بسم الله الرّحمن الرّحيم
وبه نستعين
الفن الثامن
من جملة
الطبيعيّات
وهو
في طبائع الحيوان
المقالة الأولى
الفصل الأول
(١) فصل
فى اختلاف الحيوان جملة من جهة الماوى والمطعم
والأخلاق والأفعال والأعضاء
ولنتكلم الآن في
الحيوان محتذين في جميع هذا الكتاب حذو التعليم الأول ، إلا في تشريح أعضاء
الإنسان ، فإنا نؤثر أن نجمع التشريح والمنفعة في موضع واحد وفي أشياء قليلة. ونقص
من الأخبار ما أفيض فيه ، ونورد من
الكلام النظرى ما يليق برأينا وجمعنا لهذه الفنون.
__________________
ولنبدأ بالكلام في
اختلاف الحيوان ، وأول ذلك في الاختلاف الكلى الكائن بسبب الأعضاء. وقد علمت أن الأعضاء منها بسيطة وهو الذي للجزء المحسوس منها حد الكل ، كالعصب والعظام ؛ ومنها مركبة آلية ليس للجزء
منها ذلك ، مثل اليد والرجل. وهي مركبة من الأولى. فنقول : إن الحيوان قد يشترك في
أعضاء ، وقد يتباين بأعضاء.
أما الشركة ، فمثل
اشتراك الإنسان والفرس في أن لهما لحما وعصبا وعظما ، وإن كان المشترك فيه واحدا
بالجنس لا بالنوع.
وأما التباين فعلى
وجهين : لأنه إما أن يكون التباين في نفس العضو ، وإما أن يكون في حال العضو.
والتباين في نفس العضو ، إما أن يكون من حيث هو مركب آلى ، وإما أن يكون من حيث هو
بسيط أيضا. مثال الأول افتراق الإنسان والفرس فى أن للفرس ذنبا وليس
للإنسان ، وإن كان أجزاء الذنب البسيطة التي للفرس وهي العظم والعصب والجلد واللحم والشعر موجودة له بالجنس. ومثال الثاني افتراق الإنسان والسلحفاة في أن للسلحفاة صدفا يحيط بها
وليس للإنسان. وكذلك للسمك فلوس ، وللقنفذ شوك ، وليسا
لأشياء كثيرة .
وأما التباين في
حال العضو ، فإما أن يكون من باب الكم ، وإما أن يكون من باب الكيف ، وإما أن يكون
من باب الوضع ، وإما أن يكون من باب الفعل ، وإما أن يكون من باب الانفعال.
أما الذي من باب
الكم ، فإما أن يتعلق بالعظم ، مثل كون عين البوم كبيرة ، وعين العقاب صغيرة ، أو يتعلق بالعدد ، مثل ما أن أرجل ضرب من العناكب ستة ، وأرجل ضرب
آخر ثمانية أو عشرة.
__________________
والذي من باب الكيف فكاختلافهما في اللون ، أو في الشكل والصلابة واللين. وأما الاختلاف في
الوضع فمثل اختلاف وضع ثدى الفيل والفرس ، فإن ثدى الفيل عند قرب الصدر ، وثدى الفرس عند السرة. وأما الاختلاف في
الفعل ، فمثل كون أذن الفيل صالحة للذب ، مع كونها آلة للسمع ، وليس كذلك للإنسان ؛ وكون أنفه آلة
للقبض دون أنف غيره. وأما الاختلاف في الانفعال ، فمثل كون عين الخشّاف سريعة التحير في الضوء ، وكون عين الخطاف
بالضد.
وأجزاء بدن
الحيوان إما رطبة ، وإما يابسة. ومن الرطبة الدم والشحم والثرب والمخ والمنى وباقى الأخلاط والفضول. ومن اليابسة العصب والجلد والعرق والشعر
والعظم والغضروف والظلف والقرن ، وما يجرى مجراه ، فضرب من الاختلاف الحيوانى فى
الأعضاء.
وقد يختلف الحيوان
من جهة المأوى ؛ فبعضها مائية ، وبعضها يبسية برية. والمائية على أضرب : منها ما
مكانه وغذاؤه وتنفسه مائى ، فله بدل التنفس النسيمى تنشق مائى ، فهو يقبل الماء إلى باطنه ثم يرده ، ولا يعيش إذا فارقه. ومنه ما مكانه وغذاؤه مائى ، لكنه مع ذلك يتنفس
من الهواء فقط ، وسواء كان معدنه في الماء فلا يبرز ، أو كان له أن يبرز ويفارق
الماء مثل السلحفاة المائية. ومنه ما مكانه وغذاؤه مائى ، وليس يتنفس ولا يستنشق ،
مثل أصناف من الصدف والحلازين التي لا تظهر للهواء ولا تستدخل الماء إلى باطنها
إلا على سبيل استنفاذ الغذاء لا على سبيل التنفس. وسبيل التنفس أن يستنشقه ثم
يرده ليروح الحار الباطن ، وليدفع الفضول الحارة ، التي إذا احتبست
__________________
فى الحار الغريزى
فسد لها الحار الغريزى. فإنما يكون الحيوان
مائيا ، لأن مكانه الطبيعى ماء ، وليس يكون مائيا لأنه لا يغتذى إلا من الماء فقط ، ولا يتنفس إلا من الماء فقط. كما أن الحيوان البرى ليس
يكون بريا إلا لأن مكانه الطبيعى بر ، وليس لأنه لا يغتذى من الماء وما فيه.
ومعلوم أن الحيوان الذي لا يستنشق إلا من الماء فليس مكانه الطبيعى إلا الماء ،
ولا غذاؤه إلا في الماء ؛ وأن الحيوان الذي لا يغتذى إلا في الماء ، فإن مكانه الطبيعى الماء ؛ ولا ينعكس. والحيوانات المائية
أيضا تختلف ، فبعضها مأواها الذي تنسب إليه مياه الأنهار الجارية ؛ وبعضها مأواها مياه البطائح ، مثل الضفادع ؛
وبعضها مأواها ماء البحر.
والحيوان البرى منه ما يتنفس من طريق واحد كالفم والخيشوم ، ومنه ما لا يتنفس كذلك ، بل على
نحو آخر من مسامه مثل المخرزات ، كالزنبور والنحل. ومن الحيوانات ما تكون مائية ثم تستحيل برية ، مثل حيوان يسمى باليونانية ما دام مائيا
أسيداس وهو يعيش في الأنهار ، ثم أنه تستحيل صورته ويصير أسطوس
ويبرز إلى البر. والحيوانات المائية منها لجية ، ومنها شطية ، ومنها طينية ، ومنها
صخرية. والحيوانات المائية منها ذات ملاصق تلزمها كأصناف من الأصداف ، ومنها
متبرية الأجساد مثل السمك والضفادع. واللاصقة منها ما لا يزال يلتصق ولا يبرح ملصقا مثل أصناف من الصدف ، والإسفنج ؛ ومنه ما يلصق ثم يتبرأ ، ويبين الملصق لطلب الغذاء ، إذ لا يكون غذاؤه الكافى ما يؤديه إليه الماء ،
أو يتصل به. ومن الذي يتبرأ ما يبرز ويرعى ، مثل حيوان يسمى باليونانية ماواليقى . والحيوان المائى المتنقل في الماء منه ما يعتمد
__________________
فى غوصه على رأسه ، وفي السباحة على أجنحته ، كالسمك ؛ ومنه ما يعتمد في السباحة
على أرجله ، كالضفدع ؛ ومنه ما يمشى في قعر الماء ، كالسرطان ؛ ومنه ما يرجف ، مثل ضرب من السمك لا جناح له ، وكالدود . وأما الحيوان
البرى وكل طائر منه ذو جناح فإنه يمشى برجليه. ومن جملة ذلك ما مشيه صعب عليه ،
كالخطاف الكبير الأسود ، والخفاش .
وأقول : قد رأيت
طائرا يشبه الباشق ، أضعف وأصغر منه ، إذا وقع على الأرض وقع منبسط الجناحين غير
مستقل ، كأنه لا رجل له ، ويمشى بتكلف. وذكر في التعليم الأول صنفا من الخطاف يسمى
دريانيس ، لا يظهر إلا بعد المطر في آخر الصيف ، وهو قليل
جدا. وأما الذي جناحه جلد أو غشاء ، فقد يكون منه ما لا رجل له ، كضرب من الحيات
بالحبشة يطير.
والطير يختلف ، فبعضها يتعايش معا كالكركى ، وبعضها يؤثر التفرد كالعقاب ، وجميع
الجوارح التي تتنازع على الطعم لاحتياجها إلى الاحتيال لتصيد ، ومناقشتها فيه. ومنها ما يتعايش زوجا ،
يكونان معا كالقطا ؛ ومنها ما ينفرد تارة ويجتمع أخرى. والحيوانات
المنفردة قد تكون مدنية ، وقد تكون برية صرفة ، وقد تكون
بستانية وقروية. والإنسان من بين الحيوان هو الذي لا يمكنه أن يعيش وحده ؛ فإن
أسباب حياته ومعيشته تلتئم بالمشاركة المدنية. والنحل والنمل وبعض الغرانيق ،
تشارك الإنسان في ذلك. لكن النحل والكركى يطيع رئيسا واحدا ، والنمل له اجتماع ولا
رئيس له. وقد يختلف الحيوان من جهة الطعم.
__________________
ونقول : إن الطير
منه آكل لحم ومنه لا قط حب ، ومنه آكل عشب. وقد يكون لبعض الطير طعم معين كما
للنحل ، فإن غذاءه زهرى ؛ والعنكبوت فإن غذاءه الذباب ؛ وقد يكون بعضه متقن الطعم.
والحيوان قد يختلف بأن منه أوابد ، ومنه قواطع. ومن الحيوان ما له مأوى معلوم ، ومنه
ما مأواه كيف اتفق إلا أن يلد ، فيقيم للحضانة. واللواتى لها مأوى فبعضها مأواه شق
، وبعضها مأواه حفر ، وبعضها مأواه قلة رابية ، وبعضها مأواه وجه الأرض.
وأيضا من الحيوان
ما يتمحل قوته ليلا كالضبع والبوم ، ومنه ما يتمحل قوته نهارا كالبازى ، وبعضه في
الوقتين كالهرة. ومن الحيوان ما هو إنسى بالطبع كالإنسان
، وما هو إنسى بالمولد كالهرة والعرس ، ومنه ما هو إنسى بالقسر كالفهد ،
ومنه ما لا يأنس كالنمر. والمستأنس بالقسر منه ما يسرع استئناسه ويبقى مستأنسا
كالفيل ، ومنه ما يبطئ كالأسد ، ويشبه أن يكون من كل نوع صنف إنسى ، وصنف وحشى حتى من الناس. وأيضا فإن الحيوان منه ما هو مصوت ؛ ومنه ما لا
صوت له ، وكل مصوت فإنه يصير عند الاغتلام وحركة شهوة الجماع أشد تصويتا إلا
الإنسان. وأيضا بعض الحيوان شبق يسفد في كل وقت كالديك ، ومنه عفيف له وقت معين يهيج فيه. ومن
ذلك ما يكون عند الهيج قليل الجماع أيضا مثل الحيوان المسمى قراقر سلدون ، وأيضا فإن من الحيوان ما يكون مستعدا للهراش دائما إما مع جنسه ، وإما مع كل جنس ؛ ومنه وقور زمّيت.
والحيوان قد يختلف بالأخلاق ، كما تختلف سائر الأشياء. فبعض الحيوانات
__________________
هادئ الطبع ، قليل الغضب والخرق ، مثل البقرة ؛ وبعضها شديد الجهل حاد الغضب ، كالخنزير
البرى ؛ وبعضها حليم وجزوع ، مثل البعير ؛ وبعضها ردئ الحركات
مغتال ، كالحية ؛ وبعضها جريء قوى شهم ، ومع ذلك كبير النفس كريم كالأسد ؛ ومنه قوى
مغتال وحشى ، كالذئب ؛ وبعضه محتال ما كر ردىء الحركات ،
كالثعلب ؛ وبعضه غضوب شديد الغضب سفيه إلا أنه ملق متودد ، كالكلب ؛ وبعضه
شديد الكيس مستأنس ، كالفيل والقرد ؛ وبعضه يرجع إلى حياء وحفاظ ، كالأوز ؛ وبعضه
حسود منافر مباه بحماله ، كالطاوس. ومن الحيوان ما هو شديد الحفظ ، مثل الجمل
والحمار ، وأما تذكر المنسى فللإنسان وحده.
لما كان كل حيوان
رطب الجوهر ، وكان فيه جوهر حار يحلل رطوبته ، ويحيط
به أيضا هواء محلل ، احتاج ضرورة إلى الغذاء وهو بدل ما يتحلل ، واحتاج لذلك إلى
أعضاء للتغذى. ولما كان الغذاء لا يستحيل كله ، بل يفضل لا محالة عنه فضل ، انقسم
أعضاء الغذاء إلى مؤد وإلى قابل وإلى دافع. والحيوانات كلها تشترك في هذه الأعضاء ، فإن تباينت تباينت بإحدى الوجوه المذكورة. والمقبول منه يابس ، وهو الغذاء بالحقيقة ، لأنه
يستحيل إلى أن يكون بدل ما يتحلل ؛ ومنه رطب. وليس كل رطب غذاء ، بل ما فيه مزاج ما مع اليبس. وأما الماء وحده فلا يستحيل إلى هيئة مزاجية ، بل الحاجة إليه
لترقيق الغذاء وتنفيذه ، وليكون أيضا جزءا من الشىء المستحيل غذاء لانفس المستحيل
غذاء. والرطب واليابس يجتمعان في قابل واحد ، وإلا لم يختلطا. وأما مدافعهما فربما
كانت واحدة كما في الطير ، وربما كانا اثنين كما في
الناس وذوات الأربع ، فإن لها أمعاء ، ولها مثانة. وكل ما له مثانة لدفع فضلة الرطب ، فله معى لدفع الفضل
اليابس ، ولا ينعكس . ولما كان بعض الحيوان إنما يبقى نوعه بالتناسل ، احتاج
ضرورة إلى آلة
__________________
يدفع بها الزرع إلى آلة من آخر تقبل الزرع ؛ فيكون في أعضاء نوعه زارق للزرع ومستودع
للزرع فيه يتكون الولد ، إما رحم وإما
كالرحم ، مثل ما للطير. ولكل حيوان عضو خلق لحفظ رطوبته الأصلية وتولدها ، كانت الرطوبة دما فيما له دم ، أو شيئا مكان الدم
فيما ليس له دم. وجميع الحيوان فإن قواه الطبيعية وقوة اللمس من بين الإحساس تتم
بعضو بسيط كما في الإنسان للمس لحم أو عصب ، وفي غيره شىء آخر. وأما سائر أفعال
الحس والحركة ، فتتم بالأعضاء الآلية دون عضو بسيط.
والحيوان منه ما تناسله بأن تلد أنثاه حيوانا ؛ وبعضه ما تناسله بأن تلد أنثاه دودا ،
كالنحل والعنكبوت فإنها تلد دودا ، ثم إن أعضاءه تستكمل بعد ؛ ومنه ما تناسله بأن
تبيض أنثاه بيضا. كل عظيم من الحيوان البحرى كالدّلفين والسّلاسى ، وكل ما له شعر
أو شوك ، فإنه كالشعر وإن كان وقاية وسلاحا أيضا كما للشيهم ، فإنه يلد حيوانا مثله. ومنه ما يبيض في بطنه ثم يصير ذلك دودا ، مثل البحرى المعروف بسلاسى ، وربما كان بيضا ثم صار قبل أن يباض حيوانا ، كأكثر الأفاعى. وما كان من البيض يحيط به قشر صلب
ففى باطنه لونان : بياض ومح ، مثل بيض الطير. وما كان لين الجلد ففى باطنه لون
واحد ، مثل بيض سلاسى ما دام بيضا.
وأيضا من الحيوان
ماله رجل ، ومنه ما ليس له رجل ؛ ومن الحيوان ذى الرجل ما له رجلان فقط ، ومنه ما
له أربعة أرجل ، ومنه ما له أرجل كثيرة مثل العنكبوت والحيوان المعروف بأربعة
وأربعين الذي يسمى دخّال الأذن . وعدد أرجل جميع الحيوانات زوج
ليتعادل الحمل والثقل.
وكذلك من السمك ما
له أجنحة ، ومنه ما ليس له أجنحة ، مثل نوع من السمك
__________________
المعروف بسلاسى ،
الذي يكون عريض الذنب ، ويسمى بساطونيس ، ويعتمد في
سباحته على أقطار جلده المستعرض. ولبعض الضفادع أيضا أجنحة ، وهو الضفدع البحرى الذي لا يستدق مؤخره ، وهو الجنس الذي
ربما أوى إلى الأشجار. وأما السمك ذو الجناح فمنه ما له أربعة أجنحة موضوعة على
جنبيه ، ومنه ما له جناحان إلى بطنه وجناحان إلى ظهره. ومن السمك ما له مع الأجنحة
أرجل ، فيستعين بها مع الأجنحة كالمعروف بما لاقيا ؛ فإن لم يكن له أرجل استعان بالذنب وهو جملة السمك الجاسئ الجلد. وأما التمساح فيسبح بذنبه
وأرجله. وكل حيوان محزز فلا جلد له ، وكل
طائر جناحه ذو ريش فهو ذو دم. وأما ما جناحه جلد أو صفاق فقد يكون له دم كالخفاش ،
وقد لا يكون له دم ، مثل النحل .
والحيوان الذي له جناح صفاقى ولا دم له ، فمنه ما له جناحان ، ومنه ماله أربعة أجنحة ،
ومنه ما له إبرة يلسع بها ؛ وما كان له منها جناحان
فصغير ؛ ومنه ما يلسع بخرطومه كالبعوض وكالذباب . وربما كان الجناح الصفاقى في غلاف كما للجعلان وليس لشىء منها حمة. والحيوانات العديمة الدم أصغر من ذوات الدم ، ما خلا
أصنافا من الحيوان البحرى قليلة ، ومنها السمك الذي يسمى ما لاقيا ، فإنه يكون
عظيم الجثة جدا إذا كانت في المأوى الحار ، وفي اللجة دون
الشط ، ودون المكان البارد. وجميع الحيوان الذي له دم وهو متنقل ، فيستعين لا بأقل
من أربعة أعضاء ، رجلين ويدين ، أو رجلين وجناحين ، أو أربعة أجنحة كالسمك . والجنس من الجرجس الذي يقال إن نشوءه وموته في يوم
واحد ، يتحرك بجناحين وأربعة أرجل. وللسرطان ثمانية أرجل.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى الأعضاء الكلية
الأعضاء أجسام
متولدة من مزاج الأخلاط ، كما أن الأخلاط أجسام
متولدة من مزاج الأركان. والأعضاء منها ما هي مفردة ، ومنها ما هي مركبة.
والمفردة هي التي أى جزء محسوس أخذت منها كان مشاركا للكل في الاسم والحد ، مثل
اللحم فى أجزائه ، والعظم في أجزائه ، والعصب في أجزائه ، وما أشبه ذلك ؛ ولذلك
تسمى متشابهة الأجزاء. والمركبة هي التي إذا أخذت منها جزءا ، أى جزء كان ، لم يكن مشاركا للكل لا في الاسم
ولا في الحد مثل الوجه واليد ، فإن جزء الوجه ليس بوجه ، وجزء اليد ليس بيد. وتسمى
أعضاء آلية ، لأنها هي آلات النفس في إتمام الحركات
والأفعال. وأول الأعضاء المتشابهة الأجزاء ، العظم ؛ وقد خلق صلبا ، لأنه أساس
البدن ، ودعامة الحركات ؛ ثم الغضروف وهو ألين من العظم فينعطف ؛ وأصلب من سائر
الأعضاء ، والمنفعة في خلقه أن يحسن به اتصال العظام بالأعضاء اللينة ، فلا يكون الصلب واللين قد تركبا بلا متوسط ، فيتأذى اللين بالصلب ، وخصوصا عند الضربة
والضغطة ؛ بل يكون التركيب مدرّجا ، مثل ما في عظم
الكتف ، والشراسيف ، فى أضلاع الخلف ، والغضروف
الخنجرى تحت القص. وأيضا ليحسن به مجاورة المفاصل المتحاكة
،
__________________
فلا ترض لصلابتها. وأيضا إذا كان بعض العضل يمتد إلى عضو غير ذى عظم يستند إليه ويقوى
به ، مثل عضلات الأجفان ، كأن هناك دعاما وعمادا لأوتارها.
وأيضا فى مواضع أخرى تمس الحاجة فيها إلى اعتماد يتأتى على شىء قوى ليس بغاية الصلابة ، كما في الحنجرة.
ثم العصب وهي
أجسام دماغية المنبت ، أو نخاعية المنبت ، بيض لدنة ، لينة فى الانعطاف ، صلبة في الانفصال ، خلقت ليتم بها للأعضاء الإحساس والحركة.
ثم الأوتار ، وهي
أجسام تنبت من أطراف العضل ، شبيهة بالعصب ، فتلاقى الأعضاء المتحركة ، فتارة
تجذبها بانجذابها لتشنج العضلة واجتماعها ورجوعها إلى ورائها ؛ وتارة ترخيها
باسترخائها لانبساط العضلة ، عائدة إلى وضعها ، أو زائدة فيه ، على مقدارها فى
طولها ، حال كونها على وضعها المطبوع لها ، على ما نراه نحن في بعض العضل. وهي
مؤلفة في الأكثر من العصب النافذ في العضلة البارز منها في الجهة الأخرى.
ومن الأجسام التي يتلو ذكرها ذكر الأوتار ، وهي التي نسميها رباطات وهي أيضا
عصبانية المرأى والملمس تأتى من الأعضاء إلى جهة العضل
فتتشظى هي والأوتار ليفا ، فما ولى العضلة منها احتشى لحما ، وما فارقها إلى
المفصل أو العضو المحرك اجتمع إلى ذاته وانفتل وترا. ثم الرباطات التي ذكرناها ، وهي أيضا أجسام شبيهة بالعصب ، بعضها يسمى رباطا مطلقا ، وبعضها يخص أيضا
باسم العقب ، فما امتد إلى العضلة لم يسم إلا رباطا ،
__________________
وما لم يمتد إليها
ولكن وصل بين طرفى عظم المفصل أو بين أعضاء أخرى وأحكم شد شىء إلى شىء فإنه مع ما
يسمى رباطا قد يخص أيضا باسم العقب. وليس لشىء من الروابط حس لئلا تتأذى بكثرة ما يلزمه من الحركة والحك.
ومنفعة الرباط معلومة مما سلف.
ثم الشريانات وهي
أجسام نابتة من القلب ، ممتدة ، مجوفة طولا ، عصبانية ، رباطية الجوهر ، لها حركات
منبسطة ومنقبضة ، تنفصل بسكونات ، خلقت لترويح القلب ، ونفض البخار الدخانى عنه ،
وتوزيع الروح على أعضاء البدن.
ثم الأوردة ، وهي
شبيهة بالشريانات ، ولكنها من الكبد ، وساكنة ، ولتوزع الدم على أعضاء البدن.
ثم الأغشية وهي
أجسام منتسجة من ليف عصبانى غير محسوس ، رقيقة الثخن مستعرضة ، تغشى سطوح أجسام أخرى ، وتجرى عليها لمنافع : منها ، لتحفظ
جملتها على شكلها وهيئتها ؛ ومنها ، لتعلقها من أعضاء أخرى فتربطها بها بوساطة العصب ، والرباط الذي يشظى إلى ليفها
فانتسجت منه كالكلية من الصلب ، ومنها حتى يكون للأعضاء العديمة الحس في جوهرها سطح حساس بالذات لما تلاقيه ، وحساس لما يحدث فى الجسم الملفوف فيه بالعرض. وهذه الأعضاء مثل : الرئة والكبد والطحال والكليتين ،
فإنها لا تحس بجواهرها البتة ، لكن إنما تحس الأمور المصادمة لها ما عليها من
الأغشية ، وإذا حدث فيها ريح أو ورم أحس. أما الريح فيحسه الغشاء بالعرض ، للتمدد الذي يحدث فيه. وأما الورم فيحسه مبدأ الغشاء ومعلقه بالعرض ، لا
رجحنان العضو لثقل الورم.
__________________
ثم اللحم ، وهو
حشو خلل وضع هذه الأعضاء في البدن وقوتها التي تندعم به. وكل عضو فله في نفسه قوة
غريزية ، بها يتم له أمر التغذى ، وذلك هو جذب الغذاء ، وإمساكه ، وتشبيهه ،
وإلصاقه ، ودفع الفضل.
ثم بعد ذلك ،
فتختلف الأعضاء فبعضها له إلى هذه القوة قوة تصير منه إلى غيره ، وبعضها ليس له ذلك ؛ ومن وجه آخر فبعضها له إلى هذه القوة قوة تصير إليه من غيره ، وبعضها ليس له تلك . فإذا تركبت حدث عضو قابل معط ، وعضو معط غير قابل ، وعضو
قابل غير معط ، وعضو لا قابل ولا معط. أما العضو القابل المعطى فلم يشك فى وجوده ، فإن الدماغ والكبد أجمعوا على أن كل واحد منهما يقبل قوة الحياة ، والحرارة الغريزية ، والروح من القلب ؛
وكل واحد منهما أيضا مبدأ قوة يعطيها غيره. أما الدماغ فمبدأ
الحس عند قوم مطلقا ، وعند قوم لا مطلقا. والكبد مبدأ التغذية عند قوم مطلقا ،
وعند قوم لا مطلقا. وأما العضو القابل الغير المعطى فالشك في وجوده أبعد ، مثل
اللحم القابل قوة الحس والحياة ، وليس هو مبدأ لقوة يعطيها غيره بوجه. وأما
القسمان الآخران فاختلف في أحدهما الأطباء مع الجليل من الفلاسفة ، فقال الأطباء : ليس هاهنا عضو يعطى ولا يقبل ، لا دماغ ، ولا
كبد ، ولا قلب. وقال جليل الفلاسفة : إن هذا العضو هو القلب ، وهو الأصل الأول لكل
قوة وهو يعطى سائر الأعضاء كلها القوى التي تغذو بها ، والتي تحيا ، والتي تدرك وتحرك ، وأما الأطباء وقوم من أوائل الفلاسفة فقد فرقوا هذه القوى في الأعضاء. وقوله عند التحقيق والتدقيق أصح ،
وقول الأطباء في بادى النظر أظهر. واختلف في القسم الآخر
الأطباء فيما بينهم والفلاسفة
__________________
فيما بينهم فذهبت
طائفة إلى أن العظام واللحم الغير الحاس وما أشبهها إنما
تبقى بقوى فيها تخصها لم تأتها من مبادئ أخر ، لكنها بتلك القوى إذا وصل إليها
غذاؤها كفت أنفسها ، فلا هي تفيد شيئا آخر قوة فيها ولا أيضا يفيدها عضو قوة أخرى.
وذهبت طائفة إلى أن تلك القوى ليس تخصها ، لكنها فائضة إليها من الكبد والقلب في أول التكون ، ثم استقرت فيها . والطبيب ليس
عليه أن يتبع المخرج إلى الحق من هذين الاختلافين بالبرهان ، فليس له
إليه سبيل من جهة ما هو طبيب ، ولا يضره في شىء من مباحثه وأعماله ، ولكن يجب أن يعلم ويعتقد في الاختلاف الأول أنه لا عليه ، كان القلب مبدأ في الحس والحركة للدماغ والقوة المغذية للكبد ، أو لم يكن. فإن الدماغ إما بنفسه ، وإما بعد القلب ، مبدأ للأفاعيل
النفسانية بالقياس إلى سائر الأعضاء. والكبد كذلك مبدأ للقوة الطبيعية المغذية ، بالقياس إلى
سائر الأعضاء . ويجب أن يعلم ويعتقد في الاختلاف الثاني أنه لا عليه ،
كان حصول القوة الغريزية في مثل العظم عند أول الحصول من الكبد أو استحقه بمزاجه
نفسه ، أو لم يكن ، ولا واحد منهما.
ولكن الآن يجب أن
يعتقد أن تلك القوة ليست فائضة إليه من الكبد ، بحيث لو انسد السبيل بينهما ، وكان عند العظم غذاء معد ، بطل فعله ؛ كما للحس والحركة إذا انسد
العصب الجائى من الدماغ ، بل تلك القوة صارت غريزية للعظم ما بقى على مزاجه ،
فحينئذ تنشرح له حال القسمة ، وتفترض له أعضاء رئيسة ، وأعضاء خادمة للرئيسة ،
وأعضاء مرءوسة بلا خدمة. فالأعضاء الرئيسة هي الأعضاء التي هي مبادى القوى الأول
__________________
فى البدن ، المضطر
إليها في بقاء الشخص أو النوع. أما بحسب بقاء الشخص ، فالرئيسة ثلاثة :
القلب وهو مبدأ قوة الحياة ، والدماغ وهو مبدأ قوة الحس والحركة ، والكبد وهو مبدأ
قوة التغذية. وأما بحسب بقاء النوع فالرئيس هذه الثلاثة أيضا ، ورابع يخص النوع ، وهو الأنثيان اللذان يضطر إليهما لأمر ، وينتفع بهما لأمر
أيضا. أما الاضطرار ، فلأجل توليد المنى الحافظ للنسل ؛ وأما الانتفاع ، فلأجل تمام
الهيئة والمزاج الذكورى أو الأنوثى ، اللذين هما من
العوارض اللازمة لأنواع الحيوان ، لا من الأشياء الداخلة في نفس الحيوانية.
وأما الأعضاء
الخادمة فبعضها يخدم خدمة مهيئة ، وبعضها يخدم خدمة مؤدية. والحية المهيئة تسمى
منفعة والخدمة المؤدية تسمى خدمة على الإطلاق. والخدمة المهيئة تتقدم فعل الرئيس ،
والخدمة المؤدية تتأخر عن فعل الرئيس. أما القلب فخادمه المهيئ هو مثل الرئة ،
والمؤدى مثل الشرايين. وأما الدماغ فخادمه المهيئ مثل الكبد وسائر أعضاء الغذاء في
حفظ الروح والمؤدى مثل العصب. وأما الكبد فخادمه المهيئ مثل
المعدة ، والمؤدى مثل الأوردة. وأما الأنثيان فخادمهما المهيئ مثل الأعضاء المولدة
للمنى قبلهما ، وأما المؤدى ففى الرجال الإحليل وعرق بينهما وبينه ، وفي النساء عروق يندفع فيها المنى إلى المحبل ، وللنساء زيادة الرحم التي تتم فيه منفعة المنى.
وقال جالينوس : إن
من الأعضاء ما له فعل فقط ، ومنها ما له منفعة فقط ، ومنها ما له فعل ومنفعة معا ؛
الأول كالقلب ، والثاني كالرئة ، والثالث كالكبد. وأقول : إنه يجب أن يعنى بالفعل ما يتم بالشيء وحده من الأفعال الداخلة في حياة الشخص
__________________
أو بقاء النوع ،
مثل ما للقلب في توليد الروح ؛ ويعنى بالمنفعة ما يهيئ
لقبول فعل عضو آخر ، حينئذ يصير الفعل تاما في إفادة حياة الشخص أو بقاء النوع كإعداد
الرئة للهواء. وأما الكبد فإنه يهضم أولا هضمه الثاني ، ويعد للهضم الثالث والرابع
فيما يهضم الهضم الأول تاما ، حتى يصلح ذلك الدم لتغذيته نفسه يكون قد فعل فعلا ، وربما قد يفعل فعلا
معينا لفعل منتظر يكون قد يقع.
ونقول أيضا من رأس
إن من الأعضاء ما تكونه عن المنى وهي المتشابهة الأجزاء خلا اللحم والشحم ، ومنها ما تكونه عن الدم كالشحم واللحم ؛ فإن ما
خلاهما يتكون عن المنيين ، منى الذكر ، ومنى الأنثى ، إلا أنها ـ على قول من تحقق من الحكماء ـ تتكون عن منى الذكر ، كما يتكون الجبن عن الإنفحة ، وتتكون عن منى
الأنثى كما يتكون الجبن عن اللبن. وكما أن مبدأ العقد في الإنفحة ، كذلك مبدأ عقد
الصورة في منى الذكر. وكما أن مبدأ الانعقاد في اللبن ، فكذلك مبدأ انعقاد الصورة
، أعنى القوة المنفعلة هو فى منى المرأة. وكما أن
كل واحد من الإنفحة واللبن جز آن من جوهر الجبن الحادث منهما ، كذلك كل واحد من المنيين جزء من جوهر الجنين. وهذا القول
يخالف قليلا ، بل كثيرا ، قول جالينوس. فإنه يرى في كل واحد من المنيين قوة عاقدة
وقابلة للعقد ، ومع ذلك فلا يمتنع أن نقول : إن
العاقدة في الذكورى أقوى ، والمنعقدة في الأنوثى أقوى. وأما تحقيق القول في هذا المعنى ، ففى كتبنا في العلوم الأصلية ، ثم الدم الذي كان ينفصل عن المرأة في
الأقراء يصير غذاء ؛ فمنه ما يستحيل إلى مشابهة جوهر المنى والأعضاء الكامنة منه ،
فيكون غذاء منميا له ، ومنه ما لا يصير غذاء لذلك. ولكن
__________________
يصلح لأن ينعقد في
حشوه ، ويملأ الأمكنة بين الأعضاء الأولى ، فيكون لحما أو شحما ؛ ومنه فضل لا يصلح
لأحد الأمرين ، فيبقى إلى وقت النفاس ، فتدفعه الطبيعة فضلا. وإذا ولد الجنين فإن
الدم الذي يولده كبده يسد مسد ذلك الدم ، ويتولد عنه ما كان يتولد عن ذلك الدم ،
واللحم يتولد عن متينه ، ويعقده الحر واليبس ؛ وأما الشحم فمن مائيته ودسمه ،
ويعقده البرد ، ولذلك يحله الحر. وما كان من الأعضاء متخلقا من المنيين ، فإنه إذا
انفصل لم ينجبر بالاتصال الحقيقى ، إلا بعضه في قليل من الأحوال وفي سن الصبى مثل
العظام وشعب صغيرة من الأوردة دون الكبيرة ودون الشرايين ، وإذا انتقص منه جزء لم
ينبت عوضه شىء كالعظم والعصب ، وما كان متخلقا من الدم فإنه ينبت بعد
انثلامه ، ويتصل بمثله كاللحم ؛ وما كان متولدا عن دم فيه قوة المنى بعد ، فما
دام العهد بالمنى قريبا ، فذلك العضو إذا فات أمكن أن ينبت مرة أخرى ، مثل السن في سن الصبى. وأما إذا استولى على الدم مزاج آخر فإنه لا ينبت مرة أخرى .
ونقول أيضا : إن
الأعضاء الحساسة المتحركة فقد تكون تارة مبدأ الحس والحركة لهما جميعا عصبة واحدة ، وقد يفترق تارة ذلك فيكون مبدأ كل قوة عصبة. ونقول
: إن جميع الأحشاء الملفوفة في الغشاء منبت غشائها من أحد غشاءى الصدر والبطن المستبطنين. أما ما في الصدر كالحجاب والأوردة والشريانات
والرئة فمنبت أغشيتها من الغشاء المستبطن للأضلاع ، وأما ما في الجوف من الأعضاء والعروق فمنبت أغشيتها من الصفاق المستبطن لعضل
البطن. وأيضا فإن جميع الأعضاء اللحمية إما ليفية كاللحم فى العضل وإما ليس فيها ليف كالكبد ؛ ولا شىء من الحركات إلا بالليف. أما الإرادية فبسبب ليف العضل ، وأما الطبيعية كحركة الرحم والعروق. والمركبة
كحركة الازدراد
__________________
فبليف مخصوص بهيئة
من وضع الطول والعرض والتوريب ، فللجذب الليف المطاول ، وللدفع الليف الذاهب عرضا العاصر ، وللإمساك الليف المورب. وما كان من
الأعضاء ذا طبقة واحدة مثل المثانة والأوردة ، فإن أصناف ليفه الثلاثة منتسج بعضها
في بعض ، وما كان ذا طبقتين فالليف الذاهب عرضا يكون في طبقته الخارجة ، والآخران في طبقته الداخلة ، إلا أن
الذاهب طولا أميل إلى سطحه الباطن ، وإنما خلق كذلك لئلا يكون ليف الجذب والدفع
معا ، بل ليف الجذب والإمساك هما أولى بأن يكونا معا إلا في الأمعاء فإن حاجتها
إلى الإمساك لم تكن شديدة ، بل إلى الجذب والدفع.
ونقول أيضا : إن
الأعضاء العصبانية المحيطة بأجسام غريبة عن جوهرها ، منها ما هي ذات طبقة واحدة ، ومنها ما هي ذات طبقتين. وإنما خلق ما خلق منها ذات طبقتين لمنافع :
أحدها مس الحاجة
إلى شدة الاحتياط في وثاقة جسميتها ، لئلا ينشق بسبب قوة حركة ما فيها ، كالشرايين.
والثاني مس الحاجة إلى شدة الاحتياط في أمر الجسم المخزون فيها ، لئلا يتحلل ويخرج . أما استشعار التحلل فبسبب سخافتها ، إن كانت ذات طبقة واحدة ؛ وأما استشعار
الخروج ، فبسبب إجابتها إلى الانشقاق لذلك أيضا. وهذا الجسم المخزون هو مثل الروح والدم المخزونين في الشرايين ، اللذين يجب أن
يحتاط في صونهما ويخاف ضياعهما. أما الروح فبالتحلل ، وأما الدم فبالشق ،
وفي ذلك خطر عظيم.
والثالث أنه إذا كان عضو يحتاج إلى أن يكون كل واحد من الدفع والجذب فيه بحركة قوية ،
أفرد له آلة بلا اختلاط ، وذلك كالمعدة والأمعاء.
__________________
والرابع أنه إذا أريد أن تكون كل طبقة من طبقات العضو لفعل يخصه ، وكان الفعلان يحدث أحدهما عن مزاج مخالف
للآخر ، كان التفريق بينهما أصوب ، مثل المعدة ، فإنه
إذا أريد أن يكون لها الحس ، وذلك إنما يكون بعضو
عصبانى ، وأن يكون لها الهضم وذلك إنما يكون بعضو لحمانى ، وأفرد لكل واحد من الأمرين طبقة ، طبقة عصبية للحس ، وطبقة لحمية للهضم ، وجعلت الطبقة الباطنة عصبية ، وجعلت الخارجة لحمانية.
لأن الهاضم يجوز
أن يصل إلى المهضوم بالقوة ، دون الملاقاة ؛ والحاس لا يجوز أن لا يلاقى المحسوس ، أعنى في حس اللمس.
وأقول أيضا : إن
الأعضاء منها ما هي قريبة المزاج من الدم ، فلا يحتاج الدم فى تغذيتها إلى أن
ينصرف في استحالات كثيرة ، مثل اللحم. فلذلك لم يجعل فيه تجاويف وبطون يقيم فيها الغذاء الواصل مدة ، ثم يغتذى به اللحم ؛ ولكن الغذاء ، كما يلاقيه
، يستحيل إليه. ومنها ما هى بعيدة المزاج عنه ، فيحتاج الدم في أن يستحيل إليه ،
إلى أن يستحيل أو لا استحالات مدرجة إلى مشاكلة جوهره كالعظم. فلذلك جعل له في
الحلقة إما تجويف واحد يحوى غذاءه مدة يستحيل في مثلها إلى مجانسته ، مثل عظم
الساق والساعد ؛ أو تجاويف متفرقة ، مثل عظم الفك
الأسفل. وما كان من الأعضاء هكذا ، فانه يحتاج أن يمتاز من الغذاء ، فوق الحاجة فى
الوقت ليحيله إلى مجانسته شيئا بعد شىء. والأعضاء القوية تدفع فضولها إلى جاراتها
الضعيفة ، كدفع القلب إلى الإبطين ، والدماغ إلى ما خلف الأذنين ، والكبد إلى الأربيتين.
__________________
الفصل الثالث
(ج) فصل
فى تعديد الأعضاء الآلية ومواضعها
فلنشرع في ذكر أعضاء الحيوان ، ولنبدأ بالآلية ، ولنبدأ بالظاهرة منها ، ومنها بالرأس. فنقول : إن الرأس من الإنسان وما يجرى مجراه يشتمل على جملة
بسائطها القحف وما يغشيه وما فيه من الدماغ وحجبه ، والقحف يغشيه جلدة ولحم وبشرة ينبت عليها الشعر ، وهو مؤلف من عظام كثيرة على ما سنشرحه عند كلامنا في
الأسباب.
وقد ذكر في
التعليم الأول من مصادفة إنسان لم يكن لرأسه شئون بوجه ، وإنما قحفه واحد.
وتحت الرأس من قدام الإنسان وجهه ، وأعلى وجهه جبينه ، وهو ما بين رأسه وعينيه. ويدل
عظم جبينه على البله ، وعرضه على قلة العقل ، وصغره على لطف الحركة ، واستدارته
على الغضب. والحاجبان خلقا مظلة للعين ، يحبسان ما
ينحدر إليها ، ويزينان الوجه ، وإذا اتصلا على استقامة خطية دلا على
تخيث واسترخاء ، وإذا تزججا منحدرين
إلى طرف الأنف دلا على لطف وذكاء ، وإذا تزججا نحو الصدغين دلا على طبيعة طنز واستهزاء ، وأما الدماغ فسنؤخر الكلام فيه.
__________________
والعينان أدل
الأعضاء على الشمائل ، كما أنهما أدل الأعضاء على
انفعالات النفس عند الغضب والفرح والغم ، وغير ذلك ؛ وأجزاؤها الجفنان والمقلة . والمقلة مركبة من حدقة ، وبياض يسمى ملتحمة ، ويحدها من الجانبين الموقان ،
وإذا كانت من ناحية الموق صغيرة الزاوية دلت على سوء دخلة وخبث شمائل ، وإذا كان ذلك الموضع كثير اللحم كما يعرض لأعين الحدأة
دل على خبث وفجور ، وإذا وقع الحاجب على العين دل على حسد ، والعين المتوسطة في
حجمها دليل على فطنة وحسن خلق ومروءة ، والناتئة تدل في كل شىء
على اختلاط عقل ، والغائرة على حدة في جميع الحيوان
، والتي يطول تحديقها مفتوحة ولا تطرف تدل على قحة مضروبة في حمق ،
والتي تكون كبيرة الطرف تدل على خفة وقلة ثبات وطيش ، وإذا كانت على الاعتدال في
الحالين دلت على حسن حال.
وأما تشريح العين فسنؤخر الكلام فيه إلى حين ما نتكلم في الأسباب. وقد دل
الاستقراء على أن كل حيوان بحرى فله عينان في الطبع. إلا بعض الحيوان البحرى
الخزفى الجلد. وكل حيوان يلد حيوانا فله عينان ، إلا الخلد ، ويشبه أن يكون له
عينان ، لكنهما مغشيتان بجلد رقيق لضعفهما ، وذلك يظهر عند التشريح ، وإنما يدركان الأظلال دون الألوان والأشكال.
ومن الأجزاء
الظاهرة في الرأس الأذنان ، وهي للسمع فقط ، وأجزاؤه الغضروف المتشنج في الإنسان ، والشحمة ، والثقبة الملولبة. وقد عرض المحارة بينها بالهيئة التي لها ليظهر طنين الصوت ، واجتماع الهواء
الحامل للصوت في غضونه ولو لب ثقبه ، لتكون
__________________
المسافة القصيرة
المدى طويلة ، فلا يكون داخل الأذن وحيث يجاور الدماغ معرضا لوصول البرد والحر
إليه من الثقب بسهولة. والزوج الحساس من العصب الذي
يأتيه ، وسنذكره ، صلب لأنه معرض لمصاكة الهواء بالفرش على السطح الباطن من الصماخ
، لأنه يحتاج أن يلقى الهواء المتموج لقاء مماسة ومصادمة. وذلك العصب يبرز إليه من
ثقب سنذكره في موضعه.
وللأذن منفذ خفى
أيضا إلى الحنك. وكل حيوان ذى أذن فهو يحرك أذنه خلا الإنسان ، إلا أفراد منهم
ربما حركوها حركة ضعيفة. وجميع الحيوان له أذن ، إلا الطير فله ثقب فقط وإلا المفلّس الجلدة ، وأصناف من حيوان الماء. وكل ما يلد حيوانا فله أذن. خلا الدلفين والأفعى. وتوسط الشعر على الأذن يدل
على جودة السمع. والآذان الكبار المنتصبة تدل على حمق وهذيان كثير.
وأما الأنف فإنه
آلة الاستنشاق ، والتنفس ، والعطاس الذي يكون من استعانة الدماغ في دفع
فضل أو ريح فيه بهواء تستنشقه الرئة ويفضل منه للدماغ فيدفعه دفعة ويدفع معه ما يؤذيه. والفم وإن أعان على التنفس فهو كدخيل في
العمل. وإنما التنفس بالأنف ، فإن جميع الحيوان تتنفس مضمومة الأفواه. أقول : قد رأينا فرسا فتح البيطار فاه بآلة سدت منخريه فلم يشعر به إلا وقد مات في
الوقت. وأما تشريح الأنف فسنذكره حيث نذكر الأسباب. والأنف يقوم للفيل مقام اليد ،
فبه يلتقم ، وبه ينقل الماء إلى فمه ملء منخريه ثم نفخا إياه في حلقه. ويلاصق الأنف الوجنتان وهما عظمان متخلخلان
، وفكان يتحرك من كل حيوان أسفلهما ، إلا التمساح. وأما تشريح
الوجنة والأسنان
__________________
والفكين ، فسنذكره
حيث نذكر الأسباب ، وكذلك العنق والكتف والأضلاع والفقار ،
وكذلك أيضا تشريح اللسان والحنجرة وعضلهما ، وكذلك تشريح الثديين والصدر ، وتحت
الصدر البطن ، وتحت البطن العانة والوركان ، ونؤخر الكلام فيها إلى موضعه ،
وللنساء فرج ، وللذكران قضيب ، وكذلك نؤخر الكلام في تشريحهما.
وبين الأعضاء
الكبرى من الأعضاء الظاهرة مفاصل ، فاللهازم والقذال واللبة
مفاصل بين الرأس وبين ما تحته ، والإبطان لليدين مع التنور ،
والأربية للرجلين مع التنور ، والأعضاء الظاهرة المتيامنة تشبه المتياسرة
تشابه مشاركة في النوع. ومن الأعضاء التي في طرفى فوق وأسفل ، فاليدان والرجلان
بينهما بعض الشبه من غير مشاركة في النوع. وأما الأعضاء الموضوعة خلف وقدام فالشبه فيها قليل جدا ؛ وكذلك الباطنة. وسنذكر تشريح ذلك كله مع
عظام اليدين والرجلين حيث نذكر الأسباب.
ولننتقل الآن إلى
ذكر الأعضاء الباطنة ، ونبدأ من فوق ومن الدماغ. قال : إن كل حيوان ذى دم فله دماغ ، ومن البحريات ، فإن لمالاقيا دماغا ؛ والإنسان
أعظم الحيوان بحسب بدنه دماغا. ونقول : إن ذلك لحاجته إلى آلة الروح النفسانى المفكر التي ليست لسائر الحيوانات.
وأما تشريح الدماغ فسنؤخر الكلام فيه إلى حين نذكر الأسباب.
وتحت الدماغ من
الأعضاء الباطنة المريء ، وقصبة الرئة. أما المريء فيؤدى الغذاء إلى المعدة ، وأما
قصبة الرئة فتؤدى النسيم إلى الرئة والقلب ، ورأسها الحنجرة ، وهو بإزاء المنحر ، وسنؤخر الكلام في تشريحه إلى وقته. وأما الرئة
فإنها مؤلفة
__________________
من أجزاء : أحدها
شعب القصبة ، والثاني شعب الشريان الوريدى ،
والثالث شعب الوريد الشريانى ؛ وهما عرقان نابتان من القلب ؛ وسنصف
حال الرئة بعد. وهذه الشعب يجمعها لا محالة لحم رخو متخلخل كثير المنافذ إلى
البياض ما هو فيما تم خلقه من الحيوان. وهي ذو قسمين :
أحدهما إلى اليمين ، والآخر إلى اليسار. والقسم الأيسر ذو شعبتين ، والأيمن ذو
ثلاث شعب. وسنشرح الحال في تشريح الرئة والمريء ومنفعتهما في ذكر الأسباب. وكذلك
الكبد والمرارة والمثانة والرحم والأمعاء ، فسنؤخر الكلام فى تشريحها إلى حيث نذكر الأسباب .
__________________
المقالة الثانية
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى استئناف ذكر اختلاف الحيوان من جهة الأعضاء الظاهرة
جميع الحيوان الذي
له أربعة ، فله رأس وعنق. وعنق الأسد كعظم واحد لا يستبين فيه الخرز
، وباطن جوفه كباطن جوف الكلب. ومن الحيوان ما هو مشقوق الرجل فيستعملها كالأصابع ، مثل الإنسان والطير. وكف الفيل تنقسم
إلى خمسة أقسام انقسام خف البعير إلى قسمين ، لكنها ليست ذات أصابع. وخرطومه كاليد له فيما يشرب ويأكل ،
وفيما يتناول ويناول سائسه ؛ وبه
يتنفس. وهو يتنفس في عمق الماء مشيلا خرطومه إلى فوق حيث يمكنه أن يتنفس.
وخرطومه غضروفى.
وليس في الحيوان
أعسر يسر إلا الإنسان ، ولا لشىء من الحيوان
صدر عريض إلا الإنسان ، ولا ثديان على الصدر إلا له . وللفيل ثديان يقربان من الصدر ، وليسا عليه. وكل حيوان فإن رجليه إما أن تنثنى من خلفه ، وإما إلى ما بين يديه ، خلا الإنسان
__________________
فإنه يثنى رجليه إلى ما بين يديه ، ويديه إلى ما يلى جانبيه. والفيل يثنى
رجليه قريبا من الإنسان ، ويثنى يديه كسائر ذوات الأربع. فإن ذوات الأربع تثنى أيديها وأرجلها بالخلاف ، إلا أن تكون مما يبيض كالضب والعظاية فتثنى إلى ما بين يديها موربا إلى خارج. وليس
في الحيوان ما يثنى اليدين والرجلين إلى خلف.
وأما قوقى من
الحيوان المائى فإن أطرافه مصرورة ، ويديه كالمعلقتين من الكتفين ، وهو ذو خمس أصابع كل واحدة منها ذو ثلاثة مفاصل وظفر ليس بكبير. وانتناء يديه كرجليه ، وكأنما رجله ذنب سمك . ومن الحيوان ما يقدم عند المشي أى شق اتفق ، ومنه ما
يقدم اليمين دائما كالأسد والبخت والنجائب. وكل ذى أربع أرجل فهو ذو ذنب. وذنب
قوقى كذنب الأيل ، وهي كثيرة الشعر ومقدمها أشعر من مؤخرها . والإنسان له شعر على مواضع ليس عليها لكثير من ذوات الأربع شعر ، كالمغابن
والعانة والشفر ، وربما كان على الشفر الأسفل لغيره شعر. وأما الخنزير والكلب
والدب فأزب البدن كله ، وقد يغلب الزبب لبعضها في العنق كالفرس
لناصيته وكتفه. وربما كان على أطراف كتفيه مثل الحيوان الذي يسمى فرس أيل ، ويظن
أنه البقر ذوات النواصى التي تكون ببلاد الترك وتسمى عشغا ، وينسج من شعورها ببلادنا مناخل ، وليس لإناثها قرون ،
وعظمها كعظم الأيل. قال المعلم : ويكون في بلاد تسمى أراخوطاس ، حيث بين بقرها الوحشى والإنسى ما
بين خنزيرها الوحشى والإنسى ، وهي حور قوية البصر منقلبة
القرون إلى خلف. وأما فرس أيل فقرنه على قدر قرن الظباء ؛ والجمال
__________________
لها عضو خاص وهو
السنام في وسط ظهره ، وربما كان للجمل سنامان ، وللناقة أربعة أطباء ، وكعبه ككعب
الثور وهو صغير بالقياس إليه ؛ وكذلك كعب الفيل ، وخفه شقان بينهما جلد كما للأوز
، وقدمه لحيم كما للدب ، ولذلك ينعل كى لا يخفى ، وفكه الأعلى ذو ناب ، ولا ثنايا ولا رباعيات عليه. ولا حيوان ألحم ساقين وقدمين من
الإنسان. ومن مشقوق الرجلين ما هو ذو ظفر وخف كالإنسان والجمال ، ومنه ما هو ذو ظلف كالغنم والبقر ، وكذلك الخنازير ، إلا خنازير في بلدان
خاصة منها اللوريا ومنها ناوينا لها حوافر. ولا تختلف اليد والرجل في كونهما ذات حوافر وذات خف. وأكثر ما له قرنان هو ذو ظلف لم يظهر غيره ، وأما ما له
قرن واحد كالحمار الهندى وأظنه الكركدن فله حافر وقرنه في وسط رأسه ، وأما الحيوان
المسمى أرقص فله قرن واحد وظلف. وكل ذى قرن في جوهره فهو ذو أربع إلا ما كان القرن طارئا عليه ، على سبيل الاستحالة ،
مثل الحيات التي زعم أهل مصر أنها ببلدة شباس . وكل قرن مجوف
إلا قرن الأيل.
وأقول : والأقرن حيوان يكون ببلاد الترك ، إنه فيما سمعت يشبه البقر في شىء ، والجمال في شىء
، وقرنه كبير جدا ذو عرض وطول وزوايا ، ينبت عنها غصون منقلبة
كل واحد في نفسه ، مثل قرن ، ومساحة وسطه قد تكون أكثر من ذراع في ذراع ، بل أظنه
قد يكون مثل ونصف ذلك وأكبر ، إلا أن أكثر شكله مثلث أو معين ، وهو موجود فى
بلادنا ينقل إليها من بلاد الغز ، ويطرح كالكرسى. وقد رأيته أول ما رأيته بكورة من
كور بخارى يقال لها القرية الحديثة ، تلى بلاد الغز. وكل ذى قرن فيلزمه قرنه إلا
الأيل فإنه يلقيه عند إنشابه. ولا أعرف حال الحيوان الذي ذكرته في ذلك ،
__________________
ولا يبعد أن يجرى
مجرى الأيل في ذلك ، لعظم قرنه ، ويمكن أن يتعرف ذلك من الغزية. ومكان الأثداء قد
يكون إما على الصدر أو قريبا منه ، كما للفيل ؛ وإما بين الرجلين ، وإما على البطن كما للجوارح من السباع. وللفيل الذكر ثدى كما
للإنسان ، وذكورة ذوات الحوافر لا ثدى لها ، إلا ما يشبه أمهاتها منها ، وينزع إليها كما
يعرض مرارا فى الخيل.
ومن الحيوان ما
غلاف ذكره بارز ، ومنه ما هو باطن ، كما للدلفين. ووضع
ذكر الفيل كوضع ذكر الفرس ، لكن ذكر الفيل صغير بالقياس إلى جثته ، وهو أدق إذا
انتشر من خرطومه ، وليس له طول ، وأنثياه مستبطنتان عند كليتيه ، ولذلك ما هو سريع السفاد.
جميع إناث الحيوان
تبول إلى خلف ، وكذلك ذكورة الأسد والجمال أيضا وذكر الإنسان وكثير من ذوات الأربع لحمى غضروفى مع عصبية . وذكر الجمال عصبى صرف ، وكذلك ذكر الأيل ، وذكر الذئب والثعلب إلى العظمية
ما هو ، وذكر ابن عرس كأنه عظم صرف.
أعالى الإنسان في
ابتداء النشو أعظم من أسفله ، ثم يعظم ما تحت وركيه ويستقل ، ثم تنحنى أعاليه إذا
أخذ نحو الذبول. وأما جميع ما له ناصية ، فإنه كلما كبر دقت أسافله وعظمت أعاليه.
من الحيوان ما له
أسنان في الفكين ، ومنه ما أسنانه في الفك الأسفل ، وكذلك كل ذى قرن. ويشبه أن تكون مادة سنة تذهب في قرنه. ولبعض الحيوان نابان ، كما
للخنازير. وجوارح السباع مختلفة الأسنان منفرجتها لتنشب في اللحم. وأما البقر
__________________
وما يجرى مجراه فأسنانه متلاصقة ، كأنها عظم واحد ، وذلك لتقطع الكلأ. ولا يجتمع ناب وقرن . وجميع أسنان قوقى حادة متراكبة. وليس لشىء مما سلف ذكره صفا أسنان. وقد ذكر
أنطساس في بعض كتبه أن في أرض الهند سبعا يسمى باليونانية باريطس ، لأسنانه صفوف ثلاثة في كل فك ، وهو أزب البدن ، وأطرافه وعظمه كما
للأسد ، ووجهه قريب من وجه الإنسان ، وهو شديد الحمرة كأنه زنجفرى ، وذنبه كذنب
العقرب البرى ذو إبرة ، وصوته كمزمار ، وهو شديد الجرى يأكل الناس. أقول : إن هذا
الحيوان إن كان موجودا فليس بالببر ، ولا المعروف بالرخ ، وإن شاكل الرخ فى بعض
الصفات ، فإن الببر في صورة أسد كبير أزب ، ملمع بصفرة وخطوط سود ، والرخ فإنه كما
أظن أصفر الشعر ، وليس في الحيوان شىء يلقى الأضراس. وأما الكلاب فقد تلقى النابين
، والكلب المسن أقلح الأسنان أسودها ، والقارح من
الخيل أبيض الأسنان ، وهو بالعكس من الكلب ، والظبى لا يسقط السن. وكثرة السن
وقوته تدل على طول العمر. وللناس سن الحلم وهي النواجذ ، تنبت
بعد العشرين ، وتظهر لولد الفيل ، كما توضع أسنانه الصغار ، وتتأخر أسنانه الكبيرة
إلى أن ينمو. ولسان الفيل صغير جدا بالقياس إليه ، ومستبطن ، قليلا ما يدلعه ، فلا يظهر إلا قليلا. وما كان من الحيوان حاد الأسنان يركب بعضها بعضا ، فهو
مشقوق الشفة ، كالجوارح. والفرس النهرى الذي يكون بمصر ، فله ناصية كناصية الفرس
وظلف وكعب ، وذنبه كذنب خنزير ، وله صهيل الفرس ، وعظمه بقدر حمار ، وهو غليظ الجلد بحيث يقطع منه سياط ، وجوفه كجوف الفرس والحمار.
وأما القرد فإنه
مشترك الهيئة ، يميل إلى صورة الناس وصورة السباع ؛ والكلبية
__________________
منها والتي لها
أذناب فهى زعرة الأخلاق ، وأسنانها كأسنان الكلاب ، والقرود زب المقاديم إلا
الوجوه ، وأضراسها كأضراس الناس ، ولأشفارها هدب. وثدى القردة فى صدرها ، ورجلاها ويداها كيدى الإنسان ورجليه ، وتستعمل أيديها في القبض
والدفع ، وليس لها سرة ناتئة ، بل غائرة ، وما فوق سرتها أكبر مما تحتها ؛ وكذلك
ذوات الأربع نسبة ما فوق سرتها إلى ما تحتها قريب من نسبة الخمسة إلى الثلاثة. وربما
مشت القرود برجلين ، إذ لها في رجليها كالكعب ، فتعتمد اعتماد الناس ، وليس لها
وركا ذوات الأربع ولا ذنبها ، إلا ذنب كأنه علامة. وفرج
إناثها كفرج النساء ، وذكر ذكرانها كما للكلب ، وأحشاؤها كأحشاء الناس.
وكل ماله أربع أرجل ويبيض وله دم ، فله رأس وعنق وظهر وصدر وذنب ، وهو مشقوق الأطراف إلى
أصابع ، وله لسان ، إلا التمساح فلسانه سمكى ، إذ ليس للسمك لسان ، بل عضو يشبهه
صغير مقبوض غير منبسط. وبعض السمك أيضا لا يظهر له ذلك القدر. وليس للحيوانات التي نحن في ذكرها أذنان ، بل ثقبان ، فهى خلّة ، ولا لها أيضا ثديان ، ولا فرج بارز ، وهي حادة الأسنان. وعين التمساح كعين
الخنزير ، وله أنياب وأظافير قوية ، وجلد صلب ملتصق بلحمه لا يبين إلا بصعوبة ، ويضعف بصره في الماء ، ويحتد جدا في البر. يأوى أكثر نهاره إلى البر ، وأكثر ليله إلى الماء لأنه أدفأ له
في الليل من الهواء.
قال : وأما الحيوان المعروف بخامالاون ، وأظن أنه الحرباء الكبير ، فإنه يشبه سام أبرص ، وأضلاعه إلى الطول ، كما للسمك ،
ووسط صلبه نات كما للسمك.
__________________
وكأن وجهه وجه
الحيوان الذي يقال له قرد خنزير ، وذنبه طويل جدا دقيق الطرف جدا يلتوى كالسير.
وكل رجل منه مشقوقة إلى مثل إبهام الإنسان وسائر الأصابع ، وعليها مخاليب عقف ، ويشبه الجراذين . وعينه عظيمة
دائرة كيف شاء. ويعرض للونه أن يتغير تارة إلى سواد ما ، وذلك
إذا فعل كالاقشعرار ، يعنى إذا ازبأرّ وانتفش ؛ وتارة يظهر عليه تبقيع وتنمير ؛ ويتغير أيضا لون عينيه. وهو بطيء الحركة ،
ويستحيل لونه عند الموت إلى النيلية ، ولا لحم على جسده إلا بالقرب من عينيه وعلى
ذنبه. وله في أصل ذنبه دم ، وكذلك حول قلبه ودماغه كأنه بين عينيه. وإذا سلخ ذلك الموضع ظهر كحلقة نحاس دقيق له بصيص ، وإذا قطع عاش بعده طويلا يحرك أضلاعه
إلى الإضمار وإلى الانتفاخ. ولا طحال له ظاهر . ومأواه شقوق
الصخور.
أعظم الطير فخذا
وصدرا ما له مخلب معقف. وأصابع الطير منها ما هو متصل بغشاء ليجود به السباحة.
والإصبع المتأخرة للطير هي مكان العقب للإنسان ، والبومة فلها إصبعان متقدمان ، وإصبعان متأخران. وأكثر الطير وما جلده مفلّس كسام أبرص
يغمض عينيه لا من جفنه الأعلى ، وبعضه وهو الكبير منه يغمض عينيه بجلد
متصل بالجفن الأسفل كصفاق ، ومنه ما يغمض من الجفن الأعلى. ومن الطير ما يبسط
رجليه إلى خلف إذا طار ، ومنه ما يقبضهما إلى بطنه. وألسنة
بعضها مستطيلة مستدقة ، وألسنة بعضها مستعرضة ، كما للببغاء وجميع ما يحاكى كلام
الناس. ومن بعض الحيوان ما لا مخلب له معقف ، بل إصبع زائدة على ساقه. ولبعض الطير
قنزعة إما من ريش وإما من جلد لحمى كعرف الديك.
__________________
وجميع السمك ذو رأس وأذناب متصلة ، ولا عنق له ، ولا ذكر له ، ولا أنثيين لا داخلتين ولا بارزتين ولا ثديين ، ولا منكح. وللدلفين ثديان ،
لأنه يلد حيوانا ولكنها قريبة الشبه من المفاصل ، ولا حلمتان لثدييه ، بل نقرتان
كافتتان. وللسمك أذنان منهما يمج الماء. ولبعض السمك أربعة أجنحة في الطول ، مثل
الأنكليس والمار ما هى وما أشبهه ، ولبعضها جناحان عند الأذنين. ومن السمك
المستطيل ما لا جناح له ولا آذان ؛ ولبعض آذان السمك غطاء خزفى أو صدفى أو عظمى ،
فتميل آذانها إلى رأسها. وما لا غطاء له كسلاسى العريض الجسد ، فأذنه تميل إلى
ظهره. والمستطيل الجسد فأذنه تميل إلى أسفل. والضفدع خشن الأذن شوكى وعلى أذنه
صفاق يبرز عند النقيق. ومن السمك ما له في كل شق أذن واحدة ،
ومنه ما له آذان كثيرة متراكبة فى كل شق ؛ وربما كانت في كل جانب أذن مفردة ومعها آذان أخرى وربما كانت أربع مفردة غير مضاعفة بالتركيب. وللسمكة
المسماة أقسقياس ثمانى آذان مضاعفة ؛ وليس لشىء من السمك شعر ، كما هو لما يلد من
ذوات الأربع ؛ ولا تفليس قشرى ، كما للبياض من ذوات الأربع ؛ ولا ريش ، كما هو
للطائر. وأما فلوس السمك القشرية فزوائد على جلدها. ومن السمك ما هو خشن الجلد ،
ومن السمك ما على لسانه أسنان فهو شاك اللسان ، وإن
كانت مقبوضة الألسنة إلى باطن ، مربوطة بالحنك. ولا أنف لبعض السمك ، بل منخران ،
ولا أشفار ؛ ولجميعها دم. ومن السمك ما يلد حيوانا ، وهي التي لا قشور لها مفلسة ،
كسلاسى ؛ بل جميع ما لا قشور عليه من بنات الماء ، إلا الضفدع.
وأما الحيات فمنها
برية ، ومنها مائية. والبحرية تشبه البرية ، إلا في رءوسها ، فإن رءوسها خشنة صلبة
جدا ، ومأواها الشواطئ وما يقرب قعره دون اللجج.
__________________
وفي البحر أيضا
الحيوان المسمى بأربعة وأربعين ، وفي صورته ، لكنه أصغر من البرى ولا يأوى اللجج ،
بل المواضع القريبة من القعر الصخرية.
وفي البحر سمكة
تسمى مامعة السفن لها خاصية ممانعة للسفن وصدها عن السير ولا تؤكل ، بل ربما استعملها بعض الناس في التبغيض والتحبيب. وأجنحتها
تشبه الأرجل ، فلذلك يغلط في أمرها ، فيظن أن لها أرجلا .
فهذا حال اختلاف
الحيوان من جهة الأعضاء الظاهرة.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى اختلاف الحيوان من جهة الأعضاء الباطنة
وأما حال اختلاف الحيوان من جهة الأعضاء الباطنة ، فنقول : كل حيوان شحيم ذى ثرب
فدماغه دسم ، وما لا شحم له فلا دسومة لدماغه ، وكل متنفس فله رئة ، وبالعكس.
وجميع الحيوان الذي له دم فله حجاب وقلب ، ولكنه في الصغير خفى ، وينشأ بعد. وقد
يكون في قلب الجمل والبقر عظم. ولا رئة للسمك ، فإنه لا يتنفس فى الهواء وإنما
يتنفس في الماء من طريق الأذنين. ولكل حيوان ذى دم كبد
، وليس لبعضها طحال ، ولكثير من البياض طحال ، والتي للجوارح منها صغير. والطائر الذي يشبه رأسه رأس العنز لا طحال له. ولبعض الحيوان مرارة وليس لبعضها مرارة مثل الأيل ، فإن معاه مرّ جدا ،
كأنه مفرغة للمرارة ، ولذلك لا يأكلها الكلاب ، ما لم تضطر جوعا ، وكذلك الفرس
والبغل. وقال : بعض الخنازير وبعض الأيايل ، فلها فى آذانها
مرارة ، على ما زعم بعضهم ؛ وهناك رطوبة تشبه رطوبة الطحال. قال : وتحت لسان كل حيوان وفي عمقه إلى أول خرزات
رأسه دودة حية. ويجب أن ننظر إلى أن هذا كيف وقع في النقل
__________________
والدلفين من حيوان
البحر فله رئة ، مع أنه يتنفس في الماء. وأما سائر السمك وذوات الأربع والبيّاض ، فله مرارة قليلة أو كثيرة. ولبعض السمك مجرى يمتد من الكبد
إلى المعى ، كالسمك المسمى أمياس . والحمام مرارته في معاه ، وكذلك الدراج والخطاف والعصافير. وكل ذى أربع يلد فله كليتان ؛ وأما البيّاض منه فلا كلية له ولا مثانة ؛
وكذلك الطير والسمك لا كلية لهما ؛ وللعظاية
البحرية كليتان ، كما للبقر ، كأنها مركبة من كلى كثيرة. والطرف الحاد من قلب
السمك هو إلى الرأس ، لأن ذلك الموضع أضيق مما يلى البطن ، وهو مربوط إلى ملتقى
الأذنين يمنة ويسرة. وهناك مجار من الأذن إلى القلب للتنفس في الماء ، وتكبر في
الكبار ، حتى أن تلك المجارى في بعضها تشبه قصب الرئة. وليس
لسائر السمك فم معدة ، بل معدتها مربوطة بالرأس ، حتى أنها تنقلب
وتخرج من أفواه كثير من عظام أصناف
السمك ؛ ولبعضها كالأنكليس والعقروس معد صغار. وأكباد السمك على اليمين ، وربما
ظنا كبدين ، كما يظن برئة الطائر
أنها رئتان لشدة الافتراق. وأما الطحال فهو دائما في اليسار إلا
ما أخرجه التشريح في نادر من الحيوان ، ينسب حاله إلى العجب.
كل حيوان له قرن
ولا سن له في فكه الأعلى ، فإنه يجتر ، وله كرش واحد عظيم خشن صلب ، وثلاثة بطون
أخرى صغار من فوق إلى تحت مضاعفة الحجب والصفاقات ، وآخرها مطاول ، وما قبله
مستعرض ، وطرفه متصل بالمعاء ، من أعظم الثلاثة ، والآخران متساويان ، وداخله
مشبّك أملس. والسبب في كثرة بطونه تدريج هضمه ، فإنه إنما يغتذى باليابس ، ومع ذلك
فلا يمضغه جيدا ، فيحتاج أن يمضغه مرة ثم يطبخه أخرى ، ثم يعاود إجادة مضغه وهو الاجترار ، ولذلك معاء هذا الصنف أعظم من معاء ما لا يجتر ،
__________________
ومعاء الفيل كثير
التشبك والالتفاف ، حتى يظن أن بطنه كبطن المجتر. وهذا المعى له كالمعدة وليس بعده إلا معى الدفع. وكبده أربعة أضعاف كبد الثور ، وطحاله صغير
بالنسبة إلى بدنه ، ويشبه أن يكون ذلك ، لأن بدنه مفتقر إلى الخلط السوداوى يغتذى
به ، فإنه مجانس لجوهره.
وأما ماله أربع أرجل ويمتص فمعدته واحدة. وكذلك الحيات في معدها استطالة ما وأرحامها مستطيلة ضيقة مشقوقة باثنين ، وقصبة
رئتها طويلة جدا ، وألسنتها رقيقة مشقوقة باثنين طويلة تخرج إلى مسافة بعيدة ، وذلك من خواص الحيات. ولسان قوقى أيضا مشقوق بنصفين . ومعدة الحية كمعاء واسع ، وقلبه قريب من حلقه مستطيل صغير
كأنه كلية ، يخيل إليك أن جزءه الحاد ليس قبالة الصدر ثم تكون بعده الرئة ، ثم
تكون الكبد وهي مستطيلة أيضا ؛ وطحاله صغير مستطيل ، مثل طحال سام أبرص. ومرارتها كمرارة السمك ، وهي في
كبارها على الكبد ، وفي صغارها على المعى. ولها ثلاثون ضلعا. وقد زعم بعضهم أنه
يعرض لها ما يعرض للخطاف أن عينه إذا غرزت بإبرة عادت إلى الصحة. وأما أذنابها وأذناب سوام أبرص ، فتنبت بعد القطع. وباقى بطن الحية كباقى بطن السمك.
ولكثير من السمك
والطير شعب تتشعب من معاها ، والتي للطير فإلى أسفل
وقليلة العدد ، والتي للسمك فبالضد ، ومن السمك ما لا شعب لأمعائه. ولكثير من
الطير حوصلة لهضم الشىء الصلب تستدق من طرفيها : الذي إلى الفم ، والذي إلى المعدة وتتسع من وسطها.
__________________
ومعدة الطير إلى
اللحمية ما هى ، ويحيط بها غشاء صلب قوى. ومن الطير ماله بدل الحوصلة فم المعدة
واسعا عظيما مثل الشقراق والغربان
والغدفان والدرّاج فله حوصلة وفم معدة أيضا ، لكن
عرض فم معدته هو إلى ما يلى معدته. وكذلك البومة والأوز البرى والمائى. ومن الطير
ما لا حوصلة له ، ولا فم معدة ، بل معدة مستطيلة ، كما
لصغار الطير ، مثل العصافير والخطاطيف ، وما طال عنقه أيضا. وزبل هذا الطير أرطب
من زبل غيره.
وعلى كلية كل حيوان ذى كلية شحم ، وإذا كثر الشحم حتى خنق ما بين كليتى الخروف قتله.
وكل حيوان كثير الشحم فهو قليل الزرع لبرده ، وكل حيوان ليس على أعلى فكيه أسنان ، فإن شحمه يجمد بعد ذوبه ، ولا يجمد شحم ما سواه.
ونقول إنه ليس لشىء من السمك خصى ، ولا لشىء مما له آذان يتنفس من الماء بها ، ولا
للحيات ، ولا لشىء مما لا رجل له ، بل لجميعها وعاءان كالمخزنين يأخذان من عند
الحجاب ممتدين إلى اجتماع واتحاد يحصل منهما مجرى واحد يفضى إلى ثقب فوق سبيل
الثفل وذلك للحيات عند الشوكة ، ويكون جميع ذلك في حين السفاد مملوءا من المنى حتى
ينعصر بالعصر.
وأما البيّاض ذو
الرجلين فله عند الفقار وراء الحجاب بيضتان ، يفضيان أيضا إلى مجرى واحد فوق مخرج
الثفل وذلك في بعضها بيّن ، وفي بعضها خفى ، ملبس غشاء تجرى فيه شعب عروق ورباطات
، ويأتى كل بيضة منهما مجرى ملتصق بالفقار في جوار
__________________
العرق العظيم الذي
يركب الفقار. وهذه المجارى في ما ذكرنا ، وحجم البيضة أيضا في البيّاض إنما يظهر جدا في أوان السفاد ، وحينئذ يعظم ، وفي
غير ذلك الوقت يستخفى ، وخصوصا فى اليمام وفي الحجل ، حتى يظن أنها لابيض لها. وقد عرض لثور أن خصى فنزا في الوقت فأعلق. ويجب أن
نذكر هذه الحكاية ، ونتأمل وقتا آخر ، ونركن إلى ما توجبه. وقد يكون من الخصيان الذين لم تجبّ غراميلهم من يجامع وينزل شيئا أصفر أدق من المنى.
ورحم الطير ذو
شعبتين ، على ما ذكرنا قبل ، وشعبتاه تفضيان إلى عنق أنبوبى
مجوف من لحم وعصب. وأعالى أرحام الطير رقيقة جدا ، وأرحام السمك أرق من ذلك. ووضعها
من أسفل البطن دقاق مستطيلة ذو جزءين ، يمتلئ كل جزء منها في السمك بيضا. وأما ما
يبيض في باطنه ، ثم يلد حيوانا لا بيضا ، فمثل الأفاعى وسلاسى ، وهو ماله أذنان من
حيوان البحر ، وليس له رجلان ، ويلد حيوانا. فإن أعالى أرحامها كأرحام الطير ،
لكنها تجتمع إلى وعاء واحد واسع إذا انحدر إليه البيض استحال حيوانا. والحية تخالف
الطير في أن الطير تضع بيضها لا في ساعة واحدة ، والحيات تضعها فى ساعة واحدة.
ورحم ما يلد حيوانا يكون ملصقا بالفقار ، وأما رحم البيّاض فأعلاه كذلك ، ويكون أسفله
الذي هو مخرج البيض فوق المعاء. وأرحام ذوات القرون التي لا أسنان لها في الفك
الأعلى ، محشوة بالعروق ذوات الشعب ، إلى أن يتعلق بها الجنين. وكذلك رحم الفأر
والخنافس. وأما سائر الحيوان فأرحامها ملس لا شعب لها ،
وإنما تتولد فيها العروق عند العلوق .
__________________
المقالة الثالثة
من الفن الثامن
من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى تشريح الأعضاء الباطنة والخلاف بين الفلاسفة والأطباء فيها
قال : إن أمر
التشريح يصعب في الميت ، لاستخفاء كثير من العروق التي أذبلها خمود الحرارة الغريزية
. ولا شك أنه في الحى أصعب ، وأولى ما يشتغل بتشريحه ميت
بالخنق لم يسفح دمه. قال : وقد ظن سايسوس القبرسى أن مبدأ
نبات العروق من ناحية العينين والحاجبين ، ثم ينحدر عرقان يمنة ويسرة. ودينا جانس ذكر أن أصل العروق عرقان ، يبتدئان من البطن ثم يصعدان وينحدران ، من غير شرح
لحقيقة مكان المبدأ. قال : وهما يرتفعان إلى فوق إلا شعبتين دقيقتين ترسلان إلى
الكبد والطحال ، وعرقان آخران يبتدئان من خرز الظهر ويتيامن أحدهما إلى الكبد ،
ويتياسر الثاني إلى الطحال. وكل واحد منهما يصعد إلى اليد متشعبا إلى كتفى وإبطي ، وينبت
ما للرجلين من الفقار الذي يليهما. ثم طول في قسمة ذلك. وأما باونيوس فإنه يجعل مبدأ
__________________
العروق من أزواج
أربعة ، زوج يخرج من خلف الرأس إلى العنق من خلف إلى أسفل ، وزوج آخر من الرأس عند
الأذنين إلى الفقار والظهر. وجعل مبدأ العروق جملة من الرأس والدماغ. وأما المعلم
الأول فإنه يرى أن مبدأ العروق من القلب. ومن قبله ومن بعده من الأطباء المعتد بهم يرون أن مبدأ العروق الساكنة الكبد. وكذلك خالفهم في أمر العصب ، فإنه يرى أن مبدأها القلب وهم يرون أن مبدأها الدماغ. وقد اشتد بهم التعصب فى هذا الباب. والذي
يحرض شيعة المعلم الأول على ذلك جعلهم القلب مبدأ جميع القوى
النفسانية ؛ وأما نحن ، وإن كنا نعتقد أن منبعث القوى النفسانية كلها القلب ،
فلسنا بشديدى الجد في أن نجعل مبدأ هذه الآلات من القلب لا محالة ، وإن
كنا إلى ذلك أميل ؛ ولا أيضا نحن ملتفتون إلى ما يحسب فاضل
الأطباء من أنه قد بالغ في البرهان على أن مبادئ العروق والعصب ليست من القلب
بقوله : إن الوريد الواصل بين القلب وبين الكبد أصله الغليظ عند الكبد ويتفرع عند
الكبد إلى فروع وأحدها الذي يجيء إلى القلب فإنه ينفذ في القلب كشىء غريب من جوهره ، ويشقه من خارج شقا يدل على
كسرة جرمه إلى داخل ، وأن الكبد لما كان ينفذ إليه الدم ، فمنه لا محالة ما ينبعث
إليه المجارى. وكذلك قوله في العصب إنه عند الدماغ أغلظ ، وبجرم الدماغ أشد
اختلاطا ، وبه أشبه ، وعنده ألين ، وعند القلب أصلب ، وعنه أغرب ، واتصاله به
كالإلصاق ، وهو شعبة من عدة شعب ؛ فإن هذه الأشياء كلها وما يجرى مجراها سمعناها ،
ووجدناها أمارات ، وليست بدلائل ، فضلا عن أن يكون لها إلى إقناع النفس البرهانى سبيل.
وأقول : أولا ليس
ببعيد أن يكون الدماغ والكبد يرسلان من عندهما إلى القلب آلة يستفيدان بتوسطها من القلب شيئا فعل الكبد عند الابتداء بالمعدة والأمعاء ، فإنه يرسل
__________________
إليهما الماساريقا
وهي ثابتة عند الباب. فلا كثير بأس أن تكون الشرايين تنبعث من القلب إلى الكبد
والدماغ فتفيدهما مزاجا ما قابلا للحياة ثم تنبعث
منهما إليه أعضاء لاستفادة قوى إنما يتم حصولها به. ولا أيضا بمنكر أن يكون
الشريان وما يجرى مجراه فى الخلاف ، كل يأتى العضو الآخر معا. وليس الغلظ يدل على
أن جهة الغلظ هو المبدأ ، فإن العصبة التي بها البصر وما يركبها من الحجب إذا بعدت عن المبدأ ازدادت غلظا عند اتصالها بالجليدية. وليس الغلظ
والدقة تابعين للسيلان ، بل لتصوير المصورة. فإن المصورة إذا استوجبت أن تغلّظ
جزءا لمنفعة وغرض جذبت إليه من الغذاء الأول ما تغلظه به ،
وتركت أصله بحاله. وهكذا حال العروق التي تنبت في الأرحام ، ومن فوهات العروق التي للأرحام آخذة نحو الجنين ، فإنها تغلظ كلما أمعنت. وكذلك حال كثير
من ليف العصب الذي في الأحشاء ، فإنه إذا بعد عن مبدئه صار أغلظ ، ولا مانع من هذا بوجه من
الوجوه.
وكذلك الأشجار
فإنها قد تعود عند منبت الأغصان أغلظ ، ولا أيضا لين العصب عند الدماغ يدل على أنه
مبتدئ منه ؛ بل يجوز أن يقول قائل : إن ذلك لأنه منته إليه صائر إلى أن ينبت منه
الدماغ. فهو كلما بعد عن المبدأ صار أرطب استعدادا لأن يتكون عنه جسم رطب. وفاعل هذا التغليظ والتدقيق والتصليب والتليين القوة المصورة لا
المادة. وكذلك نجد الحال في الشجرة ، فإنها كلما بعدت عن المبدأ صارت أرطب عند ما تفرّع. وليس كونه عند الدماغ ألين أدل
على تولده منه ، من كونه عند القلب أصلب في أن يدل على تولده منه ؛ إذ القلب
صلب والدماغ لين. والذي يظن أن الشىء عند مبدئه يكون أرطب ، وكلما أمعن يجف ، فذلك
إذا كان مبدؤه رطبا. وأما إذا كان
__________________
مبدؤه يابسا ،
فالأمر بالضد. على أن هذه الأشياء تتبع الموافقة وفعل القوة المصورة لا المجاورات.
وليس يجب إذا كان العصب أصلب من القلب أن لا يكون منبته
منه ، فإنه قد ينبت من الأرض اللينة الرطبة شىء صلب ، مثل المرجان في قعر البحر ،
فإنه لا يمتنع أن يكون الشىء الذي يندفع من المبدأ إلى ما ينبت عنه هو أصلب ما فيه
أو ألين ما فيه ، فيكون النابت مخالفا للمنبوت عنه . ولا أيضا أمر الفروع يدل على الجهة ، فالشيء ربما فرع في خلاف جهة المبدأ
فروعا قد تكون إلى المبدأ ، وقد تكون عن المبدأ ، بحسب ما يوافق الغرض وتفعله
القوة المصورة. وهذا كثير في الأشجار. وكثير من الشجر تكون فروعه متكثرة إلى جهة
المبدأ ، حتى كأن المبدأ ليس من عروقه ، بل من فروعه. وليس هذا وأشباهه بمستنكر ، إذا جعل التصوير لا لقوة طبيعية صرفة ، بل إلى قوة نفسانية متفننة الأفعال . والعصب الراجع ، الذي سنذكره بعد ، يدل على مثل ذلك ، وإن كان ليفه يأخذ
أيضا إلى فوق عند مرجعه ، فلا ينبغى أن يشتغل بالليف والجهة. فإنه يجوز أن يكون
العصب يجيء من القلب إلى الدماغ ، ثم ينحط عليه من الدماغ ليف عصبى يلزمه إلى
مسافة ، ثم ترجع منه شعبة أخرى على تلك الصفة ، فتوهم أن الأصل كله من الدماغ ، إذ
إحدى الشعبتين من الدماغ.
وكذلك حديث
التشقيق إلى باطن ، ليس مما يحتج به ، فإنه ليس يجوز أن يقال : إن هذا العرق قد
بلغ من صلابته أن ينفذ في القلب نفوذ عاصر يدفع أولا حتى يحدث كسرا ، ثم ينفذ
ويبقى معه ذلك. فإن هذا لا يكون في قوة العروق أن تفعله وخصوصا
ومثل هذا إنما يتصور ويتمثل في الذهن في نافذ ينفذ في القلب بعد ما قد تكوّن القلب ،
__________________
وتم له حجمه ، ولبس غشاء ، وصلب قواما. والقلب قد كان يغتذى إلى ذلك
الوقت ، فيكون القلب يغتذى إلى حين ، لا من الكبد ، فسوف لا يحتاج إليه من بعد
أيضا ، وإن جاءه منها عرق ، فليس يبلغ من صلابته أن ينفذ فيها هذا النفوذ ويثقبه
هذا النوع من الثقب. وما يدريك أن يكون هذا العرق نشأ منه ، وهو بعد لين جدا ، لكن
مناطه منه أصلب جوهرا ، ليكون أحسن تعلقا بالجرم العصبى ، وليكون شفير المنفذ ، محتاطا فيه بتصليبه فلما أخذ ينمى ويغتذى أطاع الألين منه
للانبساط ما لم يطع الأصلب ، فبقى هناك ككسر ولم يكن كذلك حال الكبد. وكذلك حال اتصال العصبة بالقلب ، فإنها هناك كالملصقة ؛ فإنه يجوز أن
يكون منبتها عند القلب كذلك ، لأنها تنبت عن مادة في القلب ليست مشاكلة للحميته فخلقت متبرئة عنه ، مع
أنها تنيت منه ، مثل الثآليل في الجلد فإنها توجد ذات شعب متبرئة بالحقيقة ملاصقة ، وكالغدد أيضا التي تتولد في اللحم
وإنما يكون منبتها اللحم. ويكون السبب في جميع ذلك أن النابت لم ينيت من نفس جوهر
الشىء ، بل من بعض المواد المعدة فيه ، فلا يتصل بجوهره ، بل ينبت وينبث منه انبثاثا كالرشح. ثم يتجوهر منه النابت ، فإذا بلغ موضعا من المواضع
لان وتفشى وصار شيئا آخر ، هو من جوهره ، إلا أنه ألين منه أو أصلب. فتكون مجاورته إياه
على نحو الاتصال ، لأنه من جوهره ، لا لأن ذلك الشىء مبدؤه ، بل
لأن هذا النابت مبدأ لذلك الشىء ، مشاكل لطبيعته ، حسن الامتزاج به.
ويجوز أن يكون حال
النابت والمنبوت منه ، حال الكبد والعروق في مخالفة الجوهر. وإذ جميع هذا ممكن ،
فليس شىء مما يقوله فاضل الأطباء بضرورى ، وإن كان يراهن
__________________
ويضع الدنانير عند
كاهن الهيكل ، بجعلها لمن يثبت عنده أن العصب من القلب. وقد يمكن أن يأتيه من يثبت ذلك عليه من طريق جدلى يجوّز عنه منبته ، فكان يسلم أن مبدأ الآلة حيث مبدأ القوة ، فإذا تسلمت منه هذه المقدمة ، أمكن أن يبرهن عليه أن النفس في الإنسان ذات واحدة ،
منها يفيض سائر القوى ، وأن أول تعلق تلك الذات الواحدة حيث أول عضو للحياة ؛
فحينئذ كان يقرب المسافة إلى أن يلزمه أن تكون العروق والعصب من القلب ، وكان يغرم دنانيره لا محالة. لكن هذا أيضا الذي سلمه غير واجب في ذات
الأمور ، والعاقل لا يستحسن أن يثبت في هذا الباب حكما جزما بوجه من الوجوه ، فإنه
يمكن أن تؤوّل في ذلك وجوه مختلفة ، إلى أن يصار إلى الحق الذي يوجبه. فإنه لا
يبعد في بادئ النظر إلى وقت ما يشتغل بما يوجبه التشريح أن
تكون القوة المصورة الأولى التي في المنى أول ما تميز ، بعد ، مواد في جهات لقبول
صور الأعضاء الأولى ، ومواد لقبول صور العلائق بينها ، ثم تكون المادة القلبية مما يقبل الصورة عن المصورة قبولا أوليا من غير
حاجة إلى قوة غير المولدة. إذ يشهد أصحاب التشريح
المحصلون أن القلب أول متكون ، وأما سائر الأعضاء فإن المصورة من المولدة تحتاج فى
تكميل تصويرها إلى توسط القوة التي في القلب ، فتنفذ منها إلى تلك
الأعضاء ، فتلبسها صورها ، وتتصور بعدها أو معها العلائق بينهما
أيضا دفعة ، لا أنها تنبت من شىء إلى شىء ، بل تكون المصورة
الأولى كما ميزت مادة للدماغ ومادة للقلب فقد ميزت مادة للعصب الواصل بين الدماغ والقلب. وقد مدته ما بين مادتى القلب والدماغ ،
ليس على أنها ميزت أولا المادة للدماغ ، ، ثم اختزلت منه مادة جذبتها إلى جهة منشأ القلب. فإنها لا تحتاج إلى ذلك ، إذ يمكنها ، والله
أعلم ، أن تقسط المادة تقسيطا تجعل بعضه
__________________
للدماغ وبعضه
للقلب خارج الدماغ ، وبعضه للنخاع ، لا أن تجمع أولا مادة الدماغ ، ثم تعود فتختطف منه طائفة تجعلها مادة
معدة للنخاع.
فإذا تصور القلب ، نفذ إلى كل شىء قوة ، فيصور الدماغ ، ويصور معه أو بعده النخاع
والعصب ، لا على سبيل نبات منه وفضول عنه ، ولا على سبيل نبات من القلب ، وفضول عن القلب ؛ إذ ليس القلب كل مادة المتولد في أول الأمر ، حتى يكون كل شىء إنما
يتحلل منه ويخرج عنه ، بل هو جزء من مادة المتولد ، ويفضل خارجا عنه ما يتفق فى
تكوينه ، فهذا أحد الممكنات. ويجوز أن تكون أيضا
المادة التي للدماغ والعصب تتميز جملة ، ثم ترسل مادة الدماغ فضلا يتشعب عنه إلى جهات. ويجوز أيضا أن يكون القلب إذا تكون تميز فيه فضول أتت حدودا من
الحدود ، فأحالت ما هناك إلى مشاكلة ذلك الفضل ، حتى يكون الفضل البارد الطبع المنفصل عن القلب يأخذ إلى جهة ما ، كلما بعد عن القلب انسلخ عن الجزء
الغريب الذي أفاده القلب ، فإذا بلغ إلى حد يعتدل عنده مزاجه بحسب الاعتدال الذي
للدماغ وقفته هناك القوة المصورة ، واستمدت إليه من القلب وجمعت من ذلك مادة تصلح بالكم والكيف لصورة الدماغ ، فيخلق
الدماغ نابتا عن القلب كذلك.
وأما الكبد فجوهره
مخالف لجوهر العروق ، ولا يبعد أن يقال : إن مادته التي منها ينفذ في دم الشريان ، نحو منشأ هذا النفوذ ، إن كان الحق هذا الرأى. ثم يكون
الكبد فى الغذاء متوسطا بين القلب وبين جميع البدن ،
والدماغ في الحس والحركة متوسطا بين القلب وبين سائر البدن ، فتنبت منهما آلات الأفعال : أما من الكبد فآلات التغذية
__________________
وأما من الدماغ
فآلات الحس والحركة ويجوز أن يكون على نحو آخر مما سنذكره بعد وبذلك يترجح مذهب المعلم الأول.
وأما الكلام في
تشريح العروق والعصب فسنؤخره إلى ذكر الأسباب.
قال المعلم الأول
: الأسد لا مخ له ، إلا في الفخذين والعضدين ، وعظامه أصلب العظام.
والخنزير أيضا يقل مخه ، والدلفين له عظام ولا شوك له. ما كان من حيوان البحر يلد
حيوانا فهو غليظ الشوك مثل سلاسى ، وما يبيض فشوكه شبيه
بالأضلاع ، وللسمك خاصة شوك منبث في لحمه ،
وللحيات أيضا. وفي غضاريف فقار الحيوان البحرى المسمى سلاسى مخ.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فيه كلام في القرون والعظام والشعر والريش
وما يشبهها
قال : والقرن عظمى
، ويتبع في الأكثر لون البدن ، وأظفار السودان دون أسنانهم سود
، وتعلق القرن بالجلد أشد من تعلقه بالعظم. ويذكر أن في بلدة أفروحية بقرا تحرك قرونها كتحريك الآذان .
قال : والجلد لا حس له إلا أن يكون لحيما ، وخاصة جلد الرأس لا حس له البتة. والحق أن
الجلد إذا خالطه اللحم والعصب كان حساسا ، ويشبه أن لا يكون سطحه الظاهر حساسا ،
لأنه عرى عن العصب. وبالجملة الموضع من الجلد الذي إذا قطع عاد من غير ندب ، فذلك
خال عن العصب لا حس له.
وقال : إن الجلد
الغير الملتصق بلحم دونه لا يلتحم قطعه التحام الاتحاد ، مثل القلفة ، والجفن ، والجلد الرقيق على الوجه ، وكذلك الأغشية كالمثانة .
قال : ليس قحف جميع الحيوان على هيئة واحدة ، فإن قحف الكلب من عظم
واحد. وأما الناس فلقحفهم شؤون :
__________________
قال : وتلك الشؤون
للنساء إلى الاستدارة ، وقد وجد رأس رجل لا شأن له البتة.
وأما تشريح القحف
وأعضاء الوجه والأسنان ، فسنذكره بعد ؛ وكذلك تشريح الرقبة والترقوتين وفقار الظهر
والصدر.
وأما الشعر فيكون من البخار الدخانى المحتبس في المسام ، إذا نحن البخار ، واعتدل المسام بين المتخلخل الذي لا يحبس ، والمتكاثف الذي لا ينفذ. وقد يحلق للجمال وللزينة مثل اللحية ، وللمنفعة مثل الهدب التي على الأشفار ومثل الحاجبين. وقد يحلق لضرورة دفع الفضل مثل الشعر على العانة.
ولا شعر على المشاء الذي لا يلد ، والذي يبيض فهو مفلس الجلد.
ويتغير الشعر والوبر على الحيوان بتغير المراعى ، فإنه إذا أخصب وفر شعره ووبره. وشعر الحار المزاج إلى الجعودة ، فإن أفرط تفلفل كالزنوج. وشوك القنافذ من جنس الشعر إلا أنه مفرط
الغلظ والصلابة. والشيب ليس ليبس الشعر ، أى الشيب الطبيعى ، بل ذلك لون البلغم ، وهو لون التكرج ، إذا خمد الحار الغريزى ، فلم يكن البخار الدخانى حارا جدا ، بل كان رطبا
بلغميا. وقد يبيض الشعر لمرض يعرض ، ثم يسقط ، وينبت مكانه أسود. ويشبه أن يكون ذلك البياض
لموت الحرارة الغريزية التي تخالط الشعر ، ولفقدانه الدهنية ، واستبداله المائية.
وربما كان هذا لتحلل الرطوبة ، وبقاء اليبوسة متخلخلة مبيضة ، كما يعرض للنبات الخضر وأغصانها.
فإذا كان أصل
المزاج محفوظا بالسن ، والقوة مقتدرة على إعادة الصلاح عاد سبب السواد فاسود. وأول
ما يبيض شعر الصدغين ، ومقدم الرأس لمجاورته رطوبة العضل
__________________
ورقته هناك. ويتأخر بياض شعر العانة ، وشعر الحاجب ، لحرارة مزاج الموضع كما فى
العانة ، أو يبس الموضع كما في الحاجب. ومن خواص شعر الإنسان أن منه ما يولد معه ، ومنه ما ينبت بعد حين مثل شعر العانة ثم شعر الإبط. وأول
الصلع في مقدم الرأس. أقول لأن ذلك الموضع من الدماغ يتبرأ من العظم أولا ، لأن
ذلك الجزء من الدماغ ألطف ، والألطف أقبل للانفعال والتخلخل. والنساء لا يصلعن
لكثرة رطوبتهن ، ولا الخصيان لأن مزاجهم في البرد يميل إلى مزاج النساء فلا تتحل
منهم الرطوبة ، ويشبه أن تكون مادة اللحية تميل إلى رءوسهم.
وأما النساء فربما ينبت لبعضهن لحية عند الكبر لتكاثف الجلد ، وربما كثر شعر
الحاجبين عند الكبر لأن درز الحاجب يفترق عند الكبر لليبس ، فيجد البخار الدخانى سبيلا إلى فضل اندفاع نحو الحاجب.
والحيوانات التي
تختلف ألوان شعورها فإنها أيضا تختلف ألوان جلدها ، فيكون كل لون شعر قريبا من لون منبته. والجماع يصلع بالتجفيف. ومن الناس من يكون أصلع فإذا
جامع نبت شعره ، وأقول : هذا غريب ، ويشبه عندى أن يكون سبب صلعه سكونا من حرارته الغريزية مع معاصاة من الرطوبة تمنعها إياها ، فإذا أعانتها الحركة الجماعية اقتدرت على تحليل المادة بخارا دخانيا
، فتولد الشعر. وشعر المسن وإن قل فى عدده فإنه يزيد في حجمه وغلظه ، بسبب كثافة المادة ؛ وكذلك قشور المسن من السمك. والشيب
من خواص الناس ، لكن الغرانيق أيضا يتغير شعرها عند الكبر عن رماديتها إلى سوادها.
ويشبه أن يكون السواد فيها سببه إفراط غلظ المادة التي يتكون عنها. وهذا لا يكون في الناس
، فإن لحومهم وجلودهم لينة رخصة. وقد يتغير
__________________
لون الشعر من
الغربان والخطاطيف ، مع شدة البرد ، إلى بياض ما ، لموت الحرارة الغريزية منها . ومنها ما يفرط فيها ذلك التغير ، مع تغير الفصول ، حتى ينكرها الإنسان ولا
يثبتها.
أقول : والحيوان
الشبيه بالفأر الذي تضاربه الطير عن أو كارها يبيض كل سنة بياضا شديدا ثم يعود إلى رمادية . قال : والمياه أيضا ربما غيرت الوبر والشعر ، وربما شرب الغنم ماء مثل ماء
النهر المسمى المارد ، فإذا سفدت أحبلت بسود. وفي بلد انطندريا نهر يفعل مثل ذلك ، ونهر آخر يفعل البياض. وأما نهر اسفندروس فيولد الشقرة في مثل ذلك.
ومن الحيوانات ما
هو أزعر ، ومنها ما هو أزب. وعلى باطن شدق الأرنب وجلد أخمصه شعر والحيوان المسمى
مسطقيطوس له في فمه مكان الأسنان شبه شعر الخنزير. والحيوانات الزعر
فإن مواخر أطرافها أكثر شعرا من مقاديمها. ونبات الشعر المجزوز أو
المقطوع ، فليس من المقطع ، بل من الأصل. فلهذا ليس هو كالنبات ، بل كالفضل. وأما الريش
فإذا قطع لم ينبت من تحت ، ولا من المقطوع ، بل ينبت تحته آخر ، ويسقط هو. وإذا سقط جناح النحلة وما يجرى مجراه لم ينبت ، كما أن إبرتها إذا نتفت ماتت ، ولم تنبت أخرى.
__________________
الفصل الثالث
(ج) فصل
فى الدم واللبن وفيه شىء من أمر المنى
أما تحصيل الكلام
في الأخلاط فسنؤخره إلى ذكر الأسباب ، ولكنا نذكر ما قال المعلم الأول. قال : إن دم كل حيوان يجمد ، ما خلا دم الأيل والأرنب. وكل دم أخرج منه الليف لم يجمد ؛ وذلك الليف شىء بين جوهر العصب والعروق. ودم الثور يجمد
بسرعة. والدم في الأبدان المعتدلة معتدل المقدار ، لا
كثير كدم الممتلىء شربا ، ولا قليل كدم أصحاب الشحم. ودم الإنسان معتدل القوام
فرفيرى اللون. وأما دماء غيره من الحيوانات الكبيرة ، غليظة سود. والدم في الأعضاء
السافلة أغلظ وأشد سوادا ، وأول عضو يتولد فيه الدم على حكم التشريح هو القلب ،
وهذا مما توهمنا كون القلب مبدأ لدم جميع البدن بتوسط الكبد ،
فيكون الكبد متوسطا ثانيا. قال : وربما عرق بعض الناس لشدة امتلائه ، أو لرقة دمه
وغليانه ، عرقا دمويا. والدم يغور في النوم حتى أنه إن غرز بدن النائم بإبرة لم
يخرج من دمه ما يخرج عند اليقظة. والنساء أكثر دما من سائر إناث الحيوان ، على حسب مشاكلة الأبدان ، ولذلك يحضن. ودمهن أميل
إلى الباطن ، ودم الرجال إلى الظاهر . وقلما يصيبهن
أمراض الدم والرعاف. ودم المشايخ أسود غليظ قليل. وبعض الرطوبات تكون في أعضاء
الحيوان منذ أول الخلقة ، وبعضها يتولد أخيرا ، مثل اللبن والمنى.
__________________
ومجمع اللبن
الثديان ، ويستحيل إليه الدم الفضلى غير محتاج إلى أن ينضج غاية النضج ؛ وأن يبلغ
الهضم الأخير.
وأما المنى فيتولد
من أنضج الدم ، ولا يصلح له إلا الدم الذي يبلغ الغاية من النضج. أقول : وغاية النضج هو الهضم الرابع ، فإن الغذاء
له في المعدة هضم ما ، وفي الكبد هضم ما آخر يولد دما مشتركا ، ثم في العروق هضم
ثالث ، ثم في كل عضو فإنه يحتاج إلى أن يهضم حتى يصير مشاكلا إياه. وهناك النضج التام ومن مثله يتولد المنى ، ولذلك ما يحدث كثرة استفراغ المنى إذا تكرر الجماع وأتعب من ذبول الجلد وتقشفه
وتغير لونه ، ما لا يحدثه استفراغ دم يكون خمسين ضعفا له ، لأن الجماع إنما يستفرغ
من الدم ما بلغ غاية النضج ، وكاد يتشبه بالأعضاء ، فكأن الأعضاء تسلب غريزتها
ومادتها عند الجماع المتكلف ، أعنى الذي ليس عن اقتضاء منى حاصل فاضل عن جوهر
الأعضاء. ولذلك ما قال الأطباء الأقدمون إن المنى هو من
الرطوبة القريبة العهد بالجمود ، ولهذه الرطوبة أيضا فضل فمنه ما هو فضل في كيفيته
ويندفع على نحو فيكون منه الشعر وما أشبهه ، ومنه ما هو فضل في كميته وذلك هو الذي
يصلح أن يتولد منه المنى.
وأما اللبن فهو
فضل من الدم الذي في العروق ، وله مائية وجبنية ودسومة . وكل لبن أغلظ فهو أكثر جبنا. ولبن الحيوان الذي له قرن ، ولا سن في فكه
الأعلى ، يجمد كشحمه دون لبن غيره من الحيوان. والبرد لا يجمد اللبن ، بل يميز
أجزاءه. والحر يجمده أكثر. وألطف الألبان وأرقها لبن اللّقاح ثم الرماك ثم الأتن ، وأغلظها لبن البقر والجواميس. ولا
خير في لبن أول الحبل وآخره. وربما ملأ الإخصاب أثداء الإناث لبنا ، وإن كن حولا.
وربما اجتمع في أثداء العجائز لبن يرضعن به الصبى ،
__________________
وذلك عند احتباس
الحيض. وقد يؤخذ الغريض من أولاد الماعز قبل حملها فيدلك ثديها ويحلب دما ، ثم قيحا ، ثم يدر لبن عذب ليس بدون لبن الحوامل ، ويكون غليه. وقد كان في
بلدة تسمى طيوان تيس يحلب من ثندوتيه التي عند ذكره
مقدار ما يكون منه جبنه ، ثم أنزى على عنز فأحبل بذكر يحلب أيضا. كذلك وربما أحلب بعض الرجال لبنا ، لو تعوهد لكان يدر منه
شىء يعتد به. ولبن الإبل والخيل عديم الجبنية ، أو قليلها جدا. والجبن
في لبن البقر أكثر منه في غيره. والإنفحة ولبن التين يجمد اللبن. ولا إنفحة إلا
لما يجتر ، ما خلا الأرنب ، ونقول : قد يوجد للدب
أيضا ، وعسى أن يكون لغيره.
وفي بلد تاسيس بقر
صغار كثيرة الدر يبلغ من صغرها أن لا تحلب إلا بالتطأطؤ من الحالب. وأما بلدة
أنفورس فبقرها عظيمة جدا ، كثيرة الدر
، وكذلك كلابها ؛ وذوات الأربع فيها ، ما خلا الحمار.
ومن المراعى ما يولد لبنا كثيرا ، ومنها ما يقلل اللبن. ولبعض الحيوان في ذينك بعض
المراعى ، دون بعض. والشاة تحلب ثمانية أشهر ، وليس ذلك لغيرها ، إلا ببلدة فروى فيها بقر يحلب جميع السنة. وأصح لبن النساء لبن السمر .
وأما المنى
فنستوفى الكلام فيه بعد. وكل حيوان ذى دم فله منى. وزرع ذى الشعر لزج ، وزرع غيره غير لزج. والمنى يرق من خارج إذا بقى لتحلل الروح الهوائى عنه ، الذي
إنما يبيضه ويخثره بتخضخضه فيه. وبالجملة فإن انعقاده وخثورته بالحرارة. ولما كان المنى إنما تخثره الحرارة ، وجب أن يرق بالبرودة. والمنى الموّلد يرسب في
الماء ، والذي لا يولد يتحلل فيه. وكذب أرادوطوس حين زعم أن منى الأسود أسود .
__________________
المقالة الرابعة
من الفن
الثامن من
جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى تشريح حيوان
من حيوان الماء
وفي حال أعضاء بعض المحززات
فأما الحيوان الذي لا دم له ، فمنه جنس يسمى ما لاقيا ، وخاصيته أن باطنه صلب ، وظاهره لحمى لين ؛ ومنه جنس باطنه شبيه باللحم ، وخارجه صلب
يشبه الخزف ، إلا أنه لا ينكسر ، بل ينفسخ بالضرب كالسراطين ؛ ومنه
جنس باطنه يشبه اللحم ، وأما خارجه فخزفى وصلب ، ينكسر مثل
الصدف ؛ ومنه جنس المحززات ، إما في البطن ، وإما في الظهر
، وإما في كليهما. وكلها لا لحم لها ولا عظم ولكن لها أعضاء ،
تشبه كل واحد منهما وتناسبه فمنه ما تحززه متكرر في طول أعضائه ، كالذى يعرف بأربعة وأربعين. ومن المحزز ما يطير حينا ويمشى حينا ، ومنه ما يطير في وقت ما كالنمل. أما جنس ما لاقيا
__________________
فله من الأعضاء
رأس بين رجله وبطنه ، وله ثمانى أرجل ، كل رجلين مفصول. ومنه ما هو كثير
الأرجل كالسفانج ، ومنه أجناس تشبه السفانج ، لها خرطومان صلبا الأطراف ، وبهما ينال الغذاء ، وينقله إلى الفم كأنهما مخالب. ويلتصق بالصخر عند هيجان البحر
والأمواج وغير ذلك مما يفزع ، مستعينا بخرطومه. ويستعمل الرجلين المقدمتين في أن يأخذ بهما الطعم ، إلى ما بين العينين. ورجلاها
المؤخرتان يستعين بهما على السفاد. وفوق رجليها عضو أنبوبى يدفع منه الفضل الرطب
إلى خارج ، وفيه تتلقى الإناث منى الذكران. وسباحتها على أرجلها ، وأعينها فوق رءوسها
، وأفواهها إلى خلف رءوسها ، وفي أفواهها قليل لحم ، ولا لسان لها ، وكأنما رءوسها
متورمة ، وتأخذ ما تأخذه برجليها. والكثير الأرجل من بينها صغير الجثة ، طويل
الرجلين. وسائر الأصناف عظام الجثث ، قصار الأرجل ، ضعيفة المشي. وربما كان منها مثل ما يسمى
ستينا إلى ذراعين في طوله ، ومثل طربيداس إلى خمسة أذرع ،
وربما كان رجل الكثير الأرجل إلى ذراعين وأكثر. ولطوبو جناح يحيط بجنبه. وأما جناح طونيداس فمتفرق. ولما لاقيا جلود تستر أجسادها ، ولها مرىء بعد أفواهها طويل دقيق يتصل بمثل الحوصلة ، لكنه ملتو
منعرج ؛ ثم معاء دقيق أغلظ من المريء ، وليس في جوفها عضو محسوس غير ذلك إلا عضو
للزرع يسمى باليونانية مسطيس ، ومتى فرغ مج زرعه وكدر الماء ؛ وأكثر
ذلك فعل الستينا. وهذا العضو له تحت الفم ، ومقذف زرعه وفضل غذائه واحد ، وعلى
بدنه كالشعر ، وفي باطن جسد ما ذكر من هذا الجنس شىء
صلب بين
__________________
الشوك والعظم ،
وهو في طوميداس غضروفى كالحلقة. وأما السفانج فليس في باطنه
شىء صلب وإنما يطيف برأسه كالغضروف ، يصلب إذا أسن. ولذكرانها مجرى تحت المعدة إلى
الدماغ وإلى أسفل. وللإناث إلى الدماغ مجريان من تحتها أوعية حمر تعى البيض ،
ويمتلئ ما يبلغ حجمه أعظم من حجم رأسه. لكن لستينا وعاءان للبيض يملآن بيضا كالبرد
، وذكوره في جميع ذلك أحسن شكلا ، وعليها تخطيط متشابه كالتفويف. ومقاديم الذكورة أشد سوادا. وأعظم أصناف السفانج ما يطفو ، ثم
الذي يفارق القعر إلى قرب منه ، ثم القعرية ، وخصوصا ما لا مفصل لرجله. ومنه جنس في
وسطه نقرة غائرة غير ملتئمة. وكثيرا ما يرعى بقرب الشط ، فيقذفه الموج إلى
البر ، ويعجز عن العود ، فيهلك وهو صغير جدا. ومنه
جنس محوط بخزف لا يخرج منه إلا رأسه وبعض رجليه ، وذلك لطلب الطعم. وأما اللين
الخزف فأجناس كثيرة : فمنها السراطين ، وهي أجناس ، منه العظيم جدا ؛
ومنه ما يسمى الهرقلى ، وأجناس أخرى.
أقول : وبلغنا أن
ببحر طبرستان سرطانا على جلده من الوشى والأصباغ الدقيقة العجيبة ما يتحير فيه
الإنسان. قال : ومن السراطين الصغار جنس يسمونه فرسانا لشدة جريها ، ولا يوجد في
بطونها لحم ، ولا فضل رطوبة غليظة ، فإنها لا ترعى شيئا له قوام يعتد به.
وللسرطانات عشر أرجل مع الزبانيين . وأما العفارين
فله اثنتا عشرة رجلا ، والرجل التي تلى الرأس حادة
جدا ، وسائرها عريضة . ولفنجوا من كل جانب أربع
أرجل غلاظ متقدمة ، وثلاث دقاق متأخرة ؛ وأرجل جميع ذلك تنثنى إلى داخل. وللعفارين
ذنب ؛ وجثة فارابوا مستطيلة ، وجثة السراطين مستديرة. والرجل المقدمة من فارابوا
__________________
الاثنى مشقوقة ومن
الذكر غير مشقوقة ؛ وأجنحة الاثنى عند الظهر أكبر ، وغير ذلك أصغر ، خصوصا ما عند العنق. وأطراف الأرجل المؤخرة من الذكران عظيمة حادة ، وللذكر منها
عند عينيها نقط ناقشة وقرون صغار تحت تلك النقط ، وعيناها جاسئتان متحركتان إلى
الجوانب ، وكذلك عينا كثير من السرطان. وهي إلى البياض ، وفيها نقط سود ؛ ولها أسنان حادة صغيرة منطبق بعضها على
بعض وخصوصا في اليمين ، وأما اليسار فطرفه يخالف وسطه فإن في طرفه أسنانا حادة
مختلفة ، وفي وسطه كالأضراس ، وعدد ما تحت أربعة ، وعدد ما فوق ثلاثة ، وتحرك الفوقانية
إلى السفلانية للضبط ، وفوق هذا الصف سنان آخران حادان ، وتحت الأسنان أعضاء
الآذان ، تحركها دائما ، وهي
شوكية الأطراف ، وعلى بطون السراطين أبواب تنفتح وتنغلق ، وبيض إناثها في أمعائها ، وأما فارابوا فله في العمق من
فمه سنان عظيمان رطبان وبينهما لحم كاللسان ، وثلاث أسنان أخر ، اثنتان في صف ، وواحدة من تحت ، ثم مرىء قصير ومعدة صفاقية ، ثم معاء إلى الدبر ،
ومجرى من البطن إلى الدبر خاص للمنى تحت ماء الثفل والزبانية اليمنى من السراطين تكون
أعظم ؛ والعضو الذي عليه عيناها ربما كان بعيدا من نظره ، وربما كان قريبا كما في السراطين الهرقلية. وجميعها
يتنفس أيضا بالماء فيقبله بفيه ويمجه منه .
وأما الحيوانات
البحرية التي عليها خزف صلب مثل الأصداف والقنفذ البحرى ، فمنه ما ليس داخل خزفه
لحم مثل القنفذ البحرى ، ومنه ما في خزفه لحم مثل السلحفاة. ورءوس الخزفيات في
الأكثر مستبطنة غير ظاهرة ؛ وبعضها يحيط به خزف واحد ؛
__________________
وبعضها خزفان ركب
أحدهما على الآخر ؛ وبعضها ينفتح خزفه وينطبق ، وبعضها ليس كذلك ، وربما كان ذلك
من جانبين ، وربما كان من جانب ؛ وبعضها أملس الخزف ، وبعضها خشن الخزف ، وبعضها
منقوش الخزف ، وبعضها متشابه قوام الخزف ، وبعضها مختلفه حتى يكون ما يلى شقيه أرق. وبعض الصدف متحرك في مكانه ، وبعضه غير متحرك. ومن
المتحرك جنس سريع الانزجاج حتى أنه ليرتمى من الإناء الذي يجعل فيه إلى مكان بعيد
كأنه يطير ، ومنه ما هو ملتصق بالخزف ، ومنه ما هو متبرئ الجسم من الخزف ولجميع ما
يخرج من الصدف ويدخل فيه لحم صلب ، وفي وسطه رأس وقرنان ،
ولبعضها أسنان ، ولبعضها خراطيم بها ترعى كالألسنة ، وربما كان
خرطومها صلبا ثقابا حتى يثقب صدف غيرها . ويكون لكافتها فم وبعده مجرى يؤدى إلى بطنه كالحوصلة ، وتحته عضوان كحلمتين
صلبتين ، وتتصل معدته بمعاء مستو إلى الدبر ، ويوجد في اختلاف أنواعها اختلاف
أعضاء أيضا بعد المعاء كزوائد سود وخشن ومجار صفاقية. ولذى النابين أيضا رأس وقرون وفم ولسان ، لا يستبين ذلك إلا في الكبار ، والعضو الحلمى المذكور.
وللذى لا يتحرك منها ثقب في خزفه هو مدفع ثفله.
ومن السراطين جنس
يشبه العناكب ، وذكر في التعليم الأول صفات وتشريح لأصناف من هذه الحيوانات أحببنا
اختصاره.
والقنفذ البحرى له
في باطنه مكان اللحم أجزاء سود ، ومنها جنس يوجد في باطنه شىء كبيض كثير ويؤكل ،
ويوجد ذلك البيض في كبيره وصغيره ؛ ومنها جنسان لحميان وجنس عظيم الجثة وجنس صغير كثير الشوك صلبه لحمى ، ومنه جنس يكون ببلد طروى أبيض الخزف والشوك ، ويكون أطول جثة من غيره ، وشوكه صغير إلى اللين ، وتكثر فيه الأجزاء
السود التي بعد فمه. وجميع القنافذ البحرية تبيض ولجميعها رءوس
__________________
وأفواه إلى أسفل ،
وأدبار إلى فوق. وله خمس أسنان في العمق فيما بينها كاللحم وكاللسان ، ثم مرىء ثم معدة مجزأة بخمسة أجزاء مملوءة رطوبة. ويتصل
كل جزء بصفاق يؤدى إلى المخرج ، وهو يستعمل شوكه مكان الرجل ، فيتحرك متكئا عليه.
ومن الحيوان
الصدفى ما يلتصق بموضعه من الصخر برجلين له ويسمى باليقى ويخطف ما يمر به من السمك الصغار وغيره. ومن هذه الأنواع
جنس يأكل القنافذ البحرية. وأما الحيوان المسمى مسطوا لحمه صلب ، ولا يوجد في جسده رطوبة ، وكأنه من جنس الشجر ؛ ومنه صنف صغيرا الجثة يأكله بعض الناس ، وصنف كبير يصلب لحمه شتاء فيؤكل ، ويضعف في
الحر فينفسخ من كل ماس. وأما الحيوان المحزز الذي جناحه في غلاف
كالجعلان ، والذي ليس جناحه في غلاف كالنحل فله رأس وما يليه ، وبطن وتحزيز ،
وجميعه يعيش بعد القطع حينا إن لم يكن بارد المزاج جدا ، أو لم يصبه في الوقت برد منهك. وربما قطعت النحل نحلة منها بنصفين ، وعاشت بعد ذلك حينا ، وذلك إذا قطع الرأس مع
الصدر ، وأما إذا قطع الرأس عن الصدر مات في الحين. والمستطيل الجثة مثل أربعة وأربعين فإنه إذا قطع بنصفين تحرك كل نصف منه ، ويمشى . ولا يظهر لهذا
الصنف من الأعضاء الحساسة إلا العينان ، فهو لجميعها. ولبعضها عضو كاللسان ،
ولبعضها عضو به يذوق ويحتلب الطعم ، لين أو صلب ، وذلك فيما لا إبرة له ولا حمة. والذباب يدمى الجلود بهذا العضو ، وبه يلسع البعوض ويمتص الدم. وبعض المحزز إبرته غائرة كالنحل ، وبعضه إبرته ظاهرة كالعقرب . وللطائر من المحزز جناحان كالذباب ،
__________________
أو أربعة كالنحل.
وبعضها يمشى دبيبا ، وبعضها قد ينزو كالجراد ، فتكون
رجلاه المؤخرتان أطول من سائر أرجله المتقدمة. ولا يكون خزفيا ، ولا شاكا ، ولا ذا عظم ؛ يحيط به جلد صلب ، وإن كان جلد بعضه رقيقا ؛ وما يكتنف صدره إلى الغلظ والصلابة ، كأن فيه خزفية ما. وله بعد الفم معاء
منبسط مستقيم ، إنما يلتوى قليله ويؤدى إلى الدبر ؛ ولبعضها معدة. وأما الصّرّار بالليل ، فليس له فم ، بل عضو طويل كاللسان ، نابت من رأسه ، لا شق فيه ولا فضلة في أحشائه. وفي وسط جسده صفاق ظاهر. وفي
البحر حيوانات تشكل نسبتها إلى جنس من الأجناس ، فقد عوين حيوان كأنه قطع خشب ، وحيوان
كأنه ذكر إنسان وبدل خصيتيه له جناحان ، وحيوانات كأنها أفاع حمر.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى حس الحيوان وحركته وتصويته ونومه
ويقظته وذكورته وأنوثته
فلنتكلم الآن في
حس الحيوان وحركته وتصويته ونومه ويقظته وذكورته وأنوثته. كل حيوان دموى ويلد حيوانا ، فله الحواس الخمس ، إلا المضرور منها كالخلد فإن عينه في غطاء
من جلده ، ولها حدقة وسواد وبياض. والسمك أيضا ذوات ذوق ، ولذلك يميل إلى بعض
المذاقات دون بعض ، وليس يظهر للسمك آلة السمع والشم ؛ ومنخر السمك ليس يؤدى إلى
دماغه ، بل إلى أذنه. ولو لم تكن تسمع ما كانت تهرب من الأصوات الهائله ، ولو لم
تكن تشم ما كانت تجتمع إلى المصيدة برائحة اللبن وغيره.
أقول : حتى أنى
شاهدتها تغوص في الحباب التي ترمى فيها اللبنيات فتصاد بسهولة. وقد عاينت السمك
يتجه نحو الغناء وضرب العود والصنج ، فإذا قاربت المجلس قرت قرار المستمع لا تبرح
، فإذا قطع السماع نفرت ، وإذا أعيد عادت.
وقال المعلم الأول
: إن الدلفين وأنواعا من السمك تسدر من جرس الآنية
وأصوات الرعد وتهرب إلى القعر فتصاد صيد السكران ، وإن الدلفين لا آلة سمع لها ، وإن الملاحين إذا أجمعوا على صيد السمك كفوا المجاذيف ، وخفضوا الأصوات لئلا تنفر ، وأرخوا
__________________
الشراع لئلا يسمع
له حفيف ، فإذا أحدقوا بالسمك جلبوا وصوتوا وقعقعوا ليجتمع السمك إلى الوسط في مكان واحد ، وإذا عنّ قطيع من السمك
يرعى بطمأنينة يلقوه بالهوينا ليغرقوه وإن لم يرفقوا
نفر . ومن السمك النهرى الذي يأوى الصخر ما يسدره ويحيره صك الصخر الذي يأويه ، فيخرج كالمغشى عليه. فالسمك يسمع ، بل
قد شهد أهل التجربة أن سمعه حاد ذكى ، وخصوصا قسطروس وسرى وحروميس . وكذلك فإن السمك يشم ، فيصاد بعضه برائحة منتنة ، وبعضه برائحة حامضة ، وبعضه برائحة مالحة ، وبعضه برائحة
الحرافة الدخانية. ومنهم من يشوى السفانج ، ثم يجعله في
إناء ، ويغمسه في المصيدة ، فيدخله السمك ميلا إلى الرائحة المشوية. وبعض السمك
يهرب من غسالة السمك ، ومن دم الدابة ، وبعضها ينفر عن وسخ ما يصاد فيه ، فإن كان ما يصاد فيه نقيا طيبا بادر
إليه. وبعض السمك والدلافين يتأدى الدوى إلى دماغها من غير آلة وسمع يخصها. وللمحزز حواس ذكية وشم وذوق وسمع من بعيد ، وتوافقها روائح دون روائح
، فإن منها ما تهلكه رائحة الكبريت والزرنيخ والسعتر الجبلى مثل النمل فإنه إذا نضح باب قريته بماء فيه شىء من ذلك
هجره. ويهرب من دخان الميعة ، وجميعها يهرب من دخان قرن الأيل. والسفانج يلزم الوعاء المدخن بالميعة اليابسة لزوما لا يبرحه ، وإن قطع ميلا ، ويهرب عن دخان دواء يقال له فوبوزا . والنحل لا يقع على منتن ، ولا ينزل إلا على العطر الحلو. والحيوانات الخزفية
، فمنها ما يميل إلى المنتن مثل الصدف المسمى قوبورا ، وأما البصر فيها والسمع فلا علم لنا به.
__________________
وأما الكلام في
تصويت الحيوانات فيجب أن تعلم أن هاهنا صياحا وصوتا كيف اتفق ، وكلاما. فأما
الكلام فهو للإنسان خاصة ، وله تقطيع الحروف الصامتة باللسان ، وإرسال المصوتة عن
الرئة. وأما الصياح فهو لجميع ما له حنجرة ورئة. وأما الأصوات الأخرى فقد تحدث عن
غير الحيوان ، وقد تحدث عن الحيوان لا بالصياح ، بل بنوع من الصوت آخر مثل صفق اليدين ومثل أصوات المحززات عن صفاقها. وأما طنين الذباب وما أشبههه عند طيرانه فإنما هو بحركة جناحه ، وإنما يصيح ما يتنفس. وربما صوت بتحكيك الأعضاء ما لا يتنفس ، ولا يكون
صياحا مثل صرار الليل ، وإنما صفير أمثاله من الصفاق الذي عند تحززه تحت حجابه ، وأما الذباب فيطن بطيرانه. وليس لشىء من الحيوان البحرى اللين الخزف
صياح ولا صوت آخر. وقد زعموا أن بعض السمك يصوت صوتا غير الصياح مثل الودا وجروميس ، وكذلك الخنزير الذي ببلدة سللوس ، فبعض من هذه الأصناف يصوت الصوت الذي ليس بصياح من عند شوك أذنه ، وبعضه
يتدالك الروح الذي في باطن جسده. ويسمع لسلاسى صرير ما كما
للمشط ، عند تحركه متكئا على الماء ،
ولخطاف البحر عند انزجاجه بأجنحته في الهواء. ويسمع للدلفين صفير كالصياح ، فله رئة. لكنه لا يفعل ذلك في البر. والحيات
تصفر ، والسلحفاة ضعيفة الصوت. وللضفدع لسان لاصق كلسان السمك ، ونقيقه في الماء فقط وفكه الأسفل منغمس فيه ، وله من خارج صياح آخر مديد من
نفس ، وإذا نق انتصبت عيناه من قوة الجحوظ.
__________________
وللحيوانات
الصياحة نغم يتداعى بها ، وما كان من الطير عريض. اللسان فهو يحاكى الكلام. ومن
الطير ما يختلف صوت ذكره وأنثاه. وما كان من الطير أصغر جثة فهو أكثر صياحا ،
خصوصا في زمان السفاد ، ففيه يكثر صياح الطير. ومن الطير ما يغنّي ذكره وأنثاه معا
مثل المسمى ايدون. ومن ذكورة الطير ما يحن إلى الأنثى ويدعوها عند الهراش أكثر ،
ومنه ما يفعل ذلك قبل الهراش ، ومنه ما يفعله بعد الفراغ منه كالديكة . ومنه ما لا تلحين له ولا غناء ولا صياح يعتد به إلا
لذكورته ، مثل الديكة والدراريج.
والذي يولد من
الناس أصم فله صياح وليس له كلام . وأما اللثغة
وأصناف الحبسات فشيء آخر. ومن فراخ الطير ما يخالف صوته صوت أبويه إلى أن يترعرع ، مثل الحمام. وقد حكى أن واحدا من الطير المسمى
ايدون كان يلقن فرخ غيره نغمته فيتلقن ، فيدل على أن فيها ما يلحّن بالطبع ، وفيها ما يلحّن بالتعليم والمحاكاة. وأما الفيل فيصر من أنفه ويصيح صياحا جهوريا من فمه.
وأما حال نوم
الحيوان ، فإن كل حيوان دموى مشاء فإنه ينام ويستيقظ ، وكل ذى جفن فإنه يطبقه عند النوم ، وقد يحلم غير الإنسان أيضا ،
ومن ذوات الأربع يظهر ذلك من شمائلها وحركاتها وأصواتها في النوم. والحيوان
البيّاض نومه خفيف غير غرق ، وكذلك اللين الخزف ، لكنها لا يظهر نومها من عينها إذ
لا أشفار لعيونها وإنما يحس بنومها من هدوئها ، ومن أنها ربما صيدت باليد وهي غافلة ، أو
أصيبت بالمشقص المعقف ذى ثلاث شعب . ونوع السمك قد تنام كلها ليلا أكثر منه نهارا ، ومن
__________________
الحيوانات البحرية
ما ينام على الأرض ، ومنها ما ينام على الرمل ، ومنها ما ينام على الصخر ، ومنها ما ينام على القعر ، ومنها ما ينام في مجارى الصخور الشطية. والذي ينام في
الرمل يحدث في الرمل شكلا يدل على اندساسه فيه فيضرب بالمشقص. وأما
سلاسى فإنه ربما استغرق يوما حتى صيد باليد. وأما الدلفين فإنه ينام وأنبوبه بارز يتنفس به ، وقد سمع نخيره في النوم. والمحززات أيضا تنام ، ويدل على ذلك سكونها وسكوتها . والصبى لا يحلم حلما يعتد به إلى أربع سنين ، ومن الناس من لم يحلم إلى أن
أسن ، ومنهم من لم يحلم البتة.
وأما ذكورة
الحيوان وأنوثته فليس كل حيوان ينقسم إلى ذكر وأنثى ، مثل الحيوان البحرى الخزفى
الصلب ، وأما اللين الخزف ففى بعضه ذكر وأنثى. ومن جنس المحزز ، ومن جنس السمك
أيضا ما لا ذكر فيه ولا أنثى ، مثل الأنكليس فلا ذكر فيه ولا أنثى وإذا تولد في
الحمأة شبيه بشعر ودود ظنوه من ولد الأنكليس وليس
كذلك فإن الأنكليس لا بيض له البتة. والبيض مكانه الرحم لا المعدة وإلا لفعلت فيه
المعدة فعلها. والأنكليس فإنما يوجد البيض في معدته فقط فقيصا ، والذي ظن أن ذكره أطول رأسا وأعظم فهو أيضا خطأ ، وإنما
ذلك اختلاف الجنس. وعد في التعليم الأول أصناف سمك لا ذكر فيها ولا أنثى ، فمن ذلك ما لا يلد ، ومنه ما يلد من تلقاء نفسه ، كأن القوة
الذكورية والأنوثية قد اتحدتا فيه ، كما في
الشجر . وما يلد من الحيوانات ذوات الدم فذكره
أعظم وأعيش. وأما البيّاض وما يلد دودا فإناثه أعظم
، مثل الحيات
__________________
والضّباب والضفادع والعناكب. وإناث السمك أطول عمرا ، يستدل على ذلك بأن الإناث تصاد وقد جسأت الأسنان وظهر الكبر ولا يوجد مثلها في الذكران . ومقاديم الذكران أقوى ومآخير الإناث أقوى . والمفاصل في الإناث من الحيوان أضعف ، وشعورهن أدق ، وصوتهن أحد ؛ وربما
فقدت آلات القتال في الإناث مثل القرون والأنياب ، فإن الأيّلة لا قرن لها ، وليس للدجاجة مخلب زائدة ؛ وأقول : ربما اتفق فى
الندرة في قائمة واحدة. وإناث الخنازير البرية لا ناب لها ، وربما كانت الآلة فى
الإناث أقوى ، كما في إناث البقر ، عوضا عن ضعف الصدمة .
__________________
المقالة الخامسة
من
الفن الثامن من
جملة
الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى ذكر بعض أحوال سفاد الحيوان ووضعه
وهاهنا نبتدئ في
اقتصاص سفاد الحيوانات وولادتها ، فنقول : ليس شىء مما له رجلان يلد حيوانا إلا
الإنسان وحده. وكما أن من الشجر ما يولد مثله ، كذلك من الحيوان. وكما أن من الشجر
ما يتولد من شجر آخر مخالف له ، كذلك من الحيوان ما يتولد عن غيره
كالديدان. وكما أن من الشجر ما يتولد من تلقاء نفسه ، كذلك من الحيوان. كل حيوان
يتولد من شبيهه ، فيتولد بولادة ، وأكثره بسفاد. وقد توجد أجناس من السمك
تلد ولا ذكورة لها البتة ، ومنها ما تبيض من ذاتها. لكن استحالة البيض فيها إلى
الحيوان إنما يكون بفعل من الذكورة ، كما سنصف بعد. ومن الحيوان ما يلد أنقص منه ،
كالقمل يلد الصئبان ، والذّبّان والفراش يلد دودا لا يستحيل ذبابا وفراشا.
__________________
أقول : يجب أن
يتأمل هذا بالتجربة ، ويحتفظ بذلك الدود هل يستحيل في آخره ذبابا وفراشا.
قال : لكل جنس نمط سفاد ، فإن ما تبول ذكرانه إلى خلف فإن سفاده على نمط كالأسد
والأرانب. ومن خاصة الأرانب أن إناثها تركب ذكرانها عند الجماع أحيانا.
ومن الإناث التي
تسفد من فوق ما يتطأطأ إلى الأرض كالدجاج ، ومنها ما يبقى مستقلا كأنثى الغرانيق . وأما القنافذ البرية فإنها تتسافد متلاصقة الظهور منتصبة ، ومن الإناث ما
تتعرض للذكورة كإناث الماعز فإنها تستدعى الذكران وتتطامن لها ، ومنها ما يحذر صولة الذكران كالأيلة والبقرة ، والسبب فيه إيلام ضرب قضيب
الذكر ، فإنه حاد صلب عصبى إذا انتشر. والناقة تبرك للجمل ، والفيلة تنحدر إلى
الوهدة ليركبها الذكر. وقد يؤثر النزو في الماء فإنه أعون على الاستقلال.
وأقول : إن الفيل قد نزا على الفيلة بجرجانية خوارزم ، وكان ذلك من الغرائب ، إذ لا
عادة لها في السفاد ، إذا خرجت عن بلادها إلى بلاد خراسان وما يليها ، فاستعان الفيل بنابيه فألصقهما على كفل الفيلة واعتمد عليهما في الاستقلال ، ثم لم يزل يقدمهما ويعاود الاستقلال
، حتى استوى بعض الاستواء فضربها ، فاستفدنا من ذلك أن أنياب الفيل تنفعه في السفاد. وكان هذا على ما أخبرت في قريب من سنة سبع وتسعين وثلاثمائة أو بعدها بسنة ، ومن غريب
ما رأينا هناك أن الأسد الوحشية المجلوبة إليها كانت تتسافد وتلد ، وكذلك الفهود. وجميع هذا مما لم ير في بلد آخر البتة.
والجمل كثير
السفاد طويله ، شديد الاغتلام في وقته فلا يقرب. وأقول : إنه
__________________
فى تلك المدة لا
ينال من العلف إلا شيئا يسيرا ، وينهض بقريب من أضعاف ما يوقر فى وقت آخر.
قال : والحيوان
البحرى المسمى قوقى نزوه عند السفاد مثل نزو جميع ما يبول إلى خلف ، ويتعاظل ، ولها ذكر عظيم. وسفاد الذئب كسفاد الكلب. وما يبيض من ذوات الأربع فيسفد
سفاد سائر ذوات الأربع التي تلد ، وذلك مثل السلحفاة البرية والبحرية. وأما أنواع
الحيات وأنواع ما لا رجل له ، فإنه عند السفاد يتشابك ويتلاوى ، حتى نظن الاثنين منها واحدا ذا رأسين. وأما سلاسى فإنها تتسافد متلاصقة الظهور. وأنواع من
دواب البحر العريضة الجثث يلصق الذكر ظهره منها ببطن الأنثى. والتي أذنابها عظيمة فإنها
تتسافد بتلاصق الظهور والتساحق الشديد . وربما تعاظل أنواع منها تعاظل الكلب ، فقد حدث بذلك ذوو الخبرة.
وليعلم أن الطير
وما يبيض هو أسرع الحيوان زمان سفاد ، وأما الدلافين والسباع
البحرية فتسفد سفاد ذوات الأربع في تطويل المدة ، والذكر من سلاسى فإن عضو سفاده
بارز عن الدبر. وأما سفاد سمك البياض فأمر خفى جدا ، ولم يظهر ظهورا يعتد به ويحكم
بسببه. والناس يقولون : إن الإناث تأخذ زرع الذكورة في أفواهها إلى بطونها ، وقد شوهدت الإناث تتبع الذكورة مبتلعة للزرع ثم عند الولادة فإن الذكورة تتبع الإناث مبتلعة بيضها.
وإنما يولد ما يفلت.
والقبجة تحبلها ريح تهب من جانب الحجل الذكر وسماع صوته. والقبجة والحجل
__________________
يفغران فمهما دالفين لسانيهما للشبق في وقت السفاد. وأما
ما لاقيا فتتلاصق بأفواهها ، ثم تتشابك فتسفد قائمة . والسفانج خاصة تلتصق أنثاه بالأرض وتتلاصق بأفواهها وتولج الأنثى الذكر في
نقرتها . ومن الناس من زعم أن ذكر السفانج عصبى وأنه عند رجليه وأنه يدخله فم الأنثى.
وبعض ما هو لين
الخزف يتسافد تسافد ذوات الأربع التي تبول إلى خلف ويلد. ويكون تسافدها في أول
الربيع ، وعند القرب من القعر ، وربما كان سفادها ببعض البلدان في أول زمان التين.
وأما تسافد السراطين ، فإن السرطان الأصغر وهو الذكر يعلو الأنثى ، وتقاربه الأنثى
من تحت مقاربة تتلاصق لها أبواب ما بين الطبقتين وتتحاذى ، ثم تتشبك تلك
الطبقات حتى تتسافد . وبعد ما بين الطبقتين في الإناث أكثر منه في الذكران.
وتبيض السراطين من أدبارها.
وأما الحيوان
المحزز ، فإن الأصغر وهو الذكر يعلو الأنثى ثم تشيل الأنثى عضو السفاد إلى محاذاة آلة الذكر فتلتقمه من غير أن يتحرك
إلى جهة من الذكر إلى الانثى شىء يعتد به ، بل إنما يأتى من الأنثى إلى الذكر عضو قابل
يبرز من مؤخرها. وإذا تشبكت من مواخرها لم تفترق إلا بعسر لشدة التعاظل . وإذا اشتهت العنكبوت الأنثى السفاد جذبت طاقة من النسج وجذب الذكر ، ولم يزالا يتغازلان بذلك حتى يتقاربا ويلتقيا ، ويصير بطن الذكر
قبالة بطن الأنثى.
واعلم أن أكبر هيجان الحيوان عند انسلاخ الشتاء وطلوع الربيع ، وأما الإنسان
__________________
وما يستأنس من
الحيوان كالخنزير الأهلى والكلب فإنه يسفد كل وقت. وغلمة الرجال شتوية ، وغلمة
النساء صيفية لتأذيهن بالبرد.
وأما الطير البحرى
الذي يسمى العرون فإنه يسفد في عنفوان الشتاء ، ويقال إنه يعشش أياما سبعة
قبل الانقلاب الشتوى ويسفد ، ويبيض خمس بيضات ، ويفرخ فى أيام سبعة أخرى. وظهور
هذا الطير إنما يكون في الحين مرة ، وذلك عند مغيب الثريا ، وهو يتراءى للمراكب ويطير حولها ، ثم يغيب ، على ما حدث عنه بعض الحكماء والموثوق بهم من أهل الخبرة.
والحيوان المحزز فإنه يؤثر السفاد في الشتاء ، إذا كانت الرياح جنوبية ، لا ينتظر الربيع
وخاصة ما لا يعشش ، كالذبّان والنمل.
ومن الحيوان
البحرى البيّاض ما يبيض مرة ومنه ما يبيض مرتين ، ومنه ما يبيض ثلاث مرات. والعقرب
البحرى يبيض تارة في الربيع وأخرى في الخريف. وليس من أصناف سلاسى ما يبيض مرتين ، إلا المعروف بوينى ، فإنه يبيض عند الربيع وعند مغيب الثريا سبعا أو ثمانيا ؛
ولكنها لا تبيض بيضها معا ، بل في زمان يتخللها ، فيظن بعض الناس لذلك أنها تبيض
في الشهر مرتين. ومن الحيوان البحرى ما يبيض في كل وقت وينشو بيضه ويكبر بسرعة. ومن السمك ما لا يبيض إلا في بحر أو خليج بعينه مثل
بيلاموداس وبيوا ، فإنهما لا يبيضان إلا في بحر تيطوس . وسمك آخر لا يبيض إلا عند مصب الأنهار في البحر ، ومنها ما لا يبيض
إلا في اللجة. ومن السمك جنس يقال له يربيداس يضع عند الانقلاب
الصيفى مثل كيس فيه بيض. ومن السمك ما يتكون من
__________________
الحمأة مثل المسمى
قسطروس . ومن السمك ما يبيض في ناحية البحر ، ليست بتلك المخصبة ، فى السنة مرة ، وفي ناحية أخرى مخصبة في السنة مرارا.
والذي يسمى ستينا من جملة ما لا قيا فإنه يبيض في كل
زمان ، ويكون تمام وضعه في مدة خمسة عشر يوما ، ويتبعها الذكر نافخا زرعه على بيضها. وبيضها صلب جدا وإنما يسبح منها دائما زوج.
والسفانج يسفد في الشتاء ، ويبيض في الربيع ، وفيما بين ذلك يعشش لبيضه ، وكأنما بيضه ثمرة جوز صغيرة. ويكون بيضه كثير العدد. ورأس ذكرانه أطول من رأس
إناثه. وتحضن الأنثى بيضها ، فيمسخ لحمها لقعودها عن
الطعم.
وأكثر الحيوان
البحرى الخزفى فإنه يبيض ربيعا وشتاء ، إلا ما كان من القنافذ البحرية مأكولا فإنه
يكون ممتلئا بيضا في كل وقت ، وخصوصا عند تبدر القمر ، والأوقات الحارة ؛ إلا ما
يكون في ناحية برينوا فإنه لا يبيض إلا شتاء. وتكون صغار الجثث مملوءة بيضا. وأكثر الطير الوحشية تلد مرة ،
والخطاف مرتين. وأما طائر يسمى فطوقوسى فيبيض مرة ولم
ينقرض الشتاء فيفسد بيضه ، ثم يبيض أخرى فيفرخ . والطير الذي يستأنس ويرتبط في الدور فإنما يلد مرارا كثيرة إلا في وقت صميم الشتاء ، وذلك كالحمام والدجاج . وأقول أيضا : إن الحمام إذا وجدت دفئا وعلفا باضت في صميم الشتاء. ومن
الحمام أصناف لا تستأنس البتة. والطير الذي يشبه الحمام من جهة جنسها أصناف ثلاثة : فإن أعظمها الدّلم ، وهو ذكر القطا ؛ ثم الفاختة وأصغرها الطرغلة . وأجود فراخ الحمام ربيعتها وخريفتها ؛ وأما
الآخران فرديئان.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى مثل ذلك ويشير إلى حال الزرع والمنى
واعلم أن أول زرع
ما يراهق من الحيوان يختلف ، فإن أعلق لم يقو بل أضعف وأصغر ، وخصوصا في الناس في أول ما يحتلمون ، وحينئذ يبتدئ
بتغير أصواتهم وبتغير سحناتهم ، ويتشببون وذلك في القرب من تمام أسبوعين. وأعلق المنى
وأجوده ما يمنونه فى تمام الأسبوع الثالث ، ولا يظهر لغير الإنسان احتلام ، وربما
تغير الصوت فيها. وصوت الطاعن في السن وصوت الذكر أجهر ، إلا في البقر والإبل فإن
الإناث أجهر صوتا. وصوت الرماك والحجورة أصفى ، وإن كانت
أحدّ. والبقرة الثنى والثور الثنى والمهر الثنى
تسفد ، والعنز والكبش الحولى يسفد ، والخنزير الذي له أربعة أشهر يسفد. وتضع
الخنزيرة عند ستة أشهر وفي بعض البلدان لا تسفد إلا بعد عشرة أشهر ، وتكون إجراؤها
جيادا إلى ثلاث سنين. والكلب يسفد من ثمانية أشهر إلى سنة
، وأطول حمل الكلبة واحد وستون يوما ، ولا تضع قبل ستين. ومهر الثنى أضعف ، ومن
الخيل ما ينزو بعد ثلاث سنين ، وكل ما كان بعد ذلك إلى
عشرين سنة فهو أجود وأقوى ، على أنه ينزو إلى ثلاث وثلاثين سنة ، لأن الفحل ربما
عاش في الأكثر إلى خمس
__________________
وثلاثين سنة.
وربما عاشت الرمكة أكثر من أربعين سنة. وقد شوهد فرس ذكر عاش خمسا وسبعين سنة.
والحمار يعلق من ثلاث سنين إلى ثلاثين سنة ، ولا يعلق ما دون ثلاث سنين أو سنتين ونصف. والرجل إلى سبعين والمرأة تحبل إلى خمسين. وأما العام الغالب
فللرجل ما بين خمسين إلى ستين وللنساء إلى خمس وأربعين سنة ، والشاة إلى ثمانى سنين ، فإن أحسن تعهدها فإلى إحدى
عشرة سنة. وما يولد من المسان وخصوصا من مسان الخنازير
فهو ردىء. والخنزير إنما يولد الخنانيص الجياد إذا نزا بعد السبع ، وأكثر نزوه
بعد السبع. والخنزيرة البكر تضع خنانيص صغارا. والمسنة لا تلد إلا في الفرط ، وذلك
بعد خمس عشرة سنة ، وأجود ولدعا الشتوى وأردأها الصيفى ، فإنها عجاف ضعاف. وينشط
الخنزير للسفاد عند الصباح. والكلاب تلد إلى ثمانى عشرة. وأما الفيل الذكر فينزو بعد خمس وست وإلى أن يسن ، وإذا وضعت الفيلة لم تحمل إلى ثلاث سنين ، ولا
يقربها الذكر وهي حبلى ، ومدة حملها سنتان وتلد واحدا في كل بطن. والإبل والخيل
والحمير تحمل اثنى عشر شهرا.
ثم ذكر أصنافا من
حيوان الماء : طائفة منها تتولد من الحمأة ، وأخرى تتولد من الرمال. وقد يتولد
أيضا من الطحلب الرملى الحمائى وهو الشىء الذي يشبه الصوف الأخضر بعض تلك
الحيوانات ويسمى نبتا ، وفيما بينها حيوان صغير يظن أنه سائسها والمحامى عليها ويشبه
العقورين أو صغار السراطين.
وبالجملة فإن أكثر الحيوان الخزفى يتولد من الحمأة ، ويختلف بحسب اختلاف الحمأة ، ومن
اختلاف الرمل. وللحمائى اسم وللرملى اسم وذلك باليونانى. ويتولد أيضا فى شقوق
الصخور جنس ، ويتولد من كل واحد منها ومن رطوباته جنس. وبعض هذه لا تبرح مواضعها ، وبعضها يموت إن برحت بالقسر. ومن جملتها حيوان حار المزاج
__________________
جدا يسمى نجما وإذا ابتلع شيئا تهرأ من ساعته في بطنه كأنه مطبوخ مرتين. ومن أصناف السراطين
الصغار ما يتولد أيضا من الأرض ، ويستبدل خزفه عند الاسنان. وقد تتولد حيوانات
تدخل أجرام الأصداف ، وتأكلها ، وتفسدها ، وتستكن في أصدافها مبثوثة. وقد تتولد حيوانات غير الخزفيات من غير توالد ، مثل
الإسفنج في شقاق الصخور. وكذلك الأفتيدا ، وما كان منه في العمق فيلزم الصخرة ، وما كان منه في الملموسات فينتقل ليرعى. وقد يكون عند ملصق الإسفنج حيوان كالعنكبوت يقال له حافظ الشاء لا يزال فاغرا حتى يبلغ حيوانا.
وأصناف الإسفنجات
ثلاثة : واحد سخيف متخلخل ، والآخر صفيق ، والثالث دقيق سفيق قوى جدا. وكذلك ما يوجد مملوة حمأة. وله حس لمس لا محالة ، ولذلك ينقبض في يدى من يقطعه عن ملصقه ، ويفعل مثل ذلك عند هبوب الرياح المموجة. وربما
حدث في جوفه دود ، وإذا قطع رعى فضلات جسمه صغار السمك ، وإذا تبرأ منه جزء نبت. واللحى منه ألين ، والذي يناله البرد والريح
أصفق وأصلب ؛ والحر المفرط يعفنه ويفسده. وأحسنه حالا في نفسه ما على الصخر النابت
في قعر قريب. وما دام حيا غير مغسول فهو أسود اللون. ويلتصق بالصخر من تفاريق من
أجزاء بدنه ، ويمتد على جانبه الأسفل غشاء صفاقى. وما يلقى الأرض من
حده السافل أكثر مما لا يلقى. وتكون مجاريه الفوقانية مغلقة ، إلا خمسة أو ستة يظن بعض الناس أنها مداخل طعمه. ومنه جنس يسمى غير مغسول ،
صفيق جدا ، ومع ذلك مجاريه واسعة ، ويشبه خلقه رئة ، وبينه وبين غيره خلاف في
اللون ، لأنه أسود لجوهره ، وسائرها أسود للحمأة.
__________________
والحيوان المسمى
فارابوا يحمل عن السفاد ثلاثة أشهر ، ثم يبيض بيضا كالعنقود بقرب الذنب ،
بل في الوسط بينه وبين الصدر في كلتا الناحيتين ،
ويتكلف وضع البيض بإشالة الذنب إلى عضو له غضروفى ، يحاول بذلك عصر البيض وضغطه
ليندفع إلى ذلك العضو ، فمنه مخرج البيض ، ويعظم ذلك العضو عند الولاد .
وأما الستينا فيضع
بيضه في حمأة وغشاء ، ويحضنه عشرين ليلة ، فيصير مثل شىء مجتمع متراكم ملتصق بعضه ببعض ، ثم يكون من البيض فارابوا في خمس عشرة ليلة. وقد يتولد فارابوا من بيض حيوانات
أخرى. أقول : يشبه أن يكون فارابوا شيئا كالدود
ويتكون من الحيوانات أو منه
الحيوانات.
__________________
المقالة السادسة
من الفن
الثامن من جملة
الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى بيض الطير وتفريخها وتشريح البيض والفرخ وأول ما يتخلق
الدجاج الكبير
الجثة يبيض أكثر من الصغير الجثة ، وإلى ستين بيضة . ونوع من الدجاج ينسب إلى أدريانوس الملك ، وهو دجاج
مطاول الجثة ، يبيض كل يوم وهو عسر الخلق قتول لأولاده . وربما كان من الدجاج ما يبيض في اليوم مرتين ، ومن الدجاج ما يتلفه كثرة البيض. والحمام الوحشى والفواخت والأطرغلاّت وما يشبهها فإنها تبيض في
السنة مرتين. والحمام الأهلى ربما باض عشر مرات وذوات المخلب تبيض في السنة مرة ، وأكثر ما تبيض أربع بيضات ، وربما زاد. وأما القبج
والدرّاج والطيهوج والتدرج فإنها تبيض بين الحشائش والكلأ ، وكذلك الحمرة
والعصفور الملحن أظنه القنبرة. وبعض الطير يبيض في الحجارة . والطير المعروف عند اليونانيين بالكحلى فإنه يعشش من
الطين فوق الشجر ، كما يعشش الخطاف على تركيب السلسلة. والهدهد يأوى
__________________
الشقوق في الحيطان
والصخر ويبيض فيها من غير تعشيش ؛ وقوقى أيضا شبيه بذلك. وصنف من الطير لا يبيض إلا في ما
قصر من الشجر.
ولجميع البيض الذي
للطير قيض وغرقئ وبياض ومح. ومح بيض الطيور المائية والشطية أكثر من البياض. ومن البيض ما هو أبيض كبيض القبج والحمام ، ومنه تينى كبيض طير الماء وطير الشطوط ، ومنه أرقط منقط وهو الأعرم مثل بيض مالاأعريداس وقاسانى ، ومنه أحمر مغرّى مثل بيض كنجريش أظنه النّحام . ومن البيض محدد الطرف ومنه مستعرض الطرف. وأسبق طرفى البيض إلى الخروج هو
الأبتر ، المستعرض. والبيض المؤنث هو المطاول المحدد الطرفين ، والمذكر هو المجتمع المستدير الكال الطرفين. وقد يتحضن البيض من تلقاء نفسه إذا وجد مدفأ تفقأ
عن فرخه. وأهل مصر يحضنون في الزبل. وكان رجل خمّير لا يبرح مجلس شربه حتى يفرخ بيضا كان يجمعها تحت بساطه المستدفى.
ومنى الطير أبيض
كمنى غيرها. والأنثى تقبل المنى بقرب حجابه ، فيكون أبيض ، ثم يشقار إلى الدموية
والتينية ويربو ويثخن ، ثم يتميز
التينى محاطا به في البياض إلى آخره. وبيض الريح ليس مما ينسب إلى بقية سفاد ، فإن الفراريج التي لم تسفد قط وفراخ الإوز التي لم تسفد البتة كثيرا
ما تبيض. وبيض الريح أصفر وأرطب وأقل لذة طعم ، ولا يستحيل عن بياضه وصفرته وعن
تينية فيه عند الحضانة وإن طالت. والطير الذي
__________________
يبيض بيض الريح هو
الدجاج والقباج وأصناف الحمام والطاوس والإوز وطير يسمى
سيسالونفس أى هو طائر كأنه مركب من الإوز والنعام. ومدة
تمام الحضانة في الصيف أقصر منه في الشتاء ، فإنها في الصيف إلى ثمانى عشرة ليلة ، وفي الشتاء إلى خمس وعشرين وبعض الذكور أشد لزوما للحضانة ، والإناث ألزم وأعصى لمن يزعجها عنها. وأكثر
بيض الريح ربيعى جنوبى ، وإذا طرأ عليه سفاد نقله إلى الإيلاد. ولذلك فإن نزوع الشبه يتغير على البيض
السفادى لطروء سفاد آخر عليه. وبيض الشباب أكبر حجما ،
والبكر بيضه صغير ثم يزداد حجما.
فإذا حيل بين الباضة والحضانة سلمت . والدجاج وكثير من الطير يغشاها عند السفاد اقشعرار وانتفاض . والحمامة تنتفض من ذنبها وتميلها إلى داخل. ومن الطير ما يأخذ حينئذ شظية خشبة في
فمها وخصوصا الدجاج والوز يمعن في السباحة بعد السفاد. وبيض الدجاج يدرك في عشرة
أيام وما قرب منها . وزمان بيض الحمام دون ذلك ، لكن الحمامة تقدر على مدافعة الطلق أياما ، وذلك عند اختلال عشها وانكسار ريشها انكسارا يحول بينها وبين الامتيار أو عند إصابة مرض إياها. والحمام يقبل بعضها بعضا. وأقول : أنا أتوهم أن ذلك ليس تقبيلا بل زقا ، كأن بعضها يتقرب إلى بعض بالزق. على
أنى لا أحقق هذا أيضا . وقال : هذه المعاملة تسبق السفاد في أكثر الأوقات وإذا عدمت الذّكران الإناث تعاملت بذلك ونزا بعضها على بعض. وبيض الشباب أسرع إيلادا
__________________
وتفريخا فإنه يتبين شىء يستحيل إلى التخلق ، ويستبين فيه
بعض التشكل في ثلاثة أيام ، دون بيض المسان. أول ما يأخذ البيض في التفريخ فإن الصفرة تميل إلى الطرف الحاد ، ويتنقط القلب نقطة حمراء
دموية ذات نبض واختلاج وحركة كالتنفس ، ويتشعب منها مجريان عرقيان فيهما دم جامد ،
أحدهما إلى الصفاق الذي يشتمل على الفرخ ، فينسج حينئذ صفاق من ليف أحمر يجلل البياض ، والآخر
إلى الصفرة. ثم يتميز البدن والرأس والعينان منتفختين ، ثم تستويان وتضمران. وإنما يتم من أعضاء الفرخ الشطر الأعلى أولا فيكون
ابتداء الجبلة من البياض وغذاؤه من الصفرة ، فإذا تمت عشرة أيام تميزت
الخلقة كلها. وأكبر ما فيه رأسه وعيناه مثل حبتى باقلى سوداوان يشفان عن رطوبة باردة بيضاء لامعة في الشمس. ويصل بين القلب والعين أحد العرقين ، وإنما هو بالحقيقة واصل بين القلب والدماغ. ومن
قرب العين ترجع عروق إلى الصفاقين اللذين أحدهما على البياض والآخر على الحمرة ،
وقد ترطبت الصفرة جدا ، فتكون هذه ثلاثة عروق : عرق ذو شعبتين وعرق آخر يأتى
الصفاق المجلل للفرخ فإذا بدأ الفرخ ينشأ نجد الصفرة قد اقتسمت بالرفق إلى الطرفين ، وتوسط البياض أو رطوبة ما ، ومالت الصفرة السافلة إلى لون البياض. فإذا تمت عشرة أيام لم يبق إلا
البياض ، وبعد ذلك يلزج ويغلظ ، ويصير إلى التينية. وهذا الصفاق غير الصفاق الذي هو الغرقئ ، وإن كان الغرقئ مشتملا على الفرخ والرطوبة ، لكن الفرخ متميز بصفاق خاص من الرطوبة ، وتحت الفرخ الصفرة التي أتاها عرق من العروق المذكورة . وأما بعد العشرين فيتم شعره ، وربما صاء بعضه إن مس بعنف ، وإذا كسرت عنه البيضة وجد رأسه تحت يمين الصفاق على جانب المراق تحت الجناح كأنه نائم يختلج وينتفخ.
وبعد
__________________
العاشر يظهر الصفاق المحيط بالرطوبة داخل الصفاق الأكبر ظهورا بينا ، ويلى الصفرة
التي عند إحدى العينين ، والصفاق الثاني المحيط بالصفرة التي تليها العين
الأخرى.
ومبدأ الصفاقين من
القلب ومن العرق الأعظم وتكون السرة الممتدة إلى المشيمة متبرئة عن الفرخ ، والصفاق الآخر الذي على الصفرة متعلقا بالفرخ لاصقا بالمعى الداخل
الدقيق. وفي هذا الوقت ما يجتمع في بطن الفرخ فضلة صفراء من عند الملح بقدر يعتد به. وربما انقذف بعضه إلى الصفاق الخارج ، ويكون
بيضا ، ثم لا يزال يتغير ما في البطن أيضا إلى أن لا يبقى فيه محية . وقد تبيض الدجاجة بيضا رديا لا يفرخ بالحضن.
ومن العجائب التي
رأيت بخوارزم أمر البيضة اللماعة ، التي ذكرت صفتها في بعض الكتب السالفة ، ولا
يبعد أن يكون ذلك لعفونة حدثت بها . وربما باض الطائر بيضة ذات
صفرتين ، بينهما صفاق ، أو متلاصقتين .
وذكر في التعليم
الأول دجاجة باضت ثمانى عشرة بيضة ، كل بيضة ذات صفرتين وتنفقص عن فرخين ، إلا ما
كان فاسدا في الأصل ، وإن من الدجاج ما ذلك يكون ديدنه ، ويكون
أحد الفرخين أعظم. والحمامة وما يشبهها فتبيض بيضتين ، وأكثر ذلك ثلاث بيضات ، ولا
يخرج فوق فرخين ، وإذا عرض للبيض الأول فساد باضت جديدة تتلافى ما فرط. وكذلك أقول
: إن كثيرا من الطير إذا اقتنصت فراخها قبل الطيران نشطت لسفاد جديد .
والحمامة تبيض بيض
الفرخ للذكر أولا ، ثم تبيض للأنثى في اليوم الثاني. والذكر
__________________
من زوجى الحمام
وما أشبهها يحضن شطرا من النهار ، والأنثى تحضن باقى النهار والليل أجمع ، وتتولى
كسر البيض وفقصه بعد عشرين ، ثم يتناوبان في إدفاء الفراخ أياما إلى أن تستغنى.
والأنثى أحذق في تعهد البيض والفراخ. وربما باضت الحمامة في السنة اثنتى
عشرة مرة.
والفواخت تتسافد
وتبيض على ما زعم بعضهم عند تمام ثلاثة أشهر ، تحمل البيض أربعة عشر يوما ، وتحضنه
أربعة عشر يوما. وتطير الفراخ عن الوكر طيرانا يعتد به بعد أربعة عشر يوما. وزعم بعضهم أن الفاختة تعيش أربعين عاما. والحجل يعيش ست
عشرة سنة وأكثر من ذلك قليلا.
والرخمة تبيض في
رعون الجبال وقللها بمعزل عن الطريق ، فلا يعثر على عشها إلا بالفرط . أقول : إن عششها قد ترى كثيرة ، لكنها تكون
بحيث لا يتسلق إليها متسلق. ولخفاء معاشه وأوكاره بيونان ما ظن سوفسطائى من الأولين أنه لا يأوى بلاد يونان
، بل ينتقل إليها ، وأنها ربما تبع العساكر منها جمع كثير وارد بغتة. والعوام
تتشاءم به.
والعقاب يبيض
ثلاثا ، ويحضن اثنتين ، وتضيع الثالثة ، على ما زعم بعضهم. لكنه قد شوهد في عشه
ثلاثة فراخ. وإذا اتفق ذلك صفق الثالث بجناحيه ونحاه من الوكر استثقالا لعول ثلاثة من فراخه. فإنه في ذلك الوقت يكون
أضعف ما يكون ، لأنه يذهب أوقاته في الحضانة وتربية الأولاد ، فتفوته كفايته من
الصيد. ومع ذلك فيشاركه فيه غيره ، فلذلك يكون فظا على أولاده ، وخصوصا صنف يقال
له برعرغوس . والسود
__________________
من العقبان أسمح أخلاقا وأرأف بأولادها. وأما فرخ العقاب الذي
يطرده ، فيتكفل به طائر يقال له فينى.
وحضانة اللقوة وسائر عظام الطير ثلاثون يوما ، وحضانة الوسط الجثة كالحدأة والبزاة عشرون
يوما. وبيضه اثنان ، وفي النادر ثلاث ؛ وكذلك الغراب ؛ ونوع من هذه
يسمى أعوليدس ، ربما باض أربع بيضات. وذوات المخالب إذا أنست القوة من فراخها
طردتها بالكره. وقد بلغنى من الثقاة أن الفراخ حينئذ تلزم الوالدين سنتين
لتسترقهما وتشاركهما فيما تصيد ، فلا يزالان يراوغان حتى يهربا من الأولاد ،
ويطلبهما الأولاد. ويكون ذلك سببا لوقوعهما في الخريف إلى حدود قاصية. وأما الغداف
فإنه يتعهد فراخه بعد الإطارة حينا ، وربما زقتها في الهواء
طيرانا. وذكر طيرا يسمى كوحكس يشبه البازى إلا في مخلبه ورأسه ، فإنه كالحمام وإنما
يشبهه بلونه وطيرانه ، وله بدل التخاطيط السود التي على البازى نقط سود ، وقد يظن
بعض الناس أنه يتغير منه أو إليه البازى ، فإنه يظهر عند ما لا
يظهر البزاة ، ولم ير له فرخ البتة ، وهذا مما يبعد. وقد عاين بعض الناس بازيا
يأكل كوحكس . وهو يبيض في عش غيره ـ بعد أكل
بيض صاحب العش ـ بيضة أو بيضتين. وإنما يبيض في عش أولانس ، وذلك يرب فراخه ويتعهدها .
أقول : إن في بلاد
ماوراء النهر وبلاد خراسان أيضا طائرا يقال له أيضا كبوك ، ويقال له ببخارى بانكون
، وصوته يحكى قول القائل كبوك المؤلف من نغمتين : الأولى
__________________
منهما حادة ،
والثانية ثقيلة ، وإيقاع الأولى كب حادة ، وإيقاع الثانية بوك ثقيلة ، وكذلك إيقاع الأولى بان ، وإيقاع الثانية كون ؛ والبعد بينهما قريب من الطنينى أو أزيد منه قليلا ، وربما فعل كالقهقهة. وهذا الطائر أصغر من البازى كثيرا
وهو في قدر باشق كبير ، يشبه الباشق في لونه الفاختى إلى الخلنجية ، وفي قده وطيرانه ما خلا رأسه ومنقاره ومخلبه فإنه حمامى ، بل رأسه أكبر من رأس
الحمام. وهذا الطائر صنيعه هذا الصنيع ، فإنى قد رأيت فرخه في عش العصفور الذي يأوى الآجام فتعجبنا من ذلك ، ثم رأيت ببلدة جرجانية
خوارزم في بستان كنت أنزله فرخ هذا الطائر في عش العصفور الصغير جدا الذي لا أصغر منه ، الذي يعشش أكثر الأمر في شجر الورد والسّرو ، والعرمض
، ويصيح صياحا ملحنا مؤلفا من نغم
كثيرة ، لكنه كان عشش هناك على شجرة الفرصاد ، فذكر لى بعض أصحابى أن في عش هذا
العصفور الصغير فرخا كبيرا مثل فرخ الحمامة وأن هذا العصفور الصغير يزقه
ويربيه ، واستبعدت ذلك وتخيل لى أن هناك عشين متجاورين ، فمضى صاحبى ونقل ذلك
الفرخ إلى ما بين يدى ، وهو معروف عندى بأنه فرخ أى طائر هو بقده ولونه الخلنجى
ومنقاره وغير ذلك ، فلم يوضع الفرخ بين يدى حتى طار
إليه العصفور يشنع تشنيع العصافير المقصودة في فراخها ، ولا يزال يرفرف حوله. فلما
خلينا عنه وقع العصفور الصغير أمامه ، فتقدمت برده إلى العش ، فارتدت العصفور إليه هادئة. فلا يبعد أن يكون الطائر المذكور هذا
هو ذاك ، إلا أنه ليس في قد البازى ، فلعل الذي في بلادنا أصغر ، أو لعله طائر
آخر. ويرجف في بلادنا أن هذا الطائر عاهر يطؤه كل طائر ، وليس كذلك ، بل إنما
يتهافت عليه الطير ، فيما أظن ،
__________________
متهارشة ، لأنه يأكل بيض الطير ويزاحمها في العششة ، ويترك فراخها كلا عليها ، فهى تستشعر منها نكرا استشعارا طبيعيا
غريزيا.
قال : وفراخ
البزاة تسمن وتكون لذيذة الطعم جدا ، وجنس منها يعشش كالرخم. والطيور تتناوب ذكرانها وإناثها في الحضانة ما خلا الدجاجة
والأوز الأنثى فإنها تلزم الحضانة. بنات الماء تبيض على شطوط
النقائع في سترة من العشب لتقوى الحواضن على الحضانة وعلى إصابة الطعم من قريب. والقباج تتقاسم البيض فيما بين
الذكران والإناث ، فكل يحضن ما يحضنه ، فإذا تفقأت
البيض حضن كلّ ما فقأه ، لكن الذكر يسفد منذ أول ما تطير
فراخه.
والطاوس يعيش خمسا وعشرين سنة ، ويبيض بعد الثالث من سنيه ، عند ما ينتقش لونه ، ويتم ريشه. ويبيض في السنة مرة واحدة اثنتى عشرة بيضة
في أيام ، ثم يحضنها ثلاثين يوما ؛ وربما أخل منها يوما وربما يومين وأكثر . والطاوس يلقى
ريشه مع سقوط ورق الشجر ، وينبته الله مع ابتداء نبات الورق.
والدجاج قد يحضن
بيض الطاوس وبيض البط وغيره ، وإنما يختار الدجاج لحضانة بيض الطاوس في أكثر الأمر وإن وجدت الطاوسة
البائضة ، لأن الطاوس الذكر يعبث بالأنثى ويشغلها عن الحضانة ؛ وربما انفقص من تحتها ، ولمثل هذه العلة تغيّب كثير من الإناث
محاضنها عن ذكرانها. ولا تقوى الدجاجة على أكثر من بيضتى طاوس ، ويتعهد الدجاج حينئذ بتقريب العلف
منها.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى سفاد السمك وبيضها وتوليدها
وكلام في سفاد الحيوانات الماشية وتوليدها
بيض السمك لا
تختلف ألوانها في البطن الواحد ، وتكوّنها على نحو تكوّن فراخ الطير في الصفاقات
والمشيمة ، ما خلا أن أحد العرقين المذكورين لا يكون فيه ، وهو الذي يمتد إلى
الصفاق الذي تحت القشر ، بل الذي إلى الصفرة. ولا يكون هناك من الفضلات
التي للفرخ أيضا ، ولكن تكون هناك رطوبة بيضاء بدل التينية التي
كانت في بيض الطير. ويظهر الكبد هناك في الوسط.
وذكر أن الكلاب
البحرية تبيض أولا في الباطن ثم ينتقل بيضها من فوق إلى
أسفل ويلد حيوانا. وفي أرحام عالاموى عند ما يمتلئ
بيضا شيئان كثديين أبيضين. وكذلك رحم المسمى بجاليوس ذى الشوك فإنها ينتقل لبيض فيها إلى ناحية هذين
العضوين ويصير فرخا. ويشبه أن يكون هذان الثديان كجانبي رحم.
قال : وتكون الذكورة في اليمنى والأنوثة في اليسرى ، وربما اجتمعا في جنبة واحدة. وأما نارقى وهي السمك الرعادة التي تخدر يد من يمسها
وتخدر يد حامل الشصّ إذا وقعت فيه ، فإنها ربما كان في جوفها قريب من ثمانين فرخا.
__________________
والسلاسى تفرخ ستة
أشهر تباعا عند الشط في الدفء. والذي يسمى الحمى ، يبيض فى الشهر مرتين. والذي يسمى كلبا بحريا ، فإنه يلد مرة . والرعادة تلد في الخريف ، والثعلب البحرى والكلب البحرى والمسمى
قاضة ، فكل ذلك مما يبيض ثم يفرخ في باطن . ويشبه أن لا يكون هذا الكلب البحرى مما نعرفه نحن من الكلاب المائية ، بل
عسى أن يكون جنسا من السمك.
والدلفين تحمل
عشرة أشهر ، ويتم عظم ولدها بعد عشر سنين ، وتلد صيفا فقط ، وربما غاب في اللج ثلاثين يوما لا يظهر ومعه إجراؤه ، فهو متحنن عليها ،
وربما عاش ثلاثين سنة ؛ عرف ذلك من مراعاة واحد منها مبتورا .
وأما قوقى فيضع
على البر واحدا إلى ثلاثة. ولأنثاه ثديان ترضع منهما ، وتلد كل وقت ، وإذا
أتى على أولادها اثنا عشر يوما استدعتها إلى الماء في اليوم مرارا تعودها السباحة.
وعظامها غضروفية ، فلذلك لا يهلكها إلا ضربة تقع على الصدغ. وصوته كصوت البقرة .
وجميع السمك
القشرى بياض ، وكذلك جميع الأملسى خلا الأنكليس.
وإذا باضت فى أماكن اعتادتها وأعدتها ، سلمت عن البوالع ، ولو لحق البيض السمكى زرع الذكر كله وتم الملحوق منه ذلك لبلغ عدد السمك مبلغا عظيما. وكذلك حال اللين الخزف مما
يبيض.
ومن السمك ما ينشق بطنه فينقذف منه البيض ، ثم يلتئم. وأكثر السمك يبيض مرة ؛ وكذلك السمك
النهرى والنقائعى. ولكنها لا تفرغ من البيض دفعة ، بل في
__________________
أيام متوالية ؛
ولا الذكر يمج زرعه دفعة. وصنفان من سمك البحر : أحدهما يقال له قونة تيس تبيض خمس مرات أو ست مرات ، والآخر يقال له حلقيس يبيض ثلاث مرات. والصغار الجثث تبيض عند أصول القصب ، وبعضها عند أصول الخلاف ، وبعضها فى الطحلب والعرمض. والفرفير يتوالد في الطحلب أو يتولد. وربما لزمت الكبيرة من السمك سمكة صغيرة لزوم سافد ، وربما كان الذكر مقيما عند البيض يحفظها وذلك فى صنف واحد يسمى موبرتيرس ، وصنف آخر يحفظ كل بيض مجتمع ويسمى انكلاس ، والأنثى منه منصرفة لا تشغل به. وبعض البيض
بطيء النشو ، وربما بقى أربعين أو خمسين يوما. وبعضها
وخصوصا بيض الصغار سريع النشو ، يفرخ عن ثلاثة أيام. والأنكليس لا يوجد في بطن ذكرانه
زرع ، ولا في بطن إناثه بيض ، ولا يتولد عن سفاد ، بل يتولد عند الأمطار في
النقائع. وقد يوهم الدود الموجود في بطنها أنها الشىء الذي يتكون هذا الصنف منه ،
وليس كذلك ، بل تكونه من ذاته. وربما كان من العلق المسمى معاء الأرض قد امتحن ذلك
، وذلك إذا مطرت تلك الأرض التي فيها هذا الدود ، ووقف عليها ماء. وربما نضب الماء
وبقى طحلب فيتولد فيه سمك يسمى زبدا ، والأنكليس أيضا. وقد يتولد في الحمأة الباقية بعد النضوب سمك
كبير كثير حركة الرياء من الزبد الذي على الماء إذا مطر ، وقد يتولد عنه ، ولا يكون البتة إذا قلت الأمطار. وقد يلد صنف من السمك صنفا آخر فيعتزله. والسمك يختلف في زمان السفاد ، وفي مدة الحمل
، وفي زمان الوضع ؛ وآخر ما يضع هو المسمى سيقال .
__________________
والضفدع من أصناف السلاسى ، يبيض كثيرا فيهلك ، ويضع بيضه على الشط ، وسائره يلد ،
ويختلف أيضا في مدة البلوغ. والبنّي سريع النشو. فهذا ما قاله في السمك.
وأما الحيوانات
الأخرى ، فإن ذوات الأربع منها التي تسفد في السنة مرة ؛ فقد تسوء أخلاق ذكرانها ، مثل الخنازير البرية ؛ فلذلك تتقاتل ، وتستعد
لذلك بالتلطخ بالطين والتجفف والمعاودة ؛ تبتل بالماء وتتمرغ في التراب . والثيران والكباش والجمال والفيلة تزعر أخلاقها وتتقاتل ،
وكذلك الذئاب والأسود. فإن لم تتقاتل ، فلأنها لا تتجاور.
والكلاب أقل من ذلك سوء خلق ؛ لأنها تسفد في السنة مرارا ، على أنها ربما تهارشت ؛
وإذا اجتمع على كلبة كلاب كثيرة صبر بعضها على بعض مرة ، وتقاتلت مرة ، فإذا تعاظلت لم يقصد الذكر المعاظل بسوء.
أقول : وربما وثبت
الكلاب الذكورة التي تتبع الكلبة المستحرمة على من وجدته من الناس وكان
فيه خطر.
قال : فأما الإناث فتسوء أخلاقها عند رضاع الجراء ، وخصوصا الدبة والكلبة.
وأهل الهند يحولون
بين الفيل وبين النزو ، فإنه إن نزا عصى عصيانا عظيما ، وأقبل على أبنيتهم بالهدم.
وأهل الهند يؤدبون الفيلة المستوحشة بالفيلة المستأنسة إذا تعوهدت بما تحبب عليه وتتآلف به. والرمكة والبقرة يشتد بهما الشبق جدا ، والرمكة إذا ودقت تعرضت بظبيتها للريح تلتذ بنفوذ الريح فيها
، وربما يتولد في أرحامها من النفخ ، وذلك مما يركضها ركضا.
__________________
أقول : وقد سمعت
شيخا من المحتشمين ذكر أن حجرا عربية بالكوفة ودقت فنفرت عن المصلى يوم عيد الأضحى أو الفطر
، وقد نشبت الريح بظبيتها ، فلم تزل تغرق فى العدو حتى حصلت بنواحى الجزيرة في اليوم
الثاني ، فإذا بها وقد قطعت
ثمانين فرسخا.
وذكر في التعليم
الأول أن ركضها يكون إلى الجنوب أو إلى الشمال لا غير ، لا بشرق ولا بغرب ؛ وأن
الخنازير هذه سبيلها وتسيل من أرحامها أعنى الخنازير والحجورة رطوبة ، كما يكون
بعد الولاد ، يأخذها المدعون للسحر لأعمالهم ، وهي كالمنى وأرق منه
ويسمونه حيوان الحبل ، يسيل قليلا قليلا ، ويدل على حال استيداقها مطأطأتها الرؤوس بعضها إلى بعض ملاعبة ، وإشالتها الأذناب محركة إياها تحريكا متتابعا ، وربما زرقت بولها زرقا متواليا. وكذلك البقر في تحريك
الأذناب وزرق البول والشابة منها أسرع استيداقا ، وخصوصا الخصية. والرمكة يسكن من وداقها جزء ناصيتها ، كأن حركات الناصية تنشطها للخيلاء واللعب ، وذلك مما
يحرك شهوتها. وذكورة الخيل لا تسالم الرماك فى المراعى مما لم تشبق ، بل يقبل على
طردها في غير وقت الشبق. وكذلك الثيران فإذا اغتلمت اختلطت. والجمل يطرد الفرس عن
المرعى. والحيوانات البحرية أيضا لا تجتمع ذكورتها
مع إناثها في الرعى إلى وقت الهياج.
والبقر والخنازير والكلاب إذا شبقت ورمت أقبالها ، وقد تطمث الرماك طمثا يسيرا في
مدد متقاربة ما بين شهرين وأربعة أشهر ، وربما تمادى تأخره إلى ستة أشهر ، وللمعز والضأن قبيل اشتهاء
النزو والسفاد.
ويكثر ذلك في
الرماك والأتن والبقر في أوان الشبق ، حتى يخرج شىء معتد به. وكلها
__________________
يشتد هياجها عند الاستنقاء من تلك الفضلة.
وطلق الرماك أسهل من طلق غيره ولا يستفرغ بعد وضعه دم كثير ، والبلغة لا تطمث البتة ، ولكن يخثر بولها في وقت دون وقت. وبول ذوات الأربع أغلظ من
بول الناس ، وبول الماعز والشاء أغلظ من بول التيس والكبش ، وبول الأتان أرق ، وبول
الراضعة أخثر. وأول لبن البكر قيحى رقيق ، فإذا وضعت أخذ في الاعتدال. وتخصب الماعز والشاء على الحمل وتزيد
في الأكل ، وكذلك ذوات الأربع إلى أن تضع. والكلبة والخنزير تحمل من نزوة واحدة ، الكلبة تمتلئ جوانب رحمها بنزوة واحدة ، وإذا عجل إنزاء الفحل على
إناث الخنازير الأهلية عاودت الهياج ، بل يجب أن تنتظر به ريثما يصدق شبقها ، وترخى آذانها . وقد تحمل حملا
على حمل في ثلاث أو أربع نزوات. قال : وإذا مطرت انتقض حملها.
وعمر غنم الحبشة
أكثر من عمر غيرها من الغنم ، فإن عمرها قد يمتد إلى ثلاث
عشرة سنة ، وعمر غيرها يمتد إلى عشر سنين. والماعز تعيش هناك إلى إحدى عشرة سنة ،
وفي سائر البلاد إلى ثمانى سنين ، وربما وضع الماعز والشاء اثنين عند جودة ماء
الفحل وخصب المرعى. ويجب أن تكون الغنم عند السفاد متوجهة إلى الشمال فتعلق وتنجب
، والكبش الذي عرقه الذي تحت اللسان أبيض يحبل بأبيض ، والذي عرقه ذلك
أسود يحبل بالأسود ، والذي عرقه أشقر يحبل بالأشقر ، والمختلف بالأبلق. والذي يشرب
بالماء الملح يقبل النزو قبل غيره. والسنة التي ينشط فيها المسان قبل الشبان فهى
دليلة على الخصب.
والكلبة تطمث في
كل أسبوع. يعرف ذلك من تورم قبلها. ولا تقبل السفاد حينئذ ، بل في الطهر ، ويهز
لها الوضع والإرضاع. ولبن الكلاب أغلظ الألبان ،
__________________
وما يجرى مجراها ،
بعد الأرنب والخنازير. والكلب يشغر بعد ستة أشهر أو ثمانية أشهر ، وربما اتفق قبل
ستة أشهر. والسلوقى يعيش عشر سنين ، والسلوقية اثنتى عشرة سنة. والذكورة من الكلاب
أقصر عمرا لشدة التعب. ولا يسقط الكلب من أسنانه غير النابين. والمسن منها أقلح
الأسنان سودها.
والمسن من الخيل
أبيض الأسنان. وإذا اجتمعت الفحولة والبقر فتقابلت كان أسفد. وحملها من تسعة أشهر إلى عشرة أشهر ، وما يوضع قبله يكون ضعيفا ، ويضع فى الفرط توأما. وأجود فحولها ابن خمس سنين.
وعمر البقر والثيران إلى خمس عشرة سنة ؛ وربما عاشت إلى عشرين ، وقد
تزيد على ذلك أيضا بحسب المرعى والدعة
وتبلغ سنتين. وربما كان ضرع البقر خاليا ، فتضع وترضع في
الوقت لبنا صريحا. والرمكة ربما لم يمتلئ رحمها بنزو واحد ، وربما أتأمت الرمكة بفرسين أو بغلين. لكن الأتان يسرع امتلاء
رحمها .
__________________
المقالة السابعة
من الفن الثامن
من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى اختلاف الحيوان بحسب المأوى والمطاعم واختلاف ذلك
فى
الأعمار
والأخلاق
كما أن من الناس
من هو بعد مشاكل للبهائم. والسباع من الحيوان الغير الناطق كالصبيان إلى أن يعقلوا. كذلك من الحيوان ما هو
مشاكل للنبات ، لا في أن له حد النبات فإن هذا لا يمكن ، ولا من جهة أن له جزء حد
النبات ، فإن جميع الأشياء التي من مقولة واحدة تتشابه بأنها تتشارك في جزء الحد ، ولكن في أن له من بين سائر الحيوانات خاصية ،
توجد تلك الخاصية للنبات فقط من ذوات الأنفس مثل لزوم المكان كالإسفنج والحيوان البحرى المسمى بالعيى وجماعة من
الأصداف. وهذه لا تخلو عن حركة إرادية ، ولكن لا تبلغ أن يفارق بها جملة المكان ،
بل تنبسط وتنقبض في صدفها. ويختلف أيضا في القوة والضعف ، ولا بد لها من حس لمس.
ثم بعد ذلك فإن درجات الحيوانات
__________________
تختلف حتى تبلغ
درجة أكملها الذي هو الحيوان الناطق. وفيما بين ذلك طبقات الحيوان التي تتولد بالتسافد ، وتعتنى بتربية الأولاد ، وتضطرب في ارتياد القوت ، ويختلف
أيضا باختلاف الطعم ، وهي مختلفة في ذلك اختلافها أيضا في ارتياد المساكن والمأوى
، على حسب ما سلف ذكره وهو مشهور. وتختلف بالذكورة والأنوثة ، وربما كانت ذكورة لينة وإلى
الأنوثة ما هي وأنوثة كزة إلى الذكورة ما هى ، وربما اكتسبت مشاكلة للإناث بأعضاء.
فأقول : إن البدن قد يستفيد من عضو واحد فيه مادة أو كيفية مطردة تشيع فى جميعه ،
فإذا فات ذلك العضو وكان غير ضرورى في الحياة ، بل في صلاح
الحياة ، قبل أن أفاد فائدته ، بقى البدن عديم ذلك الكمال. وكيف لا يؤثر فقدان الأعضاء ومخالفتها بالكيفية والوضع ، وأنت ترى الخلاف بين الذكر والأنثى إنما هو بسبب مخالفة
الرحم والقضيب في الوضع والكيف والكلام في الأنوثة والذكورة؟ وفي هذا مما سنفسره ونقرره
بعد.
ومن عجائب أحوال
الحيوان غلبة بعضها لبعض ، وصيد بعضها لبعض ، وربما كان الصائد مصيدا بصيده مثل السفانج فإنه يصيد الحيوان البحرى المسمى فارابوا ويأكله ، حتى إنهما إذا صيدا معا في شبكة واحدة مات فارابوا خوفا من مجاورة السفانج . لكن فارابوا صيد عبقرى. وعبقريّ لملاسته يزلق عن أطراف السفانج فيعجز السفانج
__________________
عن صيده بجوارح
أعضائه ، وعن التشبث به ، وهو يخلص بسلاحه إلى جسد السفانج فيثخنه ويأكله. والسفانج يجود تمكنه من جسد فارابوا فيقهره. وجميع ما لاقيا يأكل اللحم ، وفارابوا يصيد صغار السمك ، وحتى يهجم عليها في مأواها ، وسلاحه زبانياه بهما يصيد ويتناول. وهو حثيث التقدم وحثيث النكوص عند الذعر . وجنسه مما تتقاتل بقرونها كالكباش ، وربما تقاتل منها سرب فسرب. والسفانج أكثر صيده من منحليا يجرحه ويثخنه ويبتلعه. ومن طلب السفانج عمد إلى مأوى
منحليا .
وكثير من السمك
غذاؤه وعيشه من بيض السمك ، فإذا انقرض زمان البيض جاع ، والحيوان البحرى المسمى
طرغلى ، فهو يغتذى من الحلزون والطحلب ومن اللحم وحده. وكثير منها يعيش
من الطحلب والحمأة والأزبال. وكثير من السمك يأكل بعض جنسه بعضا ؛ ما خلا قسطربوس فلا يأكل لحما أصلا ، وكذلك القيقال . وأما عبقرى فيأكل اللحم والسمك ، لكن من غير جنسه. ونوع من القيقال يغتذى
كثيرا من مخاط نفسه ، فلذلك يقال إنه صائم أبدا. وجنس من القيقال مخاطى ويضطره إثقال المخاط إياه أن يتبرأ ويضطرب في اللجة كالمغتسل.
ولمخاطيتها لا يأكلها غيرها من السمك فيكثر عددها إلا أن تموت فتتحلل ، فحينئذ
يأكلها غيرها.
ومن أجناس مالاقيا
ما يقلب معدته إلى خارج. والدلفين لا يأكل إلا اللحم. ونوع من السمك يسمى قوقيس لا يأكل غير لحم العفوس ، وربما أكل لحم جنسه ،
__________________
ومنها ما يأكل مع
اللحم غير اللحم كالطحلب. وصنف يقال له سارقوس يجتر اجترار
البهائم . والدلفين وأنواع من السمك أفواهها في ناحية بطنها تستلقى
عند الصيد ، ولو لا ذلك لما سلم منها صغار السمك البتة ، لشدة قوة الدلفين ونهمه.
والأنكليس يغتذى من الحمأة من قرار الماء العذب ، فإن تغير الماء ونبت فيه عشب ردىء كالدفلى خنقه ، وكذلك الكدر يخنقه. وبالتكدير
يصاد صناعيا كان أم طبيعيا ، ولا يطفو إذا مات.
ويعيش في البر خمسة أيام أو ستة أيام ، لا يحتمل برد الماء المفرط ولا قلة الماء ،
ومدة عمره سبع أو ثمانى سنين. وجميع الطير المعقف المخلب يأكل اللحم ، ويعجل فى بلعه من كبار الجوارح إلى صغارها.
وقد علم في
التعليم الأول أسماؤها باليونانية. ومن الطير ما يأكل الدود كأصناف من العصافير والوصع ، عدها وذكر فيها عصفورة ذات قنزعة أعظم من الجرادة يسيرا ، حسنة الصوت والتلحين. والطير الذي يأكل الحب ، منه ما يأكل الدود أيضا ، ومنه ما
لا يأكله. ومن الطير ما لا يقرب حيوانا ، بل يرعى. ومن
الطير ما يأكل ما هو مثل البق والذباب. والطائران النقاران للخشب المتشابهان إلا
في الحجم ينقران لاستخراج الدود ، قال : وهاهنا طائر غيرهما يفعل فعلهما ، وهو في عظم الأطرغلة ، أخضر الجسد كله
، وله صوت عظيم ، ويكون في بلدة واحدة سماها ؛ وآخر رمادى صغير الصوت. ومن جنس الحمام اللاقط للحب ما لا يظهر شتاء وهو الأطرغلة ، وطائر من جنسها يقال
__________________
له أناس يقطع إلى بلاد اليونانيين شتاء على خلاف عادة سائر الطير . وهو أكبر من الحمام ، ويصاد عند شربه ، وتتبعه فراخه.
وذكر في التعليم
الأول في مثل هذا المكان أصناف من طير البحر والبر مجهولة ، وفيها غراب الماء وهو المكاء.
وليس شىء من طير الماء يعشش أو يفرخ فوق الشجر. وجوارح الطير تأكل جميع ما تقهره ،
إلا ما كان من جنسها ، فقلما تقصد أكله قصدا. ومعنى قولى : قصدا ، أنه قد يتفق للعقاب أن يأكل جارحة ، إنما هم بها تخيلا أنه يمسك صيدا فيقصدها
لنزع ذلك من يده ، فإن وجد صيدا سلبه ، وإن أخفق تأدى إخفاقه إلى أكلها نهما.
والجوارح قلما تشرب. والحيوانات ذوات الأربع التي على جلودها تفليس كسام أبرص ، فهو يأكل اللحم والعشب. وكذلك الحية ، وهي نهمة ، ويقل شربها ، وتشتاق
إلى الشراب ، فإذا شمته لم تملك نفسها ، وتأكل لحم بعض الحيوان ، وتمتص رطوبة بعض.
وكذلك سائر المفلس الجلد. والعنكبوت يمتص الذباب أيضا. والحية
تبتلع البيض والفراخ حية ، وإذا ابتلعت عظما ردته إلى مواخرها ، وتقبضت ، فلم يلبث أن يتهشم . والحية وسائر الهوام تعيش مدة طويلة بلا غذاء ، يعرف ذلك من شهادة الحوايين . والذئاب والكلاب وما يجرى مجراها تعاف غير اللحم ، إلا
عند التعالج ، مثل أكل الذئب للتراب عند ما يشرى ، والكلب لبعض الأعشاب عند ما يمغص . والضبع في عظم
الذئب ، لكنه كثير الشعر ذو ناصية ، نباش يأكل الجيف.
والدب يأكل اللحم من كل حيوان ، ويأكل الثمار ، ويأكل الحيوانات الصغار كالسراطين
والنمل ، لأنه وإن كان سبعا فقد يشبه بنعمة بدنه البهائم الأخرى ، ويصيد
__________________
الأيلة عن كمين لا
عن إتباع ؛ لأن شدة حضره قريب المدى ويستلقى في مرصد الثور ، فإذا رام نطحه شبث ذراعيه بقرنيه ، ولا يزال ينهش ما بين كتفيه حتى يثخنه ، وربما
مشى يسيرا على رجليه. وأقول : إنه ليرمى بالحجارة ويأخذ
العصا من الإنسان فيضربه ، حتى يتوهم أنه مات ، فيتركه ، وربما عاد يتشممه ويتجسس نفسه ، ويحب العنب جدا ، ويصعد الشجر أخف صعود ، ويهشم الجوز
بين كفيه تعريضا بالواحدة وصدمة بالأخرى ، ثم ينفخ فيه فيذرو قشره ويستف لبه.
وأما الأسد فإنه
قذر البلع يبلع البضع غير صابر إلى أن يمضغ فيغص به فيقذفه ، ويعود فيه ، ويمتلئ
امتلاء يثقله فيلزم مفرشه يومين وليلتين صائما. ولا يجعر إلا في يومين أو
ثلاثة أيام مرة واحدة ، ويفارقه شىء صلب جدا يابس لا رطوبة فيه منتن. وفساه شديد النتن ، وكذلك بوله. ويشغر كالكلب ، وإذا شق بطنه فاحت منه رائحة شديدة
ثقيلة.
ومن حيوان البحر
ما يرعى في الشط ليلا كقوقى. وحيوان آخر عريض الجسد قوى الأسنان إذا عض إنسانا لزمه حتى يسمع خشخشة العظام. وهو غليظ الشعر. وشرب الحيوان الحاد السن
المفلجها خلاف شرب الحيوان المرصص الأسنان. وللدب شرب خاص ، وللطير شرب خاص ، فما طال
عنقه فإنه إذا تجرع أشال رأسه ، ثم عاود ؛ والسبب فيه ضيق
أعناقها وصعوبة تأدى الماء من تحت إلى فوق فيما طال عنقه.
على أن شرب الطير مختلف أيضا .
الخنزير مولع بالأصول ، وخطمه موافق لكرب الأرض نبشا عن الأصول ،
__________________
ويسمن في ستة أيام
، وخصوصا إذا أجيع ثلاثة أيام. وبعضهم يسقيه يوما ، ثم يعطشه أياما ، وربما بلغ
بها سبع. وجميع الحيوان يسمنه الجمام ، والخنزير يسمنه التمرغ في الطين ، ويشبه أن
يكون السبب فيه سد ذلك لمسامه. والخنزير يقاتل الذئب عداوة. وأما البقر فيسمنه ما
فيه نفخ ، مثل الكرسنة والباقلاء والشعير والثمار
الحلوة. وربما شق طرف منه ونفخ فيه فعاون ذلك على تسمينه. والشمع المسخن يلين قرون
العجل حتى يمتد تحت اليد كيف شئت ، وتدهين قرونها بموم أو زيت أو زفت يحمى أرجلها عن الوجع ، فإن المشي يوجعها.
والبقر يتأذى
بالبرد. وإذا حرم على فحولتها وإناثها السفاد نموا مفرطا. وأما الخيل والبغال
والحمير فيسمنها الشرب. والبقر يشرب من الصافى ، والخيل والجمال إلى الكدر أميل.
والخيل تكدر الماء الصافى بالحوافر ثم يشرب ، أقول : يجب أن يجرب هذا.
والجمال تقوى على
الرّبع وتعيش على العشر . والفيل لا يعلف
على رضاه ، بل يقتصر به على سبعة أمداد بالمقدونى . قال : وقد شرب الفيل اثنى عشر كيلا بالمقدونى. وقد شرب عشية ذلك اليوم ثمانية أكيال أخرى. وقد عاش بعض الجمال مائة سنة. وأما الفيل
فقد ذكر بعضهم أنه عاش مائتى سنة ، وزعم بعضهم أن
منه ما عاش أربعمائة سنة.
__________________
والغنم ترابط على
المخصب لا تنتقل ، وتحب الرعى من الورق وأطراف الشجر. والغنم يسمنها السقى
، والملح يخصبها ويسلمها ويعين على شرب كثرة الماء بالتعطيش . وإذا أطعمت الراضعة منها ملحا در لها لبن وافر. وعلفها بعد الإجاعة يسمنها شديدا. وإذا سقيت في الخريف ماء مشمولا كان
أوفق من المجنوب . ورعى العشى أجدى عليها. وإذا
ركبها الثلج والصقيع بقى على القوى أكثر ، لأن الضعيف ينتفض ويضطرب جزعا . وراعية الجبال ألذ طعما من راعية الغياض ، وعريضة الألية تحتمل الشتاء أكثر من طويلة الألية. ويشبه أن
يكون ذلك ، لأنه تركى المنصب وشمالى الأصل. وجعد الوبر جزوع على القر ، والمنسوج من جزّة ما أكل الذئب منه يولد على لا بسه قملا. وكل ما
له من المحزز أسنان فهو نهاش ، وما ليس له أسنان فهو
مصاص من رطوبات الحيوان والطل على النبات وغير ذلك ، ومنه ما يتطعم ليطعم.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى معنى الفصل الذي تقدم وفيه إشارات إلى أمراض الحيوانات
إن من الحيوان قواطع وأوابد. ومن الأوابد ما يلزم مأواه الصيفى كالحمام ، ومنه ما يفارقه
إلى مأوى شتوى مدفئ في البقعة بعينها كالفواخت والغربان. والقواطع منها ما يقطع في
الشتاء إلى قرب وإلى بقعة وهدية دفيئة ، ومنها ما يختار في الصيف المراوح والروابى
وينتقل في الشتاء إلى الأغوار والسهولة. ومن القواطع ما يبعد مدى السفر مثل طير يطير من شرقى الجنوب إلى غربى الشمال ، كالكراكى فإنها تأخذ من بلاد
المشرق إلى البلاد التي يكون بها خلق من الناس قصار القامات صغار
الجثث قامة كل واحد منهم ذراع ، وذلك حق وليس من المختلقات
والخرافات ؛ وإلى منبع النيل أيضا. ومنها ما يصيف بالجنوب ويشتو
بالشمال فيكون سفرها عرضا.
أقول : إنه قد جرب
وعرف أن طير الماء يقطع من الهند ربيعا إلى البحيرة
بياميان دفعة واحدة ، والدفعة الأخرى من ياميان إلى نقائع مرو ، ثم يتفرق من هناك ، فمن أخذ إلى ماوراء النهر وإلى بحيرة خوارزم ، ومن
أخذ إلى بحر طبرستان ومن متجهه إلى جهة أخرى.
__________________
قال : والكراكى
تسافر كخيط واحد ، يقودها رئيس. والقطا تسافر جملة منتشرة.
ومن السمك ما يقطع
من بحر إلى بحر ، أو من لجة إلى شط ، أو من شط إلى شط ؛ ومنه ما
يأبد. وتخصب كل طائفة عند الانتقال من حر إلى برد أو برد إلى حر.
وإذا هم قطيع من
الطير بالقطع تصايحت منذرة بما تصنع ، لئلا يغبر منها غابر.
ومن الطير ما تقوى
على ريح دون ريح كالدراج ، فإن الجنوب ترخيه والشمال تقويه ، فلذلك يختار لصيدها
هبوب الجنوب. ومن الطير ما له شبه الأذنين من الرأس
كالبومة وغيرها . ومنه نوع يقال له علوفس
محاك يرقص أمام الراقص والضارب. والطائر الهندى الذي يسمى اسطاحر له لسان كلسان الإنسان ، ويهيجه شرب الشراب إلى السفاد ، وهو محاك للكلام . أقول : إنه لا
يبعد أن يكون الببغاء والسمك الشطى أطيب لحما من اللجى ، وأصح لطيب المرعى. ثم عد
أصنافا من السمك منها لجية فقط ، ومنها شطية ، ومنها مترددة ، وقاطعة من بحر إلى
بحر ، وذكر ما يعرض لها ، وأنها متى تصاد ومتى لا تصاد ، وأنها متى تهجر مأواها
ومحاضنها وموالدها.
قال : ومن الحيوان
ما يلزم مأواه شتاء كأصناف المحززات. وأما المفلس الجلد كالحيات والتماسيح فإنها
تلزم مجاثمها أربعة أشهر من الشتاء لا تطعم شيئا. والحيات تعشش خلا
الأفعى فإنه يأوى إلى طى الحجارة. ومن
السمك ما يعشش ، ومنه ما يلزم عشه وقتا دون وقت. والأمطار تؤثر في إظهار بعض
السمك دون بعض ، كذلك حالها مع الطير أيضا. وربما أظهر المطر سمكا لم يعهد مثله
، وطيرا لم يعهد . والحدأة من الطير الذي يغيب في الشتاء أياما يسيرة.
__________________
أقول : هذا يختلف
في البلاد. وليس من الحيوان ذوات الأربع ما يغيب فلا يظهر إلا القنافذ وإلا الدببة
فإنها تنحجز مدة ولا تظهر ولا تطعم ، وتكون في غاية السمن فى ذلك الوقت ، وفي غاية الكسل. وفي ذلك الأوان تضع
إناثها. ولم تصد دب حامل إلا في الندرة ، فإنها تقضى حملها وهي في التوارى. وأقل
انحجازها أربعون يوما ، وقد يمتد أشهرا ، فإذا برز الدب ، بدأ بأكل اللوف ، يفتق
به معاه وشهوته.
أقول : إن السبب
في الجوع التحلل ، وسبب التحلل قلة في المادة ، ورقة وسخافة من الجلد ، وقوة من
الحار الغريزى المحلل ، والحركة ، والحار الهوائى. فإذا نقص شىء من هذا فكثرت الفضول في البدن لشدة النهم ، وغلظت ، وكثف الجلد ، وآل الحركة سكونا ، وبرد الهواء وبقى محلل واحد ، أمكن أن لا يبلغ تحليله الإجاعة ، بل لا يجاوز الهضم الجيد ، فيسمن ، ولا يذبل ،
ويستمر به ذلك إلى حين. ويكون هذا للدب عند ما أفرط امتلاؤه في وقت الفواكه والصيف
، ويختص به لعلة دوام شبعه وكثرة نهمه. وهذا مما يقل اتفاقه ، فإن بهائم ذوات
الأربع ليس بها نهم مفرط ، ولا تمتلئ دفعة ، ولا تنال من اللحمان ، وهي
التي يكثر غذاؤها. والسباع عيشها من الصيد لا غير ، ومن اللحم ،
وذلك مما لا يكثر جدا. وأما هذا فيفعل الفعلين جميعا ، فيمتلئ من اللحمان ، ويمتلئ
من الثمار وغيرها ، مما يولد فضولا كثيرة. وله قوة على صعود الأشجار. ثم بدنه ثقيل
وليست حرارته شديدة مثل حرارة كثير من السباع حتى تحلل تحليلها . ولا يبعد أن تمتلئ وقتا من
الأوقات فضولا كثيرة تعاف معها الطعام أصلا ، ويثقلها ، وخصوصا إذا اقترن به شدة شد البرد وقبضه عن الحركة ، فتعرض للدب الخاصية التي لا تعرض لغيره. وهكذا أيضا حال ما يشبه الدب من بعض أجناس الفأر والقنافذ.
__________________
وبالجملة تكثر
فيها الرطوبة التي هي البلغم الطبيعى الذي هو نصف دم ، أى دم
غير نضيح ، والذي من فوائده في أبدان الحيوان ، كما ستعلم ، أنه يكون عدة لوقت فاقة
البدن إلى الغذاء إذا أعوز الغذاء . فلو كثر هذا جدا
لم يحتج البدن إلى الغذاء ، وربما كان مثل ذلك للناس في حال الصحة.
وأما الحيات فلشدة
صلابة أجسامها وكثرة حارها الغريزى ، يبقى حارها الغريزى إلى حين لا يتحلل . وجميع الحيوان المفلسة الجلود اللينة الخزف لا كالسلحفاة ، فإنها وإن كانت
مفلسة الجلد فهى خزفية الجلد ، فإنها تسلخ آخر ما على جلدها كالقشر والغرقئ . والحيات أشد سلخا له ، وإنما يسلخ ما يسلخ في ابتداء الربيع عند ما يصحر وكذلك في الخريف. ولم يصدق من قال : إن من الحيات ما لا ينسلخ جلده. قال : وأول التسلخ إنما يبتدئ من الحملاق ، فإذا بدأ غطى السلخ عين الحية حتى تستعمى. ويستمر التسلخ في العين
إلى الرأس ، ويتم في يوم وليلة. وكذلك حال المحززات ، وجميع ما يطير مما لجناحه غلاف ، مثل
الجعلان فإنها أول ما تتولد وتنشو تسلخ جلدها. والجراد
والصّرار أول ما يكون يكون دبا ، ثم ينسلخ ، ويخلص من مسالخه وهو رطب ، فتجمع الشمس جثته وتنشف
بلّته. وإلى ذلك الوقت يلزم قضبان الشجر ، ثم يأخذ يطير ؛ وهذه أيضا فإنها تسلخ
بعد السلخ الأول ، وبعد الطيران.
ومن الحيوان
البحرى فإن فارابو واسطاقو يسلخ جلده ربيعا وخريفا وبعد ما يبيض
__________________
يعلم ذلك بأن يصاد
وعليه جلد لين جديد. والسراطين كذلك ، وفي ذلك الوقت تعجز عن المشي السريع.
قال : وإن يبس الهواء وانقطاع المطر يوافق أصناف الحمام فتخصب ويحسن حال
بيضها وتفريخها ، وخصوصا الدلم والحمام البرى. والسمك بالضد ، فإنه كالبقول ، فإنها تخصب
على المطر فوق خصبها على السقى. وعام مطر الصيف والشتاء ملائم لها جدا ، وماء
البحر عند الإمطار أيضا يعذب ، إلا أصنافا نادرة منها ، مثل القيفال وما يجانسه فانه يعمى إذا دامت الديم. والقيفال تبيض عينه
شتاء ويهزل ، ويكون مستعدا للعطب.
والطير أقل
الحيوان شرب ماء. ودوات المخلب لا تشربه. ويتبين سقام الطير من انتفاش ريشها وسقوط ما به.
وأكثر السمك يحن
إلى الماء العذب ، فيتوجه تلقاء مصاب الأودية في البحار ، ويسافر من البحر إلى الأنهار. والسمك الشطى يخصب بالعذب ،
واللجى بالملح وفي اللج. والسمك المستطيل الجثة يخصب صيفا ، وخصوصا إذا كان شماليا ؛ والعريض الجثة بالخلاف. ومن السمك صنف يهيج عند طلوع كلب
الجبار ، وتلزم أجنحته دودتان كعقربين في حجم عنكبوت تؤذيانه شديدا ، حتى يتململ
ويلتوى ويضطرب ويعرض للصيد. وكثيرا ما يهلك صغار السمك بشدة الحر.
والسمك البحرى والنهرى يعشى ، فلذلك يصاد قبل أن تطلع الشمس بسهولة. وليس يوجد وباء يشمل أصناف حيوانات الماء شمول الوباء الهوائى لأصناف حيوانات البر. وكذلك حال السمك النهرى. لكن
من النهرى ما يمرض في الصيف عند طلوع الشّعرى. والشعرى نفسه يضره ، والرعد يضره.
والتنين البحرى يهلك السمك بضربه. ومن أمراض السمك دود يقع في جنبها ،
__________________
أو قمل ، وذلك خاص
بنوع واحد يسمى حلقيس وهو نقيعى. وشدة البرد توهن السمك بل تهلكها ، ولذلك يهرب
من المياه العذبة. ويبس الهواء لا يوافق شيئا من السمك النهرى.
وللحيوانات أمراض
تخص نوعا نوعا ، مثل الخنازير فإنها يصيبها في حلقها الذبحة والخنازير والأورام الجاسئة وغدد مؤذية للحلق ؛ وربما أصابتها في أعضاء أخرى
، وذلك مما يحوجها إلى كثرة حركة الرجلين. ويصيبها الصداع الثقيل ، ويصيبها أيضا
ثقل فى الأحشاء لا يداوى ، بل يقتله إلى ثلاثة أيام. والخنازير تحب البلوط ، وتخصب
عليه.
وأما الكلاب
فيصيبها الذبحة والنقرس والكلب. وعضة الكلب الكلب تقتل كل حيوان إلا الإنسان إن
تلوحق بالعلاج.
والفيلة لا تسقم
فيما يقال إلا بالنفخ والرياح ، فيعسر روثها وبولها ، والتراب يضرها إلا أن تعتاد
أكل الطين والحجارة ، ويصيبها اختلاف ينقطع بشرب الماء الحار والحشيش المبلول.
والبقرة يصيبها النقرس ومرض كالصّدام ، ولا يبلغ من
نقرسها أن تلقى أظلافها. وتدهين قرونها ينفع من نقرسها. وأما
المرض الشبيه بالصدام فيواتر نفسها ، ويظهر بها كالحمى ويرخى أذنيها ، وتمتنع من
العلف وتهلك عن قريب وتشرح حينئذ عن رئات فاسدة.
والخيل السائمة لا تعتل إلا بخلع الحافر عن رسغيه
، ويتقدمه اختلاج الخصية اليمنى. وأما الخيول المرتبطة فتكثر أمراضها مثل : الحصر
، والكزاز ، وقروح الرئة ، والحمى ، والحبون ، ووجع القلب
المميت ، ووجع المثانة. وقد ذكرت علامات ذلك ،
__________________
لكنها أولى بعلم
البيطرة. ولسعة موغالى غير موافق للخيل ولسائر البهائم ، وخصوصا الحوامل منها.
والعرض الذي يعرض منه التنفط الفاشى وإذا تنفط قتل ؛
وكذلك لسعة العظاية .
والرمكة تسقط عند
شم دخان السراج المطفأ ، وربما عرض ذلك للحوامل.
والشاء يهلكها
الماء الذي صفى عن زرنيخ أحمر.
ومن خواص الخيل أن
كل واحد منها يعرف صوت الفرس الذي قابله وقتا ما . وتميل الخيل إلى
الاستحمام بالماء الذي تشرب منه.
والحمير يعرض لها
زكام ، فتموت عند ما يصير نزلة. وتهرب من البرد ؛ فلذلك لا
حمير على خليج بنطوس ولا في شمال خراسان.
والفيلة ربما شربت
الدهن ، وربما لم تشرب ، وإذا كان في بطنها حديد أخرجه شرب الدهن.
والحيوانات
المحززة تخصب في زمان ولدت فيه ، وخصوصا إن وافق ذلك ربيعا.
وكوائر النحل
يعاديها حيوانان : عنكبوت يتولد عند الموم ، ينسج
فيها ، ويفسد الشمع ؛ وفراشة تتنفس عن مثل غبار
الطاحونة وكأنه دخان. وربما تولد في الخلية دود. والنحل يمرض إذا كانت الفقاقيح والزهر التي يرتع منها مطلولة بطل ردىء. وكل حيوان محزز فإن تدهينه ،
وخصوصا تدهين رأسه يهلكه ، ولا سيما إذا شمست مع ذلك .
وقد يعاف بعض
الحيوان بعض البقاع ، فإنه لا يكون في بلاد فالانيا صرّار الليل ،
__________________
وفي بعض البلاد
يكون صرّار الليل في إحدى بقعتين متجاورتين دون الأخرى. وإذا
حمل الخلد إلى بلدة تسمى طليناديا ـ المصاقبة
لتوطينه ـ الكبيرة الخلد لم يقم ولم يحفر الأرض بها للمأوى. وإذا نقلت الأرانب إلى بلدة أثافي هلكت.
ولا يوجد بجزيرة
صقلية شىء من النمل الكبار التي تسمى فرسانا. ولا يوجد بأرض فرونية ضفدع نقاق. ولا في لوبية خنزير برى ، ولا أيل ولا عنز برى.
قال : وزعم
أقسطانس ، وليس بذلك الصادق اللهجة ، أن لا خنزير في الهند.
وفي بعض البلاد من
العنوز ما طول أذنيه شبر ونصف ، وفي بعضها ما تماس أذنه الأرض ، وفي بعضها بقر ذات
أعراف ، وفي بعضها معزى تجز كالغنم ؛ والشاة في فى أرض لوبية تضع خروفا ذات قرن.
وزعم أوميرس أن
ذلك كذلك ، سواء كان المولود ذكرا أو أنثى.
والماشية بمصر
كبار ، وسائر ذوات الأربع ؛ والطير صغار. قالوا : والسبب فيه أن الرعى فيه مباح ،
والصيد قليل. وأما الأرنب فصغير فيها لقلة أطراف الشجر هناك ، وسرعة انقراض الفاكهة ، ومع ذلك فإن لمزاج الهواء أثرا. ويكون في أرض أرانبام سوام أبرص أعظم من ذراع ، وبها فأر عظيم . وفي أرض لوبية حيات شديدة الاستطالة ، قليلة الثخن والعرض. والأسود ببلاد أو
روى وهو خراسان عظيمة جدا ولا سيما بين الموضع المسمى أسلوس ، والنهر المسمى أبلوس أظنه جيحون ، وهذا الذي نقوله حق مجرب ، والفهود تعظم في
بلاد آسيا ولا تكون في أو روى . وجميع الحيوان
البرى الذي
__________________
ببلاد آسيا أسوأ خلقا ، والذي ببلاد أو روى فأجلد وأجرأ. وقد يوجد في بلاد لوبية حيوانات كثيرة
الاختلاف مختلفة الجواهر ، لأنها بلاد قليلة الأنداء تجمع الحيوانات الأخياف في المشارب ، فتتسافد ؛ وذلك في آخر الشتاء أكثر منها في
الصيف. والحيوانات التي بها قد اعتادت قلة الشرب ، حتى إن الفأر التي بها يهلكها
الشرب.
وقد تتولد من التركيب
حيوانات ؛ فإن الكلاب السلوقية من سفاد الكلاب والثعالب ، والكلاب الهندية من سفاد
الكلاب وطاعرنس ، أظن أنه الببر ، وإنما يستأنس منها البطن الثالث ، وما
قبله زعر الخلق. وقد يعتمدون إلى الكلاب المستحرمة فيربطونها بممر السباع ، فربما أكلت وقتلت ، وربما أحبلت بالسفاد.
والجبل والسهل
يحدثان اختلافا في قوة الحيوان ، فإن السباع الذكورة السهلية تعجز في بلدة أنوس عن الإناث الجبلية ؛ وكذلك اختلاف البقاع يوجب
اختلافا فى مضرة الهوام ، فإن العقارب في أكثر البلاد تكون أسلم منها بنصيبين
فإنها تقتل أى شىء لسعته ، وهي مع ذلك كبار ، وإذا لسعت الخنازير فبادرت إلى الماء
ماتت فى الوقت. وأفاعى لوبية قتالة لا تعالج. والصقليون عندهم حية صغيرة قتالة ، علاجها
فيما زعم نحاتة حجر يوجد في مقابر قدماء الملوك ، يسقى
بالشراب.
وفي بلاد إيطاليا حراذين قتالة. وإذا أكل بعض الهوام بعضا زاد ذلك في خبث
لسعته ، كالأفاعى إذا أكلت العقارب. وريق الإنسان الصائم قتال للهوام ؛ حكى لى حال
__________________
رجل بيايان دهسان يحذر نفسه ، ونفحة الحيات والأفاعى التي بها ، وهي قتالة جدا. والحيات
لا تنكأ فيه باللسع ولا تلسعه اختيارا ما لم
يقسرها عليه ، فإن لسعته حية ماتت. وحكى أن تنينا عظيما لسعه فمات ، وعرض له حمى يوم. ثم أنى لما حصلت بيايان دهستان طلبته فلم يعش ، وخلف ولدا أعظم خاصية في هذا الباب منه ، فرأيت منه عجائب نسيت أكثرها ، وكان من جملتها أن الأفاعى تصد عن عضه وتحيد عن تنفسه
وتحذر في يده.
ولنعد إلى موضعنا
من الكتاب. قال : إن من صغار الحيات جنسا ينفر عنه الكبار وهو أزبّ يصفرّ موضع
لسعته في الحال. وفي الهند حية صغيرة قتالة لا ترياق لها.
قال : إن من السمك
ما يخصب في ابتداء الحمل ، ومنه بعد الوضع ، وأكثر الذكور يخصب بعد نفض الزرع.
وعفورين يتبدل لونه ، يبيضّ صيفا ، ويسود ربيعا ، ويتخذ عشا كدكان
ويبيض فيه . وذوات العش من السمك تهزل على الحمل. والنهرى والنقيعى يخصب بعد البيض .
__________________
المقالة الثامنة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
الفصل
الأول
(ا) فصل
فى اختلاف الحيوانات أيضا وأكثره في الأخلاق
قد يختلف النوع
الواحد من الحيوان في أحوال بسبب اختلاف جنسه من الذكورة والأنوثة ، وبسبب اختلاف بلاده ومناشئه. وأكثر الإناث أطوع وأقبل للرياضة ، وآنس وأجزع
وأضعف ، ما خلا الذئاب والفهود ، فيظن أن الإناث منها أجرأ. وأظهر التمييز من الإناث والذكور خلقا وخلقا هو في الإنسان ؛ فالنساء أرق وأبكى ، وأحسد وألج ، وأسب وأبغى ، وأجزع وأوقح ، وأكذب وأمكر ، وأقبل للمكر ،
وأذكر لمحقرات الأمور ، وأرخى وأكسل ، وأقوم بالتعهد ، وأقل حماية للبيضة ؛ وذلك
ظاهر في الحيوان البحرى المسمى مالاقيا ، فان الذكر لا يخذل الأنثى إذا أصيبت
بالآلة التي لها ثلاث شعب ، يقاتل عنها ، ويذب عنها ؛ أما الأنثى فتهرب
وتخذل الذكر إذا رأته جريحا. وأكثر الحيوانات ينازع ما ينازعها في الطعم. وجميع
الحيوانات تقاتل الجوارح. والخصب يؤنس بعض الحيوانات ببعض ، لزوال الحاجة إلى المنازعة. ولذلك ما تكثر
__________________
الحيوانات
المختلفة بناحية مصر ، ويساكن بعضها بعضا. والحيوانات تتقاتل ، إما لأن بعضها شريك لبعض في الطعم ؛ وقد
تتقاتل بالعرض بسبب المأوى ، كالعصفور والخطاف إذا اجتمعا في بيت واحد. والعقاب يقاتل التنين ليأكله ، واختومور يقاتل الخلد فأيهما ظفر بالآخر أكله . والغداف يقاتل
البوم ؛ لأن البوم يصيد ليلا ويأكل بيضه . والغداف يأكل
بيض البوم نهارا ، والطير كله يقصد البومة ، ويضربه وينتف ريشه ، لما يستشعر من كيده إياها ليلا.
على أننى رأيت البومة تجتمع إليها الطير متأملة إياها كالمتعجب.
وقد رأيت عقعقا معلما مخلى يعبث بباشق ارتبطه صبى عندى ، فكان العقعق يأخذ البضعة من اللحم ويقع قدام الباشق ويدنيه منه مطمعا إياه فيه ، فإذا كاد يخطفه طار عنه إلى قرب ، مستنيما إلى ما شاهده من إيثاق رباط الباشق بدرابزين كان أوقعه الصبى عليه ، ثم يعود إليه العقعق فيعامله بمثل
ذلك كالمستهزئ منه ، الطائر به ، المعنت إياه ؛ فإذا أعرض عنه الباشق أتاه من الوجه الآخر ، وإذا أطعم الباشق طعمه نازعه
في طعمه وشغله عنه بجذب ريش ذنبه ، وربما وقع بين يدى الباشق وتطأطأ له مع حذر
وصرصر في وجهه. وقد رأيت من ذلك ما قضيت له كل العجب. وبالجملة
فقد كان هذا الباشق من معاملته في كل بلية ، وهذا بقرية من قرى طوس في جبل من جبالها يقال له زايقان . وعلمت من ذلك أن العقعق من غريزته العبث بغيره.
__________________
قال : والحدأ والغدفان تتقاتل لأجل البيض والفراخ ، وبين الأطرغلة
والشقراق قتال ، والشقراق يقتله. وبين الحردون والعنكبوت قتال ،
فإن الحردون يقتل العنكبوت. ومن الطير ما يقاتله التدرج ، لأنه يولع بأكل بيضه وفراخه. وعصفور الشوك يقاتل الحمار ، لأن الحمار يرعى
مأواه والحمار الدّبر يحتك بالشوك فينقض عشه ويعض فراخه ، وإذا نهق زعزع الشوك فسقط بيضه أو أفزع فراخه فوقعت عن العش ؛ فلذلك إذا رأى الحمار قاتله وصفر في وجهه ونقر جراحه ورام تنفيره عن قرب عشه. وبين الثعلب والزّرّق قتال ، لاشتراكهما في الطعم. وبين الغداف والثور عداوة.
وذكر طيورا بينها عداوة. وبين الفرس وطائر يسمى باليونانية أبنس ـ ويأكل العشب ـ قتال ، لأنه
يزاحمه في المرعى. وهذا طائر يأوى المستنقعات والشطوط ، وصوته كالصهيل ؛ فإذا رأى
فرسا انقض عليه وشنع وحاول طرده. وهو من جملة الطير الصياح ، وهذا الحيوان يعادى فوطولس ؛ لأنه يأوى إلى معلفه.
وذكر طيورا مقاتلة منها ما يصعب سفاده ووضعه ، وإذا سفد الذكر منه سال من
عينيه الدم .
والحيات تقاتل الخنازير
وبنات عرس لأنهما يأكلانها. وبين الغداف والثعلب
__________________
صداقة. وأقول : إن
المشهور عندنا ضد ذلك. وقد رأيت الملك شمس الدولة جمع
بين غداف كبير وبين ثعلب في حبالة في بعض مصائده ،
فكانا يتقاتلان قتالا شديدا ، وكان الثعلب ربما قبض بأسنانه على رأس الغداف بكل
قوة فلا يزيده على الإدماء ، والغداف يقبض بكفه على فكى الثعلب فلا يدعه يفتح فاه ، ثم ينقره بمنقاره.
قال : والقاقى والعقاب يتقاتلان ، وكثيرا ما يغلب القاقى. والقاقى يأكل بعضه بعضا ، ويقهر كل طير. وذكر أصنافا من الطير متصادقة. وقد رأيت
الرخم تصادق اللقالق وتتبعها ، وتصادق النسور وتتبعها.
قال : والثعلب
يصادق الحية ، ويتساكنان في خلل الحجارة. وبين الأسد والثمر كل العداوة. والذي
يذكره بعض المتكلمين من الإسلاميين من مصادقة الأسد والنمر فأمر اخترعه ولا أصل له. والفيلة تقاتل بعضها بعضا ، ويتعبد المغلوب للغالب.
وربما صيدت الفيلة الوحشية بركوب إنسية قوية تقاتل الوحشية
وتقهرها وتستعبدها ، فإذا تم ذلك
ظفر السائس فعلاه بالعاقوف الذي هو عنانه ،
وراض ما من شأنه أن يروضه.
أقول : وقد بلغنى
عن بعض الثقات أن الفيلة تصاد بضرب لطيف من الحيل ، وهو أنه يحفر لها في مدارجها التي يوثق باجتيازها فيها وهاد نافذة عن صبب إلى غور ،
وتسقف الحفيرة بما يخفيها ويسويها بالأرض الجدد ، ويكون عرضها عرضا لا يحول فيه الفيل ، وقدامها حائط صلب لا ينفذ إلى القدام ، والمدخل إليها مدرج تدريجا يصعب فيه النكوص ، فإذا حصل
فيه الفيل لم يمكنه أن ينكص أو يلتفت ، فيترك أياما
ليثخنه
__________________
الجوع ، ثم يأتيه
رجل من حيث لا يذبّه عنه خرطومه ويتناوله بهراوة صلبة ضربا بعد ضرب ، وكلما أعيا استراح ، ثم عاد ؛ فإذا أنهكه
عقوبة طلع رجل آخر وتناول هذا الرجل بشبه الضرب ، وأوهم
أنه يقاتله ، فيغلبه ويطرده ويتبعه مبالغا في تنفيره وإبعاده ، ثم يغيبان ؛ ويعود
الأول ، ويأخذ في مثل صنيعه الأول ، فبينا هو في ذلك إذ يطلع الثاني حاملا عليه ، ويأخذ الأول رأسه كالهارب عنه. فلا
يزال هذا ديدن كل واحد منهما إلى أن يصرخ الفيل عند قدوم الضارب منهما مستغيثا
بالآخر ، فيشد الآخر على الضارب ويهربه . ثم إن الفيل يهوى هذا المحامى عنه ، حتى إذا غاب
فزع إلى الصراخ ، وربما غاب هذا المحامى عنه عمدا ويعاود الأول رسمه ، ويتغافل عنه الثاني ، حتى ينهكه ضربا
، ثم يعود ذابا عنه. وهنالك ما يألف الفيل هذا المحامى عنه حتى لا يصبر على مفارقته ؛ ويكون الجوع قد بلغ منه المبلغ العظيم فيعمد صديق
الفيل إلى أصناف من الكلأ والحشيش يعرف ميل الفيل إليها فيعلفها للفيل ، فيكون ـ مع أنه ذاب عنه ـ رازقا إياه ويستمر بينهما انبساط ، ويثق الرجل بمقاربة الفيل وركوبه ، والآخر يكلؤه من
بعد ، حتى إن ساءت عشرة الفيل معه لاح للفيل من بعيد ، فأذعن
الفيل لصديقه. فإذا استتمت به الثقة ، وفطن الفيل لما يلقنه نفّذ تلك الوهاد بالحفر المدرج من قدام تنفيذا لا يصعب على الفيل
سلوكه ، فركب الفيل وساقه إلى أى مساق شاء.
قال : وفيما بين
السمك أيضا موافقة ومقابلة .
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى قريب من المعنى الذي يشتمل عليه الفصل قبله
وتختلف الحيوانات
بالكيس والخرق ، فإن الغنم شديدة الخرق ، تهيم في
أوجهها لا لمقصود وغرض ، ولا تهتدى إلى الاستدفاء ، بل ربما انتقلت من الكن إلى البرد. وإذا مطر الغيم لم تبرح موضعها حتى تهلك. وتتبع التيوس طبعا ، وكذلك تتبع الكباش. والمعز أيضا تقف وقوف حيران ، حتى يجر الراعى واحدا منها بناصيته فتتبعه البواقى. لكن
المعزى أقل كسلا من الشاء ، وأشد أنسا بالناس وأضعف
بردا ؛ والجميع منها فقد يخاف الرعد خوفا شديدا ، حتى إذا غافص
الغنم الحوامل ـ وهن هوادا ـ سقطن ؛ فلذلك يزعجهن الراعى ، وينزعجن أيضا بطباعهن إلى الاجتماع.
والبقورة أيضا مما
تضل إذا أهملت وتكون عرضة للسباع.
والغنم والماعز
يضطجع بعضها قبالة بعض ، وهذا قبل الزوال ، وإذا زالت الشمس اضطجعت متدابرة ، على
ما زعم الرعاة.
والبقر يضطجع بعضها بجنب بعض. والرماك ترضع الفلو اليتيم. وفي طباع الخيل
__________________
محبة الإفلاء . وإذا رأت عاقر الرماك فلوا يتيما لزّت به ، وكان سببا لهلاكه ، إذ لا لبن
لها.
والإيلة تأكل كما
تضع لوفا ، ثم ترؤف بأولادها ، وتحب القمراء ، وتسوق أولادها
إلى المشارب سوقا ، تنبهها في طريقها على المخابىء والمهارب ، وترتاد لها كهوفا
وغيرانا غير منفذة ؛ فإذا دخلتها هي وأولادها وقفت
على بابها محامية عنها ، مقاتلة دونها. والإيل الذكر يسمن جدا ويستخفى عند ذلك في المكامن خوفا. وهو يلقى قرنه في محرز لا يوصل إليه ضنّا به ، وسترا للجمم على نفسه. فلذلك لا يظهر قرنه الملقى ، ولذلك يتمثل ويقال : أويت إلى حيث يلقى الأيل قرنه ، ويقال أيضا : إنه لم يعثر على القرن الأيسر للأيل ملقى. نقول : كأنها تبخل بما يقدر فيه من منفعة في بعض الأدواء العياء . وأول ما يقرن
يقرن في السنة الثانية ، ويقرن كوتدين ، وفي السنة الثالثة يصير ذا شعبتين ، وفي الرابعة ذا ست شعب. وبعد ذلك فإنما ينبت على شكل واحد ، فلذلك تخفى سنة ، وتلقى قرونها
في السنة مرة واحدة. وأول ما ينبت قرنه يحاكى جلده زبّا ثم ينمى ، ويشمسها الإيل لتستحكم ، ويمتحنها على الشجر ؛ فإذا حك به ولم يألم برز عن تواريه واثقا بسلاحه.
قال : وقد صيد إيل
نبت على قرنه النبات المسمى فسوس وفرّع ، وكأن
نباته عليه قبل استيكاعه . والإيل يتداوى من لسع الحية ، ومن كثرة أكله إياها ، بالسراطين يأكلها. وإذا وضعت بادرت إلى أكل المشيمة قبل أن تقع على
الأرض. ويعتقد
__________________
فى مشيمتها أنها
نافعة لبعض الأدواء العياء ، لكنها تعز لما ذكرناه. والإيل تخدع بالزمر وبالغناء ، فإنها تتبع المطرب وتشتغل به حتى يدركها الراشق من خلف. وينتظر إرخاءها
الأذنين ، فإنهما إن كانتا منتصبتين لم يخف عليها الهمس.
والدب إذا انهزم
أرسل جروه قدامه ، فإن لم يمعن حمله ؛ وإن أدرك ، صعد به فى الشجر.
والماعز البرى
الاقريطى يعالج الجراحة المخلفة للحديد بالحشيشة المسماة دافيون ، ويأكلها فيندفع النصل إلى خارج.
والكلاب تتعالج
بالعشبة المعروفة لها . والفهد إذا سقى أو شرب من الدواء المعروف بخانق الفهد عمد
إلى زبل الإنسان فأكله.
وهذه العشبة تهلك الأسد أيضا ، ولذلك ربما عمدت القنصة إلى إناء فملأته من زبل الإنسان ،
ودلته من شجر لتحوش إليه السباع المتعالجة فيقتلها.
والفهد عرضة
للسباع تميل كلها إلى رائحته وترغب في أكله.
وأقول : قد بلغنى أن الذئب مولع به ، ولا يطاوقه الواحد منه فتجتمع عليه وتطارده ، فإنه يبهر سريعا ، فإن عدوه وإن كان حثيثا
فهو قصير المدى ، فحينئذ يجتمع عليه ويأكله ؛ ولذلك لا يزال الفهد متواريا مستخفيا
من السباع.
وبمصر حيوان يقال
له أخيومون يقاتل الحية ، ولكن يستنفر أولا من
جنسه
__________________
بحدة الصياح له ، فإذا اجتمعت تلطخت بالطين متمرغة في التراب ثم منغمسة في الماء ، تتخذ الطين جنة عن اللسعة ، ثم تقاتل.
والتماسيح تشحو أفواهها لطائر يقع عليها كالعقعق ، ويخلل أسنانها ثم ينفلت ذلك الطائر ، وقد حدثت أن على بعض أعضاء ذلك الطائر كالشوك ، وقد يزلّ عن جناحه فيخدش فم التمساح إن هم بالتقامه : وربما لم يبال بذلك فابتلعه ،
ولكن ذلك الطائر ينفلت في أكثر الأمر عن فم التمساح .
والسلحفاة تتناول
بعد أكل الحية صعترا جبليا ، ثم تعود وقد عوين ذلك. أقول :
وقد حكى لى شيخ ممن كان يحب الصيد ـ وكان من الثقات ـ أنه عاين
الحبارى يقاتل الأفعى وينهزم عنه إلى بقلة يتناول منها ، ثم يعود ، ولا يزال ذلك دأبه. وإن هذا الشيخ كان قاعدا عند مصيدته في كن غائر فعل القنصة ، وكانت
البقلة قريبة من مسكنه ، فلما اشتغل الحبارى بالأفعى قلع البقلة فعاودت الحبارى إلى منبتها ففقدتها ، وأخذت تدور حول منبتها دورانا متتابعا حتى خرت ميتة ، فعلم الشيخ أنه كان يتعالج بأكلها من اللسعة ؛ ولما شرح لى لون البقلة وشكلها خمنت أنها الخس البرى.
قال : وأما ابن
عرس فيستظهر في قتال الحية بأكل السّذاب ، فإن النكهة
السّذابية مما يشمئز منها الأفعى ، والتيس يتعالج في زمان الفاكهة بأكل الحشيشة المرة.
__________________
والكلاب إذا دودت بطونها أكلت سنبل القمح. وإذا جرحت اللقالق بعضها داوت الجراحة
بالصعتر الجبلى. قال : وذلك مما شوهد مرارا.
والقنافذ تحس
بالشمال والجنوب قبل الهبوب ، فتغير المدخل إلى جحرتها لتقع بدبر من الريح ، وكان بالقسطنطينية رجل قد رأس وأثرى ، بسبب أنه كان
ينذر بالرياح قبل هبوبها ، وينتفع الناس بإنذاره. وكان السبب فيه قنفذ في داره يفعل الصنيع المذكور ، فيستدل منه.
وأما بطليس فهو حيوان على قدر كلب صغير أزب الوجه واليدين ، تحت عنقه بياض ؛ يجرى مجرى ابن عرس والنمس في صيد الطيور. ويستأنس
جدا ، ويحب العسل ، فلذلك يفسد الخلايا. وقضيبه أيضا عظمى ، وتنفع جرادته من عسر البول.
والخطاف صناع جدا
في اتخاذ العش من طين وقطع خشب ، وإن أعوزه الطين ابتل وتمرغ في التراب لتحمل
جناحاه قدرا من الطين. وإذا فرخ ، تعاهد الزوجان منه الفراخ فى الإلقام تعاهدا لا يغفل
منها واحد ولا يثنى على واحد ، وتأخذ ذرق
الفراخ بفيها وترميها عن العش ، ثم تعلمها ذرق الذرق بالتولية نحو طرف العش.
والحمام يلزم ذكره
أنثاه ، وأنثاه ذكره. وإذا باضت الأنثى فتكاسلت عن الحضانة صفقها الذكر بالجناح ،
مضطرا إياها إلى الحضانة.
أقول : وقد رأيت
الحمام الذكر تتقاتل على أنثى ، ثم إن الأنثى تطيع الغالب منهما ، فإن عاد المغلوب غالبا
صارت إليه. والذكر ينفخ في حلق الفراخ ؛ أول ما يخرج ترابا
__________________
مالحا يفتق به
حلقه. وإذا أدرك الفرخ فلزم المحضنة حاول الذكر سفادها ليخرجها . والحمام تتسافد إناثها وتتسافد أيضا ذكورتها. ويحب القتال بالطبع ، ويتسور
على غيره عشه ، وذلك في الفرط. فإذا تقاربت العششة
دامت المهارشة. ولا يحوجها سعة الحلق منها وقصره إلى أن تستلقى أعناقها عند الشرب بعد مدها وإشالتها فعل الدجاج ، إلا أن تشرب ماء كثيرا
دفعة.
قال : ويذكر أن
العصفور الذكر لا يعيش سنتين ؛ ولذلك لا يرى في الربيع على العصفور الأهلى الذكر طوق أسود ؛ لأنه يكون ابن سنته ؛ وإنما يتطوق بعد السنة ، ثم يموت فلا يرى طائق في السنة الأخرى. وأما الإناث فتعيش وتعود في السنة الأخرى. يعرف ذلك من
جساوة في مناقرها. لا توجد في الشباب.
ومن الطير ما ليس
ببعيد الطيران ، ومعوله على المشي ، ولا يصلح له التعشيش فوق الشجر ، وإنما يبيض
على تراب لين أو بين حشائش يجمعها للكن ؛ وهذا مثل القبج
والدراج. ولما كانت عاجزة عن التردد في كسب القوت والامتيار ، خلقت فراخها مستقلة تلقط الحب والبزر ، كما يتفقأ عنها البيض. وإذا دنا الصائد من مكان فراخ القبجة ظهرت له القبجة وقربت منه مطمعة له ليتبعها إلى مضلة عن فراخها. والقبج الذكر يفقص بيض الأنثى ويدحرجها ، لئلا تشتغل بالحضانة عند رغبته في السفاد. فلذلك ما تضع الأنثى بمخفى عن الذكر. والغالب من القبجين المتهارشين يتبع المغلوب ليسفده ،
__________________
ويسفد مغلوب
مغلوبه ؛ وكذلك الدراج. والديكة إذا استغربت ديكا احتشدت عليه
فسفدته. والصائد يجعل القبج الذكر في قفص ويضعه ، فإذا صقع ، برز إليه أقوى القباج فيقاتله فيقع في الفخ ؛ ثم يخرج آخر حتى يستوفى الذكورة صيدا. وإن كان بدله قبجة ،
اجتمع عليها الذكورة ، لكن أقوى القباج يحامى عليها ، فإذا طرد سائر الذكورة عنها قرب منها كالمتشفع إليها برخامة صوت كصوت الشاكى ، كأنه يلتمس منها أن لا تصوّت فتجلب عليه الشغب من
الذكورة. والقبج مقتدر على تغيير النغمة ألوانا شتى. وإن كان للذكر المذكور أنثى حاضنة ، قامت عن
بيضها وتعرضت له ليفسدها فينصرف عن الأنثى الغريبة ، على أن
القبج لشبقه لا يملك نفسه أن يقع على رأس الصياد
ويقرب منه.
وليس إنما لا يقع
على الشجر ولا يعشش عليه ما كان من الطير قصير الطيران ، بل من الطير الجيد الطيران ما لا يقع على شجر البتة ، وذلك مثل جنسين من الطير سماهما ،
وهما : فوريدوس وأسقولوحس .
أقول : وأما نحن
فنظن أن النسور لا تقع على الأشجار ، وناقر الخشب قلما يقع
على الأرض ، بل على الشجرة يلحس الدود المستخرج بالنقر بلسان له عريض. ومن خواصه
أن يستلقى على الغصن ويغدو عليه استلقاء. وقد يفعل القطا والحرادين مثل ذلك ، ومخاليب هذا الطائر أقوى من مخاليب الشقراق ، وهو ثلاثة أصناف : أكبرها أصغر
__________________
من دجاجة ، ويبلغ
من نقرها أن توهن الغصن بالنقر فينقصف . وقد نقر إنسان
بعض الشجر نقرا يسع لوزة واحدة ، فأودعت النقرة اللوزة ليمتحن عمل النقار فيها ، ثم تعرف حال اللوزة فاذا ليها مأكول.
والغرانيق تصعد في
الجو جدا عند الطيران ، فإن وارى بعضها عن بعض ضباب أو سحاب أحدثت عن أجنحتها
حفيفا مسموعا تلزم به بعضها بعضا. وتنام على حرسة متناوبين.
ونومها على فرد رجل قد اضطبعت الرؤوس ، إلا القائد فإنه ينام مكشوف
الرأس فيسرع انتباهه ، فإذا سمع جرسا صاح.
ومن طير الماء صنف
يسمى بالاقوس بآفاس يبلع الحلزون الأملس حتى إذا ظن أن حوصلته أنضجته قاءه ، ونقر صدفته ، وأكل لحمه.
والبازى مولع بأكل
القلب. وقد عد في هذا الموضع أصناف طير تختلف بالمأوى والتدبير.
قال : وأما الطائر
الأبيض الذي يسمى قاقى الذي يقاتل العقاب ويغلبه ، وهو حسن التدبير لأحواله ،
فإنه يغنى كالنائحة في غاية اللذة ، وأشجى نياحته ما يكون عند موته. وقد رئى وهو
ينوح بأشجى نياحته ، وهو يطير ، فلما فرغ خر ميتا.
وهو طائر نقيعى ، جلدى الأصابع ، ولا يبدأ العقاب ، بل العقاب يبدؤه بالقتال.
ومن الطير القليل
الظهور طائر جبلى أسود في حجم البازى ، حديد البصر ، يصيد
__________________
ليلا ونهارا ،
ويسمى فرنيدس وهو يقاتل العقاب ، وربما تشابكا وصيدا معا. ويعيش فى الصخور ، ويبيض بيضتين.
والغرانيق تتقاتل
، فتصاد كثيرا في قتالها.
وأما الطير المسمى
فصا ، فإنه كثير التلحين ، ويحدث كل يوم لونا من اللحن ، ويدخر من البلوط في آخر أوانه ذخرا يكفيه لسنته ، ويعشش على الشجر من شعر وصوف.
قال : وقد يذكر عن
الغرانيق أن فراخها تقوت الوالدين إذا أسنا ، وهذا مما لم يعلم بالحقيقة. وزعم
بعضهم أن فرخ ماروش يطعم أبويه ، كما يطير ، ولا يحوجهما إلى مفارقة الوكر. وهو طائر تبنى الريش ، وأعلاه إلى السواد ، وطرف جناحه أحمر ، ويبيض
ست أو سبع بيضات ، يرتاد لموضعه اللين من تراب الأودية ، ويعشش
في داخل ثقب إلى قدر أربع أذرع.
ومن الطير ما يتخذ
عشا كريا من الكتان ، ضيق المدخل ، ويقال إنه يفرش عشه
بالدارصينى ؛ ويجلبه من معدنه وهو بعيد ، ويعشش في ذرى الأشجار السامقة ، والناس يرمون عششها بالسهام ، منصولة بالرصاص ، فيسقط الدارصيني.
وأما الطائر الذي
يسمى باليونانية فوار وهو برى وقده فوق قد العصفور ،
وهو لازوردى اللون مع خضرة وأرجوانية مفرقة في جميع جسده من غير تمييز. ومنقاره دقيق طويل ، إلى الخضرة ، وعشه صنوبرى ، متخذ من شىء كزبد البحر
، أنبوبى التجويف ، صلب لا ينقطع بالحديد إلا بعسر ؛ لكنه مترصص يفتّه الإنسان
__________________
بيده . وباب جحره من الصغر بحيث لا يدخل فيه ماء البحر عند الموج ، وتعين على
تشكيله مادة عشه. ويظن بعضهم أنه من شوك حيوان يسمى إبرة. ومعاش هذا الطائر من
السمك ، وربما صار إلى الأنهار. وهو يسفد الدهر كله ؛ وبيضه خمس عددا ؛ وأول زمان سفاده هو إذا أتى عليه أربعة أشهر.
وأما الهدهد فيأوى
الشقوق ، ويفرش لمأواه زبل الناس ، ويتبدل لونه
شتاء وصيفا.
وبلوينة عصفور يبيض تسعة عشر ، وربما باض أكثر من عشرين ، ولكن فردا ، ويعشش في الشجر ، وأكله الدود.
وأما إيذون فهو محاك لذيذ التلحين ، ويخصه فقدان الطرف الحاد في لسانه.
وفي هذا الموضع
ذكر طيرا كثيرا : منها ما يأكل الدبق وصموغ الشجر ؛ ومنها صنف أسود وأبيض يكون بمصر ، واسمه قوس قوس. ويكون الأبيض في جميع بلاد مصر ما خلا الفرما ، والأسود لا
يكون في شىء من بلاد مصر ما خلا الفرما ؛ ومنها طائر
يسمى حلواريس يبيض في عشه الطير المسمى فوفكس ، وقد مر وصفه. فإذا خرج فرخ فوفكس أبغض فرخ نفسه ونفاه ، وهذا حق. ومنهم من يقول يقتله ويطعم فرخ
فوفكس ، وهذا مشكوك فيه. أما المشاهدة التي حكيتها فقد كان عش الطائر المستطار خاليا عن غير فرخ الطائر المسمى كبوك. ومنهم من قال : إن فرخ فوفكس
يقتلها ، فإنه يستغربها ويستضعفها. ومن الناس من ذكر أن السبب في أمر فوفكس أنه
يعلم من
__________________
حاله أنه مطلوب من
جميع الطير ، وأنه سيعثر على بيضه إذا وضعه في مستقره. وذكر صنفا من المنسوب إلى عديم الرجلين يشبه الخطاف ، ويجرى مجراه ، وأنه يعشش عشا مستطيلا. ومنها طائر يسمى
الموسلاس ، أى راضع المعزى ، وهو طائر جبلى أكبر من فوفكس ، تبيض أنثاه بيضتين أو ثلاثا ، يطير حول المعزى ، ويرضع لبنه . وقد زعم بعضهم أن ذلك يكون سببا لانقطاع اللبن ولعمى الماعز. وبصر هذا
الطائر بالنهار ضعيف.
وقد يظهر عند هلاك بعض المدن جنس غريب من الغربان يتشاءم بها. والله أعلم .
__________________
الفصل الثالث
(ج) فصل
فى مثل ذلك
ويذكر فيه أحوال النحل والزنابير واختلاف أخلاق الحيوانات
العقبان أجناس :
فمنها جنس رستاقى يقرب من الناس ، وصياحه شديد ؛ وجنس آخر أصغر منه غيضى جبلى يأوى إلى ما يبعد عن المارة ؛ وجنس آخر أسود صغير خبيث ، أجلد من غيره يأوى أيضا الغياض والجبال ، وهو قيد الأرانب ، ويخصه تعهد
فراخه ، وهو سريع الطيران حاد الصوت ؛ وجنس آخر أبيض اللون والريش ، قصير الجناحين
، طويل الذنب ، ذنبه كذنب رخمة ، عظيم الجثة ، نقيعى جبلى ، خسيس الجوهر ، يقهره
الغربان ، طعمه من الجيف ، وهو أبدا يصيح من الجوع ؛ وجنس بحرى جبلى يأوى جبال
البحر والشواطئ ، كبير العنق ، ضعيف الريش ، عريض الذنب ، وإذا اختطف صيدا قصد به جهة
العمق من البحر كأنه يغيب عن المنازعين ؛ وجنس يقال له الخالص ، كأن سواه مدخول
النسب هجين أو مقرف ، وهذا الخالص أعظم الأجناس قدا وأقوى وأبعد مسافة صوت ؛
وجنس أشقر يتعطل طرفى النهار ويصيد ما بين الغداة إلى العشى . والمنقار الأعلى من العقاب فإنه ينشق ويتورم ويتعقف ، فيعطله ذلك عن الطعم
ويهلك. والعقاب يدخر لفراخه ما يفضل عن الحاجة ؛ لأنه لا يلحق
__________________
الصيد كل وقت.
وفراخه تقابل من يأتى عشها بمخاليبها وأجنحتها. وإذا
بلغ فرخ العقاب أوان الطيران نفاه العقاب من عشه. والزوج من العقاب
يحفظ لنفسه حريما واسعا لا يرخص لغيره من الجوارح أن تستقر بقربه. ولا يصيد في
حماه بل يصيد مبعدا ، فإذا صاد صيدا اعتبر ثقله ورازه ، ثم حمله إلى عشه ؛ وفيما بين ذلك يضعه على الأرض مرارا ، يغالط من عسى أن
يكون كمن له. ويبدأ بصيد صغار الأرانب ، ثم يتدرج إلى صيد الكبار. وينهض إلى صيده
من الروابى واليفاع من الأرض ؛ لأن استقلاله من الحضيض ، ويبدأ بلمح الصيد من حالق. والجوارح لا تقع على الحجارة بسبب
مخاليبها ، اللهم إلا في الندرة. والعقاب طويل العمر ، ولذلك يخلد
عشه في مكان واحد. وفي بعض البلاد جنس أصغر من العقاب يبيض بيضتين ، ويودعهما جلد أرنب أو ثعلب ، ولا يحضنهما ، إلى أن يدرك
الفرخ فيخرجه.
وأما فينى ، وهو كاسر العظام ، وأظنه الطائر الذي يسمى بالعربية البلح
وبالفارسية هماى ، فإنه طائر وديع ، مدبر لنفسه ولبيضه ولفراخه ، وبعينه تقصير بسبب إسبال جفنه عليه ، فإن جفنه مسترخ. ويتكفل بفرخ العقاب الذي يطرده لبخله أو لحسده وسوء خلقه. وإذا نشأت فراخ العقاب
تقاتلت بمخاليبها تبرما من بعضها ببعض ؛ وتحاسدا على
الطعم. ولا يبعد أن يكون هذا إحدى علل طرد العقاب بعضها ليتكفله فينى .
وجنس من العقاب أحد
بصرا من غيره يضطر فراخه إلى مواجهة عين الشمس ،
__________________
فأيها دمعت عينه عند النظر إلى قرصها أو أحوجها الأذى إلى
التغميض والطرف والإعراض قتلته ؛ وهذا العقاب البحرى. وإذا هم ببعض طير
الماء ذعره فانغطّ وهم يلحظ مسلكه في القعر بحدة بصره ، حتى إذا طفا اختطفه. وهذا العقاب لا يقصد رخمه الطير لئلا تستقبله
لاطمة إياه بأجنحتها وناقرة بمناقيرها.
ومن الطير جنس
يقال له ماقق ويصاد بأن يرجف الماء حتى يزيد فينغض إلى الزبد منغمسا فيه ، فإنه يحب أن يأوى فيه.
وذكر في هذا
الموضع أصنافا من الجوارح مجهولة وذكر أن البزاة لا تقل عن عشرة أصناف : فإن منها
ما ينشط للحمام الجاثم على الأرض فإن طار أعرض عنه ، ومنها ما ينشط للحمام الواقع
على شجرة دون الأرض والشرفات ، ومنها ما ينشط للمستقبل طيرانا. وقد زعم بعض الناس أن الحمام يشعر بسجية كل صنف ، فيقاتله بما يكفيه عنه. وفي بعض البلاد ذئاب عودت إطعام السمك المصيد ، فإن حرمت مزقت الشباك المشمسة للتجفيف .
والضفدع البحرى
أمام عينه زائدتان شعريتان دبقيتان تلتصقان بالسمك الصغار ، فلذلك ينغطّ في الرمل
ويتركهما بارزتين يصيد بهما ما يمر
وأما السمك
المسماة رعادة فانها تصيد ما يجاورها بالإثخان خدرا .
وفي البحر حيوانات
كثيرة تكمن وتستخفى في الرمل.
__________________
والحمأة راصدة
للصيد. وحيث يكون في البحر أبيناس لا تكون جارحة بحرية ، ويمكن أن يكون ذلك بسبب
ذلك الحيوان. ويشبه أن يكون قد عرض بالاتفاق أن ما يوافق هذا ، لا يوافق السباع.
والحية البحرية في
لون عبقروس. وإذا نشب الشصّ في المعروف بالأربعة والأربعين قاء قالبا معدته. وهذا الحيوان يميل إلى البر ويلسع بمس جميع جسده ، مثل الحيوان المسمى قبا .
وأما السمك المسمى
ثعلب ، فإنه يصابر على الشصّ ويأخذ في بلع الخيط ، حتى يتمكن من القطع. ولذلك
كثيرا ما يوجد في بطن المصيد منه صنانير عدة ، ومصيدته الأعماق.
وجنس من السمك
يسمى أمنا ، يجتمع بعضها عند معاينة السباع ، وتحدق بها أكابرها فتحامى عليها
وتقاتل عنها. والأنثى خرقاء لا تتعهد البيض وتخلّفه على الذكر ، فهو يذب عنه إلى خمسين
يوما. ومن السمك ما يتغير إلى لون مكانه ، حتى يلتصق به ، فيظن صخرة أو رملة ، فلا تتوقاه صغار السمك.
وجميع أنواع
مالاقيا يلزم الماء ، إلا صنف طويل العنق ضعيفه ، بحيث إذا قبض على عنقه مات. ومن
الحيوان البحرى ما ينسج حول جسمه مثل ثوب غليظ بقدر حجمه ، ويسمى هذا
الحيوان قوعى ، وهو يدخل فيه ويخرج منه . ومنه حيوان كثير الأرجل يقال له الخيلوس يقلب خزفه عند
الطفو ليسهل طفوه ويبقى زمانا على وجه الماء طافيا ؛ فإذا رام العود قلب وضعه.
وبين رجليه جلد كنسج العنكبوت لرقته وضعفه ، وهو له كالشراع يستقبل به الريح ويجعل
الرجلين كالسكان ، ويظن أنه تولدى لا توالدى .
__________________
وحال النمل في
امتياره إلى جحره على خط مستقيم يحفظ بعضها لبعض ، أمر عجيب ، ولا يتعطل عن عمله
في الليالى المقمرة.
وحال الليث الذي يصيد الذباب عجيب ؛ وهو أصناف : صغار وكبار ، ومنها ما يلسع ، ومنها ما
لا يلسع ، وليس فيها ناسج الأشياء على وجه الأرض يستخفى فيه ويرقب ما يحركه ،
فيظهر إليه ويأسره. والجنس الصّناع من العنكبوت هو الذي يسدى سدى منوطة تشبه
أوتارا وأطنابا يلحمها فإذا وقع على نسجه ذبابة أو غيرها نسجت عليه فى
الوقت ، فإن كانت جائعة مصّته ، وإلا نقلته إلى خزانة له ويعود إلى رمّ ما انخرق من
نسجها. والصناع هي الأنثى ، فأما الذكر فنقاض أخرق ، وأما العنكبوت العظيم الأرجل
، فانه لما يئس عن الاستخفاء احتال بأن يتعلق من تحت النسج ، وأما الصغير فيتخذ
لنفسه مخبأ ، ويظن أن مادة غزله من ظاهر جسده. ويبلغ من جلده أن بهم بالعظاية
الصغيرة ، فينسج أول شىء على فيها وهو متوق متحرز ، فإذا فرغ من فمها دنا منها بطمأنينة فينسج على باقيها .
ومن المحززات
الكيسة النحل وما يشبههه من ذوات الإبر وهي تسعة أصناف. منها ستة أصناف يختلط بعضها ببعض النحل وذكورتها ، والصنف من الدّبر الذي يأوى إلى وجه الأرض والدبر الأصغر والدبر الطويل الأسود. وأما الأصناف الباقية منها ، فهى مما ينفرد بعضها عن بعض ،
أصغرها أغبر وأوسطها أسود والثالث الكبير. والنحل
يغتذى من العسل ، ومع ذلك فلا يكثر منه ما أصاب غيره ، شفقة عليه وادخارا ،
__________________
إلا إذا أصاب
النحل دخان ، فحينئذ لا يقرب من المأكولات غير العسل. وما يولده النحل على ساقيه غير الموم هو ثفل العسل ، وهو في حلاوة التين ، وهو غذاء أيضا للنحل ، ومتى صادفت النحلة الخلية نظيفة بنت فيها بيوتا من الشمع ، وهو لقاطته من الزهر وأطراف
الشجر ، وخصوصا من الخلاف ، فتبنى به جدران البيوت مسدسة. وإذا استوسعت مدخل
الخليلة ضيقته بوسخ الموم ، وهو أسود ذفر الريح. وتبدأ ببناء بيت الملك ، وهو يشبه الثقب ، ثم ببناء بيوت الذكران وتبنيها بيوتا أكبر من بيوت النحل الصغار. والذكران لا يعملون . ثم تبنى بيوتا أخر أيضا حول بيوت العسل. والفراخ فارغة للاستظهار. وزعم بعضهم أن الذكورة تنفرد ببناء بيوتها ، وليس إليها بعد ذلك إلا أكل العسل دون
التعسيل ، وأنها تلزم الخلايا في أكثر الأوقات ، فإن نشطت خرجت جملة وأخذت في الجو
طانة مدوية ثم عادت وشبعت من العسل. وأما الملك فلا يخرج وحده ،
بل مع الجملة. وإذا ضل الملك تبعته برائحته ، وإذا
أعيا الملك في طيرانه حملته حملا ، وإذا جلبت الموم ، فإنما تجلبه بطرفى الرجلين
المتقدمتين ، فإذا وضعته ثنت الطرفين
بالذراعين ، والذراعين بالرجلين المؤخرتين ؛ وإذا حملت الموم طارت منقلا ، ولا تنتقل من زهر إلى زهر ، إلا بعد أن تنقل ما حملته إلى خليتها. وكثيرا
ما تنقل الشمع من الزيتون ، وبعد ذلك تفرخ ، أى إذا فرغت من بنائها. وربما جمعت
الفرخ والعسل في بيت واحد. وليس للذكور حمة ، ويحاول اللسع ولا يقوى عليه.
وملوك النحل جنسان
: أكرمها أحمر اللون ، والآخر أسود مختلف اللون فحمى.
__________________
والملك في ضعف قد
النحلة العسالة. وأكرم النحل العسالة ما كان صغير الجثة ، مستدير الشكل عليه ألوان. وقد
يكون منها مستطيل شبيه بالذكر. وجنس آخر أحمر البطن. والذكر كبير كسلان . والنحل الذي يرعى الغياض والجبال أصغر وأعمل. والكريم يعمل عسلا مستوى
الأجزاء في ثقب ملس وأصمة ملس ، يملأ بعضها عسلا ، وبعضها فراخا ، وبعضها
مساكن للذكورة. وما ليس بكريم لا يعمل شيئا مستويا ، على ما قلنا. والنحلة تلزم
ثقب الشهد ، وبذلك يصلح الشهد وإلا فسد وتولد فيه عنكبوت.
وأقول : إنه لا
يبعد أن تكون إبرة النحلة مع أنها سلاح نافعة في إحالة جوهر الرطوبات إلى العسلية
بأن تأتيها وترسل فيها قوة ما وهذا منى تخمين ، وكأنى سمعته من بعض
المتعهدين لهذه الأحوال.
وجنس من النحل
مختلف يقال له فصوص ، ولا يعمل شيئا يعتد به. وربما تولد فى الخلية دود صغير ينبت
أجنحة ، ولا تدعه النحل أن يقع على بيوت الموم. والنحل العسالة
تقتل الذكران المؤذية ، والملوك المفسدة ، وخصوصا عند قلة العسل. والنحل الصغير
المجتمع يحاول مقاتلة الطوال منها ونفيها عن الخلايا ، فإن فعلت ذلك جاد العسل.
ويجتهد أن يقتل ما يقتله منها خارج الخلية ، صيانة للخلية.
وجنس من النحل
يسمى لبنون يغتال النحل العسالة ، ويفتح عليها
بيوتها ويهلكها ، وذلك مما يقل ويندر ؛ لشدة يقظتها ، وكثرة تحفظها. وكثيرا ما
يتفق إذا دخل ، أن يتشوش من اللطخ بالعسل ، فلا يقوى على الطيران ، ولا يلبث أن
يقتل ، ولا يكاد يفلت. والملك قلما يخرج إلا في عنقود من الفراخ يكنفه ، وإذا هم الملك بالخروج طن قبله بيوم أو يومين لتعلم الفراخ ما هم به ، لتستعد له.
وإذا تولدت ملوك ، تبع
__________________
كل ملك من الفراخ
طائفة ، ولا تقبل ملكا آخر غير ما اتفق أن انحازت إليه ،
فإن تبعها آخر قتلته. فإذا خرجت الفراخ ، وكان
بها قلة ، انتظرت المدد من خارج .
والنحل توزع
أعمالها بينها ، فمنها ما إليها نقل المادة من الزهر ، ومنها ما إليه تليين ذلك
وإصلاحه موما ، ومنها ما يستعمل ذلك الموم ، ومنها ما هو ساق ويستقى الماء للفراخ. ولا يقع النحل على حيوان البتة ، ولا على طعام ، وليس لابتداء عمله زمان معلوم ، بل كلما أخصب ، وفي أى وقت اتفق ذلك. وإذا استوت الفراخ وطارت ، فإنها تسرع في العمل بعد ثلاثة أيام
عند ما تستوى فتثقب الصمامات التي على أفواه البيوت وتخرج. وما كان من النحل
كسلانا ضارا غير حسن القيام ، على ما هو منوط به ، فإن النحل الكريم يطرده ،
واللئيم يتغافل عنه.
وللنحل أعداء
كثيرة كالزنابير والخطاطيف. وأصناف من صغار الطير والضفادع النهرية والأجمية تتلقى النحل الواردة فتبلعه والجرادين خاصة فإنها ترصدها فى باب الخلية والصمامات . على أنها لا تهرب من شىء من الحيوان ، ولا تقاتل غير جنسها وغير الزنابير. وإذا كانت خارجة من الخلية ، تسالمت وسالمت غيرها ،
وإنما تقاتل من يقرب خليتها. والنحل قد يطعم الحلاوات أيضا. وإذا لذعت النحلة
حيوانا وخلفت الإبرة فيه ماتت. وربما قتلت النحلة من تخلف فيه الإبرة. وقد قتلت فرسا.
أقول : وقد أخبرت
بقرية من قرى أسفسيقان يقال لها أسفاكوج ، وفيها خلايا
النحل ، أنهم غزوا مرة ، وكاد الأكراد ينهبونهم ، فسلطوا عليهم
النحل ، بأن عمدوا
__________________
إلى خلايا فشوشوها
، وتواروا عنها ، فهزمت النحل أولئك الأكراد لسعا لهم ولدوابهم.
وملك النحل حليم جدا ، ولا يلذع شيئا. وإذا هلك شىء في الخلية رمته إلى خارج. وهو أنقى
الحيوانات ؛ ولذلك لا تلقى زبلها إلا وهي تطير وإلا في دفعات ، لأن في ذبلها نتنا.
وهي تكره النتن ، وتكره أيضا الروائح الدهنية والأدهان وإن كانت عطرة ، وتلسع
المتدهن إذا دنا منها.
ومما يهلك النحل
تفرقها لكثرة ملوكها. وأما أبكار النحل وفراخها ، فهى أصنع من غيرها ، وأجود عسلا
، وأقل لسعا ، وأقل ضرر لسع ، وهي أقل رعبا . وقد قاتل النحل
نحلا غريبا زاحمها في الخلية ؛ وكان رجل يعين النحل الأهلى ، فلم يلسعه البتة. ومن
آفات النحل دود يتولد ، ويصير عنكبوتا ، ويستولى على العسل
ويفسد الشهد والموم. وربما تعفنت الخلية وأنتنت ، فأفسدت النحل. والنحل يحب السعتر ، وأجوده الأبيض ؛ فإذا لقط من زهر قمل مرض. والنحل تستتر عن الريح بالحجر وتشرب الماء الصافى القريب المعهود ؛ ولا تشرب إلا بعد إلقاء الثفل. وأكثر ما تعسل ربيعا وخريفا
، وأجوده الربيعى. والعسل الأبيض هو الذي يعسل في موم طرى ، وإذا عسل في موم عتيق
احمرّ. وأجود العسل هو الذهبى ، وأردأ العسل أعلاه في الخلية ؛ ولذلك ينبغى أن
يخرج عنها. والنحل يعجبه التصفيق والغناء ، وبهما يجتمع ويرد إلى الخلية . والخلية المخصبة هي التي يكثر فيها دوى النحل. وإذا ترك للنحل في الخلية من الشهد فوق كفايته ، عاد بطالا ، وكذلك إن كان أقل من كفايته.
وقلة الذكورة أصلح في الخلية ، فإن النحل العسال يكون أنشط. والنحل يحدس بالبرد والمطر ، وعلامة ذلك لزومها الخلية. وهنالك ما يعدّ لها القيّم قوتا.
وإذا تعلق بعضها ببعض
__________________
في الخلية ، دل
ذلك على إجماعها مفارقته ، فهنالك يرش القيم خليتها بشراب طيب حلو. وينبغى أن يكون بقرب الخلايا كمثرى جبلى وباقلى ، وقثاء رطب ،
وجلنار ، وآس ، وخشخاش وسيسنبر ولوز. والشتاء الجنوبى يفسد النحل.
والزنابير أصناف :
صفر صغار. وسود مطاولة صفر الأرجل ذبابية ، وحمر كبار جدا وأوساط. وقد
رأيت جنسا أسود الرأس كبيرا له رائحة عطرة ، وله إبر
في مؤخره ثلاث أو خمس وهو ردىء.
فهذه أحوال النحل.
__________________
الفصل الرابع
(د) فصل
فى مثل ذلك من أخلاق السباع المختلفة وحيوان الماء والطير
ولسائر الحيوانات
أيضا أخلاق ، وانفعالات نفسانيه ، كالأسد ، فإنه حليم كريم عند الشبع ، صعب ردىء
جدا عند الجوع ، وعلى الأكل. ومن عادته ملاعبة من ألفه ، لكن لعبه مؤذ ولا ينهزم إلا عند تفاقم الأمر . ويكون مشيه حينئذ رفيقا والتفاته قليلا. فإذا وارته غيضة أمعن هناك في الهرب ،
فإذا ظهر منها مرة أخرى أخذ يرفق في مشيته ، فإن اضطر إلى
الهرب اضطرارا شديدا استعجل فى المشي من غير أن يجعله عدوا. وهو بالحقيقة يخاف
النار. وإذا قاتله قوم يتبين من يرشقه منهم ، فيقصده خاصة ، فإن كان رماه ولم يؤذه ، ثم ظفر به أخذه وتركه ؛ وأكثر ما يعمل به أنه يخدشه
ويفزعه. وإنما يقصد أكل الناس ، ويصاقب ما كنهم الضعيف المسن منها.
أقول : إن الأسد
التي ببلاد خراسان ، وخصوصا الجيحونية ، أقوى وأشهم من سائر الأسد الجنوبية ،
والعراقية أضعف. وكان عند ملوك بلادنا أسد جيحونية ، وأسد من رأس حد خراسان ، ومن فراوة ؛ وكان يفرق بينها في المكان. على
أن الجيحونية أقل عددا ، لأن صيدها أصعب على الناس وأعسر. وكانت الأسد الفراوية ـ على
__________________
ما بلغنى ـ وكأنى
تأملته يخاف قطيع منها واحدا من الجيحونية. ومع ذلك فإن الجيحونية لا تؤذى الناس ،
ولا الأنعام على وفور عددها بشط جيحون. والأسد طويل العمر. وقد صيد من
الأسود أسد بلغ من كبره أن تفتتت أسنانه.
ومن الأسد جنس
ضعيف ، يهرب من الخنزير إذا شد عليه ، فلا يقاومه ؛ وجراحته بمخلبه أو نابه رديئة
تسيل قيحا رديئا منتنا. ويقرب علاجه من علاج الكلب
الكلب.
ومن السباع سبع
يسمى ندس ، محب للناس لا يضرهم ، وهو يقاتل الأسود
والكلاب. وصغيره أجرأ وأجلد ؛ وله جنسان أو أجناس ، وهو متبدل اللون كل
فصل. وسبع يسمى بوناسوس يكون في الجبال ببلد ناوينا ، وهو في عظم الثور ، لكنه أجسم منه ، وجنس منه يشبه البقرة ،
على أكتافه شعر ، وعرفه ألين من عرف الفرس وأفتح ، وأقصر ، وكأنه صوف ، وهو أشقر قانئ ناحية الرأس إلى
العرف. ويرسل من الرأس إلى العينين مثل الناصية. وسائر بدنه بين الرمادى والأحمر.
وله قرون منعقفة إلى داخل ، بقدر شبر وأكثر ، ولا أسنان له في فكه الأسفل ،
وهو ذو ظلف ، كثير شعر الفخذ ، قصير الذنب ، يحفر الأرض بخطمه. وجلده صلب جدا. وهو
صيد طيب اللحم ، وإذا عجر رمح برجليه ورمى روثه إلى أربعة أبواع ، وهو رواث وخصوصا
عند الوضع. ويهيأ منه على مولوده مثل السد .
قال والجمل لا
ينزو على أمه. وقد احتال بعضهم على إنزائه ، فلما علم ذلك حقد على المحتال عليه
به. وأهلكه.
__________________
وأما الفرس الكريم
فقد غولط بأمر ملك يقال له أسفونافس ، فنزا على أمه ، فلما سفدها وعاين ذلك ، فيما يقال ، ألقى نفسه في وهدة ،
وعطب. وقد سمعت من بعض الثقات بخوارزم قريبا من هذا.
والدلافين تحب
الناس وتستأنس بهم وبالصبيان خاصة.
أقول : وقد رأيت
الببغاء شديد الحب للصبيان المرد ، وشديد الأنس بهم ، والكلام عند حضرتهم ، وأقول : حدثنى ثقة بجملة من حكايات الببغاء ، وحبه لصاحبه ، وعشقه إياه ، وجزعه على
مفارقته وحسده على اتخاذ ببغاء آخر ، ما قضيت له آخر العجب.
وحكى في التعليم
الأول أن دلفينا جريحا ، صاده إنسان ، فتوجهت الدلافين إلى الشط كالمتشفعة إلى من
صادها ، فلما خلى عنها ، انصرفت. والدلفين الكبير يهتم بصغار الدلافين ، يتبعها
للحراسة. ورئى دلفين يحمل دلفينا ميتا مع نفسه ، ويغوص به ويطفو ، كأنه يحفظه لئلا
يؤكل. ويحكى عن سرعة الدلفين ما لا يكاد يصدق
به ، وربما نزا من صفحة الماء إلى ما يجاوز طرف الدقل ، ووقع في الجانب الآخر من السفينة. ويكون السبب فيه طول غوصه ليبتلع بيض السمك. فإذا اشتهى النفس ، انزج دفعة إلى فوق ، وربما وقع إلى البر
اتفاقا.
ومن عجائب أحوال
الحيوان أن الدجاجة إذا غلبت الديك قتالا ، تشبهت بالديك فى صقيعها وفي سفادها ،
وأشالت أذنابها كالديكة ، وربما نبت لها مخلب.
__________________
أقول : ليعلم أن الطبيعة مطيعة للهيئة النفسانية ، والديك أيضا يتشبه بالدجاج ،
إذا ماتت الدجاجة عن فراريج فيعولها ويتجنب السفاد ويتركه.
والطير يخصى بكيّ
أصول الزمكى كية أو كيتين أو ثلاثا ، فلا يصقع الديك
المخصى ولا يسفد. وإذا خصيت ذوات القرون قبل نبات قرونها ، بقيت جماما ، خلا الأيل ،
والخنزير يخصى أنثاه وذكره فإن للإناث خصى لاصقة بأصل الرحم. قال : والخصى أطول
عمرا. قال : إن الحيوان الطويل الساق سلاّح قياء. وذكر أصنافا من الطير تتغير ألوانها في الفصول ، وأصواتها ، حتى أن منها ما يصوت بصقيع الديك صيفا ، ويصوت بصوت الدجاجة شتاء. والعصفور الحسن الصوت ، وأظنه العندليب ،
مغرى بالتلحين ، خمسة عشر يوما من بدء الربيع ، وبعد ذلك يلحن
وقتا بعد وقت ، ثم يهجر التلحين ، ثم يتغير لونه ويستخفى ،
ومن الطير ما يتمرغ في التراب ، وأكثر ذلك ما ليس له طيران جيد يعتد به ، كالقبج
والدجاج ، ومنه ما يغتسل بالماء كالحمامة والعصافير. وذوات المخلب
لا تعمل شيئا من ذلك .
__________________
المقالة التاسعة
من
الفن الثامن من
جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى حال الإدراك والمنى والطمث وذكر الاختلاف في
ذلك
ولنتكلم في ولاد
الناس وتكوين الجنين فنقول : إن الإنبات كالإزهار ، والاحتلام كالإثمار. وأول آيات
البلوغ تغير الصوت واستحالته إلى خشونة لا ينسب إلى حدة ، ولا إلى ثقل ، بل يكون كنغمة الوتر الغير المستوى الأجزاء
إذا استرخى خاصة لنداوة به ، فإنها إذا نقرت كانت
النغمة خشنة مختلطة من حدة وثقل. وكذلك فإن قصبة الرئة والعضلات التي للحنجرة يعرض
لها ـ قبيل أن تنضج بالإدراك التام ـ اختلاف أجزاء في اللين والصلابة
والرطوبة. ثم إذا جامع المراهق بسرعة ، جفت آلات صوته ، فمال صوته إلى مشاكلة
أصوات الرجال بسرعة. ومنهم من يتعاهد صوته فيحفظه على السلامة ، كما يفعل المغنون. ويعرض في ذلك الوقت أيضا امتلاء الثديين غدة
تتحلل ، وانشقاق الأرنبة. والسبب في ذلك الانشقاق جفاف الغضروف ، فينفصل جزاءه.
والمنى يتكون بعد أسبوعين من السن ، ويقوى بعد الأسبوع الثالث. والنساء
__________________
يدركن بالطمث ، وحينئذ تظهر أثداؤهن. ويعرض لمن يفرط في الاستمناء من
المراهقين ليس فقد اللذة فقط ، بل ضدها وهو الأذى والغم والفتور. والطمث في أول الأمر
دم كدم الذبيح ، ويكون قبل الإدراك إلى البياض. ويتغير أيضا صوت الجوارى فى سن
الرهاق ، وإن كان صوتهن على كل حال أحدّ ، حتى أن زمرهن أحد من زمر الرجال . ويشتقن إلى الجماع مع دور الطمث. وكلما جامع الرجال أكثر ، أو جومعت النساء
أكثر ، كانوا أشوق إليه من التارك لانفتاح السبل ولتوزيع الطبيعة المنى على العادة. ويبلغ من شدة ذلك أن يستلدوا بذكر الجماع.
ومن الرجال من لا يحتلم البتة ، ومنهم من
لا منى له ، لآفة أصابت المزاج ومنهن من لا تطمث ،
والأجساد تتغير من النعمة عند الإدراك ، وربما انتقلت من سلامة إلى مرض ، أو من مرض إلى سلامة.
أقول : كثير ممن
به علة كالصرع وغيره ، يزيله الاحتلام. قال : وربما أخصب المدرك ، وربما هزل ، فإنه إن كانت الفضول كثيرة أدى الطمث والاحتلام إلى نقاء ، وإن كانت قليلة
أدى إلى ضعف. ومن كان منهن في جسدها فضل كثير ، وكان يمنع عن تصرف القوة النامية
حق التصرف ، عظم ثديها بعد الطمث. والمنى النصيح المذكر ، هو الذي يكون بعد الأسبوع الثالث في أكثر الأمر. وكذلك الجارية التي
لم يأت عليها ثلاثة أسابيع ، فإنها تكون ضعيفة على الحبل ، ومصفرة ، وممرضة ، وتقاسى أوجاعا ، وخصوصا عند الطلق. والمفرط في الجماع يشيخ قبل غيره. وكذلك
الجارية التي ولدت كثيرا ، ويعرض لها سقوط شهوة الجماع. وأفضل المنى أخثره ، وأما
الرقيق الخيطى فلا يولد إلا الإناث.
__________________
وأكثر هيجان الطمث
عند الاجتماع والاستقبال ؛ لأن لاختلاف حالات القمر تأثيرا في الرطوبات ، وغير ذلك من
المد والجزر ، وفي سائر ما قيل في موضعه. والتي يتأخر طمثها من النساء تتأذى
بأوجاع. ويعرض لجميعهن عند قرب الطمث ثقل في البدن ، وربما عرض من احتباسه اختناق.
والحمل الطبيعى ما
يوافق الطهر ، وإن كان الطامث قد تحبل ؛ وإن كان من النساء أيضا
من إذا طهرت انغلق باب رحمها. والحامل لا تطمث إلا في الندرة ، لأن الطمث ينصرف
إلى غذاء الجنين ، فإن طمثت أضعفت الولد. وربما أدى دور الطمث إلى الإسقاط. وإذا
اشتدت الرطوبة بالرحم كانت مزلقة للمنى.
والحيوانات الأخرى
بعضها لا يطمث ، وبعضها يطمث أقل من طمث النساء ، كأن
الفضلات فيها تتحلل في الشعر ، وفي الفلوس ، والقشور ، وفي
البول الكدر. وهي أيضا أكثر رياضة. وما يجتمع في الإنسان من المنى ، أكثر مما يجتمع في سائر الحيوانات التي تناسبه في
القد. وذكر أن الأبيض المعتدل السمن ، أكثر منيا من الأسود والأسمر ، والسبب فيه
كثرة الرطوبة ؛ ولا يبعد عندى أن يكون السمر والسود يكثر فيهم المنى بسبب القوة
والحرارة ، فإن القوة تحصل في المادة ما لا يحصله الضعف مع حضور العنصر.
وحكى أن البيض أيضا أنشب للمنى وأجذب من السمر ، وإذا حبلت المرأة يبس عنق فرجها.
أقول : وذلك لأن
الفرج إنما يترطب من رطوبة الرجال ، أو رطوبة النساء ؛ فإذا جذب الرحم المنى جذبا
عنيفا وافرا قويا ، لم يبق في خارج الفرج إلى باب الرحم منى
__________________
أو رطوبة ؛ وإذا
علق انضم باب الرحم فلم يسل إلى خارج شىء من رطوبة. على أن
الرطوبة للنساء مطلوبة لغرض ، على ما سنشرحه
بعد ، فأما إن كان باب الفرج بعد الغلق أملس رطبا ، فقد زلق المنى أو سيزلق. قال :
ولذلك يؤمر أن يدهن فم الرحم بقطران ، أو يعالج بأسفيداج أو كندر مدوفين في زيت. أقول : أما القطران ، فإن من طبيعته أنه إذا أصاب فم الرحم ، ووصلت
رائحته إلى المنى ، فسد المنى وزلق ، فيشبه أن تكون الرحم تشمئز طبعا عنه وإذا
اشمأزت عن شىء بعدت عنه طبعا إلى
خلاف جهته ، كما إذا لاءمها الشىء مالت إليه. فيشبه أن يكون الغرض
فيما يعمل به أن يرتفع الرحم إلى فوق ويشتد العلوق. وأما الكندر
والإسفيداج فلتشديد فم الرحم وقبضها وتجفيفها لئلا تزلق. وهذا
بعد المجامعة والعلوق. وأما إذا فعل شىء من هذا مع المجامعة لم يعلق ، لإفساد مزاج الرحم والمنى. وإذا لم ينزلق المنى سبعة أيام
فقد علق علوقا جيدا. وربما طمثت المرأة بعد ثلاثين ، واحتلم الذكر بعد أربعين.
وأما النفاس فمدته أربعون يوما. ونزول الطمث في الحبالى غير طبيعى ، إنما
الطبيعى صعوده إلى الثدى. والحبلى تحس بما في بطنها ، وتدرك ثقله من جانب
الأربيتين ، وذلك في المهازيل أوضح. والذكر أكثر ما يكون في الناحية اليمنى ،
والأنثى أكثر ما يكون فى الناحية اليسرى ، لأنها أبرد. وكثيرا ما يكون الذكر في اليسار. وذلك لأنه إن كان المنى قويا حارا لم يلتفت إلى برودة المكان.
أقول : ويليق بنا
أن نذكر حال الاختلاف في المنى والجنين في هذا الموضع ،
__________________
لا على النسق الذي
في التعليم الأول ، بل على ما نراه في وقتنا أولى. فنقول أولا : إنه قد يظهر من
رأى المعلم الأول في بادئ الأمر أنه ليس من جهة المرأة إلاّ دم الطمث فقط وأن المنى للرجل فقط ، وأن المرأة لا تنزل. وحقيقة رأيه في ذلك شىء آخر نعبر
عنه أوضح ، إذا بلغنا موضعه. وأما هاهنا فنقول قولا : إن جميع
ما هو منى سواء كان للرجال وللنساء ، فهو دم ، وإنه دم متغير تغيرا ما ، وإن اسم
المنى ليس يقع على منى الرجال ومنى النساء إلا باشتراك الاسم ، فإذا سمى أحدهما
منيا ، فليس يصلح أن يسمى الآخر منيا بذلك المعنى. وإنه ليس في المشهور لهما معنى
جامع جنسى أو عرضى ، يكون اسم المنى موضوعا له ، فيكون لما تحته بالتواطؤ ؛ بل
الشىء الذي يسميه الناس منيا من الجهة التي يسمونه منيا لا يوجد للنساء ، وإن
المعنى المفهوم من الإنزال أيضا لا يوجد للنساء. وليس يمنع ذلك أن يكون لهن شىء
غير دم الطمث الصرف ، بل دم متغير فى الآلات التي لهن تغيرا هو أقرب إلى جوهر منى
الرجال من سائر الطمث. وأنه لا مانع يمنع أن تسمى كل رطوبة
تتولد عن الدم في الرحم طمثا ، فإن الناس يسمون البياض والصفرة طمثا أيضا.
وبالجملة لا خصوصية في أن يسمى شىء باسم ، أو يمنع أن يسمى ، اللهم إلا أن يكون
المعنى يوجب موافقة فيقتضى المشاركة في الاسم. وأما إذا كان المعنى مختلفا ، لم
يمنع ذلك لا الاختلاف في الاسم ولا الوفاق فيه. نقول أيضا : ولا مانع يمنع أن يكون
للنساء تحريك للمنى من موضع إلى موضع يلتذذن به ، ولا يكون ذلك إنزالا ، بل
الإنزال في اللغة هو الدفع إلى ما تحت . أما النساء
فإنما لهن إصعاد للمنى إن كان حالهن على ما نعلمه من التشريح ،
ومن هيئة الآلات التي لهن بدل أوعية المنى للرجال. فيجب أن نعلم هاهنا هذه الأشياء على سبيل الجملة ، ثم سنوضح القول فيها بعد.
وأيضا فإنه يظن
بالمعلم الأول أنه يرى أن المنى لا يخالط المتكون ، ولا
يكون جزءا
__________________
منه ، وأنه يتحلل.
وليس رأيه كذلك ، بل عنده أن المنى وإن خالط فيخالط على أنه فاعل ، لا على أنه
المادة ، ولكنه يجرى في الأعضاء مع المادة التي للإناث من غير أن
يكون هيولى يتكون منه العضو ، بل يكون جزءا ساريا فيه كالمبدإ المحرك وأنه
إنما تتكون عنه الروح في المولود ، فإنه يلطف جدا ، أو يكون
أصلا للروح الذي في المولود ، الذي يحمل القوة النفسانية.
وفاضل الأطباء ومن
يجرى مجراه يشنعون على أفضل الحكماء في ذلك ، ويناقضونه ، فلنترك
الاعتذار الذي قدمناه ، والتأويل الذي بيناه ، وإن كان هو الحق والمطابق لرأيه ،
ولنضع وضعا أن المني للرجال فقط ، وأنه يؤثر من غير مخالطة ، وأنه ليس للنساء إلا دم الطمث . ثم لننظر فيما يورده هذا الطبيب من المناقضات ، ثم لنبين
أنه لم يعمل شيئا ، ولم يحسن أن يقول شيئا ، فظن كثيرا أنه يبرهن ، ثم لم يقنع ؛ وأنه ضعيف جدا في المبادي ، وإن كان كثير
البسط في فروع الطب.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى احتجاج جالينوس على الفيلسوف
ونقض ذلك الاحتجاج وتسخيفه
قال الطبيب الفاضل
: لم يحسن من قال إن المنى يتحلل ولا يبقى ، فإن الرحم لم يخلق خزانة للمنى يشتاقه بالطبع ليضيعه ، بل ليمسكه . واستشهد أبقراط بأن امرأة لم تحب أن تحبل ، وأجمعت على إزلاق المنى ،
فاحتاجت إلى طفر شديد إلى خلف حتى أزلقت المنى. ولو لا شدة اشتمال الرحم على المنى لزلق بنفسه لثقله ، وذلك أن المنى نزل وقد غشى بغشاء كالغرقئ ، وإنما جلله ذلك الغشاء
لانطباخه في الرحم. ومن شأن الطابخ للرطوبة بحرارة عاملة ، أن يحدث في
الجهة التي تماسه كالقشر ، كما يعرض للقطائف التي تخبز من الإهال ، فإن ما يلى
الفرن منه يصير أولا كصفاق ، وسائره بعد رطب.
قال : ولذلك خشنت الأرحام في داخلها ، لئلا يكون أملس على أملس ، فيعلق اللزوم.
قال : وكيف يخلق
العصب والعظام والعروق من الدم ، وهي بيض وصلبة. وإنما تخلق لا محالة عن مادة بيضاء لزجة غير سائلة رقيقة جدا ، كالدم . فإن قلتم : إن
__________________
الدم يستحيل إلى
القوام الموافق ، فما حاجة الطبيعة إلى ذلك وهناك مادة معدة بالكيفية المطلوبة
من اللون والقوام ، لأنها بيضاء لزجة . وهذه المادة هي
المنى ، فإنه عديم الكيفية الدموية ، لزج ، قابل للتمديد ، صالح لأن يحوف ، ويمد
تمديد الشرايين والعروق ، ليكون منافذ للدم. فكيف يجوز أن يجعلوا المنى ، وهو ما
يجذبه الرحم بالطبع ، يتحلل وينفش ؛ ودم الطمث ، وهو ما يدفعه الرحم بالطبع ، يبقى ويحفظ؟ ولم خلقت فى الإناث بيضتان
وأوعية المنى ، إن لم ينتفع بذلك في تكوين الجنين؟.
قال : ونحن فقد
وجدنا وعاء المنى في الإناث مملوءا رطوبة منوية ، إلا أنها أرطب من منى الرجال.
قال : وقد كان ببعض النساء شبيه اختناق الرحم
لطول أيمتها ، ثم استفرغت منيا كثيرا ، ووجدت لذلك لذة كلذة الجماع ؛
وصحت ، فكان طول الاحتباس قد غلظ منيها. وإن النساء يحتلمن فيرقن منيا.
قال : ولو كانت
الأعضاء تتكون من الدم ، لكان حال الأعصاب والعروق والعظام كحال اللحم ، ولكان
المقطوع منها سينبت ويعود ، كما أن اللحم إذا نقص ينبت ، وإنما ليس ينبت لأن تولده
من المنى ، وقد عدم المنى ، بل إنما يمكن ذلك في بعض الأعضاء ، مثل بعض شعب العروق
في جراحات عظيمة تقع على الرأس وغيره دون العصب والعظام ، ولأن المعلم الأول يقول
: إن الشريانات والعروق التي في أوعية المنى إذا طال زمان محاكتها للدم في الاستدارات واللفات حدث منه منى ، ولو كان في سائر الأعضاء تلك الاستدارات والالتفافات لكان سيتولد فيها المنى. وإذا كان الشريان هو مولد المنى دون البيضتين
، والفاعل هو المشبه بجوهره ، فيجب أن تكون
الشريانات
__________________
والعروق متكونة من
المنى. إذ الشىء إنما يتكون من المادة التي تشبهه ، والتي يصح أن تغذوه.
قال : ومما يدل
على أن في الأنثى منيا كما في الذكر المشابهة ، فإنه إن كان السبب فى التشبيه
المنى ، ولم يكن للنساء منى ، وجب أن لا ينزع شبه إلى الأمهات . ولو كان السبب في التشبيه الدم والهيولى ؛ لكان لا ينزع
شبه إلى الآباء. فإذا كان الشبه ينزع إلى كل واحد منهما ، فعلة الشبه موجودة لكل واحد منهما : لكن دم الطمث
ليس للذكر ، فليس المشترك فيه هو الدم ، فبقى أن يكون الذي يشتركان فيه هو المنى ،
فيكون للإناث منى ، وفيه قوة مولدة مصورة ، كما في الرجال.
ثم جعل هذا الكلام
على ترتيب قياسى : مرة وضعى ، ومرة حملى. فقال : إن كان الولد يشبه والديه
، فإنما يشبههما بسبب عام لهما ؛ فإن كان الولد يشبه والديه بسبب عام لهما كليهما ، فإما أن يكون منيا ،
وإما أن يكون دما ، لكن ليس دما وإلا لكان لا يشبه الأب ، فهو منى. وأما الحملى
فقال : إن الأولاد يشبهون والديهم جميعا ، والذين يشبهون والديهم فلهم أصل ومبدأ هو المشبه لهم بوالديهم ، فالأولاد لهم أصل
ومبدأ يشبههم بوالديهم ؛ ثم قال : لكن ليس بسبب دم الطمث ، فهو بسبب المنى.
فلما ذكر هذين
القياسين فرح فرحا شديدا مجاوزا للقدر ، وحسب أنه برهن برهانا عظيما ، ثم سأل عن نفسه
سؤالا ، وقال : إنه كان يجب أن يكون الشبه ينزع إلى الأب دائما ، لأن منى الذكر
أقوى ، فأجاب لكن منى المرأة يستمد من دم الطمث فتنمو قوته ، ولا مدد لمنى الرجل.
وهو يقول في موضع آخر : إن منى النساء يصير غذاء لمنى الرجال .
__________________
فهذه عيون ما يظن
الرجل أنه يحتج به. ونحن نتعجب منه أنه بعد شمه شطرا من كل شىء ، ودعواه جودة التصرف في
المنطق والفلسفة ، كيف قنعت نفسه بهذه الحجج السخيفة في أن يعتقد شيئا من الأشياء
أو يميل إليه بغالب الظن.
أما قوله الأول
فيجب أن يتذكر ويعلم أن الأعضاء قد تجذب أشياء كثيرة بشوق طبيعى ثم تضيعها وتدفعها
إذا زالت الحاجة عنها ، كجذب الكبد
والعروق للماء الكثير عند ما تحتاج إليه. ثم بعد ذلك فإنها والعروق تدفعه وتستغنى عنه. وكجذب الأعضاء للأدوية الموافقة لتعديل مزاجها ؛
وتحليل مادة رديئة فيها ؛ ثم إنها بعينها تدفعها . ومتى كان في بدن إنسان جاذب لشىء لا يعدوه ؛ ثم كان دائم العشق لمجذوبه . ولم لم يقل الرجل في نفسه عسى أن يكون المنى إنما يشتمل عليه
الرحم ما احتاج إلى تأثيره في دم الطمث ، وإحالته إياه إلى المزاج الواجب ،
وإفادته إياه القوى الواجبة. ثم إن الرحم يستغنى عنه ، فيفسد هو بنفسه فيه ويتحلل ، أو يدفعه الرحم بعد ذلك. فإن المنى أيضا عسى أن يكون بعد أن يفعل فعله ، يتغير مزاجه ، ويصير لا على المزاج الذي كان عليه
أولا ؛ وكأن الرحم يعشقه بسببه . وكيف وثق في الرطوبات البدنية وفي القوى العضوية أن تبقى مناسبات ما بينهما دائمة ، فعسى أن يكون حرص الرحم على ضبطه ، هو إلى مدة الحاجة ومع بقاء
الكيفية. وأما ذكر الغشاء الذي يغشى المنى وحسبانه أن الرحم يفعل ذلك بطبخه ، فهو أيضا من البلادة المجاوزة للحد. فإنه إن كان في المنى قوة مصورة ومكونة
، فتلك القوة ملية بتكوين ذلك الغشاء ملاتها بتكوين العصب والعظام والعروق التي ليست
تنبعث من جهة الرحم إلى باطن ، بل من باطن ، وبفعل هذه القوة.
__________________
ومن القبيح ظن
الظان أن الرحم يفعل في الرطوبة ما تفعله صفحة الفرن بالقطائف ،
فإن الرحم ، وإن بلغ الغاية في التسخين ، فإنه رطب السطح رطب الجوهر ، لا يبلغ منه أن يشوى سطح رطوبة شيّا يجعله صفاقيا جلديا. ولو كانت هذه المعاملة تجرى بين
الأعضاء الحارة وما تشتمل عليه من الرطوبات ، لكانت المعدة والكبد أولى أن تكون
الرطوبة ، إذا ماستها ، انتسج عليها صفاق غشائى. فإن كان في المنى قوة مصورة لصورة
العظم ، فعسى أن تفى هي أيضا بتصوير الغشاء ، فيستغنى عن نسبة تصوير غشاء رقيق إلى غيره. وما الذي يحوج في الأمور الطبيعية التي فيها مبادئ حركات تفى
بأعمال وأفعال أن يجعل لها مبادئ حركة من خارج ، ويجعل حكم المنى حكم القطائف ،
وإن كانت قد تتفق لها معاونات ومعاوقات من خارج لا تنكر. وأما الذي قاله بعد هذا
فكان ينبغى أن يعلم أن القائل بأن التوليد من دم الطمث ، والتوليد من منى الرجل ، يوجب أن يكون المنى عادما للمزاج القابل لتكوين الحيوان منه ،
وإن كان من حيث اللزوجة والبياض صالحا للتخطيط والتكوين والمذكور.
وليعلم أن الصور
الصناعية هي التي يقتصر فيها من موادها على أن تكون قابلة للتشكيل فقط ، لملاءمتها
بالصلابة واللين ، واللزوجة والغلظ وغير ذلك ، حتى إن كان المراد هو الإلصاق جاز
كل مادة لزجة كان صمغا أو دبقا أو غراء. وإن كان المراد التحديد الفصلى جاز أن
يكون حديدا أو ياقوتا أو ألماسا. وإن كان الغرض التجويف ، جاز أن يكون ذهبا أو فضة
أو نحاسا أو خشبا . ولذلك ما يصلح إيجاد الشكل الصناعى فى مواد مختلفة.
وأما الصور
الطبيعية فليس الغرض فيها إيجاد الشكل والتحديد ، بل وأن يكون
__________________
للجسم مع ذلك مزاج
خاص يصلح أن يتقبل به القوة الغريزية التي
تخصه. ولذلك ما تختص الصورة الطبيعية بمادة على حدة وتغتدى بها وتربو وتجذب وتدفع. فلنضع أن البياض واللزوجة يجعلان المنى موافقا للتمديد والتشكيل ، فكيف علم أن ذلك كاف له فى المزاج الذي يحتاج إليه ، حتى يكون
عظما أو عرقا أو عصبا أو إنسانا أو فرسا. وعسى أن يكون مزاجه الذي له ، مزاجا ليس
يصلح أن يقبل صورة العظيمة والعرقية ، وله قبول التخطيط والتمديد للزوجته وكونه أبيض. ولو كان
هذا القدر كافيا للمنى في أن يتكون منه حيوان ، لكان المخاط والبلغم الأبيض اللزج
يصلح أيضا لأن يتكون منه الجنين ، ولكان كل منى يصلح لتكون كل حيوان.
وهذا هو الجواب
أيضا عما ذكره من أمر الرطوبة في الوعاء الذي يسميه وعاء المنى. إنك لم تعلم
من حاله إلا أنه أبيض لزج ، وبهذا وحده لا يصير منيا. على أن هذا أحسن ما يجب أن
يتعلق به ، لكن تعلقه ليس على الترتيب الحسن. والذي ذكره من حديث الشريانات ،
وأنها إن كانت مولدة للمنى ، فيجب أن تغتدى به. فإنه لقائل أن يقول : إنها تولد
المنى على نحو من كيفية فعلها ، كإفراط فعلها فيها ، ولوجه آخر ، كما يولد الكبد الصفراء والسوداء ، ثم لا يكون أحدهما صالحا لأن يغتدى
به.
ثم يقلب عليه
القضية ، فيقول : لو لا أن الدم هو عنصر الأعضاء في أول التكون ،
لما كان اغتذاؤها منه.
وهذا هو اللزوم
الذي استعمله. لكن اغتذاءها منه في ثانى الحال. فهو إذن عنصر الأعضاء في أول
التكون. وأما القياس الذي فرح به ، فالأول منه ثلاثة مقاييس فى الظاهر ، وخمسة في الحقيقة. فأما الثلاثة الظاهرة : فأحدها اقترانى من
شرطيتين ،
__________________
والثاني استثنائى
منفصل ، وثالثهما استثنائى متصل. لكنه اختصرها اختصارا. وأنت تعلم لا محالة تحليلها من أصولنا. وصغرى الاقترانى الذي من شرطيتين
كاذبة ، إن أخذت على وجه استعماله ، وغير نافعة إن أخذت على الوجه الذي تتناول به. وذلك لأنه
ليس إذا وضع ، أن المولود يشبه كل واحد من الأبوين ، يجب أن يكون هناك سبب واحد
بعينه موجود فيهما جميعا. فإنه ليس إذا كان المعنى واحدا يجب أن يكون سببه لا
محالة واحدا ، إلا على وجه أن يجعل سببه لا إفراد الأسباب ، بل اجتماعها. وهذا شىء
يجب أن يتحقق ويعرف من كتابنا في البرهان. فإنه قد يجوز أن يكون شىء واحد ، كالحرارة مثلا ، لها أسباب عدة مختلفة ، لا تجتمع في
معنى عام لها ، إلا كونها سببا فقط. ثم إن الصورة التي يتخلق عليها المتخلق ليس سببها
سببا واحدا ، وهو المحرك الأول. ولو كان السبب هو المحرك لكان الحيوان يشبه في
صورته والديه ، أو كان يشبه كل واحد منهما بنحو من التركيب ، على مذهب هذا الطبيب
الفاضل. وقد توجد الصورة كثيرا ، ولا تنزع بشبه البتة ، لا إلى أبيه ، ولا إلى أمه
، ولا يكون الحاصل منه شيئا مركبا من الصورتين. فيعلم أنا إذا أخذنا العلل أفرادا ، كان السبب فى حدوث هيئة الصورة تارة استيلاء من القوة المصورة ينزع الشبه
إلى من منه ذلك المبدأ المحرك ، وتارة استعداد المادة حتى تكون المادة غير قابلة
للهيئة التي تأتيها القوة المصورة. وإن كانت في الجملة
قابلة فتفيدها القوة المصورة من الصورة ما المادة أطوع لقبوله ، وإن لم تخرج به من الصورة التي للنوع. كما أن المادة لو لم
تقبل الصورة ، لم يغن حصول القوة المصورة كذلك إذا كانت المادة تقبل الصورة ولكن لا على نحو تصرف القوة المصورة فيه. فكانت مثلا إما أن
تقصر عن تحريك التخطيط والتمديد الذي تنحوه
__________________
القوة المصورة ،
وإما أن تجاوز تحريكها لسيلان فيها واستعداد يقبل عن مثل تلك القوة فى مثل ذلك الزمان مثل تلك الهيئة. كما أن قبول الحجارة الكبيرة لرمى الرامى إلى حد
، وقبول أخرى إلى حد آخر. فإذا كانت المادة لها حكم في حصول هيئة الصورة ، فليس
بعيدا أن تكون بعض المواد في بعض الأرحام ، وهو فصل الدم الذي يوزع على البدن ، قد أعدته القوة المدبرة لذلك البدن
إعدادا إنما يقبل التخطيط والتمديد على نحو خاص ، ويكون ذلك النحو هو النحو الذي
كانت الطبيعة تصرفها عليه في بدء الأمر ولا تقبل التخطيط
والتمديد على الهيئة التي تروم المصورة أن تحصلها فيها لا كثيرا مطلقا ولا
قليلا يؤدى إلى التركيب ، ليس على أن القوة التي هي مدبرة بدن الأنثى موجودة في دم
الطمث حتى تكون هي المحركة ذلك النحو من التحريك ، ولكن إعدادها السالف موجود.
وهناك خاصية من
الخواص غير مشعور بها. تلك الخاصية تمنع المادة أن تتحرك عن المحرك الغريب ، إلا
ذلك النحو من التحريك. فيكون إذن سبب المشابهة إما من جهة القوة ، بأن يشبه بالأب ؛ وإما من جهة المادة بأن لا يقبل تصويرا إلا على نحو
محدود ، وهو المشابهة بالأم. وهذا هو على أن توجد الأسباب أفرادا ، وأما إذا أخذ على نحو الجمع ،
فسبب التشبيه تحرك من المادة ، على نحو ما فيها من استعداد إلى صورة شخصية تشابه
صورة شخصية. وهذا الاستعداد له فاعل ، فتارة فاعله هو قوة الأنثى ، وتارة فاعله هو
قوة الذكر ، إذا استولى على المادة فأعدها لنحو من قبول التخطيط والتمديد ، وسلخ
عنها استعدادا آخر إن كان. ثم إذا أحدث الاستعداد فعل
الصورة ، فتارة يقوى على أن يعد ثم يصور ، وتارة يصور ولا يقوى على إحالة الاستعداد. مثل ما يعرض
__________________
للقوة الغاذية إذا
ألصقت ولم تقو على التشبيه ، وذلك في مثل البرص. فإذا أخذنا
الأسباب على الإفراد ، لم يجب أن يكون بسبب واحد عام ، وإن جمعنا السبب كان هذا الاستعداد مقارنا
للمصور. فتكون الصورة لا تلزم عن الاستعداد فإن الاستعداد لا يكون فاعلا ولا عن
الفاعل وحده ، ولا يكون أحدهما سببا يتم به الفعل ، بل اجتماعهما. وحينئذ يكذب
قوله : إن ذلك العام هو منى أو دم. فإذن إما أن تكذب صغراه إذا أخذت الأسباب على
النحو الذي توجد به الأسباب مفردة ، أو تكذب كبراه على النحو الذي يوجد به
السبب جميع الأسباب.
فما عمل الرجل
شيئا. وإنما فرح فرح المتخيلين ، لا فرح المتحققين . فإذا رأيت المصنف يبتدئ فيقول : إن هذا قياس شرطى ، وإن هذا قياس حملى ،
ويبتدئ بصرف المادة الواحدة من صورة قياسية إلى صورة قياسية ، فاعلم أنه ضعيف
البضاعة فى المنطق ، ولضعفه لا تتمعنى له القياسات مخلوطة ومركبة ، ولا يعرف القياسات المركبة ، فيحتاج أن يتسوق بالتحليل ، وخصوصا إذا أخذ ينقل من صورة إلى صورة. وما أطول ما على المنطقى أن يشتغل في كل قياس يقيسه ، وبيان يبينه ، بأن ينتج المطلوب الواحد بعينه ، من مادة واحدة بعينها ،
من ضروب شتى ، من أشكال شتى. فإنك قد علمت أن الضروب الحملية كيف يرجع بعضها إلى بعض
وإلى الشرطية ، والشرطية إلى الحملية وإلى الشرطية. والعالم إذا أورد قياسا واحدا
من حدود ما فقد عمل على أنه قد كفى غرضه ، ولا حاجة به إلى أن تأخذ الحدود بعينها وبشكلها شكلا آخر ، فإنه لا يغنى غير الغنى الأول.
__________________
على أن هذا الرجل
قد أورد كلامه هذا على صورة قياسية تركيبية ، فيها حذف وإضمار على النحو المعتاد ،
ثم رام أن يستعمل القياس على وجه التحليل. ولم يفعل البتة ، فإن قياسه الذي يسميه وضعيا ، ناقص المقدمات محذوفها ، فيهرب من ناقص إلى ناقص ، ومن مخلوط إلى
مخلوط. وذلك أن قياسه مؤلف من ثلاثة مقاييس : أحدها أنه إن كان الولد يشبه والديه كليهما فإنما يشبههما بسبب عام لهما ، وإن كان الولد
إنما يشبه والديه بسبب عام لهما كليهما فلا يخلو إما أن يشبههما بسبب
المنى أو بسبب الطمث. ينتج من هذا أنه إن كان الولد يشبه والديه كليهما فإما أن
يشبههما بسبب المنى أو بسبب الطمث ؛ فهذا قياس. والقياس الثاني أن يجعل هذه النتيجة مقدمة ، فقال : إن كان الولد
يشبه والديه كليهما فهو إما بسبب الطمث أو بسبب المنى ؛ لكن الولد يشبه والديه ،
فهو إما بسبب الطمث ، أو بسبب المنى ؛ ثم يجعل النتيجة مقدمة فيقول الولد يشبه
والديه كليهما. فهو إما بسبب الطمث أو بسبب المنى ، لكن ليس بسبب الطمث ، فهو إذن بسبب المنى. وهاهنا في السر قياسان آخران ، أحدهما يصحح به
الاستثناء الأول ، وهو أنه لو كان الولد يشبه والديه بسبب الدم ، لكان لا يشبه إلا
أمه ، أو كان يوجد للذكر دم طمث . ثم يستثنى نقيض التالى ، وقياس آخر وهو المقرب إلى المطلوب ، وهو أن يقرن بالنتيجة الثالثة ، فيقال : وإذا كان الشبه
بالوالدين بسبب المنى ، ولكل واحد منهما منى ، ويستثنى عين المقدم ، فرعده وبرقه بأن ينقل الكلام
المعتاد إلى نظم القياس قد كان يجب أن يكون مقترنا بهذا الترتيب في التحليل
والتركيب ، أو بتحليل آخر يجرى مجراه .
__________________
وأما القياس الحملى الذي أورده فليس يستعمل فيه نتيجة القياس الأول مقدمة البتة فى قياس بعدها ، على أنها
بالفعل ، بل يستعمل شيئا هو لازمه ؛ ثم يدعى أن القياس حملى ، وليس كذلك ، بل هناك
قياسان : واحد منهما حملى وهو الأول ،
وشرطى استثنائى وهو الثاني. لكنه قدم الاستثناء ، فخفى عليه أنه استثناء. وهناك
وضع وذلك قوله : إن مشابهة الأولاد للوالدين إنما يكون بسبب أصل ومبدأ عام للذكر
والأنثى. وإذا كان كذلك فإما أن يكون كذا ، وإما أن يكون كذا. ومعنى قوله : إذا
كان كذلك ، أنه إذا كانت المشابهة لأصل عام فتكون هذه المقدمة متصلة ، قد وضع
مقدمها بعينه لا على أنه بعد ذكر المتصل ، بل قبله. وليس في ذلك كثير بأس فأنتج
التالى ، وهو أن مشابهة الأولاد بالوالدين إما لدم الطمث وإما للمنى ، ثم يحتاج إلى
أن يؤلف منها هذه المنفصلة ، والاستثناء قياسا استثنائيا منفصلا ، ويقول : لكن ليس
من دم الطمث ، فهو إذن من المنى. وهذا قياس ثالث استثنائى من شرطى منفصل ففيه من
النقصان ما في الأول ، وفيه من الكذب أنه جعل القياس حمليا ، والغالب فيه
الاستثنائى. ومن كانت طبقته في معرفة المقاييس هذه الطبقة ، فيجب أن يغض قليلا من
نشواره ، ولا يقعقع للمشاءين بالشنان
، ولا يتمنطق عليهم. والشانّ في فرحه وأشره حيث ألف كلامه في ذلك ، كأنه عمل شيئا ، وأفاد بدعا. وقد احتج
المشاءون عليه بالمشاهدات إذ وجدوا البيض الذي يكون من الريح إذا عرض عليه سفاد
الديك عاد مفرخا بعد ما هو غير مفرخ.
__________________
الفصل الثالث
(ح) فصل
نرجع فيه إلى مأخذ التعليم الأول ونبين
فيه أن ليس للمرأة
بالحقيقة
منى ، وأن مادة المرأة التي تسمى منيا ليس فيها قوة مولدة ، بل
متولدة ، وفصل
القول في المنى ،
وشىء من التشبيه
لنعد الآن إلى
مأخذ التعليم الأول ، فإنا أحببنا أن يكون هذا
الفصل مقدما لينتفع به في خلل ما يأتينا من ذى قبل ، فنقول : إن السبب في التذكير
هو استيلاء المزاج الذكورى الحار ، وأسباب ذلك الاستيلاء إما في المادة الرجلية وإما في المادة الأنوثية ، وإما في مكان الجنين. والذي في المادة
الرجلية وهو الذي في المنى ، فأن يكون حارا قهارا ، فإنه إذا كان
حار المزاج كان الولد ذكرا لما يفيده المنى من
الحرارة. وإذا كان المنى العالق هو الذي أتى من جهة البيضة اليمنى فهو أولى بذلك ،
لأن اليمنى بالجملة أسخن ، والدم الذي يأتيها أنضج ، وهو إلى
المبدأ أقرب ، لأنه يأتى من عرق تحت الكلية من حيث تتصفى عنه المائية كما يعلم ذلك من التشريح. ولما كان المنى مما يندفق اندفاقا بعد اندفاق ، فليس بمستنكر أن يكون بعضه يمينا وبعضه شماليا ، وبعضه عالقا نافذا ، وبعضه ضالا لا ينفذ إلى المعدن. ولذلك ما
قد يكون المنى الآتى من اليسرى مؤنثا لبرد ذلك الموضع.
__________________
وأما من جهة منى المرأة ودم الطمث ، فإذا كانت المرأة حارة المزاج لم يقصر استعداد منيها وطمثها للتذكير. وأما الرحم فأن يكون حار المزاج ليس ببارد يبرد مزاج المادة التي تنبعث إليه منه ، ويبرد مزاج ما يتدفق من خارج إليه.
فإنه وإن كان المنى عند بعضهم يفعل فيه بكيفيته ولا يخالط بجوهره ، فمعلوم يقينا أنه إذا برد مزاجه كان فعله أضعف وأعجز عن
الإذكار. ولذلك ما كان البطن الأيمن أولى بأن يكون ما يقع فيه ذكرا ، لأنه أسخن. وهذه الأسباب قد تتوافق ، فيجب لا محالة مقتضاها ،
وقد تتناقض وتتخالف ، فتكون العبرة للغالب. ولذلك ما يكون من اليمين أنثى ، ومن اليسار ذكر. ويدل على مكان الجنين الحركة ، فإذا وجدت الحركة
تلقاء الأربية اليمنى رجى أن يكون الولد ذكرا ، وقد تحقق. والحر والبرد في هذا من
الأسباب المعينة والمعدة ، لا من الأسباب المصورة ، على ما ظن بعضهم.
ثم قال المعلم
الأول : إنه إذا بلغت المدة أربعين يوما ، انشق المنى وبدأ بالتفصيل. وقبل ذلك فهو
مثل عضو من لحم. فهذا دليل على أنه ليس يفهم عنه قوله في المنى بعد
، وأنه ليس ينكر أن يكون المنى مخالطا للمتكون وأن يكون للنساء شىء كالمنى.
لكنا نبتدئ فنقول
: إن للنساء مادة هي دم الطمث ، فتستحيل تلك المادة فى الأوعية التي سنذكرها ،
وتكون إلى البياض واللزوجة ، وتسيل إلى الرحم سيلانا يلذ النساء ، وإن كان ليس إنزالا ، ولا دفقا. فإن الدفق بالقوة إنما يحتاج إليه
ليكون للمنى حمية في الانزراق إلى قعر الرحم ، ويكون معينا في ذلك ريح قوية هي الزرّاقة
؛ وربما انزرقت طائفة من الريح من جملة ريح المنى قبل المنى ؛ لأنه ألطف ، ثم يتزرق باقى الريح
__________________
مع المنى. وانزراق
المنى فيمن تناول أغذية ريحية أشد ، وكذلك فيمن لم يكثر الجماع. وذلك الريح كأنه أيضا فضل من جوهر الروح. ولو كانت الغاية
مقصورة على اللذة لكان خلاف الدفق وهو السيلان الثقيل أدوم للذة ، لأن اللذة هي لسيلان تلك المادة الحارة اللزجة على عضو تفعل فيه كاللذع اللطيف
، ويتبعه تغرية ، وتدسيم كالتلاقى ، فتكون اللذة من عودة الحال إلى المجرى الطبيعى عند حالة خارجة عن
المجرى الطبيعى محتملة غير مفرطة. وهذا كلذة الحك ولذة الدغدغة ، واللذة التي تعرض
من سيلان دهن فاتر على سطح قرحة إلا أن الذي للجماع فهو أشد وأقوى ، لشدة الأسباب الفاعلة
والمنفعلة والمعينة عليها . فإذا لم يكن للمرأة دفق إلى أسفل ، لم يكن إنزال ، وإذا لم تكن
تلك الرطوبة منها مولدة ، لم يكن منيا. فإن اسم المنى لم يوضع لكل رطوبة بل
للرطوبة الذكرية التي تخرج من الإحليل ، ولا كل ما يخرج من الإحليل ، فإنه قد تخرج رطوبات تشبه المنى ، ولا تسمى منيا ، بل يجب أن يكون خروجه مع
لذة . فإن الودى والمذى قد يخرج مع لذة ما ؛ ولكن الذي يكن ، خروجه بدفق ليكون سببا لوجود حيوان منه فى غير
جسمه.
وإذا جعل شرح اسم
المنى جملة هذه الخواص أو الفصول ، لم توجد الرطوبة التي للنساء مستحقة لأن تسمى
منيا ، فليس يجوز أن يقال إنه روح أو عضو ، بل هو رطوبة.
وأجناس الرطوبات
أربعة : صفراء وما ينسب إليها ، ودم وما ينسب إليه ، وبلغم وما ينسب إليه ، وسوداء وما ينسب
إليها . ثم هذه الرطوبة التي في النساء ليست بصفراء
__________________
ولا صفراوية ولا
بلغم ولا بلغمية ، ولا سوداء ولا سوداوية ، بل هي من فضل الدم اتفاقا. وفضل الدم إما دم مطلق ، وإما دم متغير. ومن عادة الدم الذي يتغير في الرحم إلى أى كيفية كانت أن يسمى دم طمث. والطبيب الفاضل يعترف بجميع هذه الأحوال وإن كان ما يسميه منى المرأة هو من دم الطمث على هذه الصورة.
فهذه الرطوبة التي
للنساء يجب أن تسمى دما. وإذا سمى منيا فهو ضرب من
التوسع ، ولندل على مفارقته لدم الطمث الذي لم ينضج هذا النضج ، ولم يستحل هذه
الاستحالة. ثم من المعلوم أن هذه الرطوبة أولى من دم الطمث لأن تعين في تكوين
الجنين. ولو لا ذلك لما كانت المرأة تنزلها ، وتحتلم بها ، وتلتذ بسيلانها فيها دون
سيلان دم الطمث الصرف. وإذا كانت نافعة في تكوين الجنين لم تخل إما أن تنفع منفعة
المادة ، وإما أن تنفع منفعة الحركة ، إذ لا يرجى لها
منفعة أخرى ؛ وإما أن تنفع منفعة الأمرين جميعا ، فتكون فيه قوة مصورة ومادة أيضا
، كما في البذور. لكنه إذا كان في شىء من الأشياء قوة فعالة تلاقى القوة الانفعالية ، يجب عنها الفعل. فإن كانت ضعيفة ، فيجب عنها فعل ضعيف. وإما ألا يجب عنها الفعل البتة ، فهو لأنها ليست قوة البتة. فإذن
يجب أن يكون هذا الشىء الذي نسميه الآن منيا باشتراك الاسم ، إذا سال إلى رحم
المرأة عند جماع قضت المرأة فيه شهوتها ولم يقض الرجل ، وحصل المنى في معدن
التوليد ـ وهو الرحم ـ أن تكون القوة المصورة تفعل في المادة ما في
طبعها أن تفعل كانت قوية ، ففعلا قويا ، وإن كانت ضعيفة ففعلا ضعيفا رديا. ولا نجد
ذلك مما يكون البتة ولا يفعل فعلا البتة. والذي لا يفعل فعلا البتة ولا يؤثر
تأثيرا البتة ، فليس هو بقوة. فلا يكون إذن فى نطفة الأنثى قوة مولدة ، فإن كانت
قوة فلا فعل لها البتة ، وإنما تحتاج إلى شىء آخر ، إذا جاء ذلك الشىء أفادها قوة
كاملة تسرى فيه.
__________________
فلنضع أولا أن في
منى المرأة قوة ما ، لكن إنما يصدر الفعل عن ازديادها ، فتكون القوة الفاعلة
بالحقيقة هي الجملة الحاصلة عند الزيادة ، ويكون الشىء الموجود لهذه
الجملة هو مبدأ هذه القوة ، فيكون منى الرجل هو الذي يفيد القوة التي يصدر عنها
الفعل ، وكلامنا في مثل هذه القوة. ويكون في منى المرأة مثلا شىء هو جزء قوة ، وهذا بعيد أن يكون ، فإنه إذا لم يصدر فعل لم تكن قوة البتة. فإنا لا نعقل
القوة إلا مبدأ التحريك من آخر في آخر بأنه آخر ؛ وإذا لم يكن للشىء في نفسه مبدأ
تحريك ، فليس بنفسه قوة ، بل عسى أن تكون في نطفة المرأة قوة التوليد بالقوة ،
وإنما تخرج بالفعل بكأس يكسو . فواضح من هذا أن
نطفة المرأة ليست حاملة للقوتين ، فهى إذن حاملة لقوة التصور . ولسنا نمنع أن تكون فيه وفي منى الرجل قوة التمدد والتخطيط ، فإنه يحتاج إلى
أن تكون فيه تلك القوة ليحسن موافقتها للمادة في أنحاء
امتداداتها ليكون الفاعل مع المنفعل. لكنا نقول : إن منى الرجل يتحلل ويتفرق في
أجزاء المتكون ، فإن تلك الأجزاء إنما تنمى وتكثر وتعظم بمادة المرأة ، وإن كان في
النامى المتكون أجزاء متحللة مداخلة من منى الرجل ،
فلا يبلغ أن يصير عضوا متصلا ، بل إنما يكون منتشرا في خلل العضو. وإذا كان أول انعقاد الجنين من هذين المنيين ، فبالحرى أن تكون المادة الواردة
تتشبه بالمنعقد منهما ، حتى تصير غذاء. فيجب إذن أن يكون دم الطمث إذا انجذب إلى النطفة العالقة استحال أولا إلى طبيعة النطفة مادة
مشتركة ، ثم تتوزع وتكتسب الاختلاف بعد ذلك اكتساب
المنى نفسه. ولا يكون اندفاع دم الطمث إلى الرحم في إقراء كما كان قبل ؛ بل على
اتصال ، لجذب الرحم واقتضائه وتدبير القوة الأنوثية ، فإنها
__________________
إذا صادفت في
الرحم علوقا لم يزل ينفذ إليه الدم ويصرف آخر إلى الثدى. كأن
القوة التي في المنى والقوة التي في أعضاء الأم تتعاونان إذ كانت القوة الدافعة إذا لم يقابلها جاذب ومتقاض ، لم تنهض إلى أن تجتمع
جملة لا تحتمل ، فدفعت دفعة ؛ فإن جاء جاذب نسب إليه قليلا قليلا. وكما أن الغذاء يصير دما أولا ومادة مشتركة ، ثم تكتسب
الاختلاف بعد ذلك ؛ كذلك الدم الذي يتكون فيها من الغذاء. فإنها بالحقيقة
تستحيل آخر الأمر إلى مشاكلة منى الإناث من حيث تغذو. ولذلك ما يكون المنى من فضل
هذا الهضم الرابع ومن الرطوبة القريبة العهد بالانعقاد ، ولذلك ينقل الشبه ، لأن
الذكورى منه يكون قد استصحب القوة المصورة فيه قوة غاذية مما يتصل به من مادة الإناث على النحو الذي كان يغذو به البدن ؛ والأنوثى بإزائه
، وبدل الإعداد فيها الاستعداد . ولذلك فإن المنى المتحلل إذا علق وكان قويا ، فأولى بالتشبيه ، لأنه أقرب انفصالا من الأعضاء ، ولا يكون من الفضل الذي دفعته
الطبيعة قديما ، وأعدته للدفق ، وانمحى عن القوة فيها رسم الحركة التي كانت قبل.
لكن القوة المصورة المولدة إنما تتم فى الأنثيين ، وهناك يصير هذا الفضل منيا
ذكوريا مصورا ، فتكون القوة المصورة إنما تتم فيه من الأنثيين . والقوة الغاذية في منى الذكور ربما جاءت من قبل الأطراف ، فى صحبة الروح الغاذى الجارى في المنى الذي كان هو
السبب في إحالة الدم إلى مقاربة التشبيه بالعضو المنفوض عنه . ولأن ذلك الدم
قد استحال إلى مزاج العضو استحالة ما وقبل قواه الغريزية ، وإن لم يتم لقصوره في قوامه.
__________________
ولا ينبغى أن
يستنكر اندفاع هذه الفضول إلى البيضة ، فلا يمنع أن تكون البيضة بخاصيتها تجذب من الأعضاء كلها هذا النوع من الفضل ، إما بقهر وإما بمساعدة الدفع من الأعضاء. كما لا يستنكر من جذب أعضاء أخرى لفضول أخرى ، أو من جذب الدواء المشروب ، وهو غريب عن البدن ، لفضول كثيرة.
وأما في الأنثى فإن المادة أضعف من أن تستصحب قوة ،
بل إنما تستصحب أكثر ما يفعل استعدادا وخاص مزاج وقوام إفادته القوة. ولو استصحبت القوى ، لكان
الأمر على ما سلف من القول هذا ، وأما إذا اندفعت في الأعضاء المادة إلى الأنثيين بعد أن تصحب هناك ، استفادت القوة المصورة من
هناك ، وتكون الغاذية لا محالة تصحب المصورة فتكون
معها حيث تكون هى ، فيكون هناك تشبه جيد ، لأن القوة المصورة التي في المنى هي أثر من القوة
المصورة التي في ذلك الشخص بعينه. فهو يروم مثل ذلك التصوير الذي كان يصوره المبدأ
الذي هو فاض منه ، وكأنه قد استصحب التأثير من القوة الغاذية من الأطراف أيضا ، فهو
بذلك أولى . ويتمددان معا ، ويتكون منهما الجنين ، لكن أحدهما غناؤه
ليس في حجم الأعضاء بأن خالط في تصويرها والثاني غناؤه في
تصويرها ؛ وإن كان مقدارهما أنقص من مقدار الكفاية في تكون ما يتكون ؛
فيأتيهما من دم الطمث ما يستحيل إلى طباع المادى منهما ، فيكون له
غذاء ، ولا يبعد أن يكون الأقوى منهما يصير مادة للروح ، والأضعف الأنوثى مادة
للأعضاء.
__________________
الفصل الرابع
(د) فصل
فى كيفية تكون الأعضاء الرئيسة من المنيين
فإذا اجتمع المنى
من الرجل والمرأة في الرحم ، استدار على نفسه منحصرا إلى ذاته بفعل القوة التي فيه
، ويتحرك الرحم إلى الاشتمال عليه. وبعضهم يقول : إنه يشتمل عليه قليلا قليلا
وينتسج من مادة منى المرأة ما يصله بأطراف الرحم السافلة. وهذا تحكم ، بل يشبه أن
تكون حركة الرحم إلى الاشتمال عليه أمرا سريعا ، لكن الاشتمال التام إنما يتم أيضا
بحركة المادة إلى جهة الرحم بازدياد نمو يقع فيه ، فحينئذ يستمر به الاشتمال. ومن
شأن المنى أن يثخنه الحر فيثخن لذلك ، وبالحرى أن خلق المنى من مادة تثخن بالحر إذ
كان الغرض فيه تكون الحيوان واستحصاف أجزائه. ويعرض عند الاشتمال احتباس الطمث ، ليغذو الجنين ، وانضمام فم الرحم للاشتمال ، وجفوف الفرج لشدة النشف ، وغثيان وشهوات رديئة لاحتباس الطمث ؛ وهو أولا فاضل على حاجة غذاء الجنين. ويعرض أيضا تغير لون العين ولون
عروق اللسان إلى الخضرة لذلك ، وألم عند العانة لشدة اجتماع فم الفرج ، ولكنه ألم
خفى.
وهذه العوارض ربما
عرضت في أول اشتمال ، وربما تأخرت عشرة أيام ، وفوق ذلك. ويشتد
الغثيان عند نبات الشعر على رءوس الأجنة ، فأول ما يتكون هو الصفاق
__________________
المطيف به ، كما يطيف بالبيضة ، ليكون وقاية وماسكا لأجزاء المنى ،
وحافظا إياه عن التشتت ، وحاصرا للحار الغريزى فيه. ثم إن المادة تأخذ في النمو
والزيادة ، أما أولا فبما يتولد فيها من جوهر الروح الذي هو مركب من القوى
النفسانية ، فإنه يجب أن يكون أول متكون هو الشىء الذي يجتمع فيه أمران : السهولة
والحاجة ، وتكون الروح أسهل من تكون العضو ، والحاجة إلى نمو الروح لانبعاث القوة
واشتدادها أمس من الحاجة إلى تكون الأعضاء ؛ أعنى التامة ؛ ولأن أصل هذا الروح هو عما انقذف فى المنى إلى الرحم مخالطا له ، فلا يخلو إما أن يكون المنى كله كالمكان الأول له ، أو يكون هناك مجمع
خاص عنه يتفرق. ويستحيل أن تكون الطبيعة تهمل أمر هذا الروح حتى تجعله ينمو حيث اتفق وكيف اتفق ، ويتحرك من حيث اتفق ؛ بل يجب أول شىء أن يتميز الجوهر الروحى وينفرد ويجتمع
، وأن يتميز الجوهر الآخر الذي يريد الروح أن ينفذ فيه ويمده ويثقبه ، وأن يكون للروح مبدأ عنه ، يتحرك إلى جهات شتى ، فيكون ذلك المبدأ
هو الجزء من المنى الذي إذا استحكم مضغة كان قلبا. فيجب إذن أن يكون أول وعاء يتكون هو وعاء الروح ، ويكون في أول الخلقة غير محسوس ، وإذا
كان الروح بعد ذلك يثقب الثقب على ما يعترف به الأطباء من قولهم : إن الريح تنفذ
وتخلق ثقبا أمام فوهات العروق ، فتكون تلك المنافذ أيضا هي التي إذا تخلقت محسوسة كانت عروقا ، ويكون فاعلها حركة هذه الروح من مبدأ ، فيكون لا محالة المبدأ لها هو القلب.
وبالجملة فإنه لا
بد من أن تنحصر القوة المصورة ، حيث ينحصر فيه الروح ، الذي
__________________
إنما يحسن تفرقه
بعد اجتماعه عن تفرقه حتى يكون على حساب ، وليس هملا. ولأن الروح شبيه بالريح يعرض
أن يكون أول ما يظهر في النطفة انتفاخ ما زبدى ، ينمو به . ثم إن ذلك الجوهر الروحى الذي قد قوى فيه وكثر واغتذى من جوهره ، يحدث فيه
الثقب المحتاج إليها ، لا على ما يظن الأطباء ومن يجرى مجراهم ، أن النطفة لما كانت رطوبة ، وكل رطوبة يفعل فيها الحار ، فإنها
لا تخلو عن ريح تحدث فيه ، فإن الريح تطلب المخلص ، وأنه يرتقى إلى فوق ، وأنه ينفذ
، وأنه يثقب من فوق ، وأنه يذر ثقبا فوقانية في ظاهر النطفة يصلح لأن يصل منها بعينها الى باطن النطفة نسيم صالح ، فإنه ليس الأمر كذلك.
وليس ذلك المتولد ريحا فضليا ، بل هو أمر مقصود من الطبيعة ، ومطلوب حصره لا
تصعيده ، ومحرك على الجهة المطلوبة للنفس لا على الجهة التي توجبها الطبيعة الريحية . ولو لا أن موضع اتصال السرة بالرحم من فوق أوفق ، لكانت حركته تكون إلى جهة أخرى حيث تحركه النفس ، لا
حيث تقتضيه حركته التي له بالطبع. وهذه أشياء قد حققناها في فنون لنا أخرى. فإذا تكون هذا الريح الروحى ،
بسط النطفة في أقطاره ، وأحدث في الغشاء ثقبة موازية لثقب العروق التي في الرحم
التي تنفتح عند الحيض ، وتجعل لجميعها مجارى في الغشاء المذكور يؤدى إلى مجرى واحد نافذ إلى عمق النطفة ، يكون ذلك المجرى مؤديا إلى باطنه
للدم والنفس. أما الدم ففى عرقين أو عرق واحد ، وأما النفس ففى
عرقين. وإذا تخلقت هذه المجارى ، امتصت النطفة حينئذ الغذاء من فوهات تلك العروق ،
فنفذ في الصفاق دم يستحيل عن قريب إلى مشاكلة جوهر المنى ،
وحدثت خطوط لها مباد دموية لأن الدم يمر فيها وهو دم ،
__________________
وأوساط صديدية لأنها تستحيل هناك إلى طبيعة المنى ، ونقطة أولى هي القلب . ولا ترى أواخرها ، إذ المادة تكون قد استحالت هناك ؛ وليس لذلك مدة واحدة
فى جميع الأجنة.
ثم إن الدموية
تزداد في النطفة وتفشو فيها ، حتى تصير علقة ، ويكون مبدأ ذلك من داخل. وتزداد الثخونة والانعقاد حتى تتم مضغة في مدد مختلفة. وإذا تمت اللحمية
والانعقاد وغلظت ، كان الاغتذاء كله من السرة. وبعد ذلك فإن الغليظ من الدم يتجه
إلى مبدأ ، واللطيف منه يتجه إلى مبدأ من مسلك حاله تلك الحال. فيكون المبدأ الذي يصير
إليه اللطيف حارا جدا. واللطيف يغذو الشىء المميز ، لأن يكون قلبا ، وهو الذي كان
خزانة لاجتماع الروح كله إلى مبدأ. والغليظ تستعمله القوة المصورة ، التي انحصرت
لا محالة إلى حيث انحصر إليه الروح ، إذ كان الروح هو مركب القوى النفسانية.
والنفس واحدة ، فيكون منها الكبد كأنه فضلة غذاء للقلب ، فيكون مبدأ
تكون الكبد. أما الفاعلى فالقلب بقوته ، وأما المادى فالجزء الأثقل من المنى مع
الدم الأغلظ ، وأما الدماغ فإنه لا محالة يتوجه إليه روح وينحصر فيه أيضا ويتخلق أيضا جوهره ، وليس يحتاج تخلقه إلى أن يأتيه دم
بالحقيقة دموى ، بل دم رطب كأنه بلغمى ، فحينئذ يتخلق بالتمام.
ولما لم يكن جائزا
أن يتكون الدماغ أين اتفق وكيف اتفق ، والكبد أين اتفق وكيف اتفق ، والقلب كذلك ، فخلق جميع ذلك على ما ينبغى بحركة الروح
فيه وتفتيحه الوعاء المطلوب له . ولم يكن الروح النفسانى والطبيعى والحيوانى متفرقا في المنى ، بل
__________________
المنى متخصص متشابه الأجزاء. وليس حركة تفاريق الأرواح في جسم متشابه إلى نقطة واحدة
بعينها أولى منها إلى نقطة أخرى ، حتى يمكن أن يقال إن الأرواح بأنفسها تتحرك ؛
أما الروحانية فإلى حيز ، وأما الطبيعية فإلى حيز ، وأما النفسانية فإلى حيز ؛ ولا
القوة المصورة تحركها إلى أحياز لم يميز بعضها من بعض ، ولا تحركها إلى أحياز وليس لها تميز إلا بفعل هذه ، أو القوى التي في الروح. فإن القوة إنما تفعل
فعلا أوليا في الروح ، بعد اجتماعها ، بأن تحركه إلى جهات ؛ وتفعل فعلا ثانيا في
الأعضاء بتوسط الروح ، بأن تحرك الروح إليها. فإن هذا أولى ما تتميز به الجهات في
الحجم الجسمانى. فالتمييز الذي يحصل من القوة ، لا يحصل إلا بفعل. فيكون هذا
التمييز ليس قبل حركة الروح عن المبدأ الأولى ، بل بعد حركة
الروح عنه ؛ وكلامنا في التمييز الذي قبل حركة الروح حتى تتحرك إليه الروح. فينبغى إذن أن
يكون الروح كله يتحرك أول حركته إلى ما يميز لا بتمييز الروح إياه من الجهات. والجهة الحاصلة في الكرة ، لا من قبل فعل شىء فيها بعد كريتها ، هى القعر والظاهر ،
أعنى الوسط والمحيط ، وقد علمت أن المحيط مضيعة ومفرقة للقوة
ومعسرة لها في النفوذ في استعمال المادة ، فيجب أن تكون أول حركة
الروح إلى الاجتماع المستعد للتمييز الثاني الواقع بحساب هو إلى القعر وإلى الوسط
بالحقيقة من الكرة ، فيكون أول شىء هناك مجمعه ومعدنه ، ثم
يتميز له فوق ويمين ويسار وغير ذلك ، فيتفرق إليه ، فتتحرك قوة الحس فيه إلى جهة فوق ، لما سنذكر من المنفعة. لكنه يكون مماسا
للمبدإ حركة واحدة ، وتتحرك قوة الغذاء إلى جهة أخرى ومماسة له. وأقوى جانبى عرض الحيوان اليمين ، فيجب أن يتكون فيه
__________________
العضو الذي لا
صواب في إصعاده إلى فوق ، ولا إلى أسفل ، لما تعرفه بعد. فيعرض من ذلك أن يصير
للأجزاء اختلاف ، وذلك بعد أن يحصل للمادة غور وظاهر يفترق به استحقاق جهات
الحركات ، كما في العالم الأكبر. فتتميز حينئذ الأرواح ، وتخلق لها أوعية تجتمع
فيها مثل النفاخات ، ويستعمل كل وعاء بما يغتذى.
وقد وجد القلب
والكبد والدماغ في أول الخلقة مماسة بعضها لبعض ؛
ووجد الكبد في أول الأمر أكبرها ، إذ كان مكان تمييز الدم الذي الحاجة إلى كثرته شديدة. وأما الروح فالحاجة إلى قوته شديدة.
وأصغرها في أول الأمر الدماغ ، لأنه للحس والحركة ، ولا وقت له بعد ، ثم يعظم
الرأس جدا لكثرة ما يحتاج إلى أن ينبت منه بعد تقومه وغلظه. فلا يلتفت إلى ما يقال إن الشىء خرج من ذى إلى ذاك ومن ذاك إلى هذا ، فإنها إنما خلقت هذه الأعضاء في أول الأمر
متماسة ـ أعنى التجاويف ـ ليكون فيها الروح ، إذ هي أولا ثقب ، وإنما تتكون تلك الثقب من حركة الروح. ومجمع الروح واحد ، ويتوجه من ذلك المبدأ إلى كل واحد من المبدأين الآخرين روحان ، أو يتوجه إلى مبدأ روح ،
وإلى آخر روحان ، ويتفرق فيتوجه إلى هذا روح وإلى ذاك آخر . وهذان الروحان موجودان في المنى ، ليس إنما فيه روح حيوانى فقط
أو طبيعى فقط ، فإنه ينصب فيه روح من الدماغ ومن الكبد ومن القلب ؛ فلا يحتاج إلى
أن يأتى من العضو القلبى روح حيوانى ثم يستحيل مثلا في الوعاء الذي هو الكبد
طبيعيا ،
__________________
ثم يأتى القلب
طبيعيا ، بل إنما يتجه إلى الكبد الروح وهو طبيعى ومصور وغاذ وقد بقى منه في القلب كفاية للقلب. فإنه لو لا روح مصور يتجه إلى الكبد عن المبدأ
المذكور لما تصور الكبد. وإذا كان كذلك ، جاز أن تميز القوة المصورة روحا عن
روح في المبدأ الأول ، ويرسل كل واحد في ثقبة خاصة ، فيعمل كل واحد منهما ثقبا
خاصة ومجارى خاصة ، إذا استحكمت تميزت عروقا وشرايين. وكذلك الحال فى الروحين
اللذين للدماغ. فما دامت هذه الأوعية متماسة ، يحب أن تكون المنافذ ثقبا فقط ،
ليست في أوعية ، كالأنابيب. ثم إذا أخذت تتبرأ ، لم يبعد أن
يكون الأنبوب أو الوعاء الذي يمتدان فيه ، إحدى الثقبتين ، يأخذ مادته من القلب ؛
وأما الآخر فيأخذ مادته من العضو الآخر. كأن منفذ الروح الحيوانى من القلب إلى
الدماغ ؛ إذا أخذ ينفذ أحدهما من الآخر إنما يتكون من القلب ،
والمنفذ الآخر الذي للروح الحساس المحرك النافذ من القلب إلى الدماغ انما يتكون من
الدماغ بعد أن وجد القلب والدماغ متميزى الجوهر قبل حصول هذين العضوين الواصلين . فيجوز أن يحدث كل واحد منهما من كل واحد منهما ، وليس من أحد الأقسام مانع.
وأما المنفذ الأول
فالثقب الذي نفذ فيه الروح ، فهو من المبدأ لا محالة. وليس ببعيد ، كما قلنا فيما
سلف ، أن تكون القوة تنبعث من عضو ، والآلة الحاملة تأتى من العضو الآخر القابل له. وليس أيضا ذلك بواجب ، ولا ما أخذوه من
التشريح يوجبه ؛ وقد سلف الكلام فيه. فإذا تكونت هذه الأعضاء ، تبعتها الأعضاء
الأخرى ، ونزل من الدماغ النخاع في الفقار ، وانتسجت العروق والأعصاب ، وتميزت مواد العظام على ما ينبغى ، وتميزت الأطراف ، وتمت الخلقة
في مدة.
__________________
الفصل الخامس
(ه) فصل
فى تفصيل استحالات مادة الجنين إلى أن يتم
فأول الأحوال
زبدية المنى ، وهو من فعل القوة المصورة. والحال الأخرى ظهور
النقطة الدموية في الصفاق ، وامتدادها في الصفاق امتدادا ما.
وثالث الأحوال استحالة المنى إلى العلقة ، وبعدها استحالته إلى المضغة ، وبعدها استحالته إلى تكون القلب والأعضاء الأولى وأوعيتها ، وبعدها
تكون الأطراف. ولكل استحالة أو استحالتين معا مدة موقوف عليها. وليس ذلك مما
لا يختلف ، ومع ذلك فإنها تختلف في الذكران والإناث. وهي في الإناث أبطأ. ولأهل
التجربة والامتحان في ذلك آراء ليس بينها بالحقيقة خلاف ،
فإن كل واحد منهم إنما حكم بما صادف الأمر عليه بحسب امتحانه وليس يمتنع أن يكون الذي امتحنه الآخر واقعا على
ما يخالفه. ومع ذلك فإن في جميع ذلك ما هو أكثرى لا محالة. والأكثرى فيمن تولد في الأكثر. أما مدة الرغوة فستة أيام ، وابتداء الخطوط الحمر والنقط بعد ثلاثة أيام أخرى. يكون ذلك تسعة أيام من الابتداء ، وقد تتقدم يوما أو تتأخر يوما. ثم بعد ستة
أيام أخرى ، وهو الخامس عشر من العلوق ، تنفذ الدموية
__________________
فى الجميع ، فتصير
علقة. وربما تقدم يوما أو يومين أو تتأخر يومين ، وبعد ذلك
باثني عشر يوما يصير لحما. وقد تميزت قطع لحم ، وتميزت الأعضاء الثلاثة فامتدت رطوبة النخاع ، وربما تأخر أو تقدم يومين أو ثلاثا . ثم بعد تسعة أيام ينفصل الرأس عن المنكبين ، والأطراف عن
الضلوع والبطن ، تميزا يحس في بعضهم ويخفى في بعضهم ، حتى يحس بعد ذلك بأربعة أيام ، تكملة الأربعين. ويتأخر في النادر إلى خمسة وأربعين
يوما. والأقل في ذلك ثلاثون يوما.
وذكر في التعليم الأول أن السقط بعد الأربعين إذا شق عنه السلاء ، ووضع فى الماء البارد ، ظهر شيئا صغيرا متميز
الأطراف. والذكر أسرع في ذلك كله من الأنثى ويشبه أن يكون أقل مدة تصور الذّكران ثلاثون يوما.
وأما تحديد حال
الذكر والأنثى في تفاصيل المدد ، فأمر تحكم به طائفة من الأطباء بالتهور والمجازفة
، وأول ما يجد المنى متنفسا يتنفس ، وأول ما تعمل المصورة إنما يعمل مجمع الحار
الغريزى ، ثم المخارج والمنافذ ، ثم بعد ذلك تأخذ الغازية في العمل. وعند بعضهم أن
الجنين قد يتنفس من الفم ، بل يتنفس به أكثر التنفس إذا أدرك في الرحم ؛ وليس عليه
دليل. وعند بعضهم أن الجنين إذا أتى على تصوره ضعف ما تصور فيه ، تحرك ؛ وإذا أتى على تحركه ضعف ما تحرك فيه ، ولد. واللبن يحدث مع تحرك
الجنين. وقد قيل : إن الزمان الوسط العدل خمسة وثلاثون يوما ، فيتحرك في سبعين
يوما ، ويولد فى مائتين وعشرة أيام ، وذلك سبعة أشهر. وإذا كان الأكبر فخمسة وأربعون يوما فيتحرك في تسعين يوما ، ويولد في مائتين وسبعين يوما ، وذلك لتسعة أشهر ؛ وهذا شىء لا يثبت فيه المحصل حكما.
__________________
واعلم أن دم الطمث
ينقسم ثلاثة أقسام : قسم ينصرف في الغذاء ، وقسم يصعد إلى الثدى ، وقسم هو فضل
يتوقف إلى وقت النفاس فينتفض . والجنين تحيط به أغشية ثلاثة : المشيمة وهو الغشاء المحيط
، وفيه تنتسج العروق المتأدية ضواربها إلى عرقين وسواكنها إلى عرق . والثاني يسمى بلاين ، وهو اللفائفى ، وينصب إليه بول الجنين. والثالث يقال له
أنيس وهو مغيض العرق. فأقرب الأغشية منه الغشاء الثالث ، وهو
أرقها ليكون مجمع الرطوبة الراشحة من الجنين . وفي جمع تلك الرطوبة فائدة في إقلاله ، كى لا يثقل على نفسه وعلى
الرحم ، وفي تبعيد ما بين بشرته والرحم. فإن الغشاء الصلب يؤلمه بمماسته ، كما يؤلم المماسات ما كان من الجلد قريب العهد من النبات على القروح ولم
يستوكع بعد ، وأما الغشاء الذي يلى هذا إلى خارج فهو اللفائفى لأنه يشبه اللفائف ،
وينفذ إليه من السرة مصب للبول ، ليس من الإحليل
، لأن مجرى الإحليل ضيق وتحيط به عضلة موكلة تطلق بالإرادة وإلى آخره تعاريج ،
وأما هذا فهو واسع مستقيم المأخذ. وجعل للبول مغيض خاص ، لأنه لو لا في البدن لم يحتمله البدن لحرافته وجدته ، وذلك ظاهر فيه. والفرق بينه وبين رطوبة العرق فى الرائحه
وحمرة اللون بيّن. ولو لاقى أيضا المشيمة لكان ربما أفسد ما تحتوى عليه العروق. والمشيمة هي ذات صفاقين
رقيقين ، تنتسج فيما بينهما العروق. ويتأدى كل جنس منها إلى عرقين أعنى الشرايين
والأوردة ، فأما عرقا الأوردة فإذا دخلا استقصرا المسافة إلى الكبد فتأحّدا عرقا واحدا ، ليكون أسلم ، ونفذا إلى تحديب الكبد لئلا يزاحما
__________________
مفرغة المرارة من
تقعيرها . وبالحقيقة فإن هذا العرق إنما ينبت من الكبد ، ويتجه إلى
السرة ، إلى المشيمة ، ويتفرق هناك ، فيصير عرقين ، ويخرج ويتحرك فى
المشيمة إلى فوهات العروق التي في الرحم. على أنا كثيرا ما نتوسع في هذه الأبواب ونبنى الكلام على مذهب الأطباء بعد أن يكون المعتمد الأصل الذي أعطينا المتعلمين.
وهذه العروق يعرض
لها شيئان : أحدهما أنها عند فوهات التلاقى أدق ، فكأنها أطراف الفروع ؛ وأيضا
فإنها أولا تحمر من هناك ، فيظن أنها تنبت من هناك ،
لكنها إنما تحمر هناك لأنها تأخذ الدم من هناك. فإن اعتبرت سعة الثقب أوهم أن
الأصل من الكبد ، وإن اعتبرت الاستحالة إلى الدموية أوهم أن الأصل من المشيمة. لكن
الاعتبار الأولى هو اعتبار الثقب والمنافذ. وأما الاستحالات فهى
كمالات للسطوح المحيطة بالثقب ، ولذلك فإن الشرايين
تجتمع إلى شريانين إن أخذت الابتداء
من المشيمة وجدتهما ينفذان من السرة إلى الشريان الكبير الذي على الصلب متوكئين
على المثانة ، فإنها أقرب الأعضاء التي يمكن أن يستند إليه هناك مشدودين بها
بأغشية للسلامة ، ثم ينفذان في الشريان الدائم الذي لا ينفسخ في الحيوان إلى آخر حياته
؛ فهذا هو ظاهر قول الأطباء. وأما في الحقيقة فهما شعبتان منبتهما الحقيقى من
الشريان ، وعلى القياس المذكور. ويقول الأطباء : إنهما لم يصلح لهما أن يتحدا
ويمتدا إلى القلب لطول المسافة واستقبال الحواجز ، ولما قرب مسافتهما من المتصل به
لم يحتاجا إلى الاتحاد. ويذكرون أن الشريان والوريد النافذين من القلب إلى الرئة
لما كان لا ينتفع بهما في ذلك الوقت في التنفس منفعة عظيمة ، صرف نفعهما إلى الغذاء ، فجعل لأحدهما إلى الآخر منفذ ينسد عند الولاد . وإن الرئة إنما تكون حمراء في الأجنة ، لأنها لا تتنفس هناك ، بل تغتذى بدم
أحمر لطيف وإنما يبيضها مخالطة الهوائية.
__________________
ويقول الأطباء إن
الغشاء اللفائفى خلق من منى الأنثى ، وهو قليل ، وأقل من من منى الرجل ، فلم يمكن أن
يكون واسعا ، فجعل طويلا ليصل الجنين بأسافل الرحم ، وضاق عن الرطوبات كلها فلم
يكن بد من أن يفرد للعرق مصب أوسع ؛ وهذا من متكلفاتهم. والجنين إذا سبق إلى
قلبه مزاج ذكورى ، فاض في جميع الأعضاء. وهو بالذكورة ينزع إلى أبيه. وربما كان سبب ذكورته غير مزاج أبيه ، بل حال من الرحم أو مزاج عرض للمنى خاصة. فلذلك لا يجب إذا أشبه الأب في أنه ذكر أن
يشبهه فى سائر الأعضاء ، بل ربما يشبه الأم. والشبه الشخصى يتبع الشكل ؛ والذكورة
لا تتبع الشكل ، بل المزاج. وربما يعرض للقلب وحده مزاج كمزاج الأب ، يفيض فى
الأعضاء. وأما من جهة الاستعداد الشكلى فيكون القبول من المادة في الأطراف مائلا
إلى شكل الأم ، وربما قدرت المصورة على أن تقلب شكل المنى وتشكله من جهة التخطيط بشكل الأب ، لكن تعجز من جهة
المزاج أن تجعله مثله في المزاج. والسبب في التوأم كثرة المنى حتى يفيض إلى بطن الرحم فيضا يملأ كلا على حدة. وربما اتفق لاختلاف الذرقتين إذا وافى ذلك اختلاف حركة من الرحم في الجذب ؛ فان الرحم عند الجذب
يعرض لها حركات متتابعة ، كمن يلتقم لقمة بعد لقمة ، وكما تتنفس السمكة نفسا بعد
نفس ، لأنه أيضا يدفع منيه إلى باطن الرحم دفعات ، كل دفعة تكون مع جذبة للمنى من خارج طلبا من الرحم للجمع بين المنيين. وذلك شىء يخسه المتفقد من المتجامعين ، ويعترفن هن أيضا أنفسهن. وتلك الدفعات والجذبات الأفراد لا
تكون صرفة ، بل اختلاجية ، كأن كل واحدة منها مركبة من حركات ؛ لكنها لا تتم إلا عند عدة اختلاجات ، بل يحس بعد كل جملة
اختلاجات سكون ما ، ثم يعود
__________________
فى مثل السكون
الذي بين ذرقات القضيب للمنى. وتكون كل مرة ثانية أضعف قوة وأقل عدد اختلاجات . وربما كان المرات فوق ثلاث أو أربع ، فبذلك تتضاعف لذتهن ، لأنهن يلتذذن من حركة المنى الذي لهن ، ويلتذذن من حركة منى
الرجل في فم رحمهن إلى باطن بالجذب ، بل يلتذذن بنفس الحركة التي تعرض للرحم. وربما وافق ذرقة ذكرية صبة أنثوية فاختلطا ، وتلاها ذرقات مثل ذلك مرة بعد مرة ، فحبلت المرأة ببطون عدة إذا كان كل اختلاط ينحاز بنفسه . وربما اختلط
المنيان معا ، ثم تقطعا ، أو تقطعا عن وحدة سابقة بسبب ريحى أو اختلاجى ، أو غير ذلك من الأسباب المعروفة ، فينحاز كل على
حدة. وربما كان ذلك بعد انتساج الغشاء ، فتكون كثيرة في شىء واحد ، وهذا مما
لا يتم تكونه ولا تبلغ الحياة. وربما كان قبل ذلك ، وما جرى هذا المجرى فيشبه أن
يكون قليل الإفلاح ، وإنما المفلح هو الذي وقع في الأصل متميزا. وأما الولادة
فإنما تكون إذا لم يكف الجنين ما تؤديه إليه المشيمة من الدم وما يتأدى إليه من النسيم
وتكون قد صارت أعضاؤه تامة ، فيتحرك حينئذ عند السابع إلى الخروج
، كما تتم فيه القوة. فإذا عجز أصابه ضعف ما ، لا تثوب إليه معه القوة إلى التاسع
؛ فإن خرج فى الثامن ، خرج وهو ضعيف.
وخروج الجنين إنما
يكون بانشقاق المشيمة والأغشية الرطبة وانصباب رطوبتها وإزلاقها. وقد انقلب على
رأسه في الولادة الطبيعية ، لتكون أسهل للانفصال. أما الولادة على الرجلين فهو
لضعف الولد فلا يقدر على الانقلاب ، وهو خطر ، ولا يفلح في الأكثر.
__________________
والجنين قبل حركته
إلى الخروج قد يكون معتمدا بوجهه على رجليه ، وبراحتيه على على ركبتيه ،
وأنفه بين الركبتين ، والعينان عليهما ، وقد ضمهما إلى قدامه ، وهو راكب على عقبيه ، ووجهه إلى ظهر أمه حماية للقلب. وهذه النصبة أوفق للانقلاب. ويعين على الانقلاب ثقل الأعالى في الجنين ، وعظم الرأس منه
خاصة. وإذا انفصل انفتح الرحم الانفتاح الذي لا يقدر في مثله مثله . ولا بد من انفصال يعرض للمفاصل العظمية ، ومدد وعناية من الله تعالى معدة لذلك برد عن قريب إلى الاتصال الطبيعى ، ويكون ذلك فعلا من أفعال القوة الطبيعية والمصورة
بخاص أثر يتصل من الخالق لاستعداد لا يزال يحصل مع نمو الجنين لا يشعر به. وهذا من سر الله تعالى الملك الحق فتبارك الله أحسن الخالقين.
__________________
الفصل السادس
(و) فصل
فى أحوال الولد والوالدة
الإناث تتكون في
النشأة الأولى في مدة أطول لضعف القوة المصورة ولو قويت لذكرت. وأما إذا تصورن فإنهن يراهقن ويشبن ويعجزن أسرع لرطوبتهن ، مثل الأشجار الرطبة ، كالخروع
والخلاف فإنها تنمو بسرعة ، وذلك لأن الطبيعة لا تقصد فى تدبيرهن الإحكام ، فذلك
مما لا يمكن فيها. وإذا لم يقصد وكانت المادة والمنة غزيرة ، وقعت عجلة. فإن التأخير إنما يقع من الفاعل الذي ليس بمؤوف ، إما للإحكام وإما
لعوز المادة. والنساء وإن قصرت قواهن عن الرجال ، فليس
يبلغ أن تكن مؤوفات الأفعال الطبيعية في صحتهن ، وإن قصرت طبائعهن عن طبائع الرجال
، فإن نسبة طاعة مادتهن وكثرتها وسيلانها إلى متانة مادة الرجال هي نسبة الحاجة في
إحكام خلقة الرجال إلى مثلها من النساء. بل تلك النسبة أعظم
من نسبة زيادة قوة الرجال إلى قواهن. والحبلى بالذكر أحسن حالا في جميع
الوجوه ، حتى في سهولة الولادة من الحبلى بالأنثى ، لعجز قوة
الأنثى عن تدبير ما ينصب إلى الرحم. وربما قرحت سوقهن. وربما كان الحبل من بعضهن سببا لسمنة وصلاح حالة ، كأن الاحتباس يصير سببا لاستيفاء أعضائها الغذاء ،
وخصوصا إذا كانت عادتها في حيضها الإفراط ، أو كانت في الجبلة
__________________
لا تحتمل
الاستفراغ وهذه هي التي تكون فضولها قليلة المقدار صالحة الكيفية. والقوة الدافعة
قوية ، والمسام في الخلقة واسعة. وربما كانت لأخلاطها حدة يسيرة ، فبذلك تتسع لها
المسام ، وسعة المسام سبب لسهولة الاندفاع ، وسهولة الاندفاع سبب لانجذاب الرطوبات
إلى جهة الاستفراغ. فإذا احتبس طمثها أمكن أن تقبل الطبيعة على تعديل الخلط وإنفاق
الذي كان يستفرغ فاضلا عن المحتاج إليه إلى أن يستفرغ إنفاقا في إصلاح الأعضاء.
فقد مكنت تلك المادة من التدبير فيها لاحتباسها ، وقد كانت حركتها الاندفاعية تعجل
عن ذلك.
قال : وجل
الحيوانات محدودة أزمنة الولادة خلا الإنسان ، فربما وضعت الحبلى لسبعة أشهر ، وربما وضعت في الثامن ، وقلما يعيش المولود في الثامن
إلا في بلاد محدودة مثل مصر. والغالب هو الولادة بعد التاسع ، وربما عاش المولود
في الثامن ، وربما لم يكن ذلك مولودا بالحقيقة في الثامن ، بل يكون الغلط واقعا في
الحساب بحيضة تخللت . وكذلك الولادة في العاشر ، ربما سلم في الأقل ، أو يكون
قد وقع في حسابه غلط لاتفاق أعراض الحبل قبل الحبل بشهر ، لأسباب غير الحبل وخصوصا
إذا احتبس دم الطمث.
أقول : وقد بلغنى
من حديث وثقت به كل الثقة أن امرأة وضعت بعد الرابع من سنى الحبل
ولدا لها ، قد نبتت أسنانه وعاش.
وحدثت عن ثقة أنه شاهد مولودا بعد ستة أشهر ، وقد عاش.
قال المعلم الأول
: وقد يعيش للنساء خمسة أولاد في بطن واحد ، وحكى عن امرأة قديمة الزمان أنها وضعت
عن أربعة بطون عشرين ولدا ، وأن امرأة أسقطت خمس عشرة صورة.
__________________
وقد سمعت من
الثقات بجرجانية أن امرأة أسقطت كيسا فيه سبعون صورة كل صورة صغيرة جدا. وإذا أتأمت المرأة بذكر وأنثى فقلما تسلم الوالدة والمولودان ،
وأما بذكرين وأنثيين فتسلم كثيرا. والمرأة والفرس تحتمل الجماع على الحبل ، لكن
المرأة قد تحبل على الحبل ، ولا كذلك الفرس ، وفي
الأكثر تهلك الأول . وقد أسقطت امرأة واحدة اثنى عشر جنينا حملا على حمل ،
وأما إذا كان الحمل الثاني واحدا وقريب العهد من الأول فقد يعيشان ، كمرأة ولدت توأما أحدهما يشبه الزوج والآخر العشيق. وأخرى حملت توأما ، ثم حملت عليهما فوضعت ثلاثا وسلم منهم
التوأم.
وربما كان مع
الوضع سقط ، وربما وضعت الحبلى لثمانية أشهر وما يليه ، فوضعت ملطخ الرأس برطوبات المنى ، وكثيرا ما يكون على رأسه لطخ من طين أو من جنس طعام
تكثر منه المرأة. وإن أكثرت المرأة الملح لم تنبت أظفار ولدها لحدّة الملح.
وأول اللبن
الطبيعى مالح ، لبقائه في الضرع مدة ، وفعل الحرارة فيه ، كما علمت السبب فيه مما
سلف.
والنساء على أكثر الأمر ينقطع طمثهن على ثمانى وأربعين سنة وربما تمادى إلى خمسين سنة ،
ويحبلن ما دمن يحضن ، ولم تر امرأة حبلت بعد الخمسين.
والزرع المولد للرجال ، فقد يتولد فيهم في الأكثر إلى ثمان وسبعين ، وربما جاوز في القليل من الناس. وربما استبدل من يظن به من الرجال العقم ،
ومن النساء العقر زوجا فأولد. أو ربما كان الإنسان مؤنثا في حداثته ، فإذا استحكم
مزاجه أذكر. وربما كان الرجل لا يولد إلا إذا استحكم مزاجه . ومن النساء عقيم وعسر الولاد ، وقد يكون منهن من تحبل عن
__________________
كل مساس. وكذلك من
الرجال من يحبل بكل مساس ، ومن عسرات الحبل من يحسن احتماله للحبل ، ومن سريعات الحبل من يسوء احتماله للحبل. ومن الرجال والنساء مؤنث
ومنهم مذكر. وحكى أن فلانا ولد اثنين وسبعين ولدا كلهم ذكر إلا
واحدا منهم كان أنثى. والتي يعسر حبلها إذا عولجت لتلد فإنما تلد في الأكثر أنثى.
ومن الناس من يولد في حداثته ثم لا يولد إلا بعد سنين. وكان السبب فيه عندى يبس
المزاج وحرارته ، فتكون حداثته تعدل اليبس وشيخوخته تعدل الحر. وقد ينزع شبه الولد
إلى الوالد فى الأمراض والأنداب والخيلان ، والسبب مفهوم مما قدمناه وربما ينزع الشبه بعد
قرن وقرنين ، كأنه كان في الوسط حائل للقوة المصورة ، فزال وكأن القوة المصورة في الجميع من طبيعة واحدة ، فيعرض لها في الوسط حائل يزول عند
الطرف. وأكثر الذكران أشبه بالآباء ، وأكثر الإناث أشبه بالأمهات ، وإن جاز أن يقع
خلاف ذلك لما فهمناه من العلل. ومن الرجال من لا يولد إلا شبيها بنفسه ، ومن
النساء من لا تلد إلا شبيها بنفسها. ومن سرر الأجنة في الحيوانات ما يلصق بالمشية ، ومنها ما يلصق بنفس الرحم. وربما ولد المولود ، وخصوصا في
ذوات الأربع ، وقد اجتمع في آخر معاه ثفل وفي مثانته بول. وربما كانت السرة في بعض
الحيوانات عرقا واحدا ، وذلك في صغار الحيوان ، مثلما في الفراريج ، وربما كان في بعضها عرقان.
وإذا ابتدأت أوجاع الطلق من ناحية البطن كان أسهل للولادة ، وإذا ابتدأت من فوق
ذلك كان أعسر . وكلما كان ذلك الوجع أنزل فهو أدل على السهولة. والرطوبة
التي تنصب قبل خروج الجنين ، إما في الذكران من الأجنة فيكون مائيا قيحيا ، وإما
في الإناث فيكون دمويا. وطلق النساء أشد من طلق سائر الحيوان. وحبس
__________________
النفس يعين على
الولادة ، والتنفس فيما بين ذلك يعسر. وينبغى أن يبادر إلى ربط السرة ، لئلا يسيل
الدم والروح ويهلك الصبى. فإن انحل ذلك الرباط بعد جمود الدم على المشيمة علقة لم
يضر. والمشيمة تنقلب عند الولادة ، وربما خرجت قبل ، وحينئذ يظن
أن المولود ميت. وربما خرج اليدان على الأضلاع ، وربما خرجتا ممدودتين مع الرأس ؛ وكما ينفصل يستهل ويمد يده إلى
فمه. وربما عقى في الحال ، وربما عقى بعد ، ولون عقيه إلى الدموية ، وربما
كان أسود جدا. وإذا كان قد تقدم الولادة نزف واستفراغ عسرها ؛ لأن تلك الرطوبة هي
التي تعين على الإزلاق وعلى الدفع. وإذا تأخر النزف كان أيضا أهون على الوالدة .
ويضحك الصبى بعد
أربعين يوما ، وذلك أول ما تفعل النفس الناطقة في بدنه لأول ما ينفعل عنها من فرح.
ويرى المنامات بعد شهرين فيما يظن به وينساها ، أقول : لأنه فى مثل ذلك الوقت
بالتقريب تختلف عنده المحسوسات ، ويميز بينها ، وترتسم في خياله.
ويافوخ المولود من
الناس ألين ، بل هو لأنه بعد رطوبة. وليس ذلك لسائر الحيوانات ، فإن كان اليافوخ فيها لينا ، فلا يبلغ مبلغ ما للإنسان. وسائر الحيوان يولد وله أسنان ، إلا الصبى ، اللهم إلا إذا تأخر وضعه. وأول زمان
نبات الأسنان هو السابع من الشهور ، والثنايا العالية أولها نباتا ، وقد تنبت
السفلى قبل العليا فى النادر .
ويكثر اللبن بعد النفاس واحتباس النزف. ومن النساء من يدر لبنها لا من الحلمة
__________________
فقط ، بل من مسام
أخرى في الثديين. وذكر أن بعض النساء در لبنها من مسام
تقارب إبطها ، وربما نفذت شعرة مع اللبن إلى الثدى فتوجع ، وربما خرج ،
وأظنها تتولد هناك. وتطول مدة إلبان المرأة
إلى سنتين فما فوقها ، إلا أن تحمل ، فحينئذ ينقطع لبنها أو يفسد أو يقل ، ويضر
بالمرضع الأول. وما دام اللبن غزيرا لم تحض ، وربما حاضت مع ذلك.
والصبى المئوف لا يجاوز السابع ، وربما مات قبله . وإن كانت بالصبيان أمراض مادية ، زادت مع زيادة القمر بسبب ازدياد المواد الرطبة مع القمر.
__________________
المقالة العاشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل واحد
فى أحوال النساء من جهة العلوق والإسقاط وما يعرض لهن
من الاشتمال والإخلاف
المرأة التي لا
تعلق أو تسقط إن علقت ، فذلك إما ليبس ، وإما لآفة في مزاج بدنها ، أو عضو رئيس فيها. وربما كان في الرحم نفسه ، إما في مزاجها
بأن يسخن فيجفف المنى ، أو يبرد فتجمده ، أو يكون يابسا فينشف المنى
ويفسده ، أو رطبا فيمنع الانعقاد ومع ذلك يزلق. أو تكون المرأة فاسدة مزاج أوعية المنى ، أو تكون منسدة فوهات عروق الرحم
، أو غائرة الرحم ، أو معوجة ، أو موضوعة في غير مكانها فلا ينزرق إليه المنى ، أو فاسدة مزاج دم الطمث ، أو
مختلفة الإقراء ، فيدل على فساد مزاج رحمها. فإن كان طمثها على المجرى
الطبيعى في قوته وقوامه ، والإقراء على المدد الواجبة ، ولا يكون
__________________
فى فم رحمها صلابة
أو شدة انغلاق عند أول الطهر ، ولا أيضا استرخاء ، فإنها سريعة القبول للحبل.
ومن الأرحام ما
يعرض لها النفخ كثيرا ، فيكون ذلك أحد الأسباب المفسدة. ويجب أن
تكون الرحم مترطبة عند الجماع بالاعتدال ، وذلك الرطب يكون من الودى.
وتلك الرطوبة هي التي سبيلها سبيل العرق ، وسبيل دمعة العين عند محاولة النظر إلى الشمس أو في برد أو في حر ، بل الريق المتحلب عند شهوة طعام يؤكل بين أيدينا . ويجب أن تكون هذه الرطوبة فيما بين الجماع لا في آخره ، فإن العلوق يدل عليه
الجفاف ، وشدة الرطوبة تزلق ، والتي تسترخى على الجماع وتضعف معه وعقيبه غير
مفلحة. وإذا جومعت المرأة فانفصل منها زرعها إلى الرحم
، ولم يصل إليه زرع الرجل ، فربما عرض أن يستحيل ذلك الزرع رياحا
ونفخا في بطنها. وكذلك يعرض لها لو قبلت زرع الرجل قبولا على غير صفة العلوق ،
فيفسد الزرع في الرحم إلى رياح ردية. وقد يعرض أيضا فى رحم المرأة قروح وآثار قروح
فيملس الرحم ويمنع الحبل.
ومن أمراض الرحم
جمعها الماء كأنها تستسقى ، وهو مرض صعب العلاج.
واعلم أن الولادة
إنما تكون إذا توافى الزرعان من الذكر والأنثى معا ، فإن اختلف الوقتان لم يعلق.
ولذلك من الرجال من يحبل بعض النساء دون بعض ، لأن مدة صب بعضهن المنى يكون موافيا لمدة صبه. والنساء أبطأ إفضاء من الرجال. والرجل البطيء الإنزال أشد إعلاقا. والمرأة والرجل يحتملان جميعا
ويصبان المنى كل على نحو صبه ، وينتفعان بانتفاض الفضل منه ، وذلك إذا اجتمع الزرع
الكثير. وإذا احتلمت المرأة
__________________
يعرض لفم رحمها
أوقاتا من علامات الاشتمال والجفاف ما يكون بعد جماع الرجل ، لأن الرحم تشتمل على
منى نفسها ، وإن كانت لا تولد. وربما اشتمل رحم المرأة على منى نفسها
ولم يصحبه منى الرجال فكان منه رجاء لا صورة له. وربما ظن بها الحبل بسبب ذلك ، وإنما هو قطعة لحم.
وأقول : إن السبب
في ذلك إما احتلام ، وإما مجامعة لا يفضى فيها منى الرجل إلى داخل ، وإما غلبة من
شهوتها فتصب زرعها بفكرة أو نظرة أو غلبة منى فيندفق. وإذا كان مزاج الرحم حارا يابسا باعتدال ولا يزلق ، انعقد فيها المنى ، وربما تغذى
من دم الطمث تغذّى الغدد المتولدة منها في الأعضاء.
وربما كان سببه البرد المجمد ، فإذا انحصر المنى منها في الرحم ، تتخلق لها فوهات تتغذى منها . ولذلك ينقطع
طمثها ، وربما احتبس الطمث بسيلان الفضول إلى الفضاء الذي بين الرحم فيظن رجاء ولا
يكون ، وتفرق بينهما خفة الرحم فيما ليس برجاء.
أقول : إنه لا عذر
لمن يسمع هذه الفصول وغيرها ، ثم يظن أن المعلم الأول يقول بأن المرأة لا تصب فضلة
نطفية ، وليس كل قذف زرع جالبا للضعف ، بل الذي يتمحل الزرع. وأما من اجتمع فيه فضل زرع فينتفع بإراقته ، والذي في بدنه أيضا امتلاء بحسب الكيف
والكم. وربما زاد الزرعان على الكفاية ، فانفصل الفضل مع العلوق ، فتظن المرأة
أنها لم تحبل . وإناث الطير تشتهى الذكورة ، فإن
أعوزها باضت بيض الريح ، لكنه إذ لا قوة مولدة فى زرعها فلا يفرخ بيضها ، وربما كان في بطنها بيض ريح فيسفدها ذكر فيستحيل مفرخا .
__________________
المقالة الحادية عشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
وهي
فصل واحد
تذكير
في أصول متقررة
فلنتكلم الآن في ترتيب التعليم وطلب الأسباب. وأنت تعلم أن الأشياء الطبيعية ، وإن كانت تكون
لغاية ، فقد تداخلها بالضرورة ؛ وتعلم على كم وجه يقال بالضرورة ، وأن منها ما
هي لغاية ، ومنها ما ليس ؛ وتعلم كيف ينبغى أن تجرى القسمة للحيوان وأحواله ، وكيف
توجد فصول القسمة الأولى والثانية ، وكيف ينسب ذلك إلى أفعالها
وانفعالاتها ، وكيف تنسب أفعالها وانفعالاتها إليها. وجميع هذا مما هو
معلوم من كثب سلفت ، ومن التي تستقبل .
__________________
المقالة الثانية عشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى أصناف التركيب والمركبات التي منها للبدن
أقول : إن أنواع
التركيب في الحيوان هو المزاج العنصرى ، والمزاج الأول الحقيقى هو على ما علمت
إنما هو من جهة الكيفيات الأول الأربع المعروفة دون الأخر من
الملموسات. وأما الثاني من التركيب فهو الخلطى ، حتى تكون منه الأعضاء التي هي متشابهة الأجزاء. والثالث التركيب العضوى حتى تكون منه الأعضاء الآلية. وقد علمت مما
سلف لك من الأصول أن كل متقدم من التركيب ومن أسطقسات التركيب هو لأجل ما هو متأخر
فى الطبع ، وعلمت أن الأشياء الطبيعية كيف تكون الصورة منها مبدأ محركا وصورة وغاية.
وعلم أن الهيولى قد تكون أقدم بالزمان ، وتتأخر من وجوه أخرى. فالهيولى وصورة
المزاج والأخلاط والأعضاء المتشابهة الأجزاء كلها لأجل الأعضاء الآلية ، وعنها
تصدر الأفعال التي للحيوان بما هو حيوان ، كالحس وما يتعلق به ، والحركة وما ينسب
إليها. ولو كانت المتشابهة الأجزاء هي المقصودة بالطبع من الحيوان ، لما كان يحتاج
إلى
__________________
إيجادها مرارا
مختلفة في أعضاء مختلفة بالنوع ، ليس على سبيل الاستظهار في تكثير العدد لما هو
غرض واحد ، حتى إذا إيف واحد عمل الآخر عمله ، أو ليكون كل يعمل فيما يلى جهة. والمتشابهة الأجزاء قد يغلب عليها طبيعة عنصر واحد ،
فيقال مثلا إن العظم أرضى وإن اللحم هوائى. وأما الآلية فلا ينسب شىء منها إلى
غالب في المزاج.
ولقائل أن يقول :
إن الحس قد يتم بعضو بسيط ، فإن اللمس يتم عند قوم باللحم ، وعند قوم يكون بالعصب
ولا يتعدى إلى اللحم ، والشم بالحلمة الدماغية ،
والسمع بالعصب المنبسط في الصماخ ، والذوق بالعصب المنبسط على اللسان.
فيقول : إن كل
واحدة من هذه ، وإن كانت تفعل بعضو بسيط ، فليس يتم به كمال الفعل إلا اللمس وحده ، ومع ذلك فقد خلق لتحسس اللمس أعضاء آلية
بها يحس التحسس كالأنامل. وأما الإبصار فليس يتم بالبردية وحدها ، بل
بالطبقات الأخرى ، وعلى الهيئة التي للعين ، وسنذكرها. والاستنشاق يتم بالأنف
بمعاونة الحجاب والرئة ، على ما نعلم. وتؤدى الرائحة إلى الحلمة. والسمع إنما يتم
بالأذن والثقب الذي في الأذن. والذوق أيضا باللسان. وكل واحد من ذلك عضو آلى.
قال : فأما سائر
الأفعال الحيوانية ، فهى بالمتشابهة الأجزاء لا غير.
والعضو الذي هو مبدأ الحس والحركة فيما هو مبدأ للحس اللمسى وحاس لامس ، فذلك له لجوهره المتشابه الأجزاء ، وبما هو مبدأ للحركة والشهوة والغضب ، فهو آلى. وهذا العضو في
الحيوان الدموى هو القلب ، وفي غيره شىء يشبه القلب. وكل عضو أيضا فإن قواه الطبيعية
__________________
متعلقة ببسائطه ، والحيوانية والنفسانية متعلقة بالآلية منها. والأجسام
التي هي أجزاء بدن الإنسان لا مضايقة في تسميتها أعضاء ، والمتشابهة منها منقسمة
إلى ما هى بالحقيقة أعضاء وإلى ما هي رطوبات. والأعضاء أدوات ، والرطوبات أغذية أو
فضول أغذية ؛ وكأن أصل الأخلاط وعمدتها الدم. والغليظ منه أغذى ، لكن صاحبه من الحيوان
أجفى وأبلد. والرقيق أقل غذاء ، وصاحبه من الحيوان أذكى وأفهم وأعقل.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى
المزاج
فلنتكلم أولا كلاما كليا في المزاج ، ثم نتكلم في الأخلاط وقواها ، فنقول : إن المزاج
كيفية تحدث من تفاعل كيفيات متضادة موجودة في عناصر متصغرة الأجزاء لتماس أكثر كل
واحد منها أكثر الأجزاء ، إذا تفاعلت بقواها بعضها في بعض حدث عن جملتها كيفية
متشابهة في جميعها هي المزاج. وقد علمت أصناف المزاج المعتدل والخارج عن الاعتدال ، وعلمت المعتدل مطلقا والمعتدل بحسب حيوان
حيوان. ويجب أن تعلم أن المعتدل الذي يستعمله الأطباء في مباحثهم ، فإنه ليس مشتقا
من التعادل الذي هو التوازن بالسوية ، بل كأنه مشتق من العدل في القسمة ، وهو أن يكون قد توفر على الممتزج بدنا كان بتمامه ، أو عضوا خصص من العناصر
بكمياتها وكيفياتها عل القسط الذي ينبغى أن يكون له في مزاج نوعه مثلا في إنسانيته
، حتى يكون ، وإن كان ليس بالحقيقة اشتقاقه من ذلك على
أعدل قسمة ونسبة تجب له. لكنه قد يعرض أن تكون هذه القسمة التي تتوفر على
جملة الإنسان المعتدل ، قريبا جدا من المعتدل الحقيقى الأول ، وكأنه ليس ذلك لغيره.
فلنتكلم في هذا
الاعتدال ، معتبرا بحسب أبدان الناس أيضا. فنقول : تعرض له
__________________
ثمانية أوجه من
الاعتبارات. فإنه إما أن يكون بحسب النوع مقيسا إلى ما يختلف مما هو خارج عنه . وإما أن يكون بحسب النوع مقيسا إلى ما يختلف مما هو فيه. وإما أن يكون بحسب
صنف من النوع مقيسا إلى ما يختلف مما هو خارج عنه ، ولكن داخل
فى نوعه. وإما أن يكون بحسب الشخص من الصنف من النوع مقيسا إلى أحواله في نفسه. وإما أن يكون يحسب العضو مقيسا إلى ما يختلف مما هو خارج
عنه وفي صنفه ونوعه. وإما أن يكون بحسب الشخص مقيسا إلى أحواله في نفسه. وإما أن
يكون بحسب العضو مقيسا إلى ما يختلف مما هو خارج عنه وفي بدنه. وإما أن يكون بحسب
العضو مقيسا إلى أحواله في نفسه.
والقسم الأول هو
الاعتدال الذي للإنسان ، بالقياس إلى سائر الكائنات ، وهو شىء له عرض ، وليس
منحصرا في حد ، وليس ذلك أيضا كيف اتفق ، بل له في الإفراط والتفريط حدان ، إذا
خرج عنهما بطل المزاج عن أن يكون مزاج إنسان.
وأما الثاني فهو
الواسطة بين طرفى هذا المزاج العريض. ويوجد في شخص في غاية الاعتدال من صنف في غاية الاعتدال في السن الذي يبلغ فيه النشو غاية النمو. وهذا أيضا ، وإن لم يكن الاعتدال الحقيقى الذي يحسب التوازن الذي
لا إمكان وجود له ، كما علمت ، فإنه أيضا مما يعز وجوده. وهذا
الإنسان أيضا إنما يقرب من الاعتدال الحقيقى المذكور ، لا كيف اتفق ، ولكن بتكافؤ
أعضائه الحارة كالقلب والباردة كالدماغ والرطبة كالكبد واليابسة كالعظام. فإذا توازنت وتعادلت ، قربت من الاعتدال الحقيقى. وأما باعتبار كل عضو في نفسه
فكلا إلا عضوا واحدا وهو الجلد ، على
__________________
ما نصفه بعد . وأما القياس إلى الأعضاء
الرئيسية ، فليس يمكن أن يكون مقاربا لذلك الاعتدال الحقيقى ، بل خارجا عنه إلى الحرارة والرطوبة. فإن مبدأ الحياة هو القلب
والروح ، وهما حاران جدا مائلان إلى الإفراط. وكذلك ينبغى ، فإن الحياة بالحرارة
والنشو بالرطوبة ؛ والحرارة تقوم بالرطوبة وتغتذى منها. والأعضاء
الرئيسية ثلاثة ، وإن كان القلب برأسها كلها ، كما سنبين. والبارد منها واحد ، وهو
الدماغ ، وبرده لا يبلغ أن يعدل حر القلب. والكبد واليابس منها أو القريب من اليبوسة واحد ، وهو القلب. ويبوسته لا تبلغ أن تعدل رطوبة الدماغ
والكبد. وليس الدماغ أيضا بذلك البارد ، ولا القلب أيضا بذلك اليابس ، ولكن القلب
بالقياس إلى الآخرين يابس ، والدماغ بالقياس إلى الآخرين بارد.
وأما القسم الثالث
، فهو أضيق عرضا من القسم الأول ، أعنى من الاعتدال النوعى ، إلا أن له عرضا صالحا
وهو المزاج الصالح لأمة من الأمم بحسب القياس إلى إقليم من الأقاليم وهواء من الأهوية. فإن للهند مزاجا يشملهم يصحون به ،
وللصقالبة مزاجا آخر يصحون به ، وكل واحد منهما معتدل بالقياس إلى صنفه ، وغير معتدل بالقياس إلى الآخر. فإن البدن
الهندى إذا تكيف بمزاج الصقلابى مرض أو هلك ، وكذلك حال البدن الصقلابى إذا تكيف
بمزاج الهندى. فيكون إذن لكل واحد من أصناف سكان المعمورة مزاج خاص يوافق هواء
إقليمه ، وله عرض ، ولعرضه طرفا إفراط وتفريط.
وأما القسم الرابع
فهو الواسطة بين طرفى عرض مزاج الإقليم ، وهو أعدل أمزجة
ذلك الصنف.
وأما القسم الخامس
فهو أضيق من القسم الأول والثالث ، وهو المزاج الذي يجب
__________________
أن يكون لشخص معين
حتى يكون موجودا حيا صحيحا ، وله أيضا عرض ، ويحده طرفا إفراط وتفريط. ويجب أن يعلم أن كل شخص يستحق مزاجا يخصه يندر أولا يمكن
أن يشاركه فيه آخر.
وأما القسم السادس فهو الواسطة بين هذين الحدين أيضا ، وهو المزاج الذي إذا حصل لذلك
الشخص كان على أفضل ما ينبغى له أن يكون عليه.
وأما القسم السابع
فهو المزاج الذي يجب لنوع كل عضو من الأعضاء ، ويخالف به غيره. فإن الاعتدال الذي
للعظم هو أن يكون اليابس فيه أكثر ، والذي للدماغ أن يكون الرطب فيه أكثر ، والذي للقلب أن يكون الحار فيه
أكثر ، والذي للعصب أن يكون البارد فيه أكثر. فإذا اعتبرت الأنواع كان أقربها من
الاعتدال الحقيقى هو الإنسان ، وإذا اعتبرت الأصناف فقد صح عندنا أنه إن كان في
المواضع الموازية لمعدل النهار عمارة ، ولم يعرض من الأسباب الأرضية أمر
مضاد ، أعنى من الجبال والبحار ، فيجب أن يكون سكانها أقرب الأصناف من الاعتدال
الحقيقى. وقد سلف لك في هذا ما يعوّل عليه.
ثم بعد هؤلاء
فأعدل الأصناف سكان الإقليم الرابع وما يليه من الجانبين ، فإنهم لا يحترقون بدوام مسامتة الشمس رءوسهم حينا ، بعد تباعدها عنهم ، كسكان أكثر الثاني
والثالث ، ولا هم فجون نيّون لدوام بعد الشمس عن رءوسهم كسكان آخر الخامس ، ثم هلم جرا إلى آخر الشمال.
وهذا القول بحسب
ما يوجبه عرض الإقليم ، وقد يطرأ على الإقليم حال من مجاورة جبال أو بحار ومن
أغواره ونجوده ما يغير مقتضى ذلك.
__________________
وأما في الأعضاء
فقد ظهر أن الأعضاء الرئيسية ليست بشديدة القرب من الاعتدال الحقيقى ، بل اللحم
أقرب من الأعضاء من ذلك الاعتدال ، وأقرب منه
الجلد ، فإنه يكاد لا ينفعل عن ماء ممزوج بالتساوى نصفه جمد
ونصفه ماء مغلى ، ويكاد يتعادل فيه تسخين العروق والدم لتبريد العصب ، وكذلك لا ينفعل عن جسم حسن الخلط من أيبس الأجسام وأسلسها ، إذا كانت فيه بالسوية. وإنما يعرف أنه لا ينفعل ، لأنه لا يحس ، وإنما كان
مثله لما كان لا ينفعل عنه ، لأنه لو كان مخالفا له لا نفعل عنه. فإن الأشياء المتفقة
العنصر المتضادة الطبائع المتفاعلتها ، ينفعل بعضها عن
بعض. وإنما لا ينفعل الشىء الذي طبيعته ما ذكرناه عن شبيهه في ذلك . وأعدل الجلد جلد اليد وأعدل جلد اليد
جلد الكف ، وأعدله جلد الراحة ، وأعدله ما كان على الأصابع ، وأعدله ما كان على
السبابة ، وأعدله ما كان على الأفعلة منها . فلذلك هي وأنامل
الأصابع الأخرى تكاد تكون الحاكمة بالطبع في مقادير الملموسات ، فإن الحاكم يجب أن
يكون متساوى الميل إلى الطرفين جميعا ، حتى يحس بخروجه عن التوسط والعدل.
ويجب أن تعلم ، مع
ما قد علمت ، أنا إذا قلنا للدواء إنه معتدل ، فلسنا نعنى بذلك أنه معتدل
على الحقيقة ، فلذلك كما علمت غير ممكن ، ولا أيضا أنه معتدل بالاعتدال الإنسانى
في مزاجه ، وإلا لكان من جوهر الإنسان بعينه. ولكنا نعنى أنه إذا أثر فى البدن
الإنسانى لم يؤثر أثرا يخرج بمزاج الإنسان إلى زيادة حرارة وبرودة أو رطوبة ويبوسة ، فكأنه معتدل بالقياس
إلى فعله في بدن الإنسان. وكذلك إذا قلنا إنه حار أو بارد فلسنا نعنى أنه في جوهره
بغاية الحرارة أو البرودة ، ولا أنه في جوهره أحر
__________________
من بدن الإنسان أو
أبرد منه ، وإلا لكان المعتدل ما مزاجه مزاج الإنسان. ولكنا نعنى
أنه يحدث منه في بدن الإنسان حرارة أو برودة فوق اللتين له. ولهذا قد يكون الدواء
باردا بالقياس إلى بدن الإنسان ، حارا بالقياس إلى بدن العقرب ، أو حارا بالقياس إلى بدن الإنسان ، باردا بالقياس إلى بدن الحية ؛ بل قد يكون دواء
واحد حارا بالقياس إلى بدن زيد ، فوق كونه حارا بالقياس إلى بدن
عمرو ؛ بل ربما كان باردا بالقياس إلى بدن عمرو. ولهذا يوصى المعالجون بألا يقيموا على دواء واحد في تبديل المزاج ، إذا لم ينجع.
وإذ قد استوفينا القول في المزاج المعتدل ، فلننتقل إلى غير المعتدل. وقد علمت
أنها ثمانية ، وكل واحد من هذه الأمزجة الثمانية لا يخلو إما أن يكون بلا مادة وهو
أن يغلب ذلك المزاج في البدن كيفية وحدها من غير أن يكون ، إنما يكيف البدن بها
لنفوذ خلط فيه متكيف به ، يغير البدن إليه مثل
حرارة المدقوق وبرودة المثلوج . وإما أن يكون مع مادة ، وهو أن يكون البدن إنما يكيف
بكيفية ذلك المزاج لمجاورة خلط نافذ فيه غالب عليه تلك الكيفية ، مثل
تبرد الجسم الإنسانى بسبب بلغم زجاجى أو تسخنه بسبب صفراء كرّاثى.
واعلم أن المزاج
مع المادة قد يكون على وجهين ؛ وذلك لأن العضو قد يكون تارة منتقعا في المادة مبتلا بها ، وتارة قد يكون محبسا للمادة في مجاريه وبطونه ؛ فهذا هو القول في المزاج.
__________________
الفصل الثالث
(ح) فصل
فى مزاج الأعضاء
أحر ما في البدن
الروح ، والقلب الذي هو منشؤها ، ثم الدم فإنه وإن سلم الأطباء
أنه متولد في الكبد ، فهو لاتصاله بالقلب يستفيد من الحرارة ما ليس
للكبد ، ثم الكبد ، ثم اللحم لأنه كدم جامد ويقصر عن الدم بما يخالطه من ليف العصب
البارد ، ثم طبقات العروق الضوارب لا بجوارها العصيبة ، بل لما
تقبله من تسخين الدم والروح الذي فيها ، ثم طبقات
العروق السواكن لأجل الدم وحده ، ثم جلدة الكف المعتدلة. وأبرد ما في البدن البلغم
، ثم الشحم ، ثم السمين ، ثم الشعر ، ثم العظم ، ثم الغضروف ، ثم الرباط ، ثم
الوتر ، ثم الغشاء ، ثم العصب ، ثم النخاع ، ثم الدماغ ، ثم الجلد . وأما أرطب ما في البدن فالبلغم ، ثم الدم ، ثم السمين
والشحم ، ثم الدماغ ، ثم النخاع ، ثم الرئة ، ثم الكبد ، ثم الطحال ، ثم الكليتان
، ثم العضل ، ثم الجلد. هذا هو الترتيب الذي رتبه الطبيب الفاضل.
ولكن يجب أن تعلم
أن الرئة في جوهرها وغريزتها ليست برطبة شديدة ؛ لأن كل
عضو شبيه في مزاجه الغريزى بما يتغذى به ، وشبيه في مزاجه العارض بالمجاور وبما يفضل فيه ، ثم الرئة تغتذى من أسخن الدم وأكثره مخالطة
للصفراء ، ولكنها
__________________
يجتمع فيها فضل
كثير من الرطوبة لما يتصعد من بخارات البدن ، وما
ينحدر من النزلات. وإذا كان الأمر على هذا ، فالكبد أرطب من الرئة كثيرا في
الرطوبة الغريزية ، والرئة أشد ابتلالا. وهكذا يجب أن يفهم من حال ترطيب البلغم
والدم من جهة. وهو أن ترطيب البلغم هو على سبيل البل ، وترطيب الدم على سبيل التقرير فى الجوهر ، وإن كان البلغم قد يكون في نفسه أشد رطوبة ،
فإن الدم إنما يستوفى حظه من النضج بأن يتحلل شىء كثير من الرطوبة التي كانت في
البلغم الذي استحال إليه . فستعلم بعد أن البلغم الطبيعى دم استحال بعض الاستحالة. وأما أيبس ما في البدن فالشعر ،
لأنه من بخار دخانى تحلل ما كان فيه من خلط البخار وانعقدت الدخانية الصرفة ، ثم
العظم لأنه أصلب الأعضاء فإنه أرطب من الشعر ، لأن كون العظم من
الدم. ولذلك ما كان العظم يغذو كثيرا من الحيوانات ، والشعر لا يغذو شيئا منها ،
وإن عسى أن يغدو نادرا من جملتها ، كما قد يظن أن الخفافيش تهضمه وتسيغه. لكنا إذا أخذنا قدرين متساويين من العظم والشعر في الوزن فقطرناهما في القرع والإنبيق ، سال من العظم ماء ودهن أكثر ، وبقى له ثفل أقل. فالعظم إذن أرطب من الشعر ، وبعد
العظم فى اليبوسة الغضروف ، ثم الرباط ، ثم الغشاء ، ثم الأوردة ، ثم الشرايين ،
ثم عصب الحركة ، ثم القلب ، ثم عصب الحس فإن عصب الحركة أبرد وأيبس معا من المعتدل
، وعصب الحس أبرد وليس أيبس كثيرا من المعتدل ، بل عساه أن يكون قريبا منه وليس أيضا كثير البعد منه في
البرد ؛ ثم الجلد.
__________________
الفصل الرابع
(د) فصل
فى أمزجة الأسنان
لنتكلم في أمزجة الأسنان. الأسنان أربعة في الجملة : سن النمو ، ويسمى سن الفتيان ،
وهو إلى قريب من ثلاثين سنة . ثم سن الوقوف وهو سن الشباب ، وهو إلى نحو من خمس وثلاثين سنة أو أربعين. وسن الانحطاط مع بقاء من القوة وهو سن المكتهلين وهو إلى نحو من ستين
سنة . وسن الانحطاط مع ظهور الضعف في القوة وهو سن الشيوخ ؛ وهو إلى آخر العمر .
لكن سن الفتيان
ينقسم إلى : سن الطفولة ، وهو أن يكون المولود بعد غير مستعد الأعضاء للحركات والنهوض.
وإلى سن الصبا ، وهو بعد النهوض قبل الشدة ، وهو ألا تكون الأسنان قد استوفت النبات والسقوط . ثم سن الترعرع وهو بعد الشدة ونبات الأسنان ، وقبل المراهقة. ثم سن الغلامية والرهاق إلى أن يثقل وجهه. ثم سن الحداثة والفتاء إلى أن يقف النمو .
__________________
والصبيان أعنى من الطفولة إلى الحداثة مزاجهم في
الحرارة كالمعتدل ، وفي الرطوبة كالزائد ؛ ثم بين الطبيعيين وبين الأطباء الأقدمين
اختلاف في حرارتى الصبى والشباب ، فبعضهم يرى أن حرارة الصبى أشد ، ولذلك ينمو
أكثر وتكون أفعاله الطبيعية من الشهوة والهضم أكثر وأدوم ، ولأن
الحرارة الغريزية المستفادة فيهم من المنى أشد اجتماعا وأحدث. وبعضهم يرى أن
الحرارة الغريزية في الشبان أقوى بكثير ، لأن دمهم أكثر وأمتن. ولذلك يصيبهم الرعاف
أشد وأكثر ، ولأن مزاجهم إلى الصفراء أميل ، ومزاج الصبيان إلى البلغم أميل
، ولأنهم أقوى حركات ، والحركة بالحرارة ، وهم أقوى استمراء وهضما وذلك بالحرارة.
وأما الشهوة التي تكثر للصبيان فليست تكون بالحرارة ، بل بالبرودة ، ولهذا ما تحدث لهم الشهوة الكلبية في أكثر الأمر من البرودة.
والدليل على أن هؤلاء أشد استمراء أنهم لا يصيبهم من التهوّع والقيء والتخمة ما
يعرض للصبيان لسوء الهضم.
قالوا : والدليل
على أن مزاجهم أميل إلى الصفراء أن أمراضهم حارة كلها أو جلها كحمى الغب وقيؤهم صفراوى. وأمراض الصبيان رطبة باردة ، وحمياتهم بلغمية ، وأكثر ما يقذفونه
بالقيء بلغم.
قالوا : وأما
النمو في الصبيان فليس من قوة حرارتهم ، ولكن لكثرة رطوبتهم ؛ وأيضا كثرة شهوتهم ،
لنقصان حرارتهم. هذا مذهب الفريقين واحتجاجهما.
وأما المحصّل من
الأطباء فيخالف الطائفتين جميعا ، ويرى أن الحرارة فيهما متساوية فى الأصل ؛ لكن
حرارة الصبيان أكثر كمية ، وأقل كيفية أى حدة ؛ وحرارة الشبان أقل كمية ، وأكثر كيفية أى حدة . وبيان هذا أن
يتوهم أن حرارة واحدة بعينها فى المقدار ، أو جسما لطيفا حارا واحدا في الكم
والكيف فشا في جوهر رطب كثير
__________________
كالماء تارة ،
وفشا أخرى في جوهر يابس قليل كحجر آجرى . فإنا نجد حينئذ الحار المائى أكثر كمية وألين كيفية ، والحار الحجرى أقل كمية وأحد كيفية. وعلى هذا فقس وجود الحار
في الصبيان والشبان ، فإن الصبيان إنما يولّدون من المنى الكثير الحرارة ، وتلك
الحرارة لم يعرض لها من الأسباب ما يطفئها ، فإن الصبى ممعن في التزيد ، ومتدرج فى
النمو ، ولم يقف بعد ، فكيف يتراجع ؛ وأما الشباب
فلم يقع له سبب يزيد في حرارته الغريزية ولا أيضا وقع له سبب يطفئها. بل تلك الحرارة مستحفظة فيه برطوبة أصلية أقل كمية وكيفية معا ،
إلى أن يأخذ في الانحطاط. وليست قلة هذه الرطوبة تعد
قلة بالقياس إلى استحفاظ الحرارة ، ولكن بالقياس إلى النمو. فكأن الرطوبة تكون أولا بقدر ما يحفظ الحرارة ويفضل أيضا للنمو ، وأخيرا بقدر لا يفى بكلا الأمرين ، ثم يصير بقدر لا يفى بأحد الأمرين ، فيجب أن يكون في الوسط بحيث يفى بأحد الأمرين دون الآخر. ومحال
أن يقال إنها تفى بالتنمية ولا تفى بحفظ الحرارة الغريزية ، فإنه كيف يزيد على
الشىء ما ليس يمكنه أن يحفظ الأصل فبقى أن يكون إنما تفى بحفظ الحرارة ولا تفى
بالنمو ، ومعلوم أن هذه السن هي سن الشباب.
وأما قول الفريق
الثاني أن النمو في الصبيان إنما هو بسبب الرطوبة دون الحرارة ،
فقول باطل. وذلك لأن الرطوبة مادة للنمو ، والمادة لا
تنفعل ولا تتخلق بنفسها ، بل عند فعل القوة الفاعلة فيها ؛ والقوة الفاعلة هاهنا
هي نفس أو طبيعة بإذن الله تعالى ذكره ، ولا يفعل إلا بآلة هي الحرارة الغريزية. وقولهم أيضا إن كثرة الشهوة في
الصبيان
__________________
تدل على برد المزاج ، فقول باطل ، فإن تلك الشهوة هي
الشهوة الفاسدة التي تكون لبرد المزاج ، ولا يكون معها استمراء واغتذاء.
والاستمراء في الصبيان في أكثر الأوقات على أحسن ما يكون ، ولو لا ذلك لما كانوا يوردون من البدل الذي هو الغذاء أكثر مما يتحلل حتى ينمو ، ولكنهم قد يعرض
لهم سوء استمراء لشرههم وسوء ترتيبهم في تناول الأغذية
، وتناولهم الأشياء الرديئة والرطبة والكثيرة ، وحركاتهم الفاسدة عليها. فهذا هو
القول في مزاج الصبى والشباب .
ثم يجب أن تعلم أن
الحرارة بعد مدة سن الوقوف تأخذ في الانتقاص لانتشاف الهواء المحيط مادتها التي هي الرطوبة ، ومعاونة الحرارة الغريزية أيضا من
داخل ، ومعاضدة الحركات البدنية والنفسانية الضرورية في المعيشة لهما ، وعجز
الطبيعة عن مقاومة ذلك دائما. فإن جميع القوى الجسمانية متناهية ، فقد علم ذلك ، فلا يكون فعلها في المواد دائما ، فلو كانت هذه القوة أيضا غير متناهية وكانت دائمة الإيراد لبدل ما يتحلل على
السواء بمقدار واحد ، لكن كان التحلل ليس بمقدار واحد ، بل يزداد دائما كل يوم.
والرطوبة بعد النمو تحتاج إلى أن تنتقص لتشتد الجبلة لما كان البدن يقاوم التحلل ، ولكان التحلل يفنى الرطوبة ، فكيف والأمران كلاهما متعاونان
على تهيئة النقصان والتراجع ، وإذا كان كذلك ، فواجب ضرورة أن تفنى الرطوبة ،
فتطفئ الحرارة ، وخصوصا إذ يعين طفؤها بسبب عوز المادة سبب آخر وهو الرطوبة الغريبة التي تحدث دائما لعدم الغذاء الهضم ، فيعين على إطفائها من وجهين : أحدهما
بالخنق والغمر ، والآخر بمضادة الكيفية ؛ لأن تلك الرطوبة تكون بلغمية
باردة وهذا هو الموت الطبيعى المؤجل لكل
__________________
شخص بحسب مزاجه الأول الذي تضمنه قوته في حفظ الرطوبة. ولكل منهم أجل مسمى ، وهو مختلف
في الأشخاص لاختلاف الأمزجة.
فهذه هي الآجال
الطبيعية وهاهنا آجال اخترامية غيرها ، وهي أخرى ، وكل بقدر. فالحاصل
إذن من هذا أن أبدان الصبيان والشبان حارة بالاعتدال ،
وأبدان الكهول والمشايخ باردة. لكن أبدان الصبيان أرطب من المعتدل لأجل النمو ،
وتدل عليه التجربة وهي من لين عظامهم وأعضائهم ، ويدل عليه
القياس أيضا وهو من قرب عهدهم بالمنى والروح البخارى. وأما الكهول والمشايخ خصوصا
فإنهم ، مع أنهم أبرد ، فهم أيبس ، تدلك عليه من طريق التجربة صلابة عظامهم وعصبهم
وقشف جلودهم ، ومن طريق القياس بعد عهدهم بالمنى والدم والروح والبخارى. ثم
النارية متساوية في الصبيان والشبان ، والهوائية
والمائية في الصبيان أكثر ، والأرضية في الكهول والمشايخ أكثر ، ومنهما فى المشايخ أكثر. والشاب معتدل المزاج فوق اعتدال الصبى ، لكنه بالقياس إلى الصبى يابس المزاج ، وبالقياس إلى الكهل والشيخ حار
المزاج. والشيخ أيبس من الشاب ومن الكهل في مزاج أعضائه الأصلية ، وأرطب منهما بالرطوبة
الغريبة البالة.
__________________
الفصل الخامس
(ه) فصل
فى استحالة الغذاء إلى الأخلاط
إن الغذاء له
انهضام ما بالمضغ ، وذلك بسبب أن سطح الفم متصل بسطح المعدة ، بل كأنه سطح واحد ، وفيه منه قوة هاضمة ، فإذا لاقى
الممضوغ أحاله إحالة ما ، ويعينه على ذلك الريق المستفيد بالنضج الواقع فيه حرارة
غريزية. ولذلك كانت الحنطة الممضوغة تفعل من إنضاج الدماميل والخراجات ما
لا يفعله المدقوق بالماء أو المطبوخ فيه . والدليل على أن
الممضوغ قد بدأ فيه شىء من النضج ، أنه لا يوجد فيه الطعم الأول ولا رائحته الأولى
، ثم إذا ورد على المعدة انهضم الانهضام التام ، لا بحرارة المعدة وحدها ، بل
بحرارة ما يطيف بها أيضا ، إما من ذات اليمين فالكبد ، وإما من ذات اليسار
فالطحال. فإن الطحال قد يسخن لا بجوهره ، بل بالشرايين والأوردة الكثيرة التي فيه
، وأما من قدام فالثرب الشحمى القابل
للحرارة سريعا بسبب الشحم المؤديها إلى المعدة ، وأما من فوق فالقلب بتوسط تسخينه الحجاب ، فإذا انهضم الغذاء أولا صار بذاته وبما يخالطه من المشروب كيلوسا ، وهو جوهر سيال شبيه بماء الكشك الثخين ، ثم إنه
بعد ذلك ينجذب لطيفه من المعدة ومن الأمعاء أيضا ويندفع من طريق العروق المسماة
ماساريقا ، وهي عروق دقاق صلاب متصلة بالأمعاء كلها ، فإذا اندفع فيها صار إلى
العرق المسمى باب الكبد ونفذ في الكبد في أجزاء الباب الذي سنذكره داخلة متصغرة
__________________
متضائلة كالشعر ملاقية الفوهات لفوهات أجزاء أصول العرق
الطالع من حدبة الكبد الذي سنذكره ، ولن
ينفذ في تلك المضايق إلا بفضل مزاج من الماء المشروب فوق المحتاج إليه للبدن . فإذا تفرق في ليف هذه العروق ، صار كأن الكبد بكليته ملاق لكلية هذا الكيلوس
، فكان لذلك فعله فيه أشد وأسرع ، وحينئذ ينطبخ ، وفي كل انطباخ رطوبة شىء كالرغوة وشىء كالرسوب.
وربما كان معهما إما شىء إلى الاحتراق إن أفرط الطبخ أو شىء كالفج إن قصر
الطبخ. فالرغوة هي الصفراء ، والرسوب هو السوداء ، وهما طبيعيان . والمحترق لطيفه صفراء ردية ، وكثيفة سوداء ردية غير طبيعيين ، والفج هو البلغم. وأما الشىء المتصفى من هذه الجملة نضجا فهو الدم ، إلا أنه بعد ما دام فى الكبد يكون أرق مما ينبغى لفصل المائية المحتاج إليها للعلة المذكورة. ولكن هذا الدم إذا انفصل عن الكبد ،
فكما ينفصل عنه يتصفى أيضا عن المائية الفضلية فتنجذب المائية
عنه في عرق نازل إلى الكليتين ، ويحمل مع نفسه من الدم ما يكون بكميته وكيفيته صالحا لغذاء الكليتين فيغذو الكليتين الدسومة والدموية من
تلك المائية ويندفع باقيه إلى المثانة وإلى الإحليل.
وأما الدم الحسن
القوام فيندفع في العرق العظيم الطالع من حدبة الكبد فيسلك فى الأوردة المتشعبة منه ، ثم في جداول الأوردة ، ثم في سواقى
الجداول ، ثم في رواضع السواقى ، ثم في العروق الليفية أو الشعرية ، ثم يرشح من فوهاتها
في الأعضاء بتقدير العزيز الحكيم.
__________________
فسبب الدم الفاعل هو حرارة معتدلة ، وسببه المادى هو المعتدل من الأغذية والأشربة الفاضلة ، وسببه
الصورى النضج الفاضل ، وسببه التمامى هو تغذية البدن.
والصفراء سببها
الفاعل الحرارة النارية المفرطة النضج وخصوصا في الكبد ، وسببها المادى اللطيف الحار الدسم والحريف من الأغذية وسببها الصورى مجاوزة النضج إلى الإفراط ، وسببها التمامى
ضرورة ومنفعة ستذكران.
والبلغم سببه
الفاعل حرارة مقصرة ، وسببه المادى هو الغليظ الرطب اللزج البارد من الأغذية ، وسيبه الصورى قصور
النضج ، وسببه التمامى ضرورة ومنفعة ستذكران .
والسوداء سببها
الفاعلى ، أما الرسوبى الطبيعى منه فحرارة معتدلة ، وأما الرمادى منه الذي سنذكره
فحرارة مجاوزة للاعتدال وسببها المادى الشديد الغلظ القليل الرطوبة من الأغذية ، وسببها الصورى الثفل
والارجحنان المرسب على أحد الوجهين ، فلا يسيل أو لا يتحلل ، وسببها التمامى ضرورتها ومنفعتها المذكورتان
بعد .
ويجب أن تعلم أن
الحرارة والبرودة سببان لتولد الأخلاط مع سائر الأسباب ، لكن الحرارة المعتدلة
تولد الدم ، والمفرطة تولد الصفراء ، والمفرطة جدا تولد السوداء بفرط الإحراق ،
والبرودة تولد البلغم ، والمفرطة جدا تولد السوداء بفرط الإجماد. ويجب أن تراعى القوة المنفعلة بإزاء القوى الفاعلة ، وليس يجب أن يثبت الاعتقاد على أن كل مزاج يولد الشبيه به ، كلا بل
كثيرا ما يولد الضد
__________________
لأمر يقترن به ،
فإن المزاج البارد اليابس يولّد الرطوبة الغريبة ، لا للمشاكلة ، ولكن لضعف الهضم.
ومثل هذا الإنسان يكون نحيفا ، رخو المفاصل ، أزعر جبانا ، بارد الملمس ناعمه ، ضيق العروق. ولسبب هذا ما تولد الشيخوخة البلغم ؛ على أن مزاج الشيخوخة بالحقيقة يرد
ويبس.
ويجب أن تعلم أن
للدم وما يجرى معه في العروق هضما ثالثا ، وإذا توزع على الأعضاء فلنصيب كل عضو عنده هضم رابع. ففضل الهضم الأول وهو في المعدة
يندفع من طريق الأمعاء ، وفضل الهضم الثاني وهو في الكبد يندفع أكثره في البول
وباقيه من جهة الطحال والمرارة على ما سنذكره ، وفضل الهضمين الباقيين يندفع
بالتحلل الذي لا يحس وبالعرق والوسخ الخارج بعضه من منافذ محسوسة كالأنف والصماخ
أو غير محسوسة كالمسام ، أو خارجة عن الطبع كالأورام المتفجرة أو بما ينبت من زوائد البدن كالشعر والظفر. والدم الغليظ أغذى ، لكن الحيوان
الذي دمه كذلك أضعف حسا ؛ والرقيق اللطيف بالضد في الأمرين. والحيوان اللطيف الدم
أفهم وأعقل ، والدم الذكورى أنضج ، وكذلك الذي في الأعضاء العالية ، والذي في الأعضاء اليمنى.
__________________
الفصل السادس
(و) فصل
فى تفصيل أصناف الأخلاط
الخلط جسم رطب
سيال ، يستحيل إليه الغذاء أو لا ، فمنه خلط محمود ، وهو الذي من شأنه أن يصير
جزءا من جوهر المغتذى أو مشابها له ، وبالجملة سادّا
بدل شىء مما يتحلل منه ؛ ومنه فضل وخلط ردى ، وهو الذي ليس من شأنه ذلك ، اللهم
إلا أن يستحيل في النادر إلى الخلط المحمود ، ويكون حقه قبل ذلك أن يدفع عن البدن
وينفض.
ونقول إن رطوبات
البدن منها أولى ، ومنها ثانية. والأولى هي الأخلاط الأربعة
التي نذكرها. والثانية قسمان : إما فضول ، وإما غير فضول. والفضول سنذكرها. والتي
ليست بفضول هي التي استحالت عن حالة الابتداء ، ونفذت في الأعضاء ، إلا أنها لم
تصر جزء عضو من الأعضاء المفردة بالفعل التام. وهي أصناف ثلاثة : أحدها الرطوبة
التي هي منبثة في الأعضاء الأصلية بمنزلة الطل ، وهي مستعدة لأن تستحيل غذاء إذا
فقد البدن الغذاء ، ولأن تبل الأعضاء إذا جففها سبب من حركة عنيفة أو غيرها.
والثاني الرطوبة القريبة العهد بالانعقاد ، وهي غذاء استحال إلى جوهر الأعضاء من
طريق المزاج والتشبه ، ولم يستحل بعد من طريق القوام. والثالث الرطوبة المداخلة
للأعضاء الأصلية منذ ابتداء النشو التي بها اتصال أجزائها ، ومبدؤها من
النطفة ، ومبدأ النطفة من الأخلاط .
__________________
ونقول أيضا إن
الرطوبات الخلطية المحمودة والفضلية تنحصر في أربعة أجناس : جنس الدم وهو أفضلها ،
وجنس البلغم ، وجنس الصفراء ، وجنس السوداء. والدم حار الطبع رطبه ، وهو صنفان : طبيعى ، وغير طبيعى. والطبيعى أحمر اللون ، لا نتن له ، حلو جدا.
والغير الطبيعى قسمان : فمنه ما قد تغير عن المزاج الصالح لا لشىء
خالطه ، ولكن بأن ساء مزاجه في نفسه فبرد مثلا أو سخن.
ومنه ما إنما تغير بأن حصل خلط ردى فيه ؛ وذلك أيضا قسمان : لأنه إما أن يكون الخلط ورد عليه من خارج فنفد فيه فأفسده ، وإما أن يكون الخلط
تولد فيه نفسه مثلا بأن يكون عفن بشيء فاستحال لطيفه صفراء وكثيفه سوداء وبقيا أو أحدهما فيه. وهذا القسم بقسميه يختلف بحسب ما يخالطه ، وأصنافه من أصناف البلغم وأصناف السوداء وأصناف الصفراء
والمائية ، فيصير تارة عكرا ، وتارة رقيقا ، وتارة أسود شديد السواد ، وتارة أبيض. وكذلك يتغير في رائحته وفي طعمه فيصير مرا ، ومالحا ، وإلى الحموضة. وأما البلغم فمنه طبيعى أيضا ، ومنه غير طبيعى. والطبيعى هو
الذي يصلح لأن يصير في وقت ما دما لأنه دم غير تام النضج ، وهو ضرب من الحلو من
البلغم ، وليس هو بشديد البرد ؛ بل هو بالقياس إلى البدن قليل البرد ، وبالقياس
إلى الدم والصفراء بارد. وقد يكون من البلغم الحلو ما ليس بطبيعى وهو البلغم الذي
لا طعم له ، الذي سنذكره ، إذا اتفق أن خالطه دم طبيعى ، وكثيرا ما يحس به في
النوازل وفي النفث. وأما الحلو الطبيعى ، فإن محصل الأطباء زعم أن الطبيعية إنما لم تعدّ له عضوا كالمفرغة مخصوصا مثل ما للمرتين ، لأن
هذا البلغم قريب الشبه من الدم وتحتاج إليه الأعضاء كلها ، فلذلك أجرى مجرى الدم .
__________________
ونحن نقول : إن ذلك لأمرين : أحدهما ضرورة والآخر منفعة . أما الضرورة فأمران : أحدهما ليكون قريبا من الأعضاء ، فمتى فقدت الأعضاء
الغذاء الوارد المهيأ دما صالحا لاحتباس مدده من المعدة والكبد
ولأسباب عارضة أقبلت قواها الغريزية عليه فأنضجته وهضمته وتغذت به. وهذا القسم من الضرورة ليس للمرتين . والثاني ليخالط
الدم فيهيئه لتغذية الأعضاء البلغمية المزاج الذي يجب أن يكون في دمها الغاذية بلغم بالفعل على قسط
معلوم مثل الدماغ ؛ ومثل هذا موجود للمرتين. وأما المنفعة فهى أن تبل المفاصل
والأعضاء الكثيرة الحركة فلا يعرض لها جفاف بسبب حرارة الحركة وبسبب الاحتكاك.
وأما البلغم الغير
الطبيعى فمنه فضلى مختلف القوام حتى عند الحس ، وهو المخاطى ؛ ومنه مستوى
القوام في الحس مختلفه في الحقيقة ، وهو الخام ؛ ومنه الرقيق جدا ، وهو المائى ؛ ومنه الغليظ جدا الأبيض المسمى بالجصى وهو الذي قد يحلل لطيفه لكثرة احتباسه في المفاصل والمنافذ وهو أغلظ الجميع.
ومن البلغم صنف
مالح وهو أحر ما يكون من البلغم وأيبسه وأجفه. وسبب كل ملوحة
تحدث كما علمت أن تخالط رطوبة مائية قليلة الطعم أو عديمته أجزاء أرضية محترقة
يابسة المزاج مرة الطعم مخالطة باعتدال . فإنها إن كثرت
مررت ومن هذا تتولد الأملاح ، وتملح المياه ، وتولد أملاح
صناعية.
وكذلك البلغم
الرقيق الذي لا طعم له أو طعمه. قليل غير غالب ، إذا خالطته مرّة
__________________
يابسة بالطبع
محترقة مخالطة باعتدال ملحته وسخنته ، فهذا بلغم
صفراوى.
وأما محصل الأطباء
فقد قال إن هذا البلغم يملح لعفونته أو لمائية خالطته.
ونحن نقول : إن
العفونة تملحه بما يحدث فيه من الاحتراق والرمادية فتخالط رطوبته. وأما المائية
التي تخالطه فلا تحدث الملوحة وحدها ، إذا لم يقع السبب الثاني. ويشبه أن يكون بدل
أو القاسمة في كلامه الواو الواصلة وحدها ، فيكون الكلام تاما. ومن البلغم حامض ، وكما أن
الحلو كان على قسمين : حلو لا مرّ في ذاته ، وحلو لامر غريب مخالط ، كذلك
الحامض أيضا تكون حموضته على قسمين : أحدهما بسبب مخالطة شىء غريب وهو السوداء
الحامض الذي سنذكره ، والثاني بسبب أمر في نفسه وهو
أن يعرض للبلغم الحلو المذكور ما يعرض لسائر العصارات الحلوة م الغليان أولا ثم التحمض ثانيا. ومن البلغم أيضا عفص ، وحاله هذه الحال ،
فإنه ربما كانت عفوصته بمخالطة السوداء العفص ، وربما كانت عفوصته بسبب تبرده في نفسه تبردا شديدا ، فيستحيل طعمه إلى العفوصة ، لجمود مائيته ،
واستحالته لليبس إلى الأرضية قليلا ، فلا تكون الحرارة الضعيفة أغلته فحمضته ولا
القوية أنضجته.
ومن البلغم نوع
زجاجى غليظ يشبه الزجاج الذائب في لزوجته وثقله ، وربما كان
حامضا ، وربما كان مسيخا ، ويشبه أن يكون المسيخ منه أصل الخام أو يستحيل إلى
الخام . وهذا النوع من البلغم هو الذي كان مائيا في أول الأمر ،
باردا ، ولم يعفن ، ولم يخالطه شىء ، بل بقى مخنوقا حتى غلظ وازداد بردا .
__________________
فقد تبين إذن أن أقسام البلغم الفاسد من جهة طعمه أربعة : مالح ، وحامض ، وعفص ، ومسيخ ؛
ومن جهة قوامه أربعة : مائى ، وزجاجى ، ومخاطى ، وجصى.
وأما الصفراء فمنه
أيضا طبيعى ، ومنه فضل غير طبيعى. والطبيعى منه هو رغوة الدم وهو أحمر اللون ناصعه خفيف حاد ، وكلما كان أسخن فهو أشد حمرة.
وإذا تولد فى البدن انقسم قسمين ،
فذهب قسم منه مع الدم ، وتصفى قسم منه إلى المرارة. والذاهب منه مع الدم ينفذ معه لضرورة ولمنفعة. أما الضرورة فليخالط الدم في تغذية الأعضاء التي
تستحق أن يكون في مزاجها جزء صالح من الصفراء ، وبحسب ما يستحقها من القسمة مثل الرئة.
وأما المنفعة فأن يلطف الدم وينفذه في المسالك الضيقة . والمتصفى منه إلى المرارة يتوجه أيضا نحو ضرورة ومنفعة ، أما الضرورة فلتغذية المرارة ، وأما المنفعة فمنفعتان : إحداهما غسل المعاء من الثفل والبلغم اللزج ، والثانية لذعه ولذع عضل المقعدة ليحس بالحاجة ،
ويحوج إلى النهوض للتبرز . ولذلك ربما عرض قولنج بسبب سدة تقع في المجرى المنحدر من
المرارة إلى الأمعاء .
وأما الصفراء
الغير الطبيعية فمنه ما خروجه عن الطبيعة بسبب غريب مخالط
، ومنه ما خروجه عن الطبيعة بسبب في نفسه بأنه في
جوهره غير طبيعى. والقسم الأول منه ما هو معروف مشهور ، وهو الذي يكون الغريب
المخالط له بلغما وتولده في أكثر الأمر في الكبد .
__________________
ومنها ما هو أقل
شهرة ، وهو الذي يكون الغريب المخالط له سوداء. والمشهور المعروف هو المرة الصفراء
والمرة المحية ، وذلك لأن البلغم الذي يخالطه ربما كان رقيقا فحدث منه الأول ؛ وربما كان غليظا فحدث منه الصفراء الشبيهة بمح البيض ، وهو الذي هو أقل شهرة فهو الذي يسمى صفراء محترقا ، وحدوثه على وجهين : أحدهما أن تحترق الصفراء فى نفسه فيحدث فيه
رمادية فلا يتميز لطيفه من رماديته ، بل تحتبس الرمادية فيه ، وهذا شر ؛ والثاني
أن تكون السوداء وردت عليه من خارج فخالطته ، فهذا أسلم.
ولون هذا الصنف من الصفراء أحمر ، ولكنه غير ناصع ولا مشرق ، بل أشبه بالدم إلا
أنه رقيق ، وقد يتغير عن لونه لأسباب .
وأما الخارج عن
الطبيعة في جوهره فمنه ما يولد أكثر ما يتولد منه ، ومنه ما يولد أكثر ما يتولد منه في المعدة ، والذي يولد أكثر ما يتولد منه في الكبد هو صنف واحد ، وهو اللطيف من الدم ، إذا احترق الذي كثيفه سوداء. والذي يولد أكثر ما يتولد منه إنما هو في المعدة ، هو على قسمين :
كراثى وزنجارى . ويشبه أن يكون الكراثى متولدا من احتراق المحى ، فإنه إذا احترق
وأحدث فيه الاحتراق سوادا ، وخالط الصفرة فيتولد فيما بين ذلك الخضرة ، وأما الزنجارى فيشبه أن يكون متولدا من
الكراثى إذا اشتد احتراقه حتى فنيت رطوباته وأخذ يضرب إلى البياض ليخففه ، فإن الحرارة تحدث أولا في الجسم الرطب سوادا ، ثم تسلخ عنه السواد إذا جعل
يفنى رطوبته
__________________
وإذا أفرط في ذلك بيضه. تأمل هذا في الحطب يتفحم أولا ، ثم يترمد ، وذلك لأن
الحرارة تفعل في الرطب سوادا وفي ضده بياضا ، والبرودة تفعل في الرطب بياضا وفي
ضده سوادا. وهذان الحكمان منى في الكراثى والزنجارى تخمين. وهذا النوع الزنجارى أسخن أنواع الصفراء وأردؤها وأقتلها ، ويقال إنه من جوهر السموم.
وأما السوداء ،
فمنه طبيعى ، ومنه فضل غير طبيعى. والطبيعى دردى الدم المحمود ، وثقله وعكره وطعمه
بين حلاوة وعفوصة . وإذا تولد في الكبد توزع إلى قسمين : فقسم منه ينفذ مع
الدم ، وقسم يتوجه نحو الطحال. والقسم النافذ منه مع الدم ينفذ لضرورة ومنفعة. أما
الضرورة فليختلط بالدم بالمقدار الواجب في تغذية عضو عضو من الأعضاء التي
يقتضى أن يقع في مزاجها جزء صالح من السوداء مثل العظام ، وأما المنفعة فهى أنه
يشد الدم ويقويه ويكثفه . والقسم النافد منه إلى الطحال وهو ما استغنى عنه الدم
ينفذ أيضا لضرورة ولمنفعة. أما الضرورة فتغذية الطحال ، وأما المنفعة فعلى وجهين : أحدهما أنه يشد فم المعدة ويكثفها ويقويها ،
والثاني أنه يلذع فم المعدة بالحموضة فينبه على الجوع ويحرك الشهوة.
واعلم أن الصفراء المتحلبة إلى المرارة هي ما يستغنى عنه الدم ، والمتحلبة عن
المرارة هي ما تستغنى عنه المرارة. وكذلك السوداء المتحلبة
إلى الطحال هي ما يستغنى عنه الدم والمتحلبة عن الطحال هي ما يستغنى عنه الطحال. وكما أن تلك الصفراء الأخيرة
تنبه القوة الدافعة من أسفل فكذلك هذه السوداء
الأخيرة تنبه القوة الجاذبة من فوق ، فسبحان الله أحسن الخالقين.
__________________
وأما السوداء
الغير الطبيعية فهى ما ليس على طريق الرسوب والثفلية ، بل على سبيل الرمادية
والاحتراق. فإن الأشياء الرطبة المخالطة للأرضية تتميز الأرضية فيها على وجهين : إما على جهة الرسوب ومثل هذا للدم هو السوداء الطبيعى ، وإما على
جهة الاحتراق بأن يتحلل اللطيف ويبقى الكثيف ومثل هذا للدم والأخلاط هو السوداء
الفضلى. ويسمى المرة السوداء ، وإنما لم يكن الرسوبى إلا للدم . لأن البلغم للزوجته لا يرسب عنه شىء كالدهن ، والصفراء للطافته وقلة الأرضية فيه ولدوام حركته ولقلة مقدار ما يتميز منه عن الدم في البدن لا
يرسب منه شىء يعتد به ، وإذا تميز لم يلبث أن يعفن أو يندفع ، وإذا عفن تحلل لطيفه وبقى كثيفه سوداء احتراقيا لا رسوبيا.
والسوداء الفضلى منها ما هو رماد الصفراء وحراقته ، وهو مر ؛ والفرق بينه وبين الصفراء الذي سميناه محترقا أن ذلك صفراء يخالطه هذا الرماد ،
وأما هذا فهو رماد متميز بنفسه تحلل لطيفه. ومنها ما هو رماد البلغم وحراقته ، فإن
كان البلغم لطيفا جدا مائيا فإن رماديته تكون إلى الملوحة ، وإلا كان إلى حموضة أو
عفوصة. ومنها ما هو رماد الدم وحراقته ، وهذا مالح إلى حلاوة يسيرة.
ومنها ما هو رماد السوداء الطبيعية ، فإن كانت
الطبيعية رقيقة كان رمادها وحراقتها شديد الحموضة ، كالخل يغلى على وجه الأرض حامض
الريح ينفر عنه الذباب ونحوه وإن كانت غليظة كان أقل حموضة ومع شىء من العفوصة والمرارة
.
فأصناف السوداء
الردية ثلاثة : الصفراء إذا احترق وتحلل لطيفه ، والقسمان المذكوران بعدها. وأما السوداء البلغمية فأبطأ ضررا ولطافة ورداءة وأشدها غائلة. وأسرعها فسادا هو الصفراوى لكنه أقبلها للعلاج.
__________________
وأما القسمان
الآخران فإن الذي هو أشد حموضة أردأ ، ولكنه إذا تدورك فى ابتدائه كان أقبل
للعلاج.
وأما الثالث فهو
أقل غليانا على الأرض وتشبثا بالأعضاء وأبطأ مدة في انتهائه إلى الإهلاك ، ولكنه
أعصى في التحلل والنضج وقبول الدواء.
فهذه أصناف الأخلاط الطبيعية والفضلية.
قال محصل الأطباء
: إنه لم يصب من زعم أن الخلط الطبيعى هو الدم لا غير وسائر الأخلاط
فضول. وذلك لأن الدم لو كان وحده هو الخلط الذي يغزو الأعضاء لكانت الأعضاء
متشابهة في المزاج والقوام ، وما كان العظم أصلب
من اللحم إلا ودمه دم مازجه جوهر صلب سوداوى ، وما كان الدماغ ألين إلا ودمه دم مازجه جوهر لين بلغمى. فالدم نفسه تجده مخالفا لسائر الأخلاط فينفصل عنها عند إخراجه وتقريره في الإناء بين يدى الحس إلى جزء كالرغوة وهو الصفراء ، وجزء كالثفل والعكر وهو السوداء وجزء
كبياض البيض وهو البلغم ، وجزء مائى هو المائية التي يندفع فضلها في البول. والمائية ليست
من الأخلاط ، لأن المائية هي من المشروب الذي لا يغذو ، وإنما الحاجة إليه ليرقق
الغذاء وينفذه. وأما الخلط فهو من المأكول والمشروب
العادى. ومعنى قولنا غاذ أى هو بالقوة شبيه بالبدن ، والذي هو بالقوة شبيه بدن
الإنسان هو جسم ممتزج لا بسيط ، والماء هو البسيط .
__________________
وأما نحن فنقول :
إن أصل الغذاء الدم وهذه الاخرى أبازير ، وأقزاح نحتاج إليها ، ولا تعجز قوة كل عضو أن تحيل الدم الواحد المتشابه لو كان
موجودا وحده فيه إلى مزاج يليق به. على أن الطبيعة قد أعانت ذلك بهذه الأبازير
والأقزاح .
__________________
الفصل السابع
(ز) فصل
فيما
يتصل بما قلناه من
كلام المعلم الأول
فى الرطوبات والأمخاخ والأدمغة ونصرة مذاهبه فيها
قال المعلم الأول
: ولما كان كل حيوان مغتذيا فله إما دم وإما رطوبة تقوم مقام الدم. والدموى من الحيوان أسخن ،
وخاصة الذكور. وقد قال مرمينون : إن النساء أسخن ، ولذلك يكثر دمهن فيطمثن ؛ وأما انباذقليس فخالفه . ومن القدماء من ظن أن الدم والصفراء باردان. قال : ومن بلغ مبلغهم في القصور
حتى ضل عن الصواب في الحار والبارد فهو عن غيره أضل. قال : والحار يقال على وجوه :
فمنه ما هو حار لأنه يسخن ما يماسه كالنار . ويقال حار ،
لأنه إذا حصل في بدن الإنسان استحال إلى حرارة تحس
فيه . ويقال حار للذى يبلغ في ذلك إلى أن
يوجع ويؤلم. وربما كان يفعل ذلك بالعرض فيكذب. ويقال حار للأكال المذيب كالزاج.
ويقال حار للذى هو الكثير منه ، فيكون مسخنا لكثرته وإن كان قليله لا يؤثر ، مثل الكرفس ، فإن الكثير منه يقوى على أن يسخن ، والقليل لا
يفعل ذلك. ويقال حار للذى لا يبرد سريعا ويسخن سريعا ، كالرصاص الذائب ، فإنه يقبل البرودة في زمان أبطأ من زمان الحديد. وهذا
الوجه لا يقال به للنار أنه حار ، لأنه لا يسخن ، بل هو بنفسه سخن . والماء يقال له بارد
__________________
وإن أغلى ، لأنه
يبرد سريعا من طبعه ، ويقبل الجمود من غيره فوق الزيت ، فهو أبرد من الزيت. وهذه
أشياء قد ذكرناها في مواضع أخر. ومن الحار ما هو بذاته ، ومنه ما هو بنوع العرض. والذي بذاته أشد ودائما. ومن الأشياء التي هي حارة بذاتها ما
يصير أيضا حارا بغيره كالدم. ومن البارد ما هو بذاته ، ومنه ما هو بنوع العرض ،
والذي بذاته أشد ودائما. ومن البارد بذاته أيضا ما يصير أبرد بغيره ، مثل الماء
والنار أيضا. ويجب أن تتذكر ما عرفت من أقاويلنا في ذلك ، وأن النار قد تصير من جهة الكيفية النارية المحسوسة
أشد وأضعف. وكل الأشياء التي تسخن عندنا بعلة فإنها تبرد بمفارقة تلك العلة ، فلذلك يظن قوم أن البرد
ليس معنى ، بل عدما ، وليس كذلك ، فإن فاعله على ما علمت طبيعته فإنه إنما يسخن من خارج لأنه بارد بطبيعته.
والأجسام الرمادية
تصير حارة لما تكتسب من النار. أقول : فإذا غسلت وبطل منها الجزء اللطيف صارت
باردة ، بل يقال بحسب الصورة إنه حار لأنه يستحيل إلى النارية بسرعة. وأقول :
ولأنه يسخن أبدان الحيوان. وهذه الأشياء قد سلف ذكرها فى مواضع أخر ويجب أن نقيس على هذا حال اليابس والرطب ، فإن من اليابس ما بالذات
كالحجر ، ومنه ما بالعرض كالجمد على ما فيه مما تعلمه ، ومنه بالقوة ، ومنه ما بالفعل إلا أن الدم الحار إن اعتبر من حيث طبيعته ، كان
الحر يدخل في حده كما تدخل الصورة في حد الشىء ، وإن اعتبر من جهة ما هو دم حار بالحرارة العرضية كان دخول الحرارة في حده كدخول البياض في حد الرجل الأبيض. وقد عرف الفرق بين الحدين ، وستعرف فى موضع
مستقبل ، وكذلك الحال في اليابس والرطب. وإذا استحال الدم بسبب ،
__________________
فبطلت حرارته
لبطلان صورته الأصلية ، فقد فسد نوعه ؛ وإن عرض له برد غريب وقوته الطبيعية
المسخنة ثابتة ، لم يبطل نوعها ؛ وكذلك الصفراء. وإذا قيل : إن الصفراء يابسة
فيعنى بها أن العضو الذي تغلب هي في مزاجه يصير أيبس ، وأنها تيبس العضو أيضا
بالمجاورة.
ثم نتكلم بعد هذا
في الغذاء وكيفية نفوذه في الفم إلى أقصى الأعضاء ، وما يعرض له الاستحالات ، وفي
أصناف ما يتولد عنه من الفضول. وقد علمت ذلك فيما سلف. ثم نتكلم في أحوال تنفصل
بها الحيوانات من جهة اختلاف رطوباتها ، وهي مشهورة أو مذكورة. ومنها أن الحيوان
المائى الدم أخوف وأجزع ، والغليظ الدم أجرأ وأغضب وأحقد . فإن الحرارة تحتبس في الحجر أشد من احتباسها في الماء ، وانفعال ما هو أقرب منه بين الغضب وبين التكليف بالحرارة ، سواء كانت كذلك لنوعها كالخنازير
البرية والجمال والثيران والأسود ، أو لشخصها مثل الرجل الغليظ الدم. ومن ذلك أن
الحيوان الذي لا دم له لا شحم له ولا ثرب. والثرب
والشحم بارد أرضى ، ولذلك يجمد. وهو فى
الحيوان الأرضى. وإنما يجمد الشحم المذاب أكثر ، ذلك إذا كان شحم حيوان لا سن فى
فكه الأعلى. وهذه الحيوانات أرضية جدا ، ولذلك ما يكثر فيها قرون وأظلاف ولا يجمد
شحم غيره إذا أذيب. وإذا فشا الشحم على البدن أهلك بنفسه وبسببه : أما بنفسه فلأنه يخنق الحار الغريزى ، وأما بسببه فلأنه مبرد . ولا حس لعظم ولا لشحم ، لأنه أيضا دم جمد ، وليس في نضجه
كدم اللحم. وإذا استولى البرد بقى البدن بغير حس ، وهذا هو الموت. وإذا كثر الشحم في البدن ، قل الإيلاد ، لبرد الدم في صاحبه ، ولأن
الدم يذهب فى غذاء السمين الكثير التحلل. والمخ أيضا دم ما قاصر النضج ، لأن النضج
التام إلى
__________________
طريق اللحمية.
وأما طريق المخية والشحمية فقصور وبرد. والمخ يشبه المنى من وجه
، ومخ الصبى دم صرف ، ومخ الشباب أشد دموية من مخ
الشيخ. والمخ دعامة للعظم ، وفضل من غذائه ينعصر إلى داخله. وأقول : وغذاء له أيضا وليس بين القولين خلاف. فإن فضل الغذاء إذا
كان فضلا من جهة الكم ، جاز أن يعود عند الحاجة غذاء ، فلا ينبغى أن يشنع الطبيب
كل الشناعة لذلك. وهو بالجملة دم استحال إلى مشاكلة ما لطباع العظم.
الحيوان الذي لا تحتاج عظامه إلى دعامة كبيرة لغلظه وضيق تجويفه يقل فيه المخ مثل الأسد ،
ويعين على ذلك حرارة مزاجه ، والحيوان الذي لا عظم له
لا مخ له إلا نخاعه المحيط به شوك. والنخاع وإن كان منبت
الأعصاب ، فمن منافعه دعامة الفقار ، الذي من منافعه دعامة البدن. فكما أنه ليس كل منفعة الفقار وقاية النخاع ، بل كونه منبتا للعظام التي تدعم البدن ، كذلك لا ينبغى أن يتعجب الطبيب فيظن أن كون النخاع
منبتا للأعصاب يمنع أن يكون من منافعه كونه دعامة للفقار.
وقد يظن باتصال النخاع بالدماغ أن طبيعتهما واحدة وأن مزاج النخاع يستفاد من مزاج الدماغ ، وإنما يغلط في ذلك اتصاله به
ونباته منه. وليس كذلك ، فإن الدماغ بارد المزاج جدا حتى في اللمس ، وأما النخاع
فإن مزاجه حار ، ولذلك هو دسم دهنى ، وإنما استفاد مزاجه من القلب ، واستفادته استفادة قوية ، إلا أنه يتعدل بحيث لا يجف بسبب اتصاله بالدماغ واستقائه من البرد والرطوبة.
قال المعلم الأول
: ويظنون أن جوهر الدماغ حساس وله حس لمس ، وليس كذلك ، بل هو كالمخ الذي في
العظام.
__________________
أقول : يشبه أن
يكون الدماغ إنما صار لا يؤلم ما يحدث فيه من الورم الذي يكون فى جوهره ، بل إنما
يؤلم الورم الذي في حجبه لذلك . وليس يمنع كون الدماغ خزانة ما للقوة الحاسة وللروح بعد القلب أن لا يكون له في نفسه حس ، وذلك لأنه مبدأ أيضا للبصر ، وبنفسه لا إبصار له ، وهو مبدأ للقوة المحركة بالإرادة ،
وهو في نفسه لا حركة له إرادية ، بل بالحقيقة مبدأ هذه القوى هو الروح الذي فيه
وهو خزانة لذلك الحاس الذي يتم حسه عند عضو ما
معين يصل إليه ، كما أن القحف أيضا عند من يجعل الدماغ حساسا خزانة له. وليس إذا
كان الشىء خزانة أو منفذا لروح ذى قوة يجب أن يكون له نفسه تلك القوة ، كما أن
العصبتين المجوفتين وعاءان للقوة الباصرة ولا قوة باصرة فى جوهرهما ، لكن الدماغ
له شىء ليس للأوعية التي ذكرناها ، وهو أنه يعدل مزاج الروح
الحار ، فيكون أوفق لأفعال الحس والحركة أو مختصا بها. كأن الروح الذي فى القلب
مشترك للقوى ، فإذا صار في الدماغ صار بعض القوى فيه أظهر فعلا ، أو صار يفعل بالجملة. وإذا صار إلى الكبد صار أجزاء بعض القوى أظهر فعلا أو صار يفعل بالجملة. فيكون
الدماغ إنما يكون ليعى الروح الحساس خاصة ويعدلها ،
لا لأن يحس بجوهره ، وخصوصا وقد قال الطبيب إن اللمس بالاعتدال وكل حيوان أعدل
أعضاء فهو ألمس أعضاء ، ثم شهد بنفسه أن الدماغ خارج عن الاعتدال وليس خروجه إلى
جنبة المزاج الذي به تقوى الأفعال وهو الحار ، بل إلى المزاج
الذي تسقط غلبته الأفعال وهو البرد. فلا ينبغى أن يتخذ الطبيب هذا الكلام
حجة له في التعجب من الفلاسفة الكبار.
وأما القلب فهو
معتدل بوجه ما في جوهره ، لأنه لحمى ؛ فإن مال إلى المزاج
__________________
الحار الذي لا
يسقط القوى ، بل يقويها. بل يقويها. وأكثر ما يضره أن لا تكون عنده في إحساسه
الحار المعتدل إلا باردا أو مائلا إلى البرد. وأما أنه يجب أن لا يلمس أصلا لأنه
حار المزاج ، فليس حر المزاج يمنع اللمس منه منع برد المزاج. وأما الرأى الذي يلوح لى
خاصة هو أن الحساس الأول هو الروح ، وليس يجب أن تكون
خزانة تولده أو خزانة تعديله أو خزانة حفظه حساسا ، إلا أن يكون له مزاج يقبل من
الروح الحامل للقوة الحساسة الحس. والجوهر اللحمى أولى بذلك من الجوهر الرطب
البارد المائى. وليس عندى فى هذا حكم جزم ، ولا شىء كالصدق. وعندى أن الروح إنما
تستعد لقبول هذه القوى على شرط أن يكون حارا ، ليس أن يكون معتدلا. وأن النفس ليس
إنما تعدله بأن تبرده ، بل بأن تمنع الإفراط الذي يكون له بحسب ما يؤدى إلى تحلله ، وأن تنفض عنه البخار الدخانى الذي هو فيه كالفضل في
البدن. وأما العضو الذي به يكون الحس فيشبه أن يكون المعتدل منه أدق لمسا ، وأن
الدماغ وضع باردا بإزاء القلب ليخفض من إفراطه ويفثأ من غليانه. وتفيد الروح الذي يأتيه اعتدالا ما بذلك الاعتدال يكون أوفق لعمل الحس والحركة.
وأما القوة فتأتى
الدماغ من القلب ومع الروح ، لكن الروح الذي يأتيه فإنه يصلح فى
جوهره الأول أيضا لأعمال أخرى ، مثل التغذية والتنمية وغير ذلك. فإذا عدل بطل
استعداده لتلك القوى ، فصار غير غاذ ، وانفرد بفعل واحد ، ولم تترادف عليه الأفعال فتشغل بعضها عن بعض ، ولذلك إذا صار إلى الكبد أبطل مزاج الكبد عنه الاستعداد لفعل
الحس والحركة ، وتركه خاصا لفعل التغذية.
فهذه الأعضاء التي
بعد القلب إنما تغير المزاج ليصير الروح عادم قوة ، وهذا بالذات
__________________
وليصير الروح أقوى فعلا من جهة قوة ، وهذا بالعرض ، لأنه إنما يصير أقوى فعلا من جهة
لأنه يفرغه ، وإنما يفرغه لأنه يميط عنه شاغلا. وعلى
هذه الجهة يصح أن يطرد القول أن النفس واحدة وأن أول تعلقها بأول عضو ، وستجد كتب
اللواحق ـ إن عمّر الله ـ بالغة في شرح هذا الباب أقصى المبالغ. ولا يبعد أن يكون
الازدياد في البحث يفضى بنا إلى حكم جزم في هذه الأبواب.
ولقد علمت أن
الآلة الأولى للنفس هو الحار الغريزى وبها تتم جميع أفعالها
وقد صينت في الإنسان في وسطه ، وكثر دمه ، وأعان حرارة مزاجه على انتصاب قامته ، وإن لم تكن
الحرارة هي العلة الأولى الذاتية لذلك ، ولكن القوة المصورة. وأما
الحرارة فتكون معينة إعانة آلة القوة المصورة. ولم يخلق يافوخه عند الطفولة كيافوخ
ما يشبهه في حاله ، بل هو في أول ما يولد يكون يافوخه لينا جدا ليكون الطفل الضعيف الأعضاء ، وخصوصا ضعيف الدماغ الذي خلق للطف الإنسان كثير الرطوبة.
ولننتقل الآن إلى
ذكر الأعضاء الباطنة ونبدأ من فوق ومن الدماغ.
__________________
الفصل الثامن
(ح) فصل
فى الدماغ وتشريحه ونبات النخاع منه
قال : إن كل حيوان
ذى دم فله دماغ ، وأما البحريات فإن لمالاقيا منها دماغا. والإنسان أعظم الحيوان ـ بحسب مشاكلة بدنه ـ دماغا. ونقول : إن
ذلك لحاجته الكثيرة إلى آلة الروح النفسانى المفكر التي ليست لسائر الحيوانات ، فأما تشريح دماغ الإنسان فإن الدماغ ينقسم إلى جوهر حجابى
، وإلى جوهر مخى ، وإلى تجاويف فيه مملوءة روحا. وأما الأعصاب فهى كالفروع
المنبعثة عنه لا على أنها أجزاء جوهره الخاص به . وجميع الدماغ منصف في طوله تنصيفا نافذا في حجبه ومخه ،
وفي بطونه ، لما في التزويج من المنفعة ؛ وإن كانت الزوجية في البطن المقدم وحده أظهر للحس. وقد خلق جوهر الدماغ باردا رطبا ؛ أما برده فلئلا تشغله كثرة ما يتأدى إليه من قوى حركات الأعضاء وانفعالات الحواس
وحركات الروح في الاستحالات التخيلية والفكرية
والذكرية ، وليتعدل به الروح الحار جدا النافذ إليه من القلب في العرقين الصاعدين
منه إليه ، وخلق رطبا لئلا تجففه الحركات وليحسن تشكله ، ولينا دسما.
أما الدسومة
فليكون ما ينبت منه من العصب علكا. وأما اللين فقد قال الطبيب
__________________
إن السبب فيه
ليحسن تشكله واستحالته بالمتخيلات ، فإن اللين أسهل قبولا للاستحالات ، وليس
يعجبنى ذلك ، فإن اللين قد يعد لسرعة الاستحالة ، ولكن
لا كل استحالة ، بل الاستحالة التي تكون بالتقطيع والتشكل .
وأما التصور
بالأشباح وقبول الخيالات فليس مما يتعلق بتحريك جرمه وتقطيعه البتة ، بل كونه لينا
ليكون دسما ، وليحسن غذوه للأعصاب الصلبة بالتدريج. فإن الجوهر الصلب لا يمده
الصلب ما يمده اللين ، وليكون ما ينبت عنه لدنا ، إذ كان بعض النابت منه محتاجا إلى أن يتصلب عند أطرافه لما سنذكره من منافع العصب. ولما كان هذا
النابت محتاجا إلى أن يصلب على التدريج وتكون صلابته صلابة لدن ، وجب أن يكون
منشؤه جوهرا لدنا دسما والدسم اللزج لين لا محالة ، وأيضا ليكون الروح الذي يحويه
الذي يفتقر إلى سرعة الحركة ممدا برطوبة ، وأيضا ليخف بتخلخله ؛ فإن الصلب في الأعضاء أثقل من اللين الرطب المتخلخل.
لكن جوهر الدماغ
أيضا متفاوت في اللين والصلابة ، وذلك لأن الجزء المقدم منه ألين والجزء المؤخر
أصلب. وفرق بين الجزءين باندراج الحجاب الصلب الذي نذكره فيه إلى حد ما. وإنما لين
مقدم الدماغ لأن أكثر عصب الحس وخصوصا الذي للبصر والسمع
ينبت منه ، لأن الحس طليعة وميل الطليعة إلى جهة المقدم
أولى. وعصب الحركة ينبت أكثره من مؤخره ، وينبت منه النخاع الذي هو رسوله وخليفته
في مجرى الصلب. وحيث يحتاج أن ينبت منه أعصاب قوية. وعصب الحركة محتاج إلى فضل صلابة لا يحتاج إليها عصب الحس ، بل اللين أوفق لها فجعل منشؤه أصلب. وإنما أدرج
__________________
الحجاب فيه ليكون
فضلا ، وقيل ليكون اللين مبرأ عن مماسة الصلب ولين ما يغوص فيه جدا . وقد يشكل على هذا القول أمر مماسة هذا الجزء اللين من الدماغ لهذا المندرج الصلب ، فعسى أن يكون ذلك الجزء من الحجاب
المندرج قد عرض له هناك من اللين ما هو زائد على الذي في الجزء من الحجاب
الذي يغشى مؤخره. وكذلك الرقة التي يكون فيها أيضا فإن الرقيق
كاللين ، وفي تليين الحجاب هناك
المنفعة المذكورة ، وسقوط الحاجة إلى الصلابة ، حيث يلقى به العظم.
ولهذا الطى منافع
أخرى ، فإن الأوردة النازلة إلى الدماغ المتفرقة فيه تحتاج إلى مستند وإلى شىء يشدها ، فجعل هذا الطى دعامة لها. وتحت آخر هذا العطف وإلى خلفه المعصرة وهو مصب الدماء إلى
فضاء ما كالبركة ، ومنها تتشعب جداول يتفرق فيها الدم وتتشبه بجوهر الدماغ ، ثم تنشفها العروق من فوهاتها وتجمعها إلى عرقين ، كما سنذكر تشريح ذلك.
وهذا الطى أيضا
ينتفع به في أن يكون منبتا لرباطات الحجاب اللصيق بالدماغ فى موازاة الدّرز اللامى .
وفي مقدم الدماغ
منبت الزائدتين الحلميتين اللتين يكون بهما الشم ، وقد فارقتا لين الدماغ قليلا ،
ولم تلحقهما صلابة العصب. وقد جلل الدماغ كله بغشاءين : أحدهما رقيق يليه ، والآخر
صفيق يلى العظم. وخلقا ليكونا حاجزين بين الدماغ وبين العظم ، ولئلا
__________________
يماس الدماغ جوهر
العظم ، ولا تتأدى إليه الآفات من العظم. وإنما تقع هذه المماسة فى أحوال تزيد
الدماغ في جوهره أو في حال الانبساط الذي يعرض له عقيب الانقباض. وقد يرتفع الدماغ
إلى القحف عند أحوال مثل الصياح الشديد. فلمثل هذا من
المنفعة ما جعل بين الدماغ وعظم القحف حاجز لين يتوسط بينهما في اللين والصلابة . وجعلا اثنين لئلا يكون الشىء الذي تحسن ملاقاته للعظم بلا واسطة ، هو بعينه الشىء الذي تحسن ملاقاته للدماغ بلا واسطة. بل فرق
بينهما فكان القريب من الدماغ رقيقا ، والقريب من العظم صفيقا ، وهما
معا كوقاية واحدة. وهذا الغشاء مع أنه وقاية للدماغ فهو رباط
للعروق التي في الدماغ ، ساكنها وضاربها. وهو كالمشيمة يحفظ أوضاع
العروق بانتساجها فيه ، ولذلك ما يداخل أيضا جوهر الدماغ في
مواضع كثيرة مزردة وتتأدى إلى بطونه وتنتهى عند المؤخر لاستغنائه بصلابته عنه.
والغشاء الثخين
غير ملتصق بالدماغ ولا بالرقيق أيضا التصاقا يتهندم عليه في كل موضع ، بل هو مستقل عنه. إنما تصل بينهما العروق النافذة في الثخين إلى الرقيق. والثخين مستمر إلى القحف بروابط غشائية تنبت من الثخين
بشدة إلى الدروز لئلا يثقل على الدماغ جدا. وهذه الرباطات أيضا تطلع من الشؤون إلى ظاهر القحف ، فتنبت هناك حتى ينتسج
منها الغشاء المجلل للقحف ، وبذلك ما يستحكم ارتباط الغشاء
الثخين بالقحف أيضا. وللدماغ في طوله ثلاثة بطون ، وإن كان كل بطن منه في عرضه ذا جزءين ، فالجزء المقدم محسوس الانفصال إلى جزءين عظيمين يمنة ويسرة ، عظمهما عظم واحد ،
__________________
وهو يعين على
الاستنشاق وعلى بعض الفضل بالعطاس وعلى توزيع أكثر الرّوح الحساس وعلى أفعال القوة المصورة من قوى الإدراك الباطن.
وأما البطن المؤخر
فهو أيضا عظيم ؛ لأنه يملأ تجويف عضو عظيم ، ولأنه مبدأ شىء عظيم ، أعنى النخاع.
ومنه تتوزع أكثر الروح المحرك. وهناك أفعال القوة الحافظة لكنه أصغر من المقدم ،
بل من كل واحد من بطنى الجزء المقدم. ومع ذلك فإنه يتصغر تصغرا مدرجا إلى النخاع ويتكاثف تكاثفا إلى الصلابة.
أما البطن الأوسط فإنه كمنفذ من الجزء المقدم إلى الجزء المؤخر وكدهليز
مضروب بينهما . وقد عظم لذلك وطال ؛ لأنه مؤد من عظيم إلى عظيم . وبه يتصل الروح المقدم بالروح المؤخر وتتأدى أيضا الأشباح
المتذكرة ويتسقف مبدأ هذا البطن الأوسط تسقف كرى الباطن كالأزج . ويسمى به ليكون منفذا ومع ذلك مبعدا بتدويره من الآفات ، وقويا على حمل ما
يعتمد عليه من الحجاب المدرج. وهناك يجتمع بطنا الدماغ المقدمان اجتماعا يتراءيان
للمؤخر في هذا المنفذ. وذلك الموضع يسمى مجمع البطنين.
وهذا المنفذ نفسه بطن. ولما كان منفذا يؤدى عن التصور إلى الحفظ ، كان أحسن موضع للتفكر والتخيل على ما علمت. ويستدل على أن هذه
البطون مواضع هذه الأفعال من جهة ما يعرض لها من الآفات ، فيبطل مع آفة كل جزء
فعله أو تدخله آفة . والغشاء الرقيق يستبطن بعضه فيغشى بطون الدماغ إلى الفجوة
التي عند الطاق. وأما ماوراء ذلك فصلابته تكفيه تغشية الحجاب إياه.
وأما التزريد الذي
في بطون الدماغ فليكون للروح النفسانى
نفوذ في جوهر الدماغ ،
__________________
كما في بطونه. إذ
ليس كل وقت تكون البطون متسعة متفتحة أو الروح قليلا ،
بحيث يسع البطون فقط ؛ ولأن الروح إنما تكمل استحالته عن المزاج الذي للقلب إلى
المزاج الذي للدماغ ، بأن ينطبخ فيه انطباخا ما يأخذ به من مزاجه وهو أول ما يتأدى
إلى الدماغ ، يتأدى إلى جوفه الأول لينطبخ فيه ، ثم ينفذ إلى البطن الأوسط فيزداد فيه انطباخا ، ثم يتم انطباخه في البطن المؤخر . والانطباخ الفاضل إنما يكون لمخالطة وممازجة ونفوذ في أجزاء الطابخ كحال الغذاء في الكبد ، وعلى ما نصفه لك فيما
يستقبل لكن زرد المقدم أكبر أفرادا من زرد المؤخر ؛ لأن نسبه الزرد إلى الزرد كنسبة العضو إلى العضو بالتقريب. والسبب المصغر للمؤخر عن المقدم
موجود في الزرد . وبين هذا البطن والبطن المؤخر ومن تحتهما مكان هو متوزع العرقين العظيمين الصاعدين إلى الدماغ ـ اللذين
سنذكرهما ـ إلى شعبهما التي تنتسج منهما المشيمة من تحت
الدماغ. وقد عمدت تلك الشعب بحزم من جنس الغدد يملأ ما بينها وتدعمها ، كالحال في سائر المتوزعات العرقية . فإن من شأن الخلاء الذي يقع بينها أيضا أن يملأ أيضا بلحم غددى. وهذه الغدة تتشكل بشكل الشعب
المذكورة وعلى هيئة التوزع الموصوف . فكما أن الشعب والتوزع المذكور تبتدئ من مضيق وتتفرع إلى سعة يوجبها الانبساط ، كذلك صارت هذه الغدة صنوبرية رأسها يلى مبدأ
التوزع من فوق ، وتذهب متجهة نحو غايتها
__________________
إلى أن يتم تدلى
الشعب ، ويكون هناك منتسج على مثال المنتسج في المشيمة فتستقر فيه. والجزء من الدماغ
المشتمل على هذا البطن الأوسط عامته وأجزاؤه التي من فوق ، دودى
الشكل مزرد من زرد موضوعة في طوله مربوط بعضها إلى بعض ؛
ليكون له أن يتمدد وأن يتقلص كالدود ، وباطن فوقه مغشّى بالغشاء الذي يستبطن الدماغ إلى
حد المؤخر. وهو مركب على زائدتين من الدماغ مستديرتى إحاطة الطول ، كالفخذين يتقاربان إلى التماس ، ويتباعدان إلى الانفراج تركيبا بأربطة تسمى
وترات ، لئلا يزول عنه ، ليكون الدودة إذا تمددت وضاق عرضها ضغطت هاتين الزائدتين
إلى الاجتماع فينسد المجرى ؛ وإذا تقلصت إلى القصر
وازدادت عرضا ، تباعدت إلى الافتراق ، فانفتح المجرى.
وما يلى منه مؤخر
الدماغ أدق ، وإلى التحديب ما هو ، ويتهندم في
مؤخر الدماغ كالوالج في مولج. ومقدمه
أوسع من مؤخره على الهيئة التي يحتملها الدماغ.
والزائدتان المذكورتان تسميان العتبتين ، ولا تزريد فيهما البتة ، بل هما ملساوان ، ليكون شدهما وإطباقهما أشد ، ولتكون
إجابتهما إلى التحريك بسبب حركة شىء آخر أشبه بإجابة الشىء الواحد.
ولدفع فضول الدماغ
مجريان : أحدهما في البطن المقدم وعند الحد المشترك بينه وبين الذي بعده ، والآخر في البطن الأوسط. وليس للبطن المؤخر مجرى مفرد
، وذلك لأنه موضوع في الطرف ، وصغير أيضا بالقياس إلى
المقدم ، ولا يحتمل ثقبا ، ويكفيه والأوسط مجرى مشترك لهما ، وخصوصا وقد جعل مخرجا
للنخاع يتحلل بعض فضوله ،
__________________
ويندفع من جهته.
وهذان المجريان إذا ابتديا من البطنين ونفذا في الدماغ نفسه توربا نحو الالتقاء عند منفذ واحد عميق ، مبدؤه الحجاب الرقيق ، وآخره وهو أسفله عند الحجاب الصلب ، وهو
مضيق فإنه كالقمع يبتدئ من سعة مستديرة إلى مضيق ، فلذلك يسمى قمعا ، ويسمى أيضا مستنقعا. فإذا نفذ في الغشاء الصلب لاقى هناك مجرى في غدة ، كأنها كرة مغمورة من الجانبين ،
متقابلين فوق وأسفل ، وهي بين الغشاء الصلب وبين مجرى الحنك. ثم تجد هناك المنافذ
التي في مشاشة المصفاة في أعلى الحنك . وقد ذكر في
التعليم الأول أنه ليس في جوهر الدماغ دم البتة. فينبغى أن يعلم أن معناه أنه ليس فيه دم
البتة على هيئة الدم ، بل يستحيل رطوبة أخرى. وفيه أنه لا عروق في جوهره ، ومعناه أن العروق تنفذ إليه من الحجاب ، وتستبطنه ، وترسل الفوهات في جرمه حتى يمتص
منها من غير أن يكون جوهره جوهرا تنتسج فيه العروق ، كما في
كثير من اللحم ، وكما في الكبد والقلب.
والدماغ أبرد
الأعضاء الرئيسة حتى أنه ربما يميز باللمس كونه باردا بالقياس إلى غيرها. وعظم اليافوخ ثخين ليبعد عن الآفة ، متخلخل ليكون خفيفا.
وأقول : إنه لما
كان الدماغ ناتئ الموضع عن الأطراف البعيدة ، وكان مبدأ لتوجيه الأعصاب المؤدية
للحس والحركة إلى الأعضاء ، وكانت الأعصاب المحركة إذا بعدت عن أوائلها إلى المواضع
التي ترسل إليها عرض لها أن تسترخى ولا يجود فعلها في تحريك الأطراف ، أرسل الصانع
إلى قرب الأطراف شعبة كأنها مختزلة من الدماغ
__________________
لتتوزع من جانبيها أعصاب تتجه إلى جانبيها ، وإلى أسفل تكون قريبة ما
بين المصدر والمورد. ومع ذلك فقد وثق بها مفاصل الفقرات توثيق الحشو للمحشو ، فكان
كعماد لدعامة البدن التي هي الصلب. ولو كان
الرأس منبتا لجميع الأعصاب لاحتيج إلى أن يكون أكبر من
هذا بكثير ، ولكان ثقيلا على البدن جدا.
__________________
الفصل التاسع
(ط) فصل
في منفعة العصب وتشريح الدماغى منه
منفعة العصب منها ما هي بالذات ، ومنها ما هي بالعرض. أما التي بالذات فهو إفادة الدماغ بتوسطها لسائر الأعضاء حسا وحركة ؛ والتي بالعرض ،
فمن ذلك تشديد اللحم وتقوية البدن ، ومن ذلك الإشعار بما يعرض من الآفات للأعضاء العديمة
الحس مثل الكبد والطحال والرئة. فإن هذه الأعضاء ـ وإن فقدت الحس ـ فقد أجرى عليها
لفافة عصبية وغشيت بغشاء عصبى. فإذا ورمت أو تمددت بريح تأدى ثقل الورم أو تفريق
الريح إلى اللفافة وإلى أصلها ، فعرض لها من الثقل انجذاب ، ومن الريح تمدد فأحس به.
والأعصاب مبدؤها
على الوجه المعلوم هو الدماغ ، ومنتهى تفرعها هو الجلد. فإن
الجلد يخالطه ليف دقيق منبث فيه من أعصاب الأعضاء المجاورة له. والدماغ مبدأ العصب على وجهين : فإنه
مبدأ لبعض العصب بذاته ، ومبدأ لبعضه بوساطة النخاع السائل
منه. والأعصاب المنبعثة من الدماغ لا يستفيد منها الحس والحركة إلا أعضاء لرأس
والوجه والأحشاء الباطنة ؛ وأما سائر الأعضاء فإنما تستفيدها من أعصاب النخاع. وقد يستدل على عناية عظيمة تختص بما ينزل من الدماغ إلى الأحشاء من العصب. فإن الصانع عز اسمه احتاط في وقايتها احتياطا لم يوجبه في سائر العصب ، وذلك لأنها
__________________
لما بعدت من
المبدأ وجب أن ترفد بفضل توثيق ، فغشيت يجرم متوسط بين العصب والغضروف في قوامه ،
مشاكل لما يحدث في جرم العصب عند الالتواء. وذلك في مواضع ثلاثة : أحدها عند الحنجرة ، والثاني إذا صارت في أصول الأضلاع ،
والثالث إذا جاوز موضع الصدر والأعصاب الدماغية الأخرى. فما كان المنفعة فيه منها هي إفادة الحس أنفذ من منبعه على الاستقامة إلى العضو
المقصود ، إذ كانت الاستقامة مؤدية إلى المقصود من أقرب الطرق. وهنالك
يكون التأثير الفائض من المبدأ أقوى. وإذا كانت الأعصاب
الحسية لا يراد فيها من التصليب المحوج إلى التبعيد عن جوهر الدماغ بالتعريج ليبعد
من مشابهته في اللين بالتدريج ما يراد في أعصاب الحركة ، بل كلما كانت ألين كانت
لقوة الحس أشد تأدية. وأما الحركية فقد وجهت إلى المقصد بعد تعاريج تسلكها لتبعد عن المبدأ وتتدرج في التصليب . وقد أعان كل واحد من الصنفين على الواجب فيه من التصليب والتليين جوهر منبته. إذ كان جل ما يفيد الحس منبعثا عن مقدم الدماغ
، وجل ما يفيد الحركة منبعثا من مؤخره. والجزء الذي هو مقدم الدماغ ألين
قواما ، والجزء الذي هو مؤخر الدماغ أثخن قواما.
وقد ينبت من
الدماغ أزواج من العصب سبعة :
فالزوج الأول مبدأه
من غور البطنين المقدمين من الدماغ عند جوار الزائدتين الشبيهتين
بحلمتى الثدى اللتين بهما الشم. وهو صغير مجوف يتيامن النابت منهما يسارا ، ويتياسر النابت منهما يمينا ، ثم يلتقيان على تقاطع صليبي ، ثم ينفذ النابت يمينا إلى الحدقة اليمنى ، والنابت يسارا إلى
الحدقة اليسرى ، وتتسع فوهاتهما حتى تشتمل على
__________________
الرطوبة التي تسمى
زجاجية. وهما ينفذان على التقاطع الصليبي من غير انعطاف. وقد ذكر لوقوع
هذا التقاطع منافع ثلاث : إحداها لتكون الروح السائلة إلى إحدى
الحدقتين غير محجوبة عن السيلان إلى الأخرى إذا عرضت لها آفة ، ولذلك تصير كل
واحدة من الحدقتين أقوى إبصارا إذا غمضت الأخرى وأصفى منها لو لحظت والأخرى تلحظ ، ولهذا ما تزيد الثقبة العينية اتساعا إذا غمضت الأخرى وذلك لقوة اندفاع الروح إليها. والثانية أن يكون للعينين مؤدى واحد يؤديان إليه شبح المبصر فيتحد هناك ، ويكون الإبصار بالعينين
إبصارا واحدا لتمثل الشبح في الحد المشترك ، ولذلك تعرض للحول أن يروا الشىء شيئين عند ما تزول إحدى الحدقتين إلى فوق أو إلى أسفل ، فتبطل به استقامة نفوذ المجرى إلى التقاطع ، ويعرض قبل الحد المشترك
حد لانكسار العصبية. والثالثة لكى تستدعم كل عصبة الأخرى وتستند إليها وتصير كأنها تنبت من قرب الحدقة.
والزوج الثاني من
أزواج العصب الدماغى منشؤه خلف منشأ الزوج الأول ومائلا عنه إلى الوحشى ويخرج من الثقبة التي في النقرة المشتملة على
المقلة ، فينقسم في عضل المقلة. وهذا الزوج غليظ جدا ليقاوم غلظه لينه الواجب
لقربه من المبدأ ، فيقوى على التحريك ، وخصوصا إذ لا معين له ، إذ الثالث مصروف
إلى تحريك عضو كبير هو الفك الأسفل ، فلا يفضل عنه فضلة ، بل يحتاج إلى معين غيره
، كما نذكره .
وأما الزوج الثالث
فمنشؤه الحد المشترك من مقدم الدماغ ، ومؤخره من لدن قاعدة الدماغ ، وهو يخالط
أولا الزوج الرابع قليلا ، ثم يفارقه. ويتشعب أربع شعب : شعبة تخرج من مدخل العرق السباتى الذي نذكره بعد ، وتأخذ منحدرة عن الرقبة
حتى
__________________
تجاوز الحجاب
فتتوزع في الأحشاء التي دون الحجاب. وشعبة مخرجها من ثقب في عظم الصدغ ، وإذا
انفصل اتصل بالعصب المنفصل من الزوج الخامس الذي سنذكر حاله. وشعبة تطلع في الثقب
الذي يخرج منه الزوج الثاني إذ كان مقصده الأعضاء الموضوعة
قدام الوجه ، ولم يحسن أن تنفذ في منفذ الزوج الأول المجوف فتزاحم أشرف العصب ،
وتضغطه فينطبق التجويف. وهذا الجزء إذا انفصل ، انقسم ثلاثة أقسام
: قسم يميل إلى ناحية الماق ويتخلص إلى عضل الصدغين والماضغين والحاجب والجبهة
والجفن ؛ والقسم الثاني ينفذ في الثقب المخلوق عند اللحاظ حتى
يخلص إلى باطن الأنف ، فيتفرق في الطبقة المستبطنة للأنف ؛ والقسم الثالث وهو قسم
غير صغير ينحدر في التجويف
البربخى المهيأ في عظم الوجنة فيتفرع إلى فرعين : فرع منه يأخذ إلى
داخل تجويف الفم فيتوزع في الأسنان ، أما حصة الأضراس منها فظاهرة ، وأما حصة سائرها فكالخفي عن البصر ، وتتوزع أيضا في اللثة العليا. والفرع الآخر ينبت في ظاهر الأعضاء هناك مثل جلدة الوجنة وطرف الأنف والشفة العليا. فهذه أقسام الجزء الثالث من الزوج الثالث. وأما
الشعبة الرابعة من الزوج الثالث فيخلص نافذا في ثقبة في الفك الأعلى إلى اللسان ، فيتفرق في طبقته الظاهرة ، ويفيده الحس الخاص به وهو الذوق. وما يفضل من ذلك يتفرق في
غمود الأسنان السفلى ولثاتها وفي الشفة السفلى. والجزء الذي
يأتى اللسان أدق من عصب العين ، لأن صلابة هذا ولين ذاك يعادل غلظ ذاك ودقة هذا.
وأما الزوج الرابع
فمنشؤه خلف الثالث ، وأميل إلى قاعدة الدماغ ، ويخالط الثالث كما قلنا ، ثم يفارقه
، ويخلص إلى الحنك فيؤتيه الحس. وهو زوج صغير ، إلا أنه أصلب من الثالث لأن الحنك
وصفاق الحنك أصلب من صفاق اللسان.
__________________
وأما الزوج الخامس
، فكل فرد منه ينشق بنصفين على هيئة المضاعف ، بل عند أكثرهم كل فرد منه زوجان ، ومنبته من جانبى الدماغ. والقسم الأول من كل زوج منه يعمد إلى الغشاء المستبطن للصماخ ، فيتفرق فيه
كله. وهذا القسم منبته بالحقيقة من الجزء المقدم من الدماغ وبه حس السمع. وأما القسم الثاني ، وهو أصغر من الأول ، فإنه يخرج
من الثقب المثقوب في العظم الحجرى ، وهو الثقب الذي يسمى بالأعور والأعمى لشدة التوائه وتعريج مسلكه ، إرادة لتطويل المسافة وتبعيد آخرها عن
المبدأ ، ليستفيد العصب قبل خروجه منه بعدا من المبدأ ، تتبعه صلابة ، فإذا برز اختلط بعصب الزوج الثالث ، فصار أكبرهما إلى ناحية الخد
والعضلة العريضة ، وصار الباقى منهما إلى عضل الصدغين. وإنما خلق الذوق في العصبة
الرابعة ، والسمع في الخامسة ، لأن آلة السمع احتاجت إلى أن تكون مكشوفة غير مسدود
إليها سبيل الهواء. وآلة الذوق وجب أن تكون محرزة. فوجب من ذلك أن يكون عصب السمع
أصلب ، فكان منبته من مؤخر الدماغ أقرب. وإنما اقتصر في عضل العين على عصب واحد ، وكثر أعصاب عضل الصدغين ، لأن ثقبة العين احتاجت إلى فضل سعة
لاحتياج العصبة المؤدية لقوة البصر إلى فضل غلظ لاحتياجها إلى التجويف ،
فلم يحتمل العظم المنتقر لضبط المقلة ثقوبا كثيرة. وأما عصب الصدغين فاحتاجت إلى
فضل صلابة ، فلم يحتج إلى فضل غلظ ، بل كان الغلظ مما يثقل عليها الحركة. وأيضا المخرج الذي لها في عظم حجرى صلب يحتمل
ثقوبا عديدة .
وأما الزوج السادس
فإنه ينبت من مؤخر الدماغ ،
متصلا بالخامس مشدودا معه
__________________
بأغشية وأربطة ،
كأنهما عصبة واحدة ، ثم يفارقها ويخرج من الثقب الذي في منتهى الدرز اللامى. وقد
انقسم قبل الخروج ثلاثة أجزاء ، ثلاثتها تخرج من ذلك الثقب معا. فقسم منه يأخذ
طريقه إلى عضل الحلق وأصل اللسان ليعاضد الزوج السابع على تحريكها. والقسم الثاني
ينحدر إلى عضل الكتف وما يقاربها ، ويتفرق أكثره في العضلة
العريضة التي على الكتف. وهذا القسم صالح المقدار ، وينفذ معلقا إلى أن يصل إلى
مقصده. وأما القسم الثالث ، وهو أعظم الأقسام الثلاثة ، فإنه ينحدر إلى الأحشاء في
مصعد العرق السباتى ، ويكون مشدودا إليه مربوطا به فإذا حاذى الحنجرة تفرعت منه شعب فأتت العضل الحنجرية التي رءوسها إلى فوق التي تشد الحنجرة وغضاريفها
، فإذا جاوزت الحنجرة صعد منها شعب تأتى العضل
المنتكسة التي رءوسها إلى أسفل ، وهي التي لا بد منها في إطباق
الطرجهالى وفتحه . إذ لا بد من جذب إلى أسفل ، ولهذا يسمى العصب الراجع.
وإنما أنزل هذا من الدماغ لأن النخاعية لو أصعدت لصعدت مورّبة غير مستقيمة من مبدئها ، فلم يتهيأ الجذب بها إلى أسفل على الإحكام.
وإنما خلقت من من السادس لأن ما فيه من الأعصاب اللينة والمائلة إلى اللين ما كان
منها قبل السادس فقد توزع في عضل الوجه والرأس وما فيهما .
والسابع لا ينزل
على الاستقامة نزول السادس ، بل يلزمه توريب لا محالة. ولما كان قد يحتاج الصاعد الراجع إلى مستند محكم شبيه بالبكرة ليدور عليه الصاعد متأيدا به ، وأن يكون
مستقيما وضعه صلبا قويا أملس موضوعا بالقرب ، فلم يكن كالشريان العظيم. والصاعد من
هذه الشعب ذات اليسار يصادف هذا الشريان ، وهو مستقيم غليظ ، فينعطف عليه من غير
حاجة إلى توثيق كثير. وأما الصاعد ذات اليمين فليس يجاوره
__________________
هذا الشريان على
صفة الأول ، بل يجاوره وقد عرضت له دقة لما انشعب منه وفاتته الاستقامة في
الوضع إذ تورب مائلا إلى الإبط ، فلم يكن بدمن توثيقه بما يستند
عليه بأربطة تشد الشعب به ليتدارك بذلك ما فات من الغلظ والاستقامة في
الوضع . والحكمة فى تبعيد هذه الشعب الراجعة هي أن تقارب مثل هذا المتعلق وأن تستفيد بالتباعد عن المبدأ قوة وصلابة. وأقوى العصب الراجع هو الذي يتفرق في المطبقتين من عضل الحنجرة ، مع شعب عصب معينة. ثم سائر هذا العصب ينحدر فيتشعب منه شعب
تتفرق في أغشية الحجاب والصدر وعضلاتهما والقلب والرئة والأوردة والشرايين التي هناك وباقيه ، ينفذ في الحجاب فيشارك المنحدر من الجزء الثالث ، ويتفرقان في أغشية الأحشاء ،
وينتهى إلى العظم العريض.
وأما الزوج السابع فمنشؤه من الحد المشترك بين
الدماغ والنخاع ، ويذهب أكثره متفرقان في العضل المحركة للسان والعضل المشتركة بين الدرقى والعظم اللامى ، وسائره قد يتفق أن يتفرق في عضل
أخرى مجاورة لهذه العضل ، ولكن ليس ذلك بدائم. ولما كانت الأعصاب الأخرى منصرفة إلى واجبات أخرى ، ولم يكن يحسن أن تكثر الثقب فيما يتقدم ولا من تحت كان الأولى أن يأتى حركة اللسان عصب من هذا الموضع إذ قد أتى حسه من موضع
آخر.
__________________
الفصل
العاشر
(ى) فصل
فى تشريح سائر العصب وهو العصب الفقارى
وأما العصب النابت
من النخاع السالك في فقار الرقبة فهى ثمانية أزواج.
زوج مخرجه من
ثقبتى الفقرة الأولى ، ويتفرق في عضل الرأس وحدها ، وهو صغير دقيق ، إذ كان الأحوط
في مخرجه أن يكون ضيقا ، على ما تعلمه في باب العظام.
والزوج الثاني
مخرجه ما بين الفقرة الأولى والثانية ، أعنى الثقبة المذكورة في باب العظام ، ويوصل أكثره إلى الرأس حس اللمس بأن يصعد موربا إلى أعلى القفا ، وينعطف إلى قدام وينبث على الطبقة الخارجة من الأذنين ، فيتدارك تقصير
الزوج الأول بصغره وقصوره عن الانبثاث والانبساط في النواحى التي
تليه بالتمام. وباقى هذا الزوج يأتى العضل التي خلف العنق والعضلة العريضة فيؤتيها الحركة.
والزوج الثالث
منشؤه ومخرجه من الثقبة التي بين الثانية والثالثة ، ويتفرع كل واحد فرعين : فرع يتفرق في عمق العضل التي هناك منه شعب ، وخصوصا المقلبة للرأس مع العنق ، ثم يصعد إلى شوك الفقار ، فإذا حاذاها تشبث بأصولها ، ثم
ارتفع إلى رءوسها ، وخالط أربطة غشائية تنبت من تلك السناسن ، ثم ينفذ منعطفا إلى جهة الأذنين ، وفي غير الإنسان ينتهى إلى الأذنين ،
فيحرك عضل الأذنين. والفرع الثاني
__________________
يأخذ إلى قدام حتى
يأتى العضلة العريضة ، وأول ما يصعد تلتف به عروق ، وعضل تكتنفه ،
ليكون أقوى في نفسه ؛ وقد يخالط أيضا عضل الصدغين وعضل الأذنين فى البهائم ؛ وأكثر
تفرقه إنما هو في عضل الخدين.
وأما الزوج الرابع
فمخرجه من الثقبة التي بين الثالثة والرابعة ، وينقسم كالذى قبله إلى جزء مقدم
وجزء مؤخر. والجزء المقدم منه صغير ، ولذلك يخالط الخامس. وقد قيل إنه قد ينفذ منه
شعبة كنسج العنكبوت ممتدة على العرق السباتى إلى أن يأتى الحجاب الحاجز مارا على شقى الحجاب المنصف للصدر. والجزء الأكبر منه ينعطف إلى
خلف ، فيغور في عمق العضل ، حتى يخلص إلى السناسن ، فيرسل شعبا
إلى العضل المشترك بين الرأس والرقبة ، ثم يأخذ طريقه منعطفا إلى قدام فيتصل بعضل
الخد والأذنين في البهائم وقيل إنه ينحدر منه إلى
الصلب.
وأما الزوج الخامس
فمخرجه من الثقبة التي بين الرابع والخامس ، ويتفرع أيضا فرعين : وأحد الفرعين وهو
المقدم هو أصغرهما يأتى عضل الخدين وعضل تنكيس الرأس وسائر العضل المشتركة للرأس
والرقبة. والفرع الثاني ينقسم إلى شعبتين : شعبة هى المتوسطة بين الأولى وبين الشعبة الثانية ، يأتى أعالى الكتف ، ويخالطه شىء من
السادس والسابع ؛ والشعبة الثانية تخالط شعبا من
الخامس والسادس والسابع وتنفذ إلى وسط الحجاب.
وأما الزوج السادس
والسابع والثامن فإنها تخرج من سائر الثقب على الولاء. والثامن مخرجه في الثقبة
المشتركة بين آخر فقار الرقبة وأول فقار الصلب. وتختلط شعبها اختلاطا شديدا ؛ لكن أكثر السادس يأتى المسطح من الكتف ، وبعض منه
__________________
أكثر من البعض
الذي من الرابع. وأقل من البعض الذي للخامس يأتى الحجاب. والسابع أكثره يأتى العضد
، وإن كان من شعبه ما يأتى عضل الرأس والعنق والصلب مصاحبة
لشعبة الخامس ويأتى الحجاب. وأما الثامن فبعد الاختلاط والمصاحبة
يأتى جلد الساعد والذراع ، وليس منه ما يأتى الحجاب. لكن الصائر من السادس
إلى ناحية اليد لا يجاوز الكتف ، ومن السابع لا يجاوز العضد. وأما الذي يجيء
الساعد من الكتف فهو من الثامن مخلوطا بأول النوابت من فقار
الصدر. وإنما قسم الحجاب من هذه الأعصاب دون أعصاب النخاع ، ليكون الوارد عليها
منحدرا من مشرف ، فيحسن انقسامها فيه ، وخصوصا إذا كان مقصدها هو الغشاء المنصف للصدر ، ولم يمكن أن يأتيها عصب
النخاع على الاستقامة من غير انكسار بزاوية. ولو كان جميع العصب المنحدر إلى
الحجاب نازلا من الدماغ ، لكان يطول مسلكه. وإنما جعل متصل هذه الأعصاب من الحجاب
وسطه ، لأنه لم يكن يحسن انبثاثها وانتشارها فيه على عدل وسوية لو اتصل بطرف دون الوسط ، أو كان يتصل بجميع المحيط ، وكان ذلك ناكسا لمجرى الواجب إذ كانت العضل إنما تفعل
التحريك بأطرافها ثم المحيط هو المتحرك من الحجاب ، فوجب أن يكون انتهاء العصب
إليه لا ابتداؤه. ولما وجب أن يأتى الوسط ، وجب تعلقه
ضرورة ، فوجب أن يحمى ويغشى وقاية ، فغشيت وقاية حامية وتصحبه من الغشاء المنصف للصدر ، ونزل متكئا عليه. ولما
كان فعل هذا العضو فعلا كريما جعل لعصبه مباد كثيرة ، لئلا يبطل بآفة تلحق المبدأ الواحد.
وأما العصب
النخاعى الذي من فقار الصدر ، فالأول من أزواجه مخرجه هو بين
__________________
الأولى والثانية
من فقار الصدر ، وينقسم إلى جزءين أعظمهما يتفرق في عضل
الأضلاع وعضل الصلب ، وثانيهما يأتى ممتدا على الأضلاع الأول فيرافق ما يأتى من تلك الجهة من عصب العنق ، ويمتدان معا إلى اليدين
حتى يوافيا الساعد والكف .
والزوج الثاني
يخرج من الثقبة التي تلى الثقبة المذكورة ، فيتوجه جزء منه إلى
ظاهر العضد ، ويفيده الحس ، وباقيه مع سائر الأزواج الباقية يجتمع فينحو نحو عضل
الكتف الموضوعة عليه المحركة لمفصله وعضل الصلب. فما
كان من هذه العصب نابتا من فقار الصدر والشعب التي لا تأتى منه الكتف ، يأتى عضل الصلب والعضل التي فيما بين
الأضلاع الخلص والموضوعة خارج الصدر. وما كان منبته من فقار أضلاع الزور فإنما
يأتى العضل التي فيما بين الأضلاع وعضل البطن ، ويجرى مع شعب هذه الأعصاب عروق ضاربة وساكنة ، ويدخل في مخارجها إلى النخاع وعصب
القطن يشترك في أن جزءا منها يأتى عضل الصلب وجزءا يأتى عضل
البطن والعضل المستبطنة للصلب. لكن الثلاثة العلى تخالط العصب النازل من الدماغ دون باقيها. والزوجان السافلان
يرسلان شعبا كبارا إلى ناحية الساقين ويخالطها شعب من الزوج
الثالث وشعبة من أول أعصاب العجز ، إلا أن هاتين الشعبتين لا تجاوزان مفصل الورك ،
بل تتفرقان في عضله ، وتلك تجاوزها إلى الساقين. ويفارق عصب الفخذين والرجلين عصب
اليدين في أنها لا تجتمع كلها فتميل غائرة إلى الباطن إذ ليس هيئة اتصال العضد
بالكتف كهيئة اتصال الفخذ بالورك ، ولا اتصالها بمنبت أعصابها كاتصال ذلك بمنبت أعصابها .
__________________
فهذه العصب تتوجه
إلى ناحية الساق توجها مختلفا ، منه ما يستبطن منه ، ومنه لما يستظهر ، ومنه ما
يغوص مستترا تحت العضل. ولما لم يكن للعضل التي تنبت من
ناحية عظم العانه طريق إلى الرجلين من خلف البدن ومن باطن الفخذين لكثرة ما هناك
من العضل والعروق ، أجرى جزء من العصب الخاص بالعضل الذي في الرجلين فأنفذ فى المجرى المنحدر إلى الخصيتين حتى يتوجه إلى عضل العانة ، ثم ينحدر إلى عضل الركبة. وأما العصب النخاعى العجزى ، فالزوج الأول
من العجزى يخالط القطنية على ما قيل ، وباقى الأزواج والفرد النابت من طرف العصعص يتفرق في عضل المقعدة والقضيب نفسه وعضلة المثانة والرحم وفي غشاء البطن وفي الأجزاء إلا نسية الداخلة فى عظم
العانة والعضل المنبعثة من عظم العجز.
__________________
الفصل الحادى عشر
(ك) فصل
فى العظام
ثم إنه يتكلم في
العظام فيقول : إن العظام وما يشبهها من الغضاريف جنة ودعامة ، ومن الحيوان
الذي لا مفاصل محركة لعظامه أو لخزفه ، وبالجملة للجزء الصلب ، منه ما يكون ذلك
الجزء الصلب محيطا من خارج كالسلحفاة ، ومنه ما يكون من داخل
ويكون لا محالة عليه العضو اللين كما لاقيا ، فخلق لحم أمثاله بين اللحم والعصب لا
ينشق طولا ، بل عرضا مستديرا ، لتكون عصبانيته أدعم له.
وللحيوان المحزز ظاهر بين العصب والعظم ، ويكون من أجزاء مربوطة بعضها ببعض ، تمتد وتتصل. ولا يوجد في هذا الحيوان مباد كثيرة للعروق
والشرايين ، بل مبدأه واحد ليكون أحوط له.
والأسد صلب العظام
مصمتها ، وإذا حك عظم منه بعظم أورى.
وكثير من الحيوان له بدل العظام غضروف. وهذا هو الحيوان الذي يحتاج إلى التفاف كثير ، ويكون رطب الجوهر ، مائيا ، قليل الأرضية ، وقد صينت أرضيته في قشره ، ولم يكن يحتاج إلى مصاكة أجسام صلاب ، وربما أعين غضروفه بشوك ينبت عليه. والغضروف المخى
المفرق المخ يستحيل في أطرافه مخاطيا ، وإذا اجتمع المخ في داخله كما في كثير من السمك كان أقوى وأبعد من المخاطبة.
والشوك والأظفار والحوافر
__________________
والأظلاف والقرون
كلها أيضا عظمية ومنسوبة إليه ، وهي إما حاملة صلبة كالأظلاف والحوافر ، وإما أسلحة
قوية كالقرون. وربما اجتمع أن كان حاملا وجنة مثل الحافر فهى تحمل الحيوان ، ومع ذلك فهى سلاح بالرمح.
ونقول : إن من
العظام ما قياسه من البدن قياس الأساس وعليه مبناه ، مثل فقار الصلب فإنه اساس للبدن عليه يبنى كما تبنى السفينة على الخشبة التي تنصب فيها أولا. ومنها ما قياسه من البدن قياس المجن والوقاية كعظم
اليافوخ. ومنها ما قياسه قياس السلاح الذي يدفع به المصادم والمؤذى مثل العظام التي تدعى السناسن ، وهي على فقار
الظهر كالشوك. ومنها ما هو حشو بين فرج المفاصل مثل العظام السمسمانية التي بين السلاميات. ومنها ما هو متعلق للأجسام
المحتاجة إلى علاقة كالعظم الشبيه باللام لعضل
الحنجرة واللسان وغيرها .
وجملة العظام
دعامة وقوام للبدن وما كان من هذه العظام إنما يحتاج إليه للدعامة فقط والوقاية ، ولا يحتاج إليه لتحريك الأعضاء ، فإنه خلق مصمتا وإن كانت في المسام والخلل
والفرج التي لا بد منها. وما كان يحتاج إليه منها لأجل الحركة أيضا ، فقد زيد فى
مقدار تجويفه وجعل تجويفه في الوسط واحدا ، ليكون جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة
فيصير رخوا ، بل صلب جرمه وجمع غذاؤه ، وهو المخ في حشوه. ففائدة زيادة التجويف أن يكون
أخف ، وفائدة توحيد التجويف أن يبقى جرمه أصلب ، وفائدة صلابة جرمه أن لا ينكسر عند
الحركات العنيفة ، وفائدة المخ فيه ليغذوه ، على ما شرحناه
قبل ، وليرطبه فلا يتفتت بتخفيف
__________________
الحركة ، وليكون
وهو مجوف كالمصمت. والتجويف يقل إذا كانت الحاجة إلى الوثاقة أكثر ، ويكثر إذا
كانت الحاجة إلى الخفة أكثر. والعظام المشاشية خلقت كذلك لأمر الغذاء المذكور ، مع
زيادة حاجة ، بسبب شىء يجب أن ينفذ فيها كالرائحة المستنشقة مع الهواء في عظم
المصفاة ، ولفضول الدماغ المدفوعة فيها.
والعظام كلها
متجاورة متلاقية ، وليس بين شىء من العظام وبين العظم الذي يليه مسافة كبيرة ، بل
في بعضها مسافة يسيرة تملؤها لواحق غضروفية أو شبيهة بالغضروفية ، خلقت للمنفعة
التي للغضاريف. وما لم يجب فيه مراعاة تلك المنفعة خلق المفصل بينها بلا لاحقة كالفك الأسفل.
والمجاوات التي
بين العظام على أصناف. فمنها ما يتجاور تجاور مفصل سلس. ومنها ما يتجاور تجاور
مفصل عسر غير موثق. ومنها ما يتجاور تجاور مفصل موثق مركوز أو مدروز أو ملزق. والمفصل السلس هو الذي لأحد عظميه أن يتحرك
حركاته سهلا من غير أن يتحرك معه العظم الآخر ، كمفصل الرسغ مع الساعد. والمفصل
العسر الغير الموثق ، هو أن يكون حركة أحد العظمين وحده صعبا وقليل المقدار ، مثل
المفصل الذي بين الرسغ والمشط ، أو مفصل ما بين العظمين من عظام المشط. وأما
المفصل الموثق فهو الذي ليس لأحد عظميه أن يتحرك وحده البتة ، مثل مفصل عظام القص . فأما المركوز فهو ما يوجد لأحد العظمين زيادة ، وللثانى نقرة ترتكز فيها تلك الزيادة
ارتكازا لا يتحرك فيها ، مثل الأسنان في منابتها. وأما المدروز فهو الذي يكون لكل
واحد من العظمين تحازيز وأسنان ، كما للمنشار ، وتكون أسنان هذا العظم مهندمة في تحازيز ذلك العظم ، كما يركب الصفارون صفائح النحاس. وهذا الوصل
يسمى شأنا ودرزا كما لمفاصل عظام القحف. والملزق منه ما هو ملزق طولا ، مثل مفصل ما
بين عظمى الساعد ، ومنه ما هو ملزق عرضا مثل مفصل الفقرات
السفلى من فقار الصلب ، فإن العلى بينها مفاصل غير وثيقة.
__________________
الفصل الثاني عشر
(ل) فصل
فى الأوصال الكلية للعظام والكلام في الأعلى منها
وهو الرأس وتشريح عظامه
قال : والشجر لا حاجة له إلى مدفع فضلة ، كما للحيوان. لأن الحيوان ليس يمتص نفس الغذاء الصرف من خارج ، بل يأخذ
جملة بعضها يستحيل إلى غذائه ، ويفضل فضل. والذي يقبله الحيوان إلى داخل فيهضمه ، ويعمل
به أعمالا مختلفة ويتولد منه أخلاط مختلفة لشدة اختلاف أعضائه المتشابهة الأجزاء
الذي ليس للشجر مثلها فى الاختلاف الشديد. فأما الشجر فإنما يمتص نفس الغذاء الذي لا فضل فيه من خارج ، فإن فضل شىء فإنما يكون مثل الفضول
التي تكون في أعضائنا بعد الهضم الثاني والثالث. فالعضو القابل للذى هو بالقوة غذاء يغذو الذي فيه الغذاء الصرف ، ويحتاج أن يمر منه ، موضوع فوق لأنه لو كان تحت لصعب جذب الثقيل إلى قرار التغذية. والعضو الدافع جعل تحت لهذه العلة ، وجعل العضو الذي يفيض منه الحار الغريزى في الوسط إذ القرار
ينبغى أن يكون بقرب الوسط ، والفاعل ينبغى أن يكون بقرب القرار. وأما الطليعة وهو الرأس فقد جعل فوق ، وجعل فيه المنفذ القابل ، وقلل لحمه لئلا يحقن الدماغ كثرة اللحم ،
__________________
ولا تجتمع
البخارات فيه ، ولا يجعل مزاجه أسخن من الصواب ، فإن الصواب أن يكون أبرد ، وخصوصا وقد خلق هناك قحف صلب ، فلا حاجة إلى زيادة.
وأما منفعة جملة عظم القحف ، فهى أنه جنة للدماغ ساترة وواقية عن الآفات.
وأما المنفعة في
خلقه قبائل كثيرة وعظاما فوق واحد فتنقسم إلى جملتين : جملة معتبرة بالأمور التي بالقياس إلى العظم نفسه ،
وجملة معتبرة بالقياس إلى ما يحويه العظم.
أما الجملة الأولى
فتنقسم إلى منفعتين : إحداهما أنه إن اتفق أن تعرض
للقحف آفة فى جزء من كسر أو عفونة لم يجب أن يكون ذلك عاما للقحف كله ، كما يكون
لو كان عظما واحدا. والثانية أن لا يكون في عظم واحد اختلاف أجزاء في الصلابة
واللين والتخلخل والتكاثف والرقة والغلظ ، الاختلاف الذي يقتضيه المعنى المذكور عن
قريب.
وأما الجملة
الثانية فهى المنفعة التي تتم بالشئون. فبعضها بالقياس إلى الدماغ نفسه بأن يكون
لما غلظ من الأبخرة الممتنعة عن النفوذ في العظم نفسه لغلظه طريق ومسلك لتفارق فينقى الدماغ بالتحلل. ومنفعة بالقياس إلى ما يخرج من الدماغ من
ليف العصب الذي ينبت في أعضاء الرأس ليكون لها طريق. ومنفعتان تشتركان بين
القطاع وبين شيئين آخرين. أحدهما بالقياس إلى العروق والشرايين
الداخلة إلى داخل الرأس لكى يكون لها طريق.
ومنفعة بالقياس إلى الحجاب الغليظ الثقيل فتتشبث أجزاء منه بالشئون فيستقل عن الدماغ ، ولا يثقل عليه.
والشكل الطبيعى
لهذا العظم هو الاستدارة لأمرين ومنفعتين : أحدهما بالقياس إلى
__________________
داخل ، وهو أن
الشكل المستدير أعظم مساحة مما يحيط به غيره من الأشكال المستقيمة الخطوط إذا تساوت الإحاطة . والآخر بالقياس إلى خارج ، وهو أن الشكل المستدير لا ينفعل من
المصادمات ما ينفعل عنه ذوات الزوايا ، وخلق إلى طول مع استدارته ، لأن منابت
الأعصاب الدماغية موضوعة في الطول ، وكذلك يجب لئلا ينضغط. وله نتوءان إلى قدام وإلى خلف ليقيا الأعصاب المنحدرة من الجنبتين . ولمثل هذا الشكل
دروز ثلاثة حقيقية ودرزان كاذبان. ومن الأول درز مشترك مع الجبهة قوسى هكذا ويسمى الإكليلى . ودرز منصف لطول الرأس مستقيم يقال له وحده سهمى ، وإذا اعتبر من جهة اتصاله
بالإكليلي قيل له سفودى ، وشكله كشكل قوس يقوم في وسطه
خط مستقيم كالعمود ، وهو هكذا.
والدرز الثالث ،
وهو مشترك بين الرأس من خلف وبين قاعدته ، وهو على شكل زاوية متصل بنقطتها طرف السهمى ، ويسمى الدرز اللامى لأنه يشبه اللام في
كتابة اليونانيين. وإذا انضم إلى الدرزين المقدمين صار شكله هكذا. وأما الدرزان
الكاذبان فهما آخذان في طول الرأس على موازاة السهمى من الجانبين ، وليسا بغائصين فى العظم تمام الغوص ، ولهذا يسميان القشريين .
وأما أشكال الرأس
الغير الطبيعية فهى ثلاثة : أحدها أن ينقص النتوء المقدم فيفقد له من الدروز الدرز
الإكليلى. والثاني أن ينقص النتوء المؤخر فيفقد له من
الدروز.
__________________
الدرز اللامى.
والثالث أن يفقد له النتوءان جميعا ، ويصير الرأس كالكرة متساوى الطول والعرض.
قال فاضل الأطباء
جالينوس : إن هذا الشكل لما تساوت فيه الأبعاد وجب في العدل أن تتساوى فيه قسمة الدروز. وقد كان قسمة الدروز في الأول للطول درز وللعرض درزان ، فيكون هاهنا
للطول درز وللعرض كذلك درز واحد ، وأن يكون الدرز العرضى في وسط العرض من الأذن إلى الأذن ، كما أن الدرز الطولى في وسط الطول.
قال هذا الفاضل
منهم : ولا يمكن أن يكون للرأس شكل رابع غير طبيعى ، حتى يكون الطول أنقص من العرض
، إلا وينقص من طول الدماغ أو جرمه شىء ، وذلك مضاد للحياة مانع عن صحة التركيب. وصوب قول مقدم الأطباء بقراط
، إذ جعل أشكال الرأس ثلاثة فقط وللرأس بعد هذا خمسة عظام ،
أربعة كالجدران ، وواحدة كالقاعدة. وجعلت هذه الجدران أصلب من اليافوخ ، لأن
السقطات والصدمات عليها أكثر ، ولأن الحاجة إلى تخلخل القحف واليافوخ أمسّ لأمرين
: أحدهما لينفذ فيه البخار المتخلل ؛ والثاني لئلا
يثقل على الدماغ. وجعل أصلب الجدران مؤخرها ، لأنها أغبب عن حراسة الحواس.
فالجدار الأول هو
عظم الجبهة ، ويحده من فوق الدرز الإكليلى ، ومن أسفل درز يمتد من طرف الإكليلى
مارا على العين عند الحاجب متصلا آخره بالطرف الثاني من الإكليلى. والجداران
اللذان يمنة ويسرة فهما العظمان اللذان فيهما الأذنان ، ويسميان الحجريين
لصلابتهما. ويحد كل واحد منهما من فوق الدرز القشرى ، ومن أسفل درز يأتى
__________________
من طرف الدرز اللامى
ويمر منتهيا إلى ـ الإكليلى ، ومن قدام جزء من الإكليلى ، ومن خلف جزء من اللامى. وأما الجدار الرابع فيحده من فوق الدرز اللامى ، ومن أسفل
الدرز المشترك بين الرأس والوتد ويصل بين طرفى اللامى. وأما قاعدة الدماغ فهو العظم الذي يحمل سائر العظام ، ويقال له الوتدى. وخلق صلبا لمنفعتين :
إحداهما أن الصلابة تعين على الحمل ، والثانية أن الصلب أقل
قبولا للعفونة من الفضول. وهذا العظم موضوع تحت فضول تنصب دائما ، فاحتيط في تصليبه. وفي كل واحد من جانبى الصدغين عظمان صلبان يستران العضل المارة في الصدغ ، ووضعهما في طول الصدغ على الوراب ويسميان
الزوج.
قال الفيلسوف :
اللمس ليس مبدؤه من الرأس ، بل من القلب. وكذلك الحس الذوقى فإنه لمس ما. وقد قيل في هذا ما قيل ويحتاج أن نتأمله. وأما الحس البصرى
والسمعى والشمى فإنه وإن كان مبدؤه القلب فالقلب نفسه لا يرى ولا يسمع ولا
يشم ، بل آلات هذه الأفعال في الدماغ. قال : وأما آلة اللمس فهو اللحم أو العصب ، وكلاهما موجودان في القلب. كأنه يقول : إن بعض أفعال هذه القوى يتم للمبدإ
بنفسه ، وبعضها لا يتم. كما يقول الأطباء : إن الدماغ يلمس بنفسه ولا يبصر بنفسه.
__________________
الفصل الثالث عشر
(م) فصل
فى تشريح آلات البصر وعضلها
فنقول : أما الإبصار ، فيحتاج فيه إلى رطوبة مائية صافية تقبل الأشباح. فبالحرى أن تكون آلته
جوهرا دماغيا مثل البردية. وأما السمع والشم ، فيحتاجان إلى آلتين يدخل إليهما الهواء ، ويفعل فيهما غير الفعل الذي من الحر والبرد واليبوسة
والرطوبة. وقوة الإبصار ومادة الروح الباصرة تنفذ إلى العين
من طريق العصبتين المجوفتين اللتين عرفتهما.
ويغشى هاتين
العصبتين ثلاثة أغشية : اثنان ينبتان معهما من الغشاءين اللذين للدماغ وهما : رقيق
من تحت ، وصفيق من فوق ، والثالث غشاء ينحدر إلى العين من جملة الغشاء المجلل للقحف. وإنما جوفت العصبتان لينفذ فيهما الجسم اللطيف أعنى
الروح النفسانى الباصر ، وهو المسمى روحا باصرا ، الذي تحول
السدة الغائرة عن نفوذه إلى الحدقة ، وإنما يتصلان بالعين ليحسن اعتماد كل واحد منهما
على الآخر ، واستناده إليه فلا يسترخى ، وليكون لتأدية الإبصار
مجمع واحد.
ولذلك ما يوجب
انكسارها دون الرؤية رؤية الواحد اثنين ، وعلى نحو ما قلنا حيث شرحنا أمر الحس ،
ولتكون الروح المنصبة إلى إحدى العينين ممكنة من الرجوع
__________________
بقوتها إلى العين
الأخرى من طريق قريب إذا أصابت تلك العين آفة أو منع ؛ وهذا شىء قد مر لك. وإذا انحدرت العصبة والأغشية التي تصحبها إلى الحجاج اتسع طرف كل واحد منهما ، وامتلأ وانبسط ، واتسع اتساعا يحيط بالرطوبات التي في الحدقة التي أوسطها الجليدية ، وهي رطوبة
صافية كالبرد والجليد مستديرة ينقص من تفرطحها من
قدامها استدارتها. وقد فرطحت ليكون المتشبح فيها أوفر مقدارا ويكون للصغار من المرئيات قسم بالغ يتشبح فيه ، ولذلك فإن مؤخرها يستدق يسيرا ليحسن انطباقها في الأجسام الملتقمة لها المستعرضة المستوسعة عن دقة فيحسن التقامها إياها. وجعلت
هذه الرطوبة في الوسط ، لأنه أولى الأماكن بالحرز وجعل وراءها رطوبة أخرى تأتيها
من الدماغ لتغذوها ، فإن بينها وبين الدم الصرف تدريجا.
وهذه الرطوبة تشبه
الزجاج الذائب صفاء يضرب إلى قليل حمرة. أما الصفاء فلأنها تغذو الصافى ، وأما قليل الحمرة فلأنها من جوهر الدم. ولم
تستحل إلى مشابهة ما يغتذى به تمام الاستحالة ، وإنما أخرت هذه الرطوبة عنها لأنها
من بعث الدماغ إليها بتوسط الشبكى ، فيجب أن تلى جهته.
وهذه الرطوبة تعلو
النصف المؤخر من الجليدية إلى أعظم دائرة فيها ، وقدامها رطوبة
أخرى تشبه بياض البيض وتسمى بيضية ، وهي كالفضل عن جوهر الجليدية. وفضل الصافى
صاف. ووضعت من قدام لسبب متقدم ولسبب كالتمام. والسبب
المتقدم هو أن جهة الفضل مقابلة لجهة الغذاء. والسبب التمامى أن يتدرج حمل الضوء على الجليدية
__________________
ويكون كالجنة لها.
ثم أن طرف العصبة يحتوى على الزجاجية والجليدية إلى الحد الذي
بين الجليدية والبيضية. والحد الذي تنتهى عنده الزجاجية عند الإكليل احتواء الشبكة على الصيد ، فلذلك تسمى شبكية وينبت عن طرفها نسج عنكبوتى يتولد منه صفاق لطيف تنفذ
معه خياطات من الجزء المشيمى الذي سنذكره.
وذلك الصفاق حاجز بين الجليدية وبين البيضية ، ليكون بين
اللطيف والكثيف حاجز ما ، وليأتيه غذاء من أمامه نافذ إليه من الشبكى والمشيمى.
وإنما كان رقيقا كنسج العنكبوت ، لأنه لو كان كثيفا قاتما في وجه
الجليدية لم يبعد أن يعرض منه لاستحالاته أن يحجب الضوء عن
الجليديّة من طريق البيضية.
وأما طرف الغشاء
الرقيق فإنه يمتلئ وينتسج عروقا كالمشيمة ، لأنه منفذ الغذاء بالحقيقة. وليس يحتاج
إلى أن تكون جميع أجزائه مهيأة للمنفعة الغذائية ، بل الجزء المؤخر ، ويسمى
مشيميا. وأما ما جاوز ذلك الحد إلى قدام فيثخن صفاقا إلى الغلظ ما هو ، ذا لون
آسمانجوني بين البياض والسواد ، ليجمع البصر ، ويعدل الضوء فعل إطباقنا البصر عند
الكلال التجاء إلى الظلمة والضوء ، أو إلى التركيب من الظلمة والضوء ، وليحول بين الرطوبات وبين القرنى الشديد الصلابة ، ويقف كالمتوسط
العدل ، وليغذو القرنية بما يتأدى إليه من المشيمية ، ولا تتم إحاطته من قدامه ، لئلا يمنع تأدى الأشباح إلى الجليدية ، بل يخلى قدامه فرجة وثقبة ، كما يبقى من العنب عند نزع ثفروقه عنه. وفي تلك الثقبة
العنبية تقع التأدية ؛ وإذا انسدت منعت الإبصار . وفي باطن هذه الطبقة العنبيّة
__________________
خمل حيث يلاقى
الجليدية لتكون أشبه بالمتخلخل اللين ، ويقل أذى مماسته . وأصلب أجزائه مقدمه حيث يلاقى الطبقة القرنية الصلبة ، وحيث
ينثقب ليكون ما يحيط بالثقبة أصلب. والثقبة مملوة رطوبة بيضية للمنفعة المذكورة وروحا يدل عليه ضمور ما يوارى الثقبة عند قرب الموت.
وأما الحجاب الثاني فإنه صفيق جدا ليحسن الضبط ، ويسمى مؤخره طبقة صلبة وصفيقة ،
ومقدمه يحيط بجميع الحدقة ، ويشف لئلا يمنع الإبصار ، فيكون لذلك في لون القرن المرقق بالنحت والجرد ، ويسمى لذلك قرنية. وأصفق أجزائه ما يلى قدامه ، وهي بالحقيقة مؤلفة من طبقات رقاق أربع كالقشور المتراكبة ، إن انقشرت منها
واحدة لم تعم الآفة. ومنها ما يحاذى الثقبة ؛ لأن ذلك الموضع إلى الستر
والوقاية أحوج.
وأما الثالث
فيختلط بعضل حركة الحدقة ويمتلئ كله لحما أبيض دسما ليلين العين والجفن
ويمنعها أن تجف ، وتسمى جملته الملتحمة.
فأما العضل
المحركة للمقلة فهى عضل ست ، أربع منها في جوانبها الأربع فوق وأسفل والماقين كل واحدة منها يحرك إلى جهته ، وعضلتان إلى
التوريب ما هما تحركان إلى الاستدارة. ووراء المقلة عضل تدعم العصبة
المجوفة فتقلها وتمنعها الاسترخاء المجحظ وتضبطها عند التحديق. وهذه العضلة قد عرض
لأغشيتها الرباطية من التشعب ما شكك فى أمرها. فهى عند بعض المشرحين عضلة واحدة وعند بعضهم عضلتان ، وعند بعضهم ثلاث ؛ وعلى كل حال فرأسها رأس واحد.
__________________
وأما الجفن فلما
كان الأسفل منه غير محتاج إلى الحركة ، إذ الغرض يتأتى ويتم بحركة الأعلى وحده فيكمل به التغميض والتحديق. وعناية الله تعالى مصروفة إلى تقليل الآلات ما أمكن إذا لم تخل ، إذ في التكثير من الآفات ما تعرف. وإنه وإن كان قد يمكن أن يكون الجفن
الأعلى ساكنا والأسفل متحركا ، فإن عناية الصانع
مصروفة إلى تقريب الأفعال من مباديها وإلى توجيه الأسباب إلى غاياتها على أعدل
طريق وأقوم منهاج.
والجفن الأعلى
أقرب إلى منبت الأعصاب ، فتعليق العضل به أصوب ، وأيضا فإن العصب إذا سلك إليه لم يحتج إلى انعطاف وانقلاب. ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى
حركتى الارتفاع عند فتح الطرف والانحدار عند التغميض وكان التغميض يحتاج إلى توتير
عضلة جاذبة إلى أسفل ، لم يكن بد من أن يأتيها العصب منحرفا إلى أسفل فمرتفعا إليه. وكان حينئذ لا يخلو إن
كانت واحدة من أن تتصل إما بطرف الجفن وإما بوسط الجفن ، ولو اتصلت بوسط الجفن
لغطت الحدقة صاعدة إليه. ولو اتصلت بطرف لم تتصل إلا بطرف واحد فلم يحسن انطباق
الجفن على الاعتدال ؛ بل كان يتورب فيشتد التغميض في الجهة التي تلاقى الوتر أولا ، ويضعف في الجهة
الأخرى. فلم يكن يستوى الانطباق بل كان يشاكل انطباق جفن الملقو. فلم تخلق عضلة واحدة ، بل عضلتان تأتيان من جهة
الموقين تجذبان الجفن إلى أسفل جذبا متشابها.
وأما فتح الجفن
فقد كان يكفيه عضلة تأتى وسط الجفن فيبسط طرف وترها على حرف الجفن ، وإذا تشنجت
فتحت. فخلقت لذلك واحدة تنزل على الاستقامة بين الغشاءين ، فتتصل مستعرضة بجرم
شبيه بالغضروف منفرش تحت منبت الأشفار. وأما الهدب فقد خلق لدفع ما يطير إلى العين
وينحدر إليها من الرأس ولتعديل
__________________
الضوء بسواده ، وجعل مغرسه غشاء يشبه الغضروف ليحسن انتصابها عليها ، فلا يضطجع لضعفه ، وليكون للعضلة الفاتحة للعين مستند
كالعظم ليحسن تحريكه.
والحيوان الذي
جلده صلب لا يطيع جلده للطرف السريع ، ولم يخلق له جفن ،
خلق عينه صلبا. وأما ما له جلد لين فخلق عينه لينا يغطيه جفن. وما كان يبيض فإنه يطرف من جفنه
الأسفل.
وما كان من ذوات
الأربع فإنه يغمض بالجفن الأسفل ويطرف بحجاب يجرى عليه لأن جلده غليظ بسبب الشعر
وخصوصا جلدة رأسه ، وسبب الطرف أن يدفع عن جلدة حدقة العين رطوبة إن سالت عليه أو هواء إذا ضرّ به. وليس يطرف البيّاض من ذوات الأربع طرف الطير ، وإن كان
يغمض العينين . لأنه ليس يحتاج إلى أن يكون فى عينيه رطوبة لطيفة لأجلها
يرى من بعيد حاجة الطير ، لأن مدى طلبه قريب.
ويقرب منه حال
الطائر الأرضى الذي لا يحلق كالدّرّاج والدجاج .
وأما السمك الجاسى
الجلد فلا جفن له ، بل عينه إلى الصلابة ، ولبعض السمك أجفان ، وليس يحتاج السمك
إلى التحديق الشديد.
ولا هدب يعتد به
في الجفن الأعلى إلا الإنسان ، فإن كان لغيره هدب ففى الجفن الأسفل وتحت الشفر.
وهذا لفرط العناية.
ولا شعر في إبط
غير الإنسان. ولا حيوان كثير شعر الرأس غير الإنسان. والسبب فيه وفور دماغه ،
وانتصاب قامته ، وليكون لدماغه اللطيف جنة. وكذلك الحاجبان إنما هما للإنسان خاصة . والشاربان للإنسان فقط. وللتيس شبيه اللحية.
__________________
الفصل الرابع عشر
(ن) فصل
فى آلة السمع والشم والذوق
وآلة السمع ، أعنى
الأذن ، وهي من الأعضاء الظاهرة في الرأس ، مخلوقة في
جانبى الرأس. إذ كان البصر والشم قد شغلا القدام ، وكان يجب أن يكون البصر إلى
قدام ضرورة ، لما علمت ، وخلق في المنتصب القامة في الوسط ، فإن ذلك أحرز وأوفق. وأما
في ذوات الأربع فخلق فوق ، لأنها مطأطئة الرءوس في أكثر حالاتها وخصوصا فى رعيها ،
وتستر أعضاؤها وسط جانبى رأسها ، ولذلك جعل لآذان ذوات الأربع حركات شتى لتحاذى
بالثقب جهات شتى. وأجزاء الأذن الغضروف المتشنج والشحمة والثقبة الملولبة. وقد عرض الغضروف بالهيئة التي
له ، وذلك لكى يكون للصوت طنين فيه للهواء الحامل
للصوت ، واجتماعه في غضونه. ولو لب ثقبه لتكون المسافة القصيرة المدى طويلة
، فلا يكون داخل الأذن وجوار الدماغ معرضا لوصول الحر
والبرد إليه من الثقب بسهولة.
والزوج الخامس الذي يأتيه صلب ، لأنه معرض لمصاكة الهواء. وهو معرض
لمصاكة الهواء بالفرش على السطح الباطن من الصّماخ ، لأنه يحتاج أن يلقى الهواء الداخل
__________________
المتموج ، لتموج
الهواء الخارج ، وعلى شكله ، لقاء مماسة تبرز إليه من ثقب ذكر فى موضعه.
وللأذن منفذ خفى
أيضا إلى الحنك. وكل حيوان ذى أذن فهو يحرك أذنه ، خلا الإنسان. وأما الطائر ،
فلما اكتنف ثقبتى سمعه ريش ، فعل فعل الأذن.
وأما آلة الشم في
الحيوان الذي يلد حيوانا فنعم ما وضع في الوسط بين الزائدتين الشامتين ليعدل تأديته إليهما . ومنافع الأنف ثلاث وهي ظاهرة.
إحداها أنه يعين
بالتجويف الذي يشتمل عليه في الاستنشاق حتى ينحصر فيه هواء كثير ، ويتعدل أيضا قبل النفوذ إلى الدماغ. فإن الهواء المستنشق وإن كان ينفذ جله إلى الرئة ،
فإن شطرا صالح المقدار منه ينفذ أيضا إلى الدماغ حتى يجتمع أيضا للاستنشاق الذي يطلب فيه التشمم هواء صالحا في موضع واحد أمام آلة
الشم ، ليكون الإدراك أكثر وأوفق. فهذه ثلاث منافع في منفعة .
وأما الثانية فأن
يعين في تقطيع الحروف وتسهيل إخراجها في التقطيع ، لئلا يزدحم الهواء كله عند
الموضع الذي يحاول فيه تقطيع الحروف بمقدار. فهاتان
منفعتان في منفعة واحدة. ونظير ما يفعله الأنف في تقدير هواء الحروف ، هو ما يفعله
الثقب المثقوب مطلقا إلى خلف المزمار ، فلا يتعرض له باليد.
وأما الثالثة
ليكون للفضول المندفعة من الرأس ستر ووقاية عن الإبصار ، وأيضا ،
ليكون آلة معينة على نفضها بالنفخ. وهاتان منفعتان في منفعة.
وتركيب عظام الأنف
من عظمين كالمثلثين تلتقى منهما زاويتاهما من فوق. والقاعدتان
تتماسان عند زاوية ، وتتفارقان بزاويتين منهما. والعظمان كل واحد منهما
__________________
يركب أحد الدرزين
الطرفيين المذكورين في دروز عظام الوجه وعلى طرفى عظم الأنف السافلين غضروفان لينان ، وفيما بينهما على طول الدرز الوسطانى
غضروف جزؤه الأعلى أصلب من الأسفل ، وهو بالجملة أصلب من الغضروفين الآخرين.
فمنفعة الغضروف الوسطانى أن يفصل الأنف إلى منخرين
، حتى إذا نزل من الدماغ فضلة نازلة ، مالت فى الأكثر إلى إحداهما ولم تسد جميع
طريق الاستنشاق المؤدى إلى الدماغ هواء
مروّحا لما فيه من الروح.
ومنفعة الغضروفين
الطرفيين أمور ثلاثة : أحدها المنفعة المشتركة للغضاريف الواقعة على
أطراف العظام كلها ، والثاني لكى ينفرج ويتوسع إن احتيج إلى فضل
استنشاق أو نفخ : والثالث ليعين في نفض البخار
باهتزازهما عند النفخ وانتفاضهما وارتعادهما . وخلق عظما الأنف دقيقين خفيفين ، لأن الحاجة هاهنا إلى الخفة أكثر منها إلى
الوثاقة ، وخصوصا لكونهما بريئين عن مواصلة أعضاء قابلة للآفات ، ولكونهما موضوعين بمرصد من الحس .
قال المعلم الأول
: والفيل لما لم يكن طويل العنق فينقل رأسه ولا يتهندم عظم جثته تهندما صالحا ، وكان حيوانا كاملا ذا
رئة يتنفس ، وكان استقلاله على ثلاث من القوائم يستعمل رابعتها استعمال الذب وغيره مما يصعب لنقله ، وكان حيوانا يحتاج إلى رطوبة كثيرة ويحتاج أن يعيش في الماء ، جعل له خرطوم
يشم به ، وإذا غاص يتنفس به ، ويتناول به ما يشاء ، ويقلع به ما يشاء . وخلق صلبا لينا ليكون له اختلاف الحركة مع أمن الآلة عن الآفة.
__________________
ويحكى أن لبعض
البقر قرونا بهذه الصفة يرعى بها من خلف. وأما الطير فجعل له مناخر ضيقة على مناقيرها ، لأنه استغنى
بذلك عن آلة أخرى ، لأن مناقيرها تشبه الآناف وثقوبها فلا تنطبق. والمنقار لصلابته أيضا يقوم لها مقام الأسنان.
أقول : وأما
اللسان فقد خلق للذوق ، ولترديد الممضوغ وتقليبه في الفم ، وفي بعض الحيوان لسف العلف من الأرض وحشه وخصوصا ما فقد الأسنان العليا ، وللحش والتنقية . وخلق في الناس للكلام . وهو يتحرك
حركاته بالعضل التي فيه. وأما العضل المحركة
للسان فهى عضل تسع ، اثنتان معرضتان تأتيان من الزوائد السهمية وتتصلان بجانبيه ، واثنتان مطولتان منشؤهما من أعالى العظم اللامى وتتصلان بوسط
اللسان ، واثنتان تحركان على الوراب منشؤهما من الضلع المنخفض من أضلاع العظم
اللامى وتنفذان في اللسان ما بين المطولة والمعرضة ، واثنتان
باطحتان للسان قالبتان له موضعهما تحت موضع هذه المذكورة قد انبسط ليفهما تحته عرضا
وتتصلان بجميع عظم الفك ؛ وقد يذكر في جملة عضل اللسان عضلة مفردة تصل ما بين اللسان والعظم اللامى ، وتجذب أحدهما إلى الآخر.
وأنا لا أمنع أن يكون في قوة العضل أن تمتد ، كما في قوتها أن تتشنج.
وقال : ما كان من
الطير عريض اللسان أمكن أن يشكل لسانه أشكالا كثيرة موافقة لإخراج الحروف ، على ما بيناه نحن في
مقالة لنا في الحروف. وكان هذا الطائر أشد
__________________
محاكاة لغيره ،
لأن لسانه خفيف ، ومع خفته قابل لاختلاف التشكل. وأجرى الناس لسانا من كان لسانه مطلقا غير مقصر بالرباط ، وكان عريضا. ومن منى بخلاف ذلك تلعثم.
وألسنة ذوات الأربع
مما يبيض مشقوقة ، فلا يحسن تشكل الحروف.
وأما السمك
والتمساح وغيره فله عضو كاللسان للذوق ، لكنه غير مطلق ، بل مربوط ، وعلة تقصيره
في بعضها شوكية أفواهها ولأنها لا تحتاج إلى تصريف اللسان
أكثر من ارتياد الطعم والرطوبة ، ولا تذوقه ، ولا تمضغه ، بل إنما قضمه بلعه.
ولسان التمساح مربوط بالفك الأعلى ، لأن ذلك هو المتحرك منه ، فيجب أن تكون آلة
الطعم مربوطة ، فإن آلة الطلب يجب أن تكون مع الطالب. وكل حيوان فلا بد له من شهوة ليرتاد بها الغذاء والتذاذ بما يخصها ، ليميزه عن غيره مما ليس بغذاء ؛ بل الالتذاذ لازم عند حس الملائم
. ولذلك ما كان لكل حيوان شىء يذوق به ، حتى للمحزز فى باطن
فمه. وقد يكون ذلك صلبا ولينا ، وربما كان كخرطوم مجوف ، وقد ذكرنا ذلك فيما سلف.
__________________
الفصل الخامس عشر
(س) فصل
فى حركات أعضاء الرأس بعد العينين وتشريح عضلها
إن للرأس حركات
خاصة وحركات مشتركة مع خمس من خرزات العنق ، تكون بها حركة منتظمة من ميل الرأس وميل الرقبة معا. وكل واحدة من الحركتين ، أعنى الخاصة والمشتركة ، إما أن تكون منتكسة ، وإما أن تكون منعطفة إلى
خلف ، وإما أن تكون مائلة إلى اليمين ، وإما أن تكون مائلة إلى اليسار. وقد تتولد
ما بينهما حركة الانقلاب على هيئة الاستدارة.
أما العضل المنكسة
للرأس خاصة فهى عضلتان تردان من ناحيتين ، لأنهما تنشبان بليفهما من خلف الأذنين فوق ومن عظام القص تحت وترتقيان كالمتصلتين . وربما ظن بهما أنهما ثلاث عضل ، لأن طرف أحدهما يتشعب فيصير رأسين ، فإذا
تحرك أحدهما ينكس الرأس مائلا إلى شقه ، وإن تحركا جميعا ينكس الرأس تنكسا إلى
قدام معتدلا.
وأما العضل
المنكسة للرأس والرقبة معا إلى قدام فهى زوج موضوع تحت المريء يخلص إلى ناحية الفقرة الأولى والثانية ، فيلتحم بهما ، فإن تشنج بجزء منه الذي يلى المريء نكس الرأس وحده ، وإن استعمل الجزء الملتحم على الفقرتين نكس
الرقبة.
وأما العضل
المقلبة للرأس وحده إلى خلف فأربعة أزواج مدسوسة تحت الأزواج
__________________
التي ذكرناها.
ومنبت هذه الأزواج هو فوق المفصل ، فمنها ما يأتى السناسن ومنبته أبعد من الوسط
إلى خلف ، ومنها ما يأتى الأجنحة ومنبته إلى الوسط. فمن ذلك زوج يأتى جناحى الفقرة الأولى فوق زوج يأتى سنسنة الثانية
وزوج ينبعث ليفه من جناح الأولى إلى سنسنة الثانية وخاصيته أنه يقيم ميل
الرأس عند الانقلاب إلى الحالة الطبيعية لتوريبه . ومن ذلك زوج رابع يبتدئ من فوق وينفذ تحت الثالث بالوراب إلى الوحشى فيلزم من جناح الفقرة الأولى. والزوجان الأولان يقلبان الرأس إلى
خلف بلا ميل أو مع ميل يسير جدا ، والثالث يقوم أود الميل ، والرابع يقلب إلى خلف
مع توريب ظاهر ، والثالث والرابع أيهما مال وحده ميل الرأس إلى جهته
، وإذا تشنجا جميعا تحرك الرأس إلى خلف منقلبا من غير ميل.
وأما العضل
المقلبة للرأس مع العنق فثلاثة أزواج غائرة ، وزوج مجلل كل فرد منه مثلث قاعدته
أعظم من مؤخر الدماغ وينزل باقيه إلى الرقبة ؛ وأما الثلاثة الأزواج المنبسطة تحته ،
فزوج ينحدر إلى جانبى الفقار وزوج يميل جدا إلى الأجنحة ،
وزوج يتوسط ما بين جانبى الفقار وأطراف الأجنحة.
وأما العضل
المميلة إلى الجانبين فهى زوجان يلزمان مفصل الرأس ، الزوج الواحد منهما موضعه القدام وهو الذي يصل بين الرأس والفقارة الثانية
، فرد منه يمينا وفرد منه يسارا ؛ والزوج الثاني موضعه
الخلف ، ويجمع بين الفقرة الأولى والرأس ، فرد منه يمنة وفرد منه
يسرة. فأى هذه الأربع تشنج مال الرأس إلى جهته مع توريب ، وأى اثنتين من جهة واحدة
تشنجتا مال الرأس إليهما ميلا غير مورب ، وإن تحركت القداميتان
__________________
أعانتا في التنكيس
، أو الخلفيتان قلبتا الرأس إلى خلف ؛ وإذا تحركت الأربع معا انتصب الرأس
مستويا. وهذه العضل الأربع هي أصغر العضل ، لكنها تنال بجودة موضعها وبانجرارها
تحت العضل الأخرى ما تناله الأخرى بالكبر. وقد كان مفصل الرأس محتاجا إلى أمرين يحتاجان إلى معينين متضادين : أحدهما الوثاقة ، وذلك متعلق بإيثاق
المفصل وقلة مطاوعته للحركات ؛ والثاني كثرة عدد الحركات ، وذلك يتعلق بإسلاس المفصل والإرخاء ، فجوز إرخاء المفصل استنامة إلى الوثاقة التي تحصل
بكثرة التفاف العضل المحيط به فحصل الغرضان. وأما الجبهة فتتحرك
بعضلة رقيقة مستعرضة غشائية تنبسط تحت جلد الجبهة
وتختلط به جدا حتى تكاد أن تكون جزءا من قوام الجلد فيمتنع كشطه عنها وتلاقى العضو
المتحرك عنها بلا وتر إذ كان المتحرك عنها جلدا عريضا خفيفا
ولا يحسن تحريك مثله بالوتر. وبحركة هذه العضلة ، يرتفع الحاجبان
وقد يعين العين في الغمض باسترخائها وانسدالها .
وأما الخد فله حركتان : إحداهما تابعة لحركة الفك الأسفل ، والثانية تشترك مع الشفة.
والحركة التي له تابعة لحركة عضو آخر فسببها عضل ذلك العضو ، والحركة التي له
بشركة عضو آخر فسببها عضلة هي له ولذلك العضو بالشركة. وهذه العضلة واحدة فى كل
وجنة عريضة ، وبهذا الاسم تعرف. وكل واحد من فرديه
مركب من أربعة أجزاء ، إذ كان الليف يأتيها من أربعة
مواضع ، فأحد أجزائها هو الذي منشؤه من الترقوة وتتصل نهاياتها بطرفى الشفتين إلى أسفل
وتجذب الفم إلى أسفل جذبا موربا ؛ والثاني منشؤه من القص والترقوة من الجانبين. ويستمر ليفها على الوراب. والناشئ من اليمين يقاطع الناشئ من
الشمال وينفذ فيتصل بالناشئ من اليمين بأسفل طرف الشفة الأيسر ، والناشئ من الشمال
__________________
بالضد. وإذا
تشنّجت هذه الليف ضيّقت الفم فأبرزته إلى قدام فعل سلك الخريطة بالخريطة. والثالث
منشؤه من عند الأخرم في الكتف ، ويتصل فوق متّصل تلك العضل ويميل الشفة إلى الجانبين
إمالة متشابهة. والرابع من سناسن الرقبة ، ويجتاز بحذاء الأذنين ، ويتصل بأجزاء الخدّ ، ويحرّك الخدّ حركة ظاهرة تتبعها الشفة ؛ وربما قربت جدا
من مغرز الأذنين في بعض الناس واتصلت به فحركت أذنه.
وأما الشفة فمن
عضلها ما ذكرنا أنه مشترك لها وللخد. ومن عضلها ما يخصها ، وهي عضل أربع : زوج منها
يأتيها من فوق سمت الوجنتين ويتصل بقرب طرفها ، واثنان من أسفل. وفي هذه الأربع
كفاية في تحريك الشفة وحدها ، لأن كل واحدة منها إذا تحركت
وحدها تحركت الشفة إلى ذلك الشق ، وإذا تحركت اثنان من جهتين انبسطت الشفة إلى جانبيها ، فتتم لها حركاتها إلى
الجهات الأربع ، ولا حركة لها غير تلك. فبهذه الأربع كفاية. وهذه الأربع وأطراف
العضل المشتركة قد خالطت جرم الشفة مخالطة لا يقدر الحس على تمييزها من الجوهر الخاص
بالشفة إذ كانت الشفة عضوا لينا لحميا لا عظم فيه.
وأما طرفا الأرنبة
فقد يتصل بهما عضلتان صغيرتان قويتان. أما الصغر فلكى لا يضيق على سائر العضل التي
الحاجة إليها أكثر ، لأن حركات أعضاء الخد والشفة أكثر
عددا وأكثر تكررا ودواما ، والحاجة إليها أمس من
الحاجة إلى حركة طرف الأرنبة. وخلقت قوية ليتدارك بقوتها ما يفوتها بفوات العظم
وموردهما من ناحية الوجنة ويخالط ليف الوجنة أولا. وإنما وردت من ناحية الوجنة لأن تحريكها إليها .
__________________
المقالة الثالثة عشرة
من الفن الثامن
من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى آلات جذب الحيوان للنافع ودفعه
للضار
من الأسنان والفم
والقرون
وما يشبهها
وأما الأسنان فهى اثنان وثلاثون سنا ، وربما عدمت النواجذ منها في بعض الناس ، وهي
الأربعة الطرفانية ، فكانت ثمانية وعشرين سنا. فمن الأسنان ثنتان ورباعيتان من فوق ، ومثلها من أسفل للقطع ، ونابان من فوق ونابان من تحت للكسر ، وأضراس للطحن في كل جانب فوقانى وسفلانى أربعة أو خمسة. فجملة
ذلك اثنان وثلاثون سنا أو ثمانية وعشرون
، أربع ثنايا ، وأربع رباعيات ، وأربعة أنياب ، وثمانية أرحاء وهي الأضراس ، وأربعة نواجذ وربما لم يكن. والنواجذ تنبت في الأكثر في وسط زمان النمو ، وهو بعد البلوغ إلى الوقوف . وذلك ، أى الوقوف قريبا من ثلاثين سنة ، ولذلك تسمى
__________________
أسنان الحلم.
وللأسنان أصول ورءوس محددة ومركوزة في ثقب العظام الحاملة لها من الفكين ، وتنبت على حافة كل ثقبة
زائدة مستديرة عليها عظيمة تشتمل على السن وتسنده ، وهناك روابط
قوية. وما سوى الأضراس فإن لكل واحد منه رأسا واحدا ،
وأما الأضراس المركوزة في الفك الأسفل فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرءوس
رأسان وربما كان وخصوصا للناجذين ثلاثة أرؤس ، وأما المركوزة في الفك الأعلى فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرءوس
ثلاثة أرؤس ، وربما كان ، وخصوصا للناجذين ، أربعة أرؤس. وقد كبرت رءوس الأضراس لكبرها ، ولزيادة عملها ، وزيدت للعلى لأنها معلقة. والثقل يجعل ميلها إلى
خلاف جهة رءوسها.
وأما السفلى
فثقلها لا يضاد ركزها . وليس لشىء من العظام حس البتة إلا الأسنان ، فإن الطبيب
الفاضل ، بل التجربة تشهد أن لها حسا أعينت به بقوة تأتيها من
الدماغ لتميز أيضا بين الحار والبارد.
وقد خلقت الأسنان
لمضغ الغذاء وللسلاح أيضا ، وخلقت المقدمات من الأسنان حادات للقطع ، وخلقت
الأضراس عريضات للطحن والناب بين بين. رأيت حيوان
الجندبيدستر صيد من الوادى بقريب بهستون وأسنانه
المقدمة طويلة كالمعقفة ، حمر محددة ، ليست بمعرضة . وذلك لأنها تحتاج إلى الصيد أكثر من حاجتها إلى التقطيع ، فإن الصيد إن فاتها فاتها الطعم ، وإن فاتها الاستعراض القاطع
فاتها حسن حال يمكنها أن تتلاقى
__________________
التقصير فيه بوجه
آخر من التصرف في الطعم وتقطيعه. فأسنانها كالشصوص ، ولو كانت هذه الشصوص في داخل الشدق ليس في قدام عند إخراجها إلى المصيد .
قال : وأسنان
الإنسان قد تعين أيضا على تقطيع الحروف.
أقول على ما بيناه
في مقالة لنا : وفي الحيوان ما ليس له أسنان لإصلاح اللقم
الملتقمة ، بل للسلاح ، كما في الخنزير ، وفي الفيل. وفي نابى الفيل منفعة للفيل
ذكرناها. ومن الحيوان ما لا ينتفع بأسنانه إلا في الطعم ، كأنه لا يحسن استعمالها
في القتال.
أقول : يكاد أن
يكون كل حيوان ذى سن ، فقد يفطن لاستعمالها في القتال. ومن
الحيوان ما أسنانه حادة منحازة بعضها عن بعض ،
وهو الحيوان الذي يحتاج إلى أن ينهش بأسنانه ، وليس يحتاج إلى كدم ومضغ فقط ، وهذا كالأسد. وأما الذي لا ينهش اللحم ، بل يحتاج إلى قطع حشيش أو لقمة أو
مضغة ، فقد خلقت أسنانه مصطفة منتظمة كأن على أطرافها سطحا واحدا . ولا يكون لمثل هذا الحيوان نابان نابتان طولا ، وإلا لكان ضائعا. فلما كانت
الذكورة أقوى عصبا وكأنها هي معدة للهراش ، وكان حماية الإناث عليها ، لأن الإناث
أضعف قوة وأوهن مزاجا ، خلق النابان في بعض من الحيوان وإن كان لا يأكل لحما فلا
يحتاج إلى نابين في طعمه ؛ لا لأجل الطعم ، بل لأجل السلاح. وذلك
في الذكران خاصة منها ، دون الإناث كالخنازير ، أو قوى ما للذكران وضعف ما للإناث
بسبب الغاية المذكورة ، وبسبب العلة المحركة.
وأنها كانت في الإناث أضعف ؛ وهذا مثل ما في
الجمال. وكذلك القول في سائر الأسلحة. ولهذا خلق القرن للأيّل دون الأيّلة ، ولذلك
خلق قرن الكبش والتيس أعظم من قرن النعجة
__________________
والماعز. وما كان
من السمك لا يأكل اللحم فلا يحتاج إلى الأسنان ؛ وما كان منها يأكل اللحم فيحتاج
إلى أسنان حادة لا محالة ؛ ولأنها عادمة للاعتماد في جذبها ما تنهشه ، وعادمة
لحركة العنق ، فقد عقفت أسنانها ، وربما جعلت صفا بعد صف ، وجعلت العالية تتهندم على السافلة. ومما يوجب ذلك سرعة بلعها ، لأنها لا تقدر أن تمضغ زمانا ، وإلا
لسال الماء إلى أحشائها فوق الحاجة. وهذه الصفوف جعلت لها أيضا لتقطع ما تنهشه أجزاء صغارا يقوم ذلك بدل المضغ.
وفي فم الحيوان
منافع كثيرة كما تعلم. وما كان من الحيوان إنما ينفعه فمه في الغذاء وفي الكلام فلم يحتج إلى تكبير. وكل فم احتيج منه إلى بطش إما للقتال وإما للغذاء الذي لا يحصل إلا بالنهش والجرح والصيد ، فقد
احتيج إلى تكبيره وتوسيعه. وكذلك الحال في السمك . ومناقير جوارح الطير معقفة المخاليب ليحسن تمكنه من النهش ، إذ ليس ينال
طعمه بمشى وانتقال. ومناقير لاقط الحب مستوية ، فإن ذلك أسهل له فى الالتقاط . ومناقير ما يحتاج في اغتذائه إلى سحو الطين عريضة كالمسحاة. وربما اجتمع في بعض المناقير تعقيف يسير مع استواء ،
إذا كان مما يلقط الحب ويأكل اللحم.
أقول : إن من بنات
الماء طائرا أبيض أسود الرجلين والمنقار كأن طرف منقاره ملعقة.
قال : القرون خلقت
على الرأس ، لأن سائر الأعضاء إما متأخرة لا تبصر ما يليها فينطح بها وإما مشغولة
بحركات أخرى كاليدين ، وإما ممنوعة النطح بما يتقدمها ،
كالكتفين. وكأن القرن في أكثر الحيوان إنما خلق على سبيل تدارك تقصير الحافر ،
__________________
إذ كان له بدل الحافر ظلف. وذلك القرن إنما هو لذى الظلف فقط إلا الحمار الهندى الذي هو الكركدن فإنه ذو حافر.
أقول : ويشبه عندى
أن يكون حافره غير موافق للرمح لعظم جسده ، فيكون أيضا في قرنه تدارك
للحافر.
قال : كل حيوان ذى
قرن فهو ذو قرنين إلا الحمار الهندى وهو الكركدن ، وإلا حيوانا يسمى أرفس وهو ذو ظلف. ولما كان قرن هذين فردا جعل في الوسط. والطبيعة
بتسخير خالقها تؤيد الحيوان بسلاح أو جنة ، أو الهرب ، أو
عظم ، بدن وأى هذه فقدت مادته دبرت بمادة
الآخر . وربما وجدت الطبيعة مادة لسلاح ما . فإذا عسرت حركتها إلى جهة نقلتها إلى غيرها ، مثل ما قال في
استعمال مادة الحافر في القرن. وربما أنفقت الطبيعة مادة في جهة أنفع وضيعت جهة أقل نفعا ، وخصوصا إن كانت مكفية ، فيصير ما تصنعه أنفع ، وذلك مثل إنفاق المادة في القرن ، وترك الفك الأعلى بلا
سن. وإذا أنفقت المادة في الحوافر عدم القرن ، لأن
الحافر سلاح وآلة للحصر معا. ثم جعل لها الاجترار ، فإن الاجترار يكفى مؤنة شدة
المضغ. ويشبه أن لا يكون قرن الأيّل سلاحا قويا في كل وقت ، بل ربما صار كلاّ ،
ولذلك يشتهى أن يلقيها في ذلك الوقت ، ليتخلص منها. على أن الثقل معين عليه أصغر الحيوانات ذوات القرون الغزلان ، وقلما يكون القرن في حيوان صغير.
أقول : وفي بعض الحيات وحيوانات تشبه الخنافس شىء كالقرون .
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى كلام كلى في الأحشاء وابتداء تشريح أعضاء النفس وتشريح قصبة
الرئة
والحنجرة والرئة. ثم نتكلم في أعضاء الجوف
أما الدماغ فقد
ذكرنا حاله من قبل. وتحت الدماغ من الأعضاء الباطنة المريء وقصبة الرئة.
أما المريء فيؤدى الغذاء إلى المعدة ، وأما قصبة الرئة فتؤدى النسيم إلى الرئة
وإلى القلب ، ورأسها الحنجرة وهي بإزاء المنخر.
فينبغى أن نذكر تشريح المريء والمعدة وخصوصا للإنسان.
ولنبدأ ، ولنتكلم
كلاما كليا في تشريح الأعضاء التي يحويها التنور من
الصدر والجوف. فنقول : إن الحيوان المتنفس لما كان محتاجا إلى مادتين تأتيانه من
خارج إحداهما تتقاضى بها روحه وهو النسيم ، والأخرى يتقاضى بها بدنه وهو الغذاء.
وما معه جعل لكل واحد منهما مجرى يؤديه ومعدن يقبله. فأما أحد المجريين وهو الذي للروح فالقصبة التي للرئة وما يقوم مقامها في سائر الحيوان ومؤداه إلى أعضاء
الصدر. وأما المجرى الثاني الذي هو للغذاء وما يجرى
مجراه فالمريء ومؤداه إلى أعضاء الجوف الأسفل. ولما كان المجلوب إلى الصدر نسيما
لطيفا لا يقتدر القدر الكافى على مدافعة
__________________
المنفذ الضيق
لينفذ فيه الكثير منه ، ولا على مزاحمة المنفذ المنطبق فيه ، جعل مجراه مفتوحا ،
ومع ذلك واسعا. وأما مجرى الغذاء فقد كفى أن يكون لحميا غشائيا منطبقا مجتمعا لا
يشغل مكانا كبيرا فإن الغذاء لثقله واكتنازه يفتحه ويوسعه عند النفوذ. ولما كان
التجويف الذي يقبل الغذاء تجويفا تجرى فيه أفعال طبخ الرطوبات وفيها فضول ، ولا
يخلو بعضها عن تغير رائحة وعن قذارة وبالجملة عن أبخرة غير صافية ، بل كدرة موحشة ، جعل بين الجوفين برزخ صفيق عصبى وهو المسمى بالحجاب الحاجز على ما تذكر من تشريحه في جملة العضل. فحال توسطه بين البخار العفن
وبين النسيم الطيب ، وخصوصا إذا اقتضى ثقل الأثقال وغلظها أن يكون مدفعها إلى جهة
ميلها أى إلى أسفل. وذلك يوجب وقوع معدن الغذاء تحت ، لأن الغذاء أثقل من النسيم ،
فيجب أن يكون معدنه أسفل. ولأن أولى منافذ فضله أن يكون إلى أسفل. ولا بد أن يكون
مع ذلك متصلا به ، والمتصل بالأسفل أسفل. ووجب من جميع ذلك أن يكون معدن النسيم
فوق وإذ كان معدن النسيم من فوق كان معرضا لتصعد الأبخرة القذرة إليه . فبالحرى أن يضرب بينه وبين معدن الغذاء سور . ومعدن النسيم يشتمل على رئة وقلب. ومعدن الغذاء وهو المطبخ يشتمل على عضو
كالقدر وهو المعدة ، وعن يمينه الكبد مشتملا من تلك الجهة عليه ، مربوطا بما حواليه
، وفيه يستحيل الغذاء إلى الدموية الكاملة. وأما عن يساره وإلى تحت يسيرا فقابل
الفضلة الثقيلة ، وهو الطحال. وتحت الكبد من تقعيره متصلا به قابل الفضلة الرغوية وهو المرارة ، وتحته من تحديبه متصلا به قابل الفضلة المائية وهو الكليتان ، ومفرغة المثانة. وأما مفرغة المعدة ، فالأمعاء .
ولنبتدئ الآن بتشريح أعضاء النفس وهي ما في التنور ، وأولها قصبة الرئة والحنجرة
__________________
فأما قصبة الرئة فهى عضو مؤلف من غضاريف كثيرة دوائر وأجزاء دوائر ، نضد بعضها
على بعض ، فما لاقى منها منفذ الطعام الذي خلفه وهو المريء جعل ناقصا وقريبا من
نصف دائرة ، وجعل قطعها إلى المريء. ويماس المريء منه جسم غشائى لا غضروفى ، بل
الجوهر الغضروفى منه إلى قدام. وألفت هذه الغضاريف
برباطات يجللها غشاء. ويجرى على جميع ذلك من الباطن غشاء أملس ، إلى اليبس والصلابة
ما هو. وكذلك أيضا من ظاهره وعلى رأسه الفوقانى الذي يلى الفم والحنجرة . وطرفه الأسفل ينقسم قسمين أولا ثم أقساما تجرى في
الرئة مجاورة لشعب العروق الضاربة والساكنة ، وينتهى توزعها إلى فوهات هي أضيق جدا
من فوهات ما يشاكلها ، وتجرى معها. فأما تخليقه من غضروف
فليوجد فيه الانفتاح المذكور ولا يلجئه اللين إلى الانطباق ، ولتكون صلابته واقية له إذ
كان وضعه إلى قدام لتكون صلابته سببا لحدوث الصوت أو معينا عليه. وتأليفه من غضاريف
كثيرة مربوطة بأغشية ليمكنها الامتداد والاجتماع عند الاستنشاق والتنفس. ولا يألم
عن المصادمات التي يعرض لها من تحت وفوق ، والانجذابات التي يعرض لها إلى طرفها.
ولتكون الآفة إذا عرضت لم تتسع ولم تشمل ، وجعلت مستديرة لتكون أحوى وأسلم. وإنما نقص
ما يماس المريء منه لئلا تزحم اللقمة النافذة ، بل تندفع عن وجهها إذا مددت المريء
إلى السعة . فيكون تجويفها حينئذ كأنه مستعار للمرىء ، إذ المريء يأخذ
في الانبساط إليه ، وينفذ فيه ، وخصوصا والازدراد لا
يجامع التنفس. لأن الازدراد يحوج إلى انطباق مجرى قصبة الرئة من فوق ، لئلا يدخلها الطعام من المار فوقها ، ويكون انطباقها بركوب الغضروف
المكبيّ ، الذي سنذكره على المجرى ، وكذلك الذي يسمى لا اسم له ، وسنشرح أمره.
وإذا كان
__________________
الازدراد والقىء محوجا إلى انطباق فم هذا المجرى ، لم يمكن أن يكون عندهما تنفس .
وأما تصلب الغشاء
الذي يستنبطنها ، فليقاوم حدة النوازل والنفوث الردية والبخار الدخانى المردود من
القلب ، ولكن لا يسترخى مقرع الصوت. وأما انقسامها أولا إلى قسمين ، فلأن الرئة
ذات قسمين. وأما تشعبها مع العروق السواكن فلتأخذ منها الغذاء. وأما ضيق فوهاتها
فلتكون بقدر ينفذ فيه النسيم إلى الشرايين المؤدية إلى القلب. ولا ينفذ فيها إليها
دم لو نفذ لحدث نفث الدم. فهذه صورة قصبة الرئة.
وأما الحنجرة
فإنها آلة لتمام الصوت ، ولتحبس النفس ، وفي داخلها جرم شبيه بلسان المزمار من المزمار ، وهو لتعديل الصوت. واللهاة تقوم مقام إصبع الزمار من
المزمار ، وما يقابل من الحنك ، وهو مثل الزائدة التي
يسد بها رأس المزمار فيتم به الصوت. والحنجرة مسدودة مع القصبة بالمريء سدا إذا هم المريء بالازدراد ومال إلى أسفل لجذب اللقمة ، انطبقت الحنجرة ،
وارتفعت إلى فوق ، واشتد انطباق بعض غضاريفها إلى بعض ، فتمددت الأغشية والعضل.
وإذا حاذى الطعام مجرى المريء يكون فم القصبة والحنجرة ملتصقة بالحنك من فوق ، فلا
يمكن أن يدخلها من الحاصل عند المريء شىء فيجوزها الطعام والشراب من غير أن يسقط إلى
القصبة شىء إلا في أحايين يستعجل فيها بالازدراد ، وقبل استتمام هذه الحركة ، أو يعرض للطعام حركة إلى المريء متشوشة ، فلا
تزال الطبيعة تعمل في دفعه بالسعال. والحنجرة عضو غضروفى خلق آلة للصوت ، وهو مؤلف
من غضاريف ثلاثة : أحدها الغضروف الذي يناله الحس ، والحس قدام الحلق تحت الذقن ،
ويسمى الدرقى ، والترسى إذا كان مقعر الباطن محدب الظاهر يشبه الدرق ، وبعض الترسة.
والثاني غضروف ، موضوع خلفه
__________________
يلى العنق ، مربوط
به ، يعرف بأنه الذي لا اسم له. والثالث مكبوب عليهما متصل بالذى لا اسم له ، ويلاقى الدرقى من غير اتصال ، وبينه وبين الذي لا اسم له مفصل مضاعف بنقرتين فيه يتهندم فيهما زائدتان من الذي لا اسم له ، مربوطتان بهما بروابط ، ويسمى
المكبيّ والطرجهالى. وبانضمام الدرقى إلى الذي لا اسم له وبتباعد
أحدهما عن الآخر يكون توسع الحنجرة وضيقها ، وبانكباب الطرجهالى على الدرقى
ولزومه إياه وبتجافيه عنه يكون انغلاق الحنجرة وانفتاحها. وعند الحنجرة وقدامها
عظم مثلث ، يسمى العظم اللامى ، تشبيها بكتابة اللام في حروف اليونانيين. إذ شكله
هكذا A ـ ١١. والمنفعة في خلقة هذا العظم
أن يكون متشبثا وسندا ينشأ منه ليف عضل الحنجرة فالحنجرة محتاجة إلى عضل يضم الدرقى إلى الذي لا اسم له ، وعضل يضم الطرجهالى وبطبقه ،
وعضل يبعد الطرجهالى عن الآخرين فتفتح الحنجرة. والعضل المفتحة للحنجرة منها زوج ينشو من العظم اللامى ، فيأتى مقدم الدرقى ، ويلتحم منبسطا عليه ، فإذا
تشنج أبرز الطرجهالى إلى قدام وفوق ، فاتسعت الحنجرة ؛ وزوج يعد في عضل الحلق الجاذبة إلى أسفل. ونحن نرى أن نعده في المشتركات بينهما ، ومنشأهما من القصص
إلى الدرقى . وفي كثير من الحيوانات يصحبها زوج آخر. وزوجان أحدهما
عضلتاه تأتيان بالطرجهالى من خلف وتلتحمان به إذا تشنجتا رفعتا الطرجهالى وجذبتاه إلى خلف ، فتبرأت من مضامة الدرقى ، وتوسعت
الحنجرة. وزوج تأتى عضلتاه حافتى الطرجهالى ، فإذا تشنجتا فصلتاه عن الدرقى ،
ومدتاه عرضا ، فأعان في انبساط الحنجرة. وأما العضل المضيقة للحنجرة فمنها زوج
يأتى من ناحية اللامى ، ويتصل بالدرقى ، ثم يستعرض ، ويلتف على
__________________
الذي لا اسم له ،
حتى يتحد طرفا فرديه وراء الذي لا اسم له ، فإذا تشنج ضيق. ومنها أربع عضل ، وربما ظن أنهما عضلتان
مضاعفتان تصل ما بين طرفى الدرقى والذي لا اسم له ، فإذا تشنجت ضيقت أسفل الحنجرة.
وقد يظن أن زوجا منهما مستبطن ، وزوجا ظاهر. وأما العضل المطبقة فقد كان أحسن
أوضاعها أن تخلق داخل الحنجرة ، حتى إذا تقلصت جذبت الطرجهالى إلى أسفل فأطبقته ،
فخلقت كذلك زوجا ينشأ من أصل الدرقى فيصعد من داخل إلى حافتى الطرجهالى وأصل الذي
لا اسم له يمنة ويسرة ، فاذا تقلصت شدت المفصل
وأطبقت الحنجرة إطباقا يقاوم عضل الصدر والحجاب في حصر النفس ، وخلقتا صغيرتين
لئلا تضيقا داخل الحنجرة ، قويتين ليتداركها
بقوتهما في تكلفهما إطباق الحنجرة وحصر النفس شدة ما أورثه الصغر من التقصير. ومسلكهما هو على الاستقامة صاعدتين مع قليل
انحراف يأتى به الوصل بين الدرقى والذي لا اسم له. وقد توجد عضلتان موضوعتان تحت
الطرجهالى تعينان الزوج المذكور.
وأما الرئة فإنها
مؤلفة من أجزاء أحدها شعب القصبة ، والثانية شعب الشريان الوريدى ، والثالثة شعب
الوريد الشريانى وهما عرقان يأتيان من القلب ، وسنصف
حالهما بعد. وهذه الشعب يجمعها لا محالة لحم رخو متخلخل كثير المنافذ إلى البياض ،
خصوصا فيما تم خلقه من الحيوان ، وهو ذو قسمين : أحدهما إلى اليمين والآخر إلى
اليسار والقسم الأيسر ذو شعبتين ، والقسم الأيمن ذو ثلاث شعب. ومنفعة الرئة
بالجملة الاستنشاق والنفس. ومنفعة الاستنشاق إعداد هواء للقلب فضلا عن المحتاج
إليه فى نبضة واحدة ، ومنفعة هذا الإعداد أن يكون للحيوان عند ما يغوص في الماء
وعند ما يصوّت صوتا طويلا متصلا يشغل عن أخذ الهواء أو يعاف استنشاقه لأحوال
وأسباب
__________________
داعية إليه من نتن
وغيره ، هواء معد يأخذه القلب.
ومنفعة هذا الهواء المعد أن يعدل بروحه حرارة القلب ، وأن يمد الروح بالجوهر الذي
هو أغلب في مزاجه من غير أن يكون الهواء وحده ، كما ظن بعضهم ، يستحيل روحا ، كما
لا يكون الماء وحده يغذو عضوا. ولكن كل واحد منهما إما جزء غاذ وإما منفذ . أما الماء فلغذاء البدن ، وأما الهواء فلغذاء الروح ، وكل واحد من غذاءى الروح والبدن جسم مركب لا بسيط. وأما منفعة إخراج الفضل المحترق من الروح ، وهو دخانيته ، وإخلاء الرئة لدخول الهواء
البارد ، فإن هذا المستنشق يكون لا محالة قد استحال إلى السخونة فلا ينفع في تعديل
الروح. وأما تشعب العروق والقصبة في الرئة ، فإن القصبة والشريان الوريدى يشتركان
في تمام فعل النفس ، والشريان الوريدى والوريد الشريانى يشتركان في غذو الرئة من الدم النضيج الصافى الجائى من
القلب. وأما منفعة هذا اللحم فلسد الخلل وجمع الشعب. وأما
تخلخله فليصلح للاستنشاق ، فإنه ليس إنما ينفذ الهواء في
القصبة فقط ، بل قد يتخلص إلى جرم الرئة منه ، وفي ذلك استظهار في الاستكثار ؛
وليعين أيضا بالانقباض على الدفع ، فيكون مستعدا للحركتين. ولذلك ما تنتفخ الرئة
بالنفخ. وأما بياضها فلغلبة الهواء على ما تغتذى به ، ولتردده الكثير فيه . وأما انقسامها باثنين ، فلئلا يتعطل التنفس لآفة تصيب أحد الشعبتين . وكل شعبة تتشعب لذلك إلى شعبتين. وأما الخامسة التي في الجانب الأيمن فهى فراش وطئ للعرق المسمى الأجوف. وليس نفعه في التنفس
بكثير. ولما كان القلب أميل يسيرا إلى الشمال لما عرفته ، وجد في جهة
الشمال شاغل لفضاء الصدر ، وليس في اليمين ، فحسن أن تكون للرئة في جانب اليمين زيادة تكون
__________________
وطاء للعروق ، فقد
وقعت حاجة وأمكن مكان. والرئة يغشيها غشاء عصبى ،
ليكون لها ، على ما علمت ، حس ما بوجه. وإذ لم يكن مداخلا
كان مجللا. على أن الرئة نفسها وطاء للقلب بلينها ، ووقاية له .
__________________
الفصل الثالث
(ج) فصل
فى تشريح القلب وما ينشأ عنه من الشرايين
وأما القلب ، فإنه
مخلوق من لحم قوى ليكون أبعد من الآفات فينتسج فيه أصناف الليف الطويل الجذاب والعريض الدفاع والمؤرب الماسك ، ليكون له أصناف من الحركات . وقدر خلقته بمقدار الكفاية لئلا يكون فضل وثقل وعظم ، وعرض منه منابت
الشرايين ومتعلق الرباط ليكون في المنبت وقاء للنابت ، وجعل هذا الجزء منه أعلى جزأيه ، ليكون بعيدا من الاتكاء على عظام الصدر ، فلا تؤذيه مماسته ، فدقق
منها الطرف الآخر ، كالمجموع إلى نقطة ، ليكون المبتلى بمماسة العظام أقل أجزائه. وصلب ذلك الجزء منه فضل صلابة ، ليكون
المبتلى بتلك الملاقاة أحكم. ودرج الشكل إلى الصنوبرية ليحسن هندام السفل والفوق ، ولا يكون فيه فضل. وأودع في غلاف حصيف جدا وهو وإن كان
من جنس الأغشية ، فلا يوجد غشاء يدانيه في الثخن ، ليكون له جنة ووقاية ، وبرى جرمه عن ذلك الغلاف بقدر إلا عند أصله وحيث ينبت الشريان ، ليكون له أن
ينبسط فيه من غير اختناق. وعند أصله عضو كالأساس يشبه الغضروف قليلا ليكون قاعدة
وتنفذ بخلقته . وفيه ثلاثة بطون : بطنان كبيران ، وبطن كالوسط يعده
__________________
جالينوس دهليزا
ومنفذا ليس ببطن ليكون له مستودع غذاء يغتذى به ، كثيف قوى يشاكل جوهره ،
ومعدن روح يتولد فيه عن دم لطيف ، ومجرى بينهما ، وذلك المجرى يتسع عند
تعرض القلب وينضم عند تطوله. وقاعدة البطن الأيسر أرفع وقاعدة البطن الأيمن أنزل
بكثير . وجعل بطن الغذاء عن يمينه
لأنه يأتى الغذاء إليه من الكبد وهو عن يمينه فبقى الأيسر للروح عن يساره . والعروق الضوارب وهي الشرايين خلقت إلا واحدة منها ذات صفاقين ، وأصلهما المستبطن إذ هو
الملاقى للضربان ولحركة جوهر الروح القوية المقصود صيانته وإحرازه وتقويته .
ومنبت الشرايين هو
من التجويف الأيسر من تجويفى القلب ، لأن الأيمن
أقرب من الكبد ، فوجب أن يجعل مشغولا بجذب
الغذاء واستعماله. وأول ما ينبت من التجويف الأيسر شريانان : أحدهما يأتى الرئة
وينقسم فيها لاستنشاق النسيم وإيصال الدم الذي يغذو الرئة إلى الرئة من القلب ،
فإن ممر غذاء الرئة هو القلب ، ومن القلب يصل إليها . ومنبت هذا القسم هو من أرق أجزاء القلب ، وحيث تنفذ فيه الأوردة إليه ، وهو ذو
طبقة واحدة بخلاف سائر الشرايين ، ولهذا يسمى الشريان الوريدى. وإنما خلق من طبقة
واحدة ليكون أسلس وألين وأطوع للانبساط والانقباض وليكون أطوع لرشح ما يترشح منه إلى الرئة من الدم اللطيف البخارى الملائم لجوهر الرئة الذي
قارب كمال النضج في القلب ، وليس يحتاج إلى فضل نضج كحاجة الدم الجارى في الوريد
الأجوف الذي نذكره ، وخصوصا إذ مكانه من القلب قريب فتتأدى إليه قوته الحارة
__________________
المنضجة بسهولة.
وأيضا فإن العضو الذي ينبض فيه عضو سخيف لا يخشى مصادمته لذلك
السخيف عند النبض أن تؤثر فيه صلابته ، فيستغنى لذلك عن تثخين لجرمه ما لا يستغنى عنه في مجاورة الشرايين سائر الأعضاء الصلبة.
وأما الوريد
الشريانى الذي نذكره فإنه وإن كان مجاورا للرئة فإنما يجاور منها مؤخرها مما يلى الصلب. وهذا الشريان الوريدى فإنما يتفرق في مقدم
الرئة ويغوص فيها ، وقد صار أجزاء وشعبا ، بل إذا قيس بين حاجتى هذا
الشريان إلى الوثاقة والسلاسة المسهلة عليه الانبساط والانقباض ورشح ما رشح منه وجدت الحاجة إلى التسليس أمس منها إلى التوثيق والتثخين.
وأما الشريان
الآخر وهو الأكبر ويسميه المعلم الأول أورطى ، فأول ما ينبت من القلب يرسل شعبتين أكبرهما يستدير حول القلب ويتفرق في أجزائه ، والأصغر يستدير ويتفرق في التجويف
الأيمن ، وما يبقى بعد الشعبتين فإنه إذا انفصل انقسم قسمين : قسم أعظم مرشح
للانحدار ، وقسم أصغر مرشح للإصعاد . وإنما خلق المرشح للانحدار زائدا في مقداره على الآخر لأنه يؤم أعضاء هي
أكثر عددا وأعظم مقادير ، وهي الأعضاء الموضوعة دون القلب. وعلى مخرج أورطى أغشية ثلاثة صلبة هي من داخل إلى خارج ، فلو كانت واحدة أو اثنتين لما كان تبلغ
المنفعة المقصودة فيها إلا بتعظيم مقداره أو مقدارهما . وكانت الحركة تثقل بهما ، ولو كانت أربعة
لصغرت جدا ، وبطلت منفعتها أو إن عظمت في مقاديرها
ضيقت المسلك.
__________________
وأما الشريان
الوريدى فله غشاءان موليان إلى داخل ، وإنما اقتصر على اثنين إذ ليس من الحاجة هناك إلى إحكام السّكر ما هاهنا ، بل
الحاجة هناك إلى إيهانه أكثر ليسهل اندفاع البخار الدخانى والدم الصائر
إلى الرئة. وأما الجزء الصاعد من جزئى أورطى ،
فإنه ينقسم إلى قسمين أكبرهما يأخذ مصعدا نحو اللبة ، ثم يتورب إلى الجانب الأيمن ، حتى إذا بلغ اللحم الرخو التوثى الذي هناك انقسم ثلاثة
أقسام : اثنان منها هما الشريانان المسميان بالسباتيين ويصعدان يمنة ويسرة مع الوداجين الغائرين اللذين نذكرهما
بعد ويرافقانه في الانقسام على ما نذكر بعد.
وأما القسم الثالث
فيتفرق في القص وفي الأضلاع الأول الخلص والفقارات الست العلى من الرقبة وفي نواحى الترقوة حتى يبلغ رأس الكتف ثم يجاوزه إلى
أعضاء اليدين.
وأما القسم الأصغر
من قسمى أورطى الصاعد ، فإنه يأخذ إلى ناحية الإبط ، وينقسم انقسام الثالث
والقسم الأكبر. وكل واحد من الشريانين السباتيين ينقسم عند انتهائه إلى الرقبة إلى قسمين : قسم مقدم وقسم مؤخر. والمقدم ينقسم
قسمين : قسم منه يستبطن فيأخذ إلى اللسان والعضل الباطنة من عضل الفك الأسفل ،
وقسم آخر يستظهر ويرتقى إلى ما يلى قدام الأذنين إلى عضل الصدغين ويجاوزها بعد أن يخلف فيها شعبا كثيرة إلى قلة الرأس ، وتتلاقى أطراف اليمنى مع
أطراف اليسرى منهما.
وأما الجزء المؤخر
فيتجزأ جزءين : الأصغر منهما يرتقى
أكثره إلى خلف ويتفرق
__________________
فى العضلة المحيطة بمفصل الرأس ، وبعضه يتوجه إلى قاعدة مؤخر الدماغ داخلا في ثقب عظيم
عند الدرز اللامى.
وأما الأكبر فيدخل
قدام هذا الثقب في الثقب الذي في العظم الحجرى إلى الشبكة ، بل وينتسج عنها الشبكة عروقا في
عروق وطبقات على طبقات من غضون على غضون من غير أن يمكن أخذ واحد منها
بانفراده إلا ملتصقا بآخر مربوطا به كالشبكة ، ويتفرق قداما وخلفا ويمنة ويسرة
وينتشر في الشبكة ، ثم يجتمع منها زوج كما كان أولا وينثقب له الغشاء ويرتقى إلى الدماغ ، ويتفرق فيه في الغشاء الرقيق ثم في جرم الدماغ إلى بطونه وصفاق
بطونه ، ويلاقى فوهات شعبها التي قد صغرت بمره فوهات شعب العروق الوردية النازلة
وإنما أصعدت هذه وأنزلت تلك لأن تلك ساقية صابة للدم الذي أحسن أوضاع أوعيته الساقية أن تكون متنكسة الأطراف.
وأما هذه فإنها
تفيد الروح. والروح لطيف متحرك صاعد لا يحتاج إلى تنكيس وعائه حتى ينصب ، بل إن
فعل ذلك أدى إلى إفراط استفراغ الدم الذي يصحبه ، وإلى عسر حركة الروح فيه ، لأن حركته إلى فوق أسهل. وبما في
الروح من الحركة واللطافة كفاية في أن ينبت منه في الدماغ ما يحتاج إليه في تسخينه
. ولهذا ما فرشت الشبكة تحت الدماغ ليتردد الدم الشريانى
والروح فيها. ويتشبه بالمزاج الدماغى بعد النضج ، ثم يتخلص إلى الدماغ على تدريج
والشبكة موضوعة بين العظم وبين الغشاء الصلب.
وأما القسم النازل
فإنه يمضى أولا على الاستقامة إلى أن يتوكأ على الفقرة
الخامسة إذ حذاء وضعه وضع رأس القلب. وهناك النوثة كالمسند والدعامة
له ولتحول بينه وبين
__________________
عظام الصلب.
والمريء إذا بلغ ذلك الموضع ينحى عنه يمنة ولم يجاوزه ، ثم
استقل متعلقا بأغشيته عند موافاته الحجاب ، لئلا يضايقه . وهذا الشريان النازل ، إذا بلغ الفقرة الخامسة انحرف وانحدر إلى أسفل ممتدا
على الصلب إلى أن يبلغ عظم العجز ، وكما يحاذى الصدر ويمر
به ، يخلف شعبا ، منها شعبة صغيرة دقيقة تتفرق في وعاء الرئة من
الصدر ، وتأتى أطرافه قصبة الرئة ، ولا يزال يخلف عند كل فقرة يمر
بها شعبة تصير إلى ما بين الأضلاع والنخاع ، فإذا جاوز الصدر
تفرع منه شريانان يأتيان الحجاب ويتفرقان فيه يمنة ويسرة ،
وبعد ذلك يخلف شريانا تتفرق شعبه في المعدة والكبد والطحال ، وتتخلص من
الكبد شعبة إلى المثانة ، وينبت منها بعد ذلك شريان يأتى الجداول التي حول المعا الدقاق وقولون ؛ ثم من بعد ذلك ينفصل منه ثلاثة شرايين : الأصغر منها يخص الكلية اليسرى ويتفرق في لفائفها وما يحيط بها من الأجسام ويفيدها الحياة ، والآخران يصيران إلى الكليتين كل
إلى واحدة لتجتذب الكلية منهما مائية الدم
فإنهما كثيرا ما تجتذبان من المعدة والأمعاء دما غير نقى. ثم
ينفصل شريانان يأتيان الأنثيين فالآتى إلى اليسرى منهما يستصحب دائما قطعة من الآتى إلى الكلية اليسرى ، بل ربما كان منشأ ما يأتى
الخصية اليسرى هو من الكلية اليسرى فقط ، والذي يأتى اليمنى يكون منشؤه دائما من الشريان الأعظم ، وفي الندرة ربما استصحب
شيئا مما يأتى الكلية اليمنى ثم تنفصل من هذا الشريان الكبير شرايين تتفرق في
جداول العروق التي حول المعاء المستقيم ، وشعب تتفرق في النخاع وتدخل فى ثقب
الفقار ، وعروق تصير إلى الخاصرتين وأخرى تأتى الأنثيين. ومن جملة هذا
__________________
زوج صغير ينتهى
إلى القبل ، غير الذي نذكره بعد ، وذلك في الرجال والنساء ، ويخالط الأوردة. ثم أن
الشريان الكبير إذا بلغ آخر الفقار انقسم مع الوريد الذي يصحبه ، كما يذكره ،
قسمين : على هيئة اللام في حروف اليونانيين هكذاA
قسم يتيامن وقسم يتياسر ، وكل منهما يمتطى عظم العجز آخذا إلى الفخذين ، وقبل موافاتهما الفخذ ، يخلّف كل واحد منهما عرقا يأخذ إلى المثانة وإلى السرة
ويلتقيان عند السرة ، ويظهران في الأجنة ظهورا بينا.
وأما في
المستكملين فيكون قد جفت أطرافهما وبقى أصلاهما ، فيتفرع منهما فروع تتفرق في العضل الموضوعة على عظم العجز. والذي يأتى
عنه المثانة ينقسم فيها وتأتى أطرافه القضيب ، وباقيه يأتى الرحم من النساء وهو
زوج صغير.
وأما النازلان إلى
الرجلين فإنهما يتشعبان في كل واحد من الفخذين شعبتين عظيمتين وحشيا
وإنسيا. والوحشى فيه ميل أيضا إلى الإنسى ، ويخلف شعبا في العضل الموضوعة هناك ، ثم
ينحدر ، ويميل منها إلى قدام شعبة كبيرة بين الإبهام والسبابة ، ويستبطن باقيه.
وهي في نفوذها في أكثر أجزاء الرجل تنفذ ممتدة تحت الشعب الوريدية التي تذكرها بعد. فمن هذه الضوارب ما لا يرافق الأوردة
كالآتين من الكبد إلى السرة في أبدان الأجنة وشعب الضارب الوريدى والضارب النافذ إلى الفقرة الخامسة والصاعد إلى اللبة والمائل إلى الإبط والسباتيان حيث يتفرقان في الشبكة
والمشيمة ، والتي تأتى الحجاب ، والنافذ إلى الكتف مع شعبه ، والتي تأتى
المعدة ، والكبد والطحال والأمعاء ، والتي
__________________
تنحدر من مراق
البطن ، والعروق التي في عظم العجز وحده . فإذا رافق الشريان الوريد على الصلب ، امتطى الشريان الوريد ليكون
أخسهما حاملا للأشرف.
وأما في الأعضاء الظاهرة فإن الشريان يغور تحت الوريد ليكون أستر وأكنّ له ، ويكون
الوريد له كالجنة. وإنما أصبحت الشرايين الأوردة لسببين : أحدهما لترتبط الأوردة بالأغشية المجللة للشرايين فيستقر فيما بينهما من
الأعضاء ، والآخر ليستقى كل واحد منهما من الاخر. ولما كان الكبد عضوا ثانيا في
التكون يتكون بعد القلب بقوة مصورة تصدر عن القلب من أفضل جهتى القلب وهو اليمين وقع الكبد في اليمين وصار القلب إلى اليسار ، لأن أفضل جهتى القلب اليمين ،
وعنه مبدأ انبعاث قوته ؛ كما أن القوى إذا فعل بيده اليمنى فعلا حصل عن يسار فعله.
وليس قولى أفضل الجهتين وقولى أفضل البطنين أو الغشاءين واحدا. ولما كان البطن
الأيمن من القلب يحوى غليظا ثقيلا والأيسر يحوى رقيقا خفيفا
عدل الجانبان بترقيق البطن الذي يحوى الغليظ ، وخصوصا إذا أمن
التحليل بالشرح لغلظ المحوى وبتغليظ البطن الذي يحوى الرقيق وخصوصا إذا لم يؤمن التحلل بالرشح أو التفشى ، بل جعل وعاء الأرق أضيق وأعدل دمه في الوسط ، وله
زائدتان ، على فوهتى مدخل مادتى الدم والنسيم في القلب كالأذنين ، عصبيتان تكونان متغضنتين مسترخيتين ، ما دام القلب منقبضا ، فإذا
انبسط توترتا وأعانتا على حصر ما يحتوى عليه إلى داخل. فهما كخزانتين تقبلان عن الأوعية ثم ترسلانه إلى القلب بقدر
وأرقنا لتكونا أحوى وأحسن إجابة إلى الانقباض ، وصلبتا لتكونا
أبعد عن الانفعال.
__________________
والقلب يغتذى مع
قواه الطبيعية بانبساط ، فيجذب الدم إلى داخله كما يجتذب الهواء. وقد وضع القلب في الوسط من الصدر لأنه أعدل موقع ، وأميل يسيرا إلى
اليسار ليبعد عن الكبد ، فيكون للكبد مكان واسع.
وأما الطحال فنازل
عنه بعيد ، وفي إنزاله منفعة سنذكرها ، لأن توسعة المكان للكبد أولى من توسيعه للطحال ، لأن الكبد أشرف. ومما قصد في
إمالة القلب عن الكبد أن لا يجتمع الحار كله في شق واحد ، وليعدل الجانب الأيسر ،
إذ الطحال بنفسه غير حار جدا ، ولتقل مزاحمته للعرق الأجوف الجائى إليه ممكنا له بعض المكان .
وما كان من
الحيوان عظيم القلب وكان مع ذلك جزعا خائفا كالأرانب والأيلة فالسبب فيه أن حرارته. قليلة فينتشر في شىء كبير فلا يسخنه
بالتمام. وما كان صغير القلب وكان مع ذلك جريّا ، فلأن
الحرارة فيه كثيرة ، وتحتقن وتشتد. أقول : أكثر ما هو جريّ عظيم القلب. قال : ولا يحتمل القلب ألما ولا ورما ، ولذلك لم يذبح حيوان فيوجد في قلبه من الآفات ما يوجد في سائر الأعضاء.
وقد يوجد في قلب
بعض الحيوان الكبير الجثة عظم وخصوصا في الثيران ، وهذا العظم مائل إلى الغضروفية
؛ وأكثره وأعظمه مع زيادة صلابة هو ما يوجد في قلب الفيل. وقد وجد قلب بعض القرود ذا رأسين. ومن قوة حياة القلب أنه إذا سلّ من الحيوان فقد ينبض إلى حين. وقد
أخطأ من ظن أن القلب عضلة وإن كان أشبه الأشياء بها لكن تحركه غير إرادى .
__________________
الفصل الرابع
(د) فصل
فى تشريح طريق الغذاء وهو المريء والمعدة والأمعاء والصفاقات التي عليها
والعضل المحركة للمقعدة
أما المريء فهو مؤلف من لحم وطبقات غشائية تستبطنه مطاولة الليف ليسهل الجذب للازدراد. فإنك تعلم أن الجذب بالليف المطاول ،
ويعلوه غشاء من ليف مستعرض للدفع إلى تحت. فإنك تعلم أن الدفع بالليف المستعرض وفيه لحمية ظاهرة ، وموضعه على
الفقار الذي في العنق على الاستقامة ، وفي حرز ووقاية ،
وينحدر معه زوج عصب من الدماغ ، وإذا حاذى الفقرة الرابعة من فقار الصلب المنسوبة إلى الصدر تنحى يسيرا إلى اليمين
توسيعا لمكان العرق الآتى من القلب ، ثم ينحدر على الفقرات الثمان الباقية حتى إذا
وافى الحجاب ارتبط به بربط يشيله يسيرا لئلا يضغط ما يمر فيه العرق الكبير ، وليكون
نزول العصب معه على تعريج يؤمنه آفة الامتداد المستقيم عند ثقل يصيب المعدة . ثم يستعرض بعد النفوذ في الحجاب ، وينبسط متوسعا فما للمعدة ، وبعد المريء جرم
__________________
المعدة المنفسح.
وخلقت بطانة المريء أوسع وأثخن من الأمعاء لأنه منفذ للأصلب ، وبطانة المعدة متوسطة
وألينها عند قعر المعدة ، ثم هي في المعاء ألين. وإنما
ألبس باطنه غشاء ممتدا إلى آخر المعدة من الغشاء
المجلل للفم ليكون الجذب متصلا ، وليعين على إشالة الحنجرة إلى فوق عند الازدراد
بامتداد المريء إلى أسفل. والمريء إذا حققت ، كان جزءا من المعدة .
وأما أول الأمعاء فليس بجزء من المعدة ، بل شىء متصل بها قريب ، وينخرط جرم المعدة من لدن يتصل بها المريء ، ويتصل ويتسع من أسفل ، لأن المستقر للطعام فى أسفل فيجب أن يكون
أوسع. وجعل مستديرا لما نعلم من المنفعة مسطحا من ورائه ليحسن
لقاؤه الصلب ، وهو من طبقتين داخلتهما طولية الليف لما تعلم من حاجة الجذب . وفي الخارجة ليف مستعرض للدفع. وجعل ذلك الليف من المعدة
خارجا لأن الجذب أوّل أفعالها وأقربها ، ثم الدّفع يرد بعد ذلك ويتم بالعصر لجملة الوعاء ليدفع ما فيه. ويخالط الطبقة الخارجة ليف مورب ليعين على
الإمساك . وقعره أكثر لحمية ليكون أحرّ ، فيكون أهضم ، وفمه أكثر
عصبية ليكون أشد حسا. ويأتيه من عصب الدماغ شعبة يفيدها الحس ليشعر بالجوع والنقصان ، ولا يحتاج إلى ذلك سائر ما بعد فم
__________________
المعدة. وإنما
تحتاج المعدة إلى الحس لأنها تحتاج إلى تنبيه النفس على حاجتها
إذا خلا البدن عن الغذاء ، فإنه إذا كان الطرف الأول حساسا كسابا للغذاء لنفسه
ولغيره ، لم يحتج ما بعده إلى ذلك لأنه مكفى بتمحل غيره . والمعدة تهضم بحرارة في لحمها غريزية وبحرارة مكتسبة ، فإن الكبد يركب يمينها من فوق ، وذلك لأن هناك انخراطا يحسن تمكنه منه. والطحال ينفرش تحتها من اليسار مبعدا يسيرا عن الحجاب لقذارته ، ولأنه
لو ركب هو والكبد جميعا لثقل ذلك على المعدة ، فاختير أن يركبها الكبد ركوب مشتمل عليه بزوائد تمتد كالأصابع. وينفرش
الطحال من تحت ، ومع ذلك فإن الكبد كبير جدا بالقياس إلى الطحال للحاجة إلى كبره.
وكيف لا وإنما الطحال وعاء لبعض فضلاته ، فلزم أن يميل رأس المعدة إلى اليسار
تفسيحا للكبد ، فضيق اليسار ، وميل أسفله إلى فضاء يخليه الكبد من تحت ، فينفسح أيضا مكان الطحال من اليسار ، ومن تحت ، فجعل أشرف الجهتين وهو من فوق واليمين للكبد ، وأخسهما المقابل لها للطحال. هذا وقد
يدفئها من قدام الثرب الممتد عليها وعلى جميع الأمعاء من الناس خاصة ، لكونهم أحوج
إلى معونة الهضم لضعف قواهم الهاضمة بالقياس إلى غيرهم ، وجعل كثيفا ليحصر الحرارة ، رقيقا ليخف ، شحميا ليكون مستحفظا للحرارة من قدام. فإن الشحمية تقبل الحرارة جدا وتحفظها للزوجة
الدسمة. وفوق الثرب الغشاء والمراق ، وعضلات البطن الشحمية كلها ، ومن خلفها الصلب
__________________
ممتدا عليه ضوارب كثيرة حارة بسبب حرارة روحها ودمها ووريد كبير حار بسبب حرارة دمه . وأما الغشاء
الذي يحوى الأحشاء الغذائية كلها فإنها يغشاها ، ويميل
إلى الباطن ، ويجتمع عند الصلب من جانبيه ، ويتصل بالحجاب من فوقه ، ويتصل بأسفل
المثانة والخاصرتين من أسفله . ومنافعه وقاية تلك الأحشاء والحجز بين المعاء وعضل المراق
لا يتخللها فيشوش فعلها ويعصر المعدة بتمدده عليها عصرا ما يعين على دفع الثفل ، وكذلك يعصر المثانة ويعين على زرق البول ونفض الرياح النافخة فلا تعجز الأمعاء ، ويعين
على الولادة ، ويربط جملة الأحشاء بعضها ببعض وبالصلب فيكون اجتماعها وثيقا وتكون هي والصلب كشىء واحد. وإذا
اتصل بالحجاب والتقى طرفاه عند الصلب فقد ارتبط هناك ، ومن هناك مبدؤه ، فإن مبدأه
فضل تنحدر من الحجاب إلى فم المعدة وتلقاه فضلة من المتعصد إلى الصلب يلتقيان ، ويتكون من هناك صفاق ثخين يحتوى على المعدة وراء
الصفاقين ويكون وقاية للصفاق اللحمى الذي لها
ويصل المعدة ، ويربطها بالأجرام التي تلى الصلب ، ويفضل من
منبته فضل من الجانبين ، فينتسج منه ومن شعب عرقين ضارب وغير ضارب ممتدين على
المعدة جوهر الثرب انتساجا من طبقات متراكبة شحمية
تغشى المعدة والمعاء والطحال والماساريقا منقطعا إلى الجانب المسطح من المعدة.
__________________
وهذا الثرب مع
تبريته منوط بمناوط من المعدة وتقعير الطحال ، ومواضع شرياناته
والغدد التي بين العروق المصاصة المسماة مساريقا وبين المعا الاثنى عشرى. لكن مناوطها قليلة وضعيفة. وربما اتصل بالكبد
وبأضلاع الزور اتصالا خفيا. وهذه المناوط هي المنابت للثرب وأولها المعدة. وهذا
الثرب كله جراب لو أوعى شيئا سيالا أمسكه . وإذا حققت فإن الجلد والغشاء الذي بعده وهو لحمى والعضل الموضوع في الطبقة
الفوقانية من طبقات عضل البطن المعلومة معدود كله في جملة المراق. والطبقة
السفلانية من طبقات عضل البطن مع الغشاء الرقيق الذي هو بالحقيقة الصفاق من جملة
الصفاقات. والثرب كبطانة للصفاق ظهارة للمعدة. وهذه الأجسام كلها متعاونة في تثخين المعدة
تعاونها في وقايتها. وفي أسفل المعدة ثقب تتصل به المعا الاثنى عشرى. وهذا الثقب يسمى البواب ، وهو أضيق من الثقب الأعلى لأنه منفذ للمهضوم المرقق ، وذلك منفذ لخلافه. وهذا المنفذ ينضم
إلى أن يقضى ، ثم ينفتح إلى أن يقضى الدفع.
واعلم أن المعدة
تغتذى من وجوه ثلاثة : أحدها بما يتعلل به والطعام يعد فيها ، والثاني بما يأتيها
من الغذاء في العروق المذكورة في تشريح العروق ؛ والثالث بما قد ينصب إليها عند
الجوع الشديد من الكبد دم أحمر نقى فيغذوها.
واعلم أن القدماء
إذا قالوا فم المعدة عنوا تارة المدخل إلى المعدة وتارة أعلى المدخل الذي هو الحد
المشترك بين المريء والمعدة. ومن الناس من يسميه الفؤاد والقلب اشتراكا في الاسم
أو ضعفا في التمييز.
وأما بقراط فكثيرا
ما يقول : فؤاد ، ويعنى به فم المعدة بحسب المؤول .
__________________
إن الأفعال الضرورية في قوام الحيوان ثلاثة : فعل تغذية البدن ، ويصدر عن القوة الطبيعية ؛ وفعل
تغذية الروح وتعديله ، ويصدر عن القوة الحيوانية ؛ وفعل الحس والحركة ويصدر عن
القوة النفسانية. وقد أعد الخالق تعالى لكل واحد من تلك
الأعضاء التي تخص فعلا فعلا منها تجويفا وخزانة تحويه ، فأعضاء التغذية للبدن هي المعدة والكبد ويدخل معهما الطحال والمرارة
والكليتان والمعا ؛ والتجويف الذي يحويها هو الفضاء الذي يحيط به
المراق من قدام ، والصلب الأسفل من خلف ، والحجاب الحاجز المسمى ديافرغما من فوق ، وعظم
العانة والورك من تحت. وأعضاء تربية الروح وتغذيته القلب والرئة وقصبتها والتجويف
الذي يحويها هو الفضاء الذي يحده ، أما من قدام فالقص وأضلاع الصدر ، ومن خلف الظهر الأعلى ، ومن فوق الترقوة والعنق. ومن تحت
الحجاب الحاجز. وأعضاء الحس والحركة ، ومبدأ قواها الدماغ والنخاع ، ثم العصب ،
والتجويف الذي يحويها هو الفضاء الذي يحده ، أما من فوق فالقحف وأما من قدام فالعظم الذي يحيط به الدرز الإكليلى ، وأما من خلف فالعظم الوتدى والعظم الذي يحيط به الدرز اللامى ، وأما من
الجانبين فالعظمان اللذان فيهما الصماخان . ويتصل بهذا
التجويف العظيم التجويف الذي هو ثقب نافذ في خرزات العنق والصلب. وهذه الأعضاء التي تحيط بها هذه التجاويف هي الأعضاء الضرورية في قوام الحياة ، وسائر الأعضاء أطراف لها
وجنن غير ضرورية. وقد خلق الخالق تعالى موضع تغذية (١ ـ ١٦)
هذه الصفحة مذكورة في أول الفصل التالى في نسختى د ، سا وفي آخره في نسختى ط ، م.
__________________
الروح وتربيته
وتعديله بالنسيم في الوسط ، لأنه أصون المواضع لما يحويه وأبعدها عن منال الآفات التي تحتملها سائر الأعضاء دون عضو الحياة ، أعنى القلب ، وحصنه بجنة قوية من العظام. وجعل أعضاء الغذاء تحته لأنها كبيرة ثقيلة قذرة ، ولو كانت فوقه لآذته بثقلها ، ولجرى إليه فضولها ، وجعل بينهما برزخا صفيقا ثخينا هو الحجاب الحاجز المعروف بديافرغما ، لئلا يختلط بالنسيم الطيب شىء من جنس الأبخرة المتصعدة عن الأغذية وعن أثقالها المتعفنة. وجعل أعضاء الحس والحركة
فوقه ، لأنها صغيرة الحجم ، لأن فعلها بجوهر لطيف ، وهو الروح ، فلذلك لا تثقل على ما تحتها ، ولأن العضو الحاس وخصوصا العين طليعة للبدن ، وأوفق المواضع للطليعة أن يكون مرتفعا مشرفا على غيره.
فهذه هي التجاويف
التي تسكنها الأعضاء الضرورية في قوام الحياة. وغرضنا فى هذا الفصل مقصور على
أعضاء التجويف الأسفل ، ومن بينها على أعضاء دفع
الفضول اليابسة وهي الأمعاء. فلنأخذ في تشريحها وتعديد منافعها ، فنقول : إن الخالق تعالى لما خلق الإنسان
مركبا من عناصر متضادة ، وجعل قوام جوهره من الرطوبة ، وكان الحار الذي فيه والحار
المحيط يحلل جوهره ، وجب أن يدبر بحكمته لبدنه
تدبيرا يحصل له به بدل ما يتحلل عنه ، فهيأ له مما يحضره أجساما من شأنها أن تستحيل إلى مشاكلة جوهره فتسد مسدّ المتحلل منه ، وهذا هو الغذاء ، وأعد له أعضاء فيها ينضج هذا
الشىء الذي
__________________
هو الغذاء ويستحيل
إلى قبول مشاكلته ، وهذه الأعضاء هي الكبد والمعدة وما يجرى معهما . ولما علم بسابق علمه أن الجسم الذي هو الغذاء ليس يمكن طبيعة الإنسان أن
تحيله كله إلى مشاكلة بدنه ، بل البعض اللطيف منه ، ويبقى منه فضل
مؤذ بأحشائه خلق له آلات دفع الفضل وهي الأمعاء ، كما خلق له آلة جذب الغذاء وهي المريء ، وخلق الأمعاء من جوهر عصبى لتكون صلبة لينة ، أعنى صلبة بالقياس إلى الباتر القاد ، لينة بالقياس
إلى الباسط الماد. ولو خلقها عظيمة لما أطاعت للانبساط
عند الامتلاء والانتفاخ من الرياح ولكانت أيضا ثقيلة مؤذية عند الحركة. ولو خلقها
لحمية لكانت تتعرض للانخراق عند تمديد الأثقال والرياح الزائدة على المجرى الطبيعى.
فخلقها الصانع تعالى عصبية تنبسط وتمتد ولا يسرع إليها الانصداع والانخراق والتآكل ، وخلقها من طبقتين لتكون أمتن وأثخن وأصبر على ما يزحمها من الأثفال المنعقدة اليابسة ، ويلذعها من الأخلاط الحادة وحتى تفى إحدى
الطبقتين بالغرض في خلقة الأمعاء إن عرض للأخرى آفة. وخلق الليف في نسج كلتا
الطبقتين مستعرضا بخلاف ما خلق في طبقتى المعدة إذ كان الليف في الباطنة من طبقتى المعدة مستطيلا ، وكانت الحكمة في
ذلك أن حاجة المعدة إلى استعمال القوة الجاذبة أشد وأكثر. وآلة القوة الجاذبة هي
الليف المستطيل الذي يمكنه أن ينجذب إلى المبدأ فتنفتح الموارد وتدنو منه ، وتشتمل عليه. كما أن آلة القوة الدافعة هى الليف المستعرض الذي
يمكنه أن ينقبض شديدا فيضغط ما حقه أن يندفع وينفذ . وآلة القوة الممسكة هي الليف المورب الذي يمكنه أن يحتوى على الشىء من جوانب
شتى متخالفة فيجود تمكنه من ضبطه .
__________________
الفصل الخامس
(ه) فصل
خاص
في الأمعاء
إن الخالق سبحانه وتعالى جده لسابق عنايته بالإنسان وسابق علمه بمصالحه خلق أمعاءه التي هي آلات دفع الفضل اليابس كثيرة العدد والتلافيف والاستدارات ليكون للطعام المنحدر من المعدة مكث صالح في تلك التلافيف والاستدارات. ولو خلقت
الأمعاء معا واحدا أو قصيرة المقادير لانفصل الغذاء سريعا عن الجوف واحتاج الإنسان كل
وقت إلى تناول الغذاء على الاتصال ومع ذلك إلى التبرز والقيام للحاجة ، وكان من أحدهما في شغل شاغل عن تصرفه في واجبات معيشته ، ومن
الثاني في أذى واصب ، وكان ممنوا بالشره والمشابهة بالبهائم . فكثّر الخالق تعالى عدد الأمعاء وطول مقادير كثير منها لهذا من المنفعة ، وكثر استدارتها لذلك ولمنفعة أخرى ، وهي أن العروق
المتصلة بين الكبد وبين آلات هضم الغذاء إنما تجذب
اللطيف من الغذاء بفوهاتها النافذة في صفاقات المعدة والمعاء ، وإنما تجذب من اللطيف ما يماسها. وأما ما يغيب عنها ويتوغل في عمق الغذاء البعيد عن
ملامسة فوهات العروق فإن جذب ما فيه إما غير ممكن
__________________
وإما عسر ؛ فتلطف الخالق جل اسمه بتكثير التلافيف ليكون ما يحصل متعمقا فى جزء من المعا يعود ملامسا في جزء آخر فتتمكن طائفة أخرى من العروق من امتصاص صفاوته التي
فاتت الطائفة الأولى.
وعدد المعاء ست :
أولها المعروف بالاثنى عشرى ، ثم المعروف بالصائم ، ثم معاء طويل ملتف يعرف
بالدقاق واللفائف ، ثم معاء يعرف بالأعور ، ثم معاء يعرف بالقولون ، ثم معاء يعرف
بالمستقيم وهو السرم . وهذه الأمعاء كلها مربوطة بالصلب برباطات يشدها على واجب أوضاعها. وخلقت العليا منها رقيقة الجوهر ، لأن حاجة
ما فيها إلى الإنضاج ونفوذ قوة الكبد إليه أكثر من الحاجة في المعاء السفلى ، ولأن
ما تتضمنه لطيف لا يخشى فسخه لجوهر المعاء بنفوذه فيه ومروره به ، ولا خدشة له.
والسفلى مبتدئة من الأعور غليظة ثخينة مشحمة الباطن لتكون مقاومة للثفل الذي إنما يصلب ويكثف أكثره هناك. وكذلك إنما يتعفن
إذا أخذ يتعفن فيه. والعلى لا تشحيم له ، ولكن لم يخل في الخلقة من تغرية سطحه الداخل
برطوبة لزجة مخاطية تقوم مقام التشحيم. والمعاء
الاثنا عشرى يتصل بقعر المعدة ، وله فم يلى المعدة يسمى
البواب. وهذا بالجملة مقابل للمرىء ، فكما أن المريء إنما هو للجذب إلى المعدة من فوق ، فكذلك هذا إنما هو للدفع عن
المعدة من تحت ، وهو أضيق من المريء. واستغنى في الخلقة عن توسيعه توسيع المريء
لأمرين : أحدهما أن الشىء الذي ينفذ في المريء أخشن وأصلب وأعظم حجما. والذي ينفذ
في هذا المعاء أسلس وألين وأرق حجما ، لانهضامه في المعدة واختلاط الرطوبة المائية
به والثاني أن النافذ في المريء لا يتعاطاه من القوى الطبيعية
__________________
إلا قوة واحدة وإن
كانت الإرادية تعينها فإنما تعينها من جهة واحدة وهي الجاذبة ، فأعينت بتفسيح السبيل وتوسيعه. وأما النافذ في المعا الأول فإنه
ينفعل عن قوتين : إحداهما الدافعة التي في المعدة ، والأخرى الجاذبة التي في المعا. ويرافدها الثفل الذي يحصل
لجملة الطعام ، فيسهل لذلك اندفاعه في السبيل المعتدل السعة .
وهذه القصبة تخالف المريء في أن المريء كجزء من المعدة مشاكل لها في هيئة تأليفها من
الطبقات. وأما هذه القصبة فكشيء ملصق بها مخالف لها في جوهر طبقاتها ، لا كطبقتى المعدة ، إذ
كانت المعدة تحتاج إلى جذب قوى لا تحتاج إلى مثله المعا ،
فلذلك الغالب على طبقتى المعا الليف الذاهب في العرض.
لكن المعا المستقيم قد يظهر منه ليف كثير بالطول ، لأنه منق للأمعاء عظيم الفعل
يحتاج إلى جذب لما فوقه ليستعين به على جودة العصر والدفع والإخراج. فإن القليل
عاص على العصر ، ولذلك خلق واسعا عظيم التجويف. وخلق للمعا طبقتان للاحتياط في أن
لا يفشو الفساد والعفن لهما معا عند أدنى آفة تلحقها سريعا ، ولاختلاف الفعلين في الطبقتين . وخلقت هذه القصبة مستقيمة
الخلقة ممتدة من المعدة إلى السفل ليكون أول الاندفاع
متيسرا ، فإن نفوذ الثفل في الممتد
المستقيم إلى السفل أسرع منه في المتعرج أو المنتصب ، وكانت هذه الخلقة فيها أيضا نافعة في معنى آخر ، وهو
أنها إذا نفذت مستقيمة خلت يمنتها ويسرتها مكانا لسائر الأعضاء المكتنفة للمعدة من
الجانبين ، كالكبد يمنة والطحال يسرة. ولقبت بالاثنى عشرى لأن طولها هذا القدر من
أصابع صاحبها مضمومة ، وسعتها سعة فمها
__________________
المسمى بالبواب . والجزء من المعاء الدقيقة التي تلى الاثنى عشرى يسمى
صائما ، وهذا الجزء فيه ابتداء التلفيف والانطواء
والتلوى وكأن فيها مخازن كثيرة . وقد سمى هذا المعاء صائما لأنه في الأكثر يوجد خاليا فارغا
. والسبب في ذلك تعاضد أمرين : أحدهما أن الذي ينجلب إليه من الكيلوس يسرع إليه الانفصال عنه. فطائفة تنجذب نحو الكبد ، لأن العروق الماساريقية أكثرها متصل بهذا المعاء ، لأن هذا المعا أقرب الأمعاء من الكبد. وليس في شىء من الأمعاء من شعب الماساريقا ما فيه وبعده الاثنا عشرى. وهذا الاثنا عشرى. وهذا المعا يضيق ويضمر ويصغر في المرضى جدا . وطائفة أخرى تنغسل عنه إلى ما تحته من الأمعاء ، لأن
المرة الصفراء تنجلب من الحرارة إلى هذا المعاء ، وهي خالصة غير مشوبة ، فتكون قوية
الغسل شديدة تهيج القوة الدافعة باللذع . فبما يغسل يعين على الدفع إلى أسفل. وبما تهيج الدافعة
تعين على الدفع إلى الجهتين جميعا ، أعنى إلى الكبد وإلى أسفل. فيعرض بسبب
هذه الأحوال أن يبقى هذا الجزء من المعاء خاليا ، ويسمى لذلك صائما.
ويتصل بالصائم جزء
من المعاء طويل متلفف مستدير استدارات واحدة بعد أخرى. والمنفعة في كثرة تلافيفه ووقوع الاستدارات فيه ، ما قد شرحناه في الفصول المتقدمة ، وهو أن يكون للغذاء مكث فيه. ومع المكث
اتصال بفوهات العروق الماصة بعد اتصال. وهذا المعاء آخر الأمعاء العلى التي تسمى
دقاقا. والهضم فيها أكثر منه فى الأمعاء السفلى التي تسمى غلاظا ، فإن الأمعاء
السفلى جل فعلها في تهيئة الثفل للإبراز
__________________
وإن كانت أيضا لا
تخلو عن هضم كما لا تخلو عن عروق كبدية تأتيها لمص وجذب.
وتتصل بأسفل
الدقاق معاء يسمى بالأعور ، وسمى كذلك ، لأنه معاء كالكيس له فم واحد يقبل لما يأتيه من فوق ، ومنه أيضا يخرج ويدفع ما يدفعه . ووضعه إلى خلف قليلا ، وميله إلى اليمين. وقد خلق لمنافع منها. أن يكون للثفل مكان يحصر فيه فلا يحوج إلى القيام كل ساعة . وفي كل وقت يصل إلى الأمعاء السفلى قليل منه ، بل يكون
مخزنا يجتمع فيه بكليته ، ثم يندفع بسهولة إذا تم
ثفلا. ومنها أن هذا المعا هو مبدأ فيه يتم استحالة الغذاء
إلى الثفلية والتهيئة لامتصاص مستأنف يطرأ عليه من الماساريقا ، وإن كان ليس فيه
ذلك الامتصاص بامتصاص الكبد عنه الجوهر الغذائى الذي لا يتم مثله. وهو متحرك ومنتقل ومتفرق
، بل إنما يتم إذا سلم من الكبد وقرب منه ليأتيه منه بالمجاورة هضم بعد هضم المعدة
الذي كان بالسكون والمجاورة . وهو مجتمع محصور في شىء
واحد يبقى فيه زمانا طويلا. وهو ساكن مجتمع فتكون نسبته إلى المعاء الغلاظ نسبة
المعدة إلى الدقاق. ولما احتيج لذلك إلى أن يقرب من الكبد ليستوفى من الكبد بتوسط العروق امتصاص الصفاوة من الثفل تمام الهضم وإحالة الباقى مما لم ينهضم ولم يصلح لمص الكبد إلى أجود ما يمكن أن يستحيل إليه إذ كان قد عصى في المعدة ولم يصل إليه تمام الهضم بسبب كثرة المادة وسبوق
الانفعال إلى ما هو أطوع لغمور ما هو أطوع
__________________
لما هو أعصى.
والآن فقد جردها فهو عصى . وإذ أتته قوة فاعلة صادفته مهيأ مجردا إلا عن الفضل الذي من حقه أن يستحيل
ثفلا ، وكان موجودا في الحالين جميعا ، لكنه كان في المعدة مع غامر آخر ، وفي
الأعور كان هو الغامر وحده ، وكان الذي يخالطه أولى بأن ينفعل وخصوصا ولم يخل في المعدة عن انفعال ما وانهضام واستعداد لتمام
الانفعال والانهضام إذا خلا لتأثير الفاعل. فالمعى الأعور معا يتم فيه هضم ما عصى
فى المعدة وفصل عن المنهضم الطائع وقل ما يغمره ويحول
بينه وبين ما يمتص من الكيموس الرطب ، وصار بحيث القليل من القوة يصلحه إذا وجد مستقرا
يلبث فيه قدر ما يتم انهضامه ثم ينفصل عنه إلى معا تتصل به المقعدة .
وأما قوم فقالوا :
إن هذا المعا خلق أعور ليلبث فيه الكيلوس ويستنظف الكبد ما
بقى فيه من جوهر الغذاء بالتمام. وحسبوا أن الماساريقا إنما تأتى
الأعور.
وقد أخطأ في ذلك
هذا المحدث ، وإنما المنفعة ما بيناه.
وهذا المعا كفاه فم واحد إذ لم يكن وضعه وضع المعدة على طول البدن.
ومن نافع عوره أنه مجمع للفضول التي لو سلك كلها في سائر الأمعاء خيف حدوث
القولونج. فإذا اجتمعت فيه تنحت عن المسلك ، وأمكن لاجتماعها أن تندفع عن الطبيعة
جملة واحدة ، فإن المجتمع أيسر اندفاعا من المتشتت. ومن منافعه أنه مأوى لما لا بد
من تولده في المعاء ، أعنى الديدان والحيات ، فإنه قلما يخلو عنها بدن ، وفي تولدها منافع أيضا إذا كانت قليلة العدد صغيرة الحجم.
وهذا المعا أولى الأمعاء بأن ينحدر في فتق الأربية
__________________
لأنه مخلى غير
مربوط ولا منشد بما يأتيه من الماساريقا فإنه
ليس يأتيه من الماساريقا شىء فيما يقال . ويتصل بالأعور
من أسفله المعاء المسمى بقولون ، وهو معاء غليظ صفيق ، كما يبعد عن الأعور بميل
عنه ذات اليمين ميلا جيدا ليقرب من الكبد ، ثم يأخذ ذات اليسار منحدرا ، فإذا حاذى
الحالب الأيسر مال إلى اليمين وإلى خلف منحدرا أيضا ، فهنالك يتصل
بالمعاء المستقيم . وهو عند مجازه بالطحال يضيق ، ولذلك ما كان ورم الطحال يمنع خروج الريح ما لم يغمر عليه . والمنفعة في هذا المعاء جمع الثفل وحصره وتدريجه إلى الاندفاع بعد استقصاء فضلة من الغذاء إن كانت فيه. وهذه المعاء يعرض فيها القولنج في الأكثر ، ومنه اشتق اسمه. والمعاء المستقيم وهو آخر الأمعاء ويتصل بأسفل القولون ثم ينحدر منه على الاستقامة
فيتصل بالسرم متوكئا على ظهر القطن ، متوسعا ، يكاد يحكى المعدة وخصوصا أسفله . ومنفعة هذا المعاء قذف الثفل إلى خارج. وقد خلق الله
تعالى له أربع عضلات لتدعمه وتمسكه : واحدة
منها مشتملة على فم المعاء المستقيم الذي عند المقعدة وتخالط
لحمها مخالطة شديدة شبه مخالطة عضل الشفة ؛ والمنفعة فيها قبض الشرج وشده ، وقد تعين على تنقية ما يجتمع هناك بالعصر. وأخرى
فوق هذه أدخل منها ، وكالمساوية لها في الاشتمال ، وهي معينة لتلك في القبض والعصر. وطرفا هاتين العضلتين يتصلان بأصل القضيب. وفوق هاتين
العضلتين زوج
__________________
يتورب باشتماله
على المعاء المستقيم ومنفعته إشالة المقعدة إلى فوق ، وعند استرخاء هاتين يعرض للدبر أن
تبرز.
وإنما خلق هذا
المعا مستقيما ليكون اندفاع الثفل عنه أسهل والعضل المعينة له على الدفع ليست فيه بل التي على المراق ، وهي ثمان عضل . فليكن هذا المقدار كافيا في تشريح المعاء وذكر منفعته. وليس يتحرك شىء من هذه
الأعضاء التي هي مجرى الغذاء بعضل إلا الطرفان ، أعنى الرأس وهو الحنجرة ، والأسفل
وهو المقعدة.
وقد ذكرنا تشريح
عضل الحنجرة ، فلنذكر عضل المقعدة فنقول : إن عضل المقعدة أربع : منها عضلة تلزم فمها ، وتخالط لحمها مخالطة شديدة
شبه مخالطة عضلة الشفة ، وهي تقبض
الشرج وتشده وتنفض بالعصر بقايا البراز فيه. وعضلة موضوعة ، أدخل من هذه ، وفوقها
بالقياس إلى رأس الإنسان ، ويظن أنها ذات طرفين ، ويتصل طرفها بأصل القضيب بالحقيقة. وزوج مورب فوق الجميع ، ومنفعتها إشالة المقعدة إلى
فوق ، وإنما يعرض خروج المقعدة لاسترخائها.
وقد تأتى الأمعاء
كلها أوردة وشرايين وعصب أكثر من عصب الكبد لحاجتها إلى حس كبير .
__________________
الفصل السادس (و)
فصل آخر
فى تشريح الكبد والبواب والأوردة
فأما الكبد فإنه
العضو الذي يتم تكوين الدم ، وإن كان الماساريقا قد يحيل الكيلوس إلى الدم إحالة
ما بما فيه من قوة الكبد ، والدم بالحقيقة غذاء استحال إلى
مشاكلة الكبد الذي هو لحم أحمر كأنه دم لكنه جامد وهو خال عن ليف العصب ، منبث فيه العروق التي هي أصول ما ينبت منه متفرقة فيه كالليف ، وعلى ما علمته من تشريح العروق الساكنة ، وهو يمتص من المعدة والأمعاء بتوسط شعب الباب المسماة ماساريقا من تقعيره ، وتطبخه هناك دما ، وتوجهه إلى البدن بتوسط العرق الأجوف النابت من حدبته.
وتوجه المائية إلى الكليتين من طريق الحدبة ، وتوجه الرغوة الصفراوية إلى المرارة
من طريق التقعير فوق الباب ، وتوجه الرسوب السوداوى إلى الطحال من طريق التقعير أيضا.
وقعر ما يلى المعدة منه ليحسن هندامه على تحدب المعدة. وحدب ما يلى الحجاب لئلا
يضيق على الحجاب مجال حركته بل يكون كأنه يماسه بقريب من نقطة وهي تتصل بقرب
العرق الكبير النابت منه ، ومماستها فوقه ، وليحسن اشتمال الضلوع المنحنية عليه وتخللها غشاء عصبى يتولد من عصبة صغيرة
تأتيها ليفيدها حسّا ما
__________________
كما ذكرناه للرئة
وأكثر هذا الحس في الجانب المقعر ، وليربطها
بغيرها من الأحشاء ، وقد يأتيها عرق ضارب صغير يتفرق فيها فينقل
إليها الروح ، ويحفظ حرارتها الغريزية ، ويعدلها بالنبض. وأنفذ هذا العرق إلى
القعر ، لأن الحدبة نفسها تتروح بحركة الحجاب.
ولم يخلق للدم في
الكبد فضاء واسع ، بل شعب متفرقة ليكون اشتمال جميعها على الكيلوس أشد ، وانفعال
تفاريق الكيلوس منها أتم وأسرع. وما يلى الكبد من العروق أرق صفاقا ، لتكون أسرع
تأدية لتأثير اللحمية التي تحويها. والغشاء الذي يحوى الكبد يربطها بالغشاء المجلل
للأمعاء والمعدة الذي ذكرناه. ويربطها أيضا بالحجاب برباط عظيم قوى ، ويربطها
بأضلاع الخلف بربط أخرى دقاق صغيرة. ويصل
بينها وبين القلب العرق الواصل بينهما الذي سنصفه ، وطلع من القلب إليه أو طلع منه إلى القلب بحسب المذهبين . وقد أحكم ربط
هذا العرق أيضا بالكبد بغشاء صلب ثخين ، وهو ينفذ عليه. وأرق جانبيه الذي يلى الداخل ، فإنه أوجد للأمن لأنه يماس الأعضاء الرقيقة . وكبد الإنسان أكبر من كبد كل حيوان ، يقاربه في القدر. وقد قيل إن كل حيوان
أكثر أكلا وأضعف قلبا ، فهو أعظم كبدا ، ويصل
بينها وبين المعدة عصب لكنه دقيق ، فلا يتشاركان إلا لأمر عظيم من أورام الكبد . وأول ما ينبت من الكبد عرقان : أحدهما من الجانب المقعر ، وأكثر منفعته في
جذب الغذاء إلى الكبد ، ويسمى الباب. والآخر في الجانب المحدب ، ومنفعته إيصال
الغذاء من الكبد إلى الأعضاء وإلى الأجوف.
__________________
ولنبدأ بتشريح
العرق للسمى بالباب : فنقول إن الباب ينقسم طرفه الغائر أولا فى تجويف الكبد خمسة
أقسام تتشعب حتى تأتى أطراف الكبد المحدبة ويذهب منها وريد إلى المرارة. وهذه الشعب هي مثل أصول الشجرة النابتة ، تأخذ إلى غور منبتها . وأما الطرف الذي
يلى تقعيرها فإنه كما ينفصل من الكبد ينقسم أقساما ثمانية : قسمان منها
صغيران ، وستة هي أعظم. فأحد القسمين الصغيرين يتصل بنفس المعاء المسمى بالاثنا عشرى ، ليجذب منه الغذاء ، وقد يتشعب منه شعب تتفرق في الجرم المسمى بانقراس . والقسم الثاني يتفرق في أسفل المعدة وعند
البواب الذي هو فم المعدة السافل ليأخذ الغذاء.
وأما الستة
الباقية ، فواحد منها يصير إلى الجانب المسطح من المعدة ليغذو ظاهره ، إذ باطن المعدة
يلاقى الغذاء الأول الذي فيه فيغتذى منه بالملاقاة.
والقسم الثاني
يأتى ناحية الطحال ليغذو الطحال ، ويتشعب منه قبل وصوله إلى الطحال شعب تغذو الجرم
المسمى بانقراس من أصفى ما ينفذ فيه إلى الطحال ، ثم يتصل بالطحال ، ومع اتصاله به ترجع منه شعبة صالحة تنقسم في
الجانب الأيسر من المعدة لتغذوه. وإذا نفذ النافذ منه في
الطحال وتوسطه ، صعد منه جزء ، ونزل جزء. فالصاعد تتفرق منه شعبة في النصف
الفوقانى من الطحال لتغذوه ، والجزء الآخر يبرز حتى يوافى حدبة المعدة ، ثم يتجزأ جزءين : جزء يتفرق منه في ظاهر يسار
المعدة ليغذوه ، وجزء يغوص إلى فم المعدة ليدفع إليه الفضل العفص الحامض من
السوداء ليخرج في الفضول وليدغدغ فم المعدة الدغدغدة المنبهة للشهوة ، وقد ذكرناها
__________________
قبل. وأما الجزء
النازل منه فإنه يتجزأ أيضا جزءين : جزء تتفرق شعبه في النصف الأسفل من الطحال
لتغذوه ، ويبرز الجزء الثاني إلى الثرب فيتفرق فيه ليغذوه.
والجزء الثالث من
الستة الأولى يأخذ إلى الجانب الأيسر ويتفرق في جداول العروق التي حول المعاء المستقيم ، ليمتص ما في الثفل من حاصل الغذاء.
والجزء الرابع من
الستة يتفرق كالشعر ، فبعضها يتوزع في ظاهر يمين حدبة المعدة مقابلا للجزء الوارد على
اليسار من جهة الطحال ، وبعضها يتوجه إلى يمين الثرب ويتفرق فيه مقابلا للجزء
الوارد عليه من جهة اليسار من شعب العرق الطحالى.
وأما الخامس من
الستة فيتفرق في الجداول التي حول معاء قولون ليأخذ الغذاء.
والسادس كذلك
أكثره يتفرق حول الصائم ، وباقيه حول اللفائف الدقيقة المتصلة بالأعور فيجذب
الغذاء.
وأما الأجوف فإن
أصله أولا يتفرق في الكبد نفسه إلى أجزاء كالشعر ، ليجذب الغذاء من شعب الباب المتشعبة أيضا كالشعر. أما شعب الأجوف فواردة من
حدبة الكبد إلى جوفه .
وأما شعب الباب
فواردة من تقعير الكبد إلى جوفه ، ثم تطلع ساقه عند الحدبة فتنقسم قسمين : قسم صاعد ، وقسم هابط. فأما الصاعد منه فيخرق الحجاب ، وينفذ فيه ،
ويخلف في الحجاب عرقين يتفرقان فيه ويؤتيانه الغذاء ، ثم يحاذى غلاف القلب ، فيرسل
إليه شعبا كثيرة تتفرع كالشعر وتغذوه ؛ ثم ينقسم قسمين
: قسم منه عظيم يأتى
__________________
القلب فينفذ فيه
عند أذن القلب الأيمن ، وهذا العرق أعظم عروق القلب ، وإنما كان هذا العرق أعظم من سائر العروق لأن سائر العروق هي لاستنشاق النسيم ، وهذا هو للغذاء. والغذاء أغلظ من النسيم فيحتاج أن يكون منفذه أوسع
ووعاؤه أعظم وهذا كما يدخل القلب تتخلق له أغشية ثلاثة مسفقها من داخل إلى خارج ليجتذب القلب عند تمدده منها الغذاء ، ثم لا يعود عند الانبساط.
وأغشيته أصلب الأغشية وهذا الوريد يخلف عند محاذاة القلب عروقا ثلاثة : عرق يصير
منه إلى الرئة ناتئا عنه عند منبت الشرايين بقرب الأيسر منعطفا في التجويف الأيمن إلى الرئة. وقد خلق ذا غشاءين كالشريانات
فلهذا يسمى الوريد الشريانى. والمنفعة الأولى في ذلك أن يكون ما
يرشح منه دما في غاية الرقة ، مشاكلا لجوهر الرئة ، إذ
هذا الدم قريب عهد بالقلب ، لم ينضج فيه نضج المنصب في
الشريان الوريدى. والمنفعة الثانية أن ينضج فيه الدم فضل نضج.
وأما القسم الثاني
من هذه الأقسام الثلاثة فيستدير حول القلب ، ثم ينبث في داخله ليغذوه ، وذلك عند
ما يكاد الوريد الأجوف أن يغوص في الأذن الأيمن داخلا فى القلب.
وأما القسم الثالث
فإنه يميل من الناس خاصة إلى الجانب الأيسر ، ثم ينحو نحو الفقرة الخامسة من فقار الصدر ، ويتوكأ عليها ويتفرق في الأضلاع
الثمانية السفلى وما بينها من العضل وسائر الأجسام .
وأما النافذ من
الأجوف بعد الأجزاء الثلاثة إذا جاوز ناحية القلب صعودا يفترق منه في أعالى الأغشية المنصفة للصدر وأعالى الغلاف . وفي اللحم الرخو المسمى توتة شعب
__________________
شعرية ، ثم عند
قربه من الترقوة يتشعب منه شعبتان تتوجهان إلى ناحية الترقوة متوربتين كلما أمعنتا
تباعدتا ؛ وتصير كل شعبة منها شعبتين : واحدة منهما من كل جانب تنحدر على طرف القص
يمنة ويسرة حتى تنتهى إلى الخنجرى ، وتخلف في ممرها شعبا تتفرق في العضل التي بين الأضلاع ، وتلاقى أفواهها أفواه
العروق المنبثة فيها ، وتبرز منها طائفة إلى العضل الخارجة من الصدر فإذا وافيا الخنجرى برزت طائفة منها إلى العضل المتراكمة
المحركة للكتف وتتفرق فيها. وطائفة تنزل تحت العضل المستقيم ، وتتفرق فيها منها شعب ، وأواخرها تتصل بالأجزاء الصاعدة من الوريد
العجزى الذي سنذكره.
وأما الباقى من كل
واحد منهما ، وهو زوج ، فإن كل واحد من فرديه يخلف خمس شعب : شعبة تتفرق في الصدر
وتغذو الأضلاع الأربعة العلى ، وشعبة تغذو موضع الكتفين ، وشعبة تأخذ نحو العضلة
الغائرة في العنق لتغذوها ، وشعبة تنفذ في ثقب الفقرات الست العلى في الرقبة وتجاوزها إلى الرأس ، وشعبة عظيمة هي أعظمها تصبر إلى الإبط من كل
جانب وتتفرع فروعا أربعة : أولها يتفرق في العضل التي
على القص. وهي من التي تحرك مفصل الكتف ، وثانيها يتفرق في اللحم الرخو والصفاقات
التي فى الإبط ، وثالثها يهبط مارا على جانب الصدر إلى المراق ، ورابعها أعظمها
وينقسم ثلاثة أجزاء : جزء يتفرق في العضل الذي في تقعير الكتف ، وجزء في العضلة الكبيرة التي في الإبط ، والثالث أعظمها
يمر على العضد إلى اليد وهو المسمى بالإبطى. والذي يبقى من الانشعاب الأول الذي
انشعب أحد فرعيه هذه الأقسام الكثيرة
__________________
فإنه يصعد نحو العنق ، وقبل أن يمعن في ذلك ينقسم قسمين أحدهما الوداج الظاهر ، والثاني
الوداج الغائر. والوداج الظاهر ينقسم كما يصعد من الترقوة قسمين : أحدهما كما
ينفصل يأخذ إلى قدام وإلى جانب ، والثاني يأخذ أولا إلى قدام ويتسافل ، ثم يصعد ثانيا من الترقوة
ويستدير على الترقوة ، ثم يصعد ويعلو مستظهرا الرقبة حتى يلحق بالقسم الأول فيختلط به ، فيكون منهما
الوداج الظاهر المعروف. وقبل أن يختلط به ينفصل عنه جزءان : أحدهما يأخذ عرضا ثم يلتقيان عند ملتقى الترقوتين في الموضع
الغائر ، والثاني يتورب مستظهر العنق ولا يتلاقى فرداه بعد ذلك. ويتفرع من هذين
الزوجين شعب عنكبوتية تفوت الحس ، ولكنه قد يتفرع من هذا الزوج الثاني خاصة فى
جملة فروعه أوردة ثلاثة محسوسة لها قدر ، وسائرها غير محسوسة. وأحد هذه الأوردة
يمتد على الكتف وهو المسمى الكتفى ومنه القيفال ، واثنان عن جنبتى هذا الكتفى
يلزمانه إلى رأس الكتف معا ، لكن أحدهما يحتبس هناك ولا يجاوره
، بل يتفرق فيه. وأما الثاني المتقدم منهما فيجاوزه
إلى رأس العضد ويتفرق هناك.
وأما الكتفى
فيجاوزهما جميعا إلى آخر اليد.
هذا وأما الوداج
الظاهر بعد اختلاط فرديه فقد ينقسم اثنين ، فيستبطن جزء
منه ويتفرع شعبا صغارا تتفرق في الفك الأعلى ، وشعبا أعظم منها بكثير
تتفرق في الفك الأسفل ، وأجزاء من كلا صنفى الشعب تتفرق حول اللسان وفي الظاهر من أجزاء العضلة
الموضوعة هناك ؛ والجزء الآخر يستظهر فيتفرق في المواضع التي تلى الرأس والأذنين.
وأما الوداج
الغائر فإنه يلزم المريء ويصعد معه مستقيما ، ويخلف في مسلكه شعبا
__________________
تخالط الشعب الآتية من الوداج الظاهر ، وتنقسم جميعها في المريء والحنجرة وجميع
أجزاء العضل الغائرة وتنفذ آخذة إلى منتهى الدرز اللامى. وتتفرع منه هناك فروع تتفرق فى الأعضاء التي بين الفقارة الأولى والثانية. ويأخذ منه
عرق شعرى إلى عند مفصل الرأس والرقبة ، وتتفرع منه فروع تأتى الغشاء المجلل للقحف ، وتأتى ملتقى جمجمتى القحف وتغوص هناك في
القحف. والباقى بعد إرسال هذه الفروع ينفذ إلى جوف القحف فى منتهى الدرز اللامى ، ويتفرق منه شعب في غشاءى الدماغ ليغذوهما ، وليربط الغشاء الصلب بما حوله وفوقه ، ثم يبرز فيغذو
الحجاب المجلل للقحف ، ثم ينزل من الغشاء الرقيق إلى الدماغ ، ويتفرق فيه تفرق الضوارب ويشدها كلها طى الصفاق الثخين ، ويؤديها إلى الموضع الواسع وهو الفضاء
الذي ينصب إليه الدم ويجتمع فيه ثم يتفرق عنه فيما بين الطاقين ويسمى معصرة. وإذا قاربت هذه الشعب البطن الأوسط من الدماغ حاجت إلى أن تصير عروقا كبارا تمتص من المعصرة ومجاريها التي تتشعب منها ، ثم تمتد من البطن الأوسط إلى البطنين المقدمين
ويلاقى الضوارب الصاعدة هناك وينتسج الغشاء المعروف
بالشبكة المشيمية.
وأما الكتفى وهو
القيفال فأول ما يتفرع منه إذا حاذى العضد شعب تتفرق فى الجلد ، وفي الأجزاء الظاهرة من العضد . ثم بالقرب من مفصل المرفق ينقسم ثلاثة أقسام : أحدها هو حبل الذراع وهو يمتد
على ظاهر الزند الأعلى ، ثم يمتد إلى الوحشى مائلا
إلى حدبة الزند الأسفل ويتفرق في أسافل الأجزاء الوحشية من الرسغ. والثاني
__________________
يتوجه إلى معطف
المرفق في ظاهر الساعد وتخالطه شعبة من الإبطى فيكون منهما الأكحل. والثالث يتعمق ويخالط في العمق شعبة أيضا من الإبطى.
وأما الإبطى فإنه
أول ما يفرع يفرع شعبا تتعمق في العضد وتتفرق في العضل التي هناك وتفنى فيه ، إلا شعبة منها تبلغ الساعد.
وإذا بلغ الإبطى قرب مفصل المرفق انقسم باثنتين : أحدهما يتعمق ويتصل بالشعبة المتعمقة من القيفال ويحاذيه يسيرا ثم ينفصلان فينخفض أحدهما إلى الإنسى حتى يبلغ الخنصر والبنصر ونصف الوسطى ، ويرتفع جزء ينقسم
في أجزاء اليد الخارجة التي تماس العظم ، والقسم الثاني من قسمى الإبطى فإنه يتفرع
عند الساعد فروعا أربعة : واحد منها ينقسم في أسافل الساعد إلى الرسغ ، والثاني ينقسم فوق انقسام الأول مثل انقسامه ، والثالث ينقسم
كذلك في وسط الساعد ، والرابع أعظمها وهو الذي يظهر ويعلو فيرسل فرعا يضام شعبة من
القيفال فيصير منها الأكحل ، وباقيه وهو الباسليق وهو أيضا يغور ويعمق مرة أخرى.
والأكحل يبتدئ من
الإنسى ، ويعلو الزند الأعلى ، ثم يقبل على الوحشى ويتفرع فرعين على صورة حرف
اللام اليونانية وهوA ـ ٥١ فيصير أعلى جزئه إلى طرف الزند الأعلى ، ويأخذ نحو الرسغ ، ويتفرق خلف الإبهام وفيما بينه
وبين السبابة وفي السبابة. والجزء الأسفل منه يصير إلى طرف الزند الأسفل ، وينقسم إلى فروع ثلاثة : ففرع منها يتوجه إلى الموضع الذي بين الوسطى والسبابة ، ويتصل بشعبة تأتى من العروق التي تأتى السبابة الجزء الأعلى ، ويتحد به عرقا واحدا. ويذهب فرع ثان منه وهو الأسيلم فيتفرق فيما بين الوسطى والبنصر. ويمتد الثالث إلى البنصر والخنصر . وجميع هذه تنقسم في الأصابع.
__________________
قد ختمنا الكلام
في الجزء الصاعد من الأجوف وهو أصغر جزأيه .
وأما الجزء النازل
فأول ما يتفرع منه كما يطلع من الكبد وقبل أن يتوكأ على
الصلب هو شعب شعرية تصير إلى لفائف الكلية اليمنى وتتفرق فيها وفيما يقاربها
ليغذوها ، ثم بعد ذلك ينفصل منه عرق عظيم يأتى الكلية اليسرى وفي الأجسام القريبة
منها ليغدوها. ثم يتفرع منها عرقان عظيمان يسميان الطالعين
يتوجهان إلى الكليتين لتصفية مائية الدم إذ الكلية
إنما تجتذب منهما غذاءها وهو مائية الدم. وقد يتشعب من أيسر الطالعين
عرق يأتى البيضة اليسرى من الذكران والإناث ، وعلى النحو الذي بيناه في الشرايين
لا يغادر في هذا ، وفي أنه يتفرع بعد هذين عرقين يتوجهان إلى الأنثيين. فالتى تأتى اليسرى تأخذ دائما شعبة من أيسر
هذين الطالعين. وربما كان في بعضهم كل متشابه منه. والذي يأتى اليمنى فقد يتفق له أن يأخذ في الندرة شعبة من أيمن هذين الطالعين ،
ولكن أكثر أحواله أن لا يخالطه ما يأتى الانثيين من
الكلية ، وفيه المجرى الذي ينضج فيه المنى فيبيض بعد احمراره بكثرة معاطف عروقه واستدارتها وما يأتيها أيضا من الصلب. وأكثر هذا العرق يغيب في
القضيب وعنق الرحم وعلى ما بيناه من أمر الضوارب. وبعد نبات الطالعين وشعبهما يتوكأ الأجوف عن قريب على الصلب ، ويأخذ في الانحدار ، وتتفرع منه عند كل فقرة شعبة وتدخلها وتتفرق في العضل الموضوعة عندها ، وتتفرع منه عروق تأتى الخاصرتين وتنتهى إلى عضل البطن ثم عروق تدخل ثقب الفقار إلى النخاع. فإذا انتهى إلى آخر الفقار انقسم
قسمين ، يتنحى أحدهما عن الآخر يمنة ويسرة ، كل واحد منهما يأخذ تلقاء فخذ.
__________________
ويتشعب من كل واحد
منهما قبل موافاة الفخذ طبقات عشر : واحده منها بعضد المتنين . والثانية من
الشعب دقيق شعرى تقصد بعض أسافل الصفاق. والثالثة تتفرق فى العضلة التي على عظم العجز. والرابعة تتفرق في عضل
المقعدة وظاهر العجز. والخامسة تتوجه إلى عنق الرحم من النساء فتتفرق فيه وفيما
يتصل به وإلى المثانة ، ثم ينقسم القاصد إلى المثانة قسمين : قسم يتفرق في المثانة ، وقسم يقصد عنقها. وهذا القسم في الرجال كبير جدا لمكان
القضيب ، وللنساء قليل. والعروق التي تأتى الرحم من الجوانب تتفرع منها عروق صاعدة إلى الثدى ليشارك بها الرحم الثديان ؛ فهذا قسمان . والسادسة تتوجه إلى العضل الموضوع على عظم العانة. والسابعة تصعد إلى العضل
الذاهب على استقامة البدن في البطن . وهذه العروق
تتصل بأطراف العروق التي قلنا إنها تنحدر في الصدر إلى مراق البطن. وتخرج من أصل
هذه العروق في الإناث عروق تأتى الرحم .
والثامنة تأتى
القبل من الرجال والنساء جميعا. والتاسعة تأتى عضل باطن الفخذ فتتفرق فيها.
والعاشرة تأخذ من ناحية الحالب مستظهرة إلى الخاصرتين وتتصل بأطراف عروق منحدرة لا
سيما المنحدرة من ناحية الثديين ، ويصير من جملتها جزء عظيم إلى عضل الأليتين.
وما يبقى من هذه
يأتى الفخذ فيتفرع فيه فروع وشعب : واحد منها ينقسم في العضل التي على مقدم الفخذ.
وآخر في عضل أسفل الفخذ وإنسيه متعمقا. وشعب أخرى كثيرة تتفرق في عمق الفخذ. وما
يبقى بعد ذلك كله ينقسم.
كما يتحلل مفصل الركبة قليلا إلى شعب ثلاثة : فالوحشى منها يمتد على
القصبة
__________________
الصغرى إلى مفصل
الكعب. والأوسط يمتد في مثنى الركبة منحدرا ، ويترك شعبا في عضل باطن الساق ، ويتشعب
شعبتين ، تغيب إحداهما فيما دخل من أجزاء الساق ، والثانية إلى ما بين القصبتين ممتدا إلى مقدم الرجل ، وتختلط بشعبة من الوحشى المذكور.
والثالث وهو الإنسى فيميل إلى الموضع المعرق من الساق ، ثم يمتد إلى الكعب وإلى الطرف المحدب من القصبة العظمى ، وينزل إلى إنسى المقدم وهو الصافن.
وقد صارت هذه
الثلاثة أربعة : اثنان وحشيان يأخذان إلى القدم من ناحية القصبة الصغرى ، واثنان
إنسيان. فالوحشيان أحدهما يعلو القدم ويتفرق في أعالى ناحية الخنصر ، والثاني هو
الذي يخالط الشعبة الوحشية من القسم الإنسى المذكور ، ويتفرقان في الأجزاء السفلية. فهذه هي عدة الأوردة ، والله أعلم .
__________________
الفصل السابع
(ز) فصل
فى المرارة والمثانة والفضل الذي يسيل إليهما
وأما المرارة والمثانة فيشتركان في أن غذاءهما لا يأتيهما في الفضل الذي يسيل إليهما ، لأن جرم
كل واحد منهما عصبى ، فالمرارة منهما يأتيها جوهر لطيف صفراوى
بعيد عن مشاكلتها ، والمثانة يأتيها جوهر رقيق جدا بعيد عن مشاكلتها ، وقد سبقت الكلية إلى استخلاص ما فيه من الجوهر الغاذى. فكل واحد منهما يأتيه فضل غير مشاكل ، ومع ذلك خالص لا شوب له ، لأن مسالكهما ضيقة ، فلا تتسع للفضل من الشوب الذي يناسب جوهرهما الغليظ. فلذلك يأتى كل واحد منهما عرق آخر للغذاء. فالمرارة يأتيها إلى عنقها عرق غير ضارب من تلقاء الباب ، وعصبة هي شعبة عصب الكبد ،
وهما خفيان ، وعرق ظاهر محسوس ضارب من شعب شريان الكبد.
وذلك كله يخالط المرارة من جهة الضيق الجاذب ، ثم
يتفرق فيه إلى آخره.
وأما المثانة
فيأتيها عصبة من أقرب المواضع منها عند العصعص ، وشريانان ووريدان يأتيان من الصلب
مع العصبة ، وعنقه مشدود كله بغشاء يجلله. ولما كان الفضل المائى
__________________
أكثر من المرة الصفراوية ، كانت المثانة أكبر من المرارة ، فاحتاجت إلى عصبة أكبر وعروق
أكثر.
وكل واحد من
المرارة والمثانة فله طبقة واحدة منسوجة من أصناف الليف
الثلاثة ، إلا ما بين العنقين : العنق القابل والعنق الدافع ، فإن جرمهما
هناك مفصول إلى طبقتين يسيل فيما بينهما الفضل السائل إليهما ، فيغوص في قرب الثاني إلى الفضاء الذي يحويه جرمه ، حتى إذا
امتلأ واكتنز انسد المجرى ، فلم يرجع إلى فوق ، بل كان مسيله إنما هو إلى العنق الثاني. أما في المرارة فالدافع إلى المعاء. وأما في
المثانة فالقابل.
وعلى فم المثانة
عضلة واحدة تحيط بها مستعرضة الليف على فمها ، ومنفعتها حبس البول إلى وقت
الإرادة. فإذا أريدت الإراقة استرخت عن نقيضها بضغط عضل البطن بمعونة من الدافعة فانزرق البول .
وأما الطحال فليس
عضوا ضروريا لكل حيوان دموى. فكثير منها لا طحال له ، أو له طحال صغير
جدا ، كنقطة مثلا. وكل حيوان له رئة فله زيادة سبب في
العطش ، لاشتياق الرئة بالطبع إلى البرد والرطوبة إذا سخنت وجفت من شدة الحركة ومن أبخرة حارة حادة. ولذلك يكون له لا محالة مثانة. وما لا رئة له فليس يحتاج إلى مثانة.
أقول : ليس ينبغى
أن يظن أن الرئة يكفيها ما يرشح إليها من الشرب ، بل قد يعين ذلك ما يتصعد إليها
من لطيف بخار الماء ، وما يجرى إليها في العروق.
وأما الطير
والخزفى الجلد المفلس ، فلما كانت رئتها ليست دموية وليست فى طباعها أيضا شديدة العطش ، لم يكن لها مثانة. والطير لا
تشرب الماء كثيرا لأنها
__________________
هوائية المزاج ، ليست بشديدة المائية.
قال : والطير أيضا
يذهب فضل مائيتها في الريش ، فلا تحتاج إلى مثانة ، وكذلك الصدفى والمفلس ، إلا السلحفاة فإن رئتها لحمية دموية.
أقول : ولأن جلدها لا يغتذى بفضل رطب ، بل بفضل يابس فيجتمع فيها فضل رطب أكثر.
قال : وجلدها يحقن
الرطوبة فلا يتحلل. ومثانة البحريات أكبر لأنها أرطب وإلى الشرب أحوج وإلى بلع
الماء أشد اضطرارا. والحيوان المسمى أموس له مثانة ، وليس له كلية ، إذ كان لين جلده ولحمه يغنى عن كثرة استظهار في أعضاء جذب المائية
، لأن المائية لا تبقى فيه بل تتحلل. وأما غيره مما له رئة دموية فإن له كليتين.
قال : ومن أسباب
ارتفاع الكلية اليمنى قوتها ، ولهذا ما يطأطئ الإنسان عند التحديق حاجبه الأيسر ،
ويشيل حاجبه الأيمن.
ثم نتكلم في
الحجاب. وأن كل حيوان ذى أعضاء تنفس وأعضاء غذاء فله
حجاب. والحجاب مشارك لأعضاء الحس والفكرة ، وإن كان لا حصة له فيها. وإذا حمى مراقه أثر ضررا في العقل والتمييز ، وإذا دغدغ عرض منه ضحك ، وربما
ضر. وقيل : إنه وقعت ضربة على الحجاب فأحدث ضحكا كزازيا. وقال : يجب أن يقع بهذا من التصديق أكثر مما يقع. يقول أوميروس : إن رجلا كان
كاهنا في هيكل المشترى قطع رأسه فتكلم الرأس وهو بائن ، وهذا محال ، إذ لا كلام
إلا بنفس ، ولا نفس مع قطع الرأس عن الرئة.
__________________
ثم نتكلم عن في
أعضاء هضم الغذاء ، ونقول : ما كان غذاؤه من أجسام صلبة شوكية وخشبية خلقت له بطون
لهضم بعد هضم. والجمل من هذه الجملة ، وليس له أسنان فى الفك الأعلى ؛ ولذلك لسانه وإن كان لحميا فإنه يحيط به صفاق مبردى وحنكه كذلك ، فهما له كالأسنان. ويشبه أن تكون مادة أسنانه قد
ذهبت في نابه. وكل هذه الحيوانات تجتر.
والحوصلة للطائر
أيضا كالبطن الأول. ويقوم هضمه للغذاء مكان المضغ وكأنه فم آخر ، وربما كان له شىء كالحوصلة وليس بحوصلة. ثم له بعد ذلك معدة أو معد عند آخر الأمعاء.
وصنف من السمك ليس
له أسنان ، وهو غليظ البدن ،
فيكون غذاؤه غليظا ، وكذلك يجتر أيضا. والسمك نهم ضعيف الهضم ، فلذلك يكون أكثر زبله
غير نضيج. ويعين على ذلك قصر أمعائه واستقامتها. وكذلك حال كل حيوان قصير الأمعاء
مستقيمها.
والحيوانات تختلف
في معاها فبعضها تكون أجزاء معائه متشابهة ، وبعضها
تكون أجزاء معائه مختلفة. وفي بعضها تكون السعة إلى المعدة. ولهذا يكون نفض الثفل على الكلب وعلى ابن آوى عسرا. وكذلك حال ما كان من الحيوان مستقيم
المعاء. وأما ذوات القرون وذوات تلافيف المعاء فبالضد ، ويكون له أصناف المعاء
الستة.
ما كان من الحيوان
شديد النهم قصر معاه ، وخلق مستقيما ليسرع خروج ثفله. وجعل ما يلى معاه أوسع لئلا
يحتبس ما لم ينضج. وأما ما كان بالخلاف فليس بشديد النهم ،
__________________
وما كان بالعا للكبار من اللقم ، ويبقى طعامه في جوفه
مدة.
وبعض الحيوان يوجد
في بطنه إنفحة ، وخصوصا إذا كان كثير البطون ، ولا يوجد إلا في ثالثها
وآخرها. وليس للحيوان الذي له بطن واحد إنفحة. والتجربة قد خالفت في ذلك ، فإن الدب والأرنب وكل حيوان ذى بطن
واحد ، فيكون لبنه رقيقا فلا تجمد إنفحته ، ولذلك لا يثخن ولا يخثر لبن ما ليس له
قرن. ولبن الحيوان المسمى أزبّ الرجلين مع كثرة بطونه لا تكون له إنفحة ، لأن غذاءه رطب جدا .
__________________
المقالة الرابعة عشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
نورد فيه كلام المعلم الأول في المرارة ثم نذكر فيه تشريح الكلية
ثم نعود إلى ما في التعليم الأول من أحوال أحشاء المحززات
وسائر أعضائها
والسبب في ذلك ما
لا مثانة له ، فإن مائيته تنفصل في زبله ، ويكون زبله مالحا سيالا. ليس لبعض
الحيوان مرارة لأنه يشبه أن يكون مرته تتفرق مع الدم في تدبير بدنه ، فلا يبقى منه ما يقتضى إعداد وعاء. والذي له مرارة فربما كانت معلقة من الكبد ،
وربما كانت على المعاء ، وربما كان بدلها عرق ينتسج في المعاء. ولجميع السمك
مرارة. وليس للفرس والبغل والحمار والفيل مرارة. ومن الناس من لا يرى عليه مرارة.
والجمل له بدل المرارة عروق صغار. وليس لفوفى ولا للدلفين مرارة. وربما كان لبعض
الناس مرارة مجاوزة الحد في العظم ، حتى يتعجب منه كما روى في بلاد ذكرها . وقد غلط من زعم أن منفعة المرارة
لذع الكبد ليشتد حسه ، بل المرارة تمتص المرة من الكبد وتدفعها
__________________
عنه إلى المعاء. وغلط
أصحاب انكساغورس حين قالوا : إن المرارة سبب للأمراض الحادة وليس كذلك ، بل هي سبب
لدفع الأمراض الحادة لاجتذابها المرة. ويعرض من جذب المرارة للمرة أن يكون الجزء
من الكبد الذي تحت المرارة أخلى ، لأن المرارة عن الجوار أجذب. ولما استقرى بعض الناس فوجد مثل الدب والأيل عديمة المرارة ، ويطول عمرها ، ومثل قوقى والدلفين من دواب البحر ذلك
سبيله ، حكموا أن عادم المرارة طويل العمر ولم يعتبروا حال الإنسان.
قال : ولم يعلموا
أنه إذا كان عدم المرارة سببا لطول العمر ، فصاحب الكبد التي يكون له مرارة تنقيها أولى بطول العمر من صاحب الكبد التي لا يتصفى فضلها. فما كان من
الحيوان قليل المرة ويستعملها في تغذية البدن لحرارة المزاج الأصلى ، لم يحتج إلى
مرارة ، فإن المرارة لتصفية الدم.
أقول : لكنه قد
تمكن أن يعطى السبب في طول عمر ما ليس له مرارة. فإنه يشبه أن يكون ذلك المزاج
حارا يقتضى أن يكون دمه مراريا ، فلا يفضل من المرارة ما يحوج إلى إعداد وعاء ، بل
يستفرغ مع سائر الفضل. وإذا كان المزاج حارا جدا ، كان ذلك من أسباب طول العمر في
بعض الحيوان. وأما الفضلة المائية فإنها تتحلب إلى الكلية
من العرق النافذ من الأجوف إليها مستصحبا فضلات الدم.
وخلقت كليتان
اثنتان احتياطا في التزويج ولتعديل جانبى الحيوان ، ولم يجعل وضعهما واحدا ، فكان جذب المائية يتشابه في الميل إلى جنبتين ، وذلك مما يوجب احتباسا وتباطؤا فيها. فإن كل مجذوب إلى جانبين ربما أفضى أمره إلى الحيرة وجعلت
__________________
اليمنى مرتفعة
لأنها أقرب إلى الكبد. وكان يجب أن يكون الأقرب إلى مبدأ ما يجذب منه ما هو أقرب إليه في الجهة ، وخصوصا والكبد أعلى وضعا والطحال أنزل وضعا ، فوضع الذي
تحت الكبد أعلى والذي تحت الطحال أسفل.
وأما المعلم الأول
فيقول : إنما وضعت اليمنى في العلو ، لأنها أقوى لأن أقوى الجانبين اليمين ، ولتكون نسبة الكليتين في الوضع نسبة الكبد والطحال.
والكلية اليمنى هي أعظم وأقل شحما ، لأنها أسخن وأقرب من الكبد.
وكلية الإنسان تشبه كلية الثور ، وخلق لحمها كثيفا بضد ما خلق عليه لحم الطحال ،
إذ كان لحم الطحال سخيفا. وذلك لأن الفضلة التي تأتيها رقيقة ، وهي تغتذى منها على
سبيل تحلل من المائية الصرفة واحتباس من الدموية احتباس الراسب. فلو كانت سخيفة
لينة لتحلل جميع ما يأتيها وعدمت الغذاء ، كما يعرض لبعض الكلى إذا سخف لحمها
فتهزل وتضعف. وأما الطحال فما يأتيه شىء غليظ يحتاج إلى سخافة مسلك. فإن الطحال والكلية مشتركان في أن الفضل الذي يندفع إليها يأتيها بالغذاء إذ سيلانها إليها من منافذ واسعة لا كما للمرارة ، ويأتيها أيضا الغذاء في الشرايين التي تتوزع فيها.
وإن المعلم الأول يعطى العلة في كون الحيوان المحزز والخزفى الجلد الذي لا دم له عادما لكثرة اختلاف الأحشاء ، وإن ذلك لأنه غير محوج إلى توليد الدم
وتصفيته بمصاف ، بل إنما له عضو واحد بدل القلب وآخر قابل غذاء ودافعه فقط. ويعطى
العلة في أن بعض الحيوان المائى ممكن من قيء الفضلة السوداء ، ولذلك ليكدر ما يليه
__________________
ويضرب على نفسه
سورا. ويذكر أن التفليس الذي على عضو الكثير الأرجل في الماء هو بسبب تمكنه من
الصيد وتشبكه به. وربما تغير لونه إذا خاف وكذلك ينقذف عنه منيه ، كما يعرض لغيره أن ينطلق بطنه ويدر بوله إذا خاف .
وذكر جنسا من
الحيوان البحرى ربما كان له نابان ، وربما كان له ناب واحد. والذي له ناب واحدة
فقد خلق أقوى خزفا لفقدانه السلاح التام ، وإذا كان له نابان خلق أضعف خزفا.
ثم يذكر القنفذ
البحرى والمشط ، وأن عدد بيضها فرد لأنها مستديرة ، وأوضاع بيضها ليس على
التقابل ، فلو كانت ثلاثة لبعد بعضها من بعض ولو كانت أكثر من خمسة أحوجت إلى
الاتصال.
وهذا كلام متمحل.
وأسنان القنفذ
البحرى بعدد بيضها . قال : والقلب وما يشبه القلب ويقوم مقامه فإن مكانه دائما بين مدخل الغذاء ومخرجه. ومخرج
المنى فهو في الحيوان المشاء فى وسط
الناحية التي بين يمينه وشماله ، وفي المحزز في وسط ما بين الرأس والعضو المتصل
به. وربما وجد هذا العضو في بعض الحيوانات كثير العدد فلذلك يعيش بعد القطع منه . وأنا أظن أنه لا يكون كثير العدد فإن النفس واحدة بالعدد ، لكنه يكون مستطيلا
نافذا في الجسم نفوذ لب الشجرة في الشجرة فإذ أقطع جزء بقى
في الباقى جزء من جملته يكفيه.
كل حيوان لا دم له
فإنه يقتصر على الغذاء القليل وصغره يعين عليه.
__________________
وما كان من
المحززات ذا رجل وكان أبرد مزاجا فهو أكثر أرجلا لتخف حركته ، وخصوصا إذا طالت جثته
وعظمت .
ولكثير من ذوات
الأجنحة منها أربعة أجنحة ، وللصغير جناحان. وربما كان بعض الأجنحة منها
في غلف لتقيها وأجنحة جميعها صفاقية
وأجسادها مخلوقة من أجزاء لها عند الفزع أن تجتمع فتزداد صلابة ، كما نشاهده من حال الجعل إذا فزع.
وبعض الحيوان
المحزز له حمة ليكون سلاحا فربما كان عضو الحمة وعضو المطعم واحدا ، كما للبعوض. وربما كان للحمة عضو مفرد ، كما
للزنبور والعقرب. وإذا لم يكن حمته في مقدمه كانت له أعضاء مثل الأسنان. وما كانت حمته في مؤخره فربما كان غائرا ، لأنه صغير معرض للآفات كما للزنبور. وربما
كان ظاهرا كما للعقرب ، وذلك إذا كان قويا ، وإنما دقت إبرة الجنس الطيار منها وضعفت ليكون أخف عليها.
وأما العقرب فهو يحتمل ذلك لأنه يدب. وليس لما له
جناحان فقط مما يطير منها حمة مخلوقة في مؤخره ، لئلا يضعف عن حمله ، بل جعل حمة واحدة وفي عضو أكله ، ليكون
أخف.
الرجلان
المتقدمتان من الحيوان الصلب العين أقوى ، لأنه يبطش ويأخذ بهما. والمؤخرتان أعظم ليطفر بهما ويستقل إلى الطيران. وكل ما ينزو منها فقط فله ست أرجل : أربع يستعين
بها على المشي وهي متشابهة في العظم والوضع ، واثنتان للطفر.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى تشريح الترقوة
والكتف واليدين
لما فرغنا من
تشريح الأعضاء الآلية التي هي أصول أو داخلة في
الأصول ، فحرى بنا أن نتكلم في الأعضاء الآلية التي هي كالأطراف البارزة وليست أصولا ، ونذكر تشريحها.
ونبدأ بالترقوة
والكتف ثم تشريح اليدين فنقول : إن الترقوة عظم موضوع على كل واحد من جانبى أعلى
القص يخلي عند النحر بتقعيره فرجة تنفذ فيها العروق الصاعدة إلى الدماغ والعصب النازل منه ، ويميل إلى الجانب الوحشى ، ويتصل برأس الكتف فيرتبط به وبهما جميعا العضد والكتف. فقد خلق لمنفعتين : إحداهما لأن يعلق منه العضد واليد ،
فلا يكون العضد ملتصقا بالصدر فتتعذر سلاسة حركة كل واحدة من اليدين إلى الأخرى
وتضيق ، بل خلق بريا من الأضلاع ، ووسع له جهات الحركة . والثانية ليكون وقاية حريزة للأعضاء المحصورة في الصدر ،
ويقوم بدل سناسن الفقرات وأجنحتها حيث لا فقرات تقاوم المصادمات ولا حواس يشعر بها. والكتف يستدق من الجانب الوحشى ويغلظ ، فتحدث على طرفه الوحشى نقرة غير غائرة ،
__________________
فيدخل فيها طرف
العضد المدور . وعند النقرة زائدتان :
إحداهما إلى فوق وخلف وتسمى الأخرم ومنقار الغراب ، وبها يتم رباط الكتف مع الترقوة وهي التي تمنع عن انخلاع العضد
إلى فوق ، والأخرى من داخل وإلى أسفل تمنع أيضا رأس العضد عن
الانخلاع ، ثم لا تزال تستعرض كلما أمعنت في الجهة الإنسية
ليكون اشتمالها الواقى أكثر. وعلى ظهره زائدة كالمثلث قاعدته إلى الجانب الوحشى
ورأسه إلى الإنسى ، حتى لا يفوت تسطيح الظهر. إذ لو كانت القاعدة إلى الإنسى أشالت
الجلد وآلمت عند المصادمات. وهذه الزيادة بمنزلة السنسنة
للفقرات ، مخلوقة للوقاية ، وتسمى العير . ونهاية استعراض
الكتف عند غضروف يتصل به مستدير الطرف واتصاله بها للعلة المذكورة في سائر الغضاريف.
وأما عظم العضد
فقد خلق مستديرا ليكون أبعد عن قبول الآفات ، وطرفه الأعلى محدب يدخل في نقرة
الكتف بمفصل رخو غير وثيق جدا ، وبسبب رخاوة هذا المفصل يعرض له الخلع كثيرا. إذ
المنفعة في هذه الرخاوة أمران : حاجة ، وأمان. أما الحاجة فسلاسة
الحركة في الجهات كلها. وأما الأمان فلأن العضد وإن كان محتاجا إلى التمكن من
حركات شتى إلى جهات شتى ، فليست هذه الحركات تكثر عليه وتدوم
حتى يخاف انهتاك أربطته وتخلعها ، بل العضد في أكثر الأحوال ساكن ، وسائر اليد متحرك فأوثق سائر المفاصل من أعضاء اليد أشد من إيثاق العضد.
__________________
ومفصل العضد تضمه
أربطة أربعة : أحدها مستعرض غشائى يحيط بالمفصل ، كما في سائر المفاصل ؛ ورباطان نازلان من الأخرم أحدهما مستعرض الطرف يشتمل
على طرف العضد ، والثاني أعظم وأصلب ينزل مع رابع ينزل أيضا مع الزيادة المنقارية فى حز معد لهما ، وشكلهما إلى العرض ما هو خصوصا عند مماسة العضد. ومن شأنهما أن يستبطنا العضد فيتصلا بالعضل
المنضود على باطنه. والعضد مقعر إلى الإنسى ، محدب إلى الوحشى ، ليكنّ بذلك ما ينضد عليه من العضل والعصب والعروق ، وليجود تأبط ما يتأبطه الإنسان خاصة ، وليجود
إقبال إحدى اليدين على الأخرى.
وأما طرف العضد
السافل ، فإنه قد ركب عليه زائدتان متلاصقتان ، والتي تلى الباطن منهما أطول وأدق ، ولا مفصل لها مع شىء ، بل هو وقاية لعصب وعروق ؛ وأما التي تلى الظاهر
فيتم بها مفصل المرفق بلقمه فيها على الصفة التي
نذكرها. وبينهما لا محالة حز ، وفي طرفى ذلك الحز
نقرتان من فوق إلى قدام ومن تحت إلى خلف . والنقرة الإنسية الفوقانية منها مسواة مملسة لا حاجز عليها . والنقرة الوحشية هي
الكبرى منهما . وما يلى منها النقرة الإنسية غير مملس ولا مستدير الحفر ،
بل كالجدار المستقيم ، حتى إذا تحرك فيه زائدة الساعد إلى الجانب الوحشى ووصل إليه وقف. وسنورد بيان الحاجة إليهما عن قريب. وأبقراط يسمى هاتين النقرتين عينيين .
__________________
وأما الساعد فإنه مؤلف من عظمين متلاصقين طولا ويسميان الزندين . والفوقانى الذي يلى الإبهام منهما أدق ويسمى الزند الأعلى ، والتحتانى الذي يلى الخنصر منهما أغلظ ، لأنه حامل ويسمى الزند الأسفل. ومنفعة الزند الأعلى أن تكون به حركة
الساعد على الالتواء والانبطاح. ومنفعة الزند الأسفل أن تكون به حركة
الساعد إلى الانقباض والانبساط. ودقق الوسط من كل واحد
منهما لاستغنائه بما يحفه من العضل الغليظة عن الغلظ المثقل . وغلظ طرفاه لحاجتهما إلى ذلك لكثرة ثبات الروابط عنهما ولكثرة ما يلحقهما من المصاكات والمصادمات العنيفة عند حركات المفاصل
وتعريهما عن اللحم والعضل. والزند الأعلى معوج كأنه آخذ من الجهة الإنسية ويتحرك يسيرا ملتويا . والمنفعة في ذلك حسن استعداده لحركة الالتواء. والزند
الأسفل مستقيم ، إذ كان ذلك أصلح للانبساط والانقباض. وأما مفصل المرفق فإنه يلتئم
من مفصل الزند الأعلى ، ومفصل الزند الأسفل مع العضد. فأما الزند الأعلى ففى طرفه
نقرة تتهندم فيها لقمة من الطرف الوحشى من العضد وترتبط
فيها ، وبدورانها في تلك النقرة تحدث الحركة المنبطحة والملتوية.
وأما الزند الأسفل
فله زائدتان بينهما حز شبيه بكتابة السين في اليونانية وهي هكذا وهذا الحز محدب السطح الذي في تقعيره لتتهندم في الحز الذي على طرف العضد الذي هو مقعر ، إلا أن شكل قعره شبيه بحدبة
دائرة. فمن تهندم الحز الذي بين زائدتى الزند الأسفل في ذلك الحز يلتئم مفصل المرفق. فإذا تحرك الحز على الحز إلى خلف
__________________
وتحت انبسطت اليد. فإذا اعترض الحز الجدارى من النقرة الحابسة للقمة حبسها ومنعها عن زيادة انبساط ، فوقف العضد والساعد على الاستقامة.
وإذا تحرك أحد الحزين على الآخر إلى قدام وفوق انقبضت اليد حتى يماس الساعد العضد
من الجانب الإنسى والقدام. وطرفا الزندين من أسفل يجتمعان معا كشىء واحد وتحدث فيهما نقرة واسعة مشتركة أكثرها في الزند الأسفل. وما يفضل عن الانتقار
يبقى محدبا مملسا يبعد عن منال الآفات. وينبت خلف النقرة من الزند الأسفل زائدة
إلى الطول ما هى ، سنذكر منفعتها كلها.
وأما الرسغ فهو
مؤلف من عظام كثيرة لئلا تعمه آفة إن وقعت.
وعظام الرسغ سبعة
أصلية وواحد زائد. أما السبعة الأصلية فهى في صفين : صف يلى
الساعد وعظامه ثلاثة لأنه يلى الساعد ، فكان يجب أن يكون أدق. وعظام الصف الثاني أربعة ، لأنه يلى
المشط والأصابع ، وكان يجب أن يكون أعرض. وقد درجت
العظام الثلاثة إلى أن صار فيها رءوسها التي تلى الساعد أدق وأشد تهندما واتصالا ، ورءوسها التي تلى الصف الآخر أعرض وأقل تهندما واتصالا. وأما العظم الثامن
فليس مما يقوم صفى الرسغ ، بل خلق لوقاية عصبة تأتى الكف. والصف الثلاثى يحصل له طرف من
اجتماع رءوس عظامه فيدخل في النقرة التي ذكرناها في طرفى الزندين ، فيحدث من ذلك مفصل الانبساط والانقباض. والزائدة المذكورة في الزند
الأسفل
__________________
تدخل في نقرة في عظام الرسغ فتكون به مفصل الالتواء والانبطاح . وسط الكف أيضا مؤلف من عظام لئلا تعمه آفة إن وقعت ، وليمكن فيها تقعير الكف إذا احتيج إلى القبض على أحجام المستديرات وإلى ضبط
السيالات . وهذه العظام موثقة ، مشدود بعضها
ببعض ، لئلا تتشتت فتضعف عند ضبط الكف لما يحويه
ويحبسه ، حتى لو كشط جلدة الكف لوجدت هذه العظام كأنها متصلة تبعد فصولها عن الحس. ومع ذلك فإن الربط يشد بعضها إلى بعض شدا وثيقا ، إلا أن فيها
مطاوعة ليسير انقباض يؤدى إلى تقعير باطن الكف.
وعظام المشط أربعة تتصل بأصابع أربع ، وهي متقاربة من الجانب الذي يلى الرسغ ليحسن اتصاله
بعظام كالملتصقة المتصلة ، وينفرج يسيرا في جهة الأصابع
ليحسن اتصالها بعظام هي منفرجة متباينة ، وقد قعرت من باطن لما عرفته . ومفصل الرسغ مع المشط يلتئم بنقر في أطراف عظام الرسغ يدخلها لقم من عظام المشط قد ألبست غضاريف.
وأما الأصابع
فإنها آلات تعين في القبض على الأشياء ، ولم تخلق لحمية خالية عن العظام ، وإن كان
قد يمكن مع ذلك اختلاف الحركات ، كما لكثير من الدود والسمك ، إمكانا واهيا ، وذلك لئلا تكون أفعالها واهية وأضعف كما يكون للمرتعشين. ولم تخلق من عظم واحد ، لئلا تكون أفعالها متعسرة ، كما يعرض
للمكزوزين. واقتصر على عظام ثلاثة ، لأنه إن زيد في عددها وأفاد ذلك زيادة عدد حركات لها أورث لا محالة
__________________
وهنا وضعفا في ضبط
ما يحتاج في ضبطه إلى زيادة وثاقة. وكذلك لو خلقت من أقل من عظمين كانت الوثاقة تزداد والحركات تنقص عن الكفاية ،
وكانت الحاجة فيها إلى التصرف المتفنن بالحركات المختلفة أمس منها إلى الوثاقة
المجاوزة للحد. وخلقت من عظام قواعدها أعرض ، ورءوسها أدق ، والسفلانية منها أعظم
على التدريج حتى أن أدق ما فيها أطراف الأنامل ، وذلك ليحسن نسبة ما بين الحامل إلى المحمول. وخلق عظامها مستديرة لتوقى الآفات ، وصلبت وأعدمت
التجويف والمخ لتكون أقوى على الثبات في الحركات وفي القبض والجر. وخلقت مقعرة
الباطن محدبة الظاهر ليجود ضبطها على ما تقبض عليه ، ودلكها وغمزها لما يدلكه ويغمزه. ولم يجعل لبعضها عند بعض تقعير أو تحديب
ليحسن اتصالها ، كالشىء الواحد إذا احتيج إلى أن يحصل منها منفعة عظم واحد. ولكن
للأطراف الخارجة منها كالإبهام والخنصر تحديبا في الجنبة التي لا
يلقاها منها إصبع لتكون بجملتها عند الانضمام شبيه هيئة الاستدارة
التي تقى الآفات. وجعل باطنها لحيما ليدعمها ويتطامن
تحت الملاقيات بالقبض ، ولم يجعل كذلك من خارج لئلا يثقل وليكون الجميع سلاحا موجعا. ووفرت لحوم الأنامل لتتهندم جيدا عند
الالتقاء كالمتلاصق . وجعلت الوسطى أطول مفاصل ، ثم البنصر ، ثم السبابة ، ثم
الخنصر حتى تستوى أطرافها عند القبض ، ولا تبقى فرجة ، ومع ذلك لتتقعر الراحة
والأصابع على المقبوض عليه المستدير . والإبهام عدل
لجميع الأصابع الأربع ، ولو وضع في غير موضعه لبطلت منفعته ، وذلك لأنه لو وضع في
باطن الراحة عدمنا أكثر الأفعال التي لنا بالراحة ، ولو وضع إلى جانب الخنصر لما
كانت اليدان كل واحدة منهما مقبلة على الأخرى
__________________
فيما يجتمعان على القبض ، وأبعد من هذا أن لو وضعت من خلف ولم يربط الإبهام بالمشط لئلا يضيق البعد
بينهما وبين سائر الأصابع. فإذا اشتملت الأربع من جهة على شىء
وقاومها الإبهام من جانب آخر أمكن أن يشتمل الكف على شىء
عظيم. والإبهام من وجه آخر كالصمام على ما يقبض عليه الكف ويخفيه ، والخنصر
والبنصر كالغطاء من تحت ، ووصلت سلاميات الأصابع كلها بحروف ونقر متداخله بينها
رطوبة لزجة ليدوم بها الابتلال ولا تجففها الحركة ، وتشتمل على مفاصلها أربطة قوية
وتتلاقى بأغشية غضروفية وتحشو الفرج في مفاصلها لزيادة الاستيثاق عظام صغار تسمى سمسمانية.
والظفر خلق لمنافع أربع ، ليكون سندا للأنملة ، فلا تهن عند الشد على الشىء وليتمكن
بها الأصبع من لقط الأشياء الصغيرة ، وليتمكن بها من الحك والتنقية ، وليكون سلاحا
في بعض الأوقات. والثلاثة الأولى أولى بنوع الإنسان ، والرابعة أولى بالحيوانات
الأخرى . وخلق الظفر مستدير الطرف لما تعرف ، وخلق من عظام لينة ليتطامن تحت ما يصاكها فلا ينصدع وخلقت دائمة النشو إذ كانت بعرض الانحكاك
والانجراد .
__________________
الفصل الثالث
(ح) فصل
فيه ذكر كلام
كلى لأمر الصلب
والعنق وأجزائهما
وأما الصلب فمخلوق
لمنافع أربع : إحداها ليكون مسلكا للنخاع المحتاج إليه في بقاء الحيوان ، على ما سلف
لك بيانه من أن الأعصاب لو نبتت كلها من الدماغ لاحتيج أن يكون الرأس
أعظم من هذا بكثير وثقل على البدن حمله ، وأيضا لاحتاجت العصب إلى قطع مسافة بعيدة
حتى تبلغ أقاصى الأطراف فكانت متعرضة للآفات والانقطاع
، وكان طولها يوهن قوتها في جذب الأعضاء الثقيلة إلى مباديها ، فأنعم الخالق
سبحانه بإصدار جزء من الدماغ وهو النخاع إلى أسفل البدن كالجداول من العين لتتوزع عنها قسمة العصب في جنباتها بحسب موازاته
ومصاقبته للأعضاء. ثم جعل الصلب مسلكا حريزا له.
والثانية أن الصلب وقاية وجنة للأعضاء الشريفة الموضوعة قدامه ،
ولذلك خلق للصلب الذي يحويه شوك وسناسن.
والثالثة ليكون
مبنى لخلقة عظام البدن مثل الخشبة التي تهيأ في نجر السفينة أولا ثم يركز فيها
ويربط بها سائر الخشب ثانيا ، ولذلك خلق الصلب صلبا.
والرابعة ليتكون
لقوام الإنسان استقلال وقوام ، ويمكن من الحركات إلى الجهات ،
__________________
فلذلك خلق الصلب من فقرات منتظمة ، لا عظما واحدا ولا عظاما كثيرة المقدار ، وجعلت
المفاصل بين الفقارات لا سلسلة فتوهن القوام ولا موثقة فتمنع الانعطاف. والفقرة عظم في وسطه ثقب ينفذ فيه النخاع. والفقرة قد يكون لها أربع زوائد يمنة ويسرة ، ومن جانبى فوق وأسفل ، ويسمى ما كان منها إلى فوق شاخصة إلى فوق ، وما كان منها
إلى أسفل شاخصة إلى أسفل ومنتكسة. وربما كانت الزوائد ستا :
أربع من جانب ، واثنتان من جانب ؛ وربما كانت ثمانية. والمنفعة في هذه الزوائد هي
أن ينتظم منها الاتصال بينها اتصالا مفصليا بنقر في بعضها ورءوس لقمية في بعض. وللفقرات زوائد أيضا ، لا لأجل هذه المنفعة ، ولكن الوقاية والجنة
والمقاومة لما يصاك ولأن ينتسج عنها رباطات. وهذه الزوائد هي عظام عريضة صلبة موضوعة على
طول الفقرات. فما كان من هذه موضوعا إلى خلف يسمى شوكا وسناسن ، وما كان منها
موضوعا يمنه ويسرة يسمى أجنحة . وإنما وقايتها لما وضع أدخل
منها في طول البدن من العصب والعروق والعضل. ولبعض الأجنحة وهي التي تلى الأضلاع خاصة منفعة ، وهي أنها تتخلق فيها نقر ترتبط بها رءوس الأضلاع محدبة تتهندم فيها ؛ ويكون لكل جناح منها نقرتان ، ولكل ضلع زائدتان محدبتان. ومن الأجنحة ما هو ذو رأسين ، فيشبه
الجناح المضاعف ، وهذا في خرزات العنق ، وسنذكر منفعته.
وللفقرات غير
الثقبة المتوسطة ثقب أخرى بسبب ما يخرج منها من العصب وما يدخل فيها من العروق ،
فبعض تلك الثقب يحصل بتمامها في جرم الفقرة الواحدة ، وبعضها يحصل بتمامها فى
فقرتين بالشركة ، ويكون مواضعها الحد المشترك بينها . وربما كان
__________________
ذلك من جانبى فوق
وأسفل معا ، وربما كان من جانب واحد ، وربما كان في
كل واحدة من الفقرتين نصف دائرة تامة ، وربما كان في إحداهما أكبر منه وفي الأخرى أصغر. وإنما جعلت
هذه الثقبة عن جنبتى الفقرة
إلى خلف لعدم الوقاية هناك لما يخرج ويدخل ولتعرضه للمصادمات ، ولم يجعل إلى قدام وإلا لوقعت في المواضع التي عليها ميل البدن
بثقله الطبيعى وبحركاته الإرادية أيضا فكانت مضعفتها ، ولم يمكن أن تكون متقنة الربط والتعقيب. وكان الميل أيضا على مخرج تلك الأعصاب يضغطها ويوهنها. وهذه
الزوائد التي للوقاية قد تجرى عليها رباطات وعصب وتملس وتسلس لئلا تؤذى اللحم بالمماسة. والزوائد المفصلية أيضا شأنها هذا ، فإنها توثق بعضها ببعض
إيثاقا شديدا بالتعقيب والربط من كل الجهات ، إلا أن
تعقيبها من قدام أوثق ومن خلف أسلس ، لأن الحاجة إلى الانحناء والانثناء نحو
القدام ، أمس من الحاجة إلى الانعطاف والانتكاس إلى خلف. ولما
تنكست الرباطات إلى خلف شغل الفضاء الواقع لا محالة هناك ، وإن
قل برطوبات لزجة. وفقرات الصلب بما استوثق من
تعقيبها من جهة استيثافا بالإفراط هي كعظم واحد مخلوق للثبات
والسكون ، وربما أسلست من جهة فهى كعظام كثيرة
مخلوقة للحركة. والعنق أيضا كطرف من الصلب أو جزء منه فهى مخلوقة لأجل قصبة الرئة
، وقصبة الرئة مخلوقة لما عرفت من منافع خلقها في موضعه. ولما كانت الفقرات
العنقية وبالجملة العالية محمولة على ما تحتها من الصلب ، وجب أن تكون أصغر ، فإن
المحمول يجب أن يكون أخف من الحامل إذا أريد أن تكون الحركات على النظام الحكمى.
ولما كان أول النخاع يجب أن يكون أغلظ وأعظم مثل أول النهر ،
__________________
لأن ما يخص الجزء الأعلى من مقاسم العصب أكثر مما يخص الأسفل ، وجب أن يكون الثقب في فقار العنق أوسع. ولما كان الصغر وسعة التجويف مما يرقق
جرمها ، وجب أن يكون هناك معنى من الوثاقة يتدارك به ما يوهنه الأمران المذكوران ، فوجب أن يخلق أصلب الفقارات
ولما كان جرم كل فقرة منها رقيقا خلقت سناسنها صغيرة ، فإنها لو خلقت
كبيرة تهيأت الفقرة للانكسار والآفات عند مصادمة
الأشياء القوية لسنسنتها . ولما صغرت سنسنتها جعلت أجنحتها كبارا ذوات رأسين مضاعفة. ولما كانت حاجتها إلى الحركة أكثر من حاجتها إلى الثبات ، إذ ليس إقلالها للعظام
الكبيرة إقلال ما تحتها ، فلذلك أيضا سلست مفاصل خرزها بالقياس إلى مفاصل ما
تحتها ، ولأن ما يفوتها من الوثاقة بالسلاسة قد يرجع إليها مثله وأكثر منه من جهة ما يحيط بها ويجرى عليها من العصب والعضل
والعروق فيغنى ذلك عن تأكيد الوثاقة في المفاصل . ولما قلت الحاجة إلى شدة توثيق المفاصل وكفى المقدار المحتاج إليه بما فعل ، لم تخلق زوائدها المفصلية الشاخصة إلى فوق وأسفل عظيمة كثيرة العرض كما
للواتى تحت العنق ، بل جعلت قواعدها أطول ورباطاتها أسلس ، وجعل مخارج العصب منها مشتركة على ما
ذكرنا ، إذ لم تحتمل كل فقرة منها لرقتها وصغرها وسعة مجرى النخاع فيها ثقبا خاصة
إلا التي نستثنيه منها ونبين حاله .
__________________
الفصل الرابع
(ء) فصل
فى تشريح فقرات
العنق والصلب
وفي تشريح الصدر والعجز
فنقول الآن إن خرز
العنق في الناس سبع بالعدد. وقد كان هذا المقدار معتدلا فى العدد والطول. ولكل
واحدة منها إلا الأولى جميع الزوائد الإحدى عشرة المذكورة :
سنسنة وجناحان وأربع زوائد مفصلية شاخصة إلى فوق وأربع شاخصة إلى أسفل. وكل جناح
ذو شعبتين. ودائرة مخرج العصب تنقسم بين كل فقرتين بالنصف ، لكن للخرزة الأولى
والثانية خواص ليست لغيرهما. ويجب أن نعلم أولا أن حركة الرأس يمنة ويسرة إنما
تلتئم بالمفصل الذي بين الرأس وبين الفقرة الأولى ، وحركتها من قدام ومن خلف تلتئم بالمفصل الذي بينه وبين الفقرة الثانية.
فيجب أن نتكلم
أولا في المفصل الأول فنقول : إنه قد خلق على شاخصتى الفقرة الأولى من جانبيه إلى
فوق نقرتان تدخل فيهما زائدتان من عظم الرأس ، فإذا ارتفعت إحداهما وغارت الأخرى مال الرأس إلى الغائرة ، ولم يمكن أن يكون المفصل الثاني
على هذه الفقرة ، فجعل له فقرة أخرى على حده وهي الثانية ، وأنبت من جانبها المتقدم الذي إلى الباطن زائدة طويلة صلبة تجوز وتنفذ في ثقبة الأولى قدام النخاع.
__________________
والثقبة مشتركة
بينها ، وهي أعنى الثقبة من خلف إلى القدام أطول منها ما بين اليمين والشمال ،
وذلك لأن فيها ما بين القدام والخلف نافذين يأخذان من المكان فوق مكان النافذ
الواحد. وأما تقدير العرض فهو بحسب أكبر نافذ واحد منها وهو النخاع . وهذه الزائدة تسمى السن ، وقد حجب النخاع عنها برباطات
قوية أنبتت لتفرز ناحية السن من ناحية النخاع
، لئلا يشدخ السن النخاع بحركتها ولا يضغطه. ثم إن هذه الزائدة تطلع من الفقرة
الأولى وتغوص في نقرة في عظم الرأس
وتستدير عليها النقرة التي في عظم الرأس إلى قدام من خلف.
وإنما أنبت هذا السن إلى قدام لمنفعتين : إحداهما ليكون أحرز لها ؛ والثانية ليكون الجانب الأرق من الخرزة داخلا لا خارجا.
وخاصية الفقرة
الأولى أنها لا سنسنة لها ، لئلا تثقلها ولئلا تتعرض بسببها للآفات. فإن الزائدة
الدافعة عما هو أقوى هي بعينها الجالبة للكسر والآفات
إلى ما هو أضعف. وأيضا لئلا تشدخ العضل والعصب الكثير
الموضوع حولها ، مع أن الحاجة هاهنا إلى شوك واق قليلة . وذلك لأن هذه الفقرة كالغائصة المدفونة في وقايات النائية عن منال الآفات. ولهذه المعانى عريت عن الأجنحة ، وخصوصا إذا كان العصب والعضل أكثرها موضوعا بجنبيها وضعا ضيقا لقربها من
المبدأ فلم يكن للأجنحة مكان . ومن خواص هذه الفقرة أن العصبة تخرج عنها ، لا عن جانبيها
، ولا عن ثقبة مشتركة ،
__________________
ولكن عن ثقبتين
فيها يليان جانبى أعلاها إلى خلف ، لأنه لو كان مخرج العصب حيث يلتقم زائدتى الرأس
، وحيث تكون حركاتهما القوية لتضرر بذلك تضررا شديدا. وكذلك لو كان إلى ملتقم
الثانية لزائدتيها اللتين تدخلان منها في نقرتى الثانية بمفصل سلس متحرك إلى
قدام وخلف ولم يصلح أيضا أن يكون من خلف وقدام
للعلل المذكورة في بيان أمر سائر الخرز ، ولا في الجانبين لرقة العظم فيهما بسبب السن. فلم يكن بد من أن يكون دون مفصل الرأس بيسير ، وإلى خلف من الجانبين ، أعنى حيث يكون وسطا بين الخلف
والجانب ، ووجب ضرورة أن تكون الثقبتان صغيرتين ، فوجب ضرورة أن يكون العصب دقيقا.
وأما الخرزة
الثانية فلما لم يمكن أن يكون مخرج العصب فيها من فوق حيث أمكن لهذه إذ كان يخاف عليها لو كان مخرج عصبها كما في الأولى أن ينشدخ ويترضض بحركة الفقرة
الأولى عليها لتنكيس الرأس إلى قدام أو قلبه إلى خلف ولا أمكن من قدام وخلف ؛ ولذلك ولا أمكن من الجانبين ، وإلا لكان ذلك بشركة مع الأولى ، ولكان النابت دقيقا ضرورة لا
يتلاقى تقصير الأول ، ويكون الحاصل أزواجا ضعيفة
مجتمعة معا ، ولكان أيضا يكون بشركة مع الأولى واتضح عذر الأولى فى فساد حالها لو تثقبت من الجانبين فوجب
أن يكون الثقب في الثانية في جانبى السنسنة
__________________
حيث يحاذى ثقبتى
الأولى ، ويحتمل جرم الأولى المشاركة فيهما. والسن النابت من الثانية مشدودة مع الأولى برباط قوى. ومفصل الرأس مع الأولى ، ومفصل الرأس والأولى معا مع
الثانية ، أسلس من سائر مفاصل الفقار لشدة الحاجة إلى الحركات التي تكون بهما وإلى كونهما بالغة ظاهرة. وإذا تحرك الرأس مع مفصل إحدى الفقرتين صارت الثانية ملازمة لمفصلها
الآخر كالمتوحد ، حتى إن تحرك الرأس إلى قدام وإلى خلف صار مع الفقرة الأولى كعظم واحد ، وإن تحرك إلى الجانبين من غير تأريب صارت
الأولى والثانية كعظم واحد.
وأما فقار الصدر
وهي التي تتصل بها الأضلاع فتحوى أعضاء التنفس وهي إحدى عشرة
فقرة ذوات سناسن وأجنحة ، وفقرة لا جناحان لها ، فذلك اثنتا عشرة
فقرة. وسناسنها غير متساوية لأن ما يلى منها الأعضاء التي هي أشرف ، هى أعظم
وأقوى. وأجنحة خرز الصدر أصلب من غيرها
لاتصال الأضلاع بها.
والفقرات السبع
العالية منها سناسنها كبار وأجنحتها غلاظ لتقى القلب وقاية بالغة. فلما ذهبت جسومها في ذلك ، جعلت زوائدها المفصلية قصارا عراضا .
وما دون العاشرة فإن زوائدها المفصلية الشاخصة إلى فوق هي التي فيها نقر
الالتقام ، والشاخصة إلى أسفل تتشخص منها الحدبات
التي تتهندم في النقر ، وسناسنها تنجذب إلى أسفل.
وأما العاشرة فإن
سناسنها منتصبة مقببة . ولزوائدها المفصلية من كلا الجانبين نقر بلا لقم ، فإنها
تلتقم من فوق ومن تحت معا.
__________________
ثم ما تحت العاشرة ، فإن لقمها إلى فوق ونقرها إلى أسفل وسناسنها تنجذب إلى فوق. وسنذكر منافع جميع هذا بعد.
وليس للفقرة
الثانية عشرة أجنحة ، إذ شدة الحاجة بسبب الأضلاع ناقصة .
وأما الحاجة إلى
الوقاية فقد دبر لها الخالق تعالى وجها آخر يجمع مع الوقاية منفعة أخرى وتفصيل ذلك أن خرزات القطن احتيج فيها إلى فضل عظم وفضل وثاقة مفاصل ، لإقلالها ما فوقها ، واحتيج إلى أن يجعل اللقم والنقر في المفاصل أكثر عددا فضوعف زوائد مفاصلها ، واحتيج إلى أن تجعل الجهة التي يليها من الثالثة عشرة متشبهة بها ، فضوعف زوائدها المفصلية ، فذهبت مادة الشىء التي كانت تصلح لأن تصرف إلى الجناح فى تلك الزوائد ، ثم
عرضت فضل تعريض فكاد يشبه ما استعرض منها الجناح ، فاجتمعت
المنفعتان معا في هذه الحلقة.
وهذه الثانية عشرة
هي التي يتصل بها طرف الحجاب ، وأما ما فوق هذه الخرزة ، فقد كان صغرها يغنى عن هذا الاستيثاق في تكثير الزوائد المفصلية ، بل عظم ما ينبت
منها من السناسن والأجنحة ، فشغل جرمها عن ذلك.
ولما كان خرز الصدر أعظم من خرز العنق لم تجعل الثقب المشتركة منقسمة بين الخرزتين
على الاستواء ، بل درج يسيرا يسيرا بأن زيد في العالية ونقص من السافلة ، حتى بقيت
الثقبة بتمامها في واحدة ، ونهاية ذلك في الخرزة العاشرة.
وأما باقى خرز
الصدر وخرز القطن فاحتمل جرمها لأن يتضمن الثقبة بتمامها.
__________________
فكانت في خرز
القطن ثقبة يمنة وثقبة يسرة لخروج العصب . وعلى فقار القطن سناسن وأجنحة عراض زوائدها المفصلية السافلة تستعرض
فتشبه الأجنحة الواقية ، وهي خمس فقرات. والقطن مع العجز كالقاعدة للصلب كله ، وهو دعامة وحامل لعظم العانة ومنبت لأعصاب
الرجل. وأما عظام العجز فثلاثة ، وهي أشد الفقرات تهندما ووثاقة مفصل ، وأعرضها
أجنحة. والعصب إنما يخرج عن ثقب فيها ليست على حقيقة الجانبين ، لئلا يزحمها مفصل
الورك ، بل أزول منه كثيرا ، وأدخل إلى قدام وخلف. وعظام العجز شبيهة بعظام
القطن. والعصعص مؤلف من فقرات ثلاث غضروفية لا زوائد لها ينبت العصب منها عن ثقب مشتركة كما للرقبة لصغرها. وأما الثالثة فيخرج عن طرفها عصب فرد.
فقد قلنا في عظام الصلب كلاما معتدلا ، فلنقل في جملة الصلب إن جملة الصلب كشىء
واحد مخصوص بأفضل الأشكال وهو المستدير ، إذ هذا الشكل أبعد الأشكال عن قبول الآفات
من المصادمات. وقد عقفت رءوس العالية إلى أسفل والسافلة إلى أعلى ، واجتمعت عند
الواسطة وهي العاشرة . فلم يتعقف ذلك
الواحد إلى إحدى الجهتين ليتهندم عليها التعقفان معا. والعاشرة واسطة السناسن لا في العدد ، بل في الطول. ولما كان
الصلب قد يحتاج إلى حركة الانثناء والانحناء نحو الجانبين ، وذلك بأن تزول الواسطة
إلى ضد الجهة ويميل ما فوقها وما تحتها نحو تلك الجهة ، كان طرفا
الصلب يميلان إلى الالتقاء لم تخلق لقم بل نقر ، ثم
جعلت اللقم السفلانية والفوقانية متجهة إليها ، وأما
الفوقانية فنازلة ، وأما السفلانية فصاعدة ليسهل زوالها إلى ضد جهة الميل. ويكون
للفوقانية أن تنجذب إلى أسفل وللسفلانية أن تنجذب إلى فوق.
__________________
الفصل الخامس
(ه) فصل
فى الأضلاع
نقول إن الأضلاع وقاية لما يحيط بها من آلات التنفس
وأعالى آلات الغذاء ، ولم يجعل عظما واحدا لئلا يثقل ولئلا تعم آفة إن عرضت ،
وليسهل الانبساط إذا زادت الحاجة على ما في الطبع أو امتلأت الأحشاء من الغذاء أو النفخ فاحتيج إلى مكان
أوسع للهواء المجتذب وليتخللها عضل الصدر المعينة في أفعال
النفس وما يتصل به. ولما كان الصدر يحيط بالرئة والقلب وما معهما
وجب أن يحتاط في وقايتهما أشد الاحتياط ، فإن تأثير الآفات العارضة لها أعظم ، ومع
ذلك فإن تحصنها من جميع الجهات لا يضيق عليها
ولا يضرها ، فخلقت الأضلاع السبع العلى مشتملة على ما فيها ملتقية عند القص محيطة بالعضو
الرئيس من جميع الجوانب. وأما ما يلى آلات الغذاء فخلقت كالمحززة من خلف حيث لا يدركه
حراسة البصر ، ولم يتصل من قدام بل درجت يسيرا يسيرا فى الانقطاع ، فكان أعلاها أقرب مسافة ما بين أطرافها البارزة ، وأسفلها أبعد مسافة ، وذلك لتجمع
إلى وقاية أعضاء الغذاء من الكبد والطحال وغير ذلك توسيعا
لمكان
__________________
المعدة ، ولا
تنضغط عند امتلائها من الأغذية ومن النفخ. فالأضلاع السبع العلى تسمى أضلاع الصدر
، وهي من كل جانب سبع. والوسطيان منها أكبر وأطول ،
والأطراف أقصر ، فإن هذا الشكل أحوط في الاشتمال من الجهات على المشتمل عليه. وهذه
الأضلاع تميل أولا على احد يدابها إلى أسفل ، ثم تكر كالمتراجعة إلى فوق فتتصل
بالقص على ما نصفه بعد ، حتى يكون اشتمالها أوسع مكانا ، ويدخل
من كل واحد منها زائدتان في نقرتين غائرتين في كل جناح على الفقرات ، فيحدث مفصل مضاعف وكذلك للسبعة العلى مع عظام
القص .
وأما الخمسة
المتقاصرة الباقية فإنها عظام الخلف وأضلاع الزور ، وخلقت رءوسها متصلة بغضاريف لتأمن الانكسار عند المصادمات ، ولئلا تلاقى الأعضاء
اللينة والحجاب بصلابتها ، بل تلاقيها بجرم متوسط بينها وبين الأعضاء اللينة في
الصلابة واللين.
والقص مؤلف من عظام سبعة ، ولم يخلق عظما واحدا لمثل ما عرف في سائر المواضع من المنفعة ، وليكون أسلس في مساعدة ما يطيف بها من أعضاء
التنفس في الانبساط. ولذلك خلقت هشة موصولة بغضاريف تعين في الحركة الخفية التي
لها وإن كانت مفاصلها موثقة. وقد خلقت سبعة بعدد الأضلاع الملتصقة بها. ويتصل
بأسفل القس عظم غضروفى عريض طرفه الأسفل إلى الاستدارة ويسمى الخنجرى لمشابهته الخنجر وهو وقاية لفم المعدة
وواسطة بين القص والأعضاء اللينة
، فيحسن اتصال الصلب باللين ، على ما قلنا مرارا .
__________________
وأما تشريح العجز
فنقول : إن عند العجز عظمين : واحد يمنة وآخر يسرة ، متصلان فى الوسط بمفصل موثق ،
وهما كالأساس لجميع العظام الفوقانية والحامل الناقل للسفلانية . وكل واحد منهما ينقسم إلى أربعة أجزاء. فالذى يلى الجانب الوحشى يسمى الحرقفة وعظم الخاصرة ، والذي يلى القدام يسمى عظم العانة ، والذي
يلى الخلف يسمى عظم الورك والذي يلى الإنسى يسمى حقّ
الفخذ ، لأن فيه النقرة التي يدخلها رأس الفخذ المحدب. وقد وضع على هذا العظم أعضاء شريفة مثل المثانة والرحم
وأوعية المنى والذكر والمقعدة والسرم.
__________________
الفصل السادس
(و) فصل
فى العضل المحركة لهذه الأعضاء التي قد شرحت
وأما عضل الصلب
فمنها ما تثنيه إلى خلف ، ومنها ما تحنيه إلى قدام. وتتفرع
سائر الحركات عن هاتين الحركتين .
فالثانية إلى خلف
، هى المخصوصة بأن تسمى عضل الصلب. وهما عضلتان ، يحدس أن كل واحدة منهما مؤلفة من ثلاث وعشرين عضلة ، لأن كل واحدة منهما
تأتيها من كل فقرة عضلة ، أو يأتيها من كل فقرة ليف مورّب ، إلا الفقرة الأولى. وهذه
العضل إذا تمددت بالاعتدال نصبت الصلب ، فإن أفرطت في التمدد ،
ثنته إلى خلف ؛ وإذا تحركت التي في جانب
واحد منها ، مالت بالصلب إليه.
وأما العضل الحانية ، فهى زوج موضوع فوق. وهي من العضل المحركة للرأس والعنق ، النافذة
عن جنبتى المريء. وطرفها الأسفل يتصل بخمس
من الفقار الصدرية العليا في بعض الناس ، وبأربع في أكثر الناس. وطرفها الأعلى يأتى الرأس والرقبة. وزوج موضوع تحت هذا وتسميان
المثنيين ، تبتدئان من العاشرة أو الحادية عشرة
__________________
من الصدر ،
وتنحدران إلى أسفل فتحنيان حنيا خافضا. وأما الوسط ، فيكفيه فى حركاته وجود هذه
العضل ، لأنه يتبع في الانحناء والانثناء والانعطاف حركة الطرفين.
وأما العضل
المحركة للصدر فمنها ما تبسطه فقط ولا تقبضه ، فمن ذلك : الحجاب الحاجز بين أعضاء التنفس وأعضاء الغذاء ، الذي نصفه بعد.
وزوج موضوع تحت الترقوة منشؤه من جزء ممتد إلى رأس الكتف ، نصفه بعد ، وله متصل بالضلع الأول يمنة ويسرة يجذبه ، وزوج كل فرد منه مضاعف له جزءان : أعلاهما يتصل بالرقبة ويحركها ، وأسفلهما يحرك الصدر ،
ويخالط عضلة سنذكرها ، وهي المتصلة بالضلع الخامس والسادس. وزوج محسوس في الموضع المقعر من الكتف ، يتصل به زوج ينزل من الفقار إلى الكتف ،
ويصيران كعضلة واحدة تتصل بأضلاع الخلف. وزوج ثالث منشؤه من الفقار السابع من فقار العنق ومن الفقرة الأولى والثانية
من فقرات الصدر ، ويتصل بأضلاع القص . فهذه هي العضلات
الباسطة.
وأما العضل
القابضة للصدر ، فمن ذلك ما يقبض بالعرض وهو الحجاب إذا سكن ، ومن ذلك ما يقبض
بالذات. فمنه زوج ممدود تحت أصول الأضلاع العلى ، وفعله الشد والجمع. ومنه زوج عند أطرافها يلاصق القص ما بين الخنجرى والترقوة ،
ويلاصق العضل المستقيم من عضل البطن. وزوجان آخران يعينانه.
وأما العضل التي تقبض وتبسط معا ، فهى العضل التي بين الأضلاع. لكن الاستقصاء في التأمل يوجب
أن تكون القابضة فيها غير الباسطة ، وذلك أن بين كل
__________________
ضلعين بالحقيقة
أربع عضلات وإن ظنت عضلة واحدة. وذلك أن هذه المظنونة عضلة واحدة منتسجة من ليف
مورب : منه ما يستبطن ، ومنه ما يجلل. والمجلل منه ما يلى الطرف الغضروفى من طرفى
الضلع ، ومنه ما يلى الطرف الآخر القوى. والمستبطن كله مخالف فى الوضع للمجلل ،
والذي على طرف الضلع الغضروفى مخالف كله في الوضع للذى على الطرف الآخر. وإذا
كانت هيآت الليف أربعا بالعدد ، فبالحرى أن تكون العضل أربعا بالعدد . فما كان منها موضوعا فوق فهو باسط ، وما كان منها موضوعا تحت فهو قابض.
وتبلغ لذلك جملة عضل الصدر ثمان وثمانين. وقد يعين عضل الصدر عضلتان تأتيان من الترقوة إلى رأس الكتف فتتصل بالضلع الأولى
منه ، وتشيله إلى فوق فتعين على انبساط الصدر.
وأما عضل العضد ،
وهي المحركة لمفصل الكتف ، فمنها ثلاث عضلات تأتيها من الصدر وتجذبها إلى أسفل.
فمن ذلك عضلة منشؤها من تحت الثدى وتتصل بمقدم العضد عند مقدم
زيق النقرة ، وهي التي تقدم العضد إلى الصدر مع استنزال يستتبع الكتف. وعضلة منشؤها من أعلى القص وتطيف إنسى رأس العضد ، فهى مقربة إلى الصدر مع استرفاع يسير.
وعضلة مضاعفة عظيمة منشؤها من جميع القص تتصل بأسفل مقدم العضد إذا فعلت بالليف الذي لجزئها الفوقانى أقبلت بالعضد إلى الصدر ، شايلة به أو بالجزء الآخر
أقبلت به إليه خافضة أو بهما جميعا ، فتقبل على الاستقامة. وعضلتان تأتيان من ناحية الخاصرة تتصلان أدخل من اتصال العضلة العظيمة الصاعدة من القص ، وإحداهما عظيمة تأتى من عند الخاصرة ومن ضلوع الخلف
وتجذب العضد إلى ضلوع الخلف
__________________
بالاستقامة ،
والثانية دقيقة تأتى من جلد الخاصرة لا من عظمها أميل إلى الوسط من تلك وتتصل بوتر الصاعدة من ناحية الثدى غائرة. وهذه تفعل فعل الأولى على سبيل
المعاونة ، إلا أنها تميل قليلا إلى خلف. وخمس عضل مناشئها من عظم الكتف : عضلة
منها منشؤها من عظم الكتف وتشغل ما بين الحاجز والضلع الأعلى للكتف وتنفذ إلى
الجزء الأعلى من رأس العضد الوحشى مائلة يسيرا إلى الإنسى ، وهذه تبعد مع ميل إلى الإنسى. وعضلتان من هذه
الخمس منشؤهما الضلع الأعلى من الكتف ، إحداهما عظيمة ترسل ليفها إلى الأجزاء
السفلية من الحاجز وتشغل ما بين الحاجز والضلع الأسفل وتتصل برأس العضد من الجانب
الوحشى جدا فتبعد مع ميل إلى الوحشى ، والأخرى متصلة بهذه الأولى حتى كأنها جزء منها وتنفذ معها وتفعل فعلها. لكن هذه العضلة لا تتعلق بأعلى الكتف تعلقا كثيرا واتصالها على التوريب بظاهر العضد ويميلها إلى الوحشى. والرابعة عضلة تشغل الموضع المقعر من عظم الكتف ، ويتصل وترها بالأجزاء الداخلة من الجانب الإنسى من رأس عظم العضد ، وفعلها
إدارة العضد إلى خلف. وعضلة أخرى منشؤها من الضلع الأسفل للكتف ووترها متصل فوق اتصال العظيمة الصاعدة من الخاصرة ،
وفعلها جذب أعلى رأس العضد إلى فوق. وللعضد عضلة أخرى ذات رأسين تفعل فعلين وفعلا
مشتركا ، وهى تأتى من أسفل الترقوة ومن العنق ، وتلتقم رأس العضد وتقارب موضع اتصال وتر رأس العضلة العظيمة الصاعدة من الصدر. وقد قيل : إن أحد رأسيها
من داخل ، ويميل إلى داخل مع توريب يسير ، والرأس الآخر من خارج على ظهر الكتف عند
أسفله ويميل إلى خارج بتوريب يسير ، وإذا فعل بالجزءين أشال على
الاستقامة.
__________________
ومن الناس من زاد
عضلتين : عضلة صغيرة تأتى من الثدى ، وأخرى مدفونة في مفصل الكتف ، وربما جعل لعضل
المرفق معها شركة.
وأما العضل
المحركة للساعد فمنها ما تقبضه ومنها ما تبسطه ؛ وهذه موضوعة على العضد. ومنها
ما تكبه ؛ ومنها ما تبطحه ، وليست على العضد . فالباسطة زوج
أحد فرديه يبسط مع ميل إلى داخل ، لأن منشأه من تحت
مقدم العضد ومن الضلع الأسفل من الكتف ويتصل بالمرفق حيث أجزاؤه الداخلة ؛ والفرد الثاني يبسط مع ميل إلى الخارج ، لأنها تأتى من فقار العضد وتتصل بالأجزاء الخارجة من المرفق. وإذا اجتمعا
جميعا بسطا على الاستقامة لا محالة. والقابضة زوج ، أحد فرديه وهو الأعظم يقبض مع
ميل إلى الداخل ، وذلك لأن منشأها من الزيق الأسفل من الكتف ومن المنقار ، يخص كل
منشأ رأس ، ويميل إلى باطن العضد ، ويتصل وتر له عصبانى
بمقدم الزند الأعلى ؛ والفرد الثاني يقبض مع ميل إلى الخارج ، لأن منشأها من ظاهر
العضد من خلف. وهو عضلة لها رأسان لحميان ،
أحدهما من وراء العضد ، والآخر قدامه . وتستبطن في
ممرها قليلا إلى أن تخلص إلى الزند الأسفل. وقد وصل إلى ما يميل قابضا إلى الخارج بالأسفل ، وما يميل إلى الداخل بالأعلى ليكون بالجذب أحكم. وإذا اجتمع هاتان
العضلتان على فعليهما قبضتا على الاستقامة لا محالة. وقد تستبطن العضلتين الباسطتين
عضلة تحيط بعظم العضد ، والأشبه أن تكون جزءا من العضلة القابضة الأخيرة. وأما
الباطحة للساعد فزوج : أحد فرديه موضوع من خارج بين الزندين ، ويلاقى الزند الأعلى
بلا وتر ؛ والآخر منشؤه رقيق مطاول من الجزء الأعلى
من رأس العضد مما يلى ظاهره وجلها تمر في الساعد وتنفذ حتى تقارب مفصل الرسغ ، فتأتى الجزء الباطن من طرف الزند الأعلى ،
وتتصل به
__________________
بوتر غشائى. وأما
المكبة فزوج موضوع من خارج ، أحد فرديه يبتدئ من أعلى الإنسى من
رأس العضد ، ويتصل بالزند الأعلى دون مفصل الرسغ ؛ والآخر أقصر
منه ، وليفه إلى الاستعراض ، وطرفه أشد عصبانية ، ويبتدئ من نفس الزند الأسفل ،
ويتصل بطرف الأعلى عند مفصل الرسغ. وأما عضل تحريك مفصل الرسغ فمنها قابضة ، ومنها
باسطة ، ومنها مكبة ، ومنها ناطحة على القفا.
والعضل الباسطة فمنها عضلة متصلة بأخرى كأنهما عضلة واحدة ، إلا أن هذه منشؤها
من وسط الزند الأسفل ، ويتصل وترها بالإبهام ، وبها يتباعد عن السبابة ؛ والأخرى
منشؤها من الزند الأعلى ويتصل وترها بالعظم الأول من عظام الرسغ ، أعنى الموضوع
بحذاء الإبهام. فإذا تحركتا هاتان معا بسطتا الرسغ بسطا مع قليل كب ، وإن تحركت الثانية وحدها بطحته ، وإن تحركت الأولى وحدها باعدت بين الإبهام
والسبابة. وعضلة ملقاة على الزند الأعلى من الجانب الوحشى منشؤها أسافل رأس العضد
ترسل وترا ذا رأسين يتصل بوسط المشط قدام الوسطى والسبابة ، ورأس وترها متكئ على
الزند الأعلى عند الرسغ ويبسط الرسغ بسطا مع كب.
وأما العضل القابضة
فزوج على الجانب الوحشى من الساعد ، والأسفل منهما يبتدئ من الرأس الداخل من رأسى العضد وينتهى إلى المشط قدام الخنصر ، والأعلى منهما يبتدئ
أعلى من ذلك وينتهى هناك. وعضلة معها تبتدئ من الأجزاء السفلية من العضد تتوسط
موضع المذكورتين ولها طرفان يتقاطعان تقاطعا صليبا ، ثم يتصلان بالموضع الذي بين السبابة والوسطى ، وإذا تحركتا معا قلصتا .
فهذه القوابض والبواسط هي بعينها تفعل الكب والبطح إذا تحرك منها متقابلتان
__________________
على الوراب ، بل
العضلة المتصلة بالمشط قدام الخنصر إذا تحركت وحدها قلبت الكف ، فإن أعانتها عضلة الإبهام التي تذكر بعد تممت
قلب الكف باطحة.
وأما المتصلة
بالرسغ قدام الإبهام إذا تحركت وحدها كبته قليلا ، أو مع الخنصرية الذي تذكر كبته كبا تاما.
وأما العضل
المحركة للأصابع منها ما هي في الكف ، ومنها ما هي في الساعد ، ولو جمعت كلها على الكف
لثقل بكثرة اللحم ؛ ولما بعدت الرسغيات منها عن الأصابع
، طالت أوتارها ضرورة ، فحصنت بأغشية تأتيها من جميع النواحى ؛ وخلقت أوتارها
مستديرة قوية لا تستعرض إلا أن توافى العضو ، فهناك تستعرض
ليجود اشتمالها على العضو المحرك.
وجميع العضل
الباسطة للأصابع موضوعة على الساعد ، وكذلك المحركة إياها إلى أسفل. فمن الباسطة
عضلة موضوعة في وسط ظاهر الساعد تنبت من الجزء المشرف من رأس العضد الأسفل ، وترسل إلى الأصابع الأربع أوتارا تبسطها.
وأما المميلة إلى
أسفل فثلاث منها متصلة بعضها ببعض في جانب هذه ؛ فواحدة
تنبت من الجزء الأوسط من رأس العضد الوحشى ما بين زائدتيه وترسل وترين إلى الخنصر
والبنصر ؛ وواحدة من جملة عضلتين مضاعفتين هما اثنتان من هذه الثلاث منشؤهما من زائدتى العضد إلى داخل
ومن حافة الزند الأسفل وترسلان وترين إلى الوسطى والسبابة ؛ وثانيتها وهي الثالثة منشؤها من أعلى الزند الأعلى وترسل وترا إلى الإبهام.
__________________
وعند هذه العضل
عضلة هي إحدى العضلتين المذكورتين في عضل تحريك الرسغ ، منشؤها من الموضع الوسط من
الزند الأسفل ، ووترها يبعد الإبهام عن السبابة.
وأما القابضة
فمنها ما على الساعد ، ومنها ما في بطن الكف. والتي على الساعد فثلاث عضلات :
بعضها منضودة فوق بعض موضوعة في الوسط.
وأشرفها وهو الأسفل مدفون من تحت متصل بعظم الزند الأسفل ، لأن فعلها أشرف ، فيجب أن يكون موضعها أحرز. وابتداؤها من وسط الرأس الوحشى
من العضد إلى داخل ، ثم ينفذ ويستعرض وترها وينقسم إلى أوتار خمسة تأتى كلّ وتر
باطن إصبع. فأما اللواتى تأتى الأربع ، فإن كل واحدة منها تقبض المفصل الأول
والثالث منه ، أما الأول ، فلأنه مربوط هناك برابطة ملتفة عليهما ، وأما الثالث فلأن رأسه ينتهى إليه ويتصل به ، وأما النافذة إلى الإبهام فإنها تقبض مفصله الثاني والثالث لأنه إنما يتصل بهما .
والعضلة الثانية
التي فوق هذه هي أصغر منها وتبتدئ
من الرأس الداخل من رأسى العضد ، وتلتزق بالزند الأسفل قليلا ، وتستمر على الحد
المشترك بين الجانب الوحشى والإنسى وهو السطح الفوقانى من الزند الأعلى. فإذا وافت
ناحية الإبهام مالت إلى داخل وأرسلت أوتارا إلى المفاصل الوسطى من الأربع لتقبضها
ولا يأتى الإبهام إلا شعبة ليست من عند وترها ، ولكن من موضع آخر. ومنشأ الأولى بعد الابتداء المذكور هو من رأس الزند الأسفل والأعلى ، ومنشأ الثانية من رأس
الزند الأسفل. وقد جعل الإبهام مقتصرا في الانقباض على عضلة واحدة. والأربع تنقبض
بعضلتين ، لأن أشرف فعل الأربع هو الانقباض ، وأشرف فعل الإبهام هو الانبساط ،
والتباعد من السبابة. وأما العضلة الثالثة فليست للقبض ، ولكنها تنفذ بوترها إلى
باطن الكف ،
__________________
وتنفرش عليه
مستعرضة لتفيده الحس ولتمنع نبات الشعر عليه ، ولتدعم الباطن من الكف
وتقويه على معالجة ما يعالج به. فهذه هي التي على الرسغ .
وأما العضل التي
في الكف نفسها ، فهى ثمانى عشرة عضلة منضودة بعضها فوق بعض في صفين : صف أسفل داخل ، وصف أعلى خارج إلى الجلد. فالتى في الصف
الأسفل عددها سبع : خمس منها تميل الأصابع إلى فوق ، والإبهامية
منها تنبت من أول عظام الرسغ. والسادسة قصيرة عريضة ليفها مورب ، ورأسها متعلق بمشط الكف حيث يحاذى الوسطى ، ووترها متصل بالإبهام
يميله إلى أسفل. والسابعة عند الخنصر تبتدئ من العظم الذي يليها من المشط فتميلها
إلى أسفل. وليس شىء من هذه السبعة للقبض ، بل خمسة للإشالة واثنتان للخفض. وأما التي في الصف الأعلى تحت العضلة المنفرشة على
الراحة ، وهي التي عرفها الطبيب الفاضل وحده دون من سبقه ، فهى إحدى عشرة عضلة : ثمان منها كل اثنتين منها تتصل بالمفصل الأول من مفاصل الأصابع
الأربع واحدا فوق آخر ، لتقبض هذا المفصل. أما الأسفل منهما فقبضا مع حط وخفض ، وأما الأعلى فقبضا مع يسير رفع وإشالة. وإذا اجتمعا فبالاستقامة. وثلاث منها خاصة بالإبهام : واحدة
لقبض المفصل الأول ، واثنتان للثانى كما عرفت . فبواسط الخمس خمس. والخافضات لما سوى الإبهام والخنصر لكل واحد واحد ، وللإبهام والخنصر اثنان. والقوابض لكل إصبع أربع.
والمميلات إلى فوق لكل إصبع واحد .
__________________
الفصل السابع
(ز) فصل
فى الرجل
وتشريحها إلى آخره
وعضلها واختلاف الحيوان في ذلك
جملة الكلام في
منفعة الرجل في شيئين : أحدهما الثبات والقوام وذلك بالقدم ، والثاني الانتقال مستويا
وصاعدا ونازلا وذلك بالفخذ والساق. وإذا أصاب القدم آفة عسر القوام والثبات دون الانتقال ، إلا بمقدار ما
يحتاج إليه الانتقال من فضل ثبات يكون لإحدى الرجلين. وإذا أصاب عضل الفخذ والساق آفة سهل الثبات وعسر الانتقال.
وأوّل عظام الرجل
الفخذ ، وهو أعظم عظم في البدن ، لأنه حامل لما فوقه وناقل لما تحته. وقبّب طرفه العالى ليتهندم في حق الورك. وهو محدّب إلى الوحشى ، مقصع ، مقعر
إلى الإنسى وخلف. فإنه لو وضع على الاستقامة وموازاة الحقّ لحدث نوع من الفحج كما يعرض لمن خلقته تلك ولم يحسن وقاية للعضل الكبار والعصب والعروق
__________________
ولم يحدث من
الجملة شىء مستقيم ولم يحسن هيئة الجلوس ، ثم لو لم يرد ثانيا إلى الجهة الإنسية
لعرض فحج من نوع آخر ولم يكن للقوام وبسطه عنها وإليها الميل فلم يعتدل. وفي طرفه الأسفل زائدتان لأجل مفصل الركبة.
فلنتكلم أولا على الساق ثم على المفصل.
الساق كالساعد
مؤلف من عظمين : أحدهما أكبر وأطول وهو الإنسى ،
ويسمى القصبة الكبرى. والثاني أصغر وأقصر لا يلاقى الفخذ ، بل يقصر دونه ، إلا أنه
من جهة الأسفل قد ينتهى إلى حيث ينتهى إليه الأكبر ، ويسمى القصبة الصغرى.
وللساق أيضا تحدب
إلى الوحشى ، ثم عند الطرف الأسفل تحدب آخر إلى الإنسى ليحسن به القوام ويعتدل.
والقصبة الكبرى وهي الساق بالحقيقة قد خلقت أصغر من
الفخذ ، وذلك أنه لما اجتمع لها موجبا لزيادة في الكبر وهو الثبات وحمل ما فوقه ، والزيادة في الصغر وهو الخفة للحركة ، وكان الموجب
الثاني أولى بالغرض المقصود في الساق فخلق أصغر ،
والموجب الأول أولى بالغرض المقصود في الفخذ فخلق
أعظم ، وأعطى الساق قدرا معتدلا ، حتى لو زيد عظما عرض من عسر الحركة ما يعرض لصاحب داء الفيل والدّوالى ، ولو انتقص عرض من الضعف
وعسر الحركة والعجز عن حمل ما فوقه ما يعرض لدقاق السوق في الخلقة ، ومع هذا كله
فقد دعم وقوى بالقصبة الصغرى.
وللقصبة الصغرى
منافع أخرى مثل ستر العصب والعروق بينهما ومشاركة القصبة
الكبرى في مفصل القدم ليتأيد ويقوى مفصل الانبساط
والانثناء ، ويحدث مفصل الركبة
__________________
بدخول الزائدتين
اللتين على طرف الفخذ في نقرتين في رأس عظم الساق ، وقد وثق برباط ملتف ورباط شاد في الغور ورباطين من الجانبين قويين
، وهندم مقدمها بالرضفة وهي عين الركبة وهو عظم إلى الاستدارة ما هو ، ومنفعته مقاومة ما يتوقى عند الجثوّ وجلسة التعلق من الانهتاك والانخلاع. ودعم المفصل الممنو بثقل البدن بركبة ، وجعل موضعه إلى قدام ، لأن أكثر ما يلحقه من عنف الانعطاف يكون إلى قدام ،
إذ ليس له إلى خلف انعطاف عنيف ، وأما إلى الجانبين فانعطافه شىء يسير ، بل جل انعطافه
إلى قدام ، وهنالك يلحقه العنف عند النهوض والجثو وما أشبه ذلك.
وأما القدم فقد
خلق آلة للثبات ، وجعل شكله مطاولا إلى قدام ليعين على الانتصاب بالاعتماد عليه ،
وخلق له أخمص يلى الجانب الإنسى ليكون ميل القدم عند الانتصاب وخصوصا لدى المشي هو إلى الجهة المضادة لجهة الرجل المشيلة لتقاوم ما يجب أن يشتد من الاعتماد على جهة لاستقلال الرجل المشيلة فيعتدل القوام ، وأيضا ليكون الوطء على الأشياء الناتئة
متأتيا من غير إيلام شديد ، وليحسن اشتمال القدم على ما يشبه الدرج وحروف المصاعد.
وقد خلقت القدم مؤلفة من عظام كثيرة لمنافع : منها حسن الامتساك والاشتمال على الموطوء عليه من الأرض إذا
احتيج إليه. فإن القدم قد تمسك الموطوء كالكف يمسك
المقبوض عليه . وإذا كان المستمسك يتهيأ أن يتحرك بأجزائه إلى هيئة يجود بها الإمساك كان أحسن من أن يكون قطعة واحدة لا تتشكل بشكل بعد شكل.
__________________
ومنها المنفعة
المشتركة لكل ما كثر عظامه. وعظام القدم ستة وعشرون : كعب به يكمل المفصل مع الساق. وعقب به عمدة الثبات. وزورقى به الأخمص.
وأربعة عظام الرسغ بها يتصل بالمشط وواحد منها عظم نردى كالمسدس موضوع إلى الجانب الوحشى وبه يحسن ثبات ذلك الجانب على الأرض. وخمسة عظام للمشط. وأما الكعب فإن الذي للإنسان
منه أشد تكعيبا من كعوب سائر الحيوان ، وكأنه أشرف عظام القدم
النافعة في الحركة ، كما أن العقب أشرف عظام الرجل النافعة في الثبات. والكعب
موضوع بين الطرفين الناتئين من القصبتين يحتويان عليه من
جوانبه ، أعنى من أعلاه وقفاه وجانبيه الوحشى والإنسى. ويدخل طرفاء في العقب في
نقرتين دخول ركز. فالكعب واسطة بين الساق والعقب به يحسن اتصالهما ، ويتوثق المفصل
بينهما ، ويؤمن عليه الاضطراب ، وهو موضوع في الوسط بالحقيقة ، وإن كان يظن بسبب الأخمص أنه منحرف إلى الوحشى. والكعب يرتبط به العظم الزورقى من
قدام ارتباطا مفصليا ، وهذا الزورقى متصل بالعقب من خلف ومن قدام بثلاثة من عظام الرسغ ومن الجانب الوحشى بالعظم النردى الذي إن شئت اعتددت به عظما مفردا وإن شئت جعلته رابع عظام الرسغ .
وأما العقب فهو موضوع
تحت الكعب ، صلب مستدير إلى خلف ليقاوم المصاكات والآفات
، مملس الأسفل ليحسن استواء الوطء وانطباق القدم على المستقر عند القيام. وخلق
مقداره إلى العظم ليستقل بحمل البدن ، وخلق مثلثا إلى الاستطالة يدق يسيرا يسيرا
حتى ينتهى فيضمحل عند الأخمص وإلى الوحشى ليكون
تقعير الأخمص متدرجا عن خلف إلى متوسطة.
__________________
وأما الرسغ فيخالف
رسغ الكف بأنه صف واحد ، وذلك صفان ولأن عظامه أقل عددا بكثير.
والمنفعة في ذلك أن الحاجة في الكف إلى الحركة والاشتمال أكثر منها في القدم ، إذ أكثر المنفعة في القدم هي الثبات ، ولأن
كثرة الأجزاء والمفاصل يضر بالاستمساك والاشتمال على المقوم عليه بما يحصل له من
الاسترخاء والانعراج المفرط ، كما أن عدم الخلخلة أصلا تضر فى ذلك بما يفوت به من الانبساط المعتدل . فقد علم أن الاحتواء والاشتمال بما هو أكثر عددا وأصغر مقدارا أوفق ، والاستقلال بما هو أقل عددا وأعظم مقدارا
أوفق.
وأما مشط القدم ،
فقد خلق من عظام خمسة ليتصل بكل واحد منها واحدة من الأصابع إذ كانت خمسة ومنضدة في صف واحد إذ كانت الحاجة فيها إلى الوثاقة أشد منها إلى القبض والاشتمال المقصودين في أصابع الكف. وكل إصبع سوى الإبهام
فهى من ثلاث سلاميات .
أعظم عضل الفخذ هي
التي تبسطه ، ثم التي تقبضه ؛ لأن أشرف أفعالها هاتان الحركتان. والبسط أفضل من القبض إذ القيام إنما يتأتى بالبسط ،
ثم العضل المبعدة ، ثم المقربة ، ثم المديرة. والعضل الباسطة لمفصل الفخذ منها
عضلة هي أعظم جميع عضل البدن ، وهي عضلة تجلل عظم العانة والورك وتلتف على الفخذ كله من داخل ومن خلف حتى تنتهى إلى الركبة. ولليفها مباد مختلفة ،
ولذلك تتنوع أفعالها صنوفا مختلفة ، ولأن بعض ليفها منشؤه من أسفل عظم العانة فيبسط مائلا إلى الإنسى ، ولأن بعض ليفها منشؤه أرفع من هذا
يسيرا فهو يشيل الفخذ إلى فوق مميلا إلى الإنسى ،
__________________
ولأن بعض ليفها
منشؤه من عظم الورك ، فهو يبسط الفخذ بسطا على الاستقامة صالحا. ومنها عضلة تجلل
مفصل الورك كله من خلف ولها ثلاثة أرؤس وطرفان. وهذه الأرؤس منشؤها من الخاصرة والورك والعصعص ، اثنان منها لحميان وواحد غشائى. وأما الطرفان فيتصلان بالجزء المؤخر من رأس الفخذ ، فإن جذبت بطرف واحد بسطت مع ميل إليه ، وإن
جذبت بالطرفين بسطت على الاستقامة. ومنها عضلة منشؤها من جميع ظاهر عظم الخاصرة
وتتصل بأعلى الزائدة الكبرى التي تسمى طروخانطير الأعظم ، وتمتد قليلا إلى قدام
، وتبسط مع ميل إلى الإنسى ؛ وأخرى
مثلها ، وتتصل أولا بأسفل الزائدة الصغرى ، ثم تنحدر وتفعل فعلها ، إلا أن بسطها
يسير أو إمالتها كبيرة ؛ ومنشؤها من أسفل ظاهر عظم الخاصرة. ومنها عضلة
تنبت من أسفل عظم الورك مائلة إلى خلف ، وتنبسط مميلة يسيرا إلى خلف ، ومميلة إمالة صالحة إلى الإنسى.
وأما العضل
القابضة لمفصل الفخذ ، فمنها عضلة تقبض مع ميل يسير إلى الإنسى ، وهي عضلة مستقيمة
تنحدر من منشأين : أحدهما يتصل بأجزاء المتن ، والآخر من عظم الخاصرة ؛ وهي تتصل بالزائدة الصغرى الإنسية. وعضلة من عظم العانة ،
وتتصل بأسفل الزائدة الصغرى. وعضلة ممتدة إلى جانبها على الوراب وكأنها جزء من
الكبرى. ورابعة تنبت من الشىء القائم المنتصب من عظم الخاصرة وهي تجذب
الساق أيضا مع قبض الفخذ.
وأما العضل
المميلة إلى داخل فقد ذكر بعضها في باب البسط والقبض.
ولهذا النوع من التحريك عضلة تنبت من عظم العانة وتطول جدا حتى تبلغ الركبة. وأما
__________________
المميلة إلى خارج
فعضلتان : إحداهما تأتى من العظم العريض ؛ والمديرتان عضلتان ، إحداهما مخرجها من وحشى عظم العانة ، والأخرى مخرجها من إنسيه . وتتوربان ملتفتين ؛ وتلتحمان عند الموضع الغائر بقرب من مؤخر الزائدة الكبرى
، فأيهما جذب وحده لوى الفخذ إلى جهته مع قليل بسط.
وأما العضل المحركة لمفصل الركبة فمنها ثلاث موضوعة قدام الفخذ ، وهي أكبر العضل
الموضوعة في الفخذ نفسها ، وفعلها البسط. وواحدة من هذه الثلاث كالمضاعفة ولها رأسان يبتدئ أحدهما من الزائدة الكبرى ، والآخر
من مقدم الفخذ. ولها طرفان : أحدهما لحمى يتصل بالرضفة قبل أن يصير وترا ، والآخر
غشائى يتصل بالطرف الإنسى من طرفى الفخذ. وأما الاثنان الآخران : فأحدهما هو الذي
ذكرناه فى قوابض الفخذ أعنى النابت من الحاجز الذي في عظم الخاصرة ، والأخرى
مبدؤها من الزائدة الوحشية التي في الفخذ. وهاتان تتصلان وتتحدان ويحدث منهما وتر واحد مستعرض يحيط بالرضفة ويوثقها بما تحتها إيثاقا محكما ، ثم يتصل بأول الساق ويبسط الركبة بمد الساق. وللبسط عضلة منشؤها ملتقى عظم العانة ، وتنحدر مارة فى الجانب
الإنسى من الفخذ على الوراب. ثم تلتحمان بالجزء المعرق من أعلى الساق وتبسط الساق مميلة إلى الإنسى. وعضلة أخرى في بعض كتب التشريح تقابلها في الجانب الوحشى ، مبدؤها عظم الورك وتتورب في الجانب الوحشى حتى تأتى الموضع المعرق ، ولا عضلة أشد توريبا منها ، وتبسط مع إمالة إلى الوحشى ،
وإذا بسطا كلاهما كان بسط مستقيم .
__________________
وأما القوابض
للساق ، فمنها عضلة ضيقة طويلة تنشأ من عظم الخاصرة
والعانة تقرب من منشأ الباسطة الداخلة ومن الحاجز الذي في وسط الخاصرة ، ثم تنفذ
بالتوريب إلى داخل طرفى الركبة ، ثم تبرز وتنتهى إلى النتوء الذي في الموضع المعرق
من الركبة وتلتصق به ، وبه انجذاب الساق إلى فوق مائلا بالقدم إلى ناحية الأربية. وثلاث
عضل إنسية ووحشية ووسطى : الإنسية والوسطى تقبضان مع ميل إلى الوحشى. والإنسية تقبض مع ميل إلى الإنسى . فالإنسية منشؤها من قاعدة عظم الورك ثم تمر متوربة خلف الفخذ إلى أن
توافى الموضع المعرق من الساق في الجانب الإنسى فتلتصق به ، ولونها إلى الخضرة.
ومنشأ الآخرين أيضا من قاعدة عظم الورك ، إلا أنهما يميلان إلى الاتصال
بالجزء المعرق من الجانب الوحشى. وفي مفصل الركبة عضلة كالمدفونة في معطف الركبة
تفعل فعل هذه الوسطى. وقد يظن أن الجزء الناشئ من العضلة الباسطة المضاعفة من
الحاجز ربما قبض الركبة بالعرض ، وأنه قد ينبعث من متصلهما وتر يضبط حق الورك ويصله بما يليه.
وأما العضل
المحركة لمفصل القدم فمنها ما يشيل القدم ، ومنها ما يخفضها . أما المشيلة فمنها عضلة عظيمة موضوعة قدام القصبة الإنسية ومبدؤها الجزء الوحشى من رأس القصبة الإنسية ، فإذا برزت مالت على الساق مارة إلى جهة الإبهام فتتصل بما يقارب أصل الإبهام ، وتشيل
القدم إلى فوق. وأخرى تنبت من رأس الوحشية وينبت منها وتر يتصل بما يقارب أصل
الخنصر ويشيل القدم إلى فوق وخصوصا إذا طابقتها العضلة الأولى ، وكان ذلك على الاستواء والاستقامة. وأما الخافضة فزوج منها منشؤها من
__________________
رأس الفخذ. ثم
تتحدان فتملئان باطن مؤخر الساق لحما ، وينبت منهما وتر من أعظم الأوتار ، وهو وتر العقب المتصل بعظم العقب ، ويجذبه
إلى خلف موربا إلى الوحشى ، فيكون ذلك سببا لثبات القدم على الأرض. وتعينها عضلة
تنشأ من رأس الوحشية باذنجانية اللون ، وتنحدر حتى تتصل بنفسها من غير وتر ترسله ، بل تبقى لحمية فتلتصق بمؤخر العقب فوق التصاق التي قبلها. وإذا أصاب هاتين العضلتين ، أو وترهما
آفة زمنت القدم. وعضلة يتشعب منها وتران : واحد منهما
يقبض القدم ، والثاني يبسط الإبهام. وذلك أن هذه العضلة منشؤها من رأس القصبة
الإنسية ، حيث تلاقى الوحشية ، وتنحدر بينهما فتتشعب إلى وترين : أحدهما يتصل من
أسفل بالرسغ قدام الإبهام ؛ وبهذا الوتر يكون انخفاض القدم. والوتر الآخر يحدث من
جزء من هذه العضلة يجاور منشأ الوتر الأول. وترسل وترا إلى الكعب الأول من الإبهام
فيبسطه بتوريب إلى الإنسى. وقد تنشأ من الرأس الوحشى من الفخذ
عضلة وتتصل بإحدى العصبتين العقبيتين ، ثم تنفصل عنها إذا حاذت باطن الساق ، وتنبت وترا يستبطن أسفل القدم وتنفرش تحته كله على
قياس العضلة المنفرشة على باطن الراحة ، ولمثل منفعتها.
وأما العضل
المحركة للأصابع فالقوابض منها عضل كثيرة : فمنها عضلة منشؤها من رأس القصبة الوحشية
وتنحدر ممتدة عليها وترسل وترا ينقسم إلى وترين لقبض الوسطى والبنصر. وأخرى أصغر من هذه ومنشؤها هو من خلف الساق ، فإذا أرسلت الوتر انقسم وترها إلى وترين يقبضان الخنصر
والسبابة ، ثم يتشعب من كل واحد من القسمين وتر يتصل بالمنشعب من الآخر ويصير وترا
واحدا يمتد إلى الإبهام فيقبضه.
__________________
وعضلة ثالثة قد ذكرناها تنشأ من وحشى طرفى القصبة الإنسية وتنحدر بين القصبتين وترسل جزءا منها لقبض القدم ، وجزءا إلى الكعب الأول من الإبهام. فهذه هي
العضل المحركة للأصابع التي وضعها على الساق ومن خلفه .
وأما اللواتى
وضعها في كف الرجل فمنها عضل عشر قد فاتت المشرحين ، وأول من عرفها جالينوس ، وهي
تتصل بالأصابع الخمس لكل إصبع عضلتان يمنة ويسرة ، وتحرك إلى القبض إما على الاستقامة إن حركتا معا أو الميل إن حركت واحدة. ومنها أربع
على الرسغ لكل إصبع واحدة ، وعضلتان خاصتان بالإبهام والخنصر للقبض. وهذه العضل
متمازجة جدا حتى إذا أصاب بعضها آفة حدث من ذلك أن يضعف فعل البواقى فيما يخصها ، وفي أن ينوب عن هذه بعض النيابة فيما يخص هذه.
ولهذا السبب ما يعسر قبض بعض الأصابع من القدم خاصة دون بعض. ومن عضل الأصابع
الخمس عضل موضوعة فوق القدم من شأنها أن تميل إلى الوحشى وخمس موضوعة تحتها تصل كل
واحدة منها إصبعا بالذى يليه من الشق الإنسى فتميله بالحركة إلى الجانب الإنسى. وهذه
الخمس مع اللتين يخصان الإبهام والخنصر هي على قياس السبع التي للراحة وكذلك العشر
الأول ، فيكون جميع عضل البدن خمس مائة وتسعا وعشرين عضلة .
__________________
الفصل الثامن
(ح) فصل
من كلام المعلم الأول في أسباب اختلاف أطراف الحيوان
وفي آخره تشريح الفك
قال : إن أكثر
الحيوان الخزفى الجلد قليل الأعضاء لأنه مستغن عن تردد كثير واضطراب. والسراطين
والحيوان المسمى بفارابو متشابهات ، ومع ذلك
فبينهما اختلاف فإن لفارابو ذنبا وليس للسرطان ذنب ، وذلك لأن السرطان يأوى قرب الشط ويعتمد المشي وذلك حيوان سباح والذنب ينفعه في السباحة. ولذلك قويت أرجل السراطين الشطية وكثرت ،
وضعفت أرجل السراطين اللجية وقلت في عددها ، لأنها أقل حاجة إلى الإسراع في المشي. والزبانية اليمنى في ذوات الزبانيات المائية أقوى ، لأن اليمين أقوى. ثم يتكلم في اختلاف أحوال السمك في أعضاء الانتقال والأخذ وما لكل نوع
من الخزفى واللبن الجلد والمحزز وغيره ، ونذكر في جملته أن الكثير الأرجل كبرت
أرجله وخصوصا الأربع الأوساط منها وصغرت أرجل ستينا
وطاوينداس وقصرت لأن جثته صغيرة وجثة ذلك كبيرة ، فعدل صغر الجثة
وضعفها بكثرة القوائم. ثم انتقل إلى
__________________
ذكر الرأس. إنه في
بعض الحيوان يتميز العنق وفي بعضه غير متميز. ومنه ما لا رأس له كالسرطان.
قال : فكل ذى رئة فهو ذو عنق ، فإن العنق لأجل قصبة الرئة ؛ وكل ما لا دماغ له لا رأس
له ، لأن الرأس لأجل الدماغ فإن الدماغ حقه أن لا يثقل عليه بشيء آخر ، لأنه عضو التمييز والآلة البدنية
لأفعال التخيل التي تقوم في سائر الحيوان مقام التمييز. قال : وجميع الحيوان فإن
مقاديم أعضائه أقوى ، لأنها ناقلة ؛ وفي الإنسان ما دام صغيرا أثخن حركة ، فإن المآخير أخف والرأس
ويافوخه أثقل ، لئلا يجتمع ثقل الطرفين ولئلا يعسر على الصبى الدبيب ، فإذا قوى
أخذت الأسافل تعظم لأنها حاملة وناقلة. والخيل وكثير من الحيوان يكون ارتفاع مقدمه
أكثر ، وفي ذلك أيضا تخفيف لمؤخره ؛ ويكون طوله في الابتداء أقل ، وذلك لهذه العلة
ولهذا السبب. وللين المفاصل في الصغر ما يحك المهر
رأسه بحافر رجله المؤخر ، فإذا بلغ طال منه الجسد وصلب مفصل العنق فلم يمكنه ذلك.
وثقل الأعالى في الناس يدل على ضعف العقل لكثرة جسدانيته في ناحية أعضاء العقل.
قال : كأن العقل يطلب البراءة عن الجسدانية. ثم يذكر العلة في إخلاء الإنسان عن
آلة معينة وأن ذلك ليكون له آلة مشتركة ، وهذا شىء فصلناه فيما سلف. ويذكر أن الحيوان المشقوق الأصابع غير الإنسان يستعمل
رجليه في مثل ما يستعمل الإنسان يديه ، وذلك كالقرد والدب. وبعضه
محتاج إلى أن تكون أصابع مؤخر رجليه خمسا ، ليحسن اعتماده على ما يقبض عليه ، إذ
كان من شأنه الانتصاب واستعمال أعضائه وهو مستلق أو مضطجع أو قاعد كالقرد. ومنه ما
تنقص أصابع رجليه من أصابع يديه بإصبع فتكون
__________________
أصابع رجليه أربعا ، إذ كان غير مستعمل أصابعه للقبض ، بل للتمزيق والخدش ؛ وكان ذلك إنما
يتيسر له بيديه ، لأنه يحتاج إلى التمزيق والخدش لأجل الصيد والقتال. وصيده وقتاله
يكون عن قيام ، وذلك مما يحوجه إلى الاعتماد على الرجلين المؤخرتين واستعمال المقدمتين إذ هما واقعان حينئذ حيث يقع عليه بصره دون الرجلين. وهذا
كالأسد والنمر. ومع ذلك فإن تلك الإصبع تعوقه عن العدو عوقا ما عوق الكثير في كل شىء.
قال : وقد فاز
الإنسان من بين سائر الحيوان باستعراض صدره. وسائر الحيوان : أما ذوات الأربع فقد ضيق العضدان مكان صدره وأحوج إلى تضيق جؤجؤه ، والطير قد حدد جؤجؤه ليسهل خرقه
للهواء في طيرانه.
أقول : إن الطير
أحسن حالا في ذلك من ذوات الأربع ، لأن الحدة ليست في نفس العظم المحيط بالرئة
والقلب ، بل في عظم ينشأ عنده .
قال : والصدر أوفق
موضع يخلق فيه الثدى لمن أرضع قاعدا. وأما الحيوان المشاء ذو الظلف والخف أو الحافر وماله ثديان فقط فلما كان حال ثديه لو كان على صدره كحال ثديه وهو على بطنه الأسفل ، ثم كان وضعه في بطنه الأسفل يقربه
من العضو الذي يشاركه أى الرحم خلق هناك وكان مع ذلك مما تعذر حركته لو خلق في
أعالى الصدر. وأما الحيوان المشقوق الأصابع وما يلد كثيرا فإن ثديه منتشر في طول بطنه من أول ناحيته العليا إلى
السفلى من الجانبين صفين لتكون الرواضع من الأجراء تتمكن من الارتضاع وتكون الأثداء في أكثر الأمر بعدة ما في طبيعة ذلك الحيوان أن
يضعه ، إلا الأسد فإنه لقلة ما يلد له ثديان وإنما يلد في الأكثر اثنين. وقد قلل ولده
لأنه
__________________
حيوان ينفق مزاجه
الحار أكثر غذائه نشرا في البدن وتحليلا فلا يغزر لبنه البتة ، بل إنما يأكل حين يصيد ، وإنما يصيد في اليوم أو اليومين مرة وليس كالحيوان الذي يأكل في كل وقت لوجود غذائه. وثديا اللبؤة في وسط
البدن وليس عند الفخذين لأنه مشقوق الأصابع. وأما الفيل فلما كان مشقوق الأصابع ،
وواسع رقعة البطن ، وقليل الولد ، بل لا يلد إلا واحدا
، ولبنه غليظ أرضى ، لأن مزاجه كذلك جاز لذلك أن يكون ثديه أقرب إلى صدره ليكون
نضجه أكثر لمجاورة القلب. ولا يوجد لذكورة ما سوى الإنسان ثديان ، خلا الخيل
، فربما كان كذلك لما يشبه الأم من الخيل دون ما يشبه الأب.
ذكر هاهنا فصلا
فقال : كل حيوان ذى دم فله منى ، وللنساء منى ودم طمث منبعهما واحد أى الرحم. وكل واحد منهما فضلة دم وسنشرح هذا فيما بعد. قال : إناث ذوات الأربع تبول إلى خلف لوضع فرجها ، فإن ذلك الوضع أوفق
للسفاد ، وذكورة بعض الحيوان تبول إلى خلف أيضا كالفيل والأسد والجمل والحيوان الذي يسمى الأزبّ. وليس شىء من ذوات
الحافر تبول إلى خلف. وكل حيوان كامل غير الإنسان فله ذنب كان مما يلد أو يبيض ،
وربما كان صغيرا فلا يعتد به ، وفائدة الذنب السلاح والذب وفي كلها ستر الفرج.
والإنسان من بين
الحيوان المشاكلة مخصوص بالوركين لتقلا ساقيه وقدميه
الكبيرين الكثيرة اللحم بقدر جثته. وأما ذوات الأربع فليس لها ورك ،
لأن أطرافها
__________________
خفقت وشدت بأعصاب ولا تحتاج في قيامها إلى الانتصاب ، وقد ذهبت مادة الورك فى الذنب.
وأما الطير فلما كان في قيامها بين المنتصب وبين الراكع وكان فخذها لحميا دون ساقها شابهت الإنسان من جهة والحيوانات الأخرى من جهة ، فجعل لها وركان ولكن صغيران .
الحافر يكون
للحيوان الكبير الجثة من الأرضية التي فيه فلا يكون له قرن إلا لما كان عظيم الجثة كثير الأرضية جدا وكان ثقله
يمنعه أن يتسلح بحافره ، فخلق له قرن واحد كالكركدن. إن الحافر
كأنه جملة أظفار ، وماله حافر فليس له كعب ليكون قليل انثناء الأرجل لقلة الزوايا
فيسرع رجع الرجلين ، فإن الموثق أشد انجذابا من القلق ، وإن كان القلق أسهل انعطافا. ولهذا لم يخلق لذى الكعب كعب في يديه إذا
احتاجتا أن تكونا أقوى رفعا لأنهما
ناقلتان. وإنما الكعب لذى الظلف ليتكئ عليه تشقيق الظلف.
وأما الحيوان
المشقوق الرجل إلى أصابع فإن صغر أجزاء القسمة وانتشارها أغنى أجزاء الكعب. وأما الظلف فقسماه كبيران لا يتهندمان على الساق إلا بجامع ومفصلين يكون في ذلك تدريج من الساق إلى
الظلفين. وأما الكثير الأصابع فلو كان له كعب لاختلف نسبة الكعب إلى كل إصبع ولم ينقسم إلى الأصابع قسمة متشابهة لأن حال الأطراف كانت
مخالفة لحال الوسط . وأما إذا كان بدل أجزاء كثيرة جزءان تشابه اتصالهما
بالكعب. وقد كثرت أصابع رجل الإنسان ليحسن تهندمها عند الاعتماد على الأرض. وخلقت
قصيرة ، لئلا يكون تعرض الآفة عند الاعتماد عليها .
__________________
وجميع الحيوان
الدموى البرى ذو لسان مطلق. والتمساح له لسان يشبه لسان السمك من حيث هو ملصق ، لأنه مائى ، ولسان البريات من ذوات. الدم من حيث هو ذو دم لأنه أيضا برى دموى. وقد ذكرنا علة قصر لسان السمك وارتباطه بما يليه.
ومن الحيوانات
البحرية ما لسانه أيضا مشقوق كقوقى. فإن حركة الفكين إلى
الاستقامة موافقة للقطع ، وحركتهما إلى الجانبين موافق
للمضغ. وكل حيوان لا يحتاج إلى مضغ كالطير فإنما لفكه حركة واحدة. وجميع الحيوان
يحرك الفك الأسفل كأن الأعلى لا يغنى لكثرة ما فيه وما يتصل به من الأعضاء. وأما
الأسفل فلا فعل له إلا ما ينتفع به في الأكل ، فلذلك خص به المضغ.
وأما التمساح فلما
لم يكن له عضو يقوم عليه ويعتمد في قطع ما ينهشه فإن رجليه قصيرتان ولم يكن كالأسد
وغيره مما إذا عض اعتمد على مقادمه وحركة عنقه ، وكان حيوانا يحتاج إلى غذاء لحمى
قوى إنما يصيبه بالنهش جعل عضه أقوى. والعض الأقوى هو أن يكون العضو المنطبق مع أنه
منطبق بالإرادة منطبقا بالطبع. وطبع حركات أعضاء الحيوانات هو التسفل ، وذلك قد ينفع في أن يكون له وقع. وقد علم أن الضربة النازلة أقوى. وكما أن التمساح له خاصية حركة الفك الأعلى ، كذلك للحية خاصية حركة الرأس وحده وبانفراده إلى خلف ، وذلك ليمكنها من النظر إلى جميع أجزائها طولا ،
فإنها لا ترى من قدام شيئا من أعضائها لأن عينها أخرج أعضائها ، ولا تقع على ما هو أخرج منها فجعل لها هذه
الحركة ليكون لها أن ترى أعضاءها.
ومن الحيوانات
البرية التي تبيض حيوان يسمى أسد الأرض وأظنه يشبه العظاية
__________________
والحرباء ، وهو
كثير الحركة يتهيأ بنصبة ذنبه فيطابق عنقه بهيئة الأسد.
قال : وهو مهزول جدا لأنه قليل الدم لشدة خوفه من كل شىء ، فيصده ذلك
عن رزقه ، ويتغير لونه عند كل جزع لشدة تأثير الخوف في مزاجه.
وأما عظام الفك
والصدغين ، فتتبين مع تبيننا لدروز الفك ، فنقول : إن الفك الأعلى يحده من فوق درز مشترك بينه وبين الجبهة ، مار تحت
الحاجب من الصدغ إلى الصدغ ، ويحده من تحت منابت الأسنان ، ومن الجانبين درز يأتى
من ناحية الأذن مشتركا بينه وبين العظم الوتدى الذي هو وراء الأضراس. ثم الطرف
الآخر هو منتهاه ، أعنى أنه يميل ثانيا إلى الإنسى يسيرا فيكون درز يفرق بين هذا وبين الدرز الذي يذكره ، وهو الذي يقطع أعلى الحنك طولا ،
فهذه حدوده.
وأما دروزه
الداخلة في حدوده ، فمن تلك درز يقطع أعلى الحنك طولا ، ودرز يبتدئ ما بين
الحاجبين إلى محاذاة ما بين الثنيتين ؛ ودرز يبتدئ من
عند مبتدأ هذا الدرز ، ويميل عنده منحدرا إلى محاذاة ما بين الرباعية
والناب من اليمين ؛ ودز آخر مثله في الشمال. فيتحدد إذن بين هذه الدروز الثلاثة الوسطى ، والطرفين ، وبين محاذاة منابت الأسنان
المذكورة ، عظمان مثلثان ؛ لكن قاعدتا المثلثين ليستا عند منبت الأسنان بل يعترض
قبل ذلك درز قاطع قريب من قاعدة المنخرين ، لأن الدروز الثلاثة تجاوز هذا القاطع
إلى المواضع المذكورة فيحصل دون المثلثين عظمان يحيط بهما جميعا قاعدتا المثلثين ومنابت الأسنان وقسمان من الدرزين
الطرفيين . ويفصل أحد العظمين عن
__________________
الآخر ما ينزل من
الدرز الأوسط ، فيكون لكل عظم زاويتان قائمتان عند هذا الدرز الفاصل وحادة عند
النابين ومنفرجة عند المنخرين . ومن دروز الفك الأعلى درز ينزل من الدرز المشترك الأعلى آخذا إلى ناحية العين ، وكما يبلغ النقرة ينقسم إلى شعب ثلاث : شعبة تمر تحت الدرز المشترك مع الجبهة وفوق نقرة العين حتى تتصل بالحاجب ، ودرز دونه يتصل كذلك من غير أن
يدخل النقرة ، ودرز ثالث يتصل كذلك بعد دخول النقرة. وكل ما هو منها أسفل بالقياس
إلى الدرز الذي تحت الحاجب ، فهو أبعد من الموضع الذي يماسه الأعلى ، ولكن العظم
الذي يفرزه الدرز الأول من الثلاثة أعظم ، ثم الذي يفرزه الثاني .
__________________
الفصل التاسع
(ط) فصل
فى تشريح الخد والشفة وكلام في أطراف الحيوان أيضا
الخد له حركتان :
إحداهما تابعة لحركة الفك الأسفل ، والثانية بشركة الشفة. والحركة التي له تابعة لحركة عضو آخر فسببها عضل ذلك العضو. والحركة التي له بشركة عضو آخر فسببها عضلة هي له ولذلك العضو
بالشركة. وهذه العضلة واحدة في كل وجنة عريضة ، وبهذا الاسم تعرف. فكل واحدة منهما مركبة من أربعة أجزاء ، إذ كان الليف يأتيها من أربعة مواضع أحدها منشؤه من الترقوة ، وتتصل نهاياتها
بطرفى الشفتين إلى أسفل وتجذب الفم إلى أسفل جذبا موربا. والثاني منشؤه من القص والترقوة من الجانبين ، ويستمر ليفها على الوراب ؛ فالناشئ من اليمين يقاطع
الناشئ من الشمال وينفذ ، فيتصل الناشئ من اليمين بأسفل طرف الشفة الأيسر ،
والناشئ من الشمال بالضد ؛ وإذا تشنج هذا الليف ضيق الفم وأبرزه إلى قدام فعل سلك
الخريطة بالخريطة. والثالث منشؤه من عند الأخرم في
الكتف ويتصل من فوق متصل ذلك العضل ؛ ويميل الشفة إلى الجانبين إمالة متشابهة. والرابع من سناسن الرقبة ، ويجتاز بحذاء الأذنين ، ويتصل بأجزاء الخد
ويحرك الخد حركة ظاهرة تتبعها الشفة ، وربما قربت جدا من مغرز الأذن في بعض الناس
واتصلت به فحركت أذنه.
__________________
وأما الشفة فمن
عضلها ما ذكرنا أنه مشترك له وللخد ، ومن عضلها ما يخصها وهي عضل أربع : زوج منها
يأتيها من فوق سمت الوجنتين ، ويتصل بقرب طرفيها ؛ واثنان من أسفل. وفي هذه الأربع كفاية في تحريك الشفة وحدها ، لأن كل واحدة
منها إذا تحركت وحدها حركتها إلى ذلك الشق. وإذا تحرك اثنان من جهتين انبسطت إلى
جانبيها ، فيتم لها حركاتها إلى الجهات الأربع ، ولا حركة لها غير تلك ، فبهذه الأربع كفاية. وهذه الأربع وأطراف العضل المشتركة قد خالطت جرم الشفة مخالطة لا يقدر الحس على تمييزها من الجوهر الخاص
بالشفة ؛ إذ كانت الشفة عضوا لينا لحميا لا عظم فيه.
وأما طرفا الأرنبة فقد يتصل بهما عضلتان صغيرتان
قويتان ؛ أما الصّغر ، فلكى لا تضيق على سائر العضل التي الحاجة إليها أكثر ، لأن
حركات أعضاء الخد والشفة أكثر عددا وأكثر تكررا ودواما ، والحاجة إليها أمس من
الحاجة إلى حركة طرف الأرنبة. وخلقت قوية ليتدارك ما يفوتها بفوات العظم ؛ وموردهما من ناحية الوجنة ، ويخالط ليف
الوجنة أولا. وإنما وردت من ناحية الوجنة ، لأن تحريكها إليها . وقد خص الفك الأسفل بالحركة دون الفك الأعلى لمنافع منها : أن
تحريك الأخف أحسن ؛ ومنها أن تحريك الأخلى من الاشتمال على أعضاء شريفة تنكى فيها الحركة أولى
وأسلم ؛ ومنها أن الفك الأعلى لو كان بحيث يسهل تحريكه ، لم يكن
مفصله ومفصل الرأس محتاطا فيه بالإيثاق . ثم حركات الفك
الأسفل ، لم يحتج فيها إلى أن تكون فوق ثلاثة : حركة
فتح الفم والفغر ، وحركة الإطباق ، وحركة المضغ والسحق. والفاتحة تسفل الفك
__________________
وتنزله. والمطبقة تشيله. والساحقة تديره وتميله إلى الجانبين. وبين أن حركة الانطباق يجب أن تكون بعضلة نازلة من علو تشنج إلى فوق ، والفاغرة بالضد ، والساحقة بالتوريب ، فخلق للإطباق عضلتان تعرفان بعضلتى الصدغ وقد صغر مقدارهما في الإنسان إذ العضو
المتحرك بهما في الإنسان صغير القدر مشاشيّ خفيف الوزن ، وإذ الحركات
العارضة لهذا العضو الصادرة عن هاتين العضلتين أخف.
وأما في سائر
الحيوان فالفك الأسفل أعظم وأثقل مما للإنسان ، والتحريك بهما فى أصناف النهش
والقطع والكدم والقلع أعنف. وهاتان العضلتان لينتان لقربهما من المبدأ الذي هو
الدماغ الذي هو جرم في غاية اللين ، وليس بينها وبين الدماغ إلا عظم واحد . فلذلك ولما يخاف من مشاركة الدماغ إياهما في الآفات إن عسى عرضت والأوجاع إن
اتفقت ما يفضى بالمعروض له إلى السرسام وما يشبهه من الأسقام ،
دفنها الخالق عز اسمه عند منشئهما ومنبعها من الدماغ في عظمى الزوج ونفذها في كن شبيه بالأزج ملتئم من
عظمى الزوج ومن تعاريج نقب المنفذ المار معها الملتبس حافاته عليها مسافة صالحة إلى مجاوزة الزوج ليتصلب جوهرها يسيرا يسيرا ويبعد عن منبتها الأول قليلا قليلا.
وكل واحدة من
هاتين العضلتين يحدث لها وتر عظيم يشتمل على حافة الفك الأسفل ، فإذا تشنج أشاله . وهاتان العضلتان قد أعينتا بعضلتين سالكتين داخل الفم منحدرتين إلى الفك
الأسفل في مغارة إذ كان إصعاد الثقيل مما يوجب التدبير والاستظهار فيه بفضل قوة.
__________________
والوتر النابت من
هاتين العضلتين ينشأ من وسطهما لا من طرفهما للوثاقة. وأما عضل
الفغر وإنزال الفك فقد ينشأ ليفها من الزوائد
الإبرية التي خلف الأذن تنحدر فتتحد عضلة واحدة ، ثم تتخلص وترا لتزداد وثاقة ثم
تنتفش كرة أخرى فتحتشى لحما وتصير عضلة لئلا تتعرض بالامتداد لمنال الآفات ثم تلاقى معطف الفك إلى الذقن ؛ فإذا تقلصت جذبت اللحى إلى خلف فتسفل لا محالة. ولما كان الثقل الطبيعى معينا على التسفل
كفى اثنتان ، ولم يحتج إلى معين.
وأما عضل المضغ
فهما عضلتان من كل جانب عضلة مثلثة ، إذا جعل رأسها الزاوية التي من زواياها
في الوجنة امتد لها ساقان : أحدهما ينحدر إلى الفك الأسفل ، والآخر يرتقى إلى
ناحية الزوج. واتصلت قاعدة مستقيمة فيما بينهما وتشبثت كل زاوية بما يليها ليكون لهذه العضلة جهات مختلفة في التشنج فلا تستوى حركتها ، بل يكون لها أن تميل ميولا مفتنة يلتئم فيما بينها السحق والمضغ.
والطير تختلف في
أعضائها لاختلاف منافعها ، مثل اختلافها في أعناقها ، فبعضها طوال الأعناق ،
وبعضها قصار الأعناق. فما كان منها إنما يلتقم غذاءه في جوف الحمأة وفي عمق المياه ،
فإنه طويل العنق ليبلغ إلى ملقط رزقه. وما كان منها لا يحتاج إلى ذلك ، ويحتاج إلى
قوة في أصل عنقه ، فهو قصير العنق ، مثل الشاهين. وما كان مما رجله طويل لا يمكنه
السباحة والغوص ورزقه في النقايع ، طوّل ساقه ليحاذى به عنقه ليقوم في المياه ولا
يغرق ويرسل عنقه في القعر. وأما الذي يمكنه السباحة وبين أصابعه
جلود يصل بعضها ببعض ليسبح به ويحسن جذفها بسببه ، لم يحتج إلى طول
__________________
الساقين ، لأمنه
الغرق ولحاجته إلى قصرهما ، لتكون سباحته أسهل وقوة رجله أشد. وما كان منها يلتقط
الديدان من الحمأة وغذاؤه من صغار السمك احتاج إلى منقار حاد ، ليجمع بين الطعن والأخذ ، ويكون انخراطه له أجمع من استعراضه. وما كان منها يحتاج
أن يلتقط من عمق الحمأة ، طوّل منقاره لئلا يحتاج إلى إدخال رأسه وعينه في الحمأة.
والطائر وإن كان
له رجلان فزاوية الركبة إلى خلف والانثناء نحو قدام بخلاف الإنسان.
أقول : لأن الإنسان شديد استواء القامة والانثناء إلى الجانبين من جهة القامة ، متفق
الحال بالقياس إلى قامته. لكنه ذو أرداف وأفخاذ عظيمة ميلها إلى خلف للمنافع
المقصود فيها. فلو كان رجلاه ينثنيان إلى خلف ، لكان يصعب إقامته
عن قعوده ؛ وأما انثناؤها إلى قدام فهو أوفق لإقامتها.
وأما الطائر فإنه
خفيف الخلف ثقيل المقدم. وبالجملة فإن المفصل إنما ينبسط ويقوم بامتداد العضل إلى خلاف جهة انثنائه ، فيجب أن يجعل الانثناء إلى
خلاف جهة الثقل حتى يقل الثقل بالمد إلى الاستقامة. فإن كان ثقل يراد أن يقوم بمد شىء
متصل به لا بشيء يدفع به فإنما يمد من جهة هي
خلاف جهة انكبابه.
قال : جميع
الجوارح سريعة الطيران على قدر أجسامها في العظم ليسهل لها اللحوق. وقد
خلق سائر الطير سريعة الطيران ليجود هربها ، إلا العظام الأبدان الأرضية فإنها لمزاجها لا تحتمل ذلك . كل طائر له مخلب في كفه ، فلا يحتاج إلى مخلب في ساقه ،
لأن ما له مخلب فإنما يبطش بالعرض ومن قدام ؛ فإن بطش من خلف بطل القبض ، والقبض
أوفق للقتال وأولى أن يبطش به طيرانا. وأما المخلب على الساق فإنما يمكن
__________________
الجرح به عند
القيام على الأرض ، ولذلك يوجد في الطير الثقال الأرضية
التي لو خلق لها مخالب لتعذر عليها المشي ولشبث بها كل شىء. وكل طائر طويل العنق قويه فهو يبسطه عند الطيران ، فذلك أوفق له في خرق الهواء ، وهذا مثل الكركى. وأما إذا كان عنقه طويلا ضعيفا ، فإنه يقبضه إلى صدره عند الطيران ، مثل مالك
الحزين. فأما حال حلقه أوراك الطيور فقد فيل
فيه.
قال : ضرب من
السمك يسبح ، لا بأجنحة ينتفع بها في السباحة ، بل يلى بدنه كالحية ، وأظن أن المارماهى بهذه الصفة. وأوضاع أجنحة السمك مختلفة ، وكذلك عددها. ما
كان من السمك له نفانغ كثيرة فهى أعيش في البر ، لأن انسداد مسامه يبطئ.
ولا يسرع الدلفين
، لكبر بدنه ، ولأنه متنفس خلق لنفسه أنبوبة كبيرة.
وكان للخفاش ذنب
لتشوش عليه الطيران.
النعامة تشبه
الطير في أشياء ، وتشبه غير الطير في أشياء. فلأنه ليس بذى أربعة أرجل وله جناحان ، ولأنه ليس بطائر فليس الريش على جناحه كما يكون على جناح الطير ، بل هو زف
شعرى . ولأنه يشبه ذوات الأربع فله أشفار شعرية ، ولأنه يشبه الطير فأسفل أعضائه كثير الريش . ولأنه يشبه ذوات الأربع فله ظلف ، ولأنه يشبه الطير فظلفه مخلبى .
__________________
المقالة الخامسة عشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
في أحوال تولد الحيوان وتوالده وفيه تشريح الذكر والرحم
الحيوان الذي يولد في غيره هو الذكر ، والحيوان الذي يلد من غيره في
ذاته إلى كمال الكون أو إلى بعض استحالة الكون هو الأنثى. ولو كان حيوان يلد من ذاته لم يكن فيه ذكر ولا أنثى. وقد أشرنا في الفن الثاني إلى ما يعلم حاله من هذا الباب.
الحيوانات الدموية
مما يمشى ومما يطير ومما يزحف كلها تكون عن ذكر وأنثى.
وأما المحززات فقد
تتولد عن العفونة ، وقد يكون فيها ذكر وأنثى ، وبينهما سفاد ، لكنها لا تلد حيوانا مثلها ، بل دودا ولو
كان يلد مثلها لكان توالديا لا تولديا ، فإذا ولد غير جنسه ، وقف عند المولود الأول ، ولم يذهب إلى غير النهاية جنس عن جنس ، فإن
الطباع محدودة التفاصل ، فتكون الحيوانات منها ما يلد ولادة تامة ،
__________________
ومنها ما يلد ولادة غير تامة ، من ذلك ما يلد بيضا ، ومنها ما يلد دودا والذي يلد بيضا ،
فمنه ما يلد بيضا تاما كالطير ، ومنه ما يلد بيضا غير تام كالسمك ، لأن
بيضها ينشو وينمو بعد الوضع.
وعندى أن الحيوان
المحزز المتولد عن العفونة لا يلد دودا البتة ، بل بيضا بزريا ، ثم يصير دودا. ولا
يبعد أن ينقلب الدود إلى طبع ما كان عنه وتولد ، أعنى ليس توليده دودا دليلا على
أن توليده يقف على الدودية ولا يتعدى إلى إخراج مشارك للنوع. ويحتاج أن يتأمل هذا
من التجربة ، فقد ظهر ببلدة من بلاد خراسان يقال لها أسقينقان عقيب مطر مطرت دود قزلا يحصى كثرة فراسخ . وكل واحد منها نسج على نفسه القز وخرج فراشا وألقى بزرا ، لكن القز الذي نسجه لم يكن متصل الأجزاء ، فكان لا يتصل انحلاله في الآلة التي يوجد بها ، فلم يعتن الناس ببزره.
وعندى أن الناس لو
عنوا ببزره وعلفوه ورق الفرصاد لما كان يبعد أن يكون القز المتولد عنه كسائر القز. وهذا توهم أتوهمه. وحزم القضية على أن
المحززات المتولدة من تلقاء أنفسها تلد دودا ، هو مما لا يعجبنى ، فإنه ليس يشهد
أحد ولادتها.
وأما الدود فقد
يتكون عن بيض الفراش وبيض دود القز وبيض الجراد ، ثم يصير دودا ، ثم
ينسلخ ، ويصير الحيوان الذي ولده. فلا يستغرب أن يكون ما يلده
سائر المحززات هكذا. فعسى إن ما
شاهدوا من الأحوال الثلاثة ، الوسط منها ، وهو كونه دودا. وقد ولد صديق لنا فيما أظن عقارب توالدت بعد أن تولدت. فليس يجب
__________________
إذا كان الحيوان
يتكون بالتوالد أن لا يتكون بالتولد ، فإنه يجوز أن يكون التوالد يحفظ النوع ،
والتولد يحدث في الأحيان أشخاصا تبتدئ منها الولادة ، كما أن الناس
ربما قطع التوالد والتولد عنه واحد ينتهى منه إليه التولد. ويجوز أن تكون العوارض
التي تعرض في الهواء تقطع النسل ، ثم يعود النوع بالتولد ، فيكون التولد والتوالد
معاونين في استحفاظ النوع.
وقد وجدنا في الوادى الذي يسيل عند بهستون حيوان الجند بيدستر ، ومعلوم أن ذلك
الوادى حادث وأن هذا الحيوان في غالب الظن الشديد الغلبة قد تولد فيه ، فإنه لا
يجوز أن يقال إنه صار إليه من البحار التي يكثر فيها للبعد العظيم بين ذلك الموضع وبين البحار. وكثيرا ما تحفر قنى ويسيل منها مياه إلى برك ومصانع لا عهد للبقعة بالسمك ، فيتولد
فيها سمك يتوالد. وهذا شىء كأنا أومأنا إليه في غير هذا الموضع.
قال : الذكر يخالف
الأنثى بالبيضة المعلقة وبالرحم ، وإذا قطع الذكر تغير مزاج البدن ، وليس يبعد أن يكون المزاج الذكورى يفيض في الأعضاء بعد القلب من عضو
واحد عند ما يتم فعله ، وهو عند الإدراك. فإذا قطع ذلك العضو انحسم عن الأعضاء المزاج الذكورى فلم ينبت الشعر في المنابت الخاصة بالرجال ولم
يستحل الصوت إلى صوت الرجال. فأما إن كان القطع بعد هذا وحصل المزاج الذكورى منه في الأعضاء وتقرر ، لما صار القطع مانعا عن نبات اللحية بعد تحلقها وعن النغمة الذكرية .
بعض الذكران لا
خصية له ، فلذلك هو سريع الإنزال جدا كأنواع السمك. وإنما
يكون له مسيلان للمنى مستقيمان.
__________________
قال : والأنثيان
في ذوات الأنثيين ليستا جزءا من مجارى المنى ، بل هما كالمنفصلين عنه. وأما الذكر
فمنشؤه من رباطات تنشأ من عظم العانة ومن لحمه ، وهو متخلخل الخلقة ليكون له أن
يتمدد بما ينفذ فيه من الروح عند الحاجة ويسترخى عند الاستعناء فلا يؤذى بدوام
انتصابه . وفي تمدده فائدتان : إحداهما حسن تهيئه للدخول في عنق الرحم ويمكنه من الاقتضاض ، والثانية استواء المجرى ليتمكن من ذرق سوى
يقصد معه حلق فم الرحم ، ومن عرض له في طرفي كمرته اعوجاج إلى أسفل لقصور الوترة فلا يولد
أو يقطع الوترة التي إنما خلقت للزينة ، وليكون للكمرة اعتماد. وأوفق المواضع للقطع هو الوسط من تحت. ومن طال ذكره جدا ، قل
إعلاقه لأن المنى يسافر مسافة طويلة إلى أن يبلغ الرحم ، وهو سريع الاستحالة مع
مفارقته معدنه الذي يتولد فيه.
وأما الرحم فوضع
خلف المثانة وقبل المعاء ليكون له من الجانبين مفرش ويكون في حرز ، وذلك بسبب الجنين.
والعضلة المحركة للذكر زوجان : زوج تمتد عضلتاه عن جانبى الذكر ، وإذا
تمددتا وسعتا المجرى وبسطتاه فاستقام المنفذ وجرى فيه المنى بسهولة ؛ وزوج ينبت من
عظم العانة ، ويتصل بأصل الذكر على الوراب ، فإذا اعتدل تمدده انتصبت الآلة
مستقيمة ، وإن اشتد أمالها إلى خلف ، وإن عرض
الامتداد لأحدهما مال إلى جهته.
قال : وقد خلقت
الأنثيان معلقتين ليحسن به نصبه أوعية المنى ؛ وإنها لما خلقت معوجة ملتفة لتثبت مادة المنى مدة النضج احتيج أن يكون منتهاها. وحيث
__________________
يتم فيه يكون
المنى شيئا في طباعه أن يجذبها يسيرا إلى الاستقامة مثل ما يعرض للدواب التي تزرق في أن تعلق منها مثقلة يسيرة لتردها عن إفراط الزرق إلى استقامة ما ، وكمنوال المنسج. وهذه ليست المنفعة
المطلقة والأولية للأنثيين ، بل هذه إحدى المنافع. وأما منفعتها الحقيقية فقد ذكرت
في هذا الكتاب ، وبين أنه شىء به يتم
تولد المنى وفيه. وليس إذا حصل للعضو منفعة ما فقد حرم سائر المنافع ، وليس قوله :
إن الأنثيين تمتزج من مجارى المنى هو قوله : إنه لا منفعة له في تولد المنى ،
بل معناه ما قلناه في التشريح من أن الأنثيين كجوهر
غريب مما يتصل به. وكيف وليس نفسه مجرى ، بل مخالف للمجرى ،
كأنه غدة في مجرى.
فإلى هذا يذهب
المعلم الأول ، لا إلى ما يشنع عليه الطبيب.
وإذا خصى الحيوان انجذبت العلاقات إلى فوق وانقطعت عن القضيب حتى لا تجرى مادة المنى. وحكى أن ثورا خصى ونزا في الوقت فأحبل ، كأن
المنى كان قد اندفع إلى أوعية المنى التي بعد الخصية فانقذف.
قال : إن الزرع
مما يسفد وقتاما إنما يجتمع فيه وينضج في ذلك الوقت ، ولا يكون في
غيره. وكل ما لا ساقان له فلا ذكر ولا أنثيين له ، ولذلك يفقد الذكر.
السمك يتم بيضه
خارجا كما أن الشجر يتم بزره خارجا عنه.
يقول : إن آلة التوليد التي للإناث وهي الرحم في أصل الخلقة ، مشاكلة لآلة التوليد التي للذكران ، وهو الذكر وما معه . لكن أحدهما نام مبرح إلى خارج ،
__________________
والآخر ناقص محتبس
في الباطن كأنه مقلوب آلة الذكران ؛ فكأن الصفن صفاق الرحم
، وكأن القضيب عنق الرحم. والبيضتان للنساء كما للرجال ، لكنهما في الرجال كبيرتان
بارزتان وفي النساء صغيرتان باطنتان. وكما أن للرجال أوعية للمنى بين البيضة وبين
المقذف من أصل القضيب كذلك للنساء أوعية للمنى بين الخصيتين
وبين المقذف إلى داخل الرحم. لكن التي للرجال تبتدئ من البيضة وترتفع إلى فوق وتندس في النقرة التي تنحط منها علاقة
البيضة محرزة موثقة ثم تنثنى هابطة متوربة متعرجة ذات التفافات يتم فيها نضج المنى حتى يعود ويفضى إلى المجرى
الذي في الذكر من أصله من الجانبين ؛ وبالقرب منه ما يفضى أيضا طرف عنق المثانة ،
وهو طويل في الرجال ، قصير في النساء. وأما في النساء فيميل من البيضتين إلى
الخاصرتين كالقرنين عند الجماع فتسويان عنق الرحم للقبول
وهما أقصر مرسل زرعه في الرجال. ويختلفان في أن أوعية المنى في النساء قريبة اللين من البيضتين. ولم يحتج إلى تصليبهما وتصليب غشائهما ؛ لأنها في كن ولا تحتاج إلى زرق بعيد. وأما في الرجال فلم يحسن وصلهما بالبيضتين ، فكانت تؤذيها إذا توترت بصلابتها ، بل جعل بينها واسط يسمى إبديدومس يأتى المقذف عند الأطباء وإلى باطنه.
وعند المعلم الأول
أن المرأة تقذف زرعها إلى خارج عند ثقب تحت ثقب البول ، وقد تحققت صحة هذا من الرجوع إلى النساء. وبالحرى أن يكون هذا ليكون
فم
__________________
الرحم ينزعج للجذب
عند إحساس بمنى نفسها أو سيلانه فينجذب مع ذلك منى الرجل ، إذا توافق الصبتان معا. ولو كان الرحم يجذب منى الرجل
نفسه من غير مزعج إلى ذلك عنه ، وإنما يجذبه طباعا ، لكان يجب
أن يجذبه كل وقت ينزل الرجل. ومن المعلوم تجربة يقينية أنها إنما تجذب عند ما تنزل هى. فبالحرى أن يكون صب منيها إلى خارج فم الرحم ليجذب المنيين معا. على أنا لا نستبعد أن يكون عند ما ينزل يطلب من
خارج منى الرجل فيفعل في وقت واحد صب منيها وطلب الشىء الذي يحتاج أن يقترن به جذبا ، لكن الأول أولى ، وتصدقه شهادة النساء الفطنات.
وعند المعلم الأول
، أن مجرى زرعهن إلى خارج ضيق جدا ، وتكتنفه لحوم غددية في كليهما تحيط به وبعنق المثانة ، ويرسل رطوبات حارة أرق من المنى تدغدغ
وتهيج للجماع. والمنى في الرجال أنضج ، ويأتى الخصيتين من العروق المعوجة المتلففة الشبيهة بعراجين الكرم التي تأتيه دما وينضج ويستحيل فيها بعض
الاستحالة إلى المنوية متشبها بطبيعة البيضة والرطوبة البيضاء التي فيها وخصوصا لما
يتخضخض من الروح الهوائى. وخلق الرحم ذات عروق كثيرة تتشعب من العروق التي ذكرناها ، لتكون هناك عدة للجنين ولتكون للفضل الطمثى مدرا . وربطت الرحم
بالصلب برباطات قوية ، وجعلت من جوهر عصبى له أن يتمدد كثيرا عند الاشتمال ، وأن
يجتمع إلى حجم يسير عند الوضع ، وليس يستتم تجويفها إلا مع استتمام النمو كالثديين
لا يتم حجمها إلا مع استتمام النمو ؛ لأنه قبل ذلك معطل لا يحتاج إليه ، وله في
الناس تجويفان وفي غيرهم تجاويف بعدد حلم الأثداء .
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى أسباب أحوال مادة الإيلاد
الحيوان البيّاض
بعضه يبيض داخلا ويولد داخلا ، وبعضه يبيض داخلا ويتم بيضه داخلا ويلد خارجا ،
وبعضه يتم بيضه خارجا كالسمك. والذي يلد : بعضه ما يلد تاما ، وبعضه يلد غير تام ،
بل يلد دودا ، وذلك الدود يتم خارجا. وما يبيض غير تام يبيض فى أسافل بطنه لئلا
يثقل على الحجاب بتقريب فعل الجنين منه ، ولا تعسر به الولادة التي يعسرها كل ما يجذب
الجنين إلى فوق مثل العطاس.
ما كان من الحيوان
لين الجلد خلقت بيضتاه خارجتين. وأما صلب الجلد ، فلم
يجعل بيضه من خارج ، وإلا كان يحيط به خزف فيؤلمه. وجلد الطير أيضا إلى الخشونة ، وكذلك جلد الفيل والقنفذ فليس موافقا لمماسة البيضة.
الحيوان البياض فسبيل ثفليه اليابس والرطب واحد. والسلحفاة فسبيل ثفليها واحد
أيضا ، ولها سبيل آخر للولادة لا للبول.
بعض الحيوان يسفد
بالنزو ، وبعضه بتماس الطرفين ، وبعضه بالمشابكة. ومن المحززات ما لا يتسافد ،
بل يتولد ، ومنها ما يتسافد. والذكر منها أصغر جثة من الأنثى ، وكذلك في بعض الطير
، لأن ذلك أوفق. وتكون الأنثى ترسل إلى الذكر ما يلتقم
عضو توليده.
__________________
وبعد هذا ، فإن
أكثر كلام المعلم الأول هو في المنى والزرع.
وفي هذا الموضع يظن بالمعلم الأول أنه يرى أن لا نطفة للنساء.
والدليل على فساد قولهم : إنه يقول في فصل إن الولد قد يكون إذا أنزل الرجل دون
المرأة ، وقد لا يكون إذا أنزلا معا. وهذا يدل على أن لهما جميعا إنزال منى بوجه
ما. ثم يقول في موضع : إن الزرع منه الولاد ، ودم الطمث غذاء ، ولا يحتمل على
مذهبه أن يكون هذا الزرع زرع الرجل. قال : وينبغى أن يتعرف هل المنى يخرج من البدن
كله أم لا ، فقد ظن أنه يخرج من جميع البدن ، على أنه يخرج من اللحم جزء لحم ومن
العظم جزء عظم. والداعى إلى هذا الظن عموم اللذة ومشاكلة عضو المولود لعضو ناقص من والديه أو لعضو ذى زيادة أو شامة. وأيضا من جهة كلية المشابهة ونزوع العرق
يجب أن يكون سبب المشابهة عامة النسبة إلى البدن كله. فإن كان
البدن كله يرسل المنى فكل عضو يرسل قسطه ، وإلا فالشبه يكون بحسب عضو واحد.
لكن هذه الاحتجاجات غير مقنعة ، فإن المشاكلة قد تقع في الظفر والشعر ، وليس يخرج
منهما شىء ؛ ولأن المولود قد يشبه جدا بعيدا وليس يبقى له زرع. فقد حكى أن واحدة
ولدت من حبشى ابنة بيضاء ثم إن تلك ولدت أسود. والزرع ليس ترسله الأعضاء
المركبة الآلية من حيث هي آلية وتقع فيها شبهة .
قال : وأيضا فإنه
لو كان المنى بالصفة الموصوفة لكان المنى حيوانا صغيرا ، لأنه يكون فيه من كل عضو
جزء ، ثم كيف يعيش ذلك الحيوان أن كانت أعضاؤه غير موضوعة وضعها الواجب ، وإن كانت
الأعضاء موضوعة وضعها الواجب فيكون منى الإنسان إنسانا صغيرا.
__________________
قال : بل إن كان أيضا مع ذلك للأنثى منى مواط في الاسم فيه ما في منى الرجل يكون عند إنزالهما
جميعا في الرحم منيّان هما إنسانان أو حيوانان آخران. وأيضا
فإنه ما المانع أن يولد من المرأة وحدها إذا أنزلت وفي منيّها الأعضاء مفصلة والقوى محصّلة وأنها مكان المنى.
وما يقولون في
أعضاء التوليد وإنها كيف تكون فإنا نعلم يقينا أن من الناس من يولّد إناثا فيستحيل
إلى أن يولد ذكرانا ، وأن ذلك بسبب استحالة المزاج حتى يكون أحد المنيين بمزاج والآخر بمزاج آخر غير ذلك المزاج يتولد معه العضو.
وليس أن العضو تارة خرج من الذكر وفيه أجزاء عضو الذكران ، وتارة خرج وفيه أجزاء عضو الإناث. وكذلك سيجوز أن تقع في سائر الأعضاء بسبب الاستحالة لا بسبب ثقل الجزء.
قال : وأيضا فكثير
من الحيوان يلد عن غير جنسه ، بل يلد دودا يتصور بصورة أخرى كنوع من الذباب
والفراش ، ولا يمكن أن ينسب ذلك إلى الأعضاء المتشابهة الأجزاء. وقد يسفد الحيوان
سفادا واحدا فيتولد منه حيوانات أكثر من واحد ، وربما كانت ذكورا وإناثا ، وليس يمكن أن يقال إن المنى فيها يختلف. وأيضا فإن الغصن من الشجر الذي لم يثمر بعد يغرس فيثمر ، فإن كان
الغصن من الغصن فقط دون الثمرة لمشابهة له ، وليس هناك ثمرة حتى ينزع إليه الشبه ، فما كان ينبغى أن يثمر ، اللهم إلا أن يقولوا إن الغصن يكون فيه أجزاء من
الثمر ، ويجعل الثمر في أصلها مخلوطا ، كل جزء بكل جزء.
فإن كان هكذا فلا
يبعد أن يكون في الحيوان كذلك. فليس يحتاج أن يجيء المنى
__________________
والبزر من كل جزء ، بل من جزء واحد ، فإن في الجزء الواحد جميع الأجزاء بالجملة . فإن الولادة ليس سببها المادة وأن تكون مستدفقة من كل عضو شيئا ، بل سببها القوة المصورة ككون الكرسى من النجار.
وأما ما ذكروا من
أمر لذة الجماع ، فإن أمر لذة الجماع إنما تكون في آخر
الجماع عند سيلان المنى في أوعية المنى وإحداثه الدغدغة وما يقترن بها من لذع حرارة المنى للحم الشبيه باللحم القروحى يتبعه تغرية السيلان ، كأنه يجلو ثم يغرى ، ومثل ما يعرض
عند الحكة ، ولا تصاب هذه الحالة في جميع الأعضاء بالسواء ، بل في أعضاء المنى لا
غير.
قال فيقول : إن
المنى جوهر متشابه الأجزاء لا شك فيه ينفصل من البدن ، ليس على أنه ذوب من البدن ،
فإن ذلك غير طبيعى ، وهذا طبيعى ، وهذا ما ينتفع به ، والذوب فضل لا ينتفع به. وقد
يكون الذوب في الذين لا منى لهم ، فالمنى فضلة الغذاء ليست عن ذوب أو فساد ؛ وليس هو فضل الهضم الأول ،
لأن فضلة الهضم الأول بلغم ومرة على ما علمت. ولذلك يوجد البلغم والمرة وما
يشبههما مخالطا لما يقذف بعد الهضم الأول. وتكون أمثال هذه الفضلات
في البدن كثيرة ، بل المنى فضلة الهضم الآخر الذي فضل مقداره عن غذاء كثير
، ثم لما يعرض من انتفاض الفضول الأولى ، وخلوص الغذاء
فى الهضم الأخير عن الشوب. فالمنى فضلة عن الهضم الأخير يصلح أن يكون منه
كل عضو ، ليس أنه يخرج جزءا من جزء من كل عضو. فليس هو فضلة ذوب ، ولو كان كذلك لكان الحيوان الكبير الجثة كثير الفضل الذّوبى ، فكان كثير المنى ،
__________________
لكنه ليس بكثير المنى ، ولذلك هو قليل الولد ، وإنما ليس بكثير المنى لأن غذاءه الخالص
المتصفى من الفضلات الأولى يتفرق في عظم جثته.
وكذلك الكبير
الجثة من الناس ومن الشجر خصوصا فيمن يشحم فإن فضلاته تستحيل شحما ، ولا يفضل هناك
كثير فضل. وأيضا فإن الذوب لا يحتاج إلى عضو معد ليكمله.
وللمنى أوعية وله
مكان قابل ، وكذلك اللبن الذي هو في النساء نظير لمنى ما. والمنى
يقل في زمان الذبول ويكثر الذوب ، والسبب فيه أن المنى إنما يكون للنضج لا للذوب ،
ولذلك يقل في المرضى ولا يوجد في الصبيان لأن هضمهم الثالث قوى ، والحاجة إلى
الغذاء شديدة فلا يفضل. وكل ذوب ممرض ، ولا شىء من إخراج المنى الطبيعى
بممرض ، بل يكون نافعا ، اللهم إلا أن يتحمل المنى فيكون ذلك مستتبعا ذوبا ما .
وهذه الحجج بحسب
هذا البحث مقنعة ، وإن كان في بعضها ما فيه.
__________________
الفصل الثالث
(ح) فصل
فى المنيين ودم الطمث
قد صح أن المنى
فضلة الهضم الأخير ، وأنها فضلة نضيجة جدا تعد في الخلقة نحو مصلحة ، ولشدة النضج
ما يبيض ، وإذا كانت متمحلة نزلت دموية.
وكذلك دم الطمث
فضلة الهضم الأخير ، لكنها ليست تبلغ نضج المنى ، وإن كان منها ما هو منى فليس
يبلغ نضج منى الرجل ، فإن المرأة بالجملة أضعف من الرجل. ولذلك عروق النساء أدق ،
ولحمهن أرطب ، وأجسامهن أصغر ، فيعرض لذلك أن يكثر فضلهن وأن لا ينضج ، وإن كان زمان حركة الفضل فيهن مقارنا لزمان حركة الفضل في الرجال وأسبق يسيرا لعجز قواهن عن إنفاق الغذاء
الأخير كله في النمو في مدة لا تعجز قوة الذكران فيها ، ولكثرة اجتماع الفضل ما يمرضها احتباس
الطمث ؛ ومما يقل طمثها أن يعرض لها استفراغ دم من عضو آخر. ولو كان المنى الذي
يجتمع للنساء منيا مولدا وكائنا مثل منى الرجل في
أن فيه قوة مولدة وفيه نضج ، لكان يشبه أن لا يكون منها الطمث ، فإن سبب المنى ضد سبب الطمث ؛ لأن الطمث يتكون من قصور النضج في الطباع ، والمنى يتكون من كمال النضج. فحيث يكون دم الطمث لا يكون منى مولد ، وحيث يكون منى مولد لا يكون دم طمث . ولهذا من يكون من الرجال قريب الطباع من النساء
__________________
يكون شحيما باردا لا يولد منيه. فبين أن المرأة ليست تنزل منيا مثل منى الرجل فى أنه
مولد.
وتأمل فإنه ليس
يقول : إنها لا تفضى منيا أصلا ، كما يظنه من يسوء فهمه ويكثر غلطه . وإذا كان كذلك ، لم يكن الجنين متولدا من اجتماع المنيين معا ، على أن
حكمهما واحد.
قال : ولذلك ما
يتفق أن تحبل المرأة ولم تنزل ، وربما أنزلا جميعا ولم تحبل . والقضية الأولى مما أعرفها ، فإن النساء يذكرون ذلك. ويشبه أن يكون السبب
فيه أن منى المرأة تكون قد حصلت في الرحم في وقت آخر لمجامعة أو اندفاع طبيعى ، ثم إن
الرحم حفظ طبيعتها ولم يفسدها ولم يغيرها إلى أن اندفع إلى الرحم منى الرجل بضرب من الزرق النافذ من غير معونة جذب ،
فإن الجذب من الرحم يكون مع إنزال المرأة.
فقد تحققنا هذه الأشياء اعتبارا ومساءلة. فإذا طرأ ذلك على منى من النساء عقده ، وكان حكم ذلك حكم بيض الريح إذا رش الديك عليه منيه وهو في البطن صفرة لم يغشها البياض كان بيضا مولدا.
قال : والمرأة لا
تنزل المنى إلى خارج ، فإن الذي يخرج منها عند حركة الشهوة مع لذة ما
ودغدغة فليس منيا ، إنما هو مذى. وذلك حق ، فإن المنى يندفع إلى داخل عنده. والودى
رطوبة تسيل من غدد هناك ، ويكثر في البيضان ويقل في
السمر. وليس ينبغى أن يظن أن لذة الجماع كله بسبب المنى
وإنزاله إلى خارج ، بل بحركة الروح.
__________________
والروح يندفع أيضا في الإنزال في النساء والرجال. وحال منى المرأة كحال منى الرجل ،
وربما خرج من المراهقين قبل أن يحتملوا ويدركوا كمال الإدراك ، فإنه يكون شيئا غير نضيج لا يصلح لأن يكون مولدا ، وإن كان الذي في النساء يصلح أن يتولد منه الجنين بأن يكون مادة ، فإنه أقرب إلى ذلك من دم الطمث ، فإن الطمث يحتاج إلى أن ينفعل
انفعالا آخر حتى يصلح أن يصير غذاء للجنين ، ويتشبه بمنى النساء التي هي مادة الجنين مثل ما تحتاج الشجرة المبزرة إلى تدبير حتى
يتولد منها بزرجيد.
ثم قال شيئا يجب
أن نتحققه ونعلم مذهبه. قال : فلهذه العلة إذا خالط الزرع الذي هو
غذاء نقى لهذا الدم الذي ليس بنقى تكون ولادة الزرع ، ويكون الغذاء من دم الطمث.
يجب أن يعلم أنه
يعنى هاهنا بالزرع زرع الإناث وذلك لأن الدم جعله غذاء للجنين ،
والغذاء يكون لأصل مغتذ ، فيجب أن يكون المغتذى هو الزرع. ويكون ذلك زرع المرأة ، فإن منى الرجل ليس عنده أصلا للانفعال ومبدأ
للنمو ، بل مخالطا للفعل. ومن هاهنا يفرغ عليه الخطأ من يظن به أنه لا يرى للنساء منيا. فيجب
إذن أن يكون هذا المنى هو منى النساء ، فيكون منى النساء نسبته إلى الجنين نسبة
غذاء يتكون عنه ما يتكون من غير حاجة إلى تغير يلحقه في المزاج
إنما يحتاج أن يستعمل فقط ويشكل ؛ وهذا هو الذي نسميه نقيا.
وأما دم الطمث
فيكون غذاء ليس بنقى ، بل يحتاج إلى أن يحال إلى
مشاكلة الغذاء النقى ؛ ثم يكون موضوعا قريبا للجنين ، فيكون هو مادة للغذاء النقى
، كما أن الخبز
__________________
مادة للغذاء النقى
الذي هو الدم مثلا. فيكون الدم هو غذاء قريبا ، والخبز غذاء بعيدا. فيكون عنده أن
يكون الولد من زرع النساء بلا واسطة ، وتكونه من دم الطمث على أنه غذاء. والغذاء
في المشهور هو الشىء الذي يحتاج إلى أن يغير تغيرا ما.
ثم قال : والدليل على أن المرأة لا تنزل منيا أى لا تفضيه إلى خارج ، أن الرطوبة التي يظن أنها منى المرأة قد تسيل منها ليس عن جماع
ولا إنزال ، وذلك عند ما يؤذى وكما يؤذى الذكر.
والنساء يقل منيهن لكثرة زرعهن ، والدليل على أن زرع النساء من جنس دم طمثهن أنهما
يكونان معا ، وعند ما يتكون في الرجال المنى ، ثم يصير في آخره ، فقال : هو بيّن أن زرع النساء يصلح لأن
يكون هيولى لا أن يكون مبدأ حركة ، وزرع الرجال هو مبدأ الحركة ، إذ كان لا شك في
أن منى النساء من جنس دم الطمث. ودم الطمث صالح لأن يكون هيولى لا مبدأ حركة ،
وكذلك بيض الريح إذا مسه منى الذكر ، وبيض السمك إذا مسه منى
الذكر تم ونشا وفرخ .
__________________
المقالة السادسة عشرة
من الفن الثامن من الطبيعيات
الفصل الأول
(ا) فصل
فى كيفية تولد الحيوان من المنى والبيض واختلاف
الحيوان فيه وكيفية قبول النطفة وما يجرى مجراها القوى
النفسانية
الحيوان التام هو
التام في الحرارة والرطوبة ، وهو الذي يولد جنسه تاما في الكيفية ، وإن لم يكن
تامّا في الكميّة ، لأنه لا يسعه مثله. ومثل هذا الحيوان هو حيوان دموى كامل
الدم ، فما نقص في أحد الأمرين أخل. فمنه ما يخل في أنه لا ينفعل ولده إلاّ خارجا كالطّيّار ، كأن مادته ليست تقبل الصورة في مدة يحتملها
الاشتمال بل تثقل على البطن قبل أن تتصور. ولذلك قد تهيأ لها غشاء كثيف يقيها الآفات إلى أن يتولد خارجا. وهذا
أيضا من الحيوان الدموى.
وأمّا ما لا دم له
فإنه يولد بيضا غير تام ، بل بيضا يتم خارجا ؛ أو يولّد دودا او بيضا لا يفرخ إلا مستبطنا ، لأن بيضه يكون لينا ، كأن هذا الفرخ لو خرج تعرض
__________________
للآفات وكأن
الأرضية تضاد المزاج الدموى. وإذا كان الحيوان أرطب وأقل أرضية ، لكنه مع ذلك
أقل حرارة ، باض وفرخ داخلا ، وكذلك إذا كان أكثر أرضية وأقل رطوبة وأكثر حرارة كالأفعى ، فإن منيه لليبوسة لا ينفصل في الابتداء ،
وللحرارة لا يتأخر تأخر سائر البيض. وأما الأرضى البارد جدا اليابس فيعجز عن تتميم
البيض.
أقول : هذا
الحيوان لما عدم أعضاء الحضانة ، وكان بيضه على خطر من
الأسباب الخارجة ، كثر بيضه جدا احتياطا فأثقل بالكثرة .
فلننظر في حال
المنى وهل فيه جزء نفس ، أعنى قوة ، أم ليس فيه. ولما كان المنى يتحرك إلى تكوين
الجنين ليس بسبب غريب من خارج ، بل بطبيعته المستترة بإذن
الله تعالى ، ففيه مبدأ النفس الغاذية. وليس تكون الأعضاء منه معا ،
فإن التجربة تدل على تقدم القلب في التكوّن. ولا محالة أن ما لا قلب له فقد يكون له
عضو آخر بدل القلب. والقلب أيضا آخر ما يموت ، وإذا تخلقت الرئة تنفس. وليس ما
يقال من خفائها فى الجنين وظهور القلب أنها كانت موجودة ولكن خافية صغرا بشيء ، فإن الرئة فى الجنين أعظم من القلب. ولا تظهر فيه مع القلب ، بل تتكون
من بعد ؛ ولو كان الخفاء للصغر ، لكان ما هو أصغر أخفى ، ولكان القلب أولى بالخفاء من
الرئة. لكن فعل زرع الوالد في زرع الأمّ إنما يكون على سبيل الأفعال والتكوينات الطبيعية التي جلّها على سبيل ملاقاة المحرك والمتحرك. فأما فاعل الدم الذي
يتولد منه المنى الذي يولّد منه الولد فهو كبد أو قلب ، وأما مكونه منيا فأوعية المنى. ثم المنى يحرّك شيئا آخر أى نطفة المرأة ، فيحرك أولا إلى
تكوين المبدأ ، ثم يبعث عن العضو الأول قوة هي مبدأ
__________________
ينحو إلى تكوين
سائر الأعضاء منه بالترتيب ، وتكون النطفة المنعقدة صارت ذات نفس بنفوذ قوة الذكر
فيها. فإن الروح يشبه أن يتولد من نطفة الذكر ، والبدن من نطفة الأنثى. فإذا صار
ذلك ذا نفس تحركت النفس فيه إلى تكميل الأعضاء. وتكون هذه النفس حينئذ نفسا غاذية أولا فعل لها آخر ،
وإن كانت فيها القوة لغير ذلك. وإنما اشتد البياض فيه لكثرة الرّوح
المولد فيه ، ولذلك يرقّ ويزول عنه البياض خارجا ، لأن خثورته كانت بسبب الهوائية
فإذا انفصلت زال بياضه ، وصار له مرأى الماء ، ورقّ ، على ما يعلم هذا في موضع آخر. ويكذب من ظن أن زرع الفيلة أسود وهذا قياس الأنثى. وأكذب منه من ظن أن منى الحبشية
أسود. وبالجملة فإن المنى زبدى الجوهر ، ولذلك سميت الزهرة زبديّة لأنها جعلت مبدأ الشهوة ومبدأ توليد
المنى ، ولذلك المنى لا يجمده البرد وهو منى ، والنطفة اذا استعدت فيها القوة الغاذية لقبول أفعال أعدت للنفس الحسيّة ، فيكون فيها قوة قبول النفس من حيث هي حسيّة. وإن كانت الحسية فى ذوات النطق هي والطبيعة واحدة ، وذلك لأن الأعضاء الحسية والنطقية تتم فيها معا ، ولا كذلك الغاذية
وأعضاؤها. وأيضا فإن أعضاء الحيوان ليس يعمّها الحس ، ويعمّها قبول الغذاء. ولا
يبعد أن تكون النطفة بهذه الحال فتكون فيها الغاذية مستفادة من الأب ، والأخرى جائية من بعد. ويجوز أن تكون
النفس الغاذية التي جاءت من الأب تبقى إلى أن يستحيل المزاج
استحالة ما ثم تتصل به النفس الغاذية الخاصة ، كأن المستفاد من الأب
لا يبلغ من قوته أن يكمل التدبير إلى آخره ، بل يفى بتدبير ما ، يحتاج إلى أصل
__________________
قوى ، كأن ذلك
الذي أخذ من الأب قد تغير عما عليه الواجب. فليس من نوع الغاذية المطلقة التي كانت
في الأب والتي تكون في الولد ، ولكن لم يخرج بها التغير عن أن تعمل عملا مناسبا لذلك العمل ، وكيف ما كان. فإذا صار القلب والدماغ موجودين فى الباطن تعلق بها النفس النطقية ، وتفيض منها الحسية.
أما النطقية فتكون
مباينة وتكون غير مادية ، ولكنها لا تكون عاملة بعد ، بل تكون كما في السكران والمصروع ، وإنما تستكمل في أمر خارج يفيد العقل. وأما سائر القوى فتكمل بالبدن والأمور البدنية.
ولو كان الصبى حساسا ثم يصير إنسانا بالنطق لكان ينتقل بالاستكمال من نوع إلى نوع. والشىء المتهيئ في المنى لأن يقبل علاقة النفس ، ليس من جنس الحار الأسطقسى النارى بل الحار
الذي يفيض من الأجرام السماوية ويقوم بالمزاج ، وفي الممتزجات من الرطب واليابس
فإنه مناسب بجوهره لجوهر السماء ، لأنه ينبعث عنه.
ونعم ما قال
المعلم الأول هذا ، وإن شئت فاعتبر تأثير حر النار وحر الشمس فى أعين العشى. ويشبه أن تكون تلك الحرارة تتبعها قوة لا تتبع الحرارة النارية ، وأن
تلك القوة قوة مجيبة ومناسبة بوجه ما لقوة الأجرام السماوية. وأن تلك القوة
تجعل الأجسام شبيهة بوجه ما بالأجسام السماوية ، حتى يكون لها أن تقبل الحياة. وهي فاشية فى كل جوهر من البدن رطبه ويابسه وبه يحيا البدن
من الحيوان والنبات. وفي المنى جوهر هو أول جوهر يقبلها ، وهو الروح الذي هو أول
حامل لهذا الحار ، وهو سبب جمع أجزاء المنى ، لأنه فاعل المنى ومنضجه ، وهو مفارق بذاته ، وإن لم يفارق
قواما.
فإنه إذا انفصل عن
المنى فسد وتحلل.
__________________
وهذا الروح جسم ما
إلهى ، نسبته من المنى ومن الأعضاء نسبه العقل من القوى النفسانية. فالعقل أفضل
جوهر غير جسمانى ، والروح أفضل جوهر جسمانى. وهذا الجوهر لا يفارق المنى ما دام
صحيحا مضبوطا في الرحم ، بل يحيل المنى إلى جوهره فيتحلل ويلطف ويصير روحا ، فتمتلئ النطفة المتكونة ريحا روحيا لا ريحا فضليا نفخيا ، كما ظن الطبيب. وتكون هذه الريح روحا نافذة تكون الأعضاء بالقوى التي فيها وتتممها. وهو مثل الإنفحة تخالط اللبن وتفعل في أجزائه التي تنفد فيها من غير أن يكون هو جزء الجبن ، بل الجبن منفعل عنه. كذلك هذا المنى ليس هو جزء
الأعضاء ، بل مبدأ روحى نافذ فيه يفعل الأعضاء.
ولا يظن أنه يقول
إن المنى يتحلل ويتفرق ويذهب ريحا ، بل غرضه ما بينته لك .
قال : فإذا وقع المنى في الرحم قوم نطفة الأنثى وحركها ، وتحرك هو أيضا معها ، فإنه يحرك بأن يتحرك ويخالط ويماس.
وهذا دليل على ما نسبناه
إليه من المذهب ، فالجسد من الأنثى ، والروح النفسانى من الذكر. والمولود من ذكر
وأنثى مختلفين إذا تمادى الزمان وبقى التناسل مال إلى
مشاكلة الأنثى لغلبة المادة على الصورة. كما أن البزور إذا نقلت عن أرض ما ، فإنها إذا تكررت الحراثة بها مالت إلى طبيعة تلك الأرض فأنبتت ما يشاكلها ، ولم
تنبت الغريب ، كالقنبيط يزرع في بلاد خراسان فيجيء سنة قنبيطا ثم يصير كرنبا لا قنبيط فيه ، ثم يصير كسائر
الكرنب. وكذلك أجناس البطيخ فإنها إذا نقلت إلى أرض غريبة
__________________
عادت إلى مشاكلة
البطيخ الذي يكون بها. وزرع الذكورة ربما لم يستعمل كلها ولم ينجذب إلى
حاق موضع الولادة ، بل انجذب منها قليل ينفعل بقوته وكيفيته ، وربما أذهبت القلة قوته إذا أفرطت.
قال : وما لا رحم
له بل يتعلق حبله تحت الحجاب ، فليس يكون قبوله المنى بجذب ، بل بالزرق من الذكر والرحم
، وإن كانت له قوة جاذبة ، فإن الحرارة تعين على ذلك.
واعلم أن المنى
وإن كانت فيه قوة محركة فإنها لا تنهض إلى فعلها إلا بمعين من خارج ، مثل البزر
أيضا. وهذا المعين شيئان : مادة موافقة ، ومحيط موافق. كما أن البزر يحتاج أن
يجد مادة موافقة من الأرض وهواء موافقا.
واعلم أن لكل
متكون غذاء أول وغذاء ثان. فأما الغذاء الأول فيوجد في بزور النبات والبزور أنفسها
لاجتماع قوة الذكرية والأنوثية فيها ، فإذا تحركت القوة المؤلفة فيه غذته من نفسه
، وتعرف ذلك من الباقلى والبصل.
وأما في الحيوان
فيوجد في النطفة من جهة نطفة الأنثى ، فإنها تحال إلى طبيعة الدم الأول ، أو ما
يقوم مقام الدم الأول بفعل قوة في منى الذكر. والدم الأول هو الدم الذي يتكون منه القلب أو يتكون في القلب ، ثم بعد ذلك يحتاج
إلى مدد من خارج. والجنين أيضا أول غذائه من قرب وهو اللبن ، وبعد ذلك فيغتذى من خارج.
ولا يبعد أن يكون
في بعض الحيوان ما تكون القوتان فيه في شخص واحد منه
__________________
مجتمعتين . وكذلك يقال : إن نوعا من السمك يسمى أربوناما لا يوجد فيها ذكر البتة ، وفي بعض الإناث حصة من قوة الذكورية ، فإن في نطفهن مبدأ تحريك النطفة إلى صورة ما ليست الصورة المشاكلة ، بل هو صورة استكمال النطفة لأن تكون مبدأ لأن يتكون عنه الفرخ متميزا إلى غذاء أول وهو البياض ، ويتكون الجنين وهو أول هيولى الجنين ؛ وإلى غذاء ثان وهو الصفرة يغتذى بها الفرخ بعد ما تصور يسيرا هو أول هيولى للفرخ وإلى وقاية وهو القشر. لكنه إنما يكون مبدأ التوليد في البيض من حيث هو بيض توليد مادة يتغذى التوليد فيها إلى تصوير ما هو
كمال للمادة من حيث هى مادة ؛ ولا يقتصر على إعداد المادة فقط ، بل إلى تكميلها بالصورة التي يتم بها استعدادها مادة
كل التمام ، وذلك من القوة الغاذية الأمية أو المصورة الأمية . فإن اتفق أن كان المبدأ المتحرك محتصرا في البيضة أخذ يفعل فعله بعد ما فرغت القوة المولدة النطفية ، وإن لم تكن
تعطلت المادة.
ونحن لا نمنع أن
تكون في الأنثى من الناس والبهائم قوة مولدة ومكملة للمنى من حيث هو مادة ، لكنها
تكمل على التمام ، وذلك من القوة الغاذية الأنوثية أو المصورة الأنوثية إعداد المادة مع
إلقائها المنى. ولا يحتاج أن يكمل كمالا ثانيا في الرحم ، بل يكون ما يكفيه من المنى مع أول وجوده بحيث يفعل فيه الفاعل لو لاقاه.
__________________
وأما نطفة الطائر
فيستكمل الكمال الهيولانى في الرحم في زمان ، وتتميز فيه الأمور التي ذكرناها.
وبعد ذلك تتحرك القوة الفاعلة الذكورية إلى
تصوير الصورة النوعية وإلى إحالة المادة البيضية ، إن كانت القوة
الفاعلة موجودة في ذلك البيض وهي القوة الذكورية. ويكون عند حركه ذلك قد ثقل المنى على بطن الدجاجة ، ويحتاج
مع ذلك إلى معونة من خارج.
وأول ما يتولد
القلب ، ثم أعضاء الجوف ، ويكون الأعلى أثقل وأعظم من الأطراف ، ثم تثقل الأسافل.
والحيوانات التي
لها أربعة أرجل مشقوقة الأصابع ، فإنها تولد غير مفقحة ثم تفقح.
__________________
الفصل الثاني
(ب) فصل
فى فروق
الأعضاء المتشابهة
من جهة جواهرها
وفي أحوال العقم والعقر والإذكار والإيناث
وفي الحيوانات المركبة
أول ما يتكون من
الأعضاء في الجنين اللحم ، وإنما عقده البرد فيحله الحر. وأما الأظفار والقرون فمن
مادة أرضية فيها رطوبة دسمة ولا تذوب ، لكنها تلين ثم تتبخر ،
لأن الرطوبات فيها تتحلل وليس بكبر ما يذوب ، أما الجرم الآتى فيتناثر منه بقدر رطوبة ما يذوب.
والجلد كأنه لحم أيبس من سائره. وكثير من الأعضاء يتخلق أولا عظيما ، ثم يصغر
كالعينين ، فإنه عظيم جدا في الجنين. والسبب في ذلك أن هذا العضو يحتاج إلى أن يكون رطبا مائيا ، ويحتاج أن يعمل فيه جزء كثير حتى يقومه على مزاجه ، ويحتاج أن يكون عند آخر أمره وعند تمام جبلته محفوظا
فيه الرطوبة مع حرارة كثيرة. فيتبع ذلك أن تقع الحاجة إلى عظمه حتى يبقى آخره شيئا
يعتد به. ويعرض للإنسان حاجة إلى أن يكون يافوخه لينا جدا في صباه ، وذلك لأنه
يحتاج إلى دماغ كبير الفضلة ،
__________________
وأن يكون وضعه فوق
، وحيث تتصعد إليه البخارات فيجب أن يلين ما يقع عليه ليخف ،
وليطرق النافذ فيه من البخار الكثير.
وأما الأسنان فقد
قلنا فيها قبل. وخلقت الأسنان من بين العظام نامية نموا خفيا ليكون
لها بدل مما ينسحق.
والسرة تكون
مشتملة في بعض الحيوان على عرقين ، وفي بعضه على عروق كثيرة ، وفي بعضه على عرق
واحد بمقدار عظم جثته .
وكثير من الحيوانات يجامع بعضها بعضا إذا كان الذكر والأنثى منها نوع واحد أو نوعين متقاربين ، بعد أن تكون مدة الحمل فيهما
واحدة أو متقاربة كالكلاب والذئاب ومثل الخيل والحمير. والعقم والعقر يكون من قبل
المنيين ، وقد يكون من قبل الرّحم في النساء أن تكون المرأة مذكّرة ، ورحمها غير ملائم للقبول ، أو تكون الآلة فى الرجال غير زرّاقة على الاستقامة ، أو قصيرة لا تصل ، أو كبيرة ترتبك في الغشاء فلا يندفق منها المنى جيدا . ومن الرجال مؤنث رقيق الماء رديه ، لو طرح منه في
الماء لطفا وافترق ، ولم يرسب رسوب النضيج. ومن النساء مذكر لا يميل إلى المجامعة.
وبالجملة فإن سبب
العقم والعقر إما مزاج المنيين ، وإما في الآلات. والذي يكون من جهة المنى ، فإما
مطلقا إذا كان رديا جدا ، وإما بحسب الموافقه بين المنيين. فربما كان منى المرأة
إذا قارب منى الرجل لم يكن من شأن مثل ذلك المنى أن ينفعل من مثل
ذلك المنى ، بل يفسد به ويخرج عن اعتداله ، أو منى الرجل كذلك من
جانب
__________________
ما يفعل . وذلك إما لأنه يفرط به إلى كيفية ، أو لأنه يقصر
في كيفيته ، فإن بدل أحدهما اعتدل أحدهما من الآخر. والرحم
ربما كان ردى المزاج ، وربما كان مسدود الفوهات ، وربما كان متعطل آلات المنى لمرض مزاجيّ أو آليّ. فقد يستدلّ على أن
المنى نفسه أو روحا منه أو شيئا مما يكمله يأتى من الدّماغ ويجتاز بناحية العينين
بما يلحق العينين عند الإنزال كأنهما تنجذبان إلى داخل كأن الدماغ يستفرغ نفسه عند الإنزال المتمحل . وإذا استفرغ عضو تأدّى تأثيره وضرره إلى ما يستقى منه ، ويندفع أيضا من القلب ؛ والدليل على ذلك ما يعرض عند الإنزال من انقباض
النفس ؛ كأن القلب يتحرك نحو الدّافع .
زعم ديمقراطيس أن
علة عقم البغال فساد في تركيب أرحامها وقع بسبب أنها تلد عن غير متجانسين. ولو كان كذلك لما نسل ما يتولد من الكلب والذئب ومن الثعلب
والكلب ومن غير ذلك.
وزعم أنبادقليس أن السبب فيه شدة لين المنيين وإنما لا يلتئمان
التئاما تنتظم به الأعضاء الصلبة والأعضاء التي لها عمق ما التئاما قويا. ويعرض من تركيبها شبه ما يعرض في تركيب النحاس
والأسرب ، فيكون ما يتكون منها قلقا ممرضا لأن الاتصال الجيد مفقود . وهو أيضا منتقض بمنيى الحمارين ومنيى الفرسين ، بل
__________________
السبب فيه شىء آخر
نذكره الآن على أنه ليس سببا كليا ، بل أكثريا. فإن من البغال الإناث ما تحمل ولكن
لا تتربى . ومن الذكران ما
يولد بغلا مضرورا ضعيفا يجرى مجرى الناس القصار الصغار جدا أو مجرى الخنانيص المضرورة .
قال : ولكن السبب
الأكثرى في ذلك هو أن الفرس قليل المنى جدا ، وقليل فضلة الدم. والقدر الذي يتولد فيه من المنى حار ، ولذلك ليس رحم الفرس بحريص على الجذب ، وكثيرا ما يمج الزرع ويبوله. ولذلك يتكلف
السائس شغلها عن مج ذلك ، ويجدّ في معاونتها على قبول الزرع بحيل يعرفها . وأما الأتان فإنها أكثر زرعا وفضلة من الحجر . لكن ذلك بارد جدا ، ولذلك لا تغتلم ولا تهيج إلا عند ظهور الحر ، ولا تلد فى البلاد الباردة. وحبلها يحتاج إلى أحد شيئين
: إما مشاكلة النوع ، وإما تعديل مزاج المنى. فتحبل الحمير من الحمير بمشاكلة النوع ، والحمير من الخيل بسبب قوة المنى ؛ وتحبل الخيل من الخيل بمشاكلة النوع ، وتحبل الخيل من الحمير لأن منى كل واحد
منهما يعتدل. فنجد منى الفرس أكثر غزارة من منى الحمار ، ونجد منى الحمار أكثر اعتدالا من منى
الفرس ويصلح ذلك للتكون. فإذا تكونت منه ، عظمت جثته لمصادفة مادة أوفر من جهة الحمار وقوة أقبل للفعل أو
الانفعال من جهة الفرس. ولذلك لا يشم الذكران
بول الإناث من البغال. ثم البغال ليست أنواعا طبيعية ، فتحفظ الطبيعة
__________________
فيها الفصل ، ولا
أيضا النسبة بين النطفتين نسبة ما يعتدل أحدهما في الآخر ، بل يكون في نطفتهما
تشوش غير طبيعى ، لأن المزاج بعد اجتماع المنيين وفي التربية
يميل إلى الاعتدال. ثم بعد ذلك يميل على ما ذكرناه مرارا إلى طبيعة الأم ، فلا تكون النطفتان على الوزن الذي كانا عليه بدءا حتى
اعتدلا اعتدالا صالحا لأن يتكون منه بغل ، بل يكون إحدى النطفتين
وهو الذي يتبع مزاج الأم أغلب. لأن الهيولى تتشبه بالأم ، على ما
قلنا مرارا ، فتكون النسبة رافعة عن أن يكون منها فعل صحيح سليم ، إذ كان ذلك المزاج على الوجه الذي ذكرنا.
والآن فقد تغير عنه ، فلا هو
مشاكل لمنى الحمار فيقبل عن الحمار بالمشاكلة ، ولا هو على المزاج المستعد لأن
يفعل أو ينفعل بالقياس إلى الفرس.
وأما سائر
الحيوانات فإنها تتسافد وأمزجتها متقاربة ليس بين منييهما تباين منى الحمار والبغل ، فلا يخرج منها عن الوزن الأول خروجا ، لأن ذلك إنما يقع بين أشياء متضادة مختلفة الأوزان في
تركيبها. وأما المتقاربة ، فإن الوسط والتركيبات منها تقارب الطرفين ، ولذلك صارت
الفرس إذا علقت من فرس وأنزى عليها حمار أفسد منيه ببرده بعد العلوق . وإن أنزى فرس لم يفسد ، لأنه يزيده حرارة ، وقوة الحرارة أسلم طروا على المزاج من البرودة ؛ فإن الميل إلى البرد
أردأ من الميل إلى الحر. فهذا جملة ما قاله ، وهي تخمينية ، ولا سبيل في مثل ذلك إلا إلى العلة التخمينية ، ويشبه أن تكون هناك علة أخرى خفية .
__________________
المقالة السابعة عشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
فصل واحد
وهو في علل
حال
ما يبيض من جهة
كثرة ما يبيض
وقلته وسائر ما يختلف فيه وحال ما يتولد من الحيوان
الحيوان منه ما
يكثر بيضه ومنه ما يقل بيضه . وكثرة البيض له سببان مادى وغائى.
أما المادى فأن
يكون الحيوان كثير الفضول فيفضل منه للبيض مادة كثيرة.
وأما الغائى فأن
يكون الحيوان وافيا بعول أولاد كثيرة.
والجوارح من الطير
ذوات المخالب وما يشتدّ طيرانه ويكثر ،
يجب أن يكون يابس المزاج حاره ، لئلا تثقل حركته ولو كان باردا رطبا ، بل يجب أن يكون شديد الحركة فينفض فضوله أيضا وتذهب في ريشه وفي التحلل وفي غذاء ساقه القوى ، فيعرض من ذلك أن يكون أصل خلقته يابسا. والعضل الذي يجتمع فيه يتحلل ويتفرق فى أعضائه المتحركة ، فيقل فضله ، فيقل زرعه ، فيقل بيضه. وأيضا فإنه نهم وغذاؤه صيد ، والصيد مخادعة ومخاتلة ، وليس الصيد بمبذول كثير. وهو يحتاج إلى أن يعول
__________________
أولاده بما يصيده
، فالأولى أن يقل عددها عليه. فلذلك صارت الجوارح من الطير قليلة
البيض جدا ، وصارت الطير القليلة الطيران كثيرة
البيض كالدجاج والقبج ، فإنها من الحيوانات الرخصة في الخلقة
الأولى. ومع ذلك فلأنها لا تتكلف حركات مفرطة إنما تمشى في الأكثر وتطير مسافة
قريبة ، ومع ذلك فإنها لا تحوج إلى عول فراخها حاجة الجوارح. وما يمعن في الطيران لاحتياج فراخها
تلك إلى رطوبة زائدة ، يوجب ذلك رخاوة في الخلقة في أول الأمر ؛ بل
فراخ مثل القبج والدجاج تلتقط الحب كما تخرج ، فلذلك كانت أكثر الطير بيضا. وقد
علمت الحكمة في خلق فراخ أمثال هذه لاقطة لا مستزقة ، لأنها فراخ ما لا يطير طيرانا يكتسب به
القوت ، بل إنما تكتسب بالمشى كالدجاج ، فيكون طيرانه ليس إلا لهرب أو انتقال من موضع إلى موضع ، على نحو لا يصلح لأن يكون تدبيرا كليا يتفقد به غذاءه. ولو لم يخلق كذلك لعسر تدبيرها لزقها والغيبة عنها والعود إليها للزق بلا قوة معونة من الطيران ووقع الولدان في تعب.
وأما الذي له أن
يكتسب بالطيران ، فكان له أن يرى قوته من جوانب بعيدة ، فيفى بأخذ ما يكفيه ويكفى عياله ، ولا يزال يتردد إليها
بالطيران . ولمثل هذا السبب تجد السّباع تطفل ضعافا ، وتجد البهائم تطفل ما
يتحرك ؛ وهاهنا أحوال متوسطة للحيوان بين الأمرين. والحمام كثرة بيضها بالتواتر لا
بالتوافى. والصغير الجسم من أصناف ما لا يمعن أكثر بيضا مثل ضرب من الدجاج منسوبة إلى أدرياس .
وكل ما هو أشد
غضبا فهو أقل بيضا ، لأنه أيبس مزاجا. ومن الجوارح صنف
__________________
يقال له سحريرس ،
كثير البيض لأنه أيضا أرطب وأكسل ، وهو كثير الشرب. ومما ليس بذات مخلب الطائر
المسمى قوقنس ، فإنه قليل البيض ، وربما باض واحدا أو يبيض في عش غيره ، على ما حدث عنه وذلك أيضا لبرد مزاجه ويبسه.
واعلم أن كل ما
يبيض كثيرا لنوعه أو شخصه فعمره قليل ، وكذلك ما كان من الشجر كثير الثمر وكثير
البزر. والدجاج الكثير البيض والذي يبيض في اليوم مرتين يهلك بسرعة. واللبؤة إذا وضعت يكثر وضعها خمسة أجراء
أو ستة أجراء نقصت في كل سنة شبلا ، لأنها ييبس مزاجها على السن. وبيض الريح إنما يكون فى الطير الكثير
البيض ، لكثرة الفضل والمادة ، ويكون لكثرة مادتها تنتقص مادتها . وكما تسمع صوت الذكر أو
تأتيها رائحة الذكر فتهيج بكثرة الشبق وغزارة المادة ، كما يعرض لبعض الناس المغتلمين أن
ينزلوا بالمس والنظر. والطير التي من شأنها أن تبيض بيض الريح هي
غالبة المادة ، فلذلك تحتاج إلى سفاد من الذكر متواتر بعد
الحبل وإلا تغير البيض في بطنها إلى طبيعة المادة وصار بيض الريح ،
وإن كان ليس بيضها بيض الريح في الأصل.
والسمك لما كثر
بيضها للحاجة المذكورة إلى ذلك لم يحتمل أن تكون تلك الكثرة تنشو وتتم داخلا ، بل تستفيد من الطبيعة قوة تكملها خارجا.
والبيض فإن طرفه
الحاد هو الذي يتعلق بالرحم وهو مكان الرأس من الحيوان. قال : والأول الذي فيه
مبدأ الحركة هو من ذلك الجانب ، ولذلك هو أجسأ ليكون أوقى ، ويخرج أخيرا لأنه أعلق
بالرحم. والبيض يخالف الجنين ، فإن البيض خروجه
__________________
الطبيعى على رجليه
، وإنما جعل الأول عند الحاد لأن المبدأ يلى الأعضاء الرئيسة من الأم ، فيجب أن لا يكون مغذيه مضيقا ؛ فالحاد أولى أن يتعلق بالرحم. وهناك عضو أنبوبى كالسرة يؤدى الغذاء إلى البيض وينفصل
عنه عند إدراكه ، ويعلم ذلك من سقط البيض ، وهو عن جملة البياض ، فإن البياض هو
مائى هوائى ، قد عمل فيه الحر وصعده وميزه من جوهر الصفرة. والصفرة أرضية
يابسة ، وإنما حرارتها كحرارة الأجسام الأرضية. وحرارة البياض كحرارة الأجسام
الهوائية المائية فهى أولى لأن يتكون من لطافتها الروح ، وتنشو منها الأصول الأولى والمبادي ، وأن تكون تغتذى من الصفرة التي هي كأنها دم استحال إلى جوهر المنى استحالة غير تامة. والدليل على ذلك أن الصفرة تكون أولا ثم يتكون البياض ، كأنه يصعد منه. وتقف الصفرة فى الوسط وقوف الأرض في الهواء والماء ، حتى لو ضربت صفرة كثيرة معا
وبياض كثير معا وجعل في مثانة وسلق لتوسطت الصفرة. هذا ما نقوله. والتجربة تدل على
أن الصفرة أخف وتطفو على البياض ، وهو أسخن مزاجا ، فيشبه أن تكون الصفرة هو الغذاء معزولا معدا ليجذب ، ويكون المبدأ في البياض ليعزل المبدأ المحرك من العنصر ؛ فإذا انجذبت الصفرة إلى البياض يكون الجنين من
الصفرة في البياض. ولذلك ما يوجد التكوّن في الحد المشترك.
قال : بيض ذى
الأربعة لا يحتاج إلى حضانة لأنه يكفيه حرارة الهواء المنحضن .
__________________
وأما الطير فيحتاج
أن يعان بيضه بحرارة زائدة.
جميع السمك يبيض
أصفر وهناك سفاد ، وكذلك ما يشبه السمك
إلا نوعان لا يعرف حال سفادهما. وإنما يبيض السمك أصفر لأنه بيض غير تام وإنما يتم خارجا ، ويرش
عليه الذكر شيئا لزجا يتم به الإيلاد. وكله كثير البيض إلا جنس يسمى ضفدعا فإنه
يبيض بيضة واحدة مثل نفسها.
وما يلد عن بيضة
في بطنه فلا يكون على بيضه القشرة الغليظة ، لأن ذلك كالرحم.
فإذا كان رحم واقية لم يحتج إليه. وإذ ليس للسمك مثل
القشر ، فليس يوجد لها السرة التي أشدّ جدا إلى وائل السرة التي تستبطن ؛ وبهذا يخالف بيض الطير.
والدود المبيض أيضا ينشو من تلقاء نفسه نحو ذلك النشوء حتى يصلب ويستوكع ويمتلئ.
ومن الدود ما يغتذى من البقول ، فإذا امتلأ أمسك ، وهناك ينسلخ
جلده عن فراش أو حيوان آخر جناحى.
وبيض ما يفرخ
داخلا ، فإن مبدأه من جانب الأغلظ ، بسبب أن يكون انتقاله إلى التفريخ سهلا ، ولا
يحتاج أن ينقلب على رأسه نزولا. وأما البيض المبيض فكان الأولى فيه أن يكون أوله أقرب إلى المبادي على ما قلنا ، ولم يكن في ذلك ضرر.
ومن ظن أن السمك
أو الغربان تتسافد من أفواهها ، وأن إناث السمك تبتلع البيض فقد جهل
أن المبتلع يفسد في المعدة ، وغره تقبيل الغربان
بعضها بعضا ، وحسبه سفادا لها.
__________________
أقول : إنى رأيت
غرابين مغتلمين يطلبان السفاد نزوا.
وقال : هذا الاغترار قريب من اغترار من ظن أن الضبع تجمع فيه الذكورة والأنوثة ، لما رأى تحت ذنب الضّبعان خطا وكسرا حسبه فرجا.
أقول : وتلك
الكسور تتزايد على السنين ، حتى أن بعضهم ظن أن جواعرها ثمان. وبيض الريح قد
يستكمل على ما ذكرنا بسفاد الذكر ، حتى أنه يستحيل الفرح فيه إلى مشابهة السافد
عليه مرارا. وهو ينشو نشو الشجر ، ولا يكون فيه نشو حيوانى ، فهو نام نماء نباتيا ، وليس بنام نماء حيوانيا.
قال : والنحل فلم
يتبين عندى أنها تلد من ذاتها لاجتماع الذكورة والأنوثة فيها ، أو تلد
من الملوك. والجنس المسمى قينقاس هو كما يظهر جنس غريب فيها. وهذا مما يحتاج أن يتعرف من غيرى. وقد يستشهد بتعطل هذا الجنس وبكد النحل وتربيتها الأولاد وإعدادها الغذاء أن المبدأ الذكرى
فيها. والزنابير تتساقد. وليعلم أن تكون الحيوانات
والنبات من مادة أرضية ومادة مائية وتخالطها حرارة. وبعضها يتكون بلا توسط ،
وبعضها بتوسط استحالات طبيعية أو عفنية.
وللقمر تأثير عظيم
في ذلك ، فإن تأثيره في العنصر الثقيل أكثر. والنفس مبثوث فى الكل ، مبذول له ،
وإنما القصور عن القابل ، فما استعد استعدادا ما قبل ، وما يتكون من مزاج أسطقس بلا سفاد فقد يكون ذلك لاختلاط في البر ، وقد يكون فى البحر ، ويحتاج أن يؤدى إلى تكوّن جوهر ريحيّ روحى يحتبس فيه قابلا للنفس ،
__________________
ولأنه لا يكون في
أوّل الخلقة شىء من الأشياء كاملا ، بل يستكمل ، فإذا لم يكن تولده فى حيوان كان
تولّده الأول إما على حكم تولد ما يتولد عن دود بأن يكون يستكمل من الامتزاج أول ما يمتزج وفيه حياة ، ثم يأخذ من خارج غذاء يصلحه في
باطنه وينشو به فيكون مبدأ نشوه عند رأسه ، وتمام نشوه وزيادته في وسطه
وأسفله ، لأن الرأس مجاز الغذاء وأسفله موقف الغذاء ، وعلى ذلك ينشو كل دود.
وإما أن يكون على حكم تولّد ما يتولد عن بيض ، وهو أن يكون الامتزاج لا يفضى إلى حياة ، بل
يعطى مبادئ ويعدّها هناك غذاء ؛ فيكون الاغتذاء قبل الحياة. وتتم الأعضاء عضوا
عضوا من الاغتذاء إلى أن يتم قبوله للنفس.
قال : وإنه وإن كان الأب الأول للناس والبهائم ذوات الأربع تكوّنه في الأرض فسيكون هكذا. وأما وجوب
هذا الكون فقد أوضحته في مكان آخر .
__________________
المقالة الثامنة عشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات
فصل واحد
فى علل الإذكار والإيناث والمشابهة وأسباب اختلاف النشو
واختلاف الآجال
إنه وإن كانت الجنبة اليمنى معينة على الذكورة وكذلك حرارة الرحم أيضا ، فليس ذلك أمرا كليا ؛ وإلا لكان لا يتولد في رحم
واحد متشابه المزاج توأم ذكر وأنثى. وليس إذا كان قولنا : إن المنى البارد يولد الأنثى حقا ، يجب أن يكون المنى إذا سخن لم يولد أنثى ؛ وقول من يقول : إن الذكر من نطفة تجرى من اليمين أو تجرى إلى اليمين قول
قريب ، فإن اليمين أسخن ؛ لكنهم مع ذلك يطلبون العلّة من مكان بعيد ؛ بل السبب
القريب فيه حال المنفعل المتخلق ؛ فإنه إذا كان ما يتكون منه نضيجا حارا ، والمولد
بالغا قويا ، أمكن أن يتكوّن فيه الإنسان التام ،
وهو الذكر ، فولد منه الذكر. فإن لم يقبل المادة أو عجزت القوة التي تكون من قبل منى الذكر لم تتعطل المادة ، بل تحت بها نحو النافع ، فتجعله مستحفظا به النوع من جهة قبول الإيلاد إن لم يكن من
جهة الإيلاد وتهيئ له الآلات كذلك . فإذا تشوشت المادة ولم تكن نحت
__________________
نحو أحد الأمرين ،
اختلف إصابتهما وحدث الجنين . فأول ما يظهر ذلك العضو الرئيس الذي هو القلب ، ثم يتبعه سائر
الأعضاء. فإن مبدأ واحدا يؤثر في الأعضاء الأخرى تأثيرا عظيما بحسب اختلاف أحواله.
تأمل ذلك من حال تأثير الخصى. والخصيتان دون القلب في الرئاسة ؛ فالقلب يتكون عن مزاج ما ، فأما إن كان ذلك ضعيفا نيئا أنوثيا أو طرأ عليه في أول أحواله قبل استيكاعه ما يضعفه الواصل إليه صار له مزاج أنوثى ، أو يقويه صار له مزاج ذكورى. فربما كانت المادة من حيث المزاج النضيج وغير النضيج لا تقبل المزاج الذكورى في القلب الذي به يتشبه المولود بمبدإ حركته ، وكان من حيث المزاج اللين والرطب يقبل التخطيط والتمديد الذي يشبه به
الأب ، وربما كان بالعكس ، وربما عصى في الأمرين جميعا ، فمال إلى
مشابهة الأم حين تغلب قوة المنفعل على الفاعل وعلى نحو ما سلف منا متشابههما .
فإن الذكر في
الأكثر يكون بسبب قوة منى الرجل ، وإن لم يشبه الأب في
الشكل فلما ذكرناه ، والأنثى في الأكثر تكون بسبب قوة منى المرأة ،
وإن لم تشبه الأم فلما ذكرناه. وكذلك سبب المشابهة في عضو دون عضو. وأما الخروج عن المشابهة فليست عصيان المادة عن التشكل المطلوب وتخليتها عن رسم الانقياد
الأول الذي في بدن الأم ، وهو ما قد ذكرناه فيما سلف ومواتاة
التحريك نحو المركب الذي يخالف البسيطين أو نحو هيئة أخرى.
__________________
والدليل على أن
الذكورة تتبع سخونة مزاج المنى أن الحدث الذي لم يستكمل حرارته والشيخ الذي نقصت
حرارته يؤنّث في الأكثر ، والشاب المنصف يذكّر في الأكثر ، ويكون زرع المؤنّث رقيقا مائيا ، وزرع المذكّر ثخينا قويا
، وكذلك المترهل اللحم والمجامع عند هبوب الجنوب المرخى ، وعند وقوع سبب يؤدى برده إلى الرحم. ويذكر شهادة الرعاة على ذلك حين يقولون إن النظر إلى الفطس عند الجماع يغير الحال فى
الإذكار والإيناث. وليس غرضنا في هذا متوجها إلى أن يكون المنى المفرط جدا في الحر
نافعا في الإذكار ، بل ينبغى أن يكون معتدلا حتى يولد فضلا
عن أن يذكر. ولذلك ما يتفق أن لا يولد الذكر عن أنثى ، وإذا استبدل غيرها أولد ، لأن منيه يكون إلى جانب من الإفراط ، ثم يعدل المنى هذا الثاني. وللأهوية والمياه والأغذية في ذلك تأثير في الصور والأشكال عجيب
خارج عن التعلق بالحر والبرد.
قال قوم في أمر
المشابهة غير هذا ، فقالوا : إن غلب منى الذكر فالشبه ينزع إلى الأب ، أو منى الأم فإلى الأم ، أو تساويا يولد ما لا يشبه أحدهما. وهذا يفسده كون الأنثى شبيهة بالذكر وكون الذكر شبيها بالأنثى ، ويفسده مشابهة الولد لبعض الأجداد من أحد الطرفين ولا منى هناك.
واعلم أن المشابهة
مقتضاة التوليد ، فإن التوليد إيجاد شىء هو شبيه بالمولود . لكن المشابهة عامة وخاصة : فالعامة أن تكون مشابهة في الإنسانية أو
التركية أو الحبشية ،
__________________
والخاصة ذات مراتب
، فإن المولودين لهما خاصية وفيهما خاصية من أبويهما ، فإن أطاع التشبيه من كل وجه فعل
مثل نفسه ، وإلا فانقهر الفاعل وأطاع المادة فأشبه الأم ، فإن لم يكن ذلك نحا نحو ما هو قريب من ذلك فأشبه جدا من إحدى الجهتين ونزع إليه ، فإن لم يكن ذلك ففى العام جدا وكانت المشابهة من حيث هو جنس أو هو إنسان مطلقا ، ولم تقع مشابهة في الخواص الشخصية. فإن لم يقبل
الإنسانية قبل الحيوانية فيكون إنسان حيوانى ، كالنوادر التي
تولد ، كمولود من الناس له رأس كبش ، فقد ولد عجل له رأس صبى ، وخروف له رأس ثور ،
لأن القوة تنحو به نحو صورة ما تحركها نحوه هيئة من الهيئات
العلوية التي تتفق قاهرة. وذلك إن كانت هذه الحكاية صحيحة ، والمعلم الأول مائل
إلى استنكارها ، والأولى أن يكون مشابهة ما لا حقيقته المشاكلة.
وأما زيادة
الأطراف ونقصانها وتشكلها بأشكال نادرة فذلك موجود معلوم. وديمقراطيس يظن أن السبب في ذلك لحوق نطفة بنطفة ، وليس ذلك دائما ، بل قد يكون كذلك عن جماع واحد. ويشبه أن يكون السبب فيه حركة رديّة تعرض للنطفة ، أو كثرة من
المادة يتعدد منه الكافى بقدر ثم لا تعطل الفضول لوجود القوة المحركة
أيضا فيه. والأولى في هذه الأشياء أن تكون علتها من جهة الهيولى ، ويجوز أن يكون
السبب الذي ذكره ديمقراطيس حقا في بعض ما يقبل
سفادا على سفاد إذا لحق سفاد بسفاد قريب. وذلك في البيّاض أكثر منه في الولاّد ، لأن
انقسام المنى إلى الأجزاء في مثله أكثر ، ولأن قبول السفاد على السفاد فيه أظهر ،
وقد تفرخ بيضة ذات محين لا حائل
__________________
بينهما ولدا متصل
الأعضاء ذا رأسين وأربع أرجل ، وربما ولد ولدين خصوصا إذا كان البياض يحول بينهما.
وقد ظهرت جثة لها رأسان لمثل هذا السبب. وهذه
الأحوال تكثر أيضا في الماعز ، لأنها تلد كثيرا ، وفي الخنازير. وقد تقع العجائب
أيضا في النبات ، وربما كان العجب في وقوع عضو في غير موضعه مثل ما شوهد من عنز له على ساقه قرن ، وإنسان طحاله في اليمين وكبده في اليسار.
وربما كان العجب من فقدانه عضوا رئيسا ؛ أما القلب فلم يشاهد ، وأما الكبد فقد شوهد من الحيوان ما لا كبد له. وما يخرج عن الطباع في هذه الأشياء
خروجا كثيرا لم يبق ولم يعش.
واعلم أن كون
الحيوان ذا حافر وإن كان مقارنا لقلة عدد ما يولد ؛ وكونه ذا رجل مشقوقة موازيا
لكثرة عدد ما يتولد منه ؛ وكونه ذا ظلف مقارنا لأمر وسط. والسبب فى قلة إنتاج ذى الحافر هو شىء آخر وهو عظم البدن ، فيحتاج
إلى غذاء كثير ويهضمه ويستعمله ويفضل الفضل ، وإلا فالفيل مشقوق الرجل أيضا ، وهو
قليل الولد. والذي يدل على هذا ، هو حال الأشخاص من نوع واحد ، فإن العظيم من الشجر أقل إبزارا ، والعظيم من السمك أقل إيلادا . ولسائل أن يسأل ما بال الكلب وما أشبهه مما يلد عددا كثيرا ، لا
يتفق فيه أن يتكون من جميع منيّ الذكر وجميع منّي الأنثى ولد واحد
كبير كما تفعل الإنفحة باللبن فإنها تعقد جملة اللبن ، وليس يجب أن يتفرق فيه عقده إلى أجزاء. فمنهم من أجاب بأن السبب
فيه افتراق المواضع في الرحم. ولو كان كذلك لما تولد في موضع واحد من الرحم ولدان.
وقد شوهد ذلك ، إلا أن هذا ليس بمقنع فى نقض قوله ، بل له أن يقول : إن السبب في تولد الولدين في موضع واحد من الرحم
__________________
أمر نادر يقسم المنى كما ينقسم كثيرا في رحم الناس إلى أولاد صغار كثيرين يبلغ قدر كل
واحد منهم أن لا يعيش. والنادر لا يعتبر ، بل أقول عسى أن يكون هذا
من الأسباب المعينة على كثرة الولد ، لكن السبب الذي ذكر في التعليم الأول هو
أن هذا الحيوان يقذف منيا أكثر من المحتاج إليه في تكون شخص واحد. وهذا سبب حسن ،
وهو الأصل ، فإنه إذا كان كذلك فإن القوة المحركة تحرك المادة وتقسمها على ما يصلح
للشخص الواحد لإلهام يشبه سائر الإلهام الذي به يميز الأعضاء ويفرقها ، ولكن ذلك على حد
محدود لا يجاوزه . وأما الإنفحة فإن تأثيرها في القوام ، ولا تأثير لها في
التقطيع ؛ ولو كان لها ذلك لكان يقطع من اللبن قطوعا ويشكلها
أشكالا عليها ينبغى أن تكون الأمثال ، بل القوة
العاقدة في المنى مع أنها عاقدة مقدرة مصورة مشكلة ولا كذلك التي في الإنفحة. وقد يعرض أيضا في الرحم آفات كثيرة ردية لأعضاء خاصة دون غيرها لأسباب لا تحصى.
ومن الحيوان ما يحمل حملا على حمل وهو كثير المادة وكثير الأولاد ، ومنها ما لا يحمل إلا واحدا ولا يقبل معه حملا كذوات الحافر . والفرس والإنسان قد يحملان حملا على حمل قد يقوم وينشأ في الندرة ، وأكثره وخصوصا الثاني يسقط ، وذلك لسعة
الرحم وقوة مزاج الإنسان ، ومزاج الفرس في ذوات الحافر. وأما الغالب فهو أن فم
الرحم ينضم انضماما شديدا فلا يقبل شيئا إلى وقت الوضع.
وشبق إناث الطير أقل من شبق الذكور ، لأن أرحامها تحت الحجاب. والإناث
__________________
الشبقات من كل شىء يسقط شبقهن إذا وضعن كثيرا ، فإن فضلاتهن تقل. وكثرة الشعر في
الأسافل بحسب النوع أو بحسب الشخص دليل الشبق ، فإن ذلك لكثرة الفضلة ، ولأن القوة
المصورة والغاذية قوية. وربما عاد عضو ما مئوف في بعض أولاد
الحيوانات الكثيرة الولد ، ولذلك تعود عين أولاد الخطاطيف بعد أن تخرج ، وأكثر ما يكثر ولده
ويضعه ، غير تام مثل ما يلد غير مفقح أو غير مشقوق.
الجنين من النساء ينشو سريعا في الابتداء للرطوبة ، ولأن الحرارة فيها بقدر وتذيل سريعا في
الانتهاء للبرودة ، فإن البرودة تسرع إليهن لأنهن أقل حرارة ، ومع ذلك فإن رطوبتهن
ولينهن يخلى عن حرارتهن فتنفش بسرعة. ولذلك فإن المتخلخل من الأجسام أسرع جفافا من المستحصف . والمادة إلى
التصور بصورة الأنوثة ، وتأخرها أيضا فى المادة فليس بسبب المادة ، وأيضا إلى التصور بصورة الذكورة أسرع للقوة لا لطاعة المادة . فإن المادة فيها
ليست عاصية من حيث القوام والكمية ، بل من حيث الكيفية والقوة. وبالجملة ما هو
أضعف فهو أسرع نشوا ، لأن هيولاه منفعلة ، والقوة حاضرة
قد أخذت في الفعل وتمكنت من المادة. والمرأة القليلة الفضل
يحسن حالها عند الحبل ، لأنها تستعمل ذلك الفضل في الجنين ، ولا يفضل ما يحتبس فيؤذى. وسبب صلابة الرحا هو فساد النضج وتحلل الرطب من الحر ، وخصوصا إذا لم يكن له حابس وماسك طبيعى يتصرف
فيه بخاصية التصوير .
__________________
وأما اللبن وتكونه
فقد علم مما سلف ويظهر خطأ أنبادقليس إذ ظن أن اللبن يتولد في الثامن والتاسع ويكون قيحا ، ثم يصير لبنا ؛ فإن القيح غير طبيعى واللبن طبيعى.
واعلم أن أبعد
الحيوان أجلا ما كان ذا دم وأطول الدموى عمرا بعد
الفيل الإنسان لاعتدال مزاجه. ويجب أن تكون الآجال متحددة في الأنواع لا بسبب
المادة وحدها ، بل بسبب قبولها تأثير النجوم ، حتى يكون عمرها يوافق دور الكوكب واحدا وعدة كواكب ، وعمر آخر أقل وأكثر منه. فأول الحدود اليوم بليلته ، ثم الأسبوع فهو حد يحده القمر في ربع الفلك ، ثم الشهر وهو دور يتم بين القمر والشمس ، ثم السنة ، ثم
سنوّ الكواكب ، ثم سنوّ أحوال لها في المقارنات والتشكلات تعود في مثلها. وهذه الأدوار قد يخرم مقتضاها أسباب غير طبيعية وتعجز عنها أسباب غير طبيعية .
__________________
المقالة التاسعة عشرة
من الفن الثامن من جملة الطبيعيات وهي الأخيرة
فصل واحد
فيه نتف
من
أحوال الإنسان
نختم هذا الكتاب بنتف مسائل ، منها حال الصبى هل هو أول ما ينفخ فيه روح الحس والحركة يقظان ، أو نائم أو كالنبات. فنقول : إنه ليس يقظان ، لأنه متعطل
الحواس وآلات الحركة الإرادية ، واليقظان مستعمل الحواس ، حتى إن من النيام أيضا
من يعرض له أن يبصر شيئا ويقوم ويمشى ، إلا أن ذلك لا يكون مع استكمال ظهور من أفعال النفس حتى تكون الحواس الأخرى متعطلة أو تكون الحركات الإرادية الأخرى متعذرة وإنما هو إحساس
وحركة مشوشين . ومع ذلك فلا يكون صاحبها يقظانا ، بل بحيث يمكن أن ينبه حتى يعود في الحال إلى أحسن من ذلك ، فكيف حال من يتعطل
عليه الحواس أصلا. وليس أيضا كالشجر ، فإن الشجر ليس فيها مبدأ إحساس أصلا. فبقى
أن ينظر هل هو نائم ، فإنه عسى لا يكون النوم ممكنا إلا لمن شأنه أن يستيقظ فيشبه أن يكون ذلك من جنس نوم المسبوت ، وتكون طبيعة الصبى تستدعى
__________________
النوم ، حتى إنه
ربما يولد يبكى. ويكون التخيل فاعلا فيه فعله ، حتى إن الصبى إنما
يضحك أول ضحكة في الأكثر وهو نائم.
ومنها سبب الزرقة
والكحلة ، فنقول : إن الزرقة تعرض إما بسبب في الطبقات ، وإما بسبب في الرطوبات.
والسبب في
الرطوبات أنها إن كانت صافية وقريبة الوضع إلى خارج كانت الجليدية كبيرة المقدار ؛ والبيضيّة معتدلة المقدار أو قليلة ، كانت العين زرقاء بسببها ، إن لم يكن من الطبقة منازعة ؛ وإن كانت كدرة
والجليدية قليلة والبيضية كثيرة تظلم كظلام الماء الغمر ؛ أو كانت الجليدية غائرة ، كانت العين بسببها كحلاء.
وأما الذي بسبب الطبقة ، فإن الطبقة العنبية إن كانت سوداء صيرت العين كحلاء ، وإن كانت
زرقاء صيرت العين زرقاء. والعنبية تصير زرقاء إما لعدم النضج مثل النبات ، فإنه
أول ما ينبت لا يكون ظاهر الصبغ ، بل يكون إلى البياض ، ثم إنه مع النضج يخضرّ. وإما
لتحلل الرطوبة التي يتبعها الصبغ إن كانت نضيجة جدا ، مثل النبات ، فإنه عند ما تتحلل رطوبته يأخذ يبيضّ. والمرضى تشهل أعينهم ، وكذلك المشايخ لهذا السبب ،
لأن المشايخ تكثر فيهم الرطوبة الغريبة وتتحلل الغريزية. فالزرقة منها طبيعية ،
ومنها عارضة. والشهلة تحدث من اجتماع أسباب الكحلة وأسباب الزرقة ، فيتركب منها شىء بين الكحلة والزرقة وهو الشهلة. ولو كانت الشهلة للنار على ما ظنه
أنبادقليس لكانت العين الزرقاء مضرورة لفقدانها المائية التي هي آلة البصر. والكحل
يقصر عن الزرقة في الإبصار إذا لم تكن الزرقة لآفة. فالسبب فيه أن الكحل
__________________
الذي يكون بسبب
الآفة يمنع نفوذ الألوان بمضادته للإشفاف ، وكذلك الذي يكون لكدورة الرطوبة ، وكذلك إن كان السبب لكثرة
الرطوبة ، فإنها إذا كانت كثيرة أيضا لم تجب إلى حركة التحديق والخروج إلى قدام
إجابة يعتد بها. وإذا كانت العين زرقاء بسبب قلة الرطوبة البيضية كانت أبصر بالليل
وفي الظلمة منها بالنهار ، لما يعرض من عنف تحريك الضوء للمادة القليلة فيشغلها عن التبين فإن مثل هذه الحركة تعجز عن تبيين الأشياء كما تعجز
عن تبين ما في الظلمة بعد الضوء.
وأما الكحلاء بسبب
كثرة الرطوبة. فيكون بصرها بالليل أقل ، بسبب أن ذلك يحتاج إلى تحديق وتحريك
للمادة إلى خارج. والمادة الكثيرة تكون أعصى من القليلة.
والإنسان أشد
الحيوان اختلافا في ألوان العين. وقد يكون في الخيل أيضا أزرق وأخيف.
واعلم أن حدة
البصر على وجهين : أحدهما القوة على إدراك البعيد ، والثاني القوة على شدة تفصيل المحسوس ؛ وربما اختلفا. والحدة الأولى سببها غؤور الرطوبة حتى يكون إليها سبيل ضيق ، ولا يحيرها قرب إشراق الضوء على جهاتها
كلها ، بل إنما يأتى إليها المبصر بمحاذاة مضبوطة مقدرة محصورة ، فتكون سائر
الأجزاء من العين غير منفعلة ولا مشوشة ، وإذا تحركت إلى
جهة المحسوس كأنها تندفع من مكانها إلى التحديق لم تصر بها الحركة إلى مدهشه الضوء ، بل بقى بعد ذلك لها غؤور ما.
واعلم أن العين
عند التحديق تتحرك حركة نحو خارج شوقا طبيعيا إلى الاقتراب من
المدرك والاستكمال بالفعل الخاص ، فإن برزت إلى قرب الهواء لقصر المسافة وقعت فى
مدهشة . والعين الجاحظة قليلة التبيين لما بعد عنها لذلك.
__________________
وأما سبب التفصيل
فهو صفاء الرطوبة ورقتها حتى تنتقش نقشا جيدا. وهكذا حال السمع
والشم فإن إدراك البعيد غير جودة الإدراك بالتفصيل ، والسبب فيه واحد. ولذلك ما كان من نوع واحد وخيشومه أطول كان أشد
إدراكا للرائحة البعيدة كالكلاب السلوقية. ومنها مسألة الجعودة والسبوطة ولين
الشعر وخشونته ، ودقته وغلظه ، وسواده وبياضه ، وعلة الشيب الذي يعرض. والشعر كما علمت يتولد من بخار دخانى وينخرط فى المسام منعقدا فتكون مادة الطبيعة فيه الفضلة الدخانية ، والآلة المسام ، وهي كالمثقاب . وهذه الفضلة الدخانية إن كانت كثيفة كثف الشعر ، وإن كانت لطيفة لطف الشعر ؛
وإذا كان الجلد كثيفا كانت هذه الفضلة كثيفة وكان مقارنا لسبب الكثافة ، وكانت المنافذ أيضا غير
ملتحمة ، بل متوسعة اتساع الثقب فيما يبس من الجلود ؛ وكان
ذلك أيضا سبب الكثافة. وأما
الجعودة فقد تكون لانشواء المادة حتى يعرض للشعر من طبعه ما يعرض له من حرارة لو عملت فيه فجعدته. وقد يكون لاختلاف حركة البخار الذي ينعقد منه الشعر ، وقد يكون لالتواء أكثر الثقب فيتهندم شكله بانهدامه ويتجعد . والسبوطة تقع
لضد ذلك ، والسواد لإفراط ما من الحرارة ، والصهوبة لفجاجة ما
، والشقرة للاعتدال. وربما كان السواد والتجعد بسبب شدة حر الهواء الخارج فيحترق الشعر ويتفلفل. وقد يتغير جميع ذلك في البلدان. والشيب فيه قد يكون بسبب رطوبة
__________________
غبرة حارة ولا لزجة ، دهنية ، فيغتذى بها الشعر فيتكرّج فيه ، وهو
الطبيعى ؛ وقد يكون بسبب جفاف يلحق الشعر يأخذ منه دسومته ورطوبته التي لها يسودّ
فيتكلّس ، وهذا كما يعرض في الأمراض ؛ فإذا دبر الناقه عاد إلى لونه لاستمداده المادة الجيدة. وأمّا الشيخ فمن أين ترجى له المادة الملائمة وقد انهزمت الحرارة الغريزية.
وأما الصّلع فيعرض
إذا جف الدماغ ويبتدئ من مقدمه ، لأن وعاءه أوسع ، ومادته أرطب ؛ والأرطب أقبل
للتجفيف لتخلخله فهو لشدة الحرارة
الطبيعية التي فيه ينقبض ويجتمع ويتبرأ عن العظم فلا
يستقى منه العظم مادة دخانية يعتد بها ، وأيضا فإن المسام تتخلخل
فيتحلل منها المقدار الذي يتبخر.
وأما النساء
فطباعهن أرطب وجلودهن أرطب ومسامهن أضيق. والخصيان أشبه بهن فلا يصلعون. وأكثر الشعور
تشقر أولا ثم تبيض. والأشقر يبيض أسرع فى الأكثر ، لأنه
أقرب من البياض. ولحم الشخص الأسود أطيب من لحم مشاركه فى النوع ، إذا كان أبيض ،
لأنه أنضج. واللحم الذي يلى السواد من الأبلق أطيب من اللحم الذي يلى البياض منه.
والشعر في غير الإنسان يتبع الجلد فيسود على الجلد الأسود ويبيض على الجلد الأبيض.
وأما سبب ثقل الصوت وحدته وجهارته وخفايته ، فاعلم أن الثقل
قد يعرض للقوة وقد يعرض للضعف ، فإنه إذا عجزت آلة الصوت من
الحيوان عن تقطيع الهواء وتحريكه بسرعة محركة ببطء كان الصوت ثقيلا للضعف ، مثل ما تكون أصوات العجاجيل
__________________
أثقل. وأصوات
البقر أثقل من أصوات الثيران ، وكذلك الذي امتلأ قصبة رئته
بنوازل رطبة. فإن قطعت الهواء وأخذت منه قليلا وتصرفت
فيه تصرفا جيدا من القوة كان الصوت حادا بسبب الضعف ؛
ولهذا ما تحتد أصوات المشايخ والناقهين.
وأما إذا كانت
الآلة تقوى لشدة القوة على تحريك الهواء الكثير ، كان الصوت ثقيلا للقوة.
وأما حديث الأسنان
ومنافعها فقد علمت في مواضع أخر .
فهذا آخر المقالة ، وهو آخر كتاب الحيوان من كتاب الشفاء من
الطبيعيات ، ويتلوه العلم الرياضى في أربعة
فنون .
__________________
فهرس المصطلحات
(ا) المصطلحات
العلمية والفنية
(ا)
آجال اخترامية :
٢٠٤
آجال طبيعية :
٢٠٤
الآس (نبات) :
١٣٦
آفة (آفات) :
١٣٥ ، ١٤٢ ، ١٨٥ ،
٢٢٨ ، ٢٣٠ ، ٢٣٣
، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٤٤ ، ٢٥١ ، ٢٥٦ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، ٢٦٣ ، ٢٨١ ، ٣٨٣ ، ٢٩٢ ، ٢٩٨ ، ٢٩٩
، ٣٢٩ ، ٣٣١ ، ٣٣٦ ، ٣٣٨ ،
٣٤٣ ، ٣٤٧ ، ٣٤٨
، ٣٦٠ ، ٣٦٣ ، ٣٦٨ ، ٣٧٤ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٢٥ ، ٤٢٩
آلة : ٣ ، ٧ ، ٨
، ١٠ ، ١٨ ، ٢٢ ، ٢٣ ، ٤٠ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٦ ، ٧٠ ، ١٤٥ ، ٢٢٥ ، ٢٣٩ ،
٢٥٤ ، ٢٥٥ ،
٢٦١ ، ٢٦٣ ، ٢٦٥
، ٣٠٠ ، ٣٤٨ ، ٣٨٨ ، ٣٨٩ ، ٤٠٩ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣٢
آلى : ٢٠
أبازير : القزح
، والقزح التابل ، وقزح
القدر جعل فيها
قزحا وطرح فيها
الأبازير (لسان
العرب). ٢١٨
ابديدومس (واسط
للمنى بين البيضة
والمقذف) : ٣٨٩
ابراز (الثفل
الى خارج الجسم) : ٣٠٣
|
|
ابرة اللسع (للنحل
أو العقرب) :
٩ ، ٢٩ ، ٥٠ ،
٥٩ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ،
١٣٦
ابزار (النبات)
: ٤٢٤ ابصار : ٢٢٣ ، ٢٣٧ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٦٢
الابط : ١٩ ، ٢٣
، ٣٩ ، ٤٩ ، ١٨٤ ، ٢٤١ ، ٢٦٠ ، ٢٨٦ ، ٢٨٩ ، ٣١٣
الابهام (اصبع)
: ٣١٦ ، ٣٣٣ ، ٣٣٧ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٩ ، ٣٦٤ ، ٣٦٧
الأبوان : ١٥٣
اتئام : ١٨١
اتصال مفصلى (بنقر
ورءوس لقمية) : ٣٣٩
اتكاء (العضو
على عضو آخر) : ٢٨٣
اثنا عشرى (المعا
الاثنى عشرى) :
٢٩٦ ، ٣٠١ ، ٣٠٢
، ٣١٠
اجتذاب ، جذب :
٣٢٦
اجترار : ٣٥ ،
٥٣ ، ٣٢٣
اجتماع العضل (ويقابله
الامتداد) : ١١ ، ٢٧٧
أجل (آجال) : «وحددوها
اليوم
بليلته ، ثم
الاسبوع ، ثم الشهر ،
ثم السنة ، ثم
سنو الكواكب ،
ثم سنو أحوال
لها في المقارنات
والتشكلات تعود
في مثلها.» : ٤٢٧
|
أجنحة (السمك) :
٩ ، ٣٢ ، ٣٣ ،
١٠٥
أجنحة (الفقرة)
: ٣٤٣ ، ٣٤٥
اجماد : ٢٠٧
الأجوف (وريد) :
٢٨١ ، ٣٠٨ ،
٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣١٢
، ٣١٧ ، ٣٢٦
احالة : ٤٥
احتباس الطمث :
٣٩٦
احتلام : ٧٣ ،
١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٨ ،
١٨٦ ، ١٨٧
احديداب (الأضلاع)
: ٣٤٩
احساس : ٨ ، ١١
، ٤٢٨
الأحشاء : ١٧ ،
٣٠ ، ٤١ ، ٦٠ ،
١٠٦ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨
، ٢٤٠ ،
٢٤١ ، ٢٧٣ ، ٢٧٥
، ٢٩٥ ،
٣٠٩ ، ٣٢٥ ، ٣٢٧
، ٣٤٨
احليل : ١٦٠ ،
١٧٤ ، ٢٠٦
اختلاج القلب :
٨٠ ، ١٧٦
الاخراج : ٣٠٢
الأخرم (عظم) :
٢٦٩ ، ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٧٨
اخصاب : ٥٢
الاخلاف (خلفت
الناقة : حملت ،
والاخلاف أن
تعيد عليها فلا تحمل) : ١٨٥
أخلاق : ١ ، ٦ ،
٩٣
أخمص (القدم) :
٥٠ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣
الأخياف (من
الحيوان : ضروبها
المختلفة في
الأخلاق والأشكال) : ١٠٩
ادرار البول :
٣٢٨
اذكار (الولاد
بالذكور) : ١٨١ ، ٤٠٨ ، ٤٢١ ، ٤٢٢
|
|
الأذن الأيمن (للقلب)
: ٣١٢
أذن (آذان) : ٣
، ١٩ ، ٢١ ، ٢٢ ،
٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ،
٣٤ ، ٣٥ ، ٣٧
٣٨ ، ٣٩ ، ٤٧ ،
٥٧ ، ٦٣ ،
٩١ ، ١٠٢ ، ١٠٦
، ١٠٨ ،
١٩٠ ، ٢٤٢ ، ٢٥٣
، ٢٦١ ،
٢٦٩ ، ٢٨٦ ، ٣٧٦
، ٣٧٨
أذن السمك : ٣٢
، ٣٤ ، ٣٧
أذى : ٣٠٠
اراقة (المنى) :
١٤٨ ، ١٨٧
الأربية (الأربيتان)
: ١٩ ، ٢٣ ،١٤٤
ارتضاع : ٣٧٢
أرجوانية (لون)
: ١٢٤
الأرحاء (أضراس)
: ٢٧٠
ارخاء ، استرخاء
(المفصل ، العضل) : ٢٦٨
الارضاع : ٩١
أرضية (مادة
الأرضية) : ٢٠٤ ،
٢١١ ، ٢١٢ ، ٢١٦
، ٣٧٤ ،
٣٨٣ ، ٤٠١ ، ٤١٦
أرنبة (الأنف) :
١٤١ ، ٢٦٩ ، ٣٧٩
أزب : ٢٦ ، ٢٩ ،
٥٠ ، ١١٠ ، ١٢٠
الأزج (الأزج
الحاجب ، اسم له في
لغة أهل اليمن «لسان
العرب») : ٢٣٠ ، ٣٨٠
ازدراد (الطعام)
: ٢٧٧ ، ٢٧٨ ،
٢٩٢ ، ٢٩٣
أزعر : ٥٠
ازلاق (المنى
والرطوبة) : ١٤٧ ، ١٧٧ ، ١٨٣
الأسافل (من
الأعضاء ، ويقابلها
الأعالى) : ٣٧١
، ٤٠٧ ، ٤٢٦
|
استبطان (مثل
استبطان العصب في الساق) : ٢٨ ، ٢٩ ، ٥٧ ،
٢٤٦ ، ٢٨٦ ، ٢٨٩
، ٣١٤ ، ٣٥٣ ، ٣٦٨
الاستحالة (كاستحالة
الغذاء الى الاخلاط واستحالة البيض الى الحيوان الكامل) : ١٩ ، ٢٧ ، ٦٧ ، ١٦١ ،
١٦٢ ، ١٦٣ ، ١٦٨ ، ١٧٢ ، ٢٠٥ ، ٢٠٩ ، ٢٢١ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٣١ ، ٢٥٦ ، ٢٩٨ ، ٣٠٤ ،
٣٠٨ ، ٣٨٧ ، ٣٩٠ ، ٣٩٣ ، ٤٠٢ ٤١٦
استحصاف (الأعضاء)
: ١٦٥
استحكام (المضغة
في الجنين تمهيدا
لتكوين الأعضاء)
: ١٦٦ ، ١٧١ ، ١٨١
استدعام : ٢٣٧
استدفاق (المادة
من العضو) : ٣٩٤
استدقاق : ٣٣٠
استرخاء (العضلة)
: ٢٠ ، ٣٠٧
استظهار (العروق
في الأعضاء) : ٢٤٦ ، ٢٨٦ ، ٣١٤ ، ٣٢٢ ، ٣٨٨
استعراض (منقار
الطير) : ٣٨٢
استفراغ السوائل
(من العضو) :
٥٢ ، ٣٩٦
استقامة (على
الاستقامة) : ٣٦٥ ، ٣٦٧
استقراء : ٣٢٦
استمراء (الغذاء)
: ٢٠٣
استمساك (المواد
داخل الأعضاء) : ٣٦٤
استمناء : ١٤٢
استنشاق : ٢٢ ،
١٩٠
|
|
استنقاء (تخلص
العضو من الفضول) : ٩١
استواء (على
الاستواء) : ٣٦٧
استيداق (الأنثى)
: ٩٠
استيكاع (العضو)
: ١٧٤ ، ٤٢١
الاسرب : ٤١٠
اسطقس (اسطقسات)
: ١٨٩ ، ٤٠٣
اسفنج : ٤
اسفيداج : ١٤٤
اسقاط (الجنين)
١٤٣ ، ١٨٥ ، ٤٢٥
اسلاس (المفصل)
: ٢٦٨
آسمانجوني (لون
بين البياض والسواد) ٢٥٧
الأسنان : ٤٣٣
أسنان الحلم :
٢٩ ، ٢٧١
الأسود (السودان)
٤٧ ، ٥٣
الأسيلم (وريد)
: ٣١٦
اشالة (العضو) :
٣٠٧ ، ٣٥٤ ، ٣٥٩
اشتمال (كاشتمال
الرحم على
المنى) : ١٦٥ ،
١٨٥ ، ١٨٧ ، ٣٣٧ ، ٣٥٧ ، ٣٦٢ ، ٣٦٤ ، ٤٠٠
اشراق الضوء (على
العين) : ٤٣
اشفاف : ٤٣٠
اصبع (أصابع) :
٢٥ ، ٢٦ ، ٣٠ ، ٣١ ، ١٩٦ ، ٣٧١ ، ٣٧٢ ، ٣٧٤
اصعاد المنى (فى
الأوعية) : ١٤٥
أضلاع الخلف (من
الفقار) : ٣٠٩ ، ٣٥٢
أطباء (الناقة)
: ٢٧
اطباق (الفتحة)
: ٢٧٩
|
اطباق (الفم) :
٣٧٩
الأطراف : ٣٣٨ ،
٤٠٧
أعضاء التنفس :
٣٤٥
أعضاء الجوف ٤٠٧
أعضاء حسية :
٤٠٢
أعضاء مركبة
آلية : ٣٩٢
أعضاء نطقية :
٤٠٢
اعلاق (للمنى) :
١٨٦ ، ٣٨٧
الأعور : ٣٠١ ،
٣٠٤ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦
اغتذاء : ٣٥ ،
١٥٢ ، ١٦٧ ، ١٦٨ ، ٢٠٣
اغتلام : ٦ ، ٦٨
، ٩٠ ، ٤١١ ، ٤١٥
أفاعيل نفسانية
: ١٤
افضاء المنى :
٣٩٧ ، ٣٩٩
أفعال قوام
الحيوان : (فعل التغذية ، فعل الحس والحركة) : ٢٩٧
الافلاء (العزل
عن الرضاع) ١١٧
افلاح (المنى
لتكوين الجنين) : ١٧٧ ، ١٨٦
اقراء : ١٦ ،
١٦٢ ، ١٨٥
أقزاح : (القزح
والقزح : التابل) : ٢١٨
الأكحل (وريد) :
٣١٦
الاكليل (فى
العين) : ٢٥٧
الالبان (ادرار
اللبن) : ١٨٤
التقام : ٢٢ ،
٣٤٥ ، ٣٨١ ،
التواء : (التواء
الساعد وانبطاحه) : ٣٣٣
الصاق (الغذاء)
: ١٣
امتساك (القدم
للمواطؤ عليه) : ٣٦٢
امتيار (الحيوان
للطعم) : ٧٩ ، ١٢١ ، ١٣١
امساك (العضو
للغذاء) ١٣ ، ١٨
أمعاء : ٧ ، ٢٠٨
، ٣٠٠ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٧ ، ٣٢٣
انبثاث (العروق
في العضل والأعصاب في الجلد) : ٤٦ ، ٢٣٥ ، ٢٤٢ ، ٢٤٤ ، ٣٠٨
|
|
انبساط العضل (ويقابله
الانقباض) ، ١١ ، ٢٢٩ ، ٢٤٢ ، ٢٧٩ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٩١ ، ٢٨٥ ، ٢٩٩ ، ٣٥٨ ، ٣٨٢
انبعاث : ٢٣٥
أنبوب : (أنابيب)
: ١٧١
انبيق : ١٩٩
انتساج : ١٢ ،
١٥١ ، ١٦٤ ، ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٧٧ ، ٢٢٩ ، ٢٩٥ ، ٣١٥ ، ٣٣٩
انتشاف : ٢٠٣
انتفاض (الفضل)
: ٣٩٤
انتقاش (رطوبة
العين الصافية ، لتفصيل المحسوس) : ٤٣١
انتكاس (المفصل
، الى خلف) : ٣٤٠
انثناء (المفصل)
: ٣٨٢
الأنثيان : ١٥ ،
٢٨ ، ٣٢ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ٢٨٧ ، ٣١٧ ، ٣٨٧ ، ٣٨٨
انجراد (الظفر)
: ٣٣٧
انحدك (الظفر) :
٣٣٧
انخراط (منقار
الطير) : ٣٨٢
انخلاع المفصل :
٣٦٢
اندساس (العضل)
٦٥ ، ٢٦٦
انزاء : ٥٣ ، ٩١
، ١٣٨
انزال (المنى) :
١٤٥ ، ١٨٦ ، ٣٨٦ ، ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، ٣٩٧ ، ٤١٠
انزراق (السائل
في الأوعية) : ٣٢١
انسان حيوانى (مثل
مولود من الناس له رأس كبش) : ٤٢٣
انسدال (العضل)
: ٢٦٨
انسلاخ الجلد :
٤١٧
انسى (نسبة الى
الجهة الانسية) : ٢٤٦
انشاب : ٢٧ ، ٢٨
، ١٤٣ ، ٢٦٦
انشعاب (العروق)
: ٣١٣
انصباب (الرطوبة)
: ١٧٧
انطباخ (الغذاء)
٢٠٦ ، ٢٣٥
|
انطلاق البطن :
٣٢٨
انعطاف (المفصل
، أو الصلب) : ٣٣٩ ، ٣٤٠
انعقاد المنى (لتكوين
الجنين) : ١٦ ٥٣ ، ١٦٢ ، ١٦٨ ، ١٨٥ ، ١٨٧ ، ٢٠٩
انعقاد النطفة :
٤٠٢
انفاق الغذاء (فى
الجسم) : ٣٩٦
أنف (آناف) : ٢٢
، ٣٢ ، ١٧٨ ،
١٩٠ ، ٢٣٨ ، ٢٦٢
، ٢٦٤
انفاذ (الغذاء)
: ٢١٧
انفتاح الرحم :
١٧٨
انفحه : ١٦ ، ٥٣
، ٣٢٤ ، ٤٠٤ ،
٤٢٤ ، ٤٢٥
انفساخ (جسم
الحيوان) : ٥٩
انفعال (انفعالات)
: ٢ ، ٢١ ، ٤٩ ،
١٣٧ ، ١٨٨ ، ١٩٦
، ٢٠٢ ، ٢٢٦ ، ٢٥٢ ، ٢٩٠ ، ٣٠٤ ، ٣٩٨ ، ٤١١
انغلاق الوعاء (ويقابله
انفتاح) : ٢٧٩
انقباض (العضل)
: ٢٢٩ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤
انقذاف (المنى)
: ٣٨٨
الانقلاب الشتوى
، الانقلاب الصيفى : ٧١
انكباب : ٢٨٩ ،
٣٨٢
أنملة (أنامل
الأصابع) ١٩٠ ، ١٩٦ ، ٣٣٧
انهتاك (الأربطة)
: ٣٣١ ، ٣٦٢
انهضام (الغذاء)
: ٢٠٥ ، ٣٠١ ، ٣٠٥
أنوثة ، أنوثى :
١٦ ، ٦١ ، ٦٥ ،
٩٤ ، ١١١ ، ١٦٣
، ١٦٤
أنيس (أنفس ـ أبيس)
«معرب»
غشاء للجنين :
١٧٤
أورطى : ٢٨٦
أوصال : ٢٤٩ ،
٢٥٠
ايقاع (النغم) :
٨٤
ايلاد : ٧٩ ،
٢٢١ ، ٣٩١ ، ٤١٧ ،
٤٢٠ ، ٤٢٤
|
|
ايناث (الاتيان
بالاناث) : ٤٢٠ ، ٤٢٢
(ب)
باب (المعدة أو
الرحم) : ٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٤
الباب (عرق جذب
الغذاء الى الكبد) : ٢٠٥ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، ٣١٠ ، ٣١١ ، ٣٢٠
بارد بذاته :
بارد بنوع العرض
: ٢٢٠
الباسليق (وريد)
: ٣١٦
باذنجانى (اللون)
: ٣٦٨
الباقلى ،
الباقلاء (نبات) : ٨٠ ، ٩٩ ، ١٣٦ ، ٤٠٥
بالذات : ٢٣٥
بالعرض : ٢٢٥ ،
٢٣٥
بالقوة : ٢١٧ ،
٢٢٠
بان
بوك
نوعان من ايقاع
النغم : ٨٤
بانقراس : ٣١٠
بخار (بخارات ،
أبخرة) : ١٩٩ ، ٢٥١ ، ٢٥٣ ، ٢٩٨ ، ٣٢١ ، ٤٠٩
بخار حار : ٣٢١
البخار الدخانى
: ١٢ ، ٤٨ ، ٤٩ ،
١٩٩ ، ٢٧٨ ، ٢٨٦
، ٤٣١
البرد : ٥٦
برد المزاج (ويقابله
حر المزاج) : ٢٢٤
البردية : ٢٥٥
برودة المزاج :
٤١٥
برى (من الأضلاع)
: ٣٣٠
البريات (من
الحيوان) : ٣٧٥
البزز (للمحززات)
: ٣٨٥ ، ٣٩٤
بسط (العضل) (ويقابله
قبض العضل) : ٣٦٥ ، ٣٨٣
البسيط (البسائط)
: ٢ ، ٨ ٢٠ ، ١٩١ ، ٢١٧
البشرة : ٢٠ ،
١٧٤
|
بصر : ٣٠ ، ٤١ ،
٢٢٣ ، ٢٣٨ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٦١
بطح (العضلة) :
٣٥٦ بطن : ٣١٨
البطن الأوسط (للدماغ)
: ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٣١٥
البطن الأيمن ـ البطن
الأيسر
(للقلب) : ٢٨٤
البطن المقدم (للدماغ)
: ٢٢٦ ، ٢٣٢
البطن المؤخر (للدماغ)
: ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٢
بطنا الدماغ
المقدمان : ٢٣٦
البطنان
المقدمان (للدماغ) : ٣١٥
بطون الدماغ :
٢٢٦ ، ٢٢٩ ، ٢٣١ ، ٢٨٧
بطون القلب :
٢٨٣
بطون هضم بعد
هضم : ٣٢٣
بطيخ : ٤٠٤ ،
٤٠٥
بقل (والواحدة
بقلة) : ١١٩
البكر (الأبكار)
: ١٣٥
بلاين (غشاء
للجنين) : ١٧٤
بلغم (بلغمى) :
٤٨ ، ١٥٢ ، ١٦٠ ،
١٦١ ، ١٦٨ ، ١٩٧
، ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢١٣ ، ٢١٦ ، ٢١٧
بلغم جصى (وهو
بلغم غليظ جدا ، أبيض) : ٢١١ ، ٢١٣
بلغم حامض : ٢١٢
ـ ٢١٣
بلغم رقيق (وهو
بلغم لا طعم له أو طعمه قليل غير غالب) : ٢١١ ، ٢١٤
بلغم زجاجى :
١٩٧ ، ٢١٢
بلغم صفراوى (وهو
بلغم خالطة مرة) : ٢١٢ ، ٢١٣
بلغم عفص : ٢١٢
، ٢١٣
بلغم غليظ : ٢١١
، ٢١٤
بلغم فضلى (وهو
بلغم مخاطى ، مختلف القوام) : ٢١١
بلغم لزج : ٢١٣ ٢١١
، ٢١٣
بلغم مالح (وهو
حار يابس) : ٢١١ ، ٢١٣
|
|
بلغم مائى (وهو
بلغم رقيق جدا) : ٢١١ ، ٢١٣
بلغم مسيخ : ٢١٢
، ٢١٣
بلغمية : ١٦١ ،
٢٠٣ ، ٢١١
البلوط (نبات) :
١٢٤
البلوغ (سن
البلوغ) : ٨٩ ، ١٤١ ، ٢٧٠
البنصر (اصبع) :
٣١٦ ، ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٥٧
البهر : ١١٨
بواب (فم يلى
المعدة) : ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣٠٨ ، ٣١٠
البواسط (عسل) :
٣٥٩
بياض (البيض) :
٨ ، ٧٨ ، ٨٠ ، ١٤٥ ، ٣٩٧ ، ٤١٦ ، ٤٢٤
بياض العين : ٢١
بيت النحل (ج
بيوت النحل) : ١٣٢ ، ١٣٤
البيض الأبتر
الطرف ـ البيض الكال
الطرفين ـ البيض
المحدد الطرفين
(المطاول) : ٧٨
بيض بزرى (للمحززات
، ثم يصير البيض دودا) : ٣٨٥
بيض تام (كبيض
الطير) : ٣٨٥
بيض توليد : ٤٠٦
بيض الريح : ٧٨
، ٧٩ ، ١٨٧ ، ٣٩٧ ، ٣٩٩ ، ٤١٥
بيض السمك : ٣٩٩
بيض غير تام (مثل
بيض السمك ، يتم خارجا) : ٣٨٥ ، ٤٠٠ ، ٤١٧
بيض مولد : ٣٩٧
بيض يفرخ
مستبطنا : ٤٠٠
بيض يتم خارجا :
٤٠٠
البيضتان (ويقابل
السمر) : ٣٩٧
بيضة (الذكران)
: ٣١٧ ، ٣٨٩
البيضة ذات
الصفرتين : ٨١
بيضة ذات محين :
٤٢٣
البيضية :
الرطوبة قدام الجليدية (فى العين) : ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٤٢٩
|
البيطرة (علم
البيطرة) : ١٠٧
بيوت العسل (فى
النحالة) : ١٣٢
بيوت الموم (فى
النحالة) : ١٣٢
البياض (من
الحيوان ، ويقابله الولاد) : ٤٢٣
(ت)
تأكل : ٢٩٩
تأريب : ٣٤٥
تأدية (العضو
للوظيفة) : ١٧٧ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٣٠٩
تأيد (العضو
بعضو آخر) : ٢٤٠
تبرئة (تبرية) :
٢٩٦
تبيين العين (للمبصر)
: ٤٣٠
تثخين : ٢٨٥
تجوهر : ٤٣
التجويف : ١٧٠ ،
٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨
التجويف البربخى
(فى عظم الوجنة) : ٢٣٨
تجويف الفم :
٢٣٨
تجويف القلب (تجويفا
القلب) : ٢٨٤
تجويف الكبد :
٣١٠
تحازيز (العظم)
: ٢٤٩
تحدب عظم الفخذ (الى
الوحشى) : ٣٦٠
تحديب : ٢٣٢
التحديق (العين)
: ٢٥٨ ، ٢٥٩
تحزز : ٥٤ ، ٦٣
تحلب (الريق) :
١٨٦
تحلب (السوداء
الى الطحال) : ٢١٥
تحلب الفضلة
المائية (الى الكلية) : ٣٢٦
تحلل : ٧ ، ١٨ ،
٤٥ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٣ ، ١٠٣ ، ١٤٦ ، ٢٠٣ ، ٢٠٨ ، ٢٢١ ، ٢٢٤ ، ٣٢٢ ، ٣٢٧ ، ٤٠٣ ، ٤٠٤
، ٤١٣ ، ٤٢٩
تحليل : ٤٩ ،
١٥٥ ، ١٥٦ ، ٣٧٣
تحير (العين) :
٣ ، ٤٣٠
|
|
تخاطيط (ريش
الطير) : ٨٣
تخثر : ٥٣
تخضخض : ٥٣ ،
٣٩٠
التخطيط
والتمديد (فى تكون المادة) : ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٦٢ ، ١٧٦ ، ٤٢١
تخلخل : ٤٩ ،
٢٢٧ ، ٢٥١ ، ٢٥٣ ، ٣٠٨ ، ٤٣٢
تخلق : ١٧ ، ٨٠
، ١٦٨ ، ٢٠٢
تخيل : ٣٧١ ،
٤٢٩
تدسيم المنى :
١٦٠
ترضض العصب (بحركة
الفقرة التي فوقه) : ٣٤٤
ترقق (الغذاء) :
٢١٧
ترقوة : ٤٨ ،
٢٦٨ ، ٢٩٧ ، ٣١٣ ، ٣٣٠ ، ٣٣١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٧٨
تركيب : ١٨٩
ترمد : ٢١٥
ترويح : ٣ ـ ١٢
ترياق : ١١٠
تزجج : ٢٠
التزريد : ٢٣٠
تسافد : ٩٤ ،
١٠٩ ، ١٢١ ، ٤١٢
تسافل : ٣١٤
تشبث (العضو
بالأصول) ٢٤٢ ، ٢٥١
تشبه ، تشبيه (المنى
بالأعضاء) : ١٣ ، ٥٢ ، ١٥٤ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ٣٩٠
تشحيم : ٣٠١
تشريح : ١ ، ٢١
، ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٣٥ ، ٣٩ ، ٤٥ ، ٤٨ ، ٥١ ، ٥٤ ، ٥٨ ، ٧٧ ، ١٤٥ ، ١٧١ ، ٢٣٥ ، ٢٥٥
، ٢٨٣ ، ٢٩٢ ، ٢٩٦ ، ٣٠٨ ، ٣٢٥ ، ٣٣٠
تشكل (المادة) :
٨٠ ، ٤٢١
تشكل الحروف (عند
الكلام) : ٢٦٥
|
تشنج العضلة :
١١ ، ٢٦٤ ، ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، ٢٦٩ ، ٢٨٠ ، ٣٨٠ ،
تشنج ليف العضل
: ٣٧٨
تشمم : ٢٦٢
تشوش (الاحساس
أو الحركة) : ٣٨٣
تشوش (المادة) :
٤٢٠
نشوش (نطفتى
الذكر والأنثى) : ٤١٢
تشوش (وظيفة
العضو) : ٢٩٥
تصعيد (الريح) :
١٦٧
تصفى الفضول :
٣٢٦
تصفية الدم :
٣٢٧
التصور : ٤٢ ،
٤٥ ، ١٧٣ ، ١٧٩ ، ٢٢٧ ، ٢٣٠ ، ٤٠٠
تصويت (الحيوان)
: ٦١ ، ٦٣
تضيق : ٢٧٩
تطامن (العظم
اللين تحت ما يصاكه فلا ينصدع) : ٣٣٧
تطول العضو (زيادته
في الطول) : ٢٨٤
تعديل الضوء (فى
داخل العين) : ٢٥٧
تعرض العضو (زيادته
في العرض) : ٢٨٤
تعريجة (تعاريج)
: ١٧٤ ، ٣٨٠
تعسيل (ما يقوم
به النحل) : ١٣٢
التعليم الأول :
١ ، ٥ ، ٢٠ ، ٥٨ ، ٦٥ ، ٨١ ، ٩٠ ، ٩٦ ، ٩٧ ، ١٣٩ ، ١٤٥ ، ١٧٣ ، ١٨٧ ، ٢٣٣ ، ٣٢٥
تعوج وتلفف (عروق
الخصية) : ٣٩٠
تغذية : ١٣ ، ١٥
، ١٦ ، ١٩ ، ٤٥
تغرية (المنى) :
١٦٠ ، ٣٠١ ، ٣٩٤
تغضن (الأذن) :
٢٩٠
تفحم : ٢١٥
تفريخ : ٨٠ ،
٣٩٩ ، ٤٠١ ، ٤١٧
|
|
تفسيح السبيل :
٣٠٢
تفصيل الأعضاء (للجنين)
: ٣٩٣
التفصيل (تفصيل
العين للمحسوس) : ٤٣١
تفقح : ٤٠٧
تفلفل (الشعر) :
٤٨ ، ٤٣١
تفليس (الجلد) :
٩٧ ، ٣٢٨
تفقأ (بيض الطير)
: ٨٥
تفويف : ٥٦
تقصع عظم الفخذ (الى
الانسى) : ٣٦٠
تقطيع الحروف (عند
الكلام) : ٢٦٢ ، ٢٧٢
تقعير : ١٧٥ ،
٣١١ ، ٣٣٥ ، ٣٣٦
تقلص : ٢٣٢
تقوم (الأعضاء)
: ١٧٠
تكاثف المادة (ويقابلها
نخلخل) : ٢٥١
تكافؤ (الأعضاء)
: ١٩٣
تكرج (الشعر) :
٤٣٢
تكلس : ٤٣٢
تلافيف (واستدارات)
: ٣٠٠
٣٠١ ، ٣٠٣
تلحين (الطير) :
٦٤ ، ٩٦ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٤٠
تليين (ويقابلها
تصليب) : ٢٣٦ ، ٢٥٤
تمحل : ٣٩٥
تمدد : ٢٣٢ ،
٢٧٨
تناسل : ٧ ، ٨
تنشق مائى : ٣
تنضد : ٢٧٧
تنفس نسيمى : ٣
تنفط (الجلد) :
١٠٧
التنمية : ٢٢٤
التنور (وبه
أعضاء التنفس) : ٢٧٦
تهندم ، هندام (العضو
على عضو
آخر ، فيقابل
التقعير التحديب) : ٣٠٨
|
تهندم (الأسنان
العالية على السافلة) : ٢٧٣ ، ٢٧٩
تهندم (طرف
الفخذ في حق الورك) : ٣٦٠
تهندم (الظلف
على الساق) : ٣٧٤
تهندم (العظام
في المفصل والتئامها) : ٣٣٣
تهندم الفقرات :
٣٤٧
توالد ـ تولد ـ توليد
: ١٧ ، ٤٥ ، ٧٥ ، ٨٦ ، ١٣٠ ، ١٥١ ، ١٦١ ، ٣٢٧ ، ٣٨٤ ، ٣٨٦ ، ٤٠٠ ، ٤١٩ ، ٤٢٢
توأم : ٩٢ ، ١٧٦
، ١٨١
التوتة : ٣١٢
توتير العضلة :
٢٥٩
التوتة : ٣١٢
توتير العضلة :
٢٥٩
التوثة : ٢٨٧
توثيق (العضو
بالأربطة) : ٢٣٤ ،
٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٨٥
توثيق المفاصل :
٣٤١
تورب : ٣١٣ ،
٣١٤
تورم : ٥٥
توريب (ويقابلها
استقامة) والضفة
«مورب» : ٢٤٠ ،
٢٤١ ، ٢٦٧ ، ٣٥٤
توسع (ويقابلها
ضيق) : ٢٧٩
تينية : ٧٨ ، ٨٠
، ٨٦
(ث)
الثبات (بالرجل)
: ٣٦٠
ثخين : ٣٠١
ثدى (اثداء) :
١٥ ، ٢٨ ، ٥٢ ، ٨٦ ، ١٤٢ ، ١٤٤ ، ١٦٣ ، ١٧٤ ، ١٨٤ ، ٣١٨ ، ٣٧٢ ، ٣٧٣
الثرب : ٣ ، ٣٤
، ٢٢١ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٣١١
ثرب شحمى : ٢٠٥
ثريا (فلك) : ٧١
ثفروق (العنب) :
٢٥٧
ثفل : ٥٧ ، ٢٠٧
، ٢١٣ ، ٢١٥ ،
|
|
٢١٦ ، ٢٩٥ ، ٢٩٩
، ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣١١ ، ٣٢٣
الثقبة العنبية (للعين)
: ٢٥٧
الثقبة العينية
: ٢٣٧ ، ٢٥٨
ثقب (الفقار) :
٣١٧ ، ٣٣٩ ، ٣٤٢ ، ٣٤٣
الثقبة الملولبة
(فى الأذن) : ٢٦١
ثقل الصوت : ١٤١
، ٤٣٢ ، ٤٣٣
ثقوب الشهد (فى
بيوت النحل) : ١٣٣
الثنايا (من
الأسنان) : ٢٧ ، ١٨٣
ثندوة : ٥٣
الثنى (من
الحيوان) : ٧٣
ثؤلول (ثآليل) :
٤٣
(ج)
جاسئ الجلد (الحيوان)
: ٩
الجانب الانسى :
٣٥٠ ، ٣٦٦
الجانب الوحشى :
٣٥٠
جبلة : ٨٠ ، ١٧٩
، ٢٠٣
جبنية : ٥٢ ، ٥٣
الجبهة : ٢٣٨ ،
٢٦٨ ، ٣٧٧
الجبين : ٢٠
جحوظ (العين) :
٦٣ ، ٤٣٠
جداول الأوردة :
٢٠٦
جدول العرق (جداول
العروق) : ٣١١
جدول الوريد (جداول
الأوردة) : ٢٠٦
جذب (الأعضاء
للغذاء) : ١٣ ، ١٨ ،
١٤٣ ، ١٥٠ ، ١٦٤
، ١٧٦ ، ١٧٧ ، ٣١١ ، ٤١١
جراحة (جراحات)
: ١٤٨
الجراد : ٣٨٥
جرادة الجلد :
١٢٠
جرم (العضو) :
٢٣٣ ، ٢٤٨ ، ٢٦٩ ، ٢٨٧ ، ٢٩٢
جرم سماوى (أجرام
سماوية) : ٤٠٣
الجرم الشبيه
بلسان المزمار : ٢٧٨
جرو (أجراء) :
٣٧٢ ، ٤١٥
|
جساوة : ١٢١
جسدانية : ٣٧١
جسم الفقرة (جسوم الفقرات) : ٣٤٥
جسوء الجلد (كما في بعض السمك) : ٢٦٠
جعودة (الشعر) : ٤٨ ، ٤٣١
جعودة الشعر (ويقابله سبوطة الشعر) :
٤٣١
جفن (أجفان) : ١١ ، ٢١ ، ٦٤ ، ١٢٨ ،
٢٣٨ ، ٢٥٩
جلد (جلود) : ٢ ، ٥ ، ٨ ، ٩ ، ٢٧ ، ٣٠
، ٤٧ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥٦ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٩٧ ، ١١٧ ، ١٢٨ ، ١٣٠ ، ١٣٨ ، ١٧٤ ، ١٩٣ ، ١٩٦
، ١٩٨ ، ٢٣٥ ، ٢٦٠ ، ٢٩٦ ، ٣٢٢ ، ٣٣١ ، ٤٠٨ ، ٤٣١
جلدى الأصابع (طير الماء) : ١٢٣
جلنار (نبات) : ١٣٦
جلود بين الأصابع (للسباحة) : ٣٨١
جليدية (العين) : ٤١ ، ٢٥٦ ، ٢٥٨ ،
٤٢٩
جمد (الماء الجمد) : ١٩٦ ، ٢٢٠
جناح (أجنحة) : ٥ ، ٨ ، ٩ ، ٥٥ ، ٥٧ ،
٥٩ ، ٦٠ ، ٦٣ ، ٨٠ ، ٨٢ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٣٣ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧
جناح (السمك) : ٣٨٣
جناح صفاقى (للمحززات) : ٩ ، ٣٢٩
جناح (الطائر) : ٣٨٣
جناح (الفقرة) : ٢٦٧ ، ٣٣٠ ، ٣٣٩
جنس (أجناس) : ٢ ، ٦ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٥٨ ،
٥٩ ، ٦٠ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٦٨ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٩٥ ، ٩٧ ، ١٠٣ ، ١١٠ ، ١١١ ، ١١٨
، ١٢٧ ، ١٢٩ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٦ ، ١٦٠ ، ١٧٤ ، ٢١٠ ، ٣٨٤
|
|
الجنوب (ريح الجنوب) : ٤٢٢
جنين (أجنة) : ١٦ ، ١٧ ، ٣٨ ، ٤١ ،
١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٨ ، ١٥٢ ، ١٦١ ، ١٦٢ ، ١٦٤ ، ١٦٥ ، ١٦٨ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ،
١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، ١٨٢ ، ٢٨٩ ، ٤٠١ ، ٤٠٥ ، ٤٠٨ ، ٤٢٦
جهارة (الصوت) : ٧٣ ، ٤٣٢
جوارح (الطير) : ٣٨٢ ، ٤١٣ ، ٤١٤
جواعر : ٤١٨
الجؤجؤ : ٣٧٢
جوف : ١٧ ، ٢٥ ، ٢٩ ، ٥٥ ،
٨٦ ، ٢٧٠ ، ٣٠٠
جوهر : ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٥ ،
٢٠٩ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢١٧ ، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ،
٢٣٣ ، ٢٣٦ ، ٢٤٧ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، ٢٧٧ ، ٢٨١ ، ٢٨٤ ، ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، ٣٠١ ، ٣٠٥ ، ٣٧٩ ،
٣٨٨ ، ٣٩٤
جوهر ريحى روحى : ٤١٨
جوهر صفراوى : ٣٢٠
جوهر غاذى : ٣٢٠
جوهر عصبى (كجوهر الرباطات) : ٣٩٠
(ح)
حاجب : ٢٠ ، ٢١ ، ٣٩ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٢٣٨
، ٢٥٣ ، ٢٦٠ ، ٣٧٦ ، ٣٧٧
الحار : ٧ ، ١٦٧ ، ٢٠٢ ، ٢١٩ ، ٢٢٣ ،
٢٩١
الحار الاسطقسى النارى : ٤٠٣
الحار بذاته (ويقابله الحار بنوع العرض)
: ٢٢٠
حار حجرى : ٢٠٢
حار غريزى : ٤ ، ٤٨ ، ١٠٣ ، ١٦٦ ، ١٧٣
، ٢٢١ ، ٢٢٥ ، ٢٥٠
|
حار مائى : ٢٠٢
الحار الهوائى :
١٠٣
حاس : ١٤ ، ١٩ ،
٢٢٣ ، ٢٩٨
حاسة (حواس) :
٦١ ، ٦٢ ، ٢٥٣
حافر (حوافر) :
٢٧ ، ٩٩ ، ١٠٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٧٤
الحالب : ٣١٨
حبسة (الكلام) :
٦٤
حبل : ٥٠ ، ٥٢ ،
٧٤ ، ١٠٩ ، ١٤٣ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ٤٢٦
حبل الذراع (وريد)
: ٣١٥
حبل على حبل :
١٨١
حبن (حبون) :
١٠٦
حجاب (حجب) : ١٧
، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٤١ ، ٦٣ ، ١٩٠ ، ٢٠٥ ، ٢٢٣ ، ٢٢٦ ، ٢٢٨ ، ٢٣٨ ، ٢٤١ ، ٢٤٣ ،
٢٤٤ ، ٢٨٠ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٢ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣١٥ ، ٣٢٢ ، ٣٤٦ ،
٣٥٢ ، ٣٩١ ، ٤٠٥ ، ٤٢٥
الحجاب الحاجز (ديافرغما)
: ٢٤٣ ، ٢٧٦ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨
حجابا الدماغ (الرقيق
، والصلب أو الغليظ) : ٢٢٦ ، ٢٣٣ ، ٢٥١
حجب الدماغ : ٢٠
حجر (الفرس
الأنثى) : ٩٠
حجر آجرى : ٢٠٢
حداثة (سن الحداثة)
: ٢٠١
حدبة (العضو
ويقابله التقعير) : ٣٠٨
حدة البصر (قوة
ادراك البعيد ، والقوة على تفصيل المحسوس) : ٤٣٠
حدبة الكبد :
٢٠٦ ، ٣١١
حدبة المعدة :
٣١١
حدة الصوت : ٤١
، ١٤٢ ، ٤٣٢
|
|
الحدث (من لم
يستكمل حرارته) : ٤٢٢
حدقة (العين) :
٢١ ، ٦١ ، ٢٣٧ ،
٢٥٦ ، ٢٥٨ ، ٢٦٠
حرارة طبيعية :
٤٣٢
حرارة غريزية :
١٣ ، ٣٩ ، ٤٨ ، ٥٠ ، ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢٠٥ ، ٢٩٤ ، ٣٠٩ ، ٤٣٢
حرارة معتدلة :
٢٠٧
حرارة مفرطة :
٢٠٧
حرارة مكتسبة :
٢٩٤
حرارة نارية :
٢٠٧
حراقة (رماد
المواد) : ٢١٦
الحرقفة (عظم
الحرقفة) : ٣٥٠
حركة ارادية :
٣٤٠ ، ٤٢٨
حركة التحديق (فى
العين) : ٤٣٠
حركة المضغ
والسحق : ٣٧٩
حركة مطبقة (للفك
، ويقابلها حركة فاغرة) : ٣٨٠
حركة منعطفة الى
خلف (للراس) ٢٦٦
حركة منتكسة (للراس)
: ٢٦٦
حر المزاج (ويقابله
برد المزاج) : ٢٢٤
حروف العظم
وحزوزه (ويقابلها النقر) : ٣٣٧
حز (العظم) :
٣٣٤
حس : ٨ ، ١٢ ،
١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٧ ، ١٩ ، ٤٥ ، ٤٧ ، ٦١ ، ٧٥ ، ١٧٠ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ،
٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٤١ ، ٢٤٥ ، ٢٥٥ ، ٢٧١ ، ٢٧٨ ، ٢٨٢ ،
٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٧ ، ٣٠٧ ، ٣١٤ ، ٣٥٩ ، ٣٧٩ ، ٤٢٨
حس بصرى : ٢٥٤
حس الذوق ، حس
ذوقى : ٢٣٨ : ٢٣٩ ، ٢٥٤
|
حس السمع : ٢٢ ،
٦١ ، ٦٢ ، ١٩٠ ، ٢٣٩ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٦١
حس شمى : ٢٥٤
حس اللمس : ١٩ ،
٤٢ ، ٩٣ ، ١٩٠
حساس : ١٢ ، ١٧
، ٢٢ ، ٤٧ ، ٥٩ ، ٢٢٤
حشيشة مرة (نبات)
: ١١٩
حصر (مرض) : ١٠٦
حضانة (البيض) :
٦ ، ٧٩ ، ٨٢ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ١٢٠ ، ٤٠١ حضن : ٨١
(حفيف جناح
الطائر) : ١٢٣
حق الفخذ : ٣٥٠
حق الورك : ٣٦٠
، ٣٦٧
حلق : ٢٢ ، ٣٦ ،
١٠٦ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩
حلمة (الثدى) :
٣٢ ، ٥٨ ، ٣٩٠
حلمة دماغية (يتم
بها الشم) : ١٩٠
حمائى التولد :
٧٤
الحمأة : ٣٨١ ،
٣٨٢
حمة (النحل) : ٩
، ٥٩ ، ١٣٢ ، ٣٢٩
حمل : ٩١ ، ١١٠
، ١٤٣ ، ١٨١ ، ٤٢٥
حملاق العين (ج
حماليق) : ١٠٤
حموضة : ٢١٥ ،
٢١٦
حمى الغب : ٢٠١
حمى يوم : ١٠٦ ،
١١٠
حنجرة : ١١ ، ٢٣
، ١٤١ ، ٢٣٦ ، ٢٤٠ ، ٢٤٨ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٩٣ ، ٣٠٧ ، ٣١٥
حنك : ٢٢ ، ٢٣٣
، ٢٣٨ ، ٢٧٨ ، ٣٢٣ ، ٣٧٦
حوصلة : ٣٦ ، ٣٧
، ٥٥ ، ٥٨ ، ١٢٣ ، ٣٢٣
|
|
حيز (أحياز) :
١٦٩
حيض (والواحدة
حيضة) : ٥٣ ١٦٧ ، ١٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨٤
حيوان انسى
بالطبع : ٦
حيوان انسى
بالقسر : ٦
حيوان بحرى :
حيوان البحر : ٨ ، ٢١ ، ٤٦ ، ٥٧ ، ٦١ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٩٠ ، ١٣٠ ، ٣٢٨
، ٣٧٥
حيوان برى : ٤ ،
١٠٨ ، ٣٧٥
حيوان بياض :
٣٩١
حيوان تولدى ـ
حيوان توالدى :
١٣٠
حيوان الحبل : (رطوبة
رقيقة تسيل من الرحم
بعد الولادة) :
٩٠
حيوان خزفى
الجلد : ٣٢٧ ، ٣٧٠ حيوان دموى : ١٩٠ ، ٢١٩ ، ٣٢١ ، ٣٧٥ ، ٣٨٤ ، ٤٠٠
حيوان شطى : ٤
حيوان صخرى : ٤
حيوان صدفى : ٥٩
الحيوان الصلب
العين (من المحززات) : ٣٢٩
حيوان صياح : ٦٤
حيوان طينى : ٤
حيوان غير مفقح (عند
ولادته) : ٤٠٧
حيوان لاصق : ٤
حيوان لجى : ٤
حيوان لين الجلد
: ٣٧٠
حيوان مائى (حيوان
الماء) : ٣ ، ٤ ، ٢٢ ، ٥٤ ، ٧٢ ، ٧٤ ، ٩٣ ، ٩٨ ، ١٣٧
حيوان متبرئ : ٤
حيوان محزز :
١٠٧ ، ٣٢٧ ، ٣٨٥
حيوان مشاء :
٣٢٨ ، ٣٧٢
حيوان مشقوق
الأصابع : ٣٧١ ، ٣٧٢
|
الحيوان المشقوق
الرجل (الى أصابع) : ٣٧٤
حيوان مضرور (كالخلد)
: ٦١
حيوان يبسى برى
: ٣ ، ٤ ، ٥
حيوانات ذوات
الدم ،
حيوانات عديمة
الدم : ٩
حيوانات مركبة :
٤٠٨
حيوانية : ١٥ ،
٤٢٣
(خ)
الخاصرة : ٢٨٨ ،
٣١٧ ، ٣١٨ ، ٣٥٠ ، ٣٥٤ ، ٣٦٥ ، ٣٦٧ ،
خانق الفهد (عقار
نباتى سام) : ١١٨
خثورة : ٥٣ ،
٤٠٢
الخد : ٢٣٩ ،
٢٦٨ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩
الخدمة المهيئة
،
الخدمة المؤدية
: ١٥
خراج (خراجات) :
٢٠٥
خرز (خرزات) :
٢٥ ، ٣٤ ، ٩ ،
خرز الصدر : ٣٤٥
، ٣٤٦
خرز ، خرزات (العنق)
: ٢٦٦ ، ٢٩٧ ، ٣٣٩ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٤ ، ٣٤٦
خرزات القطن :
٣٤٦ ، ٣٤٧
خرطوم (خراطيم) «الحشرات»
: ٩ ، ٥٥ ، ٥٨
خرطوم (الفيل) :
٤٨ ، ١١٥ ، ٢٦٣
الخروع (نبات) :
١٧٩
خزف (الحيوان) :
٥٤ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٧٠ ، ٧٢ ، ٧٥ ، ١٠٤ ، ٢٤٧ ، ٣٢٨
الخزفى الجلد
المفلس (من الحيوان) : ٢١ ، ٦٥ ، ٣٢١
خزفيات : ٥٧ ،
٦٠ ، ٧٥
خس برى (نبات) :
يقال أنه يشفى
من لسعة الحية)
: ١١٩
خشخاش (نبات) :
١٣٦
خشونة الشعر :
٤٣١
خشونة الصوت :
١٤١
|
|
خصية (خصى) : ٣٧
، ٤٩ ، ٦٠ ، ٩٠ ، ١٠٦ ، ٢٤٦ ، ٣٨٦ ، ٤٢١
خطم : ٩٨ ، ١٣٨
خف : ٢٥ ، ٢٧٠
خفاية الصوت (ويقابله
جهارة الصوت) : ٤٣٢
الخلاف (نبات) :
٨٨ ، ١٣٢ ، ١٧٩
خلط (اخلاط) : ٣
، ١٠ ، ٥١ ، ١٨٠ ، ١٨٩ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٧ ، ٢٠٥ ، ٢٠٧ ، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١٦ ، ٢٥٠ ،
٢٩٩
خلط سوداوى : ٣٦
خلط طبيعى : ٢١٧
خلط فضلى : ٢١٧
خلط محمود (ويقابله
خلط ردىء) : ٢٠٩
خلنجى (اللون) :
٨٤
خلوص الغذاء (عن
الشوب) : ٣٩٤
خلية النحل :
١٠٧ ، ١٢٠ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٣٦
خمل : ٢٥٨
الخنجرى (الغضروف
الخنجرى) : ٣١٣ ، ٣٥٢
خنازير : (أورام
تصيب الحيوان) : ١٠٦
الخنصر : ٣١٦ ،
٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٩ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩
الخوافض (عضل) :
٣٥٩
خياطات : ٢٥٧
خيشوم : ٤ ، ٤٣١
الخيف (فى العين)
: ٤٣٠
(د)
داء الفيل : ٣٦١
دابة (دواب) :
٦٩ ، ١٣٥
دواب البحر : ٦٩
دارصينى (نبات)
: ١٢٤
دافع (للفضل
السائل ، ويقابله
«القابل» ...) :
٣٢١
|
دافيون (رافيون)
: نبات : ١١٨
دبر (أدبار) :
٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦٠ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٣٠٧
دبرة : ١١٣
(الدبرة : قرحة
الدابة والبعير
والفعل دبر) :
دخانية : ١٩٩
درز : ٤٩ ، ٢٢٩
، ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٦٣ ، ٣٧٦ ، ٣٧٧
درز اكليلى :
٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٩٧
درز حقيقى (ويقابله
درز كاذب) : ٢٥٢
درر سفودى : ٢٥٢
درز سهمى : ٢٥٢
درز عرضى ، درز
طولى : ٢٥٣
درز قشرى (ليس
بغائص في العظم تمام الغوص) : ٢٥٢ ، ١٥٣
درز لامى : ٢٢٨
، ٢٤٠ ، ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٨٧ ، ٢٩٧ ، ٣١٥
دسومة : ٥٢ ،
٢٠٦ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧
دعامة : ١٠ ، ١١
، ٢٢٨ ، ٢٣٤ ، ٢٤٨ ، ٢٨٧
دغدغة : ١٦٠ ،
٣١٠ ، ٣٩٠ ، ٣٩٤ ، ٣٩٧
دفع (الثفل) :
٣٠٢
دفع الفضل : ٣ ،
١٣ ، ٢٢ ، ٤٨ ، ١٦٤ ، ١٨٣ ، ٢٧٠ ، ٢٧٨ ، ٢٩٨
دفعة (دفعات) :
١٧٦
دفق (للمنى أو
الفضل) : ١٦٠ ، ١٦٣
دفلى (نبات) :
٩٦
الدقاق : ٣٠١ ،
٣٠٤
دقل : ١٣٩
(خشبة طويلة يمد
عليها شراع السفينة) :
|
|
دقة الشعر (ويقابله
غلظ الشعر) : ٤٣١
دم : ٢١٨ ، ٢١٩
، ٢٢٠ ، ٢٢٥ ، ٢٣٣ ، ٢٩٥ ، ٣٠٩
الدم الأول (فى
الجنين) : ٤٠٥
دم شريانى : ٢٨٧
دم صرف : ٢٥٦
دم الطمث : ١٤٥
، ١٤٦ ، ١٥١ ، ١٥٤ ، ١٥٦ ، ١٥٧ ، ١٦١ ، ١٦٤ ، ١٧٤ ، ١٨٠ ، ١٨٥ ، ١٨٧ ، ٣٧٣ ، ٣٩٢
، ٣٩٦ ، ٣٩٩
دم غليظ (ويقابله
دم رقيق) : ١٩١
دم فضلى : ٥٢
دم لطيف بخارى :
٢٨٤
دم مرارى : ٣٢٦
دم نضيج (وهو
الصافى الجائى من القلب) : ٢٨١
دماغ (أدمغة) :
١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢٢ ، ٢٣ ، ٣١ ، ٣٤ ، ٤٠ ، ٤١ ، ٤٢ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٩
، ٦٢ ، ٨٠ ، ١٦٨ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ٢١١ ، ٢١٩ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ،
٢٢٦ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٤٤ ، ٢٤٩ ،
٢٥٠ ، ٢٥١ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٥٦ ، ٢٦٠ ، ٢٦٣ ، ٢٨٧ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٧ ، ٣١٥ ، ٣٣٠ ،
٣٣٨ ، ٣٧١ ، ٣٨٠ ، ٤٠٣ ، ٤٠٨ ، ٤١٠ ، ٤٣٢
دماغى المنشأ :
١١
دمل (دماميل) :
٢٠٥
دموية : ١٦٨ ،
١٧٢ ، ١٧٥ ، ٢٠٦ ، ٢٧٦ ، ٣٢٧
دواب البحر :
٣٢٦
الدوالى : ٣٦١
|
دوف : ١٤٤
داف الشىء دوفا
خلطه ، وهو مدوف وأكثر ذلك في الدواء والطيب).
دهن : ١٠٧ ، ١٦٠
، ٢١٦
دهنية : ٤٨
ديافرغما (الحجاب
الحاجز) : ٢٩٧ ، ٢٩٨
الديدان : ٣٨٢
الديدان والحيات
(التي في البدن) : ٣٠٥
(ذ)
الذبحة : مرض
يصيب الحلق : ١٠٦
ذبول (زمان
الذبول) : ٣٩٥
ذرق : ١٢٠ ، ١٧٦
، ١٧٧
ذرق المنى : ٣٨٧
الذقن : ٣٨١
ذكر (ذكران) :
٢٨ ، ٥٥ ، ٦٨ ، ٧٩ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٨٢ ، ٣٨٤
ذنب (أذناب) : ٢
، ٩ ، ٢٦ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٦ ، ٥٦ ، ٦٩ ، ٩٠ ، ١٢٧ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ٣٧٣ ، ٣٧٤ ،
٣٧٦ ، ٣٨٣
ذو الحافر (من
الحيوان) : ٣٧٢ ، ٤٢٤
ذو الخف (من
الحيوان) : ٣٧٢
ذو الظلف (من
الحيوان) : ٣٧٢ ، ٣٧٤
ذوات الحافز :
٢٨ ، ٣٧٣ ، ٤٢٥
ذوات القرون :
٣٨ ، ١٤٠ ، ٣٢٣
ذوات الابر (من
المحززات) : ١٣١
ذوات المخلب (ذوات
المخالب) : ٨٣ ، ١٠٥ ، ١٤٠
ذوات الأربع (من
الحيوان) : ٧ ، ٢٦ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٥ ، ٥٣ ، ٦٤ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٨٩ ، ٩١ ، ٩٧ ، ١٠٣ ،
١٠٨ ، ١٨٢ ، ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٢٦٥ ، ٣٧٢ ، ٣٧٣ ، ٣٨٣ ، ٤١٩
|
|
ذوات الأنثيين :
٣٨٧
ذوات الرجل
المشقوقة : ٤٢٤
ذوات الزبانيات
المائية : ٣٧٠
ذوات النطق :
٤٠٢
ذوات تلافيف
المعاء : ٣٢٣
الذوب : ٣٩٥
(ر)
رئة : ١٢ ، ١٥ ،
٢٢ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٢٤ ، ٣٥ ، ٦٣ ، ٧٥ ، ١٠٦ ، ١٧٥ ، ١٩٠ ، ٢٣٥ ، ٢٤١ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣ ،
٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٢ ، ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، ٢٨٨ ، ٣٠٩ ، ٣١٢ ، ٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٣٤٨ ، ٣٧١ ، ٣٧٢ ،
٤٠١
رأس (رءوس) : ٢٠
، ٢١ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٤٠ ، ٤٧ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦٠ ،
٦٩ ، ٨٠ ، ٨٤ ، ٩٨ ، ١٣٦ ، ١٤٨ ، ١٧٠ ، ١٧٨ ، ١٨١ ، ١٨٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٤٢ ، ٢٥٠
، ٢٥١ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٦٢ ، ٢٦٦ ، ٢٨٦ ، ٣٣٨ ، ٣٥١
رأس السن : ٢٧١
رأس العضد (عظم)
: ٣٥٤ ، ٣٥٦
رأس العضلة :
٢٥٨ ، ٣٥٤
رأس العظم : ٣٦٢
رأس الفخذ : ٣٥
، ٣٦٨
رأس الكتف : ٣٥٢
، ٣٥٣
رائحة حامضة :
٦٢
رائحة الحرافة
الدخانية : ٦٢
رائحة مالحة :
٦٢
راحة (اليد) :
١٧٨ ، ١٩٦ ، ٣٣٦ ، ٣٦٩
|
رباط (رباطات ،
أربطة) ١١ ، ١٢ ، ٣٧ ، ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤٢ ، ٢٧٧ ، ٣٠١ ، ٢٣٢ ،
٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٥ ، ٣٨٧ ، ٣٩٠
الرباعية (من
الأسنان) : ٢٧ ، ٣٧٦
الربع : (أن
تحبس الابل عن الماء أربعا ثم ترد الخامس) : ٩٩
رجل (أرجل) : ٢
، ٤ ، ٥ ، ٨ ، ٩ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ٢٨ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٣ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٣٩ ، ٥٥ ، ٥٦ ،
٥٩ ، ٦٠ ، ٦٧ ، ٧٠ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٦ ، ١٢٣ ، ١٣٠ ، ٣٦٠
رجل مؤخرة (ويقابلها
رجل مقدمه) : ٣٧٢
الرحا : ١٨٧ ،
٤٢٦
رحم (أرحام) :
١٥ ، ١٧ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٤١ ، ٦٥ ، ٨٦ ، ٨٩ ، ٩٢ ، ١٤٠ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ،
١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٤ ، ١٦١ ، ١٦٢ ، ١٦٣ ، ١٦٧ ، ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، ١٧٩ ،
١٨٢ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ٢٤٦ ، ٢٨٩ ، ٣١٨ ، ٣٥٠ ، ٣٧٣ ، ٣٨٤ ، ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، ٣٩٠ ،
٣٩٣ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٩ ، ٤١٠ ، ٤١٧ ، ٤٢٠ ، ٤٢٥
رخامة الصوت :
١٢٢
ردف (أرداف) :
٢٨٢ ، ٣٨٢
الرسغ : ١٠٦ ،
٢٤٩ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٥٦ ، ٣٨٥ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩
الرسغيات : ٣٥٧
رسوب سوداوى (للطحال)
: ٣٠٨
رصاص (عنصر) :
٢١٩
|
|
الرضفة (ـ عين
الركبة) : ٣٦٢ ، ٣٦٦
رطوبة (رطوبات)
: ٧ ، ٨ ، ٣٤ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥١ ، ٥٢ ، ٥٦ ، ٥٩ ، ٧٤ ، ٨١ ، ٨٦ ، ٩٧ ، ٩٨ ، ١٠٠ ،
١٣٣ ، ١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ١٤٧ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٦٠ ،
١٦١ ، ١٦٧ ، ١٧٣
، ١٧٤ ، ١٧٦ ، ١٧٧ ، ١٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ،
٢٠٤ ، ٢٠٩ ، ٢١٠
، ٢١٤ ، ٢١٩ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٥ ، ٢٢٧ ، ٢٣٣ ، ٢٥٥ ، ٢٥٦ ،
٢٥٧ ، ٢٦٠ ، ٢٦٣
، ٢٧٦ ، ٢٩٨ ، ٣٩٠ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠ ، ٤٠٨ ، ٤٢٦ ، ٤٢٩
الرطوبة البيضية
(فى العين) : ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٤٣٠
الرطوبة البيضاء
(فى البيضة) : ٣٩٠
رطوبة خلطية :
٢١٠
رطوبة غبرة (فى
الشعر) : ٤٣٢
رطوبة غريبة :
٢٠٤ ، ٢٠٨
رطوبة غريزية :
١٩٩
رطوبة فضلية :
٢١٠
رطوبة لزجة
مخاطية : ٣٠١ ، ٣٣٧
الرطوبة المائية
(فى العين) : ٢١١ ، ٢٥٥ ، ٣٠١
رعاف : ٥١ ، ٢٠١
الرغوة الصفراوية
(للمرارة) : ٣٠٨
الرقبة : ٣٥١
رقة (ويقابلها
الغلظ) : ٢٥١
ركبة : ١٧٨ ،
٢٤٦ ، ٣٦٤ ، ٣٦٥ ، ٣٦٧ ، ٣٨٢
رمادية : ٢١٢ ،
٢١٤ ، ٢١٦
رهاق (سن الرهاق)
: ١٤٢
رواضع (سواقى
جداول الأوردة) : ٢٠٦
|
روح : ١٢ ، ١٣ ،
١٥ ، ١٦ ، ١٨ ، ٢٣ ، ٥٣ ، ٦٣ ، ١٦٠ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٦ ، ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ،
١٧١ ، ١٨٣ ، ١٩٤ ، ١٩٨ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٣٠ ، ٢٣٧ ، ٢٥٨ ، ٢٧٥ ،
٢٨١ ، ٢٨٤ ، ٢٨٧ ، ٢٩٥ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣٠٩ ، ٣٨٧ ، ٣٩٧ ، ٤٠٢
روح بخارى : ٢٠٤
روح حساس : ٢٣٠
روح نفسانى :
٢٢٦ ، ٢٣٠ ، ٤٠٤
روز : ١٢٨
ريح الجنوب ،
ريح الشمال : ١٢٠
ريح روحى (فى
النطفة) : ٤٠٤
ريح فضلى نفخى (فى
النطفة) : ٤٠٤
الريش : ٣٢٢ ،
٣٨٣
(ز)
زائدة الفقرة (وهي
اما الشاخصة الى فوق ، واما الشاخصة الى أسفل) : ٣٣٩
زائدة (زوائد) :
٥٨
زوائد شعرية
دبقة (فى الضفدع البحرية) ١٢٩
زائدتان حلميتان
(فى الدماغ ، ويكون بهما الشم) : ٢٢٨ ، ٢٣٦
الزائدتان
الشامتان (فى الأنف) : ٢٦٢
زاج (مادة أكالة
مذيبة) : ٢١٩
زاوية ـ نقطة
الزاوية : ٢٥٢
زبانى (وهما
زبانيان ، والواحدة زبانية) : ٥٦ ، ٥٧ ، ٩٥ ، ٣٧٠
زبب : ٢٦
زبدى الجوهر (مثل
المنى) : ٤٠٢
زبدية (المنى) :
١٧٢
زبل (السمك) :
٣٢٣ ، ٣٢٥
زبل (الطير) :
٣٧ ، ١١٨ ، ١٢٥ ١٣٥
الزجاجية (الرطوبة
الزجاجية بالعين) : ٢٣٧ ، ٢٥٦
|
|
زرد تزريد (والصفة
: مزرد) : الزرد تدخل حلق الدرع بعضها فى بعض ، والزردة حلقة الدرع
(لسان العرب) :
٢٣١ ، ٢٣٢
الزرع : ٨ ، ٣٧
، ٥٣ ، ٥٥ ، ٦٩ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ١١٠ ، ١٨٦ ، ٨٧ ج ، ٤١٣
الزرعان (زرعا
الذكر والأنثى) : ١٨٦ ، ١٨٧ ، ٤١٣
زرع (الأنثى (كما
يقال) : ٣٨٩ ، ٣٩٨ ، ٤٠١
زرع (الحيوان
الذكر) : ٣٨٨ ، ٣٩٢ ، ٣٩٨ ، ٤٠١
زرق (البول) :
٢٩٥
زرق المنى : ٣٨٨
، ٣٩٧ ، ٤٠٥ ، ٤٠٩
الزرقة (فى
العين) : ٤٢٩
زرنيخ ، زرنيخ
أحمر : ٦٢ ، ١٠٧
زكام : ١٠٧
زمكى : ١٤٠
زمن (قدم زمنة)
: ٣٦٨
زنجفرى (لون
زنجفرى) : ٢٩
الزند الاسفل ،
الزند الأعلى : ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٣٣ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨
زوائد البدن (كالشعر
والظفر) : ٢٠٨
زوائد مفصلية (شاخصة
الى فوق أو الى أسفل) : ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧
الزوج (عظمان
صلبان يستران العضل المارة في الصدغ وهما في طول الصدغ على الوراب) : ٢٥٤ ، ٣٨١
زوجية : ٢٢٦
الزور : ٢٩٦
الزورقى (من
عظام القدم) : ٣٦٣
(س)
الساعد : ١٩ ،
٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٩ ، ٣١٦ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، ٣٥٥ ، ٣٦١
|
الساق : ١٩ ، ٢٧
، ٣١ ، ١٤٠ ، ٣١٩ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٥ ، ٣٦٨ ، ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، ٣٨٢
السبابة (اصبع)
: ٣١٦ ، ٣٣٦ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٦٨
سباغ الطير :
٤١٤
سبب تمامى : ٢٠٧
، ٤١٣
سبوطة الشعر :
٤٣١
سبيل الثفل (من
القناة الهضمية). ٣٧ ، ٢٣٩ ، ٣٩١
سحنة : ٧٣
سخافة (المادة)
: ١٨ ، ١٠٣ ، ٤٢٢
سدة (فى الامعاء)
: ٢١٣
السدى (نسج
العنكبوت) : ١٣١
سذاب (نبات) :
١١٩
السرسام (من
الأسقام) : ٣٨٠
السرم (وهو
المستقيم) : ٣٠١ ، ٣٠٦ ، ٣٥٠
السرة : ٣٠ ، ٨١
، ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٨٢ ، ٢٨٩ ، ٤١٦
سعتر (نبات) :
١٣٥
سعتر جبلى (نبات)
: ٦٢
سفاد : ٦ ، ٢٨ ،
٣٧ ، ٣٨ ، ٥٠ ، ٥٥ ، ٦٤ ، ٦٦ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٧٤ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٧
، ٨٨ ، ٩٠ ،
٩١ ، ٩٥ ، ٩٩ ،
١٠٢ ، ١٥٧ ، ١٨٧ ، ٣٨٤ ، ٣٩١ ، ٣٩٣ ، ٤١٥ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤٢٣
سف (الحيوان
للعلف) : ٢٦٤
سفلانى : ٣٥٠
السقط : ١٧٣ ،
١٨١
سقوط الاسنان :
٢٠٠
سكر (الوعاء
الدموى) : ٢٨٦
سلاء (سلى) :
١٧٣
سلاسة (الحركة)
: ٢٨٥
سلاسة (المفصل)
: ٣٤١
السلامة (ويقابلها
المرض) : ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٧٥
|
|
سلامى (سلاميات)
: ٢٤٨ ، ٣٣٧ ، ٣٦٤
السمع : ٤٣١
سن (أسنان) : ٢٢
، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٧ ، ٤٨ ، ٥٠ ، ٥٢ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦٦ ،
٩٢ ، ٩٨ ، ١٠٠ ، ١١٩ ، ١٣٨ ، ١٨٠ ، ١٨٣ ، ٢٢١ ، ٢٣٨ ، ٢٧٠ ، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ٢٧٤ ،
٣٢٣
سن (أسنان) : «أعمار»
: ٢٠٠
السن (زائدة
طويلة في الفقرة العنقية الثانية) : ٣٤٣ ، ٣٤٤
سن المتكهلين : (سن
الانحطاط مع بقاء من القوة) : ٢٠٠
سن الحلم (أسنان
الحلم) : ٢٧١
سن الشباب : ٢٠٢
سن الشيوخ : (سن
الانحطاط مع ظهور الضعف في القوة) : ٢٠٠
سن الفتيان ،
ويشمل : أسنان الطفولة ، الصبا ، الترعرع ، والغلامية ، والرهاق ، والحداثة ، والفتاء)
: ٢٠٠
سن النمو : ٢٠٠
سن الوقوف : (سن
الشباب) : نحو ٣٠ سنة : ٢٠٠ ، ٢٠٣ ، ٢٧٠
سنام : ٢٧
سنسنة (الفقرة)
: ٢٤٣ ، ٢٤٨ ، ٢٦٧ ، ٢٦٩ ، ٣٣٠ ، ٣٣١ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥
، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٧٨
سوء استمرار (الغذاء)
: ٢٠٣
سوء الهضم : ٢٠١
سواقى جداول
الأوردة : ٢٠٦
السواكن (العروق
السواكن) : ١٧٤
السوداء : ١٥٢ ،
١٦٠ ، ٢٠٧ ، ٢١٠ ، ٢١٢ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٣١٠
|
سيسنبر (نبات) :
١٣٦
سيلان (المنى) :
٣٩٠ ، ٣٩٤
(ش)
شاب : ٢٠٤
شاب منصف : ٤٢٢
شامة : ٣٩٢
شأن (شؤون) :
دروز أو أوصال
عظام القحف :
٢٢٩ ، ٢٤٩ ، ٢٥١
شئون (عظام
الرأس) : ٢٠ ، ٤٧ ، ٤٨
شباب : ٢٠٢
شبح (أشباح) :
المبصرات التي
تتصور : ٢٢٧ ،
٢٣٧ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧
الشبق : ٦ ، ٧٠
، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩١ ، ١٢٢ ، ٤١٥
شبق (الاناث) :
٤٢٦
شبق الطير (للاناث
والذكور) : ٤٢٥
الشبكة (تحت
الدماغ) : ٢٨٧ ، ٢٨٩
الشبكة المشيمية
(فى الدماغ) : ٣١٥
الشبكى (فى
العين) : ٢٥٦
الشبكية (فى
العين) : ٢٥٧
شحم ، شحيم : ٣
، ١٧ ، ٣٤ ، ٣٧ ، ٥١ ، ١٩٨ ، ٣٩٥ ، ٣٩٧
شحمة (الأذن) :
٢١ ، ٢٦١
شحمية : ٢٢٢ ،
٢٩٤
الشدق : ٥٠ ،
٢٧٢
الشراسيف : ١٠
الشرج : ٣٠٦
الشرى (مرض جلدى
، والفعل يشرى) ٩٧
شريان (شريانات
، شرايين) ١٢ ، ١٥ ، ١٧ ، ١٨ ، ٤١ ، ٤٥ ، ١٤٨ ، ١٥٢ ، ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ٢٤١ ،
٢٥١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٩٦ ، ٣١٢ ، ٣٢٧
شريان سباتى :
٢٨٦
|
|
شريان الكبد :
٣٢٠
الشريان الوريدى
: ٢٤ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٤ ، ٢٨٦
شعب (العصب
والعروق) : ٢٤ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٢ ، ١٧٥ ، ٢٣٣ ، ٢٣٨
شعر (شعور) : ٨
، ٢٠ ، ٢٢ ، ٢٦ ، ٢٩ ، ٣٢ ، ٤٧ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥٢ ، ٦٦ ، ٨٠ ، ٩٧ ، ٩٨ ، ١٣٨ ،
١٤٣ ، ١٦٥ ، ١٨٤
الشعرى (فلك) :
١٠٥
شفر (أشفار) :
٣٠ ، ٣٢ ، ٤٨ ، ٢٥٩ ، ٣٨٣
شفة : ٢٩ ، ٢٣٨
، ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ٣٧٨ ، ٣٨٩
الشقرة (فى لون
الشعر) : ٤٣١
الشم : ٤٣١
شمع (النحل) :
١٠٧
الشهلة (فى
العين) : ٤٢٩
الشهوة الكلبية
: ٢٠١
شوك (الصلب) :
٣٣٨
شوك الفقار :
٢٢٢ ، ٢٤٢ ، ٣٣٩ ، ٣٤٣
شوكة الحية : ٣٧
شيخ (مشايخ) :
٢٠٤
(ص)
الصائم : ٣٠١ ،
٣٠٣ ، ٣١١
الصئبان (بيض
القمل) : ٦٧
صبب (المنى) ،
صبة المنى : ١٧٧ ، ١٨٦ ، ٣٩٠
الصبب (شدة
الميل) : ١١٤
الصبى : ٤٢٨
صدام (داء يأخذ
رءوس الدواب) : ١٠٦
صدر : ١٧ ، ٢٣ ،
٢٥ ، ٢٨ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٦ ، ٤٨ ، ٦٠
الصدغ : ٢٠ ، ٤٨
، ٨٧ ، ٢٣٨ ، ٢٥٤ ، ٢٨٦ ، ٣٨٠
صدف الحيوان (أصداف
...) : ٣ ، ٤ ، ٥٤ ، ٥٧ ، ٥٩ ، ٧٥ ، ٩٣
|
صرصرة (العقعق)
: ١١٢
الصرع : ١٤٢
صرير (صوت حيوان
، كما للمشط : ٦٣
صعتر جبلى (نبات)
: ١١٩ ، ١٢٠
صفاق : ٢٣٨ ،
٢٥٧ ، ٢٨٤ ، ٢٨٧ ، ٢٩٢ ، ٢٩٥ ، ٣٠٠ ، ٣١٣ ، ٣١٥ ، ٣١٨ ، ٣٢٣
صفاوة : ٣٠١ ،
٣٠٤
الصفراء : ١٥٢ ،
١٦٠ ، ١٦١ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ٢٠١ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢١٠ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢١٩ ،
٢٢١
صفرة (البيض) :
٨٠ ، ٨١ ، ١٤٥ ، ٣٩٧ ، ٤١٦
الصفن : ٣٨٩
صفيق (ويقابله
رقيق) : ٢٥٥
صقيع (الديك) :
١٠٠ ، ١٢٢ ، ١٣٩ ، ١٤٠
(الصقع : رفع
صوت الطير ، صقع الديك : صاح).
الصلابة (ويقابلها
اللين) : ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، ٢٣٨ ، ٢٤٨ ، ٢٥١ ، ٢٥٤ ، ٢٧٧ ،
الصلب (فقار
الظهر) : ٢٤٣ ، ٢٨٥ ، ٢٨٨ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٢٩٧ ، ٣٠١ ، ٣١٧ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٤٠ ،
٣٤٢ ، ٣٤٧ ، ٣٥١ ، ٣٩٠
الصلع : ٤٣٢
صماخ (الأذن) :
٢٢ ، ١٩٠ ، ٢٠٨ ، ٢٣٩ ، ٢٦١
صنوبرى (لون
صنوبرى) : ١٢٤
صنوبرية (من حيث
الشكل) : ٢٨٣
الصهوبة (فى لون
الشعر) : ٤٣١
صهيل (الفرس) :
٢٩
صياح (الحيوان)
: ٦٣ ، ٦٤
|
|
(ض)
الضارب الوريدى
: ٢٨٩
الضبع (ضبعان) :
٤١٨
ضحك كزازى : ٣٢٢
ضربان (الشرايين)
٢٨٤
ضرس (أضراس) :
٢٩ ، ٣٠ ، ٥٧ ، ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٣٧٦
الضرع : ١٨١
ضفدع : ٤١٧
ضلع (ج. أضلاع ،
ضلوع). ١٠ ، ١٧ ، ٢٣ ، ٣٠ ، ٣٦ ، ٤٦ ، ١٧٣ ، ١٨٣ ، ٢٣٦ ، ٢٦٤ ، ٢٨٦ ، ٢٨٨ ، ٢٩٧
، ٣٠٨ ، ٣١٣ ، ٣٣٩ ، ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣
الضوارب (العروق
الضوارب) : ١٧٤ ، ٣١٥ ، ٣١٧
(ط)
الطالعان (عرقان
عظيمان يتوجهان الى الكليتين) : ٣١٧
طباع (الحيوان)
: ٣٨٤
طبخ (أعضاء
الغذاء للمواد) ٣٥ ، ١٥٠
طبيعة : ٢٠٢ ،
٢٠٣ ، ٢١٠ ، ٢١٤ ، ٢٢٢ ، ٢٧٤ ، ٢٩١ ، ٣٠٥ ، ٤١٥
الطبيعيات : ١ ،
٢٥ ، ٤٣٣
طحال : ١٢ ، ٣١
، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ٣٠٢ ، ٣٠٦ ، ٣٠٨ ، ٣١١ ، ٣٢١ ، ٣٢٧ ، ٣٤٨
طحلب (طحالب) :
نبات : ٧٤ ، ٨٨ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ٢٠٥ ، ١١٥ ، ٢٣٥ ، ٢٨٩ ، ٢٩١ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ،
٢٩٧
طحلب رملى حمائى
: ٧٤
الطرجهالى (غضروف
في الحنجرة) : ٢٤٠ ، ٢٧٩
طرف (أطراف) :
٢٦ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٥٠ ، ٥٧ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ٣٧٠ ، ٣٧٨
|
طروخانطير
الأعظم (الزائدة الكبرى الوحشية لرأس عظم الفخذ) : ٣٦٥
طعم : ٥ ، ٥٥ ،
٧٥ ، ٨٤ ، ٩٣ ، ٩٤ ، ١١١ ، ١١٢ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ٢٦٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٢
طفر (المحززات)
: ٣٢٩
الطل : ١٠٠
الطلق (فى
الولادة) : ٩١ ، ١٨٢
الطمث : ٩١ ،
١٤١ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٤٥ ، ١٥٦ ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ١٨٥ ، ١٨٧ ، ٣٩٦ ، ٣٩٨
طنين (الذباب ـ النحل
من الصوت) : ٢١ ، ٦٣ ، ٨٤ ، ١٣٢ ، ٢٦١
طوق (العصفور
الذكر ، وهو طائق والفعل تطوق) : ١٢١
الطير : ٣٢١ ،
٣٢٢ ، ٣٨١ ، ٣٩١
طير لاقط طير
مستزق : ٤١٤
(ظ)
ظبية : ٨٩
(الظبية الحياء
من الأنثى وكل ذى حافر) :
ظفر (أظافر ـ أظافير)
: ٢٦ ، ٢٧ ، ٣٠ ، ٤٧ ، ٢٤٧ ، ٣٣٧ ، ٣٧٤ ، ٣٩٢ ، ٤٠٨
ظلف (أظلاف) : ٣
، ٢٧ ، ٢٩ ، ١٠٦ ، ١٣٨ ، ٢٢١ ، ٢٤٨ ، ٢٧٤
ظلف مخلبى (كما للنعامة)
: ٣٨٣
ظهارة : ٢٩٦
(ع)
العاقوف : ١١٤
(آلة يروض بها
الفيل الوحش) :
العالم الأكبر :
١٧٠
العانة : ٢٣ ،
٢٦
العجز : ٢٤٦ ،
٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٣٥٠
عرق (عروق) : ٣
، ١٧ ، ٢٣ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤١ ، ٤٢ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٦ ،
|
|
٥١ ، ٥٢ ، ٨٠ ،
٩١ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥٢ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٦٧ ، ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٨٢ ،
١٨٥ ، ١٩٦ ، ١٩٨ ، ٢٢٨ ، ٢٣٣ ، ٢٤٣ ، ٢٤٦ ، ٢٥١ ، ٢٨٨ ، ٣٠٩ ، ٣٦٠
العرق الأعظم :
٨١
عرق ساكن (عروق
ساكنة) : ١٩٨ ، ٢٢٩ ، ٢٤٥ ، ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٣٠٨
العرق السباتى :
٢٣٧ ، ٢٤٠ ، ٢٤٣
عرق ضارب : ١٩٨
، ٢٢٩ ، ٢٤٥ ، ٢٧٧ ، ٢٨٤ ، ٢٩٥ ، ٣٠٩
(عرق غير ضارب :
٢٩٥)
العرق الطحالى :
٣١١
العرقان
العظيمان الصاعدان (الى الدماغ) : ٢٢٦ ، ٢٣١
عرق ليفى أو
شعرى : ٢٠٦
عرق ماساريقى (عروق
ماساريقية) : ٣٠٣
عرقية : ١٥٢
عرمض (نبات) :
٨٤ ، ٨٨
عسر الحبل عسر
الولاد : ١٨١ ، ١٨٢
العشر : (ورد
الابل الماء اليوم العاشر) ٩٩
عصب ـ عصبة (أعصاب)
: ٢ ، ٨ ، ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٤ ، ١٧ ، ٢٢ ، ٣٨ ، ٤٠ ، ٤٢ ،
٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧ ،
٥١ ، ١٤٧ ، ١٥٠ ، ١٧٦ ، ١٩٠ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٨ ، ٢٢٢ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ،
٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٢٤١ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٥٢ ، ٢٥٦ ، ٢٥٩ ،
|
٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٣٠٧ ، ٣٠٨ ، ٣٢٠ ، ٣٢١
، ٣٣٤ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٤٣ ، ٣٤٧ ، ٣٦٠ ، ٣٧٤
عصب الحركة :
٢٢٧ ، ٢٣٦
عصب الحس (عصب
حسى) : ١٩٩ ، ٢٢٧ ، ٢٣٦
عصب دماغى ـ عصب
الدماغ : ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٤٤ ، ٢٥٢ ، ٢٩٣
العصب الراجع (فى
الحنجرة) : ٢٤٠ ، ٢٤١
عصب السمع : ٢٣٩
عصب الصدغين :
٢٣٩
عصب العجز (أعصاب
العجز) : ٢٤٥
عصب العين : ٢٣٨
عصب الفخذين
والرجلين : ٢٤٥
عصب فرد : ٣٤٧
العصب الفقارى :
٢٤٢
عصب القطن : ٢٤٥
عصب محرك (أعصاب
محركة) : ٢٣٣
العصب النخاعى
العجزى : ٢٤٦
عصب اليدين :
٢٤٥
عصبانى (عضو
عصبانى) : ١٩ ، ٣٥٦
عصبانية : ٢٤٧ ،
٣٥٦
العصبتان
المجوفتان (ويمدان العين من وراء المقلة) : ٢٢٣ ، ٢٢٥ ، ٢٥٨
عصبية : ٢٩٣
العصعص : ٢٤٦ ،
٣٢٠ ، ٣٤٧ ، ٣٦٥
العضد : ٤٦ ،
٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٣٠ ، ٣٣١ ، ٣٣٤ ، ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٧٢
عضل : ٢٢٥ ، ٢٧
، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٥٨ ، ٢٦٠ ، ٢٦٤ ، ٢٦٦ ، ٢٦٧
، ٢٦٩ ، ٢٨٠ ، ٢٩٤ ، ٢٩٦ ، ٣٠٧ ، ٣٥١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ،
|
|
٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧
، ٣٥٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٤ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ٣٨١ ،
٣٨٧
عضل آلة البصر :
٢٥٥
عضلة الابهام :
٣٥٧
عضل الأذنين (فى
الحيوان) : ٢٤٢ ، ٢٤٣
عضل الاصابع :
٣٦٩
عضل الأضلاع :
٢٤٥
عضلة انثناء :
٣٥٢
عضلة انحناء :
٣٥٢
عضلة انعطاف :
٣٥٢
عضل باسطة : ٣٥٢
، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٤ ، ٣٦٦
عضلة باطحة :
٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧
عضل البطن : ٢٤٥
، ٢٩٤ ، ٢٩٦ ، ٣٥٢
عضل ثانية (للصلب)
: ٣٥١
عضل حانية (للصلب)
: ٣٥١
عضل الحلق وأصل
اللسان : ٢٤٠
عضل الحنجرية :
٢٤٠
عضل خافضة : ٣٥٩
، ٣٦٧
عضل الخد : ٢٤٣
العضلة ذات
الرأسين : ٣٥٤ ، ٣٥٥
عضل الرأس : ٢٤٢
، ٢٤٤
عضل الركبة :
٢٤٦
عضل الشد والجمع
: (وتمتد تحت أصول الأضلاع) : ٣٥٢
عضل الشفة : ٢٦٩
عضل الصدر : ٣٥٣
عضل الصدغين :
٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٤٣
عضل الصلب : ٢٤٥
عضل العانة :
٢٤٦
العضلة العريضة (للكتف)
: ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤٢
عضل العضد : ٣٥٣
العضلة العظيمة (للعضد)
: ٣٥٤
عضل العين : ٢٣٩
العضلة الفاتحة
للعين : ٢٦٠
|
عضل الفخذ : ٣٦٤
عضل فغر (الفك)
: ٣٨١
عضل قابضة (ويقابلها
الباسطة) : ٣٥٢ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٦٥ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨
عضل الكتف : ٢٤٠
، ٢٤٥ ، ٣٥٩
عضل اللسان :
٢٦٤
عضل الماضغين :
٢٣٨
عضلة المثانة :
٢٤٦
عضلة مثنية :
٣٥١
عضل محركة : ٣٥١
، ٣٥٢ ، ٣٥٥ ، ٣٦٨ ، ٣٨٧
عضل مدسوس : ٣٥٢
عضل مديرة : ٣٦٤
، ٣٦٦
العضل المستبطنة
(للصلب) : ٢٤٥
عضل مشيلة : ٣٦٧
عضل المضغ : ٣٨١
عضل مطبقة (للحنجرى)
: ٢٨٠
عضل معينة (على
دفع الفضل) : ٣٠٧
عضل مقربة : ٣٦٤
عضل المقعدة :
٢٤٦
عضل مقلبة (للرأس
الى خلف ، .. للرأس مع العنق) : ٢٤٢ ، ٢٦٦ ، ٢٦٧
عضل المقلة :
٢٣٧ ، ٢٥٨
عضل مكبة : ٣٥٥
، ٣٥٦
عضل مميلة (للصلب)
: ٣٥١ ، ٣٥٧ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦
العضل المنتكسة (فى
الحنجرة) : ٢٤٠
العضلة المنفرشة
(على باطن الراحة) : ٣٦٨
عضل منكس للرأس
ـ عضل تنكيس الرأس : ٢٤٣ ، ٢٦٦
عضو (أعضاء) : ٢
، ٧ ، ٨ ، ١٠ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٧ ، ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٩ ، ١٩٠ ، ٢٠٤ ، ٢٠٩ ،
٢٢٥ ، ٢٣٣ ، ٢٣٥ ، ٢٤٨ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٨١ ، ٢٩٠ ، ٢٩٧ ، ٣٢٢ ، ٣٢٣ ، ٣٣٠ ، ٣٤٩ ،
٣٧٤ ، ٣٩٢ ، ٣٩٣
|
|
عضو آلى (أعضاء
آلية) : ٢٠ ، ٣٣٠
عضو ارادى : ١٧
عضو أصلى (أعضاء
أصلية) : ٢٠٤ ، ٢٠٩
عضو باطن (أعضاء
باطنة) : ٢٣ ٣٤ ، ٣٩ ، ٢٢٥
عضو بسيط : ٢ ،
٨ ، ١٩٠
عضو (أعضاء)
تربية الروح : (ويغذى القلب والرئة وقصبتها) : ٢٩٧
عضو التغذية :
٢٩٧
عضو التنفس :
٣٢٢ ، ٣٤٩
عضو التوليد :
٣٩٢ ، ٣٩٣
عضو حس : ٣٢٢
عضو خادم : ١٤
عضو دافع : ٧
عضو رئيس (أعضاء
رئيسة) ١٤ ، ٢٣٣
عضو طبيعى : ١٧
عضو غذاء : ٣٢٢
عضو ظاهر (أعضاء
ظاهرة) : ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٣٣ ، ٢٩٠
عضو قابل : ٧ ،
١٣
عضو قابل معط :
١٣
عضو كلى (الأعضاء
الكلية) : ١٠
عضو مركب (الأعضاء
المركبة) : ٢ ، ٨ ، ١٠ ، ١٧
عضو مرءوس : ١٤
عضو مفرد (الأعضاء
المفردة) : ١٠
عضو موثق : (ويقابله
عضو قلق) : ٣٧٤
عضو مؤد : ٧
عضو النفس : ٢٧٥
، ٢٧٦
عضو هضم الغذاء
: ٣٢٣
عظم (عظام) :
٢١٥ ، ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٣٣ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٤١ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٥١ ،
٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، ٢٧٩ ، ٢٨٧ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣١٨ ، ٣٢٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ،
٣٥٠ ، ٣٥٤ ، ٣٥٦ ، ٣٥٩ ، ٣٦٢ ،
|
٣٦٣ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦
، ٣٦٧ ، ٣٨٠ ، ٣٨٧
عظام الأنف (عظما
الأنف) : ٢٦٢ ، ٢٦٣
عظم الجبهة :
٢٥٣
العظم الحجرى (العظمان
الحجريان) : ٢٣٩ ، ٢٥٣ ، ٢٨٧
عظم (عظام الرسغ)
: ٣٥٦ ، ٣٥٩
عظما الزوج (من
الدماغ) : ٣٨٠
عظما الساعد :
٢٤٩
عظم الساق : ٣٦٢
عظام سمسمانية (بين
السلاميات) : ٢٤٨
العظم الشبيه
باللام : ٢٤٨
عظم الصدغ : ٢٣٨
عظم (عظام)
الصلب : ٣٤٧
عظم العانة :
٢٤٦ ، ٢٩٧ ، ٣١٨ ،
٣٤٧ ، ٣٥٠ ، ٣٦٥
، ٣٦٦ ، ٣٨٧
عظم (عظام)
العجز : ٣١٨ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧
العظم العريض (للكتف)
: ٢٤١
عظم الفك : ٢٦٤
عظام القص : ٢٤٩
عظم الكتف : ٣٥٤
العظم اللامى :
٢٤١ ، ٢٦٤ ، ٢٧٩
عظم متخلخل :
٢٣٣ ، ٣٨٧
عظم مشاشى (عظام
مشاشية) : ٢٤٩ ، ٣٨٠
عظام المشط :
٢٤٩
عظم المصفاة :
٢٤٩
عظم نردى «كالمسدس»
(من عظام القدم) : ٣٦٣
عظم وتدى (الوتد)
(عظم في قاعدة الدماغ) : ٢٥٤ ، ٢٩٧
عظم الورك : ٣٦٥
، ٣٦٦ ، ٣٦٧
عفوصة : ٢١٦
عفونة : ٢١٢ ،
٢٥١ ، ٢٥٤
العقب (عظم
العقب) : ١١ ، ١٢ ، ٣١ ، ١٧٨ ، ٣٦٣ ، ٣٦٨
عقد اللبن (من
فعل الأنفحة) : ٤٢٤
|
|
عقد المنى : ٣٩٧
العقر (للنساء)
: ١٨١ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩
العقم (للرجال)
: ١٨١ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، ٤١٠
العقى : ١٨٣
عقيب الانقباض :
٢٢٩
عكر : ٢١٥
علقة (أجنة) :
١٦٨ ، ١٧٢ ، ١٧٣
علم أصلى (علوم
أصلية) : ١٦
العلم الرياضى :
٤٣٣
علوق (المنى في
الرحم) : ٣٨ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٩١ ، ١٤٤ ، ١٦٣ ، ١٧٢ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ٤١٢ ، ٤١٥
علوكة (والصفة
علك) : ٢٢٦
العنبية (الطبقة
العنبية في العين)
(الثقبة العنبية
للعين) : ٢٥٧ ، ٤٢٩
عنصر : ١٥٢ ،
١٩٠ ، ١٩٢ ، ١٩٦ ، ٤١٦ ، ٤١٨
العنق : ٣١٤ ،
٣٣٨ ، ٣٤٠ ، ٣٧١ ، ٣٨٠
عنق الرحم : ٣١٧
، ٣٨٧ ، ٣٨٩
عنق الفرج : ١٤٣
عنق المثانة :
٣٨٩ ، ٣٩٠
العير (عظم) :
٣٣١
العين : ٣٧٧
(غ)
غؤور (العين) :
٤٣٠
غدة (غدد) : ٤٣
، ١٠٦ ، ١٨٧
غدة صنوبرية :
٢٣٠
غذاء أول (للجنين
من بياض البيض) : ٤١ ، ٤٠٦
غذاء ثان (للجنين
من صفرة البيض) : ٤٠٦
غذو (الأوعية
للأعضاء) : ٣١١
غرقئ (البيض) :
٧٨ ، ٨٠ ، ١٤٧
غرمول (غراميل)
: ٣٨
|
غشاء (أغشية) :
١٢ ، ١٧ ، ٣١ ، ٣٧ ، ٤٣ ، ٧٥ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٦٧ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٧٧
غشاء الدماغ (أغشية
الدماغ) : ٢٢٨ ، ٣١٥
غشاء رباطى (أغشية
رباطية للعضل) : ٢٥٨
الغشاء الرقيق (للدماغ)
الغشاء
الصفيق (للدماغ)
: ٢٢٨ ، ٢٥٥
غشاء عصبى : ٢٨٢
، ٣٠٨
غشاء مجلل : ٢٢٩
، ٢٥٥ ، ٢٩٠ ، ٢٩٣ ، ٣٠٩ ، ٣١٥
الغشاء اللفائفى
: ١٧٦
غشيان : ١٦٥
غضروف غضروفى :
٣ ، ٣٠ ، ٢٥ ، ٥٥ ، ٣٤٩
الغضروف الذي لا
اسم له : ٢٧٧ ، ٢٧٩ ، ٢٨٠
الغضروف الترسى (فى
الحنجرة) : ٢٧٨
الغضروف الخنجرى
: ١٠ ، ٣١٣ ، ٣٤٩
الغضروف الدرقى (فى
الحنجرة) : ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٠
غضروف الطرجهالي
: ٢٧٩ ، ٢٨٠
الغضروفان
الطرفيان (للأنف) : ٢٦٣
الغضروف المتشنج
(للأذن) : ٢١ ، ٢٦١
الغضروف المكبى (فوق
البلعوم) : ٢٧٧ ، ٢٧٩
الغضروف
الوسطانى (للأنف) : ٢٦٣
غضروفية : ٢٩١
غضن (غضون) (للأذن)
: ٢١
غلاف حصيف (كما
للقلب) : ٢٨٣
غلاف القلب :
٣١١
غلظ (ويقابله
الرقة والدقة) : ٢٣٨ ، ٢٥١
غلمة : ٧١
غمد السن : ٢٣٨
|
|
(ف)
فاختى (اللون)
فى لون الفاختة ٨٤
فتق الأربية :
٣٠٥
الفحج : ٣٦٠ ،
٣٦١
فحولة : ٩٩
فخذ (أفخاذ) :
٣١ ، ٤٥ ، ١٣٨ ، ٢٣٢ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٨٩ ، ٣١٧ ، ٣١٨ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٦٥ ، ٣٦٨
، ٣٧٣ ، ٣٨٢
فرجة (ج. فرج ،
بمعنى الخلل) : ٢٤٨
فردا العضلة
الزوج : ٣٥٥
فرسخ (فراسخ) :
٩٠ ، ٣٨٥
فرصاد (نبات) :
٨٤ ، ٣٨٥
الفرط (وفرة
الغذاء) : ٧٤ ، ٨٢ ، ٩٢ ، ١٢١
فرفيرى (اللون)
: ٥١
فساد (المادة
وتحللها) : ٨١ ، ٢١٦ ، ٣٠٢ ، ٣٩٤ ، ٤٠٣
فسوس (قسوس) :
نبات : ١١٧
فشو : ١٦٨
فضل ، فضلة (فضول
، فضلات)
٣ ، ٧ ، ١٧ ، ١٩
، ٤٥ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥٢ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٦٠ ، ٨١ ، ٨٦ ، ٩١ ، ١٠٣ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ،
١٦٠ ، ١٦١ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٨ ، ١٧٣ ، ١٨٠ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ١٩١ ، ٢٠٨ ، ٢٠٩ ، ٢١٣ ،
٢١٥ ، ٢١٧ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٤ ، ٢٢٨ ، ٢٣٠ ، ٢٣٢ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٥٤ ،
٢٥٦ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، ٢٧٦ ، ٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣١٠ ، ٣٢٠ ،
٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٣٢٧ ، ٣٤٦ ، ٣٩٤ ، ٣٩٥ ، ٤٠٨ ، ٤١١ ، ٤١٣ ، ٤١٥ ، ٤٢٣ ، ٤٢٦
فضلة ثقيلة :
٢٧٦
فضلة دخانية :
٤٣١
|
فضل ذوبى : ٣٩٤
فضل رطب (ويقابله
فضل يابس) : ٣٢٢
فضلة رغوية :
٢٧٦
الفضلة السوداء
: ٣٢٧
فضل طمثى : ٣٩٠
فضل مائى : فضلة
مائية : ٢٧٦ ، ٣٢٠
فضل نضيج : ٣٩٦
الفطس (شدة
الوطء) : ٤٢٢
فعل (أفعال) : ٢
، ١٠ ، ١٥ ، ١٩ ، ٤٥ ، ١٨٨
الفغر (حركة فتح
الفم والفغر) : ٣٧٩
فقار : ٢٣ ، ٣٧
، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٦ ، ٤٨ ، ١٧١ ، ٢٢٢ ، ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٦٧ ،
٢٨٦ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٢ ، ٣٤١ ، ٣٤٥ ، ٣٥١ ، ٣٥٢
فقار أضلاع
الزور : ٢٤٥
فقار الرقبة :
٢٤٣ ، ٢٨٦
فقار الصدر ،
فقار صدرية : ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، ٢٩٢ ، ٣١٢ ، ٣٤١ ، ٣٥١ ، ٣٤٤ ، ٣٤٥
فقار الصلب :
٢٤٣ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩
فقار العنق :
٣٤١
فقرة (فقرات) :
٢٤٩ ، ٢٨٧ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٢ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣٣٩ ، ٣٤٢ ، ٣٥٢
فقرات الصدر :
٣٥٢
فقرات العنق :
٣٤٢
فقص البيض : ٨٢
الفك : ١٩ ، ٢٢
، ٢٣ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٣٨ ،٥٢ ، ٦٣ ، ١١٤ ، ١٣٨ ، ٢٢١ ، ٢٣٨ ، ٢٧١ ، ٢٧٤ ،
٣٧٠ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ، ٣١٤ ، ٣٢٣ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ، ٣٧٩ ، ٣٨٠
الفك الأسفل :
١٩ ، ٢٨ ، ٦٣ ، ١٣٨ ، ٢٣٧ ، ٢٤٩ ، ٢٦٨ ، ٢٨٦ ، ٣١٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٩
الفك الأعلى :
٢٧ ، ٣٥ ، ٣٨ ،
|
|
٥٢ ، ٢٢١ ، ٢٣٨
، ٢٧١ ، ٢٧٤ ، ٣١٤ ، ٣٢٣ ، ٣٧٦ ، ٣٨٠
الفلك : ٤٢٧
فلوس السمك : ٢
، ٣٢ ، ١٤٣
فم (المعدة ، أو
الرحم) : ٤ ، ٢٢ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٥٥ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ١١٩ ، ١٣١ ، ١٤٤ ، ١٦٥ ، ١٧٣ ،
١٧٧ ، ١٨٣ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ٢١٥ ، ٢٩٣ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٣١٠ ، ٣٩٠ ، ٤٢٥
فم المعدة (ويسمى
الفؤاد ، والقلب أيضا اشتراكا في الاسم أو ضعفا في التمييز) : ٢١٥ ، ٢٩٣ ، ٢٩٥ ،
٢٩٦
الفؤاد (فم
المعدة) : ٢٩٦
فوقانى : ٥٧ ،
٣١٠ ، ٣٥٠
(ق)
قائمة (قوائم) :
٣٧٠
قابل الفضلة
الثقيلة (وهو الطحال) : ٢٧٦
قابل الفضلة
الرغوية (وهو المرارة) : ٢٧٦
قابل الفضلة
المائية (وهو الكليتان) : ٢٧٦
قابل (للفضل
السائل ، ويقابل «الدفع») : ٣٢١ ، ٣٢٧
قاصر النضج (ويقابله
تام النضج) : ٢٢١
قاطع (الحيوانات
القواطع) : ٦
قامة (قامات) :
١٠١ ، ٢٢٥ ، ٢٦١
قبائل القحف :
٢٥١
القبج : ٤١٤
قبض (الشرج وشده)
: ٣٠٦
القبض (لليدين)
: ٣٣٧
قبض العنق (عند
طيران الطائر الطويل العنق) : ٣٨٣
قبض بالذات (للعضل)
: ٣٥٢
قبض بالعرض (للعضل)
: ٣٥٢
قبل : ٩١ ، ٢٨٩
، ٣١٨
|
قبول الزرع (قبول
الانثى لزرع الذكر) ، ٤١١
القحف : ٢٠ ، ٤٧
، ٤٨ ، ٢٢٣ ، ٢٢٩ ، ٢٤٩ ، ٢٥١ ، ٢٥٥ ، ٢٩٧ ، ٣١٥
قد : ٨٤ ، ١٢٤
القدام : ٣٤٠
القدم : ٢٧ ،
٣١٩ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨
قذال : ٢٣
قذف المنى : ١٨٧
، ٤٢٥
قرح ، قرحة (قروح)
: ١٠٦ ، ١٧٤ ، ١٨٦
القرع والانبيق (جهاز
تقطير السوائل) : ١٩٩
قرن (قرون
الحيوان) : ٣ ، ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٣٥ ، ٤٧ ، ٥٢ ، ٥٨ ، ٦٢ ، ٦٦ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٦ ،
١٠٨ ، ١١٧ ، ١٤٠ ، ٣٢٤ ، ٣٧٤ ، ٤٠٨
القرنية (بالعين)
: ٢٥٧ ، ٢٥٨
قرية النمل : ٦٢
القس : ٣٤٩
قشور السمك : ٤٩
القص : ١٠ ، ٢٤٩
، ٢٦٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٦ ، ٢٩٧ ، ٣١٣ ، ٣٣٠ ، ٣٤٨ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٧٨
قصبة (الساق) :
٣١٨
القصبة الانسية (والقصبة
الوحشية)
للساق : ٣١٨ ،
٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩
قصبة الرئة : ٢٣
، ٣٥ ، ٣٦ ، ١٤١ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٨ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٨ ، ٣٤٠ ، ٣٧١ ، ٤٣٣
القصبة الصغرى (للساق)
: ٣١٩ ، ٣٦١
القصبة العظمى (للساق)
: ٣١٩
قصور النضج (ويقابله
كمال النضج) : ٣٩٦
القطران : ١٤٣ ،
١٤٤
قطن : ٣٠٦
قطيع (السمك) :
٦٢
|
|
قطيع (الطير) :
١٠٢
قعر (ويقابله
حدبة) : ٣٠٩
قعر المعدة :
٢٩٣ ، ٣٠١
القفا : ٢٤٢
القلب : ١٢ ، ١٣
، ١٤ ، ١٥ ، ١٦ ، ١٩ ، ٢٣ ، ٣١ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٤٠ ، ٤١ ، ٤٢ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ،
٥١ ، ٨٠ ، ٨١ ، ١٠٦ ، ١٢٣ ، ١٦٦ ، ١٦٨ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٧٨ ،
١٩٠ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٨ ، ٢٠٥ ، ٢٢٣ ، ٢٢٦ ، ٢٣١ ، ٢٣٣ ، ٢٤١ ، ٢٥٤ ، ٢٧٨ ،
٢٨١ ، ٢٨٣ ، ٢٨٥ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٨ ، ٣٠٩ ، ٣١٢ ، ٣٢٧ ، ٣٢٨ ، ٣٤٨ ، ٣٧٢ ، ٣٧٣ ،
٣٨٦ ، ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، ٤٠٧ ، ٤٢١
قلة الرأس : ٢٨٦
القمع (فى
الدماغ) : ٢٣٣
قنبيط : ٤٠٤
قنزعة (الطير) :
٣١ ، ٩٦
قوائم (م. قائمة)
: ٢٦٣
قواطع الطير :
١٠١ قوام (المادة) ٥١ ، ٥٦ ، ٥٨ ، ١٦٣ ، ٢٠٦ ، ٢٠٩ ، ٢١٧ ، ٢٣٦ ، ٢٤٨ ، ٢٩٧ ،
٣٣٨ ، ٤٢٥
قولنج : ٢١٣ ،
٣٠٥
قولون (معاء
يتصل بالأعور من أسفل) : ٣٠١ ، ٣٠٦
قوة (قوى) : ١٣
، ١٤ ، ١٥ ، ٤١ ، ٤٥ ، ٤٨ ، ١٥٤ ، ١٦٢ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٦٩ ، ١٧٧ ،
١٧٩ ، ١٨٥ ، ٤٠٣
قوة آلية : ١٩١
قوة ارادية :
٣٠٢
قوة انفعالية :
١٦١
قوة البصر ، قوة
الابصار ، القوة
الباصرة : ٢٢٣ ،
٢٣٩ ، ٢٥٥
قوة التصور :
١٦٢
|
قوة جاذبة : ٢١٥
، ٢٩٩ ، ٣٠٢ ، ٤٠٥
قوة حاسة : ٢٢٣
قوة الحس ، قوة
حساسة : ٢٢٤ ، ٢٣٦
قوة جسمانية :
٢٠٣
قوة حيوانية :
١٩١ ، ١٩٧
قوة دافعة : ٢١٥
، ٣٠٣
قوة ذكرية ،
أنوثية : ٤٠٥
قوة الذكورية :
٦٥ ، ٤٠٦
قوة طبيعية (قوى
طبيعية) : ٨ ، ١٤ ، ١٧ ، ١٨ ، ٤١ ، ١٥٠ ، ١٧٨ ، ٢٢٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٧ ، ٣٠١
قوة عاقدة (فى
المنى) : ١٦ ، ٤٢٥
قوة غاذية : ١٥٥
، ١٦٤ ، ٤٠٢ ، ٤٢٦
قوة غاذية أمية (المصورة
الامية) : ٤٠٦
قوة غاذية
أنوثية (المصورة الأنوثية) : ٤٠٦
قوة غريزية : ١٣
، ١٤ ، ٢١١
قوة فاعلة : ١٦٢
، ٢٠٣ ، ٢٠٧ ، ٣٠٥ ، ٤٠٧
قوة فعالة : ١٦١
قوة مجيبة : ٤٠٤
قوة محركة : ١٥٤
، ٢٢٣ ، ٢٣٦ ، ٤٢٣ ، ٤٠٥ ، ٤٢٥
قوة مدبرة : ١٥٤
قوة مصورة : ٤١
، ٤٢ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٦١ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٦ ، ١٦٨ ،
١٦٩ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٧٩ ، ١٨٢ ، ٢٢٥ ، ٢٣٠ ، ٢٩٠ ، ٣٩٤ ، ٤٢٦
قوة مصورة مولعة
: ١٤٩ ، ١٦٣
قوة ممسكة : ٢٩٩
قوة منضجة : ٢٨٥
قوة منفعلة : ١٦
، ٢٠٧
قوة مولدة : ١٥٥
، ١٦١ ، ١٦٤ ، ١٨٧ ، ٣٩٦ ، ٤٠٦
قوة مولدة نطفية
: ٤٠٦
|
|
قوة نفسانية :
٤٠ ، ٤٢ ، ١٤٦ ، ١٦٦ ، ١٩١ ، ٢٦٧ ، ٤٠٠ ، ٤٠٤
قوة هاضمة : ٢٠٥
، ٢٩٤
قياس حملى ،
قياس شرطى ، قياس شرطى استثنائى ، قياس وضعى : ١٣٥ ، ١٣٦
قيض (البيض) :
٧٨
قينقاس (جنس من
النحل) : ٤١٨
القيفال (وريد
يمتد على الكتف) : ٣١٤ ، ٣١٥
القيم : (من
يتعهد خلايا النحل) : ١٣٥ ، ١٣٦
(ك)
كب (العضلة) :
٣٥٦
كب حادة (نوع من
ايقاع النغم) : ٨٤
الكبد (أكباد) :
١٢ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٧ ، ٢٤ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٥ ، ٥١ ، ٥٢
، ٨٦ ، ١٥٠ ، ١٥٢ ،
١٦٨ ، ١٧٠ ، ١٧١
، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٨ ، ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢١٣ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٣١ ، ٢٣٣ ، ٢٣٥
، ٢٧٦ ، ٢٨٩ ، ٢٩١ ، ٢٩٤ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٠٧ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩
، ٣٢٦ ، ٣٢٧ ، ٣٤٨
الكتف : ١٠ ، ٢٣
، ٢٦ ، ٣٩ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٧٣ ، ٢٨٦ ، ٢٨٩ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣٣١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ،
٣٥٥
كثيف (مادة
كثيفة ، ويقابلها مادة لطيفة) : ٣٢٧ ، ٤٣١
كدرة (اللون) :
١٤٣
كدم : ٣٨٠
كدورة (الرطوبة)
: ٤٣٠
الكحل (فى العين)
: ٤٢٩
كراثى (لون
كراثى) : ١٩٧
كرب الأرض : ٩٨
كرسنة (نبات) :
٩٩
|
الكرش : ٣٥
كرفس (نبات) :
٢١٩
كرنب : ٤٠٤
الكزاز (مرض) :
١٠٦
الكعب : ٢٦ ، ٢٩
، ٣٠ ، ٣١٩ ، ٣٦٣ ، ٣٦٩
كف : ٢٥ ، ١٩٦ ،
١٩٨ ، ٢٤٥ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٦٤ ، ٣٦٩ ، ٣٨٢
الكفل : ٦٨
كلب : «مصاب
بداء الكلب» : ١٣٨
كلال (البصر) :
٢٥٧
كلب الجبار (فلك)
: ٩٩
كلبية : ٢٩
الكلية (كلى) :
١٢ ، ٢٨ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٢٩٧ ، ٣٠٨ ، ٣٢٥
كم : ٢ ، ٤٥ ،
١٨٧
كمال النضج (ويقابله
قصور النضج) : ٣٩٦
كمثرى جبلى (نبات)
: ١٣٦
الكمرة : ٣٨٧
كهل (كهول) :
٢٠٤
كوائر النحل :
١٠٧
كوكب : ٤٢٧
الكون : ٣٨٤ ،
٤١٩
كيف ـ كيفية (كيفيات)
: ٢ ، ٣ ، ٤٥ ، ٥٢ ، ٩٤ ، ١٤٨ ، ١٥٠ ، ١٨٠ ، ١٨٧ ، ١٨٩ ، ١٩٢ ، ١٩٧ ، ٢٠١ ، ٢٠٢
، ٢٠٣ ، ٢٠٦ ، ٢٢٠
كيل (أكيال) :
٩٩
كيلوس : ٣٠٣ ،
٣٠٥ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩
(ل)
لاحقة غضروفية (لواحق
غضروفية) : ٢٤٩
لازوردى (اللون)
: ١٢٤
لب : ٩٨ ، ١٠٣ ،
٣٢٨
لبن رقيق (ويقابله
«ثخين» : ٣٢٤
لبنيات : ٦١
لحمانى (عضو
لحمانى) : ١٩
لدانة (والصفة
لدن) : ١١ ، ٢٢٧
لذع : ١٣٤ ، ١٣٥
، ١٦٠ ، ٣٠٣ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦
|
|
لذع البلغم (لعضل
المقعدة) : ٣١٣
لزوجة : ٢١٦ ،
٢٩٤
لسان (ألسنة) :
٢٣ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٤ ، ٣٦ ، ٥٥ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦٠ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٩١ ، ١٠٢ ،
١٢٢ ، ١٢٥ ، ١٦٥ ، ١٩٠
لسان مطلق (ويقابله
لسان ملصق) : ٣٧٥
لسع (البعوضة ،
النحلة ، العقرب ، الحية ، التنين) : ٥٩ ، ١٠٧ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١٧ ، ١١٩ ، ١٣٢ ،
١٣٥
لطافة (المادة)
: ٢١٦
لطف (الحركة) :
٢٠
اللطيف من
المواد : ١٦٨
لفائف (جزء من
المعا) : ٣٠١
لفائف الكلية :
٣١٧
لقاح : ٥٢
لقم الغذاء (للحيوان
العاشب) : ٢٧٢
لقمة (العظم) :
٣٣٤
لقم (الفقرة) :
٣٤٧
لقمة (المفصل) :
٣٣٣
اللامى (العظم
اللامى) : ٢٧٩
اللبة : ٢٣ ،
٢٨٩
اللثغة (حبسة في
الكلام) : ٦٤
اللثة : ٢٣٨
اللحاظ (للعين)
: ٢٣٨
اللحى : ٣٨١
اللحمية : ٢٧ ،
٤٣
اللحية : ٤٨ ،
٢٦٠ ، ٣٧٥
اللزوجة : ١٥١
اللسان : ٢٣٨ ،
٢٤١ ، ٢٤٨ ، ٢٦٤
اللفافة العصبية
: ٢٣٥
اللفائف : ٣١١
اللفائفى (الغشاء
اللفائفى) : ١٧٤
اللقاطة (ما
يلتقطه النحل من الزهر والشجر) : ١٣٢
اللهازم : ٢٣
اللهاة : ٢٧٨
|
اللوف (نبات) :
١٠٣
الليف الطويل (ليف
طولى ، ليف مطاول ، ليف مستطيل) الجذاب
(يعين على الجذب)
: ٢٨٣ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣
الليف العريض
الدفاع : ٢٨٣ ، ٢٩٣
الليف المستعرض (يعين
على الدفع) : ٢٨٣ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٩
الليف المؤرب (ماسك
، يعين على الامساك) : ٢٨٣ ، ٢٩٣ ، ٢٩٩
اللين (ضد
الصلابة) : ١٥١
لو لب ثقب الأذن
: ٢١
ليف ، ليفى : ١١
، ١٢ ، ١٧ ، ١٨ ، ٤١ ، ٤٢ ، ٨٠ ، ١٩٨ ، ٣٠٢ ، ٣٢١
ليف باسط (ويقابله
ليف قابض) : ٣٥٣
ليف (العضل ،
العروق) : ٢٠٦ ، ٢٣٥ ، ٢٦٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٣ ،٢٩٢ ، ٣٠٨ ، ٣٥١ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٩ ،
٣٦٤ ، ٣٦٥ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، ٣٨١
ليف مستبطن :
٣٥٣
ليف مورب : ٣٥٣
لين (ويقابلها
الصلابة) : ٢٢٦ ، ٢٢٩ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٥١ ، ٢٧٧
لين الشعر (ويقابله
خشونة الشعر) : ٤٣١
لين المفاصل :
٣٧١
لى البدن (للسباحة
كضرب من السمك) : ٣٨٣
(م)
ماء الرجل (المنى)
: ٤٠٩
الماء الغمر :
٤٢٩
ماء مجنوب : ١٠٠
ماء مشمول : ١٠٠
مائية : ١٧ ، ٤٨
، ٥٢ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢١٠ ، ٢١٢ ، ٢١٧ ، ٣٠٨ ، ٣١٧ ، ٣٢١ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٤٢٩
|
|
ما بالذات ، ما
بالعرض ، ما بالفعل : ٢٢٠
مادة أرضية :
٤١٨
المادة البيضية (فى
البيضة) : ٤٠٧
مادة لطيفة (ويقابلها
المادة الكثيفة) : ٢١٦
المارساريقا :
٤١ ، ٢٠٥ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٠٦ ، ٣٠٨
الماضغان : ٢٣٨
مبدأ الاحساس :
٤٢٨
مبدأ التوليد (فى
البيض) : ٤٠٦
المبدأ الذكرى :
٤١٨
المبدأ الروحى (وهو
المنى) : ٤٠٤
المبدأ المحرك :
١٤٦ ، ١٥٣ ، ٤١٦
مبدأ النشو :
٤١٩
المبصر : ٤٣٠
متبرئ (عضو
متبرئ غير منوط بمناوط ، حيوان متبرئ الجسم) : ٤٣ ، ٥٨ ، ٢٩٦
متخلخل (المتخلخل
من الاجسام ويقابله المستحصف) : ٢٥٨ ، ٢٨٠ ، ٤٢٦
متخيل (متخيلات)
: ٢٢٧
متكون : ٤٠٥
المتن (المتنان
جنبتا الظهر) : ٣١٨
متوزع العرق :
٢٣١
المثانة : ٧ ،
١٨ ، ٢٤ ، ٣٥ ، ١٠٦ ، ١٧٥ ، ٢٠٦ ، ٢٨٩ ، ٢٩٥ ، ٣١٨ ، ٣٢٠ ، ٣٢١ ،
٣٢٢ ، ٣٥٠ ، ٣٨٧
مثنى الركبة :
٣١٩
مج (الأنثى لزرع
الرجل) : ٤١١
مجاز (مجاز
الغذاء الى الجسم وهو الرأس) : ٤١٩
المجاورات (التي
بين الأعضاء) : ٢٤٩
المجتمع (من
المادة ، ويقابله المتشتت) : ٣٠٥
مجثم (الحيوان)
ج مجاثم : ١٠٢
|
مجرى (مثل مجرى
المنى ، ومجرى الزرع) : ٣٥ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٠ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٦٤ ، ٧٥ ، ٨٠ ، ١٦٠
، ١٦٧ ، ١٧١ ، ١٧٣ ، ١٨٥ ، ١٩٧ ، ٣٨٧ ، ٣٨٨ ، ٣٩٠
مجمع بطنى
الدماغ : ٢٣٠
مح البيض : ٨ ،
٧٨ ، ٨١ ، ٢١٤
محارة (الأذن) :
٢١
محبل : ١٥
المحزز (من
الحيوان ، ج المحززات) : ٤ ، ٩ ، ٥٤ ، ٥٩ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٧٠ ، ٧١ ، ١٠٠ ، ١٠٢
، ١٠٤ ، ١٠٧ ، ١٣١ ، ٣٢٥ ، ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ٣٩١
المحسوس (المحسوسات)
: ٤٣٠
محضن (محاضن) :
٨٥ ، ١٠٢
محيط (بمعنى
الوسط البيئى) : ٤٠٥
محية : ٨١
مخ (أمخاخ) : ٣
، ٤٦ ، ٢١٩ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٦ ، ٢٤٨
مخ العظام : ٢٢٢
مخاط : ٩٥ ، ١٥٢
مخاطية : ٢٤٧
مخرج (للثفل) :
٣٧ ، ٥٩
مخلب الطير (مخالب
ـ مخاليب) : ٣١ ، ٥٥ ، ٨٤ ، ١٢٢ ، ١٣٨ ، ١٣٩ ، ٢٧٣ ، ٣٨٢ ، ٤١٣ ، ٣٨٢ ، ٤١٣ ،
٤١٥
مخلب معقف : ٣١
، ٩٦ مخية : ٢٢٢
مد (ضرب من
المكاييل) : ٩٩
مدرج (مدارج) (المسلك
الذي يجتازه الحيوان عند صيده) : ١١٤
المدرك : ١٤٢ ،
٤٣٠
مدفع الثفل : ٥٨
مدهشة الضوء (أمام
العين) : ٤٣٠
المذى : ١٦٠ ،
٣٩٧
|
|
مرارة : ٢٢ ، ٢٤
، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٢٠٨ ، ٢١٣ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢٩٧ ، ٣٠٣ ، ٣٠٨ ،
٣١٠ ، ٣٢٠ ، ٣٢١
، ٣٢٥ ، ٣٢٦
المراق (مراق
البطن) : ٨٠ ، ٢٩٠ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٣٠٧ ، ٣١٣ ، ٣١٨
المراهق : ١٤١ ،
١٤٢
مرئى (مرئيات) :
٢٥٦
المرتان : ٢١٠ ،
٢١١
مرصد (فى صيد
الحيوان) : ٩٨
مرض مزاجى : ٤١٠
المرفق : ٣٥٥
مركوز (أسنان
مركوزة) : ٢٧١
مرة : ٢١١ ، ٣٢٥
، ٣٢٦
المرة السوداء :
٢١٦
المرة الصفراء ـ
المرة الصفراوية : ٢١٤ ، ٣٠٣ ، ٣٢١
المرة المحية :
٢١٤
المريء : ٢٣ ،
٢٤ ، ٥٥ ، ٥٧ ، ٥٩ ، ٢٦٦ ، ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٢٨٨ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٩ ، ٣٠١ ، ٣١٤ ، ٣١٥
، ٣٥١
مزاج : ٧ ، ١٠ ،
١٤ ، ١٥ ، ١٧ ، ١٩ ، ٤١ ، ٤٥ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٩ ، ٧٤ ، ١٠٨ ، ١٤٢ ، ١٤٤ ، ١٥٠ ، ١٥١
، ١٥٢ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٥ ، ١٨٧ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ١٩٢ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٦
، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ٢٠٠ ، ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢٢١
، ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٣١ ، ٢٧٢ ، ٢٨١ ، ٢٨٧ ، ٣٧٦ ، ٣٨٢ ، ٣٨٦ ، ٣٩٣ ، ٣٩٨
، ٤٠٢ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، ٤٢٠
مزاج أسطقس :
٤١٨
مزاج أنوثى : ١٥
، ٤٢١
مزاج حار : ٣٢٦
، ٣٧٣
|
مزاج دموى : ٤٠١
مزاج ذكورى : ١٥
، ١٧٦ ، ٣٨٦ ، ٤٢١
مزاج رطب : ٤٢١
مزاج عارض : ١٩٨
مزاج عنصرى :
١٨٩
مزاج غريزى :
١٩٨
مزاج لين : ٤٢١
مزاج معتدل (ومزاج
خارج عن الاعتدال) : ١٩٢
مزاج نضيج (ومزاج
غير نضيج) : ٤٢١
مزاج يابس : ٤١٤
مساكنة (الحيوان
لحيوان آخر ، والفعل يساكن) : ١١٢ ، ١١٤
مسام : ٤٨ ، ٩٩
، ١٨٠ ، ١٨٤ ، ٢٠٨ ، ٢٤٨ ، ٤٣١ ، ٤٣٢
مسامتة : ١٩٥
المسبوت (المتعطل
الحواس وآلات الحركة الارادية) : ٤٢٨
مستحرمة : ٨٩ ،
١٠٩
(استحرمت الذئبة
والكلبة اذا أرادت الفحل)
المستحصف (من
الاجسام ، ويقابله المتخلخل) ٤٢٦
مستدق : ٣١
المستقيم (جزء
من الأمعاء) : ٣٠١
المستكمل (النمو)
: ٢٨٩
المستوحش (من
الحيوان ، ويقابله المستأنس) : ٨٩
مسطيس (مسطيلس ـ
قسطيس ـ مسطير) : (يونانية : عضو الزرع فى الحيوان) : ٥٥
مسفق : ٣١٢
مسلك ـ ٢٨٥ ،
٣٢٧
مسن (مسان) : ٧٤
، ٨٠
مسيل الفضل
السائل ، مسيل
المنى : ٣٢١ ،
٣٨٦
مشاء (حيوان
مشاء) : ٤٨ ، ٦٤
مشاشة المصفاة :
٢٣٣
|
|
مشاكلة : ٢٢٢ ،
٢٩٨ ، ٣٢٠ ، ٣٨٨ ، ٣٩٢ ، ٣٩٨
مشبك : ٣٥
مشحم (عضو مشحم
الباطن) : ٣٠١
المشط : ٢٣٨ ،
٢٤٩ ، ٣٣٧ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٩ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤
مشط القدم : ٣٦٣
، ٣٦٤
مشط الكف : ٣٣٧
، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٩
مشقص معقف (أداة
للصيد) : ٦٤ ، ٦٥
مشقوق الأصابع (أرجل
مشقوقة الأصابع) : ٣٧٣ ، ٤٠٧
مشقوق الرجل :
٢٥ ، ٢٧
المشيمة : ٨١ ،
٨٦ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ٢٢٩ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٨٩
المشيمية (للعين)
: ٢٥٧
المصاكات
والمصادمات «للعظام» : ٢٥٢ ، ٣٣٣
مصرور الأطراف (وصف
للحيوان) : ٢٦
مصعد (العرق) :
٢٤٠
المصفاة (عظم في
أعلى الحنك) : ٢٣٣
مصلحة (منفعة
للجسم) : ٣٩٦
مصمت (عظم مصمت)
: ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، ٢٤٩
مصورة : ٤١ ، ٤٤
، ١٧٣ ، ١٧٦ ، ١٧٨
مصورة أولى ٤٤
مضغة (فى تكون
الجنين) : ١٦٦ ، ١٧٢
المطبقتان (عضلتان
من عضل الحنجرة) ٢٤١
معى ، معا ،
معاء (أمعاء) : ٧ ، ١٨ ٢٤ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٤٠ ، ٥٥ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ٨١ ،
١٠٣ ، ١٨٢ ، ٢٠٥ ،
|
٢١٣ ، ٢٨٩ ، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٥ ، ٢٩٧
، ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، ٣٠١ ، ٣٠٥ ، ٣١٠ ، ٣٢٣ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦
المعى الاثنا
عشرى : ٢٩٦
معاء دقيقة :
٣٠٣
المعاء السفلى :
٣٠١
معاء غلاظ : ٣٠٤
معاء قولون :
٣١١
المعاء المستقيم
ـ المعا المستقيم : ٢٨٨ ، ٣٠٢ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣١١
معاضدة : ٢٤٠
المعدة : ١٨ ،
١٩ ، ٢٣ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٥٢ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ٦٥ ، ٩٥ ، ٢١٤ ، ٢٧٦ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩
، ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، ٣٠٠ ، ٣١٠ ، ٣٤٩
معطف الركبة :
٣٦٧
معطف العرق (معاطف
العروق) : ٣١٧
معطف الفك : ٣٨١
المعصرة : (الفضاء
الذي ينصب اليه الدم ويجتمع فيه ثم يتفرق عنه فيما بين طاقى الدماغ) : ٣١٥
المغبن (المغابن)
: ٢٦
مغرز : ٢٦٩
مغيض : ١٧٤
مفرغة المرارة :
١٧٥ ، ٢١٠
مفصل (مفاصل) :
١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ٢٣ ، ٢٦ ، ٦٦ ، ١٧٨ ، ٢٣٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٧ ، ٢٤٩ ، ٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ٢٨٧ ،
٣١٣ ، ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣١٨ ، ٣١٩ ، ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٥ ، ٣٣٩ ، ٣٤٤ ، ٣٤٧ ، ٣٤٩ ،
٣٥٠ ، ٣٥٣ ، ٣٥٦ ، ٣٦١ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٧١
مفصل الالتواء
والانبطاح : ٣٣٥
مفصل الانبساط
والانثناء : ٣٦١
مفصل الرأس
والرقبة : ٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ٢٨٧ ، ٣١٥
|
|
مفصل رخو (ويقابله
مفصل وثيق) : ٣٣١
مفصل الالتواء
والانبطاح : ٣٣٥
مفصل الرسغ مع
المشط : ٣٣٥ ، ٣٥٦
مفصل الركبة :
٣١٨ ، ٣٦١ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧
مفصل الزند
الأعلى ، (مفصل الزند الأسفل) : ٣٣٣
مفصل سلس ، (مثل
مفصل الرسغ والساعد ويقابله مفصل موثق) : ٢٤٩ ، ٣٣٩ ، ٣٤٤
مفصل عسر غير
موثق (مثل المفصل بين الرسغ والمشط أو مفصل ما بين العظمين من عظام المشط) : ٢٤٩
مفصل العضد :
٣٣٢
مفصل العنق :
٣٧١
مفصل الفخذ :
٣٦٥
مفصل الفقرات :
٢٣٤
مفصل القدم :
٣٦١
مفصل الكتف :
٣١٣ ، ٣٥٣
مفصل الكعب :
٣١٩
مفصل متحاك : ١٠
مفصل المرفق :
٣١٥ ، ٣١٦ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣
مفصل مركوز (مثل
الأسنان في منابتها) : ٢٤٩
مفصل مضاعف :
٣٤٩
مفصل موثق (مثل
مفصل عظام القص) : ٢٤٩ ، ٣٤٩ ، ٣٥٠
مفصل موثق مدروز
(مثل مفاصل عظام القحف) : ٢٤٩
مفصل موثق مركوز
(مثل الأسنان المرتكزة لا تتحرك في منابتها) ٢٤٩
مفصل موثق ملزق (مثل
ما هو ملزق طولا كمفصل ما بين عظمى الساعد وما هو ملزق عرضا كمفصل الفقرات
السفلى من فقار الصلب
فان العلى بينها
مفاصل غير وثيقة) : ٢٤٩
|
مفصل الورك :
٢٤٥ ، ٣٤٧ ، ٣٦٥
مفلس (حيوان
مفلس الجلد) : ٣٢ ، ٤٨ ، ١٠٢ ، ١٠٤
مقادم ، مقاديم (ويقابلها
المآخير) : ٣٧١ ، ٣٧٥
مقدم (مقاديم) :
٢٦ ، ٣٠ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥٥ ، ٦٦ ، ٣٧١ ، ٣٨٢
مقدم الدماغ :
٢٣٢ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩
المقذف (مقذف
الزرع للحيوان) : ٥٥ ، ٣٨٩
المقرف (من
الحيوان الهجين) : ١٢٧
المقعدة : ٢٩٢ ،
٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣٥٠
مقعر الباطن (ويقابله
محدب الظاهر) : ٣٣٦
المقلة (مقلة
العين) : ٢٥٨
الملتحمة (للعين)
: ٢١ ، ٢٥٨
ملصق ، ملاصق (للحيوان
، مثل ما للاسفنج) : ٤ ، ٧٥
ملموسات : ١٨٩
ملوحة : ٢١١
مماسة : ٢٢٩
الممتزجات (من
الرطب واليابس) : ٤٠٣
المميلات (عضل)
: ٣٥٩
مناط : ٤٣
مناوط (مثل
مناوط الثرب والماساريقا) : ٢٩٦
منبت (منبت السن)
: ٤٩ ، ٢٨٣ ، ٢٩٥ ، ٣٧٦
منبع (منشأ)
العضو : ٣٨٠
منبوت : ٤٢ ، ٤٣
منحر : ٢٣
المنخر (وهما
منخران ، ج. مناخر) : ٢٢ ، ٣٢ ، ٦١ ، ٢٦٣ ، ٢٧٥ ، ٣٧٦ ، ٣٧٧
منفذ الأذن الى
الحنك : ٢٦٢ ، ٣٢٧
منفسح (المنفسح
من الأعضاء مثل المعدة) : ٢٩٣
|
|
منفعل : ١٦
منفعة : ٢٥١ ،
٢٧٩ ، ٢٨٥
منقار (الطير) :
٨٤ ، ١٢٧ ، ١٢٩ ، ٢٦٤ ، ٢٧٣ ، ٣٣١ ، ٣٥٥ ، ٣٨٢
منكح : ٣٢
المنهضم : ٣٠٥
المنوية : ٣٩٠
المنى : ٣ ، ١٥
، ١٧ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٤ ، ٥١ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٧ ، ٧٣ ، ٧٨ ، ٩٠ ، ١٣٣ ، ١٤١ ، ١٤٢ ،
١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٩ ، ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٥ ، ١٥٦ ، ١٥٧ ، ١٦٠ ،
١٦٢ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠ ، ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٧ ، ١٨١ ، ١٨٥ ،
١٨٧ ، ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٤ ، ٣١٧ ، ٣٢٨ ، ٣٨٧ ، ٣٨٨ ، ٣٩٠ ، ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، ٣٩٤ ، ٣٩٥ ،
٣٩٧ ، ٣٩٨ ، ٤٠١ ، ٤٠٣ ، ٤٠٩ ، ٤٢١ ، ٤٢٤
منى المرأة :
٤٠٩ ، ٤٢١ ، ٤٢٤
منى مذكر (يولد
الذكران) : ١٤٢
منى مولد : ٥٣
منى نصيح (بمعنى
الخالص) : ١٤٢
المنيان (منى
الرجل ومنى المرأة كما يقال) : ١٧٧ ، ٣٩٠ ، ٣٩٦ ، ٤٠٩ ، ٤١٠ ، ٤١١
المنكب : ١٧٣
مهارشة (الطير
وسائر الحيوان) : ٨٤ ، ٨٩ ، ١٢١
مؤخر (ج. مواخر
، مواخير) : ٩ ، ٢٦ ، ٥٠ ، ٦٦ ، ٧٠
مؤخر الدماغ :
٢٣٢ ، ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٢٦٧
مؤرب : ٣٥١
الموق ـ الماق :
٢١ ، ٢٣٨ ، ٢٥٨
مولود : ٣٨٤ ،
٣٩٢
موم : ٩٩ ، ١٣٢
، ١٣٤ ، ١٣٥
|
مؤوف (عضو مؤوف)
: ١٧٩ ، ١٨٤ ، ٤٢٦
ميعة (الميعة
اليابسة) : ٦٢
(ن)
ناب (أنياب) :
٢٨ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٥٨ ، ٦٦ ، ٦٨ ، ٩٢ ، ١٣٨ ، ٢٧٢ ، ٣٢٨ ، ٣٧٦
ناب الفيل : ٢٧٢
نارية : ٢٠٤ ،
٢٢٠
ناصية : ٢٦ ، ٢٨
، ٢٩ ، ٩٠ ، ٩٧ ، ١١٦
نبض ـ نبضة (القلب
، العرق) : ٨٠ ، ٢٨٠ ، ٢٨٥ ، ٣٠٩
نجم (نجوم) :
٤٢٧
النحر (أعلى
الصدر) : ٣٣٠
نخاع : ٤٥ ، ١٧١
، ٢٢٢ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٣٠ ، ٢٣٢ ، ٢٣٥ ، ٢٤١ ، ٢٤٥ ، ٣١٧ ، ٢٣٨ ، ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢
، ٣٤٣
نخاعى المنشأ :
١١
نداوة : ١٤١
ندب : ٤٧
نزف : ١٨٣
نزلة (نزلات) :
١٩٩
نزوة (الحيوان)
: ٣٨ ، ٦٠ ، ٦٨ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٩ ، ٨٩ ، ٩١ ، ١٣٨ ، ٣٢٩ ، ٣٨٨ ، ٤١٢
نزوع العرق (فى
علم الوراثة) : ٣٩٢
نسج العنكبوت :
٢٤٣
نفاس (وقت
النفاس) : ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٨٣
نسل : ٣٨٦
النسيم (الذي في
العروق) : ٢٩٠ ، ٢٩٨ ، ٣١٢
نشو ، نشوء (البيض
، والعظام) : ٢٩ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ٢٠٩ ، ٣٣٧ ، ٣٩٩ ، ٤١٧ ، ٤١٨ ، ٤٢٠
|
|
نشوار (خيلاء) :
١٥٧
نصبة الجنين (فى
الرحم) : ١٧٨
نضج (المنى) ـ نضيج
: ٢٠٥ ، ٢١٧ ، ٢٩٨ ، ٣٨٩ ، ٣٩٦ ، ٤٠٩
نضج مجاوز ـ مجاوزة
النضج : ٢٠٧
نطفة ، نطفى :
١٦٢ ، ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٨٧ ، ٢٠٩ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٠٢ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٧ ، ٤١٢
نطفة الأنثى ،
نطفة المرأة : ٤٠١ ، ٤٠٤ ، ٤٠٥
نطفة الذكر :
٤٠٢
نطفة الطائر :
٤٠٧
نغم ، نغمة : ٦٤
، ٨٤ ، ١٢٢ ، ١٤١
نغمة حادة : ٨٤
نغمة ثقيلة : ٨٤
نغمة ذكرية :
٣٨٦
نغنغ (نغانغ)
السمك
النغنغ : اللحمة
في الحلق عند
اللهازم «القاموس
الوسيط» : ٣٨٣
نفاس (وقت
النفاس) : ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٨٣
نفس (بفتح الفاء)
: ٢٨٠ ، ٢٩٤ ، ٣٤٨
النفس (بسكون
الفاء) : ٢٠٢ ، ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٩٤ ، ٣٢٨ ، ٤٠١ ، ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، ٤١٠ ، ٤٢٨
نفس حسية : ٤٠٢
، ٤٠٣
نفس نطقية : ٤٠٣
نفس غاذية : ٤٠١
، ٤٠٢
نفض (الثفل أو
الفضول) : ١٢ ، ٣٢٣ ، ٤١٣
نفض (الفضل ،
البخار ، عن الجسم) ٢٦٢ ، ٢٦٣
نفوث : ٢٧٨
النقائع ،
النقايع : ٣٨١
النقرس : ١٠٦
|
نقرة : (نقر
الالتقام للفقرات ، ويقابلها اللقم) ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٣٤٧
نقرة العين ـ نقرة
المقلة : ٢٣٧ ، ٣٧٧
نقرة المفصل :
٣٣٢ ، ٣٣٤ ،
نقرة انسية ـ نقرة
وحشية : النقيق : (صوت الضفدع ، وهو نقاق) : ٣٢ ، ٦٣
نماء (حيوانى أو
نباتى) : ٤١٨
النواجذ (من
الاسنان ، أسنان الحلم) : ٢٩
نيلية (لون) :
٣٠
(و)
الوالدان (الابوان)
: ١٥٧ وبر : ٤٨ ، ٥٠
الوتد : ٢٥٤
وتدى (العظم
الوتدى) : ٢٩٧
وتر (أوتار) :
١١
وتر (وترات) :
١٩٨ ، ٢٣٢ ، ٢٥٩
وتر العضلة :
٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٨ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٣٨٧
وثاقة (وثاقة
المفصل) : ٢٤٩ ، ٢٦٢ ، ٢٨٥ ، ٣٣٦ ، ٣٤١ ، ٣٨١
الوجنة : ٢٢ ،
٢٣٨ ، ٢٦٩ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، ٣٨١
وحشى (متجه الى
الجهة الوحشية)
ويقابله : انسى
: ٢٣٧ ، ٢٦٧ ، ٢٨٩ ، ٣٥٤
الوداج (الوداجان
: شريانان غائران) : ٢٨٦
الوداج الظاهر :
٣١٤ ، ٣١٥
الوداج الغائر :
٣١٤
وداق : ٨٩ ، ٩٠
الودى : ١٦٠ ،
١٨٦ ، ٣٩٧
|
|
الوراب (على
الوراب) : ٢٥٤ ، ٢٦٧ ، ٣٥٧ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٧٨ ، ٣٨٧
الورك : (عظم
الورك) : ٢٣ ، ٢٨ ، ٣٠ ، ٢٤٥ ، ٢٩٧ ، ٣٥٠ ، ٣٦٥ ، ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، ٣٨٣
ورم جاسئ : ١٠٦
ورم متفجر : ٢٠٨
وريد (أوردة) : ١٢
، ١٧ ، ١٨ ، ٤٠ ، ١٧٤ ، ١٧٥ ، ٢٢٨ ، ٢٤١ ، ٢٨٩ ، ٣٠٨ ، ٣١٠ ، ٣١٩
الورية الابطى :
٣١٦
الوريد الأجوف :
٢٨٤ ، ٣١٢
وريد شريانى :
٢٤ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٥
الوريد العجزى :
٣١٣
الوريد الكتفى :
٣١٤
الوسطى (الاصبع)
: ٣١٦ ، ٣٣٦ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٩ ، ٣٦٨ الوضع (ـ الولادة) : ٢ ، ٣ ، ٦٧ ، ٧٣ ، ٨٨
، ٩١ ، ١١٠ ، ١٨٦
وعاء المنى (بين
البيضة وبين المقذف) ج. أوعية المنى : ١٤٨ ، ١٥٢ ، ١٨٥ ، ١٤٨ ، ١٥٢ ، ١٨٥ ، ٣٥٠
وكر (الطائر) ج.
أوكار : ٨٢ ، ١٢٤
ولاء (على
الولاء) : ٢٤٣
ولاد (ولادة) :
٧٦ ، ١٤١ ، ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ١٨٦
ولادة تامة :
٣٨٤ ، ٣٩١
ولادة غير تامة
: ٣٨٥ ، ٣٩١
وهدة (وهاد) :
١١٤
(ه)
هجين : ١٢٧
هدب ، هدب (العين)
: ٣٠ ، ٤٨ ،
٢٥٩ ، ٢٦٠
هراش : ٦ ، ٦٤ ،
٢٧٢
|
هضم (أول ، ثان
، ثالث ، رابع ، ... أخير) : ١٦ ، ١٩ ، ٥٢ ، ١٠٣ ، ٢٠٨ ، ٣٩٤ ، ٣٩٥ ، ٣٩٦
هوائى المزاج :
٣٢١
هوائية : ١٧٥ ،
٢٠٤
هوام : ٩٧ ، ١٠٩
هيئة نفسانية :
١٤٠
هيولى : ١٤٦ ،
١٨٩ ، ٣٩٩ ، ٤٠٦ ، ٤٠٧ ، ٤١٢ ، ٤٢٣ ، ٤٢٦
|
|
(ى)
اليافوخ : ٢٢٥ ،
٢٣٣ ، ٢٤٨ ، ٣٧١ ، ٤٠٨
يبس ، يبوسة :
١٧ ، ٤٩ ، ١٨٥ ، ١٩٤ ، ١٩٦
يبس المزاج :
١٨٢ ، ٢٠٤ ، ٢١٢ ، ٢٧٧ ، ٤١٤ ، ٤١٥
يبوسة (نقيض
الرطوبة) : ١٩٩ ، ٢٥٥
اليد : ٢٦٢ ،
٢٧٣ ، ٣١٣ ، ٣٣٠ ، ٣٣٤
يسر : ٢٥
اليقظان (المستعمل
الحواس) : ٤٢٨
|
(ب) أسماء الأعلام
أبقراط ، بقراط (مقدم
الأطباء) : ١٤٧ ، ٢٩٦ ، ٣٣٢
أدريانوس الملك
: ٧٧
أرادوطوس (أراديطوس)
: ٥٣
أسفونافس ـ اسفويافس
ـ
اسفرياس : ١٣٩
أنبادقليس : ٢١٩
، ٤٢٧ ، ٤٢٩
انكساغورس : ٣٢٦
أوميرس ـ أوميروس
: ١٠٨ ، ٣٢٢
بقراط ، أبقراط (مقدم
الأطباء) : ١٤٧ ، ٢٩٦ ، ٣٣٢
جالينوس (الطبيب
الأول ، فاضل الأطباء) : ١٥ ، ١٦ ، ١٤٧ ، ١٩٨ ، ٢٥٣ ، ٢٧١ ، ٢٨٤ ، ٣٥٩ ، ٣٦٩
ديمقراطيس : ٤١٠
، ٤٢٣
|
|
سايسوس (سايسبوس)
القبرسى : ٣٩
سوفسطائى : ٨٢
شمس الدولة (الملك
: ١١٤)
فاضل الأطباء (الطبيب
الفاضل
ـ الأول ـ جالينوس)
: ٤٠ ، ٤٣ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٥٣ ، ١٦١ ، ١٩٨ ، ٢٥٣ ، ٢٧١
محصل الاطباء :
٢٠١ ، ٢١٠ ، ٢١٢
مرمينون : ٢١٩
المشاءون : ١٥٧
المعلم الأول :
٢٦ ، ٤٠ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٥١ ، ٦١ ، ١٤٥ ، ١٤٨ ، ١٨٠ ، ١٨٧ ، ٢١٩ ، ٢٢٢ ، ٢٦٣ ، ٢٨٥ ،
٣٢٥ ، ٣٢٧ ، ٣٧٠ ،
٣٨٨ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠
، ٣٩٢ ، ٤٠٣ ، ٤٢٣
مقدم الأطباء (بقراط)
: ٢٥٣
|
(ح) أسماء الأماكن والبلدان
آسيا : ١٠٨ ،
١٠٩
آفاس (ماقاس) :
١٢٣
أثافى (أثانى) :
١٠٨
أراخوطاس : ٢٦
أرادوطوس (أراديطوس)
: ٥٣
ارانبام (أرانبا)
: ١٠٨
أدرياس ،
أدربايس : ٤١٤
اسفاكوج (اسفاكوح»
اسفاكوخ) : ١٣٤
أسينقان (أسفسفان
، أسفينقان) : بلدة في خراسان : ١٣٤ ، ٣٨٥
أسلوس (أبلوس ،
أبيلوس ، بمينوس) : ١٠٨
أفروحية : ٤٧
أقسطانس (أقسطاس
، أمسطانس قسطانس) : ١٠٨
انطندريا : ٥٠
انفورس : ٥٣
أنوس ، أفوس ،
أنوسى : ١٠٩
أو روى (أوردى ،
أورى ، أوراوى ، أدروت) : ١٠٨ ، ١٠٩
ايطاليا : ١٠٩
بحر تيطوس ، (منطوس
، أنطوس) : ٧١
بحر طبرستان :
١٠١
بحيرة خوارزم :
١٠١
بخارى : ٢٧ ، ٨٣
برينوا ،
بروينوا ، بروينوس : ٧٢
بلاد ماوراء
النهر : ٨٣
بلونيوس (بلوسوس)
: ٣٩
بنطوس (خليج
بنطوس) : ١٠٧
بهستون : ٢٧١ ،
٣٨٦
|
|
تأسيس : ٥٣
جبل زايقان (بناحية
طوس) : ١١٢
جرجانية خوارزم
: ٦٨ ، ٨٤ ، ١٨١
خراسان : ٦٨ ،
٨٣ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١٣٧ ، ٤٠٤
خوارزم : ٨١ ،
١٠١
ديناجانس (ديناجالس
، ويتانس) : ٣٩
سللوس (سليموس ،
أسيلوس) : ٦٣
شباس (بلدة بمصر)
: ٢٧
صقلية (جزيرة
صقلية ، ويسكنها الصقليون) : ١٠٨ ، ١٠٩
طبرستان : ٥٦ ،
١٠١
طروى : ٥٨
طليناديا (طلساودنا
، طلبناودنا) : ١٠٨
طوس : ١١٢
طيوان : ٥٣
غز (غزى ، نسبة
الى بلاد الغز) : ٢٧ ، ٢٨
فالانيا (فامالانيا
، فاماالا ، فامالا باقالا) : ١٠٧
فراوة (قراوة) :
بلد ينسب اليها
الأسود الفراوية : ١٣٧
فرما (من بلاد
مصر) : ١٢٥
فرونية ، (فرونة
، قرونية) : ١٠٨
فروى : ٥٣
|
القرية الحديثة (كورة
في بخارى) : ٢٧
قسطنطينية : ١٢٠
كورة (ج كور) :
٢٧
لوبية : ١٠٨ ،
١٠٩
لوريا : ٢٧
لوينة ، (لونة)
: ١٢٥
مرو (بلد تكثر
بها النقائع) : ١٠١
منحليا : ٩٥
|
|
ناوينا (ماوينا)
: ٢٧
نجد (نجود) :
١٩٥
نهر جيحون : ١٠٨
، ١٣٧
نهر سنفندروس :
٥٠ ١٣٨
نهر مارد : ٥٠
ياميان (يامان)
: ١٠١
يايان دهسان (بيامان
دهسان) : ١١٠
يونان : ٨٢
|
(ء) أسماء الحيوان
آبد (الحيوانات
الأوابد) : ٦ ، ١٠١ ، ١٠٢
ابرة (حيوان ذو
شوك) : ١٢٥
ابل : ٥٣ ، ٧٣ ،
٧٤
ابن آوى : ٣٢٣
ابن عرس : ٢٨ ،
١١٣ ، ١١٩ ، ١٢٠
أبنس (طائر ،
باليونانية) : ١١٣
أبيناس : (حيوان
بحرى) : ١٣٠
أتان (ج أتن) :
أنثى الحمار : ٥٢ ، ٩٠ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٤١١
اختومور ،
اختوميور ، اختوميون ، افيومون : ١١٢
أربعة وأربعون :
٨ ، ٣٣ ، ٥٤ ، ٥٩ ، ١٣٠
أربوناما (أرموميا
، أربومونا ، أربومد ، أريومويا) «نوع من السمك» : ٤٠٦
أرفس ، أرفين «حيوان
وحيد القرن ذو ظلف» : ١٧٤
أرقص : ٣٢
أرنب (أرانب) :
٥٠ ، ٥١ ، ٥٣ ، ٦٨ ، ٩٢ ، ١٠٨ ، ١٢٧ ، ١٢٨
الأزب : ٣٧٣
الأزب الرجلين :
(حيوان كثير البطون وليس له انفخة) : ٣٢٤
أسد (ج أسود ،
أسد) : ٦ ، ٧ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٨ ، ٦٨ ، ٨٩ ، ٩٨ ، ١١٤ ، ١١٨ ، ١٣٧ ، ١٣٨
، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٢٤٧ ، ٢٧٢ ، ٣٧٢ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦
أسد الأرض (حيوان
برى يبيض ويشبه العظاية) : ٣٧٥
اسطاحر (اسطاخر)
: (طائر هندى) : ١٠٢
|
|
اسطاقو ،
اسطافوا : (حيوان بحرى) : ١٠٤
أسطوس : ٤
اسفنج ،
اسفنجيات : ٧٥ ، ٩٣
اسقولوحس ،
اسقودوحيس ، اسقولوحيس : (طائر) : ١٢٢
أسيداس : ٤
أطرغل ، أطرغلة (ج.
أطروغلات) : ٧٧ ، ٩٦ ، ١١٣
أعوليدس (أعوليذس
، أغوليدسى ، أعويدس) : ٨٣
أفتيدا ، افتدا (حيوان
مائى يلزم الصخور) : ٧٥
أفعى (أفاعى) :
٨ ، ٢٢ ، ٣٨ ، ٦٠ ، ٦٢ ، ١٠٩ ، ١١٩ ، ٤٠١
أقرن : ٢٧
أقسقياس (سمك) :
٣٢
أمن (جنس من
السمك) : ١٣
أموس ، «امرتين»
حيوان له مثانة وليس له كلية) : ٣٢٢
أمياس (سمك) :
٣٥
أناس (طائر
كالأطرغلة) : ٩٧
أنكلاس ،
انكلاسى ، انكلانيس
(سمك) : ٨٨
انكليس (سمك) :
٣٢ ، ٣٥ ، ٦٥ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ٩٦
أوابد الطير :
١٠١ ، ١٠٢
أوز ، أوز مائى
: ٧ ، ٢٧ ، ٣٧ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٤
أولانس ،
أولالنس ، أولاس : (طائر) : ٨٣
ايدون ، ايذون (طائر)
: ٦٤ ، ١٢٥
أيل ، أيلة (أيايل)
: ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٣٤ ، ٥١ ، ٦٢ ، ٦٦ ، ٦٨ ، ٩٨ ، ١٠٨ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١٤٠ ، ٢٧٢ ،
٢٧٤ ، ٣٢٦
|
باريطس (اسم سبع
باليونانية) : ٢٩
بازى (ج بزاة) :
٦ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ١٢٣ ، ١٢٩
باشق (طائر) : ٥
، ٨٤ ، ١١٢
بالاقوس ،
بالاقرس : (طائر مائى) : ١٢٣
باليقى ، فالقى
، فاليقى ، فاليقى :
(حيوان صدفى) :
٥٩
بانكون (طائر) :
٨٣
ببر : ١٠٧ ، ١٠٩
ببغاء : ٣١ ،
١٠٢ ، ١٣٩
البحريات (من
الحيوان) : ٢٣ ، ٢٢٦ ، ٣٢٢
بخت : ٢٦
بربيداس ،
برنيداس ، (سمك) : ٧١
برعرغوس ،
بدعوعوس ، بربرعوس
برعرعوس : (طائر)
: ٨٢
بساطونليس (حيوان
بحرى عريض الذنب) : ٩
بط : ٨٥
بطليس ، بطيس :
١٢٠
بعوض : ٥٩ ، ٣٢٩
بعير : ٢٥
بغل ، بغلة : ٣٤
، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٩ ، ٣٢٥
بق : ٩٦
بقر ، بقرة : ٧
، ٢٧ ، ٢٨ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٤٧ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٦٦ ، ٦٨ ، ٧٣ ، ٨٧ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ٩٩ ،
١٠٦ ، ١٠٨ ، ١١٦ ،
بقرانسى : ٢٦
بقر وحشى : ٢٦
بلح (طائر) : ٢٨
بنات الماء : ٣٢
، ٨٤ ، ٢٧٣
بنى : (سمك) :
٨٩
بوم : بومة : ٢
، ٦ ، ٣١ ، ٣٧ ،
١٠٢ ، ١١٢
بوناسوس ، بوناس
: (من السباع الجبلية ذات القرون المنعقفة) ١٣٨
بياض (سمك) : ٦٩
|
|
البياض (الحيوان
البياض) : ٣٢ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٦٤ ، ٦٥
بيلاموداس ،
سلامودليس ، سلابوداس
سلامودميس (سمك)
: ٧١
بيوا ، بيوم : (سمك)
: ٧١
تدرج (طائر) :
٧٧ ، ١١٣
تمساح (تماسيح)
: ٩ ، ٢٢ ، ٣٠ ، ١٠٢ ، ١١٩ ، ٢٦٥ ، ٣٧٥
تنين ١١٠ ، ١١٢
تيس (تيوس) : ٥٣
، ٩١ ، ١١٦ ، ١١٩ ، ٢٦٠ ، ٢٧٢
ثعلب (ثعالب):
٧،١٠٩، ١١٣ ، ١٢٨ ، ١٣٠
ثعلب بحرى : ٨٧
ثور (ثيران) :
٢٦ ، ٣٨ ، ٥١ ، ٧٣ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ٩٨ ، ١١٣ ، ١٣٨ ، ٢٢١
جاليوس (بجالييوس)
: حيوان
ذو شوك : ٨٦
جاموس (جواميس)
: ٥٢
جراد (الواحدة
جرادة) : ٦٠ ، ٩٦ ، ١٠٤
جرجس : ٩
جرو (أجراء ،
جراء) : ٧٣ ، ٨٧ ، ٨٩ ، ١١٨
جعل (جعلان) : ٩
، ٥٩ ، ١٠٤
جمل (جمال) : ٧
، ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٣٤ ، ٦٨ ، ٨٩،٩٠،٩٩،١٣٨،٢٢١ ، ٢٧٢ ، ٣٧٣
جندبيدستر : ٢٧١
، ٣٨٦
الجوارح (الطير
والسباع ، والواحدة جارحة) : ٥ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٤ ، ٩٦ ، ٩٧ ، ١١١ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ،
جارحة بحرية :
١٣٠
حافظ الشاء : (حيوان
بحرى كالعنكبوت يبلع غيره) : ٧٥
حبارى (طائر) :
١١٩
حجر (أحجار ،
حجورة) : الفرس
الأنثى : ٧٣ ،
٩٠
حجل (طائر) : ٣٨
، ٦٩ ، ٨٢
حدأ (واحدتها :
حدأة): ٢١،٨٣،١٠٢ ، ١١٣
|
الحرباء : ٣٧٦
حردون (ج حرادين)
: ٣١ ، ١٠٩ ، ١١٣ ، ١٢٢ ، ١٣٤
الحردون : دويبة
تشبه الحرباء تكون بناحية مصر وهي مليحة موشاة بألوان ونقط : لسان العرب)
حروميس (جروميس
، خروميس) :
سمك : ٦٢ ، ٦٣
حلزون (حلازين)
: ٣ ، ٩٥ ، ١٢٣
حلزون ملس : ١٢٣
حلقيس (حلعيس ،
حلفس) :
سمك بحرى : ٨٨ ،
١٠٦
حلواريس (طواريس)
: (طائر) : ١٢٥
حمار (حمير) : ٧
، ٢٩ ، ٧٤ ، ٩٩ ، ١٠٧ ، ١١٣
حمار هندى : (كركدن
، وحيد القرن) : ٢٧ ، ٢٧٤
حمام (الواحدة :
حمامة) : ٣٥ ، ٦٤ ، ٧٢ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٤ ، ٩٦ ، ١٠١ ، ١٠٥ ، ١٢٠ ، ١٢٩ ،
١٤٠
حمام أهلى : ٧٧
حمام برى : ١٠٥
حمام وحشى : ٧٧
الحمى (النحمى)
: (حيوان بحرى) : ٨٧
حور (حيوانات
ذات قرن) : ٢٦
حيوان أراضى :
٢٢١
حيوان صلب الجلد
: ٣٩١
حيوان غليظ الدم
، (ويقابله حيوان مائى الدم) : ٢٢١
حيوان لين الجلد
: ٣٩١
حيوان محزز :
١٠٧ ، ٢٤٧
حيوان مطاطئ
الرأس (كما في ذوات الأربع) : ٢٦١
حية (حيات) : ٥
، ٢٧ ، ٣٢ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٦ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٩ ، ٩٧ ، ١٠٢ ، ١٠٤ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ،
١١٠ ، ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٩٧ ، ٢٧٤
حية برية : ٣٢
|
|
حية مائية (أو
بحرية) : ٣٢
خامالاون (الحرباء
الكبير) : ٣٠
خشاف : ٦٣
خطاف (خطاطيف) :
٣ ٥ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٥٠ ، ٧٢ ، ٧٧ ، ١١٢ ، ١٢٠ ، ١٢٦ ، ١٣٤ ، ٤٢٦
خطاف البحر : ٦٣
خفاش (خفافيش) :
٥ ، ٩ ، ١٩٩ ، ٣٨٣
خلد : ٢١ ، ٦١ ،
١٠٨ ، ١١٢
خنزير (خنازير ،
الواحدة خنزيرة) : ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣٤ ، ٤٥ ، ٥٠ ، ٦٣ ، ٦٦ ، ٧٣ ، ٧٤ ،
٨٩ ، ٩٠ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٠٦ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١١٣ ، ١٣٨ ، ١٤٠ ، ٢٧٢ ، ٤٢٤
خنزير اهلى : ٧١
، ٩١
خنزير برى : ٧ ،
٨٩ ، ١٠٨ ٢٢١
خنفساء (خنافس)
: ٣٨ ، ٢٧٤
خنوص (خنانيص) :
٧٤ ، ٤١١
خيل (خيول) : ٢٨
، ٢٩ ، ٥٣ ، ٧٤ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ٩٩ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١١٦ ، ٣٧٣
خيلوس (حلبوس) :
حيوان كثير الأرجل له خزف ، ويطفو فوق الماء : ١٣٠
دب (دببة) : ٢٦
، ٢٧ ، ٥٣ ، ٨٩ ، ١٠٣ ، ١١٨ ، ٣٢٤ ، ٣٢٦ ، ٣٧١
دبر (الدبر :
النحل والزنابير ، وقيل من النحل ما لا يأوى : (لسان العرب) : ١٣١
دجاج : ٦٦ ، ٦٨
، ٧٢ ، ٧٧ ، ٧٩ ، ٨١ ، ٨٤ ، ١٢١ ، ١٢٣ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ٢٦٠ ، ٤١٤ ، ٤١٥
دخال الأذن : ٨
دراج (درايج) :
طائر أرضى : ٣٥ ، ٣٧ ، ٦٤ ، ٧٧ ، ١٠٢ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ٢٦٠
|
دريانيس : نوع
من الخطاطيف : ٥
دلفين (دلافين).
حيوان مائى : ٨ ، ٢٢ ، ٢٨ ، ٣٢ ، ٣٥ ، ٤٦ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٩ ، ٨٧ ، ٩٥ ،
٩٦ ، ١٣٩ ، ٣٢٥ ، ٣٨٣
دلم : (ذكر
القطا) : ٧٢ ، ١٠٥
دود : ٣٨٤ ، ٣٨٥
دود القز : ٣٨٥
ديك (ديكة) : ٦
، ٦٤ ، ١٢٢ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٥٧
ذئب (ذئاب) : ٧
، ٦٩ ، ٨٩ ، ٩٧ ، ٩٩ ، ١٠٠ ، ١١١ ، ١١٨ ، ١٢٩
ذباب : ٥٩ ، ٦٣
، ٦٨ ، ٩٦ ، ٩٧ ، ١٣١ ، ٣٩٣
ذبان : ٦٧ ، ٧١
ذوات الأربع :
٢٧ ، ٣٠
ذوات القرون (من
الحيوان) : ٢٧٤
رخ : ٢٩
رحم ، رخمة : ٨٢
، ٨٤ ، ٨٥ ، ١١٤ ، ١٢٧
رعادة (سمك) :
٨٧ ، ١٢٩
رمكة (رماك) :
٥٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ١٠٧ ، ١١٦ ، ١١٧
زبد (حيوان
يتولد في الطحلب) : ٨٨
زرق (طائر) :
١١٣
زنبور (زنابير)
: ٤ ، ١٢٧ ، ١٣٤ ، ١٣٦ ، ٣٢٩ ، ٤١٨
سارقوس (أوسارفوس)
: سمك : ٩٦
سام أبرص (سوام
أبرص) : ٣٠ ، ٣١ ، ٣٦ ، ٩٧ ، ١٠٨
سبع (سباع) : ١٦
، ١٩ ، ٩٢ ، ٩٧ ، ١٠٣ ، ١٠٩ ، ١١٨ ، ١٣٠ ، ١٣٧ ، ١٣٨
ستينا (حيوان
بحرى) : ٥٥ ، ٥٦ ، ٧٢ ، ٧٦ ، ٣٧٠
سحريرس (طائر
كثير البيض) : ٤١٥
سرطان (سراطين ،
سرطانات) : ٩ ، ٥٤ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٥٨ ، ٧٠ ،
|
|
٧٤ ، ٧٥ ، ٩٧ ،
١٠٥ ، ١١٧ ، ٣٧٠ ، ٣٧١
سرطان لجى (ويقابله
الشطى) : ٣٧٠
سرطان هرقلى :
٥٧
سرى (سمك) : ٦٢
سفانج : ٥٥ ، ٥٦
، ٦٢ ، ٧٠ ، ٧٢ ، ٩٤ ، ٩٥ ،
سلحفاة : ٥٧ ،
٦٣ ، ١٠٤ ، ١١٩ ، ٢٤٧ ، ٣٢٢ ، ٣٩١
سلحفاة بحرية ،
سلحفاة برية : ٦٩
سلحفاة مائية :
٣
سلاسى (حيوان
بحرى) : ٨ ، ٩ ، ٣٢ ، ٣٨ ، ٤٦ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٩ ، ٦١ ، ٨٧ ، ٨٩
سمك : ٤ ، ٨ ، ٩
، ٢٦ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٦ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ،
٦٦ ، ٦٧ ، ٧١ ، ٧٥ ، ٨٦ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٥ ، ١١٠ ، ١٢٥ ،
١٢٩ ، ١٧٦ ، ٢٦٠ ، ٢٧٣ ، ٣٢٣ ، ٣٢٥ ، ٣٣٥ ، ٣٧٠ ، ٣٧٥ ، ٣٨٢ ، ٣٨٣ ، ٣٨٦ ، ٣٩١ ،
٤١٥ ، ٤١٧
سمك أملس : ٨٧
سمك بحرى : ١٠٢
سمك جاسئ الجلد
: ٢٦٠
سمك شطى (ويقابله
: سمك لجى) : ١٠٢ ، ١٠٥
سمك قاطع (يرحل
من بحر الى بحر) : ١٠٢
سمك قشرى : ٨٧
سمك نقيعى (نقائعى)
: ٨٧ ، ١٠٦ ، ١١٠
سمك نهرى : ٦١ ،
٦٢ ، ٨٧ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١١٠
سيسالونفس (طائر)
: ٧٩
سيقال ...
سيقالة (أو ميقال) : سمك يضع : ٨٨
شاة ، شاء : ٥٣
، ٧٤ ، ٩١ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٦
|
الشاهين (طائر)
: ٣٨١
شبل : ٤١٥
شقراق (طائر) :
٣٧ ، ١١٣ ، ١٢٢
شيهم : ٨
صرار ، صرار
الليل : ٦٠ ، ٦٣ ، ١٠٤ ، ١٠٧ ، ١٠٨
ضب (ضباب) : ٢٦
، ٦٦
الضبع : ٦
ضفدع : ٤،٥ ،٩ ،
٣٢، ٦٣ ،٦٦،٨٩ ، ١٠٨
ضفدع أجمى : ١٣٤
ضفدع بحرى : ١٢٩
ضفدع نهرى : ١٣٤
طاعرنس (أو
طاعرس ، طاغرش) : ١٠٩
طاوس : ٧ ، ٧٩ ،
٨٥
طاويناس (طابيقراس)
: ٣٧٠
طائر أرض (الذي
لا يحلق) : ٢٦٠
طائر جبلى : ١٢٣
طائر نقيعى :
١٢٣
طربيداس (أو
طوبيداس) : ٥٥
طرغلة (طائر) :
٧٢
طرغلى (حيوان
بحرى) : ٩٥
طوبو : ٥٥
طوميداس (حيوان)
: ٥٦
طير : ٧٨ ، ٩٧ ،
١٠١ ، ١٢٣ ، ١٢٩ ، ٢٦٠
طير البحر : ٩٧
طير البر : ٩٧
طير الماء ، طير
الشطوط : ٧٨ ، ٩٧ ، ١٠١ ، ١٢٣ ، ١٢٩
طيهوج (طائر) :
٧٧
ظبى (ظباء) : ٢٦
، ٢٩
عالاموى (عالاموبى)
: ٨٦
عبقروس : ١٣٠
عبقرى : ٩٤ ، ٩٥
العجاجيل : ٤٣٢
عجل : ٩٩
عرس (ابن عرس) :
٦ ، ٢٨
عرون (قرون) : «طير
بحرى» : ٧١
عساكر الطير :
٨٢
|
|
عشغ (غشف) : «نوع
من البقر في تركيا» : ٢٦
عصفور (عصافير)
: ٣٥ ، ٣٧ ، ٨٤ ، ٩٦ ، ١١٢ ، ١٢١ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٤٠
عصفور الشوك :
١١٣
عصفور أهلى :
١٢١
عظاية : ٢٦ ،
١٠٧ ، ١٣١
عظاية بحرية :
٣٥
عفارين ، عفورين
(عقورين ، عقربين ، عصفورين) : ٥٦ ، ٧٤ ، ١١٠
عفوس (عفويس ،
عقريس ، عيوس) : ٩٥
عقاب (عقبان) :
٢ ، ٥ ، ٨٢ ، ٨٣ ، ٩٧ ، ١١٢ ، ١١٤ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٢٩
عقاب بحرى : ١٢٩
عقرب (عقارب) :
٢٩ ، ٥٩ ، ١٠٩ ، ٣٢٩ ، ٣٨٥
عقرب بحرى : ٧١
عقرب برى : ٢٩
عقروس : ٣٥
عقعق (طائر) :
١١٢ ، ١١٩
علق (معاء الأرض)
: ٨٨
علوفس : «طائر
محاك» : ١٠٢
عندليب : ١٤٠
عنز : ٣٤ ، ٧٣ ،
١٠٨
عنز برى : ١٠٨
عنكبوت (عناكب)
: ٢ ، ٨ ، ٥٨ ، ٧٠ ، ٩٧ ، ١٠٥ ، ١٠٧ ، ١١٣ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، ١٣٥
العنكبوت الأنثى
: ٧٠
عى (سمى أيضا
بالعى أو بالغى) :
حيوان بحرى : ٩٣
غداف (غدفان) :
٣٧ ، ٨٣ ، ١١٢ ، ١١٣
غراب (غربان) :
٣٧ ، ٥٠ ، ٣ ، ١٠١ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ٤١٧
غراب الماء : ٩٧
غرنوف (غرانيق)
: طائر : ٥ ، ٤٩ ، ٦٨ ، ١٢٣ ، ١٢٤
|
غزال (غزلان) :
٢٧٤
غنم : ٢٧ ، ٩١ ،
١٠٠ ، ١٠٨ ، ١١٦
فأر : ٥٠ ، ١٠٣
، ١٠٨ ، ١٠٩ ،
فاختة (فواخت) :
٧٢ ، ٧٧ ، ٨٢ ، ١٠١
فاربوا (فارابو
، مارانوا ، فارانو) : حيوان مائى له ذنب يسبح به : ٥٦ ، ٧٦ ، ٩٤ ، ٩٥ ، ١٠٤ ، ٣٧٠
فحل (فحول) : ٧٣
، ٩١ ، ٩٢
فراش (الواحدة
فراشة ، من المخززات) : ٦٧ ، ٦٨ ، ١٠٧ ، ٣٨٥ ، ٣٩٣ ، ٤١٧
فرخ (فراخ) : ٧٧
، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٣ ، ٨٤ ، ٨٦ ، ٩٧ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٢٤ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٣٢ ، ١٣٣
، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ٤١٤
فرس : ٢ ، ٣ ،
٢٢ ، ٢٦ ، ٣٤ ، ٧٤ ، ٩٠ ، ٩٢ ، ١٠٧ ، ١١٣ ، ١٣٤ ، ١٣٩ ، ١٥٢ ، ١٨١ ، ٣٢٥ ، ٤٢٥
فرس أيل (يظن
أنه نوع من البقر) : ٢٦
فرس نهرى : ٢٩
فرسان : (جنس
صغار من السراطين ، ونمل كبار) : ٥٦ ، ١٠٨
فرفير : سمك
يتوالد في الطحلب : ٨٨
فرنيدس (فرندس ،
فونيدس)
طائر : ١٢٤
فروج (فراريج) :
٧٨ ، ١٤٠ ، ١٨٢
فصا : طائر كثير
التلحين : ١٢٤
فصوص : جنس من
النحل : ١٣٣
فطوقوسى (طائر) (بطونوس
، فطووس ، فطوفوس) : ٧٢ ،
فلو : الجحش
والمهر اذا فطم : ١١٦ ١١٧
فنجوا (فيحو) :
٥٦
فهد (فهود) : ٦
، ٦٨ ، ١٠٨ ، ١١١ ، ١١٨
فوار (قوار) :
طائر : ١٢٤
|
|
فوبوزا (فونوزا
، فوبورا ، قوروبوا ، فوبوروا) : ٦٢
فوريدوس (فوريدس)
: طائر : ١٢٢
فوطولس : ١١٣
فوفكس (طائر) :
١٢٥ ، ١٢٦ ،
فيفل (فيلة) : ٣
، ٦ ، ٧ ، ٢٢ ، ٢٥ ، ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٦٨ ، ٧٤ ، ٨٩ ، ٩٩ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١١٤ ،
١١٥ ، ٢٦٣ ، ٢٧٢ ، ٢٩١ ، ٣٢٥ ، ٣٧٣ ، ٣٩١ ، ٤٠٢
فيل انسى : ١١٤
فيل وحشى : ١١٤
فينى : (قينى ،
تبنى) : طائر ، كاسر للعظام : ٨٣ ، ١٢٨
قاسانى (ماسانى)
: طائر : ٧٨
قاضة (باضية ،
قاصية ، قاضية) :
حيوان بحرى : ٨٧
قاقى (طائر أبيض)
: ١١٤ ،
قبا (قلا) : ١٣٠
قبج (قباج) :
طائر : ٦٩ ، ٧٧ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٥ ، ١٢١ ، ١٢٢ ، ١٤٠ ، ٤١٤
قراقرسلدون : ٦
قرد (قرود) : ٧
، ٢٩ ، ٣٠ ،
٢٩١ ، ٢٧١
قرد خنزير : ٣١
قسطربوس ، (قسطرفوس)
،
فسطنوس) : سمك :
٩٥
قسطروس (فسطروس
، مسطروس قسطر) : سمك : ٦٢ ، ٧٢ ،
قطا (طائر) : ٥
، ٧٢ ، ١٠٢ ، ١٢٢
قمل : ٦٧ ، ١٠٠
، ١٠٦
قنبرة (عصفور
ملحن) : ٧٧
قنفذ(قنافذ) :
٤٨ ، ٧٢ ، ١٠٣ ، ١٢٠ ، ٣٩١
قنفذ بحرى : ٦٨
، ٣٢٨
قنفذ برى : ٦٨
قوس قوس : طائر
: ١٢٥
قوعى (فوعى) :
١٣٠
قوقنس ، قرقيس (طائر
قليل البيض) : ٤١٥
|
قوقى : (حيوان
مائى ولود) : ٢٦ ، ٢٩ ، ٣٦ ، ٨٧ ، ٩٨ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٣٧٥
قوقيس (قوويس
فرقيس ـ قوبيس) : سمك ٩٥ قونة تيس فينتى ، قونة عيش فوقة) : سمك بحرى : ٨٨
قيقال (قيفال) :
«سمك» : ٩٥ ، ١٠٥
كاسر العظام : (طائر
يقال له فينى) : ١٢٨
كبش (كباش) : ٧٣
، ٨٩ ، ٩١ ، ٩٥ ، ١١٦
كبوك ، (كنوك) :
طائر : ٨٣ ، ١٢٥
كركدن : ٢٧ ،
٣٧٤
كركى (كراكى) :
طائر : ٥ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ٣٨٣
الكلاب السلوقية
: ٤٣١
كلب : ٢٥ ، ٢٦ ،
٢٩ ، ٣٠ ، ٣٤ ، ٤٧ ، ٥٣ ، ٦٩ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩١ ، ٩٧ ، ٩٨ ، ١٠٦ ، ١٠٩ ،
١١٨ ، ١٢٠ ، ١٣٨
كلب بحرى ، كلب
مائى : ٨٦ ، ٨٧
كلب سلوقى : ١٠٩
كلب هندى : ١٠٩
كنجريش (تنحريس)
: طائر : ٧٨
كوحكس (لوجكش) :
طائر : ٨٣
لاقط الحب (من
الطير) : ٢٧٣
لبنون (جنس من
النحل مغتال للنحل العسالة) : ١٣٣
اللبؤة : ٣٧٣ ،
٤١٥
لقلق (لقالق) :
طائر : ١١٤ ، ١٢٠
لقوة : طائر
عظيم : ٨٣
ليث : «صياد
الذباب» : ١٣١
مار ما هى : (حيوان
مائى لا أجنحة له يسبح بلى بدنه) : ٣٢ ، ٣٨٣
ماروش (ملدقوش)
: طائر : ١٢٤
الماعز : ٢٧٣ ،
٤٢٤
مالاأعريداس :
طائر : ٧٨
|
|
مالاقيا : حيوان
بحرى عظيم الجثة : ٩ ، ٢٣ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٧٠ ، ٩٥ ، ١١١ ، ١٣٠ ، ٢٢٦ ، ٢٤٧
مالك الحزين (طائر)
: ٣٨٣
مانعة السفن :
سمك : ٣٣
ما واليقى : ٤
محرز (عضو محرز)
: ٢٣٩ ، ٢٤٧ ، ٢٦٥
مسطقيطوس ، (مسطيطرس
، سطندس ، طيدس) : ٥٠
مسطوا (مسطو) :
٥٩
معاء الأرض (علق)
: ٨٨
معزى ، معز ،
ماعز : ٥٣ ، ٦٨ ، ٩٠ ، ٩١ ، ١٠٨ ، ١١٦ ، ١٢٦ ،
ماعز برى : ١١٨
معقف الأسنان :
٢٧١
مفلس الجلدة ،
مفلس الجلد : ٢٢ ، ٩٧
مكاء : طائر
يسمى غراب الماء : ٩٧
ملك النحل : ١٣٢
، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ٤١٨
مهر : ٧٣ ، ٣٧١
موبرتيرس (موبرترسى
، موبرتييرس)
صنف من السمك :
٨٨
مولاس (موسداس ،
يوسلاس) : طائر جبلى ، والاسم بمعنى راضع
المعزى : ١٢٦
موغالى : حشرة
تلسع الخيل والبهائم ١٠٧
نارقى (نارقا) :
«سمك رعاد» : ٨٦
ناقة : ٦٨
نجائب : ٢٦
نجم : حيوان
خزفى : ٧٥
نحام : طائر :
٧٨
نحل (نحلة) : ٤
، ٥ ، ٦ ، ٨ ، ٩ ، ٥٠ ، ٦٠ ، ١٠٧ ، ١٢٧ ، ١٣١ ، ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٣٦ ،
٤١٨
نحل أهلى : ١٣٥
نحل عسال : ١٣٣
، ١٣٥
|
ندس : «من
السباع المحبة الناس» ١٣٨
نسر (نسور) :
١١٤ ، ١٢٢
نعام : (الواحدة
نعامة) ٧٩ ، ٣٨٣
النعجة : ٢٧٢
نقار الخشب ،
ناقر الخشب : طائر : ٩٦ ، ١٢٢
النمر : ٦ ، ١١٤
، ٣٧٢
نمس : ١٢٠
نمل : ٥ ، ٥٤ ،
٦٢ ، ٧١ ، ٩٧ ، ١٠٨ ، ١٣١
هدهد : ٧٧ ، ١٢٥
|
|
هر ، هرة : ٦
هماى : (فارسية
، طائر يظن أنه الذي يسمى بالعربية البلح) : ١٢٨
هوام : ٩٧ ، ١٠٩
ودا (وزا ، ورا)
: سمك : ٦٣
وز : طائر : ٧٩
وصع : طائر : ٩٦
وينى (ونى) :
حيوان بحرى : ٧١
يمام : ٣٨
|
|