(البدل) (١)

(تابع مقصود بما نسب (٢) إلى المتبوع (٣) أي : يقصد (٤) النسبة إليه بنسبة ما نسب إلى المتبوع (دونه) (٥) أي دون المتبوع ، أى : لا تكون النسبة إلى المتبوع مقصودة ابتداء بنسبة ما نسب إليه ، بل تكون النسبة إليه توطئة وتمهيدا للنسبة إلى التابع سواء كان ما نسب إليه مسندا إليه أو غيره ، مثل : (جاءني زيدا أخوك) و (ضربت (٦) زيدا أخاك) و (مررت بزيد أخيك).

واحترز بقوله : (مقصود) بما نسب إلى المتبوع عن النعت والتأكيد وعطف البيان ؛

__________________

(١) لأن معنى كونه متبوعا أن يكون سابقا عليها فلو قدم واحد منهما عليه لزم إبطال ذلك خلاف القليل منهم ابن كيسان ومن تبعه فإنهم جوزوا الابتداء بكل منهما. (عوض أفندي).

ـ هو في اللغة قد يقال على المثل والنظير وقد يطلق على ما ينوب مناب الشيء وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف. (عافية).

ـ عقب التأكيد لمناسبة كونه ضدا له في المقصود بأن المقصود هاهنا الثاني وثمة الأول.

(٢) يخرج النعت والتأكيد وعطف البيان ؛ لأنها ليست بمقصودة به وبقي العطف داخلا.

(٣) والمراد أن هذه النسبة مصروفة إلى التابع وإذا كان بحسب الظاهر إلى المتبوع. (حواشي هندي).

(٤) ولقائل أن يقول هذا الحد ينتقض بقولنا : ما قام أحد إلا زيد ؛ لأن المتبوع هنا ليس بمقصود بالنسبة ؛ لأن صدر الكلام لا يكون مقصودا في متى من مواقع الاستثناء وما يقال في الجواب من أن المراد من النسبة أعم من أن يكون وجوديا أو عدميا والأول لم يكن مقصودا بالنسبة الإيجابية لكن مقصود بالنسبة السلبية والأولى في الجواب أن يقال : إن ما نسبة إلى المتبوع لفعل وحده وحرف النفي لا مدخل له في أن يكون منسوبا أو جزأ منه هو سالب تلك النسبة الإيجابية فحينئذ صح أن يقال في الثاني مقصود بما نسب إلى الأولى وأصوبه أن زيد في المثال المذكور وإن كان بدلا في الظاهر عن أحد نفي إلا إنه إبدال في الحقيقة عن أحد موجب. (عافية).

(٥) يخرج المعطوف ؛ لأنه وإن كان مقصودا بالنسبة لكنه هو مقصودا بالنسبة دون المتبوع بخلاف البدل فإنه المقصود هو دون متبوعه. (عافية).

(٦) فإن الضرب فيه منسوب إلى المتبوع الذي هو زيد أن يكون الضرب مسند إلى زيد بل من حيث وقوعه وثعلقه عليه فالمنسوب أعم من أن يكون مسند أو غيره كما قرره الشارح. (لمحرره)


لأنها لست مقصودة بما نسب إليه بل المتبوع مقصود به.

وبقوله : (دونه) احترز عن العطف بحرف ، فإن المتبوع فيه مقصود بما نسب إليه مع التابع.

ولا يصدق (١) الحد على المعطوف ب : (بل) لأن متبوعه مقصود ابتداء ، ثم بدا له(٢) ، فأعرض عنه وقصد المعطوف ، وكلاهما مقصودان بهذا المعنى (٣).

فإن قيل : هذا الحد لا يتناول البدل الذي بعد (إلّا) (٤) مثل : (ما قام أحد إلا زيد) فإن زيدا بدل من أحد ، وليس (٥) نسبة ما نسب إليه من عدم القيام مقصودة بالنسبة إلى (زيد) بل النسبة المقصودة بنسبة ما نسب إلى (أحد) نسبة القيام إلى (زيد) (٦).

قلنا : ما نسب إلى المتبوع هاهنا القيام ، فإنه نسب إليه نفيا ونسبة القيام بعينه إلى التابع مقصودة ، ولكن إثباتا (٧) ، فيصدق على زيد أنه تابع مقصود نسبته بنسبة ما نسب

__________________

(١) كأنه قيل : يصدق تعريف البدل على المعطوف بل حيث قال البدل تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع دونه والمعطوف كذلك لأنك لو قلت : جاءني القوم بل زيد يكون الجائي زيد إلا القوم فأجاب بما نرى. (لمحرره).

(٢) يقال : بدا له أي : ظهر غير الأول إشارة إلى أن فاعل بدا ضمير راجع إلى الرأى المعلوم بدلا له المقام. (خبيصي).

(٣) يعني الأول مقصود بالنسبة من غير أن يكون توطئه وتمهيد للثاني والثالث مقصود فيها أيضا ولكن بالسكوت عن الأول والإعراض عنه لفظا ومعنى وكلاهما مقصود بالنسبة بخلاف البدل. (توقادي).

(٤) أي : البدل وقع بدلا في كلام غير موجب والمستثنى منه مذكور كما سبق في بحث المستثنى.

(٥) قول (وليس) الظاهر أن يقول على طبق ما ذكر في شرح التعريف ؛ إذ ليس المقصود نسبة عدم القيام إلى زيد نسبة إلى أحد ففي الكلام قلب وليس بذاك والقلب في أمثال هذا المقام بعيد عن القلب والمعنى ليس نسبة ما نسب إليه أي : إلى أحد من عدم القيام مقصودة بالنسبة. (ع ص).

(٦) الذي هو البدل وهاهنا ليس كذلك لما قلنا إن النسبة في الأول السلب وهو عدم القيام.

ـ وفي الثاني إثبات وهو القيام فلم يوجد شرط البدل وهو اتحاد النسبة فلم يكن التعريف جامعا.

(٧) قوله : (ولكن إثباتا) إن قلت : قد وقع في كلام جماعة من العلماء ن الاستثناء كلام بالباقي وأن الحكم في المستثنى بالإشارة لا بالعبارة فكيف يصح القول بأن النسبة إلى التابع مقصودة ـ


إلى المتبوع ، فإن النسبة المأخوذة في الحد أعم من أن يكون بطريق الإثبات أو النفي.

ويمكن أن يقصد بنسبته إلى شيء نفيا ، نسبته إلى شيء آخر إثباتا ، ويكون الأول توطئة للثاني (١).

(وهو) أى : البدل أربعة أنواع (٢) :

(بدل الكل) (٣) أى : بدل هو كل المبدل منه.

(وبدل البعض) (٤) أي : بدل هو بعض المبدل منه ، فالإضافة فيهما مثليهما في (خاتم فضة).

(و) بدل (الاشتمال) أي : بدل مسبب غالبا (٥) عن اشتمال أحد المبدلين على

__________________

ـ قلنا : إذا أردت تطبيق هذا التعريف على مذهبهم فلا بد من تخصيص ما ذكروه بالاستثناء المحض ومن أن يقال: إن قولك : ما قام أحد إلا زيد ، لما كان في قوة قولك : ما قام أحد غير زيد كان البدل في الحقيقة غير زيد وهو مقصود بسلب القيام وحينئذ ولا حاجة إلى تعميم النسبة. (لاري).

(١) قوله : (توطئة الثاني) وذلك بأن يكون المقصود من نفي النسبة إلى المستثنى من إثبات تلك النسبة للمستثنى ، لا أن يكون نفي النسبة مقصود في نفسها. (وجيه الدين).

(٢) بالاستقراء ؛ لأن التابع في هذا الباب لا يخلو من أن يكون الأول في المعنى عينه أو بعضه أو معنى فيه أو خارجا عنه ، فالأول الكل ، والثاني البعض ، والثالث الاشتمال ، والرابع الغلط. (خبيصي).

(٣) وبدل الكل من الكل يوافق المتبوع في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث لا في التعريف والتنكير أما الإبدال الآخر فلا يلزم موافقتها للمبدل منه في الإفراد والتذكير وفروعها أيضا.

(٤) قوله : (بدل الكل والبعض) معترضة من حيث أن كلا وبعضا لا يجوز إدخال اللام عليهما عند الجمهور ؛ لأنهما معرفتان في نية الإضافة وبذلك نزل القرآن ، والجواب أن عدم دخول اللام عليهما مختلف فيه ولعل الحق عند المصنف قول البعض كما قال العادل في تفسيره اختلفوا في أنه هل يجوز دخول اللام على بعض وكل والصحيح جوازه وكذا في القاموس.

(٥) وإنما قال غالبا لدفع الإشكال الوارد بمثل أعجبني زيد غلامه فإن كل واحد من المدلولين فيه ليس مشتملا على الآخر مع أنه بدل الاشتمال وقيل : لأن معنى الكلام مشتمل على نسبة الإعجاب إلى الحسن وقيل : لأن المبدل منه مشتمل على البدل إجمالا بحيث إذا ذكر المبدل منه ينظر السامع إلى ذكر البدل. (رضي وغجدواني).


الآخر ، أما اشتمال البدل على المبدل منه ، نحو : (سلب زيد ثوبه) أو بالعكس ، نحو : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ).

(وبدل الغلط) (١) أي : بدل مسبب عن الغلط.

فالإضافة (٢) في الأخيرين من قبيل إضافة المسبّب إلى السّبب لأدنى ملابسة (٣) (فالأول) أي : بدل الكل (مدلوله مدلول (٤) الأول) يعني (٥) : متحدان ذاتا ، لا أن يتحد مفهوماهما (٦) ليكونا مترادفين ، نحو : (جاءني زيد أخوك).

ف : (زيد) للتأكيد و (أخوك) (٧) وإن اختلفا (٨) مفهوما ، فهما متحدان ذاتا.

قال الشارح الرضي : وأنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جلي (٩) بين بدل الكل من الكل وبين عطف البيان ، بل لا أرى عطف البيان إلا بدل الكلّ (١٠).

__________________

(١) الإضافة في بدل الغلط لأدنى التلبس أن الغلط هو المبدل منه وقد يقال : إنما سمى بدل الغلط ؛ لأنه سببه الغلط ولأن الاستدراك للغلط. (حلبي).

(٢) فبيان العطف أن الإضافة في الأولين بيانية وفي الأخيرين لامية لأدنى ملابسة بيان ما هو أصل في معنى الإضافة ولا معناه المراد في المقام فلا يشكل أن كيف يعطف اللامية على البيانية. (إسفراييني).

(٣) ليت شعري ما معنى أدنى ملابسة هنا مع أن القوم سمّوا السببية والمسببية ملابسة تامة وعدوها أصل الملابسة. (لمحرره).

(٤) ولم يقل مدلولة ؛ لأن أريد بالأول الثاني غير الأول وفي مثل هذا المقام يؤتى بالظاهر إظهار للمغايرة.

(٥) لم كان المدلول حقيقة في المفهوم وشائعا فيما صدق عليه فشرح بقوله : (يعني ... إلخ). (قدمي).

(٦) ولا يخرج نحو جاءني زيدا أخوك عن التعريف ؛ لأن أخوك ليس عين مدلول زيد باعتبار المفهوم مع أنه داخل في المحدود. (لمحرره رضا).

(٧) الأخوة من النسب لا من الصداقة ؛ لأنها إن كانت من الصداقة كانت وصفا لا بدلا. (شرح اللمع).

(٨) يشير إلى أنهما قد يتحدان ووجه تجويز عدم اختلاف مفهومي زيد وأخوك أنهما ذكرا على وجه التمثيل. (عصام).

(٩) أي : بحيث تبين المغايرة الكلية بينهما. (أيوبي).

(١٠) واستدل الرضي على ظن الدعوى بأن سيبويه لم يذكر عطف البيان بل قال : أما بدل المعرفة من النكرة مثل مررت برجل عبد الله ثم قال سيبويه : ومن البدل أيضا قولك : مررت بقوم عبد الله وزيد وقال : عبد الله. (أيوبي).


وما قالوا : من أن الفرق بينهما أن البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف عطف البيان فإنه بيان والبيان فرع المبين ، فيكون المقصود هو الأول.

فالجواب (١) : أنا لا نسلم أن المقصود في بدل الكل هو الثاني فقط ، ولا في سائر الأبدال ، إلا الغلط (٢).

وقال بعض المحققين في جوابه : الظاهر أنهم لم يردوا أنه ليس مقصودا بالنسبة أصلا بل أرادوا أنه ليس مقصودا أصليا.

والحاصل أن مثل : قولك : (جاءني زيد أخوك) أن قصدت فيه الإسناد إلى الأول، وجئت بالثاني تتمة له وتوضيحا ، فالثاني عطف بيان ، وإن قصدت فيه الإسناد إلى الثاني(٣)، وجئت بالأول توطئة له مبالغة في الإسناد فالثاني (٤) بدل ، وحينئذ يكون التوضيح الحاصل به مقصودا تبعا ، والمقصود أصالة هو الإسناد إليه بعد التوطئة ، فالفرق ظاهر.

(والثاني) أي بدل البعض (٥) (جزؤه) أي : جزء المبدل منه نحو : (ضربت زيدا رأسه).

(والثالث) أي : بدل الاشتمال (بينه وبين الأول) أي : المبدل منه (ملابسة)(٦)

__________________

(١) الجملة في محل الرفع على أنها خبر المبتدأ ، فإن قيل : لم دخل الفاء في قوله : فالجواب؟ قلت : إن كان المبتدأ موصولا وصلته فعلا يجوز دخول الفاء في خبره ، وهنا كذلك؟ (لمحرره).

(٢) وحاصل ما قالوا في بيان الفرق ادعاء انحصار القصد في الثاني وحاصل الجواب منع ذلك الإنحصار في غير بدل الغلط ومنه وقع الاشتباه الذي ذكره الرضي فإنه ينحصر المقصود في الثاني فإنهما يشتركان. (حاشية).

(٣) قوله : (إن قصدت إلى الثاني) وجعلته مناط الحكم فكأنك قلت : جاءني زيد مع قطع النظر عن أن يكون أخاك ، وإذا قلت : أكرمت زيدا أخاك فكأنك قصدت بذلك المن على المخاطب وأردت أن الإكرام وقع عليه من حيث أن أخوك وهذه الفائدة منتفية في عطف البيان. (غفور).

(٤) فيفيد ما يفيده التأكيد من تقويه الحكم وما يفيده عطف البيان من الإيضاح وبتميزه عنهما بتعدد الاسناد إلى التابع والمتبوع. (قدمي رحمه‌الله).

(٥) ولا بد في بدل البعض الاشتمال إذا كانا ظاهرين من ضمير راجع إلى المبدل منه حتى يعرف تعلقهما بالأول وأنهما ليسا ببدل الغلط بل يجوز ترك الضمير إذا اشتهر تعلق الثاني بالأول. (شيخ الرضي).

(٦) فاعل الظروف لاعتماده على المبتدأ أو مبتدأ مؤخر والظرف خبر مقدم واسم يكون المقدر تقديره أن يكون بين الأول والثاني ملابسة. (تكملة).


بحيث توجب النسبة إلى المتبوع النسبة إلى الملابس إجمالا ، نحو : (أعجبني زيد علمه) حيث يعلم ابتداء أنه يكون (زيد) معجبا باعتبار صفاته لا باعتبار ذاته ، وتتضمن نسبة الإعجاب (١) إلى (زيد) نسبة إلى صفة من صفاته إجمالا ، وكذا في (سلب زيد ثوبه) بخلاف (ضربت زيدا حماره) و (ضربت زيدا غلامه) لأن نسبة الضرب إلى زيد تامة ولا يلزم في صحتها اعتبار غير (زيد) فيكون من باب بدل الغلط.

(بغيرهما) (٢) أي : تكون تلك الملابسة (٣) بغير كون البدل كل المبدل منه أو جزءه ، فيدخل (٤) فيه ما إذا كان المبدل منه جزءا من البدل ، ويكون إبداله منه بناء على هذه الملابسة (٥) ، نحو : (نظرت (٦) إلى القمر (٧)

__________________

(١) وإنما قيد بذلك ؛ لأن زيدا إذا كان معجبا لذاته لا يتضمن نسبة الإعجاب إليه نسبته إلى صفة من صفاته إجمالا وهذا القيد أيضا مراد في مثال القمر ومثال درجة الأسد قد يكون المقصود والنظر إلى الفلك وإلى برج الأسد وحينئذ يكون نسبة النظر إلى القمر نسبة إلى الفلك إحمالا فلا يرد ما قيل : وجه لكونه بعض صفات المتبوع ولأنه يشترط في بدل الاشتمال أن لا يستفاد من المبدل منه بل يبقى النفس مع ذكر الأول متوقعة على البيان. (رضي).

(٢) قوله : (بغيرهما) قيل : لم يقل بالمبتدأ منه أو بالمتبوع ؛ لأنه حين ذكر لم يذكر بحيثية كونه مبدلا منه أو متبوعا بل بحيثية كونه غلطا. (غف).

(٣) الصواب بغير كون المدلول مدلول الأول ، وإلا لم يصح قوله : (فيدخل) لم لا يصح مع أنه لم يدخل فيه ما خرج بذلك القيد فلعله اشتبه البدل الذي للمبدل منه جزء منه ببدل البعض الذي هو جزء المبدل منه فتأمل حق التأمل. (قدمي رحمه‌الله).

(٤) أي : لم يلزم ثبوت قسم خامس كما قال السكاكي في المفتاح وللبدل قسم خاص وهو بدل الكل من البعض لم يذكره النحاة فقول الشارح : (فيدخل) فيه رد عليه. (سمع من الأستاذ).

(٥) التي توجب النسبة إلى المتبوع النسبة إلى التابع نحو : نظرت إلى القمر فلكه إذا لم يكن في الفلك قمر وعلم المخاطب ذلك يكون الإسناد إلى القمر ملابسا للإسناد إلى فلكه إجمالا.

(وافية).

(٦) قوله : (نحو نظرت إلى القمر فلكه) قيل : فيه أن النسبة إلى المبدل منه لا يوجب النسبة إلى البدل فكيف يكون مثالا لبدل الاشتمال وكذا المثال الأخير ، قلت : إذا لم يكن في الفلك قمر علم المخاطب ذلك يكون الإسناد إلى القمر موجب للإسناد إلى فلكه إجمالا.

(٧) (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) اثني عشر الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت ، وهي منازل الكواكب السيارة السبعة المريخ والحمل والعقرب والزهرة ولهما الثور والميزان ، وعطارد وله الجوزاء ، والسبلة والقمر وله السرطان ، والشمس ولها الأسد ، والمشتري وله القوس ، والزحل وله الجدي والدلو. (جلال).


فلكه) والمناقشة بأن القمر ليس (١) جزءا من فلكه ، بل هو مركوز (٢) فيه ، مناقشة في المثال.

ويمكن (٣) أن يورق لمثاله مثل : (رأيت درجة (٤) الأسد (٥) برجه) فإنه لا مجال لهذه المناقشة فيه.

فإن البرج عبارة عن مجموع الدرجات.

وإنما لم يجعل هذا البدل قسما خامسا (٦) ولم يسم ببدل الكل عن البعض ، لقلته وندرته ، بل (٧) قيل ، لعدم وقوعه في كلام العرب ، فإن هذه الأمثلة مصنوعة.

(الرابع) أي : بدل الغلط (أن تقصد) أي : يكون بأن تقصد (٨) أنت (إليه) أي : إلى

__________________

(١) قوله : (بأن القمر ليس) وذلك أن القمر كثيف ولهذا يقبل النور بخلاف الفلك فإنه لطيف مشبه الأجزاء فلا يكون الكثيف جزأ من اللطيف. (وجيه الدين).

(٢) اعلم أن أهل الرياض قسموا الفلك الثامن مثلا إلى اثني عشر قسما ويسمى كل قسم منها برجا وقسموا كل برج إلى ثلاثين قسما وسموا كل قسم منه درجة وقسموا كل درجة إلى ستين قسما وسموا كل قسم دقيقة وكل دقيقة إلى ستين نوعا واطلب تفصيله في شرح. (جغموني).

(٣) فإن عدم تطبيق المثال لا يلزم منه عدم جواز الممثل لجواز وقوع مثال آخر مطابق وإليه أشار بقوله : (فيمكن). (أيوبي).

(٤) وإضافة البرج إلى الأسد من قبيل إضافة العام إلى الخاص وإضافة الدرجة إلى الضمير الراجع إلى الأسد من قبيل إضافة الشيء إلى بيانه. (فاضل الأمير).

(٥) والمراد من الأسد نجوم مجتمعة على صورة الأسد في برج واحد من بروج اثني عشر برجا فيكون لذلك الأسد برج مثل الذراعين والرجلين والرأس والجبهة وغيرها من الأعضاء وكان العرب إذا رأى سحابا بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد يحكمون بالمطر ويستبشرون به كما قال الفرزدق :

يا من رأى عارضا أسرّ به

بين زراعي وجبهة الأسد

(٦) وكما قال السكاكي في المفتاح وللبدل قسم خامس وهو بدل الكل من البعض لم يذكره النحاة.

(٧) وإنما قال : (بل قيل. (غجدواني وآخرون). ولم يقل : وقيل للإشارة إلى الترقي في النقل يعتمد على بعضهم لم يعتبر الأمثلة وأنكر هذا النوع. بأسره (أيوبي).

(٨) هذا التفسير إشارة إلى تصحيح الحمل ؛ لأن لفظ الرابع عبارة عن الغلط هو صفة الاسم وقوله : (أن تقصد) عبارة عن القصد الذي هو صفة المخاطب فلم يوجد الاتحاد بينهما فأول بحذف الحكم. (لمحرره).


البدل من غير اعتبار ملابسة بينهما (١) (بعد أن غلطت (٢) بغيره) أي : بغير البدل وهو منه.

(ويكونان) أي : البدل والمبدل منه (معرفتين) نحو : (ضرب زيد أخوك) (ونكرتين) نحو : (جاءني رجل غلام لك) (ومختلفين (٣) نحو : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ١٥ ـ ١٦] ، و (جاء رجل غلام زيد).

(وإذا كان البدل نكرة) مبدلة (من معرفة فالنعت) (٤) أي : نعت البدل النكرة ، لئلا يكون المقصود أنقص من غير المقصود من كل وجه فأتوا فيه (٥) بصفة لتكون كالجابر (٦) لما فيه من نقص النكارة ، مثل : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) ، (ويكونان ظاهرين) نحو : (جاءني زيد أخوك).

(ومضمرين) (٧) نحو : (الزيدون لقيتهم إياهم).

__________________

(١) بخلاف غيره من الأبدال فإنك تقصد إليها باعتبار الملابسة بينهما وبيان للواقع وألا تقول بعد أن غلطت غيره أخرج جمع. ذلك (وجيه).

(٢) قيل : الغلطة على ثلاث أنوع : غلط صريح محقق كما إذا أردت أن تقول : جاء حمار فسبق لسانك إلى رجل ثم تداركت فقلت : حمار ، وغلط نسيان وهي أن تنسى المقصود فتعمل ذكر ما هو غلط ثم تداركته بذكر المقصود فهذا القسمان لا يقعان في تصحيح الكلام كما أشار إليه الشارح.

فإذا وقع في كلام الله كما في حقه الإضراب عن الأول الملفوظ فيه بكلمة بل وغلط بداء ، وهو أن تذكر المبدل منه عن قصد ثم توهم أنه غلط ، وهذا إنما يقع كثيرا في كلام الشعراء للمبالغة ، وشرطه أن ترتقي من الأدنى إلى الأعلى ، كقولك : نجم بدر ، وكذلك قولك : بدر شمس.

(٣) وإنما جاز ذلك لأن البدل لكونه مقصودا في الكلام ومستقلا بنفسه كان كأنه ليس من التوابع إلا من جهة اللفظ ، فلم يشترط أن يطابق تعريفا وتنكيرا كما اشترط في الصفة ، بل جاز لك أن تبدل. (عافية).

(٤) ليس ذلك على إطلاقه ، بل هو في بدل الكل ، ثم نقل عن أبي علي أنه قال : يجوز ترك النعت إذا استفيد من البدل ما ليس في البدل كقوله تعالى : (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)[طه : ١٢] ، أي : مقدس مرتين. (غفور).

(٥) أي : في النكرة الذي يكون بدلا من المعرفة.

(٦) قوله : (كالجابر ... إلخ) إذ به يقرب من المعرفة في تقليل الاشتراك. (وجيه).

(٧) قال : ومضمرين نحو الزيدون لقينهم إياهم قال الرضي : إنما يصح بدلا إذا تقدم لفظ الزيدون وأخوتك والنحاة يوردون في هذا المقام نحو زيد ضربته إياه وهو تأكيد لفظي لرجوعهما إلى شيء واحد وقد اتفقوا في مثل : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)[البقرة : ٣٥] إذا ستتأكد فكذا ـ


(ومختلفين) نحو : (أخوك ضربته زيدا) و (أخوك ضربت زيدا إيّاه).

(ولا يبدل (١) ظاهر من مضمر بدل (٢) الكل) إلا من الغائب ، مثل : (ضربته زيدا) لأن المضمر المتكلم والمخاطب أقوى وأخص دلالة من الظاهر ، فلو أبدل الظاهر منهما بدل الكل يلزم أن يكون المقصود أنقص (٣) من غير المقصود ، مع كون مدلوليهما واحد بخلاف بدل البعض والاشتمال والغلط.

فإن المانع فيها مفقود إذ ليس مدلول الثاني فيها مدلول الأول ، فيقال : (اشتريتك نصفك) و (اشتريتني نصفي) و (أعجبني علمك) و (أعجبتك علمي) و (ضربتك الحمار) و (ضربتني الحمار).

(عطف البيان) (٤)

(تابع) شامل لجميع التوابع (غير صفة) احترز به عن الصفة (يوضح متبوعه) احترز به عن البدل (٥) والعطف بالحروف والتأكيد.

ولا يلزم من ذلك (٦) أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه بل ينبغي أن يحصل

__________________

ـ هنا حاصل كلام الرضي أن البدل يفيد ما لا يفيده الأول وما ذكره من المثال لا يفيده الأول قلنا : إن البدل يفيد هنا أن ينبغي أن ينسب إليه الفعل ليس إلا زيد. (لاري).

(١) إن ضمير المتكلم والمخاطب لا يبدل منه بدل الكل إلا إذا أفاد البدل فائدة من الإحاطة والشمول. (شرح ألفية).

(٢) فلا يفيد زيادة على ما يفيده المبدل منه وفيه أن المفهومين متغايران غاية ما في الباب أنهما متحدان بحسب الذات.

(٣) هذا وجه مطرد في الكل فعمل باطراده ولم يخص الكل ببدل كما فعل المصنف وقال في بدل البعض والاشتمال : لا بد فيهما من ضمير راجع إلى المبدل منه. (عصام).

(٤) عطف البيان هو التابع الجامد المشبه للصفة في إيضاح متبوعه وعدم استقلاله فخرج بقولنا : الجامد الصفة ؛ لأنها مشتقة أو مؤولة. (شرح ألفية).

(٥) تخرج الصفة ؛ لأنها تدل على معنى في المتبوع بخلاف عطف البيان فإنه دال على نفس المتبوع. (عوض).

(٦) قوله : (لا يلزم من ذلك) دفع لما يرد من ظاهر العبارة من الإيضاح مخصوص دون المتبوع إذ قوله : (يوضح متبوعه) صريح بهذا فأجاب الشارح بأنه لا يلزم من ذلك. (جامي).


من اجتماعهما إيضاح لم يحصل من أحدهما على الإنفراد ، فيصح أن يكون الأول أوضح من الثاني مثل :

أقسم بالله أبو حفص (١) عمر

فأبو حفص كنية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، وعمر عطف (٢) بيان له وقصته : أنه أتى أعرابي إلى عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، فقال : إنّ أهلي بعيد وإنّي على ناقة دبراء ، عجفاء ، نقباء (٣) واستحمله فظنه كاذبا ، فلم يحمله ، فانطلق الأعرابي ، فحل بعيره ، ثم استقبل البطحاء ، وجعل يقول وهو يمشي خلف بعيره :

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما مسّها (٤) من نقب ولا دبر

اغفر له اللهم إن كان فجر

وعمر مقبل من أعلى الوادي ، فجعل إذا قال :

اغفر له اللهم إن كان فجر

قال : اللهم صدق حتى التقيا ، فأخذ بيده ، فقال : ضع عن راحلتك فوضع فإذا هي نقبة عجفاء ، فحمله على بعير وزوده وكساه.

(وفضله) أي : فرقة (من البدل لفظا) أي : من حيث الأحكام اللفظية واقع في مثل (٥) :

__________________

(١) أبو حفص بالحاء المهملة والصاد المهملة وهو ولد الأسد كنية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كناه النبي عليه‌السلام ويأتي بمعنى الجمع ويقال : حفصت الشيء أي : جمعته من باب نصر. (قاموس).

(٢) مثلا إذا سمى ثلاثون رجلا بعمر وكنى واحد منهم مع عشرين من غيرهم بأبي حفص ولا شك أن أبا حفص أوضح من عمر حال الانفراد ، وإذا قيل : جاءني أبو حفص عمر كان عمر موضحا له قطعا. (سيد على زاده).

ـ ألا ترى أن عمر رضى الله عنه أوضح المتبوع أعني الكنية وكيف كشف إلا الإبهام عنها.

(٣) هي صفة لها وهي مؤنث أنقب مشتقة من النقب وهي علة الجرب يكون في الدواب. (قاموس).

(٤) ما إن بها من نقب وإن زائدة وفي رواية : ما مسها من جرب. (حواشي هندي).

(٥) أي : في كل ما كان عطف البيان من المعرفة باللام أضيف إليه الصفة المعرفة باللام نحو الصفات بالرجل زيد والتارك البكري بشرو في كل ما يختلف حكم عطف بيان وبدلا بهذا ـ


أنا ابن (١) التارك البكريّ بشر

فإن قولك : (بشر) إن جعل عطف بيان ل : (البكري) جاز ، وإن جعل بدلا منه لم يجز ؛ لأن البدل في حكم تكرير (٢) العامل (٣) ، فيكون التقدير : أنا ابن التارك بشر ، وهو غير جائز كما ذكر فيما سبق في (الضارب (٤) زيد) وآخره :

عليه الطير ترقبه وقوعا

و (عليه (٥) الطير) ثاني مفعولي (التارك) إن جعلناه بمعنى (المصير) (٦) وإلا فهو حال ، وقوله (ترقبه) حال من (الطير) إن كان فاعلا ل : (عليه) وإن كان مبتدأ فهو حال من الضمير المستكن في (عليه).

و (وقوعا) : جمع (٧) واقع ، حال من فاعل (ترقبه) أي : واقع حوله ، ترقبه لإزهاق

__________________

ـ التقرير يتأول صورة النداء. (أيضا فاضل هندي).

(١) قوله : (أنا ابن التارك البكري بشر) البكري نسبة إلى أبي بكر بن وائل يفتخر بأنه قاتل هذا الرجل ؛ لأن المنقول من شجعان العرب ولنا افتخر الشاعر وجعله مجتمعا عليه الطير إذ ضربة بالسيف والبقاء في المعركة واقعة حوله مترقبة إزهاق روحه ليقع الكل عليه ؛ لأن الحيوان ما دام فيه رمق لا يقربه الطير خصوصا في الإنسان. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (تكرير العامل) من حيث أن المقصود بالنسبة فإن البدل لما كان هو المقصود بما نسب إلى المبدل منه وكانت النسبة الملحوظة مرة ثانية عنده ذكر البدل تحقيقا بمعنى المقصودية وتكرير النسبة وتأكيده وإنما يكون في عمق تكرير العامل من حيث أن النسبة مدلول تضمني للعامل. (شيخ زاده).

(٣) فيكون المعنى : التارك بشر ، فلا يصح لكونه من باب الضارب زيد ، وقد مرّ أنه ممتنع خلافا للفرّاء. (معرب).

(٤) قال المصنف : وامتنع الضارب زيد لعدم التخفيف ؛ لأن تنوين المصادر إنما سقط بالألف واللام لا للإضافة وعند الفراء للإضافة. (لمحرره رضا).

(٥) اعلم أن التارك من باب نصر وترك بمعنى ودع فيكون فعلا تاما متعديا وبمعنى صبر فيكون فعلا ناقصا ، أراد الشارح أن ينبه عليهما وعلى إعرابه. (خلاصة أيوبي).

(٦) يكون البكري مفعوله الأول ويكون عليه مقدما والطير مبتدأ مؤخر والجملة مفعوله الثاني للتارك والمعنى : أنا ابن الرجل الذي هو جاهل البكري عليه الطير. (تكملة).

(٧) قال النحاة : لو قال : زوجتك ابنتي فاطمة واسمها عائشة فإذا أراد عطف البيان لصح النكاح ؛ لأن اللفظ لم يقع في معتمد الكلام وإن البدل لم يصح ؛ لأن الغلط وقع معتمد الحديث ، هذه ـ


روحه ؛ لأن الإنسان مادام به رمق ، فإن الطير لا يقربه.

وأما الفرق (١) المعنوي بينهما فقد تبين فيما سبق.

والمراد (٢) بمثل :

أنا ابن التارك البكريّ (٣) بشر

كل ما عطف بيان للمعرف (٤) باللام الذي أضيف إليه الصفة المعرفة باللام نحو : (الضارب الرجل زيد) (٥) ويمكن أن يراد به ما هو أعم من هذا الباب (٦) ، أي : كل ما خالف حكمه إذا كان عطف بيان حكمه إذا كان بدلا ، فيتناول صورة النداء أيضا (٧) ، فإنك تقول : (يا غلام زيد وزيدا) بالتنوين ، مرفوعا حملا على اللفظ ، منصوبا حملا على المحل إذا جعلته بيان ، و (يا غلام زيد) بالضم إذا جعلته بدلا.

والمعنى الأول (٨) أظهر ، والثاني أفيد.

__________________

ـ الفائدة أوردها الحديثي. (حلبي).

(١) وأما الفرق المعنوي فلأن البدل هو الذي يعتمد الحديث وذكر المبدل منه للتوطئة بخلاف عطف البيان فإن المتبوع هو الأول وذكر عطف البيان إنما هو لتوضيح المتبوع ولهذا كان زيد في قولك : مررت بأخيك زيد بدلا إن كان للمخاطب أخ واحد فقط وعطف البيان إن كان له إخوة. (متوسط).

(٢) أراد الشارح بهذا أن يبين وجه الشبه بين عطف البيان في تركيب : أنا ابن البكري ، وبين عطف البيان الذي يكون مثلهما فقال : (والمراد). (شرح).

(٣) وقصته أن رجلا جرح بشر بن عمرو ، من شجعان العرب ولم يعرف جارحه.

(٤) (عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ)[الأعراف : ١٤٨] الآية ، وجسدا بدل من عجلا ، وجعله بدلا منه أولى من جعله عطف بيان ؛ لأن عطف البيان في النكرة قليل أو ممتنع عند الجمهور. (شيخ زاده).

(٥) حيث جعل زيد عطف بيان من الرجل المعرّف باللام ، فلا يجوز أن يكون بدلا منه. (عبد الله).

(٦) أي : من باب الضارب الرجل زيد ، يعني : من هذه الهيئة. (أيوبي).

(٧) أي : كما يتناول عطف بيان للمعرف باللام الذي أضيف إليه الصفة المعرف باللام. (محمد أفندي).

(٨) وأما كون الأول أظهر فلأن المتباد من قوله : (أنا ابن التارك البكري بشر) حيث عرّف المضاف إليه باللام المضاف ثم جعل بشر عطف بيان مثل الضارب الرجل زيد وأما الثاني قيد فلشموله صورة النداء أيضا. (وجيه الدين).


(المبني) (١)

أي : الاسم (٢) المبني وهذا الحد لا يصح إلا لمن يعرف ماهية (٣) المبني على الإطلاق ولا يعرف الاسم المبني ، إذ لو لم يعرفها لكان تعريفا للمبني بالمبني (٤) ؛ لأنه ذكر في حدّ المبني لفظ المبني.

(ما ناسب) (٥) أي : اسم ما ناسب (مبني الأصل) (٦) وهو الحرف والفعل الماضي والأمر بغير اللام.

__________________

(١) ولما كان الاسم منقسما على قسمين معرف ومبني وقد ذكر المعرب بتفاصيله أولا ذكرنا في وجه تقديم المعرب بعد تكميله أن يبين المبني فقال : المبنى إضافة. (عافية).

سمي به مبينا تشبيها بالبناء المرصوص في اللزوم والدوام على هيئة كما في بناء الدار والقصر. (رضا).

(٢) قوله : (أي : اسم المبني) لا مطلق المبني بقرينة تقسيم الاسم في أول الكتاب إلى المعرب والمبني فيكون اللام للعهد (حلبي).

ـ والمراد بماهية المبنى الحرف والماضي والأمر بغير اللام وهذا التحقيق قول الرضي المرضي عند الشارح ، وحاصله أن المراد المعرف بالاسم المبني بالمعرف بكسر الراء ماهيته المعروفة عند المخاطب فلا يلزم تعريف الشيء بنفسه هذا وقال المحشي : وفيه نظر ؛ لأن لزوم تعريف الشيء بنفسه لو سلم إنما يلزم لو كان تعريف للمبنى المطلق.

(٣) وأما إذا كان تعريف الاسم المبني فليس إلا تعريف الخاص بالعام ولا محذور فيه نعم لو كان تعريف المبني المطلق يلزم أن لا يكون جامعا لخروج مبني الأصل. (مصطفى حلبي).

(٤) الذي هو المجهول بنفسه بخلاف ما إذا عرف ماهية المبني على الإطلاق وهو ما حركه وسكون لا بعامل. (وجيه الدين).

(٥) وإنما لم يقل ما شابه ليتناول جمع أقسام المبني لعموم المناسبة فنبه على أن البناء يكون المناسبة ما كان. (عوض).

ـ قال ما ناسب معتبرة في هذا القيد احتراز عن المناسبات التي لم يعتبر الضعف أو معارض كمناسبة غير المنصرف الفعل الماضي في الفرعيتين ومناسبة أي بالحرف على لزوم الإضافة المانعة للبناء. (هندي).

(٦) قوله : (مبني الأصل) اعلم أنه تعريف المجهول ؛ لأنه من المتعسر بل من المتعذر علينا اعتبار وجود العارض والضعيف كالأمر فحاصل وضعه ، فإن قلت : جميع الأزمنه مبنية في أصل وضعها ، قلت : مبني الأصل إنما كان مبنيا في أصل نوعه كالماضي مثلا فإنه لا فرد منه معرب وأما المبني اللازم فليس فحاصل وضع نوعه لوجود الأسماء المعربة كذا قالوا فيه أن الأسماء الإشارة نوعها مبني فالأصوب أن يقال : المراد بمبتى الأصل ما لا يكون له إعراب لا لفظا ـ


والمراد (١) بالمشابهة المنفية في تعريف المعرب هو هذه المناسبة (٢).

ولقد فصل صاحب المفصل هذه المناسبة ، بأنها إمّا بتضمن (٣) الاسم معنى مبني الأصل مثل : (أين) فإنه يتضمن معنى همزة الاستفهام ، أو بشبهه له كالمبهمات ، فإنها تشبه الحروف في الاحتياج إلى (٤) الصلة أو الصفة (٥) أو غيرهما ، أو وقوعه موقعه ، ك : (نزال) فإنه واقع موقع (إنزال).

أو مشاكلته للواقع موقعه ك : (فجار) أو وقوعه موقع ما أشبهه كالمنادى المضموم فإنه واقع موقع كاف الخطاب المشابه للحرف في نحو : (أدعوك) أو إضافته (٦) إليه كقوله تعالى : (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) [المعارج : ١١] فيمن قرأ بالفتح (٧).

(أو وقع غير (٨)

__________________

ـ ولا تقديرا ولا محلا (حاشية هندي).

(١) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن المصنف قال في تعريف المعرب لم يشبه والمناسب أن يقول في تعريف المبنى : ما شابه في موضع ما ناسب.

(٢) وإلا يكون الواسطة بين المعرب والمبني نحو يومئذ معرب باعتبار أن لم يشبه مبني الأصل ومبني باعتبار أنه نسب مبني الأصل. (لمحرره قدمي).

(٣) معنى التضمن أن يؤدي ما يؤديه الحرف من المعنى ويصاغ عليه صياغة ليظهر ذلك الحرف بعينه. (محصول).

(٤) لأن أين مركب من الظرف والاستفهام بينهما مناسبة بالكلية وللجزئية.

(٥) كأسماء الإشارة فإنه لا بد من وصف اللام أما نحو هذا زيد فالتقدير هذا الرجل زيد.

(٦) أي : ما أشبه نحو إذ فإن مشابهته للحرف في الاحتياج. (ق).

(٧) وكل اسم أضيف إلى مبني يجوز أن يجعل معربا ؛ لأن لا مشابهة له للمبني لا بوجه قريب ولا بعيد ، ويجوز أن يجعل مبنيا ؛ لأن المضاف كما يكتب من المضاف إليه التعريف والتنكير وغيرهما مما ذكر في القسم المضاف فكذلك يكتب المضاف من المضاف إليه البناء ونحو : (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) قرأ بجرّ يومئذ وفتحه القرأء السبعة ، فمن جره لم يجعل مبنيا ، ومن فتحه جعله مبنيا ؛ لأنه مضاف إلى إذ ، وهو مبني. (مكمل).

(٨) أوقع غير مركب مع غير المركب مع الغير إجراء الجملة والمركب لغيره هو نفس الجملة ، مثلا يقال : لكل واحد من زيد وقائم في زيد قائم أنه مركب مع غيره بخلاف المركب بغيره ، فإنه لا يطلق إلا المجموع زيد قائم. (مصطفى جلبي).

ـ نبه على أن الاسم قد يكون مبنيا لفقدان بسبب الإعراب ، وقد عرفت ومن هذا علم أن البناء كما يكون لأمر وجودي يكون كذلك لأمر عدمي كالمعرب ، والقسم الثاني لا يكون بناؤه إلا على السكون فرقا بينه وبين الأول ، والسكون أولى لقوة بناءه ، وكون السكون أصلا فيه بخلاف ـ


مركب) (١) مع غير على وجه يتحقق معه عامله.

فعلى هذا المضاف من المركبات الإضافية المعدودة (٢) (كغلام زيد ، وغلام عمرو ، وغلا بكر) مبني والمضاف إليه معرب.

ولما (٣) كان المبني مقابلا للمعرب ، واعتبر في المعرب أمران : التركيب ، وعدم المشابهة لمبني الأصل كان المبني ما انتفى فيه مجموع هذين الأمرين إما بانتفائهما معا أو بانتفاء أحدهما (٤) فقط.

فكلمة (أو) هاهنا لمنع الخلو ، وإنما اختلف ترتيب ذكر المشابهة والتركيب في تعريفي المعرب والمبني تقديما وتأخير إيثار لتقديم ما مفهومه (٥) وجودي لشرفه.

(وألقابه) (٦) أي : ألقاب من حيث حركات (٧)

__________________

ـ الأول فإن بناءه بسبب عروض مانع من الإعراب. (عافية).

(١) ولما كان المراد بالمركب المثبت في تعريف المعرب المركب مع عامله يتحقق مع عامله كان المراد بالمركب المنفي هاهنا عدم ذلك المركب ، فأراد الشارح تفسيره فقال : (مع غيره). (عبد الله).

(٢) أي : المركبات المعدودة من المبينات ، أي : كل اسم حاصل من كلمتين. (جامي).

(٣) أراد الشارح أن يبين وجه تنويع المبني والمعرب ، فكأنه قال : المبني على نوعين : أحدهما : ما ناب مبنى الأصل ، والثاني : ما وقع غير مركب. (عبد الله).

(٤) فعلم من هذا أن المبني ثلاثة أقسام صدق الصورتين كهؤلاء ، أو صدق الأول وكذب الثاني نحو : ضرب هؤلاء ، أو صدق الثاني وكذب الأول كما في التركيب الإضافية نحو : غلام زيد ، وغلام بكر. (لمحرره رضا).

(٥) فالتركيب في تعريف المعرب مفهوم وجودي ، وعدم المشابهة مفهوم عدمي ، فقدم التركيب على عدم المشابهة، وفي تعريف المبني عدمي المشابهة وجود فقدمها على التركيب. (وجيه الدين).

(٦) وإضافة الألقاب إلى الضمير الراجع إلى المبني لأدنى ملابسة ، وتقديره ألقاب البناء في المبني. (متوسط). وهذا كالوصف بحال متعلق الموصوف. (وجيه).

ـ أي : ألقاب البناء لدلالة المبني عليه ، فكأنه مذكور معنى. (عوض).

ـ وإنما قال في البناء : ألقابه ، وفي الإعراب : أنواعه ؛ لأن أنواع الإعراب مختلفة بالحقيقة لدلالة كل واحد منها على معنى وهو الفاعلية والمفعولية والإضافة ، بخلاف ألقاب البناء فإنه ليس المراد منها إلا الألفاظ. (متوسط).

(٧) لا من حيث أنفسها ، فإنه لا يقال للمبني الضم ولا الفتح ، بل المضموم والمفتوح. (عصام).

ـ أحبوا أن يوجد المخالفة بينهما في التسمية ليقف السامع عند سماعه على المراد ، فسموا حركات الأول بالرفع والنصب والكسر ، وسكونه بالجزم ، وحركات الثاني بالفتح ـ


أواخر وسكونها (١) عند البصريين (٢).

(ضم وفتح وكسر) للحركات الثلاث (ووقف) للسكون وإما الكوفيون فيذكرون ألقاب المبني في المعرب وبالعكس (٣).

والمراد : أن الحركات والسكنات البنائية لا يعبر عنها البصريون إلا بهذه الألقاب لا أن هذه (٤) الألقاب لا يعبر بها إلا عنها ؛ لأنهم كثيرا ما يطلقونها على الحركات الإعرابية أيضا (٥) ، كما مر في صدر الكتاب ، حيث قال : بالضمة رفعا والفتحة نصبا والكسرة جرا ، وعلى غيرها كما يقال : الراء في (رجل) مثلا مفتوحة الجيم مضمومة.

(وحكمه) (٦) أي : حكم المبني وأثره المترتب على بنائه (ألا يختلف (٧) آخره) أي: آخر المبني لكن لا مطلقا بل (لاختلاف العوامل) إذ قد يختلف آخره لا لاختلاف

__________________

ـ والضم والكسر ، وسكونه بالوقف ، هذا رأي البصريين. (عوض أفندي).

(١) من حيث علامة ، يعني ألقاب حركات أواخره وسكونها ، أو ألقاب علامة البناء التي هي حركات وسكون الضم والفتح والكسر ، وإنما خص بالحركات ؛ لأن المبني قد يكون مع الألف والياء ، نحو : يا زيد ، ويا رجلين ، ولا يطلق عليهما الضم والفتح حقيقة ، وقد وقع ذلك الإطلاق في كلام المتقدمين مجازا ، قال الرضي : وعندي أن إطلاق الرفع والنصب والجر على الحركات الإعرابية حقيقة ، وعلى الحروف الإعرابية مجازا ، تسمية للثاني باسم المنوب. (فاضل محشي).

(٢) من قبيل تقسيم الشيء إلى أجزائه. (كسكنجبين).

(٣) ردّ لما قيل من أن كلامه يدل على اختصاص الضم والفتح والكسر بالمبني ، ولعله فهم ذلك الاختصاص من قوله : (ألقابه) لأن لقب الشيء مختص به ، فعلى ما ذكره الشارح أن تلك الأمور ألقاب الحركات المبني لا بخصوصها. (لاري).

(٤) ـ والمراد أن الحركات والسكنات البنائية لا يعبر عنها البصريون إلا بهذه الألقاب ، لا أن هذه الألقاب لا يعبر بها إلا عنهما ؛ لأنهم كثيرا يطلقونها ... إلخ. (نسخة).

(٥) يعني أن هذه الحركات والسكنات منحصرة ومختصة بهذه الألقاب ، وهذه الألقاب ليست بمنحصرة بالحركات والسكنات البنائية كما حققه الشارح رحمه‌الله. (رضا).

(٦) لكن بالقصد إلى التجوز ؛ لأنه وضع العام موضع الخاص بدون العكس. (عافية).

(٧) وحقه أن يؤخر عن تقسيم المبني إلا أنه قدمه ؛ لأن غيره جعله تعريفا للمبني ، فنبه على أن حكمة الذي لا يعرف إلا بعد معرفته ، فعقب تعريفه بقوله : (وحكمه) تنبيها على وجه العدول. (عصام).

(٨) وإنما لم يجعل المذكور حدا كما جعله بعضهم كذلك لاستلزامه الدور ؛ لأن انتفاء اختلاف الآخر فرع على عقليته ، فلو جعل ذلك فرعا له لرد الدور كما في الإعراب. (عافية شرح الكافية).


العوامل نحو : (من الرجل) (١) و (من امرئ) و (من زيد).

(وهي) أي : المبني ـ والتأنيث ، باعتبار الخبر ـ (المضمرات وأسماء الإشارة والموصولات (٢) والمركبات الكنايات (٣) وأسماء الأفعال والأصوات) بالرفع عطف على أسماء الأفعال (٤) ، لا على الأفعال لتصديره بحث الأصوات فيما بعد بالأصوات لا بأسماء الأصوات.

(وبعض الظروف) وإنما قال : بعض الظروف (٥) ؛ لأن جميعها ليست بمبنية بل بعضها.

فهذه ثمانية أبواب في بيان الأسماء (٦) المبنية ولا بد لكل واحد منها من علة البناء ؛ لأن الأصل في الأسماء الأعراب.

وإذا كان مبنيا على الحركة فلا بد عند ذلك من علتين أخريين :

أحدهما : علة البناء على الحركة فإن الأصل في البناء السكون.

__________________

(١) لأن من حرف والحرف مبني الأصل واختلف وحرك لالتقاء الساكنين في الصورتين الأوليين ، وأسكن في الصورة الأخيرة. (س ر ح).

(٢) وإنما لم يذكر أسماء الموصولات ؛ لأنهما موصولات ، لا أنها أسماء موصولات ، وإنما جمع لاختلاف أنواعه. (هندي).

ـ بنيت الموصولات لاحتياجها إلى الصلة ، كما أن الحروف تحتاج إلى متعلقاتها. (غجدواني).

(٣) الأولى أن يقول : وبعض الكتابات ؛ لأن بعضها معرب ، كفلان وفلانة. (لاري).

(٤) وفي جره نظر ؛ لأن المذكور من النسخ ونحوه صوت لا اسم صوت ، وكذا في رفعه ؛ لأن الصوت ليس باسم لعدم الوضع ، فكيف يذكر في الأسماء المبنية؟ والجواب : أنها ملحقة بالأسماء جارية مجراها في البناء ، وإن لم تكن أسماء على الحقيقة ؛ لعدم الوضع ، وعلى هذا لا يشكل ذكرها في الأسماء المبينة. (فاضل هندي).

(٥) ولم يقل بعض الموصولات مع أنه أتى معربة وحدها لقلتها ولئلا يتوهم أنه على مذهب من جعل اللذان واللتان مرتين ولكن ينبغي أن يقال : وبعض المركبات ؛ لأن المركبات قسمان قسم مبني من نحو خمسة عشر وقسم معرب وهو بعلبك. (فاضل محشي).

(٦) يعني لا يشكل حصر المبني في هذه الثمانية بما الشرطية والاستفهامية والصفة والتامة ومن بأقسامها سوى الموصولة ؛ لأن المراد بالموصولات ليس مجرد الموصولات بل ما هو من بيان طائفة من الأسماء المبنية موصولات كانت أو غيرها وفسر عليه البواقي.


والأخرى : للحركة المعنية أنها لما اختيرت دون الباقيتين (١).

(المضمر) (٢)

(ما (٣) وضع لمتكلم) (٤) من حيث إنه متكلم (٥) يحكي عن نفسه.

(أو مخاطب) من حيث أنه مخاطب يتوجه إليه الخطاب.

وقيل : المراد بالمتكلم من يتكلم به والمخاطب : من يخاطب به ، فإن (أنا) موضوع لمن يتكلم به ، و (أنت) لمن يخاطب به ، ويخرج بهذا القيد (٦) لفظ (المتكلم) و (المخاطب) فإن الأسماء الظاهرة (٧) كلها موضوعة للغائب مطلقا. (أو غائب تقدم (٨)

__________________

(١) منها بأن يقال مثلا : إن من الضمائر لم يبن على الفتح دون الكسر والضم. (عبد الله أفندي).

(٢) وهو في اللغة مشتق من أضمرت الشيء في نفسي إذا استترته وأضفيته فعلى هذا الأصل في الإضمار هو المستتر ؛ لأنه شيء لا لفظ له ظاهر بل هو موجود في النية والباقي محمول عليه في كونه ملتبسا بهذا اللقب. (عوض).

(٣) عبارة عن الاسم احتراز عن نحو ضرت وضرب فإنه أن يصد قرانه وضع لمتكلم أو غائب لكنه ليس المبين باسم. (عوض).

(٤) المشهور وعند النحاة وضع هذه الضمائر لمفهوم المتكلم والمخاطب والغائب والتحقيق وضعها لجزئيات معينة لهذه المفهومات والتعريف أظهر فيما هو التحقيق وبهذا استغنيت عما تكلف الشارح لإخراجها. (عصام).

(٥) الظاهر أنه زاد قيد الحيثية للاحتراز عن نفس المتكلم والمخاطب فإنهما وإن وضعا للدلالة على المتكلم والمخاطب لا لأنهما لم يوضعا لهما ولم يدلا عليها من تلك الحيثية بخلاف نحو أنا وأنت والنحويون لم يعتبروا الحيثية ويحترزون عن لفظ التكلم والمخاطب بقيد المتكلم والمخاطب فإنهما لم توضعا لمتكلم ومخاطب والظاهر ما قاله الشارح. (وجيه الدين).

(٦) أي : بقيد الحيثية على الأول ويكون المراد متكلم تكلم به على الثاني وقال العصام : أي : بقيد لوضع لكونه لأحد الأمور الثلاثة ولهذا أفرد القيد.

(٧) في حكم الغائب حيث يجري أحكامها عليها إلا أنها في أنفسها غيب ؛ لأن مدلولاتها قد تكون مخاطبا وقد تكون غائبا. (وجيه).

(٨) لا يقال هذا التعريف منقوض بلفظ المتكلم والمخاطب والغائب ؛ لأن الأول منها يصدق عليه أنه ما وضع لمتكلم وكذا الكلام في الثاني والثالث فإن يصدق عليهما أنهما وضعا لمخاطب ـ


ذكره) ويخرج بهذا القيد الأسماء الظاهرية ـ أن كانت موضوعة للغائب مطلقا ـ إذ ليس تقدم ذكر الغائب شرطا فيها.

(لفظا أو معنى أو حكما) (١) أراد بالتقدم (٢) اللفظي : ما يكون المتقدم ملفوظا ، إما متقدما تحقيقا مثل : (ضرب زيد غلامه) أو تقديرا ، مثل : (ضرب غلامه زيد).

وبالتقدم المعنوي : أن يكون المتقدم مذكورا من حيث المعنى لا من حيث اللفظ (٣) ، وذلك المعنى إما مفهوم من لفظ بعينه كقوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) فإن مرجع الضمير هو العدل (٤) المفهوم من قوله تعالى : (اعْدِلُوا.)

فكأنه متقدم (٥)

__________________

ـ وغائب لأنا نقول معنى الكلام ليعبر به المتكلم عن نفسه أو مخاطبه وغائبه فلفظ المتكلم والمخاطب أو الغائب ليس كل منها وضع على ذلك بل بدليل على أنه من له المتكلم والمخاطب والغائب وفي كلام المصنف إشارة إلى أن الضمير في إياه وإياك وإيانا ليس إلا أيا واللواحق الباقية لبيان أحوال من هو له من التكلم والخطاب والغيبة والأفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث خلافا للبعض وفيه اختلاف كثيرة لا يليق بهذا الكتاب.

(١) على أن يراد الوضع على وجه الكناية فيخرج اسم الإشارة ونحوها وفيه أن نحوكم وكذا موضوع للغائب على وجه الكناية لكن لا بشرط تقدم الذكر فلا بد من التقييد به فكيف يكون غير داخل في الحد فهو احتراز عن الأسماء الإشارة لكونها غنيا كسائر الأسماء الظاهرة بغير شرط التقديم. (هندي).

(٢) اعلم أن تفسير التقدم اللفظي بما ذكره يدل على أنه جعل قوله : (لفظا أو معنى) من أقسام الذكر حقيقة لا من أقسام التقدم حقيقة لكن بما كان المقصود الأصلي هنا بيان التقدم جعله من أقسامه وبهذا الدفع اعتراض الرضي بأن تقسيم التقديم اللفظي إلى الحقيقي والتقديري خلاف ما به فإن عبارة المصنف جعل اللفظ قسيم التقدير كما قال في المعرب : لاختلاف العوامل لفظا أو تقديرا أو قال التقديري فيما تعذر ثم قال واللفظي فيما عدا كامله وغيره.

(٣) أراد بالذكر من حيث اللفظ أن يكون المعنى مقصودا باللفظ باستعماله فيه وإلا فمعنى اللفظ باعتبار أنه مدلول مذكور لفظا. (عصام).

(٤) أي : تضمنا أو التزاما ومنهم من جعل بالأول وجعل الثاني من باب السابق والأول أظهر.

(٥) قوله : (فكأنه متقدم ... إلخ) الظاهر أن يقال من حيث اللفظ ، اللهم إلا أن يقال إن الضمير يرجع إلى لفظ العدل المفهوم معناه من (اعْدِلُوا) فكان لفظ العدل مذكور من حيث معناه لا من حيث لفظه. (وجيه الدين).


من حيث المعنى ، أو من سياق الكلام (١) ، كقوله تعالى (وَلِأَبَوَيْهِ) [النساء : ١١] ؛ لأنه لما تقدم ذكر الميراث دلّ على أن ثمة مورثا فكأنه تقدم ذكره معنى.

وأما التقدم (٢) الحكمي (٣) فإنما جاء في ضمير الشأن (٤) والقصة ؛ لأنه إنما جيء به من غير أن يتقدم ذكره قصدا لتعظيم القصة بذكرها مبهمة ليعظم وقعها في النفس ثم تفسيرها فيكون ذلك أبلغ من ذكره أولا مفسرا صار كأنه في حكم العائد إلى الحديث المتقدم المعهود بينك وبين مخاطبك وكذا الحال في ضمير (نعم (٥) رجلا زيد) و (ربه رجلا). (هو) أي : المضمر بالنظر إلى ما قبله قسمان :

(متصل ، ومنفصل (٦) فالمنفصل المستقل بنفسه) (٧) غير محتاج إلى كلمة أخرى قبله ليكون كالجزء منها ، بل هو كالاسم الظاهر (٨) سواء كان مجاورا لعامله ، نحو : (ما

__________________

(١) قوله : (من سياق) السابق على الضمير أو الواقع فيه الضمير وإن كان مع ضميمة قرينة خارجية كما قال الشيخ الرضي في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[القدر : ١] أن النزول في ليلة القدر والتي هي في رمضان دليل على أن المنزل هو القرآن مع قوله تعالى :(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)[البقرة : ١٨٥]. (عبد الغفور).

ـ الفرق بين السباق والسياق الأول يطلق على المتقدم والثاني على المتأخر.

(٢) لم يقل وأراد بالتقدم الحكمي كما قال في اللفظي والمعنوي ؛ لأن مراد المصنف غير معلوم في حكمي ؛ لأن بعض المصنفين كالبيضاوي لم يذكر التقدم الحكمي أصلا وتفصيله في الامتحان.

(٣) والمراد بالتقدم الحكمي أن لا يتقدم ذكره لا لفظا ولا معنى بل يكون في حكم تقدم الذكر وذلك بأن يؤتى به مبهما كتعظيم القصة ثم يفسر فيكون تأخير التفسير الذي أصله التقديم لغرض فكان في حكم التقديم وكان متقدما حكما معهودا بينك وبين مخاطبك كسائر ما يرجع إليه الضمير من المتقدم لفظا أو تقديره. (وجيه).

(٤) ولضمير الشأن أربع مراتب : عدم تقديم المرجع ، وكون الخبر جملة ، وعدم رجوع الضمير منها إليه ، وكون مفهوم الشان.

(٥) تقول : نعم الرجل زيدا أو غلام الرجل زيد وبئس الرجل عمرو أو غلام الرجل عمرو وسمي الأول فاعلا والثاني المخصوص بالمدح والذم ويضمر الفاعل ويفسر بنكرة منصوبة فقال : نعم رجلا زيد.

(٦) لأنه إن لم يكن مستقلا في التلفظ فهو الأول وإلا فهو الثاني. (عافية).

(٧) في التلفظ أي : الذي صح التلفظ به في الاصطلاح وأما معنى المعنى فالمنفصل والمتصل كلاهما مستقلان ؛ لأنهما اسمان. (هندي).

(٨) فيه إشارة إلى أن المعتبر في الاستقلال وعدمه الفرق والاستعمال دون الفعل وإلا لما جاز اشتراك هما وهم وهن.


أنت منطلقا) عند الحجازية ، أو غير مجاور له نحو : (ما ضربت إلا إيّاك).

(والمتصل غير المستقل بنفسه) المحتاج إلى عامله الذي قبله ليتصل به ويكون كالجزء منه. (وهو) أي : المضمر باعتبار الإعراب أقسام : (مرفوع ومنصوب (١) ومجرور) لقيامه(٢) مقام الظاهر ، وانقسام الظاهر إليها. (فالأولان) أي : المرفوع والمنصوب كل واحد منهما قسمان : (متصل) (٣) لأنه الأصل (ومنفصل) لمانع من الاتصال (٤) (والثالث) أي : الضمير المجرور (متصل) فقط ؛ لأنه لا مانع (٥) فيه (٦) من الاتصال الذي هو الأصل، وستعرف المانع من الاتصال إن شاء الله تعالى. (فذلك) (٧) أي : المضمر (خمسة أنواع) المرفوع المتصل والمنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل.

النوع (الأول) يعني : المرفوع المتصل ضمير (ضربت) على صيغة المتكلم الواحد المعلوم الماضي (وضربت) (٨)

__________________

(١) وإطلاق المرفوع والمنصوب والمجرور مجاز ؛ لأن المرفوع والمنصوب والمجرور حقيقة في المعرب والضمير مبني لكن لما كان واقعا موقع الظاهر قائما مقامه سمى باسمه مجازا.

(٢) لأن المضمر يكنى به عن الظاهر فكما أن الظاهر يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا كذلك المضمر لذلك فالضمير المرفوع كناية عن ظاهر مرفوع والمنصوب والمجرور كذلك وبهذا ظهر وجه تسمية كل منها بكلم الخاص. (شرح الكافية العافية).

(٣) أفرد الخبر مع أن المبتدأ مثنى تنبيها على أنه حكم على كل واحد فالمبتدأ مؤول بالمفرد ولا حاجة إلى تقدير مبتدأ هو كل منهما كما يعرفها العربي وإن اشتبه على الهندي. (عصام الكافية).

(٤) أي : لوجود مانع من الموانع من الآتية لكونه متصلا. (عبد الله).

(٥) قوله : (لأنه لا مانع) إذ لا يتقدم المجرور على الجار ولا يجوز الفصل بينه وبين جاره والفصل بين المضاف والمضاف إليه وإن جاز بالظرف في الشعر إلا أن يمنتع بواسطة اتصال الضمير ولا بحذف الجار في محل يكون مجروره مضمر ولا يكون عامله أمرا معنويا ولا حرفا والضمير مرفوع ولا يكون الضمير المجرور مسندا إليه صفة حرت على من هي له. (وجيه الدين).

(٦) إن قلت : من الموانع الفصل وقد يقع بين المضاف والمضاف إليه قلنا : لا يقع إذا كان المضاف إليه ضمير مع أن الفصل بينهما مطلقا. (غفور).

(٧) أتى المصنف باسم الإشارة الموضوع للبعيد تنبيها على أن المحكوم عليه المضمر دون المرفوع والمجرور بتأويل (عصام الكافية).

(٨) يقال : الأولى أن تقول : ضربت وتضرب إلى ضربن ويضربن ليكون أفراد الضمير المرفوع المتصل مستوفاة قلت : أشار إلى بيان الضمائر المتصلة بأنها دائرة على التعريف المعلوم ـ


على صيغة المتكلم الواحد المجهول (١) الماضي المنتهيين : أولهما (٢) (إلى ضربن) على صيغة جمع الغائبة المعلوم الماضي وثانيهما (٣) إلى (ضربن) على صيغة جمع الغائبة المجهول الماضي.

وإنما بدأ بالمتكلم ؛ لأن ضمير المتكلم أعرف ، وأخر ضمير الغائب ؛ لأنه دون الكل وصورة التصريف هكذا : ضربت ، ضربنا ، ضربت ، ضربتما ، ضربتم ، ضربت ، ضربتما ، ضربتنّ ، ضرب ، ضربا ، ضربوا ، ضربت ، ضربتا ، ضربن ، وعلى هذا قياس المجهول.

(و) النوع (الثاني) أي : المرفوع المنفصل (أنا إلى هنّ) : أنا (٤) نحن ، أنت أنتما، أنتم ، أنتما ، أنتن ، هو (٥) ، هما ، هم ، هي ، هما ، هنّ ، الضمير في (أنت) إلى (أنتن) هو (٦) (أن) إجماعا (٧) والحروف الأواخر لواحق دالة على أحواله من الأفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.

__________________

ـ في الصرف فلم يغنه الماضي والمستقبل وغيرهما ولكن أراد التنبيه على أن الضمير المرفوع قد يكون فاعلا وقد يكون مفعولا.

(١) فأراد أن ينبه على أن أفراد هذا النوع بهذه الصورة لا يتصل إلا بالماضي المبني للفاعل أو المفعول وأما غيرهما من المضارع والصفات فلا يتصل بها ؛ لأن لتلك الألفاظ اختصاص بهما كما سيجيء. (عافية).

(٢) بدل من المستتر في المنتبهين بدل البعض من الكل وأشار به إلى أن كلمة إلى للإسقاط لا لمد الحكم فلا يلزم دخول ما بعدها في الحكم. (عصام).

(٣) اعلم أن في إلى مذاهب أحده إنه لم يكن ما بعدها من إن ما قبلها شاملا لما بعدها فإلى فيه لمد الحكم إلى ما بعدها وهو خارج عن الحكم مثل : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)[البقرة : ١٨٧] وإن كان ما بعدها من جنس ما قبلها فإلى الإسقاط ما وراءها بعدها فهو حينئذ داخل في الحكم.

(٤) قد تبدل همزته هاء نحو هنا وقد يمد همزته نحو آنا وقد يسكن نونه في الوصل وهو عند البصريين همزته ونون الألف زيدت للوقف (لاري).

(٥) فإن قيل : لم خص الهاء بالغائب قلت : لأن الهاء عندهم حرف خفي غاية الخفاء والغائب أيضا خفي فوضع لأجله.

(٦) ثم زيدت التاء لمناسبة الواو ولم يمكن زيادة حرف اللين لعدم تحمل الحركة وأسكنت النون لئلا يجتمع ثلث الحركات متواليات ؛ لأن ثلث حركات في المضمرات أربع حركات في المظهر.

(٧) وليس نقل الإجماع في هذا المحل بصحيح وإنما هو مذهب فإن الفراء قال : إن أنت بكماله ـ


(و) النوع (الثالث) أي المنصوب المتصل ، وهو قسمان :

القسم الأول المتصل بالفعل (نحو : ضربني إلى ضربهن) ضربني ضربنا ضربك ضربكما ضربكم ضربك ضربكما ضربكن ضربة ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربهن.

(و) القسم الثاني المتصل بغير الفعل نحو : (إنني) إننا إنك إنكما إنكم إنك إنكما إنكن إنه (إلى إنهن).

(و) النوع (الرابع) أي : المنصوب المنفصل (١) (إياي) إيانا ، إياك ، إياكما ، إياكم إياك ، إياكما ، إياكن إياه (إلى إياهن).

وفي (إياي) اختلافات كثيرة والمختار أن الضمير هو (إيا) (٢) ولواحق للدلالة على المتكلم والخطاب والغيبة والإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.

(و) النوع (الخامس) (غلامي) مثال (٣) المتصل بالاسم ، (ولي) مثال المتصل بالحرف : غلامي ، غلامنا ، غلامك ، غلامكما ، غلامكم ، غلامك ، غلامكما ، غلامكم ، غلامه (ولي ، لنا ، لك ، لكما) (إلى لهنّ).

وكان القياس (٤) أن تكون ضمائر كل من المتكلم والمخاطب والغائب ستة لكنهم

__________________

ـ اسم فالتاء من نفس الكلمة وقال بعضهم أن الضمير هو التاء المصرفة كانت مرفوعات متصلة فلما أراد انفصاله وعمومها بمستقبل فإن قيل لعل مراده إجماعا للبصريين كما حمل عليه صاحب اللباب قيل هذا لا يدفع الاعتراض فإن ابن كيسان من البصريين هو قائل بأن التاء في أنت هي الاسم وهي التي في نحو قمت ولكنها كسرت بأن فلا إجماع من الكل ولا من البصريين. (وجيه الدين).

(١) وإنما خصت الباء بالمتكلم لامتناع الألف والواو وذلك أن الألف وضع للاثنين والواو للجمع وهما مرفوعان فلم يبق الضمير المنصوب أو المجرور إلا الياء.

(٢) واختلفوا في أي أنها اسم مشتق أو موضوع فمن قال : إنه مشتق من الأهواء وأصله أو ياء فاجتمع الواو والياء فصارا يا ومن قال : إنه موضوع اختلفوا أنه مظهر قال : إنه مضاف إلى الضمير واتفق أكثر المتأخرين أنه ضمير وضع للمنصوب والحق بآخره الكاف والهاء والياء.

(٣) وإنما أورد مثالين ليعلم اتصال الضمير المجرور بالاسم والحرف.

(٤) ثم لما كانت الأقسام الجائزة في الضمائر أكثر من التي وجدت في اللغات أراد الشارح أن يذكر وجه حصرها بما ذكر فقال : (وكان القياس). (عبد الله أفندي).


وضعوا للمتكلم لفظين يدلان على ستة معان ك : (ضربت) و (ضربنا).

فضمير (ضربت) مشترك بين الواحد المذكر والمؤنث ، وضمير (ضربنا) مشترك بين الأربعة : المثنى المذكر ، والمثنى المؤنث ، والمجموع المذكر ، والمجموع المؤنث.

ووضعوا للمخاطب خمسة ألفاظ أربعة غير مشتركة ، وواد مشترك بين المثنى المذكر والمثنى والمؤنث ، وأعطوا الغائب (١) حكم المخاطب في ذلك.

فإن الضمير (٢) في مثل : (ضربا ، وضربتا) هو الألف المشترك بينهما والتاء حرف تأنيث وبقية الأنواع (٣) الخمسة جارية هذا المجرى ، أعني : أن للمتكلم لفظين ولمخاطب خمسة وللغائب خمسة ، فصار المجموع اثنتي عشرة كلمة لثمانية عشر معنى فإذا كان لكل من الأنواع الخمسة اثنتا عشرة كلمة لثمانية عشر معنى يكون جملتها ستين كلمة لتسعين معنى.

وبينوا لتلك الأمور عللا ومناسبات لا نطول الكلام بذكرها.

(فالمرفوع (٤) المتصل خاصة) (٥) يعني : لا المنصوب (٦) ...

__________________

(١) قوله : (وأعطوا) وذلك مبني على تغاير الواحد الغائب والواحدة الغائبة قياسا على المرفوع المنفصل كهو وهي.

(٢) ولما توهم أن تثنية الغائب ليس كتثنية المخاطب والقياس فيه مع الفارق ؛ لأن تثنية المخاطب لفظ واحد وتثنية الغائب ليس كذلك ؛ لأنهما لفظا مغايران أجاب بقوله : (فإن الضمير ... إلخ). (عبد الله أفندي).

(٣) أي : المرفوع المنفصل والمنصوب المتصل والمنصوب المنفصل والمجرور المتصل أما المرفوع المتصل ذكرها طريقها.

(٤) لما فرغ من الضمائر البارزات في الأنواع شرع في بيان المستترات فيها فقال : (فالمرفوع). (عبد الله أفندي).

(٥) قوله : (خاصة) حال من فاعل يستتر الآتي أو من المبتدأ على قوله : (والتاء للتأنيث) أي : طائفة خاصة وقيل : للنقل وفي الهندي : التاء للمبالغة والخاصة مصدر كالعافية والتقدير خص خصوصها والجملة معترضة ويمكن كون هذه الجملة حالا بتقدير قد خص خصوصا.

(٦) وهي ضربت وضربت وضربتم وضربتن ؛ لأن كل واحد من هذه الأربعة موضوعة لمعنى مستقل.

ـ وعدم كونه كالجزء في المرفوع المنفصل والمنصوب المنفصل ظاهر ؛ لأن المنفصل من الشيء لا يكون كالجزء منه وأما في المنصوب المتصل والمجرور المتصل فلان اتصالهما ليس بقوى فلا يفيد الجزئية بخلاف المرفوع المتصل فإنه شديد الاتصال فيه. (أفندي شرح كافية).


والمجرور المتصلان (١) (يستتر) (٢) لأنهما فضله والمرفوع فاعل وهو كجزء الفعل (٣) فجوزوا في باب الضمائر التي وضعها للاختصار استتار (٤) الفاعل ، فاكتفوا بلفظ الفعل ، كما يحذف من آخر الكلمة هذا الاستتار ليس في شيء ويكون فيما أبقي دليل على ما ألقي ، على ما مضى في الترخيم ، ولكن هذا الاستتار ليس في جميع الصيغ بل (في) الفعل (٥) (الماضي للغائب) الواحد المذكر إذا لم يكن مسندا إلى الظاهر ، نحو : (زيد ضرب) (و) الواحدة المؤنثة (الغائبة) إذا لم تكن (٦) مسندة إلى الظاهر ، نحو : (هند ضربت) فإن التاء علامة التأنيث لا الضمير المرفوع وإلا لم يجتمع مع الفاعل الظاهر في نحو : (ضربت هند) (وفي) الفعل (المضارع للمتكلم مطلقا) سواء كان (٧) مثنى أو

__________________

(١) لأنهما لا يستتران أصلا لعدم علة الاستتار فيهما ؛ لأنها دلالة الفعل على المستتر مع غرض الاختصار وتلك الدلالة إنما يتحقق فيما يكون الجزء من الفعل. (عافية).

(٢) اعلم أن أصل الضمائر المتصل المستتر ؛ لأنه أخصر ثم المتصل البارز عند خوف اللبس بالاستتار لكونه أخصر من المنفصل ثم المنفصل عند تعذر الاتصال فلا يقال : ضربت أنا ؛ لأن ضربت مثله معنى وأخصر منه لفظا.

(٣) لأن الفعل مركب من ثلاثة معان وهي الحدث والزمان والنسبة إلى فاعل ما والفاعل الغير المعين جزء منه والفاعل المعين ليس بجزء كله نسبة بالجزء. (أيوبي).

(٤) قوله : (استتار الفاعل) ليس المستتر من مقولة الصوت والحرف ولا أدري من أي مقولة هو.

(٥) وفي فعل التعجب نحو ما أفعله وفي أسماء الأفعال مطلقا سواء كانت بمعنى الأمر أو الماضي ويستوي في اسم الفعل الواحد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث كقولك : نزال يا زيد ويا زيدان ويا زيدون ويا هند ويا هندان وكذا تقول زيد هيهات وهند هيهات والزيدون هيهات فلا يثنى ولا يجمع وكذا الظرف وشبهه تقول عندك أو في الدار والزيدان عندك وفي الأفعال المستعملة في الاستثناء وقد مر أنها غير متصرفة واللازم منها ما كان متكلم أو مخاطب وما في فعل التعجب وأفعال الاستثناء. (محشي).

(٦) وإنما كان الاستتار فيهما دون تثنيتهما وجمعهما ؛ لأنهما ضعيفان لأمر الغيبة فالخفة الحاصلة بالاستتار مناسبة له وأن الاستتار في التثنية والجمع يؤدي إلى الالتباس بالمفرد ولم يعكس الأمر ؛ لأن المفرد سابق على المثنى والمجموع فبأولوية السبق استحق الخفة أو لأنه أكثر من غيره والمتكلم ؛ لأنهما قويان فالقوة الحاصلة بالإيراد مناسبة لهما لا الضعف الحاصل بالاستتار. (عافية).

ـ قوله : (إذا لم يكن مسندا ... إلخ) لا حاجة إلى هذا القيد ؛ لأن الكلام في بيان استتار المرفوع المتصل حيثما كان ولا يكون في المسند إلى الظاهر. (عصام).

(٧) لقرينة دلت من هو له من الهمزة الدالة على المفرد والنون الدالة على أحد الأربعة أي : المثنى والمجموع مذكرا كان أو مؤنثا تأمل وضع صيغتين على ستة معان.


مجموعا واحدا أو فوق الواحد مذكرا أو مؤنثا نحو : اضرب ونضرب.

(و) للواحد المذكر (المخاطب) (١) نحو : (تضرب) و (اضرب) (و) الواحد (الغائب (٢) والغائبة) إذا لم يكونا مسندين إلى الظاهر ، نحو : (زيد يضرب) و (هند تضرب) (وفي الصفة (٣) مطلقا) (٤) سواء كانت اسم فاعل أو مفعول ، أو صفة مشبهة ، أو أفعل للتفضيل ، وسواء كانت مفردا أو مثنى أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا (٥) إذا لم يكن مسندا إلى الظاهر ، نحو : (أقائم الزيدان) كقولك : (زيد ضارب) و (هند ضاربة) و (الزيدان ضاربان) و (الهندان ضاربتان) و (الزيدون ضاربون) و (الهندات ضاربات) وليست (٦) الألف في (ضاربان) والواو في (ضاربون) بضميرين ؛ لأنهما ينقلبان (٧) ياء في النصب والجر والضمائر لا تتغير عن حالها إلا أن يتغير عاملها (٨) ،

__________________

(١) دون المخاطبة والمخاطبين ولا المخاطبتين والمخاطبات لدفع الالتباس للمفرد.

(٢) وعلة الاستتار ما مر في المتكلم فإن فعلها سبب وجود القرائن الدالة على الإضمار أعني حروف المضارعة استغنيت عن الإبراز فإن قلت : لم لم يستتر في مخاطبة المضارع على الأصح وتثنية غائبه وغائبته ومخاطبه ومخاطبته وجمعها مع وجود هذه العلة في الكل؟ قلت : تأثير العلة يتوقف على عدم المانع وفي كل هذه مانع من الاستتار وهو حصول الالتباس على ذلك التقدير أما في المخاطبة فلأنه لو استتر فلا يخلو إما أن يعتبر حركة الآخر للفرق أو لا فإن لم يعتبر يلتبس بالجمع المؤنث وإلا فبالمؤكد بالنون الثقيلة في الصورة وإن كان فيلتبس غيرها وكذا في الجمع المؤنث. (عافية شرح كافية).

(٣) أي : المحضة نحو زيد قائم ، أي : الباقية على الوصفية ويشتمل على أفعل التفضيل واحترز بها عما غلب عليها الاسمية كالأبطح والأجزع والصاحب وكالصفات المذكورة الاسمية ذو بمعنى صاحب والمنسوب كدمشقي. (شرح القطر).

ـ واعلم أن الاستتار في ستة : الصفة وجمعها واجب وإنما وجب استتار الضمير في الصفة مطبقا لوجود قرينة دالة على من مسند إليه كبير.

(٤) لو أبرز لزم اجتماع الألفين في المثنى والواوين في المجموع وحمل عليهما اطرادين يقول : زيد ضارب. (متوسط).

(٥) جواب سؤال مقدر تقديره : أليست الألف في ضاربان والواو في ضاربون ضميرين؟ فأجاب بقوله : (وليست لمخرج).

(٦) أي : يتبدلان ، أي : يتبدل العلامة بالعلامة ؛ لأن العلامة لا تتغير. (محمد أفندي).

(٧) قوله : (والضمائر لا تتغير بتغير العامل) أي : عامل الصفة ؛ لا عامل الضمائر فإنها تتغير بتغير عاملها نحو جاءني هو ورأيت أنا ومررت أنت فالضمائر المرفوعة في هذه الأمثلة قد تتغير بتغير العامل خطابا وغيبة وحكاية.


والعامل (١) هاهنا ليس عاملا في الضمير وإنما هو عامل في اسم الفاعل والضمير فاعل له ، والضمير باق على ما كان عليه في الرفع.

فلو كانت ضمائر لا تتغير ، ألا ترى أن الياء في (تضربين) والنون في (تضربن) والواو في (تضربون) والألف في (تضربان) لا تتغير ، فهما أي : الألف والواو في الصفة حرف التثنية والجمع ، وليسا بمضمرين.

(ولا يسوغ) (٢) أي : لا يجوز ، الضمير (المنفصل) (٣) مرفوعا كان أو منصوبا لأجل شيء (إلا لتعذر المتصل) أي : لأجل تعذره ؛ لأن وضع الضمائر للاختصار ، والمتصل أخصر (٤) ، فمتى أمكن لا يسوغ الانفصال.

(وذلك) أي : تعذر المتصل (٥) (بالتقديم) أي : تقديم الضمير.

(على عاملة) لأنه إذا تقدم على عامله لا يمكن أن يتصل به ؛ إذ الاتصال إنما يكون بأخر العامل.

(أو بالفضل) الواقع (لغرض) لا يحصل إلا به ؛ إذ الفصل ينافي الاتصال وتركه يفوت الغرض.

(أو بالحذف) أي : حذف عامله (٦) ؛ لأنه إذا حذف علمه لا يوجد ما يتصل به.

__________________

(١) وأما إذا تغيرت عواملها فتغير لا محالة أما تغيرها بسبب تغير العوامل في غير مثل يضربان ويضربون فظاهر كما إذا دخلت النواسخ على الضمائر التي كانت مجرد عنها وكما إذ ابتدل ناسخ بغيره إلى غير ذلك.

(٢) جواب سؤال مقدر تقديره أن تغير الضمائر في اسم الفاعل بسبب العامل.

(٣) لما قسم الضمائر إلى المتصل والمنفصل أراد أن يبين أن أيهما من القسمين أصل في الضمائر وبأي علة يعدل بها في الأصل. (أيوبي).

(٤) قال : (ولا يسوغ المنفصل) لا ينحصر صور الانفصال في ذكره ؛ لأن الصفة الواقعة بعد حرف النفي أو حرف الاستفهام إذا كانت عاملة في الضمير الفاعل يجب انفصاله نحو أقائم أنتم ذلك لأن عامله أحد جزئي يحمله فاعتنى بإبرازه وكذا فاعل المصدر. (فاضل محشي).

(٥) فلأنها أقل حرفا ؛ لأنها إما ثلاثية أو ثنائية بخلاف الأسماء الظاهرة فإنها ثلاثية ورباعية وخماسية والضمير في إياكما وأنتما هو إيا وإن كان تقدم. (وجيه الدين).

(٦) على أن اللام في قوله : (إلا لتعذر المتصل) للتعليل ؛ لأنه علم في التعليل فتى أمكن لا يعدل لعنه وفيه تعريض لمن جوزهما هنا على السواء. (عصام الدين). ـ


(أو يكون العامل) أي : عامله (معنويا) (١) لامتناع اتصال اللفظ بالمعنى.

(أو) يكون عامله (حرفا والضمير) المعمول له (مرفوع) (٢) ؛ إذ الضمير المرفوع لا يتصل بالحرف ؛ لأنه خلاف لغتهم ، بخلاف المنصوب ، نحو : (إنني وإنك).

(أو بكونه) أي : كون الضمير (مسندا إليه) أي : إلى ذلك الضمير (٣) (صفة (٤) جرت على غير من هي) أي : تلك الصفة كائنة (له) فإنه لو لم ينفصل الضمير عن هذه الصفة لزم الالتباس في بعض الصور ، كما إذا قلت : (زيد عمرو ضاربه هو) فإنه لو

__________________

ـ احترز به عن نحو ضرب زيد إياك فإنه لا يجوز ذلك مع الفصل إذ لا غرض فيه ؛ لأن قولك : ضربك زيد بمعناه ثم اعترض عليه بأن التقديم يفيد الاهتمام فأجاب بأن تقديم المفعول لا يفيد ذلك بل قد يكون ذلك لاتساع الكلام بل قيل : إن تقديم المفعول على الفعل يفيد كونه أعم.

(١) إذ لو حصل بغيره لم يتحقق تعذر الاتصال وذلك فيما يكون تابعا ما تأكيد نحو : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)[البقرة : ٣٥] ، أو بدلا كقولك بعد ذكر أخيك لقيت زيد إياه أو عطف نسق نحو جاء في زيد وأنت أو يقع بعد ألا وإنما أولى ما الغرض الشك من أول الأمر جاءني أنت أو زيد أو يكون ثاني مفعول باب أعطيت أو علمت. (وجيه الدين).

(٢) كالمبتدأ والخبر نحو أنا زيد ؛ لأن الشيء الملفوظ لا يمكن اتصاله بما ليس بملفوظ. (عافية).

(٣) لأن الضمير المرفوع لو اتصل بالحرف لوجب إسكانه إذا كان مفردا غائبا لوجوب ذلك مع اسكان الضمير في الحرف ممتنع لضعف عمل الحرف ولكونه على خلاف لغتهم على تقدير الإبراز كقولك زيد ما هو قائم على لغة أهل الحجاز ثم جعل الباقي من التكلم والمخاطب والمثنى على المفرد الغائب وأن لم يجب الاستكنان فيها اطراد الباب. (عافية شرح الكافية).

(٤) ويعنى بالصفة اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة ونعني بالجري أن يكون نعتا نحو مررت بهذا رجل ضاربته هي أو حالا نحو قولك : جئتما في وجاءني زيد ضاربيه أنتما أو صلة نحو الضاربه أنت زيد أو خبرا نحو زيد هند ضاربها هو. (شيخ الرضي).

ـ مفعول ما لم يسم فاعله بقوله : (مسندا) ذكر عاملها لكون تأنيثها غير حقيقي مع وجود الفصل. (معرب).

ـ قوله : (صفة جرت ... إلخ) ليس المراد بالصفة هاهنا النعت النحوي بل المراد بالصفة المعنوية المفسرة بالمعنى القائم بالغير المفسرة عادل على ذات مهمة باعتبار المعنى هو المقصود.

ـ فإن قلت : لا حاجة إلى قوله : (أو بكونه صفة جرت ... إلخ) بعد قوله : (أو بالفصل لغرض ؛ لأن الفصل فيه لرفع الالتباس) قلت : يجب الفصل فيما لا يلتبس أيضا وبهذا ظهر وجه قوي لاختيار التمثيل بما لا يلتبس فيه وإنما قال صفة ؛ لأن الفعل الجاري على غير من هي له لا يجب فيه المنفصل بالاتفاق على ما في الرضي. (عصام).


قيل : (زيد عمرو ضاربه) التبس على السامع أن الضارب (زيد أو عمر) بل المتبادر أنه (عمرو) لأنه أقرب إلى الضمير المستتر بخلاف ما إذا قيل : ضاربه هو ، فإنه لما (١) انفصل الضمير على خلاف الظاهر يعلم أن مرجعه ما هو بخلاف الظاهر ، وهو (زيد) وإلا لا حاجة إليه.

وإذا وقع الالتباس بدون الانفصال في بعض الصور حمل عليه ما لا التباس فيه لاطراد الباب.

وإنما قال : (من هي له) لا (ما هي له) كما هو الظاهر ليكون أشمل (٢) ، اقتصارا(٣) على ما هو الأصل (مثل إياك ضربت) مثال لتقديم الضمير على العامل.

و (ما ضربك (٤) إلا أنا) مثال الفصل لغرض وهو التخصيص هاهنا.

(و (إياك والشر) (٥) مثال لحذف العامل أي : اتق (٦) نفسك والشر.

__________________

(١) قوله : (فإنه لما انفصل ... إلخ) يعني عن الذي هو الاتصال إلى خلاف الظاهر تنبيها على أن المراد به خلاف الظاهر وإلا فلا حاجة إلى العدول والظاهر لا يعدل عن الظاهر إلا لنكتة.

(٢) لأن كلمة ما يجيء للعقلاء وغير العقلاء بخلاف كلمة من فإنها مختصة بالعقلاء فيكون أشمل.

(٣) قوله : (اقتصارا على ما هو الأصل) وهو العاقل لشرفه وجعل غيره تابعا له. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (وما ضربك إلا أنا) هذا مثال ما إذ أريد حصر الفعل على الفاعل المضمر بالا وأما إذا أريد ذلك بإنما يجب الانفصال مع وجود تأخره أيضا إذا ذكر شيء من المتعلقات ولا لزم اللبس وأما إذا لم يذكر فيحتمل الوجوب طردا للباب ويحتمل عدم الوجوب ؛ إذ يجوز حيث لا فصل لفظا كذا قال الشريف المرتضي. (حواشي هندي).

(٥) قوله : (وإياك والشر) أي : اتق نفسك من الشر والشر من نفسك وإنما وجب حذف العامل بضيق المقام فاستغنى عن ذكر النفس لعدم الموجب وهو اجتماع ضميري الفاعل والمفعول لواحد ولكونه من باب التحذير كما تقدم تعذر اتصاله فانفصل لذلك.

(٦) لا يخفى أنه لا يصح تقدير اتق في هذا المثال من حيث المعنى ولذا صرح الشارح في بحث التحذير بأن تقديره في أول النوعين من التحذير غير صحيح فتقدير اتق هاهنا من تصريحه بعدم صحته فيما سبق مبني على التبعية لما نعلم من عبارة المصنف في التحذير معمول بتقدير اتق ثم لا يخفى أن المفهوم من تعليل الشيء لقول المصنف أو بالحذف هو أن العامل إذا لم يحذف لوجب الاتصال وأنت خبير بأنه إذا قدر العامل في هذا المثال لا يمكن الاتصال. (حاشية).


و (أنا زيد) مثال كون العامل معنويا.

(وما أنت قائما) مثال كون العامل حرفا ، والضمير مرفوعا ، و (هند زيد ضاربته هي) مثال الضمير الذي أسند إليه صفة جرت على غير من هي له ، فإنه أسند إليه (الضاربة) الجارية على (زيد) حيث وقعت خبرا له وهي صفة لهند ، حيث قام الضرب بها.

وإنما يصح ذلك إذا كان (هي) فاعلا لا تأكيدا ، وإلا لكان داخلا في صورة الفصل لغرض التأكيد ، ولكنه تأكيد لازم لا فاعل (١) بدليل : (نحن الزيدون ضاربوهم (٢) نحن).

وروى عن الزمخشري (ضاربهم نحن) وعلى هذا يكون فاعلا (٣) كما (٤) قال.

واختار بالتمثيل صورة لا لبس (٥) فيها ، ليثبت الحكم في صورة اللبس بالطريق الأولى.

(وإذا اجتمع (٦) ضميران وليس أحدهما مرفوعا) احتراز عن نحو : (أكرمتك) إذا المرفوع كالجزء من الفعل فكأنه لم يتحقق الفصل بين الفعل والضمير الثاني أصلا فيجب اتصاله.

__________________

(١) فإنه لو كان نحن فاعلا لا يجوز هذا التركيب للزوم اجتماع الفاعلين. (لمحرره).

(٢) قوله : (بدليل نحن الزيدون ضاربوهم) بصيغة الجمع ولو كان نحن فاعلا لوجب إفراده ويقال : ضاربهم نحن كما روى عن الزمخشري ؛ لأن المسند السببي يجب إفراده ؛ لأنه كالفعل والفعل إذا قدم على الاسم لا يثنى ولا يجمع. (وجيه الدين).

(٣) لأن ضاربهم لما كان بلفظ الأفراد لم يستتر تحته ضمير ؛ لأنه لو استتر يلزم أن يكون مفردا مذكرا فالمرجعان وهما الزيدون والعمرون لا يساعدانه. (عبد الله أفندي).

(٤) يحتمل أن يكون نقلا لتوجيه الزمخشري بمعنى أن الزمخشري بعدما سئل به قال : على طريق الاعتذار. (أيوبي).

(٥) أعنى أتى هند زيد ضاربته هي فإنه لا لبس فيها لعدم إمكان إرجاع الضمير المستتر في ضاربته إلى زيد.

(٦) أراد بالاجتماع أن يلي أحدهما بالآخر وليس المراد من الاجتماع وجودهما كيف كان فحينئذ لا يشكل يمثل ما أعطيك إلا إياه.


(فإن كان) على تقدير اجتماعهما وعدم كون أحدهما مرفوعا.

(أحدهما) أي : أحد الضميرين (أعرف) (١) من الآخر ، احترازا عما إذا تساويا(٢)، نحو : (أعطاها إيّاه) حيث يجب الانفصال في الثاني للتحرز عن تقديم أحد المتساويين (٣) من غير مرجح.

(وقدمته) أي : أحد الضميرين الذي هو أعرف على الآخر ، احتراز (٤) عما إذا كان الأعرف مؤخرا ، نحو : (أعطيته إيّاك) فيلزم انفصاله ، ليعتذر (٥) المتكلم (٦) في تأخير الأعرف ، ولا يلحقه طعن في أول الوهلة بإيراده على خلاف الأصل.

وحكى سيبويه (٧) تجويز الاتصال أيضا نحو : (أعطيتهوك).

(فلك الخيار) أي : الاختيار (في) الضمير (الثاني) إن شئت أوردته متصلا (٨) (نحو

__________________

(١) غير مطابقين في التذكير والتأنيث والأفراد والتثنية والجمع لكنها في الرتبة وقد جاء متصلين فيما كانا متوافقين في الرتبة غائبين على ضعف نحو زيد عمرو والجبة أعطاهاه وأعطا هو ها ومنه ما سمع مفهم هم أحسن الناس وجوها وهذا عند سيبويه وأما عند المبرد فإنه يجوز نحو أعطا هوك. (موشح).

(٢) قال سيبويه إن كانا غائبين فإن الاتصال وهو عربي لكن الانفصال أكثر وإن لم يكونا غائبين لم يجز الاتصال وأجاز المبرد قياسا على الغائب. (لاري).

(٣) فيه أنه يجوز أن يترجح الأول بأنه فاعل في الأصل كضربتك أو فاعل بحسب المعنى كالمفعول الأول من باب أعطيت ويمكن أن يدفع بأن الترجيح بالفاعلية ترجيح في المعنى لا في اللفظ ووجوب الانفصال باعتبار البشاعة في اللفظ.

(٤) وكونه كالكلمة الواحدة في باب أعطيت دون غيره ؛ لأن المفعول الأول فيه فاعل في المعنى فكأن الثاني اتصل بضمير فلذلك يكون الاتصال فيه أولى. (زاهد).

(٥) ولأن الثاني أشرف من الأول لكونه أعرف فيألف من كونه متعلقا مما هو أدنى (لاري).

(٦) قوله : (ليعتذر المتكلم) لأنه لو لم يؤخر فيما هو كالكلمة الواحدة ولئلا يلحق أول الوهلة طعن كما يلحقه فيما إذا اتصل به أو رد على فلان الأصل وإن كان لا يلحقه آخر ؛ لأنه إنما قدم الأول فيما هو كالكلمة الواحدة لكونه فيه معنى الفاعلية فهو مستحق التقديم. (وجيه الدين).

(٧) لم يقل حكى الاتصال ليعلم أنه حكاية عن النحاة لا عن العرب وحكاية لسيبويه عن النحاة دون العرب مع كمال تبتعه ودليل ضعيف كما صرح به فقال : إنما هو شيء قاسوه ولم يتكلم به العرب فوضعوا الحروف غير موضعها واستجاز المبرد مذهب النحاة. (عصام الدين).

(٨) لأن الثاني وإن كان أعرف لكن الأول فيه معنى الفاعلية فهو يستحق التقديم نظرا إلى ـ


أعطيتكه) (١) باعتبار عدم الاعتداد بالفصل بما هو متصل (و) أن شئت أوردته منفصلا نحو : (أعطيتك إياه) باعتبار الاعتداد بالفصل بما يفصله ، وإن كان متصلا.

(و) نحو : (ضربيك) فإنه (٢) اجتمع فيه ضميران ليس أحدهما مرفوعا الجر الأول بالإضافة ، ونصب الثاني بالمفعولية ، وقدم الأعرف الذي هو ضمير المتكلم فلك الوصل باعتبار عدم الاعتداد بالفصل بالمتصل (و) لك الفصل ، نحو : (ضربي (٣) إياك) للاعتداد بالفصل (وإلا) (٤) أي : وإن لم يكن أحدهما أعرف (٥) أو يكون ولكن ما قدمته (فهو) أي : الضمير الثاني على كل من التقديرين (٦) (منفصل) لا غير (٧).

أما على تقدير الأول فلئلا يلزم الترجيح (٨) في تقديم أحد المثلين على الآخر فيما هو كالكلمة (٩) الواحدة ، بلا مرجح ، وأما على تقدير الثاني فلكراهتهم تقديم الأنقص على الأقوى فيما هو كالكلمة الواحدة (نحو : أعطيته إيّاه) مثال لما لم يكن أحدهما أعرف لكونهما ضميرين غائبين.

(أو) أعطيته (إياك) مثال لما يكون أحدهما أعرف وهو ضمير المخاطب ولكن ما قدمته.

__________________

ـ ترجيح المعنوي عن الترجيح اللفظي. (حواشي هندي).

(١) فإن الكاف والهاء منصوبان ؛ لأنهما مفعولا أعطيت والكاف أعرف من الهاء ؛ لأن ضمير المخاطب أعرف من الغائب وقدم على الهاء وجاز أن يقال : أعطيتك إياه.

(٢) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن الباء في ضربك فاعل في الحقيقة وهو مرفوع فكيف يكون مثالا ، وأجاب بقوله : (لأنه ... إلخ).

(٣) ولا يجوز إياك لشدة اتصال الفاعل بالفعل منه بالمصدر لجواز الحذف منه كبير.

(٤) ولما فرغ المصنف من المسألة التي حكمها بالتمييز شرع في المسألة حكمها وجوب الانفصال فقال : (وإلا ... إلخ). (أيوبي).

(٥) بل متساويين في التكلم والخطاب والغيبة أشار إلى انعدام شرط الأول.

(٦) عدم التساوي أو التساوي في الأعرفية.

(٧) تأكيد له أي : لا يجوز فيه غير المتصل كما يجوز الوجهان في السابق. (عبد الله أفندي).

(٨) يعني لو جاز الاتصال والانفصال على تقدير عدم ، وأحدهما لزم ترجيح. (شرح الشرح).

(٩) فإن قلت : أليس يلزم ذلك في مثل ضربتني وضربوك قلت : الأصل في جميع الصور تقديم الأعرف على غيره إلا أن تأخيره إنما صح فيما ذكر تم من جهة كون الأول متوغلا في الجزئية فصار بالتقديم أولى. (عافية شرح الكافية).


(والمختار (١) في خبر باب كان) أي : خبر كان وأخواتها إذا كان ضميرا (الانفصال)(٢) كما تقول : (كان زيد قائما وكنت إيّاه) لأنه (٣) كان في الأصل خبر المبتدأ(٤) ويجب أن يكون خبر المبتدأ ضميرا منفصلا (٥) ؛ لأن عاملة معنوي.

ويجوز أن يكون ضميرا متصلا أيضا ، نحو : (كان زيد قائما وكنته) لأنه شبيه بالمفعول ، وضمير المفعول في مثل : (ضربته) واجب الاتصال ففي شبيه المفعول وإن لم يكن واجب الاتصال فلا أقل من أن يكون (٦) جائز الاتصال ، لكن الانفصال مختار ؛ لأن رعاية (٧) الأصل (٨) أولى من رعاية المشابهة بالمفعول.

(والأكثر) في الاستعمال (٩) انفصال الضمير المرفوع بعد (لولا) لكون ما بعد

__________________

(١) قيل : مربوط بقوله : (وليس أحدهما) ، والأولى استئناف أو اعتراض.

(٢) لأنها اسمها ليس في الحقيقة فاعلا حتى يكون كالجزء من عامله بل الفاعل في الحقيقة مضمون الجملة ؛ لأن كان في قولك : كان زيد قائما قيام زيد كما يجيء في الأفعال الناقصة. (شيخ الرضي).

(٣) قوله : (لأنه كان في الأصل ... إلخ) أن قيل : انفصال خبر المبتدأ باعتبار أن عامله معنوي وقد انتفى بوجود الناسخ فيكف يصح بتمام أثره ناسخ في الحقيقة قيد للخبر فإن قولك : كان زيد قائما في معنى زيد قائم في الزمان الماضي. (لاري).

(٤) قوله : (خبر المبتدأ) فيه أن المفعول الثاني من باب علمت كذلك مع أنه ليس خبر كان.

(٥) فباعتبار رعاية الأصل يكون خبره أيضا ضميرا منفصلا وإن لم يكن العلة موجودة هاهنا ولو وجد العلة لم يكن لا باعتبار رعاية الأصل وجه. (وجيه الدين).

(٦) الضمير المستكن في يكون راجع إلى شبيه المفعول إن كانت لفظة في زائدة كما في قوله تعالى : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها)[هود : ٤١] وإن لم تكن زائدة فهو راجع إلى لفظ الضمير المقدر والتقدير فالضمير في شبه المفعول وإن لم تكن واجب الاتصال.

(٧) قوله : (رعاية الأصل) ولم يقل من رعاية العارض إشارة إلى جهتي أولوية أحدهما : الإشارة بذكر الأصل إلى الترجيح بالأصالة ، وثانيهما : الإشارة بذكر المشابهة بالمفعول إلى ترجيح الخبرية ؛ لأن الخبرية حقيقة والمفعولية تشبيهية. (عصام الدين).

(٨) وهو عند سيبويه وأما الآخرون فالمختار عندهم هو الأصل لعله هو الاتصال لكونه مشابها للمفعول من حيث إنه منصوب.

(٩) لما فهم من الأكثر أنه أكثر المذاهب أراد الشارح أن يبين بالأكثرية الثنية إلى الاستعمال.

ـ لأنه الموافق للأصل إذ الضمير المرفوع لا يتصل بالحرف ؛ لأنه خلاف لغتهم.


(لو لا) مبتدأ محذوف الخبر ، تقول : لو لا أنت إلى آخرها (١) يعني لو لا أنت لو لا أنتما، لو لا أنتم ، لو لا أنت ، لو لا أنتما ، لو لا أنتنّ ، لو لا هما ، لو لا هم ، لو لا هي لو لا هما ، لو لا هنّ لو لا أنا ، لو لا نحن (٢).

وكان الأوفق بما سبق (٣) أن يقول : (لو لا أنا ، لو لا نحن ، إلى آخرها) لكن غير الأسلوب تنبيها على أنه ليس بضروري.

(و) كذلك الأكثر في الاستعمال اتصال الضمير المرفوع بعد (عسى) لكون ما بعد (عسى) فاعلا تقول : (عسيت (٤) إلى آخرها).

(وجاء) في بعض اللغات (لولاك (٥) وعساك ، إلى آخرها) فذهب الأخفش إلى أن الكاف بعد (لو لا) ضمير مجرور وقع موقع المرفوع ، فإن الضمائر قد يقع بعضها موقع

__________________

(١) ولم يقل : لو لا أنا ليكون قوله : (إلى آخره) شاملا ما قصدت شمولا واضحا. (رضي).

(٢) وهذه الضمائر المتصلة بلولا كلها منفصلة لكونها مبتدأ وأخبارها محذوفة وجوبا كما مر في بحث الخبر والخبر محذوف وهو موجود. (عبد الله الأيوبي).

(٣) يعني : أن المصنف ابتدأ في بحث الضمائر من المتكلم وختم بالغائب وابتدأ هنا من المخاطب أراد الشارح أن يذكر نكتة فقال : (وكان ... إلخ).

(٤) عسيتما عسيتم عسيت عسيتما عسيتن وكذلك المتكلم والغائب وهذا مفهوم قوله : (إلى آخرها). (عوض).

ـ وقال : وعسيت وإنما لم يقل : لو لا أنت وعسيت إلى آخرهما لاختلاف الضميرين بالاتصال كما في باب عسى وبالانفصال كما في لو لا والمقصود من هذا الكلام بيان الواقع بعد لو لا يقع في الأكثر الضمير المرفوع المنفصل والواقع بعد عسى الضمير المرفوع المتصل أما الأول فلان لو لا يقع بعدها بحسب الوضع الظاهر المرفوع أما على الابتداء كما هو مذهب البصرية أو على أنه فاعل فعل محذوف كما هو مذهب الكسائي أو مرفوعا بلولا على ما هو رأى البعض فينبغي أن يكون الضمير كذلك لقيامه مقامه وعدم اتصاله لتعذر اتصال الضمير المرفوع بالحرف كما وأما الثاني فلان ذلك الضمير فاعل عسى فيكون مرفوعا واتصل به لإمكان اتصاله لكون عسى فعلا.

(٥) يعني أن في لو لا وعسى لغة أخرى عند مجيء الضمير معهما وعلى خلاف القياس وهي أن يجيء بعد لو لا ضمير مجرور وبعد عسى ضمير منصوب متصل قال سيبويه : إن الكاف بعد لولا في محل الجر وإن لو لا يعمل عمل الجر في الضمير على اللغة وهو حرف جرهن وإن الكاف في عساك في محل النصب وعسى بمعنى لعل الذي من الحروف المشبهة بالفعل فيقتضي اسما وخبرا كلعل. (لمحرره زيني زاده).


بعض ، كما تقول : (ما أنا كأنت) ف : (أنت) في هذا المقام مع أنه ضمير مرفوع وقع موقع المجرور.

وذهب سيبويه إلى أن (لو لا) في هذا المقام حرف (١) جر ، والكاف ، ضمير مجرور واقع موقعه.

فالأخفش تصرف في ما بعد (لو لا) سيبويه (٢) في نفسه (٣).

وأما (عساك) فذهب الأخفش إلى أنه ضمير منصوب واقع موقع المرفوع.

وسيبويه : إلى أن (عسى) محمول على (لعل) لتقاربهما في المعنى (٤) ، فهاهنا أيضا الأخفش تصرف في الضمير وسيبويه في العامل.

(ونون (٥)

__________________

(١) لأن الضمير إذا لم يكن قبله فعل فيكون مجرورا إما بالإضافة إذا كانت هناك اسم مضاف وإما بحرف الجر إن لم يكن هناك اسم مضاف فتعين جعل لو لا حرف جر.

ـ ويشكل عليه بأن الجار إذا لم يكن زائدا فلا بد له من متعلق ولا يتعلق في نحو لولاك ظاهر ولا يصح تقديره وأجيب بأن حروف الجر إذا كانت لازمة وإلا لا وقبل متعلقه جوابه إذ معنى لولاك لهلكت انتفى هلاكي بوجودك وقيل : زائد من قبيل بحسبك درهم ولا يحتاج إلى متعلق.

(٢) ولكل من المذهبين رجحان أما ترجيح مذهب سيبويه فلان فيه تغيير واحدا وهو تغيير الداخل على المضمر وتغيير المضمر بعد ذلك تبع له فلا يلزم منه إلا تغيير واحد ومجيء المضمرات بعد ذلك فيما جار على القياس ومذهب الأخفش يلزمه أن يكون قد غير اثني عشر لفظا من الأول ؛ لأنه لم يبين على شيء جزئي فيه قياسا وأما ترجيح مذهب الأخفش فإن إيقاع بعض الضمائر مكان بعضها شايع كثير وكون الكلمة بتغيير عملها باعتبار ما يدخل عليه نادر وضعيف لا يكاد يوجد إلا في مثل لدى لما سيجيء ويمكن أيضا أن يقال أن الأخفش لا يلزم مذهبه إلا بتغير واحد من أول الأمر وهو إيقاع الضمائر بعضها مكان بعض وتغيرات إثني عشر بالنتيجة. (شرح كافية).

(٣) حيث جعله حرف جرف التصرف فيما بعده أولى من التصرف في نفسه فلهذا الاعتبار قدم مذهب الأخفش. (محمد أفندي).

(٤) لأن معناهما الإطماع والإشفاق فيراعى جانب لعل وعسى فينصب الاسم ويجعل خبره مضارعا البتة والغالب فيه أن يكون مع أن الرعاية عسى وجاز تركه لرعاية لعل.

(٥) وسمى أيضا نون العماد ؛ لأن العماد كما يخفظ السقف على السقوط يحفظ ذلك النون آخر الكلمة عن الانكسار. (لاري).


الوقاية (١) مع الياء) أي : ياء المتكلم (لازمة في الماضي) إذا لحقه تلك الياء لتقي آخر الماضي من الكسرة المختصة بالاسم التي هي أخت الجر ولهذا سميت نون الوقاية ، نحو : (ضربني).

(و) وكذلك نون الوقاية لازمة (في المضارع) لكن لا مطلقا ، بل حال كونه (عريا عن نون الإعراب) (٢) أي : عن نون هي (٣) الإعراب ، نحو : (يضربني) لتقي آخر المضارع أيضا عن تلك الكسرة ، بخلاف كسرة (تضربين) لأنها في الوسط حكما(٤)،بخلاف كسرة : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) [البينة : ١] ، و (وَقُلِ الْحَقُ) [الكهف:٢٩] لعروضها (٥).

(وأنت (٦) مع النون) الإعرابين الكائنة (فيه) أي : في المضارع (و) مع (لدن وأن وأخواتها) يعني : أنّ وكأن ولكن وليت ولعلّ (مخير) بين الإتيان بنون الوقاية للمحافظة (٧)

__________________

(١) فإن قلت : نون الوقاية حرف فكما يضاف الفعل عن آخر الجر ينبغي أيضا عنه الحرف أيضا قبل كسرة النون الوقاية ليست أخت الجر لعدم كونها في الآخر لكونها على حرف واحد والآخر فما يكون وانظر من حال من مستكن لازمة الآتي وهذا أوفق لما سيذكر المصنف من قوله : (وأنت مع النون) وقد أشار الشارح فيما بعد حيث قال : وكذا نون الوقاية لازمة في المضارع فقول من قال : نون الوقاية مبتدأ مع الياء ضميره لازمة حال من الضمير مخالف لما ذكر المصنف والشارح.

(٢) كان معه نون الضمير ونون التأكيد أو لم يكن معه أحدهما وإنما جاز قيام نون الإعراب مقام نون الوقاية دون تلك النونات ؛ لأن نون الإعراب كنون الوقاية في أن لا معنى لها. (غفور).

ـ واختلف في فعل التعجب هل يلزم نون الوقاية أم لا فنقول : ما أفقرني إلى عفو الله تعالى عند من لا يلزمها فيه والصحيح أنها يلزم.

(٣) أشار إلى أن الإضافة بمعنى من كخاتم فضه ؛ لأن بين النون والإعراب عموما وخصوصا من وجه هندي وغيره.

(٤) إن كان في الآخر حقيقة ؛ لأن آخره في الحقيقة هو الياء ولكن كان في حكم الوسط لشدة اتصاله بالضمير فيه. (عبد الله).

(٥) بالنسبة إلى الكسرة العارضة للياء فإنها لزم ؛ لأنها كجزء الكلمة المستقلة.

(٦) الخطاب لمخاطب غير معين ولهذا عطف جملة على جملة.

(٧) وتلك المحافظة في بعضها محافظة حركاتها وفي بعضها محافظة سكونها أما محافظة حركاتها في غير لدن. (أيوبي).


على الحركات البنائية في غير (لدن) (١) وعلى السكون في (لدن) ، وبين تركها تحرزا (٢) عن اجتماع النونات (٣) ، ولو حكما كما في (لعلّ) لقرب اللام من النون المخرج ، وحملا على أخواتها كما في (ليت).

(ويختار) لحوق نون الوقاية (في ليت) من بين أخوات (إنّ) لعدم مانع في ذاتها ، والحمل على أخواتها خلاف الأصل (٤).

(و) في (من وعن وقد وقط) وهما بمعنى (حسب) للمحافظة على السكون اللازم) الذي هو الأصل في البناء مع قلة الحروف.

(وعكسها) أي : عكس (ليت) (لعل) في الاختيار.

فالمختار فيها ترك النون ، لثقل التضعيف وكثرة الحروف.

(ويتوسط (٥)

__________________

(١) فإنه في قوة اجتماع أربع نونات ؛ إذ ليس الفاصل بين اللامين الأحرف واحد. (عبد الغفور).

(٢) أما جواز الإثبات في المضارع مع النون مرعاة له على القياس المتقدم نظرا إلى أن النون من تتمته في الظاهر وأما جواز الحذف فلكراهتهم اجتماع النونين مع الاستغناء بأحدهما عن الآخر فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون المحذوفة نون الإعراب إذا حذف بخلاف العكس مع أن منشأ الثقل هو نون الوقاية مفيدا لما يفيده نون الوقاية ؛ كما هو مذهب البعض قلت : لرجحان كون نون الإعراب لأنها ثابتة فكانت أولى بالحذف وأما جواز إثباتها حفظا لبنائه الوضعي على السكون وأما جواز الحذف فلكونها من الأسماء والأسماء لا احتياج لها إليها مع استلزام اجتماع المثلين وأما أن وأخواتها فالإثبات فيه لأجل المحافظة على فتحاتها ؛ لأنها مشابهة الماضي فتصان عن الكسرة كما صين وأما الحذف فلكراهة اجتماع النونات في الأربعة الأولى والأخيران محمولات عليها. (عوض).

(٣) وهو اجتماع النونات كما في الأخوات التي فيها النون والتضعيف كما في لعل والموجب لعدم النون هو الحمل على أخواتها وهو خلاف الأصل فكان الإتيان بالنون مختارا. (وجيه الدين).

(٤) أما جواز الإثبات فلكونها مشابها للفعل وعدم اجتماع النونات وأما جواز الحذف فللحمد على البواقي وأما كون الإثبات مختارا فلأن مشابهة ليست بالفعل أقوى في التأثير من مشابهتها لأخواتها ؛ لأن الفعل أقوى من الحروف قال سيبويه : لا يحذف فيه إلا لضرورة نحو قوله : كمنيبة جابر ؛ إذ قال ليتني أصادق وأفقد بعض مالي (عافية).

(٥) وقوله : (ويتوسط) أي : يدخل أو يقع ولم يقل ضمير مرفوع لمكان الاختلاف في كونه ضميرا فأورده ما هو المتفق عليه فعند أكثر البصريين أنه حرف استنكار لخلو الاسم من الإعراب لفظا ـ


بين المبتدأ والخبر (١) قبل العوامل) (٢) مثل : زيد هو القائم ، (وبعدها) أي : بعد العوامل، نحو : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ) [المائدة : ١١٧].

(صيغة (٣) مرفوع) ولم يقل ضمير مرفوع لمكان الاختلاف في كونه ضميرا.

(منفصل مطابق للمبتدأ) إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا وتكلما وخطابا وغيبة (يسمى) هذا المرفوع (فصلا) (٤) وذلك التوسط (ليفصل) (٥) ذلك المرفوع المتوسط (بين كونه) أي : كون الخبر (نعتا وخبرا) فيما يصلح لهما ثم اتسع فيه ، فادخل فيما لا لبس فيه وذلك عند اختلاف الإعراب ، وكون المبتدأ ضميرا وغير ذلك (٦) بالجمل على صورة اللبس.

__________________

ـ أو محلا وقال الخليل : إن اسم لا محل له من الإعراب وقال الكوفيون : له محل من الإعراب ، ثم قال الكسائي: محله بحسب ما بعده قال الفراء : بحسب ما قبله وهذا الاختلاف نقله ابن هشام والرضي نقله خلاف ذلك فقال: عند أكثر البصرية أنه اسم وقال بعض البصريين : إنه حرف. (فاضل وجيه الدين).

(١) أي : قبل الدخول على المبتدأ والخبر العوامل اللفظية وهي كان وإن وظننت وأخواتها.

(٢) قوله : (العوامل اللفظية) لأنها المتبادر ولا حاجة إليه إلا أنه ذكر توطئه لقوله : أو بعدها وهما ضميران لم يكونا بعد العوامل مبتدأ وخبرا لكن يصح التعبير عنهما بالمبتدأ والخبر حقيقة ؛ لأن المبتدأ والخبر ليسا بمشتقين حتى يجب اتصاف ما قصد بهما لمفهوميهما حتى تعلق الحكم بهما وليس التركيب من قبيل رأيت هذا الشاب في شبابه وصباه ؛ لأنه تعليق بالمشتق وجمع بين الحقيقة والمجاز ، فمن تمسك في كون ما نحن فيه حقيقة يكون هذا التركيب حقيقة فقد غفل والقول بأنه من الجمع بين الحقيقة والمجاز لا من قبيل عموم المجاز بعيد عن الصحة والجواز. (عصام).

(٣) قوله : (صيغة مرفوع) ظاهر في أنه اختار مذهب الخليل أنه حرف على صورة الضمير أي : لا يقال : إنه على اسم الضمير. (عصام).

(٤) والكوفيون يسمون عمادا لكونه حافظا ما بعده حتى لا يسقط عن الخبرية كالعماد في البيت الحافظ السقف من السقوط. (رضي الدين).

(٥) فقال المتأخرون إنما سمي فصلا ؛ لأنه فصل بين كون ما بعده تبعا وكونه خبر ؛ لأنك إذا قلت : زيد القاتم جاز أن يتوهم السامع كون القائم صفة فينتظر الخبر فجئت بالفصل لتعين كونه خبرا قال الخليل وسيبويه : فصلا لعضله الاسم الذي قبله عما بعده بدلالته على أن ما بعده ليس من تمامه بل هو ، وقال : المعنيين إلى شيء واحد لا أن تقديرهما أحسن. (وجيه الدين).

(٦) ككون الخبر أعرف من المبتدأ نحو المنطلق زيد وليس فيه ليس الخبر به الصفة ؛ لأنها لا يكون أعرف من الموصوف أو كون الخبر.


(وشرطه) (١) أي : شرط الفصل بذلك المرفوع (أن يكون الخبر معرفة) لأن الفصل إنما يحتاج إليه فيها (أو أفعل من كذا) لا لحاقة بالمعرفة لامتناع اللام (٢) (مثل : كان زيد هو (٣) أفضل من عمرو) (٤).

واقتصر على مثال (أفعل) من بعد دخول العوامل دون المعرفة ، ودون الخبر قبل العوامل ، لاستغنائهما عن المثال لكثرتهما.

(ولا موضع له) أي : للفصل من الإعراب (عند الخليل) لأنه حرف عنده على صيغة الضمير ، وعند (٥) بعضهم : اسم مبني لا مقتضي فيه للإعراب ، ولا عامل (٦) ، لكن الخليل استبعد إلغاء الاسم ، فذهب إلى حرفيته.

(وبعض العرب يجعله مبتدأ) (٧) أي : يستعمله (٨) بحيث يحكم النحاة بكونه مبتدأ(٩) ، وإلا فالعرب لا تعرف المبتدأ والخبر.

__________________

(١) ولما كان جواز التوسط بشرط شيء لا مطلقا شرع المصنف في بيان ذلك الشرط.

(٢) لقيام من فيه مقام اللام ولهذا امتنع الجميع بينهما لا يقال : زيد الأفضل من عمرو.

ـ فلا يقال : زيد الأفضل من عمرو كما يمتنع دخوله على المعرفة.

(٣) نقول : غرضه من التمثيل توضيح الفرق بين هذا المذهب ومذهب بعض العرب وهذا الغرض يترتب على مثال يخالف ما بعد الفصل ما قبله إعرابا. (عصام).

(٤) ومما يجري مجرى افعل من فعل المضارع نحو زيد هو يضرب لامتناع دخول اللام على الفعل ولفظ المثال في قولك : حسبك أنت مثله لعدم قبوله حرف التعريف أيضا وهو عند الاخفش يتوسط بين حال وصاحبها أيضا نحو ضربت زيدا هو ضاحكا ومن شرطة أيضا حتى تأخير الخبر لو قدم لا ستغنى عنه خلافا للكسائي. (خبيصي).

(٥) نقد الشارح مذهبا آخر فيه وهو المذهب الذي استعبده الخليل.

(٦) وليس هذا المرفوع بعامل من العوامل اللفظية والمعنوية وهذا كالعلة لقوله : لاقتضى.

(٧) وبعضهم يجعله تأكيدا لما فيه وعينه دخول لام التأكيد عليه فإن لام التأكيد لا تدخل التوكيد. (لاري).

(٨) وفرق بين قولنا جعله العرب مبتدأ وبين قولنا جعله النحوي مبتدأ فمعنى الأول يستعمله بحيث يكون من أفراد المبتدأ ومعنى الثاني أنه صفة بكونه مبتدأ ومن لم يفرق قال : معناه أن العرب يستعمله. (عصام الكافية).

(٩) يعني ، وأن لم يكن الجعل بمعنى الاستعمال على ما فسره وأبقى على معناه الحقيقي وأسند إلى العرب إسنادا حقيقيا فلا يصح هذا الإسناد ؛ لأن العرب لا يعرف. (عبد الله).


(وما بعده خبره) فقوله : (خبره) إما مرفوع على أنه خبر والجملة حال أو منصوب عطفا على ثاني مفعولي (١) (يجعله) (٢) وإنما يعرف من (٣) العرب جعله مبتدأ برفع ما بعده في مثل : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ) و (علمت زيدا هو المنطلق).

وفي بعض نسخ المتن (مبتدأ ما بعده خبره) بدون الواو وحينئذ الرفع متعين.

(ويتقدم قبل الجملة) (٤) وإيراد لفظ (قبل) لتأكيد التقدم ؛ لأن تقديم الضمير على مرجعه غير معهود ، ولا يبعد أن يقال معنى الكلام : ويقع متقدما من غير سبق مرجع(٥) ، وذلك بحسب المفهوم أعم من أن يكون قبل الجملة أولا فلذلك قيده بقوله (قبل الجملة) أي : قبل (٦) هذا الجنس (٧) من الكلام.

(ضمير (٨)

__________________

(١) الصواب أنه من بابل عطف المعمولين بعاطف واحد على معمولتين.

(٢) وما مع صلته في محل النصب معطوف على الضمير المنصوب في يجعله. (الهندي).

(٣) أراد الشارح أن يذكر العلامة التي يعرف بها جعله مبتدأ فقال : (إنما يعرف). (أيوبي).

(٤) إشارة إلى دفع ما أورد في الحواشي الهندية من أن لفظ قبل حشو لا فائدة فيه إذا الغرض يحصل بأن يقول ويتقدم الجملة ضمير غائب ووجه الدفع أن هذا مقام إنكار ؛ لأن تقديم الضمير على مرجعه الذي هو الجملة غير معهود فأكد التقديم بلفظ قبل لدفع الإنكار أو يقال ليس المراد ويتقدم الجملة ضمير غائب حتى يلزم الحشو بل المراد ويقع متقدما وهذا بحسب المفهوم أعم من أن يكون ما قبل الجملة وقبل المفرد فخض وقيد بقوله : (قبل الجملة) كما يخص جميع العمومات فلا حشو ولا استدراك كما في سائر العمومات والتخصيصات فكأنه قال ويقع متقدما على الجملة. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (من غير سبق مرجع) فليس بداخل في المراد لدفع الحشو وإنما هو تخصيص دفع انتقاض نحو الشاه هو زيد قائم كما سيصرح به. (وجيه).

(٦) قوله : (أي : قبل هذا الجنس من الكلام) سيشير إلى توجيه ما أعاد المصنف المعرفة بالظاهر حيث قال يفسر بالجملة مع أن المتبادر إعادة المعرفة بالضمير لكن هذا إذا كان المراد بالثاني عين الأول وأما إذا كان غير الأول فبالظاهر كما في هذا المقام إذ المراد بالجملة الأولى جنس الجملة وبالثانية الخصة من الجنس المذكور فهما متغايران.

(٧) دفع توهم يرد على عبارة المصنف بأن قوله : (بالجملة) في قوله : (يفسر بالجملة) بعده مستدرك لا فائدة له ؛ لأن المقام مقام الضمير فالحق أن يقول : بما بعدها بأن يقال : معناهما مختلف فإن أريد بها ما هو أخص مما قبلهما وفي مثله يؤتى بالضمير.

(٨) اعلم أن هذا الضمير مفارق سائر الضمائر من وجوه الأول : أنه لا يحتاج إلى تقديم ما ـ


غائب يسمى ضمير الشأن) (١) إذا كان مذكرا رعاية للمطابقة ؛ لأن الضمير راجع إليه (و) ضمير (القصة) (٢) إذا كان مؤنثا.

ويحسن تأنيثه إذا كان العمدة فيها مؤنثا لتحصل المناسبة.

(يفسّر) ذلك الضمير الغائب لإبهامه (بالجملة) المذكورة (بعده) أي : بهذه الحصة من الجنس المذكور.

والظاهر أن قوله (يسمى ضمير (٣) الشأن والقصة) معترضة بيان للواقع ليس داخلا في بيان القاعدة.

__________________

ـ يفسره ، الثاني : أنه لا يعطف عليه ، الثالث : لا يؤكد ، الرابع : أنه لا يبدل والسر فيها أنها توضيحية والمقصود منه الإبهام هكذا في بعض شروح ، الخامس : أنه لا يجوز تقديم خبره عليه ، السادس : أنه لا يشترط عود ضمير من الجملة ، لأنها لما جرّت بحرف للمفرد من إنما هي المبتدأ ، لم يحتج إلى عائد كما لا يحتاج المخبر عنه إليه ؛ لأنه لا يفسر إلا بالجملة ، السابع : أن الجملة بعده لها محل من الإعراب ، الثامن : أنه لا يقوم الظاهر مقامه ، التاسع : أنه لا يكون إلا غابا ، والعاشر : أنه لا يجوز تثليثه وجمعه ، الحادي عشر أنه لا يستعمل أو يستعمل لعلة إلا في موضع يراد منه التعظيم والتفخيم.

(١) والضمير وهو ما دل على تكلم كأنا أو مخاطب كأنت أو غائب هو ولا بدّ ففسره إما معلوم أي : متفعل في الذهن نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً)[يوسف : ٢] وإما مذكرا نحو : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ)[البقرة : ١٢٤] الآية ، أو رتبة لا لفظا نحو : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)[طه : ٦٧] ، أو متأخرة لفظا ورتبتا وهي منحصرة في سبعة ذكرها في الغني والشذوذ. (شرح القطر لابن هشام).

ـ وهي ضمير الشأن ، والقصة ، والضمير المخبر عنه بمفسر نحو : (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا)[الأنعام: ٢٩] أي : ما الحياة إلا حياتنا الدنيا ، والضمير في باب ربّ ونعم ، والتنازع المتقدم على المفعول المتأخر. (شرح القطر).

(٢) لرجوعه إلى المؤنث ، أي القصة إذا كانت في الجملة المفسرة مؤنث لقصد القصة ، نحو قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا)[الأنبياء : ٩٧] وهو مع ذلك جائز.

(٣) والفرق بين ضمير الشاذ والضمير المبهم مع أن كل واحد منهما يحتاج إلى ما يفسره أن ضمير الشأن يرجع إلى الشأن المسؤول عنه الملحوظ على الإيجاب فيجاب عنه بأن الشأن الذي تطلب بعينه هو هذا بخلاف الضمير المبهم فإنه لا يعلم ما يعني به إلا ما يتلوه من المفسر كما تقول : هي العرب تقول : ما شاء فلذا قيل : إنه نكرة.

ـ الشأن والحديث والأمر والحال والقصة بمعنى واحد فإن أريد ضمير الشأن والحديث أو الأمر يكون ذلك الضمير مذكرا وإن أريد الحال والقصة يكون مؤنثا هذا الشيء لتنبيه المتكلم. (مظهر).


فإنه لا دخل للتسمية في هذا الحكم ، فإنه ثابت سواء وقعت هذه التسمية أولا.

وأيضا يلزم استدراك قوله (يفسر بالجمل بعده) فعلى (١) هذا (٢) لو لم يحمل التقدم على ما ذكرنا انتقض القاعدة بقولنا (الشأن هو زيد قائم) على أن يكون (هو) مبتدأ راجعا إلى الشأن ، و (زيد قائم) خبرا عنه.

فإنه يصدق عليه أنه ضمير غائب تقدم قبل الجملة مفسرا بالجملة بعده.

فإنه باعتبار (٣) رجوعه إلى الشأن لا يخرج عن الإبهام بالكلية (٤) بل إنما يرتفع بجملة (زيد قائم) كما لا يخفي.

(ويكون) ضمير الشأن أو القصة (متصلا ومنفصلا) (٥).

وإذا كان متصلا يكون (مستترا (٦) وبارزا على حسب العوامل).

فإن (٧) كان عامله معنويا بأن كان مبتدأ كان منفصلا وإن كان لفظيا يصلح لاستتار الضمير فيه كان مستترا وإلا بارزا (٨) (مثل (هو زيد قائم) مثال للمنفصل (و (كان زيد

__________________

(١) أي : على تقدير أن يكون قوله : (سمى ضمير الشأن) والقصة داخلا في القاعدة ؛ لأن قوله : (سمي ضمير الشأن) يخرج جميع ما عدا ضمير الشأن فلا حاجة إلى قيد يخرج ما عداه. (وجيه الدين).

(٢) أي : على ما ذكر من أن قوله : (ضمير يسمى ضمير الشأن) ليس بداخل في القاعدة لما سنبنيه مع أنه ليس بضمير الشأن بخلاف ما إذا دخلا فإنه لا ينتقض به ؛ إذ لا يسمى هذا ضمير الشأن.

(فاضل محشي).

(٣) كأنه قيل : يخرج من الإبهام برجوعه إلى الشأن ولا يحتاج إلى الجملة التي فسره فأجاب بقوله : (فإنه ... إلخ).

(٤) لأن الشأن لم يعلم أنه قيام زيد أم قعوده أم غير ذلك. فتأمل.

(٥) حيث وقع مبتدأ باعتبار قياس باب الضمائر. (عوض).

(٦) حيث وقع منصوبا سواء كان ناصبه فعلا نحو : ظننت زيد قائم أو حرفا كما في مثال المتن فيكون اتصاله وانفصاله واستناده وإبرازه على حسب. (عوض).

(٧) قوله : (فإن كان عامله معنويا) لم يأت بحق التفصيل وحقه أن يقال : إن كان معنويا أو حرفا وهو مرفوع كان منفصلا وإلا فإن كان مرفوعا يكون مستترا إلا فبارزا. (عصام).

(٨) أي : وأن لم يصلح بأن كان العامل معرفا حرفا كقوله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ)[الجن : ١٩]. (حاشية).


قائم) مثال المتصل المستتر (١) (وأنه زيد قائم) مثال للمتصل البارز.

(وحذفه) من اللفظ بإضماره ؛ لأنسيا منسيا حال كونه (منصوبا (٢) ضعيف) أي: جائز مع ضعف بخلاف ما إذا كان مرفوعا فإنه لا يجوز أصلا لكونه عمدة (٣) أما جوازه (٤) فلكونه على صورة الفضلات ، وأما ضعفه فلأنه حذف ضمير مراد بلا دليل عليه؛ لأن الخبر كلام مستقل ، مثاله :

إنّ من (٥) يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جآذرا وظباء

(ألا مع (أنّ) المفتوحة (إذا خففت فإنه) (٦) أي : حذفه بنيّة الإضمار هاهنا مع كونه منصوبا.

(لازم) (٧) كقوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)[يونس : ١٠]

__________________

(١) وإنما كان مستترا الوجوب استكنان الضمير المرفوع المفرد الغائب في الفعل بلا فصل. (حاشية).

(٢) اعلم أن ضمير الشأن إما مرفوع أو منصوب ولا يجوز أن يكون مجرورا ؛ لأنه مبتدأ أما لفظا أو معنى أو لأنه كناية عن الجملة. (عافية).

(٣) يريد عمدة لا دليل عليها لاستقلال ما بعدها وإلا فالمبتدأ مع كونه عمدة يحذف. (عصام).

(٤) قوله : (أما جوازه) فلكونه هكذا قالوا ، وفيه أن مجرد كونه على صورة الفضلات لا يصلح الحذف بل لا بد له من قرينة وجاز أن يقال : قد تقوم القرينة على الحذف وعلى خصوصية المحذوف أما على الحذف فكرفع الجزئين في نحو قوله عليه‌السلام «إن من أشد الناس عذابا يوم القيام المصورون» [أخرجه البخاري (٥٩٥٠) ، ومسلم (٢١٠٩)] وأما على خصوصية المحذوف فلأن حذف اسم الحروف المشبهة بما بالفعل إذا لم يكن ضمير الشأن لم يجز إلا في الشعر على ضعف من اللفظ. (عبد الغفور).

(٥) فمن مبتدأ ويدخل خبره ولا يجوز أن يكون اسم أن ؛ لأن له صدر الكلام فالمبتدأ والخبر في محل رفع بأنها خبران واسمها ضمير الشأن والتقدير إن من يدخل الكنيسة.

ـ قوله : (إن من يدخل الكنيسة) يفتح الكاف معبد النصارى وآلجاذر جمع جوذر بضم الجيم والذال المعجمة المضمومة ، ولد البقر الوحشية ، والظباء جمع ظبي والمعنى أن من يدخل معبد النصارى يوما يلق في ذلك المعبد النساء كالجآذر في سعة العين وكالضباء في شدة سواد العين. (وجيه الدين).

(٦) مستثنى مفرغ ، أي : ضعيف مع كل عامل إلا مع أن إذا خففت وإذا ظرف بمعنى المقارنة أو بمعنى الاستثناء أي : لا مقرونا بان وقت تخفيفها. (هندي).

(٧) أي : حذفه مع عدم الضعف لئلا يلزم مزيته للأضعف على الأقوى.


وذلك لأنه قد خففت (إنّ) و (أنّ) لثقلهما بالتشديد الواقع فيهما وبعد تخفيفهما وجدوا (إنّ) المكسورة المخففة عاملة في الملفوظ كنا قال الله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١] ولم يجدوا (أن) المفتوحة المخففة عاملة في الملفوظ مع أنّ (أنّ) المفتوحة أقوى شبها بالفعل من المكسورة ، فهي أجدر بالعمل.

فإذا لم يجدوها عاملة في الملفوظ قدّروا عملها في ضمير الشأن لئلا يزيد المكسور عليها عملا من أنه أجدر به ولم يجوزوا إظهار ذلك الضمير ، لئلا يفوت التخفيف المطلوب هاهنا، كما يدل عليه حذف النون وحكموا بلزوم حذف ضمير الشأن مع (أن) المفتوحة إذا خففت.

(أسماء (١) الإشارة)

أي : أسماء الإشارة المعدودة (٢) في المبنيات بحسب الاصطلاح (ما وضع) أي : أسماء (٣) وضع كل واحد (٤) منها (لمشار إليه) أي : لمعنى مشار إليه إشارة حسية (٥) بالجوارح والأعضاء ؛ لأن الإشارة عند إطلاقها حقيقة في الإشارة الحسية. فلا يرد ضمير الغائب وأمثاله ، فإنها (٦) للإشارة إلى معانيها إشارة ذهنية لا حسية (٧) ، ومثل (٨) :

__________________

(١) لما فرغ عن بيان أحد أنواع المبني شرع في نوعه الثاني فقال (أسماء الإشارة). (عافية).

(٢) فسر أسماء الإشارة بأسماء المعدودة في المبنيات بحسب الاصطلاح دفعا للدور والمصرح ؛ لأنه أدخل قوله : (مشار إليه) في تعريف اسم الإشارة ، فالمراد باسم الإشارة الاصطلاحي وبقوله : (مشار إليه) معناه اللغوي فاندفع ذلك المحذور.

(٣) إنما فسر بقوله : (أي : أسماء) ليطابق أسماء الإشارة ، وقال : وضع كل واحدة ليطابق قوله المصنف المشار إليه حيث لم يقل : لمشار. (اليهي).

(٤) أشار به إلى أن التعريف للمفهوم المتحقق في كل فرد لا للأفراد وإلى وجه تذكير الفعل.

(٥) قوله : (إشارة حسية) هي مخيل امتداد واصل بين المخيل وما يصير غاية الامتداد وهي لا يكون إلا إلى محسوس مشاهد. (غفور).

(٦) فإن الضمائر ليست موضوعة للمعنى المشار إليه بالإشارة الحسية. (أيوبي).

(٧) فإنا إذا قلنا : زيد هو قائم فهو موضوع للإشارة إلى زيد لا وجود في الذهن لا إلى زيد الموجود الحاضر المحسوس المشاهد. (عبد الله أفندي).

(٨) جواب سؤال مقدر تقديره أن قولك : اسم الإشارة ما وضع لمشار إليه إشارة حسية متفوض بمثل ذلكم الله ربكم فإن ذا هاهنا للإشارة إلى الله والإشارة إلى الله لا يكون حسية بل ذهنية ؛ لأنها ـ


(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) مما ليس الإشارة إليه حسية محمول على التجوز (١).

وإنما بنيت لشبهها بالحرف (٢) ، كما سبق.

(وهي) أي : أسماء الإشارة (٣) (ذا) حال كونها (للمذكر) الواحد (٤) والعامل(٥) في الحال معنى الفعل المفهوم من نسبة الخبر إلى المبتدأ.

(ولمثناه (٦) : ذان) رفعا (وذين) نصبا وجرا ، أي : وذان وذين حال كونهما لمثنى المذكر ، قدم ليكون (٧) الضمير أقرب إلى مرجعه ، وعلى هذا (٨) القياس في التراكيب الثلاثة الباقية.

__________________

ـ لا يتصور إلا إلى محسوس مشاهد والله تعالى نفسه منزه عن ذلك فأجاب بما ترى.

ـ (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) إشارة تعظيم قاضي من آخر القصص الظاهر أن معنى التعظيم يستفاد من الإشارة بلفظ الجيد تنزيلا لبعد درجة المشار إليه ورفعه محله منزلة المسافة كما في قوله تعالى : (الم ذلِكَ الْكِتابُ)[البقرة : ١ ـ ٢] فإن الأصل في أسماء الإشارة أن يشار بها إلى مشاهد محسوس قريبا أو بعيدا ؛ لأنه قد أشار به إلى محسوس حيز مشاهد إلى ما يستحيل إحساسه وتنزيلا الإشارة العقلية منزلة الحسية وما نحن فيه من هذا القبيل.

(١) أي : على المجاز ، أي : على الاستعادة المصرحة بأن يشبه غير المحسوس بالمحسوس المشاهد في غاية الظهور ويطلق عليه لفظ موضوع للمحسوس.

(٢) لاحتياجها في وضعها إلى ما يبين به من قرينة الإشارة وإما لأن وضعها بالأصالة وضع الحروف في البعض نحو ذا وثم حمل عليهما البواقي. (عوض).

(٣) بحسب المشار إليه على ستة أضرب في العقل ؛ لأنه إما مفرد أو مثنى أو مجموع وكل واحد منها إما مذكر أو مؤنث إلا أن العرب لما وضعت لفظ الجمع مشتركا بين المذكر والمؤنث فألفاظها بسبب ذلك لاشتراك خمسة أربعة منصوب وواحد مشترك. (عافية).

(٤) ولما كان المذكر اسم جنس شامل للتثنية والجمع أراد الشارح أن يبين أن المراد بالمذكر الواحد. (أيوبي).

(٥) كأنه قيل : قيل إذا كان حالا فلا بد من عامل فما العامل فأجاب بقوله : (والعامل).

(٦) واعلم أن اسم الإشارة حالتها متوسطة بين الظاهرة والمضمرة فأقربها من الظاهر جاز تصغيرها وتثنيتها ولقربها من المضمر جاز أن يكون ثنائية.

ـ وعند أبي إسحاق الزجاج أن المثنى مطلقا مبني لتضمنه معنى واو العطف إذ أصل زيدان زيد وزيد (هندي).

(٧) هذا جواب سؤال مقدر وهو أن قوله : (لمثناه) حال مع أنه قدم على صاحبه وهو ذان مع أنه لا يتقدم عليه في عرفهم فأجاب بقول : (ليكون أقرب).

(٨) أي : على تقديم الحال فقط أي : بدون اعتبار قرب مرجع الضمير ؛ لأنه لا ضمير في ـ


فقوله (١) : (هي) مبتدأ ، وقوله : (ذا) مع ما عطف عليه مقيدا كل واحد منها بحال خبر له.

ويجيء (٢) في بعض اللغات (ذان) في جميع الأحوال الرفع والنصب والجر ، ومنه قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] على أحد (٣) الوجوه.

(وللمؤنث) الواحدة (تا) (٤) قيل : هي الأصل في لغات المؤنث الواحدة ؛ لأنه لم يثن منها إلا هي.

(وذي) وقيل : هي الأصل لكونها بإزاء (ذا) للمذكر فينبغي أن يناسبها.

(وتي) بقلب الألف ياء (وته وذه) بقلب الألف والياء هاء بغير وصل الياء بهما.

(وتهي وذهي) بوصل الياء بهما.

(ولمثناه) أي : مثنى المؤنث (تان) في الرفع (وتين) في النصب والجر ولا يثنى (٥) من لغاته إلا (تا) لكثرة ورودها على الألسنة.

ووتوهم بعضهم من اختلاف أواخر (ذان وذين وتان وتين) باختلاف العوامل أنها معربة ، والجمهور على أن هذا الاختلاف ليس بسبب اختلاف العوامل ، بل (ذان (٦)

__________________

ـ قوله : (وللمؤنث تا) اللهم إلا أن يقال : الكلام على التغليب فيشابه إلى تقديم الحال مع قرب مرجع الضمير.

(١) قوله : (فقوله : هي مبتدأ ، وقوله : ذا مع ما عطف عليه مقيدا كل واحد منها بحال خبر له) فيعتبر العطف أولا ثم الحال فهذا مثل وأنواعه رفع ونصب وجر ومثل عدل ووصف وتأنيث وقد مر تحقيقه.

(٢) ولما كان في لفظ ذان لغتان أحدهما : ما اختاره الأمر ، وثانيهما : أن يكون مبنيا على ما يرفع به فقط أراد الشارح أن يبين فقال : (ويجيء).

(٣) قوله : (على أحد الوجوه) أحدها : هذا ، وثانيها : أن هاهنا بمعنى نعم و (هذانِ) مبتدأ و (ساحران) خبره ، وثالثها : ضمير الشأن محذوف والجملة خبر ضمير الشأن مفسر له ، كذا نقل عنه وإنما دخل اللام في خبر المبتدأ وإن كان قليلا ؛ لأنه يجوز مع قلة. (وجيه الدين).

(٤) تقلب للذان في المذكر تاء إذ العادة هي الفرق بينهما بها.

(٥) قوله : (ولا يثنى من لغاته) أي : لا رد على صورة المثنى فلا تثنية في المعنى بل اللفظ تمامه موضوع لمعنيين ولو كان مثنى لم يكن في مفهومه تعيين ؛ لأن المعرفة لا يثنى إلا بعد التنكير.

(٦) ذان اسم إشارة مبني على الكسر لا على الألف كما في نحو يا زيدان وكذلك ذي واللذين. (هكذا أفادني أستاذي).


وتان) مرفوعان لتثنية المرفوع ، و (ذين وتين) لتثنية المنصوب والمجرور ، ووقوعهما على صورة المعرب اتفقي لا لقصد الإعراب لوجود (١) علة البناء فيها.

(ولجمعهما) أي : جمع المذكر والمؤنث (أولا) مدا وقصرا) أي : ممدودا ومقصورا.

وإذا كان مقصورا يكتب بالياء.

(ويلحقها) أي : أسماء الإشارة ، يعني : يدخل (٢) على أوائلها على سبيل اللحوق والعروض بعد اعتبار أصالتها (٣) (حرف التنبيه) وهي كلمة (ها) فهو في الحقيقة (٤) ليس منها ، وإنما هو حرف جيء به للتنبيه على المشار إليه قبل لفظه ، كما جيء بهاء للتنبيه على النسبة (٥) الإسنادية ، كقولك : ها زيد قائم ، وها إن زيد قائم.

(ويتصل بها) أي : بأواخر أسماء إشارة (حرف (٦) الخطاب) (٧) وهو الكاف تنبيها

__________________

(١) قوله : (لوجود علة البناء بها) كما في المفرد والجمع وذان ونان صيغتان ليستا مبنيتين على الواحدة ولو بنيتا عليها لقيل ذيان وتيان مذان صيغة للرفع وذين صيغة للنصب والجر قال الرضي : إن كل واحدة منها صيغة مستأنفة خلاف الظرف. (فاضل المحشي).

(٢) يعنى أن الظاهر أن يقال : يدخل إلا أن عدل عنه النكتة وهي التثنية على أن دخولها على سبيل العروض لا على سبيل الجزئية إلا أن الظاهر قوله : (ويلحق) ويتصل من باب التفسير في العبارة. (وجيه الدين).

(٣) وهو الهاء ليدل على تنبيه المخاطب من أول الأمر ليكون ذلك منهم تعظيما للأمر ومبالغة في إيضاح المقصود فيقال : هذا هذان هؤلاء ، ثم اعلم أن حروف التثنية إنما يتصل بها إذا لم يتحقق بآخرها اللام أما إذا لحق فلا يقال هذا لك والحكمة فيه عدم جواز الجمع بين الشيئين اللذين يفيد كل منهما ما يفيد الآخر ؛ لأن ذلك الحرف واللام للبعد فلا حاجة إلى ما يقال : إن المراد بقوله : (يلحقها) يلحق بعضها ؛ لأنه لا يجوز هذا لك قالوا : ففيه نظر. (عافية).

(٤) يعني : من فوائد كلمة اللحوق التنبيه على أنها ليست في الحقيقة منها على ما توهمه شدة الاتصال والامتزاج وكتابته كحروف الكلمة ولم يقل ويتصل بها لئلا يتوهم عدم جوار الفصل بينها وذا مع أنه كلمة أنا وأنتم وهو أخواتها تشير ومنه قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ.) (عصام).

(٥) على الاستماع والحفظ بمضمون الجملة التي بعدها لكونها من الأمور التي يجب أو يستحب الاعتناء بها. (أيوبي).

(٦) والدليل على حرفيته امتناع وقوع الظاهر موقعه وفيه أن ضمير أفعل كذلك وفيه أن وجد فيه دليل الاسمية وهو الاسناد إليه فكان الاسم واقعا موقعه حكما (هندي).

(٧) فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون ضميرا؟ قلت : لأنه لو كان كذلك إما ضمير مرفوع أو ـ


على حال المخاطب (١) من الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث وإنما جعلت هذه الكاف (٢) حرفا لامتناع وقوع الظاهر موقعها ولو كانت اسما لم يمتنع ذلك مثل : ضربك وبك) (٣)

وهي أي : حروف الخطاب (خمسة) (٤) والقياس يقتضي الستة ـ واشتراك خطاب الاثنين فرجعت إلى خمسة مضروبة (في خمسة) من أنواع أسماء الإشارة. يعني : المفرد والمذكر والمؤنث ، ومثناهما وجمعهما. وهي ستة راجعة إلى خمسة لاشتراك جمعهما.

وإنما قلنا : من أنواع أسماء الإشارة ؛ لأن إفراد المفرد المؤنث ترتقي إلى ستة (فتكون) أي : الحاصل من الضرب (خمسة وعشرين (٥) ، وهي) أي : تلك الهمسة والعشرون (ذاك إلى ذاكن) يعني : (ذاك) إذا أشرت إلى مذكر وخاطبت مذكرا و (ذاكما) إذا أشرت إلى مذكر وخاطب مذكرين و (ذاكم) إذا أشرت إلى مذكر وخاطبت مذكرين.

(و) على هذا القياس (ذانك) و (ذينك) إذا أشرت إلى مذكرين وخاطبت مذكرا (إلى ذانكن) و (ذينكن) إذا أشرت إلى مذكرين وخاطبت مؤنثات.

(وكذلك (٦) البواقي) يعني : (تاك) إلى (تاكنّ) و (تيك) إلى (تيكنّ) ، و (تانك)

__________________

ـ منصوب أو مجرور ولا جائز أن يكون ضمير مرفوع ومنصوب لعدم الرافع والناصب هاهنا وكذلك لا جائز أن يكون ضمير مجرور لاستلزامه تعريف المعرف. (عوض).

(١) غالبا نحو ذاك ، نحو قوله تعالى : (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ)[المجادلة : ١٢]. (محمد أفندي).

(٢) لأنها لو كانت اسما لكانت مضافا إليها لانتفاء واحتمال الغير ويلزم تعريف المعرف فيكون كالكاف في أياك حرفا دالا على الخطاب. (عجراوي).

(٣) أي : مقام ضربت زيدا مثال لما لا يمتنع وقوعه موقع الكاف.

(٤) وأسماء الإشارة خمسة على ما مر ، وأما تي وته وذه ففي معنى تا فيعد كلها لفظا واحدا أو يتصل خمسة الخطاب على كل من خمسة الإشارة فيكون خمسة وعشرين مثالا. (غجدواني).

ـ في اللفظ الاشتراك تثنية المذكور والمؤنث نحو ك بالفتح وك بالكسر. (عافية).

ـ ذكر العدد لاعتبار تذكير تمييزها أي : حروف الخطاب ولله در المصنف حيث أشار إلى تأنيث لفظ الحرف بقوله : (هي) وإلى تذكيره بقوله : (خمسة) وما في شرح العصام من أن المؤنث حرف الهجاء لا لفظ الحرف ليس كما ينبغي على أنه مخالف لما قاله في الحاشية فلا تغفل. (معرب).

(٥) لفظا ستة وثلاثين معنى ؛ لأن المعان ستة في ستة والألفاظ خمسة في خمسة. (غجدواني).

(٦) وإنما يقال كذلك للمناسبة بين قلة المسافة وقلة الحروف وكثرة الحروف وكثرة المسافات. (هندي).


و (تنيك) إلى (تانكنّ وتينكنّ) و (أولئك) بالمد و (أولاك) بالقصر إلى (أولئكنّ) و (أولاكنّ).

وأما (ذيك) فقد أورده الزمخشري والمالكي.

وفي الصحاح : لا تقل (ذيك) فإنه خطأ.

(ويقال (١) : (ذا) للقريب و (ذلك) (٢) للبعيد و (ذاك) للمتوسط (٣) وآخر المتوسط ؛ لأن المتوسط لا يتحقق إلا بعد تحقق الطرفين.

ولما (٤) رأى المصنف كثرة استعملا كل (٥) من هذه الكلمات الثلاث مقام الآخرين منها لم يتخذ هذا الفرق مذهبا له وأحاله إلى غيره فقال :

(ويقال : (تلك وتانك وذانك) حال كون هاتين الأخيرتين ، (مشددتين (٦) :

__________________

(١) لما شرع في بيان الفرق بين تلك الأسماء في الاستعمال فقال : (يقال ... إلخ). (هندي).

ـ يعنى قال النحويون : الفرق بين ذا وذاك وذلك أن ذا إشارة إلى الحاضر وذاك إشارة إلى الغائب ليس ببعيد وذلك إشارة إلى بعيد وهذا ما وضعه الواضع وكذلك كسر اللام في ذلك ؛ لأنه لو فتحت لاشتبهت بلام لك فإنه لو قال : ذا لك بفتح اللام يظن السامع أن معناه هذا الشيء لك. (مجمل).

(٢) ويشار إلى المعنى الحاضر ؛ لأن المعنى غير مدرك بالحس فكان بعيدا وتاك مثل ذاك وتانك بالتخفيف.

ـ وقد يستعمل ذلك في موضع ذلكم كقوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ)[النساء : ٢٥] كما قد يشار بما للواحد إلى اثنين كقوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ)[البقرة : ٦٨] وإلى الجمع كقوله تعالى: (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ)[الإسراء : ٣٨] بتأويل المثنى والجمع بالمذكور. (رضي الدين).

(٣) ونقل الثقاة لغة أخرى وهي إفراد حرف الخطاب وفتحه مطلقا تغليبا للواحد المذكر قال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)[البقرة : ١٤٣] وقياس اللغة الأولى وكذلك فاعرفه. (محصول).

(٤) ولما كان عبارة المصنف في بيان المسائل هو ذكر أحكامها من غير إحالة إلى قائلها من غير التصدير بلفظ قيل : أو يقال وعدل هاهنا عن عادته حيث صدرها بلفظ يقال ، أراد الشارح أن يذكر نكتة عدوله فقال : (ولما رأى). (أيوبي).

(٥) من ذي القرب من أسماء الإشارة مكان ذى البعد منها بضرب من التأويل وكذا كل من ذي التوسط منها مكان كل ذي القرب والبعد أو بالعكس حاجه الشك في اختصاص بعضها بالقرب وبعضها للبعد واشتبه عليه أيهما للقرب وأيهما للبعد لم يتخذ هذا الفرق مذهبا. (وجيه).

(٦) قال الأندلسي : لا فرق بين تشديد النون وتخفيفها قربا وبعدا والنحاة فرقوا وذلك مذهب المبرد. (هندي).


وأولا (١) لك باللام) أي : هذه الكلمات الأربع (مثل) (٢) كلمة (ذلك) في إفادة البعد.

ولا يبعد أن يجعل (ذلك) إشارة إلى كلمة (ذلك) (٣) المذكور سابقا وأما (تاك) و (ذانك) و (تانك) مخففتين ، و (أولاك) بغير اللام فللمتوسط وما (٤) هو للمتوسط بعد حذف حرف الخطاب منه للقريب.

(وأما (ثمّ) و (هنا) بضم الهاء وتخفيف النون (وهنا) بفتح الهاء وتشديد النون وهو الأكثر ، وجاء بكسر الهاء أيضا.

(فللمكان) الحقيقي الحسّي (خاصة) (٥) لا تستعمل في غير إلا (٦) مجازا على سبيل التشبيه (٧).

وأما ما عداها من أسماء الإشارة فقد تستعمل في المكان وغيره.

(الموصول) (٨)

أي : الموصول المعدود من المبنيات في اصطلاح النحاة :

__________________

(١) لبعيد جمع المذكر والمؤنث فيعلم منه أيضا أن أولا لقريب جمعهما وأولاك متوسط. (شرح الكافية عوض).

ـ ويزاد قبل الكاف لام البعد في الأفراد غالبا وفي الجمع قليلا ولا يراد في التثنية.

(٢) خبر مبتدأ وهو تلك مع ما عطف عليه فالمعنى أن هؤلاء كلهن مثل ذلك في أن يكون للبعيد. (عوض).

(٣) لأن ما عداه غير صالح لذلك ؛ إذ ليس فيما ذكره زيادتان إلا في ذلك (لاري).

(٤) لما كان المفهوم هاهنا محتملا للاستعمال في القريب والمتوسط أضطر حينئذ إلى التعين ، ثم شرع في بيان قاعدة.

(٥) حال من فاعل الظرف المستقر أو مفعول مطلق ، أي : أخص خصوصا ذكرت للتأكيد. (لاري).

(٦) نحو هنالك الولاية لله الحق أي : في ذلك الزمان لكن هنا يشار به إلى المكان القريب وهناك في المتوسط وثمة وهنا مشددة وهنالك إلى البعيد. (وجيه الدين).

(٧) وبينها وبين ما عداها فرق آخر إذا استعملت في المكان وهو أن هذه الألفاظ لا يكون إلا ظرفا والمستعمل مما عداها لا يلزم أن يكون ظروفا.

ـ أي : الاستعادة بالمكان سواء كان ذلك الغير زمانا كقوله تعالى هنالك الولاية أو مكانا كقول الفقهاء: مواقيت الإحرام ، أي : مواضعها. (لاري).

(٨) اعلم أن الموصول نوعان : اسم كالذي وحرف كان ويشترط وجود العائد إلى الموصول من الصلة في النوع الأول دون الثاني.


(ما لا يتم (١) جزءا) أي : اسم لا يتم من حيث جزئيته ، يعني : لا يكون (٢) جزءا تاما أن كان (جزءا) تمييزا أولا يصير جزءا تاما أن كان (يتم) من الأفعال الناقصة.

والمراد بالجزء التام (٣) : مالا يحتاج في كونه جزءا أوليا ينحل (٤) إليه (٥) المركب أوّلا (٦) ـ إلى انضمام أمر آخر معه ، كالمبتدأ والخبر والفاعل والمفعول وغيرها (٧).

__________________

(١) وإنما قالك (جزأ) ولم يقل اسما كما قال بعض ؛ لأن احتياج الموصولات إلى الصلات للاسمية ؛ لأنها أسماء بدونها ، فإن قلت : كيف تكون أسماء وهن محتاجة إلى الأغيار وهذه الحاجة من خواص الحروف؟ قلت : هذه الحاجة ليست بالوضع فإن خاصة الحروف إلى متعلقها مشروطة في الوضع وحاجة الموصولات إلى الصلات عارضية غير مشروطة بالوضع. (غجدواني).

(٢) إشارة إلى أن التمييز لما انتصب عنه لا لمتعلقه والاتصال لا يكون جزؤه وإلى جعل المضمن أصلا والمضمن فرعا لقال : يعني لا يتم كائنا جزأ.

ـ تفسير على طريق يوضح أن التمامية صفة للجزء ؛ لأن التمييز هاهنا بمعنى الفاعل وأفاد أيضا أن النفي راجع إلى القيد أعنى نعي التمامية لا الجزئية. (شرح).

(٣) حمل الرضي الجزء التام على ركن الكلام كما ينساق إليه الفهم أولا وقال : معناه أن الموصول هو الذي لو أردت أن تجعله جزء الجملة لم يكن إلا بصلة هذا هو الحق ولكن الأوفق للتخصيص إذ لو أردت أن تجعله فضلة لم يكن إلا بصلة فلهذا مرن الشارح الجزء.

(٤) أي : يضاف إليه المركب وينزل إليه المزاد بالجزء التام ما هو ركن الكلام التام الذي يركب الكلام ولا معنى الوصول هو الذي لو أردت أن تجعله جزء الجملة لم يكن إلا بصلة هذا هو الذي ظهر لي في هذا المقام وهو الحق ؛ لأن ما يؤخذ من المير الشريف مردود من وجوه الله أعلم. (حاجي محمد أمين).

(٥) مثلا : زيد فإنك قطعت النسبة بينهما ينحل زيد قائم إلى المبتدأ والجذور لا يحتاجان في كونهما أوليان يتحمل أيهما المركب أولا إلى أمر آخر وثانيا ينحل المركب الموصول والصلة ولا يحتاج الموصول إلى أمر آخر بخلاف جاءني الذي قام أبوه فانك أنا قطعت النسبة بينهما ينحل المركب أولا إلى الفعل والموصول يحتاج في كونه جزأ أوليا ينحل إليه المركب.

ـ انضمام أمر آخر وهو الصلة : (شرح محمد).

(٦) لأنه إذا أنحل إليه انحلالا ثانويا يكون ذلك الجزء جزءا ناقصا لكونه جزءا جزء.

(٧) ومن هنا منشأ الاختلاف بينهم في أن الموضع من الإعراب محل للموصول وحده له مع صلته والحق أنه له وحده والصلة شرط خارج عنه بدليل ظهوره في مثل : جاءني أبوه قائم (عوض).


وإنما نفي كونه جزءا تاما لا جزءا مطلقا ؛ لأنه إذا كان مجموع الموصول والصلة جزءا من المركب يكون الموصول وحده أيضا جزءا ، لكن لا جزءا تاما أوليّا؟.

(إلّا بصلة (١) وعائد) والمراد بالصلة : معناها اللغوي لا الاصطلاح فإن الاصطلاحي عبارة عن جملة مذكورة بعد الموصول مشتملة على ضمير عائد إليه ، فمعرفتها موقوفة على معرفة (٢) الموصول فلو عرف الموصول بها لزم الدور (٣).

والقرينة (٤) على أن المراد بها معناها اللغوي لا الاصطلاحي (٥) قوله : (وعائد) فإنه لو أريد بها معناها الاصطلاحي لكان هذا القول مستدركا ؛ لأنه لا خراج مثل : (إذا) و (حيث) وليس لهما صلة اصطلاحية.

ولقائل (٦) أن يقول (٧) : يمكن أن يعرف الصلة بما لا يتوقف معرفته على معرفة الموصول ، بأن يقال : الصلة جملة متصلة باسم لا يتم جزءا إلا مع هذه الجملة المشتملة على عائد إليه.

__________________

(١) واعلم أن الصلة كالدال من زيد والموصول كالزاي منه ، فالأولى أن لا تعمل فيما قبل الموصول فلا الصلة في الموصول وهو فيها. (شرح الجمع).

(٢) لأن معرفة المحدود موقوفة على الحد ومعرفته موقوف على أجزاء الموصول من أجزائه فمعرفة الصلة موقوفة على الموصول. (محرره).

(٣) فإنه لم يعرف ما الموصول فمن أين يعرف صلته؟ فمعرفة الموصول موقوفة على معرفة الصلة ومعرفة الصلة موقوفة على معرفة الموصول هل هذا الا دور.

(٤) جواب سؤال مقدر ، وهو أن يقال : إن استعمال الصلة بمعناه اللغوي عند النحاة مجاز ؛ لأنها عند النحاة عبارة عن جملة مذكورة ولا بد للمجاز من القرينة فالقرينة هنا ، فأجاب بقوله : (والقرينة). (محرره).

(٥) فإذا أريد بالصلة معناها الاصطلاحي فلا فائدة في ذكره ؛ لأنهما يحتاجان إلى الصلة ولا يحتاج إلى العائد.

(٦) قوله : (ولقائل ... إلخ) لا يقال : إن تعريف الصلة يصدق على الشروط للأسماء الشرطية نحو : من تضربه أضربه إلى غير ذلك ؛ لأنا نقول من في قولنا : من تضرب مفعول تضرب فهو جزء بدون جملة وبهذا عرفت أن من قال : بل يجب أن يحمل الصلة على الاصطلاحي وإلا لزم نقض الحد عن الشرطية فقد سها سهوا بينا. (عصام).

(٧) دفع لم يتوهم من أن تعريف الصلة بهذا يقتضي استدراك قوله : (وعائد) لأن العائد مأخوذ في تعريف هو مستغنى في تعريف الموصول عنه فأجاب بقوله : (وذكر العائد ... إلخ).


فعلى هذا يجوز أن يكون المراد بالصلة معناها الاصطلاحي ولا يلزم الدور (١).

وذكر العائد مع أنه مأخوذ في مفهوم الصلة (٢) الاصطلاحية تصريح بما علم ضمنا (٣) مبالغة في الاحتراز عن مثل : (إذ ، وحيث) (٤).

ولما كانت (٥) الصلة بمعنييها أعم بحسب المفهوم (٦) من أن تكون خبرية أو غير خبرية، ولا تكون بحسب الواقع إلا خبرية ، والعائد أعم من أن يكون ضميرا أو غيره.

وإذ كان ضميرا أعم من أن يكون للموصول أو لغيره ـ والواجب (٧) أن يكون ضميرا للموصول ـ عينهما بقوله : (وصلته) (٨) أي : صلة (٩) ما لا يتم جزءا إلا بصلة.

(جملة (١٠)

__________________

(١) إذ لم يعرف الصلة الاصطلاحية بما يتوقف على الموصول كما في التعريف السابق وهو جملة مذكورة بعد الموصول مشتملة على عائد إليه. (وجيه الدين).

(٢) لا يخفى أنه تكلف ومع ذلك يلزم أن يكون لا يتم جزأ لغوا لدخوله في مفهوم الصلة.

(٣) قوله : (إلا بصلة) فإن الصلة يتضمن ضميرا عائدا إليه.

(٤) أي : عن الأسماء التي التزم ذكر الجملة بعدها وليس موصول فإن ذكر العائد في هذه الجملة التي وقعت بعد إذ وحيث ليس بملتزم وبهذا حصل الفرق بينهما وبين الموصول. (عبد الله أفندي).

(٥) يعني ليس المقصود تعريف الصلة كما هو الظاهر السوق حتى يرد أن التعريف غير مانع لكونه تعريف بالأعم. (عصام).

(٦) وإن كانت متساوية بحسب التحقق ؛ لأن الصلة لم يتحقق في الواقع إلا بالوصف المقصود وإما بحسب المفهوم فهي أعم من أن يكون. (حاشية).

(٧) وإنما قال الشارح : (والواجب) ، اهتماما بشأن كون الضمير ضميرا للموصول ؛ لأنه متفق عليه ؛ بخلاف وجوب كون العائد ضمير ، لأنه مختلف فيه. (شرح).

(٨) وإنما لم يقل : ما لا يتم جزأ إلا بجملة خبرية حتى يستغنى عن قوله : وصلته جملة خبرية ثانيا احترازا عن استعمال المجاز في التعريف ؛ لأن إطلاق الجملة على صلة الألف واللام مجاز.

(٩) جعل الضمير راجعا إلى ما اعتبر الصلة بالقياس إليه لا إلى الموصول.

(١٠) وإنما لم تكن الصلة مفردا ؛ لأن المفرد في نفسه غير تام لاحتياجه إلى ما يضربه كلاما ولذا كان ناقصا لم يجعل متمما للناقص.

ـ قال : جملة خبرية إنما كان كذلك ؛ لأن وضع الموصول على أن يطلقه المتكلم على ما يعتقد أن المخاطب يعرفه بكونه محكوما عليه بحكم معلوم الحصول له وذلك لا يتصور في الجملة وأما وقوع الجملة القسيمة صلة كقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ)[النساء : ٧٢] فلأن الصلة هي جواب القسم وهو علة خبرية. (غفور).


خبرية) (١) أو ما في معناها كاسمي الفاعل والمفعول (٢).

(والعائد (٣) ضمير) لا غير (٤) ضمير (له) أي : للموصول (٥) لا لغيره.

(وصلة (٦) الألف واللام اسم فاعل أو مفعول) (٧) لأن اللام الموصولة تشبه اللام

__________________

(١) معلوم للمخاطب ، فإن قيل : الموصول معرفة فكيف تبين الجملة وهي نكرة قلت : لا ضير فيه وقد يفيد النكرة ما لا يفيد المعرفة.

ـ ولو كانت الخبرية غير معلومة المضمون لا تقع صلة وبهذا ظهر الفرق بين الموصول والموصوف في مثل لقيت من ضربته ؛ لأن الموصول معلوم اتصافه بمضمون الصلة قل التكلم به بخلاف الموصوف فمعنى الموصول الإنسان المعهود ومعنى الموصوف إنسانا ما.

ـ لم تكن إنشائية لعدم كون مضمونها معروف للمخاطب قبل الإيراد كشف معلومة للسامع في اعتقاد المتكلم ليكون مضمونها حكما معلوما لردع له قبل المتكلم.

(٢) يعني أن الصلة أعم من أن تكون مركبة بالتركيب الإسنادي الخبري أو بالتركيب الغير الإسنادي بقرينة قوله بعده : (وصلة الألف واللام اسم الفاعل) واقتصار المصنف على الجملة الخبرية لكونها أصلا في الصلة.

(٣) والأصل كون الضمير الراجع إلى الموصول غائبا ؛ لأن الظواهر بأسرها غيب وقد يعدل عن الضمير الغائب إذا كان الموصول أو موصوفة خبرا عن المتكلم أو المخاطب نحو : قال علي رضي‌الله‌عنه :

أنا الذي سمتني أمي حيدره

أكيلكم بالسيف كيل السيدره

ونحو : أتيت الذي قال ، وإما إذا كان كل من الموصول والموصوف فخبرا عنه بأحدهما أو مشبها به فلا يجوز إلا الغيبة نحو الذي قال : أنا وأنت وعصام وغيرهما.

(٤) إلا نادرا فإنه قد يجيء الظاهر موضع الضمير نحو : جاء في زيد الذي ضرب زيد.

ـ تأكيد للقصر المستفاد من سوق الكلام أي : المراد بالعائد هو الضمير لا غير من العائدات.

(٥) لارتباط المذكور ثم ذلك العائد لا يجب أن يكون في جملة البتة بل لو وجد في متعلقها لكفن على ما مر في خبر المبتدأ. (عوض).

(٦) لما ذكر أن الصلة يجب أن يكون جملة استدرك ذلك فكأنه قال : لكن صلة الألف واللام اسم فاعل أو مفعول.

ـ عطف على ما قبلها من حيث المعنى كأنه قيل : صلة ما عدا الألف واللام جملة خبرية وصلة الألف واللام اسم فاعل. (معرب).

(٧) ولا يجوز أن يكون صلتها صفة مشبهة ولا اسم تفصيل ؛ لأنهما لبعدهما عن الفعل لعدم الدلالة على الحدوث لا يتناولان بالفعل فلا يصيران بمعنى الجملة.


الحرفية ، فجعلت صلتها ما كان جملة معنى مفردا صورة ، عملا بالحقيقة والشبه جميعا.

(وهي) أي : الموصولات (الذي) (١) للمفرد المذكر (والتي) للمفرد المؤنث.

(واللذان) لمثنى المذكر (واللتان) لمثنى المؤنث ويكونان (بالألف) في حال الرفع (والياء) في حال النصب والجر.

(والأولى) على وزن (العلى) لجمع المذكر والمؤنث إلا أنه في جمع المذكر أشهر.

(والذين) (كاللائين) لجمع المذكر (واللائي) بالهمزة والياء ، (واللاء) بالهمزة المكسورة فقط (واللائي) بالياء فقط مكسورة أو ساكنة أجزاء للوصل مجرى (واللاتي واللواتي) لجمع المؤنث.

وجاء في (اللاتي) اللا ، بحذف الياء وإبقاء الكسرة على التاء ، وفي (اللواتي) (اللوا) بحذف التاء والياء معا.

(وما) بمعنى (الذي) فيما لا يعقل غالبا نحو : (عرفت ما عرفته) وجاء فيما يعقل ، نحو) والسماء وما بناها).

(ومن) أيضا بمعناه فيمن يعقل (٢).

ويستوي (٣) فيهما المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث.

(وأي) بمعنى (الذي) نحو : (أضرب أيهم في الدار) أي : اضرب الذي في الدار (وأيّة) بمعنى (التي) نحو : (اضرب أيّتهنّ في الدار) أي : التي في الدار.

(وذو الطائية) (٤) أي : المنسوبة إلى بني طيئ لاختصاص مجيئها موصولة بلغتهم

__________________

(١) أصله لذي عند البصرية زيدت اللام عليها تحسينا لفظ. (عوض).

(٢) وقد يجيء بغير العلم كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ)[النور : ٤٥] ، (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها)[الشمس : ٧] مجاز.

(٣) ومن فإنها موضوعة لذوات من يعقل وصفات غيرها وما لصفات من يعقل وذوات غيرهم كذا في أصول شمس الأئمة وفخر الإسلام وغيرهما ، والأكثرون على أن يعم العقلاء وغيرهم ويتناول ما ومن المذكر والمؤنث وإن عاد إليهما ضميره ويستعاذ أحدهما للآخر أما استعاذة من لما فلقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) أما العكس فكقوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها.)

(٤) أي : دل في الأشهر بمعنى العدا ويكون بمعنى الذي في لغة طي وهو اسم قبيلة. (عافية).


بمعنى (الذي) أو (التي) قال الشاعر (١) :

 ...........

وبئري ذو حفرت وذو طويت

أي : التي حفرتها والتي طويتها.

(و (ذا) بعد (ما) الكائنة (للاستفهام) (٢) نحو : ماذا صنعت؟ أي : ما الذي صنعت.

(والألف واللام) أي : مجموعهما بمعنى (الذي) أو (التي) أو المثنى أو المجموع.

(والعائد (٣) المفعول) (٤) أي : العائد الذي لا يتم الموصول إلا به ، إذا كان مفعولا (يجوز حذفه) (٥) إذا لم يمنع مانع ؛ لأنه فضله إلا إذا كان فاعلا لكونه عمدة ، نحو قوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) أي : لمن يشاؤه.

__________________

(١) أوله :

فإن الماء ماء أبي وجدي

بئري كلام إضافي مبتدأ وذو حفرت خبره يقال : طويت البئر إذا بنيتها بالحجارة والمعنى أن الماء الذي فيه نزاع ماء أبي وجدي ورئتهما إياه وتبرئ أي : البئر المنازع فيه بئر التي حفرتها وطويتها. (وجيه وحلبي).

(٢) هذا رأى البصريين ؛ لأنهم خصصوا كونه بمعنى الذي بما وقع هذا الموقع بخلاف الكوفيين فإنهم عمموا ذلك يعني ذا عندهم إشارة بمعنى الذي وتقدم ما عليه ليس بشرط بل كل اسم إشارة عندهم يجيء بمعنى الموصول فيقدرون قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) بما التي بيمينك.

(٣) اعلم أن العائد لا يخلو من أن يكون مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو الآخر لا يخلو من أن يكون متسعا فيه بأن حذف الجار ووصل المجرور بمنزلة المفعول المنصوب أولا فإن كان مجرورا متسعا فيه يجوز حذفه.

(٤) الأصوب أن يقول ومتوسط كثر حذفه ؛ لأنه أقل حذف غيره.

ـ صفة العائد سوى العائد إلى الألف واللام فإنه لا يجوز حذفه لخفائه موصوليتها والضمير أحد دلائل موصوليتها. (عصام).

(٥) حذفا فصيحا لحصول العلم به بدلالة قرينة الكلام عليه مع كونه فضلة في الكلام واستطالته مع الموصول والصلة المركبة من الفعل والفاعل والمفعول ، كقوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)[الفرقان : ٤١] أي : بعثه وقوله تعالى : (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ)[البقرة : ٦٨] أي : ما تؤمرون به ، وأما المرفوع فلا يجوز حذفه إن كان فاعلا لئلا يلزم حذف أحد جزئي الجملة مع احتياج إليه في حذف الفاعل ، وأما المرفوع الغير الفاعل والمجرور الغير المتسع فيه فلا يجوز حذفهما بلا ضعف فلا يكون حذف كل منهما فصيحا فعلى هذا الدفع ما نظر صاحب المتوسط. (عوض شرح الكافية).


اعلم (١) أن النحاة وضعوا باب يسمونه باب (الإخبار بالذي (٢) أو ما يقوم مقامه) ومقصودهم من وضعه تمرين (٣) المتعلم فيما تعلمه في هذا الفن من المسائل ، وتذكيره إيّاها.

فإنهم إذا قالوا لأحد : أخبر عن الاسم الفلاني في الجملة الفلانية ب : (الذي) بعد بيانهم طريقة الإخبار به ، لابد له من تذكر كثير من مسائل (٤) النحو : وتدقيق النظر فيها حتى يعلم أن ذلك الإخبار في أيّ اسم يصح؟ وفي أي اسم يمتنع؟.

فأراد المصنف الإشارة إلى هذا الباب ، فقال :

(وإذا أخبرت) (٥) أي : إذا أردت أن تخبر عن جزء جملة (بالذي) (٦) أي : باستعانة (الذي أو التي أو الألف واللام). فإن الباء ليست صلة للإخبار ؛ لأن (الذي)(٧) مخبر عنها لا مخبر بها.

__________________

(١) لما وسط مسألة الأخبار بالذي بين مقام الأجمال والتفصيل تباعا للنحاة أراد الشارح بيان فائدة توسيطهم لها فقال : (اعلم أن ... إلخ).

(٢) تقييد الإخبارية ؛ لأنه أول ما يعرفه المتعلم من الموصولات ، أو لأنه جرى العادة بالتمرين به وإلا هو جار في كل من الموصولات. (حاشية).

(٣) التمرين التمكين والتقريب أي : التعذر أي : ألقاه في المهالك حتى الجرأة كما هو عادة الفرسان في تعليم الذي فمعنى تمرين المتعلم تعوده في الجملة بإلغاء فكره في المسائل العميقة. (شرح الشرح).

(٤) مثلا لا بد من تذكير أن الحال والتمييز يجب أن يكونا نكرتين حتى يعلم أنهما لا يخبران عنهما والمجرور بحتى وكاف لا يقعان مضمرين حتى يعلم أنهما لا يخبران عنهما وأن ضمير الشأن يجب تقديره لغرض الإبهام قبل التفسير حتى يعلم أنه لا يخبر عنه وعلى هذا فقس غيره. (وجيه الدين).

(٥) عن اسم منسوب أو منسوب إليه في جملة فعلية أو اسمية لمن علم المنسوب أو المنسوب إليه على وجه مبهم غير جهة المخبر عنه. (خبيصي).

(٦) عن شيء معلوم باعتبار الذات ومجهول باعتبار العرض أو على العكس بالنسبة إلى السامع. (عوض).

(٧) قوله : (لأن الذي) بحسب الذكر وأما ذات المخبر عنه فهو زيد في المثال المذكور وإنما اعتبر هذا الوصف بالقياس إلى زيد دون الذي مع أنه المخبر عنه بحسب الظاهر ؛ لأن شان المخبر عنه أن يكون مفروغا عنه والجملة الأولى مع أجزائها مفروغ عنها دون الموصول. (غفور).


(صدرتها) (١) أي : أوقعت كلمة (الذي) أو ما يقوم مقامها في صدر الجملة الثانية (٢).

(وجعلت موضوع المخبر عنه) (٣) أي : في موضع ما هو مخبر عنه بالذي في الجملة الثانية يعني (٤) : في موضعه الذي كان له في الجملة الأولى.

(ضميرا لها) أي : لكلمة (الذي) (وأخرته) (٥) أي : المخبر (٦) عنه عن الضمير.

(خبرا) نصب على الحال أو ضمن (أخرته) معنى (جعلته) أي : جعلته خبرا متأخرا.

(فإذا أخبرت مثلا عن (زيد) من جملة (ضربت زيدا) بكلمة الذي أوقعتها في صدر الجملة الثانية ، وجعلت في موضع ما هو مخبر عنه في هذه الجملة أعني : (زيدا)

__________________

(١) اعلم أنه يجب تقديم المبتدأ وتأخير الخبر هاهنا مع أنه لم يذكرهما في مواضع وجوب تقديم المبتدأ وأما مواضع تأخير الخبر قيل : مذكور بقوله : (إذا كان المبتدأ مشتملا على ما له صدر الكلام) والاشتمال أهم من أن يكون من نفسه أو حاصلا من الغير فالأول موجود هاهنا. (متوسط).

(٢) أي : الذات الذي أخبر عنه باستعانة الذي المعلوم على الوجه المذكور في الجملة الأولى والمخبر عنه بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي وعلى هذا فلا حاجة إلى أن يقال المخبر عنه باعتبار ما يؤل إليه كم قيل. (وجيه الدين).

(٣) في أصل الكلام ؛ لأن المخبر عنه في الأصل زيد وإلا فالمخبر عنه في اللفظ الذي مفعول فيه جعلت كما أشار إليه الشارح الذي قصد الأخبار عنه. (هندي).

(٤) إشارة إلى كون هذا الموضع ليس بموضع المخبر عنه الحقيقي بقوله : (يعني). (أيوبي).

(٥) فشروط ذلك الأخبار أربعة :

الأول : تصدير بالجملة بالذي ؛ لأنها حينئذ يصير مميزا عنها وهو إنما يجيء متقدما نظرا إلى الأصل.

والثاني : تأخير الاسم المراد عنه الاخبار ؛ لأنه حينئذ يكون خبرا وهو مؤخر بذلك.

والثالث : وضع الضمير مكان الاسم المؤخر عن موضعه أما الضمير فللاحتياج إليه للربط ، وأما كونه في موضعه فلأنه كناية عنه فناسب أن يكون في مكانه.

والرابع : أن يكون الضمير عائدا إلى الموصول. (عافية).

(٦) اعتبر التأخير بالنسبة إلى الضمير والظاهر اعتباره مقابلا للتصدير فيكون بالنسبة إلى الجملة. (عصام).


والمراد بموضعه : محله الذي كان له في الجملة الأولى ، وهو محل المفعول من : (ضربت) ضميرا ل : (الذي) ، وأخرت المخبر عنه ، يعني : (زيدا) وجعلته خبرا عن (الذي) (١) و (قلت : الذي ضربته (٢) زيد وكذلك) (٣) أي : مثل : (الذي) (الألف واللام في الجملة (٤) الفعلية خاصة (٥) ليصح بناء اسم الفاعل أو المفعول) (٦) منها. فإن صلة الألف واللام لا تكون إلا اسمي الفاعل أو المفعول (٧).

ويمكن أن يؤخذ اسم الفاعل من الفعل المبني للفاعل ، واسم المفعول من المبني

__________________

(١) وفي بعض النسخ بالواو ولم يوجد نسخ المتن مع الواو ؛ لأنه جواب إذا وأما اعتبار مزج الشارح لكلام المصنف مع كلامه فيقتضي الواو لعطفه على جعلته الذي هو بعض من كلام الشارح. (محرره).

(٢) أي : الشخص الذي أوقعت الضرب عليه زيد ولو علم المخاطب كون ذلك الشخص زيدا ولكن لم يعلم أنك أوقعت عليه الضرب قلت : الذي هو زيد ضربته ، أي : أوقعت عليه الضرائب. (عوض أفندي).

(٣) ولما اختص الأخبار بالألف واللام في الجملة الفعلية من الجملة أراد المصنف أن ينبه.

(٤) قوله : (في الجملة الفعلية) وأما الجملة الاسمية فليس شيء من اسم الفاعل والمفعول مع المرفوع بمعناها حتى يؤخذ منهما مع المرفوع وأما نحو : أقائم الزيدان ففي أوله حرف يمنع من وقوعه صلة اللام فإنه يجب أن لا يكون في أول تلك الجملة حرف لا يستفاد من اسم الفاعل والمفعول كالسين وسوف وغيرها.

(٥) إن قلت : اسم الفاعل والمفعول قد يكونان مع مرفوعهما جملة اسمية نحو : أضارب الزيدان وما مضروب البكران فلم لا يصح الأخبار بهما؟ قلنا : لأن هذين الحرفين يمنعان من وقوعهما صلة اللام. (غفور).

(٦) فإن قلت : عدم إمكان أخذ اسم الفاعل والمفعول من الجملة الاسمية إذا كان جزأ الاسمية اسمين أما إذا كان الجزء الأخير منها فعلا كما في زيد يقوم فلا نسلم ذلك ، قلت : نعم إلا أن هذا الإمكان لا يجديك نفعا ؛ إذ لا بد هاهنا من وضع الضمير مكان الاسم المخبر عنه وهو زيد فيلزم دخول الألف واللام على الضمير وذلك لا يجوز. (عافية).

(٧) الضاربه أنا زيد الألف واللام في محل رفع بأنه مبتدأ وضاربه مبتدأ ثان وأنا خبر مبتدأ ثان والمبتدأ الثاني مع خبره صلة الألف واللام وزيد خبره والألف واللام مثل الذي. (ابن الكمال النوري).


للمفعول بشرط أن يكون الفعل الذي يتضمنه الجملة الفعلية متصرفا ، إذ غير المتصرف ، نحو : (نعم وبئس وحبذا وعسى وليس) لا يجيء منه اسم الفاعل ولا المفعول ، فلا يخبر بالألف واللام عن (زيد) في (ليس زيد منطلقا).

وبشرط أن لا يكون في أول ذلك الفعل حرف لا يستفاد من اسم الفاعل والمفعول معناها ، كالسين وسوف (١) وحرف النفي والاستفهام.

فلا يخبر باللام عن (زيد) في جملة (سيقوم زيد) فإنه إذا بنى اسم الفاعل (سيقوم) يكون (قائما) (٢) فيفوت معنى السين.

(فإن تعذر أمر منها) أي : من الأمور الثلاثة التي هي : تصدير الموصول ووضع عائد الموصول مقام ذلك الاسم ، وتأخير ذلك الاسم خبرا ، (تعذر الأخبار ومن ثم) أي: ومن أجل أنه إذا تعذر أمر منها تعذر الإخبار.

(امتنع الإخبار) بالذي (ضمير الشأن) (٣) بأن يكون ضمير الشأن مخبرا عنه ، لامتناع تصدير الجملة بالذي ، وتأخير المخبر عنه خبرا ، لوجوب تقديمه على الجملة.

وكذلك امتنع (في الموصوف) بدون الصفة (٤)

__________________

(١) قوله : (كالسين وسوف ... إلخ) فيه بحث ؛ لأن السين تفيد التأخير كما أن صيغة المستقبل تفيد ذلك وصيغة الماضي التقديم فإذا لم يبالوا في الإخبار بالألف واللام بفوت الزمان الدال عليه الجملة جاز أن لا يبالوا بفوت ما يفيده السين أو سوف فإنه بمنزلة الزمان ولأنه لا يجوز أن يؤخذ من الفعل المنفي اسم الفاعل المعدول فيقال في الإخبار عن زيد في زيد قائم بالألف واللام فتقول : القائم زيد. (فاضل محشي).

(٢) أي : دالا على مجرد نسبة القيام إلى الفاعل من غير دلالة على الزمان استقبل ومن غير دلالة على معنى السين. (عبد الله).

(٣) نحو هو زيد قائم ؛ لأن للضمير الشأن تصدر الكلام والآجار بالطريق المذكور يستلزم إبطال صدارته لوجوب تصدير وتأخير ما أريد الأخبار عنه هاهنا فظهر منه أن الأخبار بهذا الطريق لا يجوز عن ضمير الفصل لتعذر تأخير ضمير الشأن فلا يمكن أن يقال : الذي هو زيد قائم وكذلك يمتنع الإخبار بهذا الطريق من كل ما يقتضي صدر الكلام مثل كم الخبرية وغيرها وعدّ كم الاستفهامية من هذا القبيل سهو. (عوض أفندي).

(٤) فلا يقال في : جاءني رجل عالم الذي جاءني هو رجل لامتناع جعل الضمير مكان الموصوف لإبهام كون المضمر موصوفا وذا لا يجوز مع استلزامه تقديم الصفة على الموصوف. (محمد أفندي).


(و) في (الصفة) (١) بدون الموصوف فلا يجوز في (ضربت زيدا العاقل) أن يخبر ب : (الذي) عن (زيد) ، بدون العاقل ، ولا عن (العاقل) بدون (زيد) لاستلزام وقوع الضمير صفة أو موصوفا ، بخلاف ما أخبرت عن مجموعهما فيقال : (الذي ضربته زيد العاقل) (٢).

(و) كذلك امتنع) في المصدر (٣) العامل) بدون (٤) المعمول.

فلا يجوز في نحو : (عجبت من دق القصّار الثوب) أن يخبر ب : (الذي) عن (دق القصار) بدون (الثوب) لأنه يؤدي إلى أن يعمل الضمير (٥) الذي جعل في موضع (دق القصار) عاملا في (الثوب) (٦) بخلاف (الذي عجبت منه دق القصار الثوب).

(و) كذلك امتنع في (الحال) (٧) لأن الحال يجب أن يكون نكرة ، فلا يجوز أن

__________________

(١) وكذا ألفاظ التأكيد في الأشهر ؛ إذ تلك الألفاظ معتبرة في التأكيد فلا يفيد الضمير ما أفادته ويجب أن يكون معيدا لما يفيده المخبر عنه وكذا عطف البيان دون المعطوف وأما البدل والمبدل منه فقد اختلف فيهما.

(٢) فإن لا يمتنع لعدم المانع ؛ لأن المخبر عنه هو الموصوف مع الصفة. (محمد أفندي).

(٣) لامتناع وضع الضمير مكانه فلا يقال في ضربي زيدا الذي هو زيدا ضربي لتعذر إعمال الضمير وإن كان عبارة عن العامل ؛ لأن لفظ العامل مرعي في العمل والإضمار يزيله وإن فرضنا بقاء الإعمال بالمصدر لزم تقديم معموله على المصدر وذلك لا يجوز ؛ إذ المصدر لا يعمل مؤخرا وإنما قيد المصدر بصفة العاملية ؛ لأنه لو لم يكن عاملا ليجوز الإخبار لعدم المحذور المذكور فتقول : أعجبني الضرب الذي أعجبني هو الضرب. (عوض أفندي).

(٤) وإنما قال : بدون المعمول ؛ لأنه لو كان الإخبار عن المصدر العامل مع معموله يجوز الإخبار فتقول في : أعجبني ضربي زيدا الذي أعجبني هو ضربي زيد لعدم المانع.

(٥) وهو غير جائز ؛ لأن المصدر يعمل بمشابهته الفعل باشتراكهما في الحروف الأصول والمعنى الكلي ولفظ الضمير ليس من لفظ الفعل في شيء. (وجيه الدين).

(٦) مثل أن يقول : الذي عجبت منه الثوب دق القصار. (محمد أفندي).

(٧) فلا يقال في نحو : ضربت زيدا قائما الذي ضربت زيدا إياه قائم لامتناع وضع الضمير مكانه لإبهام وقوع الضمير حالا مع وجوب كون الحال نكرة وبهذا علم امتناع الإخبار بالطريق المذكور عن التمييز المنصوب ومجرور ومفتوح لا النافية لتعذر وضع الضمير مكان هذه الأشياء ؛ لأن الضمائر معارف وهذه الأشياء لازمة التنكير فكذا حال كل ما يلزم التنكير. (عوض أفندي).


يقع الضمير الذي هو معرفة في موضعه بالحالية (و) كذلك امتنع في (الضمير المستحق لغيرها) (١) أي : لغير كلمة (الذي) لامتناع تصدير (الذي) لاستلزام ذلك عود الضمير إليها ، فيبقى ذلك الغير بلا ضمير.

(و) كذلك امتنع (في الاسم المشتمل عليه) أي : على الضمير المستحق لغيرها.

نحو قولك (زيد ضربت غلامه) (٢) فلا يصح الإخبار عن (غلامه) بأن يقال (الذي زيد ضربته غلامه) لأنك إذا جعلت الضمير عائد إلى الموصول بقي المبتدأ بلا عائد وإن جعلته عائدا إلى المبتدأ بقي الموصول بلا عائد ـ وكل منهما (٣) ممتنع.

(وما الإسمية) (٤) لا الحرفية ، فإنها أما كافة نحو : (إنما زيد قائم) وأما نافية نحو : (ما ضربت زيدا) و (مازيد قائما).

(موصولة) (٥)

__________________

(١) سواء كان ذلك الغير مبتدأ نحو زيد ضربته أو موصولا نحو الذي ضربته أو موصوفا نحو : جاءني رجل ضربته، فلا يقال في الأول : الذي زيد زيد ضربته هو ، وفي الثاني : الذي ضربته زيد ، وفي الثالث : الذي جاءني رجل ضربته هو ، لئلا يلزم خلو المستحق فإنك لو رجعت الضمير الأول في المثال إلى زيد لبقي الموصول بلا عائد وإن رجعت إلى الموصول لبقي المبتدأ بلا عائد ، فعلى ذلك قياس غيره ، وإن قلت : لم لا يجوز التقسيم بأن يرجع الأول إلى المبتدأ والثاني إلى الموصول أو العكس؟ قلت : أما الأول فلأن العائد إلى الموصول لا بد وأن يكون في حيز الصلة وإن كان الضمير الأخير في خبرها فإنها يخبر فإن كان خبرا فيلزم الخلو المذكور ، وأما الثاني فلأن العائد إلى المبتدأ يجب أن لا يكون خبرا لغيرها وهاهنا كذلك. (عافية شرح الكافية).

(٢) ولا يصح أن يكون عائد الموصول الضمير الذي في غلامه ؛ لأن العائد إنما يكون في خبر الصلة. (محمد أفندي).

(٣) وأما إذا أريد الإخبار عن الاسم فقط وقيل : الذي ضربته هو غلام ليكون الضمير الإخباري عائدا إلى الموصول والثاني المضاف إليه عائد إلى المبتدأ فحينئذ وإن لم يلزم الخلو لكنه يلزم تقديم المضاف إليه على المضاف. (شرح اللطيف).

(٤) لما كان من المبنيات ما يوافق لفظه لفظ الموصول لم يجعل له بابا برأسه ، بل أراد أن يبين في ضمن الموصولات. (عوض).

ـ بيان أن ما الاسمية يجري فيها هذه الأقسام التي من جملتها الموصول بخلاف الحرفية وما الاسمية ستة كما بين المصنف. (وجيه الدين).

(٥) وهي على هذا الوجه تغير أولى العلم غاليا كما في قوله تعالى : (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ)[الجمعة : ١١] وكقوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها)[الشمس : ٥]. (عوض).


نحو : (عرفت ما اشتريته) (واستفهامية) (١) نحو : (ما عندك؟) و (ما فعلت؟) (وشرطية) نحو : (ما تصنع أصنع) موصوفة أما بمفردة نحو : (مررت بما معجب لك) أي : بشيء معجب لك ، وإما بجملة نحو :

ربّما تكره النفوس (٢) من الأم

ر له فرجة (٣) كحلّ العقال (٤)

أي : رب شيء تكرهه النفوس.

(وتامة (٥) بمعنى شيء) منكر عند أبي علي.

والشيء المعرّف عند سيبويه نحو قوله تعالى : (فَنِعِمَّا)(٦) هِيَ [البقرة : ٢٧١] أي : نعم شيئا أو : نعم الشيء هي.

(وصفة) نحو : (اضربه ضربا ما) أي : ضربا أيّ ضرب كان.

__________________

(١) وعلى هذا الوجه لغير أولى العلم مطلقا كقوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)[طه : ١٧].

ـ قوله : (واستفهامية) باقية على معنى الاستفهام أو مستعاره ، بمعنى من معاني تناسب الاستفهام كالتحقير والتعظيم والتعجب والإنكار وقد يحذف المها من حرف الجر نحو عم والمضاف إذا لم يكن مع ذا وإثباتها قليل نحو ماذا تشتمل. (عصام وغفور).

(٢) فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون ما كافة كما في قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ)[الحجر : ٢] فيكون صالحا للاستدلال؟ قلت : يحتمل ذلك لكن الحمل على الأول أولى ؛ لأن التقدير حينئذ يكون ربما نكرة النفوس شيئا من الأمر فيلزم حذف الموصوف وإقامة الصفة أعني الجار والمجرور معا وهو قليل جدا وإن جعل المفعول الأمر يلزم زيادة من في الإثبات وهو غير جائز وأما ما يلزم من التقدير الأول من حذف الضمير العائد إلى الموصوف فشائع كثير وأيضا في إجراء لرب على بابه الكثير. (شرح المفصل).

(٣) أي : زوال العمي يعني رب عمي سيزول عن قريب.

(٤) أي : الحبل الذي يعقد ويشد ركبة البعير.

(٥) إنما سمي تامة لعدم الاحتياج إلى الصلة والعائد والصفة ، أو لأن نعم يقتضي شيئا يتم به. (لمحرره).

(٦) فما هذه ليست بموصوفة ؛ لأن ما بعدهما لا يصلح للوصفية وهو ظاهر ولا موصولة لعدم الصلة وكون شرط نعم أن يكون فاعله مرفوعا باللام أو مضمرا مميزا بنكرة منصوبة فهي نكرة في موضع تنصب كما لو كانت ملفوظة فالتقدير إن تبدوا الصدقات فالصدقات نعم شيئا إبداؤها ، أي : نعم الشيء شيئا وهي مخصوص بالمدح على تقدير حذف المضاف.


(ومن كذلك) (١) أي تكون موصولة ، نحو : (أكرمت من جاءك) واستفهامية نحو : (من غلامك؟) وشرطية نحو : (من تضرب أضرب) وموصوفة إمّا بمفرد نحو قوله :

وكفى بنا فضلا على من غيرنا (٢)

حبّ النّبي محمد إيانا (٣)

أي : شخص غيرنا ، أو بجملة نحو : (من جاءك قد أكرمته).

(إلا في التامة (٤) والصفة) فإن كلمة (من) لا تجيء تامة ولا صفة.

(وأيّ) للمذكر (وأية) للمؤنث ك : (من) في ثبوت الأمور الأربعة وانتفاء التامة والصفة.

ف : (أي) الموصولة نحو : (اضرب أيّهم لقيت) والاستفهامية نحو : (أيّهم أخوك؟) و (أيهم لقيت؟) والشرطية نحو قوله تعالى (أَيًّا (٥) ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ

__________________

(١) قوله : (ومن كذلك) ولم يقل : ومن الاسمية كما قال : وما الاسمية ؛ لأن من لا يجيء معرفا لا عند البصرية ولا عند الكوفية إلا إنها قد تزاد عند الكوفيين بناء على تحويرهم زيادة الأسماء.

ـ ومن بجميع وجوهها الحض بأولى العلم ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث وقد يقع على ما لا يعلم كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ)[النور : ٤٥] قال بعض المحققين : إن هذا تغليبا ؛ لأنه تعالى قال : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) ففي ضمير فمنهم تغليب العلماء على غيرهم ، والضمير يرجع إلى (كُلَّ دَابَّةٍ) ثم بنى على هذا التغليب فقال : (مَنْ يَمْشِي ...).

(٢) قوله : (غير) بالجر على أنه صفة لمن بمعنى على كل إنسان.

(٣) أي : كفى حب النبي حال كونه فضلا عظيما.

(٤) والمستثنى منه محذوف تقديره في كل من الوجوه إلا التامة.

(٥) نزلت حين سمع المشركون أن رسول الله يقول : «يا الله يا رحمن» فقالوا : إنه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخر ، فالمراد على الأول هو التسوية بين اللفظين بأنهما يطلقان على ذات واحدة وإن اختلف اعتبار إطلاقهما والتوحيد إنما هو باعتبار الذات الذي هو المعبود وعلى الثاني أنهما سيان في حسن الإطلاق والإفضاء إلى المقصود وهو أصوب لقوله : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) والدعاء في الآية بمعنى التسمية وهو يتعدى إلى مفعولين حذف أولهما استغناء عنه وأو للتخيير والتنوين في أيا : عوض عن المضاف إليه وما صلة لتأكيد ما في أيا من الإبهام والضمير في فله للمسمى ؛ لأن التسمية له لا للاسم وكان أصل الكلام أيا ما تدعو فهو حسن فوضع موضعه : (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) للمبالغة على ما هو الدليل عليه وكونها لدلالتها على صفات الجلال والإكرام. (قاضي البيضاوي).


الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠] والموصوفة نحو : (يا أيها (١) الرجل).

قيل : (أي) (٢) تقع صفة اتفاقا (٣) فلم جعلها المصنف ك : (من) التي لا تقع صفة أصلا؟

وأجيب : بأن (أيا) الواقعة صفة هي في الأصل استفهامية ؛ لأن معنى (مررت برجل أي رجل) (٤) : رجل عظيم يسأل عن حاله لا يعرفه كل أحد ، فنقلت عن الاستفهامية إلى الصفة (٥).

(وهي) أي : كل من (أي ، وأيّة) (معربة) بالاتفاق (٦) (وحدها) (٧) لا يشاركها في الإعراب غيرها من الموصولات إلا على الاختلاف (٨) في (اللذان) و (اللتان) وفي (ذو) الطائية.

وإنما أعربت ؛ لأنه التزم فيها الإضافة إلى المفرد (٩) التي هي من خواص الاسم المتمكن فلا يرد (١٠) (حيث وإذ وإذا)

__________________

(١) خص الرضي كونها معرفة بالنداء وأجاز الأخفش كونها نكرة موصوفة. (عصام).

(٢) ولما توجه على هذا الحصر سؤال وجواب ذكره عبد الله بقوله : (قيل).

(٣) بين النحاة في قوله : (مررت برجل أي رجل) أي : رجل عظيم القدر فيلزم على المصنف أن يقول : وأي كما إلا في التامة.

(٤) ليس معناه توصيف الرجل الأول بأي ، بل معناه إذ هذا الرجل ، أي : رجل عظيم.

(٥) فإن سبب الاستفهام هو الجهل في ذات المسؤول عنه أو في صفته وسبب الجهل توصيف الرجل بالعظمة فيكون من قبيل إطلاق المسبب إلى السبب.

(٦) وقيد الشارح بقوله : (بالاتفاق) ليظهر فائدة التقييد بقوله : (وحدها).

(٧) من بين أخواتها مع قيام العلة الموجبة لبنائها وهي مشابهتها الحرف أو تضمنها معناها وذلك تنبيها على أن الأصل في أخواتها هو الإعراب وأما اختصاص ذلك بها فلأنها لما كانت لازمة الإضافة ظاهر أو حقيقة وهي لكونها من خواص الاسم منافية للبناء عارضت تلك علة البناء فبقي الأصل سالما هو الإعراب وكذلك فيما لم يضف للاطراد كما في قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا.)

(٨) يعني : اتفاق النحاة في كون بعض الموصولات معربا منحصر في هاتين الكلمتين دون سائر الموصولات ؛ لأن بعض الموصولات أيضا معرب لكنه معرب بالاختلاف كما في اللذان.

(٩) وإنما لم يجعلوا الإضافة إلى الجملة كالمقطوع عن الإضافة ؛ إذ الإضافة إلى الجملة في الحقيقة إضافة إلى مضمونها وهو غير مذكور صريحا فكان في حكم المقطوع عن الإضافة.

(١٠) أي : إذا كان الإضافة فيها إلى المفرد لا يرد حيث وإذ وإذا ؛ لأنها لا تضاف إلا إلى الجملة والجملة مبنية. (محمد أفندي).


(إلا إذا) كانت موصولة (حذف صدر صلتها) (١) نحو قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا)(٢) فيمن قرأ (٣) بالضم ، أي : أيّهم هو أشد.

وإنما بنيت موصولة عند حذف صدر صلتها لتأكيد شبهها بالحرف من جهة الاحتياج إلى أمر غير الصلة ، وبنيت على الضم تشبيها لها بالغايات ؛ لأنه حذف منها بعض ما يوضحها كما حذف من الغايات ما بينها ، وهو المضاف إليه.

ولم يستثن (٤) الموصوف لبنائها مثل : (يا أيها الرجل) كما استثنى التي حذف صدر صلتها ؛ لأنه ذكر في قسم المنادي : إن كل ما يقع منادى مفردا معرفة فهو مبني وبناء الموصوفة لهذا فلا حاجة إلى الذكر ثانيا.

(وفي قولهم (ماذا صنعت؟) (٥)

__________________

(١) إذا كانت صلتها فعلية فلا يبنى معها وإن كانت اسمية وحذف صدرها أعني المبتدأ بشرط أن يكون ذلك الصدر ضميرا راجعا إلى أي : فإن كان مضاف يبني على الضم وأجاز سيبويه الإعراب وقال هذه لغة جيدة وإن لم يكن مضافا فالإعراب وأجاز بعضهم البناء قياسا لا سماعا. (عبد الغفور).

(٢) من كان إذ عصى وأعتى منهم فنظر فيها وفي ذكر الأشد تنبيه على أنه تعالى يعفو عن كثير من أهل العصيان ولو خص ذلك بالكفر فالمراد أنه يميز طوائفهم أعتاهم ويطرحهم في النار على الترتيب ، ويدخل كل طبقتها التي تليق بهم وأنه مبني على الضم عند سيبويه ؛ لأن حقه أن يبنى كسائر الموصولات لكنه أعرب جملا على كل وبعض للزوم الإضافة فإذا حذف صدر صلته زاد نقصه فعاد إلى حقه منصوب المحل بنزعن. (قاضي).

(٣) وأما قول الخليل : باد ، أي : في الآية ليست موصولة بل هي استفهامية مرتفعة على الابتداء وأشد خبرها وحينئذ يكون ارتفاعها على الحكاية بتقدير القول فضعيف ؛ إذ قلما يصار إليه في سعة الكلام لعدم اطراد ذلك وكذا قوله : يونس بالتعليق ؛ إذ لا يعرف تعليق المؤثر من الأفعال. (عافية شرح الكافية).

(٤) شروع في بيان الفرق بين كونها موصولة وموصوفة حيث استثنى الأول ولم يتعرض للثاني فقال : (ولم يستثن ... إلخ). (عوض).

(٥) وذا لا يجيء موصولة ولا زائدة إلا بعد ما من الاستفهاميتين والأولى فيما ذا هو ومن ذا هو خير منك الزيادة ويجوز على بعد أن يكون بمعنى الذي أي : الذي هو على حذف المبتدأ وأما قولك : من ذا قائما فذا فيه اسم إشارة لا غير ويحتمل أن فيمن ذا الذي أن تكون زائدة وأن تكون اسم إشارة كما في قوله تعالى : من (هذَا الَّذِي)[الملك : ٢٠] فإن هذا التنبيهية تدخل على اسم الإشارة. (رضي الدين).


وجهان : أحدهما) أن معناه (ما الذي) (١) على أن يكون (ذا) بمعنى (٢) الذي ، فيكون التقدير : أي شيء الذي صنعت؟ أي : صنعته.

ف : (ما) : مبتدأ وما بعده خبره أو بالعكس (و) حينئذ (جوابه رفع) أي : مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف كما إذا قلت : الإكرام أي : الذي صنعته الإكرام ليكون الجواب مطابقا للسؤال في كون كل منهما جملة اسمية (٣).

(و) الوجه (الآخر) أن معناه (أي شيء) وهاهنا عبارتان أحداهما أن (ماذا) بكمالها بمعنى : أي شيء و (ذا) زائدة والظاهران مؤداهما واحد.

فإن معنى قولهم : إنها بكمالها بمعنى (أي شيء) (و) حينئذ (٤) (جوابه نصب) أي : منصوب على أنه مفعول لفعل محذوف (٥) ، كما إذا قلت : (الإكرام) ليكون الجواب مطابقا للسؤال في كون كل منهما جملة فعلية ويجوز في الأول (٦) نصب الجواب بتقدير الفعل المذكور وفي الثاني رفعه على أن يكون خبر مبتدأ محذوف.

ولم يعتبره المصنف لفوات المطابقة بين السؤال والجواب.

__________________

(١) أن يكون ذا بمعنى الذي لكون ما للاستفهام وصنعت صلتها والعائد محذوف فيكون التقدير ما الذي صنعت.

(٢) ولقائل أن يمنع مجيء ذا موصولة ويحكم في نحو ماذا صنعت بزيادتها أن قلت : رفع الجواب ورفع البدل عما يدل على أن الجملة الاسمية قلنا جاز أن يكون ما مبتدأ وذا مزيدة والفعل خبرا لما بتقدير العائد وفيه أن حرف الضمير من خبر المبتدأ قليل دون صلة الموصول. (لاري).

(٣) يؤيده أن ما نقلناه من الرضي من أن ذا موصولة أو زائدة. (لاري).

(٤) قال وحينئذ نصب هذا إذا كان بعد ذا فعل ناصب لما قبله أو مشتغل عنه بضمير أو متعلقه أما إذا لم يكن كذلك نحو ماذا عرض عليهم وماذا فلهم فالرفع لازم سواء جعلت ذا موصولة زائدة. (عبد الغفور).

(٥) إذا لم يقدر في صنعت ضمير منصوب للمفعولية أما لو قدر ذلك فيكون من باب المضمر عامله على شريطة التفسير فيكون في التقدير ماذا صنعته. (خبيصي).

(٦) قوله : (ويجوز في الأول ... إلخ) فرفع الجواب في الأول ونصب الجواب في الثاني بطريق الأولى والحسن كما قالوا محافظة على مطابقة الجواب للسؤال لا على طريق الوجوب كما هو ظاهر عبارة المنن إلا أنه في منه يوافق ما قالوا. وجيه الدين ع أي الراجح من العبارتين هي الأولى.


(أسماء الأفعال) (١)

(ما كان) أي اسم (٢) كان (بمعنى (٣) الأمر أو الماضي) اللذين هما من أسماء المبني الأصل.

فعلة بنائها كونها مشابهة لمبني الأصل.

فما قيل : إن (أف) بمعنى : أتضجر. و (أوه) بمعنى : أتوجع. فالمراد به : تضجرت وتوجعت ، غبّر عنه بالمضارع الحالي ؛ (٤) لأن المعنى على الإنشاء (٥) وهو الأنسب بأن يعبر عنه بالمضارع الحالي (مثل : (رويد (٦) زيدا) أي : أمهله) مثال لما هو بمعنى الأمر) (و (هيهات (٧) ...

__________________

(١) إذا كان ما عبارة عن الاسم فحصل الاحتراز عن نفس الأمر ونفس الماضي فإن قلت : أليس هذا التعريف منقوضا باسم الفاعل والمفعول إذا كانا بمعنى الماضي قلت : لا ؛ لأن المراد ما كان بمعنى وأحدهما بلا قرينة وشيء منهما ليس كذلك. عوض أفندي.

(٢) قوله : (ما كان) أي : اسم كان الظاهر أي : أسماء يقال كان هذه يحتمل التمام والنقصان والصيرورة والزيادة ولا يخفي أن الثالث النسب ومن حق أسماء الأفعال أن لا يكون لها إعراب كالماضي والأمر وقيل هي مرفوع المحل بالابتداء فهو مبتدأ فاعله سد مسد الخبر كما في قولنا أقائم زيد وهذا هو الذي اختاره المصنف في إيضاح المفصل وإن فاته بيان المبتدأ في هذا الكتاب وقيل مصادر منصوبة بأفعال محذوفة وينافي تقدير الفعل كونها اسم فعل. (عصام الدين).

(٣) والظرف خبر كان أو حال من المستكن فيه إن كان تاما بمعنى ثبت والجملة صفة ما أوصلته.

(٤) والمضارع الحالي يحتمل أن يكون إخبارا أو إنشاء.

(٥) لأن الإنشاء وإن لم يعتبر له خارج تطابقه أولا تطابقه إلا أن مدلولة واقع في الحال نحو بعت فإن البيع واقع في الحال وإن لم يعتبر مطابقته لما في الواقع وحكاية عنه.

(٦) في الأصل تصغيرا رواد أي : وفق تصغير الترخيم أرفق رفقا وإن كان صغيرا قليلا ويجوز أن يكون تصغير ورد بضم الراء وسكون الواو بمعنى الرفق عدى إلى المفعول به مصدرا أو اسم فعل بتضمينه الإمهال وجعله بمعناه ونحو رويدك زيدا يحتمل أن يكون اسم فعل والكاف حرف جر وإن يكون مصدرا مضافا إلى الفاعل (محشي).

ـ مثال المتعدي ونظيرها ما كان بمعنى الأمر فزيد مفعول رويد وهي مرفوعة المحل على الابتداء يسند الفاعل مسد الخبر كقائم الزيدان على الرأي : وفيه أن معنى الفعل يمنع الابتدائية وفيه أنا لا نسلم إن هذا النوع من المبتدأ ينافيه معنى الفعل لكونه مسندا به مسندا إليه.

(٧) أي : بضم التاء للتيسير بقوة الحركة على قوة معنى البعد وكان القياس على تقدير أن أصله ـ


ذاك) بفتح التاء في الحجازية وبكسرها في بني تميم وبالضم (١) لغة بعضهم (أي : بعد) مثال لما هو بمعنى الماضي.

وقدم الأمر ؛ لأن أكثر أسماء الأفعال بمعناه.

والذي حملهم على أن قالوا : إن هذه الكلمات وأمثالها ليست بأفعال مع تأديتها معاني الأفعال (٢) ، أمر لفظي ، وهو أن صيغها مخالفة لصيغ الأفعال وأنها لا تتصرف تصرفها لا أنها موضوعة لصيغ الأفعال على أن يكون (رويد) مثلا موضوعا لكلمة (أمهل).

قال الشارح الرضي : (وليس ما قال بعهم إن (صه) مثلا اسم للفظ (اسكت) الذي هو دال على معنى الفعل ، فعل فهو علم للفظ الفعل لا لمعناه ، بشيء إذ العربي القح ربما يقول (صه) مع أنه لم يخطر بباله لفظ (اسكت) ربما لم يسمعه أصلا) ولهذا قال المصنف :

ما كان بمعنى الأمر أو الماضي ، ولم يقل (٣) ما كان معناه الأمر أو الماضي. والمتبادر أن يكون هذا بحسب الوضع (٤) فلا يرد مثل : الضارب أمس ، نقضا على التعريف.

(وفعال) (٥)

__________________

ـ هيهية كزلزلة أن لا يقف عليها إلا بالهاء لكن يوقف عليها في الأكثر بالتاء تنبيها على إلحاقها بالأفعال فكان تاءها تاء قامت.

(١) مثال اللازم نظير ما كان بمعنى الماضي وأشار بالمثالين إلى تقسيم أسماء الأفعال إلى ما كان بمعنى الأمر أو الماضي وإلى ما كان متعديا أو لازما وإلى ما كان المنقول عنه مستعملا فيه أولا. (هندي).

(٢) أي : لكونه ليس بشيء أو لكونه أسماء الأفعال غير موضوعة لألفاظ الأفعال (المحرره).

(٣) لأنه يفهم منه أن معناه لفظ الأمر والماضي بخلاف قوله : (بمعنى الأمر والماضي) فإنه يفهم منه أن معناه ومعنى الأمر والماضي واحد والمتبادر من قوله : ما كان بمعنى الأمر والماضي أنه كذلك بحسب الوضع ؛ لأنه بصدد بيان الأوضاع فلا ينتقض التعريف بمثل ضارب أمس ؛ لأنه بمعنى الماضي بحسب الاستعمال والقرينة لا بحسب الوضع. (وجيه الدين).

(٤) أي : دلالة الأسماء الأفعال على معنى الأفعال وإن كان وضعا ثانيا. كامل.

(٥) عطف على رويد كنزال بمعنى أنزل من كل اسم وتراك بمعنى اترك ذكر مثالين الأول ـ


أي : ما يوزن (١) ب : (فعال) الكائن (بمعنى الأمر) المشتق (٢) (من الثلاثي) المجرد (قياس) أي : قياسي (ك : (نزال) بمعنى (انزل).

قال سيبويه هو مطرد في الثلاثي المجرد ويرد (٣) عليه أنه لا يقال : (قوام) و (قعاد) في (قم ، واقعد) فلهذا يؤل بعضهم قول سيبويه بأنه أراد بالاطراد الكثرة فكأنه قياس لكثرته.

وأما في الرباعي فاتفقوا على أنه لم يأت منه إلا نادرا (٤).

(وفعال) حال كونه (مصدرا (٥) معرفة (فجار) بمعنى (٦) (الفجرة أو الفجور) قال الشارح الرضي (هو على ما قيل : مصدر مؤنث ولم يقم لي إلى الآن دليل قاطع على تعريفه ولا تأنيثه) (٧).

__________________

ـ لازم والثاني متعد وفعال قياس في الأفعال الثلاثية عند سيبويه كضراب وقياس بمعنى اضرب وقتال بمعنى اقتل وقلت في الرباعي كقرقار.

(١) يعني : أن المراد بفعال مسماه وهو الموزون مثل نزال وتراك. (وجيه).

(٢) يعني أن قوله : (من الثلاثي صفة للأمر ولا يخفى أن تقدير المشتق الصق من تقدير الكائن.

(٣) وقال المبرد فعال في الأمر الثلاثي مسموع فلا يقال قوام وفعاد في قم واقعد وليس لأحد أن يبتدع صيغته لم يلقها العرب قال الأندلسي منع المبرد أقوى فالأولى أن يؤل ما قال سيبويه بأنه أراد بالإطراد الكثرة فكان قياس لكثرته. (وجيه الدين).

(٤) وهو كلمتان قرقار أي : صوت من التصويت وعرعار أي تلاعبوا بالوعرة وهي لقبة للصبيان وقال المبرد قرقار حكاية صوت الرعد وعرعار حكاية صوت الصبيان ؛ لأن الصبي إذا لم يجد أحدا رفع صوته فقال عرعار فإذا سمعوا خرجوا إليه وتلعبوا بتلك اللعبة وفيه أن الحكاية لا تغير فلو كان صوتين لقيل قرقار وعرعار كغاق فاق وعند الأخفش جعلا أمرا من الرباعي قياس. (وجيه الدين).

ـ معناه أن اسم الفعل بمعنى الأمر لم يوجد من الرباعي إلا نادرا إلا أن فعال بمعنى الأمر لم يأت من الرباعي وما ذكر من قرقار وعرعار ليس فعال كما لا يخفي. (عصام).

(٥) قال المصنف في الشرح كما كان في المبنيات ما يوافق الصيغة وإن لم يكن من أسماء الأفعال ذكر معه ولم يجعل له بابا آخر كما فعل في ما الاستفهامية والشرطية والموصوفة على ما تقدم. حاشية ج.

(٦) وأشار الشارح بقوله : (بمعنى الفجرة أو الفجور) إلى وقوع التردد بين كونه مستعملا في المؤنث وأيده بما نقله صفة مصدرا. عبد الله أيوبي.

(٧) وقال أيضا أن من كان مذهبه إن جميع أوزان فعال أمر أو صفة أو مصدرا أو علما مؤنثا ـ


(و) حال كونه (صفة لمؤنث ، (١) مثل : (يا فساق) (٢) بمعنى : يا فاسقة (مبني) أي : كل واحد من القسمين الأخرين مبني (لمشابهته له) أي : ل : (فعال) بمعنى الأمر (عدلا (٣) وزنه) أما زنة فظاهر وأما عدلا فلما ذهب إليه النحاة أن (فعال) بمعنى الأمر معدول عن الأمر الفعلي للمبالغة وهذه الصيغة للمبالغة في الأمر. ك : (فعال) و (فعول) للمبالغة في (فاعل).

قال الشارح الرضي : (والذي أرى (٤) كون أسماء الأفعال معدولة عن ألفاظ الفعل شيء لا دليل لهم عليه.

كيف؟ والأصل في كل معدول عن شيء أن لا يخرج عن النوع الذي ذاك (٥) الشيء(٦) منهن فكيف خرج الفعل بالعدل من الفعلية إلى الاسمية؟

وأما المبالغة فهي ثابتة في جميع أسماء الأفعال).

وبين وجهها في كلام طويل فمن أراد الاطلاع عليه فليرجع إليه.

__________________

ـ فإذا سمي بها مذكر وجب عدم انصرافها ويجوز عند النحاة جعلها منصرفة وهذا منهم دليل على ترددهم في كونها مؤنثة. (عبد الغفور).

(١) لم يجئ في المذكر وجميعها تستعمل من دون موصوف وتستعمل أما لازمة للنداء سماعا نحو يا فساق وأما غير لازمة له وهي على ضربين أحدهما ما صار بالغلبة علما جنسيا نحو جياز للمنية وهي في الأصل لكل ما يجيد أي ثم اختصت بالغلبة بجنس المنايا والضرب الثاني ما بقي على وضعيتها نحو قطاط أي : قاطة. (كافية).

(٢) وفي إيراده بحرف النداء تنبيه على ذلك بنداء المؤنث.

(٣) أي : من جهة وجوب العدل في كل منها أما في فجار وفساق فلأنهما معدولان عن الفجور أو الفجرة عن فاسقة وأما في فعال الذي بمعنى الأمر فلأنه معدول منه للمبالغة. عوض أفندي.

(٤) على صيغة المتكلم المجهول من أرى أراءة أي : أظن وقد حقق في محله أن الإراءة وما يشتق منها إذا استعملت على صيغة المجهول يكون بمعنى الظن كقوله : (إن الذين ترونهم إخوانكم).

(٥) فيرد عليه أن ثلث عدل من ثلثة ثلثة وثلثة ثلثة بتمامها ليست أسماء بل لفظا مركبا من اسمين وخرج عن التركيب إلى الاسمية إلا أن يقال المراد أن الأصل أن لا يخرج عن نوع أصله أو نوع ما التأم منه أصله ومادة النقض من قبيل الثاني فلا نقض. (عصام).

(٦) يعني : إن كان من نوع الاسم فالواجب في المعدول أن يكون اسما أيضا فإذا كان الأصل في كل معدول أن يكون كذلك.


(و) (فعال) (١) حال كونه (علما (٢) للأعيان) (٣) أي : لعين من الأعيان.

إنما قال : علما ليخرج (باب فاق) وإنما قال : للأعيان ليخرج (باب فجار) لأنه وإن كان علما كما قالوا لكنه للمعاني لا للأعيان.

وقوله (مؤنثا) (٤) ، صفة (علما) وذكره للتنبيه على أنه لم يقع إلا كذلك (ك ـ (قطام) علما لمؤنث (و (غلاب) كذلك (مبني (٥) في) استعمال أهل (الحجاز) لمشابهته (فعال) بمعنى الأمر (٦) عدلا (٧) وزنه (معرب في) استعمال (بني تميم إلا (٨) ما في آخره) أي : إلا في (فعال) علما للأعيان يكون في آخره (راء) فإن (٩) بني تميم اختلفوا فيه ،

__________________

(١) حال من ضمير مبني وقوله : (معرب) مستغن عن التقييد به لجعل ضميره إلى الفعال المقيد.

(٢) قال علما الأعيان حال من مفهوم قوله : (مبني في الحجاز معرب في بني تميم) أي : اختلف فيه حال كونه للأعيان وإنما قلنا ذلك ؛ لأنه إن تعلق بالى من قوله : (مبني ومعرب لزم توارد العاملين على معمول واحد وإن تعلق بأحدهما لزم خلو الآخر عن التعلق بهذا الحال اللهم إلا أن يقدر للآخر كما في باب التنازع. فاضل عبد الغفور.

(٣) قال العصام في الشرح قوله : (علما) عطف على مصدرا وقوله : مبني عطف على مبني السابق عطف الشيئين على معمولي عاملين مختلفين فتبع المصنف في هذا التركيب الفراء على خلاف مذهبه أو قدر مبتدأ بعد حرف العطف أي : وفعال علما آه.

ـ قوله : (علما للأعيان) أي : العين والشخص أو لام الجنس يبطل معنى الجمعية فلا يرد ما قيل : أن قطام علما ليس للأعيان فلا يصح التمثيل.

(٤) بيان للواقع وتنبيه على أنه لم يقع إلا كذلك حتى قيل : لو سمي به مذكر لكان معربا عافية.

(٥) قوله : مبني ومعرب بمعنى خبر واحد أي : مختلف في إعرابه وبنائه الاستثناء من قوله : (وفعال علما للأعيان) بمعنى ما يوازنه بفعال فيكون عاما فيستثنى منه ما خرج عن حكمه وهو الاختلاف في إعرابه وبنائه. (هندي).

(٦) فيه أن هذا القسم أما علم مرتجل أو منقول عن الوصفي فإن كان منقولا راعوا معناه الأصلي وكان فيه المبالغة وإن كان مرتجلا حملا على المنقول ؛ لأنه أكثر من غيره. (عبد الغفور).

(٧) وإن كان ذلك العدل فيه تقديرا ؛ إذ ليس لقطام قاطمة وغلاب غالبة عدلا عنهما تحقيقا وإنما احتاجوا إلى إثبات ذلك العدل ليتحقق المشابهة بنزال ليكون الأخوات على سنن واحدة قال المصنف وإنما وجب المصير إليه للعلم بأنهم لا يبنون إلا لمانع من الإعراب ولا مانع يمكن سوى ما قدروا.

(٨) استثناء من مستكن معرب يعني معرب كل ما كان على هذا الوزن عندهم إلا.

(٩) دليل للاستثناء يعني إنما يستثنى من هذا الحكم ما في آخره راء فإن بني تميم. (عبد الله أفندي). ـ


فأكثرهم يوافقون الحجاز بين في بنائه ، وأقلهم لا يفرقون بين ذات الراء وغيرها بل يحكمون بإعراب الكل (نحو (حضار) علما لكوكب وجه الأكثرين : أن الراء حرف مستثقل لكونه في مخرجه كالمكرر.

فاختير فيه البناء ؛ لأنه أخف إذ سلوك طريقة واحدة أسهل من سلوك طرائق مختلفة.

(الأصوات) (١)

اعلم أن الأصوات (٢) الجارية على لفظ الانسان إما منقولة إلى باب المصادر ولزمت المصدرية ولم تصر اسم فعل.

فالأول مثل : (واها) للتعجب وحكمه حكم المصادر.

والثاني مثل : صه ، ومه وحكمه حكم أسماء الأفعال.

__________________

ـ فمعنى قول المصنف ومعرب في استعمال تميم أي : في استعمال بني تميم كلهم إلا في آخره راء فإنه ليس بمعرب في استعمال كلهم وإنما هو معرب في استعمال أقلهم. (وجيه).

ـ والحجازيون ينظرون إلى تحقيق الموجب للبناء فيبنون وعلة بنائها قوة شبهها بالواقع موقع المبنى ألا يرى أن يسار كنزال من وجهين أحدهما من حيث اللفظ فيسار كنز من حيث الحركات والسكنات وثانيها أن يسار معدول عن المسيرة كما أن نزال معدول عن انزل وبنو تميم ينظرون إلى الأصل الأسماء إذا الأصل فيها الإعراب والسبب الطارئ مغلوب عند اعتبار الأصل وقد يتحقق فيها العدل والعلمية فيمتنع من الصرف كسائر الأسماء الممتنعة من الصرف. (حاشية مفصلة).

(١) والمشهور أن الأصوات ليس قسما من أقسام الكلمة ؛ لأنه لا وضع فيها وإنما بحث عنها في أقسام الكلمة المبنية لمشاكلتها بالمبنى. (فتح الأسرار).

(٢) اعلم أن المراد من الأصوات هنا ليس مطلق الأصوات بل ما يكون من ألفاظ أسماء يكون في الأصل أصواتا ساذجة لا كلمات دالة على معان وكذا قال المصنف في تعريفها. (عوض).

ـ قوله : (اعلم أن الأصوات الجارية على لفظ الإنسان) بل لفظ العرب إما الزجر أو الدعاء أو غير ذلك من تسكين البهيمة أو حمله على الشرب أو إتاحته كما إذا قلت : نخ لا ناخة البعير.

ـ ولما كان لفظ الأصوات الذي هو المعدود من المبينات أخص من مطلق الأصوات احتاج إلى مقدمة تبين لها أنواعها وظهر من تلك الأنواع ما هو معرب وما هو مبني عنها فأراد الشارح أن يذكر تلك المقدمة. عبد الله أيوبي.


وأما غير منقولة بل باقية على ما كانت عليه حين كونها أصواتا ساذجة ولم تصر مصادر وإلا أسماء أفعال وهي على أنواع.

فمنها : ما يعرض للإنسان عند عروض معنى له ، كقول المتندم (١) أو المتعجب (وي) وحينئذ (٢) لا يقدر (٣) أن يحكم عليه بشيء أو به على شيء.

ومنها : ما يجري على لفظ الإنسان على سبيل الحكاية بأن يصدر من نفسه ما يشابه صوت شيء كما إذا قلت : (غاق) قاصدا لإصدار ما يشابه صوت الغراب عن نفسك وحينئذ (٤) أيضا لا يقدر أن يحكم عليه أو به.

ومنها ما يصوت به لأجل حيوان إما لزجر أو دعاء أو غير ذلك كما إذا قلت : (نخ) لا ناخة البعير وحينئذ أيضا أن يحكم عليه أو به.

وهذه الأقسام كلها مبنيات ؛ لانتفاء التركيب فيها ، وإذا تلفظ بها على سبيل الحكاية. كما إذا قلت : (قال زيد عند التعجب وي ، (٥) أو عند اناخة البعير (نح) أو غاق عند حكاية صوت الغراب.

فهي في هذه الحالة أيضا (٦) مبنية لكن لا من حيث أنها أصوات بل من حيث أنها حكاية عنها.

__________________

(١) تعرض له الندامة وأراد إظهارها أو المتعجب أي : من يعرض له إدراك أمر غريب وينشأ منه التعجب فأراد إظهارها.

(٢) قوله : (وحينئذ لا تقدر أن تحكم عليه وبه) لأن وضعه على إظهار الندم أو التعجب أو الوجع كما في أخ وكذا وضع عاق على حكاية لا غير ووضع نخ ونحوه لأسماء هذا الصوت مجرى العادة بإناخته عنده فلم يحتج باعتبار المعنى الذي وضعت له إلى جزء آخر مركب معه حتى يحكم عليه أو به فإن وقع شيء مركب من هذا الباب. (وجيه الدين).

(٣) لأن وضعه لإظهار الندم أو التعجب أو الوجع كما في أخ فلم يحتج باعتبار المعنى الذي وضع له إلى جزء آخر يركب معه حتى يحكم عليه أو به.

(٤) أي : حين تجري على لفظ الإنسان على سبيل الحكاية أي : المشابهة.

(٥) وهي كلمة تعجب نقول ويك ووي لزيد وتدخل على كان المخففة والمشددة ووي يكنى بها الويل وقوله تعالى: (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ)[القصص : ٨٢] زعم سيبويه أنها وي مفصولة من كأن ، وقيل : معناه الم ترو ، قيل : اعلم ، وقيل : ويلك. (قاموس).

(٦) وتصلح أن تكون محكوما عليها وبها ؛ لأنها أسماء ، واعلم أن كل كلمة يتلفظ بها على سبيل الحكاية فهو مبنية.


والمراد بالأصوات ههنا (١) : ما كانت باقية على ما هي عليه من غير نقلها على سبيل (٢) الحكاية (٣) وهي بهذا الاعتبار ليست بأسماء لعدم كونها دالة بالوضع وذكرها (٤) في باب الأسماء لإجرائها مجراها وأخذها حكمها وبنيت لجريها مجرى مالا تركيب فيه من الأسماء.

فالأصوات بهذا الاعتبار (كل لفظ) إنما قال (لفظ) ولم يقل اسم لعدم الوضع فيها، كما عرفت.

(حكى (٥) به صوت) أي : صدر (٦) على لسان الإنسان تشبيها بصوت شيء كما عرفت في القسم الثاني من الأصوات الغير المنقولة.

(أو صوت به للبهائم) (٧) ...

__________________

(١) وإنما سميت أصواتا ولم يسم سائر أقسام الكلمة أصواتا مع أنها من جنس الأصوات لكونها موضوعة لمعنى.

(٢) بأن جعلت مقول القول لعدم كونها دالة بالوضع لما أن الأول دال بالطبع وأن الثاني حكاية الصوت وإصدار على لسان الإنسان تشبيها بشيء ولا يخفى أنه ليس بموضوع وكذا الثالث ؛ لأنه لم يوضع لإناخة البعير وإنما هو مجرى عادة الله بإناخته عند إسماعه. (وجيه الدين).

(٣) والحق أن المراد بالأصوات وكذا كل قسم من أقسام المبني ما يشمل المراد به نفسه والمستعمل بما هو الغرض منه وإلا لكان بيان المبنيات في الكتب النحوية قاصرا وتعريف الأصوات يشمل كلها باعتبار الحكاية بها ؛ لأنه يصدق على الجميع حكى به صوت. (عصام).

(٤) جواب سؤال ورد على قوله : (ليست بأسماء) بأنها إذا لم تكن أسماء ينبغي أن لا تذكر في عداد الأسماء فأجاب عنه بما ترى. (أيوبي).

(٥) لم يقل ما حكى به صوت كالبيضاوي لئلا يتبادر منه اسم لشيوع إعادته منه ؛ لأنه ليس اسما بل لفظا لم يوضع ولا سبيل إلى كونه كلمة فضلا عن كونه اسما.

(٦) قوله : (أي : صدر ... إلخ) إنما فسر بذلك ؛ لأن حقيقة الحكاية لا يتأتى هاهنا إذ شرط الحكاية أن يكون مثل المحكي وهذه الألفاظ مركبة من حروف صحيحة محركة بحركات صحيحة وليس المحكي كذلك والحيوانات والجمادات لا يحسن الإفصاح بالحروف إفصاح الإنسان. (وجيه الدين).

(٧) قال بعض النحاة : هذا القسم داخل في أسماء الأفعال وارتضاه المرتضى وأرى أن الحق لدخوله في حدها بقي قسم ثالث للصوت وهو لفظ غير موضوع صادر عن الإنسان ودال على معنى الطبع كنخ عند الإعجاب ووي للمتندير وآه للمتوجع وأخ للسعال وهذا القسم ليس بكلمة وحكم آخره على ما تقتضيه الطبع فإذا حكى دخل في القسم الأول وقد سبق الكلام.


يعني مثلا (١) أي : ؛ لإناختها أو زجرها أو دعائها أو غير ذلك.

وإنما قلنا : مثلا ؛ لأن المتبادر من البهائم ذات القوائم الأربع فلا يتناول ما هو للطيور، بل لبعض أفراد الإنسان أيضا كالصبيان والمجانين.

وإذا كان ذكرها على سبيل التمثيل يتناول التعريف كلها.

(فالأول ك : (غاق) (٢) إذا صوت به إنسان (٣) تشبيها بالغراب.

(والثاني ك : (نخ) مشددة أو مخففة عند إناخة البعير.

ولم (٤) يذكر المصنف القسم الأول ، وهو ما كان صوت الإنسان ابتداء من غير تعلق. بالغير.

قيل (٥) : ذلك ؛ لأنه لما كان هذان القسمان مع تعلقهما بالغير ملحقين بالأسماء المبنية كان كون ذلك القسم كذلك أولى لكونه صوت الإنسان من غير (٦) تعلق بغيره (٧)

__________________

(١) قوله : (يعني مثلا) الأولى لا يجعل ذكر البهائم للتمثيل حتى يشمل الطيور وغيرها بل يجعل التعليل ليشمل من دواعي أخرى للتصويت به من قضاء تعجب أو تسكين توجع أو تخفيف تحسر فيشمل القسم الأول أيضا بتكلف واحد لابد منه لغير دخول هذا القسم. (عصام).

(٢) وطاق حكاية صوت الضرب وطق بفتح الطاء وكسرها وسكون القاف حكاية وقع الحجارة بعضها ببعض وقب حكاية وقع السيف وشب حكاية مشا فر الابن عند الشرب.

(٣) أي : يصوت به لا على سبيل الحكاية عن إنسان بل عن الغراب نفسه. (أيوبي).

(٤) ولما قسم الشارح فيما سبق الغير المنقولة إلى ثلثة أنواع وأدخل الكل في الأصوات المبنيات حيث قال كلها مبنيات والمصنف لم يذكر إلا تعريفي القسمين الأخيرين والشارح أراد أن يذكر وجه ترك الأول على سبيل المثال فقال ولم يذكر.

(٥) فقوله قيل : إما بالباء الموحدة مقابل بعد وهو المناسب للسياق وإما بالياء المنقوطتين مجهول ، قال : أي : قيل : في الجواب ذلك أي : سبب ترك المصنف القسم الأول ؛ لأنه لما كان ... إلخ.

(٦) حاصل التوجيه أن البناء من خواص الأسماء وهذه الأصوات ليست بأسماء لعدم وضعها لمعنى كما سبق إلا أنها ألحقت بالأسماء المبنية والقسم الأول أولى لكونه صوت الإنسان من غير تعنق بغيره بوهم ذلك التعلق أنه من جنس أصوات الحيوانات لتكلم فيما بينها أو تحكى فيما بينها من غيرها التي ليست من الأسماء المبنية. (وجيه الدين).

(٧) من الحيوانات والجمادات كوى للمتعجب فإنه بمقتضى الطبع من غير نظر إلى الغير في ـ


(المركبات)

أي : المركبات المعدودة من (١) المبنيات.

(كل اسم) (٢) حاصل (من) تركيب (كلمتين) (٣) حقيقة أو حكما اسمين أو فعلين أو حرفين أو مختلفين (٤) ، وجعلهما كلمة واحدة (ليس بينهما نسبة) أصلا لا في الحال (٥) ولا قبل التركيب.

وإنما قلنا : حقيقة أو حكما لئلا يخرج مثل : (سيبويه) فإن الجزء الأخير منه صوت غير موضوع لمعنى فلا يكون كلمة لكنه في حكم الكلمة حيث أجرى مجرى الأسماء المبنية.

وقوله : ليس بينهما نسبة ليخرج مثل : (عبد الله) علما و (تأبط شرا) لأن بين جزئي كل واحد منهما نسبة قبل العلمية.

__________________

ـ غاية البعد من التركيب مع الغير فإن لم يكن ما هو أقرب إلى الغير معربا فما هو أبعد منه بطريق الأولى أن يكون معربا. (عصام).

(١) يعني أن المراد بالمركبات المذكورة سابقا وهي التي عدت في أقسام المبنيات أعم من أن يكون مبنية بكلا جزئيه أو بأحد جزئيه كبعلبك صرح بذلك في المفصل واللام للعهد ولا حاجة إلى كلمة كل ؛ إذ لا يطلب في الحد العموم وإنما يطلب فيه بيان ماهية الشيء والجنس هو حاصل من تركيب كلمتين لا اسم فقط حتى يرد عليه اعتراض الرضي بأنه لا حاجة إلى كلمة كل كما في سائر الحدود. (فاضل).

(٢) وفي الحمل تسامح ، والمراد المركب كل اسم ... إلخ ؛ لأن التعريف للجنس لا للإفراد وبالإفراد كما في التوابع.

(٣) وإنما لم يقل من اسمين لئلا يخرج سيبويه ؛ لأن الجزء الأخير صوت لا اسم ففيه أنه أن قيل : أن الصوت حرف فلم يقل به أحد وأن قيل : أنه ليس باسم ولا فعل ولا حرف لعدم الوضع فيخرج من كلمتين أيضا فلو قال من لفظين لكان أولى لئلا يخرج نحو بخت نصر ؛ لأن ثاني الجزئين فعل لكن يخرج منه بخت علما مركبا من مهمتلين. (هندي ع).

(٤) نحو بخت تصرفاته مركب من بخت بالضم وهو معرب بوخت بمعنى الابن وجد عنده صنم اسمه نصر نسب إليه خراب بيت المقدس ونصر ماضي التفعيل. (قاموس).

(٥) رد لبيان الرضي حيث قال أي : ليس بينهما نسبة قبل العلمية ووجه الرد أنه عدول من عموم العبارة بلا داع لكنه ليس بذاك ؛ لأن الاسم مستغن عن الوصف والتقييد بانتقاء النسبة في الحال حاشية بانتقاء النسبة قبل الاسمية.


ولا يخفى أنه يخرج بهذا القيد مثل (١) : (خمسة عشر) عن الحد مع أنه من أفراد المحدود ؛ لأن بين جزئيه (٢) قبل التركيب نسبة العطف ، وتعيين (٣) النسبة (٤) على وجه آخر ليخرج منها هذه النسبة أصعب من (خرط القتاد) والأحسن (٥) أن يقال : المراد بالنسبة نسبة مفهومه من ظاهر هيئة تركيب إحدى الكلمتين مع الأخرى.

ولا شك أنه يفهم من ظاهر الهيئة التركيبية التي في (عبد الله) النسبة الإضافية ومن ظاهر الهيئة التركيبيية التي في (تأبط شرا) النسبة التعليقية التي تكون بين الفعل والمفعول ، بخلاف مثل : (خمسة عشر) فإن هيئة تركيب أحد جزئية مع الأخر لا تدل نسبة أصلا كما أن هيئة تركيب أحد شطري (جعفر) مع الآخر لا تدل عليها من غير فرق ، فانطبق الحد على المحدود طرد وعكسا.

(فإن تضمن) الجزء (الثاني حرفا) أي : حرف عطف أو غيره (بنيا) (٦) أي : الجزآن الأول ، لوقوع أخره في وسط الكلمة الذي ليس محلا للإعراب.

__________________

(١) أراد بتمثيل خمسة عشر وبيت بيت مما يتضمن الثاني منه معنى حرف العطف كان أو حرف الجر كما في بيت بيت.

(٢) لأن أصله خمسة وعشرة فحينئذ لم يصدق عليه قوله : (ليس بينهما نسبة) ؛ لأنه سالبة كلية لكون النكرة في سياق النفي وقد خرج بقوله : (أصلا) فصار نصا للسلب الكلي فوجب الحمل على ما حمل عليه الشارح بقوله : (لا في الحال ولا في الأصل).

(٣) أي : تعيين تلك النسبة الأصعب كما هو الظاهر داود الشارح التحرير فاندفع ما لعصام هنا.

(٤) بأن يراد ليس بينهما نسبة إسناد ولا نسبة إضافة من خرط القتاد أي : من إمرار اليد على شجر له شوك ؛ إذ لا قرينة عليه أصلا قال الجوهري خرطت الورقة خلقته وهو أن يقبض على أعلاه ثم تمر يدك عليه إلى أسفله في المثل دون خرط الوجيه شجر له شوك وهو العوسج.

(٥) يرد عليه إنه لو كان هيئة خمسة عشر موضوعة لبيان معنى العطف فالنسبة مفهومة من ظاهر الهيئة وإلا فلا تفهم النسبة أصلا لا من ظاهر الهيئة ولا من باطنها فلا حاصل لهذا التوجيه فضلا عن أن يكون أحسن من كل وجيه ، والجواب أن هيئة خمسة عشر تدل على نسبة بين خمسة وعشر بل بين عشر وما نسب إلى خمسة مثلا ويلزم من ذلك نسبة بين خمسة وعشر بالعطف على أن خمسة عشر. كبعلبك. (عصام).

(٦) بنينا على الفتح إن لم يكن آخر الجزء الأول حرف عله فإن كان حرف العلة في الجزء الأول من هذا المركب ساكن نحو : كرب عصام (كافية).


والثاني : لتضمنه الحرف (ك ـ (خمسة عشر) (١) فإن أصله (خمسة وعشرة) حذفت الواو وركبت عشرة مع خمسة.

(و) مثل : (حادي عشر) (٢) وأخواتها يعني : أخوات (حادي عشر) من ثاني عشر إلى تاسع عشر ، أو أخوات كل من (خمسة عشر) و (حادي عشر) وإنما أورد (٣) مثالين ليعلم أن البناء ثابت في هذا المركب سواء كان أحد جزئيه العدد الزائد على العشرة أو صيغة الفاعل المشتقة منه.

وقيل فيه نظر ؛ لأن الثاني فيه لا يتضمن الحرف ؛ لأنه لا يراد به حادي وعشر وجوابه أن المراد بصيغة الفاعل إذا اشتق من أسماء العدد واحد من المشتق منه لكن لا مطلقا بل باعتبار (٤) وقوعه بعد العد السابق على المشتق منه.

__________________

(١) أما بناء الجزء الأول فلتنزله منزلة الجزء الأول من الاسم المفرد فيكون آخره بمنزلة وسط الكلمة وأما كونه على الفتح فلكون الثاني منه بمنزلة تاء التأنيث من حيث أنه زائدة مضمومة ويزول بعض الحاصل من التركيب وأما بناء الثاني فلتضمنه الحرف ؛ إذ الأصل في المثال المذكر خمسة وعشرة فلما قصدا متزاج الاسمين وتركيبهما حذفت الواو الموزونة بالانفصال ـ والتاء للتخفيف وأما كونه على الفتح فللخفة. (عوض).

(٢) أورده مثالين ليعلم أن القبيلتين أعنى ما يكون المراد منه العدد وما يكون المراد منه الواحد من المتعدد مشتركان في الحكم المذكور إجراء للثاني مجرى أصله من أن أصله حادي أحد عشر ؛ لأن المراد أنه واحد من أحد عشر لا من عشر فحذف للتخفيف ففي عشر متضمنا لواو العطف باعتبار هذا الأصل. (عافية).

ـ فإن قيل : بأي : شيء يعرف ما كان متضمنا لواو العطف وما لم يكن متضمنا له فنقول كل لفظين ركبا فانظر إليهما فإن أريد لكل واحد من لفظيه معنى كخمسة عشر فإنه أريد بخمسة عدد وبعشر عدد أيضا فهو متضمن لواو العطف وإن أريد بكلا اللفظين معنى واحد فهو غير متضمن نحو يأوي به أو أشباهه فإنه لم يرد بكلا اللفظين الأولية والابتداء بالفعل.

(٣) قوله : (وإنما أورد مثالين ... إلخ) لم يجعل مدارا للبناء كون الجزئين عددين حتى يثنيه على أن صيغة الفاعل المشتق من العدد في حكمه بل على تضمين معنى الحروف وإن لم يكن شيء من جزئيه عددا نحو بيت فالأولى أن يقال ورد مثالين أحدهما لتضمن الحرف في نفس التركيب والآخر لتضمنه في أصله.

(٤) قوله : (بل باعتبار وقوعه بعد العدد ... إلخ) هذا لا يجري في الحادي فإنه مشتق من الواحد لكن ليس باعتبار وقوعه بعد العدد السابق ؛ إذ لا سابق على الواحد وجوابه أن الحادي لا يشتق من الواحد قبل تركيبه وبعده حتى يرد ما ذكرتم وإما بعد التركيب فاعتبار وقوعه بعد العدد ـ


فإن الثالث مثلا واحد من الثلاثة لكن لا مطلقا بل باعتبار وقوعه بعد الاثنين فلما أخذوا هذه الصيغة من المفردات للدلالة على ما ذكرنا (١) أرادوا أن يأخذوا مثل : ذلك من المركبات ولا يتيسر ذلك من مجموع الجزئين ؛ لأن صيغة (فاعل) لا تسع حروفهما (٢) جميعا فاقتصروا على أخذها من أحد الجزئين إذ في بعض الحروف من كل جزء مظنة الالتباس(٣) واختاروا الأول ليدل على المقصود (٤) من أول الأمر ، فأخذوا مثلا من (أحد عشر) المتضمن حرف العطف (حادي (٥) عشر) بمعنى : الواحد من أحد عشر ، بشرط وقوعه بعد العشرة.

ف : (حادي عشر) متضمن حرف العطف باعتبار أنه مأخوذ من (أحد عشر) المتضمن حرف العطف لا باعتبار أن أصله (حادي عشر) إذ لا معنى (٦) له.

وعلى هذا القياس (الحادي والعشرون) لا فرق بينهما إلا بذكر الواو وحذفه.

(إلا (٧) اثني عشر) واثنتي عشرة فإنه لا يبني فيهما الجزآن بل يبني الثاني للتضمن

__________________

ـ السابق كما بين الشارح.

(١) أي : على الواحد الذي هو آخر وحدات ذلك العدد الذي بلغ به ذلك المبلغ.

(٢) أي : من حروف الجزئين وفي بعض النسخ حروفها ، أي : حروف الثلاثة الأصلية مع الألف الزائدة.

(٣) إذ لو أخذ من ثلاثة عشرتا عشر لم يعلم أنه أخذ من ثلاثة عشر أو من تعشر فلذا اختاروا الأول. (هندي).

(٤) كاسم الفاعل المشتق من المفرد على أحدهما لفظا ويكون المراد من حيث المعنى كونها من المجموع ؛ لأن المعنى واحد من مجموع العددين فاختاروا الأول ليؤذن من أول الأمر أن المراد المفرد من العدد لا العدد وعطف الثاني لفظا على تلك الصورة وهو معطوف من حيث المعنى على العدد المشتق ذلك الفاعل منه فهو واحد معطوف على العدد لا عدد على متعدد ويستوي فيما قلنا المعطوف بحرف ظاهر كما في ثالث والعشرون أو بحرف مقدر كما في ثالث عشر. (وجيه الدين).

(٥) أي : ليس تضمنه لحرف العطف باعتبار نفسه يعني باعتبار أن أصله اه. (أيوبي).

(٦) إذ لو كان أصله حادي وعشر يكون المقصود منه مجموع الحادي والعشر وليس كذلك. (عبد الله).

(٧) مستثنى من قوله : (خمسة عشر) ؛ لأنه يخالفه في بناء الجزء الأول كما في شرح المصنف وفي شرح العصام أنه مستثنى من الضمير في بنيا وقيل مستثنى من الأخوات. (زيني زاده).


ويعرب الأول لشبهه بالمضاف بسقوط (١) النون.

(وإلا) أي : وإن لم يتضمن الثاني حرفا (أعرب الصثاني) مع منع صرفه (٢) أن لم يكن (٣) قبل التركيب مبنيا (٤) (ك ـ (بعلبك) وبني الأول) للتوسط المانع من الإعراب وعلى الفتح ؛ لأنه أخف (في الأفصح) أي : اعراب الثاني مع منع الصرف وبناء الأول إنما هو في أفصح اللغات وفيه لغتان أخريان أحدهما : إعراب الجزئين معا وإضافة الأول إلى الثاني ومنع صرف المضاف إليه.

وأخرهما : إاعراب الجزئين وإضافة الأول إلى الثاني وصرف الثاني (٥).

__________________

(١) إذ أصلة اثنين وعشر فلما حذف منه الواو المؤذنة بالانفصال لأجل التركيب وجب حذف النون أيضا ؛ لأنها تدل على الانفصال أيضا أو هربا عن كراهة إبقاء النون التي تؤذن بالانفصال مع حذف الواو التي تؤذن بالاتصال في الجملة فأشبه المضاف ؛ لأن حذف النون حكم من أحكام الإضافة فأعطى له حكم المضاف. عوض أفندي.

ـ لبيان حاله بتغيير الصدر إلى صيغة اسم الفاعل المقلوب من الواحد. (هندي).

ـ لأن نون المثنى والمجموع لم يعهد في غير هذا الموضع حذفها الإضافة فكأنه مضاف والتركيب الإضافي لا يوجب البناء. (وجيه).

(٢) لوجود العلتين المانعتين من الصرف وهما التركيب والعلمية وإنما قيد بذلك ؛ لأنه الأفصح دون غيره وإنما قيد بعد كونه مبنيا قبل التركيب احتراز عن مثل سيبويه فإنه لم يعرب فيه للتوسط المانع من الإعراب يعني لو أعرب يلزم الإعراب في وسط الكلمة بسبب التركيب وهو غير جائز واسطة بين الإعراب والبناء فيلزم البناء. (وجيه الدين).

(٣) إن كان آخره حرفا صحيحا كما في مثال المتن وإلا على السكون كعدى كرب لاستثقالهم أصل الحركة على الياء في مثل ذلك. (عافية).

(٤) كعمرو وزيد ونفطويه فإن الجزء الثاني وهو منه لعدم علة بنائه وتضمن الحرف في الثاني. محمد.

(٥) لأن فيه مذهبين آخرين غير هنا الأول إعراب الجزئين معا مع منع الصرف في الثاني فيكون الأول في الصورة كالمضاف إلى الثاني فأعرب على حسب العوامل والثاني على حسب إعراب المضاف إليه بامتناعه من الصرف على أن جعل اسم مؤنث وذلك لتشبيههم إياه بالمضاف والمضاف إليه تشبيها لفظيا من جهة أنهما اسمان ذكر أحدهما عقيب الآخر وليس فيه حكم الإضافة معنى كما في غلام زيد فإن زيد غير الغلام. (عوض).


(الكنايات) (١)

جمع كناية وهي في اللغة الاصطلاح : أن يعبر عن شيء معين بلفظ غير صريح في الدلالة عليه لغرض من الأغراض كالإبهام على السامعين كقولك (جاءني فلان) وأنت تريد (زيدا).

والمراد بها هاهنا (٢) ما يكنى به لا المعنى المصدري (٣) ولا كل ما يكنى به بل بعضه ولا كل بعض (٤) بل بعض معين فكأنهم اصطلحوا في باب المبنيات أن يريدوا بها ذلك البعض المعين ولذلك لم يقل : بعض الكنايات (٥) كما قال بعض الظروف.

ويتعذر تعريفه إلى بالتصريح به مفصلا فلذلك أعرض عن تعريفها مطلقا.

وتعرض لذلك البعض المعين فقال : الكنايات (كم) (٦) وبناؤها لكونها موضوعة

__________________

(١) أي : المبينة وإلا ففلان وفلانة للأناسى والفلان والفلانة للبهائم وبابه من الكنايات ليست بمبنية. (عوض).

ـ هي أن يعبر عن شيء معين لفظا كان أو معنى بلفظ غير صريح في الدلالة عليه لغرض من الإغراض كالإبهام على السامع نحو أو لشناعة المعبر عنه كهن في الفرج أو لنوع فصاحة نحو فلان كثير الرماد والمراد منها بعض الكنايات ؛ لأن كلها غير سببيه. (عافية).

ـ إنما لو يعرف اكتفاء بذكر الجزئيات ؛ لأنها معدودة منحصرة معلومة باليقين فلا حاجة إلى تعريفها. (هندي).

ـ اعلم أن المصنف لما رأى : ضبط الكنايات المبنية متعسرا في تعريف واحد إذ لو عرفها بما ذكره في الشرح من أنها ألفاظ مبهمة يعبر بها عما وقع في كلام متكلم مفسرا أما لإبهامة على المخاطب وأما لنسيانه لزم خروج كم من بابها وهي أم الكنايات. (عافية).

(٢) وإنما قال هاهنا ؛ لأن الكنايات يطلق في علم النحو وغير الموضع على الإتيان بالضمير وفي علم المعاني على إطلاق اللازم وإرادة الملزوم.

(٣) أي : ليس المراد بها معناها المصدري وهو التكنيه والتعبير بقرينة إطلاقها على نفس الأسماء وبه يندفع توهم لزوم التعريف على المصنف.

(٤) أي : بعض عام لعموم الأفراد لكنه في دلالة العبارة على هذا المعنى خفاء بل المراد البعض المعين ولما تعذر التعريف ذلك المعين بدون التصريح به مفصلا فصل ذلك أعرض عن التعريف فقال الكنايات. (وجيه).

(٥) بقي أنه ما وجه الاصطلاح في الكنايات دون الظروف. (عوض).

(٦) مفرد عند البصرية ومركبة عن كاف وما الاستفهامية عند الكوفية وحذف الفها لكونها مع ـ


وضع (١) الحروف أو لكون الاستفهامية متضمنة لمعنى الحرف وحمل الخبرية عليها.

(وكذا) وبناؤها ؛ لأنها (٢) في الأصل (ذا) من أسماء الإشارة دخل عليها كاف التشبيه ، فصار المجموع بمنزلة كلمة واحدة بمعنى (كم) وبقي (ذا) على أصل بنائه.

وكل واحد منهما يكون (للعدد) والكناية عنه.

وجاء (كذا) كناية عن غير العدد أيضا ، ونحو (خرجت يوم كذا) (٣) كناية عن يوم السبت أو غيره.

(وكيت (٤) وذيت (٥) للحديث) أي : الكناية عن الحديث والجملة. وإنما بنيا ؛ لأن كل واحد منهما كلمة واقعة موقع الجملة التي هي حيث هي لا تستحق اعرابا ولا بناء ، فلما وقع المفرد موقعها ولم يجز خلوه عنهما رجح البناء ، الذي هو الأصل في الكلمات قبل التركيب (٦).

__________________

ـ حرف الجر قياسا وسكن ميمها للتخفيف فكأنهم جرد وأعن معنى الاستفهام في الخبرية. (فتح الأسرار).

(١) أي : وضعت ثنائية وسمي هذا الاسم اسما ناقصا في القاموس كم اسم ناقص بني على السكون أو مؤلفة من كاف التشبيه وما قصرت وأسكنت وهي للاستفهام وينصب ما بعده تمييزا وللخبرية ويخفض ما بعده كرب وقد يرفع تقول كم رجل كريم إياه هذا.

(٢) أي : وإنما بنى لفظ كذا لكونه منقولا عن المبني ؛ لأن أصله ذا آه.

(٣) وكقول : (أئمة اللغة) قيل بعضهم أما تعرف بمكان كذا وكذا وجذا فقال بلى وجازا أي : أعرف بها وجازا والجمع وجذان ومنقوصة فجيم ساكنة وذلك معجمة النقرة في الجبل والجمع وجازا بكسر الواو وفي الحديث أنه يقال للعبد يوم القيامة أتذكر يوم كذا وكذا فعلت كذا وكذا. (وجيه).

(٤) وهما لا يستعملان إلا مكررين متوسطا بينهما حرف العطف تقول قال فلان كيت وكيت كما تقول من الأمر ذيت وذيت. (عوض أفندي).

ـ وأنهما في الأصل كيته وذيته على وزن المرة حذفت اللام وأبدل عنها تاء التأنيث كما في بنت ومن العرب من يستعملها على الأصل والوقف عليها حينئذ بالهاء ولا يكونان إلا مفتوحين. (حاشية).

(٥) بالحركات الثلث يعني يستعمل كل منهما مكررا وفي المكرر يجوز الحركات الثلث. (سيد عبد الله).

(٦) فإن قلت : فعلى هذا لا يكون الكنايات من قسمي المبني ما ناسب مبني الأصل وما وقع غير مركب قلت : قال المصنف في الشرح يصح أن يقال أنه كان ناسب مبني الأصل ؛ لأنه أشبه بالجملة التي لا إعراب لها لفظيا ولا تقديريا من حيث هي جملة على أنه قد عد البعض ـ


ومن الكنايات (كأين) وإنما بنى ؛ لأن كاف التشبيه دخلت على (أي) و (أي) وإن كان في الأصل معربا لكنه انمحى عن الجزئين معناهما الإفرادي وصار المجموع كاسم مفرد بمعنى (كم) الخبرية فصار كأنه اسم مبني على السكون إذ آخره نون ساكنة كما في (من) لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع أن التنوين لا صورة (١) لها في الخط فمرتبته في البناء منحطة عن أخواتها (٢) فلذلك لم (٣) يذكره المصنف معها.

(ف : (كم) الاستفهامية) (٤) المتضمنة معنى الاستفهام (مميزها) الذي يرفع الابهام عن جنس المسؤول عنه.

(منصوب) (٥)

__________________

ـ الجملة من مبني الأصل ويصح أن يقال أنه وقع غير مركب ؛ لأنه لما كان حكاية عن الجملة تعذر وقوعه مركبا فإنه إنما تركيب الجمل من حيث كونه جملا فلا يقتضي إعرابا انتهى والوجه الثاني ظاهر أما الوجه الأول فمبني على أن الجملة من مبني الأصل كما عد بعضهم. (وجيه).

(١) دليل على كتابتها بالنون علامة على عدم كونها تنوينا ، يعني : أن كتابة النون بعد الياء علامة على أن تلك النون الساكنة بتنوين ؛ لأنها لو كانت تنوينا لم تكتب على صورة النون ؛ لأنه لا صورة للتنوين.

(٢) كما أن أصلها الإعراب وتخلف في بيانه بأن جعل تنوينه بمنزلة النون. (وجيه).

(٣) وهذا إشارة إلى أن رفعه للإبهام إنما هو عن الجنس الذي سئل عنه يعني أن المسؤول عنه من أي : جنس ملك أم انس أو جن رجل أو امرأة. (شرح الشرح).

(٤) الفرق بين كم الاستفهامية وكم الخبرية أن كم الاستفهامية لعدد مبهم عند المتكلم معلوم عند المخاطب في ظن المتكلم وكم الخبرية لعدد مبهم عند المخاطب ربما يعرفه المتكلم وأما المعدود فهو مجهول في كليهما فلهذا احتيج إلى المميز المبين للمعدود ولا يحذف إلا الدليل وأن الكلام مع الخبرية يحتمل الصدق والكذب بخلافه مع الاستفهامية وأن المتكلم مع الخبرية لا يستدعي من مخاطبه جوابا ؛ لأنه مخبر والمتكلم بالاستفهامية يستدعيه ؛ لأنه مستخبر وغير ذلك مما هو مذكور في مغني اللبيب وغيره.

(٥) وقد جاء الجر في المميز إذا كانت كم مجرورة كما في مسألة الكتاب على كم جذع بينك مبني أي : مائة جذع أو ألف جذع قصدا للتطابق بين كم وبين مميزها ثم ذلك بإضافة كم إليه عند الزجاج وحمله الخليل وسيبويه على تقدير من وإبقاء عملها وقولهما : أولى ؛ لأنه قد كانت بمنزلة عدد ينصب ما بعده ولو حففت بها مرة ما بعدها ونصب أخرى لزم تفضيل الفرع على الأصل وأما نحو قوله : (كم لك غلمانا) فالمخبر فيه محذوف وانتصاب غلمانا على الحال أي : كم شخصا أو نفسا لك حال كونها غلمانا. (عوض أفندي).


على التمييز (١) (مفرد) لأنها لما كانت للعد ووسط العدد (٢) وهو من (أحد عشر إلى تسعة وتسعين) مميزه مفرد ، منصوب جعل مميزها كذلك ؛ لأنه لو جعل كأحد الطرفين لكان (٣) تحكما (٤).

(و) كم (الخبرية) مميزها (مجرور) (٥) بالإضافة (٦) (مفرد) تارة ومجموع (٧) أخرى.

تقول : (كم رجل عندي) و (كم رجال عندي) كما تقول : مائة ثوب وثلاثة أثواب.

وإنما جاء مفردا ؛ لأن العد الكثير مميزه كذلك وإنما جاء مجموعا ؛ لأن العدد الكثير فيه ما ينبئ عن كثرته صريحا ولما كان هذا ليس مثله في التصريح بالكثرة جعل

__________________

(١) جريا على الأصل كسائر المميزات لكون المميز فضيلة وكونها ثقيلة ؛ لأنها لا يحتاج إليه مفتقرة إلى التخفيف وكون المفرد أخف من غيره والنصب أخف من أخواتها ولا يجوز جمعه خلافا للكوفيين.

(٢) أي : المتوسط بين القلة والكثرة كذا في الرضي فاقل مراتب العدد الآحاد وأكثرها المأت إلى ما يتناهى وما بينهما متوسط ولعل هذا بناء على الفرق وإلا فقد عددا الثلاثة من الكثير كما سيجيء عن قريب حيث قالوا ؛ لأن العدد الكثير مميزه كذلك ومثلوا لذلك قوله : (ثلاثة رجال). (وجيه).

(٣) فإن قلت : جعله كالوسط أيضا تحكم؟ قلت : الوسط لا يساوي شيئا من الطرفين في كونه ظرفا ويميز عنهما وسطا فلا تحكم فلا حاجة في إخراجه عن التحكم إلى ما قاله الهندي أنه أكثر ولا إلى ما ذكره الرضي أن السائل في الأغلب لا يعرف القلة والكثرة فحملها على الدرجة الوسطى أولى وإلا وجه أن يقال نصب مميزكم الاستفهامية ؛ لأنه جعل مميزكم الخبرية كالطرفين دفعا للتحكم فلو جعل مميزكم الاستفهامية مثلها أو مثل أحدهما لالتبس بكم الاستفهامية فجعل كالوسط تمييزا ؛ لأن كم الخبرية متقدمة على الاستفهامية ليكون الاستفهام فرع الخبر فجعلت كالطرفين ؛ لأن الطرفين متقدم على الوسط. (قاضي محشي).

(٤) أي : ترجيحا بلا مرجح لتساويهما في الظرفية بخلاف وسطه ؛ إذ لا تساوي شيئا بينهما مع أن فيه لرجحان أيضا ؛ لأن خير الأمور أوسطها. (وجيه الدين).

(٥) وفيه وجه آخر وهو أن يقال انتصاب المميز في الاستفهامية وانجراره بالخبرية لأجل لفرق بينهما ثم الجر بالخبرية أولى لما أنها نقيض فحملت عليها. (كافية).

(٦) وعند الفراء جره بمن المقدرة ويجوز عمل الجار هنا وإن كانت مقدرة دخول من على مميز الخبرية والشيء إذا عرف في موضع جاز تركه لدلالة الموضع عليه. سيد عبد الله.

(٧) وهو التأكيد معنى الكثرة وظهور معناها في اللفظ بخلاف العدد الصريح كالمائة حيث لا يحتاج ثمة إلى تأكيدها. (خبيصي).


مميزه كأنها نائبة عن معنى التصريح (١) بها.

(وتدخل (من) فيهما) أي : في مميزي (كم) الاستفهامية والخبرية ، تقول : (كم) من (٢) رجل ضربت؟) و (كم من قرية أهلكناها).

قال الشارح الرضي : (هذا في الخبرية كثير نحو : (وكم من ملك) ، (وكم من قرية) وذلك لموافقته جرا للمميز المضاف إليه (كم) وأما مميز (كم) الاستفهامية فلم أعثر عليه مجرورا بمن في نظم ولا نثر ولا دل على جوازه كتاب من كتب (٣) هذا الفن) لكن جوز الزمخشري أن يكون (كم) في قوله تعالى (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) [البقرة : ٢١١] ، استفهامية وخبرية (٤).

(ولها) أي : لكم استفهامية كانت أو خبرية (صدر الكلام) لأن الاستفهامية تتضمن الاستفهام وهو يقتضي صدر الكلام ليعلم من أول الأمر أنه من أي نوع من أنواع الكلام والخبرية أيضا تدل على إنشاء التكثير (٥) وهو أيضا نوع من أنواع الكلام.

فيجب التنبيه عليه من أول الأمر.

__________________

(١) ويجوز الفصل بينهما وبين مميزها نحو كم مالك درهما وادخل عليها حرف جر ففي مميزها الوجهان النصب كقولك بكم رجلا مررت والجر بتقدير من وإبقاء عملها كقولك بكم درهم تصدقت أي : بكم من درهم لا بإضافة بكم إليه خلافا للزجاج. (حاشية).

(٢) ثم أن كان فعل الجملة الفاصلة لما تبين له المفعول نحوكم نالني منهم فضلا وإلا فيجب دخول من على المميز لئلا يلتبس بالمفعول نحو قوله تعالى : كم تركوا من جنات وكم أهلنا من قرية. (عافية).

(٣) واعترض عليه التفتازاني وتبعه الشارح بأن صاحب الكشاف جوز أن يكون كم في قوله تعالى : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) استفهامية وخبرية وهو استاذ العربية والجواب أن مراد الرضي بعدم الاطلاع على جوازه إذا لم يقع فصل باجنبي بين كم ومميزها وأما في الأية فقد وقع الفصل بينهما بالجملة الفعلية وقد أشار الرضي أيضا إلى جوازه قبيل هذا فانظر إلى الشرح حتى تنكشف لك الحال فينقطع القيل والقال وقيل في الجواب من طرف الرضي قال الرضي في كتب هذا الفن فلا تحل بوجوده في كتاب الله تعالى بعيد غاية البعد.

(٤) وأما كونه خبرا فباعتبار أنه أخبار عن تلك الكثرة الخارجية بأنه كذا وأما كونه إنشاء فباعتبار استكثار المتكلم. (وجيه الدين).

(٥) أي : أنها نقيض رب لكونها لإنشاء التقليل ولرب صدر الكلام فكذا نقيضها. (عوض).


(وكلاهما) (١) لو قال (كلتاهما) لكان أوفق لتأنيث الاستفهامية والخبرية فهو على تأويل (كلا هذين النوعين) وهما (كم) الاستفهامية والخبرية (٢) أي : كل واحد منهما (٣) (يقع مرفوعا (٤) ومنصوبا ومجرورا) ثمّ بين موقع كل منهما بقوله : (فكل ما) أي : كل واحد من (كم) الاستفهامية والخبرية يكون (بعد فعل) أو شبهه (٥) لفظا أو تقديرا (غير مشتغل عنه بضميره) (٦) أو متعلق (٧) ضميره فهو من حيث هو كذلك (٨) (كان منصوبا معمولا على حسبه) أي : على حسب (٩) عمل هذا الفعل.

__________________

(١) وقد سئلت قديما عن قول القائل : زيد وعمرو كلاهما قائم أو كلاهما قائمان أيهما الصواب فكتب أن قدر كلاهما توكيدا قيل : كلاهما قائمان ؛ لأنه خبر عن زيد وعمرو وأن قدر مبتدأ فالوجهان والمختار الأفراد فعلى هذا فإذا قيل : إن زيدا وعمرا ، فإن قيل : كليهما قيل : قائمان أو كلاهما فالوجهان وتعيين مراعاة اللفظ في نحو كلاهما لحب صاحبه ؛ لأن معناه كل منهما.

(٢) قوله : (أي : كل واحد منهما) أشار إلى وجه أفراد الخبر من وجوهه أن كلا مفرد اللفظ ومنها وجه لطيف خفي للطف وهو أنه نبه على أن كلاهما واحد بالذات والتعدد اعتباري وذكر كلاهما بتكلف اعتبار العدد لئلا يتوهم تخصيص اعتبار الإعراب بأحد اعتباري كم.

(٣) لا مجموعهما ؛ لأن الذي يقع مرفوعا ومنصوبا ومجرورا وهو كل واحد منهما لا مجموعهما. (وجيه).

(٤) على أن يكون ارتفاعه على الابتدائية أو الخبرية لا على الفاعلية لوجوب تأخير الفاعل واقتضائهما صدر الكلام. (عافية).

(٥) نبه على أن المراد بالفعل ما يعمه ويشبهه ليشمل نحو كم يوما أنت وكم رجلا أنت ضارب.

(٦) أي : لا يكون ذلك الفعل عاملا في ضمير يعود إلى كم ولا في متعلق ذلك الضمير. (عوض).

(٧) فمثال المشغول بالضمير نحو كم رجلا ضربته ومثال المشغول بمتعلق ضميره نحو كم رجلا ضربت غلامه. (عبد الله أفندي).

(٨) ولا يجوز كونه موصولا هنا ؛ لأن كلمة كل في المعرفة لإحاطة الأجزاء فلا يستقيم المعنى. (هندي).

(٩) قوله : (أي : على حسب عمل هذا الفعل) لا على حسب اقتضائه وعمل الفعل يتعين بحسب المميز لا بحسب الاقتضاء فلا يتجه ما قاله الرضي أن الأولى أن يقول معمولا على حسبيه وحسب المميز معا ووجه الدفع أنه وأن اقتضى كثيرا من المنصوبات إلا أنه عمله فيه على وجه الظرفية لا على وجه آخر. (وجيه الدين).


وعمله (١) لا يكون إلا بحسب المميز وذلك أنك تقول : (كم يوما ضربت؟) وف: (كم) منصوب على الظرفية مع اقتضاء الفعل للمفعول به. والمصدر والمفعول فيه وغير ذلك من المنصوبات.

فتعيينه لأحد المنصوبات إنما هو بحسب المميز فالاستفهامية نحو : (كم رجلا ضربت؟) في المفعول (٢) به ، و (كم ضربة ضربت؟) في المفعول المطلق ، (كم يوما سرت) في المفعول فيه.

والخبرية مثل : (كم غلام ملكت) و (كم ضربة ضربت) و (كم يوم سرت) (٣) وإنما جعلنا (٤) الفعل وشبهه أعم من أن يكون ملفوظا أو مقدرا ليدخل في قاعدة النصب ، مثل : قولك (كم رجلا ضربته؟) إذا جعلته من قبيل الإضمار على شريطة التفسير ، وقد قدرت بعده فعلا غير مشتغل عنه أي : (كم رجلا ضربت (٥) ضربته؟) فهو من حيث إن بعده فعلا مقدرا غير مشتغل عنه داخل في قاعدة النصب وإن لم تجعله من قبيلة ولم تقدر بعده فعلا مشتغل عنه فهو من هذه الحيثية مرفوع داخل في قاعدة الرفع.

(وكل ما قبله) أي : كل واحد من (كم) الاستفهامية والخبرية وقع قبله (حرف جر)

__________________

(١) أشار به إلى دفع ما اعترض به الرضي أن ينتقض بكم يوما ضربت ؛ لأنه ليس منصوبا على حسب اقتضاء فعل أبعده ، فإنه يقتضى منصوبات كثيرة وليس نصبه أل على الظرفية ، فأجاب الشارح بأن اقتضائه بكم يوما ليس إلا بالظرفية. (عصام).

(٢) إذ هي بمنزلة : أعشرين رجلا أو أعشرين ضربة ضربت ، أو أعشرين يوما سرت. (خبيصي).

(٣) لأن كلا من هذه وقع بعدها فعل غير فارغ عن عملها بسبب الاشتغال يعمل ضميرها ، فاقتضى كل من هذه الأفعال بحسب المميز ما اقتضى من المفعول به في الأول ، والمصدر في الثاني ، والظرف في الثالث. (تكملة).

ـ إذ هي بمنزلة : كثيرا من الغلمان ملكت ، وكثيرا من الضرب ضربت ، وكثيرا من الأيام سرت. (خبيصي).

(٤) قوله : (إنما جعلنا الفعل) أشار بذلك إلى دفع الاعتراض ، وهو أن كم رجلا ضربته خارج عن هذه القاعدة مع أنه منصوب معمول على حسبه ، ووجه الدفع أن جعل من قبيل شريطة التفسير بكون الفعل الناصب مقدرة بعده فيكون داخلا فيها وأن لم يجعل عن ذلك القبيل ولم يقدر الفعل بعده يكون مرفوعا داخلا في قاعدة الرفع. (وجيه الدين).

(٥) فيكون الفرق بينه وبين زيدا ضربته أن تقدير الناصب تم قبل المنصوب ، وهاهنا بعده لوجود المانع من تقديمه. (غجدواني).


نحو : (بكم درهما اشتريت؟) أو (بكم رجل مررت) (أو مضاف) نحو : (غلام كم رجلا ضربت؟) و (عبدكم رجل اشتريت) (فمجرور) (١) بحرف الجر أو الإضافة.

وإنما (٢) جاز تقديم حرف الجر أو المضاف عليهما مع أن لهما صدر الكلام ؛ لأن تأخير الجار عن المجرور ممتنع لضعف عمله فجوز تقديم الجار (٣) عليهما على أن يجعل الجار ـ اسما (٤) كان أو حرفا ـ مع المجرور ككلمة واحدة مستحقة للصدر (٥).

(وإلا) أي : وإن لم يكن بعده ـ لا لفظا ولا تقديرا ـ فعل ولا شبه فعل غير مشتغل عنه بضميره أو متعلق ضميره ولا قبله حرف جر أو مضاف ، كما مجردا عن العوامل اللفظية (فمرفوع) أي : فهو مرفوع (مبتدأ إن لم يكن ظرفا) (٦) نحو : (من (٧) أبوك؟) ونحو كم إخوتك (٨) وهذا مبني على مذهب سيبويه فإنه يخبر عنه بمعرفة عن نكرة متضمنة استفهاما.

وأما عند غير سيبويه فهذا خبر مقدم على المبتدأ لكونه نكرة وما بعده معرفة

__________________

(١) خبر المبتدأ المتضمن بمعنى الشرط من قبيل كل رجل في الدار فله ، والجملة عطف على فكل ما بعده فعل اه. (هندي).

ـ أي : كم مجرور باعتبار المحل ؛ لأنه لا يبطل عمل الجار لغيره ويكون إعراب المضاف كإعرابه لو لم يكن مضافا ، ولذلك نصب في قولك : غلام كم رجل ضربت. (عافية).

(٢) جواب للسؤال الذي ورد بأن تقديم حرف الجر والاسم المضاف على كم الاستفهامية أو الخبرية مضاف لصدارتهما ، فاجاب بأنه جائز للضرورة. (تكملة).

(٣) وهذا الجواب على تقدير اعتبار كون الحمار كلمة منفصلة عنهما مع أعطاء حكم الصدارة لهما. (أيوبي).

(٤) جواب على اعتبار كل من الجار وما بعده كلمة واحدة ، فلا يلزم حينئذ أن يعطي حكم الصدارة للجار. (عبد الله).

(٥) فالاستفهام في : بكم اشتريت مقدر قبلها ، والتقدير ب : كثيرا اشتريت. (عوض).

(٦) كما مر في المثال ؛ لأنه حينئذ يكون مجرورا عن العوامل اللفظية بنوعيهما. (عافية).

(٧) قوله : (نحو : عن أبوك) نظير لامتثال ، ومنتقض تلك القاعدة بكم رجل صحبك ، فإنه يتعين كم هناك للخبرية ؛ لأن النكرة لا يكون مبتدأ للمعرفة بالاتفاق فيما عدا مثل : من أبوك؟ ومررت برجل أفضل منك أبوه ، كما مر. (حاشية).

(٨) كم رجلا أخوتك ، وكم درهما عندك ، وكم غلام لك شاهد على فلان ، وكم غلام لك ذاهب. (خبيصي).


(وخبر إن كان ظرفا) (١) نحو : (كم يوما سفرك؟) (٢) ف : (كم) هنا منصوب المحل أولا ، (٣) داخل تحت قاعدة النصب (٤) باعتبار أعمال الكائن فيه ، وداخل في قاعدة الرفع ثانيا لقيامه مقام عامله الذي هو خبر المبتدأ.

(وكذلك) (٥) أي : مثل : كم في تأتي الوجوه الأربعة (٦) الإعرابية ، بالشرائط (٧) المذكورة.

(أسماء الاستفهام والشرط)

بمعنى (٨) :

__________________

(١) أي : مستقر ، فلا يرد نحو : كم يوما أو كم يوم من سيرك ، فإنه ليس بخبر مع كونه ظرفا مثاله نحو : كم يوما سيرك؟ وكم يوم سيرك؟ (هندي).

(٢) قوله : (سفرك) ولا يمكن أن يكون مبتدأ ؛ لأن المبتدأ والخبر من حيث الذات واحد ، وكم يوما سؤال عن الزمان ، والسؤال ليس كذلك ، فلا يكون هو هو ، قلت : تقديره سؤال واقع في كم مدة من الزمان فيكون هو هو. (حاشية خبيصي).

(٣) أي : باعتبار الأصل ، وذلك أن الخبر كان كائن وكم ظرف له ، ثم أقيم الظرف مقامه وجعل خبرا ، فيكون مرفوع المحل ثانيا. (وجيه).

(٤) لكون شبه الفعل بعده وهو كائن المحذوف ؛ إذ هو غير مشتغل عنه ؛ لأن لفظ الكائن هاهنا رافع للضمير الذي فيه على الفاعلية ، وناصب لكم على الظرفية ، وهذا يدل على أن لفظ الكائن مقدر بعد كم. (محرم).

(٥) ولما فرغ (المصنف) من بيان إعراب كم الاستفهامية والخبرية شرع في بيان أحوال سائر أسماء الاستفهامية والخبرية لاشتراكهما في الأحكام. (ع).

(٦) أحدها : كونه منصوبا معمولا على حسبه ، وثانيهما : كونه مجرورا بحرف الجر والإضافة وثالثهما : كونه مرفوعا بالابتداء بشرط أن لا يكون ظرفا ، ورابعها : كونه مرفوعا بالخبرية بشرط أن يكون ظرفا. (تكملة وجيه الدين).

(٧) وهي اشتراط نصبه بكون ما بعده فعلا ، واشتراط جره بكون مدخول أحد الجارين ، واشتراط رفعه بكون مجرورا عنهما. (أيوبي).

(٨) ولما لم تجر الوجه الأربعة في كمل اسم استفهام وشرط أوّله الشارح بأن المراد أنه يتأتى؟ اه وجعل غيره التأويل في التشبيه فقال معنى قوله : وكذلك ، أي : مثل كم في بعض تلك الوجوه أو جميعها أسماء الشرط والاستفهام ولا يخفى أن قوله : وكذلك أسماء الاستفهام والشروط حزازة ؛ لأن لا بد أن يراد جميع أسماء الشرط وما بقي أسماء الاستفهام. (عصام).


أنه تتأتى تلك (١) الوجوه في جميع هذه الأسماء (٢) لا في كل واحد منها وهي (من ، وما ، وأي ، وأين ، وأنى ومتى) مشتركة بين الاستفهام والشرط و (إذا) مختصة (٣) بالشرط و (كيف وأيان) مختصتين بالاستفهام.

ف : (من ، وما) إذا كانتا استفهاميتين يتأتى فيهما الوجوه الثلاثة الأول : نحو (٤) : (من ضربت؟) و (ما صنعت؟) و (بمن مررت؟) و (غلام من ضربت؟) و (من ضربته؟) و (ما صنعته؟).

ولا يتأتى فيهما الرفع على الخبرية لامتناع ظرفيتهما.

وإذا كانتا شرطيتين (٥) فكذلك تتأتى فيهما تلك الوجوه الثلاثة ، نحو : (من تضرب أضرب) و (ما تصنع أصنع) و (بمن تمرر أمرر) و (غلام من تضرب أضربه) و (من يأتني فهو مكرم) و (ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله).

ولا يتأتى فيهما بل في جميع أسماء الشرط الرفع على الخبرية فإنه لا يقع بعدها إلا الفعل ولا يصلح الفعل للابتداء.

وما هو لازم الظرفية من هذه الأسماء ك : (متى وأين وأيّان وكيف وأنّى وإذا) إن لم ينجر (٦) بجار ، نحو : (من أين) فلا بد من كونها منصوبة على الظرفية وعن بعضهم إن

__________________

(١) فإنه تارة يقع مجرور وتارة يقع منصوبا وتارة يقع مرفوعا غالبا. (محرره).

ـ يشير إلى توجيه عبارة المصنف بتأويل المشبه لئلا يلزم تشبيه الشيء بنفسه وإلى أن المشبه مجموع ؛ لأن كل واحد منها حتى يلزم أن يقال أن الوجوه الأربعة لم يتصور في كل واحد واحد. (مصطفى جلبي).

(٢) لا في كلها ، وهذا لا ينافي أن لا يوجد بعض الوجوه في بعض تلك الأسماء. (عبد الله).

(٣) أي منفردة لكونه للشرط مع أنه غير جازم بخلاف الأخوات. (رضا).

(٤) مثال لما بعده فعل غير مشتغل منصوب المحل على أنه مفعول به مقدم على ضربت.

(٥) قوله : (وإذا كانتا شرطيتين اه) وإذا كان اسم الشرط مبتدأ فعلى أربعة مذاهب خبره إما الشرط والجزاء أو : الشرط فقط فهذان ظاهران من بيان المصنف فافهم أو الجزاء فقط أو اسم الشرط مبتدأ لا خبر له. (قاض محش).

(٦) يعني ما هو لازم الظرفية من أسماء الشرط يتأتى فيه وجهان من الوجوه الأربعة أحدهما الجر بحرف الجر إن دخل عليه وثانيهما النصب على الظرفية إن لم يدخل فإن دخل عليه الجار يجر به. (عبد الله).


(إذا) قد يخرج عن الظرفية ويقع اسما صريحا نحو : (إذا يقوم زيد إذا يقعد عمرو) أي : وقت قيام زيد وقت قعود عمرو فهي مرفوعة بالابتداء.

وقال الشارح الرضي (وأنالم أعثر (١) لهذا على شاهد من كلام العرب) (٢) وما هو لازم الظرفية يرتفع في الاستفهام (٣) محلا مع انتصابه على الظرفية إذا كان خبر مبتدأ مؤخر ، نحو : (متى عهدك بفلان؟) أي : متى كائن عهدك به؟

وأما (أي) فتتأتى فيه الوجوه الأربعة (٤) كلها ، فإنه قد يقع في محل الرفع بالخبرية (٥) أيضا على تقدير انتصابه على الظرفية نحو : (أي وقت مجيئك؟) أي : أي وقت كائن مجيئك؟

(فأي وقت) على تقدير انتصابه على الظرفية مرفوع المحل بالخبرية والوجوه الباقية مثل : (أيهم ضربت؟) (وأيهم قائم؟) وفي (٦) مثل :

كم عمة لك يا جرير (٧) وخالة

يعني فيما احتمل الاستفهام والخبر وذكر المميز وحذفه (ثلاثة أوجه) هكذا في كثير ممن النسخ.

وفي بعضهما : (وفي تمييز كم عمة) أي : ما (٨) هو تمييز باعتبار بعض الوجوه فعلى النسخة الأولى يحتمل أن يعتبر الأوجه الثلاثة في (كم).

__________________

(١) قوله : (وأنا لم أعثر لهذا) أي : لوقوع ؛ إذا اسما صريحا وما هو لازم الظرفية يرتفع في الاستفهام محلا مع انتصابه على الظرفية إذا كان خبر مبتدأ مؤخر فلا يخرج عن الظرفية فقوله : (وما هو لازم) أيضا كلام الرضى.

(٢) من الحديث والآية والشعر.

(٣) احتراز عن الشرط ؛ إذ لا يتصور فيه الخبرية وإنما قيد الارتفاع بقوله : محلا ؛ لأنه إذا كان مبنيا صار له محلان أحدهما الرفع والآخر النصب.

(٤) من الجر والنصب ومن الرفع على الابتداء وعلى الخبرية. (تكملة).

(٥) وهذا غير مرضي بل المرفوع محل الجملة الظرفية النائبة عن الخبر. (سرح).

ـ يعني أنه منصوب لفظا لكونه معربا ، ومرفوع محلا لكونه خبرا.

(٦) ثم شرح المصنف في مسألة من مسائل كم بعد قياس سائره أسماء الاستفهام والشرط بها وهي جواز الوجوه الثلاثة فيها فقال طريق الاستشهاد وفي مثل كم عمة آه.

(٧) أراد به كل موضع احتمل فيه نصب كم بالفعل الواقع بعده مع احتمال رفعه بالابتداء.

(٨) أي جواب سؤال مقدر وهو أنه ليس إلا وجه الثلاثة في التمييز فلا يصدق قول المصنف في مثل تمييزكم ثلاثة أوجه. ـ


أحدها : رفعه بالابتداء (١).

والآخر : أن نصبه على الظرفية أو على المصدرية (٢) فإنه أشار فيما سبق (٣) بقوله (منصوبا) معمولا على حبه) إلى كثرة وجوه النصب (٤) ولا يخفى أن هذا أليق (٥) بما سبق من وجوه إعراب (كم) (٦).

ويحتمل أن يعتبر الأوجه الثلاثة في مميزها ، أعني : عمة ، فأحدها : الرفع بالابتداء استفهامية كانت أو خبرية.

__________________

ـ قوله : (أي ما هو تمييز باعتبار بعض الوجوه) والأظهر أن المراد ما هو تمييز بحسب الظاهر فإن قلت : فليكن الأوجه الثلاثة في غير هذا التركيب ذكر التمييز نصبا وجرا وحذفه فلا حاجة إلى حمل التمييز على التمييز في بعض الأوجه قلت : يلزم أن يكون الأوجه أربعة ذكره نصبا وجرا حذفه كذلك فلا لحسن جعلها ثلاثة.

(١) لعدم شرط النصب والجر وعلى هذا يكون المميز مذكورا وهو لفظ عمة ويحتمل أن يكون محذوفا مقدرا بكم شخص أو شخصا.

(٢) مفعول فيه أو مفعول مطلق لقوله : قد حلبت على تقدير التمييز أي : كم حلبته بالنصب أو الجر ؛ لأن ما بعده فعل غير مشتغل عنه ومميز ظرف أو مصدر.

ـ قوله : (فكان الأليق تأخير هذا) لياقة تأخير الفرع عن الأصل فعلى هذا التوجيه مع التمحل في التمييز بجمله على التمييز في بعض الوجوه فوات حسن الترتيب فالأولى أن يقال المراد بالأوجه الثلثة نصب عمة وجرها مع الإفراد وجرها مع الجمعية والمراد بقوله : وقد يحذف أنه قد يحذف مثل كم مميز عمة لك يا جرير وخاله فإنه الذي سبق آنفا فيكون إشارة إلى ثلاثة أوجه آخر باعتبار المميز ، المميز المحذوف ويكون نحو : كم مالك وكم ضربت تنظير الحذف هذا المميز. (عصام).

(٣) عند بيان إعراب كم.

(٤) حيث لم يقل بالمفعولية بل قال على حسبه ، ليعمّ كل المنصوبات. (محرّم)

(٥) وجه الأليقية أن هذا التوجيه تخصيصا لكلام المصنف عن ورود لزوم الإخلال بذكره ما لم يذكر قبله. (عبد الله).

ـ من الوجهين الآخريين.

(٦) تقديره : كم عمة لك وخالة على عشاري ، فكم مبتدأ لكون مميزه فاعلا لحلبت بحسب المعنى وخبره قوله : قد حلبت صفة لكونها عبارة عن ضمير في حلبت ؛ يعنى يكون عمة حالبة لا محلوبة. (لمحرره).


والآخر : أن النصب على التقدير كونها استفهامية (١) والجر على تقدير كونها خبرية ولا يخفى أن هذا الوجه (٢) مبني على اعتبار جواز حذف مميزها وهو غير مذكور فما سبق فكان الأليق تأخير هذا عن قوله (وقد يحذف في مثل ، كم مالك؟).

وأما على النسخة الأخرى فلا يحتمل إلا الوجه الأخير.

والبيت للفرزدق يهجو جرير وتمامه :

فدعاء (٣) قد حلبت (٤) عليّ عشاري (٥)

الفدعاء : المعوجة الرسغ من اليد أو الرجل ، فتكون منقلبة الكف أو القدم.

بمعنى أنها لكثرة الخدمة صارت كذلك أو هذه خلقة لها ، ونسبها إلى سوء الخلقة.

وإنما عدّى (حلبت) ب : (على) لتضمنه معنى (ثقلت) أي : كنت كارها لخدمتها مستنكفا منها فخدمتني على كره مني.

واختار (٦) من أنواع خدمتها الحلب ؛ لأنه خدمة المواشي. وهي أبلغ في الذم من خدمة الأناسي.

__________________

(١) ولم يرد معنى الاستفهام ولكنه على سبيل التهكم فكان متحقق ولكنه كم خبرية على التحقيق أي : كثير من عماتك وخالاتك يا جرير قد حلب على عشارى. (عوض أفندي).

(٢) وهو اعتبار الأوجه الثلاثة في نفس التمييز دون كم.

(٣) الفدعاء تأنيث الأفدع وهي المرأة التي اعوجت أصابعها من كثرة الحلب. (حلبي).

ـ الفدع محركة اعوجاج الرسغ من اليد والرجل حتى ينقلب الكف أو القدم إلى أليتها. (قاموس).

ـ على وزن حمراء مؤنث الأفدع.

(٤) وضمير حلبت راجع إلى كم حملا على لفظه وإن اقتضى المعنى ضمير التثنية. (معرب).

(٥) والعشار بكسر العين جمع عشراء وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر.

ـ قوله : (عشاري) بكسر العين والراء مضافا إلى ياء المتكلم جمع عشراء يضم العين وفتح الشين المعجمة على وزن علماء وهي الناقة التي أتى عليها من يوم نزا عليها الفحل عشرة أشهر ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع. (حلبي).

(٦) قوله : (في واختار) ينافى قوله : على كرمني والظاهر وذكر من أنواع إلخ في الهندي ؛ لأنه أبلغ فيما قصده وقوله : من خدمة الأناس كذا في بعض النسخ وهو لغة في الناس الأناسي جمع ـ


والعشار : جمع عشراء وهي الناقة (١) التي أتى على حملها عشرة أشهر.

واختارها ؛ لأنها تتأذى من الحلب ولا تطبع بسهولة ففي حلبها زيادة مشقة (٢).

وفي ذكر عمته وخالته إشارة إلى رذالة طرفيه أبيه وأمه.

فالاستفهام (٣) على تقدير النصب على سبيل التهكم (٤) كأنه ذهل عن كمية عدد عماته وخالاته فسأل عنه.

وكونها خبرية على تقدير الجر على سبيل التحقيق أي : كثير من عماتك وخالاتك وجلبت على عشاري.

وإذا حذفت المميز : أي : كم مرة أو كم حلبة على التهكم أو كم مرة أو كم حلبة على التكثير فارتفاع (عمة) على الابتداء.

ومصححه (٥) توصيفه بقوله (لك) ، وخبره (قد حلبت).

(وكم) استفهامية أو خبرية على تقدير ارتفاع (عمة) (٦) في موضع النصب (٧) ؛ لأن الفعل الواقع بعدها مسلط عليها تسليط الظرفية أو المصدرية.

__________________

ـ إنسان كما في الهندي ؛ لأنه أنسب بقوله المواشي جمع ماشية وهي الإبل والغنم. (ح).

(١) الناقة التي أتى عليها الفحل عشرة أشهر ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع ، والفرزدق استخف بالجرير في هذا البيت ؛ لأن معناه خالاتك وعماتك كن من خدمي ، ورعاة إبلي ، وكنت أستنكف أن يحلبن إبلي ويخدمني لحسنهن. (حلبي).

(٢) لمن حلبها وزيادة مشقة الجالب هي مقصود الشاعر لاستكراهه من خدمتها. (سرح).

(٣) أراد الشارح بهذا تطبيق لفظ كم بالمقصود على تقدير كونها استفهامية فقال فالاستفهام.

(٤) يعني الاستفهام ههنا ليس على حقيقته ؛ لأن حقيقة الاستفهام تقتضي جهالة المتكلم وعالمية المخاطب وههنا ليس كذلك ؛ لأن المتكلم عالم وليس الغرض من سؤاله استفادة العلم بل غرضه الاستهزاء مجازا بعلاقة اللزوم ؛ لأن كثرة الشيء ملزوم للجهل فكأنه من ذكر الملزوم وإرادة اللازم.

(٥) هنا دفع لما يتوهم من أن قوله : عمة ، كيف تكون مبتدأ لكونه نكرة وحاصل الدفع نعم نكرة لكنها مخصصة بالصفة. (لمحرره رضا).

(٦) أي : إذا كان المميز محذوفا فارتفاع عمة اه.

(٧) أي : منصوب المحل إما مفعول مطلق لخبر المبتدأ أو ظرفه وهو حلبت. (رضا).


وإذا رفعت (عمة) رفعت (خالة) و (فدعاء) (١) وإذا نصبتها نصبتهما وإذا خفضتها خفضتهما وذلك واضح (٢).

(وقد يحذف) مميز (كم) استفهامية كانت أو خبرية (في مثل : (كم مالك؟) و (كم ضربت) : أي : في كل مثال قامت قرينه دالة على المحذوف فإنه إذا سئل عن كمية (مالك) أو أخبر عن كثرته فظاهر الحال قرينه دالة على أنه سؤال عن كمية دراهمه أو دنانيره أو أخبار عن كثرتهما فمعناه كم درهما ، أو دينارا أو كم درهم أو دينار مالك.

ف : (كم) في هذا المثال مرفوع على الابتداء (٣) ، ومالك خبره ، وإذا سئل عن ضربك بعد العلم بوقوعه ، أو أخبر به فالظاهر أن السؤال والإخبار إنما هو بالنسبة إلى مرات ضربك ، أي : كم مرة أو مرة ضربت ، أو إلى ضرباتك ، أي : كم ضربة أو ضربة ضربت ، فكم في هذا المثال إما منصوب على الظرفية أو المصدرية ، والفرق (٤) بين المعنيين إذا كان المصدر للنوع فظاهر وأما إذا كان للعد فالملحوظ في الظرفية أولا الزمان (٥) الدال عليه الألفاظ الموضوعة للزمان (٦) ،

__________________

(١) لأنهما تابعان لعمة فإن الأول عطف عليه والثاني صفة له.

(٢) ولمّا فرغ المصنف من معنى كم وإعرابه وتمييزه ، شرع في ذكر مميزه وحذفه. (لمحرره رضا).

ـ استباق أو عطف على مقدر أي : يذكر كثيرا وقد يحذف.

(٣) على مذهب سيبويه إذا كان استفهامية دون خبرية لجواز النكرة مبتدأ عنده لمعرفة إذا كان في جملة الاستثنائية خلافا للجمهور. (حاشية).

(٤) قوله : (والفرق بين المعنيين إذا كان المصدر للنوع فظاهر) ؛ لأنه على تقدير المصدرية يكون السؤال عن نوع الضرب أو الإخبارية وعلى تقدير الظرفية يكون السؤال عن المرة والعدد وأما إذا كان العدد فلا تظهر الفرق ؛ لأن في كل منهما السؤال عن العدد أو الإخبار به فيفرق بينهما بأن الملحوظ أولا في الظرفية العدد والحديث ثانيا وتبعا وفي المصدرية بالعكس. (وجيه الدين).

(٥) ولما كان المصدر الذي للعدد مشتركا مع المرة في الدلالة على الكمية احتاج إلى الفرق بينهما فبين الشارح الفرق. (تكملة).

ـ لأن الحدث لا يخلو من أن يقع في زمان لكن بذلك الزمان ليس هو الزمان الذي عليه الفعل بالتضمن بل المراد به هو الزمان الدال عليه. (أيوبي).

(٦) نحو أمس والآن وغدا ؛ لأن هذه الزمان مدلولات لهذه الألفاظ لا أنها مدلولات الفعل. (عبد الله).

ـ ولعل الفرق بين الزمان الذي هو مدلول الفعل وبين مدلول هذه الألفاظ هو أن مدلول الفعل ـ


وفي المصدرية أولا (١) الحدث الدال عليه لفظ المصدر (٢).

ويحتمل أن يكون المثال الثاني بتقدير : كم رجلا أو رجل ضربت فعلى هذا التقدير يكون : (كم) منصوبا على المفعولية.

(الظروف) (٣)

أيك الظروف المعدودة من المبنيات المعبر عنها عند تعدادها ببعض الظروف فلا حاجة (٤) إلى ذكر البعض ههنا.

(ومنها) أي : من تلك الظروف (ما) (٥) أي : ظرف (قطع عن الإضافة) بحذف المضاف إليه عن اللفظ دون النية فإنه عند نسيانه أعرب مع التنوين نحو : (رب بعد خيرا من قبل).

وسميت (٦) الظروف المقطوعة عن الإضافة غايات ؛ لأن غاية الكلام كانت ما أضيفت (٧).

__________________

ـ لا يقبل التعدد بل هو واحد ممتد من وقت وجود الفعل على انقضائه وما لا يقبل التعدد يلغو السؤال عن عدده بخلاف الزمان الذي هو مدلول هذه الألفاظ ؛ لأن تكرر الضرب يقتضي تعدد أزمنة. (عبد الله).

(١) وليس جزء الفعل ؛ لأنه للجنس فلا يقبل النوعية والعدد بل المراد الحدث الدال عليه اه.

(٢) لأنه قابل للعدد والنوع وهذا التوجيهان في إعراب كم إذا قدر المميز بالمرة أو بالضربة.

(٣) مبتدأ وقوله : منها ظرف مستقر وقع خبرا ويحتمل أن يكون الموصول أو الموصوف فاعل الظرف أو مبتدأ مقدما للخبر والجملة خبر المبتدأ. (هندي).

(٤) قوله : (فلا حاجة) إلى يعنى حذف البعض ؛ لأن اللام يغنى غناء فيكون ذكره ذكر لما لا حاجة إليه ولك أن تقول : حذف إزالة لايهام كون بعض الظروف اسما كاسم الإشارة.

(٥) قوله : (ما أي ظرف) بل ظروف على ما هو الظاهر ؛ لأنه ما قطع عين الإضافة أمور كثيرة ولا يجوز أن يراد بكلمة ما أعم من الظروف وغيره ليدخل فيه ما جرى مجراه كما قيل : ؛ لأن كلمة من للتبعض أي : بعض الظروف المبنية ما قطع ولا يخفى أن ما أجرى مجراه ليس بعضا منها. (وجيه الدين).

(٦) ولما كان وجه التسمية لتلك الظروف بالظروف المقطوعة ظاهرا وعبر عنها بالغايات أيضا أراد الشارح أن يبين وجه التسمية بالغايات. (محرم).

(٧) قوله : (لأن غاية الكلام ... إلخ) ؛ لأن غاية الكلام في كل أمر نسبي يجب أن يكون ـ


هي إليه ، فلما حذف صرن غايات (١) ينتهي بها الكلام.

وإنما بنيت لتضمنها معنى حرف الإضافة أو (٢) شبهها بالحروف في الاحتياج (٣) إلى المضاف إليه.

واختير الضم (٤) لخبر النقصان.

(ك ـ (قبل ، بعد) وما أشبههما من الظروف (٥) المسموع قطعها عن الإضافة مثل: (تحت وفوق وقدام ووراء) (٦) ولا يقاس عليها ما بمعناها.

ويجوز في هذه الظروف على قلة أن يعوض التنوين من المضاف إليه فتعرب.

قال الشاعر :

فساغ (٧) لي الشراب وكنت قبلا أكاد أغصّ بالماء الفرات

__________________

ـ المنسوب إليه أو غاية الكلام فيما قصد إضافته يجب أن يكون المضاف إليه. (عصام).

(١) وأما ما عوض فيه عن المضاف إليه ككل وبعض وإذ فالغايات هو المضاف إليه بعد ؛ لأنه لوجود العوض كأنه مذكور والغاية العوض. (عصام).

(٢) وفي بعض النسخ بواو والأولى بواو ؛ لأنه دليل آخر لسبب بنائها والتقدير أما لتضمنها معنى اللام الذي هو الأصل في الإضافة أو لمشابهة تلك الغايات بالحروف آه. (محرم).

(٣) فإن قيل : هذا الاحتياج حاصل لها مع وجود ما يحتاج المضاف إليه فلا نسيت معه كالأسماء الموصولة بشيء وهو وجود ما يحتاج إليه من صلتها قبل ظهور الإضافة فيها ترجح جانب اسميتها لاختصاصها بالأسماء والأصل في الأسماء الإعراب وأما حيث وإذا فإنهما وإن كانت مضافة إلى الجملة الموجودة بعدها إلا أن إضافتهما ليست بظاهرة إذا الإضافة في الحقيقة إلى مصادر تلك الجمل فكان المضاف إليه محذوف ولما أبدل في بعض وكل التنوين في المضاف إليه لم يبنيا إذ المضاف إليه كأنه ثابت بثبوت بدله.

(٤) لأنه لا يمكن فيه النقصان بخلاف المضاف إليه فجبر ذلك النقصان بالضم ؛ لأنه أقوى الحركات. (حاشية).

(٥) وهو ما ضبطه الرضى مع ما ذكر أمام وأسفل ودون وأول ومن غل ومن علو على وزن من قبل دون ما هو مفهوم الأول وقوله : (ولا يقاس عليها ما بمعناها) يريد فضلا عما ليس بمعناها. (عصام).

(٦) لوجود نائب المضاف إليه في اللفظ فعلى هذا لا يستقيم إطلاق قوله : ما قطع عن الإضافة. (خ).

(٧) قوله : (فساغ إلى الشراب) قصة هذا أنه قتل قريب هذا الشاعر فصار من الغم والقصة بحيث ـ


فلا (١) فرق بين ما أعرب من هذه الظروف المقطوعة وبين ما بني منها. وقال بعضهم بل إنما أعربت لعدم تضمنها معنى الإضافة فمعنى (كنت قبلا) أي : قديما.

وقال الشارح الرضي والأول هو الحق.

(وأجرى مجراه) (٢) أي : مجرى الظرف المقطوع عن الإضافة (لا (٣) غير وليس غير)(٤) في حذف المضاف إليه والبناء على الضم وإن لم يكن (غير) من الظروف لشبههه بالغايات لشدة الإبهام الذي فيه (٥) كما كان فيها.

ولا يحذف منه المضاف إليه إلا بعد (لا وليس) نحو : (افعل هذا لا غير) و (جاءني زيد ليس (٦) غير) لكثرة استعمال (غير) بعدهما.

(و) كذلك أجرى مجرى الظروف (حسب) لشبهها ب : (غير) في كثرة الاستعمال وعدم تعرفها (٧) بالإضافة.

__________________

ـ لا يجرى الطعام والشراب في خلقه فتمكن من القصاص فقتل قاتلة فزال عنه الغم وأنشد هذا البيت ساغ أي سهل مدخله الغصص بقاء اللقمة والفرات الماء العذب. (وجيه الدين).

(١) دفع للاعتراض الوارد على هذه القاعدة بأنه لا نسلم أن يكون قوله : قبلا مما عوض فيه التنوين عن المضاف إليه فلم لا يجوز أن يكون من قبيل ما حذف فيه المضاف إليه لفظا ونية فيكون من قبيل رب بعد كان خيرا من قبل كما تقدم فدفعه الشارح بإبطال السند بأن يقول هذا ليس من قبيل ذلك لأنه لا فرق في حذف المضاف إليه لفظا لا نية. (عبد الله أفندي).

(٢) وقوله : (وأجري) يدل على أنها ليست من الظروف لكنها لما أشبهت الظروف لشدة إبهامها لكثرة عوملت عاملتها. (عوض).

(٣) قوله : (لا) عطف وغير مبني على الضم مرفوع المحل وعند الرضى لا لنفي الجنس وغير مبني على الضم منصوب المحل اسم لا وخبره محذوف أي : جاء. (معرب).

(٤) مثلا جاءني زيد ليس غير وليس فعل ناقص وغير مبني على الضم مرفوع المحل اسمه وخبره محذوف أي جائيا هذا عند الزجاج وعند المبرد اسم ليس فيه راجع إلى الجائي وغير منصوب المحل خبره. (موشح).

(٥) أي في لفظ غير كما في الظروف المذكورة لكونها جهات غير مخصورة أما شدة الإبهام فيه فلأن صفة الغيرية لا يختص بذات دون ذات. (وجيه الدين).

(٦) في محل النصب عند المبرد أي : ليس الجائي غير زيد وفي محل الرفع عند الزجاج أي : ليس غير زيد جائيا. (حسن).

(٧) الأعجب أن يقال أن حسب بمعنى لا غير ؛ إذ لا فرق بين أن يقال جاءني زيد فحسب وبين ـ


(ومنها) أي : من الظروف المبنية (حيث) (١) للمكان (٢).

وقال الأخفش : قد يستعمل للزمان (٣) (ولا يضاف إلا إلى جملة (٤) (اسمية كانت أو فعلية (في الأكثر) أي : في أكثر الاستعمالات.

وقد جاء :

أما ترى حيث سهيل طالعا

ف : (حيث) فيه مضاف إلى مفرد (٥) وهو (سهيل) مفعول (٦) (ترى) (٧) أي : أما ترى مكان سهيل طالعا.

__________________

ـ أن يقال جاءني زيد لا غير والغفلة عن هذا الوجه أعجب وليت شعري أنه لو لم يجعل حسب مناسبا للغايات في الإبهام ؛ لأنه لإبهام لا يتعرف كغير. (حاشية).

(١) قوله : (حيث للمكان) وقد يفتح للخفة ويكسر لالتقاء الساكنين في الصحاح وكلمة حيث تدل على المكان ؛ لأنه ظرف في الأمكنة بمنزلة حين في الأزمنة وحوث لغة في حيث. (عبد الحكيم).

(٢) يعنى فيه النسبة فمعنى قولك : اجلس حيث زيد جالس اجلس مكان جلوس زيد. (عافية).

(٣) كالمميز كما في وقه للفتى عقل يعيش به حيث تلدى ساقه قدمه في الصحاح هو آه أن تقدمه واستشهد بهذا البيت وقوله : للفتى خير عقل أي : للفتى عقل يعيش به مدة حياته وفي الرضى ولا يمتنع حمله على المكان أي : حيث مشى.

ـ وقد يجرد عن الظرفية كقول الشاعر ان حيث استقر من أنت.

(٤) لاستلزام وضعها ذلك لكونها موضوعة لمكان تقع فيه النسبة والنسبة بالأصالة لا توجد إلا في الجملة.

(٥) وكل ظرف إذا أضيف إلى الماضي يكون مبنيا على الفتح وإذا أضيف إلى المضارع فقد اختلفوا في أنه مبني على الفتح أو معرب فالأصح أنه معرب. (مظهر).

(٦) مفعول ترى فعلى هذا يكون حيث مفعولا به كما صرح بعضهم أن حيث ليست بلازم الظرفية فإنها في البيت مفعول به لترى أن مكان سهيل كما في قوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)[الأنعام : ١٢٤] ، هذا بناء على أن نجم بالجر كما ذكره الشارح بدلا من سهيل ولا يجوز أن يكون حث هنا ظرفا لفساد المعنى والظاهر أن حيث باق على الظرفية ونجما بالنصب مفعول ترى كما قال بعض شارحي الأبيات وطالعا حال من سهيل والمعنى يقول الشاعر لأحد أما ترى في مكان سهيل حال كونه طالعا نجما ساقطا يضيء كالشهاب. (وجيه الدين).

(٧) قوله : (ترى) من رؤية البصر فيقتضي مفعولا واحدا وهو طالعا وقوله : حيث ظرف ترى وبعضهم ذهب إلى أنه مفعول به لترى. (ح).


آخره :

 ...........

نجما يضيئ كالشهاب ساطعا

وإنما بنيت على الضم كالغايات ؛ لأنها غالبة الإضافة إلى الجملة والمضاف إلى الجملة في الحقيقة مضاف إلى المصدر الذي تضمنته الجملة.

فهي وإن كانت في الظاهر مضافة إلى الجملة فإضافتها إليها كلا إضافة فشابهت الغايات المحذوف ما أضيفت إليه فبنيت على الضم مثلها. ومع الإضافة إلى المفرد يعربه بعضهم لزوال علة البناء أي : الإضافة إلى الجملة والأشهر بقاؤه على بنائه لشذوذ (١) الإضافة (٢) إلى المفرد.

(ومنها) أي : من الظروف المبنية (إذا) زمانية كانت أو مكانية (٣).

وإنما بنيت لما ذكرنا (٤) في (حيث) وهي إذا كانت (٥) زمانية (للمستقبل) (٦) أي : للزمان المستقبل ، وإن كانت داخلة على الماضي ، وذلك ؛ لأن الأصل في استعمالها أن تكون لزمان من أزمنة المستقبل مختص من بينها بوقوع حدث فيه مقطوع بوقوعه في اعتقاد المتكلم.

__________________

(١) ولذا يرفع بعضهم سهيل على أنه مبتدأ محذوف الخبر أي : حيث سهيل موجود وترك إضافة مطلقا أشذ. (عبد الحكيم).

(٢) واعلم أن الظرف إذا دخل عليه الحروف الجر صار اسما صريحا نحو من قبلهم. (مفسر فوائد السرية).

(٣) وهي التي للمفاجأة عند المبرد وإذا الشرطية لا تكون إلا زمانية وأما التي لا تكون ظرفا أصلا ففي ثبوتها اختلاف كما يجيء ولذا لم يقل أو لا يكون الشيء منها. (سيلكوني).

(٤) قوله : (لما ذكرنا في حيث) في الرضي وأما إذا ففيها خلاف هل هي مضافة إلى الشرط أو لا انتهى فالدليل المذكور في حيث إنما يجري على مذهب من قال بإضافتها إلى الشرط وأنها ظرف للجزاء كما هو المشهور وأما على قوله : من بأنها معطوفة عنها والعامل فيها الشرط فلا يجري والأولى ما قاله الشيخ ابن الحاجب إنما بنيت حيث وإذ وإذا ؛ لأنها موضوعة لمكان حدث تتضمنه الجملة أو زمانه فشابهت الموصولات في احتياجها إلى الجملة. (عبد الحكيم).

(٥) إشارة إلى أن قوله : للمستقبل خبر مبتدأ محذوف مع تقدير العاطف بقرينة كونه حكما. (حاشية).

(٦) أي : وضعت لزمان وقوع الفعل في المستقبل سواء كانت داخلة على الماضي أو على المضارع. (عافية).


والدليل عليه استعمالها في الأغلب الأكثرية في هذا المعنى ، نحو : (إذا طلعت الشمس) (١) وقوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير : ١](٢) ولهذا كثر في الكتاب العزيز استعماله لقطع علام الغيوب بالأمور المتوقعة.

وقد استعمل في الماضي (٣) كما في قوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) [الكهف : ٩٣](٤) و (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) [الكهف : ٩٦] و (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً) [الكهف : ٩٦].

(وفيها) أي : في (إذا (معنى الشرط) (٥) وهو ترتيب مضمون جملة على أخرى فتضمنت معنى حرف الشرط فهذا علة أخرى لبنائها (ولذلك) أي : لكون معنى الشرط فيها (أختير) أي جعل مختارا (بعدها الفعل) (٦) لمناسبة الفعل الشرط.

وجوز الاسم أيضا على الوجه الغير المختار لعدم تأصلها في الشرط مثل : (إن ولو)

(وقد تكون) أي : (إذا) (للمفاجأة) (٧) مجردة عن معنى الشرط يقال : فاجأ الأمر

__________________

(١) مثلا إذا طلعت الشمس ههنا لزمان من أزمنة المستقبل من بينها بوقوع فيه أي : بوقوع طلوع الشمس فيه مجزوم بوقوعة في اعتقاده. (وافية).

(٢) أي : لفت بمعنى رفعت من كورت العمامة إذا لفتها بمعنى رفعت ؛ لأن الثوب إذا أريد رفعه لف أو لف ثوبها فذهب انبساط الأفاق وزال أثره أو ألقت عن فلكها.

(٣) لخروجها عن الظرفية كما ذهب إليه ابن مالك وأما لبقائها كما ذهب إليه أبو البقاء. (رضا).

(٤) أي : بين جبلين المبني بينهما سده وهما جبلا أرمنية وأزربيجان وقيل جبلان في أخر الشمال في منقطع أرض الترك متبقان من ورائهما يأجوج ومأجوج. (بيضاوي).

(٥) قوله : (وفيها معنى الشرط) خبر الأسلوب اللاحق والسابق ولم يقل للشرط إشارة إلى أن معنى الشرط عارض له وليس راسخا رسوخه في سائر أسماء الجوازم ؛ لأن الحدث الواقع فيه مقطوع به في أصل الوضع والشرط ينافيه ؛ لأنه مفروض الوجود. (عبد الحكيم).

(٦) حتى يكون إضافتها إلا الجملة الفعلية لاقتضاء الشرط الفعل وشرط كون ذلك الفعل مستقلا من حيث المعنى سواء كان في اللفظ كذلك أولا خلافا للمبرد فإن وقوع الفعل بعدها عنده واجب لفظا أو تقديرا. (عافية).

(٧) أي : لظرف المكان أو للوقت المجرد عن معنى الشرط وناصبها في الجملة التي تضاف إليها. (غرض).

ـ قوله : (للمفاجأة) ولا يحتاج إلى جواب ولا يقع في الابتداء ومعناها لحال لا الاستقبال والأكثر توافقه بحال أنت فيها ، قال : وقد تراخى كقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ ـ


مفاجأة من قولهم : فجأته فجاءة ـ بالضم والمد ـ إذا لقيته وأنت لا تشعر به (فيلزم المبتدأ بعدها) فرقا بين (إذا) هذه وبين (إذا) الشرطية والمراد (١) بلزوم المبتدأ غلبة وقوعه بعدها فلا ينافي ما سبق من عدم وجوب (٢) الرفع بعدها في باب الإضمار على شريطة التفسير.

نحو (خرجت فإذا السبع) أي : فإذا السبع حاضر أو واقف على حذف (٣) الخبر.

والعامل في (إذا) هذه معنى (٤) المفاجأة وهو (٥) عامل لا يظهر وقد استغنوا عن إظهاره لقوة ما فيه من الدلالة عليه.

وأما الفاء : فهي للسببية فإن مفاجأة السبع مسببة عن الخروج.

قيل والأقرب إلى التحقيق (٦) :

__________________

ـ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)[الروم : ٢٠] وهو حرف عند الكوفيين والأخفش ولا محل لها من الإعراب وظرف عند غيرهم مكان أو زمان. (سيلكوني).

(١) قوله : (والمراد) رد على صاحب الوافية حيث قال واعلم أنه لو قال فيقع المبتدأ بعدها غالبا لكان أصوب؛ لأنه لا يلزم المبتدأ بعدها وإلا لكان الرفع بعدها واجب لكنه ليس كذلك لما ذكرناه في باب ما أضمر عامله على شريطة التفسير.

(٢) قال العصام وهذا بعيد يعني حمل اللزوم على معنى القبلية بعيد وقيل معنى اللزوم أنه يلزم فيما سوى باب الأضمان على شريطة التفسير وقيل : إنّ في دعوى لزوم المبتدأ بعدها ردا على الكوفيين حيث جوزوا المرفوع بعدها فاعل الظرف على مذهبهم لعدم اشتراطهم الاعتماد بأشياء الستة. (أيوبي).

(٣) وهذا مخالف فيما سبق حيث قال : وقد يحذف الخبر جوازا مثل خرجت فإذا السبع قال : الشارح على أن يكون إذا ظرف زمان للخبر المحذوف غير ساد مسده لئلا يلزم أن يكون من قبيل حذف العامل وقيام المعمول قيامه. (شرح حواشي).

(٤) عند المصنف والزمخشري وعند غيرهم الخبر المذكور أو المقدر وعلى جميع التقادير إذا مقطوعة عن الإضافة. (سيلكوني).

(٥) قوله : (وهو عامل لا يظهر) أي : الفعل أعني فاجأت عامل لا يظهر ولا يجوز أن يكون العامل حرفا لفساد المعنى كما ذكره المصنف في شرح المفصل وأيضا يلزم الفعل بين العامل ومعموله بالفاء وهو باطل وما ذكر أن العامل معنى المفاجأت فمراده أن العامل ذو فعل المفاجأت مقدرا. (وجيه الدين).

(٦) ويؤيده وقوع ثم موقع الفاء في قوله تعالى : (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)[الروم : ٢٠].


أنها للعطف من جهة المعنى أي : خرجت ففاجأت (١)

وحاصل المعنى : خرجت ففاجأت زمان وقوف السبع ، كما هو مذهب الزجاج أن (إذا) هذه زمانية أو مكان وقوف السبع كما ذهب إليه المبرد فإنها عنده مكانية.

وقوله (زمان وقوف السبع أو مكانه) مفعول فيه لفاجأت لا مفعول به وإلا لم تبق (إذا) ظرفية بل تصير اسمية بل المفعول به محذوف أي : فاجأت في زمان وقوف السبع أو مكانه إياه أي : السبع وقد تكون (٢)

لمجرد الزمان نحو : آتيك إذا أحمر البسر أي : وقت احمرار (٣) البسر.

وقد يستعمل اسما مجردا عن معنى الظرفية في نحو : (إذا يقوم زيد إذا يقعد عمرو) وقد سبقت إليه الإشارة.

(ومنها) أي : من الظروف المبنية (إذ) الكائنة (للماضي) (٤). وبناؤها لما مر في (حيث) (٥) ولكون وضعها وضع الحرف.

وقد تجيء للمستقبل كقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ)(٦).

(وتقع بعدهما الجملتان) الاسمية (٧)

__________________

(١) قال الشاعر وكنت أرى رندا كما قيل : سيدا إذا أنه عبد القفا واللهازم جمع لهزمة وهي العظم الثاني من اللحى تحت الإذن. (حاشية خبيصي).

(٢) ولما بين المصنف استعمال كلمة إذا لمعنى الشرط واستعمالها للمفاجأة ولها استعمال آخر لم يذكر المصنف أراد الشارح أن يذكر فقال وقد يكون. (لمحرره).

(٣) فإن كلمة إذا في أحمر لمجرد الزمان على وجه الظرفية لكونها مفعولا فيه ومنه قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى)[الليل : ١]. (امتحان).

(٤) مجردا عن معنى الشرط سواء دخل على الماضي نحو ؛ إذ قام زيد والمضارع نحو ؛ إذ يقوم زيد. (عافية).

(٥) أي : كلمة حيث وهي إضافتها إلى الجملة.

(٦) وذلك لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لكونه من أخبار من عنده المستقبل كالماضي فتأمل وأيضا يمكن منع كونه في الأية للمستقبل لجواز أن يكون لمطلق الوقت كأنه قيل : فسوف يعملون زمان الأغلال في أعناقهم فهم كونه مستقبلا بقرينة فسوف يعلمون. (عصام).

(٧) التي فعلها ماض لفظا ومعنى أو معنى فقط وقد اجتمعت الثلاثة في قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ ـ


والفعلية لعدم اشتمالها على معنى الشرط (١) المقتضي اختصاصها بالفعلية : مثل : (كان ذلك إذ زيد قائم وإذ قام زيد) وقد تجيء للمفاجأة (٢) نحو : (خرجت فإذ زيد قائم) ولقلة مجيئها لم يذكرها المصنف (٣).

ومنها (أين وأنى) فهما (٤) (للمكان استفهاما (٥) وشرطا) أي : حال كونهما للاستفهام والشرط.

وبناؤهما لتضمنهما معنى حرف الاستفهام أو الشرط نحو : (أين زيد؟) و (أين تكن أكن) و (أنى زيد؟) و (أنى تجلس أجلس).

وقد جاء (٦) (أنى زيد؟) بمعنى كيف و (أنى القتال؟) بمعنى : متى.

(و) منها (متى للزمان فيهما) أي : في الاستفهام والشرط ، نحو : (متى القتال؟) و (متى تخرج أخرج)

__________________

ـ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ ؛ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ)[التوبة : ٤٠]. (سيالكوني).

(١) إلا إذا دخلت عليها ما الكافة فحينئذ للمجازات بلا خلاف. ثم اعلم : أن الجملة الاسمية التي يقع مضافا إليها لا ، وإذ ، لا يحسن أن يكون خبرهما فعلا ماضيا نحو : إذ زيد قام ؛ لأن الخبر من مظان الاسم أو ما يضارعه إلا إذا ادعت ضرورة إلى العدول في نحو : زيد قام ؛ إذ الغرض هاهنا الإخبار عن الماضي. (عوض أفندي).

(٢) ويختص حينئذ بالجملة الفعلية التي فعلها ماض كما في الحديث «بينا نحن عند رسول الله عليه‌السلام ؛ إذ طلع علينا رجل ...» [أخرجه مسلم (٨)] الحديث إيقاعا للمخالفة بينها وبين إذ المكانية إذا كانت للمفاجأة ؛ إذ هي تختص بالجملة الاسمية كما مر مثاله. (عوض أفندي).

ـ قدر المتعلق معرفا باللام على أنه صفة رعاية لجزالة المعنى.

(٣) قد يكون إذا لمجرد التعليل كما في قوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ)[الزخرف : ٣٩] ، أي : لأجل ظلمكم وقد يكون حرفا كما في : إذ ما تفعل أفعل.

(٤) قوله : (فهما للمكان) قدر المبتدأ بالفاء بقرينة اشتمال الحكم على التفصيل أعني استفهاما وشرطا وجعله صفة وإن كان صحيحا لكن جعله حكما مستقلا ألصق بالقلب. (عبد الحكيم).

(٥) حال من الضمير المستكن في الظرف ويجوز أن يكون تمييز من نسبة الظرف إلى فاعله.

(٦) يجيء أنى بمعنى كيف نحو : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[المائدة : ٧٥] ويجيء بمعنى متى وأوّل قوله تعالى : (أَنَّى شِئْتُمْ)[البقرة : ٢٢٣] على الأوجه الثلاثة ولا يجيء بمعنى متى وكيف إلا بعده فعل.

ـ وبنيت أيان لتضمنها همزة الاستفهام. (عوض).


(و) منها (أيان للزمان استفهاما) (١) مثل : (متى) نحو : (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) [الذاريات : ١٢] والفرق بينهما أن (أيان) مختص بالأمور العظام (٢). وبالمستقبل ، فلا يقال (أيان يوم قيام زيد؟) و (أيان قدوم الحاج؟) بخلاف (متى) فإنه غير مختص بهما.

والمشهور فتح الهمزة والنون وقد جاء كسرهما أيضا.

(و) ومنها كيف) (٣) الكائنة (٤) (للحال استفهاما) (٥) أي : حال شيء وصفته فالمراد بالحال صفة الشيء ، لا زمان الحال كما توهمه (٦) بعض الشارحين.

قال صاحب المفصل : (وكيف) جار مجرى الظرف ، ومعناه السؤال عن الحال (٧) ، تقول : كيف زيد؟ أي : على أي حال هو؟.

ويستعمل الشرط مع (ما) على ضعف عند البصريين ، نحو : (كيفما تجلس أجلس) أي : على أي هيئة تجلس أجلس.

ومطلقا عند الكوفيين نحو : (كيف تجلس أجلس).

__________________

(١) تمييز أو حال أو ظرف أي : أيان للزمان من حيث الاستفهام أو حال كون الزمان ذا استفهام عن الزمان أو وقت استفهامه هذا إشارة إلى حاصل المعنى. (حاشية هندي).

(٢) نحو قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها)[الأعراف : ١٨٧] ، و (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) [الذاريات : ١٢] و (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) [القيامة : ٦]. (ج).

(٣) إنما عد كيف في الظروف ؛ لأنه بمعنى على أي : حال والجار والمجرور الظرف متقاربان وكون كيف ظرفا مذهب الأخفش وعند سيبويه اسم بدليل إبدال الاسم منها نحو : كيف أنت أصحيح أم سقيم؟ ولو كان ظرفا لا بد منه الظرف نحو : متى جئت أيوم الجمعة أم يوم السبت؟.

(٤) وقدر الكائنة هاهنا إشارة للمغايرة بين متى وأيان وبين كيف في كون معناهما للزمان فيما سبق وللحال هنا. (أيوبي).

(٥) ولما حمل بعض الشارحين الحال بمعنى أواخر الماضي وأوائل المستقبل رد الشارح هذا الحمل بهذا القول. (لمحرره رضا).

(٦) حيث قال : كيف لزمان الحال وهو من ظروف الزمان عنده ؛ لأنه سؤال عن حال المسؤول عنه في حال المتكلم بالسؤال. (سرج).

(٧) أي : عن حال الشمس لقيامه مقام الظرف كأنه استقر فيها مثل الاستقرار في الظرف. (مغني).


فإن كان بعده اسم فهو في محل الرفع (١) بالخبرية عنه وإن كان بعده فعل مثل : (كيف جئت؟) فهو في محل النصب على الحالية ، أي : على أي حال جئت راكبا أو ماشيا.

(ومنها) أي : من الظروف المبنية (٢) (مذ ومنذ) (٣) بينا لموافقتهما (٤) (مذ ومنذ) حرفين ويكونان تارة (بمعنى أوّل المدّة) أي أول مدة زمان الفعل المتقدم عليهما نحو : (ما رأيته مذ أو منذ يوم الجمعة) أي : أول زمان عدم رؤيته يوم الجمعة.

(فيليهما) أي : يقع بعدهما أي : بعد (مذ ومنذ) (المفرد) أي الاسم المفرد (٥) لا المثنى ولا المجموع حقيقة كالمثال المتقدم ، أو حكما ، نحو : (ما رأيته مذ اليومان اللذان صاحبنا فيهما) أي : أول مدة عام رؤيته هذان اليومان.

فمادام (٦) لا يلاحظ هذان اليومان أمرا واحدا لا يحكم عليهما بأولية المدة ؛ لأن أول المدة إنما يكون أمرا واحدا لا شيئين أو أشياء.

فالمثنى والمجموع إذا وقعا أول المدة يكونان في حكم المفرد (المعرفة) حقيقة ،

__________________

(١) إذا لم يدخل ناسخ الابتداء على ذلك وإن دخل نحو : كيف أصبحت ، وكيف تعلم زيدا فكيف منصوب المحل خبرا أو مفعولا ثانيا لذلك الناسخ. (رضي).

(٢) يجيئان لمعنيين : أحدهما : بمعنى أول المدة ، ثانيهما : بمعنى جميع المدة. (عوض).

(٣) قوله : (مذ ومنذ) قيل : إنهما كلمتان برأسهما إذ الأصل في الحرف وما يشبهه عدم التصرف وقيل : أصل مذ منيذ بدليل منذ وأنه بضم الذال لالتقاء الساكنين.

(٤) أي : وإنما بنيا لتضمن معنى الإضافة والنسبة بالغايات وللحمل على مذ ومنذ للحرفين.

ـ قوله : (لموافقتهما) قال الرضي : والأخفش والحجازيون يجرون بهما مطلقا وأكثر العرب يجرون بهما في الزمان الحاضر اتفاقا وإنما الخلاف بينهم في الجر بهما في الزمان الماضي ولا يستعملان في المستقبل اتفاقا وإذا جر بهما فقيل أنهما اسمان مضافان والصحيح أنهما حرفا جر بمعنى من الابتدائية الغائية إذا كان الزمان ماضيا معرفة والتفصيل في سيالكونى إن كنت من أهل المراق فارجع إليه تنل مقصودك.

(٥) الدال على الوحدة لا المثنى والمجموع وما في حكمهما مما يدل على التعدد فلا يرد ما رأيته مذ ثلاثة أيام ؛ لأنه في حكم المجموع. (عبد الحكيم).

(٦) فعل من أفعال الناقصة ظرف الزمان ؛ لأن لفظ ما مصدرية فما يعده في تأويل المصدر والمصدر ساد مسد الزمان. (ابن جني).


كالمثال المتقدم ، أو حكما نحو : (ما رأيته مذ يوم لقيتني فيه) لحصول التعيين المقصود من كونه معرفة ، وإنما كان التعيين مقصودا ؛ لأنه لا فائدة في جعل الوقت المجهول (١) أول مدة فعل ؛ لأن أولية وقت مالزمان مدة الفعل معلوم بالضرورة.

(و) تارة يكونان (بمعنى جميع المدة) أي : جميع (٢) مدة زمان الفعل (فيليهما) أي: (مذ منذ) (المقصود) (٣) أي : الزمان (٤) الذي قصد بيانه حال كونه متلبسا (بالعدد) أي : بعدده المستغرق جميع أجزائه ، بحيث لا يشذ منه شيء نحو : (ما رأيته مذ يومان) أي : جميع أجزاء مدة زمان عدم رؤيته يومان (٥) لا أزيد ولا أنقص.

__________________

(١) لأن الوقت المجهول لا يكون لابتداء كلام معلوم فلا فائدة في ذكره بدون التعيين ليفيد والمعرفة هي الأصل في ذلك. (عباب).

(٢) أشار بهذا إلى أن المراد بجميع المدة جميع مدة زمان الفعل المتقدم عليهما كما تقدم. (عبد الله أيوبي).

(٣) مثبتا كان أو منفيا نحو : صحبتى مذ يومان أي : مدة صحبتي يومان يدليهما الزمان الذي فيه معنى العدد سواء كان مفردا أو لا معرفة أو لا نحو : مذ يوم ومذ يومان ومذ اليوم ومذ اليومان ، وقد تقدم أنه يجب أن يليه مجموع زمان الفعل من أوله إلى آخره المتصل بزمان المتكلم ولا يشترط كون ذلك المجموع مقصودا فيه العدد وذلك لأنك تقول : ما لقيناه مذ عمرنا ومذ زماننا مع أنك لا تقصد زمانا واحدا أو غير واحد حتى يكون فيه معنى العدد قوله : المقصود بالعدد أي : المقصود مع العدد الباء بمعنى مع وإلا لكان الواجب أن يقول المقصود به العدد لأنك قصدت بقولك : يومان عدد اثنين لا أنك قصدت بالعدد يومين. (رضي الدين).

ـ قوله : (فيليهما المقصود) أي : الزمان الذي قصد بيان حاله بأن يكون جميع المدة ملتبسا بالعدد لا وحدة من غير اعتبار العدد كما في الأول فيكون كل من الزمان والعدد مقصودا والظاهر ما قاله الرضي ، أي : المقصود مع العدد والياء بمعنى مع فجعل الباء متعلقا بالمقصود. (وجيه الدين).

(٤) يعني أن الياء ليست صلة المقصود وإلا لكان الواجب المقصود بالعدد لأنك قصدت بقولك : يومان عدد اثنين لأنك قصدت بالعدد يومين. (سيالكوني).

(٥) الفرق بين ما كان بمعنى أول المدة وبين ما كان بهذا المعنى ؛ لأن المراد في قولنا : ما رأيته مذ يوم الجمعة بالمعنى السابق أن الرؤية منقطعة في يوم الجمعة بعد أن تكون متحصلة في جزء منه بخلاف ما أريد به بهذا المعنى ؛ لأنه يراد به الرؤية مستوفية في جميع أجزاء يوم الجمعة فالعدد مستغرق. (محرم أفندي).


(وقد يقع (١) بعدهما المصدر) (٢) نحو : (ما خرجت مذ ذهابك) (٣) (أو الفعل)(٤) نحو : (ما خرجت مذ ذهبت) (أو أن) أي : ما كتب (٥) على هذه الصورة (٦) مثقلة كانت أو مخففة (٧) نحو : (ما خرجت مذ أنك ذاهب) أو (ما خرجت مذ أن ذهبت) أو الجملة الاسمية نحو : (ما خرجت مذ زيد مسافر) ولم يذكره لقلته.

(فيقدر) بعدهما (زمان مضاف) (٨) إلى أحد هذه الأمور ، ليصح حمل ما بعدهما عليهما ، فكان التقدير (٩) في (ما خرجت مذ ذهابك) مذ زمان ذهابك وعلى هذا القياس فيما بقي (وهو) (١٠) أي : كل واحد من (مذ ومنذ) اسمين ، (مبتدأ) وهما معرفتان لكونهما في تأويل (١١) الإضافة ؛ لأنهما إما بمعنى (أول المدة) أو (جميع المدة).

__________________

(١) معطوف على ما يستفاد من سابق كلامه أي : يقع بعدهما على المعنيين اسم زمان وقد يقع بعدهما مصدر أو استيناف أو اعتراض. (عبد الحكيم).

(٢) إذا كان دالا على الحال والماضي بقرينة الحال منذ يوم زيد إذا كان الكلام قائما ومنذ خروج زيد إذا مضى خروجه. (رضي).

(٣) فعلى المعنى الأول مدة زمان عدم خروجي زمان ذهابك وعلى الثاني جميع مدة عدم خروجي مدة زمانك. (فهم من وجيه الدين).

(٤) فإن كان ماضيا فهو لأول مدة وإن كان مضارعا فإن كان حالا فهو لجميع المدة وإن كان حكاية حال ماضيته فهو لأول المدة ولا يكون مستقبلا. (شيخ رضي).

(٥) يعنى ليس المراد بأن هي ما كانت مثقلة داخلة على الاسمية أو مخففة داخلة على الفعلية على التعيين لأحدهما بل المراد ما كتب.

(٦) يعني أن الكلام على حذف المضاف أي : اشتمل المثقلة والمخففة لا أن كلمة أن مستعملة فيما كتب على هذه الصورة حتى يرد عليه أن يوجب أن يقرأ.

(٧) بأن قرأت بسكونها لاشتراكها في الاقتضاء لتأويل ما بعدهما من الجملة المفرد ولا شك أن تلك الصورة شاملة لها. (أيوبي).

(٨) أو ساعة أو وقت أو يوم أو ليلة أو ساعة منهما القرينة فهذا تكرر الزمان ولم يقل : فيقدر الزمان المضاف. (عصام).

(٩) وإنما وجب ذلك التقدير ؛ لأن وضعهما لابتداء الغاية في الزمان فعدم تقديره يبطل ذلك الغرض وإنما حذف للعلم ويكون حينئذ بمعنى أول مدة. (عافية).

(١٠) شروع في إعرابهما وإعراب ما بعدهما بعد بيان ما المراد منهما مع التنبيه على وقع الاختلاف بين النحاة. (عوض).

(١١) فالصواب أنهما مضافان إلى الجملة التي حذفت لدلالة الجملة السابقة عليها ولذا بنيت منذ ـ


(وخبره ما بعده) أي : خبر كل منهما ما يقع بعده (خلافا للزجاج) (١) فإنهما عنده خبر المبتدأ والمبتدأ وما بعدهما.

ويرد عليه أنه يلزم أن يكون المبتدأ في مثل قولك : مذ يومان نكرة ، والخبر معرفة ، وذلك غير جائز.

واعلم أنهما إذا كانا مبتدأ أو خبرا فهما اسمان صريحان لا ظرفان ، فلا يصح عدهما من الظروف المبنية إلا أن يراد بظرفيتهما كونهما من أسماء الزمان (٢) لا أنهما يقعان ظرفا في تراكيبهم.

(ومنهما) أي من الظروف المبنية (لدى) بالألف المقصورة (٣) (ولدن) بفتح اللام وضم الدال وسكون النون.

(وقد جاء لدن) بفتح اللام وسكون الدال وكسر النون (ولدن) بفتح اللام والدال وسكون النون ، (ولدن) (٤) بضم اللام وسكون الدال وكسر النون (ولدن) (٥) بفتح اللام وسكون الدال (ولد) (٦) بضم اللام وسكون الدال.

__________________

ـ على الضم تشبيها لها بالغايات في كونها مقطوعة عن الإضافة لا الجملة التي في تأويل المفرد المعرفة وتقدير ما رأيته مذ يوم منذ عدم رؤيتي فيكون من المضاف إلى أحدهما. (عبد الحكيم).

(١) من البصريين وعامة الكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أنه خبر مقدم على المبتدأ. (عافية).

(٢) يعني من أنّ المراد من عدهما في عداد الظروف كونهما اسمين صريحين وضعا لزمان. (عبدي).

(٣) قال الرضي لا وجه لبنائه ؛ لأنه بمعنى عنده وهو معرب بالاتفاق ثم قال : ألفه يعامل معاملة ألف على وإلى يثبت مع الاسم الظاهر ويقلب ياء مع الضمير غالبا وحكى سيبويه عن قوم لداك وعلاك ولا يضاف إلى الضمير مقصور لا أصل لألفه سوى هذه الثلاثة من لداك وعلاك وإلاك.

(٤) قوله : (لوضع بعضها) في شرح المفصل : بنيت لدى ولد لشبههما بالحروف لوضعهما على الصيغة التي ليست عليها الأسماء المتمكنة دائما بل الحروف عليها فأشبهت الحروف وبنى لدى ؛ لأنه هو هو وقد تقدم أن كل اسم بني فإنه مبني وإن اختلف بزيادة أو نقصان مع بقاء حروف الأصل والمعنى فيه فبنى لد لشبهه بالحروف وبنى لدى لشبهة ما أشبه الحروف وإن اختلف جهات الشبه فإنه لا يضر ألا يرى أن نزال بنى لشبهة بأنزل وبنى فجار لشبهه بنزال وإذا اختلفت جهات الشبه. (عبد الحكيم).

(٥) أي : ما بقي من هذه الثلاثة من البعض الذي لم يكن على وضع الحرف. (حاشية).

(٦) أي : كلها مشتركة في هذا المعنى إلا أن لدن ولغاتها المذكورة يلزمه الابتداء فلذا يلزمها من ظاهرة وهو الأغلب أو مقدرة فهي بمعنى من عند ما لدى فهو بمعنى عند ولا يلزمه ـ


(ولد) (١) بفتح اللام وضم الدال.

وبناؤها لوضع بعضها وضع الحروف ، وحمل البقية عليه.

وكلها بمعنى (عند) والفرق : أنه يقال : (المال عند زيد) فيما يحضر عنده ، وفيما في خزائنه ، وإن كان غائبا عنه.

ولا يقال : (المال لدى زيد أو لدن زيد) إلا فيما يحضر عنده (٢).

وحكمها : أن يجريها على الإضافة (٣) ، نحو : (المال لدى زيد).

وقد ينصب (٤) في بعض لغات العرب ب : (لدن) خاصة (غدوة) (٥) خاصة سماعا ، تشبيها لنونها بنون التنوين في مثل : (رطل زيتا) (٦) ولذلك (٧) يحذف عنها ، ويثبت.

ولكون (غدوة) أكثر استعمالا من (سحرة) (٨) وغيرها.

__________________

ـ معنى الابتداء. (شيخ الرضي).

(١) ثم اعلم أنهما مع ما جاء من اللغات بمعنى عند لكن بينهما فرق بالعموم والخصوص بحسب الاستعمال فمعناه أخص من معنى عند. (عوض).

(٢) لا فيما يكون غائبا أو في خزائنه ولذا يقال : عند الله ولا يقال لدى الله لإيهامه المكان. (أيوبي).

ـ وفي عند ثلاث لغات عند وعند وعند فهو ظرف في المكان والزمان تقول : عند الحائط ، وعند الليل. (محمد أمين).

(٣) كقوله تعالى : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)[النمل : ٦] إما لفظا إن كان مفردا أو تقديرا إن كان جملة أي : جاز جرها قياسا ونصبها على التمييز سماعا.

(٤) أي : ينصب بلدن لا بسائر لغاته لفظ غدوة لا لفظ آخر وغدوة بعد لدن لا يكون إلا منونة وإن كان معرفة. (عبد الحكيم).

ـ نائبه راجع إلى المجرور والمستفاد منه.

(٥) ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس. (حلبي).

(٦) فصار لدن غدوة كرطل زيتا فنصبها تشبيها بالتمييز. (وجيه).

(٧) أي : لكون نونها مشبها بالتنوين يحذف من لدن تارة ويثبت أخرى. (سيالكوني).

(٨) بضم السين وسكون الحاء أي : السحرة الأعلى والسحر قبيل الصبح : (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ)[آل عمران : ١٧] ، الآية وقت اختلاط الضوء بالظلمة.


(و) منها (١) (قطّ) (٢) مفتوح القاف ومضموم الطاء المشددة وهذا أشهر لغاته وقد يخفف الطاء المضموم وقد يضم القاف اتباعا لضمه الطاء المشددة أو المخففة.

وجاء (قطّ) ساكنة الطاء مثل : (قط) الذي هو اسم فعل ، فهذه خمس لغات (٣) كلها (للماضي المنفي) أي : لا جل الفعل (٤) الماضي المنفي ، أو الزمان الماضي المنفي (٥) وقوع شيء فيه ليستغرق (٦) النفي جميع الأزمنة الماضية نحو : (ما رأيته قط).

وبناء الخفة لوضعها وضع الحروف ، وبناء المشددة لمشابهتها لأختها المخففة.

وقيل : حمل على أختها (عوض).

(و) منها (عوض) بفتح العين وضم الضاد وقد جاء فتحها وكسرها (للمستقبل) أي : لأجل الفعل المستقبل (المنفي) أو الزمان المستقبل المنفي فيه وقوع شيء ليستغرق النفي جميع الأزمنة المستقبلية نحو : لا أراه عوض وبناء (عوض) على الضم لكونه مقطوعا عن الإضافة ك : (قبل وبعد) بدليل (٧) إعرابه مع المضاف إليه نحو : (عوض

__________________

(١) ترك الشارح هاهنا تفسير رجع الضمير في قوله : (ومنها) دليل وجه تركه عدم تلك الكلمة في النسخة التي وصلت إلى الشارح كما هي أكثر النسخ التي وصلت إلى غيره من الشراح ويحتمل أن يكون لفظ منها من كلام الشارح وإنما زاده لتصحيح عطف قوله : (قط) على قوله : (لدى) كما هو الأليق. (عبد الله أيوبي).

(٢) وبناء قط على الضم حملا على أخته وهو عوض. (رضي).

(٣) قال الكسائي : أصله قطط فلما أسكن الأول للإدغام جعل الآخر متحركا مضموما.

(٤) يعنى لا يستعمل لنفسه بل لأجل الماضي المنفي الواقع قبله لمنفى وقوع الشيء ليستغرق النفي جميع الأزمنة الماضية ولا يجوز أن يكون اللام للصلة ؛ لأن قط لم يوضع لنفس الماضي المنفي ولو حمل على حذف المضاف أي: لاستغراق الماضي المنفي لكان أظهر. (وجيه).

(٥) والفرق بين التفسيرين أنه في الأول إشارة إلى كون لفظ المنفي في قول صفة للماضي حقيقة لكونه مسندا إلى الفعل الماضي وفي الثاني إشارة إلى أن كونه صفة للماضي ومسندا إليه مجاز عقلي ؛ لأنه لا معنى لنفي الزمان بل المنفي وقوع الحدث فيه. (عبد الله أفندي).

(٦) أي : بناؤها لتضمنها معنى من الاستغراقية أوفى. (موشح).

ـ وقوله : (ليستغرق) للإشارة إلى علة زيادة هذا اللفظ وفائدته يعني إنما أتى بهذا اللفظ مع إفادة الفعل السابق لما يفيده ليستغرق النفي المستفاد من السابق. (شرح).

(٧) والباء في قوله : (بدليل) للاستعانة ، يعني : إنما حكم على عوض بأنه مقطوع عن الإضافة باستعانة دلالة كونه معربا إذا كان. (أيوبي). ـ


العائضين) أي : دهر الداهرين ، ومعنى (١) (الداهر) و (العائض) الذي يبقى على وجه الدهر

(والظروف المضافة (٢) إلى الجملة و) إلى كلمة (إذ) المضافة إلى الجملة (يجوز بناؤها) لاكتسابها (٣) البناء من المضاف إليه ولو بواسطة (على الفتح) (٤) للخفة نحو قوله تعالى (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) وقوله تعالى : (مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) [هود : ٦٦] فيمن قرأ بالفتح (٥).

ويجوز إعرابها أيضا لكونها أسماء مستحقة للإعراب ، ولا يجب (٦) اكتساب المضاف إلى المبني البناء منه.

(وكذلك) أي : كالمذكور من الظرف في جواز البناء على الفتح والإعراب ، (مثل وغير) مذكورين (مع (ما وأن) مخففة أو مشددة ، مثل : (قياسي مثل : ما قام زيد) و (قيامي مثل : أن يقوم زيد ، أو مثل : أنك تقوم) (٧) لمشابهتهما الظرف المضافة إلى

__________________

ـ قوله : (بدليل إعرابه) فإن الإضافة إلى المفرد ترجح جانب الإعراب لاختصاص فائدتهما من التعريف والتخصيص والتخفيف بالمعرب ولذا تعرب الغايات عند الإضافة إلى المفرد فالقول بأنه يجوز أن يكون عوض المضاف مبنيا مفتوحا ؛ لأنه جاء فيه الفتح لا معربا منصوبا كما وهم ليس بشيء. (عبد الحكيم).

(١) من عائض عاض هاهنا كان كجزء من أجزاء الزمان يختلف جزء آخر فكأنه عوض عنه. (اللباب).

(٢) جوازا أما في المضافة إلى الجملة وجوبا غالبا لازم لا غير.

(٣) قوله : (لاكتساب) المصنف يتجه عليه أن الجملة مبنية وليس كذلك عند الجمهور ولو علل بما علل به في بناء حيث لكان أولى كما ذكره في جواز بناء مثل وغير وليت شعري لم لم يعتبره هاهنا كذا ذكره في شرح العصام.

(٤) وإنما بنى هذا النوع على الفتح فرقا بينهما وبين ما قطع عن الإضافة.

(٥) أي : بفتح الميم وفي القراءة بالرفع في الأول وبالجر في الثاني ليس مما نحن فيه.

(٦) إثبات لمرجح الإعراب برد مرجح البناء يعني أن الإضافة إلى المبني وإن كان موجودة حينئذ كونها معربة لكن لا يجب اعتبارها حتى يجب البناء فجواز الاعتبار يقتضي الجواز لا الوجوب. (عبد الله أفندي).

(٧) علة لمقدر وإنما إلحق مثل وغير في هذه الصفات بالظروف المضافة في جواز البناء والإعراب.


الجملة (١) نحو : (إذا وحيث) ولهذه المشابهة ذكرهما في بحث الظروف.

ويجوز إعرابهما لكونها اسمين مستحقين للإعراب.

(المعرفة والنكرة) (٢)

أي : هذا باب بيان المعرفة والنكرة ، من أقسام الاسم (٣) :

(المعرفة) : ما : اسم (وضع) بوضع جزئي (٤) أو كلي لشيء متلبس.

__________________

(١) في كونهما مضافين في المعنى إلى المصدر مع وقوع المبني هو وما وإن مشددة ومخففة موقع المضاف إليه. (وجيه الدين).

(٢) ولما فرع من بيان أنواع المبني من الأسماء شرع في بيان بعض أصنافها فقال المعرفة. (عوض).

ـ وهي في اللغة مفعلة من عرفت عرفانا ثم استعملت وصفا اللألفاظ ، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف. (عافية).

(٣) نبه بذلك على أنهما من مباحث الاسم كالمعرب والمبني لبعد العهد بوضع جزئي بأن يلاحظ الموضوع والموضوعة بخصوصهم لا بخصوص الظرفين أو كلى بأن يلاحظ الموضوع بوجه أعم ، كما في المشتقات فإن اسم الفاعل مثلا موضوع لمن قام الفعل به أو يلاحظ الموضوع بوجه أعم كما في الحروف والمضمرات والمبهمات فههنا أربعة احتمالات أن يكون كلاهما ملحوظين بخصوصهما أو كلاهما بعمومهما أو الموضوع بكون ملحوظا بخصوصه والموضوع له بعمومه أو بالعكس ولا جود للاحتمال الثاني. (عبد الحكيم).

(٤) كالأعلام الشخصية وأسماء العدد كلي الوضع الموضوع له كالأعلام الأجناس وأسماء الأجناس والمصادر وأسماء المصادر واسم جمع منكور وأسماء شرطية واستفهامية كلي الوضع جزئي الموضوع له مثل الحروف والضمائر وأسماء الإشارات والموصولات على تحقيق السيد الشريف.

ـ قوله : (بوضع جزئى أو كلي) فالأول في الأعلام شخصية كانت أو جنسية فإن علم الجنس موضوع للماهية من حيث خصوصها لا من حيث كليتها وصدقها على كثيرين فهي بمنزلة المفهوم الجزئي لا يحتمل غيره والثاني في غيرها من المعارف والوضع الجزئي أن يتصور الواضع مفهوما جزئيا ويضع الاسم بإزائه والوضع الكلي أن يتصور المفهوم الكلي فإما أن يجعله آلة لملاحظة الجزئيات فيضع اللفظ بإزاء كل واحد من تلك الجزئيات وهذا معنى كون الوضع عاما والموضوع له خاصا وإما أن لا يجعله آلة لملاحظة الجزئي فيضع اللفظ بإزائه كلفظ الإنسان لمفهوم والحيوان الناطق وهذا معنى كونه الوضع عاما والموضوع له عاما. (وجيه).


(بعينه) (١) أي : بذاته المعينة (٢) المعلومة للمتكلم والمخاطب المعهودة بينهما ، فالشيء مقيد بهذه المعلومية (٣) والمعهودية إذا وضع له اسم ، فهو المعرفة ، وإذا وضع له اسم باعتبار ذاته مع قطع النظر عن هذه الحيثية فهو النكرة.

فقوله (ما وضع لشيء) شامل للمعرفة والنكرة ، وقوله : (بعينه) يخرج به النكرة(٤).

(وهي) أي : المعرفة : ستة أنواع بالاستقراء ، وأشار بترتيبها في الذكر إلى ترتيبها بحسب المرتبة.

فالأول : (المضمرات) فإنها موضوعة بإزاء معان معينة (٥) مشخصة باعتبار أمر كلّي، فإن الواضح لاحظ أولا مفهوم المتكلم الواحد من حيث إنه يحكي عن نفسه مثلا.

وجعله آلة لملاحظة أفراده ، ووضع لفظ (أنا) بإزاء كل واحد من تلك الأفراد بخصوصه بحيث لإيفاد ولا يفهم إلّا واحد بخصوصه دون القدر المشترك فيتعقل ذلك المشترك آلة للوضع لا أنه الموضوع له (٦) ،

__________________

(١) فالعين بمعنى الذات كما في القاموس وغيره وإضافته إلى الضمير للعهد فيصير بمعنى ذاته المعينة المعلومة المعهودة والعهد إنما يعتبر بين المتكلم والمخاطب لا غيرهما ولا بد في المعرفة من علم المتكلم ؛ إذ لا يمكن إعلام المعهود بدون العلم.

(٢) وإنما زاد المعينة إشارة إلى أن ما وقع في عباراتهم في لفظ المعينة معناه المعلومة الشخصية. (ح).

(٣) يعنى أن هذا التقييد ليس بلازم لكن إذا وقع التقييد اتفاقا فالمعرفة تكون باعتبار هذا التقيد اتفاقا ووضع الاسم باعتبار ذاته فإنه نكرة. (وجيه الدين).

(٤) والعلم المنكر داخل في المعرفة باعتبار الوضع الحقيقي وفي النكرة باعتبار وضعه المجازي وأن الوضع في تعريفهما أعم من الوضع بنفسه أو بالقرينة ليدخل في المعرفة المعارف المستعملة في المعنى المجازي نحو : رمى الأسد فإنه موضوع للرجل الشجاع بالوضع المجازي ويدخل في النكرة النكرات التي هي مجازات نحو : ما رأيت أسدا يرمي.

(٥) على رأى المحققين المتأخرين وأما عند المتقدمين موضوعة لمعان كلية بشرط استعمالها في جزئياتها فالمعنى الحقيقي مهجور بالكلية. (وضعية).

(٦) أما شخصية ضمير المتكلم والمخاطب وضمير الغائب الراجع إلى الشخص فظاهر وأما الراجع إلى الكلى فلأنه من حيث أنه تقدم ذكره صار مشخصا لا يحتمل غيره وبعضهم جعل ـ


فلوضع كلي والموضوع له جزئي (١) مشخص (٢).

(و) الثاني ، (الأعلام) الشخصية ، كما إذا تصوّر (٣) ذات زيد ووضع لفظ (زيد) بإزائه من حيث معلوميته ومعهوديته ، أو الجنسية ، كما إذا تصور مفهوم الأسد ، وهو الحيوان المفترس ، ووضع بإزائه من حيث معلوميته ومعهوديته لفظ (أسامة) (٤).

فهذا اللفظ بهذا الاعتبار (٥) علم لهذا المعنى الجنسي (٦) ومعرفة بخلاف ما إذا

__________________

ـ الضمير الراجع إلى النكرة نكرة فاستعمالها فيها مجاز. (اقليد).

(١) كان ينبغي الاكتفاء بالجزئي ؛ لأن التحقيق أن الموضوع له جزئي إضافية فربما يكون كليا.

(٢) عند المتأخرين وهو الحق والقدماء لم يعثروا عليه حتى المصنف فيجعل معنى قوله : الشيء بعينه لإفادة شيء بعينه والشارح بين الحق ولم يلتفت إلى ما قصده المصنف.

(٣) قوله : (كما إذا تصور ذات زيد) أي : بوجه مختص به في الخارج وإن كان يمكن في نفسه فرض اشتراكه فالمعلوم جزئي بوجه كلي كما قال الفلاسفة في علمه تعالى بالجزئيات ولذا اختار لفظ تصور دون أحس فإن طريق إدراك الجزئيات المادية بالوجه الجزئي إنما هو الاحساس فلا يشكل بلفظ الله تعالى ولا بالأعلام الموضوعة عند غيبة الموضوع له ؛ لأنه يمكن تصوره بوجه مختص به في لخارج كتصوره تعالى بكونه واجبا خالقا لما سواه فالمعلوم جزئي وإن كان العلم بوجه كلي على أن التحقيق إن لفظ الله من الأعلام الغالبة إلا أن غلبته تقديرية بخلاف الإله فإن غلبته بحقيقية.

(٤) فإنه بجوهره وضع للجنس المعين بخلاف اسم الجنس كأسد فإنه وضع لغير معين ثم جاء التعيين والتعيين جزء مفهوم علم الجنس وخارج عن مفهوم اسم الجنس. (شرح وضعية).

ـ أي : إذا تصور هذا المفهوم في الذهن متميزا ممتازا عن سائر المفهومات ووضع بإزائه من حيث معلوميته ومعهوديته بهذا التصور الذهنية الفارقة من سائر المفهومات لفظ أسامة فبهذا الاعتبار يكون علما لهذا المعنى الجنسي ومعرفة وهذا فرق دقيق بين اسم الجنس وعلم الجنس. (حلبي).

(٥) تقدير الظروف بعض الأحكام اللفظية كالعدل التقديري وإلى هنا ذهب كثير من النحاة. (حاشية وجيه).

(٦) وفي علم الجنس مذهبان أحدهما : أنه موضوع للماهية المعنية في الذهن من حيث تعينها وهذا مذهب سيبويه، وثانيهما : أنه موضوع للماهية من حيث هو هو كالجنس لكن قيل : إنه علم تقدير الضرورة بعض أحكام اللفظية كالعدل التقديري وغيره وعلى هذا كثير من النحاة. (شرح وضعيه).


وضع لفظ الأسد بإزاء هذا المفهوم الجنسي مع قطع النظر عن معلوميته ومعهوديته فإنه بهذا الاعتبار نكرة.

(و) الثالث : (المبهمات) يعني أسماء الإشارة والموصولات وإنما سميت مبهمات ؛ لأن اسم الإشارة من غير إشارة مبهم ، وكذا الموصول من غير صلة (١).

وهذا القسم من قبيل الوضع العام ، والموضوع له خاص ، فإنها موضوعة بإزاء معان معينة معلومة معهودة (٢) من حيث معلوميتها (٣) ومعهوديتها (٤) وضعا عاما (٥) كليا ، فإن الواضع إذا تعقل مثلا معنى المشار إليه المفرد المذكر ، وعين لفظا بإزاء كل واحد من أفراد هذا المفهوم (٦) كان هذا وضعا عاما ؛ لأن التصور المعتبر فيه عام ، وهو المشترك بين تلك الأفراد ، والموضوع له خاص ؛ لأنه خصوصية كل واحد من تلك الأفراد ، لا المفهوم المشترك بينها.

(و) الرابع ، والخامس : (ما عرف باللام) (٧) العهدية أو الجنسية (٨) أو

__________________

(١) ولم يقولوا للمضمر الغائب مبهم ؛ لأن ما يعود إليه متقدم فلا يكون مبهما عند المخاطب عند النطق به وكذا ذو اللام العهدية بخلاف اسم الإشارة. (خوافي).

(٢) وهي هذا الحجر الذي خرج من الدار مثلا ؛ لأن الأول حجر معين معلوم وكذا شخص الذي في الثاني معلوم ومعهود بعنوان الخارج من الدار ، فلفظ هذا في الأول والذي في الثاني موضوعان لهذا الحجر المعين والخارج المعين. (محرم).

(٣) يعنى بعد ملاحظة التعيين لكن لا بملاحظة تخصيص هذين اللفظين كهذين المعنيين كما في العلم حتى يكون الوضع أيضا خاصا بل هما موضوعان عاما. (أيوبي).

(٤) في ذهن المتكلم والمخاطب وفي هذا المقام قيد وقال : فانظر إلى العصام إن كنت من أهل المقام. (الرضا).

(٥) شاملا حال كونه وضعا كليا غير مانع من وقوع الشركة بين كثيرين.

(٦) قابل للجنسية من حيث هو مذكر أي : المفرد المذكر. (محمد أفندي).

(٧) واعلم أنه قال : وما عرف بحرف التعريف لكان أشمل وأعم لكن واختياره إشارة إلى أن المختار عنده ما ذهب إليه سيبويه من أن أداة التعريف هي اللام وحدها زيد عليها همزة الوصل لتعذر الابتداء بالساكن وأما الخليل فقد ذهب إلى أنها ال كهل في الاستفهام والمبرد إلى أنها الهمزة المفتوحة وحدها زيد عليها اللام للفرق بينهما وبين همزة الاستفهام. (جامي وغيره).

(٨) واعلم أن الاسم الداخل عليه لام التعريف إما أن يكون المراد منه الحقيقة نفسها أي : مع قطع النظر عن العوارض أو كان تلك معها فإن كان الأول سمى تعريفه تعريف الجنس والحقيقة ـ


الاستغراقية (١).

وإنما لم يقل (ما دخله اللام) لئلا يدخل فيه ما دخله اللام الزائدة لتحسين اللفظ.

والميم في : «ليس من امبر امصيام في امسفر» (٢) بدل اللام فلا يعد ما دخلته قسما آخر من المعارف.

(أو) عرف (بالنداء) نحو : يا رجل (٣) ، إذا قصد به معيّن ، بخلاف يا رجلا ، لغير معين ، فإنه نكرة.

ولم يذكره المتقدمون لرجوعه إلى ذي اللام ، إذ أصل (يا رجل) (٤) يا أيها الرجل.

__________________

ـ كما في قولك : الرجل خير من المرأة وإن كان الثاني فإما أن تعتبر في ضمن جميع الأفراد وفي ضمن بعضها فإن كان الأول سمي تعريف الاستغراق كما في قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) وإن كان الثاني فإما أن يكون البعض معينا سواء كان واحدا أو اثنين أو جماعة سمى تعريف العهد الخارجي لكونه معهودا بين المتكلم والمخاطب وإن كان غير معين لا اثنين ولا جماعة سمى تعريف العهد الذهني لكونه معهودا في الذهن كما في قولك : ادخل السوق وليس بينك وبين مخاطبك سوق معهود في الخارج. (إيضاح).

(١) ولم يذكر المصنف العهدية الذهنية ؛ لأنها من حيث استعمالها في فرد مبهم نكرة ولذا يوصف بالجمل الخبرية.

(٢) معنى كونه بدلا من اللام إنه مستعمل في موقعها والأصل اللام في شرح التسهيل لابن مالك لما كانت اللام تدغم في أربعة عشر حرفا فيصير المعرف بها كأنه من المضاعف الفاء جعل أهل اليمن ومن داناهم الميم بدلها ؛ لأن الميم لا تدغم إلا في الميم انتهى فالميم حرف تعريف عوض اللام في لغتهم وليس معناه إنه منقلب عن اللام كما قلت بالراء في الرحمن الرحيم. (حاشية) [والحديث أخرجه أحمد في مسنده (٢٣١٦٧)].

ـ وجعل أهل اليمن بدلها ميما كقول الشاعر :

ذاك خليلتى وذويعا تبنى

يرمى ورائي بامسهم وامسملة

أي : بالسهم والسلمة وهي الحجر. (خبيصي).

(٣) أي : اسم الجنس الذي قصدته فرد معين فإن تعريفه بالنداء وأما العلم المنادي فتعريفه بالعلمية والنداء مفاد زيادة الوضوح وهو المختار وقيل : إنه عرف بالنداء بعد إزالة العلمية. (حاشية).

(٤) يعني أنه كان في الأصل معرفا باللام ثم توسل لندائه ثم حذف اللام وأل لكثرة الاستعمال فصار يا رجل. (سكوتي). ـ


(و) السادس : (المضاف إلى أحدها) أي : أحد الأمور الخمسة المذكورة ولا يستلزم (١) صحة الإضافة إلى أحدها صحتها بالنسبة إلى كل واحد فلا يرد أنها لا تصح إلا بالنسبة إلى الأربع الأول ، فإن المنادى لا يضاف (٢) إليه.

قيل : كان عليه أن يقول : والمضاف إلى المعرفة ، ليدخل فيه المضاف إلى المضاف إلى المعرفة أيضا ، مثل : (غلام أبيك).

والجواب : أن المراد بالمضاف إلى أحدها أعم من أن يكون (٣) بالذات أو بالواسطة ولا يخفى عليك ـ نظرا إلى ما سبق ـ أن المضاف إذا كان لفظ (الغير أو المثل أو الشبه) فهو مستثنى من هذا الحكم.

(معنى) (٤) أي : إضافة معنى ، يعني (٥) : إضافة معنوية.

__________________

ـ واللام في وصف الأسماء الإشارة ووصف المنادى نحو هذا الرجل ويا أيها الرجل للتعريف الخاصة بالإشارة إليه وهي في غير هذين الموضوعين لتعريف الغائب ضرب الرجل. (شيخ الرضي).

(١) قوله : (ولا تستلزم صحة الإضافة) بأن لفظ أحد في الاثبات لو أحد مبهم كالنكرة للعموم فمن قال أنه تكلف فقد تكلف. (سيالكوني).

ـ دفع لمنشأت التوهم وهو أن الضمير المذكور لو كان راجعا إلى الخمسة المذكورة يتبادر منه أن تصح الإضافة إلى كل منها مع أنه لا تصح الإضافة إلى ما عرف النداء فأجاب عنه بما ترى. (شرح).

(٢) فكأن الشارح قال : إن قضية أحد الأمر الخمسة إلى أحدهما موجبه جزئية هي أعم من الموجبة الكلية القائلة بأن كل واحد من الأمور يضاف إليه ومن السالبة الجزئية القائلة بأن بعض الأمور لا يضاف إليه والأعم لا يستلزم والأخص والله أعلم. (شرح).

(٣) أيها الطالب إن هذا السؤال نقض شبيهي والتقدير أن عبارة المصنف باطلة ؛ لأنها عبارة غير شاملة لاسم المضاف إلى المضاف وكل عبارة شأنها كذلك فهي باطلة والجواب منع الصغرى يعني لا تسلم أنها غير شاملة لم لا يجوز أن يكون المراد أعم منهما. (ح ى م).

(٤) وإنما قيد الإضافة بقوله : (معنى) مريدا كون المضاف مما لم يتوغل في الإبهام ؛ لأن المضاف إلى أحدهما إذا كانت إضافة لفظية لم يكن معرفة على ما حقق. (عافية).

(٥) يريد أن إضافة الإضافة التي هي المحذوف من قبيل إضافة المنسوب إلى المنسوب إليه كما نبه. (رضا).


فقوله (معنى) مفعول مطلق بحذف مضاف. واحترز به عن المضاف إلى أحد هذه الأمور إضافة لفظية ، فإنها لا تفيد تعريفا.

ولما سبق تعريف المضمرات والمبهمات ـ ومعنى المضاف إلى أحدهما معنى ظاهر ـ والمعرف باللام والنداء مستغن عن التعريف خص العلم بالتعريف وقال :

(العلم) (١)

اسما (٢) كان أو لقبا أو كنية ؛ لأنه إن صدر بالأب أو الأم أو الابن أو النبت فهو كنية (٣) ، وإلا ، فإن قصد (٤) به مدح أو ذم فهو اللقب وإلا فهو (٥) الاسم.

(ما وضع لشيء بعينه) شخصا أو جنسا واحترز به عن النكرات ، والأعلام الغالبة(٦) التي تعينت لفرد معين بعلة الاستعمال فيه داخلة في التعريف ؛ لأن غلبة

__________________

(١) بعد الفراغ عن تحقيق التعريف الشامل للمعارف كلها قصد تعريف ما فيه خفاء في الجملة بالقياس إلى سائر المعارف. (عوض).

(٢) قوله : (اسما) هذا معنى ثالث للاسم أخص من العلم فله معان ثلثه مرتبة في العموم الأول كلمة دلت على معنى مستقل والثاني يطلق على اسم غير صفة والثالث يطلق على علم غير لقب ولا كلية فالأول أعم من الثاني والثاني أعم من الثالث. (عصام).

(٣) من كنيت ، أي : سترت وعرضت كالكناية سواء ؛ لأنه يعرض بها عن الاسم والكنية عند العرب يقصد بها التعظيم والفرق بينهما وبين اللقب معنى هو أن اللقب يمدح الملقب به أو يذم بمعنى ذلك اللفظ والكنية يعظم المكنى بها بعدم التصريح بالاسم فإن بعض النفوس تأنف من أن يخاطب باسمها. (رضي).

(٤) أي : حين الوضع لا حين الاستعمال ؛ لأنه قد يطلق اللقب على المسمى من غير قصد المدح والذم و؛ لأنه قد يقصد بالاسم في الاستعمال المدح والذم إذا اشتهر المسمى في صفة بصفة مدح أو ذم نحو خاتم وقصد الواضع يضم من كونه منقولا من معناه الأصلي بمعنى العلمي فإن المنقولات يلاحظ فيها المعان الأصلية. (سلكوتي).

(٥) أي : الاسم بهذا المعنى أخص من مقابل الصفة الذي هو أخص من مقابل الفعل والحرف. (عبد الله).

(٦) قوله : (الاعلام الغالبة) العلم الغائب أما مضاف نحو ابن عباس أو ذو اللام نحو النجم فهو في الأصل داخل في المعرف باللام العهدية والمعرف بالإضافة العهدية وبعد الاستعمال في فرد معين اختص به في الاستعمال. (عبد الحكيم).


استعمال المستعملين بحيث اختص العلم الغالب لفرد معين بمنزلة الوضع من واضع معين ، فكأن هؤلاء المستعملين وضعوا له ذلك.

(غير متناول غيره) أي : حال كون ذلك الاسم الموضوع لشيء بعينه غير متناول غير ذلك الشيء باستعماله (١) فيه ، واحترز به (٢) عن المعارف (٣) كلها.

وقوله : (بوضع (٤) واحد) أي : تناولا (٥) بوضع واحد لئلا يخرج الأعلام المشتركة ولما أشار إلى ترتيب أنواع المعارف في الأعرفية بترتيبها في الذكر ، أراد التنبيه على ترتيب أصنافها فيما يكون فيه هذا الترتيب ، فقال :

(وأعرفها) أي : أعرف المعارف ، يعني : أقلها لبسا عند المخاطب من حيث أصنافها.

(المضمر المتكلم) لبعد وقوع الالتباس (٦) فيه.

__________________

(١) بيان للتناول لغير معين مع كونه موضوعا له يعني ذلك التناول لا ينافي ذلك الوضع. (أيوبي).

(٢) قوله : (واحترز به عن المعارف كلها) فإنها وإن وضعت بخصوصيتها كل من أفراد المعينة كما قرره إلا أنه إذا استعملت تتناول غيره ويحتمله لئلا يخرج العلم المشترك نحو : زيد إذا سمى به رجل آخر ؛ لأنه وضع لشيء بعينه ويتناول غيره أيضا لكن يتناول غيره باوضاع متعددة لا بوضع واحد. (وجيه الدين).

(٣) لكونها متناولة غيرها فإن أنت مثلا وضع للمخاطب مع كونه متناولا لغيره وهو زيد وعمرو وبكر إذا خوطب به وقوله : (بوضع واحد) ليدخل فيه الأعلام التي وقع فيها الاشتراك نحو زيد إذا سمي به رجل ثم سمي به آخر فإنه وإن كان متناولا لغيره ولكن تناوله ليس بوضع واحد بل بأوضاع متعددة متجددة والمراد بقوله : إذا أنت متناول غيره أن يجوز استعماله في شخص غيره الذي استعمال فيه أولا لكون مفهومه كليا هذا مما أفاده صاحب المتوسط في هذا المقام. (عيسى الصفوري).

(٤) متعلق بمتناول أي : لا يتناول غير ذلك العين بالوضع الواحد بل أن تناول كما في الإعلام المشتركة فإنما يتناول بوضع آخر ، أي : بتسميه أخرى لا بالتسمية الأولى. (رضي).

(٥) قوله : (تناولا بوضع واحدا) إشارة إلى أن قوله : (بوضع واحد) ظرف لغو متعلق بالنفي متناولا بالنفي المستفاد من غير فيكون داخلا تحت المنفي فيفيد عموم التعريف للأعلام المشتركة وليس مقصودة مفعول مطلق بتقدير تناولا. (سيالكوني).

(٦) فإن المتكلم إذا قال : أنا سمعت المخاطب لم يقع التباس في كون أن الموضوع له لأنا هو المتكلم المعين. (عبدي).


(ثم) المضمر (١) (المخاطب) فإنه يتطرق فيه مالا يتطرق في المتكلم.

ألا ترى أنك إذا قلت : (أنا) لم يلتبس بغيره ، وإذا قلت : (أنت) جاز (٢) أن يلتبس بآخر ، فيتوهم أن الخطاب له.

وليس المراد بالأعرفية إلا كون المعرفة أبعد من اللبس.

ثم (٣) المضمر الغائب ، ولم يذكره ؛ لأنه علم من أعرفية المتكلم والمخاطب أنه أدون منهما.

واقتصر (٤) على بيان النسبة بين أصناف المضمرات فإن سائر المعارف : لا تفاوت بين أصنافها إلا المضاف إلى أحدها ، فإن فيه تفاوتا باعتبار تفاوت المضاف إليه ولهذا ما أثبت التفاوت بين أصنافه بعد بيانه بين أنواع المضاف إليه وأصنافه.

وهذا الترتيب (٥) الذي ذكره هو مذهب سيبويه فإن فيه اختلافات كثيرة (٦).

__________________

(١) قوله : (ثم المضمر) ليس وجه كون المضمر المخاطب أعرف من النداء ظاهر إلا أن يجعل تعريفه لكونه في الأصل معرفا باللام. (حاشية ع).

(٢) قوله : (جاز أن يلتبس بغيره) لأنك قلت : أنت وكان بحضرتك اثنان يحتمل أن يكون منهما مخاطبا ، فإن قيل : كيف يكون المضمر المتكلم أعرف مع أنه ربما يكون ملتبسا بغيره أيضا كما إذا قيل : أنا من وراء الجدار فلما يعلم منه أنه فلانا أجيب بأن أقوال من خوطب به فحينئذ شائع بخلاف أنا فإن الاحتمال فيه يعارض حيلولة الجدار فافترقا. (وجيه الدين).

(٣) ولم يذكر المصنف حكم صنف المضمر الغائب أراد الشارح أن يذكره.

(٤) كأنه قيل : لم ذكر المصنف أصناف المضمرات بنسبة الأعرفية ولم يذكر أصناف سائر الأقسام فأجاب بما ترى. (رضا).

(٥) أي : رتيب أصناف المضمر بالنسبة إلى كل المعارف حيث قال : وأعرفها ؛ لأن هذا للقرب. (عبد الحكيم).

(٦) قيل : أعرفها العلم ، وقيل : اسم الإشارة ، وقيل المعرف بأل ، وقال المصنف : أعرفها ضمير المتكلم ثم ضمير المخاطب ثم العلم ثم ضمير الغائب السالم عن إبهام نحو زيد رأيته. (شرح تسهيل).

ـ وعن ابن السراج أن الأعرف هو المبهم ثم المضمر ثم العلم ثم ذو اللام ثم المضاف وعن أبي سعيد السيرافي أنه العلم ثم المضمر ثم المبهم ثم ذو اللام ثم المضاف. (خبيصي).


(النكرة)

(ما وضع لشيء لا بعينه) أي : لا باعتبار ذاته المعينة المعلومة المعهودة من حيث هو كذلك فقوله : (ما وضع لشيء) شامل للمعرفة والنكرة ، وبقوله (لا بعينه) خرجت(١) المعرفة.

(أسماء العدد)

إنما أفردها (٢) بالذكر : ؛ لأن لها أحكاما خاصة ليست بغيرها.

(وهي : ما وضع) أي : ألفاظ (٣) وضعت (لكمية (٤) آحاد (٥) الأشياء) منفردة كانت تلك الآحاد أو مجتمعة.

__________________

(١) وعلامة النكرة قبولها حرف التعريف ودخول رب عليها وكم الخبرية ووقعها حالا وتمييزا واسما للا بمعنى ليس. (خبيصي).

(٢) كأنه قيل : لم لم يدرج هذه الأسماء في الكنايات مثل كذا وكم وغيرها. (شرح).

ـ يعني لم يدرجها في الأسماء كما أدرج سائر الأسماء ؛ لأن لها أحكاما خاصة. (وجيه الدين).

(٣) ولم يقل أسماء مع أنها من نوع الاسم للإشارة إلى أن بعضها مركب وبعضها مفرد فإن مثل خمسة عشر ليس بكلمة واحدة فإذا لم يكن كلمة لم يكن اسما لم يشمل التعريف. (حاشية).

(٤) أي : لصفة منسوبة إلى كم لوقوعها جوابا له وهو العدد المعين فإن كم للسؤال عن العدد المعين عارضة لآحاد الأشياء أي : أفرد الأجناس قال المصنف في الأيضاح العدد مقادير آحاد الأجناس فأسماء العدد يعتبر فيها النسبة إلى الأجناس ولذا يلزمها التمييز وقد تستعمل لمجرد العدد من غير تمييز فيقال : ستة ضعف ثلاثة. (عبد الحكيم).

(٥) واحترز بقوله : (آحاد) عما وضع لكمية الأجزاء نحو النصف والربع والثلث وبإضافة الآحاد إلى الأشياء عما وضع لكمية الآحاد في نفسها من غير نسبتها إلا جنس نحو لفظ : بضع ونيف فإنهما يدلان على عدد معين من غير نسبة إلى جنس. (سيالكوني).

ـ قال الرضي : ليس الواحد من العدد عند الحساب ؛ لأن العدد عندهم هو الزائد على الواحد وضع بعض الحساب كون الاثنين من العدد ، قالوا : لأن العدد الأول أي : الواحد ليس بعدد فكذا ينبغي أن يكون الزوج الأول والنزاع فيه راجع إلى المراد بالعدد فعلى تفسيرهم العدد يكون زائدا على الواحد يدخل الواحد ويدخل الاثنين ؛ لأنه زائد عليه وعلى تفسير النحاة أي : الموضوع لكمية الآحاد يدخل الواحد والاثنان. (خبيصي).

ـ وقيل : وتعريف العدد أنه المقدار المنفصل الذي ليس لأجزائه حد مشترك الحد المشترك ـ


فالأشياء (١) : هي المعدودات وآحادها : كل واحد منها.

وكمية الآحاد : ما يجاب به إذا سئل عن واحد أو عن أكثر من واحد من تلك المعدودات ب : (كم) والألفاظ الموضوعة بإزاء تلك الكميات بأن يكون كل واحد منها موضوعا لكمية واحدة منها أسماء العدد.

فالواحد موضوع لكمية آحاد الأشياء إذا أخذت منفردة.

فإذا سئل عن معدود منها ، بكم هو؟ يجاب بالواحد.

والاثنان موضوع لكميتها إذا أخذت مجتمعة متكررة (٢) مرة واحدة (٣).

فإذا سئل عن معدودين يجاب بالاثنين وهكذا إلى ما لا نهاية له.

فظهر من التقرير (٤) أن لفظ الواحد والاثنين داخلان في هذا التعريف ؛ لأنهما من أسماء العدد في عرف النحاة وإن لم يكونا عند بعض الحساب من العدد (٥)؟.

__________________

ـ هو الذي يكون نهاية لبعض الأجزاء وبداية للبعض كالآن فإنه نهاية الماضي وبداية المستقبل فيخرج الواحد والاثنان ؛ لأنهما ليستا بمركبتين من الآحاد وقيل : كثرة مركبة من الآحاد. (خبيصي).

(١) قوله : (فالاشياء هي المعدودات) مثلا الشيء في ثلاثة رجال هو نفس الرجال من غير اعتبار تعدده وآحاده هو مع اعتبار تعدده يعني كل واحد منها وكميته هي لوحدات الثلاثة فالثلاثة موضوعة لهذه الكمية والشيء فيما إذا كان المعدود واحد هو رجل وفرس من غير اعتبار التعدد وأجاده منفردة هو مع اعتبار التعدد وكميته هي الوحدة والحاصل أي : العدد ما وضع لكمية عدد الشيء المعدود والكمية عدده المعين كالواحد والاثنين ونحوهما. (وجيه الدين).

(٢) فإنه إذا تكررا الواحد مرة حصل الواحد أن فيقال : اثنان. (أيوبي).

(٣) بأن يزاد واحد على واحد يكون اثنان احتراز عما إذا تكرر مرتين فإن ثلاثة ولم يكن الجواب الاثنين بل الثلاثة. (تأمل).

(٤) وهذا التقرير لا يرضى به المصنف فإنه قال في إيضاح المفصل : العدد مقادير آحاد الأجناس فالواحد والاثنان على ذلك ليسا بعدد وإنما ذكر في العدد ؛ لأنه محتاج إليهما فيما بعد العشرة فهما من العدد استطرادا. (عبد الحكيم).

(٥) لأن تعريف العدد عندهم هو نصف مجموع حاشيته والواحد ليس له إلا حاشية واحدة وهو الاثنان فلا تكون من أسماء العدد وذلك كالثلاثة فإن حاشيته اثنان وأربعة فإذا جمعا صارت ذا نصف ستة يكون النصف ثلاثة فالثلاثة نصف مجموع حاشيته. (وجيه).


ولما كان (١) المتبادر من هذه العبارة أن نفس الكمية هي الموضوع له من غير اعتبار معنى آخر لا ينتقض التعريف بمثل : رجل ، ورجلين ، وذراع وذراعين ، ومن ومنين حيث لا يفهم منها الواحدية والاثنينية فقط (٢).

(أصولها أي : أصول أسماء العدد التي يتفرع منها باقيها.

إما بالحاق (٣) تاء التأنيث ؛ ك : (واحدة ، واثنتان) أو باسقاطها (٤) ك : (ثلاث إلى تسع) (٥) أو بالتثنية ك : (مائتين وألفين) أو بالجمع ك : (مئات وألوف وعشرين) ، أو بالتركيب إضافيا كان ك : (ثلاثمائة) أو مزجيا ك : (خمسة (٦) عشر) أو بالعطف ك :

__________________

(١) جواب دخل مقدر وهو أن تعريف أسماء العدد غير مانع لدخول رجل ورجلين لكونهما موضوعان لكمية في الجملة منع أن أمثالها ليست من العدد فأجاب بما ترى. (لمحرره).

(٢) بل يفهم منها الوحدة والاثنينة مع الذات بخلاف أسماء العدد فإذا قيل : رجل يفهم منه لوحدة مع الرجولية ورجلين يفهم الإثنية مع الرجولية أيضا وهكذا قياس غيرهما. (محمد أفندي).

(٣) الظاهر أن المراد أصول أسماء العدد من حيث أنها أسماء العدد وتدل على الكمية لا من حيث أنها مذكر ومؤنث من حيثية هذه الحيثية وظيفة مباحث التذكير التأنيث وكذا لا من حيث أنها مركبات إضافية ولهذا لم يعد المصنف في الشرح وكذا الرضي وغيره من الشارحين مؤنث أسماء العدد من فروعها فلا يلائم عدا المؤنث والتركيب الإضافي من فروع أسماء العدد. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (أو بإسقاطها) فإن الأصل في الأصل الثلاثة وأخواتها ثبوت التاء في شرح التسهيل للفاضل المري الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات كغزة وزجرة وأمة وفرقة وعصبة وصحة وكربة وفئة وعشيرة وقبيلة وفصيلة فالأصل أن تكون بالتاء لتوافق الأسماء التي هي بمنزلتها فاستصحب الأصل المعدود المذكر لتقدم ربته وحذفت التاء مع المعدود المؤنث لتأخر رتبته ويدل على أن أصلهما التاء أن العرب إذا قصدت مجرد العدد تقول ثلاثة نصف ستة وفي الرضي إنما وضعت على التأنيث في الأصل ؛ لأن كل جمع إنما يصير مؤنثا في كلامهم بسبب كونه على عدد فوق الاثنين فإذا صار المذكر في نحو رجل مؤنثا بسبب عروض هذا العارض فتأنيث العارض في نفسه أولى. (سيالكوني).

(٥) كذا في النسخة التي بخط الشارح ونسخة الفاضل اللاري وفي بعض النسخ إلى تسعة وهو سهو. (عبد الحكيم).

(٦) بأن يكون بينهما نسبة من الإضافة أو العطف في الحال وإن كان الثاني في الأصل معطوفا على الأول. (شرح).


(خمسة (١) وعشرين)؟.

(اثنتا عشرة كلمة ، واحدة إلى عشرة ، ومائة ، وألف ، وتقول) في الأعداد مذكرة ومؤنثة ومفردة ومركبة ومعطوفة : (واحد (٢) واثنان) في المفرد المذكر وتثنيته.

(واحدة (٣) واثنتان أو ثنتان) في المفرد المؤنث وتثنيتها على ما هو القياس.

(و) تقول للمذكر : (ثلاثة إلى عشرة) بالتاء (٤) لجماعة المذكر اعتبارا (٥) لتأنيث الجماعة ، نحو : (ثلاثة رجال إلى عشرة رجال) (وثلاث إلى عشرة) بدونها ، لجمع المؤنث فرقا بين المذكر والمؤنث ، نحو : ثلاث (٦) امرأة و (عشرة نسوة) (٧) ولم ينقل الأمر بالعكس لكون المذكر أسبق.

وتقول : إذا جاوزت عشرا : (أحد (٨) عشر ، واثنا عشر) في المذكر ، نحو : (أحد

__________________

(١) لأن هيئتها الاجتماعية التي لها وحدة الخارجية فرع لكل جزء من الخمسة متفردة ومن العشرين. (محرم).

(٢) شروع في تبيين كيفية استعمالها للمذكر والمؤنث فقال : (واحد اثنان). (رضي).

(٣) وقد يقال : أحد مكان واحد كقوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)[الإخلاص : ١] وقد تقوم أحد مقام قوم أو نسوة أو استفهام كقوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ)[الحاقة : ٤٧] أي قوم عنه حاجزين ، (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ)[الأحزاب : ٣٢] أي : كنسوة وفي الحديث يا رسول الله أحد خير منا ، أي : واحد. (خبيصي).

(٤) يعني خولف باب التذكير والتأنيث في ثلاثة إلى عشرة فأنث المذكر وذكر المؤنث اعتبار التأنيث الجماعة ؛ لأن الثلاثة جماعة والمذكر سابق فأنث لذلك ثم ذكر المؤنث وإن كان جماعة أيضا ليفرق بينهما عند المميز. (وجيه الدين).

(٥) أي : بتأويل المجاعة وفيه أنه كما يجوز التأويل بالجماعة يجوز التأويل بالجمع أيضا.

(٦) والمعتبر تأنيث المعنى وغير المذكر العلم كطحلة وسلمة بن الأكوع الصحابي فيقال : ثلاثة سجلات وعشرة وميزت بالتاء التذكير مفرديهما وكذا يقال ثلاثة طلحات لعدم تعلق التأنيث بالمعنى لا حقيقة ولا مجازا بخلاف ثلاث فتيات ؛ لأن التأنيث متعلق بالمعنى حقيقة ؛ لأن القينة الجارية المغنية وعشر درجات لتعلق التأنيث بالمعنى حقيقة في الأول مجازا في الثاني. (خبيصي مع حواشيه).

(٧) وفيه امرأة مفردة ومميز الكل لا يكون إلا جمعا. (داود).

(٨) قوله : (أحد عشر) الأحد أصله واحد على وزن حسن صفة مشبهة من وحد بحد قلت : واو له ألفا على سبيل الشذوذ عند الجمع وفي أحد كذلك عند غير المازني وأما عنده فقلب الواو ـ


عشر رجلا) و (اثنا عشر رجلا) ، (إحدى عشرة ، واثنتا عشرة) و (ثنتا عشرة) في المؤنث على الأصل بتذكير المذكر وتأنيث المؤنث.

وغير (١) الواحد إلى (أحد) والواحدة إلى (إحدى) للتخفيف (٢).

وتقول : (ثلاثة عشر إلى تسعة عشر) (٣) في المذكر ، نحو : (ثلاثة عشر رجلا).

(ثلاث عشرة إلى تسعة عشرة) في المؤنث ، نحو : (ثلاث عشرة امرأة) إبقاء للجزء الأول فيهما (٤) بحالة قبل التركيب وتذكير الثاني في المذكر كراهة اجتماع تأنيثين من جنس واحد فيما هو كالكلمة الواحدة ، بخلاف (إحدى عشرة) و (اثنتا عشرة) فإن التأنيث فيهما من جنسين.

وأما تذكير (٥) الثاني في (أحد عشر ، واثنا عشر) فمحمول على التذكير في (ثلاثة عشر) والتاء (٦) في (ثنتان) بدل من لام (٧) الكلمة فلم يتمخض التأنيث ، فلهذا حكمنا عليه بأنه جنس آخر من التأنيث.

__________________

ـ المكسورة قياس كالمضمومة ولا يستعمل واحد ولا أحدى إلا في التنييف أو مضافين نحو أحدهم وأحديهم ولا يستعمل واحد وواحد في التنييف إلا قليلا. (حاشية).

(١) جواب للسؤال الذي يرد عليه من أن الأحد ليس من الأصول بل المذكور فيها هو الواحد فأجاب عنه بيان أصل الأحد هو الواحد وأصل الأحد هو الواحدة لكن الواحد غير إلى أحد. (أيوبي).

(٢) ومنهم من يقول : وحد عشر وواحدة عشر وأجرى الثاني على القياس. (خبيصي).

(٣) يعني سقط التاء من العشرة ويثبت في النعت في المذكر ويعكس ذلك في المؤنث برجوع العشرة بعد التركيب إلى الأصل دون النيف الزيادة يشدد ويخفف وكل ما زاد على العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني. (هندي).

(٤) أي : في المذكر والمؤنث ؛ لأن المائة موضوعة بالتاء فلا يحسن إلحاق التاء الأخرى للمؤنث ثم ألحق الألف به؛ لأنهما من عدد الكثير فلذا يستوى فهما المذكر والمؤنث. (وجيه).

(٥) ولما كانت علة ترك التاء في لجزء الثاني لزوم اجتماع التأنيثين أورد عليه بأن الجزء الثاني في أحد عشر واثنا عشر بغير تاء أيضا مع عدم اجتماع التأنيثين فيهما فأجاب بما ترى. (محرم).

(٦) جاء السائل فقال : إن التاء في أحد عشرة من جنسين مسلم لكن كونها في اثنتا عشرة غير مسلم من كونها من جنسين بل من جنس واحد فأثبت المقدمة الممنوعة (لمحرره).

(٧) لأن أصله ثنيا قلبت الياء تاء لئلا يقع الحركات التي هي ثقيلة على الياء في الجملة. (محمد أفندي).


وفي (اثنتان) (١) وإن كانت للتأنيث إلا أنها حملت على ثنتان.

وأما تأنيث الجزء الثاني في المؤنث (٢) فلأنه لما وجب تذكير المذكر ـ لما عرفت (٣) ـ وجب تأنيثه للمؤنث ؛ لانتفاء المانع وهو عدم الفرق بين المذكر والمؤنث.

(وتميم تكسر الشين) عند التركيب (في المؤنث) أي : من (عشرة) تحرزا عن توالي أربع فتحات مع ثقل التركيب في (أحدى عشرة واثنتا عشرة) أو خمس فتحات في (ثلاث عشرة إلى تسع عشرة) (٤) والحجازيون يسكنونها (٥) وهي اللغة الفصيحة (٦) ؛ لأن السكون أخف من الفتح.

(و) تقول : (عشرون وأخواتها) (٧) بكسر التاء ؛ لأنه منصوب بالعطف على (عشرون) المنصوب محلا بمفعولية القول.

وهي : ثلاثون وأربعون وخمسون وتسعين.

(فيهما) أي : في المذكر والمؤنث من غير فرق (٨) ، وهي عقود (٩) ثمانية ،

__________________

(١) ١٣٩ رجع السائل بالنقض وقال : إن التاء في اثنتا للتأنيث لا مع البدل من لام الكلمة هي الهمزة التي للوصل ويلزم المحذور هو اجتماع علامتي التأنيث من جنس واحد فأجاب بما ترى. (لمحرره رضا).

(٢) نحو : ثلاث عشرة امرأة.

(٣) من كراهة اجتماع علامتي التأنيث من جنس واحد فيما هو كالكلمة الواحدة. (أيوبي).

(٤) لأنهما لما نزلا منزلة اسم واحد صار آخر الأول كأنه وسط الكلمة فصار محفوظا عن التغيير. (وجيه).

(٥) كراهة أربع متحركات في كلمة واحدة مع الامتزاج لما فيه فتحة.

(٦) كما ورد في القرآن في قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً)[الأعراف : ١٦٠] سكون الشين في القراءة المتواترة وإن جاء بكسرها في الشواذ. (شرح).

(٧) منصوبة بالكسرة ؛ لأن نصب جمع المؤنث السالم محمول على جره كأمر عطف على عشرون أو مرفوعة على أنها مبتدأ وخبرها محذوف أي : وأخواتها مثلها والجملة معترضة. (هندي).

(٨) وإنما قال أخوات ولم يقل أختان تغليبا للمذكر على المؤنث أي : كما يقال : عشرون رجلا يقال : عشرون امرأة بلا علامة تأنيث للمؤنث تغليبا للمذكر على المؤنث في ترك علامة التأنيث. (خبيصي).

(٩) قوله : (عقود ثمانية) أي : عشرون ثلاثون أربعون خمسون ستون سبعون ثمانون تسعون. (ه). ـ


وتقول (١) فيما زاد علة كل عقد من تلك العقود إلى عقد آخر : (أحد (٢) وعشرون) في المذكر (أحدى وعشرون) في المؤنث.

ولما غير (٣) الواحد والواحدة هاهنا بدون التركيب ؛ لأن المعطوف والمعطوف عليه في قوة التركيب لم يكن استعمالهما بالعطف علة صورة لفظ ما تقدم (٤) بعينه (٥) ، فلذلك لم يدرجهما في قاعدة العطف بلفظ ما تقدم بل خصها بما عداهما فقال (ثم بالعطف) (٦) أي: عطف تلك العقود (٧) الزائدة عليها.

__________________

ـ نبه الشارح بهذا إلى أنها كما يقال لهذه الألفاظ أخوات عشرون يقال لها أيضا عقود ثمانية مع ضم عشرون وهو اصطلاح آخر. (شرح).

(١) وهذا التفسير إشارة إلى أن قوله : (أحد وعشرون) عطف على عشرون وأخواتها بحذف حرف العطف. (م).

(٢) والنكتة في إتيان المصنف بالأعداد على صورة الرفع حيث قال : تقوم واحد اثنان إلخ مع أن القول يقتضي نصبها لفظا هما الرفع أصلا.

(٣) قوله : (ولما غير) إلخ يعني أن كل ما زاد على كل عقد يكون معطوفا عليه لكل واحد من تلك العقود والمعطوف عليه مفرد والواحد والواحدة لا يتغيران في حالة الإفراد ولما غيرا فيما زادا على كل عقد خرجا عن قاعدة العطف بلفظ ما تقدم فلذلك خص القاعدة بما عداهما حيث بين حالهما في صورة العطف بذكرهما أولا ثم قال ثم بالعطف بلفظ ما تقدم ... إلخ.

ـ قوله : (ولما غير الواحد والواحدة) بيان من الشارح لنكته في تغيير المصنف لعبارته هاهنا حيث لم يقل مثل ما سبق من ذكر ابتداء عدة في كل نوع وانتهاءه حيث قال : أحد عشر إلى تسعة عشر ولم يكتف هاهنا بذكر الانتهاء إلى تسعة وتسعين بل زاد قوله : (ثم بالعطف) فاحتاج إلى نكتة الزيادة هاهنا وهي أنه لما غير الواحد والواحدة. (خلاصة شرح).

(٤) والمراد من اللفظ المتقدم بعينه هاهنا الواحدة والوحدات فإنهما متقدمان مما عداهما في أسماء العدد.

(٥) حال من المعطوف عليه المفهوم أو صفة للعطف ؛ إذ تصادق المعطوف عليه بشيء يوجب تصادق العطف.

ـ أي : فلكون استعمال هذين التركيبين من أحد وعشرون وإحدى وعشرون مخالفا لاستعمال ما فوقها. (أيوبي).

(٦) عطف على ما قبلها بحسب المعنى كأنه قيل : تقول هكذا وهكذا ثم تقول بالعطف. (زيني زاده).

(٧) عطف على قوله : (تقول) أي : تقول كذا وكذا ثم تقول بعطف عشرين وأخواتها على النيف ملتبسا بلفظ العدد تقدم ذكره من ثلاثة مع التاء في المذكر وثلاث بدونها في المؤنث فتقول : ـ


كائنا (١) ذلك الزائد (بلفظ ما تقدم) من أسماء الأعداد بعينه من غير تغيير ، فتقول : (اثنان وعشرون) في المذكر و (اثنتان ، وثنتان وعشرون) في المؤنث ، (ثلاثة وعشرون) في المذكر و (ثلاث وعشرون) في المؤنث ، هكذا (إلى تسعة وتسعين) بل (٢) إلى (تسع وتسعين) وتقول : فيما زاد على (تسعة وتسعين).

(مائة (٣) وألف) في الواحد (مائتان وألفان) في التثنية (فيهما) أي : في المذكر والمؤنث من غير فارق بينهما.

(ثم) تقول فيما زاد على (مائة وألف) وما يتفرع عنهما (بالعطف) أي : بعطف الزائد عليهما أو عطفهما على الزائد (٤) حال كون (٥) الزائد واقعا (على صورة ما تقدم (٦) من أسماء الأعداد من غير تغيير وتبديل ، فتقول : (مائة وواحد ، أو وحدة)

__________________

ـ ثلاثة وعشرون رجلا. (حاشية هندي).

ـ خص العطف منها بعطف العقود على الزائد مع أن عطف الزائد على العقود أيضا جائز وإن كان الأول أكثر استعمالا بقرينة قوله : (إلى تسعة وتسعين) بخلاف قوله : (بالعطف على ما تقدم) حيث جعله شاملا لها. (عبد الحكيم).

(١) قوله : (كائنا ذلك الزائد) جعل الجار والمجرور رجالا م الزائد والعقود معا كما في الرضي ؛ لأن الاحياج إلى التقييد فيما وقع فيه تغيري وهو الزائد ولا في العقود.

(٢) يعني ينبغي أن يقال إلى تسعة وتسعين وتسع وتسعين كما يدل عليه السياق من قوله : (أحد وعشرون أحدى وعشرون) إلى آخر ما ذكر. (وجيه الدين).

(٣) بالوقف كسائر الأسماء السابقة وأورد الواو بينهما ليشعر بعدم اتصالهما بخلاف العقود السابقة. (حاشية).

(٤) نحو واحد ومائة وواحد وألف يعني أن حكم العطف في هذا النوع مخالف لما قبله ؛ لأن كلا من عطف الأقل على الأكثر ومن عكسه جائز هاهنا. (أيوبي).

(٥) أشار بهذا إلى أن قول المصنف على ما تقدم حال من الزائد المفهوم من قوله : (بالعطف). (لمحرره).

ـ الذي يعطف على عدد المائة والألف ، أو عطفهما عليه. (عبد الله أيوبي).

(٦) قوله : (على ما تقدم) يعني يرجع من ابتداء كل مائة إلى انتهائها إلى أول العدد على الترتيب المذكور وتعطف المائة على ذلك العدد نحو أحد ومائة واثنان ومائة أو تعطفه على المائة نحو مائة واحد مائتان ألف واثنان في المعلوم معدود وفي غير المعلوم مائة ورجل ألف ورجلان مائة وثلاثة رجال والأول أي : عطف الأكثر على الأقل أكثر استعمالا إلا ترى أن العشرة المركبة ـ


و (مائة واثنان أو اثنتان) و (مائة وثلاثة رجال ، أو ثلاث نسوة) و (مائة وأحد عشر رجلا أو إحدى عشرة امرأة) و (مائة وأحد وعشرون رجلا أو إحدى وعشرون امرأة) و (مائة واثنان وعشرون رجلا أو اثنتان وعشرون امرأة) و (مائة وثلاثة وعشرون رجلا أو ثلاث وعشرون امرأة) إلى (مائة وتسعة وتسعين رجلا أو تسع وتسعين امرأة) وكذا الحال في تثنية المائة والألف وجمعهما.

ويجوز أني يعكس العطف في الكل فتقول (واحد ومائة) إلى آخر ما ذكرنا.

(و) الأصل (في ثماني عشرة فتح الياء) (١) لبناء صدور الأعداد المركبة (٢) على الفتح ك : (ثلاثة عشر).

(وجاء إسكانها) أي : إسكان الياء (٣) لتثاقل المركب بالتركيب كما في (معدي كرب) (٤).

__________________

ـ مع النيف معطوفة عليه في التقدير فثلاثة عشر في تقدير ثلاثة وعشرة وكذا ثلاثة عشرون أكثر من عشرون وثلاثة فإذا وصلت إلى الألف استأنفت العمل فيكون بين كل ألف إلى تمام ألف آخر كما مر أول العدد إلى الألف بعطف الألف على ذلك العدد النيف عليه نحو أحد وألف عشرة وألف عشرون وألف مائة وألف مائتان وألف ثلاثمائة وألف إن شئت جعلت الألف معطوفا عليه كما ذكرنا في المائة مع ما أناف عليها وكان القياس أن يكون للعاشر من الألوف اسما مستأنفا وهكذا لا إلى نهاية كما كان للعاشر من العشرات اسم المائة وللعاشر من المأت اسم الألف إلا أنهم لما رأوا أن الأعدا لا نهاية لها وكان وضع لفظ كل عاشر من العقود يؤدي إلى وضع ما لا نهاية له من الألفاظ وهو محال فاقتصر على الألف فقالوا : عشرة آلاف واحد عشر الفا إلى عشرين ألفا إلى مائة ألف مائتا ألف ثلاثمائة ألف إلى ألف ألف ثم مائة وألف ألف مائتان وألف ألف إلى ألف ألف ألف وألفان وألف ألف وثلثة آلاف وألف ألف إلى ألف ألف ألف ألف هكذا إلى ما لا نهاية له ولم يقولوا عشر مائة بل قالوا ألف ولا أحد عشرة مائة بل مائة وألف ولا اثنتي عشرة مائة بل مائتين وألف وثلاث عشرة مائة بل ثلثمائة وألف. (شيخ رضي).

(١) إذا كان مستعملا في المؤنث على الأكثر على القياس على سائر المركبات نحو خمسة عشر وغيرها. (خبيصي).

(٢) أو لأنه لما سقطت الهاء من ثمانية بقيت الياء مفتوحة. (حاشية).

(٣) تعليل المقدر وإنما عدل عن الفتح الذي هو الأصل إلى الإسكان لتثاقل المركب. (شرح).

(٤) قوله : (كما في معدي كرب) أي : كما أسكنت في معدي كرب فإن الياء في معدي كرب كانت متحركة ثم أسكنت فالتشبيه في الاسكان للتثاقل لا في جواز الإسكان إذا الإسكان في ـ


(وشذ حذفها) (١) أي : حذف الياء (بفتح النون) لأنها إذا حذفت فالوجه بقاء الكسرة كما في قولك : (جاءني القاضي) إذا حذفت الياء إلا أن (٢) الذي سوغ ذلك فيه كون مركبا (٣) ، فروعي زيادة استثقاله فجعل موضع الكسرة فتحة.

قال الشارح الرضي (٤) : (ويجوز كسرها ليدل على الياء المحذوفة ، لكن الفتح أولى ليوافق أخواته ؛ لأنها مفتوحة الأواخر مركبة مع العشرة (٥).

ولما فرغ من بيان حال أسماء الأعداد شرع في بيان حال مميزاتها وابتدأ من الثلاثة ؛ لأنه لا مميز للواحد والاثنين كما سيصرح به فقال :

(ومميز الثلاثة إلى العشرة) والثلاثة إلى العشر (مخفوض) (٦) أي : مجرور (ومجموع لفظا) نحو : (ثلاثة رجال).

__________________

ـ معدي كرب واجب. (وجيه الدين).

(١) وفي بعض النسخ وحذفها بفتح النون شاذ وعليه شرح الهندي ونسخة الخبيصي وحذفها مع كسر النون وأما فتحها فشاذ. (لمحرره).

(٢) مشروع إلى وجه العدول عن القياس الذي هو الكسر إلى غير القياس الذي هو الفتح. (حاشية).

(٣) أي : مع عشرة ؛ لأن زيادة الياء في آخره ثقيل في مثال القاضي نفرد الوجوب بسبب واحد من أسباب الثقل لكن يكون حدوث التركيب سببا آخر له فزاد في ثمان سبب على أصل السبب ولهذا عدل عن القياس. (عبد الله أفندي).

(٤) قوله : (قال الشارح الرضي) نبه بذلك على أن ما يتبادر من عبارة المصنف مما لا يرتضيه الرضي فإن المتبادر منه أن حذف الياء مع الكسر غير شاذ بل واقع من غير شذوذ وعليه فحوى ما في الشرح المنسوب إلى المصنف. (عصام).

(٥) قال : المتبادر من كلام الرضي أن حذف الياء مع الكسرة غير شاذ بل واقع من غير شذوذ. أقول : الحق مع الرضي فإن الشذوذ في كلام المصنف راجع إلى القيد وهو فتح النون يعني أن الشذوذ مجموع الحذف والفتح ولا يلزم منه أن لا يجوز الحذف مع الكسر على القياس ولذا قال البركوي : وجاز الحذف مع كسر النون وضعف مع فتحها. (شرح).

(٦) قوله : (مخفوض) وأجاز سيبويه النصب في الشعر والفراء مطلقا وهذا إذا كان المعدود جامدا وإذا كان صفة نحو قولك : ثلاثة صالحون فالأحسن الاتباع ثم النصب على الحال ثم الإضافة وهو أضعفها لاستعمالها حينئذ استعمال الأسماء. (شرح التسهيل).


(أو معنى) (١) نحو : (ثلاثة رهط) (٢).

أما كونه مخفوضا فلأنه لما كثر استعماله آثروا فيه جر التمييز بالإضافة للتخفيف ؛ لأنها تسقط التنوين والنونين.

وأما كونه مجموعا ليطابق المعدود العدد (إلا في (ثلاثمائة (٣) إلى تسعمائة) استثناء من قوله : (مجموع) لأنهم لم يجمعوا (مائة) حين ميزوا بها ثلاثا وأخواته ـ وكان قياسها) (٤) أن ، تجمع فيقال : (مئات أو مئتين) لأن (٥) للمائة جمعين :

أحدهما : في صورة جمع المذكر السالم (٦) وهو مئون.

والثاني : في صورة جمع المؤنث السالم وهو مئات.

__________________

(١) والجمع المعنوي إما اسم جنس كالتمر والعسل والماء اسم الجمع كالرهط والقوم. (شيخ الرضي).

(٢) ورهط بفتح الراء وتحرك فإنه قوم الرجل وقبيلته ومن ثلثة أو سبعة إلى عشرة أو ما دون العشرة وما فيه امرأة أو اسم جنس كتمر والعسل وقل كونه جمعا مصححا وإذا لم يكن التمييز إلا جمع قلة فيؤتى بها وإن لم يكن إلا جمع كثرة فكذلك وإذ كان له كلاهما فالأغلب إذن يؤتى بجمع القلة ليطابق العدد المعدود وإن لم يكن له جمع التكثير يؤتى بالجمع المؤنث السالم كقوله تعالى : (ثَلاثُ عَوْراتٍ)[النور : ٥٨] وقد جاء قوله تعالى : (سَبْعَ سُنْبُلاتٍ)[يوسف : ٤٣] مع وجود السنابل. (حاشية).

(٣) أي : اسقاط التاء وثلاثة وأخواتها واجب إذا أضيف إلى مائة وإثباتها واجب إذا أضيف إلى الألف ؛ لأن مميزها في الظاهر لفظ مائة وهو مؤنث ولفظ ألف وهو مذكر. (سلكوني).

(٤) فإن قيل : إضافة العدد إلى الجمع بالواو والنون غير أصلا ولا يجوز ثلاث مسلمين ولا ثلاث سنين فكيف يقال القياس مئين قيل : سماه قياسا من حيث هو جمع يقطع النظر عن كونه جمعا بالواو والنون. (هندي).

(٥) علة لمقدر إنما كان القياس فيها أن تجمع أحد الجمعين ؛ لأن المائة ... إلخ. (كم).

(٦) من باب أرضين وقد يقال في توجيه مجيء نحو أرضين على وجه الشذوذ : إن الواو والياء والنون فيها عوض عن التاء للتأنيث فهما ليست بجمع في الحقيقة وإنما هو في الصورة. (وجيه).

ـ إنما قال : في صورة جمع المذكر السالم ولم يقل : في صورة جمع المؤنث السالم ؛ لأنه اختلف في مئين ، قال الأخفش : هو فعلين كغلسين فهو عنده اسم الجمع وقال بعضهم. هو فعيل كعصى أبدل الياء الأخير نونا. (عصام الدين).


ولا يجوز (١) إضافة العدد إلى جمع المذكر السالم ، فلا يقال (ثلاثة مسلمين) فلم يبق إلا (مئات) لكنهم كرهوا أن يلي التمييز المجموع بالألف والتاء بعدما تعود المجيء بعد ما هو في صورة المجموع بالواو والنون (٢) ، أعني : (عشرين إلى تسعين) فاقتصر على المفرد مع كونه أخصر.

(ومميز (أحد عشر إلى تسعة وتسعين) بل إلى (تسع وتسعين) (منصوب (٣) مفرد) أما نصبه في العقود فلتعذر الإضافة إذ لا يستقيم إبقاء النون معها إذ هي في صورة نون الجمع ، ولا حذفها إذ ليست هي في الحقيقة نون الجمع.

وأما (٤) فيما عداها فلأنهم كرهوا أن يصيروا ثلاثة أسما كالاسم الواحد.

ولا يرد (٥) عليه (خمسة عشرك) لأن المضاف إليه فيه لما كان غير العدد لم يمتزج (٦) امتزاج ذلك المميز فلم يلزم صيرورة ثلاثة أشياء شيئا واحدا.

وإنما جوزوا (٧) : (ثلاثمائة امرأة) مع أن فيها صيرورة ثلاثة أشياء شيئا واحدا ،

__________________

(١) فننبه بذلك على أن قول المصنف وكان قياسها مأت ومئين غير مستقيم والقياس مأت لا غير. (عصام).

(٢) كرهوا أن يجيء خلاف ما هو عادة وهو المجيء بالألف والتاء فلما تعذر الجمع اقتصر على المفرد مع أنه أخصر. (وجيه).

(٣) لتعذر الإضافة في العقود مع النون وحذفها وكراهتها في غيرها لاستلزامها ضرورة ثلاثة أشياء كالشيء الواحد. (خبيصي).

(٤) أي : نصب التمييز فيما عدا العقود أعني أحد عشر إلى تسعة عشر. (محمد أفندي).

(٥) حكى الكسائي أن من العرب من يضيف عشرون وأخواتها إلى المميز منكورا نحو عشرون درهم ومعروفا نحو عشرون ثوبه وعند الأكثرين هو شاذ لا يبنى على مثله قاعدة. (مصري شرح التسهيل).

ـ قوله : (ولا يرد) جواب للنقض الوارد على هذا الدليل بأن هذا الدليل وهو جعل ثلاثة أسماء كالاسم الواحد بعينه جار في التركيب الصحيح بين العرب وهو تركيب خمسة عشر. (أيوبي).

(٦) الواقع في خمسة عشر رجلا الذي كرهوا إضافته إليه. (محرره).

(٧) قوله : (وإنما جوزوا) جواب لما يرد على أصل الدعوى بأنهم كرهوا امتزاج المميز بالعدد المركب يلزمهم أن يكرهوا أيضا إضافة ثلاثمائة إلى مميزة ؛ لأنه مركب أيضا من ثلاثة أسماء فأجاب بما ترى. (محرم).


ليطرد ب : (مائة (١) امرأة).

وأما أفراده (٢) فلأنه لما صار منصوبا صار فضلة ، فاعتبر إفراده (٣) لتكون الفضلة قليلة.

(ومميز مائة وألف ، و) مميز (تثنيتهما ، و) مميز (جمعه) إي : جمع الألف ، وإنما لم يقل وجمعهما ، كما قال : (وتثنيتهما) لأن استعمال جمع مائة مع مميزها في الأعداد (٤) مرفوض (٥) ، فلا يقال : (ثلثمئآت رجل) كما يقال : (ثلاثة آلاف رجل) بخلاف التثنية ، فإنه يقال : (مائتا رجل) مثل : (ألفا رجل) (مخفوض مفرد) (٦) لأنه لما كانت (مائة وألف) من أصول الأعداد كالآحاد ناسب أن يكون مميزهما على طبق مميزها لكنه لما كانت الآحاد في جانب القلة من الأعداد والمائة والألف في جانب الكثرة منها اختير في مميزها الجمع الموضوع للكثرة ، وفي مميز المفرد الدال على القلة رعاية للتعادل.

(وإذا كان (٧) ...

__________________

(١) ولا يذهب عليه أن كراهة شيء لعلة لا ينافي تجويزه لعلة أخرى. (حاشية).

(٢) أي : إفراد تمييز أحد عشر فلحصول الغرض به مع كونه أخف من الجمع. (رضا).

(٣) ولكون المفرد أخف كقوله تعالى : (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)[يوسف : ٤] وقال عليه‌السلام : «أن لله تعالى تسعة وتسعون أسما» حديث وعن بعضهم جواز عندي عشرون دراهم وقد جاء عشرون درهم بالإضافة إلى حذف النون. (خبيصي).

(٤) وان استعمل في المراتب كما يقال : مراتب المئين والمأت كالألف وإنما قيد بذلك ؛ لأن استعمالها مع مميزها بدون الأعداد واقع. (محمد أفندي).

(٥) هذا الوجه إنما يتم لو لم يجز مأت رجل من غير إضافة عدد إليها لكنه جاء مأت قال الرضي وإن لم يكن له مأته مضاف إليها ثلاث وأخواتها جمعت وأضيفت إلى المفرد أيضا نحو مائة رجل. (عصام).

(٦) لكراهتهم جمع مميز العدد الكثير كائنا درهم وثلاث آلاف درهم وقد جاء جمعا ومنه قراءة حمزة والكسائي (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ)[الكهف : ٢٥] بإضافة مائة قياسا على ثلاثة وبابها كما قيست عليها في الإضافة وعلى قراءة غير ما بتنوين مائة على بدلية سنين من ثلاثمائة أو على عطف البيان وقد جاء منصوبا مفرد كقول الشاعر :

إذا عاش الفتى مائتين عاما

فقد ذهب المسرة الفناء

(خبيصي) وفي بعض النسخ :

فقد ذهب اللذات والضياء

(٧) وإنما قال : وإذا كان المعدود مذكر ولم يقل ، إذا كان المميز مذكر ليشمل ثلاثة ـ


المعدود (١) مؤنثا واللفظ) المعبر به عنه (مذكرا) كلفظ (الشخص) إذا عبرت به عن المؤنث (أو بالعكس) بان يكون المعدود مذكرا واللفظ مؤنثا كلفظ (النفس) إذا عبرت بها عن المذكر (فوجهان) أي : ففي العدد وجهان : التذكير والتأنيث ، فإن شئت قلت : (ثلاثة أشخص) وأنت تريد (النساء) اعتبارا باللفظ وهو الأكثر في كلامهم وإن شئت قلت : (ثلاث أشخص) اعتبارا بالمعنى (٢).

(ولا يميز (٣) احد) وواحدة (و) لا (اثنان) واثنتان (٤) بمميّز.

فلا يورد الواحد مع مميزه فلا يقال : (واحد رجل) ولا الاثنان معه ، كما لا يقال : اثنا رجلين ، بل يذكرون ما يصلح (٥) أن يكون تمييزا لهما على تقدير ذكر التمييز معهما ، ويطرحون الواحد والاثنين (استغناء (٦) بلفظ التمييز) أي : الصالح ؛

__________________

ـ أشخاص وأشخاص ثلاثة أورد عليه أن هذا الحكم حقه أن يذكر عند بيان التذكير والتأنيث لا بعد بيان المائة والألف لعدم افتراقهما تذكيرا وتأنيثا. (حاشية).

(١) قوله : (وإذا كان المعدود) سواء وقع تمييزا كما في مثال الشارح أو موصوفا نحو الشخص ثلاثة أو ثلاث ولا ينتقض هذا الضابط بثلاث مائة ولا العكس بثلاثة آلاف حيث وجب التذكير في الأول والتأنيث في الثاني سواء كان المعدود مذكرا أو مؤنثا ؛ لأن التذكير فيهما بواسطة لفظ المائة والألف كما حرفت ولم يعبر بهما عن المعدود بل التعبير بلفظ مميزهما عن رجلا وامرأة مثلا. (سيالكوني).

(٢) والأول أقيس قال الله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)[النساء : ١] والمراد آدم عليه‌السلام ومن الثاني قول الشاعر :

وإن كلا يا هذه عشرا الأبطن

وأنت بريء من قبائلها العشر

والأبطن القبائل أي : قبيلة كلاب. (خبيصي).

(٣) فإن قيل : في عبارة المصنف نوع منافاة وذلك ؛ لأن قوله : (ولا تمييز واحد واثنان) يدل على ترك المميز وذكر العدد ، وقوله : استغناء بلفظ تمييز عنهما يدل على ذكر المميز وترك العدد فالجواب أن المراد من قوله : ولا تمييز واحد واثنان هو أن لا يجمع بينهما وبين مميزها فيندفع المنافاة بهذا على أن دلالته على ترك المميز وذكر العدد ممنوع بناء على أن صدق السالبة يمكن أن يكون بانتقاء الموضوع. (نجم سعد).

(٤) زاده للتنصيص على استغراق النفي فإن الفعل المنفي ظاهر في العموم بخلاف النكرة في سياق النفي فإنها نص فيه ، أي : لا تمييز بمميز أصلا مفردا كان أو مثنى أو مجموعا. (سيالكوني).

(٥) أي : المفرد في الواحد والمثنى في الاثنين واحترز عما لا يصلح لذلك كالمثنى والمجموع في الاثنين. (عبد الحكيم).

(٦) مفعول له لنفي الفعل بحذف مضافين لا للفعل المنفي أي : ترك تمييز واحد واثنين مخافة ـ


لأن (١) يكون تمييزا على تقديره ذكره معهما الدال بجوهره على الجنس وبصيغته على الوحدة والاثنينية (عنهما) أي : عن الواحد إذا كان التمييز مفردا ، وعن الاثنين إذا كان مثنى (مثل (رجل ورجلان) فإن من صيغة (رجل) يفهم الجنس والواحدة ، ومن صيغة (رجلان) يفهم الجنس والاثنينية. فيذكرهما استغناء عن المميز (٢).

فإن قلت (٣) : هب (٤) أن مميز الواحد مغن عنه ، لكنا لا نسلم أن مميز الاثنين كذلك ، نعم إذا كان مميزه مثنى يغنى عنه لم لا يجوز أن يكون مفردا ، كما يقال : اثنا رجل(٥)؟.

قلت (٦) : لما التزموا الجمعية في مميز سائر الآحاد ينبغي (٧) أن يعتبر فيما لم

__________________

ـ لزوم الاستغناء ولا يتوجه النفي إلى القيد كما أشار إليه الشارح بقوله : (ويطرحون). (ح ع ف).

(١) اندفع بهذه العناية إيراد الرضي بأن هذا التعليل لا يستمر في نحو : واحد رجال واثنان رجالا. (سيالكوني).

(٢) على صيغة اسم المفعول وليس المراد بالتمييز ما هو الظاهر عنهما لا الاصطلاحي لعدم الاستغناء. (قدقي).

(٣) قوله : (فإن قلت : هب) حاصله أن المدعي عام كما مر والدليل خاص ؛ لأنه لا ينتهض فيما إذا ورد مميز الاثنين مفردا فإنه صالح لتمييز لكونه مبينا للجنس ولذا جاء في قول الشاعر حنظل والاستغناء بلفظه لعدم فهم الاثنينية منه. (حاشية س).

ـ قوله : (هب ... إلخ) فيه إشارة إلى أن إلا لجواز إفادته التأكيد كما في إله واحد ، وإلهين اثنين.

(٤) بمعنى احسب من أفعال القلوب وفاعله مستتر فيه وهو أنت ويتعدى إلى مفعولين ولا يبنى ماض من ولا غير منه. (خلاصة سراج).

(٥) سند للمنع والدليل على جواز كون مميز الاثنين مفردا ومن المنع ذكر الرضي نحو : واحد رجال واثنا رجال. (عصام).

(٦) جواب الأول بإثبات المقدمة الممنوحة ويحتمل بإبطال السند وهو أنه لا يجوز أن يكون المميز مفردا هاهنا ؛ لأنهم لما التزموا ... إلخ.

(٧) قوله : (ينبغي) أن اللائق بالقياس أن يعتبر في الاثنين المثنى رعاية للموافقة بمميز سائر الآحاد بقدر الإمكان فالمفرد ليس بصالح لتمييز الاثنين قياسا وما وقع في الشعر شاذ للضرورة. (عبد الحكيم).


يتيسر الجمعية فيه ما هو أقرب إليها وهو الاثنينية ولا يبعد (١) أن يقال : معنى الكلام (٢) أنه لا يميز واحد ولا اثنان استغناء بلفظ التمييز أي : بجواهر حروفه المصورة بهيئته الخاصة (٣) القابلة للحوق علامة الإفراد به ، أعني التنوين أو علامة الاثنينية ، أعني : حرفي التثنية.

فإذا اعتبر مع علامة الإفراد استغنى به عن ذكر الواحد على حدة ، وإذا اعتبر مع علامة التثنية استغنى به عن ذكر الاثنين على حدة ، فاختاروا (٤) لحوق العلامة التي هي أخف على ذكرهما ولا شك أن : (رجلان) أخف من (اثنا رجل) وذلك الاستغناء إنما يكون (لا فائدته) أي : لا فائدة لفظ التمييز (النص (٥) المقصود) أي : التنصيص (٦) على

__________________

(١) وإنما قال : (ولا يبعد) لأن فيه حمل اللفظ على خلاف اللفظ السابق إلى الفهم. (فاضل).

ـ قوله : (ولا يبعد) تقرير السؤال ؛ إذ إغناء مميز الواحد مسلم لكن لا نسلم أن مميز الاثنين مغن وإنما يكون مغنيا لو تعين أن مميزه مثنى وهو في حيز المنع أم لا يجوز أن يكون مفردا مثل اثنا رجل وتقرير الجواب الأول وإثبات المقدمة الممنوعة وهو أنه تعين أن يكون مثنى وذلك أنهم لما التزموا الجمعية في مميز سائر الأحاد ولم يتيسر ذلك للمنافات بين الاثنين والجماعة اختاروا وما هو أقرب إلى الجمعية وهو أن معنى الكلام أن التمييز هو جوهر الحروف المعثورة بهيئته خاصية القابلة للحوق علامة الإفرادية والاثنينية فإما أن يذكر معه المعدود فارتفع احتمال ذكر المفرد من أصله. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (معنى الكلام) خلاصته أن معنى الكلام أنه لا يجمع بينهما وبين مميزهما استغناء بلفظ التمييز أعنى الصيغة من غير اعتبار علامة الإفراد والتثنية عنهما ؛ لأنه بإلحاق علامة الإفراد يفيد الوحدة بإلحاق علامة التثنية يفيد الاثنينية فلا حاجة إلى ذكر الواحد والاثنين. (عبد الحكيم).

(٣) نحو : رجل على هيئة الواحد الدال على الأفراد الذي هو ما أفادة لفظ الواحد بعينه وفر عليه التثنية. (محرره).

(٤) دفع لما يرد من أنه على هذا التوجيه حصل لنا طريقان لبيان الجنس مع الوحدة والاثنيية مغن عن الآخر فلا يصح أن لفظ التمييز مغن عنهما فقال : إن لحوق العلامة أخف فاختاروه لهذا الترجيح. (سيالكوني).

(٥) قوله : (النص) مفعول مطلق لقوله : (لإفادته) أي : لإفادته إفادة صريحة وقوله : (المقصود) مفعول به لها وقد كتب في الحاشية (النص) مفعول به وقوله : (المقصود) صفة. (حاشية هندي).

(٦) وإنما فسر الشارح النص بقوله : (أي : التنصيص) للتنبيه على أن المراد به هاهنا ليس ـ


العدد التصريح به الذي قصد ذلك التنصيص والتصريح (بالعدد) أي (١) : بذكر اسم العدد، فلما أفاد التمييز ذلك التنصيص استغنى في إفادته عن ذكر العدد على حدة (وتقول في المفرد من المتعدد) (٢) أي : في الواحد (٣) من المتعدد.

__________________

ـ معناه الاصطلاحي الأصولي وهو ما سبق له الكلام بل المراد به معنى المصدري بمعنى جعل الشيء منصوصا. (محرم أفندي).

(١) أشار بهذا التفسير إلى أن نفس العدد هو المقصود لا المقصود به.

(٢) والمراد بقوله : (في المفرد من المتعدد) المفرد المشتق من لفظ المتعدد كثالث فإنه لفظ مفرد وهو مشتق من متعدد وهو الثلثة وكذلك الرابع من الأربعة يعني بالمفرد اسم الفاعل المشتق من لفظ المتعدد المفرد أي : المتعدد الذي لا يتركب. (محمد أفندي).

ـ يعنى بالمفرد الواحد وبالمتعدد المعدود وقد تقدم أن جميع ألفاظ العدد كانت في الأصل لمجرد العد كما تقول ثلاثة نصف ستة ثم استعمل في المعدودات كما في رجال ثلاثة وستة رجال فإذا كان هناك معدود معين كعشرة رجال مثلا وقصدت ذكر واحد منهم فإذا أردت ذكره بلا ترتيب جئت بواحد أو أحد الذي هو أول تلك الألفاظ الاثني عشر فقلت : هذا واحد العشرة أو أحدهم وإن قصدت إلى واحد منهم مع حفظ الترتيب العدد فلذلك على وجهين أحدهما أن يقصد إلى ذلك الواحد المعين درجته العددية بالنظر إلى حاله أي : درجته التي هو فيها من العدد لا باعتبار عدد آخر كالثالث أي : الواحد من الثلاثة والثاني أي : الواحد من الاثنين وهو معنى قوله : (باعتبار حاله) والثاني ال يقصد إلى ذلك الواحد المراعى درجته العددية مع النظر إلى الدرجة التي تحت درجته أيضا فيكون واحدا من درجته بسبب تصييره الدرجة التي تحت درجته ممحوة ذاهبة الاسم وجعله للمجموع اسم درجة نفسه بسبب انضمامه إلى ما تحته نحو ثالث اثنين أي : واحد من ثلاثة بسبب انضمامه إلى ما تحته نحو : ثالث اثنين أي : واحد من ثلاث بسبب انضمامه إلى اثنين وجعله للمجموع اسم ثلاثة ومحوه عن المجموع اسم الاثنين فمعنى ثالث اثنين مصير اثنين ثلاثة بنفسه وهذا معنى قوله : (باعتبار تصييره) فإذا قصدت إليه باعتبار التصيير لم يجز أن يبنى من واحد ؛ إذ ليس تحت الأحد عدد يصبر أحدا بانضمامه إلى الأحد ويجوز أن يبنى من الاثنين نحو ثاني واحد أي : مصيّر واحد اثنين بنفسه فإذا جئت بعدة بمقول هذا المصير إما مجرورا أو منصوبا وجب أن يكون عددا أنقص من العدد المشتق منه هذا المصير بدرجة كرابع ثلاثة وخامس أربعة ولا يجوز أن يكون أنقص بأكثر من درجة ولا أزيد بشيء ؛ إذ المعنى أنه صير مفعوله بانضمامه إليه على العدد المشتق هو منه. (رضي الدين).

(٣) أي : في استعمال العدد في أحد المعدودات فقوله : (من ظرف مستقر) وقع صفة للمفرد أي : الواحد الكائن من المتعدد أو صلة الإفراد أي : أفرد من المتعدد. (هندي).

ـ أشار بهذا التفسير إلى أن المراد من المفرد هو اللفظ الدال على العدد الواحد سواء ـ


(باعتبار (١) تصييره) أي : بسبب اعتبار تصيره أي : تصيير ذلك (٢) المفرد عددا أنقص منه أو أزيد عليه بواحد.

(الثاني) في المذكر فقوله (الثاني) مقول (٣) القول ، وذلك القول إنما هو باعتبار تصييره الواحد اثنين بانضمامه إليه ، فيكون معنى ثاني الواحدة مصيره بانضمامه إليه اثنين.

وإنما ابتداء من الثاني إذ ليس قبل الواحد عدد حتى يكون الواحد مصيره واحد.

(والثانية) في المؤنث على هذا القياس وهكذا (إلى العاشر) في المذكر (والعاشرة) في المؤنث (لا غير) أي : لا تقول غير ذلك فلا يجري ذلك فيما تحت الاثنين ولا فيما فوق العشرة إذ ما فوقه مركبات ولا يتيسر اشتقاق (٤) اسم الفاعل منها.

(و) تقول في المفرد (باعتبار (٥) حاله) أي : مرتبته من ...

__________________

ـ بلفظ الواحد أو الثاني أو غيره.

(١) أي : قولا ملتبسا باعتبار تصيير ذلك المفرد عدد أنقص من عدده أزيد عليه بواحد أو يكون المعنى بسبب اعتبار قصيرة فقوله : (من إضافة المصدر إلى الفاعل) وكلا المفعولين محذوف. (هندي).

(٢) إشارة إلى مرجع ضمير تصييره وهو فاعل تصييره وعددا أنقص مفعوله الأول وأزيد مفعوله الثاني والمعنى باعتبار جعل ذلك المفرد العدد الأول الأنقص بواحد وهذا ظاهر عند التأمل في الأمثلة فلا تغفل. (لمحرره).

(٣) وأن كان مفردا لصحة كون المفرد مقول القول فلا حاجة إلى ما قيل.

(٤) قوله : (لا يتيسر اشتقاق) وذلك لأن اسم الفاعل ما اشتق من فعل لمن قام به معنى الحدوث ولا فعل لما فوق العشرة بخلاف العشرة وما تحتها فإن لها الفعل نحو ثنيت من الثني إلى عشرة من العشر على حد ضرب وجاء من حد فتح ما فيه العين أعنى ربع وسبع وتسع وأما ما هو لبيان الحال وإن كان في صورة اسم الفاعل كالحائط والكاهل فليس له معنى حدثي قائم به وإنما معناه الواحد في مرتبة فلا بأس أن يبنى من أول جزئي المركب ؛ إذ لا يحتاج إلى مصدر وفعل. (س).

(٥) وأجاز سيبويه أن يتجاوز العشرة ما هو بمعنى التصيير خلافا للاخفش والمازني والمبرد وقال أبو عبيدة : تقول : كانوا تسعة وعشرين فثلاثتهم أي : جعلتهم ثلاثين وكانوا تسعة وثلاثين فربعتهم وكذا إلى المائة قال السيرافي : إن كثيرا من النحاة يمنعون من الاشتقاق بمعنى التعبير فيما جاوز العشرة وهذا هو القياس قال : ومنهم من يجيزه ويشتقه من لفظ النيف فيقول : هذا ثاني أحد ـ


المتعدد (١) من غير اعتبار معنى التصيير (٢) (الأول (٣) والثاني) (٤) إذا وقع في المرتبة الأولى أو الثانية في المذكر (والأولى والثانية) في المؤنث ، كذلك من غير اعتبار معنى التصيير.

وإنما (٥) لم يقل (الواحد والواحد) لأنهما لا يدلان على المرتبة (٦) ، فأبدل منهما (الأول والأولى) للدلالة عليها ، وهكذا (إلى العاشر والعاشرة والحادي (٧) عشر) في المذكر (و (الحادية عشرة) في المؤنث.

(و) كذلك (الثاني عشر والثانية عشر إلى التاسع عشر والتاسعة عشرة).

__________________

ـ عشر وثالث اثني عشر وينونه قال المبرد : وهذا لا يجوز ؛ لأن هذا الباب يجري مجرى الفاعل المأخوذ من الفعل ونحن لا نقول رتب ثلاثة عشر ولا اعلم أحدا حكاه. (رضي).

(١) والثاني باعتبار حاله ووصفه في نفسه لا باعتبار تأثيره فالأول من مقولة والثاني من مقولة كيف فظهر الفرق وحسن المقابلة فلا يتجه ما قيل أن التعبير أيضا حال من الأحوال فلا يحس المقابلة بالحال وفسر الحال بالمرتبة حيث قال : الأول والثاني ولو قصد بيان حالة بمعنى أنه واحد من المتعدد من غير بيان مرتبة يقال واحد من الثلثة أو الأربعة وجيه الدين عنه مقول كيف عرض لا يقبل القسمة لذاته ولا نسبة لذاته ومقول الفعل هو التأثير في الغير.

ـ قوله : (أي) مرتبة من المتعدد في نفسه لا بالنظر إلى عدد تحته فيصح مقابلته باعتبار التصيير فإن حاله بالنظر إلى ما تحته. (عبد الحكيم).

(٢) بيان لفائدة قيد باعتبار حاله ولتحصيل المقابلة بينه وبين ما قبله. (عبد الله أفندي).

(٣) مقول القول مرفوع الحكاية منصوبة تقديرا عطف على الثاني والثانية من قبيل عطف الشيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد وهو جائز بالاتفاق. (زيني زاده).

(٤) من غير أن يتعرض فيه إلى أنه مصير ، ولكن معناه واحد من جملة هذا العدد ، فإذا مكث الثاني ، فمعناه واحد من اثنين. (شرح).

(٥) لما غير المصنف قوله : (الواحد إلى الأول والواحدة إلى الأولى) أراد الشارح أن يبين وجه العدول. (محرم).

(٦) بخلاف الأول والأولى فإنهما لمرتبة معينة من العدد ولفظا الواحد والواحدة ليسا كذلك. (محمد أفندي).

(٧) فنقول باعتبار حاله فيما زاد على العشرة من المركبات الحادي عشر في المذكر فهو عطف على الأول لا على العاشر وإلا يلزم تعدد الغاية. (هندي). ـ


واعلم (١) أن حكم اسم الفاعل من العدد سواء كان بمعنى المصير أولا حكم أسماء الفاعلين في التذكير والتأنيث فتقول في المذكر : (الثاني والثالث والرابع إلى العاشر) وفي المؤنث : (الثانية والثالثة والرابعة إلى العاشرة) وكذا في جميع المراتب من المركب والمعطوف نحو : (الثالثة عشرة) تؤنث الاسمين في المركب ، كما تذكرهما في المذكر نحو : (الثالث عشر) وإنما (٢) ذكر الاسمين ؛ لأنه اسم لواحد مذكر ، فلا معنى للتأنيث فيه بخلاف (ثلاثة عشر رجلا) فإنه للجماعة.

وتقول (٣) في المعطوف : (الثالث والعشرون) و (الثالثة والعشرون) (ومن ثمة) أي: ومن أجل (٤) اختلاف الاعتبارين اعتبار تصييره واعتبار حاله اختلف (٥) بالإضافة فلاختلاف إضافتهما (قيل في الأول) أي : المفرد من المتعدد المقول باعتبار تصييره (ثالث اثنين) بالإضافة (٦) إلى الأنقص بدرجة (أي مصيرهما) أي الاثنين ثلاثة (من)

__________________

ـ قوله : (والحادي عشر) متقلب الواحد إلى الحادي يجعل الفاء مكان اللام والعين مكان الفاء وقلب الواو لتطرفها فتسكن الياء فيه وكذا في الثاني عشر مع أنهما مركبان كما مر في معدي. كرب (رضي).

(١) ولما كان حكم اسم العدد في التذكير والتأنيث إذا وقع على صيغة اسم الفاعل مخالفا الحكمة إذا لم يقع كذلك أراد الشارح أن يبين. (أيوبي).

(٢) ثم بين وجه تذكير الاسمين هاهنا على القياس مخالفا لما أحد هو عنها من الأصول السابقة.

(٣) قوله : (وتقول في المعطوف) وأما العشرون والثلاثون إلى التسعين والمائة والألف فلفظ المفرد من المتعدد لفظ العدد فهما واحد وكان القياس العاشرون والثالثون كذا في الرضي ولذا تركهما الشارح. (سيالكوني).

(٤) قوله : (ومن أجل اختلاف الاعتبارين) الأولى أن المراد من أجل أن الأول بمعنى ما قام به الفعل وهو التصيير من عدد أقل إلى مرتبة العدد المستثنى هو منه بمجرد انضمامه إليه وأضيف إلى ما هو أقل بمرتبة واقتصد على ما جاء الفعل فيه ؛ إذ ما يؤدى معنى فعليا لا بد أن يشتق من فعل وذلك من اثنين إلى غيره بخلاف الثاني فإنه باعتبار حاله وليس فيه معنى فعلي فهو اسم فاعل صورة لا معنى فيصح اشتقاقه من نفس العدد ويصح إضافته إلى مثله وما فوقه لأنه بمعنى واحد في مرتبة خاصة من ذلك العدد. (عصام الدين).

(٥) قوله (اختلف) مقدر هاهنا ليتعلق به الجار حتى يكون قوله : (من ثمة) مفعولا له يعني إنما اختلف الإضافة في الاعتبارين لأجل ما تقدم. (محرم).

(٦) قوله : (ثالث اثنين بالإضافة) أو بالتنوين والأول هناك أكثر بخلاف سائر أسماء الفاعلين فإن الإضافة والنصب فيها متساويان أو الثاني أكثر كذا في الرضي. (عصام).


قولهم : (ثلاثتهما) (١) بالتخفيف أي : صيرت الاثنين ثلاثة.

(و) قيل (في الثاني) أي : في المفرد من المتعدد باعتبار حاله ، (ثالث ثلاثة) أو (أربعة أو خمسة) بالإضافة (٢) إلى عدد يساوي عدده ، أو يكون فوقه (أي أحدها) لكن (٣) لا مطلقا ، بل باعتبار وقوعه في المرتبة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة ، وألا يلزم جوازه إرادة الواحد الأول (٤) من (عاشر العشرة) وذلك مستبعد (٥) جدا.

(وتقول) في إضافة ما زاد على العشرة : (حادي عشر أحد عشر) بإضافة المركب الأول إلى المركب الثاني أي : واحد من أحد عشر متأخر بعشر درجات بناء (على) الاعتبار (الثاني) (٦) وهو اعتبار بيان الحال (خاصة) (٧) لأن الاعتبار الأول لا يتجاوز العشر كما عرفت.

__________________

(١) فيضاف المشتق إلى ما تحته وهو اثنان دونه ودون ما هو الأكثر منه لامتناع تصيير المشتق وفي التنزيل : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ)[المجادلة : ٧] فلا يتجاوز العشرة بهذا الاعتبار في مذهب المازني والمبرد والأخفش ؛ لأنه لا يمكن بناء اسم الفاعل من العقد المركب ؛ لأنه لفظان مختلفان إنه أجاز هذا رابع ثلثة عشر بإضافته وهنا خامس أربعة عشر بإضافته رابع عشر أي : مصيرها وقد ينصب اسم المصير بهذا الاعتبار أي : التصيير إذا كان بمعنى الحال ؛ لأنه اسم فاعل أو : الاستقبال فليقال رابع ثلثة تنوين الأول ونصب الثاني مفعول ثاني. (خبيصي).

(٢) فيضاف إلحاصل وفي التنزيل لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلثة وبهذا الاعتبار لا ينصب على الأكثر لعدم التصيير المقتضي للتعدد وعن الأخفش جواز النصب ؛ لأنه اسم فاعل أيضا فيجوز فيه ما يجوز في الأول. (خبيصي).

(٣) ولما توهم من قوله : (أحدها) أن المراد من أحد تلك الأعداد هو أحدها سواء اعتبر وقوعه في مرتبة أولا أراد الشارح أن يقيده بحيث يندفع عنه ذلك التوهم استدرك بما ترى.

(٤) يجوز إرادة المبدأ والمنتهى من عاشر العشرة ؛ لأنهما في المرتبة العاشرة كل منهما باعتبار مبدأ. (عصام).

(٥) أي : عند العقل إذا الظاهر أن يقال أول العشرة وثاني العشرة إلى عاشرها وأما الاستعمال فغير واقع. (عبد الحكيم).

(٦) ولم يقل بالاعتبار الأول لعدم فعل اشتق منه اسم الفاعل فوق العشرة بهذا المعنى ولهذا قال : على الثاني خاصة. (متوسط).

(٧) حال من الاعتبار الثاني وللمبالغة أو مصدر لفعل محذوف أي : خص الاعتبار الثاني خصوصا والحملة حال أو معترضة. (عباب). ـ


(وإن شئت قلت) في أداء هذا المعنى : (حادي أحد عشر) بحذف الجزء الأخير من المركب الأول استغناء عنه بذكره في المركب الثاني ، وهكذا تقول : (إلى تاسع تسعة عشر) فتعرب (١) الجزء الأول) (٢) من المركب الأول ؛ لانتفاء التركيب الموجب للبناء وبني الجزآن الباقيان لوجود موجب البناء فيهما وهو التركيب.

(المذكر والمؤنث) (٣)

ذكرهما بعد باب العدد ؛ لانجرار مباحثه إلى ذكر التذكير والتأنيث ، وقدم المذكر لأصالته (٤) وآخر تعريفه ؛ لأنه عدمي ، وتعريف المؤنث وجودي (٥).

(المؤنث : ما فيه) أي : اسم كان فيه (علامة التأنيث (٦) لفظا) (٧) أي : ملفوظة

__________________

ـ بإضافة المركب إلى المركب ويبنى الجميع للتركيب فيتجاوز العشرة بهذا الاعتبار أي : اعتبار الحال. (خبيصي).

(١) الفاء عاطفة وتعرب مضارع مخاطب من الأفعال مجزوم وتقديرا بأن ؛ لأنه لما التقى الساكنان أحدهما سكون الياء والثاني سكون لام التعريف حرك الياء بالكسرة دفعا للساكنين فصار الجزم تقديرا. (زيني زاده).

(٢) وإن شئت حذفت أول الثاني أيضا وقلت : حادي عشر وإلأكثرون على بنائهما لقيام ثاني الثاني مقام الثاني الأول وقيل بإعراب الأول وبناء الثاني فيقال : هذا ثالث عشر ورأيت ثالث عشر ومررت بثالث عشر وقيل : بإعرابهما. (خبيصي).

(٣) قوله : (المذكر والمؤنث) هذا تقسيم آخر للاسم باعتبار التذكير والتأنيث كتقسيمه إلى المعرفة والنكرة. (وجيه الدين).

(٤) ولأنه لا يحتاج إلى علامة التأنيث لا لفظا ولا تقديرا والمؤنث يحتاج إليها وغير المحتاج أصل بالنسبة إلى المحتاج المؤنث عليه. (وجيه الدين).

(٥) والوجود مقدم من العدمى والعدم بغدا الوجود أي : الوجود أولى إلى التقديم لشرفه.

(٦) قيل : يخرج نقض على التعريف عن تعريف المؤنث المؤنثات الصيغية كهذه والتي وأنت وقد يجاب عنه بأن قال بعضهم : الكلام في المذكر والمؤنث الذين من أقسام المعرب ؛ لأن المؤنث الذي من أقسام المبني قد ذكر فيه مستوفى المؤنث المضمر في المضمر واسم الإشارة في الاسم الإشارة والموصول في الموصول. (حاشية).

(٧) حال من علامة التأنيث أو من فاعل الظرف كما أشار إليه الشارح. (م).


كانت تلك العلامة حقيقية ك : (امرأة وناقة وغرفة) أو حكما (١) ك : (عقرب) إذا الحرف الرابع في المؤنث السماعي في حكم تاء التأنيث ، ولهذا لا تظهر التاء في تصغير الرباعي من المؤنثات السماعية (أو تقديرا) أي : مقدرة غير ظاهرة في اللفظ ك : (دار ونار ونعل وقدم) وغيرها من المؤنثات السماعية.

(والمذكر بخلافه) أي : اسم متلبس بمخالفة المؤنث ، أي : لم يوجد فيه علامة التأنيث ، لا لفظا ولا تقديرا.

(وعلامته : أي : علامة التأنيث (التاء والألف) (٢) حال كونها (مقصورة) ك : (سلمى وحبلى (أو ممدودة) ك : (صحراء وحمراء) وقد زاد بعضهم : الياء في قولهم (ذي وتي) (٣) وزعم أنها للتأنيث ، وليس ذلك (٤) بحجة ، لجواز أن تكون صيغة موضوعة للمؤنث، مثل : (هي وأنت وهن).

__________________

(١) قوله : (أو حكما) والحقيقي المقدر العلامة كزينب وسعاد وغير الحقيقي نادر ودار ودليل كون التاء مقدرة والألف رجوعها في التصغير وأما الزائد على الثلاثة فحكموا فيه أيضا بتقدير التاء قياسا على الثلاثي ؛ إذ هو الأصل وقد ترجع فيه أيضا شاذا نحو قديمة ووريئة في تصغير قدام ووراء. (رضي الدين).

(٢) وإن لم يكن بمعنى التأنيث فإنها تاء لأربعة عشر معنى حققها الرضى في هذا المقام. (عصام).

ـ واعلم أنه ما أريد بها الثبوت فيجرد من التاء ، وليس بمقدر ؛ لأنك تصغر حائضا كحويض. (عباب).

ـ ويكون ما قبلها مفتوحا أبدا فالتاء في أخت وبنت ليس لمجرد التاء بل هي مبدلة من الواو. (عباب).

(٣) وذكر أن تأنيثهما من خصائص اسم الإشارة فلعله قاتل في اسم الإشارة التصرف تذكير وتأنيث وإفراد وتثنية. (هن حاشية).

(٤) أي : ليس استعمل الكلمتين المذكورتين بالباء في المؤنث.

ـ والمؤنث السماعي ستون : العين والأذنان والنفس والدار والدلو والسن والكتفان وجهنم وسعير وعقرب والأرض والاست والعضدان والجحيم والنار والعصا والريح واللظى ويدان والغول والفردوس والفلك وعروض والدراع وثعلب والملح والفأس والوركان والقوس والمنجنيق وأرنب والخمر والبئر والفخذان وذئب وفهد وعرب والعين والدرع والقدمان وكبد وكرش وصقر والحرب والثعلان وفرس وكأس وأفعى والشمس والعقبان والعنكبوت والموسى واليمين وأصبح الإنسان والرجل والسراويل والسحال والضبع والكف والساقان.

ـ جمعها ابن الحاجب في قصيدة.


(وهو) أي : المؤنث (حقيقي ، لفظي ، فالحقيقي : ما) أي : اسم (بإزائه) (١) أي : في مقابلته (ذكرّ من) جنس (الحيوان ك : (امرأة) في مقابلة (رجل) (ناقة) في مقابلة (جمل).

(واللفظي : بخلافه) أي : متلبس بمخالفة المؤنث الحقيقي ، أي : ليس (٢) بإزائه ذكر من الحيوان بل تأنيثه منسوب إلى اللفظ لوجود علامة التأنيث في لفظه حقيقة أو تقديرا أو حكما بلا تأنيث حقيقي في معناه (ك ـ (ظلمة) (٣) مثال للتأنيث اللفظي حقيقة (وعين) مثال للتأنيث اللفظي تقديرا ، فإن تاء التأنيث مقدرة فيها ، بدليل تصغيرها على (عيينة) ولم يورد مثالا للمؤنث اللفظي الحكمي ك : (عقرب) لقلة وقوعه.

(وإذا أسند الفعل) (٤) بلا فصل كما هو الأصل (٥) (إليه) أي إلى المؤنث مطلقا حقيقيا أو لفظيا مظهرا أو مضمرا (٦) (فبالتاء) (٧) أي : فذلك الفعل متلبس بالتاء وجوبا إيذانا بتأنيث الفاعل من أول الأمر ، إلا إذا كان مسندا إلى ظاهر غير الحقيقي. فإنه حينئذ لك الاختيار في إلحاق التاء وتركه ، وإلى هذا أشار (٨) بقوله :

__________________

(١) قوله : (بازائه) ذكر ولو قال الحقيقي ذات العرج كان أولى ؛ إذ يجوز أن يكون حيوان أنثى لا ذكر لها من حيث التجويز العقلي. انتهى كلام الرضي ، لكن مادة النقض غير محققة فلذا قال : أولى. (عبد الحكيم).

(٢) يدخل فيه ما لا يكون بإزائه شيء أو يكون لكن لا يكون ذكر كظلمة فإن مقابلها النور وليس بذكر أو يكون بإزائه ذكر لكن لا من جنس الحيوان كنخلة فكلما مؤنث لفظي. (حاشية).

(٣) مما كان بإزائه شيء لكن لا يكون ذلك الشيء من الحيوان فإن بإزائها شيئا وهو النور ولكنه ليس من الحيوان. (سيد عبد الله).

(٤) أي : المتصرف فإنه يجوز التاء وتركه في نحو : نعم المرأة ويتعين تركه في نحو : أكرم بهند عند من أسند أكرم إلى هند وكذا الحال في شبه الفعل واللائق أن يقول الشارح : أي : الفعل المتصرف وشبهه بلا فصل كما هو الأصل. (سيالكوني).

(٥) إذا الأصل أن يلي الفاعل فعله كما مر في صدر المرفوعات. (قدقي).

(٦) وهذا تعميم بقرينة السياق حيث قال بعد ذلك : وأنت في ظاهر غير الحقيقي بالخيار. (هندي).

(٧) غالبا لأنه قد ورد حذفها مع ضمير المؤنث الغير الحقيقي نحو : والأرض أبقل إبقالها وحكى سيبويه عن بعض العرب : قال فلانة. (عبد الحكيم).

(٨) قوله : (إلى هذا بقوله : وأنت) أراد أن قوله : وأنت في ظاهر غير الحقيقي تخصيص كما في قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)[التوبة : ٥] بقوله عليه‌السلام : «ولا تقتلوا أهل الذمة» ـ


(وأنت (١) في ظاهر (٢) غير الحقيقي بالخيار) (٣) فهو بمنزلة الاستثناء من هذه القاعدة فلك أن تقول في : (طلعت الشمس) (طلع الشمس) بخلاف (الشمس طلعت) فإنه لا يجوز فيه (الشمس طلع) لكون التأنيث فيه لفظيا ، واستغنائه عن إلحاق التاء ، لما في لفظه من الإشعار به ، بخلاف مضمره (٤) ، إذ ليس فيه ما يشعر بتأنيثه ، وجعل بعض (٥) الشارحين : ضمير (إليه) راجعا إلى المؤنث الحقيقي ، أو ضمير المؤنث اللفظي (٦) بقرينة قوله : (وأنت ظاهر غير الحقيقي بالخيار). ولو كان يستثنى من هذه القاعدة صورة

__________________

ـ والتخصيص في معنى الاستثناء. (وجيه الدين).

(١) وأما مع ظاهر المفرد المؤنث الغير الحقيقي وكذا مثناه فلأن تأنيثه لما كان ضعيفا لكونه مؤنثا غير حقيقي لم يؤثر تأثيرا بليغا مع أن ظهور لفظ المؤنث دال على تأنيثه فلا يجب إلحاق العلامة بل يجوز نظر إلى مجرد تأنيثه. (سيد عبد الله).

(٢) واحترز به عن المضمر نحو : الشمس طلعت فإن التأنيث فيه واجب. (عباب).

ـ أنت مختار بين إتيان التاء وعدمها وتذكير الفعل وعدمه اعتبار جهتي التأنيث وعدمه باعتبار اللفظ والمعنى. (عباب).

ـ ما لم يكن علما المذكر نحو : طلحة فإنه لا يقال : جاءتني طلحة إلا عند بعض الكوفيين وعدم السماع مع الاستقراء ثم أن المؤنث اللفظي قد يكون حيوانا نحو : حمامة ودجاجة وقملة ونملة فيستوى الأمران فقول من قال : إن تأنيثه قالت في قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ)[النمل : ١٨] دال على أنها كانت أنثى غير مستقيم وإن استحسنه ضعفه النحويين قال المصنف في الأيضاح : إذ جاز هذه حمامة ذكر وثلاث من البط ذكور مع التصريح بالذكور فليجز (قالَتْ نَمْلَةٌ) بالتاء مع كونه ذكرا نعم يتم ذلك على قول ابن السكيت ولا يجوز تأنيث فعل المؤنث اللفظي إذا كان المذكرة علما له أولا فتأنيث نملة عنده كتأنيث طلحة. (سيالكوني).

(٣) هذا تخصيص لما قبله أي : يجوز حذف التاء منه إلى من غير الحقيقي. (خبيصي).

(٤) يعني إذا أسند إلى الضمير الراجع إلى المؤنث اللفظي يجب أن يكون الفعل بالتاء. (أيوبي).

(٥) حيث قال : إذا أسند إلى المؤنث الحقيقي وإلى ضمير المؤنث اللفظي الفعل. (متوسط).

ـ قوله : (وجعل بعض الشارحين) فعنده قوله : (وأنت في ظاهر ... إلخ) ناسخ لقوله : (إذا أسند الفعل إليه) فبالتاء وعند الشارح مخصص به ولا يخفى أن هذا الفرق إنما يظهر أثره في بقاء العام بعد الإخراج حقيقة كما بين في الأصول ولا فرق بينهما في إخراج بعض ما يتناوله. (عبد الحكيم).

(٦) يعنى إذا أسند الفعل إلى ظاهر المؤنث الحقيقي نحو ضربت فاطمة أو اسند إلى الضمير الراجع إلى المؤنث اللفظي نحو : عين جرت فحكم كله وجوب إلحاق التاء. (محرم).


الفصل أيضا ، لئلا يحتاج إلى التقييد بقولنا : (بلا فصل) لكان أحسن استيفاء لا حكم جميع الأقسام. ففي صورة الفصل أيضا لك الخيار في إلحاق التاء بالفعل ، وفي تركه ، فتقول: (حضرت القاضي امرأة) و (حضر القاضي امرأة) وطلعت اليوم الشمس ، وطلع الشمس، إلا إذا كان المؤنث الحقيقي منقولا عما يغلب في أسماء الذكور ك : (زيد) إذا سميت به امرأة ، فإنه مع الفصل يجب إثباتها ، نحو : (جاءت اليوم زيد) لدفع الالتباس(١).

(وحكم ظاهر الجمع) لا ضميره فإن إلحاق التاء أو ضمير الجمع فيه واجب ، نحو : (الرجال جاءت ، أو جاءوا) (غير) الجمع (٢) (المذكر السالم) لأنه لو كان جمع المذكر السالم (٣) لم يجز تأنيثه ، فلا يقال : (جاءت الزيدون) ولا (الزيدون جاءت) (مطلقا)(٤)أي : سواء كان واحده مؤنثا نحو :

__________________

(١) واعلم أنه يلزم من قوله : (أنه يجب أن يقال : جاءتني طلحة وجاءني طلحة مع كونه اسم رجل لكونه مؤنثا لفظيا) وهو خلاف المشهور والمشهور أنه يجب ترك التاء في فعل بناء على أنه علم قصد فيه الإخراج عن موضوعه العلمي فلم يلتفت إلى اللفظ واعتبر المعنى فقط أو أن تأنيث نملة عند ابن السكيت كتأنيث طلحة فيجب ترك التاء فيه عنده إذا أريد به المذكر وهذا القول بنى أبو حنيفة رحمه‌الله الاستدلال على أن النملة في قالت أنثى ؛ إذ لو كان ذكرا لجاز ترك التاء في فعله كما لا يجوز التاء في فعل طلحة روي أن قتاده رضى الله تعالى دخل الكوفة فالتفت عليه الناس فقال : سلوني عما شئتم وكان أبو حنيفة حاضرا وهو شاب فسأله عن نملة سليمان أكان ذكر أو أنثى ، فأقحم فقال رضي‌الله‌عنه : كانت أنثى ، فقيل له : من أين عرفت؟ فقال : من كتاب الله تعالى وهو قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ)[النمل : ١٨] ولو كان ذكرا لقيل : قال نملة كما يقال : قال طلحة. (وجيه الدين).

(٢) وإنما قيد الجمع بغير الجمع المذكر السالم ؛ لأن جمع السلامة لم تؤنث لو جمعن أحدهما أن المفرد فيه سالم وهو مذكر فكما لا يقال : ذهبت زيد كذلك لا يقال : ذهب الزيدون والثاني هو أن هذا الجمع لما اختص بالعقلاء صار له نوع شرف وتفضيل في التأنيث نوع نقصان فلا يجمع فيه وضحان متنافيان. (غجدواني).

(٣) إلا بنوك فإنه يجوز فيه التاء قال الله تعالى : (آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ)[يونس : ٩٠] ؛ لأنه في حكم الجمع المكسر لتغير بناء الواحد فيه. (سيالكوني).

(٤) مفعول مطلق أطلق أو ظرف بمعنى التشبيه المفهوم من اتحاد الحكم أي : زمانا مطلقا أو في جميع الأحيان. (هندي).


(إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) [الممتحنة : ١٢](١) أو مذكرا (٢) ، نحو (٣) : (جاءت الرجال).

(حكم ظاهر غير) المؤنث (الحقيقي) فأنت بالخيار ، إن شئت ألحقت التاء به ، وإن شئت تركتها ، نحو : (جاءت الرجال) و (جاء الرجال).

(وضمير) جمع الذكور (العاقلين) أي : جمع المذكر العاقل من جموع التكسير (٤) (غير الجمع المذكر السالم) (٥) فإنهم (٦) إذا جمعوا سالما فإن ضميرهم الواو لا غير يقال : (الزيدون جاؤوا) ولا يقال : (جاءت).

(فعلت) أي : ضمير (فعلت) وهو المستكن فيه المقرون بالتاء الساكنة (٧) للتأنيث، بتأويل الجماعة نحو : (الرجال جاءت).

(وفعلوا) أي : ضمير (فعلوا) (٨) يعني : الواو لكونها موضوعة لهذا النوع من الجمع.

(والنساء (٩) ، والأيام) أي : ضمير (النساء) وما

__________________

(١) سواء كان جمعا لمؤنث حقيقي كالزينبات لو غير حقيقي كالعيون. (سيد الشريف).

(٢) ذلك الجمع يعقل كرجال أو لا يعقل كالأيام أو مؤنثا كالزينبات والمسلمات. (حلبي).

(٣) بإثبات التاء لكونها في معنى الجماعة وحذف التاء لكون تأنيثهما لفظيا. (حلبي).

(٤) قوله : (من جموع التكسير) الصواب تأخيره عن قوله : (غير الجمع المذكر) لأنه بيان ما بقي بعد التخصيص وإن يزاد جمع المؤنث السالم كالطلحات ، في الرضي : وضمير العاقلين لا بالواو والنون أما الواو نحو الرجال والطلحات ضربوا نظرا إلى العقل وأما ضمير المؤنث الغائب نحو الرجال والطلحات فعلت نظرا لطريان معنى الجماعة على اللفظ. (سيالكوني).

(٥) صفة أو بدل الكل من العاقلين أو خبر مبتدأ محذوف كما مر في غير السابق.

(٦) تعليل لمقدر إنما استثنى جمع المذكر السالم من هذا الحكم فافهم.

(٧) لكونها علامة عليه والمقصود أن التاء وإن لم تكن ضميرا فهي دالة عليه فلذا قامت مقامة. (عبد الحكيم).

(٨) وفعل كضمير الغائب قليلا كقوله : (هو أحسن الفتيان وأجمله) إذ هو بمعنى أحسن فتى. (خبيصي).

(٩) شروع في بيان جمع المكسر المؤنث وفي الجمع من غير العقلاء. (أيوبي).

ـ أي : ضمير نحو النساء من جموع المؤنثات على طريق عموم المجاز أو على إرادة الصفة المشهورة من لفظ النساء كما في نحو لكل فرعون موسى ، والمراد في حكمها من ـ


يماثلها (١) في كونه (٢) جمع المؤنث ، وإن لم يكن من العقلاء (٣) ك : (العيون) وضمير الأيام وما يماثلها في كونه جمع المذكر غير العاقل (فعلت وفعلنّ) أي : ضمير (فعلت) مقرونا بتاء التأنيث ، بتأويل الجماعة وضمير (فعلنّ) أي : بالنون أمّا في جمع المؤنث فظاهر ؛ لأن هذه النون موضوعة له.

وأما في جمع المذكر غير العاقل ، كالأيام ، فلأنه لا أصل له في التذكير ك : (الرجال) فيراعى (٤) حقه ، فأجرى مجرى المؤنث.

وفي الحواشي الهندية) موافقا لشرح الرضي أن النون موضوعة لجمع العقلاء ك : (الواو) وضعت لجمع العاقلين.

فاستعمالها في النساء للحمل على جمع غير العقلاء ، إذ الإناث لنقصان (٥) عقولهن يجرين مجرى (٦) غير العقلاء.

__________________

ـ المؤنثات اللفظية والمعنوية وكذا التأويل في قوله : (والأيام) أي : ضمير نحو الأيام فلكونه من الجموع المذكر غير العاقل. (هندي).

(١) قوله : (وما يماثلها) يعني أن المراد بالنساء أشهر أوصافها وهو جمع المؤنث ؛ لأن هذا الحكم غير مختص بالنساء وكذا الحال في الأيام فيكون من قبيل : لكل فرعون موسى.

(٢) قوله : (في كون جمع المؤنث) الحقيقي والمجازي جمع تكسير أو سلامة نحو النساء والزينبات والدور والظلمات والقرينة على إرادة هذا المعنى من قوله : (والنساء). (سيالكوني).

(٣) وإنما ترك المصنف مثاله ؛ لأنه علم من قوله : (والنساء) بطريق الأولى فإنه إذا جاز في جمع المؤنث العاقل بمجرد انتفاء الذكور أيراد النون كان جوازه إذا انتفت الذكور والعقلاء أولى. (حاشية).

(٤) متفرع على النفي لا على النفي أي : إن كان له أصل في التذكير فيراعى حقه. (س).

(٥) كما أن الجوامد كلها تؤنث ؛ لأنها منفعلة كالأنامي. (محمد أفندي).

(٦) وظهر من هذا الخلاف إن النون موضوعة لجمع المؤنث على ما حققه الشارح ولغير العقلاء على ما حققه الهندى تبعا للرضي فنحو الأيام مضين ليس بحقيقة عند الشارح ؛ لأنها ليست بمؤنثه وحقيقة عند الرضي ؛ لأنها من عبر العقلاء. (أيوبي).


(المثنى) (١)

(ما لحق آخره) (٢) أي : آخر (٣) مفرده بتقدير المضاف ، أو قدر بعد قوله : (ونون مكسورة) قولنا : (مع لواحقه) (٤) وألا (٥) يصدق التعريف إلا على مثل : (مسلم) من (مسلمان (٦) ومسلمين) ، كما لا يخفي ولو اكتفى بظهور المراد (٧) لاستغنى عن هذه التكلفات.

(ألف) حالة الرفع (أو ياء مفتوحة ما قبلها) أي : مفتوح حرف كان قبل الياء حالتي النصب والجر ، ليمتاز عن صيغة الجمع ، ولم يعكس لكثرة التثنية وخفة الفتخة.

(ونون) عوضا (٨) عن الحركة أو التنوين.

__________________

(١) قال : (المثنى) أي : الاسم المثنى بدلالة المقام وليصح ما ذكره من اللواحق ولا يضر خروج نحو نصرا من التعريف ؛ لأنه ليس منه كما لا يخفي.

(٢) شرع في تقسيم آخر للاسم باعتبار الأفراد والتثنية والجمع وبين الفرعين وهما المثنى والمجموع ليعلم أن سواهما المفرد وما للاختصار وقدم المثنى على المجموع لسبق عدده على عدد المجموع ولقربه بالمفرد وسلامة لفظ المفرد فيه البتة ولكثرته ولعدم اختصاصه بشريطة بخلاف الجمع لاختصاص أقسامه بذكور العقلاء. (هندي).

(٣) قوله : (إنما آخر مفرده بتقدير المضاف) ولا يخفي بصدق على مسلمون ومسلمات فقد تبدل بهذا التقدير أشكال بأشكال ، لا آخر المثنى نفسه وبهذا التقدير دفع السؤال. تأملاتنا. (قائله عصام الدين).

ـ قوله : (أي آخر مفرده) قيل : يصدق على مسلمون ومسلمات فقد تبدل بهذا التقدير أشكال بأشكال والجواب أن قيد الحيثية في تعريف أمور الاعتيادية معتبر كما تقرر في محله فالتعريف لما لحق آخر مفرده من حيث إنه لحق فلا نقض نعم يرد عليه أنه إذا اعتبر قيد الحيثية فلا حاجة إلى تقدير المضاف أو تقدير مع لو أحقية وهنا التوجيه أحسن. (عبد الحكيم).

(٤) فحينئذ يكون التثنية مجموع المفرد والألف والياء والنون.

(٥) أي : وإن لم يكن أحد الأمرين بل يترك على ظاهره. (حاشية س).

(٦) فلم يكن التعريف جامعا لعدم صدقه على شيء من أفراده ولا مانعا لصدقه على المفرد وهو من الأغيار. (محمد أفنديأفند).

(٧) فإن المراد الملحوق مع اللاصق إلا أنه تسامح بجعل الجزء.

(٨) قد يكون عوضا عنهما إلا أنه لا يكون عوضا عن الحركة والتنوين معا أبدا فإن قولك : الرجلان النون فيه عوض عن الحركة في الواحد وهو الرجل ولم يكن فيه تنوين وقد يكون عوضا ـ


(مكسورة) (١) لئلا تتوالى الفتحات في صورة الرفع ، وهي فتحو ما قبل الألف التي الملحوق في حكم الفتحتين ، وفتحة النون (ليدل) ذلك اللحوق (٢) أو اللاحق وحده مع.

ولا بأس (٣) النون وعدم باشتماله على لحوق دلالة لحوقها على ذلك ؛ لأنه (٤) على تقدير (٥) تسليمه إذا دل أمران من أمور الثلاثة ثلاثة على شيء صح أن يقال أن هذه الأمور دالة عليه غاية ما في الباب أن تكون دلالتها بواسطة هذين الأمرين.

__________________

ـ عن التنوين نحو عصوان فإن مفرده عصا بالتنوين بدون الحركة لفظا فهو عوض عن التنوين فقط وقد يكون عوضا عن الأمرين كمسلمان فإن في مفرده وهو مسلم حركة أو تنوينا والنون عوضا عنهما. (شرح اللباب).

ـ قلت : الظاهر أن الألف والياء عوض عن الحركة خوافي قلت خوافي : هذا مذهب الكوفيين وعند البصرية لا يجوز تعويض الألف لعدم قبوله الحركة. (رضا).

(١) وفتح النون لغة في المثنى منه قول الشاعر :

على أحوذين استعلت عليهما

وقد يضم النون روى عنهم هما خليلان. (خبيصي).

ـ وحكى الكسائي أن فتحها لغة ، وقال ابن جنى : فتحها بعضهم في الثلاثة ، قال الشيباني : من العرب من رفع النون إذا كان بالألف وأما بالياء فلا يجوز ومن ذلك قول فاطمة رضى الله عنها يا حسنان ويا حسينان. (سيالكوني).

(٢) يعنى أن ضمير ليدل يحتمل أن يرجع إلى اللحوق الدال في ضمن لحق وأن يرجع إلى الألف والنون والياء باعتبار اللاحق أو المجموع. (لمحرره).

(٣) أشار إلى دفع ما أورده في حواشي الهند على إرادة اللحوق وهو أن اللحوق يشمل النون أيضا ولا دلالة لها على ذلك. (وجيه).

ـ كأنه قيل : لا دخل للنون في الدلالة على المثنى بل هي عوض عن الحركة والتنوين في المفرد فدفعه بقوله: (لا بأس ... إلخ).

(٤) أي : وإنما لم يكن بينهما تناف ؛ لأن عدم دلالة لحوق النون غير مسلم لجواز أن يكون النون لاحقة دالة على المقصود كما في باقي اللواحق (محرم).

(٥) مثل قوله : (على تقدير تسليمه) كل واحد من الاشتمال وعدم الدلالة أما منع الاشتمال فلان عدم المرجح لا يقتضي عموم الراجع كما في قوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)[البقرة : ٢٢٨] فإن الراجع أعنى المطلقات شامل للمطلقات الرجعية واليائسة والضمير محض بالرجعية وأما منع عدم الدلالة فلأن ما أجمعوا عليه من أن علامة التثنية الألف أو الياء وأن النون عوض عن الحركة والتنوين إنما يدل على أن التنوين ليس جزأ من الدال لم لا يجوز أن يكون شرطا للدلالة وكونه عوضا لا يقتضي الاختصاص بالعوضية. (سيالكوني).


(على أن معه) أي : مع (١) مفرده (مثله) في العدد ، يعني : الواحد (٢) حال كون ذلك المثل (من جنسه) أي : من جنس مفرده باعتبار (٣) دخوله تحت جنس الموضوع (٤) له بوضع (٥) واحد مشترك (٦) بينهما.

ولو أريد (٧) بقوله (مثله) ما يماثله في الوحدة والجنس جميعا ، لاستغنى عن قوله : (من جنسه) وقوله : (ليدل) إشارة إلى فائدة لحوق هذه الحروف بالاسم المفرد ، وإلى أنه لا يجوز تثنية الاسم باعتبار (٨) معنيين مختلفين ، فلا يقال : (قرآن) ويراد بها الطهر

__________________

(١) أشار إلى أن الضمير راجع إلى ما بتقدير المضاف ، أو إلى المفرد المقدر ، فلا حاجة إلى تقدير المضاف. (زيني زاده).

(٢) قوله : (يعنى الواحد) حقيقيا أو اعتباريا فإنه يجوز تثنية اسم الجمع والجمع المكسر غير الأقصى على تأويل فرقتين كجمالين وقومين. (عبد الحكيم).

(٣) يعني : ليس المراد من كونه من جنسه أن يكون متفقين في الحقيقة بل في الجنس الذي وضع ذلك المفرد له سواء اتفقا في الحقيقة كرجلين أو اختلفا نحو أبيضين لإنسان وفرس. (حاشية).

(٤) بالمعنى الأعم للوضع أعني تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه أو بقرينة فيشمل المثنى أيضا كالأسدين. (شرح).

(٥) قوله : (بوضع واحد) احترز به عن المثنى المشترك باعتبار معينيه كالقرنين للطهر والحيص فإنه وإن دل على أن معه مثله باعتبار دخوله تحت جنس المفرد الذي وضع لذلك الجنس لكن لا بوضع واحد. (ح).

(٦)

(٧) قوله : (وإن أريد بقوله مثله) قيل : هذا كلام الهندية وتبعه الشارح وليس بذلك هذه الإرادة بالنظر إلى ما ذكرك تعريف الجمع حيث قال : ليدل على أن معه أكثر من جنسه فإن النظر فيه لا يفهم من قوله : مثله ، إلا ما يقابل الأكثر ويمكن أن يقال : إن الإرادة بقوله : (ما يماثله في الوحدة والجنس) مبني على أن المذكور حامل لمعنى الوحدة والجنس وأن المراد بالمفرد والواحد من الجنس المعني ، فلا راد في تعريف الجمع كذلك ، فلا تكون هذه الأربعة بعيدة ، وإنما تكون بعيدة لو كان المراد بالمفرد الواحد مطلقا. (وجيه الدني).

(٨) قوله : (باعتبار معنيين مختلفين) أي : غير داخلين تحت جنس الموضوع له ، سواء كانا حقيقيين كالقرآن أو مجازيين كاليدان في النعمة والقدرة أو أحدهما حقيقيا والآخر مجازيا كالأسدين إذا أريد به الأسد والرجل الشجاع ولاحل العموم ولم يقيد الاسم بالمشترك وبما حررنا ظهر اتجاه السؤال الآتي واندفع ماتوهم من أن الكلام في تثنية المشترك وأنه لا يجوز تثنية الاسم باعتبار معنيين مختلفين ومثنى التغليب كذلك. (سيالكوني).


والحيض ، بل يراد بها (طهران) أو (حيضان) على الصحيح (١) خلافا لبعضهم ..

فإن قلت : هذا يشكل بالأبوين للأب والأم والقمرين (٢) للشمس والقمر فإنه ثنى الأب باعتبار معنيين مختلفين هما الأب والأم وكذلك ثنى القمر باعتبار معنيين مختلفين هما الشمس والقمر.

قلنا (٣) : جاز أن يجعل الأم مسماة باسم الأب ، ادعاء لقوة التناسب بينهما ، ثم يزول الأيم بمعنى المسمى به ليحصل مفهوم يتناولهما ، فيتجانسان ، فيثني باعتباره ، فيكون معنى الأبوين المسميين بالأب وكذا الحال في الشمس بالنسبة إلى القمر.

فإن قلت : فليعتبر مثل : هذا التأويل في (القراءان) أيضا بلا احتياج إلى ادعاء اسميته للطهر والحيض ، فإنه موضوع لكل واحد منهما حقيقة وليؤول بالمسمى به ليحصل مفهوم يتناولهما فيثنى باعتباره.

قلنا (٤) : لا شبهة في

__________________

(١) بخلاف العلم فإن وضعه باعتبار دلالته على شخص من أي : جنس كان فيصح تثنيته ؛ إذ اجتمع معد آخر هو سمى به فهو كمفردين فرس وحمار. (خبيصي).

(٢) فإن القمر غالب على الشمس في الوجود ؛ لأن القمر يوجد في الليل وأكثرها والشمس لا يوجد في الليل وقال بعض من النحويين : الشمس غالب على القمر ؛ لأن أنوار الشمس مائة وتسع وثلاثون جزء ونور القمر واحد فلأجل هذا فالشمس غالب على القمر والقمر غالب على الشمس. (أبي بكر شرح).

ـ كالعمرين لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما والقمرين للشمس والقمر والحسنين للحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما وما أشبه ذلك مما غلب أحد المتصاحبين أو المتشابهين على الآخر بأن جعل الآخر متفقا له في الاسم ثم ثنى ذلك الاسم وقصد إليهما جميعا ويجب أن يغلب الأخف إلا أن يكون أحد اللفظين مذكرا فإنه يغلب على المؤنث كالقمرين ولا يخفي عليك أن أبون وقمرين من هذا القبيل لا من قبيل قوله تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ)[التحريم : ١٢] إذ ليس تغليب أحدهما على الآخر بأن يجري عليهما الوصف المشترك بينهما على طريقة إجرائه على الذكور خاصة بل بأن جعل أحدهما متفقا للآخر في اسمه ثم ثنى ذلك الاسم. (مطول).

(٣) في جواب هنالك من يمنع الجريان وصدق هذا الكلام عليه بأن يقول لا مسلم ، أن الأب والأم معان مختلفة حتى لا يجوز التثنية فيها لأنه مجازا. (محرم).

(٤) في جواب هذا الإبطال يمنع ملازمة الشرطية القائلة لو جاز الاعتبار هناك للزم جوازه يعني لا نسلم لزوم هذا الجور. (محرم).


صحة (١) هذا الاعتبار لكن الكلام في جواز التثنية بمجرد اشتراكه اللفظي بينهما ، وهو الذي اختلف فيه والمصنف اختار (٢) عدم جوازه وبهذا الاعتبار صح تقنية الأعلام المشتركة حقيقة أو ادعاء وجمعها.

ف : (زيد) مثلا إذا كان علما لكثرة يؤول (٣) بالمسة ب : (زيد) ثم يثني ويجمع ، وكذا (عمر) إذا صار علما ادعائيا لأبي بكر ويؤول بالمسمى ب : (عمر) ثم يثنى ويجمع،

ورده بعضهم وقال : الأولى أن يقال : الأعلام لكثرة استعمالها ، وكون الخفة مطلوبة فيها يكفي لتثنيتها وجمعها مجرد الاشتراك في الاسم. بخلاف أسماء الأجناس.

فعلى قول هذا البعض ينبغي أن لا يذكر في تعريف التثنية قوله : (من) جنسه (٤).

ولما كان آخر الاسم المفرد الذي لحقه علامة التثنية في بعض المواد مما يتطرق إليه التغيير (٥) أراد المصنف أن يبين حكم ما يتطرق إليه التغيير ؛ لأن حكم ما وراءه يعلم من تعريف المثنى ، فقال :

(والمقصور) (٦)

__________________

(١) يعني أن هذا الاعتبار صحيح وبهذا الاعتبار صحت تثنية الإعلام المشتركة كما ذهب المصنف أيضا إلا أن المصنف اختار عدم جواز تثنية المشترك كما تقره مثلا فلا يعتبر هذا التأويل في القرئين وذلك أنه اختلف فيه وذهب الجزولي والأندلسي وابن مالك إلى جواز تثنية المجرد للاتفاق في اللفظ دون المعنى ، وقال الأندلسي : في العيان في عين الشمس وعين الميزان وذهب المصنف إلى عدم جواره كذلك ؛ لأنه لم يوجد مثله في كلامهم بالاستقراء. (وجيه الدين).

(٢) في شرح الكافية وفي الإيضاح جوده شاذا ولذا قال الشارح والمصنف قدر وفي ذلك.

(٣) وهذا التأويل ثابت في نظر المتكلم مخطر بباله إذا العلمية كما في الاستعمال في أكثر من واحد وإذا أولت به وزالت علميتها صارت كأسماء الأجناس إلا أن أسماء الأجناس مشتركة في أمر معنوي محقق وهذه مشتركة في أمر مقدر وهو كونها سمى به. (حاشية).

(٤) ليشمل تثنية أسماء الأجناس والأعلام. (حاشية).

(٥) لاقتضاء قاعدة الصرف من كون آخر القا مقصورة أو ممدودة حيث يمتنع مع وجودهما إلحاق الألف. (لمحرره).

(٦) فالمقصور سمي مقصورا لامتناعه عن المد ، فاعلم أن التثنية أنواع : صحيح ومنقوص ـ


أي : الاسم (١) المقصور ، وهو (٢) ما في آخره ألف مفردة لازمة ، ويسمى مقصورا (٣) ؛ لأنه ضد الممدود (٤) ، أو ؛ لأنه محبوس من الحركات والقصر الحبس.

(إن كان ألفه) منقلبة (عن واو) حقيقية ، ك : (عصوان) أو حكما (٥) بأن كان مجهول الأصل (٦) ، ولم يمل ك : (إلوان) في المسمى (٧) ب : (إلى).

__________________

ـ وممدودة فالمقصور حكمه كذا والمجرور حكمه كذا والصحيح والمنقوص حكمها ظاهر لعدم جريان تغير في تثنيتها فالفاء للتفسير على هذا التحقيق. (هندي).

(١) المقصور لفظ مشترك بين الألف وما فيه الألف اللازمة لفظا أو تقديرا نحو : فتى والفتى ، واحترزنا بالألف اللازمة عن نحو زيدا في حال الوقف فإنه لا يسمى مقصورا وكذا عن أخرى في وقف الآخرين سمى مقصورا ؛ لأنه ضد الممدود ، أو لأنه محبوس عن الحركات والقصر الحبس انتهى ، فقد ظهر أن المقصور في اصطلاح النحو يطلق على الألف وعلى الاسم الذي فيه الألف اللازمة والمراد هنا المعنى الأخير فلا حاجة إلى تقدير الموصوف أي : الاسم المقصور كما توهم. (معرب).

(٢) قوله : (وهو ما في آخره ألف مفردة) احترز بقوله : (مفردة) عن المقرونة بهمزة فإنها ممدودة وبقوله : (لازمة) عن ألف زائد في الوقف فإنها لا يصير زائدا بها مقصورا لعدم لزمها لاختصاصها يحال الوقف. (عصام الدين).

(٣) هذا بيان لوجه المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي يحتمل المعنيين الأول. (ح).

(٤) قوله : (لأنه ضد الممدود) أي : مشتق من القصر المتعدي في مصدر قصره بقصره بمعنى ضد المد والحبس وأما القصر كعنب حلاف الطول فهو لازم مصدر قصر ككرم لا يمكن بناء المقصور منه. (س).

(٥) الظاهر كعصا وإلى بدل قوله : (كعصوان) والوان في المسمى بإلى فإن عصوان ولوان مثالان للتثنية لا للمقصور ألفه منقلبة عن واو حقيقية وأن يورد كعصوان ولوان بعد قوله : (قلت ألفه واوا). (عبد الحكيم).

(٦) أورد المثال من عديم الأصل فإن الألف في الأسماء العريضة في البناء كمتى وإذا وإلى لا أصل لها وفي الأسماء التمكنة لها الأصل وهو محل الإعراب وهو قد يكون معلوما وقد لا يكون معلوما. (حاشية).

(٧) فجعل إلى على مجهول الأصل محل نظر وينبغي أن يقول : ولم يمل وأميل وكان الأمالية سبب تمييز انقلاب الألف عن الياء فإن الرضي شرط في قلب عديم الأصل ومجهولة ياء إن كان مما سمع فيه الإمالة ولم يكن هناك سبب الإمالة غير انقلاب الألف عن الياء. (فاضل محشي).


(وهو ثلاثي) أي : والحال أن ذلك المقصور ثلاثي ، أي : غير (١) ما فيه أربعة أحرف فصاعدا من الرباعي والثلاثي المزيد فيه.

(قلبت) ألفه (واوا) اعتبارا للأصل حقيقة أو حكما ، وخفة الثلاثي بخلاف ما فوقه حيث لا يراد فيه لمكان الثقل.

(وإلا) أي : وإن لم يكن كذلك بان كان ألفه عن ياء ، حقيقة ك : (رحيان) في (رحى) أو حكما بأن كان مجهول الأصل (٢) ، أو عديمه ، وقد أميل.

ك : (ميتان) في (متى) حيث جاء (متى) ممالا (٣) ، أو كان على أربعة أحرف فصاعدا ، أصلية كانت الألف ك : (الأعلى) و (المصطفى) أو زائدة ك : (حبلى).

(فالياء) أي : فألفه مقلوبة (٤) بالياء ، اعتبارا للأصل فيما أصله الياء حقيقة أو حكما ، تخفيفا فيما زاد على ثلاثة أحرف.

والاسم (الممدود (٥) إن كانت همزته أصلية) أي : غير زائدة ، ولا منقلبة عن أصلية أو زائدة (ثبتت) الهمزة في الأشهر لأصالتها ك : (قرّاء) (٦) بضم القاف وتشديد

__________________

(١) وإنما فسر بقوله : (غير) ما فيه أربعة أحرف ليخرج ثلاثي مزيد فيه. (رضا).

ـ أي : المراد بالثلاثي المعنى اللغوي أي : ذو ثلاثة أحرف لا الاصطلاحي وهو ما يكون حرفه الأصلية ثلاثة. (س).

(٢) لا بد من قيد آخر وهو أن لا يكون لا مالته سبب سوى كون الألف منقلبة عن الياء. (عصام).

(٣) وأما على وإلى من الحروف الجارة وإن كانتا مكتوبتين بالياء لكن لم يرد فيهما إلامالة ولم تكونا مثل متى. (أيوبي).

ـ فإن ألفهما أصلية ؛ لأن كلمة أعلى اسم تفضيل وآخره ألف وكذا المصطلح اسم مفعول مبني على الألف ولكن ألفهما ليست بمنقلبة عن الياء. (محرم).

(٤) لم يقل : قلبت ألفه بالياء مع أنه الموافق لما سبق إشارة إلى ثبوت هذا وتقريره بحيث لاخلاف فيه لأحد بخلاف الحكم السابق فإن فيه خلاف الكسائي. (حاشية).

(٥) الممدود مشترك بين الألف والاسم الذي فيه الألف الممدودة والمراد هنا المعنى الأخير فلا حاجة إلى تقدير الموصوف أي : الاسم الممدود كما توهم. (معرب).

(٦) قوله : (كقراء) بضم القاف هذا مخالف لما في القاموس من أن القراء ككتاب لحسن القراءة وكرمان للمستنسك ولعل الشارح لم يطلع على ذلك. (سيالكوني).

ـ والقراء بضم القاف وتشديد الراء جمع قار ويجوز أن يكون مبالغة ويجوز أن يكون القراء ـ


الراء لجيد القراءة وللتنسك من (قرأ) إذا تنسك.

وحكى أبو علي عن بعض العرب قلبها واوا ، نحو : (قراوان) (وإن كانت) الهمزة (للتأنيث) أي (١) : منقلبة عن ألف التأنيث ك : (حمراء) فإن أصلها كان (حمراا) (٢) بألفين :

أحداهما : للمد في الصوت.

والثانية : للتأنيث.

فقلبت (٣) الثانية همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة.

(قلبت واوا) (٤) فيقال : (حمراوان) (٥) لأن الهمزة حرف ثقيل (٦) من جنس الألف فينبغي (٧) أن يقع بين ألفين مع أنها غير أصلية ، والواو أقرب إلى الهمزة من الياء ،

__________________

ـ بضم القاف ومبالغة للقارئ بمعنى العابد من تنسك والجمع قراؤن وفتح غير مذكور في الصحاح. (حلبي).

(١) إنما فسر به إشارة إلى معنى كون الهمزة للتأنيث إنها منقلبة عن ألف التأنيث ؛ لأن الهمزة ليست بموضوعة للتأنيث بل هي مقلوبة عن الحرف الذي للتأنيث وهو الألف. (عبد الله أفندي).

(٢) ذكر صاحب المظهر أن أصل حمراء بالألف المقصورة للتأنيث وزيد بعدها ألف لمد الصوت ثم أخرت ألف التأنيث عن ألف مد الصوت ليكون علامة في أخر الكلمة ثم أبدلت ألف التأنيث همزة بأن حركت الألف. (حلبي).

(٣) ثم أخرت ألف التأنيث عن المد ليكون علامة التأنيث في الآخر فحركت لتعذر اجتماعها مع الألف التي قبلها فصارت همزة. (خبيصي).

(٤) يعني : أن الاسم الممدود إن كانت همزة للتأنيث قلبت تلك الهمزة في تثنيته واوا على طريق الإيجاب. (محرم).

(٥) في تثنيته حمراء في حالة الرفع وفي النصب حمراوين كصحراوين لكون الواو أقرب إلى الهمزة من الياء لمماثلها الهمزة في تعويضها عن الهمزة في مثل قولهم : أقتت ووقتت وقد جاء قلبها باء لخفتها وإثبات الهمزة في الشذوذ. (خبيصي).

(٦) لأنها من أقصى الخلف الذي لا مخرج بعده لكونها من الحروف الشديدة ولذا تبدل في الأكثر. (أيوبي).

(٧) ولما توجه عليه إن حال الهمزة الأصلية كذلك يثبت تلك وقلت هذه أراد أن يشير إلى علة تقتضي القلب هنها. (شرح).


لثقلها ، ولهذا قلبت الواو همزة في مثل : (أقّتت) و (أجوه) وربما صححت (١) فقيل (حمراءان).

وحكى المبرد عن المازني : قلبها ياء ، نحو : (حمرايان).

والأعرف قلبها واوا (وإلا) أي : وإن لم تكن الهمزة أصلية ولا للتأنيث بأن تكون (٢) للإلحاق ك : (علباء) فإن همزته للإلحاق ب : (قرطاس) أو منقلبة عن واو ، أو ياء أصلية ك : (كساء) و (رداء) فإن أصلهما (كساو ، ورادي) (فالوجهان) (٣) المذكوران جائزان (٤).

أحدهما : ثبوت الهمزة وبقاؤها ؛ لأن الهمزة في الصورة الأولى منقلبة عن واو أو ياء (٥) ملحقة (٦) بالأصل ، وفي الأخرى عن أصلية ، فشابهتا همزة (قراء) فثبتت في الصورتين ، كنا في (قراء).

وثانيهما : قلب الهمزة واوا ؛ لأن عين الهمزة في الصورتين ليست بأصلية فشابهت

__________________

(١) أي : الهمزة بأن لا تقلب واوا عند البعض كما تثبت في الأصلية والمصنف سلك مسلك الجمهور وهو قلب الهمزة واو وجوبا. (شرح).

(٢) قوله : (بأن تكون للإلحاق) لم يقل : أو زائدة مع أنه الموافق لما تقدم من قوله : (غير زائدة) لا منقلبة عن أصلية أو زائدة إشارة إلى أن الزيادة في الممدود لا تكون إلا للإلحاق بخلاف الزيادة في المقصورة فإنها لا تكون للإلحاق وللتكثير كما مر. (سيالكوني).

(٣) إلغاء جزائية والوجهان مرفوع مبتدأ وخبر محذوف أي : جائزان أو خبر لمبتدأ محذوف أي : فحكمها الوجهان أو فاعل جاز المقدر وعلى التقادير فالجملة مجزومة المحل جزاء الشرط والجملة الشرطية مرفوعة المحل عطف على الجملة الشرطية السابقة القريبة أو البعيدة. (زيني زاده).

(٤) إلا أن بقاء الأصلية أولى من قليها حتى لم يذكر سيبويه فيها إلا الإثبات ، وإبدال الملحقة واوا أولى من إثباتها.

(٥) هذا أولى من القول بزيادة الهمزة للإلحاق ؛ لأن الزيادة بحرف العلة أليق. (جاربردي).

ـ ويفهم منهم أن الحرف الزائد للإلحاق في مثل علياء هو الواو والياء ثم عوض عنه الهمزة. (حاشية).

(٦) هكذا عبارة الرضي ويفهم منه أن الحرف الزائد للإلحاق في مثل علياء هو الواو والياء ثم عوض منه الهمزة.


همزة (حمراء) فانقلبت مثلها واوا.

وفي الترجمة الشريفية (١) أن اللازم من هذه العبارات (٢) أنه لا يجوز أن يقال : في رداء إلا رداءان بالهمزة ، أو رداوان بالواو ، لكن المشهور (٣) ردايان بالياء ، فكان ينبغي أن يقول المصنف : وإلا فوجهان بغير لام العهد ، ليكون عبارة عن إثبات الهمزة وردها إلى الأصل ، لا الإشارة إلى الوجهين المذكورين كما هو المتبادر من اللام ، لكنا قد (٤) تصفحنا كتب (٥) الثقاة ، كالمفصل (٦) والمفتاح واللباب ، فما وجدنا فيها أثرا مما حكم اشتهاره غير ما وقع في شرح الرضي من أنه (قد تقلب المبدلة من أصل ياء) وهذا أعم (٧) من أن يكون هذا الأصل واوا أو ياء.

__________________

(١) ثم أراد الشارح أن ينقل ما في بعض الشروح من المخالفة لهذه القاعدة فقال : (وفي الترجمة). (أيوبي).

(٢) وهو قول المصنف وإلا فالوجهان المصرف بلام العهد. (رضا).

(٣) يعني : لكن هذا اللازم من عبارة المصنف هو خلاف ما اشتهر بين النحاة ؛ لأن المشهور عندهم في مثله أن التثنية فيما إذا كانت همزته منقلبة عن ياء مثل رداء. (محرم).

(٤) ومراد صاحب الترجمة اعتراض على المصنف فمحل الاعتراض إيراد المصنف لفظ الوجهان باللام والجواب منع لقوله : (لكن المشهور) يعني لا نسلم أن اللازم من كلام المصنف هو خلاف المشهور ؛ لأن دعوى الشهرة دليل بلا دعوى لا ناقد تتبعنا كتب الثقاة. (حواشي).

(٥) إذا كان الهمزة منقلبة عن الواو نحو : كساء أو عن الياء نحو : رداء تثبت الهمزة بحالها في التثنية نحو : كساآن ورداآن هذا هو الوجه الأولى وفيهما وجه آخر وهو أن ترد الهمزة إلى أصلها فيقال : معنى كساوأن وردايان.

(٦) فعبارة مفصل هكذا وما آخره همزة لا يخلو همزته إما أن سبقها الألف أو لا فالتي سبقها الألف على أربعة اضرب أصلية كقراء ومنقلبة عن حرف أصلي كرداء وكساء.

(٧) وزائدة في حكم الأصلية كعلياء ومنقلبة عن الفا لتأنيث كحمراء وإن هذه الأخير تقلب واو لا غير والقياس في البواقي أن لا ينقلبن وقد أجيز القلب أيضا وعيارة المفتاح هذا وأما الممدود فإن كانت للتأنيث قلبت همزتها واوا وإلا لم تقلب سواء كانت أصلية كقراء أو منقلبة عن حرف أصلى ككساء أو عن الجاري مجرى الأصل وهو أن يكون للإلحاق كعلباء وقد رخص بالقلب وعبارة اللباب موافقة لما في المتن. (هكذا نقل عن التاريخ).

ـ فلا يدل على تخصيص جواز القلب بالياء في رداء فضلا من أن يكون مشهورا.

ـ أي : ما وقع في شرح الرضي فيشمل رديام الذي حكم السيد السند باشتهاره ولكن لم يقل الرضي.


(ويحذف نونه) أي : نون التثنية (للإضافة) أي : لأجل الإضافة ، إذ النون لقيامها مقام التنوين توجب تمام الكلمة وانقطاعها والإضافة توجب الاتصال والامتزاج فيتنافيان.

(وحذفت (١) تاء التأنيث) التي قياسها ان لا تحذف عن آخر المثنى (٢) ك : (شجرتان) و (تمرتان).

(وفي خصيان وأليان) على خلاف القياس ، مع جواز اثباتها فيهما على القياس (٣) اتفاقا.

ووجه حذفها فيهما : أن كل واحدة من (الخصيين والأليين) لما اشتد اتصالهما بالأخرى بحيث لا يمكن الانتفاع بها بدونها صارتا (٤) بمنزلة مفرد (٥).

وتاء التأنيث لا تقع في حشوة.

وقيل : (خصي) (٦) و (ألي) مستعملان.

وهما لغتان في (خصية ، وألية) وإن كانتا أقل استعمالا (٧) منهما.

__________________

(١) ولما وقع بعض التثنية على خلاف القياس وبقيى باقيها على القياس أراد المصنف أن يبين ما وقع على خلاف القياس. (المحررة).

(٢) أي : آخر مفرد المثنى فلا ينافي قوله : وتاء التأنيث لا يقع في حشر والأولى أن يقول : أن لا يحذف عن المثنى. (عصام).

(٣) كقوله : عنتره فإن الفحل تنزع خصيتاه فيصبح جافرا قرح. (خبيصي).

(٤) قوله : (صارتا) أي : الخصيتان ففي العبارة استخدام فإن المراد من لفظه الخصيتين في قوله : (كل واحدة من الخصيتين) معناها ومن ضمير صارتا لفظة الخصيتين. (سيالكوني).

(٥) فكما لا يقع في وسط المفرد تأنيث لا يقع في وسطه. (وامن).

(٦) قوله : (وقيل خصي وألي) أي : فخصيان والياء تثنيتهما لا تثنيه خصية وإليه فلا يكون من باب حذف التاء. (وجيه الدين).

(٧) أي : من اللغتين اللتين بالتاء فحينئذ تكون تثنيتهما على مقتضى اللغتين خصيين وإلبين بغير التاء فيهما فيكون الحذف مبنيا على اللغة القليلة والتاء مبنيا على الكثيرة وهذا مراد هذا القائل ولكن ضعفه الشارح.


ولما (١) كان حذف النون قاعدة مستمرة أتى في بيانه بالفعل المضارع المفيد للاستمرار بخلاف حذف تاء التأنيث ، إذ ليس له قاعدة بل وقع على خلاف القياس في مادة مخصوصة ، فلهذا أتى في بيانه بالفعل الماضي.

(المجموع)

(ما دل) (٢) أي : اسم دل (على) جملة (٣) (آحاد (٤) مقصودة) أي : يتعلق بها القصد في ضمن (٥) ذلك الاسم ، (بحروف مفرده) أي : بحروف هي مادة لمفرده (٦) الذي هو الاسم الدال على واحد واحد من تلك الآحاد ، حال كون تلك الحروف متلبسة (بتغيير

__________________

(١) أراد الشارح أن بينه نكتة فيما بين المسألتين من تغاير العبارة ، حيث قال في الأولى : (يحذف) ، وفي الثانية: (حذفت). (ضا)

(٢) لا يخفي أن مسلمين ليس باسم ؛ لأنه ليس بكلمة بل كمسلمي مركب فالمراد بالاسم أعم من الاسم حقيقة أو حكما وعد الشدة الامتزاج. (خشى).

(٣) قوله : (على جملة آحاد) وقدر المضاف لإخراج المفرد المستغرق فإنه دال على مفصل الآحاد لكونه بمعنى الكل الإفرادي لا على جملتها نحو : قال الله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)[العصر : ٢] و (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ)[الانفطار : ٥].

ـ قوله : (على جملة آحاد) وإنما زاد قيد الجملة ؛ لأن الجمع لا يدل على الآحاد مطلقا أعم من أن يكون جملة أو متفرقة بل على الآحاد جملة أي : ما يتعلق به القصد حاصله أن تلك الآحاد تقصد ويدل عليها بحروف مفرده مع تغير ما فالذي يتعلق بها قصد الآحاد وهو مجموع حروف المفرد والتغير هكذا يفهم من الرضي وهو مراد الشارح فالظاهر في هذا المعنى كون الياء بمعنى مع لا جعله حالا متعلقا بملتبسا. (وجيه الدين).

(٤) وإفراده حقيقي كرجال أو اعتباري كنسوة في جمع أمرة وعناديد في جمع عنأييد لمعنى المفرق ؛ لأنها لما كانت على أوزان المجموع واستعمالها في التأنيث والرد في التصغير وامتناع النسبة ومنع الصرف عند تحقيق منتهى الجموع اعتبر له واحد تقدير كقول عمر من نحو : عباد وعبدود ونساء على وزن فعال بضم الغاء كغلام وغمله. (هند).

(٥) قوله : (في ضمن ذلك الاسم) لأنه المتبادر واحترز به عن لفظ كل المضاف إلى المعرفة فإنه دال على جملة الآحاد لكن تلك الآحاد لم تقصد من لفظ كل بل مما أضيف إليه نحو : كل الناس وكل القوم. (سيالكوني).

(٦) بيان وجه اختصاص الحروف بالمفرد المستفاد من اللام المقدرة. (س ك).


ما) بحسب الصورة (١) إما بزيادة أو نقصان أو اختلاف في الحركات والسكنات حقيقة أو حكما (٢).

فالجار في قوله : (بحروف مفرده) إمّا متعلق بقوله (مقصودة) أو بقوله (دلّ) أو بهما على سبيل التنازع.

وقوله : (بتغيير ما) ظرف مستقر (٣) (حال) من الحروف.

ودخل (٤) في قوله : (بتغيير ما) جمعا السلامة ؛ لأن الواو والنون في آخر الاسم من تمامه وكذا الألف والتاء فتغيرت الكلمة بهذه الزيادات إلى صيغة أخرى.

وقوله : (ما دل (٥) على آحاد) جنس يشمل الجموع وأسماء (٦) الأجناس ك : (تمر، ونخل) فإنها (٧) وإن تدل عليها وضعا فقد تدل عليها استعمالا.

(وأسماء الجموع ك : (رهط ونفر) وبعض أسماء العدد ك : (ثلاثة وعشرة) وبقوله

__________________

(١) كهجان وفلك فإنه على وزن برد مفرد وعلى وزن مرد جمعا للواحدة فيه. (هندي).

(٢) كهجان على وزن حمار في المفرد وعلى وزن رجال في الجمع والاختلاف بينهما في الحكم لا في الحقيقة. (المحررة).

(٣) اعلم أن الظرف المستقر من الظروف ما يكون متعلقة مقدرا علما ولا يكون كذلك فهو لغو سواء كان متعلقه مذكورا ومقدرا خاصا هذا هو المرجوح في الظرف المستقر والحق كما صرح به السيد الشريف في حواشي الكشاف وهو أن الظرف المستقر ما حذف عامله سواء كان عاما أو خاصا والظرف اللغو ما ذكر عامله. (غجدواني).

(٤) كأنه قيل : لم يدخل في تعريف المجموع جمعا السلامة لعدم تلبس حروف مفردها بتغير ما فأجاب الشارح بقوله : (ودخل). (المحرره)

(٥) المتبادر من الدلالة المطابقة فيخرج بقوله : (ما دل أسماء الأجناس). (عصام).

(٦) قوله : (وأسماء الأجناس) التي يفرق بينهما وبين واحدها بالتاء فإنها للدلالة على الآحاد وأما التي لا فرق بينها وبين واحدها فإنها تدل على الماهية كالماء التراب والغسل والحل. (عبد الحكيم).

(٧) قوله : (فإنها وإن لم تدل) فالمراد بالدلالة الدلالة في الجملة سواء كان وضعا فقط كما في الجمع المستعمل في الواحد نحو : شاب مفارقة أو في الاثنين نحو : قلوبكما أو استعمالا فقط كما في أسماء الأجناس أو وضعا واستعمالا كما في الجموع المستعملة في معاينها الحقيقية ولو أريد بها الدلالة وضعا كما في تعريف الفعل خرج أسماء الأجناس يعود على آحاد. (سيالكوني).


(مقصودة بحروف مفرده) خرجت أسماء الأجناس.

فإذا قصد بها نفس الجنس (١) لا أفراده ، بقوله (مقصوده).

وإذا قصد بها الإفراد استعمالا ، فبقوله (بحروف مفرده) كذلك بقوله (بحروف مفرده) خرجت أسماء الجموع والعدد.

(فنحو تمر) مما (٢) الفارق بينه وبين واحده التاء (و) نحو : (ركب) (٣) مما هو اسم جمع (ليس بجمع على الأصح) (٤) بل الأول اسم جنس والثاني اسم جمع كالجماعة.

فقد علمت أنهما خارجان عن حد المجموع (٥).

والفرق بينهما أن اسم الجنس يقع على الواحد (٦) والاثنين وضعا ،

__________________

(١) أي : الحقيقة على ما هو المقصود عن الأصل ؛ لأنها وإن دلت على الآحاد في الجملة لكن تلك الآحاد ليست بمقصودة بل نفس الحقيقة وإذا قصدت بها الإفراد على ما وقع عليه الاستعمال نخرج بقوله : (بحروف مفردة) بإن أخذت حروف مفردة وعبرت تخبر ما ؛ إذ لا مفرد لها أما أسماء العدد وأسماء الجمع فظاهر وأما أسماء الأجناس نحو : تمر فلأنها لو كانت مفردات لكانت جموعا لتلك المفردات ولو كانت جموعا لم يجز عود الضمير إليها. (وجيه الدين).

(٢) فسر النحو بذلك لا لمطلق أسم الجنس ؛ لأنه محل الاشتباه بالجمع لدلالته على الآحاد استعمالا وأما اسم الجنس الذي لا فارق له وهو ما لا يتميز آحاده في الخارج كالماء والتراب فلا اشتباه لعدم دلالته على الآحاد وللتنصيص على محل الخلاف قال : الذي لا يفرق بينه وبين واحده بالتاء وليس بجمع اتفاقا. (عبد الحكيم).

(٣) وإنما مثل بمثالين ؛ لأن الأول اسم جنس والثاني اسم جمع كالجماعة والطائفة. (هز).

(٤) وإن المركب اسم لجماعة المركبان من غير أن يقصد جمعية الراكب عليه وإن وقعت الموافقة في الحروف من غير قصد لو كان جمع الراكب لم يكن ؛ لأن أوزانه محصورة كما سيجيء بل جمع كثرة وجمع الكثرة لا يصغر على لفظه بل يرد إلى واحدة وهذا لا يرد بل يقال ركيب وكذا الحال في الجاهل. (نقل عن الشارح).

ـ إذ وضع تمر للجنس كوضع عسل وماء لصحة إطلاقه على القليل والكثير ووقوعه تمييزا في مثل قولك: عد خمسة أو طال تمرا من غير اختلاف الأنواع وتصغيرهما على بنائهما كتمير وركيب وعدم جواز تصغير جميع الكثرة على بنائه بل زاد إلى واحدة. (خبيصي).

ـ فلو اختلف الأنواع بجمع وقيل عندي خمسة أرطال تمور.

(٥) لأن الأول اسم جنس والثاني اسم جمع. (محررة).

(٦) مثلا : التمر يقع على تمرة وتمرتين.


بخلاف (١) اسم الجمع فإن قيل (٢) : الكلم لا يقع على الكلمة والكلمتين (٣) وهو اسم جنس.

قيل : ذلك بحسب الاستعمال (٤) لا بالوضع ، على أنه (٥) لا ضير في التزام كون الكلم اسم جمع أيضا.

وإنما قال (على الأصح) وهو قول سيبويه ؛ لأن الأخفش قال : جمع أسماء الجموع التي لها آحاد من تركيبها ك : (جامل (٦) وباقر (٧) وركب) جمع.

وقال الفراء (٨) : كذا أسماء الأجناس ، ك : (تمر وتمرة ، ونخل ونخلة) ، وأما اسم جنس أو جمع لا واحد له من لفظه ، (نحو (إبل ، غنم ، فليس بجمع الاتفاق).

(و) نحو : (فلك) مما الجمع الواحد فيه متحد بالصورة (٩).

__________________

(١) مثلا : الفقر اسم جمع لا يقع على إنسان واحد ولا على إنسانين بل يقع على جميع الناس وعلى ما دون العشرة. (لمحرره رضا).

(٢) ولما وقع الاعتراض على هذا الفرق بلفظ الكلم أراد أن يدفعه بقوله : (فإن قيل : ... إلخ). (محرم).

(٣) يعني أن ذلك الفرق منقوض ؛ لأن لفظ الكلم لا يجوز إضافه على مفرده ولا على مثناه. (محررة).

(٤) إشارة إلى ضعفه إذ كونه بحسب الاستعمال دون الوضع لا بد له من شاهد. (سيالكوني).

(٥) يعني إذا سلمنا أن يكون عدم وقوع الكلم على الواحد والاثنين بحسب الاستعمال مانعا كالوضع لكن لا تسلم أن الكلم اسم جنس ؛ لأنه لا ضرر وهذا الجواب بالعلاوة مردود لمخالفته لما تقرر عندهم إذ ما يفرق بينه وبين واحدة بالتاء فهو اسم جنس. (خلاصة الحواشي).

(٦) نقل من الشارح وكذا في القاموس الجمل زوج الناقة والجامل القطعي من الإبل مع رعاية وأربابه والبقر اسم جنس والبقرة يقع على الذكر والأنثى والتاء للواحد من الجنس والباقر جماعة من البقر رعاتها والركب اسم لجماعة الركبان من غير أن يقصد جمعية الركب عليه وإنما وقع للموافقة في الحروف اتفاقا من غير قصد. (وجيه الدين).

(٧) جمع بقر وهو واحده من تركيب على مذهب الأخفش.

(٨) يعني : أن أسماء الأجناس التي لها أحاد من تركيبها تمر ونخل جمع.

(٩) لكنه اعتبر الضمة والكسرة في المجموع عارضتين وفي الموحد أصليتين فيحصل التغيير بهذا الاعتبار. (هند ع ب).


(جمع) (١) لصدق الحد عليه.

فإن التغيير المأخوذ فيه أعم من أن يكون بحسب الحقيقة أو بحسب التقدير.

فضمة (فلك) إذا كان (٢) مفردا ضمة (قفل) وإذا كان جمعا (٣) ضمة (أسد)(٤).

(وهو) أي : المجموع نوعان : (صحيح ومكسر. فالصحيح) : أي : الجمع الصحيح (٥) تارة يكون (لمذكر ، و) تارة يكون (لمؤنث ف :) الجمع (٦) الصحيح (المذكر: ما لحق أخره) أيك آخر مفرده (واو مضموم ما قبلها) (٧) في حالة الرفع (أو ياء مكسور ما قبلها) في حالتي النصب والجر. (ونون) عوضا (٨) عن الحركة أو التنوين ، على سبيل منع الخلو (مفتوحة) (٩) التعادل خفة الفتحة ثقل الواو والضمة

__________________

(١) ولو قيل : أنه لفظ مشترك أو اسم جنس ، لكان أجود فإن تغير الحركة المفروض أمر مستبعد والاشتراك وإطلاق اسم الجنس كثير شائع. (حواشي حصى).

(٢) أي : إذا استعمل مفردا كما في قوله تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)[الشعراء : ١١٩] فإنه مفرد لاتصافه بالمفرد الذي هو المشحون. (أيوبي).

(٣) كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)[يونس : ٢٢] فإن جرين جمع مؤنث وضمير الجمع راجع إلى الفلك فيكون جمعا. (محرم).

(٤) والحاصل أن وزن فعل بضم الفاء وسكون العين بكلمة من الأوزان المشتركة بين المفرد والجمع.

(٥) وإنما فسره بقوله : (تارة) لئلا يتوهم من العطف بالواو إنه يكون لمذكر ولمؤنث معا بأن يكون مشتركا بينهما في المفصل عليه. (عبد الله أيوبي).

(٦) قوله : (فالجمع الصحيح المذكر) أي : المذكر مفرده بقرينة السابق وفيه تنبيه على أنه كما يقال : بالإضافة ويقال : بالوصف أيضا ولم يفسر قوله : (فالمذكر) بجمع المذكر الصحيح لاحتياجه إلى كثرة الحذف أعني المضاف والصفة ولا بالذكر المجموع صحيحا ؛ لأن سوق الكلام في بيان المجموع لا في بيان المذكر المجموع.

(٧) لفظا نحو : مسلمون أو تقديرا نحو : مصطفون وكذا الحال في مكسور ما قبلها. (سيالكوني).

(٨) قوله : (عوضا ... إلخ) بمعنى أنه يجوز الجمع بينهما بأن يكون عوضا عنهما وكذا هذا القيد مراد في المثنى وذلك أنهم ذكروا أن النون عوض من الحركة والتنوين في نحو : ضاربين لوجودهما في ضارب وعن الأولى وحدها في نحو : ضاربين ؛ إذ لا تنوين في نحو : الضارب وعن الثاني وحده في نحو : ضاربي ؛ إذ هو الساقط دون الحركة. (وجيه الدين).

(٩) وقد يكسر لضرورة الشعر ، قال الشاعر :

عرفنا جعفرا وبني عبيد

وأنكرنا آخرينا

أصل الزعانف طواف الأديم والزعنفة بالكسر القصير. (حواشي خبيصي).


(ليدل) ذلك اللحوق (١) أو اللاحق فقط أو مع الملحوق (على أن معه) أي : مع (٢) مفرده الواحد من حيث معناه (أكثر منه) ولم يقل : من جنسه اكتفاء بما ذكر في التثنية.

فإن قيل (٣) : اسم التفضيل يوجب ثبوت أصل الفعل في المفضل عليه ولا كثرة في الواحد.

قيل : ثبوت أصل الفعل إما أن يكون محققا أو على سبيل الفرض (٤) كما يقال (فلان أفقه من الحمار) و (أعلم من الجدار) (٥).

(فإن كان آخره) أي : آخر مفرده (ياء) ملفوظة ك : (القاضي) أو مقدرة (٦) ك : (قاض) (قبلها كسرة حذفت) أي : الياء ، (مثل : قاضون) جمع (قاض) فإن أصله (قاضيون) نقلت ضمة الياء إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها طلبا للخفة ، وحذفت الياء للالتقاء الساكني ، وعلى هذا القياس حالتا النصب والجر ، مثل : (قاضين) فإن أصله (قاضيين) حذفت كسرة الياء لثقل اجتماع الكسرتين واليائين فسقطت لالتقاء الساكنين.

__________________

(١) يعني : أن ضمير ليدل إما راجع إلى مصدر لحق وإلى اللاحق المفهوم من لحق. (وافية).

(٢) إنما فسر بقوله : (مع مفرده) وبقوله : (الواحد) من حيث معناه ليوجد التقابل بينه وبين قوله : (أكثر منه) لأن مقابل الكثرة هي الواحدة لا الإفراد. (عبد الله أيوبي).

(٣) ولما كان لفظ الأكثر صيغة التفضيل وقوله : (منه مفضل عليه) والقاعدة تقتضي أن توجد الكثرة في المفضل عليه أيضا أورد عليه سؤال فرد الشارح وأجاب بما ترى. (حاشية).

(٤) أي : فرضا عقليا بوجود أصل الفعل في المفضل عليه ليطابق القاعدة.

(٥) بمعنى لو فرض إن في الحمار فقها وفي الجدار علما فيقال : فلان أفقه من الحمار واعلم أن الجدار فإن ثبوت أصل الفعل على سبيل الفرض لا على التحقيق وكذلك ثبوت أصل الفعل في الواحد. (وجيه).

(٦) فإن قلت : كيف يصدق في شان الياء المقدرة قوله : (حذفت) فينبغي أن يخص بالياء المذكورة فإن تعود الياء المحذوفة بحذف التنوين لإلحاق واو الجمع أو يائه ثم يحذف لالتقاء الساكنين بين علامة الجمع وبينها وليست على حذفها الذي كان قبل ؛ لأن علة الحذف السابق التقاء الساكنين بين الياء والتنوين وعلة الحذف بعد الإلحاق التقاء الساكنين بين الياء وعلامة الجمع والحاصل أن علة الحذف في المفرد غير علة في الجمع ؛ لأن سبب التقاء الساكنين في المفرد هو التنوين وفي الجمع سكون واو الجمع. (عصام).


(وإن كان آخره) (١) أي : آخر الاسم الذي أريد جمعه (مقصورا) أي : ألفا مقصورة (٢) (حذفت الألف) لالتقاء الساكنين (وبقي) بعد الحذف (ما قبلها) أي : ما قبل الألف (٣) على ما كان عليه (مفتوحا) ولم يغير لتدل الفتحة على الألف (٤) (مثل مصطفون) في حالة الرفع ، و (مصطفين) في حالتي النصب والجر (٥) ، فأصلهما (مصطفيين) قلبت الياء الفاء ، لتحركها وانفتاح ما قبلها : وحذفت الألف لالتقاء الساكنين.

(وشرطه) (٦) أي : شرط (٧) الاسم الذي (٨) أريد جمعيته جمع الصحيح المذكر

__________________

(١) جعل الضمير المستتر في كان راجعا إلى لفظ آخر ليوافق المعطوف عليه بخلاف ما إذا رجع إلى الاسم. (سيالكوني).

(٢) قوله : (أي آخر الاسم) لم يظهر لي فائدة هذا التفسير فإنه قد سبق تفسير آخره في المعطوف عليه بآخر مفرده وهو المرجع للضمير هاهنا.

ـ ملفوظة أو مقدرة وقد نبه المصنف على أن الياء والألف أعم من المذكورة والمقدرة حيث مثّل بقاضين وبمصطفون دون المصطفون. (عصام الدين).

(٣) قوله : (كان قبل الألف) إشارة إلى أن قبلها ظرف مستقر صفة لما وإلى أن الضمير المجرور راجع إلى الألف. (تكملة).

(٤) أي : على أن في آخر الف حذفت لعلة فإن غيرت من الفتحة إلى حركة خرى لم يعلم كون آخره ألفا.

(٥) وهذا أي : مصطفون وحيلون رفعا ومصطفين نصبا وجرا عند البصريين وأما الكوفيون فيلحقون ذا الألف الزائدة بالمنقوص فيضمون ما قبل الواو ويكسر ما قبل الياء.

(٦) أي : شرط ما جمع بالواو والياء والنون وشرط بيان هذا الكلام أو شرط هذا النوع من الجموع. (هند).

(٧) قوله : (أي : شرط الاسم) أريد جعل الضمير راجعا إلى الاسم مع أن الظاهر رجوعه إلى الجمع ؛ لأن الشروط للجمع رعاية لجانب المعنى ؛ لأن الشروط المذكورة تراعى في الاسم حين أريد جمعه بالواو والنون لجانب اللفظ ؛ لأن ضمير كان إن كان راجعا إلى الاسم الذي أريد جمعه لا يلزم الاستتار وإن كان راجعا إلى الجمع يحتاج إلى تقدير المضاف أي : إن كان مفرده. (س).

(٨) اعلم أن الشرط إذا كان علة غائية للجزاء يكون الجزاء شرطا لوجود في الخارج ويكون سببية الشرط بحسب الذهن ولذا يفسر الشرط في مثله بالإرادة كقوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)[المائدة : ٦] أي : إذا أردتم الصلوة فاغسلوا الآية.


يعني (١) : شرط صحة جمعيته (إن كان) ذلك الاسم (اسما) أي محضا من غير معنى الوصفية فيه (فمذكر (٢) علم) (٣) أي : فكونه مذكرا علما (يعقل) من حيث مسماه (٤) لا من حيث لفظه.

وإنما اشترط ذلك لكون هذا الجمع أشرف الجموع لصحة بناء الواحد فيه والمذكر العلم العاقل أشرف من غيره فأعطى الأشرف للأشرف.

فإن قعد فيه الكل ك : (العين) أو اثنان ك : (المرأة) أو واحد ، نحو : (أعوج) للفرس (٥) لم يجمع هذا الجمع.

__________________

(١) قوله : (وشرطه إن كان اسما فمذكر) قال الرضي : هذه العبارة ركيكة وذلك أنه لا يجوز أن يكون قوله : (إن كان اسما فمذكر شرطا) وجزاء خبر لقوله : (شرطا) لأن المبتدأ المقدر بعد الفاء ضمير راجع إلى اسم أي : فهو علم فبخلوا الجملة عن ضمير راجع إلى المبتدأ الذي هو شرط مع أنه لا معنى ؛ إذ لهذا الكلام ومعنى الكلام إن كان اسما فشرطه أن يكون علما فيكون على هذا جواب الشرط مدلول الجملة التي هي قوله : (فمذكر) وفيه محذورات الأولى : دخول الفاء في خبر المبتدأ مع خلوه عن معنى الشرط كقوله : وقائلة خولات فانكح فتاتهم ، عند الأخفش والثاني : أن الشرط كونه مذكرا وليس في الخبر ما يجعله بمعنى المصدر ، والثالث : إلغاء الشرط المتوسط بين المبتدأ والخبر ضرورة كقولك : إنك أن يصرع أخوك تصرع ، فلا يقال : زيد إن لقيته بكرمك ، قال الفاضل في توجيهها ، أي : شرط ما يذكر فهو مبتدأ والخبر محذوف كما قيل : في نحو : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا)[النور : ٢] ؛ لأن التقدير الزانية والزاني حكمهما ما يذكر فاجلدوا ابتداء بيان. (وجيه).

(٢) وهو خبر للمبتدأ المحذوف أي : فذلك حصول مذكر بتقدير المضاف قبل الخبر والجملة الاسمية جزاء الشرط بجزم المحل والجملة الشرطية مرفوع المحل خبر المبتدأ والرابط من الخبر إلى المبتدأ اسم الإشارة والمبتدأ مع خبره لا محل لها عطف على جملة المذكر ما إلى آخره. (معرب).

(٣) يعني أن في المتن مسامحة بذكر المشتق وإرادة مبتدأ الاشتقاق لظهور أن شرطه التذكير والعلمية لا نفس المذكر والعلم وفي هذا المقام تفصيل فليرجع إلى (حواشي الهندية والسيالكوني والعصام م ع).

(٤) قوله : (من حيث مسماه ... إلخ) إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن التذكير والعلمية صفة اللفظ وكونه عاقلا صفة المعنى فلا يجوز وصف علما بقوله : (يعقل) فدفع الشارح بهذا القيد أن هذا الوصف من قبيل وصف الدال بحال المدلول. (حاشية).

(٥) أعوج : فرس لبني هلال تنسب إليه الأعوجيات كان لكندة فأخذته سليم ثم صار لبني هلال أو صار إليهم من بني آكل المرار وفرس لغني بن الأعصر فيكون حينئذ علما الفرس خاص ـ


وأراد (١) بالمذكر ما يكون مجردا عن التاء ملفوظة أو مقدرة ليخرج عنه نحو : (طلحة) فإنه لا يجمع بالواو والنون خلافا للكوفيين : وابن كيسان فإنهم أجازوا (طلحون) بسكون اللام ، وابن كيسان بفتحها.

ويدخل فيه ، نحو : (ورقاء) و (سلمى) اسمي رجلين ، فإنهما يجمعان بالواو والنون اتفاقا ؛ لأن علم التأنيث هو التاء لا الألف فلا يمنع (٢) من الجمعية بالواو والنون ؛ لأن الممدودة تقلب واوا فتنمحي صورة علامة التأنيث والمقصورة تحذف وتبقى الفتحة قبلها (٣) دالة عليها.

(وشرطه) أي : وشرط الاسم الذي أريد جمعه جمع الذي أريد جمعه المذكر الصحيح (إن كان صفة) من الصفات غير علم (٤) كاسم الفاعل والمفعول (فمذكر (٥) يعقل) أي(٦): له شروط فالشرط الأول : كونه مذكرا يعقل كما مر.

(و) الشرط الثاني : (أن لا يكون) (٧) ذلك الاسم الكائن صفة (أفعل فعلاء) (٨)

__________________

ـ لكن الشرط الآخر وهو كونه علما للعامل لم يوجد. (قاموس).

(١) أجاب به عما ذكره الرضي : أنه كان عليه أن يقول بدل قوله : (فيذكر فمجرد عن التاء) ليخرج نحو : طلحة ويدخل نحو : سلمى وفاء علمي رجلين ، ولا يخفي أن الجواب ضعيف. (عصام الدين).

(٢) إذا لم يكن المؤنث بالألف كالمؤنث بالتاء لا يمنع ما كان مؤنثا بالألف. (أيوبي).

(٣) فجمع حمزة على حمزا ومقلب الهمزة إلى الواو.

(٤) قوله : (غير علم) إن كان معناه غير منقول من الوصفية ففائدته إخراج نحو : أحمر إذا سمي به ذكر فإنه يجمع بالواو والنون لصيرورته سما وعدم اعتبار الوصفية الأصلية وإن كان معناه عبر علم حال الوصفية ففائدته التنبيه على أن العلمية لا تحل مع الوصفية لكونهما متضادين فلذا لم نشترط العلمية في الصفة عند جمعتها أشرف جموع. (عبد الحكيم).

(٥) لو قال : بعلم مكان بعقل لكان أولى بحيث لا يخرج عنه صفات الله تعالى نحو : (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)[الذاريات : ٤٨] اللهم إلا أن يقال : الشرط هو الفعل ونحو الماهدون صدر فيما جمع بالتأويل. (هند).

(٦) قوله : (الشرط الأول ... إلخ) جعل التذكير والعقل شرطا واحد مع أنهما شرطان متتابعة لما ذكره الهدى أن مناط الفائدة الوصف دون قوله : (مذكر) لأنه مستغنى عنه كون الكلام في جمع المذكر. (فاضل عصام).

(٧) قوله : (أن لا يكون ذلك الاسم ... إلخ) يرجع الضمير إلى الصفة نؤول الوصف لعدم صحته في قوله : (ولا مستويا فيه مع المؤنث) كما يجيء. (سيالكوني).

(٨) الإضافة لأدنى ملابسة أي : أفعل الذي مؤنثه فعلاء مثل أحمر حمراء. (هند)


أي : مذكر غير مستوف صيغة الصفة الكائن ذلك الاسم إياها مع المؤنث بل يكون (١) المذكر على صيغة (أفعل) والمؤنث على صيغة (فعلاء) (٢) (مثل : أحمر حمراء) للفرق بينه وبين (أفعل) التفضيل ك : (أفضلون) ولم يعكس (٣) ؛ لأن معنى الصفة في (أفعل) التفضيل كامل (٤) لدلالته على الزيادة.

(و) الشرط الثالث : (أن لا يكون) ذلك الاسم (فعلان فعلى) أي : مذكرا غير مستوف تلك الصيغة مع المؤنث بل يكون المذكر على صيغة (فعلان) والمؤنث على صيغة (فعلى) (مثل : سكران سكرى) فإنه لا يقال : فيه (سكرانون) للفرق (٥) بينه وبين (فعلان فعلانة) ك : (ندمانون) ولم يعكس ؛ لأن (فعلان فعالانة) أصل في الفرق بين المذكر والمؤنث ؛ لأنه فيه التاء وعدمها.

(و) الشرط الرابع : (أن لا يكون) (٦) الاسم المذكور مذكرا (مستويا فيه أي : في

__________________

(١) والحاصل أن الصفة نوعان أحدهما : أن المذكور والمؤنث مساويان والفرق بالتاء نحو : عالم وعالمة ، والثاني : أن يكون المذكر غير متساوية للمؤنث بل لكل منهما صيغة مستقلة كأحمرا وحمراء وقال عبد الحكيم : إذ الغالب في الصفات الفرق بين مذكرها ومؤنثها بالتاء لتأديتها معنى الفعل والعقل يفرق بينهما بالتاء نحو : الرجل قام والمرأة قامت والغالب في الأسماء الجوامد الفرق بينهما بوضع صيغة مخصوصة لكل منهما كعبرواتان وجمل وناقة والاستواء نحو : إنسان وفرس وقد جاء العكس أيضا في كل منهما فكل صيغة لا يلحقها التاء فكأنها من قبيل الجوامد فلذا لم تجمع هذا الجمع وجمع أفعل التفصيل بالواو والنون فإنه لخبر نقصان عمله حيث لم يعمل في المظهر كما حير النقص بالواو والنون في فلون وكرون وأرضون. انتهى ملخصا. (لمحرره محرم)

(٢) إذ معنى الصفة في أفعل التفصيل كاملة فأعطى الكامل من الجمع تحقيقا للمناسبة. (وجيه).

(٣) جواب سؤال مقدر يعني أن هذا الفرق يحصل على عكس الأمر فأن لا يجوز الجمع في أفعل التفصيل وأن يجوز في مثل أحمر.

(٤) وأما أجمعون جمع جمعاء فمخبئة بالواو والنون على خلاف القياس إلا أن يقال أن في الأصل اسم التفضيل لعدم كونه من الألوان والعيوب وحينئذ يكون تأنيثه على جمعاء على خلاف القياس (هند).

(٥) قوله : (للفرق بينه وبين فعلان) يفهم منه جواز جمع أمثاله ندمان بالواو والنون ولم يرض به وقال من قال به فقد قاس من غير مساعدة السماع. (محشي).

(٦) إن قوله : (ولا مستويا) عطف على قوله : (أفعل فعلاء ومستويا صفة لموصوف ومحذوف) ـ


هذه الصفة بتأويل الوصف مع (المؤنث مثل : جريح وصبور).

يقال : (رجل جريح ، وصبور ، وامرأة جريح وصبور) فلا يجمع بالواو والنون ولا بألف والتاء فإنه لما لم يختص بالمذكر ولا بالمؤنث لم يحسن أن يجمع جمعا مخصوصا بأحدهما بل المناسب أن يجمع جمعا يستويان فيه مثل : جرحى وصبر.

(و) الشرط الخامس : (أن لا يكون) (١) الاسم المذكور مذكرا متلبسا (بتاء التأنيث مثل : علامة) (٢) كراهة اجتماع صيغة جمع المذكر وتاء التأنيث ولو حذفت التاء لزم اللبس (٣). (وبحذف (٤) نونه) أي : نون الجمع (بالإضافة) لما مر في التثنية (٥).

(وقد شذ (٦) نحو : (سنين)

__________________

ـ والمعنى أن لا يكون الاسم المذكور أي : الكائن صفة مذكر أي : مجردا عن التاء مستويا ذلك المذكر في تلك الصيغة أي : في صيغته وهيئته مع المؤنث بأن يستعملوا للمذكر والمؤنث صيغة واحدة مجردة عن التاء فاندفع اعتراض الرضي بأن هذه العبارة استحق من قوله لم فمذكر علم يعقل لأن مستويا عطف على أفعل فعلاء فيكون المعنى وأن لا يكون الوصف المذكر مستويا في ذلك الوصف عن المؤنث ولا معنى لهذا الكلام وكيف يستوي الشيء في نفسه مع غيره ؛ لأن مبني هذا الاعتراض من إرجاع ضمير وإن لا يكون إلى الوصف والشارح جعل الضمير راجعا إلى الاسم المذكور. فتدبر فإنه مزلة الأقدام. (فاضل محشي ك).

(١) قوله : (أن لا يكون الاسم المذكور ملتبسا ... إلخ) قبل هذا الشرط غير محتاج إليه لاستغنائه عنه بقوله : (فمذكر) وإنما ذكره لدفع وهم من يتوهم أن المراد بالتذكير هو من حيث المعنى. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (مثل علامة) وما قيل : أن نحو : علامة خارج بقوله : (ولا مستويا فيه مع المؤنث) لأن فعالة يستوى فيه المذكر والمؤنث فليس بشيء ؛ لأنه ليس مذكرا مستويا مع المؤنث بل مؤنثا مستويا مع المذكر. (س).

(٣) لأن التاء فيه علامة للمبالغة فلو حذفت التاء لزم اللبس بين المبالغة وغيره. (هند).

(٤) قوله : (ويحذف) أي : يجب حذف نونه بالإضافة أما حذف نونه كنون المثنى لتقصير الصلة كما في قوله : الحافظوا عورة العشيرة ، قيل لام ساكنة اختيار كما جاء في الشواذ : (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ)[الصافات : ٣٨] بنصب العذاب فليس بواجب. (عصام).

(٥) إذ النون لقيامها مقام التنوين يوجب تمام الكلمة وانقطاعها والإضافة توجب الاتصال والامتزاج فيتنافيان أي: الإضافة والنون معا. (هند).

(٦) قوله : (وقد شذ) جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال : إن الأرض والسنة ونحوهما جمعت هذا الجمع وهو الأرضون والسنون ونحوهما مع انتقاء الشرائط المذكورة هي كونه مذكرا علما ـ


بكسر السين (١) جمع (سنة) أو بفتحها (وأرضين) (٢) بفتح الراء : وقد جاء إسكانها : جمع (أرض) بسكونها.

وإنما حكم بشذوذهما ؛ لانتفاء التذكير والفعل وعدم كونهما علما أو صفة. وقد أدرج صاحب اللباب بعض هذه الأسماء تحت قاعدة (٣) كلية أخرجتهما من الشذوذ منها (سنين) وأمثاله وأبقى بعضها على الشذوذ منها (أرضين) وأمثاله.

فمن أراد تفضيل ذلك فليرجع إليه.

__________________

ـ عاقلا فلا يكون الشروط المذكورة شرطا واجاب عنه المصنف بقوله : (وقد شذ) وقد تكلف في توجيهها ومحله أن الواو والنون والياء فهي ليست للإعراب بل عوض عن تاء التأنيث المقدرة كما في أرض أو عن الإعلال والإدغام كما في ستة ومرة وهي غاية السماعية. (متوسط).

(١) وإنما قال الشارح : (بكسر السين) تنبيها على أنه ليس بجمع سلامة في الحقيقة وقد جاء سنون بضمها وهو قليل ولمثل هذا التنبيه كسروا عين عشرون وقد جاء في بعض ما هو مضمون الفاء الكسر نحو : فلون وثبوت وليس بمطردة وأما مكسور الفاء لم يسمع فيه التغيير كعضين ومئين وفئين ولعل ذلك الاعتدال الكسر بين الضم والفتح. (عبد الحكيم).

(٢) وقيل : أن الواو والنون فيهما لجبر ما حذف عنهما من تاء التأنيث الثابتة في سنة لفظا والمقدرة في أرض وثنين وقلين وهما جمع ثبة وقل والأصل ثبوة وقلوة فقلبت الواو ألفا وحذفت والتاء كذا عند الجمع فجمعا بالواو والنون جبرا لضعفهما من بقائهما على حرفين وخزون جمع خزة وأوزون جمع أوزة أو وز ثلاثهما بمعنى الطير المائي فالواو والنون فيهما الجبر ضعفهما من التغيير بالإدغام. (خبيصي).

(٣) وهو الأرضون والسنون والحرون والأوزون والثبوت والقلون من الجموع الذي وقعت بالواو والنون. (أيوبي).

ـ قوله : (تحت قاعدة كلية) وهي قوله : سوى ما جبر نقصه من ذي المحذوف العجز مقبلا مما لا مذكر له مجموعا هذا الجمع صغير أوله كسنون أو غير مغير كثبتون فيقول : ما خير نقصه خرج ما لم يجير نقصه كبد وبقوله : (من ذي التاء) خرج من جبر نقصه وليس فيه تاء كماء فإنه أحد ماء بدليل مياه وبقوله : (المحذوف العجز) خرج ما لم يحذف عجزه كعدة فإن محذوفة الصدر وبقوله : (معتلا) خرج ما لا يكون عجزه معتلا كشاة وشفة فإنهما محذوفا العجز لكن عجزهما حرف صحيح فإن أصلهما شوهة وشفهة وبقوله : (مما لا مذكر له) خرج ما له مذكر كهنة فإن له مذكرا وهو هن عنه أشار إلى أن الموصوف عبارة عن الجمع. (فاضل سيالكوني).


(المؤنث)

أي الجمع الصحيح المؤنث (ما لحق) أي : جمع لحق (آخره) أي : آخر مفرده (ألف (١) وتاء وشرطه) (٢) أي : شرط الجمع الصحيح المؤنث (إن كان) مفرده (صفة وله) أيك لذلك المفرد (مذكر ، فإن يكون مذكره) أي : مذكر ذلك المفرد (جمع بالواو والنون) (٣) لئلا (٤) يلزم مزية الفرع على الأصل؟

(وإن لم يكن له) أي : لمفرده (مذكر) جمع بالواو والنون (فأن لا يكون) أي : فشرط (٥) صحة جمعيته أن لا يكون (مجردا) عن تاء التأنيث (ك : حائض) (٦) لأنه يقال في جمع (حائضة) : (حائضات).

فلو قيل : جمع حائض أيضا : حائضات لزم الالتباس (٧).

(وإلا) عطف على قوله : (إن (٨) كان صفة) أي : وإن لم يكن المؤنث صفة ، بل

__________________

(١) إنما خص الزيادة بالألف والتاء ؛ لأنه عرض فيه الجمعية والتأنيث الغير الحقيقي وكل واحد من الحرفين قد يدل على واحد من المعنيين كما في رجال وسلمى والجمالة والضاربة. (الشيخ الرضي).

(٢) يعني أن لصحة الجمع بالألف والتاء شروطا متنوعة بحسب مفرده ؛ لأن مفرده أما صفة وأما اسم فإن كان صفة فاما صفة لها مذكر وأما صفة ليس لها مذكر. (محرم).

(٣) كالمسلمة والمضروية والحسنة والفضلى فيقال : المسلمات والمضروبات والحسنات والفضليات بخلاف حمراء وسكرى جمعه سكارى كما مر. (خبيصي).

(٤) يعني : لو لم يجمع مذكره بالواو وجمع كجمع التكسير كفعلاء أفعل مثل حمراء أحمر وفعلان فعلى كعطشان وعطشى وجمع مؤنثه بالألف والتاء لزم للفرع مزية على الأصل. (وجيه الدين).

(٥) وهذا التفسير إشارة إلى أن قوله : (أن لا يكون خبر للمبتدأ المحذوف والجملة جزائية).

(٦) إذ لم يعتبر فيه الحدث والتأنيث باعتبار الحدث وفي جمع حائضة يقال : حائضا وفي جمع حائض يقال حوائض. (خبيصي).

(٧) قوله : (لزم الالتباس) ولم يعكس لمشابهته غير المجرد الفعل في اللفظ والمعنى ؛ لأنه بمعنى الحدث كالفعل فلا حق به علامة جمع المؤنث وهي الألف والتاء كما يلحق بفعل المؤنث ضمير جمع المؤنث بخلاف المجرد بمعنى الثبوت والصفة الثابتة لا يختص بزمان دون زمان وهي الجارية على الفعل مختصة بزمان دون الزمان نحو : الآن وغدا. (وجيه الدين).

(٨) إشارة إلى دفع توهم العطف على قرينة الذي هو قوله : (وإن لم يكن) وعدم جواز العطف عليه ؛ لأن قوله: (وإن لم يكن) من أقسام الصفة ، وهذه الشرطية قسيمها.


كان اسما (جمع) هذا الجمع (مطلقا) (١) أي : من غير اعتبار الشرط ، مثل : (طلحات وزينبات) في جمع طلحة وزينب.

وفي شرح الرضي : أن هذا الإطلاق ليس بسديد ؛ ؛ لأن الأسماء المؤنثة بتاء مقدرة ك: (نار وشمس) ونحوهما من الأسماء التي تأنيثها غير حقيقي لا يطرد فيها الجمع بالألف والتاء ، بل هو فيها مسموع ك : (السماوات والكائنات) وذلك لخفاء هذا التأنيث : ؛ لأنه ليس بحقيقي ولا ظاهر العلامة (٢).

(جمع التكسير)

(ما تغير) أي : جمع تغير (بناء واحده) من حيث نفسه وأموره (٣) الداخلة فيه ؛ كما هو المتبادر (٤) ؛ فلا ينتقض بجمع السلامة لتغيير بناء واحده بلحوق الحروف الخارجة(٥)

__________________

(١) مفعول مطلق مجازي أي : جمع جمعا مطلقا أو مفعول فيه لجمع بتقدير الموصوف أي : زمانا مطلقا ونائبه إما راجع إلى مصدره أو راجع لمفرد كما أشار الشارح إليهما. (هند).

(٢) فحاصل مراد الرضي النقض لكلام المصنف يعني أن قوله : (مطلقا) ليس بصحيح ويمكن أن يجاب عن هذا النقض بأن يقال أنه يحتمل أن يكون مراده بالمطلق هو المطلق الإضافة أعني : بالنسبة إلى الشروط المذكورة يعني : أنه جمع مطلق من غير اعتبار شروط من الشروط المذكورة في الصفة فلا ينافي أن يكون له شرط آخر من كونه سماعيا أو غيره ولو قال : من غير اعتبار شرط من الشروط المذكورة لخلص من الاعتراض. (عبد الله الأيوبي).

(٣) وبهذا أشار الشارح دفع ما ذكره الرضي بأن مراد المصنف بالتغيير في تغيير التكسير غير التغيير الذي ذكره في تعريف مطلق الجمع يعني أن التغيير في التكسير في نفس المفرد من الحروف والحركات والسكنات فلا يبقى نفس البناء على ما كان عليه. (خلاصة الحواشي).

(٤) قوله : (كما هو المتبادر) يعني المتبادر من نسبة التغير إلى البناء أن يكون التغير في ذاته وباعتبار أجزائه لا التغير العارض له باعتبار أمر خارج عنه سواء كان التغير حقيقيا أو اعتباريا وليس مراده أن المتبادر من التغير التغير في ذاته حتى يرد عليه إنه كما أن المتبادر من التغير ذلك كذلك المتبادر منه أن يكون حقيقيا فحمل التغير على المتبادر باعتبار وعلى غير المتبادر باعتبار تكلف. (سيالكوني).

(٥) فإن مسلمين مثلا تغير فيه بناء مسلم إلى مسلمين باعتبار زيادة الياء والنون الذي من الأمور الخارجة لا باعتبار نفسه فإنه باق على حاله. (وجيه الدين).


الزائدة به ؛ وأيضا (١) المتبادر من تغيره تغير يكون لحصول الجمعية ، فلا ينقض أيضا بمثل (مصطفون) فإن تغير الواحد فيه يلزم بعد حصول الجمعية.

وأما (٢) التغيير المذكور في تعريف الجمع مطلقا ؛ فهو أعم من أن يكون من حيث ذات الواحد (٣) أو من حيث الأمور الخارجة الزائدة ، كما يدل عليه (ما) الابهامية المفيدة للعموم في قوله : (بتغير ما) سواء كان ذلك التغير حقيقيا (كرجال وأفراس) أو اعتباريا ك: (فلك) كما مر (٤).

(جمع القلة)

وهو ما يطلق على ثلاثة وعشر ما بينهما.

(أفعل) أي : جمع (٥) يكون على وزن (أفعل) ك : (أفلس) جمع (فلس).

(وأفعال) أي : جمع يكون على وزن (أفعال) ك : (أفراس) (٦) جمع فرس. وعلى هذا القياس معنى البواقي.

(وأفعله) ك : (أرغفة) جمع رغيف.

__________________

(١) وكما لا ينتقض التعريف بجمع السلامة لا ينتقض أيضا بما غير بناء واحدة بعد الجمعية ؛ لأنه المتبادر.

(٢) ثم إنه لما توهم منه إنه إن كان المتبادر من لفظ التغير هو التغير في نفس الواحد فلم لم يحمل على المتبادر نظيره الذي هو التغير المذكور في تعريف مطلق الجمع فإذا الشارح دفعه فقال : (وأما التغير). (أيوبي).

(٣) وحينئذ يصدق على الجمع المكسر والمصحح وهو المطلوب فيكون تعريف مطلق الجمع جامعا ومانعا. (شرح).

(٤) وهي أن ضمة فلك إذا كان مفردا كضمة فعل وإذا كان جمعا كضمة أسد. (لمحرره رضا).

(٥) قوله : (أي : جمع يكون ... إلخ) إشارة إلى أن أفعل ضمير للمبتدأ الذي هو جمع وفسره به لتحصل المطابقة بين المبتدأ والخبر ؛ لأنه لو لم يكن كذلك بل أريد به الوزن لم يصح الحمل عليه للمغايرة. (الكلمة).

(٦) قوله : (كأفراس جمع فرس) فإن تغير بناء واحدة من حيث نفسه وأموره الداخلة فيه فإن فيه تغير فتح الفاء إلى سكون وجعل الفاء التي حرف الأول حرفا ثانيا وجعل المتصل بين الراء والسين منفصلا وعلى هذا القياس غيره. (وافية).


(وفعلة) (١) ك : (غلمة) جمع غلام.

(و) الجمع (الصحيح) مذكرا كان ك : (مسلمين) أو مؤنثا ك : (مسلمات) وفي شرح الرضي : إن الظاهر أنهما ـ أي : جمعي السلامة ـ لمطلق الجمع من غير نظر إلى القلة والكثرة ، فيصلحان لهما).

(وما عدا ذلك) المذكور من الأوزان والجمع الصحيح (جمع كثرة) (٢) يطلق (٣) على ما فوق العشرة إلى مالا نهاية له.

وقد يستعار أحدهما للآخر مع وجود (٤) ذلك الآخر ، كقوله تعالى : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨](٥) مع وجود (أقراء).

__________________

(١) وهذه الأوزان للقلة إذا جاء للمفرد جمع كثرة وأما إذا انحصر جمع التكسير فيها فهي للقلة والكثرة وكذا ما عدا الستة للكثرة إذا لم يخصر فيه الجمع وإلا فهو مشترك كما جاء في المصانع. (شيخ الرضي).

ـ هذه الأربعة على المشهورة وزاد الفراء فعلة والكوفيون زادوا فعلاء وجمع الكثرة ما عداها. (زاده).

(٢) والفرق بين جمع القلة والكثرة إنما هو إذا كان مفردين غير معرفتين أما عند الإضافة التعريف أو يغير فلا فرق. (حواشي هندي).

(٣) قال العلامة التفتازاني في التلويح : اعلم أنهم لم يفرقوا في هذا المقام بين جمع القلة وجمع الكثرة فدل بظاهره على أن التعرفة بينهما إنما هي في جانب الزيادة بمعنى علامة أن جمع القلة تختص بعشرة فيما دونها وجمع الكثرة غير مختص بما فوق العشرة ثم قال : وهذا أوفق الاستعمال وإن صرح بخلافه كثيرة من الثقاة. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (مع وجود الآخر ... إلخ) يعني يستعمل اللفظ الموضوع للقلة في الكثرة مع وجود لفظ آخر يدل على الكثرة ويستعمل أيضا اللفظ الموضوع للكثرة في القلة مع وجود لفظ يدل على القلة. (محرم).

(٥) قوله : (ثلاثة قروء ... إلخ) والنكتة في ذلك التنبيه على أن (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) بالنسبة إلى النساء جمع كثرة لقلة صبرهن على الرجال. (عبد الحكيم).

ـ القروء الحيض وجمعه أقراء كأفراح وقروء كفلوس وأقراء كأفلاس والقرء أيضا الطهر وهو من الأضداد. (مختار الصحاح).


(المصدر) (١)

(اسم لحدث) يعني بالحدث (٢) معنى قائما بغيره سواء صدر عنه ك : الضرب ، والمشي) أو لم يصدر ك : الطول (٣) والقصر.

(الجاري (٤) على الفعل) والمراد (٥) بجريانه على الفعل : أن يقع بعد اشتقاق الفعل منه تأكيدا له ، أو بيانا لنوعه أو عدده مثل : جلست جلوسا ، وجلسه وجلسه.

فمثل (القادرية (٦) والعالمية) (٧) ومثل (ويلا له ، ويحا له) مما لم يشتق الفعل منه

__________________

(١) ولما تم الكلام في الأسماء الجامدة اشتغل بذكر الأسماء المشتقة وسمى الأسماء المتصلة بالأفعال وهي ثمانية المصدر اسم الفاعل اسم المفعول الصفة المشبهة أفعل التفضيل اسم المكان واسم الزمان واسم الآلة ولم يذكر هاهنا سوى الخمسة الأولى الباقي لا عمل لها كأخواتها فلا وجه لا يرادها في النحو. (خبيصي).

(٢) قوله : (يعني بالحدث معنى قائما بالغير) المراد بالمعنى الأمر المعنوي الذي مما يقابل من مقولات الفعل والانفعال والانكسار لا يقابل العين فلا يدخل في الحد نحو : السواد بمعنى سياهى كما قيل : وأيضا هو خارج بقوله : (الجار على الفعل) ؛ إذ لا يصح أن يقع بالغة المذكور مفعولا مطلقا بل الفعل الدال على الحدث لا على الكيف. (وجيه الدين).

ـ وهي جمع كثرة لكونها عبر الأوزن الأربعة الجمع في الصحيح تستعار للقلة وهي الأقراء ولهذا يستعمل في الثلاثة.

(٣) قوله : (كالطول) فإن الطول معنى قائم ثم بعيره وهو لا يعيدونه بل يصدر عن الله تعالى. (وافية).

(٤) ولما كان المراد بالمصدر هاهنا هو المصدر الذي يقع مفعول مطلقا المصدر هو ما عدا الاشتقاق مع أن قوله : (اسم الحدث) شامل له ، واحترز بقوله : (الجاري) عن المعنى الثاني. (شرح).

(٥) قوله : (والمراد بجريانه) في الرضي يقال : هذا المصدر جار هو على الفعل أي : أصل له ومأخذ اشتقاق له فيقال في : حمدت حمل أن المصدر جار على فعله وفي تبتل إليه تبتيلا أن تبتيلا لا يجري على ناصية انتهى ولما كان المناسب لهذا المعنى أن يقال الفعل جار على المصدر فسره النشر بما ذكروا والمراد صحة الوقوع ولذا عبر بأن مع الفعل المضارع.

(٦) ولما اعتبر في هذا الجريان أمر أن أحدهما أن يشتق من الفعل والثاني أن يقع بيان خرج عند المصدر الذي لم يوجد أحد الأمرين أو كلاهما فأشار إليه الشارح بقوله : (فمثل القادرية). (أيوبي).

(٧) فإن معنى المصدر بالياء المصدري ولذا لا يشتق من الفعل لكون أصلهما اسم الفاعل. (شرح).


لا يكون مصدرا وأن كان الأخيران (١) مفعولا مطلقا.

(وهو) أي : المصدر (من الثلاثي) المجرد (سماع) أي : سماعي (٢) ويرتقي عدده إلى اثنين وثلاثين كما بين في كتب التصريف.

(وفي غيره) أي : غير الثلاثي المجرد يعني : الثلاثي المزيد فيه والرباعي المجرد والمزيد فيه (قياس).

أي : قياسي كما يقول : كل ما كان ماضيه على (أفعل) فمصدره (٣) على (إفعال) وكل ما كان ماضيه على (استفعل) فمصدره على (استفعال) (مثل : (أخرج إخراجا، واستخرج استخراجا) إلى غير ذلك بما علم في التصريف.

(ويعمل) (٤) أي : المصدر.

__________________

(١) إنه أراد جواز وقوعهما مفعولا مطلقا كلامهم أو لا يقال علم عالمية فلا يرد ما قاله العصام. (وجيه الدين).

(٢) هذا بيان المقصود والمراد على حذف المضاف أو المصدر بمعنى المعفول وليس المراد أنه على حذف ياء النسبة ليلزم أن حذف بالنسبة لم يثبت في كلامهم في مثله. (وجيه الدين).

(٣) فإن قيل : ما الفرق بين المصدر واسم المصدر قلنا : على ما في بعض حواش المفتاح أن المصدر موضوع للحدث من حيث تعلقه بالمنسوب على وجه الإبهام ولذا يقتضي الفاعل والمفعول ويحتاج إلى تعيينها في استعماله واسم المصدر موضوع لنفس الحدث من حيث هو بلا اعتبار تعلقه بالمنسوب إليه وإن كان تعلقا في الواقع ولذا لا يقتضي الفاعل والمفعول وتعيينهما. (حاشية هند).

(٤) قوله : (يعمل ... إلخ) شروطه هي أن تكون مظهرا مكبرا غير محدود ولأن منعوت قبل تمامه كذا في التسهيل فلا يعمل المضمر والمصغر والمحدود وهو الدال على المرة والمنعوت قبل استيفاء وما يتعلق به من مفعول ومجرور وغيره وفي كل منهما اختلاف من النحاة مذكور في شرح المصري. (عبد الحكيم).

ـ هذا بيان أحكام المصدر بعد تفريعه وتقسيمه. (رضا).

ـ ولا يعمل المصدر المصغر والموصوف ؛ لأنهما ليسا مقدرين بأن مع الفعل ولذا يعمل المصدر المقترن بالحال ؛ لأنه لا يكون بتقدير أن مع الفعل ؛ لأن الفعل الذي مع أن إذ كان ماضيا يدل على المضي ؛ لأن أن فيه بمجرد المصدرية ولا يكون للاستقبال وأن كان مضارعا يدل على الاستقبال ؛ لأن أن مع الفعل المضارع للمصدرية مع الدلالة على الاستقبال ولا يكون المضارع الذي في أوله أن للحال فلا يكون المصدر المقترن بالحال بتقدير أن مع الفعل. (سيد عبد الله).


بالقطع (١) (عمل (٢) فعله) (٣) المشتق منه حال كونه (ماضيا) نحو : (أعجبني ضرب زيد عمرا أمس).

(و) حال كونه (غيره) أي : غير ماض ، مستقبلا كان أو حالا نحو : (أعجبني إكرام عمرو خالدا غدا أو الآن).

وذلك (٤) العمل لمناسبة (٥) الاشتقاق بينهما لا باعتبار (٦) الشبه ، فلهذا لم يشترط فيه الزمان كاسمي الفاعل والمفعول.

(إذا لم يكن مفعولا مطلقا) يعني عمل المصدر عمل فعله بالقطع مشروط بأن لا يكون مفعولا مطلقا أصلا فإنه إذا كن مفعولا مطلقا فسيجيء حكمه.

__________________

(١) قوله : (بالقطع) أي : لا يكون على الاحتمال بأن يكون العمل للمصدر أو للفعل وإنما قيد بالقطع ليحصل التقابل بين القسمين اللذين سيجيآن وبين هذا القسم لأن في هذه المسئلة ثلاثة أحكام : الأول : أن العمل للمصدر فقط دون فعله ، والثاني : أن العمل للفعل فقط دونه والثالث : أنه يجوز ن يكون العمل له أو لفعله عن أي زمان الحال والاستقبال. (حاسة ج).

(٢) مفعول مطلق للنوع ، ليعمل مجازا ، أي : يعمل عملا قبل عمل فعله ، فحذف الموصوف ثم حذف المضاف الذي هو الصفة ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، كما في الرضي ، أو مفعول به بمعنى يفعل عمل فعله.

(٣) قوله : (فعله) لمناسبته بالفعل لمكان الاشتقاق بينهما قوله : (المشتق منه إشارة إلى تلك المناسبة) وهي مناسبة الاشتقاق أي : فعله الذي يشتق ذلك الفعل من ذلك المصدر يخرج. (هند).

(٤) قوله : (وذلك العمل) إشارة إلى الواسطة التي يعمل بها المصدر يعني أن علة عمل المصدر كعمل فعله لمناسبة الاشتقاق. (أيوبي).

(٥) قوله : (لمناسبة الاشتقاق ... إلخ) أي : التناسب بينهما في اللفظ والمعنى لكون معناه جزء من معنى الفعل وهو الذي يقتضي الفاعل والمفعول عقلا إلا أن الفعل أعثر فيه النسبة إلى الفاعل وضعا والمصدر اعتبر فيه الحدث فقط من غير نظر إلى الفاعل فقد طرأ عليه ما يزيل اقتضاءه العقلي فلذلك صار الفعل أصلا في العمل والمصدر فرعا له فيه وعلامة كونه بمعنى الفعل صحة تقديره بالفعل مع الحرف المصدر. (سيالكوني).

(٦) قوله : (لا باعتبار الشبه) إذ لا مشابهة بينه وبين الفعل لا لفظا لعدم موازنته أياه ولا معنى لعدم صحة إقامته مقامه بخلاف اسم الفاعل والمفعول. (حاشية).


(ولا يتقدم (١) معموله) أي : معمول المصدر (عليه) لكونه بتقدير الفعل مع (أن) وشيء مما في حيز (أن) لا يتقدم عليه (٢) ، فلا يقال (أعجبني عمرا ضرب زيد).

(ولا يضمر) (٣) أي : معموله (فيه) ـ أو يكون الظرف مفعول ما لم يسم فاعله ـ لأنه لو أضمر فيه : لأضمر في المثنى والمجموع (٤) قياسا على الواحد (٥) ، فيلزم (٦) اجتماع التثنيتين الجمعين نظرا إلى المصدر والفاعل.

ولما كان تثنية الفعل وجمعه راجعين في الحقيقة إلى الفاعل (٧) ، وكذا في اسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة لا يلزم فيها محذور ، بخلاف المصدر فإن له في نفسه (٨) تثنية وجمعا.

__________________

(١) قوله : (ولا يتقدم معموله عليه) هذا كلام النحاة وخلفهم الرضي في الظروف وجوز تقديمه لتوسعهم فيها. (عصام).

(٢) أي : على لفظ أن ؛ لأنه حرف مصدري والحرف المصدر موصول ومعمول المصدر في الحقيقة معمول الفعل الذي هو صلة الحرف ومعمول الصلة لا يتقدم على الموصول. (رضي).

(٣) واعلم أن المصدر إذا وقع موقع اسم الفاعل أضمر فيه على الأصح نحو : رجل عدل فيكون في إطلاقه نظر بل ينبغي أن يقول لا يضمر فيه إذا لم يقع موقع اسم لفاعل كما مثلناه. (حاشية).

(٤) اعترض عليه الرضي بأن يضمر فيه الفاعل المثنى والمجموع كما يضمر في اسم الفعل والظرف فلا يلزم اجتماع التثنيتين والجمعين وأجاب عنه الهندي بأن القول بالاستتار في اسم الفعل والظرف مجاز بمعنى الاستتار في اللذين ينوبان عنه. (عصام).

(٥) لأن كل ما يجوز الإضمار في واحدة من الفعل والصفة يجوز الإضمار في مثناه وجمعه لكن الإضمار في مثنى المصدر وجمعه غير جائز ؛ لأن الإضمار إن كان جائز فيهما فيلزم اجتماع.

(٦) قوله : (فيلزم اجتماع التثنيتين) أي : اجتماع العلامتين أحدهما نظر إلى المصدر نفسه ؛ لأنه مثنى ويجمع للعدد النوعي وثانيهما نظرا إلى الفاعل لغرض استتار الفاعل فيه وهذا إن أتى فيه بعلامتين وإن حذف أحدهما لزم اللبس يصلح ضربان مثلا تثنية للمصدر الفاعل. (سيالكوني).

(٧) لأن المراد من قولنا : ضربا ويضربان وضربوا ويضربون مثلا هو أن الضرب يصدر عن اثنين وما فوقهما.

(٨) قوله : (فإن له في نفسه تثنية وجمعا) لأن المراد من المصدر المثنى في قولنا ضربت ضربتين وضربتين مثلا هو أن الضرب صدر متى مرتين وأن الضرب الصادر متى نوعان فالتثنية على هذا في المصدر دون الفاعل على ما لا يخفى وكذا المراد في جمع المصدر العددي والنوعي. (نور الدين).


ولا شبهة أن الإضمار فيه يستلزم الاستتار ، فإنه إذا كان بارزا لم يكن مضمرا فيه بل مضمرا مطلقا ، فلا حاجة (١) إلى اعتبار قيد الاستتار على حدته ، ليخرج (٢) مثل : (ضربي زيدا حاصل).

(ولا يلزم ذكر الفاعل) (٣) أي : فاعل المصدر : لا مظهرا ولا مضمرا ، نحو : (أعجبني ضرب زيدا) لأن (٤) النسبة إلى فاعل ما غير مأخوذة من مفهومه فلا يتوقف تصور مفهومه عليه بخلاف الفعل واسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة (٥).

(ويجوز إضافته إلى الفاعل) (٦) مع ان إعماله (٧) منونا أولى ؛ لأنه حينئذ أقوى مشابهة للفعل ، لكونه نكرة نحو قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) [البقرة : ٢٥١].

(قد يضاف) أي : المصدر (إلى المفعول) (٨) سواء كان مفعولا به ، أو ظرفا أو

__________________

(١) قوله : (فلا حاجة) تفريع لما قبله أي : ولا قيد قوله : (لا يضمر) بقوله : (فلا حاجة). (تكملة).

(٢) أو لأن المصدر اسم جامد على الأصح فكان كسائر الأسماء الجامدة في خلوها عن الضمير. (غجدواني).

(٣) للاستغناء عنه لعدم كونه أحد جزئي الجملة بخلاف ما لو أسند إليه فعل أو صفة فإنه يجب ذكره لعدم الاستغناء لكونه أحد جزئي الجملة. (موشح).

ـ لضعف عمله ؛ لأن التزامه يؤدي إلى الإضمار فيه إن كان غائبا وإلا لم يكن لازما ولهذا كانت إضافة معنوية. (هند).

(٤) قوله : (لأن النسبة إلى فاعل ما) أي : مطلقا معينا كان أو مبهما غير مأخوذة في مفهومه بخلاف الفعل فإن النسبة إلى الفاعل المعين الغير المأخذذة في مفهومه مأخوذة في مفهومه ولذا كان معناه المطابقي غير مستعقبل المفهومية بخلاف اسم الفاعل والمفعول والصفة والمشبهة فإن النسبة إلى ذات مأخوذة في مفهومها مع تلك الذات فكانت مستقلة. (عبد الحكيم).

(٥) فإن النسبة إلى شيء ما مأخوذة في مفهومه ؛ لأن مفهومها التركيبي الحدث والزمان والنسبة إلى شيء ما. (وجيه).

(٦) وهو أكثر من إضافته إلى المفعول ومنه رفع فاعله بغير إضافة ؛ لأنه محلا الذي يقوم به فجعله معه كلفظ واحد بإضافة إليه أولى من رفعه ومن جعله مع مفعول كلفظ واحد. (سيد عبد الله).

(٧) قوله : (مع أن إعماله ... إلخ) إشارة إلى دفع ما يرد من أن الإضافة إلى الفاعل أكثر من المفعول كما يدل عليه قوله : (وقد يضاف) فاللائق أن يقول وإضافته إلى الفاعل كثر ووجه الدفع الجواز هاهنا بالنسبة إلى إعماله فإنه أولى. (حاشية ك).

(٨) مع ذكر الفاعل مرفوعا وتركه نحو : أعجبني في الثوب القصار وقوله تعالى : (لا يَسْأَمُ ـ


مفعولا له على قلة بالنسبة إلى الفاعل ، نحو : ضرب اللص الجلاد ، وضرب يوم الجمعة ، وضرب التأديب.

(وإعماله) أي : إعمال المصدر متلبسا (باللام) أي : بلا التعريف (قليل) (١) لأنه عند عمله (٢) مقدر بأن مع الفعل (٣) فمنا لا يدخل لام التعريف على (أن) مع الفعل ينبغي أن لا يدخل على المصدر المقدر به. ولكن (٤) جوز ذلك على قلة فرقا بين شيء وبين(٥) المقدر به.

قيل : لم يأت في القرآن شيء من المصادر المعرفة (٦) باللام عاملا في فاعل أو مفعول صريح بل قد جاء عاملا بحرف الجر نحو قوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) [النساء : ١٤٨](٧).

__________________

ـ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) لكون مدلوله غير الفاعل والمفعول فضرب زيد كيد زيد. (موشح).

ـ ولا يكثر إضافته إلى المفعول إلا إذا حذف الفاعل كما في قوله تعالى : (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ)[ص : ٢٤]. (شرح ألفية).

(١) وأما قول الشاعر :

ضعيف النكاية أعدائه

بحال الفرار يراضى الأجل

ـ فالمبرد صفة وجعله بتقدير في أو بتقدير مصدر منكرا عاملا فيه أي : هو ضعيف النكاية نكاية أعدائه والنكاية في أعدائه والنكاية إيصال القتل والجراجة إلى الأعداء ويحال إلى بطن أن الفرار يؤخر الأجل ويطول عمره. (خبيصي وغيره).

(٢) والمصدر المعرف باللام عند كونه عاملا ليس من ذاته بل هو مقدر. (حاشية).

(٣) يعني أن قولنا : أعجبني ضرب زيد هو أن يضرب زيد حتى تحققت المشابهة للفعل وهذا التقدير يقتضي أن لا يدخل عليه فلا يدخل على الفعل فإذا دخل ضعف العمل. (تكملة).

(٤) ثم أنه لا نوهم من أن مقتضى هذا الدليل وأن اللازم منه لا يجوز إعماله أصلا ومقتضى لفظ القليل أن يجوز إعماله وإن كان مع قلة استدرك عليه بما ترى. (تكملة).

(٥) أي : وبين المصدر الصريح نحو : الضرب فإن يضرب أصل والضرب فرع ولو لم يفرق بينهما لزم مساواة الفرع الأصل وهو غير مرضي عنده. (أيوبي).

(٦) وقد جاء إعمال المصدر المعرف باللام في التنزيل في الظرف كقوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)[مريم : ٣١] قوله : (ما دُمْتُ) ظرف وعامله أما أوصاني أو الصلوة لا سبيل إلى الأول ؛ لأنه لا توصية لا مادام حيا فتعين أن يكون عامله هو الصلوة التي بمعنى التصلية. (حاشية خصيبي).

(٧) قوله : (بالسوء) متعلق بالجهر وهو عامل فيه مع أنه مصدر معرف باللام ؛ لأن المراد ـ


(فإن (١) كان) أي : المصدر (مفعولا مطلقا) صرفا (٢) من غير اعتبار إبداله من الفعل (فالعمل للفعل) مت فير تجويز أن يكون للمصدر عمل ، إذ لا (٣) يجوز إعمال الضعيف مع وجدان القوي ، سواء كان الفعل مذكورا ، نحو : (ضربت ضربا زيدا) أو محذوفا غير لازم (٤) ، نحو : (ضربا زيدا).

(وإن كان) أي : المصدر (٥) مفعولا مطلقا واقعا (بدلا منه) (٦) أي من الفعل وهو ما كان حذف فعله لازما ، نحو : (سقيا له ، وشكرا له ، وحمدا له) (فوجهان) (٧) أي : فيجوز فيه وجهان (٨) : عمل الفعل للأصالة وعمل المصدر للنيابة.

وقيل (٩) : عمل المصدر للمصدرية ، وعمله للبدلية ، ففي قوله : (فوجهان) وجهان.

__________________

ـ هاهنا بالعمل بغير واسطة وفي الآية بواسطة حرف الجر فلا تنقض. (حاشية عصام).

(١) قوله : (فإن كان المصدر) أي : غير قائم مقام الفعل بقرينة ما سيأتي ، قال الرضي : المشهور خلاف النحاة في المفعول المطلق محذوف الفعل مطلقا سواء كان الحذف جائزا أو واجبا. (عصام).

ـ الفاء نتيجة للتقييد بقوله : (إذا لم يكن مفعولا مطلقا) والجمل المتوسطة معترضات لبيان بعض أحكام عمل المصدر. (هندي).

(٢) قوله : (صرفا) قدره بقرينة المقابلة بقوله : (بدلا) فإنه إذا كان بدلا فهو مفعول مطلق أيضا لكنه ليس صرفا. (سالكوني).

(٣) ولتعذر تقدير المفعول المطلق بأن مع الفعل والمصدر إنما يعمل إذا كان بتقديرهما. (داود خواني).

(٤) وإنما قيد المحذوف بقوله : (غير لازم) للاحتراز عما إذا كان المحذوف لازما بأن يكون من المواضع التي يجب حذف فعله فيها كما سبق. (أيوبي).

(٥) قوله : (أي : المصدر) وإنما لم يقل أي : المفعول المطلق بدلا منه رعاية لجزالة المعنى ؛ لأن الكلام في المصدر وموافقة المعطوف عليه فإن الضمير فيه راجع إلى المصدر. (سيالكوني).

(٦) قوله : (بدلا منه) أي : مجازا ؛ لأنه لما سد مسده ولم يجز إظهاره فكأنه بدل منه.

(٧) أي : جاز أن يكون الفعل عاملا وجاز أن يكون المصدر عاملا من حيث إنه نائب على الفعل نحو : سقيا زيدا فزيد منصوب بسقيا عند سيبويه من حيث إنه قائم مقام سقى لا من حيث كونه مصدرا فقال السيرافي : فالعامل هو الفعل المحذوف ؛ لأنه أصل في العمل. (إيضاح).

(٨) قوله : (أي : فيجوز فيه وجهان) إشارة إلى أن قوله : (فوجهان) فاعل لفعل محذوف. (رضا).

(٩) قوله : (وقيل) أي : قال بعضهم : إن المراد بالتوجهين هو العلتان لعمل المصدر لا العملان اللذان أحدهما عمل الفعل والآخر عمل المصدر كما هو المختار عند الشارح ، بل ـ


وإنما فصل (١) بين قسمي المصدر ـ أعني : ما لم يكن مفعولا مطلقا ، وما كان إياه ـ بالجمل المعترضة ، لبيان بعض أحكام عمل المصدر ؛ لأن عمل المصدر في القسم الأول أكثر وأظهر (٢) فلو أخرت عن القسمين توهم تعلقه بالقسمين على سواء (٣).

(اسم الفاعل)

(ما اشتق) أي : اسم مشتق (من فعل) (٤) أي : من حدث (٥) موضوعا (٦) لذلك الاسم (لمن قام) أي : الفعل (به) أي : لذات (٧) ما قام بها الفعل.

__________________

ـ العمل للمصدر فقط كما كان في النوع السابق وإنما المراد بقوله : (وجهان) هو التوجيهان في عمله أحدهما عمل المصدر ... إلخ. (عبد الله).

(١) قوله : (وإنما فصل) يعني كان ينبغي أن لا يفصل بين قسمي المصدر بالجملة المعترضة لبيان بعض الأحكام بل يذكر أن معا إلا أنه فصل بينهما لئلا يتوهم تعلقهما على السواء. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (وأظهر) لعدم المانع من عمله بخلاف ما إذا كان مفعولا مطلقا فإن كونه مفعولا مطلقا مانع عنه لعدم صحة تأويله بأن مع الفعل. (عبد الحكيم).

(٣) بأن لم يكن في أحدهما أكثر وأظهر.

(٤) قوله : (من فعل) يشير إلى جريان الاصطلاح بالقول بأن اشتقاقه من المصدر بالواسطة والفعل لفظ مشترك؛ لأنه تارة وضع لمثل ضرب ويضرب وتارة للحدث فالمراد هاهنا الحدث والقرينة يكون المراد به الحدث أن ضمير قام راجع إلى الفعل والقائم هو الحدث لا مثل ضرب. (هندي وحاشيته).

(٥) قوله : (أي : من حدث) وفيه نظر لأنه قد سبق في صدر بحث المصدر أن المراد بالحدث معنى قائم بالغير ولا معنى اشتقاق الاسم من المعنى اللهم إلا أن يتركب مجاز بذكر الحدث وإرادة اللفظ الدال عليه في شروح الكافية وهو الإيضاح.

ـ قوله : (أي : من حدث) والمراد بالحدوث أن يكون ذلك الوصف يعرض زمانا ثم يزول ثم يعرض كقولك : تضارب وتشاعر والذاهب وإنما يصح فيمن يحدث له هذه الصفات هذا هو الأصل فيما كان بمعنى الثبوت لم يكن على ذات الفاعل غالبا. (هندي).

(٦) قوله : (موضوعا) نبه على أن لا م الجارة صلة قوله : (اشتق) لتضمنه معنى الوضع ولك أن تجعل للتعليل ، أي : لأجل إفادة من قام به الفعل فيستغنى عن التضمين. (عصام).

(٧) قوله : (قام بها الفعل) إشارة إلى أنه ليس بموضوع لذات مبهمة من غير قطع النظر عن الحدث بل هو موضوع بعد قيام الحدث به ليحصل الفرق بين اسم الفاعل وبين الفاعل ؛ لأن اسم الفاعل صفة عبارة عن الذات مع الفعل وأما الفاعل فهو عبارة عن الذات المجرد. (تكملة).


ولو (١) قال : لما قام به الفعل لكان أولى ؛ لأن ما جهل (٢) أمره يذكر بلفظ (ما) ولعله قصد التغليب.

(بمعنى الحدوث) (٣) يعني بالحدوث ، تجدد وجوده له وقيامه به مقيدا بأحد الأزمنة الثلاثة.

قال المصنف في شرحه : (قوله (ما اشتق من فعل) يدخل فيه المحدود وغيره من اسم المفعول والصفة المشبهة ، وغير ذلك (٤).

وقوله : (لمن قام به) يخرج منه (٥) ما عدا الصفة المشبهة ؛ لأن الجميع ليس (لمن قام به).

وقوله : (بمعنى (٦) الحدوث) يخرج الصفة المشبهة ؛ لأن وضعها على أن تدل على معنى (٧) ثابت (٨)

__________________

(١) ولما كان لفظ من مختصا بالعقلاء وكان اسم الفاعل شاملا له ولغيره كان اللائق بالمصنف أن يعبر بعبارة شاملة أشار الشارح إليه. (محرم).

(٢) قوله : (لأن ما جهل أمره) يعني : أن ما قام به الفعل يكون عاقلا أو غير عاقل لا يتعين بأحدهما فينبغي أن يذكر بلفظ ما لأن ما لذوي العلم وغيرهم بخلاف من فإنه يختص بذوي العلم إلا أنه غلب على العاقل غير العاقل يذكر بلفظ من الذي للعاقل. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (بمعنى الحدوث) بمقدر وهو حال عن الضمير المستتر في اشتق أي : حال كون ذلك المشتق ملتبسا بمعنى الحدوث وبهذا القول يخرج الصفة المشبهة لكونها بمعنى الثبوت لا بمعنى الحدوث نحو : كريم أي : ثبت له الكرم وليس معناه أنه حدث له وإذا أريد الحدوث وردّ إلى صيغة اسم الفاعل فنقول : حان الآن أو عذا في حسن. (كبير).

(٤) أي : كاسم الزمان والمكان والآلة واسم التفضيل.

(٥) أي : من تعريف اسم الفاعل.

(٦) فلو قصد بها الحدوث ردت إلى صيغة اسم الفاعل ألا ترى أنك تقول : زيد حسن بمعنى أن هذه الصفة ثابتة له فإن قصد الحدوث قلت : زيد حان الآن أو غدا وكذلك قيل : في لفظ ضيّق لما قصد الحدوث ضائق قال الله تعالى : (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ)[هود : ١٢] وهذا مطرد في كل صفة مشبهة. (رضي ـ إيضاح).

(٧) لا بمعنى الحدوث نحو : كريم أي : ثبت له الكرم وليس معناه أنه حدث له. (كبير).

(٨) مثلا : الحسن موضوع لمن قام به الفعل بمعنى الثبوت ؛ لأن كون زيد حسنا يكون ثابتا لا متجددا. (لمحرره).


والظاهر (١) أن اسم التفضيل داخل في الجميع الذي حكم عليه بأنه ليس (لمن قام به) وألحق ذلك (٢) ؛ لأن المتبادر من قوله (٣) (ما اشتق لمن قام به) أنم يكون موضوعا لمن قام به (٤) ، ويكون (من قام به) تمام المعنى الموضوع له من غير زيادة ونقصان (٥).

فلو ضم إلى أصل الفعل معنى آخر كالزيادة فيه ، ووضع له اسم لا يصدق على هذا الاسم أنه موضوع لمن قام به الفعل ، بل لمن قام به الفعل مع زيادة ، فبقوله (لمن قام به) خرج اسم التفضيل (٦) فإنه موضوع لمن قام به الفعل مع الزيادة على أصل الفعل (٧).

__________________

(١) إنما أي : المستفاد من كلام المصنف هاهنا حيث اسند خروج غير الصفة المشبهة إلى قوله : (لمن قام به فاستفيد منه أن اسم التفضيل). (أيوبي).

(٢) أي : كون اسم التفضيل داخلا في الجميع وهو قول المصنف لا قول بعض الشارحين المخالفين.

(٣) أي : من قول من عرف اسم الفاعل وهو قوله : (ما اشتق). (تكملة).

(٤) قوله : (وأن يكون من قام به) لأن المتبادر من وضع اللفظ لشيء كونه قصديا واعترض الرضي بأن هذا التعريف لا يشمل على زيد مقابل عمرو وأنا متقرب من فلان ومبتعد منه ومجتمع معه ؛ لأن هذه الأحداث نسب بين الفاعل والمفعول لا تقوم بأحدهما معينا دون الآخر ولم يتعرض الشارح لدفعه ؛ لأنه مبني على مذهب القدماء من المتكلمين من ؛ إذ القرب قائم بالمتقاربين والجواز بالمتجاوزين والأخوة بالأخوين إلى غير ذلك من الإضافات المجددة في الجانبين والحق منع قيام العرض الواحد بالشخص بالطرفين بل القائم بكل منهما فرد مغير للقائم بالآخر غاية الأمر اتحادهما بالنوع. (سيالكوني).

(٥) وهذا في اسم الفاعل ظاهر ؛ لأن الناصر مثلا إنما اشتق لذات قام به النصرة ولم يعتبر فيه زيادتها على غيرها ولا نقصانها منه فخروج اسم المفعول منه ظاهر ؛ لأنه ليس موضوعا لمن قام به بل لما وقع وأما خروج اسم التفضيل منه فلما بينه بقوله : (فلو ضم ... إلخ). (عبد الله أفندي).

(٦) قوله : (خرج اسم التفضيل) ولا يخرج عنه اسم الفاعل من باب المبالغة نحو : كارمني فكرمته لكرمه ؛ لأنه موضوع للغلبة في معنى المصدر لا المعنى المصدر مع الغلبة في رضي الشافية ونفى بباب المبالغة أن يغلب أحد الأمرين الآخر في معنى المصدر نحو : كارمني فكرمته أي : غلبته في الكرم. (سيالكوني).

(٧) فحينئذ يكون الحق أن خروج اسم التفضيل مسند إلى قوله : (لمن قام) كما فعله المصنف لا إلى قوله : (بمعنى الحدوث) ثم ذكر الإسناد الغير الحق بقوله : (وخالفاه). (أيوبي).


وخالف أكثر الشارحين المصنف وأسندوا إخراج اسم التفضيل إلى قوله : (بمعنى (١) الحدوث) كما أسندوا إخراج الصفة المشبهة إليه ظنا منهم أن الاشتقاق (لمن قام به) شامل لاسم التفضيل ولم ينتبهوا (٢) أن الاشتقاق متضمن معنى الوضع ، كما علمت.

فليس اسم التفضيل موضوعا (لمن قام به) بل له مع الزيادة ، ويخدشه أن صيغة المبالغة على هذا التقدير يخرج من التعريف (٣) ، ولا يبعد أن يلتزم دلك ، ويدل عليه حصره صيغ اسم الفاعل فيما حصر ، وجعل (٤) أحكام صيغ المبالغة مثل : أحكام اسم الفاعل.

وفي (الترجمة (٥) الشريفة) ما معناه (٦) أن صيغة (٧) اسم الفاعل من الثلاثي المجرد على (فاعل) ك : (ضارب) وقاتل ، وماش ، وآكل) كل ما اشتق من مصادر الثلاثي.

لمن قام به لا على هذه الصيغة فهو ليس باسم فاعل ، بل هو صفة مشبهة ، أو (أفعل) التفضيل ، أو صيغة مبالغة ، ك : (حسن وأحسن ومضراب).

__________________

(١) قوله : (بمعنى الحدوث) يرد عليه أن : اسم التفضيل قد يكون بمعنى الثبوت وقد يكون بمعنى الحدوث نحو : أحسن كذا في حواشي الهندية فلا يخرج به اسم التفضيل مطلقا. (وجيه).

(٢) أي : ذلك الظن فاسد ؛ لأنهم لم ينتبهوا لما هو معلوم وهو أن اشتقاق ... إلخ. (تكملة).

(٣) لأن فيه مبالغة كما يكون في اسم التفضيل زيادة على أصل الفعل. (لمحرره).

(٤) قوله : (وجعل أحكام صيغ المبالغة) فيه أن أحدهما أنه جعل المثنى والمجموع أيضا مثل اسم الفاعل وبذلك لا يقول عاقل بأنه لم يجعل المثنى والمجموع من اسم الفاعل وثانيهما أنه قال : وما وضع منه للمبالغة فصرح بإدراج لفظ منه أي صيغ المبالغة من أفراد اسم الفاعل ونبه الشارح للأمر الثاني وتكليف في تطبيقه على ذكره هنا بما أخرجه فيخرج التعسف كما ترى. (عصام).

(٥) والغرض من هذا النقل تأييد ذلك الالتزام وهو التزام خروج صيغة المبالغة عن التعريف. (شرح).

(٦) قوله : (ما معناه) أي : لفظ ما في قول المصنف اسم الفاعل ما اشتق من فعل لمن قام به. (لمحرره).

(٧) وإن مع اسمها وخبرها خبر لمعناه والمبتدأ مع خبرها صلة فمعنى الكلام وفي الترجمة الشريفية العبادة التي معناه أن صيغة اسم الفاعل ... إلخ. (لمحرره).


(وصيغته) أي : صيغة اسم الفاعل (عن مجرد الثلاثي على) (١) زنه (فاعل) (٢) ، ومن (٣) غيره (٤) ثلاثيا مزيدا فيه أو رباعيا مجردا أو مزيدا فيه (على صيغة المضارع) المعلوم (بميم) أي : مع ميم (مضمومة) موضوعة (٥) في موضع حرف المضارعة سواء (٦) كان حرف المضارعة مضموما أولا.

(و) مع (كسر ما قبل الآخر) وإن لم يكن فيما قبل آخر المضارع كسر ، كنا في (يتفعل ويتفاعل ويتفعلل) (نحو : مدخل) فيما وضع الميم موضع حرف المضارعة المضمومة.

(ومستغفر) فيما (٧) وضعت موضع حرف المضارعة المفتوحة ، ولو أقيم (متفاعل)

__________________

(١) أي : القياس ذلك وقد يجيء على وزن مفعل نحو : حب فهو محب ولا يقال : حاب على وزن مفعل بكسر الميم نحو : عم الرجل بمعروفة فهو معم. (عبد الحكيم).

(٢) وقد يأتي الفاعل على وزن المفعول كقوله تعالى : (كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا)[مريم : ٦١] وقال الرضى : والأولى أن المأتى في الأية بمعنى المفعول من أتيت الأمر فعلته بمنزلة قوله في الآية الأخرى (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)[الإسراء: ٥] ونحن نقول : يحتمل أن يكون المراد وكان أهل وعده مأتيا لوعده فجعل أهل الوعد في كونهم مأتيا للوعد بمنزلة الممتنع المفارقة عن نفسه فأسند المأتي الوعد قبل بيان الصيغة من وظائف التصريف وقع في النحو استطرادا قول ببيان الصيغة كالتعريف تصوير وتعيين الموضوع الأحكام النحوية. (فاضل محشي).

(٣) قيل من قبيل العطف على معمولي عاملين مختلفين وفيه أنه على تقدير ثبوت الجواز في وصورة تقدم المجرور مع الجار أو حمل الكلام على من جوز ذلك مطلقا والحق أنه من باب الفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف فالواو عاطف على صيغة المضارع عطف على قوله على فاعل ومن غيره ظرف وقع حالا من ضميره قدم على العامل لكونه ظرفا. (فاضل هندي).

(٤) ولذلك سمي باسم الفاعل ولم يسم باسم المفعل واسم المنفعل مثلا لكثرة الثلاثي فجعلوا أصل الباب له هكذا قيل : وفيه نظر لأن تسميته باسم الفاعل لا لكونه اسم من قام به الفعل وهو الفعل لا المفعول فإنه اسم من وقع عليه الفعل. (سيد عبد الله).

(٥) بين الشارح موضع تلك الميم بتوصيفها بقوله : (موضوعة). (محرم).

(٦) ثم فسر الشارح حرف المضارعة بقوله : (سواء كان) يشمل مضارع الرباعي والخماسي والسداسي. (شرح).

(٧) واعلم أن الشارح تفنن في كلمة وضع ذكّر في الأول وأنثها في الثاني مع أنها في الموضعين مسندة إلى الميم فإنها في الأول اسندت إلى ظاهرها فجاز التذكير والتأنيث إذا أسند الفعل ـ


مقام (مستغفر) كان مثال الكسر الغير الواقع في آخر المضارع أيضا مذكورا ، فكما يكون لكل من قسمي (١) الميم مثال يكون لكل من قسمي (٢) الكسر أيضا (٣) مثال.

(ويعمل) أي : اسم (٤) الفاعل (عمل (٥) فعله) فإن كان (٦) فعله لازما يكون هو أيضا لازما ، ويعمل عمل فعله اللازم ، وإن كان متعديا إلى مفعول واحد يكون هو أيضا متعديا إلى مفعول واحد ، وإن كان متعديا إلى اثنين كان هو أيضا كذلك.

وكما أن فعله يتعدى إلى الظرفين والحال والمصدر والمفعول له والمفعول معه وسائر الفضلات كذلك يتعدى هو إليها.

(بشرط (٧) معنى الحال (٨) أو الاستقبال (٩) أي : يعمل اسم الفاعل حال كونه

__________________

ـ إلى ظاهر الغير الحقيقي وإما في الثاني فاسندت إلى ضميرها فحينئذ وجب تأنيثها. (تكملة).

(١) أحدهما الميم المضمومة الموضوعة موضع حرف المضارعة المضمومة كمدخل والثاني الميم المضمومة الموضوعة موضع حرف المضارعة المفتوحة نحو : يتفاعل. (هندي).

(٢) أحدهما الكسر الواقع في آخر المضارع كمدخل والثاني الكسر الغير الواقع في آخر المضارع نحو : متفاعل ؛ لأن في مضارعه لم يوجد الكسر. (وجيه الدين).

(٣) يعني يكون كلام المصنف أتم ؛ لأنه لم أقيم كذا يوجد مثال لكل من قسمي الكسر كما ذكرنا آنفا. (شرح).

(٤) ولو صغر اسم الفاعل أو نعت بطل عمله إلا عند الكسائي فإنه أجاز إعمال المصغر وإعمال المنعوت وعن بعض العرب : أظنني مرتجلا وسويرا موسخا وأجاز : أنا زيدا ضارب أي : ضارب ومما يحتج الكسائي في إعمال الموصوف قول الشاعر :

إذا فاقد خطباء فرخين رجعت

ذكرت سليمن في الخليط المباين

(شرح).

(٥) مفعول مطلق نوعي أو مفعول به ليعمل لا منصوب بنزع الحافض كما قيل. (معرب).

(٦) قوله : (فإن كان) بيان وجه التشبيه على وجه التفصيل. (أيوبي).

(٧) ولما لم يكن اسم الفاعل عاملا لاصالته بل كان عاملا لمشابهته للفعل كان عمله بشرط وعينه المصنف. (تكملة).

(٨) ليعمل في الظاهر دون المستتر فإنه لا حاجة إلى الشرط. (تروي).

(٩) لثبوت مشابهته بما عمل عمله معنى ووزنا من حيث أنه بوزن للمضارع بخلاف ما كان بمعنى الماضي لفوات شبهه ؛ إذ ضارب ليس على وزن ضرب. (موشح).

ـ ظاهر كلامه أنه يشترط ذلك في عمله مطلقا والتحقيق إنه شرط في عمله في المفعول لا في الظرف وغيره. (حكيم).


متلبسا بشرط أي : بشيء يشترط عمله به من معنى هو زمان الحال أو الاستقبال.

فالإضافتان (١) بيانيتان وإنما اشترط (٢) أحدهما ؛ لأن عمله لشبه المضارع ، فيلزم أن لا يخالفه في الزمان ، نحو : (زيد ضارب غلامه عمرا) الآن أو غدا.

والمراد (٣) بالحال والاستقبال : أعم من أن يكون تحقيقا أو حكاية كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) [الكهف : ١٨](٤) فإن (باسِطٌ) هاهنا وإن كان ماضيا (٥) لكن المراد حكاية الحال (٦) ومعناها أن يقدر المتكلم باسم الفاعل (٧) العامل بمعنى الماضي كأنه موجود في ذلك الزمان أو يقدر ذلك الزمان كأنه موجود الآن.

(و) بشرط (الاعتماد) أي : اعتماد اسم الفاعل (على صاحبه) أي : على المتصف به وهو المبتدأ أو الموصول أو الموصوف وبشرط (٨) (الاعتماد) أي : اعتماد اسم

__________________

(١) ولما كان الزمان المضاف غير مباين للحال والاستقبال المضاف إليهما ولم يجز أن تكون الإضافة لامية أراد الشارح أن يشير إليه بقوله : (فالإضافتان). (أيوبي).

(٢) لئلا ينتفي المشابهة المعنوية وإن بقيت المشابهة اللفظية. (هندي).

(٣) ولما كان من كونه مقارنا لأحد الزمانين أن يكون مقارنا له في الحقيقة وكان على ذلك المتبادر نحو : قوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ) خارجا عن المقصود أراد الشارح أن يبين المراد على وجه لا يخرج عنه. (عبد الله أفندي).

(٤) وكلبهم هو كلب مروا به فتبعهم فطروده فأنطقه الله تعالى فقال : أنا أحب أحباء الله فناموا وأنا أحرسكم ، أو كلب راع مروا به فتبعهم وتبعه الكلب ويؤيد قراءة من قرأ : وكالبهم أي : وصاحب كلبهم (باسِطٌ ذِراعَيْهِ) حكاية حال ماضية كأنه واقع في الحال ولذلك أعمل اسم الفاعل بالوصيد بفناء الكهف وقيل الوصيد الباب وقيل العتبة.

ـ وكقوله تعالى : (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)[البقرة : ٧٢] والفرق بين الآيتين أن مخرج لما كان مستقبلا وقت التداري أي : التنازع.

(٥) في الظاهر إلا أن المعنى حكاية بدليل أنك لو أقف المضارع موقعه بيوسيط. (داود).

(٦) وإن إرادة حكاية الحال الماضية جاز في إعمال اسم الفاعل كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ.)(نجم الدين).

(٧) لكن المتكلم الذي هو أصدق القائلين قدر ذاته كأنه موجود في زمان بسط الذراعين فيكون زمان المتكلم مقارنا الزمان البسط. (تكملة).

(٨) خلافا للأخفش والكوفيين فإنهم لا يشترطون الاعتماد كما في الظرف. (ضوء).


الفاعل (على صاحبه) (١) ، أي : على المصنف به وهو المبتدأ ، أو الموصول ، أو الموصوف، أو ذو الحال ؛ ليتقوى فيه جهة الفعل (٢) من كونه مسندا إلى صاحبه ، نحو زيد ضارب أبوه ، وجاء الضارب أبوه ، وجاؤ رجل ضارب أبوه ، وجاء زيد راكبا فرسه ، (أو) اعتماده (على الهمزة) (٣) الاستفهامية ونحوها من ألفاظ الاستفهام ، (أوما) النافية ونحوها من حروف النفي ك : (لا وأن) ؛ لأن الاستفهام (٤) والنفي بالفعل أولى (٥) ، فازداد بها شبهه بالفعل نحو أقائم (٦) الزيدان ، وما قائم زيد ، وما قائم (٧) الزيدان ، (فإن كان) (٨) اسم الفاعل المتعدي (للماضي) أي : للزمان (٩) الماضي بالاستقلال (١٠) ، أو في

__________________

(١) والمراد بالصاحب المحكوم عليه والمراد بالاعتماد عليه كونه محكوما به على صاحب له تقدم. (نجم الدين).

(٢) اعلم أن الفعل يقتضي شيئا للإسناد إليه لكونه والأعلى فاعل ما بالالتزام وأن الاسم يقتضي شيئا كما تقرر في علم الوضع ولما كان اسم الفاعل ونحوه من أسماء الصفات عاملا لمشابهته الفعل كان له جهتان جهة الاسمية وهو عدم الإسناد وجهة الفعلية وهو اقتضاء الإسناد فلزم في العمل أن يكون جهة الفعلية أقوى من جهة الاسمية. (عبد الله أيوبي).

(٣) خلافا للاخفش والكوفيين وكأنهم اعتبروا نفس الشبه. (هندي).

(٤) قوله : (لأن الاستفهام ... إلخ) تعليل لاشتراط أحدهما حين انعدام الأول لتحصل قوة الفعلية بجهة أخرى. (شرح).

(٥) لأن النفي والاستفهام معناهما يتعلق بالأحداث دون الذوات ثابتة للنفي والاستفهام أخو النفي. (غجدواني).

ـ يعني لاستقلال الصفة حين الاعتماد مع فاعله كلاما وهذا عند سيبويه وسائر البصريين. (خبيصي).

(٦) مثال الاستفهام ملفوظا وأما مقدرا كقوله : (ليت شعري مقيم الغدر قدمي) أي : مقيم. (رضي).

(٧) وإنما اشترط الاعتماد ؛ لأن اسم الفاعل فرع الفعل فاشترط فيه الاعتماد ولم يجز إعماله ابتداء نحو : ضارب زيد تنبيها على انخطاط ترتيب الفروع عن الأصول. (فانى).

(٨) ثم إنه لما كان اسم الفاعل إما لزمان الحال أو الاستقبال أو الماضي وفرغ من بيان حاله في الأول شرع في بيان حاله في الثالث فقال : (فإن كان). (أيوبي).

(٩) ولما كان كونه للماضي على وجهين أحدهما بالاستقلال والآخر بوجوده في الاستمرار أشار الشارح إليهما بقوله : (أي : للزمان ... إلخ). (تكملة).

(١٠) يعني سواء كان المراد بكونه للماضي أنه مقارن للزمان الماضي دون الحال والاستقبال نحو : أنا ضارب زيدا أمس. (تكملة).


ضمن الاستمرار ، وأريد ذكر مفعوله (١) (وجبت (٢) الإضافة) أي : إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ، (معنى) أي : إضافة معنوية (٣) ؛ لفوات شرط الإضافة اللفظية مثل زيد ضارب عمرو أمس ، (خلافا للكسائي) فإنه ذهب إلى عدم وجوب إضافته ؛ لأنه يعمل عنده سواء كان بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال ، فيجوز أن يكون منصوبا على المفعولية ، وعلى تقدير إضافته ليست إضافة معنوية ؛ لأنها عنده من قبيل إضافة الصفة إلى معمولها ، وتمسك الكسائي بقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) [الكهف : ١٨](٤) ، وقد مرّ الجواب عنه (٥).

(فإن كان (٦) له) أي : لاسم الفاعل (معمول (٧) آخر) غير ما أضيف اسم الفاعل إليه (فبفعل (٨) مقدر) أي : فانتصابه بفعل مقدر لا باسم (٩) الفاعل ، نحو : (زيد معطى عمرو درهما أمس) ف : (درهما) منصوب ب : (أعطى) (١٠)

__________________

(١) أي : اسم الفاعل أي : ما هو مفعول على تقدير كونه عاملا لو لم يذكر مفعوله جاز أن لا يضاف نحو : هند ضاربة أمس لم يتم حكم المسألة. (لمحرره).

(٢) قوله : (وجبت) الإضافة ولا ينصب إلا الظرف والجار والمجرور نحو : زيد ضارب أمس بالسوط ؛ لأنه يكفيهما رائحة الفعل. (عبد الحكيم).

(٣) تعليل لكون الإضافة معنوية مع إمكان شرط اللفظية. (محرره).

(٤) فإن (باسِطٌ) عمل في (ذِراعَيْهِ) وقوع البسط في زمان الماضي قبل نزول الآية. (حدائق).

(٥) أي : عن قوله تعالى بالتأويل بالحكاية إن كنت من أهل التحقيق فانظر إلى قول الشارح : (والمراد بالحال والاستقبال أعم من أن يكون تحقيقا أو حكاية ... إلخ). (لمحرره رضا).

(٦) ثم ذكر المصنف تصرف الجمهور فيما إذا وجد لذلك الفاعل معمول آخر منصوبا فقال : (فإن كان). (شرح).

(٧) قوله : (معمول آخر) أي : من حيث المعنى ؛ لأنه لا عمل له في اللفظ. (سيالكوني).

(٨) ولا يلزم ذلك في اسم الفاعل من أفعال القلوب للزوم الاقتضاء اللهم إلا أن يجعل عاملا مع المضي ويجعل ذلك من خصائصها. (هند سرعب).

(٩) قوله : (لا باسم الفاعل) للإشارة إلى أن القصر المستفاد من إضافة الانتصاب قصر قلب ؛ لأن الكسائي قائل بأن انتصابه باسم الفاعل ويعتقد عكس الحكم الذي أثبته المتكلم مختصر. (تكملة).

(١٠) وكذا كان له معمولان وسائر الفضلات نحو : زيد معلم عمرو أياه أفضل الناس منه. (متوسط).


المقدر (١). فإنه لما قيل : معطى عمرو ، قيل : ما أعطاه؟ فقيل : درهما ، أي : أعطاه درهما.

(فإن دخلت اللام) الموصولة (٢) على اسم الفاعل (استوى (٣) الجميع) أي : جميع الأزمنة ، فتقول : (مررت بالضارب أبوه زيدا امس) كما (٤) تقول (مررت بالضارب أبوه زيد الآن (٥) ، أو غدا) لأنه فعل في الحقيقة (٦) حينئذ عدل عن صيغة الفعل صيغة الاسم ، لكراهتهم ادخال اللام عليه.

(ما وضع منه) أي : من اسم الفاعل (٧) بتغيير صيغته إلى أخرى ، بحيث (٨) يخرج عن حد اسم الفاعل (٩).

__________________

(١) بعد قوله : (زيد معطي عمرو) بأن يكون جملة مستأنفة وجوابا لسؤال نشأ مما قبله. (محرم).

(٢) قوله : (الموصولة) احتراز عن لام التعريف فإنه إذا دخل على اسم الفاعل لا يغنيه عن شرط من شرائط العمل صرح بذلك الرضي. (وجيه الدين)

(٣) أي : عمل بمعنى الماضي والحال والاستقبال وقال أبو علي في كتاب الشعر والرماني إن اسم الفاعل ذا اللام لا يعمل إلا إذا كان ماضيا نحو : الضارب زيد أمس لم يوجد في كلامهم عاملا إلا ومعناه. (شيخ الرضي).

(٤) ونقل عن المازني أن انتصاب المنصوب بعده بفعل مقدر وإنما ارتكب ذلك ؛ لأن اللام عنده ليس بموصول فليس ذو اللام عنده في الحقيقة فعلا. (رضي).

(٥) لأن اسم الفاعل حين ؛ إذا دخل اللام عليه يجري مجرى الفعل مطلقا أي : في الماضي والحال والاستقبال من حيث أن اللام موصولة وأصلها أن توصل بفعل إلا أنه عدل إلى الاسم كراهة إدخالها على الفعل وهو أيضا مما تمسك به الكسائي. (موشح).

(٦) والفعل يستعمل في عملة الأزمنة كلها ، فكذا هذا. (هندي).

(٧) ولما كان في دخول صيغة المبالغة في تعريف اسم الفاعل تخديش بناء على ما في ترجمة الشريفية وجه الشارح قوله : (منه) على وجه يقتضي خروج صيغة المبالغة فقال : (بتغيير) أي : وضع ... إلخ. (تكملة).

(٨) قوله : (بحيث يخرج) احتراز عن تغير لا يخرجه كالتثنية والجمع والقرينة على اعتبار قيد الحيثية قوله : (للمبالغة).

(٩) يعني أن تلك الأسماء موضوعة للمبالغة الحاصلة في الفعل الذي اشتق ذلك الاسم من ذلك الفعل.


(للمبالغة) في الفعل المشتق منه (ك : ضرّاب ، وضروب ومضراب) (١) بمعنى كثير الضرب (وعليم) بمعنى كثير العلم (وحذر) (٢) بمعنى كثير الحذر (مثله) أي : مثل : اسم الفاعل في العمل (٣) واشتراطه ما يشترط به عمله هذا (٤) على تقدير أن تكون صيغ المبالغة خارجة عن حد اسم الفاعل ، وأما إذا كانت داخلة فيه ، فمعنى هذه العبارة أن صيغ اسم الفاعل إذا كانت (٥) للمبالغة مثله ، أي : مثل : اسم الفاعل إذا لم يكن للمبالغة ، نحو : (زيد ضرّاب أبوه عمرا الآن أو غدا) و (مررت بزيد الضرّاب عمران الآن أو عدا أو أمس).

وما فيه (٦) من معنى المبالغة (٧) نائب مناب مافات من المشابهة اللفظية.

__________________

(١) قوله : (كضراب وضروب ومضراب) هذه الأوزان الثلاثة يعمل باتفاق من النحويين البصريين وأما عليم وحذر فعملهما مذهب سيبويه لا غير وممن أعمل صيغ المبالغة من قال لا يشترط في عملها زمان الحال والاستقبال بل هي كالصفة المشبهة. (عصام).

(٢) قوله : (حذر) يقال رجل حذر بضم الذال وكسرها من باب علم أي : متيقظ متحرر والجمع حذرون وحذارى. (اختري).

(٣) يرد عليهم أنهم صرحوا بأنهم لا يشترطون معنى الحال ووجود الاستقبال في المبالغة. (امتحان).

(٤) ولما كان ظاهر كلام المصنف مبنيا على خروج صيغ المبالغة من حد اسم الفاعل كما فصله الشارح فيما سبق حمل الشارح عبارته عليه وفسره به إلى هنا وأراد أن ينبه أن كلامه قابل أيضا لاحتمال أن يكون داخلا في الحد فقال : (هذا ... إلخ). (أيوبي).

ـ أي : حملنا لفظ مثل على المثلية في العمل والاشتراط.

(٥) قوله : (إذا كانت للمبالغة) لا بد من هذا التقييد على هذا التوجيه بخلاف التوجيه الأول لما أن فيه صرف كلمة من عن معناها المتبادر حتى التبيين والتوجيهان مطلوبان. (سيالكوني).

(٦) قوله : (وما فيه ... إلخ) فيه أن معنى المبالغة كالزيادة التفضيلية يجعل الاسم بعيدا عن مشابهة الفعل فكيف يكون جابرا لنقصان المشابهة اللفظية. (عصام).

ـ قوله : (وما فيه) لأن المبالغة وصول الشيء إلى كمالها ففيها قوة معنى الحدث الذي يعمل لأجله بخلاف اسم التفضيل فإنه فيه اعتبار زيادة معه وبضمها لا يبقى معنى الفعل على حاله فلذا لم يعمل اسم التفضيل. (حكيم).

(٧) اعلم أن عمل أوزان المبالغة مذهب البصرية وقال الكوفيون أن أوزان المبالغة لا تعمل المشابهة اللفظية للفعل بتغير الصيغة وإن جاء بعدها منصوب فبفعل مقدر عندهم أجاب البصرية للكوفية بأن المبالغة جابرة لما فات من المشابهة اللفظية ورد الفاضل العصام جواب البصرية ـ


(والمثنى) من اسم الفاعل ومما وضع منه للمبالغة (و) كذلك (المجموع) منهما مصححا كان أو مكسرا (مثله) أي : مثل : اسم الفاعل إذا كان مفردا في العمل وشروطه، لعدم (١) تطرق خلل إلى صيغته المفردة من حيث ذاتها بالحاق (٢) علامتي التثنية والجمع ، وتقول : (الزيدان ضاربان ، أو الزيدون ضاربون عمرا الآن أو غدا) و (الزيدان الضاربان أو الزيدون الضاربون عمرا الآن أو غدا أو أمس) (٣)

(ويجوز حذف النون) أي : نون المثنى والمجموع ، (مع العمل) في معموله بنصبه على المفعولية (٤) بخلاف ما إذا كان مضافا إليه فإن حذفها واجب.

(و) مع (التعريف تخفيفا) مفعول له للحذف أي : يجوز حذفها لوجود هذهين الشرطين لقصد مجرد التخفيف لطول الصلة بها كقراءة من قرأ : (المقيمي الصلاة) بنصب (الصلاة) على المفعولية.

وأمّا على تقدير التنكير ، مثل : قوله تعالى : (لَذائِقُوا الْعَذابِ) [الصافات : ٣٨] بالنصب فحذفها ضعيف ؛ لأن اسم الفاعل لم يقع صلة اللام.

__________________

ـ بأنها كالزيادة التفصيلية يجعل الاسم بعيدا عن المشابهة بالفعل فكيف تكون جابرة من المشابهة وأجاب البركوي على رد العصام بأن الأصل في أفعل التفضيل الزيادة على الغير فملاحظة الغير هي التي بعدته عن المشابهة.

ـ بالفعل لعدم الملاحظة في الفعل فلم تعمل لفواتها وأما مجرد الزيادة والمبالغة في الحدث فمقرب لكونه بمنزلة التجدد وإلى هذا الخلاف أشار الشارح بقوله : (ناب مناب ما فات). (لمحرره رضا).

(١) قوله : (لعدم تطرق) لا يكفي ما ذكره بوجه عمل جمع المكسر إلا ن يعتبر معه قصدا اطراد اللباب قال الرضي : أما المثنى والجمع السلامة فظاهرة لبقاء صيغة الواحد التي بها كان اسم الفاعل يشابه الفعل وأما جمع المكسر فلكونه فرع الواحد من القراءة. (فاضل محشي).

(٢) قوله : (بإلحاق علامتي التثنية) وأما جمع المكسر فهو فرع الجمع السالم لكونه أشرف فيتبعه في حكمه. (حكيم).

(٣) استيناف أو اعتراض أو عطف على ما قبلها بحسب المعنى كأنه قيل يجوز حذف النون مع إضافة ويجوز مع العمل. (معرب).

(٤) يعني إطلاق العمل غير مستقيم ولا بد من تقييده بالنصب على المفعولية أن لا يحذف مع عمله رفع الفاعل ؛ لأن حذف استطالة الصلة بذكر المفعول. (عصام).


والقراءة (١) مما لا اعتماد عليها.

(اسم المفعول) (٢)

(هو ما اشتق من فعل) أي : حدث (٣) موضوعا (لمن وقع عليه) (٤) أي : لذات ما من حيث (٥) وقوع الفعل عليه ، ف : (مضروب) موضوع لذات ما وقع عليها الضرب.

واعتذار إقامة (من) مقام (ما) مر في اسم الفاعل

فقوله (ما اشتق من فعل) شامل لجميع الأمور المشتقة من المصدر.

وقوله : (لمن وقع عليه) يخرج ما عدا المحدود كاسم الفاعل ، والصفة المشبهة ، واسم التفضيل مطلقا ، سواء وضع لتفضيل الفاعل ، أو لتفضيل المفعول ، فإنه مشتق من

__________________

(١) قوله : (والقراءة) جواب للسؤال المقدر كأن قائلا يقول لم يكن ضعيف مع وجود القراءة فيه فأجاب بأن قراءة النصب ليست بمتواترة والقراءة الغير المتواترة مما لا اعتماد عليه. (عبد الله أيوبي).

(٢) قوله : (اسم المفعول) أي : المفعول به على حذف الجار واستتار الضمير يقال فعلت به الضرب أي : أوقعته عليه وإلا فالمفعول هو الحدث. (سيالكوني).

(٣) سواء كان متعديا بنفسه أو بحرف الجر وإن كان لازما غير متعد بحرف الجر فلا يمكن بناء المفعول منه. (حاشية).

(٤) حقيقة أو اعتبار ليشمل نحو : علمت عدم خروجك فهو معلوم فإن العلم تعلق بالمعدوم ولا معنى لوقوع الفعل على المعدوم حقيقة لكن الفعل يفسره واقعا عليه. (محشي).

ـ قوله : (لمن وقع عليه) يشكل بخروج نحو : مضروب في قولنا : يوم الجمعة مضروب فيه والتأديب مضروب له فإن المضروب في هذين المثالين لا يصدق عليه أنه موضوع لمن وقع عليه الضرب بل لمن وقع الضرب وقد يجاب عنه بأن المضروب في المثالين المفعول به وإنما ذكرت كلمة في واللام للظرفية والعلمية لا ؛ لأنه بناء وضع لهما ؛ لأن المضروب ليس يوم الجمعة ولا التأديب بل هو شخص آخر وقع عليه الضرب فيصدق التعريف عليه ح وهو جواب وجيه الدين وأجاب العصام عنه أن الاستعمال على خلاف الوضع بتنزيل الظرف والسبب منزلة المفعول. (لمحرره رضا).

(٥) قوله : (من حيث وقوع الفعل عليه) واحترز به عن اسم التفضيل الذي للصيغ للمفعول نحو : أشهر وأعرف بمعنى الشهور والمعروف فإنه ليس بهذه الحيثية لأنه من حيث أنه وقع عليه بزيادة الفعل على الغير. (وجيه الدين).


فعل لموصوف بزيادته على الغير في ذلك الفعل واسم المفعول موضوع لمن وقع عليه الفعل فقط.

(وصيغته من الثلاثي) المجرد (على) زنة (مفعول (١) ك : (مضروب) ومن غيره) أي : غير الثلاثي المجرد (على صيغة اسم الفاعل (٢) بفتح ما قبل الآخرة) لخفة الفتحة (٣) وكثرة المفعول (ك ـ (مستخرج) بفتح الراء.

(وأمره) أي : شأنه وحاله (في العمل) (٤) أي : عمل النصب (والاشتراط) أي : اشتراط عمله بأحد الزمانين والاعتماد على صاحبه أو الهمزة أو (ما) (كأمر اسم الفاعل) أي : مثل : شأنه وحاله.

وإذا كان معرفا باللام يعمل بمعنى الماضي أيضا فهو يرفع ما يقوم مقام الفاعل ولو كان هناك مفعول آخر يبقى (٥) على نصبه نحو : (زيد معطى غلامه درهما) الآن أو غدا)(٦) أو (المعطى غلامه درهما : الآن أو غدا أو أمس).

__________________

(١) سمى به لما مرّ أي : لكثرة الثلاثي : وقياسه مفعل على وزن المضارع المجهول فعبروه بزيادة الواو لئلا يلتبس بمفعول الرباعي بالهمزة وضم ما قبلها للمناسبة وفتح ليعادل ثقل الواو دون الرباعي لأولويته بها لقلته فيكون على وزن المضارع تقديرا. (موشح).

(٢) قوله : (على صيغة اسم الفاعل) وقد شذ ضعف فهو مضعوف وأزكم فهو مزكوم وأحم فهو محموم وأحزن فهو محزون وأحب فهو محبوب بمعنى مضاعف صوابه بمعنى مضعف ؛ لأن المضاعف إنما هو مفعول المبالغة. (سيالكوني وهندي).

(٣) وفيه أن كثرة المفعول غير كثرة اسم المفعول ولا يقتضيها وإنما اختيرت الفتحة في إعراب المفعول لكثرته بالنسبة إلى الفاعل كما مر في الكتاب واسم المفعول ليس كثيرا بالنسبة إلى الفاعل كما لا يخفى فألحق أن يقال تبعا لفعله أو للفرق بينه وبين اسم الفاعل.

ـ وفيه نظر ؛ لأن الكلام في المفعول صيغة وكثرة المفعول تركيبا لأن عدد المفاعيل خمسة لا كثرة في المفعول صيغة وجوابه أن يجيء لفعل واحد مفعولين أو مفاعيل نحو : اعلمت زيدا عمرا فاضلا ولا يجيء لفعل فاعلا أكثر من واحد وكثرة المفعول على ما ذكر متحقق. (لمتحرره).

(٤) ليس في كلام المتقدمين ما يدل على اشتراط الحال والاستقبال في اسم المفعول لكن المتأخرين كأبي علي ومن بعده صرحوا باشتراط ذلك فيه كما في الفاعل. (رضي).

(٥) قوله : (يبقى على نصبه) فاسم المفعول إن كان بمعنى الحال والاستقبال مقدرا إلا أن كان بمعنى الماضي كما في اسم الفاعل. (عبد الحكيم).

(٦) والحاصل أن جميع أحكام اسم الفاعل جارية في اسم المفعول إلا في شيئين : أحدهما : ـ


(الصفة المشبهة) (١)

باسم (٢) الفاعل من حيث أنها تثنى وتجمع وتذكر وتؤنث.

(ما اشتق من فعل (٣) لازم) أحترز به عن اسم الفاعل واسم المفعول المتعديين (٤).

(لمن) أي : لما (قام به على معنى (٥) الثبوت) لا بمعنى الحدوث ، واحترز عن نحو: (قائم) و (ذاهب) مما اشتق من فعل لازم لمن قام به بمعنى الحدوث ، فإنه اسم فاعل لا صفة مشبهة.

__________________

ـ جواز العطف على محل المجرور في اسم الفاعل وعدم الجواز في اسم المفعول ، وثانيهما : أن عمل اسم الفاعل عمل الفعل المعلوم وعمل اسم المفعول عمل الفعل المجهول. (كبير).

(١) يعني الصفة التي ليست باسم الفاعل ولا باسم المفعول ولكنها شبيهة باسم الفاعل. (أيوبي).

ـ وسميت الصفة المشبهة لشبهها باسم الفاعل معنى لكونها لمن قام به الفعل ولفظا ؛ لأنها يذكر ويؤنث ويتثنى ويجمع بالواو والنون كاسم الفاعل. (نجم الدين).

(٢) وجه المشابهة كونها بمعناه ؛ إذ لا فرق بينهما إلا باعتبار الحدوث والثبوت أي : اتصاله به مع قطع النظر عن التقييد باحد الأزمنة الثلاثة ولذا يقصد بها الاستمرار بمعونة المقام بخلاف اسم الفاعل اللازم فإنه يدل على الحدث المقيد بأحد الأزمنة الثلاثة. (رضي).

(٣) قوله : (ما اشتق من فعل لازم) كان الظاهر أن يشتق من الفعل المتعدي الثابت أيضا نحو : علم الله لئلا يبقي الصفات الثانية المتعدية بلا لفظ إلا أنه كان المتعدي غالبا حادثا لم يلتفت إلى ثبوته أحيانا وجعل له لفظ اسم الفاعل محازا. (عصام).

(٤) ولو جعل المتعدي خاصا باسم الفاعل لكان أولى. (هندي).

ـ وفيه نظر ؛ لأن المفعول لا يكون إلا متعديا ؛ لأنه لا يبنى من اللازم إلا بعد أن تعديته. (علي رضا).

(٥) والذي أرى أن الصفة المشبهة كانها ليست موضوعة للحدوث والاستمرار في جميع الأزمنة ؛ لأن الحدوث والاستمرار قيدان في الصفة ولا دليل في اللفظ عليهما فليس في معنى نحو : حسن حسن في الوضع إلا ذو حسن سواء كان في بعض الأزمنة أو جميع الأزمنة ولا دليل في اللفظ على أحد القيدين فهي حقيقة في القدر المشترك بينهما هو الاتصاف بالحسن ولكن لما أطلق ذلك ولم يكن بعض الأزمنة أولى من بعض ولم يجز نفيه في جميع الأزمنة لأنك حكمت بثبوته فلا بد من وقوعه في زمان كان في الظاهر وقوعه في جميع الأزمنة إلا أن يقوم قرينة على تخصيصها لبعضها كما تقول كان هذا حسنا فقبح. (رضي).


واللازم أعم من أن يكون لازما ابتداء أو عند الاشتقاق ، ك : (رحيم) فإنه مشتق من (رحم) بكسر العين بعد نقله إلى (رحم) (١) بضمها. فلا يقال : رحيم إلا من (رحم) بضم الحاء ، أي : صار (الرّحم) طبيعة له : ـ (كرم) بمعنى صار الكرم طبيعة له.

والمراد بكونه بمعنى الثبوت : أنه يكون كذلك بحسب (٢) أصل الوضع ، فيخرج عنه نحو : (ضامر (٣) وطالق) فإنهما بحسب أصل الوضع للحدوث ثم عرض لهما الثبوت بحسب الاستعمال (٤).

(وصيغتهما) (٥) أي : صيغة الصفة المشبهة مع اختلاف (٦) أنواعها (مخالفة لصيغة) اسم (٧) (الفاعل) أو لصيغة الفاعل

__________________

(١) قوله : (رحم) بضم العين ثم يشتق منه الصفة المشبهة وهذا مطرد في باب المدح والذم نص عليه في تصريف المفتاح وذكر صاحب الكشاف في الفائق. (شيخ زاده).

(٢) سواء كان أصله كذلك أو بعد نقله حين اشتقاقه حتى يكون في أصل وضعه وحين اشتقاقه مشتقا بمعنى الحدوث ثم عرض الثبوت في الاستعمال. (عبد الله أيوبي).

(٣) والضمير الرجل الهضم المبطن اللطيف الجسم وناقة ضامرة أي : مهزولة والهضيم من النساء اللطيفة الكشخين. (صحاح).

(٤) حيث كان الأول يجري مجرى الاسم للناقة ولم تكن مهزولة حتى يستوى فيه المذكر والمؤنث وكان الثاني للرجل الذي يطلق امرأته وإن لم يصدر عنه الطلاق. (تكملة).

(٥) قوله : (وصيغتها) أي : الصيغ المختصة بها فلا ينافى ما في التسهيل من أن الصفة المشبهة من غير الثلاثي المجرد تجئ على وزن اسم الفعل منه فإنها مشتركة بينهما. (عبد الحكيم).

(٦) قوله : (قياسا مطردا مع أنواعها) للإشارة إلى نفس الصيغة غير مختلفة بل الاختلاف حاصل من تنوعها بأن تكون باللام نحو : الحسن وجهه وبالإضافة حسن الوجه أو مجردا عنهما نحو : حسن وجه بالتنوين. (تكملة).

(٧) ولما كان لفظ الفاعل الذي أضيفت إليه الصيغة يحتمل أن يكون بمعنى صيغة على وزن المضارع مع الميم المضمومة وكسر ما قبل الآخر فيكون بهذا المعنى شاملا.

ـ يضع الثلاثي ولغيره ويحتمل أن يكون بمعنى أنه على صيغته وهي لفظ صيغة الثلاثي المجرد أشار الشارح بتوسط لفظ الاسم إلى الاحتمال الأول وبقوله : (أو لصيغة الفاعل) الذي أشار إلى الاحتمال الثاني يعني أن المراد بقوله لصيغة هي لفظ الفاعل. (أيوبي). ـ


الذي (١) هو ميزان اسم الفاعل من الثلاثي المجرد ، فلا تجيء صيغة من صيغتها على

__________________

ـ والمذكور في الصفة وأما في المعمول مثل حسن وجهه والحسن وجهه وهذا القسم أحسن.

ـ ويرد عليه أن ابن مالك صرح في التسهيل أن صيغة الصفة المشبهة من غير الثلاثي على وزن اسم الفاعل والجواب أشار الشارح بهذا التوجيه إلى مذهب الجمهور لا إلى مذهب ابن مالك. (حاشية).

(١) قوله : (الذي هو) لبيان الاعتذار من طرق المصنف عن تركه غير الثلاثي يعني إنما اعتبرت المخالفة مخصوصة بصيغة الفاعل دون غيره من صيغ اسم الفاعل ؛ لأن الفاعل أصل بالنسبة إلى غيره. (حاشية).


هذا الوزن (١) قطعا (٢).

(على حسب السماع) أي : كائنة (٣) على قدره بحيث لا يتجاوزه ، فالظرف منصوب على أنه حال من المستكمن في مخالفة ، أو صفة لمصدر محذوف أي : مخالفة كائنة على قدر ما يسمع.

وخص مخالفتها لصيغة اسم الفاعل بالبيان مع أنها مخالفة لصيغة اسم المفعول أيضا ؛ لزيادة اختصاص لها باسم الفاعل ؛ لكونها مشبهة به ، ولكون عملها لمشابهتها إياه فيما ذكر (ك : حسن (٤) وحسب وشديد (٥) ، وتعمل عمل فعلها مطلقا) أي : من غير اشتراط (٦) زمان فيه ؛ لكونها بمعنى الثبوت فلا معنى لاشتراطه فيها ، وأما اشتراط الاعتماد (٧) فمعتبر فيها ، إلا أن الاعتماد على الموصول لا يتأتى فيها ؛ لأن اللام الداخلة عليها ليست بموصولة (٨).

__________________

(١) أي : وزن الفاعل الذي هو ميزان اسم الفاعل من الثلاثي.

(٢) قوله : (قطعا) إشارة إلى ما قيل أن الصفة المشبهة من غير الثلاثي المجرد فيكون على وزن اسم الفاعل وهذا مذهب ابن مالك ولم يلتفت الشارح إليه رجح هذه الجمهور. (لمحرره رضا).

(٣) قوله : (أي : كائنة على قدره) يرد عليه أن في الألوان والعيوب الظاهرة قياسية على وزن افعل وأنه من الثلاثي المزيد فيه والرباعي على وزن اسم الفاعل ألا أن يقال يحتمل أن يكون مع ذلك عبر الثلاثي سماعية بأن لا يكون مجيئها من غير الثلاثي قياسا بل يكون مقصورا على ما سمع. (عصام).

(٤) قوله : (كحسن) مع ما بعده خبر لمبتدأ محذوف أي : وتلك الأوزان المسموعة نحو : حسن. (موشح).

(٥) وفي الألوان والعيوب يجيء على أفعل كابيض وأعور. (موشح).

(٦) قوله : (من غير اشتراط) زمان يشير إلى الإطلاق في مقابلة الاشتراط فمعناه عدم الاشتراط المذكور سابقا أعني اشتراط الأمرين ولما كان ذلك مبهما يجوز أن يكون بانتفائهما وبانتفاء أحدهما كما بينه الشارح بأنه بانتفاء شرط الزمان فيكون ما في المتن إجمالا لا اختلالا كا وهم العصام وإنما يكون اختلالا لو كان الإطلاق بمعنى العموم. (سيالكوني).

(٧) قوله : (وأما اشتراط الاعتماد) إشارة إلى أن قوله : (مطلقا) مصروف إلى اشتراط الزمان فقط وأما اشتراط الاعتماد فمعتبر. (محرم).

(٨) إذ لو كانت موصولة لا بد أن يكون الصفة المشبهة فعلا في المعنى ليكن صلة لها وكون الصفة المشبهة كذلك محال ؛ لأن الفعل للحدث والصفة المشبهة للثبوت فكونها موصولة محال. (وافية).


(وتقسيم (١) مسائلها) أي (٢) : جعلها قسما قسما ، وبيان حكم كل قسم ، ويسمى كل قسم مسألة ؛ لأنه يسأل عن حكمه ويبحث عنه. (أن تكون الصفة) ملتبسة (باللام أو مجردة) عنها (و) على كل من التقديرين (معمولها) (٣) إما (مضاف) أو ملتبس (باللام أو مجردا عنها) أي عن اللام والإضافة.

(فهذه) الأقسام (ستة) حاصلة من ضرب الاثنين في الثلاثة.

(والمعمول) أي : معمول الصفة المشبهة (في كل واحد منها) أي : من هذه الأقسام الستة (٤) (مرفوع) تارة ، (ومنصوب) تارة ، (ومجرور) تارة أخرى ، فعلى هذا (صارت) أقسام مسائلها (ثانية عشر قسما) ، حاصلة من ضرب الأقسام الثلاثة التي للمعمول من حيث الإعراب في الأقسام الحاصلة من قبل ، (فالرفع) في المعمول (على الفاعلية) أي : فاعليته للصفة المشبهة ، (والنصب على التشبيه) أي : تشبيه (٥) معمول الصفة (بالمفعول في) (٦) المعمول (المعرفة ، وعلى التميز).

__________________

(١) بخلاف اللام الداخلة على اسم الفاعل فإنه عند المازني للتعريف. (عبد الحكيم).

(٢) أشار إلى أن التقسيم مصدر بمعنى الفاعل وفاعله محذوف ولو كان بمعنى المفعول لقال أي : كونها كما هو المشهور.

(٣) يريد أن الصفة المشبهة بحسب ذاتها على قسمين أما أن تكون باللام نحو : الحسن أو مجردة عنها نحو : حسن. (شرح).

(٤) وهي الحسن وجهه أو الحسن الوجه أو الحسن وجه أو حسن وجهه أو حسن الوجه أو حسن وجه فالمعمول الذي هو الوجه مثلا. (شرح).

(٥) فإنه يشبه المفعول به وليس بمعفول به ؛ لأن فعل الصفة المشبهة غير متعد فلا يكون معمولها المنصوب مفعول به لكن لما شبهوا هذه الصفة باسم الفاعل شبهوا منصوبها بمفعول اسم الفاعل كما أن الجر في الضارب الرجل مشبه بالجر في نحو : الحسن الوجه فيما يتعارضان ما لكل واحد منهما. (وجيه الدين).

ـ قوله : (بالمفعول) أي : مفعول به للتشبيه وأعمال المصدر المعرف باللام في الجار والمجرور صحيح كما في قوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ)[النساء : ١٤٨]. (هندي).

(٦) قوله : (أي) تشبيه معمول الصفة وجه تشبيهه به) أنهم لما قصدوا التخفيف في الصفة بالإضافة ولا يمكن إضافتها إلى الفاعل ؛ لأنه يلزم إضافة الشيء إلى نفسه ؛ لأن الصفة عين الفاعل تشبهوا مرفوعها بالمفعول فنصبوه لتصح الإضافة إليه ؛ لأن المفعول غير الصفة وجعلوا الصفة في اللفظ لغيره وأضمروا فيها الضمير إذا كانت في اللفظ جارية على غير المعمول خبرا أو نعتا أو ـ


أي : جعل (١) معمول الصفة تمييزا (في) المعمول (النكرة) هذا (٢) عند البصريين ، قال الكوفيون : بل هو على التمييز في الجميع (٣) ؛ لأنهم يجوزون تعريف المميز (٤) ، وقال بعض النحاة : على التشبيه بالمفعول في الجميع ؛ وقال الشارح الرضي : والأولى التفصيل.

(والجر) في المعمول (على الإضافة) أي : إضافة الصفة إليه (وتفصيلها) أي : تفصيل هذه الأقسام في ضمن (٥) أمثلة جزئية ، فقولنا : (حسن وجهه) بتنوين الصفة ورفع وجهه بالفاعلية ، أو نصبه على التشبيه (٦) بالمفعول وبحذف التنوين وجر وجهه

__________________

ـ حالا وفي المعنى دلالة على صفة له في نفسه سواء كانت هي الصفة المذكورة نحو : زيد حسن الوجه فإنه يحس بحسن وجهه أولا نحو : زيد غليظ الساقين أي : قبيح فإن لم تجر في اللفظ عليه نحو : زيد وجهه حسن أو جرت عليه لكنها لم تدل على صفة له في نفسه لم يجز استتار الضمير فيها فيقبح زيد أبيض الثوب. (فاضل).

(١) وإنما زاد الشارح قوله : (أي : جعل) للإشارة إلى مغايرة الاعتبارين لأن النصب في الأول إنما هو على التشبيه بالمفعول وليس في المعمولات معمول معين يقال له التشبيه فليس فيه الجعل وإما هاهنا فلما كان التمييز معمولا معينا اعتبر فيه الجعل. (تكملة).

(٢) أي : الفصل بين كون المعمول المنصوب معرفة وبين كونه لكرة بأن يكون نفسه في الأول على التشبيه وفي الثاني على التمييز. (شرح).

(٣) ولما حكم البصريون بكونه منصوبا على التشبيه في الصورة الأولى مبنيا على عدم جواز التمييز معرفة حيث اضطروا إلى الحكم بالتشبيه أراد الشارح أن يبين أن البصريين مضطرون إلى هذا لعدم جواز التمييز معرفة عندهم ولكن الكوفيين لم يحتاجوا ولم يضطروا إلى الحكم بمعمول غريب. (تكملة).

(٤) ويجوز تعريف المميز بالإضافة على الشذوذ كقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ.) (حاشية).

(٥) قوله : (في ضمن) جواب لمن قال) أن الضمير راجع إلى المسائل ؛ لأنها هي المذكورة والتفصيل إنما يتمشى في الجزئيات والمسائل وتفصيل المسائل إنما يكون بذكر أحكامها فلم يذكر فيما بعد بل الحق إنه راجع إلى الأقسام الثمانية عشر فإنها فإن لم يكن مذكورة مجموعة بلفظ واحد لكنها مذكورة في ضمن أمثلة جزئية. (عبد الله أفندي).

(٦) أورد هاهنا بعلى حيث قال على التشبيه وفي الأول بالباء حيث قال بالفاعلية لتحصيل الإشارة إلى أن الفاعلية معنى مستقل لاقتضاء الإعراب بخلاف الثاني فإنه أمر اعتباري ومختلف فيه بين النحاة. (شرح).


بالإضافة ، فهذا التركيب (١) (ثلاثة) (٢) أي : ثلاثة أمثلة من الأمثلة المقصودة ذكرها لتوضيح الأقسام باعتبار اختلاف معمول الصفة رفعا ونصبا وجرا (وكذلك) (٣) أي : مثل هذا التركيب في كونه أمثلة ثلاثة (حسن الوجه) بالوجوه المذكورة (٤) ، (وحسن وجه) عطف على حسن الوجه ، أي : هو أيضا بالوجوه المذكورة أمثلة ثلاثة ، (الحسن وجهه) بإذخال اللام على صفة وجهه بالفاعلية ، أو نصبه بالتشبيه بالمفعول ، أو جره بالإضافة ، وإنما (٥) غير الأسلوب بترك العاطف (٦) إشارة إلى أنه شروع في قسم آخر من الصفة المشتبهة؛ لأن (٧) الأمثلة السابقة كانت للصفة المجردة عن اللام ، وهذه لصفة ذات اللام ، (والحسن الوجه) بالوجوه الثالثة.

(الحسن وجه) أيضا بهذه الوجوه.

وإنما قدم الصفة الكائنة باللام في أول تقسيم المسائل على الصفة المجردة عنها ؛

__________________

(١) قوله : (فهذا التركيب) يعني أن ثلاثة وقع خبرا لحسن وجهه بتأويل هذا التركيب مع قطع النظر عن إعراب وجهه وإلا فهو مثال واحد وليس مراده إن ثلاثة خبر مبتدأ محذوف كما قاله الهندي ؛ لأنه لا يصلح أن يكون حسن وجهه مقولا القول لكونه مفردا.

(٢) بمعنى ذو ثلاثة أوجه من الرفع والنصب والجر في المعمول خبره والجملة مبنية للتفصيل ويقال حسن وجهه خبر قوله : (تفصيلها وقوله : (ثلاثة خبر مبتدأ محذوف) أي : هذه ثلاثة وفيه أن التفصيل لا يتم به ولم يعطف عليه غيره حتى يتم به. (هندي).

(٣) قوله : (وكذلك مبتدأ) لأن : الكاف اسمية فسره بقوله : (أي : مثل هذا التركيب وخبره) حسن الوجه والجملة معطوفة على الجملة السابقة حسن وجهه على حسن الوجه خبر بعد خبر وكذلك الحسن وجهه والحسن الوجه خبر لقوله : (كذلك) إلا أنه ترك العاطف فيما بين هذه والأمثلة الثلاثة وغير الأسلوب لنكتة ذكرها الشارح ومفصل أقسام قولنا حسن وجهه ثالثة وقولنا كذلك يعني أن هذين القولين مشتملان على تفصيل الأقسام في ضمن الأمثلة وإنما قال كذلك لأن تفصيلها في نفسها علم مما سبق فهذا حل تركيب عنده موافقا للشرح. (فاضل محشي).

(٤) من رفع معموله ونصبه إذا قرأت بالتنوين ومن جره إذا قرأت بحذفها فحصل ثلاثة أقسام هذه الصفة التي هي مجردة عن اللام والإضافة حين كون معمولها مرفوعا ومنصوبا. (شرح).

(٥) ثم أن المصنف لما غير الأسلوب حيث أتى في الأمثلة السابقة بذكر العاطف وأتى في الأمثلة الآتية بحذفه أراد الشارح أن يبين وجها لذلك التغيير فقال : (وإنما غير ... إلخ). (تكملة).

(٦) قوله : (يترك العاطف) أي : بين هذه الأخبار الثلاثة مع ذكره في الخبر بين السابقين عليهما.

(٧) علة المغايرة أي : هذه الأمثلة مغايرة للأمثلة السابقة ، ؛ لأن الأمثلة السابقة كانت ... إلخ.


لأن مفهوم الأول وجودي والثاني عدمي ، وعكس الترتيب في تفصيلها ؛ لأن أقسام الصفة المجردة اشرف ؛ لأن قسما واحد منهما مختلف فيه وسائر الأقسام صحيح ، بخلاف أقسام ذات اللام فإن قسمين منها ممتنع كما قال : (اثنان منها) (١) أي : من تلك الأقسام (ممتنعان) (٢) :

أحدهما : أن تكون الصفة باللام مضافة إلى معمولها المضاف إلى ضمير الموصوف بواسطة أو غير واسطة.

مثل (٣) (الحسن (٤) وجهه) الحسن وجه (٥) غلامه لعدم إفادة الإضافة (٦) فيه خفة ؛ لأن الخفة في الصفة المشبهة ، إما بحذف التنوين أو النون كحسن وجهه بالإضافة (٧) ، أو بحذف ضمير الموصوف من فاعل الصفة أوم مما أضيف إليه الفاعل ، واستتاره في

__________________

(١) ومتى كان المعمول مضافا مرفوعا أو مفردا غير مرفوع فالعائد واحد واثنان إن كان مضافا غير مرفوع ولا عائد في عكسه وهو قبيح ومن ثمة قيل فيه بتقدير الضمير إن لم يكن في معمول اللام وبتقديره أو بإقامة اللام مقامه أو إبدال معموله عن الضمير المستكن فيه إن كانت فيه اللام. (حاشية).

(٢) بالاتفاق كما صرح به الرضى بقرينة قوله : (واختلفوا في حسن وجهه) وليس للفراء أن يجوزه توهم دخول اللام بعد الإضافة ؛ لأن أصله الحسن وجهه بالرفع واللام موجودة قبل الإضافة. (سيالكوني).

(٣) لأنه خلاف وضع الإضافة ؛ لأن وضع الإضافة المعنوية إن يكون المضاف نكرة يتعرف بالمضاف إليه المعرفة وإن كانت الإضافة هنا لفظية ؛ لأن الإضافة اللفظية فرع على المعنوية فإذا لم تكن مثلها جواز تعريف المضاف والمضاف إليه فيها فينبغي أن لا يكون على خلافها وهو تعريف المضاف وتنكير المضاف إليه. (سيد عبد الله).

ـ مثال القسم الممتنع الذي أضيف بغير الواسطة.

(٤) خبر مبتدأ محذوف أي : هما الحسن وجهه والحسن وجه بحذف أو خبر بعد خبر أو تعداد. (هندي).

(٥) ضم الشارح إليه المثال الذي أضيف بواسطة ليكون البيان تاما. (تكملة).

(٦) أي : اللفظية واللفظية لا تقيد إلا تخفيفا أما في المضاف فقط أو في المضاف إليه فقط أو فيهما ولم يوجد هاهنا شيء من الثلاثة.

(٧) أي : بإضافة لفظ حسن إلى معموله فوجد شرط الإضافة اللفظية وهو الخفة. (لمحرره).


الصفة مثل الحسن الوجه (١) والحسن وجه الغلام ، أو بحذفهما معا ولا خفة (٢) فيه (٣) بواحد منها (٤).

وثانيهما : أن تكون الصفة باللام مضافة إلى معمولها المجرد عن اللام مثل : (الحسن وجه) أو وجه غلام) لأن إضافة (الحسن) إلى (وجه) وإن أفادت التخفيف بحذف الضمير واستتاره في الصفة لكنهم لم يجوزوها لأن إضافة المعرفة إلى النكرة وإن كانت لفظية مفيدة للتخفيف (٥) ، لكنها (٦) في الصورة تشبه عكس المعهود (٧) من الإضافة (٨).

(واختلف (٩)

__________________

(١) فإن أصله الحسن وجهه فحذف الضمير الراجع إلى الموصوف وعوض عنه اللام واستتر ذلك الضمير تحت أحسن. (تكملة).

(٢) كما وجدت الخفة في هذا التركيب قرأه في معرض أبطال كل شق من الثلاثة فكأنه قال أن الخفة أما في المضاف فقط أو في المضاف إليه فقط أو فيهما معا ولا خفة. (أيوبي).

(٣) قوله : (ولا خفة) لأن : التنوين سقط باللام والضمير في وجهه موجود. (سيالكوني).

(٤) قوله : (منها) أي : من التحفيفات الثلاثة فكل تركيب إضافي بإضافة لفظية لم يوجد فيه التخفيف ممتنع فهذا التركيب ممتنع. (محرم).

(٥) حيث خفف ما أضيف إليه وكان ذلك التخفيف كافيا في الإضافة اللفظية لعدم اقتضائه اكتساب التعريف أو التخفيف. (شرح).

(٦) قوله : (لكنها في الصورة تشبه عكس المعهود) أي : الإضافة اللفظية تجري مجرى الإضافة المعنوية واحد في الصورة وإن اختلفا معنى. (وجيه الدين).

(٧) لأن المعهود إضافة النكرة إل المعرفة لاكتساب التعريف وحسن وجهه خلاف ذلك.

(٨) أي : المعنوية فإن المعهود فيها إضافة النكرة إلى المعرفة ؛ إذ لا تفيد فيها فكذا الإضافة اللفظية ؛ لأنها فرعها فلا تخالفها من كل وجه الأصل. (عبد الحكيم).

ـ قال بعضهم : لا يجوز لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه وقال بعضهم يجوز الإضافة ؛ لأن الحسن أعم من الوجه فالإضافة من قبيل إضافة العام إلى الخاص كقولنا خاتم فضة. (حاشية ع).

(٩) والجار مع المجرور مفعول ما لم يسم فاعله لاختلف أو بائبه ضمير المصدر فيه أي : وقع الاختلاف فحينئذ قوله : (في حسن وجهه ظرف لاختلاف) والجملة استئناف أو اعتراض أو عطف على جملة اثنان منها ممتنعان أو على ما قبلها بحسب المعنى كأنه قيل : اتفق على امتناع هذين المثالين السابقين واختلف في حسن وجهه. (هندي مع زيني زاده).


في صورة (١) كانت الصفة فيها مجردة عن اللام مضافة إلى معمولها المضاف إلى

ضمير الموصوف مثل : (حسن وجهه) فسيبويه وجميع البصريين يجوزنها على قبح في ضرورة الشعر والكوفيون يجوزونها بلا قبح السعة.

وجه الاستقباح أنهم إنما ارتكبوا الإضافة ؛ لقصد التخفيف فيقتضي الحال أن يبلغ أقصى ما يمكن منه ، ويقبح أن يقتصر على أهون التخفيفين ، أعني : حذف التنوين ولا يتعرض لأعظمه مع إمكانه (٢) وهو حذف الضمير مع الاستغناء عنه بما استكن في الصفة.

والذي أجازها بلا قبح نظر إلى حصول شيء من التخفيف في الجملة ، وهو حذف التنوين قوله (٣). (والبواقي) (٤) من الأقسام الثمانية عشر التي خرجت منها الأقسام الثلاثة المذكورة وهي خمسة عشر قسما.

(ما كان (٥) فيه ضمير واحد) منها ، أي : من تلك البواقي إما في (٦) الصفة وهو سبعة أقسام (الحسن الوجه) بنصب المعمول (٧) و (الحسن الوجه) بجره (٨) و (حسن

__________________

(١) وإنما قدر الشارح لفظ الصورة بين الجار والمجرور لتحقيق أن لفظ المثل إشارة إلى أن الاختلاف ليس مقصورا على شخص هذا التركيب بل شامل لصورته النوعية فلذا أورده بلفظ المثل ولم يقل وفي حسن وجهه. (حاشية).

(٢) أي : مع كون التعرض أو مع كون أعظم التخفيف ممكنا هاهنا لكون المعمول وجهه.

(٣) وإن كان ذلك التخفيف أهون فلا يقتضي عدم التعرض إلى أعظمه لاستقباح هذه الإضافة. (تكملة).

(٤) عطف على جملة اثنان منها ممتنعان أو على جملة اختلف وقيل : استئناف أو اعتراض.

(٥) الموصول مع صلته نعت للبواقي أو بدل بعض للبواقي كبير.

(٦) ولما كان موضع الضمير المذكور موضعين أحدهما نفس الصفة والآخر معمول الصفة أراد الشارح التفصيل. (شرح).

(٧) فإن الصفة في هذا القسم معرف باللام ومعمولها ليس بفاعل لها لكونه منصوبا فيقتضي أن يكون فاعله ضميرا مستترا تحته فيوجد فيه ضميرا واحدا في الصفة. (أيوبي).

(٨) فإن هنا القسم الذي يكون الصفة فيه باللام مضافة إلى معمولها ففاعلها مقدر تحته فيوجد في هذا الصفة أيضا ضمير واحد. (عبد الله).


الوجه) بنصبه (١) و (حسن الوجه) بجره و (الحسن وجها) (٢) بنصب و (حسن (٣) وجه) بجره.

وإمّا في المعمول (٤) مثل : (الحسن وجهه) و (حسن وجهه) برفعه فيهما : وهما قسمان والمجموع تسعة.

(أحسن) (٥) لأن (٦) الضمير فيه بقدر الحاجة (٧) من غير زيادة ولا نقصان (٨).

(وما كان فيه ضميران) منها.

أحدهما (٩) : في الصفة ، والآخر : في المعمول مثل : (حسن وجهه ، والحسن وجهه) بنصبه فيهما ، فهو قسمان.

(حسن) (١٠) لاشتماله على الضمير المحتاج إليه وغير (أحسن) لاشتماله (١١) على ضمير زائد على قدر الحاجة.

__________________

(١) وفي هذا القسم ضمير واحد مستكن في الصفة لكون الصفة فيه مجردة عن اللام والإضافة ومعمولها منصوب على التشبيه.

(٢) وفي هذا القسم أن الصفة معرف باللام وكون معمولها منصوبا على التمييزية. (شرح).

(٣) بتنوين الصفة وبنصب معمولها على التمييزية مع كون الصفة مجردة عن اللام والإضافة. (أيوبي).

(٤) أي : الضمير الواحد أما يوجد في معمول الصفة ضميرا بارزا راجعا إلى موصوف تلك الصفة.

ـ التي اثنان ممتنعان وواحد مختلف فيه.

(٥) لحصول المقصود مع قلة الاعتبار وخير الكلام ما قل ودل. (هندي).

ـ يعني : ما كان الضمير واحدا تسعة أقسام ، وهذه التسعة أحسن.

(٦) لجريه على القياس من حصول المحتاج إليه وهو الضمير من غير نقصان ولا زيادة. (خبيصي).

(٧) والحاجة ربطة الصفة على الموصوف سواء كان فاعلا مستترا تحت الصفة أو ضميرا مجرورا يضاف إلى المعمول في تلك الأقسام يوجد ذلك الضمير المحتاج إليه. (قدمي وغيره).

(٨) من المحتاج إليه بأن يكون الضمير متروكة بالكلية كما في أقسام القبيحة. (قدمي).

(٩) ولما توهم أن يوجد الضميران في الصفة معا أو في المعمول معا أشار إلى هذا الواقع. (شرح).

(١٠) لوقوعه بين الأحسن وبين القبيح.

(١١) قوله : (لاشتماله على ضمير زائد) يعني أن : الضمير فيه ليس إلا للربط بدليل جواز الحسن الوجه بالجر والحسن وجهه بالرفع وقد حصل الربط بأحدهما فالثاني زائد بخلاف ما إذا جيء ـ


(وما لا ضمير فيه منها) (١) وهو أربعة أقسام : (الحسن الوجه) و (حسن الوجه) و (حسن وجه) و (الحسن وجه) برفعه فيها (قبيح) لعدم الرابط (٢) بالموصوف لفظا.

ولما كان وجود الضمير غير ظاهر (٣) في الصفة مثل : ظهوره في المعمول (٤) احتيج إلى قاعدة يظهر بها وجوده وعدمه فقال :

(ومتى (٥) رفعت) معمول الصفة (بها فلا ضمير فيها) أي : في الصفة ؛ لأن معمولها (٦) حينئذ فاعل لها ، فلو كان فيها ضمير يلزم تعدد العامل (فهي) (٧) أي : تلك الصفة حينئذ (كالفعل) (٨) فكما أن الفعل لا يثنى ولا يجمع بتثنية فاعله الظاهر وجمعه (٩)

__________________

ـ بالضمير ويكون الغرض من أحدهما الربط ومن الآخر تعيين المضاف نحو : زيد حسن ضربه من ضرب أبيه في داره. (عبد الحكيم).

(١) قوله : (وما لا ضمير فيه) إنه لم يقبح نعم الرجل زيد فما الفرق بينه وبين الحسن الوجه وهما سيان في الاشتمال على التعريف العهدي النائب عن الضمير في الربط إلى أن يقال لم يكن في نعم الرجل بالضمير فاكتفى فيه بالعهد بلا قبح بخلاف الحسن الوجه لكن مع ذلك ينبغي أن يتفاوت القبح في الحسن الوجه والحسن وجب. (عصام).

(٢) قوله : (لعدم الرابطة) ليس اللام في الحسن الوجه وحسن الوجه رابطة ؛ لأن ابدال اللام من الضمير فيما يشترط فيه الضمير قبيح عند البصريين كما في الرضى ومن هذا ظهر الفرق بينهما وبين نعم الرجل زيد ؛ لأن اللام فيه رابطة وليست بدلا من الضمير. (سيالكوني).

(٣) مثلا إذا قيل : الحسن الوجه لم يظهر لنا ؛ إذ تحت لفظ الحسن الوجه ضميرا مستترا إلا بعد تأمل. (أيوبي).

(٤) مثلا إذا قلنا الحسن وجهه فالضمير المجرور في وجهه ظاهر.

(٥) اسم شرط منصوب المحل مفعول به لشرطه عند الأكثرين واختاره الرضى ومنصوب بجوابه عند الأقلين والفاء ولا لنفي الجنس ليسا بمانعين عن تقديم معمول ما في حيزهما عندهم. (رضي مع غيره).

(٦) قوله : (لأن معمولها حنيئذ) أي : حين رفعت المعمول بها فاعلا لها ؛ إذ لا وجه لرفعها غير الفاعلية فلو كان فيها ضمير يكون فاعلا لعدم جواز استتار غير الفاعل للزم تعدد الفاعل فما قيل : أنه يجوز أن يكون المعمول بدلا من الضمير المستتر وهم. (عبد الحكيم).

(٧) الفاء للتعليل ، أي : لأنها كالفعل أو مثل الفعل ، فالكاف حرف جر ، أو اسم بمعنى المثل. (هندي).

(٨) فلا تثنى ولا تجمع إلا على ضعف ولا تؤنث إلا باعتبار المرفوع كالفعل لا باعتبار الموصوف تقول : جاءني رجلان حسن وجهاهما أو غلمانهما لا تقول حسنون ؛ لأن غلمان جمع أو ـ


كذلك تلك الصفة لا تثنى ولا تجمع بتثنية معمولها وجمعه.

(إلا) أي : وإن لم ترفع معمول الصفة بها بل تنصب أو تجر (فيها ضمير الموصوف) (١) ليكون فاعلا لها (فتؤنث) أنث الصفة بتأنيث الموصوف فتقول هند حسنة وجه أو حسنة وجهه.

(وتثنى) أي : الصفة إذا كان الموصوف تثنية ، مثل : (الزيدان حسنا وجه)

وحسنان وجها (يجمع) (٢) أيضا الصفة إذا كان الموصوف جمعا مثل الزيدون حسنوا وجه (حسنون (٣) وجها)

(واسما الفاعل والمفعول (٤)

__________________

ـ حسنة جاريتهما ورجال حسن غلمانهم من غير إلحاق علامة التثنية والجمع لا يقال حسنان وحسنون لمشابهة الألف والواو في الصفة عند ذكر الفاعل أياهما في الفعل عنده ولو قلت : رجال حسنان غلمانهم أو رجل حسنان غلمانه جاز لعدم المشابهة اللفظية وقيام جمع التكسير مقام التأنيث في رجال حسنة وجوههم. (موشح).

(١) حيث يجب أن يقال ضرب الرجلان أو الرجال ولا يجوز فيه أن يقال ضربا الرجلان وضربوا الرجال للزوم تعدد الفاعل. (شرح).

(٢) لأن الفاعل لما جر بالإضافة أو نصب على التشبيه بالمفعول خرج عن حيثية كونه فاعلا فلا جرم يكون فيها ضمير ليكون فاعلا لها فيؤنث الصفة نحو : هند حسنة وجه أو حسنة وجها. (فاضل هندي).

(٣) قوله : (وتجمع) باعتبار صاحبها المعتمد عليها فتقول جاءني رجلان حسنا الوجه وحسنان الوجه وحسنوا الوجه وحسنون الوجه ومررت برجلين حسنى الوجه وحسنين الوجه وكذا فيما كانت الصفة اللام وفيما كان للمعمول منونا أو مضافا فيهما. (خبيصي).

(٤) فيما كانت الصفة باللام ولا مع اللام فيكون المجموع ستة صور والمعمول مجرور أو منصوب فالحاصل اثنا عشر نحو : رجلان الحسنا الوجه الحسنان الوجه الرجال الحسنوا الوجه الحسنون الوجه ورجلان حسنا وجه وحسنان وجها ورجال حسنو وجه وحسنون وجها ورجلان حسنا وجههما وحسنان وجههما ورجال حسنو وجوههم وحسنون وجوههم والرجلان الحسنا وجه والحسنان وجها والرجال الحسنو وجه والحسنون وجها والرجلان الحسن وجههما والحسن وجههما والرجال الحسنو وجوههم والحسنون وجوههم. (موشح).

(٥) أي أسماء هذين فلا يلزم أن يكون لكل واحد اسمان. (هندي).


غير المتعديين) (١) أي : اسم الفاعل غير المتعدي إلى مفعول واسم (٢) المفعول (٣) الغير المتعدي أيضا إلى المفعول لاشتقاقه من الفعل المتعدي إلى مفعول واحد (٤) فإذا بنى اسم المفعول منه أقيم ذلك المفعول مقام الفاعل ، فيبقى غير متعد إلى مفعول ، (مثل الصفة) المشبهة في ذلك ، أي : (فيما ذكر) من الأقسام الثمانية عشر.

فيرفعان الفاعل ، ومفعول ما لم يسم (٥) فاعله ، وينصبانهما ، ويضافان إليهما ، تقول : (زيد قائم الأب) و (مضروب الأب) برفع الأب ونصبه وجره ، وإذا كانا متعديين لا يجوز بالإضافة إليها ولا نصبهما ، لئلا يلزم الالتباس (٦) بالمفعول.

فإذا قلنا مثلا : (زيد ضارب أباه) و (زيد معطى أباه) لم يعلم أن (أباه) في المثال الأول مفعول (ضارب) أو فاعل له نصب تشبيها بالمفعول (٧) ، وفي المثال الثاني أنه مفعول ثاني لمعطى ، أو مفعول أول أقيم مقام الفاعل ، ونصب تشبيها بالمفعول ،

__________________

(١) المتجاوزين عن الفاعل ومفعول ما لم يسم فاعله احتراز عن نحو : ضارب زيدا ومعطى درهما فإنهما متعديان لا يجري فيهما مع ما تعديا إليه من المعمول ما ذكر من الأقسام بل يجري فيهما ما ينصب المعمول على المفعولية أو خبره على الإضافة. (شارح أول).

(٢) ولما كان بين اسم الفاعل والمفعول فرق هاهنا أراد أن يفصل مسألة الفاعل عن مسألة المفعول بقوله : (واسم المفعول).

(٣) وذلك الفرق هو ؛ أن اسم الفاعل لما جاز اشتقاقه من كل من الفعل اللازم والمتعدي يكون المراد من اسم الفاعل الغير المتعدي ما هو مشتق من الفعل اللازم الغير المتعدي إلى مفعول أصلا بخلاف اسم المفعول فإنه لما لم يجز اشتقاقه من الفعل اللازم بل كان هو مشتقا من الفعل المتعدي لا محالة بكون المراد من اسم المفعول الغير المتعدي ما لا يكون متعديا إلى غير المفعول الواحد يعني أن حكم اسم المفعول الغير المتعدي إلخ.

(٤) من الامتناع والاختلاف والجواز مع قبح والجواز مع حسن والأحسن من البعض كما مر. (لمحرره).

(٥) أراد بهذا أن المراد من الفاعل هاهنا ما أسند إليه الفعل فيكون مفعول ما لم يسم فاعله فاعلا باعتبار إقامته مقامه. (حاشية خبيصي).

(٦) أي : الالتباس بالفاعل في المضاف إلى الفاعل والتباس المفعول الأول بالمفعول الثاني في المتعدي إلى المفعولين. (حاشية خبيصي).

(٧) وأضيف إلى الصفة والمفعول محذوف.


والمفعول الثاني محذوف (١).

وكذلك (٢) مثل : الصفة المشبهة المنسوب تقول : (زيد تميمي الأب) مرفوعا ومنصوبا ومجرورا.

(اسم (٣) التفضيل ما اشتق) أي : اسم اشتق (من فعل) أي (٤) : حدث (لموصوف) (٥) قام به (٦) الفعل أو وقع عليه والتعميم لقصد شمول قسمي اسم التفضيل (٧) أعني : ما جاء للفاعل وما جاء للمفعول (بزيادة على غيره) في أصل (٨) ذلك

__________________

(١) وليست الصفة واسما الفاعل والمفعول الغير المتعديين كذلك ؛ إذ لا مفعول لهما فلا يحصل الالتباس. (متوسط).

(٢) قوله : (وكذلك) مثل الصفة المشبهة المنسوب أيضا وغير المنسوب من الأسماء الجامدة التي أجريت مجرى الصفات المشبهة نحو : هو شمس الوجه أي : حسن الوجه وهو قليل. (رضي).

ـ أي : كالاسم الفاعل والمفعول الغير المتعديين. (رضي).

(٣) وإنما قال اسم التفضيل ولم يقل افعل التفضيل ليتناول لفظ خير وشر. (متوسط).

(٤) قوله : (أي : حدث) أي : دل على حدث باقامة المدلول مقام الدال وهو المصدر ولم يفسره بالفعل المصطلح ؛ لأن الاشتقاق من المصدر عند البصريين ولرعاية المطابقة بما سبق. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (الموصوف قام به الفعل أو وقع عليه) صلة الموصوف أما محذوف أو موصوف بالفعل أو الزيادة ولا يخفى ان المتبادر من الموصوف بالشيء ما قام به الشيء لا ما وقع عليه الشيء فالتعميم لا يتأتى إلا على تقدير جعل صلة الموصوف لزيادة والأولى أن يقال لمتصف بزيادة على غيره ؛ إذ معنى افعل المتصف بالزيادة سواء وصفت بها أو لا والمراد بغيره غير ما سواء كان المغايرة حقيقية أو اعتبارية كما في قولهم : (هذا بسرا أطيب منه رطبا). (عصام).

ـ وإنما قال موصوف ولم يقل لمن قام به أي : لمن وقع عليه لاشتماله على النوعين جميعا نحو : أضرب وأشهر. (هندي).

(٦) قوله : (قام به الفعل) يعني اختار الموصوف على لمن قام به لمن وقع قصد التعميم لقصد شموله للقسمين.

(٧) ولهذا لم يقل لمن قام به أو وقع عليه. (وجيه الدين).

(٨) يعني : أن الجار والمجرور محذوف والتقدير بزيادة على غيره فيه وللاحتياج إلى التقدير ليخرج زائدا عن التعريف فإنه مشتق للموصوف بزيادة غلى غيره لكن لا في المشتق منه.

ـ قوله : (في أصل ذلك الفعل) كما هو المتبادر من التعريف فاندفع النقض بنحو فاضل وزائد وغالب لعدم دلالتها على الزيادة في الفضل والزيادة والغلبة وكذا باب المبالغة نحو : طائل ؛ ـ


الفعل والباء (١) في قوله : بزيادة إما ظرف لغو للموصوف ، أي : لذات متصفة بتلك الزيادة، أو ظرف مستقر ، أي : لموصوف ملتبس بتلك الزيادة ، فقوله : ما اشتق من فعل ، شامل لجميع المشتقات.

وقوله : لموصوف ، يخرج أسماء الزمان والمكان والآلة ؛ لأن المراد بالموصوف ذات مبهمة ولا إبهام (٢) في تلك الأسماء.

وقوله : بزيادة على غيره ، يخرج اسم الفاعل (٣) ، والمفعول والصفة المشبهة.

(وهو) أي : اسم التفضيل من حيث (٤) صيغته (٥) (أفعل) للمذكر ، (وفعلى) للمؤنث (٦) ، وإن كان بحسب الأصل فيدخل فيه خير وشرّ لكونها في الأصل أخير

__________________

ـ لأنه موضوع للغلبة في المعنى المصدري كما مر فهو يدل على الاتصاف بالغلبة لا على الزيادة في الغلبة وزاد لفظ الأصل احترازا عما يدل على الزيادة في وصف الفعل كالصفة المشبهة الدالة على دوام الفعل واستمراره وعندي أنه لا حاجة إلى اعتبار هذا القيد ؛ لأن اللام في الموصوف صلة الوضع كما مر والصور المذكورة موضوعة للزيادة مطلقا للزيادة على غيره وتفصيله. (سيالكوني).

(١) شروع إلى إعراب المتن وبيان فائدة القيود. (وجيه).

(٢) قوله : (ولا إبهام في تلك الأسماء) لأنها تدل على المكان والزمان دلالة ما ففيها نوع تعيين وما قيل : أنه لا حاجة في الإخراج إلى حمل الموصوف على ذلك ؛ لأن تلك الأسماء لم توضح لمكان أو زمان أو آلة موصوف ففيه أن اسم التفضيل الذي جاء للمفعول موضوع لموصوف بمعنى ما وقع عليه الفعل كذا تلك الأسماء موضوعة لموصوف بمعنى ما وقع عليه الفعل أو وقع به الفعل. (سيالكوني).

(٣) ولا يرد صيغ المبالغة كضراب وإن دلت على الزيادة حيث لم يقصد فيها الزيادة على الغير كما قصد في اسم التفضيل وكان التعريف جامعا ومانعا. (وجيه الدين مع غيره).

ـ قوله : (يخرج اسم الفاعل) لعدم دلالتها على الزيادة على الغير لصيغ المبالغة أو لعدم دلالتها على الزيادة في ذلك الفعل كفاضل وطائل ولعدم دلالتها على الزيادة في أصل الفعل بل في خلقتها كصيغ الصفة المشبهة الدالة على الدوام والاستمرار.

(٤) قوله : (من حيث صيغته ... إلخ) قدر تمييز ليصح حمل أفعل على اسم التفضيل. (عصام).

(٥) يعني : أن صيغة اسم التفضيل أفعل للمذكر وفعلى للمؤنث وعلى هذا القياس التثنية والجمع وهذا بخلاف الصفة المشبهة فإن لها صيغا كثيرة ، ولكل منها مؤنث وتثنية وجمع. (وجيه الدين).

(٦) وإنما تعرض لبيان صيغة المؤنث دفعا نتوهم استواء المذكر والمؤنث في أفعل مطلقا. (حكيم).


وأشر ، فخففا بالحذف لكثرة الاستعمال ، وقد يستعملان على الأصل (١).

(وشرطه أن يبنى) أي : اسم التفضيل (من) حدث (٢) (ثلاثي) لا رباعي (٣) (مجرّد) لا مزيد فيه (ليمكن البناء) أي : بناء أفعل وفعلى منه ؛ إذ البناء من الرباعي والثلاثي المزيد فيه مع المحافظة على على تمام حروفه متعذر ؛ لأن هذه الصيغة لا تتبع الزيادة على ثلاثة أحرف ، ومع إسقاط بعضها (٤) يلزم الالتباس ، فإنه لا يعلم (٥) أنه مشتق من الرباعي أو الثلاثي المجرد أو المزيد فيه ، فإن هذه الحروف الثلاثة تحتمل أن تكون تمام حروف ثلاثي مجرد أو بعض حروف رباعي مجرد كلها أصول (٦) أو تكون من

__________________

(١) اعلم أنه يشكل بمثل أفلس وأولى وأعطى وأجدى ؛ لأنه ليس بناء الثلاثي المجرد فإذن لو قال : وشرطه غالبا لكان أضرب. (متوسط).

(٢) قوله : (من حدث) قدر بقرينة التعريف فلا يبنى من اسم جامد نحو : أحنذه الشاتين وأقل الناس شاذ ؛ لأنه غير متصرف ولا من فعل لازم نحو : ما نبس بكلمة أي : تكلم لعدم المصدر له من حيث لزوم النفي وأما أفعال الناقصة فإن قلنا أنها لا تدل على الحدث بل على الزمان فقط كما قيل : فظاهر وإن قلنا : إنها دالة على الحدث وهو الحق فالظاهر جواز البناء منها قياسا ؛ إذ لا مانع من أن يقال زيد أصبر من عمر وغينا ؛ إذ لم يستعمل فقوله : (من حدث مشتمل على الشروط الثلاثة) وأما اشتراط كون الحدث مما لا يقبل الزيادة والنقصان فلا يقال الشمس أغرب واطلع اليوم فمستغنى عنه بقوله : (بزيادة على غيره فإن الزيادة إنما يتصور بما يقبلها). (حكيم).

(٣) وما جاء مما لا فعل له كاحنك الشاتين والبعيرين أي : آكلها وآيل من ضيق الخاتم أي : اعلم بأحوال الأبل ومن فعل غير ثلاثي كاعطاهم للدينار والدرهم وأولاهم للمعروف أي : أكثر إعطاء وأيلاء وأكرم من زيد أي : أشد إكراما وهذا المكان أقفز من غيره أي : أشد إقفارا وهذا الكلام أخصر أي : أشد اختصارا وأفلس من بني المدلق أي : أكثر أفلاس وهو اسم رجل لم يجد مدة عمره قوت ليلة وكان هو وأبوه وجده معروفين بالإفلاس فشاذ فلا يقاس عليه. (موشح).

(٤) والحاصل أنه إذا أريد بناؤه من الرباعي فصاعدا يلزم أحد الشقين أحدهما محافظة. أصل الحروف بتمامها والآخر إسقاط بعضها فالأول متعذر والثاني ممكن غير جائز للزوم الالتباس. (خلاصة الأيوبي).

(٥) فإنه لا يعلم مثلا إذا قيل اخرج من وخرج لم يعلم أنه مشتق من خرج أو وخرج فإن هذه الحروف الثلاثة يحتمل أن يكون تمام حروف خرج أو بعض حروف خرج وذلك البعض كلها أصول لو قيل اخرج من استخرج لم يعلم أنه مشتق من استخرج أو خرج. (وجيه الدين).

(٦) لكن اسقط الدال من دحرج فبقي ثلاثة أحرف بأن يكون اسم تفضيل من دحرج. (أيوبي).


حروف المزيد فيه أما من أصوله أو من زوائده أو ممتزجا منهما فلا يتبين ما هو المشتق منه فلا يتعين المعنى.

(ليس (١) تكون) أي : من (٢) ثلاثي مجرد ليس بلون (ولا عيب) (٣) ظاهري (لأن منهما) اشتق (أفعل لغيره) أي : لغير اسم التفضيل كأحمر وأعور فلو اشتق اسم التفضيل أيضا منهما لا لبس أن المراد ذو خمرة وعور وزائد الخمرة والعور ، وهذا التعليل إنما يتم إذا تبين أن أفعل الصفة مقدم بناؤه على أفعل التفضيل ، وهو كذلك ؛ لأن ما يدل على ثبوت مطلق الصفة مقدم بالطبع على ما يدل على زيادة على الآخر في الصفة (٤) والأولى موافقة الوضع الطبع (مثل زيد أفضل الناس) فإن الأفضل استق من ثلاثي مجرد ليس بلون ولا بعيب وهو الفضل.

(فإن (٥) قصد (٦) غيره) أي : غير الثلاثي المجرد بأن يراد أن يذكر على أن لأحد زيادة فيه على غيره (توصل إليه) أي : إلى غير الثلاثي المجرد (بأشد ونحوه مثل (٧) هو

__________________

(١) صفة ثانية لثلاثي فصل بينهما بالتعليل وهو جملة معترضة أي : هذا الاشتراط ليمكن البناء.

(٢) وبهذا التفسير إشار إلى صفتيه جملة ليس بلون أي : شرطه أن يكون من الثلاثي المجرد الذي ليس دالا على لون من الألوان. (لمحرره).

(٣) قال الكوفيون : الاسم التفضيل يجيء من البياض والسواد اللذين هما أصل الألوان وقال البصريون ما جاء منهما شاذ ومنه قوله عليه‌السلام في وصف الكوثر : «ماؤه أبيض من اللبن» [أخرجه البخاري (٦٥٧٩)]. (فاضل محشي).

(٤) الأول هو المزيد عليه والثاني هو المزيد والمزيد عليه مقدم على المزيد. (عبد الله).

(٥) قوله : (فإن قصد غيره) أي : غير الثلاثي المجرد اللام للعهد أي : غير الثلاثي المجرد المعهود أي : الموصوف بما ليس بلون ولا عيب فلا يرد أن مرجع الضمير ليس مجرد الثلاثي المجرد بل أخص منه. (عصام).

(٦) وإذا قصد في هذه الأمور التفضيل توصل بأشد ونحوه قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) قال المحقق التفتازاني لم أحب لله ؛ لأن أحب شائع في المفعول وإذا قصد التفضيل للمفعول فيما لم يجيء له أفعل توصل أيضا كذلك إذا عرفت هذا فنقول كان الأولى أن يؤخر قوله : (فإن قصد غيره) توصل إليه بأشد ونحوه عن هذا الحكم أيضا ليتعلق به أيضا. (شرح).

(٧) أي : مما يمكن بناء اسم التفضيل من فعل ثلاثي مناسب للمقصود ويؤتى بمصدره منصوبا على التمييز مثل استخراجا أو دحرجة أو تدحرجا وهذا مثال غير الثلاثي المجرد. (موشح هندي).


أشد منه (١) استخراجا) مثال للثلاثي المزيد فيه (وبياضا) مثال للون (وعمي) مثال للعيب.

وحيث (٢) قيدنا العيب بالظاهري لا يرد (٣) نحو أجهل وأبلد ولكن (٤) يرد أنه صح على هذا التقدير اشتقاق أحمق على معنى التفضيل (٥) فإنه لا فرق بين الجهل والبلادة والحمق ، (٦) ولكنهم (٧) حكموا بشذوذه في نحو : أحمق من ابن هبنقة ، والجواب أن المراد بالحمق ما يبدو من أثر البلادة في الظاهر كما حكى عن ابن هبنقة من تعليق خرزات وعظام وخيوط على عنقه ، وهو ذو لحية طويلة فسئل عن ذلك فقال : لأعرف بها نفسي ، ولا أضل وتقلد ذات ليلة أخوه بقلادته (٨) فلما أصب قال يا أخي أنت أنا فمن أنا ففيه (٩) شائبة من حمق ابن هبنقة فإنه يقتضي جواز اشتقاق أحمق من حمق لمن لا يكون بهذا الظهور قياسا ، وأن يكون اشتقاق الجهل وأبلد لمن يكون ثار جهله

__________________

(١) كما في التعجب لكن المصدر ينتصب في باب التعجب بعد أشد مفعولا وهاهنا ينتصب تمييزا.

(٢) ولما قيد الشارح قوله : ولا عيب بقوله : (ظاهري أراد أن يبين وجه الاحتياج إلى التقييد) فقال : (وحيث ... إلخ).

(٣) وتقرير النقض إن قوله : (يشترط في البناء أن لا يكون علهيا باطل) لأنه جار على نحو : أجمل وأبلد وحكم المدعى متخلف فإنهما جائزان فيلزم وجود المشروط بلا شرط فيجاب عنه بتحرير المراد بان لا نسلم أن قوله : (ولا عيب) جار على أمثاله فإن مراد بالعيب المنفى هو العيب الظاهري كالعور والعمى والعرج وأما مثل الجهل والبلادة فهو عيب باطني فيجوز البناء منه. (عبد الله أيوبي).

(٤) استدراك على قوله : (لا يرد) يعني أن التقييد بهذا القيد يدفع ما يرد عليه من النقض المذكور لكن لا يدفع الأيراد الآخر الذي يرد على هذا التقييد. (شرح).

(٥) يعني دلالة على زيادة حماقة أحد على غيره بأن يقال عمرو أحمق من بكر. (شرح).

(٦) قوله : (والحمق) فإن معناه قلة العقل فهو من العيوب الباطنة كالجهل. (سيالكوني).

(٧) إشارة إلى مقدمة الاستئنافية فيه يعني لو صحا صح اشتقاق الأحمق لكن صحة اشتقاق الأحمق غير جائز لأنهم حكموا ... إلخ. (تكملة).

(٨) ورواه أخاه قد علق تلك القلادة فضحك وقال : سرقتني مني.

(٩) خبر لقوله : (والجواب المذكور) أن شائبة حمق صاحب الجواب والفاء أما زائدة ما هو مذهب الأخفش أو على تقدير أما ذكره الشارح رحمه‌الله بيان لقبه المذكور في الحواش الهندية بعد هذا الجواب لا شنيع كما وهم الواهم العصام. (سيالكوني).


وبلادته ظاهرة على (١) سبيل الشذوذ ولا يقول (٢) بذلك عاقل. (٣)

والشارح (٤) الرضي : عدّ أحمق من قبيل أبلد حيث قال : وينبغي أن يقال من الألوان والعيوب الظاهرة فإن الباطنة يبنى منها أفعل التفضيل نحو فلان أبلد من فلان وأحمق (وقياسه) أي : القياس (٥) الواقع في اسم التفضيل اشتقاقها (للفاعل) (٦) لا

__________________

(١) قوله : (ففيه شائبة من حمق هبنقة) قد تكرر من الشارح ابن هبنقة وأظنه سهوا صححه الفاضل الهندي عن غير ابن وقال في القاموس : الهبنق كعملس الأحمق وهبنقة لقب ذي الودعات يزيد بن ثروان فجعله لقبا لا كنية وقال في العين الودعة وتحرك جمعة ودعات حرز بيض يخرج من البحر بيضاء شقها كشق النواة تعلق لدفع العين وذات الودع محركة الأوثان وسفينة نوح عليه‌السلام والكعبة شرفها الله تعالى ؛ لأنه كان تعلق في ستورها وذو الوعادت هبنقة يزيد بن ثروان يضرب بجمعة المثل والصحاح وافقه وزاد أنه أحد بني قيس بن نعامة يضرب به المثل في الحمق عش بجد وكن هبنقة وهذا قد شنع الشارح تشنيعا شنيعا للهندي ولكن كان منه أمرا بديعا ولا يرمني بمثله عن مثله لمثله وقد أخذ كثيرا من فوائد شرحه هذا حواشه وأعجب منه أنه ليس ما نقله من الهندي مرضيا له كيف وقد كتب فيه أشارة إلى القدح فيه كما هو رأيه. (فاضل عصام).

ـ والظرف خبر لقوله : (وأن يكون الثاني) يعني يقتضي أن يكون هذا الاشتقاق لمن يكون فيه الجهل الظاهر والبلادة الظاهرة مشتقين على سبيل الشذوذ لا على سبيل القياس لكونهما عيبا ظاهريا. (تكملة).

(٢) قوله : (ولا يقول) ولم يقل به أحد لما في غاية التحقيق إلا أن الشارح قال ذلك مبالغة في سخافته ذلك بالقول. (حكيم).

(٣) أي : هذا الجواب فاسد ؛ لأنه لم يحكم بذلك عاقل بل يحكم به مثلك أيها المجيب في عدم العقل ولا يقول أيضا بأن الجهل والبلادة نوعان أحدهما أنهما في الباطن فيكون الاشتقاق قياسا والآخر أنهما في الظاهر كالحماقة الظاهرة في هبنقة فيكون اشتقاقه شاذا كمثله. (أيوبي).

(٤) قوله : (والشارح الرضي عدّ أحمق من قبيل أبلد) يعني : لم يحكم بشذوذه على سبيل الانفصال الحقيقي وهو المنافات في التحقيق والانتفاء بمعنى أنهما لا تنتفيان ولا تجتمعان بل يكون أحدهما فقط. (وجيه الدين).

(٥) وإنما فسر الضمير المجرور بقوله : (أي : قياس الواقع) ولم يقل أي قياس اسم التفضيل ونفس كونه اسم التفضيل بل هو قياس وقوع لفظ افعل اسم التفضيل يعني إذا وقع لفظ أفعل اسم تفضيل فقياس وقوعه أن يكون مشتقا للفاعل أي : دالا على زيادة قيام الفعل بفاعله على غيره. (محرم).

(٦) إذ التفضيل لمن له تأثير في الفعل بالزيادة في المفضل والنقصان في المفضل عليه وهو فيه ألفا وللالتباس. (موشح).


للمفعول فإنه لو اشتق (١) لكل منهما قياسا مطردا لكثر الالتباس فاقتصروا على الإشراف.

(وقد جاء للمفعول) على خلاف القياس في مواضع قليلة (نحو اعذر) لمن هوأشد معذروية (وألوم) لمن هو أشد ملومية (و) على هذا القياس (٢) (أشغل وأشهروا عرف (٣) ويستعمل) أي : اسم التفضيل (على أحد ثلاثة (٤) أوجه) (٥) وهي استعمال بالإضافة أو من أو اللام على سبيل الانفصال الحقيقي (٦) فلا بد من واحد منها لأن وضعه لتفضيل الشيء على غيره فلا بد فيه من ذكر الغير الذي هو المفضل عليه وذكره مع من والإضافة ظاهر ، وأما مع اللام فهو في حكم المذكور وظاهرا لأنه يشار باللام إلى معين بتعيين المفضل عليه مذكور قبله لفظا أو حكما كما إذا طلب شخص أفضل من زيد قلت عمرو الأفضل أي : الشخص الذي قلنا : أنه أفضل من زيد فعلى هذا لا يكون اللام في أفعل التفضيل إلا للعهد فيجب أن يستعمل (إما مضافا) (٧) نحو : زيد أفضل

__________________

(١) بخلاف الألفاظ المشتركة فإنها مقصورة على السماع فالالتباس فيها قليل. (سيالكوني).

(٢) وإنما وسط الشارح قوله : (على هذا القياس بين العاطف المعطوف) لأنه ترك تفسير هذه الكلمات الثلاثة وفسر الأولين. (شرح).

(٣) وكذا أحب أي : أكثر محبوبية وأخوف إنما أكثر مخوفية وغير ذلك مما سمع من العرب فإن مجيء اسم التفضيل لتفصيل المفعول سماعي. (رضي).

(٤) إذا لم يكن معدولا نحو : آخر أو اسما نحو : الدنيا أو مخرجا عن معنى التفضيل نحو : آخر بمعنى غير. (سيالكوني).

(٥) فلا يخلو عن أحدها ليدل على المقصود فلا يجتمع اثنان منها إلا نادرا لحصول الغرض بأحدهما وكون الآخر بعد حصول المقصود ضائقا إلا أن يخرج عن هذا الاستعمال كما في آخر وآخر من أخراها الدنيا وآكل فجواز تجردهما من أحد الثلاثة المذكورة لصيرورتهما اسمين والملجأ معنى التفضيل ونحو الحسنى والشعرى مصدران لا تأنيث أحسن وأشعر. (هندي).

(٦) وهذا الكلام قضية شرطية منفصلة بأن يقال : إن اسم التفضيل إما مستعمل بالإضافة وإما مستعمل بمن وإما مستعمل باللام وكانت القضية المنفصلة على ثلاثة أقسام تأمل.

(٧) قوله : (أما مضافا) بدل ن قوله : (على أحد ثلاثة أوجه) وأشار إليه بإعادة يستعمل في قوله : (فيجب أن يستعمل) فإن البدل في حكم تكرار العامل وأورد الفاء الدالة على كونه قريبا على ما تقدم لكونه تفضيلا له إشارة إلى فائدة البدل وهو إفادة العلم التفضيلي بعد العلم الإجمالي وزاد الوجوب ليترتب عليه قوله : (فلا يجوز). (سيالكوني).


الناس (أو بمن) نحو : زيد أفضل من عمرو (أو معرفا باللام) نحو زيد الأفضل (فلا يجوز) الجمع (١) بين الاثنين منها (نحو زيد الأفضل من عمرو) وإلا يكون ذكر اللام أو من لغو (٢) وأما (٣) قوله (٤) :

ولست (٥) بالأكثر منهم

حصى وإنما العزة للكاثر

فقيل من فيه ليست تفضيلية بل للتبعيض (٦) أي : لست من بينهم بالأكثر حصى(٧) ولا يجز خلوه عن الكل أيضا لفوات الغرض (نحو : زيد أفضل إلا أن (٨) يعلم) المفضل عليه مثل الله أكبر ويجوز أن يقال في مثله أن المحذوف (٩) هو المضاف باعتبار أنه مستعمل بالإضافة ، أي : أكبر كل شيء أو أنه من مع مجروره أي أكبر من كل شيء.

__________________

(١) وفاعل لا يجوز نحو : زيد الأفضل فانتزع الشارح من هذا الكلام أن مراده منه بيان عدم جواز الجمع بين الثلاثة وخرج ذلك المنتزع بكلام المصنف وجعل قوله : (الجمع بين الاثنين) منها فاعلا لقوله : (لا يجوز) يعني أن الانفصال بين الثلاثة حقيقي. (عبد الله أيوبي).

(٢) لحصول الغرض وهو تعيين المفضل عليه بأحدهما وليس المقام مقام التأكيد. (حكيم).

(٣) ولما توجه على المصنف نقض بوقوع استعمالهما معا في قول الأعشى أراد الشارح أن يدفع هذا النقض بقوله: (وأما قوله ... إلخ). (تكملة).

(٤) قوله : (وأما قوله ... إلخ) وقيل اللام زائدة والأقرب أن يقال اللام التفضيلية للعهد فلا مانع لاجتماع لام الجنس مع من ومع ذلك قليل هربا عن صورة اجتماع ما لا يجوز اجتماعهما. (عصام الدين).

(٥) الخطاب لعلقمة من بين هؤلاء بأكثر منهم عددا بل أقل منهم وإنما العزة والغلبة للكثير لا للقليل. (وجيه).

ـ البيت للأعشى المراد من الحصى العدد والكاثر الغالب أي : ليست بالأكثر منهم عددا وإنما العزة للغالب وقيل : المراد من الحصّى الذهب وتصب حصى. (جلبي).

(٦) أو هي تفضيلية متعلقة بمحذوف أي : لست بالأكثر منهم والمحذوف يدل فلا يرد. (هندي).

(٧) والحاصل فضل الأعشى عامرا على عامر لكثرة اتباع عامر من اتباع علقمة. (لمحرره).

(٨) مستثنى مفرغ أي : يستعمل مع أحد هذه الثلاثة في جميع الأوقات إلا وقت أن يعلم المفضل عليه فيقدر بناء على القرينة نحو : الله أكبر من كل كبير أو يخرج من معنى التفضيل فيستغنى عنه نحو :آخر. (فاضل هندي).

(٩) أكثر ما يكون الحذف إذا كان أفعل لتفضيل خبرا كقوله تعالى : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)[الكهف: ٣٤] أي : وهو كثير في القرآن. (شرح). ـ


(فإذا أضيف) أي اسم التفضيل (فله معنيان أحدهما (١) وهو الأكثر أن يقصد به الزيادة) أي : (٢) أحدهما زيادة موصوفة المقصودة به (على من أضيف إليه) أي : على ما أضيف اسم التفضيل إليه باعتبار (٣) تحققه في ضمن بعضهم (٤) وإلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه وإنما كان هذا الاستعمال أكثر لأن وضع أفضل لتفضيل الشيء على غيره فالأولى ذكر المفضول (فيشترط) في استعماله بهذا المعنى (أن يكون) موصوفه بعضا (منهم) (٥) داخلا (٦) فيهم بحسب مفهوم اللفظ وإن كان خارجا عنهم بحسب الإرادة لأن

__________________

ـ ولم يعوض عنها التنوين لكون أفعل غير منصرف ويجوز أن يقال هاهنا بالبناء على الضم كما في قبل ؛ لأنه مختص بالغايات وشبهها. (سيالكوني).

(١) قوله : (أحدهما وهو الأكثر أن يقصد به) استشكل حمل القصد على المعنى الذي هو المقصود وأجيب بوجوه أحدها جعل أحدهما محذوف المضاف أي : قصد أحدهما وثانيها جعل أن يقصد محذوف الجار أي : أحدهما حاصل بأن يقصد وثالثها جعله محذوف المضاف أي : ذو أن يقصد والشارح أشار إلى دفعه بقوله : (أي: أحدهما) زيادة موصوفة المقصورة به وكأنه جعل أن يقصد مصدرا مضافا إلى الزيادة بحسب المآل وجعله بمعنى المفعول وجعل الإضافة بيانية ولا يخفى أنه تكلف وتعسف. (فاضل عصام).

(٢) قوله : (أي : أحدهما زيادة موصوفه المقصودة به) إشارة إلى دفع الأشكال أورد في الحواشي الهندية وهو أن معنى اسم التفضيل ليس القصد به فلا يكون محمولا على المعنى ووجه الدفع هو أن المحمول في الحقيقة هو الزيادة إلا أنه أدخل القصد بينهما تنبيها على أن الزيادة مقصورة باسم التفضيل ومثله كثير في عبارة المفتاح وأجيب عن الإشكال في الحواشي التفضيل الهندية بأنه على حذف المضاف أي : زيادة تقصد. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (باعتبار تحققه في ضمن بعضهم) أي : باعتبار تحقق من أضيف إليه في ضمن بعضهم لا في ضمن جميعهم وهو ما عدا المفضل مثلا بقصد في مثل زيد أفضل الناس الزيادة على الناس باعتبار تحققه في ضمن بعضه وهو ما عدا زيد فلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه وهو داخل في مفهوم الناس خارج عما هو المراد وهو ما عدا زيد. (وجيه).

(٤) والشارح اضطرب في إفادة معنى المراد وهو أن معنى اسم التفضيل وجد في الطرفين لكن في المفضل زائد على المعنى وجد وتحقق في المفضل عليه. (محمد).

ـ الأولى في ضمن ما عدا المفضل عليه لئلا يتوهم أن يصح قيد التفضيل باعتبار أي : بعض كان لكنه أشار إلى أنه يجب أن يكون بعضا منهم.

(٥) أي : بعضا من الذين تناولوا موصوفه واقعا أو أفرادا وأن لم يتناولوا في الإرادة وقت الإضافة والتركيب فلا يرد ما أورده في الشرح من أنه يلزم تفضيل الشيء على نفسه. (هندي).

(٦) ولما كان الشيء بعضا من شيء أعم من أن يكون داخلا فيه بحسب المفهوم أو بحسب ـ


المقصود في استعماله بهذا المعنى تفضيل موصوفة على مشاركيه في هذا المفهوم العام (مثل زيد أفضل الناس) أي : أفضل من مشاركيه في هذا النوع (فلا يجوز) (١) بهذا المعنى قولك:(٢) (يوسف أحسن (٣) أخوته (٤) لخروجهم عنهم أي عن الأخوة بإضافتهم (٥) إليه والثاني أن يقصد به (٦) زيادة مطلقة) أي : ثاني (٧) معنييه زيادة مقصودة مطلقة غير مقيدة (٨) بأن تكون على المضاف إليه وحده (٩) (ويضاف) (١٠) اسم التفضيل

__________________

ـ الإرادة أراد أن يميز بينهما بأن المراد يكون المفضل الموصوف بعضا من المفضل أن يكون داخلا فيهم. (أيوبي).

(١) أي : فلأجل أنه يشترط أن يكون داخلا في المضاف إليهم لم يجز أن يوسف أحسن إخوته لاستلزام اجتماع النقيضين ؛ لأنه بتقدير إضافة الأخوة إلى الضمير العائد إلى يوسف لزم أن يكون خارجا عنهم وبتقدير أنه غير شرط فيه أنه من جملة المضافة إليهم يكون داخلا فيهم خارجا عنهم وهو اجتماع النقيضين. (سيد الشريف).

(٢) وبهذا أشار الشارح إلى أن المثال مصنوع لا من كلام البلغاء الذي يستشهد به. (لمحرره).

(٣) ولو قيل : يوسف أحسن الأخوة أي : أحسن أبناء يعقوب عليه‌السلام لكان من ذلك ؛ لأن يوسف بعض الأخوة وبعض أبناء يعقوب عليه‌السلام وإن لم يكن بعض أخويه. (هندي).

(٤) لأنه لما أضيف الأخوة إلى ضمير يوسف لزم أن يكون خارجا عنهم لامتناع إضافته إلى نفسه.

(٥) لأن الإضافة يقتضي المغايرة ؛ لأن المضاف والمضاف إليه متغايران ولذا حكم بخروجه عنهم تأمل.

(٦) أي : المعنى الثاني حاصل بأن يقصد تفضيله على كل من سواه مطلقا لا على المضاف إليه وحده أو قصد الثاني قصدك كذا والثاني قصدك كذا وهذا تصحيح الجمل بين المبتدأ والخبر كما مر في قوله : (أحدهما أن يقصد به). (هندي مع غيره).

(٧) وهذا تصحيح الجمل بين المبتدأ والخبر كما مر في قوله : (أحدهما أن يقصد به) تأمل تنل ولا تنم في الميل. (لمحرره).

(٨) قوله : (غير مقيدة) فمعنى الإطلاق العموم لا رفع القيد حتى يكون معناه الزيادة في الجملة أي : مع قطع النظر عن المضاف إليه ؛ إذ الزيادة على الغير مأخوذة في مفهومه فلا بد من اعتبار الغير بخصوصه أو بعمومه. (حاشية).

(٩) ولا يشترط أن يكون من جملة المضاف إليه بل يجوز كلا الأمرين نحو : محمد عليه‌السلام أفضل قريش أي : أفضل الناس من بين قريش ولم يقصد.

(١٠) بالنصب عطف على يقصد أي : المعنى الثاني حاصل بأن تقصد كذا ويضاف للتوضيح بالرفع على الابتداء وحينئذ يضاف للتوضيح كإضافة ما لا تفضيل فيه وعدل عن لفظ التخصيص الذي ذكر صاحب المفصل ؛ لأن ذكر لفظ التخصيص المخصوص بالإضافة إلى النكرات يوهم ـ


إلى ما أضيف (١) إليه (للتوضيح) أي : لتوضيح اسم التفضيل وتخصيصه (٢) كما يضاف سائر الصفات نحو مصارع مصر وحسن القوم مما لا تفضيل فيه فلا يشترط كونه بعض المضاف إليه.

(فيجوز) بهذا المعنى أن تضيفه إلى جماعة هو داخل فيهم نحو : قولك نبينا عليه‌السلام أفضل قريش أي أفضل الناس من بين قريش وأن تضيفه إلى جماعة من جنسه ليس داخلا فيهم كقولك (يوسف أحسن (٣) أخوته) فإن يوسف لا يدخل في جملة أخوة يوسف وأن تضيفه إلى غير جماعة نحو فلان أعلم بغدادي أي اعلم مما سواه وهو مختص ببغداد لأنها منشؤه أو مسكنه.

(ويجوز في) النوع (٤) (الأول) (٥) من نوعي اسم التفضيل المضاف وهو الذي يقصد به الزيادة على من أضيف إليه (الأفراد) (٦) أي : أفراد اسم التفضيل وإن كان موصوفه مثنى أو مجموعا وكذا التذكير وإن كان موصوفه مؤنثا نحو زيد أو الزيدان أو

__________________

ـ التزام إضافته إلى النكرة وليس كذلك بدليل يوسف أحسن أخوته والناقص والأتم أعدلا بني مروان. (هندي).

(١) إنما فسر بقوله : (ما أضيف إليه) لكون الإضافة في ضمن يضاف يقتضي المضاف والمضاف إليه لكونهما من أسماء النسبة وأشار إلى إهمال المصنف لمعلوميتهما إذا استعمل في المعنى الثاني يضاف إلى ما بعده. (لمحرره).

(٢) قوله : (وتخصيصه) عطف تفسير للتوضيح يعني ليس المراد بالتوضيح ما هو المصطلح أعني ما يختص بالمعرفة كما في قولهم : (الصفة قد تكون موضحة وقد تكون مخصصة) بل معناه اللغوي أعني رفع الإبهام. (سيالكوني).

(٣) لأنه يلزم منه أن يكون داخلا وخارجا كما في المعنى الأول.

(٤) فإن لفظ الأول في كلام المصنف يحتمل أن يراد به القسم الأول من الأقسام الثلاثة المستعمل بها وأن يراد به النوع الأول قدر الشارح موصوف الأول بالنوع إجمالا. (أيوبي).

(٥) وحل الأول على المعنى الأول منظور فيه حيث يأباه قوله : (وأما الثاني والمعرف باللام).

(٦) وإنما جاز الإفراد في ذلك مع أن موصوفه ليس بمفرد ؛ لأن اسم التفضيل هاهنا بعض يضاف إليه فأشبه لفظ البعض وهو لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث تقول هذا بعض الناس والزيدون بعض الناس. (غجدواني).

ـ مع التذكير مع اختلاف صاحبه في الإفراد والتذكير. (خبيصي).


الزيدون أو هند أو الهندان أو الهندات أفضل الناس وهذا لأنه يشابه أفعل من الذي ليس فيه إلا الأفراد والتذكير في كون المفضل عليه مذكورا معه (١) (والمطابقة) أي مطابقة اسم التفضيل إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا أو تأنيثا (لمن هو) أي : اسم التفضيل صفة (له) (٢) نحو : الزيدان أفضلا الناس والزيدون أفضلوهم وهند فضلى النساء والهندان فضلياهن والهندات فضلياتهن لمشابته ما فيه الألف واللام في كونه معرفة (٣).

(وأما) النوع (الثاني) من نوعي اسم التفضيل المضاف وهو الذي يقصد به زيادةمطلقة (و) القسم (٤) (المعرف باللام) منه (٥) (فلا بدّ) (٦) فيهما (من المطابقة)(٧) أي : مطابقة اسم التفضيل لموصوفه إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا للزوم مطابقة الصفة لموصوفها مع عدم قيام المانع وهو امتزاجه ممن التفضيلية لفظا أو معنى لعدم ذكر المفضل عليه بعدهما.

(و) اسم التفضيل (الذي) استعمل (بمن مفرد مذكر لا غير) (٨) أي : لا غير المفرد

__________________

(١) أي : مع كل واحد منهم بخلاف ما يستعمل باللام ، أعني قولنا زيد الأفضل فإن المفضل عليه ليس مذكورا فيه صراحة.

(٢) عائد إلى من ويجوز التذكير مع تأنيث الموصوف كذا ذكر في المفصل ولم يذكر التذكير اكتفاء بقوله : فيما يقابله بعد والذي ممن فمفرد مذكر لا غير وقوله : (من المطابقة) خبر لا وفي جعلها متعلقا.

(٣) يعني : أن المستعمل بالإضافة مشابه بوجه لما يستعمل بمن وبوجه آخر مشابه لما يستعمل باللام فيجوز الاعتبار في كل من الشبهين فمن حيث كونه مشابها للأول حكمه الذي هو الإفراد ومن حيث مشابها للثاني يأخذ حكمه الذي هو المطابقة. (شرح الشرح).

(٤) وإنما قدر الموصوف في الأول بالنوع وفي الثاني بالقسم ليحصل الفرق بينهما ؛ لأن الأول من أقسام المستعمل بالمضاف والثاني من أقسام مطلق التفضيل. (شرح).

(٥) قوله : (منه) أشار الشارح إلى أن حكم اسم التفضيل الذي يقصد به زيادة مطلقة وحكم المعرف باللام الذي يقصد به زيادة مطلقة واحد. (حاشية).

(٦) الفاء جزائية وهو خبر المبتدأ بين والضمير محذوف أي : لا بد لهما. (هندي).

(٧) لعدم المشابهة لما أتي بافعل من تقول زيد الأفضل والزيدان الأفضلان والزيدون الأفضلون أو الأفاضل وهند الفضلى والفضليان والهندات الفضليات. (خبيصي).

(٨) لمشابهة اسم التفضيل افعل التعجب في الوزن وفي أنه لم يبن إلا ما يبنى منه التعجب فلا يتغير الذي يبن كالوزن في مثل التعجب. (موشح).


المذكر لكراهتهم لحوق أداة التثنية والجمع والتأنيث المختصة بالآخر بما هو في حكم الوسط باعتبار امتزاجه بمن التفضيلية لكونه الفارقة بينه وبين باب أحمر فكأنها تمام الكلمة (١) (ولا يعمل) اسم التفضيل (في) اسم (مظهر) (٢) الرفع بالفاعلية (٣) بقرينة الاستثناء (٤) وإنما خصّ (٥) المظهر لأنه يعمل في المضمر بلا شرط لأن العمل في المضمر ضعيف لا يظهر أثره في اللفظ أثره في اللفظ فلا يحتاج إلى قوة العامل وإنما خص بالفاعل لأنه لا ينصب (٦) المفعول به سواء كان مظهرا أو مضمرا (٧) بل أن وجد

__________________

(١) قوله : (تمام الكلمة) أي : متممها ولذا يفصل بينهما إلا لعموم أفعل وذلك أيضا قليل وقد يفصل بينهما بلو وفعلها نحو : هي أحسن لو أنصفت من الشمس. (عبد الحكيم).

(٢) لبعد مشابهته عن اسم الفاعل من حيث كان في أصله لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ولأنه ليس لاسم التفضيل فعل بمعناه في الزيادة ليحمل عليه. (خبيصي).

ـ قد تقدم في أول بحث المبتدأ والخبر أعماله في الظاهر في قول الشارح فخير نحن عند الناس.

(٣) قوله : (الرفع بالفاعلية) يعني أن الحكم بنفي عمله في المظهر مطلقا لا يصح ؛ لأنه يعمل في الظرف والحال والتمييز والمفعول به بواسطة حرف الجر نحو : زيدا ضرب لعمر وفلا بد من التقييد ليصلح قرينة على التقييد بالفاعل والمفعول به بلا واسطة فقيدنا بالفاعل فاندفع ما قيل : أنه عصام يصلح حمله على الإطلاق والاستثناء من مطلق العمل يكون متحققا في ضمن الرفع بالفاعلية والمعنى لا يعمل في المظهر مطلقا إلا في صورة الاستثناء فإنه يعمل فيها الرفع. (سيالكوني).

(٤) يعني : أن الاستثناء بقوله : (إلا) إذا كان قرينة دالة على أن المراد بالنفي هاهنا نفي رفعه بالفاعلية. (أيوبي).

(٥) قوله : (إنما خص المظهر) في المغنى في باب الظرف ومن المشكل قوله : (فخير نحن عند الناس منكم) لأن قوله : (نحن) أن قدر فاعلا لزم أعمال الوصف غير معتمد ولم يثبت وعمل أفعل في الظاهر في غير مسألة الكحل وهو ضعيف وأن قدر مبتدأ لزم الفصل به وهو أجنبي من أفعل ومن وخرجه أبو علي وتبعه ابن حروف على أن الوصف ضمير لنحن محذوفة وقدر نحن المذكور تأكيدا للضمير في افعل فعلم من كلامه أن المراد من المظهر هاهنا ما يعمم الضمير البارز. (عبد الحكيم).

(٦) وإنما قال لا ينصب المفعول به ولم يقل في المفعول به ؛ لأنه يعمل فيه بحرف الجر التقوى فيقال : ما أضرب منك لزيد وأنا أعرف منك لزيد. (عصام الدين).

(٧) ونظيره قوله : رافعة للظاهر في تعريف المبتدأ فإنه يراد به رفع بالظاهر الملفوظ ظاهرا كان أو مضمرا بارزا فلا حاجة إلى التخصيص بالفاعل ؛ لأنه يصح الحكم بأنه لا يعمل في الملفوظ الرفع بالفاعلية. (عصام).


بعده ما يوهم ذلك فافعل دال على الفعل الناصب له كقوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ)(١) أي : أعلم من كل أحد يعمل من يضل وأما الظرف والحال والتمييز فيعمل فيها أيضا بلا شرط لأن الظرف والحال يكفيهما رائحة من الفعل نحو زيد أحسن منك اليوم راكبا والتمييز ينصبه ما يخلو عن معنى الفعل أيضا نحو رطل زيتا وإنما لم يعمل (٢) الرفع بالفاعلية لأن هذا العمل بالأصالة إنما هو عمل الفعل وهو لم يعمل عمل الفعل لأنه ليس له فعل بمعناه في الزيادة ليعمل (٣) عمله ولأنه (٤) لما كان فيما هو الأصل فيه وهو استعماله بمن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث بعد مشابهته عن اسم الفاعل فلا يعمل لمشابهته أيضا (إلا إذا كان) اسم التفضيل (صفة) (٥) أي : وصفا سببيا (٦) هو

__________________

(١) فإن من يضل يوهم كونه مفعولا به لا علم لكنه ليس كذلك ؛ لأن المعنى أي : أعلم من كل أحد. (تكملة).

(٢) قوله : (وإنما لم يعمل الرفع ... إلخ) ما ذكره من الدليل لا يختص بنفي عمل الرفع بالفاعلية إلى آخره بل يجري في نفي عمل النصب بكونه مفعولا به فلا وجه لتخصيص الدعوى وقوله ولأنه لما كان إلى آخره الأولى ترك إعادة اللام ؛ لأنه مع السابق وجه واحد لنفي العمل الرفع وليس وجها مستقلا كما يفيده إعادة اللام. (عصام).

ـ قوله : (وإنما لم يعمل ... إلخ) لا بمشابهة الفعل كاسم الفاعل ولا بمشابهة لاسم الفاعل كالصفة المشبهة فقوله ؛ لأن هذا العمل إلخ دليل على الجزء الأول من المدعى قوله : ولأنه إلا كان إلخ دليل على جزء الثاني فلذا أعاد اللام وعطف أحد الدليلين على الآخر ثم إنه يكون في الاستدلال الأول بقوله ؛ لأنه ليس له فعل بمعناه. (سيالكوني).

(٣) اللام للإنكار وحاصله ليس له فعل كذلك حتى يعمل اسم التفضيل بمشابهة ذلك الدال على الزيادة. (حاشية).

(٤) ولما بطل احتمال كونه عاملا بمشابهته للفعل بطل كذلك مشابهته لاسم الفاعل وأورد الشارح علة الثاني بقوله: (ولأنه لما كان ... إلخ). (لمحرره).

(٥) هذه شروط رفع أفعل لفاعله الظاهر قياسا مستمرا بلا ضعف يعني لا يشترط أصل عمله حتى لا يعمل بدون هذه الشروط ؛ لأن يونس حكى عن يونس من العرب رفعه بالفاعل بلا اعتبار تلك الشروط نحو : مررت برجل خير منه عمه. (شيخ الرضي).

(٦) قوله : (أي : وصفا سببيا) بيان لحاصل قوله : صفة وهو في المعنى سبب وإشارة إلى أن المجموع شروط واحد فشرط العمل ثلاثة كما مر جوابه ولم يقل صفة سببية إذ الاصطلاح الوصف السبببي كما في المفتاح والتلخيص لا الصفة السببية وغير السببية. (عبد الحكيم).


في اللفظ (لشيء) معتمدا (١) عليه بأن يقع نعتا له أو خبرا عنه أو حالا.

(وهو في المعنى) صفة (لمسبب) (٢) مشترك بين ذلك الشيء وبين غيره (مفضل) ذلك المسبب (باعتبار (٣) الأول) أي : اعتبار تقييده بذلك الشيء الذي اعتبر أولا (على نفسه) أي : نفس ذلك المسبب (باعتبار غيره) أي : باعتبار تقييده بغيره أي غير ذلك الأول فيكون باعتبار الأول مفضلا وباعتبار الثاني مفضلا عليه (منفيا) خبر بعد خبر لكان أو حال عن اسمه أو صفة لمحذوف أي : تفضيا منفيا (مثل ما رأيت رجلا أحسن (٤) في عينه الكحل منه في عين زيد) (٥) فرجلا هو الشيء الذي ثبت له اسم

__________________

(١) تفسير لكونه صفة لشيء أي : معنى كونه معتمدا على ذلك الشيء في اللفظ. (شرح).

(٢) قوله : (لمسبب) قال الرضي : الأشهر في اصطلاحهم تسمية المتعلق سببا لا سببا وقال الهندي : أتى بغير المشهور للتنبيه على صحته وتحققه ونحن نقول : المسبب ما جعل سببا ولهذا يقال : للواجب مسبب الأسباب أي: فاعل الأسباب أسبابا فالأسباب حينئذ في مسببات وإنما عدل عن السبب إلى المسبب للتنبيه غير أنه يلتزم أن يكون في المعنى السبب الواقع بل يكفي أن يكون لما جعل المتكلم سببا صحيحا كان أو سقيما كذا في العصام ويقول الفقير حاصل التوجيه ذكروه في نكتة العدل عن التعبير بالمتعلق أو بالسبب أن إطلاق المسبب على المتعلق وعلى السبب إطلاق مجازي وفائدته الإشارة إلى كون المسبب جعليا بمعنى أنه مجعول السبب. (لمحرره).

ـ السبب في المثال الكحل والسبب الرجل.

(٣) يقال أي : بالنظر يقال اعتبرت الشيء إلى نظر إليه ورغبت في حاله.

(٤) وسبب حسنه في عين زيد هنا ؛ لأن الكحل ليس له حسن في نفسه وإنما يظهر حسنه في محل وهو في عين الرجل مفضل وفي عين زيد مفضل عليه والمراد جميع الرجال لوقوعه في موضع النفي فيعم فلانتفاء حسنه في عين جميع الرجال. (شرح).

(٥) وحاصل معناه ما رأيت رجلا حسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد بل حسن الكحل في عين زيد فوق حسنه في عين غيره على ما هو المفهوم عرفا.

ـ وفيه خمسة شروط :

ـ الأول : أن يكون اسم التفضيل صفة لشيء من حيث اللفظ.

ـ والثاني : أن يكون صفة لمتعلق ذلك الشيء من حيث المعنى والحقيقة.

ـ والثالث : أن يكون المتعلق مفضلا باعتبار الشيء الأول وهو الرجل في مثالنا.

ـ والرابع أن يكون مفضلا عليه على نفسه باعتبار غيره.

ـ والخامس : أن يكون منفيا. (منافع).


التفضيل في اللفظ والكحل مسبب مشترك بين عين الرجل وبين عين زيد (١) مفضل باعتبار عين الرجل مفضل عليه باعتبار عين زيد إنما اشترط أن يكون في اللفظ ثابتا لشيء وفي المعنى لمسببه ليحصل له صاحب يعتمد عليه ويحصل له مظهر تعلق بذلك الصاحب حتى يتيسر عمله فيه كالصفة المشبهة (٢) لانحطاط رتبتهما عن رتبة اسم الفاعل فإنه يعمل في مظهر بعده سواء كان من متعلقات الموصوف أو لم يكن مثل زيد ضارب عمر أو إنما اشترطان يكون ذلك المسبب مشتركا مفضلا من وجه ومفضلا عليه من وجه بعد اتحادهما بالذات ليخرج عنه ، مثل قولك : ما رأيت رجلا أحسن كحل عينه من كحل عين زيد فإنهما مختلفان بالذات بخلاف الكحل الملحوظ مطلقا المقيد تارة بهذا وتارة بذلك فإنه واحد بالذات ومختلف بالاعتبار ، ولئلا (٣) يبقى على ما هو الأصل في اسم التفضيل وهو التغاير بحسب الذات بين المفضل والمفضل عليه ليسهل إخراجه عن المعنى (٤) التفضيلي بالنفي كما سيتضح فائدته وإنما اشترط (٥) أن يكون اسم التفضيل منفيا إذ عند كونه منفيا يكون بمعنى الفعل ويعمل عمله وإنما قلنا (٦) أنه عند كونه منفيا يكون بمعنى الفعل.

__________________

(١) وفي العبارة تسامح ؛ لأن الموصوف بالمفصل ومنفصل عليه ليسا عينا رجل وزيد بل الموصوف بهما هو الكحل الذي في عينهما ولعل العدول عن الحقيقة إشارة إلى عمله تغاير العينين بالاعتبار.

(٢) قوله : (كالصفة المشبهة) إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن اشتراط الاعتماد كان في عمله كما كان كافيا في اسم الفاعل حيث لم يشترط فيه كون المتعلق متعلق للموصوف وأشار إلى دفعه بأن اسم التفضيل كالصفة المشبهة في عدم الكفاية المذكورة. (أيوبي).

(٣) قوله : (لئلا يبقى) دليل لقصد الإخراج ، يعني إنما قصد إخراج هذا المثال منه حيث فيه باتحادهما بالذات. (أيوبي).

(٤) قوله : (من معنى التفضلي بالنفي لعدم) قوة المعنى التفضيلي لكونه ثابتا من وجه دون وجه لعدم تحققه باعتبار إتحاد الذات وإن كان متحققا باعتبار الاختلاف بالاعتبار. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (وإنما اشترط أن يكون اسم التفضلي منفيا) يظهر من ذلك أن كونه بمعنى الفعل يثبت بقيد كونه منصبا لا بجميع الشروط كما هو مقتضى ظاهر عبارة المتن وأن الشرط الأول لتحقق الاعتماد والشرط الثاني ليحصل له مظهر تعلق بذلك الصاحب حتى يعمل في المظهر ولقد أحسن الشارح في بيان القيود والشروط. (وجيه الدين).

(٦) جعل الشارح هذا الدليل تمهيد الكلام المصنف فقال : (إنما قلنا).


(لأنه) أي : أحسن في هذا المثال (بمعنى (١) حسن) وكذا كل فعل (٢) في المواد الأخر (٣) بمعنى فعل وهذه العبارة تحتمل معنيين أحدهما أن يكون أحسن (٤) مثلا بعد النفي بمعنى حسن لأنه إذا استولى النفي على اسم التفضيل توجه (٥) النفي إلى قبله الذي هو الزيادة فيفيد أنه ليس حسن كحل عين رجل زائدا على حسن كحل عين زيد فيبقى (٦) أصل حسن (٧) كحل عين رجل مقيسا على حسن كحل عين زيد إما بأن يساويه أو بأن يكون دونه والمساواة يأباها (٨) مقام المدح (٩) فيرجع المعنى إلى أن حسن في عين كل أحد الكحل دون حسنه في عين زيد فيكون حسن مع النفي بمعنى حسن وثانيهما أن يجعل أحسن قبل تسلط النفي عليه مجردا عن الزيادة (١٠) عرفا لأن نفي الزيادة لا يلائم

__________________

(١) فلما شرطوا وقوعه في سياق النفي انعكس اعتبار المفضل والمفضل عليه فصار المعنى ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من عين زيد وأشار إليه ؛ لأنه بمعنى حسن. (حواشي خبيصي).

(٢) قوله : أي : كل أفعل أي : كل ما هو على وزن أفعل.

(٣) سواء كان من الحسن أو غيره من المواد نحو : أكرم وأعلم إذا سلط عليه النفي. (أيوبي).

(٤) أشار إلى أن هذين الاحتمالين غير منحصر في لفظ أحسن بل شامل لكل وزن أفعل.

(٥) قوله : (توجه النفي إلى قيده) لما ذكره الشيخ عبد القاهر الجرجاني من أن كل كلام فيه قيد زائد على النفي والإثبات يكون هذا القيد محطا لفائدة. (سيالكوني).

(٦) وإذا توجه النفي إلى الزيادة لأعلى أصل الفعل فقط لا على مجموع القيد والمقيد فيبقى. (شرح).

(٧) فقال السيالكوني : فقول الشارح : (فيبقى) إلى فيكون أحسن زائد لا احتياج إليه في إثبات كون أحسن بمعنى حسن قالت لعل مراده التفصيل. (لمحرره).

(٨) قوله : (والمساواة تأباها) والمراد مقام المدح أو الذم ولا يخفى أن اسم لتفضيل موضوع لموصوف بالزيادة والوصف بالزيادة لا يخلو عن مدح أو ذم فعمل اسم التفضيل يختص بمقام مدح أو ذم فلا يتجه ما قيل أن عمل اسم التفضيل لا يختص بمقام المدح فربما يكون النفي نفيا للزيادة مع بقاء إفادة أصل الفعل على وجه مساوات وعلى وجه يكون دون حسن المفصل في معنى. (وجيه).

(٩) وإلغاء جواب شرط المحذوف أي : إذا لم يكن إرادة المساوات مناسبا رجع معنى التركيب. (تكملة).

(١٠) قوله : (مجردا عن الزيادة عرفا) فإن قيل : لا يتأتى ذلك مع وجود من التفضيلية إذ لا يبقى وجه لذكرها وقد يقال إنهم يجدون اللفظ الصريح عن بعض معاني الأصلية لأجل فلا يأباه عن التفضيلية التجريد ؛ لأن الزيادة لا يلائم المدح أن لا يلزم منه نفي المساواة حتى يتحقق ـ


المدح فبقي أصل الحسن وتوجه النفي إلى حسن رجل مقيسا إلى حسن زيد إما بالمساواة أو بكونه دونه والقياس بكونه دونه لا يناسب المقام فرجع المعنى إلى ما رأيت رجلا حسن في عينه الكحل حسنه في عين زيد فانتفى المساواة والزيادة بالطريق الأولى (١) لما اقتضاه المقام ولا يبعد أن يقصد بنفي المساواة نفي الزيادة أيضا (٢) لأن في الزائد على شيء ما يساويه مع زيادة فيصح أن يقصد به عرفا نفي المساواة مطلقا (٣) ولو في ضمن الزائد فانتقى الزائد أيضا فيحصل من جميع ذلك أن حسن كحل عين رجل دون حسن كحل عين زيد (٤) وذلك كمال المدح (٥).

فإن قلت : (٦) لو كان زوال الزيادة التفضيلية

__________________

ـ كونه دون مجردا عن الزيادة فبقي أصل الحسن وتوجه النفي إلى حسن رجل بالنسبة إلى حسن زيد مقيسا إليه إما بمساواة حسن زيد أو يكون دونه والقياس بكونه دونه لا يناسب لمقام مدح زيد ؛ لأن المقصود إثبات كونه دونه لا نفي كونه دونه فينفي المساواة إلا أنه ينفي الزيادة فينفي بالطريق الأولى لاقتضاء المقام ذلك أو يقصد نفي الزيادة في الزيادة في ضمن المساواة ؛ لأن الزيادة لا تكون بدون المساواة ؛ لأن الزيادة على الشيء ما يساويه مع زيادة فيصح أن يقصد به عرفا نفي المساواة مطلقا سواء كانت في ضمن الزيادة أولا يقال قد نفى الزيادة أي : قبل التجريد فما معنى النفي في ضمن المساواة لأنا نقول بعد التجريد مسار التركيب مبتدأ لنفي المساواة واحتمل ثبوت الزيادة فنفي الزيادة بوجهين بالطريق الأولى في ضمن المساواة. (وجيه الدين).

(١) معنى أن حمل نفي المساواة على نفي الزيادة لأمر اقتضاه. (محرم).

(٢) أي : كما قصد به نفي المساواة بلا احتياج إلى ضم المقام إليه لأن نفي المساواة مستلزم لنفي الزيادة.

(٣) سواء بالزيادة كمساواة الثمانية مع زيادة العددين أو بالتساوي كمساواة العشر للعشر من غير زيادة العدد. (بعض الحواشي).

(٤) لما انتفى الشقان من المساواة والزيادة تعين قصد الشق الثالث الذي هو النقصان. (تكملة).

(٥) فوجه الكمال أن فيه مبالغة من جهة أن حسن عين زيد لا يقاس بحسن أحد غيره ولو فرض وجود حسن مساو له في أحد لا يكون ذلك المساوي وأيضا مشابها له في كيفيته وإن كان مساويا في كميته. (عبد الله أيوبي).

(٦) وهذا السؤال وارد على قوله : (منفيا بطريق النقض الحقيقي) يعني أن قولك : إلا إذا كان صفة لشيء ... جار بعينه على قولنا ما رأيت رجلا ... إلخ ؛ لأن لفظ أفضل وقع صفة لن يحمل كونه منعها وكل ما يصدق عليه ذلك يجوز عمل اسم التفضيل فيه مع أن حكم المدعى متخلف وهو الجواز.


بالنفي (١) يقتضي جواز عمل اسم التفضيل في المظهر ينبغي أن يكون عمله في مثل ما رأيت رجلا أفضل أبوه من زيد جائزا كما جاز في المثال المذكور قلنا فرق بين المثالين فإن المفضل والمفضل عليه في المثال المذكور متحدان بالذات.

والأصل (٢) في اسم التفضيل أن يكون المفضل والمفضل عليه فيه مختلفين بالذات (٣) ففي صورة الاتحاد ضعف المعنى التفضيلي فإذا زال (٤) بالنفي زال بالكلية ولم يبق له قوة أن يعود بعد الزوال بخلاف ما رأيت رجلا أفضل أبوه من زيد فإن المفضل والمفضل عليه فيه مختلفان بالذات فلا ضعف في معناه التفضيلي فله قوة أن يعود حكمه بعد الزوال وهو عدم جواز عمله في المظهر (مع (٥) أنهم (٦) لو رفعوا) أحسن بالخبرية والكحل بالابتداء (٧) (لفصلوا بين أحسن ومعموله أي ما عمل فيه أحسن من حيث أنه اسم تفضيل فيه معنى الفعلية (٨) وذلك المعمول قوله منه في عين زيد (بأجنبي

__________________

(١) أي بسبب النفي فهذا الاعتراض مختص بالمعنى الأول ؛ لأن الفرق على التجريد عن الزيادة إنما جرى فيما يكون التغاير بين المفضل والمفضل عليه فيما يكونان متغايرين بالذات فلا يجوز أن يكون الباء بمعنى مع كما وهم فإن قوله : في الجواب فإذا زال فيه معنى الزيادة ينادى على فساده. (حكيم).

(٢) يعني : أن المثال المذكور وقع على خلاف الأصل والأصل إلخ.

(٣) كما وقع في مادة النقض فإن المفضل فيه هو أبوه والمفضل عليه هو زيد وهما مختلفان بالذات. (أيوبي).

(٤) يعني : إذا أضيف المعنى التفضيلي باستعماله على خلاف وقال أيضا. ذلك المعنى الضعيف مرة أخرى بالنفي. (محرم).

(٥) علة ثانية تعمل أحسن كأنه قيل لم لم يرفع أحسن بالخبرية والكحل بالابتداء فحينئذ لا يعمل أحسن في المظهر فأجاب المصنف بقوله مع أنهم ... إلخ. (حاشية).

(٦) اعلم أن النحاة لما جوزا عمل اسم التفضيل في المظهر إذا وقع على الصورة المذكورة اثبتوا جواز ذلك بكونه بمعنى حسن ولما كان اقتضاء الجواز وجه آخر وهو عدم العمل أراد أن يشير إلى وجه ترجيح العمل على غيره بحيث يقتضي وجها قريبا للوجوب. (شرح).

(٧) ولا وجه يمكن سواء أولا رافع لفظا وامتنع نكارة المبتدأ لا سيما إذا كان الخبر معرفة ولم يبق عند رفع أحسن إلا بكون الكحل مبتدأ وأحسن خبرا. (هندي).

(٨) وإنما قيده بهذه الحيثية ليتحقق أجنبية الكحل في وقت كونه مبتدأ بالنسبة إلى خبره الذي هو أحسن. (تكملة).


وهو الكحل) (١) إذ كل ما ليس معمولا له من هذه الحيثية (٢) فهو أجنبي (٣) له من هذه الحيثية لا تجوز تحلله بينه وبين معمولاته من هذه الحيثية ولا يخرجه (٤) عن هذه الأجنبية ما عرض له من معنى الابتداء العامل في المبتدأ والخبر إذ العامل في الحقيقة حينئذ معنى الابتداء لا اسم التفضيل بخلاف (٥) ما إذا عمل في الكحل بالفاعلية فإنه لم يبق أجنبيا حينئذ فإنه من معمولاته من حيث أنه اسم التفضيل ولو قدم (٦) قوله منه في

__________________

(١) إذا المبتدأ أجنبي من الخبر لكونه غير داخل في خبره وغيره معموله فإنه كما امتنع الفصل امتنع عمل التفضيل فليجوز لفصل بالضرورة كما يجوز العمل قيل من ابتلى ببليتين يختار أهونهما وعمله أهون من الفصل ؛ لأن امتناعه باعتبار كونه اسم التفضيل وامتناع الفصل باعتبار كونه عاملا وهذا الوجه أعم فالامتناع أقوى. (هندي).

(٢) قوله : (في هذه الحيثية) أي : من حيث إنه اسم تفضيل فيه معنى الفعلية سواء كان معمولا له باعتبار الزيادة أو باعتبار معنى الفعل. (عبد الحكيم).

(٣) بخلاف ما لو عمل فيكون فاعلا والفاعل غير أجنبي. (خبيصي).

(٤) اعلم أن النحاة اختلفوا في أن العامل في المبتدأ هو الخبر بأن يكون عامله عاملا لفظيا أو هو معنى الابتداء فعلى الأول يحتاج إلى قيد الحيثية في إثبات أجنبية الكحل ولذا قيده الشارح بالحيثية ناظرا إلى المذهب الأول وقوله: ولا يخرجه ما عرض له ... إلخ ناظر إلى المذهب الأول وقوله : ولا يخرجه ما عرض له ... إلخ ناظر إلى المذهب الثاني وهو مذهب المنصور يعني : أن كان العامل في الكحل حال كونه مبتدأ هو معنى الابتداء فلا يخرج الكحل. (أيوبي).

(٥) ولما كان لزوم الفصل مبنيا على كون الكحل أجنبيا اقتضى جواز الفصل به على تقدير وقوعه غير أجنبي وأشار إليه بقوله : (بخلاف ما) محرم.

ـ قوله : (بخلاف ما) أي : أن الأجنبية للمذكورة إنما حصلت إذا لم تكن أحسن عاملا في الكحل أو كان عاملا لكن لا من حيث كونه اسم تفضيل وأما إذا عمل إلخ. (شرح).

(٦) قوله : (لو قدم) جواب عن سؤال مقدر وتقرير السؤال أنه لا يلزم الفصل لجواز تقدم المعمول الذي هو منه بالكحل وفي الجواب نظر ؛ لأنه حينئذ يرجع الضمير إلى غير مذكور. (حواشي خبيصي).

ـ إشارة إلى شبهة نقلت عن المصنف من أنه فليقدم منه على الكحل حتى لا يلزم الفصل بين العامل والمعمول ولم يلتفت إلى جواب نقل عن المصنف وهو أنه لو قدم لزم عود الضمير إلى ما له يذكر ؛ لأنه رده الهندي فإنه لا فساد في رجع الضمير إلى ما لم يذكر لفظ وهو مذكور رتبة كما في هذا المثال ؛ لأن الكحل المؤخر لكونه مبتدأ مقدم رتبة وأجاب بأنه تعقيد ركيك وصح العمل مع ضعف عمله عليه. (عصام الدين). ـ


عين زيد على الكحل لم يلزم الفصل بين أحسن ومعموله من حيث أنه اسم التفضيل ولكن في معناه تعقيد ركيك (١) وكذا لو قيل بهذه العبارة ما رأيت رجلا أحسن من الكحل في عينه هو أي الكحل في عين زيد لا يخلو عن ركاكة وتعقيد أيضا مع أنهما ليسا من قبيل العبارة (٢) المشهورة الواردة في أداء مثل هذا المقصود والكلام فيها ولما قرر مسألة الكحل وبين شرائطها (٣) وما عبر به (٤) عنها على وجه يطابق المقصود بلا زيادة ولا نقصان أراد أن ينبه على أن التعبير عنها غير منحصر فيما ذكر بل يمكن أن يعبر عنها بعبارة أخصر منه وعلى ترتيب غير ترتيبه وينتقل بهذا التقريب إلى ما أنشده سيبويه واستشهد به في إثبات هذه المسألة ويطبق (٥) بعض هذه الصور عليه فقال (ولك أن تقول : (٦) ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من عين زيد)

__________________

ـ قوله : (ولو قدم) قوله : منه استدلوا في المثال المشهور على عمل اسم التفضيل الرفع بأن الكحل لو لم يكن فاعلا لكان مبتدأ وأحسن خبرا ولو كان كذلك يلزم الفصل بين أحسن الذي هو عامل ضعيف ومعموله بأجنبي وهو غير جائز فيتوجه عليه الإشكال بأنه لو لم يقدم منه فيقال ما رأيت رجلا أحسن منه في عين زيد الكحل فلا يلزم الفضل بينهما بأجنبي. (وجيه).

(١) قوله : (تعقيد ركيك) هو كون الكلام غير ظاهر الدلالة لخلل أما في النظم بسبب تقديم وتأخير أو في الانتقال من الملزوم إلى اللازم كما في قوله : (وما مثله في الناس إلا مملكا أبو أمه) حتى يقاربه مع أن المقصود الاستدلال بالعبارة المشهورة ودفع ما يتوجه عليه وهاتان العبارتان ليستا من العبادة المشهورة في شيء فالجواب لا يلائم المقصود ولم يلتفت الشارح إلى جواب المصنف. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (من قبيل العبارة المشهورة) يعني أن المدعي أن العبارة المشهورة فيها إعمال اسم التفضيل في المظهر إذ لو لم يعمل في المظهر يلزم الفصل بين اسم التفضيل ومعموله بأجنبي لا في كل عبارة تؤدي معناه فتدبر فإنه مع وضوحه قد خفي على بعض فقال ما قال. (عبد الحكيم).

(٣) أي : الشرائط الثلاثة وهو أن يكون سببا والتغاير بين المفضل والمفضل عليه اعتباريا وكونه منقيا. (سيالكوني).

(٤) قوله : (وما عبر به عنها) في استعمالاتهم وهو قوله : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد. (حاشية ك).

(٥) عطف على ينتقل وفي نسخة السيالكوني بصيغة الاسم أي : تطبيق وعلى هذا عطف على ما أنشده والإشارة إلى التطبيق حاصل لجعل ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل مثل : لا أرى. (حاشية).

(٦) بعبارة أخرى حصر من الأول بحذف المضاف من مجرور من. (هندي).


بإقامة (١) من عين زيد مقام منه في عين زيد وهو أخصر منه (٢) بمقدار ضمير منه وكلمة في ولو رفع (٣) لفظ العين من البين واكتفى بمن زيد كان أخصر (٤) مع ظهور المعنى المقصود وعلى كلا التقديرين فالمعنى على ما كان قبل هذا التعبير (٥) لأن أصله (٦) من كحل عين زيد والمعنى على حذف المضاف فإنه لو كان كذلك لا يكون من قبيل تفضيل الشيء على نفسه إذ يتعدد الكحل (٧) حينئذ.

(فإن قدمت) على اسم التفضيل (ذكر العين) التي كان الكحل فيها مفضلا عليه (قلت ما رأيت كعين زيد أحسن فيها (٨) الكحل) كان أصله ما رأيت عينا أحسن فيها

__________________

(١) بيان لسبب جواز حذف ؛ لأن لفظ منه مفضل عليه ولا يجوز حذفه ؛ لأنه لو حذف لزم خلو اسم التفضيل من أحد الاستعمالات الثلاثة ولذا قال إن جواز حذفه بسبب إقامة من عين زيد. (تكملة).

(٢) لأنه تفضيل الكحل على الكحل لا تفضيل الكحل على العين ونظيره في الحديث ما جاء في حديث ابن مسعود رضي‌الله‌عنه من الصحيحين فيما ذكر في مشارق الأنوار من قوله عليه‌السلام : «ولا أحد أحب إليه المدح من الله» [أخإجه البخاري (٢٥٢٠)] الحديث. (هند).

ـ قوله : (وهو أحضر منه بمقدار منه) أشار بزيادة لفظ المقدار إلى أن الاختصار من ليس بطريق الحذف بل بطريق التسامح لظهور المقصود فلا يرد أن حذف المجرور وإبقاء الجار وحذف كلمة في مع إبقاء موصوله على الجر لا نظير له في كلام العرب. (عبد الحكيم).

(٣) ولما انفتح باب الاختصار أراد أن يشير إلى جواز وجه أخصر من الأول. (أيوبي).

ـ قوله : (ولو رفع لفظ) لم يلتفت إليه المصنف بتاء على عدم تحققه في كلام العرب وإن لا مانع منه قيامنا. (عصام).

(٤) قوله : (أخصر) مع أنه من تركيب من عين زيد) لأنه حذف منها ثلاث كلمات وهي الضمير وكلمة في كما في الأول وكلمة عين وكلما كثر الحذف كثر الاختصار. (محرم).

(٥) وهو تفضيل الكحل على الكحل بالاعتبارين ؛ لأن أصله من كحل عين زيد والمعنى عليه أنه لا يلزم منه تفضيل الشيء على نفسه إذ بتعدد الكحل باعتبار كونه في عين رجل وفي عين زيد. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (لأن أصله) حيث قال : وهو على حذف المضاف أي : من كحل عين زيد ؛ لأنه لتفضيل الكحل على الكحل لا الكحل على العين ومن التفضيلية تدخل على المفضول. (س).

(٧) يعني إنما لا يكون كذلك ؛ لأنه لو أبقى على أصله لتعدد لفظ الكحل فلا يكون من قبيل المذكور. (وحرم).

(٨) قوله : (فيها) أي : في عين زيد متعلق بأحسن أو حال من فاعله أعني : الكحل هذا إذا كان ـ


الحل منه في عين زيد فلما ذكر عين زيد مقدما عليه استغنى (١) عن ذكره ثانيا (٢) وتقديره (٣) ما رأيت عينا مماثلة لعين زيد في أصل التكحل أحسن (٤) فيها الكحل من عين زيد أو تقول معناه ما رأيت عينا كعين زيد في كونها أحسن فيها الكحل منه في غيرها ويلزم من هذا على أبلغ وجه (٥) أن للكحل في عين زيد حسنا ليس في عين غيره وإنما جازت (٦) هذه الصورة وإن لم يكن فيها فصل ظاهر لو رفعت أفعل بالابتداء لأنها

__________________

ـ رأيت من أفعال القلوب وأما إذا كان بمعنى أبصرت وهو الظاهر كان قوله : (أحسن فيها الكحل) بدلا من قوله : (كعين زيد). (ص).

(١) قوله : (استغنى عن ذكره) لدلالة قولك كعين زيد عليه ؛ لأن معناه كل عين دونها في حسن الكحل فيها وهذا هو المستفاد من ذكر عين زيد بعده. (شيخ الرضي).

(٢) ـ أشار إلى جواز كون كعين زيد صفة لعين في مثال المصنف وإلى كون الكاف اسما بمعنى المثل ردا على الرضي.

(٣) أي : بعد قوله : أحسن بأن يقال كعين زيد أحسن منه فيها الكحل.

(٤) قوله : (وتقديره ما رأيت) فيكون الكحل في عين زيد أحسن منه في غيرها ؛ لأن إبقاءه على المساواة مما يأت المدح. (وجيه الدين).

ـ قوله : (وتقديره ما رأيت ... إلخ) رد على الرضي حيث قال لا يجوز أن يكون أحسن فيها الكحل صفة لقولك كعين زيد ؛ لأنه يكون المعنى ما رأيت مثل عين زيد في الكحل فيها زائدة عليها في حسن الكحل فيها وكيف يكون مثل الشيء في الوصف عائدا عليه في ذلك الوصف في حالة واحدة. (عبد الحكيم).

(٥) مفعول ثان لرأيت إن كان من أفعال القلوب وإن كان بمعنى أبصرت يكون أحسن بدلا أو حالا من مفعول رأيت. (وجيه).

(٦) قوله : (على أبلغ وجه) لكونه معلوما بطريق لكناية) لأن عين مماثلة لعين زيد في الأحسنية لازم لا حسنية كحل عين زيد ووجود اللازم يدل على الملزوم فيكون كدعوى بالبينة كما قرن في البيان. (سيالكوني).

(٧) قوله : (وإنما جازت) تقرير السؤال أنه لا ضرورة في إعمال اسم التفضيل في هذه العبارة إذ يمكن أن يكون أحسن مرفوعا على أنه خبر والكحل مبتدأ حيث لا يلزم الفصل بين أحسن ومعموله بأجنبي إذ لا معمول لأحسن في هذه العبارة وهو منه والجواب إن هذه العبارة فرع العبارة الأولى فالضرورة معتبرة فيها حكما وذلك أنه قد مر أن أصله ما رأيت عينا أحسن فيها الكحل منه في عين زيد فلما ذكر عين زيد مقدما عليه استغنى عن ذكره ثانيا وإن من التفضيلية مجرورها مقدرة فيها فيلزم الفصل بالأجنبي تقديرا. (وجيه الدين).


فرع الأولى ولأن من التفضيلية مع مجرورها مقدرة فيها أيضا كما ذكرنا (مثل ولا أرى) مثل منصور على أنه صفة مصدر محذوف أي : قلت : ما رأيت كعين زيد ... إلخ قولا يماثل قول الشاعر وإنما ترك صدر البيت ليكون مبتدئا بما هو مبدأ (١) المماثلة وترك موصوف أحسن في المثال (٢) وإن كانت المماثلة الكاملة في ذكره إذ هو في مقابلة قوله واديا وهو مذكور (٣) لأنه (٤) كان في مقام بيان الاختصار في المثال المذكور أولا وتمام البيت مع ما يليه:

مررت على (٥) وادي (٦) السباع ولا أرى (٧)

كوادي (٨) السباع حين (٩) يظلم واديا (١٠)

__________________

(١) قوله : (هو مبدأ المماثلة) أي : به تحصل مماثلة قوله : لقول الشاعر : فإن مماثلة قوله : وهو كعين زيد حاصل لقوله كوادي السباع في أن يكون بالكاف ومقدما على اسم التفضيل. (أيوبي).

(٢) الموصوف قوله : (عينا كما كان) في الشعر قوله : (ماديا فالمماثلة الكاملة) أن يذكر الموصوف في المثال أيضا لكنه تركه.

(٣) في قول الشاعر ، واللازم على المصنف أن يذكر في المثال أيضا ما يقابله ولكنه تركه في المثال ولم يقل : ما رأيت عينا كعين زيد. (شرح).

(٤) قوله : (لأنه كان في مقام) وما ذكره أوفق بالمقام والأحسن أن يقال نبه بذكر المثال والتمثيل بالشعر على جواز حذف الموصول وذكره. (عصام).

(٥) قوله : على متعلق بمررت فإن مررت كما يتعدى بالباء كما في مررت بزيد يتعدى بعلى كمررت على زيد فلا حاجة إلى جعل على بمعنى الباء كما توهم. (زيني زاده).

(٦) وإضافة الوادي إلى السباع إما لكثرة السباع ؛ لأنه إذا قل مرور الناس بالوادي كثر السباع فيه وأما المراد بالسباع أشرار الناس وقطّاع الطريق. (زيني زاده).

(٧) قوله : (ولا أرى) الواو اعتراضية) مثل قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)[النساء : ١٢٥] ، وأرى من أفعال القلوب أو بمعنى أبصرت. (هندي).

(٨) قوله : (كوادي السباع) اسم موضع ومفعول ثان مقدم أو حال متقدمة من قوله : (واديا) وهو مفعول لأرى بمعنى أبصر. (هندي).

(٩) قوله : (حين) مفعول فيه لمعنى التشبيه المستفاد من الكاف وجوز الهندي كونه ظرفا لقوله لا أرى.

(١٠) قوله : (واديا) عطف بيان أو بدل أو حال موطئة أو تمييز على نحو : عبدي مثل زيد رجلا وإنما أورد المظهر مع تقدير الذكر فلا يدخل المضمر ولمكان التهويل بالذكر.


أقل به ركب (١) أتوه (٢) تئية (٣)(٤)

إلا ما وقى الله ساريا (٥)

كان (٦) أصله لا أرى واديا أقل به ركب منهم في وادي السباع فقد وادي السباع واستغنى عن ذكره ثانيا الركب اسم (٧) جماعة الركبان وهو مخصوص براكبي الإبل والتأية (٨) من أيي أو أيّ كالتحية من حيي أو حيّ وهو المكث والثاني وساريا من السرى وهو السير في الليل فقوله أرى إما من رؤية البصر أو من رؤية القلب (٩) فعلى الأول واديا مفعوله وكوادي السباع حال منه قدم عليه وعلى الثاني واديا مفعوله الأول ، وكوادي السباع مفعوله الثاني وعلى التقديرين حين يظلم ظرف التشبيه المستفاد من الكاف (١٠) والواو في ولا أرى ما اعتراضية (١١) أو حالية وأقل صفة واديا والجار في به

__________________

(١) اعلم أن الركب اسم جمع وليس بجمع على الأصح كما مروا هو جماعة الركبان بخصوص براكبي الإبل في الأصل ثم اتسع فيه وأطلق على كل من ركب دابة. (شرح المشكاة).

(٢) قوله : (أتوه والجملة مرفوع) المحل صفة ركب ولا محل لها استئناف لبيان سبب القلة. (زيني زاده).

(٣) أي : تثبتا وتوقفا وهو مصدر على وزن تفعلة من تركيب أي : حكى وهو منصوب على التمييز من نسبة الأقل إلى فاعله. (رضي).

(٤) مبني للمفعول وقيل : مبني للفاعل وعلى هذا كان إسناد الخوف إلى الوادي مجازا عقليا بعلاقة المفعولية.

(٥) تعبيرها انتقد سيبويه بالعمارة الأولى أن تقول : ولا أرى واديا أقل به ركب أثره تأية بوادي السباع وبالعبارة الثانية : ولا أرى واديا أقل به ركب أتوه من وادي السباع. (خبيصي).

(٦) شرع إلى حل البيت ، مع بيان بعض اللغات. (رضا).

(٧) قوله : (اسم جماعة الركبان) يضمن ليس بجمع شبه على ذلك ليصبح منه ما سيأتي من جعل ساريا صفة ركبان ؛ لأن اسم الجمع يجب تأنيث إلى ضميره ولا جمع صفة بخلاف الجمع. (عصام).

(٨) قوله : (والتأية) بوزن تفعله نقلت كسرة الياء إلى الهمزة ثم أدغم في الياء قوله : (من إلى أو أي) ثلاثية بقدر الإدغام أو به. (سيالكوني).

(٩) وهاهنا احتمال ثالث أبلغ بحسب المعنى وهو جعل أرى مجهولا أي : أظن ونفي الظن أبلغ من نفي الرؤية البصرية والعملية فتبصر وعلم لعل الشارح لم يلتفت إلى هذا الاحتمال لكونه مقتضى القراءة أرى بضم الهمزة وهو غير موافق للرؤية فإنه لو وجدت الرؤية لنبه عليها. (تكملة).

(١٠) يعني : أن المراد من تشبيه الوادي المرئي بوادي السباع تشبيهه به وقت ظلامه حتى يكون مؤديا للخوف ؛ لأن الخوف إنما يقع في وقت الظلام لا في النهار. (أيوبي).

(١١) قوله : (والواو اعتراضية) لعل القول بالاعتراض) بناء على أن يرد البيت شيئا من متعلقات ـ


متعلق بأقل والمجرور في به عائد إلى واديا وركب فاعل أقل وجملة أتوه صفة له وتأية تمييز عن نسبة أقل إلى ركب أو منصوب على المصدرية (١) أي : إتيانا تأية وأخوف عطف على أقل وهو بمعنى المفعول أسند إلى ضمير واديا والمعنى واديا أقل به ركب منهم بوادي السباع وأخوف منه (٢) وما في ما وفي مصدرية وساريا أي راكبا ساريا مفعول وقى والمستثنى مفرغ أي واديا أقل وأخوف في كل وقتا لا في وقت وقاية الله تعالى ساريا تقول (٣) : مررت إلى واد منسوب إلى السباع لكثرتها فيها والحال أني (٤) لا أرى مثل وادي السباع حين أحاط به الظلام واديا يكون توقف الركب به أقل (٥) من توقفهم بوادي السباع ويكون (٦) ذلك الوادي أخوف من وادي السباع في كل وقت إلا في وقت وقاية الله سبحانه راكبا ساريا بالليل فيه عن الآفات والمخافات ولو عبرت (٧) بالعبارة الأولى لقلت ولا أرى واديا أقل به ركب أتوه(٨).

__________________

ـ مررت فإن الاعتراض لا يكون إلا بين كلام أو كلامين متصلين معنى عند الجمهور لنكتة وهي هاهنا تفظيع شأن وادي السباع. (حكيم).

(١) أو حال من فاعل أثره ، أي : حال كونهم ذوي آية أو ظرف أي : في زمان تأية بتقدير المضاف. (معرب).

(٢) أي : ولا أرى أيضا واديا مخوقية زائدة من مخوفية وادي السباع.

(٣) قوله : (يقول) نقل عن الشارح حاصل معنى الشعر من أن توقف الركب في وادي السباع أقل من توقفهم في سائر الأودية وأن وادي السباع أخوض من كل واد إلا وقت وقاية الله تعالى بالساري في وادي السباع. (سيالكوني).

(٤) وإنما قال : (ولا أرى) ومقتضى السابق أن يقول : وما رأيت ليفيد أنه ما أرى ولا يرى قط ؛ لأنه لو رأى مثله لم يأت الحكم بأنه لا يرى قط فتأمل.

(٥) قوله : (أقل من توقفهم) إشارة إلى أن زيادة الأقلية ونقصانها بالنسبة إلى توقفهم ؛ لأن التوقف لازم من الخوف. (أيوبي).

(٦) قوله : (ويكون ذلك الوادي) إشارة إلى أنه لما سلط النفي على الزيادة في أقل وأخوف انتفت الزيادة والمساواة فيقي المعنى أن ذلك لوادي الذي حررت به يكون أخوف.

(٧) ولما كان ما يعبر به هذا المعنى طرفين :

ـ أحدهما : جعل المفضل عليه الركبان كما هو المفهوم من العبارة التي هي أصله.

ـ وثانيهما : وجعله وادي السباع كما في عبارة المصنف بعد تعبير هذا الأصل وأراد أن يشير إلى العبارتين المذكورتين. (محرم).

(٨) ولو لم يكن المراد بالمعنى الحدث فقط بل الحديث والزمان لزم اقتران الزمان بنفسه وهو باطل فتعين أن المراد به الحدث.


منه بوادي السباع (١) ولو عبرت بالعبارة الثانية لقلت ولا أرى واديا أقل به ركبا توه من وادي السباع ولما قسم المص الكلمة إلى أقسامها الثلاثة على وجه (٢) علم من دليل الانحصار حد كل واحد منها ولم يكتف (٣) بذلك القدر بل صدر مباحث الاسم بتعريفه فلما وصلت النوبة إلى مباحث الفعل سلك تلك الطريقة (٤) وصدرها بتعريفه فقال :

(الفعل) (٥)

(ما دل) أي : كلمة (٦) دلت (على معنى) كائن (٧)

__________________

(١) فإن الأصل صار صفة للوادي ومسند إلى الركب بالنسبة إلى الوادي الذي ليس بمرئي بل الرؤية منفية بالنسبة إليه وضمير منه راجع إلى الركب أيضا بالنسبة إلى وادي السباع المرئي المثبت فيكون المفضل والمفضل عليه هو الركب لا الوادي. (أيوبي).

(٢) قوله : (على وجه) على معنى في كما في قوله تعالى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ)[الأعراف : ١٠٥] أي : في تقسيم علم من دليل انحصاره فاللام عوض عن الضمير فلا يلزم خلو الجملة الصفتية عن الضمير والصفة وإن كانت كافية في معلومية حدود تلك الأقسام لكن معلوميتها من حيث أنها حدود لأقسام الكلمة موقوفة على التقسيم فلا يرد أن لا مدخل للتقسيم في معلومية الحدود. (سيالكوني).

(٣) قوله : (ولم يكتف يعني أن الظاهر) من قوله : (وقد علم أن يكتفي) بتعريف كل من الثلاثة في صدر الكتاب لكنه لم يكتف بهذا القدر. (أيوبي).

(٤) أي : عدم الاكتفاء بمعلومية تعريفه عن الدليل فلا يلزم التخصيص بلا مخصص لاستواء الكل في كونها أقساما للكلمة معلومة تعريفاتها من الدليل. (حكيم).

(٥) وتسمية الفعل بالفعل لكونه مشتقا من الفعل الحقيقي الذي هو والمصدر ودالا على الفعل تسمية للدليل باسم المدلول أي : الفعل. (خبيصي).

ـ قوله : (الفعل ما دل على معنى في نفسه) هذه الدلالة باعتبار معناه التضمن أعني : أن الفعل باعتبار مجموع معناه وهو الحدث والزمان والنسبة لا يمتاز عن الحرف في عدم كونه دالا على معنى في نفسه ؛ لأن المراد بكونه دالا على معنى في نفسه أن لا يحتاج إلى ضم ضميمه والفعل باعتبار مجموع معناه يحتاج إلى ضم ضميمه وهو الفاعل.

(٦) قوله : (أي : كلمة) فسر ما بالكلمة لئلا يكون الجنس متروكا في التعريف وبالنكرة ، إشارة إلى أن ما موصوفة وإنما اختارها مع أن الظاهر الموصولة لسبق تعريف الكلمة لكون الأصل في الخبر التنكير وليدل على اعتبار وحدة الكلمة في التعريف لئلا يتفقن مجموع القسمين من غير اعتبار التركيب بينهما. (سيالكوني).

(٧) جعل في نفسه صفة معنى متعلقا بدل ولا حالا من ضميره لئلا يتصل بين معنى وصفة أعنى ـ


(في نفسه) أي : في نفس (١) ما دل يعني (٢) : الكلمة.

والمراد (٣) بكون المعنى في نفس الكلمة دلالتها عليه من غير حاجة إلى ضم كلمة أخرى إليها لاستقلاله بالمفهومية.

ويمكن إرجاع الضمير في (نفسه) إلى المعنى وحينئذ (٤) يكون المراد : يكون (المعنى في نفسه) استقلاله بالمفهومية فمرجع كون المعنى في نفسه وكونه في نفس الكلمة إلى أمر واحد وهو استقلاله بالمفهومية لكن المطابق (٥) لما ذكر في وجه الحصر إرجاع الضمير إلى (ما دل) كما لا يخفى أعلم (٦) أن الفعل مشتمل على ثلاثة (٧) معان :

__________________

ـ مقترنا بما ليس صفة ؛ لأنه وإن جاز لكن كون الفاصل صفة أعذب ومن الفهم أقرب. (عصام في بحث الاسم).

(١) قوله : (أي : في نفس ما دل) له جمع بين ما دل والكلمة في التفسير إشارة إلى معرفة وجه تذكير الضمير وهو أنه باعتبار لفظ ما دل دون معناه. (عصام).

ـ قوله : (أي : في نفس ما دل) لا نفس الفعل وإلا يتوقف معرفة المعرف على معرفة الكلمة للعرف ويلزم الدور يعني يتوقف معرفة الفعل على معرفة تعريفة ومعرفة تعريفه على معرفة الفعل فيلزم الدور. (حيدر).

(٢) قوله : (يعني الكلمة) فسر ما دل بالكلمة المعرفة إشارة إلى أنه لا يخالف ما يستفاد من دليل الحصر من إرجاع الضمير إلى الكلمة أولى إذ الضمير الراجع إلى النكرة معرفة كما هو التحقيق وللتنصيص على اختلاف التوجيهين والأوجه أن التفسير الثاني لإفادة أن المرجع نفس جامع ما في حيزه من الصفة والصلة.

(٣) قوله : (والمراد) أي : المقصود به والحاصل منه ذلك لأنه مفسر له حتى يرد أن صيغة المعنى كيف تفسر بصيغة اللفظ وأنه يصير المعنى ما دل على معنى دلت عليه الكلمة بالاستقلال ويحتاج إلى تكلفات. (محشي ك).

(٤) قوله : (وحينئذ يكون المراد) ؛ لأن كون الشيء في نفسه كناية عن استغلاله وعدم احتياجه إلى الغير ولما وصف المعنى أي : المفهوم الحاصل في الذهن به يكون المراد منه استقلاله بالمفهومية. (سيالكوني).

(٥) قوله : (لكن) استدراك لدفع توهم ناش من كون ما لهما الحاضر واحد وهو أنه كيف رجح الوجه الأول وما له إلى الثاني.

(٦) ولما كان للفعل معان بعضها مستقل بالمفهومية كالاسم وبعضها غير مستقل بالمفهومية أراد أن يبين ما هو المراد حتى لا يرد على التعريف نقض بالحرف فقال : (اعلم ... إلخ). (أيوبي).

(٧) هذا هو المشهور فيما بين القوم والتحقيق أنه مشتمل على أربعة معان رابعها تفيد الحدث ـ


أحدها : الحدث (١) الذي هو معنى المصدر.

وثانيها : الزمان.

وثالثها : النسبة إلى فاعل ما.

ولا شك (٢) أن النسبة إلى فاعل حرفي هو (٣) آلة لملاحظة طرفيها فلا تستقل بالمفهومية.

فالمراد (بمعنى في نفسه) ليس تلك النسبة.

ولما وصف ذلك المعنى بالاقتران بالزمان تعين أن يكون المراد به الحدث (٤).

فالمراد (٥) بالمعنى ليس معناه المطابقي ، بل أعم (٦) لكن (٧) لا يتحقق إلا في ضمن

__________________

ـ أو النسبة بالزمان وهو كالنسبة معنى حرفي غير مستقل. (عصام).

(١) قوله : (الحدث) وهو المعنى القائم بغيره) سواء صدر عنه أو لم يصدر كالطول والقصر. (رضي).

(٢) قوله : (ولا شك) اختلف في أن معنى الفعل النسبة إلى فاعل ما أولى فاعل معين ولا شك أنها على الثاني معنى حرفي لا يفهم ما لم ينضم إلى الفعل ذكر الفاعل وعلى الأول معنى يتعقل بتعقل فاعل ما إجمالا وهو ضعفهم بذكر الفعل من غير الفاعل فيكون معنى مستقلا ونظيره لفظ الابتداء ؛ لأن معناه بتعلق بتعقل متعلق إجمالا منفهم من غير ذكره. (عصام الدين).

(٣) قوله : (هو آلة لملاحظة طرفيها) يعني أن المقصود منها بالذات هما الطرفان والنسبة آلة بينهما يلاحظ بها الطرفان ويعرف حالهما بأن أحدهما مسند والآخر مسند إليه. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (الحدث) لأنه بعد إخراج النسبة عن كونها مرادة بقيد في نفسه لم يبق إلا الحدث على ما هو المشهور بين القوم كما اختاره. (عصام).

(٥) قوله : (فالمراد بالمعنى ليس معناه المطابقي) مع أنه المتبادر عند إطلاق المعنى كما صرح به المحقق الرازي في موجهات شرح الرسالة الشمسية ولا التضمن ؛ لأنه لا يصح إرادته في تعريف الاسم والحرف وعدم صحة الالتزامي ظاهر جدا فتعين أن يكون المراد الأعم من المطابقي والتضمني. (عصام).

(٦) فلما كان بطلان إرادة الأخير بن ظاهر أتعرض لبطلان الأول فقط فقال فالمراد. (محرم).

ـ قوله : (بل أعم) إذ لا قرينة على الخصوص وليكون لفظ المعنى في تعاريف الأقسام الثلاثة على نسق واحد. (س).

(٧) ولما أورد عليه أيضا بأنه إذا كان موضوعا على المعنى الأعم عاد المحذور أيضا حين أريد ـ


التضمن (١) فخرج بهذا القيد الحرف ؛ لأنه ليس مستقلا بالمفهومية.

(مقترن) وضعا (بأحد الأزمنة الثلاثية) في الفهم (٢) من لفظه الدال عليه فهو صفة بعد صفة للمعنى ، فخرج به الاسم عن حد الفعل. وبقولنا (وضعا) يخرج أسماء الأفعال ؛ لأن جميعها منقولة عن المصادر أو غيرها (٣) كنا سبق ودخل فيه الأفعال المنسلخة(٤) عن الزمان نحو : (عسى وكاد) لاقتران معناها به بحسب الوضع.

ويصدق على المضارع أنه اقتران بأحد الأزمنة الثلاثة لوجود (٥) الأحد في الاثنين ، ولأنه مقترن بحسب كل وضع بواحد ، وأن عرض (٦) الاشتراك من تعدد الوضع.

__________________

ـ به الحديث فإنه حينئذ يكون من قبيل ذكر العام وإرادة الخاص استدرك الشارح بقوله : (لكن). (عبد الله أيوبي).

(١) يعني أنه لا يلزم منه المجاز ؛ لأنه إنما يلزم لو كان المراد بالمعنى الأعم مطلقا لا بشرط شيء وليس كذلك بل المراد منه الأعم الذي اشترط تحققه في ضمن التضمن. (شرح).

(٢) يعني أن مجموع اللفظ بهيئته ومادته دال على معنى أعم لكنه بشرط الدلالة بهيئته على الزمان المعين وبمادته على ذلك الحدث المقارن. (أيوبي).

ـ قوله : (في الفهم) أي : فهم المعنى في نفسه لا في نفس الأمر فإن ضاربا مثلا يصدق عليه ما دل على معنى في نفس الأمر ؛ لأنه دال على الحدث يصح أنه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة لا يخلو عن الزمان فلا يكون حد الفعل مانعا فلذا قال الشارح : (في الفهم ... إلخ). (رضا).

(٣) وكلمة أو لمجرد التفضيل كما في العالم أما جوهر أو عرض أي : مفعول مفصلة بهذا التفصيل فلا حاجة إلى جعل الجميع بمعنى كل واحد أو جعل أو بمعنى الواو ثم النقل أي : الاستعمال في المعنى الثاني بعلاقة.

(٤) قوله : (الأفعال المنسلخة) أي : في الاستعمال بحيث هجر المعنى الأول فهي أيضا من المنقول قيل وكذا الأفعال المنسلخة عن الحدث تدخل به ؛ لأن الأفعال الناقصة تامات في الأصل منسلخة عن الحدث. (محشي ك).

ـ إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن المضارع لما دل على الزمانين توهم خروجه عن حد الفعل فدفع الشارح بهذا ... إلخ.

(٥) وبهذا أشار إلى أن وضع المضارع من قبيل عموم المشترك يعني أنه وضع بالاشتراك على كل واحد منهما والجامع لهما هو الاثنان. (محرم).

(٦) قوله : (وإن عرض ... إلخ) متعلق بالنتيجة المستفاد من الدليل أي فيصدق عليه أنه مقترن ـ


(ومن خواصه) أي : من خواص الفعل (دخول قد) (١) لأنها إنما تستعمل (٢) لتقريب الماضي إلى الحال أو لتقليل (٣) الفعل ، أو تحقيقه وشيء من ذلك لا يتحقق إلا في الفعل.

(و) دخول (السين (٤) وسوف) لدلالة الأول على الاستقبال القريب والثاني على الاستقبال البعيد (و) دخول (الجوازم) لأنها وضعت (٥) إما لنفي الفعل ك : (ألم ولما) أو لطلبه كلام الأمر ، أو لنهي عنه ك : (لا) النهي ، أو لتعليق الشيء بالفعل كأدوات الشرط.

وكل من هذه المعاني لا تتصور إلا في الفعل.

(ولحوق تاء التأنيث) عطف على دخول (قد).

وإنما خص به لحوق تاء التأنيث ؛ لأنها تدل على تأنيث الفاعل فلا تلحق إلا بما له فاعل ، والصفات (٦) استغنت عنها بما لحقها من التاء المتحركة الدالة على تأنيثها وتأنيث فاعلها.

__________________

ـ بأحد الأزمنة الثلاثة فقط فيكون نقيض الشرط أولى بالجزاء لا تكلف إذ على تقدير عدم الاشتراك يكون اقترانه بأحد الأزمنة الثلاثة أولى وأظهر. (سيالكوني).

(١) قوله : (قد) لأنه إما للتقريب نحو : قد قامت الصلاة أو للتقليل نحو : إن الكذوب قد يصدق أو للتحقيق نحو : قد يعلم الله وهي مختصة بالأفعال. (موشح).

(٢) قوله : (إنما يستعمل ... إلخ) أي يجب الوضع فلا يرد أنه يستعمل للتكبير فلا يصح الحصر وكلمة أو لمنع الخلو إذ لابد فيها من التحقيق. (س).

(٣) قوله : (أو لتقليل الفعل) فإن قلت المراد من الفعل احدث إذ لا معنى لتقليل الفعل الاصطلاحي وتحقيقه فلا يصح قوله : (وشيء من ذلك لا يتحقق) إلا في الفعل قلت : كأنه أراد الفعل الاصطلاحي وأراد بقوله : تعليل الفعل تعليل مدلول الفعل ؛ لأن الظاهر حينئذ أن يقول : شيء من ذلك لا يتحقق إلا فيه بالضمير فتأمل. (عصام).

(٤) فأما السين وسوف فسماهما سيبويه حرفي التنفيس ومعناه تأخير الفعل إلى الزمان المستقبل وعدم التنفيس في أمال يقال : تنفست الخناق أي : وسعته وسوف أكثر تنفيسا من السين وقيل : إن السين منقوص من سوف دلالة بتقليل الحرف على تقريب الحرف. (شيخ رضي).

(٥) فإنهما وضعتا لنفي الحدث الذي في مدخولهما نحو : لم يلد ونحو لما يعلم الله. (شرح).

(٦) كأنه قيل : أنتم قلتم أن تاء التأنيث الساكنة لم يلحق إلا بما له فاعل ولم لم يلحق بالصفة المشبهة ولها فاعل فأجاب بما ترى. (علي الرضي).

ـ كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة.


فلا جرم اختصت (١) بالفعل.

(ساكنة) حال (٢) عن تاء التأنيث احتراز عن المتحركة لاختصاصها بالاسم.

(و) لحوق (٣) نحو : تاء فعلت) أراد (٤) بنحو (تاء فعلت) الضمائر المتصلة البارزة المتحركة المرفوعة فيدخلها فيه تاء فعلت أيضا وذلك ؛ لأن ضمير الفاعل لا يلحق إلا بما له فاعل ، والفاعل إنما يكون للفعل (٥) وفروعه وحط (٦) فروعه عنه بمنع أحد نوعي الضمير تحرزا عن لزوم تساوي الفرع والأصل رخص (٧) البارز بالمنع ؛ لأن المستكن أخف وأخصر فهو بالتعميم أليق وأجدر.

(الماضي) (٨)

(ما دل) أي : فعل (٩) هل بحسب أصل الوضع فإنه المتبادر من الدلالة (على زمان

__________________

(١) وإنما اختص الساكنة والمتحركة بالاسم طلبا للتعادل وذلك لثقل الفعل وخفة الاسم. (مفتاح).

ـ لأن الفعل غير مستغن عنها. (محرم).

(٢) قوله : (حال عن تاء التأنيث) وفيه إشارة إلى أنها في الأصل متحركة أسكنت للفرق بين تأنيث الاسم والفعل. (س).

(٣) قوله : (لحوق ، نحو تاء فعلت ... إلخ) الأخصر أن يقول ولحوق تاء فعلت وفعلت ويستغن عن قوله : (ولحوق تاء التأنيث ساكنة) قلت : إن كان لكنه ليس بواضح. (لمحرره).

(٤) قوله : (أراد ... إلخ) وذلك لأنه أشار بلفظ التاء إلى التاء المخصوصة المعتبرة في فعلت أعم من المخاطب والمتكلم والإفراد والتذكير والتأنيث دون الحركة وألفي الإضافة إلى فعلت وأشار بلفظ نحو : إلى الفاء خصوصية كونه تاء فيدخل فيه ما يشاركه في صفاته وهي نون جمع المؤنث الغائبة ونون المتكلم مع الغير فاندفع أن الأولى ترك قيد المتحركة كما يدل عليه الدليل ؛ لأن اعتبار المشاركة في بعض صفات تاء فعلت دون بعض لا قرينة عليه في عبارة المصنف. (عبد الحكيم).

(٥) مثال الفعل وفروعه نحو : زيد ضارب وزيد ضرب. (رضا).

(٦) ولما كان رتبة الفروع منحطة عن رتبة الأصل حط لذلك. (أيوبي).

(٧) ولما كان هذا التعليل مستلزما لمنع أحد النوعين من غير تعيين ولم يكن مستلزما لمنع البارز أشار إلى بيان وجه ترجيح البارز للمنع على المستكن فقال : (وخص ... إلخ). (أيوبي).

(٨) لما فرغ من تعريف الفعل ومن بيان خواصه شرع في بيان أنواعه. (رضا).

(٩) أشار إلى أن ما موصوف وعبارة عن الفعل وجنس التعريف. (رضا).


قبل زمانك) الحاضر الذي أنت فيه ، قبليّه (١) ذاتيه تكون بين أجزاء الزمان.

فإن تقدم بعض أجزاء الزمان على بغض إنما يكون بحسب (٢) الذات لا بحسب الزمان فلا يلزم ان يكون للزمان زمان.

فقوله (ما دل على زمان) شامل لجميع الأفعال ، قوله : (قبل زمان) يخرج ما عداه.

والمراد (٣) ب : (ما) الموصولة (٤) : الفعل فلا ينتقض منع الحد بمثل (أمس) ، والمراد بالدلالة (٥) : ما هو بحسب الوضع ، فلا ينتقض منعه ب : (لم يضرب) (٦) وجمعه

__________________

(١) مفعول مطلق من قوله ، قيل : وفيه إشارة إلى أن القبل بمعنى التقدم كما قيل في قوله : تعالى : (الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)[الروم : ٤] إن معناه متقدما ومتأخرا إن المفعول المطلق لا يجيء من الظرف فاندفع الأشكال الناشئ من وصف الزمان بالظرف وبقي الإشكال الناشئ من وصف الزمان بالتقدم فدفعه بقوله ذاتية أي : ما لا يكون بواسطة على ما هو مصطلح المتكلمين من أن تقدم بعض أجزاء الزمان على بعض بالذات وهو المتبادر من الذاتية لا على مصطلح الحكماء وهو أن يكون المتأخر محتاجا إلى المتقدم ولا يكون علة تامة أو فاعلية. (عبد الحكيم).

ـ قوله : (قبلية) إشارة إلى دفع ما قبل في حواش الهندية من أن قبل ظرف زمان فيلزم أن يكون للزمان زمان ؛ لأن معنى التقدم الذاتي أن يكون المقدم في زمان سابق والمتأخر في زمان لاحق والكلام في ذلك الزمان ويلزم التسلسل وتقرير الدفع إن تقدم بعض أجزاء الزمان عن بعض وإن كان تقدما بالزمان لكنه ليس تقدما بزمان آخر بل بزمان هو نفس ذلك الزمان والتقدم عارض لأجزاء الزمان بالذات ولغيرها بواسطتها ؛ لأن التقدم والتأخر ناشئان من ذواتهما فإن ماهية الزمان انقسام التقدم والتجدد على عدم الاستقرار وتفصيل هذا المقام في وجيه الدين فارجع إليه. (وجيه الدين).

(٢) لأنه إن كان تقدمه بحسب الزمان كان معناه أن زمان الماضي يتقدم على زمانك قبل زمانك وهذا باطل. (علي المرتضي).

(٣) قوله : (والمرد) ولما توهم انتقاض التعريف منعا بأنه يصدق على لفظ الأمس فإنه دل على زمان قبل زمانك مع أنه لا يصدق عليه المعرف لكونه اسما أجاب عنه بقوله : (والمراد).

(٤) أشار على أن ما في قوله : (ما دل) يجوز أن يكون موصولا وموصوفا كما أشار إليه الشارح فيما سبق. (لمحرره).

(٥) والمقصود من هذا الكلام ومن قوله : (وبالدلالة) ما هو بحسب الوضع هاهنا بيان فوائد القيود وما سبق كان تفسيرا لها فلا تكرار. (سيالكوني).

(٦) لأن يضرب في لم يضرب لا يدل على زمان قبل زمانك بحسب أصل الوضع بل على زمان ـ


ب : (إن ضربت ضربت)

(مبني على الفتح) خبر مبتدأ (١) محذوف ، أي هو ، يعني : الماضي مبني على الفتح لفظا ، نحو : ضرب أو تقديرا (٢) نحو : رمى.

أما البناء (٣) على الحركة دون السكون الذي هو الأصل في المبني فلمشابهته المضارع(٤) في وقوعه موقع الاسم ، نحو : (زيد ضرب) في موضع (زيد ضارب) وشرطا وجزاء تقول: (إن ضربتني ضربتك) في موضع : (إن تضربني أضربك) وأما الفتح (٥) فلكونه (٦) أخف الحركات.

(مع (٧) غير الضمير (٨) المرفوع المتحرك) فإنه مبني على السكون (٩) معه ، نحو :

__________________

ـ ينتظر وجوده ولكن يدل على زمانك بسبب عروض لم إليه.

(١) ولم يجعل خبرا بعد خبر رعاية لجانب المعنى ؛ لأن الحد ليس جزءا من المحدود من حيث المعنى لعدم كون الحكم مقصودا كما تقرر ومن جواز كونها خبرا بعد خبر نظرا إلى جانب اللفظ فقدمها. (حكيم).

(٢) قوله : (تقدير ... إلخ) فإنه يمكن تقدير الفتحة في آخر رمى وإن لم تظهر للتعذر بخلاف ضربن وضربوا فإنه لا يمكن تقدير الفتحة على ما قبل النون والواو فلذا كانا مبنيين على السكون والضم. (حكيم).

(٣) قوله : (أما البناء) على الحركة أما نفس البناء فلأن الأصل في الفعل البناء لفقدان المعاني الموجبة للإعراب أعني الفاعلية والمفعولية والإضافة ولا مقتضى للعدول عنه وهي المشابهة التامة كما في المضارع. (وجيه الدين).

(٤) ولكونه مشابه المشابه استحق البناء على الحركة ، بخلاف المضارع فإنه مشابه للاسم فاستحق الإعراب. (سيالكوتي).

(٥) وأما وجه كونه مبنيا على الفتح بعد اختيار الحركة على السكون. (تكملة).

(٦) قوله : (فلكونه أخف الحركات) وثقل الفعل لفظا إذ لا تجد فعلا ثلاثيا ساكن الأوسط بالأصالة ومعنى لدلالته على المصدر والزمان وطلبه المرفوع دائما والمنصوب كثيرا. (س).

(٧) ولما كان كونه مبينا على الفتح مشروطا بشرط لا شيء أعني : بشرط عدمي. (أيوبي).

(٨) قوله : (الضمير المرفوع) احتراز عن المنصوب ؛ لأنه إن اتصل بالماضي لم يتغير بنائه عما كان عليه نحو : ضربني وضربك وضربه. (هند).

(٩) بخلاف المنصوب نحو : ضربه وضربك فإنه يوجب التسكين ؛ لأن المنصوب فضلة فلا يتوالى أربع حركات فيما هو كالكلمة الواحدة. (وافية).


(ضربن إلى ضربنا) كراهة اجتماع أربع متحركات متواليات فيما هو كالكلمة الواحدة (١) ، لشدة اتصال الفاعل بفعله.

وإنما قيد الضمير المرفوع بالمتحرك احتراز عن مثل : (ضربا) فإنه أيضا مبني على الفتح.

(و) مع غير (الواو) فإنه يضم معها (٢) ، لمجانستها لفظا ك : (ضربوا) أو تقديرا.

(المضارع)

(ما أشبه) أي : فعل أشبه (الاسم بأحد حروف (نأيت) أي : حال كونه متلبسا بأحد حروف (نأيت) أو أتين (٣) في أوائله (٤) يعني : الحروف التي جمعتها كلمة (نأيت).

وهذه (٥) المشابهة إنما تكون (ولوقوعه) أي : ذلك الفعل مشتركا) (٦) بين زماني الحال والاستقبال على الأصح (٧) كوقوع الاسم (٨) مشتركا بين المعاني المتعددة ك : (العين).

__________________

(١) هذا عند المتقدمين وعند ابن مالك ليميز الفاعل من المفعول في نحو : أكرمنا وأكرمنا وفي التاء والنون لمساواتها لنا في الدفع والاتصال إذ توالى أربع حركات وارد في كلامهم نحو : جندل في جنادل ومثله فهو غير منقور عنه طبعا ومقصود الإهمال وضعا. (موشح).

(٢) قوله : (فإنه يضم معها لمجانستها) هكذا وقع العبارة في الرضي وغيره من كتب النحو : والظاهر أن المراد يبنى على الضم لقصد مجانستها لحرف العلة كما صرح به في المنهل وغيره. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (أتين) على صيغة جمع المؤنث من الإتيان أي : جئن بيان لوجه الملابسة. (سيالكوني).

(٤) قوله : (في أوائله) الظاهر أوله إلا أنه اختار لفظ الجمع للإشارة إلى امتناع اجتماعها. (حكيم).

(٥) قوله : (وهذه المشابهة) أي المشابهة بمطلق الاسم المعتبر في صيغة المضارع. (حكيم).

(٦) قوله : (لوقوعه مشتركا) بيان لسبب الذي هو منشأ للمشابهة لا لوجه المشابهة ولذا لم يقل : في وقوعه ، والمراد بالاشتراك معناه اللغوي لا الاصطلاحي إذ الظاهر حينئذ لكونه مشتركا ولعدم كون زمان الحال والاستقبال تمام معناه. (سيالكوني).

(٧) اعلم أن العلماء اختلفوا في المضارع فقال بعضهم : حقيقة في الحال ومجاز في الاستقبال ، وقال بعضهم : حقيقة في المستقبل ومجاز في الحال ، وقال الآخرون : مشترك بين الحال والاستقبال هذا أصح من الأولين ؛ لأنها في كثير من المواضع في القرآن العظيم مشترك بهما. (سيد الشريف).

(٨) لا يخفى أن الماضي أيضا يكون مشتركا فيكون مضارعا للاسم إلا أنه ليس كل ماض ـ


(وتخصيصه (١) بالجر) عطف على وقوله : (وقوعه) أي : وتلك المشابهة إنما تكون لوقوع الفعل مشتركا ولتخصيصه بواحدة من زماني الحال والاستقبال ، يعني الاستقبال (بالسين) فإنه للاستقبال القريب.

(وسوف) فإنه للاستقبال البعيد كما مر أن الاسم يخصص بأحد معانيه بواسطة (٢) القرائن.

وإنما عرف المضارع بمشابهته الاسم ؛ لأنه لم يسم مضارعا إلا لهذا إذ معنى المضارعة في اللغة المشابهة ، مشتقة من الضّرع ، كأن كلا (٣) الشبهين اتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعا.

(فالهمزة) (٤) من تلك الحروف الأربعة (للمتكلم مفردا) مذكرا كان أو مؤنثا مثل : (أضرب).

(والنون له) أي : للمتكلم (٥)

__________________

ـ مشتركا بخلاف المضارع فإن اشتراكه الذي بسبب زيادة أحد حروف نأيت دائمي. (عصام).

(١) ولم يتعرض لتخصيصه للحال بلام الابتداء ؛ لأنه مذهب الكوفيين وأما البصريون فالمضارع بعد دخولها على الصلاحية فلذا لم يتعرض. (لمحرره).

(٢) قوله : (بواسطة القرائن) أشار بصيغة الجمع إلى أنه يجوز أن يكون لخصص معنى واحد قرائن كثيرة وإلى كثرة الموارد. (سيالكوني).

(٣) قوله : (كأن كلا الشبهين) جواب سؤال مقدر كأنه قيل ما المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي للمضارع حتى يقال أنه سمي المستقبل مضارعا ؛ لأن المستقبل مشابه لاسم الفاعل وتسمية المشبه الذي هو المضارع مضارعا غير مفهوم في كلامهم فما وجهها فأجاب بقوله كلا الشبهين. (لمحرره).

(٤) قوله : (فالهمزة ... إلخ) لم يراع في البيان ترتيب حروف نأيت بل يراعي قاعدة التصريف الفعل فإنه يبتدأ من المتكلم الواحد وينتهي إلى الغائب. (عصام).

ـ قوله : (فالهمزة) شروع في معاني حروف المضارعة. (خبيصي).

ـ والقياس أن يكون ألفا إذ حق الزوائد أن يكون من حروف المد واللين لكثرة دورانها في الكلام إذ لا يخلو كل منها أو منشئها وهي الحركات إلا أنهم جعلوا الألف همزة لتعذر الابتداء بالساكن. (خبيصي).

(٥) قوله : (للمتكلم المفرد) يجب ترك المفرد لأن المتكلم لا يكون إلا واحدا سواء تكلم باضرب ـ


المفرد إذا كان (مع (١) غيره) واحدا كان ذلك الغير أو أكثر (٢) ، مثل : (نضرب) وكأنهما مأخوذان من (٣) (أنا ونحن).

(والتاء (٤) للمخاطب) مطلقا واحدا كان أو مثنى أو مجموعا مذكرا كان أو مؤنثا.

(وللمؤنث) الواحد (٥) (والمؤنثين غيبة) أي : حال (٦) كون المؤنث والمؤنثين غائبات (٧) أو ذوي غيبة.

(والياء (٨) للغائب غيرهما) أي : غير القسمين المذكورين وهما : واحد للمؤنث ومثناه.

فقوله (غيرهما) أي : غير القسمين المذكورين بالجر (٩) على البدلية من الغائب ؛

__________________

ـ أو بتضرب وإنما وصف في اضرب بالمفرد بمعنى أنه ليس معه غيره كما يدل عليه وصفه في نضرب بكونه مع الغير فلا يجتمع الإفراد مع كونه مع الغير. (عصام).

(١) قوله : (مع غيره) مؤنثين أو مذكرين أو مختلفين. (حكيم).

(٢) مذكرا كان أو مؤنثا أو مختلطا والفرق حاصل بالصوت وإلا لم يضعوا صيغة مستقلة لكل وتفصيله في الصرف أي : في علم الصرف. (لمحرره).

(٣) لأن همزة أنا يدل على المتكلم ونون نحن يدل على المتكلم معه غيره فيكون همزة اضرب ونون نضرب كذلك. (لمحرره).

(٤) لأنها فرع الواو ومخرجها منتهى المخارج والمخاطب منتهى. (رضا).

(٥) يعني : أن التاء معينة لمفرد المؤنث الغائبة وتثنية الغائبة كالمخاطب والمخاطبة. (لمحرره).

(٦) يعني أن المصدر لا يقع حالا بلا تأويل باسم الفاعل أي : غائبات وذلك ؛ لأن حق الحال أن يكون من المشتقات ولا صفة إلا بتقدير ذوي. (علي الرضا).

(٧) يمكن جعل غيبة مصدرا حينيا إلى أن جعلها حلالا أنسب نظائرها ولو قال المصنف : والغائبة والغائبتين لكان أخصر وأظهر. (عصام).

ـ قوله : (غائبات) أورد صيغة الجمع المؤنث نظرا إلى معنى المؤنث والمؤنثين أورد صيغة التثنية أعني : ذوي نظر إلى اللفظ المؤنث والمؤنثين وكسر الواو غير صحيح. (سيالكوني).

(٨) لأن الياء من وسط الفم والذي يذكر في وسط الكلام الجاري بين المتكلم والمخاطب فناسب. (لمحرره).

(٩) قوله : (بالجر على البدلية) أشار بذلك إلى الرد على من قال إنها صفة الغائب وذلك أن غير لا يتعرف بالإضافة إلى المعرفة فلا يصح صفة للمعرفة الموصوفة فيصلح للبدلية ؛ لأن النكرة إذا أبدلت من المعرفة والنعت واجب مثل بالناصية ناصية كاذبة. (وجيه الدين).


لأنه (١) وإن يصر بالإضافة معرفة ، لكنه خرجت بها عن النكارة الصرفة ، فهو في قوة النكرة الموصوفة ، أو بالنصب حال وهو الأول لموافقة السابق.

(وحروف (٢) المضارع مضمومة في الرباعي) أي : فيما ماضيه (٣) على أربعة أحرف أصلية ، ك : (يدحرج) أولا ك : (يخرج)

(ومفتوحة فيما سواه) أي : فيما سوى ما ماضيه على أربعة أحرف ، مثل : (يتدحرج ويستخرج) ونحوهما.

(ولا يعرب من الفعل غيره) أي : غير المضارع لعدم علة (٤) الإعراب فيه ولما كان (٥) هذا الكلام في قوة قولنا (وإنما يعرب المضارع) صح أن يتعلق به قوله : (إذا (٦) لم يتصل به نون تأكيد) ثقيلة كانت أو خفيفة (ولا نون جمع مؤنث) لأنه إذا اتصل به أحدهما يكون مبينا (٧) ؛

__________________

(١) جواب عن سؤال مقدر ، وهو إذا أبدل النكرة من المعرفة فتوصيف البدل بنكرة أخرى حسن عند أكثر النحاة وواجب عند ابن الحاجب كما مر في بحثه. (علي المرتضي).

(٢) قوله : (وحروف المضارعة ... إلخ) أما الضم في الرباعي فلأنه لما فتح أول الماضي ينبغي أن يخالف أول المضارع لكان التغاير والتباين بينهما وأما الفتح فيما سواه فللتخفيف الذي استدعاه كثرة الاستعمال في الثلاثي المجرد وكثرة الحروف فيما زاد على أربعة أحرف. (وجيه).

(٣) ولما كان المتبادر من لفظ الرباعي هو الرباعي المجرد أراد الشارح أن يفسره على وجه يراد به معناه الأهم. (أيوبي).

(٤) وهي المشابهة التامة في اللفظ الموافقة في الحركات وفي المعنى في العموم والخصوص كما مر في الاستعمال لوقوعه صفة للنكرة مثل ضارب ويضرب. (وجيه الدين).

(٥) ولما توجه على عبارة المتن أنه لم يجز تعلق قوله : (إذا لم يتصل به) بقوله : (لا يعرب) أراد الشارح أن يمهد مقدمة يندفع بها ذلك الاتجاه فقال : (ولما ... إلخ). (أيوبي).

(٦) وفي عبارة الكتاب نظر ؛ لأنه يدل على أن غير المضارع لا يعرب إذا لم يتصل به النون المذكورة ويعرب إذا اتصل به وليس المراد ذلك بل المراد أنه لا يعرب من الفعل إلا المضارع وجرب إذا لم يتصل به النون وإذا كان كذلك يجعل قوله : إذا لم يتصل به قيدا في المفهوم من كلامه وهو أن المضارع يعرب لا قيدا في المذكور وهو لا يعرب غير المضارع إذا لم يتصل به النون. (وافية).

(٧) لأن نون جمع المؤنث لا يقبل الإعراب ؛ لأنها ضمائر والضمائر مبني والمبني لا يعرب. (لمحرره). ـ


لأن نون التأكيد لشدة (١) الاتصال بمنزلة جزء الكلمة فلو دخل الإعراب قبلها يلزم دخوله في وسط الكلمة ، ولو دخل عليها لزم دخوله على كلمة أخرى حقيقة ولأن (٢) نون جمع المؤنث في المضارع تقتضي أن يكون ما قبلها ساكنا لمشابهتها (٣) نون جمع المؤنث في الماضي فلا يقبل الإعراب.

(وإعرابه (٤) رفع ونصب) يشارك الاسم فيهما (وجزم) يختص به كالجر بالاسم.

(فالصحيح) (٥) منه وهو عند النحاة : ما لم يكن حرفه الأخير حرف علة (المجرد عن ضمير بارز مرفوع) (٦) متصل به (للتثنية) (٧) مذكرا كان أو مؤنثا ، مثل : (يضربان ، وتضربان) (والجمع) المذكر مثل : (يضربون وتضربون) والمؤنث (٨) مثل : (يضربن

__________________

ـ قوله : (يكون مبنيا) وقيل أنه معرب تقديرا لنقل محل الإعراب بالحركة كما في غلامي ولا يخفى عليك الفرق بينهما وبين غلامي فإنهما لشدة الاتصال صارتا كالجزء منه فلم يبق ما قبلهما محل الإعراب أصلا بخلاف غلامي. (سيالكوني).

(١) قوله : (لشدة الاتصال) أما لفظا فظاهر وأما معنى فلكون المؤكد عين المؤكد بخلاف الاتصال مع التنوين لسقوطه في الوقف والإضافة ومع اللزم فلا يصير ما قبله وسطا فأجري الإعراب عليه. (حكيم).

(٢) أعاد اللام نظرا إلى أن المدعى ذات جزئين فكان كل منهما مدعى برأسه. (حكيم).

(٣) وتلك المشابهة ضعف مشابهة المضارع بالاسم فرجع على ما هو الأصل في الفعل أعني البناء. (حكيم).

(٤) قوله : (وإعرابه رفع) لا بمعنى علم الفاعلية بل بمعنى ضمة أو نون اقتضاها العامل لا بمعنى ما يقوم به المعنى المقتضى للإعراب بل بمعنى ما أوجب كون آخر الكلمة على هيئة مخصوصة فإن إعراب الفعل ليس بمعنى وقوله : نصب بمعنى فتحة أو حذف نون أوجبها العامل وقوله : وجزم بمعنى سكون أو حذف نون أو حرف اقتضاها العامل. (عصام).

(٥) قوله : (فالصحيح) تفصيل لأنواع إعراب المضارع ومحالها.

(٦) نحو : بضرب وما يضرب إلا هو فإنه وإن لم يرد عن الضمير البارز لكنه حرك عن الضمير البارز المتصل. (عصام).

(٧) ولقائل أن يقول إن الضمير البارز المرفوع لا يكون إلا للتثنية والجمع والمخاطب المؤنث فقوله : (للتثنية والجمع ... إلخ) مستدرك لا حاجة إليه. (كبير).

(٨) فيه أن الضمير البارز في الصحيح المعرب لا يكون إلا بجمع المؤنث فالجمع المطلق في هذا المقام ينصرف إلى المذكر ولذلك صح قوله : (فيما بعد) والمتصل به لذلك بالنون وحذفها إذ لو كان المشار إليه بذلك شاملا لضمير جمع المؤنث لانتقض الحكم بجمع المؤنث. (عصام).


وتضربن) (والمخاطب المؤنث) مثل : (تضربين).

فهذه (١) أربع صيغ (يضرب) في الواحد الغائب المذكر ، و (تضرب) في موضعين في الواحد الغائب المؤنث ، والواحد المخاطب المذكر.

و (أضرب) في المتكلم الواحد) ، و (نضرب) في المتكلم مع الغير.

(بالضمة) في حال الرفع (والفتحة) في حال النصب (لفظا) (٢) أي : حال كون الضمة والفتحة لفظتين.

(والسكون) (٣) في حال الجزم (مثل (يضرب) (٤) و (لن يضرب) و (لم يضرب)(٥).

(و) (٦) المضارع (المتصل به ذلك) أي : الضمير البارز المرفوع وذلك (٧) في خمسة مواضع (بالنون) حالة الرفع.

__________________

(١) وما اشترط للحكم الذي سيذكر أن يكون الصحيح معربا مجردا عن الضمائر المذكورة فرع عليه قوله : (فهذه).

(٢) وفي بعض النسخ لم يوجد لفظ (لفظا) كما في نسخة صاحب المتوسط. (عصام).

(٣) قوله : (والسكون) لم يقيده بقوله لفظا كما قيد أخويه ؛ لأن السكون لا يكون إلا لفظا بخلاف الحركة. (عصام).

ـ قوله : (والسكون) لم يقل لفظا لأنه عدمي والزائل لالتقاء الساكنين في حكم الثابت كما في يرمنا فليس السكون في لم يكن الذي تقديرا على ما وهم. (عبد الحكيم).

(٤) قوله : (مثل يضرب) لأحد أقسام إعرابه وهي الضمة واكتفى عن أمثلة باقي الأقسام لشهرة أمرها ولهذا زاد الشارح قوله : (ولن يضرب ولم يضرب) أو المراد على حسب العوامل كما قال الفاضل الهندي فيشمل جميع الأمثلة وهو مثال الإعراب الصحيح لا تنفس الصحيح كما قيل إذ لا يلاءم ذلك بعد ذكر إعراب الصحيح. (وجيه الدين).

(٥) وإنما سقط النون حال الجزم ؛ لأنه بمنزلة الحركة في المفرد فلما سقط الحركة حال الجزم فكذلك النون. (متوسط).

(٦) أشار به إلى أن قوله : (والمتصل) معطوف على قوله : (فالصحيح) لا على قوله : (المجرد) لأن هذا الحكم شامل للصحيح والمعتل. (سيالكوني).

(٧) أي : إعراب ما اتصل به الضمير البارز المرفوع في خمسة مواضع وإن كان الاتصال في سبعة مواضع فإن الموضعين أعني بضربين تضربن مبنيان خارجان بقوله : ونون جمع المؤنث. (حكيم).


(وحذفها) أي : بحذف النون حالتي الجزم والنصب (١).

فإن النصب فيه تابع للجزم كنا أن النصب في الأسماء تابع للجر (مثل (يضربان) وتضربان (ويضربون (٢) وتضربون وتضربين) ولم (يضربا ولن يضربا) إلى آخرها.

(و) المضارع المعتل) الآخر بالواو والياء بالضمة تقديرا في حال الرفع ؛ لأن الضمة على الواو والياء ثقيلة تقول : (يدعو ويرمي) (والفتحة لفظا) في حال النصب ، لخفة الفتحة ، نحو : (لن يدعو ، ولن يرمي) (والحذف) أي : بحذف الواو والياء في حال الجزم ؛ لأن الجازم لما لم يجد حركة أسقط الحرف المناسب (٣) لها ، نحو : (لم يغز ، ولم يرم).

(و) المضارع (٤) (المعتل) الآخر (بالألف) بالضمة والفتحة تقديرا ؛ لأن الألف لا يقبل (٥) الحركة ، تقول : (يرضى ، ولن يرضى).

(والحذف) أي : بحذف الألف في حال الجزم ، تقول : (لم يرض).

(ويرتفع) (٦)

__________________

(١) قوله : (حالتي النصب والجزم) أما في حالة الجزم فظاهر ؛ لأنه إسقاط الإعراب وأما في حالة النصب فلامتناع اجتماعه مع الرفع فلا بد من زواله إلا أنه زال في الواحد ببدل وهو الفتحة وهاهنا زال بلا بدل له فصار النصب تابعا للجزم وتحذف نون مع نوني التأكيد أما ؛ لأنه لا يكون في المعنى علامة الرفع وإما لاجتماع النونات. (عبد الحكيم).

(٢) وإنما جعل إعرابها بالحروف لمشابهتها صورة المثنى والمجموع في الأسماء. (متوسط).

(٣) ولعل وجه المناسبة كونه بمنزلة الحركتين فالواو بمنزلة الضمتين وكذا الألف والياء. (وجيه).

(٤) قوله : (والمضارع المعتل الآخر) المعتل عندهم ما يقابل الصحيح عندهم وهو ما كان آخره حرف علة لكن المتبادر من كلام الشارح أن المعتل عام أريد به الخاص. (محشي ع).

(٥) قوله : (لأن الألف لا يقبل الحركة) لكونه ساكنا أبدا فتعذر الإعراب عليه مع كونه قابلا لها من حيث إنه آخر الكلمة فيمكن التقدير فيه بخلاف آخر الجمع المؤنث فإنه للزوم السكون لا يقبلها أصلا لا بخصوصه ولا بنوعه والحاصل أن التقديري فرع اللفظي فلا بد من إمكانه في ذلك المحل إما بخصوصه أو بنوعه. (عبد الحكيم).

(٦) وإنما لم يقل ويرتفع بوقوعه موقع الاسم ؛ لأن وقوعه موقع الاسم خفي في كثير من المواضع فلا يتميز به المرفوع عند المبتدئ بسهولة والمقصود الأصلي في هذا المقام تمييز الأقسام الثلاثة بعضها عن بعض لا بيان العامل. (عصام).


المضارع إذا تجرد (١) عن الناصب والجازم نحو : (يقوم (٢) زيد) سواء (٣) كان العامل فيه هذا التجرد كما هو المتبادر من عبارته ، وذلك مذهب الكوفيين وسواء كان العامل فيه وقوعه موقع الاسم (٤) كما في : زيد يضرب ، أي : ضارب ، أو : مررت برجل يضرب أو رأيت رجلا يضرب.

وإنما (٥) ارتفع بوقوعه موقع الاسم (٦) ؛ لأنه إذن يكون كالاسم (٧) ، فأعطى اسبق إعراب الاسم وأقواه ، وهو الرفع وذلك مذهب البصريين.

وأورد عليه أنه يرتفع في مواضع لا يقع فيها موقع الاسم ، كما في الصلة (٨) ، نحو : (الذي يضرب) وفي نحو : (سيقوم ، وسوف يقوم) وفي خبر (كاد) نحو : (كاد زيد

__________________

(١) هذا إشارة إلى عامل رفع المضار وهو كونه مجردا عن العوامل اللفظية أعني ناصب المضارع وجازمه. (متوسط).

(٢) قيل هذا قول الفراء وعند البصرية ارتفاع المضارع لوقوعه موقع الاسم نحو : زيد يقوم. (خبيصي).

(٣) قوله : (سواء كان العامل فيه التجرد ... إلخ) والشارح في ذلك تبع الرضي إلا أنه أورد لفظ الإيماء بدل لفظ المتبادر حيث قال هذا وإذ لم يصرح بأن عامل الرفع هو التجرد عن العوامل كما هو مذهب الفراء كالإيماء بها ذلك المذهب انتهى ووجه التبادر والإيمان أنه ذكر في ارتفاع فعل المضارع لفظ التجرد الذي هو العامل عند بعض النحاة وقال يرتفع عين التجرد ولم يقل إن لم يدخله الناصب والجازم فيتبادر منه أن العامل هو التجرد كما هو مذهب البعض وإن اختار مذهب البعض. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (موقع الاسم) وهو عين التجرد عن الجازم والناصب إذ لا يدخلان على الاسم. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (وإنما ارتفع ... إلخ) ثم التزم الشارح هذا المذهب حيث تعرض لتفصيله وتحقيقه. (أيوبي).

(٦) لأن الأصل في الخبر والصفة والحال الاسم والإفراد. (لمحرره).

(٧) مع كونه معربا فلا ينتقض بالماضي ؛ لأنه مبني الأصل ، فلا يؤثر فيه العامل. (محرره).

(٨) قوله : (كما في الصلة) فظاهر لأن الصلة لا يقع مفردا وأما في نحو : سيقوم وسوف يقوم فلان حرف التنفيس من خواص الأفعال وإما خبر كاد فلأن خبر كان يكون فعلا مضارعا أبدا وأما في نحو : يقوم الزيدان فلأن المفرد لا يكون خبرا عن المثنى. (وجيه الدين).


يقوم) (١) وفي نحو : (يقوم (٢) الزيدان).

وأجيب عن النحو : الذي يضرب ، ويقوم الزيدان ، بأنه (٣) واقع موقعه ؛ لأنك (٤) تقول الذي ضارب هو) على أن (ضارب) خبر مبتدأ مقدم عليه وكذا (قائمان الزيدان)(٥) ويكفينا وقوعه موقع الاسم ، وإن كان الإعراب مع تقديره اسما غير الإعراب مع تقديره(٦) فعلا.

وعن نحو : (سيقوم) أن سيقوم مع السين واقع موقع الاسم ، لا يقوم وحده ، والسين صار كأحد أجزاء (٧) الكلمة.

وسوف في حكم السين.

وعن نحو : (كاد زيد يقوم) أن الأصل فيه الاسم ، وإنما عدل عن الأصل لما يجيء في باب أفعال المقاربة أن شاء الله تعالى.

__________________

(١) والحاصل أن يقوم في هذه الأمثلة لا يقوم موقع اسم الفاعل. (وجيه الدين).

(٢) لأنه مفرد لا يصلح أن يكون خبر عن المثنى ولو قام مقام الاسم الفاعل يلزم عمل اسم الفاعل بدون الاعتماد. (محرره).

(٣) قوله : (بأنه واقع موقع) إشارة إلى منع قوله : (لا يقع فيها بأنا لا تسلم) عدم وقوعه موقع الاسم. (أيوبي).

(٤) قوله : (لأنك تقول) إشارة إلى سند المنع بصورة الدليل يعني أنه إنما لم يقع إذا لم يجز قولك : الذي ضاربهو. (عباس).

(٥) وخبر كان أيضا واقع موقع الاسم ؛ لأن الأصل في خبر كاد أن يكون اسما وإنما لم يجز هذا الأصل في خبر كاد استعمالا. (هندي).

(٦) لأن يقوم على تقديره اسما خبر مقدم على المبتدأ وعلى تقديره فعلا يكون الزيدان فاعلا له لا مبتدأ فيكون العامل فيه وقوعه موقع الاسم وهو مختار المصنف في كثير من الأحكام. (لمحرره رضي).

(٧) فإن السين لما صار كأحد حروف الفعل كان الواقع موقع الاسم هو الفعل مع السين لا الفعل وحده فلا يرد ما قيل : إن السين من خواص الفعل فلا يكون يضرب في سيضرب واقعا موقع الاسم لامتناع دخول السين على الاسم فإنه لا يصح سقائم. (سيد علي زاده).


(وينتصب) أي : المضارع (بأن) ملفوظة (١) (ولن) (٢).

قال الفراء : أصله (لا) أبدل (٣) الألف نونا وقال الخليل (٤) : أصله (٥) (لا (٦) أن) فقصر ك : (أيش) في (أي شيء) وقال سيبويه إنّه حرف برأسه (٧).

(وأذن) (٨) قيل : أصله (إذ أن)

__________________

(١) قوله : (ملفوظة) حال من كلمة إن وإنما قيد به ؛ لأن المضارع إذا لم يقع بعد الحروف التي يجوز فيها تقدير إن كما سيجيء لا تكون مقدرة فكأنه قسمها إلى قسمين أحدهما ملفوظة والثاني مقدرة وأشار الشارح بالقيد إلى أن المراد هاهنا هو القسم الأول. (محرم).

(٢) للنفي المؤكد في الاستقبال لا المؤيد كما زعمه المعتزلة لقوله تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ)[يوسف : ٩٠] ؛ لأن حتى للانتهاء وهو يناقض التأييد فيه أنه يجوز أن يكون لن للتأييد في أصل الوضع في مثل لن يغفر الله تعالى للكافرين ، ويستعمل في التأكيد مجاز المانع في مثل هذه الآية. (حسن شوقي).

(٣) قوله : (أبدل الألف نونا) فيه أنه لا مناسبة بين الألف والنون إلا أن يقال : النون الخفيفة تقلب في الوقف كذلك التنوين.

ـ إذا التنوين والنون الخفيفة إذا انفتح ما قبلهما ينقلبان ألفا في الرضي لا دليل على قول الفراء. (ك).

(٤) قوله : (وقال الخليل أصله لا أن) يرده أن لا تضرب في تقدير لا ضربك وهو ليس بكلام بخلاف لن تضرب أقول : لن مركب من لا والنون الخفيفة التي حقها أن يلحق الفعل إلا أنه الحق بلا للتصريح بأنه لتأكيد النفي لا لتأكيد الفعل المنفي حتى يفيد اللفظ نفي التأكيد فاعمل عمل النصب لكون آخر الفعل على هيئة يكون مع النون ولذا خص لن من بين حروف النفي بتأكيد النفي. (عصام).

(٥) فحذفت تخفيفا فالتقى الساكنان وهو الألف والنون فحذفت الألف ثم ركب اللام مع النون فصار لن. (زنجاني).

(٦) قال الشاعر :

يرجى المرء ما لا أن يلاقي

ويعرض دون أقربه الخطوب

أي : لن يلاقي (سيالكوني).

(٧) وهو الحق إذ الأصل عدم التصرف في الحروف ولو رد فالظاهر ما خطر ببالي من أن أصله لا ألحق به النون الخفيفة للتأكيد فصار لن فعلى هذا لن مركب من لا وإن فلهذا عمل عمل لا وإن أعني : النفي والنصب فنفيه مستفاد من لا ونصبة مستفاد من أن. (رضي).

(٨) والمروي عن الخليل تقدير أن بعدها وكتبها بالنون مطلقا مبني عاما نقل عن المازني أنه لا ـ


فخففت (١) وقيل : أصله (إذ) الظرفية ، فنون عوضا عن المضاف إليه.

و (كي) وب (أن) مقدرة بعد (حتى) نحو : (سرت حتى أدخلها).

(و) بعد (لام (كي) نحو : (سرت لا دخلها) (٢) (و) بعد (لام الجحود) (٣) وهي اللام الدارة الزائدة في خبر كان المنفي ، نحو قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) لأن هذه الثلاثة جواز فيمتنع دخولها الفعل إلا بجعله مصدرا ، بتقدير (أن) المصدرية.

(و) بعد (الفاء) (٤) نحو : (زرني فأكرمك).

(و) بعد (الواو) نحو : (لا تأكل السمك وتشرب اللبن).

(و) بعد أو (٥) نحو : (لألزمنك أو تعطيني حقي).

فإن الفاء (٦) والواو عاطفتان واقعتان بعد الإنشاء ، وقد امتنع عطف الخبر على

__________________

ـ يقع الوقف عليها بالألف لكونها كان وهو المختار عند المصنفين وما نقل عن الفراء أنه قال إذا ألغيتها فاكتبها بالنون لئلا يلتبس بأن الزمانية وإذا أعملتها فاكتبها بالألف إذ العمل يميزها فمبني على ما نقل عن المبرد أنه يجوز الوقف عليه بالألف والنون. (فاضل طه ولى).

(١) ينقل حركة الهمزة وحذف الألف لالتقاء الساكنين وبغير المعنى بتغير اللفظ فلم يلزم الفعل بعدها وجاز أن يلي الجار كما في قوله تعالى : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)[الشعراء : ٢٠]. (حكيم).

(٢) مثل للحروف الثلاثة مع أن أمثلتها مذكور في المتن ؛ لأن المقصود هاهنا تمثيل تقدير أن وما في المتن تمثيل النصب. (س).

(٣) قوله : (لام الجحود) لزيادة تأكيد النفي وغنما سميت هذه اللام لام الجحود لمجيئها بعد النفي ؛ لأن الجحد عبارة عن نفي ما سبق ذكره. (حكيم).

(٤) السببية لأن الحد دل عن الرفع إلى النصب ليرشد له من أول الأمر إلى أنه قصد تحولها من العطف إلى السببية ؛ لأن تغير اللفظ يدل على تغير المعنى. (طه).

(٥) فإن هو الأصل في هذا الباب لمشابهتها أن المشددة المفتوحة والمخففة منها لفظا ومعنى من حيث كونهما مصدريتين حمل عليها الباقي في العمل لكونها للاستقبال. (خبيصي).

(٦) قوله : (فإن الفاء والواو) ليت شعري أن الشارح الفاضل لأيّ وجه ترك وجه تقدير أن الناصبة للمضارع بعد أو مع ذكر وجه التقدير بعد أختها مع أنه غير خفي فإن أو حينئذ على ما سبق أما بمعنى إلى فيكون حرف جر كما يصرح به نفسه أو بمعنى الاستثنائية وعلى كلا التقديرين يلزم أن يكون مدخولها اسما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلأن المستثنى لا يكون إلا اسما على ما لا يخفى. (فاضل أمير).


الإنشاء (١) ، فجعل مفردا ليكون من عطف المفرد على المفرد المفهوم من ذلك الإنشاء ، فيكون المعنى في (زرني فأكرمك) ليكن زيارة منك فأكرم مني إياك.

وفي : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، لا يكن منك أكل السمك وشرب اللبن معه.

(ف : إن) (٢) التي ينتصب (٣) بها المضارع (مثل : أريد أن تحسن إلي) مثال النصب بالفتحة.

(ومثل : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٤) مثال النصب بحذف النون).

(و) كلمة (أن التي تقع بعد العلم) إذا لم يكن بمعنى (٥)

__________________

(١) لكمال الانقطاع بين الجملتين وهو اختلافهما خبر وإنشاء لفظا ومعنى بأن يكون أحديهما خبر لفظا ومعنى والآخر إنشاء لفظا ومعنى نحو : وقال رائدهم : أرسوا نزولها. (مختصره جالي).

(٢) لما فرغ من تعداد النواصب إجمالا شرع في تفصيل المسائل المختصة لكل منها وشروط نصبها. (أيوبي).

(٣) احتراز عن أن المخففة والتفسيرية وليس تقدير الصفة هاهنا للتعلق كما في إذن وحتى. (حكيم).

(٤) من قبيل الاقتباس وإلا يلزم أن يقول كقوله تعالى. (حكيم).

ـ فإن في المثالين المذكورين متعين ؛ لأن يكون ناصب المضارع ولا يحتمل أن يكون مخففة من المثقلة لوجوب ذكر سوف أو السين أو قد أو حرف النفي مع أن المخففة ولاختصاص المخففة بالأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر. (وافية).

(٥) قيد للعلم يعني أن المراد بالعلم هاهنا هو العلم الذي لا يكون بمعنى الظن أي : إذا كان العلم مستعملا في معناه الأصلي وهو الاعتقاد الجازم الذي يكون بمعنى التحقق والتيقن لا إذا كان مستعملا في معنى الظن الذي هو الاعتقاد الراجح المحتمل لخلافه وقال العصام وهذا يشعر بأن العمل جاء بمعنى الظن والمشهور أنه لا يستعمل إلا في اليقين ولو سلم فالمراد ليس لفظ العلم حتى يصبح تقييده بهذا بل ما يدل على اليقين سواء كان لفظ العلم أو الرؤية أو الوجدان أو الظن أو غير ذلك. (عبد الله أيوبي).

ـ قوله : (إذا لم يكن بمعنى الظن) حمل الوقوع بعد العلم على الوقوع بعد لفظه كما هو المتبادر فاحتاج إلى التقييد إذا العلم قد يكون بمعنى الظن في الرضي جوز بعضهم أن يأول العلم بالظن مجازا فيقال : علمت أن يخرج زيد بالنصب أي : ظننت وفي تفسير ابن حيان قد يستعمل العلم ويراد به الظن القوي فيجوز أن يعمل في أن المصدرية ويدل على ذلك قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ)[الممتحنة : ١٠] ؛ لأن القطع بإيمانهم غير متصل إليه. (عبد الحكيم).


الظن (١) (هي) (أن) (المخففة من (أن) المثقلة) لأن المخففة للتحقيق ، فيناسب العلم بخلاف الناصبة فإنها للرجاء والطمع فلا يناسبه.

(وليست) أي : (أن) الواقعة بعد العلم (هذه) أي : (أن) الناصبة (نحو (علم أن سيقوم (٢) ، وأن لا يقوم) و (أن) (التي تقع بعد الظن ففيها (٣) الوجهان) لأن الظنّ باعتبار دلالته على غلبة (٤) الوقوع يلائم (أن) المخففة الدالة على التحقيق ، وباعتبار عدم اليقين يلائم (أن) المصدرية ، فيصح وقوع كليهما : فيجري (٥) في (أن) التي بعد الوجهان.

(ولن) (٦) مثل : (لن أبرح) ومعناها) أي : معنى (لن) (نفي المستقبل) نفيا مؤكدا (٧) لا مؤبدا ، وإلا يلزم أن يكون في قوله تعالى : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) [يوسف : ٨٠] تناقض ؛ لأن (لن) تقتضي معنى التأييد و (حتى) تقتضي الانتهاء.

(وإذن) (٨) التي ينتصب المضارع (إذا لم يعتمد ما بعدها على ما قبلها) أي : أن لم

__________________

(١) أراد أن الضمير لمجرد التأكيد والفرق بين الخبر والنعت سواء قلنا : إنه مبتدأ أو ضمير فصل وليس لقصر المسند على المسند إليه ولا عكسه ؛ لأنه يصير قوله : وليست هذه تأكيد التكرار والأصل عدمه. (حكيم).

(٢) والفرق بين أن المخففة وأن المصدرية إذ أن المخففة يجيء بعد السين أو سوق أو لا النافية مثل : أن سيقوم وأن لا يقوم. (وافية).

(٣) ودخول الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط كما في : الذي يأتيني فله درهم. (معرب).

(٤) أي : كون جانب الوقوع غالبا على عدمه وليس المراد بغلبته كثرته كما هو المتبادر وقال عبد الحكيم : فالمراد بغلبة الوقوع كثرته فإن المظنون أكثر في الوقوع.

(٥) قوله : (فيجري) ذكر النتيجة بعد إقامة الدليل وذكر المدعي إشارة إلى إيصاله إليها وترتيبها عليه. (سيالكوني).

(٦) وأصل لن لا أن عند الخليل فحذفت الهمزة للتخفيف ثم الألف لالتقاء الساكنين ولا عند الفراء فقلبت الألف نونا وحرف برأسه عند سيبويه. (موشح).

(٧) قوله : (نقيا مؤكدا) في المعنى ولا تفيد لن توكيد النفي خلافا للزمخشري في كشافه ولا شيء بيده خلافا له في أنموذجه وكلاهما دعوى بلا دليل ولو كانت للتأييد لم يفيد منفيها باليوم في قوله : تعالى : (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)[مريم : ٢٦] ولكان ذكر الأبد في قوله تعالى : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً)[البقرة : ٩٥] تكرارا والأصل عدمه. (سيالكوني).

(٨) قوله : (وإذن) إنما تنصب الفعل المضارع بشرطين :

ـ أحدهما : أن يكون ما بعدها معتمدا على ما قبلها أي : أن لا يكون ما بعدها معمولا لما ـ


يكن ما بعدها معمولا لما قبلها ، فإنه إذا اعتمد ما بعدها على ما قبلها لا ينتصب بها المضارع ؛ لأنها لضعفها لا تقدر أن تعمل فيما اعتمد على ما قبلها فصار كأنه سبقها حكما ، (وكان) عطف على (لم يعتمد) أي : ينتصب بها المضارع إذا لم يعتمد ما بعدها على ما قبلها. وإذا كان (الفعل) المذكور بعدها (مستقبلا) لكونها جوابا (١) وجزاء ، وهما(٢) لا يمكنان إلا في الاستقبال. (٣)

فإن فقد أحد الشرطين ، نحو : (أنا أذن أحسن إليك) وكقولك لمن يحدثك ، إذن أظنك كاذبا ، أو كلاهما كقولك لمن يحدثك : أنا إذن أظنّك كاذبا ، وجب الرفع.

(مثل) قولك لمن قال : أسلمت (إذن (٤) تدخل الجنة) مثل : بمثال لا يحتمل إلا الاستقبال.

__________________

ـ قبلها وإلا لزم توارد العاملين على معمول واحد وهما إذن وما قبلها.

ـ والثاني : أن يكون الفعل مستقبلا لكونها جوابا وجزاء وهما لا يمكنان إلا في الاستقبال. (وافية).

(١) قوله : (لكونها) أي : في الأصل باعتبار مدخولها) جوابا لكلام مقدم صدر عن ذلك المتكلم نحو : إن جئتني إذن أكرمك أو من متكلم آخذ كما في مثال المتن وجزاء لشرط مذكور أو مقدر. (حكم).

ـ أي : جوابا لقوله : وجزاء لفعله والفارسي يقول : إن إذن قد يكون للجواب فقط نحو قولك : أحبك فيقال في جوابه : إذن أظنك صادقا فهنا لا يتصور فيه الجزاء إذ لا يجوز أن يكون التصدير إذا أحببتني أظنك صادقا. (سيد عبد الله).

(٢) قوله : (وهما لا يمكنان) أي كلاهما لا يمكنان إلا في زمان الاستقبال لا كل واحد منها فإن الجواب إنما يقتضي أن يكون متأخرا عن كلام سابق فيجوز أن يكون في الحال والشرط والجزاء يجوز أن يكونا ماضيين نحو : إن جئتني لأكرمتك ولا يجوز أن يكون الجزاء حالا وقد نص في الرضي أن الشرط والجزاء إما في المستقبل أو في الماضي ولا مدخل للجزاء في الحال. (حكيم).

(٣) لأن الجواب هو القول المقابل للقول المقابل والجزاء هو الفعل المقابل للفعل والمقابل لابد وأن يكون بعد المقابل له فيكونان في الزمان الآتي الذي هو الاستقبال. (وجيه الدين).

(٤) إن شرط وجوب انتصاب الفعل في الأفصح بعد إذن ثلاثة أشياء تصديره وذلك إذا كان جوابا وإن يليه الفعل غير مفصول بينهما بغير القسم والدعاء والنداء نحو : إذن والله أو رحمك الله أو يا زيد أكرمك وأن لا يكون الفعل حالا وأما إذا تصدر من وجه دون وجه كما إذا وقع بعد ـ


فقوله (إذن) مبتدأ ، وقوله : (إذا لم يعتمد) ظرف للانتصاب الملحوظ معها كما أشرنا إليه ، وقوله : (مثل : إذن تدخل الجنة) خبر المبتدأ.

فتمثيل (إذن) بهذا المثال على طريقة تمثيلات أخواتها إلا أنه لما كان انتصاب المضارع بها مشروطا بشرطين أشار إليهما فيما بين المبتدأ والخبر.

(وإذا وقعت) أي : إذن (بعد (١) الواو والفاء (٢) فالوجهان (٣) جائزان) ، النصب بناء على (٤) ضعف الاعتماد بالعطف ، لاستقلال المعطوف ؛ لأنه جملة (٥) ، والرفع باعتبار الاعتماد بالعطف (٦) وأن ضعف.

__________________

ـ العاطف كقولك : تأتيني فإذن أكرمك جاز لك نصب الفعل وترك نصبه وذلك لأنك عطفت جملة مستقلة على جملة مستقلة فمن حيث كون إذن في أول جملة مستقلة هو متصدر فيجوز انتصاب الفعل بعده ومن حيث كون ما بعد العاطف من تمام ما قبله بسبب ربط حرف العطف بعض الكلام ببعض هو متوسط وارتفاع الفعل بعد العاطف أكثر ولهذا لم يقرأ وإذن لا يثبتوا إلا في الشاذ ؛ لأنه غير متصدر في الظاهر. (رضي).

(١) قوله : (بعد الواو والفاء) خص بيان هذا الحكم في كتبهم بالواقع بعد الواو والفاء وكأنهم لم يجدوا وقوعهما بعد غيرهما من حروف العطف لا أنهم وجدوهما ولم يجدوها ذا وجهين تدبر. (عصام).

(٢) كقولك مجيبا لمن قال : أنا آتيك : فإذن أكرمك. (رضا).

(٣) قوله : (فالوجهان) في المعنى والتحقيق أنه إذا قيل : إن تزرني أزرك وإذا أحسن إليك فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وبطل عمل إذن لوقوعها على حشوا وعلى الجملتين جميعا جاز الرفع ولنصب لتقدم العاطف ولا يجوز أن يقدر فيها الوجهان على قياس ما سبق إذ ليس في إذن وجهان بل فيما بعدها إلا أن يفسر الوجهان بالأعمال والإلغاء ولم يقدر الفعل لئلا يكون كنزع الخف قبل الوصول إلى الماء. (عبد الحكيم).

ـ أي : الإلغاء لحصلوا لاعتما وهو الأكثر وبه جاء في التنزيل : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ) والإعمال لاستقلال الفعل مع فاعله وقرئ : وإذا لا يلبثوا في غير السبعة. (خبيصي).

(٤) قوله : (بناء على ضعف) لأن حروف العطف لكونها أصلا في عطف المفردات يقتضي أن يكون المعطوف كالمعمول لما قبله لكن بدخوله على الجملة المستقلة ضعف الاعتماد فكأنه لم يعتمد فيجوز النصب. (سيالكوني).

(٥) لأن الفعل مع فاعله لما كان مفيدا مستقلا من غير النظر إلى حروف العطف فكأنه غير معتمد على ما قبلها. (وافية).

(٦) نظرا إلى ما هو الأصل فيه وإن لم يوجد هاهنا ، فلو فسّر الاعتماد بالارتباط بما قبله ـ


(وكي) التي ينتصب بها المضارع (مثل (أسلمت كي أدخل الجنة) ومعناها السببية) أي : سببية (١) ما قبلها لما بعدها كسببية الإسلام لدخول الجنة في المثال المذكور.

(وحتى) التي ينتصب المضارع بعدها (٢) بتقدير (أن) (إذا كان) أي : المضارع (مستقبلا بالنظر إلى ما قبلها).

وإن كان بالنظر (٣) إلى زمان المتكلم ماضيا أو حالا أو مستقبلا. (بمعنى كي) أي : حال كون (حتى) بمعنى (كي) للسببية (٤) (أو إلى) لانتهاء الغاية ، مثل : (أسلمت حتى ادخل الجنة) مثال ل : (حتى) بمعنى (كي) ولاستقبال المضارع بالنظر إلى ما قبلها وبالنظر إلى زمان التكلم (٥) أيضا.

(و (كنت سرت حتى أدخل البلد) مثال ل : (حتى) بمعنى (كي) أو (إلى) ولاستقبال المضارع بالنظر إلى ما قبله ، وأما بالنظر إلى زمان التكلم فيحتمل أن يكون ماضيا أو حالا أو مستقبلا (٦).

__________________

ـ فجعل الشرطان لوجوب الانتصاب كما فعله الرضي لم يحتج إلى هذه التكلفات. (حكيم).

(١) ولما كان السببية نسبة تقتضي سببا ومسببا فسرها بقوله أي : سببية ما قبلها. (أيوبي).

(٢) وإنما أضمر أن بعد حتى لكونها حرف جر وامتناع دخول حرف الجر على الفعل فأضمر أن ليكون في تقدير الاسم. (وافية).

(٣) قوله : (وإن كان بالنظر) سواء كان وقت الإخبار ماضيا أو حالا أو استقبالا أو لم يكن على أحد الوجه الثلاثة وذلك بأن حصل منك السير إما للدخول أو إلى الدخول ثم عرض مانع من حصوله فلم يكن الدخول حاصلا لا ماضيا ولا حالا ولا مستقبلا. (شيخ الرضى).

(٤) قوله : (بمعنى كي للسببية) لا فائدة لتقييد كي بقوله : (للسببية) سيما وقد علم معنى كي قبيل ذلك لكن تقييد إلى بمعنى انتهاء الغاية للاحتراز عن إلى بمعنى مع ، فإن قلت : حتى أيضا بمعنى انتهاء الغاية فلم قال بمعنى إلى ولم يقل إذا كان بمعناها أو معنى كي ، قلت : كأنه أراد به لا يشترط في حتى هذه أن يكون مجروره آخر جره مما قبله أو متصلا بآخر جزء منه. (عصام).

(٥) يعني أن مضمون قوله : (أدخل الجنة) وهو دخول الجنة يقع مستقبلا ومتأخرا عن الإسلام لكونه سببا له وقد وجدت صحة الانتصاب بهذا القدر مع أنه مستقبل أيضا بالنظر إلى زمان المتكلم لوقوع التكلم في الدنيا ووقوع الجنة في العقبى. (محرم).

(٦) بأن أخير بعد الدخول أو حالا بأن آخر حال الدخول أو مستقبلا بأن منع مانع من الدخول في زمان التكلم وكان قاصدا للدخول بعده. (سيالكوني).


(وأسير حتى تغيب الشمس) مثال ل : (حتى) بمعنى (إلى) ولاستقبال ما بعدها تحقيقا.

(فإن (١) أردت) بالفعل الذي دخلته حتى (الحال) يعنى زمان الحال (تحقيقا) أي: بطريق (٢) التحقيق بأن تكون هي زمان التكلم بعينه ، وسيجيء مثاله.

(أو حكاية) (٣) أي : بطريق الحكاية كما تقول (كنت سرت أمس (٤) حتى أدخل البلد) ف : (أدخل) في هذا الموضع حكاية الحال الماضية كأنك (٥) كنت في زمان (٦) الدخول هيأت هذه العبارة وتحكيها في زمان التكلم على ما كنت هيأته ، وكان ما بعد (حتى) في هذه العبارة مرفوعا فأبقيته على ما كان عليه وحكيته.

ففي زمان (٧) الحكاية أيضا يكون مرفوع ، إذ (٨) لا يمكن

__________________

(١) أي : فإن فقد كون ما بعدها مستقبلا بالنسبة إلى ما قبله وذلك بإرادتك الحال تحقيقا نحو : سرت حتى أدخل البلد وأنت مخبر عن السير خال الدخول أو تقديرا كقولك : اليوم سرت حتى أدخل البلد أمس وأنت سرت ودخلت أمس وقصدت الأخبار اليوم عن تلك الحال. (وافية).

(٢) أشار إلى كون تحقيقا تمييزا من الحال لو كان حالا من الحال لفسره بقوله : محققا. (أيوبي).

(٣) فإن التحقيق والحكاية قسمان من الفعل على ما تشعر به عبارة الشارح رحمه‌الله في بحث الاسم الفاعل حيث قال : والحال أعم من أن يكون حقيقة أو حكاية. (حكيم).

(٤) فإن أمس مفيد أن السير الواقع فيه منقطع بالدخول سبب له أنو منتهى إليه فيقتضي أن يكون الدخول أيضا محققا فيه إذ لو تحقق الدخول في حال التكلم يكون للسير في الحال أيضا مدخل في تحقيقه فلم يكن السير في الأمس فقط سببا لتحققه. (حكيم).

(٥) قوله : (كأنك كنت) يعني إذا كنت دخلت البلد فزمان دخول البلد هو زمان الحال تحقيقا فالعبارة التي تؤدي هذا المقصود هو أدخل بالرفع فإذا أردت أن تحكي ذلك الزمان في زمان تكلمك وتفرضه موجودا فيه فكأنك هيئت هذه العبارة وتحكيها على ما كانت عليه من الرفع فهذا توجيه من الشارح للرفع عند الحكاية لا إنه معنى حكاية الحال حتى ما قيل جعل حكاية الحال بمعنى حكاية اللفظ الدال على الحال وهو خلاف عبارة المصنف. (وجيه الدين).

(٦) جعل حكاية الحال بمعنى حكاية اللفظ الدال على الحال وهو خلاف عبارة المصنف والأظهر أن المراد زمان الحال المحكى به من حيث إنه حال بأن يبرئه في نظر السامع في معرض الحال. (عصام).

(٧) قوله : (ففي زمان الحكاية ... إلخ) نتيجة لما قبله ، فلا يقوهم استدراكه. (حكيم).

(٨) قوله : (إذ لا يمكن ... إلخ) دليل لقوله : (أبقيته) يعني : أن العبارة على الرضع الذي كان ـ


حينئذ تقدير (أن) لأنها (١) علم الاستقبال.

(كانت) أي : (حتى) عند هذه الإرادة (حرف ابتداء) لا جارة (٢) ولا عاطفة(٣).

معنى كونها حرف ابتداء أن يبتدأ بها كلام مستأنف (٤) لا أن يقدر بعدها مبتدأ يكون الفعل خبره لتكون (حتى) داخله على اسم كما توهمه (٥) بعضهم.

(فيرفع) (٦) أي : ما بعد (حتى) لعدم الناصب والجازم (وتجب السببية) أي : كون ما قبلها سببا لما بعدها ، ليحصل الاتصال (٧) المعنوي ، وإن فات الاتصال اللفظي (٨) (مثل مرض) فلان (حتى لا يرجونه) (٩) الآن (١٠) مثال لما أريد الحال تحقيقا ، فإنه قصد به نفي الرجاء في زمان التكلم

__________________

ـ عليه لامتناع نصبه إذ لا يمكن تقدير أن. (حكيم).

(١) قوله : (لأنها علم الاستقبال) أي : يقصد منها الاستقبال وقد قصد من المضارع هاهنا الحال على سبيل الحكاية ولا شك أن قصد الحال وقصد الاستقبال متنافيان فلا يردان أن يقدر بعد حتى إذا كان ما بعد حتى مستقبلا بالنظر إلى ما قبلها وإن كان بالنظر إلى زمان التكلم ماضيا أو حالا ؛ لأنه حينئذ لا بقصد منه الحال. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لا جارة) لأنها لاختصاصها بالاسم لا ندخل على الفعل إلا بتصديران وقد امتنع هاهنا ؛ لأنه علم الاستقبال وتقديرها لم يثبت في كلامهم. (سيالكوني).

(٣) تعرض لنفيها مع أنها خص استعمالا من الجارة ردا على من توهم أنها عاطفة كذا في العبارة. (حكيم).

(٤) لا يتعلق بما قبلها من حيث الإعراب كما تعلق المنصوب بعدها الفعل حرف جر متعلق بما قبلها. (حاشية).

(٥) قوله : (كما توهمه بعضهم) وجه التوهم أنهم يقولون أنها حرف ابتداء ويريدون لزوم المبتدأ بعدها. (عصام).

(٦) إلغاء تفصيل واستئناف أو جواب إذا المقدر أي : إذا كان الأمر كذلك ، وقيل : تعليل. (عصام).

(٧) فلا يخالف حتى وضعها بالكلية ؛ لأنها وضعت لإفادة اتصال ما قبلها بما بعدها لفظا ومعنى عاطفة كانت أو جارة. (عصام).

(٨) وإنما فات الاتصال اللفظي لعدم كونها جارة ولا عاطفة كما لا يخفى. (رضا).

(٩) أي : لا يرجو القوم ذلك الفلان أي : صحته لشدة مرضه في الحال والآن. (حاجي داود).

(١٠) قوله : (الآن) قيد به ليصير المثال نصا في الحال تحقيقا كما أن المثال السابق نص في الحال حكاية والقرينة على التقييد كون المضارع حاليا عن قرينة الاستقبال والحال فإنه إذا خلا من القرائن لم يحمل إلا على الحال. (رضا).


(ومن ثمة) أي : من أجل هذين الأمرين أي : كون (حتى) عند إرادة الحال حرف ابتداء ، ووجوب سببية ما قبلها لما بعدها (امتنع) نظرا (١) إلى الأمر الأول (٢) (الرفع) أيo: رفع ما بعد (حتى) (في) قولك (كان سيري حتى أدخلها في) وقت حصول (٣) كان (الناقصة) في هذا القول بأن يجعل (كان) فيه ناقصة لا تامة ؛ لأنها لو كانت حرف ابتداء انقطع ما بعدها عما قبلها فيبقى (٤) الناقصة بلا خبر فيفسد المعنى (٥).

(و) امتنع الرفع نظرا إلى الأمر الثاني (٦) في قولك : (أسرت حتى تدخلها؟) لأنه حينئذ يكون ما بعدها خبرا مستأنفا مقطوعا بوقوعه (٧) ، وما قبلها سب لما بعدها وهو مشكوك فيه ، لوجود حرف الاستفهام فيلزم الحكم بوقوع المسبب مع الشك في وقوع السبب (٨) وهو محال.

(وجاز في) وقت حصول (كان) (التامة (كان سيري حتى أدخلها) فإن معناه : ثبت سيري فأنا أدخل الآن ولا فساد فيه (٩).

__________________

(١) قوله : (نظر إلى الأمر الأول) لا بالنظر إلى الأمر الثاني فإن كينونة السير على صفة أو في نفسه سبب للدخول وأما احتمال تقدير الجر منتفيا فمناف لما هو مدلول كان أو لاعتبار أن الانتفاء صفة حصل السير عليها وهو تكلف. (سيالكوني).

(٢) بخلاف الأمر الثاني فإنه متحقق لجواز أن يكون السير سببا للدخول في البلد. (وجيه الدين).

(٣) على حذف ثلاثة معنى فات وقال الرضي : وقد يحذف مضاف ما بعدها وجد جرا لقيم المضاف إليه الأخير مقامه. (حكيم).

(٤) ولا يخفى أن الخبر في صورة النصب ليس حتى أدخلها بل الفعل العام المقدر متعلق بحتى فلك أن يقدره بقرينة توقف صحة حتى أخلها بالرفع على تقديره. (عصام).

ـ قوله : (فيبقى الناقصة بلا خبر) إذ لا تعلق لها من حيث الإعراب بما قبلها وإن كان لها تعلق معنوي فلا يقدر لها عامل فلا يكون جارة فإنها تعلقت بما قبلها تعلق الجار والمجرور فلا بد أن يقدر قبلها الفعل العام فلا يتوجه ما قاله العصام فيجوز أن يكون المسبب محقق الحصول فكأنه قال السير المحقق الحصول الذي هو مسبب عن الدخول سايره أي : هو. (وجيه).

(٥) بخلاف ما إذا كانت تامة فإنها لا تقتضي الخبر. (نسخة).

(٦) لامتناعه بخلاف الأمر الأول فإنه لا يلزم منه المحذور أن وإن كان يلزم منه باعتبار استلزامه السببية وهذا مراد الشارح بقوله نظرا إلى الأمر الثاني. (وجيه).

(٧) أي : بوقوع مدلوله بالنظر إلى الخبر ، وإن احتمل عند العقل عدم الوقوع. (س).

(٨) المفاد سببية له حتى بحتى فلا يرد ضع استحالته لجواز تعدد السبب. (سيالكوني).

(٩) قوله : (ولا فساد فيه) لأن القيد إذا تأخر عن المعطوف عليه لا يسري في المعطوف بخلاف ـ


(و) وجاز (أيهم سار حتى يدخلها) (١) بالرفع ؛ لأن السير في هذا المقام محقق والشك إنما هو في تعيين (٢) الفاعل ، فيجوز أن يكون المسبب متحقق الحصول.

فقوله (أيهم) (٣) عطف بتقدير (جاز) على (جاز في التامة) لا على (كان سيري حتى أدخلها) لعدم صلاحية (٤) تقييده بقوله (في التامة) كالمعطوف عليه.

وفي بعض النسخ هكذا (وجاز في : كان سيري حتى أدخلها ، في التامة) أي : جاز الرفع في هذا التركيب في وقت حصول (كان) التامة ، فعلى هذا قوله : (أيهم سار) عطف على (كل سيري) ولا فساد فيه (٥).

(ولام كي) التي (٦) ينتصب المضارع بعدها بتقدير أن (مثل : أسلمت لأدخل الجنة) وإنما (٧) يقدران بعدها لأنها جارة.

__________________

ـ ما إذا تقدم على المعطوف عليه فإنه يسري فيه ذكره العلامة التفتازاني في حاشية الكشاف ولهذا عطف في النسخة الأولى بتقدير الفعل. (وجيه الدين).

(١) أي : يجوز الرفع ويختار النصب أيضا لانتفاء مانع الرفع إذ الاستفهام هاهنا عن السائر وهو ليس بسبب السير فتحقق السببية. (موشح).

(٢) لأن الاستفهام كان عن تعيين الفاعل ؛ لأن سبب الدخول هو السير ؛ لأن الساير المعين وهاهنا لم يقع الشك في السير. (حاشية).

(٣) قوله : (فقوله أيهم عطف بتقدير جاز) لا يخفى بعده في نفسه وبالنظر إلى سابقه ؛ لأن قوله : (فسرت حتى تدخلها) عطف من غير تقدير إلا أنه دعاء إليه ما ذكروا من أنه إذا عطف على شيء وسبقه قيد يشارك المعطوف المعطوف عليه في ذلك ألقيه لا محالة وأما إذا عطف على ما لحقه قيد فالشركة محتملة. (عصام).

(٤) مع أن تقديم القيد على المعطوف عليه يقتضي المشاركة فيه بخلاف ما إذا تأخر فإنه يحتمل المشاركة وعدمها هذا ما قالوا وهو الظاهر السابق إلى الفهم. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (ولا فساد فيه) لأن القيد إذا تأخر عن المعطوف عليه لا يسري في المعطوف بخلاف ما إذا تقدم على المعطوف عليه فإنه يسري فيه ذكره العلامة التفتازاني في حاشية الكشاف ولهذا عطف في النسخة الأولى بتقدير الفعل. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (التي ينتصب) احتراز عن لام كي في قوله : تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا)[الحديد : ٢٣] فإنه لا ينتصب المضارع بعدها بتقدير أن بل بكى وإشارة إلى أنه مثال الانتصاب بخلاف ما ذكر في الشرح فإنه مثال القدير. (حكيم).

(٧) قوله : (وإنما يقدر) عاد الدليل والمدعي المذكورين سابقا للتقدير بعد الأحرف الثلاثة إجمالا ـ


(ولام الجحود) (١) التي ينتصب بها المضارع بعدها هي (لام التأكيد) للنفي (بعد النفي لكان) لفظا : مثل (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) [الأنفال : ٣٣] أو معنى ، نحو : لم يكن ليفعل ، وهي أيضا جارة ، ولهذا تقدر بعدها (أن).

فإن قيل : (٢) إذا صار الفعل بمعنى المصدر ب : (أن) المقدرة ، فكيف يصح الحمل؟

قيل : على حذف المضاف من الاسم ، أي : ما كان صفة (٣) الله تعذيبهم. أو من الخبر ، أي : ما كان ذا تعذيبهم.

أو على تأويل المصدر باسم الفاعل ، أي : ما كان اللهم معذبهم (والفاء) التي ينتصب المضارع بعدها بتقدير (أن) فتقدير (أن) (٤) بعدها لانتصاب المضارع مشروط (بشرطين).

(أحدهما : السببية) أي : سببية ما قبلها لما بعدها ؛ لأن العدول عن الرفع إلى النصب للتنصيص (٥) على السببية ، حيث يدل تغيير اللفظ على تغيير المعنى.

__________________

ـ في لام كي ولام الجحود ولاختلاف الكوفيين فيهما حيث قالوا إنهما ناصبتان بنفسهما ولم يعتد بخلافهم في حتى لظهور كون حرف جر. (سيالكوني).

(١) والفرق بين هذه اللام ولام كي أن لام كي للتعليل بخلاف هذه ولزوم اختلاف المعنى بحذفها بخلاف هذه لكونها زائدة. (وافية).

(٢) لما كان لفظة الجلالة في قوله (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) اسم كان وقول ليعذبهم خبرا له واشترط في الخبر اتحاده مع اسمه وخفي الاتحاد هاهنا أراد الشارح أن يدفع هذا الخفاء فقال : (فإن قيل : إذا صار). (أيوبي).

ـ قوله : (فإن قيل) لا ورود لهذا السؤال لأن اللام عند الكوفيين زائدة لمجرد تأكيد النفي وعند البصريين صلة لخبر محذوف أعني : قاصد كما مر. (س).

(٣) قوله : (أي : ما كان صفة الله تعالى تعذيبهم) وهذا التقدير أولى من تقدير يجعل الله لا العكس كما قيل ؛ لأنه لا نفي للتعذيب ؛ لأنه إذا لم يكن صفقته تعالى تعذيبهم لا يتصور منه التعذيب فلا يفعل التعذيب أصلا. (وجيه).

(٤) جعل خبر الفاء وجملة محذوفة المبتدأ ولا ضرورة داعية إليه ومع ذلك لا وجه للفاء في قوله : فتقدير أن والأولى أن تقدير الكلام والفاء ناصبة بشرطين. (عصام).

(٥) قوله : (للتنصيص على السببية) يعني أن المقصود السببية فلا بد أن يشترط للنصب ليدل ـ


فإذا لم يقصد السببية لا يحتاج إلى الدلالة عليها.

(والثاني : أن يكون قبلها) أي : قبل إلغاء أحد الأشياء الستة ليبعد (١) بتقديم الإنشاء أو ما في معناه من النفي المستدعي جوابا عن (٢) توهم كون ما بعدها جملة معطوفة(٣) على الجملة السابقة (أمر) نحو : (زرني فأكرمك) أي : ليكن منك زيارة فإكرام مني (أو نهي) نحو : (لا تشتمني فأضربك) أي : لا يكن منك شتم فضرب مني.

ويندرج (٤) فيهما الدعاء ، نحو : (اللهم اغفر لي فأفوز) و (لا تؤاخذني فأهلك)(٥).

__________________

ـ على السببية كذا ذكره الفاضل الهندي وغيره وقيل إنما يشترط السببية لا كون الأول سببا والثاني مسببا علم الإخبار أن يحكم الاستعمال. (وجيه الدين).

(١) قوله : (ليبعد تقديم الإنشاء وما بمعناه) أراد أن الفاء للعطف فيقدران ليعطف المفرد على المفرد المقصود من الإنشاء المتقدم فلا بد من اشتراط ذلك ليبعد عن توهم كون ما بعدها جملة معطوفة على الجملة السابقة. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (عن توهم) إنما قال : توهم لأن دفع احتمال عطف الجملة على الجملة حصل بنصب المضارع إلا أن توهمه باق باعتبار غفلة السامع عن النصب. (س).

(٣) قوله : (جملة معطوفة) من غير أن يقصد السببية أحدهما للأخرى أما بعد قصد السببية فيجوز أن يعطف مصدر أحدهما على مصدر الأخرى باعتبار اشتراكهما في الطلب أو النفي. (عبد الحكيم).

(٤) قوله : (ويندرج فيهما الدعاء) ويندرج فيه التخصيص وما وقع على صيغة الترجي أشار بذلك إلى دفع الإشكال وهو أنه ماله هل ينفي ترك الدعاء والتخصيص وما على صيغة الترجي ووجه الدفع أن الدعاء مندرج في الأمر والنهي لكونه على لفظهما غالبا والتخصيص مندرج في النفي والترجي الذي أريد به التمني وإن كان على صيغة الترجي داخلا في التمني. (وجيه الدين).

ـ قوله : (فيندرج في الأمر والنهي) هذا عند النحويين وأما عند المناطقة الإنشاء أقسام ثلاثة ؛ لأنه إما أن يقارن الاستعلاء فهو أمر كقول المولى لعبده مثلا وإما أن يقارن التساوي فهو التماس كقول أحد لمن يساويه في المرتبة اضرب زيدا وإما أن يقارن الخضوع فهو سؤال ودعاء كقول العبد لخالقه : اغفر لي وإما عند النحويين كلها أمر بلا فرق. (لمحرره).

(٥) لأن الدعاء وإن كان دعاء من جهة المعنى إلا أنه في صورة الأمر من حيث اللفظ فتدخل فيه. (لمحرره).

ـ وألحق الكسائي بالأمر الدعاء على لفظ الخبر نحو : غفر الله لك فتدخل الجنة واسم فعل بمعنى الأمر نحو : عليك زيدا فأكرمك والأمر المقدر نحو : الأسد الأسد فتجوز ووافقه ابن جني في مثل نزال ؛ لأنه في حكم الأمر في الاطراد ولم يرض به الجمهور.


(أو استفهام) (١) نحو : (هل عندكم ماء فأشربه؟) أي : هل يكون منكم ماء فشرب مني؟.

(أو نفي) (٢) نحو : (ما تأتينا فتحدثنا) أي : ليس منك إتيان فتحديث منا.

ويندرج فيه التخصيص نحو : (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) [الفرقان : ٧] لاستلزامه نفي فعل (٣) فيندرج في النفي.

(أو تمن) نحو : (ليت لي مالا فأنفقه) أي : ليت لي ثبوت مال فاتفاق مني.

ويدخل فيه ما وقع على صيغة الترجي نحو : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ) [غافر : ٣٦ ـ ٣٧](٤) بالنصب على قراءة حفص.

(أو عرض) (٥) نحو : ألا تنزل بنا فتصيب خيرا ، أي : ألا يكون منك نزول فإصابة خير منا.

__________________

(١) كقوله تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)[الأعراف : ٥٣]. (رضا).

(٢) نحو : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)[فاطر : ٣٦] أي : لا تكون قضاء عليهم لموت منهم. (محرره).

(٣) وهو نفي الإنزال ونفي كون الملك نذيرا مع الرسول يعين لم يوجد واحد منهما فإذا دل التخصيص على النفي بالالتزام. (محرره).

(٤) قوله : (لعلي أبلغ الأسباب) بمعنى التمني لامتناع بلوغه أسباب السموات ، وفي إيراده في صورة الترجي تهكم واستهزاء حيث اعتقد ممتنع الحصول مرجوا وفي المعنى فاطلع بالنصب عطف على معنى لعلى أبلغ وهو لعلى أن أبلغ فإن لعل تقترن كثيرا بأن ويحتمل أن يكون عطف على الأسباب على حد وليس عبارة وتقر عيني ومع هذين الاحتمالين يندفع قول الكوفي : إن في هذه القراءة حجة على جواز النصب في جواب الرضي حملا على التمني انتهى فيجوز أن يكون تركه ؛ لأنه مذهب البصريين. (عبد الحكيم).

ـ فإن قيل : القول بأن لعلى مخصوص بالممكن منقوض بقوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ) قلنا : هذا حكاية قول فرعون وهو صور ذلك بصورة الممكن ادعاء منه على إمكانه لغرضه الفاسد. (سروري حكيم).

ـ لاشتراكهما في الطلب أو النفي واختار الرضي أنه مبتدأ محذوف الخبر ؛ لأن فاء السببية مع أن مجيئها للعطف قليل مختصة بعطف الجمل نحو : الذي يطير فيغضب زيد الذباب. (سيالكوني).

(٥) أي : عرض الحال على المخاطب فالمعروض عليه النزول مع إصابة الخير. (رضا).


ففي جملة هذه المواضع معنى السببية مقصود ، والفاء تدل عليها ، وما بعد الفاء في تأويل مصدر (١) معطوف على مصدر آخر مفهوم مما قبل الفاء. وأما نحو :

سأترك منزلي لبني تميم

وألحق بالحجاز فأستريحا

بدون تقديم أحد الأشياء الستة فمحمول (٢) على ضرورة الشعر (٣).

(والواو) التي ينتصب بعدها المضارع بتقدير (أن) ، فتقدير أن بعدها مشروط (بشرطين) :

أحدهما : (الجمعية) (٤) أي : مصاحبة (٥) ما قبلها لما بعدها وإلا فالواو للجمع دائما.

(و) ثانيهما : (أن يكون قبلها) أي : قبل الواو (مثل ذلك) (٦)

__________________

(١) وإنما كان تقديرها كذا ؛ لأنه لما قصد أن الأول سبب للثاني وجب إضمار أن ليعلم أنه كذلك ولما أضمر أن كان ما بعد الفاء في تقدير المصدر وهو للعطف فوجب أن يجعل ما قبله أيضا في تقدير المصدر لئلا يلزم عطف الاسم على الفعل. (وافية).

(٢) يعني خلاف الاستعمال اضطرارا قبل يحتمل أن يكون مما دخله نون التأكيد الخفيفة في الجواب. (حكيم).

(٣) جعل لضرورة الشعر ومع ذلك توجيه العطف بتأويل ما قبله بقولنا : سيقع متى ترك منزلي وإلحاقي بالحجاز فاستراحة ويمكن توجيهه بما يخرجه عن الضرورة وهو أن يجعل سأترك وألحق في معنى الأمر أي : لا أترك ولا ألحق فأستريحا. (عصام).

(٤) قوله : (الجمعية) لاشتراكهما في الطلب أو النفي واختار الرضي أنه مبتدأ محذوف الخبر ؛ لأن فاء السببية مع أن مجيئها للعطف قليل مختصة بعطف الجمل نحو : الذي يطير فيغضب زيد الذباب. (سيالكوني). أي مصاحبة ما قبلها لما بعدها أراد اجتماع ما قبلها لما بعدها في زمان واحد كما صرح به بعض الشارحين والعلة في اشتراط الشرطين هي العلة المذكورة في الفاء ؛ لأن الواو للعطف كالفاء فأضمر إن بعدها ليعلم الجمعية ؛ لأن تغيير اللفظ يدل على تغيير المعنى ويلزم منه جعل الفعل الذي قبله في تقدير المصدر فيكون عطف الاسم على الاسم. (وجيه الدين).

(٥) ولما كنا على المصنف أن يقول كونها للجمع وقد عدل عنه فقال الجمعية بالياء المصدرية أشار إليه الشارح بقوله : (أي : مصاحبة ما). (محرم).

ـ والمصاحبة أخص من الجمع ؛ لأن في المصاحبة لقاء الزمان والمكان شرط والواو التي للجمع ليس بشرط. (لمحرره).

(٦) فذلك إشارة إلى الواقع قبل الفاء لا إلى الأشياء الستة المذكورة حتى يلزم تشبيه الشيء ـ


أي : مما يماثل (١) الواقع قبل الفاء في كونه أحد الأشياء الستة المذكورة. وأمثلتها أمثلة الفاء بعينها بإبدال الفاء بالواو ، كما تقول مثلا : (زرني وأكرمك) أي : فيجتمع الزيارة والإكرام، و (لا تأكل السمك وتشرب اللبن) أي : لا يجتمع منك أكل السمك مع شرب اللبن وعلى هذا القياس.

(وأو) التي تنتصب المضارع بعدها بتقدير (أن) (٢) (بشرط معنى (إلى أن) أو (إلا أن) أي : بشط أن تكون بمعنى (إلى) أو (إلا) ، الداخلتين على (أن) المقدرة بعدها ، لا أن (أن) أيضا داخل في مفهومها وإلا يلزم (٣) من تقدير (أن) بعدها تكرار(٤) نحو : (لا لمنك أو تعطيني حقي) أي : إلى أن تعطيني حقي ، أو إلّا أن تعطيني حقي.

فسيبويه يقدرها ب : (ألا) بتقدير مضاف ، أي : لا لزمنك إلا وقت أن تعطيني حقي.

وغيره يقدرها ب : (إلى) بتأويل مصدر مجرور ب : (أو) التي بمعنى (إلى) أي : لا لزمنك إلى أعطائك حقّي.

(والعاطفة) (٥) أي : الحروف العاطفة مطلقا ، سواء كانت من الحروف العاطفة المذكورة أولا ، ك : (ثم) وإذا كانت منها فمن غير اشتراط ما ذكر من الشروط لصحة تقدير (أن) بعدها ، أي : ينتصب المضارع بها بتقدير (أن) (إذا كان المعطوف عليه اسما

__________________

ـ بنفسه ويحتاج إلى إتمام لفظ المثل أو اعتبار والمغايرة الاعتبارية. (حكيم).

(١) قوله : (أي : ما يماثل الواقع قبل الفاء أشار) بذلك إلى دفع ما يقال : إن الواقع قبلها عين تلك الأشياء لا مثلها ووجه الدفع المشبه به الواقع قبل الفاء والمشبه الواقع قبل الواو ووجه الشبه كونه أحد تلك الأشياء. (فاضل وجيه الدين).

(٢) وإنما يلزم تقديران بعدها ؛ لأن الأول حرف جر وهو لا يدخل إلا على الاسم ولا يدخل على الفعل فوجب إضماران ليصح دخولها على الفعل والثاني كلمة استثناء وهي لا تنصب المضارع فيلزم تقدير أن ليكون في تقدير الاسم. (محشي وجيه).

(٣) أي : وإن لم يكن المراد هذا بل كان المراد بذاتها بمعنى إلى أو إلا مع أن يلزم.

(٤) يعني أن يكون لفظ أن مكرر أحدهما أنه ذكر في ضمن أو والآخر أنه قدر في المضارع وليس كذلك بل هي مقدرة في المضارع فقط. (أيوبي).

(٥) معطوف على حتى في قوله : (وبأن مقدرة بعد حتى) يعني أن المضارع ينتصب بأن المقدرة بعد حتى وبعد الحروف العاطفة.


صريحا) (١) نحو : (أعجبني ضربك زيدا وتشتم ، أو فتشتم أو ثم تشتم) ف : (ثم) ليست من الحروف العاطفة المذكورة.

وتقدير (أن) بعد الواو والفاء ليس مشروطا بالشروط المذكورة فيهما. فقوله (والعاطفة) إذا كان مرفوعا فهو معطوف على أول المعدودات الناصبة بتقدير (أن) أعني قوله : (حتى إذا كان مستقبلا) (٢) أو على آخرها وهو (أو) بشرط معنى (إلى أن).

وقيل : هو مجرور معطوف على (حتى) في قوله : (وبأن مقدرة بعد حتى) وظاهر أن هذا وأن كان أبعد بحسب اللفظ ، لكنه أقرب بحسب المعنى ؛ لأنه على التقدير الأول أن جعل العاطفة أعم (٣) مما ذكر (٤) كما ذكرنا يلزم أن يذكر في التفصيل ما لم يكن في الإجمال ، وإن خصت به يلزم تخصيص الحكم به.

وليس في الواقع مخصوصا به ، كما سبق من جريانه في (ثم) أيضا.

ويرد (٥) عليه أنه كان المناسب حينئذ ذكرها مرتين ، مرة في الإجمال ومرة في

__________________

(١) قوله : (صريحا) هكذا في التصريح وغيره قالوا : وكقوله : ولبس عباءة وتقر عيني ، وثم كقوله : إني وقتلي سليكا ، ثم أغفله وأو كقوله تعالى : (إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)[الشورى : ٥١] وإذا لم يكن صريحا بل ضمنا فتقدير أن بعد العاطفة المذكورة مشروط بالشرائط التي سبقت وإذا انتفت تلك الشرائط فإن صح العطف فحاله حال المعطوف عليه من الرفع والنصب والجزم عن لم يصح فرفعت على الاستئناف أو على أنه خبر لما قبله في صورة الفاء وما قيل إنه بشكل بمثل أعجبني أنك إنسان وتظلم فمصنوع لا يعبأ به. (حكيم).

ـ قيد الاسم بالصريح ليخرج نحو : أعجبني أن تضرب زيد فتشتم فإنه حينئذ لا يقدر أن لجواز عطفه على مدلول أن ونصبه بكلمة السابقة. (عصام).

(٢) لأن حتى مبتدأ خيره محذوف وهو قولنا ينتصب المضارع بتقدير أن وإن كان مستقبلا ظرف له. (أيوبي).

(٣) قوله : (أعم مما ذكر) يعني : أن كان المراد بالعاطفة أعم من الفاء والواو يلزم أنه ذكر العاطفة في التفصيل مع أنه لم يذكره في الإجمال وإن كان المراد به غير ذلك يلزم تخصيص الحكم أي : حكم العاطفة به والواقع خلاف لجريانه في لم أيضا وحينئذ أي : حين جريايه في غير ما ذكر يرد عليه. (وجيه الدين).

(٤) وهو أن ينتصب المضارع بعد الواو والفاء وحتى بتقديران. (رضا).

(٥) قوله : (ويرد عليه أنه كان المناسب) ويمكن أن يجاب عنه بأن العاطفة في تقدير أن على ـ


التفصيل (١) ، كسائر ما ذكر.

(ويجوز (٢) إظهار (أن) مع لام (كي) (٣) نحو : (جئتك لأن تكرمني) ومع (٤) ما ألحق بها من

اللام (٥) الزائدة نحو أردت لأن (٦) تقوم (و) مع الحروف (العاطفة) (٧) نحو : (أعجبني (٨) قيامك وأن تذهب) لأن هذه الثلاثة تدخل على اسم صريح ، نحو : (جئتك للإكرام) و (أعجبني ضرب زيد وغضبه) و (أردت لضربك).

فجاز أن يظهر معها ما يقلب الفعل إلى اسم صريح ، وهو (أن) المصدرية وأما

__________________

ـ نحوين أحدهما امتياز بعض عن بعض في الشرط والثاني اشتراك الجميع فيه فعد أولا المخصوصات شرط لينضبط وفصل عقبيها شرائطها ثم أتم العد بذكر المشتركات في الشرط مرة واحدة لعدم احتياجها إلى التفصيل. (عصام الدين).

(١) بأن يقول : وبأن مقدرة بعد الواو العاطفة والفاء واو العاطفة. (عصام الدين).

(٢) قوله : (ويجوز إظهار أن) أخذ في تبين المواضع التي يجوز فيها إظهار وما يجب فيها وما بقي مواضع الامتناع فلذا تعرض الشارح لبيان وجه الامتناع فيها. (سيالكوني).

(٣) ليفصل بينهما وبين لام الجحود من أول الأمر. (خبيصي).

(٤) عطف على مع لام كي في كلام المصنف من قبيل عطف العلتين وهو عطف قول : أحد القائلين على قول القائل الآخر : وإنما سمي تلقينا لما فيه من تلقين السامع إلى المتكلم بهذا العطف. (أيوبي).

(٥) قوله : (من اللام الزائدة) وهي التي تجيء بعد فعل الأمر نحو : أمرت لأعدل بينكم و (يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ)[الأحزاب : ٣٣] الآية واختلفوا في هذا اللام فقيل زائدة لمجرد التأكيد وقيل للتعليل والمفعول محذوف دل عليه المقام أو الفعل مؤول بمصدر مرفوع على الابتداء واللام وما بعدها خبر أي : إرادة الله وأمره فلا مفعول للفعل كذا في المغني. (عبد الحكيم).

(٦) لأن اللام زائدة ؛ لأن تقوم مفعول أردت الذي يتعدى بنفسه فيكون اللام زائدة. (لمحرره).

(٧) قوله : (ومع العاطفة) أي : مع العاطفة مطلقا إذا قدر أن بعدها بالشروط المشترك بين الكل بخلاف العاطفة المقدر أن بعدها بشكل مخصوص كما فصل في حتى وأخواتها وهو المتبادر من قوله : (والعاطفة) لأن هذه الحروف ذكرت بهذه العبارة حين بيان الشرط المشترك بين الكل فتأمل. (فتأمل).

ـ لئلا يكون عطف الفعل على الاسم ظاهرا. (خبيصي).

(٨) قوله : (أعجبني قيامك) أشار بالمثال على أن المراد العاطفة المذكورة سابقا وهو ما يكون قبلها اسم صريح. (محشي ك).


لام الجحود فلما لم تدخل على الاسم الصريح لم يظهر بعدها (أن) وكذا (حتى) لأن الأغلب فيها أن تستعمل بمعنى (كي) وهي بهذا المعنى لا تدخل على اسم صريح ، وحمل عليها التي بمعنى (إلى) لأن المعنى الأول أغلب في (حتى) التي يليها المضارع.

وأما الفاء والواو و (أو) فلأنها (١) لما اقتضت نصب ما بعدها للتنصيص على معنى السببية والجمعية والانتهاء صارت كعوامل النصب (٢) ، فلم يظهر الناصب (٣) بعدها.

(ويجب) أي : إظهار (أن) (مع (لا) الداخلة على المضارع المنصوب بها (في) صورة دخول (اللام) بمعنى (كي) عليها أي : على (أن) لاستكراه اللامين (٤) المتواليين، لام (كي) ولام (لا) نحو قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ)(٥).

واعلم أن (أن) الناصبة تضمر في غير المواضع المذكورة كثيرا من غير عمل لضعفها نحو قولهم : (تسمع (٦) بالمعيديّ (٧).

__________________

(١) يعني وأما وجه عدم جواز إظهارها بعد هذه العواطف الثلاثة.

(٢) حتى عد بعضهم من النواصب لعدم التخلف في النصب. (محرم).

(٣) حتى لا يجتمع العاملان الناصبان أحدهما أن المقدرة والآخر أعد هذه الحروف التي توهمت عاملة. (تكملة).

(٤) أي : المتحركين وقوله : فلا والله لا يلغي لما بي ولا لما بكم أبدا شفاء. (شاذ حكيم).

(٥) أصله : لأن لا يعلم ، أدغمت النون في اللام لقرب مخرجهما وسكون النون. (محرم).

(٦) بتقدير : أن تسمع لأن تسمع ، مبتدأ أو الفعل لا يقع مبتدأ ما لم يؤول بأن المصدرية. (المحرره).

ـ فتضمر أن في تسمع من غير عمل فيجعله في تقدير إسماعك. (لمحرره).

(٧) قيل : المعيدي كان علما لابن حمزة الحكيم ولما مات الحكيم وصف ابنه عند السلطان بأنه طبيب ضرير طاهر فأمر السلطان أن يحضروه فلما جاء وأحضروا عند السلطان وكان صغير الجثة كريه المنظر قال السلطان تسمع بالمعيدي خير من أن تراه قال المعيدي : المرء بأصغريه يعني :القلب واللسان فأعجب السلطان. (سيد شريف).

ـ وأصله أن المنذر قد سمع المعيدي وأعجب ما يبلغه من فصاحته وبلاغته وعلمه وكماله فأراد زيارته فلما رآه استحقره لقصر قامته وقبح وجهه وأعضائه وقال تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فقال المعيدي جوابا للمنذر : إن الرجال ليس بجزر إنما المرء بأصغريه بلسانه وقلبه ، إن قال قال بلسانه وإن تفكر تفكر بجنانه فأعجب المنذر كلامه. (سيد عبد الله).


خير من أن تراه) ومع العمل (١) مع الشذوذ كقول الشاعر :

ألا أيّهذا اللّائمي أحضر (٢) الوغى

وأن أشهد اللّذات هل أنت مخلدي

في رواية النصب ، ولكن (٣) ليس بقياس ، كما في تلك المواضع ، ولذلك لم يذكرها.

(وينجزم) (٤) أي : المضارع (ب (لم) و (لما) ولام الأمر و (لا) المستعملة (٥) (في) معنى (النهي) (٦) احتراز عما استعمل في معنى النفي.

وهذه الكلمات تجزم فعلا واحدا (٧).

(وكلم المجازاة) (٨) أي : وينجزم المضارع بكلم المجازاة أي : كلمات الشرط

__________________

(١) قوله : (ومع العلم عطف) على قوله : (من غير عمل يعني إضمارها من غير العمل) كثير ومع العمل واقع على الشذوذ. (أيوبي).

(٢) قوله : (أحضر بتأويل المصدر) مفعول لا عنى والوغى هو محل الخصومة يعني أيها الذي يكون لائما لحضوري موضع الخصومة. (تكلمة).

(٣) قوله : (ولكن) استدراك من المجموع ، يعني : أن سواء كان بعمل أو بغير عمل ليس. (أيوبي).

(٤) قوله : (وينجزم) بلم ولما أما الجزم لم ولما وإن فلاختصاصها بالفعل وكل ما اختص شيء وهو خارج عن حقيقته يؤثر فيه ويغير غالبا بشهادة الاستقراء وأما لم المجازات فلتضمنها معنى إن وإما بلام الأمر وبلا النهي فلمشابهتهما إن ولم ولما حيث تقلبنا الخبر على الإنشاء كما إذ أن يقلب المضارع من الحال على الاستقبال ومن القطع على الشك وكما أن لم ولما تقلبنا المضارع إلى الماضي. (س).

ـ قوله : (ينجزم) لما فرغ المصنف من بيان النواصب شرع في بيان الجوازم. (شرح).

(٥) قوله : (ولا المستعملة في) معنى النهي إضافة لام ؛ لأنها نكرة قابلة للإضافة ولم يصنف لا ؛ لأنها علم لنفسها فلا يقبل الإضافة وجعل الشارح قوله : (في النهي) صفة لا فاحتاج إلى تقدير المعرفة ، والمشهور تقدير الظرف بالنكرة فالموافق بالمشهور أن يكون التقدير ولا مستعملة في النهي حال إلا أن الأنسب بالمعنى تقدير المعرفة فما فعل أرجح ؛ لأن رعاية جانب المعنى أهم من رعاية جانب اللفظ. (عصام).

(٦) لم يقل ولا بالنهي بالإضافة تفننا في العبارة وإلا فقد قال فيما سيجيء : ولا والنهي عندها.

(وجيه).

(٧) بالأصالة وإلا فقد يقدر مجزوما بالعطف نحو : لا تضرب ولا تقتل. (عصام).

(٨) قوله : (كلم المجازاة) إلى كلمات تدل على كون أن بالجملتين جزاء للأخرى فالمجازاة ـ


والجزاء التي بعضها من الأسماء وبعضها من الحروف.

ولهذا اختار لفظ (الكلم) (١) والمجزوم بها فعلان.

(وهي) أي : كلم المجازاة (أن ، ومهما ، وإذما ، وحيثما).

ف : (إذ) و (حيث) (٢) يجزمان المضارع مع (ما) وأما بدونها فلا.

(وأين ومتى) وهما يجزمان المضارع مطلقا سواء كانا مع (ما) أولا ، (و (ما ومن وأيّ (٣) وأنّى) وأما) انجزام المضارع (مع (كيفما (٤) وإذا) ، فشاذ) لم يجيء (٥) في كلامهم على وجه الاطراد.

أما مع (كيفما) فلان معناه عموم الأحوال فإذا قلت : كيفما تقرأ اقرأ ، كان معناه على أي حال وكيفية تقرأ أنت أنا أيضا اقرأ عليها.

ومن المتعذر (٦) استواء قراءة قارئين في جميع الأحوال والكيفيات وأما مع (إذا) فلأن كلمات الشرط إنما تجزم لتضمنها معنى (أن) التي هي موضوعة للإبهام (٧) ، و (إذا)

__________________

ـ بمعنى الجزاء ؛ لأن الجزاء يستعمل بمعنى الجملة الجزائية كثيرا. (حكيم).

(١) دون لفظ الحروف ؛ لأنه يعم الاسم والفعل بخلاف لفظ الحروف. (وجيه).

(٢) ولما كان بين المذكورات فرق في الجزم مطلقا وفي الجزم بالمقارنة أشار إليه بقوله : (وإذ ... إلخ).

(٣) بالتنوين وهو أيضا مما يجهز المضارع مطلقا سواء مع ما نحو : قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا)[الإسراء : ١١٠] أو بدونه. (عصام).

(٤) في كيفما شذوذان إذ كونها من كلم المجازات كافهم بها شاذ. (عصام).

(٥) قوله : (يجيء) أي : ليس معنى الشاذ مخالف القياس لا مخالف الاستعمال الفصيح ؛ لأنهما إذا تضمنا معنى الشرط فانجزام المضارع بعدهما قياس واقع في استعمال الفصحاء بل معناه أن الجزم بعدها مع إرادة معنى الشرط قليل لم يسمع في السعة. (عبد الحكيم).

(٦) قوله : (ومن المتعذر) فإذا تعذر الاستواء تعذر اعتبار ومعنى الشرط فيه فلا تكون متضمنة لمعنى أن فلا تجزء وأما ما جاء في الشعر فللضرورة بإجرائه مجرى الشرط لكونه في صورته أو باعتبار عدم الاعتداد ببعض الأحوال والكيفيات واعتبار استوائهما في البعض وبذلك ضعفت الشرطية فلم تجزم. (سيالكوني).

(٧) في وجود مدخوله في اعتقاد المتكلم فإنها موضوعة لتعليق شيء بشيء مفروض وجوده في المستقبل مع عدم القطع بوقوعه أو لا وقوعه. (محشي).


موضوعة للأمر المقطوع (١) به.

(وب (أن) مقدرة) عطف على قوله : (بلم) أي : وينجزم المضارع ب : (إن) مقدرة ، وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

(ف : (لم) لقلب المضارع ماضيا ونفيه) أي : نفي المضارع ولا يبعد (٢) لو جعل الضمير عائدا إلى ما هو أقرب أعني (ماضيا).

(ولما) مثلها) أي : مثل : (لم) في هذا القلب والنفي.

(وتختص) (٣) أي : (لما) بالاستغراق) (٤) أي : استغراق أزمنة الماضي من وقت الانتفاء إلى وقت التكلم ب : (لمّا) تقول : ندم فلان ولم ينفعه الندم ، أي : عقيب ندمه ، ولا يلزم استمرار انتفاء نفع الندم إلى وقت التكلم بها ، وإذا قلت : (ندم فلان ولما ينفعه الندم) أفاد استمرار ذلك إلى وقت التكلم (٥) بها.

(وجواز حذف الفعل) أي : وتختص أيضا (لمّا) بجواز حذف الفعل المنفي بها إن دل عليه دليل ، نحو : (شارفت المدينة ولمّا) أي : ولما أدخلها. وتختص أيضا بعدم دخول أدوات الشرط عليها ، فلا تقول : (إن لما يضرب ، ومن لما يضرب) كما تقول :

__________________

(١) قوله : (للأمر المقطوع به) أي وجوده في اعتبار المتكلم في المستقبل فلم يكن فيها معنيان الشرطية ؛ لأن الشرط هو المفروض وجوده. (حاشية).

(٢) قوله : (ولا يبعد) أي من حيث المعنى وفيه إشارة إلى بعده في الجملة وذلك ؛ لأن لم يدخل المضارع ويؤثر فيه القلب والنفي معا وكونه لنفي الماضي إنما يصح لو اعتبر النفي بعد القلب وهو خلاف الظاهر ولذا زاد كلمة لو وإلا فالظاهر ولا يبعد جعل الضمير. (سيالكوني).

ـ وتقديم الجزاء وهو قوله : (لا يبعد) على الشرط وهو قوله : (لو جعل) جائز عند الكوفية ويقدر الجزاء في مثله عند البصرية.

(٣) قوله : (ويختص) أي لما بالاستغراق فلا يبعدان يستفاد ذلك من تأكيد لم بما النافية فيكون تركيب لما من كلمة ولم وما. (عصام).

ـ هذا إشارة إلى فرق بين لم ولما بعد اشتركهما فيما كان. (لمحرره).

(٤) ولا يبعد أن الاستغراق يستفاد من تأكيد لم بما النافية فيكون لما من تركيب لم وما. (عصام).

(٥) يقال : ندم الأدم ولم ينفعه الندم وندم الشيطان ولما ينفعه الندم. (هندي).


(إن لم يضرب ، ومن لم يضرب) وكأنّ ذلك لكونها فاصلة قوية بين العامل (١) ومعموله(٢).

وتختص أيضا باستعمالها غالبا في المتوقع ، أي : ينفي بها فعل مرتقب متوقع ، تقول لمن يتوقع ركوب الأمير : لمّا يركب.

وقد يستعمل (٣) في غير المتوقع أيضا ، نحو : ندم فلان ولما ينفعه الندم.

(ولام الأمر) هي اللام (٤) المطلوب بها الفعل.

ويدخل (٥) فيها لام الدعاء ، نحو : (ليغفر لنا الله) وهي مكسورة (٦) وفتحها لغة وقد تسكن بعد الواو والفاء وثم ، نحو قوله تعالى : (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا) [النساء : ١٠٢] و (ثُمَّ لْيَقْضُوا) [الحج : ٢٩].

__________________

(١) قوله : (بين عامل) أي بين العامل الحرف وما يكون معمولا له وهو الفعل حيث يقلبه الاستقبال فلا يكون داخلا على الفعل بل على الحرف وذا لا يصح بخلاف لم فإنه فاصل ضعيف فكأنه من تتمة الفعل وجزء له فيصح دخول إن عليه لبقاء دخوله على معموله وهو الفعل لصيرورة لم جزأ منه فلا يرد ما قيل أن تصريح بأن حرف الشرط هو الجازم للمضارع المنفي بلم وليس كذلك. (سيالكوني).

(٢) قوله : (ومعموله) فيه بحث لأن أن في أن لم أضرب ليس عاملا في اضرب ؛ لأنه مدخول ومعموله وإنما مدخول إن لم أضرب. (عصام).

(٣) قوله : (وقد يستعمل) إشارة إلى فائدة قوله : (خاليا) يعني : الاختصاص الاستعمال الغالب لا لمطلق الاستعمال فإنها قد تستعمل قليلا بالنسبة إلى الاستعمال الأول. (أيوبي).

(٤) قوله : (اللام المطلوب بها الفعل) أي : غير فعل الفاعل وهو المخاطب أما فعل المفعول أو فعل الفاعل الغائب المذكور وأما فعل الفاعل المتكلم وهو قليل الاستعمال وكان القياس في أمر الفاعل المخاطب أن يكون باللام أيضا لكن لما كثر استعماله حذف اللام وحرف المضارعة تخفيفا وبنى لزوال مشابهة الاسم بزوال حرف المضارعة وقد جاء باللام وهو في الشعر أكثر منه في النثر. (عبد الحكيم).

(٥) ولما كان الأمر من الأعلى لم يطلق على الدعاء ولكن الدعاء داخلا في الأمر أشار بقوله : (تدخل فيها) إلى أنه وأن لم تدخل بهذا الاعتبار لكنها تدخل باعتبار صورتها. (تكملة).

(٦) قوله : (وهي مكسورة) للفرق بينهما وبين الأم الابتداء التي دخلت على المضارع ولأنها لما كانت عاملة عملا مختصا بالفعل لشبهه اللام الجارة التي تعمل عملا مختصا بالاسم فكسرت كما كسرت. (وجيه الدين).


(ولا النهي) هي لا (المطلوب بها الترك) أي : ترك الفعل.

وفي بعض النسخ (ولا النهي ضدها) أي : لا النهي التي هي ضد لام الأمر. وهي التي يطلب بها ترك الفعل ، وهي تدخل على جميع أنواع المضارع ، المبني للفاعل والمفعول ، خاطبا أو غائبا أو متكلما.

(وكلم المجازاة) (١) المذكورة من قبل (تدخل على الفعلين لسببيّة) الفعل (الأول ، ومسببية) الفعل (الثاني) أي : لجعل الفعل (٢) الأول سببا والثاني مسببا.

وفي شرح المصنف (وكلم المجازاة ما يدخل على شيئين لتجعل (٣) الأول سببا للثاني).

ولا شك (٤) أن كلم المجازاة لا تجعل الشيء سببا للشيء فالمراد (٥) بجعلها الشيء سببا: أن المتكلم اعتبر سببية شيء لشيء ، بل بلزومية (٦) شيء لشيء وجعل كلم

__________________

(١) قوله : (كلم المجازاة) وهي من الحروف إن ومن الأسماء غير الظروف من وما وأي ومن الظروف الستة الباقية بلا شذوذ وهي أين ومتى وأنى ومهما وحيثما وإذما ومع الشذوذ كيفما وإذا. (خبيصي).

(٢) ولما كان السبب أعم من السبب الحقيقي ومن السبب الجعلي وكان المراد هذا الأعم ولم تساعد عبارة المصنف في كافيته لإفادة المراد أراد أن يفسر مراده قال : (أي : الجعل).

(٣) أي : للدلالة على السببية الجعلية كما يدل عليه بيانه والتفسير بإفادة كون الأول سببا للثاني خلل عن هذه الفائدة بل يتبادر منه السببية المحققة فلذا لم يفسرها بها أي : كلم المجازاة. (سيالكوني).

ـ قوله : (لتجعل الأول) فهذا قرينة على أن مراده بالسببية هو المعنى الأعم يعني سواء كان سببا له في الحقيقة أو في اعتبار المتكلم. (محرم).

(٤) ولما أسند الجمع إلى تلك المتكلم أشار إلى أن إسناده إليها مجاز فقال : (ولا شك).

(٥) قوله : (فالمراد بجعلها الشيء سببا) يعني : أن المراد يجعلها الشيء سببيا لإفادتها السببية التي اعتبرها المتكلم بين الشيئين سواء كانت تلك السببية حقيقة أو لا بل ملزومية شيء لشيء على ما حققه الرضي لئلا يرد نحو : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[النحل : ٥٣] ونحوه إعراض عن معنى إلى معنى أو من لفظ إلى لفظ أظهر حكيم. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (بل ملزومية شيء) إشارة إلى ما ذكره الشيخ الرضي معترضا على الشيخ ابن الحاجب حيث قال : إن الشرط سبب والجزاء سبب بأن الشرط عندهم ملزوم والجزاء لازم سواء كان ـ


المجازاة دالة عليها.

ولا يلزم (١) أن يكون الفعل الأول سببا حقيقيا للثاني ، لا خارجا ولا ذهنا بل ينبغي أن يعتبر المتكلم بينهما نسبة يصح بها أن يوردهما في صورة السبب والمسبب ، بل الملزوم واللازم كقولك : (إن تشتمني أكرمك) فالشتم ليس سبا حقيقيا للإكرام ، ولا الإكرام مسببا حقيقيا له ، لا ذهنا ولا خارجا ، لكن المتكلم اعتبر تلك النسبة بينهما إظهارا لمكارم(٢) الأخلاق يعني أنه منها بمكان يصير الشتم الذي هو سبب الإهانة عند الناس سبب الإكرام عنده.

(ويسميان) أي : هذان الفعلان ب : أولهما : (شرطا) لأنه (٣) شرط لتحقق الثاني (و) ثانيهما.

(جزاء) (٤) من حيث (٥) أنه يبتني على الأول ابتناء الجزاء على الفعل (٦).

__________________

ـ سببا نحو : لو كانت الشمس طالعة فالنهار موجود أو شرطا نحو : إذا كان لي مال فججت أولا شرطا ولا سببا نحو : إن كان زيد أبي فكنت ابنه وإن كان النهار موجودا فالشمس طالعة إلى غير ذلك ولعل مرادهم بالسببية مجز التوصل في اعتقاد المتكلم ولو دائما فيؤل إلى الملازمة الادعائية. (عبد الحكيم).

(١) قوله : (ولا يلزم) عطف على اعتبر داخل تحت المراد وعائد المعطوف عليه كاف في الربط أو استيناق لبيان فائدة قيد الاعتبار. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لمكارم الأخلاق) جمع للكرمة بمعنى الكريمة والإضافة من قبيل أخلاق ثياب أي : الأخلاق المستحسنة المرضية. (حكيم).

(٣) قوله : (لأنه شرط) لتحقق الثاني الشرط ما يتوقف عليه الشيء ويكون خارجا عنه. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (جزاء) مجاز بطريق التشبيه من حيث أنه يبتنى على الأول ابتناء الجزاء على الفعل فإن لافتضائه الشرط والجزاء وجعلهما كشيء واحد المفتضيين طولا في الكلام أعمل الجزم تخفيفا وكذا العشرة الباقية تصمنها معنى أن لمناسبتها إياها في الإبهام. (اطه وى).

(٥) قوله : (من حيث أنه يبتنى على الأول) قد يبتنى كذلك وذلك إذا كان الأول سببا وأما إذا كان ملزوما من غير سببية فليس الأمر كذلك والأظهر أن المراد أنه يسمى الفعل الفعلان مع ما تعلق بهما شرط وجزاء ؛ لأن الشرط هو الجملة الأولى والجزاء هو الجملة الثانية. (عصام).

(٦) قوله : (الجزاء على الفعل) يعني أنه من قبيل تسمية المشبه باسم المشبه به. (محرم).


(فإن كانا) أي : الشرط والجزاء (مضارعين) (١) نحو : (إن تزرني أزرك) (أو الأول) فقط.

(مضارعا) (٢) نحو : (إن تزرني فقد زرتك).

(فالجزم) واجب في المضارع لدخول الجازم وهو (إن) أو ما يتضمنها مع صلاحية المحل.

(وإن كان الثاني) مضارعا (فالوجهان) أي : ففيه الوجهان ، الجزم لتعلقه بالجازم ، وهو أداة الشرط والرفع (٣) ، لضعف التعلق لحيلولة الماضي والفعل بغير المعمول ، نحو : (إن أتاني زيد آته (٤) أو آتيه).

(إذا كان الجزاء (٥) ماضيا (٦) بغير (قد) لفظا) تفصيل للماضي ، نحو : إن خرجت خرجت ، (أو معنى) نحو : إن خرجت لم أخرج.

ويحتمل أن يكون تفصيلا ل : (قد) أي : لم يقترن ب : (قد) سواء كان (قد) ملفوظا ، كقوله تعالى : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) [يوسف : ٧٧] أو معنويا مقدرا كقوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ) [يوسف : ٢٦] أي : فقد صدقت.

(لم يجز الفاء) في الجزاء لتحقق (٧) تأثير حرف الشرط فيه لقلب معناه إلى

__________________

(١) وأن كانا ماضيين نحو : أن قمت قمت فلا جرم في كل واحد منهما لكونهما مبنيين. (وافية).

(٢) والثاني ماضيا فخبر كان محذوف نحو : فاني وقيار بها لغريب أو الأول عطف على المضمر المرفوع المتصل وهو ضمير كان بلا تأكيد لمكان المتصل. (هندي).

(٣) مثال الرفع قول زهير :

وإن أتاه خليل يوم مسغبة

يقول لا غايب مالي ولا جرم

(حاشية).

(٤) على كون الجزاء مرفوعا فإن علامة الرفع فيه الياء وحذفها علامة الجزم. (محرم).

(٥) لما فرغ من المسائل التي تتعلق بوجوب الجزء وجوازه شرع في المسائل التي تتعلق وجوب إدخال الفاء وجوازه وامتناعه فقال : (وإذا كان ... إلخ).

(٦) أشار إلى بيان الجزاء الذي يمتنع دخول الفاء عليه والجزاء الذي يجوز ولا يجب والجزاء الذي يجب والضابطة فيه إذا اثر حرف الشرط في الجزاء معنى قطعا لم يجز دخول الفاء عليه لعدم الاحتياج إليه وإن احتمل تأثيره وعدم تأثيره فيه جاز الأمر أن وإذا لم يؤثر قطعا يجب دخول الفاء عليه ليدل على أنه جواب الشرط. (وافية).

(٧) قوله : (لتحقق تأثير حرف الشرط) أي تحقق التأثير معنى وإن لم يتحقق لفظا أما إن ـ


الاستقبال ، فاستغنوا فيه عن الرابطة ، كقولك (إن أكرمتني أكرمتك ، وإن أكرمتني لم أكرمك).

وإنما قال (بغير قد) ليخرج عنه الماضي المحقق الذي لا يستقيم أن يكون للشرط تأثير فيه كقولك : (إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس) لوجوب دخول الفاء فيه.

(وإن كان) أي : الجزاء (مضارعا (١) مثبتا أو منفيا ب : (لا) (٢) احترازا عما إذا كان منفيا ب : (لم فإنه مندرج فيما سبق ، لكونه ماضيا معنى ، أو ب : (لن) حيث يجب فيه الفاء لعدم تأثير أداة الشرط فيه (٣) معنى.

(فالوجهان) الإتيان (٤) بالفاء وتركها (٥) ؛ لأن أداة الشرط لم تؤثر في تغيير معناه كما تؤثر في الماضي فيؤتى بالفاء ، وأثرت في تغيير المعنى حيث خلصت لمعنى الاستقبال (٦) ، فيترك الفاء لوجود التأثير من وجه وإن لم يكن قويا ، نحو قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) و (مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ.)

__________________

ـ ضربت ضربت فظاهر وأما في إن خرجت لم أخرج فلأن الجزم لم لا بأن لقربه وسبقه معنى ؛ لأن إن دخل على لم أخرج لا على أخرج حتى يكون سابقا في الطلب ويتصور فيه التنازع. (عصام).

(١) قوله : (وإن كان مضارعا مثبتا) ينبغي أن يقيد بغير المجزوم بلام الأمر ، نحو : إن تكرم زيدا فليكرمك ؛ لأنه يلزمه الفاء لعدم تأثير حرف الشرط فيه معنى لكونه مستقبلا بلام الأمر وبغير الدعاء والتمني فإنهما مستقبلان تحقيقا قبل دخول أن فلا تأثير له فيها معنى وكذا الاستفهام على ما سيجيء. (عصام).

ـ قوله : (مضارعا مثبتا) قيل : في إطلاقه نظر ، حيث يمتنع ترك الفاء في المضارع بالسين وسوف ولام الأمر والجواب أن الإطلاق قد يكون قرينة على اعتبار قيد التجرد فالمعنى إن كان مضارعا مثبتا فقط مجردا عن دخول شيء من الحروف وحينئذ تدخل الصور المذكورة في قوله : وإلا فالفاء. (سيالكوني).

(٢) مثال : دخول الفاء في المضارع المنفي بلا كقوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً)[الجن : ١٣]. (أمير).

(٣) تقوله : (معنى) قيد به ؛ لأنه المناط لترك الفاء وإيراده. (حكيم).

(٤) مثل : إن قمت فيقوم أي : فهو يقوم من حيث أنه جعل خبر مبتدأ محذوف فلم يؤثر فيه حرف الشرط. (وافية).

(٥) مثل : إن قمت يقوم من حيث أنه لم يجعل خبر مبتدأ بل جواب الشرط وهو أولى ؛ لأن عدم الحذف أولى من الحذف. (وافية).

(٦) لأن المضارع المثبت والمنفي بلا كان محتملا للمحال والاستقبال قبل دخول الأداة. (سيالكوني).


(وإلا) أي : وإن لم يكن الجزاء الماضي أو المضارع المذكورين.

(فالفاء) (١) لازمة فيه ؛ لأن الجزاء حينئذ إما (٢) ماض ب : (قد) لفظا كما تقول: (إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس) أو تقديرا كما تقول (إن أكرمتني اليوم فأكرمتك أمس) بتقدير (فقد أكرمتك) وعلى كلا التقديرين لا تأثير لحرف الشرط في الماضي (٣) ، فاحتاج إلى الرابطة وهي الفاء.

وإما جملة اسمية أو أمر أو نهي (٤) أو دعاء أو استفهام أو مضارع (٥) منفي ب : (ما أو لم (٦) أو لن) إلى غير ذلك ، كالتمني (٧) والعرض.

وفي جميع هذه المواضع لا تأثير لحرف الشرط في الجزاء (٨) ، فاحتاج إلى الفاء.

__________________

(١) لتعذر تأثير أداة الشرط في الجزاء هو فيما كان الجزاء جملة اسمية كقوله تعالى : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)[الأنبياء : ٣٤] إذ يتعذر تأثير حرف الشرط في الاسم لكن يجوز العطف على الجملة الاسمية بالجزء لكونها في محل مجزوم ومنه قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ)[الأعراف : ١٨٦] ويذرهم بالجزم في بعض القراءة.

(٢) قوله : (أما ما من ؛ لأن انتفائهما) إما بانتفاء أن يكون فعلا بل جملة اسمية وبانتفاء كونه ماضيا ومضارعا بمعناهما المحققين فيكون إما أمرا أو نهيا أو دعاء أو استفهاما ما أو إنشاء من غير طلب أو بانتفاء تجرد الماضي عن قد ونحوه فيكون بقد وما ولا وبانتفاء تجرد المضارع عن الحروف فيكون بالسين وسوف وأن ولام الأمر ولا النهي أو بانتفاء كون المضارع المنفي بلا بأن يكون منفيا بلن وما فإنه يجب في جميع هذه الصور الفاء. (حكيم).

(٣) أما في لفظ الماضي فظاهر وأما في معناه فلان لما كان مقارنا بقد امتنع أن يراد به الاستقبال. (أيوبي).

(٤) قوله : (أو نهى) كقوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ.) (أمير).

(٥) نحو : إن لم يضربك زيد فاضربه أو مضارع منفي بما نحو : أن لم يضربك زيد فما تضربه ووجه عدم تأثير حرف الشرط فيهما أن الاستفهام يبقى على احتماله ولا ينقلب إلى المستقبل والنفي بما للحال غير انقلاب. (عصام).

(٦) الواجب إسقاط قوله : (أو لم) فإنه صرح فيما سبق أنه ماض معنى مندرج في قوله : (إذا كان ماضيا بغير قد) وفي بعض النسخ لم يوجد.

(٧) ووجه عدم تأثير حرف الشرط في الدعاء والتمني أنهما مستقبلان تحقيقا قبل دخول أن فلا تأثير له فيهما معنى. (عصام).

(٨) أما في الاسمية فظاهر وأما في الأمر والنهي والدعاء والتمني والعرض والمنفي إن فلان ـ


(ويجيء إذا) التي للمفاجأة (مع الجملة الاسمية) التي وقعت جزاء (موضع (١) الفاء) (٢) لأن معناها قريب من معنى الفاء ؛ لأنها تنبئ عن حدوث أمر بعد أمر ، ففيها معنى الفاء التعقيبية (٣) ولكن الفاء أكثر.

وإنما اشترط اسمية الجملة الجزائية ، لاختصاصها بها ؛ لأن (إذا) الشرطية مختصة بالفعلية ، فاختصت هذه بالاسمية فرقا بينهما ، كقوله تعالى : (إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] أي : فهم يقطنون.

(وأن) التي يجزم بها المضارع حال كونها (مقدرة) إنما كانت مقدرة (بعد الأمر)(٤) نحو : (زرني أكرمك) أي : إن تزرني أكرمك.

(والنهي) نحو : (لا تفعل الشر يكن خيرا لك) أي : إن لم تفعله يكن خير لك.

(والاستفهام) نحو : هل عندكم ماء أشربه) لأن المعنى : إن يكن عندكم ماء أشربه.

(والتمني) نحو : (ليت لي مالا أنفقه) لأن المعنى إن يكن لي مال أنفقه (والعرض) نحو : (ألا تنزل تصب خيرا) أي : إن تنزل تصب خيرا ، إذا كان (٥) المضارع الواقع بعد

__________________

ـ زمانها الاستقبال قبل دخول التغيير إلى الاستقبال كالجملة وأما النفي بما فلانها لنفي الحال صريح فيه ويكون المراد بالمنفي بما الحال مع كونه جوابا للشرط. (وجيه الدين).

(١) أي : نائبا منا بها في جواب الشرط ولذا لا يجتمعان فيه واجتماعهما في نحو : خرجت فإذا السبع لا يضره. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (موضع الفاء) نبه على أن الفاء وإذا لا يجتمعان ولذا لم يقل : ويكتفي بإذا مع الجملة الاسمية مع أنه أخصر. (عصام).

(٣) لأن غاية التعقيب أن يحدث أمرا عقيب أمر وهما مشتركان في تلك الإفادة. (أيوبي).

(٤) قوله : (بعد الا مرآه ... إلخ) أعلم أن كل ما يجاب بالفاء فينتصب المضارع بعدها يصح أن يجاب بمضارع مجزوم إلا النفي. (حكيم).

(٥) وإنما قيد بذلك ؛ لأن قصد السببية متوقف والا فالشرط هو قصد السببية. (وجيه الدين).

ـ قوله : (إذا كان) اعتبر الصلاحية) ؛ لأن في الطلب مع ذكر يصلح جزاء له معنى الشرط على ما صرح به الرضي وليس مجرد لنفسه أو ادعاء السببية كافيا في ذلك كما وهم. (وجيه الدين).

ـ الواهم عصام الدين حيث قال : لا حاجة في تقدير إن إلى اشتراط الصلاحية بل يكفي قصد السببية فإن تحقق السببية كان الكلام صادقا وإلا كاذبا أو ادعاء لنكتة فتدبر. (عليرضا).


هذه الأشياء الخمسة صالحا ؛ لأن يكون مسببا لما تقدم (وقصدا لسببية) (١) أي : سببية ما تقدم له فحينئذ يقد (إن) مع مضارع يؤخذ مما (٢) تقدم ، ويجعل المضارع الواقع بعد هذه الأشياء مجزوما بها (٣).

وإنما أختص بتقدير (إن) بما بعد هذه الأشياء ؛ لأنها تدل على الطلب (٤) والطلب(٥) غالبا يتعلق بمطلوب يترتب عليه فائدة يكون ذلك المطلوب سببا لها ، وهي مسببة له.

فإذا كان المضارع الواقع بعدها تلك الفائدة وقصد سببية الفعل المطلوب بتلك الأشياء لها قدر (إن) مع (٦) ذلك الفعل ويجعل المضارع الواقع بعدها جزاء فينجزم (٧) بها (نحو : أسلم تدخل الجنة).

فالمطلوب ب : (أسلم) هو الإسلام وهو مطلوب فائدته دخول الجنة ، فهو سبب لها ، وقصد أداء تلك السببية فقدر (ان) مع الفعل المأخوذ من (أسلم) وجعل (تدخل الجنة) جزاء له ، فقيل : إن تسلم تدخل الجنة.

__________________

(١) ظرف للانجزام المفهوم أي : إنما يجزم المضارع وقت قصد السببية. (محرم).

ـ أي : سببية الأول للثاني والمعنى في الجميع إن وقع الأول وقع الثاني. (أمير).

(٢) من الأمر والنهي من متعلقات مدخول الاستفهام والتمني والعرض وغيرها مثلا يؤخذ المقدر في زرنى أكرمك لفظ تزرني وفي لا تفعل الشي أي : لا تفعل وهكذا.

(٣) أي : بأن المقدرة وجزاء للشرط المقدر فيكون الأشياء المذكورة قرية على ذلك المقدر وتكون السببية قرينة للشرط فإن لم تقسد السببية لم يجز الجزء بل يرفع فيكون ما صفة أو حالا.

(٤) أي : طلب الفعل في الأمر والترك في النهي وطلب السلم في الاستفهام وغيرها.

(٥) قوله : (ولا طلب) وأما الخبر فإنما هو لإفادة مضمونه للمخاطب لا أنه مقصود ولغيره فلو جئت بعده بما يصلح لم يقع الجزء في جواب النفي وإنما قال : (غالبا) لأن أكثر أفعاله الاختيارية التي يتعلق بها الطلب مطلوبة لغيرها وقل فعل اختياري يطلب لذاته.

(٦) قوله : (قدّر إن مع ذلك الفعل) لوجود القرنية المغنية عن ذكرهما أعني : الفعل الدال على الطلب المشعر بالترتيب والسببية. (حكيم).

(٧) قوله : (فينجزم بها ... إلخ) ظاهرة مذهب الأخفش جزم الجزاء بهذه الأشياء لا بأن مقدرة ؛ لأنه قال : إن هذه الأوائل كلها فيها معنى إن فلذلك انجزم الجواب ومذهب غيره أن أن مع الشرط مقدرة بعد هذه الأشياء وهي دالة على ذلك المقدر ولعل ذلك لاستنكارهم إسناد الجزم إلى الفعل. (سيالكوني).


(نحو (لا تكفر تدخل الجنّة) أي : إن لا تكفر تدخل الجنة ؛ لأن النهي قرينة الفعل المنفي لا المثبت.

(و) لهذا (امتنع : لا تكفر تدخل النار) عند الجمهور (خلافا للكسائي) (١) فإنه لا يمتنع ذلك عنده.

فامتناعه عند الجمهور (لأن التقدير) (٢) على ما عرفت (٣) (إن تكفر) تدخل النار ، وهو (٤) ظاهر الفساد.

وأما عدم (٥) امتناعه عند الكسائي ، فلأنه يقول : معناه بحسب العرف : إن تكفر تدخل النار.

فالعرف في هذه المواضع قرينة الشرط المثبت (٦).

والعرف قرينة قوية (٧).

__________________

(١) قوله : (خلافا للكسائي) فإن يجوز جعل النفي قرينة للإثبات كما في قولنا : لا تكفر تدخل النار أن تكفر وعكسه كما في قولنا : أسلم تدخل النار أي : أن لا تسلم وقد صرح بذلك نجم الأئمة لكن لا يخفى أن جعل النفي قرينة للإثبات أقرب نحو : لا تدن من الأسد يأكلك ولا تكفر تدخل النار أي : إن تدن ... إلخ وأن تكفر وذلك لاشتمال النفي على مفهوم الإثبات وكونه واردا عليه وأما العكس نحو : أسلم تدخل النار أن لا تسلم ففيه بعد إذ ليس في الإثبات اشتمال على مفهوم النفي ولذلك كان تجويز القسم الأول منه أشهر. (سيد شريف).

(٢) قوله : (لأن التقدير على ما عرفت) أي : يجب أن يكون المقدر مثل المظهر إثباتا أو نفيا أما قولهم : في العرض : ألا تنزل بنا تصب خيرا إلى أن ننزل فلأن كلمة العرض همزة دخلت على حرف النفي فتفيد الإثبات. (عبد الحكيم).

(٣) وهو كون النهي قرينة الفعل المنفي لا المثبت.

(٤) قوله : (وهو ظاهر الفساد) لأن عدم الكفر ليس سببا لدخول النار وإنما سببه الكفر. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (وأما عدم امتناعه ... إلخ) يعني : يجوز عند قيام القرينة أن يضمر المثبت بعد المنفي والعكس فيجوز : لا تكفر تدخل النار كما يجوز : لا تكفر تدخل الجنة ويجوز أيضا : أسلم تدخل النار بمعنى أن لا تسلم تدخل النار وما ذكر ليس ببعيد إن ساعده النقل. (رضي).

(٦) وإن كان النهي قرينة الشرط المنفي.

(٧) يعني : أن مثل هذا التركيب يعارض مدلول القرينتين أحداهما قرينة النهي فمقتضاه الامتناع والأخرى قرينة العرف فمقتضاه الجواز فاعتبر الجمهور الأولى والكسائي الثانية. (عبد الله أفندي).


هذا إذا قصدت السببية وأما إذا لم تقصد لم يجز الجزم قطعا بل يجب أن يرفع إما بالصفة كان صالحا للوصفية كقوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي) [مريم : ٥ ـ ٦] فمن قرأ بالرفع ، أي : وليا وارثا ، أو بالحال كذلك ، كقوله تعالى : (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام : ١١٠] أي : عمهين.

أو بالاستئناف كقول الشاعر :

وقال رائدهم (١) أرسلوا (٢) نزاولها (٣)

فكلّ حتف امرئ يجري بمقدار

(الأمر)

هكذا في بعض النسخ ، وفي بعضها (مثال الأمر) وكان المراد به صيغة الأمر ، فإنهم يطلقون (أمثلة (٤) الماضي وأمثلة المضارع) ويريدون صيغهما وفي بعض الشروح : إنما قال (مثال الأمر) (٥) لأن الأمر كما اشتهر في هذا النوع من الأفعال كذلك اشتهر في المعنى المصدري أيضا.

فأراد (٦) النص على المقصود.

__________________

(١) (قال رائدهم) هو الذي يتقدم القوم لطلب الماء والكلأ هذا إشارة إلى الغنم وسائر المواشي (أرسوا) أي : أقيموا من أرسيت السفينة حبستها بالمرساة (نزاولها) أي : نحاول تلك الحرب ونعالجها (فكل حتف أمري يجري بمقدار) أي : أقيموا القاتل فإن موت كل نفس يجري بقدر الله تعالى لا الجبن ينجيه ولا الإقدام يرديه وفيه حث على الشجاعة. (مختصر في بحث الفصل).

(٢) أصله ارسبوا من الارساء وهو الإثبات أي : اثبتوا في مكانكم. (أمير).

(٣) قوله : (نزاولها) أي : الإستشهاد على أن قولة : (نزاولها) ليس بجواب الأمر حتى يكون مجزوما بها بل هو مستأنف المزاولة معاونة ومناصرة ومعالجة. (فاضل أمير).

(٤) قوله : (فإنهم يطلقون أمثلة الماضي ... إلخ) أقوى الشواهد على إرادة الصيغة أنهم يقولون لهذا الأمر بالصيغة فقوله : مثال الأمر بمنزلة قولهم : الأمر بالصيغة. (عصام).

(٥) اعلم أن الأمر بالصيغة مقابل الأمر باللام أفرده بالذكر لكونه قسما من الفعل برأسه مغايرا للمضارع لفظا ومعنى وحكما بخلاف النهي والأمر باللام فإنهما مع الحرف ليسا بقسمين من الفعل كالنفي وبدونها كالمضارع لفظا وحكما. (شرح اللباب).

(٦) قوله : (فأراد النص على المقصود) من أول الأمر فلا يرد أن الأمر المعروف بصيغة لا يحتمل المعنى المصدري فزيادة لفظ المثال لدفع توهم إرادته توهم بعيد.

ـ وإنما قال (أراد النص) لأن إضافة الصيغة إلى ما بعده للبيان كما في صيغة الماضي ـ


وهو (١) في اصطلاح النحويين والأصوليين مخصوص (٢) بالأمر بالصيغة كذا ذكره المصنف في شرحه.

(صيغة يطلب بها الفعل) شامل (٣) لكل أمر غائبا كان أو مخاطبا أو متكلما معلوما أو مجهولا.

(من الفاعل) احتراز عن المجهول مطلقا فإنه (٤) يطلب به الفعل عن المفعول لا عن فاعل.

(والمخاطب) احتراز عن الغائب والمتكلم.

(بحذف حرف المضارعة) (٥) احتراز عن مثل : قوله تعالى : فبذلك فلتفرحوا [يونس: ٥٨] فيمن قرأ على صيغة الخطاب (٦) وعن مثل : (صه) و (رويد).

__________________

ـ والمضارع وغيرهما فلا يرد أنه يجوز أن يكون الأمر بالمعنى المصدري حينئذ أيضا أي : صيغة الأمر كما يقال لام الأمر. (سيالكوني).

(١) قوله : (وهو في اصطلاح النحويين) الظاهر أن هذا رد لما وقع في بعض الشروح من التوجيه بذكر المثال بأن يمنع اشتهار الأمر بمعنى المصدري عند النحويين بل استعماله بهذا المعنى مع أن الاشتهار عند النحويين مبنى على التوجيه المذكور. (فاضل الأمير).

(٢) في العبارة مسامحة ظاهرة ولكن حمل الكلام على حذف المضاف أي : الأمر بمعنى الصيغة أي : الصيغة المخصوصة. (فاضل أمير).

ـ قوله : (بخصوص ... إلخ) لأن شرطه عند الأصوليين أن يكون مدلوله الطلب على وجه الاستعلاء دون النحويين فإنهم يطلقون على الصيغة بأي معنى يستعمل. (س).

(٣) قوله : (شامل ... إلخ) أي : هو بمنزلة الجنس القريب للأمر المعرف فلا ينافي أن يكون صيغة بمنزلة الجنس البعيد فقوله : (يطلب بها) يخرج الماضي والمضارع وقوله : (الفعل) يخرج النهي. (سيالكوني).

(٤) قوله : (فإنه) أي : إنما حصل به الاحتراز ؛ لأن المجهول يطلب به الفعل الخ. (محرم).

(٥) قوله : (بحذف حرف المضارعة) احتراز عن مثل قوله تعالى : فلتفرحوا؟ إلخ والحق أنه ليس من تتمة التعريف والتعريف قد تم بدون بل هو شروع في كيفية اشتقاق الأمر فالتقدير هو بحذف حرف المضارعة أو بحذف مضارع. (عصام).

(٦) فإنه يصدق عليه أن صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب لكن هذا الطلب ليس بحذف حرف المضارعة. (محرم).


(وحكم آخره) (١) أي ـ آخر الأمر في الحقيقة ـ عند البصريين الوقف والبناء على السكون ؛ لانتفاء ما يقتضي إعرابه وهو حرف المضارعة ؛ لأن مشابهته للاسم المقتضية للإعراب إنما هي بسببه وفي الصورة (حكم المجزوم) أي : مثل : حكم المضارع المجزوم في إسكان الصحيح وسقوط نون الإعراب وحرف العلة ؛ لأنه لما شابه ما فيه اللام من المجزوم معنى أعطي حكمه ، تقول (اضرب ، اضربا ، اضربوا) و (اخش وأغز وارم) كما تقول لم يضرب لم يضربا ، لم يضربوا) و (لم يخش ، ولم يغز ، ولم يرم)

وذهب الكوفيون إلى أنه معرب مجزوم بلام مقدرة.

(فإن كان بعده) (٢) أي : بعد حرف المضارعة أو بعد حذف حرف متحرك اسكن آخره (٣) ، وجعل ما بقي أمرا ، تقول في (تعد) عد وفي (تضارب) ضارب.

ولم يذكر المصنف هذا القسم لظهوره.

وإن كان بعده حرف (ساكن وليس) (٤) المضارع (برباعي) والمراد (٥) بالرباعي

__________________

(١) قوله : (وحكم آخره) لم يقل وحكمه ؛ لأن وظيفة النحو بيان حكم آخره لا مطلقا. (سيالكوني).

ـ قوله : (وحكم آخره) أي : آخر الأمر في الحقيقة يعني أن الأمر عند البصريين مبني وأن حكمه في الحقيقة البناء على السكون لانتفاء علة الإعراب إلا أنه جعل في الصورة حكمه حكم آخر المضارع المجزوم في حذف الحركات وحذف حرف العلة والنون لما شابه الذي فيه اللام معنى أعطى حكمه وعند الكوفيين إن معرب مجزوم قالوا حذف المضارعة مع عدم اللام مطرد لكثرة استعماله بخلاف أمر الغائب فإنه أقل استعمالا وبقي مجزوما بتلك اللام المقدمة. (وجيه الدين).

(٢) إذا عرفت تعريف الأمر وحكمه فاعلم طريق بنائه.

(٣) حقيقة بإزالة الحركة أو حكما بإسقاط النون وحرف العلة اللتين هما بمنزلة الحركة. (حكيم).

(٤) حال من ساكن والرابط من الحال إلى ذي الحال الواو فقط ولم يتقدم الحال على ذي الحال مع أنه نكرة محضة لكونه مقارنا بالواو ولأن الحال إذا اقترن بالواو كما في جاءني رجل والشمس طالعة لم يجز تقديم الحال على ذي الحال فضلا عن الوجوب رعاية لأصل الواو والذي هو العطف. (عصام).

(٥) قوله : (والمراد بالرباعي هاهنا) يعني : أن المراد بالرباعي في بيان موضع الأمر وبيان زيادة همزة الوصل في الأول وعدمها ما كان ماضيه على أربعة أحرف وهو باب الأفعال لا غير فإنه هو الرباعي الذي بعد حرف مضارعة ساكن فقط. (شيخ الرضي).


هاهنا (١) ما يكون ماضيه على أربعة أحرف من المزيد (٢) فيه.

وإنما هو باب الأفعال لا غير.

(زدت همزة الوصل) على ما بقى بعد حذف حرف المضارعة ليتوصل بها إلى النطق بالساكن ، حال (٣) كون تلك الهمزة (مضمومة إن كان بعده) أي بعد الساكن (ضمة) دفعا للالتباس بالمضارع (٤) على تقدير الفتح.

فإنه إذا قيل في (أقتل) : أقتل بفتح التاء التبس بالواحد المتكلم للمجهول وبالماضي المجهول من الرباعي إذا قيل (أقتل) بكسر التاء (٥).

(ومكسورة (٦) فيما سواه) أي : فيما سوى ساكن بعد ضمة ، سواء كان بعده كسرة أو فتحة.

__________________

(١) أي : في علم النحو وأما في علم الصرف فهو ما كان الحروف الأصول فيه أربعة. (عصام).

(٢) قوله (من المزيد) فيه فيه نظر لأن الرباعي لا يختص المزيد فيه وقوله : (إنما هو باب الأفعال) لا يتم لانتقاضه بفاعل وفعل إلا أن يتكلف ويقال أن ضمير هو لا يعود إلى الرباعي بل إلى الرباعي الذي بعد حذف حرف مضارعة ساكن وكذا قوله : (هاهنا) بمعنى في مضارع رباعي بعد حذف حرف مضارعة ساكن. (عصام).

(٣) اختار الحال ؛ لأن اللازم ضم الهمزة في وقت الزيادة وفي الصفة يتبادر سبق ضمها على الزيادة على حرفي تعريف الكلمة. (سيالكوني).

(٤) قوله : (دفعا للالتباس بالمضارع) لا يذهب عليك أن هذا العمل أي : في شرح المصنف مضمومة أن كان بعده ضمة ضبطا لا يصدر عن العاقل لا يليق إسناده إلى الشارح الفاضل بل إلى قلم الناسخ الجاهل وإن كانت النسخة الواصلة البالغة إلى العشرة مقدار تتفق في ذلك الخبط يرشد له إلى ما قلنا فساد تحرير المراد أيضا فإن حقه أن يقول : فإنه إذا قيل في أقل أقتل بفتح الهمزة التبس بمجهول المتكلم لماضي الرباعي وبمعلومه إذا قيل أقتل بكسر التاء فالوجه الصواب في كون الهمزة مضمومة حينئذ فرارهم عن الصعود من الكسرة التي هي الأصل في همزة الوصل إلى الضمة فإن الساكن ليس بحاجز عند اتباع حركة الهمزة حركة العين مع أن في فتح الهمزة التباسا.

(فاضل أمير).

(٥) والصواب بكسر الهمزة لزم الخروج من الكسرة إلى الضمة وهو لقيل. (عصام).

(٦) قوله : (مكسورة فيما سواه) أي : زيدت همزة وصل على ما بقي بعد حذف حرف المضارعة حال كونها مكسورة في ساكن سوى ساكن بعد ضمة أي : في صورة وجود ساكن فيما بقى ـ


فإنه لو ضم في مثل : (أضرب) التبس بالماضي المجهول من (الإضراب) ولو فتح لالتبس بالأمر منه ، ولو ضم في (اعلم) لالتبس بالمضارع المجهول ، ولو فتح لالتبس بالماضي الرباعي (نحو : اقتل) مثال لما يكون بعد حرف المضارعة ضمة.

(واضرب) مثال لما يكون بعده كسرة (واعلم) مثال لما يكون بعده فتحة.

(وإن كان رباعيا (١) فمفتوحة) أي : فالهمزة مفتوحة ؛ لأنها همزة أصل ردت لارتفاع موجب (٢) حذفها ، وهو اجتماع همزتين في المتكلم (٣) الواحد لا همزة (٤) وصل (مقطوعة) لذلك بعينه.

(فعل (٥) ما لم يسم فاعله)

أي : فعل المفعول الذي لم يذكر فاعله.

__________________

ـ سوى الساكن السابق فما عبارة من الساكن والكلام على حذف المضافين وهذا مراد الشارح رحمه‌الله وإرجاع الضمير إلى أمر من مضارع فيه ساكن سوى ساكن بعده ضمة تعسف لا يخفى. (سيالكوني).

(١) قوله : (وإن كان رباعيا) عطف على قوله : (وليس برباعي) بحسب المعنى أي : فإن لم يكن رباعيا وإن كان رباعيا. (عبد الحكيم).

(٢) قوله : (لارتفاع موجب ... إلخ) وتحقق مقتضى وهو امتناع الابتداء بالساكن ترك لظهوره بخلاف عد فإنه لم يرد فيه الواو والمحذوفة مع زوال موجب حذفها وهو وقوع الواو بين حرف المضارعة والكسر لعدم مقتضى الرد وأما نحو : اقم فإنما ردت الهمزة طرد الباب ومن هذا ظهر وجه عدم اعتداد المصنف له. (سيالكوني).

(٣) قوله : (في المتكلم الواحد) فإنه لم يجئ علي صورة أمر المخاطب المعلوم وأسلوبه لم يعتبر والاطراد فيه أي : في أمر المخاطب في حذف الهمزة بخلاف أمر الغائب معلوما أو مجهولا فافهم ولا تغفل. (فاضل أمير).

(٤) يعني : أن الهمزة ليست بهمزة وصل ؛ لأن همزة الوصل إنما تزاد للابتداء بالكلمة لا لإفادة معنى زائد على أصل المادة وهذه الهمزة ليست كذلك بل هي تزاد لإفادة معنى زائد على المعنى الذي أفاده الثلاثي. (محرم).

(٥) ولما كان صيغة الفعل المجهول مخالفا لصيغته المعلوم شرع في بيانه فقال : (فعل ما ... إلخ). (تكملة).


وإضافة الفاعل (١) إليه لأدنى ملابسة أو على حذف مضاف ، أي : فاعل فعله الواقع عليه ، ولا يبعد أن يراد (٢) بالموصول الفعل الذي لم يذكر فاعله ، ويكون إضافة الفعل إليه بيانية (٣).

(وهو ما حذف فاعله) وأقيم (٤) المفعول مقامه.

ولم يذكر هذا القيد هاهنا اكتفاء (٥) بذكره فيما سبق.

(فإن كان) الفعل الذي أريد حذف فاعله ، وإقامة المفعول مقامه (ماضيا) ، غيرت صيغته دفعا للبس (٦) بأن (ضمّ (٧) أوله وكسر ما قبل آخره) مثل : (ضرب ودحرج، وعلم).

واختير له هذا النوع من التغيير ؛ لأن معناه غريب ، فاختير له وزن غريب لم يوجد في الأوزان لخروج الضمة إلى الكسرة ووزن (فعل) بالخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل (٨) ، فلا ضرورة في اختياره بعد حصول المقصود بأخف منه.

__________________

(١) قوله : (وإضافة الفاعل إليه لأدنى ملابسة) لأن : الفاعل إنما يضاف إلى الفعل لا إلى المفعول وإنما يضاف إليه لملابسة فعله ووقوع ذلك الفعل عليه. (وجيه الدين).

(٢) يعني : ليس المراد من الموصول جنس الفعل ويكون الصلة مخصصة له حتى يلزم إضافة الشيء إلى نفسه. (سيالكوني).

(٣) أي : من إضافة العام إلى الخاص كقولهم فعل الماضي فعل المضارع وأما الحرف المقدر فاللام عند الجمهور وكلمة من عند صاحب الكشاف حيث قال في تفسير قوله تعالى : (بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ)[المائدة : ١] من الإضافة البيانية بتقدير من. (فاضل محشي).

(٤) للاختصار أو للإبهام أو للجهل بالفاعل أو غيره والغرض من ذكره كيفية بنائه.

ـ قوله : (وأقيم المفعول) وزاد الشارح هذا القيد لكونه مرادا في هذا المقام ليكون الحد تاما. (لمحرره).

(٥) أو لاستشهاد أنه لا يجوز حذف الفاعل بدون إقامة المفعول مقامه. (عصام).

(٦) أي : ليس للمفعول المرفوع لقيامه مقام الفاعل. (رضي).

(٧) أشار بهذا إلى أن علة التغيير هي دفع اللبس والضم سبب له فأقيم السبب مقامه. (شرح).

(٨) من خروج الضمة إلى الكسرة ؛ لأن الأول خروج من أثقل منه ثقيل بخلاف الثاني. (سالكوني).


(ويضم الثالث مع همزة الوصل) نحو : (انطلق واقتدر واستخرج) لئلا يلتبس (١) في الدرج بالأمر من ذلك الباب.

(و) يضم (الثاني مع التاء) (٢) مثل : (تعلّم ، وتجوهل وتدحرج) لئلا يبس بصفة مضارع (علمت (٣) ، وجاهلت ، ودحرجت).

(خوف اللبس) (٤) هذا علة لقوله (ويضم الثالث والثاني).

(ومعتل العين) (٥) أي : ما يكون عينه (٦) فقط (٧) معتلا لئلا يرد عليه مثل : (طوى، وروى) من اللفيف ، فإنه لا يعتل عينه لئلا يفضي (٨) إلى اجتماع إعلالين في (يروي ويطوي).

قيل : الأصوب أن يقال : معتل العين المنقلبة عينه ألفا لئلا (٩) يرد.

__________________

(١) قوله : (لئلا يلتبس) قدم العلة مع أنه تفسير لقوله خوف اللبس ليكون كل حكم مقرونا مع علته وأشار إلى كونه تفسير له هذا علة لقوله ويضم الثالث والثاني.

ـ يعني : لو لم يضم الثالث واكتفى بضم الهمزة لالتبس في الدرج ... إلخ. (محرره).

(٢) من قبيل عطف الشيئين بحرف واحد أو حال من الثاني. (معرب).

(٣) يعني : لو اقتصر على ضم التاء وقالوا : نعلم وتجاهل وتدحرج لالتبس بمضارع علم وجاهل ودحرج عند الوقف. (وجيه).

(٤) أي : التباس تعلم بمضارع علم وتجاهل بمضارع جاهل. (أمير).

(٥) منصوب محلا على التشبيه بالمفعول كما في حسن الوجه. (مغني اللبيب).

ـ أي : الفعل الماضي المجهول منه وفيه ثلاث لغات وأشار المصنف إلى ما هو إلا فصح. (أمير).

(٦) ولما كان معتل العين شاملا للمعتل العين وحده ومع اللام أراد أن يفسره على وفق المراد. (أيوبي).

(٧) قوله : (فقط معتلا) فإن الإطلاق قد يكون قرينة التجريد عن زائد. (سيالكوني).

(٨) قوله : (لئلا يفضي إلى اجتماع ... إلخ) يعني : لو أعلت العين من هذه الأبواب لوجب الإعلال بقلب العين ألفا في المضارع ؛ لأنه يتبع الماضي في الإعلال ؛ لأنه هو الماضي بزيادة حرف المضارعة وقد أعل آخره لكون الطرف محل التغيير فيلزم اجتماع الاعتلالين متواليين في الثلاثي وذا لا يجوز ولو لم يعمل آخره وأعل العين فقط وقيل بطأي مثلا لزم ضم الياء ولا يحتمل في الفعل لثقل ياء مضمونة وإن كان قبلها ساكن كما يحتمل في الاسم عوراء بخفته. (س).

(٩) قوله : (لئلا يرد) مثل عور وصيد مما لا يجئ البناء ومنه ؛ لأن كل واحد منهما لازم ولو اتصل ـ


عليه (١) مثل : (عور ، وصيد).

وإنما (٢) خصّ معتل العين بالذكر لزيادة (٣) غموض ، واختلاف في المبني للمفعول من ماضيه كما ذكر وبتبعيته ذكر معتل العين في المبني للمفعول من مضارعه وإن لم يكن فيه ما ذكرنا.

(الأفصح فيه (قيل ، وبيع) أصلهما : قول وبيع نقل الكسرة (٤) من العين إلى ما قبلها بعد حذف حركته فصار (بيع وقول) فأبدل واو (قول) ياء لسكونها وانكسارها ما قبلها فصار (قيل).

(وجاء الإشمام) وهو فصيح في نحو : (قيل وبيع).

وفي شرح الرضي : حقيقة هذا الإشمام أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو : الضمة فتميل الياء الساكنة بعدها نحو : الواو قليلا ، إذ هي تابعة لحركة (٥) ما قبلها.

__________________

ـ به حرف التعدية فكذلك لا يجى هذا البناء منه لأنه في معنى ما يجب تصحيحه ، (وجيه الدين).

(١) أي : على ظاهره وهو العموم ؛ لأن قواعد العلوم كلية فلو حمل على المهملة فلا يرد فلذا قيل الأصوب. (حكيم).

(٢) قوله : (وإنما خص معتل العين) إلى قوله : (ما ذكرنا) سهو من الناسخ وصوابه : وإنما خص معتل العين بالذكر لزيادة غموض واختلاف في الماضي كما ذكر وتبعية ذكر مضارعه وإن لم يكن فيه ما ذكر المتعدي وغير المتعدي. (عصام).

(٣) قوله : (لزيادة الغموض واختلاف في المبني للمفعول منه) أما مزيد الغموض فلما فيه من نقل الكسرة إلى ما قبلها ثم إبدال الواو ياء بخلاف نحو : رمى ورمي فإنه لا نقل ولا إبدال في رمى ولا نقل في رمى وأما الاختلاف فيه فلاختلاف اللغات أحدها وقيل وبيع وهي أفصحها والثاني الإشمام وهي فصيح وإن كان قليلا والثالث قول وبوع وهو أقلها لثقل الضمة والواو. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (نقل الكسرة) لأن الكسرة أخف من حركة ما قبلها وقصدهم التخفيف فيجوز على هذا نقل الحركة إلى متحرك بعد حذف حركته إذا كانت حركة المنقول إليه أثقل من حركة المنقول عنه وهذا عند الجزولي وعند المصنف استشقلت الكسرة على حرف العلة ولم تنقل إلى ما قبلها ؛ لأن النقل إلى الساكن أولى فبنى قول وبيع بياء ساكنة بعد الضمة. (حكيم).

(٥) يعني إن كانت ما قبلها فتحة تقلب ألفا وان كانت كسرة استراحت في حالها وإن كانت ضمة اضطربت حالها. (أيوبي).


هذا مراد القراء والنحاة بالإشمام في هذا الموضع.

وقال بعضهم : الإشمام هاهنا كالإشمام حالة الوقف ، أعني : ضم الشفتين فقط مع كسر الفاء خالصا (١).

وهذا خلاف المشهور عند الفريقين.

وقال بعضهم : هو أن تأتي بضمة خالصة بعدها ياء ساكنة.

وهذا أيضا غير مشهور عندهم.

والغرض من الإشمام : الإيذان بأن الأصل الضم في أوائل هذه الحروف (٢).

(و) جاء (الواو) أيضا على ضعف فقيل : (قول ، وبوع) (٣) بالإسكان بلا نقل ، وجعل الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها.

(ومثله) أي : مثل : باب الماضي المجهول من معتل العين من الثلاثي المجرد باب الماضي المجهول من معتل العين من (باب) الافتعال والانفعال ، نحو : (اختير وانقيد) في مجيء اللغات الثلاث فيه إذ (خير وقيد) فيهما مثل : (قيل وبيع) بلا تفاوت (٤).

(دون أستخير وأقيم) إذ (٥) ليس ذلك مثل : (قيل وبيع) لسكون ما قبل حرف العلة فيهما في الأصل ، إذ أصلهما (أستخير وأقوم) بالياء والواو المكسورتين.

والقياس فيهما إذا كان ما قبلهما أن تنقل حركتها إليه وتقلب العين ياء إذا كانت

__________________

(١) يعني من غير إمالة في الفاء لا في الياء بل هو عبارة عن ضم الشفتين. (محرم).

(٢) يعني الحروف التي تقع في فاء الكلمة من ماضي معتل العين. (أيوبي).

(٣) إلا أن قلب الياء واوا لمناسبة حركة ما قبلها وهذا القلب قليل لكون الواو أثقل من الباء ومن هذا القلب قول الشاعر :

ليت وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت

 ـ (خبيصي).

(٤) أي : في وقوع الضمة على الفاء ووقوع بعدها على الواو والياء. (فاضل أمير).

ـ فجاز فيه ما جاز في مثل قيل وبيع. (وجيه).

(٥) علة لمقدر لا تجيء اللغات الثلاث فيهما إذ ليس ذلك ... إلخ. (محرم).


واو ، فيقال (أستخير وأقيم) لغة واحدة (١).

(وإن كان) (٢) أي : الفعل الذي أريد حذف فاعله وإقامة المفعول مقامه (مضارعا ضم أوله) وهو حرف المضارعة نحو : (يضرب ، ويكرم ، ويلتزم ، ويستخرج ويتدحرج) (وفتح ما قبل آخره) لخفة الفتحة وثقل المضارع بالزيادة.

(ومعتل العين) المبني للمفعول (ينقلب) (٣) العين فيه (ألفا) ياء كانت أو واوا ، نحو : (يقال ، ويباع ، ويختار ، وينقاد ، ويستجار ، ويستقام) لتحركهما (٤) حقيقة (٥) أو حكما وانفتاح ما قبلهما.

(المعتدي (٦) وغير المتعدي والمتعدي) (٧) من الفعل (٨) (ما يتوقف فهمه على

__________________

(١) ولا يجيء الإشمام والواو فيهما لعدم كون ما قبلهما مضموما في الأصل كما في اختير وإنقاد. (أيوبي).

(٢) معطوف على جملة إن كان ماضيا إلى آخره. (معرب).

ـ لما فرغ من بيان الماضي المجهول شرع في بيان حكم مضارعه فقال : (وإن كان ... إلخ). (تكملة).

(٣) والجملة خبر المبتدأ بتقدير العائد إلى المبتدأ أي : فيه وبهذا أشار الشارح بتقدير فيه. (لمحرره).

(٤) قوله : (لتحركهما) علة لمقدر وإنما ينقلب العين ألفا في المذكورات. (لمحرره).

(٥) قوله : (حقيقة) كما في ينقاد إذا أصله ينقيد فالياء متحركة أو حكما أي : بعد النقل كما في يقام فإنه كان في الأصل متحركا وأما انفتاح ما قبلها فهو حقيقة لا غير. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (المتعدي وغير المتعدي) هذان قيدان لقسمي الفعل لا قسمان فإن المتعدي أعم من الفعل وشبهه وكذا غير المتعدي إلا أن المتعدي مطلقا لا يمكن تعريفه بما يتوقف فهمه على متعلق فإن المصدر لا يتوقف فهمه على شيء فضلا عن المفعول لذا جاز حذف فاعله والسر في ذلك أن النسبة إلى الفاعل والتعلق بالمفعول به جزأن من معنى الفعل وما سوى المصدر ومما يشبهه فنقول المصدر المتعدى ما يشتق منه الفعل المتعدي فالمتعدي المطلق ما يتوقف فهمه على متعلق أو يتوقف فهم ما يشتق هو منه عليه وكأنه لذلك قال المتعدي من الفعل. (عصام).

ـ قوله : المتعدي وغير المتعدي التعدي في اللغة التجاوز وفي الاصطلاح تجاوز الفعل من فاعله إلى المفعول به فإن تجاوز إلى غيره كالمصدر والظرف لم يسم متعديا. (شرح).

(٧) كأنه قال الفعل مطلقا إما متعد أو غير متعد فصل كلا منهما بقوله : (فالمتعدي). (شرح).

(٨) قوله : (من الفعل) دون اسم الفاعل والمفعول والمصدر ، فإنها غير متعدية بهذا المعنى لعدم توقف فهمها عليه ولذا جاز ترك مفعولها. (عبد الحكيم).


متعلق) (١) أي : أمر غير الفاعل يتعلق الفعل به ، ويتوقف فهمه عليه (٢) فإن (٣) كل فعل لا بد له من فاعل وفهمه موقوف على فهمه ، لكن نسبة الفعل إلى الفاعل بطريق الصدور والقيام والإسناد ، فيقال : هذا الفعل صادر من الفاعل وقائم به ومسند إليه ، ولا يقال في الإصطلاح : إنه متعلق به ، فإن التعلق (٤) نسبة الفعل إلى غير الفاعل ، فالحاصل أن فهم الفعل إن موقوفا على فهم غير الفاعل فهو المتعدي ك : (ضرب) (٥) فإن فهمه موقوف على لقتل المضروب ، ولا يكن لقتله إلا بعد (٦) بقتله ، بخلاف الزمان والمكان والغاية وهيئة الفاعل والمفعول ، فإن فهم الفعل بدون هذه الأمور (٧) ممكن ، (وغير

__________________

(١) أي : معين كان فاندفع ما قيل أن التعريف غير مانع لدخول اللازمة التي مدلولاتها نسب كقرب وبعد لعدم أخذ النسبة إلى أمر معين في مفهومها بل إلى أمر ما لمجيء استعمالها بدون متعلقاتها كقرب زيد. (حاشية).

(٢) قوله : (ما يتوقف فهمه ... إلخ) اعلم أن نسبة الفعل المتعدي إلى المفعول كنسبة إلى الفاعل في أنه لا يجوز استعماله بدونهما إلا على خلاف مقتضى الظاهر لنكتة إلا أن نسبة الفاعل لما كانت مقصودة بالذات لا يجوز تركه إلا بإقامة شيء مقامه بخلاف نسبته إلى المفعول به فإنه فضلة مقصودة لتكميل الفاعل يجوز تركه من غير إقامة شيء مقامه وأما سائر المفاعيل فإنه يجوز استعماله بدونها فعلم من ذلك أن نسبته إلى المفعول المعين مأخوذة في مفهوم الفعل المتعدي كيلا يكون استعماله في مواده مجاز؟ لا حقيقة له كالنسبة إلى الفاعل فيكون فهم مدلوله موقوفا على فهم متعلقه. (سيالكوني).

(٣) تعليل لتخصيصه في الاصطلاح بغير الفاعل ولكون اعتبار قيد التعلق ظاهرا وقيد التوقف للإشارة إلى أن المراد به ما صدق عليه غير داخل في مفهومه لم يتعرض لتعليلهما. (س).

(٤) قوله : (فإن التعلق) قد دل عبارته سيما هذه العبارة أن المتعلق اسم الفاعل هو الفعل فالمفعول هو المتعلق اسم المفعول بالحذف والإيصال فما وقع في التعريف اسم مفعول إلا أن يقال التعلق من الجانبين فكان أن الفعل متعلق بالمفعول فالمفعول أيضا متعلق به وضح بيان تعلق الفعل معنى المتعلق الذي هو المفعول. (عصام).

(٥) وعلامة المتعدي أن يكون فعل عضو كضرب بيده وركض برجله وأبصر بعينه وسمع بأذنه وتكلم بلسانه أو كأمر كذاق وشمر أو قلب كعلم وظنّ. (خبيصي).

(٦) والمراد بالبعدية الزمانية لامتناع تعقل شيئين في زمان واحد أي : لا يمكن تعقل ضرب إلا بعد تعقل المضروب المعين بالزمان لما أن النسبة مأخوذة في مفهومه وفهم النسبة متأخرة عن فهم الطرفين زمانا. (س).

(٧) إن كان الفعل لا يوجد بدون هذه الأمور. (وجيه).


المتعدي (١) بخلافه) أي : بخلاف المتعدي يعني لا يتوقف فهمه على فهم أمر غير الفاعل ك: (قعد) ، فإنه وإن كان له بكل واحد من الزمان والمكان والغاية وهيئة الفاعل (٢) لكن فهمه مع النفلة عن هذه المتعلقات جائز ، وغير المتعدي (٣) يصير متعديا ، إما بالهمزة نحو أذهبت زيدا ، أو بتصفيف العين نحو فرّحت زيدا ، أو بألف المفاعلة (٤) نحو ماشيته ، أو لبسين الاستنعال نحو استخرجته ، أو بحرف الجر نحو ذهبت بزيد ، (والمتعدي يكون) متعديا (إلى) مفعول (واحد ك : (أعطى) وإلى اثنين ثانيهما عين الأول فيما (٥) صدق عليه (نحو (٦) علم ، وإلى) مفاعيل ثلاثة ك : (أعلم (٧).

__________________

(١) وعلامة اللازم ما كان فعل جميع البدن كقام وذهب وشبههما أو ما كان من فعل مفهوم العين أو من فعل مكسورة. (موشح).

(٢) قوله : (وهيئة الفاعل) قد حقق أن المفعول يبين الحالة أعم من المفعول فلا وجه لترك هيئة المفعول في هذا المقام فإن اللازم كالمتعدي له تعلق بهيئة الفاعل والمفعول. (فاضل محشي).

(٣) قوله : (وغير المتعدي) وما قيل أن المتعدي يصير لأن ما ثبوت الانفعال وتاء التفعلل فتوهم إذ معنى التعدي وصول الفعل إلى المفعول وعدم التعدي انقطاعه عنه فلا بد فيه من الاشتراك في المعنى وفيما نحن فيه ليس كذلك ؛ لأن باب الانفعال والتفعلل معناه التأثر والقبول والمطاوعة. (س).

(٤) اعلم أن الصرفيين لم يذكروا ألف المفاعلة وسين الاستفعال من أسباب التعدية ولعلهم لم يذكروهما اكتفاء بذكر غيرهما وإلا فلا فرق بينهما وبين التضعيف والهمزة. (أيوبي).

(٥) قوله : (ثانيهما غير الأول) كأعطى وهو سماعية كثيرة جمعتها إلى ستين وأرجو أن أضبطها وأعمل رسالة بها ينتفع الطالبون. (عصام).

(٦) قوله : (فيما صدق عليه) أي : فيما يحملان عليه فإن معنى الصدق الموصل بعلى سواء كانا كليين أو جزئيين أو أحدهما كليا والآخر جزئيا وإنما قيد بذلك لوجوب التغاير في المفهوم ليفيد الحكم. (س).

(٧) قوله : (نحو علم) هذا عند البصريين وقال الكوفيون : ثاني مفعول باب علمت حال وليس بشيء ؛ لأن الحال لا يكون علما وضميرا أو اسم إشارة ويجوز ذلك في هذين المنصوبين. (س).

(٨) قوله : (كأعلم) وأما علم فلم ينقل علمتك زيدا قائما بل لم يستعمل ثاني مفعولي علمت إلا ما هو مضمون الأول والثاني أو مضمون الثاني لعلمت تقوله في علمت زيدا عمرا منطلقا علمت زيدا انطلاق عمرو وعلمت زيدا انطلاق. (س).


وأرى (١)) بمعنى أعلم وهما أصلان في هذا القسم ، فإنهما كانا قبل إدخال الهمزة متعديين إلى مفعولين فلما أدخلت عليهما الهمزة زاد مفعول آخر (٢) يقال له : المفعول الأول ، وأما (٣) الأفعال الأخر وهي (أنبأ ونبّأ وخبّر وأخبر وحدّث) فليست أصلا (٤) في التعدية إلى ثلاثة مفاعيل بل بق ٦ يتها إليها إنما هي بواسطة (٥) اشتمالها على معنى الإعلام ، (وهذه) الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل (فعولها الأول كمفعول) باب (أعطيت) في جواز الاقتصار عليه كقولك : أعلمت زيدا ، والاستغناء عنه كقولك أعلمت عمرا منطلقا ، (والثاني والثالث) من مفعوليها (كمفعولي علمت) في وجوب) ذكر أحدهما عند ذكر الآخر ، وجواز تركهما معا.

__________________

(١) إذ معنى أعلمت زيدا صيرته عالما والعلم يتعدى إلى مفعولين وكذا أرأيت وهذان مما يتعدي إلى ثلثة مفاعيل على التحقيق بالاتفاق. (خبيصي).

(٢) فإنا إذا قلنا : علم زيد عمرا فاضلا ثم قلنا : أعلم زيد بكرا عمرا فاضلا فالزائد هاهنا هو بكر. (أيوبي).

(٣) ولما كان مقصود الشارح أن يفرق بين الأفعال المتعدية إلى الثلاثة بما هو أصل فيها وبما هو ليس كذلك خرج كلام المصنف بكلامه وأشار إلى ما هو الأصل منها فأراد أن يشير إلى ما ليس بأصل منها فقال : (والأفعال ... إلخ). (تكملة).

(٤) قوله : (ليست أصلا في التعدية) أي : ليست مما صار بالهمزة والتضعيف متعديا إلى الثلاثة بعد التعدي إلى اثنين فلم يستعمل من ثلاثياتها فعل مناسب لهذا المعنى الأخير بكسر الياء بمعنى علم وأما حدث ونبأ ثلاثين فلم يستعملا مشتقين من النباء والحدث. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (بواسطة اشتمالها ... إلخ) لأن الأنباء والتنبئة والتحديث بمعنى الإعلام وأما في نفسها فكانت متعدية إلى واحد بنفسها وإلى آخر بالجار نحو : (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ)[البقرة : ٣٣](نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ)[الأنعام : ١٤٣] ومن هذا يعلم أن التضمين أيضا من أسباب التعدية وقد ذكر في المغني أن أسباب التعدية سبعة الأربعة المذكورة فيما سبق والخامس : صوغه على حد نصر ينصر لإفادة الغلبة نحو : كرمت زيدا ، والسادس : التضمين ، والسابع : إسقاط حرف الجر ولم يلحق سيبويه من هذه الخمسة الأنباء والبواقي ألحقها غير غيره وأما أحدث فلم يستعملوه بمعناه والحق بعضهم أرى الحلمية بأعلم سماعا نحو : أرى إليه في النوم عمرا سالما. (سيالكوني).


(أفعال القلوب) (١)

وتسمى (٢) أفعال الشك واليقين أيضا. وكأنهم أرادوا بالشك (٣) الظن ، وإلا فلا شيء من هذه الأفعال بمعنى الشك المقتضي تسوي الطريفين.

وهي (ظننت (٤) ، وحسبت ، وخلت) وهذه الثلاثة للظن.

(وزعمت) وهي تكون تارة للظن وتارة للعلم.

(تدخل) أي : هذه الأفعال (على الجملة الاسمية لبيان ما هي) أي : تلك الجملة من حيث (٥) الإخبار بها ناشئة (عنه) من الظن (٦) والعلم كما إذا قلت : (علمت زيدا قائما) فقولك (علمت) لبيان أن ما أنشأت هذه الجملة عنه حيث تكلمت بها ، وأخبرت بها عن قيام زيد إنما هو العلم.

وإذا قلت : (ظننت زيدا قائما) فقولك (ظننت) لبيان أن منشأ الإخبار بهذه الجملة هو الظن ، وكذلك بواقي الأفعال.

__________________

(١) وإنما سميت هذه الأفعال القلوب ؛ لأنه لا تحتاج في صدورها إلى الجوارح والأعضاء الظاهرة بل يكفي فيها القوة العقلية. (فاضل أمير).

(٢) عطف على الخبر المحذوف أي : أفعال القلوب هذه المذكورات أو على مجموع المبتدأ والخبر والشارح تبع عبارة المتن فجعل قوله : (أفعال القلوب) مبتدأ محذوف الخبر وقدر لقوله ظننت مبتدأ آخر. (حاشية).

(٣) هذا خلط اللغة باصطلاح الميزانيين وإلا ففي اللغة الشك خلاف اليقين على ما في القاموس. (عصام).

(٤) وقد جاء ظن بمعنى علم قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)[البقرة : ٤٦] ، ورأى بمعنى ظن كقوله تعالى : (يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً)[المعارج : ٦ ـ ٧] ، أي : يظنونه ونعلمه. (خبيصي).

(٥) قوله : (من حيث الإخبار) لما علمت أن فائدتها الإعلام بأن النسبة حاصلة عما دلت عليه من علم أو ظن طابق للواقع أولا فالمقصود منها إعلام المخاطب بالعلم أو الظن القائم بالفاعل بالمتعلق بالنسبة. (حكيم).

(٦) يعني : أن الإخبار عن الجملة ينشأ إما عن الظن أو العلم ؛ لأنه يعلم أو يظن أولا ثم يخبر. (وجيه الدين).


(فتنصب) أي : هذه الأفعال (الجزئيتين) أي : جزئي الجملة الاسمية المسند والمسند إليه على أنهما مفعولان لها.

(ومن خصائصها) هي جمع خصيصة ، وهي ما يختص بالشيء ولا يوجد في غيره ، أي ومن خصائص أفعال القلوب (أنه إذا ذكر أحدهما ذكر الآخر) (١) فلا يقتصر (٢) على أحد (٣) مفعوليهما.

وسبب ذلك ـ مع كونهما في الأصل مبتدأ وخبرا ، وحذف المبتدأ والخبر غير قليل ـ أن المفعولين معا بمنزلة اسم واحد ؛ لأن مضمونهما معا هو المفعول به (٤) في الحقيقة ، فلو حذف أحدهما كان كحذف بعض أجزاء الكلمة (٥) الواحدة ، ومع هذا فقد ورد ذلك مع القرينة على قلة (٦).

أما حذف المفعول الأول فكما في قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما

__________________

(١) لكونهما على ما كان عليه من منسوب ومنوب إليه. (خبيصي).

(٢) قوله : (فلا يقتصر ... إلخ) الاقتصار حذف الشيء بغير دليل أعني الحذف نسيا منسيا فإن أريد يذكر الآخر الذكر الحقيقي كانت القاعدة باعتبار الغالب الكثير وإن أريد الشامل للتقديري أعني الحذف لدليل فإن المقدر كالملفوظ كانت القاعدة على عمومها كأنه قيل لابد من ذكر الآخر حقيقة أو تقديرا وما قيل عصام أنه يلزم على هذا أن لا يجوز علمت ضربي زيدا قائما ففيه أن حذف الخبر هاهنا مع القرينة على أن صحة الكلام المذكور ممنوع ولزم حذف إنما هو على تقدير كون المصدر المبتدأ. (سيالكوني).

(٣) بيان اللازم يعني : أنه إذا وجب عند ذكر أحدهما ذكر الآخر لزم أن لا يجوز الاقتصار. (أمير).

ـ وإن جاز أن لا يذكر معا كقوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ)[الكهف : ٥٢] ، أي : زعمتموهم إياهم. (تكملة).

(٤) قوله : (هو المفعول به في الحقيقة) والفعل المتعدي إليهما يتعدى إليهما يتعدى إلى مفعول واحد في الحقيقة وهو المصدر المأخوذ من المفعول الثاني المضاف إلى المفعول الأول وإن كان جامدا فإن معنى علمت هذا زيدا علمت زيدية هنا. (عبد الحكيم).

(٥) لكون هذه الأفعال داخلة على المبتدأ والخبر فكما أنه للمبتدأ من الخبر وبالعكس لا بد لأحد المفعولين من الآخر. (فاضل أمير).

(٦) قوله : (قلة) أي : مع بقائه على المفعولية وأما إذا حذف الفاعل وأقيم المفعول الأول مقامه فهو واقع على كثير كما مر في بحث المفعول به. (سيالكوني).


آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) على قراءة (ولا يحسبن) بالياء (١) المنقوطة من تحت بنقطتين ، أي : لا يحسبنّ هؤلاء بخلهم هو خير لهم. فحذف (بخلهم) الذي هو المفعول الأول.

وأما حذف الثاني فكما في قول الشاعر :

لا تخلنا (٢) على غراتك إنّا

طالما قد وشى بنا الأعداء

أي : لا تخلنا جازعين ، فحذف (جازعين) الذي هو المفعول الثاني.

(بخلاف باب أعطيت) فإنه يجوز فيه الاقتصار على أحدهما مطلقا ، يقال : (فلان يعطي الدنانير) من غير ذكر المعطي له و (يعطي الفقراء) من غير ذكر المعطي.

وقد يحذفان (٣) معا كقولك (فلان يعطي ، ويكسو) إذ يستفاد من مثله فائدة بدون المفعولين بخلاف مفعولي (٤).

__________________

(١) وجعل الذي يبخلون فاعله وأما على قراءة الخطاب فالذين يعجلون مفعوله الأول على حذف المضاف إلى محل الذين وإقامة المضاف إليه مقامه وخيرا مفعوله الثاني. (حاشية).

(٢) والمعنى لا تظن أنا جاز عون لإغرائك الملك إذ قد وشى قبل ذلك الوشاة أي : لغماز عند الملك فلا يضرنا. (وجيه).

ـ كلمة على بمعنى اللام متعلق بالمفعول الثاني المحذوف والغراء بمعنى الإغراء أي : التخصيص مضاف إلى الفاعل والمفعول محذوف والملك وكلمة ما في طالما كافة لطال عن العمل في الفاعل ولهذا دخل على قد وشى يقال: وشى إلى السلطان أي : سعى بالغمز بنا متعلق بوشى والأعداء فاعل له وجملة قد وشى مرفوعة المحل على أنها خبر أن في أنا وجملة أنا في مقام التعليل لقوله : لا تخلنا. (لمحرره).

(٣) قوله : (وقد يحذفان نسيا منسيا جملة مستأنفة) كأن سائلا يقول : قد علم حال بأبي علمت وأعطيت في الاقتصار على أحدهما فما حالهما في المفعولين وفيهما تدافع لتوهم جواز حذف مفعولي باب علمت مطلقا المستفاد من قوله : إذا ذكر أحدهما ذكر الآخر بطريق المفهوم المخالف. (س).

(٤) وإن وقع موقع المفعولين ظرف نحو : ظننت عندك أو شبهه نحو : علمت لك أو ضمير نحو : ظننته أو اسم إشارة نحو : ظننت ذلك فإن كان أحد هذه الأشياء أحد المفعولين امتنع الاقتصار عليه وإن لم يكن أحد المفعولين جاز الاقتصار انتهى قول شرح التسهيل فاندفع ما قيل : لا نسلم عدم حصول الفائدة لجواز أن يحصل بأمر آخر سوى المفعولين. (س).


(باب علمت) فإنك لا تحذفهما (١) نسيا منسيا. فلا تقول (٢) : (علمت وظننت) لعدم الفائدة إذ من المعلوم أن الإنسان لا يخلو من علم وظن (٣).

وأما مع قيام القرينة فلا بأس بحذفهما ، نحو : (من يسمع يخل (٤) أي : يخل مسموعه صادقا.

(ومنها) أي : ومن خصائص أفعال القلوب (جواز الإلغاء) أي إبطال عملها (إذا توسطت) بين مفعوليها نحو : (زيد ظننت قائم).

(أو تأخرت) عنهما نحو : (زيد قائم ظننت).

وإنما يجوز الإلغاء على التقديرين (لاستقلال الجزأين (٥) الصالحين (٦) ؛ لأن يكونا

__________________

(١) فقائل : أظن وأعلم بدون قرينة دالة على تجدد ظن أو علم بمنزلة قائل : النار حارة. (ك).

(٢) قوله : (فلا تقول علمت وظننت ... إلخ) فيه بحث إذ لا يلزم من عدم إفادة بعض المواد فائدة عدم الفائدة في جميع المواد كيف وقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)[الزمر : ٩] ، من أمثلة حذف المفعولين معا نسيا منسيا عند أهل المعاني يدلك تتبع كتبهم بل كفاك النظر في أحوال متعلقات الفعل من التلخيص فالتحقيق أن المفعولين من هذه البابين قد يحذفان معا إما بطريق تنزيل المتعدي منزلة اللازم نحو : فلان يعطي أي : يفعل الإعطاء وقوله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ)[الزمر : ٩] الآية أو بطريق التقدير عند القرينة. (فاضل أمير).

(٣) أصله يخال فلما أنجزهم لوقوعه جزاء من يسمع اجتمع الساكنين الألف المقلوبة من الياء واللام فحذف الألف فبقي يخل مجزوما والمعنى ما يسمع شيئا يخل المسموع صحيحا أي : بحسب والحسبان منه أيضا من أفعال القلوب.

(٤) قال الأصمعي : من أمثالهم في ذم مخالطة الناس واستحباب الاجتناب عنهم قولهم من يسمع يخل يقول من يسمع من أخبار الناس ومن معايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه ومعناه أن مجانبة الناس أسلم كذا في أمثال أبي عبيدة. (ك).

(٥) قوله : (لاستقلال الجزأين) بخلاف باب أعطيت ؛ لأن مفعولية ليسا بمستقلين لعدم صحة الحمل فلا يجوز الإلغاء وإذا توسطت أو تأخرت. (سيالكوني).

(٦) قوله : (الصالحين) إنما قال ذلك إشارة إلى علة استقلال الجزأين كلاما تاما وإنما قيد بالتام ليصلح علة لجواز الإلغاء. (وجيه).

ـ قوله : (الصالحين) في الإفادة قيد بذلك احترازا عن صورة التطبيق فإن الجزأين وإن كانا مستقلين لكونهما ليسا صالحين ؛ لأن يكونا مفعولين لوجود المانع. (حكيم).


مبتدأ وخبر ، أو مفعولين (١) لها (كلاما) تاما (٢) على تقدير (٣) الإلغاء (٤) ، وجعلهما مبتدأ وخبرا ، مع ضعف عملها بالتوسط أو التأخر.

وقد نقل الإلغاء (٥) عند التقديم أيضا نحو : (ظننت زيد قائم) لكن الجمهور على أنه لا يجوز (٦).

وهذه الأفعال (٧) على تقدير إلغائها في معنى الظرف (٨).

فمعنى (زيد قائم ظننت) زيد قائم في ظني.

وفي قوله : (جواز الإلغاء) إشارة إلى جواز إعمالها أيضا على تقدير التوسط والتأخر. وفي بعض الشروح (٩) أن الإعمال أولى على تقدير التوسط وفي بعضها أنهما متساويان.

والإلغاء أولى على تقدير التأخر.

__________________

(١) قوله : (ومفعولين) الظاهر الواو إلا أنه اختارا وللتنبيه على أن صلاحيتها لأمرين المذكورين على البدلية. (حكيم).

(٢) من غير ضم الفعل إليهما فقتنعان عن التأثير عند ضعف العامل بالتأخير. (ك).

(٣) هذا قيد لقوله : (كلاما تاما) يعني : تماميته معتبرة على تقدير إبطال عملها.

(٤) لكونهما حينئذ في معنى الظرف بخلاف تقدير العمل فإنهما ليسا كلاما تاما إذ المقصود نسبة الفعل إليهما بطريق الوقوع عليهما. (حاشية).

(٥) مع قبح ذلك لضعف عمل أفعال القلوب ؛ لأن تأثيرها ليس بظاهر كالعلاج. (وجيه).

(٦) لأنها قويت بالتقديم ؛ لأن دليل العناية والإلقاء دليل عدمها إذ فيه جعل وجود الشيء كعدمه فلا يجتمعان. (وجيه الدين).

ـ لأن عامل الرفع معنوي عند النحاة وعامل النصب لفظي فمع تقدمها يغلب اللفظ المعنوي. (س).

(٧) شرع في بيان أحوال هذه الأفعال حين كون عملها لغوا فقال : (وهذه ... إلخ). (محرم).

(٨) لتحقق معنى الإلغاء وهو إبطال العمل لفظا ومعنى وإذا وقع المصدر بينهما كان منصوبا على الظرفية نحو : زيد ظنك ذاهب ؛ لأن التقدير : في ظنك.

(٩) أي صاحب المتوسط حيث قال : وينبغي أن يعلم أن الأعمال أولى إذا توسطت والإلغاء أولى إذا تأخرت. (لمحرره).


وقد يقع الإلغاء فيها إذا توسطت بين الفعل ومرفوعه ، نحو : (ضرب أحب زيد) وبين اسم الفاعل ومفعوله ومعموله نحو : (لست بمكرم لحسب زيد) وبين معمولي (أن) نحو : (أن زيد أحسب قائم) وبين سوف ومصحوبها نحو : (سوف أحسب يقوم زيد) وبين المعطوف والمعطوف عليه ، نحو : (جاءني زيد احسب وعمرو) ولا شك أن إلغاءها في هذه الصور (١) واجب ، فلهذا قيد (٢) جوازه المنبئ عن جواز الإعمال بقوله : (إذا توسطت) يعني : بين مفعوليها (أو تأخرت) يعني عنهما.

وإنما خص (٣) هذا الإلغاء الخاص (٤) بالذكر مع أن مطلقه أيضا من خصائصها لشيوعه وكثرة وقوعه.

(ومنهما) أي : ومن خصائص أفعال القلوب (أنها تعلق(٥) وتعليقها وجوب إبطال عملها لفظا دون معنى بسبب وقوعها (٦) (قبل) معنى (الاستفهام) (٧).

__________________

(١) يعني في صور توسطها بين الفعل وفاعله إلى بين المعطوف والمعطوف عليه. (لمحرره).

(٢) قوله : (فلهذا) أي : فلكون جواز الإعمال مختصا بالتوسط بين المعمولين لا بين الأجنبيين. (محرم).

ـ قوله : (فلهذا قيد إلخ) تقديم الجار والمجرور لمجرد الاهتمام والاعتناء بشأن العلة لا للحصر أي : لأجل إخراج هذه الصور قيد الجواز بالتوسط للخصوص أعني بين المفعولين وأما للتقييد بمطلق التوسط فلإخراج صورة التقديم فإن قلت : إن المصنف لم يفيد التوسط بكونه بين للمفعولين والتأخر بكونه عنهما؟ قلت : ذلك مستفاد من السوق ؛ لأن كلامنا في المفعولين. (سيالكوني).

(٣) قوله : (وإنما خص هذه الإلغاء) أي : الإلغاء الحاصل إذا توسطت هذه الأفعال أو تأخرت بين مفعوليها دون مطلق الإلغاء بحيث يشمل ما ذكر من الصور أيضا. (وجيه الدين).

ـ ولما كان للإلغاء معنيان أحدهما : الإلغاء المقيد بعارض وهو التوسط والتعرض كما أشرنا إليه وهو الإلغاء الجائز والثاني : الإلغاء المطلق أعني سواء كان بعارض التوسط والتأخر أو بعارض آخر كما كان فيما ذكره الشارح من الإلغاء الواجب ولما خصه المصنف بالأول أراد أن يشير إلى وجهه فقال : (وإنما خص ... إلخ). (أيوبي).

(٤) وهو التوسط والتأخر بين مفعوليها دون مطلق الإلغاء بحيث يشمل ما ذكر من الصور أيضا. (وجيه الدين).

(٥) والتعليق عبارة عن إبطال عملها لفظا لا محلا بخلاف الإلغاء فإنه إبطال لفظ ومعنى جوازا. (موشح).

(٦) إشارة إلى المعتبر فأما اصطلاح النحاة إنه سبب مخصوص ذكره المصنف. (محرم).

(٧) ولم يقل : حرف الاستفهام ليتناول الاسم كقوله تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) ـ


بلا واسطة (١) كما يجيء مثاله أو بواسطة (٢) كما إذا كان قبل المضاف إلى ما فيه معنى الاستفهام نحو : (علمت غلام من أنت؟).

(و) قبل (النفي) الداخل (٣) على معموليها (و) قبل (اللام) أي : لام الابتداء الداخلة على معمولها.

(مثل (علمت أزيد عندك أم عمرو) مثال للتعليق بالاستفهام (٤) ، وترك مثال أخويه بالمقايسة.

فمثال النفي (علمت ما زيد في الدار) ومثال اللام (علمت لزيد منطلق) وإنما تعلق قبل هذه الثلاثة ؛ لأن هذه الثلاثة تقع في صدر الجملة وضعا (٥) ، فاقتضت بقاء صورة الجملة (٦).

__________________

ـ [الكهف : ١٢] ، وإنما قال قبل الاستفهام ؛ لأنه لو كان بعد الاستفهام لم تعلق نحو : أيهم عملت زيدا. (فاضل أمير).

ـ سواء كان في قال الحرف أو في قالب الاسم نحو : قوله : تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) ، وللتنبيه على العموم زاد لفظ المعنى. (سيالكوني).

(١) قوله : (بلا واسطة) يحتمل أن يكون تصحيحا لمعنى الاستفهام. (حكيم).

(٢) قوله : (أو بواسطة) نحو : غلام من أنت فيه بحث ؛ لأن : علمت واقع قبل الاستفهام بلا واسطة ؛ لأن المضاف وإلى ما فيه الاستفهام وحروف الجر الداخل عليه تمتزجان معه امتزاجا تاما بحيث يسري الاستفهام في المضاف وحرف الجر معتبر قبلها ولذا جاز تقديمهما على كلمة تضمنت الاستفهام.

(٣) قوله : (الداخل على معموليها) قيد النفي بالداخل على المعمولين وكذا لام الابتداء ؛ لأنه إذا تقدم أحد الأشياء الثلاثة على المفعول الثاني فقط لا يوجب التعليق في الأول نحو : علمت زيدا من هو أو ما قائم أو لقائم وجوز بعضهم تعليقه عن المفعولين في هذه الصور أيضا وإنما لم يقيد الاستفهام بذلك ؛ لأنه قد يكون المفعول الأول متضمنا للاستفهام كما مر. (سيالكوني).

(٤) فإن علمت لما دخل على همزة الاستفهام بطل لسبب ذلك عمله في زيد وعمرو ولكنهما في المعنى مفعولان لعلمت أيضا. (أيوبي).

(٥) قوله : (وضعا قيد بذلك) لأن لام الابتداء تدخل على الخبر نحو : إن زيد القائم احتراز عن اجتماع التي للتأكيد لكنه خلاف الوضع. (حكيم).

(٦) بمرفوعيتها من المبتدأ والخبر على حالهما قبل دخول تلك الأفعال. (أيوبي).


وهذه الأفعال توجب تغيرها بنصب جزئيها (١) فوجب التوفيق باعتبار أحدهما لفظا والآخر معنى.

فمن حيث اللفظ روعي الاستفهام (٢) والنفي ولام الابتداء (٣) ، ومن حيث المعنى روعيت هذه الأفعال.

والتعليق (٤) مأخوذ من قولهم (امرأة معلقة) أي : مفقودة الزوج ، تكون كالشيء المعلق لا مع الزوج لفقدانه (٥) ، ولا بلا زوج لتجويزها وجوده. فلا تقدر (٦) على التزوج.

فالفعل المعلق ممنوع من العمل لفظا عامل معنى وتقديرا ؛ لأن معنى : (علمت لزيد قائم) علمت قيام زيد ، كما كان كذلك عند انتصاب الجزأين.

ومن ثم جاز عطف الجملة المنصوب جزاءاها على الجملة التعليقية نحو : (علمت لزيد قائم وبكرا قاعدا).

والفرق بين الإلغاء (٧) والتعليق من وجهين.

__________________

(١) على المفعولية لها لكونها عاملة لفظية فحينئذ تعارض المقتضيان وامتنع جمعهما. (محرم).

(٢) أبقيت الجملة على حالها بإبدال مقتضى الأفعال من العمل. (أيوبي).

(٣) لكن الجزأين اللذين هما قولك : علمت أزيد عندك أم عمرو في موضع النصب ؛ لأن المعلم وقع عليها بالحقيقة وعدل عنه محافظة للفظ. (وافية).

(٤) شروع في بيان معنى العرفي للتعليق وفي بيان وجه المناسبة بين هذا المعنى وبين المعنى الاصطلاحي. (أيوبي).

(٥) أي : لعدم حضوره عندها حتى يجوز لها الخروج من بينها لمؤنث بينها. (شرح).

(٦) كالأختين إذا تزوجهما رجل ولم يدر الأول من نكاحهما فهما ليستا بذات بعل لا يجوز نكاحهما ولا مطلقة ؛ لأنه لا يجوز تزوجهما بزوج آخر. (افتتاح).

(٧) قوله : (والفرق ... إلخ) فيه بحث لأنه : لو كان الإلغاء جائزا لكان في قوله : (ومنها جواز الإلغاء) استدراك ولما صح ما تقدم من أن الإلغاء واجب في الصور المفصلة وغاية ما يمكن أن يقال : إنه لم يرد الفرق بين معنى الإلغاء والتعليق بل أراد الفرق بين خصيصتي الإلغاء والتعليق في هذا الباب باب الإلغاء جائز ولهذا قيده بالجواز والتعليق واجب ولم يقيد بالجواز بل يسبق الكلام فيه بحث بقيد الوجوب فتدبر. (عصام).

ـ قوله : (والفرق ... إلخ) مع اشتراكهما في إبطال العمل والمراد الإلغاء المذكور منها ـ


أحدهما : أن الإلغاء (١) إبطال العمل في اللفظ والمعنى والتعليق إبطال العمل في اللفظ لا في المعنى.

(ومنها) أي : ومن خصائص أفعال القلوب.

(أنه يجوز أن يكون فاعلها) أي : فاعل أفعال القلوب (ومفعولها ضميرين) (٢) متصلين (٣) (لشيء واحد).

وإنما قلنا (متصلين) لأنه إذا كان أحدهما متصلا لم يختص جواز اجتماعهما بفعل دون آخر ، نحو : (إياك (٤) ظلمت).

(مثل : علمتني منطلقا) (٥) وعلمتك منطلقا (٦).

__________________

ـ لتخرج الصور الواجبة المذكورة سابقا وأما الفرق بين مطلق الإلغاء والتعليق فبالوجه الثاني فقط. (سيالكوني).

(١) قوله : (إن الإلغاء جائز) لأن ترك الأعمال لفظا ومعنى بلا مانع والتعليق واجب ؛ لأن ترك الأعمال لمانع يعني أن الإلغاء مأخوذ في مفهومه الجواز والتعليق مأخوذ في مفهومه الوجوب. (حاشية).

(٢) قوله : (ضميرين) إما أن يكون أحدهما ضميرا متصلا والآخر ظاهر نحو : زيد أظن قائما وأظنه زيد قائما لم يجز المثال الأول مطلقا وجاز الثاني في أفعال القلوب خاصة وإن كان الضمير منفصلا جاز مطلقا. (نجم الأئمة).

(٣) صفة لضميرين أي : ضميرين كائنين لشيء واحد بأن يكونا عبارة عنه أو يشتمل أحدهما على الآخر فيدخل نحو قول عائشة رضي‌الله‌عنها : لقد رأيتنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما لنا من طعام الأسودان التمر والماء [أخرجه البخاري (٢٥٦٧)]. (حكيم).

(٤) فإن إياك ضمير منصوب منفصل على أنه مفعول ظلمت والضمير المرفوع المتصل بالفعل فاعله مع أن الضميرين عبارتان عن شيء واحد وهو المخاطب فجاز هذا مع أن الفعل ليس من أفعال القلوب. (أيوبي).

(٥) وقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى)[العلق : ٦ ـ ٧] ، بخلاف سائر الأفعال فإنه عدل فيها إلى نفس المضاف إلى ذلك الضمير في ضربت نفسي ليتعلق الفعل الفاعل في مثل ضربت نفسي. (خبيصي).

(٦) قوله : (لأن أصل الفاعل) أي : أصل مدلول الفاعل النحوي يعني ما يبني عليه غيره أن يكون مؤثرا فإن نحو : طال زيد إنما أطلق عليه الفاعل لكونه على طريقته وصفته والأصالة بهذا المعنى لا تنافي كونه داخلا في التعريف. (سيالكوني).


ولا يجوز ذلك في سائر الأفعال فلا يقال : (ضربتني ، وشتمتني) بل يقال (ضربت نفسي، وشتمت نفسي) وذلك ؛ لأن أصل الفاعل أن يكون مؤثرا والمفعول به متأثرا وأصل المؤثر أن يغاير المتأثر.

فإن اتحدا معنى كره اتفاقهما لفظا فقصد (١) مع اتحادهما معنى تغايرهما لفظا (٢) بقدر الإمكان فمن ثم قالوا : (ضربت نفسي) ولم يقوموا : (ضربتني) فإن الفاعل والمفعول (به) ليسا بمتغايرين بقدر الإمكان لاتفاقهما من حيث كون (٣) كل واحد منهما ضميرا متصلا (٤) بخلاف (ضربت نفسي) فإن (النفس) بإضافتها إلى ضمير المتكلم صارت كأنها غيره ، لغلبة مغايرة المضاف للمضاف إليه ، فصار الفاعل والمفعول فيه متغايرين بقدر الإمكان.

وأما أفعال القلوب فإن المفعول به فيها ليس المنصوب الأول في الحقيقة (٥) ، بل مضمون (٦) الجملة فجاز اتفاقهما لفظا ؛ لأنهما ليسا (٧) في الحقيقة فاعلا ومفعولا به.

ومما أجرى مجرى أفعال القلوب (فقدتني ، وعدمتني) لأنهما نقيضا (وجدتني) فحملا عليه حمل النقيض على النقيض.

وكذلك أجرى (رأى) البصرية (٨) والحلميّة على (رأى) القلبية ، فجوز فيهما ما

__________________

(١) قوله : (فقصد عطف على كره) أي : بسبب استكراه الاتفاق في اللفظ. (محرم).

(٢) بأن يجعل أحد الضميرين معبرا بالاسم الظاهر المنشئ عن التغاير. (محرم).

(٣) وإن اختلفتا من حيث كون أحدهما مرفوعا والآخر منصوبا فإن الواجب رعاية تغايرهما بقدر الإمكان في اللفظ. (حاشية).

(٤) والحال إنه اعتبر تغايرهما لفظا بقدر الإمكان هذا خلف. (أيوبي).

(٥) حتى يجري فيه ما يجري في غيرها من الأفعال منها أصالة تغاير الفاعل والمفعول به. (تكملة).

(٦) فإن المفعول به في قولنا : علمت زيدا قائما ليس زيد فقط بل مجموع قيام زيد فكان قولنا : علمتني قائما بمنزلة علمت قيامي وهو بعينه كقولنا : ضربت نفسي. (شرح الشرح).

(٧) أي : الفاعل والمنصوب الأول في الحقيقة فاعلا ومفعولا به أي : مؤثرا أو متأثرا أما الفاعل فلعدم كون أفعال القلوب من قبيل التأثير وأما المنصوب الأول فلعدم تعلق الفعل به بل بمضمون الجملة وبهذا ظهر أن الدليل يختص بأفعال القلوب. (فاضل محشي).

(٨) قوله : (رأي البصرية والحلمية) أي : أجري التي بمعنى أبصير والتي بمعنى رأى في المنام ـ


جوز فيه ، من كون فاعلهما ومفعولهما ضميرين لشيء واحد ، كقول الشاعر :

ولقد أراني للرماح (١) دريئة (٢)

من عن يميني تارة وأمامي

وكقوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي)(٣) أَعْصِرُ خَمْراً [يوسف : ٣٦](٤).

(ولبعضها) (٥) أي : ولبعض أفعال القلوب (٦) ما عدا (حسبت ، وخلأت ، وزعمت) (معنى آخر) قريب (٧) من معانيها الأول.

__________________

ـ مجرى رآه التي بمعنى علم للتشارك اللفظي وإن كان منصوبهما يتعلق الفعل به حقيقة في القاموس الحلم بالضم وبضمتين الرؤيا. (سيالكوني).

(١) قوله : ولقد أراني للرماح درئته الدرئية بهمزة ولا يهمز الخلقة التي يتعلم عليها الطعن وهو مفعول لأرى ومن عن يميني فعن اسم بمعنى جانب وأما الظهر فإن الفارس لم يكن منعه أحدا والمعنى والله لقد رأيت نفسي مرارا كثيرا كأني للرماح بمنزلة الخلقة التي تعلم عليها الطحن فتأتين من الجوانب كلها ثم سلمت ورجعت من الحرب. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (دريئة) حال من مفعول أراني لا مفعول ثان إذ الرؤية الرؤية البصرية لا تتعلق بالوصف ولو كان مفعولا يلزم ذلك إذ المفعول في الحقيقة مضمون المفعولين. (فاضل أمير).

(٣) مثال المرأة الحلمية يعني : أني أراني في المنام. (أيوبي).

(٤) قيل : الظاهر أنه حال لا مفعول ثان ؛ لأن الرؤية البصرية وإن كانت في المنام لا تتعلق بالوصف أعني مضمون المفعولين المفروضين. (فاضل أمير).

(٥) ولما كان بعض أفعال القلوب متعديا إلى مفعول واحد على خلاف ما هو الأصل فيه أشار إلى التنبيه عليه فقال : (ولبعضها ... إلخ). (أيوبي).

(٦) يعني أن المراد بالبعض ما عدا حسبت وخلت وزعمت فهو يدل من بعضها أو خبر مبتدأ محذوف. (وجيه).

ـ قوله : (أفعال ما عدا حسبت ... إلخ) لا يصح إلا نشأ من بعض أفعال القلوب لا متصلا ولا منفصلا فيجب حمله على البدل ثم إنه لا فائدة في هذا البيان لكمال ظهوره من بيان المعنى. (عصام).

(٧) صفة بعد صفة للمعنى يعني أن تلك المغايرة لمعناها ولكنه ليس ببعيد بل قريب.

ـ قوله : (بحيث) وفيه إشارة إلى وجه تخصيص بعض الأفعال المذكورة بأن لها معاني آخر متعدية بها إلى مفعول واحد مع أن لها معاني آخر غير متعدية بها يعني لدفع توهم تعديتها بهذا المعنى أيضا إلى مفعولين سيما إذا ذكر بعد مفعولها حال أو صفة وهذا حاصل ما ذكره الرضي. (سيالكوني).


وهي : إما (العلم) أو (الظن) بحيث يمكن أن يتوهم أنه بهذا المعنى أيضا متعد إلى مفعولين.

وإنما قيدنا بذلك لئلا يقال : لا وجه للتخصيص بالبعض ؛ لأن لكل واحد معنى آخر.

فإن (خلت) جاء بمعنى (صرت ذا خال) ، و (حسبت) بمعنى (صرت ذا حسب) و (زعمت) بمعنى (١) (كفلت).

(يتعدى به) أي : بذلك المعنى الآخر (إلى) مفعول (واحد) لا اثنين.

(فظننت : بمعنى : اتهمت) من الظنة بمعنى التهمة.

و (ظننت زيدا) بمعنى : اتهمته أي : أخذته مكانا لوهمي.

والوهم (٢) : نوع من العلم. ومنه قوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) [التكوير : ٢٤] أي : بمتّهم.

(وعلمت : بمعنى عرفت) (٣).

تقول : (علمت زيدا) بمعنى : عرفت شخصه ، وهو العلم بنفس شيء (٤) من غير حكم عليه.

(ورأيت : بمعنى أبصرت) ومعنى (أبصرت) قريب من معنى (٥) (علمت) بالحاسة.

__________________

(١) ووجه الدفع أن هذه المعاني ليست بقرينة من معناها الأول ولا يتوهم منه أنه متعد إلى مفعولين لكونها بعيدة من العلم والظن. (محرم).

(٢) قوله : (والوهم نوع من العلم) بمعنى الإدراك المطلق فيكون قريبا من العلم والظن الذي هو معنى أفعال القلوب لاشتراكهما في مطلق الإدراك. (حاشية).

(٣) الفرق بين العلم والمعرفة أن المعرفة تتعلق بالذات المجردة والعلم يتعلق بالذات والصفة. (فاضل أمير).

(٤) قوله : (وهو العلم بنفس الشيء) يعني أن العرب خصوا المعرفة بإدراك نفس الشيء وذلك لا ينصب إلا مفعولا واحدا بخلاف العلم فإنهم يستعملونه في العلم بنفس الشيء أو بكونه على صفته فلذلك ينصب مفعولا واحدا أو اثنين وليس هذا الفرق بمعنوي بين حقيقة العلم والمعرفة. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (قريب) يعني : أبصرت وإن كان بمعنى استعمال البصر من أفعال الجوارح إلا أنه يستلزم العلم فهو قريب من علمت بالبصر. (ك).


ومنه قوله تعالى : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) [الصافات : ١٠٢].

(وجدت : بمعنى أصبت).

تقول : (وجدت الضّالة) أي : أصبتها وعلمتها بالحاسة.

ولما كان (١) مراده أن لها معاني أخر قريبة من معنى (العلم أو الظن) لم يتعرض ل : (علم) بمعنى صار مشقوق الشّفة العليا.

ول : (وجدت جدة) ووجدت موجدة ووجدت وجدا ، أي : استغنيت وغضبت وحزنه ؛ لأنها بمعنى (العلم والظن).

إنما سميت ناقصة ؛ لأنها لا تتم بمرفوعها (٢) كالأفعال الغير الناقصة (٣).

(ما وضع) أي : أفعال وضعت (لتقرير الفاعل (٤) على صفة) (٥).

__________________

(١) قوله : (ولما كان) دفع لما يتوهم أن لهذه الأفعال المذكورة معاني سوى ما ذكر فلم يتعرض لها ونصب قرينة على التقييد المذكور وتذكير قريب باعتبار كل واحد منها كأنه قال : معاني آخر كل واحد منها قريب من العلم والظن. (حاشية ك).

(٢) وقيل : لنقصان مدلولها عن مدلول التامة بالحدث الداخل في التامة دونها وفيه نظر لأنهم لا يسمون أفعال المدح والذم ناقصة مع نقصان مدلولها من غيرها بالزمان ولك أن تقول : سميت بها لنقصان عددها بالنسبة إلى الأفعال التي يتم بمرفوعها وفيه ما فيه. (عصام).

(٣) قوله : (كالأفعال الغير الناقصة) إما خبر لا تتم أو حال من ضمير تتم أو مفعول مطلق أي : تاما مثل الأفعال التامة يعني أن مرفوعها لا تصير مركبا تاما يصح السكوت عليه حتى يكون الخبر قيدا فيه لترتب الفائدة بل المرفوع مسند إليه والمنصوب مسند يتم أي : بهما ويفيد كان تقييد بمضمونه فإن معنى كان زيد قائما زيد متصف بالقيام المتصف بالحصول في الزمان الماضي وقس على ذلك. (سيالكوني).

(٤) وقد تقدم أن بعضهم يسمي المرفوع بعد كان فاعلا ومنهم المصنف فلا تغفل. (زيني زاده).

(٥) أن تنسب إلى الفاعل باعتبار حال له ولا يتم الفاعل إلى بذلك الحال ولذلك سميت ناقصة وعن الزجاج وتابعيه أنها حروف لكونها دالة على معنى في غيرها حيث جاءت لتقرير الخبر للمبتدأ على صفته أي : صفة الكينونة والصيرورة والدوام فهي تدل على كينونة في الخبر فيكون حرفا فلدلالته على معنى في غيره وهو والخبر والجواب أن هذه الأفعال وإن دلت على معنى في غيره وهي يدل على معنى في نفسها أيضا ؛ لأن كان يدل على حصوله كون في الماضي وصار على صيرورة في الماضي والحرف ما لا يدل إلا على معنى في غيره فظهر الفرق. (خبيصي). ـ


أي : العمدة (١) فيما وضعت له هذه الأفعال هو تقرير (٢) الفاعل على صفة.

ولا شك (٣) أن هذه الصفة خارجة عن ذلك التقرير الذي هو العمدة في الموضوع له؛ لأن ذلك التقرير نسبة بين الفاعل والصفة ، فكل من طرفيها خارج عنها.

فخرج من الحد الأفعال التامة ؛ لأنها موضوعة لصفة (٤) وتقرير الفاعل عليها فكل من الصفة (٥) والتقرير عمدة فيما وضعت له لا التقرير وحده.

وإنما جعلنا التقرير المذكور عمدة للموضوع له في الأفعال الناقصة ، لا التامة لاشتمالها على معان زائدة على ذلك التقرير ، كالزمان في الكل ، والانتقال والدوام والاستمرار في بعضها.

__________________

ـ مخصوصة نحو : كان زيد عالما فكان جعل زيدا على صفة كونه عالما في الزمان الماضي. (أمير).

(١) وبهذا أشار إلى الفرق بين التامة والناقصة أن كون أحد المعتبرين عمدة فالعمدة في الناقصة هو التقرير وحده وفي التامة هو التقرير مع الصفة.

(٢) قوله : (هو تقرير الفاعل) اعلم أن مدلول كان لنسبة الصفة إلى فاعله والزمان والنسبة هي ثبوت الصفة للفعال وفرق بينهما وبين التقرير الذي هو صفة المتكلم إن كان مصدرا مبينا للفاعل كما هو الظاهر وبين التقرير الذي هو صفة الفاعل إن كان مبنيا للمفعول فإرادة ثبوت الصفة للفاعل مسامحة لا يليق بمقام التعريف.

(٣) جواب عما يرد عليه وهو أنه إذا كان ما في ما وضع عبارة عن الفعل والفعل لا يخلو عن الحدث والزمان والفاعل لكونها أجزاء له فيكون ذكر الفاعل والصفة مستدركا فأجاب عنه.

ـ بيان لفائدة القيد بعد تصحيح التعريف وإلا فلا دخل لاعتبار قيد العمدة في كون الصفة خارجة عن التقرير.

(٤) يعني : الحدث والنسبة إلى الفاعل المعين ولم يتعرض للزمان لاشتراكه في التامة والناقصة. (سيالكوني).

(٥) قوله : (فكل من الصفة) معنى كلاهما منسوبان بالنظر إلى الموضوع ليس لأحدهما مزية على الآخر بحيث يمكن أن يقال أنه الموضوع له فلا يصدق على الأفعال التامة أنها وضعت للتقرير باعتبار أنه عمدة بالقياس إلى الحدث والزمان فلا يرد ما قيل : إنه إذا كان كل منهما عمدة فيها يصدق أن التقرير عمدة فيما وضعت له فلا يخرج عن التعريف إلا أن يعتبر قيد فقط واللفظ لا يساعده. (عبد الحكيم).


ولو جعل (١) الموضوع له جزئيات ذلك التقرير فيقال (صار) مثلا موضوع لتقري (٢) الفاعل على صفة على وجه الانتقال إليه في الزمان الماضي ، وكذا كل فعل منها ، فلا شك أن كل جئي تمام الموضوع له بالنسبة إلى ما هو موضوع له ، والصفة خارجة عنه.

فخرج الأفعال التامة منها (٣) ، ولا يبعد أن يجعل (٤) اللام في قوله : (لتقرير الفاعل) للغرض ، لا صلة الوضع ، ولا شك أن الغرض من وضع الأفعال الناقصة هو التقرير المذكور ، لا الصفات ، بخلاف الأفعال التامة ، فإن الغرض من وضعها مجموعهما ، لا التقرير فحسب ، كما عرفت ، فخرجت عن حدها ، فظهر بما ذكرنا أن هذا الحد لا يحتاج (٥) إلى قيد زائد (٦) لإخراج الأفعال التامة أصلا.

(وهي) أي : الأفعال الناقصة (كان) (٧)

__________________

(١) إشارة إلى تصحيح الحد بالتصرف في معاني الأفعال الناقصة وجعلها مجرد التقرير بدعوى خروج ما زاد على التقرير عن معناها وكونها قيودا له. (عصام).

ـ قوله : (ولو جعل) أشار بذلك إلى جعل التقرير تمام الموضوع له فإن التقرير الجزئي أعني تقرير الفاعل على صفة على وجه الانتقال بمعنى الماضي تمام الموضوع له بالنسبة إلى اللفظ الذي وضع ذلك اللفظ له كصار مثلا. (وجيه الدين).

(٢) يعني : يكون التقرير مع ما اعتبر معه من كونه على وجه الانتقال إليه في الزمان الماضي موضوعا كما يرشده إليه قوله : ولا شك أن كل جزئي تمام الموضوع ؛ لأن التقرير والتقييد موضوع له على ما وهم. (حاشية).

(٣) أي : من الأفعال الناقصة فإن الصفة التي هي الحدث والنسبة إلى فاعل ما ليست بخارجة عن تمامه كذا وجهه الشارح على تقرير جعل اللام في تقرير الفاعل صلة الوضع. (أيوبي).

(٤) قوله : (أن يجعل) ويجعل التقرير مصدرا مبينا للفاعل وفاعله المحذوف الضمير العائد إلى الأفعال الناقصة ومعنى تقريرها الفاعل على صفة وتثبيتها إياه عليها دلالتها على حصول تلك الصفة له. (سيالكوني).

(٥) قوله : (لا يحتاج إلى قيد زائد) دفع لما قاله الرضي من أن كان ينبغي أن يقيد الصفة فيقول على صفة غير صفة مصدره لئلا يرد الأفعال التامة والحق عندي أنه تام من غير اعتبار التكلفات التي ذكرها الشارح ومن غير اعتبار قيد زائدا. (عبد الحكيم).

(٦) كأنه أشار إلى قيد ذكره المحقق الشريف أن المراد صفة خارجة عن مدلولها ترك ذكره لتبادره عن العبارة. (عصام).

(٧) وهو لثبوت خبره لاسمه في الماضي دائما نحو : كان زيد فاضلا أو منقطعا نحو : كان زيد غنيا فافتقر وبمعنى صار. (أعلى).


وصار (١) ، وأصبح ، وأمسى وأضحى وظل ، وبات ، وآض ، وعاد وغدا ، وراح (٢) ومازال(٣) ، وما أنفك ، وما فتئ (٤) بالهمزة وقيل : بالياء (وما برح ، وما دام (٥) ، ليس)(٦) ولم يذكر سيبويه منها سوى (كان ، وصار ، وما دام ، وليس) ثم قال : وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغني عن الخبر.

والظاهر أنها غير محصورة.

وقد تضمّن (٧) كثير من الأفعال التامة معنى الناقصة ، كما تقول : (تتم التسعة بهذا عشرة) أي : تصير عشرة تامة و (كمل زيد عالما) أي : صار زيد عالما كاملا.

(وقد جاء) (٨)

__________________

(١) قوله : (وصار) للانتقال إما من صفة إلى صفة نحو : صار زيد عالما أو من حقيقة إلى حقيقة نحو : صار الطين خزفا وقدمهما لبساطتهما وأصالتهما ولغلبة الأول قدمه على الثاني. (نتائج الأفكار).

(٢) يقال : راح زيد إذا مشى في وقت الرواح وهو ما بعد الزوال إلى الليل ولا يخفى أن الغالب في هذه الأربعة كونها تامة وإنما تكون ناقصة إذا كانت بمعنى صار فتكون من الملحقات. (امتحان).

(٣) من زال يزال كخاف يخاف لا يستعمل إلا ناقصا لاستمرار خبرها لاسمها من وقت صلاحيته له ويلزمه النفي لا من زال يزول من بابه قال يقول ولا من زال يزيل من اليائي أي : فرقة نحو : كال يكيل ؛ لأنهما تامتان. (فتح الأسرار).

(٤) ما فتئ : بالفارسية ما برح معنا حرف نفي مقدر مقدرا لو كقوله تعالى : (تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً)[يوسف : ٨٥] أي : ما تفتأ وما تزال تذكر يوسف تضجعا وبكاء عليه حتى تكون مريضا مشرفا على الهلاك.

(٥) لتوقيت أمر بمدة ثوبت خبرها لاسمها بأن جعلت تلك المدة ظرف زمان ؛ لأن ما فيها مصدرية وتقدير الزمان قبل المصادر كثير كما في آتيتك حقوق النجم أي : وقت غروب النجم.

(٦) لنفي مضمون الجملة حالا عند الجمهور أو مطلقا عند سيبويه آخره مع أصالته وبساطته لعدم كماله في الفعلية لشبهه بالحرف في الصورة وعدم التصرف. (نتائج الأفكار).

(٧) قال التفتازاني في شرح الكشاف : حقيقة التضمين أن يقصد بالفعل معناه الحقيقي مع فعل آخر يناسبه وله طرق أشهرها جعل الفعل المذكور حالا أو عكسه وهاهنا طريق آخر نحو : أحمد إليك أي : انتهى إليك حمدي انتهى فعلم أنه ليس يتعين له طريق الحالية فجعل تسعة كاملة صفة كما تقتضيه سلامة الطبع أولى من جعلها حالا. (حكيم).

(٨) أي : لفظ جاء يجيء في كلام العرب بمعنى تقرير شيء على صفة. (أمير).


في قولهم (١) (ما جاءت (٢) حاجتك) ناقصة ، ضميرها اسمها و (حاجتك) خبرها إمّا بأن يكون (ما) نافية ، و (جاءت) بمعنى (كانت) بمعنى (كانت) وفيها ضمير لما تقدم من الغرارة (٣) ونحوها ، أي : لم تكن هذه على قدر ما تحتاج إليه أو استفهامية ، والضمير في (ما جاءت) يعود إليها.

وإنما أنثت باعتبار خبرها ، كما في (من كانت (٤) أمك؟).

ومعناه (٥) : أية حاجة صارت حاجتك.

(و) جاء أيضا (قعدت) ناقصة ، في قولهم : (أرهف (٦) شفرته حتى قعدت) أي: صارت الشفرة (كأنها حربة) (٧) ، أي : رمح قصير.

__________________

(١) وهو أول ما قال الخوارج لابن عباس رضي‌الله‌عنه حين جاءهم رسولا من قبل علي رضي‌الله‌عنه لدفع شبهتهم وردهم عن الخروج. (فاضل هندي).

ـ وسبب مجيء ابن عباس إلى الخوارج رسولا من على كرم الله وجهه مبين في تعطيل تلبيس لابن الجوزي. (زيني زاده).

(٢) قوله : (جاءت ناقصة) بمعنى كانت وضميرها اسمها يعود على ما تقدم من الفرارة ونحوها وما نافية أي : لم يكن هذه على قدر ما يحتاج إليه. إفصاح.

(٣) قوله : (من الغرارة) وهو الغفلة فإن التركيب حدث من الخوارج حين أرسل إليهم علي رضي‌الله‌عنه ابن عباس أي: ما جاءت غفلتنا حاجتك أي : لم تجدنا غافلين كما تريدنا. (عصام).

(٤) فإن من في من كانت استفهامية مرفوعة المحل على أنها مبتداء وكانت من الأفعال الناقصة اسمها مستتر راجع إلى من وخبرها أمك والجملة خبر المبتدأ وأنت ضمير كانت باعتباره الذي هو الأم وكذا هذا التركيب وهذا التوجيه هو ما ارتضاه الرضي فحينئذ جاءتك بالنصب خبر جاءت وتكون الجملة خبر المبتدأ وفي زيني زاده توجيه آخر فارجع إليه. (أيوبي).

(٥) قوله : (ومعناه أية حاجة) والاستفهام إنكاري أي : لم تصر حاجة بين الحاجات متصفة بوصف كونها حاجة لك وروي برفع حاجتك فخبره ما تقدم لتضمنه معنى الاستفهام. (عبد الحكيم).

(٦) قوله : (أرهف شفرته) والإرهاف التحديد من الحدة الشفرة بفتح الشين أو ضمها السكين العظيم يقال : فلان حدد سكينه حتى صارت تلك السكينة مشبهة بالرمح القصير وحتى ابتدائية. (زيني زادة ووجيه الدين).

(٧) قوله : (كأنها جربة) في موضع النصب خبر قعدت وأصل التركيب وجاء لفظ قول الأعرابي ، أرهف شفرته حتى قعدت حربة ثم اقتصر على هذا. إفصاح.


قال (١) الأندلسي : لا يتجاوز (٢) (جاء وقعد) الموضع الذي استعملهما العرب فيه خلافا للفراء.

(تدخل) هذه الأفعال ، وما كان نحوهن (٣) (على الجملة الاسمية) المركبة من المبتدأ(٤) والخبر (لإعطاء الخبر) أي : لأجل إعطائها الخبر (حكم معناها) (٥) أي : معنى هذه الأفعال يعني : أثره المترتب عليه مثل : (صار زيد غنيا) فمعنى (صار) الانتقال وحكم معناه ، أي : أثره المترتب عليه كون الخبر منتقلا إليه ، فلما دخل على الجملة الاسمية ، أعني : (زيد غني) وأفاد معناه الذي هو الانتقال ، أعطي الخبر وهو (غني) أثر ذلك الانتقال وهو كون الغنى منتقلا إليه.

(فترفع) هذه الأفعال الجزء (الأول) لكونه فاعلا (٦) (وتنصب) الجزء (الثاني) لشبهه بالمفعول به في توقف الفعل عليه (٧) (مثل (كان زيد قائما) ف : (كان) (٨).

(تكون ناقصة) كائنة (لثبوت (٩) خبرها).

__________________

(١) ولما انفهم من كلام المفركون قعدت وجاء مستعملين ناقصا في هذين التركيبين فقط وأن المعنى ذهب إلى مذهب قال : إنه لا يتجاوز أشار إلى المذهبين فقال : (قال الاندلسي). (محرم).

(٢) قوله : (لا يتجاوز جاء وقعد) ولهذا جاء المصنف بالتركيبين اللذين هما وقعا فيها ، لكن قال المصنف في بعض تصانيفه : الحق في جاء الاطراد ، فإنه يقال : جاء البر قفيزين ، وقيل في ضبطه : مواضع استعمال قعد أن يكون الخبر كأنه هذا. (عصام).

(٣) قوله : (ما كان نحوهن) إشارة إلى عموم هذا الحكم يعني الأفعال الناقصة وكذا الأفعال التي كانت مثلها في كونها نواسخ المبتدأ والخبر من أفعال القلوب وغيرها تدخل. (عبد الله).

(٤) احترازهن المركبة من المبتدأ والفاعل نحو : أقائم زيد وما قائم زيد. (عصام).

(٥) كما يعطي الخبر حكم معناها يعطي الاسم أيضا فصار زيد غنيا يجعل الغنى مستقلا إليه ويجعل زيد منتقلا. (حاشية).

(٦) قوله : (لكونه فاعلا) أي : فاعلا اصطلاحيا بناء على أن الفعل لا بد له من فاعل لفظي ولذا لم يعد المصنف اسمها في المرفوعات على حدة. (سيالكوني).

(٧) يعنى : كما أن الفعل المتعدى لا يتم معناه بدون المفعول به لا تتم معنا هذه الأفعال بدون أخبارها. (حكيم).

(٨) قوله : (فكان) تفصيل لبيان المعاني يمتاز بها بعض هذه الأفعال عن بعض بعد ذكر القدر المشترك بينها المميز عما سواها. (سيالكوني).

(٩) ظرف مستقر منصوبة المحل صفة ناقصة أو حال من المستكن في تكون أو ناقصة كما ـ


لاسمها ثبوتا (١) (ماضيا) أي : كائنا في الزمان الماضي (دائما) من غير دلالة (٢) على عدم سابق وانقطاع لاحق نحو كان زيد فاضلا (أو منقطعا) نحو كان زيد غنيا فافتقر (وبمعنى صار) (٣) عطف على قوله لثبوت خبرها أي كان فكون ناقصة كائنة بمعنى صار فهو من قبل عطف أحد القسمين على الآخر لا على ما هو قسم منه كقول الشاعر :

(٤) قفر والمطي كأنها

قطا الحزن (٥) قد كانت فراخا بيوضها

أي صارت فراخا بيوضها فإن بيوضها (٦) لم تكن (٧) فراخا (٨).

__________________

ـ اختاره المصنف ليصبح عطف قوله : (ويكون فيها ضمير الشأن) عليه أو خبر بعد خبر لتكون. (لمحرره).

ـ قوله : (كائنة) لثبوت خبرها هذا تقسيم لكان الناقصة إلى الاقسام الثلاثة أحدها : ما كان هي لثبوت خبرها لفاعلها ماضيا ، والثاني : بمعنى صار ، والثالث : ما فيه ضمير الشأن بعطف أحد الأقسام الثلاثة على الآخر وقال البعض : كان المضمر فيها ضمير الشأن تامة فاعلة ذلك الضمير أي : وقت القصة تم فسرت بالقصة بالجملة الأولى ؛ لأنه لم يثبت في كلام العرب ضمير الشأن لا مبتدأ في الحال وفي الأصل. (وجيه الدين).

(١) جعل قوله : (ماضيا) لمصدر محذوف ليصبح كون دائما أو منقطعا صفة له.

(٢) قوله : (من غير دلالة) أي : دواما ناشئا من عدم دلالة يعنى أن الدوام واستمرار الثبوت ليس مدلول كان بل ناشىء من عدم الدلالة. (حكيم).

(٣) يعني : بمعنى دال على الانتقال من صفة إلى صفة ، لا بمعنى ثبوت الخبر للاسم. (محرم).

(٤) الباء بمعنى في متعلق محذوف أي : كنافي مفازة حالية.

ـ التيهاء المفازة التي لا يهتدي فيها من التية مصدر تاه يتيه بمعنى العجز. (حاشية).

(٥) فالشاعر يصف المطي بسرعة سيرها فإنها بمنزلة قطا تركت بيوضا صارت فراخا فهي تمشي بسرعة إلى فراخها. (عباب).

ـ بفتح الحاء للمهملة وسكون الراء ما غلظ من الأرض وارتفع. (وجيه الدين).

ـ يصف سرعة سير المطر كأنها بمنزلة قطا تركت بيوضا صارت فراخا وفيه مبالغة في سرعة السير فإن القطا مثل في السرعة سيما قطار الحزن إذا عركت البيوض فصارت فراخا فإنها أهدى في هذه الحالة وفي المثل : فلان أهدى من القطا قيل : تطلب الماء من مسيرة عشرة أيام وأكثر من فراخها من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فلا يخطئ صادرة ولا دراية. (حاشية).

(٦) إشارة إلى قرينة كونها بمعنى صارت فإنها لو كانت بمعنى كانت يقتضي كون البيض باقيا وقت كونها فراخا وليس كذلك. (أيوبي).

(٧) ولا يجوز أن يقال : البيض فراخ فإن الفراخية لا تثبت على البيض. (محرم).

(٨) لا حال البيوضة ولا قبلها فلا يصبح جعل كان لثبوت الخبر لاسمها ولإقامة بأن يكون ـ


بل صارت فراخا (١) (ويكون فيها ضمير الشأن) هذا أيضا عطف على قوله لثبوت أي : كان تكون ناقصة يكون فيها ضمير الشأن اسما لها والجملة واقعة بعدها خبرا مفسرا للضمير كقوله :

إذا مت كان الناس صنفان (٢) شامت

وآخر (٣) مين بالذي كنت أصنع (٤)

(وتكون تامة) عطف على قوله : تكون ناقصة أي : كان تكون تامة تتم بالمرفوع من غير حاجة إلى المنصوب (بمعنى ثبت) ووقع (٥) كقولهم : كانت الكائنة والمقدر كائن وكقوله (٦) تتماكن فيكون (و) تكون (زائدة) (٧) وهي (٨) التي وجودها وعدمها لا يخل (٩)

__________________

ـ فراخا حمالا ؛ لأنها تقتضي اجتماع البيوضة والفراخة. (سيالكوني).

(١) في الحال أو في الاستقبال بالانتقال من صفة إلى صفة أخرى. (أمير).

(٢) والقرنية قوله : (صفتان) مأخوذ بالألف فإنه لو لم يكن فيه ضمير الشأن لكان بالياء. (تكملة).

(٣) والمثنى اسم فاعل من اثنى عليه بالخير وهو من يمدح الناس. (وجيه).

(٤) والمعنى : إذا مت كان الناس نوعين نوع يفرح بموتي ونوع يحزن ويثني بالذي كنت أصنعه في حياتي. (وجيه).

(٥) قوله : (ووقع) زاده على طبق الأيضاح إشارة إلى أن كان التامة كما يكون للثبوت المطلق تكون بمعنى الثبوت المسبوق عن الحدوث وقال القاضي في تفسير قوله : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ)[الواقعة : ١] أي : حدث والكائنة الحادثة والمقدور من قدر الله تعالى ذلك عليه بقدره قدر بمعنى قدره عليه تقديرا وأورد الأمثلة الثلاثة إشارة إلى مجيئها تامة بمتصرفاتها. (حكيم).

(٦) قوله : (وكقوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ)[البقرة : ١١٧]) الأظهر أن قوله تعالى في موقع الإيجاد بمعنى ثبت وفي موقع جعل شيء موصوفا بشيء بمعنى كن كذا بل يحتمل أن يكون في الجميع ناقصة ويكون في مقام الأيجاد وأيضا بمعنى كن موجودا. (عصام).

ـ قوله : (وكقوله) أعاد الجار إشارة إلى شراقته ومعنى كن أحدث فيحدث سواء كان حدوثه في نفسه أو في محله ؛ لأن خطاب كن تابع للإرادة كما تدل عليه الأية وهي صفة تخصص وقوع المقدورات في وقت دون وقت وليس معناه كن كذا كما توهم. (سيالكوني).

(٧) في اللفظ والمعنى مثل قوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)[مريم : ٢٩] أو في اللفظ فقط نحو : زيد كان قائم. (أمير).

(٨) هذه محققة بلفظ كان بخلاف ما سبق فإنها الشاملة بجميع تصاريفها. (عصام).

(٩) قوله : (لا يخل بالمعنى الأصلى) أي : ما هو المقصود بالإفادة من ذلك الكلام لا مالا يفيد أصلا إذ الزائد لا يخلو من فائدة معنوية كالتأكيد أو لفظية كنزيين اللفظ واستقامته الوزن والسجع. (حكيم).


بالمعنى الأصلي كقوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) [مريم : ٢٩] أي : كيف تكلم من (١) هو في المهد حال كونه صبيا فكان زائدة لتخمين اللفظ إذ لس المعنى على المفتي وإنما ذكر هذين القسمين مع كونهما غير ناقصة استيفاء لجميع استعمالاتها (وصار (٢) للانتقال) أما من صفة إلى صفة نحو صار زيد عالما أو من حقيقة إلى حقيقة (٣) نحو : صار الطين خزفا وتكون تامة بمعنى الانتقال من مكان إلى مكان أو من ذات إلى ذات ويتعدى بإلى نحو : صار زيد إلى بلد كذا أو من بكر إلى عمرو ويلحق بصار مثل آل ورجع واستحلا وتحول قال الله تعالى فارتد بصيرا وقال الشاعر :

إن العداوة تسجل مودة (٤).

وقال :

فيا لك (٥) من نعمي تحولن أبوءسا

(و (أصبح وأمسى وأضحى) لاقتران مضمون الجملة بأوقاتها المدلول عليها (٦)

__________________

(١) إذا لم يتوجه استبعادهم المدلول عليه بكيف ؛ لأن كل من بكلمة الناس حاله كذلك فلا تكون ناقصة ولا تامة ولا بمعنى صار إذا لا بد فيها من معنى المضي. (حاشية).

ـ أي : لم يعهد صبيا في المهد كلمة عاقل وصبيا حال مؤكدة. (أيوبي). (س).

(٢) لما فرغ من بيان معنى كان وأقسامها شرع في بيان سائر أخواتها. (أيوبي).

(٣) سواء كانت شخصيتين فانتقل النوع أو نوعين فانتقل الجنس نحو : صار الماء هواء. (سيالكوني).

(٤) أخره :

بتدارك الهفوات بالحسنات.

(٥) فيالك من نعيمي تحولن بؤسا (فيا لك) اللام للاستغاثة ، والخطاب لله سبحانه (نعمى) مستفات له بمن، نحو : بالله من ألم الفراق ، والنعمى : الدّعة والمال والمسرة (نحو لله) ضمير تحولن لنعمى ، وهو إن كان مفردا في معنى الجنس في المعنى الضمير في قوله : تحولن ، قيل : راجع إلى السماء ، والسماء ، والسماء في معنى الجنس (أبؤسا) جمع بؤس ، بمعنى شدة ، والمعنى : أستغيث بك رضي يا الله من أجل نعمتي صارت شديدة ، وقيل اللام للتعجب والاستغاثة ، والطاف بالكسر ، ومن نعمى بيان له ، ويتعجب منها ويستغيث.

(٦) يعني : أن الأفعال الثلاثة موضوعة لأجل بيان اقتران ثبوت منصوباتها لمرفوعاتها بالأزمنة التي دلته تلك الأفعال على تلك الأزمنة. (تكملة).


بموادها لا بصورها (١) ، مثل : (أصبح زيد قائما) و (أمسى زيد مسرورا) و (أضحى زيد حزينا).

فالمثال الأول يدل على اقتران مضمون الجملة وهو (قيام زيد) بوقت الصباح (٢) وعلى هذا القياس المثالان الآخران (٣).

(و) تكون (بمعنى صار) (٤) نحو : (أصبح ، أو أمسى ، أو أضحى زيد غنيا).

أي : (صار) وليس (٥) المراد : أنه صار في الصباح أو في المساء أو الضحى إلى هذه الصفة.

(وتكون تامة) بمعنى الدخول (٦) في هذه الأوقات (٧) ، تقول : (أصبح زيد) إذا دخل في الصباح.

(وظل (٨) وبات) لاقتران مضمون الجملة بوقتيهما.

__________________

(١) أي : ليس المراد هاهنا الأوقات المدلول عليها بعبورها أعني. الزمان الماضي ؛ لأن المقصود بيان المعاني التي يتميز بها بعضها عن بعض. (س).

(٢) فإن معنى أصبح زيد قائما اتصف زيد بالقيام المتصف بالحصول في وقت الصبح في الزمان الماضي. (رضي).

(٣) يعني : أن سرور زيد مقارن بوقت المساء في اسمى وأن حزن زيد مقارن بوقت الضحى في أضحى.

(٤) كقوله تعالى : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً)[آل عمران : ١٠٣] أي : صرتم ؛ لأن خصوصية الأخوة في وقت الصباح ليست المرادة وقول :

الإثم ضموا كأنهم ورق جف

ف فالذي به الصبا والدبور

(خبيصي).

(٥) أشار بهذا إلى أنه إذا كانت تلك الأفعال بمعنى صار لا يكون المراد منها أنه صار.

(٦) ومنه قوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)[الروم : ١٧] وقول الآخر : أضحى جليدها والمعنى دخل الجليد في وقت الضحى. (موشح).

(٧) أي : لثلثة المذكورة وفي شرح التسهيل وتكون الثلاثة أيضا بمعنى أقام في الأوقات المذكور. (لمحرره).

(٨) ومضارع ظل يظل يفتح العين ظلالا وظلولا بمعنى الكون في جميع النهار. (سيالكوني).


فإذا قلت : (ظل زيد سائرا) فمعناه : ثبت له ذلك ف جميع نهاره ، وإذا قلت : (بات زيد سائرا) فمعناه : ثبت له ذلك في جميع ليله.

(وبمعنى صار) (١) نحو : (ظل زيد غنيا) و (بات عمرو فقير) أي : صار.

وقد يجيء هذان الفعلان تامين (٢) أيضا ، نحو : (ظللت بمكان كذا و (بت مبيتا طيبا) لكن لما كان مجيئهما تامين في غاية القلة جعله في حكم العدم ولذلك لم يذكرهما تأمين وفصلهما عن الأفعال الثلاثة السابقة.

و (آض (٣) ، وعاد وغدا ، وراح) فهذه الأفعال الأربعة ناقصة إذا كانت بمعنى (صار) وتامة في مثل : قولك (آض ، أو عاد زيد من سفره) أي : رجع ، وغدا (٤) إذا مشى في وقت الغداة (٥) ، وراح ، إذا مشى في وقت الرواح ، وهو ما بعد الزوال إلى الليل.

__________________

(١) كقوله تعالى : (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا)[النحل : ٥٨] أي : صار ؛ إذ ليس المراد السواد من النهار بل عم في الليل والنهار وكقوله تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)[الشعراء : ٤] أي : صارت فإنه لا يختفى بزمان دون زمان.

ـ قوله : (وبمعنى صار) مجردا عن الزمان المدلول عليه بالمادة قال تعالى : (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) في الرضي : مجيء بات بمعنى صار محل نظر قال الأندلسي : جاء في الحديث بات بمعنى صار وهو قوله عليه‌السلام : «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلهما في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت» [أخرجه البخاري (١٦٢)] انتهى يعني : من جسده فلا يدري هل لاقت مكانا ظاهرا أو بخسا بثرة أو جرحا أو أثر الاستنجاء بالأحجار بعد بلل المحل أو اليد. (خالد المسكيني).

(٢) قال ابن مالك يقال : بات القوم وبات بالقوم وإذا نزل بهم ليلا يستعمل متعديا بنفسه وبالباء وقال غيره : تكون تامة بمعنى أقام ليلا وظل تكون تامة بمعنى دام وطال وزاد بعضهم وبمعنى أقام نهارا.

(٣) قوله : (ترك المصنف) أيضا ذكر أفعال آخر من الأفعال الناقصة أراد الشارح ذكرها وبيان وجهه تركها.

ـ قال ابن السكيت هو مصدر قولك : آض يتيض أيضا بمعنى عاد يقال آض إلى أهله أي : رجع وآمن بمعنى صار. (علي المسكيني).

(٤) وقوله : ابن مسعود رضي‌الله‌عنه : اغد عالما أو متعلما ولا تكون إمّعة ، أي : الذي يقول مع كل واحد أنا معك لضعف رأيه.

(٥) كقوله عليه‌السلام : «لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقتم كما ترزق الطيور تغدو خماصا وتروح بطانا» [أخرجه الترمذي (٢٣٤٤)]. (خبيصي).


وأسقط المصنف ذكر هذه الأفعال الأربعة من البين في مقام التفصيل مع ذكرها في مقام الإجمال ، وكان الوجه في ذلك أنها من الملحقات ولذالم يذكرها صاحب المفصل.

وقال صاحب اللباب : وألحق بها (آض وعاد ، وغدا وراح) فأسقطها عن البين إشارة (١) إلى عدم الاعتداد بها ؛ لأنها من الملحقات (٢).

(وما زال) من زال يزال ، لا من زال يزول فإنها تامّة.

(وما برح) بمعناه من برح أي : زال ومنه البارحة : الليلة الماضية.

(وما فتئ) أيضا بمعناه.

(وما انفك) (٣) أي : ما انفصل (لاستمرار خبرها) أي : خبر تلك الأفعال ، (لفاعلها) قيل : سمي (٤) اسمها فاعلا (٥) تنبيها على أن اسمها (٦) ليس بقسم على حدة من المرفوعات كما أن خبرها قسم على حدة من المنصوبات (٧)

(مذ (٨) قبله) أي : قبل فاعلها خبرها.

__________________

(١) قوله : إشارة إلى عدم الاعتداء بها فالذكر في الإجمال لكونها ناقصة في الجملة ، وعدم الذكر في التفضيل إشارة إلى عدم الاعتداد. (س).

(٢) قوله : (لأنها من الملحقات) في الأصل ، وإن صارت في الاستعمال ناقصة بخلاف آل ورجع واستحال وتحول وارتد ، فإنها ملحقات مطلقا فلذا تركها في الإجمال والتفصيل ..

(٣) وفي الصحاح : ما انفك فلان قائما ، أي : ما زال قائما ، وإنما لم يقل بمعناه كما في الأولين ؛ لأن الزوال هاهنا مدلوله اللازمي الانفكاك ، ولذا أشار إلى معناه الأصلي الذي دل عليه بالمطابقة بقوله : (أي : ما انفصل). (أيوبي).

(٤) والحاصل : أن مراد هذا القائل أن أسماء الأفعال الناقصة داخله في تعريف الفاعل. (محرم).

(٥) في مقام التسمية بالاسم لاقترانه بالخبر بخلاف ما تقدم من قوله : لتقرير الفاعل على صفة ، فإنه يجوز أن يكون إطلاقه علينا توسعا كإطلاق الصفة على الخبر. (حاشية).

(٦) أي : اسم الأفعال الناقصة مطلقا ، وإن كانت التسمية واقعة في الأفعال المصدرة بالنفي ؛ لأن خصوصية هذه الأفعال ملغاة في التسمية. (حكيم).

(٧) من حيث إنه ركن من الكلام لا يتم الإفادة بدونه ، وإن هذه أفعال في المعنى قيد بخلاف غيره من المفعولات. (وجيه).

(٨) قوله : (مذ) ظرف من الظروف المبنية بمعنى أول المدة مبني على السكون مرفوع مبتدأ ـ


أي (١) : من وقت يمكن أن يقبله عادة ، فمعنى (ما زال زيد أميرا) استمرار أمارته من زمان قابليته وصلاحيته (٢) للإمارة ، أما دلالتها (٣) على الاستمرار فلأن النفي مأخوذ من معاني هذه الأفعال (٤) ، فإذا دخلت أدوات النفي عليها كانت معانيها نفي النفي (٥) ، ونفي النفي استمرار الثبوت (٦).

واعتبار (٧) الصلاحية والقابلية معلوم عقلا (٨).

(ويلزمها) أي : هذه الأفعال الأربعة إذا أريد بها استمرار الثبوت (٩)

__________________

ـ عند المصنف ، كما مر في بحث الظروف وجملة فعلية صغرى مرفوعة المحل خبر المبتدأ بتقدير الزمان ، أي : زمان قبله ، وعند الزجاج مذ خبر مقدم وما بعده مبتدأ مؤخر وعلى هذين القولين فالجملة اسمية. (زيني زاده).

(١) قوله : (أي من وقت) وهذا تفسير لمذ ، يعني : أن المراد بقوله مذ قبله أن الخبر مستمر للفاعل وابتداء ذلك الاستمرار هو الزمان الذي يمكن. (حاشية).

(٢) وإنما اعتبر الاستمرار من زمان الصلاحية ؛ لأنه المتبادر عند الإطلاق. (حاشية).

(٣) قوله : (أما دلالتها) إنما احتيج إلى بيان وجه الدلالة ؛ لأن دلالة المركبات على معانيها بمفردها ليس بوضع سوى وضع المفردات فلا يرد أن هذه الأفعال بمعنى كان دائما معتمد قبله بحسب الوضع فلا حاجة إلى هذا البيان. (حكيم).

(٤) بحيث قصد نسبته إلى الفاعل في جزء غير معين من أجزاء الزمان الذي هو مدلول تلك الأفعال.

(٥) لأن معاني كل منها دالة على انتفى وهو الزوال والانفصال ، فإذا دخلت عليه حرف النفي يكون نفي النفي ، أعني : نفي الزوال والانفصال. (أيوبي).

(٦) وذلك أن استمرار العدم لا يفتقر إلى سبب بخلاف استمرار الوجود. (وجيه الدين).

(٧) قوله : (واعتبار الصلاحية) شروع في بيان فائدة قوله : مذ قبله ، يعني : كأنه قيل : إن الاستمرار مدلول تلك الأفعال ، وهذا ظاهر ، وأما دلالتها على الصلاحية فليست بمدلولها ولا اعتبروها فقال : واعتبار الصلاحية. (عبد الله أفندي).

(٨) جعله خارجا عن الوضع مع أن ظاهر عبارة المصنف لما قيد بقوله : مذ قبله اقتضى عدم التفريق بين الدلالتين لاعتباره القيد مع المقيد ، ويمكن أن يجاب أن مراده تحقيق للواقع لا تفسير الكلام المصنف ، يعني : أنه في الواقع كذا وكذا. (حكيم).

ـ أي : بمعونته ، والحاصل : أن الفريق بين الدلالتين هو أن الأولى وضعية أي : داخلة ، والثانية عقلية أي : خارجية. (أيوبي).

(٩) يعني : إذا كانت موضوعة لاستمرا الثبوت وأيد بها ذلك لشرحها النفي ليدل على الاستمرار. (وجيه).


(النفي) (١) بدخول أدواته (٢) عليها لفظا ، وهو ظاهرا وتقديرا (٣) كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتؤ (٤).

فإنه لو لم تدخل أدوات النفي عليها لم يلزم نفي النفي المستلزم الاستمرار المقصود منها.

(وما دام (٥) لتوقيت أمر) أي : تعيينه (بمدة ثبوت خبرها لفاعلها) بأن جعلت تلك المدة ظرف زمان له ، وذلك (٦) لأن لفظة (ما) مصدرية ، فهي مع ما بعدها في تأويل (٧) المصدر وتقدير الزمان (٨) قبل المصادر كثير.

__________________

(١) يعني : إذ قد حذف حرف النفي لفظا ويراد معنى وذلك في جواب القسم ، كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) أي : لا تفتؤ ، وقول امرئ القيس :

فقلت لها والله أبرح قاعدا

ـ أي لا أبرح. (خبيصي).

(٢) إن كانت ماضية فما ولم ولا في الدعاء ، وإن كانت مضارعة فما ولا ولن والأولى أن لا يفصل بين ما ولا وبينهما بظرف وشبهه وإن جاز ذلك فيغير هذه الأفعال لا ليوم جئتني ولا أمس. (سيالكوني).

(٣) وحذفها لم يسمع إلا في مضارعاتها وإنما جاز حذفها لعدم اللبس ؛ إذ قد تقرر أنها لا تكون ناقصة إلا معها ويحذف مع القسم كثيرا. (رضي).

(٤) ولا يجيء منهم الأمر والنهي إلا ما زال فإنه قد جاء منه النهي كقول الشاعر :

صاح شمرة ولا تزل ذاكر

الموت فنسيانه ضلال مبين

 ـ (مرشح).

(٥) اعلم أن ما دام يكون تامة بمعنى بقي ، كقوله تعالى : (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)[هود : ١٧] وبمعنى سكن أيضا ، كقوله عليه‌السلام : «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الساكن» [أخرجه مسلم (٢٨١)]. (أمير).

(٦) قوله : (وذلك) بيان لكون مدلولات التوقيت المذكور باعتبار وضعها التركيبي ولا ينافي في ذلك صيرورته علما بعد لاستعمال في الظرفية بحيث لا يصح تقدير الزمان معه. (حكيم).

ـ أي : مادة ذلك المراد دلالتها على الوقت حاصل به. (أيوبي).

(٧) إذا استعمل ظرفا كما في شرح المفصل إذ يقد قبله زمان كما قاله الرضي واستبعده الشارح. (وجيه الدين).

(٨) قوله : (تقدير الزمان) جعل تقدير الظرف هنا فرع تقديره في المصادر ولك مندوحة عنه ؛ لأن ما في ما دام صار علما في تقدير الزمان معه حتى يمتنع ذكر الزمان معه ، وليس الأمر بهذه المثابة في شيء من المصادر. (عصام).


وإذا قدر الزمان (١) قبله ، فلا بدّ هناك من حصول كلام يفيد فائدة تامة.

وإلى هذا أشار بقوله (ومن ثم) أي : ومن أجل أنه لتوقيت أمر بمدة ثبوت خبرها لفاعلها (احتاج إلى) وجود (كلام) مستقل بالإفادة (لأنه) حينئذ مع اسمه وخبره (ظرف) والظرف فضلة غير مستقل بالإفادة ، مثل : (أجلس ما دام زيد جالسا) أي : أجلس مدة دوام جلوس زيد.

فما دام لم يشفع (ما دام) (٢) ب : (أجلس) ولم يحصل من المجموع كلام لا يفيد فائدة تامة ، بخلاف الأفعال المصدرة بحرف النفي فإنها مع أسمائها وأخبارها كلام مستقل بالإفادة ، فلا حاجة إلى وجود كلام ورائها.

(وليس (٣) لنفي مضمون الجملة حالا) أي : زمان الحال ، مثل : ليس زيد قائما ، أي : الآن.

وهذا هو مذهب الجمهور.

(وقيل) هي لنفي مضمون الجملة (مطلقا) ولذلك تقيد (٤) تارة بزمان الحال ، كما

__________________

(١) بخلاف ما لم يقدر الزمان حينئذ يكون مؤولا بالمصدر المضاف إلى مضمون الجملة ، فلا بد من تقديم مفرد آخر يصير معه كلاما تاما. (س).

(٢) وفي هذا الكلام ظرافة ظاهرة فإن المراد بما دام الأول معناه ، وقوله : (لم يشفع) على صيغة المجهول من التشفيع والجملة صلة ما في ما دام الأول وهو ظرف لقوله لا يفيد. (تكملة).

ـ قوله : (ما دام لم يشفع) أي : لفظه وقد تنازع الفعلان فيه ، فإن أعملت الثاني ففي الأول ضمير هو اسمه ، وإن أعملت الأول فهو اسمه ولم يشفع خبره تقدم على الاسم ، وعلى التقديرين لا يدخل ما دام على الجملة الفعلية على ما وهم. (س).

(٣) قوله : (وليس) كلمة نفي ، وهي فعل ماض وأصلها ليس بكسر الياء فسكنت استثقالا ولم يقلب ألفا ؛ لأنها لا من حيث استعملت بلفظ الماضي حالا ، والدليل على أنها فعل قولهم : لست لستما لستم ، كقولهم : ضرب ضربتما ، والباء يختص بخبرها دون أخواتها ، نحو : ليس زيد بمنطلق ، فالباء لتعدية الفعل وتأكيد النفي ، ولك أن لا تدخل الباء لأن المؤكد يستغني عنه ، ولا من الأفعال ما يتعدى بنفسه وبحرف الجر ، وقد يستثنى بها تقول : جاءني القوم ليس زيدا ، تقديره : ليس الجائي زيد. (مختار الصحاح).

(٤) قوله : (ولذلك يقيد) فإنه لو كان لنفي الحال يكون التقيد بزمان الحال تأكيدا والتقييد بزمان الماضي والاستقبال محتاج إلى التجريد ، وكلاهما خلاف الأصل ، قال الأندلسي : ليس ـ


تقول : ليس زيد قائما الآن ، وتارة بزمان الماضي ، نحو : (ليس خلق الله مثله) وتارة بزمان المستقبل نحو قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) وهذا مذهب سيبويه (١).

(ويجوز تقديم أخبارها) أي : أخبار الأفعال الناقصة (كلها على أسمائها) إذ ليس فيها إلا تقديم المنصوب على المرفوع فيما عامله فعل (٢).

فإن أريد (٣) بجواز التقديم نفي الضرورة عن جانبي وجوده وعدمه فينبغي أن يفيد بمثل قولنا : ما لم يعرض ما يقتضي تقديمها عليها ، نحو : (كم كان مالك) (٤) ، أو تأخيرها (٥) عنها ، نحو : (صار (٦) عدوي صديقي).

وأن أريد به نفي الضرورة عن جانب العدم فقط (٧) ، فينبغي أن يقيد بمثل قولنا :

__________________

ـ بين القولين تناقض ؛ لأن خبر ليس إن لم يقصد بزمان يحمل على الحال كما يحمل لا يجاب عليه في نحو زيد قائم ، وإذا قيد بزمان من الأزمنة فهو على ما قيد هذا إذا كان الاختلاف بينهم في الاستعمال ، كما يشير إليه قوله : (يحمل) لكن الظاهر أن الاختلاف المذكور في الوضع فالتناقص بين المذهبين باق. (سيالكوتي).

(١) ودليل المذهب الثاني راجح ؛ لأن الاستعمال بتقييده بالأزمنة الثلاثة يدل على أن موضوع للقدر المشترك لئلا يلزم القول بالاشتراك أو بالحقيقة والمجاز والأصل ينفيهما. (حاشية).

(٢) احتراز عما إذا كان العامل حرفا ، نحو : زيد قائما وإن زيدا قائم فإنه لا يجوز تضعيف العامل. (سيالكوني).

(٣) قوله : (فإن أيد بجواز التقديم) يمكن أن يختار هذا الشيء ، ويراد أنه يجوز تقديم أخبارها على أسمائها بمعنى أنها لا تمنع من هذا التقديم قد علم حكمها فلا حاجة إلى التعرض لها هاهنا. (عصام).

(٤) قوله : (كم كان مالك) الظاهر أن هذا بمعزل عما هو فيه ؛ إذ الكلام في تقديم الخبر على مجرد الاسم وهذا المثال داخل في تقديم الخبر على نفس الفعل نعم هذا يتجه على قولهم : قسم يجوز. (عصام الدين).

(٥) وإنما ينبغي أن يقيد به ليخرج ما إذا عرض ما يقتضي التقدم والتأخر ؛ لأنه حينئذ يكون التقديم والتأخير واجب لا جائزا فعلى هذا بطل إرادة الإمكان الخاص. (وجيه).

(٦) ولما كان قوله : ما لم يعرض ما يقتضي تقديمها عليها غير ظاهر في التقديم على الأسماء والأفعال مما تعرض لمثال إشارة إلى دخوله فيه. (لمحرره).

(٧) على ما هو مقتضيا لإمكان العام إلى التقديم بما ذكر ؛ لأن الصورة المذكورة أيضا من ـ


(إذا لم يمنع مانع من التقديم) وحينئذ يجوز (١) أن يكون واجبا كالمثال المذكور.

(وهي) (٢)(٣) : الأفعال الناقصة (في تقديمها) (٤) أي : تقديم أخبارها (عليها) أي : على تلك الأفعال واقعة على (ثلاثة أقسام : قسم (٥) يجوز) تقديم (٦) أخبارها عليها (وهو من كان إلى راح) وهو أحد عشر فعلا ، لكونها أفعالا.

وجواز (٧) تقديم المنصوب على المرفوع في الأفعال لقوتها.

__________________

ـ صورة الجواز المعنى المذكورة ، لكن ينبغي أن يفيد بما إذا لم يمنع من التقديم مانع ؛ لأنه إذا كان مانع يمنع من التقديم لا يجوز التقديم كما إذا انتفى الإعراب فيهما ، والقرينة نحو : كان موسى عيسى ، ولا حلاجة إلى هذا القدر إذا أريد بالجواز المعنى الأول وهو ظاهر. (وجيه).

(١) قوله : (وحينئذ يجوز) فصور وجوب التقديم على الأسماء كلها داخلة في قوله : يجوز تقديم أخبارها على أسمائها ، وأما إرادة نفي الضرورة عن جانب الوجود فلا تتحملها عبارة المتن ؛ لأن الإمكان أما عبارة عن سلبا لضرورة عن الطرفين أو سلب الضرورة من الجانب المخالف للحكم والحكم المصرح به في المتن الإيجاب ، فلا يمكن حمله على سلب ضرورته. (سيالكوتي).

(٢) ولما فرغ المصنف تقسيم الأفعال الناقصة بحسب ذاتها شرع في بيان تقسيمها بالنسبة إلى جواز تقديم أخبارها عليها وعلم جوازها فقال : (وهي). (أيوبي).

(٣) قوله : (أي : الأفعال الناقصة) لأن الكلام في أحوالها وفيه إشارة إلى رد من قال : إن الضمير راجع إلى الأخبار لمناسبته للسياق فإن ما تقدم كان حكم الأخبار. (سيالكوني).

(٤) ظرف للخبر الظرف ، أعني به على ثلاثة أقسام أو ظرف مستقر حال من المبتدأ عند ابن مالك أو من ضمير المستكن في الخبر عند الأخفش وابن برهان خلافا لسيبويه ، فإنه المجوز تقديم الحال على عامله الظرف مطلقا. (زيني زاده).

(٥) بدل البعض من ثلاثة أقسام بحذف العائد أي : منها أو بدل الكل مع ما عطف عليه منها. (معرب).

(٦) قوله : (تقديم أخبارها عليه) أشار بتأنيث الضميرين إلى أن ضمير يجوز راجع إلى التقديم المذكور سابقا لا إلى القسم إذا اللازم ح تذكير الضمير ليعود إلى القسم والعائد محذوف أي : قسم يجوز فيه. (حكيم).

(٧) قوله : (وجواز) لم يعد اللام إشارة إلى أن المجموع دليل واحد فالجزء الأول لإثبات أنه لا مانع من جانب العامل والجزء الثاني لإثبات أنه لا مانع من جانب المرفوع لمن قال إنه سهو من طغيان القلم والصواب وجواز تقديم المنصوب على الأفعال فقدسها. (حاشية).


(وقسم لا يجوز) تقديم أخبارها (١) عليها (وهو) أي : هذا القسم (ما في أوله) كلمة (ما) نافية كانت أو مصدرية.

أما إذا كانت نافية فلا متناع تقديم ما في حيز النفي ؛ لأنه يقتضي التصدر ، وأما إذا كانت مصدرية فلا متناع تقديم معمول المصدر على نفس المصدر. ويخالف (٢) هذا الحكم (خلافا) ثابتا (لابن كيسان) (٣) بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه ، لا من انب الجمهور ، كما يقتضيه باب المفاعلة لتقدمهم فكأنه (٤) لا مخالفة منهم.

وذلك الخلاف منه (في غير ما دام) لأن أداة النفي لما دخلت على الفعل الذي معناه النفي أفادت الثبوت ، فصار بمنزلة (كان) فلا يلزم تقديم ما في حيز النفي ، بحسب المعنى (٥).

(وقسم مختلف فيه) ظهر فيه الخلاف من الجمهور من بعضهم مع بعض فإن الافتعال (٦) هاهنا بمعنى التفاعل المقتضى لمشاركة أمرين في أصل الفعل.

__________________

(١) فالمراد منه الأفعال الخمسة المذكورة سابقا عبر عنها بهذه العبارة اختصارا لأن كل ما دخله ما مثل ما كان وما سار.

(٢) قدر الفعل العامل مع الواو إشارة إلى أن المحذوف جملة مستأنفة وليس حالا لعدم صحته لفظا ومعنى ؛ لأن الواو مقدرة ؛ إذ لا دليل عليه. (حكيم).

ـ ولما كان هذا الحكم متفقا عليه للجمهور ولم يخالفهم إلا ابن كيسان أراد المصنف أن يذكر ذلك الخلاف وقدر الشارح إشارة إلى أنه مفعول مطلق. (أيوبي).

(٣) لأنها للمشاركة فيكون كل من الفاعل والمفعول شريكا في أصل الفعل. (وجيه).

(٤) قوله : (فكأنه لا مخالفة منهم) ولا يتحقق التخالف المقتضى للمشاركة في أصل الفعل صريحا فلا يندرج القسم الثاني في القسم الثالث. (محشي).

(٥) وإن كان لازما من حيث الصورة والموجب للصدارة تغيير المعنى والحق أنه اعتبر نسبة الفعل ولا إلى الجملة ثم اعتبر النفي كان النفي الذي هو مدلول ما متوجها إلى الجملة فلا يجوز التقديم وإن اعتبر نسبة النفي إلى الفعل ولأثم اعتبر بعد الصيرورة مثبتا نسبة إلى الجملة لم تكن الجملة معمولة النفي فيجوز التقديم والظاهر هو الثاني ؛ لأن صيرورة ناقص. (حاشية).

(٦) قوله : (فإن الافتعال) دليل لدلالة هذا اللفظ ودفع لما قيل : إن هذا اللفظ من باب الافتعال فلا دلالة على المشاركة فكيف يدل على الخلاف المشترك فيما بينهم فكأنه أجاب عنه بأن الافتعال وإذا لم يدل على الخلاف ولكنه دل عليه منها. (تكملة).


صريحا (١) (وهو) أي : القسم المختلف فيه كلمة (ليس).

فالمبرد والكوفيون وابن السراج والجرجاني : على أنه لا يجوز ، مراعاة المنفي ، إذ يمتنع تقديم معمول النفي عليه.

والبصريون وسيبويه (٢) والسيرافي والفارسي : على أنه يجوز ، بناء على أنه فعل ، وجواز تقديم معمول الفعل عليه.

وبين الطائفتين في حكم هذا القسم معارضة ومجادلة.

وبهذا اندفع (٣) ما قيل : كان من الواجب على المصنف أن يجعل ما في أوله (ما) النافية من القسم المختلف فيه ، لوقوع الخلاف فيها من ابن كيسان.

(أفعال المقاربة)

(أفعال المقاربة) (٤)

__________________

(١) قوله : (صريحا) بخلاف المفاعلة فإنها المشاة أمرين في أصل الفعل من أحد الجانبين صريحا ومن الآخر ضمنا.

(٢) قوله : (وسيبويه) في شرح التسهيل لم ينص سيبويه على ذلك لكن ظاهر كلامه يقتضي ذلك على أنه يجوز في الذي وهو الصحيح لما ثبت مثلا قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ)[هود : ٨] فيوم يأتيهم معمول لمصروفا وإذا تقدم معمول عامل جاز تقديم العامل نحو : إما زيد فاضرب وبأن ينصب يوم بفعل مقدم أي: يعرفون يوما أو بأنه مبتدأ بين لإضافة إلى الجملة وبأن الظرف قد يتوسع فيه. (سيالكوني).

(٣) وذلك أن المخالف في ليس طائفة كثيرة من محققي البصرية بخلاف غيرها ما دام فإن المخالف فيه ابن الأبناري فلم يعتد باختلافه. (وجيه الدين).

ـ حاصلة الفرق بين الاختلاف والخلاف فإن الأول لمشاركة أمرين في أصل الفعل صريحا فيقتضي وقوع الفعل من الجانبين معا والثاني يقتضي وقوع الفعل من أحد الجانبين صريحا. (سيالكوني).

ـ وقوله : (وبهذا أن دفع ما قيل) : كان وجه الدفع أن المراد بالخلاف عدم اجتماع المخالفين وتأخر المخالف والمراد بالاختلاف كون المخالفين معاصرين منازعين دل عليه قوله : بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه لا من جانب الجمهور كما يقتضيه باب المفاعلة لتقدمهم وحاصل الكلام ضعف جانب المخالف في الخلاف فإنه كمخالفة الإجماع وعدم جانب في الاختلاف ؛ لأنه ليس فيه خلاف ما تقرر. (عصام الدين).

(٤) اعلم أنه هذه الأفعال من أخوات كان لكونها لتقرير الفاعل على صفة إلا أنه أفرد بالذكر لاختصاص خبرها بالفعل المضارع وامتناع تقديم خبرها عليها. فاضل الأمير.


(ما وضع) أي : فعل (١) وضع (لدنو الخبر) أي (٢) : للدلالة على قرب حصوله للفاعل (رجاء) منصوب على المصدرية (٣) بتقدير مضاف ، أي دنو (٤) رجاء بأن يكون ذلك الدنو بحسب رجاء المتكلم ، وطمعه حصول الخبر له ، لا بجزمه به.

ف : (عسى) في قولك : (عسى زيد أن يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد ، بسبب أنك ترجو ذلك وتطمعه ، لا أنك جازم به.

(أو) وضع لدنو الخبر وقرب ثبوته للفاعل (حصولا) أي : دنو حصول ، بأن يكون إخبار المتكلم بذلك الدنو لإشراف الخبر على حصوله للفاعل.

__________________

(١) إشارة إلى أن التعريف لفعل المقاربة ؛ إذ التعريف للماهية دون الأفراد فقوله : (أفعال المقاربة) بتقدير هذا باب أفعال المقاربة وقوله : (ما وضع) خبر للعائد إلى فعل المقاربة أي : هو ما وضع. (عصام).

ـ فالوصول إما خبر مبتدأ محذوف عن هو الراجع إلى الفعل المفهوم في ضمن الجمع أو إضافة الأفعال للجنس فتبطل الجمعية فيكون خبرا لها واختار صيغة الجمع للإشارة إلى تقديرها كما تقرر في الأصول. (عبد الحكيم).

(٢) لما لم يكن الدنو المذكور تمام ما وضع له أفعال المقاربة لدخول النسبة والزمان في مدلولها أيضا والمتبادر مما وضع له تمام الموضوع له لم يجعل اللام صلة للوضع وجعلها للغرض قدر الدلالة والظاهر أن المراد بيان المعنى المشترك بينها الذي به يمتاز عن باقي الأفعال كما في تعريف الأفعال الناقصة فلا حاجة إلى تقدير الدلالة. (سيالكوني).

(٣) حاصل كلامه أن الدنو الذي اعتقده المتكلم قد يكون سببه ومنشؤه رجاء المتكلم الحصول الخبر للفاعل وقد يكون جزمه بإشراف الخبر على الحصول من غير أن يشرع فيه وقد يكون جزمه بشروع الفاعل في الخبر فالدنو يتنوع أنواعا ثلاثة باعتبار منشأ وسبب حصوله في ذهن المتكلم والأول مدلول عسى ، والثاني مدلول كاد ، والثالث مدلول طفق. (فاضل محشي).

(٤) يعلم منه عسى موضوع لرجاء دنو الخبر ومثل لنفس دنو حصول الخبر ومثل أخذ لدنو الشروع في الخبر وليس كذلك فإن عسى لم توضع لطمع دنو الخبر بل للطمع مطلقا سواء يرجى حصوله عن قريب أو مدة مديدة نحو : عسى الله أن يدخلني الجنة وأخذوا مثاله موضوعة لنفس الشروع في الخبر لا لدنو الشروع فيه صرح بذلك الرضي فالعبارة المتجردة كما قال صاحب المنهل أقوال المقاربة ما وضع لدلالة ما على دنو حدوث الخبر ككاد أو على رجائه كعسى أو على الأخذ فيه طفق.


ف : (كاد) في قولك (كاد زيد أن يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد لجزمك بقرب حصوله.

(أو) وضع لدنو الخبر وقرب حصوله للفاعل (أخذا فيه) أي : دنو أخ وشروع في الخبر ، بأن يكون ذلك الدنو بسبب جزم المتكلم بشروع الفاعل في الخبر بالتصدي لما يفضى إليه.

ف : (طفق) في قولك : (طفق زيد يخرج) يدل على قرب حصول الخروج لزيد بسبب جزم المتكلم بشروعه فيما يفضي إليه.

(فالأول) ما وضع لدنو الخبر رجاء (عسى).

قال سيبويه : عسى (١) طمع وإشفاق.

فالطمع في المحبوب ، والإشفاق في المكروه ، نحو : (عسيت أن أموت) ومعنى الإشفاق : الخوف.

(وهو غير متصرف) حيث لا يجيء منه (٢) مضارع ومجهول وأمر ونهي إلى غير ذلك من الأمثلة.

وإنما لم يتصرف في (عسى) لتضمنه معنى إنشاء الطمع والرجاء ك : (لعلّ) (٣) والإنشاءات (٤) في الأغلب من معاني الحروف ، والحروف لا يتصرّف فيها.

__________________

(١) يعني : أن لفظ عسى يجب كون اتصال الفاعل بالخبر نوعان الأول طمع.

ـ قوله : (عسى طمع وإشفاق) فيخرج عن تعريف فعال المقاربة عسى للإشفاق فينبغي أن يقول رجاء أو إشفاق لا تقول عسى الإشفاقية موضوعة لدنو الخبر رجاء لأنا نقول قيد الحيية مراد وكيف لا وأفعال المقاربة قد يكون لبعضها معنى لا يكون باعتباره منها.

ـ قوله : (قال سيبويه : عسى طمع) المقصود من هذا الكلام إفادة أن القسم الأول مقصود ومختص بعسى وليس عسى مختصا به فغنه يجيء للإشفاق أيضا وحينئذ لا ترد ما قيل : إنه يجب أن يوق لالمص رجاء أو إشفاقا ؛ إذ ليس المقصود ضبط المعاني بل ضبط الأقسام ولا قسم خارج عن الأقسام الثلاثة وأن كان لما وضع للقسم الأول معنى آخر.

(٢) إلا أنه منصرف في نفسه فإنه يجيء منه صيغة الماضي كلها.

(٣) ولهذا لا يستعمل في المحال فلا يقال عسى زيد أن يطير.

(٤) قوله : (والإنشاءات) أي : المعاني الإنشائية من التمني والترجي والعرض والقسم ـ


(تقول) (١) على أحد استعماليه : (عسى زيد أن يخرج) وهو أن يكون بعده اسم ثم فعل مضارع مصدر ب : (أن) الاستقبالية تقوية لمعنى الترجي ، الذي هو توقع وجود الفعل في الاستقبال (٢).

ف : (زيد) اسم عسى و (أن يخرج) في محل النصب (٣) بالخبرية ، أي : عسى زيد الخروج (٤) ، بتقدير (٥) مضاف ، أما في جانب (٦) الاسم نحو : (عسى حال زيد الخروج) وأما في جانب الخبر ، أي : عسى زيد ذا الخروج ، لوجوب (٧) صدق الخبر على الاسم.

وعلى هذا (عسى) ناقصة (٨).

وقيل (٩) : المضارع مع (أن) مشبه بالمفعول وليس بخبر ، لعدم صدقه على الاسم

__________________

ـ والنداء والتحضيض والطلب من معاني الحروف وإنما قال : في الأغلب ؛ لأن طلب الفعل مدلول الأمر عند البصريين وهو مع كثرته في نفسه معلوف للحروق الإنشائية.

(١) ولما استعمل لفظ عسى بحسب لعدم اسمه على حبره وتأخره عنه أورد المصنف مثالين شير إليهما فقال : (وتقول).

(٢) ولما كان المضارع المجرد محتملا للحال والاستقبال أكد بأن التي هي مخصصة للمضارع بالاستقبال. (أيوبي).

(٣) للمثل السائر عسى الغدير أبؤسا وقول الشاعر :

لا تكثرون إني عسيت صائما

(٤) أي : قرب اتصافه بالخروج في حال كون استقامة معناه وصحة الحمل. (أيوبي).

(٥) وقيل : إنه من قبيل : رجل عدل ، وقيل : إن زائدة.

(٦) قوله : (أما جانب الاسم) يزيقه ما جاء في كلامهم من قولهم : عسيت صائما ويرجح تأويل الخبر باسم الفاعل. (عصام).

(٧) متعلق بتقدير المضاف أي لوجوب صدق الخبر على الاسم لكونها في الأصل مبتدأ وخبر والحدث لا يصدق على الجثة. (حاشية).

(٨) قوله : (ناقصة) بمعنى أنها لا تتم بالمرفوع لا بمعنى تقدير الفاعل على صفة كما عرفت. (حكيم).

ـ وهذا التوجيه موافق لكون أفعال المقاربة من الأفعال الناقصة. (لمحرره).

(٩) شروع إلى توجه آخر الذي يقتضي أن يكون عسى من الأفعال التامة. (أيوبي).


وتقدير المضاف تكلف (١) وذلك ؛ لأن المعنى الأصلي : قارب زيد أن يخرج أي : الخروج ثم نقل (٢) إلى إنشاء الطمع (٣).

فالمضارع مع (أن) وإن لم يبق على المفعولية في صورة الإنشاء فهو مشبه بالمفعول الذي كان في صورة (٤) الخبر ، فانتصب لشبهه المفعول.

و (عسى) على هذا تامة.

وقال الكوفيون (أن يفعل) (٥) في محل الرفع بدلا مما (٦) قبله ، بدل الاشتمال ؛ لأن فيه إجمالا ثم تفصيلا (٧) ، وفي إبهام الشيء ثم تفسيره وقع عظيم لذلك الشيء في النفس.

وقال الشارح الرضي : والذي أرى (٨) أن هذا وجه قريب.

__________________

(١) قوله : (تكلف) إذا لم يظهر هذا التناف في اللفظ أبدا لا في الخبر كذا في الرضي واعتذر بعضهم بأنه من باب رجل عدل وصوم فلا يقدر مضاف. (وجيه).

(٢) فصار عسى زيد أن يخرج منقولا من معناه الأصلي الذي هو خيار المقاربة إلى معنى الإنشاء فكأن المتكلم قال : أنشأت طمعي بهذا اللفظ. (محرم).

(٣) أي : طمع حصول معنى الفعل لمرفوعها فلم يبقى معنى الفعل المتعدى وهو تعلق الحدث القائم بالفاعل بالمفعول فهو في الاستعمال الأول كالفعل المتعدى وفي الاستعمال الثاني كاللازم. (سيالكوني).

(٤) قوله : (في صورة الخبر) كما في ما أحسن زيدا فإن قيل : معناه شيء جعل حسن ثم تغير عنه بإفادة إنشاء التعجب فلم يكن مفعولا فصار في صورة المفعول ومشبها به. (وجيه الدين).

(٥) أي : مع فعلة الذي هو المضارع ليس بمنصوب الخبرية في التوجيه الأول ولا بمشابهة المفعول كما في التوجيه الثاني بل هو في محل الرفع. (تكملة).

(٦) قوله : (بدلا مما قبله) والفعل قاصر بمنزلة قرب كذا في المتفق وأما عسيت صائما وعسى الغدير أبؤسا فشاذان أو على تضمنها معنى كان أو على تقدير عسى الغدير أن يكون أبؤسا حذف الفعل مع أن لكثرة وقوعه بعد عسى. (س).

(٧) وهو ذكر الخروج بعده وكل لفظين إذا قصد الإجمال بالأول والتفصيل بالثاني يكون الثاني بدل الاشتمال من الأول. (أيوبي).

(٨) فيه أنه لا نسلم وجود معنى المقاربة في عسى فكيف يظن قرب هذا الوجه ومعنى التوقع والرجاء الذي اعترف به لا يتم المرفوع. (سيالكوني).


(و) تقول على الاستعمال الآخر (عسى أن يخرج (١) زيد) بأن يذكر مرفوع فقط ، هو ما كان منصوبا في الاستعمال الأول ، فاستغنى عن الخبر لاشتمال الاسم على المنسوب والمنسوب إليه كما استغنى في (علمت أن زيد قائما) عن المفعول الآخر ، أي : مقامهما(٢) فهي في هذا الاستعمال ناقصة (٣).

وإن اقتصر على المرفوع من غير قصر إقامته مقام المرفوع والمنصوب ، بمعنى : (قرب خروج زيد) فهي تامة.

وهاهنا احتمال آخر : وهو أن يكون (زيد مرفوعا بأنه اسم (عسى) وفي (يخرج) ضمير يعود إلى (زيد) (٤) و (أن يخرج) في محل النصب بأنه خبر عسى وآخر (٥) : وهو أن يجعل ذلك من باب التنازع بين (عسى) (ويخرج) في (زيد) فإن أعمل الأول كان (زيد) اسم (عسى) و (أن يخرج) خبرا له مقدما عليه ، وإن أعمل الثاني كان اسم (عسى) ما استكن فيه من ضمير (زيد) وخبره (أن يخرج زيد) فهي على هذين الاحتمالين ناقصة أيضا (٦).

__________________

(١) مثّل بمثالين تنبيها على استعمال عسى كونه حاصل الرفع والنصب وكونه عامل الرفع فقط بأن يكون أن يخرج وزيد فاعل عسى ولا يكون له منصوب. (عصام الكافية).

(٢) وكذا قام أن يخرج مقام المنسوب والمنسوب إليه. (لمحرره).

(٣) قال به ابن مالك وذلك أنه قال : عمده أنها ناقصة ولكن سدت أن وصلتها في هذه الحالة مسد الخبرين كما في : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)[العنكبوت : ٢] إذا لم يقل أحد بأن حسب خرجت حين ذلك عن أصلها. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (إلى زيد) ولا يمنع بتقديم الخبر التباس الاسم بفاعل الخبر كما في زيد قام ؛ لأن كونه طالبا للاسم مع امتناع الإضمار قبل الذكر بوجب كون زيد اسمه فلا يلتبس بالفاعل بخلاف زيد قام نعم يتوقف صحة هذا التوجيه على ثبوت عسى إن يخرجا الزيدان ويزيفه أيضا أنه لو كان كذلك ينبغي أن يجوز عسى يخرج زيد بحذف أن قتأصل عصام فلا التباس باتحاد المعنى بل هو تعدد وجوده الاستعمال بخلاف زيد قام قائد لو قدم قام يفوت التعدي فضية التباس.

(سيالكوني).

(٥) هاهنا احتمال آخر يكون عسى فيه مستعملا بالاستعمال الأول متحدا معه في المعنى لا يتوقف ثبوته على ثبوت استعمال عسى أن يخرجا الزيدان وعسى الزيدان أن يخرجا. (عبد الحكيم).

(٦) اعلم أن التوجيه الأول يتوقف على ثبوته في الاستعمال عسى أن يخرج الزيدان ولو ـ


(وقد يحذف (أن) عن الفعل المضارع في الاستعمال الأول تشبيها (١) لها ب : (كاد) فكما أن (كاد زيد يخرج) لم يذكر فيه (أن) كذلك (عسى زيد يخرج) لا يذكر فيه (أن) كقولهم : عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب (٢)

كان الأصل فيه (أن يكون وراءه) فحذف (أن) منه دون الاستعمال الثاني لعدم مشابهة قولك : عسى أن يخرج زيد ، بقولك (٣) كاد زيد يخرج.

(والثاني) أي : ما وضع لدنو الخبر دنو حصول (كاد) تقول : (كاد (٤) زيد يجيء) فتخبر عن دنو الخبر لعلمك بإشرافه (٥) على الحصول للفاعل في الحال (٦).

__________________

ـ كان الاستعمال عسى أن يخرج الزيدان فلا شيء على مذهب البصريين من اختيار إعمال الثاني. (محشي).

(١) قوله : (تشبيها لها ب : كاد) لاشتراكهما في كونهما فعلين للمقاربة لا على وجه الشروع وفي كون ما بعدهما اسما ثم مضارعا لا لعل لقلة المشابهة بها. (سيالكوني).

(٢) والبيت لهدبة بن الخشرم كان من فصحاء بادية الحجاز وكان هدبة قد قتل ابن عم زائدة بن زيد الجاري فهرب وأخذ عمه ابن غيره لأجله فسجن فبلغه ذلك فقال : عسى الكرب محل معاوية فقدم عليه عبد الرحمن محوال إلى معاوية فادعى عليه قتل أخيه فقال معاوية : ما تقول يا هدبة؟ فطلب منه عبد الرحمن أن يقتله فكره معاوية على الكرب الذي. (حاشية).

ـ والمعنى عسى الحزن الذي أمسيت فيه وصرت واقعا فيه يكون وراؤه وأمامه وانفراج قريب. (شرح).

(٣) هذا واضح على تقدير أن يكون زيد فاعل يخرج أما لو كان اسم عسى وأن يخرج خبره أو يكون اسم عسى ضمير زيد كما جوزه فالمشابهة متحققة كما كانت في الاستعمال الأول. (عصام).

(٤) فعل ناقص التصرف من حد سمع لم يأت فيه إلا الماضي والمضارع ومعناه قارب كذا الاتفاق يأتي في الأشهر وأوى عند الأصمعي. (ك).

(٥) في القاموس أشرف المريض على الموت أشفي عليه. (سيالكوني).

ـ قوله : (بإشرافه) على الحصول أي : بإشراف الخبر وإطلاعه على حصوله للفاعل قال في الصحاح : أشرفت عليه ، أي : أطلعت عليه من فوق. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (في الحال) متعلق بالحصول في الزمان الحال لشدة قربه منه إلا أنه لم يشرع فيه على ما في الرضي فإذا كان في الإثبات يدل على ثبوت شدة القرب وإذا كان في النفي يدل على شدة نفي القرب لا على الشدة كما أن الجملة الاسمية المنفية تدل على دوام النفي لا على نفي ـ


فاعله اسم محض ، كما هو الأصل وخبره فعل مضارع ليدل على قرب حصول (١) الخبر من الحال ، باعتبار أحد معنييه من غير (أن) لدلالته (٢) على الاستقبال المنافي للحال.

(وقد تدخل (أن) على خبر (كاد) تشبيها له ب : (عسى) كما أنه يحذف (أن) عن خبر (عسى) تشبيها له ب : (كاد) كقولهم (٣) :

قد كاد (٤) من طول البلى أن يمسحا

فلما كان كل واحد منهما مشابها للآخر أعطى لكل منهما حكم (٥) الآخر من وجه.

(وإذا دخل النفي على (كاد) (٦) فهو) أي : (كاد) (كالأفعال) أي : كسائر الأفعال في إفادة أدوات النفي مضمونها (على) القول (الأصح) (٧) ماضيا كان أو مستقبلا (وقيل نفيه) (٨) أي نفي كاد (يكون للإثبات مطلقا) ماضيا كان أو مستقبلا.

__________________

ـ دوامه فاندفع ما قيل : أنه لا يظهر الإشراف في قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)[البقرة : ٧١] وفي لم يكدر سيس الهوى. (عبد الحكيم).

(١) فإنه لو كان اسما لا يدل على الحصول والحدوث بل الثبوت مطلقا ولو كان ماضيا فبعدد دخول كاد يدل على قرب حصول الخبر في الماضي بخلاف ما كان مضارعا. (حاشية).

(٢) قوله : (لدلالته على الاستقبال) أي : لدلالة أن على تصاد الاستقبال المنافي للحال فلا يناسب ذكره مع كاد الذي مدلوله الإشراف على الحصول وقربه منه غاية القرب. (سيالكوني).

(٣) قوله : (كقولهم) الصواب كقوله ، وكذا فيما سبق ؛ لأنه قول الشاعر لا قول العرب ويمسح الشيء مسوحا ذهب والقطع.

ـ أوله : رسم الدار عفى من بعدها قد انمحى من المحو نصف منزلة الحبيبة ويقول : رسم الدار عفى انمحى تلك الدار كان من طول بلاه وقدم الدراسة يذهب وينقطع. (وجيه).

ـ البيت لرؤية أوله : ربع عفاه الدهر طولا فانمحا. عاطفة على عفاه.

(٤) واسم كاد ضمير رسم أو ربع وأن يمصحا خبره مع أن مخلاف للإشباع. (حاشية).

(٥) يعتمد ذكاء لا شابه بعسى أعطى له وخولان على صبره لما شابه عسى كاد أعصى حذف أن من خيره.

(٦) يكون كاد المنفى كما أن الأفعال المشبهة إذا عليها النفي كانت للنفي آخر.

(٧) وإنما قال فما صح لاختلاف كثيرة فيه كما صرح بها بعد. (لمحرره).

(٨) أي : قال بعضهم : إن النفي إذا دخل على كاد ، كان للإثبات مطلقا.


أما في الماضي فكقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] فإن المراد إثبات الفعل ؛ لأنفيه ، بدليل (فَذَبَحُوها)(١).

وأما في المضارع فلتخطئه (٢) الشعراء قول ذي الرمة :

إذا غير الهجر المحبين لم يكد

رسيس الهوى من حب مية يبرح

فإنه يدل على زوال رسيس الهوى

ولتسليمه بتخطئتهم وتغييره قوله : (لم يكد) بقوله (لم أجد) فلو لا كان نفي كاد للإثبات ، لما خطأوه ، ولما غيره لتخطئتهم. وأجيب عن الأول : بأن قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) يدل على انتفاء الذبح وانتفاء القرب منه في وقت ما.

وقوله تعالى : (فَذَبَحُوها)(٣) قرينة تدل على ثبوت الذبح بعد انتفائه وانتفاء القرب منه ، ولا تناقض بين انتفاء الشيء في وقت وثبوته في وقت آخر.

وعن الثاني : فلتخطئة بعض الفصحاء مخطئ ذي الرمة في تسليمه تخطئتهم.

روى عن عتبة (٤) أنه قال : قدم (٥) ذو الرمة الكوفة واعترض عليه ابن شبرمة فغيره.

فقال عتبة : حدثت أبي بذلك فقال أخطأ ابن شبرمة في إنكاره عليه ، وأخطأ ذو

__________________

(١) قوله : (بدليل فذبحوها) فإنه يدل على حصول الذبح فلو كان المراد من قوله : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) نفي القرب عن الذبح الذي يستلزم انتقاء الذبح على وجه أبلغ لزم التناقض. (عبد الحكيم).

(٢) يعني : أنهم حملوا قول ذي الرمة على أخطاء ؛ لأنه يدل على زوال رسيس الهوى فلا يؤد مراد ذي الرمة ومراده عدم زواله لأنهم فهموا من قوله : لم يكد الإثبات. (لمحرره).

(٣) قوله : (فذبحوها قرينة تدل) فلا يكون نفي كاد مفيد الثبوت مضمون خبره ، فإن قيل : فح يلزم التناقض لدلالة فذبحوها على وجود الذبح وما كاد يفعلون على انتفائه قلنا ما كادوا يفعلون على انتقاء زمان سابق لتعنتهم ووجوده في زمان لا حق لإلجائهم فلا تناقض وإنما يلزم التناقض لو كان الذبح وعدمه في زمان واحد. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (عن عتبة) على وزن طلبة من الأسماء العربية وفي كثير من النسخ عنتبة بزيادة النون بعد العين ولم نجدها من الأسماء العريبة. (عصام).

(٥) قوله : (قدم ذو الرمه الكوفة) فوقف بالكناسة اسم موضع بالكوفة فأنشد للناس قصيدة الحائية فلما بلغ هذا البيت ناداه ابن شبرمة. (س).


الرمة حين غيره ، وإنما هو كقوله تعالى : (لَمْ يَكَدْ يَراها)(١) وإنما هو (٢) لم يرها.

(وقيل (٣) : يكون) أي : النفي الداخل على (كاد) وما يشتق (٤) منه (في الماضي للإثبات وفي المستقبل (٥) كالأفعال) أي : كسائر الأفعال في إفادة النفي نفي مضمونه (تمسكا (٦) في الدعوى الأولى بقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] وقد عرفت (٧) وجه (٨) التمسك ، والجواب (٩) عنه.

__________________

(١) في قوله تعالى : (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) ولا يصح أن يحمل هذه الآية على الإثبات ؛ لأن المقصود بيان شدة الظلمات وهو بانتفاء الرؤية والغرب لإثباتهما. (عبد الحكيم).

ـ أي : كلام المشتمل عليه بحينه فإن كان المراد به إثبات الفعل فأنا مقر بخطئي وأغيره إذا لم أجد وإذا كان نفيه كلامي على الصواب. (أيوبي).

(٢) يعني : المراد بالفعل الواقع خبر لكاد حال كونه منفيا مضارعا إنما هو النفي فإنه في معنى : لم يراها فإن المراد بتلك الآية تمثيل حال النار بمن كان في ظلمات عظيمة وبلغت في العظمة مبلغا ليس فوقها ظلمات (إِذا أَخْرَجَ) أي : ذلك الناظر (يَدَهُ) أي : أعضائه التي هي أقرب برمئاته (لَمْ يَكَدْ) أي : لم تقع لرؤية يده فضلا عن رؤية ما هو أبعد منها فح يكون معناها أنه لم يرها وهو منفى ولو كان المراد به الرؤية فهو في ظاهر الفساد. (تكملة).

(٣) وهو شروع في القول الثالث وهو الفرق بين الماضي والمضارع عند ذلك القائل.

(٤) زاد هاهنا لأنه لا يصح الحكم على النفي الداخل على كاد أنه في الماضي للإثبات وفي المستقل كسائر الأفعال فإن التفصيل لا بد له من الإجمال المشتمل عليه والنعيم السابق بكلمة ولا يصح هاهنا واختار ما يشتق على قوله : (ومستقبله) إشارة هاهنا إلى جواز تقديم الرجع من حيق المعنى باعتباره ذكر المشتق منه كالعكس إذا وجد على تعيين المشتق وهاهنا قوله : (في المستقبل) وأما كون الماضي مشتقا منه للمستقبل فباعتبار كونه مأخوذا منه وأن الأصل للكل المصدر. (حكيم).

(٥) والأولى : وفي المضارع وكأنه لخفاء الحال اقتصر على الماضي والمستقبل. (عصام).

(٦) قوله : (تمسكا) مفعول له لقيل ، على أن يكون مصدرا محمولا ، ولقالوا : المقدر على أن يكون مصدرا معلوما ، أو حال من فاعل قالوا المقدر ، أي : متمسكين. (وجيه زاده).

(٧) وقوله : (وقد عرفت وجه التمسك) وهو المراد إثبات الفعل أي : الذبح ، لا نافيه بدليل :(فَذَبَحُوها) وأما الجواب عنه فهو أن الذبح يعلم من قوله : (فذبحوها) لا من التقى الداخل على كاد وهذا مسلم بناء على ما مر من جواب لا بهيئته. (وجيه الدين).

(٨) وهو أنه لم يكن نفي كاد للإثبات للزم التناقض بين قوله : تعالى : (فَذَبَحُوها) وبين قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ.) (وجيه).

(٩) وهو انتفاء عدم فعلهم الذبح في وقت وثبوت الذبح في وقت فلا يلزم التناقض. (وافية).


(و) في الدعوى (١) الثانية يقول ذي الرمة (٢) :

إذا غير الهجر المحبين لم يكد

رسيس الهوى من حب مية يبرح

حين أراد بالنفي الداخل على (يكاد) انتفاء قرب رسيس الهوى عن البراح ، أي : الزوال.

فالنفي الداخل على (يكاد) كالنفي الداخل على سائر الأفعال (٣) وهذا (٤) مسلم لكن لا يثبت مدعاه (٥) بمجرد ذلك ما لم يثبت دعواه الأولى.

وقد عرفت وجه القدح فيه وفي تمسكه (٦) عليها.

(والثالث) وهو ما وضع لدنو الخبر وقرب ثبوته للفاعل دنو أخذ ، وشروع في الخبر (طفق) بمعنى (٧) : أخذ في الفعل يقال : طفق يطفق كعلم يعلم طفقا وطفوقا وقد

__________________

(١) قوله : (في الدعوى الثانية) لا تقول لم يكد ماض في جب أن يكون للإثبات لأنا نقول جعله إذا مستقبلا وكأن من خطأ ذا الوهمة رأى أنه ماض وكأنه غير ذو الرمة إما لغفلته عن تغيير أن الموصد ولباب اعتراض من القصرين. (عصام).

(٢) الرمة بالضم قطعة من حبل وقد يكسر وبه سمي ذو الرمة وميتة اسم حبيبة ذي الرمة يبرح يزول لم يكد يبرح أبلغ من قوله : (لم يبرح) لأن ذلك نفي لمقاربة الحب عن البراح يصف تمكن الهوى من قلبه فيقول إذا غير الهجر هل المحبة من المودة لم يكد رسيس الهوى من حب هذه الحبيبة يكون قريب الزوال عن قلبي فكيف الزوال. (س).

(٣) فإنه لو كان للثبات لزم إثبات زوال بقايا اللحبة وهو صاف لما أراده. (أيوبي).

(٤) ثم أراد أن يزيف قول القائل بالمذهب الثالث حيث تمسك في الدعوى الأولى بقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وفي الدعوى الثانية بقوله : (ذي الرمة) وتخطئتهم عليه فيه فقال : (وهذا ... إلخ). (أيوبي).

(٥) قوله : (مدعاه) وهو أن النفي الداخل على كاد في الماضي للإثبات وفي المستقبل كسائر الأفعال. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (في تمسكه) أي : في تمسك الثاني على دعواه حيث أجيب عن التمسك الأول بما أجيب ولم يكن كونه للإثبات بناء على أن استدلاله بقوله : (فَذَبَحُوها) مسلما بذكان في خير المنع لم يثبت به المدعي وحاصله أن القائلين الآخيرين لم يثبت دعواهما ولنا قال المصنف إن كسائر الأفعال مطلقا في الأصح. (محرم).

(٧) أشار بتفسيره بأخذ إلى أن الدنو الذي يسببه الأخذ وإن كان مغاير له بحسب المفهوم لكنه عينه بحسب الوجود فلدا فسروه به. (عبد الحكيم).


جاء : طفق يطفق ، كضرب يضرب.

(وكرب) بفتح الراء بمعنى (قرب) يقال : (كربت الشمس) إذا دنت للغروب.

(وجعل) بمعنى طفق (وأخذ) بمعنى شرع.

(وهي) أي : هذه الأفعال الأربعة في الاستعمال (مثل كاد) في كون خبرها المضارع بغير (أن) تقول : (طفق زيد) أو أخذ أو كرب يفعل) و (جعل يقول : وقال الله تعالى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ) [الأعراف : ٢٢].

(وأوشك) بمعنى أسرع عطف على (١) طفق.

(وهي) أي : أوشك (مثل عسى وكاد) في الاستعمال (فتارة تستعمل (٢) استعمال (عسى) على وجهيه) ، نحو : (أوشك زيد أن يجيء) و (أوشك أن يجئ زيد) وتارة تستعمل استعمال (كاد) بدون (أن) نحو : (أوشك زيد يجيء).

(فعل التعجب)

(ما وضع لإنشاء التعجب) (٣) وفي بعض النسخ (أفعال التعجب) وفي أكثر النسخ (فعلا التعجب) بصيغة التثنية.

فإفراد الفعل بالنظر إلى أن التعريف للجنس ، وجمعه بالنظر إلى كثرة إفراده ، وتثنيته بالنظر (٤) إلى نوعي صيغته.

وعلى كل تقدير فالتعريف (٥)

__________________

(١) قوله : (عطف على طفق) إلى رد ما هو في بعض الشروح من أن أوشك ليست من القسم الثالث إذا لو كانت منه لا تمنع استعمالها مع أنه وإنما ذكرها بعد فراغه منه وكأنها مشتركة بين مقاربة الخبر رجاء وحصولا فلذا استعملت مع أن أو حذفها ووجه الرد أنه لم يستعمل أوشك بمعنى الرجاء. (سيالكوني).

(٢) قوله : (فتارة يستعمل) وإذا كان خبرها المضارع مع أن فهو بتقدير حرف الجر أي : أوشك زيد في أن يجيء ثم حذف وجوبا لكثرة الاستعمال. (عبد الحكيم).

(٣) بخلاف تعجبت وعجبت فإنه لإخبار التعجب لا لإنشائه وأما نحو : أعجب وتعجب فهو لإنشاء طلب التعجب لا لإنشاء التعجب. (خبيصي).

(٤) والتنبيه على أن الموجود من هذا المفهوم لأعم ليس إلا النوعين. (عصام).

(٥) فإن قيل : إن الجمع يراد به الأفراد وكذا التثنية والتعريف للجنس لا للأفراد فلا يجوز ـ


للجنس (١) المفهوم في ضمن التثنية والجمع أيضا.

فهو (٢) ما وضع ، أي : فعل وضع ؛ لأن الكلام في فقسم الأفعال ، فلا ينتقض الحد بمثل (لله دره (٣) فارسا) و (واها له) (٤) لكن ينقض بنحو : (قاتله الله من شاعر) و (ولا شلّ (٥) عشرة).

فإنه (٦) فعل وضع ؛ لإنشاء التعجب (٧) وليس (٨).

__________________

ـ حمل التعريف إلى أفعال التعجب أو فعلا التعجب فكيف يجوز حمله على التثنية والجمع فأجاب بقوله : (فالتعريف للجنس. (لمحرره).

(١) حاصلة : إن أريد بأفعال التعجب أفراده وهي ما أنصره ما أقربه ما أخرجه وغيرها فالتعريف يحمل على الجنس الموجود في ضمنها كما أن الناس في الناس حيوان ناطق لما أريد به زيد وعمرو وبكر وغيرهم حمل على التعريف على الحيوان الناطق الموجود ضمنهم وأنه لما أريد بفعل التعجب نوعان وهما أفعله وأفعل به فالتعريف يحمل على الجنس الموجود في ضمنهما كما أن إنسانا في إنسان حيوان ناطق لما أريد به زيد وعمرو وبكر مثل حمل التعريف على الحيوان الناطق الموجود في ضمنهما. (وافية).

(٢) قوله : (فهو ما وضع) يعني : فعل وضع يعني ما اعتبر في النسختين الأخيرتين للمفرد المذكور في ضمن التثنية والجمع كان المال هو ما وضع يعني إلى المفرد فلا يضر العدول عن الأصل في التعريف ، اعلم أن الشارح أراد بهذا التوجيه إن يزيف الجواب المذكور في الحواشي الهندية بأن يقال أن إضافة التثنية كإضافة الجمع بجعل المضاف جنسا وتفصيل هذا البحث في وجيه الدين فارجع إليه أن كنت من أهل الدين. (أيوبي وغيره).

(٣) وهو ما يستعمل لإنشاء التعجب وليس بفعل فإذا تعجب من خير مشخص قلت : لله درّه أي : خيره.

(٤) صوت يتلفظ به عند التعجب خارج عن التعريف يجعل الموصول عبارة عن الفعل. (عبد الله أفندي).

(٥) قوله : (ولا شل) ذلك الشل اليبس في اليد وذهابها يقال : شلت معروفا ومجهولا والمراد بالعشرة الأصابع وهذا تعجب من حسن الرمي. (عصام).

(٦) دليل الانتقاض يعني : أن كل واحد من قاتلة الله من شاعر ولا شك فعل وقع. (لمحرره).

(٧) في نفس مصدر هذا الفعل وقاتلة الله من شاعر ولا شل عشره ليس كذلك. (عصام).

(٨) قوله : (وليس) جواب لما قيل : أنه لا ينتقض لأنا لا نسلم أنه وضع لإنشاء التعجب بل أنه وضع للدعاء لا يدفع النقض. (عبد الله أفندي).


بمحض الدعاء إلا أن (١) يقال : هذه الأفعال ليست موضوعة للتعجب بل استعملت لذلك بعد (٢) الوضع.

أو المراد بما وضع ؛ لإنشاء التعجب (٣) فحسب ، بحيث لا يستعمل في غيره.

وما ذكر من مواد النقض فكثيرا ما تستعمل في الدعاء (٤).

(وله) أي : لفعل (٥) التعجب أو لما وضع ؛ لإنشاء التعجب (صيغتان) (٦) :

أحداهما : صيغة الفعل الذي تضمنه تركيب (ما أفعله).

وأخراهما : صيغة الفعل الذي تضمنه تركيب (أفعل به) بشرط أن يكونا في هذين التركيبين (وهما) أي : فعلا التعجب (غير (٧) متصرفين) (٨) فلا يتغيران (٩) إلى مضارع ومجهول وتأنيث.

__________________

(١) أشار إلى جواب النقض وإلى ضعفه يعني أنه لا يندفع إلا بأن يقال ... إلخ. (أيوبي).

(٢) قوله : (بعد الوضع) فإن الشيء إذا بلغ غايته يدعى عليه صونا له من العين للكمال وكذا لا شل عشرة دعاء له لعدم النسل. (سيالكوني).

(٣) يعني : اختص ذلك الوضع بالتعجب.

(٤) وما يستعمل في الدعاء ليس بمختص بالتعجب بهذا المعنى فهذا الحد لا يصدق على تلك المواد بهذا المعنى.

(٥) قوله : (أي : لفعل التعجب) كون المقصود من التعريف إجراء الأحكام برجع الأول وقرب المرجع مع اتحاد المعرف والمعرف يرجح الثاني فلذا سوى بينهما. (عبد الحكيم).

(٦) وزاد لفظ الصيغة إشارة إلى أن كل ما يوازنها فعل التعجب لا خصوص هذين الفعلين.

(سيالكوني).

(٧) قوله : (غير متصرفة) عن هذين اللفظين ليدل على إثبات المعنى ؛ إذ التصرف فيما يزول المعنى من زمان إلى زمان وفعليتهما لكون الأول على صيغة الماضي ناصبا ما بعله ملحقا به نون الوقاية والثاني على صيغة الأمر وعند الكوفيين أن الأول اسم بدليل التصغير في قوله : ياما أصبح غزلانا وبدليل عدم التصرف إلى المضارع وصحة الواو والياء في ونحو ما أقوم زيدا وما أبيع عمرا وعدم لحوق الضمائر تاء التأنيث وعند البصريين أن الأول لعدم التصرف أشبه الاسم فلحقه التصغير يا ما املح والتصحيح ما أقوم. (خبيصي).

(٨) لما عرفت من مشابهتهما الحرف بسبب تضمن معنى الإنشاء. (سيالكوني).

(٩) ولنا صحح العين في ما أقوله ، وأبيعه ولا يجوز الإدغام في أشدد به.


وفي بعض النسخ (وهي) أي : أفعال التعجب (غير متصرفة).

(مثل : ما أحسن زيدا) و (أحسن بزيد) ، (ولا يبنيان) أي : فعلا التعجب (إلا مما يبني منه (أفعل) التفضيل) لمشابهتهما (١) له من حيث أن كلا منهما للمبالغة (٢) والتأكيد وكذا لا يبنيان إلا للفاعل كأفعل التفضيل.

وقد شذ : (ما أشهى (٣) الطعام) و (ما أمقت الكذب) (٤).

(ويتوصل (٥) في) الفعل (الممتنع) بناء صيغتي (٦) التعجب منه من رباعي أو ثلاثي مزيد فيه أو ثلاثي مجرد مما فيه لون (٧) أو عيب (٨) (يمثل : ما أشد استخراجه ، وأشدد باستخراجه) أي : يتوصل بناؤهما من فعل لا يمتنع بناؤهما منه ، وجعل الممتنع مفعولا (٩) أو مجرورا بالباء.

(ولا يتصرف فيهما) أي : في صيغتب التعجب (بتقديم) (١٠) أي : بتقديم جائز فيما

__________________

(١) لمشابتهما إياه في خروج كل منهما عن موضعه الأصلى وتحقق الغرابة فيهما. (عبد الحكيم).

(٢) قوله : (للمبالغة والتأكيد) فإن المقصود من إنشاء التعجب في قولنا : ما أحسن زيدا إثبات الحسن له على وجه الكمال والتقرير وكذا المقصود من زيدا فضل القدم كما له في الفضل. (سيالكوني).

(٣) ما اشتهى بصيغة المجهول يعني يتعجب أن الطعام غير مشتهي. (أيوبي).

(٤) وقوله : (وما أمقت الكذب) بصيغة المجهول أيضا يصير الكذب المذكور مبغوضا كما أن اسم التفضيل بمعنى المفعول محكوما بشذوذيته. (عبد الله أيوبي).

(٥) ولما حكم بامتناع بناء فعل التعجب مما امتنع فيه بناء اسم التفضيل أراد أن يشير إلى طريق بنائه في ذلك فقال : (ويتوصل). (تكملة).

ـ التوصل وهي طلب الوصلة إلى شيء بتكلف.

(٦) ولما كان الممتنع صيغة الفعل لكنه غير مسند إليه بل إلى متعلقة أشار إلى ذلك المتعلق بقوله : (بناء).

(٧) كالسواد ويمتنع منه أخذ ما أفعله وأفعل به وكذا عور يمتنع منه ما أفعله وأفعل به.

(٨) أي : ظاهري وأما الباطني فيجيء منه نحو : ما أجمل زيدا. (سيالكوني).

(٩) وإنما جعل الممتنع هاهنا مفعولا وفي أفعل التفضيل تمييز ؛ لأن اسم التفضيل لا يعمل في الفاعل والمفعول به الظاهرين بخلاف فعل التعجب. (سيالكوني).

(١٠) قوله : (بتقديم وتأخير وفصل) خص الوجوه بالذكر ؛ لأنه يجوز التصرف بحذف الجاز في ـ


عدا صيغتي التعجب ، كتقديم المفعول أو الجار والمجرور على الفعل.

(وتأخير) أي : وتأخير جائز فيما عداهما كتأخير الفعل منهما وإنما قيدنا التقديم والتأخير (١) بما قيدنا (٢) ليكون عدم التصرف بهما من خواص صيغتي التعجب ، فإن المقام يقتضي بيان الأحكام الخاصة بها ، فلا يقال : (ما زيدا أحسن) ولا (بزيد أحسن) لأنهما بعد النقل إلى التعجب جريا مجرى الأمثال (٣) فلا يتغيران كما لا تتغير الأمثال (٤).

وقيل (٥) : عدم التصرف بالتقديم يستلزم عدم التصرف بالتأخير وبالعكس ؛ لأن تقديم الشيء يستلزم تأخير غيره وكذا تأخيره يستلزم تقديم غيره.

فلو اكتفى بأحدهما لكفى.

وأجيب (٦) :

__________________

ـ أحسن به إذا كان المجروران مع الفعل ويجوز حذف التعجب منه نحو : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)[مريم : ٣٨]. (حكيم).

(١) لأن الإطلاق جزء من التقييد ؛ ؛ لأنه متكفل المعرفة حال الضفين من غير حاجة إلى تذكير التقديمات الجائزة في غيرها. (عصام).

(٢) أي : لكونهما جائرين فيما عداهما بخلاف ما إذا لم يقيد بحيث لم يوجد أن في غيرهما أيضا مثل تقديم التمييز مثلا فإنه لا يكون من خواص فعل التعجب. (وجيه).

(٣) وليسا من قبيل المثل حقيقة أن القول السائر المثل مضربه بمورده. (وجيه).

ـ لمشابهتهما إياه في خروج كل منهما عن موضعه الأصلي وتحقق الغرابة فيهما. (حكيم).

(٤) لأن لما شبه المضروب بالمورود صار المضرب كأنه المورد فلا يتغير ذلك اللفظ من تذكيره وتأنيثه وإفراده وتثنيته كما أنه يكون على طريق واحدة عند استعماله في المورد. (وجيه الدين).

ـ مثل : أطرق كرا ، وهو مثل يضرب لم تكبريه وقد تواضع من هو أشرف منه ولا يثنى أطرق إذا قيل : لاثنين ولا يجمع إذا قيل : للجماعة وللمؤنث إذا قيل : للمؤنث بل أبقى على كونه مفردا مذكرا. (لمحرره).

(٥) ولما ورد الاعتراض على تعبير المصنف بلزوم زيادة قوله : وتأخير أشار إلى دفعة فقال : وقيل. (تكملة).

(٦) قوله : (وأجيب) لا يخفي على الفطن أن شيئا من الجوابين ليس بالمسكن والماء والبارد ولا يحصل من هذه الموارد وإلا حسن أن يقال المراد وأنه لا يقدم أحسن على ما ولا يؤخر علما بعدها لمنع فعل التعجب عن هذه التصرفات وإن كان هناك مانع آخر من تقدم أحسن على كلمة ما فتفطن. (عصام). ـ


بأن ذكر التأخير إنما هو للتأكيد لا للتأسيس (١) ، على أن (٢) كل واحد منهما وإن لم ينفصل عن الآخر بالوجود ، لكنه ينفصل عنه بالقصد (٣) ، فكأنه اعتبر القصد.

(ولا) يتصرف فيهما بإيقاع (فصل) بين العامل (٤) والمعمول ، نحو : (ما أحسن في الدار زيدا) و (أكرم اليوم بزيد) لإجرئهما مجرى الأمثال (٥) كما سبق.

(وأجاز المازني الفصل بالظرف) لما سمع عن العرب قولهم : (ما أحسن بالرجل أن يصدق).

وأجاز الأكثرون (٦) الفصل بكلمة (٧) (كان) (ما كان أحسن زيدا).

ومعناه : أنه كان له في الماضي حسن واقع دائم إلا أنه لم يتصل بزمان المتكلم ، بل كان دائما قبله.

(وما) ابتداء) (٨) أي : مبتدأ على أن يكون المصدر بمعنى اسم المفعول ، أو ذو ابتداء بتقدير المضاف.

__________________

ـ قوله : (وأجيب) نقل عن الشارح وأجاب بعضهم فإن يجوزان يكون المراد تقديمه على شيء وتأخيره بالنسبة إلى شيء آخر. (سيالكوني).

(١) فلا يلزم الاستدراك وإنما يلزم لو كان للتأسيس والمقام مقام تأكيد ؛ لأن المخالف واحد تأكد حكم لئلا يذهب إليه أحد. (وجيه الدين).

(٢) قوال (على أن) جواب ثان بعد تسليم كونه للتأسيس وعلى علاوة والسؤال نقض والجواب منع. (لمحرره).

(٣) قد يكون القصد إلى تقدم المعمول وقد يكون إلى تأخير الفعل. (وجيه).

(٤) قوله : (بين المعامل) بقرينة قوله : (بالظرف) وإنما قيد بذلك لما سيأتي أنه أجاز الأكثرون المفصل بكلمة كان بين ما والفعل. (سيالكوني).

(٥) هذا مذهب الجمهور حيث لم يجوزوا ذلك التصرف مطلقا سواء كان في الظرف أو في غيره. (عبد الله أفندي).

(٦) أشار إلى مذهب آخر لم يذكره المصنف وهو قوله : (وأجاز الأكثرون). (أيوبي).

(٧) قوله : (بكلمة كان) فقط وهو زائدة للدلالة على ثبوت الحكم في الزمان الماضي وانقطاعه في الحال كما بينه الشارح. (عبد الحكيم).

(٨) قوله : (وما ابتداء) هذه التقريرات كلها باعتبار الأصل وبعد النقل صار كالعلم لإنشاء التعجب والإعراب بحسب التركيب السابق لما تقرر من أن المنقولات المركبة تبقى على إعرابها الأصلي. (سيالكوني).


وفي بعض النسخ (وما ابتدائية) ومعناه ظاهر.

(نكرة) بمعنى (شيء) (١) لأن النكارة (٢) تناسب التعجب ؛ لأنه يكون فيما خفي سببه. (عند سيبويه).

(وما بعدها) أي : ما بعد (ما) (الخبر) من باب (٣) (شر أهرّ ذا ناب) (٤) ، (وموصولة) أي : (ما) موصولة (عند الأخفش) (٥).

(والخبر محذوف) أي : الذي أحسن زيد أي : جعله ذا حسن شيء عظيم.

وقال الفراء (٦) : ما استفهامية ما بعدها خبرها.

قال الشارح (٧) الرضي : وهو قوي من حيث المعنى ؛ لأنه كان جهل سبب حسنه فاستفهم عنه.

__________________

(١) فكان معنى ما أحسن زيد شيء من الأشياء لا أعرفه جعل زيد حسنا ثم نقل إلى التعجب. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لأن النكارة) فكان معنى ما أحسن زيدا في الأصل شيء من الأشياء لا أعرفه زيد حسنا قال الرضي : مذهب سيبويه ضعيف من وجه وهو إذا استعمال ما نكرة غير مضافة نادر نحو : (فَنِعِمَّا هِيَ)[البقرة: ٢٧١] على قول مثل في صيدا فعلى هذا من باب شرا هو ذا ناب في مجرد كون المبتدأ نكرة وما بعده خبر. (وجيه الدين).

(٣) كأنه قيل : لا يصح وقوع النكرة مبتدأ ما لم يتخصص بوجه من وجوه التخصيص فلم صح هاهنا فأجاب بقوله : من باب شرّ أهر. (ل).

(٤) عند من جعل المعنى شر عظيم أهر ذا ناب لا شر حقير فللمعنى شيء خفى أحسن زيدا لا أمر حق إما من جعل المعنى شر أهر ذا ناب لا خير فلا يصح أن يكون ما أحسن زيد من قبيله ؛ لأنه يكون المعنى ما أحسن زيدا شيء إلا شيء فيلزم ستسنأ الشيء من نفسه. (عصام).

(٥) جوز الأخفش أن تكون موصولة معرفة والجملة صلتها وأن يكون نكرة موصوفة والجملة صفتها. (ك).

(٦) واعلم مذهب سيبويه أضعف من وجه وهو إذا استعمال ما نكرة غير موصوفة نادرة فنعما هي على قول ولم يرد مع ذلك مبتدأ وأظهر من وجه وهو أنه لا تقدير فيه ولم يقل من إنشاء إلى إنشاء بخلاف مذهب الأخفش فإن فيه لزوم خوف الخبر وبخلاف مذهب الأخفش فإن فيه لزوم خوف الخبر وبخلاف مذهب الفراء فإن فيه النقل المذكور وهو بعيد وما قيل : أن الاستفهام قد يستعمل في التعجب كثيرا فليس بطريق النقل بل بطريق المجازوهم. (س).

(٧) وإنما لم يلتفت المصنف ؛ لأنه لم يكن أحسن ح فعل التعجب من فوائد الاستفهام فالقول ـ


وقد يستفاد من الاستفهام معنى التعجب ، نحو : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ)(١).

وأما (٢) : أحسن بزيد ، ف : (أفعل) صورته أمر ، ومعناه الماضي (٣) من (أفعل) صورته أمر ، ومعناه الماضي من (أفعل) بمعنى : صار ذا فعل ، ك : (ألحم) أي : صار ذا لحم.

(وبه) أي : مجرورة (٤) (فاعل) لهذا الفعل (عند سيبويه) والباء زائدة لازمة إلا إذا كان المتعجب منه (أن) مع صلتها ، نحو : أحسن أن تقول أي : بأن تقول ، على ما هو قياس.

(فلا ضمير) عند سيبويه (في أفعل) لأن الفاعل واحد ليس إلا.

(وبه) أي : مجروره (مفعول عند (٥) الأخفش) (٦) ل : (أحسن) (٧) بمعنى (صر ذا حسن) على أن تكون همزة (افعل) للصيرورة (والباء للتعدية) (٨) أي : لجعل اللازم متعديا.

فالمعنى : صيره ذا حسن.

__________________

ـ يكون فعل التعجب لا يجامع هذا التوجيه. (عصام).

(١) إذ المعنى : ما أعلمك ، وما مبتدأ ، وأدراك مع المتعلقات غير ما الأولى. (حاشية).

(٢) قوله : (وأما أحسن زيدا) أي : ما أصل أحسن زيد فهذا ولكون الجملة بتأويل لم يحتج إلى عائد. (سيالكوني).

(٣) قوله : (معناه الماضي) لأن التعجب لا يكون إلا مما تحقق واستمر على ما عرفت وضعف قول بأن الأمر بمعنى الماضي بل العكس وبأن مجيء همزة للصيرورة وزيادة الباء في الفاعل قليل. (ك).

(٤) قوله : (أي : مجروره) وإنما عبر عنه ؛ لأن الباء الزائدة كالعدم فمع ذكره كأنه لم يذكر أولا للزومه كالجرة من الفاعل. (عصام).

(٥) ويؤيده جواز حذفه كما جاء في اسمع بهم وأبصر. (عصام).

(٦) كما في قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة : ١٩٥]. (نموذج).

(٧) لا كما قال سيبويه : إنه فاعل فيكون التقدير عند الأخفش أنه بمعنى. (محرم).

(٨) يعني : أن مذهب الأخفش بعدما حكم يكون المجرور مفعولا لأحسن يحتمل في الباء وتوجيهين أحدهما أنها للتعدية وليست بزائدة وهذا إذا كان همزة أحسن للصيرورة فإنها إذا كانت للصيرورة يكون أحسن لازما فحينئذ يكون الياء للتعدية. تكملة.


(أو) الباء (زائدة) على أن يكون (أحسن) متعدين بنفسه ، ويكون همزة (أحسن) (للتعدية) ك : (أخرج).

(ففيه) أي : في الفعل (ضمير) هو فاعله ، أي : أحسن (١) أنت بزيد ، أو زيدا، أي : اجعله حسنا ، بمعنى : صفة به.

وقال الفراء وتبعه الزمخشري : إن (أحسن) أمر لكل أحد ، بأن يجعل زيدا حسنا.

وإنما يجعله كذلك بأن يصفه بالحسن ، فكأنه قيل : صفة بالحسن كيف شئت ، فإن فيه من جهات الحسن كل ما يمكن أن يكون في شخص.

(أفعال المدح والذم)

يعني الأفعال (٢) المشهورة عند النحاة بهذا اللقب (٣).

(ما وضع) أي : فعل وضع (لإنشاء (٤) مدح أو ذم).

فلم يكن (٥) مثل : (مدحته وذممته) منها لأنه لم يوضع للإنشاء.

__________________

(١) الخطاب لمن يتوجه إليه الكلام بتأويل المخاطب ولذا لا يتصرف فيه بتأنيث الفعل وتثنيته وجمعه. (س).

(٢) هذا التقرير لأجل دفع الدور الناشئ من قوله : (أفعال المدح ما وضع لإنشاء المدح) والذم الأول اصطلاحي والثاني لغوي فلا يلزم الدور فعلى هذا التقرير في أفعال التعجب إلا أن الشارح أهمل هذا البيان هناك وقرره والأنسب أن يبين هناك يهمل هنا فتأمل. (حسين أفندي).

ـ قوله : (يعني : الأفعال المشهورة) يعني : ليس المراد مفهوم التركيب الإضافي لئلا ينتقض الحد بمثل مدحته وذمته وغيرهما مما لم يوضع للإنشاء والظاهر أن يقال فعل المدح والذم في اصطلاح النحويين ما وضع لإنشاء مدح وذم كما أن المراد من قوله : (فعل التعجب هذا). (وجيه الدين).

(٣) قوله : (بهذا اللقب) أي : بهذا الاسم المشعر بالمدح أو الذم بالوضع اللغوي كاللقب وليس بلقب لعدم كونه علما. (سيالكوني).

(٤) قوله : (لإنشاء المدح) وذلك إذا قلت : نعم الرجل قائما ينشأ المدح ويحدث بهذا اللفظ وليس موجودا في الخارج في أحد الأزمنة. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (فلم يكن مثل مدحته) لأن القصد منه الإعلام بمدح بوجود في الزمان الماضي يقصد مطابقة هذا الكلام إياه. (سيالكوني).


(فمنها نعم ، وبئس) وهما في الأصل فعلان (١) على وزن (فعل) بكسر العين ، وقد اطرد في لغة بني تميم في (فعل) إذا كان فاؤه مفتوحا وعينه حلقيا أربع لغات :

أحداها : (فعل) بفتح الفاء وكسر العين وهي الأصل.

والثانية : (فعل) بفتح الفاء وإسكان العين مع فتح الفاء.

والثالثة : إسكان العين مع كسر الفاء.

والرابع : كسر الفاء إتباعا للعين.

والأكثر في هذين الفعلين عند بني تميم إذا قصد (٢) بها المدح أو الذم ، كسر الفاء وإسكان العين.

قال سيبويه : وكان عامة العرب اتفقوا على لغة بني تميم.

(وشرطهما) (٣) أي : شرط (نعم وبئس) (أن يكون الفاعل معرفا باللام) (٤) للعهد الذهني وهي لواحد غير معين ابتداء ، ويصير معينا بذكر المخصوص بعده ، ويكون في

__________________

(١) واعلم أن البصريين اتفقوا على أن نعم وبئس فعلان ماضيان وتابعهم الكسائي بدليل لحوق الضمائر كنعموا وبئسوا وتاء التأنيث الساكنة وقال الكوفيون والفراء أنهما سمان لدخول حرف النداء في يا نعم المولى والنداء مختص بالاسم ؛ لأن المنادى مفعول به ويجاب عنه بإضمار المنادى فيكون التقدير يالله نعم المولى فيكون الصواب ما ذهب إليه البصرية. (شرح عوامل عتيق).

(٢) أما إذا لم يقصد بهما المدح والذم فهو كسائر الأفعال كما كان في عدم القصد بهما إياهما كسائر الأفعال. (لمحرره).

(٣) أشار إلى أن ورود فاعلهما نكرة نحو : نعم رجل زيد أو مضاف إلى النكرة نحو : نعم صاحب قوم لا سلام لهم قليل ملحق بالعدم.

(٤) وقال صاحب الضوء : اللام للجنس ووافقه ابن هشام وقال أبو علي : اللام للاستغراق ورد الرضي بأن علامته صحة وضع كل موضعه ولا يصح إن يقال : نعم كل رجل زيد.

ـ قوله : (للعهد الذهني) أي : قصد به إلى معهود في الذهن من حيث أن جنسه غير معين في الوجود كما في أدخل السوق إلا أنه حصل التعيين هاهنا بالمخصوص بالمدح بخلاف أدخل السوق كما أشار إليه الشارح بقوله : (وهي لواحد غير معين ابتداء) هو الذي اختاره المصنف في الإيضاح والشارح تبعة. (عبد الحكيم).


الكلام تفصيل بعد الإجمال ، ليكون (١) أوقع في النفس نحو : (نعم الرجل زيد).

(أو) يكون مضافا إلى المعرف بها) أي : باللام إما بغير واسطة نحو : (نعم صاحب الرجل زيد) أو بواسطة نحو : (نعم فرس غلام الرجل) أو (نعم وجه فرس غلام الرجل) وهلم جرّا.

(أو) يكون (مضمرا (٢) مميزا بنكرة منصوبة) (٣) مفردة (٤) أو مضافة إلى نكرة أو معرفة إضافة لفظية نحو : (نعم رجلا) ، أو (ضارب رجل (٥) أو زيد) أو (حسن (٦) الوجه أنت).

(أو) مميزا (٧) (بما) بمعنى : شيء منصوب المحل على التمييز (مثل : (فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١]) أي : نعم شيئا هي.

__________________

(١) قوله : (ليكون) واقع إنما اختير التفصيل بعد الإبهام ولم يفصل ابتداء ليكون أوقع لشوق النفس إلى معرفة المبهم وليفيدونه مذكورا مرتين والمقام يقتضي إلا وقيعة ؛ لأن المدح العام مما يستجد وقوعه وهذا ظاهر إلا أن هذا غير مختص بالفاعل المعرف باللام. (حاشية).

(٢) قوله : (مضمرا الأظهر) الأغلب أنه لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث اتفاقا بين أهل المصريين لعدم التصرف في هذا الباب ولأن الضمير المفرد المذكر أسبابها ما من غيره لكن إلحاق تاء التأنيث هون من غيره للحدقة بعض الحروف تحولات وثمت وربت ولعلت فلذلك أطردت نعمت المرأة ولم يطرد نعما رجلين ونعموا رجال. (شيخ الرضي).

(٣) وصف فصوبة لمجرد التوضيح ؛ إذ التمييز أما منصوب أو مجرور وهنا لا يحتمل الجر إلا أن يراد به الاحتراز عن المجرور بمن كما في : قاتلة الله من شاعر.

ـ قوله : (منصوبة) لا مجرورة بالإضافة ولا فمن وهم الإضافة بناء على اختصاص الباب بخواص لم توجد في غيره ولكنهما اسمين عند الكوفيين. (حاشية).

(٤) قوله : (مفردة) في الرضي ذهب الجزولى ومن تبعه إلى لزوم إفراد تمييز هذا الضمير والظاهر أنه وهم منه بل يحبب مطابقته لما قصد عند أهل المصريين وقد صرح المصنف وابن مالك بمطابقته لما قصد وهو الحق.

(٥) عطف على رجل أي : نحو : نعم ضارب زيد هذا مثال لما وقع مضافا إلى معرفة بالإضافة اللفظية والمضاف اسم فاعل مضاف إلى معمولة أي : المفعول. (لمحرره).

(٦) أي : أو نعم حسن الوجد أنت مثال لما وقع مضافا إلى المعرف باللام حال كونه صفة مشبهة. شرح.

(٧) قوله : (أو بما) موصوفة بالجملة والمخصوص محذوف كما في (نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) ـ


وقال الفراء (١) وأبو علي : هي موصولة بمعنى (الذي) فاعل لنعم ، وتكون (٢) لصلة بأجمعها في (فنعما هي) محذوفة ؛ لأن (هي) مخصوصة أي : نعم الذي فعله هي ، أي : الصدقات.

وقال سيبويه والكسائي : (ما) معرفة (٣) تامة بمعنى الشيء فمعنى (فَنِعِمَّا هِيَ :) نعم الشيء هي ، ف : (ما) هو الفاعل لكونه بمعنى ذي اللام ، و (هي) مخصوصة (وبعد ذلك) الفاعل (المخصوص) (٤) بالمدح أو الذم.

وبعديته (٥) إنما هي بحسب الغالب ؛ لأنه قد يتقدم المخصوص ، فيقال : (زيد نعم الرجل) صرح به في (المفتاح).

(وهو) أي : المخصوص (مبتدأ ما قبله) أي : الجملة الواقعة قبله غالبا (خبره) ولم تحتج (٦) هذه الجملة الواقعة خبرا إلى ضمير المبتدأ ،

__________________

ـ [النساء : ٨٥] أو مذكور كما في (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا)[البقرة : ٩٠] أو غير موصوفة كما في : (نعما هي) [النساء : ٨٥] وقوله : (دققته دقا نعما). (عبد الحكيم).

(١) وهذا التركيب من النوع الثالث وهو مذهب الجمهور واختيار المصنف أشار إلى مذهب المخالف بقوله : (وقال الفراء). (شرح).

(٢) قوله : (فيكون) إشارة إلى تضعيفه لا نحذف الصلة أجمعها قليل وكذا يضعفه قلة وقوع الذي مصرحا به فاعلا لنعم وبئس. (سيالكوني).

(٣) قوله : (معرفة تامة) يضعفه عدم مجيء ما تامة بمعنى شيء في غير هذا الموضع بل بمعنى شيء نكرة أما موصوفة أو غير موصوفة وأيضا يلزم في نحو : قوله تعالى : (نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ)[النساء : ٨٥] حذف موصوف الجملة أي : شيئا يعظكم به والقول بكون الجملة معترضة لبيان استحقاق شيء المدح. (حكيم).

(٤) وإنما فعل ذلك لكون ذكر الشيء مبهما عم مفسرا أوقع في النفس من وقوعه مفسرا أولا واللام في فاعل لتعريف المعهود حتى يتصور الإبهام في الذهن على الأصح أو يفسر الفاعل بالواحد والجمع فلو كان للجنس لم يجز تفسيره بالثلاث وكذا المضاف التي المعرف باللام والمضمر أي : المعهود في الذهن ومن بعضهم أنه للعموم أي : للجنس اعلم أن المراد بالعموم إما أفراد الجنس أو هو الجنس. (خبيصي مع حواشيه).

(٥) قوله : (وبعديته) كأنه قيل : أنتم قلتم أن المخصوص بالمدح والذم يذكر بعد الفاعل مع أنه ليس كذلك بل يقدم في بعض المواضع في جانب بقوله : (وبعديته ... إلخ). (محرره).

(٦) رفع لما توهم أن الجملة إذا وقعت خبرا تحتاج إلى عائد إلى المبتدأ أو رفعه بأن الواقع خبرا ـ


لقيام (١) لام التعريف (٢) العهدي مقامه (٣).

(أو خبر مبتدأ محذوف) وهو (هو) (مثل : نعم الرجل زيد).

ف : (زيد) في هذا المثال إمّا مبتدأ ، و (نعم الرجل) مقدما عليه خبره ، وإمّا مبتدأ محذوف على تقدير سؤال فإنه لما قيل : (نعم الرجل) فكأنه سئل : من فقيل : زيد ، أي : هو زيد.

فعلى الوجه الأول (نعم الرجل زيد) جملة واحدة على الوجه الثاني جملة (٤) (وشرطه) أي : شرط المخصوص يعني : شرط صحة وقوع مخصوصا (مطابقة الفاعل) مطابقته (٥) الفاعل أو مطابقة (٦) الفاعل إياه في الجنس حقيقة ،

__________________

ـ لا تحتاج. (أيوبي).

(١) قوله : (لقيام لام التعريف) بمعنى أنهم قصدوا إلى معهود في الذهن كان كاسم الجنس الذي له شمول في المعنى وكما صح أن يقوم اسم الجنس مقام الضمير صح أن يقام اللام باعتبار المعقول في الذهن مقام الضمير ؛ لأنه مندرج تحت ما يقدر من حادة في المعنى. (عبد الحكيم).

(٢) وعند النحوي للجنس يشمل المخصوص وغيره ولم يحتج إلى ضمير كما في قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[التوبة : ١٢٠] فاللام في المحسنين للجنس شامل للمبتدأ وغيره فلا يحتاج إلى الضمير. (موشح).

(٣) الذي عبارة عن المبتدأ ، فقد وقع الظاهر مقام المضمر ، كقوله :

لا أرى يسبق الموت شيء

نغّص الموت ذا الغني والفقيرا

ـ وقع الموت موقع الضمير ، أصله : سيقع. (خبيصي).

(٤) ورجح الوجه الثاني بأن ليس فيه إلا حذف المبتدأ وهو شائع وفي الوجه الأول تقديم الخبر الذي هو فعل المبتدأ وحول الخبر عن العائد ووقوع الظاهر موقع مضمر وبان التفسير والإبهام في الوجه الثاني حقيقي وفي الأول تقديري. (موشح).

(٥) قوله : (أي : مطابقته الفاعل) يحتمل أن يكون من إضافة المصدر إلى المعمول والفاعل متروك أو من إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول متروك فهذا ليس من قبيل الالتباس بل من تعدد طرق إفادة المعنى قدر الفرق بينهما في المرفوعات فلا يرد ما قيل : حصام أن الملتبس بالفاعل يتعين بالفاعل كما إذا التبس فعل الفاعل وبالمفعول يتعين المتقدم للفاعل. (وجيه الدين).

(٦) أما مطابقة التمييز للخصوص فليس بشرط جواز الأفراد أيضا كيف وقد عرفت وجود الأفراد عند الجزولى ومن تبعه. (حكيم).


أو تأويلا (١) ، وفي الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث لكونه عبارة عن الفاعل في المعنى نحو : (نعم الرجل زيد الرجلان الزيدان) و (نعم الرجال الزيدون) و (بئست المرأة هند) ، المرأتان الهندان) ، (بئست النساء الهندات).

ويجوز (٢) أن يقال (نعم المرأة هند) ، (بئس المرأة هند) لأنهما لما منصرفين أشبها الحروف فلم يجب الحالق العلامة بهما.

(و) قوله تعالى : ((بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) [الجمعة : ٥]) جواب سؤال (٣) حيث وقع المخصوص (٤) ، أعني : (الَّذِينَ كَذَّبُوا) جمعا مع إفراد الفاعل ، القوم)

(وشبهه) مما لا يطابق الفاعل المخصوص (متأول) بتقدير : مثل : الذين كذبوا أو يجعل (الذين) صفة للقوم وحذف المخصوص (٥) ، أي : بئس مثل (٦) : القوم المكذبين

__________________

(١) لا يخص التعميم للمطابقة في الجنس بل يجري في المطابقة في غيره أيضا فالأنسب تأخيره. (عصام).

ـ قوله : (أو تأويلا) نحو : نعم الأسد زيد وإنما خص هذا التعميم بمطابقة الجنس إذا لم توجد المطابقة فيما عداه تأويلا وما يتوهم في نحو : بئس المرأة هند من أن تذكيره بتأويل المرأة بالجنس فباطل وإلا لجاز قام المرأة. (سيالكوني).

(٢) أشار إلى أن هذا الفعل كما جاز مطابقته لفاعله في التذكير والتأنيث يجوز ان لا يطابقه فيجوز أن يقال.

(٣) أشار إلى وجه إيراد المصنف يعني أن هنا ألا يراد من المصنف في معرض الجواب لسؤال مقدر بالنقض بإيراد مارة لم توجد فيها المطابقة وهي في هذه الآية الكريمة. (تكملة).

(٤) خص السؤال بعدم المطابقة في الأفراد مع عدم المطابقة في الجنس أيضا لجواز أن يقال : جعل مثل القوم نفس الذين كذبوا مبالغة في اتصافهم به فتحقق المطابقة في الجنس تأويلا. (سيالكوني).

(٥) قوله : (وحذف المخصوص) والقرنية تقدم ذكره في قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ)[الجمعة : ٥]. (عبد الحكيم).

(٦) قوله : (بئس مثل القوم المكذبين مثلهم) أشار بإقامة المكذبين مقام الذين كذبوا إلى أن الموصول حينئذ ليس العهد بل عبارة عن جنس المكذبين ليحصل الإبهام في المثل وضمير مثلهم نابع إلى (الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ) ؛ لأن المقصود ذمهم فالمعنى بئس حال المكذبين حال اليهود الذين جحدوا أيات نعت محمد عليه‌السلام فلا يلزم اتحاد الفاعل والمخصوص من لفظا ومعنى على ما وهم. (س).


مثلهم (وقد يحذف المخصوص إذا علم) بالقرينة (مثل) قوله تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ) [ص: ٣٠] أي أيوب ، بقرينة أن ذلك في قصته.

(و) قوله تعالى : ((فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) [الذاريات : ٤٨]) أي : نحن (١) (وساء) مثل : (بئس) في إفادة الذم والشرائط والأحكام.

(ومنها) أي : من أفعال المدح (٢) والذم (حب) في (حبذا) وهو ـ أي : حبذا ـ مركب من : حب الشيء ، أو : حب (٣) إذا صار محبوبا ، ومن ذا.

(وفاعله) (٤) أي : فاعل هذا الفعل (ذا ولا يتغير) (٥) أي : (حبذا) ، أو فاعله (ذا) عما هو عليه.

فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ، إذا كان المخصوص مثنى أو جمعا أو مؤنثا لجريها مجرى الأمثال التي لا تتغير.

فيقال (حبذا الزيدان) و (حبذا الزيدون) و (حبذا هند).

(وبعده) أي : بعد (حبذا) (المخصوص (٦) ، وإعرابه) أي : إعراب مخصوص

__________________

(١) قوله : (أي نحن) يعني : أن الممدوح ذاته تعالى بقرنية ما قبله وهو قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)[الذاريات : ٤٧ ـ ٤٨] فإن الباني السماء والفارش للأرض وماهدها هو الله تعالى وإيراده بالجمع للتعظيم. (عبد الله أفندي).

(٢) قوله : (من أفعال المدح والذم) لم يقل من أفعال المدح ؛ لأن هذا اللفظ عند النحاة اسم لما يفيد إنشاء المدح أو الذم مع أن حبذا يعدد دخول لا يفيد الذم أيضا. (سيالكوني).

(٣) قوله : (أوجب) يريد أن في حب لفستان حب بفتح الحاء كما هو القياس وحب بضمها بنقل الضمير إلى الحاء ثم الإدغام إذا أصله حبب على وزن حسن وفي الصحاح تفصيلة وعند صاحب القاموس حب اسم بمعنى الحبيب وذا فاعله أي : هو حبيب. (عصام).

(٤) قوله : (وفاعله) ذا بخلاف نعم وبئس فإن فاعلهما ما تقدم وإنما خص ذا لما في أسماء الإشارة من الإبهام والمقصود في هذا الباب والمشار إليه بذا الأمر الذهني وأن كان وضع أسماء الإشارة إليه في الخارج. (عبد الحكيم).

(٥) لأنهم جعلوا الفعل والفاعل كالكلمة الواحدة فكرهوا التعرف فيه ولهذا قال بعضهم حبذا مبتدأ وما بعده خبر أو لأنهم عاملوه معاملة المضمور في نعم وإعراب مخصوصة كإعراب مخصوص نعم. (فاضل أمير).

(٦) قوله : (المخصوص) خلافا لابن كيسان فإنه ذهب إلى أنه يدل من ذا وقيل عطف بيان وإنما ـ


(حبذا) (كإعراب مخصوص (نعم) على الوجهين (١) المذكورين.

(ويجوز أن (٢) يقع قبل المخصوص) أي : مخصوص (حبذا) (أو بعده) أي : بعد مخصوصه (تمييز (٣) أو حال على وفق مخصوصه) في الإفراد والتثنية والجمع والتأنيث والتذكير ، نحو : (حبذا رجلا زيد) و (حبذا زيد رجلا) و (حبذا راكبا زيد) و (حبذا زيدا راكبا) و (حبذا رجلين أو راكبين الزيدان) و (حبذا الزيدين أو الراكبين) و (حبذا امرأة هند) و (حبذا هند امرأة).

والعامل في التمييز أو الحال ما في حبذا من الفعلية (٤) وذو الحال هو (ذا) لا (زيد) لأن (زيد) مخصوص والمخصوص لا يجيء إلا بعد تمام المدح والركوب من تمامه ، فالراكب (٥) حال من الفاعل لا من المخصوص.

__________________

ـ قال : بعد حبذا ولم يقل : بعد فاعله كما في نعم وبئس إشارة إلى صيرورة ذا جزء من حبذا. (عبد الحكيم).

(١) يعني : كونه مبتدأ وما قبله حبره وعلى كونه خبر للمبتدأ المحذوف وهذا هو الحكم المشترك بينه وبين أخواته. (تكملة).

(٢) قوله : (ويجوز أن يقع) إنما لم يلتزموا التمييز في حبذا والتزموا في نعم إذا كان الفاعل في كل منهما أمر ذهني لوجهين الأول أن فاعل حبذا ملحوظ بخلاف فاعل نعم فإنه مستتر فجعل التمييز دليلا على وجوده والثاني لزوم التباس بين الفاعل والمخصوص عند عدم ذكر التمييز فيما إذا كان المخصوص معرفا باللام أو مضافا إليه نحو : نعم رجلا السلطان فإنه لا يدري لو حذف رجلا أن السلطان فاعل والمخصوص بالمدح محذوف أو هو المخصوص وفاعله مضمر. (حاشية عصام الدين).

(٣) قوله : (تمييز أو حال) فإن قصد تقييد المبالغة في مدح المخصوص بوصف كان المنصوب حالا نحو : حبذا هند مواصلة أو في حال مواصلتها وإن قصد بيان جنس المبالغة في مدحه كان تمييزا نحو : حبذا زيد راكبا وحبذا زيد رجلا ولا يلزم الفصل بالأجنبي ؛ لأن المخصوص ليس بأجنبي لاتحاده بالفاعل. (فاضل محشي).

(٤) فلا يتجه ما قيل : الأولى من الفعل ؛ لأن الفاعل هو حجب لأنه فعل وعند المبرد وابن السراج أن تركيب حب مع ذا أزال فعليه حب ؛ لأن الاسم أقوى فحبذا مبتدأ والمخصوص خبره وقال بعضهم : بل التركيب أزال لاسمية ذا ؛ لأن الفعل هذا المقدم فالفعلية له فصار العامل كبعض حروف الفعل فحبذا فعل والمخصوص فاعله. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (فالراكب) حال من الفاعل لا من المخصوص فيه مصادرة ؛ لأن المدعي أن ذا ذو ـ


(الحرف)

(ما دل على معنى في غيره) (١) أي : كلمة دلت على معنى حاصل في غيرها متعقل(٢) بالنسبة إليه ، أي : لا يكون (٣) مستقلا بالمفهومية بحيث (٤) لا يصلح ؛ لأن يحكم عليه أو به ، بل لا بدله في ذلك من انضمام أمر آخر إليه.

(ومن ثمة) أي : لأجل أنه يدل على معنى في غيره (احتاج في جزئيته) (٥) للكلام

__________________

ـ المال لا زيد وهو بعينه أن الراكب حال عن الفاعل لا عن المخصوص فالصحيح فالراكب حال من الفاعل لا عن المخصوص كما في بعض النسخ. (عصام الدين).

(١) وفي بمعنى الباء أي : الحرف ما دل على معناه باستعانة غيره حتى لو قلت : خرجت من لا يحصل لمعنى حتى يذكر البصرة مثلا. (أمير).

(٢) قوله : (متعقل بالنسبة إليه) صفة كاشفة لحاصل في غيرها فإن حصول المعنى في غير الكلمة يحتمل أن يكون باعتبار اتصاف الغيرية وأن يكون باعتبار دلالته عليه وأن يكون باعتبار تعلقه بالنسبة إليه. (حكيم).

(٣) تفسير لقوله : (متعلق بالنسبة إليه) أي : ليس المراد بكونه متعقلا بالنسبة إلى الضمير أن تعقله يستلزم تعقل النسبة إلى الغير وتقتضيه حتى يرد على معنى التعريف بالأسماء الموضوعة بالمعاني الإضافية كالابتداء المطلق والأبوة والبنوة مثلا بل أن لا يكون ذلك مستقلا بالمفهومية ويكون آلة لملاحظة ذلك الغير متعقلا تبعية لا قصدا وبالذات فلا يصلح أن يكون محكوما عليه وبه. (حاشية).

(٤) قوله : (بحيث) متعلق بالمعنى أن المراد بعدم الاستقلال أنه لا يصلح ؛ لأن يحكم عليه بأن يكون مبتدأ وفاعلا أو ؛ لأن يحكم به بأن يكون مسندا إلى غيره بأن يكون فعلا أو خبرا. (محرم).

ـ قوله : (بحيث يصلح) متعلق بالمنفى أعنى الاستقلال بالمفهومية وفي أكثر النسخ لا يصلح في يتعلق بالنفي أعني لا يكون. (حسن أفندي).

(٥) أي : في كونه جزأ من الكلام فإن يصح أن يكون جزأ من الكلام وأن لم يصح أن يكون ركنا. (هندي).

ـ قوله : (في جزئيته للكلام) بخلاف الاسم والفعل فإنه لا يحتاج أحدهما إلى الآخر في الجزئية بل في تأتي الكلام ومن هذا ظهر وجه التخصيص بالكلام واندفع ما قيل : الأولى أن يقال في جزئيته لما تقاربه شيء كلا ما كان أو مركبا ناقصا. (س).

ـ أي : في أن يصبر حزأ من الكلام من مسندا ومسند إليه ؛ لأن دلالته على معناه الإفرادي مشروط بذكر متعلق. (أمير).


ركنا (١) كان أو غيره (إلى اسم) يتعقل (٢) معناه بالنسبة إليه ، نحو : (من البصرة) (أو فعل) (٣) كذلك نحو : (قد ضرب).

(حروف الجر)

(ما وضع للإفضاء بفعل) أي : إيصاله (٤).

فإن (٥) معنى الإفضاء الوصول ولما عدي بالباء صار معناه الإيصال.

(أو معناه) أي : معنى الفعل وهو كل شيء استنبط منه معنى الفعل كاسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والمصدر والظرف (٦) والجار والمجرور وغير ذلك.

(إلى ما يليه) (٧) سواء كان اسما صريحا ، مثل : (مررت بزيد) و (أنا مارّ بزيد) أو كان في تأويل الاسم كقوله تعالى : (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) [التوبة : ١١٨] أي : برحبها.

__________________

(١) من ذلك الكلام اعتني المحكوم عليه وبه هذا مخالف لما حققه الشريف الفاضل في بعض مصنفاته من حاشية للطول والرسالة الحرفية من أن الحرف لا يكون محكوما عليه ولا به لا وحده ولا مع غيره وأن كان موافقا لما قال في الصغرى في تقسيم اللفظ إلى الكلمة والاسم والأداة فعليك بالتأمل الصادق. (أمير).

(٢) قوله : (يتعقل) معناه قيد الاسم والفعل بهذا القيد بقرنية المقام لئلا يرد الموصولات فإنها محتاجة في الجزئية إلى اسم أو فعل لكن ليس كذلك مما يتعقل معناها بالنسبة إليه لكون معانيها مستقلة بالمفهومية. (حكيم).

(٣) الحرف قد يحتاج إلى المفرد كما في حروف الجر وقد يحتاج إلى الجملة كحرف النفي والاستفهام والشرط وقد يحذف المحتاج إليه في نعم ولا وكان قد خرجت ولما. (رضي).

(٤) ولعله أراد أن هذا أثر الإيصال وعلامته وإلا فالإيصال أن يتعلق معنى الفعل بما يليه كما تعلق المرور بزيد كما أشار الشارح فيما سيأتي بقوله : أو لأن أثرها فيما يليه الجر. (ك).

(٥) إشارة إلى تفسير الإفضاء بالإيصال يعني أنه يصح أن يفسر الإفضاء بالإيصال فإن. (أيوبي).

(٦) قوله : (والظرف والجار) نحو : قولك : زيد عندك في الدار لإكرامك فاللام في إكرامك يعدى الظرف إلى إكرامك وهو في الحقيقة معد للفعل المقادر أو شبهه ؛ لأن التقدير شبهة جاز أن يقال أن الجار معدى للظرف.

(٧) وإنما قال : (ما يليه) ولم يقل إلى اسم يليه ليتناول قوله تعالى : (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ)[التوبة : ١١٨] فإن المضاف إليه هاهنا هو الفعل وإن كان في تقدير الاسم. (رضي).


وسميت (١) هذه الحروف حروف الإضافة أيضا ؛ لأنها تضيف الفعل أو معناه إلى ما يليه ، وحروف الجر ؛ لأنها تجر معاني الأفعال إلى ما يليه ، أو لأن أثرها فيما يليه (٢) الجر.

(وهي) (٣) أي : حروف الجر (من ، وإلى ، وحتى ، وفي) ذكر هذه الحروف على سبيل الحكاية (٤) ؛ لأنها ليس لها أسماء خاصة (٥) يعبر بها عنها (والباء واللام) ذكرهما باسميها لوجودهما ، وكذلك ذكر الواو والتاء والكاف بأسمائها حيث وجدت بخلاف ما بقي منها.

(ورب واوها) أي : الواو التي تقدر بعدها (رب) وفي عدها (٦) من حروف الجر تسامح (٧).

(واو القسم وتاؤه وباؤه وعن وعلى والكاف ومذ ومنذ وحاشا وعدا وخلا) فالعشرة الأول لا تكون إلا حروفا والخمسة التي تليها تكون حروفا وأسماء (٨) والثلاثة

__________________

(١) قوله : (وسميت هذه الحروف) قدمها على بيان وجه التسمية بحروف وإن كان الظاهر يقتضي تأخيرها ؛ لأن العلم بالاسم أهم بالنسبة إلى المتعلم في العلم بوجه التسمية. (حاشية).

(٢) فالجر اسم للإعراب المخصوص اصطلاحا كما في قولهم : (حروف النصب وحروف الجزم. (لاري).

(٣) هذا إشارة إلى عدها وهي ثمانية عشر على ما ذكر. (أمير).

(٤) الحكاية تبدل الشيء من موضع إلى موضع آخر بغير تبدل هيئته وصفته. (لمحرره).

(٥) بل الاسم الذي يعبر عنها إنما هو عام لغيره لحرف الجر وحرف الإضافة. (فاضل أمير).

(٦) قوله : (وفي عدها) أي : على مذهب سيبويه وإما على مذهب الأخفش والكوفيين فهي بمعنى رب جارة بنفسها. (س).

(٧) فإنها لاستلزامها تقدير حرف مطرد وعدم ظهورهما بعدها كأنها الجارة فالمراد من حروف الجر أعم من أن يكون جارة بنفسها أو باستلزامها إياها. (ك).

ـ قوله : (تسامح) ولذا لم يجمع واو القسم معها كما جمع باؤه مع الباءات فرقا بين العدد مسامحة والمعدود حقيقة والأظهر أنه اختار مذهب الكوفيين لم يجمعها مع واو القسم للتصريح بأنها جاره عنده ولذا لم يذكر التأويل مع أن رب مفسر بعدها أيضا ولا يضمر بدون هذه الحروف الثلاثة في الشعر أيضا إلا شاذا. (عصام).

(٨) يعلم ذلك بدخول من على عن وعلى نحو : من عن يميني أي : من جانب يميني ومن عليه أي : من فوقه. (محرره).


البواقي تكون حروفا (١) وأفعالا.

(ف : (من) للابتداء) أي : لابتداء الغاية (٢).

والمراد بالغاية المسافة إطلاقا (٣) لاسم الجزء على الكل ؛ إذ لا معنى لابتداء النهاية.

وقيل : كثيرا (٤) ما يطلقون الغيبة ويريدون بها الغرض والمقصود.

فالمراد بها الفعل ؛ لأنه غرض الفاعل ومقصوده.

وهذا الابتداء إما من المكان نحو : (سرت من البصرة) أو من (٥) الزمان ، نحو : (صمت من يوم الجمعة).

وعلامة (من) الابتدائية صحة إيراد (إلى) أو ما يفيد فائدتها في مقابلتها نحو : (سرت من البصرة إلى الكوفة) ونحو : (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) (٦) لأن معنى

__________________

(١) لأنه إذا جررت بها ما حرفا جارة وإن نصبت تكون أفعالا. (علي رضا).

(٢) وفي القاموس المسافة البعد فليست المسافة مختصة بالمكان على ما وهم فاعترض بأن تفسير الغاية بالمسافة توجب أن يكون استعمالها في الزمان مجازا وهو خلاف ما صرح به الشارح. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (إطلاقا لاسم الجزء على الكل) يعني أن النهاية جزء للمسافة كالابتداء فأطلق الغاية وأريد المسافة إذا الابتداء لا يكون للانتهاء وإنما هو للمسافة مثلا إذا قلنا سرت من البصرة يكون ابتداء السير من أول المسافة إلى آخرها لا من أول آخر المسافة وهو وارد على الحكاية. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (وكثيرا ما يطلقون الغاية) أي : يستعمل العلماء لفظ الغاية الذي هو يطلق في اصطلاحهم للفائدة المرتبة على الشيء بمعنى الفرض وهو ما لأجله أقدم الفاعل على الفعل وبمعنى المقصود مطلقا فالمراد بالغاية الفعل لعلاقة أنه قد يكون غرضا ومقصودا به كما إذا كان مختارا وليس المراد بالغاية هاهنا الغرض حتى يلزم اختصاص من الابتدائية بالأفعال الاختيارية ولا يصح على القدر من أول النهار إلى آخره على ما وهم. (سيالكوني).

(٥) قوله : (أو من الزمان) اختيار لمذهب الكوفيين من أن من الابتدائية تستعمل في الزمان على الحقيقة ؛ لأنه الظاهر الكثير وقال البصريون أنها للابتداء في غير الزمان سواء أكان المجرور بها مكانا أو غيره نحو : هذا الكتاب من زيد إلى عمرو.

(٦) في الصراح لجأ بفتحتين بناه كرفتن يقال لجأت والتجأت وعدت به ولجأت إليه بمعنى فالباء هنا بمعنى إلى. (سيالكوني).


أعوذ به (١) : ألتجئ إليه.

(والتبين) بالجر (٢) عطفا على الابتداء ، أي : ويجيء (٣) (من) للتبين أيضا أي : لإظهار المقصود من أمر مبهم.

وعلامته (٤) صحة (٥) وضع الموصول في موضعه ، مثل : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠] فإنك لو قلت : (فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان) استقام المعنى.

(والتبعيض) أي : وقد يجئ (٦) (من) للتبعيض. وعلامته صحة وضع (بعض) مكانه نحو : (أخذت منه الدراهم) أي : بعض الدراهم.

(وزائدة) عطف على قوله للابتداء) فإنه مرفوع بالخبرية.

وزيادتها لا تكون إلا (في غير) (٧) الكلام (الموجب) نحو : (ما جاءني من أحد)(٨) و (هل جاءك من أحد) و (لا تضرب من أحد) (خلافا للكوفيين والأخفش) فإنهم يجوزون زيادتها في المجيب أيضا مستدلين بقولهم : (قد كان من مطر) فأجاب عن

__________________

(١) فحينئذ يفيد أن ابتداء التجائي وفراري من الشيطان وانتهائي إلى ربي. (أيوبي).

(٢) قوله : (بالجر عطفا) أشار بذلك إلى أن ما وقع في بعض النسخ وللتبيين بإعادة الجر غلط أو لا معنى لإعادة الجار هاهنا وتركه في قوله : للتبعيض. (س).

(٣) قوله : (ويجيء) لما كان دخول المعنيين تحت جار وأحد موهما لكون المجموع معنى من أزال ذلك الوهم بالتعبير المذكور وأفاد بلفظ يجيء إلى أن مجيئه للتبيين محقق سواء كان موضوعا له كما هو مذهب الجمهور أو راجعا إلى معنى الابتداء كما ذهب إليه الزمخشري. (حكيم).

(٤) أي : علامة اللفظية ، وأما المعنوية فتعلم من قوله : (لإظهار المقصود ... إلخ).

(٥) قوله : (صحة وضع الموصول في موضعه) بدون تفسير كما في الآية أو مع تفسير كما في قولهم : (قد كان من مطر إذا كانت من بيانية أي : الشيء الذي هو المطر. (حاشية).

(٦) قوله : (وقد يجيء) أشارا إلى أن مجيئه للتبعيض قليل بالنسبة إلى المعنيين السابقين وإلى أنه يجوز أن يكون موضعا له وأن يكون راجعا إلى الابتداء كما ذهب إليه المبرد وعبد القاهر والزمخشري ؛ لأن الدراهم في قولك : أخذت من الدراهم مبدأ الأفضل. (حكيم).

(٧) وقوله : (غير الموجب) سواء كان نفيا أو نهيا أو استفهام نحوها ما شيخ حلبي جاءني من أحد ولا تضرب من أحد وهل جاءني أحد أي : ما جاء في أحد ولا تضرب وهل جاءني أحد.

(٨) والدليل على زيادتها دخولها على ما يوصل الفعل إليه أعني الفاعل.


استدلالهم بقوله : (وقد (١) كان من مطر وشبهه) مما يتوهم منه زيادة (من) في الكلام الموجب (متأول) بكونها للتبعيض أو التبيين أي : قد كان بعض مطر ، أو شيء من مطر، أو هو وارد (٢) على الحكاية كأن قائلا قال هل كان مطر؟ فأجاب بأنه قد كان من مطر.

(وإلى للانتهاء) أي : لانتهاء الغاية

فهي بهذا المعنى مقابلة ل : (من) سواء كان في المكان ، نحو : (خرجت إلى السوق) أو الزمان ، نحو : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) أو غيرهما نحو : (قلبي إليك).

فإن قلت (٣) : المخاطب منته إليه ، باعتبار الشوق والميل.

(وبمعنى (مع) قليلا) كقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء: ٢] أي : مع أموالكم.

(وحتى) كذلك) أي : مثل : (إلى) في كونها لانتهاء الغاية (٤) (وبمعنى مع كثيرا)

__________________

(١) ويكون قد من قوله : (قد كان من مطر) للنفي بأنها موضوعة لتقريب الماضي إلى أنه فإذا كانت كذلك يكون قد نافية إلى زمان الماضي فشابهت حرف النفي بذلك فكان الكلام غير موجب ولهذا جعل صاحب الضوء الفعل الماضي المثبت الواقع موقع الحال محرفا عن نهج الحال وأجرى عليها أحكام المنفى. (محرره).

(٢) قوله : (وهو وارد على الحكاية) فالمراد يكون في كلام غير موجب كونه في الحال وفي الأصل. (عصام).

(٣) فإن قلت : المخاطب الظاهر فإن قلب المتكلم منتهى إليك وغاية التكلف أن يقرأ المخاطب على صيغة اسم الفاعل وضمير الغيبة قائم مقام الخطاب. (محشي فاضل).

(٤) الغاية حد الشيء ونهايته التي ينتهي بها يعني أنها وضعت ؛ لأن تدل على أن ما بعدها غاية ونهاية لما قبلها كأني وأن كانت بينهما فرق من حيث أن حتى يجب أن يكون الغاية بعدها مما ينتهي به المعنى سواء كان الجزء الأخير مما قبلها نحو : بأنها أو ملاقياه نحو : نمت البارحة حتى الصباح فلا يجوز حتى نصفتها وأن إلى ليس كذلك فيجوز إلى نصفها وإلى ثلثها ولكن وقع الخلاف في دخول ما بعدها فيما قبلها فذهب الجمهور إلى عدم الدخول إذ هو الأصل واختاره فخر الإسلام ومن تبعه وذهب عبد القاهر والزمخشري وعامة المتأخرين إلى الدخول نظرا إلى الغرض من الفعل المتعدي بحتى وهو انقضاء الشيء الذي تعلق به شيئا فشيئا إلى أن يأتي على جميعه وذا لا يتحقق بدون الدخول وذهب الفراء والسيرافي إلى القول بدخول الجزء دون الملاقي فعلى الأول لم يأكل الرأس ولم ينم الصباح وعلى الثاني أكل الرأس وينام الصباح وعلى الثالث أكل الرأس ولم ينر الصباح. (رجائي وشرح ابن مالك).


ولم يكتف في كونها بمعنى (مع) تشبيها ب : (إلى كما اكتفى في كونها ؛ لانتهاء الغاية للتفاوت الواقع بينهما بالقلة والكثرة.

(وتختص) أي : (حتى) (١) (بالظاهر) (٢) أي : بالاسم الظاهر ، فلا يقال : (حتاه) كما يقال (إليه) لأنها لو دخلت على المضمر لالتبس الضمير (٣) المجرور بالمنصوب (٤) لجواز وقوعه بعدها ، أي : بعد (حتى).

(خلافا للمبرد) فإنه جوز دخوله على المضمر مستدلا بما وقع في بعض أشعار العرب على سبيل الندرة (٥).

والجمهور يحكمون بشذوذه فلا يجوزونه قياسا.

(وفي للظرفية) (٦) أي (٧) : لظرفية مدخوله لشيء حقيقة نحو : (الماء في الكوز) أو مجازا نحو : (النحاة (٨) في الصدق).

__________________

(١) قوله : (أي حتى) أي : الجارة وإذا كانت عاطفة جاز دخولها على المضمر نحو : جاءني القوم حتى أنت ورأيت القوم حتى إياك ومررت بالقوم حتى بك. (رضي).

(٢) بخلاف إلى ؛ لأنها تدخل على المضمر والظاهر نحو : قرب زيد إلى عمرو وإليك. (لمحرره).

(٣) فإن حتى يجيء للعطف ويقع بعدها المرفوع والمنصوب والمجرور فيقع الاقتباس. (تقرير).

(٤) مع تخالفهما في المعنى وإن المنصوب يجب دخوله فيما قبله لكونه بعد حتى العاطفة بخلاف المجرور وهذا الالتباس فيما إذا تقدم ذو الأجزاء لفظا نحو : فلا وإليه لا يلقى أناس محتاجة لك يا أبا زيد ورده صاحب المغنى بأن قال في العاطفة حتى إياك بالفصل ؛ لأن الضمير لا يتصل إلى بعامله وفي الجارة حتاك بالوصل كما في البيت فلا التباس والجواب في السيالكوني. (لمحرره).

(٥) الفرق بين الشاذ والنادر أن الشاذ هو الذي يكون على خلاف القياس وإن كان كثيرا أو النادر هو الذي يكون وجوده قليلا لكنه على القياس. (لمحرره).

(٦) أي : الحلول شيء في غيره نحو : أجلس فلي الدار والمال في الكيس والحلاوة في العسل والسخاوة في خاتم والشجاعة في على رضي‌الله‌عنه. (خبيصي).

(٧) ولما كان الظرفية أمرا نسبيا بين الظرف والمظروف وكان لتلك الكلمة متعلقا ومدخولا أراد أن يبين تعين الطرفين فقال أي : لظرفية. (أيوبي).

(٨) كان الصدق محيط بها من جميع الجوانب بحيث لا يخرج منها شيء كالظرف بالمظروف. (سيالكوني).


(وبمعنى على قليلا) كقوله تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] أي (١) : على جذوع النخل (٢)

(والباء للإلصاق) (٣) أي لإفادة لصوق أمر إلى مجرور الباء هذه (٤) ، كما ترى في : (مررت بزيد) فإن الباء فيه يفيد لصوق مرورك بزيد أي : بمكان يقرب منه.

(والمصاحبة) نحو : اشتريت الفرس بسرجه أي : مع سرجه فمعناه مصاحبة السرج واشتراكه مع الفرس في الاشتراء (٥) ولا يلزم أن يكون السرج حال اشتراء الفرس ملصقا به فالإلصاق يستلزم (٦) المصاحبة من غير عكس.

(والمقابلة) أي : لإفادة وقوع مجروره في مقابلة شيء آخر نحو : (بعت هذا بذاك).

(والتعدية) أي : جعل (٧) الفعل اللازم متعديا لتضمنه معنى التصيير ، بإدخال الباء

__________________

(١) وإنما حكم بأنها بمعنى على لما في الكلام من الاستعلاء والموضوع صالح لهما على حسب ما يقصده المتكلم منها معنى الظرفية والاستعلاء. (وجيه الدين).

(٢) الأولى أنها بمعنى الظرفية لتمكن المصلوب في الجذوع تمكن المظروف في الظرف. (رضي).

(٣) أي : لإلصاق الفعل بالمجرور حقيقية نحو : به أي : التصق به أو مجازا نحو : مررت بزيد أي : التصق مروري بموضع بقرب منه. (موشح).

(٤) جملة مستأنفة لبيان مغايرة الإلصاق للإيصال الذي هو مشترك بين جميع حروف الجر. (سيالكوني).

(٥) هذا إشارة إلى مادة الاجتماع ؛ لأن بين الإلصاق والمصاحبة عموما وخصوصا مطلقا. (لمحرره).

(٦) فيه بحيث لجواز أن يكون اشتراء الفرس في مكان بقرب من السرج ولا يصاحب السرج انغرس الفرس في الاشتراء. (عصام).

(٧) أي : جعل المتكلم الفعل اللازم متعديا والتعدية التي هي مدلول الباء صفة المتكلم. (حكيم).

ـ وهاهنا دقيقة يبغى أن يليه عليها وهي إن شيئا من حروف الجر لا يغير معنى الفعل سوى الباء فإنه يعبره في بعض المواضع نحو : ذهبت بزيد بخلاف قولك : مررت ثم من أن الذي يغير الباء معناه يجب فيه عند المبرد الفاعل للمفعول ؛ لأن باء التعدية عبده بمعنى منع وقال سيبويه أن الباء في مثله كالهمزة والتضعيف فمعنى ذهب أو هبته فيجوز لمصاحبة وعدمه وأما في الهمزة والتضعيف فلا بد من التغير خذ هذا فليكن عندك من ودائعنا والحمد لله رب العالمين. (لمحرره رضا).


على فاعله ، فإن معنى (ذهب يزيد) صدور الذهاب عنه ، ومعنى (ذهبت بزيد) صيرته ذاهبا.

والتعدية (١) بهذا المعنى مختص بالباء ، وأما التعدية بمعنى إيصال الفعل إلى معموله بواسطة (٢) حرف الجر ، فالحروف الجارة كلها فيها سواء ، لا اختصاص لها بحرف دون حرف (٣).

(والظرفية) نحو : (جلست بالمسجد) أي : في المسجد.

(وزائدة في الخبر في الاستفهام) ب : (هل) لا مطلقا نحو : (هل زيد بقائم؟) فلا يقال : أزيد بقائم؟

(والنفي) بليس ، نحو : ليس زيد براكب ، وب (ما) (٤) نحو : (ما زيد براكب) فهي تزاد في الخبر في هذه الصور (٥) (قياسا وفي غيره) (٦) أي : غير الخبر الواقع في الاستفهام والنفي (سماعا) سواء لم يكن خبرا نحو : (بحسبك زيد) (٧) ، و (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الفتح : ٢٨] و (ألقى بيده) (٨) أي : حسبك زيد ، وكفى بالله شهيدا ، وألقى يده.

__________________

(١) قوله : (والتعدية بهذا المعنى مختصة بالباء) وما وقع في عبارة الصرفيين أن تعدية اللازم بحرف الجر في الكل في الثلاثي المجرد وغيره فمخصوص بالباء. (عصام).

(٢) معناه في وقت الاستفهام أي : في جملة الاستفهام ظرف لزائدة بعد تعلق في الخبرية. (ك).

(٣) تعريض للمصنف بأنه ما كان له أن يطلق الاستفهام والنفي. (حاشية).

(٤) قوله : (وبما خص النفي) ليس وما ؛ لأن زيادتها لم تثبت في أن النافية واختلف في لا التربية نحو : لا خير بخير بعدة النار فقيل الباء زائدة وقيل أنها بمعنى في الظاهر من كلامه لا فرق بين ما الحجازية وهو المتفق عليه وبين ما التميمية وهو المختلف فيه مذهب الفارسي والزمخشري إلى أنها لا تزاد في خبرها وجوزه غيرهما. (سيالكوني).

(٥) قوله : (في هذه الصور) يعني في الاستفهام بهل وفي النفي بليس وبما. (محرم).

(٦) وتزاد قياسا في مفعول علمت وعرفت ورأيت وسمعت وتبينت وحسبت. (رضي).

(٧) زيادة الباء في بحسبك وفاعل كفى وتصرفاته وفي فاعل فعل التعجب على مذهب سيبويه قياسا ولا منافاة ؛ لأن زيادتها من حيث النظر إلى خصوصية لفظ حسبك وكفى سماع ومن حيث النظر إلى عموم مواقع حسبك وفاعل كفى قياس وكذا الحال في أفعال القلوب التي مرت. (سيالكوني).

(٨) قوله : (وألقى بيده) أي : نفسه ولو كان المراد به نفسه سبب يده لم تكن الباء زائدة. (حكيم). ـ


أو كان خبرا ولكن لا في الاستفهام والنفي ، نحو : حسبك بزيد.

(واللام (١) للاختصاص) (٢) بملكية (٣) نحو : (المال لزيد) وبلا ملكية نحو : (الجل للفرس).

(والتعليل) أي : لبيان علة (٤) شيء ذهنا نحو : (ضربت للتأديب) (٥) أو خارجا نحو : (خرجت لمخافتك) (٦).

(وبمعنى (عن) مع القول) (٧) نحو : (قلت لزيد إنه لم يفعل إنه لم يفعل الشر ، أي: قلت : عنه (٨) وزائدة نحو : (رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢](٩) أي : ردفكم.

__________________

والباء زائدة والضمير مضاف إليه ليد راجع إلى المستكن في ألقى والمعنى ألقى يده أي : نفسه كما في الهند وقال العصام في الشرح من قبيل ذكر الجزء وإرادة الكل كقوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)[المسد : ١] ومنه قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة : ١٩٥] أي : ولا تلقوا أنفسكم إلى التهلكة. (خلاصة خوافي).

(١) قوله : (واللام) هذا اللام مكسورة مع كل ظاهر إلا مع المستغاث المباشر ليا ومفتوحة مع كل مضمر إلا مع ياء المتكلم. (حكيم).

(٢) قوله : (للاختصاص) أي : الحصر كما ذهب إليه البعض والارتباط والمناسبة كما هو التحقيق ويؤيده عدم عدهم اللام من طرق القصر وكثرة استعماله في مواقع لا حصر فيها وإليه يشير تعميم الشارح. (سيالكوني).

(٣) قوله : (بملكية) إشارة إلى أن ما ذكروه من معاني اللام من الملك والاستحقاق كلها داخلة في الاختصاص. (حاشية ك).

(٤) لعله أنه أراد الغاية وهو ما تقدم في التصور وتأخر في الوجود ؛ لأن المتكلم قصد حصول التأديب أولا ثم ضرب ولان التأديب غير موجود في الخارج قبل الضرب ؛ لأن وجوده بعد الضرب. (علي المرتضي).

ـ وهي العلة الفائية. (وجيه).

(٥) قوله : (ضربت للتأديب) فإن التأديب صلة غائية للضرب متقدمة عليه في الذهن متأخرة عند في الخارج مترتبة عليه والفرق بين الضرب والتأديب بالاعتبار فإنه من حيث أنه فعل يؤلم ضرب ومن حيث أنه يترتب عليه الأثر عند ما لا ينبغي تأديب فهو قولهم : رماه فقتله. (س).

(٦) فإن المخافة مقدمة في الوجود على الخروج حاملة. (عبد الحكيم).

(٧) كقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا)[العنكبوت : ١٢] أي : عن الذين آمنوا.

(٨) ولو كان اللام بمعناه كان زيد مخاطب القول فوجب أن يقول أنت لم تفعل الشر. (حاشية).

(٩) وآخره : (بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ)[النمل : ٧٢] أي : ردفكم ، والردف التابعه أي : قرب أن يلحقكم بعض العذاب في الدنيا. (خبيصي).


(وبمعنى الواو (١) في القسم للتعجب) نحو : لله لا يؤخر الأجل (٢).

وإنما يستعمل في الأمور العظام فلا يقال : لله لقد طار الذباب.

(وربّ للتقليل) (٣) أي : لإنشاء التقليل (و) لهذا وجب (لها صدر الكلام) كما أن (كم) وجب لها صدر الكلام لكونها لإنشاء التكثير.

(مختصة بنكرة) (٤) لعدم احتياجها إلى معرفة.

(موصوفة) (٥) ليتحقق التقليل الذي هو مدلول (رب) لأنه إذا وصف (٦) الشيء صار أخص وأقل مما لم يوصف.

واشتراط (٧) كونها موصوفة إنما هو (على) المذهب (الأصح) وهذا مذهب أبي علي ومن وافقه.

وقليل : لا يجب ذلك.

وهذا الذي ذكره من التقليل أصلها ، ثم يستعمل (٨) في معنى التكثير كالحقيقة وفي

__________________

(١) قوله : (وبمعنى الواو) في القسم لم يقل بمعنى الباء في القسم مع أن الياء أصل تنبيها على أنه كواو القسم لا كبائه. (عصام).

(٢) وإنما لم يقل والله لإظهار أن مراده بالإتيان هو التعجب. أيوبي.

(٣) قوله : (ورب للتقليل) فيه ست عشر لغة ضم الراء وفتحها وكلاهما مع التشديد والتخفيف فالأوجه الأربعة مع تاء التأنيث ساكنة أو متحركة ومع التجرد منها فهذه اثنتا عشرة والضم والفتح مع إسكان الباء وضم الحرفين مع التشديد والتخفيف كذا في المعنى. (عبد الحكيم).

(٤) لامتناع التقليل في شيء واحد فلا بد من أن يكون بعد خبر ليتصور فيه التقليل. (خبيصي).

(٥) ظاهرة كانت تلك النكرة أو مضمرة نحو : رب رجل لقيته ورب رجل. (لمحرره).

(٦) قوله : (لأنه إذا وصف الشيء) الظاهر أن المراد بالتقليل هو هذا الموصوف والذي يظهر من كلامهم أنه وصفها لتقليل نوع من الجنس فوجب وقوع النكرة لحصول معنى الجنس ووصف النكرة ليحصل النوع. شرح المفصل للمصنف.

(٧) قوله : (واشتراط) كونها إشارة إلى أن قوله : (على الأصح) قيد لقوله : (موصوفة) لا النكرة أيضا ؛ لأن اختصهاصها بالنكرة متفق عليه. (سيالكوني).

(٨) يعني : أن رب وضع في الأصل المعنى التقليل ثم استعماله مجازا في معنى التكثير فصار كالحقيقة في إفادته ذلك المعنى بلا قرينة وقل استعماله في معناه الحقيقي وهو التقليل فصار كالمجاز في إفادة ذلك المعنى بقريبة. (وافية).


التقليل كالمجاز المحتاج إلى القرينة.

(وفعلها) أي : فعل (رب) يعني الذي تعلق به (رب) (ماض) لأنها للتقليل المحقق ، ولا يتصور ذلك إلا في الماضي ، نحو : (رب رجل كريم لقيته) أو : (رب رجل كريم لم أفارقه) (١).

(محذوف) أي : ذلك الفعل الماضي.

(غالبا) أي : في غالب الاستعمالات (٢) ، لوجود (٣) القرائن نحو : (رب رجل كريم) أي : لقيته.

(وقد تدخل) أي : رب) على مضمر مبهم لا مرجع له (٤) (مميز بنكرة منصوبة) على التمييز (والضمير مفرد) وان كان المميز مثنى أو مجموعا (مذكر) (٥) وأن كان المميز مؤنثا ، نحو : (ربه رجلا أو رجلين ، أو رجالا ، أو امرأة ، أو امرأتين (٦) ، أو نساء).

خلافا للكوفيين في مطابقة التمييز في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، فإنهم يقولون : (ربه رجلا ، وربهما رجلين ، وربهم رجالا وربها امرأة وربهما امرأتين ، وربهن نساء).

__________________

(١) فإن كلمة لم تقلب معنى المضارع ماضيا فيكون لم أفارقه ماضيا معنى. (أمير).

ـ قوله : (لم أفارقه) إشارة إلى أن التقليل المحقق متصور في المضارع المنفى بلم ولما لدلالته على الماضي. (لمحرره).

(٢) وإنما قيد الحدف بالغالب ؛ لأنه قد يظهر بجورب رجل كريم اجتمعت. به أمير.

(٣) لأن رب جار والجار تدل على حذف الفعل كما في بسم الله الرحمن الرحيم. (غجدواني).

(٤) قوله : (لا مرجع له) عند البصريين وإذا كان له مرجع لما احتاج إلى التمييز خلافا للكوفيين فإنهم قالوا إن الضمير راجع إلى مذكور كأن قائلا قال هل من رجل كريم فقيل له ربه رجلا وإنما احتاج إلى التمييز لعدم كون المرجع مذكورا في هذا الكلام. (س).

(٥) قوله : (مفرد مذكر) لأنه أشدا بها ما من غيره والقصد بهذا الضمير الإبهام فما كان أشد كان أنسب مع أمن اللبس بالتمييز. (عبد الحكيم).

(٦) مثال لكونه مذكرا على تقدير تأنيث الضمير وكونها داخلة على ذلك الضمير المبهم متفق عليه لكن الضمير المذكور غير مطابق لمميزه مختلف فيه فما ذكره المصنف بقوله : (مفرد مذكر يعني أنه غير مطابق مذهب البصريين. (أيوبي).


(وتلحقها) أي : (رب) (ما) الكافة أي : المانعة عن العمل (فتدخل) بعد لحوق (ما) زائدة (فتدخل) بعد لحوق ما (على الجملة) (١) نحو : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] وقد تكون ما زائدة فتدخل على الاسم ، وتجر نحو : ربما ضربة بسيف صقيل (٢) بين بصرى وطعنة نجلاء.

(وواوها) أي : واو (رب) (٣) في حكمها (تدخل على نكرة موصوفة) مثل :

وبلدة ليس بها أنيس (٤)

إلا اليعافير (٥) وإلا العيس

وهذه الواو للعطف عند سيبويه وليست بجارة.

فإن لم تكن في أول الكلام فكونها للعطف ظاهر ، وإن كانت (٦) في أوله فيقدر له معطوف عليه.

__________________

(١) أي : قصد تعليل النسبة المفهومة عن الحمل نحو : رب ما قام زيد ورب ما زيد قائم ولا تقول رب يقوم زيد؛ لأن رب للزمان الماضي وأما قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) فهو بمنزلة المضي لصدق العبد ونحققه فكلمة يود بمنزلة ود. (فاضل أمير).

(٢) فالصيقل بمعنى المفعول من صيقله أي : جلاه وبين بصرى أي : بين أمكنة بصرى بالضم والسكون هاهنا قرية بالشام وإنما قيدنا أمكنة ؛ لأن بين لا يضاف إلا إلى المتعدد والعفن الضرب ونحلا وبالنون والجيم مؤنث بخل ومع الحرب بالنسيان وتقديره رب طعنة بخلا وبين الصرف فإن المعطوف والمعطوف عليه يشتركان في القيد والمعنى باستغاثة البيت الآتي أبتليت بصر بات على بالسيف والرمح في بصرى الشام.

(٣) وهي الواو التي تبتدأ بها في أول الكلام معنى رب ولماذا تدخل على النكرة الموصوفة ويحتاج إلى جواب مذكور أو محذوف ماض. فاضل الأمير.

(٤) الأنيس : الديك ويعافير جمع يفوب وهو ولد الظبي وولد البقر الوحش والمعنى رب بلدة صارت خرابا بحيث لا يوطن فيها أحد أو ديك أو موانيس إلا هذان فقوله : (اليعافير) مرفوع بدل من أنيس وجاز نصبه على الاستثناء. شرح أبيات.

(٥) اليعافير جمع يعفور وهو حمار الوحشي والعيس جمع أعيس وهو الظبي الأحمر والاستثناء.

منقطع لان الألسن بمعنى الإنسان فاليعافير ليس من جنس الإنسان كان حقه فإن ينصبه لما مر في الاستثناء المنقطع وقيل إذا الأنيس براد به ما يؤانس به وهو أعم من أن يكون إنسانا أو غيره فاليعافير داخلة في الإنس فالاستثناء يكون متصلا في الكلام المنفي فيرتفع على البدل كما هو الأفصح. والله أعلم.

(٦) قوله : (وإن كانت في أوله) فإن لم يكن قبلها ما يصلح لعطف عليه سواء كان قبلها كلام أو لا. (سيالكوني).


وعند الكوفيين أنها حرف عطف ثم صارت قائمة مقام (رب) جارة بنفسها لصيرورتها (١) بمعنى (رب) فلا يقدرون له معطوفا عليه ؛ لأنه ذلك (٢) تعسف.

(وواو القسم إنما تكون عند (٣) حذف الفعل) أي : فعل القسم ، فلا يقال : (أقسمت والله) وذلك لكثرة استعمالها في القسم فهي أكثر استعمالا من أصلها ، أعني : الباء.

(لغير السؤال) يعني : لا تستعمل الواو في السؤال ، فلا يقال : والله أخبرني؟ كما يقال : بالله أخبرني؟ حطا للواو عن درجة الباء.

(مختصة بالظاهر) يعني : الواو مختصة بالاسم الظاهر ، سواء كان الاسم الظاهر اسم الله غيره فلا يقال : وك : لأفعلن ، مثلا بل يقال : (والله ، أو رب الكعبة) وذلك الاختصاص أيضا لحط رتبته (٤) عن رتبة الأصل ـ وهو الباء ـ بتخصيصه بأحد القسمين ، وخص الظاهر لأصالته (٥).

__________________

(١) قوله : (لصيرورتها) بمعنى رب بدليل أنه لا يجوز إظهار بي بعدها كما جار بعد إلغاء وبل ومع ذلك لا يجوز دخول حرف العطف عليها في وسط الكلام اعتبار الأصل بخلاف واو القسم فإنها لم تكن في الأصل واو العطف فلذلك حاز دخول حرف العطف عليها نحو : فو الله والله ثم والله. شيخ الرضي.

(٢) قوله : (لأن ذلك تعسف) أي : تقدير المعطوف عليه تعسف فإن قلت : وجوب ارتكاب الفاء وبل ليسهل ذلك ويخرج عن كونه تعسفا قلنا إن هذه الواو كانت حرف عطف قياس على الفاء وبل لكنها صارت بمعنى رب مجردة كما تجرد لو كانت للعطف جاز إظهار رب بعدها كما جاز بعد إلقاء فظهر الفرق بينهما فالتعسف باق. (وجيه الدين).

(٣) أي : لا يكون عند حذف الفعل ولا يكون إلا لغير السؤال وليس أحدهما متعلقا بيكون والآخر خبر الفساد المعنى فافهم. (عصام).

(٤) قوله : (لحط رتبته) عن رتبة الأصل وإنما كان الأصل هو الباء ؛ لأن تعلق الفعل بالمقسم به الصافي والباء هي الثابتة للإلصاق في غير هذا الباب ولم يأت التاء والواو إلا في هذا الباب وعوضت الواو عنها لاتحادهما فخرجا ؛ لأنهما شفويان وقربهما معنى ؛ لأن الإلصاق قريب من الجمع الذي الواو له وأبدلت التاء عن الواو ولقرب مخرجهما أيضا ؛ لأن الواو من الشفة والتاء من طرف اللسان وأصول الأسنان. (وجيه الدين).

(٥) فإن الضمير فرع الظاهر عبر عنه به للاختصاص والأصل أولى بالاستعمال. (عبد الحكيم).


(والتاء (١) مثلها) ي : مثل : الواو في اشتراطها (٢) بحذف الفعل وكونها لغير السؤال (مختصة باسم الله) من الأسماء الظاهرة حطا لمرتبتها عن مرتبة أصلها الذي هو الواو بتخصيصها ببعض المظهر ، وخص منه (٣) ما هو أصل في باب القسم وهو اسم الله تعالى.

(والباء أعم منهما) أي : من الواو والتاء (في الجميع) أي : في جميع ما ذكر من حذف الفعل وكونهما لغير السؤال والدخول على المظهر مطلقا ، أو على اسم الله خاصة فهي كما تكون عند حذف الفعل تكون عند ذكره ، نحو : (بالله ، وأقسم بالله) وكما تكون لغير السؤال تكون للسؤال أيضا نحو : (بالله لأفعلن) و (بالله اجلس).

وكما تدخل على المظهر تدخل على المضمر ، نحو : (بالله لأفعلن) و (بك لأفعلنّ) وفي الدخول على المظهر لا تختص باسم الله خاصة ، نحو : (بالرحمن لأفعلن) بخلافهما فإنهما مختصان ببعض هذه (٤) الأمور ، كما عرفت.

فالمراد بالجميع (٥) : جميع ما ذكر من الأمور المختصة لا الاختصاص فلا يرد أنه لا يصح أن يقال : الباء توجد مع الاختصاص وبدونه لمكان التنافي.

__________________

(١) والتاء مبدلة من الواو وكما أبدلوها تاء في تراث وأصلها وارث. (خبيصي).

(٢) لم يقل اختصاصها بالظاهر وإن كان مثلها شاملا له أيضا لانفهامه من قوله : (مختصة باسم الله ففي إدخاله في مثلها تكرار. (سيالكوني).

(٣) كأنه قيل : لم لم يقل بالرحمن مثلا وخص باسم الله فأجاب بقوله : (وخص). (لمحرره).

(٤) وهو كون الواو عند حذف الفعل ولغير السؤال واختصاصها بالظاهر وكون التاء مثلها واختصاص باسم الله تعالى.

(٥) قوله : (فالمراد بالجميع) أشار بذلك إلى أن ما ذكره في حواشي الهندية من السؤال والجواب تقرير السؤال أن قوله : (في الجميع) يتناول الاختصاص المذكور أيضا ولا معنى لاعمية الباء حيث لا يصح أن يقال الياء توجد مع الاختصاص بالظاهر وبدونه تقرير الجواب أن المراد بالجميع ما ذكر من الأمور المخصوصة وهو حذف الفعل وكونها لغير السؤال إلى آخرها ذكر من حذف الفعل لا الاختصاص بالظاهر والاختصاص باسم الله تعالى حتى تجده السؤال. (وجيه الدين).

ـ قوله : (فالمراد) يعني : أن المذكور سابقا أربعة أحكام الاختصاص بالحذف والاختصاص بغير السؤال والاختصاص بالظاهر والاختصاص باسم الله تعالى وليس المراد بالجميع تلك الأحكام حتى يصير المعنى أن الباء أعم منهما في الاختصاص فيفيد أنها توجد مع الاختصاص وبدونه ـ


(ويتلقّى) (١) أي : يجاب (القسم) الذي لغير (٢) السؤال (باللام ، و (إن) وحرف النفي) (ما) أو (لا).

فاللام في الموجبة الاسمية نحو : (والله لزيد قائم) والفعلية (والله لأفعلن) كذا و (إن) فيها (٣) ، أي : في الاسمية ، نحو : (والله إن زيدا لقائم).

و (ما) و (لا) في المنفية اسمية كانت أو فعلية نحو : (والله ما زيد بقائم ، ويقوم زيد).

وقد يحذف حرف النفي (٤) لوجود القرينة كقوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] أي : لا تفتؤ (٥) تذكر.

وأما قسم السؤال فلا يتلقى إلا بما فيه من معنى الطلب ، نحو : (بالله أخبرني؟) و (بالله هل قام زيد؟).

(و) قد (يحذف جوابه) أي : جواب القسم (٦) (إذا اعترض) (٧).

__________________

ـ بل المراد جميع الأمور المحكوم باختصاصها وسعى أهميتها في الأمور المذكورة أنها لا تختص بوجودها ولا بعدمها بخلاف الواو والتاء فإنهما مختلفان.

ـ بوجودها فلا يردان الأهمية في الحذف مثلا تفيد كون حذف الفعل في الياء أكثر من حذفه فيها وهو فاسد. (عبد الحكيم).

(١) قوله : (ويتلقى القسم) في الصحاح تلقاه استقبله ومنه قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ)[البقرة: ٣٧] أي : استقبلها وفي الحديث نهى النبي عليه‌السلام عن تلقي الجلب أي : استقبال ما يجلب إلى البلد فالمعنى يستقبل القسم بكذا أي : يؤتي في جوابه اللام وأن. سيد الكوفي.

(٢) قوله : (لغير السؤال) إشارة إلى أن اللام في قوله : (القسم للعهد) أي : القسم المذكور سابقا بقوله : (لغير السؤال). (عبد الحكيم).

(٣) أي : كلاهما في الإثبات نحو : أن سعيكم لشتى في جواب والليل إذا يعشى. هندي.

(٤) أي : مع المضارع والماضي والجملة الاسمية. تسهيل.

(٥) قوله : (لا تفتؤ) قدر لأنه أكثر استعمالا في نفي المضارع والقرنية عدم صحة المعنى بدون لا. (حاشية).

(٦) أي : الجملة التي يؤتى لأجلها بالقسم كان القسم ويطلبها كالسؤال للجواب. (حاشية).

(٧) قوله : (إذا اعترض) يقال : اعترض أي : صار كالخشبة المعترضة في النهر كذا في الصحاح فالمعنى إذا صار كالخشبة المعترضة في النهر أي : متوسطا بين أجزاء الجملة فقوله : أي : وسط بيان لحامل المعنى وليس هذا من باب التنازع كما وهو ؛ لأن اعترض لازم. (عبد الحكيم).


أي : توسط (١) القسم بين أجزاء الجملة التي تدل على جواب القسم.

(أو تقدمه) أي : القسم (ما يدل عليه) أي : على جوابه نحو : (زيد والله قائم) و (زيد قائم والله) لاستغنائه عن الجواب في هاتين الصورتين لوجود ما يدل عليه.

والجملة (٢) المذكورة وإن كانت جوابا للقسم بحسب المعنى ، لكنه بحسب اللفظ لا يسمى إلا الدال على الجواب (٣) لا الجواب (٤) ولهذا لا يجب فيها علامة جواب القسم.

(و (عن) للمجاوزة) أي : لمجاوزة شيء وتعديته عن شيء آخر وذلك إما بزواله عن الشيء الثاني ووصوله إلى الثالث ، نحو : (رميت السهم عن القوس على إلى الصيد) أو بالوصول (٥) وحده نحو : (أخذت عنه العلم) (٦) أو بالزوال وحده (٧) نحو : (أديت عنه الدين).

(وعلى للاستعلاء) (٨).

__________________

(١) قوله : (أي : توسط) تنازع اعترض وتقدم ما يدل عليه فاعمل وحذف معمول اعترض وإليه أشار الشارح. (عصام الدين).

(٢) قوله : (والجملة المذكورة) استيناف يعني وإنما قلنا أن الجواب محذوف والمذكور عليه دال ولم يجعل المذكور جوابا ؛ لأن الجملة التي ذكرت ليست جوابا بحسب اللفظ والمعنى. (عبد الله أفندي).

ـ إذ القسم لا يتوسط ولا يتأخر.

(٣) لاقتضاء القسم الصدارة لكونه إنشاء فيستحق الصدارة لتوفر فهم السامع من أول الأمر على المقصود. وهبة وغيره.

(٤) قوله : (لا الجواب مجامعة) لا مع النفي والاستثناء قد تقع في تراكيب المصنفين للتنصيص على المقصود وإن لم تقع في كلام البلغاء الذين يستشهد بكلامهم نص عليه في المطول. (سيالكوني).

(٥) إشارة إلى الصورة الثانية وهي كونه واصلا إلى الثالث. (أيوبي).

(٦) فإن العلم وصل إلى زيد مثلا مع ثبوته في المأخذ عنه لكن لم يتصور معنى البعد هاهنا. مشكوة.

(٧) وهو الصورة الثالثة يعني أزال عنه سواء وصل أولا. (أيوبي).

(٨) الاستعلاء حقيقيا حسيا أو معنويا أو مجازيا لقوله تعالى : (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ)[المؤمنون : ٢٨] أي إذا ركبتم الفلك في الحقيقي الحسي وعليه دين وفلان علينا ـ


أي : لاستعلاء (١) شيء على شيء نحو : (زيد على السطح) و (عليه دين).

(وقد يكونان أي : عن ، وعلى (اسمين) (٢) يعلم ذلك (بدخول (٣) (من) عليهما) نحو : (من عن (٤) يميني) أي : من جانب يميني ، و (من عليه) أي : من فوقه(٥).

(والكاف للتشبيه) نحو : (زيد كالأسد) وزائدة نحو : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] إذا التقدير (٦) : ليس (٧) مثله شيء ، على بعض (٨) الوجوه.

__________________

ـ أمير في الحقيقي المعنوي ومررت عليه أي : جاوزته في المرور في المجازي لأنك جاورتك إياه كأنك صرت فوقه من كثرة السير. (خبيصي).

(١) فإن قيل : يرد عليه قوله تعالى : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)[النمل : ٧٩] فإنه ليس للاستعلاء ولا حقيقة ولا حكما أجيب بأنه المعنى الاعتماد والاستناد ففيه معنى الرفعة أيضا من حيث المعنى ؛ لأن المراد به الاعتماد على فضل الله تعالى وحفظه.

(٢) بمعنى جانب وفوق فيبنيان ح لكونهما على لفظ الحرفين ومناسبين لهما معنى فيلزم عن الإضافة بخلاف على. (سيالكوني).

(٣) إنما يتعين اهميتهما بدخول من عليهما ؛ لأن حرف الجر من خواص الأسماء. (وجيه).

(٤) نحو : جلست من عند ومنه قول الحماسي :

ولقد أرأني للرماح درية

من عن يميني مرة وأمامي

ـ والآخر غدت من عليه بعدما عطشها أي : من فوقه. (خبيصي).

(٥) وإنما فسر من عليه بقوله : (من فوقه ؛ لأن على إذا كان اسما يكون بمعنى الفوق. (لمحرره).

(٦) قوله : (إذا التقدير) ليس مثله شيء به قال الأكثرون إذا لو تقدر بزائدة صار المعنى ليس مثل مثله شيء فيلزم المال وهو إثبات المثل وإنما زيدت لتوكيد نفي المثل أن زيادة الحروف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا قال ابن ضيف و؛ لأنهم إذا بالغوا في نفي الفعل عن أحد قالوا مثلك لا يفعل كذا ومرادهم إنما هو النفي عن ذاته ؛ لأنهم إذا نفوه عمن هو على أخص أوصافه فقد نفوه والتفصيل في سيالكوني فارجع إليه إن كنت من أهل المراق. (عبد الحكيم).

(٧) لأن المقصود في أن يكون الشيء مثله لا نفي أن يكون شيء مثله بدليل سياق الكلام وهو قوله تعالى : (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)[الأنعام : ١٤]. (وجيه).

(٨) وإنما قال على بعض الوجوه ؛ لأن في هذه الآية ثلاثة أوجه أحدهما زيادة الكاف وثانيها زيادة المثل وثالثها عند زيادتهما. (وافية).

ـ فمنه مالا زيادة فيه شيء وهو أن نفي مثل المثل كتابة عن نفي المثل ؛ إذ لو وجد المثل لكان للمثل وهو الله تعالى ؛ لأن المماثلة من الجانبين وهذا وجه تلقاه الفحول بالقبول ورجحوه بأن الكناية أبلغ من التصريح وعدم الزيادة أحق بالترجيح. (عصام).


(وقد تكون) أي : الكاف (اسما) (١) بمعنى (مثل) ، نحو :

يضحكن عن المبرد (٢) المنهم

أي : عن أسنان مثل : البرد الذائب للطافته.

(وتختص) أي : الكاف (بالظاهر) أي : بالاسم الظاهر عند الجمهور ، فلا يقال: (كه) استغناء عنه (٣) بمثل ونحوه.

وقد تدخل في السعة على المرفوع نحو : (ما أنا كأنت) (خلافا للمبرد) فإنه أجاز ذلك مطلقا ، نظرا إلى ما جاء في بعض أشعارهم.

(ومذ ومنذ) للزمان الماضي أو الحاضر فهما (للابتداء في) الزمان (الماضي) يعني : إذا أريد بهما الزمان الماضي فالمراد أن مبدأ زمان الفعل المثبت أو المنفي هو ذلك الزمان الماضي الذي أريد بهما لا جميعه كما إذا قلت : سافرت من البلد مذ سنة كذا ، أو ما رأيت فلانا مذ سنة كذا ، بشرط أن تكون هذه السنة ماضية ، ألا تكون أنت فيها ، فإن معناه حينئذ : أن مبدأ مسافر عدم رؤيتي كان هذه السنة وامتد إلى الآن.

(والظرفية) عطف على الابتداء أي : وهما للظرفية المحضة من غير اعتبار معنى الابتداء في (الزمان الحاضر) أي : الذي اعتبرته حاضرا وأن مضى بعضه ، يعني : إذا أريد بهما الزمان الذي اعتبرته حاضرا (٤) ، فالمارد أن جميع زمان الفعل هو ذلك الزمان الحاضر (نحو ما رأيته مذ شهرنا ، ومذ يومنا) أي : جميع زمان انتفاء رؤيتنا هو هذا

__________________

(١) يتعين اسميتها للدخول من عليه ويتعين حرفيتها بوعه صلة ويحتملها في نحو : زيد كالأسد. (وجيه الدين).

(٢) أوله :

بيض ثلث كنعاج جم

ـ النعاج جمع نعجة والجم جمع الجماء وهي التي لا قرن لها والمنهم الذائب ثلاثة مبتدأ خبره يضحكن والمعنى نساء بيض الألوان مشبهاة بنعاج لا قرن لهن يضحكن من أسنان مثل البرد الذائب في الرقة واللطافة. وجيه الدين).

(٣) فلا تدخل على المضمر استغناء بمثل ؛ لأن الكاف بمعنى المثل فتدخل المثل على المضمر بدلا عن الكاف. (لمحرره).

(٤) والزمان كالماء الجاري لا يتصور فيه الحاضر كما في الماء الجاري إلا بالاعتبار لأنك إذا اعتبرت شهرا واحدا زمانا واحدا وشهرا آخر زمانا آخر فحصل لك زمان الحاضر بالنسبة إلى شهر آخر وإلى يوم آخر. تقرير الأستاذ.


الشهر أو اليوم الحاضر عندنا ؛ لأنهما (١) لم ينقضيا بعد ، ولم يمتد زمان الفعل إلى ما ورائهما فكيف يصح اعتبارهما مبدأ زمان الفعل؟.

فالمثالان المذكوران كلاهما للظرفية ، ويمكن أن يجعل (٢) الأول مثلا للابتداء كما يتوهم بحسب الظاهر (٣) ، لكن بتقدير مضاف ، أي : ما رأيته مذ دخول شهرنا (٤).

(وحاشا وعدا وخلا للاستثناء) (٥) أي : لاستثناء (٦) ما بعدها عما قبلها فإذا جررت بها ما بعدها تكون حروفا جارة ، وبهذا الاعتبار ذكرت هاهنا ، نحو : (جاءني القوم حاشا زيد ، وعدا زيد ، وخلا زيد) وإذا نصبت تكون (٧) أفعالا.

الحروف المشبهة بالفعل

(الحروف المشبهة (٨) بالفعل) (٩)

__________________

(١) قوله : (لأنهما) إشارة إلى تحقق معنى الظرفية المحضة يعني أن الظرفية في المثالين إنما يتحقق إذا كان الزمانان المذكوران لم ينقضيا. (محرم).

(٢) قوله : (ويجعل الأول مثالا) ليكون النشر على ترتيب اللف وأن احتمل الثاني بتقدير المضاف أي : في فجر يومنا. (س).

(٣) قوله : (كما يتوهم بحسب الظاهر) فالظاهر أن يكون المثالان للمعنيين وإنما قال : (يتوهم) لأنه بعد التأمل لا يساعده كون المثالين لسما إلا بتكلف. (سيالكوني).

ـ يعني أن حمل المصنف على ترك المثال للأول لا يليق بل الظاهر حمله على أنه أورد المثالين للمقصد كما هو الظاهر من حاله. (أيوبي).

(٤) ولا حاجة إلى تقدير وقت مضاف إلى الدخول ؛ لأن ذلك إنما هو في مد ومنذ الاسمين ليصبح الحمل كما مر. (عبد الحكيم).

(٥) وحاشا على الأصح وعدا وخلا على الأضعف ولولا عند سيبويه إذا كان مجرورها مضمر أو هي لامتناع شيء لوجود غيره ولات عند عيسى إذا كان مجروها ظرف زمان. لب الألباب.

(٦) قوله : (لاستثناء ما بعدها) وإذا استعمل حاشا في الاستثناء وفي غيره فمعناه تنزيه الاسم الذي بعده من سوء ذكر فيه أو في غيره فلا يستثنى به إلى في هذا المعنى. (رضي).

(٧) وهو مذهب المبرد والكوفين.

(٨) قوله : (الحروف المشبهة) كان الأنسب تقديمها على الحروف الجارة على طبق تقديم المرفوع والمنصوب على المجرور إلا أنه أوعى أصالة حرف الجار في العمل لها وفرعية جنة الحروف. (عصام).

(٩) وقال ابن مالك : إن سبب أعمالها اختصاصها بمشابهة كان الناقصة في لزوم الخبر والمبتدأ والاستغناء بهما. طبيعي.


وجه شبهها به ، أما لفظا فلانقسامها (١) كالفعل إلى الثلاثي والرباعي والخماسي ولبنائها على الفتح مثله.

وأما معنى فلان معنييها معاني الأفعال ، مثل : أكدت (٢) ، وشبهت ، واستدركت وتمنيت وترجيت.

وكان المناسب أن يعبر عنها بالأحرف المشبهة ، على صيغة جمع القلة ، لكونها ستة ، لكنهم لما عبروا عن الحرف الجارة والعاطفة مثلا بصيغة جمع الكثر لم يستحسنوا تغيير الأسلوب ، مع شيوع (٣) استعمال كل من صيغتي جمع القلة والكثرة في الأخرى ، على أنها إذا لوحظت مع فروعها الحاصلة بتخفيف نوناتها ، ولغات (٤) (لعل) تبلغ مبلغ جمع الكثرة.

(وهي إن ، وأن وكأن ، وليت ، ولعل) آخرهما لكونهما (٥) للإنشاء بخلاف الأربعة السابقة.

__________________

(١) اعتبر شبهها بالفعل للإعمال ولذا قال وجه شبهها أي : وجه المشابهة التي اعتبرت ولم يقل يعتبر وجه شبهها. (عبد الحكيم).

ـ قوله : (فلانقسامها) أي : باعتبار تمام حروفها إلى الأقسام كالفعل باعتبار تمام حروفه وكونه سدا سيا أيضا يعتبر لا يضر في تلك المشابهة وكذا كون الاسم أيضا منقسما إلى تلك الأقسام ؛ إذ غايته إنها مشابهة للاسم أيضا لكنه لم يعتبر تلك المشابهة لعدم ثمرتها. (س).

(٢) قوله : (مثل أكدت) بصيغة الماضي المستعملة للإنشاء الدالة على تحقق معانيها لكون الحروف كذلك. (حاشية).

ـ قوله : (مثل أكدت) إنما عبر عن معانيها بالأفعال الماضية ؛ لأنها بمعنى الأفعال المقصودة بها الإنشاء والشائع استعمال الماضي في الإنشاء كصيغ العقود وغيرها من أفعال المدح وأفعال التعجب. (وجيه).

(٣) يعني : يستعمل جمع القلة في جمع الكثرة وجمع الكثرة في جمع القلة وهذا مجاز. (وافية).

(٤) جمع لغة ؛ لأن لعل يكون فعلا وصرفا جارا وصرف مشبه بالفعل.

(٥) قوله : (لكونهما للإنشاء) دائما بخلاف الأربعة الباقية فإنها ليست كذلك إذا الثلاثة ليست للإنشاء أصلا وكأن وإن كانت لإنشاء التشبيه لكنها تجيء للتحقيق والظن والتقريب والإنشاء فرع الأخبار فلهذا أخرهما. (عبد الحكيم).

ـ وهو فرع الأخبار والأصل مقدم على الفرح ووجه الأصل إن الإنشاء طلب وجود الشيء والأخبار عن الوجود وهو مقدم من غير الموجود. (وافية).


(لها) أي : لهذه الحروف (صدر الكلام) (١) وجوبا ليعلم (٢) من أول الأمر أنه أي قسم من أقسام الكلام ، إذ كل منها يدل على قسم منه ، كالكلام المؤكد والمشتمل على التشبيه والاستدراك والتمني والترجي.

(سوى أن) المفتوحة (فهي بعكسها) (٣) أي : بعكس باقيها ، على حذف (٤) المضاف ، بأن تقتضي عدم الصدارة ؛ لأنها مع اسمها وخبرها في تأويل (٥) المفرد ، فلا بدّ لها من التعلق بشيء آخر حتى يتم (٦) كلاما ، وحينئذ لو وقع في الصدر اشتبهت ب : (إن) المكسورة في صورة الكتابة.

وإنما حملنا العكس على اقتضاء عدم الصدارة لا على عدم (٧) اقتضاء الصدارة ؛ لأن مجرد (٨) الاستثناء يكفي في ذلك.

__________________

(١) أراد بالكلام مقابلة الكلمة أي : هذه الأحرف تقع في صدر مركب تام يصح السكوت عليه. (ك).

ـ والمراد من الكلام المؤكدان ؛ لأن مع اسمها وخبرها كلام تام يفيد التحقيق. (لمحرره).

(٢) قوله : (ليعلم من أول الأمر) أي : يعلم السامع من أول الأمر وهذا العلم واجب دفع الحيرة السامع وتوهمه أن لا معنى غيرها إفادة المتكلم. (سيالكوني).

(٣) أي : لا يكون لها صدر الكلام لكونها مع ما بعدها معمولا العامل ما قبلها وحق المعمول أن يكون مؤخرا فجاءت على الأصل. (رضا).

(٤) قوله : (على حذف المضاف) كيلا يلزم كون ان المفتوحة بعكس نفسها لدخولها في المرجع وإنما لم يرجع الضمير إلى ما بقى بعد الاستثناء رعاية للسابق واللاحق فإن الضمير فيها راجع إلى الحروف كلها. (عبد الحكيم).

(٥) لأن إذا المفتوحة تشبه أن المخففة بفتح الهمزة وهي تجعل ما بعدها في تأويل المفرد بخلاف أن المكسورة ؛ لأنها تشبه أن المخففة بكسر الهمزة وهي للشرط ويكون ما بعدها جراء وهو جملة فكان الشرط مع جزائه كلاما تاما جملة شرطية. (وافية).

(٦) أي : حتى يكون الكلام المشتمل على الجملة بالمفتوحة كلاما تاما لضم شيء آخر. م.

(٧) أي : لا حاجة عدم اقتضاء الصدارة على قوله : (بعكسها بل الحاجة اقتضاء أن المفتوحة. (حاشية).

(٨) وحينئذ يحمل الكلام على التأسيس لا على التأكد أن حملنا العكس على عدم اقتضاء الصدارة كأن تأكيدا وأن حملنا على اقتضاء عدم الصدارة يكون تأسيسا والتأسيس أولى من ـ التأكيد لمحرره. ـ


(وتلحقها) (١) أي : هذه الحروف (ما) الكافة (٢) (فتلغى) أي : تعزل هذه الحروف عن العمل لمكان (ما) الكافة (على الأفصح) أي : على أفصح اللغات ، مثل : (إنما زيد قائم).

وقد تعمل على غير الأفصح كما وقع في بعض أشعارهم (٣).

(وتدخل هذه الحروف حينئذ) أي : حين إذ تلحقها (٤) (ما)

(على الأفعال) لأن (٥) (ما) الكافة أخرجتها عن العمل فلا يلزم أن يكون مدخولها صالحا للعمل.

(فإن) (٦) المكسورة لا تغير معنى الجملة ولا تخرجها عن كونها جملة فإذا قلت :

__________________

ـ فلو حمل العكس إلى عدم اقتضاء الصدارة لكان قوله : (فهي بعكسها) لغوا واستدراكا ؛ لأن الاستثناء مشعر ذلك المعنى أعني عدم الصدارة. (حاشية).

ـ لأن اقتضاء عدم الصدارة ينافي الصدارة بخلاف عدم اقتضاء الصدارة ؛ لأنه لا ينافيه. (وافية).

(١) والغرض من إلحاق ما على آخر هذه الحروف للحصر والتأكيد في إنما والمبالغة وإفادة معناها في الجملتين الاسمية والفعلية في الكل. (أمير).

(٢) قوله : (ما الكافة) عند الجمهور وما الكافة قسم من الزائد على ما في المعنى إذا الزائدة نوعان أي : كافة وغير كافة. (سيالكوني).

(٣) كقوله النابغة : قال :

ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا ونصفه فقد

ـ والحمام بالنصب اسم ليت على جعل ما زائدة ولنا خبره وإما إذا جعل ما كافة مهدا الحمام مرفوع مبتدأ ولنا خبره وإلى حمامتنا أي : مع حمامتنا ونصفه عطف على حمامتنا وفقد أصله بالسكون للبناء وكسرها للشعر وهو في محل الرفع خبر مبتدأ محذوف فذلك فقد والاستشهاد على جوار ما في ليتما كافة.

(٤) ليفيد معانيها في الجملة الفعلية كما أفادت في الجملة الاسمية فتقول إنما قام زيد وإنما زيد يقوم. (أمير).

(٥) نحو : إنما قام زيد وإنما يقوم زيد قال الشاعر :

أعد نظرا يا عبد قيس لعلما

أضاءت النار الحمار المقيدا

ـ ويعيد أن مع ما في الجملة ما يفيد النفي والإثبات إذا كانت كافة فإذا قلت : إنما زيد قائم فمعناه ما زيد إلا قائم بخلاف ما لو كانت زائدة قان قولك : إما زيدا عالم ينصب دنيا لا يفيد الحصر. (خبيصي).

(٦) قوله : (فإن) لا تغير الفاء بيان تفضيل الأحوال المختصة بكل واحد مهما بعد بيان ـ


(إن زيد قائم) أفدت ما أفدت بقولك : (زيد قائم) مع زيادة التأكيد (وأن) المفتوحة (مع جملتها) أي : مع اسمها (١) وخبرها سماها (٢) جملة باعتبار ما كانت عليه قبل دخولها عليهما (في حكم المفرد ، ومن ثمة) أي : ومن اجل الفرق المذكور (وجب الكسر في موضع الجمل) أي : في موضع يقتضي الجمل (و) وجب (الفتح في موضوع المفرد) أي : في موضع يقتضي المفرد.

(فكسرت إن ابتداء) أي : في ابتداء (٣) الكلام لكونه موضع الجملة ، نحو : (إن زيدا قائم) (و) كسرت أيضا (بعد (٤) القول) وما يشتق منه ؛ لأن مقول القول لا يكون إلا جملة ، نحو : (قال زيد : إن عمرا قائم) (و) كسرت أيضا (بعد) الاسم (الموصول) (٥) لأن صلة الموصول لا تكون إلا جملة نحو : (جاءني الذي إن أباه قائم).

__________________

ـ الأحوال المشتركة بينهما ولم يبين معنى أن المكسورة والمفتوحة لشهرة كونهما للتأكيد فالمكسورة لتأكيد النسبة التامة والمفتوحة فتأكيد نسبة الإضافية المسبوقة من الاسم والخبر. (عبد الحكيم).

(١) وهذا إشارة إلى أن المراد بالجملة في قوله : (معنى الجملة خفيفة الجملة بخلاف ما ذكر هنا فإنها ليست بجملة حقيقة بل بعلاقة الكون السابق وإلى هذا أشار بقوله : (باعتبار ما كان عليه فيكون.) (محرره).

(٢) فيكون إطلاق الجملة على زيد قائم في بلغني أن زيد قائم مجاز باعتبار ما كانت عليه.

(٣) قوله : (أي في ابتداء الكلام) سواء كان في أول كلام المتكلم نحو : أن زيدا قائم أو في وسط كلامه إذا كان ابتداء كلام آخر نحو : أكرم زيد أنه فاضل مقولك كلام مستأنف وقع عليه لما تقدم فالمراد بابتداء الكلام كلام المتكلم المستأنف كما يشعر كلامه سواء سبق أو لم يسبقه أصلا. (وجيه).

ـ أشار إلى أن ابتداء مفعول فيه لقوله : (كسرت أما بتقدير المضاف عند الجمهور أي : في وقت ابتداء ليصح حذف في أو بلا تقدير عند إلى على فإن المصدر عنده بنزل منزلة الظرف. (محرره).

(٤) وما وقع بعد القول فليس ابتداء كلام المتكلم وإنما هو ابتداء كلام محكي عنه وكذا وما وقع بعد الموصول وغيره مما هو من مواضع الجل ليس بابتداء كلام المتكلم المستأنف وإنما هو تتمة لما قبله فصح المقابلة بينه وبين كونه.

(٥) كقوله تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ ...)[القصص : ٧٦] الآية إذ الصلة موضع الجملة وبعد واو الحال نحو : (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) الآية لأن واو الحال لا تدخل إلا على جملة وجواب القسم نحو : والله أن زيدا كريم وحتى للابتداء نحو : مرض زيد حتى أنه لا يرجى وبعد إلا وأما نحو : إلا أنهم هم السفهاء وقبل اللام للابتداء نحو : قد يعلم أن ليحزنك. (موشح).


(وفتحت أن) حال كونها (١) مع جملتها (فاعلة نحو : (بلغني أن زيدا عالم) لوجوب كون الفاعل مفردا.

(و) حال كونها مع جملتها (مفعولة) نحو : (كرهت أن زيدا شاعرا) لوجوب كون المفعول مفردا.

(و) حال كونها مع جملتها (مبتدأة) نحو : (عندي أنك فاضل) ، لوجوب كون المبتدأ مفردا.

(و) حال كونها مع جملتها (مضافا (٢) إليها) (٣) نحو : (أعجبني اشتهار أنك عالم) لوجوب كون المضاف إليه مفردا.

(وقالوا : (٤) (لولا أنك) بفتح الهمزة بعد (لولا) الامتناعية (لأنه) أي : ما بعد (لولا) الامتناعية (مبتدأ) وكون المبتدأ مفردا واجب نحو : (لولا أنك منطلق انطلقت) وكذلك بعد (لولا) التتحضيضية ؛ لأنها بعد اسمها وخبرها معمول للفعل الواجب (٥) بعد

__________________

(١) قوله : (حال كونها مع جملتها) إشارة إلى أن في كلام المصنف تسامحا حيث جعل نفس إن فاعلة ومفعولة ومبتدأ ومضافا إليها باعتبار إنها المصححة لصيرورة ما بعدها كذلك. (س).

(٢) قوله : (أو مضافا إليها) هذا الإطلاق يدل على أن يجب الفتح إذا وقعت مضافا إليها للظروف اللازمة الإضافة إلى الجملة وهذا هو المشهور في حيث وقال بعضهم أنه من مواضع الكسر وأما إذا وقعت مضافا إليها لاذ ماذا فلم تحد فيه نقلا صريحا في تعيين الفتح والكسر والظاهر إن ما بعد أن أول بالمفرد وفعل الخبر محذوف فيجوز الفتح وإلا فالكسر فهو مما يجوز فيه الأمران كان إلغاء جزائية وإذا المفاجأة.

(٣) وبعد ما المصدرية نحو : لا أكلمك ما إن في السماء نجما أي : ما ثبت أن في السماء نجما وبعد حرف الجر نحو : ذلك بأن الله هو الحق وحتى العاطفة والجارة نحو : عرفت أمورك حتى إنك فاضل فيقدر المصدر منصوبة على كونها عاطفة ومجرور على كونها جارة. (خبيصي).

(٤) خص ذكر لولا ولو بالتعرض ردا على المخالف فإن المبرد والكسائي زعما أن ما بعد فاعل وزعم الكوفيون إن ما بعدها حرف الشرط مبتدأ. (عصام).

ـ قوله : (وقالوا لولا إنك) غير الأسلوب ولم يقل بعد لولا ولولا أن المقصود منه دفع توهم اعتراض يرد على قاعدة التمييز بين إن المكسورة والمفتوحة على ما صرح به في شرح المفصل. (حاشية).

(٥) قوله : (الواجب دخول لولا) لأن التحضيض إنما يكون على معاني الأفعال دون الأسماء والحروف. (س).


دخول (لولا) التحضيضية عليه نحو : (لولا أني معاد لك زعمت) أي لولا زعمت أني معاد لك و (لولا أنك ضربتني) أي (لولا) صدر الضرب منك.

(و) (١) كذلك قالوا : (لو أنك) بفتح الهمزة (لأنه) أي : ما بعد (لو) (فاعل)(٢) لفعل محذوف والفاعل يجب أن يكون مفردا : نحو : (لو (٣) أنك قائم أي لوقع قيامك).

(فإن جاز (٤) في موضع التقدير أن أي : تقدير المفرد وتقدير الجملة (جاز الأمران)(٥) أي : الفتح والكسر في (أن) الفتح على تقدير جعل (أن) مع اسمها وخبرها مفردا والكسر على تقدير جعلهما معا جملة (مثل (من يكرمني فاني أكرمه) مما وقع بعد الفاء الجزائية.

فإن كان المراد : من يكرمني فأنا أكرمه ، وجب الكسر ؛ لأنها وقعت في موضع الجملة (٦) ، وإن كان المراد : من يكرمني فجزاؤه أني أكرمه ، أو إكرامي ثابت له ، وجب

__________________

(١) عطف على لولا إنك يعني إن النحاة كما قرأوا وإمادة الألف والنون إذا وقعت بعد لولا بفتح الهمزة كذلك قرنوها إذا وقعت بعد لو. (أيوبي).

(٢) إذ بعد لولا يكون إلا فعل حقيقة أو تقديرا لكونه حرف شرط قال الله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا)[الحجرات : ٥] قال الشاعر :

ولو أن قومي أنطقتني رماحهم

نطقت ولكن الرماح أجرت

 ـ وعن سيبويه إن أن المفتوحة بعد لو مع صلتها مبتدأ ساد مسد جرى الكلام. (موشح).

(٣) قوله : (نحو لو أنك قائم) صوابه لو أنك تقوم ؛ لأن من شرط لو إذا وقع بعد المبتدأ أن يكون الخبر فعلا إذا أمكن ليكون في الصورة عوضا عن الفعل المحذوف بعدها كقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا)[النساء : ٦٦].

(٤) قوله : (فإذا جاز) في موضع التقديران ترجح أحدهما بعدو تكلف الحذف لا ينافي جواب الآخر فلا يردانه كيف يجوز الفتح المحتاج إلى في من يكرمني فإني أكرمه ونظائره مع صحة الكسوة المستغني من الحذف. (عصام).

ـ قوله : (فإن جاز) ورد إلغاء إشارة إلى أنه متفرع على القاعدة السابقة ومعنى جواز التقديران أن يكون كل واحد منهما مؤديا للمعنى المقصود من غير تفاوت. (عبد الحكيم).

(٥) النظر إلى إفادة المقصود ولا يتنافى رجحان أحدهما لعدم الحذف فيه. (ك).

(٦) فيكون المبتدأ مع خبره الذي هو الجملة الفعلية الجزائية فعلية أو اسمية فيجوز فيه التقديران. (أيوبي).


الفتح ؛ لأنها وقعت في موضع المفرد ؛ لأنها إما مبتدأ أو خبر مبتدأ.

(و) مثل : قول الشاعر :

إذ أنه عبد القفا واللهازم (١)

مما وقعت بعد إذ المفاجأة.

فيجوز فيها الكسر على أنها مع اسمها وخبرها جملة واقعة بعد (إذا) المفاجأة والفتح على أنهما معا مبتدأ محذوف الخبر ، أي : إذا عبوديته للقفا واللهازم ثابتة.

وتمام البيت :

وكنت (٢) أرى زيدا كما قيل (٣) سيدا

إذا أنه عبد القفا واللهازم

قوله : (أرى) على صيغة المجهول بمعنى (أظن) و (زيدا) مفعوله الثاني و (سيدا) مفعوله الثالث و (كما قيل) (٤) معترضة.

ومعنى كونه عبد القفا واللهازم : أنه لئيم يخدم (٥) قفاه ولهازمه ، أي : همته أن يأكل(٦) ليعظم قفاه ولهازمه.

واللهمزتان (٧) : عظمتان ناتئتان في الحيين تحت الأذنين ، جمعهما بإرادة ما فوق

__________________

(١) اللهزمة بكسر اللام والزاء حكة.

(٢) البيت للفرزدق وأرى مبينا للمفعول بمعنى أظن والقفا حلف الرأس واللهازم وجميع لهزمة بكسر اللام قال في الصحاح اللهزمتان عظمان نابتان في اللحيين تحت الأذنين والمراد بقوله عبد القفا واللهازم أنه لئيم. (س).

(٣) قوله : (كما قيل) : صفة محذوف أي : ظنا مثل ظن الناس ومعنى البيت كنت أظن زيدا حرا كريما ذا مروة فإذا هو لئيم حسيس بفعل بي كالاحباء من الناس كذا ذكره الشارح الغجدواني في شرح الأبيات قاله ابن الأبشير. (محرره).

(٤) قوله : (وكما قيل) جملة معترضة قائدتها تأييد أظن بقوله : (أنه غيره. (سيالكوني).

(٥) يعني يعبد ويخدم والقفا واللهازم بمعنى أن همته أن يكتسب ليأكل ويعظم قفاه ولهازمة. (وجيه).

(٦) قوله : (أن يأكل ليعظم قفاه) وهو غاية اللوم ولذا قيل : من كان همته ما يدخل في بطنه فقيمته ما يخرج من بطنه أو بإرادتها مع حواليها كما في قولك : جب مذاكيره وسائر مفارقه. (س).

(٧) جميع لهزمة بالكسر وهو أصل الحنكين قاله ابن الأثير في النهاية. (رضا).


الواحد ، أو بإرادتهما مع حواليهما تغليبا (١).

(وشبهة) بالجر عطف على (إذا أنه عبد القفا ... إلخ).

أي مثل : (إذا أنه عبد القفا) ومثل : شبهه.

وما وجد ذلك في كثير من النسخ.

فمن جملة أشباههم قولهم : (أول ما أقول : أني أحمد الله) فإن جعلت (ما) موصولة أو موصوفة كان حاصل المعنى : أول مقولاتي (٢) ، تعيين الكسر ؛ لأن أول المقولات أني أحمد الله لا المعنى الصدري.

فإن المعنى المصدري أعني (٣) : الحمد : ، قول خاص وليس من جنس المقولات وإن جعلت (ما) مصدرية كان حاصل المعنى : أول أقوالي تعيين الفتح ؛ لأن أول الأقوال هو المعنى المصدري الذي هو معنى (أن) المفتوحة مع جملتها لا ما هو من جنس المقول.

(ول ذلك :) (٤) أي : لأجل أن (إن) المكسورة لا تغير معنى الجملة كان اسمها المنصوب في محل الرفع ؛ لأنها في حكم العدم (٥) ، إذ فائدتها التأكيد فقط (٦).

(جاز (٧) العطف على) محل (اسم إن) المكسورة من جهة أنه في محل الرفع

__________________

(١) فعلى هذا يكون اللهزمة بمعنى ما يطلق عليه اللهزمة عموما مجازا وهذا المعنى يصدق على اللهزمة وجوانبها فغلب اللهزمتان على جوانبهما وجمعتا. (وافية).

(٢) وإنما قال : (أول مقولاتي) بالجمع ؛ لأن لفظ ما يراد به الواحد والمتعدد ولفظ الأول يضاف إلى المتعدد. (وافية).

(٣) فيكون خبرا فقط عن المصدر بالمصدر ولا يكون الحمد بهذا اللفظ. (ك).

(٤) أشار إلى صدق تلك الدعوى أعني عدم تغير المكسورة وتغير المفتوحة بحكمهم بجواز العطف على اسم المكسورة بالرفع دول المفتوحة. (أيوبي).

(٥) فهو بمنزلة الباء في كفى بالله. (ك).

(٦) لا دخل لها في إفادة أصل المعنى. (سيالكوني).

(٧) قوله : (جاز العطف الظاهر) فجاز ليرتبط مما قبله وكأنه حفظ كتابة المتن وأعرض عن الربط واختلف عبارة النحاة جعل بعضهم المعطوف عليه اسم أن وبعضهم مجموع الاسم وكلمة أن ورجح المصنف الأول وتبعه الرضي وأوضحه فارجع إليه. (عصام).


سواء (١) كانت المكسورة مكسورة (لفظا (٢) أو حكما بالرفع) بأن تكون المفتوحة في حكم المكسورة كما إذا وقعت بعد (العلم) مثل : (إن زيدا قائم (٣) وعمرو) و (علمت أن زيدا قائما وعمرو) ف : (أن) في هذا (٤) المثال وإن كانت مفتوحة لفظا فهي مكسورة حكما، حيث تكون مع ما عملت فيه جملة بتأويل الجملة (٥) ، فصح أن يرفع المعطوف على اسمها حملا على محله (دون (٦) (أن) المفتوحة) (٧) فإنه لم يجز العطف على محل اسمها بالرفع فإنها لما غيرت معنى الجملة لا يصح (٨) فرض عدمها.

(ويشترط) في العطف على اسم (إن) المكسورة بالرفع (مضي الخبر) (٩) أي ذكر(١٠) خبرها قبل المعطوف (لفظا) مثل : (إن زيدا قائم وعمرو) (أو تقديرا) مثل : (إن زيد وعمرو قائم) (١١) أي : زيد قائم وعمرو قائم ؛ لأنه لو لم يمض الخبر قبله لا لفظا ولا تقديرا لزم اجتماع عاملين على إعراب (١٢) واحد مثل : (إن زيد وعمرو ذاهبان) فإنه

__________________

(١) قوله : (سواء كانت مكسورة) إشارة إلى أن كلمة أو للتسوية لا لأحد الأمرين لا بيان لوجه التركيب. (حكيم).

(٢) حال من المكسورة رضي وقبل مفعول مطلق بتقدير الموصوف. (معرب).

(٣) جاز عطف عمرو في المثالين على اسم أن باعتبار محله الذي هو الابتداء. (أيوبي).

(٤) فإن هذا المثال بيان بأن يكون المفتوحة في حكم المكسورة أهم من اللفظية والحكمية ؛ لأن كلمة إن في المثال الثاني وإن كانت ... إلخ. (أيوبي).

(٥) قوله : (بتأويل الجملة) لأن أن في مثل أن زيد قائم مع اسمها وخبرها نائبة مناب المفعولين كان في الأصل جملة ولذا جاز دخول لام الابتداء بتأويل في المفعول الثاني فله حكم المكسورة بخلاف أعجبني أن زيد القائم فإنه لا يجوز لكونه في حكم المفعول من كل وجه لكونه فاعلا. (س).

(٦) حال من المكسورة أي : مجاوزا عن المكسورة وقيل ظرف لجاز. (رضي).

(٧) لأن اسم أن بمنزلة جزء الكلمة والعطف على جزء الجملة لا يجوز. (لمحرره).

(٨) قوله : (لا يصح فرض عدمها) فلا يكون لاسمها الرفع أصلا فلا يصح العطف بالرفع وفيه إشارة إلى بطلان مذهب من يجوز ذلك. حاشية ك.

(٩) يعني فالبصريون يشترطون معنى الخبر مطلقا سواء كان اسمها مظهرا أو مضمرا. (خبيصي).

(١٠) أي : الشرط أن يذكر خبر تلك المكسورة التي عطف على اسمها بالرفع. (محرم).

(١١) فإن قائم خبر أن زيدا : لكونه مفردا فإنه لو كان خبرا عنهما لكان تثنية حينئذ وإن كان مذكورا بعد المعطوف لفظا لكنه في التقدير مقدم عليه. (محرم).

(١٢) قال العامل في نصب لفظ زيد كلمة أن والعامل في محله الذي هو الرفع هو العامل المعنوي ـ


لا شك بأنه (ذاهبان) خبر على كل من المعطوف والمعطوف عليه.

فمن حيث إنه خبر عن اسم (إن) يكون العامل في رفعه (إن) ومن حيث أنه خبر المعطوف على اسمه يكون العامل في رفعه الابتداء ، فيلزم اجتماع عاملين أعني (إن) والابتداء على رفعه وهو باطل (١) (خلافا للكوفيين) فإنهم لا يشترطون في صحة هذا العطف مضي الخبر. فإن (إن) عندهم لا تعمل إلا في الاسم ، والخبر مرفوع في الابتداء كما كان قبل دخول (إن) عليه. فلا يلزم اجتماع عاملين على إعراب واحد.

(ولا أثر (٢) لكونه) أي : لكون اسم (إن) (مبنيا (٣) على جواز العطف على محل اسم (إن) قبل مضي الخبر عند الجمهور ، فلا يجوز عندهم (إنك وزيد ذاهبان) (٤) كما أنه لا يجوز (إن زيدا وعمرو ذاهبان).

فإن (٥) المحذور المذكور مشترك بينهما (خلافا للمبرد والكسائي) فإنهما يجوزان في مثل : (إنك وزيد ذاهبان) العطف على محل اسم إن بلا مضي الخبر فإنه لما لم يظهر

__________________

ـ ولما كان خبر المعطوف والمعطوف عليه واحدا مرفوعا لزم أن يعمل في رفعه عاملان أحدهما العامل اللفظي والآخر العامل المعنوي. (عبد الله أفندي).

(١) قوله : (وهو باسل) لأنه كاجتماع علتين مستقلتين على معلول واحد. (سيالكوني).

(٢) قوله : (ولا أثر لكونه) إشارة إلى بطلان قوله : الكسائي والمبرد فإنهما ذاهبان إلى أن المكسورة إذا كان اسمها مبنيا جاز العطف على محلها قبل معنى الخبر لفظا وحكما لاستعمال بعض العرب ذلك فأشار إلى بطلانه ؛ لأنه بقوله : (ولا أثر لكونه مبنيا) لأن المانع موجود هنا وعدم استعمال الفصحاء ذلك. متوسط.

ـ وهذا إشارة إلى عدم الفرق عند الجمهور وفي هذا الحكم بين كون اسم أن معربا أو مبينا يعني لا فائدة موجودة. (عبد الله).

(٣) قال الشيخ الرضي والكسائي مع باقي الكوفيين والفراء حاكم بين الفريقين فقال إن كان اسم أن غير معرب لفظا جاز العطف على محله ؛ لأن كون شيء واحد خبرا لاسمين مغايري الإعراب تغايرا ظاهرا مستنكر بخلاف كونه خبرا عن اسمين غير مخالفي الإعراب فإنه ليس بتلك المثابة من الاستنكار. (عصام).

(٤) لأنه لم يوجد فيه شرط الجواز وهو مضى الخبر مع كون اسم أن مبنيا فلا فائدة في بنائه لدفع الاشتراط وهذا محل الاختلاف في الجواز وعدمه. (عبد الله أيوبي).

(٥) إشارة إلى دليل الجمهور. (محرم).


عمل (١) (إن) في اسمها بواسطة بنائه ، فكأنها لم تعمل فيه ، فلا يلزم المحذور (٢) المذكور.

(ولكن) في جواز العطف على محل اسمه (كذلك) أي : مثل (٣) : (إن) لأنه لا يغير معنى الجملة عما كانت عليه قبل دخوله.

فإن معناه الاشتراك ، وهو لا ينافي المعنى الأصلي ، كما أنه لا ينافيه التأكيد ، فيجوز (٤) اعتبار محل اسمه (٥) وعطف شيء عليه بالرفع مثل : (إن) المكسورة كما تقول : (لم يخرج زيد ولكن عمرا خارج وبكر) ولا يجوز في سائر الحروف المشبهة بالفعل العطف على محل اسمها لعدم بقاء المعنى الأصلي (٦) فيها ، فلا يعتبر محل (٧) اسمها.

(و) أيضا (لذلك) أي : لأجل أن (إن) المكسورة لا تغير معنى الجملة والمفتوحة تغيره (دخلت اللام) التي هي لتأكيد معنى الجملة (مع المكسورة) التي هي أيضا لذلك التأكيد (٨).

(دونها) أي : دون المفتوحة ، لكونها بمعنى المفرد ، فلا يجتمع معها ما هو لتأكيد

__________________

(١) وحاصله أنه لم يظهر عمل أن في اسمه لم يظهر عمله في خبره ؛ لأن أن لو عمل يعمل في اسمه ؛ لأنه أقرب من الخبر إليه ولا يعمل فيه فلا يعمل في خبره بالطريق الأولى ؛ لأن خبره أبعد من اسمه. (شرح).

(٢) وهو اجتماع عاملين وكان الجمهور لم يفرقوا في المحذور بين التأثير في اللفظ والتأثير في المحل وفرق بينهما. (أيوبي).

(٣) فيما تقدم من العطف على المحل بعد مضى الخبر لفظا أو تقديرا نحو : ما خرج زيد لكن أخاك خارج وعمرو.

(٤) أي : إذا لم تغير الجملة وبقى معناهما الأصلي في لكن كما بقى في أن يجوز ... إلخ.

(٥) الذي هو الابتداء قبل دخولهما كان مبتدأ مرفوعا فبقيت رايحنه بعد دخولهما. (أيوبي).

(٦) لأنها تغير معنى الجملة إلى الإنشاء فلا يمكن اعتبارها في حكم العدم. (سيالكوني).

(٧) ويجوز العطف على الضمير المستتر في الخبر في الجميع مع التأكيد أو الفصل بلا ضعف وبدونهما مع ضعف لكن زيدا منطلق هو وعمرو وليت زيدا قائم هو وعمر. (موشح).

(٨) أي : للتأكيد الذي استفيد من اللام وهو تأكيد معنى الجملة ولو لم تكن الجملة باقية على حالها لم يجز تأكيدها باللام ؛ لأن التأكيد فرع وجود المؤكد. (محرم).


معنى الجملة (على الخبر) (١) متعلق ب : (دخلت) اللام مع المكسورة على الخبر ، أي : على خبرها ، نحو :

(إن زيدا لقائم) (٢).

(أو) دخلت (على الاسم) أي : على اسمها (إذا فصل بينه) (٣) أي بين اسمها (وبينها) أي : بين إن نحو : إن في الدار لزيدا (أو) دخلت (على ما) وقع (بينهما) أي : بين اسمها وخبرها ، نحو : (إن زيدا لطعامك آكل).

وإنما (٤) خص دخول اللام بهذه الصور (٥) ؛ لأن فيما عداها يلزم توالي حرفي التأكيد والابتداء ـ اعني ـ (إن) المكسورة واللام ـ وهم كرهوا ذلك ، واختاروا (٦)

__________________

(١) المثبت المؤخر عن الاسم وإن كان بعيدا مفردا كان كقوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ)[النمل: ٧٣] أو جملة أسمية على أول جزئها على الأكثر كقول الشاعر أن الكرم لم يرجوه ذو وجده وفعلية مضارعية بغير حرف التنفيس مثل أن زيد ليقوم أو بعدها نحو : إن زيدا لسوف يقوم لشبه المضارع الاسم أو ماضية مقرونة بقد نحو : إنك لقد قمت لشبه الماضي بالمضارع أو غير متصرفة نحو : أن زيدا لنعم الرجل لاستلزام الإنشاء الحضور وشبه ما في المضارع دون النفي لاجتماع لامين في أكثره وكراهتهم ذلك طرد اللباب في الباقي والمقدم على الاسم لامتناع أن لعندك زيدا وأن نحوا لعندنا زيدا والماضي المتصرف بغير قد لبعد شبه الماضي بالمضارع حينئذ أي : التصرفة بغير قد. (خبيصي).

(٢) قوله : (أن زيد القائم) أشار وبذلك إلى إنها تدخل الخبر المتأخر كيلا يلزم توا إلى الحرفين فلا يجوزان لفي الدار زيدا وإنما لم يقيد بذلك ؛ لأن الأصل في الخبر التأخير.

(٣) وذلك لا يكون إلا بالظرف وهو خبران كالمثال المذكور أو بظرف متعلق بالخبر نحو : إن في الدار زيد القائم. (عبد الحكيم).

(٤) قوله : (وإنما اختص اللام بهذه الصور) يعني أن هذه اللام لام الابتداء المذكور في جواب القسيم وكان حقه أن يدخل أول الكلام ولكن لما كان معناها ومعنى أن سواء أعني التأكيد والتحقيق وكلاهما حرف ابتداء كرهوا اجتماعهما فأخروا اللام وجعلوا في هذه المواضع وصدوا إذا كان حرفا ؛ إذ هو ضعيف العمل. (وجيه الدين).

(٥) أي : دخولهما على الخبر في صورة تأخيره عن الاسم ودخولها على الاسم في صورة تقديم الخبر عليه للاحتراز عن توالى حرف التأكيد. (محرم).

(٦) قوله : (واختاروا تقييم أن) أي : رجحوا العامل في التقديم لشرف العامل على ما ليس بعامل أو لأن العامل يستحق التقديم على معمولة صرح الرضي بالثاني ويمكن أن يقال اختاروا تقديم أن لأنهم لو قدموا اللام لاوهم عملها وإلغاء أن. (عصام).


تقديم (إنّ) دون اللام ترجيحا للعامل على ما ليس بعامل.

(و) دخول اللام (١) (في لكن) على اسمها أو خبرها أو على ما بينهما (ضعيف) لأنها وان لم تغير (٢) معنى الجملة لكن لا توافق اللام (٣) مثل : (إنّ) في معناه الذي هو التأكيد.

وقد جاء مع ضعفه في قول الشاعر :

ولكنني (٤) من حبّها لعميد (٥)

(وتخفف) (إنّ) (المكسورة) لثقل التشديد وكثرة الاستعمال (فيلزمها) (٦) بعد

__________________

(١) على مذهب الكوفيين اعتبارا لبقاء معنى الابتداء معها كبقاء معنى الابتداء مع أن واضحا يقول بعض العرب ولكنني من حبها لعبد. (موشح).

(٢) قوله : (وإن لم تغير) إشارة إلى استدلال الكوفيين حيث قالوا وجه الجواز أنها لا تغير معنى الابتداء كان ولذا جاز العطف على محل اسمها بالرفع ومن هذا ظهر وجه عدم مجامعتها باقي الحروف ؛ لأنها المعنى الجملة واللام تقتضي بقاء الجملة الخبرية. (س).

(٣) قوله : (لا توافق اللام) يعني كان حق اللام أن لا تجامع أن المكسورة لطلبها صدارتها لكن جوز ذلك لشدة مناسبتها لها ولكونهما بمعنى واحد لم تسقط صدارتها بخلاف لكن فإنها لا تناسبها فلم يفتقر معها سقوط صدارتها. (عبد الحكيم).

(٤) قوله : (ولكنني من حبها لعميد) في القاموس العميد الحزين الشديد الحزن وفي بعض الشروح ويقال فلان عميد أي : شديد المرض لا يقدر على القعود حتى يقعد بالوسائد وفي الرضي وما اشتدوه إما أن يكون لكن أنني فخفت بهمزة ونون وصار لكنني كما خفف : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)[الكهف : ٣٨] اتفاقا منهم بحذف الهمزة أصله لكن أنا. (ك).

ـ واجب عنه لأن هذه اللام غير داخلة على خبر لكن بل هي داخلة على خبر أن ؛ لأن أصله لكن أنني. (وافية).

(٥) العميد من عمدة العشق إذا أثقله وقيل من انكسر قلبه بالمودة. (وجيه).

(٦) عطف على تخفف بإلغاء للإشارة على أن اللازم على تخفيفها يعني إذا تخفف يلزم. (محرم).

ـ فيلزمها اللام ذهب أبو علي إلى أنها غير لام الابتداء ؛ لأن ما بعد الفارق قد عمل فيما قبلها وبالعكس نحو : وان كنا عن عبادتك لغافلين ونحو قول الشاعر :

بالله ربك إن قتلت لمسلما

ـ أجاب عنه ابن مالك فإن رتبته التقديم فكأنه مقدم لفظا. (سيالكوني).


التخفيف (اللام وحينئذ (١) يجوز إلغاؤها) أي : إبطال عملها ، وهو أحرف ، كما يجوز إعمالها على ما هو الأصل (٢) ، ولهذا لم يذكره صريحا.

واللام على كلا التقديرين لازم لها.

أما في الإلغاء فللفرق بين (٣) المخففة والنافية في مثل : (إن زيد قائم) و (إن زيد لقائم).

وأما في الأعمال فهي لطرد الباب ، ولأن كثيرا من الأسماء لا يظهر فيه إعراب لفظي لكون إعرابه تقديريا ، أو لكونه مبنيا (٤).

وهذا خلاف مذهب سيبويه وكافة النحاة ، فإنهم قالوا : عند الأعمال لا يلزمها اللام لحصول الفرق بالعمل (٥).

(ويجوز دخولها) (٦) أي : دخول (إن) المخففة (على فعل من أفعال المبتدأ) (٧)

__________________

(١) كقوله تعالى : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)[يس : ٣٢] ، (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا)[الزخرف : ٣٥] ، و (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)[الطارق : ٤] وإعمالها على أنه لاقتضائها لاسمين ، كقوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)[هود : ١١١] في قراءة نافع ابن كثير. (خبيصي).

(٢) أي : لكون الغالب الإلغاء لم يذكر الأعمال صريحا ولم يقل ويجوز أعمالها بل أشير إليه في ضمن جواز الإلغاء والكوفيون يوجبون الإلغاء. (عصام).

(٣) ولم يعكس ؛ لأن لام الابتداء لكونها لتأكيد النسبة الثبوتية لا تجامع النفي ؛ لأنه لما حذف النون بالتخفيف كانت الزيادة في المخففة أولى لتكون كالعوض عن المحذوف. (سيالكوني).

(٤) كقوله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)[النجم : ٤] فإنها نافية لعدم للام وقوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)[آل عمران : ١٦٤] فإنها مخففة لدخول اللام. (أيوبي).

(٥) قال ابن مالك : وهو حسن يلزم اللام إن ضيف الالتباس بالنافية ، قال الرضي : فعلى قوله يلزم إذا كان معربا ، أو مبنيا مقصورا. (وجيه).

(٦) وحينئذ يجب إلغاؤها والأكثر كون الفعل ماضيا ناسخا نحو : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً)[البقرة : ١٤٣] ، (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ)[الإسراء : ٧٣]. (حكيم).

(٧) كقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)[يوسف : ٣] وقوله : (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ)[المائدة: ٥٩] بخلاف سائر الأفعال لعدم اختصاصها بالجملة الاسمية. (موشح).


أي : من الأفعال التي هي من دواخل المبتدأ والخبر ، لا غير (١) مثل : كان ، وظن ، وأخواتهما ؛ لأن الأصل دخولهما عليهما ، فإذا فات ذلك اشترط ألا يفوت دخولهما على ما يقتضي المبتدأ والخبر ، رعاية للأصل بحسب الإنسان كقوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) [البقرة : ١٤٣] و (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [الشعراء : ١٨٦].

(خلافا للكوفيين) في التعميم (٢) ، أي : تعميم الدخول وعدم تخصيصه بدواخل المبتدأ والخبر ، لا أصل الدخول على الفعل ، فإنه متفق عليه.

فالكوفيون خالفوا البصريين في تجويز دخولها على غير دواخلهما متمسكين ، يقول الشاعر :

بالله (٣) ربك إن قتلت لمسلما

وجبت عليك عقوبة المتعمد (٤)

وهو شاذ عند البصريين.

(وتخفف المفتوحة كالمكسورة) (٥) فتعمل (٦) عند التخفيف على سبيل الوجوب (في ضمير شأن مقدر) والسبب في تقديره أن مشابهة المفتوحة بالفعل أكثر من مشابهته

__________________

(١) قوله : (لا غير) إنما ترك المصنف هذا القيد ؛ لأنه يفهم من قوله : (خلافا للكوفيين في التعميم). (وجيه الدين).

(٢) إشارة إلى محل الخلاف وهو تعميم الدخول والتخصيص. (أيوبي).

(٣) قوله : (بالله ربك) الخطاب لعمرو بن جرمون قاتل الزبير ابن عوام رضي‌الله‌عنه وعقوبة المتعمدان يقتل قصاصها والمعنى أنك يا عمرو قتلت مسلما وجب عليك عقوبة المتعمد. (وجيه الدين).

(٤) اعلم أن الكوفيين أنكروا أن المخففة وقالوا أنها نافية والمعنى اللازمة لها بمعنى إلا ورده البصريون بأن اللام لم يجيء بمعنى إلا وألا لجاز جاء في القوم لزيد وتعقبه الرضي بأنه يجوز اختصاصها بعض الأشياء ببعض المواضع كاختصاص لما بالاستثناء بعد النفي أو معنى النفي ونحن نقول يبطل إنكار إن المخففة أعمالها في قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)[هود : ١١١] كما بطل أفكارهم عملها. (عصام).

(٥) شبه تخفيف المفتوحة بالمكسورة في الكثرة أو في كونه مقتضى كثير الاستعمال والثقل. (عصام).

(٦) قوله : (فتعمل) إشارة إلى محل الفرق بين المكسورة والمفتوحة. (أيوبي).

ـ ويشترط أن يكون خبرها جملة ولا يجوز إفراده إلى إذا ذكر الاسم فيجوز الأمران. مغني.


المكسورة به ، كما سبق (١) وأعمال (٢) المكسورة ، بعد تخفيفها في سعة الكلام واقع ، كقوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١](٣) وأعمال المفتوحة بعد تخفيفها لم يقع في سعة الكلام ، ويلزم منه بحسب (٤) الظاهر ترجيح الأضعف على الأقوى وذلك غير جائز فقدروا (٥) ضمير الشأن حتى يكون اسما للمفتوحة بعد تخفيفها والجملة المفسرة لضمير الشأن خبر لها ، فتكون عامية في المبتدأ والخبر كما كانت في الأصل.

فهي لا تزال عاملة بخلاف المكسورة فإنها قد تكون عاملة وقد لا تكون.

والعمل في الظاهر وأن كان أقوى من العمل في المقدر لكن دوام العمل في المقدر يقاوم العمل في الظاهر (٦) في وقت دون وقت ، فلا يلزم ترجيح الأضعف على الأقوى.

(فتدخل) أي : المفتحة (على الجمل) الصالحة ؛ لأن تكون مفسرة لضمير الشأن

__________________

(١) شروع في دليل آخر على أيجاب عمل المفتوحة وهو أن عمل المكسورة. (عبد الله أفندي).

(٢) في بحث ضمير الشأن من كونه عاملة ومعمولة بخلاف المكسورة.

ـ قوله : (كما سبق) في بحث ضمير الشأن لكن المذكور فيه أن المفتوحة أقوى مشابهة من المكسورة ولم يذكر فيه دليله فالحوالة لا طائل تحتها. أقول : ذكره ضمنان مشابهة المفتوحة بالفعل زائدة بوجه آخر على المكسورة وهو كون أول حرفه مبنيا على الفتح كالفعل حتى لم يفرق من الفعل في بعض المواضع. س.

(٣) لام (ليوفينهم) جواب القسم ولام لما اللام الفارقة زيدت ما بعدها دفعا لكراهة اجتماع اللامين والكوفيون النصب بفعل يفسره (ليوفينهم) وبه قال الفراء ورد بأن اللام لا يعرف في كلامهم بمعنى إلا. (عبد الحكيم).

(٤) وأما بحسب الحقيقة فلا ترجيح للأضعف على الأقوى ؛ لأن الأقوى مغير للمعنى دو الأخف. (سيالكوني).

(٥) قوله : (فقدروا ضمير الشأن) لأنه يجب تقدير المعمول تكون جملة بعد تقديره كما كانت قبلة وما ذلك إلا ضمير الشأن وقيل لا يلزم كون اسمها ضمير الشأن وقدر سيبويه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنك. (وجيه).

(٦) فترجيح المفتوحة بدوام العمل على المكسورة التي ليست بتلك القوة ؛ إذ دوام العمل في كل وقت يرجح على العمل في وقت دون وقت. (عبد الله).

(٧) مصدر بمبتدأ كما في التنزيل : (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)[يونس : ١٠] أو مصدره ـ


(مطلقا) سواء كانت اسمية (١) أو فعلية داخلا فعلها على المبتدأ والخبر أو غير الداخل.

(وشذ إعمالها) أي : إعمال المفتوحة المخففة (في غيره) أي : في غير الضمير الشأن ، لكنة قد حكى بعض أهل اللغة إعمالها في المضمر وفي السعة نحو قولهم : (أظن أنك قائما) و (أحسب أنه ذاهب).

وهذه رواية شاذة غير معروفة.

وأما في الضرورة فجاء في المضمر فقط.

قال الشاعر :

فلو أنك في (٢) يوم الرخاء سألتني

فراقك لم أبخل وأنت صديق

(ويلزمها أي : المفتوحة المخففة حال كونها مقرونة (مع الفعل) (٣) أي : الفعل

__________________

ـ بحرف النفي نحو : (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[هود : ١٤] أو فعلية دعائية كقوله تعالى:(وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها)[النور : ٩] متصرفة كقوله تعالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ)[الأعراف : ٨٥] أو مقدرة بقد كقوله تعالى : (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا)[المائدة : ١٣] أو بلو كقوله تعالى : (تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ)[سبأ : ١٤] أو يحرف تنفيس كقوله تعالى :(عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ)[المومل : ٢٠] أو نفى كقوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)[طه : ٨٩] ، و (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ)[القيامة : ٣]. (خبيصي).

(١) قوله : (فلو إنك) بفتح الكاف وسكون النون وعن ابن الأنباري أنه نقل عن الفراء الكسر يصف نفسه بالموافقة لحبيبة فيقول لو إنك في يوم الرخاء والسعة والزمان الذي لا يوجب الفرقة سألتني أن أفارقك لم أبخل بذلك أو طلبت رضاك وأنت صديق محبوب. (سيالكوني).

ـ قال صاحب الكشف الوافية المضمران الكاف والتاء المكسورة على أنه يخاطب امرأة يعني فراقك على أشد من كل شديد ووصلك إلى أحب من كل محبوب ومع ذلك لم أبخل مما سألتني حتى سألتني فراقك لا حبيبته وذلك مبالغة في ارتضائه أياها. جلبي.

(٢) وإنما اشترط أن يكون مع فعلها أحد هذه الحروف لئلا يلتبس بالناصبة نحو : علمت أن قد خرج وأن سيخرج وأن سوف يخرج وأن لا يخرج وكان مقتضى القياس أن يشترط مع حرف النفي ما يدل على أنها غير ناصبة ؛ إذ جرف النفي قد يكون مع الناصبة نحو : أريد إن لا يخرج ومع المخففة نحو : عملت أن لا يقوم زيد لكن لم يمكنهم الإتيان معها بقد للإثبات فلا يجتمع مع حرف النفي ولا بالسين وسوف ؛ إذ لا يجتمع حرفا استقبال فاستغنوا بحرف النفي عنها نظرا إلى الأصل وهو أن لا في الأصل موضوع للنفي المستقبل كان وهذا الغدر لو لم يجتمع أن الناصبة مع لا في النفي لكنها قد جاءت معها والاعتذار.

(٣) قوله : (للفرق بين المخففة) لوقوع الالتباس بينهما أما لفظا فظاهر وأما معنى فلكونهما ـ


المتصرف ، بخلاف غير المتصرف ، مثل : (أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم :٣٩]، و (أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) [الأعراف : ١٨٥].

(السين) نحو : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) [المزمل : ٢٠].

(أو سوف) كقول الشاعر :

واعلم فعلم المرء ينفعه

أن سوف يأتي كل ما قدرا

(أو قد) نحو : (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ) [الجن : ٢٨].

ولزوم هذه الأمور الثلاثة للفرق (١) بين المخففة وبين (أن) المصدرية الناصبة ، وليكون كالعوض من النون المحذوفة.

(أو حرف النفي) نحو : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) [طه : ٨٩].

وليس لزوم حرف النفي إلا ليكون كالعوض من النون المحذوفة.

فإنه لا يحصل بمجرده الفرق بين المخففة والمصدرية ، فإنه يجتمع مع كل منهما.

فالفارق بينهما ، إما من حيث المعنى ؛ لأنه إن عني به الاستقبال فهي (٢) المخففة وإلا فهي المصدرية.

وإما من حيث اللفظ ؛ لأنه إن كان الفعل المنفي منصوبا فهي مصدرية وإلا فهي (٣) مخففة.

__________________

ـ حرفي المصدر وإنما حصل الفرق ؛ لأن المصدرية لا تجتمع بهذه الأمور أما لفظا فلعدم جواز الفصل بينها وبين معمولها لضعفها في العمل وأما معنى فلان حروف التنفيس مخلصة للفعل إلى الاستقبال فلذا لا تجامع الناصبة مع الفعل لأنها أيضا مخلصة له فيلزم الاستدراك وأما قد فلا يصحب فعلا دخل عليه ما يجعله مستقبلا وأما حرف النفي فزيادة مضادة مع تلك الحروف الثلاثة ولذا يجمع بينهما وبما ظهر وجه تخصيص اختيار هذه الحروف للفرق مع أن الفرق يحصل بمجرد الفصل. (حكيم).

(١) هكذا في النسخ التي رأيناها والصواب إن عنى به الاستقبال فهي المصدرية وإلا فهي المخففة ؛ لأن المصدرية يخصص المضارع للاستقبال دو المخففة. (سيالكوني).

(٢) أي : وأن لم يكن منصوبا بل مرفوعا كقوله تعالى : (أَلَّا يَرْجِعُ) فخففه. (محرره).

(٣) وقال الزجاج كأن للتشبيه إذا كان الخبر جامدا وللشك إذا كان مشتقا نحو : كأنك قائم أو ـ


(وكأن للتشبيه) (١) أي : لإنشائه (٢).

وهي حرف برأسه على الصحيح حملا على أخواتها ، ولأن الأصل عدم التركيب ومذهب (٣) الخليل إنها مركبة من الكاف و (إن) المكسورة وأصل (كأن زيدا الأسد) : إن زيدا كالأسد ، قدمت الكاف ليعلم إنشاء التشبيه من أول الأمر.

وفتحت الهمزة ؛ لأن الكاف في الأصل جارة ، وإن خرجت عن حكم الجارة.

والجارة إنما تدخل على المفرد ، فراعوا الصورة ، وفتحوا الهمزة ، وإن كان المعنى على الكسر.

(وتخفف) أي : كأن (فتلقى) عن العمل (على) الاستعمال (الأفصح) لخروجها عن المشابهة لفوات فتحة الآخر ، كقول الشاعر :

ونحر (٤) مشرق اللون كأن ثدياه (٥) حقان

__________________

ـ تقوم ؛ لأن الخبر ح هو الاسم ولا يجوز تشبيه الشيء بنفسه والجواب أن الخبر ليس عبارة عن الاسم ؛ لأن المعنى كأنك رجل قائم إلا أنه لما حذف الموصوف وأقيم الصفة مقامه وجعل الاسم بسبب التشبيه كأنه الخبر صار الضمير في الصفة عائدا إلى الاسم لا الموصوف فيقال كأنك تقوم بخطاب تقوم وإن كان في الأصل كأنك رجل يقوم بالغيب. سيد عبد الله.

(١) قوله : (لإنشائه) وهو الغالب عليها والمتفق عليه وزعم ابن سيدة أنه لا يكون إلا إذا كان خبرها جامدا بخلاف كأن زيدا قائم أو في الدار أو يقوم فإنها في ذلك كلمة الظن ؛ لأن الخبر في المعنى هو الاسم والشيء لا يشبه بنفسه ولذا لا يقال كأني المسيء. سيالكوني.

(٢) قوله : (ومذهب الخليل) فهي عنده للتشبيه والتأكيد ، في المغني : أنه مذهب الأكثر ، حتى قيل : إنه كالمجمع عليه. (حكيم).

(٣) أوله وصدر تشرق النحر على ما في الرضي ووجه مشرق النحر على ما في شرح التسهيل وبحر مشرق اللون على ما في شرح لب الألباب. (محرره).

ـ قوله : (ونحر مشرق اللون) والواو وبمعنى رب والنحر بفتح النون وسكون الحاء المهملة الصدر وهو معروف وقوله : (مشرق اللون من قوله : (م أشرق وجهه إلى أضاء وتلألأ والثدي يذكر ويؤنث وهو المرأة والرجل أيضا والجمع أثد وثدى وامرأة ثدياء أي : عظيمة الثديين والحقتان تثنية حقة بضم الحاء المهملة وهي مصدرة وإنما حذفت التاء من الختان والأصل حقتان تاء التأنيث لضرورة الشعر. شرح الأبيات.

(٤) والقياس أن يقال حقتان ؛ لأن تاء التأنيث لا تحذف من تثنية إلا في خصيان وإليان إلا أنه حذف مهنا للضرورة. حسن حلبي.

(٥) ولما كانت كأنه في صورة المفتوحة وقد عرفت حال المخففة المفتوحة بأنها لا تعمل في ـ


وإن أعملتها قلت : كأن ثدييه ، لكنه على الاستعمال الغير الأفصح ، لما عرفت.

وإذا لم (١) تعملها لفظا ففيها ضمير شأن مقدر عندهم ، كما في (إن) المخففة.

ويجوز (٢) أن يقال : غير مقدر بعدها الضمير ، لعدم (٣) الداعي إليه كما كان في (أن) المخففة.

(ولكن) وهي عند البصريين مفردة.

وقال الكوفيون (٤) : هي مركبة من (لا وإن) المكسورة المصدرة بالكاف الزائدة وأصله (لا كإن) فنقلت كسرة الهمزة إلى الكاف وحذفت الهمزة.

فكلمة (لا) تفيد أن ما بعدها ليس كما قبلها ، بل هو مخالف لها نفيا وإثباتا. وكلمة (٥) (إن) تفيد مضمون ما بعدها.

(الاستدراك)

ومعنى الاستدراك (٦) ، رفع توهم يتولد من كلام متقدم

فإذا قلت : (جاءني زيد) فكأنه توهم أن عمرا أيضا جاءك ، لما بينهما من الإلفة.

__________________

ـ الظاهر أبدا بعد تخفيفها مع أنها لا تنفك عن العمل اضطروا أن يجعلوها عاملة في ضمير الشأن المقدر لئلا يفوت عن العمل فراعوا تلك القاعدة في كأن كذلك وإليه أشار بقوله : (وإذا لم تعملها). (أيوبي).

(١) قوله : (ويجوز أن يقال) وهو الموافق لعبارة المتن هنا حيث قال هاهنا وتخفف فتعمل في ضمير شأن مقدر وهنا ويخفف فتلغى على الأفصح ولعبارته في بحث ضمير الشأن حيث قال وحذفه منصوبا ضعيف إلا مع أن إذا خفف. (عصام).

(٢) وهو عدم لزوم ترجيح الأضعف على الأقوى كما يلزم في أن المخففة المفتوحة. (لمحرره).

(٣) ولا يخفى أثر التكلف فيما قالوه وفيه نقل الحركة المتحركة والاسم عدم التركيب. (رضي).

(٤) قوله : (وكلمة أن تحقق) والمقام مقام التأكيد والتحقيق ؛ لأن السابق أوهم خلاف مضمون الجملة فالسامع اعتقد خلافه أو تردد فيه. (عصام).

(٥) وفي الصراح الاستدراك تدارك ما فات فليس السين للطلب وفي الحواشي الهندية أي : لطلب درك السامع لدفع ما عسى أن يتوهم فجعل السين للطلب وعلى التقديرين نقل في الصرف من معنى العام إلى الخاص. (سيالكوني).

(٦) ولما فرغ من بيان معناه شرع في بيان مواضع استعماله فقال يتوسط. (محرم).


فرفعت ذلك التوهم بقولك : (لكن عمرا لم يجئ).

(تتوسط) (١) أي : لكن (بين كلامين متغايرين) نفيا وإثباتا (٢).

(معنى) أي : تغايرا (٣) معنويا.

والضروري هو المعنوي ولهذا اقتصر عليه (٤).

واللفظي قد يكون النفي صريحا نحو : (جاءني زيد لكن عمرا لم يجئ) وقد (٥) لا يكون ، نحو : (زيد حاضر لكن عمرا غائب).

(وتخفف) أي : لكن (فتلغى) (٦) عن العمل لخروجها عن المشابهة.

وأشبهت العاطفة لفظا ومعنى فأجريت مجراها بخلاف (إن ، وأن) المخففتين فإنه ليس لهما ما أجريتا عليه (٧).

وفي بعض النسخ (على الأكثر) وكأنه إشارة إلى ما جاء عن يونس والأخفش إنه يجوز إعمالها قياسها على أخواتها المخففة.

وقال الشارح الرضي : ولا أعرف له شاهدا.

__________________

(١) يعني أن كان الكلام الذي ما قبلها مثبت فيكون ما بعدها منفيا وإن كان ما قبلها منفيا فيكون ما بعدها مثبتا. (لمحرره).

(٢) قوله : (تغايرا معنويا) يجب أن يكون عين الأول موهما لنقيض الثاني. (حكيم).

ـ أشار إلى أنه مفعول مطلق بيان النوع المتغاير وهو التغاير المعنوي.

(٣) ولم يكتف بالإطلاق الذي يفيد التغاير الكامل وهو التغاير اللفظي. (محرم).

(٤) هذا المثال مما أثبته الرضي وأحكمه القرآن حيث وقع فيه وأن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.

(٥) وخالف فيه يونس فاعملها كالمشدودة وليست عنده حرف عطف وهو ضعيف ؛ لأنه لم يظهر لها عمل أصلا في موضع من الاستعمال. (قطب قالي).

(٦) يعني : إن مادة الألف والنون مخالفة لهما بعد التخفيف فإنهما بعد التخفيف وإن خرجتا عن المشابهة لكن لم يحصل لهما مشابهة أخرى بحرف عين عامل مثلهما هذا في النسخ الكثيرة من غير قيد. (عبد الله أفندي).

(٧) لأن لكن المشدد للاستدراك فلا مانع من دخول العاطف بخلاف المخففة فإن المعطف فلا ـ


(ويجوز معها) (١) مشددة ومخففة (الواو) وهي إما لعطف الجملة على الجملة (٢) وإما اعتراضية.

وجعل (٣) الشارح الرضي : الأخير أظهر.

(وليت للتمني) أي : لإنشائه فتدخل على الممكن (٤) ، نحو : (ليت زيدا قائم) ، وعلى المستحيل نحو :

ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب

(وأجاز الفراء : ليت زيدا قائما) بنصب المعمولين بناء على أن (ليت) للتمني ، فكأنه قيل : أتمنى زيدا قائما ، أي : أتمناه كائنا على صفة القيام.

فجزآن (٥) منصوبان على المفعولية بمعنى (ليت).

__________________

ـ ينبغي أن يدخل عليها العاطفة فلو دخلته قيل : انتقل معنى العطف إلى الواو وتجردت لكن للاستدراك وأما المشددة فليست بعاطفة فيجوز معها الواو مطلقا. (قطب).

(١) بأن يعطف قوله : (لكن أكثرهم بأن تكون مع اسمها وخبرها جملة معطوفة على ما قبلها. (محرم).

(٢) قوله : (وجعل الشارح الرضي الأخير أظهر) قال وجعلها اعتراضية أظهر من حيث المعنى لعل وجهة أن الاعتراض لا يتعلق بما قبله وإنما يؤتى به لغرض من الأغراض كالتأكيد وغيره من الاستدراك من جملة الأغراض فيكون أنسب بالاعتراض. (وجيه الدين).

ـ ولعل وجهه أن الواو العاطفة للجمع وليس مقصود المتكلم بجاء زيد ولكن عمرو لم يجيء إفادة أن الحكمين المتغايرين محققان في نفس الأمر فإن المقيد لذلك جاء زيد ولم يجيء عمرو بل مجرد دفع توهم باش من الكلام السابق فهو لإتمام الأول فيكون الاعتراض. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (فتدخل على الممكن) بشرط أن يكون بعيد الخصال حقيقة نحو : ليتا ولبخيل يجود كقولك ليت زيدا يأتيني فيحدثني حيث تدل بعدم ذلك وعدم الطماعية فيه وأن ممكنا قريبا (وجيه) كقول علي رضي‌الله‌عنه.

بكيت على شباب قد تولى

فيا ليت الشباب لذا يعود

ولو كان الشباب بياع بيعا

لأعطيت المبيع ما يريد

(٤) قوله : (فالجزآن منصوبان) لا وجه على هذا التخصيص إجازة ليت زيدا قائما بالفراء ؛ لأن إجازته متفق عليها لكن توجيهه مختلف فيه فعند الفراء منصوبان بمعنى ليت وعند الكسائي نصب الثاني لكان المقدرة وعند المحققين بالحائية فالأوجه أن الفراء يعمل ليت بشبهها بتمنيت ثم هذا من مواقع وجوب حذف كان عند الكسائي ومواقع حذف عامل الحال وجوبا عند ـ


وأجاز الكسائي (١) نصب الجزء الثاني بتقدير (كأن) ومتمسكها قول الشاعر :

يا ليت أيام الصبا رواجعا

فالفراء يقول : معناه : أتمنى أيام الصبا رواجعا ، والكسائي يقول : أي ليت أيام الصبا كانت رواجعا.

فالمحققون : على أن (رواجعا) منصوب على أنه حال من الضمير المستكن في خبرها لمحذوف ، أي : ليت أيام الصبا لنا كائنة (٢) حال كونها راجعة.

(ولعل) (٣) للترجي) (٤) أي : لإنشاءه ولا يدخل على المستحيل.

ومعناه توقع أمر مرجو ، أو مخوف كقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [البقرة : ١٨٩] و (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى : ١٧].

والغالب هو الأول. (وشذ الجر بها) أي : بكلمة (لعل) كما جاء في اللغة العقيلية(٥).

وأنشد السيرافي في ذلك :

وداع (٦) دعا يا من يجيب إلى الندا

فلم يستجبه عند ذلك مجيب

__________________

ـ المحققين. (عصام).

(١) توجيه الكسائي مطرد في النكرة والمعرفة بخلاف ما قاله المحققون فإنه لا يجوز في ليت الشباب يعود يوما أتمنى الرجع إلى إلغاء من المشيب كان البدء الأول. (سيالكوني).

(٢) بدل من لنا أشار إلى نيابة الجار والمجرور المحذوف عن عامله وعمل الضمير. (ك).

(٣) قوله : (ولعل للترجي) ذهب الأخفش والكسائي إلى أنها تكون للتعليل بمعنى اللام وذهب الفراء ومن وافقة من الكوفيين إلى أنها تكون للاستفهام ونقل البعض عن الفراء أن لعل للشك وقال بعضهم : إن كونها للتعليل والاستفهام والشك خطأ من البصريين. (عبد الحكيم).

(٤) الترجي يستعمل في الممكن نحو : لعله يحدث بعد ذلك أمرا. (محرره).

(٥) بضم العين وفتح القاف وياء التصغير قبيلة وفي القاموس عقيل كزبير أو قبيلة. (عصام).

(٦) أي : سائل يسأل من القوم شيئا من درهم أو طعام مثلا.

ـ قوله : (وداع دعا) يقال استجاب له استجابة بمعنى إجابة أي : رب داع هل من مجيب إلى الندى أي : أهل أخذ يمنح المحتاجين فلم يستجيبه فقلت ادع دعوة أخرى وارفع الصوت مرة لعل إلى المغوار منك قريب فتجيبك ويمنحك فإنه الجواد والشاعر يقول على طريق ـ


فقلت ادع أخرى وارفع الصوت

دعوة لعل أبي المغوار (١) منك قريب

وأجيب عنه : بأنه (٢) يحتمل أن يكون على سبيل الحكاية (٣) ، كذا قال المصنف في شرحه يعني : أنه وقع مجرورا في موضع آخر ، فالشاعر حكاه على ما كان عليه أو كان اشتهر ذلك الرجل بأبي المغوار بالياء (٤).

فيجب أن يحكى في الأحوال الثلاثة بالياء (٥).

ولعل (٦) مراد المصنف ـ بما ذكر من التأويل ـ أن هذا البيت يحتمل أن لا يكون من قبيل هذه اللغة الشاذة ، وإلا فلا حاجة إلى التأويل بعدما (٧) جزم فيه بوجود الجر بها ، وحكم بشذوذه.

__________________

ـ التلهف والتحسر على فقد من فقد. (شرح أبيات الكشاف).

(١) فأبى مجرور بلعل ولم يكن لها متعلق ؛ لأنه من الأسماء الستة المضافة إلى غير ياء المتكلم جرها بالياء والمغوار بالغين المعجمة المقاتل بني للمبالغة كالمجزام والمكثار وأبى المغوار كنية للمدوح له. (شيخ زاده).

ـ المغوار كثير الغارة إلى في العل أبي موصوف بأنه كثير الغارة أي : لعل الشأن أو القصة إلى قريب منك فاسم لعل ضمير الشأن وهي مبتدأ والمغوار صفة قريب منك خبره والجملة خبر لعل وعلى هذا لا يكون شاذا. (لمحرره).

ـ رجل مشهور في السخاوة في العرب ، هو في الأصل : المقاتل.

(٢) أي : لا نسلم أن يكون إنشاؤه إلا على استعمالها جارة ؛ لأنه ... إلخ.

(٣) لأنه إنشاد والإنشاد قراءة شعر الغير فيجوز أن يكون قراءته بالياء حكاية عن منشئه لا لالتزامه تلك اللغة. (أيوبي).

ـ قوله : (أو كان اشتهر ذلك) ومنه ما وقع في كتابة على رضي‌الله‌عنه كتبه على بن أبو طالب. (عصام).

(٤) ويكون أبى منصوبا على أنه اسم لعل وقريب خبر لكنه استعمل لفظ أبي في محل النصب بناء على شهرته بذلك. (أيوبي).

(٥) فلم لا يجوز أن يكون منصوبا لكنه ترجح نصبه لترجيح استعمال اللفظ الأشهر فإذا اشتهر لفظ بحال يستعمل عليها في الأحوال الثلث كما يقال كتب على ابن أبو طالب بالواو مع أن المقتضي أن يستعمل بالياء لكونه مضافا إليه للابن. (محرم).

(٦) جواب عما ورد على تأويل المصنف في شرح الكافية بأنه يعد حكمه بالشذوذ لا حاجة إلى هذا التأويل فأجاب عنه بما ترى.

(٧) قوله : (بعد ما جزم) الجزم بوجود الجر لبعد هذا التأويل والحاجة إلى لئلا يقال بجر ـ


(الحروف العاطفة)

(الحروف العاطفة)

العطف في اللغة الإمالة.

ولما كانت هذه الحروف تميل (١) المعطوف إلى المعطوف عليه سميت عاطفة.

(وهي : الواو ، الفاء ، ثم ، وحتى ، وأو ، وإما) بكسر الهمزة (وأم ، ولا ، وبل ، ولكن) وعدّ (٢) بعضهم (أي) المفسرة منها ، وعند الأكثرين : إنما ما بعدها عطف بيان لما قبلها ، كما ذهب بعض آخر إلى أن (بل) التي بعدها مفرد ، نحو : (جاءني زيد بل عمرو) و (ما جاءني زيد بل عمرو) ليست منها ؛ لأن ما بعدها (٣) بدل غلط مما قبلها.

وبدل الغلط بدونها غير فصيح ، وأما معها ففصيح مطرد في كلامهم ؛ لأنها موضوعة لتدارك مثل : هذا الغلط (٤).

(فالأربعة (٥)

__________________

ـ لعل للإشكال مع أنه لاستدلاله أن هذا البيت عن عقيلي. (عصام).

(١) أي : في الحكم والإعراب في عطف المفرد على المفرد أو في لحمول في عطف الجملة على الجملة. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (وعد بعضهم) أي : المفسرة منها وهو السكاكي وصاحب المستوفي وأبو العباس المبرد وإليه ذهب الكوفيون ووقوعها مفسرة للضمير المجرور من غير إعادة الجار وللمرفوع المتصل من غير تأكيد بالمنفصل يقوي مذهب الأكثرين قال ابن هشام إنا لم نر عاطفة تصلح للسقوط دائما يعني أن يصلح للحذف دائما فلا يكون من حروف العطف. (وجيه الدين).

(٣) أي : ما بعد بن حينئذ وقوعها في عطف المفرد على المفرد. (محرم).

(٤) وحاصلة إن المراد بإيرادها تصحيح تركيب بدل الغلط ؛ لأن المراد بها العطف ويمكن أن يجاب أن تصحيح المذكور بالعطف لا ببل مجردة فتكون عاطفة أيضا. (عبد الله أفندي).

(٥) قوله : (فالأربعة الأول) فالفاء للتفسير أي : الحروف العشرة بعد اشتراكها في التشريك ثلاثة أقسام بالحصول الحكمي قسم يثبت به الحكم للتابع والمتبوع جميعا وهي الأربعة الأولى وقسم يثبت به الحكم لأحدهما لا بعينه وهو او وأما وقسم يثبت به الحكم لأحدهما بعينه وهو لا وبل ولكن ثم أن أحاد كل قسم تقترن باختصاص من كل منها بمعنى لا يوجد في الآخر. (سيالكوني).


الأول للجمع) (١) أي : جمع المعطوف والمعطوف عليه في حكم واحد أعم من أن يكون مطلقا أو مع ترتيب (٢).

ومراد النحاة (٣) بالجمع هاهنا : أن لا يكون لأحد الشيئين أو الأشياء كما كانت (أو) و (إما).

وليس المراد اجتماع المعطوف والمعطوف عليه في الفعل في زمان أو مكان.

فقولك (٤) : جاءني زيد ، وعمرو ، أو فعمرو ، أو ثم عمرو ، أو حتى عمرو ، أي : حصل الفعل من كليهما (٥) ، لا من أحدهما دون الآخر.

(فالواو) للجمع مطلقا ، ولا ترتيب فيها).

فقوله : (لا ترتيب فيها) بيان لإطلاقها ، أي : لا ترتيب فيها بين المعطوف والمعطوف عليه ، بمعنى : أنه لا يفهم (٦) هذا الترتيب منها وجودا وعدما (٧).

__________________

(١) بين المفرد وبين ما في حكمه في كونهما مستدى إليهما ومفعولين أو حالين ونحو ذلك وبين الجملتين في حصول مضمونهما. (حكيم).

ـ فالمعنى لإفادة الجمع ؛ لأن أن موضوعها الجمع لا إنه ليس إلا موضوع الواو جزء من موضوعات البواقي. (عصام).

(٢) كما في الثلاثة الباقية سواء كان الترتيب أيضا مطلقا أو مع المهملة أو مع ملاحظة الجزئية. (محرم).

(٣) بيان لتصحيح التفسير يعني إنما صح تفسير الجمع بما قلنا ؛ لأن مراد النحاة. (محرم).

ـ قوله : (ومراد النحاة بالجمع) بل اجتماعهما في فعل المجيء إذا قلت : جاءني زيد وعمرو والذهاب إذا قلت : ذهب زيد وعمرو ؛ لأن مجيئهما وذهابهما ليسا بشرطين بأن يوجدا في زمان واحدا وفي مكان واحد. (ولفيه).

(٤) مبتدأ خبره أي : حصل ؛ لأنه في تأويل معناه حصل ومثله كثير في كلام المصنفين. (وجيه الدين).

(٥) من زيد وعمرو سواء كان في زمان واحدا وفي زمانين أو في مكان واحد أو في مكانين يعني المراد بالجمع هذا.

(٦) أي : فتعطف الشيء على مصاحبة وعلى سابقه وعلى لاحقه فقام زيد وعمرو واحتمل الثلاثة. (سيالكوني).

(٧) كما نقل عن المبرد والكسائي وبعض الفقهاء أو عدما بأن يكون للمعية ما ذهب إليه بعض ـ


(والفاء للترتيب) أي : للجمع (١) مع الترتيب بغير مهلة (٢) (وثم) مثلها) أي : مثل : الفاء في مطلق (٣) الترتيب مقرونة (بمهلة).

(وحتى) مثلها) أي : مثل : (ثم) في الترتيب بمهلة ، غير أن المهلة في (حتى) أقل منها في (ثم).

فهي متوسطة بين الفاء التي لا مهلة فيها وبين (ثم) المفيدة للمهلة.

(ومعطوفها) أي : المعطوف ب : (حتى) بحسب ما اقتضاه وضعها (٤) (جزء) قوي (٥) أو ضعيف ، من حيث (٦) إنه قوي أو ضعيف.

(من متبوعه) أي : متبوع معطوفها.

__________________

ـ الحنفية قال ابن مالك وكونها للمعية راجح والترتيب أكثر وعكسه قليل. (مغني).

(١) أي : لجمع المعطوف والمعطوف عليه مع كون الثاني يعقب الأول من غير تراخ ولا مهلة نحو : جاءني زيد فعمرو. (وجيه).

ـ قوله : (للجمع مع الترتيب) فليس الجمع في معنى اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحصول معتبرا في الترتيب فلذا زاد الشارح بمعونة السابق فاندفع ما قيل : أن الترتيب هو الجمع الخاص فلا حاجة إلى تفسيره بالجمع مع الترتيب. (س).

ـ وفي هذا المقام تفصيل إن كنت من أهل المراق فارجع إلى وجيه الدين وجد فيه نفع كبير. (محرره).

(٢) أي : يشترط عدم المهلة فإنه المتبادر عند الإطلاق ، فلا حاجة إلى تفسير إلى التصريح.

ـ حقيقة أو عادة مثال العادة : (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً)[المؤمنون : ١٤] وقوله تعالى : (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً)[الحجر : ٢٢] فتصبح الأرض مخضرة. (خبيصي).

(٣) لا في الترتيب المطلق وإنما لم يقل ثم للترتيب بمهلة البشاعة التكرار. (حكيم).

(٤) يعني أنها موضوعة ؛ لأن تكون معطوفها جزأ قويا أو ضعيفا ما هو ظاهر كلام الرضي بل صريحة فيفيد على قوته وضعفه ويدل عليهما وإلا فلا وجه لدلالته عليهما. (وجيه الدين).

(٥) قدر الصفة بقرنية قوله : (تفيد) والمراد بالجزء أهم مما هو كجزء منه في الدخول في الحكم السابق نحو : أعجبني الجارية حتى حديثها ويمتنع حتى ولدها والضابط أنها تدخل حيث تصح استثناء المتصل وتمتنع حيث يمتنع. (مغني).

(٦) قيد بذلك ليترتب عليه قوله : (ليفيد) قوة أو ضعفا فإن ليعيد متعلق بمفهوم الكلام فإن قال يعطف بها جزء من المعطوف ليفيد. (حكيم).


(ليفيد) (١) أي : العطف بها (قوة) في المعطوف (أو ضعفا) أي : ليدل عليها حتى (٢) يتميز الجزء بالقوة والضعف عن الكل.

فصار كأنه غيره فصلح ؛ لأن تجعل غاية (٣) وانتهاء للفعل المتعلق بالكل ، ودل انتهاء الفعل (٤) إليه على شموله جميع أجزاء الكل (٥) ، نحو : (مات الناس حتى الأنبياء) و (قدم الحاج حتى المشاة) والفرق بين (ثم) و (حتى) بعد اشتراكهما في الترتيب مع المهلة ، من وجهين (٦) :

أحدهما : اشتراط كون المعطوف ب : (حتى) جزءا من متبوعه ، ولا يشترط ذلك في (ثم).

وثانيهما (٧) أن المهلة المعتبرة في (ثم) إنما هي بحسب الخارج ، نحو : (جاءني زيد ثم عمرو) وفي (حتى) بحسب الذهن ، فإن المناسب بحسب الذهن أن يتعلق الموت أولا بغير الأنبياء ، وأن كان موت الأنبياء بحسب الخارج في أثناء سائر الناس (٨) وهكذا المناسب في الذهن تقدم قدوم ركبان الحاج على رجالتهم (٩) وإن كان في بعض الأوقات على عكس ذلك (١٠).

__________________

(١) واللام يتعلق بمفهوم الكلام كأنه قال يعطف بها جزء من المتبوع ليفيد قوة أو ضعفا. (هندي).

(٢) قوله : (حتى تمييز) إشارة إلى أن القوة المعطوف أو ضعفه إنما هو العطف بحتى لا يغيره من العواطف ؛ لأن حتى يميز الجزء. (أيوبي).

(٣) ففي العاطفة معنى الجارة لانتفاء وقوعها مع الواو العاطفة فالرعاية المعنيين يشترط أن يكون مدخول العاطفة جزأ ليحصل الاشتراك في الحكم قويا أو ضعيفا فيحصل معنى الغاية. (س).

(٤) فيصير معنى الكلام نصا في الشمول بخلاف ما إذا لم يذكر حتى نحو : قدم الحجاز. (ك).

(٥) المغاير لذلك الجزء المميز المخرج عنه بالعطف في القوة والضعف. (محرم).

(٦) بل من ثلاثة أوجه ثالثها ما تقدم من أن المهلة في حتى أقل. (إسفرايئني).

(٧) قوله : (وثانيهما) أشار بذلك إلى دفع ما نقلت سابقا عن الرضي بأن مراد الجزولي بقوله : (غير أن المهلة في حتى أقل مهلة) بحسب الذهن لا بحسب الخارج ولا شك أنها معتبر في حتى لا تدرج الذهن في تعلق الفعل بأجزاء المتبوع يقتضي اعتبار المهلة بدخولها. (حكيم).

(٨) فلا يجوزان بقال فيه مات الناس ثم الأنبياء فإنه خلاف الواقع. (أيوبي).

(٩) قوله : (على رجالتهم) على وزن علامة جميع راجل لمن ليس له ظهر يركب. (قاموس).

(١٠) بأن قدم الركبان بعد المشاة أو قدم بغض المشاة على بعض الركبان. (أيوبي).


ومع هذا يصح أن يقال : (قدم الحاج حتى المشاة) (١).

واعلم (٢) أن الانتهاء بالجزء الأقوى أو الأضعف ، كما يفيد عموم الفعل جميع أجزاء الشيء كذلك (٣) الانتهاء بالملاقي للجزء الأخير يفيد ذلك العموم ، كقولك : (نمت البارحة (٤) حتى الصباح) فإنه يفيد شمول النوم لجميع أجزاء الليلة

وكذلك استعملت (حتى) الجارة في المعنيين جميعا (٥) ، إلا أنه لم يأت في العاطفة ما يلاقي الجزء الأخير ، فإن أصل (حتى) أن تكون جارة لكثرة استعمالها ، فتكون العاطفة محمولة عندهم على الجارة.

وإذا كانت محمولة عليها لم يستعملوها في معنييها جميعا ، ليبقى للأصل على الفرع مزية.

وإنما استعملوها (٦) في أظهر معنييها ، وهو كون مدخولها جزاءا ؛ لأن اتحاد الأجزاء في تعلق الحكم أعرف في العقل ، وأكثر في الوجود من اتحاد المتجاورين.

__________________

(١) يعني لا يضر وقوع العكس لصحة هذا التركيب بخلاف ثم فإنه لا يجوزان يقال في هذه الصورة قدم الحجاج ثم المشاة ؛ لأنه لما اعتبر فيها المهلة بحسب الخارج لزم أن يصبح أيضا فيما وقع في الخارج كذلك. (عبد الله).

(٢) ولما كان الانتهاء في كلام المصنف مقيدا بأن يكون الجزء الأقوى أو الأضعف جزأ من متبوعه علم منه أن الجزء المجاور الذي هو من مستعملات حتى خارج عنه فاشرح أن يليه عليه بقوله : (واعلم ... إلخ). (أيوبي).

(٣) قوله : (كذلك الانتهاء) يعني أن المقصود من اعتبار القوة والضعف ليس إلا ليصح جعله غاية وليحصل المقصود أعني شمول الفعل لجميع أجزاء المتبوع والانتهاء باطلا في بعيد الشمول المذكور من غير حاجة إلى اعتبار القوة والضعف لكونه غاية في نفسه. (سيالكوني).

(٤) أي : كنت نائما في الليلة الماضية على هذا اليوم حتى انتهى نومي إلى الصباح فإن الصباح غير داخل في أجزاء الليل ؛ لأن البارحة يطلق على الليل لكن الصباح غاية ينتهي إليها الجزء الأخير من الليل. (عبد الله).

(٥) في الانتهاء بالجزء الأقوى وفي الانتهاء بالملاقي للجزء الأخير. (أمير).

(٦) بيان لوجه الترجيح في تعيين البعض للترك يعني إنما استعملوا حتى الجارة التي هي الأصل وخصصوها بالاستعمال في المنتهى الملاقي وتركوا استعمال ذلك في العاطفة ؛ لأن هذا ـ


وهكذا في بعض الشروح (١) ومن هذا ظهر وجه اختصاص معطوفها بكونه جزءا متبوعه ، وعدم الحاجة إلى أن يقال : الجزء أعم من أن يكون حقيقة أو حكما ، ليشمل المحاور أيضا كما وقع في بعض الحواشي (٢).

(وأو ، وإما ، وأم) كل من هذه الحروف الثلاثة (لأحد الأمرين) أي : للدلالة على أحد الأمرين أو الأمور حال كون ذلك الأحد (مبهما) أي : غير معين (٣) عند المتكلم.

ولا يتوهم أن (أو) في مثل : قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤](٤) لكل من الأمرين ؛ لأنها مستعملة لأحد الأمرين على ما هو الأصل فيها.

والعموم مستفاد من وقع الأحد المبهم في سياق النفي (٥)

__________________

ـ المعنى ليس بأظهر بالنسبة إلى المعنى الذي هو وكن المنتهى جزأ فاستعملوا العاطفة التي هي المفرع. (عبد الله أيوبي).

(١) إنما تمسك ببعض الشروح لكونه مذكورا فيه مشروحا وإلا فخصوصية حتى العاطفة بالجزء مذكورة في الرضي وغيره من الكتب. (سيالكوني).

(٢) قوله : (كما في بعض الحواشي) لكنه لو لم يقل يشمل المجاز ولم يمثل بنمت البارحة حتى الصباح لأمكن توجيه كلامية بأن مراده بقوله : (أو حكاما اعتبر كجزء بالنسبة إلى ما أنسب إلى المتبوع كما في قوله : (أعجبني الجارية حتى حديثها وضربني السادات حتى عبيدهم. (س).

(٣) تفسير لأحد المبهم باعتبار الوضع لا باعتبار العارض في الاستعمال فلا يتجه ما قيل : هذا في وللشك أما أو للتقليل كما في التقسيمات وأو للإبهام فهو للمعين. (وجيه).

ـ أي : غير معين عند المتكلم هذا بحسب أصل الوضع وأما المعاني الآخر مثل الشك والإبهام وغيرهما وإنما تعرض في الكلام قال الرضي دلالة أو وأما في الإباحة والتمييز والشك والإبهام والتفصيل على معنى أحد الشيئين أو الأشياء على السواء وهذه المعاني تعرض في الكلام لا من قيل : أو وأما بل من قبيل أشياء آخر فالشك من قبيل جهل المتكلم وعدم قصده إلى التفصيل والإبهام والتفصيل من حيث قصده إلى ذلك والإباحة من حيث يحصل به فيصله والتمييز من حيث لا يحصل به ذلك إلى هنا كلامه. (وجيه الدين).

(٤) يعني إذا وقع أو في حيز النفي ليس لأحد الأمرين بل الكل من الأمرين حتى يحصل في نفيه نفي كل منهما كما هو المراد منه لا نفي أحدهما ؛ لأنه ليس بمراد فأجاب بأن هذا التوهم. (عبد الله أيوبي).

(٥) أصل وضع أو الدلالة على أحد الشيئين بحيث ثبت أحدهما وينتفي الآخر سواء كان في النفي ـ


لا من كلمة (أو) (١).

(وأم المتصلة (٢) لازمة لهمزة الاستفهام) أي : غير مستعملة (٣) بدونها.

(يليها) (٤) أي : يذكر بعدها بلا فاصلة (أحد (٥) المستويين) والمستوى (الآخر) يلي (الهمزة) أي : همزة الاستفهام (بعد ثبوت أحدهما) أي : أحد المستويين عند المتكلم(٦).

(لطلب التعيين) من المخاطب (٧).

(ومن ثمة) أي : لأجل أن (أم) المتصلة يليها أحد المستويين والآخر الهمزة بعد ثبوت أحدهما لطلب التعيين.

__________________

ـ أو الإثبات وأن معنى رأيت زيدا أو عمرا وما رأيت زيدا أو عمرا على السواء وهي نفي أحدهما فقط ثم بعد ذلك جرى عادتهم أنه إذا استعمل لفظ أحد أو ما يؤدي معناه في الإثبات فمعناه الواحد فقط وإذا استعمل في غير الموجب فمعناه العموم في الأغلب ويحوزان يراد الواحد فقط. (شيخ الرضي).

(١) والفصل بين أو وأم في قولك : أزيد عندك أو عمرو وأزيد عندك يدل أم عمرو ، إنك في الأول لا تعلم كون أحدهما عنده فأنت تسأل عنه وفي الثاني تعلم أن أحدهما عنده إلا أنك لا تعلم بعينه فأنت تطالبه بالتعيين. (مفصل).

(٢) قوله : (وأم المتصلة) أراد أن يبين الفرق بين الثلاثة وبدأ من القريب. (حكيم).

(٣) قوله : (أي : غير مستعملة) يعني أن اللازم بالمعنى اللغوي المعبر عنه بالفارسية حبذه وليس بالمعنى المصطلح بين أرباب المعقول المفسر بما يمتنع انفكاكه عن الشيء حتى يرد أن الصواب وأم المتصلة ملزومة همزة الاستفهام ؛ لأنه حيث استعملت أم المتصلة دون العكس. (حكيم).

(٤) ولذا كانت أم المتصلة مختصة بعطف الاسم وقد تكون بين الفعلين والفاعل واحد نحو : أقام زيد أم قعد أما لو كان الفعل واحدا نحو : أقام زيد أم قام عمرو كانت منفصلة لا مكان المجيء بالمفرد فالعدول إلى الجملتين دليل الانفصال بخلاف الفعلين المشتركين في الفاعل لعدم إمكان المجيء بالمفردين. (عباب).

(٥) من المفردين أو فعلين أو اسمين أو حرفين. (موشح).

(٦) قوله : (عند المتكلم) منه بقوله : (عند المتكلم بالاستواء في علم المتكلم وبما يتوهم أن الأقرب أن يراد) الاستواء في الإعراب أو الإسناد ولا يستقيم ؛ لأنه ينتفض بمثل أقام عمرو. (عصام).

(٧) أشار إلى أن التعيين لما لم يوجد للمتكلم وجب إحالته إلى المخاطب. (محرم).


(لم يجز) تركيب (أرأيت زيدا أم عمرا؟) فإن المستويين فيه (زيد وعمرو) وأحدهما وأن ولى (أم) ولكن الآخر لم يل الهمزة.

هذا ما اختاره المصنف.

والمنقول عن سيبويه : إن هذا جائز حسن فصيح ، و (أزيدا رأيت أم عمرا؟) أحسن وأفصح ، وحينئذ يكون تركيب (أرأيبت زيدا أم عمرا؟) حسنا وفصيحا وإن لم يكن أحسن وأفصح.

وفي الترجمة الشريفة (١) : أنه وجد بعض نسخ الكافية المقروءة على المصنف وعليه خطه هكذا (يليها أحد المستويين والآخر الهمزة على الأفصح ، ومن ثمة ضعف : أرأيت زيدا أم عمرا؟).

ولا يخفى (٢) أن الحكم بضعفه لتنزيله عن مرتبة الأفصحية إلى الفصيحية غير مناسب؛ لأن ما كان حسنا فصحيا (٣) لا يعد ضعيفا.

وبالجملة (٤) فكلام المصنف هاهنا لا يخلو عن اضطراب. والحق ما نقل عن سيبويه.

(و) أيضا (٥) (من ثمة) أي : من أجل ما ذكر بعينه (كان جوابها) أي : جواب أم المتصلة (بالتعيين) أي : بتعيين أحد الأمرين ؛ لأن السؤال عنه (دون نعم ، أو لا) لأنهما لا يفيدان (٦) التعيين ، بخلاف (أو) و (إما) مع الهمزة ، كما إذا قلت : (أجاءك زيد أم

__________________

(١) قوله : (في الترجمة الشريفية) إشارة إلى تخليص المصنف عنه بأن الحكم بعدم الجواز بناء على نسخة من نسخ الكافية بأنه ... إلخ. (شرح الشرح).

(٢) قوله : (ولا يخفى) إشارة إلى أن في النسخة التي وجدت هكذا خللا أيضا ؛ لأن حاصل اشتراط الوزن للأصح والحكم يضعف هذا التركيب لا يبطلانه. (عبد الله أفندي).

(٣) لأن ما كان فصيحا لا يعد ضعيفا لا كلام في عدم عده ضعيفا مطلقا أما عدم عله صنعا بالإضافة إلى الأفصح فنقله. (عصام).

(٤) أي : سواء كان الواقع من المصنف قوله : (لم يجز أو قوله : (ضعيف). (محرم).

(٥) ولم يجز زيد عندك عمرو بعير الهمزة إلا على شذوذ. (خبيصي).

(٦) قوله : (لأنهما لا يفيدان التعيين) لأن نعم لتقرير ما سبق ولا لرده وما سبق هاهنا ثبوت أحدهما غير معين فلا يستفاد منه التعيين. (س).


عمرو؟) أو (أجاءك إما زيد وإما عمرو؟) فإنه يصح (١) جوابهما ب : (لا) و (نعم) لأن المقصود (٢) بالسؤال أن أحدهما لا على التعيين جاءك (٣) أولا (٤).

وقد يجاب (٥) بنفي كليهما لاحتمال الخطأ في اعتقاد المتكلم بوجود أحدهما. فالمشار(٦) إليه ب : (ثمة) في الموضعين أمر واحد لكنه لما كان مشتملا على شرطين (٧) لصحة وقوع (أم) المتصلة فرع عليه باعتبار كل واحد منهما حكما آخر.

وجعلها إشارة في كل موضع إلى شرط آخر لا يخلو (٨) عن سماحة ، ولو اقتصر على قوله : (ومن ثمة لم يجز) في أول الكلام وعطف قوله : (كان جوابها بالتعيين) على

__________________

(١) قوله : (فإنه يصح) فيه إشارة إلى أنه تصح جوابه بالتعيين قال المصنف في شرح الكافية فإن أجيب بالتعيين فزيادة على السؤال ؛ لأنه لا يلزم من تعيين أحدهما ثبوت أحدهما فخص الجواب مع زيادة. (عبد الحكيم).

(٢) فالسؤال على أحد النسبة فيصح الجواب بنعم ولا لدلالتها على ثبوت النسبة أو نفيها. (ح).

(٣) أو لم يجيء فيجاب بأن أحدهما الأعلى التعيين جاء أو لم يجيء وهو معنى نعم. (وجيه الدين).

(٤) وإن قلت : في جوابه نعم يكون معناه أن أحدهما جاء لأعلى التعيين وإذا قلت : لا يكون معناه أن أحدهما لم يجيء بمعنى أنهما لم يجيئا. (محرم).

(٥) قوله : (وقد يجاب) يعني قد يكون المستفهم مخطئا في دعواه لثبوت أحد الأمرين بما لاح من استفهامه بالهمزة وأم فيقال له على سبيل التردد كما توهمه من وقوع أحدا لأمرين ويذكر بعد ذلك ما يرده إلى الصواب ففي كلا الأمرين ومنه أنه أخطأ في دعواه بثبوت أحدهما كما هو في قول ذي الرمة تقول عمرو مدرجي متروجا على بابها من عند أهلي وغاديا أدور وجه بالمصرام ذو خصومة مدرجي مصدر من أدرج الرجل أو المتزوج اسم الفاعل من نروح إذا ذهب في الزمن المسمى بالرواح وهو من زوال الشمس إلى الليل والزوجة منكوحة الرجل تقعد ذو روحة حبر مبتدأ محذوف أي : أنت ذو روجة بالمصرام ذو خصومة. (وجيه الدين).

(٦) أراد أن يعترض على المصنف بوقوع التكرار في كلامه مع ارتكابه على زعم منه فقال المشار إليه. (أيوبي).

(٧) قوله : (على شرطين) أحدهما أن يكون ما يليها أحد المستويين والآخر الهمزة والمفرع عليه عدم حوار التركيب المذكور والثاني لطلب التعيين والمفرع عليه كان جوابا لتعيين. (سيالكوني).

(٨) لأن المذكور سابقا حكم واحد لا حكمان حتى يشار لكل منهما استقلالا وفيه رد على الفاصل الهندي لكن فيه إن إعادة اسم الإشارة يقتضي أن يكون المشار إليه بالثاني غير الأول دفعا للتكرار. (حكيم).


قوله : (لم يجز) وتعلق كل حكم بشرط على طريق اللف والنشر ، لكان أخصر (١) وأحسن كما لا يخفى.

(و) أم (المنقطعة ك : بل) في الإضراب عن الأول (٢) (و) مثل : (الهمزة) للشك (٣) في الثاني ، والواقع قبلها إما خبر (مثل) قولك : (إنها لا بل أم شاء؟) أي : أن القطعة (٤) التي أراها لا بل ، وهي جملة خبرية فلما علمت أنها ليست إبل أعرضت عن هذا الإخبار ثم شككت في أنها شاء ، أو شيء أخر ، فاستفهمت عنها بقولك : أم شاء أي : بل أهي شاء؟ (٥).

وإما استفهام كما تقول : أزيد عندك أم عمرو؟ أي : بل أعمرو.

وحينئذ تقصد الإضراب عن الاستفهام الثاني.

(وأما) قبل المعطوف عليه لازمة مع إما) أي : غير مستعملة إلا معها يعني : إذا عطف شيء على آخر ب : (إما) نحو : (جاءني إما زيد وإما عمرو) ليعلم من أول الأمر

__________________

(١) لكن ما ذكره المصنف أظهر لعدم الاحتمال فيه على طريق جعل كل واحد مهما إشارة إلى شرط.

(٢) هذا هو الأكثر وقد يجيء لمجرد الأصوب إذا كان ما بعدها مقطوعا نحو : قوله تعالى : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ)[الزخرف : ٥٢] إذا لامعي للاستفهام هنا وكان ما بعدها مشتملا على حرف الاستفهام. (عصام).

ـ سواء كان لتدارك الغلط كما في مثال المتن أو لمجرد الانتقال من كلام إلى كلام كما في قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ)[السجدة : ٣] فلا يليها إلى الجملة أما ظاهرة الجزئين نحو : أزيد عندك أم عمرو عندك أو مقدرة أحدهما كما في مثال المتن. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (للشك في الثاني) هذا بالنظر إلى أصل المعنى ؛ لأن الهمزة للاستفهام قد تجيء للإنكار نحو : أم يقولون افتر به وقد تجيء بمعنى بل وحده كقوله تعالى : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) منه ونحو (هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)[الرعد : ١٦]. (سيالكوني).

(٤) وهي الطائفة من القر والغنم والجمع أقاطع على غير قياس كأنهم جمعوا قطعا. (سياكلوني).

(٥) واعترض على قولهم : إنها لا بل أم شاه أنه عطف الإنشاء على الأخبار وهو غير جائز وأجاب عنه الفاضل الهندى بأن هذا الاستفهام مستأنف فلا يلزم عطف الإنشاء على الأخبار أو العطف بالتأويل ؛ لأنه لما أضرب عن الأول وشك في الثاني كان كأنه قال بعد قوله : (أنها لا بل ليست كذلك فقال أم شاء أي : هي غير شاء أم شاء فيؤل على هذا الوجه إلى المتصلة من حيث المعنى. (وجيه الدين).


أن الكلام مبيني على الشك ، (جائزة مع (أو) يعني : إذا عطف شيء على آخر ب : (أو) يجوز أن يصدر المعطوف عليه ب : (أما) نحو : (جاءني إما زيد أو عمرو) ولكن لا يجب نحو : (جاءني زيد أو عمرو).

وذهب بعض النحاة (١) إلى أن (إما) ليست من الحروف العاطفة (٢) ، وإلا لم تقع عليه قبل المعطوف عليه ، وأيضا (٣) يدخل عليها الواو العاطفة.

فلو كانت هي أيضا للعطف يلزم إيراد عاطفين معا ، ويكون أحدهما لغوا والجواب عن الأول أن (إما) السابقة على المعطوف عليه ليست للعطف بل للتنبيه على الشك في أول الكلام ، كما عرفت.

وعن الثاني (٤) : أن الواو الداخلة على (إما) الثانية لعطفها على (إما) الأولى ، و (أما) الثانية لعطف ما بعدها على ما بعد (إما) الأولى ، فلكل منهما فائدة أخرى فلا لغو.

__________________

(١) وعند أبي علي الفارس أن إما مطلقا ليست من حروف العطف لتقدمها ودخول الواو على أما. (خبيصي).

(٢) أي : وإن كانت من العاطفة لزم الخلف فإن العاطفة. (شرح).

(٣) إشارة إلى دليل آخر على عدم كونها عاطفة وهو أنه لو كانت لم يحز دخول العاطفة الأخرى عليها وليس كذلك.

(٤) يعني : أنه لا يلزم من تقدم إما عدم كون الثانية عاطفة وإنما يلزم لو كانت الأولى للعطف وليس كذلك. (محرم).

ـ قوله : (وعن الثاني أن الواو الداخلة) هذا من مخترعات الشارح أمدة من قوله : (الأندلسي حيث قال العاطفة كلتاهما والواو لعطف أحديهما على الأخرى لتجعلهما كحرف واحد يعطف به ما بعد الثانية على ما بعد الأولى ويتجه على الشارح أنه لما لم يكن أما الأولى للعطف كيف يصح عطف الثانية عليها بحرف الجمع المفيد شركة المعطوف مع المعطوف عليه في حكم الترتيب والمشهوران الواو زائدة لتأكيد العطف ورفع الالتباس بغير العاطفة حتى قيل : التزامها دون لكن للزومها مصاحبة غيرها عاطفة بخلاف لكن. (عصام الدين).

ـ قال المصنف في شرح المفصل ؛ إن الواو في أما حرف عطف دخل على ما الغرض الجمع بيده وبين أما المتقدمة ويكون أما نفسها لغرض ما تجمع بينه وبين أما المتقدمة وهذا هو الصحيح انتهى كلامه فظهر أن هذا اليس من مخترعات الشارح كما قيل. (وجيه الدين).


(ولا وبل ولكن) هذه الحروف الثلاثة (لأحدهما معينا) أي : لنسبة الحكم إلى أحد من الأمرين المعطوف والمعطوف عليه على التعيين. فكلمة (١) (لا) لنفي الحكم الثابت للمعطوف عليه عن المعطوف.

فالحكم هاهنا للمعطوف عليه لا للمعطوف ، نحو : (جاءني زيد لا عمرو) فحكم المجيء فيه لزيد لا لعمرو.

وكلمة (بل) بعد الإثبات لصرف الحكم (٢) عن المعطوف عليه إلى المعطوف نحو : (جاءني زيد بل عمرو) أي : بل جاءني عمرو ، فحكم المجيء فيه للمعطوف دون المعطوف عليه على عكس (لا).

والمعطوف عليه في حكم المسكوت غنه ، فكأنه لم يحكم عليه بشيء ، لا بالمجيء ولا بعدمه.

والإخبار الذي وقع منه لم يكن بطريق القصد (٣) ، ولهذا صرف عنه بكلمة (بل) (٤)

__________________

(١) قوله : (فكلمة لا) فلا تجيء إلا بعد الإثبات اللفظي والمعنوي نحو : ما زال زيد قائما لا قاعدا ولا تعطف إلا الاسم وعطف المصنف دونها نادر. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لصرف الحكم) هذا التفصيل في عطف المفرد على المفرد ببل وأما في عطف الجملة على الجملة للإضراب أما بالإبطال نحو : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)[الأنبياء : ٢٦ :] أي : بل هم مكرمون وأما الانتقال من غرض إلى آخر نحو : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا)[الأعلى : ١٤ ـ ١٦] وهي في ذلك كله حرف ابتداء عاطفة على الصحيح كذا في المعنى فلذا لم يتعرض الشارح ويجوزان يوافق ما بعدها لما قبلها إثبات أو نفيا قال الله تعالى : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)[النحل : ٥٥] وقال الله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ)[السجدة : ٣]. (س).

ـ أي : ذكر لم يكن مهما أو كان خطأ أو عمدا أو سهوا وليس المراد أنه وقع لا بطريق القصد. (س).

(٣) فإنه لو كان المقصود إثبات الحكم المجيئة إليها لقال جاءني زيد وعمرو ولو كان نفيه عن الأول لقال لم يجيء زيد بل عمرو الحكم الأول بالوجهين ثم شرع في استعمال الثاني لها فقال وأما كلمة. (أيوبي).

(٤) أي : في كون الأول في حكم السكوت عنه كما في الإثبات وفي كونه محكوما عليه بالنفي. (محرم).


وأما كلمة (بل) بعد النفي نحو : (ما جاءني زيد بل عمرو) ففيه خلاف (١).

فذهب بعضهم : إلى أن كلمة (بل) لصرف الحكم المنفي من المعطوف عليه إلى المعطوف أي : بل ما جاءني عمرو والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه.

وبعضهم : إلى أنها تثبت الحكم المنفي عن المعطوف عليه للمعطوف ، والمعطوف عليه في حكم المسكوت عنه أو الحكم منفي عنه.

فمعنى (ما جاءني زيد بل عمرو) بل جاءني عمرو و (زيد) إما في حكم المسكوت عنه أو المجيء منفي عنه.

(ولكن لازمة (٢) للنفي) أي : غير مستعملة بدونه.

فإن كانت لعطف المفرد على المفرد فهي نقيضه (٣) (لا) فتكون لإيجاب ما انتفى عن الأول فتكون لازمة لنفي (٤) الحكم عن الأول ، نحو : (ما قام زيد لكن عمرو) أي : قام عمرو.

وإن كانت لعطف (٥) الجملة على الجملة فهي نظيرة (بل) في مجيئها بعد النفي والإثبات.

__________________

(١) يعني أنها تصرف حكم عدم المجيئية في هذا المثال من زيد إلى عمرو فيكون المقصود نفيه عن عمرو. (تكملة).

(٢) قوله : (ولكن) للاستدراك وهو عبارة عن دفع توهم تولد عن كلام سابق ولذا توسط بين كلامين متغايرين معنى كما ذكر من حروف المشبهة بالفعل وهي أي : لكن في عطف الجملة نظيرة بل وفي عطف المفردات نقيضه لا أي : لإثبات ما لنفي عن الأول يعني إذا عطف بلكن الجملة على الجملة فيجيء لكن بعد النفي والإيجاب كما أن بل يجيء مد النفي والإثبات أيضا مثال ما يجيء لكن بعد الأيجاب قولك : ما جاءني زيد لكن عمرو قد جاء وإذا عطف بلكن المفرد على المفرد فتجيء لكن بعد النفي خاصة بعكس لا فإنها تجيء بعد الإثبات خاصة كقولك رأيت زيد لكن عمرا أي : لكن رأيت عمرا فإن قلت : زيدا لكن عمرا لم يجز. (شرح مغني).

(٣) قوله : (نقيضة) لا في أن ما قبلها يجب أن يكون منفيا وما قبل لا أن يكون في المفرد معنى النفي ؛ لأن حرف النفي إنما يدخل على الجمل فلا بد أن يكون لكن بعد النفي. (سيالكوني).

(٤) أي : الانتقاء عن الأول باق بحاله لم يفتح الحكم به غلط وإنما جيء لدفع التوهم. (عبد الحكيم).

(٥) قوله : (إن كانت) في عطف الجملة فشارة إلى أن الداخلة على الجملة عاطفة وهو ـ


فبعد النفي لإثبات ما بعدها وبعد الإثبات لنفي ما بعدها نحو : (جاءني زيد لكن عمرو وقد جاء) فعلى كل تقدير غير مستعملة بدون النفي.

(حروف التنبيه) (١)

(ألا ، وأما (٢) ، وها)

يصدر بها (٣) الجمل كلها حتى لا يغفل (٤) المخاطب عن شيء مما يلقى المتكلم إليه.

ولهذا سميت حروف التنبيه ، نحو : (ألا زيد قائم ، وها زيد قائم).

__________________

ـ مختار الزمخشري فلا يحسن الوقف على ما قبلها وقال الجزولي مخففة فيحسن الوقف على ما قبلها لكنها حرف النداء وقال يونس في جميع مواقعها مخففة لجواز دخول الواو عليها ففي المفرد يقدر العامل بعدها ويشكل ذلك إذا يبقى مجرورا بلا جار نحو : مررت لكن عمرو والقول في الجواب والتقدير لكن عمرو مررت به تكلف أن جر الجوار ليس بقياس. (عبد الحكيم).

(١) الظاهر أن هذه الحروف ليست من حروف المعاني بل أصوات وضعت لغرض التنبيه فالأليق أن يجعل من قبل حروف الزيادة. (عصام).

ـ قال المصنف في أمالي المسائل المتفرقة تسميتها حروف التنبيه أولى من تسميها بحروف الاستفتاح ؛ لأن إضافتها إلى المعنى المختصة به أولى من إضافتها إلى المعنى المختصة أولى من إضافتها إلى أمر ليس من دلالتها والتنبيه من دلالة هذه الحروف بخلاف الاستفتاح. (س).

(٢) إلا وأما مخفضين وضعتا لتنبيه المخاطب قبل الشروع في الجملة اسمية كانت أو فعلية إخبارية أو إنشائية وتحريضه على حسن الاستماع ليتقظن لما يقال نحو : إلا أن زيدا منطلق والإقام زيد وأما إنك خارج وفي التنزيل : (يَسْجُدُونَ)[النحل : ٢٥] وفي الشعر :

أما والذي أبكى وأضحك

الذي أمات وأحيى

ـ ويقال عما هما أم عم بابدال همزة أما هاء أو عينا وحدن الألف من الجميع. (خبيصي).

(٣) أي : يؤتى بها في صدر الجمل الاسمية والفعلية والخبرية والإنشائية الطلبية وغيرها فإلا وأما واجبتا التصدير وهي جائرة التصدير إلا إذا فصل بينهما وبين اسم الإشارة نحوها لعمر الله فاقسم. (سيالكوني).

(٤) قوله : (حتى لا يفضل) ومع ذلك يفيد إلا وأما تحقيق ما بعدهما لتركبهما من همزة الاستفهام الإنكاري وحرف النفي ولذا لا تكاد تقع الجملة بعد إلا المصدرة مما يتلقى به القسم نحو : قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)[يونس : ٦٢] وإما من مقدمات اليمين نحو : إما والذي لا يعلم الغيب غيره. (سيالكوني).


وتدخل (ها) خاصة من المفردات (١) على أسماء الإشارة حتى لا يغفل المخاطب عن الإشارة التي لا يتعين معنييها (٢) إلا بها ، نحو : هذا ، وهاتا ، وهذان ، وهاتان ، وهؤلاء.

(حروف النداء)

(يا أعمها) استعمالا ؛ لأنها تستعمل لنداء القريب والبعيد ، (وأيا) و (هيا) للبعيد (٣) ، و (أي) بفتح الهمزة وسكون الياء ، (والهمزة للقريب) وكأنه أراد بالقريب ما عدا البعيد ، فيدخل فيه المتوسط أيضا.

فإن القريب ينقسم إلى قريب متصف بأصل القرب من غير زيادة ، وله كلمة (أي) وإلى : أقرب متصف بزيادة القرب ، وله الهمزة بخلاف البعيد ، فإنه لم يذكر له مرتبتان.

فالقريب بالمعنى المقابل للأقرب هو المتوسط بين كمال البعد وكمال القرب.

(حروف الإيجاب)

(نعم (٤) ، وبلى ، وأي) بكسر الهمزة وسكون الياء.

__________________

(١) يعني : أن الأولين تختصان بالدخول إلى الجملة بخلافها فإنها تدخل على الجملة والمفرد لكن ليست بداخلة في جميع المفردات بل تدخل من الأسماء على أسماء الإشارة. (حاشية ك).

(٢) لأنها موضوعة للجزئيات بالوضع العام أو للمعنى العام بشرط الاستعمال في الجزئيات وعلى كلا التقديرين ما يدل على تعيين المراد بها الإشارة. (حاشية ك).

(٣) أيا من حروف النداء وينادى بها القريب والبعيد ولم يلتفت إلى كلام النحاة اعلم أن أيا كما أنه أعم بحب المغني أعم بحسب موارد الاستعمال فتكون محذوفة ومذكورة ولا يحذف من حروف النداء سواها ولا ينادي اسم الله تعالى والاسم المستغاث وإنها وأيها الإبها ولا ينديا ؛ لأنها أوبوا. (عصام).

ـ حقيقة أو حكما كالساهي أو النائم والمتخير ووجه التخصيص أن نداء البعيد يحتاج إلى رفع الصوت وذلك لكثرة حروف المد وهما متحققان في أيا وهيا ومنفيان في أي : والهمزة والمد تحقق دون الكثرة في يا فلا يصلح للقريب والبعيد وبهذا ظهر كون أي : للقريب والهمزة فلا قرب. (محشي ك).

(٤) قوله : (نعم فيه) أربع فتح العين وكسرهما وتبديلها وكسر النون إتباعا لكسرة العين. (سيالكوني).


(وأجل ، وجير ، وإن) بكسر الهمزة وفتح النون المشددة.

ومن بيان معاني تلك الحروف يتبين وجه تسميتها (١) بحروف الإيجاب.

(ف : نعم مقررة لما سبقها) أي : محققة لمضمونه (٢) استفهاما كان ، أو خبرا.

فهي في جواب : أقام زيد؟ بمعنى : قام زيد ، وفي جواب : ألم يقم زيد؟ بمعنى : لم يقم زيد.

و (بلى) في جواب (٣) : ألم يقم زيد؟ بمعنى : قام زيد.

فمعنى (بلى) في جواب : (ألست بربكم) أنت ربنا.

ولو قيل (٤) في موضع (بلى) هاهنا : (نعم) لكان كفرا.

فإن معناه حينئذ : لست بربنا (٥).

وقيل : يجوز استعمال (نعم) هاهنا بجعلها (٦)

__________________

(١) قوله : (وجه تسميها) وذلك معاني جميعها الإيجاب والإثبات إلا أنها تفترق في أن بعضها لإيجاب ما سبق من الكلام نفيا كان أو إثباتا استفهاما كان أو خبرا أو بعضها لإيجاب النفي وبعضها لإيجاب الخبر. (وجيه الدين).

(٢) أي : ليس المراد بالتقرير التأكيد فإنه إنما يوجد فيما بعد الجنس بل التحقيق. (ك).

(٣) قوله : (وبلى في جواب لم يقم) ذكرها هاهنا توطئة لبيان عدم صحية نعم في جواب ألست بربكم وصحته ولو اكتفى على قوله : (قال فلو قيل) : نعم في جواب ألست بربكم لكان كذا ، ولكان أخصر وأحفظ من الحوالة على ما بعده من لزوم التكرار في بيان معنى ألست بربكم قالوا بلى كما لا يخفي. (سيالكوني).

(٤) هذا إشارة إلى أنه إثبات بإبطال نقيضه يعني أن بلى لإيجاب النفي فقط. (محرم).

(٥) لكون نعم محققة لمضمون ما سبق نفيا أو إثباتا ومضمون ما سبق هاهنا منفي لدخول ليس وهذا هو المختار عند البلغاء لما تقرر في علم المعاني من أن مضمون النقي الداخل عليه همزة الإنكار منفي. (أيوبي).

(٦) قوله : (تصديقا) لا تقرير لما بعده همزة الاستفهام فلا يكون جوابا للاستفهام ؛ لأن جواب الاستفهام يكون بما بعده. (حكيم).


تصديقا للإثبات المستفاد من إنكار النفي (١).

وقد اشتهر هذا في العرف.

فلو (٢) قال أحد : يا زيد أليس لي عليك ألف درهم ، وقال زيد : نعم ، يكون إقرارا ويقوم مقام (بلى) لتقرير الإثبات بعد النفي.

(وبلى) مختصة بإيجاب النفي) يعني : تنقض النفي المتقدم وتجعله إيجابا سواء كان ذلك النفي مجردا عن الاستفهام نحو : بلى ، في جواب من قال : (ما قام (٣) زيد) أي : قد قام ، أو مقرونا به.

فهي إذن لنقض النفي الذي بعد ذلك (٤) الاستفهام ، كقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢] أي : بلى أنت ربنا.

وقد جاء على سبيل الشذوذ لتصديق الإيجاب ، كما تقول في جواب : أقام زيد؟ بلى قام زيد.

و (أي) إثبات بعد الاستفهام ، ولا شك (٥) في غلبة استعمالها مسبوقة بالاستفهام.

وذكر بعضهم : أنها تجيء لتصديق الخبر أيضا.

__________________

(١) يعني : أن الهمزة الداخلة عليه لما كانت للإنكار أمضي أن يكون مضمونه إثباتا كما كان مضمون قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ)[الزمر : ٣٦] هو أنه كاف ، وكذا أن يكون مضمون ألست بربكم هو أنا ربكم فكلمة نعم تكون مقررة لمعنى أنا ربكم لا لمعنى لست بربكم. (أيوبي).

(٢) قوله : (فلو قال) الفاضل الهندي ومنه وما ورد في حديث الخثعمية من قولها : نعم قوله عليه‌السلام : «لو كان على أبيك دين لقضيته أما كان يقبل عنك؟» فقالت : نعم ، فقال النبي عليه‌السلام : «فدين الله تعالى أحق» [البخاري (١٩٥٣)] فإن أيجاب للقبول ولا تصديق للنفي. (عصام).

(٣) يعني إذا أخبر أحد نفي قيام زيد بقوله : (ما قام زيد وقلت في جوابه بلى كان معناه أي : قد قام. (محرم).

(٤) قوله : (بعد الاستفهام) بالهمزة أو ببل وكذا جميع حروف الإيجاب لان أسماء الاستفهام لطلب التعيين وحرف الإيجاب لتقرير الحكم. (سيالكوني).

ـ كما هو المختار لا إنها لتقرير الإثبات المفهوم من نفي النفي كما هو غير المختار. (محرم).

(٥) ولما كان مراده به أن كونها كذلك غالبي لا تزوم أشار إليه بقوله : (ولا شك). (أيوبي).


وذكر ابن مالك (١) : أن (أي) بمعنى (نعم) وهذا مخالف لما ذكره (٢) المصنف.

(ويلزمها القسم) أي : لا تستعمل إلا مع القسم من غير ذكر فعل القسم. فلا يقال(٣) : أي أقسمت والله.

ولا يكون المقسم به إلا الرب والله ولعمري.

تقول : إي والله ، وإي وربي ، وإي ولعمري.

(وأجل (٤) ، وجير) (٥) بالكسر والفتح (٦) (و (إن) تصديق للمخبر).

وفي بعض النسخ : (تصديق للخبر) كقولك : أجل وجير وإن للمخبر : قد أتاك زيد ، أو لم يأتك ، أي : قد أتى ، أو لم يأت.

وجاء (إن) لتصديق الدعاء أيضا ، نحو قول ابن الزبير رضي‌الله‌عنهما (٧) لمن قال (لعن الله ناقة حملتني إليك : إن وراكبها) أي : لعن الله تلك الناقة واركبها.

__________________

(١) قوله : (وذكر ابن مالك) في المغنى أن أجد بمعنى نعم يقع بعد قام زيد وهل قام زيد واضرب زيد ونحوهن كما تقع نعم بعد هن وزعم ابن الحاجب بعد الاستفهام. (س).

(٢) لأنه يقتضي أن يذكرها مع نعم بأن يقول فنعم وأي : مقررتان لما سبقهما ولما ذكرها المصنف هاهنا بقوله : (إنها إثبات بعد الاستفهام) لم يكن كلامه قابلا لتأويل يوافق ما ذكره ابن مالك. (عبد الله أيوبي).

(٣) يعني لا يجوز تصريح ذكر متعلقة كما يجوز تصريحه في باء القسم وهذه خاصة أخرى. (تكملة).

(٤) قوله : (وأجل) بسكون اللام جعله في المعنى بمعنى نعم والاختصاص قول الزمخشري وابن مالك وجماعة وقال ابن حروف أكثر ما يكون بعده. (حكيم).

(٥) هذه الثلاثة تصديق للخبر كقولك من جواب عن يقول قام زيد أجل وجبر والمراد بالمخبر هو المتكلم أعم من أن يتكلم بالخبر والإنشاء يشمل الاستفهام والدعاء وغيرهما لا الذي بالخبر فقط. (أمير حلبي).

(٦) أي : بكسر الراء وفتحها فالكسر على أصل التقاء الساكنين كأمس والفتح للتخفيف.

(٧) قوله : (ابن الزبير) روى أن عبد الله بن زبير أتاه فضالة ابن شريك وقال يا أمير المؤمنين أن ناقتي دبرت ونقبت حتى وصلت إليك فقال أرفقها بسبب وأحفظها بهلت وسيرها البريد فقال : جئتك مستمحا لا مستعلما فلعن الله ناقة حملتني فقال ابن زبير أن وراكبها والسبب الراحة والهلت القشر والبريد أول اليوم وآخره والاستماحة والامتياج طلب العطا. (عبد الحكيم).

ـ وقصته أنه أتى سائل إلى ابن زبير فسئل شيئا عنه فلم يعطه شيئا فقال السائل لعن الله ناقة حملتني إليك فقال ابن زبير أن وراكبها تصديق لدعاء السائل. (لمحرره).


وجاء بعد الاستفهام أيضا في قول الشاعر :

ليت شعري هل للمحب شفاء

من جوى (١) حبهن إن اللقاء

أي : نعم اللقاء شفاء للمحب.

فمجيئها في هذين الموضعين خلاف ما ذكره المصنف من كونها تصديقا للمخبر (٢).

(حروف الزيادة)

وإنما سميت هذه الحروف زوائد ؛ لأنها قد تقع زائدة ، لا أنها لا تقع إلا زائدة.

ومعنى كونها زائدة : أن أصل (٣) المعنى بدونها لا يختل ، لا أنها لا فائدة لها أصلا.

فإن لها فوائد في كلام العرب ، إما معنوية وإما لفظية.

فالمعنوية : تأكيد المعنى كما في (من) الاستغراقية ، والباء في خبر (ما) و (ليس).

وأما الفائدة اللفظية : فهي تزيين اللفظ وكونه بزيادتها أفصح ، أو كون الكلمة أو الكلام بسببها مهيئا لاستقامة وزن الشعر ، أو لحسن السجع ، أو لغير ذلك.

__________________

(١) الجوى الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن كثير. (وجيه).

ـ الجوى هو في باطن والحزن والحرقة وشدة الوجد وداء في الصدر وكلها في المقام حسن. (عصام).

(٢) وعن الأخفش أنه يجوز استعمال أجل في الخبر والاستفهام مثل نعم إلا أن استعمال أجل في الخبر أحسن واستعمال نعم في الاستفهام أحسن ويقال جير لأفعلن بمعنى حقا. (خبيصي).

(٣) قوله : (أن أصل المعنى) وما هو قصد أفادته للمخاطب بدون لا يختل فالمعنى المستفاد منها تكرار والحكم بخلاف أن ولام الابتداء فإن أصل المعنى وهو الحكم مع تحقق الإنكار يختل بدونها وخلاصته أنها للتحقيق والتثبيت دون التأكيد وفرق بينهما هذا إذا قلنا أن التأكيد معناها وأما إذا قلنا أن غرض منها على ما يدل عليه عبارة القاضي في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً)[البقرة : ٢٦] وعدها من حروف التنزيل الغرض منزلة معنى فالفرق أظهروا وأما أسماء التأكيد فلا سميتها لم يطلب عليها الزائد. (عبد الحكيم).


ولا يجوز خلوها من الفائدتين معا ، وإلا لعدت عبثا ، ولا يجوز ذلك في كلام الفصحاء ، ولا سيما في كلام الباري سبحانه وتعالى.

(إن ، وأن) (١) مخففتين (ما ، ولا ، ومن ، والباء ، واللام).

ف : (إن) بكسر الهمزة وسكون النون تزاد (مع (٢) (ما) النافية) (٣) كثيرا لتأكيد النفي نحو : (ما إن رأيت زيد) أي : ما رأيت زيدا.

(و) قلت) أي : زيادة (إن) (مع ما المصدرية) (٤) نحو : انتظرني ما إن جلس القاضي ، أي : مدة جلوسه.

(و) قلت : زيادتها أيضا مع (لما) نحو : (لما إن قام زيد قمت).

(وأن) بفتح الهمزة وسكون النون تزاد (مع لما) كثيرا نحو : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ).

(و) تزاد (بين لو والقسم) المتقدم عليه نحو : (والله أن لو أقم زيد قمت).

(وقلت) زيادتها (مع الكاف) نحو :

__________________

(١) قوله : (أن وأن) قيل : لم يبينوا في أن هل هو أن الشرطية أو النافية أو المخففة من المثقلة وفي أن هل هي المخففة أو الناصبة أو المفسرة والاحتمال قائم وهو فإنها غيرها لذكرها مقابلا لها في المغنى ذكر فيه أن الأخفش قال أن الزائدة تنصب المضارع مكن والباء الزائدتين وجعل منه قوله تعالى : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ)[إبراهيم: ١٢] ، (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ)[البقرة : ٢٤٦ :] وقال غيره إنها مصدرية وإنما لم يجز ثلاثة إن تعمل لعدم اختصاصها بالأفعال بخلاف حرف الجر الزائد فإنه كالحرف الأصلي في الاختصاص بالاسم فذلك عمل ثم قال ولا معنى ؛ لأن الزائد على التوكيد كسائر الزوائد. (سيالكوني).

(٢) وعند الفراء أنها أن النافية دخلت على ما النافية للتأكيد واجتماعهما لتأكيد النفي كاجتماع أن واللام لتأكيد الإثبات وعند غيره أن جواز اجتماعهما في الإثبات لوجود الفاصل. (موشح).

(٣) دخلت على جملة كما في الشرح أو اسمية كقولنا فما أن ظباء جئن وفي هذه الحالة تكف ما الحجازية عن العمل وقد تزاد بعد ما الموصولة الاسمية وبعد إلا الاستفتاحية. (حكيم).

(٤) وكذا الاسمية نحو : قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ)[الأحقاف : ٢٦] وبعد ألا للتنبيه نحو: إلا أن قام أبوه. (عصام).


كأن ظبية (١) تعطو (٢) إلى ناضر (٣) السلم

على تقدير (٤) رواية (ظبية) بالجر.

(و (ما) تزاد (مع (إذا) نحو : (إذا ما تخرج أخرج) بمعنى : إذا تخرج أخرج (و) مع (متى) (متى ما تذهب أذهب).

(و) مع (أي) نحو : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠].

(و) مع (أين) نحو : (أينما تجلس أجلس) (و) مع (إن) نحو : إما (تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : ٢٦](٥).

حال كون تلك المذكورات مع (٦) (ما) (شرطا) أي : أدوات شرط.

__________________

(١) قوله : (كأن ظبية) أوله :

ويوما يوافينا بوجه مقسم

ـ والمعنى يوما تأتينا الحبيبة بوجه حسن كظبية تمد صيدها إلى عمر ناظر من هذه الشجر وإنما شبهها في هذه الحالة يكون أحسن منظر. (وجيه الدين).

ـ قوله : (كأن طبية) أوله :

فيوما توافينا بوجه مقسم

ـ الموافات الملافات والضمير للحبيبة والقسامة الحسن وفلان قسيم الوجه ومقسم الوجه والعطو التناول رفع الرأس واليدين والناضر الشديد الحضرة ويروى وارق أي : الشجرة الخضراء والسلم بفتحتين شجر عظيم له شوك. (سيالكوني).

(٢) أي : تناول ضمن معنى الميل ولهذا عدى بالي والجملة صفة ظبية. (وجيه).

(٣) من تضر وجهه إذا حسن وأراد به الخضرة والطراوة. (وجيه).

(٤) قوله : (على تقدير رواية) يرو بنصب ظبية على أعمال كأن المخففة ويرفعها على إلغائها وأعمالها في ضمير الشأن المحذوف والمعنى تأتينا هذه المرأة بوجه لم يخل من الحسن موضع منه كأنها في حسن عينها وامتداد جيدها كظبية تمد عنقها إلى غصين هذه الشجرة وضع بهذه ؛ لأنها بهذا الحال تزداد حسنا. (عبد الحكيم).

(٥) يعني أنه حال من الكلمات الخمس المذكورة مع ما وفائدة أنها تستعمل شرطا وغير شرط وزيادة ما مخصصة بحال الشرط. (سيالكوني).

(٦) متعلق بالمذكورات لا بأكون حتى يلزم المجموع شرطا والواقع خلافه فإن الشرط هو المذكورات وحدها لا المجموع من المذكورات. (وجيه).


(و) مع (بعض حروف الجر) نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران: ١٥٩] ، و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) [نوح : ٢٥] و (عما قليل) ، وزيد صديقي كما أن عمرا أخي.

(وقلت) زيادة (ما) (مع المضاف) نحو : (غضبت من غير ما جرم) و (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) [القصص : ٢٨].

وقيل (ما) فيها كلها نكرة والمجرور بعدها بدل منها.

(ولا) أي : كلمة (لا) تزاد (مع الواو) العاطفة (بعد النفي) لفظا نحو : (ما جاءني زيد ولا عمرو) أو معنى ، نحو : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧](١).

(و) تزاد (بعد أن المصدرية) نحو قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)[الأعراف : ١٢](٢) أي : إن تسجد.

(وقلت) زيادة (لا (٣) قبل أقسم) نحو : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ)[القيامة:١](٤) ، و (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد : ١].

والسر في زيادتها التنبيه على جلاء القضية ، بحيث تستغني عن القسم فتبرز لذلك في صورة نفي القسم.

(وشذت) زيادتها (مع المضاف) كقوله :

__________________

(١) فإن عمرو في المثال الأول معطوف على زيد داخل في حيز النفي اللفظي وهو ما والضالين في النظم معطوف على المغضوب الذي هو مدخول غير وليس بنفي لفظا بل معنى. (أيوبي).

(٢) إذا المعنى ما منعك أن تسجد ؛ لأنه إنما امتنع عن السجود ولهذا ذمة بهذا القول فلو كان لا غير مزيدة كان المعنى ما منعك من عدم السجود والامتناع عن عدم السجود وهو السجود فيلزم ذمة على السجود. (وجيه الدين).

(٣) وإذا كثرت القسم الذي جوابه نفي للإيذان بأن جوابه نفي نحو : لا والله لا أفعل. (عصام).

(٤) قوله : (لا أقسم) ذهب إليه جماعة ثم اختلفوا فقيل زيدت توطئة لنفي الجواب أي : لا أقسم بيوم لا يتركون سدى ورد بأن قد يجيء الجواب بعده مثبتا نحو : لقد خلقنا الإنسان في كبد وقيل زيد لمجرد التأكيد ورد بأنها لا تزداد كذلك صدرا بل حشو وفيه نظر وذهب جماعة إلى أنها نافية فقيل المنفى وقسم على أن يكون أخبار إلا إنشاء أي : لا أعظمه بالأقسام به لاستحقاقه أعظاما فوق ذلك قال الزمخشري وقيل المنفى شيء متقدم وهو لا ما حكي عنهم كثيرا من إنكار البعث أي : ليس الأمر كذلك ثم استؤنف القسم. (منهل).


في بئر (١) لا حور (٢) سرى وما شعر

أي : في بئر حور

والحور : المهلكة جمع حائر أي : هالك من حار أي : هلك.

(ومن ، والباء ، واللام تقدم ذكرها) مشتملا على ذكر مواضع زيادتها ، فلا حاجة إلى تكرارها.

(أي) فهي تفسر كل مبهم من المفرد ، نحو : (جاءني زيد أي : أبو عبد الله) والجملة كما تقول : (قطع رزقه ، أي : مات).

(وأن) وهي ، أي : أن (مختصة بما في معنى القول) أي : بفعل (٣) متقرر في معنى

__________________

(١) وذهب أن لا قد يكون اسما بمعنى غير وذلك إذا دخل عليها حرف الجر كقولك خرجت بلا زاد وعصبت من لا شيء. (أمير جلبي).

(٢) قوله : (في بئر لا حور) تمامه :

بأفكه حتى إذا الصبح حسر

ـ البيت للعجاج الحور الهلكة كذا في الصحاح ، ويقال في محاورة أي : نقصان ويحتمل أن يكون اسم جمع بحائر بمعنى الهالك قيل : بئر يسكنها الجن والردى الهلكة والإفك الكذب حشر الصبح الفلق قيل : يصف فاسقا أو كافرا سرى بالخيلة في بئر الهلكة والنقصان أو مهالك الهالكين وما علم لفرط غفلته أنه صار فيها جني يعلق بكاشفات ملحقات الشر وقامت القيمة على ذلك ولكن ينقصه ذلك العلم وتفصيله في العصام والسيالكوني فانظر إليهما وجدت حقه من الدر. (لمحرره).

(٣) قوله : (أي بفعل مقدر) إشارة إلى أن في أعني : في قوله : (في معنى) القول مجازا ؛ لأن الفعل الذي بمعنى القول ليس داخلا فيه بل دالا عليه فشبه معنى القول بالظرف ولفظ الفعل المفسر بالظروف في التقرير بقرنية أن هذا الفعل. (أيوبي).

ـ قوله : (بفعل متقرر في معنى القول تقرر المظروف) إشارة إلى كون المعنى ظرفا اللفظ وهم يجعلون تارة اللفظ مظروف المعنى بناء على أن اللفظ يقدر بالمعنى والظروف بقدر الظروف وتارة بالعكس بناء على أن المعاني تؤخذ من الألفاظ وتزيد زيادة الألفاظ وتنقص بنقصانها فكان الألفاظ قوالب النصب فيها المعاني بقدرها. (وجيه).

ـ قوله : (أي : بفعل) إشارة إلى توجيه ظرفية المعنى اللفظ بأن المعنى ظرف اعتباري يستعار له إرادة الظرف. (عصام).


القول (١) تقرر المظروف في الظرف ، غير منفك عنه فلا تقع (٢) بعد صريح القول (٣) ، ولا بعد ما ليس في معنى القول.

فهي (٤) لا تفسر في الأكثر إلا مفعولا مقدرا للفظ غير صريح القول مؤدّ معناه نحو قوله تعالى : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ) [الصافات : ١٠٤] فقوله : (أَنْ يا إِبْراهِيمُ) تفسير لمفعول (نادَيْناهُ) المقدر ، أي : ناديناه بلفظ هو قولنا : (يا إِبْراهِيمُ) وكذلك قولك : (كتبت إليه أن ائت) أي : كتبت إليه شيئا هو (ائت).

ف : (إن) حرف دال على أن (ائت) تفسير للمفعول به المقدر ك : (كتبت) وقوله تعالى (٥) : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) [المائدة : ١١٧].

فقوله (٦) : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) تفسير للضمير في (به) وفي (أمرت) معنى القول ، وليس تفسيرا لما في قوله : (ما أمرتني) لأنه مفعول لصريح القول.

__________________

(١) قوله : (تقرر المظروف) لما كان ظرفيته المعنى للفظ غير ظاهرة بينه بأن على التشبيه فحلى نحو : عدم انفكاك اللفظ الموضوع عن المعنى لا ينفك المظروف بخلاف ظرفية اللفظ فإنها ظاهرة ولذا قيل : الألفاظ قوالب المعاني. (سيالكوني).

(٢) ولما كان قوله : (مختصة بما في معنى القول) غير شامل لتفسير صريح القول لكونه ظرفا وحكم المظروف لا يشمل الظرف فرع عليه تقوله : (فلا تقع). (عبد الله أيوبي).

ـ قوله : (فلا تقع بعد صريح القول) وذلك ؛ لأن أن المفسرة مشروطة بأن تسبق بجملة فلذلك غلط من عمل منها وأخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. (حكيم).

(٣) فلا يقال : قال زيد أن جاء عمرو بل يقال قال زيد جاء عمرو. (أيوبي).

(٤) قوله : (فهي لا تفسر) هكذا ذكره الرضي وهو إشارة إلى أن معنى تفسيره للفعل في معنى القول فسره بمفعول لا نفسه. (وجيه الدين).

(٥) وقوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما) جملة مستأنفة وليس عطفا على قولك : ؛ لأنه ليس مثالا لما تكون مفسرة للمفعول المقدر ولا بيانا لفائدة فيه الأكثر والواجب ح تأخيره عن قوله : (وقد يفسر بها المفعول به الظاهر بل هو رد لما يتوهم من أنها قد تكون تفسير القول الصريح استدلالا بهذه الآية. (عبد الحكيم).

(٦) فالفاء أما للتفصيل على تقدير إما أو زائدة في خبر المبتدأ على مذهب الأخفش والعائد محذوف أي : فيه. (ك).


وقد يفسر (١) بها المفعول به الظاهر كقوله تعالى : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) [طه : ٣٨ ـ ٣٩].

فقوله : (أَنِ اقْذِفِيهِ) تفسير ك : (ما يُوحى) الذي هو المفعول الظاهر ل : (أَوْحَيْنا).

(حرف المصدر)

(ما ، وأن) المفتوحة المخففة (وأن) المشددة.

(فالأولان) أي : (ما ، وأن) المفتوحة المخففة (للفعلية) أي : للجملة الفعلية ، أي : تدخلان على الجملة الفعلية ، فتجعلانها في تأويل المصدر نحو قوله تعالى : (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) [التوبة : ١١٨] أي : برحبها (٢) ، بضم الراء ، وهو السعة ، ونحو قولك : (أعجبني أن خرجت) أي : خروجك. واختصاص (٣) (ما) المصدرية بالفعلية إنما هو عند سيبويه وجوز غيره بعدها الاسمية.

قال الشارح الرضي : هو الحق وإن كان قليلا (٤) ، كما وقع في نهج البلاغة : ابقوا في الدنيا ما الدنيا باقية.

(وإن) المفتوحة المشددة (للاسمية) أي : للجملة الاسمية خاصة إلا إذا كفت ب : (ما) فيجوز بعدها الاسمية والفعلية.

ومعنى كونها للاسمية أنها تعمل في جزئيها وتجعلها في تأويل المفرد الذي هو

__________________

(١) بيان لفائدة قيد في الأكثر ولم يجعله بيانا لفائدة القيد ؛ لأنها ليست نصا في كونها مفسرة أي : للجملة التفسير الأول وحدة لبيان الموصوف والثاني لبيان معنى الإبهام والفصل وتخصيص أن بالفعل مضارعا كان أو ماضيا أمرا أو نهيا. (سيالكوني).

(٢) يعني أن ما في ما رحبت مصدرية دخلت على الجملة الفعلية التي هي رحبت وجعلتها في تأويل المصدر حتى دخل عليها حرف الجر. (عبد الله أفندي).

(٣) ثم إن لما كان في اختصاص ما الفعلية خلاف بين سيبويه وغيره أشار لما هذا الخلاف وإلى أن المصنف ذهب إلى مذهب سيبويه فقال : (واختصاص ما ... إلخ). (تكملة).

(٤) وهذا إشارة إلى دليل سيبويه يعني أنه رجح عدم التجويز لقلة وقوعها.


مصدر خبرها ، نحو : (أعجبني أنك قائم) أي : قيامك أو ما في معناه (١) نحو : (أعجبني أن زيدا أخوك) أي : أخوة زيد ، فإن تعذر (٢) قدرت الكون ، نحو : (أعجبني أن هذا زيد) أي : كونه زيدا.

(حروف التحضيض) (٣)

(هلا ، وإلا) مشددتين (٤) (لولا ، ولوما لها صدر الكلام) لدلالتها على أحد أنواع الكلام.

فتصدر لتدل من أول الأمر على أن الكلام من ذلك النوع (٥).

(ويلزمها الفعل) وفي بعض النسخ (وتلزم الفعل) (لفظا) نحو : (هلا ضربت (٦) زيدا) و (هلا تضرب زيدا) (أو تقديرا) نحو : (هلا زيدا ضربته) و (هلا زيدا تضربه).

فمعناها (٧) إذا دخلت على الماضي التوبيخ واللوم على ترك الفعل ، ومعناها في

__________________

(١) قوله : (أو في معناه) أي : في تأويل المفرد الذي في معنى المصدر وأن يم يكن الخبر مشتقا ولكنه في معنى المشتق نحو : أعجبني أن زيدا أخوك فالأخوة وإن لم يكن مصدرا لأخوك لكنه في معنى الصدارة لكونه في معنى بو أخيك أو مو أخيك. (وجيه).

(٢) قوله : (فإن تعذر) أي : تعد مصدر خبرها أو ما هو في معناه بأن يكون الخبر جامدا محضا نحو : أعجبني أن هذا زيد أي : كونه زيد ؛ لأن كل خبر جامد نسبة إلى المخبر عنه بلفظ الكون تقول : هذا زيد وإن شئت قلت : هذا كائن زيدا ومعناه واحد. (وجيه).

(٣) قوله : (حروف التحضيض) مصدر للتكثير والحض على الشيء طلبه والحث عليه وهذه الحروف حركية كما في المفتاح ويحتمل أن إلا أصله هلا أبدلت الهاء وهمزة. (حكيم).

(٤) قوله : (مشددتين) وهلا مخففة اسم فعل بمعنى عجل لحث لغير العاقل وإلا مخففة تنبيها وعرضا واستفهاما ونفيا. (سيالكوني).

(٥) أي : الكلام الذي يجب الاهتمام والاعتناء. (أيوبي).

(٦) في تخصيص الأمثلة بالإثبات إشارة إلى عدم دخولها على المنفي. (ك).

(٧) إذا وقع الظرف بعدها فهو منصوب بفعل بعده لا يفعل مقدر بعدها لتوسعهم في الظروف فنحو هلا يوم الجمعة زرني يوم الجمعة فيه منصوب بزرني. (شيخ الرضي).

ـ إذا تقدم الظرف نحو : ولولا إذا سمعتموه قلت : فهو مفعول للفعل المتأخر لتوسعهم في الظرف. (سيالكوني). ـ


المضارع الحض على الفعل والطلب له.

فهي في المضارع بمعنى الأمر.

ولا يكون التحضيض في الماضي الذي قد فات إلا أنها (١) تستعمل كثيرا في لوم المخاطب على أنه ترك في الماضي شيئا يمكن تداركه في المستقبل ، فكأنها (٢) من حيث المعنى للتحضيض على فعل مثل : ما فات.

(حرف التوقع (٣) والتقريب) (٤)

(قد) يسمى بهما لمجيئه لهما.

فإن هذا الحرف إذا دخل (٥) على الماضي أو المضارع ، فلا بدّ فيها من معنى

__________________

ـ قوله : (فمعناها) أي : إذا دخلت على الماضي للتوبيخ واللوم ؛ لأن التحضيض على ما فات سبب للتوبيخ واللوم ؛ إذ لا معنى للحض على ما فات عليه سواء كان معنى حقيقيا أو مجازيا وكنائيا والظاهر الأخير لما يجيء أنها لا تحلو عن الحض على مثل ما فات في المفتاح وفي الماضي للتنديم وهذه المعاني لازمة للحض على ما فات كان المخاطب ذا شرف فتنديم وإلا فتوبيخ ولوم. (عبد الحكيم).

(١) قوله : (إلا أنها) بمعنى لكن لدفع توهم إطلاق حروف التحضيض على ما دخلت على الماضي ؛ لأن إطلاق هذه الأسماء عليها بالمعنى الإضافي في لا بالنقل كما ولذا سماها السكاكي في المفتاح حروف التنديم والتخصيص. (فاضل محشي ك).

(٢) قوله : (فكأنها للتحضيض) هذا فيما يمكن له مثل ، إما فيما لا يمكن له ذلك نحو : قوله : (عليه‌السلام هلا شققت قلبه فلا. (حكيم).

(٣) قوله : (حرف التوقع) أضافوها إلى التوقع والتقريب من جملة معانيها الخمسة لاختصاصه بها وللرد على من قال إنها ليست للتوقع في الماضي ومن ذهب إلى أنها ليست للتوقع مطلقا وهذه المعاني لقد إذا كانت حرفا وقد يستعمل اسما بمعنى حسب مبنيا عند البصريين لمشابهة الحرفية فيقولون قد زيد درهم وبنون الوقاية نحو : قد نى درهم وقد نى أي كفاني. (سيالكوني).

(٤) أي : تقريب فذا الماضي إلى الجمال كقول المقيم : قد قامت الصلاة. (خبيصي).

(٥) قوله : (إذا دخل) إشارة إلى أنها لا تدخل على فعل الطلب وشرط في الماضي أن يكون مثبتا أو منصرفا ؛ لأن غير المتصرف ليس للمضي حتى بقربه إلى الحال. (حكيم).


التحقيق ثم إنه يضاف في بقض المواضع إلى هذا المعنى في الماضي التقريب من الحال مع التوقع ، أي : يكون مصدره متوقعا للمخاطب (١) واقعا عن (٢) قريب ، كما تقول لمن يتوقع ركوب الأمير : (قد ركب الأمير) أي : حصل عن قريب ما كنت تتوقعه.

ومنه (٣) قول المؤذن : (قد قامت الصلاة).

ففيها إذن ثلاثة معان مجتمعة ، التحقيق والتوقع والتقريب.

وقد يكون مع التحقيق التقريب من غير توقع ، كما تقول : (قد ركب زيد) لمن لم يتوقع ركوبه.

(و) هي (في المضارع) المجرد من ناصب وجازم وحرف تنفيس.

(للتقليل) أي : يضاف إلى التحقيق في الأغلب التقليل ، نحو : (إن الكذوب قد يصدق).

وقد تستعمل (٤) للتحقيق مجردا عن المعنى التقليل نحو : (قد نرى تقلب وجهك في السماء) ويجوز الفصل (٥) بينها وبين الفعل بالقسم ، نحو : (قد والله أحسنت) و (قد لعمري بت ساهرا).

__________________

(١) قبل الاختيار فلا يرد ما توهم القائل ؛ لأنه ليس التوقع في الماضي ؛ لأن الماضي ينافي التوقع. (حاشية).

(٢) سواء وقع بالفعل بأن حصل مدلوله في الخارج أو بالقوة بأن أشرف على الوقوع وقد مثل للأول بقوله : (تقول ... إلخ). (أيوبي).

(٣) قوله : (ومنه) أي : من كون قد في الماضي للتقريب من الحال مع التوقع. (عبد الله أفندي).

(٤) قوله : (وقد تستعمل للتحقيق) قيل : تستعمل للتحقيق مع التنكير وجعل الآية من هذا القبيل. (سيالكوني).

(٥) ويجوز حذف فعلها كقول الشاعر :

أزف الترحل غير أن ركابنا

لما تزل برحالنا وكأن قد

 ـ أي : وكأن قد زالتا. (موشح).


(حرفا الاستفهام)

(الهمزة وهل (١) لهما صدر الكلام) لا يتقدمهما ما في حيزهما ، لدلالتهما على أحد أنواع الكلام كما مر.

وتدخلان على الاسمية والفعلية.

(تقول) في الاسمية : (أزيد قائم؟) و) في الفعلية (أقام زيد؟) وكذلك (هل) تقول فيهما : (هل زيد قائم؟) و (هل قام زيد؟) إلا أن الهمزة تدخل على كل اسمية ، سواء كان الخبر فيها اسما أو فعلا ، بخلاف (هل) فإنها لا تدخل على اسمية أو خبرها فعل ، نحو : (هل زيد قام؟) إلا (٢) على الشذوذ وذلك ؛ لأن أصلها أن تكون بمعنى (قد) كما جاءت على الأصل ، في قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) أي : قد أتى فلما كان أصلها (قد) وهي من لوازم الأفعال فإن رأت فعلا في حيزها تذكرت (٣) عهودا (٤) بالحمى وحنت إلى الألف المألوف وعانقته ، وإن لم تره في حيزها تسلت عنه ذاهلة.

(والهمزة أعم تصرفا)

أي : التصرف (٥) فيها باعتبار استعمالها في مواضع استعمالاتها أكثر من التصرف في (هل).

__________________

(١) قوله : (الهمزة وهل) وأما وأل فعلت بمعنى هل فعلت على ما حكاه قطرب عن أبي عبيدة فتقلت الهاء همزة. (حكيم).

(٢) قوله : (إلا أن الهمزة) إشارة إلى أن قوله : (وكذلك هل ليس على العموم بدليل قوله : (والهمزة أعم تصرفا فكأنه في المعنى الاستثناء من هذا الحكم ولذا ذكره الشارح هاهنا والأوجه ذكره في تقول أزيد ضربت كما يشير إلى قوله : (لما عرفت. (حكيم).

(٣) إنما تذكرت قد في زمان رؤيته الفعل ؛ لأن قد كالعاشق والفعل كالمعشوق لا يقتضي قد رقيب الاسم بينه وبين الفعل. (لمحرره).

(٤) قوله : (عهود بالحمى) العهود جمع عهد والحمى كالي ما يحمي من الكلاء بمعنى المحمى والمراد هاهنا الأرض التي فيها الكلاء وحنت أما من الحنو بمعنى الميل أو من الحنين بمعنى الشوق والألف بكسر الهمزة وسكون اللام الألفة يقال حنت الألف أي : الألفة والمعانقة در اغوش كرفتن وتسلت عنه الظاهر اسلت عنه على ما في الصراح والكلام تصوير وتمثيل الحال هل بحال العاشق والمقصود أنه إذا أمكن مراعاة حالها الأصلي صح تركها. (سيالكوني).

(٥) قوله : (أي : التصرف فيها) جعل تصرفا تمييزا عن نسبة أعم إلى فاعله أي : أعم تصرفه ـ


(تقول (أزيدا ضربت؟) بإدخال الهمزة على الاسم مع وجود الفعل (١) بخلاف (هل زيدا ضربت؟) لما عرفت.

(و) تقول : (أتضرب زيدا وهو أخوك؟) باستعمال الهمزة لإثبات ما دخلت عليه على وجه (٢) الإنكار دون (هل تضرب زيدا؟) لأن المستفهم عنه في مثل : هذا الموضع محذوف بالحقيقة (٣) ؛ لأنه أصله أترضى بضربك زيدا؟ وهو غير مستحسن (٤) منك ، و (هل) ضعيفة في الاستفهام ، فلا يحذف فعلها ، بخلاف الهمزة فإنها قوية فيه.

(و) تقول : (أزيد عندك أم عمرو؟) ونجعل الهمزة معادلة ل : (أم) المتصلة فإنه لما قصد الاستفهام عن أحد الأمرين تعدد المستفهم عنه.

فاستعمال الهمزة التي هي الأصل (٥) في باب الاستفهام والأقوى فيه أنسب وأليق.

__________________

ـ وجعل إضافته إلى الضمير لأدنى ملابسة ؛ لأنه عنى به التصرف فيه ولدان تجعل التصرف فعل الهمزة أي : الهمزة تصرفها أعم من تصرف هل أنها تدخل في مواقع لا يدخل فيها هل وكلما تدخل تنصرف في الكلام بنقله من الخبر إلى الإنشاء فإذا كان استعمالها أكثر كان تصرفها أعم. (عصام الدين).

(١) وهو ضربت في حيزها لما سبق من أنها تدخل على كل اسمية.

(٢) قوله : (على وجه الإنكار التوبيخي) أي : ما بعدها ما كان ينبغي أن يقع وأن فاعله معلوم نحو : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ)[الصافات : ٩٥] وقد يجيء للإنكار الإبطال إلى أي : أن ما بعدها غير واقع وأن مدعية كاذب نحو : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ)[:] ولإفادتها نفي ما بعدها الذي لزم ثبوته إن كان منفيا ؛ لأن نفي النفي إثبات ومنها (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)[الزمر : ٣٦] والإنكار بالتسمية يختص بالهمزة. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (محذوف بالحقيقة) إذ لا معنى للاستفهام عن الضرب الذي هو عدم الوجود في الإنكار التوبيخي ومعلوم الانتقاء في الإنكار الإبطالي بخلاف الرضي وأن أمر خفي واقترانه بالحال الذي ينافيه يدل على عدم استحسانه وهذا مبنى على استعمال الهمزة في الاستفهام وكون الإنكار متولدا منه وأما على تقدير كونها مستعملة في الإنكار فالوجه ما ذكره في المفتاح من أن هذا مختص بالاستقبال ولا معنى لإنكارها ما لم يقع. (سيالكوني).

(٤) فإنه أمر خفي اقترانه بالحال الذي ينافيه يدل على عدم استحسانه. (أيوبي).

(٥) قوله : (هي الأصل) أي : غيره داخلا فيه والأقوى لكونها موضوعة فاستعمالها أليق وأنسب عند العقل ثم اختص في الاستعمال بما هو الأنسب عند العقل فلا يرد أنه لا يدل على جواز ـ


وتقع (هل) مع (أم) المنقطعة ؛ لأن المستفهم عنه في صورة (أم) المنقطعة لم يتعدد ؛ لأنها للإضراب عن السؤال الأول واستئناف سؤال آخر ب : (أم) المقدرة بالهمزة.

فإن قولك : (هل زيد عندك أم عمرو؟) في تقدير (بل عندك عمرو).

(و) تقول : (أثم إذا وقع ، وأ فمن كان ، وأ ومن كان) بإدخال الهمزة (١) على (ثم(٢) ، والفاء ، والواو) من الحروف العاطفة ، (دون (هل) لكونها فرع الهمزة فلا تتصرف تصرفها.

(حروف الشرط) (٣)

(إن ، ولو ، وأما) لها صدر الكلام) لما مر (٤).

ف : (إن) للاستقبال وإن دخل على الماضي ، ولو عكسه) يعني : (لو) للماضي ، وإن دخل على المستقبل.

وفي بعض النسخ : فإن للاستقبال ولو للماضي.

ومعناه : أن إن للاستقبال ولو للماضي نحو : (إن تكرمني أكرمك) و (إن أكرمتني أكرمتك).

__________________

ـ جعل هل معادلة لا بل على عدم إلا نسبيه. (سيالكوني).

(١) قوله : (بإدخال الهمزة) على ثم والفاء ، يعني : أن الهمزة مقدمة عن تأخيرها وأنها في الأصل واقعة بعد العاطفة ثم قدمت هذا عند الجمهور والزمخشري خالف في ذلك فزعم أن الهمزة في تلك المواضع واقعة كلها محل الأصلي وأن المعطوف عليه مقدر بينها فيقول التقدير في أفلم يسيروا أمكثوا فلم يسيروا؟ (وجيه الدين).

(٢) يعني الهمزة لواقعتها في التصدر لا يدخل عليها العاطفة بل هي تدخل عليها وعلى هل قال الله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[هود : ١٤]. (عصام).

(٣) قوله : (حروف الشرط) في القاموس الشرط التزام الشيء نقل في الاصطلاح إلى تعليق حصول مضمون جملة الحصول مضمون جملة أخرى أي : الحروف الدالة على التعليق. (سيالكوني).

ـ من إضافة الدال إلى المدلول كما قاله السيالكوني أي : الحروف الدالة على التعليق. (مصري).

(٤) أي : ليعلم من أول الأمر أن الكلام من ذلك النوع. (أمير).


فمعنى المثال الثاني يعنيه معنى المثال الأول يعني : إن وقع منك إكرامي في الاستقبال وقع أيضا إكرامك فيه.

وكذلك لو للماضي على أيهما دخلت نحو : (لو ضربت ضربت) و (لو تضرب أضرب) بمعنى واحد ، أي : لو وقع منك ضربي في الماضي فقد وقع مني ضربك أيضا فيه.

وقد تستعمل لو ك : (إن) في المستقبل نحو قوله تعالى : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)(١).

واعلم (٢) أن المشهور أن لو لانتفاء الثاني لانتفاء الأول ، وهذا لازم معناها فإنها

__________________

(١) فإن المعنى : الله أعلم لا تعجبكم أو تعجبكم وقال الرضي : وقد تكون بمعنى أن الناصبة كقوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)[الممتحنة : ٢] وكقوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)[القلم : ٩] وكقوله تعالى : (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي)[المعارج : ١١] لا يجوز أن أن تكونن هاهنا للامتناع ؛ لأنه لا جواب لها. (شيخ الرضي).

(٢) قوله : (اعلم أن المشهور) النحاة قالوا إن لو لامتناع الثاني لامتناع الأول وخطأهم المصنف وقال بل هو لامتناع الثاني وذلك أن الأول سبب والثاني مسبب والسبب قد يكون أعم من المسبب لجواز أن يكون لشيء أسباب مختلفة كالنار والشمس لإشراق فانتفاء السبب فانتفاء السبب لا يوجب انتفاء المسبب بخلاف المسبب فإن يوجب انتقاء السبب قال الشيخ الرضي وفيما قال المصنف نظر ؛ لأن الشرط عندهم ملزوم والجزاء لازم سواء كان الشرط سببا كما في قولك : لو كانت الشمس طالعة لكان النهار موجودا أو شرطا كما في قولك : لو كان لي مال لحججت أو لا شرطا ولا سببا كقولك لو كان النهار موجودا لكانت الشمس طالعة ثم قال الرضي الصحيح أن يقال كما قاله المصنف هو موضوعة لامتناع الأول لامتناع الثاني أي : امتناع الثاني يدل على امتناع الأول لكن لا للعلة التي ذكرها المصنف بل ؛ لأن لو موضوعة ليكون جزاؤها مقدر الوجود في الماضي ووجوده في الماضي يكون ممتنعا فيه فيمتنع الشرط الذي هو ملزوم لأجل امتناع لازمة إلى الجزاء ؛ لأن الملزوم ينتفي بانتقاء لازمة انتهى ؛ إذ لو تحقق الملزوم بدون اللازم لانتفى الملازمة بينهما فعلى ذكره يكون دليله باطلا ودعواه حقا ووجه العلامة التفتا زاني قول النحاة أنها لامتناع الثاني لامتناع الأول بأن معناه أنها للدلالة على أن انتفاء الثاني في الخارج إنما هو سبب انتفاء الأول بمعنى أن علة انتفاء مضمون الجزاء في الخارج وهي انتقاء مضمون الشرط غير التفاوة إلى أن علة العلم بانتفاء الجزاء ما هي فمعنى :(فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ)[النحل : ٩] أن انتفاء الهداية بسبب انتفاء المشية ولا يخفى أن العلة إذا تحققت تحقق المعلوم. (وجيه).


موضوعة (١) لتعليق حصول أمر في الماضي (٢) بحصول أمر آخر مقدر نية ، وما كان حصوله مقدرا في الماضي كان منتفيا فيه قطعا.

فيلزم (٣) لأجل انتفائه انتفاء (٤) ما علق به أيضا.

فإذا قلت : مثلا : (لو جئتني لأكرمتك) فقد علقت حصول (٥) الإكرام في الماضي بحصول مجئ مقدر فيه ، فيلزم انتفاؤهما معا وكون انتفاء الإكرام مسببا ؛ لانتفاء المجيء في زعم المتكلم.

واستعمال لو بهذا المعنى هو الكثير المتعارف ، وقد تستعمل (٦) على قصد لزوم الثاني للأول مع انتفاء اللازم ، ليستدل به على انتفاء الملزوم كقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢].

فإن لو هاهنا تدل على لزوم الفساد لتعدد الإلهة وعلى أن الفساد منتف ، فيعلم من

__________________

(١) لأنها حرف الشرط ومعنى الشرط مراعي فيها وبه صرح المحقق التفتازاني في المطول وشرح المفتاح. (حكيم).

(٢) بناء على العرف وما قيل أن المقدر يشمل الموجود والمعدوم فاصطلاح المنطقيين. (سيالكوني).

(٣) قوله : (فيلزم) تحقيق لمعنى التعليق فإن معناه أن حصوله منوط به غير متوقف حصوله على حصول شيء آخر دون جميع ما سواه مما يتوقف عليه ذلك الأمر حاصل ولو إدعاء فلو حصل ما علق به بدون ما علق عليه لم يكن المعلق عليه معلقا عليه ولذا ذهب الشافعي رحمه‌الله وإيانا إلى أن التعليق بالشرط يدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط والحنفية اعترفوا بانتفاء الحكم عند انتفاء الشرط إلا أنهم يقولون بكونه مدلولا للجملة الشرطية. (سيالكوني).

(٤) هذا إذا استلزم انتفاء الملزوم انتفاء اللازم أو يكون سببا له وكلاهما ممنوعان. (عصام).

(٥) قوله : (فقد علقت حصول) فالمعنى المطابقي هو التعليق المخصوص وانتفاء الأمرين وسببه الامتناع لامتناع المدلول الالتزامي ولما كان كلا الانتفائين معلوما عند المخاطب ولم يكن تعليق الحصول بالحصول المفروض مقصودا بنفسه إذا لا فائدة بل لأجل إفادة السببية قالوا إن لو لامتناع الأول فوضعوا ما هو المقصود من المعنى المطابق مقامه تنبيها على ذلك. (حكيم).

(٦) قوله : (وقد تستعمل) إشارة إلى أنه معنى مجازي له ؛ لأن اللازم لازم للتعليق والدليل على ذلك قلة الاستعمال فيه ويتبادر معنى التعليق المخصوص وكذلك المعنى الثالث والمقصود ما ذهب إليه الشلوبين واختاره القاضي في تفسيره من أنه موضوع للقدر المشترك وهو التعليق وضعا أو الحقيقة والمجاز يتبادر منه لكثرة استعماله لا ينافي كما قالوا في الوجود. (سيالكوني).


ذلك انتفاء التعدد. ومن هذا الاستعمال توهم المصنف (١) أن (لو) لانتفاء الأول ؛ لانتفاء الثاني ، وخطأ عكسه (٢) المشهور ، ولم (٣) يدر أن ما ذكره معنى يقصد إليه في مقام الاستدلال بانتفاء اللازم المعلوم على انتفاء اللازم المجهول ، وأن المعنى المشهور بيان سببية أحد الانتفائين المعلومين للأخر بحسب الواقع ، فلا يتصور هناك استدلال.

فإنك إذا قلت : (لو جئتني لأكرمتك) لم تقصد أن تعلم المخاطب انتفاء المجيء من انتفاء الإكرام كيف!

وكلا الانتفائين معلوم له بل قصدت إعلامه بأن انتفاء الإكرام مستند إلى انتفاء المجيء.

وله استعمال ثالث ، هو أن يقصد بيان استمرار شيء فيرتبط (٤) بأبعد النقيضين عنه كقولك : (لو أهانني لأكرمته) لبيان استمرار وجود الإكرام ، فإنه إذا استلزم الإهانة الإكرام فكيف يستلزم الإكرام الإكرام (٥)!.

(وتلزمان) (٦) أي : (إن ، لو) (للفعل لفظا) كما مر في الأمثلة.

__________________

(١) قوله : (توهم المصنف) قد صرح المصنف سبب تخطئتهم فقال الشرط سبب والجزاء سبب والمسبب قد يكون أعم من السبب فلا يلزم من انتفاء السبب انتفاؤه وافقه الرضي في الدعوى وزيف الدليل بان الشرط لا ينحصر في السبب واستدل على دعواه أن الشرط ملزوم والجزاء لازم واللازم قد يكون أعم فلا يلزم من انتفائه انتفاؤه. (عصام الدين).

(٢) أي عكس انتفاء وهو لانتفاء الثاني لانتفاء الأول.

(٣) إن استعمال التعليق غير استعمال اللزوم. (محشي).

ـ الذي هو قصد لزوم الثاني للأول مع انتفاء اللازم. (محرم).

(٤) فيسبب هذا القصد ربط القائل ذلك الشيء الذي أراد بيان استمراره. (أيوبي).

(٥) بل يكون استلزامه له بطريق الأولوية ؛ إذ هو أقرب النقيضين منه فيدل ذلك على استمرار وجود اللازم على كل حال. (عبد الله أفندي).

(٦) قوله : (ويلزمان الفعل) أي : الشرط وأن الجزاء فقد يكون اسمية أو مضارعا مجزوما يلم أو ماضيا في أوله لا مفتوحة وحذفها قليل إلا إذا وقعت لو مع خبرها صلة نحو : الذي لو ضربني شكر والمحال شرط كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)[لقمان : ٢٧] إلى قوله : (ما نفدت) وذهب الزمخشري إلى وقوع الاسمية جوازا كما في قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ)[البقرة : ١٠٣]. (سيالكوني).


(أو تقديرا) نحو قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة : ٦] و (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) [الإسراء : ١٠٠] أي : وإن استجارك أحد ، ولو تملكون (١) أنتم(٢) ، فأحد وأنتم مرفوعان بأنهما فاعلين لفعلين محذوفين يفسرهما الظاهر ، أما (أحد) فظاهر ، وأما (أنتم) فلأنه كان ضميرا مستترا (٣) متصلا ، فلما حذف الفعل صار منفصلا بارزا وليس لتأكيد (٤) لفاعل الفعل المحذوف ؛ لأن حذف الفعل والفاعل أبعد من حذف الفعل وحده.

(ومن ثمة) أي : ومن أجل لزوم الفعل بعدهما (قيل) بعد (لو) المحذوف فعلها : (أنك) بالفتح (لا بالكسر) (لأنه) أي : (أن) مع معموليه فاعل للفعل المقدر بعد (لو).

والصالح للفعالية هو (أن) المفتوحة لا المكسورة (٥).

(و) قيل : (انطلقت) بالفعل) (٦) أي : بصيغة الفعل (موضع منطلق) أي : في موضع (٧) يليق أن يقع فيه (منطلق) لأن الأصل في خبر أن هو الأفراد (ليكون) ، الفعل المذكور موضع اسم الفاعل (كالعوض) عن الفعل المحذوف فيقال ، فيقال : لو أنك انطلقت ، ولا يقال لو أنك منطلق.

__________________

(١) تقديره لو تملكون تملكون فحذف تملكون الأول وأبدل من الضمير المقصود الواو ضمير منفصل وهو أنتم. (وافية).

(٢) هكذا في النسخ التي رأيناها والصواب إسقاط أنتم كما يدل عليه آخر كلامه. (ك).

(٣) قوله : (كان ضميرا مستترا) الصواب إسقاط مستتر لكونه لغوا وليس سهوا إلا على قول الأخفش والمازني فإنهما قالا الواو حرف والفاعل مستتر وإسقاط بارزا لكونه لغوا. (عبد الحكيم).

(٤) قوله : (لأنه حذف الفعل) فيه أنا لا نسلم أنه يعد من جعل المتصل منفصلا وعدم المطابقة بين المفسر والمفسر والقول بإعادة الفاعل في المفسر لامتناع وجود الفعل بدون الفاعل وقيل أنه لم يعهد حذف المؤكد العامل مع بقاء التأكيد. (فاضل محشي).

(٥) لأن المكسورة مع معمولية في حكم الجملة والمفتوحة في حكم المفرد والفاعل لا يكون إلا مفردا. (وافية).

(٦) وإنما قيده بالفعل لئلا يتوهم أن المراد فانطلقت هو معنى المصدرية. (وافية).

(٧) قوله : (أي في موضع يليق) أراد أن يبين وجه أنه بعد أن الواجب لو أنك انطلقت كيف يصح أن يقال أن انطلقت وقع موقع منطلق فوجهه بأن يقال أن انطلقت نظرا إلى أصالة أفراد الخبر ويمكن توجيهه أن جعل الخبر ماضيا لغو لدلالته على ماضويته اعلم أن جواب لو أما ماض منتفي بلم أو فعل ماض دخل عليه لام مفتوحة وتحذف اللام قليلا إلى إذا وقعت الجملة الشرطية صلة أو طال شرطها بذيوله فإنه يكثر حذف اللام ح ولا يكون قلة اسمية خلافا للزمخشري. (عصام).


وإنما قال (١) : (كالعوض) لأن الفعل المقدر لا بدّ له من مفسر (وأن) لكونها دالة على معنى التحقيق والثبوت ، تدل على معنى ثبت المقدر هاهنا ، فهو عوض عنه من حيث المعنى (٢) ، والفعل الواقع خبرا عوض عنه من حيث اللفظ ، فليس شيء منهما عوضا حقيقيا عن الفعل المقدر ، بل كالعوض ، وهذا إذا كان الخبر مشتقا يمكن اشتقاق الفعل من مصدره.

(وإن كان جامدا) لا يمكن اشتقاق الفعل منه (جاز) وقوع ذلك الاسم الجامد خبرا لتعذره أي : لتعذر وقوع الفعل في موضع الخبر ، كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) [لقمان : ٢٧] فإن أقلام ليس مشتقا ليوضع فعله في موضعه.

(وإذا تقدم القسم الأول أول (٣) الكلام) أي : في أول (٤) زمان التكلم بالكلام.

فيصح ترك (في) لكونه ظرف زمان واحترز به عن توسط القسم بتقديم غير الشرط(٥).

__________________

(١) قوله : (وإنما قال كالعوض) ولما توهم الشارح هاهنا سؤالا وهو أن يقال لم قال المصنف كالعوض ولم يقل عوضا هل لذلك نكتة أجاب عنه بقوله : (وإنما ... إلخ). (عبد الله أفندي).

(٢) لأن إن تدل على الثبوت المقدر تدل على الثبوت فيكون من جهة المعنى عوضا عنه. (وافية).

(٣) منصوب على الظرفية مفعول فيه لتقدم على تضمين معنى الدخول وفي شرح العصام أول مرفوع صفة القسم أن أردت التفصيل فارجع إليه. (زيني زاده).

(٤) قوله : (أي في أول زمان المتكلم) استشكل الناظرون وجه نصب أول فذهب الشارح إلى أنه ظرف زمان بحذف لفظ زمان والمراد بالزمان زمان التكلم على التوسع وجعل الكلام بمعنى التكلم ولا يخفي ما فيه من التعسف اللفظي والبشاعة المعنوية فإن المقصود وقوع القسم فحاول الكلام كما يفصح عنه قوله : (أي : القسم بين أجزاء الكلام. (سيالكوني).

ـ قوله : (أي أول زمان المتكلم) بالكلام أشار بذلك إلى دفع اعتراض أورد في الحواشي الهندية وهو أن شرط تقدير في أن يكون الظرف زمانا أو مكانا منهجا وأول ليس كذلك ؛ لأنه مكان معين وتقرير الدفع ظاهر وهو أن أول ظرف زمان أضيف إلى الكلام وأجيب في الحواشي ؛ لأنه بتضمين الدخول ولا يشترط في الدخول أن يكون المكان مبهما بل يحتمل ما دخلت من الأمكنة المعينة على المكان المبهم. (وجيه الدين).

(٥) لا يظهر وجه للتقييد بغير الشرط ؛ لأن الشرط وغير الشرط سواء في الحكم. (وجيه).


(على الشرط) (١) متعلق بتقدم؟.

(لزمه الماضي) أي : لزم القسم أن يكون الشرط الواقع بعده ماضيا (لفظا أو معنى ليكون على وجه لا تعمل فيه أدوات الشرط فيطابق أي الشرط الجواب حيث يبطل عمل أدوات الشرط فيه ، أي : في الجواب.

(وكان الجواب للقسم) (٢) فقط (٣) (لفظا) لا للقسم والشرط جميعا ؛ لأنه يلزم (٤) أن يكون مجزوما وغير ومجزوم ز هذا محال.

وأما معنى (٥) فهو جواب للقسم ، لكون اليمين عليه وللشرط أيضا ، لكونه مشروطا بالشرط.

(والله إن أتيتني) مثال للماضي لفظا (وإن لم تأتني) مثال للماضي معنى (لأكرمتك(٦) ، وإن توسط) أي : القسم بين أجزاء الكلام (بتقديم الشرط) عليه (أو غيره)

__________________

(١) وهذا البحث لا يختص بأن ولو بل يشمل فاضل لولا وأسماء الشرط كما صرح به الرضي ولذا قال على الشرط ولم يقل عليهما. (عصام الدين).

(٢) قوله : (وكان الجواب للقسم) فقط لفظ التقوى القسم بالقصد وضعف الشرط بالتوسط وجاز قليلا أن يعتبر الشرط لقربه وضعف القسم في نفسه كزائد في المعنى فهو كالزائد والشرط مراد فيه معنى التوقيت. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (فقط) فالإطلاق قرينة التجريد كما قالوا. (ك).

(٤) قوله : (لأنه يلزم أن يكون مجزوما) أي : بالإطلاق العام على ما هو المتبادر من القضية الغير الموجهة بجهة أو غير مجزوم دائما ؛ لأنه القابل للإطلاق العام فاندفع ما قبل أن الشرط إذا كان ماضيا لم يجب جزم الجزاء فكيف يلزم كونه مجزوما وغير مجزوم إلا أن يتكلف ويقال أراد صحته كونه مجزوما ووجوب عدم كونه مجزوما. (سيالكوني).

(٥) قوله : (وأما معنى) بيان لفائدة قوله : (لفظا ومعنى) ؛ لأنه إذا روى جهة المعنى فالقسم والشرط قيدان للجواب أو رد للتحقيق والتوجيه فيكون جوابا لهما وإذا كان اعتبارا أحدهما مقدما على الآخر يفيد أن يكون جواب أحدهما مقيدا وجواب الآخر فاندفع ما قيل : إن جواب الشرط مجموع القسم وجوابه لا مجرد الجواب على العكس ما إذا كان الجواب للشرط فإن جواب القسم معنى ح مجموع الشرط والجزاء ثم أن هذا القائل بعد معنى كونه جواب القسم معنى ؛ لأن الجواب مجموعهما اعترف بكونهما جواب الشرط معنى فبين كلامية تدافع. (عبد الحكيم).

(٦) فإنه روعى فيه شرائط القسم من دخول اللام ونون التأكيد وهذا معنى كون الجواب له لفظا. (س).


أي : تقديم غير الشرط (١) (جاز أن يعتبر) القسم ويلغي الشرط (وأن يلغي القسم) ويعتبر الشرط.

ويحتمل أن يكون المعنى : جاز أن يعتبر الشرط ويلغى القسم (٢) ، وأن يلغى الشرط ويعتبر القسم (كقولك : أنا والله إن تأتني آتك) (٣) فعلى المعنى الأول هذا مثال لتقديم غير الشرط وجواز إلغاء القسم فيكون باعتبار (٤) التقديم والجواز ، كليهما نشرا على غير ترتيب اللف.

وعلى المعنى الثاني هذا مثال لتقديم غير الشرط وجواز اعتبار الشرط فيكون النشر باعتبار التقديم على غير ترتيب اللف وباعتبار الشرط على ترتيبه (وإن أتيتني والله لأتينك).

وإنما أورد في هذا المثال الشرط بصيغة الماضي على خلاف المثال الأول إشارة إلى اشتراط المضي في الشرط في صورة اعتبار القسم على تقدير توسطه كاشتراطه على تقدير التقديم.

فعلى المعنى الأول هذا مثال لتقديم الشرط وجواز اعتبار القسم فهو باعتبارهما جميعا نشر على ترتيب اللف (٥).

__________________

(١) قوله : (أي تقديم غير الشرط) فقوله : غير عطف على الشرط لا على التقديم فإن غير تقديم الشرط أعني تأخره لا يستلزم الوسط ويجب أن يكون ذلك الغير يطلب الجزاء أعني المبتدأ قبل التواضح أو بعدها نص عليه الرضي. (حاشية).

(٢) فيراعى فيه لزوم الجزم ودخول نون التأكيد إذا كان مضارعا مثبتا.

(٣) أصله آتيك بالياء حذفت لأجل الجزم ؛ لأنه جواب الشرط وجوابه أن يكون مجزوما لا جواب القسم ؛ لأنه لا يكون مجزوما. (وافية).

(٤) قوله : (فيكون باعتبار التقديم) والجواز في اللف كل من تقديم غير الشرط ولغو القسم متأخر وفي المثال قدم كل منهما إما تقديم الغير فظاهر وإما تقديم اللغو فلأنه قيل : أنك مع تجويز آتيك في هذا المثال فكأنه قيل : أنا والله إن تأتيني آتك وآتينك بخلاف المعنى الثاني فإن النشر باعتبار التقدم على غير ترتيب اللف وباعتبار الشرط على ترتيبه فإن تقدم الغير مؤخر وقدم في المثال واعتبار الشرط مقدم وقدم في المثال أيضا كما ذكرنا. (وجيه).

(٥) لأن تقديم الشرط مقدم في الذكر على جواز اعتبار القسم على الأول فكذلك في هذا المثال قدم ثم اعتبر القسم. (حسن أفندي).


وعلى المعنى الثاني مثال لتقديم الشرط وجواز إلغائه ، فالنشر باعتبار الأول على ترتيب اللف ، وباعتبار الثاني على غير ترتيبه (١).

ففي كل من المثالين (٢) يقع من حيث المعنى الثاني اختلاف بين اعبتاريه بخلاف (٣) المعنى الأول فالحمل عليه أولى ، وعلى تقدير (٤) الحمل عليه ، وإن كان رعاية كون النشر على ترتيب اللف يقتضي (٥) تقديم المثال الثاني على الأول ؛ لكنه أراد اتصال المثال بالمثل له بقدر الإمكان (٦) ، على تقدير (٧) تقديم اللفين على نشرهما من حيث مثالاهما (٨).

__________________

(١) إما الأول فلان تقديم الشرط مقدم في الذكر كذلك في هذا المثال وإما الثاني فلان اعتبار الشرط ذكر بعد تقديم الشرط في اللف فهاهنا ذكر إلغاؤه بعده. (حسن أفندي).

(٢) قوله : (في كل من المثالين) وإما المثال الأول فلان النشر باعتبار التقديم على غير ترتيب اللف باعتبار الشرط على ترتيبه وإما في المثال الثاني فبالعكس بخلاف المعنى فإن النشر في المثال الأول باعتبار كل منهما على غير ترتيب اللف وفي المثال الثاني على ترتيبه. (وجيه الدين).

(٣) فإن الاعتبارين فيه متفقان كلاهما على ترتيب اللف في المثال الأول وعلى ترتيب اللف في المثال الثاني. (سيالكوني).

(٤) قوله : (وعلى تقدير الحمل) حاصله إن الحل على الأول وإن كان أولى من جهة عدم وقوع الاختلاف بين الاعتبارين لكن فيه هجنة وهي أنه لو كان مراد المصنف المعنى الأول يقدم المثال الثاني على الأول لاقتضاء رعاية كون النشر على ترتيب التقديم. (وافية).

(٥) قوله : (يقتضي تقديم) أي : كون النشر في المثال الثاني على ترتيب لفه على المثال الأول النشر على ترتيب اللف أظهر منه على غير ترتيبه. (عبد الحكيم).

(٦) قوله : (بقدر الإمكان) وإنما قال بقدر الإمكان ؛ لأنه لا اتصال ؛ إذ المثال الثاني غير متصل بالممثل له بل المثال الأول أيضا غير متصل به بكماله وذلك ؛ لأن الممثل له للمثال الأول مجموع تقديم غير الشرط وجواز الإلغاء وهو أن اتصل بالثاني لكن لم يتصل بالأول لوقوع جواز اعتبار القسم حاصلة بين الممثل والمثال. (حسن أفندي).

(٧) قوله : (على تقدير تقدم) وإما إذا ذكر مثال كل من اللفين بجنبه بأن يقال إذا توسط القسم بتقديم الشرط جاز أن يعتبر القسم ويلغى نحو : أن أتيتني والله لأتيك وكذا إذا توسط بتقديم غيره نحو : أنا والله إن تأتني آتك يحصل اتصال المثال بها لممثل له بتمامه. (س).

(٨) قيد بذلك ؛ لأنه إذا اعتبر من حيث أنهما مثال لمجموع اللفين كان الاتصال حاصلا بتمامه. (حكيم).


(وتقدير القسم كاللفظ) (١) أي : كالتلفظ به أو مقدره كملفوظه في صدر (٢) الكلام فلزم في الشرط الذي بعده المضي وكان الجواب للقسم.

(نحو) قوله تعالى : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ) [الحشر : ١٢] أي : والله لئن أخرجوا فالشرط ماض و (لا يخرجون) جواب القسم.

فإنه لو كان جزاء الشرط لكان الجزم (٣) بحذف النون أولى به (٤) ، أي : لا يخرجوا (و) كذا قوله تعالى : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام : ١٢١] أي : والله إن أطعتموهم إنكم لمشركون.

فالشرط ماض و (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) جواب القسم ، فإنه لو كان جزاء الشرط يلزم(٥) الإتيان بالفاء (٦) ؛ لأن الجملة الاسمية الواقعة جزاء يجب فيها الفاء.

(و) إما (للتفصيل) (٧).

__________________

(١) أي : إذا كان تقدير القسم كاللفظ فيلزم الذي بعد ذلك القسم المعني بناء على ما مر آنفا من أنه إذا تقدم القسم أول الكلام على الشرط لزمه المعنى وكان الجواب للقسم. (قابل أفندي).

(٢) هذا قيد في المتوسط وغيره والظاهر منه أن القسم لا يقدر في الوسط. (وجيه).

(٣) قوله : (لكان الجزم بحذف النون أولى به) إنما قال ذلك ؛ لأن الشرط إذا كان ماضيا لم يجب الجزم بل كان أولى. (وجيه).

(٤) لأنه أكثر استعمالا قال الرضي في بحث أما نحو : أن ضربتني أكرمك بالجزم أكثر من أن ضربتني فأكرمك. (س).

(٥) قوله : (يلزم الإتيان بالفاء) وخص الفاء بالذكر ؛ لأنه الأصل وإلا فاللام مثل الفاء وإذا المفاجأ وهذا اللزوم في السعة وإما في الشعر فيجوز نحو : من يفعل الحسنات الله يشكرها. (عبد الحكيم).

(٦) لأن حذف الفاء لا يجوز إلا في الضرورة ولهذا زيف قول من استغنى عن تقدير القسم بتقدير الفاء لكن في لزوم الإتيان بالفاء فافهم واعلم أنه قد يقع الشرطية في مقام جزاء الشرط فأما إن يعتبر الشرط الثاني فيجعل مجموع الشرطية جزاء الشرط وتدخل الفاء على أداة الشرطية الجزائية. (عصام).

(٧) قوله : (وإما للتفصيل) قال الرضي وقد يحذف إما لكثرة الاستعمال وإنما يطرد ذلك إذا كان ما بعد الفاء أمرا أو نهيا وما قبلها منصوبان أو بمفسر به فلا يقال زيدا فضربته ولا زيد ـ


أي : لتفصيل ما أجمله المتكلم (١) في الذكر نحو قولك : (جاءني أخوتك أما زيد فأكرمته ، وأما عمرو فأهنته وأما بشر فأعرضت عنه).

أو ما أجمله في الذهن ويكون معلوما للمخاطب بواسطة القرائن.

وقد جاءت للاستئناف من غير أن يتقدمها إجمال ، نحو : (إما) الواقعة في أوائل الكتب.

ومتى كانت لتفصيل المجمل وجب تكرارها ، وقد يكتفى بذكر قسم واحد (٢) ، حيث يكون المذكور ضد غير المذكور لدلالة أحد الضدين على الآخر ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) [آل عمران : ٧](٣).

فإن ما يقابل (أما) المذكورة هاهنا غير مذكور ، لكنه مقدر ، يعني (٤) : وأما الذين ليس في قولبهم زيغ فيتبعون المحكمات ، ويردون إليها المتشابهات.

والحكم (٥) بأن كلمة (أما) للشرط.

__________________

ـ فضربته بتقدير إما هذا فما وقع في توجيه إما في أوائل الكتب من قولهم : وبعد فات إلى آخره من أنه بتقدير إما فمن عدم تقدير التقدير كما ينبغي. (فاضل إسفرائيني).

(١) وهذا القسيس إشارة إلى بيان المجمل الصالح له ، وهو إجمال للمتكلم ، وهو نوعان ، أحدهما : ما أجمله في الذكر ، والثاني : ما أجهله في الذهن. (أيوبي).

(٢) كما في قول : (المصنف في غير المنصرفة) وأما فرازنة فمنصرف على ما قيل : لدلالة المنصرف على غير المنصرف الذي هو ضده. (حسن أفندي).

(٣) ولم يذكر بعده إما الأخرى لكونه معلوما من الأول ويدل على كونه للشرط لزوم الفاء في جوابها والقصد بأن الأول مستلزم للثاني. (وافية).

(٤) قوله : (يعني وإما الذي ليس في قلوبهم) أي : جعل ذكر القيد قرنية على تقديره ولم يجعل قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)[آل عمران : ٧] كما في المعنى ؛ لأنه لا يتجه على تقدير عدم الوقف على إلا الله وكذا لم يجعل قسيما له بحذف إما كما في التوضيح ؛ لأن حذف إما مع حذف الفاء لم يوجد في كلامهم. (سيالكوني).

(٥) قوله : (والحكم بأن كلمة) إما للشرط ولم يحكم بكون إذا وحين للشرط مع أنه يقال زيد حين لقيته فإنا أكرمه فإذا القيته فإنا أكرمه ولاذا شواهد كثيرة في القرآن لعدم لزومها بل جعلا حين الإتيان بالفاء ظرفين جاريين مجرى الشرط وإنما جاز أعمال المستقبل في الظرف الماضي وأن امتنع وقوع المستقبل في الماضي ؛ لأن الغرض لزوم تلك الأفعال المستقبلية حتى كان ـ


لزوم (١) الفاء في جوابها وسببية الأول والثاني.

(والتزم حذف (٢) فعلها) الذي هو الشرط (وعوض بينها) أي : بين (أما) (وبين فائها) الواقعة في جزائها (جزء مما في حيزها) أي : حيز فائها أو حيز (أما) (٣) لأن حيز الفاء أيضا حيزها ، سواء كان ذلك الجزء مبتدأ نحو : (أما زيد (٤) فمنطلق) أو معمولا لما وقع بعد الفاء نحو : (أما يوم الجمعة فزيد منطلق).

(مطلقا) (٥) أي : تعويضا (٦) مطلقا غير مقيد بحال تجويز تقديم ذلك الجزء على الفاء وعدم (٧) تجويزه ، وهذا مذهب سيبويه فجعل سيبويه ل : (أما) خاصية جواز التقديم لما يمتنع تقديمه مطلقا.

__________________

ـ هذه الأفعال المستقبلية وقعت في الأزمنة الماضية وصارت لازمة لها كل ذلك لقصد المبالغة. (فاضل محشي).

(١) قوله : (للزوم الفاء) فإنها لا يجوزان أن تكون عاطفة إذ لا يعطف الخبر على المبتدأ ولا زائدة لعدم لزومها فهي سببية فتدخل على كونها للشرط وإنما قال للزوم الفاء ولم يقل لدخول الفاء ؛ لأن الدخول لا يدل على تضمن معنى الشرط الجواز أن يكون إجراؤه مجرى الشرط كما في حين وإذ وإذا نحو : زيد حين لقيته وإذا لقيته فأكرمه. (عبد الحكيم).

(٢) قوله : (حذف فعلها) الكثرة استعمالها في الكلام ولكونها للتفصيل لتكررها ولكونه فعلا عاما على طريقة واحدة في جميع المواضع كتعلق الظرف المستقر. (حكيم).

(٣) ولما ورد على التفسير الثاني بأن لم جاز أن يرجع ضمير خبرها إلى ما فقال : (لأن ... إلخ). (محرم).

(٤) حيث قدم زيد الذي هو المبتدأ الواقع في خبر الفاء عوض بين أما والفاء. (أيوبي).

ـ قوله : (إما زيد فمنطلق) تقديره على حذف الفعل والعوض بين إما وبين فائها جزء في حيزها مهما يكن من شيء فزيد منطلق أقيم إما مهما وحذف فعل الشرط مع متعلقة ووسط زيد بين إما والفاء وآخر الفاء إلى الخبر كراهة توالى حرف الشرط والجزاء لفظا فصار إما زيد فمنطلق. (لمحرره علي المرتضي).

(٥) إذا المقصود هو الاسم الواقع بعدها دون الفعل فحذف الفعل وجعلوا الاسم عوضا عنه وهو جزء مما في حيز جوابها وهذا عند سيبويه. (خبيصي).

(٦) أشار إلى أن مطلقا مفعول مطلق لعوض بتقدير الموصوف أو مفعول فيه بتقدير الموصوف أي : زمانا مطلقا وهذا كثير في كلامهم. (لمحرره).

(٧) أي : مع قطع النظر من الفاء وإلا فممتنع تقديم مع الفاء أيضا فلا معنى للتعميم فإن وقع بعد إما شيء يمنع تقديمه نحو : أن وما النافية مما له الصدر لا يجوز نحولنا يوم الجمعة فإنك ـ


(وقيل) والقائل المبرد : (هو) أي : ما وقع بينها وبين فائها (معمول الشرط المحذوف) عملا (مطلقا) (١) أي : معمولية مطلقة غير مقيدة بحال تجويز التقديم وعدمه (مثل : أما يوم الجمعة فزيد منطلق) فإن تقديره على المذهب الأول : مهما (٢) يكن من شيء فزيد منطلق يوم الجمعة (٣) ، فحذف فعل الشرط الذي هو (يكن من شيء) وأقيم أي : (أما) مقام (مهما) ووسط (يوم الجمعة) بين (أما) وفائها لئلا يلزم توالي حرفي الشرط والجزاء ، فصار : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، كما ترى.

وأما على المذهب الثاني فتقديره : مهما يكن من شيء يوم الجمعة فزيد منطلق ، فيوم الجمعة معمول لفعل الشرط فلما حذف فعل الشرط صار : إما يوم الجمعة فزيد منطلق.

فهذا القائل لم يجعل ل : (أما) خاصية جواز التقديم أصلا.

(وقيل) والقائل المازني (إن كان) ما يتوسط بين (أما) وفائها (جائز التقديم) على الفاء مع قطع النظر عن الفاء كالمثال المذكور.

(فمن) قبيل القسم (الأول) وهو أن يكون المتوسط جزء الجزاء قدم على الفاء (وإلا) أي : وإن لم يكن جائز التقديم مع قطع النظر عن الفاء بل انضم إليها مانع آخر ، مثل : أما يوم الجمعة فإن زيدا منطلق.

__________________

ـ مسافر فسيبويه يجعل ما في حيزه في كلا الصورتين عوضا عن الفعل تقول لا ما خصه جواز التقديم لما يمتنع تقديمه. (وجيه الدين).

(١) مفعول مطلق لمعمول أو ظرف له بتقدير الموصوف أي : عملا مطلقا كما قدره الشارح أو زمانا مطلقا كما قدره الهندي وقيل حال من المعمول أو مفعول مطلق لقيل. (معرب).

ـ أي : من متعلقات الفعل المقدر قبل الفاء فأما زيد فمنطلق تقديره مهما حصل فعل زيد فهو منطلق. (موشح).

(٢) قوله : (مهما يكن) مهما اسم لا يعقل سوى الزمان ويكن تامة فاعلها الضمير المستتر الراجع إلى مهما ومن شيء بيان لمهما لزيادة التعميم كما في قوله تعالى : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) وجعلها زائدة على قول الأخفش أو استغراقية باعتبار الحال وهم. (والواهم عصام الدين حاشية).

(٣) قوله : (يوم الجمعة) الذي هو الملزوم في قصد المتكلم للا يلزم توالى حرفي الشرط والجزاء في اللفظ فإنه يوهم ذكر المعطوف بدون المعطوف عليه والمسبب بدون السبب. (عبد الحكيم).


فإن ما في حيز (أن) لا يعمل فيما قبلها (فمن) قبيل القسم (الثاني) (١) وهو أن يكون المتوسط معمول الشرط المحذوف.

وهذا القائل (٢) ميز بين أن لا يكون وراء الفاء مانع آخر وبين أن يكون.

فجعل ل : (أما) قوة رفع حكم الامتناع عن الأول دون الثاني (٣).

هذا تقدير (٤) الكلام إذا كان ما بعد (أما) منصوبا وأما إذا كان مرفوعا ، نحو : (أما زيد فمنطلق) فتقديره على المذهب الأول : مهما يكن من شيء فزيد منطلق ، أقيم (أما) مقام (مهما) وحذف فعل الشرط ، ووسط (زيد) بين أما والفاء لما ذكرنا فصار : أما زيد فمنطلق فارتفاع (زيد) بالابتداء كما كان أولا.

وعلى المذهب الثاني مهما يكن (٥) زيد فمنطلق ، أي : فهو منطلق ، أقيم (أما) مقام (مهما) وحذف فعل الشرط فصار : أما زيد فمنطلق.

ف : (زيد) فاعل الفعل المحذوف ، وأما (٦) تقديره على تقدير الرفع ، ب : (مهما

__________________

(١) وهو معمول الشرط المحذوف لضرورة امتناع كون جزء الجزاء لامتناع نحو : إما زيد فإن ضارب ؛ لأن إن تقطع ما بعدها عن العمل وهو وجوز أبو العباس المبرد جعل ؛ لأن خاصية تصحيح التقديم لما يمتنع تقديمه. (هندي).

(٢) قوله : (وهذا القائل) في شرح التسهيل وهو الحق وهو مذهب سيبويه وإليه رجع المبرد وفي الرضي ليس بشيء ؛ لأنه إذا جاز التقديم للغرض المذكور مع المانع الواحد فلا بأس بجوازه مع مانعين أو أكثر ؛ لأن الغرض منفهم ويجوز لتحصيل الفاء مانعين فصاعدا وفيه انتفاء الغرض المذكور مطلقا ممنوع إنما الغالب على هذا التقدير إقامة اللزوم القصدى مقام اللزوم الادعائي وفواته غير مضر ؛ لأن المقصود تأكيد وقع الجزاء وهو حاصل. (سيالكوني).

(٣) أي : في لا جائز التقديم مع ما يكون مانع آخر غير الفاء مثل أن في المثال المذكور. (لمحرره).

(٤) قوله : (هذا تقدير الكلام) إذا كان المتوسط ما سوى الظروف من المفاعيل كالمفعول به في قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)[الضحى : ٩] فجريان التقدير الثاني فيه محل بحث فإن لا يصح إن يقال مهما يكن اليتيم على أن اليتيم معمول لفعل الشرط.

(٥) قوله : (مهما يكن زيد) على أن مهما لعموم الأحوال العائد محذوف أي : أي : حالة يوجد زيد عليها فهو منطلق. (عبد الحكيم).

(٦) ولما كان في هذا المقام مذهب آخر في توجيه المرفوع والمنصوب المذكورين فيما بعد إما أراد الشارح أن يرده. (أيوبي). ـ


يذكر زيد فهو منطلق) بصيغة الفعل الغائب المجهول على أن يكون (زيد) (١) مرفوعا بأنه فاعل الفعل المحذوف.

وتقديره على تقدير النصب ب : (مهما تذكر يوم الجمعة) بصيغة الفعل المخاطب المعلوم على أن يكون (يوم الجمعة) منصوبا بأنه مفعول به للفعل المحذوف ، فوجهه (٢) غير ظاهر مع أنه يوهم (٣) جواز : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، بالنصب بتقدير (تذكر) على صيغة المعلوم المخاطب ، وجواز (٤) : أما يوم الجمعة فزيد منطلق ، برفع اليوم بتقدير (يذكر) على صيغة المجهول الغائب مع عدم جوازهما (٥) بلا خلاف.

وإنما (٦) مثل : المصنف بما يكون الواسطة بين (إما) وفائها منصوبة لظهور أمثلة كونها مرفوعة لكثرتها.

(حرف الردع)

(كلا) (٧)

__________________

ـ أي : على المذهب الثاني مبتدأ وقوله : (تقديره عطف عليه وقوله : (فوجهه غير ظاهر خبره والجملة استئنافية. (س).

(١) ومهما عبارة عن الأحوال والرابط محذوف أي : أي : حاله يذكر زيد عليها. (حكيم).

(٢) قوله : (فوجهه غير ظاهر) لعل وجهه ظاهر لجريان في قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)[الضحى : ٩] بخلاف تقدير يكن كما سبق لكنه غير جائز في المفعول به والحال والجار والمجرور كما لا يخفى. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (مع أنه يوهم) إما قال يوهم أن المقصود في التقدير بيان وجه الإعراب في صورة الرفع والنصب الواقعين في الاستعمال وليس متفرعا على التقدير لكن نقول المقدر في الحالتين يوهم أن الإعراب تابع للتقدير ومن هذا ظهر أن الإبهام في تقدير مهما يكن. (حاشية).

(٤) قوله : (وجواز أما يوم الجمعة) عدم جوازه بلا خلاف عدم الجواز بتقدير يذكر وإلا فقه سمع جواره مرجوحا بتقدير العائد. (عصام).

(٥) أي : مع أن نصب زيد ورفع يوم الجمعة غير جائز. (عبد الله).

(٦) ثم أن المصنف لما اكتفى بمثال واحد وترك الآخر واختار منهما ذكر مثال منصوب أراد الشارح توجيهه فقال وإنما مثل. (عبد الله أيوبي).

(٧) قوله : (كلا) مذهبه إنها بسيطة وقال ابن يعيش أنها مركبة من كاف التشبيه واللام مشددة لتخرج من التشبيه. (حكيم).


الردع : هو الزجر والمنع ، تقول لشخص : فلأن يبغضك ، فيقول (١) : كلا ، أي : ردعا (٢) لك ، أي : ليس الأمر كما تقول.

وقد يجيء بعد الطلب لنفي إجابة الطالب كقولك ـ لمن قال لك افعل كذا ـ : كلا، أي : لا يجاب إلى ذلك.

(وقد جاء) أي : كلا (بمعنى : حقا) (٣).

والمقصود (٤) منه تحقيق مضمون الجملة كقوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) [العلق : ٦] وإذا كان معنى (حقا) جاز أن يقال : إنه اسم بني لكون لفظه كلفظ (كلا) الذي هو حرف ولمناسبة معناه لمعناه ؛ لأنك تردع المخاطب عما يقوله تحقيقا لضده (٥) ، لكن النحاة حكموا بحرفيته إذا كان بمعنى (حقا) أيضا لما فهموا من أن المقصود به تحقيق مضمون الجملة ، كالمقصود ب : (أن) فلم يخرجه ذلك عن الحرفية.

(تاء التأنيث الساكنة)

لا المتحركة ؛ لأنها مختصة بالاسم.

__________________

(١) وقد يكون بيانا لكونه خبر أتى به المتكلم منكرا كقوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)[مريم : ٨١] كلا. (عصام).

(٢) قوله : (ردعا لك) أي : عن المعاودة إلى مثل ذلك القول وقد كون زجرا عن فعل فيه الممنوع كقولك لم يذم عالما كلا ولا بد فيها من تقدم كلام يرد بها سواء كان من كلاهم من يتكلم بها على سبيل الإنكار كقوله تعالى : (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ)[القيامة : ١٠] كلا أو على سبيل الحكاية كقوله تعالى : (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا)[الشعراء : ٦١ ـ ٦٢]. (عبد الحكيم).

ـ وتنبيها على الخطأ قال الله تعالى بعد قوله : (رَبِّي أَهانَنِ)[الفجر : ٢١] كلا أي : ليس الأمر كما يظن بك أعطا المال ليس للإكرام وتضييق للإهانة. (خبيصي).

(٣) قوله : (بمعنى حقا) فحينئذ يكون يجري مجرى القسم فيجاب باللام كما في الآية المذكورة وقد لا يكون كذلك كما في قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ)[القيامة : ٢١].

(٤) قوله : (والمقصود منه) تحقيق الجملة أما الجملة السابقة فيصح الوقف عليها أو اللاحقة ولذا لا يكون بعد كلا بمعنى حقا كسر إن بل هو مفوض إلى قصد المتكلم فإن أراد تأكيد ما بعدها فالفتح وإن أراد استئناف ما بعدها فالكسر. (فاضل محشي).

(٥) يعني : كأن الله تعالى في قوله : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى)[العلق : ٦] لما أثبت طغيان ـ


(تلحق) الفعل (الماضي) لتكون من أول الأمر علامة (لتأنيث المسند إليه) (١) فاعلا كان أو مفعول ما لم يسم فاعله (٢).

وإنما جعلت هذه التاء ساكنة بخلاف تاء الاسم ؛ لأن أصل الاسم الإعراب وأصل الفعل البناء ، فنبه من أول (٣) الأمر بسكون هذه على بناء ما لحقته ، وبحركة تلك على إعراب ما وليته ؛ لأنهما كالحرف الأخير (٤) مما تلحقانه.

(فإن كان) (٥) أي : المسند إليه اسما (ظاهر غير) مؤنث (حقيقي فمخير) أي : فأنت مخير بين إلحاق تاء التأنيث وبين عدمه أو فهو : أي : إلحاق تاء التأنيث مخير فيه على الحذف والإيصال.

وهذه (٦) المسألة قد تقدمت إلا أنها ذكرت فيما تقدم من حيث إنها من أحكام المؤنث ، وهنا من حيث إنها من أحكام تاء التأنيث.

__________________

ـ الإنسان زجره عن الإثبات بضده الذي هو عدم طغيان. (تكملة).

(١) قوله : (لتأنيث المسند إليه) تحقيقا أو تنزيلا كما في الجموع المنزلة منزلة المؤنث بالتاء. (عصام).

(٢) بيان لفائدة التعبير بالمسند إليه دون الفاعل يعني يشمل مفعول ما لم يسم فاعله فإن ليس فاعلا عند المصنف. (عبد الحكيم).

(٣) قوله : (فنبة من أول الأمر) أي : قبل العلم لكونه فعلا ماضيا فإن صيغة الفعل الماضي قد تكون على زنة الاسم والحرف والأمر فخوفا فإذا قيل : علم قيل : التأمل في معنى الكلام إنه صيغة الماضي. (سيالكوني).

(٤) قوله : (كالحرف الأخير) إما تاء الاسم فلجريانه الإعراب عليه وإما تاء الفعل فشدة اتصاله به بحيث لا يمكن تلفظها بدونه ولذا قدمت على الفاعل المؤنث قصدا. (س).

(٥) قوله : (فإن كان) أي : المسند إليه والمعنى فإن كان تأنيث المسند إليه ظاهرا غير حقيقي أو المعنى فإن كان المسند إليه المؤنث ظاهرا غير حقيقي. (عصام).

(٦) أي : كون لحوق تأنيث وعدمه مخير عند كون المسند إليه اسما ظاهرا غير مؤنث حقيقي. (لمحرره).

ـ هذه دفع لما ذكره صاحب المتوسط حيث قال أن هذه تكن ؛ لأنه قد ذكر من قبل. (وجيه الدين).

ـ قوله : (وهذه المسألة) وبهذا يندفع كون ذكرها مستغنى فالوجه أن يقال المتبادر من قوله : (وتلحق الوجوب فاستثنى من قوله : (الظاهر الغير الحقيقي. (عصام).


(وأما إلحاق (١) علامة التثنية والجمعين) أي : جمعي المذكر والمؤنث في مثل : (قاما الزيدان) و (قاموا الزيدون) و (فمن النساء) (فضعيف) لعدم احتياجها إلى هذه العلامات مثل : احتياج المسند إليه إلى علامة التأنيث ؛ لأن تأنيثه (٢) قد يكون معنويا أو سماعيا وعلامة التثنية والجمع غالبا (٣) ظاهرة غاية الظهور.

وإذا ألحقت على ضعفها فليست بضمائر (٤) ، لئلا يلزم الإضمار قبل الذكر من غير فائدة ، بل هي حروف أتى بها للدلالة من أول الأمر على أحوال الفاعل ، كتاء التأنيث.

وفي شرح الرضي : هذا ما قاله النحاة ، ولا منع من جعل هذه الحروف ضمائر ، وإبدال الظاهر منها.

والفائدة في مثل : هذا الإبدال ما مر في بدل الكل (٥) من الكل ، أو تكون الجملة خبر المبتدأ والمؤخر.

والغرض كون الخبر مهما.

(التنوين)

في الأصل مصدر نونته أي : أدخلته نونا ، فسمي ما به ينون الشيء ـ أعني : النون ـ تنوينا ، إشعارا بحدوثه وعروضه لما في المصدر من معنى الحدوث. ولهذا سمى سيبويه المصدر حدثا.

__________________

(١) قوله : (وأما إلحاق علامة) استئناف لدفع كون علامة التثنية والجمع كتاء التأنيث في إلحاق التثنية على كون المسند إليه مثنى ومجموعا وفي عدم تقيد اللحاق بالماضي أو الفعل إشارة إلى عموم الحكم إلى إلحاقها بأي : شيء تلحق في الماضي والمضارع والصفة. (عبد الحكيم).

(٢) فلا يعرف تأنيث المسند إليه إلا بهذه العلامة التي تلحق المسند. (لمحرره رضا).

(٣) قوله : (غالبا) احتراز عما إذا كانت مدغمة أو محذوفة للالتقاء الساكنين وعن من وما إذا كانتا عبارتين عن الجمع من غير فائدة احتراز عن نعم رجلا ودية رجلا وباب التنازع. (سيالكوني).

(٤) قوله : (ليست بضمائر) يدل على إيراد الواو لغير العقلاء في أكلوني البراغيث والاستعمال النون للرجال في يعصرن السليط أقاربه والتأويل تكلف وإليه أشار المصنف بقوله : (وإما التغيير بلفظ العلامة وإلى أن الضعف على تقدير القول بالعلامة. (حكيم).

(٥) من التوضيح والتعبير يرد على التوجيهين حمل ما وقع في التنزيل من قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ)[الأنبياء : ٣] وقوله : (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ)[المائدة : ٧١]. (محشي ك).


وهو في الاصطلاح (نون ساكنة) أي (١) : بذاتها فلا تضرها الحركة العارضة (٢) ، مثل : (عاداً الْأُولى) [النجم : ٥٠].

وهي شاملة نون (من ، ولدن ، ولم يكن) وأمثالها.

فأخرجها بقوله : (تتبع حركة الآخر) أي : آخر الكلمة (٣) ، فإن هذه أواخر تلك الكلمات لا توابع حركات أواخرها (٤).

وإنما قال : (تتبع حركة الآخر) ولم يقل : تتبع الآخر ؛ لأن المتبادر من متابعتها الآخر لحوقها به من غير تخلل شيء وهاهنا الحركة (٥) متخللة بين آخر الكلمة والتنوين (٦).

فإن قلت : فآخر الكلمة هي الحركة فلا حاجة إلى ذكر الحركة.

قلت : المتبادر من الآخر الحرف الآخر.

ولم يقل : أخر الاسم ، ليشمل تنوين الترنم في الفعل. (لا لتأكيد الفعل) (٧) فخرج نون التأكيد الخفيفة (٨).

__________________

(١) قوله : (أي : بذاتها) يعني : إنما قيد بها لئلا يخرج عاد الأولى وهو من أفراد التنوين وليس المراد أخراج غيره من النونات حتى يلزم ما قيل : أن أراد بالساكن بذاتها ما يكون ساكنا إلا ذمت يكن موجب التحريك فكل نون في آخره المعرب نحو : حسن ومنا من كذلك وإن أراد معنى آخر فلبين حتى يتكلم عليه وذلك أن المراد ما ذكره وليس المراد إخراج شيء حتى يتجه بل إدخال بعض أفراد المحدود. (وجيه الدين).

(٢) فالمتحركة ساكنة في الأصل فلا يردان التنوين ليس بجامع لروج التنوين المتحركة. (ك).

(٣) أي : آخر الكلمة حقيقة أو حكما فيدخل تنوين قائمة وبصرى وأخ بل المراد بالآخر ما ينتهي إليه المتكلم فيشمل تنوين قاض فإن الضاد ليس آخر الكلمة حقيقة ولا حكما بل آخره منوى لكنه ينتهي به التكلم.

(٤) فإن النون الساكنة من من مثلا هي نون ساكنة وآخر كلمة من. (عبد الله أفندي).

(٥) ولو قال تتبع الآخر لم يوجد اللحوق بتلك الصفة ؛ لأنها لاحقة بالآخر مع حصول التخلل بينهما. (عبد الله أيوبي).

(٦) فإن ضمة زيدا المرفوع مثلا متخللة بين الدال التي هي آخر الكلمة وبين النون الساكنة. (تكملة).

(٧) يعني : أن النون الواقعة في الآخر إنما سميت تنوينا إذا كانت داخلة عليه لا لتأكيده. (تكملة).

(٨) فإنها ساكنة يصدق عليها التعريف وأما الثقيلة غير ساكنة ولذا لم يدخل. (عروت).


ولا ينتقص (١) التعرف بالنون في نحو : (يا رجل انطلق) فإن المراد بتبعيتها حركة الآخر تطفلها (٢) لها في الوجود تطفل العارض للمعروض ، وليس نون (انطلق) تابعا لحركة لام الرجل بهذا المعنى.

(وهو) أي : التنوين.

(للتمكن) (٣) وهو ما يدل على أمكنية الكلمة (٤) ، أي : كون الاسم لم يشبه الفعل (٥) بالوجهين المعتبرين في منع الصرف ، وحينئذ لا يتصور معناه (٦) في غير المتصرف.

(والتنكير) وهو الفارق بين المعرفة والنكرة (٧) ، فهو الدال (٨) على أن مدخوله غير معين ، نحو : صه ، أي : اسكت سكوتا ما في وقت ما ، وأما (صه) بغير التنوين فمعناه اسكت السكوت (٩) الآن.

__________________

(١) فإنه يوهم أن قوله : (نون ساكنة) تتبع حركة الآخر لتأكيد الفعل بعينه يصدق على النون الساكنة في قوله: انطلق فإنها نون ساكنة تتبع حركة اللام في رجل فأجاب بأن لا يرد النقض به. (محرم).

(٢) قوله : (تطفلها لها في الوجود) بأن يتبعها في الوجود والعدم يشير إليه تشبيه المصنف العارض للمعروض فلا يرد أن تفسير التبعية بالتفضل يوجب إخراج تبع حركة الآخر نوني التأكيد أيضا. (سيالكوني).

(٣) قوله : (للتمكن) يدل على تمكن الاسم وبقائه على الأصل وهو الانصراف. (سيالكوني).

ـ أي : قوية وسمى تنوين الصرف لفصله بين المنصرف والممتنع كرجل وزيد.

ـ وهو تنوين تلحق الاسم ليدل على أن له مكانة في الاسم نحو : زيد ورجل.

(٤) قوله : (أمكنية عبارة) من وجود الإعراب الأمكنية عدم مشابهة الفعل والحرف والمراد بالتمكن كونه منصرفا أو في حكم المنصرف ليشمل تنوين غير المنصرف للضرورة والالتباس. (عصام).

(٥) قوله : (لم يشبه الفعل) لم يقل لم يشبه الحرف والفعل كما في عامة الكتب ؛ لأن الأمكن في مقابلة غير المنصرف والتنوين فاروق بينهما. (حاشية).

(٦) قوله : (معناه) أن يتصور صورته للضرورة وبالتناسب فهي داخلة في تنوين التمكن وليس فيهما سادسا كما عده بعضهم. (حكيم).

(٧) من الأسماء المبنية عند القوم حيث قالوا أنه يختص بالصوت واسم الفعل ويطرد في ما في آخره ويه. (ك).

(٨) قوله : (فهو الدال) قال الرضي قيل : مختصة بالصوت واسم الفعل نحو : سيبويه وصه وقال في الصحاح تنوين صه للفرق بين الوصل والوقف فعند الوصل يقفون وقبل للفرق بين المعرفة والنكرة فمقتضى كلامه ثبوت قسم سادس للتنوين هو الفارق بين الوصل والوقف. (س).

(٩) فقولهم : اسكت السكوت الآن فمسامحة معناه اسكت سكوتا متصلا بالآن. (عصام).


وأما التنوين (١) في نحو : رب أحمد وإبراهيم فليس للتنكير بل هو للتمكن.

قال الشارح الرضي : (وأنا لا أرى (٢) منعا من أن يكون تنوين واحد للتمكن والتنكير معا ، فأقول : التنوين في (رجل) يفيد التنكير أيضا فإذا جعلته (٣) علما تمحض للتمكن.

(والعوض)

وهو ما لحق الاسم عوضا (٤) عن المضاف إليه لتعاقبهما على آخر الكلمة ك : (يومئذ) أي : يوم إذ كان كذا.

ف : (اليوم) مضاف إلى (إذا) و (إذ) كانت مضافة إلى الجملة التي كانت بعدها فلما حذفت الجملة للتخفيف ألحق بها التنوين عوضا (٥) عن الجملة ، لئلا تبقى الكلمة ناقصة ، وكذلك (حينئذ) وساعتئذ وعامئذ) و (جعلنا بعضهم فوق بعض) أي : فوق بعضهم (ومررت بكل قائما) أي : بكل واحد ، وامتثال ذلك.

__________________

(١) قوله : (وأما التنوين) إنما خص المثال بخصوصه أي : بالنكرة للبينة ؛ لأن غير المنصرف إذا دخله التنوين بعد جعله كالنكرة في عدم التعيين سواء بسبب أولا ليس تنوينه للتنكير بل للتمكن ؛ لأنه الزائل بموانع الصرف فإذا زال المانع عاد بخلاف سيبويه فإنه كان مبنيا فإذا نكر يدخل فيه تنوين التنكير. (س).

(٢) أي : لا أظن منعا فيجوز أن يكون تنوين أحمد وإبراهيم بعد التنكير للتنكير والتمكن معا فإنه يدل عليهما. (س).

(٣) قوله : (فإذا جعلته علما) لما قال من أنه للتنكير لما بقي في نحو : رجل بعد العملية وفي بعض نسخ الرضي وإما التنوين في نحو : رب أحمد وإبراهيم قلم يتمحض للتنكير بل هو للتمكن أيضا ؛ لأن الاسم منصرف. (س).

(٤) قوله : (عوضا عن المضاف إليه) لم يقل عوضا عن حرف أصلي كجوار أو زائد كجندل فإن تنونه بدل من ألف جنادل أو مضاف إليه ؛ لأن كون التنوين فيهما للعوض مختلف فيه فعند المبرد تنوين جوار للصرف وعند ابن مالك تنوين جندل للصرف وليبس ذهاب الألف الدالة على الجمعية كذهاب الياء من جوار وفي تخصيص الأمثلة باذ وكل وبعض إشارة إلى اختصاصه بهذه الكلمات. (محشي مدقق).

(٥) جبر النقصان فلو لم يجبر تبقى الكلمة ناقصة وهذا معنى قوله : (لئلا تبقى الكلمة ناقصة). (وجيه الدين).


(والمقابلة) وهو ما يقابل نون جمع المذكر السالم ك : (مسلمات) فإن الألف والتاء فيه علامة الجمع ، كما أن الواو علامة جمع المذكر السالم ، ولم يوجد فيه ما يقابل النون في ذلك ، فزيد التنوين في آخره ليقابله.

وتوهم بعضهم أنه للتكن وهو خطأ ؛ لأنه إذا سميت بمسلمات مثلا امرأة يثبت فيها التنوين ، ولو كانت للتمكن لزالت (١) للعلتين : العملية ، والتأنيث.

وظاهر أنه ليس تنوين التنكير لوجوده فيما كان علما ك : (عرفات) ولا تنوين العوض لعدم مساعدة المعنى (٢) ، ولا تنوين الترنم لوجوده في غير أواخر الأبيات والمصاريع فتعين أن يكون للمقابلة ؛ لأنها معنى مناسب (٣) لحمل التنوين عليه.

(والترنم) (٤) : وهو ما لحق أواخر الأبيات والمصاريع لتحسين الإنشاد ؛ لأنه حرف يسهل به ترديد الصوت في الخيشوم ، وذلك الترديد من أسباب حسن الغناء.

__________________

(١) قوله : (لزالت) ولنا سميت بمسلمة زال تنوينها وقال الزمخشري أنها تنوين الصرف وأن سمي به لضعف تأنيثه لعدم تمحض تائه للتأنيث ؛ لأن مع الألف علامة الجمع ولا يصح تقدير تاء فيه غيرها ؛ لأن اختصاص هذه التاء لجمع المؤنث يأبى عن ذلك كتام اخت وبنت مع أن التاء فيهما بدل من الواو يمنع عن تقدير تاء أخرى. (سيالكوني).

(٢) قوله : (لعدم مساعدة المعنى) أي : معنى العوض هاهنا إذا لا شيء محذوف هاهنا حتى يعوض عنه. (وجيه الدين).

(٣) لمشاركة النون في كون كل منهما علامة تمام الاسم فقط من غير دلالة على شيء. (ك).

(٤) وإنما سمي هذا التنوين تنوين الترنم ؛ لأنها إنما يجيء بها لوجود الترنم هو رفع الصوت يقال ترنم بكذا إذا رفع الصوت وذلك ؛ لأن حرف العلة مدة في الخلق فإذا أحدث منها التنوين يحصل الترنم ؛ لأن التنوين يمسه الخيشوم. (سعيد حلبي).

ـ وإنما سمى هذا التنوين تنوين نترنم لكونها عن حرف الترنم هو حرف المد واللين. (وافية).

ـ قوله : (أواخر الأبيات) في القاموس البيت من الشعر والمدور وبيت الشاعر والمصاريع جمع مصراع ومصراعا البيت من الشعر شبها بمصراع الباب لاستوائهما كذا في شمس العلوم والمصراعان من الأبواب والشعر ما كانت قافيتان في بيت وبابان منصوبان يتضمنان جميعا مدخلهما في الوسط منهما وشرع الشعر والباب جعله مصراعين ولعل استعمال هذين اللفظين في الشعر بطريق التشبيه. (عبد الحكيم).


وإنما اعتبروا (١) ما لحق أواخر الأبيات والمصاريع وإن كان لحوقها للحروف والكلمات الواقعة في أثنائها جائزا بل واقعا كما تشاهد من أصحاب الغناء ؛ لأن محل التغني به إنما هو آخر ، لئلا يختل سلك النظم بتخلله بين كلمات الأبيات والمصاريع ، ولا يخل بفهم المعاني.

وهو إما أن يلحق القافية المطلقة (٢) وهي ما كان رويها متحركا مستتبعا بإشباع حركة واحدا من الألف والواو والياء.

وسميت هذه الحروف حروف الإطلاق ؛ لإطلاق الصوت بامتدادها.

ولحوق النون بهذه القافية إنما يكون بإبدال حروف الإطلاق به ، كما في قول الشاعر:

أقلي اللوم (٣) ـ عاذل ـ والعتابن

وقول ي إن أصبت لقد أصابن (٤)

فروى هذا البيت الباء وحصل بإشباع فتحها الألف وعوض عن الألف عند التغني نون الترنم.

__________________

(١) قوله : (وإنما اعتبروا) يعني أن محل ترد يد الصوت في الخيشوم هو الآخر فلذا اعتبروا اللحوق بالآخر. (سيالكوني).

(٢) قوله : (اتفاقية المطلقة) القافية عند الخليل مد آخر حروف البيت إلى أول ساكن يليه مع الحركة التي قبل ذلك الساكن وروى عنه أيضا أن المتحرك قبل ذلك الساكن هو أول القافية مشتقة من القفو وهو التبعية ؛ لأن القفو أن يجيء بعضها أثر بعض والروي هو الحروف الذي تبني عليه القصيدة وتنسب إليه فيقال قصيدة لامية أو نونية مثلا من رويت الحبل إذا قتلته أو رويت البعير إذا اشتددت عليه الرداء وهو الحبل الذي تجمع به الأحمال أو من الري ؛ لأن البيت يروى عند فيقطع. (حكيم).

(٣) والبيت لجرير أراد يا عاذلة أقلى لومك وعنا بك على أفعله وتأملي فيما أفعله وفقولي لقد أصاب جرير فيما فعل وانصفي ولا تكابري وفيه أن عاذلته على الخطأ فيما تقول. (سيالكوني).

ـ اللوم بفتح اللام وسكون الواو والعذل بفتح العين وسكون الذال المعجمة والعتاب بالكسر كلها إظهار العداوة مع إضمار العداوة. (لغة).

ـ والمعنى أقلى لومك وعتابك على ما افعله وتأمل فيه فإن كنت معيبا فصف بيني. (وجيه).

(٤) مفعول قولي والشرط متحلل في أجزاء ما دل على الجزاء. (ك).


وإما أن يلحق القافية المقيدة وهي ما كان رويها حرفا ساكنا صحيحا كان أو غير صحيح.

وسميت مقيدة لتقيد الصوت بها وامتناع امتداده ؛ لأنه ليس هناك حركة يحصل من إشباعها حرف الإطلاق ليتيسر امتداد الصوت كقول الشاعر :

وقاتم (١) الأعماق خاوي المخترقن

مشتبه الأعلام لماع (٢) الخفقن

فإن روى القافية في هذا البيت القاف الساكنة ولا يمكن مد الصوت بها ، فحركت عند التغني بالفتح أو الكسر والحق بها النون ، فقيل (المخترقن ، والخفقن).

ويسمى هذا القسم من التنوين (الغلي) لأن الغلو هو التجاوز عن الحد.

وقد تجاوز البيت بلحوق هذا التنوين عن حد الوزن ، ولهذا يسقط عند التقطيع.

وليس للقسم الأول اسم يختص به.

وأعلم أن تنوين الترنم ليس موضوعا بإزاء معنى من المعاني ، بل هو موضوع لغرض الترنم (٣) ؛ لأن معناه الترنم كما أن حرف التهجي موضوع لغرض التركيب ، لا بإزاء معنى من المعاني.

__________________

(١) قوله : (القاتم الظلم) والعمق بفتحتين وبالضم ما بعد من أطراف المغازة والجمع أعماق والحاوي الحالي والمحترفين بفتح الراء وكسر القاف الحمر والطريق وقيل سهب الريح بحرقة والإعلام جميع علم وهو ما يهتدي به في الطريق والخفق بالسكون الاضطراب يقال خففت الدابة والقلب والسراب إذا اضطرب يقال خففت الدابة والقلب والسراب إذا اضطرب حرك للضرورة والمراد بالسراب الحافق نعت المصدر والمعنى رب مغارة مظلمة الأطراف حالية الممر لم يسكنها أحد ولم يتميز فيها إعلام لظلمتها أو لغمومها لماعة السراب وجواب رب محذوف أي : قطعته. (سيالكوني).

(٢) والمعنى رب مهمة مظلم الجواب في المرائي بعيد الأطراف حالي الطريق عن الأشجار مشتبه الإعلام غير متميزة لماع السراب قطعته. (وجيه).

(٣) وذلك لأن المقصود منه حصول الترنم في الخارج لا إفهام معنى الترنم وحصوله في الذهن. (س).

ـ أي : رفع الصوت وحسنه.


ففي عده تنوين الترنم من أقسام الحروف ، التي هي من أقسام الكلمة المعتبر فيها الوضع تساهل وتسامح (١).

وأما التنوينات الأخر ففي اعتبار الوضع في بعضها أيضا تأمل (٢).

(ويحذف) أي : التنوين (٣) وجوبا (٤) (من العلم) حال كونه (موصوفا (٥) بابن) حال كون الابن (مضافا إلى علم آخر) نحو : جاءني زيد بن عمرو ، وذلك لكثرة استعمال (٦) (ابن) بين علمين أحدهما موصوف به والآخر مضاف إليه فطلب التخفيف لفظا بحذف التنوين من موصوفه وخطأ (٧) بحذف الألف من ابن.

وكذلك (٨) قولهم : هذا فلان بن فلان ؛ لأنه كناية عن العلم.

ويعلم منه إذا كان صفة لغير العلم ، أو كان مضافا إلى غير العلم ، نحو : جاءني رجل ابن زيد ، وزيد ابن عالم ، لم يحذف التنوين من اللفظ ، وألف (ابن) عالم ، لم

__________________

(١) قوله : (تسامح) بتنزيل الغرض من الشيء منزلته معناه نفي اعتبار الوضع في بعضها أيضا. (محشي ك).

(٢) كتنوين العوض والمقابلة فالتنوين العوض لغرض جبر النقصان وتنوين المقابلة لغرض المقابلة بخلاف تنوين التمكن فإنه يدل على مكانة في الاسمية بحيث لا يشبه الفعل ومبنى الأصل بخلاف تنوين التنكير فإنه يدل على أن مدلول مدخولها غير معين كصه. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (أي : التنوين) بشرط بقائه على حاله وعدم صيرورته بقربان جعل علما مع التنوين فإنه لا يحذف.

(٤) قوله : (وجوبا) فالاستمرار المستفاد من المستقبل قرنية الوجوب وهذا في السعة وأما في الضرورة فقد لا يحذف. (حاشية).

(٥) فلا يحذف في زيدين عمرو ومشرط الاتصال كما هو المتبادر فلا يحذف في زيد الظريف بن عمرو وشرط كون الثاني تذكر أبناء على إن العرب لا ينسبون الرجل إلى أمه واشتراط بعض المتأخرين كونهما مكبرين. (حكيم).

(٦) قوله : (لكثرة استعمال) أي : لانتقاء الساكنين فإن توجب الحذف لجواز تحريكه بالكسرة على ما هو الأصل في الساكن. (ك).

(٧) قوله : (وخطأ) بحذف ألف ابن وما فيما بين أرباب الحديث أن يحذف من العلم الموصوف بالابن المضاف إلى الأب دون الجد فرقا بينهما لعلة قاعدة وضعوها على خلاف قاعدة العرب. (محشي فاضل).

(٨) قوله : (وكذلك) فالعلم أعم من أن يكون صريحا أو كناية عنه كذا ما يجري مجرى العلم نحو : سيد بن سيد وطاهر بن طاهر وهي بن هي.


يحذف التنوين من اللفظ ، وألف (ابن) من الخط ، لقلة الاستعمال.

ويعلم من قوله : (موصوفا) أنه لا يحذف إذا لم يكن (الابن) صفة (١) نحو : (زيد) ابن عمرو على أن يكون (ابن عمرو) خبرا عن زيد. وحكم (الابنة) (٢) حكم (الابن) في جميع ما ذكرنا إلا في حذف همزتها فإنها لا تحذف حيثما كانت (٣) ، لئلا تلتبس ببنت في مثل : (هذه هند ابنة عاصم).

(نون التأكيد) (٤)

قسمان :

(خفيفة ساكنة) (٥) لأنها مبنية والأصل في البناء والسكون.

(ومشددة مفتوحة) لثقلها وخفة الفتحة (مع (٦) غير الألف) أي : غير ألف التثنية نحو : (اضربان) (وألف الجمع) (٧) أي : الألف الفاصل بين نون جمع المؤنث ، والنون المشددة نحو : (اضربنان) ، فإنها تكسر معهما لشبهها فيهما بنون التثنية.

(تختص) أي : نون التأكيد (٨).

__________________

(١) لقلة استعماله مع التنوين إنما حذف الموصوف ولكونه مع الصفة كاسم واحد والتنوين علامة التمام وهذه العلة ليست موجودة في المبتدأ مع الخبر. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (وحكم الابنة) ولم يذكره المصنف اكتفاء بذكر الأصل ، أو لأنه اختلافي فإن منهم من منع ذلك ؛ لأن موضع الأسماء الابن حكاه ابن كيسان. (شرح التسهيل).

(٣) سواء كانت بين العلمين أو غيره.

(٤) قوله : (نون التأكيد) وأشار إلى جعله قسمين إلى أنهما أصلان كما هو مذهب البصريين وقال الكوفيون الثقيلة أصل ومعناهما التأكيد وقال الخليل التأكيد بالثقيلة أبلغ. (حكيم).

(٥) قدم الخفيفة لكونها بعضا من الثقيلة ومدلولها بعض من مدلولها. (عصام).

(٦) كالاستثناء من قوله : (مفتوحة) يعني أن المشددة مفتوحة إذا كانت مع غير الألف. (أيوبي).

(٧) قوله : (وألف الجمع) اختاره الشارح رعاية لمناسبة التشبيه وجعل عبارة القوم تفسير إله وهو الإطلاق واخترعه الشارح لمناسبة التثنية والشائع ألف الوصل. (سيالكوني).

(٨) قوله : (أي : نون التأكيد) رعاية لوحدة الضمير لوحدة الضمير وقيل لكل واحد منهما رعاية ـ


(بالفعل المستقبل) (١) الكائن (في) ضمن (٢) (الأمر) نحو : اضربن ، بالتخفيف ، واضربن ، بالتشديد ، (والنهي) نحو : لا تضربن.

(والاستفهام) نحو : هل تضربن؟.

(والتمني) نحو : ليتك تضربن.

(والعرض) نحو : ألا تنزلن عندنا فتصيب خيرا.

(والقسم) نحو : والله لا فعلن ، بالتخفيف والتشديد في جميع (٣) هذه الأمثلة.

وإنما اختص هذا النون بهذه المذكورات الدالة على الطلب دون الماضي والحال ؛ لأنه لا يؤكد إلا ما يكون مطلوبا (٤).

(وقلت) أي : نون التأكيد.

(في النفي) فلا يقال (٥) :

__________________

ـ لقرب المرجع مع تنصيص الحكم في كل واحدة منهما وعلى التقديرين الجملة مستأنفة ولا يجوز أن تكون خبرا بعد خبر ؛ لأن الخبر الجملة يجب فيه العاطفة. (سيالكوني).

(١) المراد بالفعل المستقبل الاصطلاحي ودخوله على اسم الفاعل تشبيها له بالمضارع في قوله : قائلن احضروا الشهود أو على الماضي في قوله : زامن سعدك إن رحمت يتيما اضطراري والمراد الاختصاص في السعة. (محشي).

(٢) قوله : (في ضمن الأمر) بأن يكون مذكور لفظا فيما عدا أمر المخاطب فإنه في الأصل مضارع حذفت فيه اللام لكثرة الاستعمال فهو في التقدير فعل مستقبل في ضمن لام الأمر كأمر الغائب والمتكلم أعم من الأمر بغير اللام وباللام على التوسع والأمر بغير اللام ويفهم حكم هذا الأمر بطريق الأولى. (سيالكوني).

(٣) قوله : (في جميع هذه الأمثلة) لو ترك بيان التخفيف والتشديد في أمثلة الأمر واكتفى بهذا التعميم لكان أخصر لكن ما ذكره ابن جني خصرا ولا ثم عمم. (رضا).

(٤) لأن وضعه لتأكيد طلب حصول شيء إما في الخارج أو في الذهن والمطلوب لا يكون ماضيا ولا حال ولا خبر مستقلا. (سيالكوني).

(٥) فلا يقال : زيد ما يقومن إلا قليلا في مجيئها مع النفي بما نظر إنما دخلت النفي بلا لمشابهة النفي النهي حتى قيل : مجيئها في النفي بلا المتصلة قياس عند ابن جني بخلاف المنفصلة ـ


(زيد ما يقومن) (١) إلا قليلا (٢) لخلوه عن معنى الطلب.

وإنما جاز قليلا تشبيها له بالنهي.

(ولزمت) أي : نون التأكيد (في مثبت القسم) (٣) أي : في جوابه المثبت ؛ لأن القسم محل التأكيد ، فكرهوا أن يؤكدوا الفعل بأمر منفصل عنه ـ وهو القسم ـ من غير أن يؤكدوه بما يتصل به ـ وهو النون ـ بعد صلاحيته له (٤).

وفي قوله : لزمت ، إشارة إلى أن زيادة نون التأكيد فيما عدا مثبت القسم غير لازم بل جائز (٥).

(وكثرت) أي : نون التأكيد (في مثل : (إما تفعلن) أي : في الشرط المؤكد حرفه ب : (ما) (٦) فإنهم لما أكدوا الحرف قصدوا تأكيد الفعل أيضا ، لئلا ينتقص المقصود من غيره.

(وما قبلها) (٧) أي : ما قبل نون التأكيد خفيفة كانت أو ثقيلة ، (مع ضمير

__________________

ـ وإن جاءت قليلا نحولا في الدار يضر بن زيد والمراد بالنفي ما يشمل الجحد قال سيبويه تدخل بعد لم تشبيها لها بلا النهي في الجزم. (حكيم).

(١) أورد المثال بما ليعلم حكم النفي بلا بطريق الأولى فإن مشابهته بلا الناهية أثم. (حكيم).

(٢) استثناء مفرغ يعني لا يقع في النفي استعمالا إلا استعمالا قليلا. (أيوبي).

(٣) قوله : (في مثبت القسم المثبت) هو الجواب فهو من قبيل إضافة الجواب إلى القسم كما أفاده الشارح فما ذكره الهندي إن الإضافة من قبيل جرد قطيفة محل انظر وتقتضي الملزوم بقوله تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ)[آل عمران : ١٥٨] فوجب تقديم المثبت بأن لا يتعلق ظرف أو جار متقدم عليه. (فاضل إسفرائيني).

(٤) صلاحا تاما احتراز عمالا يصلح أصلا كالجملة الاسمية والفعل الماضي المثبت وفيه مانع. (ك).

(٥) نحو قول الشاعر :

والله لا أحمدن المرء محتسبا

فعل الكرام وإن فاق الورى حسبا

 ـ والأكثرون أن لا يؤكد كقوله تعالى : (أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ)[المائدة : ٥٣] لا يبعث من يموت. (شرح التسهيل).

(٦) سواء كان التأكيد لازما ، كما في حيثما وإذ ما ، أو جائزا ، كما في سيما وأما ، وقد يؤكد جواب هذا الشرط.

(٧) لما فرغ من بيان مسائله من حيث من حيث تلفظه ولحوقه ، شرع في بيان تلفظ حرف يقع قبل النون. (ك).


المذكرين) وهو الواو (مضموم) ليدل على الواو المحذوفة لالتقاء الساكنين (١) ، وإن اشتراط(٢) في التقاء الساكنين على حدة أن يكون الساكنان في كلمة واحدة ، فإن النون المشددة كلمة أخرى ، أو لثقل الواو بعد الضمة وقبل النون المشددة إن لم يشترط في التقاء الساكنين ما ذكر.

(ومع) ضمير (المخاطبة) وهو الياء (مكسورة) ليدل على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين : أو لثقل الياء بعد الكسرة وقبل النون المشددة.

(و) ما قبلها (فيما عدا ذلك) المذكور من ضمير المذكرين وضمير المخاطبة ، وهو الواحد المذكر غائبا كان ومخاطبا والمؤنث الغائبة (مفتوح) طلبا للخفة.

وظاهر أن ما عدا ذلك المذكور ، يشمل التثنية والجمع المؤنث ، وحكمها (٣) غير ما ذكر (٤).

فقوله : (وتقول في التثنية والجمع المؤنث : (اضربان ، واضربنان) بمنزلة الاستثناء عنه.

فتقول في المثنى : (اضربان) بإثبات الألف (٥) لئلا يشتبه بالواحد و (اضربنان) في

__________________

(١) يعني أن الواو إذا حذفت إما لالتقاء الساكنين على غير حده أن اشترط في التقاء الساكنين أن يكون الساكنان في كلمة واحدة ؛ لأن التقائهما في كلمتين ؛ لأن النون المشددة كلمة أخرى وإما الثقل الواو بعد الضمة. (وجيه).

(٢) قوله : (أن اشترط) فلا يكون مما نحن فيه من التقاء الساكنين على حده فتحذف المدة وأعلم أن نون التأكيد ليس بجزم حقيقة لكنه كالجزء لشدة اتصاله بما قبله لرعاية الأول قالوا وفي جمع المذكرين والماطبات فيهم التقاء الساكنين على غير حده ولرعاية الثاني قالوا في التثنية والجمع المؤنث إن التقاء الساكنين على حده ولم يعكس للزوم الثقل في الأولين والالتباس واجتماع النونات في الأخيرين. (سيالكوني).

(٣) قوله : (وحكمهما) غير ما ذكر ؛ لأن ما قبلها فيهم لا الفتحة والرضي جعل حكمهما ما ذكر ؛ لأن الألف حاجز غير حصين ولأن للألف في حكم الفتحة وجعل قوله : (فتقول في التثنية والجمع ؛ إذ بيان للفرق بينهما وبين جمع المذكر أو المخاطبة والظاهر ما ذكره الشهر. (عبد الحكيم).

(٤) وهو مضموم ما قبلها ومكسور ما قبلها ومفتوح ما قبلها. (رضا).

(٥) يعني لم يحذف في نحو : أضربان وأن التقى الساكنان كما حذف الواو والياء في نحو : أضربن واضربن لئلا يلتبس بالواحد ؛ لأن النون إنما كسرت لأجل الألف فلو حذفت الألف ـ


الجمع المؤنث ، بزيادة الألف بعد نون الجمع وقبل نون التأكيد ، لئلا يجتمع ثلاث نونات متواليات.

(ولا تدخلهما) أي : التثنية والجمع المؤنث (النون الخفيفة) للزوم التقاء الساكنين على غير حدة (خلافا ليونس) (١) فإنه يجيز (٢) التقاء الساكنين على غير حدة ويجعله مغتفرا كما في الوقف (٣) وهو (٤) ليس بمرضي عند الأكثرين.

(وهما) أي : النون الثقيلة والخفيفة (في غيرهما) أي : غيرا لتثنية وجمع المؤنث (٥) (مع الضمير البارز) أي : واو جمع المذكر وياء المخاطبة (كالمنفصل) أي : كالكلمة المنفصلة ، يعني : يجب أن يعامل آخر الفعل مع النونين معاملته مع الكلمة

__________________

ـ لانضمت النون على أن الألف أخف من الواو والياء. (وجيه الدين).

(١) فإنه يجوز أن يقال اضربان واضربنان بإدخال الخفيفة عليها. (خبيصي).

(٢) قوله : (فإنه يجيز) يدل على أنه يجوز التقاء الساكنين على غير حده مطلقا وليس كذلك ومع ذلك قوله : (مغتفرا) أي : معفوا تكراره والصواب ما في الحواشي الهندية فإنه إجازة لك وجعل التقاء الساكنين مفتقرا إذا كان أولهما حرف لين ؛ لأنه لما فيه من المد كالحركة وقبل أنه تحرك النون بالكسر وعليه حمل قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعانِ)[يونس : ٨٩] بالتخفيف. (سيالكوني).

(٣) فإن التقاء الساكنين أجيز في الوقف فإن قولك : نستعين إذا وقف عليه أسكن النون مع أن الياء ساكن أيضا فيجتمع الساكنان أحدهما الياء والثاني النون مع إن الثاني ليس بمدغم وإذا وقعت على نحو : نصر أيضا فيه اجتماع الساكنين مع أن الأول ليس بحرف مد والثاني ليس بمدغم. (عبد الله أيوبي).

(٤) قوله : (ليس بمرضي) مع إمكان التكلم ومجيئه كقراءة نافع محياي وقراءة أبي عمرو والعلا ؛ لأن كمال القصاصة في تبين الحروف وتحقيقها والتقاء الساكنين ينافيه وحال الوقت حال المتكلم ولا يقاس عليه حال المتكلم. (س).

(٥) لا يخلو من أن يكونا مع ضمير بارز أولا يكونا فإن كانا مع ضمير بارز كانت كالكلمة المنفصلة تقول في أضربوا اضربن بحذف الواو كما تقول مع الكلمة المنفصلة اضربوا القوم بحذف الواو وتقول في أضربي اضربن بحذف الياء كما تقول اضربي القوم بحذف الياء وأن لم يكونا مع ضمير بارز كانت كالكلمة المتصلة تقول في اضرب اضربن وإنما قال في غيرهما ؛ لأنه ذكر كيفية لحوق نون التأكيد بالمثنى وجمع المؤنث وليس المراد بيان اتصال النون بالأفعال الصحيحة لكونه ظاهرا بل المراد اتصال النون بالأفعال المتصلة. (متوسط).


المنفصلة من حذف الواو والياء أو تحريكهما ضما وكسرا.

وغرضه من هذا الكلام بيان أحوال الأفعال المعتلة الآخر عند إلحاق النون بها.

ومعنى كلامه أن النونين حكمها مع المثنى وجمع المؤنث ما ذكر (١) ، ومع غيرهما (٢) على ضربين : إما مع (٣) ضمير بارز وهو شيئان : جمع المذكر ، نحو : (اغزوا ، وارموا ، واخشوا) والواحدة المؤنثة نحو : (اغزي وارمي واخشي).

وإما مع ضمير مستتر وهو الواحد المذكر نحو : (اغز ، وارم ، واخش).

فالنون مع الضمير البارز كالكلمة المنفصلة نحو : (اغزن وارمن يا قوم). بحذف الواو ، كما حذفت في نحو : (اغزوا الكفار) و (ارموا الغرض) وكذا (اغزن وارمن يا امرأة) بحذف الياء كما حذفت في (اغزي الجيش) و (ارمي الغرض).

وتضم الواو المفتوح ما قبلها نحو : (اخشون) كما ضممتها مع المنفصلة ، نحو : (اخشوا الرجل).

وتكسر الياء المفتوح ما قبلها كما كسرتها مع المنفصلة تقول : (اخشين) ك : (اخشي الرجل).

(فإن لم يكن) أي : مع الضمير البارز وهو مع الواحد المذكر ، نحو : (اغز وارم ، واخش).

(فكالمتصل) أي : فالنون كالكلمة المتصلة ، ويعني بها : ألف التثنية تقول (اغزون وارمين واخشين) برد اللامات وفتحها كما قلت : (اغزوا ، وارميا ، واخشيا).

__________________

(١) من اللحوق في الثقيلة المكسورة بعد ألف التثنية ألف الفصل وعدم لحوق الخفيفة خلافا ليونس. (ك).

(٢) عطف على قوله : (ما ذكر) عطف معمولي عامل واحد والمراد بالضميرين كونهما كالمنفصل. (محشي).

(٣) قوله : (أما مع الضمير البارز) مع ما عطف عليه حال من غيرهما إلى النونين حكمهما حال كونهما على غير المثنى والمجموع حال كون ذلك الغير مقارنا مع الضمير البارز والضمير المستتر على ضربين. (سيالكوني).


(ومن ثمة) أي : لأجل (١) أنه مع غير الضمير البارز كالمنفصل (قيل : هل ترين؟) في : هل ترى؟ كما يقال : تريان ، هذا مثال لغير البارز الذي تحركت لأمه بالفتح كما يفتح مع المتصل.

(وهل ترون؟) في (هل ترون؟) بإسقاط (٢) نون الجمع وإلحاق نون التأكيد وضم الواو كضمها في (لم ترو القوم) هذا مثال ما فيه ضمير بارز يضم لأجل النون.

(وهل ترين؟) في مثل : (هل ترين) بإثبات الياء وكسرها (٣) كما يقال : (لم تري الناس) هذا مثال ما فيه ضمير بارز يكسر لأجل النون.

(واغزون) برد الواو المحذوفة كما ترد مع ضمير التثنية في (اغزوا القوم).

(واغزن) في (اغزوا) بحذف الواو المضموم ما قبلها ، كما قيل : (اغزوا القوم)(٤).

(واغزن) في (اغزي) بحذف الياء المكسور ما قبلها كما قيل : (اغزي القوم).

وهذه الأمثلة (٥) وقعت على ترتيب تصريفها (٦) الواقع في كتب التصريف بعضها لما هو مع الضمير البارز كالمنفصل وبعضها لما هو مع غير الضمير البارز كالمتصل ، كما أشرنا إليه.

(و) (النون) (المخففة تحذف للساكن) أي : لالتقاء (٧) الساكن المذكور بعدها.

__________________

(١) قوله : (أي : لأجل) غير الشارح الترتيب المشار إليه المذكور سابقا رعاية الترتيب الأمثلة.

(٢) قوله : (بإسقاط نون الجميع) لأنه علامة الإعراب ونون التأكيد يقتضي البناء. (حكيم).

(٣) متعلق المثالين الأخيرين يعني حركت الياء في ترى وتريين بالكسر إذا تحققت بهما النون لكونهما كالمنفصلة وكما حركت الياء في المنفصلة في قولك. (أيوبي).

(٤) فإنها كلا منفصلة لكونها مع ضمير بارز بخلاف الأول. (تكملة).

(٥) قوله : (وهذه الأمثلة) لم يراع المصنف الترتيب المستفاد من الحكمين السابقين بأن يورد أمثلة الضمير البارز منفردة عن الضمير المستتر بل يراعي الترتيب الفرق فوقع الاختلاط في الأمثلة. (حكيم).

(٦) يعني المراعاة ترتيب تصريفها فاتت مراعاة ترتيب الممثل ما فيها. (عصام).

(٧) قولا لالتقائها الساكن المذكور بعدها فلا يرد نحو : اضربن فإنه فيهما ملاقي الساكن قبلها فلا يحذف والقرنية على ذلك أنه في مقابلة الوقف كأنه قيل : يحذف في الوصل وقت لقاء ـ


وفي بعض النسخ (للساكنين) أي : لالتقاء الساكنين ، كقول الشاعر :

لا تهين (١) الفقير علّك أن

تركع يوما والدّهر قد رفعه

أي لا تهين ، حذفت النون الخفيفة لالتقائها اللام الساكنة ، والتي بعدها ، وأبقيت فتحة ما قبلها لتدلّ عليها إلا لكان الواجب أن يقال : لا تهنّ (٢) الفقير.

ولم يحركوها (٣) كما يحرك التنوين فرقا (٤) بينهما.

وإنما (٥) لم يعكس (٦) خطا لمرتبة ما يدخل الفعل عن مرتبة ما يدخل الاسم ،

__________________

ـ الساكن مطلقا سواء كان بعد ضمة أو كسرة أو فتحة نحو : اضرب الرجل واضرب الرجل يريد اضربن اضربن اضربن فحذفت لالتقاء الساكنين تشبيها بحرف العلة إذا لاحظ لها في الحركة وما قبل أن الحذف للساكنين لا يكون إلا للأول ففيه إنهم صرحوا بلا خلاف في أن المحذوف من مقول الواو والأول والثاني. (س).

(١) قوله : (لا تهين الفقير) علك بمعنى لعلك لغة فيه أجري مجرى عسى في دخول أن في خبرها والمعنى لا تهين الفقير عسى أن تركع وتزل والزمان رفعة وأعزه فيستغنى هو تفتقر أنت ؛ لأن أحوال الزمان لا تدوم. (وجيه الدين).

ـ أول البيت :

لكل هم من الهموم سعة

والمسى والصبح لا بقاء معه

قد يجمع المال غير آكله

ويأكل المال غير من جمعه

(٢) بدون الياء فإنها يحذف لاجتماع الساكنين وهو الياء والنون. (رضا).

(٣) قوله : (ولم يحركوها) هذا ج عن س م وهو أن يقال حذفت النون المخففة من لا تهين لالتقاء الساكنين ولم يحركوها كما حركوا التنوين حين لزوم التقاء الساكنين في مثل عاد الأولى فأجاب بقوله : (ولم يحركوها. (علي المرتضي).

(٤) بكسر النون التي هي لام الفعل لملاقاة الساكن وعدم إعادة الياء التي هي عين الفعل ؛ لأن العين بيان المحذوف لا الساكنين لا تعاد بسبب الحركة العارضة التي لابد وصفها يسبب النون التأكيد فهي تأتي بها ثم محذوفة. (هندي).

(٥) قوله : (وإما لم يعكس) يعني وإنما اختاروا الحذف في النون والتحريك في التنوين ولم يعكسوا الأمر. (عبد الله أفندي).

(٦) قوله : (خطا المرتبة ... ما يدخل) ولأن التنوين اللازم بخلاف النون فهو أولى بالحفظ ـ


لكون الاسم أصلا والفعل فرعا.

(و) تحذف (١) أيضا المخففة (في) حال (الوقف) على ما ألحقت به تخفيفا إذا ضم أو كسر ما قبلها (٢) كما يحذف التنوين لذلك (فيرد (٣) ما حذف) لأجل المخففة كما إذا ألحقت المخففة ب : (اغزوا ، واغزي) وقلت (اغزن ، واغزن) بحذف الواو والياء.

فإذا وقفت (٤) عليهما وجب (٥) أن ترد المحذوف وقلت (٦) : (اغزوا ، اغزي) بخلاف (٧) التنوين فإنه لا يرد (٨) ما حذف لأجله ؛ لأن التنوين لازم في الوصل والمخففة ليست بلازمة ، فجعل للازم مزية بإبقاء أثره على ما ليس بلازم.

(و) المخففة (المفتوح ما قبلها تقلب ألفا) كقولك في (اضربن) : (اضربا) تشبيها لها بالتنوين.

فان التنوين إذا التنوين إذا انفتح ما قبلها تقلب ألفا ، وإذا انضم أو انكسر تحذف ،

__________________

ـ وأيضا الكسر مما لا يلائم الفعل فاد خاله على اللاحق الاسم أو لي. (عصام الدين).

(١) عطف على مقدر بعد بحذف الساكن أو على بحذف وكلام الشارح يحتمل الوجهين. (سيالكوني).

(٢) التقييد بالظرف مستفاد من مقابلته بقوله : (والمفتوحة تقلب). (محشي).

(٣) قوله : (فيهما حذف متفرع) على الحذف في حال الوقف ؛ إذ لا مجال للرد في الحذف للساكنين إلا أن يجعل الرد أهم من الرد في الكتابة أيضا. (عصام).

(٤) أي : إذا أردت الوقف على الواو والياء وإلا لم يناسب العبارة. (مرتضى).

(٥) قوله : (وجب أن ترد المحذوف) لزوال المانع قيل : والذي يظهر أن دخولهما في الوقف خطاء ؛ لأنها لا تدخل بمعنى التوكي ثم تحذف ولا يتبع دليل على مقصودها التي جاءت. (شرح تسهيل).

(٦) قوله : (وقلت أغزو) وكذا تقول هل تضربون وهل تضربين في حال الوقف على تضربن وتضربين والواو نون الرفع. (فاضل).

(٧) فإن حذفه في الوقف لا يوجب رد المحذوف عند الفصحاء تقول في جاءني قاض جاءني قاض. (محشي ك).

(٨) قوله : (لا يرد) أي : حال الوقف ما حذف لأجل التنوين فتقول قاض ورام بالتنوين ولا تقول قاضي بإعادة الياء. (عبد الحكيم).


نحو : أصبت خيرا (١) ، أصابني خير ، واختم لي بخير.

اللهم (٢) اجعل خاتمة أمورنا خيرا ، ولا تلحق بنا من تبعه شرورنا ضيرا ، واجعل نونات نقائصنا خفيفة كانت أو ثقيلة في موقف الندامة منقلبة بألف آداب عبوديتك على نهج الاستقامة. وصلّ على من كلمة شفاعته في محو أرقام الضلالات كافية ، وعن مضرّة أسقام الجاهلات شافية وعلى آله وأصحابه وعلى من تبعهم من زمرة أحبابه.

__________________

(١) قوله : (تقلب الفاء بتاء) الكتابة في الآخر على الوقف وفي الأول على الابتداء كما تقرر في محله يوجب أن لا يكتب الحقيقة التي لم يضخ ما قبلها فكتابتها على خلاف القياس. (عصام الدين).

قوله : (نحو أصبت خبرا) لا يخفي ما في التمثيل من حسن الختام على وفق اختتام المنن حيث أورد النون المخففة كما في آخر الكتاب وتممه بالألف وهو ساكن أبدا إشارة إلى الاستراحة بعد الخفة. (عبد الحكيم).

(٢) ولما ختم الشارح آخر أمثلة بالخبر تفاؤلا وتصدى لي إلى أدعية بليغة فقال : (اللهم ... إلخ).

ـ الحمد لله الذي منّ علمنا بإتمام تسويد تحشية فوائد الضيائية أخذا من النسخ المقبولة والمأخذ بإمعان النظر والفكر العالية ، وهذا آخر ما أردناه جمعه من التحشية ونظمه من الإيضاح مع توع البال وتشتت الأحوال وتفاقم الأحزان والمحن لكن الله تعالى جلت حكمته قد وفقتنا لإمام كما أتمه علينا من البلاغة المختصر المعاني ومن المنطق بول أحمد والفناري على هذا الأسلوب المقبول بين الأنام وحقق لنا الفوز بهذا المرام ، وقد تهيأ الفراغ من ثقلهما البيان يوم الأربعاء السابع عشر من جماد الثاني لسنة ثلث وثلاثمئة بعد الألف بمدينة القسطنطينية صانها الله تعالى عن الآفات والبلية ، وكان الافتتاح يوم الاثنين من جمادى الأولى الواقع في سنة تسع وتسعين ومائتين بعد الألف بمدينة المذكورة ، والمرجو من خلالي وخلص أخواني أن يشيعوني بصالح الدعاء ويشكر وإلى ما عانيت في هذه التحشية من الكد والعناء وإلى الله تضرع في أن ينتفع بها المحصنين لدينهم للحق طالبون ، كما نفع بأصلها وأصولها وعن طريق الحق ناكبون ، وغرضهم تحصيل الحق المبين لا تصوير الباطل بصورة اليقين ، وأنا الفقير الحقير المحتاج إلى رحمة ربه القدير (الشهيد بدولوذاده السيد على رضا بن عثمان الدواللي القيصري) من تلاميذ مستشار السابق عليه رحمة الخالق إبراهيم أفندي الإكيني ، وهو من تلاميذ شمس فلك الفضائل وقطب دائرة الأفاضل الشيخ الإسلام السابق علامة الزمان بالاتفاق الحاج عمر اللطفي البدر ومن أطال الله عمره بالعز الأبدي وجعله الله تعالى مصحوبا بالصحة والعافية الدائمة ، آمين اللهم أمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، الله احشرنا مع المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ، واجعل لنا كلهم دليلا وخليلا وكل عملنا حسنا جميلا واجعل آخر كلامنا لا إله إلا الله محمدا رسول الله.


قد استراح من كمد الانتهاء من نقل هذا الشرح من السواد إلى البياض العبد الفقير عبد الرحمن الجامي ، وفقه الله سبحانه في وظائف عبوديته للإعراض عن مطالبة الأعواض والأغراض ، ضحوة الحادي عشر من رمضان المنتظم في سلك شهور سنة سبع وتسعين وثمانمئة من الهجرة النبوية ، عليه أفضل التحية.

* * *


المحتويات

(البدل)......................................................................... ٥

(عطف البيان)................................................................. ١٣

(المبني)........................................................................ ١٧

(المضمر)...................................................................... ٢٢

(أسماء الإشارة)................................................................. ٤٨

(الموصول)..................................................................... ٥٤

(أسماء الأفعال)................................................................. ٧٢

(الأصوات).................................................................... ٧٧

(المركبات)..................................................................... ٨١

(الكنايات).................................................................... ٨٦

(أسماء الاستفهام والشرط)....................................................... ٩٤

(الظروف)................................................................... ١٠١

(المعرفة والنكرة)............................................................... ١١٨

(العلم)...................................................................... ١٢٤

(النكرة)..................................................................... ١٢٧

(أسماء العدد)................................................................ ١٢٧

(المذكر والمؤنث).............................................................. ١٤٨

(المثنى)...................................................................... ١٥٥

(المجموع).................................................................... ١٦٦

(المؤنث)..................................................................... ١٧٨

(جمع التكسير)............................................................... ١٧٩

(جمع القلة).................................................................. ١٨٠

(المصدر).................................................................... ١٨٢

(اسم الفاعل)................................................................ ١٨٩

(اسم المفعول)................................................................ ٢٠١


(الصفة المشبهة).............................................................. ٢٠٣

(الفعل)..................................................................... ٢٤٣

(الماضي).................................................................... ٢٤٨

(المضارع).................................................................... ٢٥١

(الأمر)...................................................................... ٢٩١

(فعل ما لم يسم فاعله)........................................................ ٢٩٥

(أفعال القلوب).............................................................. ٣٠٤

(أفعال المقاربة)............................................................... ٣٣٤

(الحرف)..................................................................... ٣٦١

(حروف الجر)................................................................ ٣٦٢

الحروف المشبهة بالفعل........................................................ ٣٨٠

(الاستدراك)................................................................. ٤٠٠

(الحروف العاطفة)............................................................ ٤٠٥

(حروف التنبيه).............................................................. ٤١٨

(حروف النداء).............................................................. ٤١٩

(حروف الإيجاب)............................................................ ٤١٩

(حروف الزيادة).............................................................. ٤٢٣

(حرف المصدر).............................................................. ٤٢٩

(حروف التحضيض).......................................................... ٤٣٠

(حرف التوقع والتقريب)....................................................... ٤٣١

(حرفا الاستفهام)............................................................. ٤٣٣

(والهمزة أعم تصرفا)........................................................... ٤٣٣

(حروف الشرط)............................................................. ٤٣٥

(حرف الردع)................................................................ ٤٤٩

(تاء التأنيث الساكنة)......................................................... ٤٥٠

(التنوين).................................................................... ٤٥٢

(والعوض)................................................................... ٤٥٥

(نون التأكيد)................................................................ ٤٦٠

شرح ملا جامى - ٢

المؤلف:
الصفحات: 472