


(البدل)
(تابع مقصود
بما نسب إلى المتبوع أي : يقصد النسبة إليه بنسبة ما نسب إلى المتبوع (دونه) أي دون المتبوع ، أى : لا تكون النسبة إلى المتبوع
مقصودة ابتداء بنسبة ما نسب إليه ، بل تكون النسبة إليه توطئة وتمهيدا للنسبة إلى
التابع سواء كان ما نسب إليه مسندا إليه أو غيره ، مثل : (جاءني زيدا أخوك) و (ضربت
زيدا أخاك) و (مررت بزيد أخيك).
واحترز بقوله :
(مقصود) بما نسب إلى المتبوع عن النعت والتأكيد وعطف البيان ؛
__________________
لأنها لست مقصودة بما نسب إليه بل المتبوع مقصود به.
وبقوله : (دونه)
احترز عن العطف بحرف ، فإن المتبوع فيه مقصود بما نسب إليه مع التابع.
ولا يصدق الحد على المعطوف ب : (بل) لأن متبوعه مقصود ابتداء ،
ثم بدا له ، فأعرض عنه وقصد المعطوف ، وكلاهما مقصودان بهذا
المعنى .
فإن قيل : هذا
الحد لا يتناول البدل الذي بعد (إلّا) مثل : (ما قام أحد إلا زيد) فإن زيدا بدل من أحد ، وليس
نسبة ما نسب إليه من عدم القيام مقصودة بالنسبة إلى (زيد) بل النسبة
المقصودة بنسبة ما نسب إلى (أحد) نسبة القيام إلى (زيد) .
قلنا : ما نسب
إلى المتبوع هاهنا القيام ، فإنه نسب إليه نفيا ونسبة القيام بعينه إلى التابع
مقصودة ، ولكن إثباتا ، فيصدق على زيد أنه تابع مقصود نسبته بنسبة ما نسب
__________________
إلى المتبوع ، فإن النسبة المأخوذة في الحد أعم من أن يكون بطريق الإثبات أو
النفي.
ويمكن أن يقصد
بنسبته إلى شيء نفيا ، نسبته إلى شيء آخر إثباتا ، ويكون الأول توطئة للثاني .
(وهو) أى :
البدل أربعة أنواع :
(بدل الكل) أى : بدل هو كل المبدل منه.
(وبدل البعض) أي : بدل هو بعض المبدل منه ، فالإضافة فيهما مثليهما
في (خاتم فضة).
(و) بدل (الاشتمال)
أي : بدل مسبب غالبا عن اشتمال أحد المبدلين على
__________________
الآخر ، أما اشتمال البدل على المبدل منه ، نحو : (سلب زيد ثوبه) أو بالعكس
، نحو : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ).
(وبدل الغلط) أي : بدل مسبب عن الغلط.
فالإضافة في الأخيرين من قبيل إضافة المسبّب إلى السّبب لأدنى
ملابسة (فالأول)
أي : بدل الكل (مدلوله مدلول الأول) يعني : متحدان ذاتا ، لا أن يتحد مفهوماهما ليكونا مترادفين ، نحو : (جاءني زيد أخوك).
ف : (زيد)
للتأكيد و (أخوك) وإن اختلفا مفهوما ، فهما متحدان ذاتا.
قال الشارح
الرضي : وأنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جلي بين بدل الكل من الكل وبين عطف البيان ، بل لا أرى عطف
البيان إلا بدل الكلّ .
__________________
وما قالوا : من
أن الفرق بينهما أن البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف عطف البيان فإنه
بيان والبيان فرع المبين ، فيكون المقصود هو الأول.
فالجواب : أنا لا نسلم أن المقصود في بدل الكل هو الثاني فقط ،
ولا في سائر الأبدال ، إلا الغلط .
وقال بعض
المحققين في جوابه : الظاهر أنهم لم يردوا أنه ليس مقصودا بالنسبة أصلا بل أرادوا
أنه ليس مقصودا أصليا.
والحاصل أن مثل
: قولك : (جاءني زيد أخوك) أن قصدت فيه الإسناد إلى الأول، وجئت بالثاني تتمة له
وتوضيحا ، فالثاني عطف بيان ، وإن قصدت فيه الإسناد إلى الثاني، وجئت بالأول توطئة له مبالغة في الإسناد فالثاني بدل ، وحينئذ يكون التوضيح الحاصل به مقصودا تبعا ،
والمقصود أصالة هو الإسناد إليه بعد التوطئة ، فالفرق ظاهر.
(والثاني) أي بدل البعض (جزؤه) أي : جزء المبدل منه نحو : (ضربت زيدا رأسه).
(والثالث) أي : بدل الاشتمال (بينه وبين الأول) أي : المبدل منه (ملابسة)
__________________
بحيث توجب النسبة إلى المتبوع النسبة إلى الملابس إجمالا ، نحو : (أعجبني
زيد علمه) حيث يعلم ابتداء أنه يكون (زيد) معجبا باعتبار صفاته لا باعتبار ذاته ،
وتتضمن نسبة الإعجاب إلى (زيد) نسبة إلى صفة من صفاته إجمالا ، وكذا في (سلب
زيد ثوبه) بخلاف (ضربت زيدا حماره) و (ضربت زيدا غلامه) لأن نسبة الضرب إلى زيد
تامة ولا يلزم في صحتها اعتبار غير (زيد) فيكون من باب بدل الغلط.
(بغيرهما) أي : تكون تلك الملابسة بغير كون البدل كل المبدل منه أو جزءه ، فيدخل فيه ما إذا كان المبدل منه جزءا من البدل ، ويكون
إبداله منه بناء على هذه الملابسة ، نحو : (نظرت إلى القمر
__________________
فلكه) والمناقشة بأن القمر ليس جزءا من فلكه ، بل هو مركوز فيه ، مناقشة في المثال.
ويمكن أن يورق لمثاله مثل : (رأيت درجة الأسد برجه) فإنه لا مجال لهذه المناقشة فيه.
فإن البرج
عبارة عن مجموع الدرجات.
وإنما لم يجعل
هذا البدل قسما خامسا ولم يسم ببدل الكل عن البعض ، لقلته وندرته ، بل قيل ، لعدم وقوعه في كلام العرب ، فإن هذه الأمثلة
مصنوعة.
(الرابع) أي : بدل الغلط (أن تقصد) أي : يكون بأن تقصد أنت (إليه) أي : إلى
__________________
البدل من غير اعتبار ملابسة بينهما (بعد أن غلطت بغيره) أي : بغير البدل وهو منه.
(ويكونان) أي :
البدل والمبدل منه (معرفتين) نحو : (ضرب زيد أخوك) (ونكرتين) نحو : (جاءني رجل
غلام لك) (ومختلفين نحو : (بِالنَّاصِيَةِ
ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ١٥ ـ ١٦] ، و (جاء رجل غلام زيد).
(وإذا كان
البدل نكرة) مبدلة (من معرفة فالنعت) أي : نعت البدل النكرة ، لئلا يكون المقصود أنقص من غير
المقصود من كل وجه فأتوا فيه بصفة لتكون كالجابر لما فيه من نقص النكارة ، مثل : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) ، (ويكونان ظاهرين) نحو : (جاءني زيد أخوك).
(ومضمرين) نحو : (الزيدون لقيتهم إياهم).
__________________
(ومختلفين) نحو
: (أخوك ضربته زيدا) و (أخوك ضربت زيدا إيّاه).
(ولا يبدل ظاهر من مضمر بدل الكل) إلا من الغائب ، مثل : (ضربته زيدا) لأن المضمر
المتكلم والمخاطب أقوى وأخص دلالة من الظاهر ، فلو أبدل الظاهر منهما بدل الكل
يلزم أن يكون المقصود أنقص من غير المقصود ، مع كون مدلوليهما واحد بخلاف بدل
البعض والاشتمال والغلط.
فإن المانع
فيها مفقود إذ ليس مدلول الثاني فيها مدلول الأول ، فيقال : (اشتريتك نصفك) و (اشتريتني
نصفي) و (أعجبني علمك) و (أعجبتك علمي) و (ضربتك الحمار) و (ضربتني الحمار).
(عطف البيان)
(تابع) شامل
لجميع التوابع (غير صفة) احترز به عن الصفة (يوضح متبوعه) احترز به عن البدل والعطف بالحروف والتأكيد.
ولا يلزم من
ذلك أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه بل ينبغي أن يحصل
__________________
من اجتماعهما إيضاح لم يحصل من أحدهما على الإنفراد ، فيصح أن يكون الأول
أوضح من الثاني مثل :
أقسم بالله أبو حفص عمر
فأبو حفص كنية
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، وعمر عطف بيان له وقصته : أنه أتى أعرابي إلى عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، فقال : إنّ أهلي بعيد وإنّي على ناقة دبراء ، عجفاء ،
نقباء واستحمله فظنه كاذبا ، فلم يحمله ، فانطلق الأعرابي ، فحل بعيره ، ثم
استقبل البطحاء ، وجعل يقول وهو يمشي خلف بعيره :
أقسم بالله
أبو حفص عمر
|
|
ما مسّها من نقب ولا
دبر
|
اغفر
له اللهم إن كان فجر
|
وعمر مقبل من
أعلى الوادي ، فجعل إذا قال :
اغفر له اللهم إن كان فجر
قال : اللهم
صدق حتى التقيا ، فأخذ بيده ، فقال : ضع عن راحلتك فوضع فإذا هي نقبة عجفاء ،
فحمله على بعير وزوده وكساه.
(وفضله) أي :
فرقة (من البدل لفظا) أي : من حيث الأحكام اللفظية واقع في مثل :
__________________
أنا ابن التارك البكريّ بشر
فإن قولك : (بشر)
إن جعل عطف بيان ل : (البكري) جاز ، وإن جعل بدلا منه لم يجز ؛ لأن البدل في حكم
تكرير العامل ، فيكون التقدير : أنا ابن التارك بشر ، وهو غير جائز
كما ذكر فيما سبق في (الضارب زيد) وآخره :
عليه الطير ترقبه وقوعا
و (عليه الطير) ثاني مفعولي (التارك) إن جعلناه بمعنى (المصير) وإلا فهو حال ، وقوله (ترقبه) حال من (الطير) إن كان
فاعلا ل : (عليه) وإن كان مبتدأ فهو حال من الضمير المستكن في (عليه).
و (وقوعا) :
جمع واقع ، حال من فاعل (ترقبه) أي : واقع حوله ، ترقبه لإزهاق
__________________
روحه ؛ لأن الإنسان مادام به رمق ، فإن الطير لا يقربه.
وأما الفرق المعنوي بينهما فقد تبين فيما سبق.
والمراد بمثل :
أنا ابن التارك البكريّ بشر
كل ما عطف بيان
للمعرف باللام الذي أضيف إليه الصفة المعرفة باللام نحو : (الضارب
الرجل زيد) ويمكن أن يراد به ما هو أعم من هذا الباب ، أي : كل ما خالف حكمه إذا كان عطف بيان حكمه إذا كان
بدلا ، فيتناول صورة النداء أيضا ، فإنك تقول : (يا غلام زيد وزيدا) بالتنوين ، مرفوعا
حملا على اللفظ ، منصوبا حملا على المحل إذا جعلته بيان ، و (يا غلام زيد) بالضم
إذا جعلته بدلا.
والمعنى الأول أظهر ، والثاني أفيد.
__________________
(المبني)
أي : الاسم المبني وهذا الحد لا يصح إلا لمن يعرف ماهية المبني على الإطلاق ولا يعرف الاسم المبني ، إذ لو لم
يعرفها لكان تعريفا للمبني بالمبني ؛ لأنه ذكر في حدّ المبني لفظ المبني.
(ما ناسب) أي : اسم ما ناسب (مبني الأصل) وهو الحرف والفعل الماضي والأمر بغير اللام.
__________________
والمراد بالمشابهة المنفية في تعريف المعرب هو هذه المناسبة .
ولقد فصل صاحب
المفصل هذه المناسبة ، بأنها إمّا بتضمن الاسم معنى مبني الأصل مثل : (أين) فإنه يتضمن معنى
همزة الاستفهام ، أو بشبهه له كالمبهمات ، فإنها تشبه الحروف في الاحتياج إلى الصلة أو الصفة أو غيرهما ، أو وقوعه موقعه ، ك : (نزال) فإنه واقع
موقع (إنزال).
أو مشاكلته
للواقع موقعه ك : (فجار) أو وقوعه موقع ما أشبهه كالمنادى المضموم فإنه واقع موقع
كاف الخطاب المشابه للحرف في نحو : (أدعوك) أو إضافته إليه كقوله تعالى : (مِنْ عَذابِ
يَوْمِئِذٍ) [المعارج : ١١] فيمن قرأ بالفتح .
(أو وقع غير
__________________
مركب) مع غير على وجه يتحقق معه عامله.
فعلى هذا
المضاف من المركبات الإضافية المعدودة (كغلام زيد ، وغلام عمرو ، وغلا بكر) مبني والمضاف إليه معرب.
ولما كان المبني مقابلا للمعرب ، واعتبر في المعرب أمران :
التركيب ، وعدم المشابهة لمبني الأصل كان المبني ما انتفى فيه مجموع هذين الأمرين
إما بانتفائهما معا أو بانتفاء أحدهما فقط.
فكلمة (أو)
هاهنا لمنع الخلو ، وإنما اختلف ترتيب ذكر المشابهة والتركيب في تعريفي المعرب
والمبني تقديما وتأخير إيثار لتقديم ما مفهومه وجودي لشرفه.
(وألقابه) أي : ألقاب من حيث حركات
__________________
أواخر وسكونها عند البصريين .
(ضم وفتح وكسر)
للحركات الثلاث (ووقف) للسكون وإما الكوفيون فيذكرون ألقاب المبني في المعرب
وبالعكس .
والمراد : أن
الحركات والسكنات البنائية لا يعبر عنها البصريون إلا بهذه الألقاب لا أن هذه الألقاب لا يعبر بها إلا عنها ؛ لأنهم كثيرا ما
يطلقونها على الحركات الإعرابية أيضا ، كما مر في صدر الكتاب ، حيث قال : بالضمة رفعا
والفتحة نصبا والكسرة جرا ، وعلى غيرها كما يقال : الراء في (رجل) مثلا مفتوحة
الجيم مضمومة.
(وحكمه) أي : حكم المبني وأثره المترتب على بنائه (ألا يختلف آخره) أي: آخر المبني لكن لا مطلقا بل (لاختلاف العوامل)
إذ قد يختلف آخره لا لاختلاف
__________________
العوامل نحو : (من الرجل) و (من امرئ) و (من زيد).
(وهي) أي :
المبني ـ والتأنيث ، باعتبار الخبر ـ (المضمرات وأسماء الإشارة والموصولات والمركبات الكنايات وأسماء الأفعال والأصوات) بالرفع عطف على أسماء الأفعال
، لا على الأفعال لتصديره بحث الأصوات فيما بعد بالأصوات لا بأسماء
الأصوات.
(وبعض الظروف)
وإنما قال : بعض الظروف ؛ لأن جميعها ليست بمبنية بل بعضها.
فهذه ثمانية
أبواب في بيان الأسماء المبنية ولا بد لكل واحد منها من علة البناء ؛ لأن
الأصل في الأسماء الأعراب.
وإذا كان مبنيا
على الحركة فلا بد عند ذلك من علتين أخريين :
أحدهما : علة
البناء على الحركة فإن الأصل في البناء السكون.
__________________
والأخرى :
للحركة المعنية أنها لما اختيرت دون الباقيتين .
(المضمر)
(ما وضع لمتكلم) من حيث إنه متكلم يحكي عن نفسه.
(أو مخاطب) من
حيث أنه مخاطب يتوجه إليه الخطاب.
وقيل : المراد
بالمتكلم من يتكلم به والمخاطب : من يخاطب به ، فإن (أنا) موضوع لمن يتكلم به ، و
(أنت) لمن يخاطب به ، ويخرج بهذا القيد لفظ (المتكلم) و (المخاطب) فإن الأسماء الظاهرة كلها موضوعة للغائب مطلقا. (أو غائب تقدم
__________________
ذكره) ويخرج بهذا القيد الأسماء الظاهرية ـ أن كانت موضوعة للغائب مطلقا ـ إذ
ليس تقدم ذكر الغائب شرطا فيها.
(لفظا أو معنى
أو حكما) أراد بالتقدم اللفظي : ما يكون المتقدم ملفوظا ، إما متقدما تحقيقا
مثل : (ضرب زيد غلامه) أو تقديرا ، مثل : (ضرب غلامه زيد).
وبالتقدم
المعنوي : أن يكون المتقدم مذكورا من حيث المعنى لا من حيث اللفظ ، وذلك المعنى إما مفهوم من لفظ بعينه كقوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) فإن مرجع الضمير هو العدل المفهوم من قوله تعالى : (اعْدِلُوا.)
فكأنه متقدم
__________________
من حيث المعنى ، أو من سياق الكلام ، كقوله تعالى (وَلِأَبَوَيْهِ) [النساء : ١١] ؛ لأنه لما تقدم ذكر الميراث دلّ على أن ثمة مورثا فكأنه
تقدم ذكره معنى.
وأما التقدم الحكمي فإنما جاء في ضمير الشأن والقصة ؛ لأنه إنما جيء به من غير أن يتقدم ذكره قصدا
لتعظيم القصة بذكرها مبهمة ليعظم وقعها في النفس ثم تفسيرها فيكون ذلك أبلغ من
ذكره أولا مفسرا صار كأنه في حكم العائد إلى الحديث المتقدم المعهود بينك وبين
مخاطبك وكذا الحال في ضمير (نعم رجلا زيد) و (ربه رجلا). (هو) أي : المضمر بالنظر إلى
ما قبله قسمان :
(متصل ، ومنفصل
فالمنفصل المستقل بنفسه) غير محتاج إلى كلمة أخرى قبله ليكون كالجزء منها ، بل
هو كالاسم الظاهر سواء كان مجاورا لعامله ، نحو : (ما
__________________
أنت منطلقا) عند الحجازية ، أو غير مجاور له نحو : (ما ضربت إلا إيّاك).
(والمتصل غير
المستقل بنفسه) المحتاج إلى عامله الذي قبله ليتصل به ويكون كالجزء منه. (وهو) أي
: المضمر باعتبار الإعراب أقسام : (مرفوع ومنصوب ومجرور) لقيامه مقام الظاهر ، وانقسام الظاهر إليها. (فالأولان) أي :
المرفوع والمنصوب كل واحد منهما قسمان : (متصل) لأنه الأصل (ومنفصل) لمانع من الاتصال (والثالث) أي : الضمير المجرور (متصل) فقط ؛ لأنه لا مانع فيه من الاتصال الذي هو الأصل، وستعرف المانع من الاتصال إن
شاء الله تعالى. (فذلك) أي : المضمر (خمسة أنواع) المرفوع المتصل والمنفصل
والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل.
النوع (الأول) يعني : المرفوع المتصل ضمير (ضربت) على صيغة المتكلم الواحد المعلوم الماضي (وضربت)
__________________
على صيغة المتكلم الواحد المجهول الماضي المنتهيين : أولهما (إلى ضربن) على صيغة جمع الغائبة المعلوم الماضي وثانيهما إلى (ضربن) على صيغة جمع الغائبة المجهول الماضي.
وإنما بدأ
بالمتكلم ؛ لأن ضمير المتكلم أعرف ، وأخر ضمير الغائب ؛ لأنه دون الكل وصورة
التصريف هكذا : ضربت ، ضربنا ، ضربت ، ضربتما ، ضربتم ، ضربت ، ضربتما ، ضربتنّ ،
ضرب ، ضربا ، ضربوا ، ضربت ، ضربتا ، ضربن ، وعلى هذا قياس المجهول.
(و) النوع (الثاني) أي : المرفوع
المنفصل (أنا إلى هنّ)
: أنا نحن ، أنت أنتما، أنتم ، أنتما ، أنتن ، هو ، هما ، هم ، هي ، هما ، هنّ ، الضمير في (أنت) إلى (أنتن)
هو (أن) إجماعا والحروف الأواخر لواحق دالة على أحواله من الأفراد
والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.
__________________
(و) النوع (الثالث)
أي المنصوب المتصل ، وهو قسمان :
القسم الأول المتصل بالفعل (نحو : ضربني إلى ضربهن) ضربني ضربنا ضربك ضربكما ضربكم
ضربك ضربكما ضربكن ضربة ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربهن.
(و) القسم الثاني المتصل بغير الفعل نحو : (إنني) إننا إنك إنكما إنكم إنك إنكما إنكن إنه (إلى
إنهن).
(و) النوع (الرابع) أي : المنصوب
المنفصل (إياي) إيانا ، إياك ، إياكما ، إياكم إياك ، إياكما ، إياكن إياه (إلى
إياهن).
وفي (إياي)
اختلافات كثيرة والمختار أن الضمير هو (إيا) ولواحق للدلالة على المتكلم والخطاب والغيبة والإفراد
والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.
(و) النوع (الخامس)
(غلامي) مثال المتصل بالاسم ، (ولي) مثال المتصل بالحرف : غلامي ،
غلامنا ، غلامك ، غلامكما ، غلامكم ، غلامك ، غلامكما ، غلامكم ، غلامه (ولي ، لنا
، لك ، لكما) (إلى لهنّ).
وكان القياس أن تكون ضمائر كل من المتكلم والمخاطب والغائب ستة
لكنهم
__________________
وضعوا للمتكلم لفظين يدلان على ستة معان ك : (ضربت) و (ضربنا).
فضمير (ضربت)
مشترك بين الواحد المذكر والمؤنث ، وضمير (ضربنا) مشترك بين الأربعة : المثنى
المذكر ، والمثنى المؤنث ، والمجموع المذكر ، والمجموع المؤنث.
ووضعوا للمخاطب
خمسة ألفاظ أربعة غير مشتركة ، وواد مشترك بين المثنى المذكر والمثنى والمؤنث ،
وأعطوا الغائب حكم المخاطب في ذلك.
فإن الضمير في مثل : (ضربا ، وضربتا) هو الألف المشترك بينهما
والتاء حرف تأنيث وبقية الأنواع الخمسة جارية هذا المجرى ، أعني : أن للمتكلم لفظين
ولمخاطب خمسة وللغائب خمسة ، فصار المجموع اثنتي عشرة كلمة لثمانية عشر معنى فإذا
كان لكل من الأنواع الخمسة اثنتا عشرة كلمة لثمانية عشر معنى يكون جملتها ستين
كلمة لتسعين معنى.
وبينوا لتلك
الأمور عللا ومناسبات لا نطول الكلام بذكرها.
(فالمرفوع المتصل خاصة) يعني : لا المنصوب ...
__________________
والمجرور المتصلان (يستتر) لأنهما فضله والمرفوع فاعل وهو كجزء الفعل فجوزوا في باب الضمائر التي وضعها للاختصار استتار الفاعل ، فاكتفوا بلفظ الفعل ، كما يحذف من آخر الكلمة
هذا الاستتار ليس في شيء ويكون فيما أبقي دليل على ما ألقي ، على ما مضى في
الترخيم ، ولكن هذا الاستتار ليس في جميع الصيغ بل (في) الفعل (الماضي للغائب) الواحد المذكر إذا لم يكن مسندا إلى الظاهر ، نحو : (زيد
ضرب) (و) الواحدة المؤنثة (الغائبة) إذا لم تكن مسندة إلى الظاهر ، نحو : (هند ضربت) فإن التاء علامة
التأنيث لا الضمير المرفوع وإلا لم يجتمع مع الفاعل الظاهر في نحو : (ضربت هند) (وفي)
الفعل (المضارع للمتكلم مطلقا) سواء كان مثنى أو
__________________
مجموعا واحدا أو فوق الواحد مذكرا أو مؤنثا نحو : اضرب ونضرب.
(و) للواحد المذكر
(المخاطب) نحو : (تضرب) و (اضرب) (و) الواحد (الغائب والغائبة) إذا لم يكونا مسندين إلى الظاهر ، نحو : (زيد
يضرب) و (هند تضرب) (وفي الصفة مطلقا) سواء كانت اسم فاعل أو مفعول ، أو صفة مشبهة ، أو أفعل
للتفضيل ، وسواء كانت مفردا أو مثنى أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا إذا لم يكن مسندا إلى الظاهر ، نحو : (أقائم الزيدان)
كقولك : (زيد ضارب) و (هند ضاربة) و (الزيدان ضاربان) و (الهندان ضاربتان) و (الزيدون
ضاربون) و (الهندات ضاربات) وليست الألف في (ضاربان) والواو في (ضاربون) بضميرين ؛ لأنهما
ينقلبان ياء في النصب والجر والضمائر لا تتغير عن حالها إلا أن
يتغير عاملها ،
__________________
والعامل هاهنا ليس عاملا في الضمير وإنما هو عامل في اسم الفاعل
والضمير فاعل له ، والضمير باق على ما كان عليه في الرفع.
فلو كانت ضمائر
لا تتغير ، ألا ترى أن الياء في (تضربين) والنون في (تضربن) والواو في (تضربون)
والألف في (تضربان) لا تتغير ، فهما أي : الألف والواو في الصفة حرف التثنية
والجمع ، وليسا بمضمرين.
(ولا يسوغ) أي : لا يجوز ، الضمير (المنفصل) مرفوعا كان أو منصوبا لأجل شيء (إلا لتعذر المتصل) أي :
لأجل تعذره ؛ لأن وضع الضمائر للاختصار ، والمتصل أخصر ، فمتى أمكن لا يسوغ الانفصال.
(وذلك) أي :
تعذر المتصل (بالتقديم) أي : تقديم الضمير.
(على عاملة)
لأنه إذا تقدم على عامله لا يمكن أن يتصل به ؛ إذ الاتصال إنما يكون بأخر العامل.
(أو بالفضل)
الواقع (لغرض) لا يحصل إلا به ؛ إذ الفصل ينافي الاتصال وتركه يفوت الغرض.
(أو بالحذف) أي
: حذف عامله ؛ لأنه إذا حذف علمه لا يوجد ما يتصل به.
__________________
(أو يكون
العامل) أي : عامله (معنويا) لامتناع اتصال اللفظ بالمعنى.
(أو) يكون
عامله (حرفا والضمير) المعمول له (مرفوع) ؛ إذ الضمير المرفوع لا يتصل بالحرف ؛ لأنه خلاف لغتهم
، بخلاف المنصوب ، نحو : (إنني وإنك).
(أو بكونه) أي
: كون الضمير (مسندا إليه) أي : إلى ذلك الضمير (صفة جرت على غير من هي) أي : تلك الصفة كائنة (له) فإنه لو
لم ينفصل الضمير عن هذه الصفة لزم الالتباس في بعض الصور ، كما إذا قلت : (زيد
عمرو ضاربه هو) فإنه لو
__________________
قيل : (زيد عمرو ضاربه) التبس على السامع أن الضارب (زيد أو عمر) بل
المتبادر أنه (عمرو) لأنه أقرب إلى الضمير المستتر بخلاف ما إذا قيل : ضاربه هو ،
فإنه لما انفصل الضمير على خلاف الظاهر يعلم أن مرجعه ما هو
بخلاف الظاهر ، وهو (زيد) وإلا لا حاجة إليه.
وإذا وقع
الالتباس بدون الانفصال في بعض الصور حمل عليه ما لا التباس فيه لاطراد الباب.
وإنما قال : (من
هي له) لا (ما هي له) كما هو الظاهر ليكون أشمل ، اقتصارا على ما هو الأصل (مثل إياك ضربت) مثال لتقديم الضمير
على العامل.
و (ما ضربك إلا أنا) مثال الفصل لغرض وهو التخصيص هاهنا.
(و (إياك والشر)
مثال لحذف العامل أي : اتق نفسك والشر.
__________________
و (أنا زيد)
مثال كون العامل معنويا.
(وما أنت قائما)
مثال كون العامل حرفا ، والضمير مرفوعا ، و (هند زيد ضاربته هي) مثال الضمير الذي
أسند إليه صفة جرت على غير من هي له ، فإنه أسند إليه (الضاربة) الجارية على (زيد)
حيث وقعت خبرا له وهي صفة لهند ، حيث قام الضرب بها.
وإنما يصح ذلك
إذا كان (هي) فاعلا لا تأكيدا ، وإلا لكان داخلا في صورة الفصل لغرض التأكيد ،
ولكنه تأكيد لازم لا فاعل بدليل : (نحن الزيدون ضاربوهم نحن).
وروى عن
الزمخشري (ضاربهم نحن) وعلى هذا يكون فاعلا كما قال.
واختار
بالتمثيل صورة لا لبس فيها ، ليثبت الحكم في صورة اللبس بالطريق الأولى.
(وإذا اجتمع ضميران وليس أحدهما مرفوعا) احتراز عن نحو : (أكرمتك)
إذا المرفوع كالجزء من الفعل فكأنه لم يتحقق الفصل بين الفعل والضمير الثاني أصلا
فيجب اتصاله.
__________________
(فإن كان) على
تقدير اجتماعهما وعدم كون أحدهما مرفوعا.
(أحدهما) أي :
أحد الضميرين (أعرف) من الآخر ، احترازا عما إذا تساويا، نحو : (أعطاها إيّاه) حيث يجب الانفصال في الثاني
للتحرز عن تقديم أحد المتساويين من غير مرجح.
(وقدمته) أي :
أحد الضميرين الذي هو أعرف على الآخر ، احتراز عما إذا كان الأعرف مؤخرا ، نحو : (أعطيته إيّاك) فيلزم
انفصاله ، ليعتذر المتكلم في تأخير الأعرف ، ولا يلحقه طعن في أول الوهلة بإيراده
على خلاف الأصل.
وحكى سيبويه تجويز الاتصال أيضا نحو : (أعطيتهوك).
(فلك الخيار)
أي : الاختيار (في) الضمير (الثاني) إن شئت أوردته متصلا (نحو
__________________
أعطيتكه) باعتبار عدم الاعتداد بالفصل بما هو متصل (و) أن شئت
أوردته منفصلا نحو : (أعطيتك إياه) باعتبار الاعتداد بالفصل بما يفصله ، وإن كان
متصلا.
(و) نحو : (ضربيك)
فإنه اجتمع فيه ضميران ليس أحدهما مرفوعا الجر الأول بالإضافة ، ونصب الثاني
بالمفعولية ، وقدم الأعرف الذي هو ضمير المتكلم فلك الوصل باعتبار عدم الاعتداد
بالفصل بالمتصل (و) لك الفصل ، نحو : (ضربي إياك) للاعتداد بالفصل (وإلا) أي : وإن لم يكن أحدهما أعرف أو يكون ولكن ما قدمته (فهو) أي : الضمير الثاني على كل
من التقديرين (منفصل) لا غير .
أما على تقدير
الأول فلئلا يلزم الترجيح في تقديم أحد المثلين على الآخر فيما هو كالكلمة الواحدة ، بلا مرجح ، وأما على تقدير الثاني فلكراهتهم
تقديم الأنقص على الأقوى فيما هو كالكلمة الواحدة (نحو : أعطيته إيّاه) مثال لما
لم يكن أحدهما أعرف لكونهما ضميرين غائبين.
(أو) أعطيته (إياك)
مثال لما يكون أحدهما أعرف وهو ضمير المخاطب ولكن ما قدمته.
__________________
(والمختار في خبر باب كان) أي : خبر كان وأخواتها إذا كان ضميرا (الانفصال) كما تقول : (كان زيد قائما وكنت إيّاه) لأنه كان في الأصل خبر المبتدأ ويجب أن يكون خبر المبتدأ ضميرا منفصلا ؛ لأن عاملة معنوي.
ويجوز أن يكون
ضميرا متصلا أيضا ، نحو : (كان زيد قائما وكنته) لأنه شبيه بالمفعول ، وضمير
المفعول في مثل : (ضربته) واجب الاتصال ففي شبيه المفعول وإن لم يكن واجب الاتصال
فلا أقل من أن يكون جائز الاتصال ، لكن الانفصال مختار ؛ لأن رعاية الأصل أولى من رعاية المشابهة بالمفعول.
(والأكثر) في
الاستعمال انفصال الضمير المرفوع بعد (لولا) لكون ما بعد
__________________
(لو لا) مبتدأ محذوف الخبر ، تقول : لو لا أنت إلى آخرها يعني لو لا أنت لو لا أنتما، لو لا أنتم ، لو لا أنت ،
لو لا أنتما ، لو لا أنتنّ ، لو لا هما ، لو لا هم ، لو لا هي لو لا هما ، لو لا
هنّ لو لا أنا ، لو لا نحن .
وكان الأوفق
بما سبق أن يقول : (لو لا أنا ، لو لا نحن ، إلى آخرها) لكن غير
الأسلوب تنبيها على أنه ليس بضروري.
(و) كذلك
الأكثر في الاستعمال اتصال الضمير المرفوع بعد (عسى) لكون ما بعد (عسى) فاعلا تقول
: (عسيت إلى آخرها).
(وجاء) في بعض
اللغات (لولاك وعساك ، إلى آخرها) فذهب الأخفش إلى أن الكاف بعد (لو
لا) ضمير مجرور وقع موقع المرفوع ، فإن الضمائر قد يقع بعضها موقع
__________________
بعض ، كما تقول : (ما أنا كأنت) ف : (أنت) في هذا المقام مع أنه ضمير مرفوع
وقع موقع المجرور.
وذهب سيبويه
إلى أن (لو لا) في هذا المقام حرف جر ، والكاف ، ضمير مجرور واقع موقعه.
فالأخفش تصرف
في ما بعد (لو لا) سيبويه في نفسه .
وأما (عساك)
فذهب الأخفش إلى أنه ضمير منصوب واقع موقع المرفوع.
وسيبويه : إلى
أن (عسى) محمول على (لعل) لتقاربهما في المعنى ، فهاهنا أيضا الأخفش تصرف في الضمير وسيبويه في
العامل.
(ونون
__________________
الوقاية مع الياء) أي : ياء المتكلم (لازمة في الماضي) إذا لحقه
تلك الياء لتقي آخر الماضي من الكسرة المختصة بالاسم التي هي أخت الجر ولهذا سميت
نون الوقاية ، نحو : (ضربني).
(و) وكذلك نون
الوقاية لازمة (في المضارع) لكن لا مطلقا ، بل حال كونه (عريا عن نون الإعراب) أي : عن نون هي الإعراب ، نحو : (يضربني) لتقي آخر المضارع أيضا عن تلك
الكسرة ، بخلاف كسرة (تضربين) لأنها في الوسط حكما،بخلاف كسرة : (لَمْ يَكُنِ
الَّذِينَ كَفَرُوا) [البينة : ١] ، و (وَقُلِ الْحَقُ) [الكهف:٢٩] لعروضها .
(وأنت مع النون) الإعرابين الكائنة (فيه) أي : في المضارع (و)
مع (لدن وأن وأخواتها) يعني : أنّ وكأن ولكن وليت ولعلّ (مخير) بين الإتيان بنون
الوقاية للمحافظة
__________________
على الحركات البنائية في غير (لدن) وعلى السكون في (لدن) ، وبين تركها تحرزا عن اجتماع النونات ، ولو حكما كما في (لعلّ) لقرب اللام من النون المخرج ،
وحملا على أخواتها كما في (ليت).
(ويختار) لحوق
نون الوقاية (في ليت) من بين أخوات (إنّ) لعدم مانع في ذاتها ، والحمل على أخواتها
خلاف الأصل .
(و) في (من وعن
وقد وقط) وهما بمعنى (حسب) للمحافظة على السكون اللازم) الذي هو الأصل في البناء
مع قلة الحروف.
(وعكسها) أي :
عكس (ليت) (لعل) في الاختيار.
فالمختار فيها
ترك النون ، لثقل التضعيف وكثرة الحروف.
(ويتوسط
__________________
بين المبتدأ والخبر قبل العوامل) مثل : زيد هو القائم ، (وبعدها) أي : بعد العوامل، نحو
: (كُنْتَ أَنْتَ
الرَّقِيبَ) [المائدة : ١١٧].
(صيغة مرفوع) ولم يقل ضمير مرفوع لمكان الاختلاف في كونه
ضميرا.
(منفصل مطابق
للمبتدأ) إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا وتكلما وخطابا وغيبة (يسمى) هذا
المرفوع (فصلا) وذلك التوسط (ليفصل) ذلك المرفوع المتوسط (بين كونه) أي : كون الخبر (نعتا
وخبرا) فيما يصلح لهما ثم اتسع فيه ، فادخل فيما لا لبس فيه وذلك عند اختلاف
الإعراب ، وكون المبتدأ ضميرا وغير ذلك بالجمل على صورة اللبس.
__________________
(وشرطه) أي : شرط الفصل بذلك المرفوع (أن يكون الخبر معرفة) لأن
الفصل إنما يحتاج إليه فيها (أو أفعل من كذا) لا لحاقة بالمعرفة لامتناع اللام (مثل : كان زيد هو أفضل من عمرو) .
واقتصر على
مثال (أفعل) من بعد دخول العوامل دون المعرفة ، ودون الخبر قبل العوامل ،
لاستغنائهما عن المثال لكثرتهما.
(ولا موضع له)
أي : للفصل من الإعراب (عند الخليل) لأنه حرف عنده على صيغة الضمير ، وعند بعضهم : اسم مبني لا مقتضي فيه للإعراب ، ولا عامل ، لكن الخليل استبعد إلغاء الاسم ، فذهب إلى حرفيته.
(وبعض العرب
يجعله مبتدأ) أي : يستعمله بحيث يحكم النحاة بكونه مبتدأ ، وإلا فالعرب لا تعرف المبتدأ والخبر.
__________________
(وما بعده خبره)
فقوله : (خبره) إما مرفوع على أنه خبر والجملة حال أو منصوب عطفا على ثاني مفعولي (يجعله) وإنما يعرف من العرب جعله مبتدأ برفع ما بعده في مثل : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ) و (علمت زيدا هو المنطلق).
وفي بعض نسخ
المتن (مبتدأ ما بعده خبره) بدون الواو وحينئذ الرفع متعين.
(ويتقدم قبل
الجملة) وإيراد لفظ (قبل) لتأكيد التقدم ؛ لأن تقديم الضمير على
مرجعه غير معهود ، ولا يبعد أن يقال معنى الكلام : ويقع متقدما من غير سبق مرجع ، وذلك بحسب المفهوم أعم من أن يكون قبل الجملة أولا
فلذلك قيده بقوله (قبل الجملة) أي : قبل هذا الجنس من الكلام.
(ضمير
__________________
غائب يسمى ضمير الشأن) إذا كان مذكرا رعاية للمطابقة ؛ لأن الضمير راجع إليه (و)
ضمير (القصة) إذا كان مؤنثا.
ويحسن تأنيثه
إذا كان العمدة فيها مؤنثا لتحصل المناسبة.
(يفسّر) ذلك
الضمير الغائب لإبهامه (بالجملة) المذكورة (بعده) أي : بهذه الحصة من الجنس
المذكور.
والظاهر أن
قوله (يسمى ضمير الشأن والقصة) معترضة بيان للواقع ليس داخلا في بيان
القاعدة.
__________________
فإنه لا دخل
للتسمية في هذا الحكم ، فإنه ثابت سواء وقعت هذه التسمية أولا.
وأيضا يلزم
استدراك قوله (يفسر بالجمل بعده) فعلى هذا لو لم يحمل التقدم على ما ذكرنا انتقض القاعدة بقولنا (الشأن
هو زيد قائم) على أن يكون (هو) مبتدأ راجعا إلى الشأن ، و (زيد قائم) خبرا عنه.
فإنه يصدق عليه
أنه ضمير غائب تقدم قبل الجملة مفسرا بالجملة بعده.
فإنه باعتبار رجوعه إلى الشأن لا يخرج عن الإبهام بالكلية بل إنما يرتفع بجملة (زيد قائم) كما لا يخفي.
(ويكون) ضمير
الشأن أو القصة (متصلا ومنفصلا) .
وإذا كان متصلا
يكون (مستترا وبارزا على حسب العوامل).
فإن كان عامله معنويا بأن كان مبتدأ كان منفصلا وإن كان
لفظيا يصلح لاستتار الضمير فيه كان مستترا وإلا بارزا (مثل (هو زيد قائم) مثال للمنفصل (و (كان زيد
__________________
قائم) مثال المتصل المستتر (وأنه زيد قائم) مثال للمتصل البارز.
(وحذفه) من
اللفظ بإضماره ؛ لأنسيا منسيا حال كونه (منصوبا ضعيف) أي: جائز مع ضعف بخلاف ما إذا كان مرفوعا فإنه لا
يجوز أصلا لكونه عمدة أما جوازه فلكونه على صورة الفضلات ، وأما ضعفه فلأنه حذف ضمير
مراد بلا دليل عليه؛ لأن الخبر كلام مستقل ، مثاله :
إنّ من يدخل
الكنيسة يوما
|
|
يلق فيها
جآذرا وظباء
|
(ألا مع (أنّ) المفتوحة (إذا خففت
فإنه) أي : حذفه بنيّة الإضمار هاهنا مع كونه منصوبا.
(لازم) كقوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ
أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)[يونس : ١٠]
__________________
وذلك لأنه قد خففت (إنّ) و (أنّ) لثقلهما بالتشديد الواقع فيهما وبعد
تخفيفهما وجدوا (إنّ) المكسورة المخففة عاملة في الملفوظ كنا قال الله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا
لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١] ولم يجدوا (أن) المفتوحة المخففة عاملة في
الملفوظ مع أنّ (أنّ) المفتوحة أقوى شبها بالفعل من المكسورة ، فهي أجدر بالعمل.
فإذا لم يجدوها
عاملة في الملفوظ قدّروا عملها في ضمير الشأن لئلا يزيد المكسور عليها عملا من أنه
أجدر به ولم يجوزوا إظهار ذلك الضمير ، لئلا يفوت التخفيف المطلوب هاهنا، كما يدل
عليه حذف النون وحكموا بلزوم حذف ضمير الشأن مع (أن) المفتوحة إذا خففت.
(أسماء الإشارة)
أي : أسماء
الإشارة المعدودة في المبنيات بحسب الاصطلاح (ما وضع) أي : أسماء وضع كل واحد منها (لمشار إليه) أي : لمعنى مشار إليه إشارة حسية بالجوارح والأعضاء ؛ لأن الإشارة عند إطلاقها حقيقة في
الإشارة الحسية. فلا يرد ضمير الغائب وأمثاله ، فإنها للإشارة إلى معانيها إشارة ذهنية لا حسية ، ومثل :
__________________
(ذلِكُمُ اللهُ
رَبُّكُمْ)
مما ليس الإشارة إليه حسية محمول على التجوز .
وإنما بنيت
لشبهها بالحرف ، كما سبق.
(وهي) أي :
أسماء الإشارة (ذا) حال كونها (للمذكر) الواحد والعامل في الحال معنى الفعل المفهوم من نسبة الخبر إلى
المبتدأ.
(ولمثناه : ذان) رفعا (وذين) نصبا وجرا ، أي : وذان وذين حال
كونهما لمثنى المذكر ، قدم ليكون الضمير أقرب إلى مرجعه ، وعلى هذا القياس في التراكيب الثلاثة الباقية.
__________________
فقوله : (هي) مبتدأ ، وقوله : (ذا) مع ما عطف عليه مقيدا كل
واحد منها بحال خبر له.
ويجيء في بعض اللغات (ذان) في جميع الأحوال الرفع والنصب
والجر ، ومنه قوله تعالى : (إِنْ هذانِ
لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] على أحد الوجوه.
(وللمؤنث)
الواحدة (تا) قيل : هي الأصل في لغات المؤنث الواحدة ؛ لأنه لم يثن
منها إلا هي.
(وذي) وقيل :
هي الأصل لكونها بإزاء (ذا) للمذكر فينبغي أن يناسبها.
(وتي) بقلب
الألف ياء (وته وذه) بقلب الألف والياء هاء بغير وصل الياء بهما.
(وتهي وذهي)
بوصل الياء بهما.
(ولمثناه) أي :
مثنى المؤنث (تان) في الرفع (وتين) في النصب والجر ولا يثنى من لغاته إلا (تا) لكثرة ورودها على الألسنة.
ووتوهم بعضهم
من اختلاف أواخر (ذان وذين وتان وتين) باختلاف العوامل أنها معربة ، والجمهور على
أن هذا الاختلاف ليس بسبب اختلاف العوامل ، بل (ذان
__________________
وتان) مرفوعان لتثنية المرفوع ، و (ذين وتين) لتثنية المنصوب والمجرور ،
ووقوعهما على صورة المعرب اتفقي لا لقصد الإعراب لوجود علة البناء فيها.
(ولجمعهما) أي
: جمع المذكر والمؤنث (أولا) مدا وقصرا) أي : ممدودا ومقصورا.
وإذا كان
مقصورا يكتب بالياء.
(ويلحقها) أي :
أسماء الإشارة ، يعني : يدخل على أوائلها على سبيل اللحوق والعروض بعد اعتبار
أصالتها (حرف التنبيه) وهي كلمة (ها) فهو في الحقيقة ليس منها ، وإنما هو حرف جيء به للتنبيه على المشار
إليه قبل لفظه ، كما جيء بهاء للتنبيه على النسبة الإسنادية ، كقولك : ها زيد قائم ، وها إن زيد قائم.
(ويتصل بها) أي
: بأواخر أسماء إشارة (حرف الخطاب) وهو الكاف تنبيها
__________________
على حال المخاطب من الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث وإنما
جعلت هذه الكاف حرفا لامتناع وقوع الظاهر موقعها ولو كانت اسما لم
يمتنع ذلك مثل : ضربك وبك)
وهي أي : حروف
الخطاب (خمسة) والقياس يقتضي الستة ـ واشتراك خطاب الاثنين فرجعت إلى
خمسة مضروبة (في خمسة) من أنواع أسماء الإشارة. يعني : المفرد والمذكر والمؤنث ،
ومثناهما وجمعهما. وهي ستة راجعة إلى خمسة لاشتراك جمعهما.
وإنما قلنا :
من أنواع أسماء الإشارة ؛ لأن إفراد المفرد المؤنث ترتقي إلى ستة (فتكون) أي :
الحاصل من الضرب (خمسة وعشرين ، وهي) أي : تلك الهمسة والعشرون (ذاك إلى ذاكن) يعني :
(ذاك) إذا أشرت إلى مذكر وخاطبت مذكرا و (ذاكما) إذا أشرت إلى مذكر وخاطب مذكرين و
(ذاكم) إذا أشرت إلى مذكر وخاطبت مذكرين.
(و) على هذا
القياس (ذانك) و (ذينك) إذا أشرت إلى مذكرين وخاطبت مذكرا (إلى ذانكن) و (ذينكن)
إذا أشرت إلى مذكرين وخاطبت مؤنثات.
(وكذلك البواقي) يعني : (تاك) إلى (تاكنّ) و (تيك) إلى (تيكنّ)
، و (تانك)
__________________
و (تنيك) إلى (تانكنّ وتينكنّ) و (أولئك) بالمد و (أولاك) بالقصر إلى (أولئكنّ)
و (أولاكنّ).
وأما (ذيك) فقد
أورده الزمخشري والمالكي.
وفي الصحاح :
لا تقل (ذيك) فإنه خطأ.
(ويقال : (ذا) للقريب و (ذلك) للبعيد و (ذاك) للمتوسط وآخر المتوسط ؛ لأن المتوسط لا يتحقق إلا بعد تحقق
الطرفين.
ولما رأى المصنف كثرة استعملا كل من هذه الكلمات الثلاث مقام الآخرين منها لم يتخذ هذا
الفرق مذهبا له وأحاله إلى غيره فقال :
(ويقال : (تلك
وتانك وذانك) حال كون هاتين الأخيرتين ، (مشددتين :
__________________
وأولا لك باللام) أي : هذه الكلمات الأربع (مثل) كلمة (ذلك) في إفادة البعد.
ولا يبعد أن يجعل
(ذلك) إشارة إلى كلمة (ذلك) المذكور سابقا وأما (تاك) و (ذانك) و (تانك) مخففتين ، و
(أولاك) بغير اللام فللمتوسط وما هو للمتوسط بعد حذف حرف الخطاب منه للقريب.
(وأما (ثمّ) و
(هنا) بضم الهاء وتخفيف النون (وهنا) بفتح الهاء وتشديد النون وهو الأكثر ، وجاء
بكسر الهاء أيضا.
(فللمكان)
الحقيقي الحسّي (خاصة) لا تستعمل في غير إلا مجازا على سبيل التشبيه .
وأما ما عداها
من أسماء الإشارة فقد تستعمل في المكان وغيره.
(الموصول)
أي : الموصول
المعدود من المبنيات في اصطلاح النحاة :
__________________
(ما لا يتم
جزءا) أي : اسم لا يتم من حيث جزئيته ، يعني : لا يكون جزءا تاما أن كان (جزءا) تمييزا أولا
يصير جزءا تاما أن كان (يتم) من الأفعال الناقصة.
والمراد بالجزء
التام : مالا يحتاج في كونه جزءا أوليا ينحل إليه المركب أوّلا ـ إلى انضمام أمر آخر معه ، كالمبتدأ والخبر والفاعل
والمفعول وغيرها .
__________________
وإنما نفي كونه
جزءا تاما لا جزءا مطلقا ؛ لأنه إذا كان مجموع الموصول والصلة جزءا من المركب يكون
الموصول وحده أيضا جزءا ، لكن لا جزءا تاما أوليّا؟.
(إلّا بصلة وعائد) والمراد بالصلة : معناها اللغوي لا الاصطلاح فإن
الاصطلاحي عبارة عن جملة مذكورة بعد الموصول مشتملة على ضمير عائد إليه ، فمعرفتها
موقوفة على معرفة الموصول فلو عرف الموصول بها لزم الدور .
والقرينة على أن المراد بها معناها اللغوي لا الاصطلاحي قوله : (وعائد) فإنه لو أريد بها معناها الاصطلاحي لكان
هذا القول مستدركا ؛ لأنه لا خراج مثل : (إذا) و (حيث) وليس لهما صلة اصطلاحية.
ولقائل أن يقول : يمكن أن يعرف الصلة بما لا يتوقف معرفته على معرفة
الموصول ، بأن يقال : الصلة جملة متصلة باسم لا يتم جزءا إلا مع هذه الجملة
المشتملة على عائد إليه.
__________________
فعلى هذا يجوز
أن يكون المراد بالصلة معناها الاصطلاحي ولا يلزم الدور .
وذكر العائد مع
أنه مأخوذ في مفهوم الصلة الاصطلاحية تصريح بما علم ضمنا مبالغة في الاحتراز عن مثل : (إذ ، وحيث) .
ولما كانت الصلة بمعنييها أعم بحسب المفهوم من أن تكون خبرية أو غير خبرية، ولا تكون بحسب الواقع
إلا خبرية ، والعائد أعم من أن يكون ضميرا أو غيره.
وإذ كان ضميرا
أعم من أن يكون للموصول أو لغيره ـ والواجب أن يكون ضميرا للموصول ـ عينهما بقوله : (وصلته) أي : صلة ما لا يتم جزءا إلا بصلة.
(جملة
__________________
خبرية) أو ما في معناها كاسمي الفاعل والمفعول .
(والعائد ضمير) لا غير ضمير (له) أي : للموصول لا لغيره.
(وصلة الألف واللام اسم فاعل أو مفعول) لأن اللام الموصولة تشبه اللام
__________________
الحرفية ، فجعلت صلتها ما كان جملة معنى مفردا صورة ، عملا بالحقيقة والشبه
جميعا.
(وهي) أي :
الموصولات (الذي) للمفرد المذكر (والتي) للمفرد المؤنث.
(واللذان)
لمثنى المذكر (واللتان) لمثنى المؤنث ويكونان (بالألف) في حال الرفع (والياء) في
حال النصب والجر.
(والأولى) على
وزن (العلى) لجمع المذكر والمؤنث إلا أنه في جمع المذكر أشهر.
(والذين) (كاللائين)
لجمع المذكر (واللائي) بالهمزة والياء ، (واللاء) بالهمزة المكسورة فقط (واللائي)
بالياء فقط مكسورة أو ساكنة أجزاء للوصل مجرى (واللاتي واللواتي) لجمع المؤنث.
وجاء في (اللاتي)
اللا ، بحذف الياء وإبقاء الكسرة على التاء ، وفي (اللواتي) (اللوا) بحذف التاء
والياء معا.
(وما) بمعنى (الذي)
فيما لا يعقل غالبا نحو : (عرفت ما عرفته) وجاء فيما يعقل ، نحو) والسماء وما
بناها).
(ومن) أيضا
بمعناه فيمن يعقل .
ويستوي فيهما المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث.
(وأي) بمعنى (الذي)
نحو : (أضرب أيهم في الدار) أي : اضرب الذي في الدار (وأيّة) بمعنى (التي) نحو : (اضرب
أيّتهنّ في الدار) أي : التي في الدار.
(وذو الطائية) أي : المنسوبة إلى بني طيئ لاختصاص مجيئها موصولة
بلغتهم
__________________
بمعنى (الذي) أو (التي) قال الشاعر :
...........
|
|
وبئري ذو
حفرت وذو طويت
|
أي : التي
حفرتها والتي طويتها.
(و (ذا) بعد (ما)
الكائنة (للاستفهام) نحو : ماذا صنعت؟ أي : ما الذي صنعت.
(والألف واللام)
أي : مجموعهما بمعنى (الذي) أو (التي) أو المثنى أو المجموع.
(والعائد المفعول) أي : العائد الذي لا يتم الموصول إلا به ، إذا كان
مفعولا (يجوز حذفه) إذا لم يمنع مانع ؛ لأنه فضله إلا إذا كان فاعلا لكونه
عمدة ، نحو قوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ
لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) أي : لمن يشاؤه.
__________________
اعلم أن النحاة وضعوا باب يسمونه باب (الإخبار بالذي أو ما يقوم مقامه) ومقصودهم من وضعه تمرين المتعلم فيما تعلمه في هذا الفن من المسائل ، وتذكيره
إيّاها.
فإنهم إذا
قالوا لأحد : أخبر عن الاسم الفلاني في الجملة الفلانية ب : (الذي) بعد بيانهم
طريقة الإخبار به ، لابد له من تذكر كثير من مسائل النحو : وتدقيق النظر فيها حتى يعلم أن ذلك الإخبار في
أيّ اسم يصح؟ وفي أي اسم يمتنع؟.
فأراد المصنف
الإشارة إلى هذا الباب ، فقال :
(وإذا أخبرت) أي : إذا أردت أن تخبر عن جزء جملة (بالذي) أي : باستعانة (الذي أو التي أو الألف واللام). فإن
الباء ليست صلة للإخبار ؛ لأن (الذي) مخبر عنها لا مخبر بها.
__________________
(صدرتها) أي : أوقعت كلمة (الذي) أو ما يقوم مقامها في صدر الجملة
الثانية .
(وجعلت موضوع
المخبر عنه) أي : في موضع ما هو مخبر عنه بالذي في الجملة الثانية
يعني : في موضعه الذي كان له في الجملة الأولى.
(ضميرا لها) أي
: لكلمة (الذي) (وأخرته) أي : المخبر عنه عن الضمير.
(خبرا) نصب على
الحال أو ضمن (أخرته) معنى (جعلته) أي : جعلته خبرا متأخرا.
(فإذا أخبرت
مثلا عن (زيد) من جملة (ضربت زيدا) بكلمة الذي أوقعتها في صدر الجملة الثانية ،
وجعلت في موضع ما هو مخبر عنه في هذه الجملة أعني : (زيدا)
__________________
والمراد بموضعه : محله الذي كان له في الجملة الأولى ، وهو محل المفعول من
: (ضربت) ضميرا ل : (الذي) ، وأخرت
المخبر عنه ، يعني : (زيدا) وجعلته خبرا عن (الذي) و (قلت : الذي ضربته زيد وكذلك) أي : مثل : (الذي) (الألف واللام في الجملة الفعلية خاصة ليصح بناء اسم الفاعل أو المفعول) منها. فإن صلة الألف واللام لا تكون إلا اسمي الفاعل أو
المفعول .
ويمكن أن يؤخذ
اسم الفاعل من الفعل المبني للفاعل ، واسم المفعول من المبني
__________________
للمفعول بشرط أن يكون الفعل الذي يتضمنه الجملة الفعلية متصرفا ، إذ غير
المتصرف ، نحو : (نعم وبئس وحبذا وعسى وليس) لا يجيء منه اسم الفاعل ولا المفعول ،
فلا يخبر بالألف واللام عن (زيد) في (ليس زيد منطلقا).
وبشرط أن لا
يكون في أول ذلك الفعل حرف لا يستفاد من اسم الفاعل والمفعول معناها ، كالسين وسوف
وحرف النفي والاستفهام.
فلا يخبر
باللام عن (زيد) في جملة (سيقوم زيد) فإنه إذا بنى اسم الفاعل (سيقوم) يكون (قائما)
فيفوت معنى السين.
(فإن تعذر أمر
منها) أي : من الأمور الثلاثة التي هي : تصدير الموصول ووضع عائد الموصول مقام ذلك
الاسم ، وتأخير ذلك الاسم خبرا ، (تعذر الأخبار ومن ثم) أي: ومن أجل أنه إذا تعذر
أمر منها تعذر الإخبار.
(امتنع الإخبار)
بالذي (ضمير الشأن) بأن يكون ضمير الشأن مخبرا عنه ، لامتناع تصدير الجملة
بالذي ، وتأخير المخبر عنه خبرا ، لوجوب تقديمه على الجملة.
وكذلك امتنع (في
الموصوف) بدون الصفة
__________________
(و) في (الصفة) بدون الموصوف فلا يجوز في (ضربت زيدا العاقل) أن يخبر ب
: (الذي) عن (زيد) ، بدون العاقل ، ولا عن (العاقل) بدون (زيد) لاستلزام وقوع
الضمير صفة أو موصوفا ، بخلاف ما أخبرت عن مجموعهما فيقال : (الذي ضربته زيد
العاقل) .
(و) كذلك امتنع)
في المصدر العامل) بدون المعمول.
فلا يجوز في
نحو : (عجبت من دق القصّار الثوب) أن يخبر ب : (الذي) عن (دق القصار) بدون (الثوب)
لأنه يؤدي إلى أن يعمل الضمير الذي جعل في موضع (دق القصار) عاملا في (الثوب) بخلاف (الذي عجبت منه دق القصار الثوب).
(و) كذلك امتنع
في (الحال) لأن الحال يجب أن يكون نكرة ، فلا يجوز أن
__________________
يقع الضمير الذي هو معرفة في موضعه بالحالية (و) كذلك امتنع في (الضمير
المستحق لغيرها) أي : لغير كلمة (الذي) لامتناع تصدير (الذي) لاستلزام
ذلك عود الضمير إليها ، فيبقى ذلك الغير بلا ضمير.
(و) كذلك امتنع
(في الاسم المشتمل عليه) أي : على الضمير المستحق لغيرها.
نحو قولك (زيد
ضربت غلامه) فلا يصح الإخبار عن (غلامه) بأن يقال (الذي زيد ضربته
غلامه) لأنك إذا جعلت الضمير عائد إلى الموصول بقي المبتدأ بلا عائد وإن جعلته
عائدا إلى المبتدأ بقي الموصول بلا عائد ـ وكل منهما ممتنع.
(وما الإسمية) لا الحرفية ، فإنها أما كافة نحو : (إنما زيد قائم)
وأما نافية نحو : (ما ضربت زيدا) و (مازيد قائما).
(موصولة)
__________________
نحو : (عرفت ما اشتريته) (واستفهامية) نحو : (ما عندك؟) و (ما فعلت؟) (وشرطية) نحو : (ما تصنع
أصنع) موصوفة أما بمفردة نحو : (مررت بما معجب لك) أي : بشيء معجب لك ، وإما بجملة
نحو :
ربّما تكره
النفوس من الأم
|
|
ر له فرجة كحلّ العقال
|
أي : رب شيء
تكرهه النفوس.
(وتامة بمعنى شيء) منكر عند أبي علي.
والشيء المعرّف
عند سيبويه نحو قوله تعالى : (فَنِعِمَّا) هِيَ [البقرة : ٢٧١] أي : نعم شيئا أو : نعم الشيء هي.
(وصفة) نحو : (اضربه
ضربا ما) أي : ضربا أيّ ضرب كان.
__________________
(ومن كذلك) أي تكون موصولة ، نحو : (أكرمت من جاءك) واستفهامية نحو
: (من غلامك؟) وشرطية نحو : (من تضرب أضرب) وموصوفة إمّا بمفرد نحو قوله :
وكفى بنا
فضلا على من غيرنا
|
|
حبّ النّبي
محمد إيانا
|
أي : شخص غيرنا
، أو بجملة نحو : (من جاءك قد أكرمته).
(إلا في التامة
والصفة) فإن كلمة (من) لا تجيء تامة ولا صفة.
(وأيّ) للمذكر (وأية)
للمؤنث ك : (من) في ثبوت الأمور الأربعة وانتفاء التامة والصفة.
ف : (أي)
الموصولة نحو : (اضرب أيّهم لقيت) والاستفهامية نحو : (أيّهم أخوك؟) و (أيهم لقيت؟)
والشرطية نحو قوله تعالى (أَيًّا ما
تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ
__________________
الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠] والموصوفة نحو : (يا أيها الرجل).
قيل : (أي) تقع صفة اتفاقا فلم جعلها المصنف ك : (من) التي لا تقع صفة أصلا؟
وأجيب : بأن (أيا)
الواقعة صفة هي في الأصل استفهامية ؛ لأن معنى (مررت برجل أي رجل) : رجل عظيم يسأل عن حاله لا يعرفه كل أحد ، فنقلت عن
الاستفهامية إلى الصفة .
(وهي) أي : كل
من (أي ، وأيّة) (معربة) بالاتفاق (وحدها) لا يشاركها في الإعراب غيرها من الموصولات إلا على
الاختلاف في (اللذان) و (اللتان) وفي (ذو) الطائية.
وإنما أعربت ؛
لأنه التزم فيها الإضافة إلى المفرد التي هي من خواص الاسم المتمكن فلا يرد (حيث وإذ وإذا)
__________________
(إلا إذا) كانت موصولة (حذف صدر صلتها)
نحو قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ
مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا)
فيمن قرأ
بالضم ، أي : أيّهم هو أشد.
وإنما بنيت
موصولة عند حذف صدر صلتها لتأكيد شبهها بالحرف من جهة الاحتياج إلى أمر غير الصلة
، وبنيت على الضم تشبيها لها بالغايات ؛ لأنه حذف منها بعض ما يوضحها كما حذف من
الغايات ما بينها ، وهو المضاف إليه.
ولم يستثن الموصوف لبنائها مثل : (يا أيها الرجل) كما استثنى التي
حذف صدر صلتها ؛ لأنه ذكر في قسم المنادي : إن كل ما يقع منادى مفردا معرفة فهو
مبني وبناء الموصوفة لهذا فلا حاجة إلى الذكر ثانيا.
(وفي قولهم (ماذا
صنعت؟)
__________________
وجهان : أحدهما) أن معناه (ما الذي) على أن يكون (ذا) بمعنى الذي ، فيكون التقدير : أي شيء الذي صنعت؟ أي : صنعته.
ف : (ما) :
مبتدأ وما بعده خبره أو بالعكس (و) حينئذ (جوابه رفع) أي : مرفوع على أنه خبر
مبتدأ محذوف كما إذا قلت : الإكرام أي : الذي صنعته الإكرام ليكون الجواب مطابقا
للسؤال في كون كل منهما جملة اسمية .
(و) الوجه (الآخر)
أن معناه (أي شيء) وهاهنا عبارتان أحداهما أن (ماذا) بكمالها بمعنى : أي شيء و (ذا)
زائدة والظاهران مؤداهما واحد.
فإن معنى قولهم
: إنها بكمالها بمعنى (أي شيء) (و) حينئذ (جوابه نصب) أي : منصوب على أنه مفعول لفعل محذوف ، كما إذا قلت : (الإكرام) ليكون الجواب مطابقا للسؤال
في كون كل منهما جملة فعلية ويجوز في الأول نصب الجواب بتقدير الفعل المذكور وفي الثاني رفعه على
أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
ولم يعتبره
المصنف لفوات المطابقة بين السؤال والجواب.
__________________
(أسماء الأفعال)
(ما كان) أي
اسم كان (بمعنى الأمر أو الماضي) اللذين هما من أسماء المبني الأصل.
فعلة بنائها
كونها مشابهة لمبني الأصل.
فما قيل : إن (أف)
بمعنى : أتضجر. و (أوه) بمعنى : أتوجع. فالمراد به : تضجرت وتوجعت ، غبّر عنه
بالمضارع الحالي ؛ لأن المعنى على الإنشاء وهو الأنسب بأن يعبر عنه بالمضارع الحالي (مثل : (رويد زيدا) أي : أمهله) مثال لما هو بمعنى الأمر) (و (هيهات ...
__________________
ذاك) بفتح التاء في الحجازية وبكسرها في بني تميم وبالضم لغة بعضهم (أي : بعد) مثال لما هو بمعنى الماضي.
وقدم الأمر ؛
لأن أكثر أسماء الأفعال بمعناه.
والذي حملهم
على أن قالوا : إن هذه الكلمات وأمثالها ليست بأفعال مع تأديتها معاني الأفعال ، أمر لفظي ، وهو أن صيغها مخالفة لصيغ الأفعال وأنها
لا تتصرف تصرفها لا أنها موضوعة لصيغ الأفعال على أن يكون (رويد) مثلا موضوعا
لكلمة (أمهل).
قال الشارح
الرضي : (وليس ما قال بعهم إن (صه) مثلا اسم للفظ (اسكت) الذي هو دال على معنى
الفعل ، فعل فهو علم للفظ الفعل لا لمعناه ، بشيء إذ العربي القح ربما يقول (صه)
مع أنه لم يخطر بباله لفظ (اسكت) ربما لم يسمعه أصلا) ولهذا قال المصنف :
ما كان بمعنى
الأمر أو الماضي ، ولم يقل ما كان معناه الأمر أو الماضي. والمتبادر أن يكون هذا
بحسب الوضع فلا يرد مثل : الضارب أمس ، نقضا على التعريف.
(وفعال)
__________________
أي : ما يوزن ب : (فعال) الكائن (بمعنى الأمر) المشتق (من الثلاثي) المجرد (قياس) أي : قياسي (ك : (نزال) بمعنى (انزل).
قال سيبويه هو
مطرد في الثلاثي المجرد ويرد عليه أنه لا يقال : (قوام) و (قعاد) في (قم ، واقعد)
فلهذا يؤل بعضهم قول سيبويه بأنه أراد بالاطراد الكثرة فكأنه قياس لكثرته.
وأما في
الرباعي فاتفقوا على أنه لم يأت منه إلا نادرا .
(وفعال) حال
كونه (مصدرا معرفة (فجار) بمعنى (الفجرة أو الفجور) قال الشارح الرضي (هو على ما قيل : مصدر مؤنث ولم يقم
لي إلى الآن دليل قاطع على تعريفه ولا تأنيثه) .
__________________
(و) حال كونه (صفة
لمؤنث ، مثل : (يا فساق) بمعنى : يا فاسقة (مبني) أي : كل واحد من القسمين
الأخرين مبني (لمشابهته له) أي : ل : (فعال) بمعنى الأمر (عدلا وزنه) أما زنة فظاهر وأما عدلا فلما ذهب إليه النحاة أن
(فعال) بمعنى الأمر معدول عن الأمر الفعلي للمبالغة وهذه الصيغة للمبالغة في
الأمر. ك : (فعال) و (فعول) للمبالغة في (فاعل).
قال الشارح
الرضي : (والذي أرى كون أسماء الأفعال معدولة عن ألفاظ الفعل شيء لا دليل
لهم عليه.
كيف؟ والأصل في
كل معدول عن شيء أن لا يخرج عن النوع الذي ذاك الشيء منهن فكيف خرج الفعل بالعدل من الفعلية إلى الاسمية؟
وأما المبالغة
فهي ثابتة في جميع أسماء الأفعال).
وبين وجهها في
كلام طويل فمن أراد الاطلاع عليه فليرجع إليه.
__________________
(و) (فعال) حال كونه (علما للأعيان) أي : لعين من الأعيان.
إنما قال :
علما ليخرج (باب فاق) وإنما قال : للأعيان ليخرج (باب فجار) لأنه وإن كان علما كما
قالوا لكنه للمعاني لا للأعيان.
وقوله (مؤنثا) ، صفة (علما) وذكره للتنبيه على أنه لم يقع إلا كذلك (ك
ـ (قطام) علما لمؤنث (و (غلاب) كذلك (مبني في) استعمال أهل (الحجاز) لمشابهته (فعال) بمعنى الأمر عدلا وزنه (معرب في) استعمال (بني تميم إلا ما في آخره) أي : إلا في (فعال) علما للأعيان يكون في
آخره (راء) فإن بني تميم اختلفوا فيه ،
__________________
فأكثرهم يوافقون الحجاز بين في بنائه ، وأقلهم لا يفرقون بين ذات الراء
وغيرها بل يحكمون بإعراب الكل (نحو (حضار) علما لكوكب وجه الأكثرين : أن الراء حرف
مستثقل لكونه في مخرجه كالمكرر.
فاختير فيه
البناء ؛ لأنه أخف إذ سلوك طريقة واحدة أسهل من سلوك طرائق مختلفة.
(الأصوات)
اعلم أن
الأصوات الجارية على لفظ الانسان إما منقولة إلى باب المصادر
ولزمت المصدرية ولم تصر اسم فعل.
فالأول مثل : (واها)
للتعجب وحكمه حكم المصادر.
والثاني مثل :
صه ، ومه وحكمه حكم أسماء الأفعال.
__________________
وأما غير
منقولة بل باقية على ما كانت عليه حين كونها أصواتا ساذجة ولم تصر مصادر وإلا
أسماء أفعال وهي على أنواع.
فمنها : ما
يعرض للإنسان عند عروض معنى له ، كقول المتندم أو المتعجب (وي) وحينئذ لا يقدر أن يحكم عليه بشيء أو به على شيء.
ومنها : ما
يجري على لفظ الإنسان على سبيل الحكاية بأن يصدر من نفسه ما يشابه صوت شيء كما إذا
قلت : (غاق) قاصدا لإصدار ما يشابه صوت الغراب عن نفسك وحينئذ أيضا لا يقدر أن يحكم عليه أو به.
ومنها ما يصوت
به لأجل حيوان إما لزجر أو دعاء أو غير ذلك كما إذا قلت : (نخ) لا ناخة البعير
وحينئذ أيضا أن يحكم عليه أو به.
وهذه الأقسام
كلها مبنيات ؛ لانتفاء التركيب فيها ، وإذا تلفظ بها على سبيل الحكاية. كما إذا
قلت : (قال زيد عند التعجب وي ، أو عند اناخة البعير (نح) أو غاق عند حكاية صوت الغراب.
فهي في هذه
الحالة أيضا مبنية لكن لا من حيث أنها أصوات بل من حيث أنها حكاية
عنها.
__________________
والمراد
بالأصوات ههنا : ما كانت باقية على ما هي عليه من غير نقلها على سبيل الحكاية وهي بهذا الاعتبار ليست بأسماء لعدم كونها دالة بالوضع
وذكرها في باب الأسماء لإجرائها مجراها وأخذها حكمها وبنيت
لجريها مجرى مالا تركيب فيه من الأسماء.
فالأصوات بهذا
الاعتبار (كل لفظ) إنما قال (لفظ) ولم يقل اسم لعدم الوضع فيها، كما عرفت.
(حكى به صوت) أي : صدر على لسان الإنسان تشبيها بصوت شيء كما عرفت في القسم
الثاني من الأصوات الغير المنقولة.
(أو صوت به
للبهائم) ...
__________________
يعني مثلا أي : ؛ لإناختها أو زجرها أو دعائها أو غير ذلك.
وإنما قلنا :
مثلا ؛ لأن المتبادر من البهائم ذات القوائم الأربع فلا يتناول ما هو للطيور، بل
لبعض أفراد الإنسان أيضا كالصبيان والمجانين.
وإذا كان ذكرها
على سبيل التمثيل يتناول التعريف كلها.
(فالأول ك : (غاق)
إذا صوت به إنسان تشبيها بالغراب.
(والثاني ك : (نخ)
مشددة أو مخففة عند إناخة البعير.
ولم يذكر المصنف القسم الأول ، وهو ما كان صوت الإنسان
ابتداء من غير تعلق. بالغير.
قيل : ذلك ؛ لأنه لما كان هذان القسمان مع تعلقهما بالغير
ملحقين بالأسماء المبنية كان كون ذلك القسم كذلك أولى لكونه صوت الإنسان من غير تعلق بغيره
__________________
(المركبات)
أي : المركبات
المعدودة من المبنيات.
(كل اسم) حاصل (من) تركيب (كلمتين) حقيقة أو حكما اسمين أو فعلين أو حرفين أو مختلفين ، وجعلهما كلمة واحدة (ليس بينهما نسبة) أصلا لا في
الحال ولا قبل التركيب.
وإنما قلنا :
حقيقة أو حكما لئلا يخرج مثل : (سيبويه) فإن الجزء الأخير منه صوت غير موضوع لمعنى
فلا يكون كلمة لكنه في حكم الكلمة حيث أجرى مجرى الأسماء المبنية.
وقوله : ليس
بينهما نسبة ليخرج مثل : (عبد الله) علما و (تأبط شرا) لأن بين جزئي كل واحد منهما
نسبة قبل العلمية.
__________________
ولا يخفى أنه
يخرج بهذا القيد مثل : (خمسة عشر) عن الحد مع أنه من أفراد المحدود ؛ لأن
بين جزئيه قبل التركيب نسبة العطف ، وتعيين النسبة على وجه آخر ليخرج منها هذه النسبة أصعب من (خرط القتاد)
والأحسن أن يقال : المراد بالنسبة نسبة مفهومه من ظاهر هيئة
تركيب إحدى الكلمتين مع الأخرى.
ولا شك أنه
يفهم من ظاهر الهيئة التركيبية التي في (عبد الله) النسبة الإضافية ومن ظاهر
الهيئة التركيبيية التي في (تأبط شرا) النسبة التعليقية التي تكون بين الفعل
والمفعول ، بخلاف مثل : (خمسة عشر) فإن هيئة تركيب أحد جزئية مع الأخر لا تدل نسبة
أصلا كما أن هيئة تركيب أحد شطري (جعفر) مع الآخر لا تدل عليها من غير فرق ،
فانطبق الحد على المحدود طرد وعكسا.
(فإن تضمن)
الجزء (الثاني حرفا) أي : حرف عطف أو غيره (بنيا) أي : الجزآن الأول ، لوقوع أخره في وسط الكلمة الذي ليس
محلا للإعراب.
__________________
والثاني :
لتضمنه الحرف (ك ـ (خمسة عشر) فإن أصله (خمسة وعشرة) حذفت الواو وركبت عشرة مع خمسة.
(و) مثل : (حادي
عشر) وأخواتها يعني : أخوات (حادي عشر) من ثاني عشر إلى تاسع عشر ، أو أخوات كل
من (خمسة عشر) و (حادي عشر) وإنما أورد مثالين ليعلم أن البناء ثابت في هذا المركب سواء كان
أحد جزئيه العدد الزائد على العشرة أو صيغة الفاعل المشتقة منه.
وقيل فيه نظر ؛
لأن الثاني فيه لا يتضمن الحرف ؛ لأنه لا يراد به حادي وعشر وجوابه أن المراد
بصيغة الفاعل إذا اشتق من أسماء العدد واحد من المشتق منه لكن لا مطلقا بل باعتبار
وقوعه بعد العد السابق على المشتق منه.
__________________
فإن الثالث
مثلا واحد من الثلاثة لكن لا مطلقا بل باعتبار وقوعه بعد الاثنين فلما أخذوا هذه
الصيغة من المفردات للدلالة على ما ذكرنا أرادوا أن يأخذوا مثل : ذلك من المركبات ولا يتيسر ذلك
من مجموع الجزئين ؛ لأن صيغة (فاعل) لا تسع حروفهما جميعا فاقتصروا على أخذها من أحد الجزئين إذ في بعض
الحروف من كل جزء مظنة الالتباس واختاروا الأول ليدل على المقصود من أول الأمر ، فأخذوا مثلا من (أحد عشر) المتضمن حرف
العطف (حادي عشر) بمعنى : الواحد من أحد عشر ، بشرط وقوعه بعد
العشرة.
ف : (حادي عشر)
متضمن حرف العطف باعتبار أنه مأخوذ من (أحد عشر) المتضمن حرف العطف لا باعتبار أن
أصله (حادي عشر) إذ لا معنى له.
وعلى هذا
القياس (الحادي والعشرون) لا فرق بينهما إلا بذكر الواو وحذفه.
(إلا اثني عشر) واثنتي عشرة فإنه لا يبني فيهما الجزآن بل
يبني الثاني للتضمن
__________________
ويعرب الأول لشبهه بالمضاف بسقوط النون.
(وإلا) أي :
وإن لم يتضمن الثاني حرفا (أعرب الصثاني) مع منع صرفه أن لم يكن قبل التركيب مبنيا (ك ـ (بعلبك) وبني الأول) للتوسط المانع من الإعراب وعلى الفتح ؛ لأنه أخف (في
الأفصح) أي : اعراب الثاني مع منع الصرف وبناء الأول إنما هو في أفصح اللغات وفيه
لغتان أخريان أحدهما : إعراب الجزئين معا وإضافة الأول إلى الثاني ومنع صرف المضاف
إليه.
وأخرهما :
إاعراب الجزئين وإضافة الأول إلى الثاني وصرف الثاني .
__________________
(الكنايات)
جمع كناية وهي
في اللغة الاصطلاح : أن يعبر عن شيء معين بلفظ غير صريح في الدلالة عليه لغرض من
الأغراض كالإبهام على السامعين كقولك (جاءني فلان) وأنت تريد (زيدا).
والمراد بها
هاهنا ما يكنى به لا المعنى المصدري ولا كل ما يكنى به بل بعضه ولا كل بعض بل بعض معين فكأنهم اصطلحوا في باب المبنيات أن يريدوا
بها ذلك البعض المعين ولذلك لم يقل : بعض الكنايات كما قال بعض الظروف.
ويتعذر تعريفه
إلى بالتصريح به مفصلا فلذلك أعرض عن تعريفها مطلقا.
وتعرض لذلك
البعض المعين فقال : الكنايات (كم) وبناؤها لكونها موضوعة
__________________
وضع الحروف أو لكون الاستفهامية متضمنة لمعنى الحرف وحمل
الخبرية عليها.
(وكذا) وبناؤها
؛ لأنها في الأصل (ذا) من أسماء الإشارة دخل عليها كاف التشبيه
، فصار المجموع بمنزلة كلمة واحدة بمعنى (كم) وبقي (ذا) على أصل بنائه.
وكل واحد منهما
يكون (للعدد) والكناية عنه.
وجاء (كذا)
كناية عن غير العدد أيضا ، ونحو (خرجت يوم كذا) كناية عن يوم السبت أو غيره.
(وكيت وذيت للحديث) أي : الكناية عن الحديث والجملة. وإنما بنيا ؛
لأن كل واحد منهما كلمة واقعة موقع الجملة التي هي حيث هي لا تستحق اعرابا ولا
بناء ، فلما وقع المفرد موقعها ولم يجز خلوه عنهما رجح البناء ، الذي هو الأصل في
الكلمات قبل التركيب .
__________________
ومن الكنايات (كأين)
وإنما بنى ؛ لأن كاف التشبيه دخلت على (أي) و (أي) وإن كان في الأصل معربا لكنه
انمحى عن الجزئين معناهما الإفرادي وصار المجموع كاسم مفرد بمعنى (كم) الخبرية
فصار كأنه اسم مبني على السكون إذ آخره نون ساكنة كما في (من) لا تنوين تمكن ولهذا
يكتب بعد الياء نون مع أن التنوين لا صورة لها في الخط فمرتبته في البناء منحطة عن أخواتها فلذلك لم يذكره المصنف معها.
(ف : (كم)
الاستفهامية) المتضمنة معنى الاستفهام (مميزها) الذي يرفع الابهام عن
جنس المسؤول عنه.
(منصوب)
__________________
على التمييز (مفرد) لأنها لما كانت للعد ووسط العدد وهو من (أحد عشر إلى تسعة وتسعين) مميزه مفرد ، منصوب
جعل مميزها كذلك ؛ لأنه لو جعل كأحد الطرفين لكان تحكما .
(و) كم (الخبرية)
مميزها (مجرور) بالإضافة (مفرد) تارة ومجموع أخرى.
تقول : (كم رجل
عندي) و (كم رجال عندي) كما تقول : مائة ثوب وثلاثة أثواب.
وإنما جاء
مفردا ؛ لأن العد الكثير مميزه كذلك وإنما جاء مجموعا ؛ لأن العدد الكثير فيه ما
ينبئ عن كثرته صريحا ولما كان هذا ليس مثله في التصريح بالكثرة جعل
__________________
مميزه كأنها نائبة عن معنى التصريح بها.
(وتدخل (من)
فيهما) أي : في مميزي (كم) الاستفهامية والخبرية ، تقول : (كم) من رجل ضربت؟) و (كم من قرية أهلكناها).
قال الشارح
الرضي : (هذا في الخبرية كثير نحو : (وكم من ملك) ، (وكم من قرية) وذلك لموافقته
جرا للمميز المضاف إليه (كم) وأما مميز (كم) الاستفهامية فلم أعثر عليه مجرورا بمن
في نظم ولا نثر ولا دل على جوازه كتاب من كتب هذا الفن) لكن جوز الزمخشري أن يكون (كم) في قوله تعالى
(سَلْ بَنِي
إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) [البقرة : ٢١١] ، استفهامية وخبرية .
(ولها) أي :
لكم استفهامية كانت أو خبرية (صدر الكلام) لأن الاستفهامية تتضمن الاستفهام وهو
يقتضي صدر الكلام ليعلم من أول الأمر أنه من أي نوع من أنواع الكلام والخبرية أيضا
تدل على إنشاء التكثير وهو أيضا نوع من أنواع الكلام.
فيجب التنبيه
عليه من أول الأمر.
__________________
(وكلاهما) لو قال (كلتاهما) لكان أوفق لتأنيث الاستفهامية
والخبرية فهو على تأويل (كلا هذين النوعين) وهما (كم) الاستفهامية والخبرية أي : كل واحد منهما (يقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا) ثمّ بين موقع كل منهما بقوله : (فكل
ما) أي : كل واحد من (كم) الاستفهامية والخبرية يكون (بعد فعل) أو شبهه لفظا أو تقديرا (غير مشتغل عنه بضميره) أو متعلق ضميره فهو من حيث هو كذلك (كان منصوبا معمولا على حسبه) أي : على حسب عمل هذا الفعل.
__________________
وعمله لا يكون إلا بحسب المميز وذلك أنك تقول : (كم يوما ضربت؟)
وف: (كم) منصوب على الظرفية مع اقتضاء الفعل للمفعول به. والمصدر والمفعول فيه
وغير ذلك من المنصوبات.
فتعيينه لأحد
المنصوبات إنما هو بحسب المميز فالاستفهامية نحو : (كم رجلا ضربت؟) في المفعول به ، و (كم ضربة ضربت؟) في المفعول المطلق ، (كم يوما
سرت) في المفعول فيه.
والخبرية مثل :
(كم غلام ملكت) و (كم ضربة ضربت) و (كم يوم سرت) وإنما جعلنا الفعل وشبهه أعم من أن يكون ملفوظا أو مقدرا ليدخل في
قاعدة النصب ، مثل : قولك (كم رجلا ضربته؟) إذا جعلته من قبيل الإضمار على شريطة
التفسير ، وقد قدرت بعده فعلا غير مشتغل عنه أي : (كم رجلا ضربت ضربته؟) فهو من حيث إن بعده فعلا مقدرا غير مشتغل عنه
داخل في قاعدة النصب وإن لم تجعله من قبيلة ولم تقدر بعده فعلا مشتغل عنه فهو من
هذه الحيثية مرفوع داخل في قاعدة الرفع.
(وكل ما قبله)
أي : كل واحد من (كم) الاستفهامية والخبرية وقع قبله (حرف جر)
__________________
نحو : (بكم درهما اشتريت؟) أو (بكم رجل مررت) (أو مضاف) نحو : (غلام كم
رجلا ضربت؟) و (عبدكم رجل اشتريت) (فمجرور) بحرف الجر أو الإضافة.
وإنما جاز تقديم حرف الجر أو المضاف عليهما مع أن لهما صدر
الكلام ؛ لأن تأخير الجار عن المجرور ممتنع لضعف عمله فجوز تقديم الجار عليهما على أن يجعل الجار ـ اسما كان أو حرفا ـ مع المجرور ككلمة واحدة مستحقة للصدر .
(وإلا) أي :
وإن لم يكن بعده ـ لا لفظا ولا تقديرا ـ فعل ولا شبه فعل غير مشتغل عنه بضميره أو
متعلق ضميره ولا قبله حرف جر أو مضاف ، كما مجردا عن العوامل اللفظية (فمرفوع) أي
: فهو مرفوع (مبتدأ إن لم يكن ظرفا) نحو : (من أبوك؟) ونحو كم إخوتك وهذا مبني على مذهب سيبويه فإنه يخبر عنه بمعرفة عن
نكرة متضمنة استفهاما.
وأما عند غير
سيبويه فهذا خبر مقدم على المبتدأ لكونه نكرة وما بعده معرفة
__________________
(وخبر إن كان ظرفا) نحو : (كم يوما سفرك؟) ف : (كم) هنا منصوب المحل أولا ، داخل تحت قاعدة النصب باعتبار أعمال الكائن فيه ، وداخل في قاعدة الرفع ثانيا
لقيامه مقام عامله الذي هو خبر المبتدأ.
(وكذلك) أي : مثل : كم في تأتي الوجوه الأربعة الإعرابية ، بالشرائط المذكورة.
(أسماء الاستفهام والشرط)
بمعنى :
__________________
أنه تتأتى تلك الوجوه في جميع هذه الأسماء لا في كل واحد منها وهي (من ، وما ، وأي ، وأين ، وأنى
ومتى) مشتركة بين الاستفهام والشرط و (إذا) مختصة بالشرط و (كيف وأيان) مختصتين بالاستفهام.
ف : (من ، وما) إذا كانتا استفهاميتين يتأتى فيهما الوجوه الثلاثة الأول : نحو : (من
ضربت؟) و (ما صنعت؟) و (بمن مررت؟) و (غلام من ضربت؟) و (من ضربته؟) و (ما صنعته؟).
ولا يتأتى
فيهما الرفع على الخبرية لامتناع ظرفيتهما.
وإذا كانتا شرطيتين فكذلك تتأتى فيهما تلك الوجوه الثلاثة ، نحو : (من تضرب
أضرب) و (ما تصنع أصنع) و (بمن تمرر أمرر) و (غلام من تضرب أضربه) و (من يأتني فهو
مكرم) و (ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله).
ولا يتأتى
فيهما بل في جميع أسماء الشرط الرفع على الخبرية فإنه لا يقع بعدها إلا الفعل ولا
يصلح الفعل للابتداء.
وما هو لازم
الظرفية من هذه الأسماء ك : (متى وأين وأيّان وكيف وأنّى وإذا) إن لم ينجر بجار ، نحو : (من أين) فلا بد من كونها منصوبة على
الظرفية وعن بعضهم إن
__________________
(إذا) قد يخرج عن الظرفية ويقع اسما صريحا نحو : (إذا يقوم زيد
إذا يقعد عمرو) أي : وقت قيام زيد وقت قعود عمرو فهي مرفوعة بالابتداء.
وقال الشارح
الرضي (وأنالم أعثر لهذا على شاهد من كلام العرب) وما هو لازم الظرفية يرتفع في الاستفهام محلا مع انتصابه على الظرفية إذا كان خبر مبتدأ مؤخر ،
نحو : (متى عهدك بفلان؟) أي : متى كائن عهدك به؟
وأما (أي) فتتأتى فيه الوجوه الأربعة كلها ، فإنه قد يقع في محل الرفع بالخبرية أيضا على تقدير انتصابه على الظرفية نحو : (أي وقت
مجيئك؟) أي : أي وقت كائن مجيئك؟
(فأي وقت) على
تقدير انتصابه على الظرفية مرفوع المحل بالخبرية والوجوه الباقية مثل : (أيهم ضربت؟)
(وأيهم قائم؟) وفي مثل :
كم عمة لك يا جرير وخالة
يعني فيما
احتمل الاستفهام والخبر وذكر المميز وحذفه (ثلاثة أوجه) هكذا في كثير ممن النسخ.
وفي بعضهما : (وفي
تمييز كم عمة) أي : ما هو تمييز باعتبار بعض الوجوه فعلى النسخة الأولى يحتمل
أن يعتبر الأوجه الثلاثة في (كم).
__________________
أحدها : رفعه
بالابتداء .
والآخر : أن
نصبه على الظرفية أو على المصدرية فإنه أشار فيما سبق بقوله (منصوبا) معمولا على حبه) إلى كثرة وجوه النصب ولا يخفى أن هذا أليق بما سبق من وجوه إعراب (كم) .
ويحتمل أن
يعتبر الأوجه الثلاثة في مميزها ، أعني : عمة ، فأحدها : الرفع بالابتداء
استفهامية كانت أو خبرية.
__________________
والآخر : أن
النصب على التقدير كونها استفهامية والجر على تقدير كونها خبرية ولا يخفى أن هذا الوجه مبني على اعتبار جواز حذف مميزها وهو غير مذكور فما سبق
فكان الأليق تأخير هذا عن قوله (وقد يحذف في مثل ، كم مالك؟).
وأما على
النسخة الأخرى فلا يحتمل إلا الوجه الأخير.
والبيت للفرزدق
يهجو جرير وتمامه :
فدعاء قد حلبت عليّ عشاري
الفدعاء :
المعوجة الرسغ من اليد أو الرجل ، فتكون منقلبة الكف أو القدم.
بمعنى أنها
لكثرة الخدمة صارت كذلك أو هذه خلقة لها ، ونسبها إلى سوء الخلقة.
وإنما عدّى (حلبت)
ب : (على) لتضمنه معنى (ثقلت) أي : كنت كارها لخدمتها مستنكفا منها فخدمتني على
كره مني.
واختار من أنواع خدمتها الحلب ؛ لأنه خدمة المواشي. وهي أبلغ
في الذم من خدمة الأناسي.
__________________
والعشار : جمع
عشراء وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر.
واختارها ؛
لأنها تتأذى من الحلب ولا تطبع بسهولة ففي حلبها زيادة مشقة .
وفي ذكر عمته
وخالته إشارة إلى رذالة طرفيه أبيه وأمه.
فالاستفهام على تقدير النصب على سبيل التهكم كأنه ذهل عن كمية عدد عماته وخالاته فسأل عنه.
وكونها خبرية
على تقدير الجر على سبيل التحقيق أي : كثير من عماتك وخالاتك وجلبت على عشاري.
وإذا حذفت
المميز : أي : كم مرة أو كم حلبة على التهكم أو كم مرة أو كم حلبة على التكثير
فارتفاع (عمة) على الابتداء.
ومصححه توصيفه بقوله (لك) ، وخبره (قد حلبت).
(وكم) استفهامية أو خبرية على تقدير ارتفاع (عمة) في موضع النصب ؛ لأن الفعل الواقع بعدها مسلط عليها تسليط الظرفية أو
المصدرية.
__________________
وإذا رفعت (عمة)
رفعت (خالة) و (فدعاء) وإذا نصبتها نصبتهما وإذا خفضتها خفضتهما وذلك واضح .
(وقد يحذف)
مميز (كم) استفهامية كانت أو خبرية (في مثل : (كم مالك؟) و (كم ضربت) : أي : في كل
مثال قامت قرينه دالة على المحذوف فإنه إذا سئل عن كمية (مالك) أو أخبر عن كثرته
فظاهر الحال قرينه دالة على أنه سؤال عن كمية دراهمه أو دنانيره أو أخبار عن
كثرتهما فمعناه كم درهما ، أو دينارا أو كم درهم أو دينار مالك.
ف : (كم) في
هذا المثال مرفوع على الابتداء ، ومالك خبره ، وإذا سئل عن ضربك بعد العلم بوقوعه ، أو
أخبر به فالظاهر أن السؤال والإخبار إنما هو بالنسبة إلى مرات ضربك ، أي : كم مرة
أو مرة ضربت ، أو إلى ضرباتك ، أي : كم ضربة أو ضربة ضربت ، فكم في هذا المثال إما
منصوب على الظرفية أو المصدرية ، والفرق بين المعنيين إذا كان المصدر للنوع فظاهر وأما إذا كان
للعد فالملحوظ في الظرفية أولا الزمان الدال عليه الألفاظ الموضوعة للزمان ،
__________________
وفي المصدرية أولا الحدث الدال عليه لفظ المصدر .
ويحتمل أن يكون
المثال الثاني بتقدير : كم رجلا أو رجل ضربت فعلى هذا التقدير يكون : (كم) منصوبا
على المفعولية.
(الظروف)
أيك الظروف
المعدودة من المبنيات المعبر عنها عند تعدادها ببعض الظروف فلا حاجة إلى ذكر البعض ههنا.
(ومنها) أي :
من تلك الظروف (ما) أي : ظرف (قطع عن الإضافة) بحذف المضاف إليه عن اللفظ
دون النية فإنه عند نسيانه أعرب مع التنوين نحو : (رب بعد خيرا من قبل).
وسميت الظروف المقطوعة عن الإضافة غايات ؛ لأن غاية الكلام
كانت ما أضيفت .
__________________
هي إليه ، فلما حذف صرن غايات ينتهي بها الكلام.
وإنما بنيت
لتضمنها معنى حرف الإضافة أو شبهها بالحروف في الاحتياج إلى المضاف إليه.
واختير الضم لخبر النقصان.
(ك ـ (قبل ،
بعد) وما أشبههما من الظروف المسموع قطعها عن الإضافة مثل: (تحت وفوق وقدام ووراء) ولا يقاس عليها ما بمعناها.
ويجوز في هذه
الظروف على قلة أن يعوض التنوين من المضاف إليه فتعرب.
قال الشاعر :
فساغ لي الشراب وكنت قبلا أكاد أغصّ بالماء الفرات
__________________
فلا
فرق بين ما أعرب من هذه الظروف المقطوعة وبين ما بني منها. وقال بعضهم بل إنما
أعربت لعدم تضمنها معنى الإضافة فمعنى (كنت قبلا) أي : قديما.
وقال الشارح
الرضي والأول هو الحق.
(وأجرى مجراه) أي : مجرى الظرف المقطوع عن الإضافة (لا غير وليس غير) في حذف المضاف إليه والبناء على الضم وإن لم يكن (غير)
من الظروف لشبههه بالغايات لشدة الإبهام الذي فيه كما كان فيها.
ولا يحذف منه
المضاف إليه إلا بعد (لا وليس) نحو : (افعل هذا لا غير) و (جاءني زيد ليس غير) لكثرة استعمال (غير) بعدهما.
(و) كذلك أجرى
مجرى الظروف (حسب) لشبهها ب : (غير) في كثرة الاستعمال وعدم تعرفها بالإضافة.
__________________
(ومنها) أي : من الظروف المبنية (حيث)
للمكان .
وقال الأخفش :
قد يستعمل للزمان (ولا يضاف إلا إلى جملة (اسمية كانت أو فعلية (في الأكثر) أي : في أكثر الاستعمالات.
وقد جاء :
أما ترى حيث سهيل طالعا
ف : (حيث) فيه
مضاف إلى مفرد وهو (سهيل) مفعول (ترى) أي : أما ترى مكان سهيل طالعا.
__________________
آخره :
...........
|
|
نجما يضيئ
كالشهاب ساطعا
|
وإنما بنيت على
الضم كالغايات ؛ لأنها غالبة الإضافة إلى الجملة والمضاف إلى الجملة في الحقيقة
مضاف إلى المصدر الذي تضمنته الجملة.
فهي وإن كانت
في الظاهر مضافة إلى الجملة فإضافتها إليها كلا إضافة فشابهت الغايات المحذوف ما
أضيفت إليه فبنيت على الضم مثلها. ومع الإضافة إلى المفرد يعربه بعضهم لزوال علة
البناء أي : الإضافة إلى الجملة والأشهر بقاؤه على بنائه لشذوذ الإضافة إلى المفرد.
(ومنها) أي :
من الظروف المبنية (إذا) زمانية كانت أو
مكانية .
وإنما بنيت لما
ذكرنا في (حيث) وهي إذا كانت زمانية (للمستقبل) أي : للزمان المستقبل ، وإن كانت داخلة على الماضي ،
وذلك ؛ لأن الأصل في استعمالها أن تكون لزمان من أزمنة المستقبل مختص من بينها
بوقوع حدث فيه مقطوع بوقوعه في اعتقاد المتكلم.
__________________
والدليل عليه
استعمالها في الأغلب الأكثرية في هذا المعنى ، نحو : (إذا طلعت الشمس) وقوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ
كُوِّرَتْ) [التكوير : ١] ولهذا كثر في الكتاب العزيز استعماله لقطع علام الغيوب
بالأمور المتوقعة.
وقد استعمل في
الماضي كما في قوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ
بَيْنَ السَّدَّيْنِ) [الكهف : ٩٣] و (حَتَّى إِذا ساوى
بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) [الكهف : ٩٦] و (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ
ناراً) [الكهف : ٩٦].
(وفيها) أي :
في (إذا (معنى الشرط) وهو ترتيب مضمون جملة على أخرى فتضمنت معنى حرف الشرط
فهذا علة أخرى لبنائها (ولذلك) أي : لكون معنى الشرط فيها (أختير) أي جعل مختارا (بعدها
الفعل) لمناسبة الفعل الشرط.
وجوز الاسم
أيضا على الوجه الغير المختار لعدم تأصلها في الشرط مثل : (إن ولو)
(وقد تكون) أي
: (إذا) (للمفاجأة) مجردة عن معنى الشرط يقال : فاجأ الأمر
__________________
مفاجأة من قولهم : فجأته فجاءة ـ بالضم والمد ـ إذا لقيته وأنت لا تشعر به (فيلزم
المبتدأ بعدها) فرقا بين (إذا) هذه وبين (إذا) الشرطية والمراد بلزوم المبتدأ غلبة وقوعه بعدها فلا ينافي ما سبق من
عدم وجوب الرفع بعدها في باب الإضمار على شريطة التفسير.
نحو (خرجت فإذا
السبع) أي : فإذا السبع حاضر أو واقف على حذف الخبر.
والعامل في (إذا)
هذه معنى المفاجأة وهو عامل لا يظهر وقد استغنوا عن إظهاره لقوة ما فيه من
الدلالة عليه.
وأما الفاء :
فهي للسببية فإن مفاجأة السبع مسببة عن الخروج.
قيل والأقرب
إلى التحقيق :
__________________
أنها للعطف من جهة المعنى أي : خرجت ففاجأت
وحاصل المعنى :
خرجت ففاجأت زمان وقوف السبع ، كما هو مذهب الزجاج أن (إذا) هذه زمانية أو مكان
وقوف السبع كما ذهب إليه المبرد فإنها عنده مكانية.
وقوله (زمان
وقوف السبع أو مكانه) مفعول فيه لفاجأت لا مفعول به وإلا لم تبق (إذا) ظرفية بل
تصير اسمية بل المفعول به محذوف أي : فاجأت في زمان وقوف السبع أو مكانه إياه أي :
السبع وقد تكون
لمجرد الزمان
نحو : آتيك إذا أحمر البسر أي : وقت احمرار البسر.
وقد يستعمل
اسما مجردا عن معنى الظرفية في نحو : (إذا يقوم زيد إذا يقعد عمرو) وقد سبقت إليه
الإشارة.
(ومنها) أي :
من الظروف المبنية (إذ) الكائنة (للماضي)
. وبناؤها لما مر في (حيث) ولكون وضعها وضع الحرف.
وقد تجيء
للمستقبل كقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ).
(وتقع بعدهما
الجملتان) الاسمية
__________________
والفعلية لعدم اشتمالها على معنى الشرط المقتضي اختصاصها بالفعلية : مثل : (كان ذلك إذ زيد
قائم وإذ قام زيد) وقد تجيء للمفاجأة نحو : (خرجت فإذ زيد قائم) ولقلة مجيئها لم يذكرها
المصنف .
ومنها (أين وأنى) فهما (للمكان استفهاما وشرطا) أي : حال كونهما للاستفهام والشرط.
وبناؤهما
لتضمنهما معنى حرف الاستفهام أو الشرط نحو : (أين زيد؟) و (أين تكن أكن) و (أنى
زيد؟) و (أنى تجلس أجلس).
وقد جاء (أنى زيد؟) بمعنى كيف و (أنى القتال؟) بمعنى : متى.
(و) منها (متى للزمان فيهما) أي : في الاستفهام والشرط ، نحو : (متى القتال؟) و (متى تخرج أخرج)
__________________
(و) منها (أيان للزمان استفهاما) مثل : (متى) نحو : (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)
[الذاريات : ١٢] والفرق بينهما أن (أيان) مختص بالأمور العظام .
وبالمستقبل ، فلا يقال (أيان يوم قيام زيد؟) و (أيان قدوم الحاج؟) بخلاف (متى)
فإنه غير مختص بهما.
والمشهور فتح
الهمزة والنون وقد جاء كسرهما أيضا.
(و) ومنها كيف) الكائنة (للحال استفهاما) أي : حال شيء وصفته فالمراد بالحال صفة الشيء ، لا زمان
الحال كما توهمه بعض الشارحين.
قال صاحب
المفصل : (وكيف) جار مجرى الظرف ، ومعناه السؤال عن الحال ، تقول : كيف زيد؟ أي : على أي حال هو؟.
ويستعمل الشرط
مع (ما) على ضعف عند البصريين ، نحو : (كيفما تجلس أجلس) أي : على أي هيئة تجلس
أجلس.
ومطلقا عند
الكوفيين نحو : (كيف تجلس أجلس).
__________________
فإن كان بعده
اسم فهو في محل الرفع بالخبرية عنه وإن كان بعده فعل مثل : (كيف جئت؟) فهو في
محل النصب على الحالية ، أي : على أي حال جئت راكبا أو ماشيا.
(ومنها) أي :
من الظروف المبنية (مذ ومنذ) بينا لموافقتهما (مذ ومنذ) حرفين ويكونان تارة (بمعنى أوّل المدّة) أي أول مدة زمان الفعل
المتقدم عليهما نحو : (ما رأيته مذ أو منذ يوم الجمعة) أي : أول زمان عدم رؤيته
يوم الجمعة.
(فيليهما) أي :
يقع بعدهما أي : بعد (مذ ومنذ) (المفرد) أي الاسم المفرد لا المثنى ولا المجموع حقيقة كالمثال المتقدم ، أو حكما
، نحو : (ما رأيته مذ اليومان اللذان صاحبنا فيهما) أي : أول مدة عام رؤيته هذان
اليومان.
فمادام لا يلاحظ هذان اليومان أمرا واحدا لا يحكم عليهما
بأولية المدة ؛ لأن أول المدة إنما يكون أمرا واحدا لا شيئين أو أشياء.
فالمثنى
والمجموع إذا وقعا أول المدة يكونان في حكم المفرد (المعرفة) حقيقة ،
__________________
كالمثال المتقدم ، أو حكما نحو : (ما رأيته مذ يوم لقيتني فيه) لحصول
التعيين المقصود من كونه معرفة ، وإنما كان التعيين مقصودا ؛ لأنه لا فائدة في جعل
الوقت المجهول أول مدة فعل ؛ لأن أولية وقت مالزمان مدة الفعل معلوم
بالضرورة.
(و) تارة
يكونان (بمعنى جميع المدة) أي : جميع مدة زمان الفعل (فيليهما) أي: (مذ منذ) (المقصود) أي : الزمان الذي قصد بيانه حال كونه متلبسا (بالعدد) أي : بعدده
المستغرق جميع أجزائه ، بحيث لا يشذ منه شيء نحو : (ما رأيته مذ يومان) أي : جميع
أجزاء مدة زمان عدم رؤيته يومان لا أزيد ولا أنقص.
__________________
(وقد يقع بعدهما المصدر) نحو : (ما خرجت مذ ذهابك) (أو الفعل) نحو : (ما خرجت مذ ذهبت) (أو أن) أي : ما كتب على هذه الصورة مثقلة كانت أو مخففة نحو : (ما خرجت مذ أنك ذاهب) أو (ما خرجت مذ أن ذهبت)
أو الجملة الاسمية نحو : (ما خرجت مذ زيد مسافر) ولم يذكره لقلته.
(فيقدر) بعدهما
(زمان مضاف) إلى أحد هذه الأمور ، ليصح حمل ما بعدهما عليهما ، فكان
التقدير في (ما خرجت مذ ذهابك) مذ زمان ذهابك وعلى هذا القياس
فيما بقي (وهو) أي : كل واحد من (مذ ومنذ) اسمين ، (مبتدأ) وهما
معرفتان لكونهما في تأويل الإضافة ؛ لأنهما إما بمعنى (أول المدة) أو (جميع المدة).
__________________
(وخبره ما بعده)
أي : خبر كل منهما ما يقع بعده (خلافا للزجاج) فإنهما عنده خبر المبتدأ والمبتدأ وما بعدهما.
ويرد عليه أنه
يلزم أن يكون المبتدأ في مثل قولك : مذ يومان نكرة ، والخبر معرفة ، وذلك غير
جائز.
واعلم أنهما
إذا كانا مبتدأ أو خبرا فهما اسمان صريحان لا ظرفان ، فلا يصح عدهما من الظروف
المبنية إلا أن يراد بظرفيتهما كونهما من أسماء الزمان لا أنهما يقعان ظرفا في تراكيبهم.
(ومنهما) أي من
الظروف المبنية (لدى) بالألف المقصورة (ولدن) بفتح اللام وضم الدال وسكون النون.
(وقد جاء لدن)
بفتح اللام وسكون الدال وكسر النون (ولدن) بفتح اللام والدال وسكون النون ، (ولدن)
بضم اللام وسكون الدال وكسر النون (ولدن) بفتح اللام وسكون الدال (ولد) بضم اللام وسكون الدال.
__________________
(ولد) بفتح اللام وضم الدال.
وبناؤها لوضع
بعضها وضع الحروف ، وحمل البقية عليه.
وكلها بمعنى (عند)
والفرق : أنه يقال : (المال عند زيد) فيما يحضر عنده ، وفيما في خزائنه ، وإن كان
غائبا عنه.
ولا يقال : (المال
لدى زيد أو لدن زيد) إلا فيما يحضر عنده .
وحكمها : أن
يجريها على الإضافة ، نحو : (المال لدى زيد).
وقد ينصب في بعض لغات العرب ب : (لدن) خاصة (غدوة) خاصة سماعا ، تشبيها لنونها بنون التنوين في مثل : (رطل
زيتا) ولذلك يحذف عنها ، ويثبت.
ولكون (غدوة)
أكثر استعمالا من (سحرة) وغيرها.
__________________
(و) منها (قطّ) مفتوح القاف ومضموم الطاء المشددة وهذا أشهر لغاته وقد
يخفف الطاء المضموم وقد يضم القاف اتباعا لضمه الطاء المشددة أو المخففة.
وجاء (قطّ)
ساكنة الطاء مثل : (قط) الذي هو اسم فعل ، فهذه خمس لغات كلها (للماضي المنفي) أي : لا جل الفعل الماضي المنفي ، أو الزمان الماضي المنفي وقوع شيء فيه ليستغرق النفي جميع الأزمنة الماضية نحو : (ما رأيته قط).
وبناء الخفة
لوضعها وضع الحروف ، وبناء المشددة لمشابهتها لأختها المخففة.
وقيل : حمل على
أختها (عوض).
(و) منها (عوض) بفتح العين وضم
الضاد وقد جاء فتحها وكسرها (للمستقبل) أي : لأجل الفعل المستقبل (المنفي) أو
الزمان المستقبل المنفي فيه وقوع شيء ليستغرق النفي جميع الأزمنة المستقبلية نحو :
لا أراه عوض وبناء (عوض) على الضم لكونه مقطوعا عن الإضافة ك : (قبل وبعد) بدليل إعرابه مع المضاف إليه نحو : (عوض
__________________
العائضين) أي : دهر الداهرين ، ومعنى (الداهر) و (العائض) الذي يبقى على وجه الدهر
(والظروف المضافة
إلى الجملة و) إلى كلمة (إذ)
المضافة إلى الجملة (يجوز بناؤها) لاكتسابها البناء من المضاف إليه ولو بواسطة (على الفتح) للخفة نحو قوله تعالى (يَوْمُ يَنْفَعُ
الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) وقوله تعالى : (مِنْ خِزْيِ
يَوْمِئِذٍ) [هود : ٦٦] فيمن قرأ بالفتح .
ويجوز إعرابها
أيضا لكونها أسماء مستحقة للإعراب ، ولا يجب اكتساب المضاف إلى المبني البناء منه.
(وكذلك) أي :
كالمذكور من الظرف في جواز البناء على الفتح والإعراب ، (مثل وغير) مذكورين (مع (ما
وأن) مخففة أو مشددة ، مثل : (قياسي مثل : ما قام زيد) و (قيامي مثل : أن يقوم زيد
، أو مثل : أنك تقوم) لمشابهتهما الظرف المضافة إلى
__________________
الجملة نحو : (إذا وحيث) ولهذه المشابهة ذكرهما في بحث الظروف.
ويجوز إعرابهما
لكونها اسمين مستحقين للإعراب.
(المعرفة والنكرة)
أي : هذا باب
بيان المعرفة والنكرة ، من أقسام الاسم :
(المعرفة) : ما
: اسم (وضع) بوضع جزئي أو كلي لشيء متلبس.
__________________
(بعينه) أي : بذاته المعينة المعلومة للمتكلم والمخاطب المعهودة بينهما ، فالشيء
مقيد بهذه المعلومية والمعهودية إذا وضع له اسم ، فهو المعرفة ، وإذا وضع له
اسم باعتبار ذاته مع قطع النظر عن هذه الحيثية فهو النكرة.
فقوله (ما وضع
لشيء) شامل للمعرفة والنكرة ، وقوله : (بعينه) يخرج به النكرة.
(وهي) أي :
المعرفة : ستة أنواع بالاستقراء ، وأشار بترتيبها في الذكر إلى ترتيبها بحسب
المرتبة.
فالأول : (المضمرات) فإنها موضوعة بإزاء معان معينة مشخصة باعتبار أمر كلّي، فإن الواضح لاحظ أولا مفهوم
المتكلم الواحد من حيث إنه يحكي عن نفسه مثلا.
وجعله آلة
لملاحظة أفراده ، ووضع لفظ (أنا) بإزاء كل واحد من تلك الأفراد بخصوصه بحيث لإيفاد
ولا يفهم إلّا واحد بخصوصه دون القدر المشترك فيتعقل ذلك المشترك آلة للوضع لا أنه
الموضوع له ،
__________________
فلوضع كلي والموضوع له جزئي مشخص .
(و) الثاني ، (الأعلام) الشخصية ، كما إذا تصوّر ذات زيد ووضع لفظ (زيد) بإزائه من حيث معلوميته
ومعهوديته ، أو الجنسية ، كما إذا تصور مفهوم الأسد ، وهو الحيوان المفترس ، ووضع
بإزائه من حيث معلوميته ومعهوديته لفظ (أسامة) .
فهذا اللفظ
بهذا الاعتبار علم لهذا المعنى الجنسي ومعرفة بخلاف ما إذا
__________________
وضع لفظ الأسد بإزاء هذا المفهوم الجنسي مع قطع النظر عن معلوميته
ومعهوديته فإنه بهذا الاعتبار نكرة.
(و) الثالث : (المبهمات) يعني أسماء
الإشارة والموصولات وإنما سميت
مبهمات ؛ لأن اسم الإشارة من غير إشارة مبهم ، وكذا الموصول من غير صلة .
وهذا القسم من
قبيل الوضع العام ، والموضوع له خاص ، فإنها موضوعة بإزاء معان معينة معلومة
معهودة من حيث معلوميتها ومعهوديتها وضعا عاما كليا ، فإن الواضع إذا تعقل مثلا معنى المشار إليه
المفرد المذكر ، وعين لفظا بإزاء كل واحد من أفراد هذا المفهوم كان هذا وضعا عاما ؛ لأن التصور المعتبر فيه عام ، وهو
المشترك بين تلك الأفراد ، والموضوع له خاص ؛ لأنه خصوصية كل واحد من تلك الأفراد
، لا المفهوم المشترك بينها.
(و) الرابع ، والخامس : (ما عرف باللام)
العهدية أو الجنسية أو
__________________
الاستغراقية .
وإنما لم يقل (ما
دخله اللام) لئلا يدخل فيه ما دخله اللام الزائدة لتحسين اللفظ.
والميم في : «ليس
من امبر امصيام في امسفر» بدل اللام فلا يعد ما دخلته قسما آخر من المعارف.
(أو) عرف (بالنداء)
نحو : يا رجل ، إذا قصد به معيّن ، بخلاف يا رجلا ، لغير معين ، فإنه
نكرة.
ولم يذكره
المتقدمون لرجوعه إلى ذي اللام ، إذ أصل (يا رجل) يا أيها الرجل.
__________________
(و) السادس : (المضاف
إلى أحدها) أي : أحد الأمور الخمسة المذكورة ولا يستلزم صحة الإضافة إلى أحدها صحتها بالنسبة إلى كل واحد فلا
يرد أنها لا تصح إلا بالنسبة إلى الأربع الأول ، فإن المنادى لا يضاف إليه.
قيل : كان عليه
أن يقول : والمضاف إلى المعرفة ، ليدخل فيه المضاف إلى المضاف إلى المعرفة أيضا ،
مثل : (غلام أبيك).
والجواب : أن
المراد بالمضاف إلى أحدها أعم من أن يكون بالذات أو بالواسطة ولا يخفى عليك ـ نظرا إلى ما سبق ـ أن
المضاف إذا كان لفظ (الغير أو المثل أو الشبه) فهو مستثنى من هذا الحكم.
(معنى) أي : إضافة معنى ، يعني : إضافة معنوية.
__________________
فقوله (معنى)
مفعول مطلق بحذف مضاف. واحترز به عن المضاف إلى أحد هذه الأمور إضافة لفظية ،
فإنها لا تفيد تعريفا.
ولما سبق تعريف
المضمرات والمبهمات ـ ومعنى المضاف إلى أحدهما معنى ظاهر ـ والمعرف باللام والنداء
مستغن عن التعريف خص العلم بالتعريف وقال :
(العلم)
اسما كان أو لقبا أو كنية ؛ لأنه إن صدر بالأب أو الأم أو
الابن أو النبت فهو كنية ، وإلا ، فإن قصد به مدح أو ذم فهو اللقب وإلا فهو الاسم.
(ما وضع لشيء
بعينه) شخصا أو جنسا واحترز به عن النكرات ، والأعلام الغالبة التي تعينت لفرد معين بعلة الاستعمال فيه داخلة في
التعريف ؛ لأن غلبة
__________________
استعمال المستعملين بحيث اختص العلم الغالب لفرد معين بمنزلة الوضع من واضع
معين ، فكأن هؤلاء المستعملين وضعوا له ذلك.
(غير متناول
غيره) أي : حال كون ذلك الاسم الموضوع لشيء بعينه غير متناول غير ذلك الشيء
باستعماله فيه ، واحترز به عن المعارف كلها.
وقوله : (بوضع واحد) أي : تناولا بوضع واحد لئلا يخرج الأعلام المشتركة ولما أشار إلى
ترتيب أنواع المعارف في الأعرفية بترتيبها في الذكر ، أراد التنبيه على ترتيب
أصنافها فيما يكون فيه هذا الترتيب ، فقال :
(وأعرفها) أي :
أعرف المعارف ، يعني : أقلها لبسا عند المخاطب من حيث أصنافها.
(المضمر
المتكلم) لبعد وقوع الالتباس فيه.
__________________
(ثم) المضمر (المخاطب) فإنه يتطرق فيه مالا يتطرق في المتكلم.
ألا ترى أنك
إذا قلت : (أنا) لم يلتبس بغيره ، وإذا قلت : (أنت) جاز أن يلتبس بآخر ، فيتوهم أن الخطاب له.
وليس المراد
بالأعرفية إلا كون المعرفة أبعد من اللبس.
ثم المضمر الغائب ، ولم يذكره ؛ لأنه علم من أعرفية
المتكلم والمخاطب أنه أدون منهما.
واقتصر على بيان النسبة بين أصناف المضمرات فإن سائر المعارف :
لا تفاوت بين أصنافها إلا المضاف إلى أحدها ، فإن فيه تفاوتا باعتبار تفاوت المضاف
إليه ولهذا ما أثبت التفاوت بين أصنافه بعد بيانه بين أنواع المضاف إليه وأصنافه.
وهذا الترتيب الذي ذكره هو مذهب سيبويه فإن فيه اختلافات كثيرة .
__________________
(النكرة)
(ما
وضع لشيء لا بعينه) أي : لا
باعتبار ذاته المعينة المعلومة المعهودة من حيث هو كذلك فقوله : (ما وضع لشيء)
شامل للمعرفة والنكرة ، وبقوله (لا بعينه) خرجت المعرفة.
(أسماء العدد)
إنما أفردها بالذكر : ؛ لأن لها أحكاما خاصة ليست بغيرها.
(وهي : ما وضع)
أي : ألفاظ وضعت (لكمية آحاد الأشياء) منفردة كانت تلك الآحاد أو مجتمعة.
__________________
فالأشياء : هي المعدودات وآحادها : كل واحد منها.
وكمية الآحاد :
ما يجاب به إذا سئل عن واحد أو عن أكثر من واحد من تلك المعدودات ب : (كم)
والألفاظ الموضوعة بإزاء تلك الكميات بأن يكون كل واحد منها موضوعا لكمية واحدة
منها أسماء العدد.
فالواحد موضوع
لكمية آحاد الأشياء إذا أخذت منفردة.
فإذا سئل عن
معدود منها ، بكم هو؟ يجاب بالواحد.
والاثنان موضوع
لكميتها إذا أخذت مجتمعة متكررة مرة واحدة .
فإذا سئل عن
معدودين يجاب بالاثنين وهكذا إلى ما لا نهاية له.
فظهر من
التقرير أن لفظ الواحد والاثنين داخلان في هذا التعريف ؛ لأنهما
من أسماء العدد في عرف النحاة وإن لم يكونا عند بعض الحساب من العدد ؟.
__________________
ولما كان المتبادر من هذه العبارة أن نفس الكمية هي الموضوع له
من غير اعتبار معنى آخر لا ينتقض التعريف بمثل : رجل ، ورجلين ، وذراع وذراعين ،
ومن ومنين حيث لا يفهم منها الواحدية والاثنينية فقط .
(أصولها أي : أصول أسماء العدد التي يتفرع منها باقيها.
إما بالحاق تاء التأنيث ؛ ك : (واحدة ، واثنتان) أو باسقاطها ك : (ثلاث إلى تسع) أو بالتثنية ك : (مائتين وألفين) أو بالجمع ك : (مئات
وألوف وعشرين) ، أو بالتركيب إضافيا كان ك : (ثلاثمائة) أو مزجيا ك : (خمسة عشر) أو بالعطف ك :
__________________
(خمسة وعشرين)؟.
(اثنتا عشرة
كلمة ، واحدة إلى عشرة ، ومائة ، وألف ، وتقول) في الأعداد مذكرة ومؤنثة ومفردة
ومركبة ومعطوفة : (واحد واثنان) في المفرد المذكر وتثنيته.
(واحدة واثنتان أو ثنتان) في المفرد المؤنث وتثنيتها على ما هو
القياس.
(و) تقول
للمذكر : (ثلاثة إلى عشرة) بالتاء لجماعة المذكر اعتبارا لتأنيث الجماعة ، نحو : (ثلاثة رجال إلى عشرة رجال) (وثلاث
إلى عشرة) بدونها ، لجمع المؤنث فرقا بين المذكر والمؤنث ، نحو : ثلاث امرأة و (عشرة نسوة) ولم ينقل الأمر بالعكس لكون المذكر أسبق.
وتقول : إذا
جاوزت عشرا : (أحد عشر ، واثنا عشر) في المذكر ، نحو : (أحد
__________________
عشر رجلا) و (اثنا عشر رجلا) ، (إحدى عشرة ، واثنتا عشرة) و (ثنتا عشرة) في
المؤنث على الأصل بتذكير المذكر وتأنيث المؤنث.
وغير الواحد إلى (أحد) والواحدة إلى (إحدى) للتخفيف .
وتقول : (ثلاثة
عشر إلى تسعة عشر) في المذكر ، نحو : (ثلاثة عشر رجلا).
(ثلاث عشرة إلى
تسعة عشرة) في المؤنث ، نحو : (ثلاث عشرة امرأة) إبقاء للجزء الأول فيهما بحالة قبل التركيب وتذكير الثاني في المذكر كراهة
اجتماع تأنيثين من جنس واحد فيما هو كالكلمة الواحدة ، بخلاف (إحدى عشرة) و (اثنتا
عشرة) فإن التأنيث فيهما من جنسين.
وأما تذكير الثاني في (أحد عشر ، واثنا عشر) فمحمول على التذكير في
(ثلاثة عشر) والتاء في (ثنتان) بدل من لام الكلمة فلم يتمخض التأنيث ، فلهذا حكمنا عليه بأنه جنس
آخر من التأنيث.
__________________
وفي (اثنتان) وإن كانت للتأنيث إلا أنها حملت على ثنتان.
وأما تأنيث
الجزء الثاني في المؤنث فلأنه لما وجب تذكير المذكر ـ لما عرفت ـ وجب تأنيثه للمؤنث ؛ لانتفاء المانع وهو عدم الفرق
بين المذكر والمؤنث.
(وتميم تكسر
الشين) عند التركيب (في المؤنث) أي : من (عشرة) تحرزا عن توالي أربع فتحات مع ثقل
التركيب في (أحدى عشرة واثنتا عشرة) أو خمس فتحات في (ثلاث عشرة إلى تسع عشرة) والحجازيون يسكنونها وهي اللغة الفصيحة ؛ لأن السكون أخف من الفتح.
(و) تقول : (عشرون
وأخواتها) بكسر التاء ؛ لأنه منصوب بالعطف على (عشرون) المنصوب
محلا بمفعولية القول.
وهي : ثلاثون
وأربعون وخمسون وتسعين.
(فيهما) أي :
في المذكر والمؤنث من غير فرق ، وهي عقود ثمانية ،
__________________
وتقول فيما زاد علة كل عقد من تلك العقود إلى عقد آخر : (أحد وعشرون) في المذكر (أحدى وعشرون) في المؤنث.
ولما غير الواحد والواحدة هاهنا بدون التركيب ؛ لأن المعطوف
والمعطوف عليه في قوة التركيب لم يكن استعمالهما بالعطف علة صورة لفظ ما تقدم بعينه ، فلذلك لم يدرجهما في قاعدة العطف بلفظ ما تقدم بل
خصها بما عداهما فقال (ثم بالعطف) أي: عطف تلك العقود الزائدة عليها.
__________________
كائنا ذلك الزائد (بلفظ ما تقدم) من أسماء الأعداد بعينه من
غير تغيير ، فتقول : (اثنان وعشرون) في المذكر و (اثنتان ، وثنتان وعشرون) في
المؤنث ، (ثلاثة وعشرون) في المذكر و (ثلاث وعشرون) في المؤنث ، هكذا (إلى تسعة
وتسعين) بل إلى (تسع وتسعين) وتقول : فيما زاد على (تسعة وتسعين).
(مائة وألف) في الواحد (مائتان وألفان) في التثنية (فيهما) أي
: في المذكر والمؤنث من غير فارق بينهما.
(ثم) تقول فيما
زاد على (مائة وألف) وما يتفرع عنهما (بالعطف) أي : بعطف الزائد عليهما أو عطفهما
على الزائد حال كون الزائد واقعا (على صورة ما تقدم من أسماء الأعداد من غير تغيير وتبديل ، فتقول : (مائة
وواحد ، أو وحدة)
__________________
و (مائة واثنان أو اثنتان) و (مائة وثلاثة رجال ، أو ثلاث نسوة) و (مائة
وأحد عشر رجلا أو إحدى عشرة امرأة) و (مائة وأحد وعشرون رجلا أو إحدى وعشرون امرأة)
و (مائة واثنان وعشرون رجلا أو اثنتان وعشرون امرأة) و (مائة وثلاثة وعشرون رجلا
أو ثلاث وعشرون امرأة) إلى (مائة وتسعة وتسعين رجلا أو تسع وتسعين امرأة) وكذا
الحال في تثنية المائة والألف وجمعهما.
ويجوز أني يعكس
العطف في الكل فتقول (واحد ومائة) إلى آخر ما ذكرنا.
(و) الأصل (في
ثماني عشرة فتح الياء) لبناء صدور الأعداد المركبة على الفتح ك : (ثلاثة عشر).
(وجاء إسكانها)
أي : إسكان الياء لتثاقل المركب بالتركيب كما في (معدي كرب) .
__________________
(وشذ حذفها) أي : حذف الياء (بفتح النون) لأنها إذا حذفت فالوجه
بقاء الكسرة كما في قولك : (جاءني القاضي) إذا حذفت الياء إلا أن الذي سوغ ذلك فيه كون مركبا ، فروعي زيادة استثقاله فجعل موضع الكسرة فتحة.
قال الشارح
الرضي : (ويجوز كسرها ليدل على الياء المحذوفة ، لكن الفتح أولى ليوافق أخواته ؛
لأنها مفتوحة الأواخر مركبة مع العشرة .
ولما فرغ من
بيان حال أسماء الأعداد شرع في بيان حال مميزاتها وابتدأ من الثلاثة ؛ لأنه لا
مميز للواحد والاثنين كما سيصرح به فقال :
(ومميز الثلاثة
إلى العشرة) والثلاثة إلى العشر (مخفوض) أي : مجرور (ومجموع لفظا) نحو : (ثلاثة رجال).
__________________
(أو معنى) نحو : (ثلاثة رهط) .
أما كونه
مخفوضا فلأنه لما كثر استعماله آثروا فيه جر التمييز بالإضافة للتخفيف ؛ لأنها
تسقط التنوين والنونين.
وأما كونه
مجموعا ليطابق المعدود العدد (إلا في (ثلاثمائة إلى تسعمائة) استثناء من قوله : (مجموع) لأنهم لم
يجمعوا (مائة) حين ميزوا بها ثلاثا وأخواته ـ وكان قياسها) أن ، تجمع فيقال : (مئات أو مئتين) لأن للمائة جمعين :
أحدهما
: في صورة جمع
المذكر السالم وهو مئون.
والثاني
: في صورة جمع
المؤنث السالم وهو مئات.
__________________
ولا يجوز
إضافة العدد إلى جمع المذكر السالم ، فلا يقال (ثلاثة مسلمين) فلم يبق إلا (مئات)
لكنهم كرهوا أن يلي التمييز المجموع بالألف والتاء بعدما تعود المجيء بعد ما هو في
صورة المجموع بالواو والنون
، أعني : (عشرين إلى تسعين) فاقتصر على المفرد مع كونه أخصر.
(ومميز (أحد
عشر إلى تسعة وتسعين) بل إلى (تسع وتسعين) (منصوب مفرد) أما نصبه في العقود فلتعذر الإضافة إذ لا يستقيم
إبقاء النون معها إذ هي في صورة نون الجمع ، ولا حذفها إذ ليست هي في الحقيقة نون
الجمع.
وأما فيما عداها فلأنهم كرهوا أن يصيروا ثلاثة أسما كالاسم
الواحد.
ولا يرد عليه (خمسة عشرك) لأن المضاف إليه فيه لما كان غير
العدد لم يمتزج امتزاج ذلك المميز فلم يلزم صيرورة ثلاثة أشياء شيئا
واحدا.
وإنما جوزوا : (ثلاثمائة امرأة) مع أن فيها صيرورة ثلاثة أشياء شيئا
واحدا ،
__________________
ليطرد ب : (مائة امرأة).
وأما أفراده فلأنه لما صار منصوبا صار فضلة ، فاعتبر إفراده لتكون الفضلة قليلة.
(ومميز مائة
وألف ، و) مميز (تثنيتهما ، و) مميز (جمعه) إي : جمع الألف ، وإنما لم يقل وجمعهما
، كما قال : (وتثنيتهما) لأن استعمال جمع مائة مع مميزها في الأعداد مرفوض ، فلا يقال : (ثلثمئآت رجل) كما يقال : (ثلاثة آلاف رجل)
بخلاف التثنية ، فإنه يقال : (مائتا رجل) مثل : (ألفا رجل) (مخفوض مفرد) لأنه لما كانت (مائة وألف) من أصول الأعداد كالآحاد
ناسب أن يكون مميزهما على طبق مميزها لكنه لما كانت الآحاد في جانب القلة من
الأعداد والمائة والألف في جانب الكثرة منها اختير في مميزها الجمع الموضوع للكثرة
، وفي مميز المفرد الدال على القلة رعاية للتعادل.
(وإذا كان ...
__________________
المعدود مؤنثا واللفظ) المعبر به عنه (مذكرا) كلفظ (الشخص) إذا
عبرت به عن المؤنث (أو بالعكس) بان يكون المعدود مذكرا واللفظ مؤنثا كلفظ (النفس)
إذا عبرت بها عن المذكر (فوجهان) أي : ففي العدد وجهان : التذكير والتأنيث ، فإن
شئت قلت : (ثلاثة أشخص) وأنت تريد (النساء) اعتبارا باللفظ وهو الأكثر في كلامهم
وإن شئت قلت : (ثلاث أشخص) اعتبارا بالمعنى .
(ولا يميز احد) وواحدة (و) لا (اثنان) واثنتان بمميّز.
فلا يورد
الواحد مع مميزه فلا يقال : (واحد رجل) ولا الاثنان معه ، كما لا يقال : اثنا
رجلين ، بل يذكرون ما يصلح أن يكون تمييزا لهما على تقدير ذكر التمييز معهما ،
ويطرحون الواحد والاثنين (استغناء بلفظ التمييز) أي : الصالح ؛
__________________
لأن يكون تمييزا على تقديره ذكره معهما الدال بجوهره على
الجنس وبصيغته على الوحدة والاثنينية (عنهما) أي : عن الواحد إذا كان التمييز
مفردا ، وعن الاثنين إذا كان مثنى (مثل (رجل ورجلان) فإن من صيغة (رجل) يفهم الجنس
والواحدة ، ومن صيغة (رجلان) يفهم الجنس والاثنينية. فيذكرهما استغناء عن المميز .
فإن قلت : هب أن مميز الواحد مغن عنه ، لكنا لا نسلم أن مميز الاثنين
كذلك ، نعم إذا كان مميزه مثنى يغنى عنه لم لا يجوز أن يكون مفردا ، كما يقال :
اثنا رجل؟.
قلت : لما التزموا الجمعية في مميز سائر الآحاد ينبغي أن يعتبر فيما لم
__________________
يتيسر الجمعية فيه ما هو أقرب إليها وهو الاثنينية ولا يبعد أن يقال : معنى الكلام أنه لا يميز واحد ولا اثنان استغناء بلفظ التمييز أي :
بجواهر حروفه المصورة بهيئته الخاصة القابلة للحوق علامة الإفراد به ، أعني التنوين أو
علامة الاثنينية ، أعني : حرفي التثنية.
فإذا اعتبر مع
علامة الإفراد استغنى به عن ذكر الواحد على حدة ، وإذا اعتبر مع علامة التثنية
استغنى به عن ذكر الاثنين على حدة ، فاختاروا لحوق العلامة التي هي أخف على ذكرهما ولا شك أن : (رجلان)
أخف من (اثنا رجل) وذلك الاستغناء إنما يكون (لا فائدته) أي : لا فائدة لفظ
التمييز (النص المقصود) أي : التنصيص على
__________________
العدد التصريح به الذي قصد ذلك التنصيص والتصريح (بالعدد) أي : بذكر اسم العدد، فلما أفاد التمييز ذلك التنصيص
استغنى في إفادته عن ذكر العدد على حدة (وتقول في المفرد من المتعدد) أي : في الواحد من المتعدد.
__________________
(باعتبار تصييره) أي : بسبب اعتبار تصيره أي : تصيير ذلك المفرد عددا أنقص منه أو أزيد عليه بواحد.
(الثاني) في
المذكر فقوله (الثاني) مقول القول ، وذلك القول إنما هو باعتبار تصييره الواحد
اثنين بانضمامه إليه ، فيكون معنى ثاني الواحدة مصيره بانضمامه إليه اثنين.
وإنما ابتداء
من الثاني إذ ليس قبل الواحد عدد حتى يكون الواحد مصيره واحد.
(والثانية) في
المؤنث على هذا القياس وهكذا (إلى العاشر) في المذكر (والعاشرة) في المؤنث (لا غير)
أي : لا تقول غير ذلك فلا يجري ذلك فيما تحت الاثنين ولا فيما فوق العشرة إذ ما
فوقه مركبات ولا يتيسر اشتقاق اسم الفاعل منها.
(و) تقول في
المفرد (باعتبار حاله) أي : مرتبته من ...
__________________
المتعدد من غير اعتبار معنى التصيير (الأول والثاني) إذا وقع في المرتبة الأولى أو الثانية في المذكر (والأولى
والثانية) في المؤنث ، كذلك من غير اعتبار معنى التصيير.
وإنما لم يقل (الواحد والواحد) لأنهما لا يدلان على المرتبة ، فأبدل منهما (الأول والأولى) للدلالة عليها ، وهكذا (إلى
العاشر والعاشرة والحادي عشر) في المذكر (و (الحادية عشرة) في المؤنث.
(و) كذلك (الثاني
عشر والثانية عشر إلى التاسع عشر والتاسعة عشرة).
__________________
واعلم أن حكم اسم الفاعل من العدد سواء كان بمعنى المصير أولا
حكم أسماء الفاعلين في التذكير والتأنيث فتقول في المذكر : (الثاني والثالث
والرابع إلى العاشر) وفي المؤنث : (الثانية والثالثة والرابعة إلى العاشرة) وكذا
في جميع المراتب من المركب والمعطوف نحو : (الثالثة عشرة) تؤنث الاسمين في المركب
، كما تذكرهما في المذكر نحو : (الثالث عشر) وإنما ذكر الاسمين ؛ لأنه اسم لواحد مذكر ، فلا معنى للتأنيث
فيه بخلاف (ثلاثة عشر رجلا) فإنه للجماعة.
وتقول في المعطوف : (الثالث والعشرون) و (الثالثة والعشرون) (ومن
ثمة) أي: ومن أجل اختلاف الاعتبارين اعتبار تصييره واعتبار حاله اختلف بالإضافة فلاختلاف إضافتهما (قيل في الأول) أي : المفرد
من المتعدد المقول باعتبار تصييره (ثالث اثنين) بالإضافة إلى الأنقص بدرجة (أي مصيرهما) أي الاثنين ثلاثة (من)
__________________
قولهم : (ثلاثتهما) بالتخفيف أي : صيرت الاثنين ثلاثة.
(و) قيل (في
الثاني) أي : في المفرد من المتعدد باعتبار حاله ، (ثالث ثلاثة) أو (أربعة أو خمسة)
بالإضافة إلى عدد يساوي عدده ، أو يكون فوقه (أي أحدها) لكن لا مطلقا ، بل باعتبار وقوعه في المرتبة الثالثة أو
الرابعة أو الخامسة ، وألا يلزم جوازه إرادة الواحد الأول من (عاشر العشرة) وذلك مستبعد جدا.
(وتقول) في
إضافة ما زاد على العشرة : (حادي عشر أحد عشر) بإضافة المركب الأول إلى المركب
الثاني أي : واحد من أحد عشر متأخر بعشر درجات بناء (على) الاعتبار (الثاني) وهو اعتبار بيان الحال (خاصة) لأن الاعتبار الأول لا يتجاوز العشر كما عرفت.
__________________
(وإن شئت قلت)
في أداء هذا المعنى : (حادي أحد عشر) بحذف الجزء الأخير من المركب الأول استغناء
عنه بذكره في المركب الثاني ، وهكذا تقول : (إلى تاسع تسعة عشر) فتعرب الجزء الأول) من المركب الأول ؛ لانتفاء التركيب الموجب للبناء وبني
الجزآن الباقيان لوجود موجب البناء فيهما وهو التركيب.
(المذكر والمؤنث)
ذكرهما بعد باب
العدد ؛ لانجرار مباحثه إلى ذكر التذكير والتأنيث ، وقدم المذكر لأصالته وآخر تعريفه ؛ لأنه عدمي ، وتعريف المؤنث وجودي .
(المؤنث : ما
فيه) أي : اسم كان فيه (علامة التأنيث لفظا) أي : ملفوظة
__________________
كانت تلك العلامة حقيقية ك : (امرأة وناقة وغرفة) أو حكما ك : (عقرب) إذا الحرف الرابع في المؤنث السماعي في حكم
تاء التأنيث ، ولهذا لا تظهر التاء في تصغير الرباعي من المؤنثات السماعية (أو
تقديرا) أي : مقدرة غير ظاهرة في اللفظ ك : (دار ونار ونعل وقدم) وغيرها من
المؤنثات السماعية.
(والمذكر
بخلافه) أي : اسم متلبس بمخالفة المؤنث ، أي : لم يوجد فيه علامة التأنيث ، لا
لفظا ولا تقديرا.
(وعلامته : أي
: علامة التأنيث (التاء والألف) حال كونها (مقصورة) ك : (سلمى وحبلى (أو ممدودة) ك : (صحراء
وحمراء) وقد زاد بعضهم : الياء في قولهم (ذي وتي) وزعم أنها للتأنيث ، وليس ذلك بحجة ، لجواز أن تكون صيغة موضوعة للمؤنث، مثل : (هي
وأنت وهن).
__________________
(وهو) أي :
المؤنث (حقيقي ، لفظي ، فالحقيقي : ما) أي : اسم (بإزائه) أي : في مقابلته (ذكرّ من) جنس (الحيوان ك : (امرأة) في
مقابلة (رجل) (ناقة) في مقابلة (جمل).
(واللفظي :
بخلافه) أي : متلبس بمخالفة المؤنث الحقيقي ، أي : ليس بإزائه ذكر من الحيوان بل تأنيثه منسوب إلى اللفظ لوجود
علامة التأنيث في لفظه حقيقة أو تقديرا أو حكما بلا تأنيث حقيقي في معناه (ك ـ (ظلمة)
مثال للتأنيث اللفظي حقيقة (وعين) مثال للتأنيث اللفظي تقديرا ، فإن تاء
التأنيث مقدرة فيها ، بدليل تصغيرها على (عيينة) ولم يورد مثالا للمؤنث اللفظي
الحكمي ك : (عقرب) لقلة وقوعه.
(وإذا أسند
الفعل) بلا فصل كما هو الأصل (إليه) أي إلى المؤنث مطلقا حقيقيا أو لفظيا مظهرا أو مضمرا (فبالتاء) أي : فذلك الفعل متلبس بالتاء وجوبا إيذانا بتأنيث
الفاعل من أول الأمر ، إلا إذا كان مسندا إلى ظاهر غير الحقيقي. فإنه حينئذ لك
الاختيار في إلحاق التاء وتركه ، وإلى هذا أشار بقوله :
__________________
(وأنت في ظاهر غير الحقيقي بالخيار) فهو بمنزلة الاستثناء من هذه القاعدة فلك أن تقول في : (طلعت
الشمس) (طلع الشمس) بخلاف (الشمس طلعت) فإنه لا يجوز فيه (الشمس طلع) لكون التأنيث
فيه لفظيا ، واستغنائه عن إلحاق التاء ، لما في لفظه من الإشعار به ، بخلاف مضمره ، إذ ليس فيه ما يشعر بتأنيثه ، وجعل بعض الشارحين : ضمير (إليه) راجعا إلى المؤنث الحقيقي ، أو
ضمير المؤنث اللفظي بقرينة قوله : (وأنت ظاهر غير الحقيقي بالخيار). ولو
كان يستثنى من هذه القاعدة صورة
__________________
الفصل أيضا ، لئلا يحتاج إلى التقييد بقولنا : (بلا فصل) لكان أحسن استيفاء
لا حكم جميع الأقسام. ففي صورة الفصل أيضا لك الخيار في إلحاق التاء بالفعل ، وفي
تركه ، فتقول: (حضرت القاضي امرأة) و (حضر القاضي امرأة) وطلعت اليوم الشمس ، وطلع
الشمس، إلا إذا كان المؤنث الحقيقي منقولا عما يغلب في أسماء الذكور ك : (زيد) إذا
سميت به امرأة ، فإنه مع الفصل يجب إثباتها ، نحو : (جاءت اليوم زيد) لدفع
الالتباس.
(وحكم ظاهر
الجمع) لا ضميره فإن إلحاق التاء أو ضمير الجمع فيه واجب ، نحو : (الرجال جاءت ،
أو جاءوا) (غير) الجمع (المذكر السالم) لأنه لو كان جمع المذكر السالم لم يجز تأنيثه ، فلا يقال : (جاءت الزيدون) ولا (الزيدون
جاءت) (مطلقا)أي : سواء كان واحده مؤنثا نحو :
__________________
(إِذا جاءَكَ
الْمُؤْمِناتُ) [الممتحنة : ١٢] أو مذكرا ، نحو : (جاءت الرجال).
(حكم ظاهر غير)
المؤنث (الحقيقي) فأنت بالخيار ، إن شئت ألحقت التاء به ، وإن شئت تركتها ، نحو : (جاءت
الرجال) و (جاء الرجال).
(وضمير) جمع
الذكور (العاقلين) أي : جمع المذكر العاقل من جموع التكسير (غير الجمع المذكر السالم) فإنهم إذا جمعوا سالما فإن ضميرهم الواو لا غير يقال : (الزيدون
جاؤوا) ولا يقال : (جاءت).
(فعلت) أي :
ضمير (فعلت) وهو المستكن فيه المقرون بالتاء الساكنة للتأنيث، بتأويل الجماعة نحو : (الرجال جاءت).
(وفعلوا) أي :
ضمير (فعلوا) يعني : الواو لكونها موضوعة لهذا النوع من الجمع.
(والنساء ، والأيام) أي : ضمير (النساء) وما
__________________
يماثلها في كونه جمع المؤنث ، وإن لم يكن من العقلاء ك : (العيون) وضمير الأيام وما يماثلها في كونه جمع
المذكر غير العاقل (فعلت وفعلنّ) أي : ضمير (فعلت) مقرونا بتاء التأنيث ، بتأويل
الجماعة وضمير (فعلنّ) أي : بالنون أمّا في جمع المؤنث فظاهر ؛ لأن هذه النون
موضوعة له.
وأما في جمع
المذكر غير العاقل ، كالأيام ، فلأنه لا أصل له في التذكير ك : (الرجال) فيراعى حقه ، فأجرى مجرى المؤنث.
وفي الحواشي
الهندية) موافقا لشرح الرضي أن النون موضوعة لجمع العقلاء ك : (الواو) وضعت لجمع
العاقلين.
فاستعمالها في
النساء للحمل على جمع غير العقلاء ، إذ الإناث لنقصان عقولهن يجرين مجرى غير العقلاء.
__________________
(المثنى)
(ما لحق آخره) أي : آخر مفرده بتقدير المضاف ، أو قدر بعد قوله : (ونون مكسورة)
قولنا : (مع لواحقه) وألا يصدق التعريف إلا على مثل : (مسلم) من (مسلمان ومسلمين) ، كما لا يخفي ولو اكتفى بظهور المراد لاستغنى عن هذه التكلفات.
(ألف) حالة
الرفع (أو ياء مفتوحة ما قبلها) أي : مفتوح حرف كان قبل الياء حالتي النصب والجر ،
ليمتاز عن صيغة الجمع ، ولم يعكس لكثرة التثنية وخفة الفتخة.
(ونون) عوضا عن الحركة أو التنوين.
__________________
(مكسورة) لئلا تتوالى الفتحات في صورة الرفع ، وهي فتحو ما قبل
الألف التي الملحوق في حكم الفتحتين ، وفتحة النون (ليدل) ذلك اللحوق أو اللاحق وحده مع.
ولا بأس النون وعدم باشتماله على لحوق دلالة لحوقها على ذلك ؛
لأنه على تقدير تسليمه إذا دل أمران من أمور الثلاثة ثلاثة على شيء صح
أن يقال أن هذه الأمور دالة عليه غاية ما في الباب أن تكون دلالتها بواسطة هذين
الأمرين.
__________________
(على أن معه)
أي : مع مفرده (مثله) في العدد ، يعني : الواحد حال كون ذلك المثل (من جنسه) أي : من جنس مفرده باعتبار
دخوله تحت جنس الموضوع له بوضع واحد مشترك بينهما.
ولو أريد بقوله (مثله) ما يماثله في الوحدة والجنس جميعا ،
لاستغنى عن قوله : (من جنسه) وقوله : (ليدل) إشارة إلى فائدة لحوق هذه الحروف
بالاسم المفرد ، وإلى أنه لا يجوز تثنية الاسم باعتبار معنيين مختلفين ، فلا يقال : (قرآن) ويراد بها الطهر
__________________
والحيض ، بل يراد بها (طهران) أو (حيضان) على الصحيح خلافا لبعضهم ..
فإن قلت : هذا
يشكل بالأبوين للأب والأم والقمرين للشمس والقمر فإنه ثنى الأب باعتبار معنيين مختلفين هما
الأب والأم وكذلك ثنى القمر باعتبار معنيين مختلفين هما الشمس والقمر.
قلنا : جاز أن يجعل الأم مسماة باسم الأب ، ادعاء لقوة
التناسب بينهما ، ثم يزول الأيم بمعنى المسمى به ليحصل مفهوم يتناولهما ،
فيتجانسان ، فيثني باعتباره ، فيكون معنى الأبوين المسميين بالأب وكذا الحال في
الشمس بالنسبة إلى القمر.
فإن قلت :
فليعتبر مثل : هذا التأويل في (القراءان) أيضا بلا احتياج إلى ادعاء اسميته للطهر
والحيض ، فإنه موضوع لكل واحد منهما حقيقة وليؤول بالمسمى به ليحصل مفهوم
يتناولهما فيثنى باعتباره.
قلنا : لا شبهة في
__________________
صحة هذا الاعتبار لكن الكلام في جواز التثنية بمجرد اشتراكه
اللفظي بينهما ، وهو الذي اختلف فيه والمصنف اختار عدم جوازه وبهذا الاعتبار صح تقنية الأعلام المشتركة
حقيقة أو ادعاء وجمعها.
ف : (زيد) مثلا
إذا كان علما لكثرة يؤول بالمسة ب : (زيد) ثم يثني ويجمع ، وكذا (عمر) إذا صار
علما ادعائيا لأبي بكر ويؤول بالمسمى ب : (عمر) ثم يثنى ويجمع،
ورده بعضهم
وقال : الأولى أن يقال : الأعلام لكثرة استعمالها ، وكون الخفة مطلوبة فيها يكفي
لتثنيتها وجمعها مجرد الاشتراك في الاسم. بخلاف أسماء الأجناس.
فعلى قول هذا
البعض ينبغي أن لا يذكر في تعريف التثنية قوله : (من) جنسه .
ولما كان آخر
الاسم المفرد الذي لحقه علامة التثنية في بعض المواد مما يتطرق إليه التغيير أراد المصنف أن يبين حكم ما يتطرق إليه التغيير ؛ لأن
حكم ما وراءه يعلم من تعريف المثنى ، فقال :
(والمقصور)
__________________
أي : الاسم المقصور ، وهو ما في آخره ألف مفردة لازمة ، ويسمى مقصورا ؛ لأنه ضد الممدود ، أو ؛ لأنه محبوس من الحركات والقصر الحبس.
(إن كان ألفه)
منقلبة (عن واو) حقيقية ، ك : (عصوان) أو حكما بأن كان مجهول الأصل ، ولم يمل ك : (إلوان) في المسمى ب : (إلى).
__________________
(وهو ثلاثي) أي
: والحال أن ذلك المقصور ثلاثي ، أي : غير ما فيه أربعة أحرف فصاعدا من الرباعي والثلاثي المزيد
فيه.
(قلبت) ألفه (واوا)
اعتبارا للأصل حقيقة أو حكما ، وخفة الثلاثي بخلاف ما فوقه حيث لا يراد فيه لمكان
الثقل.
(وإلا) أي :
وإن لم يكن كذلك بان كان ألفه عن ياء ، حقيقة ك : (رحيان) في (رحى) أو حكما بأن
كان مجهول الأصل ، أو عديمه ، وقد أميل.
ك : (ميتان) في
(متى) حيث جاء (متى) ممالا ، أو كان على أربعة أحرف فصاعدا ، أصلية كانت الألف ك :
(الأعلى) و (المصطفى) أو زائدة ك : (حبلى).
(فالياء) أي :
فألفه مقلوبة بالياء ، اعتبارا للأصل فيما أصله الياء حقيقة أو حكما
، تخفيفا فيما زاد على ثلاثة أحرف.
والاسم (الممدود
إن كانت همزته أصلية) أي : غير زائدة ، ولا منقلبة عن أصلية أو زائدة (ثبتت)
الهمزة في الأشهر لأصالتها ك : (قرّاء) بضم القاف وتشديد
__________________
الراء لجيد القراءة وللتنسك من (قرأ) إذا تنسك.
وحكى أبو علي
عن بعض العرب قلبها واوا ، نحو : (قراوان) (وإن كانت) الهمزة (للتأنيث) أي : منقلبة عن ألف التأنيث ك : (حمراء) فإن أصلها كان (حمراا)
بألفين :
أحداهما
: للمد في
الصوت.
والثانية
: للتأنيث.
فقلبت الثانية همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة.
(قلبت واوا) فيقال : (حمراوان) لأن الهمزة حرف ثقيل من جنس الألف فينبغي أن يقع بين ألفين مع أنها غير أصلية ، والواو أقرب إلى
الهمزة من الياء ،
__________________
لثقلها ، ولهذا قلبت الواو همزة في مثل : (أقّتت) و (أجوه) وربما صححت فقيل (حمراءان).
وحكى المبرد عن
المازني : قلبها ياء ، نحو : (حمرايان).
والأعرف قلبها
واوا (وإلا) أي : وإن لم تكن الهمزة أصلية ولا للتأنيث بأن تكون للإلحاق ك : (علباء) فإن همزته للإلحاق ب : (قرطاس) أو
منقلبة عن واو ، أو ياء أصلية ك : (كساء) و (رداء) فإن أصلهما (كساو ، ورادي) (فالوجهان)
المذكوران جائزان .
أحدهما
: ثبوت الهمزة
وبقاؤها ؛ لأن الهمزة في الصورة الأولى منقلبة عن واو أو ياء ملحقة بالأصل ، وفي الأخرى عن أصلية ، فشابهتا همزة (قراء)
فثبتت في الصورتين ، كنا في (قراء).
وثانيهما
: قلب الهمزة
واوا ؛ لأن عين الهمزة في الصورتين ليست بأصلية فشابهت
__________________
همزة (حمراء) فانقلبت مثلها واوا.
وفي الترجمة
الشريفية أن اللازم من هذه العبارات أنه لا يجوز أن يقال : في رداء إلا رداءان بالهمزة ، أو
رداوان بالواو ، لكن المشهور ردايان بالياء ، فكان ينبغي أن يقول المصنف : وإلا
فوجهان بغير لام العهد ، ليكون عبارة عن إثبات الهمزة وردها إلى الأصل ، لا
الإشارة إلى الوجهين المذكورين كما هو المتبادر من اللام ، لكنا قد تصفحنا كتب الثقاة ، كالمفصل والمفتاح واللباب ، فما وجدنا فيها أثرا مما حكم
اشتهاره غير ما وقع في شرح الرضي من أنه (قد تقلب المبدلة من أصل ياء) وهذا أعم من أن يكون هذا الأصل واوا أو ياء.
__________________
(ويحذف نونه)
أي : نون التثنية (للإضافة) أي : لأجل الإضافة ، إذ النون لقيامها مقام التنوين
توجب تمام الكلمة وانقطاعها والإضافة توجب الاتصال والامتزاج فيتنافيان.
(وحذفت تاء التأنيث) التي قياسها ان لا تحذف عن آخر المثنى ك : (شجرتان) و (تمرتان).
(وفي خصيان
وأليان) على خلاف القياس ، مع جواز اثباتها فيهما على القياس اتفاقا.
ووجه حذفها
فيهما : أن كل واحدة من (الخصيين والأليين) لما اشتد اتصالهما بالأخرى بحيث لا
يمكن الانتفاع بها بدونها صارتا بمنزلة مفرد .
وتاء التأنيث
لا تقع في حشوة.
وقيل : (خصي) و (ألي) مستعملان.
وهما لغتان في (خصية
، وألية) وإن كانتا أقل استعمالا منهما.
__________________
ولما كان حذف النون قاعدة مستمرة أتى في بيانه بالفعل
المضارع المفيد للاستمرار بخلاف حذف تاء التأنيث ، إذ ليس له قاعدة بل وقع على
خلاف القياس في مادة مخصوصة ، فلهذا أتى في بيانه بالفعل الماضي.
(المجموع)
(ما دل) أي : اسم دل (على) جملة (آحاد مقصودة) أي : يتعلق بها القصد في ضمن ذلك الاسم ، (بحروف مفرده) أي : بحروف هي مادة لمفرده الذي هو الاسم الدال على واحد واحد من تلك الآحاد ، حال
كون تلك الحروف متلبسة (بتغيير
__________________
ما) بحسب الصورة إما بزيادة أو نقصان أو اختلاف في الحركات والسكنات
حقيقة أو حكما .
فالجار في قوله
: (بحروف مفرده) إمّا متعلق بقوله (مقصودة) أو بقوله (دلّ) أو بهما على سبيل
التنازع.
وقوله : (بتغيير
ما) ظرف مستقر (حال) من الحروف.
ودخل في قوله : (بتغيير ما) جمعا السلامة ؛ لأن الواو والنون
في آخر الاسم من تمامه وكذا الألف والتاء فتغيرت الكلمة بهذه الزيادات إلى صيغة
أخرى.
وقوله : (ما دل
على آحاد) جنس يشمل الجموع وأسماء الأجناس ك : (تمر، ونخل) فإنها وإن تدل عليها وضعا فقد تدل عليها استعمالا.
(وأسماء الجموع
ك : (رهط ونفر) وبعض أسماء العدد ك : (ثلاثة وعشرة) وبقوله
__________________
(مقصودة بحروف مفرده) خرجت أسماء الأجناس.
فإذا قصد بها
نفس الجنس لا أفراده ، بقوله (مقصوده).
وإذا قصد بها
الإفراد استعمالا ، فبقوله (بحروف مفرده) كذلك بقوله (بحروف مفرده) خرجت أسماء
الجموع والعدد.
(فنحو تمر) مما
الفارق بينه وبين واحده التاء (و) نحو : (ركب) مما هو اسم جمع (ليس بجمع على الأصح) بل الأول اسم جنس والثاني اسم جمع كالجماعة.
فقد علمت أنهما
خارجان عن حد المجموع .
والفرق بينهما
أن اسم الجنس يقع على الواحد والاثنين وضعا ،
__________________
بخلاف اسم الجمع فإن قيل : الكلم لا يقع على الكلمة والكلمتين وهو اسم جنس.
قيل : ذلك بحسب
الاستعمال لا بالوضع ، على أنه لا ضير في التزام كون الكلم اسم جمع أيضا.
وإنما قال (على
الأصح) وهو قول سيبويه ؛ لأن الأخفش قال : جمع أسماء الجموع التي لها آحاد من
تركيبها ك : (جامل وباقر وركب) جمع.
وقال الفراء : كذا أسماء الأجناس ، ك : (تمر وتمرة ، ونخل ونخلة) ،
وأما اسم جنس أو جمع لا واحد له من لفظه ، (نحو (إبل ، غنم ، فليس بجمع الاتفاق).
(و) نحو : (فلك)
مما الجمع الواحد فيه متحد بالصورة .
__________________
(جمع) لصدق الحد عليه.
فإن التغيير
المأخوذ فيه أعم من أن يكون بحسب الحقيقة أو بحسب التقدير.
فضمة (فلك) إذا
كان مفردا ضمة (قفل) وإذا كان جمعا ضمة (أسد).
(وهو) أي :
المجموع نوعان : (صحيح ومكسر. فالصحيح) : أي : الجمع الصحيح تارة يكون (لمذكر ، و) تارة يكون (لمؤنث ف :) الجمع الصحيح (المذكر: ما لحق أخره) أيك آخر مفرده (واو مضموم
ما قبلها) في حالة الرفع (أو ياء مكسور ما قبلها) في حالتي النصب
والجر. (ونون) عوضا عن الحركة أو التنوين ، على سبيل منع الخلو (مفتوحة) التعادل خفة الفتحة ثقل الواو والضمة
__________________
(ليدل) ذلك اللحوق أو اللاحق فقط أو مع الملحوق (على أن معه) أي : مع مفرده الواحد من حيث معناه (أكثر منه) ولم يقل : من
جنسه اكتفاء بما ذكر في التثنية.
فإن قيل : اسم التفضيل يوجب ثبوت أصل الفعل في المفضل عليه ولا
كثرة في الواحد.
قيل : ثبوت أصل
الفعل إما أن يكون محققا أو على سبيل الفرض كما يقال (فلان أفقه من الحمار) و (أعلم من الجدار) .
(فإن كان آخره)
أي : آخر مفرده (ياء) ملفوظة ك : (القاضي) أو مقدرة ك : (قاض) (قبلها كسرة حذفت) أي : الياء ، (مثل : قاضون)
جمع (قاض) فإن أصله (قاضيون) نقلت ضمة الياء إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها
طلبا للخفة ، وحذفت الياء للالتقاء الساكني ، وعلى هذا القياس حالتا النصب والجر ،
مثل : (قاضين) فإن أصله (قاضيين) حذفت كسرة الياء لثقل اجتماع الكسرتين واليائين
فسقطت لالتقاء الساكنين.
__________________
(وإن كان آخره)
أي : آخر الاسم الذي أريد جمعه (مقصورا) أي : ألفا مقصورة (حذفت الألف) لالتقاء الساكنين (وبقي) بعد الحذف (ما قبلها) أي : ما قبل الألف
على ما كان عليه (مفتوحا) ولم يغير لتدل الفتحة على الألف (مثل مصطفون) في حالة الرفع ، و (مصطفين) في حالتي النصب والجر ، فأصلهما (مصطفيين) قلبت الياء الفاء ، لتحركها
وانفتاح ما قبلها : وحذفت الألف لالتقاء الساكنين.
(وشرطه) أي : شرط الاسم الذي أريد جمعيته جمع الصحيح المذكر
__________________
يعني : شرط صحة جمعيته (إن كان) ذلك الاسم (اسما) أي محضا من
غير معنى الوصفية فيه (فمذكر علم) أي : فكونه مذكرا علما (يعقل) من حيث مسماه لا من حيث لفظه.
وإنما اشترط
ذلك لكون هذا الجمع أشرف الجموع لصحة بناء الواحد فيه والمذكر العلم العاقل أشرف
من غيره فأعطى الأشرف للأشرف.
فإن قعد فيه
الكل ك : (العين) أو اثنان ك : (المرأة) أو واحد ، نحو : (أعوج) للفرس لم يجمع هذا الجمع.
__________________
وأراد بالمذكر ما يكون مجردا عن التاء ملفوظة أو مقدرة ليخرج
عنه نحو : (طلحة) فإنه لا يجمع بالواو والنون خلافا للكوفيين : وابن كيسان فإنهم
أجازوا (طلحون) بسكون اللام ، وابن كيسان بفتحها.
ويدخل فيه ، نحو
: (ورقاء) و (سلمى) اسمي رجلين ، فإنهما يجمعان بالواو والنون اتفاقا ؛ لأن علم
التأنيث هو التاء لا الألف فلا يمنع من الجمعية بالواو والنون ؛ لأن الممدودة تقلب واوا
فتنمحي صورة علامة التأنيث والمقصورة تحذف وتبقى الفتحة قبلها دالة عليها.
(وشرطه) أي :
وشرط الاسم الذي أريد جمعه جمع الذي أريد جمعه المذكر الصحيح (إن كان صفة) من
الصفات غير علم كاسم الفاعل والمفعول (فمذكر يعقل) أي: له شروط فالشرط الأول : كونه مذكرا يعقل كما مر.
(و) الشرط
الثاني : (أن لا يكون) ذلك الاسم الكائن صفة (أفعل فعلاء)
__________________
أي : مذكر غير مستوف صيغة الصفة الكائن ذلك الاسم إياها مع المؤنث بل يكون المذكر على صيغة (أفعل) والمؤنث على صيغة (فعلاء) (مثل : أحمر حمراء) للفرق بينه وبين (أفعل) التفضيل ك : (أفضلون) ولم يعكس ؛ لأن معنى الصفة في (أفعل) التفضيل كامل لدلالته على الزيادة.
(و) الشرط
الثالث : (أن لا يكون) ذلك الاسم (فعلان فعلى) أي : مذكرا غير مستوف تلك الصيغة مع
المؤنث بل يكون المذكر على صيغة (فعلان) والمؤنث على صيغة (فعلى) (مثل : سكران
سكرى) فإنه لا يقال : فيه (سكرانون) للفرق بينه وبين (فعلان فعلانة) ك : (ندمانون) ولم يعكس ؛ لأن
(فعلان فعالانة) أصل في الفرق بين المذكر والمؤنث ؛ لأنه فيه التاء وعدمها.
(و) الشرط
الرابع : (أن لا يكون) الاسم المذكور مذكرا (مستويا فيه أي : في
__________________
هذه الصفة بتأويل الوصف مع (المؤنث مثل : جريح وصبور).
يقال : (رجل
جريح ، وصبور ، وامرأة جريح وصبور) فلا يجمع بالواو والنون ولا بألف والتاء فإنه
لما لم يختص بالمذكر ولا بالمؤنث لم يحسن أن يجمع جمعا مخصوصا بأحدهما بل المناسب
أن يجمع جمعا يستويان فيه مثل : جرحى وصبر.
(و) الشرط
الخامس : (أن لا يكون) الاسم المذكور مذكرا متلبسا (بتاء التأنيث مثل : علامة)
كراهة اجتماع صيغة جمع المذكر وتاء التأنيث ولو حذفت التاء لزم اللبس . (وبحذف نونه) أي : نون الجمع (بالإضافة) لما مر في التثنية .
(وقد شذ نحو : (سنين)
__________________
بكسر السين جمع (سنة) أو بفتحها (وأرضين) بفتح الراء : وقد جاء إسكانها : جمع (أرض) بسكونها.
وإنما حكم
بشذوذهما ؛ لانتفاء التذكير والفعل وعدم كونهما علما أو صفة. وقد أدرج صاحب اللباب
بعض هذه الأسماء تحت قاعدة كلية أخرجتهما من الشذوذ منها (سنين) وأمثاله وأبقى
بعضها على الشذوذ منها (أرضين) وأمثاله.
فمن أراد تفضيل
ذلك فليرجع إليه.
__________________
(المؤنث)
أي الجمع
الصحيح المؤنث (ما لحق) أي : جمع لحق (آخره) أي : آخر مفرده (ألف وتاء وشرطه) أي : شرط الجمع الصحيح المؤنث (إن كان) مفرده (صفة وله)
أيك لذلك المفرد (مذكر ، فإن يكون مذكره) أي : مذكر ذلك المفرد (جمع بالواو والنون)
لئلا يلزم مزية الفرع على الأصل؟
(وإن لم يكن له)
أي : لمفرده (مذكر) جمع بالواو والنون (فأن لا يكون) أي : فشرط صحة جمعيته أن لا يكون (مجردا) عن تاء التأنيث (ك :
حائض) لأنه يقال في جمع (حائضة) : (حائضات).
فلو قيل : جمع
حائض أيضا : حائضات لزم الالتباس .
(وإلا) عطف على
قوله : (إن كان صفة) أي : وإن لم يكن المؤنث صفة ، بل
__________________
كان اسما (جمع) هذا الجمع (مطلقا) أي : من غير اعتبار الشرط ، مثل : (طلحات وزينبات) في
جمع طلحة وزينب.
وفي شرح الرضي
: أن هذا الإطلاق ليس بسديد ؛ ؛ لأن الأسماء المؤنثة بتاء مقدرة ك: (نار وشمس)
ونحوهما من الأسماء التي تأنيثها غير حقيقي لا يطرد فيها الجمع بالألف والتاء ، بل
هو فيها مسموع ك : (السماوات والكائنات) وذلك لخفاء هذا التأنيث : ؛ لأنه ليس
بحقيقي ولا ظاهر العلامة .
(جمع التكسير)
(ما تغير) أي :
جمع تغير (بناء واحده) من حيث نفسه وأموره الداخلة فيه ؛ كما هو المتبادر ؛ فلا ينتقض بجمع السلامة لتغيير بناء واحده بلحوق
الحروف الخارجة
__________________
الزائدة به ؛ وأيضا المتبادر من تغيره تغير يكون لحصول الجمعية ، فلا ينقض
أيضا بمثل (مصطفون) فإن تغير الواحد فيه يلزم بعد حصول الجمعية.
وأما التغيير المذكور في تعريف الجمع مطلقا ؛ فهو أعم من أن
يكون من حيث ذات الواحد أو من حيث الأمور الخارجة الزائدة ، كما يدل عليه (ما)
الابهامية المفيدة للعموم في قوله : (بتغير ما) سواء كان ذلك التغير حقيقيا (كرجال
وأفراس) أو اعتباريا ك: (فلك) كما مر .
(جمع القلة)
وهو ما يطلق
على ثلاثة وعشر ما بينهما.
(أفعل) أي :
جمع يكون على وزن (أفعل) ك : (أفلس) جمع (فلس).
(وأفعال) أي :
جمع يكون على وزن (أفعال) ك : (أفراس) جمع فرس. وعلى هذا القياس معنى البواقي.
(وأفعله) ك : (أرغفة)
جمع رغيف.
__________________
(وفعلة) ك : (غلمة) جمع غلام.
(و) الجمع (الصحيح)
مذكرا كان ك : (مسلمين) أو مؤنثا ك : (مسلمات) وفي شرح الرضي : إن الظاهر أنهما ـ أي
: جمعي السلامة ـ لمطلق الجمع من غير نظر إلى القلة والكثرة ، فيصلحان لهما).
(وما عدا ذلك)
المذكور من الأوزان والجمع الصحيح (جمع كثرة) يطلق على ما فوق العشرة إلى مالا نهاية له.
وقد يستعار
أحدهما للآخر مع وجود ذلك الآخر ، كقوله تعالى : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] مع وجود (أقراء).
__________________
(المصدر)
(اسم لحدث)
يعني بالحدث معنى قائما بغيره سواء صدر عنه ك : الضرب ، والمشي) أو
لم يصدر ك : الطول والقصر.
(الجاري على الفعل) والمراد بجريانه على الفعل : أن يقع بعد اشتقاق الفعل منه
تأكيدا له ، أو بيانا لنوعه أو عدده مثل : جلست جلوسا ، وجلسه وجلسه.
فمثل (القادرية
والعالمية) ومثل (ويلا له ، ويحا له) مما لم يشتق الفعل منه
__________________
لا يكون مصدرا وأن كان الأخيران مفعولا مطلقا.
(وهو) أي :
المصدر (من الثلاثي) المجرد (سماع) أي : سماعي ويرتقي عدده إلى اثنين وثلاثين كما بين في كتب التصريف.
(وفي غيره) أي
: غير الثلاثي المجرد يعني : الثلاثي المزيد فيه والرباعي المجرد والمزيد فيه (قياس).
أي : قياسي كما
يقول : كل ما كان ماضيه على (أفعل) فمصدره على (إفعال) وكل ما كان ماضيه على (استفعل) فمصدره على (استفعال)
(مثل : (أخرج إخراجا، واستخرج استخراجا) إلى غير ذلك بما علم في التصريف.
(ويعمل) أي : المصدر.
__________________
بالقطع (عمل فعله) المشتق منه حال كونه (ماضيا) نحو : (أعجبني ضرب زيد
عمرا أمس).
(و) حال كونه (غيره)
أي : غير ماض ، مستقبلا كان أو حالا نحو : (أعجبني إكرام عمرو خالدا غدا أو الآن).
وذلك العمل لمناسبة الاشتقاق بينهما لا باعتبار الشبه ، فلهذا لم يشترط فيه الزمان كاسمي الفاعل
والمفعول.
(إذا لم يكن
مفعولا مطلقا) يعني عمل المصدر عمل فعله بالقطع مشروط بأن لا يكون مفعولا مطلقا
أصلا فإنه إذا كن مفعولا مطلقا فسيجيء حكمه.
__________________
(ولا يتقدم معموله) أي : معمول المصدر (عليه) لكونه بتقدير الفعل
مع (أن) وشيء مما في حيز (أن) لا يتقدم عليه ، فلا يقال (أعجبني عمرا ضرب زيد).
(ولا يضمر) أي : معموله (فيه) ـ أو يكون الظرف مفعول ما لم يسم
فاعله ـ لأنه لو أضمر فيه : لأضمر في المثنى والمجموع قياسا على الواحد ، فيلزم اجتماع التثنيتين الجمعين نظرا إلى المصدر والفاعل.
ولما كان تثنية
الفعل وجمعه راجعين في الحقيقة إلى الفاعل ، وكذا في اسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة لا يلزم
فيها محذور ، بخلاف المصدر فإن له في نفسه تثنية وجمعا.
__________________
ولا شبهة أن
الإضمار فيه يستلزم الاستتار ، فإنه إذا كان بارزا لم يكن مضمرا فيه بل مضمرا
مطلقا ، فلا حاجة إلى اعتبار قيد الاستتار على حدته ، ليخرج مثل : (ضربي زيدا حاصل).
(ولا يلزم ذكر
الفاعل) أي : فاعل المصدر : لا مظهرا ولا مضمرا ، نحو : (أعجبني ضرب زيدا) لأن النسبة إلى فاعل ما غير مأخوذة من مفهومه فلا يتوقف
تصور مفهومه عليه بخلاف الفعل واسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة .
(ويجوز إضافته
إلى الفاعل) مع ان إعماله منونا أولى ؛ لأنه حينئذ أقوى مشابهة للفعل ، لكونه
نكرة نحو قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ
اللهِ النَّاسَ) [البقرة : ٢٥١].
(قد يضاف) أي :
المصدر (إلى المفعول) سواء كان مفعولا به ، أو ظرفا أو
__________________
مفعولا له على قلة بالنسبة إلى الفاعل ، نحو : ضرب اللص الجلاد ، وضرب يوم
الجمعة ، وضرب التأديب.
(وإعماله) أي :
إعمال المصدر متلبسا (باللام) أي : بلا التعريف (قليل) لأنه عند عمله مقدر بأن مع الفعل فمنا لا يدخل لام التعريف على (أن) مع الفعل ينبغي أن
لا يدخل على المصدر المقدر به. ولكن جوز ذلك على قلة فرقا بين شيء وبين المقدر به.
قيل : لم يأت
في القرآن شيء من المصادر المعرفة باللام عاملا في فاعل أو مفعول صريح بل قد جاء عاملا
بحرف الجر نحو قوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ
الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) [النساء : ١٤٨].
__________________
(فإن كان) أي : المصدر (مفعولا مطلقا) صرفا من غير اعتبار إبداله من الفعل (فالعمل للفعل) مت فير
تجويز أن يكون للمصدر عمل ، إذ لا يجوز إعمال الضعيف مع وجدان القوي ، سواء كان الفعل
مذكورا ، نحو : (ضربت ضربا زيدا) أو محذوفا غير لازم ، نحو : (ضربا زيدا).
(وإن كان) أي :
المصدر مفعولا مطلقا واقعا (بدلا منه) أي من الفعل وهو ما كان حذف فعله لازما ، نحو : (سقيا
له ، وشكرا له ، وحمدا له) (فوجهان) أي : فيجوز فيه وجهان : عمل الفعل للأصالة وعمل المصدر للنيابة.
وقيل : عمل المصدر للمصدرية ، وعمله للبدلية ، ففي قوله : (فوجهان)
وجهان.
__________________
وإنما فصل بين قسمي المصدر ـ أعني : ما لم يكن مفعولا مطلقا ، وما
كان إياه ـ بالجمل المعترضة ، لبيان بعض أحكام عمل المصدر ؛ لأن عمل المصدر في
القسم الأول أكثر وأظهر فلو أخرت عن القسمين توهم تعلقه بالقسمين على سواء .
(اسم الفاعل)
(ما اشتق) أي :
اسم مشتق (من فعل) أي : من حدث موضوعا لذلك الاسم (لمن قام) أي : الفعل (به) أي : لذات ما قام بها الفعل.
__________________
ولو
قال : لما قام به الفعل لكان أولى ؛ لأن ما جهل
أمره يذكر بلفظ (ما) ولعله قصد التغليب.
(بمعنى الحدوث)
يعني بالحدوث ، تجدد وجوده له وقيامه به مقيدا بأحد الأزمنة الثلاثة.
قال المصنف في
شرحه : (قوله (ما اشتق من فعل) يدخل فيه المحدود وغيره من اسم المفعول والصفة
المشبهة ، وغير ذلك .
وقوله : (لمن
قام به) يخرج منه ما عدا الصفة المشبهة ؛ لأن الجميع ليس (لمن قام به).
وقوله : (بمعنى
الحدوث) يخرج الصفة المشبهة ؛ لأن وضعها على أن تدل على معنى ثابت
__________________
والظاهر
أن اسم التفضيل داخل في الجميع الذي حكم عليه بأنه ليس (لمن قام به) وألحق ذلك
؛ لأن المتبادر من قوله
(ما اشتق لمن قام به) أنم يكون موضوعا لمن قام به
، ويكون (من قام به) تمام المعنى الموضوع له من غير زيادة ونقصان .
فلو ضم إلى أصل
الفعل معنى آخر كالزيادة فيه ، ووضع له اسم لا يصدق على هذا الاسم أنه موضوع لمن
قام به الفعل ، بل لمن قام به الفعل مع زيادة ، فبقوله (لمن قام به) خرج اسم
التفضيل فإنه موضوع لمن قام به الفعل مع الزيادة على أصل الفعل .
__________________
وخالف أكثر
الشارحين المصنف وأسندوا إخراج اسم التفضيل إلى قوله : (بمعنى الحدوث) كما أسندوا إخراج الصفة المشبهة إليه ظنا منهم
أن الاشتقاق (لمن قام به) شامل لاسم التفضيل ولم ينتبهوا أن الاشتقاق متضمن معنى الوضع ، كما علمت.
فليس اسم
التفضيل موضوعا (لمن قام به) بل له مع الزيادة ، ويخدشه أن صيغة المبالغة على هذا
التقدير يخرج من التعريف ، ولا يبعد أن يلتزم دلك ، ويدل عليه حصره صيغ اسم
الفاعل فيما حصر ، وجعل أحكام صيغ المبالغة مثل : أحكام اسم الفاعل.
وفي (الترجمة الشريفة) ما معناه أن صيغة اسم الفاعل من الثلاثي المجرد على (فاعل) ك : (ضارب)
وقاتل ، وماش ، وآكل) كل ما اشتق من مصادر الثلاثي.
لمن قام به لا
على هذه الصيغة فهو ليس باسم فاعل ، بل هو صفة مشبهة ، أو (أفعل) التفضيل ، أو
صيغة مبالغة ، ك : (حسن وأحسن ومضراب).
__________________
(وصيغته) أي : صيغة اسم الفاعل (عن مجرد الثلاثي على) زنه (فاعل) ، ومن غيره ثلاثيا مزيدا فيه أو رباعيا مجردا أو مزيدا فيه (على
صيغة المضارع) المعلوم (بميم) أي : مع ميم (مضمومة) موضوعة في موضع حرف المضارعة سواء كان حرف المضارعة مضموما أولا.
(و) مع (كسر ما
قبل الآخر) وإن لم يكن فيما قبل آخر المضارع كسر ، كنا في (يتفعل ويتفاعل ويتفعلل)
(نحو : مدخل) فيما وضع الميم موضع حرف المضارعة المضمومة.
(ومستغفر) فيما
وضعت موضع حرف المضارعة المفتوحة ، ولو أقيم (متفاعل)
__________________
مقام (مستغفر) كان مثال الكسر الغير الواقع في آخر المضارع أيضا مذكورا ،
فكما يكون لكل من قسمي الميم مثال يكون لكل من قسمي الكسر أيضا مثال.
(ويعمل) أي :
اسم الفاعل (عمل فعله) فإن كان فعله لازما يكون هو أيضا لازما ، ويعمل عمل فعله اللازم
، وإن كان متعديا إلى مفعول واحد يكون هو أيضا متعديا إلى مفعول واحد ، وإن كان
متعديا إلى اثنين كان هو أيضا كذلك.
وكما أن فعله
يتعدى إلى الظرفين والحال والمصدر والمفعول له والمفعول معه وسائر الفضلات كذلك
يتعدى هو إليها.
(بشرط معنى الحال أو الاستقبال أي : يعمل اسم الفاعل حال كونه
__________________
(
متلبسا بشرط أي : بشيء يشترط عمله به من معنى هو زمان الحال أو الاستقبال.
فالإضافتان بيانيتان وإنما اشترط أحدهما ؛ لأن عمله لشبه المضارع ، فيلزم أن لا يخالفه
في الزمان ، نحو : (زيد ضارب غلامه عمرا) الآن أو غدا.
والمراد بالحال والاستقبال : أعم من أن يكون تحقيقا أو حكاية
كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ
ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) [الكهف : ١٨] فإن (باسِطٌ) هاهنا وإن كان ماضيا لكن المراد حكاية الحال ومعناها أن يقدر المتكلم باسم الفاعل العامل بمعنى الماضي كأنه موجود في ذلك الزمان أو يقدر
ذلك الزمان كأنه موجود الآن.
(و) بشرط (الاعتماد)
أي : اعتماد اسم الفاعل (على صاحبه) أي : على المتصف به وهو المبتدأ أو الموصول أو
الموصوف وبشرط (الاعتماد) أي : اعتماد اسم
__________________
الفاعل (على
صاحبه) ، أي : على المصنف به وهو المبتدأ ، أو الموصول ، أو
الموصوف، أو ذو الحال ؛ ليتقوى فيه جهة الفعل من كونه مسندا إلى صاحبه ، نحو زيد ضارب أبوه ، وجاء
الضارب أبوه ، وجاؤ رجل ضارب أبوه ، وجاء زيد راكبا فرسه ، (أو) اعتماده (على الهمزة) الاستفهامية ونحوها من ألفاظ الاستفهام ، (أوما) النافية ونحوها من حروف النفي ك : (لا وأن) ؛ لأن الاستفهام والنفي بالفعل أولى ، فازداد بها شبهه بالفعل نحو أقائم الزيدان ، وما قائم زيد ، وما قائم الزيدان ، (فإن كان) اسم الفاعل المتعدي (للماضي) أي : للزمان الماضي بالاستقلال ، أو في
__________________
ضمن الاستمرار ، وأريد ذكر مفعوله (وجبت الإضافة) أي : إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ، (معنى) أي : إضافة معنوية ؛ لفوات شرط الإضافة اللفظية مثل زيد ضارب عمرو أمس ، (خلافا للكسائي) فإنه ذهب إلى عدم وجوب إضافته ؛ لأنه يعمل عنده سواء
كان بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال ، فيجوز أن يكون منصوبا على المفعولية ،
وعلى تقدير إضافته ليست إضافة معنوية ؛ لأنها عنده من قبيل إضافة الصفة إلى
معمولها ، وتمسك الكسائي بقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ
ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) [الكهف : ١٨] ، وقد مرّ الجواب عنه .
(فإن كان له) أي : لاسم الفاعل (معمول آخر) غير ما أضيف اسم الفاعل إليه (فبفعل مقدر) أي : فانتصابه بفعل مقدر لا باسم الفاعل ، نحو : (زيد معطى عمرو درهما أمس) ف : (درهما)
منصوب ب : (أعطى)
__________________
المقدر . فإنه لما قيل : معطى عمرو ، قيل : ما أعطاه؟ فقيل :
درهما ، أي : أعطاه درهما.
(فإن دخلت
اللام) الموصولة على اسم الفاعل (استوى الجميع) أي : جميع الأزمنة ، فتقول : (مررت بالضارب
أبوه زيدا امس) كما تقول (مررت بالضارب أبوه زيد الآن ، أو غدا) لأنه فعل في الحقيقة حينئذ عدل عن صيغة الفعل صيغة الاسم ، لكراهتهم ادخال
اللام عليه.
(ما وضع منه)
أي : من اسم الفاعل بتغيير صيغته إلى أخرى ، بحيث يخرج عن حد اسم الفاعل .
__________________
(للمبالغة) في
الفعل المشتق منه (ك : ضرّاب ، وضروب ومضراب) بمعنى كثير الضرب (وعليم) بمعنى كثير العلم (وحذر) بمعنى كثير الحذر (مثله) أي : مثل : اسم الفاعل في
العمل واشتراطه ما يشترط به عمله هذا على تقدير أن تكون صيغ المبالغة خارجة عن حد اسم الفاعل
، وأما إذا كانت داخلة فيه ، فمعنى هذه العبارة أن صيغ اسم الفاعل إذا كانت للمبالغة مثله ، أي : مثل : اسم الفاعل إذا لم يكن
للمبالغة ، نحو : (زيد ضرّاب أبوه عمرا الآن أو غدا) و (مررت بزيد الضرّاب عمران
الآن أو عدا أو أمس).
وما فيه من معنى المبالغة نائب مناب مافات من المشابهة اللفظية.
__________________
(والمثنى) من اسم الفاعل ومما وضع منه
للمبالغة (و) كذلك (المجموع) منهما مصححا كان أو مكسرا (مثله) أي : مثل : اسم
الفاعل إذا كان مفردا في العمل وشروطه، لعدم
تطرق خلل إلى صيغته المفردة من حيث ذاتها بالحاق
علامتي التثنية والجمع ، وتقول : (الزيدان ضاربان ، أو الزيدون ضاربون عمرا الآن
أو غدا) و (الزيدان الضاربان أو الزيدون الضاربون عمرا الآن أو غدا أو أمس)
(ويجوز حذف
النون) أي : نون المثنى والمجموع ، (مع العمل) في معموله بنصبه على المفعولية بخلاف ما إذا كان مضافا إليه فإن حذفها واجب.
(و) مع (التعريف
تخفيفا) مفعول له للحذف أي : يجوز حذفها لوجود هذهين الشرطين لقصد مجرد التخفيف
لطول الصلة بها كقراءة من قرأ : (المقيمي الصلاة) بنصب (الصلاة) على المفعولية.
وأمّا على
تقدير التنكير ، مثل : قوله تعالى : (لَذائِقُوا الْعَذابِ) [الصافات : ٣٨] بالنصب فحذفها ضعيف ؛ لأن اسم الفاعل لم يقع صلة اللام.
__________________
والقراءة مما لا اعتماد عليها.
(اسم المفعول)
(هو ما اشتق من
فعل) أي : حدث موضوعا (لمن وقع عليه) أي : لذات ما من حيث وقوع الفعل عليه ، ف : (مضروب) موضوع لذات ما وقع عليها
الضرب.
واعتذار إقامة (من)
مقام (ما) مر في اسم الفاعل
فقوله (ما اشتق
من فعل) شامل لجميع الأمور المشتقة من المصدر.
وقوله : (لمن
وقع عليه) يخرج ما عدا المحدود كاسم الفاعل ، والصفة المشبهة ، واسم التفضيل مطلقا
، سواء وضع لتفضيل الفاعل ، أو لتفضيل المفعول ، فإنه مشتق من
__________________
فعل لموصوف بزيادته على الغير في ذلك الفعل واسم المفعول موضوع لمن وقع
عليه الفعل فقط.
(وصيغته من
الثلاثي) المجرد (على) زنة (مفعول ك : (مضروب) ومن غيره) أي : غير الثلاثي المجرد (على
صيغة اسم الفاعل بفتح ما قبل الآخرة) لخفة الفتحة وكثرة المفعول (ك ـ (مستخرج) بفتح الراء.
(وأمره) أي :
شأنه وحاله (في العمل) أي : عمل النصب (والاشتراط) أي : اشتراط عمله بأحد
الزمانين والاعتماد على صاحبه أو الهمزة أو (ما) (كأمر اسم الفاعل) أي : مثل :
شأنه وحاله.
وإذا كان معرفا
باللام يعمل بمعنى الماضي أيضا فهو يرفع ما يقوم مقام الفاعل ولو كان هناك مفعول
آخر يبقى على نصبه نحو : (زيد معطى غلامه درهما) الآن أو غدا) أو (المعطى غلامه درهما : الآن أو غدا أو أمس).
__________________
(الصفة المشبهة)
باسم الفاعل من حيث أنها تثنى وتجمع وتذكر وتؤنث.
(ما اشتق من
فعل لازم) أحترز به عن اسم الفاعل واسم المفعول المتعديين .
(لمن) أي : لما
(قام به على معنى الثبوت) لا بمعنى الحدوث ، واحترز عن نحو: (قائم) و (ذاهب)
مما اشتق من فعل لازم لمن قام به بمعنى الحدوث ، فإنه اسم فاعل لا صفة مشبهة.
__________________
واللازم أعم من
أن يكون لازما ابتداء أو عند الاشتقاق ، ك : (رحيم) فإنه مشتق من (رحم) بكسر العين
بعد نقله إلى (رحم) بضمها. فلا يقال : رحيم إلا من (رحم) بضم الحاء ، أي :
صار (الرّحم) طبيعة له : ـ (كرم) بمعنى صار الكرم طبيعة له.
والمراد بكونه
بمعنى الثبوت : أنه يكون كذلك بحسب أصل الوضع ، فيخرج عنه نحو : (ضامر وطالق) فإنهما بحسب أصل الوضع للحدوث ثم عرض لهما
الثبوت بحسب الاستعمال .
(وصيغتهما) أي : صيغة الصفة المشبهة مع اختلاف أنواعها (مخالفة لصيغة) اسم (الفاعل) أو لصيغة الفاعل
__________________
الذي هو ميزان اسم الفاعل من الثلاثي المجرد ، فلا تجيء صيغة
من صيغتها على
__________________
هذا الوزن قطعا .
(على حسب السماع) أي : كائنة على قدره بحيث لا يتجاوزه ، فالظرف منصوب على أنه حال
من المستكمن في مخالفة ، أو صفة لمصدر محذوف أي : مخالفة كائنة على قدر ما يسمع.
وخص مخالفتها
لصيغة اسم الفاعل بالبيان مع أنها مخالفة لصيغة اسم المفعول أيضا ؛ لزيادة اختصاص
لها باسم الفاعل ؛ لكونها مشبهة به ، ولكون عملها لمشابهتها إياه فيما ذكر (ك : حسن وحسب
وشديد ، وتعمل
عمل فعلها مطلقا) أي : من غير اشتراط زمان فيه ؛ لكونها بمعنى الثبوت فلا معنى لاشتراطه فيها
، وأما اشتراط الاعتماد فمعتبر فيها ، إلا أن الاعتماد على الموصول لا يتأتى
فيها ؛ لأن اللام الداخلة عليها ليست بموصولة .
__________________
(وتقسيم
مسائلها) أي : جعلها قسما قسما ، وبيان حكم كل قسم ، ويسمى كل قسم
مسألة ؛ لأنه يسأل عن حكمه ويبحث عنه. (أن تكون الصفة) ملتبسة (باللام أو مجردة) عنها (و) على كل من التقديرين (معمولها) إما (مضاف) أو ملتبس (باللام أو مجردا عنها) أي عن اللام والإضافة.
(فهذه) الأقسام (ستة) حاصلة من ضرب الاثنين في الثلاثة.
(والمعمول) أي : معمول الصفة المشبهة (في كل واحد منها) أي : من هذه الأقسام الستة (مرفوع) تارة ، (ومنصوب) تارة ، (ومجرور) تارة أخرى ، فعلى هذا (صارت) أقسام مسائلها (ثانية عشر قسما) ، حاصلة من ضرب الأقسام الثلاثة التي للمعمول من حيث
الإعراب في الأقسام الحاصلة من قبل ، (فالرفع) في المعمول (على الفاعلية) أي : فاعليته للصفة المشبهة ، (والنصب على التشبيه) أي : تشبيه معمول الصفة (بالمفعول في) المعمول (المعرفة ، وعلى التميز).
__________________
أي : جعل معمول الصفة تمييزا (في) المعمول (النكرة) هذا عند البصريين ، قال الكوفيون : بل هو على التمييز في
الجميع ؛ لأنهم يجوزون تعريف المميز ، وقال بعض النحاة : على التشبيه بالمفعول في الجميع ؛
وقال الشارح الرضي : والأولى التفصيل.
(والجر) في المعمول (على الإضافة) أي : إضافة الصفة إليه (وتفصيلها) أي : تفصيل هذه الأقسام في ضمن أمثلة جزئية ، فقولنا : (حسن وجهه) بتنوين الصفة ورفع وجهه بالفاعلية ، أو نصبه على
التشبيه بالمفعول وبحذف التنوين وجر وجهه
__________________
بالإضافة ، فهذا التركيب (ثلاثة) أي : ثلاثة أمثلة من الأمثلة المقصودة ذكرها لتوضيح الأقسام
باعتبار اختلاف معمول الصفة رفعا ونصبا وجرا (وكذلك) أي : مثل هذا التركيب في كونه أمثلة ثلاثة (حسن الوجه) بالوجوه المذكورة ، (وحسن
وجه) عطف على حسن
الوجه ، أي : هو أيضا بالوجوه المذكورة أمثلة ثلاثة ، (الحسن وجهه) بإذخال اللام على صفة وجهه بالفاعلية ، أو نصبه
بالتشبيه بالمفعول ، أو جره بالإضافة ، وإنما غير الأسلوب بترك العاطف إشارة إلى أنه شروع في قسم آخر من الصفة المشتبهة؛ لأن الأمثلة السابقة كانت للصفة المجردة عن اللام ، وهذه
لصفة ذات اللام ، (والحسن
الوجه) بالوجوه
الثالثة.
(الحسن وجه) أيضا بهذه الوجوه.
وإنما قدم
الصفة الكائنة باللام في أول تقسيم المسائل على الصفة المجردة عنها ؛
__________________
لأن مفهوم الأول وجودي والثاني عدمي ، وعكس الترتيب في تفصيلها ؛ لأن أقسام
الصفة المجردة اشرف ؛ لأن قسما واحد منهما مختلف فيه وسائر الأقسام صحيح ، بخلاف
أقسام ذات اللام فإن قسمين منها ممتنع كما قال : (اثنان منها) أي : من تلك الأقسام (ممتنعان) :
أحدهما
: أن تكون الصفة
باللام مضافة إلى معمولها المضاف إلى ضمير الموصوف بواسطة أو غير واسطة.
مثل (الحسن وجهه) الحسن وجه غلامه لعدم إفادة الإضافة فيه خفة ؛ لأن الخفة في الصفة المشبهة ، إما بحذف
التنوين أو النون كحسن وجهه بالإضافة ، أو بحذف ضمير الموصوف من فاعل الصفة أوم مما أضيف
إليه الفاعل ، واستتاره في
__________________
الصفة مثل الحسن الوجه والحسن وجه الغلام ، أو بحذفهما معا ولا خفة فيه بواحد منها .
وثانيهما
: أن تكون الصفة
باللام مضافة إلى معمولها المجرد عن اللام مثل : (الحسن وجه) أو وجه غلام) لأن
إضافة (الحسن) إلى (وجه) وإن أفادت التخفيف بحذف الضمير واستتاره في الصفة لكنهم
لم يجوزوها لأن إضافة المعرفة إلى النكرة وإن كانت لفظية مفيدة للتخفيف ، لكنها في الصورة تشبه عكس المعهود من الإضافة .
(واختلف
__________________
في صورة كانت الصفة فيها مجردة عن اللام مضافة إلى معمولها
المضاف إلى
ضمير الموصوف
مثل : (حسن وجهه) فسيبويه وجميع البصريين يجوزنها على قبح في ضرورة الشعر
والكوفيون يجوزونها بلا قبح السعة.
وجه الاستقباح
أنهم إنما ارتكبوا الإضافة ؛ لقصد التخفيف فيقتضي الحال أن يبلغ أقصى ما يمكن منه
، ويقبح أن يقتصر على أهون التخفيفين ، أعني : حذف التنوين ولا يتعرض لأعظمه مع
إمكانه وهو حذف الضمير مع الاستغناء عنه بما استكن في الصفة.
والذي أجازها
بلا قبح نظر إلى حصول شيء من التخفيف في الجملة ، وهو حذف التنوين قوله . (والبواقي) من الأقسام الثمانية عشر التي خرجت منها الأقسام
الثلاثة المذكورة وهي خمسة عشر قسما.
(ما كان فيه ضمير واحد) منها ، أي : من تلك البواقي إما في الصفة وهو سبعة أقسام (الحسن الوجه) بنصب المعمول و (الحسن الوجه) بجره و (حسن
__________________
الوجه) بنصبه و (حسن الوجه) بجره و (الحسن وجها) بنصب و (حسن وجه) بجره.
وإمّا في
المعمول مثل : (الحسن وجهه) و (حسن وجهه) برفعه فيهما : وهما
قسمان والمجموع تسعة.
(أحسن) لأن الضمير فيه بقدر الحاجة من غير زيادة ولا نقصان .
(وما كان فيه
ضميران) منها.
أحدهما : في الصفة ، والآخر : في المعمول مثل : (حسن وجهه ،
والحسن وجهه) بنصبه فيهما ، فهو قسمان.
(حسن) لاشتماله على الضمير المحتاج إليه وغير (أحسن) لاشتماله
على ضمير زائد على قدر الحاجة.
__________________
(وما لا ضمير
فيه منها) وهو أربعة أقسام : (الحسن الوجه) و (حسن الوجه) و (حسن
وجه) و (الحسن وجه) برفعه فيها (قبيح) لعدم الرابط بالموصوف لفظا.
ولما كان وجود
الضمير غير ظاهر في الصفة مثل : ظهوره في المعمول احتيج إلى قاعدة يظهر بها وجوده وعدمه فقال :
(ومتى رفعت) معمول الصفة (بها فلا ضمير فيها) أي : في الصفة ؛
لأن معمولها حينئذ فاعل لها ، فلو كان فيها ضمير يلزم تعدد العامل (فهي)
أي : تلك الصفة حينئذ (كالفعل) فكما أن الفعل لا يثنى ولا يجمع بتثنية فاعله الظاهر
وجمعه (٩)
__________________
كذلك تلك الصفة لا تثنى ولا تجمع بتثنية معمولها وجمعه.
(إلا) أي : وإن
لم ترفع معمول الصفة بها بل تنصب أو تجر (فيها ضمير الموصوف) ليكون فاعلا لها (فتؤنث) أنث الصفة بتأنيث الموصوف فتقول هند حسنة وجه أو
حسنة وجهه.
(وتثنى) أي :
الصفة إذا كان الموصوف تثنية ، مثل : (الزيدان حسنا وجه)
وحسنان وجها (يجمع)
أيضا الصفة إذا كان الموصوف جمعا مثل الزيدون حسنوا وجه (حسنون وجها)
(واسما الفاعل
والمفعول
__________________
غير المتعديين) أي : اسم الفاعل غير المتعدي إلى مفعول واسم المفعول الغير المتعدي أيضا إلى المفعول لاشتقاقه من الفعل
المتعدي إلى مفعول واحد فإذا بنى اسم المفعول منه أقيم ذلك المفعول مقام الفاعل
، فيبقى غير متعد إلى مفعول ، (مثل الصفة) المشبهة في ذلك ، أي : (فيما ذكر) من
الأقسام الثمانية عشر.
فيرفعان الفاعل
، ومفعول ما لم يسم فاعله ، وينصبانهما ، ويضافان إليهما ، تقول : (زيد
قائم الأب) و (مضروب الأب) برفع الأب ونصبه وجره ، وإذا كانا متعديين لا يجوز
بالإضافة إليها ولا نصبهما ، لئلا يلزم الالتباس بالمفعول.
فإذا قلنا مثلا
: (زيد ضارب أباه) و (زيد معطى أباه) لم يعلم أن (أباه) في المثال الأول مفعول (ضارب)
أو فاعل له نصب تشبيها بالمفعول ، وفي المثال الثاني أنه مفعول ثاني لمعطى ، أو مفعول
أول أقيم مقام الفاعل ، ونصب تشبيها بالمفعول ،
__________________
والمفعول الثاني محذوف .
وكذلك مثل : الصفة المشبهة المنسوب تقول : (زيد تميمي الأب)
مرفوعا ومنصوبا ومجرورا.
(اسم التفضيل ما اشتق) أي : اسم اشتق (من فعل) أي : حدث (لموصوف) قام به الفعل أو وقع عليه والتعميم لقصد شمول قسمي اسم التفضيل
أعني : ما جاء للفاعل وما جاء للمفعول (بزيادة على غيره) في أصل ذلك
__________________
الفعل والباء في قوله : بزيادة إما ظرف لغو للموصوف ، أي : لذات
متصفة بتلك الزيادة، أو ظرف مستقر ، أي : لموصوف ملتبس بتلك الزيادة ، فقوله : ما
اشتق من فعل ، شامل لجميع المشتقات.
وقوله : لموصوف
، يخرج أسماء الزمان والمكان والآلة ؛ لأن المراد بالموصوف ذات مبهمة ولا إبهام في تلك الأسماء.
وقوله : بزيادة
على غيره ، يخرج اسم الفاعل ، والمفعول والصفة المشبهة.
(وهو) أي : اسم
التفضيل من حيث صيغته (أفعل) للمذكر ، (وفعلى) للمؤنث ، وإن كان بحسب الأصل فيدخل فيه خير وشرّ لكونها في
الأصل أخير
__________________
وأشر ، فخففا بالحذف لكثرة الاستعمال ، وقد يستعملان على الأصل .
(وشرطه أن يبنى)
أي : اسم التفضيل (من) حدث (ثلاثي) لا رباعي (مجرّد) لا مزيد فيه (ليمكن البناء) أي : بناء أفعل وفعلى منه ؛ إذ البناء
من الرباعي والثلاثي المزيد فيه مع المحافظة على على تمام حروفه متعذر ؛ لأن هذه
الصيغة لا تتبع الزيادة على ثلاثة أحرف ، ومع إسقاط بعضها يلزم الالتباس ، فإنه لا يعلم أنه مشتق من الرباعي أو الثلاثي المجرد أو المزيد فيه ،
فإن هذه الحروف الثلاثة تحتمل أن تكون تمام حروف ثلاثي مجرد أو بعض حروف رباعي
مجرد كلها أصول أو تكون من
__________________
حروف المزيد فيه أما من أصوله أو من زوائده أو ممتزجا منهما فلا يتبين ما
هو المشتق منه فلا يتعين المعنى.
(ليس تكون) أي : من ثلاثي مجرد ليس بلون (ولا عيب) ظاهري (لأن منهما) اشتق (أفعل لغيره) أي : لغير اسم التفضيل كأحمر وأعور فلو اشتق اسم
التفضيل أيضا منهما لا لبس أن المراد ذو خمرة وعور وزائد الخمرة والعور ، وهذا
التعليل إنما يتم إذا تبين أن أفعل الصفة مقدم بناؤه على أفعل التفضيل ، وهو كذلك
؛ لأن ما يدل على ثبوت مطلق الصفة مقدم بالطبع على ما يدل على زيادة على الآخر في
الصفة والأولى موافقة الوضع الطبع (مثل زيد أفضل الناس) فإن الأفضل استق من
ثلاثي مجرد ليس بلون ولا بعيب وهو الفضل.
(فإن قصد غيره) أي : غير الثلاثي المجرد بأن يراد أن يذكر على أن
لأحد زيادة فيه على غيره (توصل إليه) أي : إلى غير الثلاثي المجرد (بأشد ونحوه مثل
هو
__________________
أشد منه استخراجا) مثال للثلاثي المزيد فيه (وبياضا) مثال للون (وعمي)
مثال للعيب.
وحيث قيدنا العيب بالظاهري لا يرد نحو أجهل وأبلد ولكن يرد أنه صح على هذا التقدير اشتقاق أحمق على معنى
التفضيل فإنه لا فرق بين الجهل والبلادة والحمق ، ولكنهم حكموا بشذوذه في نحو : أحمق من ابن هبنقة ، والجواب أن
المراد بالحمق ما يبدو من أثر البلادة في الظاهر كما حكى عن ابن هبنقة من تعليق
خرزات وعظام وخيوط على عنقه ، وهو ذو لحية طويلة فسئل عن ذلك فقال : لأعرف بها
نفسي ، ولا أضل وتقلد ذات ليلة أخوه بقلادته فلما أصب قال يا أخي أنت أنا فمن أنا ففيه شائبة من حمق ابن هبنقة فإنه يقتضي جواز اشتقاق أحمق من
حمق لمن لا يكون بهذا الظهور قياسا ، وأن يكون اشتقاق الجهل وأبلد لمن يكون ثار
جهله
__________________
وبلادته ظاهرة على سبيل الشذوذ ولا يقول بذلك عاقل.
والشارح الرضي : عدّ أحمق من قبيل أبلد حيث قال : وينبغي أن
يقال من الألوان والعيوب الظاهرة فإن الباطنة يبنى منها أفعل التفضيل نحو فلان
أبلد من فلان وأحمق (وقياسه) أي : القياس الواقع في اسم التفضيل اشتقاقها (للفاعل) لا
__________________
للمفعول فإنه لو اشتق لكل منهما قياسا مطردا لكثر الالتباس فاقتصروا على
الإشراف.
(وقد جاء
للمفعول) على خلاف القياس في مواضع قليلة (نحو اعذر) لمن هوأشد معذروية (وألوم)
لمن هو أشد ملومية (و) على هذا القياس (أشغل وأشهروا عرف ويستعمل) أي : اسم التفضيل (على أحد ثلاثة أوجه) وهي استعمال بالإضافة أو من أو اللام على سبيل الانفصال
الحقيقي فلا بد من واحد منها لأن وضعه لتفضيل الشيء على غيره
فلا بد فيه من ذكر الغير الذي هو المفضل عليه وذكره مع من والإضافة ظاهر ، وأما مع
اللام فهو في حكم المذكور وظاهرا لأنه يشار باللام إلى معين بتعيين المفضل عليه
مذكور قبله لفظا أو حكما كما إذا طلب شخص أفضل من زيد قلت عمرو الأفضل أي : الشخص
الذي قلنا : أنه أفضل من زيد فعلى هذا لا يكون اللام في أفعل التفضيل إلا للعهد
فيجب أن يستعمل (إما مضافا) نحو : زيد أفضل
__________________
الناس (أو بمن) نحو : زيد أفضل من عمرو (أو معرفا باللام) نحو زيد الأفضل (فلا
يجوز) الجمع بين الاثنين منها (نحو زيد الأفضل من عمرو) وإلا يكون
ذكر اللام أو من لغو وأما قوله :
ولست بالأكثر منهم
|
|
حصى وإنما
العزة للكاثر
|
فقيل من فيه
ليست تفضيلية بل للتبعيض أي : لست من بينهم بالأكثر حصى ولا يجز خلوه عن الكل أيضا لفوات الغرض (نحو : زيد أفضل
إلا أن يعلم) المفضل عليه مثل الله أكبر ويجوز أن يقال في مثله
أن المحذوف هو المضاف باعتبار أنه مستعمل بالإضافة ، أي : أكبر كل
شيء أو أنه من مع مجروره أي أكبر من كل شيء.
__________________
(فإذا أضيف) أي
اسم التفضيل (فله معنيان أحدهما وهو الأكثر أن يقصد به الزيادة) أي : أحدهما زيادة موصوفة المقصودة به (على من أضيف إليه) أي
: على ما أضيف اسم التفضيل إليه باعتبار تحققه في ضمن بعضهم وإلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه وإنما كان هذا
الاستعمال أكثر لأن وضع أفضل لتفضيل الشيء على غيره فالأولى ذكر المفضول (فيشترط)
في استعماله بهذا المعنى (أن يكون) موصوفه بعضا (منهم) داخلا فيهم بحسب مفهوم اللفظ وإن كان خارجا عنهم بحسب الإرادة
لأن
__________________
المقصود في استعماله بهذا المعنى تفضيل موصوفة على مشاركيه في هذا المفهوم
العام (مثل زيد أفضل الناس) أي : أفضل من مشاركيه في هذا النوع (فلا يجوز) بهذا المعنى قولك: (يوسف أحسن أخوته لخروجهم عنهم أي عن الأخوة بإضافتهم إليه والثاني أن يقصد به زيادة مطلقة) أي : ثاني معنييه زيادة مقصودة مطلقة غير مقيدة بأن تكون على المضاف إليه وحده (ويضاف) اسم التفضيل
__________________
إلى ما أضيف إليه (للتوضيح) أي : لتوضيح اسم التفضيل وتخصيصه كما يضاف سائر الصفات نحو مصارع مصر وحسن القوم مما لا
تفضيل فيه فلا يشترط كونه بعض المضاف إليه.
(فيجوز) بهذا
المعنى أن تضيفه إلى جماعة هو داخل فيهم نحو : قولك نبينا عليهالسلام أفضل قريش أي أفضل الناس من بين قريش وأن تضيفه إلى
جماعة من جنسه ليس داخلا فيهم كقولك (يوسف أحسن أخوته) فإن يوسف لا يدخل في جملة أخوة يوسف وأن تضيفه
إلى غير جماعة نحو فلان أعلم بغدادي أي اعلم مما سواه وهو مختص ببغداد لأنها منشؤه
أو مسكنه.
(ويجوز في)
النوع (الأول) من نوعي اسم التفضيل المضاف وهو الذي يقصد به الزيادة
على من أضيف إليه (الأفراد) أي : أفراد اسم التفضيل وإن كان موصوفه مثنى أو مجموعا
وكذا التذكير وإن كان موصوفه مؤنثا نحو زيد أو الزيدان أو
__________________
الزيدون أو هند أو الهندان أو الهندات أفضل الناس وهذا لأنه يشابه أفعل من
الذي ليس فيه إلا الأفراد والتذكير في كون المفضل عليه مذكورا معه (والمطابقة) أي مطابقة اسم التفضيل إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا أو تأنيثا (لمن
هو) أي : اسم التفضيل صفة (له) نحو : الزيدان أفضلا الناس والزيدون أفضلوهم وهند فضلى
النساء والهندان فضلياهن والهندات فضلياتهن لمشابته ما فيه الألف واللام في كونه
معرفة .
(وأما) النوع (الثاني)
من نوعي اسم التفضيل المضاف وهو الذي يقصد به زيادةمطلقة (و) القسم (المعرف باللام) منه (فلا بدّ) فيهما (من المطابقة) أي : مطابقة اسم التفضيل لموصوفه إفرادا وتثنية وجمعا
وتذكيرا وتأنيثا للزوم مطابقة الصفة لموصوفها مع عدم قيام المانع وهو امتزاجه ممن
التفضيلية لفظا أو معنى لعدم ذكر المفضل عليه بعدهما.
(و) اسم
التفضيل (الذي) استعمل (بمن مفرد مذكر لا غير) أي : لا غير المفرد
__________________
المذكر لكراهتهم لحوق أداة التثنية والجمع والتأنيث المختصة بالآخر بما هو
في حكم الوسط باعتبار امتزاجه بمن التفضيلية لكونه الفارقة بينه وبين باب أحمر
فكأنها تمام الكلمة (ولا يعمل) اسم التفضيل (في) اسم (مظهر) الرفع بالفاعلية بقرينة الاستثناء وإنما خصّ المظهر لأنه يعمل في المضمر بلا شرط لأن العمل في
المضمر ضعيف لا يظهر أثره في اللفظ أثره في اللفظ فلا يحتاج إلى قوة العامل وإنما
خص بالفاعل لأنه لا ينصب المفعول به سواء كان مظهرا أو مضمرا بل أن وجد
__________________
بعده ما يوهم ذلك فافعل دال على الفعل الناصب له كقوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ
سَبِيلِهِ) أي : أعلم من كل أحد يعمل من يضل وأما الظرف والحال
والتمييز فيعمل فيها أيضا بلا شرط لأن الظرف والحال يكفيهما رائحة من الفعل نحو
زيد أحسن منك اليوم راكبا والتمييز ينصبه ما يخلو عن معنى الفعل أيضا نحو رطل زيتا
وإنما لم يعمل الرفع بالفاعلية لأن هذا العمل بالأصالة إنما هو عمل الفعل وهو لم يعمل عمل
الفعل لأنه ليس له فعل بمعناه في الزيادة ليعمل عمله ولأنه لما كان فيما هو الأصل فيه وهو استعماله بمن لا يثنى
ولا يجمع ولا يؤنث بعد مشابهته عن اسم الفاعل فلا يعمل لمشابهته أيضا (إلا إذا كان)
اسم التفضيل (صفة) أي : وصفا سببيا هو
__________________
في اللفظ (لشيء) معتمدا عليه بأن يقع نعتا له أو خبرا عنه أو حالا.
(وهو في المعنى)
صفة (لمسبب) مشترك بين ذلك الشيء وبين غيره (مفضل) ذلك المسبب (باعتبار
الأول) أي : اعتبار تقييده بذلك الشيء الذي اعتبر أولا (على نفسه) أي :
نفس ذلك المسبب (باعتبار غيره) أي : باعتبار تقييده بغيره أي غير ذلك الأول فيكون
باعتبار الأول مفضلا وباعتبار الثاني مفضلا عليه (منفيا) خبر بعد خبر لكان أو حال
عن اسمه أو صفة لمحذوف أي : تفضيا منفيا (مثل ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد) فرجلا هو الشيء الذي ثبت له اسم
__________________
التفضيل في اللفظ والكحل مسبب مشترك بين عين الرجل وبين عين زيد مفضل باعتبار عين الرجل مفضل عليه باعتبار عين زيد إنما
اشترط أن يكون في اللفظ ثابتا لشيء وفي المعنى لمسببه ليحصل له صاحب يعتمد عليه
ويحصل له مظهر تعلق بذلك الصاحب حتى يتيسر عمله فيه كالصفة المشبهة لانحطاط رتبتهما عن رتبة اسم الفاعل فإنه يعمل في مظهر
بعده سواء كان من متعلقات الموصوف أو لم يكن مثل زيد ضارب عمر أو إنما اشترطان
يكون ذلك المسبب مشتركا مفضلا من وجه ومفضلا عليه من وجه بعد اتحادهما بالذات
ليخرج عنه ، مثل قولك : ما رأيت رجلا أحسن كحل عينه من كحل عين زيد فإنهما مختلفان
بالذات بخلاف الكحل الملحوظ مطلقا المقيد تارة بهذا وتارة بذلك فإنه واحد بالذات
ومختلف بالاعتبار ، ولئلا يبقى على ما هو الأصل في اسم التفضيل وهو التغاير بحسب
الذات بين المفضل والمفضل عليه ليسهل إخراجه عن المعنى التفضيلي بالنفي كما سيتضح فائدته وإنما اشترط أن يكون اسم التفضيل منفيا إذ عند كونه منفيا يكون
بمعنى الفعل ويعمل عمله وإنما قلنا أنه عند كونه منفيا يكون بمعنى الفعل.
__________________
(لأنه) أي :
أحسن في هذا المثال (بمعنى حسن) وكذا كل فعل في المواد الأخر بمعنى فعل وهذه العبارة تحتمل معنيين أحدهما أن يكون
أحسن مثلا بعد النفي بمعنى حسن لأنه إذا استولى النفي على اسم التفضيل توجه النفي إلى قبله الذي هو الزيادة فيفيد أنه ليس حسن كحل
عين رجل زائدا على حسن كحل عين زيد فيبقى أصل حسن كحل عين رجل مقيسا على حسن كحل عين زيد إما بأن يساويه
أو بأن يكون دونه والمساواة يأباها مقام المدح فيرجع المعنى إلى أن حسن في عين كل أحد الكحل دون حسنه
في عين زيد فيكون حسن مع النفي بمعنى حسن وثانيهما أن يجعل أحسن قبل تسلط النفي
عليه مجردا عن الزيادة عرفا لأن نفي الزيادة لا يلائم
__________________
المدح فبقي أصل الحسن وتوجه النفي إلى حسن رجل مقيسا إلى حسن زيد إما بالمساواة
أو بكونه دونه والقياس بكونه دونه لا يناسب المقام فرجع المعنى إلى ما رأيت رجلا
حسن في عينه الكحل حسنه في عين زيد فانتفى المساواة والزيادة بالطريق الأولى لما اقتضاه المقام ولا يبعد أن يقصد بنفي المساواة نفي
الزيادة أيضا لأن في الزائد على شيء ما يساويه مع زيادة فيصح أن يقصد
به عرفا نفي المساواة مطلقا ولو في ضمن الزائد فانتقى الزائد أيضا فيحصل من جميع
ذلك أن حسن كحل عين رجل دون حسن كحل عين زيد وذلك كمال المدح .
فإن قلت : لو كان زوال الزيادة التفضيلية
__________________
بالنفي يقتضي جواز عمل اسم التفضيل في المظهر ينبغي أن يكون
عمله في مثل ما رأيت رجلا أفضل أبوه من زيد جائزا كما جاز في المثال المذكور قلنا
فرق بين المثالين فإن المفضل والمفضل عليه في المثال المذكور متحدان بالذات.
والأصل في اسم التفضيل أن يكون المفضل والمفضل عليه فيه
مختلفين بالذات ففي صورة الاتحاد ضعف المعنى التفضيلي فإذا زال بالنفي زال بالكلية ولم يبق له قوة أن يعود بعد الزوال
بخلاف ما رأيت رجلا أفضل أبوه من زيد فإن المفضل والمفضل عليه فيه مختلفان بالذات
فلا ضعف في معناه التفضيلي فله قوة أن يعود حكمه بعد الزوال وهو عدم جواز عمله في
المظهر (مع أنهم لو رفعوا) أحسن بالخبرية والكحل بالابتداء (لفصلوا بين أحسن ومعموله أي ما عمل فيه أحسن من حيث أنه اسم تفضيل فيه
معنى الفعلية وذلك المعمول قوله منه في عين زيد (بأجنبي
__________________
وهو الكحل) إذ كل ما ليس معمولا له من هذه الحيثية فهو أجنبي له من هذه الحيثية لا تجوز تحلله بينه وبين معمولاته من
هذه الحيثية ولا يخرجه عن هذه الأجنبية ما عرض له من معنى الابتداء العامل في
المبتدأ والخبر إذ العامل في الحقيقة حينئذ معنى الابتداء لا اسم التفضيل بخلاف ما إذا عمل في الكحل بالفاعلية فإنه لم يبق أجنبيا
حينئذ فإنه من معمولاته من حيث أنه اسم التفضيل ولو قدم قوله منه في
__________________
عين زيد على الكحل لم يلزم الفصل بين أحسن ومعموله من حيث أنه اسم التفضيل
ولكن في معناه تعقيد ركيك وكذا لو قيل بهذه العبارة ما رأيت رجلا أحسن من الكحل
في عينه هو أي الكحل في عين زيد لا يخلو عن ركاكة وتعقيد أيضا مع أنهما ليسا من
قبيل العبارة المشهورة الواردة في أداء مثل هذا المقصود والكلام فيها
ولما قرر مسألة الكحل وبين شرائطها وما عبر به عنها على وجه يطابق المقصود بلا زيادة ولا نقصان أراد
أن ينبه على أن التعبير عنها غير منحصر فيما ذكر بل يمكن أن يعبر عنها بعبارة أخصر
منه وعلى ترتيب غير ترتيبه وينتقل بهذا التقريب إلى ما أنشده سيبويه واستشهد به في
إثبات هذه المسألة ويطبق بعض هذه الصور عليه فقال (ولك أن تقول : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من عين زيد)
__________________
بإقامة من عين زيد مقام منه في عين زيد وهو أخصر منه بمقدار ضمير منه وكلمة في ولو رفع لفظ العين من البين واكتفى بمن زيد كان أخصر مع ظهور المعنى المقصود وعلى كلا التقديرين فالمعنى على
ما كان قبل هذا التعبير لأن أصله من كحل عين زيد والمعنى على حذف المضاف فإنه لو كان
كذلك لا يكون من قبيل تفضيل الشيء على نفسه إذ يتعدد الكحل حينئذ.
(فإن قدمت) على
اسم التفضيل (ذكر العين) التي كان الكحل فيها مفضلا عليه (قلت ما رأيت كعين زيد
أحسن فيها الكحل) كان أصله ما رأيت عينا أحسن فيها
__________________
الحل منه في عين زيد فلما ذكر عين زيد مقدما عليه استغنى عن ذكره ثانيا وتقديره ما رأيت عينا مماثلة لعين زيد في أصل التكحل أحسن فيها الكحل من عين زيد أو تقول معناه ما رأيت عينا كعين
زيد في كونها أحسن فيها الكحل منه في غيرها ويلزم من هذا على أبلغ وجه أن للكحل في عين زيد حسنا ليس في عين غيره وإنما جازت هذه الصورة وإن لم يكن فيها فصل ظاهر لو رفعت أفعل بالابتداء
لأنها
__________________
فرع الأولى ولأن من التفضيلية مع مجرورها مقدرة فيها أيضا كما ذكرنا (مثل
ولا أرى) مثل منصور على أنه صفة مصدر محذوف أي : قلت : ما رأيت كعين زيد ... إلخ
قولا يماثل قول الشاعر وإنما ترك صدر البيت ليكون مبتدئا بما هو مبدأ المماثلة وترك موصوف أحسن في المثال وإن كانت المماثلة الكاملة في ذكره إذ هو في مقابلة
قوله واديا وهو مذكور لأنه كان في مقام بيان الاختصار في المثال المذكور أولا
وتمام البيت مع ما يليه:
مررت على وادي السباع ولا
أرى
|
|
كوادي السباع حين يظلم واديا
|
__________________
أقل به ركب أتوه تئية
|
|
إلا ما وقى
الله ساريا
|
كان أصله لا أرى واديا أقل به ركب منهم في وادي السباع فقد
وادي السباع واستغنى عن ذكره ثانيا الركب اسم جماعة الركبان وهو مخصوص براكبي الإبل والتأية من أيي أو أيّ كالتحية من حيي أو حيّ وهو المكث والثاني
وساريا من السرى وهو السير في الليل فقوله أرى إما من رؤية البصر أو من رؤية القلب
فعلى الأول واديا مفعوله وكوادي السباع حال منه قدم عليه وعلى الثاني
واديا مفعوله الأول ، وكوادي السباع مفعوله الثاني وعلى التقديرين حين يظلم ظرف
التشبيه المستفاد من الكاف والواو في ولا أرى ما اعتراضية أو حالية وأقل صفة واديا والجار في به
__________________
متعلق بأقل والمجرور في به عائد إلى واديا وركب فاعل أقل وجملة أتوه صفة له
وتأية تمييز عن نسبة أقل إلى ركب أو منصوب على المصدرية أي : إتيانا تأية وأخوف عطف على أقل وهو بمعنى المفعول
أسند إلى ضمير واديا والمعنى واديا أقل به ركب منهم بوادي السباع وأخوف منه وما في ما وفي مصدرية وساريا أي راكبا ساريا مفعول وقى
والمستثنى مفرغ أي واديا أقل وأخوف في كل وقتا لا في وقت وقاية الله تعالى ساريا
تقول : مررت إلى واد منسوب إلى السباع لكثرتها فيها والحال أني لا أرى مثل وادي السباع حين أحاط به الظلام واديا يكون
توقف الركب به أقل من توقفهم بوادي السباع ويكون ذلك الوادي أخوف من وادي السباع في كل وقت إلا في وقت
وقاية الله سبحانه راكبا ساريا بالليل فيه عن الآفات والمخافات ولو عبرت بالعبارة الأولى لقلت ولا أرى واديا أقل به ركب أتوه.
__________________
منه بوادي السباع ولو عبرت بالعبارة الثانية لقلت ولا أرى واديا أقل به
ركبا توه من وادي السباع ولما قسم المص الكلمة إلى أقسامها الثلاثة على وجه علم من دليل الانحصار حد كل واحد منها ولم يكتف بذلك القدر بل صدر مباحث الاسم بتعريفه فلما وصلت
النوبة إلى مباحث الفعل سلك تلك الطريقة وصدرها بتعريفه فقال :
(الفعل)
(ما دل) أي :
كلمة دلت (على معنى) كائن
__________________
(في نفسه) أي : في نفس ما دل يعني : الكلمة.
والمراد بكون المعنى في نفس الكلمة دلالتها عليه من غير حاجة
إلى ضم كلمة أخرى إليها لاستقلاله بالمفهومية.
ويمكن إرجاع
الضمير في (نفسه) إلى المعنى وحينئذ يكون المراد : يكون (المعنى في نفسه) استقلاله
بالمفهومية فمرجع كون المعنى في نفسه وكونه في نفس الكلمة إلى أمر واحد وهو
استقلاله بالمفهومية لكن المطابق لما ذكر في وجه الحصر إرجاع الضمير إلى (ما دل) كما لا
يخفى أعلم أن الفعل مشتمل على ثلاثة معان :
__________________
أحدها
: الحدث
الذي هو معنى المصدر.
وثانيها
: الزمان.
وثالثها
: النسبة إلى
فاعل ما.
ولا شك أن النسبة إلى فاعل حرفي هو آلة لملاحظة طرفيها فلا تستقل بالمفهومية.
فالمراد (بمعنى
في نفسه) ليس تلك
النسبة.
ولما وصف ذلك المعنى
بالاقتران بالزمان تعين أن يكون المراد به الحدث .
فالمراد بالمعنى ليس معناه المطابقي ، بل أعم لكن لا يتحقق إلا في ضمن
__________________
التضمن فخرج بهذا القيد الحرف ؛ لأنه ليس مستقلا بالمفهومية.
(مقترن) وضعا (بأحد
الأزمنة الثلاثية) في الفهم من لفظه الدال عليه فهو صفة بعد صفة للمعنى ، فخرج به
الاسم عن حد الفعل. وبقولنا (وضعا) يخرج أسماء الأفعال ؛ لأن جميعها منقولة عن
المصادر أو غيرها كنا سبق ودخل فيه الأفعال المنسلخة عن الزمان نحو : (عسى وكاد) لاقتران معناها به بحسب
الوضع.
ويصدق على
المضارع أنه اقتران بأحد الأزمنة الثلاثة لوجود الأحد في الاثنين ، ولأنه مقترن بحسب كل وضع بواحد ،
وأن عرض الاشتراك من تعدد الوضع.
__________________
(ومن خواصه) أي
: من خواص الفعل (دخول قد) لأنها إنما تستعمل لتقريب الماضي إلى الحال أو لتقليل الفعل ، أو تحقيقه وشيء من ذلك لا يتحقق إلا في الفعل.
(و) دخول (السين
وسوف) لدلالة الأول على الاستقبال القريب والثاني على الاستقبال البعيد (و)
دخول (الجوازم) لأنها وضعت إما لنفي الفعل ك : (ألم ولما) أو لطلبه كلام الأمر ،
أو لنهي عنه ك : (لا) النهي ، أو لتعليق الشيء بالفعل كأدوات الشرط.
وكل من هذه
المعاني لا تتصور إلا في الفعل.
(ولحوق تاء
التأنيث) عطف على دخول (قد).
وإنما خص به
لحوق تاء التأنيث ؛ لأنها تدل على تأنيث الفاعل فلا تلحق إلا بما له فاعل ،
والصفات استغنت عنها بما لحقها من التاء المتحركة الدالة على
تأنيثها وتأنيث فاعلها.
__________________
فلا جرم اختصت بالفعل.
(ساكنة) حال عن تاء التأنيث احتراز عن المتحركة لاختصاصها بالاسم.
(و) لحوق نحو : تاء فعلت) أراد بنحو (تاء فعلت) الضمائر المتصلة البارزة المتحركة
المرفوعة فيدخلها فيه تاء فعلت أيضا وذلك ؛ لأن ضمير الفاعل لا يلحق إلا بما له
فاعل ، والفاعل إنما يكون للفعل وفروعه وحط فروعه عنه بمنع أحد نوعي الضمير تحرزا عن لزوم تساوي الفرع والأصل رخص البارز بالمنع ؛ لأن المستكن أخف وأخصر فهو بالتعميم
أليق وأجدر.
(الماضي)
(ما دل) أي :
فعل هل بحسب أصل الوضع فإنه المتبادر من الدلالة (على زمان
__________________
قبل زمانك) الحاضر الذي أنت فيه ، قبليّه ذاتيه تكون بين أجزاء الزمان.
فإن تقدم بعض
أجزاء الزمان على بغض إنما يكون بحسب الذات لا بحسب الزمان فلا يلزم ان يكون للزمان زمان.
فقوله (ما دل
على زمان) شامل لجميع الأفعال ، قوله : (قبل زمان) يخرج ما عداه.
والمراد ب : (ما) الموصولة : الفعل فلا ينتقض منع الحد بمثل (أمس) ، والمراد
بالدلالة : ما هو بحسب الوضع ، فلا ينتقض منعه ب : (لم يضرب) وجمعه
__________________
ب : (إن ضربت ضربت)
(مبني على
الفتح) خبر مبتدأ محذوف ، أي هو ، يعني : الماضي مبني على الفتح لفظا ،
نحو : ضرب أو تقديرا نحو : رمى.
أما البناء على الحركة دون السكون الذي هو الأصل في المبني
فلمشابهته المضارع في وقوعه موقع الاسم ، نحو : (زيد ضرب) في موضع (زيد
ضارب) وشرطا وجزاء تقول: (إن ضربتني ضربتك) في موضع : (إن تضربني أضربك) وأما
الفتح فلكونه أخف الحركات.
(مع غير الضمير المرفوع المتحرك) فإنه مبني على السكون معه ، نحو :
__________________
(ضربن إلى ضربنا) كراهة اجتماع أربع متحركات متواليات فيما هو كالكلمة
الواحدة ، لشدة اتصال الفاعل بفعله.
وإنما قيد
الضمير المرفوع بالمتحرك احتراز عن مثل : (ضربا) فإنه أيضا مبني على الفتح.
(و) مع غير (الواو)
فإنه يضم معها ، لمجانستها لفظا ك : (ضربوا) أو تقديرا.
(المضارع)
(ما أشبه) أي :
فعل أشبه (الاسم بأحد حروف (نأيت) أي : حال كونه متلبسا بأحد حروف (نأيت) أو أتين في أوائله يعني : الحروف التي جمعتها كلمة (نأيت).
وهذه المشابهة إنما تكون (ولوقوعه) أي : ذلك الفعل مشتركا) بين زماني الحال والاستقبال على الأصح كوقوع الاسم مشتركا بين المعاني المتعددة ك : (العين).
__________________
(وتخصيصه بالجر) عطف على وقوله : (وقوعه) أي : وتلك المشابهة
إنما تكون لوقوع الفعل مشتركا ولتخصيصه بواحدة من زماني الحال والاستقبال ، يعني
الاستقبال (بالسين) فإنه للاستقبال القريب.
(وسوف) فإنه
للاستقبال البعيد كما مر أن الاسم يخصص بأحد معانيه بواسطة القرائن.
وإنما عرف
المضارع بمشابهته الاسم ؛ لأنه لم يسم مضارعا إلا لهذا إذ معنى المضارعة في اللغة
المشابهة ، مشتقة من الضّرع ، كأن كلا الشبهين اتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعا.
(فالهمزة) من تلك الحروف الأربعة (للمتكلم مفردا) مذكرا كان أو
مؤنثا مثل : (أضرب).
(والنون له) أي
: للمتكلم
__________________
المفرد إذا كان (مع غيره) واحدا كان ذلك الغير أو أكثر ، مثل : (نضرب) وكأنهما مأخوذان من (أنا ونحن).
(والتاء للمخاطب) مطلقا واحدا كان أو مثنى أو مجموعا مذكرا كان
أو مؤنثا.
(وللمؤنث)
الواحد (والمؤنثين غيبة) أي : حال كون المؤنث والمؤنثين غائبات أو ذوي غيبة.
(والياء للغائب غيرهما) أي : غير القسمين المذكورين وهما : واحد
للمؤنث ومثناه.
فقوله (غيرهما)
أي : غير القسمين المذكورين بالجر على البدلية من الغائب ؛
__________________
لأنه وإن يصر بالإضافة معرفة ، لكنه خرجت بها عن النكارة
الصرفة ، فهو في قوة النكرة الموصوفة ، أو بالنصب حال وهو الأول لموافقة السابق.
(وحروف المضارع مضمومة في الرباعي) أي : فيما ماضيه على أربعة أحرف أصلية ، ك : (يدحرج) أولا ك : (يخرج)
(ومفتوحة فيما
سواه) أي : فيما سوى ما ماضيه على أربعة أحرف ، مثل : (يتدحرج ويستخرج) ونحوهما.
(ولا يعرب من
الفعل غيره) أي : غير المضارع لعدم علة الإعراب فيه ولما كان هذا الكلام في قوة قولنا (وإنما يعرب المضارع) صح أن
يتعلق به قوله : (إذا لم يتصل به نون تأكيد) ثقيلة كانت أو خفيفة (ولا نون
جمع مؤنث) لأنه إذا اتصل به أحدهما يكون مبينا ؛
__________________
لأن نون التأكيد لشدة الاتصال بمنزلة جزء الكلمة فلو دخل الإعراب قبلها يلزم
دخوله في وسط الكلمة ، ولو دخل عليها لزم دخوله على كلمة أخرى حقيقة ولأن نون جمع المؤنث في المضارع تقتضي أن يكون ما قبلها
ساكنا لمشابهتها نون جمع المؤنث في الماضي فلا يقبل الإعراب.
(وإعرابه رفع ونصب) يشارك الاسم فيهما (وجزم) يختص به كالجر
بالاسم.
(فالصحيح) منه وهو عند النحاة : ما لم يكن حرفه الأخير حرف علة (المجرد
عن ضمير بارز مرفوع) متصل به (للتثنية) مذكرا كان أو مؤنثا ، مثل : (يضربان ، وتضربان) (والجمع)
المذكر مثل : (يضربون وتضربون) والمؤنث مثل : (يضربن
__________________
وتضربن) (والمخاطب المؤنث) مثل : (تضربين).
فهذه أربع صيغ (يضرب) في الواحد الغائب المذكر ، و (تضرب) في
موضعين في الواحد الغائب المؤنث ، والواحد المخاطب المذكر.
و (أضرب) في
المتكلم الواحد) ، و (نضرب) في المتكلم مع الغير.
(بالضمة) في
حال الرفع (والفتحة) في حال النصب (لفظا) أي : حال كون الضمة والفتحة لفظتين.
(والسكون) في حال الجزم (مثل (يضرب) و (لن يضرب) و (لم يضرب).
(و) المضارع (المتصل به ذلك) أي : الضمير البارز المرفوع
وذلك في خمسة مواضع (بالنون) حالة الرفع.
__________________
(وحذفها) أي :
بحذف النون حالتي الجزم والنصب .
فإن النصب فيه
تابع للجزم كنا أن النصب في الأسماء تابع للجر (مثل (يضربان) وتضربان (ويضربون وتضربون وتضربين) ولم (يضربا ولن يضربا) إلى آخرها.
(و) المضارع
المعتل) الآخر بالواو والياء بالضمة تقديرا في حال الرفع ؛ لأن الضمة على الواو
والياء ثقيلة تقول : (يدعو ويرمي) (والفتحة لفظا) في حال النصب ، لخفة الفتحة ،
نحو : (لن يدعو ، ولن يرمي) (والحذف) أي : بحذف الواو والياء في حال الجزم ؛ لأن
الجازم لما لم يجد حركة أسقط الحرف المناسب لها ، نحو : (لم يغز ، ولم يرم).
(و) المضارع (المعتل) الآخر (بالألف) بالضمة والفتحة تقديرا ؛ لأن الألف لا يقبل الحركة ، تقول : (يرضى ، ولن يرضى).
(والحذف) أي :
بحذف الألف في حال الجزم ، تقول : (لم يرض).
(ويرتفع)
__________________
المضارع إذا تجرد عن الناصب والجازم نحو : (يقوم زيد) سواء كان العامل فيه هذا التجرد كما هو المتبادر من عبارته ،
وذلك مذهب الكوفيين وسواء كان العامل فيه وقوعه موقع الاسم كما في : زيد يضرب ، أي : ضارب ، أو : مررت برجل يضرب
أو رأيت رجلا يضرب.
وإنما ارتفع بوقوعه موقع الاسم ؛ لأنه إذن يكون كالاسم ، فأعطى اسبق إعراب الاسم وأقواه ، وهو الرفع وذلك مذهب
البصريين.
وأورد عليه أنه
يرتفع في مواضع لا يقع فيها موقع الاسم ، كما في الصلة ، نحو : (الذي يضرب) وفي نحو : (سيقوم ، وسوف يقوم) وفي
خبر (كاد) نحو : (كاد زيد
__________________
يقوم) وفي نحو : (يقوم الزيدان).
وأجيب عن النحو
: الذي يضرب ، ويقوم الزيدان ، بأنه واقع موقعه ؛ لأنك تقول الذي ضارب هو) على أن (ضارب) خبر مبتدأ مقدم عليه
وكذا (قائمان الزيدان) ويكفينا وقوعه موقع الاسم ، وإن كان الإعراب مع تقديره
اسما غير الإعراب مع تقديره فعلا.
وعن نحو : (سيقوم)
أن سيقوم مع السين واقع موقع الاسم ، لا يقوم وحده ، والسين صار كأحد أجزاء الكلمة.
وسوف في حكم
السين.
وعن نحو : (كاد
زيد يقوم) أن الأصل فيه الاسم ، وإنما عدل عن الأصل لما يجيء في باب أفعال
المقاربة أن شاء الله تعالى.
__________________
(وينتصب) أي :
المضارع (بأن) ملفوظة (ولن) .
قال الفراء :
أصله (لا) أبدل الألف نونا وقال الخليل : أصله (لا أن) فقصر ك : (أيش) في (أي شيء) وقال سيبويه إنّه حرف
برأسه .
(وأذن) قيل : أصله (إذ أن)
__________________
فخففت وقيل : أصله (إذ) الظرفية ، فنون عوضا عن المضاف إليه.
و (كي) وب (أن)
مقدرة بعد (حتى) نحو : (سرت حتى أدخلها).
(و) بعد (لام (كي)
نحو : (سرت لا دخلها) (و) بعد (لام الجحود) وهي اللام الدارة الزائدة في خبر كان المنفي ، نحو قوله
تعالى : (وَما كانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ) لأن هذه الثلاثة جواز فيمتنع دخولها الفعل إلا بجعله
مصدرا ، بتقدير (أن) المصدرية.
(و) بعد (الفاء)
نحو : (زرني فأكرمك).
(و) بعد (الواو)
نحو : (لا تأكل السمك وتشرب اللبن).
(و) بعد أو نحو : (لألزمنك أو تعطيني حقي).
فإن الفاء والواو عاطفتان واقعتان بعد الإنشاء ، وقد امتنع عطف
الخبر على
__________________
الإنشاء ، فجعل مفردا ليكون من عطف المفرد على المفرد المفهوم
من ذلك الإنشاء ، فيكون المعنى في (زرني فأكرمك) ليكن زيارة منك فأكرم مني إياك.
وفي : لا تأكل
السمك وتشرب اللبن ، لا يكن منك أكل السمك وشرب اللبن معه.
(ف : إن) التي ينتصب بها المضارع (مثل : أريد أن تحسن إلي) مثال النصب
بالفتحة.
(ومثل : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) مثال النصب بحذف النون).
(و) كلمة (أن
التي تقع بعد العلم) إذا لم يكن بمعنى
__________________
الظن (هي) (أن) (المخففة من (أن) المثقلة) لأن المخففة للتحقيق ، فيناسب العلم
بخلاف الناصبة فإنها للرجاء والطمع فلا يناسبه.
(وليست) أي : (أن)
الواقعة بعد العلم (هذه) أي : (أن) الناصبة (نحو (علم أن سيقوم ، وأن لا يقوم) و (أن) (التي تقع بعد الظن ففيها الوجهان) لأن الظنّ باعتبار دلالته على غلبة الوقوع يلائم (أن) المخففة الدالة على التحقيق ،
وباعتبار عدم اليقين يلائم (أن) المصدرية ، فيصح وقوع كليهما : فيجري في (أن) التي بعد الوجهان.
(ولن) مثل : (لن أبرح) ومعناها) أي : معنى (لن) (نفي المستقبل)
نفيا مؤكدا لا مؤبدا ، وإلا يلزم أن يكون في قوله تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى
يَأْذَنَ لِي أَبِي) [يوسف : ٨٠] تناقض ؛ لأن (لن) تقتضي معنى التأييد و (حتى) تقتضي الانتهاء.
(وإذن) التي ينتصب المضارع (إذا لم يعتمد ما بعدها على ما
قبلها) أي : أن لم
__________________
يكن ما بعدها معمولا لما قبلها ، فإنه إذا اعتمد ما بعدها على ما قبلها لا
ينتصب بها المضارع ؛ لأنها لضعفها لا تقدر أن تعمل فيما اعتمد على ما قبلها فصار
كأنه سبقها حكما ، (وكان) عطف على (لم يعتمد) أي : ينتصب بها المضارع إذا لم يعتمد
ما بعدها على ما قبلها. وإذا كان (الفعل) المذكور بعدها (مستقبلا) لكونها جوابا وجزاء ، وهما لا يمكنان إلا في الاستقبال.
فإن فقد أحد
الشرطين ، نحو : (أنا أذن أحسن إليك) وكقولك لمن يحدثك ، إذن أظنك كاذبا ، أو
كلاهما كقولك لمن يحدثك : أنا إذن أظنّك كاذبا ، وجب الرفع.
(مثل) قولك لمن
قال : أسلمت (إذن تدخل الجنة) مثل : بمثال لا يحتمل إلا الاستقبال.
__________________
فقوله (إذن)
مبتدأ ، وقوله : (إذا لم يعتمد) ظرف للانتصاب الملحوظ معها كما أشرنا إليه ، وقوله
: (مثل : إذن تدخل الجنة) خبر المبتدأ.
فتمثيل (إذن)
بهذا المثال على طريقة تمثيلات أخواتها إلا أنه لما كان انتصاب المضارع بها مشروطا
بشرطين أشار إليهما فيما بين المبتدأ والخبر.
(وإذا وقعت) أي
: إذن (بعد الواو والفاء فالوجهان جائزان) ، النصب بناء على ضعف الاعتماد بالعطف ، لاستقلال المعطوف ؛ لأنه جملة ، والرفع باعتبار الاعتماد بالعطف وأن ضعف.
__________________
(وكي) التي ينتصب بها المضارع (مثل (أسلمت
كي أدخل الجنة) ومعناها السببية) أي : سببية (١) ما قبلها لما بعدها كسببية
الإسلام لدخول الجنة في المثال المذكور.
(وحتى) التي
ينتصب المضارع بعدها بتقدير (أن) (إذا كان) أي : المضارع (مستقبلا بالنظر
إلى ما قبلها).
وإن كان بالنظر
إلى زمان المتكلم ماضيا أو حالا أو مستقبلا. (بمعنى كي) أي : حال كون (حتى)
بمعنى (كي) للسببية (أو إلى) لانتهاء الغاية ، مثل : (أسلمت حتى ادخل الجنة) مثال ل : (حتى)
بمعنى (كي) ولاستقبال المضارع بالنظر إلى ما قبلها وبالنظر إلى زمان التكلم أيضا.
(و (كنت سرت
حتى أدخل البلد) مثال ل : (حتى) بمعنى (كي) أو (إلى) ولاستقبال المضارع بالنظر إلى
ما قبله ، وأما بالنظر إلى زمان التكلم فيحتمل أن يكون ماضيا أو حالا أو مستقبلا .
__________________
(وأسير حتى
تغيب الشمس) مثال ل : (حتى) بمعنى (إلى) ولاستقبال ما بعدها تحقيقا.
(فإن أردت) بالفعل الذي دخلته حتى (الحال) يعنى زمان الحال (تحقيقا)
أي: بطريق التحقيق بأن تكون هي زمان التكلم بعينه ، وسيجيء مثاله.
(أو حكاية) أي : بطريق الحكاية كما تقول (كنت سرت أمس حتى أدخل البلد) ف : (أدخل) في هذا الموضع حكاية الحال
الماضية كأنك كنت في زمان الدخول هيأت هذه العبارة وتحكيها في زمان التكلم على ما
كنت هيأته ، وكان ما بعد (حتى) في هذه العبارة مرفوعا فأبقيته على ما كان عليه
وحكيته.
ففي زمان الحكاية أيضا يكون مرفوع ، إذ لا يمكن
__________________
حينئذ تقدير (أن) لأنها علم الاستقبال.
(كانت) أي : (حتى)
عند هذه الإرادة (حرف ابتداء) لا جارة ولا عاطفة.
معنى كونها حرف
ابتداء أن يبتدأ بها كلام مستأنف لا أن يقدر بعدها مبتدأ يكون الفعل خبره لتكون (حتى)
داخله على اسم كما توهمه بعضهم.
(فيرفع) أي : ما بعد (حتى) لعدم الناصب والجازم (وتجب السببية)
أي : كون ما قبلها سببا لما بعدها ، ليحصل الاتصال المعنوي ، وإن فات الاتصال اللفظي (مثل مرض) فلان (حتى لا يرجونه) الآن مثال لما أريد الحال تحقيقا ، فإنه قصد به نفي الرجاء
في زمان التكلم
__________________
(ومن ثمة) أي : من أجل هذين الأمرين أي
: كون (حتى) عند إرادة الحال حرف ابتداء ، ووجوب سببية ما قبلها لما بعدها (امتنع)
نظرا إلى الأمر الأول
(الرفع) أيo: رفع ما بعد (حتى) (في) قولك (كان سيري حتى أدخلها في) وقت حصول كان (الناقصة) في هذا القول بأن يجعل (كان)
فيه ناقصة لا تامة ؛ لأنها لو كانت حرف ابتداء انقطع ما بعدها عما قبلها فيبقى
الناقصة بلا خبر فيفسد المعنى .
(و) امتنع
الرفع نظرا إلى الأمر الثاني في قولك : (أسرت حتى تدخلها؟) لأنه حينئذ يكون ما بعدها
خبرا مستأنفا مقطوعا بوقوعه ، وما قبلها سب لما بعدها وهو مشكوك فيه ، لوجود حرف
الاستفهام فيلزم الحكم بوقوع المسبب مع الشك في وقوع السبب وهو محال.
(وجاز في) وقت
حصول (كان) (التامة (كان سيري حتى أدخلها) فإن معناه : ثبت سيري فأنا أدخل الآن
ولا فساد فيه .
__________________
(و) وجاز (أيهم
سار حتى يدخلها) بالرفع ؛ لأن السير في هذا المقام محقق والشك إنما هو
في تعيين الفاعل ، فيجوز أن يكون المسبب متحقق الحصول.
فقوله (أيهم) عطف بتقدير (جاز) على (جاز في التامة) لا على (كان سيري
حتى أدخلها) لعدم صلاحية تقييده بقوله (في التامة) كالمعطوف عليه.
وفي بعض النسخ
هكذا (وجاز في : كان سيري حتى أدخلها ، في التامة) أي : جاز الرفع في هذا التركيب
في وقت حصول (كان) التامة ، فعلى هذا قوله : (أيهم سار) عطف على (كل سيري) ولا
فساد فيه .
(ولام كي) التي
ينتصب المضارع بعدها بتقدير أن (مثل : أسلمت لأدخل الجنة) وإنما يقدران بعدها لأنها جارة.
__________________
(ولام الجحود) التي ينتصب بها المضارع بعدها هي (لام التأكيد) للنفي (بعد
النفي لكان) لفظا : مثل (وَما كانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ) [الأنفال : ٣٣] أو معنى ، نحو : لم يكن ليفعل ، وهي أيضا جارة ، ولهذا تقدر
بعدها (أن).
فإن قيل : إذا صار الفعل بمعنى المصدر ب : (أن) المقدرة ، فكيف
يصح الحمل؟
قيل : على حذف
المضاف من الاسم ، أي : ما كان صفة الله تعذيبهم. أو من الخبر ، أي : ما كان ذا تعذيبهم.
أو على تأويل
المصدر باسم الفاعل ، أي : ما كان اللهم معذبهم (والفاء) التي ينتصب المضارع بعدها
بتقدير (أن) فتقدير (أن) بعدها لانتصاب المضارع مشروط (بشرطين).
(أحدهما :
السببية) أي : سببية ما قبلها لما بعدها ؛ لأن العدول عن الرفع إلى النصب للتنصيص على السببية ، حيث يدل تغيير اللفظ على تغيير المعنى.
__________________
فإذا لم يقصد
السببية لا يحتاج إلى الدلالة عليها.
(والثاني : أن
يكون قبلها) أي : قبل إلغاء أحد الأشياء الستة ليبعد بتقديم الإنشاء أو ما في معناه من النفي المستدعي جوابا
عن توهم كون ما بعدها جملة معطوفة على الجملة السابقة (أمر) نحو : (زرني فأكرمك) أي :
ليكن منك زيارة فإكرام مني (أو نهي) نحو : (لا تشتمني فأضربك) أي : لا يكن منك شتم
فضرب مني.
ويندرج فيهما الدعاء ، نحو : (اللهم اغفر لي فأفوز) و (لا
تؤاخذني فأهلك).
__________________
(أو استفهام)
نحو : (هل عندكم ماء فأشربه؟) أي : هل يكون منكم ماء فشرب مني؟.
(أو نفي) نحو : (ما تأتينا فتحدثنا) أي : ليس منك إتيان فتحديث
منا.
ويندرج فيه
التخصيص نحو : (لَوْ لا أُنْزِلَ
إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) [الفرقان : ٧] لاستلزامه نفي فعل فيندرج في النفي.
(أو تمن) نحو :
(ليت لي مالا فأنفقه) أي : ليت لي ثبوت مال فاتفاق مني.
ويدخل فيه ما
وقع على صيغة الترجي نحو : (لَعَلِّي أَبْلُغُ
الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ) [غافر : ٣٦ ـ ٣٧] بالنصب على قراءة حفص.
(أو عرض) نحو : ألا تنزل بنا فتصيب خيرا ، أي : ألا يكون منك
نزول فإصابة خير منا.
__________________
ففي جملة هذه
المواضع معنى السببية مقصود ، والفاء تدل عليها ، وما بعد الفاء في تأويل مصدر معطوف على مصدر آخر مفهوم مما قبل الفاء. وأما نحو :
سأترك منزلي
لبني تميم
|
|
وألحق
بالحجاز فأستريحا
|
بدون تقديم أحد
الأشياء الستة فمحمول على ضرورة الشعر .
(والواو) التي ينتصب بعدها المضارع
بتقدير (أن) ، فتقدير أن بعدها مشروط (بشرطين) :
أحدهما
: (الجمعية) أي : مصاحبة ما قبلها لما بعدها وإلا فالواو للجمع دائما.
(و)
ثانيهما : (أن يكون قبلها) أي : قبل الواو (مثل ذلك)
__________________
أي : مما يماثل الواقع قبل الفاء في كونه أحد الأشياء الستة المذكورة.
وأمثلتها أمثلة الفاء بعينها بإبدال الفاء بالواو ، كما تقول مثلا : (زرني وأكرمك)
أي : فيجتمع الزيارة والإكرام، و (لا تأكل السمك وتشرب اللبن) أي : لا يجتمع منك
أكل السمك مع شرب اللبن وعلى هذا القياس.
(وأو) التي تنتصب المضارع بعدها بتقدير (أن)
(بشرط معنى (إلى أن) أو (إلا أن) أي : بشط أن تكون بمعنى (إلى)
أو (إلا) ، الداخلتين على (أن) المقدرة بعدها ، لا أن (أن) أيضا داخل في مفهومها
وإلا يلزم من تقدير (أن) بعدها تكرار نحو : (لا لمنك أو تعطيني حقي) أي : إلى أن تعطيني حقي
، أو إلّا أن تعطيني حقي.
فسيبويه يقدرها
ب : (ألا) بتقدير مضاف ، أي : لا لزمنك إلا وقت أن تعطيني حقي.
وغيره يقدرها ب
: (إلى) بتأويل مصدر مجرور ب : (أو) التي بمعنى (إلى) أي : لا لزمنك إلى أعطائك
حقّي.
(والعاطفة) أي : الحروف العاطفة مطلقا ، سواء كانت من الحروف
العاطفة المذكورة أولا ، ك : (ثم) وإذا كانت منها فمن غير اشتراط ما ذكر من الشروط
لصحة تقدير (أن) بعدها ، أي : ينتصب المضارع بها بتقدير (أن) (إذا كان المعطوف
عليه اسما
__________________
صريحا) نحو : (أعجبني ضربك زيدا وتشتم ، أو فتشتم أو ثم تشتم)
ف : (ثم) ليست من الحروف العاطفة المذكورة.
وتقدير (أن)
بعد الواو والفاء ليس مشروطا بالشروط المذكورة فيهما. فقوله (والعاطفة) إذا كان
مرفوعا فهو معطوف على أول المعدودات الناصبة بتقدير (أن) أعني قوله : (حتى إذا كان
مستقبلا) أو على آخرها وهو (أو) بشرط معنى (إلى أن).
وقيل : هو
مجرور معطوف على (حتى) في قوله : (وبأن مقدرة بعد حتى) وظاهر أن هذا وأن كان أبعد
بحسب اللفظ ، لكنه أقرب بحسب المعنى ؛ لأنه على التقدير الأول أن جعل العاطفة أعم مما ذكر كما ذكرنا يلزم أن يذكر في التفصيل ما لم يكن في
الإجمال ، وإن خصت به يلزم تخصيص الحكم به.
وليس في الواقع
مخصوصا به ، كما سبق من جريانه في (ثم) أيضا.
ويرد عليه أنه كان المناسب حينئذ ذكرها مرتين ، مرة في
الإجمال ومرة في
__________________
التفصيل ، كسائر ما ذكر.
(ويجوز إظهار (أن) مع لام (كي) نحو : (جئتك لأن تكرمني) ومع ما ألحق بها من
اللام الزائدة نحو أردت لأن تقوم (و) مع الحروف (العاطفة) نحو : (أعجبني قيامك وأن تذهب) لأن هذه الثلاثة تدخل على اسم صريح ،
نحو : (جئتك للإكرام) و (أعجبني ضرب زيد وغضبه) و (أردت لضربك).
فجاز أن يظهر
معها ما يقلب الفعل إلى اسم صريح ، وهو (أن) المصدرية وأما
__________________
لام الجحود فلما لم تدخل على الاسم الصريح لم يظهر بعدها (أن) وكذا (حتى)
لأن الأغلب فيها أن تستعمل بمعنى (كي) وهي بهذا المعنى لا تدخل على اسم صريح ،
وحمل عليها التي بمعنى (إلى) لأن المعنى الأول أغلب في (حتى) التي يليها المضارع.
وأما الفاء
والواو و (أو) فلأنها لما اقتضت نصب ما بعدها للتنصيص على معنى السببية
والجمعية والانتهاء صارت كعوامل النصب ، فلم يظهر الناصب بعدها.
(ويجب) أي :
إظهار (أن) (مع (لا) الداخلة على المضارع المنصوب بها (في) صورة دخول (اللام)
بمعنى (كي) عليها أي : على (أن) لاستكراه اللامين المتواليين، لام (كي) ولام (لا) نحو قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ).
واعلم أن (أن)
الناصبة تضمر في غير المواضع المذكورة كثيرا من غير عمل لضعفها نحو قولهم : (تسمع بالمعيديّ .
__________________
خير من أن تراه) ومع العمل مع الشذوذ كقول الشاعر :
ألا أيّهذا
اللّائمي أحضر الوغى
|
|
وأن أشهد
اللّذات هل أنت مخلدي
|
في رواية النصب
، ولكن ليس بقياس ، كما في تلك المواضع ، ولذلك لم يذكرها.
(وينجزم) أي : المضارع (ب (لم) و (لما) ولام الأمر و (لا)
المستعملة (في) معنى (النهي) احتراز عما استعمل في معنى النفي.
وهذه الكلمات
تجزم فعلا واحدا .
(وكلم المجازاة)
أي : وينجزم المضارع بكلم المجازاة أي : كلمات الشرط
__________________
والجزاء التي بعضها من الأسماء وبعضها من الحروف.
ولهذا اختار
لفظ (الكلم) والمجزوم بها فعلان.
(وهي) أي : كلم
المجازاة (أن ، ومهما ، وإذما ، وحيثما).
ف : (إذ) و (حيث)
يجزمان المضارع مع (ما) وأما بدونها فلا.
(وأين ومتى)
وهما يجزمان المضارع مطلقا سواء كانا مع (ما) أولا ، (و (ما ومن وأيّ وأنّى) وأما) انجزام المضارع (مع (كيفما وإذا) ، فشاذ) لم يجيء في كلامهم على وجه الاطراد.
أما مع (كيفما)
فلان معناه عموم الأحوال فإذا قلت : كيفما تقرأ اقرأ ، كان معناه على أي حال وكيفية
تقرأ أنت أنا أيضا اقرأ عليها.
ومن المتعذر استواء قراءة قارئين في جميع الأحوال والكيفيات وأما مع
(إذا) فلأن كلمات الشرط إنما تجزم لتضمنها معنى (أن) التي هي موضوعة للإبهام ، و (إذا)
__________________
موضوعة للأمر المقطوع به.
(وب (أن) مقدرة)
عطف على قوله : (بلم) أي : وينجزم المضارع ب : (إن) مقدرة ، وسيجيء بيانه إن شاء
الله تعالى.
(ف : (لم) لقلب
المضارع ماضيا ونفيه) أي : نفي المضارع ولا يبعد لو جعل الضمير عائدا إلى ما هو أقرب أعني (ماضيا).
(ولما) مثلها)
أي : مثل : (لم) في هذا القلب والنفي.
(وتختص) أي : (لما) بالاستغراق) أي : استغراق أزمنة الماضي من وقت الانتفاء إلى وقت
التكلم ب : (لمّا) تقول : ندم فلان ولم ينفعه الندم ، أي : عقيب ندمه ، ولا يلزم
استمرار انتفاء نفع الندم إلى وقت التكلم بها ، وإذا قلت : (ندم فلان ولما ينفعه
الندم) أفاد استمرار ذلك إلى وقت التكلم بها.
(وجواز حذف
الفعل) أي : وتختص أيضا (لمّا) بجواز حذف الفعل المنفي بها إن دل عليه دليل ، نحو
: (شارفت المدينة ولمّا) أي : ولما أدخلها. وتختص أيضا بعدم دخول أدوات الشرط
عليها ، فلا تقول : (إن لما يضرب ، ومن لما يضرب) كما تقول :
__________________
(إن لم يضرب ، ومن لم يضرب) وكأنّ ذلك لكونها فاصلة قوية بين العامل ومعموله.
وتختص أيضا
باستعمالها غالبا في المتوقع ، أي : ينفي بها فعل مرتقب متوقع ، تقول لمن يتوقع
ركوب الأمير : لمّا يركب.
وقد يستعمل في غير المتوقع أيضا ، نحو : ندم فلان ولما ينفعه
الندم.
(ولام الأمر)
هي اللام المطلوب بها الفعل.
ويدخل فيها لام الدعاء ، نحو : (ليغفر لنا الله) وهي مكسورة وفتحها لغة وقد تسكن بعد الواو والفاء وثم ، نحو قوله
تعالى : (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ
أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا) [النساء : ١٠٢] و (ثُمَّ لْيَقْضُوا) [الحج : ٢٩].
__________________
(ولا النهي) هي
لا (المطلوب بها الترك) أي : ترك الفعل.
وفي بعض النسخ (ولا
النهي ضدها) أي : لا النهي التي هي ضد لام الأمر. وهي التي يطلب بها ترك الفعل ،
وهي تدخل على جميع أنواع المضارع ، المبني للفاعل والمفعول ، خاطبا أو غائبا أو
متكلما.
(وكلم المجازاة)
المذكورة من قبل (تدخل على الفعلين لسببيّة) الفعل (الأول ، ومسببية)
الفعل (الثاني) أي : لجعل الفعل الأول سببا والثاني مسببا.
وفي شرح المصنف
(وكلم المجازاة ما يدخل على شيئين لتجعل الأول سببا للثاني).
ولا شك أن كلم المجازاة لا تجعل الشيء سببا للشيء فالمراد بجعلها الشيء سببا: أن المتكلم اعتبر سببية شيء لشيء ،
بل بلزومية شيء لشيء وجعل كلم
__________________
المجازاة دالة عليها.
ولا يلزم أن يكون الفعل الأول سببا حقيقيا للثاني ، لا خارجا ولا
ذهنا بل ينبغي أن يعتبر المتكلم بينهما نسبة يصح بها أن يوردهما في صورة السبب
والمسبب ، بل الملزوم واللازم كقولك : (إن تشتمني أكرمك) فالشتم ليس سبا حقيقيا
للإكرام ، ولا الإكرام مسببا حقيقيا له ، لا ذهنا ولا خارجا ، لكن المتكلم اعتبر
تلك النسبة بينهما إظهارا لمكارم الأخلاق يعني أنه منها بمكان يصير الشتم الذي هو سبب
الإهانة عند الناس سبب الإكرام عنده.
(ويسميان) أي :
هذان الفعلان ب : أولهما : (شرطا) لأنه شرط لتحقق الثاني (و) ثانيهما.
(جزاء) من حيث أنه يبتني على الأول ابتناء الجزاء على الفعل .
__________________
(فإن كانا) أي
: الشرط والجزاء (مضارعين) نحو : (إن تزرني أزرك) (أو الأول) فقط.
(مضارعا) نحو : (إن تزرني فقد زرتك).
(فالجزم) واجب
في المضارع لدخول الجازم وهو (إن) أو ما يتضمنها مع صلاحية المحل.
(وإن كان
الثاني) مضارعا (فالوجهان) أي : ففيه الوجهان ، الجزم لتعلقه بالجازم ، وهو أداة
الشرط والرفع ، لضعف التعلق لحيلولة الماضي والفعل بغير المعمول ،
نحو : (إن أتاني زيد آته أو آتيه).
(إذا كان
الجزاء ماضيا بغير (قد) لفظا) تفصيل للماضي ، نحو : إن خرجت خرجت ، (أو
معنى) نحو : إن خرجت لم أخرج.
ويحتمل أن يكون
تفصيلا ل : (قد) أي : لم يقترن ب : (قد) سواء كان (قد) ملفوظا ، كقوله تعالى : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ
مِنْ قَبْلُ) [يوسف : ٧٧] أو معنويا مقدرا كقوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ
قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ) [يوسف : ٢٦] أي : فقد صدقت.
(لم يجز الفاء)
في الجزاء لتحقق تأثير حرف الشرط فيه لقلب معناه إلى
__________________
(
الاستقبال ، فاستغنوا فيه عن الرابطة ، كقولك (إن أكرمتني أكرمتك ، وإن
أكرمتني لم أكرمك).
وإنما قال (بغير
قد) ليخرج عنه الماضي المحقق الذي لا يستقيم أن يكون للشرط تأثير فيه كقولك : (إن
أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس) لوجوب دخول الفاء فيه.
(وإن كان) أي :
الجزاء (مضارعا مثبتا أو منفيا ب : (لا) احترازا عما إذا كان منفيا ب : (لم فإنه مندرج فيما سبق
، لكونه ماضيا معنى ، أو ب : (لن) حيث يجب فيه الفاء لعدم تأثير أداة الشرط فيه معنى.
(فالوجهان)
الإتيان بالفاء وتركها ؛ لأن أداة الشرط لم تؤثر في تغيير معناه كما تؤثر في
الماضي فيؤتى بالفاء ، وأثرت في تغيير المعنى حيث خلصت لمعنى الاستقبال ، فيترك الفاء لوجود التأثير من وجه وإن لم يكن قويا ،
نحو قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) و (مَنْ عادَ
فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ.)
__________________
(وإلا) أي : وإن لم يكن الجزاء الماضي
أو المضارع المذكورين.
(فالفاء) لازمة فيه ؛ لأن الجزاء حينئذ إما ماض ب : (قد) لفظا كما تقول: (إن أكرمتني اليوم فقد
أكرمتك أمس) أو تقديرا كما تقول (إن أكرمتني اليوم فأكرمتك أمس) بتقدير (فقد
أكرمتك) وعلى كلا التقديرين لا تأثير لحرف الشرط في الماضي ، فاحتاج إلى الرابطة وهي الفاء.
وإما جملة
اسمية أو أمر أو نهي أو دعاء أو استفهام أو مضارع منفي ب : (ما أو لم أو لن) إلى غير ذلك ، كالتمني والعرض.
وفي جميع هذه
المواضع لا تأثير لحرف الشرط في الجزاء ، فاحتاج إلى الفاء.
__________________
(ويجيء إذا)
التي للمفاجأة (مع الجملة الاسمية) التي وقعت جزاء (موضع الفاء) لأن معناها قريب من معنى الفاء ؛ لأنها تنبئ عن حدوث
أمر بعد أمر ، ففيها معنى الفاء التعقيبية ولكن الفاء أكثر.
وإنما اشترط
اسمية الجملة الجزائية ، لاختصاصها بها ؛ لأن (إذا) الشرطية مختصة بالفعلية ،
فاختصت هذه بالاسمية فرقا بينهما ، كقوله تعالى : (إِنْ تُصِبْهُمْ
سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] أي : فهم يقطنون.
(وأن) التي
يجزم بها المضارع حال كونها (مقدرة) إنما كانت مقدرة (بعد الأمر) نحو : (زرني أكرمك) أي : إن تزرني أكرمك.
(والنهي) نحو :
(لا تفعل الشر يكن خيرا لك) أي : إن لم تفعله يكن خير لك.
(والاستفهام)
نحو : هل عندكم ماء أشربه) لأن المعنى : إن يكن عندكم ماء أشربه.
(والتمني) نحو
: (ليت لي مالا أنفقه) لأن المعنى إن يكن لي مال أنفقه (والعرض) نحو : (ألا تنزل
تصب خيرا) أي : إن تنزل تصب خيرا ، إذا كان المضارع الواقع بعد
__________________
هذه الأشياء الخمسة صالحا ؛ لأن يكون مسببا لما تقدم (وقصدا لسببية) أي : سببية ما تقدم له فحينئذ يقد (إن) مع مضارع يؤخذ
مما تقدم ، ويجعل المضارع الواقع بعد هذه الأشياء مجزوما بها .
وإنما أختص
بتقدير (إن) بما بعد هذه الأشياء ؛ لأنها تدل على الطلب والطلب غالبا يتعلق بمطلوب يترتب عليه فائدة يكون ذلك المطلوب
سببا لها ، وهي مسببة له.
فإذا كان
المضارع الواقع بعدها تلك الفائدة وقصد سببية الفعل المطلوب بتلك الأشياء لها قدر (إن)
مع ذلك الفعل
ويجعل المضارع الواقع بعدها جزاء فينجزم بها (نحو : أسلم تدخل الجنة).
فالمطلوب ب : (أسلم)
هو الإسلام وهو مطلوب فائدته دخول الجنة ، فهو سبب لها ، وقصد أداء تلك السببية
فقدر (ان) مع الفعل المأخوذ من (أسلم) وجعل (تدخل الجنة) جزاء له ، فقيل : إن تسلم
تدخل الجنة.
__________________
(نحو (لا تكفر تدخل الجنّة) أي : إن لا
تكفر تدخل الجنة ؛ لأن النهي قرينة الفعل المنفي لا المثبت.
(و) لهذا (امتنع
: لا تكفر تدخل النار) عند الجمهور (خلافا للكسائي) فإنه لا يمتنع ذلك عنده.
فامتناعه عند
الجمهور (لأن التقدير) على ما عرفت (إن تكفر) تدخل النار ، وهو ظاهر الفساد.
وأما عدم امتناعه عند الكسائي ، فلأنه يقول : معناه بحسب العرف :
إن تكفر تدخل النار.
فالعرف في هذه
المواضع قرينة الشرط المثبت .
والعرف قرينة
قوية .
__________________
هذا إذا قصدت
السببية وأما إذا لم تقصد لم يجز الجزم قطعا بل يجب أن يرفع إما بالصفة كان صالحا
للوصفية كقوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ
لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي) [مريم : ٥ ـ ٦] فمن قرأ بالرفع ، أي : وليا وارثا ، أو بالحال كذلك ، كقوله
تعالى : (وَنَذَرُهُمْ فِي
طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام : ١١٠] أي : عمهين.
أو بالاستئناف
كقول الشاعر :
وقال رائدهم أرسلوا نزاولها
|
|
فكلّ حتف
امرئ يجري بمقدار
|
(الأمر)
هكذا في بعض
النسخ ، وفي بعضها (مثال الأمر) وكان المراد به صيغة الأمر ، فإنهم يطلقون (أمثلة الماضي وأمثلة المضارع) ويريدون صيغهما وفي بعض الشروح :
إنما قال (مثال الأمر) لأن الأمر كما اشتهر في هذا النوع من الأفعال كذلك
اشتهر في المعنى المصدري أيضا.
فأراد النص على المقصود.
__________________
وهو
في اصطلاح النحويين والأصوليين مخصوص
بالأمر بالصيغة كذا ذكره المصنف في شرحه.
(صيغة يطلب بها
الفعل) شامل لكل أمر غائبا كان أو مخاطبا أو متكلما معلوما أو
مجهولا.
(من الفاعل)
احتراز عن المجهول مطلقا فإنه يطلب به الفعل عن المفعول لا عن فاعل.
(والمخاطب)
احتراز عن الغائب والمتكلم.
(بحذف حرف
المضارعة) احتراز عن مثل : قوله تعالى : فبذلك فلتفرحوا [يونس: ٥٨]
فيمن قرأ على صيغة الخطاب وعن مثل : (صه) و (رويد).
__________________
(وحكم آخره) أي ـ آخر الأمر في الحقيقة ـ عند البصريين الوقف
والبناء على السكون ؛ لانتفاء ما يقتضي إعرابه وهو حرف المضارعة ؛ لأن مشابهته
للاسم المقتضية للإعراب إنما هي بسببه وفي الصورة (حكم المجزوم) أي : مثل : حكم
المضارع المجزوم في إسكان الصحيح وسقوط نون الإعراب وحرف العلة ؛ لأنه لما شابه ما
فيه اللام من المجزوم معنى أعطي حكمه ، تقول (اضرب ، اضربا ، اضربوا) و (اخش وأغز
وارم) كما تقول لم يضرب لم يضربا ، لم يضربوا) و (لم يخش ، ولم يغز ، ولم يرم)
وذهب الكوفيون
إلى أنه معرب مجزوم بلام مقدرة.
(فإن كان بعده)
أي : بعد حرف المضارعة أو بعد حذف حرف متحرك اسكن آخره ، وجعل ما بقي أمرا ، تقول في (تعد) عد وفي (تضارب)
ضارب.
ولم يذكر
المصنف هذا القسم لظهوره.
وإن كان بعده
حرف (ساكن وليس) المضارع (برباعي) والمراد بالرباعي
__________________
هاهنا ما يكون ماضيه على أربعة أحرف من المزيد فيه.
وإنما هو باب
الأفعال لا غير.
(زدت همزة
الوصل) على ما بقى بعد حذف حرف المضارعة ليتوصل بها إلى النطق بالساكن ، حال كون تلك الهمزة (مضمومة إن كان بعده) أي بعد الساكن (ضمة)
دفعا للالتباس بالمضارع على تقدير الفتح.
فإنه إذا قيل
في (أقتل) : أقتل بفتح التاء التبس بالواحد المتكلم للمجهول وبالماضي المجهول من
الرباعي إذا قيل (أقتل) بكسر التاء .
(ومكسورة فيما سواه) أي : فيما سوى ساكن بعد ضمة ، سواء كان بعده
كسرة أو فتحة.
__________________
فإنه لو ضم في
مثل : (أضرب) التبس بالماضي المجهول من (الإضراب) ولو فتح لالتبس بالأمر منه ، ولو
ضم في (اعلم) لالتبس بالمضارع المجهول ، ولو فتح لالتبس بالماضي الرباعي (نحو :
اقتل) مثال لما يكون بعد حرف المضارعة ضمة.
(واضرب) مثال
لما يكون بعده كسرة (واعلم) مثال لما يكون بعده فتحة.
(وإن كان
رباعيا فمفتوحة) أي : فالهمزة مفتوحة ؛ لأنها همزة أصل ردت
لارتفاع موجب حذفها ، وهو اجتماع همزتين في المتكلم الواحد لا همزة وصل (مقطوعة) لذلك بعينه.
(فعل ما لم يسم فاعله)
أي : فعل
المفعول الذي لم يذكر فاعله.
__________________
وإضافة الفاعل
إليه لأدنى ملابسة أو على حذف مضاف ، أي : فاعل فعله الواقع عليه ، ولا يبعد أن
يراد ( بالموصول الفعل الذي
لم يذكر فاعله ، ويكون إضافة الفعل إليه بيانية .
(وهو ما حذف
فاعله) وأقيم المفعول مقامه.
ولم يذكر هذا
القيد هاهنا اكتفاء بذكره فيما سبق.
(فإن كان)
الفعل الذي أريد حذف فاعله ، وإقامة المفعول مقامه (ماضيا) ، غيرت صيغته دفعا للبس
بأن (ضمّ أوله وكسر ما قبل آخره) مثل : (ضرب ودحرج، وعلم).
واختير له هذا
النوع من التغيير ؛ لأن معناه غريب ، فاختير له وزن غريب لم يوجد في الأوزان لخروج
الضمة إلى الكسرة ووزن (فعل) بالخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل ، فلا ضرورة في اختياره بعد حصول المقصود بأخف منه.
__________________
(ويضم الثالث
مع همزة الوصل) نحو : (انطلق واقتدر واستخرج) لئلا يلتبس في الدرج بالأمر من ذلك الباب.
(و) يضم (الثاني
مع التاء) مثل : (تعلّم ، وتجوهل وتدحرج) لئلا يبس بصفة مضارع (علمت
، وجاهلت ، ودحرجت).
(خوف اللبس) هذا علة لقوله (ويضم الثالث والثاني).
(ومعتل العين) أي : ما يكون عينه فقط معتلا لئلا يرد عليه مثل : (طوى، وروى) من اللفيف ،
فإنه لا يعتل عينه لئلا يفضي إلى اجتماع إعلالين في (يروي ويطوي).
قيل : الأصوب
أن يقال : معتل العين المنقلبة عينه ألفا لئلا يرد.
__________________
عليه مثل : (عور ، وصيد).
وإنما خصّ معتل العين بالذكر لزيادة غموض ، واختلاف في المبني للمفعول من ماضيه كما ذكر
وبتبعيته ذكر معتل العين في المبني للمفعول من مضارعه وإن لم يكن فيه ما ذكرنا.
(الأفصح فيه (قيل
، وبيع) أصلهما : قول وبيع نقل الكسرة من العين إلى ما قبلها بعد حذف حركته فصار (بيع وقول)
فأبدل واو (قول) ياء لسكونها وانكسارها ما قبلها فصار (قيل).
(وجاء الإشمام)
وهو فصيح في نحو : (قيل وبيع).
وفي شرح الرضي
: حقيقة هذا الإشمام أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو : الضمة فتميل الياء الساكنة
بعدها نحو : الواو قليلا ، إذ هي تابعة لحركة ما قبلها.
__________________
هذا مراد
القراء والنحاة بالإشمام في هذا الموضع.
وقال بعضهم :
الإشمام هاهنا كالإشمام حالة الوقف ، أعني : ضم الشفتين فقط مع كسر الفاء خالصا .
وهذا خلاف
المشهور عند الفريقين.
وقال بعضهم :
هو أن تأتي بضمة خالصة بعدها ياء ساكنة.
وهذا أيضا غير
مشهور عندهم.
والغرض من
الإشمام : الإيذان بأن الأصل الضم في أوائل هذه الحروف .
(و) جاء (الواو)
أيضا على ضعف فقيل : (قول ، وبوع) بالإسكان بلا نقل ، وجعل الياء واوا لسكونها وانضمام ما
قبلها.
(ومثله) أي :
مثل : باب الماضي المجهول من معتل العين من الثلاثي المجرد باب الماضي المجهول من
معتل العين من (باب) الافتعال والانفعال ، نحو : (اختير وانقيد) في مجيء اللغات
الثلاث فيه إذ (خير وقيد) فيهما مثل : (قيل وبيع) بلا تفاوت .
(دون أستخير
وأقيم) إذ ليس ذلك مثل : (قيل وبيع) لسكون ما قبل حرف العلة فيهما
في الأصل ، إذ أصلهما (أستخير وأقوم) بالياء والواو المكسورتين.
والقياس فيهما
إذا كان ما قبلهما أن تنقل حركتها إليه وتقلب العين ياء إذا كانت
__________________
ـ (
واو ، فيقال (أستخير وأقيم) لغة واحدة .
(وإن كان) أي : الفعل الذي أريد حذف فاعله وإقامة المفعول مقامه (مضارعا
ضم أوله) وهو حرف المضارعة نحو : (يضرب ، ويكرم ، ويلتزم ، ويستخرج ويتدحرج) (وفتح
ما قبل آخره) لخفة الفتحة وثقل المضارع بالزيادة.
(ومعتل العين)
المبني للمفعول (ينقلب) العين فيه (ألفا) ياء كانت أو واوا ، نحو : (يقال ،
ويباع ، ويختار ، وينقاد ، ويستجار ، ويستقام) لتحركهما حقيقة أو حكما وانفتاح ما قبلهما.
(المعتدي وغير
المتعدي والمتعدي) من الفعل (ما
يتوقف فهمه على
__________________
متعلق) أي : أمر غير الفاعل يتعلق الفعل به ، ويتوقف فهمه عليه
فإن كل فعل لا بد له من فاعل وفهمه موقوف على فهمه ، لكن
نسبة الفعل إلى الفاعل بطريق الصدور والقيام والإسناد ، فيقال : هذا الفعل صادر من
الفاعل وقائم به ومسند إليه ، ولا يقال في الإصطلاح : إنه متعلق به ، فإن التعلق نسبة الفعل إلى غير الفاعل ، فالحاصل أن فهم الفعل إن
موقوفا على فهم غير الفاعل فهو المتعدي ك : (ضرب) فإن فهمه موقوف على لقتل المضروب ، ولا يكن لقتله إلا
بعد بقتله ، بخلاف الزمان والمكان والغاية وهيئة الفاعل والمفعول ، فإن فهم
الفعل بدون هذه الأمور ممكن ، (وغير
__________________
المتعدي بخلافه) أي : بخلاف المتعدي يعني لا يتوقف فهمه على فهم أمر
غير الفاعل ك: (قعد) ، فإنه وإن كان له بكل واحد من الزمان والمكان والغاية
وهيئة الفاعل لكن فهمه مع النفلة عن هذه المتعلقات جائز ، وغير
المتعدي يصير متعديا ، إما بالهمزة نحو أذهبت زيدا ، أو بتصفيف
العين نحو فرّحت زيدا ، أو بألف المفاعلة نحو ماشيته ، أو لبسين الاستنعال نحو استخرجته ، أو
بحرف الجر نحو ذهبت بزيد ، (والمتعدي
يكون) متعديا (إلى) مفعول (واحد ك : (أعطى) وإلى اثنين ثانيهما عين الأول فيما صدق عليه (نحو علم
، وإلى) مفاعيل ثلاثة
ك : (أعلم .
__________________
وأرى ) بمعنى أعلم وهما أصلان في هذا القسم ، فإنهما كانا قبل
إدخال الهمزة متعديين إلى مفعولين فلما أدخلت عليهما الهمزة زاد مفعول آخر يقال له : المفعول الأول ، وأما الأفعال الأخر وهي (أنبأ ونبّأ وخبّر وأخبر وحدّث) فليست أصلا في التعدية إلى ثلاثة مفاعيل بل بق ٦ يتها إليها إنما
هي بواسطة اشتمالها على معنى الإعلام ، (وهذه) الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل (فعولها الأول كمفعول) باب (أعطيت) في جواز الاقتصار عليه كقولك : أعلمت زيدا ،
والاستغناء عنه كقولك أعلمت عمرا منطلقا ، (والثاني والثالث) من مفعوليها (كمفعولي علمت) في وجوب) ذكر أحدهما عند ذكر الآخر ، وجواز تركهما
معا.
__________________
(أفعال القلوب)
وتسمى أفعال الشك واليقين أيضا. وكأنهم أرادوا بالشك الظن ، وإلا فلا شيء من هذه الأفعال بمعنى الشك المقتضي
تسوي الطريفين.
وهي (ظننت ، وحسبت ، وخلت) وهذه الثلاثة للظن.
(وزعمت) وهي
تكون تارة للظن وتارة للعلم.
(تدخل) أي :
هذه الأفعال (على الجملة الاسمية لبيان ما هي) أي : تلك الجملة من حيث الإخبار بها ناشئة (عنه) من الظن والعلم كما إذا قلت : (علمت زيدا قائما) فقولك (علمت)
لبيان أن ما أنشأت هذه الجملة عنه حيث تكلمت بها ، وأخبرت بها عن قيام زيد إنما هو
العلم.
وإذا قلت : (ظننت
زيدا قائما) فقولك (ظننت) لبيان أن منشأ الإخبار بهذه الجملة هو الظن ، وكذلك
بواقي الأفعال.
__________________
(فتنصب) أي :
هذه الأفعال (الجزئيتين) أي : جزئي الجملة الاسمية المسند والمسند إليه على أنهما
مفعولان لها.
(ومن خصائصها) هي جمع خصيصة ، وهي ما يختص بالشيء ولا يوجد في غيره ،
أي ومن خصائص أفعال القلوب (أنه إذا ذكر أحدهما ذكر الآخر) فلا يقتصر على أحد مفعوليهما.
وسبب ذلك ـ مع
كونهما في الأصل مبتدأ وخبرا ، وحذف المبتدأ والخبر غير قليل ـ أن المفعولين معا
بمنزلة اسم واحد ؛ لأن مضمونهما معا هو المفعول به في الحقيقة ، فلو حذف أحدهما كان كحذف بعض أجزاء الكلمة
الواحدة ، ومع هذا فقد ورد ذلك مع القرينة على قلة .
أما حذف
المفعول الأول فكما في قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما
__________________
آتاهُمُ
اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) على قراءة (ولا يحسبن) بالياء المنقوطة من تحت بنقطتين ، أي : لا يحسبنّ هؤلاء بخلهم
هو خير لهم. فحذف (بخلهم) الذي هو المفعول الأول.
وأما حذف
الثاني فكما في قول الشاعر :
لا تخلنا على غراتك
إنّا
|
|
طالما قد وشى
بنا الأعداء
|
أي : لا تخلنا
جازعين ، فحذف (جازعين) الذي هو المفعول الثاني.
(بخلاف باب
أعطيت) فإنه يجوز فيه الاقتصار على أحدهما مطلقا ، يقال : (فلان يعطي الدنانير) من
غير ذكر المعطي له و (يعطي الفقراء) من غير ذكر المعطي.
وقد يحذفان معا كقولك (فلان يعطي ، ويكسو) إذ يستفاد من مثله فائدة
بدون المفعولين بخلاف مفعولي .
__________________
(باب علمت) فإنك لا تحذفهما نسيا منسيا. فلا تقول : (علمت وظننت) لعدم الفائدة إذ من المعلوم أن الإنسان
لا يخلو من علم وظن .
وأما مع قيام
القرينة فلا بأس بحذفهما ، نحو : (من يسمع يخل أي : يخل مسموعه صادقا.
(ومنها) أي : ومن خصائص أفعال القلوب (جواز
الإلغاء)
أي إبطال عملها
(إذا توسطت) بين مفعوليها نحو : (زيد ظننت قائم).
(أو تأخرت)
عنهما نحو : (زيد قائم ظننت).
وإنما يجوز
الإلغاء على التقديرين (لاستقلال الجزأين الصالحين ؛ لأن يكونا
__________________
مبتدأ وخبر ، أو مفعولين لها (كلاما) تاما على تقدير الإلغاء ، وجعلهما مبتدأ وخبرا ، مع ضعف عملها بالتوسط أو
التأخر.
وقد نقل
الإلغاء عند التقديم أيضا نحو : (ظننت زيد قائم) لكن الجمهور
على أنه لا يجوز .
وهذه الأفعال على تقدير إلغائها في معنى الظرف .
فمعنى (زيد
قائم ظننت) زيد قائم في ظني.
وفي قوله : (جواز
الإلغاء) إشارة إلى جواز إعمالها أيضا على تقدير التوسط والتأخر. وفي بعض الشروح أن الإعمال أولى على تقدير التوسط وفي بعضها أنهما
متساويان.
والإلغاء أولى
على تقدير التأخر.
__________________
وقد يقع
الإلغاء فيها إذا توسطت بين الفعل ومرفوعه ، نحو : (ضرب أحب زيد) وبين اسم الفاعل
ومفعوله ومعموله نحو : (لست بمكرم لحسب زيد) وبين معمولي (أن) نحو : (أن زيد أحسب
قائم) وبين سوف ومصحوبها نحو : (سوف أحسب يقوم زيد) وبين المعطوف والمعطوف عليه ،
نحو : (جاءني زيد احسب وعمرو) ولا شك أن إلغاءها في هذه الصور واجب ، فلهذا قيد جوازه المنبئ عن جواز الإعمال بقوله : (إذا توسطت) يعني
: بين مفعوليها (أو تأخرت) يعني عنهما.
وإنما خص هذا الإلغاء الخاص بالذكر مع أن مطلقه أيضا من خصائصها لشيوعه وكثرة
وقوعه.
(ومنهما) أي : ومن خصائص أفعال القلوب (أنها
تعلق وتعليقها وجوب إبطال عملها لفظا دون معنى بسبب وقوعها (قبل) معنى (الاستفهام) .
__________________
بلا واسطة كما يجيء مثاله أو بواسطة كما إذا كان قبل المضاف إلى ما فيه معنى الاستفهام نحو : (علمت غلام من أنت؟).
(و) قبل (النفي)
الداخل على معموليها (و) قبل (اللام) أي : لام الابتداء
الداخلة على معمولها.
(مثل (علمت
أزيد عندك أم عمرو) مثال للتعليق بالاستفهام ، وترك مثال أخويه بالمقايسة.
فمثال النفي (علمت
ما زيد في الدار) ومثال اللام (علمت لزيد منطلق) وإنما تعلق قبل هذه الثلاثة ؛ لأن
هذه الثلاثة تقع في صدر الجملة وضعا ، فاقتضت بقاء صورة الجملة .
__________________
وهذه الأفعال
توجب تغيرها بنصب جزئيها فوجب التوفيق باعتبار أحدهما لفظا والآخر معنى.
فمن حيث اللفظ
روعي الاستفهام والنفي ولام الابتداء ، ومن حيث المعنى روعيت هذه الأفعال.
والتعليق مأخوذ من قولهم (امرأة معلقة) أي : مفقودة الزوج ، تكون
كالشيء المعلق لا مع الزوج لفقدانه ، ولا بلا زوج لتجويزها وجوده. فلا تقدر على التزوج.
فالفعل المعلق
ممنوع من العمل لفظا عامل معنى وتقديرا ؛ لأن معنى : (علمت لزيد قائم) علمت قيام
زيد ، كما كان كذلك عند انتصاب الجزأين.
ومن ثم جاز عطف
الجملة المنصوب جزاءاها على الجملة التعليقية نحو : (علمت لزيد قائم وبكرا قاعدا).
والفرق بين
الإلغاء والتعليق من وجهين.
__________________
أحدهما : أن
الإلغاء إبطال العمل في اللفظ والمعنى والتعليق إبطال العمل في
اللفظ لا في المعنى.
(ومنها) أي :
ومن خصائص أفعال القلوب.
(أنه يجوز أن
يكون فاعلها) أي : فاعل أفعال القلوب (ومفعولها ضميرين) متصلين (لشيء واحد).
وإنما قلنا (متصلين)
لأنه إذا كان أحدهما متصلا لم يختص جواز اجتماعهما بفعل دون آخر ، نحو : (إياك ظلمت).
(مثل : علمتني
منطلقا) وعلمتك منطلقا .
__________________
ولا يجوز ذلك في سائر الأفعال فلا يقال
: (ضربتني ، وشتمتني) بل يقال (ضربت نفسي، وشتمت نفسي) وذلك ؛ لأن أصل الفاعل أن
يكون مؤثرا والمفعول به متأثرا وأصل المؤثر أن يغاير المتأثر.
فإن اتحدا معنى
كره اتفاقهما لفظا فقصد مع اتحادهما معنى تغايرهما لفظا بقدر الإمكان فمن ثم قالوا : (ضربت نفسي) ولم يقوموا : (ضربتني)
فإن الفاعل والمفعول (به) ليسا بمتغايرين بقدر الإمكان لاتفاقهما من حيث كون كل واحد منهما ضميرا متصلا بخلاف (ضربت نفسي) فإن (النفس) بإضافتها إلى ضمير
المتكلم صارت كأنها غيره ، لغلبة مغايرة المضاف للمضاف إليه ، فصار الفاعل
والمفعول فيه متغايرين بقدر الإمكان.
وأما أفعال
القلوب فإن المفعول به فيها ليس المنصوب الأول في الحقيقة ، بل مضمون الجملة فجاز اتفاقهما لفظا ؛ لأنهما ليسا في الحقيقة فاعلا ومفعولا به.
ومما أجرى مجرى
أفعال القلوب (فقدتني ، وعدمتني) لأنهما نقيضا (وجدتني) فحملا عليه حمل النقيض على
النقيض.
وكذلك أجرى (رأى)
البصرية والحلميّة على (رأى) القلبية ، فجوز فيهما ما
__________________
جوز فيه ، من كون فاعلهما ومفعولهما ضميرين لشيء واحد ، كقول الشاعر :
ولقد أراني
للرماح دريئة
|
|
من عن يميني
تارة وأمامي
|
وكقوله تعالى :
(إِنِّي أَرانِي) أَعْصِرُ خَمْراً [يوسف : ٣٦].
(ولبعضها) أي : ولبعض أفعال القلوب ما عدا (حسبت ، وخلأت ، وزعمت) (معنى آخر) قريب من معانيها الأول.
__________________
وهي : إما (العلم)
أو (الظن) بحيث يمكن أن يتوهم أنه بهذا المعنى أيضا متعد إلى مفعولين.
وإنما قيدنا
بذلك لئلا يقال : لا وجه للتخصيص بالبعض ؛ لأن لكل واحد معنى آخر.
فإن (خلت) جاء
بمعنى (صرت ذا خال) ، و (حسبت) بمعنى (صرت ذا حسب) و (زعمت) بمعنى (كفلت).
(يتعدى به) أي
: بذلك المعنى الآخر (إلى) مفعول (واحد) لا اثنين.
(فظننت : بمعنى
: اتهمت) من الظنة بمعنى التهمة.
و (ظننت زيدا)
بمعنى : اتهمته أي : أخذته مكانا لوهمي.
والوهم : نوع من العلم. ومنه قوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) [التكوير : ٢٤] أي : بمتّهم.
(وعلمت : بمعنى
عرفت) .
تقول : (علمت
زيدا) بمعنى : عرفت شخصه ، وهو العلم بنفس شيء من غير حكم عليه.
(ورأيت : بمعنى
أبصرت) ومعنى (أبصرت) قريب من معنى (علمت) بالحاسة.
__________________
ومنه قوله
تعالى : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) [الصافات : ١٠٢].
(وجدت : بمعنى
أصبت).
تقول : (وجدت
الضّالة) أي : أصبتها وعلمتها بالحاسة.
ولما كان مراده أن لها معاني أخر قريبة من معنى (العلم أو الظن)
لم يتعرض ل : (علم) بمعنى صار مشقوق الشّفة العليا.
ول : (وجدت جدة)
ووجدت موجدة ووجدت وجدا ، أي : استغنيت وغضبت وحزنه ؛ لأنها بمعنى (العلم والظن).
إنما سميت
ناقصة ؛ لأنها لا تتم بمرفوعها كالأفعال الغير الناقصة .
(ما وضع) أي :
أفعال وضعت (لتقرير الفاعل على صفة) .
__________________
أي : العمدة فيما وضعت له هذه الأفعال هو تقرير الفاعل على صفة.
ولا شك أن هذه الصفة خارجة عن ذلك التقرير الذي هو العمدة في
الموضوع له؛ لأن ذلك التقرير نسبة بين الفاعل والصفة ، فكل من طرفيها خارج عنها.
فخرج من الحد
الأفعال التامة ؛ لأنها موضوعة لصفة وتقرير الفاعل عليها فكل من الصفة والتقرير عمدة فيما وضعت له لا التقرير وحده.
وإنما جعلنا
التقرير المذكور عمدة للموضوع له في الأفعال الناقصة ، لا التامة لاشتمالها على
معان زائدة على ذلك التقرير ، كالزمان في الكل ، والانتقال والدوام والاستمرار في
بعضها.
__________________
ولو جعل الموضوع له جزئيات ذلك التقرير فيقال (صار) مثلا موضوع
لتقري الفاعل على صفة على وجه الانتقال إليه في الزمان الماضي ، وكذا كل فعل
منها ، فلا شك أن كل جئي تمام الموضوع له بالنسبة إلى ما هو موضوع له ، والصفة
خارجة عنه.
فخرج الأفعال
التامة منها ، ولا يبعد أن يجعل اللام في قوله : (لتقرير الفاعل) للغرض ، لا صلة الوضع
، ولا شك أن الغرض من وضع الأفعال الناقصة هو التقرير المذكور ، لا الصفات ، بخلاف
الأفعال التامة ، فإن الغرض من وضعها مجموعهما ، لا التقرير فحسب ، كما عرفت ،
فخرجت عن حدها ، فظهر بما ذكرنا أن هذا الحد لا يحتاج إلى قيد زائد لإخراج الأفعال التامة أصلا.
(وهي) أي :
الأفعال الناقصة (كان)
__________________
وصار ، وأصبح ، وأمسى وأضحى وظل ، وبات ، وآض ، وعاد وغدا ،
وراح ومازال ، وما أنفك ، وما فتئ بالهمزة وقيل : بالياء (وما برح ، وما دام ، ليس) ولم يذكر سيبويه منها سوى (كان ، وصار ، وما دام ، وليس)
ثم قال : وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغني عن الخبر.
والظاهر أنها
غير محصورة.
وقد تضمّن كثير من الأفعال التامة معنى الناقصة ، كما تقول : (تتم
التسعة بهذا عشرة) أي : تصير عشرة تامة و (كمل زيد عالما) أي : صار زيد عالما
كاملا.
(وقد جاء)
__________________
في قولهم (ما جاءت حاجتك) ناقصة ، ضميرها اسمها و (حاجتك) خبرها إمّا بأن
يكون (ما) نافية ، و (جاءت) بمعنى (كانت) بمعنى (كانت) وفيها ضمير لما تقدم من
الغرارة ونحوها ، أي : لم تكن هذه على قدر ما تحتاج إليه أو
استفهامية ، والضمير في (ما جاءت) يعود إليها.
وإنما أنثت
باعتبار خبرها ، كما في (من كانت أمك؟).
ومعناه : أية حاجة صارت حاجتك.
(و) جاء أيضا (قعدت)
ناقصة ، في قولهم : (أرهف شفرته حتى قعدت) أي: صارت الشفرة (كأنها حربة) ، أي : رمح قصير.
__________________
قال الأندلسي : لا يتجاوز (جاء وقعد) الموضع الذي استعملهما العرب فيه خلافا للفراء.
(تدخل) هذه
الأفعال ، وما كان نحوهن (على الجملة الاسمية) المركبة من المبتدأ والخبر (لإعطاء الخبر) أي : لأجل إعطائها الخبر (حكم
معناها) أي : معنى هذه الأفعال يعني : أثره المترتب عليه مثل : (صار
زيد غنيا) فمعنى (صار) الانتقال وحكم معناه ، أي : أثره المترتب عليه كون الخبر
منتقلا إليه ، فلما دخل على الجملة الاسمية ، أعني : (زيد غني) وأفاد معناه الذي
هو الانتقال ، أعطي الخبر وهو (غني) أثر ذلك الانتقال وهو كون الغنى منتقلا إليه.
(فترفع) هذه
الأفعال الجزء (الأول) لكونه فاعلا (وتنصب) الجزء (الثاني) لشبهه بالمفعول به في توقف الفعل عليه (مثل (كان زيد قائما) ف : (كان) .
(تكون ناقصة)
كائنة (لثبوت خبرها).
__________________
لاسمها ثبوتا (ماضيا) أي : كائنا في الزمان الماضي (دائما) من غير دلالة على عدم سابق وانقطاع لاحق نحو كان زيد فاضلا (أو
منقطعا) نحو كان زيد غنيا فافتقر (وبمعنى صار) عطف على قوله لثبوت خبرها أي كان فكون ناقصة كائنة
بمعنى صار فهو من قبل عطف أحد القسمين على الآخر لا على ما هو قسم منه كقول الشاعر
:
قفر والمطي كأنها
|
|
قطا الحزن قد كانت
فراخا بيوضها
|
أي صارت فراخا
بيوضها فإن بيوضها لم تكن فراخا .
__________________
بل صارت فراخا (ويكون فيها ضمير الشأن) هذا أيضا عطف على قوله لثبوت أي : كان تكون ناقصة
يكون فيها ضمير الشأن اسما لها والجملة واقعة بعدها خبرا مفسرا للضمير كقوله :
إذا مت كان
الناس صنفان شامت
|
|
وآخر مين بالذي
كنت أصنع
|
(وتكون تامة) عطف على قوله : تكون
ناقصة أي : كان تكون تامة تتم بالمرفوع من غير حاجة إلى المنصوب (بمعنى ثبت) ووقع كقولهم : كانت الكائنة والمقدر كائن وكقوله تتماكن فيكون (و) تكون (زائدة) وهي التي وجودها وعدمها لا يخل
__________________
بالمعنى الأصلي كقوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ
مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) [مريم : ٢٩] أي : كيف تكلم من هو في المهد حال كونه صبيا فكان زائدة لتخمين اللفظ إذ
لس المعنى على المفتي وإنما ذكر هذين القسمين مع كونهما غير ناقصة استيفاء لجميع
استعمالاتها (وصار للانتقال) أما من صفة إلى صفة نحو صار زيد عالما أو من
حقيقة إلى حقيقة نحو : صار الطين خزفا وتكون تامة بمعنى الانتقال من
مكان إلى مكان أو من ذات إلى ذات ويتعدى بإلى نحو : صار زيد إلى بلد كذا أو من بكر
إلى عمرو ويلحق بصار مثل آل ورجع واستحلا وتحول قال الله تعالى فارتد بصيرا وقال
الشاعر :
إن العداوة تسجل مودة .
وقال :
فيا لك من نعمي تحولن أبوءسا
(و (أصبح وأمسى
وأضحى) لاقتران مضمون الجملة بأوقاتها المدلول عليها
__________________
بموادها لا بصورها ، مثل : (أصبح زيد قائما) و (أمسى زيد مسرورا) و (أضحى
زيد حزينا).
فالمثال الأول
يدل على اقتران مضمون الجملة وهو (قيام زيد) بوقت الصباح وعلى هذا القياس المثالان الآخران .
(و) تكون (بمعنى
صار) نحو : (أصبح ، أو أمسى ، أو أضحى زيد غنيا).
أي : (صار)
وليس المراد : أنه صار في الصباح أو في المساء أو الضحى إلى هذه الصفة.
(وتكون تامة)
بمعنى الدخول في هذه الأوقات ، تقول : (أصبح زيد) إذا دخل في الصباح.
(وظل وبات) لاقتران مضمون الجملة بوقتيهما.
__________________
(
فإذا قلت : (ظل
زيد سائرا) فمعناه : ثبت له ذلك ف جميع نهاره ، وإذا قلت : (بات زيد سائرا) فمعناه
: ثبت له ذلك في جميع ليله.
(وبمعنى صار) نحو : (ظل زيد غنيا) و (بات عمرو فقير) أي : صار.
وقد يجيء هذان
الفعلان تامين أيضا ، نحو : (ظللت بمكان كذا و (بت مبيتا طيبا) لكن
لما كان مجيئهما تامين في غاية القلة جعله في حكم العدم ولذلك لم يذكرهما تأمين
وفصلهما عن الأفعال الثلاثة السابقة.
و (آض ، وعاد وغدا ، وراح) فهذه الأفعال الأربعة ناقصة إذا
كانت بمعنى (صار) وتامة في مثل : قولك (آض ، أو عاد زيد من سفره) أي : رجع ، وغدا إذا مشى في وقت الغداة ، وراح ، إذا مشى في وقت الرواح ، وهو ما بعد الزوال
إلى الليل.
__________________
وأسقط المصنف ذكر هذه الأفعال الأربعة
من البين في مقام التفصيل مع ذكرها في مقام الإجمال ، وكان الوجه في ذلك أنها من
الملحقات ولذالم يذكرها صاحب المفصل.
وقال صاحب
اللباب : وألحق بها (آض وعاد ، وغدا وراح) فأسقطها عن البين إشارة إلى عدم الاعتداد بها ؛ لأنها من الملحقات .
(وما زال) من
زال يزال ، لا من زال يزول فإنها تامّة.
(وما برح)
بمعناه من برح أي : زال ومنه البارحة : الليلة الماضية.
(وما فتئ) أيضا
بمعناه.
(وما انفك) أي : ما انفصل (لاستمرار خبرها) أي : خبر تلك الأفعال ،
(لفاعلها) قيل : سمي اسمها فاعلا تنبيها على أن اسمها ليس بقسم على حدة من المرفوعات كما أن خبرها قسم على
حدة من المنصوبات
(مذ قبله) أي : قبل فاعلها خبرها.
__________________
أي : من وقت يمكن أن يقبله عادة ، فمعنى (ما زال زيد أميرا)
استمرار أمارته من زمان قابليته وصلاحيته للإمارة ، أما دلالتها على الاستمرار فلأن النفي مأخوذ من معاني هذه الأفعال ، فإذا دخلت أدوات النفي عليها كانت معانيها نفي النفي ، ونفي النفي استمرار الثبوت .
واعتبار الصلاحية والقابلية معلوم عقلا .
(ويلزمها) أي :
هذه الأفعال الأربعة إذا أريد بها استمرار الثبوت
__________________
(النفي) بدخول أدواته عليها لفظا ، وهو ظاهرا وتقديرا كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا
تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتؤ .
فإنه لو لم
تدخل أدوات النفي عليها لم يلزم نفي النفي المستلزم الاستمرار المقصود منها.
(وما دام لتوقيت أمر) أي : تعيينه (بمدة ثبوت خبرها لفاعلها) بأن
جعلت تلك المدة ظرف زمان له ، وذلك لأن لفظة (ما) مصدرية ، فهي مع ما بعدها في تأويل المصدر وتقدير الزمان قبل المصادر كثير.
__________________
ـ (
وإذا قدر
الزمان قبله ، فلا بدّ هناك من حصول كلام يفيد فائدة تامة.
وإلى هذا أشار
بقوله (ومن ثم) أي : ومن أجل أنه لتوقيت أمر بمدة ثبوت خبرها لفاعلها (احتاج إلى)
وجود (كلام) مستقل بالإفادة (لأنه) حينئذ مع اسمه وخبره (ظرف) والظرف فضلة غير
مستقل بالإفادة ، مثل : (أجلس ما دام زيد جالسا) أي : أجلس مدة دوام جلوس زيد.
فما دام لم
يشفع (ما دام) ب : (أجلس) ولم يحصل من المجموع كلام لا يفيد فائدة
تامة ، بخلاف الأفعال المصدرة بحرف النفي فإنها مع أسمائها وأخبارها كلام مستقل
بالإفادة ، فلا حاجة إلى وجود كلام ورائها.
(وليس لنفي مضمون الجملة حالا) أي : زمان الحال ، مثل : ليس
زيد قائما ، أي : الآن.
وهذا هو مذهب
الجمهور.
(وقيل) هي لنفي
مضمون الجملة (مطلقا) ولذلك تقيد تارة بزمان الحال ، كما
__________________
تقول : ليس زيد قائما الآن ، وتارة بزمان الماضي ، نحو : (ليس خلق الله
مثله) وتارة بزمان المستقبل نحو قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ
يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) وهذا مذهب سيبويه .
(ويجوز تقديم
أخبارها) أي : أخبار الأفعال الناقصة (كلها على أسمائها) إذ ليس فيها إلا تقديم
المنصوب على المرفوع فيما عامله فعل .
فإن أريد بجواز التقديم نفي الضرورة عن جانبي وجوده وعدمه فينبغي
أن يفيد بمثل قولنا : ما لم يعرض ما يقتضي تقديمها عليها ، نحو : (كم كان مالك) ، أو تأخيرها عنها ، نحو : (صار عدوي صديقي).
وأن أريد به
نفي الضرورة عن جانب العدم فقط ، فينبغي أن يقيد بمثل قولنا :
__________________
(إذا لم يمنع مانع من التقديم) وحينئذ يجوز أن يكون واجبا كالمثال المذكور.
(وهي) : الأفعال الناقصة (في تقديمها) أي : تقديم أخبارها (عليها) أي : على تلك الأفعال واقعة
على (ثلاثة أقسام : قسم يجوز) تقديم أخبارها عليها (وهو من كان إلى راح) وهو أحد عشر فعلا ،
لكونها أفعالا.
وجواز تقديم المنصوب على المرفوع في الأفعال لقوتها.
__________________
(وقسم لا يجوز)
تقديم أخبارها عليها (وهو) أي : هذا القسم (ما في أوله) كلمة (ما) نافية
كانت أو مصدرية.
أما إذا كانت
نافية فلا متناع تقديم ما في حيز النفي ؛ لأنه يقتضي التصدر ، وأما إذا كانت
مصدرية فلا متناع تقديم معمول المصدر على نفس المصدر. ويخالف هذا الحكم (خلافا) ثابتا (لابن كيسان) بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه ، لا من انب
الجمهور ، كما يقتضيه باب المفاعلة لتقدمهم فكأنه لا مخالفة منهم.
وذلك الخلاف
منه (في غير ما دام) لأن أداة النفي لما دخلت على الفعل الذي معناه النفي أفادت
الثبوت ، فصار بمنزلة (كان) فلا يلزم تقديم ما في حيز النفي ، بحسب المعنى .
(وقسم مختلف فيه)
ظهر فيه الخلاف من الجمهور من بعضهم مع بعض فإن الافتعال هاهنا بمعنى التفاعل المقتضى لمشاركة أمرين في أصل
الفعل.
__________________
صريحا (وهو) أي : القسم المختلف فيه كلمة (ليس).
فالمبرد
والكوفيون وابن السراج والجرجاني : على أنه لا يجوز ، مراعاة المنفي ، إذ يمتنع
تقديم معمول النفي عليه.
والبصريون
وسيبويه والسيرافي والفارسي : على أنه يجوز ، بناء على أنه فعل
، وجواز تقديم معمول الفعل عليه.
وبين الطائفتين
في حكم هذا القسم معارضة ومجادلة.
وبهذا اندفع ما قيل : كان من الواجب على المصنف أن يجعل ما في أوله (ما)
النافية من القسم المختلف فيه ، لوقوع الخلاف فيها من ابن كيسان.
(أفعال المقاربة)
(أفعال
المقاربة)
__________________
(ما وضع) أي : فعل
وضع (لدنو الخبر) أي
: للدلالة على قرب حصوله للفاعل (رجاء) منصوب على المصدرية
بتقدير مضاف ، أي دنو
رجاء بأن يكون ذلك الدنو بحسب رجاء المتكلم ، وطمعه حصول الخبر له ، لا بجزمه به.
ف : (عسى) في
قولك : (عسى زيد أن يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد ، بسبب أنك ترجو ذلك
وتطمعه ، لا أنك جازم به.
(أو) وضع لدنو
الخبر وقرب ثبوته للفاعل (حصولا) أي : دنو حصول ، بأن يكون إخبار المتكلم بذلك
الدنو لإشراف الخبر على حصوله للفاعل.
__________________
ف : (كاد) في
قولك (كاد زيد أن يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد لجزمك بقرب حصوله.
(أو) وضع لدنو
الخبر وقرب حصوله للفاعل (أخذا فيه) أي : دنو أخ وشروع في الخبر ، بأن يكون ذلك
الدنو بسبب جزم المتكلم بشروع الفاعل في الخبر بالتصدي لما يفضى إليه.
ف : (طفق) في
قولك : (طفق زيد يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد بسبب جزم المتكلم بشروعه فيما
يفضي إليه.
(فالأول) ما
وضع لدنو الخبر رجاء (عسى).
قال سيبويه :
عسى طمع وإشفاق.
فالطمع في
المحبوب ، والإشفاق في المكروه ، نحو : (عسيت أن أموت) ومعنى الإشفاق : الخوف.
(وهو غير متصرف)
حيث لا يجيء منه مضارع ومجهول وأمر ونهي إلى غير ذلك من الأمثلة.
وإنما لم يتصرف
في (عسى) لتضمنه معنى إنشاء الطمع والرجاء ك : (لعلّ) والإنشاءات في الأغلب من معاني الحروف ، والحروف لا يتصرّف فيها.
__________________
(تقول)
على أحد استعماليه : (عسى زيد أن يخرج) وهو أن يكون بعده اسم ثم فعل مضارع مصدر ب
: (أن) الاستقبالية تقوية لمعنى الترجي ، الذي هو توقع وجود الفعل في الاستقبال .
ف : (زيد) اسم
عسى و (أن يخرج) في محل النصب بالخبرية ، أي : عسى زيد الخروج ، بتقدير مضاف ، أما في جانب الاسم نحو : (عسى حال زيد الخروج) وأما في جانب الخبر ،
أي : عسى زيد ذا الخروج ، لوجوب صدق الخبر على الاسم.
وعلى هذا (عسى)
ناقصة .
وقيل : المضارع مع (أن) مشبه بالمفعول وليس بخبر ، لعدم صدقه
على الاسم
__________________
وتقدير المضاف تكلف وذلك ؛ لأن المعنى الأصلي : قارب زيد أن يخرج أي : الخروج
ثم نقل إلى إنشاء الطمع .
فالمضارع مع (أن)
وإن لم يبق على المفعولية في صورة الإنشاء فهو مشبه بالمفعول الذي كان في صورة الخبر ، فانتصب لشبهه المفعول.
و (عسى) على
هذا تامة.
وقال الكوفيون (أن
يفعل) في محل الرفع بدلا مما قبله ، بدل الاشتمال ؛ لأن فيه إجمالا ثم تفصيلا ، وفي إبهام الشيء ثم تفسيره وقع عظيم لذلك الشيء في
النفس.
وقال الشارح
الرضي : والذي أرى أن هذا وجه قريب.
__________________
(و) تقول على
الاستعمال الآخر (عسى أن يخرج زيد) بأن يذكر مرفوع فقط ، هو ما كان منصوبا في الاستعمال الأول ، فاستغنى
عن الخبر لاشتمال الاسم على المنسوب والمنسوب إليه كما استغنى في (علمت أن زيد
قائما) عن المفعول الآخر ، أي : مقامهما فهي في هذا الاستعمال ناقصة .
وإن اقتصر على
المرفوع من غير قصر إقامته مقام المرفوع والمنصوب ، بمعنى : (قرب خروج زيد) فهي
تامة.
وهاهنا احتمال
آخر : وهو أن يكون (زيد مرفوعا بأنه اسم (عسى) وفي (يخرج) ضمير يعود إلى (زيد) و (أن يخرج) في محل النصب بأنه خبر عسى وآخر : وهو أن يجعل ذلك من باب التنازع بين (عسى) (ويخرج) في
(زيد) فإن أعمل الأول كان (زيد) اسم (عسى) و (أن يخرج) خبرا له مقدما عليه ، وإن
أعمل الثاني كان اسم (عسى) ما استكن فيه من ضمير (زيد) وخبره (أن يخرج زيد) فهي
على هذين الاحتمالين ناقصة أيضا .
__________________
(وقد يحذف (أن)
عن الفعل المضارع في الاستعمال الأول تشبيها لها ب : (كاد) فكما أن (كاد زيد يخرج) لم يذكر فيه (أن)
كذلك (عسى زيد يخرج) لا يذكر فيه (أن) كقولهم : عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون
وراءه فرج قريب
كان الأصل فيه (أن
يكون وراءه) فحذف (أن) منه دون الاستعمال الثاني لعدم مشابهة قولك : عسى أن يخرج
زيد ، بقولك كاد زيد يخرج.
(والثاني) أي :
ما وضع لدنو الخبر دنو حصول (كاد) تقول : (كاد زيد يجيء) فتخبر عن دنو الخبر لعلمك بإشرافه على الحصول للفاعل في الحال .
__________________
فاعله اسم محض ، كما هو الأصل وخبره فعل
مضارع ليدل على قرب حصول الخبر
من الحال ، باعتبار أحد معنييه من غير (أن) لدلالته
على الاستقبال المنافي للحال.
(وقد تدخل (أن)
على خبر (كاد) تشبيها له ب : (عسى) كما أنه يحذف (أن) عن خبر (عسى) تشبيها له ب : (كاد)
كقولهم :
قد كاد من طول البلى أن يمسحا
فلما كان كل
واحد منهما مشابها للآخر أعطى لكل منهما حكم الآخر من وجه.
(وإذا دخل
النفي على (كاد) فهو) أي : (كاد) (كالأفعال) أي : كسائر الأفعال في
إفادة أدوات النفي مضمونها (على) القول (الأصح) ماضيا كان أو مستقبلا (وقيل نفيه) أي نفي كاد (يكون للإثبات مطلقا) ماضيا كان أو مستقبلا.
__________________
أما في الماضي
فكقوله تعالى : (وَما كادُوا
يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] فإن المراد إثبات الفعل ؛ لأنفيه ، بدليل (فَذَبَحُوها).
وأما في
المضارع فلتخطئه الشعراء قول ذي الرمة :
إذا غير
الهجر المحبين لم يكد
|
|
رسيس الهوى
من حب مية يبرح
|
فإنه
يدل على زوال رسيس الهوى
|
ولتسليمه
بتخطئتهم وتغييره قوله : (لم يكد) بقوله (لم أجد) فلو لا كان نفي كاد للإثبات ،
لما خطأوه ، ولما غيره لتخطئتهم. وأجيب عن الأول : بأن قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) يدل على انتفاء الذبح وانتفاء القرب منه في وقت ما.
وقوله تعالى : (فَذَبَحُوها) قرينة تدل على ثبوت الذبح بعد انتفائه وانتفاء القرب
منه ، ولا تناقض بين انتفاء الشيء في وقت وثبوته في وقت آخر.
وعن الثاني :
فلتخطئة بعض الفصحاء مخطئ ذي الرمة في تسليمه تخطئتهم.
روى عن عتبة أنه قال : قدم ذو الرمة الكوفة واعترض عليه ابن شبرمة فغيره.
فقال عتبة :
حدثت أبي بذلك فقال أخطأ ابن شبرمة في إنكاره عليه ، وأخطأ ذو
__________________
الرمة حين غيره ، وإنما هو كقوله تعالى : (لَمْ يَكَدْ يَراها) وإنما هو لم يرها.
(وقيل : يكون) أي : النفي الداخل على (كاد) وما يشتق منه (في الماضي للإثبات وفي المستقبل كالأفعال) أي : كسائر الأفعال في إفادة النفي نفي
مضمونه (تمسكا في الدعوى الأولى بقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] وقد عرفت وجه التمسك ، والجواب عنه.
__________________
(و) في الدعوى
الثانية يقول ذي الرمة
:
إذا غير
الهجر المحبين لم يكد
|
|
رسيس الهوى
من حب مية يبرح
|
حين أراد
بالنفي الداخل على (يكاد) انتفاء قرب رسيس الهوى عن البراح ، أي : الزوال.
فالنفي الداخل
على (يكاد) كالنفي الداخل على سائر الأفعال وهذا مسلم لكن لا يثبت مدعاه بمجرد ذلك ما لم يثبت دعواه الأولى.
وقد عرفت وجه
القدح فيه وفي تمسكه عليها.
(والثالث) وهو
ما وضع لدنو الخبر وقرب ثبوته للفاعل دنو أخذ ، وشروع في الخبر (طفق) بمعنى : أخذ في الفعل يقال : طفق يطفق كعلم يعلم طفقا وطفوقا
وقد
__________________
جاء : طفق يطفق ، كضرب يضرب.
(وكرب) بفتح
الراء بمعنى (قرب) يقال : (كربت الشمس) إذا دنت للغروب.
(وجعل) بمعنى
طفق (وأخذ) بمعنى شرع.
(وهي) أي : هذه
الأفعال الأربعة في الاستعمال (مثل كاد) في كون خبرها المضارع بغير (أن) تقول : (طفق
زيد) أو أخذ أو كرب يفعل) و (جعل يقول : وقال الله تعالى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ) [الأعراف : ٢٢].
(وأوشك) بمعنى
أسرع عطف على طفق.
(وهي) أي :
أوشك (مثل عسى وكاد) في الاستعمال (فتارة تستعمل استعمال (عسى) على وجهيه) ، نحو : (أوشك زيد أن يجيء) و
(أوشك أن يجئ زيد) وتارة تستعمل استعمال (كاد) بدون (أن) نحو : (أوشك زيد يجيء).
(فعل التعجب)
(ما وضع لإنشاء
التعجب) وفي بعض النسخ (أفعال التعجب) وفي أكثر النسخ (فعلا
التعجب) بصيغة التثنية.
فإفراد الفعل
بالنظر إلى أن التعريف للجنس ، وجمعه بالنظر إلى كثرة إفراده ، وتثنيته بالنظر إلى نوعي صيغته.
وعلى كل تقدير
فالتعريف
__________________
للجنس المفهوم في ضمن التثنية والجمع أيضا.
فهو ما وضع ، أي : فعل وضع ؛ لأن الكلام في فقسم الأفعال ،
فلا ينتقض الحد بمثل (لله دره فارسا) و (واها له) لكن ينقض بنحو : (قاتله الله من شاعر) و (ولا شلّ عشرة).
فإنه فعل وضع ؛ لإنشاء التعجب وليس .
__________________
بمحض الدعاء إلا أن يقال : هذه الأفعال ليست موضوعة للتعجب بل استعملت لذلك
بعد الوضع.
أو المراد بما
وضع ؛ لإنشاء التعجب فحسب ، بحيث لا يستعمل في غيره.
وما ذكر من
مواد النقض فكثيرا ما تستعمل في الدعاء .
(وله) أي :
لفعل التعجب أو لما وضع ؛ لإنشاء التعجب (صيغتان) :
أحداهما : صيغة
الفعل الذي تضمنه تركيب (ما أفعله).
وأخراهما :
صيغة الفعل الذي تضمنه تركيب (أفعل به) بشرط أن يكونا في هذين التركيبين (وهما) أي
: فعلا التعجب (غير متصرفين) فلا يتغيران إلى مضارع ومجهول وتأنيث.
__________________
وفي بعض النسخ (وهي)
أي : أفعال التعجب (غير متصرفة).
(مثل : ما أحسن
زيدا) و (أحسن بزيد) ، (ولا يبنيان) أي : فعلا التعجب (إلا مما يبني منه (أفعل)
التفضيل) لمشابهتهما له من حيث أن كلا منهما للمبالغة والتأكيد وكذا لا يبنيان إلا للفاعل كأفعل التفضيل.
وقد شذ : (ما
أشهى الطعام) و (ما أمقت الكذب) .
(ويتوصل في) الفعل (الممتنع) بناء صيغتي التعجب منه من رباعي أو ثلاثي مزيد فيه أو ثلاثي مجرد
مما فيه لون أو عيب (يمثل : ما أشد استخراجه ، وأشدد باستخراجه) أي : يتوصل بناؤهما من فعل لا
يمتنع بناؤهما منه ، وجعل الممتنع مفعولا أو مجرورا بالباء.
(ولا يتصرف
فيهما) أي : في صيغتب التعجب (بتقديم) أي : بتقديم جائز فيما
__________________
عدا صيغتي التعجب ، كتقديم المفعول أو الجار والمجرور على الفعل.
(وتأخير) أي :
وتأخير جائز فيما عداهما كتأخير الفعل منهما وإنما قيدنا التقديم والتأخير بما قيدنا ليكون عدم التصرف بهما من خواص صيغتي التعجب ، فإن
المقام يقتضي بيان الأحكام الخاصة بها ، فلا يقال : (ما زيدا أحسن) ولا (بزيد أحسن)
لأنهما بعد النقل إلى التعجب جريا مجرى الأمثال فلا يتغيران كما لا تتغير الأمثال .
وقيل : عدم التصرف بالتقديم يستلزم عدم التصرف بالتأخير وبالعكس
؛ لأن تقديم الشيء يستلزم تأخير غيره وكذا تأخيره يستلزم تقديم غيره.
فلو اكتفى
بأحدهما لكفى.
وأجيب :
__________________
بأن ذكر التأخير إنما هو للتأكيد لا للتأسيس ، على أن كل واحد منهما وإن لم ينفصل عن الآخر بالوجود ، لكنه
ينفصل عنه بالقصد ، فكأنه اعتبر القصد.
(ولا) يتصرف
فيهما بإيقاع (فصل) بين العامل والمعمول ، نحو : (ما أحسن في الدار زيدا) و (أكرم
اليوم بزيد) لإجرئهما مجرى الأمثال كما سبق.
(وأجاز المازني
الفصل بالظرف) لما سمع عن العرب قولهم : (ما أحسن بالرجل أن يصدق).
وأجاز الأكثرون
الفصل بكلمة (كان) (ما كان أحسن زيدا).
ومعناه : أنه
كان له في الماضي حسن واقع دائم إلا أنه لم يتصل بزمان المتكلم ، بل كان دائما
قبله.
(وما) ابتداء) أي : مبتدأ على أن يكون المصدر بمعنى اسم المفعول ، أو
ذو ابتداء بتقدير المضاف.
__________________
وفي بعض النسخ (وما
ابتدائية) ومعناه ظاهر.
(نكرة) بمعنى (شيء)
لأن النكارة تناسب التعجب ؛ لأنه يكون فيما خفي سببه. (عند سيبويه).
(وما بعدها) أي
: ما بعد (ما) (الخبر) من باب (شر أهرّ ذا ناب) ، (وموصولة) أي : (ما) موصولة (عند الأخفش) .
(والخبر محذوف)
أي : الذي أحسن زيد أي : جعله ذا حسن شيء عظيم.
وقال الفراء : ما استفهامية ما بعدها خبرها.
قال الشارح الرضي : وهو قوي من حيث المعنى ؛ لأنه كان جهل سبب حسنه
فاستفهم عنه.
__________________
وقد يستفاد من الاستفهام معنى التعجب ،
نحو : (وَما أَدْراكَ ما
يَوْمُ الدِّينِ)
وأما : أحسن بزيد ، ف : (أفعل) صورته أمر ، ومعناه الماضي من (أفعل) صورته أمر ، ومعناه الماضي من (أفعل) بمعنى :
صار ذا فعل ، ك : (ألحم) أي : صار ذا لحم.
(وبه) أي :
مجرورة (فاعل) لهذا الفعل (عند سيبويه) والباء زائدة لازمة إلا إذا كان المتعجب
منه (أن) مع صلتها ، نحو : أحسن أن تقول أي : بأن تقول ، على ما هو قياس.
(فلا ضمير) عند
سيبويه (في أفعل) لأن الفاعل واحد ليس إلا.
(وبه) أي : مجروره
(مفعول عند الأخفش) ل : (أحسن) بمعنى (صر ذا حسن) على أن تكون همزة (افعل) للصيرورة (والباء
للتعدية) أي : لجعل اللازم متعديا.
فالمعنى : صيره
ذا حسن.
__________________
(أو) الباء (زائدة)
على أن يكون (أحسن) متعدين بنفسه ، ويكون همزة (أحسن) (للتعدية) ك : (أخرج).
(ففيه) أي : في
الفعل (ضمير) هو فاعله ، أي : أحسن أنت بزيد ، أو زيدا، أي : اجعله حسنا ، بمعنى : صفة به.
وقال الفراء
وتبعه الزمخشري : إن (أحسن) أمر لكل أحد ، بأن يجعل زيدا حسنا.
وإنما يجعله
كذلك بأن يصفه بالحسن ، فكأنه قيل : صفة بالحسن كيف شئت ، فإن فيه من جهات الحسن
كل ما يمكن أن يكون في شخص.
(أفعال المدح
والذم)
يعني الأفعال المشهورة عند النحاة بهذا اللقب .
(ما وضع) أي :
فعل وضع (لإنشاء مدح أو ذم).
فلم يكن مثل : (مدحته وذممته) منها لأنه لم يوضع للإنشاء.
__________________
(فمنها نعم ، وبئس) وهما في الأصل فعلان
على وزن (فعل) بكسر
العين ، وقد اطرد في لغة بني تميم في (فعل) إذا كان فاؤه مفتوحا وعينه حلقيا أربع
لغات :
أحداها : (فعل)
بفتح الفاء وكسر العين وهي الأصل.
والثانية : (فعل)
بفتح الفاء وإسكان العين مع فتح الفاء.
والثالثة :
إسكان العين مع كسر الفاء.
والرابع : كسر
الفاء إتباعا للعين.
والأكثر في
هذين الفعلين عند بني تميم إذا قصد بها المدح أو الذم ، كسر الفاء وإسكان العين.
قال سيبويه :
وكان عامة العرب اتفقوا على لغة بني تميم.
(وشرطهما) أي : شرط (نعم وبئس) (أن يكون الفاعل معرفا باللام) للعهد الذهني وهي لواحد غير معين ابتداء ، ويصير معينا
بذكر المخصوص بعده ، ويكون في
__________________
الكلام تفصيل بعد الإجمال ، ليكون أوقع في النفس نحو : (نعم الرجل زيد).
(أو) يكون
مضافا إلى المعرف بها) أي : باللام إما بغير واسطة نحو : (نعم صاحب الرجل زيد) أو
بواسطة نحو : (نعم فرس غلام الرجل) أو (نعم وجه فرس غلام الرجل) وهلم جرّا.
(أو) يكون (مضمرا
مميزا بنكرة منصوبة) مفردة أو مضافة إلى نكرة أو معرفة إضافة لفظية نحو : (نعم
رجلا) ، أو (ضارب رجل أو زيد) أو (حسن الوجه أنت).
(أو) مميزا (بما) بمعنى : شيء منصوب المحل على التمييز (مثل : (فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١]) أي : نعم شيئا هي.
__________________
وقال الفراء وأبو علي : هي موصولة بمعنى (الذي) فاعل لنعم ، وتكون لصلة بأجمعها في (فنعما هي) محذوفة ؛ لأن (هي) مخصوصة
أي : نعم الذي فعله هي ، أي : الصدقات.
وقال سيبويه
والكسائي : (ما) معرفة تامة بمعنى الشيء فمعنى (فَنِعِمَّا هِيَ :) نعم الشيء هي ، ف : (ما) هو الفاعل لكونه بمعنى ذي
اللام ، و (هي) مخصوصة (وبعد ذلك) الفاعل (المخصوص) بالمدح أو الذم.
وبعديته إنما هي بحسب الغالب ؛ لأنه قد يتقدم المخصوص ، فيقال :
(زيد نعم الرجل) صرح به في (المفتاح).
(وهو) أي :
المخصوص (مبتدأ ما قبله) أي : الجملة الواقعة قبله غالبا (خبره) ولم تحتج هذه الجملة الواقعة خبرا إلى ضمير المبتدأ ،
__________________
لقيام لام التعريف العهدي مقامه .
(أو خبر مبتدأ
محذوف) وهو (هو) (مثل : نعم الرجل زيد).
ف : (زيد) في
هذا المثال إمّا مبتدأ ، و (نعم الرجل) مقدما عليه خبره ، وإمّا مبتدأ محذوف على
تقدير سؤال فإنه لما قيل : (نعم الرجل) فكأنه سئل : من فقيل : زيد ، أي : هو زيد.
فعلى الوجه
الأول (نعم الرجل زيد) جملة واحدة على الوجه الثاني جملة (وشرطه) أي : شرط المخصوص يعني : شرط صحة وقوع مخصوصا (مطابقة الفاعل)
مطابقته الفاعل أو مطابقة الفاعل إياه في الجنس حقيقة ،
__________________
أو تأويلا ، وفي الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث لكونه عبارة عن
الفاعل في المعنى نحو : (نعم الرجل زيد الرجلان الزيدان) و (نعم الرجال الزيدون) و
(بئست المرأة هند) ، المرأتان الهندان) ، (بئست النساء الهندات).
ويجوز أن يقال (نعم المرأة هند) ، (بئس المرأة هند) لأنهما
لما منصرفين أشبها الحروف فلم يجب الحالق العلامة بهما.
(و) قوله تعالى
: ((بِئْسَ مَثَلُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) [الجمعة : ٥]) جواب سؤال حيث وقع المخصوص ، أعني : (الَّذِينَ كَذَّبُوا) جمعا مع إفراد الفاعل ، القوم)
(وشبهه) مما لا
يطابق الفاعل المخصوص (متأول) بتقدير : مثل : الذين كذبوا أو يجعل (الذين) صفة
للقوم وحذف المخصوص ، أي : بئس مثل : القوم المكذبين
__________________
مثلهم (وقد يحذف المخصوص إذا علم) بالقرينة (مثل) قوله تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ) [ص: ٣٠] أي أيوب ، بقرينة أن ذلك في قصته.
(و) قوله تعالى
: ((فَنِعْمَ
الْماهِدُونَ) [الذاريات : ٤٨]) أي : نحن (وساء) مثل : (بئس) في إفادة الذم والشرائط والأحكام.
(ومنها) أي :
من أفعال المدح والذم (حب) في (حبذا) وهو ـ أي : حبذا ـ مركب من : حب
الشيء ، أو : حب إذا صار محبوبا ، ومن ذا.
(وفاعله) أي : فاعل هذا الفعل (ذا ولا يتغير) أي : (حبذا) ، أو فاعله (ذا) عما هو عليه.
فلا يثنى ولا
يجمع ولا يؤنث ، إذا كان المخصوص مثنى أو جمعا أو مؤنثا لجريها مجرى الأمثال التي
لا تتغير.
فيقال (حبذا
الزيدان) و (حبذا الزيدون) و (حبذا هند).
(وبعده) أي :
بعد (حبذا) (المخصوص ، وإعرابه) أي : إعراب مخصوص
__________________
(حبذا) (كإعراب مخصوص (نعم) على الوجهين المذكورين.
(ويجوز أن يقع قبل المخصوص) أي : مخصوص (حبذا) (أو بعده) أي : بعد
مخصوصه (تمييز أو حال على وفق مخصوصه) في الإفراد والتثنية والجمع
والتأنيث والتذكير ، نحو : (حبذا رجلا زيد) و (حبذا زيد رجلا) و (حبذا راكبا زيد) و
(حبذا زيدا راكبا) و (حبذا رجلين أو راكبين الزيدان) و (حبذا الزيدين أو الراكبين)
و (حبذا امرأة هند) و (حبذا هند امرأة).
والعامل في
التمييز أو الحال ما في حبذا من الفعلية وذو الحال هو (ذا) لا (زيد) لأن (زيد) مخصوص والمخصوص
لا يجيء إلا بعد تمام المدح والركوب من تمامه ، فالراكب حال من الفاعل لا من المخصوص.
__________________
(الحرف)
(ما دل على
معنى في غيره) أي : كلمة دلت على معنى حاصل في غيرها متعقل بالنسبة إليه ، أي : لا يكون مستقلا بالمفهومية بحيث لا يصلح ؛ لأن يحكم عليه أو به ، بل لا بدله في ذلك من
انضمام أمر آخر إليه.
(ومن ثمة) أي :
لأجل أنه يدل على معنى في غيره (احتاج في جزئيته) للكلام
__________________
ركنا كان أو غيره (إلى اسم) يتعقل معناه بالنسبة إليه ، نحو : (من البصرة) (أو فعل) كذلك نحو : (قد ضرب).
(حروف الجر)
(ما وضع
للإفضاء بفعل) أي : إيصاله .
فإن معنى الإفضاء الوصول ولما عدي بالباء صار معناه
الإيصال.
(أو معناه) أي
: معنى الفعل وهو كل شيء استنبط منه معنى الفعل كاسمي الفاعل والمفعول والصفة
المشبهة والمصدر والظرف والجار والمجرور وغير ذلك.
(إلى ما يليه) سواء كان اسما صريحا ، مثل : (مررت بزيد) و (أنا مارّ
بزيد) أو كان في تأويل الاسم كقوله تعالى : (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ
الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) [التوبة : ١١٨] أي : برحبها.
__________________
وسميت هذه الحروف حروف الإضافة أيضا ؛ لأنها تضيف الفعل أو
معناه إلى ما يليه ، وحروف الجر ؛ لأنها تجر معاني الأفعال إلى ما يليه ، أو لأن
أثرها فيما يليه الجر.
(وهي) أي : حروف الجر (من ، وإلى ، وحتى ، وفي) ذكر هذه
الحروف على سبيل الحكاية ؛ لأنها ليس لها أسماء خاصة يعبر بها عنها (والباء واللام) ذكرهما باسميها لوجودهما
، وكذلك ذكر الواو والتاء والكاف بأسمائها حيث وجدت بخلاف ما بقي منها.
(ورب واوها) أي
: الواو التي تقدر بعدها (رب) وفي عدها من حروف الجر تسامح .
(واو القسم
وتاؤه وباؤه وعن وعلى والكاف ومذ ومنذ وحاشا وعدا وخلا) فالعشرة الأول لا تكون إلا
حروفا والخمسة التي تليها تكون حروفا وأسماء والثلاثة
__________________
البواقي تكون حروفا وأفعالا.
(ف : (من)
للابتداء) أي : لابتداء الغاية .
والمراد
بالغاية المسافة إطلاقا لاسم الجزء على الكل ؛ إذ لا معنى لابتداء النهاية.
وقيل : كثيرا ما يطلقون الغيبة ويريدون بها الغرض والمقصود.
فالمراد بها
الفعل ؛ لأنه غرض الفاعل ومقصوده.
وهذا الابتداء
إما من المكان نحو : (سرت من البصرة) أو من الزمان ، نحو : (صمت من يوم الجمعة).
وعلامة (من)
الابتدائية صحة إيراد (إلى) أو ما يفيد فائدتها في مقابلتها نحو : (سرت من البصرة
إلى الكوفة) ونحو : (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) لأن معنى
__________________
أعوذ به : ألتجئ إليه.
(والتبين)
بالجر عطفا على الابتداء ، أي : ويجيء (من) للتبين أيضا أي : لإظهار المقصود من أمر مبهم.
وعلامته صحة وضع الموصول في موضعه ، مثل : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ
الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠] فإنك لو قلت : (فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان) استقام
المعنى.
(والتبعيض) أي
: وقد يجئ (من) للتبعيض. وعلامته صحة وضع (بعض) مكانه نحو : (أخذت منه الدراهم) أي :
بعض الدراهم.
(وزائدة) عطف
على قوله للابتداء) فإنه مرفوع بالخبرية.
وزيادتها لا
تكون إلا (في غير) الكلام (الموجب) نحو : (ما جاءني من أحد) و (هل جاءك من أحد) و (لا تضرب من أحد) (خلافا للكوفيين والأخفش) فإنهم
يجوزون زيادتها في المجيب أيضا مستدلين بقولهم : (قد كان من مطر) فأجاب عن
__________________
استدلالهم بقوله : (وقد كان من مطر وشبهه) مما يتوهم منه زيادة (من) في الكلام
الموجب (متأول) بكونها للتبعيض أو التبيين أي : قد كان بعض مطر ، أو شيء من مطر،
أو هو وارد على الحكاية كأن قائلا قال هل كان مطر؟ فأجاب بأنه قد
كان من مطر.
(وإلى للانتهاء)
أي : لانتهاء الغاية
فهي بهذا
المعنى مقابلة ل : (من) سواء كان في المكان ، نحو : (خرجت إلى السوق) أو الزمان ،
نحو : (أَتِمُّوا الصِّيامَ
إِلَى اللَّيْلِ) أو غيرهما نحو : (قلبي إليك).
فإن قلت : المخاطب منته إليه ، باعتبار الشوق والميل.
(وبمعنى (مع)
قليلا) كقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا
أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء: ٢] أي : مع أموالكم.
(وحتى) كذلك)
أي : مثل : (إلى) في كونها لانتهاء الغاية (وبمعنى مع كثيرا)
__________________
ولم يكتف في كونها بمعنى (مع) تشبيها ب : (إلى كما اكتفى في كونها ؛
لانتهاء الغاية للتفاوت الواقع بينهما بالقلة والكثرة.
(وتختص) أي : (حتى)
(بالظاهر) أي : بالاسم الظاهر ، فلا يقال : (حتاه) كما يقال (إليه)
لأنها لو دخلت على المضمر لالتبس الضمير المجرور بالمنصوب لجواز وقوعه بعدها ، أي : بعد (حتى).
(خلافا للمبرد)
فإنه جوز دخوله على المضمر مستدلا بما وقع في بعض أشعار العرب على سبيل الندرة .
والجمهور
يحكمون بشذوذه فلا يجوزونه قياسا.
(وفي للظرفية) أي : لظرفية مدخوله لشيء حقيقة نحو : (الماء في الكوز) أو
مجازا نحو : (النحاة في الصدق).
__________________
(وبمعنى على
قليلا) كقوله تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] أي : على جذوع النخل
(والباء
للإلصاق) أي لإفادة لصوق أمر إلى مجرور الباء هذه ، كما ترى في : (مررت بزيد) فإن الباء فيه يفيد لصوق
مرورك بزيد أي : بمكان يقرب منه.
(والمصاحبة)
نحو : اشتريت الفرس بسرجه أي : مع سرجه فمعناه مصاحبة السرج واشتراكه مع الفرس في
الاشتراء ولا يلزم أن يكون السرج حال اشتراء الفرس ملصقا به
فالإلصاق يستلزم المصاحبة من غير عكس.
(والمقابلة) أي
: لإفادة وقوع مجروره في مقابلة شيء آخر نحو : (بعت هذا بذاك).
(والتعدية) أي
: جعل الفعل اللازم متعديا لتضمنه معنى التصيير ، بإدخال الباء
__________________
على فاعله ، فإن معنى (ذهب يزيد) صدور الذهاب عنه ، ومعنى (ذهبت بزيد)
صيرته ذاهبا.
والتعدية بهذا المعنى مختص بالباء ، وأما التعدية بمعنى إيصال
الفعل إلى معموله بواسطة حرف الجر ، فالحروف الجارة كلها فيها سواء ، لا اختصاص
لها بحرف دون حرف .
(والظرفية) نحو
: (جلست بالمسجد) أي : في المسجد.
(وزائدة في
الخبر في الاستفهام) ب : (هل) لا مطلقا نحو : (هل زيد بقائم؟) فلا يقال : أزيد
بقائم؟
(والنفي) بليس
، نحو : ليس زيد براكب ، وب (ما) نحو : (ما زيد براكب) فهي تزاد في الخبر في هذه الصور (قياسا وفي غيره) أي : غير الخبر الواقع في الاستفهام والنفي (سماعا)
سواء لم يكن خبرا نحو : (بحسبك زيد) ، و (كَفى بِاللهِ
شَهِيداً) [الفتح : ٢٨] و (ألقى بيده) أي : حسبك زيد ، وكفى بالله شهيدا ، وألقى يده.
__________________
أو كان خبرا
ولكن لا في الاستفهام والنفي ، نحو : حسبك بزيد.
(واللام للاختصاص) بملكية نحو : (المال لزيد) وبلا ملكية نحو : (الجل للفرس).
(والتعليل) أي
: لبيان علة شيء ذهنا نحو : (ضربت للتأديب) أو خارجا نحو : (خرجت لمخافتك) .
(وبمعنى (عن)
مع القول) نحو : (قلت لزيد إنه لم يفعل إنه لم يفعل الشر ، أي:
قلت : عنه وزائدة نحو : (رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢] أي : ردفكم.
__________________
(وبمعنى الواو
في القسم للتعجب) نحو : لله لا يؤخر الأجل .
وإنما يستعمل
في الأمور العظام فلا يقال : لله لقد طار الذباب.
(وربّ للتقليل)
أي : لإنشاء التقليل (و) لهذا وجب (لها صدر الكلام) كما أن (كم) وجب لها
صدر الكلام لكونها لإنشاء التكثير.
(مختصة بنكرة) لعدم احتياجها إلى معرفة.
(موصوفة) ليتحقق التقليل الذي هو مدلول (رب) لأنه إذا وصف الشيء صار أخص وأقل مما لم يوصف.
واشتراط كونها موصوفة إنما هو (على) المذهب (الأصح) وهذا مذهب
أبي علي ومن وافقه.
وقليل : لا يجب
ذلك.
وهذا الذي ذكره
من التقليل أصلها ، ثم يستعمل في معنى التكثير كالحقيقة وفي
__________________
التقليل كالمجاز المحتاج إلى القرينة.
(وفعلها) أي :
فعل (رب) يعني الذي تعلق به (رب) (ماض) لأنها للتقليل المحقق ، ولا يتصور ذلك إلا
في الماضي ، نحو : (رب رجل كريم لقيته) أو : (رب رجل كريم لم أفارقه) .
(محذوف) أي :
ذلك الفعل الماضي.
(غالبا) أي :
في غالب الاستعمالات ، لوجود القرائن نحو : (رب رجل كريم) أي : لقيته.
(وقد تدخل) أي
: رب) على مضمر مبهم لا مرجع له (مميز بنكرة منصوبة) على التمييز (والضمير مفرد) وان كان المميز مثنى أو
مجموعا (مذكر) وأن كان المميز مؤنثا ، نحو : (ربه رجلا أو رجلين ، أو
رجالا ، أو امرأة ، أو امرأتين ، أو نساء).
خلافا للكوفيين
في مطابقة التمييز في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، فإنهم يقولون :
(ربه رجلا ، وربهما رجلين ، وربهم رجالا وربها امرأة وربهما امرأتين ، وربهن
نساء).
__________________
(وتلحقها) أي :
(رب) (ما) الكافة أي : المانعة عن العمل (فتدخل) بعد لحوق (ما) زائدة (فتدخل) بعد
لحوق ما (على الجملة) نحو : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ
كَفَرُوا) [الحجر : ٢] وقد تكون ما زائدة فتدخل على الاسم ، وتجر نحو : ربما ضربة
بسيف صقيل بين بصرى وطعنة نجلاء.
(وواوها) أي :
واو (رب) في حكمها (تدخل على نكرة موصوفة) مثل :
وبلدة ليس
بها أنيس
|
|
إلا اليعافير
وإلا العيس
|
وهذه الواو للعطف
عند سيبويه وليست بجارة.
فإن لم تكن في
أول الكلام فكونها للعطف ظاهر ، وإن كانت في أوله فيقدر له معطوف عليه.
__________________
وعند الكوفيين
أنها حرف عطف ثم صارت قائمة مقام (رب) جارة بنفسها لصيرورتها بمعنى (رب) فلا يقدرون له معطوفا عليه ؛ لأنه ذلك تعسف.
(وواو القسم
إنما تكون عند حذف الفعل) أي : فعل القسم ، فلا يقال : (أقسمت والله)
وذلك لكثرة استعمالها في القسم فهي أكثر استعمالا من أصلها ، أعني : الباء.
(لغير السؤال)
يعني : لا تستعمل الواو في السؤال ، فلا يقال : والله أخبرني؟ كما يقال : بالله
أخبرني؟ حطا للواو عن درجة الباء.
(مختصة بالظاهر)
يعني : الواو مختصة بالاسم الظاهر ، سواء كان الاسم الظاهر اسم الله غيره فلا يقال
: وك : لأفعلن ، مثلا بل يقال : (والله ، أو رب الكعبة) وذلك الاختصاص أيضا لحط
رتبته عن رتبة الأصل ـ وهو الباء ـ بتخصيصه بأحد القسمين ، وخص الظاهر لأصالته .
__________________
(والتاء مثلها) ي : مثل : الواو في اشتراطها بحذف الفعل وكونها لغير السؤال (مختصة باسم الله) من
الأسماء الظاهرة حطا لمرتبتها عن مرتبة أصلها الذي هو الواو بتخصيصها ببعض المظهر
، وخص منه ما هو أصل في باب القسم وهو اسم الله تعالى.
(والباء أعم
منهما) أي : من الواو والتاء (في الجميع) أي : في جميع ما ذكر من حذف الفعل
وكونهما لغير السؤال والدخول على المظهر مطلقا ، أو على اسم الله خاصة فهي كما
تكون عند حذف الفعل تكون عند ذكره ، نحو : (بالله ، وأقسم بالله) وكما تكون لغير
السؤال تكون للسؤال أيضا نحو : (بالله لأفعلن) و (بالله اجلس).
وكما تدخل على
المظهر تدخل على المضمر ، نحو : (بالله لأفعلن) و (بك لأفعلنّ) وفي الدخول على
المظهر لا تختص باسم الله خاصة ، نحو : (بالرحمن لأفعلن) بخلافهما فإنهما مختصان
ببعض هذه الأمور ، كما عرفت.
فالمراد
بالجميع : جميع ما ذكر من الأمور المختصة لا الاختصاص فلا يرد
أنه لا يصح أن يقال : الباء توجد مع الاختصاص وبدونه لمكان التنافي.
__________________
(ويتلقّى) أي : يجاب (القسم) الذي لغير السؤال (باللام ، و (إن) وحرف النفي) (ما) أو (لا).
فاللام في
الموجبة الاسمية نحو : (والله لزيد قائم) والفعلية (والله لأفعلن) كذا و (إن) فيها
، أي : في الاسمية ، نحو : (والله إن زيدا لقائم).
و (ما) و (لا)
في المنفية اسمية كانت أو فعلية نحو : (والله ما زيد بقائم ، ويقوم زيد).
وقد يحذف حرف
النفي لوجود القرينة كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا
تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتؤ تذكر.
وأما قسم
السؤال فلا يتلقى إلا بما فيه من معنى الطلب ، نحو : (بالله أخبرني؟) و (بالله هل
قام زيد؟).
(و) قد (يحذف
جوابه) أي : جواب القسم (إذا اعترض) .
__________________
أي : توسط القسم بين أجزاء الجملة التي تدل على جواب القسم.
(أو تقدمه) أي
: القسم (ما يدل عليه) أي : على جوابه نحو : (زيد والله قائم) و (زيد قائم والله)
لاستغنائه عن الجواب في هاتين الصورتين لوجود ما يدل عليه.
والجملة المذكورة وإن كانت جوابا للقسم بحسب المعنى ، لكنه بحسب
اللفظ لا يسمى إلا الدال على الجواب لا الجواب ولهذا لا يجب فيها علامة جواب القسم.
(و (عن)
للمجاوزة) أي : لمجاوزة شيء وتعديته عن شيء آخر وذلك إما بزواله عن الشيء الثاني
ووصوله إلى الثالث ، نحو : (رميت السهم عن القوس على إلى الصيد) أو بالوصول وحده نحو : (أخذت عنه العلم) أو بالزوال وحده نحو : (أديت عنه الدين).
(وعلى
للاستعلاء) .
__________________
أي : لاستعلاء شيء على شيء نحو : (زيد على السطح) و (عليه دين).
(وقد يكونان أي
: عن ، وعلى (اسمين) يعلم ذلك (بدخول (من) عليهما) نحو : (من عن يميني) أي : من جانب يميني ، و (من عليه) أي : من فوقه.
(والكاف
للتشبيه) نحو : (زيد كالأسد) وزائدة نحو : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ) [الشورى : ١١] إذا التقدير : ليس مثله شيء ، على بعض الوجوه.
__________________
(وقد تكون) أي
: الكاف (اسما) بمعنى (مثل) ، نحو :
يضحكن عن المبرد المنهم
أي : عن أسنان
مثل : البرد الذائب للطافته.
(وتختص) أي :
الكاف (بالظاهر) أي : بالاسم الظاهر عند الجمهور ، فلا يقال: (كه) استغناء عنه بمثل ونحوه.
وقد تدخل في
السعة على المرفوع نحو : (ما أنا كأنت) (خلافا للمبرد) فإنه أجاز ذلك مطلقا ، نظرا
إلى ما جاء في بعض أشعارهم.
(ومذ ومنذ)
للزمان الماضي أو الحاضر فهما (للابتداء في) الزمان (الماضي) يعني : إذا أريد بهما
الزمان الماضي فالمراد أن مبدأ زمان الفعل المثبت أو المنفي هو ذلك الزمان الماضي
الذي أريد بهما لا جميعه كما إذا قلت : سافرت من البلد مذ سنة كذا ، أو ما رأيت
فلانا مذ سنة كذا ، بشرط أن تكون هذه السنة ماضية ، ألا تكون أنت فيها ، فإن معناه
حينئذ : أن مبدأ مسافر عدم رؤيتي كان هذه السنة وامتد إلى الآن.
(والظرفية) عطف
على الابتداء أي : وهما للظرفية المحضة من غير اعتبار معنى الابتداء في (الزمان
الحاضر) أي : الذي اعتبرته حاضرا وأن مضى بعضه ، يعني : إذا أريد بهما الزمان الذي
اعتبرته حاضرا ، فالمارد أن جميع زمان الفعل هو ذلك الزمان الحاضر (نحو
ما رأيته مذ شهرنا ، ومذ يومنا) أي : جميع زمان انتفاء رؤيتنا هو هذا
__________________
الشهر أو اليوم الحاضر عندنا ؛ لأنهما لم ينقضيا بعد ، ولم يمتد زمان الفعل إلى ما ورائهما
فكيف يصح اعتبارهما مبدأ زمان الفعل؟.
فالمثالان
المذكوران كلاهما للظرفية ، ويمكن أن يجعل الأول مثلا للابتداء كما يتوهم بحسب الظاهر ، لكن بتقدير مضاف ، أي : ما رأيته مذ دخول شهرنا .
(وحاشا وعدا
وخلا للاستثناء) أي : لاستثناء ما بعدها عما قبلها فإذا جررت بها ما بعدها تكون حروفا
جارة ، وبهذا الاعتبار ذكرت هاهنا ، نحو : (جاءني القوم حاشا زيد ، وعدا زيد ،
وخلا زيد) وإذا نصبت تكون أفعالا.
الحروف المشبهة بالفعل
(الحروف المشبهة
بالفعل)
__________________
وجه شبهها به ، أما لفظا فلانقسامها
كالفعل إلى الثلاثي والرباعي والخماسي ولبنائها على الفتح مثله.
وأما معنى فلان
معنييها معاني الأفعال ، مثل : أكدت ، وشبهت ، واستدركت وتمنيت وترجيت.
وكان المناسب
أن يعبر عنها بالأحرف المشبهة ، على صيغة جمع القلة ، لكونها ستة ، لكنهم لما
عبروا عن الحرف الجارة والعاطفة مثلا بصيغة جمع الكثر لم يستحسنوا تغيير الأسلوب ،
مع شيوع استعمال كل من صيغتي جمع القلة والكثرة في الأخرى ، على
أنها إذا لوحظت مع فروعها الحاصلة بتخفيف نوناتها ، ولغات (لعل) تبلغ مبلغ جمع الكثرة.
(وهي إن ، وأن
وكأن ، وليت ، ولعل) آخرهما لكونهما للإنشاء بخلاف الأربعة السابقة.
__________________
(لها) أي :
لهذه الحروف (صدر الكلام) وجوبا ليعلم من أول الأمر أنه أي قسم من أقسام الكلام ، إذ كل منها
يدل على قسم منه ، كالكلام المؤكد والمشتمل على التشبيه والاستدراك والتمني
والترجي.
(سوى أن)
المفتوحة (فهي بعكسها) أي : بعكس باقيها ، على حذف المضاف ، بأن تقتضي عدم الصدارة ؛ لأنها مع اسمها
وخبرها في تأويل المفرد ، فلا بدّ لها من التعلق بشيء آخر حتى يتم كلاما ، وحينئذ لو وقع في الصدر اشتبهت ب : (إن)
المكسورة في صورة الكتابة.
وإنما حملنا
العكس على اقتضاء عدم الصدارة لا على عدم اقتضاء الصدارة ؛ لأن مجرد الاستثناء يكفي في ذلك.
__________________
(وتلحقها)
أي : هذه الحروف (ما) الكافة
(فتلغى) أي : تعزل هذه الحروف عن العمل لمكان (ما) الكافة (على الأفصح) أي : على
أفصح اللغات ، مثل : (إنما زيد قائم).
وقد تعمل على
غير الأفصح كما وقع في بعض أشعارهم .
(وتدخل هذه
الحروف حينئذ) أي : حين إذ تلحقها (ما)
(على الأفعال)
لأن (ما) الكافة
أخرجتها عن العمل فلا يلزم أن يكون مدخولها صالحا للعمل.
(فإن) المكسورة لا تغير معنى الجملة ولا تخرجها عن كونها جملة
فإذا قلت :
__________________
(إن زيد قائم) أفدت ما أفدت بقولك : (زيد قائم) مع زيادة التأكيد (وأن)
المفتوحة (مع جملتها) أي : مع اسمها وخبرها سماها جملة باعتبار ما كانت عليه قبل دخولها عليهما (في حكم
المفرد ، ومن ثمة) أي : ومن اجل الفرق المذكور (وجب الكسر في موضع الجمل) أي : في
موضع يقتضي الجمل (و) وجب (الفتح في موضوع المفرد) أي : في موضع يقتضي المفرد.
(فكسرت إن
ابتداء) أي : في ابتداء الكلام لكونه موضع الجملة ، نحو : (إن زيدا قائم) (و)
كسرت أيضا (بعد القول) وما يشتق منه ؛ لأن مقول القول لا يكون إلا جملة
، نحو : (قال زيد : إن عمرا قائم) (و) كسرت أيضا (بعد) الاسم (الموصول) لأن صلة الموصول لا تكون إلا جملة نحو : (جاءني الذي إن
أباه قائم).
__________________
(وفتحت أن) حال
كونها مع جملتها (فاعلة نحو : (بلغني أن زيدا عالم) لوجوب كون الفاعل مفردا.
(و) حال كونها
مع جملتها (مفعولة) نحو : (كرهت أن زيدا شاعرا) لوجوب كون المفعول مفردا.
(و) حال كونها
مع جملتها (مبتدأة) نحو : (عندي أنك فاضل) ، لوجوب كون المبتدأ مفردا.
(و) حال كونها
مع جملتها (مضافا إليها) نحو : (أعجبني اشتهار أنك عالم) لوجوب كون المضاف إليه
مفردا.
(وقالوا : (لولا أنك) بفتح الهمزة بعد (لولا) الامتناعية (لأنه) أي : ما بعد (لولا)
الامتناعية (مبتدأ) وكون المبتدأ مفردا واجب نحو : (لولا أنك منطلق انطلقت) وكذلك
بعد (لولا) التتحضيضية ؛ لأنها بعد اسمها وخبرها معمول للفعل الواجب بعد
__________________
دخول (لولا) التحضيضية عليه نحو : (لولا أني معاد لك زعمت) أي لولا زعمت
أني معاد لك و (لولا أنك ضربتني) أي (لولا) صدر الضرب منك.
(و) كذلك قالوا : (لو أنك) بفتح الهمزة (لأنه) أي : ما بعد (لو)
(فاعل) لفعل محذوف والفاعل يجب أن يكون مفردا : نحو : (لو أنك قائم أي لوقع قيامك).
(فإن جاز في موضع التقدير أن أي : تقدير المفرد وتقدير الجملة (جاز الأمران) أي : الفتح والكسر في (أن) الفتح على تقدير جعل (أن) مع
اسمها وخبرها مفردا والكسر على تقدير جعلهما معا جملة (مثل (من يكرمني فاني أكرمه)
مما وقع بعد الفاء الجزائية.
فإن كان المراد
: من يكرمني فأنا أكرمه ، وجب الكسر ؛ لأنها وقعت في موضع الجملة ، وإن كان المراد : من يكرمني فجزاؤه أني أكرمه ، أو
إكرامي ثابت له ، وجب
__________________
الفتح ؛ لأنها وقعت في موضع المفرد ؛ لأنها إما مبتدأ أو خبر مبتدأ.
(و) مثل : قول
الشاعر :
إذ أنه عبد القفا واللهازم
مما وقعت بعد
إذ المفاجأة.
فيجوز فيها
الكسر على أنها مع اسمها وخبرها جملة واقعة بعد (إذا) المفاجأة والفتح على أنهما
معا مبتدأ محذوف الخبر ، أي : إذا عبوديته للقفا واللهازم ثابتة.
وتمام البيت :
وكنت أرى زيدا
كما قيل سيدا
|
|
إذا أنه عبد
القفا واللهازم
|
قوله : (أرى)
على صيغة المجهول بمعنى (أظن) و (زيدا) مفعوله الثاني و (سيدا) مفعوله الثالث و (كما
قيل) معترضة.
ومعنى كونه عبد
القفا واللهازم : أنه لئيم يخدم قفاه ولهازمه ، أي : همته أن يأكل ليعظم قفاه ولهازمه.
واللهمزتان : عظمتان ناتئتان في الحيين تحت الأذنين ، جمعهما
بإرادة ما فوق
__________________
الواحد ، أو بإرادتهما مع حواليهما تغليبا .
(وشبهة) بالجر
عطف على (إذا أنه عبد القفا ... إلخ).
أي مثل : (إذا
أنه عبد القفا) ومثل : شبهه.
وما وجد ذلك في
كثير من النسخ.
فمن جملة
أشباههم قولهم : (أول ما أقول : أني أحمد الله) فإن جعلت (ما) موصولة أو موصوفة
كان حاصل المعنى : أول مقولاتي ، تعيين الكسر ؛ لأن أول المقولات أني أحمد الله لا
المعنى الصدري.
فإن المعنى
المصدري أعني : الحمد : ، قول خاص وليس من جنس المقولات وإن جعلت (ما)
مصدرية كان حاصل المعنى : أول أقوالي تعيين الفتح ؛ لأن أول الأقوال هو المعنى
المصدري الذي هو معنى (أن) المفتوحة مع جملتها لا ما هو من جنس المقول.
(ول ذلك :) أي : لأجل أن (إن) المكسورة لا تغير معنى الجملة كان
اسمها المنصوب في محل الرفع ؛ لأنها في حكم العدم ، إذ فائدتها التأكيد فقط .
(جاز العطف على) محل (اسم إن) المكسورة من جهة أنه في محل
الرفع
__________________
سواء كانت المكسورة مكسورة (لفظا أو حكما بالرفع) بأن تكون المفتوحة في حكم المكسورة كما
إذا وقعت بعد (العلم) مثل : (إن زيدا قائم وعمرو) و (علمت أن زيدا قائما وعمرو) ف : (أن) في هذا المثال وإن كانت مفتوحة لفظا فهي مكسورة حكما، حيث تكون
مع ما عملت فيه جملة بتأويل الجملة ، فصح أن يرفع المعطوف على اسمها حملا على محله (دون (أن) المفتوحة) فإنه لم يجز العطف على محل اسمها بالرفع فإنها لما غيرت
معنى الجملة لا يصح فرض عدمها.
(ويشترط) في
العطف على اسم (إن) المكسورة بالرفع (مضي الخبر) أي ذكر خبرها قبل المعطوف (لفظا) مثل : (إن زيدا قائم وعمرو) (أو
تقديرا) مثل : (إن زيد وعمرو قائم) أي : زيد قائم وعمرو قائم ؛ لأنه لو لم يمض الخبر قبله
لا لفظا ولا تقديرا لزم اجتماع عاملين على إعراب واحد مثل : (إن زيد وعمرو ذاهبان) فإنه
__________________
لا شك بأنه (ذاهبان) خبر على كل من المعطوف والمعطوف عليه.
فمن حيث إنه
خبر عن اسم (إن) يكون العامل في رفعه (إن) ومن حيث أنه خبر المعطوف على اسمه يكون
العامل في رفعه الابتداء ، فيلزم اجتماع عاملين أعني (إن) والابتداء على رفعه وهو
باطل (خلافا
للكوفيين) فإنهم لا يشترطون في صحة هذا العطف مضي الخبر. فإن (إن) عندهم لا تعمل
إلا في الاسم ، والخبر مرفوع في الابتداء كما كان قبل دخول (إن) عليه. فلا يلزم
اجتماع عاملين على إعراب واحد.
(ولا أثر لكونه) أي : لكون اسم (إن) (مبنيا على جواز العطف على محل اسم (إن) قبل مضي الخبر عند
الجمهور ، فلا يجوز عندهم (إنك وزيد ذاهبان) كما أنه لا يجوز (إن زيدا وعمرو ذاهبان).
فإن المحذور المذكور مشترك بينهما (خلافا للمبرد والكسائي)
فإنهما يجوزان في مثل : (إنك وزيد ذاهبان) العطف على محل اسم إن بلا مضي الخبر
فإنه لما لم يظهر
__________________
عمل (إن) في اسمها بواسطة بنائه ، فكأنها لم تعمل فيه ، فلا يلزم المحذور المذكور.
(ولكن) في جواز
العطف على محل اسمه (كذلك) أي : مثل : (إن) لأنه لا يغير معنى الجملة عما كانت عليه قبل
دخوله.
فإن معناه
الاشتراك ، وهو لا ينافي المعنى الأصلي ، كما أنه لا ينافيه التأكيد ، فيجوز اعتبار محل اسمه وعطف شيء عليه بالرفع مثل : (إن) المكسورة كما تقول : (لم
يخرج زيد ولكن عمرا خارج وبكر) ولا يجوز في سائر الحروف المشبهة بالفعل العطف على
محل اسمها لعدم بقاء المعنى الأصلي فيها ، فلا يعتبر محل اسمها.
(و) أيضا (لذلك)
أي : لأجل أن (إن) المكسورة لا تغير معنى الجملة والمفتوحة تغيره (دخلت اللام)
التي هي لتأكيد معنى الجملة (مع المكسورة) التي هي أيضا لذلك التأكيد .
(دونها) أي :
دون المفتوحة ، لكونها بمعنى المفرد ، فلا يجتمع معها ما هو لتأكيد
__________________
معنى الجملة (على الخبر) متعلق ب : (دخلت) اللام مع المكسورة على الخبر ، أي : على
خبرها ، نحو :
(إن زيدا لقائم) .
(أو) دخلت (على
الاسم) أي : على اسمها (إذا فصل بينه) أي بين اسمها (وبينها) أي : بين إن نحو : إن في الدار
لزيدا (أو) دخلت (على ما) وقع (بينهما) أي : بين اسمها وخبرها ، نحو : (إن زيدا
لطعامك آكل).
وإنما خص دخول اللام بهذه الصور ؛ لأن فيما عداها يلزم توالي حرفي التأكيد والابتداء ـ اعني
ـ (إن) المكسورة واللام ـ وهم كرهوا ذلك ، واختاروا
__________________
تقديم (إنّ) دون اللام ترجيحا للعامل على ما ليس بعامل.
(و) دخول اللام
(في لكن) على
اسمها أو خبرها أو على ما بينهما (ضعيف) لأنها وان لم تغير معنى الجملة لكن لا توافق اللام مثل : (إنّ) في معناه الذي هو التأكيد.
وقد جاء مع
ضعفه في قول الشاعر :
ولكنني من حبّها لعميد
(وتخفف) (إنّ) (المكسورة)
لثقل التشديد وكثرة الاستعمال (فيلزمها) بعد
__________________
التخفيف (اللام وحينئذ يجوز إلغاؤها) أي : إبطال عملها ، وهو أحرف ، كما يجوز
إعمالها على ما هو الأصل ، ولهذا لم يذكره صريحا.
واللام على كلا
التقديرين لازم لها.
أما في الإلغاء
فللفرق بين المخففة والنافية في مثل : (إن زيد قائم) و (إن زيد
لقائم).
وأما في
الأعمال فهي لطرد الباب ، ولأن كثيرا من الأسماء لا يظهر فيه إعراب لفظي لكون
إعرابه تقديريا ، أو لكونه مبنيا .
وهذا خلاف مذهب
سيبويه وكافة النحاة ، فإنهم قالوا : عند الأعمال لا يلزمها اللام لحصول الفرق
بالعمل .
(ويجوز دخولها)
أي : دخول (إن) المخففة (على فعل من أفعال المبتدأ)
__________________
أي : من الأفعال التي هي من دواخل المبتدأ والخبر ، لا غير مثل : كان ، وظن ، وأخواتهما ؛ لأن الأصل دخولهما
عليهما ، فإذا فات ذلك اشترط ألا يفوت دخولهما على ما يقتضي المبتدأ والخبر ،
رعاية للأصل بحسب الإنسان كقوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ
لَكَبِيرَةً) [البقرة : ١٤٣] و (وَإِنْ نَظُنُّكَ
لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [الشعراء : ١٨٦].
(خلافا
للكوفيين) في التعميم ، أي : تعميم الدخول وعدم تخصيصه بدواخل المبتدأ والخبر
، لا أصل الدخول على الفعل ، فإنه متفق عليه.
فالكوفيون
خالفوا البصريين في تجويز دخولها على غير دواخلهما متمسكين ، يقول الشاعر :
بالله ربك إن قتلت
لمسلما
|
|
وجبت عليك
عقوبة المتعمد
|
وهو شاذ عند
البصريين.
(وتخفف
المفتوحة كالمكسورة) فتعمل عند التخفيف على سبيل الوجوب (في ضمير شأن مقدر) والسبب
في تقديره أن مشابهة المفتوحة بالفعل أكثر من مشابهته
__________________
المكسورة به ، كما سبق وأعمال المكسورة ، بعد تخفيفها في سعة الكلام واقع ، كقوله
تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا
لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١] وأعمال المفتوحة بعد تخفيفها لم يقع في سعة الكلام ،
ويلزم منه بحسب الظاهر ترجيح الأضعف على الأقوى وذلك غير جائز فقدروا ضمير الشأن حتى يكون اسما للمفتوحة بعد تخفيفها والجملة
المفسرة لضمير الشأن خبر لها ، فتكون عامية في المبتدأ والخبر كما كانت في الأصل.
فهي لا تزال
عاملة بخلاف المكسورة فإنها قد تكون عاملة وقد لا تكون.
والعمل في
الظاهر وأن كان أقوى من العمل في المقدر لكن دوام العمل في المقدر يقاوم العمل في
الظاهر في وقت دون وقت ، فلا يلزم ترجيح الأضعف على الأقوى.
(فتدخل) أي :
المفتحة (على الجمل) الصالحة ؛ لأن تكون مفسرة لضمير الشأن
__________________
(مطلقا) سواء كانت اسمية أو فعلية داخلا فعلها على المبتدأ والخبر أو غير
الداخل.
(وشذ إعمالها)
أي : إعمال المفتوحة المخففة (في غيره) أي : في غير الضمير الشأن ، لكنة قد حكى
بعض أهل اللغة إعمالها في المضمر وفي السعة نحو قولهم : (أظن أنك قائما) و (أحسب
أنه ذاهب).
وهذه رواية
شاذة غير معروفة.
وأما في
الضرورة فجاء في المضمر فقط.
قال الشاعر :
فلو أنك في يوم الرخاء
سألتني
|
|
فراقك لم
أبخل وأنت صديق
|
(ويلزمها أي : المفتوحة المخففة
حال كونها مقرونة (مع الفعل) أي : الفعل
__________________
المتصرف ، بخلاف غير المتصرف ، مثل : (أَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم :٣٩]، و (أَنْ عَسى أَنْ
يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) [الأعراف : ١٨٥].
(السين) نحو : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) [المزمل : ٢٠].
(أو سوف) كقول
الشاعر :
واعلم فعلم
المرء ينفعه
|
|
أن سوف يأتي
كل ما قدرا
|
(أو قد) نحو : (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا
رِسالاتِ رَبِّهِمْ) [الجن : ٢٨].
ولزوم هذه
الأمور الثلاثة للفرق بين المخففة وبين (أن) المصدرية الناصبة ، وليكون
كالعوض من النون المحذوفة.
(أو حرف النفي)
نحو : (أَفَلا يَرَوْنَ
أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) [طه : ٨٩].
وليس لزوم حرف
النفي إلا ليكون كالعوض من النون المحذوفة.
فإنه لا يحصل
بمجرده الفرق بين المخففة والمصدرية ، فإنه يجتمع مع كل منهما.
فالفارق بينهما
، إما من حيث المعنى ؛ لأنه إن عني به الاستقبال فهي المخففة وإلا فهي المصدرية.
وإما من حيث
اللفظ ؛ لأنه إن كان الفعل المنفي منصوبا فهي مصدرية وإلا فهي مخففة.
__________________
(وكأن للتشبيه)
أي : لإنشائه .
وهي حرف برأسه
على الصحيح حملا على أخواتها ، ولأن الأصل عدم التركيب ومذهب الخليل إنها مركبة من الكاف و (إن) المكسورة وأصل (كأن
زيدا الأسد) : إن زيدا كالأسد ، قدمت الكاف ليعلم إنشاء التشبيه من أول الأمر.
وفتحت الهمزة ؛
لأن الكاف في الأصل جارة ، وإن خرجت عن حكم الجارة.
والجارة إنما
تدخل على المفرد ، فراعوا الصورة ، وفتحوا الهمزة ، وإن كان المعنى على الكسر.
(وتخفف) أي :
كأن (فتلقى) عن العمل (على) الاستعمال (الأفصح) لخروجها عن المشابهة لفوات فتحة
الآخر ، كقول الشاعر :
ونحر مشرق اللون كأن ثدياه حقان
__________________
وإن أعملتها قلت : كأن ثدييه ، لكنه على
الاستعمال الغير الأفصح ، لما عرفت.
وإذا لم تعملها لفظا ففيها ضمير شأن مقدر عندهم ، كما في (إن)
المخففة.
ويجوز أن يقال : غير مقدر بعدها الضمير ، لعدم الداعي إليه كما كان في (أن) المخففة.
(ولكن) وهي عند
البصريين مفردة.
وقال الكوفيون : هي مركبة من (لا وإن) المكسورة المصدرة بالكاف
الزائدة وأصله (لا كإن) فنقلت كسرة الهمزة إلى الكاف وحذفت الهمزة.
فكلمة (لا)
تفيد أن ما بعدها ليس كما قبلها ، بل هو مخالف لها نفيا وإثباتا. وكلمة (إن) تفيد مضمون ما بعدها.
(الاستدراك)
ومعنى
الاستدراك ، رفع توهم يتولد من كلام متقدم
فإذا قلت : (جاءني
زيد) فكأنه توهم أن عمرا أيضا جاءك ، لما بينهما من الإلفة.
__________________
فرفعت ذلك التوهم بقولك : (لكن عمرا لم يجئ).
(تتوسط) أي : لكن (بين كلامين متغايرين) نفيا وإثباتا .
(معنى) أي :
تغايرا معنويا.
والضروري هو
المعنوي ولهذا اقتصر عليه .
واللفظي قد
يكون النفي صريحا نحو : (جاءني زيد لكن عمرا لم يجئ) وقد لا يكون ، نحو : (زيد حاضر لكن عمرا غائب).
(وتخفف) أي :
لكن (فتلغى) عن العمل لخروجها عن المشابهة.
وأشبهت العاطفة
لفظا ومعنى فأجريت مجراها بخلاف (إن ، وأن) المخففتين فإنه ليس لهما ما أجريتا
عليه .
وفي بعض النسخ (على
الأكثر) وكأنه إشارة إلى ما جاء عن يونس والأخفش إنه يجوز إعمالها قياسها على
أخواتها المخففة.
وقال الشارح
الرضي : ولا أعرف له شاهدا.
__________________
(ويجوز معها)
مشددة ومخففة (الواو) وهي إما لعطف الجملة على الجملة
وإما اعتراضية.
وجعل الشارح الرضي : الأخير أظهر.
(وليت للتمني)
أي : لإنشائه فتدخل على الممكن ، نحو : (ليت زيدا قائم) ، وعلى المستحيل نحو :
ألا ليت الشباب
يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب
(وأجاز الفراء
: ليت زيدا قائما) بنصب المعمولين بناء على أن (ليت) للتمني ، فكأنه قيل : أتمنى
زيدا قائما ، أي : أتمناه كائنا على صفة القيام.
فجزآن (٥)
منصوبان على المفعولية بمعنى (ليت).
__________________
وأجاز الكسائي نصب الجزء الثاني بتقدير (كأن) ومتمسكها قول الشاعر :
يا ليت أيام الصبا رواجعا
فالفراء يقول : معناه : أتمنى أيام الصبا رواجعا ، والكسائي يقول : أي
ليت أيام الصبا كانت رواجعا.
فالمحققون : على أن (رواجعا) منصوب على أنه حال من الضمير المستكن
في خبرها لمحذوف ، أي : ليت أيام الصبا لنا كائنة حال كونها راجعة.
(ولعل) للترجي) أي : لإنشاءه ولا يدخل على المستحيل.
ومعناه توقع
أمر مرجو ، أو مخوف كقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ) [البقرة : ١٨٩] و (لَعَلَّ السَّاعَةَ
قَرِيبٌ) [الشورى : ١٧].
والغالب هو
الأول. (وشذ الجر بها) أي : بكلمة (لعل) كما جاء في اللغة العقيلية.
وأنشد السيرافي
في ذلك :
وداع دعا يا من
يجيب إلى الندا
|
|
فلم يستجبه
عند ذلك مجيب
|
__________________
فقلت ادع
أخرى وارفع الصوت
|
|
دعوة لعل أبي
المغوار منك قريب
|
وأجيب عنه :
بأنه يحتمل أن يكون على سبيل الحكاية ، كذا قال المصنف في شرحه يعني : أنه وقع مجرورا في
موضع آخر ، فالشاعر حكاه على ما كان عليه أو كان اشتهر ذلك الرجل بأبي المغوار
بالياء .
فيجب أن يحكى
في الأحوال الثلاثة بالياء .
ولعل مراد المصنف ـ بما ذكر من التأويل ـ أن هذا البيت يحتمل
أن لا يكون من قبيل هذه اللغة الشاذة ، وإلا فلا حاجة إلى التأويل بعدما جزم فيه بوجود الجر بها ، وحكم بشذوذه.
__________________
(الحروف العاطفة)
(الحروف
العاطفة)
العطف في اللغة
الإمالة.
ولما كانت هذه
الحروف تميل المعطوف إلى المعطوف عليه سميت عاطفة.
(وهي : الواو ،
الفاء ، ثم ، وحتى ، وأو ، وإما) بكسر الهمزة (وأم ، ولا ، وبل ، ولكن) وعدّ بعضهم (أي) المفسرة منها ، وعند الأكثرين : إنما ما
بعدها عطف بيان لما قبلها ، كما ذهب بعض آخر إلى أن (بل) التي بعدها مفرد ، نحو : (جاءني
زيد بل عمرو) و (ما جاءني زيد بل عمرو) ليست منها ؛ لأن ما بعدها بدل غلط مما قبلها.
وبدل الغلط
بدونها غير فصيح ، وأما معها ففصيح مطرد في كلامهم ؛ لأنها موضوعة لتدارك مثل :
هذا الغلط .
(فالأربعة
__________________
الأول للجمع) أي : جمع المعطوف والمعطوف عليه في حكم واحد أعم من أن
يكون مطلقا أو مع ترتيب .
ومراد النحاة بالجمع هاهنا : أن لا يكون لأحد الشيئين أو الأشياء كما
كانت (أو) و (إما).
وليس المراد
اجتماع المعطوف والمعطوف عليه في الفعل في زمان أو مكان.
فقولك : جاءني زيد ، وعمرو ، أو فعمرو ، أو ثم عمرو ، أو حتى
عمرو ، أي : حصل الفعل من كليهما ، لا من أحدهما دون الآخر.
(فالواو) للجمع
مطلقا ، ولا ترتيب فيها).
فقوله : (لا
ترتيب فيها) بيان لإطلاقها ، أي : لا ترتيب فيها بين المعطوف والمعطوف عليه ،
بمعنى : أنه لا يفهم هذا الترتيب منها وجودا وعدما .
__________________
(والفاء
للترتيب) أي : للجمع مع الترتيب بغير مهلة (وثم) مثلها) أي : مثل : الفاء في مطلق الترتيب مقرونة (بمهلة).
(وحتى) مثلها)
أي : مثل : (ثم) في الترتيب بمهلة ، غير أن المهلة في (حتى) أقل منها في (ثم).
فهي متوسطة بين
الفاء التي لا مهلة فيها وبين (ثم) المفيدة للمهلة.
(ومعطوفها) أي
: المعطوف ب : (حتى) بحسب ما اقتضاه وضعها (جزء) قوي أو ضعيف ، من حيث إنه قوي أو ضعيف.
(من متبوعه) أي
: متبوع معطوفها.
__________________
(ليفيد)
أي : العطف بها (قوة) في المعطوف (أو ضعفا) أي : ليدل عليها حتى
يتميز الجزء بالقوة والضعف عن الكل.
فصار كأنه غيره
فصلح ؛ لأن تجعل غاية وانتهاء للفعل المتعلق بالكل ، ودل انتهاء الفعل إليه على شموله جميع أجزاء الكل ، نحو : (مات الناس حتى الأنبياء) و (قدم الحاج حتى
المشاة) والفرق بين (ثم) و (حتى) بعد اشتراكهما في الترتيب مع المهلة ، من وجهين :
أحدهما : اشتراط
كون المعطوف ب : (حتى) جزءا من متبوعه ، ولا يشترط ذلك في (ثم).
وثانيهما أن المهلة المعتبرة في (ثم) إنما هي بحسب الخارج ، نحو
: (جاءني زيد ثم عمرو) وفي (حتى) بحسب الذهن ، فإن المناسب بحسب الذهن أن يتعلق
الموت أولا بغير الأنبياء ، وأن كان موت الأنبياء بحسب الخارج في أثناء سائر الناس
وهكذا المناسب في الذهن تقدم قدوم ركبان الحاج على رجالتهم وإن كان في بعض الأوقات على عكس ذلك .
__________________
ومع هذا يصح أن
يقال : (قدم الحاج حتى المشاة) .
واعلم أن الانتهاء بالجزء الأقوى أو الأضعف ، كما يفيد عموم
الفعل جميع أجزاء الشيء كذلك الانتهاء بالملاقي للجزء الأخير يفيد ذلك العموم ،
كقولك : (نمت البارحة حتى الصباح) فإنه يفيد شمول النوم لجميع أجزاء الليلة
وكذلك استعملت (حتى)
الجارة في المعنيين جميعا ، إلا أنه لم يأت في العاطفة ما يلاقي الجزء الأخير ،
فإن أصل (حتى) أن تكون جارة لكثرة استعمالها ، فتكون العاطفة محمولة عندهم على
الجارة.
وإذا كانت
محمولة عليها لم يستعملوها في معنييها جميعا ، ليبقى للأصل على الفرع مزية.
وإنما
استعملوها في أظهر معنييها ، وهو كون مدخولها جزاءا ؛ لأن اتحاد
الأجزاء في تعلق الحكم أعرف في العقل ، وأكثر في الوجود من اتحاد المتجاورين.
__________________
وهكذا في بعض
الشروح ومن هذا ظهر وجه اختصاص معطوفها بكونه جزءا متبوعه ،
وعدم الحاجة إلى أن يقال : الجزء أعم من أن يكون حقيقة أو حكما ، ليشمل المحاور
أيضا كما وقع في بعض الحواشي .
(وأو ، وإما ،
وأم) كل من هذه الحروف الثلاثة (لأحد الأمرين) أي : للدلالة على أحد الأمرين أو
الأمور حال كون ذلك الأحد (مبهما) أي : غير معين عند المتكلم.
ولا يتوهم أن (أو)
في مثل : قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ
آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] لكل من الأمرين ؛ لأنها مستعملة لأحد الأمرين على ما هو
الأصل فيها.
والعموم مستفاد
من وقع الأحد المبهم في سياق النفي
__________________
لا من كلمة (أو) .
(وأم المتصلة لازمة لهمزة الاستفهام) أي : غير مستعملة بدونها.
(يليها) أي : يذكر بعدها بلا فاصلة (أحد المستويين) والمستوى (الآخر) يلي (الهمزة) أي : همزة
الاستفهام (بعد ثبوت أحدهما) أي : أحد المستويين عند المتكلم.
(لطلب التعيين)
من المخاطب .
(ومن ثمة) أي :
لأجل أن (أم) المتصلة يليها أحد المستويين والآخر الهمزة بعد ثبوت أحدهما لطلب
التعيين.
__________________
(لم يجز) تركيب
(أرأيت زيدا أم عمرا؟) فإن المستويين فيه (زيد وعمرو) وأحدهما وأن ولى (أم) ولكن
الآخر لم يل الهمزة.
هذا ما اختاره
المصنف.
والمنقول عن
سيبويه : إن هذا جائز حسن فصيح ، و (أزيدا رأيت أم عمرا؟) أحسن وأفصح ، وحينئذ
يكون تركيب (أرأيبت زيدا أم عمرا؟) حسنا وفصيحا وإن لم يكن أحسن وأفصح.
وفي الترجمة
الشريفة : أنه وجد بعض نسخ الكافية المقروءة على المصنف وعليه
خطه هكذا (يليها أحد المستويين والآخر الهمزة على الأفصح ، ومن ثمة ضعف : أرأيت
زيدا أم عمرا؟).
ولا يخفى أن الحكم بضعفه لتنزيله عن مرتبة الأفصحية إلى الفصيحية
غير مناسب؛ لأن ما كان حسنا فصحيا لا يعد ضعيفا.
وبالجملة فكلام المصنف هاهنا لا يخلو عن اضطراب. والحق ما نقل عن
سيبويه.
(و) أيضا (من ثمة) أي : من أجل ما ذكر بعينه (كان جوابها) أي : جواب أم المتصلة (بالتعيين)
أي : بتعيين أحد الأمرين ؛ لأن السؤال عنه (دون نعم ، أو لا) لأنهما لا يفيدان التعيين ، بخلاف (أو) و (إما) مع الهمزة ، كما إذا قلت
: (أجاءك زيد أم
__________________
عمرو؟) أو (أجاءك إما زيد وإما عمرو؟) فإنه يصح جوابهما ب : (لا) و (نعم) لأن المقصود بالسؤال أن أحدهما لا على التعيين جاءك أولا .
وقد يجاب بنفي كليهما لاحتمال الخطأ في اعتقاد المتكلم بوجود
أحدهما. فالمشار إليه ب : (ثمة) في الموضعين أمر واحد لكنه لما كان
مشتملا على شرطين لصحة وقوع (أم) المتصلة فرع عليه باعتبار كل واحد منهما
حكما آخر.
وجعلها إشارة
في كل موضع إلى شرط آخر لا يخلو عن سماحة ، ولو اقتصر على قوله : (ومن ثمة لم يجز) في
أول الكلام وعطف قوله : (كان جوابها بالتعيين) على
__________________
قوله : (لم يجز) وتعلق كل حكم بشرط على طريق اللف والنشر ، لكان أخصر وأحسن كما لا يخفى.
(و) أم (المنقطعة
ك : بل) في الإضراب عن الأول (و) مثل : (الهمزة) للشك في الثاني ، والواقع قبلها إما خبر (مثل) قولك : (إنها
لا بل أم شاء؟) أي : أن القطعة التي أراها لا بل ، وهي جملة خبرية فلما علمت أنها ليست
إبل أعرضت عن هذا الإخبار ثم شككت في أنها شاء ، أو شيء أخر ، فاستفهمت عنها بقولك
: أم شاء أي : بل أهي شاء؟ .
وإما استفهام
كما تقول : أزيد عندك أم عمرو؟ أي : بل أعمرو.
وحينئذ تقصد
الإضراب عن الاستفهام الثاني.
(وأما) قبل
المعطوف عليه لازمة مع إما) أي : غير مستعملة إلا معها يعني : إذا عطف شيء على آخر
ب : (إما) نحو : (جاءني إما زيد وإما عمرو) ليعلم من أول الأمر
__________________
أن الكلام مبيني على الشك ، (جائزة مع (أو) يعني : إذا عطف شيء على آخر ب :
(أو) يجوز أن يصدر المعطوف عليه ب : (أما) نحو : (جاءني إما زيد أو عمرو) ولكن لا
يجب نحو : (جاءني زيد أو عمرو).
وذهب بعض
النحاة إلى أن (إما) ليست من الحروف العاطفة ، وإلا لم تقع عليه قبل المعطوف عليه ، وأيضا يدخل عليها الواو العاطفة.
فلو كانت هي
أيضا للعطف يلزم إيراد عاطفين معا ، ويكون أحدهما لغوا والجواب عن الأول أن (إما)
السابقة على المعطوف عليه ليست للعطف بل للتنبيه على الشك في أول الكلام ، كما
عرفت.
وعن الثاني : أن الواو الداخلة على (إما) الثانية لعطفها على (إما)
الأولى ، و (أما) الثانية لعطف ما بعدها على ما بعد (إما) الأولى ، فلكل منهما
فائدة أخرى فلا لغو.
__________________
(ولا وبل ولكن)
هذه الحروف الثلاثة (لأحدهما معينا) أي : لنسبة الحكم إلى أحد من الأمرين المعطوف
والمعطوف عليه على التعيين. فكلمة (لا) لنفي الحكم الثابت للمعطوف عليه عن المعطوف.
فالحكم هاهنا
للمعطوف عليه لا للمعطوف ، نحو : (جاءني زيد لا عمرو) فحكم المجيء فيه لزيد لا
لعمرو.
وكلمة (بل) بعد
الإثبات لصرف الحكم عن المعطوف عليه إلى المعطوف نحو : (جاءني زيد بل عمرو)
أي : بل جاءني عمرو ، فحكم المجيء فيه للمعطوف دون المعطوف عليه على عكس (لا).
والمعطوف عليه
في حكم المسكوت غنه ، فكأنه لم يحكم عليه بشيء ، لا بالمجيء ولا بعدمه.
والإخبار الذي
وقع منه لم يكن بطريق القصد ، ولهذا صرف عنه بكلمة (بل)
__________________
وأما كلمة (بل) بعد النفي نحو : (ما جاءني زيد بل عمرو) ففيه خلاف .
فذهب بعضهم :
إلى أن كلمة (بل) لصرف الحكم المنفي من المعطوف عليه إلى المعطوف أي : بل ما جاءني
عمرو والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه.
وبعضهم : إلى
أنها تثبت الحكم المنفي عن المعطوف عليه للمعطوف ، والمعطوف عليه في حكم المسكوت
عنه أو الحكم منفي عنه.
فمعنى (ما
جاءني زيد بل عمرو) بل جاءني عمرو و (زيد) إما في حكم المسكوت عنه أو المجيء منفي
عنه.
(ولكن لازمة للنفي) أي : غير مستعملة بدونه.
فإن كانت لعطف
المفرد على المفرد فهي نقيضه (لا) فتكون لإيجاب ما انتفى عن الأول فتكون لازمة لنفي الحكم عن الأول ، نحو : (ما قام زيد لكن عمرو) أي : قام
عمرو.
وإن كانت لعطف الجملة على الجملة فهي نظيرة (بل) في مجيئها بعد النفي
والإثبات.
__________________
فبعد النفي
لإثبات ما بعدها وبعد الإثبات لنفي ما بعدها نحو : (جاءني زيد لكن عمرو وقد جاء)
فعلى كل تقدير غير مستعملة بدون النفي.
(حروف التنبيه)
(ألا ، وأما ، وها)
يصدر بها الجمل كلها حتى لا يغفل المخاطب عن شيء مما يلقى المتكلم إليه.
ولهذا سميت
حروف التنبيه ، نحو : (ألا زيد قائم ، وها زيد قائم).
__________________
وتدخل (ها) خاصة من المفردات
على أسماء الإشارة حتى لا يغفل المخاطب عن الإشارة التي لا يتعين معنييها
إلا بها ، نحو : هذا ، وهاتا ، وهذان ، وهاتان ، وهؤلاء.
(حروف النداء)
(يا أعمها)
استعمالا ؛ لأنها تستعمل لنداء القريب والبعيد ، (وأيا) و (هيا) للبعيد ، و (أي) بفتح الهمزة وسكون الياء ، (والهمزة للقريب)
وكأنه أراد بالقريب ما عدا البعيد ، فيدخل فيه المتوسط أيضا.
فإن القريب
ينقسم إلى قريب متصف بأصل القرب من غير زيادة ، وله كلمة (أي) وإلى : أقرب متصف
بزيادة القرب ، وله الهمزة بخلاف البعيد ، فإنه لم يذكر له مرتبتان.
فالقريب
بالمعنى المقابل للأقرب هو المتوسط بين كمال البعد وكمال القرب.
(حروف الإيجاب)
(نعم ، وبلى ، وأي) بكسر الهمزة وسكون الياء.
__________________
(وأجل ، وجير ،
وإن) بكسر الهمزة وفتح النون المشددة.
ومن بيان معاني
تلك الحروف يتبين وجه تسميتها بحروف الإيجاب.
(ف : نعم مقررة
لما سبقها) أي : محققة لمضمونه استفهاما كان ، أو خبرا.
فهي في جواب :
أقام زيد؟ بمعنى : قام زيد ، وفي جواب : ألم يقم زيد؟ بمعنى : لم يقم زيد.
و (بلى) في
جواب : ألم يقم زيد؟ بمعنى : قام زيد.
فمعنى (بلى) في
جواب : (ألست بربكم) أنت ربنا.
ولو قيل في موضع (بلى) هاهنا : (نعم) لكان كفرا.
فإن معناه
حينئذ : لست بربنا .
وقيل : يجوز
استعمال (نعم) هاهنا بجعلها
__________________
تصديقا للإثبات المستفاد من إنكار النفي .
وقد اشتهر هذا
في العرف.
فلو قال أحد : يا زيد أليس لي عليك ألف درهم ، وقال زيد :
نعم ، يكون إقرارا ويقوم مقام (بلى) لتقرير الإثبات بعد النفي.
(وبلى) مختصة
بإيجاب النفي) يعني : تنقض النفي المتقدم وتجعله إيجابا سواء كان ذلك النفي مجردا
عن الاستفهام نحو : بلى ، في جواب من قال : (ما قام زيد) أي : قد قام ، أو مقرونا به.
فهي إذن لنقض
النفي الذي بعد ذلك الاستفهام ، كقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢] أي : بلى أنت ربنا.
وقد جاء على
سبيل الشذوذ لتصديق الإيجاب ، كما تقول في جواب : أقام زيد؟ بلى قام زيد.
و (أي) إثبات
بعد الاستفهام ، ولا شك في غلبة استعمالها مسبوقة بالاستفهام.
وذكر بعضهم :
أنها تجيء لتصديق الخبر أيضا.
__________________
وذكر ابن مالك : أن (أي) بمعنى (نعم) وهذا مخالف لما ذكره المصنف.
(ويلزمها القسم)
أي : لا تستعمل إلا مع القسم من غير ذكر فعل القسم. فلا يقال : أي أقسمت والله.
ولا يكون
المقسم به إلا الرب والله ولعمري.
تقول : إي
والله ، وإي وربي ، وإي ولعمري.
(وأجل ، وجير) بالكسر والفتح (و (إن) تصديق للمخبر).
وفي بعض النسخ
: (تصديق للخبر) كقولك : أجل وجير وإن للمخبر : قد أتاك زيد ، أو لم يأتك ، أي :
قد أتى ، أو لم يأت.
وجاء (إن)
لتصديق الدعاء أيضا ، نحو قول ابن الزبير رضياللهعنهما لمن قال (لعن الله ناقة حملتني إليك : إن وراكبها) أي :
لعن الله تلك الناقة واركبها.
__________________
وجاء بعد
الاستفهام أيضا في قول الشاعر :
ليت شعري هل
للمحب شفاء
|
|
من جوى حبهن إن
اللقاء
|
أي : نعم
اللقاء شفاء للمحب.
فمجيئها في
هذين الموضعين خلاف ما ذكره المصنف من كونها تصديقا للمخبر .
(حروف الزيادة)
وإنما سميت هذه
الحروف زوائد ؛ لأنها قد تقع زائدة ، لا أنها لا تقع إلا زائدة.
ومعنى كونها
زائدة : أن أصل المعنى بدونها لا يختل ، لا أنها لا فائدة لها أصلا.
فإن لها فوائد
في كلام العرب ، إما معنوية وإما لفظية.
فالمعنوية :
تأكيد المعنى كما في (من) الاستغراقية ، والباء في خبر (ما) و (ليس).
وأما الفائدة
اللفظية : فهي تزيين اللفظ وكونه بزيادتها أفصح ، أو كون الكلمة أو الكلام بسببها
مهيئا لاستقامة وزن الشعر ، أو لحسن السجع ، أو لغير ذلك.
__________________
ولا يجوز خلوها
من الفائدتين معا ، وإلا لعدت عبثا ، ولا يجوز ذلك في كلام الفصحاء ، ولا سيما في
كلام الباري سبحانه وتعالى.
(إن ، وأن) مخففتين (ما ، ولا ، ومن ، والباء ، واللام).
ف : (إن) بكسر
الهمزة وسكون النون تزاد (مع (ما) النافية) كثيرا لتأكيد النفي نحو : (ما إن رأيت زيد) أي : ما
رأيت زيدا.
(و) قلت) أي :
زيادة (إن) (مع ما المصدرية) نحو : انتظرني ما إن جلس القاضي ، أي : مدة جلوسه.
(و) قلت :
زيادتها أيضا مع (لما) نحو : (لما إن قام زيد قمت).
(وأن) بفتح
الهمزة وسكون النون تزاد (مع لما) كثيرا نحو : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ
الْبَشِيرُ).
(و) تزاد (بين
لو والقسم) المتقدم عليه نحو : (والله أن لو أقم زيد قمت).
(وقلت) زيادتها
(مع الكاف) نحو :
__________________
كأن ظبية تعطو إلى ناضر السلم
على تقدير رواية (ظبية) بالجر.
(و (ما) تزاد (مع
(إذا) نحو : (إذا ما تخرج أخرج) بمعنى : إذا تخرج أخرج (و) مع (متى) (متى ما تذهب
أذهب).
(و) مع (أي)
نحو : (أَيًّا ما تَدْعُوا
فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠].
(و) مع (أين)
نحو : (أينما تجلس أجلس) (و) مع (إن) نحو : إما (تَرَيِنَّ مِنَ
الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : ٢٦].
حال كون تلك
المذكورات مع (ما) (شرطا) أي : أدوات شرط.
__________________
(و) مع (بعض
حروف الجر) نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ
اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران: ١٥٩] ، و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ
أُغْرِقُوا) [نوح : ٢٥] و (عما قليل) ، وزيد صديقي كما أن عمرا أخي.
(وقلت) زيادة (ما)
(مع المضاف) نحو : (غضبت من غير ما جرم) و (أَيَّمَا
الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) [القصص : ٢٨].
وقيل (ما) فيها
كلها نكرة والمجرور بعدها بدل منها.
(ولا) أي :
كلمة (لا) تزاد (مع الواو) العاطفة (بعد النفي) لفظا نحو : (ما جاءني زيد ولا عمرو)
أو معنى ، نحو : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧].
(و) تزاد (بعد
أن المصدرية) نحو قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا
تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)[الأعراف : ١٢] أي : إن تسجد.
(وقلت) زيادة (لا
قبل أقسم) نحو : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ
الْقِيامَةِ)[القيامة:١]
، و (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد : ١].
والسر في
زيادتها التنبيه على جلاء القضية ، بحيث تستغني عن القسم فتبرز لذلك في صورة نفي
القسم.
(وشذت) زيادتها
(مع المضاف) كقوله :
__________________
في بئر لا حور سرى وما شعر
أي : في بئر
حور
والحور :
المهلكة جمع حائر أي : هالك من حار أي : هلك.
(ومن ، والباء
، واللام تقدم ذكرها) مشتملا على ذكر مواضع زيادتها ، فلا حاجة إلى تكرارها.
(أي) فهي تفسر
كل مبهم من المفرد ، نحو : (جاءني زيد أي : أبو عبد الله) والجملة كما تقول : (قطع
رزقه ، أي : مات).
(وأن) وهي ، أي
: أن (مختصة بما في معنى القول) أي : بفعل متقرر في معنى
__________________
القول تقرر المظروف في الظرف ، غير منفك عنه فلا تقع بعد صريح القول ، ولا بعد ما ليس في معنى القول.
فهي لا تفسر في الأكثر إلا مفعولا مقدرا للفظ غير صريح
القول مؤدّ معناه نحو قوله تعالى : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا
إِبْراهِيمُ) [الصافات : ١٠٤] فقوله : (أَنْ يا إِبْراهِيمُ) تفسير لمفعول (نادَيْناهُ) المقدر ، أي : ناديناه بلفظ هو قولنا : (يا إِبْراهِيمُ) وكذلك قولك : (كتبت إليه أن ائت) أي : كتبت إليه شيئا
هو (ائت).
ف : (إن) حرف
دال على أن (ائت) تفسير للمفعول به المقدر ك : (كتبت) وقوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ
إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) [المائدة : ١١٧].
فقوله : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) تفسير للضمير في (به) وفي (أمرت) معنى القول ، وليس
تفسيرا لما في قوله : (ما أمرتني) لأنه مفعول لصريح القول.
__________________
وقد يفسر بها المفعول به الظاهر كقوله تعالى : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى
أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) [طه : ٣٨ ـ ٣٩].
فقوله : (أَنِ اقْذِفِيهِ) تفسير ك : (ما يُوحى) الذي هو المفعول الظاهر ل : (أَوْحَيْنا).
(حرف المصدر)
(ما ، وأن)
المفتوحة المخففة (وأن) المشددة.
(فالأولان) أي
: (ما ، وأن) المفتوحة المخففة (للفعلية) أي : للجملة الفعلية ، أي : تدخلان على
الجملة الفعلية ، فتجعلانها في تأويل المصدر نحو قوله تعالى : (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما
رَحُبَتْ) [التوبة : ١١٨] أي : برحبها ، بضم الراء ، وهو السعة ، ونحو قولك : (أعجبني أن خرجت)
أي : خروجك. واختصاص (ما) المصدرية بالفعلية إنما هو عند سيبويه وجوز غيره بعدها الاسمية.
قال الشارح
الرضي : هو الحق وإن كان قليلا ، كما وقع في نهج البلاغة : ابقوا في الدنيا ما الدنيا
باقية.
(وإن) المفتوحة
المشددة (للاسمية) أي : للجملة الاسمية خاصة إلا إذا كفت ب : (ما) فيجوز بعدها
الاسمية والفعلية.
ومعنى كونها
للاسمية أنها تعمل في جزئيها وتجعلها في تأويل المفرد الذي هو
__________________
مصدر خبرها ، نحو : (أعجبني أنك قائم) أي : قيامك أو ما في معناه نحو : (أعجبني أن زيدا أخوك) أي : أخوة زيد ، فإن تعذر قدرت الكون ، نحو : (أعجبني أن هذا زيد) أي : كونه
زيدا.
(حروف التحضيض)
(هلا ، وإلا)
مشددتين (لولا ، ولوما لها صدر الكلام) لدلالتها على أحد أنواع الكلام.
فتصدر لتدل من
أول الأمر على أن الكلام من ذلك النوع .
(ويلزمها الفعل)
وفي بعض النسخ (وتلزم الفعل) (لفظا) نحو : (هلا ضربت زيدا) و (هلا تضرب زيدا) (أو تقديرا) نحو : (هلا زيدا
ضربته) و (هلا زيدا تضربه).
فمعناها إذا دخلت على الماضي التوبيخ واللوم على ترك الفعل ،
ومعناها في
__________________
المضارع الحض على الفعل والطلب له.
فهي في المضارع
بمعنى الأمر.
ولا يكون
التحضيض في الماضي الذي قد فات إلا أنها تستعمل كثيرا في لوم المخاطب على أنه ترك في الماضي
شيئا يمكن تداركه في المستقبل ، فكأنها من حيث المعنى للتحضيض على فعل مثل : ما فات.
(حرف التوقع والتقريب)
(قد) يسمى بهما
لمجيئه لهما.
فإن هذا الحرف
إذا دخل على الماضي أو المضارع ، فلا بدّ فيها من معنى
__________________
التحقيق ثم إنه يضاف في بقض المواضع إلى هذا المعنى في الماضي التقريب من
الحال مع التوقع ، أي : يكون مصدره متوقعا للمخاطب واقعا عن قريب ، كما تقول لمن يتوقع ركوب الأمير : (قد ركب
الأمير) أي : حصل عن قريب ما كنت تتوقعه.
ومنه قول المؤذن : (قد قامت الصلاة).
ففيها إذن
ثلاثة معان مجتمعة ، التحقيق والتوقع والتقريب.
وقد يكون مع
التحقيق التقريب من غير توقع ، كما تقول : (قد ركب زيد) لمن لم يتوقع ركوبه.
(و) هي (في
المضارع) المجرد من ناصب وجازم وحرف تنفيس.
(للتقليل) أي :
يضاف إلى التحقيق في الأغلب التقليل ، نحو : (إن الكذوب قد يصدق).
وقد تستعمل للتحقيق مجردا عن المعنى التقليل نحو : (قد نرى تقلب
وجهك في السماء) ويجوز الفصل بينها وبين الفعل بالقسم ، نحو : (قد والله أحسنت) و (قد
لعمري بت ساهرا).
__________________
ـ أي : وكأن قد زالتا. (
(حرفا الاستفهام)
(الهمزة وهل لهما صدر الكلام) لا يتقدمهما ما في حيزهما ، لدلالتهما
على أحد أنواع الكلام كما مر.
وتدخلان على
الاسمية والفعلية.
(تقول) في
الاسمية : (أزيد قائم؟) و) في الفعلية (أقام زيد؟) وكذلك (هل) تقول فيهما : (هل
زيد قائم؟) و (هل قام زيد؟) إلا أن الهمزة تدخل على كل اسمية ، سواء كان الخبر
فيها اسما أو فعلا ، بخلاف (هل) فإنها لا تدخل على اسمية أو خبرها فعل ، نحو : (هل
زيد قام؟) إلا على الشذوذ وذلك ؛ لأن أصلها أن تكون بمعنى (قد) كما
جاءت على الأصل ، في قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى
الْإِنْسانِ) أي : قد أتى فلما كان أصلها (قد) وهي من لوازم الأفعال
فإن رأت فعلا في حيزها تذكرت عهودا بالحمى وحنت إلى الألف المألوف وعانقته ، وإن لم تره في
حيزها تسلت عنه ذاهلة.
(والهمزة أعم تصرفا)
أي : التصرف فيها باعتبار استعمالها في مواضع استعمالاتها أكثر من
التصرف في (هل).
__________________
(تقول (أزيدا
ضربت؟) بإدخال الهمزة على الاسم مع وجود الفعل بخلاف (هل زيدا ضربت؟) لما عرفت.
(و) تقول : (أتضرب
زيدا وهو أخوك؟) باستعمال الهمزة لإثبات ما دخلت عليه على وجه الإنكار دون (هل تضرب زيدا؟) لأن المستفهم عنه في مثل :
هذا الموضع محذوف بالحقيقة ؛ لأنه أصله أترضى بضربك زيدا؟ وهو غير مستحسن منك ، و (هل) ضعيفة في الاستفهام ، فلا يحذف فعلها ،
بخلاف الهمزة فإنها قوية فيه.
(و) تقول : (أزيد
عندك أم عمرو؟) ونجعل الهمزة معادلة ل : (أم) المتصلة فإنه لما قصد الاستفهام عن
أحد الأمرين تعدد المستفهم عنه.
فاستعمال
الهمزة التي هي الأصل في باب الاستفهام والأقوى فيه أنسب وأليق.
__________________
وتقع (هل) مع (أم) المنقطعة ؛ لأن
المستفهم عنه في صورة (أم) المنقطعة لم يتعدد ؛ لأنها للإضراب عن السؤال الأول
واستئناف سؤال آخر ب : (أم) المقدرة بالهمزة.
فإن قولك : (هل
زيد عندك أم عمرو؟) في تقدير (بل عندك عمرو).
(و) تقول : (أثم
إذا وقع ، وأ فمن كان ، وأ ومن كان) بإدخال الهمزة على (ثم ، والفاء ، والواو) من الحروف العاطفة ، (دون (هل)
لكونها فرع الهمزة فلا تتصرف تصرفها.
(حروف الشرط)
(إن ، ولو ،
وأما) لها صدر الكلام) لما مر .
ف : (إن)
للاستقبال وإن دخل على الماضي ، ولو عكسه) يعني : (لو) للماضي ، وإن دخل على
المستقبل.
وفي بعض النسخ
: فإن للاستقبال ولو للماضي.
ومعناه : أن إن
للاستقبال ولو للماضي نحو : (إن تكرمني أكرمك) و (إن أكرمتني أكرمتك).
__________________
فمعنى المثال
الثاني يعنيه معنى المثال الأول يعني : إن وقع منك إكرامي في الاستقبال وقع أيضا
إكرامك فيه.
وكذلك لو
للماضي على أيهما دخلت نحو : (لو ضربت ضربت) و (لو تضرب أضرب) بمعنى واحد ، أي :
لو وقع منك ضربي في الماضي فقد وقع مني ضربك أيضا فيه.
وقد تستعمل لو
ك : (إن) في المستقبل نحو قوله تعالى : (وَلَأَمَةٌ
مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ).
واعلم أن المشهور أن لو لانتفاء الثاني لانتفاء الأول ، وهذا
لازم معناها فإنها
__________________
موضوعة لتعليق حصول أمر في الماضي بحصول أمر آخر مقدر نية ، وما كان حصوله مقدرا في
الماضي كان منتفيا فيه قطعا.
فيلزم لأجل انتفائه انتفاء ما علق به أيضا.
فإذا قلت :
مثلا : (لو جئتني لأكرمتك) فقد علقت حصول الإكرام في الماضي بحصول مجئ مقدر فيه ، فيلزم
انتفاؤهما معا وكون انتفاء الإكرام مسببا ؛ لانتفاء المجيء في زعم المتكلم.
واستعمال لو
بهذا المعنى هو الكثير المتعارف ، وقد تستعمل على قصد لزوم الثاني للأول مع انتفاء اللازم ، ليستدل
به على انتفاء الملزوم كقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما
آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢].
فإن لو هاهنا
تدل على لزوم الفساد لتعدد الإلهة وعلى أن الفساد منتف ، فيعلم من
__________________
ذلك انتفاء التعدد. ومن هذا الاستعمال توهم المصنف أن (لو) لانتفاء الأول ؛ لانتفاء الثاني ، وخطأ عكسه المشهور ، ولم يدر أن ما ذكره معنى يقصد إليه في مقام الاستدلال
بانتفاء اللازم المعلوم على انتفاء اللازم المجهول ، وأن المعنى المشهور بيان
سببية أحد الانتفائين المعلومين للأخر بحسب الواقع ، فلا يتصور هناك استدلال.
فإنك إذا قلت :
(لو جئتني لأكرمتك) لم تقصد أن تعلم المخاطب انتفاء المجيء من انتفاء الإكرام كيف!
وكلا
الانتفائين معلوم له بل قصدت إعلامه بأن انتفاء الإكرام مستند إلى انتفاء المجيء.
وله استعمال
ثالث ، هو أن يقصد بيان استمرار شيء فيرتبط بأبعد النقيضين عنه كقولك : (لو أهانني لأكرمته) لبيان
استمرار وجود الإكرام ، فإنه إذا استلزم الإهانة الإكرام فكيف يستلزم الإكرام
الإكرام !.
(وتلزمان) أي : (إن ، لو) (للفعل لفظا) كما مر في الأمثلة.
__________________
(أو تقديرا)
نحو قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦] و (لَوْ أَنْتُمْ
تَمْلِكُونَ) [الإسراء : ١٠٠] أي : وإن استجارك أحد ، ولو تملكون أنتم ، فأحد وأنتم مرفوعان بأنهما فاعلين لفعلين محذوفين
يفسرهما الظاهر ، أما (أحد) فظاهر ، وأما (أنتم) فلأنه كان ضميرا مستترا متصلا ، فلما حذف الفعل صار منفصلا بارزا وليس لتأكيد لفاعل الفعل المحذوف ؛ لأن حذف الفعل والفاعل أبعد من
حذف الفعل وحده.
(ومن ثمة) أي :
ومن أجل لزوم الفعل بعدهما (قيل) بعد (لو) المحذوف فعلها : (أنك) بالفتح (لا
بالكسر) (لأنه) أي : (أن) مع معموليه فاعل للفعل المقدر بعد (لو).
والصالح
للفعالية هو (أن) المفتوحة لا المكسورة .
(و) قيل : (انطلقت)
بالفعل) أي : بصيغة الفعل (موضع منطلق) أي : في موضع يليق أن يقع فيه (منطلق) لأن الأصل في خبر أن هو
الأفراد (ليكون) ، الفعل المذكور موضع اسم الفاعل (كالعوض) عن الفعل المحذوف فيقال
، فيقال : لو أنك انطلقت ، ولا يقال لو أنك منطلق.
__________________
وإنما قال : (كالعوض) لأن الفعل المقدر لا بدّ له من مفسر (وأن)
لكونها دالة على معنى التحقيق والثبوت ، تدل على معنى ثبت المقدر هاهنا ، فهو عوض
عنه من حيث المعنى ، والفعل الواقع خبرا عوض عنه من حيث اللفظ ، فليس شيء
منهما عوضا حقيقيا عن الفعل المقدر ، بل كالعوض ، وهذا إذا كان الخبر مشتقا يمكن
اشتقاق الفعل من مصدره.
(وإن كان جامدا)
لا يمكن اشتقاق الفعل منه (جاز) وقوع ذلك الاسم الجامد خبرا لتعذره أي : لتعذر
وقوع الفعل في موضع الخبر ، كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي
الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) [لقمان : ٢٧] فإن أقلام ليس مشتقا ليوضع فعله في موضعه.
(وإذا تقدم
القسم الأول أول الكلام) أي : في أول زمان التكلم بالكلام.
فيصح ترك (في)
لكونه ظرف زمان واحترز به عن توسط القسم بتقديم غير الشرط.
__________________
(على الشرط)
متعلق بتقدم؟.
(لزمه الماضي)
أي : لزم القسم أن يكون الشرط الواقع بعده ماضيا (لفظا أو معنى ليكون على وجه لا
تعمل فيه أدوات الشرط فيطابق أي الشرط الجواب حيث يبطل عمل أدوات الشرط فيه ، أي :
في الجواب.
(وكان الجواب
للقسم) فقط (لفظا) لا للقسم والشرط جميعا ؛ لأنه يلزم أن يكون مجزوما وغير ومجزوم ز هذا محال.
وأما معنى فهو جواب للقسم ، لكون اليمين عليه وللشرط أيضا ، لكونه
مشروطا بالشرط.
(والله إن
أتيتني) مثال للماضي لفظا (وإن لم تأتني) مثال للماضي معنى (لأكرمتك ، وإن توسط) أي : القسم بين أجزاء الكلام (بتقديم الشرط)
عليه (أو غيره)
__________________
أي : تقديم غير الشرط (جاز أن يعتبر) القسم ويلغي الشرط (وأن يلغي القسم) ويعتبر الشرط.
ويحتمل أن يكون
المعنى : جاز أن يعتبر الشرط ويلغى القسم ، وأن يلغى الشرط ويعتبر القسم (كقولك : أنا والله إن
تأتني آتك) فعلى المعنى الأول هذا مثال لتقديم غير الشرط وجواز
إلغاء القسم فيكون باعتبار التقديم والجواز ، كليهما نشرا على غير ترتيب اللف.
وعلى المعنى
الثاني هذا مثال لتقديم غير الشرط وجواز اعتبار الشرط فيكون النشر باعتبار التقديم
على غير ترتيب اللف وباعتبار الشرط على ترتيبه (وإن أتيتني والله لأتينك).
وإنما أورد في
هذا المثال الشرط بصيغة الماضي على خلاف المثال الأول إشارة إلى اشتراط المضي في
الشرط في صورة اعتبار القسم على تقدير توسطه كاشتراطه على تقدير التقديم.
فعلى المعنى
الأول هذا مثال لتقديم الشرط وجواز اعتبار القسم فهو باعتبارهما جميعا نشر على
ترتيب اللف .
__________________
وعلى المعنى
الثاني مثال لتقديم الشرط وجواز إلغائه ، فالنشر باعتبار الأول على ترتيب اللف ،
وباعتبار الثاني على غير ترتيبه .
ففي كل من
المثالين يقع من حيث المعنى الثاني اختلاف بين اعبتاريه بخلاف المعنى الأول فالحمل عليه أولى ، وعلى تقدير الحمل عليه ، وإن كان رعاية كون النشر على ترتيب اللف
يقتضي تقديم المثال الثاني على الأول ؛ لكنه أراد اتصال المثال بالمثل له بقدر
الإمكان ، على تقدير تقديم اللفين على نشرهما من حيث مثالاهما .
__________________
(وتقدير القسم كاللفظ)
أي : كالتلفظ به أو مقدره كملفوظه في صدر الكلام
فلزم في الشرط الذي بعده المضي وكان الجواب للقسم.
(نحو) قوله
تعالى : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا
يَخْرُجُونَ) [الحشر : ١٢] أي : والله لئن أخرجوا فالشرط ماض و (لا يخرجون) جواب القسم.
فإنه لو كان
جزاء الشرط لكان الجزم بحذف النون أولى به ، أي : لا يخرجوا (و) كذا قوله تعالى : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ
لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام : ١٢١] أي : والله إن أطعتموهم إنكم لمشركون.
فالشرط ماض و (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) جواب القسم ، فإنه لو كان جزاء الشرط يلزم الإتيان بالفاء ؛ لأن الجملة الاسمية الواقعة جزاء يجب فيها الفاء.
(و) إما (للتفصيل)
.
__________________
أي : لتفصيل ما
أجمله المتكلم في الذكر نحو قولك : (جاءني أخوتك أما زيد فأكرمته ،
وأما عمرو فأهنته وأما بشر فأعرضت عنه).
أو ما أجمله في
الذهن ويكون معلوما للمخاطب بواسطة القرائن.
وقد جاءت
للاستئناف من غير أن يتقدمها إجمال ، نحو : (إما) الواقعة في أوائل الكتب.
ومتى كانت
لتفصيل المجمل وجب تكرارها ، وقد يكتفى بذكر قسم واحد ، حيث يكون المذكور ضد غير المذكور لدلالة أحد الضدين
على الآخر ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) [آل عمران : ٧].
فإن ما يقابل (أما)
المذكورة هاهنا غير مذكور ، لكنه مقدر ، يعني : وأما الذين ليس في قولبهم زيغ فيتبعون المحكمات ،
ويردون إليها المتشابهات.
والحكم بأن كلمة (أما) للشرط.
__________________
لزوم الفاء في جوابها وسببية الأول والثاني.
(والتزم حذف فعلها) الذي هو الشرط (وعوض بينها) أي : بين (أما) (وبين
فائها) الواقعة في جزائها (جزء مما في حيزها) أي : حيز فائها أو حيز (أما) لأن حيز الفاء أيضا حيزها ، سواء كان ذلك الجزء مبتدأ
نحو : (أما زيد فمنطلق) أو معمولا لما وقع بعد الفاء نحو : (أما يوم
الجمعة فزيد منطلق).
(مطلقا) أي : تعويضا مطلقا غير مقيد بحال تجويز تقديم ذلك الجزء على الفاء
وعدم تجويزه ، وهذا مذهب سيبويه فجعل سيبويه ل : (أما) خاصية جواز التقديم لما
يمتنع تقديمه مطلقا.
__________________
(وقيل) والقائل المبرد : (هو) أي : ما
وقع بينها وبين فائها (معمول الشرط المحذوف) عملا (مطلقا)
أي : معمولية مطلقة غير مقيدة بحال تجويز التقديم وعدمه (مثل : أما يوم الجمعة
فزيد منطلق) فإن تقديره على المذهب الأول : مهما
يكن من شيء فزيد منطلق يوم الجمعة
، فحذف فعل الشرط الذي هو (يكن من شيء) وأقيم أي : (أما) مقام (مهما) ووسط (يوم
الجمعة) بين (أما) وفائها لئلا يلزم توالي حرفي الشرط والجزاء ، فصار : أما يوم
الجمعة فزيد منطلق ، كما ترى.
وأما على
المذهب الثاني فتقديره : مهما يكن من شيء يوم الجمعة فزيد منطلق ، فيوم الجمعة
معمول لفعل الشرط فلما حذف فعل الشرط صار : إما يوم الجمعة فزيد منطلق.
فهذا القائل لم
يجعل ل : (أما) خاصية جواز التقديم أصلا.
(وقيل) والقائل
المازني (إن كان) ما يتوسط بين (أما) وفائها (جائز التقديم) على الفاء مع قطع
النظر عن الفاء كالمثال المذكور.
(فمن) قبيل
القسم (الأول) وهو أن يكون المتوسط جزء الجزاء قدم على الفاء (وإلا) أي : وإن لم
يكن جائز التقديم مع قطع النظر عن الفاء بل انضم إليها مانع آخر ، مثل : أما يوم
الجمعة فإن زيدا منطلق.
__________________
فإن ما في حيز (أن)
لا يعمل فيما قبلها (فمن) قبيل القسم (الثاني) وهو أن يكون المتوسط معمول الشرط المحذوف.
وهذا القائل ميز بين أن لا يكون وراء الفاء مانع آخر وبين أن يكون.
فجعل ل : (أما)
قوة رفع حكم الامتناع عن الأول دون الثاني .
هذا تقدير الكلام إذا كان ما بعد (أما) منصوبا وأما إذا كان
مرفوعا ، نحو : (أما زيد فمنطلق) فتقديره على المذهب الأول : مهما يكن من شيء فزيد
منطلق ، أقيم (أما) مقام (مهما) وحذف فعل الشرط ، ووسط (زيد) بين أما والفاء لما
ذكرنا فصار : أما زيد فمنطلق فارتفاع (زيد) بالابتداء كما كان أولا.
وعلى المذهب
الثاني مهما يكن زيد فمنطلق ، أي : فهو منطلق ، أقيم (أما) مقام (مهما)
وحذف فعل الشرط فصار : أما زيد فمنطلق.
ف : (زيد) فاعل
الفعل المحذوف ، وأما تقديره على تقدير الرفع ، ب : (مهما
__________________
يذكر زيد فهو منطلق) بصيغة الفعل الغائب المجهول على أن يكون (زيد) مرفوعا بأنه فاعل الفعل المحذوف.
وتقديره على
تقدير النصب ب : (مهما تذكر يوم الجمعة) بصيغة الفعل المخاطب المعلوم على أن يكون (يوم
الجمعة) منصوبا بأنه مفعول به للفعل المحذوف ، فوجهه غير ظاهر مع أنه يوهم جواز : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، بالنصب بتقدير (تذكر)
على صيغة المعلوم المخاطب ، وجواز : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، برفع اليوم بتقدير (يذكر)
على صيغة المجهول الغائب مع عدم جوازهما بلا خلاف.
وإنما مثل : المصنف بما يكون الواسطة بين (إما) وفائها منصوبة
لظهور أمثلة كونها مرفوعة لكثرتها.
(حرف الردع)
(كلا)
__________________
الردع : هو
الزجر والمنع ، تقول لشخص : فلأن يبغضك ، فيقول : كلا ، أي : ردعا لك ، أي : ليس الأمر كما تقول.
وقد يجيء بعد
الطلب لنفي إجابة الطالب كقولك ـ لمن قال لك افعل كذا ـ : كلا، أي : لا يجاب إلى
ذلك.
(وقد جاء) أي :
كلا (بمعنى : حقا) .
والمقصود منه تحقيق مضمون الجملة كقوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) [العلق : ٦] وإذا كان معنى (حقا) جاز أن يقال : إنه اسم
بني لكون لفظه كلفظ (كلا) الذي هو حرف ولمناسبة معناه لمعناه ؛ لأنك تردع المخاطب
عما يقوله تحقيقا لضده ، لكن النحاة حكموا بحرفيته إذا كان بمعنى (حقا) أيضا
لما فهموا من أن المقصود به تحقيق مضمون الجملة ، كالمقصود ب : (أن) فلم يخرجه ذلك
عن الحرفية.
(تاء التأنيث الساكنة)
لا المتحركة ؛
لأنها مختصة بالاسم.
__________________
(تلحق) الفعل (الماضي)
لتكون من أول الأمر علامة (لتأنيث المسند إليه) فاعلا كان أو مفعول ما لم يسم فاعله .
وإنما جعلت هذه
التاء ساكنة بخلاف تاء الاسم ؛ لأن أصل الاسم الإعراب وأصل الفعل البناء ، فنبه من
أول الأمر بسكون هذه على بناء ما لحقته ، وبحركة تلك على إعراب ما وليته ؛
لأنهما كالحرف الأخير مما تلحقانه.
(فإن كان) أي : المسند إليه اسما (ظاهر غير) مؤنث (حقيقي فمخير)
أي : فأنت مخير بين إلحاق تاء التأنيث وبين عدمه أو فهو : أي : إلحاق تاء التأنيث
مخير فيه على الحذف والإيصال.
وهذه المسألة قد تقدمت إلا أنها ذكرت فيما تقدم من حيث إنها
من أحكام المؤنث ، وهنا من حيث إنها من أحكام تاء التأنيث.
__________________
(وأما إلحاق علامة التثنية والجمعين) أي : جمعي المذكر والمؤنث في
مثل : (قاما الزيدان) و (قاموا الزيدون) و (فمن النساء) (فضعيف) لعدم احتياجها إلى
هذه العلامات مثل : احتياج المسند إليه إلى علامة التأنيث ؛ لأن تأنيثه قد يكون معنويا أو سماعيا وعلامة التثنية والجمع غالبا ظاهرة غاية الظهور.
وإذا ألحقت على
ضعفها فليست بضمائر ، لئلا يلزم الإضمار قبل الذكر من غير فائدة ، بل هي
حروف أتى بها للدلالة من أول الأمر على أحوال الفاعل ، كتاء التأنيث.
وفي شرح الرضي
: هذا ما قاله النحاة ، ولا منع من جعل هذه الحروف ضمائر ، وإبدال الظاهر منها.
والفائدة في
مثل : هذا الإبدال ما مر في بدل الكل من الكل ، أو تكون الجملة خبر المبتدأ والمؤخر.
والغرض كون
الخبر مهما.
(التنوين)
في الأصل مصدر
نونته أي : أدخلته نونا ، فسمي ما به ينون الشيء ـ أعني : النون ـ تنوينا ، إشعارا
بحدوثه وعروضه لما في المصدر من معنى الحدوث. ولهذا سمى سيبويه المصدر حدثا.
__________________
وهو في
الاصطلاح (نون ساكنة) أي : بذاتها فلا تضرها الحركة العارضة ، مثل : (عاداً الْأُولى) [النجم : ٥٠].
وهي شاملة نون (من
، ولدن ، ولم يكن) وأمثالها.
فأخرجها بقوله
: (تتبع حركة الآخر) أي : آخر الكلمة ، فإن هذه أواخر تلك الكلمات لا توابع حركات أواخرها .
وإنما قال : (تتبع
حركة الآخر) ولم يقل : تتبع الآخر ؛ لأن المتبادر من متابعتها الآخر لحوقها به من
غير تخلل شيء وهاهنا الحركة متخللة بين آخر الكلمة والتنوين .
فإن قلت : فآخر
الكلمة هي الحركة فلا حاجة إلى ذكر الحركة.
قلت : المتبادر
من الآخر الحرف الآخر.
ولم يقل : أخر
الاسم ، ليشمل تنوين الترنم في الفعل. (لا لتأكيد الفعل) فخرج نون التأكيد الخفيفة .
__________________
ولا ينتقص
التعرف بالنون في نحو : (يا رجل انطلق) فإن المراد بتبعيتها حركة الآخر تطفلها
لها في الوجود تطفل العارض للمعروض ، وليس نون (انطلق) تابعا لحركة لام الرجل بهذا
المعنى.
(وهو) أي :
التنوين.
(للتمكن) وهو ما يدل على أمكنية الكلمة ، أي : كون الاسم لم يشبه الفعل بالوجهين المعتبرين في منع الصرف ، وحينئذ لا يتصور
معناه في غير المتصرف.
(والتنكير) وهو
الفارق بين المعرفة والنكرة ، فهو الدال على أن مدخوله غير معين ، نحو : صه ، أي : اسكت سكوتا
ما في وقت ما ، وأما (صه) بغير التنوين فمعناه اسكت السكوت الآن.
__________________
وأما التنوين في نحو : رب أحمد وإبراهيم فليس للتنكير بل هو للتمكن.
قال الشارح
الرضي : (وأنا لا أرى منعا من أن يكون تنوين واحد للتمكن والتنكير معا ،
فأقول : التنوين في (رجل) يفيد التنكير أيضا فإذا جعلته علما تمحض للتمكن.
(والعوض)
وهو ما لحق
الاسم عوضا عن المضاف إليه لتعاقبهما على آخر الكلمة ك : (يومئذ)
أي : يوم إذ كان كذا.
ف : (اليوم)
مضاف إلى (إذا) و (إذ) كانت مضافة إلى الجملة التي كانت بعدها فلما حذفت الجملة
للتخفيف ألحق بها التنوين عوضا عن الجملة ، لئلا تبقى الكلمة ناقصة ، وكذلك (حينئذ)
وساعتئذ وعامئذ) و (جعلنا بعضهم فوق بعض) أي : فوق بعضهم (ومررت بكل قائما) أي :
بكل واحد ، وامتثال ذلك.
__________________
(والمقابلة) وهو ما يقابل نون جمع
المذكر السالم ك : (مسلمات) فإن الألف والتاء فيه علامة الجمع ، كما أن الواو
علامة جمع المذكر السالم ، ولم يوجد فيه ما يقابل النون في ذلك ، فزيد التنوين في
آخره ليقابله.
وتوهم بعضهم
أنه للتكن وهو خطأ ؛ لأنه إذا سميت بمسلمات مثلا امرأة يثبت فيها التنوين ، ولو
كانت للتمكن لزالت للعلتين : العملية ، والتأنيث.
وظاهر أنه ليس
تنوين التنكير لوجوده فيما كان علما ك : (عرفات) ولا تنوين العوض لعدم مساعدة
المعنى ، ولا تنوين الترنم لوجوده في غير أواخر الأبيات
والمصاريع فتعين أن يكون للمقابلة ؛ لأنها معنى مناسب لحمل التنوين عليه.
(والترنم) : وهو ما لحق أواخر الأبيات والمصاريع لتحسين الإنشاد ؛
لأنه حرف يسهل به ترديد الصوت في الخيشوم ، وذلك الترديد من أسباب حسن الغناء.
__________________
وإنما اعتبروا ما لحق أواخر الأبيات والمصاريع وإن كان لحوقها للحروف
والكلمات الواقعة في أثنائها جائزا بل واقعا كما تشاهد من أصحاب الغناء ؛ لأن محل
التغني به إنما هو آخر ، لئلا يختل سلك النظم بتخلله بين كلمات الأبيات والمصاريع
، ولا يخل بفهم المعاني.
وهو إما أن يلحق
القافية المطلقة وهي ما كان رويها متحركا مستتبعا بإشباع حركة واحدا من
الألف والواو والياء.
وسميت هذه
الحروف حروف الإطلاق ؛ لإطلاق الصوت بامتدادها.
ولحوق النون
بهذه القافية إنما يكون بإبدال حروف الإطلاق به ، كما في قول الشاعر:
أقلي اللوم ـ عاذل ـ والعتابن
|
|
وقول ي إن
أصبت لقد أصابن
|
فروى هذا البيت
الباء وحصل بإشباع فتحها الألف وعوض عن الألف عند التغني نون الترنم.
__________________
وإما أن يلحق القافية المقيدة وهي ما
كان رويها حرفا ساكنا صحيحا كان أو غير صحيح.
وسميت مقيدة
لتقيد الصوت بها وامتناع امتداده ؛ لأنه ليس هناك حركة يحصل من إشباعها حرف
الإطلاق ليتيسر امتداد الصوت كقول الشاعر :
وقاتم الأعماق
خاوي المخترقن
|
|
مشتبه
الأعلام لماع الخفقن
|
فإن روى
القافية في هذا البيت القاف الساكنة ولا يمكن مد الصوت بها ، فحركت عند التغني
بالفتح أو الكسر والحق بها النون ، فقيل (المخترقن ، والخفقن).
ويسمى هذا
القسم من التنوين (الغلي) لأن الغلو هو التجاوز عن الحد.
وقد تجاوز
البيت بلحوق هذا التنوين عن حد الوزن ، ولهذا يسقط عند التقطيع.
وليس للقسم
الأول اسم يختص به.
وأعلم أن تنوين
الترنم ليس موضوعا بإزاء معنى من المعاني ، بل هو موضوع لغرض الترنم ؛ لأن معناه الترنم كما أن حرف التهجي موضوع لغرض
التركيب ، لا بإزاء معنى من المعاني.
__________________
ففي عده تنوين
الترنم من أقسام الحروف ، التي هي من أقسام الكلمة المعتبر فيها الوضع تساهل
وتسامح .
وأما التنوينات
الأخر ففي اعتبار الوضع في بعضها أيضا تأمل .
(ويحذف) أي :
التنوين وجوبا (من العلم) حال كونه (موصوفا بابن) حال كون الابن (مضافا إلى علم آخر) نحو : جاءني
زيد بن عمرو ، وذلك لكثرة استعمال (ابن) بين علمين أحدهما موصوف به والآخر مضاف إليه فطلب التخفيف لفظا بحذف
التنوين من موصوفه وخطأ بحذف الألف من ابن.
وكذلك قولهم : هذا فلان بن فلان ؛ لأنه كناية عن العلم.
ويعلم منه إذا
كان صفة لغير العلم ، أو كان مضافا إلى غير العلم ، نحو : جاءني رجل ابن زيد ،
وزيد ابن عالم ، لم يحذف التنوين من اللفظ ، وألف (ابن) عالم ، لم
__________________
يحذف التنوين من اللفظ ، وألف (ابن) من الخط ، لقلة الاستعمال.
ويعلم من قوله
: (موصوفا) أنه لا يحذف إذا لم يكن (الابن) صفة نحو : (زيد) ابن عمرو على أن يكون (ابن عمرو) خبرا عن
زيد. وحكم (الابنة) حكم (الابن) في جميع ما ذكرنا إلا في حذف همزتها فإنها
لا تحذف حيثما كانت ، لئلا تلتبس ببنت في مثل : (هذه هند ابنة عاصم).
(نون التأكيد)
قسمان :
(خفيفة ساكنة) لأنها مبنية والأصل في البناء والسكون.
(ومشددة مفتوحة)
لثقلها وخفة الفتحة (مع غير الألف) أي : غير ألف التثنية نحو : (اضربان) (وألف
الجمع) أي : الألف الفاصل بين نون جمع المؤنث ، والنون المشددة
نحو : (اضربنان) ، فإنها تكسر معهما لشبهها فيهما بنون التثنية.
(تختص) أي :
نون التأكيد .
__________________
(بالفعل المستقبل) الكائن (في) ضمن (الأمر) نحو : اضربن ، بالتخفيف ، واضربن ، بالتشديد ، (والنهي) نحو : لا
تضربن.
(والاستفهام)
نحو : هل تضربن؟.
(والتمني) نحو
: ليتك تضربن.
(والعرض) نحو :
ألا تنزلن عندنا فتصيب خيرا.
(والقسم) نحو :
والله لا فعلن ، بالتخفيف والتشديد في جميع هذه الأمثلة.
وإنما اختص هذا
النون بهذه المذكورات الدالة على الطلب دون الماضي والحال ؛ لأنه لا يؤكد إلا ما
يكون مطلوبا .
(وقلت) أي :
نون التأكيد.
(في النفي) فلا
يقال :
__________________
(زيد ما يقومن) إلا قليلا لخلوه عن معنى الطلب.
وإنما جاز
قليلا تشبيها له بالنهي.
(ولزمت) أي :
نون التأكيد (في مثبت القسم) أي : في جوابه المثبت ؛ لأن القسم محل التأكيد ، فكرهوا
أن يؤكدوا الفعل بأمر منفصل عنه ـ وهو القسم ـ من غير أن يؤكدوه بما يتصل به ـ وهو
النون ـ بعد صلاحيته له .
وفي قوله :
لزمت ، إشارة إلى أن زيادة نون التأكيد فيما عدا مثبت القسم غير لازم بل جائز .
(وكثرت) أي :
نون التأكيد (في مثل : (إما تفعلن) أي : في الشرط المؤكد حرفه ب : (ما) فإنهم لما أكدوا الحرف قصدوا تأكيد الفعل أيضا ، لئلا
ينتقص المقصود من غيره.
(وما قبلها) أي : ما قبل نون التأكيد خفيفة كانت أو ثقيلة ، (مع
ضمير
__________________
ـ والأكثرون أن لا يؤكد كقوله تعالى : ()
المذكرين) وهو الواو (مضموم) ليدل على الواو المحذوفة لالتقاء الساكنين ، وإن اشتراط في التقاء الساكنين على حدة أن يكون الساكنان في كلمة
واحدة ، فإن النون المشددة كلمة أخرى ، أو لثقل الواو بعد الضمة وقبل النون
المشددة إن لم يشترط في التقاء الساكنين ما ذكر.
(ومع) ضمير (المخاطبة)
وهو الياء (مكسورة) ليدل على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين : أو لثقل الياء بعد
الكسرة وقبل النون المشددة.
(و) ما قبلها (فيما
عدا ذلك) المذكور من ضمير المذكرين وضمير المخاطبة ، وهو الواحد المذكر غائبا كان
ومخاطبا والمؤنث الغائبة (مفتوح) طلبا للخفة.
وظاهر أن ما
عدا ذلك المذكور ، يشمل التثنية والجمع المؤنث ، وحكمها غير ما ذكر .
فقوله : (وتقول
في التثنية والجمع المؤنث : (اضربان ، واضربنان) بمنزلة الاستثناء عنه.
فتقول في
المثنى : (اضربان) بإثبات الألف لئلا يشتبه بالواحد و (اضربنان) في
__________________
الجمع المؤنث ، بزيادة الألف بعد نون الجمع وقبل نون التأكيد ، لئلا يجتمع
ثلاث نونات متواليات.
(ولا تدخلهما)
أي : التثنية والجمع المؤنث (النون الخفيفة) للزوم التقاء الساكنين على غير حدة (خلافا
ليونس) فإنه يجيز التقاء الساكنين على غير حدة ويجعله مغتفرا كما في
الوقف وهو ليس بمرضي عند الأكثرين.
(وهما) أي :
النون الثقيلة والخفيفة (في غيرهما) أي : غيرا لتثنية وجمع المؤنث (مع الضمير البارز) أي : واو جمع المذكر وياء المخاطبة (كالمنفصل) أي : كالكلمة
المنفصلة ، يعني : يجب أن يعامل آخر الفعل مع النونين معاملته مع الكلمة
__________________
المنفصلة من حذف الواو والياء أو تحريكهما ضما وكسرا.
وغرضه من هذا
الكلام بيان أحوال الأفعال المعتلة الآخر عند إلحاق النون بها.
ومعنى كلامه أن
النونين حكمها مع المثنى وجمع المؤنث ما ذكر ، ومع غيرهما على ضربين : إما مع ضمير بارز وهو شيئان : جمع المذكر ، نحو : (اغزوا ،
وارموا ، واخشوا) والواحدة المؤنثة نحو : (اغزي وارمي واخشي).
وإما مع ضمير
مستتر وهو الواحد المذكر نحو : (اغز ، وارم ، واخش).
فالنون مع
الضمير البارز كالكلمة المنفصلة نحو : (اغزن وارمن يا قوم). بحذف الواو ، كما حذفت
في نحو : (اغزوا الكفار) و (ارموا الغرض) وكذا (اغزن وارمن يا امرأة) بحذف الياء
كما حذفت في (اغزي الجيش) و (ارمي الغرض).
وتضم الواو
المفتوح ما قبلها نحو : (اخشون) كما ضممتها مع المنفصلة ، نحو : (اخشوا الرجل).
وتكسر الياء
المفتوح ما قبلها كما كسرتها مع المنفصلة تقول : (اخشين) ك : (اخشي الرجل).
(فإن لم يكن)
أي : مع الضمير البارز وهو مع الواحد المذكر ، نحو : (اغز وارم ، واخش).
(فكالمتصل) أي
: فالنون كالكلمة المتصلة ، ويعني بها : ألف التثنية تقول (اغزون وارمين واخشين)
برد اللامات وفتحها كما قلت : (اغزوا ، وارميا ، واخشيا).
__________________
(ومن ثمة) أي :
لأجل أنه مع غير الضمير البارز كالمنفصل (قيل : هل ترين؟) في : هل ترى؟ كما
يقال : تريان ، هذا مثال لغير البارز الذي تحركت لأمه بالفتح كما يفتح مع المتصل.
(وهل ترون؟) في
(هل ترون؟) بإسقاط نون الجمع وإلحاق نون التأكيد وضم الواو كضمها في (لم
ترو القوم) هذا مثال ما فيه ضمير بارز يضم لأجل النون.
(وهل ترين؟) في
مثل : (هل ترين) بإثبات الياء وكسرها كما يقال : (لم تري الناس) هذا مثال ما فيه ضمير بارز
يكسر لأجل النون.
(واغزون) برد
الواو المحذوفة كما ترد مع ضمير التثنية في (اغزوا القوم).
(واغزن) في (اغزوا)
بحذف الواو المضموم ما قبلها ، كما قيل : (اغزوا القوم).
(واغزن) في (اغزي)
بحذف الياء المكسور ما قبلها كما قيل : (اغزي القوم).
وهذه الأمثلة وقعت على ترتيب تصريفها الواقع في كتب التصريف بعضها لما هو مع الضمير البارز
كالمنفصل وبعضها لما هو مع غير الضمير البارز كالمتصل ، كما أشرنا إليه.
(و) (النون) (المخففة
تحذف للساكن) أي : لالتقاء الساكن المذكور بعدها.
__________________
وفي بعض النسخ (للساكنين)
أي : لالتقاء الساكنين ، كقول الشاعر :
لا تهين الفقير علّك
أن
|
|
تركع يوما
والدّهر قد رفعه
|
أي لا تهين ،
حذفت النون الخفيفة لالتقائها اللام الساكنة ، والتي بعدها ، وأبقيت فتحة ما قبلها
لتدلّ عليها إلا لكان الواجب أن يقال : لا تهنّ الفقير.
ولم يحركوها كما يحرك التنوين فرقا بينهما.
وإنما لم يعكس خطا لمرتبة ما يدخل الفعل عن مرتبة ما يدخل الاسم ،
__________________
لكون الاسم أصلا والفعل فرعا.
(و) تحذف أيضا المخففة (في) حال (الوقف) على ما ألحقت به تخفيفا
إذا ضم أو كسر ما قبلها كما يحذف التنوين لذلك (فيرد ما حذف) لأجل المخففة كما إذا ألحقت المخففة ب : (اغزوا
، واغزي) وقلت (اغزن ، واغزن) بحذف الواو والياء.
فإذا وقفت عليهما وجب أن ترد المحذوف وقلت : (اغزوا ، اغزي) بخلاف التنوين فإنه لا يرد ما حذف لأجله ؛ لأن التنوين لازم في الوصل والمخففة
ليست بلازمة ، فجعل للازم مزية بإبقاء أثره على ما ليس بلازم.
(و) المخففة (المفتوح
ما قبلها تقلب ألفا) كقولك في (اضربن) : (اضربا) تشبيها لها بالتنوين.
فان التنوين
إذا التنوين إذا انفتح ما قبلها تقلب ألفا ، وإذا انضم أو انكسر تحذف ،
__________________
نحو : أصبت خيرا ، أصابني خير ، واختم لي بخير.
اللهم اجعل خاتمة أمورنا خيرا ، ولا تلحق بنا من تبعه شرورنا
ضيرا ، واجعل نونات نقائصنا خفيفة كانت أو ثقيلة في موقف الندامة منقلبة بألف آداب
عبوديتك على نهج الاستقامة. وصلّ على من كلمة شفاعته في محو أرقام الضلالات كافية
، وعن مضرّة أسقام الجاهلات شافية وعلى آله وأصحابه وعلى من تبعهم من زمرة أحبابه.
__________________
قد استراح من
كمد الانتهاء من نقل هذا الشرح من السواد إلى البياض العبد الفقير عبد الرحمن
الجامي ، وفقه الله سبحانه في وظائف عبوديته للإعراض عن مطالبة الأعواض والأغراض ،
ضحوة الحادي عشر من رمضان المنتظم في سلك شهور سنة سبع وتسعين وثمانمئة من الهجرة
النبوية ، عليه أفضل التحية.
* * *
المحتويات
(البدل)......................................................................... ٥
(عطف البيان)................................................................. ١٣
(المبني)........................................................................ ١٧
(المضمر)...................................................................... ٢٢
(أسماء الإشارة)................................................................. ٤٨
(الموصول)..................................................................... ٥٤
(أسماء الأفعال)................................................................. ٧٢
(الأصوات).................................................................... ٧٧
(المركبات)..................................................................... ٨١
(الكنايات).................................................................... ٨٦
(أسماء الاستفهام والشرط)....................................................... ٩٤
(الظروف)................................................................... ١٠١
(المعرفة والنكرة)............................................................... ١١٨
(العلم)...................................................................... ١٢٤
(النكرة)..................................................................... ١٢٧
(أسماء العدد)................................................................ ١٢٧
(المذكر والمؤنث).............................................................. ١٤٨
(المثنى)...................................................................... ١٥٥
(المجموع).................................................................... ١٦٦
(المؤنث)..................................................................... ١٧٨
(جمع التكسير)............................................................... ١٧٩
(جمع القلة).................................................................. ١٨٠
(المصدر).................................................................... ١٨٢
(اسم الفاعل)................................................................ ١٨٩
(اسم المفعول)................................................................ ٢٠١
(الصفة المشبهة).............................................................. ٢٠٣
(الفعل)..................................................................... ٢٤٣
(الماضي).................................................................... ٢٤٨
(المضارع).................................................................... ٢٥١
(الأمر)...................................................................... ٢٩١
(فعل ما لم يسم فاعله)........................................................ ٢٩٥
(أفعال القلوب).............................................................. ٣٠٤
(أفعال المقاربة)............................................................... ٣٣٤
(الحرف)..................................................................... ٣٦١
(حروف الجر)................................................................ ٣٦٢
الحروف المشبهة بالفعل........................................................ ٣٨٠
(الاستدراك)................................................................. ٤٠٠
(الحروف العاطفة)............................................................ ٤٠٥
(حروف التنبيه).............................................................. ٤١٨
(حروف النداء).............................................................. ٤١٩
(حروف الإيجاب)............................................................ ٤١٩
(حروف الزيادة).............................................................. ٤٢٣
(حرف المصدر).............................................................. ٤٢٩
(حروف التحضيض).......................................................... ٤٣٠
(حرف التوقع والتقريب)....................................................... ٤٣١
(حرفا الاستفهام)............................................................. ٤٣٣
(والهمزة أعم تصرفا)........................................................... ٤٣٣
(حروف الشرط)............................................................. ٤٣٥
(حرف الردع)................................................................ ٤٤٩
(تاء التأنيث الساكنة)......................................................... ٤٥٠
(التنوين).................................................................... ٤٥٢
(والعوض)................................................................... ٤٥٥
(نون التأكيد)................................................................ ٤٦٠
|