إشكال صاحب
الرياض ، وأزلنا بذلك عقبة كأداء أمام تعيين طبقة المترجم له ، إذ لا ضيرأن يكون
قد نقل عنه أمثال الشيخ شرف الدين النجفي ، وهو تلميذ المحقق الكركي المتوفى سنة
٩٤٠ هـ.
٣ ـ وأما تعقيبنا على كلام صاحب الرياض
بأنه رأى « في كتب من تقدم على العلآمة بكثير روايته عن كتاب حسن بن أبي الحسن
الديلمي ، ومنهم ابن شهرآشرب في المناقب ، وابن جني في البحث » هو أننا لم نجد في
كتاب « مناقب آل أبي طالب » لابن شهرآشوب المازندراني أي إشارة لكتاب الحسن بن أبي
الحسن الديلمي هذا! هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى فمن البعيد أن ينقل ابن جني ـ وهو
العالم اللغوي النحوي ـ عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ على فرض كونه متقدماً
عليه ـ وهو رجل الحكمة والموعظة والحديث .
وبعد هذا العرض الموجز لأدلة القائلين
بالرأي الاول والتعقيب عليها نتطرق الآن للرأي الثاني.
الرأي الثاني : يرى القائلون به أنَ
المترجم له كان معاصراً للعلآمة الحلي
__________________
( ٧٢٦ هـ ) ، أو
الشهيد الأول (٧٨٦ هـ) أو متأخراً عنهما بقليل ، وأنه معاصر لفخر المحققين ابن
العلاٌمة الحلي المتوفى سنة (٧٧١ هـ) أي إنّه من أعلام المائة الثامنة ، وهو ما
ذهب اليه السيد الخوانساري
والشيخ آقا بزرك الطهراني
، وحاجي خليفة .
ويستند أصحاب هذا الرأي إلى ما يلي :
١ ـ إن الديلمي نقل في الجزء الأول من
إرشاد القلوب عن كتاب ورّام
، فهو متأخر عن الشيخ ورام المتوفى سنة ٦٠٥ هـ قطعاً.
٢ ـ أنّه نقل في الجزء الثاني من إرشاد
القلوب عن كتاب « الألفين » للعلامة
المتوفّى سنة ٧٢٦ هـ ، فيكون متأخراً عنه أيضاً ، أو معاصراً له.
٣ ـ إن المترجم له قال في كتابه « غرر
الأخبار » ما لفظه : « وفي كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد ... وقال بعد ذكرما
جرى من بني اُمية ثمّ من بني العباس على المسلمين ، بتأثير اختلاف ملوك المسلمين
شرقاً وغرباً في ضعف الاسلام وتقوية الكفّار ـ إلى قوله ـ فالكفار اليوم دون
المائة سنة قد أباحوا المسلمين قتلا ونهبا » .
فيظهر من هذا النص أنه ألف كتابه
المذكور بعد أَنقراض دولة بني العباس في سنة ٦٥٦ هـ بما يقرب من مائة سنة ، أي في
أواسط المائة الثامنة.
٤ ـ إنّ الشيخ ابن فهد الحلّي المتوفّى
سنة ٨٤١ نقل في كتابه عدة الداعي عن المترجم له بعنوان الحسن بن أبي الحسن الديلمي
، فهو متقدم عليه قطعا.
وعلى هذا يمكن حصر طبقة المترجم له ، والفترة
التي عاش فيها من ما بعد سنة ٧٢٦ هـ إلى ما قبل سنة ٨٤١ هـ تقريبا ، وهذا الاحتمال
أقرب للواقع ـ كما
__________________
نرى ـ من خلال ما
تقدّم.
أقوال
العلماء فيه :
١ ـ الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل ٢
: ٧٧ / ٢١١ : « كان فاضلاً محدثا صالحاً ».
٢ ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ١
: ١٦ بعد ذكر مؤّلفاته : « كلّها للشيخ العارف أبي محمد الحسن بن محمد الديلمي ».
وفي ج ١ : ٣٣ ، بعد ذكر كتابي أعلام
الدين ، وغرر الأخبار : « وإن كان يظهر من الجميع ونقل الأكابر عنهما جلالة
مؤلفهما ».
٣ ـ الميرزا عبداللّه أفندي في رياض
العلماء ١ : ٣٣٨ : « الشيخ العارف أبومحمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي قدس
اللّه سره : العالم المحدّث الجليل المعروف بالديلمي ».
٤ ـ السيد الخوانساري في روضات الجنات ٢
: ٢٩١ : « العالم العارف الوجيه أبو محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، الواعظ
المعروف الذي هو بكلّ جميل موصوف ... وبالجملة فهذا الشيخ من كبراء أصحابنا
المحدّثين ».
٥ ـ السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة
٥ : ٢٥٠ : « هو عالم عارف عامل محدّث كامل وجيه ، من كبار أصحابنا الفضلاء في
الفقه والحديث والعرفان ، والمغازي والسير ».
٦ ـ الشيخ عباس القمّي في الكنى
وألألقاب ٢ : ٢١٢ : « أبومحمد الحسن ابن أبي الحسن محمد الديلمي الشيخ المحدّث
الوجيه النبيه ».
وقال في هدية الأحباب ص ١٣٧ : « الديلمي
شيخ محدّث وجيه نبيه ».
٧ ـ حاجي خليفة في هدية العارفين ٢٨٧ : ٥
: « الديلمي ـ حسن بن أبي الحسن محمد الديلمي الشيعي ، أبومحمد الواعظ ، كان حياً
في حدود سنة ٧٦٠ هـ ».
٨ ـ إسماعيل باشا في إيضاح المكنون ٣ : ٦٢
، بعد ذكر كتاب الارشاد :
« للشيخ أبي محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد
الديلمي الواعظ الشيعي ».
الديلمي
والغربة :
سيرى القارئ في (منهجيّة المؤلف) أنّ
الديلمي ; مضطرب النفس
في كتابه أعلام الدين ، يعتمد على ذإكرته في نقل الأحاديث ، قليل الكتب حيث ينقل
النصوص المضبوطة عن كتابين أو ثلاثة منها مجموعة ورام.
هذه الظاهرة سببها ـ فيما يظهر أبتلاؤه
بالغربة والوحدة وضيق ذات اليد ، وهي حالة يبتلى بها العارفون المخلصون الزاهدون
في الدنيا ، العاملون في سبيل عمارة اُخراهم ولو أضرّ ذلك بدنياهم.
وقد تنبأ له والده بهذا المستقبل.
قال المؤلف ; في أعلام الدين ص ٣٢٦ بعد ذكر عدّة
آيات قرآنية في الموالاة في اللّه والمعاداة فيه عزّوجل :
« يقسم باللّه ـ جلّ جلاله ـ مملي هذا
الكتاب : إنّ أوثق وأنجح ما توخيته فيما بيني وبين الله عزّ وجل ، بعد المعرفة
والولاية هذا المعنى ، ولقد فعل الله تعالى معي به كلّ خير ، وإن كان أكسبني
العداوة من الناس ، فقد ألبسني ثوب الولاية للّه تعالى ، لأنّ اللّه تعالى علِمَ
منّي مراعاة هذا الأمر صغيراً وكبيراً ، وما عرفني به معرفة صحيحة غير والدي ; فإنّه قال لي يوماً من الأيّام : يا
ولدي ، أنت تريد الأشياء بيضاء نقية خالية من الغش من كلّ الناس ، وهذا أمر ما صحّ
منهم للّه ولا لرسوله ، ولا لأمير المؤمنين ، ولا لأولاده الأئمة : ، فإذاً تعيش فريداً وحيداً غريباً
فقيراً ، وكان الأمر كما قال ، ولست بحمداللّه بندمان على مافات ، حيث كان في ذلك
حفاظ جنب اللّه تعالى ، وكفى به حسيبا ونصيراً ».
وقد صدقت نبوءة والده فيه ، فإنّه لما
خبر الناس والمجتمعات التي يحكمها الطواغيت وعرفها عن كثب ، وجدها تجمّعات لذئاب
في أبدان بشريّة لا يرعون لعهد ـ إلهي ولا إنساني ـ إلاّ « ولا ذمّة ؛ فآثر وحشة
الانزواء وغربة الانطواء على الذات على مخالطة تلك الذئاب الكاسرة ... خوفاً على
ما حصّله من تزكية نفسه
وتكميلها.
فعاش فريدا وحيدا غريباً فقيرا كما تنبأ
له والده ، وكما أخبرنا هو في أول صفحة من كتابه حيث قال :
« إنّني حيث بليت بدار الغربة ، وفقد
الأنيس الصالح في الوحشة ، وحملتني معرفة الناس على الوحدة ، خفت على ما عساه
حفظته من الاداب الدينيّة والعلوم العلوية ـ وهو قليل من كثير ويسير من كبير أن
يشذ عن خاطري ، ويزول عن ناظري ـ لعدم المذاكر ـ أثبت ماسنح لي إيراده ... ».
ساعد اللّه العارفين على ما يلقونه من
أقوامهم ، وآنس وحشة غربتهم في ديارهم ، وكان اللّه لهم ...
شعره
:
لمؤلفنا شعر يتسم بالنصيحة والوعظ
والارشاد على طريقة شعر الزهاد والعارفين ، من هذا الشعر ما عثرنا عليه في مؤلفاته
التي اطّلعنا عليها.
قال في أعلام الدين ص ٣٣٢ بعد أن روى
حديثاً عن خليفة بن حصين ، شعراً في معناه :
تخيٌر قرينآ من فعالِكَ صالحاً
|
|
يُنعِتكَ على هول القيامةِ والقّبرِ
|
ويسعى به نوراً لديك ورحمة
|
|
تعمٌكَ يومَ الروعِ في عرصةِ الحشرِِ
|
وتأتي به يوم التغابُن آمنآَ
|
|
أمانك في يمناكَ من روعةِ النشرِِ
|
فمَا يصحب الانسانَ من جل ماله
|
|
سوى صالح الأعمال أو خالص البرّ
|
بهذا أتى ألتنزيلُ في كلِّ سورة
|
|
يفصّلُها ربُّ الخلائق في الذكرِِ
|
وفي سُنَّة المبعوث للناسِ رحمة
|
|
سلامٌ عليه بالعشيِ وفي الفجرِ
|
حديثٌ رواه ابنُ الحصينِ خليفةٌ
|
|
يحدثه قيس بنُ عاصم ذو الوفرِ
|
* * *
وفي إرشاد القلوب ص ١١٣ ، قال المصنف :
لا تنسوا الموتَ في غمٍّ ولا فرح
|
|
والأرضُ ذئبٌ وعزرائيلُ قصّاب
|
* * *
وفيه ص ١٢٧ ، قال المصنف :
صبرتُ ولم اطلِعْ هواي على صبري
|
|
وأخفيتُ ما بي منك عن موضعِ الصبر
|
مخافة أن يشكوا ضميري صبابتي
|
|
إلى دمعتي سرّاً فيجري ولا أدريَ
|
مؤلفاته :
١
ـ إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي من عمل به من أليم العقاب :
وهو من أشهر مؤلفاته ، ويعرف بإرشاد
الديلمي ، نقل عنه العلاّمة المجلسي في كتابه الكبير بحارالأنوار ، وقال عنه : « وكتاب
إرشاد القلوب كتاب لطيف مشتمل على أخبار متينة غريبة » .
واعتمده الشيخ الحرّ في موسوعته وسائل
الشيعة ، وعنونه في الفائدة الرابعة من خاتمة الكتاب بعد أن قال : « الفائدة
الرابعة : في ذكر الكتب التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب ، وشهد بصحتها مؤلّفوها
وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها ، وتواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها إليهم
وقامت بحيثٌ لم يبق فيها شكّ ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابر العلماء ، وتكرّر
ذكرها في مصنّفاتهم ، وشهادتهم بنسبتها ، وموافقة مضامينها لروايات الكتب
المتواترة ، أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة ، وغير ذلك وهي : ... كتاب الارشاد للديلمي الحسن بن
محمد » .
وقال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني : « وهو
كتاب جليل قرظه السيدعلي صدر الدين المدني المتوفى سنة ١١٢٠ برباعيتين ، إحداهما :
إذا ضلّت قلوب عن هداها
|
|
فلم تدرِالعقابَ من الثوابِ
|
فأرشِدْها جزاك اللّهُ خيرأ
|
|
بإرشاد القلوبِ إلى الصوابِ
|
__________________
وثانيتهما :
هذا كتابٌ في معانيه حسَنْ
|
|
للديلمي أبي محمدٍ الحَسَنْ
|
أشهى إن المضنى العليلِ من الشفا
|
|
وألذّ للعينين من غمضِ الوسن
|
وذكره إسماعيل باشا في إيضاح المكنون
قائلاً : « إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي مَن عمل به من أليم العقاب ، للشيخ أبي
محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، الواعظ الشيعي » .
وقال السيد الخوانساري في الروضات : « وله
كتب ومصنّفات منها كتاب إرشاد ألقلوب ، في مجلّدين ، رأيت منه نسخاً كثيرة ، وينقل
عنه صاحب الوسائل والبحار كثيراً ، معتمدين عليه » .
يقع الكتاب في مجلدين ، المجلد الأول في
المواعظ والنصائح ونحوها ، والمجلّد الثاني في فضائل أمير المؤمنين 7.
قال الشيخ الحر بعد الثناء على المؤلف :
« له كتاب إرشاد القلوب مجلدان » .
وقد شكّك صاحب الرياض في نسبة المجلّد
الثاني من الكتاب للديلمي وقال : « وبالجملة المجلّد الثاني من كتاب إرشاده كثيراً
ما يشتبه الحال فيه ، بل لا يعلم الأكثر أنه المجلد الثاني من ذلك الكتاب » .
وقال السيد الخوانساري : « إلاّ أنّ في
كون المجلد الثاني منه المخصوص بأخبار المناقب تصنيفا له أو جزءاً من الكتاب نظراً
بيّناً ، حيث ان وضعه كما أستفيد لنا من خطبته على خمس وخمسين باباً كما في الحكم
والمواعظ ، فبتمام المجلّد الأول تتصرّم عدّة الأبواب ، مضافاً إلى أنّ في الثاني
توجد نقل أبيات في المناقب
__________________
عن الحافظ رجب
البرسي مع أنّه من علماء المائة التاسعة » .
وقال السيد الأمين بعد ذكره قول الميرزا
الأفنديَ والسيد الخوانساري : « يرشد إليه ما ستعرف من أسمه الدالّ على أنه في
المواعظ خاصة » .
نقول : أمّا ما ذهب إليه السيد
الخوانساري 1 من أنّه
استفاد من خطبة الكتاب أنّه صنف على خمس وخمسين باباً كلّها في الحكم والمواعظ ، وأنّ
عدة الأبواب تتصرٌم بتمام المجلد الأول ـ يندفع إذا عرفنا أنّ عدة إلأبواب قبل
الجزء الثاني أربعة وخمسين باباً ـ على ما في النسخة المطبوعة من الكتاب ـ وأنّ
الجزء الثاني بمثابة الباب الخامس والخمسين من الكتاب ، وفي نهاية الجزء الأول من الكتاب
ما لفظه : « تمّ الجزء الأول من كتاب إرشاد القلوب ...
ويليله الجزء الثاني الباب الخامس
والخمسون والأخير ، وفيه فضائل الإمام علي 7
ومناقبه وغزواته » .
وأما قوله 1
« كلّها في الحكم والمواعظ » فلم نجد في خطبة الكتاب ما يدل على هذه « الكلية ».
وأمّاما في الأعيان من الاسترشاد باسم
الكتاب على أنّه في المواعظ خاصة ، مندفع أيضاً ، اذ أنّ اسم الكتاب هو « إرشاد
القلوب إلى الصواب المنجي مَن عمل به من أليم العقاب » لا يوحي كونه من المواعظ
خاصة ، وأنّ ما في الجزءالثاني من الكتاب يندرج تحت هذا العنوان ، لأن التذكير
بفضائل أميرالمؤمنين 7
من فواضل الأمور ، أليس هو المحجة البيضاء والصراط المستقيم؟!أليس حبّه جُنّه من
النار وأمانآَ من العذاب؟! وهل نجاة ترجى بدون التمسك بولايته 7؟!
نعم ، هناك بعض الإشكالات التي يمكن
الاعتماد عليها في التشكيك في نسبة الكتاب للديلمي منها :
__________________
١ ـ ذكر في ص ٢٩٨ من الجزء الثاني
حديثاً مرفوعاً إلى الشيخ المفيد إلى سليم بن قيس الهلالي ، وقال بعده :
« وذكره المجلسي ; في المجلّد التاسع من كتاب بحار
الأنوار والسيد البحراني في كتاب مدينة المعاجز بتغيير ما ، فمن أراده فليراجعهما
».
وهذا النص صريح في أنّ مصنّف الكتاب هو من
علماء القرن الحادي عشر الهجري ـ على أقل تقدير ـ إذا لم يكن من علماء القرن
الثاني عشر ، باعتبار وفاة العلامة المجلسي سنة. ١١١٠هـ.
نعم ، قد يقال : إنّ هذه العبارة مقحمة
سهواً من قبل ناشر النسخة المطبوعة للكتاب من هوامش النسخة الخطوطة ، أَو ما شابه
ذلك ، باعتبار إقرار الشيخ الحر المتوفى سنة ١١٠٤ هـ في أمل الامل بكون الكتاب
مجلّدين.
٢ ـ لا يوجد في الجزء الثاني من الكتاب
ما يدلّ على كونه للديلمي ، مع العلم أنّ الجزء الأول من الكتاب يحتوي على عدّة
عبارات تؤكّد نسبة الكتاب للمصنّف ، مثل عبارة « يقول العبد الفقير إلى رحمة اللّه
ورضوانه الحسن بن محمد الديلمي تغمده الله برحمته » وغيرها ، وخلوّ الجزء الثاني
منها ، يعتبر تبايناً واضحاً في الشكل العام للكتاب.
ومن مظاهر الاهتمام بالكتاب ، تلخيصه من
قبل الشيخ شرف الدين البحراني. قال الشيخ الطهراني : « تلخيص إرشاد القلوب تأليف
الديلمي ، للشيخ شرف الدين يحيى بن عزالدين حسين بن عشيرة بن ناصر البحراني نزيل
يزد ، ونائب أستاذه المحقق الكركي كما حُكي عن الرياض » .
أنظر « أمل الآمل ١ : ٣٣٨ ، بحار
الأنوار١ : ١٦ ، ٣٣ ، رياض العلماء ١ : ٣٣٩ ، روضات الجنات ٢ : ٢٩١ ، هدية
العارفين ٥ : ٢٨٧ ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١ : ٥١٧ / ٢٥٢٧ ، الحقائق الراهنة :
٣٨ إيضاح المكنون ٣ : ٦٢ ، الكنى والألقاب ٢ : ٢١٣ ، هدية الأحباب : ١٣٧ ، أعيان
الشيعة ٥ : ٢٥١ ».
__________________
٢
ـ الأربعون حديثاً : ذكره الشيخ أقا
بزرك الطهراني في الذريعة ، قال : « قال الفاضل المعاصر الشيخ علي أكبر البجنوردي
: إنّه كانت عندي نسخة منه وتلفت ، وكان أوّل أحاديثه حديث جنود العقل والجهل ، وثالثها
حديث الغدير » .
٣
ـ غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب الأطهار
: ذكره الشيخ اقا بزرك الطهراني في الذريعة وقال : « ينقل عنه المجلسي في أول
البحار ، وأيضاً ينقل عن الغرر المولى محمد حسين الكوهرودي المعاصر المتوفّى
بالكاظمية في ١٣١٤ هـ في تأليفاته كثيراً ، منها حديث الكساء بالترتيب الموجود في
منتخب الطريحي باختلاف يسير جدّاً ، بأسانيد عديدة.
أقول : رأيت عند السيد اقا بزرك التستري
نسخة من الغرر مخرومة ، وفي عدة مواضع من أواسطه : يقول العبد الفقير إلى رحمة
الله تعالى ورضوانه الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ـ إلى قوله ـ وفي كتاب العيون
والمحاسن للشيخ المفيد ....
وقال بعد ذكر ما جرى من بني أميّة ثمّ
بني العباس على المسلمين ، بتأثير اختلاف ملوك المسلمين شرقا وغربا في ضعف الاسلام
وتقوية الكفار ـ إلى قوله ـ فالكفار اليوم دون المائة سنة قد أباحوا المسلمين
قتلاً ونهباً فيظهرمنه أنّه (ألّفه) بعد مائة سنة من انقراض بني العباس في ٦٥٦ هـ
» .
وعقب السيد محسن الأمين بعد ذكره كلام
الشيخ الطهراني قائلاً : « واستفاد من ذلك أنّ تأليف غرر الأخبار كان بعد انقراض
دولة بني العباس بما يقرب من مائة سنة ، فيكون في أواسط المائة الثامنة ، وسواء
أدلّ كلامه على ذلك أو لم يدلّ ، فهو يدل على أنّ تأليفه كان بعد انقراض دولة بني
العباس ، ويكون بعد أواسط المائة السابعة » .
وقال الشيخ الطهراني : « وينقل في
الغررأيضاً عن كتاب « نزهة
__________________
السامع » الملقب بـ (المحبوبي)
جملة من مطاعن معاوية وفضائحه ، وينقل فيه أيضاً عن كتاب « السقيفة » رواية أبي
صالح السليل أحمد بن عيسى ، وفي بعض مواضعه عن صاحب كتاب « السقيفه » أبو صالح السليل.
وذكره الشيخ عباس القمي في الكنى
والألقاب قائلاً : « وله كتاب غرر الأخبار ودرر الآثار ... قيل : إنّ حديث الكساء
المشهور الذي يعد من متفردات منتخب الطريحي موجود في غرر هذا الشيخ » .
وعنونه السيد محسن الأمين في جملة
مؤلفات الديلمي قائلاً : « غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب الأطهار ، وحديث
الكساء المشهور المذكور في منتخب الطريحي مذكور فيه ، وقيل : إنّه يظهر منه أنّه
ألّفه في أواسط المائة الثامنة » .
والكتاب لا يزال مخطوطاً ، توجد نسخة
منه في مكتبة جامعة طهران.
اُنظر « رياض العلماء ١ : ٣٣٩ ، بحارالأنوار
١ : ١٦ ، ٣٣ ، الذريعة ١٦ : ٣٦ / ١٥٦ ، الحقائق الراهنة : ٣٨ ، روضات الجنات ٢ : ٢٩٢
، أعيان الشيعة ٥ : ٢٥١ ، الكنى والألقاب ٢ : ٢١٣ ، هدية الأحباب : ١٣٧ ، هدية
العارفين٥ : ٢٨٧ ».
٤
ـ أعلام الدين في صفات المؤمنين
: وهو الكتاب الذي بين يديك ويعتبر من الكتب المهمة للديلمي ، نقل فيه تمام كتاب «
البرهان على ثبوت الايمان » لأبي الصلاح الحلبي ، ويحتوي الكتاب على مواعظ
أخلاقيّة ونوادر أدبيّة ، اعتمده جمعمن أصحاب الموسوعات الروائية كالعلاّمة
المجلسي في كتابه الجليل « بحارالأنوار » ، وخاتمة المحدّثين الشيخ النوري في « مستدرك
الوسائل » حيث نقل عنه بتوسط كتاب « بحارالأنوار » لعدم توفر نسخة الكتاب لديه.
قال الشيخ النوري : « وأمّا ما نقلنا
عنه بتوسّط كتاب « بحارالأنوار » فهو ..... كتاب أعلام الدين في صفات المؤمنين
للشيخ العارف أبي محمد الحسن
__________________
ابن محمد الديلمي » .
وعنونه الشيخ اقا بزرك الطهراني في
الذريعة ، وقال : « والأعلام هذا من مآخذ بحارالأنوار ، كما ذكره العلاّمة المجلسي
، وينقل عنه فيه ، وكذا ينقل عنه الأمير محمد أشرف في فضائل السادات المطبوع » .
وذكره إسماعيل باشا في إيضاح المكنون
قائلاَ : « أعلام الدين في صفات المؤمنين للحسن بن محمد الواعظ الشيعي » .
اُنظر » رياض العلماء ١ : ٣٣٩ ، بحار
الأنوار ١ : ١٦ ، ٣٣ ، أعيان الشيعة ٥ : ٢٥١ ، روضات ، الجنات ٢ : ٢٩٢ ، الذريعة
إلى تصانيف الشيعة ٢ : ٢٣٨ / ٩٤٩ ، الحقائق الراهنة : ٣٨ ، هدية العارفين ٥ : ٢٨٧
، إيضاح المكنون٣ : ١٠٢ ، الكنى والألقاب ٢ : ٢١٣ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٢٩١ ».
منهج
التأليف :
تُشكّل صفة الوعظ والإرشاد وألنصيحة
ميزة أساسية لمنهجية الديلمي في صياغة مصنّفاته ، وتتجلّى بوضوح من خلال نظرة
سريعة في كتابيه : « إرشادألقلوب » و « أعلام الدين » ، حتى أنّها تُمثّل في قاموس
ما يعتقده سببآَ لتأليف كتبه ، وعلّة لتحرير مصنّفاته ، كما صرّح ـ رضوان اللّه
عليه ـ في مقدمة كتابه « أعلام الدين » قائلاً في سبب تأليفه : « ليكون لي تذكرة
وعدة ، ولمن يقف عليه بعدي تبصرة وعبرة ».
ولتسليط الضوء على هذا الجانب المهم من
ثقافة المؤلف ـ رضوان الله عليه ـ نرى لزاماً علينا أن نتحدث عن كتابه « أعلام
الدين في صفات ألمؤمنين » وما استنتجناه في مسيرة تحقيقه من ملاحظات وحقائق ، قد
تمثل بمجموعها خطوطآَ عريضة وثابتة لمنهج المؤلف ، لا في كتابه المذكورفحسب ، بل
يتعداه إلى
__________________
بقية مصنفاته.
يقولَ الديلمي في مقدمة كتابه « أعلام
الدين » : « فأوّل ما أبدأ به ذكرالمعارف بالله تعالى وبرسوله 9 وحججه من بعده ، وما يجوزعليه وعليهم
وما لا يجوز ، ثمّ أثنّي بذكر فضل العالم والعلوم ، وما يتبع ذلك من العلوم الدينيّة
والآداب الدنيائية ، ولمْ ألتزم ذكرسندها لشهرتها عند العلماء في كتبها ألمصنفةّ
المرويّة عن مشايخنا ـ رحمهم الله تعالى ـ وأحلت في ذلك على كتبهم وأسانيدهم ، إلاٌ
ما شذٌ عنٌي من ذلك فلمْ أذكر إلا فصّ القول.
وسمّيت هذا الكتاب كتاب (أعلام الدين في
صفات المؤمنين وكنز علوم العارفين) فحقّ على من وقف عليه ، واستفاد به ، أن يدعو
لمصنّفه ، ويترحّم عليه ، ويدع الهوى والميل في إعابة شيء منه ، فإنّه يشتمل على
ترك الدنيا والرغبة في الآخرة ، حسب ما يأتي ذكره وتفصيله ».
ومن هذا ألنصّ نستنتج اُموراً عِدّة ، من
أهمّها أنّ المؤلّف لم يلتزم بذكر أسانيد الروايات والأحاديث التي نقلها في كتابه
مكتفياً بالإحالة إلى مصادرالروايات ، ومن هذا المنطلق نستعرض عدّة نقاط ترتبط
ارتباطاً وثيقآَ بما ذكره المؤلّف ، من خلال دراسة استقرائية لفصول الكتاب ، وهي :
١ ـ إنّ المؤلّف دمج بين بعض خطب الامام
علي بن أبي طالب 3
، حتّى ظهر النصّ وكأنّه خطبة واحدة ، وبعد الرجوع إلى « نهج البلاغة » تمكنّا من
تقطيع النص مع الإشارة إلى ذلك في هامش الكتاب ، راجع ص ٦٣ و ٦٥.
٢ ـ نقل المؤلّف بعض الأحاديث تتصدّرها
عبارة « وبهذا الإسناد » وهي عين العبارة الموجودة في مصدر الرواية ، كـ « ثواب
الأعمال » مثلاً إلاّ أنّ نقل الحديث من مصدره بضميمة هذه العبارة من دون ألإشارة
يورث وهماً سندياً ، وهوأن مرجع العبارة هو الحديث السابق في نفس كتاب أعلام الدين
كما لا يخفى ، فضطررنا للإشارة للسند ألمقصود في هامش الكتاب ، راجع ص ١١٠ و ١١٤.
٣ ـ نقل المؤلف مقاطع مطوّلة من
الأحاديث والأقوال والنوادر والأشعار
من كتب معيّنة بصورة
متسلسلة ، كماحصل في ص ١٨٩ لي ـ مايليها حيث نقل عن مجموعة ورأم وأمالي الطوسي
والكافي ، حتى أنّه نقل فصولاً كاملة عن كتاب كنز الفوائد للكراجكي كما في ص ١٥٧
إلى ص ١٨٦.
٤ ـ أورد المصنف كتاب « البرهان على
ثبوت الإيمان » لأبي الصلاح الحلبي بتمامه ، ولم نعثر على أيّ نسخة للكتاب إلاّ ما
نقله الديلمي في أعلام الدين ، ممّا يعطي كتابنا هذا أهمّية خاصة لا تخفى على ذي
بصيرة.
كما أورد المصنّف أيضاً « الأربعون
الودعانية » بكاملها ، وهي أربعون حديثاً رواها ابن ودعان الموصلي ، راجع ص ٣٣١.
٥ ـ ذكر المصنف كلاماً بمقدارعِدة صفحات
، بعد قوله : « يقول العبد الفقير ... جامع هذا الكتاب » وبعد التتبّع وجدنا مجمل
هذه النصوص بعينها تارة ، وباختلاف يسير تارة أخرى ، في كتاب « تنبيه الخواطر » للشيخ
ورّام المتوفى سنة ٦٠٥ هـ ، راجع ص ٢٤٠ ـ ٣٤٤ ، وص ٢٥٣ وقد أشرنا في هامش الصفحات المذكورة
إلى هذا الأمر فتأمل!
٦ ـ نقل المؤلّف نصوصاً روائية كثيرة عن
كتاب « ثواب الاعمال » وكتاب « المؤمن » ، إلاّ أن الغريب في المقام أنّ المؤلف
لفّق بين حديثين أو ثلاثة أو أكثر ، حتى ظهرت بصورة حديث واحد براوِ واحد ، ممّا
أدى إلى أختلاط الأسانيد والروايات ، وقد أشرنا للاختلاف ، ولَتخريج كلّ حديث في
هامش الكتاب ، راجع ص ٣٥٦ وما بعدها وص ٤٣٢ وما بعدها.
منهجية
التحقيق :
اعتمدنا في تحقيق الكتاب على النسخة
المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا 7
في مشهد المقدسة برقم ٣٨١ ، وهي النسخة الوحيدة التي استطعنا العثور عليها ، مع
العلم أنّ هناك نسخة اُخرى منه في مكتبة آية اللّه ألحكيم العامة في النجف الأشرف
، كما في فهرسها المطبوع ج ١ ص ٦٤ ، لم يتيسر لنا الحصول عليها لأنّها سجينة
الإرهاب الطائفي والكبت الفكري في أرض المقدسات.
وصف
النسخة :
تقع النسخة في ١٤٦ ورقة ، بطول ٢٤ وعرض
١٧ سم ، مختلفة عدد الأسطر ، تبدو عليها آثار القدم ، ويغلب على الظنّ أنها كتبت
في حياة المؤلّف ، كما يظهر من الورقة الأولى حيث ورد ما لفظه : « كتاب أعلام
الدين في صفات المؤمنين وكنز علوم ألعارفين تصنيف الشيخ الأوحد العالم العامل
العارف الزاهد العابد الورع الفقيه أمين الدين تاج الاسلام أبي محمد الحسن بن أبي
الحسن بن محمد الديلمي رفع اللّه في الدارين قدره وأطال في التأييد عمره ، وختم
بالصالحات أمره ، وحشره مع مواليه المصطفين الأخيار محمد وآله الأخيار الأبرار » ولا
يخفى أنّعبارة « وأطال في التأييد عمره تدلّ على أنّ النسخة كتبت في حياة المؤلّف
».
وجاء فيها ـ أيضاً ـ أنّها وقف الشيخ
بهاء الدين عليه الرحمة.
وفي نفس الورقة وردت عدة تملّكات
بالعربية والفارسية عَدتْ عليها يد المجلّد : منها تملّك ( ... هلال الكركي عامله
... الخفيّ بمحمد وعلي وا ... الأطَهار في شهر ... القعدة الحرام من سنة ... وستين
وتسعمائة) وتحتها ختم المالك.
ووردت عِدّة أختام لمْ تتّضح لنا
قراءتها في النسخة المصورة التي بأيدينا.
وفي الورقة الأخيرة من الكتاب ورد تأريخ
الفراغ منه ولم يتّضح لنا الخط كاملاً في المصورة ، لكنْ ذكرمفهرس المكتبة :
« نصره (كذا) من أوله إلى اخره أضعف
عباد اللّه وأحوجهم محمد بن عبد الحسين (أو عبدالحبيب) ابن موحد (أو أبومنصور)
المؤذن بالحرم الشريف الغروي (تلفت عند التجليد) وذلك من سنة ٣ كـ وسبعمائه ».
قال مفهرس النسخة : والظاهر أنّ قصده من
هذا التاريخ ٧٢٣ ويحتمل٧٦٣.
__________________
وقد ورد في الورقة ألأخيرة أيضاً أبيات
كل من الشعر ، هي :
يقولون لي أصدقاءُ الصفا
|
|
لم لا تشفى من الحاسدين
|
فقلت ذروني على غصّتي
|
|
وأملي لهم إن كيدي متين
|
وفيها أيضاً : « لمحرره :
إليكم معشر الأصحاب نُصحي
|
|
ألا لا تنظروا نظر التلهى
|
إلى الخود الحسان الناعمات
|
|
فقد أنذرتكم ناراً تلظّى
|
حرّره ناظمه أقل الخليقة ـ
بل لا شيء في الحقيقة ـ أبوالحسن بن محمد الرضوي في يوم الفطر من شهور سنة ١٠٢٨ هـ
في المشهد المقدّس الرضوي ».
واشتركت عدّة لجان في تحقيق الكتاب
موزّعة حسب الاختصاصات وهي :
١ ـ لجنة المقابلة : ومهمّتها مقابلة
النسخة الخطيّة بعد الاستنساخ ، وكذلك مقابلة الكتاب بعد طبعه ، وتألفت من : الاخوة
الاماجد الحاج عزالدين عبدالملك وعبدالرضا كاظم كريدي.
٢ ـ لجنة تخريج الأحاديث : وقد عنيت
بتخريج الأحاديث والروايات ، والمتون المنقوله من المصادر الأصلية.
٣ ـ لجنة تقويم النص ، وضبط عباراته ، وتعيين
المصحف من الصحيح حيث لم تسلم النسخة المذكورة من التصحيف والتحريف ، فاعتمدنا
تصحيح عبارة المتن بالاستفادة من مصادر الرواية والحديث ، وفي حالة نقل المؤلف.
بحوث كلامية وعقائدية لا مصدر لها كـ « كتاب البرهان على ثبوت الايمان » لأبي الصلاح
الحلبي ، فضّلنا إبقاء المتن كما ورد في مصورة المخطوطة ، مع الاشارة لما نستظهره
من صواب العبارة في الهامش ، وقد قام بهذه المهمة الاُستاذ المحقّق الفاضل أسد
مولوي.
٤ ـ لجنة ضبط الاختلافات الرجاليّة : ومهمّتها
تصحيح وضبط ما ورد من أعلام في الكتاب بقرينة ما ورد في المعاجم الرجاليّة ، والاشارة
إلى ذلك في الهامش ، وقد قام بهذه المهمّة حجّة الإسلام الشيخ أحمد الأهري والأخ
الفاضل
كاظم الجواهري.
٥ ـ الملاحظة النهائية : ومهمّتها
ملاحظة الكتاب ملاحظة نهائية لجوانبه كافّة ـ متناً وهامشاً ـ لعلّ فيه ما زاغ عن
البصر ، لاصلاحه. وكانت على كاهل الأخ المحقّق الفاضل حامد الخفاف مسؤول لجنة
تحقيق مصادر « بحارالأنوار ».
|
مؤسسة آل البيت :
لإحياء التراث
صفر الخير ١٤٠٨ هـ
|
بسم
الله الرحمن الرحيم
أحمد الله ذي القدرة والجلال ، والرفعة
والكمال ، الذي عٌم عباده بالفضل والاحسان ، وميّزهم بالعقول والأذهان ، وشرّفهم
بالعلوم ومكّن لهم الدليل والبرهان ، وهداهم إلى معرفة الحق والصواب ، بما نزّل من
الوحي والكتاب ، الذي جاء به أفضل أولي العزم الكرام ، مولانا وسيدنا محمد بن
عبداللّه خاتم النبيين وأشرف العالمين صلّى اللهّ عليه وعلى الأطايب من عترته ، ذوي
الفضائل والمناقب ، حجج اللّه على كافة المسلمين ، الهادين المهديين ، الذين يهدون
بالحق وبه يعدلون.
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
(الحسن بن أبي الحسن الديلمي) أعانه الله على طاعته ، وتغمّده برأفته ورحمته : انني
حيث بليت بدار الغربة ، وفقدت الأنيس الصالح في الوحشة ، وحملتني معرفة الناس على
الوحدة ، خفت على ما عساه حفظته من الاداب الدينية والعلوم العلوية ـ وهو قليل من
كثير ، ويسير من كبير ـ أن يشذ عن خاطري ، ويزول عن ناظري ـ لعدم المذاكر ـ اثبت
ما سنح لي إيراده ، وسهل علي اسناده ، ليكون لي تذكرة وعدة ، ولمن يقف عليه بعدي
تبصرة وعبرة وفق اللّه المراعاة له والعمل به ، وجعله خالصآَ لوجهه الكريم ، وموجباً
لثوابه الجزيل العظيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فأول ما أبدأ به ذكر المعارف باللّه
تعالى وبرسوله 9
وحججه من بعده ، وما يجوز عليه وعليهم وما لا يجوز.
ثم اثني بذكرفضل العالم والعلوم ، وما
يتبع ذلك من العلوم الدينية والآداب الدنيائية ، ولم ألتزم ذكر سندها ، لشهرتها
عند العلماء في كتبها ألمصنفة المروية عن مشايخنا ـ رحمهم الله تعالى ـ وأحلْتُ في
ذلك على كتبهم وأسانيدهم ، إلاّ ما شذ عني من ذلك فلم أذكر إلآ فص القول.
وسميت هذا الكتاب كتاب (أعلام الدين في
صفات المؤمنين وكنز علوم العارفين) فحق على ، من وقف عليه ، واستفاد به ، أن يدعو
لمصنفه ، ويترحّم عليه ، ويدع الهوى والميل في إعابة شيء منه ، فإنه يشتمل على ترك
الدنيا والرغبة في الآخرة ، حسب ما يأتي ذكره وتفصيله.
__________________
فصل
«
في الدليل على حدث الإنسان وإثبات محدثه »
أقرب ما يستدل به الإنسان على حدثه
وإثبات محدثه ، ما يراه من حاله وتغيره الواقع بغير اختياره وقصده ، كالزيادة
والنقص المعترضين في جسمه وحسه ، و [ ما ]
يتعاقب عليه من صحته وسقمه ، وينتقل إليه من شيبته وهرمه ، وأنه لايدفع فيه من ذلك
طارئاً موجودا ولايعيد ماضيها مفقوداً ، لو نقصت منه جارحة لم يقدرعلى التعويض
منها ، ولا يستطيع الاستغناء في الادراك بغيرها عنها ، لا يعلم غيب أمره ، ولايتحقق
مبلغ عمره ، وقُدَر
متناهية ، وبنية ضعيفة واهية.
فيعلم بذلك أن له مصوراً صوّره ، ومدبرا
دبّره لأن التصوير والتدبيرفعلان لم يحدثهما الانسان لنفسه ، ولا كانا بقدرته ، والفعل
فلابد له من فاعل ، كما أن الكتابة لاغنى بها عن كاتب.
ثم يعلم ان مصوّره صانعه ومحدثه ، وأن
مدبره خالقه وموجده ، لأنه لايصح وجوده إلاّ مصوراً مدبراً.
ثم يعلم أيضاً ان محدثه قادر ، إذ كان
لايصح الفعل من عاجز.
ويعلم أنه حكيم عالم ، لأن الأفعال
المحكمة لاتقع إلاّ من عالم.
ثم يعلم أنه واحد ، إذ لوكان اثنين لجاز
اختلاف مراديهما فيه ، بأن يريد أحدهما أن يميته ، ويريد الاخر أن يحييه ، فيؤدي
ذلك إلى وجود المحال ، وكونه ميتاً حيا في حال ، أو إلى انتفاء الحالين وتمانع
المرادين ، فيبطل ذلك أيضاً ويستحيل ، وهذا يبيّن أن صانعه واحد ليس باثنين.
ويعلم أنه لايجوز على محدثه النقص
والتغيير ، وما هو جائز على المحدثين ، لإنفي جوازذلك عليه مشابهة للمصنوعين ، وهو
يقتضي وجود صانع له أحدثه وصوّره ودبّره ، إمّا محدث مثله أو قديم ، وفي استحالة
تَنقّل ذلك إلى ما لا يتناهى ، دلالة على أن صانعه قديم.
__________________
ويعلم بمشابهة حال غيره لحاله ، أن حكمه
كحكمة ، وأنه لابد من الإقرار بوجود صانع للجميع ، لبطلان التثنية حسب ما شهد به
الدليل.
فصل
: وقد ورد في الحديث : ان أبا شاكر الديصاني وقف ذات يوم في
مجلس الإمام الصادق ـ أبي عبداللّه جعفر بن محمد صلى الله عليه ـ فقال له : أبا
عبداللّه ، انك لأحد النجوم الزواهر ، وكان آباؤك بدورا بواهر ، وامهاتك عقيلات
طواهر ، وعنصرك من
أكرم العناصر ، وإذا ذكر العلماء فبك
تثنى الخناصر ، خبٌرنا أيها البحر الزاخر ، ما الدليل على حدث العالم؟
فقال أبوعبد اللّه 9 : « إنّ من أقرب الدليل على ذلك ما
أذكرهلك ، ثم دعا ببيضة فوضعها في راحته وقال : هذا حصن ملموم ، داخله غرقىء رقيق ، يطيف به كالفضة السائلة ، والذهبة
المائعة ، أشك في ذلك »؟
قال أبو شاكر : لاشك فيه.
قال الإمام 7 : « ثم إنّه ينفلق عن صورة كالطأووس ، أدخله
شيء غيرما عرفت؟
قال : لا.
قال : « فهذا الدليل على حدث العالم ».
قال أبوشاكر : دللت ـ أبا عبد اللّه ـ فأوضحت
، وقلت فأحسنت ، وذكرت فأوجزت ، وقد علمت أنا لانقبل إلاّ ما أدركت أبصارنا ، أو
سمعناه بآذاننا ، أو ذقناه بأفواهنا ، أو شممناه باُنوفنا ، أو لمسناه ببشرنا.
فقال الصادق 7 : ذكرت الحواس وهي لاتنفع في الاستنباط إلاّ بدليل ، كما
لاتقطع الظلمة بغيرمصباح ».
قال شيخنا المفيد أبوعبداللّه محمد بن
محمد بن النعمان الحارثي 2
:
__________________
إن الصادق 7 أراد الحواس الخمس بغيرعقل لا توصل إلى
معرفة الغائبات ، وان الذي أراه من حدوث الصورة معقول ، بني ألعلم به على محسوس ،
واعلم ـ أيدك اللّه ـ أن الاجسام إذا لم
تخل من ألصورة ـ التي قد ثبت حدثها ـ فهي محدثة مثلها.
دليل آخرعلى حدث العالم : الذي يدلنا
على ذلك ، أنّا نرى أجسامنا لاتخلو من الحوادث المتعاقبة عليها ، ولا يتصورفي
العقل أنها كانت خالية منها ، وهذا يوضح أنها ، محدثه مثلها ، لشهادة العقل بأن
مالم يوجد عارياً من المحدث فإنه يجب أن يكون مثله محدثاً.
وهذه الحوادث هي : الاجتماع والافتراق ،
والحركة والسكون ، والألوان والروائح والطعوم ، ونحو ذلك من صفات الأجسام.
والذي يدل على أنها أشياء غير الجسم ، مانراه
من تعاقبها عليه ، وهو موجود معكل واحد منها.
وهذا يبين أيضاً حدثها ، لأن الضدين
المتعاقبين لايجوزأن يكونا مجتمعين في ألجسم ، ولا يتصور اجتماعهما في العقل ، وإنما
وجد أحدهما وعدم الآخر ، فالذي طرأ ووجد هو المحدث ، لأنه كائن بعد أن لم يكن ، والذي
انعدم أيضاً محدث ، لأنه لو كان غير محدث لم يجز أن ينعدم ، ولأن مثله أيضاً نراه
قد تجدد وحدث.
والذي يشهد بأن الأجسام لم تخل من هذه
الحوادث بَدائه العقول وأوائل العلوم ، إذ كان لايتصور فيها وجود الجسم مع عدم هذه
الاُمور ، ولوجاز أن يخلو الجسم منها فيما مضى ، لجازأن يخلو منها الآن فيما
يستقبل من الزمان.
فالذيَ يدل على أن حكم الجسم كحكمها في
الحدوث ، أن المحدث هو الذي لوجوده أول ، والقديم هو المتقدم على كل محدث وليس
لوجوده أول ، فلو كان الجسم قديما لكان موجوداً قبل الحوادث كلها خالياً منها ، وفيما
قدّمناه من استحالة خلوّه منها دلالة على أنه محدث مثلها ، فالحمد للّه.
* * *
__________________
فصل
من السؤال والبيان
إن سألك سائل عن أول ما فرض عليك؟
فقل : النظر المؤدي إلى معرفة الله.
فإن قال : لم زعمت ذلك؟
فقل : لأنه ـ سبحانه ـ أوجب معرفته ، ولا
سبيل إلى معرفته إلاّ بالنظر في الأدلة المؤدية إليها.
فإن قال : فإذا كانت المعرفة باللّه ـ جل
وعز ـ لا تدرك إلا بالنظر ، فقدحصل
المقلد غير عارف باللّه.
فقل : هو كذاك.
فإن قال : فيجب أن يكون جميع المقلدين
في النار.
فقل : إن العاقل المستطيع إذا أهمل
النظر والإعتبار ، واقتصر على تقليد الناس ، فقد خالف اللّه تعالى وانصرف عن أمره ومراده ، ولم يكفه تقليده في أداء
فرضه ، واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه.
غير انّا نرجو العفو عمّن قلد المحق
والتفضل عليه ، ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولانعتقده فيه.
وكلّ مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته
ونهاية إدراكه وفطنته ، وأما المقصّر الضعيف الذي ليس له استنباط صحيح ، فإنه
يجزيه التمسك ـ في الجملة ـ بظاهر ما عليه المسلمون.
فإن قال : كيف يكون التقليد قبيحاً من
العقلاء المميزين ، وقد قلد الناس رسول الله 9
فيما أخبر به عن رب العالمين ، ورضي بذلك عنهم ، ولم يكلفهم ما تدعون؟
__________________
فقل : معاذ اللّه أن نقول ذلك أو نذهب
إليه ، ورسول اللّه 9
لم يرض من الناس التقليد دون الاعتبار ، وما دعاهم إلا إلى اللّه بالاستدلال ، ونبههم
عليه بآيات ألقرآن من قوله سبحانه : (أَوَلَمْ يَنظُرُوا
فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ
) .
وقوله : (إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ
لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)
.
وقوله : (وَفِي الْأَرْضِ
آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ
أَفَلَا
تُبْصِرُونَ)
.
وقوله : (أَفَلَا يَنظُرُونَ
إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)
.
ونحن نعلم أنه مما أراد بذلك إلا نظر
الاعتبار.
فلو كان 7
إنما دعا الناس إلى التقليد ، ولم يرد ( منهم الاستدلال ) ، لم يكن معنى لنزول هذه الآيات.
ولو كان أراد أن يصدقوه ويقبلوا قوله
تقليداً بغيرتأمل واعتبار ، لم يحتج إلى أن يكون على يده ما ظهر من الايات
والمعجزات.
فأما قبول قوله 9 بعد قيام الدلالة على صدقه ، فهو تسليم
وليس بتقليد.
وكذلك قبولنا لما أتت به أئمتنا : ، ورجوعنا إلى فتأويهم في [ شريعة ] الاسلام.
فإن قال قائل : فأبن لنا ما التقليد في
الحقيقة ، وما التسليم؟ ليقع الفرق.
فقل : التقليد : قبول [ قول ] من لم يثبت صدقه ، ومأخوذ من القلادة.
والتسليم : هو قبول من ثبت صدقه ، وهذا
لايكون إلا ببينة وحجة ، والحمد للّه.
__________________
فصل
«
من كلام جعفربن محمد عليه السلام »
قال : « وجدت علم الناس في أربع : أحدها
: أن تعرف ربك ، والثاني : أنتعرف ما صنع بك ، والثالث : أن تعرف ما يخرجك عن دينك
، والرابع : أن تعرف ما أراد منك ».
قال شيخنا المفيد ; : هذه أقسام تحيط بالمفروض من المعارف
، لأنه أول ما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله ، فإذا علم أن له إلهاً وجب أن
يعرف صنعه اليه ، فإذا عرف صنعه عرف نعمته ، فإذا عرف نعمته وجب عليه شكره ، فإذا
أراد تأدية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بفعله ، وإذا وجبت عليه طاعته وجب
عليه معرفة ما يخرجه من دينه ليجتنبه ، فتصح
به طاعة ربه وشكر إنعامه .
ولقد أحسن بعض أهل الفضل والعلم ، في
قوله في المعرفة باللّه تعالى ، وذمالتقليد وبالغ :
إن كان جسما فما ينفك عن عرض
|
|
أو جوهراً فبذي الأقطار موجود
|
أو كان متصلاً بالشيء فهو به
|
|
أو كان منفصلاً فالكل محدود
|
لاتطلبنّ إلى التكييف من سبب
|
|
إن السبيل إلى التكييف مسدود
|
واستعمل الحبل حبل العقل تحظ به
|
|
فالعقل حبل إلى باريك ممدود
|
والزم من الدين ما قام الدليل به
|
|
فإنّ أكثردين الناس تقليد
|
وكلما وافق التقليد مختلق
|
|
زور وإن كثرت فيه الأسانيد
|
وكلما نقل الاحاد من خبر
|
|
مخالف لكتاب اللّه مردود
|
* * *
__________________
فصل
آخر في السؤال والبيان
إن سألك سائل فقال : ما أول نعمة الله
تعالى عليك؟
فقل : خلقه إياي حيا لينفعني.
فإن قال : ولم زعمت أن خلقه إياكُ حياً
أول النعم؟
فقل : لأنه خلقني لينفعني ، ولا طريق
إلى نيل النفع إلا بالحياة التي يصح معها الإدراك.
فإن قال : ما النعمة؟
فقل : هي المنفعة إذا كان فاعلها قاصداً
لها.
فإن قال : فما المنفعة؟
قل : هي اللذة الحسنة ، أو ما يؤدي
إليها.
فإن قال : لم اشترطت أن تكون اللذة حسنة
به ؟
فقل : لأن من اللذات ما يكون قاتلاً ، فلا
يكون حسنا.
فإن قال : لم قلت : أو ما يؤدي إليها؟
فقل : لأن كثيراً من المنافع لا يتوصل
إليها إلاّ بالمشاق ، كشرب الدواء الكريه ، والفصد ، ونحو ذلك من الاُمور المؤدية
إلى السلامة واللذات ، فتكون. هذه المشاق منافع لما تؤدي إليه في عاقبة الحال.
ولذلك قلنا : إن التكليف نعمة حسنة ، لأن
به ينال مستحق النعيم الدائم واللذات.
فإن قال : فما كمال نعم اللّه تعالى؟
فقل : إن نعمه تتجدد علينا في كل حال ، ولايستطاع
لها الإحصاء.
فإن قال : فما تقولون في شكر المنعم؟
فقل : هو واجب.
فإن قال : فمن أين عرفت وجوبه؟
__________________
فقل : من العقل وشهادته ، وأوضخ حجته ودلالته ، ووجوب شكر المنعم على نعمته
، مما تتفق العقول عليه ولا تختلف فيه.
فإن قال : فما الشكر اللازم على النعمة؟
فقل : هو الاعتراف بها ، مع تعظيم
منعمها.
فإن قال : فهل أحد من الخلق يكافىء نعم
اللّه تعالى بشكر ، أو يوفي حقها بعمل؟
فقل : لايستطيع ذلك أحد من العباد ، من
قبل أن الشيء إنما يكون كفواً لغيره ، إذا سد مسده ، وناب منابه ، وقابله في قدره
، وماثله في وزنه.
وقد علمنا أنه ليس من أفعال الخلق ما
يسد مسد نعم اللّه عليهم ، لاستحالة الوصف للّه تعالى بالإنتفاع ، أو تعلق الحوائج
به إلى المجازاة.
وفساد مقال من زعم أن الخلق يحيطون
علماً بغاية الانعام من اللّه تعالى عليهم والافضال ، فيتمكنون من مقابلتها بالشكر
على الاستيفاء للواجب والاتمام.
فنعلم بهذا تقصير العباد عن مكافاة نعم
اللّه تعالى عليهم ، ولو بذلوا في الشكر والطاعات غاية المستطاع ، وحصل ثوابهم في
الاخرة تفضلاً من اللّه تعالى عليهم وإحساناً إليهم ، وإنما سميناه استحقاقاً في بعض
الكلام ، لأنه وعد به على الطاعات ، وهو الموجب له على نفسه بصادق وعده ، وإن لم
يتنأول شرط الاستحقاق على الأعمال ، وهذا خلاف ما ذهبت إليه المعتزلة ، إلاّ
أبوالقاسم البلخي فإنه يوافق في هذا المقال ، وقد تناصرت به مع قيام الأدلة
العقلية عليه الأخبار.
روى أبوعبيدة الحذاء عن أبي جعفر 7 قال : قال رسول اللّه 9 : « قال الله تعالى : لايتكل العاملون
على أعمالهم التي يعطونها لثوابي ، فإنهم لواجتهدوا واتعبوا أنفسهم أعمارهم في
عبادتي ، كانوا مقصرين غير بالغين [ في عبادتهم كنه عبادتي ، فيما يطلبون ] من كرامتي ، والنعيم في جناتي ، و رفيع الدرجات العلى في جواري ، ولكن
برحمتي فليثقوا ، وفضلي فليرجوا ، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن
__________________
رحمتي عند ذلك
تدركهم ، وبمنّي ابلغهم رضوان [ ومغفرتي وألبسهم عفوي ] » وبعفوي اُدخلهم جنتي ، فإني أنا
اللّه الرحمن الرحيم ، بذلك تسميت ».
وعن عطا بن يسار ، عن أمير المؤمنين 7 قال : « يوقف العبد ، بين يدي اللّه ، فيقول
لملائكته : قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله. فتستغرق النعم العمل ، فيقول : هبوا له
النعم ، وقيسوا بين الخير والشر منه ، فإن استوى العملان أذهب اللّه الشر بالخير وأدخله
الجنة ، وإن كان له فضل أعطاه اللّه بفضله ، وإن كان عليه فضل ـ وهو من أهل التقوى
، ولم يشرك باللّه تعالى ـ فهو من أهل المغفرة ، يغفر اللّه له برحمته إن شاء ويتفضل عليه بعفوه ».
وعن سعد بن خلف ، عن أبي الحسن 7 أنه قال له : « عليك بالجد والاجتهاد
في طاعة اللّه ، ولا تخرج نفسك من حد التقصيرفي عبادة اللّه وطاعته ، فإن الله تعالى
لايعبد حق عبادته ».
* * *
__________________
كتاب
(
البرهان على ثبوت الايمان )
لأبي
الصلاح التقي بن نجم بن عبيدالله الحلبي
بسم
اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين ، وصلواته على
خيرة النبيين محمد وآله الطاهرين وسلم وكرم.
أول فعل مقصود يجب على العاقل ، مما
لايخلو منه عنك
كمال عقله ، من وجوب النظر المؤدي إلى المعرفة ، لأن الحي عند كمال عقله يجد عليه
آثارَ نفع ، من كونه حياً سميعاً بصيراً عاقلا مميزاً قادراً متمكناً ، مدركاً
للمدركات منتفعاً بها ، ويجوز أن يكون ذلك نعمة لمنعم.
ويعلم أنها إن كانت كذلك ، فهي أعظم
نعمة لانغمار كل نعمة في جنبها ، ويجد في عقله وجوب شكر المنعم ، واستحقاق المدح
على فعل الواجب والذم على الإخلال به ، ويجوز أن يستحق من موجده والمنعم عليه مع
المدح ثواباَ ومع الذم عقاباً ، ويجد في عقله وجوب التحرز من الضرر اليسير وتحصيل
النفع العظيم.
فتجب عليه معرفة من خلقه والنفع له ، ليعلم
قصده فيشكره ان كان منعماً ، ولا سبيل إلى معرفته إلا بالنظر في آثارصنعته لوقوعها
بحسبها ، ولوكانت لها سبب غيره ، لجاز حصول جميعها لمن لم ينظر وانتفاؤها عن
الناظر ، فوجب فعله لوجوب ما لايتم الواجب إلا به.
والواجب من المعرفة شيئان : توحيد وعدل
، وللتوحيد إثبات ونفي.
فالاثبات : اثبات صانع للعالم ـ سبحانه
ـ قادر ، عالم ، حي ، قديم ، مدرك ، مريد.
__________________
والنفي : نفي صفة زائدة على هذه الصفات
، ونفي التشبيه ، ونفي ألادراك عنه ـ تعالى ـ بشيء من الحواس ، ونفي الحاجة ، ونفي
قديم ثان شارك في استحقاق هذهالصفات.
والعدل : تنزيه أفعاله عن القبيح ، والحكم
لها بالحسن.
* * *
فصل
«
في الكلام في التوحيد »
طريق العلم باثبات الصانع ـ سبحانه ـ أن
يعلم الناظر : أن هاهنا حوادث يستحيل حدوثها عن غير محدث.
وجهة ذلك : أن يعلم نفسه وغيره من
الأجسام ، متحركاً ساكناً ، ثم مجتمعاً مفترقآَ ، أوضحه ذلك.
فيعلم بتغاير هذه الصفات على الأجسام ، أنها
أعيان لها ، لأنها لو كانت صفات لذواتها ، لم يجز تغيرها.
ويعلم بتجددها عن عدم ، وبطلانها عن
وجود ، أنها محدثة ، لاستحالة الإنتقال عليها ، من حيث لم تقم بأنفسها ، والكمون
المعقول راجع به إلى الانتقال.
فإذا علم استحالة ذلك على هذه الصفات ، علم
أن المتجدد منها إنما يجدد عن عدم ، وهذه حقيقة المحدث والمنتفي ، وأن ما انتفى عن
الوجود والعدم يستحيل على القديم لوجوب وجوده ، وما ليس بقديم محدث.
فإذا علم حدوث هذه المعاني المغايرة
للجسم ، وعلم أنه لابد في الوجود من مكان يختصه مجأوراً لغيره أو مبايناً ، وقتا
واحداً أو وقتين ، لابثا فيه أو منتقلاً عنه ـ وقدتقدم له العلم : انه إنما كان
كذلك لمعان غيره محدثة علم أنه محدث ، لأنه لو كان قديماً لوجب أن يكون سابقا للحوادث
بما لانهاية له.
فإذا علم أنه لاينفك من الحوادث ، علم
كونه محدثا ، لعلمه ضرورة بحدوث مالم يسبق المحدث ، ولأنه إذا فكرفي نفسه ـ وغيرها
ـ فوجدها كانت نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظماً ، ثم جنيناً ، ثم حيا ، ثم
طفلاً ، ثم يافعا ، ثم صبيا ، ثم غلاما ، ثم بالغاً ، ثمشاباً قوياً ، ثم شيخاً
ضعيفاً ، ثم ميتاَ.
وأنه لم يكن كذلك إلا بتجدد معان فيه : حرارات
، وبرودات ، ورطوبات ، ويبوسات ، وطعوم ، وألوان ، وأراييح مخصوصة ، وقدر ، وعلوم
، وحياة.
وعلم بطلان كل صفة من هذه الاغيار بعد
وجود ، وتجددها عن عدم ، والجواهر التي تركب منها الجسم باقية ، علم أنها صفات
مغايرة لها وأنها محدثه ، لاستحالة الكون
والانتقال عليها بما
قدمناه.
وإذا علم حدوث جواهره ـ وغيره من
الجواهر ـ بالاعتبار الأول ، وصفاته بهذه وصفات غيره بالاعتبار الثاني ، ولأنها لا
تنفك من المحل المحدث.
وعلم أن في الشاهد حوادث ـ كالبناء
والكتابة ـ وأن لها كاتباً وبانياً ، هو من وقعت منه بحسب غيرها ، وانما ذلك مختص
بما يجوز حصوله وانتفاؤه ، فلا يحصل إلا بمقتض.
فأما ما وجب فمستغن بوجوبه عن مؤثر
منفصل عن الذات ، كتحيز الجوهر ، وحكم السواد.
ولا يجوز خروجه تعالى عن هذه الصفات ، لوجوب
الوجود له تعالى في حق كونه قديماً لنفسه ، يجب له وجوده تعالى في كل حال ، وكونها
صفات نفسه يجب ثبوتها للموصوف ويستحيل خروجه عنها كل ما وجد ، لكون المقتضي ثانيا وهو النفس ، واستحالة حصول المقتضي
وانتفاء مقتضاه.
وبعلمه سبحانه مدركاً إذا وجدت المدركات
، لكونه تعالى يستحيل فيه الآفات والموانع ، بدليل حصول هذا الحكم لكل حي لا آفة
به متى وجد المدرك ، وارتفعت الموانع.
وبعلمه سبحانه مريداً لوقوع أفعاله على
وجه دون وجه وفي حال دون اخرى ، وذلك مفتقر إلى أمر زائد على كون الحي قادراً
عالما ، لكونه صفة للفعل زائدة على مجرد الحدوث والاحكام ، وارادته فعله إذ كونه
مريداً لنفسه ، أو معنى قديم يقتضي قدم المرادات ، أو كونه عازما ، وكلا الأمرين
مستحيل فيه سبحانه.
والمحدَث لا يقدرعلى فعل الإرادة في
غيره ، وقديم ثان نرد
برهان نفيه ، فثبت سبحانه مريداً بإرادة يفعلها إلا في محل لاستحالة حلولها فيه أو في غيره
، ولا صفة له سبحانه زائدة على ما علمناه ، لأنه لاحكم لهما ولا برهان بثبوتهما ، واثبات
مالا حكم له ولا برهان عليه مفض إلى الجهالات.
وبعلمه سبحانه لايشبه شيئاَ من الأجسام
والاعراض ، لقدمه تعالى وحدوث
__________________
هذه الأجناس ، لتعذر
هذه الأجناس على غيره.
وإذا علمه تعالى فكذلك علم استحالة
ادراكه بشيء من الحواس ، لأن الادراك المعقول مختص بالمحدثات.
وعلم كذلك استحالة الاختصاص بالجهات
والنقل فيها والمجاوزة والحلول وايجاب الاحكام والاحوال عليه سبحانه ، لكون ذلك من
صفات الأجسام والأعراض المباينة له تعالى.
وبعلمه عنها يستحيل عليه الحاجة لاختصاصها
باجتلاب النفع ودفع الضرر واختصاص النفع والضر بمن يصح أن يألم ويكد ، واختصاص اللذة والألم بذي شهوة ونفار
، وكونهما معنيين يفتقران إلى فعل ، وذلك لايجوز عليه لحدوث المحل وقدومه سبحانه ، ولخلو الفعل من دليل على
اثباته مسهيا
أو نافراً.
وإذا علم تخصصه تعالى بهذه الصفات من
سائر الموجودات ، علمه
تعالى واحدا ، لانهما لوكانا اثنين لوجب اشتراكهما في جميع الصفات الواجبة
والجائزة ، وذلك يوجب كون مقدورهما ومرادهما واحداً ، مع حصول العلم الضروري بصحة
إرادة أحد المتحيزين ما يكره الاخر أو لا يريده ولا يكرهه ، وقيام البرهان على
استحالة تعلق مقدور واحد بقادرين ، وتقديرقديم ثان يقتضي نقض هذا المعلوم.
فثبت أنه تعالى واحدا لا ثاني له ، ولانه
لا دليل من جهة العقل على إثبات ثان ، وقد ورد السمع المقطوع بإضافته إليه سبحانه
بنفي قديم ثان ، فوجب له القطع على كونه واحد.
* * *
__________________
« فصل في مسائل العدل »
ثبوت ما بيناه من كونه تعالى عالماً
لايصح أن يجهل شيئاً ، غنياً لا يصح أن يحتاج إلى شيء ، يقتضي كونه سبحانه عادلاً
لايخل بواجب في حكمته سبحانه ولا يفعل قبيحاً ، لقبح ذلك وتعذر وقوع القبيح من
العالم به وبالغني
عنه ، وذلك فرع لكونه قادراً على القبيح.
وكونه تعالى قادرا لنفسه ، يقتضي كونه
قادرا على الحسن ، يقتضي كونه قادرا على القييح ، اذ كان الحسن من جنس القبيح ، وذلك
مانع من كونه مريدا للقبيح ، لأناقد بينا أنه لا يكون مريداً إلا بإرادة يفعلها ، وإرادة
القبيح قبيحة ، لأن كل من علم مريداً للقبيح علم قبح إرادته واستحقاقه الذم ، ومقتض
لكونه مريدا لما فعله ـ تعالى ـ وكلَّفه ، لاستحالة فعله مالا غرض فيه ، وتكليفه
مالا يريده ، وكارهاَ للقبيح لكونه غيرمريد له (وفساد حلوما كلفه) ، واحسانه من الارادة والكرامة ، لأن ذلك
يلحقه بالمباح ، وموجب لكون المكلف قادراً على ما كلفه ـ فعلاً وتركاً ـ من متماثل
الأجناس ومختلفها ومضادها قبل وقوع ذلك ، ومزيح لعلته بالتمكين من ذلك والعلم به
واللطف فيه ، ومقتض لحسن أفعاله وتكاليفه ، لأن خلاف ذلك ينقض كونه عادلاً وقد
أثبتناه.
ولا يعلم كون كل مكلم قادراً لصحة الفعل منه ، ومتعلقا
بالمتماثل والمختلف والمتضاد ، لصحة وقوع ذلك من كل قادر.
وفاعلاً لوجوب وقوع التأثيرات المتعلقة
به من الكتابة والبناء وغيرهما بحسب أحواله ، ولتوجيه المدح إليه على حسنها والذم
على قبحها ، وثبوت القادر على الفعل قبل وقوعه ، لثبوت حاجة المقدور في حال عدمه
إلى حال القادر ، واستغنائه في حال وجوده عنها كحال بقائه ، ومتمكناً بالايات من جميع ما يفتقر إليها ، وبكمال العقل
من العلم بذوات الأشياء واحكامها ، وبالنظر من العلوم المكتسبة ، بدليل حصول الأول
لكل عاقل ، والثاني
لكل ناظر ، ووجوب اصطلاح المريد من غيره ما يعلم أو يظن كونه مؤثراً في اختياره ، ولوجوب
تمكينه.
وعلمنا بأنّه تعالى لايخل بواجب في
حكمته ، وظهور الغرض الحكمي في أكثرها أوجده سبحانه على جهة التفضل ، وثبوت ذلك
على الجملة فيما لايظهر لنا تفصيل المراد به كأفعال سائر الحكماء.
وحسن التكليف لكونه تعريضا لما لايوصل
إليه إلا به من الثواب.
وكون التعريض للشيء في حكم ايصاله من
حسن وقبح ، لأنه لا حسبة له بحسن التكليف غيره ، وعلمه سبحانه بكفر المكلف أو فسقه
لا يقتضي قبح تكليفه ، لكونه تعالى مزيحاً لعلته ومحسنا إليه كإحسانه إلى من علم
من حاله انه يؤمن ، اُتي من قبل نفسه فالتبعة عليه دون مكلفه سبحانه.
وحسن جميع ما فعله تعالى من الالام أو
فعل بأمره أو إباحته ، لما فيه من الاعتبار المخرج له من العيب ، والعوض الزائد
المخرج له عن قبيل الظلم والاساءة ، إلى حيز العدل والاحسان.
ووجوب الانتصاف للمظلوم من الظالم ، لوقوع
الظلم عن تمكينه تعالى ، وانكان كارها له تعالى.
ووجوب الرئاسة ، لكون المكلف عندها أقرب
من الصلاح ، وأبعد من الفساد.
ووجوب ماله هذه الصفة لكونه لطفاً ، ووقوف
هذا اللطف على رئيس لا رئيس له ، لفساد القول بوجود ما لا نهاية له من الرؤساء ، ومنع
الواجب في حكمته تعالى.
ولا يكون كذلك إلاّ بكونه معصوما ، كون
الرئيس أفضل الرعية وأعلمها لكونه إماما لها في ذلك ، وقبح تقديم المفضول على
الفاضل فيما هو أفضل منه فيه.
ووجوب نصبه بالمعجزات والنص المشير. إليه ، لوجوب كونه على صفات لا سبيل
إليها إلاّ ببيان علام الغيوب سبحانه.
وهذه الرئاسة قد تكون نبوة ، وقد تكون
إمامة ليست بنبوة.
فالنبي هو المؤدي عن اللّه سبحانه بغير
واسطة من البشر ، والغرض في تعينه بيان
__________________
المصالح من المفاسد.
والدلالة على حسن البعثة لذلك قيام
البرهان على وجوب بيان المصالح والمفاسد للمكلّف في حق المكلّف ، فلا بد متى علم
سبحانه ماله هذه الصفة من بعثه مبيناً له ، ولابد من الموت المبعوث معصوماً فيما يرد به من حيث
كان الغرض في تعينه ليعلم المكلف المصالح والمفاسد من جهته ، فلو جاز عليه الخطأ
فيما يؤديه لارتفعت الثقة بادائه ، وقبح العمل بأوامره واجتناب نواهيه.
ولابد من كونه معصوماً من القبائح ، لوجوب
تعظيمه على الإطلاق وقبح ذمه ، والحكم بكفر المستخف خيط به مع وجوب ذم فاعل
القبيح.
ولا يعلم صدقه إلا بالعجز ، ويفتقر إلى
شروط ثلا ثة :
أولها : أن يكون خارقاً للعادة ، لأنه
إن كان معتاداً ـ وإن تعذر جنسه ـ كخلق الولد عند الوطء ، وطلوع الشمس من المشرق ،
والمطر في زمان مخصوص ، لم يقف على مدع من مدع.
وطريق العلم بكونه خارقاً للعادة ، اعتبار
حكمها وما يقع فيها ويميزه من ذلك على وجه لا لبس فيه ، أو بحصول تحد وتوفر دواعي
المتحدي وخلوصا
وتعذر معارضته.
وثانيها : أن يكون من فعله تعالى ، لأن
من عداه سبحانه يصح منه ايثار القبيح فلا يؤمن منه تصديق الكذاب ، وطريق العلم
بكونه من فعله تعالى ، أن يكون متعدد الجنس كالجواهر والحياة وغيرهما من الأجناس
الخارجة من مقدور المحدثين ، أو يقع بعض الاجناس المختصة بالعباد على وجه لايمكن
إضافته إلا إليه سبحانه.
ثالثها : أن يكون مطابقاً للدعوى ، لأنه
إن كان منفصلاً عنها لم يكن مدع أولى به من مدع ، وطريق ذلك المشاهدة أو
خبرالصادق.
فتمى تكاملت هذه الشروط ثبت كونه معجزا
، إذ (لاصدق من)
اقترن ظهوره بدعواه لأنه جار مجرى قوله تعالى : صدق هذا عليَّ فيما يؤديه عني ، وهو
تعالى لايصدق الكذابين.
__________________
فإذا علم صدقه بالمعجز ، وجب اتباعه
فيما يدعو إليه ، والقطع على كونه مصلحة ، وينهى عنه والقطع بكونه مفسدة.
ولا طريق إلى نبوة أحد من الانبياء : الان ، إلا من جهة نبينا صلوات اللّه
عليه وآله ، لانسداد طريق التواتر بشيء من معجزاتهم بنقل من عدا المسلمين لفقد
العلم باتصال الأزمنة مشتملة على متواترين فيها بشيءٍ من المعجزات ، وتعذر تعين
الناقلين لها.
وطريق العلم بنبوته 9 القران وما عداه من الايات ، ووجه الاستدلال
به ، أنه تحداهم به على وجه لم يبق لهم صارف عن معارضته ، فتعذرت على وجه لايمكن
اسناده إلى غير عجزهم ، اما لأنه في نفسه معجز ، أو لأن اللّه سبحانه صرفهم عن
معارضته ، اذ كل واحد من الأمرين دال على صدقه.
وقد تضمن القران ذكر أنبياء على جهة
التفصيل والجملة ، فيجب لذلك ألتدين بنبوتهم ، وكونهم على الصفات التي يجب كون
النبي عليها.
وان رسول اللّه صلوات اللّه عليه أفضلهم
وخاتمهم والناسخ لشرائعهم ، بشريعة يجب العلم والعمل بها إلى يوم القيامة.
والامام هو الرئيس المتقدم المقتدى
بقوله وفعله والغرض في نصبه فيه من اللطف للرعية في تكاليفهم العقلية ، ويجوز أن
يكون نائبا عن نبي أو إمام في تبليغ شريعة.
ومتى كان كذلك فلابد من كونه عالما
بجميعها ، لقبح تكليفه الاداء وتكليف الرجوع إليه ، مع فقد العلم بما يؤديه ويرجع
إليه فيه.
ويجب أن يكون معصوما في ادائه ، لكونه
قدوة ، ولتسكن النفوس إليه ، لتسلم بعظمة الواجب خلوصه من الإستخفاف.
ويجب أن يكون عابدا زاهداً لكونه قدوة
فيهما ، وإن كان مكلفاً [ ب ]
جهاد أوجب كونه أشجع الرعية لكونه فئة لهم.
ويجوز من طريق العقل أن يبعث اللّه
سبحانه إلى كل واحد من المكلفين نبياً وينصب له رئيساً ويكون ذلك في الأزمنة ، وإنما
ارتفع هذا ألجائز في شريعتنا ، بحصول
__________________
العلم من دين نبينا 9 : أن لا نيي بعده ، ولا إمام في الزمان
الا واحد.
ووضح البرهان على تخصيص الإمامة بعده
بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، علي بن الحسين ، ومحمد بن
علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن
محمد ، والحسن بن علي ، والحجة بن الحسن صلوات اللّه عليهم.
لا إمامة لسواهم ، بدليل وجوب العصمة
للأمام فيما يؤديه ومن
سائر الصالح
، وكونه أعلم الخلق وأعظمهم وأعدلهم وأزهدهم وأشجعهم ، وتعدى من عاداهم من منتحلي الإمامة من تكامل
هذه الصفات دعوى ، وتخصصهم :
وشيعتهم بدعواها لهم ، في ثبوت النص من الكتاب والسنة المعلومة على إمامتهم ، وتعريهما
[ عن ]
ذلك فيمن عداهم حسب ما ذكرناه في غير موضع ، وذلك مقتض لضلال المتقدم عليهم ، وكفر
الشاك في إمامة واحد منهم.
وغيبة الحجة 7 ليست بقادحة في إمامته ، لثبوتها
بالبراهين التيلا شبهة فيها على متأمل ، وامان المكلف من خطأ به في ظهور فاستتار وغيرهما
لعصمته.
ويلزم العلم بجملة الشريعة فعلاً وتركاً
لكون ذلك جملة الايمان ، والعلم بتفصيل ما تعين فرضه منها وايقاعه للوجه الذي شرع
على جهة القربة ، لكون ذلك شرطاً في صحته ، وبراءة الذمة منه ، واستحقاق الثواب
عليه.
وهي على ضروب أربعة : فرائض ، ونوافل ، ومحرمات
، وأحكام.
فجهة وجوب الفرائض كون فعلها لطفاً في
فعل الواجب العقلي. وترك القبيح ، وقبح تركها لأنه ترك الواجب.
وجهة الترغيب في السنن ، كونها لطفا في
المندوب العقلي ولم يقبح تركها ، وكما لا يقبح ترك ماهي لطف فيه.
وجهه قبح المحرمات ، كونها مفسدة في ترك
الواجب وفعل القبيح ، ووجب تركها لأنه ترك القبيح.
__________________
وجهة الأحكام ، ليعلم مكلفها الوجه الذي
عليه يصح التصرف مما لايصبح.
فوضح ذلك علمنا ضرورة من حال فاعل
العبادات الشرعية ومجتنب المحرمات كونه أقرب لنا ، للأنصاف والصدق وشكر النعمة
وردّ الوديعة وسائر الواجبات ، والبعد من الظلم والكذب وسائر القبائح.
ومن حال فاعل المحرمات الشرعيات والمخل
بالعبادات ، كونه أقرب [ من ]
القبيح العقلي وابعد من الواجب.
ولا شبهة أن من بلي بالتجارة فلم يعلم
أحكام البيوع ، لم يكن على يقين منصحة التملك.
وكذلك من بلي بالإرث مع جهله بأحكام
المواريث ، لايكون على ثقة مما يأخذ ويترك.
وكذلك يجري الحال في سائر الأحكام ، وقد
استوفينا الكلام في هذا القدح في مقدمة كتاب
« العمدة » و « التلخيص » في الفروع ، وفي كتابي « الكافي في التكليف » وفيما
ذكرناه هاهنا بلغة ..
ولا طريق إلى اثبات الأحكام الشرعية
والعمل بها إلا العلم دون الظن ، لكون التعبد بالشرائع مبنياً على المصالح التي
لايوصل إليها بالظن ، ولا سبيل إلى العمل بجملتها إلا من جهة الأئمة المنصوبين
لحفظها ، المعصومين في القيام بها ، المأمونين في ادائها ، لحصول العلم بذلك من
دينهم لكل مخالط ، وارتفاع الخوف من كذبهم لثبوت عصمتهم :.
ولابد في هذه التكليف من داع وصارف ، وذلك
مختص بالمستحق عليه من المدح والثواب والذم والعقاب والشكر.
فالمدح : هو القول المنبىء عن عظم حال
الممدوح ، وهو مستحق بفعل الواجب والمندوب واجتناب القبيح.
والثواب : هوالنفع المستحق الواقع على
جهة التعظيم والتبجيل ، وهو مستحق من الوجوه الثلاثة بشرط المشقة.
__________________
والذم : هوالقول المنبئ عن إيضاح حال
المذموم ، وهو مستحق بفعل القبيح والإخلال بالواجب.
والعقاب : هوالضرب المستحق من الوجهين
بشرط زائد.
والشكر : هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من
التعظيم ، وهومستحق بالإحسان خاصة.
والوجه في حسن التكليف ، كونه تعريضاً
للثواب الذي من حقه ألا يحسن الابتداء به من دون العلم باستحقاق العقاب ودوامه.
وانما يعلم ان الثواب دائم والعقاب
مستحق ودائم بالكفر ، ومنقطع بما دونه ، من جهة السمع.
والمستحق من الثواب ثابت لا يزيله شيء ،
لأنه حق واجب في حكمته سبحانه ، لايجوز فيها منعه ، (والا سقوط بندم او زائد) عقائد ، لاستحالة ذلك ، لعدم التنافي
بين الثواب وبينهما لعدم الجميع ، وإحالة التنافي بين المعدومات.
وعقاب الفسق يجوز اسقاطه تفضلاً بعفو مبتدأ
وعند الشفاعة لجوازه ، وعند التوبة لأنه حق له تعالى إليه قبضه واستيفاؤه ، واسقاطه
إحسان إلى المعفو عنه.
وقد ورد الشرع مؤكداً لاحكام العقول ، فمن
ذلك تمدحه سبحانه في غير موضع من كتابه بالعفو والغفران ، المختصين باسقاط المستحق
في اللغة والشرع.
ولا وجه لهذا التمدح إلا بوجهه إلى فساق أهل الصلاة ، بخروج المؤمنين الذين لا ذنب لهم والكفار عنه
باتفاق ، اذ لا ذنب لأولئك يغفر ، والعفو عن هؤلاء غير جائز.
ولأن ثواب المطيع دائم ، فمنع من دوام
عقاب ما ليس بكفر ، لإجماع الاُمة على أنه لا يجتمع ثواب دائم وعقاب دائم لمكلف ، وفساد
التخالط بين المستحقين مما
بيناه.
ولا أحد قال بذلك ، إلا جوز سقوط عقاب
العاصي بالعفو ، أو الشفاعة المجمع
__________________
عليها ، ويخصصها
بإسقاط العقاب ، ولا يقدح في ذلك خلاف المعتزلة ، لحدوثه بعد انعقاد الاجماع
بخلافه.
وآيات الوعيد كلها وآيات الوعيد مشترطة بالعفو ومخصصة بآيات العفو وعموم
آيات الوعد ، ولثبوت ثواب المطيع وفساد التخالط ، وكون ذلك موجب التخصيصها بالكفار
ان كان وعيدها دواماً أو كون عقابها منقطعا إن كان عاماً ، من حيث كان القول
بعمومها للعصاة ودوام عقابها ينافي ماسلف من الأدلة.
والمؤمن : هو المصدق بجملة المعارف عن
برهانها ، حسب ما خاطب به من لسان العرب ، المعلوم كون الايمان ـ فيه ـ تصديقا ، والكفر
اسم لمن جحد المعارف أو شكفيها أو اعتقدها عن تقليد أو نظر لغير وجهه.
والفسق إسم لمن فعل قبيحا ، أو أخل
بواجب من جهة العقل أو السمع ، لكونه خارجاً بذلك عن طاعة مكلفه سبحانه.
والفاسق في اللغة : هوالخارج ، [ و ] في عرف الشريعة هوالخارج عن طاعته سبحانه.
ومن جمع بين إيمان وفسق ، مؤمن على
الاطلاق فاسق بما اتاه من القبيح ، لثبوت كل واحد منهما ، ومن ثبت إيمانه لا
يجوزأن يكفر « لدوام ثواب الإيمان وعقاب الكفر وفساد اجتماعهما لمكلف واحد ، وثبوت
المستحق منهما وعدم سقوطه بندم أوتحابط.
وقوله تعالى : (إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا)
مختص بمن
أظهر الايمان أو اعتقده لغيروجهه ، دون من ثبت إيمانه ، كقوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ)
يعني مظاهرة
للإيمان باتفاق
، ومدح المقطوع على إيمانه مطلق مقطوع بالثواب ، والمظهر مشترط بكون الباطن مطابقاً
للظاهر واقعا موقعه.
وذم الكافر ولعنه مطلق ، مقطوع له
بالعقاب الدائم.
__________________
وذم الفاسق مشترط الا بعفا عن مستحقه ابتداءاً أو عند شفاعة ، وإذا
ظهر كفر ممن كان على الإيمان ، وجب الحكم على ما مضى منه على المظاهرة (به النفاق)
، أو كونه
حاصلاً عن تقليد ، أو عن نظر لغير وجهه ، لما بيناه من الأدلة الموجبة لذلك.
ولابد من انقطاع التكليف ، والا انتقض
الغرض المجرى به إليه من التعريض للثواب ، ولا يعلم بالعقل كيفية انقطاعه وحال أيضاً أو جنسه وكيفية فعله ، وإنمايعلم
ذلك بالسمع.
وقد حصل العلم من دينه صلى اللّه عليه
ضرورةً ، ونطق القران بأن اللّه تعالى آخر بعد فناء كل شيء ، كما كان أولاً قبل
وجود شيء ، حسب ما أخبرسبحانه من قوله : ( هُوَ الْأَوَّلُ
وَالْآخِرُ )
ينشؤهم بعد
ذلكُ ويحشرهم ليوم لا ريب فيه ، مستحق الثواب خالصاً والعقاب الدائم ، ليوصل كلاً
منهما إلى مستحقه على الوجه الذي نص عليه تعالى ، ومن اجتمع له الاستحقاقان فإن يستوفي منه سبحانه ما يستحقه من العقاب
، أو يعفو عنه ابتداءاً ، أو عند شفاعة ، ثم يوصله إلى ثواب إيمانه وطاعاته الدائم
والمولم
به تعالى أو بغيره ، ليوصله إلى ما يستحقه من العوض عليه تعالى أوعلى غيره ، ثم يدخله
الجنة إنكان من أهلها أو النار ، أو يبقيه ، أو يحرمه إن كان ممن لا يستحقها من
البهائم والأطفال والمجانين ومن لا يستحق العوض ، ليتفضل عليه.
وهذا ـ اجمع ـ جائز من طريق العقل
لتعلقه بمبتدئهم تعالى ، والنشأة الثانية أهون من الأولى ، وهي واجبة لما بيناه من
وجوب ايصال كل مستحق إلى مستحقه من ثواب أو عقاب أو عوض.
ولا تكليف على أهل الآخرة باجماع ، ولأن
العلم بحضور المستحق من الثواب والعقاب وفعله عقيب الطاعة والمعصية ملج ، والالجاء
ينافي التكليف ، وأهل الآخرة
__________________
عالمون باللّه تعالى
ضرورةً ، ليعلم المثاب والمعاقب والمعوض وصوله إلى ما يستحقه على وجهه ، ويعلم
المتفضل عليه كون ذلك النفع نعمة له تعالى.
وقلنا أن هذه المعرفة ضرورية ، لأنا قد
بينا سقوط تكليف أهل الآخرة ، فلم يبق مع وجوب كونهم عارفين إلا كون المعرفة
ضرورية.
هذه جمل يقتضي كون العارف بها موقناً
مستحقا للثواب الدائم وايصاله ، إليه ، ومرجوله العفو عما عداهما من الجوائر . ويوجب كفر من جهلها ، أوشيئاً منها ، أوشك
فيها ، أو اعتقدها عن غير علم ، أو شيئاً منها ، أو لغير وجهها ، قد قربناها بغاية
وسعنا ، من غير اخلال بشيء يؤثر جهله في ثبوت الايمان لمحصلها ، وإلى اللّه سبحانه
الرغبة في توفير حظنا ـ ومن تأملها أو عمل بها ـ من ثوابه وجزيل عفوه ، بجوده
وكرمه انه قريب مجيب. تم الكتاب.
* * *
__________________
ومن
خطبة له في التوحيد
ما وحّده من كيّفه ، ولا حقيقتَهُ أصاب
من مثّله ، ولا إياه عنى من شبّهه ، ولاصمده من أشارإليه وتوهمه ، كل معروف بنفسه
مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، فاعل لا باضطراب آلةٍ ، مقدر لابجول فكرة ، غنيْ
لا باستفادة ، لم لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم
وجوده ، والابتداء ازله ، بتشعيره المشاعر عرف ألاّ مشعرله ، وبمضادته بين الاُمور
عرف ألا ضد له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف الاّقرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والوضوح
بالبهيمة ، والجمود بالبلل ، والحرور بالصرد ، مؤلفبين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ، مقرب بين متباعداتها
، مفرق بين متدانياتها ، لا يُشمل
بحد ، ولايحسب بعد ، وأنما تحد الادوات أنفسها ، وتشير الآلات إلى نظائرها ، منعتها (منذ) القدمية ، وحمتها
(قد) الأزلية ، وجنبتها (لولا) التكملة ، [ بها ] تجلى صانعها للعقول ، و بها امتنع عن نظر العيون ، لايجري عليه
السكون والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ ويعود فيه ما هو ابداه؟ ويحدث فيه
ما هو أحدثه؟ إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من إلأزل معناه ، لو كان
له وراء لوجد له امام ، ولا لتمس التمام اذ لزمه النقصان ، وإذاً لقامت آية
المصنوع فيه ، ولتحول دليلاً بعد أن كان مدلولاً [ عليه ] ، وخرج بسلطان إلامتناع من أن يؤثر [ فيه
ما يؤثر ]
في غيره ، الذي لايحول
ولا يزول ، ولا يجوزعليه الافوال ، لم يلدفيكون مولوداً ، ولم يولد فيكون محدوداً ، جل عن اتخاذ الأبناء ، وطهرعن
ملامسة النساء.
__________________
لا تناله الأوهام فتقدره ، ولا تتوهمه
الفطن فتصوره ، ولا تدركه الحواس فتحسه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسه ، لايتغير بحال ،
ولا يتبدل بالأحوال
، لاتبليه الليالي والأيام ، ولا يغيره الضياء والظلام ، ولا يوصف بشيء من الاجزاء
، ولا بالجوارح والأعضاء ، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيرية والابعاض.
ولا يقال له حد ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية ، ولا
ان الأشياء تحويه فتقله أوتهويه ، أو ان شيئاً يحمله فيميله أو يعدله ، ليس في
الأشياء بوالج ولا عنها بخارج ، يخبر بلا لسان ولهوات ، ويسمع بلا خروق وأدوات ، يقول
ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفظ ، ويريد ولا يضمر ، يحب ويرضى من غير رقة ، ويبغض
ويغضب من غير مشقة.
يقول لما أراد كونه كن فيكون ، لابصوت يقرع ، ولانداء
يسمع ، وإنما
كلامه فعل منه
أنشأه ومثله ، لم يكن من قبل ذلك كائناً ، ولوكان قديما لكان إلهاً ثانيأ لايقال
كان بعد أن لم يكن فتجرى عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل [ ولا
له عليها فضل ، فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدىء والبديع ] .
خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على
خلقها بأحد من خلقه.
وأنشأ الارض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها
على غيرقرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصنها من الأود
والإعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج ، أرسى أوتادها ، وضرب أسدادها ، واستفاض
عيونها ، وخد أوديتها ، فلميهن ما بناه ، ولا ضعف ماقواه ، هو الظاهر عليها
بسلطانه وعظمته ، وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته ، والعالي [ على ] كل شيء منها بجلاله وعزته ، لا يعجزه
شيء منها يطلبه
،
__________________
ولا يمتنع عليه
فيغلبه ، ولا يفوته السريع منها فيسبقه ، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه ، خضعت
الأشياء له فذلت
مستكينة لعظمته ، لاتستطيع الهرب من سلطانه إلى غيرهفتمتنع من نفعه وضره ، ولا
كفؤله فيكافئه ، ولانظيرله
فيساويه.
هو المفني لها بعد وجودها ، حتى
يصيرموجودها كمفقودها ، وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها ، بأعجب من إنشائها
واختراعها ، وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ، وما كان من مراحها وسائمها ، وأصناف أسناخها وأجناسها ، ومتبلدة
اممهاو اكياسها ، على احداث بعوضة ماقدرت على احداثها ، ولا عرفت كيف السبيل إلى
إيجادها ، ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت ، وعجزت قواها وتناهت ، ورجعت خاسئة
حسيرة ، عارفة بأنها مقهورة ، مقرة بالعجز عن إنشائها ، مذعنة بالضعف عن إفنائها.
وأنه يعود سبحانه بعد فناء الدنيا وحده
لاشيء معه ، كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلاوقت ولا مكان ، ولا
حين ولا زمان ، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شيء
الا الواحد القهار ، الذي إليه مصير جميع الاُمور.
بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير
امتناع منها كان فناؤها ، ولوقدرت على الامتناع لدام بقاؤها ، لم يتكاءده صنع شيء منها [ إذ ] صنعه ، ولم يؤده منها خلق ما برأه
وخلقه ، ولم يكونها لتشديد سلطان ، ولا لخوف من زوال ونقصان ، ولا للاستعانة بها
على ند مكاثر ، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور ، ولا للازدياد بها في ملكه ، ولا
لمكاثرة شريك في شركه ، ولا لوحشة كانت منه
فأراد أن يستأنس إليها.
ثم هو يفنيها بعد تكوينها ، لالسأم دخل
عليه في تصريفها وتدبيرها ، ولا لراحة واصلة إليه ، ولا لثقل شيء منها عليه ، لايمله
طول بقائها فيدعوه إلى سرعة افنائها ، لكنه
__________________
سبحانه دبرها بلطفه
، وأمسكها بأمره ، وأتقنها بقدرته ، ثم يعيدها بعد الفناء من غيرحاجة منه إليها ، ولا
أستعانة
بشيء منها عليها
، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس ، ولا من حال جهل وعمى إلى [ حال ] علم والتماس ، ولا من فقر وحاجة إلى
غنى وكَثرة ، ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة.
* * *
__________________
ومن
خطبة له في المعنى :
الحمد للّه المتجلي لخلقه بخلقه ، والظاهر
لقلوبهم بحجته ، خلق الخلق من غير روية ، إذ كانت الرويات لاتليق إلآ بذوي الضمائر
، وليس بذي ضمير في نفسه ، خرق علمه باطن غيب السترات ، وأحاط بغموض عقائد
السريرات.
وأشهد أن لا إله اللّه وحده لا شريك له
، الأول فلا شيء قبله ، [ و ] الآخر
لا نهاية له ، لاتقع القلوب له على ، غاية ، ولا تعقد القلوب منه على كيفية ، لاتناله
ألتجزئة والتبعيض ، ولا تحيط به الأبصار والقلوب ، بطن خفيات الامور ، ودلت عليه أعلام
الظهور ، وامتنع على عين البصير ، فلا عين من لم يره تنكره ، ولاقلب من اثبته يبصره
، سبق في العلو فلا شيء أعلى منه ، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه ، فلا أستعلاؤه
باعده عن شيء من خلقه ، ولا قربه ساواهم في المكان به ، لم يطلع العقول على تحديد
صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، فهو الذي تشهد له اعلام الوجود على اقرارقلب
ذي الجحود ، تعالى اللّه عما يقول المشبهون به والجاحدون له علوا كبيراً .
* * *
__________________
ومن
خطبة له في التوحيد عليه السلام :
الحمد للّه الدال على وجوده بخلقه ، وبمحدث
خلقه على ، أزليته ، وباشتباهم على أن لا شبه له ، لا تشتمله ألمشاعر ، ولا تحجبه السواتر ، لافتراق
الصانع والمصنوع ، والحاد والمحدود ، والرب والمربوب.
الأحد لا بتأويل عدد ، والخالق لا بمعنى
حركة ونصب ، والسميع لا بأداة ، والبصير لابتفريق الة ، والشاهد لابمماسة ، والبائن
لابتراخي مسافة ، والظا هر لابرؤية ، والباطن لا بلطافة ، بان من الأشياء بالقهر
لها والقدرة عليها ، وبانت الأشياء منه بالخضوع له والرجوع إليه.
من وصفه فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن
عده فقد أبطل ازله ، ومن قال : (كيف) فقد استوصفه ، ومن قال : (أين) فقد حَيّزه ، عالم
إذ لا معلوم ، ورب إذلا مربوب ، وقادر إذ لا مقدور.
منها
: قد طلع طالع ، ولمع لامع ، ولاح لائح ، واعتدل
مائل ، واستبدل اللّه بقوم قوماً ، وبيوم يوماً وانتظرنا الغِيَر انتظار المجدب
المطر ، وانما الأئمة قوام اللّه على خلقه ، وعرفاؤه على عباده ، لا يدخل الجنة
إلا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه.
إن اللّه خصكم بالاسلام واستخلصكم له ، وذلك
لأنه اسم سلامة وجماع كرامة ، اصطفى اللّه تعالى منهجه وبين حججه ، من ظاهر علم
وباطن حكم ، لا تفنى غرائبه ، ولا تنقضي عجائبه ، فيه مرابيع النعم ومصابيح الظلم
، لاتفتح الخيرات إلا بفاتحهم
، ولا تكشف الظلمات إلا بمصابحهم
، قد أحمى حماه وأرعى مرعاه ، فيه شفاء المشتفي وكفاية المكتفي .
__________________
ومن
كلام له في المعنى :
قاله لذعلب اليماني ، وقد سأله : هل
رأيت ربك؟ فقال. أفأعبد من لا
أرى؟! قال : وكيف تراه ، قال : لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه
القلوب بحقائق الايمان ، قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين متكلم
لا بروية ، مريد لا بهمة ، صانع لا بجارحة ، لطيف لايوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف
بالجفاء ، بصيرلا يوصف بالحاسة ، رحيم لايوصف بالرقة ، تعنو الوجوه لعظمته ، وتوجل
القلوب
منمخافته .
الذي لم يسبق له حال حالا ، فيكون أولا قبل
أن يكون اخرا ، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطناً كل مسمى بالوحدة غيره قليل ، وكل
عزيز غيره ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره متعلم
، وكل قادرغيره يقدر ويعجز ، وكل سميع غيره يصم عن لطيف الأصوات ويصمه كبيرها ويذهب
عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام ، وكل
ظاهرغيره غير باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر ، لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، ولا
تخوف من عواقب زمان ، ولا استعانة على ند مثاور ، ولا شريك مكاثر ، ولا ضد منافر ، ولكن خلائق مربوبون وعباد
داخرون ، لم يحلل في الاشياء فيقال : هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال : هو منها
بائن ، لم يؤده خلق ما ابتدأ ، ولا تدبير ماذرأ ، ولاوقف به عجز عما خلق ، ولا
ولجت عليه شبهة فيما قدر وقضى ، بل قضاء متقن ، وعلم محكم ، وأمر مبرم ، المأمول
مع النقم ، المرهوب مع النعم .
__________________
ومن
كلام له عليه السلام في التوحيد :
عن مقدام بن شريح بن هانىء ، عن أبيه قال : إن
أعرابياً قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين 7
فقال : يا أمير المؤمنين ، أتقول ان اللّه واحد؟ قال : فحمل الناس عليه وقالوا : يا
أعرابي ، أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب!؟ فقال أميرالمؤمنين 7 : « دعوه ، فإن الذي يريده الأعرابي
هوالذي نريده من القوم ».
[ ثم ] قال : « يا أعرابي ، إن القول في أن
اللّه واحد ، على أربعة أقسام :
فوجهان منها لايجوزان على اللّه تعالى ،
ووجهان يثبتان فيه.
فأما اللذان لايجوزان عليه : فقول
القائل : واحد ، يقصد به باب الاعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأن مالا ثاني له لايدخل
في باب الم لاعداد ، أما ترى أنه كفر من قال : ثالث ثلاثة! وقول القائل : هو واحد
، يريد به النوع من الجنس ، فهذا مالا يجوز ، لأنه تشبيه ، جل ربنا عن ذلك وتعالى.
وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه : فقول
القائل : هو واحد ، يريد به ليس له في الأشياء شبه ولا مثل ، كذلك اللّه ربنا.
وقول القائل : انه تعالى واحد ، يريد أنه أحدي المعنى ، يعني أنه لاينقسم في وجود
ولا عقل ولا وهم ، كذلك اللّه ربنا عزوجل » .
وروى أن رجلا قال له : يا أمير المؤمنين
بماذا عرفت ربك؟ قال : « بفسخ العزم ونقض الهم ، لما ان هممت فحال بيني وبين همي ،
وعزمت فخالف القضاء عزمي ، علمت أن المدبر لي غيري ».
قال : فبماذا شكرت نعماءه؟ قال : نظرت
إلى بلاء قد صرفه عني وابلى به غيري ، وإحسان شملني به ، فعلمت أنه قد أباه علي
فشكرته ».
قال : فبماذا أحببت لقاءه؟ قال : « رآيتة
قد اختار لي دين ملائكته ورسله ،
__________________
فعلمت أن الذي
أكرمني بهذا ليس ينساني فأحبيت لقاءه » .
ومن
خطبه له عليه السلام في التوحيد :
الحمد للّه الذي لاتدركه الشواهد ، ولا
تحويه المشاهد ، ولا تراه النواظر ، ولاتحجبه السواتر ، الدال على قدمه بحدوث خلقه
، وبحدوث خلقه على وجود ، ، وباشباههم على أن لا شبه له ، الذي صدق في ميعاده ، وارتفع
عن ظلم عباده ، وقام بالقسط في خلقه ، وعدل عليهم في حكمه ، مستشهد بحدوث الأشياء
على أزليته ، وبما وسمها به من العجز على قدرته ، وبما اضطرها إليه من الفناء على
دوامه.
واحد لابعدد ، ودائم لا بأمد ، وقائم
لابعمد ، تتلقاه الأذهان لابمشاعرة ، وتشهدله المرائي لابمحاضرة ، لم تحط به
الاوهام ، بلى تجلى لها ، وبها امتنع منها ، وإليها حاكمها ، ليس بذي كبرامتدت به
النهايات فكبرته تجسيماً ، ولا بذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيداً ، بل
كبرشأناً وعظم سلطاناً.
وأشهد أن محمداً عبده المصطفى ، وأمينه
الرضي صلى اللّه عليه [ واله ] وسلم ، أرسله بوجوب الحجج ، وظهور الفلج ، وإيضاح
المنهج ، فبلغ الرسالة صادعا بها ، وحمل على المحجة دالاً عليها ، وأقام اعلام
الاهتداء ومنار الضياء ، وجعل امراس الاسلام متينة ، وعرى الإيمان وثيقة .
وقال 7
:
من عبداللّه تعالى بالوهم ان يكون صورة
أوجسماً فقد كفر ، ومن عبد الاسم دون المعنى فقد عبد غير اللّه ، ومن عبد المعنى
دون الإسم فقد دل على غائب ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد إثنين ، ومن عبد
المعنى بوقوع الإسم عليه ، يعقد به قلبه ، وينطق به لسانه ، فذلك في ديني حقاً
ودين آبائي.
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أعانه اللّه على طاعته ، وتغمده برأفته
ورحمته ، وحشره مع أئمته : إن ذات اللّه تعالى معروفة بالعلم ، غيرمدركة بالإحاطة
، ولا مرئية بالأبصار ، فهي ثابتة في العقول من غير حد ولا إحاطة ولا حلول ، قد
حجب سبحانه الخلق أن يعرفوا له كنه ذات ، ودلهم
__________________
عليه بآياته
ودلالاته ، فالعقول تثبته ، وقلوب المؤمنين مطمئنة به غير شاكة فيه ولا منكرة له.
واني لأعجب ممن يستدل بصفات المخلوق على
صفة الخالق ، وكيف يصح الاستدلال بصفات من له مثل ، على صفات من لا مثل له ولا
نظير!؟
واللهّ تعالى يصدق هذا القول بقوله
تعالى : ( ليس كمثله شيء )
واعلم أن حقيقة المعرفة عقد الضميرفي
القلب ، بإخراج ذات اللّه عن كل موهوم ومهجوس ومحسوس ، وطرق الحق واضحة ، وعلاماته
لائحة ، وعيون القلوب مفتوحة ، ولكن أعماها غشاوة الهوى ، وضعف البصائر ، وجماد
القرائح ، وترك الطلب ، ولو استشعروا الخوف قوموا به العوج ، وسلكوا الطريق
الابلج.
ودواء القلوب وجلاؤها في خمسة أشياء : قراءة
القرآن المجيد بالتدبر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع في السحر ، ومجالسة
الصالحين. وأعظم مقامات العارفين : القيام بالأوامر ، والثقة بالمضمون ، ومراعاة الأسرار
بالسلامة ، والتخلي من الدنيا ، فإذا حصلت هذه الصفات ، ضاقت على صاحبها الأرض بما
رحبت ، كما قال اللّه : (
ضاقت عليهم
الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم )
ومن ألزم
نفسه آداب الكتاب ، وسنة نبينا محمد 9
، وسنن الأئمة من أهل بيته :
، نور اللّه قلبه بنور الايمان ، ومكن له بالبرهان ، وجعل على وجهه وأفعاله شاهد الحق.
ولا مقام أشرف من متابعة اللّه الحبيب واحبائه من أنبيائه ، وائمته من أوليائه ، في
أوامرهم ونواهيهم ، ومن ادعى المحبة لهم وهو على خلاف ذلك ، فانما يستهزىء بنفسه ويغمزها.
* * *
__________________
ومن
كلام الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في التوحيد :
رواه عنه محمد بن زيد الطبري ، قال : كنت
قائما عند علي بن موسى الرضا 8
بخراسان ، وحوله جماعة من بني هاشم وغيرهم ، وهو يتكلم في توحيد اللّه تعالى ، فقال
:
اول عبادة الله معرفته ، وأصل معرفته
توحيده ، ونظام توحيده نفي التحديد عنه ، لشهادة العقول بأن كل محدود مخلوق ، وشهادة
كل مخلوق أن له خالقاً ليس بمخلوق ، الممتنع من الحدث هو القديم في الأزل ، ليس
اللّه عبد من نعت ذاته ، ولا إياه وحد من اكتنهه ، ولا حققه من مثَّله ، ولا به
صدق من نهّاه ، ولا [ صمد ]
صمده من أشار إليه بشيء من الحواس ، ولا إياه عنى من شبّهه ، ولا له عرف من
بَعَّضه ، ولا إياه أراد من توهمه ، كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول.
بصنع اللّه يستدل عليه ، وبالعقول تعتقد
معرفته سبحانه ، وبالفطرة تثبت حجته ، خلق الخلق بينه وبينهم حجابُ مباينته اياهم
ومفارقتهم له ، وابتداؤه لهم دليلهم على أن لا ابتداء له ، لعجز كل مبتدأ منهم عن
ابتداء مثله ، فاسماؤه تعالى تعبير ، وأفعاله سبحانه تفهيم ، قد جهل اللّه سبحانه
من حده ، وقد تعداه من اشتمله ، وقدأخطأه من اكتنهه .
من قال : (كيف) فقد شبهه ، ومن قال : (أين)
فقد حصره ، ومن قال : (فيم) فقد وعاه ، ومن قال : (علام) فقد شبهه ، ومن قال : (متى)
فقد وقته
، ومن قال : (لم) فقد علله
، ومن قال : (فيم ) فقد ضمنه ، ومن قال : (إلام ) فقد نهاه ، ومن قال : (حَتّام )
فقد غياه ، ومن غياه فقد جَزّأه ، ومن جَزَّأه فقد ألحد فيه.
لا يتغير اللّه تعالى بتغاير المخلوق ، ولا
يتحدد بتحديد المحدود ، واحد لا بتأويل عدد ، ظاهر لابتأويل مباشرة ، متجلِ لا باستهلال
رؤية ، باطن لابمزايلة ، قريب
__________________
لا بمداناة ، لطيف
لا بتجسيم ، موجود لا عن عدم ، فاعل لا باضطرار ، مقدر لا بفكر ، مدبرلا بعزيمة ، شاءِ
لا بهمة ، مدرك لابحاسة ، سميع لابآلة ، بصير لابأداة ، لا تصحبه الأوقات ، ولا
تضمه الأماكن ، ولا تأخذه السِّنات ، ولا تحده الصفات ، ولا تقيده الأدوات.
سبق الأوقات كونُه ، والعدَم وجودُه ، والابتداءَ
أزله ، وبمشابهته بين الأشياء عالم أن لا شبه له ، وبمضادّته بين الأضداد علم أن
لاضد له ، وبمقارنته بين الأمور عرف أن لاقرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والظل
بالحرور ، مؤلف بين متدانياتها
، مفرق بين متبايناتها ، بتفريقها دل على مفرقها ، وبتأليفها دل على مؤلفها.
قال سبحانه : ( ومن كل
شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون
) .
له معنى الربوبية إذ لا مربوب ، وحقيقة
الالهية إذ لا مألوه ، ومعنى العالم إذ لامعلوم ، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق ،
ولا من حيث احدث استفاد معنى المحدث ، لا تنائيه (منذ) ولاتدنيه (قد) ولا تحجبه
(لعل) ولا توقته (متى) ولا تشتمله (حين ) ولا تقاربه (مع ) ، كلما في الخلق من
اثرغير
موجود به ، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه ، لاتجري عليه الحركة والسكون ، وكيف
يجري عليه ما هو اجراه! أويعود فيه ما هو أبداه!؟ إذاً لتفاوتت دلالته ، وامتنع من
الأزل معناه ، ولما كان البارىء ، غير المبرأ
ولو وجد له وراء لوجد له أمام ، ولو التمس له التمام لزمه النقصان ، كيف يستحق
الأزل من لايمتنع من الحدث!؟ وكيف ينشىء الأشياء من لايمتنع من الإنشاء!؟ لو تعلقت
به المعاني لقامت فيه اية المصنوع ، ولتحول من كونه دالاً إلى كونه مدلولاً عليه ،
ليس في محال القول حجة ، ولا في المسألة عنه جواب ، لا إله إلاّ هو العلي العظيم .
__________________
تفسير
سورة الإخلاص
( قل هواللّه أحد ) معناه أنه غيرمبعض ، ولا مُجَزّأ ، ولا
موهم ، ولا توجد عليه الزيادة والنقصان.
(
اللّه
الصمد )
عني بالصمد السيد المطاع الذي ينتهي إليه السؤدد ، وهوالذي تَصَمَّد على الخلائق ،
وتَصمد الخلائق إليه.
( لم يلد ) كما قالت اليهود لعنهم اللّه : عزير بن
الله.
(
ولم يولد
) كما قالت
النصارى لعنهم اللّه : المسيح الله.
( ولم يكن له كفواً أحد
) أي ليس له
ضد ، ولاند ، ولاشريك ، ولا شبه ، ولامعين ، ولا ظهير ، ولا نصير ، سبحانه وتعالى
عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
* * *
خطبة
بليغة عن مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام ، ليس فيها ألف :
« حمدت من عظمت مِنَّتُه ، وسبغت نعمته
، وتمت كلمته ، وسبقت رحمته ، ونفذت مشيئته ، وفالحت حجته ، حمد مْقِرٍ بربوبية ، متخضع
لعبوديته ، مؤمن بتوحيده ، ووحّدته توحيد عبد مذعن بطاعته ، متيقن يقين عبد لمليك ليس له شريك في
ملكه ، ولم يكن له ولي في صنعه ، عجز عن وصفه من يصفه ، وضلّ عن نعته من يعرفه ، قرب
فبعد ، وبعد فقرب ، مجيب دعوة من يدعوه ويرزقه ويحبوه ، ذو لطف خفي ، وبطش قوي ، ورحمة
موسعة ، وعقوبة موجعة ، رحمته جنة عريضة مونقة ، وغضبهُ نقمة ممدودة موبقة.
وشهدت ببعث محمد عبده ورسوله ونبيه
وحبيبه وخليله ، بعثه من خير عنصر ، وحين فترة ، رحمةً لعببده ، ومنةً لمزيده ، وختم
به نبوته ، ووضح به حجته ، فوعظ ونصح ، وبلَّغ وكدح ، رؤوف بكل عبد مؤمن ، سخي رضي
زكي ، عليه رحمة وتسليم وتكريم ، من رب غفور رحيم قريب مجيب.
وَصّيتكم ـ معشرمن حضرني ـ بوصية ربكم ،
وذَكَّرتكم سنة نبيكم ، فعليكم برهبة ورغبة تسكن قلوبكم ، وخشية تجري دموعكم ، قبل
يوم عظيم مهول يلهيكم ويبكيكم ، يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته وخف وزن سيئته ، وليكن
مسألتكم مسألة ذل وخضوع وخشوع ، ومسكنة وندم ورجوع ، فليغتنم كل منكم صحته قبل
سقمه ، وشبيبته قبل هرمه ، وسعته قبل فقره ، وفرغته قبل شغله ، وحضره قبل سفره ، قبل
يهرم ويمرض ويمل ويسقم ، ويمله طبيبه ، ويعرض عنه حبيبه ، وينقطع منه عمره ، ويتغير
عقله وسمعه وبصره ، ثم يصبح ويمسي وهو موعوك وجسمه منهوك ، وحُدِيَت نفسه ، وبكت
عليه عرسه ، ويتم منه ولده ، وتفرق عنه جمعه وعدده ، وقسم جمعه ، وبسط عليه حنوطه
، وشدّ منه ذقنه ، وغسل وقمص وعمم ، وودع وسلم ،
__________________
وحمل في سرير ، وصُلي
عليه بتكبير ، ونقل من دور مزخرفة ، وقصور مشيدة ، وحجر منضدة ، وفرش ممهدة ، فجعل
في ضريح ملحود ، وضيق مسدو فى بلبنٍ جلمود ، وهيل عليه عفره ، وحثي عليه مدره ، ومحي
منه اثره ، ونسي خبره ، ورجع عنه وليده وصفيه وحبيبه وقريبه ونسيبه ، فهو حشو قبره
، ورهين سعيه ، يسعى في جسمه دود قبره ، ويسيل صديده من منخره وجسمه ، ويسحن تربه لحمه ، وينشف دمه ، ويرم عظمه ، فيرتهن
بيوم حشره ، حتى ينفخ في صوره ، وينشر من قبره ، فلا ينتصر بقبيلة وعشيرة ، وحصلت
سريرة صدره ، وجيء بكل نبي وشهيد وصديق ونطيق ، وقعد للفصل عليم بعبيده خبير بصير.
فحينئذ يلجمه عرقه ، ويحرقه قلقه ، وتغزرعبرته ، وتكثر حسرته ، وتكبر صرعته ، حجته
غيرمقبولة ، نشرت صحيفته ، وتبينت جريمته ، ونظر في سوء عمله ، فشهدت عينه بنظره ،
ويده بلمسه ، وفرجه بمسه ، ورجله بخطوه ، ويهلكه منكرونكير ، وكشف له حيث يصير ، فسلسله
وغلغله ملكه بصفد من حديد ، وسيق يسحب وحده فورد جهنم بكرب شديد ، وغم جديد ، في
يد ملك عتيد ، فظل يعذب في جحيم ، ويسقى من حميم ، يشوى به وجهه ، وينسلخ منه جلده
، بعد نضجه
جديد.
فمن زحزح عن عقوبة ربه ، وسكن حضرة
فردوس ، وتقلب في نعيم ، وسقي من تسنيم ، ومزج له بزنجبيل ، وضُمِّخ بمسك وعنبر ، مستديم
للملك مقيم في سرور محبور ، وعيش مشكور ، يشرب من خمور ، في روض مغدق ، ليس يصدع
عن شربه.
ليس تكون هذه إلاّ منزلة من خشي ربه ، وحزن
نفسه ، وتلك عقوبة من عصى منشئه وربه ، وسولت له نفسه معصيته ودينه ، ذلك قول فصل ، وحكم عدل ، خير قصص قص
، [ ووعظ نص ، تنزيل من حكيم حميد ، نزل به روح قدس مبين على قلب نبي مهتد رشيد ] صلت عليه رسل سفرة مكرمون بررة ، ورب
كل مربوب ، وعلى درسه ذوي طهر غيرمسلوب ، وعلى كل مؤمن ومؤمنة ، والسلام » .
__________________
يقول العبد الفقير أبومحمد الحسن بن أبي
الحسن بن محمد ألديلمي ، أعانه اللّه على طاعته ، وأمده اللّه برأفته ورحمته ، ممل
هذه الخطب المتقدمة : اني وجدت كلما تبليغة في توحيد اللّه وتمجيده ـ جل وعز ـ فأضفت
إليها ما سنح من فتوح اللّه تعالى في خاطري ، فأحببت إثبات ذلك ، وهي :
إن نفي العلل عن اللّه تعالى ، يشهد له
بحدث خلقه ، وإخراجه له من العدم ، إذ العلل لا تحل إلا معلولاً ، ولايكون المعلول
إلا محدثا ، للزوم صفات الحدث فيه ، والقديم سبحانه وتعالى لا تحل فيه الصفات لسبب
، لأن السبب لازم للمتوقع الزيادة ، والخائف النقص من غيره ، الفقير إلى الموجد
ذلك فيه ، الذي باتحاده يجد ما يتوقع.
والقديم هو الغني الحميد ، الذي لا وقت
له ، ولا حال من احلها كان ، ولا كانت له صفة من احل الحال ، والأحوال لا تجوز عليه
، ولايدخل تحت الصفة والدوائر ، ولا عليه حجب وسواتر ، ولا ساعات وشعاثر ، ولا حاجة
به إلى الكون ، إذ وجوده كفقده ، لم يأنس به ، ولم يستوحش لفقده ، ولا فقد عليه ، ومرجع
كل شيء إليه ، كما هو المبدىء المعيد ، الفعال لما يريد ، أزلي أبدي ، أزلي القدرة
والعلم والحكم والنظر والإحاطة ، أزلي الوجود والبقاء ، مستحق لها بحقائقها ، وله
الشأن الأعظم ، والجد المتعالي ، والعلو المنيع ، والإمتناع القاهر ، والسلطان
الغالب ، والغلبة النافذة ، والقوة الذي
لايعجز ، إذ لافترة ولا مانع ، و (لاثم )
ليس لمراده دافع ، ولا يستصعب عليه شيء أراده ، ولا به إلى ما أراد تكوينه وطر ، إذ
هو الغني غاية كل غاية ، متفضل بما فطر ، من غير قضاء وطر ، فطر ما فطر ، وعنصر
العناصر ، لإظهار قدرته وملكه ، وإظهار جوده وطوله وإحسانه ، وفيض الكرم الباهر ، والجود
الفائض ، وهو الجواد الفياض ، وليعرفوه ولا يجهلوه ، ولم يك قط مجهولاً ، ولا علمهم
به محيط.
لايقدر أحد قط حقيقة قدره ، إذ قدره
لايقدر ، ووصفه لايقرر ، وهوالقديرالأقدر ، المتعزز عن كون مع أزل له مقرر ، المتعالي
عن مدبرمعه دَبَّر ، قدر الكون بتقديره ، حتى أخرجه إلى التكوين بتدبيره ، وليس
للتقدير والتدبير فكر ولا خاطر ، ولا حدوث عزم ، ولا يضمر في إرادة ، ولايهم في
مشيئته ، ولا روية في فعل ، ولا غلبة فوت ، عزَّ أن يستصعب عليه شيء أراده ، أيفوته
شيء طلبه!؟ قدّم وأخّر حسب حكمته وهو المقدم
__________________
المؤخر ، وجعل
الإوقات والفضاء وألجو والمكَان حاجة الكون ومستقر العالم ، وشاء الكون وشاء وقته
كل كائن ، فهو موجوده على ما يشاء ويريده من أفعاله سبحانه ، وحسن افعال خلقه لا
قبيح افعالهم ، ولا يكون إلآ كذلك ، ولا خروج للشيء عنه بغلبة ، وذلك كمال الملك ،
وتمام الحكم ، وإبرام ألأمر ، وكل غيب عنه شهادة ، وهو المفيد ولا يتوقع إفادة ، ومزيد
ولا يتوقع زيادة ، ومحدث ولا عليه حدث ، مخترع ولا كذلك غيره ، ومبدع ولا معه بديع
، بل هو بديع السماوات والأرض وما بينهما وما خرج عنهما ، وصانع لابآلة ، وخالق لا
بمباشرة ، وسميع بصير لابأداة ، علا عن الخصماء والأنداد ، وتقدس عن الأمثال
والأضداد ، وجلّ عن الصاحبة والأولاد ، حكمته لا كحكمة الحكماء ، سبحانه ما أقدره
وأيسر القدرة عليه! وما أعزه وأعز من اعتمد عليه! وذكره واستسلم إليه! إذ العزة له
وهو العزيز بعزته تعالى عن المثل والشبه ، إذ الشبه ذل ونقص ، وهو العزيز الأجل ذوالجلال
والاكرام ، قمع بعزته وجلاله عزة كل متكبر جبار ، لايتغير أبدا ، ولايفاوت في
صفاته الذاتية ، ولا يحيط له بحقيقة ذات ، إذ الحقيقة والمائية لايقع إلا على المحدودات ، وهو سبحانه
محدثها ، وهو على كمال تعجز عن وصفه الألباب ، وتندحض الافهام والأوهام عن درك
صفاته ، العزيز الأعز ذي المفاخر ، الذي افتخر بفخره كل فاخر ، اتضعت بقدرته وقوته كل ذي قدرة وقوّة ، وتاه
كل ذي كمال وجلال في كماله وجلاله ، وخضعت الرقاب لعظمته وسلطانه ، وذل كل متجبر لجبروته
وكبريائه ، لم يجبر الخلق على ما كلفهم ، بل جبل القلوب على فطرة معرفته.
سبق المكان فلا مكان ، لأنه سبحانه كان
ولا مكان ، ثم خلق المكان ، فهوعلى ما كان قبل خلق المكان ، وهو القريب بلا التصاق
، والبعيد من غير افتراق ، حاضركل خاطر ، ومخطرصحيح كل خاطر ، ومشاهد كل شاهد
وغائب ، مدرك كل فوت ، ومؤنس كل أنيس ، وأعلى من كل عال ، وهوعلى كل شيء عال علوه
على ما تحت التحت كعلوه على ما فوق الفوق ، صفاته لاتستشعر بالمشاعر ، وأوصافه لا
تكيف بتكيف ، وهو الشيء لا كالأشياء ، ثابت لايزول ، وقائم لايحول ، سبق القبل
فلاقبل
__________________
والبَعد فلا بَعد ، تقدم
العدَم وجودُه ، والكونَ أزلُه ، قيوم بلا غاية ، دائم بلا نهاية ، ذوالنور الأكبر
، والفخر الأفخر ، والظهور الأظهر ، والطهور الأزهر ، مدهرالدهور ، ومدبر الاُمور
، باعث من في القبور ، وجاعل الظل والحرور ، ذواللطف اللطيف ، والعلم المطيف ، والنور
المتلالي ، والكبرياء المتعالي ، الذي لايسأم من طلب إليه ، ولا يتبرم من حاجة الملح
عليه ، إذ لايجوز عليه الملال ، إذ لاشغل له بشيء عن شيء ، ولا آلة ولا فكر ولامباشرة
، مدور الأفلاك ، ومملك الأملاك ، لايضع شيئاً على مثال ، صنعه موقوف على مراده ، وأمره
نافذ في عباده ، لايسعه علم عالم ، ووسع هو كل شيء علما ، وأحاط بكل شيء خبرا ، كلما
ينسب إليه ـ سبحانه ـ فهو المتفرد بمعناه ، إذ يستحيل أن يشاركه أحد في شيء ، لا
إله الاّ إياه ، سبحانه ما أعلمه! وفي العلم ما أحلمه! وفي القدرة على الخلق ما
ألطفه! له المشية فهم
مع سعة العفو والصفح عنهم ، لهم به لطف خفي ونظر حفي ، حليم كريم مهول ، وينتقم
ممن يشاء عدلاً منه فلم يظلم أحدا ، ولم يجر في حكمه أبدا.
فله الحمد على ما ألهم ، وله الشكرعلى
ما وفق وفَهّم ، وعلى ماجاد وأنعم ، وله المن على ما قض وأبرم ، وعلى ما أخَّر
وقدٌم ، وله الثناء والمجد الأعظم ، نحمده سبحانه حمدأ لا يماثل ، ونسأله أن
يوفقنا لحمد يرضاه وشكر يهواه ، لايشوبه عارض ، وأن يعيننا على حمده وشكره ، فإننا
نعجز عن بلوغ أمده وقدره ، ونكل عن إحصاء عدده ووصفه.
اللهم ألهمنا محامدك ، ووفقنا لصفاء
خدمتك ، واكشف لنا عن حقائق معرفتك ، وواصلنا بصاف من تمجيدك ووظائف تحميدك ، وانلنا
من خزائن مزيدك ، وصَف لنا الأواني ، وكمل لنا منك الأماني ، وحقق لنا المعاني ، ورضٌنا
بما تُقَدِّر مما هو فاَنٍ ، وارزقنا سريرة نقية ، والات طاهرة نقية ، وعافية وفية
، وعاقبة مرضية ، ونعمة كفية ، وعهودا وفية ، وعيشة هنية ، وحيطة من كل البرية ، وأقبِل
بنا عليك بالكلية ، واعصمنا من الزيغ والهوية ، ومن كل مارق غوية ، وكل قواطع منسية
، يا بارىء البرية ، وقاضي القضية ، ومجزل العطية ، ورافع السماوات المبنية ،
__________________
وماهد الأرض المدحية
، صلى الله على محمد سيد البرية ، وعلى اله الأئمهَ الراضين المرضية ، بأفضل
صلواتك وأتمّ تحياتك وبركاتك.
* * *
دليل
آخر على حدوث العالم وقدم محدثه :
ومما يستدل به على محدث العالم ، أنا
نجد الأجسام مشتركة في كونها أجساماً ، هي مع ذلك مفترقة في اُمور أُخر : كونها
تراباً وماءً وهواءً وناراً ، فلا يخلو هذا في الإفتراق في الصور والصفات اما أن
يكون لأمر من ألاُمور اقتضى ذلك أولا لأمر ، فإن كان لالأمر ، لم تكن الأجسام بأن
تفترق أولى من أن لا تفترق ، ولم يكن بعضها بكونه أرضاً وِبعضها هواءً أو ماءً
بأولى من العكس ، فثبت أنه لابد من أمر أقتضى افتراقها ، ولإيصح أن يكون ذلك ألامر
هو كونها أجسامآَ لأنها مشتركة في ذلك ، فكان يجب أن تشترك فيصفة واحدة ، أو يكون
كل بعض منها على جميع هذه الصفات المتصلات ، فلابد أن يكون الأمر المقتضي لأمر
إنما هوغيرها ، ولا يصح أن يكون مثلها ولا من جنسها ، ثم لايخلو أن يكون موجباً أو
مختاراً ، فإن كان موجباً فلم اوجب النار كونها ناراً ، دون أن يوجب للماء أن يكون
ناراً ، وللأرض أن تكون هواءً؟ وكيف يصح وجود صورمتضادة ولا موجب لها؟ وفي فساد
هذا دلالة على أنه مختاراً ، وإذا ثبت ذلك فهو المحدِث القديم ، الذي ألا يجوز أن
يكون محدِثا إلا وهو حي قادر.
دليل
آخر :
ومما يستدل به على أنه لابد للعالم من
محدث ، ما تجد فيه [ من ]
إحكام الصنعة وإتقان التدبير ، فلو جازأن يتفق ذلك لابمحدث أحدثه ، لجاز أن يجتمع
ألواح وقار ومسامير وتتألف سفينة بغير جامع ولا مؤلف ، ثم تعبر بالناس في البحر بغيرمعبر
ولامدبّر ، فلما كان ذلك ممتنعاً في العقل ، كان ذلك في العالم أشد امتناعاً وأبعد
وقوعاً.
دليل
آخر :
ومما يستدل به على وجود المدبر الصانع ،
أمر الفيل وأصحابه ، الذين أخبر الله تعالى عنهم وعما أصابهم ، مما ليس لملحد في
تخريج الوجوه له حيلة ، ولايكون ذلك إلاّ من الصانع سبحانه ، وليس إلى إنكاره سبيل
لاشتهاره وقرب عهده ، فلأنه يجوز أن يقوم
__________________
رجل فيقول للناس في
وجوههم ويتلوعليهم : (
ألم تركيف
فعل ربك بأصحاب الفيل )
ويقص عليهم
قصتهم ، وهم مع ذلك لم يروا هذا ولم يصح عندهم ، وليس من الطبائع التي يذكرها
الملحدة ما يوجب قصة أصحاب الفيل ، ولا علم في العادات مثله ، ولا يقعمن الآثار
العلوية والسفلية نظيره ، وهو أن يجيء طير كثير في منقار كل واحد حجر ، فيرسله على
كل واحد من الوف كثيرة ، فيهلكهم دون العالمين ، هذا مالا يكون إلا من صانع حكيم
قادر عليهم ، ولا يصح أن يكون إلا رب العالمين.
أبيات
في التوحيد :
يا من يجل بأن أراه بناظري
|
|
ويعز عن أوصاف كنه الخاطر
|
لوكنت تدركك العلوم تقدراً
|
|
وتفكراً وتوهماً للخاطر
|
ما كنت معبوداً قديماً دائماَ
|
|
حيأَ ولا صمداً وملجأحائر
|
وبما وكيف ترى وتعلم في الورى
|
|
عظم العظيم وسرقهرالقاهر
|
لكن عظمت بأن تحاط جلالة
|
|
أبداً فسبحان القديم الآخر
|
* * *
__________________
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أعانه اللّه على طاعته ، وتغمده برأفته
ورحمته :
اني حيث اثبت المعارف صدر الكتاب ، لوجوب
تقدمها على جميع العلوم ، اقتضت الحال ارداف ذلك بذكر فضل العلم وأهله ، ولم ألتزم
ذكرسند أحاديثها ، لشهرتها في كتبها المصنفة المروية عن مشايخنا ـ رحمهم اللّه
تعالى ـ بأسانيدهم لها ، وأشير عند ذكر كل حديث مذكور أو أدب مسطور ، إلى كتابه
المحفوظ منه المنقول عنه ، إلاّ ماشذ عني من ذلك ، فلم أذكرإلا فص القول دون
ذكركتابه والراوي له.
فمن ذلك ما حفظته من كتاب كنز الفوائد
إملاء الشيخ الفقيه أبي الفتح محمدابن علي الكراجكي رحمه اللّه تعالى :
عن النبي 9
قال : « من خرج يطلب باباً من أبواب العلم ، ليردبه ضالاً إلى هدى ، أو باطلاً إلى
حق ، كان عمله كعبادة أربعين يوماً ».
وقال عليه واله السلام : « لساعة من
العالم متكئاً على فراشه ينظر في علمه ، خير من عبادة ثلاثين عاماً ».
وقال عليه واله السلام : « إذا استرذل
اللّه عبداً ، حظر عليه العلم ».
وقال النبي 9 : « ما أهدى أخ إلى أخيه هدية أفضل من
كلمة حكمة ، يزيده الله بها هدى ، أويرده عن ردى ».
وقال 9
: « ما أخذ اللّه الميثاق على الخلق أن يتعلموا ، حتى أخذ على العلماء أن يعلموا ».
وروى أمير المؤمنين 7 ، عن النبي 9 ، أنه قال : « من طلب العلم للّه ، لم
يصب منه باباً إلا ازداد
في نفسه ذلاً ، وفي الله تواضعاً ، وللّه خوفاً ، وفي الدين اجتهاداً ، فذلك الذي
ينتفع بالعلم فليتعلمه ، ومن طلب العلم للدنيا ، والمنزلة عند الناس ، والحظة عند
السلطان ، لم يصب منه باباً إلآ ازداد في نفسه عظمة ، وعلى الناس استطالة ، وباللهّ
اغتراراً ، وفي الدين محقاً ، فذلك الذي لم ينتفع بالعلم فليكف عنه الحجة عليه والندامة والخزي يوم
القيامة ».
__________________
وقال 9
: « يبعث اللّه تعالى العالم والعباد يوم القيامة ، فإذا اجتمعا عند الصراط ، قيل
للعابد : ادخل الجنة فانعم فيها بعبادتك ، وقيل للعالم : قف هاهنا في زمرة
الأنبياء ، فاشفع فيمن أحسنت أدبه في الدنيا ».
وقال 9
: « فضل العالم على العابد ، كفضلي على سائرالأنبياء ».
وقال أمير المؤمنين 9 : « العلم وراثة كريمة ، والاداب حلل حسان
، والفكر مراة صافية ، والاعتبار منذر ناصح ، وكفى بك أدباً لنفسك تركك ما تكرهه
لغيرك » .
وقال النبي 9 : « طلب العلم فريضة على كل مسلم ».
وقال : « العلم علمان : علم في القلب
فذلك العلم النافع ، وعلم في اللسان فذلك
حجة على العباد ».
وقال : « أربع تلزم كل ذي حجى من اُمتي
، قيل : وما هن يا رسول اللّه؟قال : استماع العلم ، وحفظه ، والعمل به ، ونشره ».
وقال 9
: « العلم خزائن ومفاتيحها السؤال ، فسلوا يرحمكم اللّه ، فإنه يؤجر فيه أربعة : السائل
، والمجيب ، والمستمع ، والمحب له
».
وقال 7
: « من يرد اللّه تعالى به خيراَ يفقهه في الدين ».
وقال : « إن اللّه لايقبض العلم انتزاعا
ينزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم ، اتخذ
الناس رؤساء جهالاً فسئلوا
فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا ».
وقال : « من ازداد فى العلم رشداً ، ولم
يزدد في الدنيا زهداً ، لم يزدد من اللّه إلاّ بعداً » .
وقال : « انما مما أخاف على اُمتي زلات
العلماء ».
__________________
وقال : « قيدوا العلم بالكتابة ».
وقال أميرالمؤمنين 7 : « تعلموا العلم ، فإن تعليمه حسنة ، وطلبه
عبادة ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لايعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، لأنه
علم الحلال والحرام ، وسبيل منازل
الجنة ، والأنيس في الوحشة ، والصاحب في الغربة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على
السراء والضراء ، والسلاح
على الأعداء ، والزينة عند الأخلاء ، يرفع به أقواماً فيجعلهم للخير قادة وأئمة ، وتقتص
آثارهم ، ويُقتدى بفعالهم ، ويُنتهى إلى رأيهم ، ترغب الملائكة فيخُلَّتِهم ، وبأجنحتها
تمسحهم ، ويستغفرلهم
كل رطب ويا بس ، لأن العلم حياة القلوب ، ومصابيح الأبصار من الظلم ، وقوة الأبدان
من الضعف ، ويبلغ به العباد منازل
الأخيار ، والدرجات العلى ، وبه توصل الأرحام ، ويعرف الحلالَ من الحرام ، وهو
إمام العمل والعمل تابعه ، يلهمه
اللّه تعالى أنفس السعداء ويحرمه الأشقياء ».
وقال 7
: « الكلمة من الحكمة ، يسمع بها الرجل فيقولها أو يعمل بها ، خيرمن عبادة سنة ».
وقال 7
: « تعلموا العلم ، وتعلموا للعلم السكينة والوقار والحلم ، ولاتكونوا جبابرة
العلماء ، فلا يقوم علمكم بجهلكم ».
وقال 7
: « شكر العالم على علمه أن يبذله لمستحقه
».
وقال 7
: « لاراحة في عيش ، إلا لعالم ناطق ، أو مستمع واع ».
وقال 7
: « اغد عالماً ، أو متعلماً ، ولا تكن الثالث فتهلك ».
وقال 7
: « إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ، رضاً بما يصنع ».
__________________
وقال 7
: « لو أن حملة العلم حملوه بحقه ، لأحبهم اللّه وملائكته وأهل طاعته من خلقه ، ولكن
حملوه لطلب
الدنيا ، فمقتهم اللّه ، وهانوا على الناس ».
وقال 7
: « العلوم أربعة : الفقه للأديان ، والطب للأبدان ، والنجوم لمعرفة الأزمان ، والنحو
للسان ».
وقال محمد بن علي الباقر 7 : « عالم ينتفع بعلمه ، أفضل من سبعين
ألف عابد ».
وقال 7
: « من أفتى الناس بغيرعلم ولا هدى ، لعنته ملائكة السماء ، وملائكة الرحمهّ ، وملائكة
العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه ».
وقال الصادق 7 : « تفقهوا في دين اللّه ولاتكونوا
أعراباً ، فإنه من لم يتفقه في دين اللّه ، لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة ، ولم
يزك له عمل ».
وقال 7
: « العامل على غير بصيرة ، كالسائر على غير الطريق ، ولا يزيده سرعة السير إلاً
بعداً ».
وقيل ( له 7
) : أيحسن
بالشيخ أن يتعلم؟ فقال : « إذا كانت الجهالة تقبح منه ، ( حسن منه التعلم ) » .
وقال الصادق 7 : « تعلموا العلم ، وأثبتوه ، واحكموه
بالدرس ، وإن لم تفعلوا ذلك يَدرس ».
وقال 7
لخيثمة : « أبلغ موالينا السلام ، واوصهم بتقوى الله والعمل الصالح ، وأن يعود
صحيحهم مريضهم ، وليعد غنيهم على فقيرهم ، وليحضر حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتآلفوا
في البيوت ، ويتذاكروا علم الدين ، ففي ذلك حياة أمرنا ، رحم اللّه من أحيا أمرنا.
واعلمهم ـ يا خيثمة ـ أنا لا نغني عنهم
من الله شيئاً ، إلاّ بالعمل الصالح ، وأن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والإجتهاد ،
وأن أشد الناس عذاباً يوم القيامة ، من
__________________
وصف عدلاً ثم خالفه
إلى غيره ».
وروي أن أمير المؤمنين 7 ، أوصى ولده الحسن ، فقال : « يا بني ،
احرز حظك من الأدب وفرغ له قلبك ، فإنه أعظم من أن تخالطه دنس ، واعلم أنك إن أعوزت غنيت به ، وإن
اغتربت كان لك الصاحب الذي لاوحشة معه ، الأدب هو لقاح العقل ، وذكاء القلب ، وزينة
اللسان ، ودليل الرجل على مكارم الأخلاق ، وما الإنسان لولا الأدب إلا بهيمة مهملة
، للّه درّ الأدب! إنه يسود غير السيد ، فاطلبه واكسبه تكتسب القدر والمال ، من
طلبه صال به ، ومن تركه صيل عليه ، يلزمه اللّه السعداء ، ويحرمه الأشقياء ، والدنيا
طوران : فمنهما لك ، ومنهما عليك ، فما كان منهما لك أتاك على ضعفك ، وما كان
منهما عليك لم تدفعه بقوتك ».
وقال 7
: « قيمة كل امرىء ما يحسن ، والناس أبناء ما يحسنون ».
وقال 7
: « المرء مخبوء تحت لسانه ».
وقال 7
: « العلم وراثة مستفادة ، ورأس العلم الرفق ، وآفته الخرق ، والجاهل صغير وإن كان
شيخاً ، والعالم كبير وإن كان حدثاً ، والأدب يغني عن الحسب ، ومن عرف بالحكمة
لحظته العيون بالهيبة والوقار ، والعلم مع الصغر كالنقش في الحجر ، وزلّة العالم
كانكسار السفينة تغرق وتغرق ، والآدابتلقيح الأفهام ومفتاح الأذهان ».
وقال : « وتحزم ، فإذا استوضحت فاعزم ، ولوسكت
من لا يعلم سقط الإختلاف ، ومن جالس العلماء وقّر ، ومن خالط الأنذال حقّر ، لا تحتقرن
عبداَ اتاها للّه الحكمة والعلم ، فإن اللّه تعالى لم يحقّره حيث اتاه إيّاه ، والمودة
أَشبك الأنساب ، لاتستر ذلنّ حسب ذي العلم فإن اللّه تعالى لم يحقره حيث اتاه أشرف
الأحساب ، ولا كنز أنفع من العالم ، ولا قرح سوء شرّ من الجهل ، والعلم خير من المال
، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والعلم يزكو على الانفاق ، والمال (تنقصه
النفقة)
، والعلم حاكم ، والمال محكوم عليه ، فعليكم بطلب العلم ، فإن طلبه فريضة ، وهو
صلة بين الإخوان ، ودال على المروّة ، وتحفة في المجالس ،
__________________
صاحب في السفر ، واُنس
في الغربة ، ومن عرف الحكمة لم يصبر عن الازدياد منها ، والشريف من شرَّفه علمه ، والرفيع
من رفعته الطاعة ، والعزيزمن أعزته التقوى » .
وقال رسول اللّه 9 : « لا قول إلاّ بعمل ، ولا قول ولاعمل
إلاّبنيّة ، ولا قول وعمل ونية إلاّ بإصابة السنة ».
وما نقلته من نهج البلاغة تصنيف السيد
الرضي الموسوي 2.
قال : كميل بن زياد : أخذ بيدي
أميرالمؤمنين 7
فأخرجني إلى الجبانة
، فلما أصحر تنفس الصُّعَداء ، ثم قال :
« يا كميل ، إن هذه القلوب أوعية ، فخيرها
أوعاها ، فاحفظ عني ما أقول لك ، الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومتعلّم على سبيل
نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم
يلجؤوا إلى ركن وثيق.
يا كميل ، العلم خير من المال ، العلم
يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكوعلى الانفاق ، وصنيع
المال يزول بزواله.
يا كميل بن زياد ، معرفة العلم دين يدان
به ، ويكسب صاحبه الطاعة في حال حياته ، وحسن الأحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم ، والمال
محكوم عليه ، هلك خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم
مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة.
ها! إن هاهنا علماً جمّاً ، لوأصيب له
حملة ـ وأشارإلى صدره ـ بلى أصيب له لقناً غير مأمون عليه ، مستعملاً الة ألدين
للدنيا ، ومستظهراً بنعم اللّه على عباده ، وبحججه على أوليائه ، أو منقادأ َ لحملة الحق ، لابصيرة له في أحنائه ، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من
شبهة ، ألا لا ذا ولا ذاك! أومنهوماً باللذة ، سلس القياد للشهوة ، أو مغرماً
بالجمع والإدّخار ، ليسا من رعاة الدين في شيء ، أقرب شيء
__________________
شبهاً بهما الأنعام
السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى ، لاتخلو الأرض من حجة قائم
للّه بحجته ، إمّا ظاهراً مشهوراً ، أو. خائفاً مغموراً كي لاتبطل حجج اللّه
وبيّناته ، وكم ذا وأين اولئك!؟ اولئك ـ واللّه ـ الأقلّون عدداً ، والأعظمون [ عندالله
] قدراً ، يحفظ
الله حججه وبيّناته بهم حتى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم
العلم على حقيقة البصيرة ، وباشر روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا
بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى ، اُولئك
خلفاء اللّه في أرضه ، والدعاة إلى دينه سراً وجهرا ، آه آه! شوقاً إلى رؤيتهم »
وقال أيضا لكميل بن زياد : « تبذل ولا
تشهر ، ووار شخصك ولا تذكر ، وتعلّم واعمل ، واسكت تسلم ، تسرّ الأبرار ، وتغيض
الفجار فلا عليك إذا علّمك الله معالم دينه ، ألاّ تعرف الناس ولا يعرفوك ».
وبعد فقد جمع اللّه ـ جل جلاله ـ معاني
ماقلناه وزيادة في كتابه العزيز ، بقوله سبحانه : (هل يستوى الذين يعلمون
والذين لايعلمون)
.
وفي قوله تعالى : (انّما يخشى
اللهّ من عباده العلماءُ)
.
وفي قوله : (كونوا
ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) .
وفي قوله : (شهد الله
أنه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم)
فقرن شهادته
بشهادتهم وشهادة ملائكته ، وهذا يدل على عظيم منزلتهم ، ورفيع مكانتهم ، وعلو درجتهم.
وقال سبحانه : (فاسألوا
أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)
.
وقال سبحانه وتعالى ، حكاية عن يوسف 7 : (ذلكما مما علمني
__________________
ربي) .
وقال : (ففهمناها سليمان) .
وقال تعالى : (وعلّم آدم
الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقالانبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)
فرفعه عليهم بفضيلة العلم ، وأسجدهم له.
وقال سبحانه : (قال الذي
عنده علم من الكتاب)
.
وقال تعالى : (كفى بالله
شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)
في كل ذلك
يستشهد أهل العلم ، لايشير إلا اليهم ، ولايعتد إلا بهم ، وكفى بذلك فضيلة وفضلاً
بالعلم وأهله.
ولقد أحسن الخليل بن أحمد ; في قوله لولده : يا بني ، تعلّم العلم
، فإنه يقوّمك ويسددك صغيراً ويقدمك ويسودك كبيراً.
وقال الصادق 7 لأصحابه : « احسنوا النظر فيما لايسعكم
جهله ، وانصحوا لأنفسكم فيما لأيسعكم جهله ، ومعرفة مالا عذر لكم في تركه ، فإن
للدين أركاناً لاينفع من جهلها شدة اجتهاده في ظاهر عبادته ، ولايضر من عرفها فدان
بها حسن اقتصاده ».
وقال أميرالمؤمنين 7 : « العاقل يعمل بالدرايات ، والجاهل
يعمل بالروايات ».
وقال 7
: « كونوا درّائين ، ولا تكونوا روّائين ».
وقال 7
: « همة العاقل الدراية ، وهمة الجاهل الرواية ».
ولقد صدق ـ صلى اللّه عليه ـ فإن
الدراية هي العلم القطعي الذي تبرأ به الذمة على اليقين به ، وصاحب الرواية على
خطر ، لإقدامه على أمر لم يعرف صحة الدليل على العمل به أو الترك له ، ومن هاهنا
امتنع كثيرمن أصحابنا 4
عن العمل بالخبر الواحد ، المتجرّد من قرينة تعضده.
__________________
وقد أشارمولانا الصادق 7 إلى العمل على اليقين ، والحث على العلم
، المقطوع به في المعارف الدينية ، عقيب ذكره المعارف العقلية ، بقوله 7 : « وجدت علم الناس في أربع : أحدها : أن
تعرف ربك ، والثاني : ان تعرفما أراد منك ، والثالث : أن تعرف ما صنع بك ، والرابع
: أن تعرف ما يخرجك من دينك » .
وقيل لبعض الحكماء : العلم أفضل أو المال؟ فقال : العلم ،
فقيل له : فما بالنا نرى العلماء على أبواب الأغنياء ، ولا نكاد نرى الأغنياء على
أبواب العلماء؟فقال : ذلك لمعرفة العلماء بمنفعة المال ، وجهل الأغنياء بفضل
العالم .
ولقد أحسن الشاعرفي قوله :
العلم زين وتشريف لصاحبهِ
|
|
فاطلب ـ هديتَ ـ فنون العلم والادبا
|
لاخير فيمن له أصلٌ بلا أدب
|
|
حتى يكونَ على من زانه حدبا
|
كم من نجيب أخي غيٍّ وطمطمةٍ
|
|
فدمٍ لدى القوم معروفٍ إذا انتسبا
|
وخاملٍ مقرفِ الآباءِ ذي أدبٍ
|
|
نال المعالي به والمالَ والنشبا
|
المقرف : الذي تكون اُمه
كريمة وأبوه غيركريم.
ياطالب العلم نعم الشيء تطلبه
|
|
لا تعدلنَّ به ورقا ولاذهبا
|
فالعلم كنز وذخرلانفاد له
|
|
نعم القرين إذاما عاقلاً صحبا
|
وروي عن لقمان أنه قال :
العلم زينٌ والسكوت سلامة
|
|
فإذا نطقَت فلا تكن مكثارا
|
ما إن ندمت على سكوت مرةً
|
|
ولقد ندمتُ على الكلامِ مرارا
|
وقال آخر :
تَعَلَّمْ فليس المرءُ خلق عالماً
|
|
وليس أخو علم كمن هو جاهلُ
|
وان عزيز َالقوم لاعلمَ عندَهُ
|
|
ذليلٌ إذا انضمت عليه المحافل
|
وقال آخر :
لاتيأسَنَّ اذا ما كنتَ ذا أدب
|
|
على خمولك أَن ترقى إلى الفلك
|
بينا ترى الذهبَ الابريز مُطَّرحَاً
|
|
في الترب إذ صار إكليلاً على الملك
|
نعود إلى ذكر النثر من
القول ، في مدح العَلم وأهله ، وذم من لم يتعلم لله تعالى ، ولم يقم فيه بما يجب
عليه.
روى الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه ـ رحمه
اللّه تعالى ـ في كتاب الخصال في باب الثلاثة قال :
قال أمير المؤمنين 7 : « طلبة العلم على ثلاثة أصناف ، ألا فاعرفوهم
بصفاتهم وأعيانهم :
فصنف منهم يتعلمون للمراء والجهل ، وصنف
منهم يتعلمون للإستطالة والختل ، وصنف منهم يتعلمون للفقه والعقل ، فصاحب المراء
والجهل ، تراه مؤذياً ممارياً للرجال في أندية المقال ، قد تسربل بالخشوع وتخلى من
الورع ، فدق الله من هذا حيزومه ، وقطع منه خيشومه.
وصاحب الإستطالة والختل ، [ فإنه ] يستطيل به على أمثاله من أشكاله ، ويتواضع
للأغنياء من دونهم ، فهو لحلوائهم هاضم ، ولدينه حاطم ، فأعمى اللّه من هذا بصره ،
وقطع من اثار العلماء أثره.
وأما صاحب الفقه والعقل ، فإنك تراه ذا
كآبة وحزن ، قد قام الليل في حندسه ، وانحنى في برنسه ، يعمل ويخشى ، خائفاً وجلاً
من كل أحد إلا من كل ثقة من إخوانه ، فشدّ اللّه من هذا أركانه ، وأعطاه يوم
القيامة أمانه » .
ومن كتاب الكراجكي : عن سليم بن قيس
الهلالي ، عن علي ، عن النبي ـ صلى الله عليهما وآلهما ـ قال : « العلماء رجلان : رجل
عالم أخذ بعلمه فهو ناج ، وعالم تارك لعلمه فهذا هالك ، وان أشد أهل النار ندامة
وحسرة ، رجل دعا عبداً الى اللّه ـ سبحانه ـ فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع اللّه
فأدخله اللّه الجنة ، وأدخل الداعي النار ، بتركه علمه ، واتباع الهوى ، وطول
الأمل ، فإن اتباع الهوى يصد عن
__________________
الحق ، وطول الأمل
يُنسي الآخرة » .
وقال 7
: « منهومان لايشبعان : طالب دنيا ، وطالب علم ، فمن اقتصرمن الدنيا على ما أحل
الله له سلم ، ومن تناولها من غيرحلها هلك ، إلا أن يتوب ويراجع ، ومن أخذ العلم
من أهله وعمل بعلمه نجا ، ومن أراد به الدنيا فهي حظه » .
وقال 7
: (الفقهاء اُمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا ، قيل : يا رسول اللّه ما دخولهم
فيها؟ قال : اتباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك ، فاحذروهم على دينكم » .
وعن أبي جعفرمحمد بن علي 7 قال : « من طلب العلم ليباهي به العلماء
، أو يماري به السفهاء ، أو يصرف وجوه الناس إليه ، فليتبوأ مقعده من النار ، وان الرئاسة
لاتصلح إلا لأهلها » .
وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن
الحسين 8 قال : « إن أحبكم
إلى اللّه تعالى أحسنكم عملآَ ، وإن اعظمكم عند اللّه عملاً أعظمكم فيما عنداللّه
رغبة ، وإن أنجاكم من عذاب اللّه أشدكم خشية ، وإن أقربكم من اللّه جل ذكره أوسعكم
خلقاً ، وإن أرضاكم عندالله أشبعكم لعياله ، وإن أكرمكم عند اللّه أتقاكم » .
وعن أبي عبداللّه الصادق 7 قال : « ثلاث من كن فيه فلا يُرجى خيره
، من لم يستح من
العيب ، ولم يخش اللّه في الغيب ، ولم يرعو عند الشيب » .
وروى الشيخ ورام ; في مجموعه عن النبي 9 : « يكون في اخر الزمان علماء ، يُرغبون
الناس في الاخرة ولا يَرغبون ، ويُزَهِّدُون
__________________
الناسَ في الدنيا
ولا يَزهدون ، وينهون الناس عن الدخول إلى الولاة ولا ينتهون ، يقربون الأغنياء ، ويباعدون
الفقراء ، اُولئك الجبارون أعداء اللّه » .
وحيث قد ذكرنا فضل العالم والعلم ، وحال
من لم يعمل بعلمه ، فينبغي أن نذكرحال المتعلم ، وما يجب أن يكون عليه من الصفات
التي وصفها الائمة الصادقون عليهم الصلاة والسلام.
من كتاب الخصال لابن بابويه ـ رحمه
اللّه تعالى ـ في باب ست
عشرة خصلة ، عن أميرالمؤمنين 7
قال : « إن من حق العالم : أن لاتكثر السؤال عليه ، ولا تسبقه بالجواب ، ولا تلح
عليه إذا أعرض ، ولا تأخذ بثوبه إذا كسل ، ولا تشير إليه بيدك ، ولا تغمزه بعينك ،
ولا تساره في مجلسه ، ولا تطلب عوراته ، وألاّ تقول : قال فلان خلاف قولك ، ولا
تفشي له سراً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تحفظه شاهداً وغائباً ، وأن تعم القوم
بالسلام وتخصه بالتحية ، وتجلس بين يديه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى حاجته ، ولا تمل من طول صحبته ، فإنما هو مثل
النخلة ، فانتظر متى تسقط عليك منها منفعة. والعالم بمنزلة الصائم القائم المجاهد في
سبيل اللّه ، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لاتسد إلى يوم القيامة ، وإن طالب
العلم يشيعه
سبعون ألف ملكاً من مقربي السماءْ » .
وقال علي 7
لابن عباس
: « إن حق معلمك عليك التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع والإقبال عليه
، وأن لا ترفع صوتك عليه ، ولاتجيب أحداً يسأله حتى يكون هوالمجيب له ، ولا تحدث
في مجلسه أحداً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تدفع عنه اذا ذكر بسوء ، وأن تستر عيوبه
وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدواً ، ولا تعادي له ولياً ، فإذا فعلت ذلك ، شهدت
لك ملائكة اللّه بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لاللناس ».
__________________
وقال أميرالمؤمنين 7 في نهج البلاغة : « العالم العامل
بغيرعلمه ، كالجاهل الحائر الذي لايستفيق من جهله ، بل الحجة عليه أعظم ، والحسرة
له ألزم ، وهو عند اللّه ألوم » .
وقال 7
: « من نصب نفسه للناس إماما ، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن
تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، فإن معلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم
الناس ومؤدبهم » .
وروى جابر الأنصاري قال : قال رسول
اللّه 9 : « لساعة من
عالم يتكىء على فراشه ينظرفي علمه ، خيرمن عبادة العابد سبعين عاما ».
وروى أنس بن مالك في فضل قراءة (شهداللّه
أنه لا إله إلاهو)
بما تضمنت من
فضيلة العلم والعلماء.
قال : قال رسول الله 9 : « تعلموا العلم ، فإن تعليمه لله حسنة
، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه من لايعلمه صدقة ، وتذكره لأهله
قربة لأنه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبيل الجنة ، والأنيس في الوحشة ، والصاحب
في الغربة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على
الأعداء ، والقربة عند الغرباء ، فيرفع اللّه به أقواماً ، فيجعلهم يقتدى بهم ، ويقتص
بآثارهم ، وينتهى إلى رأيهم ، وترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، وفي صلاتهم
تستغفرلهم ، كل رطب ويابس يستغفرلهم ، حتى حيتان البحار وهو امّها ، وسباع الأرض
وأنعامها ، والسماء ونجومها.
ألا وان العلم حياة القلوب ، ونور
الأبصار ، وقوة الأبدان ، يبالغ بالعبد منازل الأحرار ، ومجالس الملوك ، والذكر فيه
يعدل بالصيام ، ومدارسته بالقيام ، وبه يعرف الحلال والحرام ، وبه توصل الأرحام ، وهو
امام العمل ، يلهمه اللّه السعداء ، ويحرمه الأشقياء).
وهذا الحديث ـ أيضاً ـ فيه زيادة عن
الحديث الذي يروى عن مولانا أميرالمؤمنين 7
، ولهذا كررناه.
__________________
وأوصى لقمان ابنه فقال : يا بني ، تعلم
العلم والحكمة تشرف ، فإن الحكمة تدل على الدين ، وتشرف العبد على الحر ، وترفع
المسكين على الغني ، وتقدم الصغيرعلى الكبير ، وتجلس المسكين مجالس الملوك ، وتزيد
الشريف شرفاً ، والسيد سؤدداً ، والغني مجداً ، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيأ له أمر دينه
ومعيشته بغيرحكمة ، ولن يهيىء اللّه عزوجل أمر الدنيا والاخرة إلا بالحكمة ، ومثل
الحكمة بغير طاعة ، مثل الجسد بغيرنفس ، أومثل الصعيد بغير ماء ، ولا صلاح للجسد
بغير نفس ، ولا للحكمة بغير طاعة.
واعلم يا بني ، أن الدنيا بحرعميق ، وقد
هلك فيه خلق كثير ، فاجعل سفينتك فيه الإيمان باللّه ، وزادك التقوى ، وشراعك
التوكل على اللّه ، وسكانك الإخلاص له ، واعلم أنك إن نجوت فبرحمة اللّه ، وإن
هلكت بنفسك.
واعلم يابني ، ان من حين نزلت من بطن
أمك استدبرت الدنيا واستقبلت الآخرة ، فأصبحت بين دارين : دار تقرب منها ، ودار
تباعد عنها ، فلا تجعلن همك إلاّعمارة دارك التي تقرب منها ويطول مقامك بها ، فلها
خلقت ، وبالسعي لها اُمرت ، ثم أطع اللّه بقدرحاجتك إليه ، واعصه بقدر صبرك على
عذابه ، وإذا أردت أن تعصيه فاطلب موضعاً لايراك فيه ، وعليك بقبول الموعظة والعمل
بها ، فإنها عند المؤمن أحلى من العسل الشهد ، وعلى المنافق أثقل من صعود الدرجة
على الشيخ الكبير.
واعلم يا بني ، أن الموت على المؤمن
كنومة نامها ، وبعثه كانتباهه منها فاقبل وصيتي هذه ، واجعلها نصب عينيك ، واللّه
خليفتي عليك ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وإياك والكسل والضجر ، فإنك إذا كسلت لم
تؤد فرضاَ ولا حقاً ، وإذاضجرت لم تصبر على حق.
وروى صفوان في كتاب النوادر يرفعه إلى أبي حمزة الثمالي ، عن علي ابن
الحسين 7 ، قال : « من
صفة المسلم أن يخلط عمله بالعلم ، ويخلص ليعلم ، وينصب ليسلم ، وينطق ليفهم ، لايخون
أمانته الأصدقاء ، ولايكتم شهادته
__________________
للأعداء ، ولا يفعل
شيئاً من الخير رياء ولايتركه حياء ، ان زكّي خاف مما يقولون ، ويستغفراللّه مما
لايعلمون ، لا يغره قول من جهله ، ويخشى إحصاء ما قد عمله ».
ومن الكتاب أيضاً قال : قال علي بن
الحسين 7 : « الحمد
لله الذي جعل العلم لنا مصباحا في ظلم الدجى ، والحلم لنا وقاراً عند الجهالة ، والقصد
لنا هادياً عند حيرة الاُمور ، والصبر لنا جنة عند نازلة الأمور ».
ومن كتاب الخصال في ذم فاسق العلماء : عن
البرقي أحمد بن أبي عبد اللّه ، يرفعه إلى أميرالمؤمنين 7 ، قال : « قطع ظهري رجلان من الدنيا : رجل
عليم اللسان فاسق ، ورجل جاهل القلب ناسك ، هذا يصد بلسانه عن فسقه ، وهذا بنسكه عن جهالته ، فاتقوا
الفاسق من العلماء ، والجاهل من المتعبدين ، اُولئك فتنة كل مفتون ، فإني سمعت
رسول الله 9 يقول : يا
علي ، هلاك اُمتي على يد كل منافق عليم اللسان » .
ومن كتاب القلائد : روي عن أميرالمؤمنين
7 قال : « أيها
الناس ، اعلموا أن كمال الدين ورأس الطاعة لله ، طلب العلم والعمل به ، ألا وان
طلب العلم أوجب عليكم من طلب الرزق ، لأن الرزق مقسوم مضمون لكم ، قسمه عادل بينكم
وسَيفي لكم ، والعلم مخزون عند أهله وقد اُمرتم بطلبه من أهله ، فاطلبوه ».
ومن كلام لمولانا أميرالمؤمنين 7 في الدعاء إلى معرفة حقه وبيان فضله ، وصفة
العلماء ، وما ينبغي لمتعلم العلم أن يكون عليه ، في خطبة له رواها الشيخ المفيد
في كتاب (الارشاد) تركنا ذكر صدرها إلى قوله 7
:
« والحمد لله الذي هدانا من الضلالة ، وبصّرنا
من العمى ، ومنَّ علينا بالاسلام ، وجعل فينا النبوة ، وجعلنا النجباء ، وجعل
أفراطنا أفراط الأنبياء ، وجعلنا خير اُمة اُخرجت للناس : نأمر بالمعروف ، وننهى
عن المنكر ، ونعبد اللّه لانشرك به شيئاً ، ولا نتخذ من دونه ولياً ، فنحن شهداء
اللّه والرسول شهيد علينا ، نشفع فنشفّع فيمن شفعنا له ، وندعو فيستجاب دعاؤنا ، ويغفر
لمن نشفع
له ذنوبه ، أخلصنا لله فلم ندع من دونه ولياً.
__________________
أيّها الناس ، تعاونوا على البر والتقوى
، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ، واتقوا الله ، إن الله شديد العقاب.
أيّها الناس ، اني ابن عم نبيكم ، وأولاكم
بالله ورسوله ، فاسألوني ثم اسألوني ، فكأنكم بالعلم قد تفقدونه ، انه لا يهلك عالم إلا هلك معه بعض
علمه ، وإنما العلماء في الناس كالبدر في السماء يضيء على سائر الكواكب ، خذوا من العلم ما
بدا لكم ، واياكم أن تطلبوه لخصال أربع : لتباهوا به العلماء ، أو تماروا به
السفهاء ، أوتراؤا به في المجالس ، أو تصرفوا [ به ] وجوه الناس إليكم للترؤس ، لايستوي
عندالله في العقوبة الذين يعلمون والذين لايعلمون ، نفعنا الله وإياكم بما علمنا ،
وجعله لوجهه خالصا ، إنه سميع قريب
» .
وقال 7
: « حسن الأدب ينوب عن الحسب » .
وقوله 7
: « لاحياة إلاّ بالدين ، ولاموت إلا بجحود اليقين ، فاشربوا العذب الفرات ، ينبهكم
من نومة السبات ، وإياكم والسمائم
المهلكات ».
يشير 7
إلى معرفة العلم اليقين ، ويحذرمن الإخلاد إلى الجاهلين.
وقال 7
: « العاقل يعمل بالدرايات ، والجاهل يعمل بالروايات ».
وقال عليه الصلاة والسلام : « همة
العاقل الدراية ، وهمة الجاهل الرواية ».
وقال الصادق 7 : « كونوا دَرّائين ، ولا تكونوا
رَوّائين ، فلخبر تدريه ، خير من ألف خبر ترويه ».
وقال كميل بن زياد : قال لي مولانا أمير
المؤمنين : « يا كميل بن زياد ، تعلم العلم ، واعمل به ، وانشره في أهله ، يكتب لك
أجرتعلّمه وعمله إن شاء الله تعالى ».
وقد دل الله تعالى في كتابه العزيز ـ ذكرنا
فيما تقدم منها ـ ونذكر الان ما يتيسر ذكره ، فمن ذلك :
__________________
قوله تعالى في قصة طالوت : (إن الله
اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلموالجسم)
فجعل سبحانه
سبب تفضيله العلم.
وقال سبحانه : (أفمن يهدي
إلى الحق أحق أن يتبع أمّن لايهدّي إلاّ أن يهدى فما لكم كيف تحكمون)
وهذا من أعظم دلائل فضل العلم والعلماء العالمين بما علموا.
وقال أميرإلمؤمنين 7 : « من عبدالله بغيرعلم كفر من حيث
لايعلم ، ألا وان الأدب حجة العقل ، والعلم حجة القلب ، والتلطّف مفتاح الرزق ».
وقال الصادق 7 : « إن الشيطان ليطمع في عابر بغيرأدب
، أكثرمن طمعه في عالم بأدب ، فتأدبوا وإلأّ فأنتم أعراب ».
وقال الباقر 7 : « صمت ألأديب عند الله أفضل من تسبيح
الجاهل ».
وقال علي بن الحسين 7 : « العلم دليل العمل ، والعمل وعاء
الفهم ، والعقل قائد الخير ، والهوى مركب المعاصي ، والدنيا سوق الآخرة ، والنفس
تاجر ، والليل والنهار رأس المال ، والمكسب الجنة ، والخسران النار ».
ومن كتاب الخصال : عن السكوني ، عن
جعفربن محمد ، عن أبيه 8
قال : « العلم خزائن والمفاتيح ألسؤال ، فاسألوا ـ يرحمكم الله ـ فإنه يؤجر فيه أربعة : السائل ، والمتكلم ، والمستمع
، والمحب لهم » .
ومن كتاب الخصال لابن بابويه ; : عن جعفربن محمد ، عن أبيه ، عنابائه
، عن علي 7 قال : « إن
في جهنم رحى تطحن
، أفلا تسألوني : ماطحنها؟فقيل : وما طحنها يا أميرالمؤمنين؟ قال : العلماء الفجرة
، والقراء الفسقة ، والجبابرة الظلمة ، والوزراء الخونة ، والعرفاء الكذبة ، وإن
في جهنم
لمدينة يقال لها : (الحصينة) أفلا تسألوني : ما فيها؟ فقيل له : وما فيها يا أمير
المؤمنين؟ فقال : فيها أيدي
__________________
الناكثين » .
ومن كتاب الخصال : عن أبي عبداللهّ 7 ، قال 7
: « إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه ولا يؤخذ عنه ، فذاك في الدرك الأول من
النار.
ومن العلماء من إذا وُعظ انف وإذا وَعظ
عنف ، فذاك في الدرك الثّاني من النار.
ومن العلماء من يرى أن يضع علمه عند ذوي
الثروة والشرف ولا يرى له فيالمساكين وضعاً فذاك في الدرك الثالث من النار.
ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب
الجبابرة والسلاطين ، فإن ردّ عليه شيءمن قوله ، أو قصر في شيء من أمره غضب ، فذاك
في الدرك الرابع من النار.
ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود
والنصارى ، ليعزبه دينه ويكثر به حديثه ، فذاك في الدرك الخامس من النار.
ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول :
سلوني ، ولعله لايصيب حرفاَ واحداً ، والله لايحب المتكلفين ، فذاك في الدرك السادس
من النار.
ومن العلماء من يتخذ علمه مروءة وعقلاَ
، فذاك في الدرك السابع من النار » .
يقول العبد الفقير إلى رحمة الله وعفوه
، الحسن بن علي بن محمد بن الديلمي ، تغمده الله برحمته ومسامحته وغفرانه ـ جامع
هذا المجموع ـ : إن من العلماء أيضاً من يعنف بالمتعلم ، ويثقل عليه ، ويحمله من
التكاليف ما يشق عليه في أول امره ، وإنما ينبغي أن يأخذه استدراجاً وتلطفاً ، ويخاطبه
على قدر عقله وبصيرته ، ويحمله ما يسعه وعاؤه ، فما تستوي أخلاق الناس ولا بصائرهم
، فقد يعطى زيد مالم يعط عمرو من الفهم والذكاء والوعاية ، فمتى حمل الضعيف حمل
القوي ، حمله ذلك على الترك والاهمال ، لأن لكل انسان حالاً يؤخذ بها ، ويخاطب على
قدرها.
فقد روي عن الصادق 7 أنه قال : « إن الله ـ تبارك وتعالى ـ وضع
الاسلام على سبعة أسهم : على الصبر ، والصدق ، واليقين ، والرضا ، والوفاء ، والعلم
،
__________________
والحلم ، ثم قسم ذلك
بين الناس ، فمن
اجتمعت له هذه السبعة أسهم فهو كاملالايمان محتمل.
ثم قسم لبعض الناس سهماً ولبعض سهمين ولبعض السبعة اسهم ، فلا تُحَمِّلوا
صاحب السهم سهمين ، ولاصاحب السهمين ثلاثة
، ولا صاحب الستة سبعة ، فيشق ذلك عليهم ويثقل وتنفرونهم ، ولكن ترفقوا بهم ، وسهلوا
لهم المدخل.
وسأضرب لكم مثلاً تعتبروا به ، انه كان
رجل مسلماً وكان له جار كافر ، وكان الكافر يرفق بالمسلم ويحسن إليه ، فأحب له
المسلم إلايمان ، ولم يزل يزينه له ويرغبه فيه حتى أسلم ، فأخذه المؤمن وذهب به
إلى المسجد فصلى ، معه الفجر ، فقال له : لوقعدنا نذكر الله حتى تطلع الشمس؟ فقعد
معه ، فقال : لو تعلمت القرآن إلى أن تزول الشمس ، وصمت اليوم كان أفضل؟ فقعد معه
وصام ، حتى صلى الظهروالعصر ، فقال : لوصبرت حتى نصلي المغرب والعشاء الاخرة؟ ثم
نهضا وقد بلغ مجهوده ، وكاد يتلف مما ضيق وثقل عليه.
فلما كان من الغد جاءه فدَقّ عليه الباب
، ثم قال له : اخرج حتى نمضي [ إلى ]
المسجد ، فأجابه : أن انصرف ، فإن هذا دين شديد لا أطيقه.
فلا تخرقوا بهم ، أماعلمتم أن امارة بني امية كانت
بالسيف والعنف
والجور ، وأن إمامتنا بالرفق والتألف والوقار والتقية وحسن الخلطة والورع
والإجتهاد ، فرغّبوا الناس في دينكم وما أنتم فيه ».
هذا اخركلامه 7 ، ذكره عنه ـ مرفوعا ـ ابن بابويه في
كتاب الخصال .
__________________
وقال 7
للحارث الهمداني ـ في وصيته له ـ « وخادع نفسك في العبادة ، وارفق بها ولا تقهرها
، وخذ عفوها ونشاطها ، إلاّ ما كان مكتوباً عليك من الفريضة ، فإنه لابد من قضائها
، وتعاهدها عند محلها ».
وقال الحسن بن علي العسكري 7 : « إن للقلوب إقبالاً وادباراً ، فإذا
أقبلت فاحملوها على النوافل ، واذا ادبرت فاقصروها علم ، الفرائض ».
ولقد صدق 7
ونصح ، فإن القلوب إن لم تنشط وتقبل على العلوم والعبادات لم يبالغ منها المراد ، ولهذا
ذم الله تعالى المنافقين بقوله تعالى : (ولا يأتون الصلاة إلاّ
وهم كسالى ولا ينفقون إلاّ وهم كارهون)
.
وقال تعالى في موضع اخر : (وإذا قاموا
إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤُن الناس ولايذكرون الله إلاّ قليلا
* مذبذبين
بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء)
فذم سبحانه وتعالى
الكسل عند العبادة ، والتردد بين أن يفعل وأن لايفعل ، فلم يبق أن يكون المراد إلاّ
أن يقبل العبد بقلبه وجوارحه وعمله الخالص على ربه سبحانه ، فيقبل حينئذ عليه ويعطيه
سؤله ومراده.
فصل
: وإذا كان من العلماء قراء القرآن المجيد
ـ بل من خيارهم ـ فلنذكرحالهم وصفاتهم ، مضافاً إلى فضل قراءته ، والتَمسك به عند
اختلاف الناس.
روى الشيخ الفقيه أبوالفتح الكراجكي ; في كتابه (كنزالفوائد) مرفوعاً إلى
الحارث الأعور قال : دخلت على أمير المؤمنين علي 7
، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ألا ترى الناس قد وقعوا إلى الاحاديث!
قال : « وقد فعلوها ».
قلت : نعم.
قال : « اما أني سمعت رسول الله 9 يقول : سيكون بعدي فتنة ، قلت فما
المخرج منها يا رسول الله صلى الله [ عليك ] ؟
قال : كتاب الله ، فيه نبأ ما كان قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل
ليس بالهزل ، ما تركه من جبار إلاّ قصمه الله ، ومن ابتغى الهدىَ من غيره أضلّه
الله تعالى ، وهوحبل الله المتين ،
__________________
وهو لذكر الحكيم ، والصراط
المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يشبع منه
العلماء ، ولايخلق
عن [ كثرة ] الرد
، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم يثنه الجن حين سمعته ان قالوا ( إنا
سمعنا قرآناعجباً * يهدي إلى الرشد )
منقال ، به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم
».
وروي عن رسول الله 9 أنه قال : « ألا اُخبركم بالفقيه كل الفقيه؟
قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إن الفقيه كل الفقيه ، الذي لايؤيس ، الناس من روح
الله ، ولا يؤمنهم مكر الله ، ولا يقنطهم من رحمة الله ، ولا يدع القرآن رغبة عنه
إلى ماسواه ، ألا لاخير في قراءة ليس فيها تدبر ، ألا لا خيرفي عبادة ليس فيها
تفقه ، ولا في علم ليس فيه تفهم » .
وروى عنه عليه الصلاة والسلام وعلى آله
أنه قال في قول الله تعالى ( كونوا ربانيين بما
كنتم تعلّمون الكتاب )
قال : « حقاً
على من يقرأ القرآن أن يكون فقهياً ».
وقال : « أهل القرآن ، أهل الله وخاصته
».
وقال 7
: « تعلموا كتاب الله وتعاهدوه وافشوه ، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من
المخاض
من عقله ».
وقال : « من سره أن يتمتع ببصره في
الدنيا ، فليكثرمن النظر في المصحف ».
وقال : « مثل المؤمن الذي يقرأ القران
كمثل الاترجة ، التي ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لايقرأ القرآن كمثل
التمرة ، طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل الفاجرـالذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ، ريحها
طيب وطعمها مر ، ومثل الفاجرالذي لايقرأ القران كمثل الحنظلة ، طعمها مر ولا ريح
لها ».
وروي عن أميرالمؤمنين 7 قال : « انصتوا إلى ذكرالله ، فإنه
__________________
أحسن الحديث ، واقتدوا
بهدي نبيكم ، فإنه أفضل الهديَ ، وأستنّوا بسنّته ، فإنها أفضل السنن ، وتعلموا
كتاب الله ، واستضيئوا بنوره ، فإنّه أشفى لما في الصدور ، واسمعوا له وأنصتوا
لعلكم ترحمون ».
وجاء في الحديث عن محمد بن علي الباقر 8 أنه قال : « قراء ألقرآن ثلاثة : رجل
قرأ القرآن ، فاتخذه بضاعة ، واستدر به الملوك ، واستطال به على الناس ، ورجل قرأ
القرآن ، فحفظ حروفه وضيع حدوده ، وأقامه مقام القدح ، فلا كثر الله هؤلاء من حملة
القرآن. ورجل قرأ القران ، فوضع دواء القرآن على داء قلبه ، فسهر ليله ، وظمىء به
نهاره ، وقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه ، فذاك من الذين يدفع العزيز الجبار
بلاءهم ، ويزيل أعداءهم ، وأولئك ينزل الله عزوجل الغيث عليهم من سمائه.
ثم قال : إذا قرأتم القرآن فبيّنوه
تبياناَ ، ولا تهذوه هذّاً كهذّ
الشعر ، ولاتنثروه نثر الرمل ، ولكن افرغوا له القلوب القاسية. ولا يكن همّ أحد
كَم آخرالسورة ، واقرؤوه بألحان العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الكبائر ، واعربوا
به فإنه عربي ولاتقرؤوه هذرمة ، وإذا مررتم بآية فيها ذكرالجنة ، فقفوا عندها
واسألوا الله الجنة ، وإذا مررتم بآية فيها لا ذكر النار ، فقفوا عندها وتعوذوا
بالله من النار ، وحسنوه بأصواتكم ، فإن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران 7 : إذا وقفت بين يديًٌ فقف موقف الذليل
الفقير ، وإذا قرأت التوراة فاسمعنيها بصوت حزين.
ولقد كان علي بن الحسين 8 يقرأ القرآن فربما مر عليه المار فيصعق
من حسن صوته.
واقرؤوه في المصحف ، فإنه من قرأه في
المصحف متع ببصره ، وخفف عن والديه وأنه ليعجبني في أن يكون في البيت مصحف ، وأن
البقعة التي يقرأ فيها القرآن ويذكر الله تعالى فيها ، تكثر بركتها ، وتحضرها
الملائكة ، ويهجرها الشيطان ، وتضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض ، وأن
البيت الذي لايقرأ فيه القرآن ولا يذكر فيه الله تعالى ، تقل بركته ، وتهجره
الملائكة ، ويحضره الشيطان. ومن قرأ القران وهو شاب مؤمن ، اختلط القرآن بلحمه
ودمه ، وجعله الله مع السفرة الكرام البررة ، وكان القرآن حجيرا عنه يوم القيامة ».
__________________
وقال 7
« لقارئ القرآن بكلّ َ حرف يقرؤوه في الصلاة قائماً مائةَ حسنة ، وقاعداً خمسون
حسنة ، ومتطهراً في غير الصلاة خمس وعشرين حسنة ، وغير متطهر عشر حسنات أما أني لا
أقول المر [ حرف ]
بل له بالألف عشر ، وباللام عشر ، وبالميم عشر ، وبالراء عشر ».
وقال 7
: « قراءة القرآن أفضل من والذكر أفضل من الصدقة ، والصدقة أفضل من الصيام ، والصوم
جنة من النار ».
وقال رسول الله 9 : « فإذا التبست عليكم الامور كقطع الليل
المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع ، وشاهد مصدق ، من جعله أمامه قاده إلى
الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو أوضح دليل ، إلى خير سبيل ، من قالبه
صدق ، وْمن عمل به وفق ، ومن حكم به عدل ، ومن أخذ به أجر ».
وقال أمير المؤمنين 7 : « القرآن ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ،
لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولاتكشف الظلمات إلاّ به ».
وقال 7
ـ عقيب كلام ذكرفيه النبي 9
ووصفه ثم قال ـ : « قبضه الله إليه كريماً 9
، وخلف فيكم ما خلفت الأنبياءفي أممها ، إذ لم يتركوهم هملاً بغير طريق واضح ولا
علم قائم ، كتاب ربكم ، مبيناً حلاله وحرامه ، وعامه وعِبَرَه وأمثاله ، ومرسله
وحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، ومفسراً جمله ، مبيناً غوامضه ، بين مأخوذ ميثاق علمه
، وموسع على ، العباد في جُمَله ، وبين مثبت في الكتاب فرضه ، معلوم في السنة نسخه
، وواجب في السنة أخذه ، مرخص في الكتاب تركه ، وبين واجب بوقته ، ونايل في
مستقبله ، ومباين بين محارمه ، من كبير أوعد عليه نيرانه ، وصغير أرصد له غفرانه ،
وبين مقبول في أدناه ، وموسع في أقصاه ».
وقال 7
: « القرآن آمر وزاجر ، صامت ناطق ، حجة الله على خلقه ، أخذ عليهم ميثاقه ، وارتهن
عليه أنفسهم ، أتم نوره ، وأكرم به دينه ، وقبض نبيه 6
وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به ، فعظموا منه ـ سبحانه ـ ما عظم من نفسه ، فإنه
لم يخف عنكم شيئاً من دينه ، ولم يترك شيئاً رضيه أوكرهه ، إلاّ وجعل له علماً
بادياً ، وآَية محكمة ، تزجرعنه أو تدعو إليه ، فرضاه فيما مضى واحد ،
__________________
وسخطه فيما بقي
واحد.
واعلموا أنه لن يرضى عنكم بشيء سخطه على
من كان قبلكم ، ولن يسخط عليكم بشيء رضيه ممن كان قبلكم ، وإنما تسيرون في اثرين ،
وتتكلمون برجع قول قد قاله الرجال من قبلكم ».
وقال 7
ـ في بعض خطبه ـ « فانظر ـ أيها السائل ـ فما دلّك القرآن عليه من صفته ، فائتم به
، واستضيء بنور هدايته ، وما كلفك الشيطان علمه ، مما ليس في الكتاب عليك فرضه ، ولا
في سنة النبي 9
وأئمة الهدى اثره
، فكل علمه
إلى الله تعالى ، فإن ذلك منتهى حق الله عليك.
واعلم أن الراسخين في العلم ، هم الذين
اغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب ، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من
الغيب المحجوب ، فمدح الله تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول مالم يحيطوا به علماً ،
وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا ، فاقتصرْ على ذلك ، ولا
تقدر عظمة الله سبحانه على قدرعقلك فتكون من الهالكين » .
وقال 7
: « وكتاب الله بين أظهركم ، ناطق لايعيى لسانه ، وبيت لاتهدم أركانه ، وعز لايهزم
أعوانه ».
وقال 7
ـ في نهج البلاغة ـ في التحكيم : « انا لم نحكم الرجال وإنما حكمنا القران ، وهذا
القران إنما هو خط مسطور بين الدفتين ، لاينطق بلسان ولا بدَّلهمن ترجمان ، وإنما
ينطق عنه الرجال ، ولما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القران ، لم نكن الفريق
المتولي عن القرآن ـ كتاب الله تعالى ـ ، و [ قد ] قال الله سبحانه (فإن
تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)
فرده إلى
الله أن نحكم بكتابه ، ورده إلى الرسول أن نأخذ بسنته ، فإذا حكم بالصدق في كتاب
الله فنحن أحق الناس به ، وإن حكم بسنة رسول الله فنحن أولاهم به » .
__________________
وقال 7
: « فإن أطعتموني حملتكم ـ إن شاء ألله ـ على سبيل الجنة ، وإن كان ذا مشقة شديدة
، ومذاقة مريرة.
وسبيل أبلج المنهاج أنور السراج ، بالإيمان
يستدل على الصالحات ، وبالصالحات يستدل على الإيمان ، وبالإيمان يعمر العلم ، وبالعلم
يرهب الموت ، وبالموت تختم الدنيا ، وبالدنيا تحرز الآخرة ، وإن الخلق لامقصر لهم
عن القيامة ، مرقين
في مضمارها إلى الغاية ألقصوى.
قد شخصوا من مستقر الأجداث ، وصاروا إلى مضائق
الغايات ، لكل دار أهل لايستبدلون بها ، ولا ينفكون عنها ، وإن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ، لخلقان من خلق الله ، وانهما لايقربان من أجل ، ولا ينقصان من
رزق ، وعليكم بكتاب اللهّ ، فإنه الحبل المتين ، والنور المبين ، والشفاء النافع ،
والري الناقع ، والعصمة للمستمسك بها ، والنجاة للمتعلق به ، لايعوج فيقوم ، ولا
يزيغ فيستعتب ، لاتخلقه كثرة ألرد وولوج ألسمع ، من قال به صدق ومن عمل به سبق ».
فقام إليه رجل فقال : أخبرنا عن الفتنة.
فقال : « لمّا انزل الله تعالى قوله (الم أحسب
الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون)
علمت أن الفتنة لاتنزل بنا ورسول الله بين أظهرنا ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه
الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال : يا علي ، إن امتي سيفتنون من بعدي ، فقلت : يا
رسول الله أو ليس قلت لي في يوم احد ، حيث استشهد من استشهد من المسلمين ، وحيزت
الشهادة عني فشق ذلك علي ، فقلت لي : ابشر ، فإن الشهادة من ورائك؟ فقال لي : إن
ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذاً؟ فقلت : يا رسول الله ، ليس هذا من مواطن الصبر ، ولكن
من مواطن البشرى والشكر. فقال يا : يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم ، ويمنون.
بدينهم على ربهم ، ويتمنون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة
والأهواء الساهية ، فيستحلون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع. فقلت
: يا رسول الله ، فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك ، أبمنزلة ردة ، أم بمنزلة فتنة؟
فقال :
__________________
بمنزلة فتنة » .
وقال 7
: « يأتي على الناس زمان ، يبايع فيه المضطرون ، وقد نهى رسول الله عن بيع
المضطرين » .
وقال 7
ـ في خطبة له يذكر فيها فضل القرآن وشيئاً من مواعظه ـ : « انتفعوا ببيان الله ، واتعظوا
بمواعظ الله واقبلوا نصيحة الله ، فإن الله قد أعذر إليكم بالجليلة ، واتخذ عليكم
الحجة ، وبين لكم محابّهُ من الأعمال ومكارهه منها ؛لتبغوا هذه وتتجنٌبوا هذه ، فإن
رسول الله 9 كان يقول : إن
الجنة حفت
بالمكارة ، وان النار حفت بالشهوات.
واعلموا ، أنه مامن طاعة الله شيء إلا
يأتي في كره ، ومامن معصية الله [ شئ ] إلا
يأتي في شهوة ، فرحم الله رجلاً نزع عن شهوته ، وقمع هوى نفسه ، فإن هذه النفس
أبعد شيء منزعاً ، وإنّها لاتزال تنزع إلى المعصية في هوى.
واعلموا ـ عباد الله ـ أنّ المؤمن
لايصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون
عنده ، فلا يزال زارياَ عليها ، ومستزيداً لها ، فكونوا كالسابقين قبلكم والماضين
أمامكم ، قوضوا
من الدنيا تقويض الراحل ، وطووها طي المنازل.
واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي
لايغش ، والهادي الذي لايضل ، والمحدّث الذي لايكذب ، وما جالس هذا القران أحد
إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان ، زيادة في هدى ، ونقصان من عمى.
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القران من
فاقة ، ولا لأحد قبل القران من غنى ، فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على
لأوائكم ، فإن فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفرو النفاق ، والغي والضلال ، واسألوا
الله به ، وتوجهوا إليه بحبه ، ولا تسألوا به خلقه ، فإنه ما توجه العباد إلى الله
بمثله.
__________________
واعلموا أنه شافع مشفع ، وشاهد مصدق ، وأنه
من شفع له القران يوم القيامة شفع فيه ، ومن محل به القران يوم القيامة صدق عليه ، وانه
ينادي مناد يوم القيامة : ألا إن كل حارث مبتلىً في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة
القرآن ، فكونوا من حراثه وأتباعه ، واستدلّوه على ربكم ، واستنصحوه على أنفسكم ، واتهموا
عليه آراءكم ، واستغشوا فيه أهواءكم ، العمل (العمل ثم النهاية النهاية ، والإستقامة
الإستقامة ، ثم الصبر الصبر ، والورع الورع) .
إن لكم نهاية فانتهوا إليها ، وإن لكم
علماً فاهتدوا بعلمكم ، وإن للأسلام غاية فانتهوا إلى غايته ، واخرجوا إلى الله
مما افترض عليكم من حقه ، وبين لكم من وظائفه ، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة
عنكم ، ألا وإن القدر السابق قد وقع ، والقضاء الماضي قد تورد ، وإني متكلم
بعِدَةِ الله وحجته ، قال الله تعالى : (ان الذين قالوا ربنا
الله ثم استقاموا تتنزل عليهم المَلائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة
التي كنتم توعدون)
وقد قلتم : ربنا
الله ، فاستقيموا على كتابه ، وعلى منهاج أمره ، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته ،
ولا تمرقوا منها ، ولا تبدعوا فيها ، ولاتخالفوا عنها ، فإن أهل المروق منقطع بهم
عند الله يوم القيامة.
ثم إياكم وتهزيع الاخلاق وتصريفها ، واجعلوا اللسا ن
واحداً ، وليخزن الرجل لسانه ، فإن هذا اللسان جموح المصاحبة ، والله ما أرى أحداً
يتقي تقوىً تنفعه حتى يختزن لسانه ، فإن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وإن قلب
المنافق من وراء لسانه ، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه ، فإن
كان خيراً أبداه ، وإن كان شراً واراه ، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه ، لايدري
ماذا عليه مما له ، وقد قال رسول الله 9
: لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمن استطاع
منكم أن يلقى اللهّ ـ سبحانه ـ وهو نقي الراحة من دم المسلمين وأموالهم ، سليم
اللسان من أعراضهم ، فليفعل.
واعلموا ـ عباد الله ـ أن المؤمن يستحل
العام ما استحل عاماً أول ، ويحرّم
__________________
العام ما حرّم عاماً
أول ، وإن أول ما أحدث الناس البدع ، ولا يحل لكم شيء مما حُرّم عليكم ، ولكن
الحلال ما أحلّ الله ، والحرام ما حرّم الله ، فقد جربتم الاُمور وصرفتموها ، ووعضتم
بمن كان قبلكم ، وضربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمر الواضح ، فلا يصم عن ذلك
إلأّ أصم ، ولا يعمى عنه إلاّ أعمى ، ومن لم ينفعه الله تعالى بالبلاء والتجارب ، لم
ينتفع بشيء من العظة ، وأتاه التقصيرمن أمامه ، حتى يعرف ما أنكر ، وينكر ما عرف ،
وإنما الناس رجلان : متّبع شرعة ، ومبتدع بدعة ، ليسّ معه من الله سبحانه برهان
سنة ، ولاضياء حجة ، وان الله ـ سبحانه ـ لم يعظ أحداً بمثل هذا القران ، فإنه حبل
الله المتين ، وسببه الأمين ، وفيه ربيع القلب ، وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء
غيره ، مع أنه قد ذهب المتذكرون ، وبقي المتناسون والناسون ، فإذا رأيتم خيراً
فأعينوا عليه ، وإذا رأيتم شراً فاذهبوا عنه ، فإن رسول الله 6 كان يقول : يا ابن ادم ، اعمل الخير ، ودع
الشر ، فإذا أنت جواد قاصد.
ألا وإن الظلم ثلاثة : فظلم لايغفر ، وظلم
لايترك ، وظلم مغفور لايطلب. فأما الظلم الذي لايغفر ، فالشرك باللهّ تعالى ، قال
الله تعالى : (إن الله لايغفر أن يشرك به)
وأما الظلم الذي لايترك ، فظلم العباد بعض لبعض. وأما الظلم الذي يغفر ، فظلم العبد
نفسه عند بعض الهنات .
القصاص هناك شديد ، ليس هو جرحاً بالمدى
، ولاضرباً بالسياط ، لكنه ما يستصغر ذلك معه ، فإياكم والتلون في دين الله ، فإن
جماعة فيما تكرهون من الحق ، خيرمن فرقة فيما تحبون من الباطل ، وإن الله سبحانه
لم يعط أحداَ بفرقة خيراً ، ممن مضى ولافيمن بقي.
يا أيها الناس ، وطوبى لمن شغله عيبه عن
عيوب الناس ، وطولا لمن لزم بيته ، وأكل قوته ، واشتغل بطاعة الله ، وبكى على
خطيئته ، فكان من نفسه في شغل ، والناس منه في راحة » .
وقال 7
لبعض أصحابه : « واعلم أن الدنيا دار بلية ، لم يفرغ صاحبها
__________________
ساعة قط ، إلا كانت
فرغته عليه حسرة يوم القيامة » .
وقال 7
: « العلم وراثة كريمة ، والاداب حلل مجددة ، والفكر مرآة صافية ، وصدر العاقل
صندوق سره ، والبشاشة حبالة المودة ، والاحتمال ينفي العيوب » .
وقال 7
: « اليقين على أربع شعب : على تبصرة الفطنة ، وتأول الحكمة ، وموعظة العبرة ، وسنة
الأولين ، فمن تبصر في الفطنة ثبتت له الحكمة ، ومن ثبتت له الحكمة عرف العبرة ، ومن
عرف العبرة فكأنما كان في الأولين.
والعدل على أربع شعب : على غائص الفهم ،
وغور العلم ، وزهرة الحكم ، ورساخة الحلم ، فمن فهم علم غورالعلم ، ومن علم غور
العلم صدر عن شرائع الحكم ، ومن حلم لم يفرط في أمره ، وعاش في الناس » .
* * *
__________________
باب
صفة المؤمن
من كتاب المجالس للبرقي : عن عبد الله
بن يونس
، عن أبي عبدالله 7
قال : « ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقور في الهزاهز ، صبور عند البلاء
، شكور عند الرخاء ، قانع بما رزقه اللهّ ، لايظلم الأعداء ، ولا يتحامل للاصدقاء
، بدنه منه في نصب ، والناس منه في راحة ، إن العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر
أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللين والده » .
وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن
الحسين 8 قال : « المؤمن
يصمت ليسلم ، وينطق ليعلم ،
لايحدث أمانته الأصدقاء ، ولا يكتم شهادته من البعداء ، ولا يعمل شيئاً من الخير
رياءً ، ولا يتركه حياءً ، إن زكي خاف مما يقولون ، ويستغفر الله مما لا يعلمون ، لايغره
قول من جهله ، ويخاف إحصاء ما عمله » .
وعن أحمد بن خالد ، عن بعض من رفعه إلى
أبي عبدالله 7 ، قال : « المؤمن
له قوة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحرص في فقه ، ونشاط فيهدى ، وبرّ
في استقامة ، وعلم في حلم ، وكيس في رفق ، وسخاء في حق ، وقصد في غنى ، وتجمل في
فاقة ، وعفوفي قدرة ، وطاعة لله في نصيحة ، وانتهاء في شهوة ، وورع فيرغبة ، وحرص
في جهاد ، وصلاة في شغل ، وصبرفي شدة ، وفي الهزاهز وقور ، وفي المكاره صبور ، وفي
الرخاء شكور ، لايغتاب ، ولا يتكبر ، ولا يقطع الرحم ، وليس بواهن ، ولا فظ
ولاغليظ ، ولايسبقه بصره ، ولا يفضحه بطنه ، ولا يغلبه فرجه ، ولا يحسد الناس ، ولا
يغمز ، ولا يعير ، ولا يسرف ، ينصر المظلوم ، ويرم المسكين ، نفسه منه في عناء ، والناس
منه في راحة ، لا يرغب في عز الدنيا ، ولايجزع من ذلها ، للناس همّ قد أقبلوا عليه
، وله همّ قد شغله ، لايُرى في حلمه نقص
، ولا في رأيه وهن ، ولا في دينه
ضياع ، يرشد من
استرشده ، وينصح من استشاره ، ويساعد من يساعده ، ويكيع عن الخنا والجهل » .
عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن عروة ، عن
أبي العباس ، قال أبوعبدالله 7
: « من سرته حسنته ، وساءته سيئته ، فهو مؤمن » .
وعن أبي البختري رفعه ، عن أبي عبدالله 7 قال : « المؤمنون هينون لينون ، كالجمل
الألوف ، إذاقيد انقاد
وإن اُنيخ
استناخ » .
وبهذا الإسناد عن رسول اللهّ 9 قال : « المؤمن كمثل شجرة لاينحات
ورقها في شتاء ولاصيف ، قالوا : يا رسول الله ، وماهي؟ قال : النخلة » .
وعن إبراهيم العجمي ، عن بعض أصحابنا ، عن
أبي عبدالله 7 قال : « المؤمن
حليم لايجهل ، وإن جهل عليه يحلم ، ولا يظلم ، وإن ظُلِم غفر ، ولا يبخل ، وإن بُخل
عليه صبر » .
وعن أبي الحسن اللؤلؤي ، عن أبي عبدالله
7 قال : « المؤمن
من طاب كسبه ، وحسنت خليقته ، وصحت سريرته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من
قوله ، وكفى الناس شره ، وأنصف الناس من نفسه » .
وعن سليمان بن خالد ، عن أبي جعفر 7 قال : « قال رسول اللهّ 9 : ألا اُنبئكم بالمؤمن؟ المؤمن من
ائتمنه الناس على أنفسهم وأموالهم. ألا اُنبئكم بالمسلم؟ المسلم من سلم الناس من
يده ، والمهاجر من هجر السيئات ، وترك ماحرم الله ، والمؤمن حرام على المؤمن أن
يظلمه ، أو يخذله ، أو يغتابه ، أو يدفعه عن
__________________
حقه » .
وعن عبدالله بن سنان ، عن معروف بن
خربوذ ، عن أبي جعفر 7
قال : « صلى أمير المؤمنين 7
بالناس الصبح بالعراق ، ثم انصرف فوعظهم ، فبكى وأبكى من خوف الله تعالى ، ثم قال
: أما والله ، لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله 9 ، وأنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً
خمصاً ، بين أعينهم كركب المعزى ، يبيتون لربهم سجداً وقياماً يراوحون بين أقدامهم
وجباههم ، يناجون ربهم ، ويسألونه فكاك رقابهم من النار ، والله لقد رأيتهم مع هذا
وهم خائفون وجلون مشفقون » .
وعن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين 8 قال : « صلى أميرالمؤمنين الفجر ، ثم
لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قدر رمح ، وأقبل على الناسب وجهه فقال : والله
لقد أدركت أقواماً يبيتون لربهم سجداً وقياماَ ، يخالفون بين جباههم وركبهم ، كأنّ
زفير النار في اذانهم ، إذا ذكرالله تعالى عندهم مادوا كما تميد الشجر ، كأن القوم
باتوا غافلين. ثم قام فما رؤي ضاحكاً حتى قضى نحبه 9
» .
وعن أبي عبدالله 7 قال : « لايؤمن رجل فيه الشح والحسد
والجبن ، ولا يكون المؤمن جباناً ولاحريصاً ولاشحيحاً » .
وقال 7
: « لايكون المؤمن مؤمناً ، حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، وسنة من نبيه ،
وسنة من إمامه ، فأما الذي من ربه فكتمان
سره ، قال اللهّ عزوجل : ( فلا يظهر على غيبه
أحداً إلا من ارتضى من رسول)
وأما سنة
نبيه فمداراة الناس ، قال الله تعالى : (خذ العفو واْمُربالعرف
واعرض عن الجاهلين)
وأما السنة
من
__________________
إمامه فالصبر في البأساء والضراء وحين البأس » .
وقال رجل لأمير المؤمنين 7 : أخبرنا عن الأخوان. قال : « الإخوان صنفان
: إخوان الثقة وأخوان المكاشرة
، فأما أخوان الثقة ، فهم الكف والجناح والأهل والمال ، فإذا كنت من أخيك على أحد
الثقة ، فابذل له مالك وبدنك ، وصاف من صافاه ، وعاد من عاداه ، واكتم سره وعيبه ،
واظهر منه الحسن ، واعلم ـ أيها السائل ـ انهم أقل من الكبريت الأحمر.
وأما إخوان المكاشرة ، فأنك تصيب منهم
لذتك ، فلا تقطعن ذلك منهم ، ولاتطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم ، وابذللهم ما بذلوا
لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان » .
وعن أبي عبدالله 7 قال : « اذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك
ووجل قلبك ، فدونك دونك ، فقد قصدت قصدك » .
وعن عمرو بن أبي المقدام ، عن ابيه ، عن
أبي جعفر 7 قال : « قال
أمير المؤمنين صلوات الله عليه : شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا ، المتزاورون في أحياء أمرنا
، إن غضبوا لم يظلموا ، وإن رضوا لم يسرفوا بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا » .
وعن عيسى بن النهريري ، عن أبي عبدالله 7 قال : « قال رسول الله 9 : من عرف الله وعظمته ، منع فاه من
الكلام ، وبطنه من الطعام ، وعزّ
نفسه بالصيام والقيام. فقالوا : بآبائنا وامهاتنا أنت يارسول الله [ هؤلاء أولياء
الله؟ ]
فقال :
__________________
إن أولياء الله
سكتوا فكان سكوتهم ذكراً ، ونظروا فكان نظرهم عبرة ، ونطقوا فكان نطقهم حكمة ، ومشوا
فكان مشيهم بين الناس بركة ، لولا الاجال التي كتبت لهم ، لمتقرَّ أرواحهم في
أجسادهم ، خوفاً من العذاب ، وشوقا إلى الثواب » .
وعنه يرفعه قال : خطب الحسن بن علي 8 فقال : « أيها الناس ، أنا اُخبركم عن
أخ كان لي ، وكان من أعظم الناس في عيني ، وكان رأس ما عظم به في عيني ، صغر
الدنيا في عينه ، وكان خارجاً عن سلطان الجهالة ، فلا يمد يده إلاّ على ثقة ، وكان
لايَتَشَهّى ولا يَسخط ولا يَتَبَرَّمُ وكان أكثر دهره صامتاً ، فإذا قال بذّ
القائلين ونقع غليل السائلين ، وكان لايدخل في مراء ، ولا يشارك في دعوى ، ولا
يدلي بحجة حتى يأتي قاضياً ، وكان لايغفل عن إخوانه ، ولايخص نفسه بشيء دونهم ، وكان
ضعيفاً مستضعفاً ، فإذا جاء الجد كان ليثاً عادياً ، وكان لايلوم أحداً فيما يقع
العذر في مثله حتى يرى اعتذاره ، وكان يقول ما يفعل ، ولا يقول مالا يفعل ، وكان
إذا اعتراه أمران ، نظر أيّهما كان أقرب إلى الهوى فخالفه ، وكان لايشكو وجعاً إلا
عند من يرجو عنده البرء ، وكان لايستشير إلاّ عند من يرجو عنده النصيحة ، وكان
لايتبرم ولا يتسخط ، ولايتشكى ، ولا يتشهى ، ولا ينتقم ، ولا يغفل عن العدو.
فعليكم بهذه الخلائق الكريمة إن اطقتموها ، وإن لم تطيقوها كلها ، فأخذ القليل
خيرمن ترك الكثير ، ولاحول ولاقوة إلاّ بالله » .
وعن مهزم الاسدي قال : قال أبوعبدالله 7 : « شيعتنا من لايعدو صوته سمعه ، ولا
شحناؤه بدنه ، ولا يتمدح بنا معلناً ولا يجالس لنا عائباَ ، ولا يخاصم لنا قالياً
، إن لقي مؤمناً أكرمه ، وإن لقي جاهلاً هجره ».
فقلت : جعلت فداك ، فكيف أصنع بهؤلاء
المشبهة؟
قال : « فيهم التمييز ، وفيهم التبديل ، وفيهم التمحيص ، تأتي عليهم
سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم ، شيعتنا [ من ] لايهر هرير الكلاب ، ولايطمع طمع
الغراب ، ولايسأل عدونا وان مات جوعا ».
__________________
قلت : [ جعلت ] فداك ، فأين أطلب هؤلاء؟
قال : « في أطراف الأرض ، اُولئك الخفيض
عيشهم ، المنتّقلة ديارهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، ومن
الموت لايجزعون ، وفي قبورهم يتزاورون ، وإن لجأ إليهم ذو حاجة رحموه ، لن تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهم الدار ».
ثم قال : « قال رسول الله 9 : أنا المدينة وعلي الباب ، وكذبمن زعم
أنه يدخل المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض علياً » .
وعن سماعة بن مهران قال : قال
أبوعبدالله 7 : « قال رسول اللهّ 9 : من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدّثهم
فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، كان ممن حرمت غيبته ، وكملت مروءته ، وظهرت
عدالته ، ووجبت اُخوته » .
وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن
الحسين 8 قال : « قال
رسول الله 9 : ثلاث خصال
من كن فيه استكمل الإيمان : الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، واذا غضب لم
يخرجه الغضب من الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له » .
وبإسناده عن أبي جعفر 7 قال : « قال رسول الله 9 : إن خياركم اولو النهى ، قيل : يا
رسول الله ، ومن اولو النهى؟ قال : هم اُولو الأخلاق الحسنة ، والأحلام الرزينة ، وصلة
الأرحام ، والبررة بالآباء والاُمهات ، والمتعاهدون الفقراء والجيران واليتامى ، ويطعمون
الطعام ، ويفشون السلام في العالم ، ويصلّون والناس نيام غافلون » .
__________________
وعن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله 7 قال : « من زار أخاه لله ـ لالشيء غيره
ـ بل التماس موعد الله ، وتنجزما عنده ، وكل الله به سبعين الف ملكاً ينادونه : ألا
طبت ، وطابت لك الجنة » .
وعن محمد بن قيس ، عن أبي عبدالله 7 قال : « إن لله جنة لايدخلها إلاّ
ثلاثة : رجل حكم على نفسه بالحق ، ورجل زار أخاه في الله ، ورجل آثر أخاه المؤمن في
الله » .
وعن كتاب المجالس للبرقي ، عن عبداللهّ
بن يونس ، عن أبي عبدالله 7
قال : « قام رجل إلى أميرالمؤمنين 7
ـ وهو يخطب ـ فقال : يا أميرالمؤمنين ، صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه ، فقال 7 : المؤمن هو الكيس الفطن ، بشره في
وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدراً ، وأذل شيءلقاء ، زاجر نفسه عن كل باب ، خائض
الغمرات على كل خير ، لاحقود ، ولا حسود ، ولا وثّاب ، ولاسبّاب ، ولاعيّاب ، ولا
مغتاب ، يكره الرفعة ، ويشنأ السمعة ، طويل الغم ، بعيد الهم ، كثير الصمت ، ذكور
، وقور ، صبور ، شكور ، مغموم بذكره ، مسرور بفقره ، سهل الخليقة ، لين العريكة ، رصين
الوفاء ، قليل الأذى ، لامتأفِّك ولامتهتك ، إنضحك لم يُخْتَرق ، وان غضب لم ينزق
، ضحكه تبسماً ، واستفهامه تعلّماً ، ومراجعته تفهماً ، كثير علمه ، عظيم حلمه ، كثير
الرحمة ، لايبخل ، ولايعجل ، ولا يضجر ، ولايبطر ، ولايحيف في حكمه ، ولايجور في
علمه ، نفسه أصلب من الصلد ، ومكادحته أحلى من الشهد ، لاجشع ، ولا هلع ، ولا عنت
، ولاصلف ، ولا متكلف ، ولا متعمق ، جميل المسارعة ، كريم المراجعة ، عدل إن غضب ،
رفيق إن طلب ، لامتهور ، ولامتهتك ، ولامتجبر ، خالص الود ، وثيق العهد ، وفيّ
العقد ، شفيق وصول ، حليم خمول ، قليل الفضول ، راض عن الله عزوجل ، مخالف لهواه
لايغلظ على من يؤذيه ، ولا يخوض في ما لايعنيه ، ناصر للدين ، محام عن المؤمنين ، وكنف
للمسلمين ، لايخرق الثناء سمعه
،
__________________
ولاينكأ الطمع قلبه
، ولا يصرف اللعب حكمه ، ولا يطلع الجاهل علمه ، قَؤول عمّال ، عالم حازم ، لافحاش
ولاطياش ، وصول في غيرعنف ، بذول في غير سرف ، لاحكّار ولاغدّار ، ولا يقتفي أثراً
، ولا يحيف بشراً ، رفيق بالخلق ، ساع في الارض ، عون للضعيف ، غوث للملهوف ، لايهتك
ستراً ولا يكشف سراً ، كثير البلوى ، قليل الشكوى.
إن رأى خيراً ذكره ، وإن عاين شراً ستره
، يستر العيب ، ويحفظ الغيب ، ويقيل العثرة ، ويغفر الزلة لايطلع على نصح فيذر ، ولا
على فحش فيتهم ، أمين رصين ، تقيّ نقيّ زكيّ ، وفيّ رضيّ ، يقبل العذر ، ويجمل
الذكر ، ويحسن بالناس الظن ، ويتهم على الغيب نفسه.
يجب في الله بفقه وعلم ، ويقطع في الله
بحزم وعزم ، لايخرق به فرح ، ولايطيشبه مرح ، مذكّر العالم ، معلّم الجاهل ، لايتوقع
له بائقة ، ولايخاف منه غائلة ، كل سعي أخلص عنده من سعيه ، وكل نفس أصلح عنده من
نفسه ، عالم بعيبه ، متشاغل بغمّه ، لايثق بغير ربه ، غريب وحيد فريد ، يحب في
الله ، ويجاهد في الله ، ليتبع رضاه ، ولاينتقم لنفسه بنفسه ، ولا يؤاتي في سخط
ربه.
مجالس لأهل الفقر ، مصادق لأهل الصدق ، مؤازر
لأهل الحق ، عون للغريب ، أب لليتيم ، بعل للأرملة ، حفيّ بأهل المسكنة ، مرجو لكل
كريمة ، مأمول لكل شدة ، هشاش بشاش ، ليس بعبّاس ولا بجسّاس ، صليب كظّام بسام ، دقيق
النظر ، عظيم الحذر ، لايبخل وإن بُخل عليه صبر ، عقل فاستحيى وقنع فاستغنى ، حياؤه
يعلو شهوته ، ووده يعلو حسده ، وعفوه يعلوحقده ، لاينطق بغيرصواب.
لبسه الاقتصاد ، ومشيه التواضع خاشع
لربه بطاعته ، راض عنه في كل حالاته ، نيته خالصة ، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة
، نظره عبرة ، وسكوته فكرة ، وكلامه حكمة ، مناصحاً متباذلاً متآخياً ناصراً في
السر والعلانية ، لايهجر أخاه ، ولايمكر به ، ولا يغتابه ، ولا يأسف على مافاته ، ولا
يحزن على ما أصابه ، ولايرجو ما لا يجوز له الرجا ، ولا يفشل عند اللقاء للعدو ، ولايقنط
عند البلاء ، ولايبطر في الرخاء ، يمزج الحلم بالعلم ، والعقل بالصبر.
تراه بعيداً كسله ، دائماً نشاطه ، قريباً
أمله ، قليلاً زللـه ، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعة نفسه ، نزراً
أكله ، منفياً نومه ، سهلاً أمره ، حزيناً لدينه ، ميتة شهوته ، كظوماً غيظه ، صافياً
خلقه ، آمناً جاره ، ضعيفاً كبره ، قانعاً بالذي قدّر له ، متيناً
صبره ، محكماً أمره
، كثيراً ذكره ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، ويتجر ليغنم ، لاينصت
للخبر فيفجر به ، ولا يتكلم الخبرعلى من سواه
، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، أتعب نفسه لاخرته ، وأراح الناس من
نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له ، بُعده مما تباعد منه بغض
ونزاهة ، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبراً ولاعظمة ، ولا دنوه
خديعة ولا مكرآَ ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، وهو إمام لمن بعده من أهل
البر » .
ومن كتاب المجالس أيضا ، عن البرقي ، ويرفعه
إلى أحدهم : ، قال : « مر
أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه بمجلس من مجالس قريش ، فإذا هو بقوم بيض
ثيابهم ، صافية ألوانهم ، كثير ضحكهم ، يشيرون إلى من مربهم بأصابعهم. ثم مرّ بمسجد
الأوس والخزرج ، فإذا أقوام قد بليت منهم الأبدان ، ورقّت منهم الرقاب ، واصفرّت
منهم الألوان ، وقد تواضعوا بالكلام. فتعجب أمير المؤمنين 7 منهم ، ثم دخل على رسول اللهّ 9 فقال : بأبي أنت واُمي ، اني مررت
بمجلس لآل فلان ، ثم وصفهم ، ومررت بمجلس للأوس والخزرج ، فوصفهم ، ثم قال : وجميع
مؤمنون!فأخبرني ـ يا رسول الله ـ بصفة المؤمن؟
فنكس رسول الله 9 رأسه ، ثم رفعه فقال : عشرون خصلة في المؤمن
، فإن لم يكن فيه لم يكمل إيمانه ، إن من اخلاق المؤمنين ـ يا علي ـ الحاضرون الصلاة
، والمسارعون إلى الزكاة ، [ والحاجون لبيت الله الحرام ، والصائمون في شهررمضان ]
والمطعمون
المسكين ، والماسحون رأس اليتيم ، المطهرون أظفارهم ، المتّزرون على أوساطهم ، الذين إن
حدّثوا لم يكذبوا ، وإن وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوالم يخونوا ، وإن تكلموا
صدقوا ، رهبان الليل ، واُسود النهار ، وصائمون النهار ، وقائمون الليل ، لايؤذون
جاراً ، ولا يتأذّى بهم جار ، الذين مشيهم على الأرض هوناً ، وخطاهم إلى بيوت
الأرامل ، وعلى أثر الجنائز ، جعلنا الله وإياكم من المتقين »
__________________
ومن كتاب الفرائد والعوائد : عن أبي
جعفر 7 قال : « من
اداب المؤمن حفظ الأمانة ، والمناصحة ، والتفكر ، والتقية ، والبر ، وحسن الخلق ، وحسن
الظن ، والصبر ، والحجاء ، والسخاء ، والعفة ، والرحمة ، والمغفرة ، والرضا ، وصلة
الرحم ، والصمت ، والستر ، والعفة ، والرحمة ، والمغفرة ، والمواسا ة ، والتكريم ،
والتسليم ، وطلبالعلم ، والقناعة ، والصدق ، والوفاء ، وترك الاعتلام ، وترك الاحتشمام ، والرحم ، والنصفة ،
والتواضع ، والمشاورة ، والاستقالة ، والشكر ، والحياء ، والوقار ».
ثم ذكر 7
الخصال التي يجب على المؤمن تجنّبها ، فقال : « البغي ، والبخل ، والدناءة ، والخيانة
، والغش ، والحقد ، والظلم ، والشره ، والخرق ، والعجب ، والكبر ، والحسد ، والغدر
الفاشي ، والكذب ، والغيبة ، والنميمة ، والمكايدة ، وسوء الظن ، ويمين البوار ، والنفاق
، والمنّه ، وجحود الإحسان ، والعجز ، والحرص ، واللعب ، والإصرار ، والقطيعه ، والمزاح
، والسفه ، والفحش ، والغفلة عن الواجب ، وإذاعة السر ».
وعن ابن مسكان ، عن الصادق 7 قال : « إن الله خص رسله بمكارم الأخلاق
، وطبعهم عليها ، فامتحنوا أنفسكم ، فإن كانت فيكم ، فاحمدوا الله عز وجل ، واعلموا
أن ذلك من خير ، وإن لم تكن فيكم ، فاسألوا الله تعالى التوفيق لها ، واجتهدوا ».
وقال 7
: « مكارم الأخلاق عشرة : اليقين ، والقناعة ، والصبر ، والشكر ، والحلم ، وحسن
الخلق ، والسخاء والمروءة ، والغيرة ، والشجاعة » .
ثم قال 7
: « هذه العشرة خصال من صفات المؤمنين ، فمن كانت فيه ، فليعلم ذلك من خير أراده
الله تعالى به ».
وزاد عليها فقال : « والبر ، والصدق ، واداء
الأمانة ، والحياء ».
وروى ابن بكير عنه 7
أنه قال : « انا لنحب من كان عاقلاً ، فهماً ، فقيهاً ، عليماً ، مدارياً ، صبوراً
، صدوقاً ، وفياً ، إن الله تعالى خص الأنبياء عليهم
__________________
السلام بمكارم
الأخلاق ، فمن كان فيه شيء من مكارم الأخلاق فليحمد الله تعالى ، ومن لم يكن فيه
فليتضرع الى الله عز وجل وليسأله إياها ».
قال : وذكر هذه الخصال وزادها. وصدق
الحديث .
وعن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر 7 قال : « قال رسول الله 9 : ألا اخبركم بأشبهكم بي خلقاً؟ فقيل :
بلى ، يا رسول الله ، فقال : أعظمكم حلماً ، وأكثركم علماً ، وأبركم بقرابته ، وأشدكم
حباً لاخوانه في دينه ، وأصبركم على الرضا والغضب ».
وروي عنه 7
أنه قال : « إن الله تعالى ارتضى لكم الإسلام ، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق
» .
وعن المفضل بن عمر ، عن الكاظم 7 قال : « لم ينزل من السماء أعز ولا أقل
من ثلاثة أشياء : التسليم ، والبر ، واليقين » .
وروي عنه 7
، أنه قال : « ألا اُخبركم بمكارم الأخلاق؟ قالوا : بلى ، يابن رسول الله ، فقال :
الصفح عن الناس ، ومواساة الأخ المؤمن في الله تعالى ، من المال ـ قل أو كثر ـ وذكر
الله تعالى كثيراً ».
وقيل له 7
: من أكرم الخلق على الله تعالى؟ فقال : « من إذا اُعطي شكر ، واذا ابتلي صبر ، وإذا
اُسيء إليه غفر ».
وعن يحيى بن اُم الطويل ، عن علي بن
الحسين 7 قال : « طوبى
لمن طاب خلقه ، وطهرت سجيته ، وحسنت علانيته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل
من قوله ، وأنصف الناس من نفسه ».
وروي عنه 7
أنه قال : « لاتعب أخاك المؤمن بعيب هو فيك حتى تصلحه من نفسك ، فإذا أصلحته بدا
لك عيب غيره ، وكفا بالمرء شغلاً بنفسه ».
وقال 7
: « أنفق ولا تخف فقراً ، وأنصف الناس ».
وعن محمد بن أبي زينب ، عن الصادق 7 قال : « الدعاء عند الكرب ، والاستغفار
عند الذنب ، والشكر عند النعمة ، من أخلاق المؤمنين ».
__________________
وقال 7
: « البر وحسن الخلق ، يعمران الديار ، ويزيدان في الأعمار. وصنائع المعروف وحسن
البشر ، يكسبان المحبة ، ويدخلان الجنة. والبخل وعبوس الوجه ، يبعدان من الله
تعالى ذكره ، ويدخلان النار ».
وعنه 7
قال : « وجدت في ذؤابة ذي الفقار صحيفة ، فيها : صل منقطعك ، واعط من حرمك ، وقل
الحق ولو على نفسك ».
وعن الكاظم 7 ، أنه قال : « لاعز إلاّ لمن تذلل لله
، ولا رفعة إلاّ لمن تواضع لله ، ولا أمن إلاّ لمن خاف الله ، ولا ربح إلاّ لمن
باع اللهّ نفسه ».
وعن الصادق 7 قال : « ثلاثة لايطيقهن الناس : الصفح
عن الناس ، ومواساة الرجل أخاه المؤمن ، وذكر الله تعالى كثيراً » .
وقال 7
: « ما ابتلي الناس بشيء أشد من إخراج الدرهم ، لا الصلاة ولا الصيام ولا الحج ، فإن
الله تعالى يقول : (ولايسألكم أموالكم إن
يسألكموها فيحفكم تبخلوا)
ثم قال : (ومن يبخل
فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء)
».
وقال 7
: « إن أحب
الخلائق إلى الله تعالى شاب حدث السن ، في صورة حسنة ، جعل شبابه وجماله في طاعة
اللهّ تعالى ، ذاك الذي يباهي اللهّ تعالى به ملائكته فيقول : هذا عبدي حقاً ».
وعنه 7
، أنه قال : « شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كفه عن أعراض الناس ، واستغناؤه عما
في أيديهم ».
وعنه 7
قال : « من أخرجه الله تعالى من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، أغناه الله بلا مال ، وأعزه
بلا عشيرة ، وآنسه بلا أنيس. ومن خاف الله تعالى ، أخاف الله منه كل شيء ، ومن لم
يخف اللهّ ، خَوَّفه الله من كل شيء. ومن رضي من الله تعالى باليسير من المعاش ، رضي
الله منه باليسيرمن العمل ، ومن لم يستحي من طلب الحلال وقنع به ، خفّت مؤنته ، ونعم
أهله. ومن زهد في الدنيا ، أثبت الله الحكمة في
__________________
قلبه ، وأنطق بها
لسانه ، وبصره عيوب الدنيا ـ دائها ودوائها ـ وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار السلام
» .
وقال 7
: « من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله ، وأقوى الناس فليتوكل على اللهّ ، وأغناهم
فليكن بما في يد لله أوثق منه بما في يديه ».
وعنه 7
قال : « ثلاث منجيات : خوف الله في السر والعلانية كأنك تراه ، وإن لم تكن تراه
فإنه يراك ، والعدل في الرضا والغضب ، والقصد في الغنى والفقر.
وثلاث مهلكات : هوى متبع ، وشح مطاع
وإعجاب المرء بنفسه ».
وعن النبي 9
قال : « أقرب الناس من الله ـ يوم القيامة ـ من طال جوعه وعطشه وحزنه في الدنيا ، وهم
الأتقياء الأخفياء الذين إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، تعرفهم بقاع
الأرض ، لم وتحف بهم ملائكة السماء ، نَعمَ الناس بالدنيا ، ونعموا بطاعة الله ، افترش
الناس الفرش ، وافترشوا الجباه والركب ، ضيع الناس أوقاتهم في لهو الدنيا ، وحفظوها
هم في الجد والاجتهاد ، تبكي الأرض لفقدهم ، ويسخط الله على كل بلدة ليس فيها منهم
أحد ، لم يتكلبوا على الدنيا تكلب الكلاب على الجيف ، يراهم الناس يظنون أن بهم
داء ، وما بهم من داء إلاّ الخوف من الله ، ويقال : قد خولطوا وذهبت عقولهم ، وما
ذهبت ، ولكن نظروا بقلوبهم إلى أمر أذهب عنهم الدنيا ، فهم عند أهل الدنيا يمشون
بلا عقول ، وهم الذين عقلوا ، وذهبت عقول من خالفهم » .
وروي أن في التوراة مكتوباً : إن الله
تعالى يبغض الحبر السمين ، لأن السمن يدل على الغفلة وكثرة الاكل ، وذلك قبيح
وخصوصاً بالحبر.
ومثله قال ابن مسعود : ان الله يبغض [ القارىء
] السمين .
وفي خبر مرسل : « إن الشيطان ليجري من
ابن آدم مجرى الدم ، فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش » .
__________________
وقال النبي 9 : « إن للمؤمن أربع علامات : وجهاً
منبسطاً ، ولساناً لطيفاً ، وقلباً رحيماَ ، ويداً معطية ».
وقال 7
: « إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والوفاء
بالعهد ، وقلة الفخر والبخل
، وصلة الأرحام ، ورحمة الضعفاء ، وقلة المواتاة للنساء ، وبذل المعروف ، وحسن
الخلق ، وسعة الحلم ، واتّباع العلم فيما يقرّب إلى الله عزوجل ، فطوبى لهم وحسن
مآب. وطوبى شجرة في الجنة ، أصلها في دار رسول الله ليس من مؤمن إلا وفي داره غصن
منها ، لاينوي في قلبه شيئاً إلا أتاه الله بهمن [ ذلك ] الغصن ، ولوأن راكباً مجدّاً سار في
ظلها مائة عام لم يخرج منها ، ولو أن غراباً طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبيضّ
هرماً ، ألا ففي هذا فارغبوا ، ان المؤمن من نفسه في شغل ، والناس منه في راحة ، إذا
جنّ عليه الليل فرش وجهه على الأرض ، وسجد لله تعالى بمكارم بدنه ، يناجي ربه الذي
خلقه في فكاك رقبته من النار ، ألا فهكذا كونوا » .
وعن أميرالمؤمنين 7 ، أنه قال : « لايقبل الله من الأعمال
إلاّ ما صفا وصلب ورق ، فأما صفاءها فلله وأما صلابتها فللدين ، وأما رقتها فللا
خوان ».
وروي أن سلمان دخل على أمير المؤمنين ـ وبيده
رقعة ـ فقال : « هي من الرقاع التي علقت على آذان أصحاب الكهف » وإذا فيها ثلا ثة
أسطر : أولها : قضي القضاء ، وتمّ القدر ، وماجرى به القدر فهو كائن.
والثاني : الرزق مقسوم ، والحريص محروم
، والبخيل مذموم.
والثالث أعن زمانك ، واخف مكانك ، واحفظ
لسانك ، واقبل على ، شأنك.
وروي عن النبي 9 ، أنه التقى بقوم فقال : « من أنتم؟ ».
فقالوا : مؤمنون ، يا رسول الله.
فقال 9
: « ما حقيقة إيمانكم؟ ».
فقالوا : الرضا بقضاء الله ، والصبر على
بلاء الله ، والتسليم لأمر الله.
__________________
فقال : « علماء حكماء ، كادوا يكونوا
أنبياء من الحكمة ، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا مالا تسكنون ، ولاتجمعوا مالا
تأكلون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون ».
وروي أن قوماً استقبلوا أميرألمؤمنين 7 ـ بباب الفيل ، في مسجد الكوفة ـ فسلموا
عليه وقالوا : نحن شيعتك ، يا أميرالمؤمنين ، فقال : « كذبتم ، شيعتي عمش العيون
من البكاء ، ذبل الشفاه من الذكر والدعاء ، خمص البطون من الطوى ، صفرالوجوه من
السهر ، حدب الظهور من القيام ».
وعن نوف البكالي قال : رأيت أميرالمؤمنين 7 في ساعة من الليل ، فقال : « يا نوف ، إن
الله تعالى أوحى إلى المسيح 7
: أن قل لبني إسرائيل : لايدخلوا بيتاً من بيوتي ، إلا بقلوب طاهرة ، وأبصار خاشعة
، وأكف نقية ، وأعلمهم أني لا اُجيب لأحد منهم دعوة ، ولأحد من خلقي عنده مظلمة.
يا نوف ، إن داود النبي 7 خرج في هذه الساعة من الليل وقال : إن
هذه ساعة لايدعو فيها داع بخير إلا استجاب الله تعالى [ له ] ، إلاّ أن يكون شاعراً ، أو عاشراً ، أو
شرطياً ، أو عريفاً ، أو بريداً ، أو صاحب كوبة ، أو عرطبهّ ».
وروي عن الصادق 7 قال : « المؤمن أعز من الكبريت الأحمر
» .
وعن الباقر 7 قال : « الناس كلهم بهائم ـ قالها
ثلاثاً ـ الا قليلاً من المؤمنين ، والمؤمن غريب ـ قالها ثلاثاًـ » .
وعن سدير الصيرفي قال : دخلت على الصادق
7 ، وقلت له :
والله ما يسعك القعود.
قال : « ولم يا سدير؟ » قلت : لكثرة
مواليك وشيعتك وأنصارك ، والله لو
__________________
كان لأمير المؤمنين 7 مثل مالك من الأنصار والموالي والشيعة
، ما طمع فيه تيم ولا عدي.
فقال : « وكم عسى أن يكونوا؟ »
قالت : مائة ألف.
فقال : « مائة ألف! »
فقلت : مائتا الف.
فقال : « مائتا الف! »
فقلت : نعم ونصف الدنيا. فسكت عنّي ثم
قال : « يجب عليك أن تبلغ معنا إلى
ينبع ».
قلت : نعم. فأمر بجمل وبغل أن يسرجا ، فبادرت
إلى الجمل فركبته. فقال : « يا سدير ترى أن تؤثرني بالجمل ».
فقلت له : البغل أرفق.
فقال : « الجمل أرفق لي » فنزل وركب 7 الجمل وركبت البغل فمضينا ، فجاءت
الصلاة ، فقال : « يا سدير ، انزل بنا نصلي ، ولكن هذه أرض السبخة ، لايجوز الصلاة
فيها » فسرنا حتى صرنا في أرض حمراء ، ونظرإلى غلام يرعى جدياً فقال : « يا سدير ،
والله لوكان لي (سبعة عشر)
بعدد هذه الجديان ، ما وسعني القعود » ونزلنا فصلينا ، فلما فرغنا من الصلاة عددت
الجديان فإذا هي سبعة عشر جدياً .
وقال الصادق 7 : « إن المؤمن لقليل ، وان أهل الضلالة
لكثير ».
وقال الكاظم 7 : « ليس كل من قال بولايتنا مؤمناً ، ولكن
جعلوا اُنساً للمؤمن » .
__________________
وفي الإنجيل : الاشجار كثيرة ، وطيّبها
قليل.
وعن المفضل بن عمر ، قال جعفر بن محمد :
« يا مفضل ، إياك والسفلة ، وإنما شيعة علي من عفت بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل
لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فإذا رأيتهم بهذه الصفة فاولئك شيعة علي » .
وسئل رسول الله 9 عن المؤمن فقال : « الصفوة من الناس ، وإن
أشد الناس بلاءاً الصفوة من الناس ، ثم الأمثل فالأمثل ، ويبتلى المؤمن على قدر
إيمانه وحسن عمله ، كلما اشتد عمله اشتد بلاؤه ، وكلما سخف إيمانه قلّ بلاؤه ».
وقال 7
: « إنما المؤمن بمنزلة كفتي الميزان ، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه ، ولا
يمضي على المؤمن أربعون يوماً إلا ويعرض له أمر يحزنه ليذكّره » .
وعن المفضل بن عمر ، عن الصادق 7 ، قال : « لايكون المؤمن مؤمناَ حتى
يهجر فينا القريب والبعيد ، والأهل والولد ».
وعن أبي إسماعيل قال : قلت للصادق 7 : إن الشيعة عندنا كثير ، فقال : « هل
يعطف الغني على الفقير؟ ويتجاوز المحسن عن المسيء؟ ويتواسون؟ » قلت : لا ، قال : «
ليس هؤلاء شيعة ، إنما الشيعة من يفعل هذا » .
وعن عبد المؤمن الانصاري قال : دخلت على
الكاظم 7 ، وعنده محمد
بن عبدالله الجعفي ، فتبسمت في وجهه ، فقال : « أتحبه؟ » فقلت : نعم ، وما أحببته
إلا فيكم ، فقال : « هو أخوك ، المؤمن أخو المؤمن لأبيه ولاُمه ، ملعون من اتهم أخاه
، ملعون من غش أخاه ، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه ، ملعون ملعون من استأثر على
أخيه ، ملعون ملعون من احتجب عن أخيه ، ملعون ملعون من اغتاب أخاه » .
وقال علي بن الحسين 8 : « إن الله تعالى لم يفترض فريضة أشد من
بر الإخوان ، وما عذب الله أحداً أشد ممن ينظر إلى اخيه بعين غير وادّة ، فطوبى
__________________
لمن وفقه اللهّ
تعالى لأداء حق المؤمن ».
وقال أميرالمؤمنين 7 : « فرض الله الاثرة ، فقال : ألا
تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك ».
وهذا الحديث من كتاب المجالس للبرقي.
وروى أبوجعفر الكليني ـ في كتاب الزكاة
ـ عن المفضل بن عمر قال : كنت عند الصادق 7
، وقد سأله رجل فقال له
: كم تجب الزكاة عن المال؟ فقال : « الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ » فقال : اُُريدهما
جميعاً ، فقال : « أما الظاهرة ففي كل ألف درهم خمسة وعشرون درهماً ، وأما الباطنة
فلا تستأثر على أخيك بما هو احوج إليه منك » .
وعن الباقر 7 قال : « ان لله جنة لايسكنها إلا ثلاثة
: أحدهم رجل آثر أخاه المؤمن في الله على نفسه » .
وعن أبان بن تغلب قال : قلت للصادق 7 : ما حق المؤمن على أخيه؟ فقال : لا
ترده ، فقلت : بلى ، فقال : « أن تقاسمه مالك شطرين ».
قال : فعظم ذلك عليَّ ، فلما رأى 7 شدته عليَّ قال : « أما علمت أن الله
تعالى ذكر المؤثرين على أنفسهم ومدحهم في قوله تعالى : (ويؤثرون
على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)
؟ فقلت : بلى
فقال : « فإذا قاسمته وواسيته وأعطيته النصف من مالك لم تؤثره ، إنما تؤثره إذا
أعطيته أكثر مما تأخذه » .
عن محمد بن سنان قال : كنت عند الصادق 7 ـ ومبشر عنده ـ فقال : « يا مبشر ، قال : لبيك
، فقال له : قد حضر أجلك غير مرة ومرتين ، كل ذلك يؤخر لصلتك المؤمن » .
__________________
وعن النبي 9
قال : « صلة الرحم تزيد في العمر ، وصلة المؤمن صلة الله تعالى ، فمن قطع أخاه
المؤمن صلته ، قطع الله الحبل الذي بينهما ، وسلبه معرفته ، وتركه في طغيانه يعمه
».
وقال 7
: « يأتي على الناس زمان ، من سكت فيه مات ، ومن تكلم فيه عاش. فقال إسحاق بن عمار
: ما أصنع إن أدركت ذلك الزمان؟ فقال : تعينهم بما عندك ، فإن لم تجد فبجاهك » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « من كمال المرء المؤمن تركه مالا
يجمل به ، ومن حيائه أن لايلقى أحداً بما يكره ، ومن عقله حسن رفقه ، ومن أدبه
علمه بما لابدّ له منه ، ومن ورعه غض بصره وعفة بطنه ، ومن حسن خلقه كفه أذاه ، سخائه
بره بمن يجب حقه ، ومن دينه إيثاره على نفسه ، ومن صبره قلة شكواه ، ومن عقله
إنصافه من نفسه وتركه الغضب عند مخالفته ، وقبوله الحق إذا بان له ، ومن نصيحته
نهيه أخاه عن معصيته ، ومن حفظه جواره ستره لعيوب جيرانه ، وتركه توبيخهم عند
إساءتهم إليه ، ومن رفقه تركه المواقفة على الذنب بين يدي من يلوم المذنب على ذنبه
، ومن حسن صحبته إسقاطه عن صاحبه مؤونة أذاه ، ومن صداقته كثرة موافقته ، ومن
صلاحه شدة حزنه ، ومن شكره معرفة إحسان من أحسن اليه ، ومن تواضعه معرفته بقدره ، ومن
حكمته معرفته بذاته ، ومن مخافته ذكره الآخرة بقلبه ولسانه ، ومن سلامته قلة تحفظه
لعيوب غيره واعتنائه في صلاح عيوب نفسه ».
وقال الإمام محمد بن علي الباقر 7 ، لبعض شيعته : « إنا لا نغني عنكم
شيئاً إلاّ بالورع ، وإن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد ، ولا تدرك إلاّ بالعمل
، وإن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من وصف عدلاً وأتى جوراً ».
وقال أمير المؤمنين 7 : « إن من أحب عباد الله إليه ، عبداً
أعانه الله على نفسه ، فاستشعر الحزن ، وتجلبب الخوف ، فزهر مصباح الهدى في قلبه ،
وأعدَّ القِرى ليومه النازل به ، فقرب على نفسه البعيد ، وهون الشديد.
نظر فأبصر ، وذكر فأكثر ، فارتوى من عذب
فرات ، سهلت له موارده فشرب
نهلاً ، وسلك سبيلاً
جدداً ، قد خلع سرابيل الشهوات ، وتخلى من الهموم إلا هماً واحداً انفرد به ، فخرج
من صفة العمى ، ومشاركة أهل الهوى ، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ، ومغاليق أبواب
الردى ، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ، وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثّقها ، ومن
الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس.
قد نصب نفسه ـ لله سبحانه ـ في أرفع
الاُمور ، من إصدار كل وارد عليه ، وتصيير كل فرع إلى أصله ، مصباح ظلمات ، كشاف
غشوات ، مفتاح مهمات ، دفاع معضلات ، دليل فلوات ، يقول فيفهم ، ويسكت فيسلم.
قد أخلص لله سبحانه فاستخلصه ، فهو من
معادن دينه ، وأوتاد أرضه ، قد ألزم نفسه العدل ، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه
، يصف الحق ويعمل به ، لا يدع للخير غاية إلا أمها ، ولا مظنة إلاّ قصدها ، قد
أمكن الكتاب من زمامه ، فهو قائده وإمامه ، يحل حيث كان محله ، وينزل حيث كان
منزله.
وآخر قد تسمى عالماً وليس به ، فاقتبس
جهائل من جهال ، وأضاليل من ضُلاّل ، ونصب للناس أشراكاً من حبائل غرور وقول زور ،
قد حمل الكتاب على ارائه ، وعطف الحق على أهوائه ، يؤمن من العظائم ، ويهون كبير
الجرائم ، يقول : أقف عند الشبهات ، وفيها وقع ، ويقول : أعتزل البدع ، وبينها
اضطجع ، فالصورة صورة إنسان ، والقلب قلب حيوان ، لا يعرف باب الهدى فيتبعه ، ولا
باب العمى فيصد عنه ، فذلك ميت الأحياء.
فأين
تذهبون! وأنى تؤفكون!
والأعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة ، فأين يتاه بكم! بل كيف تعمهون!
ووبينكم عترة نبيكم ، وهم أزمّة الحق ، وألسنة الصدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل ، وردوهم
ورود الهيم العطاش.
أيها الناس ، خذوها عن خاتم النبيين 6 : انه يموت من يموت منّا وليس بميت ، ويبلى
من بلي وليس ببال ، فلا تقولوا مالا تعرفون ، فإن أكثر الحق فيما تنكرون ، واعذروا
من لاحجة لكم عليه وأنا هو ، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر!وأترك فيكم الثقل
الأصغر! وركزت فيكم راية الإيمان! ووقفتكم على الحلال والحرام! وألبستكم العافية
من عدلي! وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي! وأريتكم كرائم
__________________
الأخلاق من نفسي!
فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر ، ولا يتغلغل إليه الفكر ، حتى يظن
الظان أن الدنيا معقولة على بني اُمية ، تمنحهم درها ، وتوردهم صفوها ، ولا يرفع
عن الاُمة سيفها ولا سوطها ، وكذب الظان لذلك ، بل هي مجة من لذيذ العيش ، يتطعمونها
برهة ثم يلفظونها جملة » .
ومن كتاب الخصال : عن محمد بن علي
الباقر قال : « سئل رسول الله 9
، عن خيار العباد ، قال : الذين إذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساؤا استغفروا ، واذا
أُعطوا شكروا ، واذا ابتُلُوا صبروا ، واذا غضبوا غفروا » .
وروى الحارث بن المغيرة النضري ، عن أبي عبد الله 7 ، قال : « ستة لا تكون في المؤمن : العسر
، والنكد
، واللجاجة ، والكذب ، والحسد [ والبغي ]
» .
ومن الكتاب المذكور : عن أمير المؤمنين 7 ، قال : « قال عيسى بن مريم 7 : طوبى لمن كان صمته فكراً ، ونظره
عبراَ ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته ، وسلم الناس من يده ولسانه » .
ومن الكتاب المذكور : عن جعفر بن محمد 7 ، قال : « إنما شيعة جعفر ، من عف بطنه
وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فإذا رأيت اولئك ،
فأولئك شيعة جعفر ».
يقول 7
ذاك للمفضل بن عمر رحمه الله تعالى .
ومن الكتاب المذكور : عن أبي عبد الله 7 ، قال : « إن الله عز وجل
__________________
أعفى شيعتنا من ست
خصال : من الجنون ، والبرص ، والجذام ، والابنة ، وأن يولدلهم من زنا ، وأن يسأل الناس
بكفه » .
وقال 7
: « ألا إن شيعتنا قد أعاذهم الله عز وجل عن ست : عن ان يطمعوا طمع الغراب ، أو يهرّوا
هرير الكلاب ، أو ينكحوا في أدبارهم ، أو يولدوا من الزنا ، أويلدوا من الزنا ، أو
يتصدّقوا على الأبواب » .
قال أمير المؤمنين 7 : « المؤمن بشره في وجهه ، وحزنه في
قلبه ، أوسعشِيء صدراً ، وأذل شيء نفساً ، يكره الرفعة ، ويشنأ السمعة ، طويل غمه
، بعيد همه ، كثير صمته ، مشغول وقته ، شكور صبور ، مغمور بفكرته ، ضنين بخلته ، سهل
الخليقة ، لين العريكة ، نفسه أصلب من الصلد ، وهو أذل من العبد » .
وقال 7
: « المؤمن ينظر إلى الدنيا بعين الإعتبار ، ويقتات منها ببطن الاضطرار ، ويسمع
فيها باُذن المقت والإبغاض ، إن قيل : أثرى قيل : أَكدى ، وإن فُرح له بالبقاء ، حُزن
له بالفناء ، هذا ولم يأتهم يوم فيه يبلسون .
إن الله تعالى وضع الثواب على طاعته ، والعقاب
على معصيته ، ذيادة لعباده من نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته » .
من كتاب الخصال لابن بابويه : عن معاوية
بن وهب قال : قال أبو عبد الله 7
: « الشيعة [ ثلاث ]
محب وادّ ، فهو منا. [ و ]
متزين بنا ، ونحن زين لمن تزين بنا. ومستأكل بنا الناس ، ومن استأكل بنا افتقر » .
وقال 7
: « امتحنوا شيعتنا عند ثلاث : عند مواقيت الصلاة ، كيف محافظتهم عليها؟ وعند
أسرارهم ، كيف حفظهم لها من عدونا؟ وعند أموالهم ، كيف
__________________
مواساتهم لإخوانهم
فيها؟ » .
وقال 7
: « المؤمن إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل ، واذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، وإذا
قدر لم يتناول ما ليس له » .
وقال 7
: « ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان : من صبر على الظلم ، وكظم غيظه ، وعفا واحتسب
وغفر ، كان ممن يدخله الله الجنة بغير حساب ، ويشفعه في مثل ربيعة ومضر » .
وقال 7
: « إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه
سخطه من قول الحق ، وإذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي وإلى ما ليس له بحق » .
وقال 7
: « شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كف الأذى عن الناس » .
ومن كتاب الخصال أيضاً : عن أبي سعيد
الخدري ، عن النبي 9
قال : « خصلتان لاتجتمعان في مؤمن : البخل ، وسوء الخلق » .
وقال 7
: « لا يجتمع الشحّ والإيمان في قلب عبد أبداَ » .
وقال 7
: « إن صلاح أول هذه الامة بالزهد
واليقين ، وهلاك اخرها بالشحّ والأمل » .
ومن كتاب الخصال : عن أبي مالك قال : قلت
لعلي 7 : أخبرني
__________________
بجميع شرائع الدين.
فقال : « قول الحق ، والحكم بالعدل ، والوفاء بالعهد ، فهذه جميع شرائع الدين » .
ومن الكتاب : عن أبي عبدالله قال : « الرجال
ثلاثة : رجل بماله ، ورجل بجاهه ، ورجل بلسانه ، وهو أفضل الثلاثة » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « الرجال ثلاثة : عاقل وأحمق جاهل وفاجر ، فالعاقل الدين شريعته ، والحلم
طبيعته ، والرأي سجيته ، ان سئل أجاب ، وإن تكلم أصاب ، وإن سمع وعى ، وإن حدّث
صدق ، وإن اطمأن إليه أحد وفى ، (والجاهل الحمق) إن استقبلته بجميل غفل ، وإن استنزل عن حسن نزل ، وإن
حمل على جهل جهل ، وإن حدّث كذب ، لا يفقه وإن فقه لم يتفقه ، والفاجر إن ائتمنته خانك
، وإن صحبته شانك ، وإن وثقت به لم ينصحك » .
وقال أبو عبد الله 7 : « الناس يغدون [ على ثلاثة ] : عالم ومتعلم وغثاء ، فنحن العلماء ، وشيعتنا
المتعلمون ، وسائر الناس غثاء » .
وقال لقمان لابنه : يا بني ، للإيمان
ثلاث علامات : العلم والإيمان والعمل ، وللعالم ثلاث علامات : الصلاة والصيام
والزكاة .
وقال الكاظم 7 : « الناس ثلاثة : عربي ومولى وعِلج ، فأمّا
العرب فنحن ، وأمّا المولى فمن والانا ، وأمّا العِلج فمن تبرأ منا وناصبنا »
__________________
وقال أمير المؤمنين 7 للحارث الأعور : « ثلاث بهن يكمل
المسلم : التفقه في ألدين ، والتقدير في المعيشة ، والصبر على النوائب » .
وأوصى رسول الله 9 علياً 7
فقال له : « يا علي ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام : الحسد ، والحرص ، والكذب.
يا علي ، أشد الأعمال ثلاث خصال : إنصافك الناس من
نفسك ، ومواساة الأخ في الله عز وجل ، وذكر الله عز وجل على كل حال.
يا علي ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا :
لقاء الإخوان ، وألإفطار من الصيام ، والتهجد من آخر الليل.
يا علي ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له
عمل : تورع يحجزه عن معاصي الله عز وجل ، وخلق يداري به الناس ، وحلم يرد به جهل
الجاهل.
يا علي ، ثلاث من حقائق الإيمان : الإنفاق
من الاقتار ، وانصاف الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلم.
يا علي ، ثلاث من مكارم الأخلاق : تعطي
من حومك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عن من ظلمك » .
وقال أبو عبد الله 7 : « ثلاث خصال في المؤمن ، لا يجمعها
الله تعالى لمنافق : حسن الخلق ، والفقه ، وحسن السمت » .
وقال 7
: « ثلاث لا يطيقهن الناس : الصفح عن الناس ، ومواساة الأخ في الله تعالى أخاه في
ماله ، وذكر الله كثيرا » .
وقال 7
: « من علامات المؤمن
: الحلم والعلم والصمت ، وإن الصمت باب من أبواب الحكمة ، إن الصمت ينشب المحبة ، وإنه دليل على كل
__________________
خير » .
وقال 7
: « ثلاث إذا كنّ في الرجل ، لا تحرج أن تقول : انه في جهنم : الجفاء ، والجبن ، والبخل
» .
وقال 7
: « الهدي الصالح ، والسمت الصالح ، والاقتصاد ، جزءمن خمسة وسبعين جزءاً من النبوة » .
وقال 7
: « الإيمان معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان » .
وعن سماعة ، عن أبي عبد الله 7 ، أنه قال : « يا سماعة ، لا ينفك
المؤمن من خصال أربع : من جار يؤذيه ، وشيطان يغويه ، ومنافق يقفو أثره ، ومؤمن
يحسده ، ثم قال : يا سماعة ، أما إنه أشد [ هم ] عليه ، قلت : كيف ذلك؟ قال : إنّه يقول
فيهالقول فيصدق عليه » .
ومن كتاب الخصال : عن جميل بن دراج قال
: قال الصادق جعفر بن محمد 8
: « خياركم سمحاؤكم ، وشراركم بخلاؤكم ، ومن صالح الأعمال البر بالإخوان ، والسعي
في حوائجهم ، وفي ذلك مرغمة ومدحرة للشيطان ، وتزحزح عن النيران ، ودخول الجنان ، يا
جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك. قال : قلت : ومن غرر أصحابي؟ قال : هم البارون
بالإخوان في العسر واليسر ، ثم قال : يا جميل ، أما إنّصاحب الكثير يهون عليه ذلك
، وقد مدح الله عز وجل صاحب القليل ، فقال : (
ويؤثرون
على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
» .
__________________
وروي أنه لمّا نزل قوله تعالى : (فمن يرد
الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)
قالوا : يا
رسول الله ، كيف يشرح الله صدره للإسلام؟ قال 7
: « يقذف الله تعالى نوراً في قلبه فينشرح ويستوسع ، فقالوا : وهل لذلك علامة؟
فقال : نعم ، التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والتزود لسكنى
القبور ».
وقال عليه الصلاة والسلام : « إذا أحب الله
تعالى عبداً نكت في قلبه نكتة بيضاء ، وفتح مسامع قلبه ، ووكل به ملكاً يسدده ، وإذا
أبغض عبداً نكت في قلبه نكتة سوداء ، ووكل به شيطانا يغويه ، وعلى ذلك نزل قول
الله تعالى : (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له
قرين)
».
وروي : إن الله تعالى إذا أراد بعبد
خيراً ألهمه الطاعة ، وألزمه القناعة ، وفقهه في الدين ، وقواه باليقين ، فاكتفى
بالكفاف ، وتحلى بالقناعة.
وروى أبو عبد الله جعفر بن محمد 7 ، قال : « خرج أمير المؤمنين 7 يوماً إلى المسجد ، فإذا قوم من الشيعة
قعود فيه ، فقال : من أنتم؟ فقالوا : نحن شيعتك يا أمير المؤمنين. فقال : فمالي لا
أرى عليكم سيماء الشيعة؟ فقالوا : ما سيماء الشيعة ، يا أمير المؤمنين؟ فقال : عمش
العيون من البكاء ، خمص البطون من الصيام والظمأ ، صفر الوجوه من السهر ، يحسبهم
الجاهل مرضى وما بهم من مرض ، ولكن فرق من الحساب ويومه أمرضهم ، يحسبهم أهل
الغفلة سكارى ، وماهم بسكارى ولكنذكر الموت أسكرهم.
إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم
يفتقدوا ، وإن قالوا لم يُصدّقوا ، وإن سكتوا لم يُسألوا ، وان أساؤا استغفروا ، وإن
أحسنوا لم يفخروا ، وإن ظلموا صبروا ، حتى يكون الله تعالى هو المنتقم لهم ، يجوعون
إذا شبع الناس ، ويسهرون إذا رقد الناس ، ويدعون إذا غفل الناس ، ويبكون إذا ضحك
الناس.
يتمايلون بالليل على أقدامهم مرة وعلى
الأصابع ، تجري دموعهم على خدودهم من خيفة الله وهم أبداً سكوت ، فإذا ذكروا عظمة
الله عز وجل انكسرت قلوبهم وطاشت عقولهم ، اُولئك أصحابي وشيعتي حقاً ، الذين
امتحن الله قلوبهم للتقوى ، لهم
__________________
مغفرة وأجر عظيم ».
وروى جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن
أبي ذر قال : كنت جالساَ عند النبي 9
في المسجد ، إذ أقبل علي 7
، فلما رآه مقبلاً قال : « يا باذر ، من هذا المقبل؟ » فقلت : علي ، يا رسول الله.
فقال : « يا باذر ، أتحبه؟ »
فقلت : أي والله ـ يا رسول الله ـ إني
لأحبه ، واُحب من يحبه.
فقال : « يا باذر ، حب علياً ، وحب من
أحبه ، فإن الحجاب الذي بين العبد وبين الله تعالى حب علي بن أبي طالب 7.
يا باذر ، حب علياً مخلصاً ، فما من
امرىء أحب علياً مخلصاً ، وسأل الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه ، ولادعا الله إلا
لبّاه ».
فقلت : يا رسول الله ، إني لأجد حب علي
بن أبي طالب على كبدي كباردالماء ، أوكعسل النحل ، أوكآية من كتاب الله أتلوها ، وهو
عندي أحلى من العسل.
فقال رسول الله 9 : « نحن الشجرة الطيبة ، والعروة
الوثقى ، ومحبونا ورقها ، فمن أراد الدخول إلى الجنة ، فليستمسك بغصن من أغصانها ».
وروى حذيفة بن اليمان ، عن الحسن 7 قال : « إن الله تعالى أوحى إلي : يا
أخا النبيين ، يا أخا المرسلين ، يا أخا المنذرين ، أنذر قومك : ألاّ يدخلوا بيتاً
من بيوتي إلاّ بقلوب سليمة ، وألسن صادقة ، وأيد نقية ، وفروج طاهرة ، ولا يدخلوا
بيتاً من بيوتي ولأحد عندهم مظلمة ، فإنّي ألعنه مادام قائماً بين يدي يصلي ، حتى
يرد تلك المظلمة إلى أهلها ، فأكون سمعه الذي يسمع به ، وأكون بصره الذي يبصر به ،
ويكون من أوليائي وأصفيائي ، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
».
وروي عن الحسن بن علي 8 ، أنه قال : « من لم يحفظ هذا الحديث كان
ناقصاً في مروته وعقله ».
قلنا : وماذاك يابن رسول الله؟ فبكى
وأنشأ يحدثنا فقال : « لو أن رجلاً من المهاجرين أو الأنصار ، يطلع من باب مسجدكم
هذا ، ما أدرك شيئاً مما كانوا عليه إلا قبلتكم هذه ـ ثم قال ـ هلك الناس ـ ثلاثاُ
ـ بقول ولا فعل ، ومعرفة ولا صبر ، ووصف ولاصدق ، ووعد ولا وفاء ، مالي أرى رجالاً
ولا عقول ، وأرى أجساماً ولا أرى
قلوباً دخلوا في
الدين ثم خرجوا منه ، وحرموا ثم أستحلوا ، وعرفوا ثم أنكروا ، وأنما دين أحدكم على
لسانه ، ولئن سألته هل يؤمن بيوم الحساب؟ قال : نعم ، كذب ومالك يوم الدين ، إن من
أخلاق المؤمنين قوة في دين ، وحزماً في لين ، وإيماناً في يقين ، وحرصاً فيعلم ، وشفقة
في مقة
، وحلماً في حكم ، وقصداً في غنى ، وتجملاً في فاقة ، وتحرجاً عن طمع ، وكسباً من
حلال ، وبراً في استقامة ، ونشاطاً في هدى ، ونهياَ عن شهوة.
إن المؤمن عواذ بالله ، لا يحيف على من
يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يضيع ما استودع ، ولا يحسد ، ولا يطعن ، ويعترف
بالحق وإن لم يشهد عليه ، ولا ينابز بالألقاب ، في الصلاة متخشع ، وإلى الزكاة
مسارع ، وفي الزلات وقور ، وقي الرخاء شكور ، قانع بالذي عنده ، لا يدعي ما ليس له
، لا يجمع في قنط
، ولا يغلبه الشح عن معروف يريده ، يخالط الناس ليعلم ، ويناطق ليفهم ، وإن ظلُم
أو بُغي عليه صبر حتى يكون الرحمن الذي ينتصر له.
وقال الحسن : وعظني بهذا الحديث جندب بن
عبد الله ، وقال جندب : وعظني بهذا الحديث رسول الله 9
، وقال : حق على كل مسلم تعلمه وحفظه ».
وقال أمير المؤمنين 7 لمولاه نوف الشامي ، ووهو معه في السطح
: « يانوف ، أرامق أنت أم نبهان؟ قال : قال نبهان أرمقك يا أمير المؤمنين ، قال : هل
تدري منشيعتي؟ قال : لا والله ، قال : شيعتي الذبل الشفاه ، والخمص البطون ، الذين
تعرف الرهبانية والربانية في وجوههم ، رهبان بالليل اُسد بالنهار ، الذين إذا
أجنهم الليل اتّزروا على أوساطهم ، وارتدوا على أطرافهم ، وصفوا أقدامهم ، وافترشوا
جباههم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم ، وأما النهار
فحلماء ، وعلماء ، كرام ، نجباء ، أبرار ، أتقياء.
يانوف ، شيعتي الذين اتخذوا الأرض
بساطاَ ، والماء طيباً ، والقرآن شعاراً ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم
يفقدوا ، شيعتي الذين في قبورهم يتزاورون ، وفي أموالهم يتواسون ، وفي الله
يتباذلون.
__________________
يانوف ، درهم ودرهم ، وثوب وثوب ، وإلاّ
فلا ، شيعتي من لم يهر هرير الكلاب ، ولم يطمع طمع الغراب ، ولم يسأل الناس ولو مات
جوعاً ، إن رأى مؤمناً أكرمه ، وإن رأى فاسقاً هجره هؤلاء ـ والله يانوف ـ شيعتي ،
شرورهم مأمونه ، وقلوبهم محزونة ، وحوائجهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، اختلفت بهم
الأبدان ولم تختلف قلوبهم.
قال : قلت : يا أمير المؤمنين ـ جعلني
الله فداك ـ أين أطلب هؤلاء؟
قال : فقال لي : « في أطراف الأرض.
يا نوف ، يجيء النبي 9 يوم القيامة آخذاً بحجزة ربه جلّت اسماؤه
ـ يعني بحبل الدين وحجزة الدين ـ وأنا اخذ بحجزته ، وأهل بيتي اخذون بحجزتي ، وشيعتنا
اخذون بحجزتنا ، فإلى أين؟ إلى الجنة ورب الكعبة ـ قالها ثلاثاـ »
عن نوف البكالي ، قال : عرضت لي إلى
أمير المؤمنين 7
حاجة ، فاستسعيت إليه جندب بن زهير والربيع بن خيثم وابن أخيه همام بن عبادة ، وكان
من أصحاب البرانس ، فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين ، فألفيناه حين خرج إلى المسجد
، فأفضى ونحن معه إلى نفر قد أفاضوا في الأحدوثات تفكهاً ، فلما أشرف لهم أسرعوا
إليه قياماً ، فسلموا فرد التحية ثم قال : « من القوم؟ ».
قالوا : اُناس من شيعتك ، يا أمير
المؤمنين.
فقال لهم خيرا ، ثم قال : « يا هؤلاء ، مالي
لا أرى فيكم سمة الشيعة وحليتهم؟ » فأمسك القوم حياء ، قال نوف : فأقبل عليه جندب
والربيع فقالا : ما سمة شيعتكم ، يا أمير المؤمنين؟ فتثاقل عن جوابهما وقال : « اتقيا
الله ـ أيها الرجلان ـ وأحسنا ، فإن
الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون
» فقال همام بن عبادة ـ وكان عابداً متزهداً مجتهداً ـ : أسألك بالذي أكرمكم ـ أهل
البيت ـ وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلاً لما انبأتنا بصفة شيعتكم؟
فقال : « لا تقسم فسأنبئكم جميعاً » وأخذ
بيد همام فدخل المسجد فصلى ركعتين أوجزهما وأكملهما ، ثم جلس وأقبل علينا ، وحف
القوم به ، فحمد الله وأثنى
__________________
عليه ، وصلى على
النبي 9 ، ثم قال :
« أما بعد : فإن الله ـ جل ثناؤه ، وتقدست
أسماؤه ـ خلق خلقه فألزمهم عبادته ، وكلّفهم طاعته ، وقسم بينهم معايشهم ، ووضعهم
في الدنيا بحيث وضعهم ، وهو في ذلك غني عنهم ، لا تنفعه طاعة من أطاعه ، ولا
تضرِّه معصية من عصاه منهم ، لكنه علم تعالى قصورهم عمّا تصلح عليه شؤونهم ، وتستقيم
به دهماؤهم في عاجلهم وآجلهم ، فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه ، فأمرهم تخييراً ، وكلّفهم
يسيراً ، وأثابهم كثيراً ، وأماز بينهم سبحانه بعدل حكمه وحكمته ، بين الموجف من أنامه إلى مرضاته ومحبته ، وبين
المبطئ عنها والمستظهر منهم على نعمته بمعصيته ، فذلك قول الله عز وجل : ( ام حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين
امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون
) .
ثم وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه
يده على منكب همام بن عبادة فقال : « ألا من سأل عن شيعة أهل البيت ، الذين أذهب
الله عنهم الرجس وطهّرهم في كتابه مع نبيه تطهيراً ، فهم العارفون بالله ، العاملون
بأمر الله ، أهل الفضائل والفواضل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم
التواضع ، بخعوا
لله تعالى بطاعته ، وخضعوا له بعبادته ، فمضوا غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عليهم
، واقفين أسماعهم على ، العلم بدينهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت
منهم في الرخاء ، رضى منهم للهب القضاء ، فلولا الآجال التي كتب الله لهم ، لم
تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاَ إلى لقاء الثواب ، وخوفاً من العقاب ، عظم
الخالق في أنفسهم ، وصغر ما دونه عينهم ، فهم والجنة كمن قد رآها ، فهم على
أرائكها متكئون ، وهم والنار كمن قد دخلها ، فهم فيها معذّبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم
مأمونة ، وأجسادهم نحيفة ، وحوائجهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، وومعونتهم في الإسلام
عظيمة ، صبروا أياماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة ، وتجارة مربحة يسّرها لهم رب
كريم.
اُناس أكياس ، أرادتهم الدنيا فلم
يُريدوها ، ووطلبتهم فأعجزوها ، أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القران
يرتلونه ترتيلاً ، يعظون أنفسهم بأمثاله ، يستشفون
__________________
لدائهم بدوائه تارة
، وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يمجّدون
جباراً عظيماً ، ويجأرون إليه ـ جلّ جلاله ـ في فكاك رقابهم.
هذا ليلهم ، وأمّا النهار فحلماء علماء
، بررة أتقياء ، براهم
خوف بارئهم ، فهم أمثال القداح
، يحسبهم الناظر إليهم مرضى وما بالقوم من مرض ، أوقد خولطوا وقد خالط القوم من
عظمة ربهم وشدة سلطانه أمر عظيم ، طاشت له قلوبهم ، وذهلت منه عقولهم ، فإذا
استقاموا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية ، لا يرضون له بالقليل ، ولا
يستكثرون له الجزيل ، فهم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إن زكي أحدهم
خاف مما يقولون ، وقال : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي أعلم بي ، اللهم لا
تؤاخذني بما يقولون ، فاجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي مالا يعلمون ، فإنك علام
الغيوب وساتر العيوب.
هذا ، ومن علامة أحدهم أن ترى له قوة في
دين ، وحزماً في لين ، وإيمانا في يقين ، وحرصاً على علم ، وفهماً في فقه ، وعلماً
في حكم ، وكيساً في رفق ، وقصداً في غنى ، وتجملاً في فاقة ، وصبراً في شدة ، وخشوعاً
في عبادة ، ورحمة للمجهود ، وإعطاءَ في حق ، ورفقاً في كسب ، وطلباً في حلال ، وتعفّفاَ
في طمع ، وطمعاً في غير طبع ـ أي دنس ـ ونشاطاً في هدى ، واعتصاماَ في شهوة ، وبراً
في استقامة ، لا يغرّه من جهله ، ولا يدع أحصاء ما عمله ، يستبطئ نفسه في العمل ، وهومن
صالح عمله على وجل ، يصبح وشغله الذكر ، ويمسي وهمّه الفكر ، يبيت حذراً من سنة
الغفلة ، ويصبح فرحاً لما أصابه من الفضل والرحمة ، إن استصعبت عليه نفسه فيما
يكره ، لم يعطها سؤلها فيما إليه تشره
، ورغبته فيما يبقى ، وزهادته فيما يفنى ، قد قرن العلم بالعمل ، والعمل بالحلم ، يظل
دائماً نشاطه ، بعيداَ كسله ، قريباً أمله ، قليلاً زلَله ، متوقعاً أجله ، خاشعاً
قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعةً نفسه ، غارباً جهله ، محرزاً دينه ، ميتاَ داؤه كاظماً
غيظه ، صافياً خلقه ، امناً منه جاره ، سهلا امره ، معدوماً كبره ، ثبتاً صبره ، كثيراً
ذكره ،
__________________
لا يعمل شيئاً من
الخير رياء ، ولا يتركه حياءً ، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان بين
الغافلين كّتب من الذاكرين ، وإن كان بين الذاكرين لم يكتب من الغافلين.
يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل
من قطعه ، قريباً معروفه ، صادق قوله ، حسن فعله ، مقبل خيره ، مدبر شره ، غائب
مكره ، في الزلازل وقور ، وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور ، لا يحيف على ما يبغض
، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد ما عليه ، يعترف بالحق قبل
أن يشهد به عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينابز بالألقاب ، لا يبغي على أحد ، ولا
يغلبه الحسد ، ولا يضار بالجار ، ولايشمت بالمصاب ، مؤد للأمانات ، عامل بالطاعات
، سريع إلى الخيرات ، بطيء عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر
ويجتنبه ، لا يدخل فى الأمور بجهل ، ولا يخرج من الحق بعجز ، إن صمت لم يعبه الصمت
، وإن نطق لم يعبه اللفظ ، وإن ضحك لم يعلُ به صوته ، قانع بالذي قدر له ، لا يجمح
به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى ، ولايقهره الشح.
يخالط الناس ليعلم ويفارقهم ليسلم ، يتكلم
ليغنم ، ويسأل ليفهم ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، أراح الناس من
نفسه ، وأتعبها لآخرته ، إن بُغي عليه صبر ليكون الله هو المنتصر له ، يقتدي بمن
سلف من أهل الخير قبله ، فهو قدوة لمن خلف من طالب البر بعده.
اُولئك عمال الله ، ومطايا أمره وطاعته
وسرج أرضه وبريته ، اُولئك شيعتنا وأحبتنا ، ألا ، ها شوقاً إليهم ».
فصاح همام بن عبادة صيحة ووقع مغشياً
عليه ، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه. واستعبر الربيع باكياً وقال
: لأسرع ما أودت موعظتك ـ يا أمير المؤمنين ـ بابن أخي ، ولوددت اني بمكانه.
فقال أمير المؤمنين 7 : « هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها
، أما ـ والله ـ لقد كنت أخافها عليه ».
فقال له قائل : فما بالك أنت يا أمير
المؤنين؟
فقال : « ويحك ، ان لكل واحد أجلاً لن
يعدوه ، وسبباَ لن يتجاوزه ، فمهلاَ لا تعدلها ، فإنما نفثها على لسانك الشيطان ».
قال : فصلى عليه أمير المؤمنين عشية ذلك
اليوم وشهد جنازته ، ونحن معه.
قال الراوي عن نوف : فصرت إلى الربيع بن
خيثم فذكرت له ما حدثني نوف ، فبكى الربيع حتى كادت نفسه أن تغيظ ، وقال : صدق أخي
، لا جرم ان موعظة أمير المؤمنين وكلامه ذلك مني بمرأىً ومسمع ، وما ذكرت ما كان
من همام بن عبادة ـ يومئذ ـ وأنا في بُلَهْنية
إلا كدرها ، ولا شدة إلا فرّجها .
وروى الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله 7 قال : « إن شيعة علي 7 كانوا المنظور إليهم ، وأصحاب الودائع
في الودائع ، مرضيين عند الناس ، شهب الليل مصابيح النهار ».
وقال 7
: « الناس ثلاثة أصناف : صنف تزينوا بنا ، وصنف أكلوا بنا ، وصنف اهتدوا بهدانا
واقتدوا بأمرنا ، وهم أقل الأصناف ، اُولئك الحكماء السعداء النجباء الفقهاء
العلماء الحلماء ».
وقال أبو جعفر 7 للفضيل بن يسار : « يا فضيل ، تأتي
الجبل تنحت منه ، والمؤمن لا يستقل منه شيء ».
قال 7
لأبي المقدام؟ « إنما شيعة على الشاحبون الناحلون الذابلون ، ذابلة شفاههم ، مصفرة
وجوههم ، متغيرة ألوانهم ، خميصة بطونهم ، إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشاً ، وترابها
بساطاً ، وماءها طيباً ، والقران شعاراً ، والدعاء دثاراً ، كثير سجودهم ، غزيرة
دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم محزونون ، .
__________________
وقال جابر بن يزيد الجعفي : دخلت على
مولاي أبي جعفر الباقر 7
فقال : « يا جابر ، ليس من انتحل التشيع وحبنا أهل البيت بلسانه كان من شيعتنا ، فلا
تذهبن بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه ، إن شيعتنا لا
يطمعون طمع الغراب ، ولايهرون هرير الكلاب ، وإن شيعتنا أهل التواضع والتخشع ، والتعبد
والورع والاجتهاد ، وتعهد الأخوان ، ومواصلة الجيران والفقراء والمساكين والأرامل
والأيتام والغارمين ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الأرحام ، وتلاوة القران
، وكثرة الذكر لله تعالى ، وكف الألسن إلاّ من خير ».
فقال جابر : يا مولاي ، ما أعرف أحداً
اليوم بهذه الصفات.
فقال : « يا جابر ، حَسِبَ الرجل ان
يقول اُحب علياً وأتولاه ، ولا يكون مع ذلك عاملاً بقوله! فلو قال : اُحب رسول
الله ـ فرسول الله خير من علي ـ ولم يتبع سيرته ، ولم يعمل بسنته ، ما أغنى عنه
ذلك من الله شيئاً ، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، فإن أحب العباد إلى الله
أعملهم بطاعته وأتقاهم له ، وإنه ليس بين الله وبين أحد قرابة ، وما معنا براءة من
النار ، ولا لنا على الله من حجة ، من كان طائعاً لله فهو لنا ولي ولو كان عبداً
حبشياً ، ومن كان عاصيا لله فهو لنا عدو وإن كان حراً قرشياً.
والله ما تنال شفاعتنا الا بالتقوى
والورع والعمل الصالح ، والجد والإجتهاد ، فلا تغتروا بالعمل ويسقط عنكم ، فاذن أنتم أعز على الله منا ، فاتقوا
الله وكونوا لنا زيناً ولا تكونوا لنا شيناً ، قولوا للناس حسناً ، حببونا إلى
الناس ولا تبغضونا إليهم ، قولوا فينا كل خير ، وادفعوا عنا كل قبيح ، وجروا إلينا
كل مودة ، فما قيل فينا من خير فنحن أهله ، وما قيل فينا من شر فلسنا كذلك ، لنا
حق في كتاب الله ، وقرابة من رسول الله ، وولادة طاهرة طيبة ، فهكذا قولوا ، ولا
تعدوا بنا أقدارنا ، فإنما نحن عبيد الله مربوبون ، لانملك إلاّ ما ملكنا ، ولا نأخذ
إلاّ ما أعطانا ، لا نستطيع لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ، ولا موتاً ولا حياة ولا
نشوراً ، لا والله لا أعلم ـ أنا ، ولا أحد من آبائي ـ الغيب ، ولا يعلم الغيب
إلاّ الله ، كما قال سبحانه : (إن الله عنده علم
الساعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري
نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)
».
__________________
وقال 7
لمحمد بن مسلم : « يا محمد ، لا تذهبن بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا منكم إلا من
أطاع الله » .
وقال النبي 9 : « الإيمان في عشر خصال : المعرفة ، والطاعة
، والعلم ، والعمل ، والورع ، والاجتهاد ، والصبر ، والصدق ، والرضا ، والتسليم ، فمتى
فقد صاحبهاواحدة منها انفك نظامه » .
وقال عليه واله السلام : « خمس لا
يجتمعن إلاّ في مؤمن حقاً يوجب الله له بهن الجنة : الفقه في الإسلام ، والورع في
الدين ، والنور في القلب ، وحسن السمت في الوجه ، والمودة في الناس » .
وقال 9
: « إن في الفردوس لعيناً ماؤها أحلى من الشهد ، وألين من الزبد ، وأبرد من الثلج
، وأطيب من المسك ، فيها طينة طيبة خلقنا الله منها ، وخلق شيعتنا من فضلتها ، فمن
لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا ، وهي الميثاق الذي أخذ الله ـ تعالى
ذكره ـ عليه ولاية علي وأهل بيته :
» .
وقال 9
: « لا يكمل المؤمن الإيمان حتى يكون فيه خمس خصال : التوكل على الله ، والتفويض
إلى الله ، والتسليم لأمر الله ، والصبر على بلاء الله ، والرضا بقضاء الله ، إنه
من أحب في الله ، وأبغض في الله ، وأعطى في الله ، ومنع في إلله ، فقد استكمل
الأيمان ».
وقال 9
: « أيها الناس ، إن العبد لا يكتب في المسلمين حتى يسلم الناس من يده ولسانه ، ولا
ينال درجة ألمؤمنين حتى يسلم أخوه من بوائقه وجاره من بوادره ، ولا يعدّ في
المتقين حتى [ لا ]
يقول مالا بأس به حذار ما به البأس.
أيها الناس ، إنه من خاف البيات أدلج ، ومن
أجدّ في السير وصل ، وإنما تعرفون عواقب أعمالكم لوقد طويت صحائف اجالكم ».
وروى نوف البكالي قال : سمعت مولاي أمير
المؤمنين 7 ، يقول :
__________________
« خلقنا من طينة ، وخلق شيعتنا من فضل طينتنا ، فإذا
[ كان يوم القيامة ]
الحقوا بنا ».
فقلت : يا أمير المؤمنين ، صف لي شيعتك
، فبكى 7 ، ثم قال :
« شيعتي ـ والله ـ الحلماء الحكماء ، العلماء بالله وبدينه ، العاملون بأمره ، المهتدون
بطاعته ، أحلاس عبادة ، وانضاء زهادة ، صفر الوجوه من السهر ، عمش العيون من
البكاء ، خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء ، مصابيح كل ظلمة ، وربحان
كل قبيله ، تعرف الزهادة من سيماهم ، والرهبانية في وجوههم ، لا يسبون من المسلمين
خلقاً ، ولا يقتفون منهم اثرا ، شرورهم مأمونة ، وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ،
وقلوبهم محزونة ، فهم الأكايس
الألباء ، الخلصاء النجباء ، الرّواعون فراراً بدينهم ، الذين إنشهدوا لم يعرفوا ،
وإن غابوا لم يفتقدوا ، اولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الأكرمون ، ألا ، ها شوقاً
إلى رؤيتهم » .
وروى عبد الله بن عباس ، قال لي الحسين
بن علي 8 : « يا بن عباس
، لا تتكلمن بما لا يعنيك فإنني أخاف عليك الوزر ، ولا تتكلمن بما يعنيك حتى ترى
له موضعاً ، فربّ متكلم قد تكلم بحق فعيب ، ولا تمارين حليماً ولا سفيهاً ، فإن الحليم
يقليك ، والسفيه يرديك ، ولا تقولن خلف أحد إذا توارى عنك ، إلاّ مثل ما تحب أن
يقول عنك إذا تواريت عنه ، واعمل عمل عبد يعلم أنه مأخوذ بالإجرام مجزي بالأحسان ،
والسلام » .
وقال علي بن الحسين : « إياك وما يسبق
إلى القلوب إنكاره ، وإن كان عندك اعتذاره ، فما كل من تسمعه نكراَ ، يمكنك أن
توسعه عذراً ».
وروي أن بعض الأنصار حضرته الوفاة ، فأوصى
ولداً له فقال : يا بني ، احفظ وصيتي ، فإنك إن لم تحفظها مني ، كنت خليقاً أن
لاتحفظها من غيري.
يا بني ، اتق الله ، وإن استطعت أن تكون
اليوم خيراً منك أمس ، وغداً خيراً منك اليوم ، وإن عثر عاثر من الناس فاحمد الله
أن لا تكونه ، وإياك والطمع فإنه فقر
__________________
حاضر ، وعليك باليأس
فإنك إن تأيس من شيء إلاّ أغناك الله عنه ، وإياك وما يعتذر منه ، فإنه لا يعتذر
من كل خير ، وإذا صليت فصلّ صلاة مودع ، وأنت ترى انك لا تبقى لصلاة بعدها أبداً ».
ومن كتاب الكراجكي : روي عن النبي 9 ، أنه قال : « كونوا في الدنيا أضيافاَ
، واتخذوا المساجد بيوتاً ، وعوّدوا قلوبكم الرقة ، وأكثروا من التفكر والبكاء من
خشية الله ، ولا تختلفن بكم الأهواء ، تبنون مالا تسكنون ، وتجمعون مالا تأكلون ، وتأملون
مالا تدركون » .
وقال 9
: « نزل جبريل إليَّ في أحسن صورة فقال : يا محمد ، ربك يقرؤك السلام ، ويقول : إني
أوحيت إلى الدنيا : أن تسهلي وبطئي وتيسّري لأعدائي حتى يبغضوا لقائي ، وتشدّدي
وتعسّري وتضيقي على أوليائي ليحبّوا لقائي ، فإني جعلت الدنيا سجناً لأوليائي ، وجنة
لأعدائي ».
وروي عنه 9
، أنه قال : « إذا أحب الله تعالى عبداً نصب في قلبه نائحة من الخوف ، وإذا أبغض
عبداً جعل في قلبه مزماراً من الضحك ، فإن الله تعالى يحب كل باك حزين ، ما يدخل
النار من بكى من خشية الله ، حتى يرجع اللبن الضرع ، ولن يجتمع في منخري مؤمن دخان
جهنم وغبار في سبيل الله ».
وروي أن رجلاً قال لأمير المؤمنين 7 : عظني. فقال له : « لا تكن ممن يرجو
الأخرة بغير عمل ، ويؤخر التوبة بطول أمل ، يقول في الدنيا بقول الزاهدين ، ويعمل
عمل الراغبين ، إن اُعطي لم يشبع ، وإن مُنع لم يقنع ، يعجز عن شكر ما اُوتي ، ويبتغي
الزيادة فيما بقي ، ينهى ولا ينتهي ، يأمر بما لا يأتي ، يحب الصالحين ولا يعمل
عملهم ، يبغض المذنبين وهو أحدهم ، يكره الموت لكثرة ذنوبه ويقيم على [ ما ] يكره الموتله ، إن سقم ظل نادماً ، وإن
صحّ أمن لاهياً ، يعجب بنفسه إذا عوفي ، ويقنط إذا ابتلي ، إن أصابه بلاء دعا
مضطراً ، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً ، تغلبه نفسه على ما يظن ، ولايغلبها على ما
يستيقن ، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله.
إن استغنى بطر ، وإن افتقر قنط ووهن ، يقصر
إذا عمل ، ويبالغ إذا سأل ، إن
__________________
عرضت له شهوة أسلف
المعصية وسوّف التوبة ، وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملّة ، يصف العبرة ولا
يعتبر ، ويبالغ في الموعظة ولا يتّعظ ، فهو بالقول مدلّ ، ومن العمل مقل ، ينافس
فيما يفنى ، ويسامح فيما يبقى ، يرى الغنم مغرماً والغُرم مغنماً ، يخشى الموت ولا
يبادر الفوت ، يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه ، ويستكثر منطاعته
ما يحقره من طاعة غيره ، فهو على الناس طاعن ، ولنفسه مداهن ، اللهو مع الأغنياء
أحب إليه من الذكر مع الفقراء ، يحكم على غيره لنفسه ، ولا يحكم عليها لغيره ، يرشد
غيره ويغوي نفسه ، فهو يطاع ويعصي ، ويستوفي ولا يوفي ، يخشى الخلق في غير ربه ، ولا
يخشى ربه في
خلقه » .
وقال 7
: « ذمتي بما أقول رهينة ، وأنا به زعيم ، إن من صرحت له العبر عما بين يديه من
المثلات ، حجزه التقوى عن تقحم الشبهات » .
وقال 7
: « كان لي أخ في الله ، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه ، وكان خارجاً عن
سلطان بطنه ، لا يشتهي مالا يجد ، ولا يكثر إذا وجد ، وكان أكثر دهره صامتاَ ، فإن
قال بذ القائلين ، ونقع
غليل السائلين ، وكان ضعيفاً مستضعفاً ، فإذا جاء الجد فليثٌ عاد ، وصلُّ واد ، لا
يدلي بحجة حتى يأتي قاضياً ، وكان لايشكو وجعاً إلا عند برئه ، وكان لا يلوم أحداً
على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره ، وكان يقول ما يفعل ولا يقول ما لا
يفعل ، وكان على أن يسكت أحرص منه على أن يتكلم ، وكان إن غلب على الكلام لم يُغلب
على السكوت ، وكان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه ، فعليكم بهذه
الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها ، فإن لم تستطيعوها فاعلموا إن أخذ القليل خير من
ترك الكثير » .
« ولو لم يأمر الله بطاعته لكان يجب أن
لا يعصى شكراً لنعمته » .
ومن كتاب كنز الفوائد : عن أبي سعيد
الحذاء قال : كان النبي 9
يوصينا ويقول لنا : « سيأتيكم قوم يسألونكم الحديث عني ، فإذا جاؤوكم فاستوصوا بهم
خيرا » .
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله 9 : « من قضى لأخيه المؤمن حاجة ، كان
كمن خدم الله عمره ».
وعن سلمان الفارسي ـ رحمة الله عليه ـ قال
: قال رسول الله 9
: « لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله
لفلان ابن فلان ، أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية ».
وقال 7
: « من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ».
وعنه 7
قال : « سباب المؤمن فسوق ، وقتاله كفر » .
وقال 7
: « مما أدرك الناس من كلام الحكمة : إذا لم تستحي فاعمل ما شئت ».
وقال أبو تمام في ذلك :
إذا لم تخش عاقبة الليالي
|
|
ولم تستحي فاصنع ما تشاء
|
يعيش المرء ما استحيى بخير
|
|
ويبقى العود ما بقي اللحاء
|
فلا والله ما في العيش بخير
|
|
ولا الدنيا اذا ذهب الحياء
|
ومما حفظته من كتاب كنز
الفوائد : عن أبي عبيدة الحذاء ، عن اَبي جعفر محمد ابن علي 7 قال : « قال رسول الله 9 : قال الله تعالى : لايتكل العاملون
على أعمالهم التي يعملونها لثوابي ، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي
، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي ، فيما يطلبون من كرامتي ، والنعم
في جناني ، ورفيع الدرجات العلى في جواري ، ولكن برحمتي فليثقوا ، وفضلي فليرجوا ،
وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا ، فإن رحمتي عند ذلك تسعهم ، وبمنّي اُبلغهم رضواني ومغفرتي ، واُلبسهم
عفوي ، فإنّي أنا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت » .
__________________
وعن عطاء بن يسار قال : قال أمير المؤمنين 7 : « يوقف العبد يوم القيامة بين يدي
الله فيقول : قيسوا بين نعمتي عليه وعمله ، فتستغرق النعم العمل ، فيقول : قد وهبت
له نعمي عليه ، قيسوا بين الخيروالشر ، فإن استوى العملان ، أذهب الله تعالى الشر
بالخير ، وأدخله الجنة ، وإن كان له فضل أعطاه الله بفضله ، وإن كان عليه فضل ـ وهو
من أهل التقوى ، لم يشرك بالله تعالى ، واتقى الشرك ـ فهو من أهلالمغفرة يغفر الله
له برحمته ، ويدخله الجنة إن شاء
بعفوه » .
ومن الكتاب : عن سعد بن خلف ، عن أبي
الحسن 7 قال : « عليك بالجد ، ولا تخرجنّ نفسك
من حد التقصير في عبادة الله وطاعته ، فإن الله تعالى لا يعبد حق عبادته » .
ومن الكتاب : قال 7 وآله : « استحيوا من الله حق الحياء ، قيل
له : يا رسول الله ، إنا نستحي ، فقال : ليس كذلك ، من استحيى من الله حق الحياء ،
فليحفظ الرأس وماحوى ، والبطن وما وعى ، وليذكر الموت والبلى ، ومن أراد الاخرة ، ترك
زينة الحياة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء » .
وقال 7
: « حب الدنيا رأس كل خطيئة » .
وقال 7
: « إنكم لا تنالون ما تحبّون إلا بالصبر على ما تكرهون ، ولاتبلغون ما تأملون إلا
بترك ما تشتهون » .
وقال عليه وآله السلام : « إنكم في زمان
من ترك عُشر ما اُمر به هلك ،
__________________
وسيأتي على الناس
زمان من عمل به بعشر ما اُمر به نجا » .
ومن كتاب قال : دخل ضرار بن ضميرة
الليثي
على معاوية بن أبي سفيان ـ حسبه الله ـ يوماً فقال يا ضرار ، صف علياً ، فقال : أو
تعفني من ذلك؟ فقال : لا أعفيك.
فقال : كان والله بعيد المدى ، شديد
القوى ، يقول فضلاً ، ويحكم عدلاً ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق من نواحيه ، يستوحش
من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته.
كان ـ والله ـ غزير العبرة ، طويل الفكرة ، (يحاسب نفسه) ، ويقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، ويناجي
ربه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ماجشب.
كان ـ والله ـ فينا كأحدنا ، يدنينا إذا
أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكنا معدنوه منا قربنا منه ، لا نكلمه لهيبته ، ولا
نرفع أعيننا إليه لعظمته ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤِ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب
المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله.
وأشهد بالله ، لقد رأيته في بعض مواقفه
، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وهو قائم في محرابه ، قابض على لحيته ، يتململ
، تململ السليم
، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني : الآن اسمعه هو يقول : « يا دنيا ، يا دنيا ، إليَّ
تعرضت ، أم إليّ تشوّقت
: هيهات ، هيهات ، غري غيري ، لا حاجة لي فيك ، قد بتتك ثلاثاً لارجعة فيها ، فعمرك
__________________
قصير ، وخطرك يسير ،
وأملك حقير ، آه آه ، من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق ، وعظم المورد » ثم
بكى حتى ظننت أن نفسه قد خرجت.
فوكفت دموع معاوية على لحيته [ وجعل ] ينشفها بكمّه ، واختنق القوم بالبكاء ،
ثم قال : كان ـ والله ـ أبو الحسن كذلك ، فكيف صبرك عنه يا ضرار؟قال : صبرت من ذبح
واحدها على صدرها ، فهى لا ترقأ عبرتها ، ولا تسكن حرارتها ، ثم قام فخرج وهو باك.
فقال معاوية : أما إنكم لو فقدتموني ، لما
كان فيكم من يثني عليّ مثل هذا الثناء.
فقال له بعض من كان حاضراً : الصاحب على
قدر صاحبه .
وقال أمير المؤمنين 7 : « ثلاث درجات ، وثلاث كفارات ، وثلاث
موبقات ، وثلاث منجيات ، فالدرجات : إفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والصلاة والناس
نيام ، والمهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وأعجاب المرء بنفسه. والمنجيات : خوف
الله في السروالعلانية ، والقصد ، في الغنى والفقر ، وكلمة العدل في الأرض والسخط.
والكفارات : إسباغ الوضوء في السبرات
، والمشي بالليل والنهار إلى الصلوات ، والمحافظة على الجماعات ».
وعن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله 7 قال : « من صدق لسانه زكا عمله ، ومن
حسنت نيته زاد الله في رزقه ، ومن حسن بره بأهله زاد الله في عمره » .
وقال 7
: « ثلاث من كن فيه زوجه الله تعالى من الحور العين كيف شاء : كظم الغيض ، والصبر
على السيوف في الله ، ورجل أشرف على مال حرام فتركه لله » .
وقال النبي 9 : « ثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة
__________________
الأنذال ، والحديث
مع النساء ، ومجالسة الأغنياء » .
وقال 7
: « ثلاث فيهن المقت من اللهّ تعالى : نوم من غيرسهر ، وضحك من غيرعجب ، وأكل على
الشبع » .
وقال 7
: « إن في الجنة درجة لايبلغها إلا ثلاثة : إمام عادل ، وذورحم وصول ، وذوعيال
صبور » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « ما زالت نعمة عن قوم ولا غضارة عيش
إلاّ بذنوب اجترحوها ، فإن الله ليس بظلام للعبيد ، ولو ان الناس حين تزول عنهم
النعم وتنزل بهم النقم ، فزعوا إلى الله بولهٍ من أنفسهم ، وصدق من نياتهم ، وخالص
من سريراتهم ، لرد عليهم كل شارد ، ولأصلح لهم كل فاسد ».
وقال رسول الله 9 : « أحسنوا مجاورة النعم بشكرها
والقيام بحقوقها ، ولا تنفروها ، فانها قل ما نفرت عن قوم فعادت إليهم » .
ويقول الله تعالى في بعض كتبه : « إني
أنا الله لا إله الا أنا ذو بكة
، مفقر الزناة ، وتارك تاركي الصلاة عراة » .
وقال 7
: « من قال : قبح الله الدنيا ، قالت الدنيا : قبح الله أعصانا لربه. من عفّ عن
محارم الله كان عابداً ، ومن رضي بقسم الله كان غنياً ، ومن أحسن مجاورة من جاوره
كان مسلماً ، ومن صاحب الناس بالذي يحب أن يصاحبوه به كان عدلاً » .
وقال عليه وآله السلام : من اشتاق إلى
الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ومن زهد في الدنيا
هانت عليه المصائب ، ومن ارتقب
__________________
الموت سارع في
الخيرات » .
وقال عليه وآله السلام : « اجتهدوا في
العمل ، فإن قصر بكم ضعف فكفوا عن المعاصي » .
* * *
__________________
فصل
: فيما جاء في الخصال
قال رجل لأحد الزهاد : أوصني ، فقال : اُوصيك
بخصلة واحدة ، إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما .
ولقي حكيم حكيماً ، فقال له : عظني
وأوجز ، قال : عليك بخصلتين : لايراك الله حيث نهاك ، ولايفقدك من حيث أمرك. قال :
زدني ، قال : لا أجد للحالين ثالثة .
وقال حكيم الفرس : ثلاث خصال لاينبغي
للعاقل أن يضيعهن ، بل يجب أن يحث عليهن نفسه وأقاربه ومن أطاعه : عمل يتزود به
لمعاده ، وعلم طب يذب به عن جسده ، وصناعة يستعين بها في معاشه .
وقال بعض الحكماء : أربع خصال يمتن
القلب : ترادف الذنب على الذنب ، وملاحاة الأحمق ، وكثرة منافثة النساء ، والجلوس مع الموتى.
قيل له : ومن الموتى؟ فقال : كل عبد
مترف فهو ميت ، وكل من لايعمل فهو ميت .
وقال ابن عباس رحمة الله عليه : خمس
خصال تورث خمسة أشياء : ما فشت الفاحشة في قوم قط إلا أخذهم الله بالموت ، وما طفف
قوم الميزان إلاّ أخذهم الله بالسنين ، وما نقض قوم العهد إلاّ سلط الله عليهم
عدوهم ، وما جار قوم في الحكم إلاّ كان القتل بينهم ، وما منع قوم الزكاة إلا سلط
الله عليهم عدوهم .
وقال لقمان الحكيم لابنه في وصيته : يا
بني ، أحثك على ست خصال ، ليس منها خصلة إلأّ وهي تقربك إلى رضوان الله عز وجل ، وتباعدك
من سخطه :
الأولة : أن تعبد الله لاتشرك به شيئاَ.
__________________
والثانية : الرضا بقدرالله فيما أحببت
أوكرهت.
والثالثة : أن تحب في الله ، وتبغض في
الله.
والرابعة : تحب للناس ما تحب لنفسك ، وتكره
لهم ماتكرهه
لنفسك.
والخامسة : تكظم الغيظ ، وتحسن إلى من
أساء إليك.
والسادسة : ترك الهوى ، ومخالفة الردى .
وقال بعضهم : ذوالمروة الكاملة من اجتمع فيه سبع خصال : إذا ذُكّر ذكر ، وإذا
اُعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر ، وإذا عُصي غفر ، وإذا أحسن استبشر ، وإذا أساء
استغفر ، وإذا وعد أنجز ويسر .
وقال بعض الحكماء : تحصن بثمان من ثمان
: بالعدل في المنطق من [ ملامة ]
الجلساء ، وبالرويَّة في القول من الخطاء ، وبحسن اللفظ من ألبذاء ، وبالأنصاف من
الإعتداء ، وبلين الكف من الجفاء ، وبالتودد من ضغائن الأعداء ، وبألمقاربة من الأستطالة ، وبالتوسط ، في إلاُمور
من لطخ العيوب .
وروي أن تسع خصال من الفضل والكمال ، وهي
داعية إلى المحبهّ ، مع ما فيها من القربة والمثوبة : الجود على المحتاج ، والمعونة
لمستعين ، وحسن التفقد للجيران ، وطلاقة الوجه للإخوان ، ورعاية الغائب فيمن يخلف
، وأداء ألأمانة إلى المؤتمن ، وأعطاءألحق في المعاملة ، وحسن الخلق عند المعاشرة
، والعفو عند المقدرة .
وأوصى إفلاطن أحد أصحابه بعشر خصال ، قال
: لا تقبل الرئاسة على أهل مدينتك البتة ، ولا تتهاون بالأمر الصغير إذا كان يقبل
النماء ، ولا تلاح رجلاً غضباناً فإنك تقلقه باللجاج ، ولا تجمع في منزلك نفسين
يتنازعان في الغلبة ، ولا تفرح بسقطة
__________________
غيرك فإنك لاتدري
متى يحدث الزمان بك ، ولا ينفج
في وقت الظفر فإنك لاتدري كيف يدور عليك الزمان ، ولاتهزل بخطأ غيرك فإن المنطق
لاتملكه ، والق الخطأ من الناس بنوع من الصواب الذي في جوِهرك ، ولا تبذلن مودتك
لصديقك دفعة واحدة ، وصير الحق أبداً أمامك ، تسلم دهرك ولا تزال حراً .
* * *
__________________
تأويل
آية
إن سأل سائل عن تأويل قول الله عز وجل :
(وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم
أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون)
فقال : كيف وصف الدم بأنه كذب ، والكذب من صفات الأقوال ، لامن صفات الأجسام؟ وما
معنى قول يعقوب 7
: « فصبر جميل » ، وكيف وصفه بذلك؟ ونحن نعلم أن صبره لا يكون إلاّ جميلاً؟
الجواب : قيل له : أما « كذب » فمعناه
في هذا الموضع مكذوب فيه وعليه ، مثل قولهم : هذا ماء سكب ، وشراب صب ، يريدون مسكوباً ومصبوباً. وقولهم : رجل صوم ، وامرأة
نوح ، والمعنى : صائم ونائحة.
قال الشاعر :
تظل جيادهم نوحاً عليهم
|
|
مقلدة أعنتها صفوفاً
|
أراد نائحة عليهم.
ويقولون : مالفلان معقول ، يريدون
عقلاً.
وقد قال الفراء وغيره : يجوز في النحو :
بدم كذباً ـ بالنصب على المصدر ـ وتقدير الكلام كذبوا كذباً.
(وأما وصف الصبر بأنه جميل ، لأنه قصد
به وجه الله. وقيل : انه أراد صبراًلاشكوى فيه ولا جزاء معه ، وقال أهل العربية : إن
ارتفاع الصبر هاهنا ، فشأني صبرجميلاً)
وإنما ذكرنا تفسير هذه الآية لأنه ورد في سياقة الكلام .
__________________
فصل
من الأدب
روي عن بعض الأدباء أنه قال لابنه : يابني
، اقتن من مكارم الأخلاق خمساً ، وارفض ستاً ، واطلب العز بسبع ، واحرص على ثمان
فإن فزت بتسع بلغت المدى ، وان أحرزت عشراً أدركت الاخرة والدنيا.
فأما الخمس المقتناة : فخفض الجانب ، وبذل
المعروف ، وإعطاء النصف
من نفسك ، وتجنب الأذى ، وتوقي الذم.
وأما الستة المرفوضة : فطاعة الهوى ، وارتكاب
البغي ، وسلوك التطاول ، وقساوة القلب ، وفظاظة القول ، وكثرة التهاون.
وأما السبعة التي ينال بها العز : فأداء
الأمانة ، وكتمان السر وتأليف المُجانب ، وحفظ الأخاء ، وإقالة العترة ، والسعي في
حوائج الناس ، والصفح عن الإعتذار.
وأما الثمان التي يحرص عليها : فتعظيم
أهل الفضل ، وسلوك طرق الكرم ، والمواساة بملك اليد ، وحفظ النعم بالشكر ، واكتساب
الأجر بالصبر ، والاغضاء عن زلل الصديق ، واحتمال النوائب ، وترك الإمتنان
بالاحسان.
واما التسع التي تبلغ بها المدى : فالأمر
بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وحرز اللسان من سقوط الكلام ، وغض الطرف ، وصدق
النية ، والرحمة لأهل البلاء ، والموالاة على الدين ، والمسامحة في الاُمور ، والرضا
بالمقسوم.
وأما العشرة الكاملة ، التي تنال بها
الدنيا والاخرة : فالزهد فيما بقي ، والإستعداد لما يأتي ، وكثرة الندم على مافات
، وإدمان الإستغفار ، واستشعار التقوى ، وخشوع ألقلب ، وكثرة الذكر لله تعالى ، والرضا
بأفعال الله سبحانه ، وملازمة الصدق ، والعمل بما ينجي.
__________________
فصل
في ذكر الغنى والفقر
قال رسول الله 9 : « ليس الغنى كثرة الحرص ، وإنما الغنى غنى النفس ».
وقال عليه واله السلام : « ثلاث خصال من
صفة أولياء الله تعالى : الثقة بالله في كل شيء ، والغنى به عن كل شيء ، والإفتقار
إليه في كل شيء ».
وقال 9
: « ألا اُخبركم بأشقى الأشقياء؟ » قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : « من اجتمع
عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة » نعوذ بالله من ذلك.
وقال أميرالمؤمنين 7 : « الفقر يخرس الفطن عن حجته ، والمقلّ
غريب في بلدته ، ومن فتح على نفسه باباً من المسألة فتح الله عليه باباً من الفقر
».
وقال : « العفاف زينة الفقر ، والشكر
زينة الغنى ».
وقال : « من كساه الغنى ثوبه ، خفي عن
الناس عيبه ».
وقال : « من أبدى إلى الناس ضره فقد فضح
نفسه ، وخير الغنى ترك السؤال ، وشر الفقر لزوم الخضوع ».
وقال : « استغن عن من شئت تكون نظيره ، واحتج
إلى من شئت تكون أسيره ، وأفضل على من شئت تكن أميره » [ وقال 7 : ] « لاملك أذهب للفاقة من الرضا بالقنوع
».
وروي أن الماء نضب عن صخرة فوجد عليها مكتوباً : إنما يتبين
الغني والفقير بعد العرض على الله عز وجل.
وقال رجل للصادق 7 : عظني ، فقال : « لاتحدث نفسك بفقر ، ولابطول
عمر ».
وقيل : ما استغنى أحد بالله ، إلا افتقر
الناس إليه.
__________________
وقيل : الفقير من طمع والغني من قنع .
وانشد أمير المؤمنين صلوات الله عليه :
ادفع الدنيا بما اندفعت
|
|
وأقطع الدنيا بما انقطعت
|
يطلب المرء الغنى عبثاً
|
|
والغنى في النفس لو قنعت
|
ومن قطعة أبي ذؤيب :
والنفس راغبة إذا رغبتها
|
|
وإذا تردّ إلى قليل تقنع
|
لمحمود الوراق :
أراك يزيدك الاثراء حرصاً
|
|
على الدنيا كأنك لا تموت
|
فهل لك غاية إن صرت يوماً
|
|
إليها ، قلت : حسبي قد غنيت
|
تظل على الغنى أبداً فقيراً
|
|
تخاف فوات شيء لا يفوت
|
وله أيضاً :
يا عائب الفقرألا تزدجر
|
|
عيب الغنى أكبر لو تعتبر
|
من شرف الفقر ومن فضله
|
|
على الغنى إن صح منك النظر
|
أنك تعصي لتنال الغنى
|
|
ولست تعصي الله كي تفتقر
|
لغيره :
أرى اُناسا بأدنى الدين قد قنعوا
|
|
ولا أراهم رضوا في العيش بالدون
|
فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما
|
|
استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
|
وقال آخر :
دليلك ان الفقر خير من الغنى
|
|
وأن قليل المال خير من المثري
|
لقاؤك إنساناً عصى الله في الغنى
|
|
ولم تر إنساناً عصى الله في الفقر
|
* * *
__________________
فصل
: مما روي في الأرزاق
روي عن سيدنا رسول الله 9 ، أنه قال : « أكثروا الإستغفار فإنه
يجلب الرزق ».
وقال 7
: « من رضي باليسير من الرزق
، رضي الله منه باليسيرمن العمل ».
وروي ان الله ـ جل اسمه ـ أوحى إلى عيسى
بن مريم 7 : « ليحذر
الذي يستبطئني في الرزق ، أن أغضب فافتح عليه باباً من الدنيا ».
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «
الرزق رزقان : رزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن لم تأته أتاك ».
وروي عن أحد الأئمة 7 ، أنه قال في الرزق المقسوم بالحركة :
« إن من طلبه من غير حلّه فوصل إليه ، حوسب به من حله وبقي عليه وزره » فالواجب أن
لايطلب إلا من الوجه المباح دون المحظور.
وروي عن أمير المؤمنين 7 ، أنه قال : « من حسنت نيته زيد في رزقه
».
واعلم أن الدليل على جواز الزيادة في
الأرزاق ، هوالدليل على جواز الزيادة في الأعمار ، لأن الله تعالى إذا زاد في
عمرعبده ، وجب أن يرزقه ما يغتذي به.
ذكروا إن إبراهيم بن هرمة إنقطع إلى
جعفر بن سليمان الهاشمي ، فكان يجريله رزقاً فقطعه ، فكتب إليه إبن هرمة :
إن الذي شق فمي ضامن
|
|
للرزق حتى يتوفاني
|
حرمتني شيئاً قليلاً فما
|
|
ان زاد في مالك حرماني
|
فرد عليه رزقه وأحسن إليه
، فأنشد لبعضهم :
التمس الأرزاق عند الذي
|
|
مادونه إن سيل من حاجب
|
من يبغض التارك تسآله
|
|
جوداً؟ ومن يرضى عن آل طالب!؟
|
__________________
ومن [ إذا ] قال جرى قوله
|
|
بغير توقيع إلى كاتب
|
ورويَ عن الصادق صلوات الله
عليه ، أنه قال : « ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم : رجل جلس عن طلب الرزق ، ثم يقول :
اللهم ارزقنى ، يقول الله تعالى : ألم أجعل لك طريقاً إلى الطلب! ورجل له امرأة
سوء يقول : اللهم خلصني منها ، يقول الله تعالى : أليس قد جعلت أمرها بيدك! ورجل
سلم ماله إلى رجل [ و ]
لم يشهد [ عليه ]
به ، فجحده إياه ، فهو يدعو
عليه ، يقول الله تعالى : قد أمرتك بالاشهاد فلم تفعل ».
لابن وكيع التنيسي :
لا تحيلن على سعدك في الرزق ونحسك
|
|
وإذا أغفلك الدهر فذكّره بنفسك
|
لا تعجّل بلزوم البيت رمساً قبل رمسك
|
|
إنما يحمد حسن الرزق في حمده حسك
|
وروي في بعض الكتب : إن الله
عز وجل يقول : « يابن آدم ، حرك يدك أبسطلك في الرزق ، وأطعني فيما آمرك فما
اعلمني بما يصلحك ».
قيل لبعضهم : لو تعرضت لفلان لوصلك ، فقال
: ما تلهفت على (أحد بشيء)
من أمر الدنيا ، منذ حفظت هذه الأربع الآيات من كتاب الله عز وجل : قوله : (ما يفتح
الله للناس من رحمة فلا مسمك لها)
[ وقوله
سبحانه : ]
(وان يردك بخير فلا رادّ لفضله)
وقوله سبحانه : (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)
وقوله جل اسمه : (وفي السماء رزقكم وما توعدون) .
فروي أن صلة الرجل الذي قيل له : لوتعرضت
له ، أتت الى منزله من غيرطلب
__________________
وانشد لابن أصبغ :
لو كان في صخرة في البحر راسية
|
|
صماء ملمومة ملس نواحيها
|
رزق لنفس براها الله لانفلقت
|
|
عنه فأدّت إليها كل مافيها
|
أو كان بين طباق السبع مطلبها
|
|
لسهل الله في المرقى مراقيها
|
حتى يلاقي الذي في اللوح خط له
|
|
إن هي أتته [ و ] ألاسوف يأتيها
|
وروي عن رسول الله 9 ، أنه قال : « مامن مؤمن إلأ وله باب يصعد
منه عمله ، وباب ينزل منه رزقه ، فإذا مات بكيا عليه ، وذلك قول الله عز وجل : ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) .
* * *
__________________
قصيدة في الآداب والأمثال
لابن دريد
ما طاب فرع لايطيب أصله
|
|
حمى مؤاخاة اللئيم فعله
|
وكل من آخا لئيماً مثله
من يشتكي الدهر يطل في الشكوى
|
|
والدهر ماليس عليه عدوى
|
مستشعر الحرص عظيم البلوى
من أمن الدهر اُتي من مأمنه
|
|
لاتستثر ذا لبد من مكمنه
|
وكل شيء يُبتغى من معدنه
لكل ناع ذات يوم ناعي
|
|
وانما السعي بقدر الساعي
|
قد يُهلك المرعيَّ عنف الراعي
من ترك القصد تضق مذاهبه
|
|
دل على فعل امرىء مصاحبه
|
لا تركب الأمر وأنت عائبه
من لزم التقوى استبان عدله
|
|
من ملك الصبر عليه عقله
|
نجا من العثر وبان فضله
يجلو اليقين كدر الظنون
|
|
والمرء في تقلّب الشؤون
|
حتى توفاه يد المنون
يارب حُلوٍ سيعود سمّا
|
|
ورب حمد سيحور ذَمّا
|
ورب روح سيصير همّا
من لم يصل فارض إذا جفاكا
|
|
وأوله حمداً إذا قلاكا
|
أو أوله منك الذي أولاكا
مالك إلا ما عليك مثله
|
|
لاتحمدّن المرء مالم تبله
|
والمرء كالصورة لولا فعله
ياربما أورثت اللجاجة
|
|
ماليس بالمرء إليه حاجة
|
وضيق أمر يتبع انفراجه
__________________
ليس يقي من لم يق الله الحذر
|
|
وليس يفتات امرؤ على القدر
|
والقلب يعمى مثل ما يعمى البصر
كم من وعيد يخرق الاذانا
|
|
كأنما يعني به سوانا
|
أصمّنا الامهال بل أعمانا
ما أفسد الخرق اساهُ الرفق
|
|
وخير ما أنبأ عنك الصدق
|
كم صعقة دلّ عليها البرق
لكل ما يؤذي وإن قل ألم
|
|
ما أطول الليل على من لم ينم
|
وسقم عقل المرء من شر السقم
أعداءُ غيب إخوة التلاقي
|
|
ياسوءتا لهذه الأخلاق
|
كأنما اشتقت من النفاق
أنف الفتى وهو صريم أجدع
|
|
من وجهه وهو قبيح أشنع
|
هل يستوى المحفوظ والمضيَّع
ما منك من لم يقبل المعاتبة
|
|
وشر أخلاق الفتى المواربة
|
ينجيك مما تكره المجانبة
متى تصيب الصاحب المهذبا
|
|
هيهات ما أعسر هذا مطلبا
|
وشرّ ما طالبته ما استصعبا
آفة عقل الأشمط التصابي
|
|
رب مَعيب فعله عيّاب
|
زم الكلام حذر الجواب
لكل ما مجري جواد كبوه
|
|
مالك إلاّ ما قبلت عَدْوَه
|
من ذا الذي يسقيك عفواً صفوه
لا يسلك الشر سبيل الخير
|
|
والله يقضي ليس زجر الطير
|
كم قمرعاد إلى قمير
__________________
لايجتمع جمع لغير بين
|
|
لفرقة كل اجتماع اثنين
|
يعمى الفتى وهو بصيرالعين
الصمت إن ضاق الكلام أوسع
|
|
لكل جنب ذات يوم مصرع
|
كم جارع لغيره ما يجمع
مالك إلا ما بذلت مال
|
|
في طرفة العين يحول الحال
|
ودون آمال الفتى الآجال
كم قد بكت عين وليس تضحك
|
|
وضاق من بعد اتساع مسلك
|
لاتُبرَ مَنْ أمراً عليك يُملك
خير الاُمور ما حمدت غبه
|
|
لايرهب المذنب إلاذنبه
|
والمرء مقرون بمن أحبه
كل مقام فله مقال
|
|
كل زمان فله رجال
|
وللعقول تضرب الأمثال
دع كل أمر منه يوماً تعتذر
|
|
عف كل ورد غير محمود الصدر
|
لاتنفع الحيلة في ماضي القدر
نوم امرىء خير له من يقظه
|
|
لم ترضه فيه الكرام الحفظه
|
وفي صروف الدهر للمرء عظه
مسألة الناس لباس ذل
|
|
من عف لم يسأم ولم يمل
|
فارضَ من الاستر بالأقل
جواب سوء المنطق السكوت
|
|
قد أفلح المُتَّئدُالصموت
|
ماحم من رزقك لايفوت
في كل شيء عبرة لمن عقل
|
|
قد يسعدالمرء إذا المرء اعتدل
|
يرجو غداً ودون ما يرجو الأجل
من لك بالمحض وليس محض
|
|
يخبث بعض ويطيب بعض
|
وربّ أمر قد نهاه النقض
__________________
كم زاد في ذنب جهول عذره
|
|
دع أمر من يعنى عليك أمره
|
يخشى امرؤ شيئاً ولا يضره
يارب إحسان يعود ذنبا
|
|
ورب سلم سيعود حربا
|
وذو الحجى يجهل إن أحبّا
قد يدرك المعسر في إعساره
|
|
ما يبلغ الموسر في إيساره
|
وينتهى الهاوي إلى قراره
الشيء في نقص إذا تنهاها
|
|
والنفس تنقاد إلى رداها
|
مذعنة تجيب سائقاها
الناس في فطرتهم سواء
|
|
وإن تساوت بهم الأهواء
|
كل بقاء بعده فناء
لم يغل شيء وهو موجود الثمن
|
|
مال الفتى ما فضه لا ما احتجن
|
إذا حوى جثمانه يرى الحبن
المال يحكى الفيء بانتقاله
|
|
وإنما المنفق من أمواله
|
ما عمر الخلة من سؤاله
من لاح في عارضه القتير
|
|
فقد أتاه بالبلى النذير
|
ثم إلى ذي العزة المصير
رأيت غب الصبر مما تحمد
|
|
وإنما النفس كما تعود
|
وشر ما يطلب مالا يوجد
إن أتباع المرء كل شهوة
|
|
ليلبس القلب لباس قسوة
|
وكبوة العجب أشد كبوة
من يزرع المعروف ما رضي
|
|
لكل شيء غاية ستنقضي
|
والشر موقوف لذي التعرض
__________________
لا يأكل الانسان إلا ما رزق
|
|
ما كل أخلاق الرجال تتفق
|
هان على النائم ما يلقى الأرق
من يلذع الناس يجد من يلذعه
|
|
لسان ذى الجهل وشيكاً يوقعه
|
لا يعدم الباطل حقاً يدمغه
كل زمان فله توابع
|
|
والحق للباطل ضد دافع
|
يغصك المشروب وهو سائغ
رب رجاء مض من مخافة
|
|
ورب أمن سيعود آفة
|
ذو النجح لايستبعد المسافة
كم من عزيز قد رأيت ذلاً
|
|
وكم سرور مقبل تولّى
|
وكم وضيع شال فاستقلا
لا خير في صحبة من لا ينصف
|
|
والدهر يجفو أمره ويلطف
|
والموت يفني كل عين تطرف
رب صباح لامريء لم يمسه
|
|
حتف الفتى موكّل بنفسه
|
حتى يحل في ضريح رمسه
إني أرى كل جديد بالي
|
|
وكل شيء فإلى زوال
|
فاستشف من جهلك بالسؤال
إن رحيلاً فأعدّ الزادا
|
|
إن معاداً فاحذر المعادا
|
لايلهك العمر وإن تمادا
إنك مربوب مدين تُسأل
|
|
والدهرعن ذي غفلة لا يغفل
|
وكل ما قدمته محصّل
|
|
حتى يجيء يومك المؤجل
|
* * *
__________________
[ فصل ]
روي عن أحد الائمة : انه قال : « قال رسول الله 9 : إن الله عز وجل كتم ثلاثة في ثلاثة :
كتم رضاه في طاعته ، حتى لايستصغر أحداً شيئاً من الطاعات ، فلعل فيه رضاه. وكتم
سخطه في معصيته ، حتى لايستصغر أحد سيئة ، فلعل فيها سخطه. وكتم وليه في خلقه ، فلا
يستخفن أحدكم أخاه ، فإنه لايدري لعله ولي لله » .
وأيضاً أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات
الخمس ، ليحافظ الإنسان على ، الصلوات الخمس فيحصل الوسطى ، وأخفى ليلة القدر في
ليالي رمضان ليحافظ الرجل على ليالي رمضان ، فيحصل له ليلة القدر ، وأخفى ساعة
الإجابة في الليل والنهار ، ليحافظ على ، الدعاء في الليل والنهار.
ومن كلامه 9
: « من سرته حسنته ، وساءته سيئته ، فهو مؤمن ».
لاخير في العيش إلاّ لرجلين : عالم مطاع
، ومستمع واع.
وكفى بالقناعة غنى ، وبالعبادة شغلاً.
لا تنظروا إلى صغير الذنب ، ولكن انظروا
إلى من اجترأتم عليه.
وقال 7
: آفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة الظرف
الصلف.
لاحسب إلا بتواضع ، ولاكرم إلا بتقوى ، ولا
عمل إلا بنية ، ولا عبادة إلابيقين.
إن العاقل من أطاع الله وإن كان ذميم
المنظر حقير الخطر ، وإن الجاهل من عصى الله وإن كان جميل المنظر عظيم الخطر.
أفضل الناس أعقل الناس ، إن الله تعالى
قسم العقل ثلاثة أجزاء ، فمن كانت
فيه كمل عقله ، ومن
لم تكن فيه فلا عقل له : المعرفة بالله تعالى ، وحسن الطاعة ، وحسن الصبر.
إن لكل شيء آلة وعدة ، وآلة المؤمن
وعدته العقل ، ولكل شيء مطية ، ومطية المرء العقل ، ولكل شيء دعامة ، ودعامة الدين
العقل ، ولكل شيء غاية ، وغاية العبادة العقل ، ولكل قوم راع ، وراعي العابدين
العقل ، ولكل تاجر بضاعة ، وبضاعة المجتهدين العقل ، ولكل خراب عمارة ، وعمارة
الآخرة العقل ولكل سفر فسطاط يلجأون اليه ، وفسطاط المسلمين العقل .
* * *
__________________
فصل
روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه أنه قال : « العقل ولادة ، والعلم إفادة ، ومجالسة العلماء زيادة
» .
وروي عنه 7
أنه قال : « هبط جبريل 7
على آدم صلوات الله عليه فقال له : يا آدم ، اُمرت أن أخيّرك بين ثلاث ، فاختر
منهن واحدة ودع اثنتين.
فقال له آدم 7 : وما الثلاث؟
قال : العقل ، والحياء ، والدين.
فقال آدم صلى الله عليه : فاني قد اخترت
العقل.
فقال جبريل للحياء والدين : انصرفا ، فقالا
يا جبريل : انا اُمرنا أن نكون مع العقل
».
روي أن طاووس اليماني قال : رأيت في جوف
الليل رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول :
ألا أيها المأمول في كلّ حاجة
|
|
شكوت إليك الضرّ فاسمع شكايتي
|
ألا يارجائي أنت كاشف كربتي
|
|
فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
|
زادي قليل ما أراه مبلّغي
|
|
أللزاد أبكي أم لبعد مسافتي
|
أتيت بأعمال قباح رديّة
|
|
فما في الورى خلق جنى كجنايتي
|
أتحرقني في النار ياغاية المنى
|
|
فأين رجائي منك أين مخافتي
|
قال فتأملته فإذا هوعلي بن
الحسين 7
فقلت : يا ابن رسول الله ، ما هذا الجزع وأنت ابن رسول الله! ولك أربع خصال : رحمة
الله ، وشفاعة جدك رسول الله ، وأنتابنه ، وأنت طفل صغير .
__________________
فقال له : « يا طاووس ، إنني نظرت في
كتاب الله فلم أرلي من ذلك شيئاً فإن الله تعالى يقول : (ولايشفعون
إلالمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون)
وأما كوني
ابن رسول الله ، فإن الله تعالى يقول : (فإذا نفخ في الصور فلا
أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ، فن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون ، ومن خفت
موازينه فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون)
وأما كوني طفلاً ، فإني رأيت الحطب الكبار لايشتعل إلا بالصغار » ثم بكى 7 حتى غشي عليه .
خبر اخر في العقل ، وهو المشتهر بين
الخاصة والعامة ، من أن أول شيء خلق الله تعالى العقل ، فقال له : أقبل فأقبل ، ثم
قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ، ما خلقت خلقاً أحب الي منك ، بك
اُعطي وبك أمنع ، وبك اُثيب وبك اُعاقب ، وعزتي وجلالي ، ما أكملتك إلاّ فيمن
أحببت.
* * *
__________________
فصل
: في ذم الدنيا
قال رسول الله 9 : « من أحب دنياه أضرّ بآخرته ».
وقال أمير المؤمنين 9 : « الدنيا دول ، فاطلب حظك منها بأجمل
الطلب ».
وقال 7
: « من أمن الزمان خانه ، ومن غالبه أهانه ».
وقال : « الدهر يومان : يوم لك ، ويوم
عليك ، فإن كان لك فلاَ تبطر ، وإن كان عليك فاصبر ، فكلاهما عنك سينحسر ».
لبعض الشعراء :
وإن امرءاً دنياه أكبر همّه
|
|
لمستمسك منها بحبل غرور
|
وقال بعضهم : إياك والاغترار
بالدنيا والركون إليها ، فإن أمانيها كاذبة ومالها خائبة ، وعيشها نكد وصفوها كدر
، وأنت منهاعلى خطر ، اما نعمة زائلة واما بلية نازلة ، واما مصيبة موجعة واما
منية مفجعة.
وقال اخر : صاحب الدنيا في حرب ، يكابد
الأهوال لتنقدع
، والجهالة لتنقمع ، والأدواء لتندفع ، والآمال لتنال ، والمكروه ليزال ، وبعض ذلك
عن بعض شاغل ، والمشتغل عنه ضائع ، فلما رأى الحكماء أنه لاسبيل إلى إحكام ذلك ، تركوا
مايفنى ليحرزوا ما يبقى.
* * *
__________________
فصل
: في ذكر الأمل
روي ان الله تعالى قال : يابن آدم ، في
كل يوم تؤتى رزقك وأنت تحزن ، وعمرك ينقص وأنت لاتحزن ، تطلب ما يطغيك ، وعندك ما
يكفيك.
وقال رسول الله 9 : « من كان يأمل أن يعيش غداً ، فإنه يأمل
أن يعيش أبداً ».
وقال بعضهم : الآمال لاتنتهي ، والحي
لايكتفي.
وقيل : ما أطاع عبد أمله ، إلاّ قصرعمله.
وقال اخر : لايلهك الأمل الطويل عن
الأجل القصير.
وقال اخر : من جرى في عنان أمله عثر
بأجله.
وقال اخر : إنك إن أدركت أملك قرّبك من
أجلك ، وإذا أدركك أجلك لم تبلغ أملك.
ابن الرومي :
خمسون عاماً كنت أمّلتها
|
|
كانت أمامي ثم خلفتها
|
كنز حياة لي أنفقته
|
|
على تصاريف تصرفتها
|
لو كان عمري مئة هدّني
|
|
يذكرني اني تنصفتها
|
* * *
__________________
فصل
: في ذكر الموت
روي أنه كان في التوراة مكتوباً : يا
ابن آدم ، أنت لاتشتهي تموت حتى تتوب ، وأنت لاتتوب حتى تموت.
وقال أمير المؤمنين صلى الله عليه : « من
أكثر ذكرالموت رضي من الدنيا باليسير ».
وقال بعضهم : لو رأيتم الأجل ومسيره ، لأبغضتم
الأمل وغروره ، وأنشد :
نُراعُ لذكر الموت ساعة ذكره
|
|
وتعترض الدنيا فنلهو ونلعب
|
وقيل : إن أمراً اخره الموت
لحقيق أن يخاف مابعده.
وروي أن أمير المؤمنين 7 سمع إنساناً يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون
، فقال : « قولنا : إنا لله إقراراً له منا بالملك ، وقولنا : إنا إليه راجعون
إقراراً على أنفسنا بالهلك ».
وقيل : من عجائب الدنيا أنك تبكي على ، من
تدفنه ، وتترك
التراب على وجه من تكرمه.
وقال ابو نؤاس :
غرّ جهولاً أمله
|
|
يموت من جا أجله
|
ومن دنا من يومه
|
|
لم تغن عنه حيله
|
وكيف يبقى آخر
|
|
قد غاب عنه أوله
|
لا يصحب الانسان من
|
|
دنياه إلا عمله
|
أبو ذؤيب :
وإذا المنية أنشبت أظفارها
|
|
ألفيت كل تميمة لا تنفع
|
غيره :
ننافس في الدنيا ونحن نعيبها
|
|
فقد حذّرتناها لعمري خطوبها
|
ومانحسب الساعات تقطع مدة
|
|
على انها فينا سريع دبيبها
|
__________________
كأني برهطي يحملون جنازتي
|
|
إلى حفرة يحثى عليَّ كثيبها
|
وباكية حرى تنوح وإنني
|
|
على غفلة عن صوتها لا اُجيبها
|
أيا هادم اللذات ما منك مهرب
|
|
تحاذر نفسي منك ماسيصيبها
|
رأيت المنايا قسمت بين أنفس
|
|
ونفسي سيأتي بعد ذاك نصيبها
|
لأبي إسحاق الصابي من قطعة
كتبها إلى الشريف الرضي أبي الحسن الموسوي :
وإني على عيث الردى في جوانبي
|
|
وماكف من خطوى وبطش بناني
|
وإن لم يدع إلا فؤاداً مروعا
|
|
به غُبر باق من الخفقان
|
تلوم تحت الحجب ينفث حكمة
|
|
إلى اُذن تصغي لنطق لساني
|
لأعلم أني ميت عاق دفنه
|
|
ذماء قليل في غد هو فاني
|
وان فما للأرض غرثان حائماً
|
|
يراصد من أكلي حضور اؤان
|
به شرهُ عم الورى بفجائع
|
|
تركن فلاناً ثاكلاً لفلان
|
غدا فاغراً يشكو الطوى وهو راتع
|
|
فماتلتقي يوماً له شفتان
|
وكيف وحدّ الفوت منه فناؤنا
|
|
وما دون ذاك الحدِ رَدّ عنان
|
إذا غاضنا بالنسل ممن نعوله
|
|
تلا أولاً منه بمهلك ثاني
|
إلى ذات يوم لاترى الأرض وارثاً
|
|
سوى الله من انس براه وجان
|
لغيره :
فكم من صحيح بات للموت آمنا
|
|
أتته المنايا رقدة بعدما هجع
|
فلم يستطع اذجاءه الموت بغتةً
|
|
فراراً ولامنه بحيلته انتفع
|
فأصبح تبكيه النساء مكفّناً
|
|
ولايسمع الداعي إذا صوته ارتفع
|
وقُرّب من لحدٍ فصار مقيله
|
|
وفارق ماقد كان بالأمس قد جمع
|
__________________
فصل
في ذكرالموت والقتل وما
بينهما
والفرق بينهما
إعلم ، أن الموت غير القتل ، والذي يدل
على أنهما غير ان قول الله عز وجل : (أفان مات أوقتل)
وقوله تعالى : (ولئن متم أوقتلتم)
وقوله سبحانه : (ما ماتوا وما قتلوا)
وليس يجوز أن يكون التأكيد والتكرير في لفظين يرجعان إلى معنى واحد.
ويدل على ذلك أيضاً العلم بأن الله
سبحانه ليس بقاتل لمن مات حتف أنفه ، ولو قال قائل في ميت : إن الله قتله ، لعاب
العقلاء عليه ، والموت والقتل عرضان وليسا بجسمين.
وقد قال شيخنا المفيد 2 : إن القتل متولد عن الأسباب ، ومحله محل
حياة الأجسام ، والموت معنى يضاد حياة الفاعل المخلوق ولايصح حلوله في الأجسام ، قال
: وهذا مذهب يختص بي.
والقتل عند جميع أهل العدل من مقدورات
العباد ، والموت لايقدر عليه أحد إلاّ الله عز وجل.
ولو كان القتل هو الموت لكان من ذبح فرس
غيره وإبله وغنمه قد أحسن إليه ، لأن لولا ذبحه لماتت ـ على رأي من يقول : إن
القتل هو الموت ـ ومعلوم خلاف ذلك ، وذاك أن القتل سبب لزوال الحياة ، لأن المقتول
لو تعداه القتل لجاز من الله تعالى أن يبقيه أويميته ، ولا دليل على أحد الأمرين.
* * *
__________________
فصل
من كلام أمير المؤمنين
صلوات
الله عليه
في
الأخوان واداب الأخوة
في
الإيمان
« الناس إخوان فمن كانت اخوته في غير
ذات الله فهي عداوة ، وذلك قوله عز وجل : (الأخلاء يومئذ بعضهم
لبعض عدو إلاّ المتقين)
.
من قلب الاخوان عرف جواهر الرجال.
امحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة ،
ساعده على كل حال وزل معه حيث مازال ، فلا تطلبن منه المجازاة ، فإنها من شيم
الدناة.
ابذل لصديقك كل المودة ، ولا تبذل له كل
الطمأنينة ، واعطه كل المواساة ، ولا تفضي إليه بكل الأسرار ، توفي الحكمة حقها ، والصديق
واجبه.
لايكوننّ أخوك أقوى منك على مودتك.
البشاشة فخ المودة ، والمودة قرابة
مستفادة.
لايفسدك الظن على صديق أصلحه لك اليقين.
كفى بك أدباً لنفسك ماكرهته لغيرك.
لأخيك عليك مثل الذي لك عليه.
لاتضيعنّ حق أخيك إتكالاً على ما بينك
وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من ضيعت حقه.
ولا يكن أهلك أشق الناس بك.
إقبل عذر أخيك ، وإن لم يكن له عذر
فالتمس له عذراً.
لا يكلف أحدكم أخاه الطلب إذا عرف
حاجته.
لا ترغبن فيمن زهد فيك ، ولا تزهدن فيمن
رغب فيك.
__________________
إذا كان للمحافظة موضعاً لاتكثرن العتاب
، فإنه يرث الضغينة ويجرالى البغضة ، وكثرته من سوء الأدب.
إرحم أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك.
إحفظ زلة وليك لوقت وثبة عدوك.
من وعظ أخاه سراً فقد زانه ، ومن وعظه
علانية فقد شانه.
من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه
، وحنينه إلى أوطانه ، وحفظ قديم إخوانه.
* * *
__________________
فصل
مما جاء نظماَ في الإخوان
روي أن الصادق جعفر بن محمد 7 كان يتمثل كثيراً بهذين البيتين :
أخوك الذي لوجئت بالسيف عامداً
|
|
لتضربه لم يستَغِشَّك في الود
|
ولوجئتَهُ تدعوه للموت لم يكن
|
|
يردك إبقاءاً عليك من الرد
|
وقال سالم بن وابصة :
احب الفتى ينفي الفواحشَ سمعه
|
|
كأن به من كل فاحشة وقرا
|
سليم دواعي الصدرلاباسطاً أذى
|
|
ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هجرا
|
إذا ما أتت من صاحب لك زلة
|
|
فكن أنت محتالاً لزلته عذرا
|
غنى النفس ما يكفيك من سدّ خِلة
|
|
فإن زاد شيئاًعاد ذاك الغنى فقرا
|
لغيره :
إذاجمع الفتى حسبا ودينا
|
|
فلا تعدل به أبدا قرينا
|
ولاتسمح بحظك منه بل كن
|
|
بحظك من مودته ضنينا
|
وقال آخر :
وكنت إذا الصديق أرادغيظي
|
|
وأشرقني على حنق بريقي
|
غفرت ذنوبه وصفحت عنه
|
|
مخافة أن أعيش بلاصديق
|
لآخر :
ومن لم يغمض عينه عن صديقه
|
|
وعن بعض مافيه يعيش وهو عاتب
|
ومن يتتبع جاهداً كل عثرة
|
|
يجدها ولم يسلم له الدهر صاحب
|
وقال إياس بن القائف :
يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم
|
|
ترمي النوى بالمقترين المراميا
|
فاكرم أخاك الدهرمادمتما معاً
|
|
كفى بالممات فرقة وتنائيا
|
__________________
إذا زرت ارضاً بعد طول اجتنابها
|
|
فقدر صديقي والبلاد كما هيا
|
وقال حاتم بن عبدالله :
وما انا بالساعي بفضل زمامها
|
|
لتشرب ما في الحوض قبل الركائب
|
وما أنا بالطاوي حقيبة رحلها
|
|
لابعثها خفاً وأترك صاحبي
|
لبعضهم :
بدا حين اثرى باخوانه
|
|
فقلل عنهم شناة العدم
|
و ذكره الحزم غب الاُمور
|
|
فبادر قبل انتقال النعم
|
لغيره :
ألا إن عبدالله لما حوى الغنى
|
|
وصار له من بين إخوانه مال
|
رأى خلة منهم تسد بماله
|
|
فساواهم حتى استوت بهم الحال
|
لموسى بن يقطين :
تتبع اخوانه في البلاد
|
|
فأغنى المقل عن المكثر
|
ولسلمان بن فلاح :
لي صديق مامسني عدم
|
|
مذ وقعت عينه على عدمي
|
قام بعذري لما قعدت به
|
|
ونمت عن حاجتي ولم ينم
|
أغنى وأقنى ولم يسم كرماً
|
|
تقبيل كف له ولاقدم
|
لبشار بن برد :
ذا كنت في كل ألاُمورمعاتبا
|
|
صديقك لم تلق الذي لاتعاتبه
|
فعش واحداً أوصل أخاك فإنه
|
|
مقارف ذنب مرة ومجانبه
|
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
|
|
ضمئت ، وأي الناس تصفو مشاربه!
|
لزياد الأعجم :
أخ لك لاتراه الدهرَ إلاّ
|
|
على العلات بسّاماً جوادا
|
__________________
أخ لك ليس خلته بمذق
|
|
إذا ما عاد فقر أخيه عادا
|
شّاعر :
أذا كان ذواقاً أخوك من الهوى
|
|
موجّهة في كل فج ركائبه
|
فخلّ له وجه الطريق ولاتكن
|
|
مطية رحّال كثير مذاهبه
|
تخاف المنايا أن ترحل صاحبي
|
|
كأن المنايا في المقام تناسبه
|
ولبشار أيضا :
خير إخوانك المشارك في المر
|
|
وأين الشريك في المرّ أينا
|
الذي إن شهدت سرك في الناس
|
|
وإن غبت كان اُذناً وعينا
|
مثل سر العقيان إن مسه النار
|
|
جلاه البلاء فازداد زينا
|
وأنشدت لابن معمعة :
أيها العالم الذي
|
|
ملأ الأرض علمه
|
قلت لما جرحت
|
|
قلبي بحال تغمه
|
لا يضرّ الجواد أن
|
|
تتوطاه اُمه
|
ولعمري لَضَمّ
|
|
كان أحلى وشمه
|
لاَتَهَجَّم على الصديق
|
|
بشيء يغمه
|
فإذا أحوج الشجاع
|
|
بدا منه سمّه
|
قال : وأنشدت لغيره :
لاتوردن على الصديق
|
|
من الدعابة مايغمّه
|
واحذر بوادر طيشه يوماً
|
|
إذا ماطال حلمه
|
فالعجل تنطحه على
|
|
إدمان مص الضرع اُمّه
|
* * *
__________________
فصل
آخر في ذكر الاخوة والإخوان
قال رسول الله 9 : « إذا آخى أحدكم رجلاً فليسأله عن اسمه
واسم أبيه وقبيلته ومنزله ، فإنه من واجب الحق ، وصافي الإخاء ، وإلا فهي المودة
الحمقاء ».
وروي أن داود قال لابنه سليمان 8 : يا بني ، لاتستبدلن بأخ قديم أخاً
مستفاداً ما استقام لك ، ولا تستقلن أن يكون لك عدو واحد ، ولا تستكثرن أن يكون لك
ألف صديق.
وأنشد لأمير المؤمنين 7 :
وليس كثير ألف خل وصاحب
|
|
وإن عدواً واحداً لكثير
|
وروي أن سليمان 7 قال : لاتحكموا على رجل بشيء حتى
تنظروا إلى من يخادن ، فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه ، وينسب الى أصحابه
وأخدانه.
وروي أنه كانت بين الحسن والحسين صلوات
الله عليهما وحشة ، فقيل للحسين 7
: لم لاتدخل على أخيك وهو أسن منك؟ قال : « سمعت رسول الله 9 يقول : أيّما اثنان جرى بينهما كلام
فطلب أحدهما رضا صاحبه ، كان سابقاً له إلى الجنة ، وأكره أن أسبق أبا محمد إلى
الجنة « فبلغ ذلك الحسن 7
فقام يجر رداءه حتى دخل على الحسين صلوات الله عليهما فترضاه.
* * *
__________________
فصل
مما ورد في ذكر الظلم
روى عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله
الصادق 7 أنه قال : «
[ قال ]
رسول الله 9 : أوحى الله
إلى نبي من أنبيائه : يا ابن آدم اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي فلا أمحقك فيمن
أمحق ، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك ، فإن انتصاري لك خيرمن انتصارك لنفسك
واعلم أن الخلق الحسن يذيب السيئة كما تذيب الشمس الجليد ، وان الخلق السيء يفسد
العمل كما يفسد الخل العسل ».
وروي عن رسول الله 9 أنه قال : « من ولي شيئاً من اُمور اُمتي
فحسنت سريرته لهم ، رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم ، ومن بسط كفه إليهم بالمعروف
رزق المحبة منهم ، ومن كفّ عن أموالهم وفر الله عز وجل ماله ، ومن أخذ للمظلوم من
الظالم كان معي في الجنة مصاحباً ، ومن كثرعفوه مد في عمره ، ومن عم عدله نصرعلى
عدوه ، ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، آنسه الله عز وجل بغير أنيس وأعانه
بغير مال ».
وروي أن في التوراة مكَتوب : من يظلم
يخرب بيته ، ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل : (
فتلك
بيوتهم خاوية بما ظلموا )
.
وقد قيل : إذا ظلم من دونك عاقبك من
فوقك.
وقال رسول الله 9 : « إن الله تعالى يمهل الظالم حتى
يقول : اهملني ، ثم
إذا أخذه اخذة رابية ».
وقال 9
: « إن الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين فقال : (
فقطع دابر
القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين
) ». ومن كلام إمير المؤمنين في ذلك : « لايكبرن
عليك ظلم من ظلمك ، فإنما سعى في مضرته ونفعك ، وليس جزاء
__________________
من سرك أن تسوءه.
ومن سلّ سيف البغي قتل به ، ومن حفر
لأخيه بئراً وقع فيها ، ومن هتك حجاب أخيه انهتكت عورات بيته.
بئس الزاد إلى المعاد ، العدوان على
العباد.
أسد حطوم خير من سلطان ظلوم ، وسلطان
ظلوم خير من فتن تدوم.
اذكرعند الظلم عدل الله فيك ، وعند
المقدرة قدرة الله عليك ».
المتنبي :
وأظلم خلق الله من بات حاسداً
|
|
لمن بات في نعمائه يتقلب
|
* * *
[ فصل ] من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وحكمه :
قال أمير المؤمنين 7 : « لاشرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم
أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة ».
« ومن ضاق صدره لايصبرعلى أداء حق ».
« من كسل لم يؤد حق الله ، ومن عظّم
أوامر الله أجاب سؤاله ».
« من تنزه عن حرمات الله ، سارع إليه
عفو الله ».
« من تواضع قلبه لله ، لم يسأم بدنه
طاعة الله ».
« الداعي بلا عمل ، كالرامي بلا وتر ».
« ليس مع قطيعة الرحم نماء ، ولا مع
الفجور غنى ».
« عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر » ، «
تصفية العمل خير من العمل ».
« عند الخوف يحسن العمل » ، « رأس الدين
صحة اليقين ».
« أفضل ما لقيت الله به ، نصيحة من قلب
، وتوبة من ذنب ».
« إياكم والجدال ، فإنه يورث الشك في
الدين ».
« بضاعة الآخرة كاسدة ، فاستكثروا منها
في أوان كسادها ».
« اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا
عمل ».
« دخول الجنة رخيص ، ودخول النار غال ».
« التقي سابق إلى كل خير » ، « من غرس
أشجار التقى ، جنى ثمار الهدى ».
« الكريم من اكرم عن ذل النار وجهه ».
« ضاحك معترف بذنبه ، أفضل من باك مدلّ
على ربه ».
« من عرف عيب نفسه ، اشتغل عن عيب غيره
».
« من نسى خطيئته ، استعظم خطيئة غيره ».
« ومن نظر في عيوب الناس ونسبها لنفسه ، فذاك الأحمق بعينه ».
« كفاك أدباً لنفسك ما كرهته لغيرك ».
__________________
« اتعظ بغيرك ، ولايكون متعظاً بك ».
« لا خير في لذة تعقبها ندامة » ، « تمام
الاخلاص تجنب المعاصي ».
« من أحب المكارم اجتنب المحارم ».
« جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه » ، «
من أحبك نهاك ، ومن أبغضك أغراك ».
« من أساء استوحش ». « من عاب عيب ، ومن
شتم اُجيب ».
« أدوا الامانة ولو إلى قاتل الأنبياء ».
« الرغبة مفتاح العطب ، والتعب مطيّة النصب ».
« الشر داع إلى التقحم في الذنوب ».
« من تورط في الاُمور غير ناظر في
العواقب ، فقد تعرض لمدرجات النوائب ».
« من أتى ذمياً وتواضع له ـ ليصيب من
دنياه شيئاً ـ ذهب ثلثا دينه ».
« من لزم الاستقامة لزمته السلامة ».
من
كلام أمير المؤمنين :
قال نوف البكالي : دخلت عليه فقلت : السلام
عليك يا أمير المؤمنين فقال : « وعليك السلام » فقلت : عظني. فقال : « يانوف ، أحسن
يحسن إليك » فقلت : زدني. فقال : « إرحم ترحم » فقلت : زدني. فقال : « قل خيراً
تذكر بخير » فقلت : زدني. فقال : « اجتنب الغيبة ، فإنها ادام كلاب النار ».
ثم قال : « يانوف ، كذب من زعم أنه ولد
من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة ، وكذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يبغضني
ويبغض الأئمة من ولدي ، كذب من زعم أنه يعرف الله وهو يجترىء على معاصيه.
يا نوف ، لاتكونن عريفاً ولا نقيباً ولا
عشاراً ولا بريداً.
يا نوف ، صل رحمك يزد الله في عمرك ، وحسن
خلقك يخفف الله حسابك ، وإن سرك أن تكون معي ـ يوم القيامة ـ فلا تكن للظالمين
معيناً.
يانوف ، من أحبنا كان معنا ، ولو أن
رجلاً أحب حجراً لحشره الله معه.
يانوف ، إياك ان تتزين للناس ، وتبارز
الله بالمعاصي ، فتلقى الله وهوعليك غضبان.
يا نوف ، إحفظ عني ما أقول لك تنل خير الدنيا
والآخرة » .
روي عن امرأة من العرب أنها قالت لبنتها
وقد زوجتها وأرادت حملها إلى زوجها : يا بنية ، إن الوصية لو تركت لأدب ومكرمة في
حسب لتركت ذلك منك ، ولكنها تذكرة للعاقل.
يا بنية ، إنه لو استغنت امرأة عن زوج
لكنت أغنى الناس عنه ، لكن للرجال خلقن ، كما خلق الرجال لهن.
يا بنية ، إنك قد فارقت الوكر الذي منه
خرجت ، وتركت الوطن الذي فيه درجت ، وصرت إلى وكر لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، أصبح
بملكه إياك عليك مليكاً ، فكوني له أمة يكن لك عبداً واحفظي عني خصالاً عشراً تكن
لك ذكراً وذخراً :
أمّا الاُولى والثانية : فالصحبة له
بالقناعة ، والمعاشرة له بحسن السمع والطاعة ، فإن القناعة راحة للقلب والسمع ، والطاعة
رضى الرب.
وأمّا الثالثة والرابعة : فالتعهد لموضع
عينيه ، والتفقد لموضع أنفه ، فلا تقع عيناه منك على قبيح ، ولا يشم أنفه منك إلاّ
طيب ريح ، فإن الكحل أحسن الحسن الموجود ، وان الماء الطيب المفقود.
وأما الخامسة والسادسة : فالتعهد لوقت
طعامه ، والهدو حين منامه ، فإن حرارة الجوع ملهبة ، وان تنغيص النوم يغضبه.
وأما السابعة والثامنة : فالاحتفاظ
ببيته وماله ، والارعاء على حشمه وعياله ، فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير ، والارعاء
على الحشم والعيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة : فلاتفشي له
سراً ، ولا تعصي له أمراً ، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني عذره ، وإن عصيت أمره أو غرت صدره.
ثم اتق مع ذلك الفرح لديه ، إذا كان
ترحاً ، والإكتئاب عنده إذاكان فرحاَ ، فإن الخلة الاُولى من التقصير ، والثانية
من التكدير. وأشد ما تكونين له إعظاماً ، أشد ما يكون لك إكراماَ ، وأشد ما تكونين
له موافقة ، أطول ما يكون لك مرافقة.
واعلمي يا بنية إنك لن تصلي إلى ذلك ، حتى
تؤثري رضاه على رضاك وهواه على هواك ـ فيما أحببت وكرهت ـ وعلى أن تؤثري الضنك على
الدعة ، والضيق على السعة ، والله معك يختر لك.
__________________
باب
وصية النبي صلى الله عليه لأبي ذر
قال أبو الأسود الدؤلي : حدثني أبو ذر
قال : دخلت ذات يوم على رسول الله 9
في مسجده ، فلم أر في المسجد أحداً من الناس إلاّ رسول الله وعلي صلى الله عليه
جالس إلى جانبه ، فاغتنمت خلوة المسجد فقلت : يا رسول الله ـ بأبي أنت واُمي ـ أوصني
بوصية ينفعني الله بها ، فقال : « نعم ، وأكرم بك.
يا أباذر ، اعبد الله كأنك تراه ، فإن
كنت لاتراه فإنه عز وجل يراك.
واعلم ان اول عبادة الله المعرفة به أنه
الأول قبل كل شيء فلا شيء قبله ، والفرد فلا ثاني معه ، والباقي لا إلى غاية ، فاطر
السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما من شيء ، وهو اللطيف الخبير ، وهو على كل
شيء قدير.
ثم الايمان بي ، والاقرار بأن الله عز
وجل أرسلني إلى كافة الناس بشيراً ونذيراً وداعياُ إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً
، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
واعلم ـ يا أباذر ـ أن الله جعل أهل
بيتي كسفينة النجاة في قوم نوح ، من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ، ومثل باب حطة في
بني إسرائيل من دخله كان امناً.
يا أباذر ، إحفظ عني ما اُوصيك به ، تكن
سعيداً في الدنيا والآخرة.
يا أباذر ، نعمتان مغبون فيهما كثير من
الناس : الصحة ، والفراغ.
يا أباذر ، اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك
قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل
مماتك.
يا أباذر ، إياك والتسويف بأملك ، فإنك
بيومك ولست بما بعده ، فإن يك غداً لك تكون في الغد كما كنت في اليوم ، وإن لم يك
غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم.
يا أباذر ، كم من مستقبل يوماً
لايستكمله ، ومنتظرغداً لايبلغه.
يا أباذر ، لو نظرت إلى الأجل ومسيره ، لأبغضت
الأمل وغروره.
__________________
يا أباذر ، كن في الدنيا كأنك غريب أو
كعابر سبيل ، وعد نفسك في أهل القبور.
يا أباذر ، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك
بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح ، وخذ من صحتك قبل سقمك ، ومن حياتك قبل
مماتك ، فإنك لاتدري ما اسمك غداً.
يا أباذر ، إياك أن تدرك الصرعة عند
العثرة ، فلا تمكن من الرجعة ، ولايحمدك من خلفت بما تركت ، ولا يعذرك من تقدم
عليه بما فيه إشتغلت.
يا أباذر ما رأيت كالنار نام هاربها ، ولا
مثل الجنة نام طالبها.
يا أباذر ، كن على عمرك أشح منك على
درهمك ودينارك.
يا أباذر ، هل ينتظرأحد إلا غنى مطغياًأوفقراً منسياً ، أو
مرضاً مزمناَ ، أوهرماً مفنياً ، أو موتاً مجهداً ، أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر
، أو الساعة والساعة أدهى وأمر!
يا أباذر ، إن شر الناس عندالله ـ جل
ثناؤه ـ يوم القيامة ، عالم لاينتفع بعلمه ، ومن طلب علماً ليصرف به وجوه الناس
إليه ، لم يجد ريح الجنة.
يا أباذر ، إذا سئلت عن علم لا تعلمه
فقل : لا أعلم ، تنج من تبعته. ولا تفت الناس بما لاعلم لك به ، تنج من عذاب يوم
القيامة.
يا أباذر ، يطلع قوم من أهل الجنة إلى
قوم من أهل النار فيقولون : ما أدخلكم النار؟ وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم
وتعليمكم! فيقولون : كنا نأمر بالمعروف ولانفعله
يا أباذر ، إن حقوق الله أعظم من أن
يقوم بها
العباد ، وإن نعم الله عز وجل أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن امسوا تائبين ، وأصبحوا
يائسين.
يا أباذر ، إنكم في ممر الليل والنهار ،
في آجال منقوصة ، وأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة ، فمن يزرع خيراً يوشك أن يحصد رغبة ، ومن يزرع سوءاً يوشك أن
يحصد
__________________
ندامة ، ولكل زارع
مازرع.
يا أباذر ، لايسبق بطيء بحظه ، ولا يدرك
حريص مالم يقدرله ، ومن اُعطي خيراً فالله عز وجل أعطاه ، ومن وقي شراً فالله عز
وجل وقاه.
يا أباذر ، المتقون سادة ، والفقهاء
قادة ، ومجالستهم زيادة.
يا أباذر ، إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه ، والكافر
يرى ذنبه كأنه ذباب مرّ على أنفه.
يا أباذر ، إن الله تعالى إذا أراد بعبد
خيراً جعل الذنوب بين عينيه ممثّلة.
يا أباذر ، لاتنظرإلى صغر الخطيئة ولكن
انظر إلى من عصيت.
يا أباذر ، إن نفس المؤمن أشد تقلباً
وخيفة من العصفور حين يقذف به [ في ]
شرك.
يا أباذر ، إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب
يصيبه.
يا أباذر ، إنك إذا طلبت شيئاً من أمر
الدنيا وابتغيته وعسر عليك ، فإنك على حال حسنة.
يا أباذر ، لاتنطق فيما لايعنيك فإنك
لست منه في شيء ، واخزن لسانك كما تخزن رزقك.
يا أباذر ، إن الله جل ثناؤه ليدخل
قوماً الجنة فيعطيهم حتى تنتهي أمانيهم ، وفوقهم قوم في الدرجات العلى ، فإذا
نظروا إليهم عرفوهم فيقولون : ربنا ، إخواننا كنا معهم في الدنيا ، فبم فضلتهم
علينا؟ فيقال : هيهات ، فإنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ، ويظمأون حين تروون ، ويقومون
حين تنامون ، ويشخصون حين تخفضون .
يا أباذر ، إن الله تعالى جعل قرة عيني
في الصلاة ، وحببها إليّ كما حبب إلى الجائع الطعام ، وإلى الظمآن الماء ، وإن
الجائع إذا أكل الطعام شبع ، وإذا شرب روي ، وأنا لا أشبع من الصلاة.
يا أباذر ، إنّ الله عزّ وجلّ بعث عيسى
بن مريم بالرهبانية وبعثت بالحنيفية السمحة ، وحبب إليّ النساء والطيب ، وجعل في
الصلاة قرّة عيني.
__________________
يا أباذر أيما رجل تطوع في كلّ يوم
باثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقاً واجباً بيتاً في الجنة.
يا أباذر وصلاة في مسجدي هذا تعدل مائة
ألف صلاة في غيره إلاّ المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة
في غيره ، وأفضل من هذا كلّه صلاة يصليها الرجل في بيته حيث لايراه إلا الله عزّ
وجلّ يطلب بها وجه الله عز وجلّ.
يا أباذر ما دمت في الصلاة فإنك تقرع
باب الله ، ومن يكثرمن قرع باب الملك يفتح له.
يا أباذر ما من مؤمن يقوم إلى الصلاة إلاّ
تناثر عليه البر مابينه وبين العرش ، ووكل به ملك ينادي : يا أبن ادم لو تعلم ما
لك في صلاتك ومن تناجي ما سئمت ولا التفت.
يا أباذر طوبى لأصحاب الألوية يوم
القيامة يحملونها فيسبقون إلى الجنّة ، ألا وهم السابقون إلى المساجد بالأسحار
وغيرها.
يا أباذر لاتجعل بيتك قبراً ، واجعل فيه
صلاتك تضيء لك قبرك.
يا أباذر الصلاة عماد الدين واللسان أكبر ، والصدقة
تمحو الخطيئة واللسان أكبر.
يا أباذر الدرجة في الجنة فوق الدرجة
كما بين السماء والأرض ، وإنّ العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره فيفزع
لذلك فيقول
: ما هذا؟ فيقال : هذا نور أخيك المؤمن. فيقول : هذا أخي فلان كنّا نعمل جميعاً في
الدنيا وقد فضّل عليّ هكذا؟ فيقال : إنّه كان أفضل منك عملاَ ثم يجعل في قلبه
الرضى حتى يرضى.
يا أباذر الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر
، وما أصبح فيها مؤمن إلاّ وهو حزين ، وكيف لايحزن وقد أوعده الله أنّه وارد جهنم
ولم يعده أنّه صادر عنها.
يا أباذر من اُوتي من العلم مالا يعمل
به لحقيق أن يكون اُوتي علماً لاينفعه الله به لأنّ الله عز وجلّ نعت العلم فقال :
( إنّ الذين أؤتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم
يخرّون للأذقان سجّداً * ويقولون سبحان ربّنا
ان كان وعد ربّنا لمفعولاً * ويخرّون للأذقان
__________________
يبكون
) من استطاع أن يبكي قلبه فليبك ، ومن لم
يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباكى.
يا أباذر ان القلب القاسي بعيد من الله
ولكن لايشعرون.
يا أباذر ما من خطيب إلاّ عرضت له خطبته
يوم القيامة وما أراد بها.
يا أباذر فضل صلاة النافلة تفعل في السر
على العلانية كفضل الفريضة على النافلة.
يا أباذر ما يتقرّب العبد إلى الله بشيء
أفضل من السجود الخفي.
يا أباذر اذكرالله ذكراً خالصاً. قلت : يا
رسول الله وما الخالص؟ قال : الذكر الخفي.
يا أباذر يقول الله تعالى : لا أجمع على
عبدي خوفين ولا اجمع له أمنين فإذا أمن أخفته يوم القيامة وإذا خافني امنته يوم
القيامة.
يا أباذر لو أنّ رجلاً كان له مثل عمل
سبعين نبياً لاحتقره وخشي ان لاينجو من شر يوم القيامة.
يا أباذر إنّ الرجل لتعرض عليه ذنوبه
يوم القيامة ، فيقول أما إنّي قد كنت مشفقاً فيغفر له.
يا أباذر إنّ الرجل ليعمل الحسنة فيتّكل
عليها ، فيعمل المحقرات فيأتي الله وهو من الأشقياء ، وإنّ الرجل ليعمل السيئة
فيفرق منها فيأتي الله عز وجلّ آمناً يوم القيامة.
يا أباذر إنّ العبد ليذنب فيدخل بذنبه
ذلك الجنة ، قلت : وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال : يكون ذلك الذنب نصب عينه تائباً
منه فازعاً حتى يدخل الجنة.
يا أباذر إنّ الكيّس من النار من دان
نفسه وعمل لما بعد الموت ، والفاجرمن اتبع نفسه هواها وتمنّى على الله عز وجلّ
الأماني.
يا أباذر إنّ الله عز وجل أوّل شيء يرفع
من هذه الاُمة الأمانة والخشوع حتى لايكاد يرى خاشعاً.
يا أباذر والذي نفس محمّد بيده لو أنّ
الدنيا كانت تعادل عند الله جناح بعوضة ما سقى الفاجر منها شربة من ماء.
__________________
يا أباذر الدنيا ملعونة ملعون ما فيها
إلاّ ما يبتغى به وجه الله.
يا أباذر ما من شيء أبغض الى الله من
الدنيا خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظر إليها ولا ينظر إليها حتى تقوم الساعة.
وما من شيء أحبّ إلى الله عز وجل من
إيمان به وترك ما أمر به أن يترك.
يا أباذر إنّ الله جلّ ثناؤه أوحى إلى
أخي عيسى 7 : لا تحبّ
الدنيا فإني لا أحبها وحبّ الاخرة فإنها هي دار المعاد.
[ يا اباذر ] إنّ جبرئيل 7 أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال
: يا محمّد هذه خزائن الدنيا ولا ينقصك من حظّك شيئاً عنده ، قال : فقلت : حبيبي جبرئيل لاحاجة لي
فيها ، إذا جعت سألت ربِّي وإذا شبعت شكرته.
يا أباذر إذا أراد الله بعبد خيراً فقهه
في الدين ، وزهده في الدنيا ، وبصّره عيوب نفسه.
يا أباذر ، ما زهد عبد في الدنيا إلاّ
أثبت الله عز وجل الحكمة في قلبه ، وأنطقبها لسانه ، وبصّره عيوب نفسه والدنيا
ودواءها ، وأخرجه منها سالماً إلى دارالسلام.
يا أباذر ، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا ، فاستمع منه فإنه يلقي
إليك الحكمة.
فقلت : يا رسول الله ، من أزهد الناس؟
قال : من لم ينس المقابر والبلى ، وترك
مايفنى لما يبقى ، ومن لم يعد غداً من أيامه ، وعد نفسه في الموتى.
يا أباذر ، لم يوح إليَّ أن اجمع المال
إلى المال ، ولكن اوحي اليَّ أن سبح بحمدي وكن من الساجدين ، واعبد ربك حتى يأتيك
اليقين.
يا أباذر ، إني البس الغليظ ، وأجلس على
الأرض ، وأركب الحمار بغيرسرج ،
__________________
وأردف خلفي ، فمن
رغب عن سنتي فليس مني.
يا أباذر ، حب المال والشرف مذهبة لدين
الرجل.
فقلت : يا رسول الله ، الخائفون
الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيراً ، يسبقون الناس إلى الجنة؟
فقال : لا ، ولكن فقراء المؤمنين ، فأنهم
يأتون فيتخطٌون رقاب الناس ، فيقول لهم خزنة الجنة : كما أنتم حتى تحاسبوا.
فيقولون : بما نحاسب! فوالله ما ملكنا فنجور ونعدل ، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط ،
وكنا نعبد ربنا حتى أتانا اليقين.
يا أباذر ، الدنيا مشغلة القلب والبدن ،
وإن الله عز وجل يسأل أهل الدنيا عما يعملون في حلالها ، وكيف ينعمون في حرامها؟.
يا أباذر ، إني سألت الله عز وجل أن
يجعل رزق من أحبني الكفاف ، ويعطي من يبغضني المال والولد.
يا أباذر ، طوبى للزاهدين في الدنيا ، والراغبين
في الاخرة ، الذين اتخذوا أرض الله بساطاً ، وترابها فراشاً ، وماءها طيباً ، واتخذوا
الكتاب شعاراً ، والدعاء لله عز وجل دثاراً.
يا أباذر ، إن ربي تبارك وتعالى أخبرني
فقال : وعزتي وجلالي ، ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئاً وإني لأبنين لهم في
الرفيق الأعلى قصراً لايشركهم فيه أحد.
قال : فقلت : يا رسول الله ، أي
المؤمنين أكيس؟
فقال : أكثرهم للموت ذكراً ، وأحسنهم له
استعداداً.
يا أباذر ، إذا دخل النور القلب انفتح
القلب واتسع واستوسع.
قلت : فما علامة ذلك ـ بأبي أنت واُمي ـ
يا رسول الله؟
قال : الإنابة إلى دارالخلود والتجافي
عن دار الغرور ، والإستعداد للموت قبل نزوله.
يا أباذر ، اتق الله ، ولا يرى الناس
أنك تخشاه فيكرموك وقلبك فاجر.
يا اباذر ، ليكن لك فى كل شيء نية [ صالحة
حتى ] في النوم
والأكل.
__________________
يا أباذر ، ليعظم جلال الله في صدرك ، فلا
تذكره كما يذكره الجاهل ، عند الكلب : اللهم اخزه ، وعند الخنزير : [ اللهم ] اخزه.
يا أباذر ، إن لله عز وجل ملائكة قياماً
ـ في خيفة ـ ما يرفعون رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الاخرة ، فيقولون : سبحانك
وبحمدك ، ما عبدناك كما ينبغي لكأن تعبد. فلو كان لرجل عمل سبعين صدّيقاً ، لاستقل
عمله من شدة ما يرى يومئذ ، ولو أن دلواً صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه
جماجم من في مغربها ، ولو زفرتزفرة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلاّ خر جاثياً
لركبتيه يقول : رب نفسي نفسي ، حتى ينسى إبراهيم إسحاق 8 يقول : يا رب أنا خليلك فلا تنسني.
يا أباذر ، لوأن امرأة من نساء أهل
الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض ، ولو أن ثوباً من
ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
يا أباذر ، اخفض صوتك عند الجنائز ، وعند
القتال ، وعند القرآن.
يا أباذر ، إذا اتبعت جنازة فليكن عملك
فيها التفكر والخشوع ، واعلم أنك لاحق بها.
يا أباذر ، إعلم ان فيكم خلقين : الضحك
من غيرعجب ، والكسل من غير سهر.
يا أباذر ، ركعتان مقتصدتان في تفكر ، خير
من قيام ليلة والقلب ساه.
يا أباذر ، الحق ثقيل مر ، والباطل خفيف
حلو ، ورب شهوة ساعة تورث حزناً طويلاً.
يا أباذر ، لايفقه الرجل كل الفقه ، حتى
يرى الناس في جنب الله أمثال الأباعر ، ثم يرجع إلى نفسه فيكون هوأحقر حاقر لها.
يا أباذر ، لايصيب الرجل حقيقة الايمان
، حتى يرى الناس كلهم عقلاء في دنياهم سفهاء في دينهم.
يا أباذر ، حاسب نفسك قبل أن تُحاسب ، فإنه
أهون لحسابك غداً وزن نفسك قبل أن توزن ، وتجهز للعرض الاكبر ، يوم تعرض لاتخفى
على الله منك خافية.
يا أباذر ، استحي من الله ، فإني ـ والذي
نفسي بيده ـ لأظل حين أذهب إلى
__________________
الغائط متقنّعاً
بثوبي استحياءً من الملائكة الذين معي.
يا أباذر ، أتحب أن تدخل الجنة؟
قلت : نعم ، فداك أبي واُمي.
قال : اقصر من الأمل ، واجعل الموت نصب
عينك ، واستحي من الله حق الحياء.
قلت : يا رسول الله ، كلنا نستحي من
الله.
قال : ليس كذلك الحياء ، ولكن الحياء من
الله أن لا تنسى الموت والمقابر والبلى ، وتحفظ الجوف وما وعى ، والرأس وما حوى ، فمن
أراد كرامة الآخرة فليدع زينة الدنيا ، فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله عز وجل.
يا أباذر ، يكفي من الدعاء مع البر كما
يكفي الطعام من الملح.
يا أباذر ، مثل الذي يدعو بغيرعمل ، كمثل
الذي يرمي بغير وتر.
يا أباذر ، إن الله تعالى يصلح بصلاح
العبد ولده وولد ولده ، ويحفظه الله في دويرته والدور التي حوله مادام فيهم.
يا أباذر ، إن ربكم عز وجل يباهي
الملائكة بثلاثة نفر :
رجل يصبح في أرض قفر ، فيؤذن ثم يقيم ثم
يصلي ، فيقول ربك عز وجل للملائكة : اُنظروا إلى عبدي يصلي ولا يراه أحد غيري ، فينزل
سبعون ألف ملكاً يصلون وراءه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم.
ورجل قام من الليل يصلي وحده ، فسجد
ونام وهوساجد ، فيقول : اُنظروا إلى عبدي ، روحه عندي وجسده ساجد.
ورجل في زحف ، فيفر أصحابه ويثبت وهو يقاتل
حتى قتل.
يا أباذر ، مامن رجل يجعل جبهته في بقعة
من بقاع الأرض ، إلاّ شهدت له يوم القيامة ، وما بها من منزل ينزل قوم ، إلاّ أصبح
ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم.
يا أباذر ، ما من صباح ولا رواح إلاّ
وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً : ياجارة ، هل مربك ذاكر لله عزوجل ، أو عبد وضع
جبهته عليك ساجداً لله تعالى؟ فمن قائلة : لا ، ومن قائلة : نعم. فإذا قالت : نعم
، اهتزت وابتهجت ، وترى أن لها فضلاً على جارتها.
يا أباذر ، إن الله تعالى لما خلق الأرض
وخلق مافيها
من الشجر ، لم يكن في
__________________
الأرض شجرة يأتيها
بنو ادم إلا أصابوا فيها منفعة ، فلم يزل الشجر والأرض كذلك حتى تكلم فجرة بني
اسرائيل بالكلمة العظيمة ـ قولهم : اتخذ الله ولداً ـ سبحانه! فلما قالوا اقشعرت
الأرض وذهبت بالمنفعة.
يا أباذر ، ما من شاب يدع لذة الدنيا
ولهوها ، وأهرم شبابه في طاعة الله ، إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صدّيقاَ.
يا أباذر ، الجليس الصالح خير من الوحدة
، والوحدة خيرمن جليس السوء ، وإملاء الخير خير من السكوت ، والسكوت خير من إملاء
الشريا أباذر ، لاتصاحب إلاّ مؤمناً ، ولا يأكل معك إلا تقي ، ولا تأكل طعاماً للفاسقين.
يا أباذر ، أطعم طعامك من تحبه في الله
تعالى ، وكل طعام من يحبك في الله.
يا أباذر ، إن الله عند لسان كل قائل ، فليتق
الله امرؤ ، وليعلم ما يقول.
يا أباذر ، اترك فضول الكلام ، وحسبك من
الكلام ما تبلغ به حاجتك.
يا أباذر ، كفى بالمرء كذبا أن يتحدث
بكل ما يسمع.
با أباذر ، ما من شيء أحق بغلول السجن
من اللسان.
يا أباذر ، إن من إجلال الله إكرام ذي
الشيبة المسلم ، وإكرام حملة القران والعاملين به ، وإكرام السلطان المقسط.
يا أباذر ، لا تكن عيّاباً ، ولا
مدّاحاً [ ولا ]
طعّاناً ، ولا ممارياَ.
يا أباذر ، لايزال العبد يزداد من الله
بعداً ما نسي خالقه.
يا أباذر ، من أجاب داعي الله عز وجل ، وأحسن
عمارة مساجد الله ، كان ثوابه من الله تعالى الجنة.
فقلت : بأبي أنت واُمي يا رسول الله ، كيف
تعمر مساجد الله؟
فقال : لاترفع فيها الأصوات ، ولا يخاض
فيها بالباطل ، ولا يشترى فيها ولايباع ، واترك اللغو مادمت فيها ، فإن لم تفعل
فلا تلو من ـ يوم القيامة ـ إلا نفسك.
يا أباذر ، إن الله يعطيك مادمت جالساً
في المسجد بكل نفس تتنفس فيه درجة في الجنة ، وتصلي عليك الملائكة ، ويكتب لك بكل
نفس تتنفس فيه عشر حسنات
__________________
ويمحى عنك عشر سيئات
، كل جلوس في المسجد لغو إلاّ ثلاثة ، قراءة مصل ، أو ذكر الله ، أو مسائل عن علم.
يا أباذر ، كن بالعمل بالتقوى أشد
اهتماماً منك بالعمل لغيره ، فإنه لا يقل عمل بالتقوىَ ، وكيف يقل عمل يتقبل! يقول
الله عز وجل : (
إنما يتقبل
الله من المتقين ) .
يا أباذر ، لايكون الرجل من المتقين حتى
يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك ، فيعلم من أين مطعمه ومشربه؟ ومن أين ملبسه؟ أمن
حِلّ أو من حرام؟
يا أباذر ، من لم يبال من أين اكتسب
المال ، لم يبال الله من أين أدخله النار.
يا أباذر ، من سره أن يكون أكرم الناس
فليتق الله عز وجل.
يا أباذر ، أحبكم إلى الله ـ جل ثناؤه ـ
أكثركم ذكراً له ، وأكرمكم عندالله أتقاكم له ، وأنجاكم من عذاب الله أشدكم خوفاً
له.
يا أباذر ، إن المتقين الذين يتقون الله
من الشيء الذي لايتقى
منه ، خوفاً من الدخول في الشبهة.
يا أباذر ، من أطاع الله ـ عز وجل ـ فقد
ذكرالله ، وإن قلت صلا ته وصيامه وتلاوته للقرآن.
يا أباذر ، أصل الدين الورع ، ورأسه
الطاعة.
يا أباذر ، كن ورعاً تكن أعبد الناس ، خير
دينكم الورع.
يا أباذر ، فضل العلم خير من فضل
العبادة.
واعلم أنكَم لو صليتم حتى تكونوا
كالحنايا ، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار ، ما نفعكم ذلك إلا بورع.
يا أباذر ، إن أهل الورع والزهد في
الدنيا هم أولياء الله حقاً.
يا أباذر ، من لم يأت يوم القيامة بثلاث
فقد خسر.
فقلت : وما الثلاث ـ فداك أبي واُمي ـ يا
رسول الله؟
قال : ورع يحجزه عمّا حرم الله عليه ، وحلم
يرد به جهل السفيه ، وخلق يداري به الناس.
__________________
يا أباذر ، إن سَرك أن تكون أقوى الناس
فتوكل على الله ، وإن سَرّك أن تكون أعز الناس فتوكل على الله ، وإن سَرّك أن تكون
أكرم الناس فاتّقِ الله عز وجل ، وإن سَرّك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يد الله
عز وجلّ أوثق منك بما في يديك.
يا أباذر ، لوأن الناس كلهم أخذوا بهذه
الاية لكفتهم : ( ومن يتق الله يجعل لهم خرجاً
، ويرزقه من
حيث لايحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ) .
يا أباذر ، يقول الله تعالى : لا يؤثرعبد
هواي على هواه ، إلا جعلت غناه في نفسه ، وهمومه في آخرته ، وضمنت السماوات والأرض
رزقه ، وكففت عليه صنعته
، وكنت له خيراً من تجارة كل تاجر.
يا أباذر ، لو أن ابن آدم فر من رزقه
كما يفر من الموت ، لأدركه رزقه كما يدركه الموت.
يا أباذر ، ألا اُعلمك كلمات ينفعك الله
عز وجل بهن؟
قلت : بلى يا رسول الله.
فقال : احفظ الله يحفضك ، احفظ الله
تجده أمامك ، تعرّف إلى الله تعالى في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل
الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة.
ولو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك ماقدروا عليه ، فإن
استطعت أن تعمل لله تعالى بالرضا في اليقين فافعل ، فإن لم تستطع فاصطبر فإن في
الصبر على ما تكره خيراً كثيراً ، وإن النصر مع الصبر ، والفرج مع الكرب ، وإن مع
العسر يسراً.
يا أباذر ، استغن بغنى الله يغنك الله.
قلت : وما هو يارسول الله؟ قال : غداء
يوم وعشاء ليلة ، فمن قنع بما رزقه الله ـ يا أباذر ـ فهو من أغنى الناس.
يا أباذر ، إن الله ـ جل ثناؤه ـ يقول :
إني لست كل كلام الحكيم أتقبل ، ولكن همه وهواه ، فإن كان همه وهواه فيما اُحب
وأرضى ، جعلت صمته حمداً لي
__________________
ووقاراً وإن لم
يتكلم.
يا أباذر ، إن الله تعالى لاينظر إلى
صوركم ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
يا أباذر ، التقوى هاهنا. وأشار بيده
إلى صدره.
يا أباذر ، أربع لايصيبهن إلاّ مؤمن : الصمت
وهو أول العبادة ، والتواضع لله سبحانه ، وذكرالله تعالى على كل حال ، وقلة الشيء.
يعني قلة المال.
يا أباذر ، هم بالحسنة وإن لم تعملها
لكيلا تكون من الغافلين.
يا أباذر ، من ملك ما بين فخذيه وبين
لحييه دخل الجنة.
قلت : يا رسول الله ، وإنّا لنؤاخذ بما
ننطق من ألسنتنا؟
فقال : يا أباذر ، وهل يكب الناس على
مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنهتم!؟ إنك لا تزال سالماً ما سكتّ ، وإذا تكلمت
تكتب لك أوعليك.
يا أباذر ، إن الرجل ليتكلم بالكلمة من
رضوان الله ـ جل ذكره ـ فيكتب له بها رضوانه إلى يوم القيامة ، وإن الرجل ليتكلم
بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها ، فهو في جهنم بين السماء والأرض.
يا أباذر ، ويل للذي يتحدث فيكذب ليضحك
به القوم ، ويل له ويل له ويل له.
يا أباذر ، من صمت نجا ، فعليك بالصدق
لايخرج من فيك كذبة أبداً.
قلت : يا رسول الله ، فما توبة الرجل
الذي يكذب تعمداً؟
قال : الإستغفار وصلاة الخمس تغسل ذلك.
يا أباذر ، إياك والغيبة فإن الغيبة أشد
من الزنا قلت : يا رسول الله ، ولم ذلك بأبي أنت واُمي؟
قال : لأن الرجل يزني ويتوب إلى الله
فيتوب إلى الله عز وجل عليه ، والغيبة لاتغفرحتى يغفرها صاحبها.
يا أباذر ، سباب المسلم فسوق ، وقتاله
كفر ، وأكل لحمه من معاصي الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه.
قلت : يا رسول الله ، وما الغيبة؟
قال : ذكرك أخاك بما يتأذى به.
قلت : يا رسول الله ، فمن كان فيه ذاك
الذي يذكر به .
قال : إعلم إنك إذا ذكرته بما هو فيه
فقد اغتبته ، وإن ذكرته بما ليس فيه فقد بهته.
يا أباذر ، من ذبّ عن أخيه المسلم
المؤمن الغيبة ، كان حقاً على الله ـ جل ثناؤه ـ أن يعتقه من النار.
يا أباذر ، من اغتيب عنده أخوه المسلم
وهو يستطيع نصره فنصره ، نصره الله عز وجل في الدنيا والاخرة ، وإن خذله وهو
يستطيع نصره ، خذله الله في الدنيا والآخرة.
يا أباذر ، لايدخل الجنة فتان
قلت : يا رسول الله ، وما الفتان؟ قال :
النمام.
يا أباذر ، صاحب النميمة لايستريح من
عذاب الله عز وجل في الاخرة.
يا أباذر ، من كان ذا وجهين ولسانين في
الدنيا والآخرة ، فهو ذو لسانين في النار.
يا أباذر ، المجالس بالأمانة ، وإفشاؤك
سر أخيك خيانة ، فاجتنب ذلك واجتنب مجلس العشيرة.
يا أباذر ، تعرض أعمال أهل الدنيا على
الله عز وجل ، من الجمعة إلى الجمعة وفي الأثنين والخميس ، فيغفر لكل عبدٍ مؤمن ، إلاّ
عبداً كان بينه وبين أخيه شحناء فيقول : أُتركوا أعمال هذين حتى يصطلحا.
يا أباذر ، إياك وهجران أخيك ، فإن
العمل لايتقبل ، فإن كنت لابد فاعلاً فلا تهجره أكثر من ثلاثة أيام كملاً ، فمن
مات فيها مهاجراً لأخيه كان أولى به النار.
يا أباذر ، من أحب أن يتمثل له الرجال
قياماً ، فليتبوأ مقعده من النار.
يا أباذر ، من مات وفي قلبه مثقال ذرة
من كبر ، لم يجد رائحة الجنة ، إلآ أن يتوب قبل ذلك.
فقال رجل : يا رسول الله ، إني ليعجبني
الجمال حتى وددت أن عِلاقة
__________________
سوطي وقبال نعلي حسن ، فهل ترهب ذلك عليَّ؟
قال : كيف تجد قلبك؟ قال : أجده عارفاً
للحق ، مطمئناً إليه.
قال : ليس ذلك بالكبر ، ولكن الكبر [ أن
] تترك الحق ،
وتتجاوزه إلى غيره ، وتنظرإلى الناس لاترى أن أحداً عرضه كعرضك ولا دمه كدمك.
يا أباذر ، أكثر من يدخل النار المتكبرون.
قال رجل : وهل ينجو من الكبر أحد ، يا رسول
الله؟
قال : نعم ، من لبس الصوف ، وركب الحمار
، وحلب العنز ، وجالس المساكين.
يا أباذر ، من حمل سلعته فقد برئ من
الكبر. يعني ما يشتري من السوق.
يا أباذر ، من جرّ ثوبه خيلاء ، لم
ينظرالله ـ عز وجل ـ إليه يوم القيامة.
يا أباذر ، أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه
، ولا جناح [ عليه ]
فيما بينه وبين كعبيه.
يا أباذر ، من رفع ذيله ، وخصف نعله ، وعفر
وجهه ، فقد برئ من الكبر »
يا أباذر ، من كان له قميصان فليلبس
أحدهما ، وليكس أخاه الاخر.
يا أباذر ، سيكون ناس من اُمتي يولدون
في النعيم ويغذون به ، همتهم ألوان الطعام والشراب ، ويمدحون بالقول ، اُولئك شرار
اُمتي.
يا أباذر ، من ترك لبس الجمال وهو يقدر
عليه تواضعاً لله ، فقد كساه الله حلة الكرامة.
يا أباذر ، طوبى لمن تواضع لله تعالى في
غير منقصة ، وأذل نفسه في غير مسكنة ، وأنفق مالاً جمعه في غير معصية ، ورحم أهل
الذلة والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة ، طوبى لمن صلحت سريرته ، وحسنت علانيته
، وعزل عن الناس شره ، طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من
قوله.
__________________
يا أباذر ، إلبس الخشن من اللباس ، والصفيق
من الثياب ، لكيلا تجد للفخر فيك مسلكاً.
يا أباذر ، يكون في آخر الزمان ناس
يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، يرون بأن الفضل لهم بذلك على غيرهم ، اُولئك
تلعنهم ملائكة السماوات والأرض.
يا أباذر ، ألا اُخبرك بأهل الجنة؟
قلت : بلى يا رسول الله.
قال : كل أشعث أغبر ذي طمرين لايؤبه له
، لو أقسم على الله لأبرّه.
قال أبوذر : ودخلت يوماً على رسول الله 9 وهو في المسجد ـ وحده ـ جالس ، فاغتنمت
خلوته.
فقال : يا أباذر ، إن للمسجد تحية.
قلت : وما تحيته يا رسول الله؟
قال : ركعتان تركعهما.
ثم التفتُّ إليه فقلت : يا رسول الله ، أمرتني
بالصلاة ، فما الصلاة؟
قال : خير موضوع ، فمن شاء أقل ، ومن
شاء أكثر.
قلت : يا رسول الله ، أي الأعمال أحب
إلى الله جل ثناؤه؟
فقال : الإيمان بالله ، ثم الجهاد في
سبيله.
قلت : يا رسول الله ، أي المؤمنين أكمل
، إيماناً؟
قال : أحسنهم خلقاً.
قلت : فأي المؤمنين أفضل؟
قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده.
قلت : فأي الهجرة أفضل؟
قال : من هجر الشر.
قلت : فأي الليل افضل؟
قال : جوف الليل الغابر.
قلت : فأي الصلاة أفضل؟
قال : طول القنوت.
قلت : فأي الصدقة أفضل؟
قال : جهد إلى فقير في سر
قلت : فما الصوم؟
قال : فرض مجرى ، وعند الله أضعاف ذلك.
فقلت : فأي الرقاب أفضل؟
قال : أعلاها ثمناً ، وأنفسها عند
أهلها.
قلت : فأي الجهاد أفضل؟
قال : من عقر جواده ، واهريق دمه.
قلت : أي آية أنزلها الله عليك أعظم؟
قال : آية الكرسي.
قال : قلت : يا رسول الله فما كانت صحف
ابراهيم 7؟
قال : كانت أمثالاً كلها ، وفيها : أيها
الملك المتسلط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن
بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها وإن كانت من كافر أو فاجر ، ففجوره
على نفسه.
وكان فيها : على العاقل ـ ما لم يكن
مغلوباَ على عقله ـ أن يكون له ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يفكر فيها في
صنع الله تعالى ، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر ، وساعة يخلو فيها بشهوته
من الحلال في المطعم والمشرب.
وعلى ، العاقل ألاّ يكون ظاعناً إلا في
ثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمة
لمعاش ، أو لذة في غير محرم.
وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً
على شأنه ، حافظاً للسانه.
ومن حسب كلامه من علمه ، قلّ كلامه إلا
فيما يعنيه.
قلت : يا رسول الله ، ما كانت صحف موسى؟
قال : كانت اعتباراً كلها : عجباً لمن
أيقن بالحساب كيف يذنب! وعجباً لمن أيقن بالجزاء كيف لايعمل! وعجباً لمن أبصر الدنيا
وتقلبها بأهلها حالاً بعد حال ، كيف يطمئن إليها!؟
قلت : يا رسول الله ، فهل في الدنيا شيء
مما كان في صحف إبراهيم وموسى ، فيما أنزل الله عليك؟
__________________
قال : اقرأ يا أباذر ( قد أفلح من تزكى
* وذكر اسم
ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا
* والاخرة
خيروأبقى * ان هذا
) يعني ذكر
الأربع ايات ( لفي الصحف الاولى
* صحف
إبراهيم وموسى ) .
قلت : يا رسول الله ، أوصني.
قال : اُوصيك بتقوى الله ، فإنه رأس
أمرك كله.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : عليك بتلاوة القران وذكر الله ، فإنه
ذكر لك في
السماء ، ونور لك في الأرض.
قلت : يا رسول الله ، زدني
قال : عليك بالصمت إلآ من الخير ، وإنه
مطردة للشيطان عنك ، وعون لك على أمر دينك.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : إياك وكثرة الضحك ، فإنه يميت
القلب ، ويذهب بنور الوجه.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : اُنظر إلى من هو تحتك ، ولا تنظر
إلى من هو فوق منك ، فإنه أجدر أن لاتزدري نعمة الله عليك.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : صل قرابتك وإن قطعوك ، وحبَ
المساكين وأكثر مجالستهم.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : قل الحق وإن كان عليك مراً.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : لاتخف لومة لائم.
قلت : يا رسول الله ، زدني.
قال : يا أباذر ، ليردّك عن الناس ما
تعرف من نفسك ، ولا ترد عليهم فيما تأتي.
قال : ثم ضرب على صدري ، وقال : يا
اباذر ، لاعقل كالتدبير ، ولا ورع
__________________
كالكف ، ولا حسب
كحسن الخلق ».
وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق 7 ، عن أبيه أنه قال : « في خطبة أبي ذر
رحمة الله عليه : يا مبتغي العلم ، ( لايشغلك الجهل والآمال ) عن نفسك ، أنت يوم تفارقهم كضيف بت
فيهم ثم غدوت إلى غيرهم ، الدنيا والاخرة كمنزلك تحولت منه إلى غيره ، وما بين
البعث والموت إلاّ كنومة نمتها ثم استيقظت منها.
يا جاهل ، تعلم العلم ، فإن قلباً ليس
فيه شرف العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له » .
عن أبي جعفر 7 ، عن أبي ذر 2 أنه قال : يا باغي العلم ، قدم لمقامك
بين يدي الله ، فإنك مرتهن بعملك ، كما تدين تدان.
يا باغي العلم ، صلِّ قبل أن لا تقدر على
ليل ولانهار تصلي فيه ، إنما مثل الصلاة لصاحبها ، كمثل رجل دخل على ذي سلطان
فأنصت له حتى فرغ من حاجته ، فكذلك المرء المسلم بين يدي الله عز وجل ، مادام في
الصلاة لم يزل الله عز وجل ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته.
يا باغي العلم ، تصدق من قبل أن لاتعطي
شيئاً ولا تمنعه
، إنما مثل الصدقة وصاحبها ، مثل رجل طلبه قوم بدم فقال لهم : لاتقتلوني ، اضربوا
[ لي ]
أجلاً اسعى في رجالكم ، كذلك الرجل المسلم ، بإذن الله تعالى ، كلما تصدق بصدقة حل
بها عقدة من رقبته ، حتى يتوفى الله عز وجل أقواماً وهو عنهم راض ، من رضى الله
عنهم فقد أمنوا من النار.
يا باغي العلم ، إن هذا اللسان مفتاح
خير ومفتاح شر ، فاختم على فمك كما تختمعلى ذهبك وعلى ورقك .
يا باغي العلم ، إن هذه الأمثال يضربها
الله عز وجل للناس ، وما يعقلها إلاّ
العالمون .
محمد بن عمار بن ياسر قال : سمعت أباذر
ـ جندب بن جنادة ـ يقول : رأيت النبي 9
أخذ بيد علي بن أبي طالب 7
فقال له : « ياعلي ، أنت أخي ، ووصيي ، ووزيري في أمتي ، مكانك مني في حياتي وبعد
موتي ، كمكان هارون من موسى ، إلا أنه لانبي بعدي. من مات وهو يحبك ختم الله له عز
وجل بالأمن والايمان ، ومن مات وهو يبغضك لم يكن له في الاسلام نصيب .
العلم إمام العمل والعمل تابعه ، يلهمه
الله السعداء ، ويحرمه الأشقياء ، وطوبى لمن لايحرمه الله من حظه ،
تعلموا العلم فإن تعليمه لله حسنة.
التوحيد ثمن ، والحمد لله وفاء شكر كل
نعمة ، وخشية الله مفتاح كل حكمة ، والاخلاص ملاك كل طاعة.
ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلاّ بما
قدمت أيديكم ، وما يعفو الله عنه أكثر .
وعنه صلوات الله عليه وآله قال : « يقول
الله عز وجل : يا ابن آدم ، ماتنصفني! أتحبب إليك بالنعم ، وتتمقت إليّ بالمعاصي ،
خيري إليك منزل ، وشرّك إلي صاعد ، ولا يزال ملك كريم يعرج إلي عنك ـ في كل يوم
وليلة ـ بعمل قبيح.
يابن ادم ، لوسمعت وصفك من غيرك ، وأنت
لا تدري من الموصوف ، إذا ًلسارعت إلى مقته) .
وعنه 7
قال : « الناس إثنان : رجل أراح ، وآخر استراح ، فأمّا الذي استراح فالمؤمن استراح
من الدنيا ونصبها ، وأفضى إلى رحمة الله وكريم ثوابه ، وأمّا الذي أراح فالفاجر
استراح منه الناس والشجر والدواب ، وأفضى إلى ما قدّم » .
وعنه 7
: « لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ، ما خلّى الله بين عبده المؤمن وبين ذنب
ابداً »
__________________
وعنه 7
قال : « يوحي الله عز وجل إلى الحفظة الكرام البررة : لاتكتبوا على عبدي المؤمن
عند ضجره شيئاً » .
وعنه 7
: « المجالس بالأمانة ، ولا يحل لمؤمن أن يأثر
عن أخيه المؤمن قبيحاً » .
نوف بن عبدالله البكالي قال : قال لي
علي 7 : « يا نوف
، خلقنا منطينة طيبة : وخلقت شيعتنا من طينتنا ، فإذا [ كان يوم القيامة ] الحقوا بنا ».
قال نوف : فقلت : صف لي شيعتك يا أمير
المؤمنين. فبكى لذكري شيعته ، ثم قال : « يا نوف ، شيعتي ـ والله ـ الحكماء ، الحلماء
، العلماء بالله وبدينه ، العاملون بطاعته وأمره ، المهتدون بحبه ، أنضاء عبادة ، أحلاس
زهادة ، صفر الوجوه من التهجد ، عمش العيون من البكاء ، ذبل الشفاه من الذكر ، خمص
البطون من الطوى ، تعرف الزهادة في وجوههم ، والرهبانية في سيمتهم ، مصابيح كل
ظلمة ، وريحان كل قبيل ، لايسبون من المسلمين سلفاً ، ولايقتفون لهم خلفاً ـ قال
أبوالفضل : من قول الله : (
ولاتقف
ماليس لك به علم )
ـ شرورهم
مأمونة ، وقلوبهم محزونة وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، أنفسهم منهم في عناء ، والناس
منهم في راحة ، فهم الأكايس الألباء ، والخالصة النجباء ، وهم الظماء الرواغون
فراراً بدينهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، اُولئك شيعتي
الأطيبون ، وإخواني الاكرمون ، ألا ، ها! شوقاً إليهم » .
وعنه 7
قال : « من اُعطي أربع خصال فقد اُعطي خير الدنيا والاخرة ، وفاز بحظه منها : ورع
يعصمه عن محارم الله ، وحسن خلق يعيش به في الناس ، وحلم يدفع به جهل الجاهل ، وزوجة
صالحة تعينه على ، أمرالدنيا والاخرة » .
وعنه 7
: « سيد الأعمال ثلاثة : إنصاف الناس من نفسك ،
__________________
ومواساة الأخ في
الله ، وذكر الله على كل حال » .
[ عبدالله بن محمد بن عبيد بن ياسين بن ]
محمد بن عجلان
ـ مولى الباقر 7
ـ قال : سمعت مولاي أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا 7
، يذكرعن ابائه ، عن جعفر بن محمد قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما أنعم الله على عبد بنعمة فشكرها
بقلبه ، إلا استوجب المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على لسانه ».
قال : قال أمير المؤمنين 7 : « من أصبح والآخرة همه ، استغنى بغير
مال ، واستأنس بغير أهل ، وعَزَّ بغيرعشيرة ».
قال : وقال أمير المؤمنين 7 : « المؤمن لايحيف على من يبغض ، ولا
يأثم فيمن يحب ، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله عز وجل هو المنتصر له ».
قال : وقال أمير المؤمنين 7 : « إن من الغرة بالله ، أن يصر العبد
على المعصية ، ويتمنى على الله المغفرة ».
قال : وسمع أمير المؤمنين 7 رجلاً يقول : اللهم إني أعوذ بك
منالفتنة ، فقال : « أراك تتعوذ من مالك وولدك ، يقول الله تعالى : ( انما أموالكم وأولادكم فتنة )
ولكن قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من مظلات الفتن »
ابن السكيت قال : سمعت أبا الحسن علي بن
محمد بن الرضا 7
يقول : « قال أمير المؤمنين 7
: اياكم
والالطاط
بالمنى ، فإنها من بضائع
__________________
الفجرة » .
الحسن البصري : حادثوا هذه القلوب فإنها
لسريعة الدبور ، واقدعوا
هذه الأنفس فإنها طلقة ، فإنكم إن لا تقدعوها تنزع بكم إلى شرغاي .
وقال بعضهم :
حياتك أنفاس تعد فكلّما
|
|
مضى نفس منها انتقصت به جزءا
|
فتصبح في نقص وتمسي بمثله
|
|
ومالك معقول تحسّ به رزءا
|
ويفنيك مايبقيك فى كل ليلة
|
|
ويحدوك أمر ما تريد به الهزءا
|
ابن السكيت النحوي قال : سألت أبا الحسن
علي بن محمد بن الرضا 8
، قلت : مابال القران لايزداد على الدرس والنشر إلاغضاضة؟ قال : « لأن الله تعالى
لم يجعله لزمان دون زمان ، ولالناس دون ناس ، فهو في كل زمان جديد ، وعند كل قوم
غض إلى يوم القيامة » .
حفص بن غياث القاضي قال : كنت عند سيد
الجعافرة ـ جعفر بن محمد 7
ـ لما أقدمه المنصور ، فأتاه ابن أبي العوجاء ـ وكان ملحداً ـ فقال : ماتقول في
هذه الآية : ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها
) هب هذه الجلود عصت فعذبت ، فما بال
الغيرية!
فقال أبوعبدالله : « ويحك ، هي هي وهي
غيرها ».
فقال : أعقلني هذا القول.
فقال له : « أرأيت لو أن رجلاً عمد إلى
لبنة فكسرها ، ثم صب عليها الماء وجبلها ثم ردها إلى هيئتها الاُولى ، ألم تكن هي
هي وهي غيرها! »
قال : بلى ، أمتع الله بك .
__________________
سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبد الله
جعفر بن محمد 7
يقول : « وجدت علوم الناس كلها في أربع خلال : أولها أن تعرف ربك ، والثانية أن
تعرف ما صنع بك ، والثالثة أن تعرف ما أراد منك ، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من
دينك » .
محمد بن عجلان قال : أصابتني فاقة شديدة
وإضاقة ، ولا صديق لمضيق ، ولزمني دين ثقيل ، وغريم ملح في اقتضائه ، فتوجهت نحو
دار الحسن بن زيد ـ وهو يومئذ أميرالمدينة ـ لمعرفة كانت بيني وبينه ، وشعر بذلك
من حالي محمد بن عبدالله بن علي ابن الحسين ، وكانت بيني وبينه قديم معرفة ، ولقيني
في الطريق فأخذ بيدي وقال : قد بلغني ما أنت بسبيله ، فمن تؤمل لكشف ما نزل بك؟
قلت : الحسن بن زيد.
فقال : إذاً لاتنقضي حاجتك ولا تسعف
بطلبتك ، فعليك بمن يقدرعلى ذلك ، وهوأجود الأجودين ، فالتمس ما تؤمله من قبله ، فاني
سمعت ابن عمي ـ جعفر ابن محمد ـ يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن
أبيه علي بن أبيطالب :
، عن النبي 9 قال : « أوحى
الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه : وعزتي وجلالي ، لأقطعن أمل كل مؤمل أمّل
غيري بالأياس ، ولاكسونّه ثوب المذلة في النار
، ولأبعدنّه من فرجي وفضلي ، أيؤمل عبدي في الشدائد غيري ، والشدائد بيدي! أو يرجو
سواي ، وأنا الغني الجواد! بيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة ، وبابي لآملي مفتوح لمن
دعاني.
ألم يعلموا إن من دهته نائبة لم يملك
كشفها عنه غيري ، فمالي أراه بأمله معرضاًعني! وقد أعطيته بجودي وكرمي مالم يسألني
، فأعرض عني ولم يسألني ، وسأل في نائبته غيري ، وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل
المسألة ، أفأسأل فلا أجود! كلا ، أوليس الجود والكرم لي! أو ليس الدنيا والاخرة
بيدي! فلو أن سبع سماوات وأرضين سألوني جميعاً ، فأعطيت كل واحد منه مسألته! ما
نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، وكيف ينقص ملك أنا قيّمه! فيابؤس لمن عصاني ولم
يراقبني ».
فقلت له : يا ابن رسول الله ، أعد عليّ
هذا الحديث ، فأعاده ثلاثاً ، فقلت : لا
__________________
ـ والله ـ لاسألت بعدها أحداً حاجة فما لبثت ان
جاءني الله برزق من عنده .
أمير المؤمنين 7 ، عن النبي 7 وآله : « النساء عيّ وعورات ، فداووا
عيّهن بالسكوت ، وعوراتهن بالبيوت » .
إسحاق بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ،
عن أبيه جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي :
، عن النبي 9 قال : « يقول
الله عز وجل : ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني ، إلاّ قطعت أسباب السماوات وأسباب
الأرض من دونه ، فإن سألني لم أعطه ، وإن دعاني لم اُجبه ، وما من مخلوق يعتصم بي
دون خلقي ، إلا ضمنت السماوات والأرض رزقه ، فإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ،
وإن استغفرني غفرت له » .
الحسين 7
قال : « كان رسول الله 9
يرفع يديه إذا ابتهل ودعا ، كما يستطعم
المسكين » .
الحسين 7
، عن النبي 9 قال : « من
أجرى الله على يديه فرجاً لمؤمن ، فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة » .
وعنه 7
، إن رسول الله 9
قال : « من عال أهل بيت من المسلمين ـ يومهم وليلتهم ـ غفر الله ذنوبه » .
أمير المؤمنين 7 قال : « قال رسول الله 9 : انما ابن آدم ليومه ، فمن أصبح آمنا
في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا ».
__________________
أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : كنت مع الرضا 7 لما وصل الى نيسابور ، وهو راكب بغلة
شهباء ، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله ، فلما صار في المربعة تعلقوا بلجام
بغلته فقالوا : يا ابن رسول الله ، حدثنا بحق آبائك الطاهرين حديثاً عن آبائك
صلوات الله عليهم أجمعين فأخرج رأسه من الهودج ـ وعليه مطرف خزـ
وقال :
« حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر
بن محمد ، عن أبيه محمد ابن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي
ـ سيد شباب أهل الجنة ـ عن أمير المؤمنين ، عن رسول الله 9 قال : قال : أخبرني جبريل الروح الأمين
، عن الله ـ تقدست أسماؤه وجلّ وجهه ـ انه يقول : إني أنا الله لا إله إلاّ
أناوحدي ، عبادي فاعبدوني ، وليعلم من لقيني منكم بشهادة ألاّ إله إلاّ الله ـ مخلصاً
بها ـ أنه قد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي ».
قالوا : يا ابن رسول الله ، وما إخلاص
الشهادة لله؟
قال : « طاعة الله ورسوله ، وولاية أهل
بيته : » .
أميرالمؤمنين 7 قال : « قال رسول الله 9 : اثنتان : كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها
، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها ، فإنه لاحكيم إلا ذوعثرة ولاسفيه إلا ذو تجربة » .
عن أبي بردة الأسلمي قال : سمعت رسول الله 9 يقول :
__________________
« لا تَزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن
أربع : عن جسده ، فيما أبلاه؟ وعن عمره ، فيما أفناه؟ وعن ماله ، مما اكتسبه وفيما
أنفقه؟ وعنْ حبنا أهل البيت » .
قال معاوية لخالد بن معمر : على ما
أحببت علياً؟
قال : على ثلاث خصال : على حلمه إذاً
غضب ، وعلى صدقه إذا قال ، وعلى عدله إذا ولي .
لما احتضر أمير المؤمنين 7 جمع بنيه ـ حسناً ، وحسيناً ، ومحمد بن
الحنفية ، والأصاغر من ولده ـ فوصاهم وقال في آخر وصيته : « يا بني ، عاشروا الناس
عشرة إن غبتم حنّوا إليكم ، وإن فقدتم بكوا عليكم. يا بني ، إن القلوب جنود مجندة تتلاحظ
بالمودة وتتناجى بها ، وكذلك هي في البغض ، فإذا أبغضتم الرجل ـ من غير خير سبق
منه إليكم ـ فاحذروه » .
الإمام موسى بن جعفر بن محمد : قال : « أحسن من الصدق قائله ، وخير من
الخير فاعله » .
أمير المؤمنين 7 عن النبي 7
وآله ، أنه « لقي ملك رجلاً على باب دار كان ربها غائباً ، فقال له الملك : ماجاء
بك إلى هذه الدار؟ فقال : أخ أردت زيارته.
قال : ألرحمٍ ماسة بينك وبينه ، أم
نزعتك إليه حاجة؟
قال : ما بيننا رحم ماسة أقرب من رحم
الاسلام ، وما نزعتني إليه حاجة ، قال
: وما بيننا رحم ، ولكن زرته في الله تعالى رب العالمين.
قال : فابشر ، فإني رسول الله إليك ، وهو
يقرؤك السلام ، ويقول لك : إياي قصدت ، وما عندي أردت بصنيعك ، فقد أوجبت لك الجنة
، وعافيتك من غضبي والنار
__________________
حيث اتيته » .
وعنه عليه وآله السلام أنه قال : « من
أدى فريضة ، فله عند الله دعوة مستجابة » .
وعنه عليه وآله السلام قال : « في ابن
ادم ثلاث مائة وستون عرقاً ، منها مائة وثمانون ساكنة ، فلو سكن المتحرك لم يبق
الانسان ، ولو تحرك الساكن لهلك الانسان ».
وكان 9
في كل يوم إذا أصبح وطلعت الشمسِ يقول : الحمد لله رب العالمين كثيراً طيباً على كل
حال. يقولها ثلاثمائة وستين مرة شكراً .
وعنه صلوات الله عليه وآله أنه قال : « من
أفضل الأعمال عند الله عز وجل إبراد الاكباد الحارة ، وإشباع الأكباد الجائعة ، والذي
نفس محمد بيده ، لايؤمن بي عبد يبيت وأخوه ـ أوقال : جاره ـ المسلم جائع » .
وعنه 7
قال : « ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصائل الايمان : الذي إذا رضي لم يدخله رضاه
في باطل ، وإذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له » .
محمد بن سلام الجمحي قال : حدثني يونس
بن حبيب النحوي ـ وكان عثمانياً ـ قال : قلت للخليل بن أحمد : اُريد أن أسألك عن
مسألة تكتمها عليّ.
قال : قولك يدل على أن الجواب أغلظ من
السؤال ، فتكتمه أنت أيضاً.
قال : قلت : نعم ، أيام حياتك.
قال : سل.
قلت : ما بال أصحاب رسول الله 9 ورحمهم ، كأنهم كلهم بنو أم واحدة ، وعلي
بن أبي طالب 7 من بينهم
كأنه ابن علة؟
قال : من أين لك هذا السؤال؟
__________________
قال : قلت : قد وعدتني الجواب.
قال : وقد ضمنت لي الكتمان.
قال : قلت : أيام حياتك.
فقال : إن علياً 7 تقدمهم إسلاماً ، وفاقهم علماً وبذهم
شرفاً ، ورجحهم زهداً ، وطالهم جهاداً ، وتقدمهم هجرة فحسدوه ، والناس إلى أشكالهم
وأشباههم أميل ممن بان منهم وفاقهم .
عن اُم سلمة ـ زوج النبي 9 ـ قالت : إذا أراد الله عز وجل بعبده
خيراً ، جعل له واعظاً من نفسه ، يأمره وينهاه .
وكان النبي 9 إذا ودع رجلاً من المسلمين قال له : « زودك
الله التقوى ، وغفر ذنبك ، ووجهك إلى الخير حيث توجهت » .
عن جعفر بن محمد أنه قال لبعض أصحابه :
« إذا رأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذي القربى واليتامى والمساكين ، تقسم
في الزور ، ويشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداولونها ، وتوصف للمريض يستشفي بها
، ورأيت الناس قداستووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وترك التدين به
، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر به ، ورأيت الصلاة
قد استخف بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة ـ لايراد بها وجه الله ـ وتعطى لطلب
الناس ، ورأيت الناس همّتهم بطونهم وفروجهم ، لايبالون بما أكلوا ولا مانكحوا ، ورأيت
الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحق والهدى قد درست ، فكن على حذر ، واطلب إلى
الله تعالى النجاة.
واعلم أن الناس في سخط الله وإنما
يمهلهم لأمر يراد بهم ، فكن متوقياً واجتهد ليراك الله تعالى على خلاف ماهم عليه ،
وإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجلت الى رحمة الله ، وإن بقيت كنت قد خرجت مما هم
فيه من الجرأة ، وسلمت من عذاب الله ، واعلم أن الله تعالى لايضيع أجر المحسنين » .
__________________
وروى علي بن عيسى ـ يرفعه ـ قال : إن
موسى صلى الله عليه ناجاه الله تبارك وتعالى ، فقال له في مناجاته : يا موسى ، لا تطوّل
في الدنيا أملك فيقسو قلبك ، وقاسي القلب مني بعيد ، وأمت قلبك بالخشية ، وكن
خَلِق الثياب جديد القلب ، تخفى على أهل الأرضين وتعرف في أهل السماء ، جليس
البيوت ، مصباح الليل ، واقنت بين يدي قنوت الصابرين ، وضج إلي من كثرة الذنوب
ضجيج الهارب من عدوه ، واستعنبي على ذلك ، فإني نعم العون ونعم المستعان.
يا موسى ، إني [ أنا ] الله فوق العباد والعباد دوني ، وكل لي
داخرون ، فاتّهم نفسك على نفسك ، ولاتأمنن ولدك على دينك ، إلاّ أن يكون مثلك يحب
الله تعالى
يا موسى ، واقترب من عبادي الصالحين.
اُوصيك ـ يا موسى ـ وصية الشفيق المشفق
بابن البتول عيسى بن مريم ، صاحب الأتان
والبرنس ، والزيت والزيتون ، والمحراب. ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر ، الطيب
الطاهر ، فمثَله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب كلها ، وأنه راكع ساجد راغب
راهب ، إخوانه المساكين ، وأنصاره قوم اخرون ، ويكون في زمانه أزْل وزلزال وقمّل ، وقلة من المال ، وكذلك
اسمه أحمد ومحمد الأمين من الباقين ، من ثلة الأولين والماضين ، يؤمن بالكتب كلها
، ويصدق جميع المرسلين ، ويشهد بالإخلاص لجميع المؤمنين ، اُمته مرحومة مباركة
مابقوا في الدين على حقائقه ، لهم ساعات مؤنسات يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى
سيده نافلته ، فَصَدِقْه ومنهاجَه فاتبع ، فإنه أخوك.
يا موسى ، إنه اُميّ ، وهو عبد صدق ، يبارك
له فيما وضع يده ويبارك عليه ، كذلك كان في علمي ، وكذلك خلقته ، به أفتح الساعة ، وبأمته أختم مفاتيح الدنيا ، فمر
بني اسرائيل ، أن لايدرسوا اسمه ، وأن لايخذلوه ، وإنهم لفاعلون! وحسبه فيحسبه ، وأنا معه ، وأنا من حزبه وهو من حزبي ،
وحزبي هم الغالبون ، فتمّت كلماتي لاُظهرنّ دينه على الأديان كلها ، ولأعبدنّ بكل
مكان ، ولانُزلن عليه فرقاناً
__________________
شفاءاً لما في
الصدور ، ومن نفث الشيطان. فصلّ عليه ـ يابن عمران ـ فإني اُصلي عليه وملائكتي.
يا موسى ، أنت عبدي ، وأنا إلهك ، لا
تستذل الحقير الفقير ، ولا تغبط الغني بشيء يسير ، وكن عند ذكري خاشعاً ، وعند
تلاوته برحمتي طامعاً
، وأسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين ، وتطهّرعند ذكري ، وذكر بي من يطئن إليّ
، واعبدني ولا تشرك بي شيئاً ، وتحرَّ مسرتي ، إنّي أنا السيد الكبير ، إنّي خلقتك
من نطفة من ماء مهين ، من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة فكانت بشراً ، فأنا
صانعها خلقاً فتبارك وجهي وتقدس صنعي ، ليس كمثلي شيء ، وأنا الدائم لا أزول.
يا موسى ، كن إذا دعوتني خائفاً مشفقاً
وجلاً ، عفّر وجهك في التراب ، واسجد لي بمكارم بدنك ، واقنت بين يدي في القيام ، وناجني
حين تناجيني بخشية من قلب وجل ، فاحي بتوراتي أيام الحياة ، وعلم الجهال محامدي ، وذكّرهم
آلائي ونعمتي ، وقل لهم : لايتمادون في غيّهم ، فإنّ أخذي أليم شديد.
ياموسى ، إن انقطع حبلك مني لم يتصل
بحبل غيري ، فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ، ذمَّ نفسك فهي أولى بالذم ، ولا
تتطاول بآياتي على بني اسرائيل ، فكفى بهذا واعظاً لقلبك ومنيراً ، وهوكلام رب
العالمين جل وتعالى.
يا موسى ، منى ما دعوتني ورجوتني ، فإني
سأغفر لك ما كان منك ، فعليك بالصلاة الصلاة ، فإنها منّي بمكان ، ولها عندي عهد
وثيق ، فألحق بها ما هو منها ، زكاة القربان من طيب المال والطعام ، فإني لا أقبل
إلاّ الطيّب يراد به وجهي ، واقرن مع ذلك صلة الأرحام ، فإنّي أنا الرحمن الرحيم ،
أنا خلقتها فضلاً من رحمتي ، ليتعاطف بها العباد ، ولها عندي سلطان في معاد الآخرة
، فأنا قاطع من قطعها ، واصل من وصلها ، وكذلك أفعل بمن ضيّع أمري.
يا موسى ، أكرم السائل إذا أتاك ـ برد
جميل أوعطاء يسير ـ فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن ، يبلونك كيف
أنت صانع فيما وليتك؟ وكيف مواساتك فيما خوّلتك؟ فاخشع لي بالتضرع ، واهتف لي
بولولة الكتاب ، واعلم أني
__________________
أدعوك دعاء السيد
مملوكه المبلغ به شرف المنازل ، وذلك من فضلي عليك وعلى ابائك الأولين.
يا موسى ، لاتنسني على كل حال ، ولا
تفرح بكثرة المال ، فإن نسياني يقسي القلب ، ومع كثرة المال كثرة الذنوب.
ياموسى ، اجعلني حرزك ، وضع عندي كنزك
من الصالحات ، وخفني ولاتخف غيري ، إليّ المصير.
يا موسى ، إرحم من هو أسفل منك في الخلق
، ولا تحسد من هو فوقك ، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
يا موسى ، ضع الكبر ، ودع الفخر ، واذكر
أنك ساكن القبور ، فليمنعك ذلك من الشهوات.
يا موسى ، عجل التوبة ، واخر الذنب ، وتأنَّ
في المكعث بين يديّ في الصلاة ، ولا ترج غيري ، اتخذني جُنّة للشدائد ، وحصناً
لملمات الاُمور.
ياموسى ، نافس في الخير أهله ، فإن
الخير كاسمه ، ودع الشر لكل مفتون.
يا موسى ، اجعل لسانك وراء قلبك تسلم ، واكثر
ذكري بالليل والنهار تغنم ، ولا تتبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار.
يا موسى ، أطب الكلام لأهل الترك للذنوب
، وكن لهم جليساً ، واتخذهم لغيبك إخواناً ، وجدّ معهم يجدّون معك.
ياموسى ، الموت لاقيك لامحالة ، فتزود
زاد من هو على أن يتزود قادر.
ياموسى ، ما اُريد به وجهي فكثير قليله
، وما اُريد [ به ]
غيري فقليل كثيره ، وإن أصلح أيامك
الذي هو
أمامك ، فانظر أي يوم هو ، فأعدّ له الجواب ، فإنك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من
الدهر وأهله ، فإن الدهر طويله قصير وقصيره طويل ، وكل شيء فانٍِ ، فاعمل كأنك ترى
ثواب عملك ، لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة ، فإن ما بقي من الدنيا كما ولى
منها ، وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال ، فكن مرتاداً لنفسك ـ يا ابن عمران ـ لعلك
تفوز غداً يوم السؤال ، فهنالك
__________________
يخسر المبطلون.
ياموسى ، ألق كفّيك ذلاً بين يدي كفعل
العبد المستصرخ إلى سيده ، فإنك إذا فعلت ذلك رُحمت ، وأنا أكرم القادرين
العائذين.
يا موسى ، سلني من فضلي ورحمتي ، فإنهما
بيدي لايملكهما غيري ، وانظر حين تسألني كيف رغبتك فيما عندي ، لكل عامل جزاء ، وقد
يجزى الكفور بما سعى.
يا موسى ، طب نفساً عن الدنيا وانطو
عنها فإنها ليست لك ولست لها ، مالك ولدار الظالمين! إلا العامل فيها بالخير ، فإنها
لنعمت الدار.
يا موسى ، ما امرك به فاسمع ، ومهما
أراه فاصنع ، خذ حقائق التوراة إلى صدرك ، وتيقظ بها في ساعات الليل والنهار ، ولاتمكّن
أبناء الدنيا من صدرك ، فيجعلونه وكراً كوكر الطير.
يا موسى ، الدنيا وأهلها فتن ـ بعضهم
لبعض ـ فكل مزيّن له ما هو فيه ، والمؤمن زينت له الآخرة فهو ينظر إليها فما يفتر
، قد حالت شهوتها بينه وبين لذة العيش ، فأدلجته بالأسحار ، كفعل السابق إلى غايته
يظل كئيباً ويمسي حزيناً ، فطوبى له ، لوقد كشف الغطاء ، ماذا يعاين من السرور!
يا موسى ، الدنيا لعقة ليست بثواب
للمؤمنين ولاجزاء فاجر ، فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم تبق ولعقة لم
تدم ، فكذلك فكن ـ كما أمرتك ـ فلكل أمر رشاد.
يا موسى ، إذا رأيت الغنى مقبلاً فقل : ذنب
عجلت عقوبته ، وإذا رأيت الفقرمقبلاً فقل : مرحباً بشعار الصالحين ، ولاتكن جباراً
ظلوماً ، ولا تكن للظالمين قريباً.
ياموسى ، صرخ الكتاب إليك صراخاً بما
أنت إليه صائر ، فكيف ترقد على هذا العيون؟
أم كيف يجد قوم لذة العيش؟ لولا التمادي
في الغفلة ، والتتابع في الشهوة ، ومن دون هذا يجزع الصديقون ، فادعني بالقلب
النقي ، واللسان الصادق التقي ، وكن كما أمرتك ، وأطع أمري ، ولا تستطل على عبادي
بما ليس منك مبتدأه ، وتقرّب إلي فإني منك قريب ، فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله
ولاحمله ، إنما سألتك أن تدعوني فاُجيبك ، وأن تسألني فأعطيك ، وأن تقرب إلي بما
منّي أخذت تأويله وعلي تمام تنزيله.
يا موسى ، انظر إلى الأرض فإنها عن قريب
قبرك ، وارفع رأسك إلى السماء فإن فوقك ملكاً عظيماً ، وابك على نفسك ما كنت في
الدنيا ، وتخوّف العطب والمهالك ، ولا تغرنِّك زينة الدنيا وزهرتها ، ولا ترض
بالظلم ، ولاتكن ظالماً فإني للظالمين رصيد حتى آخذ منهم للمظلوم.
يا موسى ، إن للحسنة عشرة أضعاف ، ومن
السيئة الواحدة الهلاك ، لاتشرك بي ، لايحل لك أن تشرك بي ، قارب وسدّد ، وادع
دعاء الطامع الراغب فيما عندي ، النادم على ما قدمت يداه ، فإن سواد الليل يمحوه
النهار ، وكذلك السيئة تمحوها الحسنة ، وغشوة الليل تأتي على ضوء النار ، وكذلك
السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسوّدها .
أحمد بن الحسن الميثمي ، عن رجل من
أصحابه قال : قرأت جواباً من أبي عبدالله إلى رجل من أصحابه : « أما بعد ، فإني
اُوصيك بتقوى الله ـ عز وجل ـ فإن الله قد ضمن لمن اتقاه ، أن يحوله عما يكره إلى
ما يحب ، ويرزقه من حيث لايحتسب [ فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم
ويأمن العقوبة من ذنبه ، فإنّ ]
الله جل وعز لايخدع عن دينه
، ولا ينال ما عنده إلاّ بطاعته ، إن شاء الله » .
عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين
ـ صلوات الله عليهما ـ قال : كان يقول : « إن أحبكم إلى الله ـ جل وعز ـ أحسنكم
عملاً ، وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عنده رغبة ، وإن أنجاكم من عذاب
الله أشدكم خشية لله ، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً ، وإن أرضاكم عند الله
أشبعكم على عياله ، وإن أكرمكم على الله جل وعز أتقاكم لله » .
عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد الله 7 قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ليأتين
على الناس زمان يظرف فيه الفاجر ، ويقرب فيه الماجن ،
__________________
ويضعف فيه المنصف.
قال : فقيل له : متى يا أمير المؤمنين؟ فقال : « إذا اتخذت الأمانة مغنماً ، والزكاة
مغرماً ، والعبادة استطالة ، والصلة مناً. فقيل : متى ذلك ، يا أمير المؤمنين؟
فقال : إذا تسلطن النساء ، وتسلطن ألأماء ، واُمّر الصبيان » .
عن سعيد بن المسيب قال : كان علي بن
الحسين ـ صلوات الله عليه ـ يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في الاخرة ـ بهذا
الكلام ـ في كل جمعة ، في مسجد الرسول ـ 9
ـ وحفظ عنه وكُتب ، كان يقول :
« ايّها الناس ، اتقوا الله ، واعلموا
أنكم إليه ترجعون ، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضراً ، وما عملت
من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ، ويحذركم الله نفسه والله رؤوف
بالعباد.
ويحك ، يا ابن آدم الغافل ، وليس بمغفول
عنه ، ابن آدم ، إن أجلك أسرع شيء إليك ، قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك ، ويوشك أن
يدركك ، وكأن قد أوفيت أجلك ، وقبض الملك روحك ، وصيرت إلى قبرك وحيداً ، فردّ
إليك فيه روحك ، واقتحم عليك فيه ملكان ـ ناكر ونكير ـ لمساءلتك وشديد امتحانك ، ألا
وإن أول مايسألانك عن ربك الذي كنت تعبد ، وعن نبيك الذي أُرسل إليك ، وعن دينك
الذي كنت تدين به ، وعن كتابك الذي كنت [ تتلوه ، وعن إمامك الذي كنت ] تتولاه ، ثمعن عمرك فيما أفنيته ، ومالك
من أين اكتسبته وفيما أنفقته ، فخذ حذرك وانظر لنفسك ، وأعدّ الجواب قبل الإمتحان
والمسألة والاختبار ، فإن تكن مؤمناً عارفاً بدينك ، متّبعاً للصادقين ، موالياً
لأولياء الله ، لقّاك الله حجتك ، وأنطق لسانك بالصواب ، وأحسنت الجواب ، وبشرت
بالجنة والرضوان من الله ـ جل وعز ـ واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان. وإن لم
تكن كذلك تلجلج لسانك ، ودحضت حجتك ، وعييت عن الجواب ، وبشرت بالنار ، فاستقبلتك
ملائكة العذاب بنزل من حميم
وتصلية جحيم.
واعلم ـ ابن ادم ـ أن من وراء هذا أعظم
وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة ، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ، يجمع
الله تعالى فيه الأولين
__________________
والاخرين ، يوم ينفخ
في الصور ، وتبعثر فيه القبور ، ذلك يوم الازفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ، ذلك
يوم لاتقال فيه عثرة ، ولا يؤخذ من أحد فدية ، ولا تقبل منه معذرة ، ولا لأحد فيه
مستقل لقدمه
، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات ، فمن كان من المؤمنين عمل مثقال ذرة
من خير وجده ، ومثقال ذرة من شر وجده.
فاحذروا ـ أيها الناس ـ من الذنوب
والمعاصي ما قد نهاكم الله عز وجل عنها ، وحذركموها في كتابه الصادق والبيان
الناطق ، ولا تأمنوا مكر الله وتحذيره ، عندما يدعوكم الشيطان الرجيم اللعين إليه
، من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا ، فإن الله جل وعز يقول : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان
تذكروا فإذا هم مبصرون )
.
فأشعروا قلوبكم خوف الله عز وجل ، وتذكروا بما قد
وعدكم الله عز وجل في مرجعكم إليه ، من حسن ثوابه ، كما خوفكم شديد العقاب ، فإنه
من خاف شيئاً حذره ، ومن حذر شيئاً تركه ، ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى
زهرة الحياة الدنيا [ الذين مكروا السيئات فإن الله عز وجل يقول في محكم كتابه : ]
( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم
الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لايشعرون
* أو يأخذهم
في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوّف
فإن ربكم لرؤوف رحيم ) .
فاحذروا ما حذركم الله ، بما فعل
بالظلمة في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في
الكتاب ، تالله لقد وعظكم الله بغيركم ، فإن السعيد من وعظ بغيره ، ولقد أسمعكم
الله ـ جل وعز ـ في كتابه ، بما فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم ، حيث قال
تبارك وتعالى : (
وكم قصمنا
من قرية كانت ظالمة )
وإنما عنى
بالقرية أهلها ، حيث قال : ( وأنشأنا بعدها قوما
اخرين )
وقال عز وجل
( فلما أحسوا بأسنا إذا
هم منها يركضون )
يعني يرهبون
، قال : ( لاتركضوا وارجعوا إلى
ما أترفتم فيه
__________________
ومساكنكم
لعلكم تسئلون )
فلما أتاهم العذاب (
قالوا
ياويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم
حتى جعلناهم حصيداً خامدين )
وأيم الله
إن هذه عظة لكم وتخويف إن أتعظتم وخفتم.
ثم رجع القول من الله ـ عز وجل ـ في
الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال عز وجل : (
ولئن مستهم
نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين )
فإن قلتم ـ أيها الناس ـ : إن الله عز وجل إنما عنى بهذا أهل الشرك ، فكيف ذلك؟
وهو يقول : ( ونضع الموازين القسط
ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفا بنا
حاسبين )
واعلموا ـ عباد الله ـ أن أهل الشرك لا
تنصب لهم الموازين ، وانما تنصب لأهل الاسلام ، فاتقوا الله ـ عباد الله ـ إن الله
عز وجل لم يحب هذه الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل
زهرتها وظاهر بهجتها ، وإنما خلق الله الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن
عملاً لآخرته ، وأيم الله ، لقد ضرب لكم الأمثال ، وصرف الآيات لقوم يعقلون ، ولا
قوة إلا بالله.
فازهدوا فيما زهدكم الله ـ عز وجل ـ فيه
من عاجل الحياة الدنيا ، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول وقوله الحق : ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء
فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت
وظنّ أهلها أفهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أونهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم
تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون
) .
وكونوا ـ عباد الله ـ من القوم الذين
يتفكرون ، ولا تركنوا إلى الدنيا ، فإن الله ـ جل وعز ـ قال لمحمد 6 ( ولا تركنوا إلى الذين
ظلَموا فتمسكم النار ) .
ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ، ركون
من اتخذها دار قرار ومنزل
__________________
استيطان ، فإنها دار
بلغة ، ومنزل قلعة
، ودار عمل ، فتزودوا الأعمال الصالحة ، قبل أن تفرق بينكم أيامها وينزل بكم
حمامها ، وقبل الإذن من الله بخرابها ، فكان قد أخربها الذي عمّرها أول مرة وهو
يرثها ، فنسأل الله ـ لنا ولكم ـ العون على الزاد بالتقوى ، والزهد في الدنيا ، وجعلنا
الله وإياكم من الزاهدين في عاجل الحياة الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، فإنما نحن
به وله ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين » .
* * *
__________________
وفيما
أنزل الله على عيسى بن مريم عليه السلام من الوعظ :
يا عيسى ، إني أنا ربك ورب آبائك ، اسمي
واحد ، وأنا الأحد الصمد ، المتفرد بخلق كل شيء ، وكلّ شيء من صنعي ، وكل إلي
راجعون.
يا عيسى ، كن إليّ راغباً ، ومني راهباً
، ولن تجد مني ملجأ إلا إلي.
يا عيسى ، اُوصيك وصية المتحنن عليك
بالرحمة ، حتى حقت لك مني الولاية بتَحَرِّيك منّي المسرة ، وبوركت كبيراً وبوركت
صغيراً حيث ما كنت ، أشهد أنك عبدي ابن أمتي ، أنزلني من نفسك كهمّك ، واجعل ذكري
لمعادك ، وتقرب إليَّ بالنوافل ، وتوكل عليَ اكفك ، ولا تركن إلى غيري فأخذلك.
يا عيسى ، اصبر على البلاء ، وارض
بالقضاء ، وكن كمسرتي فيك ، فإن مسرتي أن اطُاع فلا اعُصى.
يا عيسى ، أحي فكري بلسانك ، وليكن ودي
في قلبك.
يا عيسى ، تيقّض في ساعة الغفلة ، واحكم
لي بلطيف الحكمة.
يا عيسى ، كن راغباً راجياً راهباً ، وأمت
قلبك بالخشية.
يا عيسى ، راعِ الليل لتحرّي مسرّتي ، وأضم
نهارك ليوم حاجتك عندي.
يا عيسى ، نافس في الخير جهدك ، لتعرف
بالخير حيث ما توجهت.
يا عيسى ، احكم في عبادي بنصحي ، وقم
فيهم بعد لي ، فقد أنزلت عليك شفاءاً لما في الصدور من مرض الشيطان.
يا عيسى ، لاتكن جليساً لكل مفتون.
يا عيسى ، حقاً أقول : ما آمنت لي خليقة
إلا خشعت لي ، وما خشعت لي إلاّ أوجبت لها ثوابي ، وأشهدك أنها آمنة من عقابي ، ما
لم تغير أو تبدل سنتي.
يا عيسى ـ بنَ البتول البكر ـ إبك على
نفسك ، بكاء من قد ودع الأهل وقلا الدنيا ، وتركها لأهلها ، وصارت رغبته فيما عند
إلهه.
يا عيسى ، كن مع ذلك تلين الكلام ، وتفشي
السلام ، يقظان إذا نامت عيون الأنام ، حذاراً للمعاد والزلازل الشداد وأهوال يوم
القيامة ، حيث لا ينفع أهال ولا ولد ولا مال.
يا عيسى ، اكحل عينك بميل الحزن إذا ضحك
البطالون.
يا عيسى ، كن خاشعاً صابراً ، فطوبى لك
إن نالك ما وعد الصابرون.
يا عيسى ، رح من الدنيا يوماً فيوماً ، وذق
ما قد ذهب طعمه ، فحقاً أقول ما أنت إلاّ بساعتك ويومك فرح من الدنيا بالبلغة ، وليكفك
الخشن الجشب ، فقد رأيت إلى ما تصير ، وهو مكتوب ما أخذت وكيف أتلفت.
يا عيسى ، ابك على نفسك في الخلوات ، وانقل
قدميك إلى مواقيت الصلوات ، وأسمعني لذاذة نطقك بذكري ، فإن صنعي إليك حسن.
يا عيسى ، كم من اُمة قد أأهلكتها بسالف
ذنوب قد عصمتك منها.
يا عيسى ، ارفق بالضيف ، وارفع طرفك
الكليل إلى السماء ، وادعني فإنّي قريب ، ولا تدعني إلا متضرعاً إليّ وهمّك هم
واحد ، فإنك متى تدعني كذلك اُجبك.
يا عيسى ، إني لم أرض بالدنيا ثواباً
لمن كان قبلك ، ولا عقاباً لمن انتقمت منه.
يا عيسى ، إنك تفنى ، وأنا أبقى ، ومنّي
رزقك ، وعندي ميقات أجلك ، وإليّ إيابك ، وعليّ حسابك ، فسلني ولا تسل غيري ، فيحسن
منك الدعاء ومني الإجابة.
يا عيسى ، ما أكثر البشر ، وأقل عدد من
صبر! الأشجار كثيرة وطيّبها قليل ، فلا تغرَّنك شجرة حتى تذوق ثمرتها.
يا عيسى ، لا يغرنك المتمرد علي
بالعصيان ، يأكل رزقي ويعبد غيري ، ثم يدعوني عند الكرب فاُجيبه ، ثم يرجع إلى ما
كان عليه ، فعليّ يتمرد ، أم بسخطي يتعرض! فبيحلفت ، لآخذنه أخذة ليس له منها منجا
، ولا دوني ملجأ ، أين يهرب من سمائي وأرضي.
يا عيسى ، قل لظلمة بني إسرائيل : لا
تدعوني والسحت تحت أحضانكم ، الأصنام في بيوتكم ، فإنّي اليت أن اُجيب من دعاني ، وأن
أجعل إجابتي إياهم لعناً لهم حتى يتفرقوا.
يا عيسى ، كم أطيل النظر ، وأحسن الطلب
، والقوم في غفلة لا يرجعون ، تخرج الكلمة من أفواههم لا تعبأ قلوبهم ، يتعرضون لمقتي ويتحببون إلى
المؤمنين.
يا عيسى ، ليكن لسانك في السر والعلانية
واحداً ، وكذلك فليكن قلبك
__________________
وبصرك ، واطو قلبك
ولسانك عن المحارم ، وكف طرفك عما لاخير فيه ، فكم ناظر نظرة قد زرعت في قلبه شهوة
، ووردت به موارد حياض الهلكة.
يا عيسى ، كن رحيماً مترحّماً ، وكن كما
تشاء أن تكون العباد لك ، وأكثر ذكر الموت ومفارقة الأهلين ، ولا تله فإن الله ويفسد
صاحبه ، ولا تغفل فإن الغافل منّي بعيد ، واذكرني بالصالحات أذكرك.
يا عيسى ، تب إليّ بعد الذنب ، وذكر بي
الأوّابين ، وآمن بي ، وتقرب إلى المؤمنين ، ومُرهم يدعوني معك ، وإياك ودعوة
المظلوم ، فإني اليت على نفسي أن أفتح لها باباً من السماء بالقبول ، وأن اجيبه
ولو بعد حين.
يا عيسى ، إعلم أن صاحب السوء يغوي ، وان
قرين السوء يُردي ، وإعلم من تقارن ، واختر لنفسك أعواناً من المؤمنين.
يا عيسى ، تب إليّ فإني لا يتعاظمني ذنب
أن اغفره ، وأنا أرحم الراحمين ، اعمل لنفسك في أيام مهلتك ، قبل حلول أجلك ، وقبل
أن لا يعمل لها غيرك واعبدني ليوم هو كألف سنة مما تعدون ، أجزي بالحسنة أضعافها ،
فإن السيئة توبق
صاحبها ، وامهد لنفسك في مهلة ، ونافس في العمل الصالح ، فكم من مجلس قد نهض أهله
وهم مجارون من النار.
يا عيسى ، ازهد في الفاني المنقطع ، وطأ
رسوم من كان قبلك ، فادعهم وناجهم هل تحس منهم أحداً؟ فخذ موعظتك منهم ، واعلم أنك
ستلحقهم في المتلاحقين.
يا عيسى ، قل لمن تمرد عليّ بالعصيان ، وعمل
بالإدهان : ليتوقع عقوبتي ، وينتظر إهلاكي إياه ، سيصطلم مع الهالكين.
طوباك يا ابن مريم طوباك ، إن أخذت بأدب
إلهك الذي يتحنّن عليك مترحّما ، وبدأك بالنعم منه متكرماً ، وكان لك في الشدائد ،
لأتعصه ـ يا عيسى ـ فإنه لا يحل لك عصيانه ، قد عهدت إليك كما عهدت إلى من كان
قبلك ، وأنا على ذلكمن الشاهدين.
يا عيسى ، اغسل بالماء منك ما ظهر ، وداو
بالحسنات منك ما بطن ، فإنك إليَّ راجع.
__________________
يا عيسى ، أعطيتك ما أنعمت به عليك
فيضاً [ من ]
غير تكدير ، وطلبته منك قرضاً لنفسك ، فإن بخلت به عليها تكون من الهالكين.
يا عيسى ، تزيَّن بالدين ، وحب المساكين
، وامش على الأرض هوناً ، وصل على البقاع فكلها طاهر.
يا عيسى ، ما خير في لذاذة لا تدوم ، وعيش
عن صاحبه يزول!
يا عيسى بن مريم ، لورأت عينك ما أعددت
لأوليائي الصالحين ، ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقاً إليه ، وليس كدار الآخرة دار تجاور
فيها الطيبين ، وتدخل عليهم الملائكة المقربون ، وهم مما يأتي يوم القيامة من
أهوالها آمنون ، دار لايتغتر فيها النعيم ، ولا يزول عن أهلها ، يا بن مريم ، إن كنت لها من ألعالمين
مع آبائك آدم وإبراهيم في جنات ونعيم ، لا تبغي بها بدلاً ولا تحويلاً كذلك أفعل
بالمتقين.
يا عيسى ، اهرب إليّ مع من هرب ، من نار
ذات لهب ، ونار ذات أغلال وأنكال ، لايدخلها روح ولا يخرج منها غم أبداً ، قطع
كقطع الليل المظلم ، من ينج منها يفز ، ومن لم ينج من أنكالها هلك مع الهالكين ، هي
دار الجبارين ، والعتاة الظالمين ، وكل فظ غليظ ، وكل مختال فخور.
يا عيسى ، بئست الدار لمن ركن إليها ، وبئس
ألقرار دار الظالمين ، إني اُحذرك نفسك فكن بي خبيراً.
يا عيسى ، كن حيث ما كنت مراقباً لي ، واشهد
على أنّي خلقتك ، وأنّك عبدي ، وأنّي صورتك ، والى الأرض أهبطتك.
يا عيسى ، لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا
قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان.
يا عيسى ، لا تصحبن عاصياً ، ولا تصحبنّ
لاهياً
، وافطم نفسك عن الشهوات الموبقات ، وكل شهوة تباعدك منّي فاهجرها ، وأعلم أنك مني
بمكان
__________________
الرسول الأمين ، فكن
منّي على حذر ، واعلم أن دنياك مؤديتك إليَّ وأنّي آخذك بعلمي ، فكن ذليل النفس
عند ذكري ، خاشع القلب حين تذكرني ، يقظان عند نوم الغافلين.
يا عيسى ، هذه نصيحتي إياك ، وموعظتي لك
، فخذها منّي ، فإنّي رب العالمين.
يا عيسى ، إذا صبرعبدي في جنبي ، كان
ثواب عمله عليّ ، وكنت عنده حين يدعوني ، وكفى بي منتقماً ممن عصاني ، أين يهرب
مني الظالمون!
يا عيسى ، أطب الكلام ، وكن حيث ما كنت
عالماً.
يا عيسى ، وافض الحسنات إليَّ حتى يكون
لك ذكرها عندي ، وتمسك بوصيتي فإنها شفاء للصدور.
يا عيسى ، لا تأمن إذا مكرت مكري.
يا عيسى ، حاسب نفسك بالرجوع إليَّ حتى
تتنجّز [ ثواب ]
ما عمله العاملون ، أولئك يؤتون أجرهم وأنا خير المؤتين.
يا عيسى ، أَحبكم إليّ ، أطوعكم لي ، وأشدكم
خوفاً مني .
يا عيسى ، تيقّظ ولا تأيس من روحي ، وسبّحني
بطيب الكلام وقدّسني .
يا عيسى ، كيف يكفر العباد بي!؟
ونواصيهم بيدي ، وفي قبضتي ، وتقلّبهم في الأرض بعلمي ، يجهلون نعمتي ، ويتولون
عدوي ، كذلك يهلك الكافرون.
يا عيسى ، الدنيا سجن ضيق نتن الريح ، وحسن
فيها ما قد ترى [ مما ]
يتذابح عليه الجبارون ، فإياك والدنيا ، فكل نعيمها يزول ، وما نعيمها الا قليل.
يا عيسى ، ابغني عند وسادك تجدني ، وادعني
وأنت لي محب فإني أسمع السامعين ، أستجيب للداعين إذا دعوني.
يا عيسى ، خفني ، وخَوِّف بي عبادي ، [ لعل
] المذنبين أن
يتوبوا عمّا هم عاملون به ، فلا يهلكون إلا وهم يعلمون.
__________________
يا عيسى ، ارهبني رهبتك من السبع والكلب
والموت الذي أنت لاقيه ، فكل هذا أنا خلقته ، فإياي فارهبون.
يا عيسى ، إن الملك لي وبيدي ، وأنا
الملك ، فإن تطعني أدخلك جنتي في جوار الصالحين.
يا عيسى ، إني إذا غضبت عليك لم ينفعك
رضى من رضي عنك وإن رضيت عنك لم يضرّك غضب المغضبين .
يا عيسى ، اذكرني في نفسك ، أذكرك في
نفسي ، واذكرني في ملئك ، أذكر كفي ملأ خير من الآدميين.
يا عيسى ، ادعني دعاء الغريق الحزين ، ليس
له مغيث.
يا عيسى ، لا تحلف بي كاذباً ، فيهتز
عرشي غضباً ، الدنيا قصيرة العمر ، طويلة الأمل ، وعندي دار خير مما تجمعون.
يا عيسى ، كيف أنتم صانعون إذا أخرجت
لكم كتابا ينطق بالحق ، وأنتم تشهدون بسرائر قد كتمتوها ، وأعمال كنتم بها عاملين!
يا عيسى ، قل لظلمة بني إسرائيل : غسلتم
وجوهكم ، ودنستم قلوبكم ، أبي تغترون! أم عليّ تجترون! تتطيّبون بالطيب لأهل
الدنيا ، وأجوافكم عندي بمنزلة الجيفالمنتنة ، كأنكم أقوام ميتون.
يا عيسى ، قل لهم : قلموا أظفاركم من
كسب الحرام ، وأصِمّوا أسماعكم عن ذكر الخنا ، وأقبلوا عليَّ بقلوبكم ، فإني لست
اُريد صوركم.
يا عيسى ، افرح بالحسنة فإنّها لي رضا ،
وابك على السيئة فإنها شين ، وما لاتحب أن يصنع بك ، فلا تصنعه بغيرك ، وإن لطم
خدك الأيمن فاعطه الأيسر ، وتقرب إلي بالمودة جهدك ، وأعرض عن الجاهلين.
يا عيسى ، ذلَّ لأهل الحسنة ، وشاركهم
فيها وكن عليهم شهيداً ، وقل لظلمة بني إسرائيل : الحكمة تبكي منكم فرقاً ، وأنتم بالضحك تهجرون. أتتكم براءتي
أم لديكم أمان من عذابي! أم تعرضون لعقابي! فإني حلفت لأتركنكم مثلاً للغابرين.
ثم اُوصيك يا عيسى بن مريم البكر البتول
، اُوصيك بسيد المرسلين وحبيبي
__________________
منهم ، أحمد ، صاحب
الجمل الأحمر ، والوجه الأقمر ، المشرق بالنور ، الطاهر القلب ، الشديد البأس ، الحي
المتكرم ، فإنه رحمة للعالمين ، وسيد ولد آدم يوم يلقاني ، أكرم السابقين عليّ ، وأقرب
المرسلين عندي ، وهو العربي الأمي الديان بديني ، الصابر في ذاتي ، المجاهد
المشركين بيديه عن ديني ، أن تخبر به بني إسرائيل ، وتأمرهم أن يصدّقوا به ، وأن
يتبعوه وينصروه.
يا عيسى ، كل ما يقربك مني قد دللتك
عليه ، وكل ما يباعدك مني قد نهيتك عنه ، فارتد لنفسك.
يا عيسى ، إن الدنيا حلوة ، وإنما
استعملتك فيها ، فجانب منها ما حذرتك ، وخذ منها ما أعطيتك عفواً.
يا عيسى ، انظر في عملك نظر العبد
المذنب الخاطئ ، ولا تنظر في عمل غيرك بمنزلة الرب ، كن فيها زاهداً ، ولا ترغب
فيها فتعطب.
يا عيسى ، اعقل وتفكر ، وانظر في نواحي
الأرض ، كيف كان عاقبة الظالمين!؟
يا عيسى ، كلّ وصفي نصيحة لك ، فقل الحق
وأنا الحق المبين ، فحقاً أقول : لئنأنت عصيتني بعد أن أنبأتك ، مالك من دوني ولي
ولا نصير.
يا عيسى ، أذِلَّ قلبك بالحسنة ، وانظر
إلى ما هو أسفل منك ولا تنظر إلى من هو فوقك ، واعلم أن رأس كل خطيئة أو ذنب هو حب
الدنيا ، فلا تحبها فإني لا أحبها.
يا عيسى ، أطب لي قلبك ، وأكثر ذكري في
الخلوات ، وأعلم أن سروري أنت ُبصبص
إليّ ، كن في ذلك حياً ولاتكن ميتاً.
يا عيسى ، لاتشرك بي شيئاً ، وكن مني
على حذر ، ولاتغتر بالنصيحة ، ولاتقنط نفسك ، فإن الدنيا كفيء زائل ، وما أقبل
منها كما أدبر ، فنافس في الصالحات جهدك ، وكن مع الحق حيث ما كان ، وإن قطِعت
وحرَقت بالنار فلا تكفر بي بعد المعرفة ، ولاتكن من الجاهلين ، فإن الشيء يكون مع
الشيء.
__________________
يا عيسى ، صب لي الدموع من عينيك ، واخشع
لي قلبك.
يا عيسى ، استغفرني في حالات الشدة ، فإني اُغيث المكروبين
، واُجيب المضطرين ، وأنا أرحم الراحمين .
حفص بن غياث قال : قال أبو عبد الله 7 : « إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله
شيئاً إلا أعطاه ، فليأيس من الناس كلهم ، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله ـ عز
وجل ـ فإذا علم الله ـ سبحانه عز وجل ـ ذلك من قلبه ، لم يسأله شيئاً إلا أعطاه ، فحاسبوا
أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها ، فإن للقيامة خمسين موقفاً ، كل موقف مقام ألف سنة ،
ثم تلا : ( في يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة )
» .
حفص ، عن أبي عبد الله 7 قال : « قال عيسى 7 : اشتدت مؤونة الدنيا ومؤونة الآخرة ، أما
مؤونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجراً قد سبقك إليه ، وأما
مؤونة الأخرة فإنك لاتجد عليها إلا نفسك » .
عبد الله بن مسكان ، عن حبيب ، قال : سمعت
أبا عبد الله 7
يقول : « أما ـ والله ـ ما أحد من الناس أحب إلي منكم ، إن الناس سلكوا سبلاً شتى
، فمنهم من أخذ برأيه ومنهم من اتبع هواه ، ومنهم من اتبع الرواية ، وانكم أخذتم
بأمر له أصل ، فعليكم بالورع والإجتهاد ، اشهدوا الجنائز ، وعودوا المرضى ، واحضروا
مع القوم في مساجدهم للصلاة ، أما يستحي منكم الرجل أن يعرف جاره حقه ، ولا يعرف
حق جاره
» .
مالك الجهني قال : قال لي : « يا مالك ، أما ترضون أن تقيموا
الصلاة ، وتؤتوا الزكاة ، وتكفّوا ، وتدخلوا الجنة.
يا مالك ، إنه ليس من قوم إئتموا بإمام
في الدنيا ، إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه ، إلا أنتم ومن كان على مثل
حالكم.
__________________
يا مالك ، والله إن الميت منكم على هذا
الأمر لشهيد ، بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله عز وجل » .
مسعدة ، عن أبي عبد الله 7 : « إن رجلاً أتى النبي 9 ، فقال له : أوصني ، فقال له : فهل أنت
مستوص إن أنا أوصيتك؟ حتى قال له ذلك ثلاثاً ، وفي كلها يقول الرجل : نعم يا رسول
الله. فقال رسول الله 9
: فإني اُوصيك إذا هممت بأمر تدبر عاقبته ، فإن يك رشداً فأمضه ، وإن يك غياً
فانته عنه » .
مسعدة قال : سمعت أبا عبد الله صلى الله
عليه وعلى ابائه ، يقول لأصحابه يوما : « لا تطعنوا في عيوب من أقبل عليكم بمودته ، فلا توقفوه على
سيئة يخضع لها ، فإنها ليست من أخلاق رسول الله 9
ولا من أخلاق أوليائه » .
وعنه 7
: « إن المنافق لا يرغب فيما قد سعد به المؤمنون ، والسعيد يتعظ بموعظة التقوى وإن
كان يراد بالموعظة غيره » .
وعنه 7
قال : « قال رسول الله 9
: خلتان كثير من الناس فيهما مغبون
: الصحة ، والفراغ » .
أمير المؤمنين 7 قال : « من عرّض نفسه للتهمة ، فلا
يلومنَّ من أساء به الظن ، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده » .
علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر 7 قال : « أخذ أبي 7 بيدي ، ثم قال : يا موسى ، إن أبي محمد
بن علي 8 أخذ بيدي ، كما
أخذت بيدك ، وقال : إن أبي علي بن الحسين صلوات الله عليهما أخذ بيدي وقال لي : يا
بني ، إفعل الخير إلى كل من طلبه منك ، فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه ،
__________________
وإن لم يكن بأهل كنت
أهله ، وإن شتمك رجل عن يمينك [ ثم تحول الى يسارك ] ، فاعتذر إليك فاقبل منه » .
الحارث بن المغيرة قال : قال أبو
عبدالله 7 : « لآخذن
البريء منكم بذنب السقيم ، ولم لا أفعل ويبلغكم عن الرجل ما يشينكم ويشينني ، فتجالسونهم
وتحدثونهم ، فيمرّ المار فيقول : هؤلاء شر من هؤلاء ، فلو أنكم إذا بلغكم عنه ما
تكرهون ، أمرتموهم ونهيتموهم كان أرضى لكم ولي » .
طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله 7 ، في قوله : ( فلما نسوا ما ذُكّروا به أنجينا الذين ينهون عن
السوء )
. قال : « كانوا
ثلاثة أصناف : صنف ائتمروا وأمروا فنجوا ، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا قردة ، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا »
.
محمد بن مسلم قال : كتب أبو عبدالله 7 إلى الشيعة : « ليعطفنَّ ذو الفضل منكم
والنهى والرأي ، على ذي الجهل [ و ]
طلاب الرئاسة ، أو لتصيبنكم لعنتي لكم جميعاً » .
الحارث بن المغيرة قال : لقيني أبو
عبدالله 7 في طريق
المدينة فقال : « من ذا ، حارث؟ » قلت : نعم ، قال : « لأحملنَّ ذنوب سفهائكم على
علمائكم » فأتيته واستأذنت عليه فدخلت فقلت ، لقيني من ذلك أمر عظيم ، فقال : « ما
يمنعكم ـإذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون ، وما يدخل علينا به الأذى ـ أن تأتوه
فتؤنبوه
__________________
وتعذلوه ، وتقولوا
له قولاً بليغاً؟ » فقلت له : جعلت فداك إذن لا يطيعونا ، ولا يقبلون منّا ، فقال
: « اهجروهم واجتنبوا مجالستهم » .
قال بعض أهل العلم والدين والزهد : يا
أيها الناس ، اعملوا على مهل ، وكونوا من الله عز وجل [ على وجل ] ، ولا تغتروا بالأمل ونسيان الأجل ، ولاتركنوا
إلى الدنيا فإنها غرارة خدّاعة ، قد تزخرفت لكم بغرورها ، وفتنتكم بأمانيها ، [ وتزيّنت
] لخطابها
كالعروس المُتحلّية ، العيون إليها ناظرة ، والقلوب عليها عاكفة ، والنفوس لها عاشقة
، فكم من عاشق لها قتلت ، ومطمئن لها خذلتّ ، فانظروا إليها بعين الحقيقة ، فإنها
دار دام ما كثرت بوائقها ، وذمّها خالقها ، جديدها يبلى ، وملكها يفنى ، وعزيزها يذل
، وكثيرها يقل ، وحيّها يموت ، وخيرها يفوت.
فاستقيظوا من غفلتكم ، وانتبهوا من
رقدتكم ، قبل أن يقال : فلان عليل أو مدنف ثقيل ، فهل على الدواء من دليل ، أم هل
على طبيب من سبيل؟ فيدعى لك الأطباء ، ولا يرجى لك شفاء ، ثم يقال : فلان أوصى ، وماله
أحصى ، ثم يقال : قد ثقل لسانه ، فلم يكلّم إخوانه ، ولا يعرف جيرانه ، وعرق عند
ذلك جبينك ، وتتابع أنينك ، وبليت نفسك ، وطبقت جفونك ، وصدقت ظنونك ، وتلجلج
لسانك ، وبكى إخوانك ، وقيل لك : هذا ابنك فلان وهذا أخوك فلان فمنعت الكلام فلا تنطق
، وختم على لسانك فلم ينطلق ، ثم حل بك القضاء ، وانتزعت نفسك من الأعضاء ، ثم عرج
بها إلى السماء ، فاجتمع عند ذلك إخوانك ، واُحضرت أكفانك ، فغسلوك وكفنوك ، فانقطع
عوّادك ، واستراح حسادك ، وانصرف أهلك إلى مالك ، وبقيت مرتهناً بأعمالك .
وقال بعضهم لبعض الملوك : أحق الناس بذم
الدنيا وقلاها ، من بسط له فيها واعطي حاجته منها ، لأنه يتوقع آفة تغدو على ماله
تجتاحه
، أوعلى نفسه فتعفيه أوعلى جمعه فتفرقه ، أو تأتي على سلطانه فتهدمه من القواعد ، أوتدب
إلى جسمه فتسقمه ، أو
__________________
تفجعه بشيء هو مكين به من أحبائه ، فالدنيا أحق بالذم ، هي
الآخذة ما تعطي ، الراجعة فيما تهب ، بينا هي تضحك صاحبها ، إذ أضحكت منه ، وبينا
هي تبكي له ، إذأبكت عليه ، وبينا هي تبسط كفه بالإعطاء ، إذ بسطتها بالاسترداد ، وتعقد
التاج على الرأس ، وتعفره غداً في التراب ، سواء عليها ذهاب ما ذهب وبقاء ما بتي ،
تجد في الباقي
من الذاهب خلفاً ، وترضى بكل من كل بدلاً .
وكتب الحسن البصري الى عمر بن عبد
العزيز : أما بعد ، فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار إقامة ، وإنما أنُزل آدم 7 إليها عقوبة ، فاحذرها ـ يا
أميرالمؤمنين ـ فإن المراد منها تركها ، والغنى منها فقرها ، لها في كل حين قتيل ،
تذل مَن أعَزَّها ، وتفقر من جمعها ، هي كالسم يأكله من لايعرفه ، وهي جيفة ، وكن
فيها كالمداوي جراحه يحتمي قليلاً مخافة ما يكره طويلاً ، فيصبر على حدة الدواء ، مخافة
طول البلاء ، فاحذر هذه الدار الغرارة الختالة الخداعة ، التي قد زينت بخدعها ، وقتلت
بغرورها ، وتحلت بآمالها ، وتشوفت لخطابها ، فأصبحت كالعروس المنجلية ، فالعيون
إليها ناظرة ، والقلوب عليها والهة ، والنفوس لها عاشقة ، وهي لأزواجها كلهم قاتلة
، فلا الباقي بالماضي معتبر ، ولا الاخرعلى الأول مزدجر ، ولا العارف بالله عز وجل
حين أخبره عنها يدّكر.
فعاشق لها مدلّهُ قد ظفر منها بحاجته ، فاغتر وطغى ونسي
المعاد ، فشغل بها لبه ، حتى زلت عنها قدمه ، عظمت ندامته ، وكبرت حسرته ، واجمعت
عليه سكرات الموت بألمها ، وحسرات الفوت بغصم كا ، ومن رغب فيها لم يدرك منها ما
طلب ، ولم يروح نفسه من التعب ، فخرج بغير زاد ، وقدم على غير مهاد ، فاحذرها وكن
أسر ما تكون فيها أحذر ما تكون منها ، فإن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور
أشخصته
إلى مكروه ، السار فيها لأهلها غارّ ، والنافع منها غداً ضار ، وقد وصل الرخاء
منها في البلاء ، وجعل البقاء فيها إلى فناء ، فسرورها مشوب بالأحزان ، لا يرجع
فيها ما ولى وأدبر ، ولايدرى ما هو آت فينتظر ، أيامها الكاذبة ، وامالها باطلة ، وصفوها
كدر ، وعيشها نكد ،
__________________
ابن ادم فيها على
خطر ، وإن عقل فنظر ، وهو من النعماء على خطر ، ومن البلاء على حذر.
فلو كان الخالق لم يخبر عنها خبرا ، ولم يضرب لها
مثلاً ، لكانت الدنيا قد أيقظت النائم ، ونبهت الغافل ، فكيف وقد جاء من الله ـ عز
وجل ـ زاجر وفيها واعظ ، ما لها عند الله ـ جل ثناؤه ـ قدر ، وما نظر إليها منذ
خلقها ، ولقد عرضت على نبيك 9
بمفاتيحها وخزائنها ـ لا تنقصه عند الله جناح بعوضة ـ فأبى أن يقبلها ، وكره أن
يخالف على الله أمره ، أو يحب ما أبغض خالقه ، أويرفع ما وضع ، فزواها عن الصالحين
اختياراً ، وبسطها لأعدائه اغتراراً ، فيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه اكرم
بها ، ونسي ما صنع الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه حين شد الحجر على بطنه ، وإن
شئت اقتديت بصاحب الروح والكلمة ابن مريم 7
كان يقول : إدامي الجوع ، وشعاري الخوف ، ولباسي الصوف ، وصلائي في الشتاء مشارق الأرض ، وسراجي القمر
، ودابتي رجلاي ، وطعامي وفاكهتي ما أنبتت الأرض ، وليس لي زوجة تفتنني ، ولا ولد
يحرسني ، وإني لأصبح واُمسي وليس في الأرض أحد أغنى مني .
وقال وهب بن منبه : لما بعث الله موسى
وهارون إلى فرعون ، قال لهما : ولا يروعكما بأسه ، فإن ناصيته بيدي ، ولا يعجبكما
ما مُتّع به من زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين ، فلو شئت زينتكما بزينة يعرف
فرعون حين يراها أن مقدرته تعجز عنها ، لكني أرغب بكما عن ذلك ، فأزوي الدنيا
عنكما ، وكذلك أفعل بأوليائي ، أني لأذودهم عن نعيمها كما يذود الراعي غنمه عن
مراتع الهلكة ، وإني لأجنبهم سلوكها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن موارد العرة ، وماذاك لهوانهم عليّ ، ولكن
ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالماً موفوراً ، إنما يتزين لي أوليائي بالذل والخشوع
، والخوف الذي يثبت في قلوبهم ، فيظهر على أجسادهم ، فهو شعارهم ودثارهم الذي
يستشعرون ، ونجاتهم التى بها
__________________
يفوزون ، ودرجاتهم
التي إياها يأملون ، ومجدهم الذي به يفخرون ، وسيماهم التي بها يعرفون ، فإذا
لقيتهم يا موسى فاخفض لهم جناحك ، وألِن لهم جانبك ، وذلّل لهم قلبك ولسانك ، واعلم
أنه من أخاف لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ، ثم أنا الثائر لهم يوم القيامة .
وقال بعض الحكماء : الأيام سهام والناس
أغراض ، ترميهم بسهامها ، وتفنيهم بحمامها ، حتى تستعرض جميع اجزائهم ، فكم بقاء
سلامة من لا تزال السهام ترميه حتى يضمنه ، فلو كشف لك ـ أيها الانسان ـ عما أحدثت
الأيام من النقص فيك ، لا يستوحش من كل يوم يأتي عليك ، وإنها لأمر من العلقم ، وقد
أعيت الواصف لعيوبها
بظاهرأفعالها ، وما تأتي به من العجائب أكثر مما تحيط به المواعظ ، فنستوهب الله
تعالى رشد الصواب وحسن المآب .
وخطب عمر بن عبد العزيز فقال : أيها
الناس ، إنكم خلقتم لأمر إن كنتم تصدقون به فإنكم لحمقى ، وإن كنتم تكذبون به
فإنكم لهلكى ، إنما خلقتم لنعيم الأبد إن أطعتم ، ولجحيم الأبد إن عصيتم ، وانكم
من دار إلى دار تنقلون ، فاعملوا لما أنتم صائرون إليه ومقيمون فيه » .
ويقول العبد الفقير إلى رحمة ربه
ورضوانه الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ جامع هذا الكتاب ، ـ اعلام الدين وصفات
المؤمنين ـ أعانه الله على طاعته ، وتغمده برأفته ورحمته : إنه يجب على أهل العقل
والفهم والأدب والمعرفة ، أن يعلموا أن الدنيا قد أهانها الله » ، حيث لم يصفها
لأوليائه ، ولم يضن بها على أعدائه ، وإنها عنده لحقيرة يسيرة ، فينبغي لأهل هذه
الأوصاف ، أن يأكلوا قصداً ، ويلبسوا قصداً ، وينفقوا قصداً ، ويقدموا فضلاً يكون
لهم ، فينظروا إلى الدنيا بعين أنها فانية ، وإلى الآخرة بأنها باقية ، ويعلموا
أنهم راحلون عنها ، ومحاسبون عليها ، فيخرجوا منها قلوبهم قبل أن تخرج منها أبدانهم
، فإنها سريعة الفناء ، قريبة الانقضاء ، ينظر إليها الناظر فيحسبها ساكنة مستقرة
، وهي سائرة سيراً عنيفاً ، ومثالها الظل فإنه متحرك ساكن ، متحرك في الحقيقة ، ساكن
__________________
في الظاهر ، لا تدرك
حركتها بالبصر ، ولكن بالبصيرة ، ولقد أحسن من وصفها بقوله فيها :
أحلام نوم أو كظلّ زائل
|
|
إن اللبيب بمثلها لايخذل
|
وكان الحسن بن علي 8 يتمثل :
يا أهل لذات دنيا لابقاء لها
|
|
إن اغتراراً بظل زائل حمق
|
فينبغي للعاقل أن يفرغ نفسه
للتفكرفي طريق الخلاص من الهلكة ، فيتحرى سبل النجاة من أفعال الخير ، والتوبة
والندم على الذنوب ، والعزم على ترك العود إليها ، والصبرعلى بلاء الله ، والرضى
بقضاء الله ، والتسليم لأمره ، والشكر لنعمائه ، والخوف والرجاء له ، والزهد في
الدنيا ، والاخلاص في العمل ، والصدق في القول ، والجد في الطاعات ، ويفكر كل يوم
في قلبه ، فينظرإلى الذي يقرّبه من هذه الصفات الجميلة فيتحلى به ، وإلى ما يباعد
صفتها فيتجافى عنه ، ورأس ذلك التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والتزود
لسكنى القبور ، والتأهب ليوم النشور.
ثم لينظر في ايات الوعد والوعيد ، والتشديد
الذي ورد والترغيب ، فيتحقق عند نفسه ذلك ، فيزداد خوفاً من الله ورغبة إليه ، وإذا
أراد أن يتبين له حال الشكر فلينظر في إحسان الله إليه ، وإذا أراد أن يشتد خوفه
فلينظر في ذنوبه ويتذكّرها ، ثم ينظر في الموت وكربته ، والقبر ووحشته ، واللحد
وضغطته ، ومساءلة القبر ودهشته ، ومنكر ونكير ونهرتهما ، وفي هول النداء عند نفخة
الصور ، وهول المحشر ، وجمع الخلائق في صعيد واحد ، ليوم تشيب فيه الصغار ، ويسكر
الكبار ، وتضع كل ذات حمل حملها ، ثم في مناقشة الحساب على الفتيل والنقير والقطمير والذرة والخردلة ، وكتاب الله الذي لايغادر صغيرة ولا
كبيرة إلاّ أحصاها.
__________________
ثم أهوال يوم القيامة ، فيصور في نفسه
جهنم ودركها ومقامها ، أهوالها وأنواع ألعذاب فيها وقبح صورة الزبانية ، وأنه
كلّما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ، وأنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا
فيها ، وإذا رأوها من مكان بعيد سمعوا لها تغيّضاًوزفيراً.
وإذا أرادوا أن ينظروا إلى الرجاء ، فلينظروا
إلى الجنة ونعيمها ، وما أعدّ الله تعالى فيها من الملك الدائم ، والنعيم ، والحور
، واللذات ، [ فعليك بقراءة القرآن ]
والتفكر فيه ، فإنه جامع لجميع المقامات والأحوال ، وفيه شفاء للعالمين ، وفيه ما
يورث الخوف والرجاء ، والصبر والشكر ، وسائر الصفات ، وفيه ما يزجر عن سائر الصفات
المذمومة ، فينبغي أن يقرأه العبد ، ويردّد الآية التي هو محتاج إلى التفكر فيها
مرة بعد أخرى ، ولو مائة مرة فقراءة آية بتفكّر وتفهم خير من ألف اية بغير تفكر
وتفهم ، وليتوقف في التأمل فيها ولو ليلة واحدة ، فإنّ تحت كل كلمة منها أسراراً
لا تنحصر ، ولا يوقف عليها إلا بدقيق الفكر عن صفات القلب.
وكذلك مطالعة كلام رسول الله 9 فإنه قد أُوتي جوامع الكلم ، وكلّ كلمة
من كلماته بحر من بحور الحكم ، وإذا تأملها العاقل ـ حق التأمل ـ لم ينقطع فيها
نظره طول عمره ، وشرح الآيات والأخبار يطول. فانظر إلى قوله 9 : « إن روح القدس نفث في روعي : أحبب
ما أحببت فإنك مفارقه ، وعش ما شئت فإنك ميت ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ». فهذه
الكلمات جامعة حِكم الأولين والآخرين ، وهي كافية للمتأملين فيها ـ طول العمر ـ إذلو
وقفوا على معانيها ، وغلبت قلوبهم عليه بيقين
لاستغرقتهم ، وحال ذلك بينهم وبين التلفّت إلى الدنيا بالكلية ، فهذا طريق الفكر ،
حتى يعم قلبه بالأخلاق المحمودة ، والمقامات الشريفة ، لتنزه باطنه وظاهره عن
المكاره والرذائل ، لئلا يغفل عن صفات نفسه المبعدة من الله تعالى ، وأحواله
المقربة إليه سبحانه وتعالى ، بل ينبغي أن يكون للأنسان جريدة يثبت فيها جملة الصفات المهلكات
والصفات المنجيات ، وجملة المعاصي والطاعات ، ويعرض نفسه عليها كل يوم.
__________________
فأما المهلكات فهن : البخل ، الكبر ، والعجب
، والرياء ، والحسد ، وشدة الغضب ، وشره الطعام ، وحب المال والجاه.
والمنجيات فهي : الندم على الذنوب ، والصبر
على بلاء الله والشكر على نعمائه ، والزهد في الدنيا ، والاخلاص في الأعمال وحسن
الخلق ، والخوف من الله تعالى ، والخشوع له فمهما كفي من المذمومات واحدة فيخط عليها في جريده ، ويدع الفكر فيها على
الباقي ، فلا يزال يدفع عن نفسه مذموماً منها إلى أن يأتي على الجميع وكذلك يطالب
نفسه بالأّوصاف المنجيات ، فإذا اتصف بواحدة منها كالتوبة مثلاً والندم وخط عليها ، واشتغل بالباقي ، وهذا يحتاج إليه من
علت درجته ، وشمّر جده في طلب الصالحات ، وأما اكثر الناس من المعدودين الصالحين ،
فينبغي أن يثبتوا في جرائدهم المعاصي الظاهرة ، كأكل الشبهة ، وإطلاق اللسان
بالغيبة والنميمة ، والثناء على النفس ، والإفراط في معاداة الأعداء ، وموالاة
الأولياء ، والمداهنة مع الخلق في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن
أكثرمن يعد نفسه من الصالحين فلا ينفك عن جملة هذه المعاصي في جوارحه ، وما لم
تطهر الجوارح عن الآثام ، لايمكن الإشتغال [ بعمارة القلب ] وتطهيره ، بل كل فريق من الناس يغلب
عليهم نوع من المعصية ، فينبغي أن يكون تفقّدهم لها ، وتفكرهم فيها لإزالتها.
وبالجملة فينبغي للسالك طريق الصالحين ،
الراغب فيما عند الله في الدار الاخرة ، أن ينزل عن قلبه حب الجاه والمال والثناء
، والتعظيم ، فإن ذلك ينبت النفاق في القلب ، لقوله 9
: « حب الجاه والمال ، ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل ».
وقوله 9
: « ما ذئبان ضاريان اُرسلا في زريبة
غنم ، بأكثر فساداً فيها من حب المال
في دين المرء المسلم ».
ولا ينقطع حب الجاه والمال من القلب ، إلاّ
بالقناعة باليسير من الرزق ، وترك
__________________
الطمع فيما في أيدي
الناس ، فينبغي أن لا ينقطع فكر الراغب في هذا الأمر في التفطن بخفايا هذه الصفات
، واستنباط طريق الخلاص منها ، وهذه صفات الأتقياء الصالحين.
وأما أمثالنا فينبغي أن يكون فكرنا فيما
يقوي إيماننا بيوم الحساب ، إذ لو رآنا السلف الصالحون لقالوا قطعاً : إن هؤلاء لا
يؤمنون بيوم الحساب ، فما أعمالنا أعمال من يؤمن بالجنة والنار ، فإن من خاف شيئاً
هرب منه ، ومن رجا شيئاً عمل له ، وقد علمنا أن الهرب من النار ترك ما يوجبها ، وترك
الشهوات من الحرام والمعاصي ، ونحن منهمكون فيها ، وأن طلب الجنة بفعل الطاعات ، وكثرة
طاعة الله بالصلاة والصوم والقربات ، وملازمة الذكر والفكر في طريق النجاة ونحن
مقصرون في القيام بذلك ، فكيف تحصل الجنة مع ترك العمل لها؟ والنجاة من النار مع
العمل بما يوجبها؟
فهذه هي الأماني الكاذبة والغرور ، كما
قال الله سبحانه : (
ينادونهم
ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى
جاء أمر الله وغرّكم بالله الغرور )
هذا توبيخ
وتقريع لغير الكفار ، بدليل قوله تعالى : (
فاليوم لا
يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا
) .
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ أعانه الله على طاعته وتغمده برأفته ورحمته ـ : إني
لأعجب من قوم سمعوا الله تعالى يقول : (
إن الله
اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويقتَلون
وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن )
وهم يرجون ذلك بغير بذل نفس ولامال. فانظروا أيها الإخوان إلى معاني هذه الآية ، وكونه
تعالى باع الجنة بالنفس والمال ، وأكثر الناس لا يسمح بماله ولا بشيء منه ولا
بشعرة من نفسه ، ثم مع هذه الحال يرجو الجنة ، فهذا هو الطمع.
ألا ترون إلى إبراهيم الخليل 7 ، كيف بذل نفسه وولده وماله؟ أمّا
__________________
بذل نفسه ، فإنه لما
كسر أصنام المشركين ، أضرموا له النار وحذفوه إليها في المنجنيق ، فعرض له جبرئيل 7 في الهواء فقال له : ألك حاجة يا خليل
الرحمان؟ قال : إليك لا.
وأما بذله لولده ، فإنه أضجعه للذبح كما
حكى الله تعالى بقوله : (
فلما أسلما
وتلّه للجبين )
أسلم
إبراهيم ولده للذبح ، وأسلم إسماعيل نفسه.
وأما المال ، فإنه لما اتخذه الله
خليلاً ، قالت الملائكة : إلهنا اتخذت بشراً من الآدميين خليلاً؟ قال سبحانه : إني
اختبرته في نفسه فجاد بها ، وفي ولده فجاد به ، وقد بقي ماله ، فانزلوا الأرض
فاختبروه فيه ، فنزل نفر من الملائكة في شبه البشر فعرضوا له وسلموا عليه وقالوا :
يا خليل الرحمان ، إن نحن آمنا بك وصدقناك ، فما لنا عندك؟قال لي العصا ، ولكم
الرعاء ـ يعنى ألأغنام ـ وكانت يومئذ كلاب غنمه إثنا عشر الف كلب فما ظنكم بغنم
كلابها إثنا عشر ألف كلباً كم تكون!؟ فجاد بالنفس والمال والولد ، حتى قال الله
تعال : ( وأبراهيم الذي وفى
) فصدق الله في شهادته له ببذله نفسه وماله
وولده.
ونحن نرجو المنازل العالية ، ولا نعمل
عمل أهلها ، وما ذاك إلا لترك الخوف والإفتكار فيما مضى من العمر في غير طاعة ، وإنما
السلامة غداً للخائفين المشفقين الوجلين ، دل على ذلك القرآن المجيد ، بقوله تعالى
: ( ولمن خاف مقام ربه جنتان )
وبقوله تعالى : (
ذلك لمن
خاف مقامي وخاف وعيد )
وبقوله
تعالى : ( وأقبل بعضهم على بعض
يتساءلون * قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين
* فمنّ الله
علينا ووقانا عذاب السموم )
يعنى بقوله : ( مشفقين ) خائفين. ومدح سبحانه قوماً بقوله : ( يخافون يوماً كان شره مستطيراً
) وبقوله تعالى : ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما )
يريد به أنه أنعم بالخوف
__________________
عليهما ، وقال
سبحانه : ( وأمّا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى
* فإن الجنة
هي المأوى)
وقال سبحانه
: ( إنما يخشى الله من عباده العلماءُ
) والآيات في ذلك كثيرة يعرفها من يتلوها
، ولكن لا يتدبّرونها كما قال سبحانه وتعالى (
افلا
يتدبرون القرآن )
فلو تدبّروها لما ركبوا الطمع وسموه رجاءً.
ولقد أحسن مولانا أمير المؤمنين 7 في قوله : « يدعي بزعمه أنه يرجوا الله
، كذب والعظيم ، فما باله لا يتبين رجاؤه في عمله! فكل من رجا تبين رجاؤه في عمله
، إلاّرجاء الله فإنه مدخول ، وكل خوف محقق إلا خوف الله فإنه معلول ، يرجو الله
في الكبير ، ويرجو العباد في الصغير ، فيعطي العبد ما لا يعطي الرب ، فما بال الله
جل جلاله يُقصرُ به عما يُصنع بعباده!؟ أتخاف أن تكون له في رجائك كاذباً ، أولا
تراه للرجاء موضعاً ، وكذلك إن هو خاف عبداً من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي
ربه ، فجعل خوفه من العباد نقداً ، وجعل خوفه من خالقه وربه ضماراً ووعداً وكذلك من عظمت الدنيا في عينه ،
وعظم موقعها من قلبه ، آثرها على الله ، وانقطع إليها ، وصار عبداً لها ولمن في يديه شيء منها ، ثم إنهم ركبوا
الغرة وظنوا أنهم خائفون ، وما حملهم على ذلك إلاّ لجهلهم بحقيقة الخوف ».
وقد فصله مولانا أمير المؤمنين 7 في قوله : « إن استطعتم أن يحسن ظنكم
بالله ، ويشتد خوفكم منه ، فاجمعوا بينهما ، فإنما يكون حسن الظن العبد بربه على قدر
خوفه منه ، وإن أحسن الناس بالله ظناً أشدهم منه خوفاً » .
وقد روي أن أبراهيم 7 كان يُسمع تأوهه على حد ميل ، حتى مدحه
الله تعالى بقوله : (
إن أبراهيم
لحليم أوّاه منيب )
وكان في صلاته يسمع من صدره أزيزكأزيز المرجل ، وكذلك كان يسمع من صدر سيدنا رسول
الله 9 مثل
__________________
ذلك .
وكان أمير ـ المؤمنين 7 إذا أخذ في الوضوء يتغير وجهه من خيفة
الله تعالى ، وكانت سيدتنا فاطمة 3
تنهج في صلاتها
من خشية الله تعالى
وروي عن النبي 9 قرأ عليه أُبيّ سورة النساء ، فلما وصل
إلى قوله تعالى : (
فكيف إذا
جئنا من كل اُمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً
) فبكى النبي 9.
فأنظروا أيها الناس إلى الشهيد كيف يبكي
، والمشهود عليهم يضحكون!؟ وأنظروا الى الخليل والحبيب والصفيّ والصديقة الطاهرة ،
كيف يخافون هذا الخوف العظيم ، وهم الشهداء والشفعاء!؟ ومن يستشفع بهم ويرجو
النجاة غداً بحبهم كيف هوآمن لاهٍ! كأنه لم يسمع الله تعالى يقول ( أفمن هذا الحديث تعجبون *
وتضحكون ولا
تبكون * وأنتم سامدون )
وقال أهل التفسير : السامد هو اللاهي ، وقيل : الضاحك ، وقيل : الساكت.
فتيقظوا ـ عباد الله ـ من الغفلة ، وحاسبوا
أنفسكم على الصغيرة والكبيرة ، كما قال أمير المؤمنين 7 :
إن الله تعالى يسائلكم ـ معشر عباده ـ عن
الصغيرة من أعمالكم والكبيرة ، والظاهرة والمستورة ، فإن يعذب فأنتم أظلم ، وإن
يعفو فهو أكرم.
وأعلموا ـ عباد الله ـ أن المتقين ذهبوا
بعاجل الدنيا وآجل الآخرة ، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، ولم يشاركهم أهل
الدنيا ، في آخرتهم ، سكنوا الدنيا بأفضل ما سُكنت ، وأكلوها بأفضل ما اُكلت ، فحفظوا
في الدنيا بما حظي المترفون ، وأخذوا ما أخذه الجبابرة المتكبرون ، ثم انقلبوا
عنها بالزاد المبلغ ، والمتجر الرابح ، اصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم ، وتيقنوا
أنهم جيران الله غداً في آخرتهم ، لا ترد لهم دعوة ، ولا ينقصلهم نصيب من لذة.
فاحذروا ـ عباد الله ـ الموت وقربه ، وأعدّوا
له عدته ، فإنه يأتي بأمر عظيم ، وخطب جليل ، يأتي بخير لا شر بعده أبداً ، وبشر
لا خير بعده أبداً ، فمن أقرب من الجنة من عامليها!؟ ومن أقرب من النار من
عامليها!؟ وأنتم طرد الموت الذي إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو
ألزم لكم من ظلكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوى من خلفكم ، فاحذروا ناراً
قعرها بعيد ، وحرها شديد ، وعذابها جديد ، وحليتها حديد ، دار ليس فيها رحمة ، ولا
تسمع فيها دعوة ، ولا تفرج فيها كربة
، فاتقوا الله ، ولا تسخطوه برضى أحد من خلقه ، فإن في الله خلفاً من خلقه ، وليس
في غيره خلف منه.
فانتبه أيها الإنسان لنفسك ، واعلم أنك
مسؤول عن ألقليل والكثير ، والنقير والقطمير ، والفتيل والذرة والحرف ، وما تضمر
في نفسك ، وزمرات
عينك وخيانتها ، وتمثل في نفسك ـ إن أردت أن يخشع قلبك ، وتقشعر جوارحك ، وتجري
دمعتك ـ أهول يوم القيامة ، وكربها وفرقها ، وشدة عظائمها ، وخروجك من قبرك
عرياناً حافياً ، شاحباً لونك ، شاخصاً بصرك ، تنظر مرة عن يمينك ، ومرة عن يسارك
، إذ الخلائق كلهم في شأن غير شأنك ، ومعك ملائكة موكّلون بك غلاظ شداد ، منهم
سائق وشهيد ، سائق يسوقك إلى محشرك ، وشهيد يشهد عليك ، بعملك ، فحينئذ تنزل
الملائكة من أرجاء السماوات ، جسام عظام ، وأشخاص ضخام شداد ، اُمروا أن يأخذوا بنواصي
المجرمين إلى موقف العرض ، مهول خلقهم.
قال رسول الله 9 : « إن لله ملكا ما بين شفري عينيه
مسيرة مائة عام ».
وقال أمير المؤمنين 7 : « إن لله ملائكة لو أن ملكاً هبط إلى
الأرض لم تسعه ، لعظم خلقه ، وكثرة أجنحته ، ومنهم من لو كلفت الجن والأنس أن
يصفوه ما قدروا على وصفه ، لبعد ما بين مفاصله ، وحسن تركيب صورته ، وكيف يوصف من ما
بين منكبه وشحمة اذنه مسيرة سبعمائة عام!؟ ومنهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته دون
عظم بدنه
__________________
ومنهم من السماوات إلى حجزته ، ومنهم من قدماه على غير قرار في جو الهواء
الأسفل ، والأرضون إلى ركبته ، ومنهم لو اُلقي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها
، ومنهم من لو اُلقيت السفن في دموع عينيه لجرت دهر الداهرين. فتبارك الله أحسن الخالقين
».
روى هذا الحديث مسنداً الشيخ أبو جعفر
ابن بابويه الفقيه ;
، في كتابه كتاب (الخصال) .
فانتبه لنفسك ـ أيها الأنسان ـ كيف تكون
حالك إذا شاهدت مثل هؤلاء الملائكة العظيمي الخلق ، ليأخذوك إلى مقام العرض ، وتراهم
على عظم أشخاصهم منكسرين ، لشدة خوف يوم المحشر ، مما يرون من غضب الجبار على
عباده ، وعند نزولهم لا يبقي نبي ولا صدّيق ولا صالح إلاّ ويخرون لأذقانهم خوفاً
من الله ، كأنهم هم المأخوذون ، فهذا حال المقربين ، فما ظنك بالعصاة المجرمين!
وعند ذلك تقوم الملائكة صفاً محدقين
بالخلائق من الجوانب ، وعلى جميعهم شعار الذل والخضوع ، وهيبة الخوف والمهابة لشدة
ذلك اليوم.
ثم تقبل الملائكة فينادون وأحداً واحداً
يافلان بن فلانة ، هلمّ إلى موقف العرض ، فعند ذلك ترتعد الفرائص ، وتضطرب الجوارح
، وتبهت العقول ، ويتمنى أقوام أن يذهب بهم إلى النار ، ولا تعرض قبائح ، أعمالهم
على الجبار ، ولا يكشف سرهم على ملأ الخلائق. فعند ذلك يخرج النداء : يا جبرئيل ، إئت
النار ، فجاءها جبرئيل وقال لها : يا جهنم ، أجيبي خالقك ومليكك. فقادها جبرئيل على
غيظها وغضبها ، فلم تلبث بعد النداء أن فارت وزفرت إلى الخلائق وشهقت ، وسمع
الخلائق شهيقها وزفيرها ، وانتهضت خزانها متنكرة على الخلائق ، غضباً على من عصى
الله وخالف أمره.
فأخطر ببالك حال قلوب العباد وقد امتلأت
فزعاً ورعباً ، فتساقطوا وجثوا على الركب ، وولوا مدبرين ، وسقط بعضهم على الوجوه
، وينادي الظالمون والعصاة بالويل والثبور ، ونادى كل واحد من الصديقين : نفسي
نفسي. فبينا هم كذلك إذ زفرت النار زفرة ثانية ، فتساقط الخلائق على وجوههم ، وشخصوا
بأبصارهم ينظرون من طرف
__________________
خاشع خفي ، واُنهضت
قلوب الظالمين فبلغت الحناجر كاظمين ، فعند ذلك يقال : يا ابن آدم ، ألم أكرمك
وأسوّدك
وأزوجك ، وأسخر لك الخيل والابل والأنعام ، وأنعم عليك بالشباب؟ ففي ماذا أبليته؟
وأمهل لك في العمر ، ففي ماذا أفنيته؟ وأرزقك المال ، ففي ماذا أنفقته؟ ألم أكرمك
بالعلم ، فماذا عملت فيه؟
فانظر خجلك وحياءك عند تعداده عليك
إنعامه وأياديه ، ومقابلته بمساوئك ، وأنت قائم بين يديه بقلب محزون خافق وجل ، وطرف
خاشع ذليل منكسر ، ثم أُعصيت كتابك الذي لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
أوما علمت أن جوارحك شهوده ، وأعضاءك
جنوده ، وضمائرك عيونه ، وخلواتك عيانه ، فكم من فاحشة نسيتها! وكم من طاعة غفلت
عنها! وكم من ذنوب كشف لك عن مساوئها! فخجلت منها حيث لاينفع الخجل ، ووجلت حيث
لاينفع الوجل ، فليت شعريَ بأي قدم تقف بين يديه! وبأي لسان تجيب عند العرض عليه!وبأي
قلب تعقل! فتفكر في عظم جنايتك وذنوبك ، إذ يقول لك : يا عبديَ أما استحيت مني!
بارزتنى بالقبيح ، واستحيت من خلقي ، فأظهرت لهم الجميل ، وبارزتنى بالقبيح ، أكنت
أهون عليك من عبادي ، استخففت بنظري إليك ، واستعظمت خلقي.
يابن آدم ، ما غرك بي ، فاذا عملت؟
وبماذا أجبت الرسل؟ ألم أكن رقيباً عليك ، وأنت تنظر بعينك إلى مالا يحل لك! ألم
أكن رقيباً على أذنيك ، وأنت تسمع بهما مالا يحل لك! وكذا يعدد عليه جميع جوارحه
وأعضائه.
فانظر لنفسك ، فإنك بين أن يقال لك : قد
تفضلت عليك بالغفران ، فيعظم سرورك وفرحك ، ويغبطك الأولون والآخرون. وأما أن يقال
للملائكة : خذوه فغلٌوه ثم الجحيم صلّوه ، فعند ذلك لو بكت عليك السمماوات والأرض
لكان ذلك جديراً بك ، لعظيم مصيبتك ، وشدّة حسرتك على ما فرطت من طاعة الله ، وعلى
ما بعت من آخرتك من دنيا دنيئة لم تبق لك.
واعلم أنه لن ينجومن هول ذلك اليوم إلا
من حاسب في الدنيا نفسه ، ووزن فيها بميزان الشرع أعماله وأقواله وخطراته ، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب
__________________
صلوات الله عليه
واله : « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا » وإنما حسابه
لنفسه أن يتوب عن كل معصية قبل الموت توبة نصوحاً ، ويتدارك ما فرط من تقصير في
فرائض الله ، ورد المظالم حبة بعد حبة ، ويستحل كل من تعرض له بلسانه ويده ويطيب
قلوبهم ، حتى يتوب
ولم تبق عليه مظلومة ولا فريضة ، فهذا يدخل الجنة بلا حساب.
وإن مات قبل ذلك كان على أمر خطر من
أهوال ذلك اليوم ، فنعوذ بالله منشر ذلك الموقف ، حين تتذكر ما أنذرك الله على
لسان رسوله 9 حين قال : ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما
يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رؤسهم
لا يرتد إليهم طرفهم وافئدتكم هواء
) فما أشد فرحك اليوم بتمضمضك بأعراض
الناس وتناولك أموالهم ، وما أشد حسرتك في ذلك اليوم إذا وقفبك على بساط العدل ، وقوبلت
بميزان السياسة والعدل ، وأنت مفلس فقير عاجز مهين ، لا تقدر على أن ترد حقاً أو
تقيم عذراً.
فدع التفكر فيما أنت مرتحل عنه ، واصرفه
إلى مورده واحذره ، واجتهد فيما ينججك منه ، واستمع إلى قوله تعالى : ( وان منكم إلأ واردها كان على ربك حتمآَ مقضياً
* ثم ننجي
الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً
) فإن كنت تعلم من نفسك التقوى ، فأنت من
الناجين ، وإن لم تكن كذلك ، فأنت من الظالمين فيها جثياً ، فأشعر قلبك هول ذلك
المورد ، فعساك تستعد للنجاة
منه.
وتأمل في حال الخلائق ، وقد قاسوا من
دواهي القيامة ما قاسوا ، فبيناهم في كربها وأهوالها واقفون ينظرون حقيقة آياتها ،
إذ أحاطت بالمجرمين ظلمات ، وأظلت عليهم بادرات ، وسمعوا لها زفيراً وجرجرة تفصح
عن شدة الغيظ ، فعند ذلك أيقن المجرمون بالعقاب ، وجثت الاُمم على الركب ، حتى
أشفق البراء من سوء المنقلب.
وخرج ملك من الزبانية ينادي : يافلان بن
فلان ، المسوف نفسه في الدنيا بطول الأمل ، المضيع عمره في سوء العمل. فيبادرونه
بمقامع حديد ، ويستقلبونه بعظائم
__________________
التهديد ، ويسكنونه
في دار ضيقة الأرجاء ، مظلمة المسالك ، مبهمة المهالك ، فعند ذلك يندمون على ما
فرطوا في جنب الله فلا ينجيهم الندم ، ولا ينفعهم الأسف ، بل يكبون على وجوههم من
فوق النار ، فهم بين مقطعات النار وسرابيل القطران ، يتحطمون في دركاتها ، ويضطربون
بين غواشيها ، تغلي بهم النار كغلي القدور ، وينادون بالويل والعويل ، ومهما دعوا
بالثبور صب فوق رؤوسهم الحميم ، يصهر به ما في بطونهم والجلود ، فمن كان من أهل
الشفاعة أدركته ، لقوله صلى الله عليه : « ادخرت شفاعتي لأهل الكبائرمن أمتي ».
وقوله 7
: « يخرجون من النار بعد ما يصيرون حمماً
وفحماً » ومن كان من أهل الخلود ، فالويل له بالعذاب الدائم المقيم ، نعوذ بالله
من ذلك.
واعلم أن تلك الدار التي عرفت غمومها
وهمومها ، يقابلها دار اُخرى وهي الجنة ، فإن من بعد منها استقر لا محالة في جهنم
، فاستشعر الخوف في قلبك بطول الذكر في أهوال الجحيم ، واستثر الرجاء بطول الفكر
في النعيم المقيم ، الموعود لأهل الاحسان ، وسق نفسك بسوط الخوف ، وقدها بزمام
الرجاء إلى الصراط المستقيم ، فبذلك تنال الملك العظيم ، وتسلم من ألعذاب الأليم.
فتفكر في أهل الجنة ، في وجوههم نظرة
النعيم ، يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك ، جالسين على منابر من الياقوت الأحمر ، في
خيام من اللؤلؤ الرطب الأبيض ، فيها بسط من العبقري الأخضر ، متكئين على أرائك
منصوبة على أطراف أنهار مطردة بالخمر والعسل ، محفوفة بالغلمان والولدان ، مزينة
بالحور العين من الخيرات الحسان ، كأنّهنّ الياقوت والمرجان ، لم يطمثهن إنس قبلهم
ولا جان ، يمسون
في درجات الجنان. إذا اختالت في مشيها ، حمل أعطافها سبعون ألفاً من الولدان ، عليها
من طرائف الحرير الأبيض ما تتحير فيه الأبصار ، مكلّلاً بالتيجان المرصّعة باللؤلؤ
والمرجان ، كَحلات غنجات
عطرات آمنات من الهرم البؤس ، ومقصورات في قصور من الياقوت ، نبتت وسط روضات
الجنات ، قاصرات الطرف عين ، ثم يطاف عليهم وعليهن بأكواب وأباريق وكأس من معين ، بيضاء
لذة للشاربين.
__________________
وقيل : إن في الجنة حوراء يقال لها : العيناء
، إذا مشت يمشي عن يمينها ويسارها سبعون ألف وصيفة ، وهي تقول : أين الآمرون
بالمعروف والناهون عن المنكر؟ وقال آخر : ترك الدنيا شديد ، وفوت الجنة أشد ، وترك
الدنيا مهرالاخرة.
وقال أيضاً : في طلب الدنيا ذلّ النفوس
، وفي طلب الجنة عز النفوس ، فيا عجباً لمن يطلب الدنيا بذلّ النفوس والتعب ، ولا
يطلب الاخرة بعز النفوس والراحة .
ابن بابويه ، عن محمد بن [ أبي ] القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن
محمد أبن خالد ، عن بعض رجاله ، عن داود الرقي ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي
جعفر 7 قال : « قال
أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ألا أخبركم بالفقيه حقاً؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين
، قال : من لم يقنّط الناس من رحمة الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يرخص لهم
في معاصي الله ، ولم يترك القرآن رغبة .
ألا ، لا خير في علم ليس فيه تفهم ، الا ، لا خير في قراءة ليس فيها تدبر ، الا ، لا
خير في عبادة ليس فيها تفقه » .
* * *
__________________
فصل
في ذكر حقوق الإخوان
قال رسول الله 9 : « إن من أفضل الأعمال بعد الفرائض ، إدخال
السرور على المؤمن ».
وقال أميرالمؤمنين 7 : « من سرَ لنا ولياً ، فقد وصل لنا
رحماً ».
وقال 7
: « فقراء شيعتنا حجة على أغنيائهم ».
وروي عن الصادق 7 ، أنه قال : « من رفع أخاه رفع الله
قدره ـ ثم قال : ـ من أحوج أخاه إلى عدوه ، أحوجه الله تعالى عز وجل إلى شرارخلقه
، وضيق عليه في رزقه ».
وقال 7
: « من ترك حاجة لأخيه المؤمن ، ولم يقضها له من ماله وجاهه ويده ورجله ولسانه ، أوجب
الله عز وجل عليه ثلاث حوائج لرجل منافق ، يكيده فيها ولا يأجره الله عليها ».
وقال : « من سأله أخوه المؤمن حاجة ، وعنده
قضاؤها ولم يقضها بأنعم الله عنده ، فقد كفر بها ، وباء بغضب ، ومأواه جهنم وبئس
المصير ».
وقال : « من سر مّؤمناً فقد سرّني ، ومن
سرّني فقد سر رسول الله 9
، ومن سرّ رسول الله فقد سر الله عز وجل ، ومن سرّ الله أدخله الجنة ».
وعن المعلى بن خنيس قال : قلت لأبي
عبدالله 7 : ما حق
المؤمن على المؤمن؟ قال : « سبعة حقوق واجبات ، ما فيها حق إلا وهو عليه واجب ، إن
خالفه خرج من ولاية الله وترك طاعته ، ولم يكن لله عز وجل فيه نصيب ».
قال : قلت : جعلت فداك ، حدثني ماهي؟
قال : « يا معلى إني شفيق عليك ، أخشى أن تضيع ولا تحفظ ، وتعلم ولا تعمل ».
قلت : لا قوة إلاّ بالله. قال : « أيسر
حق منها ، أن تحب له ما تحب لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك.
والحق الثاني : أن تمشي في حاجته ، وتبتغي
رضاه ، ولا تخالف قوله.
والحق الثالث : أن تصله بنفسك ، ومالك ،
ويدك ، ورجلك ، ولسانك.
والحق الرابع : أن تكون عينه ووليه
ومرآته وقميصه.
والحق الخامس : أن لا تشبع ويجوع ، ولا
تلبس ويعرى ، ولا تروى ويظمأ.
والحق السادس : أن تكون لك امرأة وخادم
، وليس لأخيك امرأة ولا خادم ، أن تبعث خادمك فتغسل ثيابه ، وتصنع طعامه ، تمهد
فراشه ، فإن ذلك كله إنما جعل بينك وبينه.
والحق السابع : أن تبر قسمه ، وتجيب
دعوته ، وتشهد جنازته ، وتعوده في مرضه ، وتشخص بدنك في قضاء حاجته ، ولا تحوجه
إلى أن يسألك ، ولكن تبادر إلى قضاء حوائجه ، فإذا فعلت ذلك به وصلت ولايتك
بولايته ، وولايته بولاية الله عز وجل » .
عن علي 7
: ان النبي 9 قال في
وصيته : « يا علي ، سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان ، وأبواب الجنة مفتحة
له : من أسبغ وضوءه ، وأحسن صلاته ، وأدى زكاة ماله ، وكفّ غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر
لذنبه ، وأدى النصيحة لأهل بيت نبيه » .
وقال رسول الله 9 : « ما من مؤمن يصوم شهر رمضان ، إلا أوجب
الله ـ تبارك وتعالى ـ له سبع خصال : أولها : يذوب الحرام في جسده.
والثانية : يقرب من رحمة الله عز وجل.
والثالثة : قد كفي خطيئة أبيه آدم.
والرابعة : يهون الله عليه سكرات الموت.
والخامسة : أمان من الجوع والعطش يوم
القيامة.
والسادسة : يطعمه الله عز وجل من طيبات
الجنة.
والسابعة : يعطيه الله عز وجل براءة من
النار » قال : صدقت يا محمد .
وروي عن العالم أنه قال : « والله ، ما
اُعطي مؤمن قط خير الدنيا والاخرة ، إلا بحسن ظنه بالله ـ عز وجل ـ ورجائه له ، وحسن
خلقه ، والكف عن اغتياب المؤمنين.
__________________
والله ـ تبارك
وتعالى ـ لايعذب عبداً بعد التوبة والإستغفار إلا بسوء ظنه ، وتقصيره في رجائه لله
عز وجل ، وسوء خلقه ، واغتيابه للمؤمنين. وليس يحسن ظن عبد مؤمنبالله عز وجل إلا
كان عند ظنه به ، لأن الله تعالى كريم يستحي أن يخلف ظن عبدهورجاءه ، فأحسنوا الظن
بالله ، وارغبوا إليه ، فإن الله تعالى يقول : (
الظانين
بالله ظنّ السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنم وساءت
مصيرا ) و .
وقد روي : ان الله تعالى قال : « أنا
عند ظن عبدي بي ، فلا يظن بي إلا خيراً »
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « الثقة بالله حصن لايتحصن به إلا مؤمن ، والتوكل
عليه نجاة من كل سوء وحرزمن كل عدو ».
وروي أن الله تعالى إذا حاسب الخلق ، يبقى
رجل قد فضلت سيئاته على حسناته ، فتأخذه الملائكة إلى النار ـ وهو يتلفت ـ فيأمر
الله بردّه ، فيقول له : لم تتلفت؟ ـ وهو أعلم به ـ فيقول : يا رب ، ما كان هذا
حسن ظني بك ، فيقول الله تعالى : ملائكتي ، وعزتي وجلالي ، ما أحسن هذا عبدي ظنه
بي يوماً ، ولكن انطلقوا به إلى الجنة لادّعائه حسن الظن .
وروي أن الله تعالى يقول ـ حين يجمع بين
الناس ، ولبعضهم على بعض حقوق ، وله قبله تبعات ـ : عبادي ما كان لي قبلكم فقد
وهبته لكم ، فهبوا لبعضكم تبعات بعض ، وادخلوا الجنة جميعاً برحمتي .
وبالجملة ان الله سبحانه وتعالى أمر
بمكارم الأخلاق ، من العفو والحلم والكرم والتجاوز والعطف والرحمة والإغضاء ، ورغب
في ذلك وأحب فاعله ، ومقت تاركه ، فهو سبحانه أحق بأن يعمل بما أمر به واحبه ، أفيأمر
بهذه الخصال الحميدة الجميلة ، ولا يعمل بها؟ حوشي من ذلك ، وجل وعلا.
__________________
ولقد أحسن من قال هذه الأبيات في هذا
المعنى :
أيا رب هب أني أسأتُ وأذنبتُ
|
|
ألم يكفني قولي فعلتُ وأخطأتُ
|
أما جاز في شرع السموّ بأنكم
|
|
تعفون عني إذ عرفتُ وأقررتُ
|
فقد قلت هذا القول مني لدونكم
|
|
فغضّ عن الذنب الجموح بما قلتُ
|
وليس كريم من رضى إذ منحته
|
|
وفائي ولكن من تغاضى وقد خنتُ
|
فما زال حسن العفو منكم سجية
|
|
على سفه التكرار منّي وإن تُبتُ
|
إذا جاءك العبد المطيع لخشية
|
|
من النارأو بخل تَقَضّى به الوقتُ
|
عمدت إلى درع من الحلم صاغه
|
|
رجائي بعفو منكم فتدرّعتُ
|
فأطفأت نار الخوف ثَمَّ ببرد ما
|
|
ظننت بكم فيما رجوتُ وأمَّلت
|
إذا كانت الذات القديمة عفوها
|
|
قديم وماصرت وكان وقد صرت
|
فسوف ارجّيهِ وإن بَعُدَ المدى
|
|
عليّ وإن حلت ذنوبي إذا متُ
|
ولو لم يكن من ذاتك العفو شاهداً
|
|
أمرت به بين الورى كنت قد خفتُ
|
ولكن وزنت العفو منكم بأخذكم
|
|
على الجُرم فاسترجحتُه فترجّحتُ
|
فلي الفخر في الدنيا وإن كنت ابقاً
|
|
إذا كنتَ لي مولىَ سعدتُ وأسعدتُ
|
وكيف أرى ناراً وقد ظفرت يدي
|
|
بمن قال : كن ، من غير ما لم يكن ، كنتُ
|
وشيمته عفو وحلم ونائل
|
|
ولطف وإحسان رأيتُ وشاهدتُ
|
فأنت غنائي إن قضمت من الحصا
|
|
شِقاً في اختيارٍ منكم أوتنعّمتُ
|
وقال آخر :
يارب إن عظمت ذنوبي كثرة
|
|
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
|
أدعوك ربّ كما أمرت تضرّعاً
|
|
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
|
إن كان لا يرجوك إلاّ محسن
|
|
فبمن يلوذ ويستجير المجرمُ!؟
|
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا
|
|
وجميل عفوك ثم إني مسلمُ
|
وقال آخر :
من لي سواك فأدعوه وآمله
|
|
وغير نعماك أرجوها وأرتقب
|
أو ليتني نعماً جَلَّت مواهبها
|
|
أضاء لي عندها المعروف والحسب
|
أخرجتني بعظيم اللطف من عدم
|
|
معرّضاً لثواب منك يكتسب
|
رفعتني بعد ماقد كنتُ منخفضاً
|
|
فصرت بين الورى تسمو بي الرتب
|
فلا أطيق لما أوليت من نعم
|
|
شكراً ولكنني أبكي وأنتحب
|
ذلاً وخوفاً من التقصير يا ملكي
|
|
فهب ، وشيمة أهل الفضل أن يهبوا
|
لكنّ قلبي بما أجريتَ معترف
|
|
فرضاًعليه يراه لازماً يجب
|
فاصفح إلهي ، فهذا الظن فيك على
|
|
حسناك حتى يزول الهم والكرب
|
وقال اخريخاطب الله تعالى :
أجلُكَ عن تعذيب مثلي على ذني
|
|
ولا ناصر لي غيرنصرك ياربي
|
أنَا عبدك المحقور في عظم شأنكم
|
|
من الماء قد أنشأت أصلي ومن ترب
|
ونقلتني من ظهرآدم نطفة
|
|
أجدّ وفي قعرحريج من الصلب
|
وألقيتني من ضيقِ قعر بِمَنِّكُمْ
|
|
وإحسانكم أهوي إلى الواسع الرحب
|
فحاشاك في تعظيم شأنك والعلى
|
|
تعذب محقوراً بإحسانكم ربي
|
لأنا رأينا في الأنام معظّماً
|
|
تجلى عن المحقورفي القتل والضرب
|
وأرفده مالاً ولوشاء قتله
|
|
لقطعه بالسيف إرباً على إرب
|
وأيضاً إذا عذبت مثلي وطائعاً
|
|
تُنَعِّمَه فالعفوفيكم لمن تحبي
|
فإني متى مازنته بعقابكم
|
|
وأخذِكُمُ بالجرِم مِنّيَ يَرجُح بي
|
فما هو إلا لي فمنذ رأيته
|
|
لكم شيمة أعددته المحوَ للذنب
|
وأطمعتني لما رأيتك غافراً
|
|
ووهاب قد سميتَ نفسك في الكَتب
|
فإن كان شيطاني أعان جوارحي
|
|
عصتكم ، فمن توحيدكم ماخلا قلبي
|
فتوحيد كم فيه وآل محمد
|
|
سكنتم به في حبّة القلب واللب
|
وجيرانكم هذي الجوارح كلها
|
|
وأنتم فقد أوصيت بالجار ذي الجنب
|
وأنصار أبنا العُرب تحمي نزيلها
|
|
وجيرانها والتابعين من الخطب
|
فلم لا ارجّي فيك ياغاية المنى
|
|
حمىً مانعاً ، إذ صح هذا من العرب
|
يقول العبد الفقير إلى رحمة
ربه ورضوانه الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ أعانه الله على طاعته وتغمده الله
برأفته ورحمته ـ إني حيث ذكرت ما ذكرت من التخويف والترهيب ، اقتضت الحال ذكر
أسباب الترغيب ، وماجاء ، في ذلك من سعة رحمة الله ، وعظيم كرمه ، وواسع حلمه
وعفوه ، ونتيجة الظن به ، لينبسط الرجاء
__________________
بذلك ، كما اشتد
الخوف.
والذي امركم به ـ أيها الاخوان ـ أن
يشتد خوفكم ، ويعظم حذركم ، فإن ذلك أدعى للنجاة. وأضرب لكم مثل رجلين توجها في
طريق فسألا عنها ، فقال لهما قوم : إنها كثيرة المرعى والكلأ ، غزيزة الماء ، عظيمة
الأمن ، وقال آخرون : بل هي طريق موحش ، قليل الماء والكلأ والمرعى ، مخوف شديد
الخطر ، فأخذ أحدهما بقول منشهد بالمخافة ، فتزوّد وأكثرمن الزاد والماء والعدد ، وما
يؤنسه ، وكل ما تحصل به السلامة والأمن. وسكن الآخر واطمأن إلى قول من أخبره
بسلامة الطريق وأمنها ، وكثرة كلئها ومرعاها. فلما سارا فيها ، وجدها الذي تزود
على ما حذرها ، ففاز بالنجاة والسلامة بكثرة الأزواد ، وهلك وعطب الذي لم يتزود ، وندم
حيث لم تنفعه الندامة.
ولو قدرنا أنهما لووجدا الطريق على ما
وصفها الواصفون لها ، بالأمن وكثرة الماء والمرعى ، اكان يضر الذي عمل بالحزم
واحتاط لنفسه بالزاد؟
فتيقظوا ـ رحمكم الله ـ وتفكروا في
المثل ، وانظروا فيه ، فإنه عبرة لأولي الألباب ، وتبصرة لمن أناب وعرف الصواب.
وروي عن الصادق 7 أنه قال رسول الله 9 : « غضوا أبصاركم ، واحفظوا ألسنتكم ، وحصنوا
فروجكم ، وكفوا أيديكم ، واعلموا أن الأيام صحائف أعمالكم ، فلا تخلدوا إلى الأيام
ونعيمها ، ورب مستدرج بالإحسان إليه ، مفتون بحسن القول فيه ، مغرور بالستر عليه ».
واعلموا ـ أيدكم الله ـ أن العقل لوترك
من هوى صادٍّ ، ومألفٍ معتادٍ ، وأنفة من إنقياد ، لساق المرء إلى الرشاد ، وهجم
به على الصلاح والسداد ، ولكَن تعوق عن إدراك الحق أمور يجب أن يحذرها العاقل
النحرير :
منها : ترك التعلم ، وتقليد الاباء
والمربّين ، واتباع السادة المنعمين.
ومنها : النشوء بين أهل بلدتهم ، واتباعهم
في فاسد معتقدهم.
ومنها : محبة العز والقدرة ، واتباع
عالي الكلمة والامرة ، وهذا مما تميل إليه الطباع ، وتشتهيه النفوس ، وقد يكون هذا
من وجهين :
أحدهما : الانضمام إلى ذي سلطان لعزّه ،
والأخذ بمذهبه لعلو أمره وشأنه.
والاخر : تقدم يحصل للأنسان في مذهب
باطل ، يتّبعه عليه من الضعفة قوم
لا بصيرة لهم ، فيصير
رئيساً عليهم ، ويصعب عليه مفارقة عز التقدم عليه .
ومنها : محبة أسهل المذاهب ، ذي
الرُخَّص في ارتكاب الفواحش واللذات ، استصعاباً للعلم ، واستنثّقالاً للعمل ، وميلاً
إلى الراحة ، ورغبة في الاباحة ، ولهذا يسرع كثير من الناس إلى مذاهب الغلاة
والمسقطين للتكليف والأعمال ، وقد جذبهم إلى ذلك انضمامهم في المَوَدّات
والمخالطات ، فبادر نحوهم الراغب في هذا الشأن ، وانضم إليهم كل فقيرمحتاج ، قليل
الدين.
ومنها : اتباع الأكثر ، والكون ، في
جملة السواد الأعظم ، استيحاشاً من القلة ، وهذا مما ضلت به الحشوية.
ومنها : الإشتغال باُمور الدنيا عن
الدين ، والإنقطاع إلى مخالطة التجار والمتكسبين ، حتى تلهي الإنسان دنياه عن
النظر في الآخرة ، فلا يجعل لنفسه وقتاً من زمانه يهتم فيه لأمر دينه.
ومنها : عدم مجالسة العلماء ، وترك
الإطلاع في الدلائل العقليات ، واستماع أقوال الجاهلية الأغنياء ، والإقتصار على
الحكايات والخرافات.
ومنها : إن الجاهل يرى التقليد في الدين
، أروح له من طلب العلوم والبحث فيها ، وهذا يورث العمى والصمم.
ومنها : قبول قول احاد أخبار السمع ، التي
لاتوجب علماً ولا عملاً ، حتى تألفه النفس ، ويميل إليه الطبع ، فلا يكاد الإنسان
يرتاح إلا إليه ، ولا يعتمد إلا عليه.
ومنها : محبة المذهب الغريب.
ومنها : الأخذ بالقول المستطرف العجيب ،
لا سيما إذا كان مصوناً بين أهله ، مكتوماً عند العاملين به ، حتى يظن المعتمد
عليه أنه قد ظفر بالبغية ، ووجد الدرة المكنونة ، وهذا يحول بين المرء والرشاد ، ويسوقه
إلى الضلال والفساد ، فإن اجتمع له مع هذا الجهل سببان أو اسباب ، عظمت به المحنة
والرزية ، وتعذر عليه الصواب. ثم إن العادة هي الآفة الكبرى ، والداهية العظمى ، وهي
الطبع الثاني ، والخلق الثابت.
فاحترز ـ يا أخي ـ من هذه الأخطار ، وفقك
الله وسددك ، وهداك وأرشدك ، ولا تأنس بشيء منها عن ادراك الحقائق ، وكن فطناً متيقظاً
حذراً متحفظاً
__________________
ناظراً متأملاً
حاكماً عادلاً ، متفطناً للمحبة والبغضة ، هاجراً للهوى والعصبية ، باحثاً عن الحق
، غير مراع لأحد من الخلق ، ناصحاً لنفسك في الإجتهاد ، سائلاً الله تعالى في التوفيق
للسداد ، فإنك متى فعلت ذلك اتضحت لك سبل رشادك ، وسهل عليك صعب مرادك ، وانفتحت
لك الأبواب ، وظهر لك الحق والصواب ، ففزت بمنزلة العارفين ، وعملت حينئذ عمل
المحقين ، فإن الله تعالى يقول في الذكر المسطور : (
إنما يخشى
الله من عباده العلماء إن الله عزيزغفور ).
* * *
__________________
فصل
: في فضل قيام الليل والترغيب فيه
قال الله تعالى لنبيه عليه وآله السلام
: ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك
مقاماً محموداً ً)
وقال : (
يا أيها
المزمل * قم الليل إلا قليلاً
* نصفه
أوانقص منه قليلا * أو زد عليه ورتّل
القران ترتيلا )
ولم يمن
الله تعالى ليدعو نبيه 9
إلاّ إلى أمر جليل وفضل جزيل.
فقد روي عن رسول الله 6 أنه قال : « شرف المؤمن قيام الليل ، وعزه
استغناؤه عن الناس ».
وقال 9
: « إذا قام العبد من لذيذ مضجعه والنعاس في عينيه ، ليرضي ربه جل وعز ، لصلاة
ليله ، باهى الله تعالى به ملائكته فقال : أما ترون عبدي هذا ، قد قام من لذيذ
مضجعه إلى صلاة لم أفرضها عليه ، اشهدوا أني قد غفرت له » .
وقال عليه وآله السلام : « إن البيوت
التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القران ، لتضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم أهل
السماءِ لأهل الأرض ».
وقال في وصيته لأمير المؤمنين صلوات
الله عليهما : « وعليك يا عليُّ بصلاة الليل » وكرر ذلك ثلاث دفعات .
وسئل أبوجعفر الباقر 7 ، عن وقت صلاة الليل فقال : « الوقت
الذيجاء عن جدي رسول الله 9
، أنه قال : فيه ينادي منادي الله عز وجل : هل من داع فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر
له؟ قال السائل : وما هو؟ قال : الوقت الذي وعد يعقوب فيه بنيه بقوله : ( أستغفر
لكم ربي )
قال : ماهو؟
قال : الوقت الذي قال الله فيه : ( والمستغفرين بالأسحار
) إن صلاة الليل في اخره أفضل منها قبل
__________________
ذلك ، وهو وقت
الإجابة ، وهي هدية المؤمن إلى ربه ، فأحسنوا هداياكم إلى ربكم ، يحسن الله
جوائزكم ، فإنه لا يواظب عليها إلا مؤمن أوصديق ».
واعلم ـ أيدك الله ـ أنه ندب إلى صلاة
الليل في آخره إذا لم يؤثر المصلي التطويل ، فإذا اثر الاطالة ففي أوله أفضل ، وأول
وقتها زوال النصف ألأول.
وقال الصادق 7 : « لا تعطوا العين حظها ، فإنها أقلّ
شيءشكراً » .
وروي : إن الرجل يكذب الكذبة فيحرم بها
صلاة الليل ، فإذا حرم صلاة الليل حرم بذلك الرزق.
وقال 7
: « كذب من زعم أنه يصلي الليل ويجوع بالنهار » .
ومن خاف فوات صلاة الليل ، فليقرأ عند
نومه آخر سورة الكهف (
قل لو كان البحر
مداداً لكلمات ربي )
إلى قوله تعالى : (
فمن كان
يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً
) ، فمن قرأهما أيقظه الله لصلاة ليلته ،
وليسأل الله عقيبهما إيقاظه لعبادته.
وجاء في الحديث عن الامام الصادق عن
أبيه الإمام الباقر :
، أنه قال : « كان فيما أوحى الله إلى موسى بن عمران 7
: يا موسى ، كذب من زعم أنه يحبني ، فإذا جنّه الليل نام عني.
يا ابن عمران ، هذا بهذا.
يا ابن عمران ، لورأيت الذين يصلون لي
في الدياجي ، وقد مثلت نفسي بين أعينهم ، يخاطبوني وقد خليت عن المشاهدة ، ويكلّموني
وقد عززت عن الحضور.
يا ابن عمران ، هب لي من عينك الدموع ، ومن
قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ثم ادعني في ظلم الليل تجدني قريباً مجيباً ».
وروي أن الصادق 7 قال يوماً للمفضل بن صالح : « يا مفضل
، إن لله عباداً عاملوه بخالص من سره ، فقابلهم بخالص من بره ، فهم الذين تمر
صحفهم يوم القيامة فرغاً ، فاذا اُوقفوا بين يديه ملأها من سر ما أسروا إليه » فقلت
: يا مولاي ، ولم
__________________
ذاك؟ فقال : « أجلهم
أن تطلع الحفظه على ما بينه وبينهم ».
وذكر أن رجلاً صالحاً قال : لئن أبيت
نائماً وأصبح نادماً ، أحب إليّ من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً ».
وقرب رجل من بني اسرائيل قرباناً فلم
يتقبل منه ، فرجع وهو يقول » يا نفس من قبلك أتيت ، فنودي : إن مقتك نفسك خير من
عبادة مائة سنة.
* * *
من
الأخبار في العظات والآداب
جاء في الحديث أن رسول الله 9 قال : « ما من امرئ مسلم ـ غني ولا
فقير ـ إلا ودّ يوم إلقيامة أنه كان أوتي من الدنيا قوتاً ».
وقال عليه واله السلام : « من آثر محامد
الله على محامد الناس ، كفاه الله مؤونة الناس ».
وقال 6
: « المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه
ويده ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ».
وقال 9
: « من اُلهم الصدقَ في كلامه ، والانصاف من نفسه ، وبر والديه ، ووصل رحمه ، اُنسىء
له في أجله ، ووسع عليه في رزقه ، ومتع بعقله ، ولقن حجته وقت مساءلته ».
وعن حفص بن البختري قال : سمعت أبا
عبدالله جعفر بن محمد 7
يقول : « حدثني أبي عن آبائه أن أمير المؤمنين صلى الله عليه وسلم قال لكميل بن
زياد النخعي : تبذل ولا تشهر ، ووار شخصك لا تذكر ، وتعلّم فاعمل ، واسكت تسلم ، تسرّ
الأبرار ، وتغيظ الفجار ، ولا عليك. إذا عرّفك الله دينه أن لا تعرف الناس
ولايعرفونك ».
وجاء في الحديث عن الإمام الصادق ، عن
أبيه الامام الباقر 8
، أنه قال : « إن الله تعالى أوحى إلى داود : يا داود ، إن العبد من عبيدي ليأتيني
بالحسنة فاُحكِّمُهُ بها في الجنة ، فقال داود : يا رب ، وما تلك الحسنة؟ قال : عبد
مؤمن سعى في حاجة أخيه المؤمن أحب قضاءها ، قضيت له أم لم تقض ».
* * *
خبر
طريف رواه جابر بن عبدالله
قال : خرجنا مع النبي 6 من مكة نريد العمرة فلقيتنا امرأة من
قريش ، فاستوقفت النبي 9
ثم قالت له : يا ابن الخضارم الأكارم ، والأوتاد والدعائم ، إني امرأة من قريش
قصدتك وَلهى حَرّى مشدوهة عَبرى ، لي بُني ولدته سوياً وسميته علياً ، وأبوه مات
وماله فات ، ولي سبع بنات ، لم أغده قطب الأصنام ، ولم أقسم عليه بالأزلام ، وأصابه
لمم في عقله ، قد كسر هبل فلا هبل ، وقد قيل لي : إنّك ذو أدوية وأشفية ، فأعطني من أدويتك وأشفيتك ما أشفي به
وَلَدِيَهْ وفلذ كَبِديَهْ.
فقال لها النبي 6 : « أيتها المرأة ، إن أدوى الأدوية وأشفى
الأشفية ، أن توحّدي الله عز وجل ، وتخلّفي هبل وغيره ، فإنك إذا فعلت ذلك وجدتِ
إبنك سوياً يكلّمك ».
فقالت : إني أشهد الله ثم أشهدك اني
امنت بك يا رسول الله ، وصدقت ، ثم عادت من وقتها فوجدت ابنها سوياً وكلّمها ، فلما
ان كان من الغد صنعت خزيرة
ثم غدت إلى النبي 9
، لتهديها إليه ، فوجدته في بيت أم هانئ بنت أبي طالب ، فاستأذنت بالدخول إليه صلى
الله عليه وعلى آله فأذن لها ، فجعلت الخزيرة بين يديه ثم قالت : السلام عليك يا
رسول الله ، إني وجدتك أرقى الرقاة وأشفى الشفاة ، وأنشأت تقول :
دواؤك يشفي من المرمريس
|
|
ومن الشصائب والهركه
|
__________________
ومن لمم الجن والعنقفير
|
|
والصل والحية الأشواكه
|
وربك أعطاك من نوره
|
|
بنور تضيء له الحلكه
|
فأُمٌ مواليكَ مغبوطة
|
|
لأنك تسلكُهُ مسلكه
|
وأمّ معاديك مهبولة
|
|
لانك تورده مهلكه
|
فكم قد أبرت من المشركين
|
|
وغادرت صرعى لدى المعركه
|
شهدت لربي بتوحيده
|
|
له الجود والمجد والمملكه
|
أقام السماء على خلقه
|
|
فقامت بقدرته ممسكه
|
وإنك قد جئت من عنده بما
|
|
انتاش من شركها المشركه
|
* * *
أخبار
في الحقوق التي تجب للإخوان فيما
بينهم
روي عن بعضهم قال : شكوت إلى الصادق 7 ما ألقى من الضيق والهم فقال : « ما
ذنبي أنتم أخرتم هذا ، إنه لما عرض الله عليكم ميثاق الدنيا والآخرة اخترتم الآخرة
على الدنيا ، واختار الكافر الدنيا على الآخرة ، فأنتم اليوم تأكلون معهم وتشربون
وتنكحون معهم ، وهم غداً إذا استسقوكم الماء قلتم لهم : ( إن الله حرمهما على الكافرين )
».
وروي عن الصادق 7 : « إن الله تعالى ليعتذر الى المؤمن
يوم القيامة ، فيقول له : وعزتي وجلالي ، ما أفقرتك لهوان لك عليّ ، ولكن ارفع هذا الستر فانظر ما قد
عوضتك عن الدنيا ، فيرفعه فيرى من الملك مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولاخطر على
قلب بشر ، فيقول : يا إلهي ما ضرني ما منعتني بما قد عوضتني ».
عن أمير المؤمنين 7 قال : « جاء رجل إلى النبي 9 فقال « علّمني عملاً يحبني الله عليه ،
ويحبني المخلوقون ، ويثري الله مالي ، ويصح بدني ، ويطيل عمري ، ويحشرني معك ، فقال
: هذه ست خصال ، تحتاج إلى ست خصال : إذا أردت أن يحبك الله فخفه واتقه ، وإذا
أردت أن يحبك المخلوقون فأحسن إليهم وارفض مافي يديهم ، وإذا أردت أن يثري الله
مالك فزكّه ، وإذا أردت أن يصح بدنك فاكثر من الصدقة ، وإذا أردت أن يطيل الله
عمرك فصل ذوي أرحامك ، وإذا أردت أن يحشرك الله معي فأطل السجود بين يدي الله
الواحد القهار ».
وروى ابن عياش قال : قال لي الصادق 7 : « يا ابن عياش ، يأتي على الناس زمان
، من سكت مات ومن تكلم عاش ، قال : فقلت : يا ابن رسول الله ، إن أدركت ذلك الزمان
ما أصنع؟ قال : تساعدهم بمالك ، قال : قلت : فإن لم أجد ، قال : فبجاهك ».
__________________
روى عيسى بن موسى قال : قال جعفر بن
محمد 7 : « يا عيسى
، المال مال الله عز وجل ، جعله ودائع عند خلقه ، وأمرهم أن يأكلوا منه قصداً ، ويشربوا
منه قصداً ، ويلبسوا منه قصداً ، وينكحوا منه قصداً ، ويركبوا منه قصداً ، ويعودوا
بما سوى ذلك
على فقراء المؤمنين ، فمن تعدّىَ ذلك كان أكله منه حراماً ، وما شرب منه حراماً ، ومالبسه
منه حراماً ، ومانكحه منه حراماً ، وما ركبه منه حراماً » .
وعنه 7
قال : « من أتاه المؤمن في حاجة ، وهو يقدر على قضائها فلم يقضها له ، أقامه الله
تعالى من قبره مسودّاً وجهه ، مزرقة عيناه ، مغلولة يداه إلى عنقه ، ينادى عليه : هذا
الخائن الذي خان الله ورسوله ، فيؤمر به إلى النار ».
وعنه 7
: قال : « إذا أنعم الله تعالى على عبده بنعمة ، صَيَّرَ حوائج الناس إليه ، فإن
قضاها ـ من غير استخفاف بها ـ أسكنه الفردوس الأعلى ، وإن لم يقضها ـ وهو قادرعلى
قضائها ـ نزع الله منه صالح ما أعطاه ، وأسكنه نار جهنم وبئس المصير ، ولم ينل
شفاعة رسول الله 9
».
وروي عن أمير المؤمنين 7 ، أنه خطب في يوم جمعة خطبة بليغة ، فقال
في آخرها :
« أيها الناس ، سبع مصائب عظام ، نعوذ
بالله منها : عالم زل ، وعابد مل ، ومؤمن خل ، ومؤتمن غل ، وغنيّ أقل ، وعزيز ذل ،
وفقير اعتل » فقام إليه رجل فقال : صدقت يا أمير المؤمنين ، أنت القبلة إذا ما
ضللنا ، والنور إذا ما أظلمنا ، ولكن نسألك عن قول الله تعالى : ( ادعوني استجب لكم )
فما بالنا ندعو فلا نجاب ، قال : لأن قلوبكم خانت بثمان خصال :
أولها : إنكم عرفتم الله ، فلم تؤدوا
حقه كما أوجب عليكم ، فما أغنت عنكم معرفتكم شيئاً.
والثانية : إنكم امنتم برسوله ، ثم خالفتم سنّته
، وأمتم شريعته ، فأين ثمرة إيمانكم؟
__________________
والثالثة : إنكم قرأتم كتابه المنزل
عليكم فلم تعملوا به ، وقلتم : سمعنا وأطعنا ، ثم خالفتم.
والرابعة : إنكم قلتم انكم تخافون من
النار ، وأنتم في كل وقت تقدمون أجسامكم إليها بمعاصيكم ، فأين خوفكم؟
والخامسة : إنكم قلتم انكم ترغبون في
الجنة ، وأنتم في كل وقت تفعلون ما يباعدكم منها ، فأين رغبتكم فيها.
والسادسة : إنكم أكلتم نعمة المولى ، ولم
تشكروا عليها.
والسابعة : إن الله أمركم بعداوة
الشيطان ، وقال : (
إن الشيطان
لكم عدو فاتخذوه عدواً )
فعاديتموه بلا قول
، وواليتموه بلا مخالفة.
والثامنة : إنكم جعلتم عيوب الناس نصب
أعينكم ، وعيوبكم وراء ظهوركم ، تلومون من أنتم أحق باللوم منه ، فأي دعاء يستجاب
لكم مع هذا؟ وقد سددتم أبوابه وطرقه ، فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم ، وأخلصوا
سرائركم ، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، فيستجيب الله لكم دعاؤكم ».
روي هذا الحديث في كتاب (التنبيه) .
وما نقلته من كتاب (غرر الدرر في صفات
سيد البشر محمد المصطفى خير من مضى ومن غبر) 9
الأنجم الزاهرة :
ما رواه مرفوعاً بإسناده إلى أبي أيوب
الأنصاري قال : سئل رسول الله 9
، عن الحوض فقال : « أما إذا سألتموني عنه ، سأخبركم : إن الحوض أكرمني الله به
وفضّلني على من كان قبلي من الأنبياء ، فهو ما بين أيلة إلى صنعاء ، فيه من الآنية
عدد نجوم السماء ، يسيل فيه خليجان من الماء ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى
من العسل ، حصباؤه الزمرد والياقوت ، وبطحاؤه مسك أذفر ، شرط مشروط من ربي لا يرده
أحد من اُمتي إلا النقية قلوبهم ، الصحيحة نيّاتهم ، الخالصة سرائرهم ، المُسلِّمون
للوصي من بعدي ، الذين يعطون ما عليهم في يسر ، ولا يأخذون مالهم في عسر ، يذود
عنه من
__________________
ليس من شيعته ، كما
يذود الرجل الجمل الأجرب من إبله ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ».
أيلة بلدة كبيرة في المغرب وصنعاء في اليمن.
وروى محمد بن إسماعيل ، عن علي بن موسى
الرضا 7 قال : « إن لله
بأبواب السلاطين مَن نور الله ـ سبحانه وتعالى ـ وجهه بالبرهان ، ومكّن له في البلاد
، ليدفع به عن أوليائه ، ويصلح به امور المسلمين ، إليه يلجأ المؤمنون من الضرر ، ويفزع
ذوالحاجة من شيعتنا ، وبه يؤمن الله تعالى روعتهم في دار الظلمة ، أولئك المؤمنون حقاً
، واُولئك أمناء الله في أرضه ، أولئك نورهم يسعى بين أيديهم ، يزهر نورهم لأهل السماوات
كما تزهر الكواكب الدرية لأهل الأرض ، وأولئك من نورهم تضيء القيامة ، خلقوا والله
للجنة وخلقت الجنة لهم ، فهنيئاً لهم ، ما على أحدكم إن شاء تعالى هذا كله؟ ».
قال : قلت : بماذا؟ جعلني الله فداك ، قال
: « يكون معهم فيسرنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا » .
* * *
__________________
فصل
من كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله
روى جابر بن عبد الله ، عنه 9 أنه قال : « لا تجلسوا إلا عند كل عالم
، يدعوكم من خمس إلى خمس : من الشك إلى اليقين ، ومن الرياء إلى الإخلاص ، ومن
الرغبة إلى الرهبة ، ومن الكبر إلى التواضع ، ومن الغش إلى النصيحة ».
وقال الحواريون لعيسى 7 : لمن نجالس؟ فقال : من يذكركم الله رؤيته
، ويرغبكم في الآخرة عمله ، ويزيد في منطقكم علمه.
وقال لهم : تقربوا إلى الله بالبعد من
أهل المعاصي ، وتحببوا إليه ببغضهم ، والتمسوا رضاه بسخطهم.
وقال لقمان لابنه : يا بني ، صاحب
العلماء ، واقرب منهم ، وجالسهم ، وزرهم في بيوتهم ، فلعلك تشبههم فتكون معهم ، واجلس
مع صلحائهم ، فربما أصابهم الله برحمة فتدخل فيها وإن كنت طالحاً ، وابعد من
الأشرار والسفهاء ، فربما أصابهم الله بعذاب فيصيبك معهم وإن كنت صالحاً ، وقد
أفصح الله سبحانه وتعالى بقوله : (
فلا تقعد بعد
الذكرى مع القوم الظالمين )
، وبقوله
تعالى : ( إذا سمعتم آيات الله
يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره انكم إذن مثلهم )
يعني في الإثم ، وقالسبحانه : ( ولا تركنوا إلى الذين
ظلموا فتمسكم النار ) .
وروى معاذ بن جبل ، عن النبي 9 ، أنه قال : « إن من فتنة المرء أن
يكون الكلام أحب إليه من الاستماع ، ففي الكلام تمويه وزيادة ، ولا يؤمن على صاحبه
الخطأ ، وفي الصمت سلامة وأجر.
ومن العلماء من يخزن علمه ولا يحب أن
يوجد عند غيره ، فهو في الدرك الأول من النار.
ومنهم من يكون في علمه بمنزلة السلطان ،
إن رد عليه في شيء من علمه غضب ، فهو في الدرك الثاني من النار.
__________________
ومنهم من يجعل حديثه وغرائب علمه لأجل
الشرف والبيان ، ولا يرى أهل الحاجة إليه أهلاً ، فهو في الدرك الثالث من النار.
ومنهم من ينصب نفسه للفتيا ، فيفتي
بالخطأ تكلفاً ، والله يبغض المتكلفين ، وهو في الدرك الرابع.
ومنهم من يتكلم بكلام اليهود والنصارى
ليغزر علمه ، فهوفي الدرك الخامس من النار.
ومنهم من يتخذ علمه تعمقاً ونبلاً
وذكراً في الناس ، فهوفي الدرك السادس من النار.
ومنهم من يستفزه الرياء والعجب ، فإن
وَعظ عنف وإن وُعظ أنف ، فهو في الدرك السابع من النار.
فعليك بالصمت فبه تغلب الشيطان ، وتستوجب
المغفرة والرضوان ، وإياك أن تضحك من غير عجب ، أو تمشي وتتكلم في غير أدب ».
وقال 7
: « إذا اجتمع قوم يذكرون الله تعالى اعتزل الشيطان والدنيا وعنهم ، فيقول الشيطان
للدنيا : الا ترين ما يصنعون؟ فتقول الدنيا : دعهم فلو قد تفرقوا أخذت باعناقهم ».
وقال 9
: « إن أفواهكم طرق القران فطيبوها بالسواك ، فإن صلاة على أثر السواك ، خير من
خمس وسبعين صلاة بغير سواك » .
وقال 9
: « أصدق المؤمنين إيماناً أشدهم تفكراً في أمر الدنيا والآخرة ، وأشد الناس فرحاً
يوم القيامة ، أشدهم حزناً في الدنيا ».
وقال 9
: « قال الله تعالى : وعزتي وجلالي ، لا أجمع لعبدي المؤمن بين خوفين وأمنين ، إذا
خافني في الدنيا آمنته في الآخرة ، وإذا أمني في الدنيا أخفته في الآخرة ».
ومن ألزم نفسه الفكر ملأ الله قلبه
أمناً وإيماناً وحكمة ، وإن الفكر مفاتيح أقفال الحكمة والإعتبار ، وإنهما ليخرجان
من قلب المؤمن عجائب المنطق في الحكمة ، فتسمع له أقوال ترضاها الحكماء ، ويخضع
لها العلماء ، وتعجب منها الفقهاء.
__________________
ولو أن محزوناً بكى في أمة ، لرحم الله
تلك الاُمة ببكائه. ومع ذلك يجب بسط الرجاء في رحمة الله فإنها واسعة ، وربما غلب
الرجاء على الخوف ، وذاك ان مستقى الرجاء من بحر الرحمة ، وقد سبق في قضائه وحكمته
: ان رحمته سبقت غضبه.
وقال النبي 9 : « ما من عبد مؤمن تخرج من عينيه دموع
، ولو مثل رؤوس الذباب من خشية الله ، إلا حرّمه الله على النار ، وما من قطرة أحب
إلى الله تعالى من قطرة دمع من خشية الله ، وقطرة دم في سبيل الله ».
وقال : « لا يدخل الجنة إلا رحيم » فقيل
: كلنا نرحم يا رسول الله ، فقال : « ليس رحمة أحدكم في خويصة أهله حتى يرحم الناس
عامة ».
وقال 9
: « اطلبوا الحوائج عند رحماء أمتي تفلحوا ـ أوتنجحوا ـ فإن رحمة الله لهم ، ولا
تطلبوا الحوائج عند القاسية قلوبهم فتذلوا فتندموا ، فإن غضب الله عليهم ».
وقال أمير المؤمنين 7 لولده الحسن 7 : « يا بني ، إذا نزل بك كلب الزمان وقحط الدهر ، فعليك بذوي الأصول
الثابتة ، والفروع النابتة ، من أهل الرحمة والإيثار والشفقة ، فإنهم أقضى للحاجات
، وأمضى لدفع الملمات ، وإياك وطلب الفضل واكتساب الطساسيج والقراريط ، من ذوي الأكف اليابسة
والوجوه العابسة ، فإنهم إن أعطوا منّوا ، وإن منعوا كدّوا ، ثم أنشأ يقول :
واسأل العرف إن سألت كريماً
|
|
لم يزل يعرف الغنى واليارا
|
فسؤال الكريم يورث عزاً
|
|
وسؤال اللئيم يورث عارا
|
وإذا لم تجد من الذل بداً
|
|
فالق بالذلّ إن لقيت الكبارا
|
ليس إجلالك الكبار بعار
|
|
إنما العار أن تُجلّ الصغارا »
|
وقال 7 : « العلل زكاة البدن ، والمعروف زكاةَ
النعم ، وكل نعمة اُنيل
منها المعروف فمأمونة السلب ، محصنة من الغِيَر ».
__________________
وقال 7
: « البيوت التي يخرج منها المعروف ، تضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدري لأهل
الأرض ».
وقال 7
: « المعروف أزكى الزروع وأنما الفروع ، ولا يتم إلا بثلاث خصال : بتعجيله ، وتصغيره
، وستره ».
وقال النبي 9 : « اللهم من رأف باُمتي ورحمهم ، فاعطف
عليه وارحمه ».
وقال 9
: « بذلاء أمتي لا يدخلون الجنة بكثرة صوم ولا صلاة ولكن برحمة الله ، وسلامة
الصدور ، وسخاء النفوس ، والرحمة لجميع المسلمين ».
وقال 9
: « ينبغي للمسلمين أن ينصح بعضهم بعضاً ، ويرحم بعضهم بعضاً ، فإنما هم كمثل
العضو من الجسد ، إذا اشتكى تداعى الجسد بالسهر ».
ورأى 7
أعرابياً يتكلم فطوّل ، فقال له : « كم دون لسانك من حجاب؟ » فقال : شفتاي وأسناني
، فقال 7 : « فتثبت
واقتصر ، فإنّ الله تعالى يكره الانبعاق
في الكلام ، فنظّر الله وجه امرئ أوجز في كلامه ، اقتصر على حاجته ».
وقال بعض العلماء لرجل رآه يكثر الكلام
ويقل السكوت : إنما خلق الله تعالى لك اُذنين ولساناً واحداً ، ليكون ما تسمعه
ضعفي ما تقوله.
وروي أن النبي 9 خرج على أصحابه فقال : « ارتعوا في رياض
الجنة « قالوا : يا رسول الله ، وما رياض الجنة؟ فقال : « مجالس الذكر ، اغدوا وروحوا
واذكروا ».
من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله
تعالى ، فلينظر كيف منزلة الله عنده ، فإنّ الله تعالى ينزل العبد منه حيث أنزل
العبد الله من نفسه.
واعلموا أن خير أعمالكم عند مليككم
أزكاها وأرفعها في درجاتكم ، وخيرما طلعت عليه الشمس ذكر الله سبحانه وتعالى ، فإنه
أخبر عن نفسه فقال : أنا جليس من ذكرني.
__________________
وقال سبحانه : أذكروني أذكركم بنعمتي ، اذكروني
بالطاعة والعبادة ، أذكركم بالنعم والإحسان والرحمة والرضوان.
وقال 9
: « إذا أحب الله تعالى عبداً نصب في قلبه نائحه من الحزن ، فإن الله تعالى يجب كل
قلب حزين ، وإنه لا يدخل النار من بكى من خشية الله ، حتى يعود اللبن إلى الضرع ، وإنه
يجتمع غبار في سبيل إلله ودخان جهنم في منخري مؤمن أبداً ، وإذا أبغض عبداً جعل ، في
قلبه مزماراً من الضحك ، وإن الضحك يميت القلب ، والله لا يحب الفرحين ».
وقال 9
: « إن ملوك الجنة كل أشعث أغبر ذي طمرين
، إذا استأذنوا لم يؤذن لهم ، وإن خطبوا لم ينكحوا ، وإذا قالوا لم ينصت لقولهم ، ولوقسم
نور واحد منهم بين أهل الأرض لوسعهم ».
وقال 9
: « اطلبوا المعروف والفضل من رحماء اُمتي تعيشوا في أكنافهم ، فالخلق كلهم عيال
الله ، وإن أحبهم إليه أنفعهم لخلقه ، وأحسنهم صنيعاً إلى عياله ، وإن الخير كثير
وقليل فاعله » .
وقال ابن عباس 2 : العاقل صديق كل أحد إلا من ضَرّه ، والجاهل
عدو كل أحد حتى من نفعه ، فإذا سلم الناس منك فلا عليك ألاّ تسلم منهم ، فإنه قل
من اجتمع هاتان النعمتان له.
وقال النبي 9 : « إياكم والمعاذير ، فإنها مفاخر ، ألا أدلكم على عمل يحبه الله ورسوله؟
قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : التغابن للضعيف ، والرحمة له ، والتلطف به ، ومن
همّ بأمر فلينظر في عاقبته فإن كان رشداً فليمضه ، وإن كان غياً فلينته عنه ».
وقال 9
لأبي سعيد الخدري : « لا تصحب إلا مؤمناً ، ولا تجالس إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك
إلا تقي ، وإنّ فقراء أمتي يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام ».
__________________
وقال 9
: « سمعت رب العزة ـ سبحانه ـ يقول : من أحدث ولم يتوضاً فقد جفاني ، ومن أحدث
وتوضاً ولم يصلّ ركعتين فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضاً وصلّى ركعتين ودعاني لدينه
ودنياه بما شاء ولم أجبه فقد جفوته ، ولست برب جاف ».
قال 7
وآله : « إنه إذا كان آخر الليل يقول الله سبحانه وتعالى : هل من داع فأجيبه؟ هل
من سائل فاُعطيه سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ »
وفي الانجيل : يا ابن آدم ، كما تَرحم
فكذلك تُرحم ، فكيف ترجو أن يرحمك الله ، وأنت لا ترحم عباده؟
وقال النبي 9 : « إن في الجنةِ منازل لاينالها
العباد بأعمالهم ، ليس لها علاقة من فوقها ، ولا عماد من تحتها » قيل : يا رسول
الله ، من أهلها؟ فقال : « أهل البلايا والهموم ».
وقال صلى الله عليه : « هبط إليّ جبرئيل
في أحسن صورة فقال : يا محمد ، الحقّ يقرئك السلام ويقول لك : إنّي أوحيت إلى
الدنيا أن تمرّدي وتكدّري وتضيقي وتشدّدي على أوليائي حتي يحبوا لقائي ، وتيسري
وتسهّلي وتطييي لأعدائي حتى يبغض والقائي ، فإني جعلت الدنيا سجناً لأوليائي وجنّة
لأعدائي ».
وقال 9
: « إن عظيم الجزاء يكافىء عظيم البلاء ، فإذا أحب الله عبداً ابتلاه بعظيم البلاء
، فإن رضي فله الرضى ، وإن سخط فعليه السخط ، وإنّ الله إذا أحب عبداً أتحفه
بواحدة من ثلاث : امّا حمى أو رمد أوصداع ، وإن الله ليغذي عبده المؤمن بالبلاء ، كما
تغذي الوالدة ولدها باللبن ، وإن البلاء إلى المؤمن أسرع من السيل إلى الوهاد ، ومن ركض البراذين ، وإنه إذا نزل بلاء من السماء بدأً بالأنبياء
، ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل ، وإنه سبحانه وتعالى يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض
ولايعطي الآخرة إلا أهل صفوته ومحبته ، وإنه يقول سبحانه وتعالى : ليحذرعبدي الذي
يستبطئ رزقي أن أغضب فافتح عليه باباً من الدنيا ».
__________________
وروي : إنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ إذا
لم يكن له في العبد حاجة ، فتح عليه الدنيا.
وقال النبي صلى الله عليه : « قال الله
تعالى : وعزتي وجلالي ، وعظمتي وارتفاعي ، لولا حيائي من عبدي المؤمن ، لما جعلت
له خرقة ليواري بها جسده ، وإني إذا أكملت إيمانه ابتليته يفقر في ماله ، ومرض في
بدنه ، فإن هو حرج
أضعفت عليه ، وإن هو صبر باهيت به ملائكتي ، وإني جعلت علياً علماً للايمان ، فن
أحبه واتّبعه كان هادياً مهديّا ، ومن أبغضه وتركه كان ضالاً مضلاً ، وإنه لا يحبه
إلاّ مؤمن تقي ، ولا يبغضه إلامنافق شقي ».
وقال الصادق 7 : « أربعة لم يخلُ منها الأنبياء ولا
الأوصياء ولا أتباعهم : الفقر في المال ، والمرض في الجسم ، وكافر يطلب قتلهم ، ومنافق
يقفو أثرهم ».
وقال 7
لأصحابه : « لا تتمنوا المستحيل ، قالوا : ومن يتمنى المستحيل؟
فقال : أنتم ، ألستم تمنّون الراحة في
الدنيا؟ قالوا : بلى فقال : الراحة للمؤمن في الدنيا مستحيلة ».
وقال 7
: « إذا أحب الله تعالى عبداً ألهمه الطاعة ، وألزمه القناعة ، وفقَهه في الدين ، وقواه
باليقين ، فاكتفى بالكفاف ، واكتسى بالعفاف ، وإذا أبغض الله عبداً حبب إليه المال
، وبسط له الآمال ، وألهمه دنياه ، ووكله إلى هواه ، فركب العناد ، وبسط الفساد ، وظلم
العباد » .
وقال النبي 9 : « إفزعوا إلى الله في حوائجكم ، والجأوا
إليه في ملماتكم ، وتضرعوا إليه وأدعوه ، فإن الدعاء مخ العبادة ، وما من مؤمن
يدعو الله بدعاء إلا استجاب له ، فأما أن يكون يعجّل له في الدنيا ، أو يؤجل له في
الآخرة ، وإما أن يكفر به عن ذنوبه بقدر ما دعا ، ما لم يدع بمأثم ».
وقال 7
: « إن في الجنة باباً يقال له : الرّيان ، لا يدخل به إلا
__________________
الصائمون ، فإذا دخل
اخرهم اُغلق ذلك الباب » .
وروي عن كعب الأحبار أنه قال : أوحى
الله تعالى إلى بعض الأنبياء : إن أردت لقائي غداً في حظيرة القدس ، فكن في الدنيا
غريباً وحيداً محزوناً مستوحشاً ، كالطير الوحداني الذي يطير في الأرض المقفرة ، ويأكل
من رؤوس الأشجار المثمرة ، فإذا كان الليل أوى إلى وكره ـ ولم يكن مع
الطيرـاستئناساً بربه ، واستيحاشاً من الناس.
وقال 9
: « بدأ الإسلام غريباً ، وسيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، فقيل : يا رسول الله ،
من الغرباء؟ فقال : النزاع
من القبائل ، وأناس صالحون قليل في ناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ».
وروى وهب بن منبه قال : أوحى الله
سبحانه إلى داود : يا داود ، من أحبّ حبيباً صدّق قوله ، ومن أنس بحبيب رضي فعله ،
ومن وثق بحبيب اعتمد عليه ، ومن اشتاق إلى حبيب جدّ في السير إليه.
يا داود ، ذكري للذاكرين ، وجنتي
للمطيعين ، وزيارتي للمشتاقين وأنا خاصة للمحبين.
وقال سبحانه : أهل طاعتي في ضيافتي ، وأهل
شكري في زيارتي ، وأهل ذكري في نعمتي ، وأهل معصيتي لا اُؤيسهم من رحمتي ، إن
تابوا فأنا حبيبهم ، وإن دعوا فأنا مجيبهم ، وإن مرضوا فأنا طبيبهم ، اُداويهم
بالمحن والمصائب ، لاُطهّرهم من الذنوب والمعايب.
وقال النبي 9 : « على كل قلب خاتم من الشيطان ، فإذا
ذكر اسم الله خنس وذاب ، وإذا ترك الذكر التقمه الشيطان فجذبه وأغواه ، فاستزّله واطغاه
».
وقال عيسى 7
: تهاونوا بالدنيا تهن عليكم ، وأهينوها تكرم الآخرة إليكم ، ولا تكرّموا الدنيا
فتهون الآخرة عليكم ، فليست الدنيا بأهل كرامة ، في كل يوم تدعو إلى فتنة وخسار ، وما
الدنيا إلا كحلم المنام ، والمرء بين أيقاظ ونيام.
وقال الحسن البصري : أهينوا الدنيا ، فإنها
أهنأ ما تكون لكم أهون ما تهون
__________________
عليكم.
وقال الكاظم 7 : « أهينوا الدنيا وتهاونوا بها ، فإنها
ما أهانها قوم إلا هنأ هم الله العيش ، وما أعزْها قوم إلا تعبوا وذلّوا ».
وروى أنس أن رسول الله 9 دخل على شاب ـ وهو يجود بنفسه ـ فقال :
« كيف تجدك؟ فقال : أرجو الله وأخاف ذنوبي ، فقال : لا يجتمعان في قلب عبد في هذا
الموطن ، إلا بلغه الله ما يرجوا ، وأمنه مما يخاف ».
وقال أنس : إن النبي 9 كان يقول : « ما أحدث الله تعالى إخاءً
بين المؤمنين ، إلا أحدث لكل واحد منهما درجة ».
وقال النبي 6 : « إني لأعرف أقواماً هم عند الله
تعالى بمنزلتي يوم القيامة ، ما هم بأنبياء ولا شهداء ، تغبطهم الأنبياء والشهداء
بمنزلتهم ، فقيل : من هم يا رسول الله؟ فيقول : ناس تآخوا في روح الله ، على غير
مال ولا سبب قريب ، والذي نفسي بيده إن لوجوههم نوراً ، وإنهم لعلى نور ، لا
يحزنون إذا حزن الناس ، ولايفزعون إذا فزعوا ، ثم تلا قوله تعالى : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
) .
وقال رسول الله 9 : « إن الملائكة يمرون على حلق الذكر ،
فيقفون على رؤوسهم ، ويبكون لبكائهم ، ويؤمّنون على دعائهم ، فإذا صعدوا إلى
السماء يقول الله تعالى : يا ملائكتي ، أين كنتم؟ وهو أعلم بهم ، فيقولون : يا
ربنا ، حضرنا مجلساً من مجالس الذكر ، فرأينا أقواماً يسبحونك ويمجّدونك ويقدّسونك
، فيقول اللهسبحانه : يا ملائكتي ، ما يريدون؟ فيقولون : يخافون نارك ، فيقول
سبحانه : ازووها عنهم ، واُشهدكم اني قد غفرت لهم ، وآمنتهم مما يخافون ، فيقولون
: ربنا ، إن فيهم فلاناً وإنه لم يذكرك ، فيقول الله سبحانه : يا ملائكتي ، قد
غفرت له بمجالسته لهم ، فإنالذاكرين لا يشقى بهم جليسهم ».
وروى ابن عباس 2 ، عن النبي 9 ، أنه قال : « إن لله تعالى أرضاً
بيضاء ، مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوماً ، هي مثل أيام الدنيا ثلاثون مرة ، مشحونة
خلقاً لا يعلمون أن الله عزّ وجل يعصى في الأرض ، ولا يعلمون أن الله تعالى خلق
آدم وإبليس ».
__________________
وروي عن بعض الصالحين أنه قال : نمت
ليلة فسمعت هاتفاً يقول : أتنام عن حضرة الرحمان؟ وهو يقسم جوائز الرضوان ، بين
الأحبة والخلان! فمن أراد منا المزيد ، فلا ينامن من ليله الطويل ، ولا يقنع من
نفسه بالقليل.
وقال رسول الله 9 : « يجيء يوم القيامة أطفال ألمؤمنين ،
عند عرض الخلائق للحساب ، فيقول الله تعالى لجبرئيل 7
: إذهب بهؤلاء إلى الجنة ، فيقفون على أبواب الجنة ويسألون عن آبائهم وأمهاتهم ، فيقول
لهم الخزنة : آباؤكموأمهاتكم ليسوا كأمثالكم ، لهم ذنوب وسيئات يطالبون بها ، فيصيحون
صيحهّ باكين ، فيقول الله تعالى : ياجبرئيل ، ما هذه الصيحة؟ فيقول اللهم أنت أعلم
، هؤلاء أطفال المؤمنين يقولون : لا ندخل الجنة حتى يدخل آباؤنا واُمهاتنا ، فقول
الله سبحانه وتعالى : يا جبرئيل ، تخلل الجمع وخذ بيد آبائهم واُمهاتهم فأدخلهم
معهم الجنة برحمتي » .
وروي عن النبي 9 أنه : « ينادي مناد يوم القيامة تحت العرش
: يا اُمة محمد ، ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم ، وقد بقيت التبعات بينكم ، فتواهبوا
وادخلوا الجنة برحمتي ».
وقال بعض الصالحين : إذا لقيت الله
تعالى بسبعين ذنباً فيما بينك وبينه ، كان أهون من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك
وبين العباد.
قال رسول الله 9 : « لا تزال هذه الاُمة بخير تحت يد
الله وفي كفه
، ما لم يمالئ
قراؤها أمراءها ، ولم يزل صلحاؤها فجارها ، ولم يمالئ أخيارها أشرارها ، فإذا
فعلوا ذلك رفع الله تعالى يده عنهم ، ثم سلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب ، وضربهم
بالفاقة والفقر ، وملأ قلوبكم رعباً ».
قال ابن شهاب : بعث سليمان بن داود 7 بعض عفاريته ، وبعث
__________________
معه نفراً من أصحابه
فقال : إذهبوا معه فانظروا ماذا يقول ، فمرّوا به في السوق ، فرفع رأسه إلى السماء
، ونظر إلى الناس فهز رأسه ، ومرّوا به على بيت يبكون على ميت لهم فضحك ومروا به
على الثوم يكال كيلاً وعلى الفلفل يوزن وزناً فضحك ، ومروا به على قوم يذكرون الله
تعالى وآخرين في باطل فهز رأسه.
ثم ردوه إلى سليمان فأخبروه بما رأوا
منه ، فسأله سليمان : أرأيت إذ مروا بك في السوق ، لم رفعت رأسك إلى السماء ونظرت
إلى الأرض والناس؟ قال : عجبت من الملائكة على رؤوس الناس ، ما أسرع ما يكتبون!
ومن الناس ما أسرع ما يملون!
قال : ومررت على أهل بيت يبكون على ميت
لهم ، وقد أدخله الله الجنة ، فضحكت.
قال : ومررت على الثوم يكال كيلاً ومنه
الترياق ، وعلى الفلفلِ يوزن وزناً وهو الداء ، فتعجبت. ونظرت إلى قوم يذكرون الله
، وآخرين في باطل ، فتعجبت وضحكت .
وروي أن عمر بن عبد العزيز كان يوماً في
المسجد ، فدخل عليه رجل فأسمعه مكروهاً ونال منه ، فقيل له : ما يمنعك من الانتصار
منه؟ قال : التقيُّ مُلْجَم.
ودخل على امرأته فقال لها : عندك درهم
نشتري به عنباً ، فقالت : لا ، فقال : فثمنه من الفلوس نشتري به ، قالت : لا ، أنت
خليفة المسلمين ، يجبى إليك فيؤها ، ولاتقدر على درهم! فقال : هذا أهون علينا من
معالجة أغلال نار جهنم.
وقال بعضهم لآخر : لا تطلبن حاجتك عند
من لا يحب نجاحها ، ولا تتهاون بالخلق فيهلكك الله ، ولا تصحبنّ فاجراً فتتعلم من
فجوره ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك ، ولا تأمن إلاّ من خشي الله ، واخشع عند القبور
، وذل عند المعصية ، واعتصم بالله منها ، وسارع في الطاعات ، واستشر في أمرك
النصيح ، وآخ في الله أهل التقوى ، ولا تجعل كلامك في غير الله ، ولا تقله إلا عند
من يشتهيه ويتخذه غنيمة.
وكان قيس بن سعد يقول : اللهم ارزقني
حمداً ومجداً ، فإنه لا حمد إلا بفعل ، ولا مجد إلا بمال.
__________________
وقال النبي 9 : « من سره أن ينفس الله كربته
فَلْيُيَسِّر على مؤمن معسر وليدعُ له ، فإن الله تعالى يحب إغاثة الملهوف ».
وقال 9
: « استكثروا من الشيء الذي لاتسمه النار ، قالوا : وما هو؟ يا نبي الله ، قال : المعروف
».
وتقول العرب : كل شيء إذا كثر رخص إلا
العقل إذا كثر غلا.
وقيل لتميم الداري : ما السؤود؟ قال : العقل ، وقد سألت رسول
الله 9 فقال : « سألت
جبرئيل 7 : ما السؤود
في الناس؟ فقال : العقل ».
وروى وهب بن منبه أن موسى 7 قال : يا رب ، أخبرني عن آية رضاك عن
عبدك. فأوحى الله تعالى إليه : إذا رأيتني اُهيئ عبدي لطاعتي ، وأصرفه عن معصيتي
فذلك آية رضاي.
وفي رواية أخرى : إذا رأيت نفسك تحب
المساكين ، وتبغض الجبارين ، فذلك آية رضاي .
وقال المفضل بن عمرو للصادق 7 : أحب أن أعرف علامة قبولي عند الله ، فقال
له : « علامه قبول العبد عند الله أن يصيب بمعروفه مواضعه ، فإن لم يكن كذلك فليس
كذلك ».
وروي أن حرقة ابنة النعمان استدعاها سعد
بن أبي وقاص لما كان أميراً في العراق ، فحضرت في لمة من نسائها كلهن عليهن زيّها
فقال : أيتكن حرقة ابنة النعمان؟فقالت : وما استنكارك إياي يا سعد ، والله لقد
أمسينا دواءً فأصبحنا داءً ، ولقد كنا نملك هذا المصر ، يطيعنا أهله ، ويجبى إلينا
دخله.
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا
|
|
إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
|
__________________
فافٍّ لدنياً لا يدوم نعيمها
|
|
تقلب بنا تاراتها وتصرف
|
ثم بكت ، فبكى لبكائها وقال :
إن للدهر دولة فاحذرنّها
|
|
لا تبيتين قد أمنت الدهورا
|
قد يبيت الفتى معافىً فيودي
|
|
ولقد كان امناً مسروراً
|
ثم قال : اذكري حاجتك يا سيدة
العرب.
فقالت : بنو النعمان وأهله أجرهم على
عوائدهم.
فقال لها : اذكري حاجتك لنفسك.
فقالت : خدم النعمان وعبيده وجواريه
أجرِهم على عوائدهم.
فقال لها : اذكري حاجتك لنفسك خاصة.
فقالت له : يد الأمير بالعطية أطلق من
لساني بالمسألة.
فأعطاها وأجزل ، فقالت له : شكرتك يد
افتقرت بعد غنى ، ولا ملكتك يداستغنت بعد فقر ، ولا جعل الله لك إلى لئيم حاجة ، وأصاب
الله بمعروفك مواضعه ، ولا أخذ الله من كريم نعمة إلا وجعلك السبب في ردّها إليه.
فقال : اكتبوها في ديوان الحكمة.
فقالت : اكتبوها في ديوان الحكمة ، فإني
رأيت قطع الأواخر يمنع شكر الأوائل.
وقال الصادق 7 : « ما توسل أحد اليّ بوسيلة ، أحب
إليّ من إذكاري بنعمة سلفت مني إليه أعيدها إليه ».
ولقد صدق 7
، فإن من أحسن خصال المعروف تربيته بإعادة الإفضال به ، وأعلم بأن أهل الفضل
والشرف والرئاسة ، يرون أن معروفهم ديناً عليهم ، تتقاضاهم أبداً نفوسهم الشريفة
الزكية بإعادته. وأهل الرذالة والنذالة والخساسة ، يرون معروفهم ديناً لهم ، تتقاضاهم
نفوسهم الخبيثة بإعادته. وذاك أن أفعال الناس على قدر جواهرهم ، ولقد أحسن مولانا
أمير المؤمنين 7
في قوله :
إذا شئت تعلم خير الفتى
|
|
أدر لحظ طرفك في منظره
|
فإن لم يبن لك في ذا وذا
|
|
فلا تطلبن سوى محضره
|
بيان الرجال بأفواهها
|
|
بها يعرف النذل من خيره
|
__________________
وتحظى الرجال بطيب الكلام
|
|
وكل يعود إلى عنصره
|
وفي قوله تعالى : ( كل يعمل على شاكلته
) كفاية.
وروي أنه لما نزل قوله تعالى : ( كل يعمل
على شاكلته )
بان السرور
بين عينيأبي الدرداء ، فقال له رسول الله 9
: « ما هذا السرور يا أبا الدرداء؟ » فقال : نجونا ورب العزة يا رسول الله. قال :
« وكيف ذلك يا أبا الدرداء؟ » قال : إذا كان كل يعمل على شاكلته ، فشاكلتنا الذنب
والعصيان ، وشاكلته العفوِ والغفران ، فسر المسلمون حينئذ سروراً عظيماً.
وروي عن النبي 9 أنه قال : « يأتي على أمتي زمان ، يكون
أمراؤهم على الجور ، وعلماؤهم على الطمع وقلة الورع ، وعبّادهم على الرياء ، وتجّارهم
على أكل الربا وكتمان العيب في البيع والشرا ، ونساؤهم على زينة الدنيا ، فعند ذلك
يسلّط عليهم أشرارهم ، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم » .
وقال الصادق صلى الله عليه : عن أمير
المؤمنين 7 : « إن الله
تعالى يبتلي عباده عند ظهور الأعمال السيئة ، بنقص الثمرات ، وحبس البركات ، وإغلاق
خزائن الخيرات ، ليتوب تائب ، ويقلع مقلع ، ويتذكر متذكر ، ويزدجر مزدجر ، وقدجعل
الله تعالى الاستغفار سبباً لدرور الرزق ، ورحمة الخلق ، فقال سبحانه : ( استغفروا ربكم إنه كان غفاراً
* يرسل
السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين
ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً
) .
فرحم الله عبداً قدّم توبته ، واستقال
عثرته ، وذكر خطيئته ، وحذر منيّته ، فإن أجله مستور عنه ، وأمله خادع له ، والشيطان
موكّل به يزيّن له المعصية ليركبها ، ويمنيهالتوبة ليسوفها ، حتى تهجم عليه منيّته أغفل ما يكون
عنها ، فيالها حسرة على ذي غفلة ، أن يكون عمره عليه حجة ، وأن تؤدّيه أيامه إلى
شقوة ، نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإيّاكم ممن لا تبطره نعمة ، ولا تحلّ به بعد
الموت ندامة ولا نقمة » .
__________________
وقال 7
في وصيته لابنه الحسن 7
: « واحذر أن يدركك الموت وأنت على
حال سيئة ، قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة ، فيحول بينك وبين ذلك فإذا أنت قد أهلكت نفسك.
يا بني ، أكثر من ذكر الموت ، وما تهجم
عليه وتصير إليه بعد الموت ، حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك ، وشددت له أزرك ، ولا
يأتيك بغتة فيبهرك ، وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها ، وتكالبهم
عليها ، فقد نبأك الله عنها ، ونعت هي نفسها لك ، وتكشفت على مساوئها ، فإنما
أهلها كلاب عاوية وسباع ضارية ، يهرّ بعضها على بعض ، يأكل عزيزها ذليلها ، ويقهر
كبيرها صغيرها ، نعم مُعقَّلَة
وأُخرى مهملة ، قد أضلّت عقولها ، وركبت مجهولها ، ليس لها راع يقيمها ، ولا مسيم
يسيمها ، ركبت بهم سبيل العمى ، وأخذت بأبصارهم عن منار الهدى ، فتاهوا في حيرتها
، وغرقوا في نعمتها ، واتخذوها رباً ، فلعبت بهم ولعبوا بها ، رويداً يسفر الظلام
فكأن قد وردت الأظعان ، يوشك من أسرع أن يَلْحق.
واعلم أن من كانت مطيته الليل والنهار ،
فإنه يُسار به وإن كان واقفاً ، ويقطع المسافة وإن كان مقيماً وادعاً.
واعلم يقيناً أنك لن تبلغ أملك ، ولن
تعدو أجلك ، وأنك في سبيل من كان قبلك ، فَخَفِّض في الطلب ، وأجمل في المكتسب ، فرب
طلب قد جرّ إلى حَرَب
، فما كل طالب بمرزوق ، ولا كل مجمل بمحروم ، فأكرم نفسك عن كل دنية ، وإن ساقتك إلى
الرغائب ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً ، وما خيرُ خير لا يوجد إلا بشرّ ،
ويسر لا ينال إلا بعسر.
وإياك أن توجف بك مطايا الطمع ، فتوردك
موارد الهلكة ، وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فإنك مدرك
قسمك ، وآخذ سهمك ، وإن اليسير من الله ، أكبر وأعظم من الكثير من خلقه ، وإن كان
كل منه.
وتلافيك ما فرط من صمتك ، أيسرمن إدراكك
ما فات من منطقك ، وحِفْظ
__________________
ما في الوعاء بشد
الوكاء ، وحفظ ما في يديك أحب إليّ من طلب ما في يد غيرك ، ومرارة اليأس خير من
الطلب إلى الناس ، والحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور ، والمرءأحفظ لسرّه ، ورب
ساع فيما يضره ، من أكثر أهجر ، ومن تفكر أبصر ، قارِب أهل الخيرتكن منهم ، وباين
أهل الشرِ تبنْ عنهم ، بئس الطعام الحرام ، وظلم الضعيف أفحش الظلم. إذا كان الرفق
خرقاً كَان الخرق رفقاً. وربما كان الدواء داءً والداء دواءً ، وربما نصح غير
الناصح وغش المستنصح.
وإياك والإتكال على المنى ، فإنها بضائع
النوكى .
والعقل حفظ التجارب. وخير ما جربت ما وعضك. بادر الفرصة قبل أن تكون غصة. ليس كل
طالب يصيب ، ولا كل غائب يؤوب ، ومن الفساد إضاعة الزاد ومفسدة المعاد ، ولكل أمر
عاقبة ، سوف يأتيك ما قُدّر لك ، التاجر مخاطر ، ورب يسير أنمى من كثير ، لا خير
في معين مهين ، ولا في صديق ظنين. ساهل الدهر ما ذل لك قعوده ، ولا تخاطر بشيء رجاءَ اكثر منه ، وإياكأن
تجمح بك مطية اللجاج.
احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة ، وعند صدوده على اللطف والمقاربة
، وعند جموده على البذل ، وعند تباعده على الدنو ، وعند شدته على اللين ، وعند جرمه
على العذر ، حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك ، وإياك أن تضع ذلك في غيرموضعه ،
أو أن تفعله بغير أهله. لا تتخذن عدو صديقك صديقاً فتعادي صديقك ، وامحض أخاك
النصيحة حسنة كانت أم قبيحة ، وتجرّع الغيظ ، فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا
ألذّ مغبّة ، ولنْ لمن غالظك ، فإنه يوشك أن يلين لك ، وخذ على عدوك بالفضل فإنه
أحلى الظفرين ، وإن أردت قطيعة أخيك ، فاستبق له من نفسك بقيةً يرجع اليها إن بدا
له ذلك يوماً ما ، ومن ظنّ بك خيراً فصدّق ظنه ، ولا تضيعنّ حق أخيك اتكالاً على
ما بينك وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من
أضعت حقه ، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك ، ولا ترغبنّ فيمن زهد فيك ، ولا يكونن
أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا يكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان
، ولا يكبرنّ عليك ظلم من
__________________
ظلمك ، فإنّه يسعى
في مضرّته ونفعك ، وليس جزاء من سرّك أن تسوءه.
واعلم ـ يا بني ـ « أنّ الرزق رزقان : رزق
تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن أنت لم تأته أتاك. ما أقبح الخضوع عند الحاجة ، والجفاء
عند الغنى! إنما لك من دنياك ، ما أصلحت به مثواك ، وإن جزعت على ما تفلّت من يدك
، فاجزع [ على ]
كل مالم يصل إليك. استدل على مالم يكن بما قد كان ، فإن الامور أشباه ، ولا تكونن
ممن لا تنفعه
العظة ، إلا إذا بالغت في إيلامه ، فإن العاقل يتعظ بالأدب ، والبهائم لا تتعظ إلا
بالضرب. إطرح عنك واردات الأُمور
بعزائم الصبر وحسن اليقين. من ترك ألقصد جار. الصاحب مناسب ، والصديق من صدق غيبه
، والهوى شريك العمى. ربّ بعيد أقرب من قريب ، وقريب أبعد من بعيد ، والغريب من لم
يكن له حبيب. من تعدى الحق ضاق مذهبه ، ومن أقتصر على قدره كان أبقى له ، وأوثق
سبب أخذت به سبببينك وبين الله سبحانه ، ومن لم يبالك فهو عدوك. قد يكون اليأس
إدراكاً ، إذا كان الطمع هلاكاً. ليس كل عورة تظهر ، ولا كل فرصة تصاب ، وربما
أخطأ البصير قصده ، وأصاب الأعمى رشده.
أخِّر الشر ، فإنك إذا شئت تعجّلته.
وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. من أمن الزمان خانه ، ومن أعظمه أهانه. ليس كل من
رمى أصاب. إذا تغير السلطان تغير الزمان. سل عن الرفيق قبل الطريق ، وعن الجار قبل
الدار. إياك أن تذكر من الكلام ما كان مضحكاً ، وإن حكيت ذلك عن غيرك.
وإياك ومشاورة النساء ، فإن رأيهن إلى
أفن ، وعزمهن إلى وهن ، واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن ، فإنّ شدة الحجاب
أبقى عليهن ، وليس خروجهن أشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن ، وإن استطعت أن لا
يعرفن غيرك فافعل ، ولاتُملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فإن المرأة ريحانة
وليست بقهرمانة ، ولا تعد بكرامتها نفسها ، ولا تطمعها أن تشفع لغيرها ، وإياك
والتغاير في غير موضع غيرة ، فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم ، والبريئة إلى
الريب.
__________________
واجعل لكل إنسان من خدمك عملاً تأخذه به
، فإنه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك ، وأكرم عشيرتك ، فإنهم جناحك الذي به تطير ،
وأصلك الذي إليه تصير ، ويدك التي
بها تصول.
أستودع الله دينك ودنياك ، وأسئله خير
القضاء لك ، في الآجلة والعاجلة والدنيا والاخرة » .
وروي عن الحسن بن يقطين ، عن أبيه ، عن جده قال : ولي علينا
الأهواز رجل من كتاب يحيى بن خالد ، وكان عليَّ من بقايا خراج كان فيها زوال نعمتي
وخروج من ملكي ، فقيل لي : إنه ينتحل هذا الأمر ، فخشيت أن ألقاه مخافة ألا يكون
ما بلغني حقاً ، فيكون فيه خروجي من ملكي وزوال نعمتي ، فهربت منه إلى الله تعالى
، وأتيت الصادق
7 مستجيراً ، فكتب
إليه رقعة صغيرة فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم : إن لله في ظلّ
عرشه ظلاً لا يسكنه إلا من نفّس عن أخيه كربة ، أو أعانه بنفسه ، أو صنع إليه
معروفاً ، ولو بشق تمرة. وهذا أخوك والسلام.
ثم ختمها ودفعها إليَّ وأمرني أن
اُوصلها إليه ، فلما رجعت إلى بلدي ، صرت إلى منزله فاستأذنت عليه ، وقلت : رسول
الصادق 7 بالباب ، فإذا
أنا به وقد خرج إليَّ حافياً ، فأبصرني وسلّم عليَّ وقبّل ما بين عينيّ ، ثم قال
لي : يا سيدي أنت رسول مولاي؟ فقلت : نعم ، فقال : قد أعتقتني من النار إن كنت
صادقاً ، فأخذ بيدي وأدخلني منزله ، وأجلسني في مجلسه ، وقعد بين يديَّ ، ثم قال :
يا سيدي كيف خلّفت مولاي؟ فقلت : بخير ، فقال : الله الله؟ قلت : الله ، حتى
أعادها ثلاثاً ، ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبّلها ووضعها على عينيه ، ثم قال : يا
أخي مُر بأمرك ، فقلت : في جريدتك عليَّ كذا وكذا ألف ألف درهم ، وفيه عطبي وهلاكي
، فدعا الجريدة فمحا عنّي كل ما
كان فيها ، وأعطاني
براءة منها ، ثم دعا بصناديق ماله فناصفني عليها ، ثم دعا بدوابه فجعل يأخذ دابة
ويعطيني دابة ، ثم دعا بغلمان ، فجعل يعطيني غلاماً ويأخذ غلاماً ، ثم دعا بكسوته
فجعل يأخذ ثوباً ويعطيني ثوباً ، حتى شاطرني جميع ملكه ويقول : هل سررتك؟ فأقول : إي
والله وزدت على السرور.
فلما كان في الموسم قلت : والله لا كان
[ جزاء ]
هذا الفرح بشيء أحب الى الله ورسوله ، من الخروج إلى الحج ، والدعاء له ، والمصير
إلى مولاي وسيدي الصادق 7
وشكره عنده ، وأسأله الدعاء له ، فخرجت إلى مكة وجعلت طريقي إلى مولاي 7 ، فلما دخلت عليه رأيته والسرور في وجهه
، وقال لي : « يا فلان ، ما كان من خبرك مع الرجل؟ » فجعلت أورد عليه خبري ، وجعل
يتهلل وجهه ويسر السرور ، فقلت : يا سيدي ، هل سررت بما كان منه إليّ؟ سرّه الله
تعالى في جميع اُموره ، فقال : « إي والله سرني ، والله لقد سرّ آبائي ، والله لقد
سر أمير المؤمنين ، والله لقد سرّ رسول الله 9
، والله لقد سرّ الله في عرشه » .
تم الحديث والحمد لله رب العالمين.
روي أن رجلاً كتب إلى رجل من ولاة
العراق ، يشفع في الفرزدق وقد طلبه فهرب منه :
أما بعد ، فإن هذا البطن من قريش ، قد
غرسوا شجرة الحلم فتفرعت أغصانها عن الكرم والعلم والصدق والوفاء ، ثم اجتنى كل
منهم من ذلك على عظم قدر وعلو همته ، وإنك أطولهم باعاً ، وأحسنهم عموداً ، وأجزلهم
وفوداً ، ولو قلت : ان لك ثلثي ذلك الفضل لكان ، بل لك ذلك كله ، لأنك أهله ومعدنه
، وفيه غرس أصلك ، وعليه تفرع فرعك ، وعليه تهدلت غصونه.
وبعد ، فلولا عظم جرم الفرزدق لم يضق
عنه حلمك على عظمه ، وسعة صدرك ، وكبر صبرك ، وكظم غيظك ، لكنّي حسبك أردت بإخافته
تأديب رعيتك ، كيما لا يجتروا على ارتكاب ذنب طمعاً في العفو ، ولنعم مؤدب ألرعية
وسائسها أنت ، وإنما يذهب الغيظ الظفر ، والحقد الحلم ، ويطيب النفس الرغبة في
ثواب ذلك ، وقد
__________________
قال الله سبحانه : ( وليعفوا
وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم )
وقال سبحانه : (
والكاظمين
الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )
وقد ظفرت به ، وذل لك مطلبه ، وأستخذى
إليك طمعاً في عفوك ، ورجاءً لحلمك ، والحلم والكرم والعفو والصفح خلق قرشي ، وسجال
هاشمي ، وحلة يلبسها البر الكريم جميلة ، وقد أوطأته ربعك الفسيح ، وجنابك السميح
، وضمنت له عليك الوفاء ، حتى يرد كتابك بذلك إن شاء الله تعالى.
فلما قرأه كتب إليه : أما ما ذكرت حسن
وخير وجميل ، ووصفت من كرم ، فأنعث ألمقدم فيه والسابق إليه ، بل أنت أصله ، وبك
يصح معناه ، وما ذكرت من أمر الرعية ، فإنه كذلك لأنّ الليث لا يفرق إن لم يفترس ،
وبالمهابة يمكّن الجموح من عنانه ، ولقد أحسن لنفسه الصنيعة إذ لجأ إليك ، وإنما
هرب ليعلم أنه خطر بالبال ، وقد أردت أن يبين طريداً شريداً ، لا يطعم الغمض ، ولا
يأمن من الخوف ، حتى ورد كتابك شافعاً فيه ، فأمانك أماني ، وعفوك عفوي ، وأمرك
أمري ، فإني لا اُخيف من آمنته ، ولا أرهب من أجرته منتك في الطلب ألينا ألعفو عنه
، أفضل وأعظم من منّتنا بإسعافك بالإجابة إلى ما سألت ، أدام الله نعمتك وسلامتك.
وروي عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله
عنها ، عن النبي 6
، أنه قال : يأتي على الناس زمان إذا سمعت باسم رجل خير من أن تلقاه ، فإذا لقيته
خير من أن تجربه ، ولو جربته أظهر لك أحوالاً ، دينهم دراهمهم ، وهمتهم بطونهم ، وقبلتهم
نساؤهم ، يركعون للرغيف ، ويسجدون للدرهم ، حيارى سكارى لا مسلمين ولا نصارى » .
من كلام العباس بن عبد المطلب ; وقد جاءه أبو سفيان والزبير ، فعرضا
عليه النصرة بعد موت النبي 9
فقال لهما : قد سمعنا مقالتكما ، فلا لقلة نستعين بكما ، ولا لظنة نترك رأيكما ، لكن
لالتماس الحق ، فامهلانا نراجع الفكر ، فإن
__________________
يكن لنا من الأثم
مخرج ، يصّر بنا وبهم الأمر صرير الجندب
، ونمد أكفاً إلى المجد لا نقبضها أو تبلغ المدى ، وإن تكن الاُخرى ، فلا لقلة في
العدد ، ولا لوهن في العضد ، والله لولا أن الإسلام قيد الفتك ، لتدكدكت منا أليكم
جنادل صخر يسمع اصطكاكها من محل الاُثيل .
من كلام أمير المؤمنين 7 : « الكلمة أسيرة في وثاق صاحبها ، فإذا
تكلم بها صار أسيراً في وثاقها »
وقال 7
: « من كمال المرء تركه ما لا يجمل به ، ومن حيائه أن لا يلقي أحداً بما يكره ، ومن
عقله حسن رفقه ، ومن أدبه علمه بما لا بدّله منه ، ومن ورعه عفة بصره وعفة بطنه ، ومن
حسن خلقه كف أذاه ، ومن سخائه بره بمن يجب حقه ، ومن كرمه إيثاره على نفسه ، ومن
صبره قلة شكواه ، ومن عدله إنصافه من نفسه ، وتركه الغضب عند مخالفته ، وقبوله
للحق إذا بان له ، ومن نصحه نهيه له عن غيبتك ، ومن حفظه جواره ستره لعيوب جيرانه
، وتركه توبيخهم عند إساءتهم إليه ، ومن رفقه تركه المواقفة على الذنب بين يدي من
يكبر المذنب وقوفه عليه ، ومن حسن صحبته إسقاطه عن صاحبه مؤونة أذاه ، ومن صداقته
كثرة موافقته ، ومن صلاحه شدة خوفه ، ومن شكره معرفته بإحسان من أحسن إليه ، ومن
تواضعه معرفته بقدره ، ومن حكمته معرفته بذاته ، ومن مخافته ذكره الاخرة بقلبه
ولسانه ، ومن سلامته قلة تحفظه لعيوب غيره ، وعنايته بإصلاح نفسه من عيوبه ».
قال الصادق 7 : « لا تتبع أخاك بعد القطيعة وقيعة
فيه ، فتسد عليه طريق الرجوع إليك ، فلعل التجارب ترده عليك » .
من كلام الحسن بن علي 8 لأصحابه بعد وفاة أبيه ، وقد خطب 7 فحمد الله وأثنى عليه [ ثم قال ] :
« أما والله ماثنانا عن قتال أهل الشام
ذلّة ولا قلّة ، ولكن كنّا نقاتلهم بالسلامة والصبر ، فشيبت السلامة بالعداوة ، والصبر
بالجزع ، وكنتم تتوجهون معنا
__________________
ودينكم أمام دنياكم
، وقد أصبحتم ألآن ودنياكم أمام دينكَم ، فكنا لكم وكنتم لنا ، وقد صرتم اليوم علينا
، ثم أصبحتم تعدون قتيلين : قتيلاً بصفين تبكون عليه ، وقتيلاً بالنهروان تطلبون
بثأره ، فأما الباكي فخاذل ، وأما الطالب فثائر.
وإن معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عزّ
ولا نصفة ، فإن أردتم ألحياة قبلناه منه ، واغضضنا على القذى ، وإن أردتم الموت
بذلناه في ذات الله وحاكمناه [ إلى ]
الله ».
فنادى ألقوم بأجمعهم : بل البقية
والحياة .
وقال 9
: « المجالس ثلاثة : غانم ، وسالم ، وشاحب ، فأما الغانم فالذي يذكر الله تعالى
فيه ، وأما السالم فالساكت ، وأما الشاحب فالذي يخوض في الباطل ».
وقال 9
: « الجليس الصالح خير من الوحدة ، والوحدة خير من جليس السوء ».
وقال 7
: « أن الله تعالى يحب النظر النافذ عند مجيء الشبهات ».
وقال 7
: « المهاجر من هجر الخطايا والذنوب ».
وقال 7
: « من أخرجه الله تعالى من ذل المعاصي إلى عز التقوى ، أغناه الله بلا مال ، وأعزه
بلا عشيرة ، آنسه بلا شرف ، ومن زهد في الدنيا أنبت الله تعالى الحكمة في قلبه ، وأنطق
بها لسانه ، وبصره داءها ودواءها وعيوبها ».
وقال 9
: « لا تلتمسوا الرزق ممن أكتسبه من ألسنة الموازين ورؤوس المكاييل ، ولكن من عند
من فتحت عليه الدنيا » .
وقال 7
: « لا عيش إلا لرجلين : عالم ناطق ، ومتعلم واع ».
وقال 7
: « أن للقلوب صدءاً كصدأ النحاس ، فاجلوها بالاستغفار ، وتلاوة القرآن ».
وقال 7
: « الزهد ليس بتحريم الحلال ، ولكن أن يكون بما في يدي الله أوثق منه بما في يديه
».
__________________
وقال : « خلتان لا تجتمعان في مؤمن : البخل ، وسوء
الظن بالرزق ».
وقال رسول الله 9 : « من أكثر الاستغفار ، جعل الله له
من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب ».
وقال 7
: « كلمة الحكمة يسمعها المؤمن ، خير من عبادة سنة » .
وقال : « خمس من أتى الله بهن ـ أو
بواحدة منهن ـ وجبت له الجنة : من سقى هامة صادية ، أو حمل قدماً حافية ، أو أطعم
كبداً جائعة ، أو كسا جلدة عارية ، أو أعتق رقبة عانية » .
وقال : « صنائع المعروف تقي مصارع السوء
، وصدقة السر تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر ، وتدفع ميتة السوء ، وتنفي
الفقر ، وتزيد في العمر ، ومن كفّ غضبه ، وبسط رضاه ، وبذل معروفه ، ووصل رحمه ، وأدّى
أمانته ، أدخله الله تعالى في النور الأعظم ، ومن لم يتعزّ بعزاء الله ، تقطعت
نفسه حسرات ، ومن لم ير أن لله عنده نعمة إلا في مطعم ومشرب ، قلّ علمه وكثر جهله ، ومن نظر إلى ما في أيدي ألناس ،
طال حزنه ودام أسفه ».
وقال : « حسن الخلق ، وصلة الأرحام ، وبرّ
القرابة ، تزيد في الأعمار ، وتعمر الديار ، ولو كان القوم فجاراً ».
وقال : « إن الله يحب الأتقياء الأخفياء
، الذين إذا حضروا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفقدوا قلوبهم مصابيح الهدى ، ينجون من كل غبراء مظلمة ».
وقال : الوحدة خير من قرين السوء ، والحزم
أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره ».
وقال : « جاملوا الأشرار بأخلاقكم
تسلموا من غوائلهم ، وباينوهم بأعمالكم كيلا تكونوا منهم ».
وقال : « ولو أن المؤمن أقوم من قدح ، لكان
له من الناس غامز ، واعلموا أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ».
__________________
وقال : « ما من أحد ولي شيئاً من أمور
المسلمين ، فأراد الله به خيراً ، إلا جعل الله له وزيراً صالحاً ، إن نسي ذكّره ،
وإن ذكر أعانه ، وإن همَّ بشر كفّه وزجره ».
وقال : « إن الله يبغض البخيل في حياته
، والسخي بعد وفاته ».
وقال : « ادعوا الله وأنتم موقنون
بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يقبل دعاءً من قلب غافل ».
وقال : « الأمل رحمة لأمتي ، ولولا الأمل
ما رضعت والدة ولدها ، ولا غرس غارس شجراً ».
وقال : « إذا أشار عليك العاقل الناصح فاقبل ، وإياك والخلاف عليهم
فإنّ فيه الهلاك ».
وعاد 9
رجلاً من الأنصار فقال : « جعل الله ما مضى كفارة وأجراً ، وما بقي عافية وشكراً ».
وقال : « خلتان لا تجتمعان في مؤمن : الشح ، وسوء الخلق ».
وقال : « ويل للذين يجتلبون الدنيا
بالدين ، يلبسون للناس جلود الضأن من لين ألسنتهم ، كلامهم أحلى من العسل ، وقلوبهم
قلوب الذئاب ، يقول الله تعالى : أبي يغترّون! أم علي يجترون! فوعزتي وجلالي ، لأبعثن
عليهم فتنة تذر الحليم منهم حيران ».
وكتب 9
إلى بعض أصحابه يعزيه : « أما بعد ، فعظم الله ـ جل اسمه ـ لك الأجر ، وألهمك
الصبر ، ورزقنا وإياك الشكر ، إن أنفسنا وأموالنا وأهلينا مواهب الله ألهنيئة
وعواريه المستردّة ، نمتع بها إلى أجل معدود ، ويقبضها لوقت معلوم ، وقد جعل الله
تعالى علينا الشكر إذا أعطى ، والصبر إذا ابتلى ، وقد كان ابنك من مواهب الله
تعالى ، متعك به في غبطة وسرور ، وقبضه منك بأجر مذخور ، إن صبرت واحتسبت ، فلا
تجمعن أن يحبط
جزعك أجرك ، وأن تندم غداً على ثواب مصيبتك ، وإنك لو قدمت على ثوابها علمت أن
المصيبة قد قصرت عنها ، واعلم أن الجزع لا يرد فائتاً
__________________
ولا يدفع الحزن
قضاءً ، فليذهب أسفك ما هو نازل بك مكان ابنك ، والسلام »
وقال 7
: « الشهوة داء ، وعصيانها دواء ».
وقال 7
: « من أحسن عبادة الله في شبيبته ، لقاه الله الحكمة عند شيبته ، قال الله تعالى :
( ولما بلغ أشده واستوى
آتيناه حكما وعلما ) ثم قال تعالى : ( وكذلك نجزي المحسنين
) ».
وقال أمير المؤمنين 7 يعزي قوماً : « عليكم بالصبر ، فإن به
يأخذ الحازم ، وإليه يرجع الجازع ».
وقال 7
: « أفضل رداء تردى به الحلم ، فإن لم تكن حليماً فتحلم ، فإنه من تشبّه بقوم أوشك
أن يكون منهم ».
وقال 7
: « الناس في الدنيا عاملان : عامل في الدنيا للدنيا ، قد شغلته دنياه عن آخرته ، يخشى
على من يخلف الفقر ، ويأمنه على نفسه ، فيفني عمره في منفعة غيره. وآخر عمل في
الدنيا لما بعدها ، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمله ، فأصبح ملكاً لا يسأل الله
تعالى شيئاً فيمنعه ».
وقال 7
: « عجبت للبخيل الذي استعجل الفقر الذي منه هرب ، وفاته الغنى الذي إياه طلب ، يعيش
في الدنيا عيش الفقراء ، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء.
وعجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة وهو
غداً جيفة ، وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله ، وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى
من يموت ، وعجبت لمن أنكر النشأة الاخرة وهو يرى النشأة الأولى ، وعجبت لعامر
الدنيا ـ دار الفناء ـ وهو نازل دار البقاء ».
وقال 7
: « الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله ، ولا يؤمنهم من مكر الله ،
ولا يؤيسهم من روح الله ، ولا يرخص لهم في معاصي الله ».
__________________
من
كلام الامام الزكيّ أبي محمد الحسن علي :
قال : « المصائب مفاتيح الأجر ».
وقال 7
: « تجهل النعم ما أقامت ، فإذا ولّت عرفت ».
وقال : « إذا سمعت أحداً يتناول أعراض
الناس ، فاجهد أن لا يعرفك ، فإن أشق الناس به معارفه ».
وقال : « عليكم بالفكر ، فإنه حياة قلب
البصير ، ومفاتيح أبواب الحكمة ».
وقال : « أوسع ما يكون الكريم بالمغفرة
إذا ضاقت بالمذنب المعذرة ».
وقيل له 7
: فيك عظمة ، قال : « لا ، بل فيَّ عزة ، قال الله تعالى : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
) ».
وقال : « صاحب الناس بمثل ما تحب أن
يصاحبوك به ».
وكان يقول : « ابن آدم ، إنّك لم تزل في
هدم عمرك منذ سقطت من بطن اُمك ، فخذ ممّا في يديك لما بين يديك ، فإن المؤمن
يتزود ، والكافر يتمتع ، وكان يتلو
مع هذه الموعظة : (
وتزودوا
فإن خير الزاد التقوى )
» .
* * *
__________________
ومن
كلام الحسين عليه السلام
قال 7
: « اعلموا أن حوائج الناس إليكم ، من نعم الله عليكم ، فلا تملّوا النعم فتتحول
إلى غيركم ، واعلموا أن المعروف مكسب حمداً ، ومعقب أجراً ، فلو رأيتم المعروف
رجلاً لرأيتموه حسناً جميلاً ، يسر الناظرين ويفوق العالمين ، ولو رأيتم اللؤم
رأيتموه سمجاً
قبيحاً مشوماً
، تنفر منه القلوب ، وتغضّ دونه الأبصار ، ومن نفس كربة مؤمن فرّج الله تعالى عنه
كرب الدنيا والاخرة ، ومن أحسن أحسن الله إليه ، والله يحب المحسنين ».
وتذاكروا العقل عند معاوية ، فقال
الحسين 7 : « لا يكل
العقل إلا باتباع الحق ».
فقال معاوية : ما في صدوركم إلا شيء
واحد.
وقال 7
: « لاتصفنّ لملك دواءً ، فإن نفعه لم يحمدك ، وإن ضره اتهمك ».
وقال 7
: « ربَّ ذنب أحسن من الاعتذار منه ».
وقال : « مالك إن يكن لك كنت له منفقاً
، فلا تبقه بعدك فيكن ذخيرة لغيرك ، وتكون أنت المطالب به المأخوذ بحسابه واعلم
أنك لا تبقى له ، ولا يبقى عليك ، فكله قبل أن يأكلك ».
وكان 7
يرتجز يوم قُتل ويقول :
الموتُ خير من ركوب العارِ
|
|
والعارُ خيرٌ من دخولِ النارِ
|
وَالله
ما هذا وهذا جاري
وقال : « العلم لقاح المعرفة ، وطول
التجارب زيادة في العقل ، والشرف التقوى ، والقنوع راحة اللأبدان ، ومن أحبك نهاك
، ومن أبغضك أغراك ».
وقال : « من أحجم عن الرأي وعييت به
الحيل ، كان الرفق مفتاحه » .
__________________
من
كلام علي بن الحسين عليه السلام
« لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال : شهادة
ألاّ إله إلا الله وحده لا شْريك له ، وِشفاعة رسول الله 9 ، وسعة رحمة الله ».
وقال 7
: « خف الله تعالى لقدرته عليك ، واستحي منه لقربه منك »
وقال 7
: « لا تعادين أحداً وإن ظننت بأنه لا يضرك ، ولا تزهدن في صداقة أحد وإن ظننت أنه
لا ينفعك ، فإنه لا تدري متى تخاف عدوك ، ومتى ترجو صديقك ».
« وإذا صليت فصلّ صلاة مودع ».
وقال 7
[ في ]
جواب من قال : إن معاوية يسكته الحلم وينطقه العلم ، فقال : « بل كان يسكته الحصر وينطقه البطر ».
وقال 7
: « لكل شيء فاكهة ، وفاكهة السمع الكلاَم الحسن ».
وقال 7
: « من رمى الناس بما فيهم ، رموه بما ليس فيه ، ومن لم يعرف دأءه أفسده دواءه ».
وقال 7
: « سبب الرفعة التواضع ».
وقد قيل : التواضع مصائد الشرف.
وقال 7
لولده محمد الباقر 7
: « كفّ الأذى ، وافض الندى
، واستعن على الكلام بالسكوت ، فإنّ للقول حالات تضر ، فاحذر الأحمق ».
وقال : « لا تمتنع من ترك القبيح وإن
كنت قد عرفت به ، ولا تزهد في مراجعة الجميل
وإن كنت قد شهرت بخلافه ، وإياك والرضا بالذنب ، فإنه أعظم من ركوبه ، والشرف في
التواضع ، والغنى في القناعة ».
__________________
وقال : « ما استغنى أحد بالله ، إلا
أفتقر الناس إليه ».
وقال : « خير مفاتيح الاُمور الصدق ، وخير
خواتيمها الوفاء ».
وقال : « كُل عين ساهرة يوم القيامة ، ثلاث
عيون : عين سهرت في سبيل الله ، وعين غضت عن محارم الله ، وعين فاضت من خشية الله
».
وقال 9
: « الكريم يبتهج بفضله ، واللئيم يفخر بملكه ».
وقال 7
: « إياك والغيبة ، فإنها إدام كلاب النار ».
وقال 7
: « من اتّكل على حسن اختيار الله عز وجل له ، لم يتمنّ أنه في حال غير الحال التي
اختارها الله له ».
قيل : تشاجر هو وبعض الناس في مسألة من
الفقه ، فقال 7
: « يا هذا ، إنك لو صرت إلى منازلنا لأريناك آثار جبرئيل 7 في رحالنا ، أفيكون أحد أعلم بالسنة
منّا!؟ ».
وكان 7
إذا صلى تبرز إلى مكان خشن ، يتخفى ويصلي فيه ، وكان كثير البكاء.
قال : فخرج يوماً في حر شديد إلى الجبان
ليصلي فيه ،
فتبعه مولى له ، وهو ساجد على الحجارة ـ وهي خشنة حارة ـ وهو يبكي ، فجلس مولاه
حتى فرغ ، فرفع رأسه وكأنه قد غمس رأسه ووجهه في الماء من كثرة الدموع ، فقال له
مولاه : يا مولايَ ، أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فقال : « ويحك ، إن يعقوب نبي ابن نبي
كان له اثنا عشر ولداً ، فغيب عنه واحد منهم ، فبكى حتى ذهب بصره ، واحدودب ظهره ،
وشاب رأسه من الغم ، وكان ابنه حياً يرجو لقاءه ، وأنا رأيت أبي وأخي وأعمامي وبني
عمي ـ ثمانية عشر ـ مقتلين صرعى تسفي عليهم الريح ، فكيف ينقضي حزني وترقأ عبرتي!؟
» .
__________________
من
كلام محمد بن علي الباقر عليه السلام
قال : « كن لما لا ترجو ، أرجى منك لما
ترجوا ، فإنّ موسى 7
خرج ليقتبس ناراً فرجع نبياً مرسلاً ».
وقال لبعض شيعته : « إنا لا نغني عنكم
من الله شيئاً إلا بالورع ، وإنّ ولايتنا لا تدرك إلا بالعمل ، وإن أشدّ الناس يوم
القيامة حسرة من وصف عدلاً وأتى جوراً ».
وقال 7
: « إذا علم الله تعالى حسن نية من أحد ، اكتنفه بالعصمة ».
وقال 7
: « صانع المنافق بلسانك ، وأخلص ودك للمؤمنين ، وإن جالسك يهوديّ فأحسن مجالسته ».
وقال 7
: « الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وتركك حديثاً لم تروه ، خير من
روايتك حديثاً لم تحصه ، إن على كل حق نوراً ، وما خالف كتاب الله فدعوه ، إن أسرع
الخير ثواباً البر ، وإن أسرع الشر عقوبة البغي ، وكفى بالمرء عيباً أن ينظر إلى
ما يعمى عنه من نفسه ، ويعيّر الناس بما لا يتقيه عن نفسه ، أويتكلم بكلام لا
يعنيه ».
قال : « من عمل بما يعلم ، علمه الله ما
لا يعلم ».
واجتمع عنده جماعة من بني هاشم وغيرهم ،
فقال لهم : « اتقوا الله ـ شيعة آل محمد ـ وكونوا الفرقة الوسطى ، يرجع اليكم الغالي ، ويلحق
بكم التالي ».
قالوا له : وما الغالي؟.
قال : « الذي يقول فينا ، ما لا نقوله في
أنفسنا ».
قالوا : وما التالي؟
قال : « الذي يطلب الخير فتزيدونه خيراً ، إنه والله ما بيننا وبين الله
من قرابة ، ولايتنا عليه حجة ، ولا يتقرب إلى الله إلا بالطاعة ، فمن كان منكم
مطيعاً لله يعمل بطاعته ، نفعته ولايتنا ـ أهل البيت ـ ومن كان منكم عاصياً لله
يعمل بمعاصيه
__________________
لم تنفعه ولايتنا ، ويحكم
لا تغترّوا ، ويحكم لا تغترّوا ، ويحكم لا تغترّوا ».
وقال لبعض شيعته ، وقد أراد سفراً فقال
له : أوصني.
فقال : « لا تسيرنّ شبراً وأنت حاف ، ولا
تنزلنّ عن دابتك ليلاً إلا ورجلاك في خف ، ولا تبولنّ في نفق ، ولا تذوقن بقلة ولا
تشمها حتى تعلم ماهي ، ولا تشرب من سقاء حتى تعرف ما فيه ، ولا تسيرنّ إلا مع من
تعرف ، واحذر من [ لا ]
تعرف ».
وقيل له : من أعظم الناس قدراً؟ فقال :
« من لا يبالي في يد من كانت الدنيا ».
وقال 7
: « تعلموا العلم ، فإن تعلمه حسنة ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه
جهاد ، وتعليمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، والعلم ثمار الجنة ، واُنس في الوحشة ، وصاحب
في الغربة ، ورفيق في الخلوة ، ودليل على السرّاء ، وعون على الضرّاء ، ودين عند
الأخلاّء ، وسلاح عند الأعداء ، يرفع الله به قوماً فيجعلهم في الخير سادة ، وللناس
أئمة ، يقتدى بفعالهم ، وتقتص آثارهم ، ويصلّي عليهم كل رطب ويابس ، وحيتان البحر
وهوامّه ، وسباع البر وأنعامه » .
* * *
__________________
ومن
كلام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
« المؤمن يداري ولا يماري ».
وقال 7
: « من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كان في غده شراً من يومه فهو مفتون ، ومن لم
يتفقد النقصان في نفسه دام نقصه ، ومن دام نقصه فالموت خير له ، ومن أذنب من غير
عمد كان للعفو أهلا ».
وقال 7
: « اطلبوا التعلم ولو بخوض اللجج وشق المهج ».
وقال 7
: لجاهل سخي ، خير من ناسك بخيل ».
وسئل 7
عن التواضع ، فقال : « هو أن ترضى من المجلس بدون شرفك ، وأن تسلم على من لقيت ، وأن
تترك المراء وإن كنت محقاً ».
وقال 7
: « إذا رق
العرض استصعب جمعه ».
وقال صلى الله عليه : « المؤمن إذا غضب
لم يخرجه غضبه من حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، والذي إذا قدر لم يأخذ
أكثر من ممّا له
»
وقال 7
: « كتاب الله عز وجل [ على ]
أربعة أشياء على العبارة ، والإشارة ، واللطائف ، والحقائق ، فالعبارة للعوام ، والإشارة
للخواص ، واللطائف للأولياء ، والحقائق للأنبياء :
».
وقال 7
: « من سأل فوق قدره استحق الحرمان ».
وقال 7
: « من أكرمك فاكرمه ، ومن استخفك فاكرم نفسك عنه ».
وقال 7
: « من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع ، والمعارضة قبل أن يفهم ، والحكم بما لا
يعلم ».
وقال 7
: « سرك من دمك ، فلا تجريه في غير أوداجك ».
وقال 7
: « صدرك أوسع لسرك ».
وقال 7
: « أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأنقص الناس
__________________
عقلاً من ظلم من
دونه ولم يصفح عمّن اعتذر إليه ، والقادر على الشيء سلطان ».
وقال 7
: « المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل ».
وقال 7
: « لا تشر على المستبد برأيه ».
وقال 7
: « إن القلب يحيا ويموت ، فإذا حيي فأدبه بالتطوع ، وإذا مات فاقصره على الفرائض
».
وقال 7
: « لا تحدث من تخاف أن يكذّبك ، ولا تسأل من تخاف أن يمنعك ، ولا تثق في من تخاف
أن يغدر بك ، ومن لم يؤاخ إلاّ من لا عيب فيه قلّ صديقه ، ومن لم يرض من صديقه إلاّ
بإيثاره له على نفسه دام سخطه ، ومن عاتب على كل ذنب كثر تعتبه » .
وقال 7
: « من عذب لسانه زكا عقله ، ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن برّه بأهله زيد
في عمره ».
وقال 7
: « إن الزهاد في الدنيا نور الجلال عليهم ، وأثر الخدمة بين أعينهم ، وكيف لا يكونون
كذلك؟ وإن الرجل لينقطع إلى بعض ملوك الدنيا ، فيرى عليه أثره ، فكيف بمن ينقطع
إلى الله تعالى ، لا يرى اثره عليه!؟ »
وقال 7
: « صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة ، قال الله تعالى : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يُوصل ويخشون
ربهم ويخافون سوء الحساب )
» .
* * *
__________________
من
كلام مولانا موسى بن جعفر عليه السلام
قال 7
: « أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلاّ به ، وأوجب العمل عليك ما أنت مسؤول عن
العمل به ، وألزم العلم لك ما دلّك على صلاح قلبك ، وأظهر لك فساده ، وأحمد العلم
عاقبة ما زاد في عملك العاجل ، فلا تشتغلنَّ بعلم ما لا يضرّك جهله ، ولا تغفلنَّ
عن علم ما يزيد في جهلك تركه ».
وقال 7
: « لو ظهرت الآجال ، افتضحت الآمال ».
وقال 7
: « من لم يكن له من نفسه واعظ ، تمكّن منه عدوه » يعني السلطان.
وقال 7
: « من أتى إلى أخيه مكروهاً فبنفسه بدأ ».
وقال 7
: « من لم يجد للإساءة مضضاً لم يكن عنده للإحسان موقع ».
وقال عبد المؤمن الأنصاري : دخلت على
الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر 7
، وعنده محمد بن عبد الله الجعفري ، فتبسمت إليه ، فقال : « أتحبه؟ » فقلت : نعم ،
وما أحببته إلاّ لكم. فقال 7
: « هو أخوك ، والمؤمن أخو المؤمن لأمه ولأبيه وإن لم يلده أبوه ، ملعون من اتّهم
أخاه ، ملعون من غش أخاه ، ملعون من لم ينصح أخاه ، ملعون من اغتاب أخاه ».
وقال 7
: « ما تساب اثنان إلا انحطّ الأعلى إلى مرتبة الأسفل ».
وقدم على الرشيد رجل من الأنصار يقال له
: (نفيع) وكان عريفاً ، فحضر يوماً بباب الرشيد ، وتبعه عبد العزيز بن عمر بن عبد
العزيز ، وحضر موسى بن جعفر 7
على حمار له ، فتلقّاه الحاجب بالإكرام والإجلال ، وأعظمه من كان هناك ، وعجّل له
الإذن ، فقال نفيع لعبد العزيز : من هذا الشيخ؟ فقال له : أفما تعرفه؟ هذا شيخ آل
أبي طالب ، هذا موسى بن جعفر 7.
فقال نفيع : ما رأيت اعجب من هؤلاء القوم! يفعلون هذا برجل لو يقدر على زوالهم عن
السرير لفعل ، أما إن خرج لأسوأنه ، فقال له عبد العزيز : لا تفعل ، فإنّ هؤلاء
أهل بيت قلّ ما تعرض لهم
__________________
أحد بخطاب ، إلاّ
وسموه في الجواب سمة يبقى عارها عليه مدى
الدهر.
وخرج موسى 7
، فقام إليه نفيع فأخذ بلجام حماره ، ثم قال له : من أنت؟ قال : « يا هذا ، إن كنت
تريد النسب ، فأنا ابن محمد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله
، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله عزّ وجلّ عليك وعلى المسلمين ـ إن كنت
منهم ـ الحج إليه ، وإن كنت تريد المفاخرة فو الله ما رضي [ مشركي ] قومي مسلمي قومك أكفاء لهم ، حتى قالوا
: يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قريش. خلّ عن الحمار » فخلّى عنه ويده ترعد ، وانصرف
بخزي ، فقال له عبد العزيز : ألم أقل لك؟
وقيل : حج الرشيد فلقيه موسى على بغلة
له ، فقال له الرشيد : مثلك في حسبك ونسبك وتقدّمك يلقاني على بغلة ، فقال : « تطأطأت
عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلة الحمير » .
* * *
__________________
من
كلام الرضا عليه السلام
« من رضي من الله تعالى بالقليل من الرزق ، 2 بالقليل من ألعمل ».
وقال 7
: « من شبّه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر ».
وقال 7
: « لا يسلك طريق القناعة إلا رجلان : إما متعبد يريد أجر الآخرة ، أوكريم يتنزه
عن لئام الناس ».
وقال 7
: « الإسترسال بالاُنس يذهب المهابة ».
وقال : « من صدق الناس كرهوه ».
وقال 7
للحسن بن سهل ، وقد عزاه بموت ولده : « التهنئة بآجل الثواب ، أولى من التعزية على
عاجل المصيبة ».
وقال 7
: « إن للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً ، فإذا أقبلت بصرت وفهمت ، وإذا
أدبرت كلّت وملّت ، فخذوها عند إقبالها ونشاطها ، واتركوهاعند إدبارها وفتورها ».
وقال 7
للحسن بن سهل ، وقد سأله عن صفة الزاهد ، فقال 7
: « متبلّغ بدون قوته ، مستعد ليوم موته ، متبرّم بحياته ».
وقال 7
في تفسير قوله تعالى : ( فاصفح الصفح الجميل
) فقال : « عفو من غير عقوبة ، ولا تعنيف
، ولا عتب ».
واُتي المأمون برجل يريد أن يقتله ، والرضا
7 جالس ، فقال
: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال 7
: « إن الله تعالى لا يزيدك بحسن العفو إلا عزاً » فعفا عنه.
وسئل 7
عن المشيئة والإرادة ، قال : « المشيئة : الإهتمام بالشيء ، والإرادة : إتمام ذلك
الشيء ».
وقال 7
: « الأجل آفة الأمل ، والعرف ذخيرة الأبد ، والبر غنيمة الحازم ، والتفريط مصيبة
ذوي القدرة ، والبخل يمزّق العرض ، والحب داعي المكاره ، وأجلُّ الخلائق وأكرمها
اصطناع المعروف ، وإعانة
الملهوف ، وتحقيق أمل الآمل ، وتصديق مخيلة
الراجي ، والإستكثار من الأصدقاء في الحياة ، يكثر الباكين بعد الوفاة » .
* * *
__________________
من
كلام أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السلام
قال 7
: « كيف يضيع مَن الله كافله؟ وكيف ينجو مَن الله طالبه؟ ومن انقطع إلى غير الله
وكله الله إليه ، ومن عمل على غير علم أفسد أكثر ممّا يصلح ».
وقال 7
: « من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه ».
وقال 7
: « من هجر المداراة قارنه المكروه ، ومن لم يعرف الموارد أعيته المصادر ، ومن
انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة وللعاقبة المتعبة ».
وقال 7
: « قد عاداك من ستر عنك الرشد اتّباعاً لما تهواه ».
وقال 7
: « راكب الشهوات لا تقال عثرته ».
وقال 7
: « الثقة بالله تعالى ثمن لكل غال ، وسلم إلى كل عال ».
وقال 7
: « إياك ومصاحبة الشرير ، فإنه : كالسيف : يحسن منظره ، ويقبح أثره ».
وقال 7
: « الحوائج تطلب بالرجاء ، وهي تنزل بالقضاء ، والعافية أحسن عطاء ».
وقال 7
: « إذا نزل القضاء ضاق الفضاء ».
وقال 7
: « لا تعاد أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله تعالى ، فإن كان محسناً لا يسلّمه
اليك ، وإن كان مسيئاً فإن علمك به يكفيكه فلا تعاده ».
وقال 7
: « لا تكن ولياً لله تعالى في العلانية عدواً له في السر ».
وقال 7
: « التحفظ على قدر الخوف ».
وقال 7
: « عز المؤمن في غناه عن الناس ».
وقال 7
: « نعمة لا تشكر كسيّئة لا تغفر ».
وقال 7
: « لا يضرّك سخط من رضاه الجور ».
وقال 7
: « من لم يرض من أخيه بحسن النية ، لم يرض منه
بالعطية ».
وقال : 7
: « الأيام تهتك لك الأمر عن الأسرار الكامنة ».
وقال 7
: « تعزّ عن الشيء إذا ضيعته ، لقلة صحبته إذا أعطيته » .
* * *
__________________
من
كلام الإمام أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام
« من رضي عن نفسه ، كثر الساخطون عليه ».
وقال 7
: « المقادير تريك مالم يخطر ببالك ».
وقال 7
: « من أقبل مع أمر ، ولّى مع انقضائه ».
وقال 7
: « راكب الحرون
أسير نفسه ، والجاهل أسير لسانه ».
وقال 7
: « الناس في الدنيا بالأموال ، وفي الآخرة بالأعمال ».
وقال 7
: « المراء يفسد الصداقة القديمة ، ويحلل العقدة الوثيقة ، وأقل ما فيه أن تكون
فيه المغالبة ، والمغالبة اُسّ أسباب القطيعة ».
وقال 7
: « العتاب مفتاح المقال ، والعتاب خير من الحقد ».
وقال 7
: « المصيبة للصابر واحدة ، وللجازع اثنتان ».
وقال يحيى بن عبدالحميد : سمعت أبا
الحسن 7 ، يقول لرجل
ذم إليه ولداً له فقال : « العقوق ثكل من لم يثكل ».
وقال 7
: « الهزل فكاهة السفهاء ، وصناعة الجهّال ».
وقال 7
في بعض مواعظه : « السهر ألذ للمنام ، والجوع يزيد في طيب الطعام » يريد به الحث
على قيام الليل وصيام النهار.
وقال 7
: « اذكر مصرعك بين يدي أهلك ، ولا طبيب يمنعك ، ولاحبيب ينفعك ».
وقال 7
: « اذكر حسرات التفريط تأخذ بقديم الحزم ».
وقال 7
: « الغضب على من لا تملك عجز ، وعلى من تملك لؤم ».
وقال 7
: « الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة ».
وقال 7
: « خير من الخير فاعله ، وأجمل من الجميل قائله ، وأرجح من العلم حامله ، وشرمن
السوء جالبه ، وأهول من الهول راكبه ».
وقال 7
: « إياك والحسد ، فإنه يبين فيك ، ولا يعمل في عدوك ».
__________________
وقال 7
: « إذا كان زمانٌ ، العدل فيه أغلب من الجور ، فحرام أن تظن بأحد سوءاً حتى يعلم
ذلك منه ، وإذا كان زمانٌ الجور أغلب فيه من العدل ، فليس لأحد أن يظن بأحد خيراً
مالم يعلم ذلك منه ».
وقال للمتوكل جواب كلام دار بينهما : « لا
تطلب الصفاء ممن كدرت عليه ، ولا الوفاء ممن غدرت به ، ولا النصح ممن صرفت سوء ظنك
إليه ، فإنما قلب غيرك [ لك ]
كقلبك له ».
وقال له وقد سأله عن العباس : ما تقول بنو أبيك فيه؟ فقال : « ما
يقولون في رجل فرض الله طاعته على الخلق ، وفرض طاعة العباس عليه ».
وقال : « القوا النعم بحسن مجاورتها ، والتمسوا
الزيادة فيها بالشكر عليها ، واعلموا أنّ النفس أقبل شي لما أعطيت ، وأمنع شيء لما
مُنعت » .
* * *
__________________
من
كلام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام
قال : « من مدح غير المستحق ، فقد قام
مقام المتهم ».
وقال : « لا يعرف النعمة إلا الشاكر ، ولا
يشكر النعمة إلا العارف ».
وقال 7
: « ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك ، فإن لكل يوم رزقاً جديداً ، واعلم أنّ
الإلحاح في المطالب ، يسلب البهاء ، ويورث التعب والعناء ، فاصبر حتى يفتح الله لك
باباً يسهل الدخول فيه ، فما أقرب الصنيع من الملهوف ، والأمن من الهارب المخوف ، فربما
كانت الغير نوع من أدب الله ، والحظوظ مراتب ، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك ، فإنما
تنالها في أوانها.
واعلم أن المدبّر لك أعلم بالوقت الذي
يصلح حالك فيه ، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك ، فلا تعجل بحوائجك قبل وقتها
، فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط.
واعلم أن للسخاء مقداراً ، فإن زاد عليه فهو سرف ، وأن
للحزم مقداراً ، فإنزاد عليه فهو تهوّر ، واحذر كل ذكي ساكن الطرف ، ولو عقل أهل
الدنيا خربت ».
وقال : « خير إخوانك من نسي ذنبك ، وذكر
إحسانك إليه ».
وقال : « أضعف الأعداء كيداً من أظهر
عداوته ».
وقال : « حسن الصورة جمال ظاهر ، وحسن
العقل جمال باطن ».
وقال : « أولى الناس بالمحبة منهم من
أملوه ».
وقال 7
: « من أنس بالله استوحش من الناس ، وعلامة الأنس بالله الوحشة من الناس ».
وقال 7
: « جعلت الخبائث في بيت ، والكذب مفاتيحها ».
وقال : « إذا نشطت القلوب فأودعوها ، وإذا
نفرت فودعوها ».
وقال : « أللحاق بمن ترجو خير من المقام
مع من لا تأمن شره ».
وقال : « الجهل خصم ، والحلم حكم ، ولم
يعرف راحة القلب
من لم يجرّعه
__________________
الحلم غصص الصبر
والغيظ ».
وقال : « من ركب ظهر الباطل نزل به دار
الندامة ».
وقال : « المقادير الغالبة لا تدفع
بالمغالبة ، والأرزاق المكتوبة لا تنال بالشره ، ولا تدفع بالإمساك عنها ».
وقال : « نائل الكريم يحبّبك إليه
ويقرّبك منه ، ونائل اللئيم يباعدك منه ويبغضك إليه ».
وقال : « من كان الورع سجيّته ، والكرم
طبيعته ، والحلم خلّته ، كثر صديقه والثناء عليه ، وانتصر من أعدائه بحسن الثناء
عليه » .
وقال جابر بن يزيد الجعفي : دخلت على
أبي جعفر الباقر 7
فقلت : أوصني يا ابن رسول ألله.
فقال : « ليعن قويكم ضعيفكم ، وليعطف
غنيكم على فقيركم ، وليساعد ذو الجاه منكم بجاهه من لاجاه له ، ولينصح الرجل أخاه
كنصحه لنفسه ، واكتموا أسراركم ، ولا تحملوا الناس على رقابنا ، وانظروا أمرنا وما
جاءكم عنا منه ، فإن وجدتموه موافقَ القرآن فهو من قولنا ، ومالم يكن موافقاً
للقرآن ، فقفوا عنده وردوه إلينا ، حتى نشرحه لكم كما شرح لنا ».
روى عبد الله بن سنان ، عن الصادق 7 ، أنه قال : « قال رسول الله 9 : أوحى الله إلى نبي من انبيائه : ابن
آدم ، اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي ، فلا أمحقك فيمن أمحق ، وإذا ظلمت بمظلمة
فارض بانتصاري لك ، فإن أنتصاري لك خير من انتصارك لنفسك.
واعلم أن الخلق الحسن يذيب السيئة كما
تذيب الشمس الجليد ، وأن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ».
وفي التوراة مكتوب : من يظلم يخرب بيته
، وفي الإنجيل : ظالمون لا فالحون ، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى : ( فتلك
بيوتهم خاوية بما ظلموا ) .
وقيل : إذا ظلمت من دونك عاقبك من فوقك.
__________________
وقال رسول الله 9 : « من ولي من أمور أمتي شيئاً فحسنت سيرته
، رزقه الله الهيبة في قلوبهم ، ومن بسط كفه إليهم بالمعروف ، رزقه الله المحبة
منهم ، ومن كفّ عن أموالهم وفّر الله ماله ، ومن أخذ للظلوم من الظالم كان معي في
الجنة مصاحباً ، ومن كثر عفوه مُدّ في عمره ، ومن عمّ عدله نصر على عدوه ، ومن خرج
من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، آنسه الله بغير أنيس ، وأعزه بغير عشيرة ، وأعانه
بغير مال ».
وقال 7
وآله : « إن الله يمهل الظالم حتى يقول : قد أهملني ، ثم يأخذه أخذة رابية ، إن
الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين فقال : (
فقطع دابر
القوم الذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين )
».
* * *
__________________
ومن
كلام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام
جاء في الحديث أن الحسن البصري كتب إلى
الحسن 7 : أما بعد ،
فإنكم ـ معاشر بني هاشم ـ الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، مصابيح الدجى ، وأعلام
الهدى ، والعروة الوثقى ، والأئمة القادة ، الذين من تبعهم نجا ، ومن تخلف عنهمهوى
، والسفينة التي بركوبها ينجو المؤمنون ، ويعتصم بها المستمسكون.
أما بعد : فقد كثر ـ يا ابن رسول الله ـ
عندنا الكلام في القضاء والقدر ، واختلافنا في الاستطاعة ، فتعلمنا ما ترى عليه
رأيك ورأي آبائك ، فإنكم ذرية بعضها من بعض ، من علم الله علمتم ، وهو الشاهد
عليكم ، وأنتم الشهداء على الناس ، والسلام.
فأجابه الحسن 7 : « أما بعد ، فقد انتهى إليَّ كتابك
عند حيرتك وحيرة من زعمت من اُمتنا ، وكيف ترجعون إلينا وأنتم بالقول دون الفعل!
واعلم أنه لولا ما انتهى إليّ من حيرتك وحيرة الاُمة قبلك ، لأمسكت عن الجواب ، ولكني
الناصح ابن الناصح الأمين.
واعلم أن الذي أنا عليه ، أنه من لم
يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر ، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد فجر ، إن
الله سبحانه لا يطاع بإكراه ولا يعصى بغلبة ، ولا أهمل العباد من الملكة ، ولكنه
عز وجل المالك لما ملكهم ، والقادر على ما عليه أقدرهم ، فإن ائتمروا بالمعصية
فشاء سبحانه أن يمن عليهم فيحول بينهم وبينها فعل ، فإنلم يفعل فليس هو الذي حملهم
عليها إجباراً ولا ألزمهم بها إكراهاً ، بل الحجة له عليهم أن عَرَّفهم ، وجعل لهم
السبل إلى فعل ما دعاهم إليه وترك ما نهاهم عنه ، ولله الحجة البالغة على جميع
خلقه ».
وروي أن عبد الملك بن مروان كتب إلى
الحجاج : تكتب إلى علماء أهل البصرة ، يكتبون إليك بما عندهم في القضاء والقدر ، فجاءته
منهم أربعة أجوبة : الجواب الأول من الحسن البصري : ليس عندي في ذلك شيء أبلغ من
قول علي 7 : « أيأمر
بالعدل ويخالفه! وينهى عن المنكر ويؤالفه! أفلا افْترى عليه من هو بهذا وأصفه!؟ »
الجواب الثاني من واصل بن عطاء : لا أجد
في ذلك كلاماً خيراً ممّا قاله علي بن أبي طالب : « أدلّك على الطريق ، ولزم عليك
المضيق! إن هذا بالحكمة لايليق ».
الجواب الثالث من عمرو بن عبيد قال : ليس
عندي شيء في ذلك أتم حكمة من قول علي بن أبي طالب : « إذا كان الوزر في الأصل
محتوماً ، كان الوازر في القصاص مظلوماً ».
الجواب ألرابع من عامر الشعبي قال : ليس
عندي شيء في ذلك أصوب منقول علي 7
: « ما استغفرته عليه فهو منك ، وما حمدته عليه فهو منه ، وما بكم من نعمة فمن
الله ، وما بكم من خيانة فبما كسبت أيديكم ، وما الله بظلام للعبيد ».
ويقول العبد الفقير إلى رحمة ربه
ورضوانه ، الحسن بن أبي الحسن ـ مملي ماذكرناه ـ أعانه الله على طاعته ، وتغمده
برأفته ورحمته : إن الله تعالى قال : ( ادخلوا في السلم كافة
) فهذا أمر منه بالدخول في باب الطاعة ، فكيف
يجوز في العدل والحكمة ، أن يأمرهم بدخولها وقد أغلقها عنهم؟ وما هذا إلا كمن أمر
العميان أن ينظروا إلى ألهلال ، والزّمن
أن يعدو ، والأصم أن يسمع خفي القول ، والله تعالى يقول انه لا يظلم العباد شيئاً
ولكن الناس أنفسهم يظلمون .
وقال سبحانه : (
وما ربك
بظلام للعبيد )
وروي أن طاووس اليماني دخل على جعفر بن
محمد الصادق 7 ، وكان
يعلمأنه يقول بالقدر ، فقال له : « يا طاووس ، من أقبلُ للعذر من الله ممن اعتذر
وهو صادق في اعتذاره؟ »
فقال : لا أحد أقبل للعذر منه.
فقال له : « من أصدق ممن قال : لا أقدر
وهو لا يقدر؟ »
فقال طاووس : لا أحد أصدق منه.
فقال له الصادق : « يا طاووس ، فما بال
من هو أقبل للعذر ، لا يقبل عذر منقال : لا أقدر ، وهو لا يقدر؟ »
فقام طاووس وهو يقول : ليس بيني وبين
الحق عداوة ، والله أعلم حيث يجعل
__________________
رسالاته ، فقد قبلت
نصيحتك .
وقال الصادق 7 لهشام بن الحكم : « ألا أعطيك جملة في
العدل والتوحيد؟
قال : بلى ، جعلت فداك.
قال : « من العدل أن لا تتّهمه ، ومن
التوحيد أن لا تتوهمه »
وروي عن أبي حنيفة أنه قال : أتيت
الصادق 7 لأسأله عن
مسائل فقيل لي : إنه نائم ، فجلست أنتظر انتباهه ، فرأيت غلاماً ـ خماسياً
أوسداسياً ـ جميل المنظر ، ذا هيبة وحسن سمت ، فسألت عنه ، فقالوا : هذا موسى بن
جعفر ، فسلّمت عليه وقلت له : يا ابن رسول الله ، ما تقول في أفعال العباد ، ممن
هي؟
فجلس ثم تربّع وجعل كمه الأيمن على
الأيسر وقال : « يا نعمان ، قد سألت فاسمع ، وإذا سمعت فعه ، وإذا وعيت فاعمل : إن
أفعال العباد لا تعدو من ثلاث خصال :
إمّا من الله على انفراده ، أو من الله
والعبد شركة ، أو من العبد بانفراده ، فإن كانت من الله على انفراده ، فما باله ـ سبحانه
ـ يعذب عبده على ما لم يفعله ، مع عدله ورحمته وحكمته! وإن كانت من الله والعبد
شركة ، فما بال الشريك القوي يعذّب شريكه على ما قد شركه فيه وأعانه عليه؟ » ثم
قال : « استحال الوجهان ، يا نعمان » فقال
: نعم
فقال له : « فلم يبق إلا أن يكون من العبد على
انفراده ، ثم أنشأ يقول :
لم تخل أفعالنا اللاتي نُذم بها
|
|
إحدى ثلاث خصال حين نبديها
|
إما تفرّد بارينا بصنعتها
|
|
فيسقط اللوم عنا حين نأتيها
|
أو كان يشركنا فيها فيلحقه
|
|
ما كان يلحقنا من لائم فيها
|
أولم يكن لإلهي في جنايتها
|
|
ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها »
|
__________________
وروي أن ابا الهذيل حضر عند أمير من أمراء البصرة ـ وكان
قدرياً ـ وقد أوتي بطرار
أسود أعور ، فقال له : كم يجب على هذا الطرار من سوط على طرارته؟قال له : ستون
سوطاً.
فقال الأمير : إنما يقول الفقهاء عشرون
سوطاً.
فقال : نعم ، عشرون سوطاً على طرارته ، وعشرون
سوطاً على عوره ، وعشرون على سواده.
فقال الأمير : كيف تضربه على سواده
وعوره؟ وقد خلقهما الله فيه ، وليسا من جنايته!
فقال له أبو الهذيل : وكذلك طرارته ، مخلوقة
فيه على مذهبك ، إذا ضربته عليها وهي من خلق الله فيه ، فكذلك تضربه على سواده
وعوره.
فقال الأمير : ما بيني وبين الحق عداوة.
ثم رجع عن القول بالجبر على القبيح ودان بالعدل.
وروي أن شخصاً من أهل الإيمان والعلم
وشى به رجل قدري إلى أمير من أمراء البصرة أيضا ـ وكان قدرياً ـ فقال له : إن هذا
لا يرى ما يراه أهل العلى من أن أفعال العباد من الحسن والقبح من الله ، فأحضره
الأمير وقال : إن هذا يقول فيك انك لا ترى أن العبد مجبور على فعل الحسن والقبيح.
فقال له المؤمن : أيها الأمير ، قد
جعلتك بيني وبينه حكماً ، ثم التفت إلى القدري فقال له : ما تقول في كلمة العدل
والإخلاص والتوحيد ، من قالها في الموحد؟ فقال : الله فقال : أصادق هو أم لا؟
فقال : بل صادق.
فقال له : فما تقول في كلمهّ الكفر
والإلحاد ، من قالها في الملحد؟
قال : الله على مذهبه.
__________________
فقال : أصادق هو أم كاذب؟
فالتفت الإمير إلى القدري فقال له : ويلك
إن قلت : صادق ، قتلتك ، وإنقلت : كاذب ، قتلتك. فخزي وانقطع ، ورجع الأمير عما
كان يعتقده ، وقال بالعدل.
وروي أنه كان رجل معتوه في بني عابد ، وكان
صبيانهم يرجمونه ليلاً ، فشكا ذلك إلى آبائهم ، فقالوا له : إنهم لم يرجموك وإنما
يرجمك الله ، فقال : كذبتم ، فإنهم يرجموني فيصيبوني تارة ، ويخطئوني أخرى ، ولو
رجمني الله ما أخطأني.
وكان رجل يجادل في القضاء والقدر أهله
فيقول : إن الله تعالى يقول : (
كلما أوقدوا
ناراً للحرب أطفأها الله )
فلو كان هو الموقد لما احتاج أن يطفئ وكان لا يوقد ، وقد أخبر سبحانه بأنهم هم
الموقدون ، فلا بد من تصديقه بذلك ، وبأنهم يوقدون وهو المطفئ.
* * *
__________________
من
كلام أمير المؤمنين عليه السلام
« ألا إن اللسان بضعة من الأنسان ، فلا
يسعده القول إذا امتنع ، ولا يمهله النطق إذا اتسع ، وإنا لأمراء الكلام ، وفينا
تنشبت عروقه ، وعلينا
تهدّلت غصونه. فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أنكم في زمانٍ القائل فيه بالحق قليل ، واللسان
عن الصدق كليل ، واللازم للحق ذليل ، أهله معتكفون على العصيان ، مصطلحون على
الإدهان ، فتاهم عارم ، وشائبهم آثم ، وعالمهم منافق ، وقارئهم مماذق ، لا يعظّم صغيرهم كبيرهم ، ولا يعول
غنيهم فقيرهم ».
وروى 7
قال : « قال رسول الله 9
: للمسلم على أخيه المسلم ثلاثون حقاً ، لا براءة له منها إلا بالأداء والعفو :
يغفر زلته ، ويرحم عبرته ، ويستر عورته
، ويقيل عثرته ، ويقبل معذرته ، ويرد غيبته ، ويديم نصيحته ، ويحفظ خلّته ، ويرعى
ذمته ، ويعود مرضته ، ويشهد ميتته ، ويجيب دعوته ، ويقبل هديته ، ويكافئ صلته ، ويشكر
نعمته ، ويحسن نصرته ، ويحفظ حليلته ، ويقضي حاجته ، ويشفع مسألته ، ويسمت عطسته ،
ويرشد ضالّته ، ويرد سلامه ، ويطيب كلامه ، ويبر إنعامه ، ويصدق أقسامه ، ويوالي
وليه ولا يعاديه ، وينصره ظالماً ومظلوماً ، فأمّا نصره ظالما فيردّه عن ظلمه ، وأما
نصره مظلوماً فيعينه على أخذ حقه ، ولا يسلمه ، ولا يخذله ، ويحب له من الخير ما
يحبه لنفسه ، ويكره له من الشر ما يكرهه لنفسه ».
ثم قال 7
: « سمعت رسول الله 9
يقول : إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئاً فيطالبه به يوم القيامة ، فيقضى له عليه
» .
وقال أمير المؤمنين 7 : « العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة
الغنى ، الصبر زينة البلاء ، التواضع زينة الحسب ، الفصاحة زينة الكلام ، العدل
زينة الإمارة ، السكينة زينة العباد ، الحفظ زينة الرواية ، خفض الجناح زينة الحلم
، بذل المجهود زينة
__________________
المعروف ، الخشوع
زينة الصلاة ، الإيثار زينة الزهد ، حسن الأدب زينة العقل ، بسط الوجه زينة الحكم
، ترك مالا يعني زينة الورع » .
وقال رسول الله 9 : « أعبد الناس من أقام الفرائض ، وأزهد
الناس من اجتنب المحارم ، وأسخى الناس من أدى زكاة ماله ، وأتقى الناس من قال الحق
فيما له وعليه ، وأعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه وكره لهم ما يكره لنفسه ،
وأكيس الناس من كان اشد الناس ذكراً للموت ، وأغبط الناس من كان في التراب في أمن
من العذاب يرجو الثواب ، وأغفل الناس من لم يتّعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال ، وأعظم
الناس في الدنيا خطراً من لم يجعل للدنيا عنده خطراً ، وأعلم الناس من جمع علم
الناس إلى علمه ، وأشجع الناس من غلب هواه ، وأكثر الناس قيمة أغزرهم علماً ، وأقل
[ الناس ]
لذة الحسود ، وأقل الناس راحة البخيل ، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عز وجل
عليه ، وأولى الناس بالحق أعلمهم به ، وأقل الناس حرمة الفاسق ، وأقل الناس وفاءً
الملوك ، وأفقر الناس الطَمِعُ ، وأغنى الناس من لم يكن للحرص أسيراً ، وأكرم
الناس أتقاهم ، وأعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه ، وأورع الناس من ترك المراء
وإن كان محقاً ، وأقلّ الناس مروءة من كان كاذباً ، وأمقت الناس المتكبّر ، وأشد
الناس اجتهاداً من ترك الذنوب ، وأسعد الناس من خالط كرام الناس ، وأغفل الناس
أشدّهم تهمة للناس ، وأولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة ، وأظلم الناس من قتل
غير قاتله أوضرب غير ضاربه ، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأحقّ الناس
بالذم السفيه المغتاب ، وأذلّ الناس من أهان الناس ، وأحزم الناس أكظمهم للغيض ، وأصلح
الناس أصلحهم للناس ، وخير الناس من انتفع به الناس » .
__________________
روي أن هذه الأبيات لأمير المؤمنين 7
تخذتكم درعاً حصيناً لتمنعوا
|
|
سهام العدى عنّي فكنتم نصالها
|
فإن أنتم لم تحفظوا لمودتي
|
|
ذماماً فكونوا لا عليها ولا لها
|
قفوا موقف المعذور عنّي بجانب
|
|
وخلوا نبالي للعدى ونبالها
|
* * *
__________________
من
كلام رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه خرج على أصحابه فقال : « أيها الناس
، اتقوا الله وارتحضوا
واستقيموا إليه ، فإن الإستقامة درجة بها كمال الأمور ونظامها ، وبوجودها حصول
الخيرات وتمامها ، ومن لم يكن مستقيماً في حالته ضلّ سعيه وخاب جهده ، قال الله
تعالى : واستقيموا إلى ربكم
وقال سبحانه : ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة
أنكاثاً )
وقال سبحانه
: ( ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم فتزلّ قدم بعد
ثبوتها وتذوقوا السوء )
واعلموا ـ عباد الله ـ انه من لم يكن مستقيماً في صفته ، لم يرتق من حاله إلى غيرها
، ولم يتبين سلوكه على صحته ».
وقال بعض آل محمد : : « أيّها الناس ، لا تخرجوا من عز
التقوى إلى ذل المعصية ، ولا من أنس الطاعة إلى وحشة الخطيئة ، ولا تسروا لإخوانكم
غشاً ، فإنه من أسرّ لأخيه المؤمن غشاً ، أظهره الله في صفحات وجهه وفلتات لسانه ،
فأورثه الله الخزي في الدنيا ، والعذاب والندامة في الآخرة ، فأصبح من الأخسرين
أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ».
ولقد أحسن من قال :
العين تعلم من عيني محدثها
|
|
إن كان من حزبها أو من معاديها
|
وقال آخر :
إذا القوم أخفوك الذي في صدورهم
|
|
من الغلّ أنبتك الوجوه العوابس
|
وقال آخر أبياتاً موعظة :
أيابن آدم لا تلهيك عافية
|
|
عليك مشمولة فالعمر معدود
|
ما أنت إلا كزرع عند حضرته
|
|
بكل شيء من الآفات مقصود
|
فإن سلمت من الآفات أجمعها
|
|
فأنت عند أوان الزرع محصود
|
__________________
لا يعجبنك ملكهم إذ مُلِكُوا
|
|
فالملك يفنى والنعيم يبيد
|
وإذا رأيت جنازة محمولة
|
|
فاعلم بأنك بعدها مفقود
|
روى عن أويس القرني ـ رحمة
الله عليه ـ قال لرجل سأله : كيف حالك؟فقال : كيف يكون حال من يصبح يقول : لا أمسي
، ويمسي يقول : لا أصبح ، يبشر بالجنة ولا يعمل عملها ، ويحذر النار ولا يترك ما
يوجبها ، والله إن الموت وغصصه وكرباته ، وذكر هول المطلع ، وأهوال يوم القيامة ، لم
تدع للمؤمن في الدنيا فرحاً ، وإن حقوق الله لم تبق لنا ذهباً ولا فضة ، وإن قيام
المؤمن بالحق في الناس لم يدع له صديقاً ، نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر ، فيشتمون
أعراضنا ويرمونا بالجرائم والمعائب والعظائم ، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين
إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله.
ولقد صدق ;
في قوله ، فإنه كان ولياً لله ، ولا تصح ولاية الله ورضى الناس ، فإن وليّ الله لا
يداهن ولا ينافق ولا يراقب ولا تأخذه في الله لومة لائم ، وقل أن يبقى مع هذا له
صديق ، بل لا أهل ولا ولد.
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
، الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أعانه الله على طاعته ، وتغمده برأفته ورحمته ، ممل
هذا الكلام المقدم : إن أعظم عرى الإيمان وأوثقها الموالاة في الله تعالى ، والمعاداة
فيه جل وعز ، دلّ على ذلك قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا
لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تُلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) .
وقال سبحانه : ( ولو كانوا
يؤمنون بالله والنبي وما اُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء
) .
وقال سبحانه : ( يا أيها
الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم
) .
وقال سبحانه : ( لاتجد
قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم
أو إخوانهم أوعشيرتهم ... أولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون
)
__________________
يقسم بالله ـ جل جلاله ـ مملي هذا
الكتاب : إن أوثق وأنجح ما توخيته فيما بيني وبين الله عز وجل ، بعد المعرفة
والولاية هذا المعنى ، ولقد فعل الله تعالى معي به كل خير ، وإن كان أكسبني
العداوة من الناس ، فقد ألبسني ثوب الولاية لله تعالى ، لأن الله تعالى علم مني
مراعاة هذا الأمر صغيراً وكبيراً ، وما عرّفني به معرفة صحيحة غير والدي ; فإنه قال لي يوماً من الأيام : يا ولدي
، أنت تريد الأشياء بيضاء نقية خالية من الغش من كل الناس ، وهذا أمر ما صحّ منهم
لله ، ولا لرسوله ، ولا لأمير المؤمنين ، ولا لأولاده الأئمة : ، ولا لأولياء الله كافة عليه وعليهم السلام
، فإذاً تعيش فريداً وحيداً غريباً فقيراً ، وكان الأمر كما قال ، ولست بحمد الله بندمان
على ما فات ، حيث كان في ذلك حفاظ جنب الله تعالى ، وكفى به حسيباً ونصيراً.
* * *
وصية
لقمان لولده
قال له : يا بني ، أقم الصلاة ، فإنما
مثلها في دين الله كمثل عمود الفسطاط ، فإن العمود استقام نفعت الأطناب والأوتاد
والظلال ، وإن لم يستقم لم ينفع وتد ولاطنب ولا ظلال.
أي بني ، صاحب العلماء ، وجالسهم وزُرهم
في بيوتهم ، لعلك أن تشبههم فتكون منهم.
إعلم يا بني ، إني قد ذقت الصبر وأنواع
المر ، فلم أجد أمرّ من الفقر ، فإذا افتقرت يوماً فاجعل فقرك بينك وبين الله ، ولا
تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم ، ثمسل في الناس : هل من أحد وثق بالله فلم ينجه!؟
يا بني ، توكل على الله ، ثم سل في
الناس : من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه!؟
يا بني ، أحسن الظن بالله ، ثم سل في
الناس : من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به!؟
يا بني ، من يرد رضوان الله يسخط نفسه
كثيراً ، ومن لا يسخط نفسه لا يرضي ربه ، ومن لا يكظم غيضه يشمت عدوه.
يا بني ، تعلّم الحكمة تشرف بها ، فإن
الحكمة تدلّ على الدّين ، وتشرّف العبد على الحر ، وترفع المسكين على الغنيّ ، وتقدم
الصغير على الكبير ، وتجلس المسكين مجالس الملوك ، وتزيد الشريف شرفاً ، والسيد سؤوداً ، والغني مجداً
، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيّأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة؟ ولن يهيّىء الله عز وجل أمر الدنيا والآخرة إلا
بالحكمة ، ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بغير نفس ، ومثل الصعيد بغير ماء ، ولا
صلاح للجسد بغير نفس ، ولا للصعيد بغير ماء ، ولا للحكمة بغير طاعة .
قال كعب الأحبار : مكتوب في التوراة :
__________________
يا موسى ، من أحبني لم ينسني ، ومن رجا
معروفي ألَحَّ في مسألتي.
يا موسى ، إني لست بغافل عن خلتي ، ولكن
أحب أن تسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي ، وترى حفظتي تقرب بني آدم إليَّ ، بما
أنا مقويهم عليه ومسببه لهم.
يا موسى ، قل لبني إسرائيل : لا تبطر
بكم النعمة فيعاجلكم السلب ، ولا تغفلوا عن الشكر فينازعكم الذل ، وألحوا في
الدعاء تشملكم الرحمة بالإجابة وتهنئكم العافية.
وروي في زبور داود يقول الله تعالى : يابن
آدم ، تسألني فأمنعك لعلمي بما ينفعك ، ثم تلح علي بالمسألة فأعطيك ما سألت ، فتستعين
به على معصيتي ، فأهم بهتك سترك فتدعوني أستر عليك ، فكم من جميل أصنع معك ، وكم
قبيح تصنع معي؟ ويوشك أن أغضب عليك غضبة لا أرضى بعدها أبداً.
ومن الإنجيل : لا تدينوا وأنتم خطاة ، فيدان
منكم بالعذاب.
لا تحكموا بالجور فيحكم عليكم بالعذاب ،
بالمكيال الذي تكيلون يكال لكم ، بالحكم الذي تحكمون يحكم عليكم.
ومن الإنجيل أيضاً : إحذروا الكذابة
الذين يأتونكم بلباس الحملان
، وهم في الحقيقة ذئاب خاطفة ، من ثمارهم تعرفونهم ، لا يمكن الشجرة الطيبة أن
تثمر ثماراً رديئة ، ولا الشجرة الرديئة أن تثمر ثماراً صالحة.
وروي عن علي بن الحسين : أنه دخل المسجد
الحرام ، فرأى الحسن البصري وحوله جماعة من الناس وهو يعظهم ، وكان يعرف منه أن
يرى رأي المعتزلة في تخليد من يعمل ذنباً كبيراً في النار ، فقال له علي بن الحسين
: « يا هذا ، أنت على حال ترضى لنفسك معها الموت؟ »
فقال له : لا
فقال : « فأنت على ثقة من البقاء لوقت
تدرك فيه التوبة؟ »
فقال : لا.
فقال له : « أفعند الموت نظرة؟ »
فقال له : لا
__________________
فقال له : « أفبعد الموت عمل؟ »
فقال : لا
فقال : « فعظ نفسك ، ودع الناس يطوفوا
بهذا البيت الذي قد جاؤوا إليه من كل فج عميق ».
وقال رجل لعبد الملك بن مروان : اُناظرك
وأنا آمن؟ قال : نعم ، فقال له : أخبرني عن هذا الأمر الذي صار إليك ، أبنص من
الله ورسوله؟ قال : لا.
قال : فاجتمعت الأمة فتراضوا بك؟ فقال :
لا
قال : فكانت لك بيعة في أعناقهم فوفوا
بها؟ قال : لا
قال : فاختارك أهل الشورى؟ قال : لا
قال : أفليس قد قهرتهم على أمرهم ، واستأثرت
بفيئهم دونهم؟ قال : بلى
قال : فبأي شيء سميت أمير المؤمنين ، ولم
يؤمرك الله ولا رسوله ولا المسلمون؟
قال له : اُخرج عن بلادي وإلا قتلتك.
قال : ليس هذا جواب أهل العدل والإنصاف
، ثم خرج.
وروي أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى
عامله بخراسان : أن أوفد إليَّ من علماء بلادك مائة رجل ، أسألهم عن سيرتك ، فجمعهم
وقال لهم ذلك ، فاعتذروا وقالوا : إن لنا عيالاً وأشغالاً لا يمكننا مفارقتها ، وعدله لا يقتضي إجبارنا ، ولكن قد أجمعنا
على رجل منا ، يكون عوضنا عنده ، ولساننا لديه ، فقوله قولنا ، ورأيه رأينا ، فأوفد
به العامل إليه.
فلما دخل عليه سالم وجلس ، فقال له : أخلِ
لي المجلس ، فقال له : ولم ذلك؟ وأنت لا تخلو أن تقول حقاً فيصدقوك ، أو تقول
باطلاً فيردوك ، فقال له : ليس من أجلي اُريد خلو المجلس ولكن من أجلك ، فإنّي
أخاف أن يدور بيننا كلام تكره سماعه.
فأمر بإخراج أهل المجلس ثم قال له : قل
، فقال : أخبرني عن هذا الأمر من أين صار إليك؟ فسكت طويلاً فقال له : ألا تقول؟
فقال : لا ، فقال : ولم؟ فقال له : إنقلت : بنص من الله ورسوله كان كذباً ، وإن
قلت : باجماع من المسلمين قلتَ : فنحن أهل بلاد المشرق ، ولم نعلم بذلك ولم نجمع
عليه ، وإن قلت : بالميراث من آبائي ،
__________________
قلتَ : بنو أبيك
كثير ، فلم تفردت أنت به دونهم؟
فقال له : الحمد لله على اعترافك على
نفسك بالحق لغيرك ، فأرجع إلى بلادي فقال : لا ، فو الله إنك لواعظ فظ. فقال له : فقل
ما عندك بعد ذلك ، فقال له : رأيت أن من تقدمني ظلم وغشم وجار واستأثر بفيء
المسلمين ، وعلمت من نفسي أني لا أستحل ذلك ، وأن المؤونة بولايتي تكون أنقص وأخف
عليهم فوليت ، فقال له : أخبرني ، لو لمتلي هذا الأمر ، ووليه غيرك وفعل ما فعل من
كان قبله ، اكان يلزمك من إثمه شيء؟
فقال : لا ، فقال له : فأراك قد شريت
راحة غيرك بتعبك ، وسلامته بخطرك ، فقال له : والله إنك لواعظ فظ ، فقام ليخرج ثم
قال له : والله ، لقد هلك أولنا بأولكم ، وأوسطنا بأوسطكم ، وسيهلك اخرنا بآخركم ،
والله المستعان عليكم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
* * *
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
، الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أعانه الله على طاعته ، وتغمده برأفته ورحمته : إنني
حيث سمعت عن النبي 9
يقول : « من حفظ عني أربعين حديثاً حشره الله مع النبيين؟ الصديقين والشهداء
والصالحين وحسن اُولئك رفيقا » رغبني ذاك أن أحفظ مائة وأربعين حديثاً ، أولها
الأربعون حديثاً التي رواها ابن ودعان
، بحذف الإسناد المذكور في كتب الأحاديث.
الحديث
الأول عن أنس بن مالك قال : خطبنا رسول الله 9 على ناقته العضباء فقال :
« أيها الناس ، كأنّ الموت فيها على
غيرنا كتب ، وكأنّ الحق على غيرنا وجب ، وكأن الذين نشيع من الأموات سفر عمّا قليل
إلينا راجعون ، نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم ، كأنا مخلّدون بعدهم ، قد نسينا كلّ
واعظة ، وأمِنّا كل جائحة
، طوبى لمن أنفق ما اكتسبه من غير معصية ، وجالس أهل الفقه والحكمة ، وخالط أهل الذلة والمسكنة ، طوبى لمن ذلت
نفسه ، وحسنت خليقته ، وصلحت سريرته ، وعزل عن الناس شره ، طوبى لمن أنفق الفضل من
ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، ووسعته السنّة ولم تستهوه البدعة » .
الثاني
: عن خليفة بن الحصين قال : سمعت قيس بن عاصم
المنقري يقول : قدمت على رسول الله 9
، في وفد من جماعة بني تميم ، فقال لي :
__________________
« اغتسل بماء وسدر » ففعلت ثم عدت إليه ، وقلت :
يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها. فقال : « يا قيس ، إن مع العز ذلاً ، وإن مع
الحياة موتاً ، وإن مع الدنيا آخرة ، وان لكلّ شيء حسيباً ، وعلى كل شيء رقيباً ، وإن
لكل حسنة ثواباً ، ولكلّ سيئة عقابا ، وإن لكل أجل كتاباً.
وإنه ـ يا قيس ـ لابد لك من قرين ، يدفن
معك وهو حيُّ وتدفن معه وأنت ميت ، فإن كان كريماً أكرمك ، وإن كان لئيماً أسلمك ،
ثم لا يجشر إلا معك ، ولا تحشر إلا معه ، ولا تسأل إلا عنه ، ولا تبعث إلا معه ، فلا
تجعله إلا صالحاً ، فإنه [ إن ]
كان صالحاً لم تأنس إلا به ، وإن كان فاحشاً لم تستوحش إلا منه وهو عملك ».
فقال قيس : يا رسول الله ، لو نظم هذا
شراً لا فتخرنا به على من يلينا من العرب ، فقال رجل من أصحابه ، يقال له الصلصال : قد حضر فيه شيء يا رسول الله ، أفتأذن
لي بإنشاده ، فقال : « نعم » فأنشأ يقول :
تخير قريناَ من فعالك إنما
|
|
قرين الفتى في القبر ما كان يفعلُ
|
فلابدّ للأنسان من أن يعدّه
|
|
ليوم ينادي المرء فيه فيقبلُ
|
فإن كنت مشغولاً بشيء فلاتكن
|
|
بغير الذي تُرضي به الله تشغلُ
|
فما يصحب الإنسان من بعد موته
|
|
ومن قبله إلا الذي كان يعل
|
ألا إنما الإنسان ضيف لأهله
|
|
يقيم قليلاً عندهم ثم يرحل
|
وقال العبد الفقير إلى رحمة
ربه ورضوانه ، الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أعانه الله على طاعته ، وتغمده برأفته
ورحمته ، مُملّ هذه الأحاديث النبوية في المعنى :
تخير قريناً من فعالك صالحاً
|
|
يعنك على هول القيامة والقبر
|
ويسعى به نوراً لديك ورحمة
|
|
تعمّك يوم الروع في عرصة الحشر
|
وتأتي به يوم التغابن آمناً
|
|
أمانك في يمناك من روعة النشر
|
فما يصحب الإنسان من جلّ ماله
|
|
سوى صالح الأعمال أوخالص البر
|
__________________
بهذا أتى التنزيل في كل سورة
|
|
يفصّلها رب الخلائق في الذكر
|
وفي سنّة المبعوث للناس رحمة
|
|
سلام عليه بالعشي وفي الفجر
|
حديث رواه ابن الحصين خليفة
|
|
يحدثه قيس بن عاصم ذو الوفر
|
يجوز في النحو عند الكوفيين
ترك صرف مالا ينصرف ذو الوفر .
الحديث
الثالث : عن أبي الدرداء قال : خطبنا رسول الله 9 يوم جمعة ، فقال : « يا أيها الناس ، توبوا
إلى الله قبل أن تموتوا ، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا ، وأصلحوا الذي
بينكم وبين ربكم تسعدوا ، وأكثروا من الصدقة ترزقوا ، وَأمروا بالمعروف تحصّنوا ، وانهوا
عن المنكر تنصروا.
يا أيها الناس ، إن أكيسكم أكثركم ذكراً
للموت ، وإن أحزمكم أحسنكم استعداداً له ، ألا وإن من علامات العقل التجافي عن دار
الغرور ، والإنابة إلى دارالخلود ، والتزوّد لسكنى القبور ، والتأهب ليوم النشور »
.
الرابع
: عن ابن عباس 2 قال : سمعت رسول الله 9 ، يقول في خطبته : « أيها الناس ، إن
لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، إنّ المؤمن
بين مخافتين : يوم قد مضى لا يدري ما الله قاض فيه ، ويوم قد بقى لا يدري ما الله
صانع به ، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه ، ومن دنياه لآخرته ، ومنشبابه لهرمه ، ومن
صحّته لسقمه ، ومن حياته لوفاته ، فو الذي نفسي بيده ، ما بعد الموتمن مستعتب ، ولا
بعد الدنيا من دار إلا الجنة أوالنار » .
الحديث
الخامس : عن أبي سعيد الخدري قال : خطبنا رسول
الله 9 قال في
خطبته : « لا عيش إلا لعالم ناطق ، أومستمع واع.
أيها الناس ، إنكم في زمان هدنة ، وإن
السير بكم سريع ، وقد رأيتم الليل والنهار ، كيف يبليان كل جديد! ويقربان كل بعيد!
ويأتيان بكل موعود! »
فقال له المقداد : يا نبي الله ، وما
الهدنة؟
فقال : « دار بلاء وانقطاع ، فإذا
التبست عليكم الاُمور كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع ، وصادق
مصدّق ، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ،
__________________
ومن جعله خلفه ساقه
إلى النار ، وهو أوضح دليل إلى خير سبيل ، من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن
حكم به عدل » .
الحديث
السادس : عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول
الله 9 : « لا يكمل
عبد الإيمان بالله حتى تكون فيه خمس خصال : التوكل على الله ، والتفويض إلى الله ،
والتسليم لأمر الله ، والرضا بقضاء الله ، والصبر على بلاء الله ، إنه من أحبّ في
الله ، وأبغض في الله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان » .
الحديث
السابع : عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله 9 يقول في خطبته : « أيها الناس ، إن
العبد لا يكتب من المسلمين حتى يسلم الناس من يده ولسانه ولا ينال درجة المؤمنين
حتى يأمن أخوه بوائقه
، وجاره بوادره
، ولا يعدّ من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذار ما به الباس .
أيها الناس ، إنه من خاف البيات أدلج ، ومن أدلج المسير وصل ، وإنّما تعرفون
عواقب أعمالكم لو قد طويت صحائف آجالكم.
أيها الناس ، إن نية المؤمن خير من عمله
، ونية الفاسق شر من عمله » .
الحديث
الثامن : عن ابن عباس 2 قال : قال رسول الله 9 : « من انقطع إلى الله كفاه كل مؤونة ،
ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ، ومن حاول أمراً بمعصية الله كان أبعد له
ممّا رجا وأقرب مما أبقى ، ومن طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده منهم ذاماً
، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم ، ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله
شرهم ، ومن أحسن ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن أحسن
سريرته أصلح الله علانيته ، ومن عمل لآخرته كفاه
__________________
الله أمر دنياه » .
التاسع
: عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول
الله 6 : رحم الله
عبداً تكلم فغنم ، أو سكت فسلم ، إنّ اللسان أملك شيء للانسان ، ألا وإن كلام
العبد كله عليه ، إلا ذكر الله تعالى ، أو أمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، أو إصلاح
بين مؤمنين ».
فقال له معاذ بن جبل : يا رسول الله ، أنؤاخذ
بما نتكلم به؟
فقال : « وهل تكب الناس على مناخرهم فى
النار إلا حصائد ألسنتهم! فمن أراد السلامة فليحفظ ما جرى به لسانه ، ويحرس ما
انطوى عليه جنانه ، ويحسن عمله ، وليقصر أمله ».
ثم لم يمض إلا أيام حتى نزلت هذه الآية ( لا خير في كثير من نجواهم الا مَن أمر بصدقة أو
معروف أو إصلاح بين الناس )
.
الحديث العاشر : عن أبي موسى الأشعري
قال : قال رسول الله 9
: « لا تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن ، فعليها يبلغ الخير ، وبها ينجو من الشر ،
إنه إذا قال العبد : لعن الله الدنيا ، قالت الدنيا : لعن الله أعصانا لربه ».
فأخذ الشريف الرضي هذا المعنى فنظمه
بيتاً :
يقولون الزمان به فساد
|
|
فهم فسدوا وما فسد الزمان
|
الحديث
الحادي عشر : عن ابن عباس قال : قال
رسول الله 9 « أكثروا من
ذكر هادم اللذات ، فإنكم إن كنتم في ضيق وسعه عليكم ، فرضيتم به فأجرتم ، وإن كنتم
في غنىً بغضه إليكم فجدتم به فأثبتم ، إن المنايا قاطعات الآمال ، والليالي مدنيات
الآجال .....
لا يدري لعله لا يصل إليه ، إن العبد عند خروج نفسه وحلول رمسه ، يرى جزاء ما قدم
، وقلّة غناء ما خلف ، ولعله من حق منعه ، ومن
__________________
باطل جمعه » .
الحديث
الثاني عشر : عن ابن عباس 2 قال : قال رسول الله 6 : « أيها الناس ، إن الرزق مقسوم ، لن
يعدوا امرؤ ما قسم له ، فأجملوا في الطلب ، وإنّ العمر محدود ، لن يتجاوز أحد ما
قدّر له ، فبادروا قبل نفاذ الأجل ، والأعمال محصية » .
قال السيد : الوجه في محصاة لن يهمل
منها صغيرة ولا كبيرة ، فأكثروا من صالح العمل.
« أيها الناس ، إن في القنوع لسعة ، وإن
في الإقتصاد لبلغة ، وإن في الزهد لراحة ، وإن لكل عمل جزاء ، وكل آت قريب ».
الحديث
الثالث عشر : عن أنس بن مالك قال
: سمعت رسول الله 6
يقول في بعض خطبه أو مواعظه : « أما رأيتم المأخوذين على الغرّة ، والمزعجين بعد
الطمأنينة!؟ الذين أقاموا على الشبهات ، وجنحوا إلى الشهوات ، حتى أتتهم رسل ربهم
، فلا ما كانوا أضلوا أدركوا ، ولا إلى ما فاتهم رجعوا ، قدموا على ما عملوا ، وندموا
على ما خلفوا ، ولن يغني الندم ، وقد جفّ القلم ، فرحم الله امرءاً قدّم خيراً ، وأنفق
قصداً ، وقال صدقاً ، وملك دواعي شهوته ولم تملكه ، وعصى أمر نفسه فلم تهلكه » .
الحديث
الرابع عشر : عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله 6 : « أيها
الناس ، لا تعطوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ، ولا
تعاقبوا ظالماً فيبطل فضلكم ، ولا تراؤا الناس فيحبط عملكم ، ولا تمنعوا الموجود فيقلّ
خيركم.
أيها الناس ، إنّ الأشياء ثلاثة : أمر
استبان رشده فاتّبعوه ، وأمر استبان غيّه فاجتنبوه ، وأمر اختلف عليكم فردّوه إلى
الله.
أيها الناس ، ألا اُنبئكم بأمرين ، خفيف
مؤنتهما ، عظيم أجرهما ، لم يلق الله
__________________
بمثلهما : طول الصمت
، وحسن الخلق » .
الحديث
الخامس عشر : عن ابن عمر قال : خطبنا
رسول الله 6 خطبة ، ذرفت
منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فكان ممّا ضبطت منها :
« أيها الناس ، إن أفضل الناس من تواضع
عن رفعة ، وزهد عن غُنية ، وأنصف عن قوة ، وحلم عن قدرة ، ألا وإن أفضل الناس عبد
أخذ من الدنيا الكفاف ، وصاحب فيها العفاف ، وتزوّد للرحيلَ ، وتأهب للمسير ، ألا
وإنّ أعقل الناس عبد عرف ربه فأطاعه ، وعرف عدوه فعصاه ، وعرف دار إقامته فأصلحها
، وعرف سرعة رحيله فتزوّد لها ، ألا وإنّ خير الزاد ما صحبه التقوى ، وخير العمل
ما تقدّمته النية ، وأعلى الناس منزلة عند الله أخوفهم منه » .
الحديث
السادس عشر : عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله 6 : « إنما
يؤتى الناس يوم القيامة من إحدى ثلاث : إما من شبهة في الدين ارتكبوها ، أو لشهوة
للذة آثروها ، أوعصبية لِحَمِيَّةٍ أعملوها ، فإذا لاحت لكم شبهة في الدين فاجلوها
باليقين ، وإذا عرضت لكم شهوة فاقمعوها بالزهد ، وإذا عَنَّت لكم غضبة فادروها
بالعفو ، إنه ينادي مناد يوم القيامة : من كان له على الله أجر فليقم ، فلا يقوم إلا
العافون ، ألم تسمعوا قوله تعالى ( فمن عفا وأصلح فأجره
على الله )
» .
السابع
عشر : قال عبد الله بن مسعود : قال رسول الله 9 : « قال الله تعالى : ابن آدم ، يؤتى
كل يوم برزقك وأنت تحزن ، وينقص كل يوم من عمرك وأنت تفرح ، أنت فيما يكفيك ، وتطلب
ما يطغيك
، لا بقليل تقنع ، ولا من كثير تشبع » .
الحديث
الثامن عشر : عن أبي هريرة قال : بينا
رسول الله 9 جالس ، إذ
رأيناه ضاحكاً حتى بدت ثناياه ، فقلنا : يا رسول الله ، ممّا ضحكت؟
__________________
فقال : « رجلان من أمتي ، جثيا بين يدي
ربي ، فقال أحدهما : يا رب ، خذلي بمظلمتي من أخي. فقال الله تعالى : أعط أخاك
مظلمته ، فقال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء ، فقال : يا رب ، فليحمل عنّي من أوزاري ».
ثم فاضت عينا رسول الله 9 ، وقال : « إن ذلك اليوم ليوم يحتاج
الناس فيه إلى من يحمل عنهم من أوزارهم.
ثم قال الله تعالى للطالب بحقه : ارفع
بصرك إلى الجنة ، فانظر ماذا ترى؟ فرفع رأسه ، فرأى ما أعجبه من الخير والنعمة ، فقال
: يا رب ، لمن هذا؟ فقال : لمن أعطاني ثمنه ، فقال : يا رب ، ومن يملك ثمن ذلك؟
فقال : أنت ، فقال : كيف لي بذلك؟فقال : بعفوك عن أخيك. فقال : يا رب ، قد عفوت
فقال الله تعالى : فخذ بيد أخيك فادخلا الجنة. ثم قال رسول الله : فاتقوا الله
وأصلحوا ذات بينكم » .
التاسع
عشر : عن أنس بن مالك قال : قالوا : يا رسول
الله 9 من أولياء
الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون؟ فقال : « الذين نظروا إلى باطن الدنيا ، حين
نظر الناس إلى ظاهرها ، فاهتمّوا بآجلها حين اهتم الناس بعاجلها ، فأماتوا منها ما
خشوا أن يميتهم ، وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم ، فما عرض لهم منها عارض إلا
رفضوه ، ولا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه ، أخلقت الدنيا عندهم فما يجدّدونها
، وخربت بينهم فما يعمرونها ، وماتت في صدورهم فما يحيونها ، بل يهدمونها فيبنون
بها آخرتهم ، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ، نظروا إلى أهلها صرعى قد
حلّتبهم المثلات ، فما يرون أماناً دون ما يرجون ، ولا خوفاً دون ما يجدون » .
الحديث
العشرون : عن أبي هريرة قال : سمعت
رسول الله 9 ، يقول « إنما
انتم خلفُ ماضين ، وبقية متقدمين ، كانوا اكثر منكم بسطة ، وأعظم سطوة ، فازعجوا
عنها أسكن ما كانوا إليها ، وغدرت بهم وأُخرجوا منها أوثق ما كانوا بها ، فلم
يمنعهم قوة عشيرة ، ولا قُبل منهم بذل فدية ، فارحلوا انفسكم بزاد مبلّغ قبل أن تؤخذوا
على فجأة وقد غفلتم عن الإستعداد » .
__________________
الحادي
والعشرون : عن سالم بن عبد الله
، عن ابن عمر قال : قال لي رسول الله 9
: « كن في الدنيا كأنك غريب أوعابر سبيل ، واعدد نفسك في الموتى ، وإذا أصبحت فلا
تحدّث نفسك بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصباح ، وخذمن صحتك لسقمك ، ومن
شبابك لهرمك ، ومن حياتك لوفاتك ، فإنك لا تدري ما اسمك غداً » .
الثاني
والعشرون : عن ابن عباس قال : قال
رسول الله 6 في بعض خطبه
أو مواعظه : « أيها الناس ، لا تشغلنكم دنياكم عن آخرتكم ، فلا تؤثروا أهواءكم على
طاعة ربكم ، ولا تجعلوا إيمانكم ذريعة إلى معاصيكم ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن
تحاسبوا ، ومهّدوا لها قبل أن تعذّبوا ، وتزودوا للرحيل قبل أن تزعجوا ، فإنما
هوموقف عدل ، واقتضاء حق ، وسؤال عن واجب ، وقد أبلغ في الإعذار من تقدّم بالإنذار
» .
الثالث
والعشرون : عن أبي سعيد الخدري
قال : سمعت رسول الله 6
يقول ـ عند منصرفه من اُحد ، والناس محدقون به ، وقد أسند ظهره ، إلى طلحة ـ : « أيها
الناس ، أقبلوا على ما كلّفتموه
من إصلاح اخرتكم ، واعرضوا عمّا
ضمن لكم من دنياكم ، ولا تستعملوا جوارحاً غُذّيت بنعمته في التعرض لسخطه بمعصيته ، واجعلوا شغلكم في التماس مغفرته ، واصرفوا
همتكم بالتقرب إلى طاعته ، إنهمن بدأ بنصيبه من الدنيا فاته نصيبه من الآخرة ، ولم
يدرك منها ما يريد ، ومن بدأ بنصيبه من الآخرة وصل إليه من الدنيا » .
الرابع
والعشرون : عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله 6 : « إياكم
وفضول المطعم ، فإنه يسم القلب بالقسوة ، ويبطئ بالجوارح عن الطاعة ، ويصم الهمم
عن سماع الموعظة ، وإياكم وفضول النظر ، فإنه يبذر الهوى ،
__________________
ويولد الغفلة ، وإياكم
واستشعار الطمع ، فإنه يشوب القلب شدّة الحرص ، ويختم على القلوب بطبائع حب الدنيا
، وهو مفتاح كل سيئة ، ورأس كل خطيئة ، وسبب إحباط كل حسنة » .
الخامس
والعشرون : عن عبد الله بن عمر
قال : سمعت رسول الله 6
يقول : « إنما هو خير يرجى ، أو شر يتقى ، أو باطل عُرف فاجتنب ، أو حق تيقن فطلب
، وآخرة أظلّ إقبالها فسُعي لها ، ودنيا عرف نفادها فأعرض عنها ، وكيف يعمل للآخرة
، من لا تنقطع من الدنيا رغبته ، ولا تنقضي فيها شهوته ، إن العجب كل العجب لمن
صدّق بدار البقاء ، وهو يسعى لدار الفناء! وعرف أنّ رضى الله في طاعته ، وهو يسعى
في مخالفته! » .
السادس
والعشرون : عن أبي أيوب
الأنصاري قال : سمعت رسول الله 6
يقول : « حَلّوا أنفسكم الطاعة ، وألبسوها قناع المخافة ، واجعلوا آخرتكم لأنفسكم
، وسعيكم لمستقركم ، واعلموا أنكم عن قليل راحلون ، وإلى الله صائرون ، ولا يغني
عنكم هنالك إلا صالح عمل قدمتموه ، وحسن ثواب أحرزتموه ، فإنكم إنما تقدمون على ما
قدّمتم ، وتجازون على ما أسلفتم ، فلا تخد عنّكم زخارف دنيا دنية ، عن مراتب جنات
عَلِيّة ، فكأن قد انكشف القناع ، وارتفع الإرتياب ، ولاقىّ كل أمريء مستقره ، وعرف
مثواه ومنقلبه » .
السابع
والعشرون : عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله 6 ـ في خطبة ـ
: « لا تكونوا ممن خدعته العاجلة ، وغرته الاُمنية ، فاستهوته الخدعة ، فركن إلى
دار سوء ، سريعة الزوال وشيكة الانتقال ، إنه لم يبق من دنياكم هذه في جنب ما مضى
إلا كإناخة راكب ، أو صّر حالب
، فعلام تعرجون ، وماذا تنتظرون ، فكأنكم ـ والله ـ وما أصبحتم فيه من الدنيا لم
يكن ، وما تصيرون إليه من الآخرة لم يزل ، فخذوا الاُهبة لأزوف النقلة ، وأعدّوا الزاد لقرب الرحلة ، واعلموا
أنّ كل
__________________
أمرىء ما قدّم قادم
، وعلى ما خلّف نادم » .
الحديث
الثامن والعشرون : عن عبد الله بن عباس
قال : سمعت رسول الله 9
يقول : « أيها الناس ، بسيط الأمل متقدم حلول الأجل ، والمعاد مضمار العمق ، فمغتبط
بما احتقب غانم ، ومبتئس بما فاته نادم.
أيها الناس ، إن الطمع فقر ، واليأس غنى
، والقناعة راحة ، والعزلة عبادة ، والعمل كنز ، والدنيا معدن ، والله ما يساوى ما
مضى من دنياكم هذه بأهداب بُردي هذا ، ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء
، وكلّ إلى بقاء وشيك وزوال قريب ، فبادروا العمل وأنتم في مهل الأنفاس ، وجدّة
الأحلاس
، قبل أن تؤخذوا بالكظم
فلا ينفع الندم » .
التاسع
والعشرون : عن عبد الله بن عمر
قال : سمعت رسول الله 9
يقول : « تكون أمتي في الدنيا ثلاثة أطباق :
أما الطبق الأول : فلا يحبّون جمع المال
وادخاره ، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره ، وإنما رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر
عورة ، وغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة ، فأولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون.
وأما الطبق الثاني : فإنّهم يحبّون جمع
المال من أطيب وجوهه وأحسن سبله ، يصلون به أرحامهم ، ويبرّون به إخوانهم ، ويواسون
به فقراءهم ، ولعضُّ أحدهم على الرضف
، أيسر عليه من أن يكتسب درهماً من غير حلّه ، أويمنعه من حقه أن يكون له خازناً
إلى حين موته ، فأولئك الذين إن نوقشوا عذّبوا ، وإن عفي عنهم سلموا.
وأما الطبق الثالث : فإنهم يحبٌون جمع
المال ممّا حلّ وحرم ، ومنعه ممّا افترض ووجب ، إن أنفقوه أنفقوا إسرافاً وبداراً
، وإن امسكوه أمسكوا بخلاً واحتكاراً ، اُولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم ، حتى
أوردتهم النار بذنوبهم » .
__________________
الثلاثون
: عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله 9 : « إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس
بسخط الله تعالى ، وأن تحمدهم على رزق الله تعالى ، وأن تذمّهم على مالم يؤتك الله
، إن رزق الله لا يجرّه حرص حريص ، ولا يردّه كراهة كاره ، إن الله ـ تبارك اسمه ـ
بحكمته جعل الروح والفرح في الرضا واليقين ، وجعل الهمّ والحزن في الشك والسخط ، إنك
إن تدع شيئاً لله إلا اتاك الله خيراً منه ، وإن تأتي شيئاً تقرباً لله تعالى إلا
أجزل الله لك الثواب عنه ، فاجعلوا همّتكم الآخرة لا ينفد فيها ثواب المرضي عنه ، ولا
ينقطع فيها عقاب المسخوط عليه » .
الحادي
والثلاثون : عن ابن عمر قال : قال
رسول الله 9 : « ليس شيء
يباعدكم من النار إلا وقد ذكرته لكم ، ولا شيء يقربكم من الجنة إلا وقد دللتكم
عليه ، إن روح القدس نفث في روعي أنه لن يموت عبد منكم حتى يستكمل رزقه ، فأجملوا
في الطلب ، فلا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئاً من فضل الله بمعصيته ، فإنه
لن ينال ما عند الله إلا بطاعته ، ألا وإن لكل امرىء رزقاً هو يأتيه لا محالة ، فمن
رضي به بورك له فيه ووسعه ، ومن لم يرض
لم يبارك له فيه ولم يسعه ، إن الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه أجله » .
الثاني
والثلاثون : عن عيسى بن عمر ، عن
معاوية
قال : سمعت رسول الله 6
، يقول في خطبة أحد العيدين : « الدنيا دار بلاء ، ومنزل بُلغة وعناء ، قد نزعت
عنها نفوس السعداء ، وانتزعت بالكره من أيدي الأشقياء ، فأسعد الناس بها أرغبهم
عنها ، وأشقاهم
بها أرغبهم فيها ، فهي الغاشة لمن استنصحها ، والمغوية لمن أطاعها ، والخاترة لمن انقاد إليها ، والفائز من أعرض
عنها ، والهالك من
__________________
هوى فيها.
طوبى لعبد اتقى فيها ربه ، وقدّم توبته
، وغلب شهوته ، من قبل أن تلقيه الدنيا إلى الآخرة ، فيصبح في بطن موحشة غبراء ، مدلهمة
ظلماء ، لا يستطيع أن يزيد في حسنة ، ولا ينقص من سيئة ، ثم ينشر فيحشر إما إلى
جنة يدوم نعيمها ، أو إلى نار لا ينفد عذابها » .
الثالث
والثلاثون : عن أنس بن مالك قال
: سمعت رسول الله 9
يقول : « يا معشر المسلمين ، شمّروا فإنّ الأمر جدّ ، وتأهبوا فإن الرحيل قريب ، وتزودوا
فإن السفر بعيد ، وخففوا أثقالكم فإن وراءكم عقبة كؤوداً ، لا يقطعها إلا المخفون.
أيها الناس ، إنّ بين يدي الساعة
اُموراً شداداً ، وأهوالاً عظاماً ، وزماناً صعباً ، يتملك فيه الظلمة ، ويتصدّر
فيه الفسقة ، ويضام فيه الآمرون بالمعروف ، ويضطهد فيه الناهون عن المنكر ، فأعدّوا
لذلك الإيمان ، وعضّوا عليه بالنواجذ ، والجؤوا إلى العمل الصالح ، وأكرهوا عليه
النفوس ، تفضوا إلى النعيم الدائم »
،
الرابع
والثلاثون : عن أبي سعيد الخدري
قال : سمعت رسول الله 6
، يقول لرجل يعظه : « ارغب فيما عند الله يحبك الله ، وازهد ما في أيدي الناس يحبك
الناس ، إن الزاهد في الدنيا يرتجى
ويريح قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة ، والراغب فيها يتعب قلبه وبدنه في الدنيا
والآخرة ، ليجيئن أقوام ـ يوم القيامة ـ لهم حسنات كأمثال الجبال ، فيؤمر بهم إلى
النار ».
فقيل : يا نبي الله ، أمصلون كانوا؟
قال : « نعم ، كانوا يصلّون ويصومون ، ويأخذون
وهناً من اللّيل ، لكنهم كانوا إذا لاح لهم شيء من أمر الدنيا وثبوا عليه » .
الحديث
الخامس والثلاثون : عن نافع ، عن ابن
عمر قال : سمعت رسول الله6
يقول : « أيها الناس ، هذه دار ترح لا دار فرح ، ودار التواء لا دار
__________________
استواء ، فمن عرفها
لم يفرح لرجاء ، ولم يحزن لشقاء ، ألا وإن الله خلق الدنيا دار بلوى ، والآخرة دار
عقبى ، فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سبباً ، وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوصاً
فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي ، وإنها لسريعة الذهاب ، ووشيكة الإنقلاب ، فاحذروا
حلاوة رضاعها لمرارة فطامها ، واهجروا لذيذ عاجلها لكربة آجلها ، ولا تسعوا في
عمرانها وقد
قضى الله خرابها ، ولا تواصلوها وقد أراد الله منكم اجتنابها ، فتكونوا لسخطه
متعرضين ، ولعقوبته مستحقين » .
الحديث
السادس والثلاثون : عن أنس بن مالك قال
: سمعت رسول الله 6
[ يقول ]
: « أيها الناس ، اتقوا الله حق تقاته ، واسعوا في مرضاته ، وأيقنوا من الدنيا
بالفناء ، ومن الآخرة بالبقاء ، واعملوا لما بعد الموت ، فكأنكم بالدنيا لم تكن ، وبالآخرة
لم تزل.
أيها الناس ، إن من في الدنيا ضيف ، وما
في أيديهم عارية ، وإن الضيف مرتحل ، والعارية مردودة ، ألا وإن الدنيا عرض حاضر ،
يأكل منه البر والفاجر ، والآخرة وعد صادق ، يحكم فيها ملك عادل قادر ، فرحم الله
امرءاً نظر لنفسه ، ومهّد لرمسه ، مادام رسنه
مرخياً ، وحبله على غاربه ملقياً ، قبل أن ينفد أجله ، وينقطع عمله » .
السابع
والثلاثون : عن أبي ذر 2 قال : قال رسول الله 6 لرجل ـ وهو يوصيه ـ : « أقلل من
الشهوات ، يسهل عليك الفقر ، وأقلل من الذنوب ، يسهل عليك الموت ، وقدّم مالك
أمامك ، يسرّك اللحاق به ، واقنع بما اتيته ، يخف عليك الحساب ، ولا تتشاغل عما
فرض عليك ، بما قد ضمن لك ، فإنه ليس بفائتك ما قد قسم لك ، ولست بلاحق ما قد زوي
عنك. ، فلا تك جاهداً فيما يصح
نافداً ، واسع لملك لا زوال له ، في منزل لا انتقال عنه » .
__________________
الثامن
والثلاثون : عن ابن عباس قال : سمعت
رسول الله 9 يقول : « إنه
ما سكن حب الدنيا قلب عبد إلا التاط
فيها بثلاث : شغل لا ينفد عناؤه ، وفقر لا يدرك غناه ، وأمل لا ينال منتهاه ، ألا
إنّ الدنيا والآخرة طالبتان ومطلوبتان ، فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل
رزقه ، وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يأخذ الموت بعنقه ، ألا وإن السعيد من اختار باقية يدوم
نعيمها ، على فانية لا ينفد عذابها ، وقدّم لما يقدم عليه مما هو في يديه ، قبل أن
يخلّفه لمن يسعد بإنفاقه ، وقد شقي هو بجمعه » .
التاسع
والثلاثون : عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله 6 : « ألا إن
الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، والآخرة قد احتطت مقبلة ، ألا وانكم في يوم عمل ولا حساب
فيه ، ويوشك أن تكونوا في يوم حساب ليس فيه عمل ، وإنّ الله يعطي الدنيا من يحب
ويبغض ، ولا يعطي الآخرة إلا لمن يحب ، وإن للدنيا أبناء وللآخرة أبناء ، فكونوا
من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، إن شر ما أتخوّف عليكم اتباع الهوى
، وطول الأمل ، فاتباع الهوى يصرف قلوبكم عن الحق ، وطول الأمل يصرف هممكم إلى
الدنيا ، وما بعدهما لأحد من خير يرجاه في دنيا ولا آخرة » .
الأربعون
: عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال : قال
رسول الله 9 : « ما من
بيت إلا وملك الموت يقف على بابه كل يوم خمس مرات ، فإذا وجد الانسان قد نفد أجله
وانقطع أكله ألقى عليه الموت ، فغشيته كرباته ، وغمرته غمراته ، فمن أهل بيته
الناشرة شعرها ، والضاربة وجهها ، الصارخة بويلها ، الباكية بشجوها ، فيقول ملك
الموت : ويلكم ، ممّ الفزع؟ وفيمَ الجزع؟ والله ما أذهبت لأحد منكم مالاً ، ولا
قرّبت له أجلاً ، ولا أتيته حتى أمرت ، ولا قبضت روحه حتى استأمرت ، وإنّ لي إليكم
عودة ثم عودة ، حتى لا أبقي. منكم أحداً ».
ثم قال رسول الله 9 : « والذي نفسي بيده ، لو يرون مكانه
__________________
ويسمعون كلامه ، لذهلوا
عن ميّتهم ، وبكوا على نفوسهم ، حتى إذا حمل الميت على نعشه ، رفرف روحه فوق النعش
، وهو ينادي : يا أهلي وولدي لا تلعبنّ بكم الدنيا كما لعبتبي ، جمعته من حلّه ومن
غير حله ، وخلّفته لغيري ، فالمهنّأ له ، والتبعات عليَّ ، فاحذروا من مثل ما نزل
بي » .
ومما حفظت من كتاب (الخصال) بروايته
المتصلة ، واقتصرت على ذكر الرجال إحالة على الأصل ، أربعين حديثاً :
أولها
: إن النبي 9
، أوصى إلى أمير المؤمنين 7
، فكان فيما أوصى به إليه أن قال : « يا علي ، من حفظ عني من اُمتي أربعين حديثاً
، يطلب بذلك وجه الله والدار الآخرة ، حشره الله تعالى ـ يوم القيامة ـ مع النبيين
والصّديقين والشهداء والصالحين ، وحسن اُولئك رفيقاً.
فقال له علي 7 : أخبرني ـ يا رسول الله ـ ما هذه
الأربعون حديثاً؟
فقال : أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ،
وتعبده ولا تعبد غيره ، وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها ، ولا تؤخرها فإن في
تأخيرها من غير علّة غضب الله عز وجل وتؤدي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتحجّ
البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعاً ، وأن لا تعق والديك ، ولا تأكل مال اليتيم
ظلماً ، ولا تأكل الربا ، ولا تشرب الخمر ولاشيئاً من الأشربة المسكرة ، ولا تزني
، ولا تلوط ، ولا تمشي بالنميمة ، ولا تحلف بالله كاذباً ، ولا تسرق ، ولا تشهد
شهادة الزور لأحد ـ قريباً كان أو بعيداً ـ وأن تقبل الحق ممن جاء به ـ صغيراً كان
أوكبيراً ـ وأن لا تركن إلى ظالم ـ وإن كان حميماً قريباً ـ وأن لا تعمل بالهوى ، ولا
ترمي المحصنة ، ولا
ترائي فإنّ يسير
الرياء شرك بالله عز وجل ، وأن لا تقول لقصير : يا قصير ، ولا لطويل : يا طويل ، تريد
بذلك عيبه ، وأن لا تسخر بأحد من خلق الله ، وأن تصبر على البلاء والمصيبة ، وأن
تشكر نعم الله التي أنعم الله بها عليك ، وأن لا تأمن عقاب الله على ذنب تصيبه ، وأن
لا تقنط من رحمة
__________________
الله ، وأن تتوب من ذنوبك ، فإن التائب من الذنب كمن لا
ذنب له ، وأن لا تصر على الذنوب ـ مع التوبة والاستغفار ـ فتكون كالمستهزئ بالله
وآياته ورسله ، وأن تعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ،
وأن لا تطلب رضى المخلوق بسخط الخالق ، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة ، فإن
الدنيا فانية والآخرة باقية ، وأن لا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه ، وأن تكون
سريرتك كعلانيتك ، وأن لا تكون علانيتك حسنة وسريرتك قبيحة ، فإن فعلت ذلك كنت من
المنافقين. وأن لا تكذب ، ولا تخالط الكذابين ، وأن لا تغضب إذا سمعت حقاً ، وأن
تؤدب نفسك وأهلك وولدك ، وجيرانك على حسب الطاقة ، وأن تعمل بما علمت ، ولا
تعاملنّ أحداً من خلق الله عز وجل إلاّ بالحق ، وأن تكون سهلاً للقريب والبعيد ، وأن
لا تكون جباراً عنداً ، وأن تكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ، وذكر الموت وما بعده من القيامة
والجنة والنار ، وأن تكثر من قراءة القران وتعمل بما فيه ، وأن تستغنم البرّ
والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات ، وأن تنظر إلى كلّ مالا ترضى فِعلَه لنفسك فلا
تفعله بأحد من المؤمنين ، ولاتملّ من فعل [ الخير ] ، ولا تثقل على أحد ، وأن لا تمنّ على
أحد إذا أنعمت عليه ، وأن تكون الدنيا عندك سجناً حتى يجعل الله لك جنته.
فهذه أربعون حديثاً ، من استقام عليها
وحفظها عني من اُمتي دخل الجنة برحمة الله ، وكان من أفضل الناس وأحبكم إلى الله
عز وجل بعد النبيين والوصيين ، وحشرهالله
مع النبيين والوصيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقاً » .
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
، الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أعانه الله على طاعته وتغمده برأفته ورحمته : إن
هذا الخطاب من
النبي 9 ، خرج منه
إلى علي أمير المؤمنين ، على معنى : إياك أعني فاسمعي يا جارة ، كما قال
__________________
الله تعالى لنبيه
مخاطباً والمعنى للخلق : (
لئن أشركت
ليحبطنّ عملك )
وكما قال له
: ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن
لعدتهن )
وإن النبي 9 علم أنَّ أمير المؤمنين 7 معصوم من الخطايا والزلل ، وأنه لا
يترك مما أمره به شيئاً ، ولايرتكب مما نهاه عنه شيئاً.
وبالجملة إنه كان مؤدبه ، يأخذ العلوم
عنه والآداب ، عن جبرئيل ، عن الله تعالى ، ليؤدب الخلق بعده ، فإنه القائم بعده
بأحكام الدين وتأديب المسلمين.
* * *
__________________
باب
عدد أسماء الله تعالى ، وهي تسعة وتسعون
عن الصادق جعفر بن محمد ، عن آبائه : ، عن أمير المؤمنين 7 ، قال : « قال رسول الله 9 : إن لله تسعة وتسعين إسماً ـ مائة إلا
واحد ـ من أحصاها ودعا بها دخل الجنة :
الله ، الرحمن ، الرحيم ، الواحد ، الأحد ، الصمد
، الأول ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العليّ ، الأعلى ، الباقي
، البديع ، البارئ ، المصور ، الأكرم ، الظاهر ، الباطن ، الحي ، الحكيم ، العليم
، الحليم ، الحفيظ ، الحق ، الحسيب ، الحميد ، الحفيّ ، الرب ، الذارئ ، الرازق ، الرقيب
، الرؤوف ، الداني
، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، السيّد ، السُبُّوح ، الشهيد
، الصادق ، الصانع ، الطاهر
، العدل ، العَفُوّ ، الغفور ، الغنيّ ، الغياث ، الفاطر ، الفرد ، الفتاح ، الفالق
، الملك ، القديم
، القويّ ، القريب
، القيوم ، القابض ، الباسط ، قاضي الحاجات ، المجيد ، المولى ، المنّان ، الحنان ، المحيط ، المبين ، المُقيت ، الكريم
، الكبير ، الكافي ، كاشف الضر ، مجيب المضطر
، الوِتر ، النور ، الوهاب ، الناصر ، الواسع ، الودود ، الهادي ، الوفي ، الوكيل
، الوارث ، البر ، الباعث ، التواب ، الجليل ، الجواد ، الخبير ، الخالق ، خير
الناصرين ، الديان ، الشكور ، العظيم
، الشافي .
هذه أسماء الله الحسنى ، من حفظها ودعا
بها مخلصاً في غير قطيعة ، ولا إسراف في مسألة ، دخل الجنة ».
الحديث
الثاني : عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله 9 :
« أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا ، وأنا خطيبهم
إذا نصتوا ، وأنا قائدهم إذا وفدوا وأنا مبشّرهم إذا أبلسوا ، وأنا شافعهم إذا حبسوا ، لواء الحمد
والكرم يومئذ بيدي ، ومفاتيح الجنهّ يومئذ بيدي ، وأنا أكرم ولد آدم يومئذ على ربي
عز وجل ـ ولا فخر ـ يطوف علي ألف خادم كأنهم اللؤلؤ المكنون ».
الثالث
: وقال 9
: « لا تسأل بوجه الله غير الجنة ».
الرابع
: وقال 9
: « من استعاذ بالله عز وجل فأعيذوه ، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه ».
الحديث
الخامس : عن أبي أمامة أن رسول الله 9 ، قال ـ ذات يوم ـ لأصحابه : « ألا
أحدثكم عن الخضر؟ »
قالوا : بلى ، يا رسول الله.
قال : « بينا هو يمشي في سوق من أسواق
بني إسرائيل ، أبصره مكاتب
فقال : تصدق علي بارك الله فيك.
قال الخضر : آمنت بالله ، ما يقضي الله
يكون ، ما عندي من شيء أعطيكه.
قال المسكين : بوجه الله ، لمّا تصدقت
عليّ ، إني رأيت الخير في وجهك ، ورجوت الخير عندك.
قال الخضر : امنت بالله ، إنك سألتني
بأمر عظيم ، ما عندي من شيء اُعطيكه ، إلا أن تأخذني فتبيعني.
قال المسكين : وهل يستقيم هذا؟
قال : الحق أقول لك ، إنك سالتني بأمر
عظيم ، سألتني بوجه ربي عز وجل ، أما أني لا أخيبك مسألتي بوجه ربي ، فبعني.
فقدمه إلى السوق فباعه بأربع مائة درهم
، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء.
__________________
فقال الخضر 7 : إنما ابتعتني التماس خدمتي ، فمرني
بعمل.
قال : إني أكره أن أشقّ عليك ، إنك شيخ
كبير.
قال : لست تشقّ علي.
قال : فقم فانقل هذه الحجارة.
قال : وكان لا ينقلها دون ستة نفر في
يوم ، فقام فنقل الحجارة في ساعته.
فقال له : أحسنت وأجملت ، وأطقت ما لم
يطقه أحد.
قال : ثم عرض للرجل سفر ، فقال : إني
أحسبك أميناً ، فاخلفني في أهلي خلافة حسنة ، وإني اكره أن أشق عليك.
قال : ليس تشق علي.
قال : فاضرب من اللبن شيئاً ـ أوقال
لَبِّن ـ حتى أرجع إليك.
قال : فخرج الرجل لسفره ورجع وقد شيد
بناؤه.
فقال له الرجل : أسألك بوجه الله ، ما
حسبك وما أمرك.
قال : إنك سألتني بأمر عظيم ، بوجه الله
عز وجل ، ووجه الله عز وجل أوقعني في العبودية ، وسأخبرك من أنا ، أنا الخضر الذي
سمعت به ، سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله عز وجل ، فأمكنته
من رقبتي فباعني.
فأخبرك : أنه من سئل بوجه الله عز وجل ،
فردّ سائله وهو قادر على ذلك ، وقفيوم القيامة ، ليس لوجهه جلد ولا لحم ولا دم إلا
عظم يتقعقع .
قال الرجل : شققت عليك ولم أعرفك.
قال : لا بأس ، أبقيت وأحسنت.
قال : بأبي أنت واُمي ، احكم في أهلي
ومالي بما أراك الله عز وجل ، أم أخيّركفاُخلّي سبيلك.
فقال : أحبُّ إلي أن تخلّي سبيلي فأعبد
الله فخلى سبيله.
قال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في
العبودية ، وأنجاني منها
».
__________________
الحديث
السادس : عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله 9 : « من توضأ ثم خرج إلى المسجد ، فقال
حين يخرج من بيته : « بسم الله الذي خلقني فهو يهديني » هداه الله للأيمان .
وإذا قال : « هو الذي يطعمني ويسقيني » أطعمه
الله عز وجل من طعام الجنة ، واسقاه من شراب الجنة.
وإذا قال : « وإذا مرضت فهو يشفيني » جعل
الله عز وجل كفارته لذنوبه.
وإذا قال : « والذي يميتني ثم يحييني » أماته
الله عز وجل موتة الشهداء ، وأحياه حياة الشهداء .
وإذا قال : « والذي أطمع أن يغفر لي
خطيئتي يوم الدين » غفر الله عز وجل خطأه كله ، وإن كان أكثر من زبد البحر.
وإذا قال : « رب هب لي حكماً وألحقني
بالصالحين » وهب الله له حكماً ، وألحقه بصالح من مضى وصالح من بقى.
وإذا قال : « واجعل لي لسان صدق في
الآخرين » كتب الله عز وجل له في ورقة بيضاء : إن فلان بن فلان من الصادقين.
وإذا قال : « واجعلني من ورثة جنة
النعيم » أعطاه الله عز وجل منازل في الجنة.
وإذا قال : « واغفر لأبويَّ » غفر الله
عز وجل لأبويه.
الحديث
السابع : عن ابن عباس قال : قال رسول الله 9 : « من قال : ( سبحان
الله حين تمسون ) يعني صلاة المغرب والعشاء ( وحين تصبحون ) صلاة الغداة ( وعشياً ) صلاة العصر ( وحين تظهرون
) صلاة الظهر
، هذه الآية تجمع صلاتكم الخمس ، فمنقرأ هذه الثلاث الآيات من سورة الروم ، وآخر الصافات ( سبحان ربك
رب العزة عمّا يصفون )
ثلاث مرات
دبر صلاة المغرب ، أدرك ما فاته في يومه ذلك وقبلت صلاته ، فإن
__________________
قرأها دبر كل صلاة
يصليها ـ من فريضة أوتطوع ـ كتب له من الحسنات عدد نجوم السماء ، وقطر المطر ، وعدد
ورق الشجر ، وعدد تراب الأرض ، فإذا مات أجري له بكل حسنة عشر حسنات في قبره ».
الحديث
الثامن : عن أنس بن مالك قال : تلا رسول الله 9 هذه الآية ( ونفخ في
الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله
) .
قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين
أستثنى الله عز وجل؟
قال : « جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك
الموت ، فإذا قبض الله أرواح الخلائق قال : يا ملك الموت ، من بقي؟ قال : يقول : سبحانك
ربي ، تباركت ربي وتعاليت ربي ذا الجلال والإكرام ، بقي جبرئيل وميكائيل وإسرافيل
وملك الموت ، قال : فيقول : خذ نفس إسرافيل ، فيأخذ نفس إسرافيل. قال : فيقول : يا
ملك الموت ، من بقي؟ قال : فيقول : سبحانك ربي ، تباركت وتعاليت ربي ذا الجلال
والإكرام ، بقي جبرئيل وميكائيل وملك الموت ، فيقول : خذ نفس ميكائيل ، قال : فيأخذ
نفس ميكائيل ، فيقع كالطود العظيم. فيقول : يا ملك الموت ، من بقي؟ فيقول : تباركت
وتعاليت ، بقي جبرئيل وملك الموت ، قال : فيقول : مت يا ملك الموت ، فيموت.
قال : يا جبرئيل ، من بقي؟ فيقول : تباركت
ربي وتعاليت ، ذا الجلال والإكرام ، وجهك الباقي الدائم ، وجبرئيل الميت الفاني ، قال
: يا جبرئيل ، لا بد من الموت ، فيخّر ساجداً فيخفق بجناحيه فيقول : سبحانك ربي ، تباركت
وتعاليت ذا الجلال والإكرام.
ثم قال رسول الله 9 : فعند ذلك يموت جبرئيل ، وهو آخر من يموت
من خلق السماوات والأرض ».
الحديث
التاسع : عن أمير المؤمنين 7 قال : « أتي رسول الله 9 بسبعة من الأسارى ، فأمر علياً بضرب
أعناقهم ، فهبط جبرئيل في طرفة عين فقال : يا محمد ، اضرب أعناق هؤلاء الستة ، ولا
تضرب عنق هذا. قال : يا جبرئيل ، ولم؟ قال : لأنه حسن الخلق ، سمح الكف ، يطعم
الطعام. قال : يا جبرئيل ، أعنك هذا أوعن ربي عز وجل قال : بل ربك أمرني بذلك.
__________________
قال الأعرابي : يامحمد ، لم تركتني دون
أصحابي؟
فقال : إن ربي أخبرني أنك حسن الخلق ، سمح
الكف ، تطعم الطعام. فأسلم الأعرابي عند ذلك ».
الحديث
العاشر : عن أبي موسى قال : قال رسول الله 9 : « إذا كان العبد على طريقة من الخير
، فمرض أو سافر أو عجز عن العمل بكبر ، كتب الله له مثل ما كان يعمل ، ثم قرأ : ( فلهم أجر غير ممنون
) .
وعن عبد الله بن أبي الحمساء قال : كان عليّ لرسول الله 9 شيء قبل المبعث ، فواعدته إلى مكان ، فجلس
ينتظرني ، ونسيت ، فأتيته اليوم الثالث فوجدته في مكانه ، فقال لي : يا فتى ، لقد
شققت عليَّ أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام ».
الحديث
الحادي عشر : عن مبارك ، عن
الحسن قال : قال
رسول الله 9 : « لو مُنع
الناسُ فتَ البعر لقالوا : فيه الدُّرَ ».
الحديث
الثاني عشر : عن [ أسعد بن ] سهل بن حنيف ، عن أبيه قال : قال رسول
الله 9 : « من أُذل
عنده مؤمن ولم ينصره ـ وهو قادر على نصره ـ أذله الله على رؤوس الخلائق يوم
القيامة ».
__________________
الحديث
الثالث عشر : عن أمير المؤمنين 7 قال : « قال رسول الله 9 : من قرأ في رجب وشعبان وشهر رمضان ـ كل
يوم وليلة ـ فاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، وقل يا أيها الكافرون
، وقل هو الله
أحد ، وقل أعوذ برب النّاس ،
وقل أعوذ
برب الفلق ، ـ ثلاث مرات ـ ويقول : سبحان الله ، والحمد
لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ ثلاث
مرات ـ ثم يصلي على النبي وآله ثلاث مرات ويقول : اللهم صلّ على محمد وال محمد ـ
ثلاث مرات ـ وعلى كل نبي.
ثم يقول : اللهم اغفر للمؤمنين
والمؤمنات ، ثلاث مرات.
ثم يقول : أستغفر الله وأتوب إليه ، أربع
مائة مرة.
ثم قال النبي 9 : والذي نفسي بيده ، من قرأ هذه السور
، وفعل ذلك كله في الشهور الثلاثة ولياليها لا يفوتها شيء ، لو كانت ذنوبه عدد قطر المطر ، وورق
الشجر ، وزبد البحر ، غفرها الله له ، وأنه ينادي مناد يوم الفطر يقول : يا عبدي ،
أنت وليي حقاً حقاً ، ولك عندي بكل حرف قرأته شفاعة في الإخوان والأخوات بكرامتك
عليّ.
ثم قال رسول الله 9 : والذي بعثني بالحق نبياً ، إن من قرأ
هذه السور ، وفعل ذلك في هذه الشهور الثلاثة ولياليها ، ولو في عمره مرة واحدة ، أعطاه
الله بكل حرف سبعين ألف حسنة ، كل حسنة أثقل عند الله من جبال الدنيا ، ويقضي الله
له سبع مائة حاجة عند نزوعه ، وسبع مائة حاجة في القبر وسبع مائة عند خروجه من
قبره ، ومثل ذلك عند تطاير الصحف ، ومثله عند الميزان ، ومثله عند الصراط ، ويظلّه
الله تعالى تحت ظل عرشه ، ويحاسبه حساباً يسيراً ، ويشيعه سبعون ألف ملك إلى الجنة
، ويقول الله تعالى : خذها في هذه الأشهر ، ويذهب به إلى الجنة وقد أعدّ له ما لا
عين رأت ولا أذن سمعت ».
الرابع
عشر : عن عبد الله بن الوليد ـ من كتاب (ثواب
الاعمال) ـ رفعه إلى
__________________
النبي 9 ، قال : « ثمن الجنة لا إله إلا الله »
.
الخامس
عشر : قال 9
: « من قال : لا إله إلا الله ، غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء ، منبتها
في مسك أبيض ، أحلى من العسل ، وأشدّ بياضاً من الملح ، وأطيب ريحاً من المسك ، فيها ثمار
أمثال أثداء الأبكار ، تفلق عن سبعين حلة » .
السادس
عشر : قال رسول الله 9 : « ليس شيء إلا وله شيءيعدله إلا (لا
إله إلا الله) فإنه ليس له ما يعدله
، وكذلك دمعة من خوف الله ، فإنه ليس لها مثقال ، فإذا سارت على وجهه لم يرهقه قتر ولا ذلة بعدها
أبداً .
وما من مؤمن يقول : لا إله إلا الله ، إلا
محت ما في صحيفته » .
السابع
عشر : عن أبي جعفر 7 ، عنه 9
قال : « قال لي جبرئيل : يا محمد ، طوبى لمن قال من اُمتك : لا إله إلا الله وحده
وحده وحده ـ ثلاث مرات ـ مخلصاً بهاً ، وإخلاصه أن تزجره عما حرم الله » .
الثامن
عشر : عن أمير المؤمنين 7 قال : « قال رسول الله 9 : قال جبرئيل : قال الله تعالى : لا
إله إلا الله حصني ، فمن دخل حصني كان آمناً ».
__________________
وقال الإمام 7
: « بشروطها »
وشروطها : المعرفة ، والولاية ، والعمل بالأركان.
التاسع
عشر : عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله
9 جالساً
وعنده نفر من أصحابه ، وفيهم علي بن أبي طالب 7
، فقال رسول الله : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة » فقال رجلان من أصحابه :
فنحن نقول : لا إله إلا الله ، فقال رسول الله : « إنما تقبل شهادة لا إله إلا
الله من هذا ومن شيعته
ـ ووضع رسول الله 9
يده على رأس علي ، وقال لهماـ : من علامة ذلك أن لا تجلسا مجلسه ولا تكذبا قوله » .
العشرون
: عن أبي عبد الله 7 قال : « (قال رسول الله 6 : ) من قال مائة مرة : « لا إله إلا الله
الملك الحق المبين » أعاذه الله تعالى من الفقر ، وانس وحشته في قبره ، واستجلب
الغنى ، واستقرع باب الجنة » .
الحديث
الحادي والعشرون : عن أبي عبد الله 7 (عن النبي 9)
: « من قال في يومه : أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلهاً واحدا ًأحداً
فرداً صمداً ، لم
يتخذ صاحبة ولا ولداً. كتب الله له خمساً وأربعين ألف ألف حسنة ، ومحا عنه خمساً
وأربعين ألف ألف سيئة ، ورفع له خمساً وأربعين ألف ألف درجة ، وكان كمن قرأ القرآن
في يوم اثنتي عشرة مرة ، وبنى الله له بيتاً في الجنة ».
وقال 9
: « من قال في كل يوم ثلاثين مرة : « لا إله الله الحق المبين » استقبل الغنى ، واستدبر
الفقر ، وقرع باب الجنة » .
__________________
الثاني
والعشرون : عن أبي عبد الله قال
: « قال رسول الله 9
: أكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، فإنهن الباقيات الصالحات .
ومن دعا فختم دعاءه بقول : ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا
بالله ، أُجيبت
دعوته .
ومن قال في كل يوم سبع مرات : « الحمد
لله على كل نعمة كانت أو هي كائنة » فقد أدى شكر ما مضى وشكر ما بقي » .
الثالث
والعشرون : عن سهل بن سعد الأنصاري قال : سألت
رسول الله 9 عن قول الله
تعالى : ( وما كنت بجانب الطور
إذ نادينا )
قال : « كتب
الله تعالى [ كتاباً ]
قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، في ورق آس أنبته ، ثم وضعها على العرش : [ ثم نادى
] يا اُمة
محمد ، إن رحمتي سبقت غضبي ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني
، فمن لقيني منكم يشهد ألاّ إله إلا أنا وأن محمداً عبدي ورسولي ، أدخلته الجنة » .
الحديث
الرابع والعشرون : عن أبي عبد الله 7 قال : « جاء الفقراء إلى رسول الله 9 فقالوا : يا رسول الله ، إن الاغنياء
لهم ما يعتقون وليس
__________________
لنا ، ولهم ما
يحجّون وليس لنا ، ولهم ما يتصدّقون وليس لنا ، ولهم ما يجاهدون وليس لنا. فقال 9 : من كبر الله مائة مرة ، كان أفضل من
عتق مائة رقبة ، ومن سبّح الله مائة مرة ، كان أفضل من سياق مائة بدنة ، ومن حمد
الله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسروجها ولجمها وركبها ، ومن
قال : « لا إله إلا الله » مائة [ مرة ]
، كان أفضل الناس عملاً في ذلك اليوم إلا من زاد.
قال : فبلغ ذلك الأغنياء فصنعوه.
قال : فعادوا إلى النبي 9 ، فقالوا : يا رسول الله ، قد بلغ الأغنياء
ما قلت فصنعوه.
قال : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء » .
الخامس
والعشرون : عن أبي جعفر قال : «
قال رسول الله 9
: من قال : سبحان الله ، غرس الله له شجرة في الجنة. ومن قال : الحمد لله ، غرست
له شجرة. ومن قال : لا إله إلا الله ، غرس [ الله ] له شجرة. ومن قال : الله أكبر ، غرس الله
له شجرة في الجنة.
فقال رجل من قريش : يا رسول الله ، إن
الشجر لنا
في الجنة كثير.
فقال : نعم ، ولكن إياكم ، أن ترسلوا
عليها ناراً فتحرقوها ، وذلك أنّ الله عز وجل يقول : (
يا أيها
الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم )
» .
وبالإسناد : إنّ رسول الله 9 ، قال لأصحابه ذات يوم : « أرأيتم لو
جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية ، ثم وضعتم بعضه على بعض ، أكنتم ترون أنه يبلغ
السماء؟ » قالوا : لا ، يا رسول الله.
قال : « أفلا أدلكم على شيء أصله في
الأرض وفرعه في السماء؟ » قالوا : بلى.
__________________
قال : « يقول أحدكم اذا فرغ من الفريضة
: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثلاثين مرة فإن أصلهنّ في
الأرض وفرعهنّ في السماء ، وهي تدفع الهدم ، والحرق ، والغرق ، والتردّي في البئر
، وأكل السبع ، وميتة السوء ، والبلية التي تنزل من السماء في ذلك اليوم على العبد
، وهنّ الباقيات الصالحات » .
وبالإسناد قال : « من قال : سبحان الله
وبحمده ، سبحان الله العظيم وبحمده ، كتب الله له ثلاثة آلاف حسنة ، ( ومحا عنه
ثلاثة آلاف سيئة)
، ورفع له ثلاثة آلاف درجة ، ويخلق منها طائر في الجنة يسبح ، ويكون تسبيحه له » .
السادس
والعشرون : قال أبو عبد الله 7 : « قال رسول الله 9 : من قال : الحمد لله كما هو أهله ، شغل
كتاب السماء
، فيقولون :
اللهم إن الا نعلم الغيب ، فيقول : اكتبوها كما قالها عبدي وعليّ ثوابها » .
وبالإسناد : « من قال إذا أصبح ، أربع
مرات : الحمد لله رب العالمين ، فقد أدى شكر يومه ، ومن قالها إذا أمسى فقد أدى
شكر ليلته » .
الحديث
السابع والعشرون : عن أبي عبد الله قال
: « قال رسول الله 9)
إن الله
يمجد نفسه في كل يوم وليلة ثلاث مرات ، فمن مجّد الله بما مجد به نفسه ، وكان في
حال شقوة حول إلى السعادة.
__________________
فقلت : كيف هو التمجيد؟
قال : تقول : اللهم أنت الله لا إله إلا
أنت رب العالمين ، وأنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم ، أنت الله لا إله إلا
أنت العلي الكبير ، أنت الله لا إله إلا أنت مالك يوم الدين ، أنت الله لا إله إلا
أنت الغفور الرحيم
، أنت الله لا إله إلا أنت [ منك ]
بدء كل شيء وإليك يعود. أنت الله لا إله إلا أنت لم تزل ولا تزال ، أنت الله لا
إله إلا أنت خالق الخير والشر ، أنت الله لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار ، أنت الله
لا إله إلا أنت ألأحد الصمد لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفواً أحد ، أنت الله لا
إله إلا أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، سبحان
الله عما يشركون ، أنت الله لا إله إلا أنت الخالق البارئ المصور ، لك الأسماء
الحسنى يسبّح لكما في السموات والأرض ، وهو
العزيز الحكيم ، أنت الله لا إله إلا أنت الكبير والكبرياء رداؤك » .
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه
، الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أعانه الله على طاعته وتغمّده برأفته ورحمته ، مملّ
هذا التمجيد : إنني أتبع هذا التمجيد بقوله : أسألك اللهم بهذه الأسماء التي لا
تليق إلا بك ، ولا تصلح إلا لك ، وبعزّ جلالك ، وكرم وجهك ، وباسمك المكتوب في
سرادق المجد ، وباسمك المكتوب في سرادق البهاء ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق
العظمة ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق العزّة ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق
قدرتك ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق الجبروت ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق
الملكوت ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق الجلال ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق
الكمال ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السرائر ، السابق الفائق الفاتق الراتق ، الحسن
البصير ، رب الملائكة الثمانية ، رب العرش العظيم ، وبالعين التي لا تنام ، وبالإسم
الأكبر الأكبر الأكبر ، وبالإسم الأعظم الأعظم الأعظم ، المحيط بملكوت
__________________
السماوات والأرض ، وبالإسم
الذي أشرقت له الشمس ، وأضاء به القمر ، وسجرتبه البحار ، ونصبت به الجبال ، وبالاسم
الذي قام به العرش والكرسى وما حوله ، وبأسمائك المكرمات المقدسات المكنونات
المخزونات في علم الغيب عندك ، أسألك بذلك كله ، وبكل اسم هو لك في التوراة
والإنجيل والزبور والقرآن العظيم ، وبكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أوعلمته أحداً
من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تصلي على محمد وال محمد ، وأن
تعجل فرجهم ، وتهب لي في هذه الساعة رضاك ، وتسكن قلبي خوفك ، وتقطعه عمن سواك ، حتى
لا أرجو غيرك ، ولا أخاف إلا إياك.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وهب لي
ثبات اليقين ، ومحض الإخلاص ، وشرف التوحيد ، ودوام الإستقامة ، ومعدن الصلاح ، يامن
تملك حوائج السائلين ، وتعلم ضمير الصامتين ، صلّ على محمد وآل محمد ، واستجب
دعائي ، واغفر ذنبي ، وأوسع رزقي ، واكفني المهم من أمري ، وأقض لي حوائجي في نفسي
وأهلي وإخواني وذريتي ، يا أرحم الراحمين.
الحديث
الثامن والعشرون : عن أبي عبد الله 7 قال : « ( قال رسول الله 9 : ) في السواك اثنتا عشرة خصلة : هو من
السنّة ، ومطهرة للفم ، ومَجلاة للبصر ، ويرضي الرحمان ، ويبيّض الأسنان ، ويذهب
بالحفر
، ويشدّ اللثة ، ويشهّى الطعام ، ويذهب البلغم ، ويزيد في (العقل و) الحفظ ، ويضاعف الحسنات ، وتفرح به
الملائكة .
ولو يعلم الناس ما فيه من المنفعة
لأباتوه معهم في اللحاف » .
الحديث
التاسع والعشرون : عن أبي عبد الله 7 قال : « قال رسول الله 9 : من قلّم أظفاره يوم الجمعة ، أخرج
الله تعالى من أنامله الداء ، وأدخل فيه الدواء » .
__________________
وقال 7
: تقليم الأظفار يوم الجمعة وأخذ الشارب ، يؤمن من الفقر ، والبرص ، والجذام ، والعمى.
ومن قال حين يقلمها : بسم الله ، وعلى
سنة رسول الله 9.
اعُطي بكل قلامة عتق رقبة من ولد إسماعيل ، وينبغي أن يبدأ بخنصره من يده اليسرى ،
ويختم بخنصره من يده اليمنى ، وكذلك في قص أظفار رجليه .
وبالإسناد قال : « من قطع ثوباً جديداً
، وقرأ ( إنا انزلناه في ليلة
القدر )
ستاًوثلاثين مرة ، فإذا بلغ (
تنزّل
الملائكة )
رش عليه ماءً رشاً خفيفاً ، ثم صلى ركعتين ، ودعا بعدهما ، فقال في دعائه : « الحمد
لله الذي رزقني من الرياش ، ما أتجمّل به في الناس واُواري به عورتي ، واُصلّي به
لربي »
أكل في سعة حتى
يبلى ذلك الثوب » .
الحديث
الثلاثون : عن أمير المؤمنين 7 قال : « قال رسول الله 9 : درهم في الخضاب (يعدل عند الله) نفقة ألف درهم في سبيل الله ، وفيه أربع
عشرة خصلة : يطرد الريح من الأذنين ، ويجلو غشاوة البصر ، ويلين الخياشيم ، ويطيب
النكهة ، ويشدّ اللثة ، ويذهب الضنى
، ويقلّ وسوسة الشيطان ، وتفرح به الملائكة ، ويُسر به المؤمن ، ويغيظ الكافر ، وهو زينة ،
وطيب ، وبراءة في قبره ، ويستحيي منه منكر ونكير » .
__________________
الواحد
والثلاثون : بالاسناد قال : « غسل
الرأس بالخطمه
أمان من الصداع ، وبراءة من الفقر ، وطهور للرأس ويجلب الرزق جلباً »
وقال 7
: « اغسلوا رؤسكم بورق السدر ، فانه قدسه
كل ملك مقرب ونبي مرسل ، ومن غسل رأسه به
صرف الله عنه وسوسة الشيطان سبعين يوماً ، ومن صرف عنه وسوسة الشيطان لم يعص ، ومن
لم يعص دخلالجنة .
وان رسول الله 9 اغتمّ فأمره جبرئيل أن يغسل رأسه بالسدر
».
وقال 7
: « اكتحلوا ، فإن الكحل ينبت
الشعر ، ويجفف الدمعة ، ويعذب الريق ، ويجلو البصر » .
وقال 7
: « من سرح لحيته سبعين مرة ، وعدّها مرة مرة ، لم يقربه الشيطان أربعين صباحاً » .
وقال 7
: « لا تلبسوا النعل السوداء ، فإن فيها ثلاث خصال : تضعف البصر ، وترخي الذكر ، وتورث
الهمّ. والبسوا النعل الصفراء ، فإن فيها ثلاث خصال : تحد البصر ، وتشد الذكر ، وتنفي
الهمَّ ، وهي مع ذلك لباس الأنبياء » .
__________________
« ومن دخل السوق قاصداً لشراء نعل بيضاء ، لم
يبلها حتى يكتسب مالاً من حيث لا يحتسب ».
وقال الراوي : انه شراها فلم يلبث حتى
اكتسب مائة دينار من حيث لا يحتسب .
« ولبس الخف أمان من الجذام » .
الثاني
والثلاثون : عن أمير المؤمنين 7 ( عن رسول الله 9 )
قال : « من اختلف إلى المساجد أصاب احدى الثمان : أخاً مستفاداً في الله ، أوعلماً
مستطرفاً ، أوآية محكمة ، أو رحمة منتظرة ، أوكلمة تردّه عن ردى ، أوتدلّه على هدى
، أو يترك ذنباً خشية ، أوحياء » .
« ومن مشى إلى المسجد ، لم يضع رجله على
رطب ولا يابس ، إلا سبّحت له الارض إلى الأرضين السابعة » .
« ومن كان المسجد بيته ، والقرآن حديثه
، بنى الله له بيتاً في الجنة » .
الحديث
الثالث والثلاثون : عن أبي سعيد الخدري
قال : قال رسول الله 9
: « كونوا في الدنيا أضيافاً ، واتخذوا المساجد بيوتاً ، وعوّدوا قلوبكم الرقة ، وأكثروا
من التفكر والبكاء من خشية الله ، واجعلوا الموت نصب أعينكم ومابعده من أهوال
القيامة ، تبنون مالا تسكنون ، وتجمعون مالا تأكلون ، فاتقوا الله الذي إليه
ترجعون » .
__________________
الرابع
والثلاثون : وبالإسناد قال : قال
رسول الله 9 : « من قال
: رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبالقران كتاباً ، وبمحمد 9 نبياً ، وبعليّ ولياً وإماماً ، وبولده
الأئمة أئمة وسادة وهداة. كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة » .
الحديث
الخامس والثلاثون : عن جعفر بن محمد ، عن
آبائه : قال : « قال
رسول الله 9 : من قرأ
دبر صلاة الجمعة (فاتحة الكتاب) مرة ، و (قل هو الله أحد)
سبع مرات ، وبعدها (فاتحة الكتاب) مرة ، وبعدها سبع مرات (قل أعوذ
برب الفلق)
وبعدها
(فاتحة الكتاب) مرة ، وبعدها (قل أعوذ برب الناس) سبع مرات ، لم تنزل به بلية ، ولم تصبه
فتنة ، إلى الجمعة الاُخرى.
فإن قال : « اللهم اجعلني من أهل الجنة
، التي حشوها البركة ، وعمّارها الملائكة ، مع نبينا محمد وأبينا إبراهيم » جمع
الله تعالى بينه وبينهما
في الجنة .
ومن صلى على النبي عليه وآله السلام ، يوم
الجمعة دبر الظهر والعصر ، فقال : اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء الراضين
المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام عليهم وعلى أرواحهم
وأجسادهم ورحمة الله وبركاته. كتب الله تعالى له مائة ألف حسنة ، ومحا عنه مائة
ألف سيئة ، وقضى له مائة ألف حاجة ، ورفع له مائة ألف درجة .
ومن قال عقيب صلاة الظهر ثلاث مرات : اللهم
اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك ورسلك على محمد وآل محمد. كانت له أماناً بين
الجمعتين.
__________________
ومن قال ـ أيضاً ـ عقيب ظهر الجمعة سبع
مرات : اللهم صلّ على محمدوآل محمد ، وعجل فرج آل محمد. كان من أصحاب القائم 7 ».
السادس
والثلاثون : عن أمير المؤمنين 7 قال : « كان رسول الله 9 في كل يوم من أيام عشر ذي الحجة ، يقول
هذه الكلمات عشرمرات ، عند طلوع الشمس وعند غروبها : لا إله إلا الله عدد الليالي
والدهور ، لا إله إلا الله عدد أمواج البحور ، لا إله إلا الله رحمته خير مما
يجمعون ، لا إله إلا الله عدد الشوك والشجر ، لا إله إلا الله عدد الشعر والوبر ، لا
إله إلا الله عدد الحجر والمدر ، لا إله إلا الله عدد لمح العيون ، لا إله إلا
الله في الليل إذا عسعس وفي الصبح إذاتنفّس ، لا إله إلا الله عدد الرياح في
البراري والصخور ، لا إله إلا الله من يومنا إلى يوم ينفخ في الصور.
[ قال الخليل : فسمعته يقول : إن علياً 7 كان يقول : من قال ذلك ] في كل يوم من أيام العشر عشر مرات ، أعطاه
الله عز وجل بكل تهليلة ، درجة في الجنة من الدرّ والياقوت ، ما بين كل درجتين
مسيرة مائة عام للراكب المسرع ، في كل درجة مدينة فيها قصر من جوهر ، لا فصل فيها
، في كل مدينة من تلك المدائن ، من الدور والحصون والغرف والبيوت والفرش والأزواج
والسرر والحور العين ، ومن النمارق والزرابي
، والموائد والخدم ، والأنهار والأشجار ، والحلي والحلل ، ما لايصف خلق من
المختلقين الواصفين.
فإذا خرج من قبره أصاب كل شعرة منه نوراً ، وابتدره ألف ملك يمشون أمامه وعن يمينه وشماله ، حتى
ينتهي إلى باب الجنة ، فإذا دخلها قاموا خلفه وهو أمامهم ، حتى ينتهي إلى مدينة
ظاهرها ياقوتة حمراء ، وباطنها زبرجد خضراء ، فيها من أصناف ما خلق الله عز وجل في
الجنة ، وإذا انتهوا إليها قالوا : يا ولي الله هل تدري ما هذه المدينة بما فيها؟
قال : لا ، فمن انتم؟ قالوا : نحن الملائكة ، الذين
شهدناك في الدنيا
يوم هللت ألله عز وجل بالتهليل ، هذه المدينة بما فيها ثواباَ لك ، وابشر بأفضل من
هذا [ من ]
ثواب الله عز وجل ، حتى ترى ما أعد الله لك في داره ـ دار السلام ـ في جواره ، عطاء
لا ينقطع أبداً ».
قال الخليل : فقولوا أكثر ما تقدرون
عليه ليزاد لكم .
السابع
والثلاثون : عن أبي عبد الله 7 ، يرفعه إلى النبي 9 قال : « ليس شيء على الشيطان أشدّ من
القراءة في المصحف نظراً
، والمصحف في بيت يطرد الشيطان .
ومن قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من
الغافلين ، ومن قرأ خمسين كتب من الذاكرين ، ومن قرأ مائة كتب من القانتين ، ومن
قرأ مائتي [ آية ]
كتب من الخاشعين ، ومن قرأ ثلاثمائة كتب من الفائزين ، ومن قرأ خمسمائة كتب من المجتهدين
، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار ، والقنطار خمسمائة ألف مثقال ذهباً ، المثقال أربعة
وعشرون قيراطاً ، أصغرها مثل جبل اُحد » .
وقال 7
: « لكل شيء ربيع ، وربيع القرآن شهر رمضان » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « من قرأ مائة آية من القران ـ من أي
القران شاء ـ ثم قال : يا الله ، سبع مرات ، فلو دعا على صخرة لفلقها الله » .
__________________
وقال 7
: « اسم الله الأعظم
في (أم الكتاب) .
ومن قرأ (البقرة) و (آل عمران) جاء يوم
القيامة تظلانه على رأسه مثل الغمامتين » .
عن علي بن الحسين قال : « قال رسول الله
9 : من قرأ أربع
آيات من أول (البقرة) و (اية الكرسي) وآيتين بعدها ، وثلاث ايات بعدها ، لم ير في نفسه وماله سوءاً يكرهه ، ولا
يقربه شيطان ، ولا ينسى القرآن .
ومن قرأ (آية الكرسي) عند منامه ، لم
يخف الفالج
، ووكل ألله به خمسين ألف ملك يحفظونه حتى الصباح ، وإن فيها خمسين كلمة ، في كل
كلمة خمسون بركة ، ولكل شيء ذروة وذروة القران (آية الكرسي).
ومن قرأ سورة (النساء) في كل جمعة ، أمن
ضغطة القبر .
ومن قرأ سورة (المائدهّ) في كل خميس ، لم
يلبس إيمانه بظلم ، ولم يشرك أبداً .
ومن قرأ سورة (الأنعام) في كل ليلة كان
من الآمنين يوم القيامة ، ولم ير النار بعينه أبداً ونزلت (الأنعام) على رسول الله 9
يشيعها سبعون ألف ملك ، فعظّموها وبجّلوها فإن فيها اسم الله في سبعين موضعاً ، ولو
علم الناس ما
__________________
فيها ما تركوها .
ومن قرأ سورة (الأعراف) في كل شهر ، كان
(من الآمنين)
الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، ومن قرأها في كل جمعة ، كان ممن لا يحاسب يوم القيامة
، فلا تدعوا
قراءتها ، فإنها تشهد يوم القيامة لكل من قرأها » .
وقال 7
: « من قرأ (براءة) و (الأنفال) في كل شهر ، لم يدخله نفاق ، وكان من شيعة أمير
المؤمنين 7 .
ومن قرأ سورة (يونس) في كل شهرين أوثلاثة
، لم يخف عليه أن يكون منالجاهلين ، وكان يوم القيامة من المقرّبين » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (هود) في كل جمعة ، بعثه الله يوم القيامة في زمرة النبيين ، ولم
تعرف له خطيئة
» .
وقال 7
: « من قرأ سورة (يوسف) في كل يوم ، أو في كل ليلة ، بعثه الله عز وجل ـ يوم
القيامة ـ وجماله كجمال يوسف ، ولا يصيبه فزع يوم القيامة ، وكان من خيار عباد
الله الصالحين » .
وقال 7
: « من أكثر قراءة (الرعد) لم يصبه الله بصاعقة أبداً ، و
__________________
أدخله الله الجنة
بلا حساب ، وشفع في جميع من يعرف من أهل بيته وإخوانه » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (إبراهيم) و (الحجر) في ركعتين في كل جمعة ، لم يصبه فقر أبداً ، ولا
جنون ، ولا بلوى » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (النحل) في كل شهر ، كفي العدم في الدنيا ، وسبعين نوعا من أنواع
البلاء ، أهونه الجنون والجذام والبرص ، وكان مسكنه في جنة عدن ، وهي وسط الجنان »
.
عن أبي جعفر 7 قال : « من قرأ سورة (بني إسرائيل) في
كل ليلة جمعة لم يمت حتى يدرك القائم 7
، ويكون معه
.
ومن قرأ سورة (الكهف) كل ليلة جمعة ، لم
يمت إلا شهيداً ، وبعثه الله معالشهداء » .
وقال 7
: « من قرأ
سورة (مريم) لم يمت حتى يصيب ما يعينه
في نفسه وماله وولده ، وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم ، واُعطي فيها مثل
ملك سليمان بن داود في الدنيا » .
وقال 7
: « لا تدعوا قراءة سورة (طه) فإن الله تعالى يحبها ويحب من قرأها ، ومن أدمن
قراءتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه ، ولم يحاسبه بما
__________________
عمل ، (وأعطاه من
الأجر حتى يرضى)
» .
وقال 7
: « من قرأ سورة (الأنبياء) حباً لها ، كان كمن رافق النبيين أجمعين في جنات
النعيم ، وكان مهيباً في أعين الناس .
ومن قرأ سورة (الحج) في كل ثلاثة أيام ،
وفق للحج ، وإن مات في شهره دخل الجنة.
ومن قرأ سورة (المؤمنين) في كل جمعة ، ختم
الله له بالسعادة ، وكان منزله في الفردوس الأعلى مع النبيين والمرسلين » .
وقال 7
: « حصنوا أموالكم وفروجكم ونساءكم بتلاوة سورة (النور) فإن من أدمن قراءتها في كل
يوم أو في كل ليلة ، لم يزن أحد من أهل بيته ، فإذا مات شيعه سبعون ألف ملك (من قبره إلى الجنة) ، كلهم يدعون له ويستغفرون حتى يدخل
الجنة .
ومن قرأ سورة (الفرقان) في كل ليلة ، لم
يعذبه الله تعالى أبداً ، وكان منزله الفردوس الأعلى » .
وقال ابو عبد الله 7 : « من قرأ الطواسين الثلاث ـ ليلة
الجمعة ـ كان من أولياء الله وجواره
وكنفه ، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبداً ، واُعطي في الآخرة من الجنة حتى يرضى وفوق
رضاه ، وزوَجه الله مائة حوراء
من
__________________
الحور العين » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (العنكبوت) و (الروم) في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، فهو
والله من أهل الجنة ، لا أستثني فيه أبداً ، ولا أخاف أن يكتب الله عليّ في يميني
إثماً ، وإن لهاتين السورتين من الله مكانا .
ومن قرأ سورة (لقمان) في كل ليلة ، وكل
الله به في ليلته ملائكته يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح ، فإن قرأها نهاراً
حفظوه حتى يمسي .
ومن قرأ سورة (السجدة) في كل ليلة جمعة ، أعطاه الله كتابه بيمينه ، ولم يحاسبه
بما كان منه ، وكان من رفقاء محمد وأهل بيته 9
.
ومن قرأ سورة (الأحزاب) كان يوم القيامة في جوار
محمد وأزواجه ، وإن سورة (الأحزاب) فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم .
ومن قرأ سورة (سبأ) وسورة (فاطر) في
ليله ، لم يزل في ليلته في حفظ الله وكلاءته ، فإن قرأهما في نهاره ، لم يصبه في
نهاره مكروه ، واُعطي من خير الدنيا والآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغه مناه »
.
وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله 7 قال : « إن لكل شيء قلباً وقلب القران
(ياسين) فمن قرأ (ياسين)
قبل أن ينام ، أو في نهاره قبل أن يمسي ، كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين
حتى يمسي ، ومن قرأها
قبل أن ينام ،
__________________
وكل الله به ألف ملك
يحفظونه من
كل شيطان رجيم ، ومن كل آفة ، ومن مات في يومه أدخله الله الجنة ، وحضر غسله
ثلاثون ألف ملك ، كلهم يستغفرون له ، ويشيّعونه إلى قبره بالاستغفار له ، فإذا
أدخل في لحده ، كانوا في جوف قبره يعبدون الله ، وثواب عبادتهم له ، وفتح له في قبره مدّ بصره ، وأمن ضغطة القبر
، ولم يزل له في قبره نور ساطع إلى أعنان السماء ، إلى أن يخرجه الله من قبره ، فإذا
أخرجه لم تزل ملائكة الله معه ، يشيّعونه ويحدثونه ويضحكون في وجهه ويبشرونه بكل
خير ، حتى يجوز به الصراط والميزان ، ويوقفونه من الله موقفاً لا يكون عند الله
خلق أقرب منه ، إلا ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون ، وهو مع النبيين واقف
بين يدي الله ، لا يحزن مع من يحزن ، ولا يهتمّ مع من يهتم ، ولا يجزع مع من يجزع.
ثم يقول له الرب تبارك وتعالى : اشفع ـ عبدي
ـ اشفّعك في جميع من تشفع ، ولا تحاسب ، وسلني ـ عبدي ـ أعطك جميع ما تسأل ، فيسأل
فيعطى ، ويشفع فيشفّع ، ولا يحاسب فيمن يحاسب ، ولا يوقَف مع من يوقف ، ولا يذلّ
مع من يذل ، ولا يبكت
بخطيئة ، ولا بشيء من سوء عمله ، ويعطى كتاباً منشوراً ، حتى يهبط من عند الله ، فيقول
الناس بأجمعهم : سبحان الله ، ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة. ويكون في رفقاء
محمد 9 » .
وبالإسناد ، عن أبي عبد الله 7 قال : « من قرأ سورة (الصافات) في كل
جمعة لم يزل محفوظاً من كل آفة ، مدفوعاً عنه كل بلية ، مرزوقاً بأوسع ما يكون من الرزق ، ولم يصبه
الله في ماله ولا ولده ولا بدنه ، بسوء من شيطان رجيم ، ولا جبار عنيد ، فإنّ من
مات في يومه أو في ليلته ، بعثه الله شهيداً مع الشهداء في درجتهم .
__________________
قال : ومن قرأ سورة (صاد) في ليلة
الجمعة ، أعطي من خير الدنيا والآخرة ، ما لم يُعط أحد من الناس ، إلا نبي مرسل ، أو
ملك مقرب ، وأدخله الله الجنة ، وكلّ من أحب من أهل بيته ، حتى خادمه الذي يخدمه .
قال : ومن قرأ سورة (الزمر) أعطاه الله تعالى شرف الدنيا والآخرة ،
وأعزّه بلا مال ولا عشيرة ، حتى يهابه من يراه ، وحرم جسده على النار ، وبنى له في
الجنة ألف مدينة ، في كل مدينة ألف قصر ، في كل قصر مائة حوراء ، وله مع هذا عينان
تجريان ، وعينان نضّاختان
، وحور مقصورات في الخيام
، ومن كل فاكهة زوجان .
ومن قرأ (حاميم المؤمن) في كل ليلة ، غفر
الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وألزمه كلمة التقوى ، وجعل الآخرة خيراً له .
ومن قرأ (حاميم السجدة) كانت له نوراً ـ
يوم القيامة ـ مد بصره ، سروراً ، وعاش في هذه الدنيا محموداً مغبوطاً .
وقال : من أدمن قراءة (حم عسق) بعثه
الله يوم القيامة ، ووجهه كالثلجـأو كالشمس ـ حتى يقف بين يدي الله تعالى فيقول : عبدي
، أدمنت قراءة (حم عسق) ولم تدر ما ثوابها ، (ولو دريت) لما مللت قراءتها ، ولكني سأجزيك جزاءك ، أدخلوه الجنة ، وله فيها قصر
من ياقوتة حمراء ، أبوابها وشرفها ودرجها منها ،
__________________
يرى ظاهرها من
باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، وله فيها حور
أتراب من الحور العين ، وألف جارية ، وألف غلام من الولدان المخلدين
قال : ومن قرأ ( حاميم الزخرف ) آمنه الله في قبره من
هوامّ الأرض ، ومن ضغطة القبر
ومن قرأ (حم الدخان) (ليلة الجمعة) ، بعثه الله من الآمنين ، وأظلّه تحت عرشه ، وحاسبه حساباً
يسيراً ، وأعطاه كتابه بيمينه .
قال : ومن قرأ سورة (الجاثية) كان
ثوابها أن لا يرى النار أبداً ، ولا يسمع بزفير جهنم ولا شهيقها ، وهو مع محمد 9 .
قال : ومن قرأ كل جمعة سورة (الأحقاف)
لم يصبه الله عز وجل بروعة في الدنيا ، وآمنه من فزع يوم القيامة .
وقال : إن (الحواميم) ريحان القران ، فإذا
قرأتموها فاحمدوا الله واشكروه على حفظها وتلاوتها ، إن العبد يقرأ (الحواميم)
فيخرج من فيه أطيب من المسك الأذفر والعنبر ، وإن الله تعالى يرحم تاليها ، ويرحم
جيرانه ، وأصدقاءه ومعارفه وكل حميم أو قريب له ، ويستغفر له العرش والكرسي
وملائكة الله المقربون .
قال : ومن قرأ سورة (محمد) 7 لم يرتب ، ولم يدخله شك في دينه أبداً
،
__________________
ولم يبتله الله
بفقرٍ أبداً ، ولا بخوف من سلطان أبداً ، ولا يزال محفوظاً حتى يموت ، ووكل الله به في قبره ألف ملك يصلّون عليه ،
ويكون ثواب صلاتهم له ، ويشيعونه حتى يوقفوه موقف الآمنين .
ومن قرأ سورة (الفتح) نادى مناد يوم
القيامة حتى يسمع الخلائق : أنت من عبادي المخلصين ، ألحقوه بالصالحين من عبادي ، فأسكنوه
جنات النعيم ، واسقوه الرحيق المختوم بمزاج الكافور .
قال : ومن قرأ سورة (الحجرات) في كل يوم
ـ أوفي كل ليلة ـ كان من زوار محمد 9
.
ومن قرأ سورة (قاف) وسع الله عليه في رزقه ، وأعطاه
الله كتابه بيمينه .
ومن قرأ سورة (الذاريات) في يومه ـ أو
في ليلته ـ أصلح الله تعالى له معيشته ، وأتاه برزق واسع ، ونوّر له في قبره بسراج
يزهر إلى يوم القيامة » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (الطور) جمع الله له خير الدنيا والآخرة » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (النجم) في كل يوم ـ أو في كل ليلة ـ عاش محموداً بين الناس ، وكان
مغفوراً له إن شاء الله تعالى » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (أقتربت الساعة) أخرجه الله من قبره على
__________________
ناقة من نوق الجنة »
.
وقال 7
: « لا تدع
قراءة سورة (الرحمان) والقيام بها ، فإنها لا تقرّفي قلوب المنافقين ، ويأتي بها [
ربها ]
يوم القيامة في صورة آدمي في أحسن صورة وأطيب ريح ، حتى تقف من الله عز وجل موقفاً
لا يكون أحد أقرب إلى الله منها ، فيقول لها : من الذي كان يقوم بك في الدنيا ؟ فتقول : يا رب ، فلان وفلان ، فتبيض وجوههم
، ويقال لهم : اشفعوا فيمن أحببتم
، وادخلوا الجنة فاسكنوا حيث شئتم .
وإن قرأها ليلاً أونهاراً مات شهيداً » .
وبهذا الاسناد عن أبي بصير ، عن أبي عبد
الله 7 ، قال : « من
قرأ كل ليلة جمعة (الواقعة) أحبه الله ، وحببه إلى الناس أجمعين ، ولم ير في
الدنيا بؤساً ولا فقراً ولا آفة ، وكان من رفقاء أمير المؤمنين 7 ، وإنها نزلت فيه خاصة .
ومن اشتاق إلى الجنة وصفتها فليقرأها .
ومن قرأها قبل أن ينام ، لقي الله تعالى
ووجهه كالقمر ليلة البدر
قال : ومن قرأ سورة (الحديد والمجادلة) في فريضة ، لم يعذبه الله عز وجل أبداً ، ولم
ير في نفسه وأهله سوءاً أبداً ولا خصاصة » .
وعن اُبي بن كعب ، عن النبي 9 قال : « من قرأ سورة (الحشر) لم يبق
جنة ولا نار. ولا عرش ولا كرسي ، ولا حجب السماوات السبع ،
__________________
والأرضين السبع ، والهواء
والطير والشجر والجبال ، والشمس والقمر ، والملائكة ، إلا صلوا عليه واستغفروا له
، وإن مات في يومه ، أو في ليلته ، مات شهيداً » .
وقال علي بن الحسين 7 : « من قرأ سورة (الممتحنة) في فرائضه ونوافله
، امتحن الله قلبه للإيمان ، ونور بصره ، ولا يصيبه فقر ولا جنون ، في نفسه ولا في
ولده » .
وعن أبي جعفر 7 : « من قرأ سورة (الصف) في فرائضه ونوافله ، جعله الله في صف
ملائكته وأنبيائه المرسلين » .
وقال 7
: « من الواجب على كل مؤمن ، إذا كان من شيعتنا ، أن يقرأ في ليلة الجمعة بـ (الجمعة)
و (سبح) وفي الظهر والعصر (الجمعة) و (المنافقون) فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل عمل
رسول الله ، وكان ثوابه على الله الجنة » .
وقال 7
: « من قرأ (التغابن) في فريضته كانت شفيعته يوم القيامة ، وشاهد عدل عند من يجيز
شهادتها ، ثم لا يفارقها
حتى تدخله الجنة » .
وقال 7
: « من قرأ بالمسبحات كلها قبل أن ينام ، لم يمت حتى يدرك القائم 7 ، فإن مات كان من جوار النبي 9 » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (الطلاق) و (التحريم) في فريضة ، أعاذه الله من أن يكون في
القيامة ممن يخاف أويحزن ، وعوفي من النار ، وأدخله الله الجنة ، بتلاوته إياهما ،
ومحافظته عليهما ، لأنهما للنبي 9
» .
وقال 7
: « من قرأ (تبارك الذي بيده الملك) في المكتوبة قبل أن
__________________
ينام ، لم يزل في
أمان [ الله ]
حتى يصبح ، وفي أمانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة إنشاء الله » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (نون والقلم) في فريضة ـ أو نافلة ـ آمنه الله عز
وجل [ من ]
أن يصحبه فقر ، وأعاذه إذا مات من ضمة القبر إن شاء الله » .
وقال 7
: « أكثروا من قراءة (الحاقة) فإن قراءتها في الفرائض والنوافل من
الإيمان بالله ورسوله ، لأنها إنما نزلت في أمير المؤمنين 7 ومعاوية ، ولم يسلب قارؤها دينه حتى
يلقى الله عز وجل » .
وقال 7
: « اكثروا من قراءة (سأل سائل) فإن من أكثر قراءتها ، لم يسأله الله
عز وجل يوم القيامة عن ذنب عمله ، وأسكنه الجنة مع محمد 9 و
أهل بيته إن شاء الله » .
وقال 7
: « من كان يؤمن بالله ويقرأ كتابه ، لا يدع أن يقرأ سورة (إنا أرسلنا
نوحاً إلى قومه)
فأيُّ عبد قرأها محتسباً صابراً ـ في فريضة أونافلة ـ أسكنه الله عز وجل مساكن
الأبرار ، وأعطاه ثلاث جنان مع جنته كرامة من الله ، وزوجه مائتي حوراء ، وأربعة
آلاف بنت
، إن شاء الله » .
وقال 7
: « من أكثر قراءة سورة (الجن) لم يصبه شيء من أعين الجن ، ولا نفثهم ولا سحرهم
ولا من كيدهم ، وكان مع محمد عليه الصلاة والسلام ، فيقول : يا رب ، لا أريد به
بدلاً ، ولا أريد أن أبغي عنه حولاً » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (المزّمّل) في العشاء الآخرة ، أوفي آخر
__________________
الليل ، كان له
الليل والنهار شاهدين مع سورة المزّمّل ، وأحياه الله حياة طيبة و [ أماته ] ميتة طيبة » .
وقال 7
: « من قرأ في الفريضة سورة (المدثر) كان حقاً على الله عز وجل ، أن يجعله مع محمد
9 في درجته ، ولا
يدركه في حياة الدنيا شقاء أبداً ، إن شاء الله تعالى » .
وقال 7
: « من أدمن قراءة (لا اُقسم) وكان يعمل بها ، بعثه الله عز وجل مع رسول الله 9 من قبره في أحسن صورة ، ويبشره ويضحك في
وجهه حتى يجوز على الصراط » .
وقال 7
: « من قرأ (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) في كل غداة خميس ، زوّجه الله من الحور
العين ، وكان مع
محمد 9 » .
وقال 7
: « ومن قرأ (والنازعات) لم يمت إلا ريِّاناً ، ولم يبعثه الله
إلا ريّاناً ، ولم يدخله الجنة إلا ريّاناً.
قال : ومن قرأ (والمرسلات) عرّف الله تعالى بينه وبين محمد ـ يوم
القيامة ـ 9.
ومن قرأ (عم يتساءلون) لم تخرج سنته ـ إذا أدمنها في كل يوم ـ
حتى يزوربيت الله الحرام » .
وقال 7
: « ومن قرأ (عبس) و (إذا الشمس كورت) كان (في أمن) من الخيانة ، وفي ظل الله وكرامته وجنانه
» .
__________________
وقال 7
: « من قرأ (إذا السماء انفطرت) و (إذا السماء انشقت) وجعلهما نصب عينيه ، لم يحجبه الله عن حاجة ، ولم يحجزه
عن الله حاجز ، ولم يزل الله ينظر إليه حتى يفرغ من الحساب » .
وقال 7
: « من كان قراءته في الفريضة (ويل للمطففين) أعطاه الله عز وجل الأمن يوم القيامة
من النار ، ولا يمرّ على جسر جهنم ، ولا يحاسب » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (البروج) حشره الله مع النبيين والمرسلين » .
وقال 7
: « من قرأ في فرائضة بـ (السماء والطارق) كانت له عند الله يوم القيامة جاهاً
عظيماً ومنزلة رفيعة ، وكان من رفقاء النبيين وأصحابهم في الجنة » .
وقال 7
: « من أدمن قراءة سورة (الغاشية)
غشاه الله برحمته في الدنيا والآخرة ، وآمنه من عذاب النار » .
وقال 7
: « اقرؤا سورة (الفجر) في فرائضكم ، فإنها سورة الحسين 7 ، من قرأها كان معه في درجته من الجنة
» .
وقال 7
: « من كان قراءته في فريضة (لا أقسم بهذا البلد) كان في
__________________
الدنيا معروفاً من
الصالحين ، وفي الآخرة معروفاً إن له من الله مكاناً ، وكان يوم القيامة من رفقاء
النبيين والشهداء والصالحين » .
وقال 7
: « من أكثر قراءة ( الشمس وضحاها ) (
والليل إذا
يغشى )
( والضحى ) و (
ألم نشرح ) في يومه ـ أوفي ليلته ـ لم يبق شيء
بحضرته إلا شهد له يومالقيامة ، حتى شعره وبشره ، ولحمه ودمه ، وعروقه وعصبه ، وعظامه
وجميع ما أقلت الأرض منه.
ويقول الرب تبارك وتعالى : قبلت شهادتكم
لعبدي وأجزتها له ، انطلقوا به إلى جنّاتي حتى يتخير منها حيث شاء وأحب ، فاعطوه
إياها من غير منّ ، ولكن رحمة مني وفضلاً عليه ، فهنيئاً هنيئاً لعبدي » .
وقال 7
: « من قرأ (والتين)
في فرائضه ونوافله ، اُعطي من الجنة حيث
يرضى ، إن شاء الله » .
وقال 7
: « من قرأ في يومه أوليلته (الم نشرح لك صدرك) (والضحى) و (اقرأ باسم ربك)
مات شهيداً ، وبعثه الله شهيداً ، وأحياه شهيداً ، وكان ممن ضرب بسيفه في سبيل الله مع رسول الله 9 » .
وقال 7
: « من قرأ (إنا انزلناه في ليلة القدر) يجهر بها صوته ، كان كالشاهر سيفه في
سبيل الله عز وجل ، ومن قرأها سراً ، كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله عز وجل ، ومن
قرأها عشر مرات ، محا الله عنه ألف ذنب من ذنوبه » .
وقال 7
: « من قرأ (إنا انزلناه في ليلة القدر) في فريضة من فرائض الله عز وجل ، نادى
مناد : يا عبد الله ، قد غفر لك ما مضى ، فاستأنف العمل » .
__________________
وقال 7
: « من قرأ سورة (لم يكن)
كان بريئاً من الشرك ، وأدخل في دين محمد 9
، وبعثه الله عز وجل مؤمناً ، وحاسبه حساباً يسيراً » .
وقال 7
: « لا تملّوا من قراءة سورة (إذا زلزلت) فإن من كانت قراءته في نوافله ، لم
يصبه الله عز وجل بزلزلة أبداً ، ولم يمت بها ، ولا بصاعقة ، ولا بآفة من الافات ،
فإذا مات أمر به إلى الجنة ، فيقول الله عز وجل : عبدي ، أبحتك جنتي ، فاسكن منها
حيث شئت وهويت ، لا ممنوع ولا مدفوع عنها » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (العاديات) وأدمن قرأتها ، بعثه الله تعالى مع أمير المؤمنين 7 ـ يوم القيامة ـ خاصة ، وكان من رفقائه
» .
وقال 7
: « من قرأ (القارعة) واكثر من قراءتها ، آمنه الله عز وجل
في فتنة الدجال
، ومن فيح جهنم » .
وقال 7
: « ومن قرأ سورة (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) في فريضة ، كتب الله له ثواب مائة شهيد
، ومن قرأها في نافلة كتب الله له ثواب خمسين شهيداً ، وصلّى معه في فريضته أربعون
صفاً من الملائكة » .
وقال رسول الله 9 : « من قرأ (ألهاكم
التكاثر)
عند نومه ، وقي فتنة القبر » .
وقال 9
: « من قرأ (والعصر)
في نوافله ، بعثه الله يوم القيامة مشرقاً وجهه ، ضاحكاً سنه ، قريرا عينه ، حتى
يدخل الجنة » .
وقال 7
: « من قرأ سورة (الهمزة) في فرائضه ، بعّد الله عنه الفقر ، وجلب إليه الرزق ، ويدفع
عنه ميتة السوء » .
__________________
وقال 7
: « من قرأ سورة (الفيل) شهد له يوم القيامة كل سهل وجبل ومدر ، بأنه كان من
المصلّين ، وينادي له يوم القيامة مناد : صدقتم على عبدي ، قبلت شهادتكم له ، أدخلوه
الجنة ، ولا تحاسبوه ، فإنه ممن اُحبّه واُحب عمله » .
وقال 7
: « من قرأ (لإيلاف قريش) فاكثر من قراءتها ، بعثه الله يوم القيامة
على مركب [ من مراكب ]
الجنة ، حتى يقعد على موائد النور » .
ومن قرأ في فريضة سورة (الفيل) فليقرأ معها (لإيلاف قريش) فإنهما جميعاً سورة واحدة .
وقال 7
: « من قرأ سورة (أرأيت الذي يكذّب بالدين) في فرائضه ونوافله ، كان ممن قبل الله
عز وجل صلاته وصيامه ، ولم يحاسبه بما كان منه » .
وقال 7
: « من كان قراءته » (
إنا
اعطيناك الكوثر ) في فرائضه ونوافله ، سقاه الله من
الكوثر يوم القيامة ، وكان منزله
عند رسول الله في أصل طوبى » .
وعن أبي عبد الله 7 ، قال : « من قرأ (قل يا أيها
الكافرون)
و (قل هو الله أحد) في فريضة من الفرائض ، غفر الله له
ولوالديه وما ولدا ، وإن كان شقياً محي من ديوان الأشقياء ، واُثبت في ديوان
السعداء ، وأحياه الله سعيداً ، وأماته شهيداً ، وبعثه شهيداً » .
وقال 7
: « من قرأ (إذا جاء نصر الله) في نافلة أوفريضة ، نصره الله على جميع
أعدائه ، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب
فيه أمان من جسر جهنم ومن
__________________
النار [ و ] زفيرها ، ولا يمرّ على شيء يوم القيامة
إلا بشّره ، وأخبره بكل خير ، حتى يدخل الجنة ، ويفتح له في الدنيا من أسباب الخير
ما لم يتمنّ ولا يخطر بباله » .
وقال 7
: « إذا قرأتم (تبت يدا أبي لهب) فادعوا عليه ، فإنه كان من المكذبين
للنبي صلى الله عليه ، وبما جاء به من عندالله عز وجل »
وعن أبي عبد الله 7 ، قال : « من مضى له يوم واحد ، (ولم
يصلّ فيه)
بـ ( قل هوالله أحد
) قيل له : يا
عبد الله ، لست من المصلين » .
وقال 7
: « من مرت له جمعة ، ولم يقرأ فيها بـ ( قل هوالله أحد
) ثم مات ، مات
على دين أبي لهب » .
وقال 7
: « من أصابه مرض أوشدة ، ولم يقرأ في مرضه أوشدّته (قل هو الله أحد) ثم مات في مرضه أوفي شدته ، فهو من أهل
النار » .
وقال : « من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر ، فلا يدع أن يقرأ في دبر الفريضة (قل هو الله أحد) فإنّه من قرأها جمع الله
له خير الدنيا والآخرة ، وغفر له ولوالديه وما ولدا » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « قال رسول الله 9 : من قرأ (قل هوالله أحد) مائة مرة ، غفرالله له ذنوب خمسين سنة .
وان النبي 9
صلّى على سعد بن معاذ ، فقال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألف ملك ـ فيهم جبرئيل ـ يصلّون عليه ،
فقلت : يا جبرئيل ، بما
__________________
استحقّ صلاتكم عليه؟
فقال : بقراءة (قل هو الله أحد) قائماً وقاعداً وراكباً وماشياً وذاهباً
وجائياً » .
وقال 7
: « من أوى إلى فراشه فقرأ (قل هو الله أحد) عشر مرات ، حصن في داره ودويرات حوله » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « من قرأ (قل هو الله
أحد)
اثنتي عشرة
مرة في دبر الفجر ، لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب ، [ وإن رغم أنف ] الشيطان .
ومن قدم (قل هو الله أحد) بينه وبين جبار ، منعه الله تعالى منه
، بقراءتها بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، فإذا فعل ذلك ، رزقه
الله خيره ، ومنعه شره » .
وقال : « إذا خفت أمراً فاقرأ مائة آية
من القران من حيث شئت ، ثم قل : اللهم اكشف عني البلاء ، ثلاث مرات » .
وقال أبو عبد الله 7 لرجل : « أتحب البقاء في الدنيا؟ قال :
نعم ، قال : ولم؟ قال : لقراءة (قل هو الله أحد) فسكت عنه ، ثم قال بعد ساعة : من مات
من أوليائنا وشيعتنا ، ولم يحسن القران ، علّم في قبره ليرفع الله به درجته ، فإن
درجات الجنة على قدر ايات القرآن ، فيقال لقارئ القران : اقرأ [ وارقَ ] »
وعن أبي جعفر 7 قال : « من أوتر بالمعوّذتين و (قل هو الله
أحد)
قيل
__________________
له : يا عبد الله ، أبشر
، فقد قُبل
وترك » .
* * *
__________________
باب
تتمة الأحاديث المقدم ذكرها
الثامن
والثلاثون : قال النبي 9 : « من قدم غريماً ليستحلفه ، ويعلم أنه يحلف ، فتركه
تعظيماً لله ، لم يرض الله له يوم القيامة إلا بمنزلة إبراهيم خليل الرحمن 7 .
ومن بلغه شيء من الثواب على (شيء من
الخير)
فعمله ، كان له أجر ذلك ، وإن كان رسول الله 9
لم يقله .
ولا يتكلم الرجل بكلمة حق فاُخذ بها
إلاّ كان له مثل أجر من أخذ بها ، ولا يتكلم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلاّ كان عليه
مثل وزر من أخذ بها .
ومن سنّ سنّة هدى ، كان له أجر من عمل
بها ، ومن سنّ سنّة ضلالة ، كان عليه مثل وزر من عمل بها .
ومن عمل بما علم كُفي ما لم يعلم .
وأربع من كنّ فيه بنى الله له بيتاً في
الجنة : من آوى اليتيم ، ورحم الضيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه .
ومجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة .
ومن حفظ أربعين حديثاً (عن رسول الله 9)
ممايحتاجون إليه من دينهم ، بعثه الله عز وجل يوم القيامة فقيهاً » .
التاسع
والثلاثون : عن أبي عبد الله 7 ، (عن رسول الله 9)
، قال : « لا يجمع الله تعالى لمؤمن الورع والزهد والإقبال إلى الله تعالى في
الصلاة ، إلا رجوت له الجنة ، وإني لاُحِب للمؤمن أن يقبل إلى الله في صلاته ، ولا يشغل قلبه
بأمر الدنيا ، فما من مؤمن يقبل بقلبه في صلاته إلى الله ، إلاّ أقبل الله إليه
بوجهه ، (وأقبل بقلبه إليه بالمحبة ، وعطف عليه قلوب المؤمنين بالمحبة).
وأيما مؤمن نفّس عن مؤمن كربة ، نفّس
الله عنه سبعين كربة من كُرب الدنياوكرب يوم القيامة ، ومن يسّر على مؤمن وهو معسر
، يسّر الله عليه حوائجه في الدنيا والآخرة
، فإن الله عز وجل في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه المؤمن ، انتفعوا بالعظة
، وارغبوا في الخير .
ومن أطعم أخاه في الله ، كان له من
الأجر مثل من أطعم فئاما
، قال : قلت : ما الفئام؟ فقال : مائة ألف من الناس » .
الأربعون
: عن أبي عبد الله 7 قال : « قال رسول الله 9 : من أقرض مؤمناً قرضاً ينتظر به
ميسوره ، كان ماله في زكاة ، وكان هو في صلاة
__________________
الملائكة حتى يؤديه
إليه » .
وعن المفضل قال : قال أبو عبد الله 7 : « ما من مسلم أقرض مسلماً قرضاً يريد
وجه الله عز وجل ، إلاّ احتسب الله له أجرها بحساب الصدقة ، حتى يرجع إليه .
عن أبي عبد الله 7 قال : « القرض الواحد بثمانية عشر
ضعفاً ، وإن مات
احتسب بها من الزكاة » .
وعن أبي عبد الله 7 قال : « لئن أقرض قرضاً أحبّ إلي [ من ]
ان أصل
بمثله ».
قال : وكان يقول : « من أقرض فضرب له
أجلاً فلم يؤت به عند ذلك الأجل ، فإن له من الثواب في كل تأخر عن ذلك الأجل ، بمثل
صدقة دينار واحد في كل يوم » .
عن أبي عبد الله 7 قال : « قال النبي 9 : ألف درهماُ قرضها مرتين ، أحب (إلى
الله) من أن
أتصدّق بها مرّة ، وكما لا يحلّ لغريمك أن يمطلك وهو موسر ، فكذلك لا يحل لك أن
تعسره إذا علمت أنّه معسر » .
عن الرضا 7
قال : « قال أبو عبد الله 7
: من أتخذ خاتماً فصّه عقيق لم يفتقر ، ولم يقض له إلاّ بالتي هي أحسن .
ومر به رجل من أهله مع غلمان الوالي
فقال : اتبعوه
بخاتم عقيق ، فاُتبع به
__________________
فلم ير مكروهاً » .
وقال : « العقيق حرز في السفر » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « تختموا بالعقيق يُبارك عليكم ، وتكونوا في أمن من البلاء » وشكا رجل إلى رسول الله 9 أنه قطع عليه الطريق ، فقال له : « هلاّ
تختّمتَ بالعقيق! فانه يحرس من كل سوء .
ومن تختم بالعقيق لم يزل ينظر إلى الحسنى مادام في يده ، ولم يزل عليه من
الله واقية .
ومن صاغ خاتماً من عقيق ، فنقش فيه : « محمد
نبيّ الله وعليّ ولي الله » ، وقاه الله ميتة السوء ، ولم يمت الاّ على الفطرة .
وما رفعت إلى الله كفّ أحب إليه من كفّ
فيها عقيق .
ومن ساهم بالعقيق كان (حظه فيها) الأوفر .
ولما ناجى موسى الله تعالى كلمه على طور سيناء ثم اطلع إلى الأرض
اطلاعة فخلق
العقيق ، فقال سبحانه : اليت بنفسي ألاّ أعذب كفاً لبسته إذا تولّى علياً صلوات
الله عليه » .
__________________
وقال 7
: « صلاة ركعتين بفص عقيق تعدل ألف ركعة بغيره » .
وقال 7
: « التختم بالفيروزج ، ونقشه : الله الملك ، النظر إليه حسنة ، وهو من الجنة ، أهداه
جبرئيل لرسول الله 9
فوهبه لأمير المؤمنين 7
، واسمه بالعربية : الظفر » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « تختموا بالجزع اليماني ، فإنه يردّ كيد مردة الشياطين
» .
وقال 7
: « التختم بالزمرد يسر لا عسر فيه .
والتختم باليواقيت ينفي الفقر » .
وقال : « ونعم الفص البلور » .
عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الحسن 7 ، أنه كان يقول : « من دعا لامرئ من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات ، وكل الله به لكل مؤمن ملكاً يدعو له » .
__________________
وبهذا الإسناد ، عن أبي الحسن الرضا 7 ، قال : « ما من مؤمن يدعو للمؤمنين
والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، إلاّ كتب الله له بكل مؤمن
ومؤمنة حسنة ، منذ بعث الله آدم إلى أن تقوم الساعة » .
عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله 7 ، قال : « من قال كلّ يوم خمساً وعشرين
مرة : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، كتب الله له بعدد كل
مؤمن ومؤمنة بقي
إلى يوم القيامة حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة » .
عن أبي عبد الله 7 ، عن أبيه قال : « قال رسول الله 9 : ما من عبد دعا للمؤمنين والمؤمنات ، إلاّ
ردّ الله عليه مثل الذي دعا لهم ، من كل مؤمن ومؤمنة مضى من أول الدهر إلى ما هو
آت إلى يوم القيامة ، وإن العبد ليؤمر به إلى النار ويسحبُ فيقول المؤمنون
والمؤمنات : يا ربنا هذا الذي كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ، فيشفعهم الله فيه ، فينجو
من النار » .
وعن أبي جعفر 7 قال : « قال رسول الله 9 : إذا دعا أحدكم فليعَّم ، فإنه أوجب
للدعاء » .
وقال 7
: « من قال : لا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم ، دفع الله بها عنه سبعين
نوعاً من البلاء ، أيسره الجنون
.
ومن خرج من بيته فقال : بسم الله ، قال
له الملكان : هديت ، فإذا قال : لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، قالا له : وقيت ، فإذا
قال : توكلت على الله ، قالا له : كفيت ، فيقول الشيطان : كيف (أصنع بمن) هدي ووقي وكفي! » .
__________________
وقال 7
: « من خرج من داره فوقف على بابه وقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، بالله
أخرج ، وبالله أدخل ، وعلى الله أتوكل ، اللهم افتح في وجهي هذا بخير ، واقض لي
فيه بخير ، واختم لي بخير ، واكفني شرّ كلّ دابة أنت آخذ بناصيتها إنك على صراط
مستقيم. كفي ما يخاف ».
ومن توجه في حاجة ، فينبغي أن يكون على
طهر ، فقد قال 7
: « عجباً لمن توجه ، فينبغي أن يكون على طهر ، كيف لا تقضى له! » ويقرأ عن يمينه
وشماله وخلفه وأمامه (قل هو الله أحد) و (الحمد) و (آية الكرسي) و (آية
الملك)
و (شهد الله)
وآيات (آل عمران) : ( إن في خلق السموات
والأرض ـ إلى قوله ـ إنك لا تخلف الميعاد )
و (إنا أنزلناه) فإنّ حاجته تقضى إن شاء الله.
الحديث
الواحد والأربعون : عن أمير المؤمنين 7
: « من خرج في سفره ، ومعه عصا لوز مرٌ وتلا هذه الآية ( ولما توجه تلقاء مدين
) إلى قوله ( والله على
ما نقول وكيل ) آمنه
الله تعالى من كل سبع ضار ، وكل لصّ عاد وكل ذات حمة ، حتى يرجع إلى أهله ومنزله ، (ووكل
الله) معه سبعة
وسبعين من المعقبات
، وتنفي عنه الفقر ، ولا يجاوره شيطان » .
وقال 9
: « إن آدم مرض مرضاً شديداً فصابته فيه وحشة ، فشكا ذلك إلى جبرئيل فقال له : اقطع
واحدة من خشب اللوز وضمّها إلى صدرك ، ففعل فأذهب الله عنه الوحشة » .
وقال : « من أراد أن تطوى له الأرض ، فليتخذ
العصا من لوزٍ مر » .
__________________
« ومن خرج من بيته معتماً محنكاً مضمون له
السلامة » .
وعن أبي الحسن الأول 7 قال : « أنا الضامن لمن خرج من بيته
يريد سفراً معتمّاَ تحت حنكه ، أن لا يصيبه الحرق والغرق والشرق » .
وقال النبي 9 : « إذا ركب الرجل الدابة فسمى ، ردفه
ملك يحفظه حتى ينزل ، فإن ركب ولم يُسَمِّ ، ردفه الشيطان » .
وقال : « من قال إذا ركب الدابة : بسم
الله ، لا حول ولا قوة إلاّ بالله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا (وما كنا
لنهتَدي لولا أن هدانا الله)
، سبحان
الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. إلاّ حفظت له نفسه ودابته حتى ينزل .
وما من أحد يخرج من بيته ، إلاّ وعلى
بابه رايتان : راية بيد ملك ، وراية بيد الشيطان ، فإن خرج في طاعة الله مشى الملك
برايته خلفه ، وإن مشى في معصية مشى الشيطان خلفه برايته ».
وكان أمير المؤمنين 7 يقول عند سفره : « اللهم إني أعوذ بك
من وعثاء السفر
، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في النفس والأهل والمال والولد.
اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة
في الحضر ، ولا يجمعهما غيرك ، لأن المستصحب لا يكون مستخلفاً ، والمستخلف لا يكون
مستصحبا ».
ويستحب أن يدعو عند توجهه فيقول : اللهم
بك يصول الصائل ، وبك يطول الطائل ، ولا حول لكل ذي حول إلاّ بك ، ولا قوة
يمتادوها ذو
قوة إلاّ منك ، أسألك
__________________
بصفوتك من خلقك محمد
نبيك وعترته صلوات الله عليهم ، أن تكفيني شر هذا اليوم وضرّه ، وارزقني خيره
ويمنه ، واقض لي في متصرفاتي بحسن العاقبة ، وبلوغ المحبة ، والظفر بالاُمنية ، وكفاية
الطاغية ، والمعونة على كل ذي أذية ، حتى أكون في جنَّة وعصمة من كل بلاء ونقمة ، وأبدلني
في المخاوف أمناً ، ومن العوائق يسراً ، حتى لا يصدّني صاد عن المراد ، ولا يحل بي
طارق من أذى العباد ، إنك على كل شيء قدير ، والاُمور إليك تصير ، يا من ليس كمثله
شيء وهو السميع البصير.
ويقرأ الآيات التي ذكرناها.
الثاني
والأربعون : في المرض والعيادة ،
عن أبي عبد الله 7
قال :
« قال رسول الله 9 : « الحمى رائد الموت ، وسجن الله في أرضه
، وحرّها من جهنم ، وهي حظّ كل مؤمن من النار .
ونعم الوجع الحمى يعطي كل عضو حظه من
البلاء ، ولا خير فيمن لا يُبتلى .
وإن المؤمن إذا حُمَّ حمى واحدة ، تناثرت
الذنوب عنه كورق الشجر ، فإن أنّ على فراشه ، فأنينه تسبيح ، وصياحه تهليل ، وتقلّبه
على فراشه كمن يضرب بسيفه في سبيل الله ، فإن أقبل يعبد الله (مع مرضه) ، كان مغفوراً له ، وطوبى له .
وحمّى ليلة كفارة سنة ، لأن ألمها يبقى
في الجسد سنة .
وهي كفارة لما قبلها وما بعدها .
ومن اشتكى ليلة ، فقبلها بقبولها ، وأدّى
إلى الله شكرها ، كانت له كفارة
__________________
ستين سنة. (وقبولها :
الصبر عليها)
.
والمرض للمؤمن تطهير ورحمة ، وللكافر
تعذيب ولعنة ، ولايزال المرض بالمؤمن حتى لا يبقي عليه ذنباً .
وصداع ليلة يحطّ كلّ خطيئة إلاّ الكبائر
» .
وقال النبي 9 : « للمريض أربع خصال : يرفع عنه القلم
، ويأمر الله الملك فيكتب له فضل ما كان يعمله في صحته ، (وينفي عن كل عضو من جسده
ما عمله من ذنب)
، فإن مات مات مغفوراً له ، وإن عاش عاش مغفوراً له .
وإذا مرض المسلم كتب الله له كأحسن ما
كان يعمل في صحته ، وتساقطت ذنوبه كما يتساقط ورق الشجر .
ومن عاد مريضاً في الله ، لم يسأل
المريض للعائد شيئاً الاّ استجاب [ الله ]
له .
ويوحي الله تعالى إلى ملك الشمال : ألاّ
تكتب على عبدي شيئاً مادام في وثاقي ، وإلى ملك اليمين : أن اجعل أنين عبدي حسنات.
وإن المرض ينقي الجسد من الذنوب ، كما
يذهب الكير خبث الحديد .
وإذا مرض الصبي كان مرضه كفارة لوالديه
» .
وروي ان فيما ناجى به موسى ربه ، أن قال
: يا رب ، أعلمنى ما في عيادة المريض من الأجر؟ فقال سبحانه : أوكل به ملكاً يعوده
في قبره إلى محشره قال : يا رب ،
__________________
فما لمن غسّله إذا
مات؟ قال : اُغسله من ذنوبه كما ولدته اُمه. قال : يا رب ، فما لمن شيّعجنازته؟
قال : اُوكل به ملائكتي ومعهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلى محشرهم.
قال : يا رب ، فما لمن عزّى (مصاباً
بمصيبته) ؟
قال : اُظله بظلّي يوم لا ضلّ إلا ظلّي .
وقال 7
: « عائد المريض يخوض في الرحمة ، فإذا جلس انغمسفيها ».
ويستحب الدعاء له فيقول : اللهم رب
السماوات السبع ، ورب الأرضين السبع ، وما فيهنَّ وما بينهنَّ وما تحتهن ، ورب
العرش العظيم ، صل على محمد وآل محمد ، واشفه بشفائك ، وداوه بدوائك ، وعافه من
بلائك ، واجعل شكايته كفارة لما مضى من ذنوبه وما بقي .
* * *
__________________
باب
ما جاء من عقاب الأعمال
عن أبي عبد الله 7 قال : « عبد الله حِبر من أحبار بني
اسرائيل حتى صار مثل الخلال
، فأوحى الله عز وجل إلى نبي زمانه : قل له : وعزّتي وجلالي ، لو عبدتني حتى تذوب
كما تذوب الألية في القدر ، ما قبلت منك حتى تأتيني من الباب الذي أمرتك » ..
وقال 7
: « إياكم والغفلة ، فمن غفل فإنما يغفل عن نفسه ، وإياكم والتهاون بأمر الله ، فمن
تهاون بأمره أهانه الله يوم القيامة » .
وقال رسول الله 9 : « من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً
، ولو أن
عبداً عبد الله بين الركن والمقام الف سنة ، ثم لقي الله بغير ولايتنا ، لأكبه
الله على منخريه في النار .
ومن مات لا يعرف إمام زمانه ، مات ميتة
جاهلية .
والله ما ترك الله الأرض منذ قبض آدم ، إلاّ
وفيها إمام يهتدى به ، حجة على العباد ، من تركه هلك ، ومن لزمه نجا » .
وقال الله تعالى في بعض كتبه : لاُعذبن
كلّ رعيّة أطاعت إماماً جائراً وإن كانت برة تقية ، ولأعفونّ عن كل رعية أطاعت
إماماً هادياً ، وإن كانت ظالمة مسيئة .
ومن أمّ قوماً وفيهم أعلم منه ، لم يزل
أمرهم في سفال إلى يوم القيامة .
__________________
ومن صلّى ولم يذكر الصلاة عليّ وعلى آلي
، سلك به غير طريق الجنة ، وكذلك من ذكرت عنده ولم يصلّ عليّ .
ومن ادعى الإمامة وليس بإمام ، فقد
افترى على الله وعلى رسوله .
وقال 7
: « ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ حتى يرى وبالهنّ : البغي ، والكذب ، وقطيعة الرحم » .
قال الله تعالى : لا تنال رحمتي لمن
تعرض للأيمان الكاذبة ، ولا اُدني مني زانياً
ولا قاطع رحم.
والجنة محرّمة على سافك الدم الحرام ، ومدمن
خمر ، ومنّان ، ومغتاب .
وقال 9
: « من تَعصّب أوتُعصّب له ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه .
وحشره الله يوم القيامة مع أعراب
الجاهلية .
وإنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال
ذرة من كبر ، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال حبة من إيمان وإن في جهنم لوادياً للمتكبرين يقال له
: سقر ، شكا إلى الله شدة حرّه ، وسأله أن يأذن له أن يتنفّس ، فتنفس فأحرق جهنم ومن أذنب ذنباً وهو ضاحك ، دخل النار
وهو باك » .
__________________
وقال 9
: « إن الرجل لتدخله امرأته النار ، فقيل : وكيف تدخله امرأته النار؟ قال : تطلب
أن تذهب إلى الحمامات ، والعرسات ، والنائحات ، والثياب الرقاق فيجيبها » .
وقال 7
: « شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار .
وما من رجل شهد شهادة زور على مال رجل
مسلم ليقطعه ، الاّ كتب الله له مكانه صكاً
بالنار .
ومن شهد شهادة حق ليحيى بها حق أمريء
مسلم ، جاء يوم القيامة ولوجهه نور مدّ البصر » .
وقال : « شاهد الزور لا تقبل توبته حتى
يرد ما شهد به من ماله ، وان شهد معه آخر كان عليه النصف .
ومن حلف على يمين ، وهو يعلم أنه كاذب ،
فقد بارز الله تعالى بالمحاربة .
وإن اليمين الكاذبة تذر الديار بلاقع من
أهلها .
وتورث الفقر في العقب .
وإنه لا يعرف عظمة الله من يحلف به
كاذباً .
وإن الله تعالى لا يزال ناظراً إلى عبده
إذا صلى ، ما دام مقبلاً على صلاته ، فاذا أعرض أعرض الله عنه » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « من قرأ خلف إمام يأتم به ، وبعث
على غير
__________________
الفطرة .
ومن صلّى بقوم فطوّل بعث من أئمة الجور.
ومن نام عن عشا الآخرة إلى نصف الليل ، فلا
أنام الله عينه .
ومن أفطر يوماً من شهر رمضان ، خرج
الإيمان من قلبه .
ومن نسي سورة من القران ، مثلت له يوم
القيامة في صورة حسنة ودرجة رفيعة ، فإذا راها قال : من أنت ، ما أحسنك ، ليتك
لي؟! فتقول : أما تعرفني! أنا سورة كذا وكذا ، لو لم تنسني لرفعتك إلى هذا المكان
» .
وقال 7
وعلى آله : « قال الله تعالى : ليأذن بحربي من أذلّ عبدي المؤمن ، وليأمن غضبي من
أكرمه .
وما من أحد خذله ، إلا خذله الله في
الدنيا والآخرة » .
وقال 7
: « إن الله عز وجل خلق المؤمن من نور عظمته وجلال كبريائه ، فمن طعن عليه أوردّ
قوله فقد رد على الله في عرشه ، وليس هو من الله في شيء ، إنما هو شرك شيطان .
وأيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ، ضرب
الله بينه وبين الجنة سبعين ألف سور ، مسيرة ألف عام ما بين السور إلى السور » .
وقال 7
: « ربح المؤمن على المؤمن ربا .
ومن كان الرهن عنده أوثق من أخيه المسلم
فأنا منه بريء » .
__________________
وقال 7
: « من كان له دار فاحتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إياها ، قال الله عز وجل : ملائكتي
، عبدي بخل على عبدي بسكنى الدنيا ، لا وعزتي لا يسكن جناتي أبداً » .
وقال 7
: « أيما مؤمن منع مؤمناً شيئاً مما يحتاج إليه ـ وهو يقدر عليه ، أو من عند غيره
ـ أقامه الله يوم القيامة مسوداً وجهه ، مزرقة عيناه ، مغلولة يداه إلى عنقه ، فيقال
: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ، ثم يؤمر به إلى النار .
ومن حبس حق المؤمن ، أقامه الله يوم
القيامة خمس مائة عام على رجليه ، حتى يسيل من عرقه أودية ، وينادي مناد من عند
الله : هذا الظالم الذي حبس حق المؤمن
، ويؤمر به إلى النار .
ومن روى عن مؤمن رواية يريد بها شينه
وهدم مروته ، ليسقط من أعين الناس ، أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان » .
وقال 7
: « من عمل عملاً لله ، فأدخل فيه رضى أحد من الناس ، كان مشركاً » .
وقال رسول الله 9 : « إذا ظهر العلم ، واختزن العمل ، وائتلفت الألسن ، واختلفت
القلوب ، وتقطعت الأرحام ، هنالك لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم » .
وقال 9
: « أربع لا تدخل بيتاً واحدة منهنّ إلاّ خرب ولم يعمر بالبركة : الخيانة ، والسرقة
، وشرب الخمر ، والربا .
__________________
ومن اكتحل بميل من مسكر ، كحله الله
بميل من نار .
ومن خضع لصاحب سلطان ، أو لمن يخالفه في
دينه ـ طلباً لما في يديه ـ أخمله الله ومقته ووكله إليه ، وإن صار إليه منه شيء
نزع الله البركة منه ، ولم يؤجره على شيء ينفقه منه في حج ولا عمرة ولا عتق » .
عن محمد بن فضيل قال : قلت لأبي الحسن
موسى 7 : الرجل من إخواني
يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه له ، فأسأله عنه فينكره ، وقد أخبرني عنه قوم ثقات ، فقال
لي : « يا محمد ، كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسّامة ، وقال لك
قولاً ، فصدّقه وكذّبهم ، ولا تذيعنّ
عليه شيئاً يشينه تهدم به مروته ، فتكون من الذين قال الله فيهم : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا
لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )
» .
إسماعيل بن عمار قال : قلت لأبي عبد
الله 7 : المؤمن
رحمة؟ فقال : « نعم ، وأيما مؤمن أتاه أخوه في حاجة ، فإنما ذلك رحمة ساقها الله
إليه وسببها له ، فإنقضاها كان قد قبل رحمة الله بقبولها ، وإن ردّها ـ وهو يقدر
على قضائها ـ فإنما ردّ عن نفسه الرحمة التي ساقها الله إليه وسببها له ، وردت
الرحمة للمردود عن حاجته .
ومن مشى في حاجة أخيه ولم يناصحه بكل
جهده ، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين .
وأيّما رجل من شيعتنا ، أتاه رجل من
إخوانه ، واستعان به في حاجته ، فلم يعنه وهو يقدر ، ابتلاه الله تعالى بقضاء
حوائج أعدائنا ليعذبه بها .
ومن حقر مؤمناً فقيراً واستخف به ، واحتقره
لقلة ذات يده وفقره ، شهره الله
__________________
يوم القيامة على
رؤوس الخلائق وحقره ، ولا يزال ماقتاً له .
ومن اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره
وأعانه ، نصره الله في الدنيا والآخرة ، ومن لم ينصره ويدفع عنه ـ وهو يقدر ـ خذله
الله وحقره في الدنيا والآخرة » .
وقال رسول الله 9 : « لا تزال أمتي بخير ما تحاببوا ، وأدوا الأمانة ، وآتوا الزكاة ، فإذا
لم يفعلوا ، ابتلوا بالقحط والسنين
.
وسيأتي على أمتي زمان تخبث فيه سرائرهم
، وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا
، يكون عملهم رياء ، لا يخالطهم خوف ، يعمّهم الله ببلاء ، فيدعونه دعاء الغريق
فلا يستجيب لهم » .
وقال 9
: « سيأتي على اُمتي زمان ، لا يبقى من القران إلاّ رسمه ، ولا من الإسلام إلا
إسمه ، يسمّون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرة من البناء وهي خراب من الهدى
، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود .
وان الله تعالى بعث نبياً إلى قومه ، فأوحى
إليه : قل لهم : ليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على طاعتي فأصابهم شرٌ ، فانتقلوا
عمّا اُحب إلى ما أكره ، إلاّ تحوّلت لهم عمّا
يحبون إلى ما يكرهون » .
وقال أمير المؤمنين 7 : « إن في جهنم رحا تطحن ، أفلا
تسألوني : ما طحنها!؟ فقيل له : وما طحنها ، يا أمير المؤمنين؟ فقال : العلماء
الفجرة ، والقرّاء الفسقة ،
__________________
والجبابرة الظلمة ، والوزراء
الخونة ، والعرفاء الكذبة » .
وقال 9
: « إن الله تعالى أنزل على نبي من أنبيائه : إنه سيكون خلق من خلقي ، يخلطون
الدنيا بالدين ، يلبسون للناس مسوك
الضأن على قلوب كقلوب الذئاب ، أشد مرارة من الصبر ، وألسنتهم أحلى من العسل ، وأعمالهم
الباطنة أنتن من الجيف ، أبي يغترّون! أم إيّاي يخادعون! أم عليّ يجترون! فبعزتي
حلفت ، لأبعثن عليهم فتنة تطأ في خطامها حتى تبلغ أطراف الأرض ، تترك الحليم فيها حيران ، وألبسهم شيعاً واُذيق
بعضهم بأس بعض ، أنتقم من أعدائي بأعدائي » .
وبهذا جاء قوله تعالى : ( وكذلك
نولّي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون
) .
وقال 7
: « إذا تُرك
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فليأذنوا بوقاع من الله » .
وقال 7
: « إذا غضب الله على أمة
ولم ينزل بهم العذاب ، غلت أسعارها ، وقصرت أعمارها ، ولم يربح تجّارها ، ولم تزك
ثمارها ، ولم تغزر أنهارها ، وحبس عنها أمطارها ، وسلّط عليها شرارها » .
وقال 7
: « من روّع مؤمناً بسلطان ، ليصيبه منه مكروه فلم يصبه ، فهو في النار ، (فإن
أصابه)
فهو مع فرعون وآل فرعون في النار .
وإذا كان يوم القيامة ، نادى مناد : أين
المؤذون لأوليائي؟ فيقوم قوم ليس على
__________________
وجوههم لحم ، فيقول
: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ، ونصبوا لهم العداوة ، وعاندوهم وعنّفوهم في دينهم ،
ثم يؤمر بهم إلى جهنم.
ثم قال 7
: كانوا والله يقولون بقولهم ، ولكنّهم حبسوا حقوقهم وأذاعوا سرهم » .
وقال 7
: « من ولي شيئاً من أمور المسلمين فضيّعهم ، ضيعه الله عز وجل » .
وعن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله 9 يقول : « من ولي عشرهّ فلم يعدل فيهم ،
جاء يوم القيامة ويداه ورجلاه ورأسه في ثقب فأس .
وإذا كان يوم القيامة ، نادى مناد : أين
الظلمة ، ( وأعوان الظلمة ، وأتباع الظلمة ) ؟
حتى من لاق
لهم دواة ، أو ربط لهم كيساً ، أو مدّلهم مدة قلم ، فاحشروهم معهم » .
وقال 9
: « ما اقترب عبد من سلطان ، إلاّ تباعد من الله ، ولاكثر ماله ، إلاّ وطال حسابه ، فاياكم وأبواب السلاطين
وحواشيه ، فإن أقربكم من أبواب السلاطين وحواشيهم ، أبعدكم من الله عز وجل ، ومن
آثر السلطان على الله ، أذهب الله عنه الورع وجعله حيراناً » .
وقال 9
: « من لقى المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من نار .
وبئس العبد عبداً يكون ذا وجهين وذا
لسانين ، يطري أخاه شاهداً ويأكله
غائبا ، إن اُعطي
حسده وإن ابتلي خذله .
وإن الله تعالى أوحى إليّ : ليكن لسانك في
السر والعلانية واحداً وكذلك قلبك ، فإنه لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا قلبان
في صدر واحد ، وكذلك الادهان
» .
وقال 9
: « من شهد على [ رجل ]
بكفر باء به [ أحدهما ]
، فاحذروا الطعن على المؤمن » .
وقال 7
: « يقول الله تعالى : وعزتي ، لا أجيب دعوة مظلوم في مظلمة ولأحد عنده مثل تلك
المظلمة .
وإن الله تعالى أوحى إلى نبيّ من
الأنبياء في زمن جبارِ : أن قل له : إني لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ
الأموال ، وانما استعملتك لتَكفَّ عني أصوات المظلومين ، فإنّي لا أردها وإن كانوا
كفاراً .
وانه ما من أحد يظلم بمظلمة إلاّ أخذه
الله بها في نفسه وماله .
وإن الله يبغض الغني الظلوم .
ومن عذر ظالماً في ظلمه ، سُلّط عليه من
يظلمه ، فإن دعا لم يستجب له .
وما انتصر الله من ظالم إلاّ بظالم ، وذلك
قوله تعالى : ( وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا
يكسبون )
» .
__________________
وقال 7
: « من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه ايس من
رحمة الله
وكان كمن هدم الكعبة والبيت المقدس وقتل عشرة الاف من الملائكة ، وأول ما يحكم
الله تعالى في الدماء.
ومن قتل مؤمناً يقال له : مت أي موتة
شئت يهودياً أومجوسياً .
وأوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران : قل
لبني إسرائيل : إياكم وقتل النفس الحرام بغير حق ، فإنّ من قتل نفساً قتلته في
النار مائة ألف قتلة » .
وقال 7
: « من قرأ القرآن يأكل به الناس ، جاء يوم القيامة ووجهه عظم لا لحم عليه » .
وعن عبد الله بن عباس ـ رحمة الله عليه
ـ قال : خطب بنا رسول الله 9
خطبة ـ وهي اخر خطبة خطبها ـ فوعظنا بمواعظ ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب
، واقشعرّت منها الجلود ، وتقلقلت منها الأحشاء ، وأمر بلالاً فنادى بالصلاة جامعة
فاجتمع الناس ، وخرج رسول الله 9
[ حتى ارتقى ]
المنبر فقال : « يا أيها الناس أدنوا ووسّعوا لمن خلفكم » فدنا الناس وانضمّ بعضهم
إلى بعض ، فالتفتوا فلم يروا خلفهم أحداً.
ثم قال : « يا أيها الناس ، ادنوا
ووسعوا لمن خلفكم » فقال رجل : يا رسول الله ، لمن نوسّع؟ فقال : « للملائكة » وقال
: « إنهم إذا كانوا معكم لم
يكونوا من بين أيديكم ولا من خلفكم ، ولكن يكونون على أيمانكم وعن شمائلكم ».
فقال رجل : يا رسول الله ، لم لا يكونون
من بين أيدينا ولا من خلفنا؟ أمن فضلنا عليهم [ أم فضلهم علينا ] ؟ قال : « أنتم أفضل من الملائكة ، أجلس
» فجلس الرجل ، فخطب رسول الله 9
فقال : « الحمد لله نحمده ونستعينه ،
__________________
ونؤمن به ، ونتوكل
عليه ، ونشهد أن لا إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهدي الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل
فلا هادي له.
يا أيها الناس ، إنه كائن في هذه الأمة
ثلاثون كذاباً ، أوّل من يكون فيهم صاحب صنعاء وصاحب اليمامة.
يا أيها الناس ، إنه من لقى الله عز وجل
يشهد أن لا إله إلاّ الله مخلصاً لم يخلط معها غيرها دخل الجنة ».
فقام علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه
ـ فقال : « يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، فكيف يقولها مخلصاً لا يخلط معها غيرها؟
فسّر لنا هذا حتى نعرفه » فقال : « نعم حرصاً على الدنيا وجمعاً من غير حلّها ، ورضى بها ، وأقوام
يقولون أقاويل الأخيار ويعملون أعمال الجبابرة ، فمن لقى الله وليس فيه شيء من هذه
وهو يقول : لا
إله إلاّ الله ، فله الجنة ، فإن أخذ الدنيا وتركُ الآخرة فله النار.
ومن تولى خصومة ظالم أوأعانه عليها ، نزل
عليه ملك الموت
بالبشرى بلعنة الله ونار جهنم خالداً فيها وبئس المصير.
ومن خفّ لسلطان جائر في حاجة كان قرينه
في النار.
ومن دلّ سلطاناً على الجور قرن مع هامان
، وكان هو والسلطان من أشدّ أهل النار عذاباً.
ومن عظّم صاحب دنيا وأحبّه لطمع دنياه ،
سخط الله عليه ، وكان في درجته مع قارون في الدرك الأسفل من النار.
ومن بنى بنياناً رياءً وسُمعة ، حمله
يوم القيامة إلى سبع أرضين ، ثمّ يطوّقه ناراً توقد في عنقه ، ثم يرمى به في النار
».
فقلنا : يا رسول الله ، كيف يبني رياءً
وسمعة؟
قال : « يبني فضلاً على ما يكفيه ، أويبني
مباهاة.
__________________
ومن ظلم أجيراً أجره ، أحبط الله عمله ،
وحرّم الله عليه ريح الجنة ، وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام.
ومن خان جاره شبراً من الأرض ، طوقه [ الله
تعالى ]
يوم القيامة إلى سبع أرضين ناراً حتى يدخله جهنم.
ومن تعلّم القرآن ثم نسيه متعمداً ، لقي
الله عز وجل يوم القيامة مجذوماً مغلولاً ، ويسلّط الله عليه بكل آية حية موكّلة
به.
ومن تعلم القران ولم يعمل به وآثر عليه
غيره ـ حب الدنيا وزينتها ـ استوجب سخط الله عز وجل ، وكان في درجة اليهود
والنصارى الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
ومن نكح امرأة في دبرها حراماً أو رجلاً
أوغلاماً ، حشره الله عز وجل يوم القيامة أنتن من الجيفة ، يتأذى به الناس حتى
يدخل جهنم ، ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ، وأحبط الله عمله ، ويدخل في
تابوت مشدود بمسامير من حديد ، ويضرب عليه في التابوت بصفائح حتى (تشبك حر تلك
النار المسامير)
، ولو وضع عرق
من عروقه على أربعمائة ألف ألف أمة لماتوا جميعاً ، وهو من أشد الناس عذاباً.
ومن زنى بأمرأة يهودية أو نصرانية أو
مجوسية أومسلمة ، حرّة أو أمة ، أو من كانت من الناس ، فتح الله عز وجل عليه في
قبره ثلاثمائة ألف باب من النار ، تخرج عليه منها حيّات وعقارب ولهب من نار ، وهو يحترق إلى يوم القيامة ، يتأذّى
الناس من [ نتن ]
فرجه فيعرف به إلى يوم القيامة ، [ حتى ]
يؤمر به إلى النار ، فيتأذى به أهل الجمع مع ما هم فيه من شدّة العذاب ، لأنّ الله
حرّم فعل المحارم ، وما أحد أغير من الله ومن غيرته أنّه حرّم الفواحش وحدّ
الحدود.
ومن اطلع في بيت جاره ، فنظر إلى عورة
رجل أو شعر امرأته ، أو شيئاً من جسدها ، كان حقاً على الله أن يدخله النار مع
المنافقين الذين كانوا يبتغون
عورات
__________________
النساء في الدنيا ، ولا
يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ويبدي للناظرين
عورته في الآخرة.
ومن سخط رزقه وبث شكواه ولم يصبر فيّ ، لم يرفع له إلى الله حسنة ولقي الله عز
وجل وهو عليه غضبان.
ومن لبس ثوباً فاختال فيه ، خُسف به من
شفير جهنم ، ويتخلخل
فيها ما دامت السماوات والأرض ، لأن قارون لبس حلّة فاختال فيها فخسف به ، فهو يتخلخل
فيها إلى يوم
القيامة.
ومن نكح امرأة حلالاً بمال حلال ، غير
أنه أراد به فخراً ورياء لم يزده الله ـ جلّ وعزّ ـ بذلك إلاّ ذلاً وهواناً ، وأقامه
الله تعالى بقدر ما استمتع منها على شفيرجهنم ، ثم يهوي فيها سبعين خريفاً.
ومن ظلم أمرأة مهرها فهو عند الله زان ،
يقول الله له عز وجل يوم القيامة : عبدي زوجتك أمتي على عهدي ، فلم تف لي بالعهد ،
فيتولّى الله عز وجل حقها ، فيستوعب حسناته كلها فلا يفي بحقها ، فيؤمر به إلى
النار.
ومن رجع عن شهادة وكتمها ، أطعمه الله
لحمه على رؤوس الخلائق ، ويدخل النار وهو يلوك لسانه.
ومن كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في
القسم من نفسه وماله ، جاء يوم القيامة مغلولاً (يداه إلى عنقه) حتى يدخل النار.
ومن كان مؤذياً لجاره من غير حق ، حرّم
الله عليه ريح الجنة ، ومأواه جهنم ، ألا وإن الله عز وجل ليسأل الرجل عن حقّ جاره
، فمن ضيّع حقّ جاره فليس منا.
ومن أهان فقيراً مسلماً من أجل فقره
واستخفّ به ، استخفّ بحق الله ، ولم يزل في مقت الله ـ عزّ وجلّ ـ وسخطه حتى
يُرضيه ، ومن أكرم فقيراً مسلماً لقي الله يوم القيامة وهو يضحك إليه.
__________________
من عرضت له دنيا واخرة ، فاختار الدنيا
وترك الآخرة ، لقي
الله ـ عز وجل ـ وليست له حسنة يتقي بها النار ، ومن أخذ الآخرة وترك الدنيا ، لقي الله يوم
القيامة وهو عنه راض.
ومن قدر على امرأة أو جارية حراماً
وتركها مخافة الله عز وجل ، حرّم الله عليه النار ، وآمنه الله عز وجل من الفزع
الأكبر ، وأدخله الله الجنة ، وإن أصابها حراماً حرّم الله عليه الجنة وأدخله
النار.
ومن اكتسب مالاً حراماً ، لم يقبل الله
منه صدقة ولا عتقاً ولا حجاً ولا اعتماراً ، وكتب الله ـ جلّ وعز ـ بعدد أجر ذلك
أوزاراً ، وما بقي منه بعد موته كان زاده إلى النار. ومن قدر عليها فتركها مخافة
الله عز وجل ، دخل في محبّة الله عز وجل ورحمته ، ويؤمر به إلى الجنة.
ومن صافح امرأة حراماً ، جاء يوم
القيامة مغلولاً ، ثم يؤمر به إلى النار.
ومن فاكه امرأة لا يملكها ، حبس بكل
كلمة كلّمها في الدنيا ألف عام ، والمرأة إذا طاوعت الرجل فالتزمها حراماً أو قبّلها أو باشرها حراماً ، أو
فاكهها أوأصاب منها فاحشة ، فعليها من الوزر ما على الرجل ، فإن غلبها على نفسها
كان على الرجل وزره ووزرها.
ومن غش مسلماً في بيع أوشراء فليس منّا
، ويحشر مع اليهود يوم القيامة ، لأنّه من غشّ الناس فليس بمسلم.
ومن منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه
، منعه الله فضله ووكله إلى نفسه ، ومن وكله الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى نفسه هلك ، ولا
يقبل الله له ـ جلّ وعزّ ـ عذراً.
ومن كان له امرأة تؤذيه ، لم يقبل الله
صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه ، ـ وإن صامت الدهر وقامت ، واعتقت الرقاب ، وأنفقت الأموال في سبيل
الله ـ وكانت أول من يرد النار.
ثم قال رسول الله 9 : وعلى الرجل مثل ذلك من الوزر
__________________
والعذاب ، إذا كان
لها مؤذياً .
ومن لطم خدَ مسلم لطمة بدّد الله عظامه
يوم القيامة ، ثم سلّط عليه النار ، وحشر مغلولاً حتى يدخل النار.
ومن بات وفي قلبه غشّ لأخيه المسلم ، بات
في سخط الله وأصبح كذلك وهو في سخط الله ، حتى يتوب ويراجع ، وإن مات كذلك مات على
غير دين الإسلام.
ثم قال رسول الله 9 : ألا ومن غشّنا فليس منا ـ قالها ثلاث مرات ـ
ومن يعلق سوطاً بين يدى سلطان جائر ، جعله
الله عز وجلّ حية طولها سبعون
ألف ذراع ، وتسلط عليه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً.
ومن اغتاب أخاه المسلم بطل صومه ونقض
وضوءه ، فإن مات وهو كذلك مات وهو مستحلّ لما حرَّم الله.
ومن مشى في نميمة بين اثنين سلّط الله
عليه في قبره ناراً تحرقه إلى يوم القيامة ، وإذا خرج من قبره سلّط الله عليه تنيناً
أسود ينهش (لحم وجهه)
حتى يدخل النار.
ومن كظم غيظه ، وعفا عن أخيه المسلم ، وحلم
عن المسلم ، أعطاه الله أجر شهيد.
ومن بغى على فقير وتطاول عليه واستفزه حشره الله يوم القيامة مثل الذرّة ـ في
صورة رجل ـ حتى يدخل النار.
ومن ردّ عن أخيه غيبة سمعها في مجلس ، ردّ
الله عز وجل عنه ألف باب من الشرّ في الدنيا والآخرة ، فإن لم يردّ عنه وأعجبه كان
عليه كوزر من اغتاب.
ومن رمى محصناً أومحصنة ، أحبط الله
عمله وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه ، (وسلّط عليه تنيناً
ينهش لحمه)
، ثم يؤمر به إلى النار.
__________________
ومن شرب الخمر ، سقاه الله عز وجل من
سمّ الأساود
ومن سمّ العقارب شربة يتساقط لحم وجهه
ويتأذّى به أهل الجمع حتى يؤمر به إلى النار ، وشاربها وعاصرها ومعتصرها وبائعها
ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها سواء في إثمها وعارها ، ألا ومن سقاها
يهودياً أو نصرانياً أو صابئياً أو من كان من الناس ، فعليه كوزر من شربها ، ألا
ومن باعها أو اشتراها لغيره ، لم يقبل الله ـ عزّ وجلّ ـ له صلاة ولا صياماً ولا حجاً ولا اعتماراً
حتى يتوب ، فإن مات قبل أن يتوب كان حقاً على الله أن يسقيه بكلّ جرعة شرب منها شربة من صديد جهنم ، ألا وإنّ الله عزّ
وجلّ حرّم الخمرة بعينها ، والمسكر من كل شراب ، ألا وكلّ مسكر حرام.
ومن أكل الربا ملأ الله بطنه من نار
جهنّم بقدر ما أكل ، وإن اكتسب منه مالاً لم يقبل الله منه شيئاً من عمله ، ولم
يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده منه قيراط.
ومن خان أمانة ولم يردّها على أربابها ، مات على غير
دين الإسلام ، ولقي الله ـ عزّ وجل ـ وهو عليه غضبان ، فيؤمر به إلى النار ، فيهوي
في جهنم أبد
الآبدين.
ومن شهد شهادة زور على رجل مسلم أو
ذمّيّ أومن كان من الناس ، علق بلسانه يوم القيامة ، وهو مع المنافقين في الدرك
الأسفل من النار.
ومن قال لخادمه أو مملوكه أو من كان من
الناس : لا لبيك ولا سعديك ، قال الله له يوم القيامة : لا لبّيك ولا سعديك ، اتعس
في النار.
ومن أضرّ بامرأة حتى تفتدي منه ، لم يرض
الله عنه بعقوبة دون النار ، لأنّ الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم.
ومن سعى بأخيه عند سلطان ، ولم يبد له
منه سوء ولا مكروه ، أحبط له الله كلَ عمل عمله ، فإن وصل إليه منه سوء أو مكروه
أو أذى ، جعله الله في طبقة هامان في جهنم.
__________________
ومن قرأ القران يريد به رياءً وسمعة
والتماس الدنيا ، لقي الله تعالى يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم ، وزجّ القرآن في قفاه حتى يدخله النار ، يهوي
فيها مع منيهوي.
ومن قرأ القرآن ولم يعمل به ، حشره الله
تعالى يوم القيامة أعمى ، فيقول : ياربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً؟ قال : ( كذلك أتتك
آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )
، ويؤمر به
إلى النار.
ومن اشترى خيانة وهو يعلم أنها خيانة ، فهو
كمن خانها في عارها وإثمها.
ومن قاود بين امرأة ورجل ، حرمت عليه الجنة ، ومأواه جهنم وساءت مصيراً
، ولم يزل في سخط الله حتى يموت.
ومن غشّ أخاه المسلم ، [ نزع ] الله منه بركة رزقة ، وأفسد عليه
معيشته ، ووكله إلى نفسه.
ومن اشترى سرقة وهو يعلم أنّها سرقة ، فهو
كمن سرقها في عارها وإثمها.
ومن أهان مسلماً فليس منا ولسنا منه في الدنيا
والآخرة.
ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها ، فهو كمن
أتاها ، ومن سمع حراماً
فأفشاه ، فكان
كمن عمله.
ومن وصف امرأة لرجل وذكر جمالها ، فافتتن
الرجل بها فأصاب منها فاحشة ، لم يخرج من الدنيا حتى يغضب الله عليه ، ومن غضب
الله عليه غضبت عليه السماوات السبع والأرضون السبع ، وكان عليه من الوزر مثل الذى
أصابها.
قيل : يا رسول الله ، فإن تابا وأصلحا.
قال : يتوب الله عليهما ، ولم يقبل توبة
الذي وصفها.
__________________
و من ملأ عينيه من امرأة حراماً ، حشره الله يوم القيامة ( مسمراً بمسمار) من نار حتى يقضي بين الناس ، ثم يؤمر به إلى
النار.
ومن أطعم طعاماً رياء وسمعة ، أطعمه
الله مثله من صديد جهنم ، وجعل ذلك الطعام ناراً في بطنه حتى يقضي بين الناس.
ومن فجر بامرأة ولها بعل ، يفجر من
فرجيهما ـ من صديد ـ واد مسيرة خمسمائة عام ، يتأذى أهل النار من نتن ريحهما ، وكان
من أشدّ الناس عذاباً.
واشتد غضب [ الله ] على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير
زوجها أو غير ذي محرم منها ، وإذا فعلت ذلك أحبط الله كلّ عمل عملته ، فإن أوطأت
فراشه غيره ، كان حقاً على الله أن يحرقها في النار بعد أن يعذّبها في قبرها.
وأيّما امرأة اختلعت من زوجها ، لم تزل
في لعنة الله وملائكته ورسله والناس أجمعين ، حتى إذا نزل بها ملك الموت ، قيل لها
: أبشري بالنار. فإذا كان يوم القيامة ، قيل لها : أُدخلي النار مع الداخلين.
ألا وإنّ الله ورسوله بريئان من
المختلعات بغير حقّ ، ألا وإنّ الله ورسوله بريئان ممن أضرّ بامرأة حتى تختلع منه.
ومن أَمَّ قوماً ولم يقتصد بهم حضوره
وقراءته وركوعه وسجوده وقيامه وقعوده ، (لم تقبل) صلاته ولا تجاوز تراقيه ، وكانت منزلته عند الله تعالى كمنزلة إمام
جائر معتد .
فقام أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ
فقال : بأبي أنت وأمي ، ما منزلة إمام جائر معتد ؟
__________________
قال : هو رابع أربعة أشدّ الناس عذاباً
يوم القيامة : إبليس ، وفرعون ، وقاتل النفس ، ورابعهم سلطان جائر.
ومن احتاج أخوه المسلم إليه في قرض فلم
يقرضه ، حرّم الله عليه الجنة يوم يجزي المحسنين.
ومن صبر على سوء خلق امرأته واحتسبه
(أعطاه الله تعالى بكلّ يوماً وليلة ، يصبر عليها) من الثواب مثل ما أعطى أيوب 7 على بلائه ، وكان عليها من الوزر في
كلّ يوم وليلة مثل رمل عالج
، (فإن مات)
قبل أن يرضى عنها ، حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين في الدرك الأسفل من
النار.
ومن كانت له امرأة لم توافقه ، ولم تصبر
على ما رزقه الله تعالى ، وشقّت عليه وحملته ما لم يقدر عليه ، لم يقبل الله منها
حسنة تتقي بها النار ، وغضب الله عليها ما دامت كذلك.
ومن أكرم أخاه فإنما يكرم الله ، فما
ظنكم بمن يكرم الله أن يفعل الله به.
ومن تولّى عرافة قوم ، حبس على شفير جهنم بكل يوم ألف سنة ،
وحشر ويده مغلولة إلى عنقه ، فإن كان قام فيهم بأمر الله عز وجل أطلقه الله ، وإن
كان ظالماً هوى به في نار جهنم سبعين خريفاً.
(ومن يحكم بما لم يحكم به الله) ، كان كمن شهد بشهادة زور ، ويقذف به في
النار ، ويعذب بعذاب شاهد الزور.
ومن كان ذا وجهين ولسانين ، كان ذا
وجهين ولسانين يوم القيامة.
ومن مشى في صلح بين اثنين ، صلّى الله
عليه وملائكته حتى يرجع ، وأعطي أجر ليلة القدر.
__________________
ومن مشى في قطيعة بين اثنين ، كتبت عليه لعنة الله حتى يدخل جهنم فيضاعف
له العذاب.
ومن مشى في عون أخيه ومنفعته ، فله ثواب
المجاهدين في سبيل الله.
ومن مشى في عيب أخيه وكشف عورته ، كانت
أول خطوة خطاها في جهنم ، وكشف عورته على رؤوس الخلائق.
ومن مشى إلى ذي قرابة ورحم بصله ، أعطاه
الله أجر مائة شهيد ، فإن وصله بماله ونفسه جميعاً ، كان له بكل خطوة أربعون ألف
ألف حسنة ، ورفع له أربعون ألف ألف درجة ، [ و ] كأنما عبد الله عز وجلّ مائة سنة.
ومن مشى في فساد بينهما وقطيعة ، غضب
الله تعالى عليه ولعنه في الدنيا والآخرة ، وكان عليه من الوزر مثل قاطع الرحم.
ومن عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع
بينهما ، زوجه الله عز وجلّ ألف امرأة من الحور ، كل امرأة في قصر من درّ وياقوت ،
وكان له بكل خطوة خطاها وكلمة تكلّم بها في ذلك عمل سنة ، قيام ليلها ، وصيام
نهارها.
ومن عمل في فرقة بين امرأة وزوجها ، كان
عليه غضب الله ولعنة الله في الدنيا والآخرة ، وكان حقاً على الله أن يرضخه بألف صخرة من نار.
ومن مشى في فساد بينهما ولم يفرق ، كان
في سخط الله ولعنته فى الدنيا والآخرة ، وحرّم الله عليه النظر إلى وجهه.
ومن قاد ضريراً إلى مسجده أوإلى منزله
أو إلى حاجة من حوائجه ، كتب الله له بكلّ قدم رفعها ووضعها عتق رقبة ، وصلّت عليه
الملائكة حتى يفارقه.
ومن كفى ضريراً حاجة من حوائجه ، فمشى
فيها حتى يقضيها ، أعطاه الله براءتين : براءة من النار ، وبراءة من النفاق ، وقضى
له سبعين ألف حاجة في عاجل الدنيا ، ولم يزل يخوض في رحمة الله حتى يرجع.
ومن قام على مريض يوماً وليلة ، بعثه
الله مع إبراهيم خليل الرحمن 7
__________________
فجاز على الصراط
كالبرق اللامع.
ومن سعى لمريض في حاجة فقضاها ، خرج من
ذنوبه كيوم ولدته أمه.
فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ، وإن
كان المريض من أهله؟
فقال 9
: فأعظم ألناس أجراً من سعى في حاجة أهله ، ومن ضيّع أهله ، وقطع رحمه ، حرمه [ الله
] حسن الجزاء
يوم يجزي المحسنين ، وضيعه ، ومن ضيعه الله فهو يتردد مع الهالكين ، حتى يأتى
بالمخرج ولن يأتي به.
ومن أقرض ملهوفاً فأحسن طلبته ، قيل له
: استأنف العمل فقد غفر لك ، وأعطاه الله بكلّ درهم ألف قنطار .
ومن فرّج عن أخيه كربة ، فرج الله عنه سبعين كربة من كرب
الدنيا والآخرة.
ومن مشى في إصلاح بين امرأه وزوجها ، أعطاه
الله أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله ، وكان له بكلّ خطوة يخطوها وكلمة يتكلمها
عبادة سنة ، قيام ليلها وصيام نهارها.
ومن أقرض أخاه المسلم ، كان له بكلّ
درهم وزن جبل اُحد ورضوى وطور سيناء حسنات ، وأجازه على الصراط كالبرق اللامع بغير حساب
ولا عذاب.
ومن احتاج إليه أخوه المسلم فلم يقرضه ،
حرّم الله عليه الجنة يوم يجزي المحسنين.
ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه ، حرّم
الله عليه أجر المحسنين.
ومن منع طالباً حاجته وهو يقدر على
قضائها ، فعليه مثل خطيئة عَشّار .
فقام إليه عوف بن مالك فقال : وما يبلغ
خطيئة عشّار ، يا رسول الله؟
قال : على العشّار كل يوم وليلة لعنة
الله والملائكة أجمعين ، ومن يلعنه فلن يجد
__________________
له ولياً ولا
نصيراً.
ومن اصطنع إلى أخيه معروفاً فمن به عليه
، حبط عمله ، وخاب سعيه.
ثم قال : ألا وإنّ الله ـ جلّ وعزّ ـ حرّم
الجنة على المنّان
، والمختال ، والقتات
، ومدمن الخمر ، والحريص ، والجعظري
والعتلّ الزنيم.
ومن تصدّق بصدقة على مسكين ، كان له (ما
لا يحصى من الأجر
، ولو تداولها أربعون ألف إنسان ثم وصلت إلى المسكين كان لهم أجراً كاملاً ، وما
عند الله خير وأبقى للذين اتّقوا وأحسنوا لو كانوا يعلمون.
ومن بنى مسجداً في الدنيا ، بنى الله
بكلّ شبر منه ـ أوقال : بكلّ ذراع منه ـ مسيرة أربعين ألف ألف عام مدينة من ذهب
وفضّة ودرّ وياقوت وزمرّد وزبرجد ، وفي كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر ، في كلّ قصر
أربعون ألف الف دار ، في كل دارأربعون ألف ألف بيت ، وفي كلّ بيت أربعون ألف ألف
سرير ، على كلّ سرير زوجة من الحور العين. في كلّ بيت ألف ألف وصيف ، وأربعون ألف
ألف وصيفة ، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة ، على كلّ مائدة أربعون ألف ألف قصعة
، في كلّ قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام ، ويعطي الله وليه من القوة ما يأتي
على تلك الأزواج وعلى ذلك الطعام والشراب.
ومن تولّى أذان مسجد من مساجد الله ، فأذّن
فيه يريد وجه الله ، أعطاه الله ثواب أربعين ألف ألف صديق ، وأربعين ألف ألف شهيد ، وأدخل
في شفاعته أربعين ألف ألف اُمة ، كلّ اُمة أربعون ألف ألف رجل ، وكان له في كلّ
جنّة من الجنان أربعون ألف ألف مدينة ، في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر ، في كلّ
قصر [ أربعون ]
ألف ألف دار ، في كلّ دار أربعون ألف ألف بيت ، في كلّ بيت أربعون
__________________
ألف ألف سرير ، على
كلّ سرير زوجة من الحور العين ، كلّ بيت منها مثل الدنيا أربعون ألف ألف مرة ، لكلّ
زوجة أربعون
ألف ألف وصيف ، وأربعون ألف ألف وصيفة ، [ وفي ] كلّ بيت أربعون ألف ألف مائدة ، على
كلّ مائدة أربعون ألف ألف قصعة ، في كلّ قصعة ألف ألف لون من الطعام ، لو نزل به الثقلان لأدخلهم في أدنى بيت من
بيوتها ، لهم فيها ما شاءوا من الطعام والشراب ، والطيب واللباس ، والثماروالألوان
، والتحف والطرائف ، والحليّ والحلل ، كلّ بيت منها يكتفي بما فيه من هذه الأشياء عمّا في
البيت الاخر.
فإذا أذن المؤذن فقال : (أشهد ألاّ إله
إلاّ الله) اكتنفه أربعون ألف ألف ملك ، كلّهم يصلّون عليه ويستغفرون له ، وكان في
ظلّ رحمة الله عز وجل حتى يفرغ ، وكتب ثوابه
ألف ألف ملك ، ثم صعدوا به إلى الله عز وجل.
ومن مشى إلى مسجد من مساجد الله ، فله
بكلّ خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات ، ومُحي عنه عشر سيئات ، ورفع له
عشر درجات.
ومن حافظ على الجماعة ـ حيث ما كان ـ مر
على الصراط كالبرق اللامع في أول زمرة مع السابقين ، ووجهه أضوأ من القمر ليلة
البدر ، وكان له بكلّ يوم وليلة حافظ عليها ثواب شهيد.
ومن حافظ على الصفّ المقدّم وأدرك
التكبيرة الاُولى ، ولا يؤذي مؤمناً ، أعطاه الله من الأجر مثل ما للمؤذن (ومثل
ثوابه) .
ومن بنى على ظهر الطريق ما لا يؤذي عابر سبيل ، بعثه الله يوم القيامة على
نجيب من درّ ، ووجهه يضيء لأهل الجمع نوراً ، حتى يزاحم خليل الرحمن 7 في قبته. فيقول أهل الجمع : هذا ملك من
الملائكة لم يُر مثله قط ، ودخل في شفاعته الجنة أربعون ألف ألف رجل.
__________________
ومن يشفع لأخيه بشفاعة (طلب بها الله) ، نظر الله ـ جلّ وعزّ ـ إليه ، وكان
حقّاً على الله أن لا يعذّبه أبداً ، وان شفع لأخيه من غير أن يطلبها ، كان له
أجرسبعين شهيد.
ومن صام شهر رمضان في إنصات وسكون ، وكفَّ سمعه وبصره (ولسانه ووجهه)
وجوارحه من
الكذب والحرام والغيبة تقرباً [ إلى الله تعالى ] قَرَّبه الله منه حتى تمس ركبتاه ركبتي
إبراهيم 7.
ومن احتفر بئر الماء حتى استنبط ماءها
فبذلها للمسلمين ، كان له كأجر من توضأ منها وصلّى ، وكان له بعدد كلّ (سفر شرب
منها من)
إنسان أو بهيمة أو سبع أو طائر عتق ألف رقبة ، ودخل في شفاعته عدد النجوم ، وحوض
القدس.
فقلنا : يا رسول الله ، ما حوض القدس؟
قال : حوضي حوضي حوضي ـ ثلاث مرات ـ
ومن حفر لمسلم قبراً محتسباً حرّمه الله
عن النار ، وبوّأه بيتاً من الجنة ، وأورده حوضاً فيه من الأباريق عدد نجوم السماء
، عرضه ما بين أيلة
وصنعاء.
ومن غسل ميتاً فأدّى فيه الأمانة ، كان
له بكلّ شعرة منه عتق رقبة ، ورفع له به مائة درجة.
فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، وكيف
يؤذي فيه الأمانة؟
قال : يستر عورته ، ويستر سيآته ، وإن لم يستر عورته ويستر سيآته ، حبط أجره وكشفت عورته في الدنيا
والآخرة.
ومن صلى على ميت ، صلّى عليه جبرئيل
وتسعون الف
ملك ، وغفر له ما تقدم من ذنبه. وإن أقام عليه حتى يدفن ، وحثا عليه من التراب ، انقلب
من الجنازة
__________________
وله بكلّ قدم من حيث
شيعها حتى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر ، والقيراط مثل أُحُد يكون في ميزانه من الأجر.
ومن ذرفت عيناه من خشية الله ، كان له
بكلّ قطرة من دموعه مثل جبل أحد يكون في ميزانه من الأجر ، وكان له بكلّ قطرة عين
من الجنة ، على حافتيها (وأبرزله)
من القصور مما لا عين رأت ، ولا اُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
ومن عاد مريضاً فله بكلّ خطوة خطاها حتى
يرجع إلى منزله سبعون ألف ألف حسنة ، ومحي عنه سبعون ألف ألف سيئة ، ويرفع له
سبعون ألف ألف درجة ، ووكل به سبعون ألف ألف ملك ، يعودونه في قبره ، ويستغفرون له
إلى يوم القيامة.
ومن شيّع جنازة ، فله بكلّ خطوة حتى
يرجع إلى منزله مائة ألف حسنة ، ويمحى عنه مائة ألف سيئة ، ويرفع له مائة ألف درجة
، وإن صلّى عليها ، شيّعه فيجنازته مائة ألف ملك كلهم يستغفرون له حتى يرجع ، فإن
شهد دفنها وُكّل اُولئك المائة ألف ملك به كلهم ، يستغفرون له حتى يبعث من قبره.
ومن خرج حاجاً أومعتمراً ، فله بكلّ
خطوة حتى يرجع ألف ألف حسنة ، ويمحى عنه ألف ألف سيئة ، ويرفع له ألف ألف درجة ، وكان
له عند ربّه بكل درهم
ألف ألف درهم ، وبكلّ دينار ألف ألف دينار ، وبكل حسنة عملها في وجههذلك ألف ألف
حسنة حتى يرجع ، وكان
في ضمان الله ، فإن توفاه الله أدخله الجنة ، يرد يوم القيامة مغفوراً له ، فاغتنموا
دعوته فإنها لا تردّ ، وإن الله لا يردّ دعاءه ، فإنه يشفعفي مائة ألف رجل يوم
القيامة.
ومن يخلف حاجّاً أومعتمراً في أهله بخير
بعده ، كان له أجر كامل مثل أجره ، من غير أن ينقص من أجره شيء.
ومن خرج مرابطاً في سبيل الله أومجاهداً
، فله بكلّ خطوة سبعمائة ألف حسنة ، ويمحى عنه سبعمائة ألف سيئة ، ويرفع له
سبعمائة ألف درجة ، وكان في
__________________
ضمان الله حتى
يتوفاه (بأيّ حتف كان كان)
شهيداً ، وإن رجع رجع مغفوراً له ، مستجاباً له دعاؤه.
ومن مشى زائراً لأخيه ، فله بكلّ خطوة
حتى يرجع إلى منزله عتق مائة ألف رقبة ، ويرفع له مائة ألف درجة ، ويمحى عنه مائة
ألف سيئة ، ويكتب له مائة ألف حسنة ».
فقيل لأبي هريرة : أليس قال رسول الله 9 : « من أعتق رقبة فهو فداؤه من النار؟
»
قال : قلنا لرسول الله 9 ، قال : « بلى ، ولكن يرفع له درجاتعند
الله في كنوز عرشه.
ومن قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وتفقهاً
في الدين ، كان له من الأجر والثواب مثل جميع ما يعطى الملائكة والأنبياء
والمرسلين.
ومن تعلّم القران يريد به رياءً وسمعة ،
ليماري به السفهاء ، ويباهي به العلماء ، ويطلب به الدنيا ، بدّد الله ـ عزّ وجلّ
ـ عظامه يوم القيامة ، ولم يكن في النار أشذ عذاباً منه ، وليس نوع من أنواع
العذاب إلاّ سيعذّب به ، من شدّة غضب الله عليه وسخطه.
ومن تعلّم القرآن ، وتواضع في العلم ، وعلم
عباد الله ، وهو يريد ما عند الله ، لم يكن في الجنة أعظم ثواباً منه ، ولا أعلى
منزلة منه ، ولم يكن في الجنة منزل ولا درجة رفيعة ولا نفيسة ، إلاّ كان له فيها
أوفر النصيب وأشرف المنازل.
ألا وإنّ العلم خير من العمل ، وملاك
الدين الورع ، ألا وإن العالم من يعمل بالعلم وإن كان قليل العمل ، ألا ولا يحتقرن
أحد شيئاً وإن صغر في أعينكم ، فإنّه لا صغيرة تصغر مع الإصرار ، ولا كبيرة تكبر
مع الإستغفار.
ألا وإنّ الله ـ عز وجل ـ يسائلكم عن
أعمالكم حتى عن مس أحدكم ثوب أخيه بأصبعه ، فاعلموا ـ عباد الله ـ أنّ العبد يبعث
يوم القيامة على ما مات ، وقد خلق الله عز وجل الجنة والنار ، فمن اختار النار على
الجنة (فأبعده الله ) .
__________________
ألا وإنّ ربي أمرني أن اُقاتل الناس حتى
يقولوا (لا إله إلاّ الله) فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها ، وحسابهم
على الله جلّ وعزّ.
ألا وإنّ الله ـ جلّ اسمه ـ لم يدع
شيئاً ممّا يحبِّه إلاّ وقد بيّنه لعباده ، ولم يدع شيئاً يكرهه إلاّ وقد بيّنه
لعباده ونهاهم عنه ، ليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حي عن بينة.
ألا وإنّ الله عز وجلّ لا يظلم بظلم ، ولا
يجاوزه ظلم ، وهو بالمرصاد (
ليجزي الذين
أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى
) من أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها .
يا أيها الناس ، إنه قد كبرت سني ، ودق
عظمي ، وانهدم جسمي ، ونعيت إليّ نفسي
، ولا أظن إلاّ أنّ هذا آخر العهد مني ومنكم ، فما دمت حياً فقد تروني ، فإذا مت
فالله خليفتي على كلّ مؤمن ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فابتدر إليه رهط من الأنصار قبل أن ينزل
من المنبر ، وكلهم قال : يا رسول الله ، جعلنا الله فداك ، بأبي أنت وأمي ونفسي لك
الفداء يا رسول الله ، من يقوم لهذه الشدائد؟ وكيف بالعيش بعد هذا اليوم؟
قال رسول الله 9 : وأنتم فداكم أبي واُمي ، إنّي قد
نازلت ربّي في أمتي ، فقال لي : إن باب التوبة مفتوح حتى ينفخ في الصور.
ثم أقبل علينا رسول الله 9 فقال : إنه من تاب قبل موته بسنة تاب
الله عليه ، ثم قال : وسنة كثيرة ، من تاب قبل الموت بشهر تاب الله عليه ، ثم قال
: وشهر كثير ، من تاب قبل موته بجمعة [ تاب الله عليه ] ثم قال : وجمعة كثير ، (ثم قال : من
تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه ، ثم قال : ويوم كثير ، ) من تاب قبل أن يموت بساعة تاب الله عليه
، ثم قال : وإن ساعة كثيرة ، ثم قال : من تاب وقد بلغت نفسه هذه ـ وأومأ بيده إلى
حنقه ـ تاب الله عزّ وجلّ عليه.
__________________
قال : ثمّ نزل ، وكانت آخر خطبة خطبها
رسول الله 9 حتى لحق بالله
عز وجلّ .
من كلام الحسين 7 قال لرجل : يا هذا لا تجاهد في الرزق
جهاد المغالب
، ولا تتّكل على القدر اتكال مستسلم ، فإن ابتغاء الرزق من السنة ، والإجمال في الطلب من
العفّة ، وليست العفة بمانعة رزقاً ، ولا الحرص مجالب فضلاً ، وإنّ الرزق مقسوم ، والأجل
محتوم ، واستعمال
الحرص طالب المأثم » .
قال بعض العلماء يصف الصمت فقال : إن في
الصمت سبع خصال ، كل خصلة تشتمل على ألف خير :
أولها : إنّ الصمت عبادة من غير عناء.
الثاني : زينة من غير حليّ.
الثالث : حصن من غير حافظ.
الرابع : عزّ من غير عشيرة.
الخامس : عصمة وغنى عن الإعتذار
والتوبة.
والسادس : راحة للكرام الكاتبين.
السابع : ستر لعيبه وعوراته وسقطاته
وعثراته ، فربّ متكلّم قد تكلّم بكلام كان فيه هلاكه وذهاب ماله ، فإن المرء يعثر
فتدمى اصبعه أو تتهى
رجله ، ويعثر بلسانه فيهلك إمّا في الدنيا أو في الآخرة.
وروي أن جوارح الإنسان تقول للَسان في
صبيحة كل يوم : ناشدناك اللهإلاّ ما سكت ، فإنّا ما نزال بخير مادمت ساكتاً.
وقال عليّ بن الحسين 8 : « إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره ،
وإن كان عندك اعتذاره ، فما كل من تسمعه نكراً ، يمكنك أن توسعه عذراً ».
ولقد أحسن لقمان في قوله :
العلمُ زينٌ والسكوتُ سلامةٌ
|
|
فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
|
ما إن ندمتُ على سكوتٍ مرة
|
|
ولقد ندمتُ على الكلام مرارا
|
وقال الكسائي ـ وقد سمعه رجل
يحادث عامياً ولا يقيم الإعراب فعجب ـ فقال الكسائي :
لعمرك ما اللحن من شيمتي
|
|
ولا أنا من خطأ ألحن
|
ولكن قسمت الورى قسمة
|
|
فخاطبت كلاً بما يحسن
|
ومن كلام الحسن البصري ، قال
لمن كان عنده : والله لقد عهدت أقواماً كانوا في الحلال أزهد منكم في الحرام ، وكانوا
على النوافل أشدّ حرصاً منكم على الفرائض ، وكانوا يسترون حسناتهم كما تسترون أنتم
سيئاتكم ، وكانوا من حسناتهم أن تردّ عليهم ولا تقبل منهم أشدّ وجلاً وخجلاً منكم
على سيئاتكم أن تعذبوا بها ، والله ما كانوا مع هذا آمنين ، ولقد كانوا خائفين
وجلين مشفقين.
وروي عن النيي 9 أنّه سأل عن قول الله تعالى ( يُؤتون ما
آتوا وقلوبهم وجلة )
قالوا : يا رسول الله ، قلوبهم وجلة مما يأتون من السيئات. قال : « لا ، بل يعملون
الحسنات ويبالغون في عمل الصالحات ، وهم مع ذلك وجلون خائفون أن يكونوا قصّروا ».
ومن كلام حسنٍ ليوسف النبي 7.
روي أنّ زليخة لمّا افتقرت جلست في
طريقه ، ثم قالت له بعد أن سلّمت : أصابتنا فاقة فتصدّق علينا ، فالحمد لله الذي
جعل العبيد ملوكاً بطاعتهم ، والملوك عبيداً بمعصيتهم.
فقال لها : غموض النعمة سقم دوامها ، فراجعي
ما يمحص عنك درن الخطيئة ، فإنّ محل الإجابة قدس القلوب وطهارة الأعمال.
فقالت : ما اجتمعت لي بعد هبة التمام ، واني
لأستحي أن يرى الله لي موقف استعطاف ، ولمّا تهرق العين دمعتها ، ويؤدي الجسم
ندامته.
فقال لها : فبادري وجدي قبل مزاحمة
العدة ونفاد المدّة.
__________________
فقالت : هو عقيدتي ، وسيبلغك إن بقيت
بعدي.
فأمر لها بقنطار من المال.
فقالت : بل القوت بتة ، فإنّي لا أعود
إلى الخفض في العيش ، وأنا مأسورة في قيد الخطيئة.
فقال بعض ولد يوسف : يا أباه ، من هذه
التي فقد تفتت لها كبدي ورقّ لها قلبي؟
فقال له : هذه دابة البرح ، وسبب البلية في حبال الإنتقام.
ثم تزوجها فوجدها بكراً ، فقال لها : أنّى
هذا ، وقد كان لك بعل!؟
فقالت : كان محصوراً بفقد الحركة وصرد المجاري.
يقول الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ أعانه
الله على طاعته وتغمده برأفته ورحمته ـ : إني لأعجب من قوم ينسبونه إلى الاهتمام
بالمعصية ، وقد نزّهه الله عنها في سبع مواضع من السورة ، منها :
قوله تعالى حكاية عنها : ( الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه
) فاستعفى فلو لم تكن هي المراودة دونه ،
لم يكن للكلام معنى ، لأنّها إنما أرادت تنزيهه عن المراودة بما شهدت له.
ومنها قول النساء : ( حاشَ لله
ما علمنا عليه من سوء )
.
ومنها قول الطفل إنطاق من الله تعالى
وبرهان كبير في تنزيهه (
إن كان
قميصه قدّ من قبُل فصدقت وهو من الكاذبين*
وإن كان
قميصه قدّ من دُبر فكذبت وهو من الصادقين
* فلمّا رأى
قيصه ّقدّ من دبر قال )
يعنى العزيز
حيث رأى برهان الله بنطق الصغير في المهد ، معجزة وحجّة ظاهرة في تنزيهه من اهتمام
المعصية ( إنه من كيد كنّ إنّ كيدكنّ عظيم ) .
__________________
ومنها قوله : ( ربّ السجن أحبّ إليّ مما يدعونني إليه
) .
ومنها قول الله تعالى مخاطباً لإبليس
حين قال : ( لأغوينّهم أجمعين )
فقال : إلاّ عبادي المخلصين .
ولا شك ولا ارتياب أنه من المخلصين المصطفين بشهادة الله له أنّه صدّيق. وأيضاً
إنّ إبليس قال : (
إلاّ عبادك
منهم المخلصين )
فأيّ ريب أو
شك يعتري أحداً في نزاهته ، لولا العمى والهوى والارتياب واتباع الرخص ، وقد شهد
الله تعالى له بالبراءة والتنزيه والنسوة وزليخة والطفل والعزيز ، وقوله : ( ربّ السجن أحبّ إليّ
) وإبليس بقوله : ( إلاّ عبادك منهم المخلصين ) .
* * *
__________________
ويقول ـ أيضاً ـ الحسن بن أبي الحسن
الديلمي ، أعانه الله على طاعته ، وأيّده بعصمته ، وحشره مع سادته وأئمته محمد
النبي وأخيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وعترته صلوات الله عليهم جميعاً : إنني
أثبت في هذا الكتاب ما نقلته في كتاب (المؤمن) تصنيف الحسين بن سعيد الأهوازي بحذف
الاسناد احالة على سنده قال :
باب
ما يبتلى به المؤمن
(عن الحسن بن علي بن فضال) عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر 7 يقول : « في قضاء الله للمؤمنين كل خير
» .
وقال 7
: « لا يقضي الله تعالى قضاء للمسلم إلاّ كان خيراً له ، ولو قطع قطعة قطعة كان
خيراً له ، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له » .
وقال 7
: « لو يعلم المؤمن ما له في المصائب من الأجر ، لتمنّى أن يقرّض بالمقاريض » .
وقال الحسين 7 : « والله للبلاء والفقر والقتل أسرع
إلى من أحبّنا من ركض البراذين ، ومن السيل إلى صمره وهو منتهاه » .
وقال رجل لأمير المؤمنين 7 : والله إني أحبك في الله.
فقال : « صدقت ، إن طينتنا طينة مخزونة
، أخذ الله ميثاقها من صلب آدم ، إذهب فاتخذ للفقر جلباباً ، فإني سمعت رسول الله 9 يقول : يا عليّ إن الفقر لأسرع إلى
محبيك من السيل إلى بطن الوادي » .
__________________
وقال أبو عبد الله 7 : « إن الشياطين أكثر على المؤمنين من
الزنابير على اللحم .
وما منكم من عبد ابتلاه الله بمكروه
فصبر ، إلاّ كتب الله له أجر ألف شهيد » .
وقال 7
: « إن فيما أوحى الله إلى موسى 7
: ( ما خلقت خلقاً أحب إليَّ من عبدي المؤمن ، وإنّي إنّما ابتليته لما هو خير له
، وأعطيته لما هو خير له ، أعاقبه لما هو خير له ، واروعه لما هو خير له) ، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي فليصبرعلى
بلائي ، وليرض بقضائي ، وليشكر نعمائي ، أكتبه في الصدّيقين عندي ، إذا عمل برضاي
وأطاعني » .
وقال أبو جعفر 7 : « إن الله ـ تبارك وتعالى ـ إذا كان
من أمره أن يكرم عبداً وله عنده ذنب ، ابتلاه بالسقم ، فإن لم يفعل فبالحاجة ، فإن لم يفعل شدّد عليه عند الموت ، وإذا
كان من أمره أن يهين عبداً ، وله عنده حسنة ، أصحّ بدنه ، فإن لم يفعل وسّع عليه
في معيشته ، فإن لم يفعل هوّن عليه الموت » .
وقال 7
: « بينا موسى يمشي على ساحل البحر ، إذ جاء صياد فخرّ للشمس ساجداً وتكلّم بالشرك
، ثم ألقى شبكته فخرجت مملوءة ، ثم ألقاها فخرجت مملوءة ، ثم أعادها فخرجت مملوءة
فمضى ، ثم جاء آخر فتوضأ وصلّى وحمد الله وأثنى عليه ، ثم ألقى شبكته فلم يخرج
فيها شيء ـ ثلاث مرات ـ غير سمكة صغيرة ، فأخذها وحمد الله وأثنى عليه وانصرف.
فقال موسى : يارب ، عبدك الكافر تعطيه
مع كفره ، وعبدك المؤمن لم تخرج له غير سمكة صغيرة ، فأوحى الله إليه : اُنظر عن
يمينك ، فكشف له عما أعدّ الله لعبده المؤمن ، ثم قال : أنظر عن يسارك ، فكشف له
عما أعد الله للكافر ، فنظر ، ثم قال : يا موسى ما نفع هذا الكافر ما أعطيته ، ولا
ضرّ هذا المؤمن ما منعته.
__________________
فقال موسى : يا رب ، يحق لمن عرفك أن
يرضى بما صنعت » .
وقال 7
: « إنّ أهل الحق منذ كانوا لم يزالوا في شدة ، أما إنّ ذلك إلى مدّة قريبة وعافية
طويلة .
وإنّ الله جعل وليّه غرضاً لعدوّه ».
وقال رجل لأبي عبد الله 7 : إن من قبلنا يقولون : إنّ الله إذا
أحبّ عبداً نوّه به منوه من السماء : إنّ الله يحبّ فلاناً فأحبّوه ، فيلقي الله
له المحبة في قلوب العباد. وإذا أبغضه نوّه منوّه من السماء : إنٌ الله يبغض
فلاناً فأبغضوه ، فيلقي الله له البغضاء في قلوب العباد.
قال : وكان 7 متّكئاً فاستوى جالساً ثم نفض كمّه ، ثم
قال : « ليس هكذا ، ولكن إذا أحبّ الله ـ عزّ وجلّ ـ عبداً أغرى به الناس ليقولوا
فيه ما يأجره ويؤثمهم ، وإذا أبغض عبداً ألقى الله ـ عزّ وجل ـ له المحبة في قلوب
العباد [ لـ ]
يقولوا ما ليس فيه ليؤثمهم وإياه.
ثم قال : من كان أحبّ إلى الله ـ عزّ
وجلّ ـ من يحيى بن زكريا! ثم أغرى به جميع من رأيت ، حتى صنعوا [ به ما صنعوا ] .
من كان أحبّ إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ من
الحسين بن علي 8!
ثم أغرى به حتى قتلوه.
من كان أبغض إلى الله من أبي فلان وفلان!
ليس كما قالوا » .
وقال 7
: « إنّ الله إذا أحبّ عبداً أغرى به الناس .
وإنّ الله تعالى أخذ ميثاق المؤمن على
أربع : مؤمن مثله يحسده ، ومنافق يقفو أثره ، وشيطان يفتنه ، وكافر يرى جهاده
وقتله فما بقاء المؤمن مع هذا !؟
__________________
وإنّ الله تعالى يتعاهد عبده المؤمن
بالبلاء ، كما يتعاهد الرجل أهله بالهديّة ، ويحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض
.
وإنّ لله عباداً من خلقه ، ما من بلية أوتقتير في الرزق إلاّ ساقه إليهم ، ولاعافيه
أو سعة في الرزق إلا صرف عنهم. ولو أنّ نور أحدهم قُسّم بين أهل الأرض لاكتفوا به .
وإنّه ليذود المؤمن عمّا يكره ، كما
يذود الرجل البعير الأجرب عن إبله .
ما من مؤمن تمرّ عليه أربعون ليلة ، إلاّ
تعاهده الرب بوجع في بدنه ، أو ذهاب مال. ولا بدّله من ثلاث ـ وربما اجتمعت له ـ :
أن يكون معه في داره من يؤذيه [ أو جار يؤذيه ، أو من في طريقه إلى حوائجه [ يؤذيه
] ولوأن مؤمناً على قلة جبل لبعث الله شيطاناً يؤذيه ] ، ويجعل الله له من إيمانه أنساً »
وقال رسول الله 9 : « يقول الله تعالى : يا دنيا موري على عبدي المؤمن بأنواع البلاء ، وضيقي
عليه في معيشته ، ولا تحلولي له فيسكن إليك » .
وقال أبو الصباح : قلت لأبي عبد الله 7 : ما أصاب المؤمن من بلاء ، أفبذنب؟
قال : « لا ، ولكن ليسمع أنينه وشكواه
ودعاءه ، ليكتب له الحسنات ، ويحط عنه السيئات .
وإن الله ليعتذر إلى عبده المؤمن كما
يعتذر الأخ إلى أخيه ، فيقول : لا ـ وعزتي ـ ما أفقرتك لهوانك عليّ ، فارفع هذا
الغطاء ، فيكشف فينظر ما عَوّضه فيقول : ما
__________________
ضرّني يارب مع ما
عوضتني .
وما أحبّ الله قوماً إلاّ ابتلاهم ، وإن
عظيم الأجر لمع عظيم البلاء .
وإنّ الله تعالى يقول : إنِّ من عبادي
المؤمنين لمن لا يصلح لهم أمر دينهم الاّ بالغنى والصحة في البدن فأبلوهم به ، وإنّ
من العباد لمن لا يصلح لهم أمر دينهم الاّ بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم
فأبلوهم به فيصلح لهم أمر دينهم .
وإنّ اللّه أخذ ميثاق المؤمن على أن لا
يُصدّق في مقالته ، (ولا ينتصر على عدوه)
.
وإنّ الله إذا أحبّ عبداً غبّه بالبلاء
غباً ، فإذا دعا
قال له : لبيك عبدي ، إنّي على ما سألت لقادر ، ولئن ادخرت لك فهو خير لك .
وإن حواري عيسى شكوا إليه ما يلقون من
الناس ، فقال لهم : إن المؤمنين لم يزالوا مبغَضين » .
وقال أبو عبد الله 7 لأصحابه : « إن أردتم أن تكونوا أصحابي
وإخواني ، فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس ، والاّ فلستم لي بأصحاب .
وإنّ الله يعطي الدنيا من يحبّ ويبغض ، ولا
يعطي الآخرة إلاّ أهل صفوته .
وإنّ الله يقول : لا أصرف عبدي المؤمن
عن شيء ، إلاّ جعلت ذلك خيراً له ، فليرض بقضائي ، وليصبر على بلائي ، وليشكر
نعمائي ، أكتبه في الصدّيقين عندي .
__________________
وتبسّم رسول الله 9 فقال : ألا تسألوني مم ضحكت؟
قالوا : بلى ، يا رسول الله.
قال : عجبت للمرء المسلم ، لا يقضي الله
له القضاء إلاّ كان خيراً له .
وإنّه ليكون للعبد عند الله منزلة لا
يبلغها إلاّ بإحدى خصلتين : إمّا بمرض في جسم ، أو بذهاب مال » .
* * *
__________________
باب
ما خصّ الرب تعالى المؤمن من الكرامة والثواب
قال أبو عبد الله 7 : « إذا أحسن العبد المؤمن ، ضاعف الله
له عمله سبعمائة ضعف ، وذلك قوله تعالى : (
يضاعف لمن
يشاء )
.
وإنّ المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء كما
تزهر نجوم السماء لأهل الأرض وإنّ المؤمن وليّ الله عزّ وجلّ ، يعينه ويصنع له ، ولا
يقول على الله إلاّ الحق ، ولا يخاف غيره » .
وقال 7
: « إن المؤمنين يلتقيان فيتصافحان ، فلا يزال الله تعالى مقبلاً عليهما ، والذنوب
تتحاتُّ عنهما حتى يفترقا .
وينزل الله عليهما مائة رحمة تسع وتسعون
لأشدهما حباً لصاحبه ،
وافترقا من غير ذنب .
وإنّ جبرئيل 7 نزل على رسول الله 9 فقال : يامحمد ، إنّ ربّك يقول : من
أهان عبدي المؤمن فقد استقبلني بالمحاربة ، وما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردَدي
في قبض روح عبدي المؤمن ، يكره الموت واكره مساءته .
وإذا مات المؤمن صد ملكاه فقالا : يا
ربّنا أمَتَّ فلاناً ، فيقول : انزلا فصلّيا عليه عند قبره وهلّلاني وكبّراني ، واكتبا
ما تعملان له » .
وقال أبو عبد الله 7 : « إنّ رؤيا المؤمن جزء من سبعين جزاً
من النبوّة .
وإنّ الله عزّ وجل إذا أحبّ عبداً عظّمه
وجعل غناه
في نفسه ، ونوره بين
__________________
عينيه ، وإذا بغضه
وكله إلى نفسه ، وجعل فقره بين عينيه » .
وقال 7
: « إنّ العبد ليدعو فيقول الربّ عزّ وجل : يا جبرئيل اهبط بحاجته ، وأوقفها بين
السماء والأرض شوقاً إلى صوته بتضرّعه .
وإنّ موت المؤمن لَمِن ثلم الدين .
وإنّ عمل المؤمن يذهب فيمهّد له في
الجنة ، كما يرسل الرجل غلامه يفرش له ويمهّد له ، ثم تلا : ( ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون )
» .
وقال 7
: « ما من مؤمن يموت في غربة فيغيب عنه بواكيه ، إلاّ بكته بقاع الأرض التي كان
يعبد الله عليها ، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد إليها عمله وينزل منها رزقه ،
وبكاه الملكان الموكلان به » .
* * *
__________________
باب
ما جعل الله تعالى بين المؤمنين من الإخاء والحقوق
قال أبو عبدالله 7 : « المؤمنون إخوة ، إذا ضرب رجل منهم
عِرق سهر الآخرون ، لأنّ أرواحهم واحدة » .
وعن أبي جعفر 7 قال : « إنّ الأرواح جنود مجندة ، تلتقي
فتتشام كما تتشامّ الخيل ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، ولو أن
مؤمناً دخل مسجداً فيه اُناس كثير ليس فيهم إلاّ مؤمن واحد ، إلاّ مالت نفسه إلى
ذلك المؤمن حتى يجلس إليه .
وإنّ المؤمن ليستريح إلى أخيه المؤمن ، كما
يستريح الطير إلى شكله .
وإنّ المؤمنين في إيثارهم وتراحمهم
وتعاطفهم ، كمثل الجسد إذا اشتكى تداعى سائره بالسهر .
ثم قال : لا ـ والله ـ لا يكون المؤمن
مؤمناً حتى يكون كذلك .
ولقد قال 9
: ستّ خصال من كنّ فيه ، كان بين يدي الله عزّ وجلّ ، وعن يمين الله.
فقيل له : ما هن؟
فقال : يحبّ المرء لأخيه المسلم ما يحبّ
لأعزّ أهله ، ويكره له ما يكره لأعزّ أهله ، ويناصحه بالولاية ، ويفرح لفرحه ، ويحزن
لحزنه ، فإن كان عنده ما يفرّج عنه ، وإلاّ دعا له » .
__________________
وقال أبو عبد الله 7 : « والله ما عبد الله بشيء أفضل من
أداء حقّ المؤمن ، وإنّ المؤمن أفضل حقاً من الكعبة ، وإنّ المؤمن أخو المؤمن فهو
عينه ودليله ، لا يخونه ولا يخذله ، ومن حقه عليه لا يشبع ويجوع المؤمن ، ولا يروى
ويعطش ، ولا يلبس ويعرى أخوه ، ويحبٌ له ما يحبه لنفسه ، فإذا احتجت فاسأله ، وإذا
سألك أعطه ، وكن لهم ظهراً فإنّهم لك ظهر ، وإذا غاب أخوك فاحفظه في غيبته ، وإن
شهد فزره ، وآجِلَّه وأكرمه فإنّه منك وأنت منه ، وإن أصابه خير فاحمد الله تعالى
، وإن ابتلى فاعضده وتحمّل عنه وأعنه .
فإنّه يحقّ عليك نصيحته ومواساته ومنع
عدوه منه .
وإنّ نفراً من المسلمين خرجوا في سفر
لهم ، فأضلوا الطريق وأصابهم عطش شديد ، فتمكّنوا ولزموا أصول الشجر ، فجاءهم شيخ عليه
ثياب بيض ، فقال : قوموا فلا بأس عليكم ، هذا الماء ، فقاموا وشربوا وارتووا ، ثم
قالوا له : من أنت ، رحمك الله؟فقال : أنا من الجن الذين بايعوا رسول الله 9 ، سمعته يقول : « المؤمن أخو المؤمن
ودليله
« فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي .
وقال 7
: « من مشى لأخيه المؤمن في حاجة فنصحه فيها ، كتب الله
__________________
له بكلّ خطوة حسنة ،
ومحا عنه سيئة ، قضيت الحاجة أولم تقض .
ألا وإنّ الله انتجب قوماً من خلقه ، لقضاء
حوائج الفقراء من شيعة عليّ 7
ليؤتيهم
بذلك الجنة .
ومن نفّس عن مؤمن كربة ، نفّس الله عنه
اثنتين وسبعين كربة من كرب الدنيا ، واثنتين وسبعين كربة من كرب الآخرة ، ومن يسر
على مؤمن ، يسر الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومن ستر على مؤمن عورة ، ستر الله
عليه سبعين عورة من عوراته التي يخافها في الدنيا والآخرة .
وإنَ قضاء حاجة المؤمن خير من حملان ألف
فرس في سبيل الله ، وعتق ألف نسمة ، وصيام شهر في المسجد الحرام واعتكافه » .
وروى ابن عباس قال : كنت مع الحسن بن
علي 8 في
المسجدالحرام ـ وهو معتكف به ، وهو يطوف بالكعبة ـ فعرض له رجل من شيعته ، فقال : يا
ابن رسول الله ، إنّ علي ديناً لفلان ، فإن رأيت أن تقضيه عني.
فقال : « وربّ هذه البنية ، ما أصبح عندي شيء ».
فقال : إن رأيت [ أن ] تستمهله عنّي ، فقد تهددني بالحبس.
قال ابن عباس : فقطع الطواف وسعى معه ، فقلت
: يا ابن رسول الله ، أنسيت أنك معتكف؟
فقال : « لا ، ولكن سمعت أبي 7 يقول : سمعت رسول الله 9 يقول : من قضى أخاه المؤمن حاجة ، كان
كمن عبد الله تسعة الاف سنة صائماً نهاره قائماً ليله ».
فاجتاز على دار أبي عبد الله الحسين 7 فقال للرجل : « هلاَ أتيت أبا
__________________
عبد الله في حاجتك؟
»
فقال : أتيته ، فقال : « إني معتكف » فقال
: « أما إنّه لوسعى في حاجتك لكانت خيراً من اعتكاف ثلاثين سنة » .
عن إبراهيم التيمي قال : كنت أطوف
بالبيت الحرام ، فاعتمد عليَّ أبو عبد الله 7
فقال : ألا أخبرك ـ يا إبراهيم ـ بمالك في طوافك هذا؟ »
قال ، قلت : بلى ، جعلت فداك.
فقال : « من جاء إلى هذا البيت عارفاً بحقّه
، وطاف به أسبوعاً ، وصلّى ركعتين في مقام إبراهيم ، كتب الله له عشرة الاف حسنة ،
ومحا عنه عشرة آلاف سيئة ، ورفع له عشرة الاف درجة ».
ثم قال 7
: « ألا أخبرك بخير من ذلك؟ »
قال ، قلت : بلى ، جعلت فداك.
فقال : « من قضى أخاه المؤمن حاجة ، كان
كمن طاف طوافاً وطوافاً وطوافاً ـ حتى عدّ عشرة ـ وقال : أيّما مؤمن سأله أخوه
المؤمن حاجة ، وهو يقدر على قضائها ولم يقضها له ، سلّط الله عليه شجاعاً في قبره
ينهش أصابعه » .
وقال 7
: « إنّ مؤمناً كان في مملكة جبار يؤذيه ، فهرب منه ونزل برجل من أهل الشرك فأضافه
وألطفه وأجاره ، فلمّا حضره الموت أوحى الله تعالى إليه :
__________________
وعزّتي وجلالي ، لوكان
في جنتي مسكن [ لمشرك ]
لأسكنتك فيها ، ولكنّها محرّمة على من مات مشركاً ، ولكن يا نار هادنيه ولا تؤذيه
، ويؤتى برزقه فيها من حيث يشاء الله تعالى » .
وقال 7
: « من سرّ مؤمنا فقد سرّنا ، ومن سرّنا فقد سرّ رسول الله 9 ، ومن سرّ رسول الله فقد سرّ الله
تعالى ، ومن سرّ الله أسكنه في ظلّ عرشه يوم لا ظل إلاّ ظله .
وإنّ من أحب الأعمال إلى الله تعالى
إدخال السرور على عبده المؤمن .
ومن أدخل على مؤمن سروراً ، خلق الله
منه خلقاً فيقول له : أبشر ـ يا ولي الله ـ بكرامة من الله ورضوان ، ثم لا يزال
معه حتى يدخل قبره ، فيقول مثل [ ذلك ]
، ثم لا يزال معه عند كل هول يبشره ، فيقول له : من أنت ، يرحمك الله؟ فيقول : أنا
السرور الذي أدخلت على فلان » .
وقال 7
: « إنّ لله جنة ادّخرها لثلاثة : إمام عادل ، ورجل يُحَكِّمُ أخاه المسلم في ماله
، ورجل مشى لأخيه المسلم في حاجة قضيت أو لم تقض .
وثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل فيه
الأقدام .
وكتب له اثنتين وسبعين رحمة ، عجّل له
واحدة يصلح بها أمر دنياه ، وادّخر له واحدة وسبعين لأهوال الآخرة .
ومن أكرم مؤمناً فإنما يكرم الله تعالى .
__________________
ودعاء المؤمن للمؤمن ، يدفع عنه البلاء
، ويدرِّ عليه الرزق .
وأوحى الله تعالى إلى داود 7 : إنّ العبد من عبادي يأتيني بالحسنة فأبيحه
جنتي ، فقال داود : يا رب ، وما تلك الحسنة؟ قال : يدخل على عبدي المؤمنسروراً ولو
بتمرة ، فقال داود : يا ربّ ، حقاً على من عرفك أن لا يقطع رجاءهمنك » .
وقال رسول الله 9 : « أيّما مؤمن عاد مريضاً خاض في
الرحمة خوضاً ، فإذا قعد عنده استنقع بها ، فإن عاده غدوة صلّى عليه سبعون ألف ملك
إلى أن يمسي ، وإن عاده عشية صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح » .
وقال 7
: « إنّ العبد المسلم إذا خرج من بيته ، يريد زيارة أخيه التماس وجه الله ورغبة
فيما عنده ، وكل الله تعالى به سبعين ألف ملك ينادونه من خلفه : ألا طبت وطابت لك الجنة » .
وقال رسول الله : « هبط إلى الأرض ملك ،
فأقبل يمشي حتى دفع إلى باب رجل ، وعليها رجل واقف ، فقال له الملك : ما جاء بك
إلى هذه الدار؟ فقال : أخ ليزرته في الله ، فقال له الملك : أبشر ، فإني رسول الله
إليك ، وهو يقرئك السلام ويقول : وجبت الجنة لك عندي ، وإنّ الله يقول : أيما مسلم
زار أخاه ، فإيّاى يزور وثوابه علي » .
وقال 7
: « من أشبع أربعة من المؤمنين ، كان كمن عتق رقبة من ولد إسماعيل .
ومن أدخل مؤمنين بيته فأشبعهما ، كان
ذلك أفضل من عتق رقبة ، وأطعمه الله من ثمار الجنة .
__________________
ومن أطعم مؤمناً من جوع أوسقاه من ظمأ ،
أطعمه الله من ثمار الجنة وسقاه من الرحيق المختوم ومن كسا مؤمناً من عري ، كساه
الله من الثياب الخضر ، ولم يزل فى ضمان الله مادام عليه .
وإنّ من أحب الخصال إلى الله تعالى ، إطعام
مسلم من جوع ، أو فك رقبة منرق ، أو قضاء عن مؤمن ديناً .
وأقرب ما يكون العبد من الكفر أن يحفظ
على أخيه عثراته وزّلاته ليعيّره ويعنفه بها يوماً ما .
ومن عيّر مؤمناً بشيء لم يمت حتى يركبه .
ومن قال لأخيه المؤمن : أف لك ، انقطع
ما بينهما ، فإذا قال له : أنت عدوّي ، فقد كفر أحدهما ، فإذا اتّهمه انماث
الإيمان في قلبه كما يُماث الملح في الماء .
ومن لم يعرف لأخيه مثل ما يعرف له فليس
بأخيه .
ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً ، فقد
أدخله على رسول الله وعلينا ، وكذلك من أدخل عليه أذى أو غماً .
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا
يجلس في مجلس
يسبّ فيه امام أو يغتاب فيه مؤمن .
وليس بمؤمن من لم يأمن جاره بوائقه
وأخوه بوادره .
ولو كشف الغطاء عن الناس فنظر [ وا ] وصل ما بين الله وبين
__________________
المؤمن ، لخضعت له
رقابهم ، وانقادت له طاعتهم ، ولو نظروا إلى ما يُرَدّ من الأعمال من السماء ، لقالوا
: ما يقبل من أحد عمل » .
وقال : « لا تبدي الشماتة بأخيك فيرحمه
[ الله عزّ وجلّ ]
ويبتليك » .
يقول العبد الفقير إلى رحمة الله
ورضوانه ، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، أعانه الله على طاعته
وتغمّده برحمته ورأفته : إنّني حيث ذكرت صفات المؤمنين ، وما يجب أن يكونوا عليه
من الخصال المحمودة ، وما يجانبوه من الخصال الذميمة ، وبالغت في ذلك على حدّ يخاف
أن يشق على من لم يعرف اُصول ذلك من كتاب الله تعالى وسنة نبيّه وأهل بيته عليه
وعليهم السلام ، أحببت أن أردف ذلك بذكر ما جاء من بشائر المؤمن ومسارّه ، عند
وفاته وبعد وفاته ، لقول النبي 9
: « ألا أخبركم بالفقيه كل الفقيه؟ »
قالوا : بلى ، يا رسول الله ، قال : « من
لم يطمع الناس في جنب الله ، ولم يؤيسهم من رحمة الله تعالى ».
الحديث الأول : عن صفوان بروايته عن أبي
عبد الله 7 ، أن قوماً
من أصحابه قالوا له : إنما أحببناكم لقرابتكم من رسول الله ، ولما أوجب الله من
حبّكم ، ما أحببناكم لدنيا نصيبها منكم ، ولكن لوجه الله والدار الآخرة.
فقال : « صدقتم ، ثم قال : من أحبنا كان
معنا وجاء معنا يوم القيامة هكذا ـ ثم جمع بين السبابتين ـ ثم قال : والله لو أنّ
رجلاً صام النهار وقام الليل ، ثم لقي الله بغير ولايتنا ، لقيه وهو عليه ساخط ».
وقال 7
: « إذا كان يوم القيامة يقبل قوم على نجائب من نور ، ينادون بأعلى أصواتهم : الحمد
لله الذي أنجزنا وعده ، الحمد لله الذي أورثنا أرضه نتبوأ من الجنة حيث نشاء.
قال فيقول الخلائق : هذه زمرة الانبياء
، فإذا النداء من عند الله عزّ وجلّ : هؤلاء شيعة علي بن أبي طالب 7 ، وهم صفوتي من عبادي وخيرتي.
فيقول الخلائق : إلهنا وسيدنا ، بما
نالوا هذه الدرجة؟
فإذا النداء من قبل الله عزّ وجلّ : نالوها
بتختمهم في اليمين ، وصلاتهم إحدى وخمسين ، وإطعامهم المسكين ، وتعفيرهم الجبين ، وجهرهم
في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم » .
وعنه 7
قال : « من أحبّنا ولقي الله وعليه مثل زبد البحر ذنوباَ ، كان حقا على الله أن
يغفر له » .
وقال عاصم ، عن أبي حمزة ، عن حنش بن المعتمر قال : دخلت على عليّ ـ وهو
في الرحبة متكئاً ـ فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، كيف
أصبحت؟ قال : فرفع رأسه وردّ عليّ ، وقال : « أصبحت ـ والله ـ محباً لمحبّنا ، صابراً
على بغض مبغضنا ، إنّ محبنا ينتظر الرّوح والفرج في كل يوم وليلة ، وإنّ مبغضنا بنى
بنياناً ، فأسس بنيانه على شفا جرف ، فكأنك ببنيانه قد هار » .
وقال أبو عبد الله 7 لداود الرقّي : « ألا أحدّثك بالحسنة
التي من جاءبها أمِن من فزع يوم القيامة ، وبالسيئة التي من جاء بها أكبّه الله
على وجهه في النار؟ » قال : قلت : بلى ، قال : « الحسنة حبّنا ، والسيئة بغضنا » .
وعن الحارث الأعور قال : أتيت أمير
المؤمنين 7 ، فقال : « ما
جاء بك؟ » فقلت : حبك ، قال : « الله الله ، ما جاء بك إلاّ حبّي؟ » فقلت : نعم ، فقال
: « أما إني سأحدّثك بشكرها : إنّه لا يموت عبد يحبّني حتى يراني حيث يحب ، ولا
يموت عبد يبغضني حتى يراني حيث يكره » .
__________________
وقال أبو عبد الله 7 لعمر بن حنظلة : « يابا صخر ، إنّ الله يعطي
الدنيا لمن يحبّ ويبغض ، ولا يعطي هذا الأمر إلاّ أهلَ صفوته ، أنتم ـ والله ـ على
ديني ودين آبائي » .
وقال 7
: « والله لنشفعنّ ، والله لنشفعنّ ـ ثلاث مرات ـ حتى يقول عدوّنا : فما لنا من
شافعين ولا صديق حميم.
إنّ شيعتنا يأخذون بحجزتنا ، ونحن آخذون
بحجزة نبينا ، ونبينا آخذ بحجزة الله » .
وقال له زياد الأسود : إنّي أُلِمُّ
بالذنوب فأخاف ألهلكة ، ثم أذكر حبكم فأرجو النجاة.
فقال 7
: « وهل الدّين إلاّ الحب! قال الله : ( حَبّبَ إليكم الإيمان
) وقال : (
إن كنتم
تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله
) ».
وقال رجل لرسول الله 9 : إنّي أحبك ، فقال : « إنك لتحبني؟ » فقال
الرجل : إي والله ، فقال النبي : « أنت مع من أحببت » .
وقال أبو عبد الله 7 : « من مات منكم على هذا الأمر منتظراً
له ، كان كمن كان في فسطاط القائم » .
وقال له بعض أصحابه : أصلحك الله ، والله
لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا ألأمر ، فقال أبو عبد الله : « أترى من حبس نفسه
على الله لا يجعل له مخرجاً؟ بلى ـ والله ـ ليجعلن الله له مخرجاً ، رحم الله من
حبس نفسه علينا ، رحم الله من أحيا
__________________
أمرنا » .
وروي عن أبي أيوب الأنصاري ; قال : كنت عند رسول الله 9 وقد سئل عن الحوض ، فقال : « أما إذا
سألتموني عن الحوض ، فإنّي سأخبركم عنه ، إن الله تعالى أكرمني به دون الأنبياء ، وإنّه
ما بين أيلة إلى صنعاء ، يسيل فيه خليجان من الماء ، وماؤهما أبيض من اللبن ، وأحلى
من العسل ، بطحاؤهما مسك أذفر ، حصباؤهما الدرّ والياقوت ، شرط مشروط من ربي ، لا
يردهما إلاّ الصحيحة نيّاتهم ، النقيِّة قلوبهم ، الذين يعطون ما عليهم في يسر ، ولا
يأخذون مالهم في عسر ، المسلّمون للوصيّ من بعدي ، يذود من ليس من شيعته ، كما
يذود الرجل الجمل الأجرب عن إبله » .
وعنه 7
قال : « إذا بلغت نفس أحدكم هذه ـ وأومأ بيده إلى حلقه ـ قيل له : أما ما كنت تحذر
من همّ الدنيا فقد أمنته ، ثم يعطى بشارته » .
وعنه 7
، يرويه عن آبائه ، عن رسول الله 9
، أنه قال لأمير المؤمنين 7
: « بشّر شيعتك ومحبيك بخصال عشر : أوّلها : طيب مولدهم ، و [ ثانيها ] حسن إيمانهم ، و [ ثالثها ] حبّ الله لهم ، والرابعة : الفسحة في قبورهم
، والخامسة : نورهم يسعى بين أيديهم
والسادسة : نزع الفقر من بين أعينهم وغنى قلوبهم ، والسابعة : المقت من الله
لأعدائهم ، والثامنة : الأمن من البرص والجذام ، والتاسعة : انحطاط الذنوب
والسيئات عنهم ، والعاشرة : هم معي في الجنة وأنا معهم ، فطوبى لهم وحسن مآب » .
وروى جابر بن عبد الله قال : بينا نحن
عند رسول الله 9
إذ
__________________
التفت إلى عليّ 7 فقال : « يا أبا الحسن ، هذا جبرئيل 7 يقول : « إن ّالله تعالى أعطى شيعتك
ومحبّيك سبع خصال : الرفق عند الموت ، والإُنس عند الوحشة ، والنور عند الظلمة ، والأمن
عند الفزع ، والقسط عند الميزان ، والجواز على الصراط ، ودخول الجنة قبل الناس
يسعى نورهم بين أيديهم » .
وروى جابرـأيضاً ـ عنه 9 قال : « من أحبّ الأئمة من أهل بيتي ، فقد
أصاب خير الدنيا والآخرة ، فلا يشكّنّ أحد أنّه في الجنّة ، فإنّ في حبّ أهل بيتي
عشرين خصلة : عشر في الدنيا ، وعشر في الآخرة.
أمّا في الدنيا : فالزهد ، والحرص على
العمل ، والورع في الدين ، والرغبة في العبادة ، والتوبة قبل الموت ، والنشاط في
قيام اللّيل ، واليأس مما في أيدي الناس ، والحفظ لأمر الله عزّ وجلّ ونهيه ، والتاسعة
بغض الدنيا ، والعاشرة : السخاء.
وأمّا في الآخرة : فلا ينشر له ديوان ، ولا
ينصب له ميزان ، ويُعطى كتابه بيمينه ، وتكتب له براءة من النار ، ويبيضَ وجهه ، ويُكسى
من حلل الجنة ، ويشفّع في مائة من أهل بيته ، وينظر الله إليه بالرحمة ، ويتوّج من
تيجان الجنة ، والعاشرة : دخول الجنة بغير حساب ، فطوبى لمحب أهل بيتي » .
وعن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر 7 قال : « للمؤمن على الله تعالى عشرون
خصلة ، يفي له بها ، له على الله تعالى : ألاّ يفتنه ولا يُضلّه ، وله على الله أن
لا يعريه ولا يجوعه [ وله على الله أن لا يشمت به عدوه ] وله على الله أن لا يخذله ويعزّه [ وله على الله أن لا يهتك ستره ] ، وله على الله أن لا يميته غرقاً ولا
حرقاً ، وله على الله أن لا يقع على شيء ولا يقع عليه شيء ، وله على الله أن يقيه
مكر الماكرين ، وله على الله أن يعيذه من سطوات الجبارين ، وله على الله أن يجعله
معنا في الدنيا
__________________
والآخرة ، وله على
الله أن لا يسلّط عليه من الأدواء ما يشين خلقته [ وله على الله أن يعيذه من ألبرص
والجذام ]
، وله على الله أن لا يميته على كبيرة ، وله على الله أن لا ينسيه مقامه في
المعاصي حتّى يحدث توبة ، وله على الله أن لا يحجب عنه (علمه ويعرفه بحجته) وله على الله أن [ لا ] يغرز في قلبه الباطل ، وله على الله أن
يحشره يوم القيامة ونوره يسعى بين يديه ، وله على الله أن يوفّقه لكل خير ، وله
على الله أن لا يسلط عليه عدوه فيذله ، وله على الله أن يختم له بالأمن والإيمان
ويجعله معنا في الرفيق الأعلى ، هذه شرائط الله عز وجلّ للمؤمنين » .
ومن كتاب (فرج الكرب) عن أبي بصير ، قال
الصادق 7 : « يابامحمد
تفرّق الناس شعباً ورجعتم ـ أنتم ـ إلى أهل بيت نبيّكم ، فأردتم ما أراد الله ، وأحببتم
من أحبّ الله ، واخترتم من اختاره الله ، فابشروا واستبشروا ، فأنتم والله
المرحومون ، المتقبل منكم حسناتكم ، المتجاوز عن سيئاتكم فهل سررتك؟ »
فقلت : نعم.
فقال : « يابا محمد ، إنّ الذنوب تساقط
عن ظهور شيعتنا ، كما يسقط الريح الورق من الشجر ، وذلك قوله تعالى : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يُسبّحون بحمد ربهم
...
ويستغفرون للذين امنوا )
والله ـ يا با محمد ـ ما أراد الله بهذا غيركم ، فهل سررتك؟ »
قلت : نعم زدني.
فقال : « قد ذكركم الله في كتابه عزّ من
قائل : ( رجال صدقوا ما عاهدوا
الله عليه )
يريد أنكم
وفيتم بما أخذ عليكم ميثاقه من ولايتنا ، وأنّكم لم تستبدلوا بنا غيرنا.
وقال : (
الاخلاّء
يومئذ بعضهم لبعض عدوّ الا المتقين )
والله ما
عنى بهذا
__________________
غيركم ، فهل سررتك ،
يابا محمد؟ »
فقلت : زدني قال : « لقد ذكركم الله في
كتابه ، حيث يقول : (
إخواناً
على سرر متقابلين )
والله ما
أراد الله بهذا غيركم ، هل سررتك؟ [ فقلت : نعم زدني ] قال : وقد ذكركم الله تعالى بقوله : ( أولئك مع
الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين )
فرسول الله في هذا الموضع النبيّون ، ونحن الصديقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، وأنتم
والله شيعتنا ، فهل سررتك؟ » فقلت : نعم زدني.
فقال : « لقد أستثناكم الله تعالى على
الشيطان فقال : (إن عبادي
ليس لك عليهم سلطان) والله ما عنى بهذا غيركم ، فهل سررتك؟
».
فقلت : نعم زدني.
فقال : « قال الله تعالى : ( قل
ياعبادى الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب
جميعاً )
والله ما
عنى بهذا غيركم ، هل سررتك ، يابا محمد؟ » قلت : زدني.
فقال : « يابا محمد ، ما استثنى الله
تعالى لأحد من الأنبياء ولا أتباعهم ، ما خلا شيعتنا ، فقال عز من قائل : ( يوم لا
يغني مولى عن مولى شيئاَ ... إلاّ من رحم الله
) وهم شيعتنا ، يابا محمد ، هل سررتك؟ »
قلت : زدني ، يابن رسول الله.
قال : « لقد ذكركم الله تعالى في كتابه
حيث قال : ( هل يستوي الذين يعلمون
والذين لا يعلمون إنّما يتذكّر اُولوا الألباب
) فنحن الذين نعلم ، وأعداؤنا الذين لا
يعلمون ، وشيعتنا هم اُولو الألباب ».
قلت : زدني ، يا ابن رسول الله.
__________________
قال : « يابا محمد ، ما يحصى تضاعف
ثوابكم ـ يابا محمد ـ ما من آية تقود إلى الجنة ، وتذكر أهلها بخير ، إلاّ وهي
فينا وفيكم ، وما من آية تسوق إلى النار ، إلاّ وهي في عدونا ومن خالفنا ، والله
ما على دين محمد وملة إبراهيم 7
غيرنا وغيركم ، وإن سائر الناس منكم براء ، يا أبا محمد ، هل سررتك؟ »
قلت : نعم ـ يا ابن رسول الله ـ صلّى
الله عليك ، وجعلت فداك ، ثم انصرفت فرحاً .
* * *
__________________
فصل
: في حسن الظن بالله تعالى
روي عن العالم 7 أنه قال : « والله ما أعطي مؤمن قط خير
الدنيا والآخرة ، إلاّ بحسن ظنه بالله عزّ وجل ، ورجائه له ، وحسن خلقه ، والكف عن
اغتياب المؤمنين ، فالله تبارك وتعالى لا يعذب عبداً بعد التوبة والاستغفار ، إلاّ
بسوء ظنه ، وتقصيره في رجائه لله عز وجل ، وسؤ خلقه ، واغتيابه للمؤمنين ، وليس
يحسن ظن عبد مؤمن بالله ـ عز وجل ـ إلاّ كان عند ظنّه به ، لأنّ الله تعالى كريم
يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجاءه ، فأحسنوا الظنّ بالله وارغبوا إليه ، فإنّ الله
تعالى يقول : ( الظّانين بالله ظنّ السوء عليهم دائرة السوء
وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنّم وساءت مصيراً
) » .
وقد روي : انّ الله تعالى قال : « أنا
عند ظنّ عبدي بي ، فلا يظنّ بي إلاّ خيراً » وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وآله : « الثقة بالله حصن لا يحصّن به إلاّ مؤمن ، والتوكّل عليه نجاة من كل سوء ،
وحرز من كل عدو ».
وعن أبي عبد الله 7 في قوله تعالى : ( فلا اقتحم العقبة
) فقال : « من انتحل ولايتنا فقد جاز
العقبة ، فنحن تلك العقبة التي من أقتحمها نجا ».
ثم قال : « مهلاً ، أفيدك حرفاً هو خير
لك من الدنيا وما فيها ، قوله تعالى : (
فك رقبة )
إن الله تعالى فكّ رقابكم من النار بولايتنا ـ أهل البيت ـ فأنتم صفوة الله ، ولو أنّ الرجل منكم يأتي بذنوب مثل
رمل عالج ، لشفعنا فيه عند الله تعالى ، فلكم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة
، لا تبديل لكلمات الله ، ذلك هو الفوز العظيم » .
ميسر قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي ، وأبو
حسّان العجلي ، وعبد الله بن
__________________
عجلان ، ننتظر أبا
جعفر 7 ، فخرج
علينا فقال : « مرحباً وأهلاً ، والله إني لأحبّ ريحكم وأرواحكم ، وإنّكم لعلى دين
الله ».
فقال له علقمة : فمن كان على دين الله ،
تشهد أنّه من أهل الجنة؟
قال : فمكث هنيئةً ثم قال : « بوروا أنفسكم ، فإن لم تكونوا قارفتم الكبائر
فأنا أشهد ».
قلنا : وما الكبائر؟
قال : « سبع : الشرك بالله العظيم ، وأكل
مال اليتيم ، وقذف المحصنة [ وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، والربا ، والفرار من
الزحف ]
».
قال ، قلنا : ما منّا أحد أصاب من هذا
شيئاً.
فقال : « فأنتم إذاً ناجون ، فاجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه
للنّاس ، فإنّه ما كان للنّاس فهو للنّاس ، وما كان لله فهو له ، فلا تخاصموا
النّاس بدينكم ، فإنّ الخصومة ممرضة
للقلب ، إنّ الله قال لنبيّه : (
إنّك لا
تهدي من أحببت )
وقال : ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين
) » .
عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قال أبو
عبد الله 7 : « قد
استحييت مما أكرر هذا الكلام عليكم ، إنّما بين أحدكم وبين أن يغتبط أن تبالغ نفسه
هاهنا ـ وأهوى بيده إلى حنجرته ـ يأتيه رسول الله صلّى الله عليه وعليّ فيقولان له
: أما ما كنت تخاف فقد آمنك الله منه ، وأمّا ما كنت ترجو فأمامك ، فابشروا أنتم الطيبون ، ونساؤكم
الطيبات ، كل مؤمنة حوراء عيناء ، وكل مؤمن صديق شهيد » .
__________________
وعن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد الله 7 يقول : « شيعتنا أقرب الخلق من عرش
الله يوم القيامة » .
وقال : « أنتم أهل تحية الله بالسلام ، وأهل
أثرة الله برحمته ، وأمل توفيق الله بعصمته ، وأهل دعوته بطاعته ، ولا خوف عليكم
ولا أنتم تحزنون ، أسماؤكم عندنا الصالحون المصلحون ، وأنتم أهل الرضا لرضاه عنكم
، والملائكة إخوانكم في الخير ، فإذا اجتهدتم دعوا ، واذا أذنبتم استغفروا ، وأنتم
خير البرية بعدنا ، دياركم لكم جنة ، وقبوركم لكم جنة ، للجنة خلقتم ، وفي الجنة
نعيمكم ، وإلى الجنة تصيرون » .
وقال أبو حمزة : سمعت أبا جعفر يقول : «
إذا قام المؤمن في الصلاة ، بعث الله الحور العين حتى يحدقن َبه ، فإذا انصرف ولم
يسأل الله منهنّ شيئاً تفرّقن وهنّ متعجبات » .
وقال الحسن بن علي 7 : « ما يضر الرجل من شيعتنا أي ميتة
مات : أكله سبع ، أو اُحرق بنار ، أو غرق ، أو صلب ، أوقتل ، هو والله صديق شهيد »
.
وقال أبو عبد الله 7 لأصحابه ابتداءً منه : « أحببتمونا
وأبغضنا الناس ، وصدّقتمونا وكذّبنا الناس ، ووصلتمونا وجفانا الناس ، فجعل الله
محياكم محيانا ومماتكم مماتنا.
أما ـ والله ـ ما بين الرجل منكم وبين
أن يقرّ الله عينه ، إلاّ أن تبلغ نفسه هذا المكان ـ وأومأ إلى حلقه فمد الجلدة ثم
أعاد ذلك ، فو الله ما رضى حتى حلف « فقال ـ : والله الذي لا إله الاّ هو ، لحدّثني
أبي محمد بن عليّ بذلك ، إن الناس أخذواها هنا وهاهنا ، وإنكم أخذتم حيث أخذ الله
، إنّ الله اختار من عباده محمداً 9
واخترتم خيرة الله ، فاتقوا الله ، وأدّوا الأمانات إلى الأسود والأبيض ، وإن كان حرورياً
، وإن [ كان ]
شامياً » .
__________________
وعن عبد الرحيم قال : قال لي أبو جعفر :
« إنّما يغتبط أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا ، فينزل عليه ملك فيقول : أمّا ما كنت ترجو فقد اُعطيته
، وأمّا ما كنت تخافه فقد أمنت منه ، فيفتح له باب إلى منزله من الجنة ، ويقال له
: اُنظر إلى مسكنك من الجنة ، وانظر هذا رسول الله وفلان وفلان وفلان ، هم رفقاؤك [ وهو قوله تعالى : ] (
الذين
آمنوا وكانوا يتّقون * لهم البشرى في الحياة
الدنيا وفي الآخرة )
» .
وعن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله قال
: « قال الله تعالى : ليأذن بحربي مستذل عبدي المؤمن ، وما تردّدت في شيء تردّدي
في موت عبدي المؤمن ، إنّي لأحبّ لقاءه ويكره الموت فأصرفه عنه ، وإنّه ليدعوني في
الأمر فأستجيب له ، ولو لم يكن في الأرض إلاّمؤمن واحد ، لاستغنيت به عن جميع خلقي
، ولجعلت له من إيمانه أنساً لا يستوحش معه » .
وقال رسول الله 9 : « من أبغضنا ـ أهل البيت ـ بعثه الله
يوم القيامة يهودياً ».
وعن صفوان ، عن أبي عبد الله قال : « أما
ـ والله ـ إنكم لعلى دين الله ودين ملائكته ، وإنكم ـ والله ـ لعلى الحق ، فاتّقوا
الله ، وكفوا ألسنتكم ، وصلّوا في مساجدكم ، وعودوا مرضاكم ، فإذا تميّز الناس
فتميزوا ، فإنّ ثوابكم لعَلى الله ، وإنّ أغبط ما تكونون إذا بلغت نفس أحدكم إلى
هذه ـ وأومأ إلى حلقه ـ قرّت عينه ».
وروى خالد بن نجيح الخزاز فقال : (دخلنا
على أبي عبد الله 7)
فقال : « مرحباً
بكم وأهلاً وسهلا ، والله إنّا لنستأنس برؤيتكم ، إنكم ما أحببتمونا لقرابة بيننا
وبينكم ، ولكن لقرابتنا من رسول الله 9
، والحب لرسول [ الله ]
، على غير دنياً أصبتموها منّا ، ولا مال اعطيتم عليه ، أحببتمونا في توحيد الله
__________________
وحده لاشريك له ، إنّ
الله قضى على أهل السماوات وأهل الأرض الموت فقال (كل شيء هالك إلاّ وجهه
) فليس يبق إلاّ الله وحده لا شريك له.
اللهم كما كانوا مع آل محمد في الدنيا ،
فاجعلهم معهم في الآخرة ، اللهم كما كان سرّهم على سرّهم وعلانيتهم [ على علانيتهم
] فاجعلهم في
ثقل محمد يوم القيامة » .
وسأله أبو بصير عن قول الله تعالى : ( ومن يؤت
الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً
)
ماعنى بذلك؟
فقال : « معرفة الإمام ، واجتناب
الكبائر ، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام مات ميتة جاهلية ، ولا يعذر النّاس
حتى يعرفوا إمامهم ، فمن مات وهو عارف بالإمامة لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أوتأخّر
، وكان كمن هو مع القائم في فسطاطه.
قال : ثم مكث هنيئة ، ثم قال : لا ، بل
كمن قاتل معه.
ثم : قال : لا ، بل ـ والله ـ كمن
استشهد مع رسول الله 9
» .
عن الحارث بن الأحول قال : سمعت أبا
جعفر 7 يقول : « إنّ
رسول الله 9 قال لعلي 7 : لمّا اسري بي إلى السماء ، رأيت في
الجنة نهراً أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه أباريق عدد نجوم السماء ، على
شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدرّ الأبيض ، فضرب جبرئيل بجناحه إلى جانبه فإذا هو
مسك أذفر.
ثم قال : والله الذي نفس محمّد بيده ، إنّ
في الجنة لشجراً يصفقن بالتسبيح بصوت لم يسمع الأوّلون والآخرون بمثله ، يثمرن
أثداءً كالرّمان ، تلقي الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلّة ، والمؤمنون ـ يا
عليّ ـ على كراسي من نور ، وهم الغر المحجّلون وأنت إمامهم ، على الرجل نعلان يضيء
له شراكهما أمامه حيث شاء من الجنة ، فبينا المؤمن كذلك إذ أشرفت عليه امرأة من
فوقهم فتقول : سبحان الله ـ يا عبد الله ـ أما لنا
__________________
منك دولة! فيقول : ومن
أنت؟ فتقول : أنا من اللّواتي قال الله : (
ولدينا
مزيد ) ، فبينا هو كذلك ، إذ أشرفت عليه اُخرى
من فوقهم ، فتقول : سبحان الله ـ يا عبد الله ـ أما لنا منك دولة! فيقول : ومن
أنت؟ فتقول : أنا من اللواتي قال الله : (
فلا تعلم
نفس ما اُخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون
) .
ثم قال : والّذي نفس محمد بيده ، إنّه
ليجيئه سبعون ألف ملك ، يسمّونه باسمه واسم أبيه » .
وعن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد
الله 7 يقول : « ما
من مؤمن إلاّ وقد جعل الله له من إيمانه أنساً يسكن إليه ، حتى لو كان على قلة جبل
لم يستوحش » .
وقال أبو عبد الله : « وفد إلى الحسين 7 وفد فقالوا : يا ابن رسول الله ، إن
أصحابنا وفدوا إلى معاوية ووفدنا نحن إليك.
فقال : إذن أجيزكم بأكثر مما يجيزهم.
فقالوا : جعلنا فداك ، إنما جئنا
مرتادين لديننا.
قال : فطأطأ رأسه ونكت في الأرض وأطرق طويلاً ، ثم رفع رأسه
فقال : « قصيرة من طويلة »
، من أحبنا لم يحبّنا لقرابة بيننا وبينه ، ولا لمعروف أسديناه إليه ، إنَما
أحبّنا لله ورسوله ، فمن أحبنا جاء معنا يوم القيامة كهاتين ـ وقرن بين سبابتيه ـ
» .
حديث عن رسول الله 9 في البشائر ، رواه عنه الصادق
__________________
7
، قال : « إن الله تعالى مَثَّل أمتي في الطين ، وعلّمني أسماءهم كما علم آدم الأسماء
كلها ، فمرّ بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته ، إنّ ربي وعدني فيشيعة عليّ
خصلة.
قيل : يا رسول الله ، وما هي؟
قال : المغفرة ـ لمن اتّقى منهم ـ لا
تغادر صغيرة ولا كبيرة ، ولهم يبدل الله السيئات حسنات.
يا عليّ ، لقد مثلت لي أمتي في الطين ، حتى
لقد رأيت صغيرهم وكبيرهم أرواحاً قبل أن تخلق الأجساد ، وإنّي مررت بك وشيعتك
فاستغفرت لكم.
فقال له أمير المؤمنين : زدني فيهم.
قال : نعم ، يا علي تخرج أنت وشيعتك من
قبورهم ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، وقد فرّجت عنكم الشدائد ، وذهبت عنكم الأحزان
، فتستظلّون تحت العرش ، يخاف الناس ولا تخافون ، ويحزن الناس ولا تحزنون ».
عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر قال : قال أمير المؤمنين 7 للحارث الأعور : « لينفعنّك حبّنا عند ثلاث : عند
نزول ملك الموت ، وعند مساءلتك في قبرك ، وعند موقفك بين يدي الله » .
ومن كتاب مفرج الكرب ، عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول
الله 9 ، يقول : « إذا
سألتم الله تعالى فاسألوه الوسيلة ».
قال : فسألناه عن الوسيلة فقال : « هي
درجتي في الجنة ، وهي ألف مرقاة ، ما بين مرقاة جوهرة ، إلى مرقاة زبرجد ، إلى
مرقاة ياقوتة ، إلى مرقاة لؤلؤة ، إلى مرقاة ذهب ، إلى مرقاة فضة ، فيؤتى بها يوم
القيامة حتى تنصب مع درج النبيين كالقمر بين الكواكب ، فلا يبقى نبيّ ولا صدّيق
ولا شهيد إلا قالوا : طوبى لمن هذه الدرجة [ كانت ] درجته ، فيأتي النداء من عند الله تعالى
يسمع النبيون والصديقون والشهداء
__________________
والمؤمنون : هذه
درجة محمد 9.
ثم قال : أقبل يوم القيامة [ متّزراً ] بريطة من نور ، عليَّ تاج الملك وإكليل الكرامة
، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أمامي ، ومعه لوائي ـ وهو لواء الحمدـمكتوب
عليه لا إله إلاّ الله المؤمنون الفائزون المفلحون ، فإذا مررنا بالملائكة قالوا :
ملكان مقربان ، وإذا مررنا بالنبيين قالوا : نبيّان مرسلان ، وإذا مررنا بالمؤمنين
قالوا : نبيّان ولم يعرفوهما ، حتى أعلو الدرجة ، وعليّ أسفل بمرقاة وبيده لوائي ،
فلا يبقى يومئذ ملك ولا نبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن ، إلاّ رفعوا رؤوسهم إلينا
يقولون : طوبى لهذين السعيدين ، ما اكرمهما على الله ، فيأتي النداء من عند الله ،
يسمع النبيون والخلائق أجمعون : هذا محمدحبيبي ، وهذا عليّ وليي ، طوبى لمن أحبه ،
وويل لمن أبغضه وكذب عليه.
ثم قال : يا علي ، فلا يبقى أحد يومئذ ـ
في مشهد القيامة ـ ممن يحبّك ويتولاك ، إلاّ ابيضَّ وجهه وفرح قلبه ، ولا يبقى أحد
ممن أبغضك أونصب لك حرباً أوعاداك أو جحد لك حقّاً ، إلاّ اسودّ وجهه ورجفت قدماه
، فبينما نحن كذلك ، إذ أقبل ملكان : أحدهما رضوان ، فيقول : السلام عليك يا رسول
الله ، فأردُّ 7
وأقول له : أيها الملك ، ما أحسن وجهك ، وأطيب ريحك! فمن أنت؟ فيقول : أنا رضوان
خازن الجنة ، أمرني رب العزة أن اتيك بمفاتيح الجنة ، فخذها يا أحمد.
فأقول : قد قبلت ذلك من ربي ، فله الحمد
على ما أنعم به ، ثم أدفعها إلى أخي أمير المؤمنين ، فيرجع رضوان.
ثم يدنو ملك فيقول : السلام عليك يا
رسول الله ، فأقول : وعليك السلام ، أيها الملك ، فمن أنت؟ فيقول : أنا مالك خازن
النيران ، أمرني ربّ العزة أن اتيك بمفاتيح النار ، فخذها يا أحمد.
فأقول : قد قبلت ذلك من ربي ، فله الحمد
على ما أنعم ، ثم أدفعها إلى أخي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثم يرجع مالك
خازن النار.
ويقبل عليّ ومعه مفاتيح الجنة ومفاتيح
النار ، فيجلس على كرسي من نور ، على شفير جهنم ، وقد أخذ زمامها بيده ، فإن شاء
مدّها يمنةً ، وإن شاء مدّها يسرة ، فتقول
__________________
جهنم : يا عليّ قد
أطفأ نورك لهبي ، فيقول لها : قرّي يا جهنم ، خذي هذا ، واتركي هذا. فجهنم يومئذ
أطوع لعلي من غلام أحدكم ، وإنه لأميرها .
ثم قال 7
: يضعون علياً دون ما وضعه الله ، ولا يرفعون علياً فوق ما رفعه الله ، كفى بعليّ
أن يقاتل أهل الردّة ، ويروح بأهل الجنة إلى الجنة ، وإنه لقسيم الجنّة والنار
بإذن الله ».
عن عبد الرحمان بن أبي نجران ، عن الرضا
7 قال : « قال
علي بن الحسين 8
: إنّ محمداً 9
[ كان أمين الله في أرضه ، فلمّا قبض محمد 9
] كنّا ـ أهل
البيت ـ ورثته ، فنحن اُمناء الله تعالى في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب
العرب ، ومولد الاسلام ، وإنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة
النفاق ، وإنّ شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله تعالى علينا
وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ، ويدخلون مدخلنا ، نحن النجباء وأفراطنا أفراط
الأنبياء ، ونحن أولاد الأوصياء ، ونحن المخصوصون في كتاب الله تعالى ، ونحن أولى
النّاس بدين الله تعالى ، نحن الذين شرع لنا دينه ، فقال جل من قائل في كتابه : ( شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً
) قد وصّانا
بما وصّى به نوحاً (
والذي
أوحينا اليك )
يامحمد ، وما وصّينا به إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، قد علمنا وبلغنا ما
علمنا ، واستودعنا علمهم ، نحن ورثة الأنبياء ، ونحن ورثة أولي العز ممن الرسل ( أن اقيموا الدين ) يا آل محمد ( ولا تتفرقوا فيه
) وكونوا على
جماعة ( كبر على المشركين
) من أشرك
بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ [ ( ما تدعونهم إليه ) من ولاية علي ] إن الله تعالى قال : يا محمد ( يهدي إليه
من ينيب )
من يجيبك إلى ولاية علي
، هكذا نزلت على محمد 9
».
حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن
عبد الله بن بكير ، عن أبي
__________________
جعفر 7 قال : « قال رسول الله 9 : إنّ أول وصي كان على وجه الأرض هبة
الله بن ادم 7 ، وما من
نبيّ إلاّ وله وصي ، وكان عدد الأنبياء مائة ألف [ و ] أربعة وعشرين ألف نبي ، خمسة منهم أولو
العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ـ صلى الله عليه وعليهم ـ وإن أمير
المؤمنين هبة الله لمحمد ، ورّثه علمه وعلم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين ، ويشفعه الله ـ سبحانه ـ فيمن يشفع ، هو
وحزبه الفائزون المفلحون ».
ومن كنوز الرحمة ، عن مالك بن أنس ، عن
ابن عمر قال : قال رسول الله 9
: « من أحب علياً ، قبل الله صلاته وصيامه وقيامه ، واستجاب دعاءه ، ألا ومن أحب
علياً وآل محمد ، أمن من الحساب والميزان والصراط ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد ،
فأنا كفيله بالجنة مع الأنبياء ، الا ومن أبغض آل محمد ، جاء يوم القيامة وبين
عينيه مكتوب ايس من رحمة الله ».
وقال رسول الله 9 : « لما دخلت الجنة رأيت فيها شجرة
تحمل الحلي والحلل ، أسفلها خيل بلق ، وأوسطها حور عين ، وفي أعلاها الرضوان ، قلت
: يا جبرئيل لمن هذه الشجرة؟قال : لابن عمك علي ، إذا أمر الله الخلق بالدخول إلى
الجنة ، يؤتى بشيعته حتى ينتهى بهم إلى هذه الشجرة ، فيلبسون الحلي والحلل ، ويركبون
الخيل البلق ، وينادي مناد : هؤلاء شيعة علي ، صبروا في الدنيا على الأذى ، فجزوا
اليوم ثواب الصابرين ».
وقال 7
: « إن علياً وذريته ومحبيه السابقون الأولون إلى الجنة ، وهم جيران أولياء الله ،
ومن أحب علياً قبل الله صلاته وصيامه وقيامه ، واستجاب دعاءه ، وأعطاه بكل عرق في
بدنه مدينة في الجنة ، وأمن من شدة الحساب والميزان والصراط ، ومن مات على حب آل
محمد ، فأنا كفيله بالجنة مع الأولياء والأنبياء والشهداء والصديقين ».
وحيث قد انتهينا من البشائر إلى هذا
الموضع ـ وهو آخر الكتاب ـ أحببنا أن نختمه بكلام يجمع نصيحة تامة بليغة.
__________________
إعلموا ـ أيّها الإخوان المكرمون ـ أنّ
من نصب كلامه لتأمل طبقات الناس ـ ظنّاً برفع نفسه عليهم ـ فقد خاطر ، إذا التواضع
به أليق ، والإعتراف منه بالتقصير أوفق ، والمرء يُعرف بكلامه ، ولسانه ترجمان
عقله ، وأفضل النّاس عندهم من لا يدّعي الكمال لنفسه ، ولا يظنّ سلامته من خطاه ، لأنّ
الخطأ في النّاس أكثر من الصواب ، والجهل أغلب في الهوى ، والعاقل يرى أنّ فوق
علمه علماً فيتواضع لتلك الزيادة ، والجاهل يرى أنّ علمه فوق علم غيره فيتكبّر
فيمقته الله والناس ، وإنّ أحسن الناس حالاً من عرف قدره ، وإن كان مع ذلك لا يعدم
كاشحاً يقبح إحسانه ، ورب قول سليم قد أسقمه متأوّله ، وزلل خفي أظهره متأمّله.
فقد قال أمير المؤمنين 7 : « الأقاويل محفوظة ، والسرائر
مبْلوَّة ، وكل نفس بما كسبت رهينة والناس منقوصون مدخولون إلاّ من عصم الله ، قائلهم
باغ ، ومستمعهم عائب ، وسائلهم متعنّت ، ومجيبهم متكلّف ، يكاد أفضلهم رأياً أن
يردّه عن رأيه الرضا والغضب ، ويكاد أصلبهم عوداً أن تنكأه اللحظة ، وتستحرّه
الكلمة » .
فاختر لنفسك في لحظك ولفظك ، وتدبّر
وانتقد ما تبديه من قولك وفعلك ، واحذر عثرات قلمك ، كما تحذر عثرات قدمك ، فهي
أعظم وصمة من زلات كلمك ، لأنّ الخط ينقل ويبقى والكلام يذهب ويُنسى ، وإن جهل
الكتاب أثبت من جهل اللّسان وإن كان أكثر خطاً ، لا تثبت به الحجّة على صاحبه كما
تثبت بخطه ، فاحذره.
واحذر معه آفة الخلوة وبوائق الوحدة ، فإنهما
يورثانك الثقة بنفسك ، والإسترسال إلى رأيك.
وإذا شككت فاسأل وتبيّن ، وظنّ عند كلّ
خاطر أنّ غيرك أقوم بتفصيله منك ، ليحثك ذلك على السؤال وأنّهم إذا نظروا فيه نظر
من لا يبسط عذرك ولا يحب رشدك فيعيبوه ، وأنت إذا نظرت فيه نظرت بعين وامقة وأذن
عاشقة ، فتلقيّته بنفس قابلة وطبيعة جاذبة ، لأنه من لفظك وبكر فطنتك ، ومنك صدر
وإليك يُنسب ، وهو فرع أنت أصله ، وحادث أنت أوله ، فشفيعه هواك ، فاحذره فهو موطئ
زلق ، والتحفظ منه شديد ، ومعناه غامض ، وأمره خفي ، فاستعن عليه بالعقل والسؤال ،
ليتحقق لك الحق ، ويظهر لك فيه الصدق ، فإنّ من أُعطي النصفة من نفسه ، والتحفّظ
من الزلل ، واستعمل
__________________
التهمة لها ، والتيقّظ
من خطأها ، كان أقرب إلى السلامة ، وأبعد من اللائمة ، فأمّا أنه يتمنّى السلامة
من كل الأخطار ، والبلوغ بجميع الأوطار ، فذاك ما لا يطمع فيه إلاّ جاهل معذور أو
معجب مغرور.
فأما نحن فمقرّون بالعجز والتقصير ، معترفون
بضعف البضاعة ـ فيما صنّفناه في هذا المسطور ـ سالكون سبيل المستفيدين ، ولولا ما
اعتذرنا به في صدر الكتاب من خوف ما عساه أن ننساه ، فيفوتنا العمل به ، ويفوت
غيرنا العلم له ، لم نتكلّف الجمعبين كلمتين ، والنطق ولو بحرفين ، فنسأل الله ـ سبحانه
وتعالى ـ أن يوفقنا وإيّاكم لصائب الأقوال وصالح الأفعال ، ويحسن لنا السلامة
والوقاية في جميع الأحوال ، فإنّه وليّ التوفيق والتسديد ، والمأمول منه حسن
الخاتمة وتوفير المزيد.
فأحسنوا ـ أيّها الاخوان ـ مطالعة هذا
الكتاب وتصفّحه ، وطول المراجعة والنظر في معانيه ، والإهتمام والعمل بما فيه ، وأحسنوا
النية ، فبها يدرك الفوز بذخائر الخير في الدنيا والآخرة ، فالله ـ سبحانه وتعالى
ـ يسدّدنا وإيّاكم ، ويؤّيدنا ـ من لطفه وتوفيقه ـ لما يزلفنا من حسناته ، ويمرّ
بنا من عفوه ورضوانه ، ويبوّئنا الفردوس الأعلى من فسيح جنّاته ، بمنَه وطوله ، وكرمه
وجوده ، وفضل إنعامه وإحسانه.
ويقول العبد الفقير إلى رحمة ربه
وإحسانه ورضوانه ، الحسن بن أبي الحسن بنالديلمي : إنني أحببت أن اختم الكتاب
بدعاء اخترته من كلام جمعته وهو :
اللهم صفّ قلبي من الكدر ليتهنّأ
بمعرفتك ، ولساني من العذر ليتخلّى لشكرك وعبادتك ، وتولّ صفاء سرّي ليعي ويرغب في
مناجاتك ومجاورتك ، وأصلح نفس يلتقف على اتّباع أمرك وإرادتك ، والقيام بخالص
الأعمال في طاعتك وخدمتك ، واجمع لي همّي حتى لا أنعكف إلاّ عليك ، ولا أقبل إلاّ
إليك ، وروّح قلبي وروحي بحنينها إلى محبتك ، واشغل كلّي بما يجذبني إلى رضاك
وعبادتك ، وأدّب جوارحي وفعلي بما يوافق هواك وسابق مشيئتك ، وقيّدها عن مخالفة
أفعال أوليائك وأهل محبتك ، ولا تجعل لي هماً ولا التفاتاً إلى سواك ، واَنس أُنسي
، وطيّب نفسي ، وطهّر بتطهير قدسك جسمي ، وأقبل إلي بوجهك الكريم ، واشملني بطولك
الجسيم ، فإني اسألك باسمك العظيم ، وملكك القديم ، وإحسانك العميم ، غفرانَ ذنبي
العظيم.
اللهم خذ بعناني لأهتدي ، وبجناني حتى
لا أعتدي ، ولا تتركني وهواي فأرتدي ، ولا تنسني تذكّري ، وأيقظني بتفكّري ، بما
يدلّني على اعتباري ومعتبري ، في
يقظتي ونومي وحضرتي
وسفري ، فيك ـ يا إلهي ـ أستنصر وأستكفي ، ومنك قوة ضعفي ، وإليك من ذنبي أستعفي.
اللهم فاجبر بتيسيرك تقصيري ، وأصلح
بنظرك ضميري ، حتى أعرف أدب الحضور ، وخطر الغرور ، فإنك المحمود المشكور.
يا بارئ البرية وقاضي القضية ، ومجزل
العطيّة ، ورافع السماء المبنية ، وماهد الأرض المدحيّة ، صلّ على سيد البريّة
محمد وآله الأخيار الأطهار الأبرار الأئمة ، واعف عنّا ، واغفر لنا ، وارحمنا ، أنت
مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ، وصلّ على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ووافق الفراغ من إكماله يوم الجمعة
منتصف ربيع الآخر المبارك ... الهلالية. نصره من أوله إلى آخره أضعف عباد الله
وأحوجهم محمد بن عبدالحسين ... أبو منصور المؤذن بالحرم الشريف الغروي ... وذلك من
سنة ٣ كـ وسبعمائة.
الفهارس
العامة
١
ـ فهرس الآيات القرآنية
٢
ـ فهرس الأحاديث القدسية
٣
ـ فهرس الأعلام
٤
ـ فهرس الكتب الواردة في المتن
٥
ـ فهرس الامكنة والبقاع
٦
ـ فهرس الأبيات الشعرية
٧
ـ فهرس الفرق والطوائف والامم
٨
ـ مصادر التحقيق
٩
ـ فهرس الموضوعات
١
ـ فهرس الآيات القرآنية
٢
ـ البقرة
الآية
|
رقمها
|
الصفحة
|
وَعَلَّمَ
آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ
أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
|
٣١
|
٨٧
|
وَتَزَوَّدُوا
فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ
|
١٩٧
|
٢٩٧
|
ادْخُلُوا
فِي السِّلْمِ كَافَّةً
|
٢٠٨
|
٣١٧
|
إِنَّ
اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
|
٢٤٧
|
٩٦
|
يُضَاعِفُ
لِمَن يَشَاءُ
|
٢٦١
|
٤٣٨
|
وَمَن
يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا
|
٢٦٩
|
٤٥٩
|
٣
ـ آل عمران
الآية
|
رقمها
|
الصفحة
|
وَالْمُسْتَغْفِرِينَ
بِالْأَسْحَارِ
|
١٧
|
٢٦٢
|
شَهِدَ
اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو
الْعِلْمِ
|
١٨
|
٨٦ ، ٩٢ ، ٣٩٥
|
كُنتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
|
٣١
|
٤٤٩
|
الآية
|
رقمها
|
الصفحة
|
كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ
تَدْرُسُونَ
|
٧٩
|
٨٦ ، ١٠٠
|
وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ
وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
|
١٣٤
|
٢٩١
|
أَفَإِن
مَّاتَ أَوْ قُتِلَ
|
١٤٤
|
١٧٧
|
مَا
مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا
|
١٥٦
|
١٧٧
|
وَلَئِن
مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ
|
١٥٨
|
١٧٧
|
إِنَّ
فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ـ
إلى قوله ـ إِنَّكَ
لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
|
١٩٠ ـ ١٩٤
|
٣٩ ، ٣٩٥
|
٤
ـ النساء
فَكَيْفَ
إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ
هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا
|
٤١
|
٢٤٧
|
إِنَّ
اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ
|
٤٨
|
١٠٧
|
كُلَّمَا
نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا
|
٥٦
|
٢١١
|
إِن
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
|
٥٩
|
١٠٣
|
فَأُولَٰئِكَ
مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ
|
٦٩
|
١٢.
|
أَفَلَا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ
|
٨٢
|
٢٤٦
|
فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ
|
٩٢
|
٥٦
|
لَّا
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ
مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
|
١١٤
|
٣٣٥
|
إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
|
١٣٧
|
٥٦
|
إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا
تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ
إِذًا مِّثْلُهُمْ
|
١٤٠
|
٢٧٢
|
الآية
|
رقمها
|
الصفحة
|
وَإِذَا
قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا
يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا
إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ
|
١٤٢ ، ١٤٣
|
٩٩
|
٥
ـ المائدة
قَالَ
رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا
|
٢٣
|
٢٤٥
|
إِنَّمَا
يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
|
٢٧
|
١٩٩
|
كُلَّمَا
أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ
|
٦٤
|
٣٢٠
|
وَلَوْ
كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا
اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ
|
٨١
|
٣٢٥
|
٦
ـ الأنعام
فَقُطِعَ
دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
|
٤٥
|
١٨٤ ، ٣١٥
|
فَلَا
تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
|
٦٨
|
٢٧٢
|
فَمَن
يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ
|
١٢٥
|
١٣٥
|
وَكَذَٰلِكَ
نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
|
١٢٩
|
٤٠٧ ، ٤٠٩
|
٧ ـ الأعراف
إِنَّ
اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ
|
٥٠
|
٢٦٨
|
فَلَمَّا
نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ
|
١٦٥
|
٢٣٦
|
أَوَلَمْ
يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن
شَيْءٍ
|
١٨٥
|
٣٩
|
خُذِ
الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ
|
١٩٩
|
١١١
|
إِنَّ
الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا
فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ
|
٢٠١
|
٢٢٤
|
٨ ـ الأنفال
أَنَّمَا
أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ
|
٢٨
|
٢١٠
|
٩ ـ التوبة
وَلَا
يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا
وَهُمْ كَارِهُونَ
|
٥٤
|
٩٩
|
إِنَّ
اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم
بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ
وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ
حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ
|
١١١
|
٢٤٤
|
ضَاقَتْ
عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ
|
١١٨
|
٦٨
|
١٠ ـ يونس
إِنَّمَا
مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ
بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ
إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا
أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا
فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَٰلِكَ
نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
|
٢٤
|
٢٢٥
|
أَفَمَن
يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن
يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ
تَحْكُمُونَ
|
٣٥
|
٩٦
|
أَلَا
إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
|
٦٢
|
٢٨٠
|
الَّذِينَ
آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
|
٦٣ ، ٦٤
|
٤٥٨
|
أَفَأَنتَ
تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
|
٩٩
|
٤٥٦
|
الآية
|
رقمها
|
الصفحة
|
وَإِن
يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ
|
١٠٧
|
١٦٢
|
١١ ـ هود
وَمَا
مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
|
٦
|
١٦٢
|
إِنَّ
إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ
|
٧٥
|
٢٤٦
|
وَلَا
تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ
|
١١٣
|
٢٢٥ ، ٢٧٢
|
١٢ ـ يوسف
وَجَاءُوا
عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ
قَالَ
بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا
فَصَبْرٌ
جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا
تَصِفُونَ
|
١٨
|
١٥٧
|
إِن
كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِن
كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا
رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ
كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
|
٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨
|
٤٣٠
|
رَبِّ
السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ
|
٣٣
|
٤٣١
|
ذَٰلِكُمَا
مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي
|
٣٧
|
٨٦
|
حَاشَ
لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ
|
٥١
|
٤٣٠
|
الْآنَ
حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ
|
٥١
|
٤٣٠
|
أَسْتَغْفِرُ
لَكُمْ رَبِّي
|
٩٨
|
٢٦٢
|
١٣ ـ الرعد
وَالَّذِينَ
يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ
|
٢١
|
٣٠٤
|
كَفَىٰ
بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ
|
٤٣
|
٨٧
|
١٤ ـ ابراهيم
ذَٰلِكَ
لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ
|
١٤
|
٢٤٥
|
الآية
|
رقمها
|
الصفحة
|
وَلَا
تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا
يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي
رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ
|
٤٢ ، ٤٣
|
٢٥١
|
١٥ ـ الحجر
إِخْوَانًا
عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
|
٤٧
|
٤٥٣
|
فَاصْفَحِ
الصَّفْحَ الْجَمِيلَ
|
٨٥
|
٣٠٧
|
١٦ ـ النحل
فَاسْأَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
|
٤٣
|
٨٦
|
أَفَأَمِنَ
الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ
يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي
تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ
فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ
|
٤٥ ـ ٤٧
|
٢٢٤
|
وَلَا
تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا
|
٩٢
|
٣٢٤
|
وَلَا
تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ
ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ
|
٩٤
|
٣٢٤
|
١٧ ـ الإسراء
وَلَا
تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
|
٣٦
|
٢٠٩
|
إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ
|
٦٥
|
٤٥٣
|
وَمِنَ
اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ
رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا
|
٧٩
|
٢٦٢
|
كُلٌّ
يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ
|
٨٤
|
٢٨٥
|
إِنَّ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ
يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ
وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ
|
١٠٧ ـ ١٠٩
|
١٩٢
|
١٨ ـ الكهف
قُل
لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي .. فَمَن كَانَ يَرْجُو
لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
رَبِّهِ أَحَدًا
|
١٠٩ ، ١١٠
|
٢٦٣
|
١٩ ـ مريم
وَإِن
مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا
كَانَ عَلَىٰ
رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ
الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا
|
٧١ ، ٧٢
|
٢٥١
|
٢٠ ـ طه
كَذَٰلِكَ
أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا
وَكَذَٰلِكَ
الْيَوْمَ تُنسَىٰ
|
١٢٦
|
٤١٧
|
٢١ ـ الأنبياء
فَاسْأَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
|
٧
|
٨٦
|
وَكَمْ
قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا
آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ
|
١١ ـ ١٢
|
٢٢٤
|
لَا
تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ
|
١٣
|
٢٢٤
|
قَالُوا
يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ
حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ
|
١٤ ـ ١٥
|
٢٢٥
|
وَلَا
يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
|
٢٨
|
١٧٢
|
وَلَئِن
مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا
كُنَّا ظَالِمِينَ
|
٤٦
|
٢٢٥
|
وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن
كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ
بِنَا حَاسِبِينَ
|
٤٧
|
٢٢٥
|
فَفَهَّمْنَاهَا
سُلَيْمَانَ
|
٧٩
|
٨٧
|
٢٣ ـ المؤمنون
يُؤْتُونَ
مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
|
٦٠
|
٤٢٩
|
فَإِذَا
نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ
* فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ
خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي
جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
|
١٠١ ـ ١٠٣
|
١٧٢
|
٢٤
ـ النور
إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
|
١٩
|
٤٠٥
|
وَلْيَعْفُوا
وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ
|
٢٢
|
٢٩١
|
٢٧
ـ النمل
قَالَ
الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ
|
٤٠
|
٨٧
|
فَتِلْكَ
بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا
|
٥٢
|
١٨٤ ، ٣١٤
|
٢٨
ـ القصص
وَلَمَّا
بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَٰلِكَ
نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
|
١٤
|
٢٩٦
|
وَلَمَّا
تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ ... إلى قوله ... وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا
نَقُولُ وَكِيلٌ
|
٢٢ ـ ٢٨
|
٣٩٥
|
وَمَا
كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا
|
٤٦
|
٣٥٨
|
إِنَّكَ
لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
|
٥٦
|
٤٥٦
|
كُلُّ
شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
|
٨٨
|
٤٥٩
|
٢٩ ـ العنكبوت
الم
* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا
يُفْتَنُونَ
|
١ ، ٢
|
١٠٤
|
٣٠ ـ الروم
حِينَ
تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ... وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ
|
١٧ ، ١٨
|
٣٥٢
|
وَمَنْ
عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ
|
٤٤
|
٤٣٩
|
٣١
ـ لقمان
إِنَّ
اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي
الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ
بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
|
٣٤
|
١٤٣
|
٣٢
ـ السجدة
فَلَا
تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ
|
١٧
|
٤٦٠
|
٣٣
ـ الأحزاب
رِجَالٌ
صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ
|
٢٣
|
٤٥٢
|
٣٥
ـ فاطر
مَّا
يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا
|
٢
|
١٦٢
|
إِنَّ
الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا
|
٦
|
٢٧٠
|
إِنَّمَا
يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
|
٢٨
|
٨٦ ، ٢٤٦ ، ٢٦١
|
٣٧
ـ الصافات
فَلَمَّا
أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
|
١٠٣
|
٢٤٥
|
سُبْحَانَ
رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
|
١٨٠
|
٣٥٢
|
٣٨ ـ ص
لَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ
|
٨٢
|
٤٣١
|
إِلَّا
عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ
|
٨٣
|
٤٣١
|
٣٩
ـ الزمر
هَلْ
يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا
يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ
|
٩
|
٨٦ ، ٤٥٣
|
قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا
مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
|
٥٣
|
٤٥٣
|
لَئِنْ
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
|
٦٥
|
٣٤٨
|
وَنُفِخَ
فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن
شَاءَ اللَّهُ
|
٦٨
|
٣٥٣
|
٤٠
ـ المؤمن
الَّذِينَ
يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
|
٧
|
٤٥٢
|
ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ
|
٦٠
|
٢٦٩
|
٤١
ـ فصلت
إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
|
٣٠
|
١٠٦
|
وَمَا
رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
|
٤٦
|
٣١٧
|
٤٢
ـ الشورى
كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ
|
١١
|
٦٨
|
شَرَعَ
لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ
أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا
تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي
إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ
|
|
|
مَن
يُنِيبُ
|
١٣
|
٤٦٣
|
فَمَنْ
عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
|
٤٠
|
٣٣٧
|
٤٣
ـ الزخرف
وَمَن
يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ
قَرِينٌ
|
٣٦
|
١٣٥
|
الْأَخِلَّاءُ
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ
|
٦٧
|
١٧٨ ، ٤٥٢
|
٤٤
ـ الدخان
فَمَا
بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ
|
٢٩
|
١٦٣
|
يَوْمَ
لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا ... إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ
|
٤١ ، ٤٢
|
٤٥٣
|
٤٥
ـ الجاثية
أَمْ
حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ
|
٢١
|
١٣٩
|
٤٧
ـ محمد
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا
تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
|
٣٣
|
٣٥٩
|
وَلَا
يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا ...
* ... يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ
وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ
|
٣٦ ـ ٣٨
|
١٢٠
|
٤٨
ـ الفتح
الظَّانِّينَ
بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
|
٦
|
٢٥٦ ، ٤٥٥
|
٤٩ ـ الحجرات
حَبَّبَ
إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ
|
٧
|
٤٤٩
|
٥٠
ـ ق
وَلَدَيْنَا
مَزِيدٌ
|
٣٥
|
٤٦٠
|
٥١
ـ الذاريات
وَفِي
الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا
تُبْصِرُونَ
|
٢٠ ، ٢١
|
٣٩
|
وَفِي
السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
|
٢٢
|
١٦٢
|
وَمِن
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
|
٤٩
|
٧٠
|
٥٢
ـ الطور
وَأَقْبَلَ
بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ
فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ
السَّمُومِ
|
٢٥ ، ٢٦ ، ٢٧
|
٣٤٥
|
٥٣
ـ النجم
لِيَجْزِيَ
الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا
بِالْحُسْنَى
|
٣١
|
٤٢٧
|
وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّىٰ
|
٣٧
|
٢٤٥
|
أَفَمِنْ
هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ *
وَأَنتُمْ سَامِدُونَ
|
٥٩ ـ ٦١
|
٢٤٧
|
٥٥
ـ الرحمان
وَلِمَنْ
خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ
|
٤٦
|
٢٤٥
|
٥٧ ـ الحديد
هُوَ
الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ
|
٣
|
٥٧
|
يُنَادُونَهُمْ
أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ
أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ
حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ *
فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
|
١٤ ، ١٥
|
٢٤٤
|
٥٨
ـ المجادلة
تَجِدُ
قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ
الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ
|
٢٢
|
٣٢٥
|
٥٩
ـ الحشر
وَيُؤْثِرُونَ
عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
|
٩
|
١٢٦ ، ١٣٤
|
٦٠
ـ الممتحنة
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ
تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ
الْحَقِّ
|
١
|
٣٢٥
|
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
|
١٣
|
٣٢٥
|
٦٣
ـ المنافقون
وَلِلَّهِ
الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
|
٨
|
٢٩٧
|
٦٥
ـ الطلاق
أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ
|
١
|
٣٤٨
|
وَمَن
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ
|
٢ ، ٣
|
١٠٠
|
٧٠
ـ المعارج
فِي
يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
|
٤
|
٢٣٤
|
٧١
ـ نوح
عَلَيْكُم
مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ
وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا
|
١٠ ـ ١٢
|
٢٨٥
|
٧٢
ـ الجن
إِنَّا
سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ
|
١ ، ٢
|
١٠٠
|
فَلَا
يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن
رَّسُولٍ
|
٢٦ ، ٢٧
|
١١١
|
٧٣
ـ المزمل
يَا
أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ
انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا
|
١ ـ ٤
|
٢٦٢
|
٧٦
ـ الانسان
وَيَخَافُونَ
يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا
|
٧
|
٢٤٥
|
٧٩
ـ النازعات
وَأَمَّا
مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ
الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ
|
٤٠ ، ٤١
|
٢٤٦
|
٨٧ ـ الأعلى
قَدْ
أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ * بَلْ
تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ *
إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَىٰ
|
١٤ ـ ١٩
|
٢٠٦
|
٨٨
ـ الغاشية
أَفَلَا
يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
|
١٧
|
٣٩
|
٩٠
ـ البلد
فَلَا
اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
|
١١
|
٤٥٥
|
فَكُّ
رَقَبَةٍ
|
١٣
|
٤٥٥
|
٩٥
ـ التين
فَلَهُمْ
أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
|
٦
|
٣٥٤
|
٩٧
ـ القدر
إِنَّا
أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ... تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ
|
١ ـ ٤
|
٣٦٣
|
١٠٥
ـ الفيل
أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
|
١
|
٧٩
|
١١٢
ـ الإخلاص
قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ
يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ
|
١ ـ ٤
|
٧١
|
٢
ـ فهرس الأحاديث القدسية
الحديث
|
الصفحة
|
ـ أ ـ
|
ابن آدم ، يؤتى كل
يوم برزقك وأنت تحزن
|
٣٣٧
|
أبي يغترون! أم
علي يجترون! فوعزتي وجلالي لأبعثن عليهم فتنة تذر الحليم منهم حيران
|
٢٩٥
|
اذا رأيتني أهيئ
عبدي لطاعتي وأصرفه عن معصيتي فذلك آية رضاي
|
٢٨٣
|
اذا وقفت بين يدي
فقف موقف الذليل الفقير
|
١٠١
|
اذهب بهؤلاء الى
الجنة
|
٢٨١
|
أعط أخاك مظلمته ،
فقال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء
|
٣٣٨
|
أنا عند ظن عبدي
بي ، فلا يظن بي الا خيرا
|
٢٥٦ ، ٤٥٥
|
ان العبد من عبادي
يأتيتي بالحسنة فأبيحه جنتي
|
٤٤٥
|
انه من عبادي
المؤمنين لمن لا يصلح لهم أمر دينهم الا بالغنى ...
|
٤٣٦
|
انه سيكون خلق من
خلقي ، يخلطون الدنيا بالدين ...
|
٤٠٧
|
اني استعملك على
سفك الدماء واتخاد الأموال
|
٤٠٩
|
اني أنا الله لا
اله الا أنا ذوبكة ، مفقر الزناة ، وتارك تاركي الصلاة عراة
|
١٥٢
|
اني أوحيت الى
الدنيا أن تمردي وتكدري
|
٢٧٧
|
أيما مسلم زار
أخاه فاياي يزور وثوابه علي
|
٤٤٥
|
ـ ص ـ
|
صدق هذا علي فيما
يؤديه عني ، وهو تعالى لا يصدق الكذابين
|
٥١
|
ـ ع ـ
|
عبادي ما كان لي
قبلكم فقد وهبته لكم
|
٢٥٦
|
عبدي ، ابحتك جنتي
، فاسكن منها حيث شئت وهويت ، لا ممنوع ولا مدفوع عنها
|
٣٨٤
|
عبدي ، أدمنت
قراءة ( حم عسق ) ولم تدر ما ثوابها
|
٣٧٥
|
ـ ق ـ
|
قبلت شهادتكم لعبدي
وأجزتها له ، انطلقوا به الى جناتي
|
٣٨٣
|
قل لبني اسرائيل :
اياكم وقتل النفس الحرام بغير حق
|
٤١٠
|
قل لهم : ليس من
أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على طاعتي فأصابهم شر
|
٤٠٦
|
ـ ل ـ
|
لا أصرف عبدي
المؤمن عن شيء ، الا جعلت ذلك خيرا له
|
٤٣٦
|
لا اله الا الله
حصني ، فمن دخل حصني كان آمنا
|
٣٥٦
|
لاتحب الدنيا فاني
لا احبها ، وحب الآخرة فانها هي دار المعاد
|
١٩٤
|
لا تنال رحمتي لمن
تعرض للايمان الكاذبة.
|
٤٠١
|
لاعذبن كل رعية
أطاعت اماما جائرا وان كانت برة تقية.
|
٤٠٠
|
لايتكل العاملون
على أعمالهم التي يعملونها لثوابي.
|
٤٢ ، ١٤٨
|
ليأذن بحربي مستذل
عبدي المؤمن.
|
٤٥٨
|
ليأذن بحربي من
أذل عبدي المؤمن وليأمن غضبي من أكرمه
|
٤٠٣
|
ليحذر الذي
يستبطئني في الرزق ان اغضب فافتح عليه بابا من الدنيا
|
١٦١
|
ليكن لسانك في
السر والعلانية واحدا وكذلك قلبك
|
٤٠٩
|
ـ م ـ
|
ما خلقت خلقا أحب
الي من عبدي المؤمن
|
٤٣٣
|
ملائكتي ، عبدي
بخل على عبدي بسكنى الدنيا
|
٤٠٤
|
من أحدث ولم يتوضأ
فقد جفاني
|
٢٧٧
|
من الذي كان يقوم
بك في الدنيا؟ فتقول يارب فلان وفلان ...
|
٣٧٨
|
ـ ن ـ
|
نالوها بتختمهم في
اليمين وصلاتهم احدى وخمسين واطعامهم المسكين
|
٤٤٨
|
ـ و ـ
|
وعزتي لا اجيب
دعوة مظلوم في مظلمة ولأحد عنده مثل تلك المظلمة
|
٤٠٩
|
وعزتي وجلالي ،
لأقطعن أمل كل مؤمل آمل غيري
|
٢١٢
|
وعزتي وجلالي ، لو
عبدتني حتى تذوب الالية في القدر ، ما قبلت منك حتى تأتيني
|
٤٠٠
|
وعزتي وجلالي ، لو
كان في جنتي مسكن لمشرك لأسكنتك فيها
|
٤٤٤
|
ـ ي ـ
|
يا أخا النبيين ،
يا أخا المرسلين ، يا أخا المنذرين أنذر قومك
|
١٣٦
|
يابن آدم اذكرني
عند غضبك أذكرك عند غضبي
|
١٨٤
|
يابن آدم ، ألم
اكرمك واسودك وازوجك
|
٢٥٠
|
يابن آدم ، تسألني
فامنعك لعلمي بما ينفعك
|
٣٢٨
|
يابن آدم حرك يدك
ابسط لك في الرزق
|
١٦٢
|
يابن آدم ، في كل
يوم تؤتى رزقك وأنت تحزن
|
١٧٤
|
يا داود ان العبد
من عبيدي ليأتيني بالحسنة فاحكمه بها في الجنة
|
٢٦٥
|
يا دنيا موري على
عبدي المؤمن بأنواع البلاء
|
٤٣٥
|
يا عيسى ، اني أنا
ربك ورب آبائك ، اسمي واحد
|
٢٢٧
|
يا ملائكتي ، أين
كنتم؟
|
٢٨٠
|
يا موسى ، لا تطول
في الدنيا أملك فيقسو قلبك
|
٢١٨
|
يا موسى ، من أحبني
لم ينسني ومن رجا معروفي ألح في مسألتي
|
٣٢٨
|
* * *
٣
ـ فهرس الأعلام
(
آ )
آدم 7
|
|
١٧١ ، ٢٣٠ ، ٢٣٨ ، ٢٥٥ ، ٢٥٨ ، ٣٩٤ ، ٣٩٥
، ٤٠٠ ، ٤٦١
|
(
أ )
أبان بن تغلب
|
|
١٢٦
|
ابراهيم 7
|
|
١٩٦ ، ٢٠٥ ، ٢٣٠ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٣٠٦
، ٣٦٦ ، ٣٧١ ، ٣٨٩ ، ٤٢٠ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٤٣ ، ٤٥٤ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤
|
ابراهيم بن هرمة
|
|
١٦١
|
ابراهيم التيمي
|
|
٤٤٣
|
ابراهيم العجمي
|
|
١١٠
|
ابليس
|
|
٤١٩ ، ٤٣١
|
ابن أبي عمير
|
|
١١٠
|
ابن أبي العوجاء
|
|
٢١١
|
ابن أبي المقدام
|
|
١١٢
|
ابن أصبغ
|
|
١٦٣
|
ابن بابويه = محمد بن بابويه ، أبو
جعفر
|
|
|
ابن بكير
|
|
١١٨
|
ابن دريد
|
|
١٦٤
|
ابن الرومي
|
|
١٧٤
|
ابن السكيت النحوي
|
|
٢١٠ ، ٢١١
|
ابن شهاب
|
|
٢٨٠
|
ابن عباس = عبدالله بن عباس
|
|
|
ابن عمر = عبدالله بن عمر
|
|
|
ابن عياش
|
|
٢٦٨
|
ابن مسعود
|
|
١٢١
|
ابن مسكان
|
|
١١٨
|
ابن معمعة
|
|
١٨٢
|
ابن ودعان
|
|
٣٣١
|
ابن وكيع التنيسي
|
|
١٦٢
|
أبو اسحاق الصابي
|
|
١٧٦
|
أبو اسماعيل
|
|
١٢٥
|
أبو الأسود الدؤلي
|
|
١٨٩
|
أبو امامة
|
|
٣٥٠
|
أبو أيوب الأنصاري
|
|
٢٧٠ ، ٣٤٠ ، ٤٥٠
|
أبو البختري
|
|
١١٠
|
أبو بردة الأسلمي
|
|
٢١٤
|
أبو بصير
|
|
٣٧٣ ، ٣٧٨ ، ٤٥٢ ، ٤٥٣
|
أبو تمام
|
|
١٤٨
|
أبو جعفر 7
|
|
٤٢
|
أبو جعفر كليني
|
|
١٢٦
|
أبو حسان العجلي
|
|
٤٥٥
|
أبو الحسن 7
|
|
٤٣ ، ١٤٩ ، ١٥١
|
أبو الحسن الأول 7
|
|
٣٩٦
|
أبو الحسن اللؤلؤي
|
|
١١٠
|
أبو حمزة
|
|
٤٥٧
|
أبو حمزة الثمالي
|
|
٩٠ ، ٩٣ ، ١٠٩ ، ١١١ ، ١١٤ ، ١١٥ ، ٢٢٣
، ٢٥٣ ، ٤٤٨
|
أبو حنيفة
|
|
٣١٨
|
أبو الدرداء
|
|
٢٨٥ ، ٣٣٣
|
أبوذر
|
|
١٣٦ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٤
، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨
، ٣٤٤
|
أبو ذؤيب
|
|
١٦٠ ، ١٧٥
|
أبو سعيد الحذاء
|
|
١٤٨
|
أبو سعيد الخدري
|
|
٢٧٦ ، ٣٣٣ ، ٣٣٩ ، ٣٤٣ ، ٣٥٧ ، ٣٦١ ، ٣٦٥
|
أبو سفيان
|
|
٢٩١
|
أبو شاكر الديصاني
|
|
٣٦
|
أبو الصلاح = التقي بن نجم بن
عبيدالله الحلبي
|
|
|
أبو الصلت = عبدالسلام بن صالح الهروي
|
|
|
أبو العباس
|
|
١١٠
|
أبو عبدالله 7 = جعفر بن محمد الصادق 7
|
|
|
أبو عبيدة الحذاء
|
|
٤٢ ، ١٤٨
|
أبو الفضل
|
|
٢٠٩
|
أبو القاسم البلخي
|
|
٤٢
|
أبو لهب
|
|
٣٨٦
|
أبو مالك
|
|
١٣١
|
أبو المقدام
|
|
١٤٢
|
أبو موسى
|
|
٣٥٤
|
أبو موسى الأشعري
|
|
٣٣٥
|
أبو نؤاس
|
|
١٧٥
|
أبو هذيل
|
|
٣١٩
|
أبو هريرة
|
|
٣٣٤ ، ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤٥
، ٤٢٦
|
اُبيّ
|
|
٢٤٧
|
ابي بن كعب
|
|
٣٧٨
|
أحد الأئمة 7
|
|
١١٧ ، ١٦١ ، ١٦٩
|
أحمد بن أبي عبدالله البرقي
|
|
٩٤
|
أحمد بن الحسن الميثمي
|
|
٢٢٢
|
أحمد بن خالد
|
|
١٠٩
|
أحمد بن محمد
|
|
٤٦٣
|
اسحاق 7
|
|
١٩٦ ، ٤٦٣
|
اسحاق بن جعفر
|
|
٢١٣
|
اسحاق بن عمار
|
|
١٢٧
|
اسرافيل
|
|
٣٥٣
|
أسعد بن سهل بن حنيف
|
|
٣٥٤
|
اسماعيل 7
|
|
٢٤٥ ، ٣٠٦ ، ٣٦٣ ، ٤٠٥ ، ٤٤٥ ، ٤٦٣
|
ام سلمة
|
|
٢١٧
|
ام هاني بنت أبي طالب
|
|
٢٦٦ ، ٢٩١
|
أنس بن مالك
|
|
١٤٨ ، ٢٨٠ ، ٣٣١ ، ٣٣٦ ، ٣٣٨ ، ٣٤٢ ، ٣٤٣
، ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، ٣٤٩ ، ٣٥٣ ، ٤٠٨
|
اويس القرني
|
|
٣٢٥
|
اياس بن القائف
|
|
١٨٠
|
(
ب )
البرقي
|
|
١٠٩ ، ١١٧
|
بشار بن برد
|
|
١٨١ ، ١٨٢
|
بلال
|
|
٤١٠
|
(
ت )
التقي بن نجم بن عبيدالله الحلبي
|
|
٤٤
|
تميم الداري
|
|
٢٨٣
|
(
ج )
جابر بن عبدالله الأنصاري
|
|
٩٢ ، ١٣٦ ، ٢٦٦ ، ٢٧٢ ، ٤٥٠ ، ٤٥١
|
جابر بن يزيد الجعفي
|
|
١١٩ ، ١٤٣ ، ٣١٤ ، ٤٥١ ، ٤٦١
|
جبريل 7
|
|
١٧١ ، ١٩٤ ، ٢١٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٩ ، ٢٧٧ ، ٢٨١
، ٢٨٣ ، ٣٠٠ ، ٣٤٨ ، ٣٥٣ ، ٣٥٦ ، ٣٦٤ ، ٣٨٦ ، ٣٩٣ ، ٣٩٥ ، ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، ٤٥١ ، ٤٥٩
، ٤٦٤
|
جعفر بن سليمان الهاشمي
|
|
١٦١
|
جعفر بن محمد الصادق 7
|
|
٣٦ ، ٣٧ ، ٤٠ ، ٥٣ ، ٨٣ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٩٠
، ٩٥ ، ٩٦ ، ٩٧ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١١ ، ١١٢ ، ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢٣
، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٩ ، ١٣٠ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٤٢ ، ١٥٩ ، ١٦٢ ، ١٨٠
، ١٨٤ ، ٢٠٧ ، ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٧ ، ٢٢٢ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٥٤ ، ٢٥٩
، ٢٦٣ ، ٢٦٥ ، ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ٢٧٨ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩٢ ، ٣٠٢ ، ٣١٤
، ٣١٧ ، ٣١٨ ،
|
|
|
٣٤٩ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٦٠ ، ٣٦٢ ، ٣٦٦ ، ٣٦٨
، ٣٧٢ ، ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، ٣٧٨ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، ٣٩٠ ، ٣٩١ ، ٣٩٤ ، ٣٩٧ ، ٤٠٠ ، ٤٠٥
، ٤٣٣ ، ٤٣٤ ، ٤٣٨ ، ٤٤٠ ، ٤٤١ ، ٤٤٣ ، ٤٤٧ ، ٤٤٩ ، ٤٥٢ ، ٤٥٥ ، ٤٥٦ ، ٤٥٧ ، ٤٥٨
، ٤٦٠
|
جميل بن درّاج
|
|
١٣٤
|
جندب بن زهير
|
|
١٣٨
|
جندب بن عبدالله
|
|
١٣٧
|
(
ح )
حاتم بن عبدالله
|
|
١٨١
|
الحارث بن الأحول
|
|
٤٥٩
|
الحارث بن المغيرة النضري
|
|
١٢٩ ، ٢٣٦
|
الحارث الهمداني الأعور
|
|
٩٩ ، ٤٤٨ ، ٤٦١
|
حبيب
|
|
٢٣٤
|
الحجاج
|
|
٣١٦
|
حذيفة بن اليمان
|
|
١٣٦
|
حرقة بنت النعمان
|
|
٢٨٣
|
الحسن البصري
|
|
٢١١ ، ٢٣٨ ، ٢٧٩ ، ٣١٦ ، ٣٢٨ ، ٣٥٤ ، ٤٢٩
|
الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، أبو
محمد
|
|
٣٣ ، ٦٧ ، ٧٤ ، ٨٠ ، ٩٧ ، ٢٤٠ ، ٢٤٤ ،
٢٥٨ ، ٣١٧ ، ٣٢٥ ، ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٤٧ ، ٣٦١ ، ٤٣٠ ، ٤٣٢ ، ٤٤٧ ، ٤٦٦
|
الحسن بن زيد
|
|
٢١٢
|
الحسن بن سهل
|
|
٣٠٧
|
الحسن بن علي 7
|
|
٥٣ ، ٨٤ ، ١١٣ ، ١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٤٥ ، ١٨٣
، ٢١٥ ، ٢٤١ ، ٢٧٤ ، ٢٨٦ ، ٢٩٢ ، ٢٩٧ ،
|
|
|
٣١٦ ، ٤٤٢ ، ٤٥٧
|
الحسن بن علي بن فضال
|
|
٤٣٢
|
الحسن بن علي العسكري أبو محمد 7
|
|
٥٣ ، ٩٩ ، ٣١٣
|
الحسن بن يقطين
|
|
٢٨٩
|
الحسين 7
|
|
٥٣ ، ١٨٣ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢٩٨
، ٣٨٢ ، ٤٢٨ ، ٤٣٢ ، ٤٣٤ ، ٤٤٢ ، ٤٤٣ ، ٤٦٠
|
الحسين بن سعيد الأهوازي
|
|
٤٣٢
|
حفص بن البختري
|
|
٢٦٥
|
حفص بن غياث القاضي
|
|
٢١١ ، ٢٣٤
|
حنش بن معتمر
|
|
٤٤٨
|
(
خ )
خالد بن معمر
|
|
٢١٥
|
خالد بن نجيح الخزاز
|
|
٤٥٨
|
الخضر
|
|
٣٥٠ ، ٣٥١
|
خليفة بن الحصين
|
|
٣٣١ ، ٣٣٣
|
الخليل البكري
|
|
٣٦٧ ، ٣٦٨
|
الخليل بن أحمد
|
|
٨٧ ، ٢١٦
|
خيثمة
|
|
٨٣
|
(
د )
داود 7
|
|
١٢٣ ، ١٨٣ ، ٢٥٣ ، ٢٦٥ ، ٢٧٩ ، ٣٢٨ ، ٣٨٤
، ٤٤٥ ، ٤٤٨
|
(
ذ )
(
ر )
الربيع بن خيثم
|
|
١٣٨ ، ١٤١ ، ١٤٢
|
الرشيد
|
|
٣٠٥ ، ٣٠٦
|
رضوان
|
|
٤٦٢
|
(
ز )
الزبير
|
|
٢٩١
|
زرارة
|
|
٤٣٢
|
زليخة
|
|
٤٢٩
|
الزهري
|
|
٣٤٥
|
زياد الأسود
|
|
٤٤٩
|
زياد الأعجم
|
|
١٨١
|
( س )
سالم بن عبدالله
|
|
٣٣٩
|
سالم بن وابصة
|
|
١٨٠
|
سدير الصيرفي
|
|
١٢٣ ، ١٢٤
|
سعد بن أبي وقاص
|
|
٢٨٣
|
سعد بن خلف
|
|
٤٣ ، ١٤٩
|
سعد بن معاذ
|
|
٣٨٦
|
سعيد بن المسيب
|
|
٢٢٣
|
سفيان بن عيينة
|
|
٢١٢
|
السكوني
|
|
٩٦
|
سلمان بن فلاح
|
|
١٨١
|
سلمان الفارسي
|
|
١٢٢ ، ١٤٨
|
سليمان بن خالد
|
|
١١٠
|
سليمان بن داود
|
|
١٨٣ ، ٢٨١ ، ٢٨٢ ، ٣٧١
|
سليم بن قيس الهلالي
|
|
٨٩
|
سماعة بن مهران
|
|
١١٤ ، ١٣٤
|
سمرة بن جندب
|
|
٣٥٢
|
سهل بن حنيف
|
|
٣٥٤
|
سهل بن سعد الأنصاري
|
|
٣٥٨
|
السيد
|
|
٣٣٦
|
( ش )
شريح بن هاني
|
|
٦٦
|
الشريف الرضي ، أبو الحسن الموسوي
|
|
٨٥ ، ١٧٦ ، ٣٣٥
|
( ص )
صفوان
|
|
٩٣ ، ٤٤٧ ، ٤٥٨
|
صفوان بن يحيى
|
|
٣٩٣
|
الصلصال
|
|
٣٣٢
|
( ض )
ضرار بن ضمرة الليثي
|
|
١٥٠ ، ١٥١
|
( ط )
طاووس اليماني
|
|
١٧١ ، ١٧٢ ، ٣١٧
|
طلحة بن زيد
|
|
٢٣٦
|
( ع )
عاصم
|
|
٤٤٨
|
العالم 7 = موسى بن جعفر
|
|
الكاظم 7
|
عامر الشعبي
|
|
٣١٧
|
العباس بن عبدالمطلب
|
|
٢٩١ ، ٣١٢
|
عبدالرحمن بن أبي نجران
|
|
٤٦٣
|
عبدالرحيم
|
|
٤٥٨
|
عبدالسلام بن صالح الهروي ، أبو الصلت
|
|
٢١٤
|
عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز
|
|
٣٠٥ ، ٣٠٦
|
عبدالله بن أبي الحمساء
|
|
٣٥٤
|
عبدالله بن أبي يعفور
|
|
٤٥٦
|
عبدالله بن بكير
|
|
٤٦٣
|
عبدالله بن سليمان
|
|
٢٢٢
|
عبدالله بن سنان
|
|
١١١ ، ١٨٤ ، ٣١٤ ، ٣٩٤
|
عبدالله بن عباس
|
|
٩١ ، ١٤٥ ، ١٥٤ ، ٢٧٦ ، ٢٨٠ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤
، ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٣٥٢ ، ٤١٠
|
عبدالله بن عجلان
|
|
٤٥٥
|
عبدالله بن عمر
|
|
٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٣٧ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢
، ٣٤٣ ، ٤٦٤
|
عبدالله بن محمد بن عبيد بن ياسين
محمد ابن عجلان
|
|
٢١٠
|
عبدالله بن مسعود
|
|
|
عبدالله بن مسكان
|
|
٢٣٤
|
عبدالله بن الوليد
|
|
٣٥٥
|
عبدالله بن يونس
|
|
١٠٩ ، ١١٥
|
عبدالملك بن مروان
|
|
٣١٦ ، ٣٢٩
|
عبدالمؤمن الأنصاري
|
|
١٢٥ ، ٣٠٥
|
عبيد بن زرارة
|
|
٤٦٠
|
عزير
|
|
٧١
|
عطاء بن يسار
|
|
٤٣ ، ١٤٩
|
علقمة الحضرمي
|
|
٤٥٥
|
* * *
علي بن أبي طالب ، أمير المؤمنين 7
|
|
٤٣ ، ٥٣ ، ٦٦ ، ٧٢ ، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٤
، ٨٥ ، ٨٧ ، ٨٩ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٤ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠٤ ، ١١١ ، ١١٢ ، ١١٤ ، ١١٥
، ١١٧ ، ١٢٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٩ ، ١٣٠ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤
، ١٣٥ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥٢
، ١٥٩ ، ١٦٠ ، ١٦١ ، ١٧١ ، ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٧٨ ، ١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ١٨٩ ، ٢٠٨
، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢١٧ ، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢٣٥ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧
، ٢٤٨ ، ٢٥٠ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، ٢٦٢ ، ٢٦٥ ، ٢٦٨ ، ٢٧٤ ، ٢٧٨ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥
، ٢٨٦ ، ٢٩٠ ، ٢٩٢ ، ٢٩٦ ، ٣١٦ ، ٣١٧ ، ٣٢١ ، ٣٢٣ ، ٣٢٦ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٤٩
، ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٦٣ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٣٧٨ ، ٣٨٠ ، ٣٨٤
، ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، ٣٩٥ ، ٣٩٦ ، ٤٠٢ ، ٤٠٦ ، ٤١١ ، ٤١٨ ، ٤٣٢ ، ٤٤٢ ، ٤٤٧
، ٤٤٨ ، ٤٥٠ ، ٤٥١ ، ٤٥٥ ، ٤٥٦ ، ٤٥٩ ، ٤٦١ ، ٤٦٢ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤ ، ٤٦٥
|
علي بن جعفر
|
|
٢٣٥
|
علي بن الحسين 7
|
|
٥٣ ، ٩٠ ، ٩٣ ، ٩٤ ، ٩٦ ، ١٠١ ، ١٠٩ ،
١١١ ، ١١٤ ، ١١٩ ، ١٢٥ ، ١٤٥ ، ١٧١ ، ٢١٢ ، ٢١٤ ، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٥ ، ٢٩٩ ، ٣٢٨ ،
٣٦٩ ، ٣٧٩ ، ٤٢٨ ، ٤٦٣
|
علي بن الحكم
|
|
٤٦٣
|
علي بن عيسى
|
|
٢١٨
|
علي بن محمد بن الرضا ، أبوالحسن 7
|
|
٥٣ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٣١١
|
علي بن موسى الرضا 7
|
|
٥٣ ، ٦٩ ، ٢١٤ ، ٢٧١ ، ٣٠٧ ، ٣٩١ ، ٣٩٣
، ٣٩٤ ، ٤٦٣
|
عمر بن حنظلة
|
|
٤٤٩
|
عمر بن الخطاب
|
|
٤٢٤
|
عمر بن عبدالعزيز
|
|
٢٣٨ ، ٢٤٠ ، ٢٨٢ ، ٣٢٩
|
عمرو بن أبي المقدام
|
|
١١٢
|
عمرو بن عبيد
|
|
٣١٧
|
عوف بن مالك
|
|
٤٢١
|
عيسى بن عمر
|
|
٣٤٢
|
عيسى بن مريم 7
|
|
٧١ ، ١٢٣ ، ١٢٩ ، ١٦١ ، ١٩١ ، ١٩٤ ، ٢١٨
، ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٩ ، ٢٧٢ ، ٢٧٩ ، ٣٧١ ، ٤٦٤
|
عيسى بن موسى
|
|
٢٦٩
|
عيسى النهريري
|
|
١١٢
|
( ف )
فاطمة 3
|
|
٢٤٧
|
الفراء
|
|
١٥٧
|
الفرزدق
|
|
٢٩٠
|
فرعون
|
|
٢٣٩ ، ٤٠٧ ، ٤١٩
|
الفضيل بن يسار
|
|
١٤٢
|
* * *
(
ق )
قارون
|
|
٤١١ ، ٤١٣
|
القاسم بن عروة
|
|
١١٠
|
قيس بن سعد
|
|
٢٨٢
|
قيس بن عاصم المنقري
|
|
٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣
|
( ك )
الكسائي
|
|
٣٢٩
|
كعب الأحبار
|
|
٢٧٩ ، ٣٢٧
|
كميل بن زياد
|
|
٨٥ ، ٨٦ ، ٩٥ ، ٢٦٥
|
( ل )
لقمان 7
|
|
٨٨ ، ٩٣ ، ١٣٢ ، ١٥٤ ، ٢٧٢ ، ٤٢٩
|
( م )
مالك
|
|
٤٦٢
|
مالك بن أنس
|
|
٤٦٤
|
مالك الجهني
|
|
٢٣٤ ، ٢٣٥
|
المأمون
|
|
٣٠٧
|
مبارك
|
|
٣٥٤
|
مبشر
|
|
١٢٦
|
المتنبي
|
|
١٨٥
|
المتوكل
|
|
٣١٢
|
محمد رسول الله 6
|
|
٣٨ ، ٣٩ ، ٤٢ ، ٤٤ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٦٧ ، ٧٢
، ٧٧ ، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٥ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ٩٤ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ، ١٠٦
، ١٠٧ ، ١١٠ ، ١١١ ، ١١٢ ، ١١٤ ، ١١٧ ، ١١٩ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٢٥ ، ١٢٧ ،
|
|
|
١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٦ ، ١٣٧
، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٦ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٢ ، ١٥٩ ، ١٦١ ، ١٦٣ ، ١٧١ ، ١٧٢
، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٨٩ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٠٠ ، ٢٠١
، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢٠٨ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢١٧ ، ٢١٨
، ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٣٩ ، ٢٤٢ ، ٢٤٦ ، ٢٤٨ ، ٢٥١ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٥٩ ، ٢٦٢ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦
، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧٢ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٥
، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٤ ، ٢٩٩ ، ٣٠٦ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣١٨ ، ٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٣٢٤ ، ٣٢٦
، ٣٢٩ ، ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢
، ٣٤٣ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، ٣٥٠ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦
، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ٣٧٣
، ٣٧٤ ، ٣٧٦ ، ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠
، ٣٩١ ، ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، ٣٩٤ ، ٣٩٦ ، ٣٩٧ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠ ، ٤٠٤ ، ٤٠٦ ، ٤٠٨ ، ٤١٠
، ٤١١ ، ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٤١٧ ، ٤٢١ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣٢ ، ٤٣٧ ، ٤٣٨
، ٤٤١ ، ٤٤٢ ، ٤٤٤ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦ ،
|
|
|
٤٤٧ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٦ ، ٤٥٧
، ٤٥٨ ، ٤٥٩ ، ٤٦٠ ، ٤٦١ ، ٤٦٢ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤ ، ٤٦٧
|
محمد بن أبي زينب
|
|
١١٩
|
محمد بن أبي القاسم
|
|
٢٥٣
|
محمد بن اسماعيل
|
|
٢٧١
|
محمد بن بابويه
|
|
٨٩ ، ٩٦ ، ٩٨ ، ١٣٠ ، ٢٤٩ ، ٢٥٣
|
محمد بن الحنفية
|
|
٢١٥
|
محمد بن خالد
|
|
٢٥٣
|
محمد بن زيد الطبري
|
|
٦٩
|
محمد بن سلام الجمحي
|
|
٢١٦
|
محمد بن سنان
|
|
١٢٦
|
محمد بن عبدالله بن علي بن الحسين
|
|
٢١٢
|
محمد بن عبدالله الجعفري
|
|
٣٠٥
|
محمد بن عبدالله الجعفي
|
|
١٢٥
|
محمد بن عجلان
|
|
٢١٢
|
محمد بن علي الباقر 7
|
|
٥٣ ، ٨٣ ، ٩٠ ، ٩٦ ، ١٠١ ، ١١٠ ، ١١١
، ١١٢ ، ١١٤ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٣ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٩ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٨ ، ٢٠٧ ، ٢١٠
، ٢١٢ ، ٢١٤ ، ٢٣٥ ، ٢٥٣ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، ٢٦٥ ، ٢٦٩ ، ٢٩٩ ، ٣٠١ ، ٣١٤ ، ٣٥٦ ، ٣٥٩
، ٣٧١ ، ٣٧٩ ، ٣٨٧ ، ٣٩٤ ، ٤٣٢ ، ٤٣٣ ، ٤٤٠ ، ٤٥١ ، ٤٥٦ ، ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، ٤٥٩ ، ٤٦١
، ٤٦٣
|
محمد بن علي الجواد ، أبو جعفر 7
|
|
٥٣ ، ٣٠٩
|
محمد بن علي الكوفي
|
|
٢٥٣
|
محمد بن عمار بن ياسر
|
|
٢٠٨
|
محمد بن فضيل
|
|
٤٠٥
|
محمد بن قيس
|
|
١١٥
|
محمد بن محمد بن النعمان الحارثي
المفيد ، أبو عبدالله
|
|
٣٦ ، ٤٠ ، ٩٤ ، ١٧٧
|
محمد بن مسلم
|
|
١٤٤ ، ٢٣٦
|
محمد الحلبي
|
|
٤٥٨
|
محمود الوراق
|
|
١٦٠
|
مسعدة
|
|
٢٣٥
|
المسيح = عيسى بن مريم 7
|
|
|
معاذ بن جبل
|
|
٢٧٢ ، ٣٣٥
|
معاوية بن أبي سفيان
|
|
١٥٠ ، ١٥١ ، ٢١٥ ، ٢٩٣ ، ٢٩٨ ، ٣٤٢ ، ٣٨٠
، ٤٦٠
|
معاوية بن وهب
|
|
١٣٠
|
معروف بن خربوذ
|
|
١١١
|
المعلى بن خنيس
|
|
٢٥٤
|
المفضل
|
|
٣٩١
|
المفضل بن صالح
|
|
٢٦٣
|
المفضل بن عمر
|
|
١١٩ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٢٩ ، ٢٨٣
|
المقداد
|
|
٣٣٣
|
مقدام بن شريح بن هاني
|
|
٦٦
|
ملك الموت
|
|
٣٥٣
|
المنصور
|
|
٢١١
|
المهدي ، الحجة بن الحسن القائم 7
|
|
٥٣ ، ٣٦٧ ، ٣٧٩ ، ٤٤٩ ، ٤٥٩
|
مهزم الأسدي
|
|
١١٣
|
موسى بن جعفر الكاظم 7
|
|
٥٣ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٣٢ ، ٢٠٥
، ٢٠٨ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢٣٥ ، ٢٥٥ ، ٢٨٠ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣١٨ ، ٣٩٢ ،
|
|
|
٤٠٥ ، ٤٥٥ ، ٤٦٤
|
موسى بن عمران 7
|
|
١٠١ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٣٩
، ٢٤٠ ، ٢٦٣ ، ٢٨٣ ، ٣٠١ ، ٣٢٨ ، ٣٩٨ ، ٤١٠ ، ٤٣٣ ، ٤٣٤
|
موسى بن يقطين
|
|
|
ميسر
|
|
٤٥٥
|
ميكائيل
|
|
٣٥٣
|
( ن )
نافع
|
|
٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٤٣
|
النعمان
|
|
٢٨٤
|
نفيع
|
|
٣٠٥ ، ٣٠٦
|
نوح 7
|
|
٣٦٣ ، ٤٦٤
|
نوف بن عبدالله البكالي الشامي
|
|
١٢٣ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٤٢ ، ١٤٤ ، ١٨٧ ، ٢٠٩
|
( هـ )
هارون 7
|
|
٢٠٨ ، ٢٣٩
|
هامان
|
|
٤١١ ، ٤١٦
|
هبة الله بن آدم 7
|
|
٤٦٤
|
هشام بن الحكم
|
|
٣١٨
|
همام بن عبادة
|
|
١٣٨ ، ١٤١ ، ١٤٢
|
( و )
واصل بن عطاء
|
|
٣١٦
|
ورام
|
|
٩٠
|
وهب بن منبه
|
|
٢٣٩ ، ٢٧٩ ، ٢٨٣
|
* * *
(
ي )
يحيى بن ام الطويل
|
|
١١٩
|
يحيى بن خالد
|
|
٢٨٩
|
يحيى بن زكريا
|
|
٤٣٤
|
يحيى بن عبدالحميد
|
|
٣١١
|
يعقوب 7
|
|
١٥٧ ، ٢٦٢ ، ٣٠٠ ، ٤٦٣
|
يوسف 7
|
|
٤٢٩ ، ٤٣٠
|
يونس بن حبيب النحوي
|
|
٢١٦
|
* * *
٤
ـ فهرس الكتب الواردة في المتن
اسم
الكتاب
|
المؤلف
|
الصفحة
|
الإرشاد
|
الشيخ المفيد
|
٩٤
|
البرهان على ثبوت
الايمان
|
أبوالصلاح الحلبي
|
٤٤
|
التلخيص
|
|
٥٤
|
التنبيه
|
|
٢٧٠
|
ثواب الأعمال
|
الصدوق
|
٣٥٥
|
الخصال
|
الصدوق
|
٨٩ ، ٩١ ، ٩٤ ، ٩٦
، ٩٧ ، ٩٨ ، ١٢٩ ، ١٣٠ ، ١٣١ ، ١٤٣ ، ٢٤٩ ، ٣٤٦
|
العمدة
|
|
٥٤
|
غرر الدرر في صفات
سيد البشر
|
|
|
محمد المصطفى خير
من مضى ومن غير
|
|
٢٧٠
|
الفرائد والعوائد
|
|
١١٨
|
فرج الكرب
|
|
٤٥٢ ، ٤٦١
|
كتاب القلائد
|
|
٩٤
|
الكافي
|
الكليني
|
١٢٦
|
الكافي في التكليف
|
أبو الصلاح الحلبي
|
٥٤
|
كنز الفوائد
|
الكراجكي
|
٤٨ ، ٨٠ ، ٨٩ ، ٩٩
، ١٤٦
|
المجالس
|
البرقي
|
١٠٩ ، ١١٥ ، ١١٧ ،
١٢٦
|
مجموعة ورام
|
|
٩٠
|
المؤمن
|
الحسين بن سعيد
|
٤٣٢
|
نهج البلاغة
|
الشريف الرضي
|
٨٥ ، ٩٢ ، ١٠٣
|
النوادر
|
صفوان
|
٩٣
|
* * *
٥
ـ فهرس الأمكنة والبقاع
المكان
|
الصفحة
|
البصرة
|
٣١٦ ، ٣١٩
|
البيت الحرام
|
٤٤٣
|
جبل اُحد
|
٤٢١ ، ٤٢٥
|
حوض القدس
|
٤٢٤
|
رضوى
|
٤٢١
|
سقر
|
٤٠١
|
طور سيناء
|
٣٩٢ ، ٤٢١
|
الكعبة
|
١٣٨ ، ١٧١ ، ٤٤٢
|
المدينة
|
٢٣٦
|
المسجد الحرام
|
١٩٢ ، ٣٢٨ ، ٤٤٢
|
مقام ابراهيم
|
٤٤٣
|
نيسابور
|
٢١٤
|
* * *
٦
ـ فهرس الأبيات الشعرية
ـ
أ ـ
|
الصفحة
|
ولم تستحي فاصنع
ما تشاء
|
١٤٨
|
مضى نفس منها
انتقصت به جزءا
|
٢١١
|
ـ
ب ـ
موجهة في كلّ فج
ركائبه
|
١٨٢
|
لتشرب ما في الحوض
قبل الركائب
|
١٨١
|
صديقك لم تلق الذي
لا تعاتبه
|
١٨١
|
و عن بعض مافيه
يعش وهو عاتب
|
١٨٠
|
ما دونه ان سيل من
حاجب
|
١٦١
|
فاطلب ـ هديت ـ
فنون العلم والأدبا
|
٨٨
|
و لا ناصر لي غير
نصرك يا ربي
|
٢٥٨
|
وتعترض الدنيا
فنلهو ونلعب
|
١٧٥
|
و غير نعماك
أرجوها وارتقب
|
٢٥٧
|
لمن بات في نعمائه
يتقلب
|
١٨٥
|
فقد حذرتنا ها
لعمري خطوبها
|
١٧٥
|
لا تعدلن به ورقا
ولا ذهبا
|
٨٨
|
ـ
ت ـ
ألم يكفني قولي
فعلت وأخطأت
|
٢٥٧
|
و اقطع الدنيا بما
انقطعت
|
١٦٠
|
كانت أمامي ثم
خلفتها
|
١٧٤
|
على الدنيا كأنك
لا تموت
|
١٦٠
|
ـ
د ـ
على العلات بساما
جوادا
|
١٨١
|
أو جوهرا فبذي
الأقطار موجود
|
٤٠
|
عليك مشمولة
فالعمر معدود
|
٣٢٤
|
لتضربه لم يستغشك
في الود
|
١٨٠
|
ـ
ر ـ
فاذا نطقت فلا تكن
مكثارا
|
٨٨ ، ٤٢٩
|
لم يزل يعرف الغني
واليسارا
|
٢٧٤
|
والعار خير من
دخول النار
|
٢٩٨
|
عيب الغني أكبر لو
تعتبر
|
١٦٠
|
يعنك على هول
القيامة والقبر
|
٣٣٢
|
فأغنى المقلّ عن
المكثر
|
١٨١
|
و يعز عن أوصاف
كنه الخاطر
|
٧٩
|
أدر لحظ طرفك في
منظره
|
٢٨٤
|
كأن به من كل فاحشة
وقرا
|
١٨٠
|
لمستمسك منها بحبل
غرور
|
١٧٣
|
لا تبيتين قد أمنت
الدهورا
|
٢٨٤
|
و ان عدوا واحدا
لكثير
|
١٨٣
|
* * *
ـ
س ـ
من الغل أنبتك
الوجوه العوابس
|
٣٢٤
|
ـ
ع ـ
أتته المنايا رقدة
بعد ما هجع
|
١٧٦
|
ألفيت كلّ تميمة
لا تنفع
|
١٧٥
|
و اذا ترد الى
قليل تقنع
|
١٦٠
|
ـ
ف ـ
إذا نحن فيهم سوقة
نتنصف
|
٢٨٣
|
مقلدة أعنّتها
صفوفا
|
١٥٧
|
ـ
ق ـ
إن اغتراراً بظل
زائل حمق
|
٢٤١
|
و أشرقني على حنق
بريقي
|
١٨٠
|
ـ
ك ـ
و من الشصائب والهركة
|
٢٦٦
|
و إذا أغفلك الدهر
فذكّره بنفسك
|
١٦٢
|
ـ
ل ـ
سهام العدي عنّي
فكنتم نصالها
|
٣٢٣
|
و صار له من بين
اخوانه مال
|
١٨١
|
يموت من جا أجله
|
١٧٥
|
ان اللبيب بمثلها
لا يخذل
|
٢٤١
|
حمى مؤخاة اللئيم
فعله
|
١٦٤
|
قرين الفتى في
القبر ما كان يفعل
|
٣٣٢
|
و ليس أخو علم كمن
هو جاهل
|
٨٨
|
ـ
م ـ
مذ وقعت عينه على
عدمي
|
١٨١
|
فقلل عنهم شناة
العدم
|
١٨١
|
فلقد علمت بأن
عفوك أعظم
|
٢٥٧
|
من الدعابة ما
يغمه
|
١٨٢
|
ملأ الأرض علمه
|
١٨٢
|
ـ
ن ـ
للرزق حتى يتوفاني
|
١٦١
|
فهم فسدوا وما فسد
الزمان
|
٣٣٥
|
و ما كف من خطوي وبطش
بناني
|
١٧٦
|
و لا أنا من خطأ
ألحن
|
٤٢٩
|
و لا أراهم رضوا
في العيش بالدون
|
١٦٠
|
و أين الشريك في
المرّ أينا
|
١٨٢
|
فلا تعدل به أبداً
قرينا
|
١٨٠
|
ـ
ي ـ
شكوت اليك الضر فاسمع
شكايتي
|
١٧١
|
صماء ملمومة ملس
نواحيها
|
١٦٣
|
ان كان من حزبها
أو من معاديها
|
٣٢٤
|
احدى ثلاث خصال
حين نبديها
|
٣١٨
|
و ان قليل المال
خير من المثري
|
١٦٠
|
و ترمي النوى
بالمقترين المراميا
|
١٨٠
|
* * *
٧
ـ فهرس الفرق والطوائف والامم
|
الصفحة
|
آل فرعون
|
٤٠٧
|
آل محمد
|
٢٥٨ ، ٣٢٤ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤
|
اُمة محمد
|
٢٨١ ، ٣٥٨
|
الأنصار
|
١٤٥ ، ٣٠٥ ، ٤٢١ ، ٤٢٧
|
أهل البصرة
|
٣١٦
|
أهل بلاد المشرق
|
٣٢٩
|
أهل البيت :
|
١٤٤ ، ١٨٩ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢٥٥ ، ٣٧٣ ، ٣٨٠
، ٤٠٠ ، ٤٤٧ ، ٤٥١ ، ٤٥٢ ، ٤٥٥ ، ٤٥٨ ، ٤٦٣
|
أهل الردة
|
٤٦٣
|
أهل الشام
|
٢٩٢
|
أهل الشورى
|
٣٢٩
|
الأوس
|
١١٧
|
بني إسرائيل
|
١٢٣ ، ١٨٩ ، ١٩٨ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٨ ، ٢٣٢
، ٢٣٣ ، ٢٦٤ ، ٣٢٨ ، ٣٥٠ ، ٣٧١ ، ٤٠٠ ، ٤١٠
|
بني اُمية
|
٩٨ ، ١٢٩
|
بني تميم
|
٣٣١
|
بني عابد
|
٣٢٠
|
بني هاشم
|
٦٩ ، ٣١٦
|
تيم
|
١٢٤
|
الحواريون
|
٢٧٢
|
الخاصة
|
١٧٢
|
الخزرج
|
١١٧
|
ربيعة
|
١٣١
|
الشيعة
|
١١٣ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٧ ، ١٢٩ ، ١٣٠
، ١٣٤ ، ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ٢٠٩ ، ٢٣ ، ٢٧١ ، ٣٥٧ ، ٣٧٠
، ٣٧٩ ، ٣٨٧ ، ٤٤٧ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٥١ ، ٤٥٢ ، ٤٥٣ ، ٤٥٧ ، ٤٦١ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤
|
العامة
|
١٧٢
|
العترة
|
٣٩٧ ، ٤٣٢
|
العثمانية
|
٢١٦
|
العرب
|
١٨٨ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤
|
قريش
|
١١٧ ، ٢٦٦ ، ٢٩٠ ، ٣٠٦ ، ٣٥٩
|
قوم نوح
|
١٨٩
|
الكوفيون
|
٢٣٣
|
مجوس
|
٤١٢
|
المسلمون
|
٤١٢ ، ٤١٦
|
مضر
|
١٣١
|
المعتزلة
|
٤٢ ، ٥٦ ، ٣٢٨
|
النصاري
|
٧١ ، ٩٧ ، ٤١٢
|
اليهود
|
٧١ ، ٩٧ ، ٤٠٠ ، ٤١٢ ، ٤١٤ ، ٤٥٨
|
٨
ـ مصادر التحقيق
١ ـ الاختصاص : للشيخ محمد بن محمد بن
النعمان المفيد ، المتوفى ٤١٣ هـ ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، افسيت مؤسسة الأعلمي
بيروت / لبنان ، ١٤٠٢ هـ.
٢ ـ الارشاد : للشيخ محمد بن محمد بن
النعمان المفيد ، المتوفى ٤١٣ هـ ، افسيت بصيرتي قم ، طبع المطبعة الحيدرية / النجف
الأشرف.
٣ ـ إرشاد القلوب : لأبي محمد الحسن بن
محمد الديلمي ، منشورات الرضي ، قم ، ايران.
٤ ـ الاستيعاب : لأبي عمرو يوسف بن
عبدالله بن محمد بن عبدالبر ، المتوفى ٤٦٣ ، المطبوع بهامش الاصابة في تمييز
الصحابة ، الطبعة الأولى ١٣٢٨ هـ ، مصر ، مطبعة السعادة.
٥ ـ اُسد الغابة في معرفة الصحابة : لعز
الدين أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري ، المعروف بابن الاثير ( ٦٣٠ هـ
) افسيت المطبعة الاسلامية ، طهران.
٦ ـ الإصابة في تمييز الصحابة : لشهاب
الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ٨٥٢ هـ ) ، الطبعة الاولى ١٣٢٨ هـ
، مطبعة السعادة ، مصر.
٧ ـ الأعلام : لخير الدين الزركلي (
١٣٩٦ هـ ) الطبعة السادسة ، ١٩٨٤ ، دار العلم للملايين ، بيروت.
٨ ـ أعيان الشيعة : للسيد محسن الأمين ،
تحقيق واخراج حسن الامين ، دار المعارف ، بيروت ١٤٠٣ هـ ، بمطابع دار الجواد.
٩ ـ الأمالي : لأبي جعفر محمد بن الحسن
الطوسي ( ٤٦٠ هـ ) قدم له السيد محمد
صادق بحر العلوم ، مكتبة
الأهلية بغداد ، افسيت مكتبة الداوري ، قم.
١٠ ـ الأمالي : لأبي جعفر محمد بن علي
بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق (٣٨١ هـ ) تقديم حسين الأعلمي ، منشورات الأعلمي
، بيروت لبنان ، ١٤٠٠ هـ.
١١ ـ الأمالي : للشيخ المفيد محمد بن
محمد بن النعمان ( ٤١٣ هـ ) تحقيق الحسين استاد ولي وعلي أكبر الغفاري ، نشر جماعة
المدرسين في الحوزة العلمية ، قم ، المطبعة الاسلامية ١٤٠٣ هـ.
١٢ ـ أمل الآمل : للشيخ محمد بن الحسن
الحر العاملي ١١٠٤ هـ ، تحقيق السيد أحمد الحسيني. مطبعة الآداب ، النجف الأشرف.
١٣ ـ الأنساب : لأبي سعيد عبدالكريم بن
محمد بن منصور السمعاني ( ٥٦٢ هـ ) تحقيق وتعليق عبدالرحمان بن يحيى المعلمي
اليماني ، نشر محمد أمين دمج ، بيروت لبنان ، الطبعة الثانية ١٤٠٠ هـ.
١٤ ـ إيضاح المكنون : لاسماعيل باشا بن
محمد أمين بن مير سليم البابائي البغدادي ، افسيت دار الفكر ١٤٠٢ هـ بيروت.
١٥ ـ بحار الأنوار : لشيخ الاسلام محمد
باقر المجلسي ( ١١١٠ هـ ) افسيت دار احياء التراث ، بيروت لبنان ، الطبعة الثالثة
١٤٠٣ هـ.
١٦ ـ بصائر الدرجات الكبرى : لأبي جعفر
محمد بن الحين بن فروخ الصفار ( ٢٩٠ هـ ) تقديم وتعليق وتصحيح الحاج ميرزا محسن كوچه باغي ، نشر مؤسسة
الأعلمي طهران.
١٧ ـ تارخ بغداد : لأبي بكر أحمد بن علي
الخطيب البغدادي ( ٤٦٣ هـ ) المكتبة السلفية ، المدينة المنورة.
١٨ ـ تذكرة الحفاظ : لأبي عبدالله شمس
الدين الذهبي ( ٧٤٨ هـ ) مكتبة الحرم المكي بمكة المعظمة ١٣٧٤ هـ ، افسيت دار
احياء التراث العربي لبنان.
١٩ ـ التفسير : لعلي بن ابراهيم القمي ،
تعليق السيد طيب الموسوي الجزائري ، مؤسسة دار الكتاب ، قم. الطبعة الثالثة ١٤٠٤
هـ.
٢٠ ـ التفسير : لأبي النضر محمد بن
مسعود بن عياش السلمي السمرقندي ، تحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاتي ، المكتبة
العلمية الاسلامية ، طهران.
٢١ ـ تقريب التهذيب : لأحمد بن علي بن
حجر العسقلاني ( ٨٥٢ هـ ) حققه وعلق عليه عبدالوهاب عبداللطيف ، الطبعة الثانية (
١٣٩٥ هـ ) الفسيت دار المعرفة ، بيروت ، لبنان.
٢٢ ـ تنبيه الخواطر : لأبي الحسين ورام
بن أبي فراس المالكي الأشتري ( ٦٠٥ هـ ) دار صعب ، دار التعاريف ، بيروت ، لبنان.
٢٣ ـ تنقيح المقال : للشيخ عبدالله
المامقاني ، المطبعة المرتضوية النجف الأشرف ( ١٣٥٢ هـ ).
٢٤ ـ تهذيب التهذيب : لأبي الفضل أحمد
بن علي بن حجر العسقلاني ( ٨٥٢ هـ ) الطبعة الاولى ( ١٣٢٥ هـ ) دائرة المعارف
النظامية. الهند ، حيدر آباد ، الدكن.
٢٥ ـ التوحيد : للشيخ الصدوق أبي جعفر
محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ( ٣٨١ هـ ) صححه وعلق عليه السيد هاشم
الحسيني الطهراني ، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم.
٢٦ ـ ثواب الأعمال : لأبي جعفر محمد بن
علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق ٣٨١ هـ. صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري
مكتبة الصدوق ، طهران.
٢٧ ـ الجرح والتعديل : لأبي محمد
عبدالرحمن بن أبي حاتم محمد بن ادريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي ( ٣٢٧ هـ )
الطبعة الاولى ( ١٣٧١ هـ ) دائرة المعارف العثمانية حيدر آباد الدكن. افسيت دار
احياء التراث العربي ، بيروت.
٢٨ ـ الحقائق الراهنة في المائة الثامنة
: للشخ آقا بزرك الطهراني ، تحقيق علي تقي منزوي افسيت دارالكتاب العربي ، بيروت.
٢٩ ـ حياة الحيوان الكبرى : لكمال الدين
محمد بن موسى الدميري ( ٧٤٢ ـ ٨٠٨ هـ ) نشر دار الفكر ، بيروت.
٣٠ ـ الخصال : للشيخ الصدوق أبي جعفر
محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ( ٣٨١ هـ ) صححه وعلق عليه علي أكبر
الغفاري نشر جماعة المدرسين بقم ١٤٠٣ هـ.
٣١ ـ الذريعة الى تصانيف الشيعة : للشيخ
محمد محسن الشهير باقا بزرك الطهراني ، افسيت دار الأضواء ، بيروت.
٣٢ ـ الرجال : لشيخ الطائفة أبي جعفر
محمد بن الحسن الطوسي ( ٤٦٠ هـ ) حققه وعلق عليه وقدم له السيد محمد صادق آل بحر
العلوم الطبعة الاولى ، المطبعة الحيدرية النجف الأشرف ( ١٣٨١ هـ ).
٣٣ ـ رسائل الصابي والشريف الرضي : تحقيق
الدكتور محمد يوسف نجم ، الكويت ١٩٦١ م.
٣٤ ـ روضات الجنات : للسيد محمد باقر
الموسوي الخوانساري ، المطبعة الحيدرية
طهران ( ١٣٩٠ هـ. ق
) افسيت مكتبة اسماعيليان ـ قم.
٣٥ ـ روضة الواعظين : لمحمد بن الفتال
النيسابوري ، الشهيد في سنة ( ٥٠٨ هـ ) قدم له السيد محمد مهدي الخرسان ، منشورات
الرضي ـ قم.
٣٦ ـ رياض العلماء وحياض الفضلاء : للميرزا
عبدالله افندي الاصبهاني ، تحقيق السيد أحمد الحسيني ، نشر مكتبة آية الله المرعشي
العامة قم ١٤٠١ هـ.
٣٧ ـ الزهد : للحسين بن سعيد الكوفي
الأهوازي ، تحقيق ميرزا غلام رضا عرفانيان المطبعة العلمية ، قم ١٣٩٩ هـ.
٣٨ ـ شرح النهج البلاغة : لابن أبي
الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم ، دار احياء الكتب العربية ، الطبعة
الثانية اوفيست ، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، قم.
٣٩ ـ الصحاح : لاسماعيل بن حماد الجوهري
، تحقيق أحمد عبدالغفور عطار ، الطبعة الثالثة ١٤٠٤ هـ ، دار العلم للملايين ، بيروت.
٤٠ ـ الطبقات الكبرى : لمحمد بن سعد دار
صادر ، بيروت ١٤٠٥ هـ.
٤١ ـ عدة الداعي ونجاح الساعي : لأحمد
بن فهد الحلي ، تصحيح أحمد الموحدي القمي ، مكتبة الوجداني ـ قم.
٤٢ ـ عقاب الأعمال : للشيخ الصدوق أبي
جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ( ٣٨١ هـ ) صححه وعلق عليه علي أكبر
الغفاري ، مطبوع مع ثواب الأعمال ، مكتبة الصدوق ، طهران.
٤٣ ـ فضائل الشيعة : للشيخ الصدوق أبي
جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ( ٣٨١ هـ ) ، انتشارات الأعلمي ، المطبعة
الحيدرية ـ طهران.
٤٤ ـ الفقه المنسوب للامام الرضا 7 : تحقيق مؤسسة آل البيت : لاحياء التراث. الطبعة الاولى ١٤٠٦ هـ
، نشر مؤتمر العاملي للامام الرضا 7.
٤٥ ـ الفهرست : لشيخ الطائفة أبي جعفر
محمد بن الحسن الطوسي تصحيح وتعليق السيد محمد صادق آل بحر العلوم ، نشر المكتبة
الرضوية ومطبعتها في النجف الأشرف.
٤٦ ـ فهرست أسماء مصنفي الشيعة ( رجال
النجاشي ) : لأبي العباس أحمد بن علي بن العباس النجاشي ( ٤٥٠ هـ ) ، افسيت
منشورات الداوري ، قم ، ايران.
٤٧ ـ القاموس المحيط : للشيخ مجد الدين
محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ، افسيت دار الفكر ، بيروت ١٤٠٣ هـ.
٤٨ ـ قضاء حقوق المؤمنين : للصوري ، تحقيق
حامد الخفاف ، المنشور في نشرة تراثنا العدد الثالث السنة الاولى ١٤٠٦ هـ ، اصدار
مؤسسة آل البيت :
لاحياء التراث ، قم.
٤٩ ـ الكافي : لأبي جعفر محمد بن يعقوب
الكليني الرازي ( ٣٢٩ هـ ) تحقيق وتصحيح الشيخ نجم الدين الآملي وعلي أكبر الغفاري
، المطبعة الاسلامية ( ١٣٨٨ هـ ) ، طهران.
٥٠ ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب الفنون
: لحاجي خليفة ( ١٠١٧ هـ ) افسيت دار الفكر ( ١٤٠٢ هـ ) بيروت.
٥١ ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة : لأبي
الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي ، تعليق السيد هاشم الرسولي ، سوق المسجد
الجامع ، تبريز.
٥٢ ـ كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي
طالب : لأبي عبدالله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي ( ٦٥٨ هـ ) ، تحقق
وتصحيح وتعليق محمد هادي الأميني ، دار احياء تراث أهل البيت : ، مطبعة الفارابي ، طهران ١٤٠٤ هـ.
٥٣ ـ الكنى والأسماء : لأبي بشر محمد بن
أحمد بن حماد الدولابي ( ٣١٠ هـ ) الطبعة الاولى ، مجلس دائرة المعارف النظامية
الهند ، حيدر آباد الدكن ١٣٢٢ هـ ، والطبعة الثانية افسيت دار الكتب العلمية ١٤٠٣
هـ ، بيروت.
٥٤ ـ الكنى والألقاب : للشيخ عباس القمي
( ١٣٥٩ هـ ) مطبعة العرفان صيدا ( ١٣٥٨ هـ ) افسيت انتشارات بيدار ، قم.
٥٥ ـ كنز العمال : لعلاء الدين علي
المتقي بن حسام الدين الهندي ( ٩٧٥ هـ ) تحقيق بكري حيائي وصفوة السقا ، الطبعة
الخامسة ١٤٠٥ هـ مؤسسة الرسالة ، بيروت.
٥٦ ـ كنز الفوائد : لأبي الفتح محمد بن
علي الكراجكي ( ٤٤٩ هـ ) افسيت مكتبة المصطفوي ، قم.
٥٧ ـ لسان العرب : الابن منظور أبي
الفضل جمال الدين محمد بن مكرم. نشر أدب الحوزة ، قم ، ١٤٠٥ هـ.
٥٨ ـ لسان الميزان : لأبي الفضل أحمد بن
علي بن حجر العسقلاني ( ٨٥٢ هـ ) دائرة المعارف النظامية في الهند ، حيدر آباد
الدكن ١٣٢٩ ، افسيت مؤسسة الاعلمي ، بيروت.
٥٩ ـ مجمع الأمثال : لأبي الفضل أحمد بن
محمد بن أحمد بن ابراهيم الميداني ( ٥١٨ هـ ) تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ، الطبعة
الثالثة ، ١٣٩٣ هـ ، افسيت دار الفكر ، بيروت.
٦٠ ـ مجمع البحرين : للشيخ فخرالدين الطريحي
( ١٠٨٥ هـ ) تحقيق السيد أحمد الحسيني ، نشر مرتضوي ، طهران ( ١٣٦٢ هـ. ش ).
٦١ ـ مجمع الرجال : لزكي الدين المولى
عناية الله بن علي القهبائي ، صححه وعلق عليه السيد ضياء الدين الشهير بالعلامة
الاصفهاني ، اصفهان ، ١٣٨٤ هـ ، افسيت اسماعليان ، قم.
٦٢ ـ المحاسن : للشيخ الجليل أبي جعفر
أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، تعليق السيد جلال الدين الحسيني ، الطبعة الثانية ،
نشر دار الكتب الاسلامية ، قم.
٦٣ ـ مشكاة الأنوار : لأبي الفضل علي
الطبرسي ، تقديم صالح الجعفري ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، ١٣٨٥ هـ.
٦٤ ـ المصباح : لتقي الدين ابراهيم بن
علي بن الحسن بن محمد الكفعمي ، الطبعة الثالثة ، ١٤٠٣ هـ ، افسيت مؤسسة الاعلمي ،
بيروت.
٦٥ ـ معاني الأخبار : لأبي جعفر محمد بن
علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق ، ٣٨١ هـ ، تصحيح علي أكبر الغفاري ، جماعة
المدرسين في الحوزة العلمية في قم ( ١٣٦١ هـ. ش ).
٦٦ ـ معجم البلدان : للشيخ شهاب الدين
أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي. نشر دار صادر ، بيروت.
٦٧ ـ معجم رجال الحديث : للسيد أبي
القاسم الموسوي الخوئي ، الطبعة الثالثة ، بيروت ، لبنان ، ١٤٠٣ هـ.
٦٨ ـ معجم قبائل العرب : لعمر رضا كحالة
، الطبعة الثالثة ١٤٠٢ هـ ، منشورات مؤسسة الرسالة ، بيروت.
٦٩ ـ المعجم الوسيط : مجمع اللغة
العربية بالقاهرة ، الطبعة الثانية ١٣٨٠ هـ.
٧٠ ـ معدن الجواهر ورياض الخواطر : لأبي
الفتح محمد بن علي الكراجكي ، تحقيق السيد أحمد الحسيني ، المكتبة الرضوية ، طهران
، الطبعة الثانية ١٣٩٤ هـ.
٧١ ـ مكارم الأخلاق : لرضي الدين أبي
نصير الحسن بن الفضل الطبرسي ، قدم له وعلق عليه محمد الحسين الأعلمي. منشورات
الأعلمي ، بيروت ، لبنان ١٣٩٢ هـ.
٧٢ ـ المؤمن : للحسين بن سعيد الكوفي
الاهوازي ، تحقيق ونشر مدرسة الامام المهدي 7
، قم ، ١٤٠٤ هـ.
٧٣ ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال : لأبي
عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ،
تحقيق علي محمد
البجاوي ، افسيت دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ، مصر الجديدة ١٣٨٢ هـ.
٧٤ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر : لابن
الأثير مجدالدين أبي السعادات المبارك ابن محمد الجزري ، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود
محمد الطناحي ، نشر المكتبة الاسلامية ، بيروت.
٧٥ ـ نهج البلاغة : جمع الشريف الرضي (
٤٠٦ هـ ) ، شرح محمد عبده ، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ، مطبعة الاستقامة ، مصر
، والطبعة الثانية من تحقيق الدكتور صبحي الصالح.
٧٦ ـ هدية الأحباب : للشيخ عباس القمي (
١٣٥٩ هـ ) المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، افسيت مكتبة الصدوق طهران ، ١٣٦٢ هـ.
ش.
٧٧ ـ هدية العارفين : لاسماعيل باشا
البغدادي ، افسيت دار الفكر ١٤٠٢ بيروت.
٧٨ ـ وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة
: للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ( ١١٠٤ هـ ) الطبعة الخامسة ١٤٠٣ افسيت دار
احياء التراث ، بيروت.
٧٩ ـ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان
: لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد ابن أبي بكر بن خلكان (٦٨١ هـ ) تحقيق احسان
عباس ، دار صادر ، بيروت ، ١٣٩٨ هـ.
* * *
٩ ـ فهرس الموضوعات
مقدمة
المؤلف.............................................................. ٣٣
ـ ٣٤
فصل
في الدليل على حدث الإنسان وإثبات محدثه............................... ٣٥
ـ ٣٧
فصل
في السؤال والبيان...................................................... ٣٨
ـ ٣٩
فصل
في كلام جعفر بن محمد الصادق 8.......................................... ٤٠
فصل
آخر في السؤال والبيان........................................................ ٤١
وجوب
شكر المنعم عقلاً........................................................... ٤٢
تفضل
الله على عباده............................................................... ٤٣
كتاب
البرهان على ثبوت الإيمان لأبي الصلاح الحلبي............................. ٤٤ ـ
٥٨
معنى
نفي الصفات ومعنى العدل..................................................... ٤٥
فصل
في الكلام في التوحيد................................................... ٤٦
ـ ٤٨
فصل
في مسائل العدل الإلهي........................................................ ٤٩
لطفه
تعالى في نصب المعصوم........................................................ ٥٠
من
الأدلة على عصمة الأنبياء........................................................ ٥١
الإمام
ووجوب عصمته............................................................. ٥٢
عصمة
الائمة الاثني عشر وغيبة الحجة :.......................................... ٥٣
الطريق
إلى إثبات الأحكام الشرعية................................................... ٥٤
الثواب
والعقاب................................................................... ٥٥
خاتمة
كتاب البرهان على ثبوت الإيمان................................................ ٥٨
من
خطب أمير المؤمنين 7
والتوحيد......................................... ٥٩
ـ ٦٤
من
كلام الأمير 7 لذعلب
اليماني في التوحيد........................................ ٦٥
من
كلام الأمير 7 في التوحيد.............................................. ٦٦
ـ ٦٧
كلام
للمؤلف في المعرفة............................................................ ٦٨
كلام
للإمام الرضا 7
في التوحيد........................................... ٦٩
ـ ٧٠
تفسير
سورة الإخلاص............................................................. ٧١
الخطبة
الخالية من الألف....................................................... ٧٢
، ٧٣
كلام
للمؤلف في التوحيد.................................................... ٧٤
ـ ٧٥
دعاء
للمؤلف.............................................................. ٧٦
ـ ٧٧
أدلة
على الخالق وعلى حدوث العالم.................................................. ٧٨
أبيات
شعرية في التوحيد............................................................ ٧٩
أحاديث
في فضل العلم وأهله................................................. ٨٠ ـ
٨٥
آيات
في مدح العلم وأهله................................................... ٨٦
ـ ٨٧
حكم
وأشعار في مدح العلم........................................................ ٨٨
تقسيم
الإمام علي 7 لطلبة العلم.................................................. ٨٩
العلماء
المذمومون.................................................................. ٩٠
آداب
المتعلمين.................................................................... ٩١
أحاديث
في مدح العلماء............................................................ ٩٢
وصية
لقمان لابنه................................................................. ٩٣
أحاديث
في العلم والعلماء.................................................... ٩٤
ـ ٩٧
سهام
الإسلام..................................................................... ٩٨
من
وصية الإمام علي 7
للحارث الهمداني.......................................... ٩٩
أحاديث
في عظمة القرآن الكريم............................................ ١٠٠ ـ ١٠٣
خطبة
للإمام علي في فضل القرآن.......................................... ١٠٤ ـ ١٠٧
أحاديث
في العلم واليقين والعدل................................................... ١٠٨
باب
صفة المؤمن........................................................ ١٠٩
ـ ١١٨
من
مكارم الأخلاق...................................................... ١١٩
ـ ١٢٢
صفة
الشيعة..................................................................... ١٢٣
قلة
المؤمنين...................................................................... ١٢٤
صفة
الشيعة ومحبة بعضهم بعضا.................................................... ١٢٥
من
صفات الشيعة................................................................ ١٢٦
من
كمال المؤمن................................................................. ١٢٧
خطبة
لأمير المؤمنين 7......................................................... ١٢٨
من
الصفات الممدوحة..................................................... ١٢٩
، ١٣٠
صفات
المؤمن................................................................... ١٣١
أقسام
الناس..................................................................... ١٣٢
من
وصايا النبي 9 لعلي 7................................................... ١٣٣
من
صفات المؤمن................................................................ ١٢٤
أمير
المؤمنين 7 يصف شيعته.................................................... ١٣٥
حب
علي 7 حجاب بين
الله والعبد.............................................. ١٣٦
صفة
الشيعة............................................................. ١٣٧
ـ ١٤٥
طالب
الدنيا وطالب الآخرة........................................................ ١٤٦
وصف
أمير المؤمنين 7
لأخ له في الله............................................. ١٤٧
أحاديث
وحكم متفرقة........................................................... ١٤٨
سعة
رحمة الله تعالى.............................................................. ١٤٩
ضوار
بن ضمرة يصف أمير المؤمنين 7........................................... ١٥٠
أحاديث
متفرقة.......................................................... ١٥١
ـ ١٥٣
فضل
في ما جاء في الخصال............................................... ١٥٤ ـ
١٥٦
تأويل
قوله تعالى : ( بدم كذب ) و ( فصبر جميل ).................................. ١٥٧
فصل
من الأدب................................................................. ١٥٨
فصل
في ذكر الغنى والفقر................................................. ١٥٩ ـ
١٦٠
فصل
مما روي في الأرزاق................................................ ١٦١ ـ
١٦٣
قصيدة
في الآداب والأمثال لابن دريد ...................................... ١٦٤
ـ ١٦٨
أحاديث
متفرقة ......................................................... ١٦٩
ـ ١٧٠
موعظة
الإمام السجاد 7
لطاووس اليماني ................................. ١٧١
، ١٧٢
فصل
في ذم الدنيا................................................................ ١٧٣
فضل
في ذكر الأمل .............................................................. ١٧٤
فصل
في ذكر الموت ...................................................... ١٧٥
، ١٧٦
فصل
في ذكر الموت والقتل وما بينهما والفرق بينهما ................................. ١٧٧
فصل
من كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الاخوان وآداب الاخة في الإيمان .. ١٧٨
، ١٧٩
فصل
مما جاء نظماً في الاخوان ............................................ ١٨٠ ـ ١٨٢
فصل
آخر في ذكر الاخوة والاخوان ................................................ ١٨٣
فصل
مما ورد في ذكر الظلم ....................................................... ١٨٤
فصل
من كلام أمير المؤمنين 7
وحكمه .................................. ١٨٥
ـ ١٨٦
وصية
أمير المؤمنين لنوف البكالي .................................................. ١٨٧
وصية
امراة عربية لبنتها .......................................................... ١٨٨
وصية
الرسول الأكرم 9
لأبي ذر ....................................... ١٨٩
ـ ٢٠٣
مجلس
لأبي ذر مع رسول الله 9
......................................... ٢٠٤
، ٢٠٦
خطبة
لأبي ذر رضوان الله عليه .................................................... ٢٠٧
أحاديث
متفرقة ................................................................. ٢٠٨
أمير
المؤمنين 7 يصف شيعته
لنوف البكالي ....................................... ٢٠٩
أحاديث
متفرقة ................................................................. ٢١٠
احتجاج
الإمام الصادق 7
على ابن أبي العوجاء ................................... ٢١١
انحصار
الآمال بالله تعالى .................................................. ٢١٢
، ٢١٣
حديث
سلسة الذهب ............................................................ ٢١٤
أحاديث
متفرقة في الاخوة ........................................................ ٢١٥
كلمة
الخليل بن أحمد في مدح أمير المؤمنين 7
..................................... ٢١٦
خبر
ملحمي عن الإمام الصادق 7
............................................... ٢١٧
مناجاة
الله تعالى لموسى 7
............................................. ٢١٨
ـ ٢٢٢
موعظة
للإمام السجاد 7
.............................................. ٢٢٣
ـ ٢٢٦
موعظة
الله تعالى لعيسى بن مريم 7
..................................... ٢٢٧
ـ ٢٣٣
من
وصايا الإمام الصادق 7
لشيعته .............................................. ٢٣٤
أحاديث
متفرقة........................................................... ٢٣٥
، ٢٣٦
موعظة
لبعض العلماء ............................................................ ٢٣٧
موعظة
الحسن البصري لعمر بن عبد العزيز ................................. ٢٣٨
ـ ٢٣٩
كلام
للمؤلف في الدنيا ........................................................... ٢٤٠
كلام
للمؤلف في تدبر القرآن .............................................. ٢٤١ ، ٢٤٢
كلام
للمؤلف في محاسبة النفس .................................................... ٢٤٣
كلام
للمؤلف في صفة طالب الجنة والهارب من النار ................................. ٢٤٤
إسلام
ابراهيم 7 نفسه وولده
وماله لله تعالى ...................................... ٢٤٥
الخوف
من الله تعالى والرجاء له ................................................... ٢٤٦
مواعظ
متفرقة .................................................................. ٢٤٧
عظم
خلق الملائكة .............................................................. ٢٤٨
عظمة
يوم القيامة وشدة اهواله ............................................ ٢٤٩ ـ ٢٥١
صفة
نعيم الجنة وعذاب النار .............................................. ٢٥٢ ، ٢٥٣
فصل
في ذكر حقوق الاخوان .............................................. ٢٥٤ ، ٢٥٥
أثر
حسن الظن بالله تعالى في نجاة صاحبه ........................................... ٢٥٦
أشعار
في حسن الظن بالله تعالى ............................................ ٢٥٧ ، ٢٥٨
الأسباب
المانعة من ادراك الحق ............................................. ٢٥٩ ، ٢٦٠
تحذير
المؤلف من الاسباب المكورة ................................................. ٢٦١
فصل
في فضل قيام الليل والترغيب فيه ....................................... ٢٦٢
، ٢٦٣
أثر
الإخلاص في العبادة ........................................................... ٢٦٤
من
الأخبار في العطات والآداب ................................................... ٢٦٥
خبر
طريف رواه جابر بن عبدالله ........................................... ٢٦٦
، ٢٦٧
أخبار
في الحقوق التي تجب للاخوان فيما بينهم ....................................... ٢٦٨
أسباب
عدم استجابة الدعاء ............................................... ٢٦٩ ، ٢٧٠
ثواب
قضاء حاجات المؤمنين ...................................................... ٢٧١
فصل
من كلام سيدنا رسول الله 9
............................................. ٢٧٢
أقسام
العلماء ................................................................... ٢٧٣
أحاديث
في الخوف من الله تعالى والرحمة للناس ...................................... ٢٧٤
أحاديث
في عمل المعروف وذكر الله تعالى........................................... ٢٧٥
جملة
من الاعمال الصالحة ......................................................... ٢٧٦
الدنيا
دار ابتلاء .......................................................... ٢٧٧
، ٢٧٨
من
أسباب رضا الله تعالى ........................................................ ٢٧٩
فضل
التآخي في الله تعالى ......................................................... ٢٨٠
عوض
فقد الابناء في الآخرة ....................................................... ٢٨١
عجب
عفريت من أحوال الناس في أيام سليمان 7
................................. ٢٨٢
محاورة
حرقة بنت النعمان مع سعد بن أبي وقاص ............................. ٢٨٣
، ٢٨٤
تفسير
آية ( قل كل يعمل على شاكلته ) ........................................... ٢٨٥
وصية
أمير المؤمنين لابنه الحسن 8
..................................... ٢٨٦
ـ ٢٨٨
قضاء
والٍ شيعي لحاجات اخوانه .................................................. ٢٨٩
شفاعة
رجل للفرزدق ............................................................ ٢٩٠
من
كلام العباس بن عبد المطلب لأبي صفيان في أحداث السقيفة ....................... ٢٩١
خطبة
الإمام الحسن 7
بعد وفاة أمير المؤمنين 7
................................. ٢٩٢
أحاديث
متفرقة .......................................................... ٢٩٣
، ٢٩٤
كتاب
الرسول الأعظم 9
إلى بعض أصحابه يعزيه ................................. ٢٩٥
أحاديث
في الحث على العمل للآخرة ............................................... ٢٩٦
من
كلام الإمام الحسن 7
...................................................... ٢٩٧
من
كلام الإمام الحسين 7
...................................................... ٢٩٨
من
كلام الإمام زين العابدين 7
......................................... ٢٩٩
، ٣٠٠
من
كلام الإمام الباقر 7
................................................ ٣٠١
، ٣٠٢
من
كلام الإمامم الصادق 7
............................................. ٣٠٣
، ٣٠٤
من
كلام الإمام الكاظم 7
.............................................. ٣٠٥
، ٣٠٦
من
كلام الإمام الرضا 7
................................................ ٣٠٧
، ٣٠٨
من
كبام الإمام الجواد 7
................................................ ٣٠٩
، ٣١٠
من
كلام الإمام الهادي 7
............................................... ٣١١
، ٣١٢
من
كلام الإمام العسكيري 7
.......................................... ٣١٣
ـ ٣١٥
حول
القضاء والقدر ..................................................... ٣١٦
ـ ٣٢٠
حق
المسلم على المسلم............................................................ ٣٢١
حديث
نبوي شريف في أقسام الناس ............................................... ٣٢٢
أبيات
منسوبة لامير المؤمنين 7
.................................................. ٣٢٣
من
مواعظ الرسول الاكرم 9
.................................................. ٣٢٤
موعظة
اويس القرني لرجل ........................................................ ٣٢٥
كلام
للمؤلف في الموالاة في الله والمعاداة فيه ......................................... ٣٢٦
وصية
لقمان لولده ............................................................... ٣٢٧
فقرات
من التوراة والإنجيل والزبور ................................................. ٣٢٨
موعظة
خراساني لعمر بن عبد العزيز ........................................ ٣٢٩
، ٣٣٠
أربعين
ابن ودعان الموصلي ............................................... ٣٣١ ـ
٣٤٥
حديث
من كتاب الخصال فيه أربعون خصلة ................................. ٣٤٦
، ٣٤٧
كلام
للمؤلف حول الحديث السابق ................................................ ٣٤٨
الأسماء
الحسنى .................................................................. ٣٤٩
من
أخبار الخضر 7 .................................................... ٣٥٠
، ٣٥١
آيات
تقرأ عند الخروج من المسجد ................................................ ٣٥٢
آخر
من يموت من الخلائق ........................................................ ٣٥٣
الوفاء
بالوعد ................................................................... ٣٥٤
ثواب
عمل في رجب وشعبان وشهر رمضان ........................................ ٣٥٥
عظمة
ثواب كلمة التوحيد ............................................... ٣٥٦ ـ
٣٥٨
عظمة
ثواب : سبحان الله والحمد لله ...................................... ٣٥٩ ، ٣٦٠
تمجيد
مأثور .................................................................... ٣٦١
منافع
السواك ................................................................... ٣٦٢
منافع
الخضاب وغيره ............................................................ ٣٦٣
منافع
غسل الرأس وغبره .......................................................... ٣٦٤
ثواب
المشي إلى المساجد ......................................................... ٣٦٥
تعقيب
بعد الصلاة .............................................................. ٣٦٦
تهليل
مخصوص بعضر ذي الحجة ................................................... ٣٦٧
ثواب
تلاوة القرآن .............................................................. ٣٦٨
فضائل
قراءة سور القرآن الكريم............................................ ٣٦٩ ـ ٣٨٨
أحاديث
متفرقة ................................................................. ٣٨٩
ثواب
صلة المؤمنين .............................................................. ٣٩٠
ثواب
القرض لمحتاجه ............................................................. ٣٩١
فضل
التختم بالعقيق وغيره ................................................ ٣٩٢ ، ٣٩٣
ثواب
بعض الاذكار الشريفة ...................................................... ٣٩٤
ذكر
عند الخروج من المنزل ....................................................... ٣٩٥
أذكار
مستحبة عند السفر ................................................. ٣٩٦ ،
٣٩٧
ثواب
المرض للمؤمن ............................................................. ٣٩٨
ثواب
عيادة المريض .............................................................. ٣٩٩
باب
ما جاء من عقاب الاعمال ................................................... ٤٠٠
عقاب
بعض الأعمال السيئة ...................................................... ٤٠١
عقوبة
شاهد الزور .............................................................. ٤٠٢
عقاب
الإساءة إلى المؤمنين ........................................................ ٤٠٣
عقاب
عدم قضاء حاجة المؤمن ............................................. ٤٠٤ ، ٤٠٥
عقاب
الاُمم ............................................................. ٤٠٦
، ٤٠٧
عقاب
الحكام الظلمة وأعوانهم ............................................. ٤٠٨ ، ٤٠٩
خطبة
للرسول الأعظم 9
.............................................. ٤١٠
ـ ٤٢٧
فضل
الصمت ................................................................... ٤٢٨
محاورة
بين يوسف 7 وزليخا ................................................... ٤٢٩
تنزيه
الله تعالى ليوسف 7
في عدة آيات ................................... ٤٣٠
، ٤٣١
باب
ما يبتلى به المؤمن .................................................. ٤٣٢
ـ ٤٣٧
باب
ما خص الرب تعالى المؤمن من الكرامة والثواب .......................... ٤٣٨ ، ٤٣٩
باب
ما جعل الله تعالى بين المؤمنين من الاخاء والحقوق ............................... ٤٤٠
اخوة
المؤمنين وحقوق بعضهم على بعض ................................... ٤٤١
ـ ٤٤٢
ثواب
إدخال السرور على المؤمن .......................................... ٤٤٣ ـ ٤٤٥
من
حقوق المؤمن على المؤمن ..................................................... ٤٤٦
بشارة
المؤمن عند وفاته وبعدها ........................................... ٤٤٧ ـ ٤٥٠
من
كرامات المؤمن عند وفاته وبعدها............................................... ٤٥١
من
البشائر لشيعة آل محمد 9
.......................................... ٤٥٢
ـ ٤٥٤
فصل
في حسن الظن بالله تعالى ............................................. ٤٥٥ ، ٤٥٦
من
البشائل للمؤمن ..................................................... ٤٥٧
ـ ٤٦٤
نصيحة
عامة ................................................................... ٤٦٥
خاتمة
الكتاب ............................................................ ٤٦٦
، ٤٦٧
|