كلمة الناشر



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين

من هم المعصومون عليهم السلام؟

ولماذا نزورهم؟

وما هي فلسفة الزيارات الخاصة الصادرة عنهم؟

هذه الأسئلة تملئ أفكار تلة من الجيل الصاعد يتلهف

بشوق بالغ إلى الوقوف على أجوبتها ونحن في هذه العجالة ، ومقدمة لهذه الزيارة الجامعة نذكر أجوبة مقتضبة عن هذه الأسئلة الثلاثة مستعينين بالله تعالى مستلهمين من أرواح المعصومين عليه السلام ، مستندين إلى الأحاديث المنقولة عنهم عليهم السلام

١) : المعصومون :

هم أربعة عشر شخصا ، ثلاثة عشر رجلا ،. وامرأة واحدة ، انتخبهم الله تعالى من بين مجموعات خلقه هداة ، وقادة ، وأسوة ، هم :


رسول الله وسيد الأنبياء وخير الخلق أجمعين محمد بن عبدالله ، صلى الله عليه وآله وسلم.

فاطمة الزهراء بنت النبي وزوج الوصي وأم الأئمة الأطهار ، عليهم السلام.

الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام

الإمام الحسن بن علي المجتبى عليه السلام

الإمام الحسين بن علي الشهيد بكربلاء عليه السلام

الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام

الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام

الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

الإمام موسى بن جعفر عليه السلام

الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام

الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام

الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام

الإمام المهدي الموعود المنتظر بن الحسن عليه السلام

هؤلاء الأربعة عشرة هم خيرة الله تعالى من جميع الخلق هم القمم الشاهقة في الفضيلة والتقوى


هم العلماء الذين لا يدانيهم أحد من الخلق في العلم والمعرفة

هؤلاء ... هم الذين علموا الإنسان ، والملائكة عبادة الله تعالى

هؤلاء ... هم الذين سبحوا فسبحت الملائكة ، وهللوا فهللت الملائكة ، وكبروا فكبرت الملائكة ..

هؤلاء هم المعصومون الذين عصمهم الله من كل زلة ، وكل سهو وكل نسيان وكل خطأ ، وكل جهل ، وكل رذيلة ، وكل شذوذ ، وكل انحراف.

فهم الطاهرون المطهرون الأطهار

وهم المزكون ، الأزكياء

٢) : لماذا نزورهم؟

يتلخص الجواب على هذا السؤال في استلهام معاني الخير والفضيلة ، وأصول التربية الصحيحة في المثول أمام قبور هؤلاء الأطهار ، ونذكر حياتهم الحافلة بالمكرمات والنصيحة من أجل الله ..

وبالتالي : الحصول على مرضاة الله تعالى التي من أجلها خلق الإنسان ، وخلق كل شئ.

أخرج الشيخ الأجل الكليني ، قدس الله سره ، في كتاب الكافي الشريف.


والشيخ الجليل الصدوق ، قدس سره في كتابه الشريف (من لا يحضره الفقيه)

والشيخ الكبير ابن قولويه في كتابه الشريف (كامل الزيارات)

بأسانيدهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال لعلي عليه السلام :

«يا علي : من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي في درجتي» (١).

ومن الطبيعي أن الإنسان إذا زار عظيما من أمثال المعصومين عليهم السلام أن يتأثر بروحهم ، ويتغير من سيئ إلى حسن ، ومن حسن إلى أحسن وهذا ما نجده في غالب أولئك الذين يوفقون لزيارة النبي وأهل بيته الكرام ، عليه وعليهم الصلاة والسلام.

وكم رأينا عصاة آثمين تغير مسيرهم بزيارة أهل البيت عليهم السلام وانقلبوا نفسيا وفكريا من الشذوذ إلى الصراط المستقيم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : أ ـ الكافي الفروع / ج ١ / ص ٣٢٤.

ب ـ من لا يحضره الفقيه / ج ١ / ص ١٨٢.

ج ـ كامل الزيارات / ص ١١.


فلسفة الزيارات المروية

أما الزيارات الخاصة المروية عن أهل البيت عليهم السلام فإنها بحق مدرسة جامعة لكل الكمالات الإنسانية التي لم تشذ عنها شاردة ، ولا تركت فضيلة إلا دمجتها في تعبيرات عقلانية وعاطفية في القمة

فالطهارة البدنية ، والطهارة النفسية ، والطهارة الاجتماعية ، والطهارة التربوية ، والطهارة العائلية ، وغيرها من أقسام الطهارة كلها متقلبة في مختلف زيارات أهل البيت ، عليهم السلام ، الواردة عنهم ومن جميل ما ورد في زيارة للإمام الحسين عليه السلام العبارات التالية :

«أشهد أنك طهر

طاهر مطهر

من طاهر مطهر

طهرت وطهرت بك البلاد

وطهرت أرض أنت بها

وطهر حرمك»

طهارة ، في طهارة ، في طهارة

اية مدرسة هذه التي تكرر الطهارة ، وتجعلها أساس التربية؟


هذه المدرسة هي التي أنجبت الألوف ، والألوف من العلماء العظام الذين يضرب المثل بخلقهم ، وفضلهم ، وإنسانيتهم

الزيارة الجامعة

الزيارة الجامعة : في مصطلح أهل الحديث ، تطلق على المقطوعات المروية عن أهل البيت ، عليهم السلام ، ويزار بها جميعهم ، من غير اختصاص ببعضهم دون بعض

وتلك عدة زيارات مذكورة في كتب الأدعية

ولعل أهمها ، وأجمعها ، في تفصيل هذه الزيارة التي بين يديك

هي مروية عن عاشر أئمة أهل البيت علي بن محمد الهادي عليهما السلام ..

رواها الشيخ الجليل الصدوق ، قدس سره ، في كتابه الشريف (عيون أخبار الرضا) عن الدقاق ، والسناني ، والوراق والمكتب جميعا ، عن الأسدي ، عن البرمكي ، عن النخعي قال :

قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، صلوات الله وسلامه عليهم ، علمني يا بن رسول الله قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم فقال عليه السلام ..


مشارح الزيارة

وقد تصدى جمع من علمائنا الأبرار لشرح هذه الزيارة شروحا متنوعة في التفصيل والإجمال ، وغير ذلك ، وقد شرح العلامة المجلسي قدس سره في (بحار الأنوار) شرحا مختصرا

وممن شرحها شرحا متوسطا بين التفصيل الكبير ، والإجمال الصغير هو العالم الجليل ، آية الله ، المؤلف المكثر المرحوم السيد عبد الله شبر ، قدس الله سره.

فقد شرح هذه الزيارة الجامعة هذا الشرح ، الذي بين يديك ، الذي هو غنيمة باردة ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وحق على من يحصل عليه أن يغتنم هذه النعمة ، ويشكر الله عليها قولا ، وعملا بالعمل والتقوى.

والله المسؤول أن يوفق الجميع لذلك

الناشر



المقدمة



بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله حمدا لا يحصيه عد ولا ينتهي إلى حد والصلاة والسلام على خاتم النبيين وآله أزمة الحق والسنة الصدق سفن النجاة والميامين الهداة.

وبعد فإن هذا السفر النفيس المسمى (بالأنوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة) حلقة من تلك السلسلة الذهبية التي صاغتها يراعة المؤلف من مؤلفاته الغراء وفرع من تلك الدوحة الباسقة التي سقتها عبقريته بماء الفضيلة وزكت بين حدائق علومه الإلهية ومعارفه القدسية ولقد أودع هذا المؤلف من دقائق قريحته الوقادة ونكات تفكيره العميق وغزير فضله وواسع علمه المعجز من ثمار الوحي الهاشمي وأسرار الكمال النبوي مما لا ينتهى إلى مداه ولا يحاول أقصاه.

وإن شعائر الحج إلى الضرائح القدسية المنورة بتلك الأجساد الطيبة والهياكل الملكوتية ومناسك الزيارة للمشاهد المشرفة بمضاجع أمناء الله على وحيه وودائع سره لمن أفضل ما ندب إليه الأئمة الأطهار المعتصمين بولائهم والآخذين بسببهم فإن فيها تتجه ألباب شيعتهم وتنصرف قلوب مواليهم إلى ما يلم شعثهم ويؤلف شتاتهم ويجمع كلمتهم ويشد عرى جماعتهم من


الولاء والتمسك بمواضع الرسالة ومهابط الوحي الأمين وقد عرفوهم بآداب تلك الزيارات وسنن هذه المناسك ورووا لهم الثقات من أصحابهم وحملة أحاديثهم ما أملوه عليهم من لطيف الخطاب وبليغ البيان وأرشدوهم إلى ما يليق بمقامهم من ذلك.

وأن الزيارة الجامعة الكبيرة من أعظم تلك الزيارات شأنا وأعلاها مكانة وأن فصاحة ألفاظها وبلاغة مضامينها تنادي بصدورها عن ينابيع الوحي والإلهام وتدعوا إلى أنها خرجت من السنة نواميس الدين ومعاقل الأنام فإنها فوق كلام المخلوق وتحت كلام الخالق الملك العلام وقد اشتملت على الإشارة إلى جملة من الأدلة والبراهين المتعلقة بمعارف أصول الدين وأسرار الأئمة الطاهرين وتضمنت شطرا وافرا من حقوق أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم وأهل البيت الذين حث الله على متابعتهم مع الإشارة إلى آيات فرقانية وروايات نبوية وأسرار إلهية وعلوم غيبية ومكاشفات حقية وحكم ربانية

وقد عمد إليها المؤلف نور الله ضريحه فكشف النقاب عن معانيها وهتك الحجب عن أسرارها وأفصح عن مشتبهاتها وحل الغامض من مشكلاتها ونفض عنها غبار الريب والشكوك وأقام الحجج الناصعة والأدلة القاطعة على صدورها وصحة روايتها وطلع على العلم والأدب والرشاد بهذا السفر النفيس الذي لا يستغني عنه كل مؤمن تشرف بزيارة مراقد أهل الذكر وأولي الأمر وفاز بلثم تلك الأعتاب السامية والمشاهد المقدسة العالية واختار لنفسه أجر تلاوتها ورغب في ثواب قراءتها ولا غرو فإن


مؤلفه ذلك البحر الخضم الثبت المتبحر نسيج وحده وجمال عصره الصراط والمحجة والآية البالغة والحجة صاحب المؤلفات الكثيرة في سائر الفنون الإسلامية الغزيرة المادة التي لا ينضب قليبها ولا يأسن معينها نسأله تعالى أن يتغمده برحمته ويتفضل عليه بما أعده لأوليائه المقربين.

ومن العمل المرفوع المتقبل والبر الخالد والأجر المضاعف المتزايد أن يرشد التوفيق الإلهي والنصيب السماوي مؤمنا صالحا برا مواليا (السيد الأجل السيد أحمد آل السيد محمد السيد جعفر نجل المؤلف قدس سره).

فيتبرع بطبع هذا السفر الجليل ويبذل نفقات نشر هذا الذكر الجميل فيدل على الخير فاعله ويهدي إلى الصلاح عامله فإن خير الناس من نفع الناس بعلمه وأعماله ومساعيه وأمواله وفقنا الله وإياه للطاعات والمبرات آمين ...

محمد رضا الهادي آل كاشف الغطاء

في اليوم ١٢ من ربيع الأول سنة ١٣٥٤



متن الزيارة



الزيارة الجامعة

السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة وخزان العلم ومنتهى الحلم وأصول الكرم وقادة الأمم وأولياء النعم وعناصر الأبرار ودعائم الأخيار وساسة العباد وأركان البلاد وأبواب الإيمان وأمناء الرحمن وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ورحمة الله وبركاته السلام على أئمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التقى وذوي النهى وأولي الحجى وكهف الورى وورثة الأنبياء والمثل الأعلى والدعوة الحسنى وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى ورحمة الله وبركاته السلام على محال معرفة الله ومساكن بركة الله ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله وحملة كتاب الله وأوصياء نبي الله وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته السلام على الدعاة إلى الله والأدلاء على مرضات الله والمستقرين (والمستوفرين) في أمر الله والتأمين في محبة الله والمخلصين في توحيد الله والمظهرين لأمر الله ونهيه وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة الله وبركاته السلام على الأئمة الدعاة والقادة الهداة والسادة الولاة والذادة الحماة وأهل الذكر وأولي الأمر وبقية الله وخيرته وحزبه وعيبة علمه وحجته وصراطه ونوره وبرهانه ورحمة الله وبركاته أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته وأولو العلم من خلقه لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده المنتجب ورسوله المرتضى أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون المصطفون المطيعون لله القوامون بأمره العاملون بإرادته الفائزون بكرامته اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه واختاركم لسره واجتباكم بقدرته وأعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم لنوره (بنوره) وأيدكم بروحه ورضيكم خلفاء في أرضه وحججا على بريته وأنصارا لدينه وحفظة لسره وخزنة لعلمه ومستودعا لحكمته وتراجمة لوحيه وأركانا لتوحيده وشهداء على خلقه وأعلاما لعباده ومنارا في بلاده وأدلاء على صراطه عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن


وطهركم من الدنس وأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا فعظمتم جلاله وأكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وأدمتم (وأدمنتم) ذكره ووكدتم (وذكرتم) ميثاقه وأحكمتم عقد طاعته ونصحتم له في السر والعلانية ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم أنفسكم في مرضاته وصبرتم على ما أصابكم في جنبه (حبه) وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده حتى أعلنتم دعوته وبينتم فرائضه وأقمتم حدوده ونشرتم (وفسرتم) شرايع أحكامه وسننتم سنته وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم له القضاء وصدقتم من رسله من مضى فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في حقكم زاهق والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم و فصل الخطاب عندكم وآيات الله لديكم وعزائمه فيكم ونوره وبرهانه عندكم وأمره إليكم من والاكم فقد وإلى الله ومن عاداكم فقد عادى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم قد أبغض الله ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله أنتم الصراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء والرحمة الموصولة والآية المخزونة والأمانة المحفوظة والباب المبتلى به الناس من أتاكم نجى ومن لم يأتكم هلك إلى الله تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله تسلمون وبأمره تعلمون وإلى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون سعد من توالاكم وهلك من عاداكم وخاب من جحدكم وضل من فارقكم وفاز من تمسك بكم وآمن من لجأ إليكم وسلم من صدقكم وهدي من اعتصم بكم من اتبعكم فالجنة ماويه ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك


ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وجعل صلاتنا (صلواتنا) عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية (وبركة) لنا وكفارة لذنوبنا فكنا عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إياكم فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين وأعلى منازل المقربين وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق ولا يسبق سابق ولا يطمع في إدراكه طامع حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دني ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وتمام نوركم وصدق مقاعدكم وثبات مقامكم وشرف محلكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم لديه وقرب منزلتكم منه بأبي أنتم وأمي وأهلي ومالي وأسرتي أشهد الله وأشهدكم أني مؤمن بكم وبما آمنتم به كافر بعدوكم وبما كفرتم به مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم موال لكم ولأوليائكم مبغض لأعدائكم ومعاد لهم سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم محقق لما حققتم مبطل لما أبطلتم مطيع لكم عارف بحقكم مقر بفضلكم محتمل لعلمكم محتجب بذمتكم معترف بكم مؤمن بإيابكم مصدق برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم آخذ بقولكم عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم لائذ عائذ بقبوركم مستشفع إلى الله عز وجل بكم ومتقرب بكم إليه ومقدمكم


أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأموري مؤمن بسركم وعلانيتكم وشاهدكم وغائبكم وأولكم وآخركم ومفوض في ذلك كله إليكم ومسلم فيه معكم وقلبي لكم مسلم وأني لكم تبع ونصرتي لكم معدة حتى يحيي الله تعالى دينه بكم ويردكم في أيامه ويظهركم لعدله ويمكنكم في أرضه فمعكم معكم لا مع غيركم آمنت بكم وتوليت آخركم بما توليت به أولكم وبرئت إلى الله عز وجل من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقكم والمارقين من ولايتكم أو الغاصبين لإرثكم " و " الشاكين فيكم " و " المنحرفين عنكم ومن كل وليجة دونكم وكل مطاع سواكم ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار فثبتني الله أبدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم ووفقني لطاعتكم ورزقني شفاعتكم وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه وجعلني من يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهديكم ويحشر في زمرتكم ويكر في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكن في أيامكم وتقر عينه غدا برؤيتكم بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم وموالي لا أحصي ثناءكم ولا أبلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار وهداة الأبرار وحجج الجبار بكم فتح الله وبكم يختم الله وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبكم ينفس الهم ويكشف الضر وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته وإلى جدكم (وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين " ع " فعوض وإلى جدكم قل) وإلى أخيك بعث الروح الأمين آتاكم الله ما لم يؤت أجدا من العالمين طأطأ كل شريف لشرفكم ونجع كل متكبر لطاعتكم وخضع كل جبار لفضلكم وذل كل شئ لكم وأشرقت الأرض بنوركم وفاز الفائزون بولايتكم بكم يسلك إلى الرضوان وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي


ومالي ذكركم في الذاكرين وأسماؤكم في الأسماء وأجسادكم في الأجساد وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور فما أحلى أسماءكم وأكرم أنفسكم وأعظم شأنكم وأجل خطركم وأوفى عهدكم وأصدق وعدكم كلامكم نور وأمركم رشد ووصيتكم التقوى وفعلكم الخير وعادتكم الإحسان وسجيتكم الكرم وشأنكم الحق والصدق والرفق وقولكم حكم وحتم ورأيكم علم وحلم وحزم إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه بأبي أنتم وأمي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم وأحصي جميل بلائكم وبكم أخرجنا الله من الذل وفرج عنا غمرات الكروب وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار بأبي أنتم وأمي ونفسي بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ولكم المودة الواجبة والدرجات الرفيعة والمقام المحمود والمكان (والمقام) المعلوم عند الله عز وجل والجاه العظيم الشأن الكبير والشفاعة المقبولة ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا يا ولي الله إن بيني وبين الله عز وجل ذنوبا لا يأتي عليها إلا رضاكم فبحق من ائتمنكم على سره واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي فإني لكم مطيع من أطاعكم فقد أطاع الله ومن عصاكم فقد عصى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم فقد أبغض الله اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسئلك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم إنك أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل.



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على آلائه والحمد من آلائه والشكر على نعمائه والشكر من نعمائه والصلاة على محمد خاتم أنبيائه وعلى سيد أصفيائه وأوليائه وآلهما الطاهرين خيرة خلفائه وأمنائه.

«أما بعد» فيقول العبد الآثم العاصي الغريق في بحار الخطايا والمعاصي أفقر الخلق إلى ربه الغني (عبد الله بن محمد رضا الحسيني) ختم الله لهما بالحسنى ورزقهما خير الآخرة والأولى لا يخفي على أولي البصاير النقادة وأرباب الأذهان الوقادة وذوي العقول السليمة وأصحاب الأفهام المستقيمة أن الزيارة الجامعة الكبيرة أعظم الزيارات شأنا وأعلاها مكانة ومكانا وأن فصاحة ألفاظها وفقراتها وبلاغة مضامينها وعباراتها تنادي بصدورها من عين صافية نبعت عن (ينابيع الوحي) والإلهام وتدعو إلى إنها خرجت من السنة نواميس الدين ومعاقل الأنام فإنها فوق كلام المخلوق وتحت كلام الخالق الملك العلام قد اشتملت على الإشارة إلى جملة من الأدلة والبراهين المتعلقة بمعارف (أصول الدين) وأسرار الأئمة الطاهرين ومظاهر صفات (رب العالمين) وقد احتوت على رياض نضرة وحدائق خضرة مزينة بأزهار المعارف والحكمة محفوفة بثمار


أسرار أهل بيت العصمة وقد تضمنت شطرا وافرا من حقوق أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم وأهل البيت الذين حث الله عليه متابعتهم وذوي القربى الذين أمر الله بمودتهم وأهل الذكر الذين أمر الله بمسألتهم مع الإشارة إلى آيات فرقانية وروايات نبوية وأسرار إلهية وعلوم غيبية ومكاشفات حقية وحكم ربانية ولم يتفق لها شرح شاف يكشف النقاب عن وجوه معانيها وبيان كاف يفتح مغلق مشكلها وخافيها سوى ما اتفق من التعليق للعلامتين (المجلسيين) في البحار (وشرح الفقيه) وكنت أحدث نفسي بذلك وأروم ما هنالك وكان يعوقني عن ذلك قلة البضاعة وكثرة الإضاعة وحقارة الاطلاع في هذه الصناعة ورأيت أن ذلك بالنسبة إلى مثلي ممن لم يعض على العلوم بضرس قاطع ولم يعط التأمل والتتبع حقه في المواضع متعسر بل متعذر فشرعت مع تبلبل البال وتفاقم الأحوال في بيان ما أمكن منها بحسب المقدور إذ الميسور لا يسقط بالمعسور وضممت إلى ذلك أحاديث شريفة وأخبارا ظريفة تحل مشكلاتها وتبين مفصلاتها فإن كلامهم عليهم السلام يحل بعضه بعضا ونسئل الله الهداية والتسديد والعصمة والإرشاد والتأييد فإنه قريب مجيد عزيز حميد.


مقدمة

(إعلم) أن هذه الزيارة قد رواها جملة من أساطين الدين وحملة علوم الأئمة الطاهرين وقد اشتهرت بين الشيعة الأبرار اشتهار الشمس في رابعة النهار وجواهر مبانيها وأنوار معانيها دلائل حق وشواهد صدق على صدورها عن صدور حملة العلوم الربانية وأرباب الأسرار الفرقانية المخلوقين من الأنوار الإلهية فهي كسائر كلامهم الذي يغني فصاحة مضمونه وبلاغة مشحونة عن ملاحظة سنده كنهج البلاغة والصحيفة السجادية وأكثر الدعوات والمناجاة وقد رواها شيخ الطايفة المحقة في (التهذيب) ورئيس المحدثين الصدوق في (الفقيه) و (العيون) وغيرهما عن محمد بن إسماعيل البرمكي الثقة عن موسى بن عبد الله النخعي عن علي الهادي عليه السلام وسند العيون هكذا (الدقاق) و (الشيباني) و (الوراق) و (المكتب) جميعا (عن الأسدي) عن البرمكي عن النخعي قال قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام علمني يا بن رسول الله قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم فقال إذا صرت إلى الباب فقف وقل الله أكبر الله أكبر (ثلاثين مرة) ثم امش


قليلا وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك ثم قف وكبر الله عز وجل (ثلاثين مرة) ثم ادن من القبر وكبر الله أربعين مرة تمام مائة تكبيرة ثم قل وساق (الزيارة) الآتية وفي الفقيه كذلك.


إيضاح

المراد بالوقوف الوقوف على باب الروضة والإتيان بالشهادتين لتقدمهما رتبة أو للتيمن ولعل السر في الإتيان بالتكبير عند رؤية جلال كبريائهم للإشارة إلى أن (الله أكبر) كل كبير وأن الكبرياء والعظمة له تعالى أو لنزول الدهشة عن الداخل إلى محل كبريائهم والسكينة عبارة عن اطمئنان القلب (بذكر الله) وتذكر عظمته بل عظمة أوليائه وأصفيائه فإنها راجعة إلى عظمته والوقار اطمئنان البدن (وقيل) بالعكس ومقاربة الخطأ إما لأجل حصول كثرة الثواب فإن له بكل خطوة أجرا مقدرا أو لحصول الوقار.

(واعلم) أن هذه الزيارة الشريفة لا تحتاج إلى ملاحظة سند فإن فصاحة مشحونها وبلاغة مضمونها تغني عن ذلك فهي كالصحيفة السجادية ونهج البلاغة ونحوهما.

(وقال الفاضل التقي المجلسي) عند شرح هذه الزيارة ما لفظه هذه زيارة جامعة لجميع الأئمة عليهم السلام عند مشهد كل واحد ويزور الجميع قاصدا بها الإمام الحاضر والباقي والبعيد يلاحظ الجميع ولو قصد في كل مرة واحدا بالترتيب


والباقي بالتبع لكان أحسن كما كنت أفعل (ورأيت) في الرؤيا الحقة تقرير الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام وتحسينه عليه السلام ولما وفقني الله تعالى لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وشرعت في حوالي الروضة في المجاهدات وفتح الله تعالى علي ببركة مولانا أبواب المكاشفات التي لا تحتملها العقول الضعيفة رأيت في ذلك العالم وإن شئت قلت بين النوم واليقظة عندما كنت في رواق عمران جالسا أني بسر من رأى ورأيت مشهدهما في نهاية الارتفاع والزينة ورأيت مولاي ومولى الأنام صاحب العصر والزمان عليه السلام جالسا وظهره عليه القبر ووجهه إلى الباب فلما رأيته شرعت في هذه الزيارة بالصوت المرتفع كالمداحين فلما أتممتها قال صلى الله عليه فسلم نعمت الزيارة قلت مولاي روحي فداك زيارة جدك وأشرت إلى نحو القبر فقال نعم أدخل فلما دخلت وقفت قريبا من الباب فقال عليه السلام تقدم فقلت مولاي أخاف أن أصير كافرا بترك الأدب فقال عليه السلام لا بأس إذا كان بإذننا فتقدمت قليلا فكنت خائفا مرتعشا فقال عليه السلام تقدم تقدم حتى صرت قريبا منه عليه السلام قال اجلس قلت أخاف مولاي قال عليه السلام لا تخف فلما جلست جلسة العبد الذليل بين يدي المولى الجليل قال عليه السلام استرح واجلس مربعا فإنك تعبت جئت ماشيا حافيا والحاصل أنه وقع منه عليه السلام بالنسبة إلى عبده ألطاف عظيمة ومكالمات لطيفة لا يمكن عدها ونسيت أكثرها ثم انتبهت من تلك الرؤيا وحصل في ذلك اليوم أسباب الزيارة بعد كون الطريق مسدودا في مدة طويلة وبعد ما حصلت


الموانع العظيمة ارتفعت بفضل الله وتيسرت الزيارة بالمشي والحفا كما قاله الصاحب عليه السلام وكنت ليلة في الروضة المقدسة وزرت مكررا بهذه الزيارة وظهر لي في الطريق والروضة كرامات عجيبة بل معجزات غريبة يطول ذكرها.

والحاصل أنه لا شك أن هذه الزيارة من أبي الحسن الهادي بتقرير الصاحب عليه السلام وأنها أكمل الزيارات وأحسنها بل بعد تلك الرؤيا كنت أكثر الأوقات أزور الأئمة عليهم السلام بهذه الزيارة في العتبات العاليات ما زرتهم إلا بهذه الزيارة.

إنتهى كلامه رفع مقامه وهو الثقة العدل الصادق المصدق وربما يتوهم التنافي بين قوله رضي الله عنه رأيت في ذلك العلم وإن شئت قلت بين النوم واليقظة وقوله بعد ذلك ثم انتبهت من تلك الرؤيا ولا منافاة في ذلك فإن رؤياه رضي الله عنه كانت في عالم الانخلاع عن الطبيعة البشرية وتوجه القلب إلى العوالم الملكوتية وتحلي النفس القدسية بالفضائل الفواضل الفيضانية ورجوع النفس المطمئنة إلى ربها راضية مرضية ولما كان ذلك تعجز عنه العقول القاصرة والأفهام الكاسدة الفاترة وتعده أمرا عظيما وخطبا جسيما عدل رضي الله عنه عن التعبير الأول بقوله وإن شئت قلت بين النوم واليقظة كما يتفق ذلك لساير الخلق ولذا أطلق عليه بعد ذلك الرؤيا لا يقال كيف يمكن ادعاء رويته عليه السلام في غير المنام وقد ورد عنهم في التوقيع لعلي بن محمد السمري على ما في الاحتجاج والاكمال وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج


السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر لأنا نقول إن ذلك محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه عليه السلام إلى الشيعة الأبرار على نحو السفراء والنواب وإلا فقد استفاضت الأخبار وتظافرت الآثار عن جمع كثير من الثقات الأبرار من المتقدمين والمتأخرين ممن رأوه وشاهدوه في الغيبة الكبرى وقد عقد لها المحدثون في كتبهم أبوابا على حدة وسيما العلامة المجلسي رضي الله عنه في البحار وصرح بحمل هذا الخبر ونحوه على ذلك لئلا ينافي سائر الأخبار.


شرح الزيارة



السلام عليكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(السلام عليكم) قد اختلف في معنى هذا اللفظ فقيل معناه الدعاء أي سلمت من المكاره وقيل معناه اسم السلام عليكم وقيل معناه اسم الله عليك أي أنت في حفظه كما يقال الله معك وإذا قيل السلام علينا أو السلام على الأموات فليس المراد به الإعلام بالسلامة يقينا وربما يقال أن معناه الدعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا أو عذاب الآخرة أو كليهما ثم وضعه الشارع موضع التحية والبشرى بالسلامة واختار لفظ السلام وجعله تحية لما فيه من المعاني أو لأنه مطابق للسلام الذي هو اسم من أسماء الله تعالى تيمنا وتبركا وكان قبل الإسلام يحيى به قليلا وبغيره أكثر فلما جاء الإسلام اقتصر عليه وصارت تحية. الإسلام السلام ويجوز الإتيان به منكرا تبعا للكتاب ومعرفا ولعل التعريف أزين لفظا وأبلغ معنى وعلى تقدير أن يراد بالسلام اسم الله تعالى عليكم فوجهه أن خاصية ذلك الاسم الرحمة والسلامة أو يراد ذات الله المتصف بالسلامة مما لا يليق به عليكم بأن يرحمكم ويسلمكم منها.


يا أهل بيت النبوة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(يا أهل بيت النبوة) أهل البيت هم الأئمة عليهم السلام لأن النبي منهم والرسالة نزلت في بيوتهم وأهل البيت أعرف بما فيه وفي الحديث لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد وسأل الصادق عليه السلام من الآل فقال ذرية محمد فقيل له من الأهل فقال الأئمة وفي معاني الأخبار سأل من آل محمد فقال ذريته فقيل ومن أهل بيته قال الأئمة قيل ومن عترته قال أصحاب العبا قيل فمن أمته قال المؤمنون قال بعض أرباب الكمال في تحقيق معرفة الآل ما ملخصه أن آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل من يؤول إليه وهم قسمان (الأول) من يؤول إليه مآلا صوريا جسمانيا كأولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربه الصوريين الذين يحرم عليهم الصدقة في الشريعة المحمدية (والثاني) من يؤول إليه مآلا معنويا روحانيا وهم أولاده الروحانيون من الأولياء الراسخين والعلماء الكاملين والحكماء المتألهين. المقتبسين للعلوم من مشكاة أنوار خاتم النبيين ولا ريب أن النسبة الثانية آكد من الأولى وإذا اجتمعت النسبتان كان نورا على نور كما في الأئمة المشهورين من العترة الطاهرين وكما حرم على الأولاد الصوريين الصدقة الصورية كذلك حرم على الأولاد المعنويين الصدقة المعنوية أعني تقليد الغير في العلوم الإلهية والمعارف الربانية الأحكام الشرعية إنتهى.

والنبوة في الأصل بمعنى الرفعة وسمي النبي نبيا لأنه ارتفع


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وشرف على سائر الخلق (النبي) قيل هو الإنسان المخبر عن الله بغير واسطة بشرا عم من أن يكون له شريعة (كمحمد صلى الله عليه وآله وسلم) أوليس له شريعة (كيحيى) وقيل إنما سمي نبيا لأنه أنبأ عن الله تعالى أي أخبر وعلى هذا فاصله الهمزة (وعن زرارة) قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (وكان رسولا نبيا (١)) ما الرسول وما النبي قال النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك قلت الإمام ما منزلته قال يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك ثم تلا هذه الآية (وما أرسلنا من قبلك من رسول) (٢) ولا نبي ولا محدث وعن الرضا عليه السلام الفرق بين الرسول والنبي والإمام أن الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا (إبراهيم عليه السلام) والنبي وربما سمع الكلام وبما رأى الشخص ولم يسمع والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص وعن الباقر والصادق عليه السلام (الرسول) الذي يظهر له الملك فيكلمه (والنبي) هو الذي يرى في منامه وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد والمحدث الذي يسمع الصوت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة مريم آية ٥٤.

(٢): سورة الانبياء آية ٢٥.


وموضع الرسالة ومختلف الملائكة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا يرى الصورة فقيل أصلحك الله كيف يعلم أن الذي رأى في النوم حق وأنه من الملك قال يوفق لذلك حتى يعرفه.

(موضع الرسالة) بالنصب عطف على أهل أي مخزن علوم جميع رسل الله وموضع أسرار أنبياء الله أو معناه القوم الذين جعل الله الرسالة منهم والأول أظهر قال أمير المؤمنين عليه السلام كنت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختلى بي وأقام عني نسائه فلا يبقى عنده غيري وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم يقم عني فاطمة ولا أحدا من بنيي.

(ومختلف الملائكة) أي محل اختلافهم وترددهم ونزولهم وعروجهم أما لاكتساب العلوم الإلهية والمعارف الربانية والأسرار الملكوتية منهم عليهم السلام لكونهم أفضل من الملائكة كما دل عليه العقل والنقل فعن الباقر عليه السلام أن في السماء سبعين صفا من الملائكة لو أجمع أهل الأرض كلهم يحصون عدد كل صف منهم ما أحصوهم وأنهم ليدينون بولايتنا وروى العامة والخاصة عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الله عز وجل خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين من نور واحد فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا فسبحنا فسبحوا وقدسنا فقدسوا وهللنا فهللوا ومجدنا فمجدوا ووحدنا فوحدوا ثم خلق الله السماوات


............................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والأرض وخلق الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا فسبحنا فسبحت شيعتنا فسبحت الملائكة وكذلك في البواقي فنحن الموحدون حيث لا موحد غيرنا (وعن الرضا) عن آبائه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) أنا سيد من خلق الله عز وجل وأنا خير من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وجميع ملائكة الله المقربين وأنبياء الله المرسلين وأنا صاحب الشفاعة والحوض الشريف وأنا وعلي أبوا هذه الأمة من عرفنا فقد عرف الله ومن أنكرنا فقد أنكر الله ومن علي سبطا نبي سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين ومن ولد الحسين أئمة تسعة طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي وتاسعهم قائمهم ومهديهم وأن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا الحديث وأما للتبرك بهم والتشرف بخدمتهم والالتذاذ بصحبتهم وأما لكون الملائكة تحدثهم عن الله تعالى فإنهم محدثون على البناء للمفعول كما تقدم (فعن السجاد عليه السلام) قال ما ينقم الناس منا فنحن والله شجرة النبوة وبيت الرحمة ومعدن العلم ومختلف الملائكة (وعن الصادق عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال إنا أهل البيت شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومفاتيح الحكمة ومعدن العلم وموضع سر الله ونحن وديعة الله في عباده ونحن حرم الله الأكبر ونحن ذمة الله ونحن عهد الله فمن وفي بعهدنا وفي بعهد الله ومن حضرنا


ومهبط الوحي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقد حضر ذمة الله وعهده (وقال الصادق عليه السلام) لمسمع كردين أنك تأكل طعام قوم صالحين تصافحهم الملائكة على فرشهم قال قلت ويظهرون لكم قال فمسح يده على بعض صبيانه فقال هم الطف بصبياننا منا بهم وعن الحسين بن أبي العلا عن الصادق عليه السلام قال قال يا حسين وضرب بيده إلى مساور في البيت مساور طالما اتكت عليها الملائكة وربما التقطنا من زغبها والمساور هي المتكئات من أدم وفي الصحيح عن (أبي حمزة الثمالي) قال دخلت عل علي بن الحسين عليه السلام فاحتبست في الدار ساعة ثم دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت فقلت جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أي شئ هو فقال فضله من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا نجعله سبحا لأولادنا فقلت جعلت فداك وأنهم ليأتونكم فقال يا أبا حمزة إنهم ليزاحمونا على تكائنا وفي القوي عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن قال سمعته يقول ما من ملك يهبطه الله في أمر ما يهبطه إلا بدأ بالإمام فعرض ذلك على وأن مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر.

(ومهبط الوحي) بكسر الباء وزن مسجد أي منزله وقد تفتح الباء والوحي الإلهام أو الإعلام والرسالة والمقصود معلوم وهم مهبط الوحي أما باعتبار هبوطه على الرسول صلى الله عليه


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وآله وسلم في بيوتهم فعن (صاحب الديلم) قال سمعت الصادق عليه السلام يقول وعنده أناس من أهل الكوفة عجبا للناس أنهم أخدوا علمهم كله عن (رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) فعملوا به واهتدوا ويرون أن أهل بيته لم يأخذوا علمه ونحن أهل بيته وذريته في منازلنا ينزل الوحي ومن عندنا خرج العلم إليهم أفيرون أنهم علموا واهتدوا وجهلنا نحن وضللنا إن هذا لمحال (وعن الحكم بن عيينة) قال لقى رجل الحسين بن علي بالثعلبية وهو يريد كربلا فدخل عليه فسلم عليه فقال له الحسين عليه السلام من أي البلاد أنت قال من أهل الكوفة قال أما والله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل من دارنا ونزوله بالوحي على جدي يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا وجهلنا هذا ما لا يكون وأما أنهم مهبط الوحي باعتبار نزوله عليه وتحديث الملائكة لهم بغير الشرايع والأحكام كالمغيبات أو الأعم منها في ليلة القدر وغيرها ولا ينافي ذلك أن الله تعالى أكمل الدين لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعلمه بأجمعه الأمير المؤمنين وهو لأولاده الطاهرين إذ يمكن كونه في الشرايع والأحكام على تقدير وقوعه للتأكيد والتبيين ويدل على ذلك جملة من الأخبار (ومنها ما رواه ثقة الإسلام في الكافي) عن محمد بن مسلم قال ذكر المحدث عند أبي عبد الله عليه السلام فقال أنه يسمع


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصوت ولا يرى الشخص فقلت له أصلحك الله كيف يعلم أنه كلام الملك قال أنه يعطى السكينة والوقار حتى يعلم أنه كلام الملك (وعن الكاظم عليه السلام) قال مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه (ماض) و (عابر) و (حادث) فأما الماضي فمسر وأما الغابر فمزبور وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا (وعن الحرث بن المغيرة) عن الصادق عليه السلام قال قلت أخبرني عن علم عالمكم قال وراثة من رسول الله ومن علي قال قلت إنا نتحدث أنه يقذف في قلوبهم وينكت في آذانهم قال أو ذاك (وعن الصادق) قال إن علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الأسماع فقال أما العابر فما تقدم من علمنا وأنا المزبور فما يأتينا وأما النكت في القوب فإلهام وأما النقر في الأسماع فأمر الملك وعن (أبي جعفر عليه السلام) قال قال الله عز وجل ذكره في ليلة القدر فيها يفرق كل أمر حكيم يقول ينزل فيها كل أمر حكيم والمحكم ليس بشيئين إنما هو شئ واحد فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عز وجل ومن حكم يحكم فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت أنه لينزل في ليلة القدر إلى أولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا وفي أمر الناس بكذا وكذا وأنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل ذكره


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخاص والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ثم قرأ عليه السلام (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعد سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم) (١) وعن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي كثيرا ما يقول اجتمع العدوي والتيمي عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر بتخشع وبكاء فيقولان ما أشد رقتك لهذه السورة (فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) لما رأت عيني ووعى قلبي ولما يرى قلب هذا من بعدي يعني عليا فيقولان وما الذي رأيت وما الذي يرى قال فيكتب لهما في التراب تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر قال ثم يقول هل بقي شئ بعد قوله عز وجل كل أمر فيقولان لا فيقول هل تعلمان من المنزل إليه بذلك فيقولان أنت يا رسول الله فيقول نعم فيقول هل تكون ليلة القدر من بعدي فيقولان نعم قال فيقول فهل ينزل فيها فيقولان نعم قال فيقول إلى من فيقولان لا ندري فيأخد برأسي ويقول إن لم تدريا فادريا هو هذا من بعدي قال فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله من شدة ما تداخلهما من الرعب (وعن الباقر عليه السلام) قال يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه تفلحوا فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١): سورة لقمان آية ٢٧.


ومعدن الرحمة وخزان العلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنها لسيدة دينكم وأنها لغاية علمنا يا معشر الشيعة خاصموا بحم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله الحديث.

(ومعدن الرحمة) بكسر الدال على وزن مجلس أما لأن الرحمة الربانية عامها وخاصها إنما تنزل على القوابل بسببهم حتى الأمطار والأرزاق كما يرشد إليه حديث لولاك لما خلقت الأفلاك وغيره أو لأنهم لو لم يكونوا في الأرض لساخت بأهلها فعن أبي حمزة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام تبقى الأرض بغير إمام قال لو بقيت بغير إمام لساخت (وعن محمد بن الفضيل) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قلت له تبقى الأرض بغير إمام قال لا فإنا نروي عن أبي عبد الله أنها لا تبقى بغير إمام إلا أن يسخط الله على أهل الأرض أو على العباد فقال لا تبقى الأرض إذا لساخت وعن أبي جعفر عليه السلام قال لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله وأما لأنهم مظاهر رحمة الله إذا رحمتهم للخلق وشفقتهم على أمة جدهم سيما محبيهم وشيعتهم قد بلغت الغاية بل تجاوزت النهاية.

(وخزان العلم) فإن جميع العلوم الإلهية والأسرار الربانية


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والمعارف الحقيقية وما اشتملت عليه الكتب الإلهية مخزونة عندهم عليهم السلام وهم الراسخون في العلم العالمون بتأويل الكتاب وفصل الخطاب فعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله وعن بريد بن معاوية عن أحدهما عليهما السلام في قوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) (١) فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الراسخين في العلم قد علمه الله عز وجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلم تأويله وأوصيائه من بعده يعلمونه كله إلى أن قال عليه السلام والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ فالراسخون في العلم يعلمونه وعن الصادق عليه السلام قال الراسخون في العلم أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده عليه السلام وعن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر يقول في هذه الآية (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) (٢) فأومى بيده إلى صدره وعن الصادق عليه السلام قال هم الأئمة وعن أبي بصير عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال أما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف قلت من هم جعلت فداك قال من عسى أن يكون غيرنا وعن الفضل بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١): سورة آل عمران آية ٧.

(٢): سورة العنكبوت آية ٤٩.


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يسار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن في علي سنة ألف نبي من الأنبياء وأن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلم لم يرفع وما مات عالم فذهب علمه والعلم يتوارث وعن عبد الله بن جندب أنه كتب إليه الرضا عليه السلام أما بعد فإن محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان أمين الله في خلقه فلما قبض كنا أهل البيت ورثته فنحن أمناء الله في أرضه عندنا علم البلايا والمنايا وأنساب العرب ومولد الإسلام وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق وأن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم أخذ الله علينا وعليهم الميثاق يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ليس على ملة الإسلام غيرنا وغيرهم نحن النجباء النجاة ونحن أفراط الأنبياء ونحن أبناء الأوصياء ونحن المخصوصون في كتاب الله تبارك وتعالى ونحن أولى الناس بكتاب الله ونحن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن الذين شرع الله لنا دينه فقال (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) (١) قد وصانا بما وصى به نوحا (والذي أوحينا (٢) إليك) يا محمد (وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى) (٣) فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا واستودعنا علمهم نحن ورثة أولي العزم من الرسل (أن أقيموا الدين) (٤) يا آل محمد (لا تتفرقوا فيه) (٥) وكونوا على جماعة الحديث وعن الباقر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١ ـ ٥) سورة الشورى آية ١٣.


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أول وصي كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم وما من نبي مضى إلا وله وصي وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي منهم خمسة أولوا العزم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم) وأن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد صلى الله عليه عليه وآله وسلم وورث علم الأوصياء وعلم من كان قبله أما إن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين الحديث.

وعن المفضل قال قال الصادق عليه السلام إن سليمان ورث داود وأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ورث سليمان وإنا ورثنا محمدا وأن عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور وتبيان ما في الألواح قال قلت إن هذا لهو العلم قال ليس هذا هو العلم إن العلم الذي يحدث يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة وعن ضريس عن الصادق عليه السلام قال إن داود ورث علم الأنبياء وإن سليمان ورث داود وأن محمدا ورث سليمان وأنا ورثنا محمدا وأن عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى فقال له أبو بصير إن هذا لهو العلم فقال يا أبا محمد ليس هذا هو العلم إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار يوما بيوم وساعة بساعة (وعن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن الأول قال قلت له جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورث النبيين كلهم قال نعم قلت من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه قال ما بعث الله نبيا إلا ومحمد


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اعلم منه قال قلت أن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله قال صدقت وسليمان بن داود يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقدر على هذه المنازل قال. فقال إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره (فقال ما لي لا أرى الهدهد أن كان من الغائبين) (١) حين فقده فغضب عليه (فقال لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) (٢) وإنما غضب لأنه كان يدل على الماء فهذا وهو طائر قد أعطي ما لم يعطه سليمان وقد كانت الريح والنمل والجن والإنس والشياطين المردة له طايعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه وأن الله يقول في كتابه (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى (٣)) وقد ورثنا هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء وأن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمرا إلا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله عما كتبه الماضون جعله الله لنا في أم الكتاب إن الله يقول (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين (٤)) ثم قال :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١ ـ ٢) سورة النمل آية ٢١ ـ ٢٢.

(٣) سورة الرعد آية ٣٢.

(٤) سورة النمل آية ٧٦.


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (١) فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شئ (وعن الصادق عليه السلام) قال والله إني أعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن قال الله عز وجل (تبيانا لكل شئ) (٢) وعنه عليه السلام قال (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) (٣) ففرج أبو عبد الله بين أصابعه فوضعها في صدره ثم قال وعندنا والله علم الكتاب كله وعن سدير قال قال الصادق عليه السلام يا سدير ألم تقرأ القرآن قلت بلى قال فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) قال قلت جعلت فداك قد قرأته قال فهل عرفت الرجل وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب قال قلت أخبرني به قال قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم قال قلت جعلت فداك ما أقل هذا فقال يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) (٤) قال قلت قد قرأته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة فاطر آية ٣٣.

(٢) سورة النمل آية ٤١.

(٣) سورة النحل آية ٩٠.

(٤) سورة الرعد آية ٤٤.


ومنتهى الحلم وأصول الكرم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جعلت فداك قال فمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه قلت بعضه قلت لا بل من عنده علم الكتاب كله قال فأومى بيده إلى صدره وقال علم الكتاب والله كله عندنا علم الكتاب والله كله عندنا.

(ومنتهى) اسم مكان أي محل نهاية (الحلم) بالكسر إما بمعنى الأناة وكظم الغيظ أو العقل والأول أظهروهم عليهم السلام قد بلغوا فيه الغاية وتجاوزا النهاية (فروى ثقة الإسلام في الكافي) أن الصادق عليه السلام بعث غلاما له في حاجة فأبطأ فخرج أبو عبد الله عليه السلام على أثره لما أبطأ فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له الصادق عليه السلام يا فلان والله ما ذلك لك تنام الليل والنهار لك الليل ولنا منك النهار وعن معتب قال كان أبو الحسن موسى عليه السلام في حائط له يصرم فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة من تمر فرمى بها وراء الحائط فأتيته فأخدته وذهبت به إليه فقلت جعلت فداك إني وجدت هذا وهذه الكارة فقال للغلام فلان قال لبيك قال أتجوع قال لا يا سيدي قال فتعرى قال لا يا سيدي قال فلأي شئ أخذت هذا قال اشتهيت ذلك قال اذهب فهي لك وقال خلوا عنه

(وأصول الكرم) الكريم هو الجواد المعطي أو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل والمعنيان فيهم عليهم السلام


وقادة الأمم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاملان ويمكن أن يكون المراد أنهم أسباب كرم الله عليه العباد روى أنه وجد بخط مولانا أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام ما صورته قد صعدنا ذرى الحقايق بإقدام النبوة والولاية ونورنا سبع طبقات أعلام الفتوة بالهداية فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى وطعناء العدى وفينا السيف والقلم في العاجل ولواء الحمد في الأجل وأسباطنا حنفاء الدين وخلفاء النبيين ومصابيح الأمم ومفاتيح الكرم فالكليم ألبس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء وروح القدس في جنان الصاغورة ذاق من حدايقنا الباكورة وشيعتنا الفئة الناجية والفرقة الزاكية صاروا لنا بردا وصونا وعلى الظلمة ألبا وعونا وستنفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران لتمام ألم وطه والطواسين وهذا الكتاب ذرة من جبل الرحمة وقطرة من بحر الحكمة وكتب الحسن بن علي العسكري عليه السلام في سنة أربع وخمسين ومائتين.

(وقادة الأمم) جمع قائد وهم عليهم السلام قادة طوائف هذه الأمة إلى معرفة الله تعالى وطاعته في الدنيا بالهداية وإلى درجات الجنان في الآخرة بالشفاعة أو أنهم قادة مواضي جميع الأمم في الآخرة بالشفاعة الكبرى والوسيلة العظمى بل في الدنيا أيضا لأن بالتوسل بأنوارهم المقدسة وأشباحهم المعظمة اهتدى الأنبياء وأممهم فعنهم عليهم السلام بعبادتنا عبد الله ولولا نحن ما عبد الله (وعن أبان عن الصادق عليه السلام قال إذا كان يوم


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القيامة نادى مناد من بطنان العرش أين خليفة الله في أرضه فيقوم داود النبي (عليه السلام) فيأتي النداء من عند الله لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة ثم ينادي ثانية أين خليفة الله في أرضه فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فيأتي النداء من قبل الله يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم يستضئ بنوره وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان قال فيقوم الناس الذين تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة ثم يأت النداء من عند الله عز وجل إلا من ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به فحينئذ (تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (١)) وعن الباقر عليه السلام في وقوله تعالى (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم (٢)) قال يجيء رسول الله في قرنه وعلي والحسن والحسين وكل من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه وقال الصادق عليه السلام قال ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن على مثل حالكم وعن إسماعيل بن همام قال قال الرضا عليه السلام في قوله تعالى (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) قال إذا كان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة البقرة آية ١٦٧.

(٢) سورة الاسراء آية ٧٢.


وأولياء النعم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يوم القيامة قال الله أليس عدل من ربكم أن يولي كل قوم من تولوا قالوا بلى قال فيقول تميزوا فيتميزون.

(وألياء النعم) الظاهرة والباطنة والدنيوية والأخروية فإن بهم تنزل البركات وتمطر السماوات ومنهم النعم الحقيقية من العلوم والكمالات والمعارف الربانية عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين ما بال أقوام غيروا سنة الله وعدلوا عن وصيته لا يتخوفون أن ينزل بهم العذاب ثم تلا هذه الآية (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفر وأحلوا قومهم دار البوار جهنم) (١) ثم قال نحن النعمة التي أنعم الله بها على العباد وبنا يفوز من فاز وروي في تفسر قوله تعالى : (فبأي آلاء ربكما تكذبان) (٢) أي أبا النبي أم بالوصي وعن أبي يوسف البزاز قال تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية : (واذكروا آلاء الله) (٣) قال أتدري ما آلاء الله قلت لا قال هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا وعن عبد الرحمن بن كثير قال سألت أبا عبد الله عن قول الله عز وجل : (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) الآية قال عنى بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله ونصبوا له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة ابراهيم آية ٢٨.

(٢) سورة الرحمن آية ١٣.

(٣) سورة الاعراف آية ٧٤.


وعناصر الأبرار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحرب وجحدوا وليه ووصيه وعن الصادق عليه السلام أن سأل أبا حنيفة عن قوله تعالى (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) (١) فقال له من النعيم عندك يا نعمان قال القوت من الطعام والماء البارد فقال عليه السلام لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى سئلك عن كل أكلة أكلتها وشربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه قال فما النعيم جعلت فداك قال نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العبد وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين وبنا ألف الله بين قلوبهم فجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء وبنا هداهم الله للإسلام وهو النعمة التي لا تنقطع والله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم الله عليهم وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته.

(وعناصر) بكسر الصاد جمع عنصر بضمتين وقد تفتح الصاد وهو الأصل والحسب وهم أصول (الأبرار) جمع بر بالفتح وهو البار أي فاعل البر وهو الخير والبررة جمع بار وإنما سموا بذلك إما لأنهم أصول الأبرار لانتسابهم إليهم واهتدائهم بهم أو لأن الأبرار إنما وجدوا البر والخير ببركتهم أو لأن كلا منهم قد خلف من هو سيد الأبرار وعلى أي حال فهم أصولهم أو لأنهم لما كانوا سببا لإيجاد العالم وخلق الأبرار فهم أصل للأبرار أو لأن الشيعة لأبرار خلقوا من فاضل طينتهم أو لأنهم ينتمون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة التكاثر آية ٨.


ودعائم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى ولايتهم ويقرون بإمامتهم فروى ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب عن سلمان رضي الله عنه قال سمعت حبيبي المصطفى يقول كنت أنت وعلي نورا بين يدي الله عز وجل مطيعا يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام فلما خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه فلم نزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب فجزء أنا وجزء علي ونحوه روى أحمد بن حنبل في مسنده وعن منهج التحقيق لابن خالويه يرفعه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الله عز وجل خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين من نور واحد فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا فسبحنا فسبحوا وقدسنا فقدسوا وهللنا فهللوا ومجدنا فمجدوا ووحدنا فوحدوا ثم خلق الله السماوات والأرض وخلق الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا فسبحان فسبحت شيعتنا فسبحت الملائكة وكذلك في البواقي فنحن الموحدون حيث لا موحد غيرنا وحقيق على الله عز وجل كما اختصنا وشيعتنا أن يزلفنا وشيعتنا في أعلا عليين إن الله اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساما فدعانا فأجبناه فغفر لنا ولشيعتنا من قبل أن نستغفر الله عز وجل.

(ودعائم) جمع دعامة بكسر الدال وهي عماد البيت وهم


الأخيار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عليهم السلام استناد (الأخيار) واعتماد الأبرار وعليهم المعول والمعتمد في المعارف الربانية والأسرار الإلهية والأحكام الشرعية والفضائل الخلقية ومن لم يستند إليهم فقد ضل وغوى عن محمد ابن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهاجت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فأنت تايهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهاجت ذعرة متحيرة تايهة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها فبينا هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عز وجل ظاهر عادل أصبح ضالا تايها وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد.


وساسة العباد وأركان البلاد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وساسة العباد) جمع سايس أي ملوك العباد وخلفاء الله عليهم فعن بشير العطار عن الصادق عليه السلام قال نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته وعن الباقر عليه السلام في قوله تعالى (وآتيناهم ملكا عظيما (١)) قال الطاعة المعروضة وعن الصادق عليه السلام قال نحن قوم فرض الله عز وجل طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال ونحن الراسخون في العلم ونحن المحسودون الذي قال الله (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله (٢)) وعن الحسين ابن أبي العلى قال ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة فقال نعم هم الذين قال الله عز وجل (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (٣)) وهم الذين قال الله عز وجل (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (٤)).

(وأركان البلاد) فإن نظام العالم وانتظامه وبقائه بوجود الإمام ولولاه لساخت الأرض بأهلها كما تقدم وعن المفضل عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء آية ٥٤.

(٢) سورة النساء آية ٥٤.

(٣) سورة النساء آية ٥٩.

(٤) سورة المائدة آية ٥٥.


وأبواب الإيمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصادق عليه السلام في حديث قال فيه في الأئمة جعلهم أركان الأرض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى وعنه قال كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من سلك غيره هلك وبذلك جرت الأئمة واحدا بعد واحد جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم والحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى وقال أمير المؤمنين عليه السلام أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم الحديث.

وعن الوشا قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام هل تبقى الأرض بغير إمام قال لا قلت إنا نروي أنها لا تبقى إلا أن يسخط الله عز وجل على العباد قال لا تبقى إذا لساخت.

(وأبواب الإيمان) أي لا يعرف الإيمان إلا منهم ولا يحصل بدون ولايتهم فهم خلفائه الذين تجب طاعتهم وأبوابه التي يؤتى منها (ففي الكافي) عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال الأوصياء هم أبواب الله عز وجل التي يؤتى منها ولولاهم ما عرف الله عز وجل وبهم احتج الله تبارك وتعالى على خلقه (وعن الصادق عليه السلام) قال أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسبابها فجعل لكل شئ سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علماء وجعل لكل علم بابا ناطقا عرفه من


وأمناء الرحمن وسلالة النبيين وصفوة المرسلين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عرفه وجله من جهله ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن.

(وأمناء الرحمن) على العباد وسفرائه في البلاد (في الكافي) عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام قال أن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا.

(وسلالة النبيين) السلالة بالضم ما انسل من الشئ والمراد به الولد وهم عليهم السلام من ذرية الأنبياء نوح وإبراهيم وإسماعيل

(وصفوة) بتثليث الصاد أي خلاصة (المرسلين) ونقاوتهم بل هم عليهم السلام أفضل الأنبياء والمرسلين ما عدا جدهم خاتم النبيين وعن الكاظم عليه السلام قال لن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ووصية علي عليه السلام وعن الصادق عليه السلام قال ما من نبي جاء قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا.


وعترة خيرة رب العالمين ورحمة الله وبركاته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وعترة خيرة رب العالمين) عترة الرجل نسله ورهطه وعشيرته الأقربون والخيرة بكسر الخاء وسكون الياء وفتحها المختار وهم عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو خير العالمين كما قال صلى الله عليه وآله وسلم أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

(ورحمة الله) عطف على السلام إما بيانا وتفسيرا له أو مغايرا بأن يكون السلام لرفع المكاره والرحمة لجلب الفضايل الدينية أو الأعم (وبركاته) للدنيوية أو الأخروية أو الأعم.


السلام على أئمة الهدى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(السلام على أئمة الهدى) الأئمة بالهمزة أو الياء جمع إمام وهو المقتدى به والهدى الهداية والمراد أن الهدى يلزمهم ويتبعهم فكأنهم أئمته أو أنهم أئمة الناس في الهداية (في الكافي) عن الصادق عليه السلام قال إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ولا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود فمن وفى لله عز وجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل ما وعده إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار وأخبرهم كيف يسلكون فقال (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (١)) وقال (إنما يتقبل الله من المتقين (٢)) فمن اتقى فيما أمره لقى الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة طه آية ٨٢.

(٢) سورة المائدة آية ٢٧.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وسلم هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا وأشركوا من حيث لا يعلمون أنه من أتى البيوت من أبوابها فقد اهتدى ومن أخذ من غيرها سلك طريق الردى وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله وطاعة رسوله بطاعته فمن ترك طاعة ولاة أمره لم يطع الله ولا رسوله وهو الإقرار بما أنزل من عند الله عز وجل (خذوا زينتكم عند كل مسجد (١)) والتمسوا البيوت التي (أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه (٢)) فإنه أخبركم أنهم (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) (٣) إن الله قد استخلص الرسل لآمره ثم استخلص لهم مصدقين بذلك في نذره فقال (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير (٤)) تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل إن الله عز وجل يقول (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (٥)) وكيف يهتدي من لم يبصر وكيف يبصر من لم يتدين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١): سورة الاعراف آة ٣١.

(٢): سورة النور آية ٣٦.

(٣) : سورة النور آية ٣٧.

(٤) سورة فاطر آية ٢٤.

(٥) سورة الحج آية ٤٦.


ومصابيح الدجى وأعلام التقى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأهل بيته وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى فإنهم علامات الإمامة والتقى واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى بن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن اقتصوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم.

(ومصابيح الدجى) المصابيح جمع مصباح وهو السراج الثاقب المضئ والدجى جمع الدجية بضم الدال فيهما وهي الظلمة وقد يعبر بالمصباح عن القوة العاقلة والحركات الفكرية الشبيهة بالمصباح كما يقال أضاء مصباح الهدى في قلبه والمراد هنا أنهم عليهم السلام هادون للخلق من ظلمة الشرك والكفر والضلالة والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم (فعن بريد العجلي) في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد (١)) فقال رسول الله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحدا بعد واحد.

(وأعلام التقى) الأعلام جمع علم بفتحتين وهو العلامة والمنار والجبل والتقى عبارة عن التقوى وهي على مراتب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة الرعد آية ٧.


وذوي النهى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الأولى) تقوى العوام وهي اجتناب المحرمات (والثانية) تقوى الخواص وهي اجتناب المكروهات (والثالثة) تقوى خواص الخواص وهي اجتناب المباحات واجتناب كلما يشغل عن الله تعالى كما قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله (١)) وقال تعالى (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله (٢)) والمراد من هذه الفقرة أنهم معروفون عند كل واحد بالتقوى كالمنار الذي لا يخفي أو أن التقوى لا تعرف إلا منهم ولا تؤخذ إلا عنهم لأنهم أتقى المتقين (وبالجملة) فهم العلامات التي يهتدي بها الناس (فعن داود الجصاص) قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول (وعلامات وبالنجم هم يهتدون (٣)) قال النجم هو رسول الله والعلامات هم الأئمة (وعن الرضا عليه السلام) قال نحن العلامات والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (وعن الصادق عليه السلام : إن النبي النجم والعلامات الأئمة عليهم السلام.

(وذوي النهى) بالضم جمع نهية العقل سمي به لأنه ينهى عن القبايح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة المنافقون آية ٩.

(٢) سورة النور آية ٣٧.

(٣) سورة النحل آية ١٦.


وأولي الحجى وكهف الورى وورثة الأنبياء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وأولي الحجى) كأولي العقل والفطنة وعلى الأول فهما إما مترادفان وإما متغايران بالنسبة إلى أن العقل له اطلاقات عديدة فيمكن أن يراد بأحدهما عقل المعاش وبالآخر عقل المعاد أو نحو ذلك وأيما كان فهم عليهم السلام أولو العقول الكاملة كجدهم (ففي الكافي) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمته وما يضمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين وما أدى العبد فرايض الله حتى عقل عنه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل والعقلاء هم أولوا الألباب الذين قال الله تعالى (إنما يتذكر أولوا الألباب) (١).

(وكهف الورى) الكهف هو الملجأ أي أنتم ملجأ الخلايق في الدين أو الدنيا والآخرة وقد تقدم ما يدل عليه من الأخبار.

(وورثة الأنبياء) فإنهم ورثوا علوم جميع الأنبياء وآثارهم حتى التابوت والألواح وعصى موسى وخاتم سليمان وعمامة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة الرعد آية ١٩.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هارون وغير ذلك (فعن أبي بصير) عن أبي عبد الله قال قال لي يا أبا محمد إن الله عز وجل لم يعط الأنبياء شيئا إلا وقد أعطاه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قال وقد أعطى محمدا جميع ما أعطى الأنبياء وعندنا الصحف التي قال تعالى (صحف إبراهيم وموسى (١)) قلت جعلت فداك لفي الألواح قال نعم (وعن عبد الله بن سنان) عن أبي عبد الله عليه السلام أن سأله عن قول الله عز وجل (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر (٢)) ما الزبور وما الذكر قال الذكر عند الله والزبور الذي أنزل على داود وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم (وعن محمد بن الفيض) عن أبي جعفر عليه السلام قال كانت عصى موسى لآدم فصارت إلى شعيب ثم صارت إلى موسى بن عمران وأنها لعندنا وأن عهدي بها أنفا وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها وأنها لتنطق إذا استنطقت أعدت لقائمنا يصنع بها ما كان يصنع موسى عليه السلام وأنها لتروع وتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر به أنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون ينتج لها شعبتان إحديهما في الأرض والأخرى في السقف وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها (وعن أبي حمزة الثمالي) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة الاعلى آية ١٩.

(٢) سورة الانبيا آية ١٠٥.


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ألواح موسى عندنا وعصى موسى عندنا ونحن ورثة النبيين وعن أبي سعيد الخراساني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أبو جعفر إن القائم إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه إلا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير فلا ينزل منزلا إلا أنبعت عين منه فمن كان جائعا شبع ومن كان ظاميا روي فهو زادهم حتى ينزل النجف من ظهر الكوفة وعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال خرج أمير المؤمنين ذات ليلة بعد عتمة وهو يقول همهمة همهمة وليلة مظلمة خرج عليكم الإمام عليه قميص آدم عليه السلام وفي يده خاتم سليمان عليه السلام وعصى موسى وعن المفضل عن الصادق عليه السلام قال له أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام قال قلت لا قال إن إبراهيم لما أوقدت له النار أتاه جبرائيل بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه فلم يضره معه حر ولا برد فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة وعلقه على إسحاق وعلقه إسحاق على يعقوب فلما ولد يوسف علقه عليه فكان في عضده حتى كان من أمره ما كان فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون (١)) فهو ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة يوسف آية ٩٤.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القميص الذي أنزله الله من الجنة قلت جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص قال إلى أهله ثم قال كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (وعن سعيد السمان) قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له أفيكم إمام مفترض الطاعة قال فقال لا قال فقالا له قد أخبرنا عنك الثقاة أنك تفتى وتقول به ونسميهم لك فلان وفلان وهم أصحاب ورع وتشهير وهم ممن لا يكذب فغضب أبو عبد الله عليه السلام وقال ما أمرتهم بهذا فلما رأيا الغضب من الزيدية وهما يزعمان أن سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عبد الله بن الحسن فقال كذبا لعنهما الله والله ما رآه عبد الله بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه اللهم إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين عليه السلام فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضه وما أثر في موضع مضربه وإن عندي لسيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن عندي لراية رسول الله ودرعه ولامته ومغفره فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله وأن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونعليه وأن عندي ألواح موسى وعصاه وأن عندي لخاتم سليمان بن داود وأن عندي الطشت الذي كان موسى يقرب بها القربان وأن عندي الاسم الذي كان رسول الله إذا وضعه بين المشركين والمسلمين لم يصل إلى


...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسلمين من المشركين نشابه وأن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل وكانت بنو إسرائيل في أي أهل بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوة ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة وقد لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخطت على الأرض خطيطا ولبستها أنا فكانت وكانت وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله تعالى وعن عبد الأعلى قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول عندي سلاح رسول الله لا أنازع فيه ثم قال إن السلاح مدفوع عنه لو وضع عند شر خلق الله كان خيرهم قال قال إن هذا الأمر يصير إلى من يلوى له الحنك فإذا كانت من الله عز وجل فيه المشيئة خرج فيقول الناس ما هذا الذي كان ويضع الله له يدا على رأس رعيته وعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال ترك رسول الله في المتاع سيفا ودرعا وعنزة ورحلا وبغلته الشهباء فورث ذلك كله علي بن أبي طالب عليه السلام وعنه قال ليس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات الفضول فخطت ولبستها أنا ففضلت وعن أحمد بن أبي عبد الله عن الرضا عليه السلام قال سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله من أين هو قال هبط به جبرائيل من السماء وكانت حليته من فضة وهو عندي وعن حمران عن أبي جعفر عليه السلام


والمثل الأعلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال إن رسول الله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين فلما خشا أن يغشى استودعهما أم سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين قال فقالت ثم صار إلى أبيك ثم إنتهى إليك قال نعم (وعن الباقر) قال إنما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل أينما دار التابوت دار الملك وأينما دار السلاح فينا دار العلم.

(والمثل الأعلى) المثل محركة الحجة والحديث والصفة والجمع على المثل بضمتين ويمكن قرائته بهما فإنهم حجج الله تعالى بل أعلاهم وهم المتصفون بصفات الله تعالى فكأنهم صفاته بل هم مظاهر أسمائه وصفاته ويمكن أن يراد بالمثل الأعلى المثل الذي مثل الله تعالى به نوره في آية النور فإنها نزلت فيهم فإن قرئ بالجمع فهو الموافق وإن قرئ بالإفراد فهو إما لأنه مثل لجميعهم وإما لأن نورهم واحد (ففي الكافي عن صالح بن شهل الهمداني عن الصادق عليه السلام) في قوله تعالى (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة) فاطمة (فيها مصباح) الحسن (المصباح) الحسين (في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دري) فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا (يوقد من شجرة مباركة) إبراهيم (زيتونة لا شرقية ولا
والدعوة الحسنى وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غربية) لا يهودية ولا نصرانية (يكاد زيتها يضيئ) يكاد العلم يتفجر منها (ولو لم تمسسه نار نور على نور) إمام منها بعد إمام (يهدي الله لنوره من يشاء) يهدي الله من يشاء للأئمة (ويضرب الله الأمثال للناس) (١) الحديث.

(والدعوة الحسنى) إما أن يكون الحمل للمبالغة أي هم أهل الدعوة الحسنى فإنهم يدعون الناس إلى طريق النجاة وهم أحسن الدعاة إلى الله تعالى أو المراد أنهم هم الذين فيهم الدعوة الحسنى من إبراهيم حيث قال (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم (٢)) وقال (ومن ذريتي (٣)) كما قال النبي أنا دعوة إبراهيم (وعن أبي جعفر) في قوله (قل هذه سبيلي أعدوا إلى الله عليه بصيرة أنا ومن اتبعني (٤)) قال ذلك رسول الله وأمير المؤمنين والأوصياء من بعده.

(وحجج الله) أي يحتج الله بهم ويتم حجته (على أهل الدنيا والآخرة) بالمعجزات الباهرات والدلائل الظاهرات والعلامات الواضحات والأخلاق النفسانية والفضائل الملكوتية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النور آية ٣٥.

(٢) سورة ابراهيم آية ٣٧.

(٣) سورة ابراهيم آية ٤٠.

(٤) سورة ابراهيم آية ١٠٨.


ورحمة الله وبركاته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والعلوم الربانية والأسرار الإلهية ويحتج بهم على أهل الآخرة في عالم البرزخ عند السؤال أو في القيامة أو الأعم منها (والأولى) إما تأكيدا للدنيا أو التكرار للسجع أو المراد بها النشأة الأولى وهي عالم الذر (ففي الكافي) بأسانيد عديدة عن الكاظم والرضا عليهما السلام أن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف وعن الصادق عليه السلام قال أن الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق وعن الصادق عليه السلام قال ما زالت الأرض إلا ولله فيها الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله وعن أبي بصير عن أحدهما قال إن الله لم يدع الأرض بغير عالم ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل وعن الباقر عليه السلام قال والله ما ترك الله أرضا منذ قبض الله آدم عليه السلام إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله وهو حجته على عباده ولا تبقى الأرض بغير حجة لله على عباده.

(ورحمة الله وبركاته) عطف على السلام والكلام هنا كما تقدم.


السلام على محال معرفة الله ومساكن بركة الله ومعادن حكمة الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(السلام على محال معرفة الله) وفي بعض النسخ بصيغة المفرد والمراد أنه لم يعرف الله حق معرفته إلا هم ولا يعرف الله إلا بهم ومنهم وكفي شاهدا بذلك ما ورد عنهم في بيان توحيد الله وصفاته الجلالية والجمالية ونعوته الثبوتية والسلبية ويمكن أن يكون المراد أنهم مظاهر أسماء الله وصفاته من العلم والجود والكرم والقدرة وغيرها فمن عرفهم عرف الله وعلى تقدير الإفراد في محال فهو للإشارة إلى أنهم كنفس واحدة في المعرفة فإنها لا تختلف بخلاف باقي الصفات.

(ومساكن) جمع مسكن (بركة الله) أي خيره وكرمه فإنهم هم القوابل لذلك أو أن الله تعالى إنما يبارك على الخلائق بالأرزاق الدنيوية والمعارف الحقانية والعلوم الإلهية بهم.

(ومعادن حكمة الله) كما قال رسول الله أنا مدينة الحكمة وعلي بابها والحكمة هي العلوم الحقيقية الإلهية وعلومهم عليهم السلام كذلك لأنها مأخوذة من الله تعالى وهم معدن الحكم الإلهية والمعارف الربانية (في الكافي) عن سيف النمار قال كنا مع أبي عبد الله جماعة من الشيعة في الحجر فقال علينا عين فالتفتنا يمنة ويسرة فلم


وحفظة سر الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نر أحدا فقلنا ليس علينا عين فقال ورب الكعبة ورب البنية ثلاث مرات لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله وراثة.

(وحفظة سره الله) أي أسرار الله التي لا يحتملها ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا يجوز إفشائها إلا لبعض بالنسبة إلى من هو أهل كسلمان وكميل بن زياد ونحوهما ففي البصائر عن أبي الصامت قال قال أبو عبد الله أن حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان ذكي وعر لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن قلت فمن يحتمله جعلت فداك قال من شئنا يا أبا الصامت قال أبو الصامت فظننت أن لله عبادا هم أفضل من هؤلاء الثلاثة.

(بيان) لعل المراد هو الإمام الذي بعده فإنه أفضل من الثلاثة واستثناء نبينا ظاهر والمراد به الأسرار الغريبة والأمور العجيبة التي لا يحتملها غيرهم (وعن أبي الصامت) قال سمعت أبا عبد الله يقول إن من حديثنا ما لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد مؤمن قلت فمن يحتمله قال نحن نحتمله (وروى الصدوق) في معاني الأخبار عن بعض أهل المدائن قال كتبت إلى أبي محمد روي عن آبائكم عليهم السلام أن حديثكم صعب مستصعب لا يحتمله


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان قال فجاءه الجواب إنما معناه أن الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك مثله ولا يحتمله نبي حتى يخرجه إلى نبي ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن مثله إنما معناه أن لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره وقد ورد في بعض الأخبار بلفظ الاستثناء ولا منافاة فيها لما تقدم لأن الأولى عبارة عن الأسرار التي لا يحتملها غيرهم والأخبار الآتية عبارة عن الأسرار التي لا يحتملها غيرهم إلا هؤلاء الثلاثة فلا تنافي فمن ذلك ما رواه الكليني في الكمال والصدوق في الخصال والأمالي ومعاني الأخبار عن شبيب الحداد قال سمعت الصادق عليه السلام يقول إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان أو مدينة حصينة وسئل عن تفسير المدينة فقال القلب المجتمع (وفي البصائر) عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ثلاث نبي مرسل أو ملك مقرب أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ثم قال يا أبا حمزة ألا ترى أنه اختار لأمرنا من الملائكة المقربين ومن النبيين المرسلين ومن المؤمنين الممتحنين (وعن ابن صدقة) عن جعفر عن أبيه قال ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين فقال والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهما فما ظنكم بسائر الخلق إن علم العلماء صعب مستصعب لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان قال وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرء منا أهل البيت فلذلك نسبه إلينا وعن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول إن حديث آل محمد صعب مستصعب ثقيل مقنع أجرد ذكوان لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان أو مدينة حصينة فإذا قام قائمنا نطق وصدقه القرآن وفي رواية أخرى عن الصادق عليه السلام مثله وزاد فيه قلت فسر لي قال ذكوان ذكي أبدا قلت أجرد قال طري أبدا قلت مقنع قال مستور وفي البصائر أيضا عن جابر عن أبي عبد الله عيه السلام قال أن أمرنا سر مستسر وسر لا يفيده إلا سر وسر على سر وسر مقنع بسر وعن أبان بن عثمان قال قال لي أبو عبد الله أن أمرنا هذا مستور مقنع بالميثاق من هتكه أذله الله وعن مرازم قال قال أبو عبد الله أن أمرنا هذا هو الحق وحق الحق وهو الظاهر وباطن الظاهر وباطن الباطن وهو السر وسر السر وسر المستسر وسر مقنع بالسر وروى الكشي عن جابر قال حدثني أبو جعفر عليه السلام تسعين ألف حديث لم أحدث بها أحدا قط ولا أحدث بها أحدا أبدا قال جابر فقلت لأبي جعفر جعلت فداك أنك قد حملتني وقرا عظيما بما حدثتني به من سركم الذي لا أحدث به أحدا فربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون قال يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبال فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها ثم قل حدثني محمد بن علي بكذا وكذا وقد أوضحنا معاني هذه الأخبار
وخزنة علم الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ببيانات رائقة ومعاني فائقة في كتابنا مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار (وخزنة علم الله) (في الكافي عن أبي بصير) قال دخلت على أبي عبد الله فقلت جعلت فداك إني أسألك عن مسألة ههنا أحد يسمع كلامي قال فرفع أبو عبد الله عليه السلام سترا بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال يا أبا محمد سل عما بدا لك قال قلت جعلت فداك أن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علم عليا باب يفتح له منه ألف باب قال فقال يا أبا محمد علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا ألف باب يفتح من كل باب ألف باب قال قلت هذا لعلم قال فنكث ساعة في الأرض ثم قال إنه لعلم وما هو بذاك قال ثم قال يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة قال صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله (ص) وأملاه من فلق فيه وخط علي بيمينه فيها كل حلال وحرام وكل شئ محتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش وضرب بيده إلى فقال تأذن لي يا أبا محمد قال قلت جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت قال فغمزني بيده وقال حتى أرش هذه كأنه مغضب قال قلت هذا والله العلم قال إنه لعلم وليس بذاك ثم سكت ساعة ثم قال وأن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر قال قلت وما الجفر قال وعاء من آدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل قال قلت إن هذا لهو العلم قال إنه لعلم وليس بذاك ثم سكت ساعة ثم قال وإن عندنا لمصحف


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فاطمة وما يدريهم ما مصحف فاطمة قال قلت وما مصحف فاطمة قال مصحف مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد قال قلت هذا والله العلم قال إنه لعلم وليس بذاك ثم سكت ساعة ثم قال إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال قلت جعلت فداك هذا والله هو العلم قال إنه لعلم وليس بذاك قال قلت جعلت فداك فأي شئ العلم قال ما يحدث بالليل والنهار الأمر بعد الأمر والشئ بعد الشئ إلى يوم القيامة وعن الحسين بن أبي العلا عن الصادق عليه السلام قال إن عندي الجفر الأبيض قال قلت فأي شئ فيه قال زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم والحلال والحرام ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنا وفيه ما يحتاج الناس فيه إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش وعندي الجفر الأحمر قال قلت وأي شئ في الجفر الأحمر قال السلاح وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل الحديث (وعن أبي يحيى الصنعاني) عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها فنطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش
وحملة كتاب الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ركعتين ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفر وعن أبي بصير عن الصادق والباقر عليهما السلام قال إن لله عز وجل علمين علما عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلم نبذه إلى ملائكته ورسله فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد إنتهى إلينا (وعن عبد الواحد) قال قال أبو جعفر عليه السلام لو كان لألسنتكم أوكية لحدثت كل أمرء بما له وعليه وعن الباقر عليه السلام في حديث قال فيه فلم يعلم والله رسول الله حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليا ثم انتهى العلم إلينا ثم وضع يده على صدره.

(وحملة كتاب الله) الذي فيه تبيان كل شئ وفيه علم الأولين والآخرين فإنهم هم الحاملون لعلومه وأسراره والواقفون على أغواره وهم الحاملون لألفاظه أيضا من دون زيادة ونقصان وتغيير وتبديل عن الحرث بن المغيرة و عبد الأعلى وأبي عبيده وعبد الله بن بشير الخثعمي أنهم سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون قال ثم سكت هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال علمت ذلك من كتاب الله عز وجل أن الله تبارك


وأوصياء نبي الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتعالى يقول (تبيانا لكل شئ) (١) وعن الباقر عليه السلام والصادق عليه السلام قي قوله تعالى (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم (٢)) قال هم الأئمة خاصة (وعن أبي ولاد) قال سألت الصادق عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به) (٣) قال هم الأئمة (وعن مسعده بن صدقة عن الصادق عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين عليه السلام أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول وأنزل إليه الكتاب بالحق إلى أن قال فاستنطقوه ولن ينطق لكم ولكن أخبركم عنه أن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون فلو سألتموني عنه لعلمتكم (وعن إسماعيل بن جابر) عن الصادق عليه السلام قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم ونحن نعلمه إلى غير ذلك من الأخبار.

(وأوصياء نبي الله) بالمعجزات الباهرة والآيات الظاهرة والنصوص المتواترة من طرف العامة والخاصة وقد روى العامة في صحاحهم بهذا المعنى ما يزيد على ستين حديثا نقلنا جملة منها في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النحل آية ٨٩.

(٢) سورة العنكبوت آية ٤٩.

(٣) سورة البقرة آية ١٢١.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسالتنا البرهان المبين في أصول الدين وفي بعضها التنصيص على أسمائهم إلى القائم فرووا في الجمع بين الصحيحين عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يكون من بعدي اثنا عشر خليفة ثم تكلم بكلمة خفية ثم قال كلهم من قريش (وفي صحيح البخاري) بطريقين أولهما إلى جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله يقول يكون من بعدي اثنا عشر أميرا ثم قال كلمة لم أسمعها قال أبي قال كلهم من قريش (ورووا عن ابن عباس) قال سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين حضرته الوفاة وقلت إذا كان ما نعوذ بالله فإلى من فأشار بيده إلى علي وقال هذا مع الحق والحق معه ثم يكون من بعده إحدى عشر إماما (ورووا عن عائشة) أنها سألت كم خليفة لرسول الله فقالت أخبرني أنه يكون من بعده اثنى عشر خليفة ومن المعلوم أنه لا يمكن حمل هذه الأخبار على خلفاء الجور لزيادة عددهم من قريش عل ذلك أضعافا مضاعفة مع أن جملة منها صريحة في اتصال الاثني عشر بآخر الزمان وفي بعضها آخرهم المهدي ورووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال أوصيائي من بعدي عدد أوصياء موسى أو حواري عيسى وكانوا اثنى عشر (وعن ابن مسعود) عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال إن أوصيائي من بعدي عدد نقباء بني إسرائيل وكانوا اثنى عشر وروى علامة زمخشري عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال فاطمة ثمرة فؤادي وبعلها نور بصري والأئمة من ولدها أمناء وحي وحبل


........................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجى ومن تخلف عنهم هوى ومن مستطرفات الآثار ما يحكى عن بعض الأمراء أنه لما عثر على هذه الأخبار من طرقهم سأل علمائهم عنها موردا عليهم أنه إن عنى مطلق قريش فعدد سلاطينهم فوق ذلك أضعافا مضاعفة وإن أراد غير ذلك فبينوه فاستمهلوه عشرة أيام فأمهلهم فلما حل الوعد تقاضاهم الجواب فحاروا وافتقد منهم رجلا مبرزا فطلب الأمان فأعطاه الأمان فقال هذه الأخبار لا تنطبق إلا على مذهب الشيعة الاثني عشرية ولكنها أخبار آحاد لا توجب العمل فرضي بقوله وأنهم عليه فأنطقه الله بالحق (فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير (١)) ولعمري إنها أخبار متواترة قد اتفق عليها الفريقان وحفظها في كتبهم وصحاحهم مع اقتضاء الحال إخفائها وإعدامها أدل دليل وأصدق شاهد على صدقها وصحتها وليتهم أتوا بخبر واحد يدل على حقيقة خلافة أئمتهم وإن شهد الوجدان وقام البرهان على خلافه مع أنهم رووا بأسانيد عديدة عن أنه قال (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) وفيه أبين دلالة على بقاء الأئمة إلى انقضاء التكليف وأن الإمامة من أصول الدين وهو لا ينطبق إلا على مذهبنا وروي أن هذا الحديث صار سببا لتشيع بعض المخالفين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الملك آية ١١.


وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) شمل أمير المؤمنين عليه السلام تغليبا أو هذه الفقرة مختصة بغيره (في روضة الكافي عن أبي الجاورد) قال قال لي أبو جعفر عليه السلام يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين قلت ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله قال فأي شئ احتججتم عليهم قلت احتججنا عليهم بقول تبارك وتعالى في عيسى بن مريم (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى (١)) بجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح قال فأي شئ قالوا لكم قلت قالوا يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب قال فأي شئ احتججتم عليهم قلت احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم) (٢) قال فأي شئ قالوا قلت قالوا قد يكون في كلام العرب أبناء رجل وآخر يقول أبنائنا قال فقال أبو جعفر عليه السلام يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله عز وجل أنهما من صلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يردها إلا كافر قلت أين ذلك جعلت فداك قال من حيث قال الله عز وجل (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة الانعام آية ٨٤ و ٨٥.

(٢) سورة آل عمران آية ٦١.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأخواتكم (١)) الآية إلى أن انتهى إلى قوله تعالى (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم (٢)) فسألهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكاح حليلتهما فإن قالوا نعم كذبوا وفجروا وإن قالوا لا فهما ابناه لصلبه (وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما) قال لو لم يحرم على الناس أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقول الله عز وجل (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) (٣) حرم على الحسن والحسين لقوله تبارك وتعالى : (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) (٤) ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده (وفي الاحتجاج) في حديث عن الكاظم وفيه أن الرشيد قال له لم جوزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله وأنتم من علي وإنما ينسب المرء إلى أبيه وفاطمة إنما هي وعاء والنبي جدكم من قبل أمكم فقال له لو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نشأ فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيب فقال سبحان الله ولم أجيبه بل أفتخر على العرب وقريش بذلك فقال لكنه لا يخطب إلي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء آية ٢٣.

(٢) سورة النساء آية ٢٣.

(٣) سورة الاحزاب آية ٥٣.

(٤) سورة النساء آية ٢٢.


ورحمة الله وبركاته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا أزوجه فقال أحسنت يا موسى الحديث (وعن عائذ الأحمسي) قال دخلت على أبي عبد الله وأنا أريد أن أسأله عن صلاة الليل فقلت السلام عليك يا ابن رسول فقال وعليك السلام إي والله إنا لولده وما نحن بذوي قرابة الحديث.

(ورحمة الله وبركاته)



السلام على الدعاة إلى الله والأدلاء على مرضات الله والمستقرين في آمر الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(السلام على الدعاة) جمع داع كقضاة جمع قاض (إلى الله) أي إلى معرفته وعبادته وإطاعته كما تقدم في تسير قوله تعالى (قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني (١)) وعن الرضا عليه السلام في وصف الإمام الإمام أمين الله في خلقه وحجته على عباده وخليفته في بلاده والداعي إلى الله والذاب عن حرم الله.

(والأدلاء) جمع دليل أو دال (على مرضاة الله) إذ هم يدلون الناس على المعارف الإلهية والأحكام الشرعية التي توجب رضاء الله تبارك وتعالى عن عباده وفي حديث الرضا عليه السلام في وصف الإمام الإمام الماء العذب على الظما والدال على الهدى والمنجي من الردى.

(والمستقرين في أمر الله) إي مستقرين في أوامره أي عاملين بها أو مستقرين في أمر الخلافة وفي بعض النسخ (المستوفرين) من الوفور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة يوسف آية ١٠٨.


والتأمين في محبة الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمعنى الكثرة أي العاملين بأوامر الله أكثر من سائر الخلق.

(والتأمين في محبة الله) إذ هم قد حازوا أعلا مراتب محبته تعالى (ونقل عن بعض النسخ القديمة) النامين بالنون من النمو أي نشأوا في بدو سنهم في محبة الله أو أنهم في كل آن وزمان يزدادون في حبه تعالى وهذه الفقرة صريحة في الرد على قوم من البهايم أنكروا محبة الله بل أحالوها وقالوا لا معنى لها إلا المواظبة على طاعة الله عز وجل وأما حقيقة المحبة فمحال إلا مع لها الجنس والمثل ويلزم من إنكار المحبة إنكار الأنس والشوق ولذة المناجاة وسائر لوازم الحب وتعوابعه والتحقيق أن الحب عبارة عن الميل إلى الشئ المستلذ وإنما يحصل بعد المعرفة بذلك الشئ وادراكه إما بالحواس أو بالقلب وكما كانت المعرفة به أقوى واللذة أشد إدراكا من العين وجمال المعاني المدركة بالعقل أعظم من جمال الصور الظاهرة فتكون لا محالة لذة القلوب بما تدركه الأمور الشريفة الإلهية التي تجمل أن تدركها الحواس أتم وأبلغ فيكون ميل الطبع السليم والعقل الصحيح إليه أقوى فلا ينكر إذا حب الله تعالى إلا من قعد به القصور في درجة البهائم فلم يجاوز إدراكه الحواس وكما أن الإنسان يحب نفسه وبقاء نفسه فكذلك قد يجب غيره لذاته لا لحظ يناله منه وراء ذاته عين حظه وهذا هو الحب الحقيقي البالغ الذي يوثق به فهذا مع أن الكتاب والسنة قد نصب على حقيقة


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحبة قال الله تعالى (يحبهم ويحبونه (١)) وقال الله تعالى (والذين آمنوا أشد حبا لله (٢)) وقال الله تعالى (إن كان آباؤكم وأبناؤكم وأخوانكم) إلى قوله (أحب إليكم من الله ورسوله) (٣) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وقال صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه اللهم ارزقني حبك وحب من يحبك وحب ما يقربني إلى حبك واجعل حبك أحب إلي من الماء البارد (وفي الحديث القدسي) يا بن عمران كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ها أنا ذا يا بن عمران مطلع على أحبابي إذا جنهم الليل حولت أبصارهم إلي من قلوبهم تمثلت عقوبتي بين أعينهم يخاطبوني عن المشاهدة ويكلموني عن المشاهدة يكلموني عن الحضور (وروى الصدوق) في العلل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن شعيبا بكى من حب الله عز وجل حتى عمي فرد الله عليه بصره ثم بكى حتى عمي فرد الله بصره فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه يا شعيب إلى متى يكون هذا منك إن يكن هذا خوفا من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة المائدة آية ٥٤.

(٢) سورة البقرة آية ١٦٥.

(٣) سورة التوبة آية ٢٤.


والمخلصين في توحيد الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النار فقد أجرتك وإن يكن شوقا إلى الجنة فقد أجبتك فقال إلهي وسيدي أنت تعلم أني ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك ولكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر أو أراك فأوحى الله إليه أما إذا كان هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران والأخبار والآثار في ذلك أكثر من أن تحصى.

(والمخلصين) بكسر اللام أي الذين أخلصوا (في توحيد الله) وبالفتح أي الذين أخلصهم الله تعالى أي اختارهم لتوحيده بمعنى أنهم عرفوا الله بأقصى مراتب التوحيد ذاتا وصفة كما قرر في محله والإخلاص تجريد النية عن الشوب وأعلاه إرادة وجهه تعالى ويعرف بالتفكر في صفاته وأفعاله ومناجاته وأدنى منه إرادة نفع الأخوة إذ فيه حظ نفس وورد في حقيقته أن يقول ربي الله ثم تستقيم كما أمرت تعمل لله لا تحب أن تحمد عليه قال الله تعالى : (ألا لله الدين الخالص) (١) وقال أمير المؤمنين طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه ولم يحزن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة الزمر آية ٣.


والمظهرين لأمر الله ونهيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صدره بما أعطى غيره وقال الصادق عليه السلام في قوله تعالى (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) (١) ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة ثم قال عليه السلام الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله والطريق إلى الإخلاص كسر حظوظ النفس وقطع الطمع عن الدنيا والتجرد للآخرة بحيث يغلب ذلك على القلب وكم من أعمال يتعب الإنسان فيها ويظن أنها خالصة لوجه الله تعالى ويكون فيها مغرورا لأنه لا يدري وجه الآفة فيها ونحن في غفلة وإذا انتبهنا رأينا في الآخرة حسناتنا كلها سيئات كما قال تعالى : (وبدا لهم من الله ما لم يكونا يحتسبون) (٢) (وبدا لهم سيئات ما عملوا) (٣) وقال تعالى : (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) (٤).

(والمظهرين لأمر الله ونهيه) حتى أنه قد جمع علماء محدثينا المتقدمين ما وصل إليهم من الأئمة عليهم السلام في أربعمائة كتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الملك آية ٢.

(٢) : سورة الزمر آية ٤٧.

(٣) : سورة الجاثية آية ٣٣.

(٤) : سورة الكهف آية ١٠٤.


وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة الله وبركاته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تسمى الأصول وروى راو واحد من رواتهم عليهم السلام وهو أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام ثلاثين ألف حديث.

(وعباده المكرمين) أضافهم سبحانه إلى نفسه لمزيد الاختصاص كما قال تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان (١)) والمكرمين بالتشديد أي الذين كرمهم الله تعالى بالعصمة والطهارة والمعرفة ونحوها.

الذين (لا يسبقونه بالقول) (٢) أي لا يقولون بقول إلا أن يكون مأخذه عنه تعالى ولا يتكلمون إلا بأمره بل كلامهم كلامه تعالى كما قال تعالى في وصف نبيه (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (٣)) وهم نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلما ثبت له ثبت لهم عليهم السلام إلا النبوة كما تظافرت به الأخبار.

(وهم بأمره يعملون) (٤) في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم وهذا مختص بهم كما يرشد إليه تقديم الظرف المفيد للاختصاص.

(ورحمة الله وبركاته).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الحجر آية ٤٢.

(٢) : سورة الأنبياء آية ٢٧.

(٣) : سورة النجم آية ٣ ، ٤.

(٤) : سورة الأنبياء آية ٢٧.


السلام على الأئمة الدعاة والقادة الهداة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(السلام على الأئمة الدعاة) إلى الله وإلى معرفته وإطاعته وعبادته كما تقدم.

(والقادة) لشيعتهم إلى طريق النجاة وأعلا الدرجات جمع قائد.

(الهداة) جمع هاد الذين قال الله فيهم (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا (١)) ففي الكافي عن الفضل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله (ولكل قوم هاد) فقال إمام هاد للقرن الذي هو فيهم (وعن بريد العجلي) عن أبي جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحدا بعد واحد (وعن أبي بصير) قال قلت لأبي عبد الله (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد (٢)) فقال رسول الله أنا المنذر وعلي الهادي يا أبا محمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة الأنبياء آية ٧٣.

(٢) سورة الرعد آية ٧.


والسادة الولاة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل من هاد اليوم قلت بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد من بعد هاد حتى رفعت إليك فقال رحمك الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى (وعن الباقر) في الآية قال رسول الله المنذر وعلي الهادي أما والله ما ذهبا منا وما زالت فينا إلى الساعة.

(والسادة) جمع سيد وهو الرئيس الكبير في قومه المطاع في عشيرته وإن لم يكن هاشميا أو علويا فإذا كان فهو نور على نور ويطلق السيد على المالك والشريف والفاضل والكريم والحليم والمتحمل أذى قومه والمقدم والمناسبة ظاهرة.

(الولاء) جمع والي فإنهم (أولى بالمؤمنين من أنفسهم) كما قال تعالى : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) (١) روي عن الباقر عليه السلام أنهم نزلت في الإمرة يعني الإمارة أي هو أحق بهم من أنفسهم حتى لو أحتاج إلى مملوك لأحد هو محتاج إليه جاز أخذه منه (وفي الحديث) النبي أولى بكل مؤمن من نفسه وكذا علي من بعده وبيان ذلك أن الرجل ليست له على نفسه ولاية إن لم يكن له مال وليس له على عياله أمر ولا نهي إذا لم يجر عليهم النفقة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام ومن بعدهما من الأئمة لزمهم هذا فلذا صاروا أولى بهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأحزاب آية ٦.

 
...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من أنفسهم وقال تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (١)) نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام عند المخالف والمؤالف حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فأومى إليه بخنصره اليمنى فأخذ السائل الخاتم من خنصره (وروي عن الصادق عليه السلام) أن الخاتم الذي تصدق به كان وزن حلقته أربعة مثاقيل فضة ووزن فصه خمسة مثاقيل وهي ياقوته حمراء قيمته خراج الشام وخراج الشام ستمائة حمل فضة وأربعة أحمال من الذهب وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي أشدد به ظهري قال أبو ذر فوالله ما استتم الكلام حتى نزل جبرائيل فقال يا محمد اقرأ (إنما وليكم الله ورسوله) الآية والمعنى الذي يتولى تدبيركم ويلي أموركم الله ورسوله والذين آمنوا المتصفون بهذه الصفات وقد اشتهر في اللغة التعبير عن الواحد بلفظ الجمع للتعظيم ونقل أنه اجتمع جماعة من الصحابة في مسجد رسول الله في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض إن كفرنا بهذه الآية كفرنا بسائرها وإن آمنا صارت فيما يقول ولكنا نتولى ولا نطيع عليا فيما أمر فنزلت هذه الآية (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها (٢)).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة المائدة آية ٥٥.

(٢) : سورة النحل آية ٨٣.


والذادة الحماة وأهل الذكر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(والذادة) جمع ذائد من الذود وهو الدفع والطرد أي يدفعون عن دين الله ما يبطله ويذودون الناس عما يهلكهم ويضلهم.

(الحماة) جمع حام فإنهم يحمون شيعتهم في الدنيا عن الآراء الفاسدة والمذاهب الكاسدة والبليات المهلكة بالمراعات والدعوات والاستشفاعات إلى عالم السر والخفيات وفي الآخرة بالشفاعة والحماية كما نطقت به الأخبار والمتواترة والروايات المتظافرة.

(وأهل الذكر) الذين أمر الله بمسألتهم في قوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (١)) والذكر إما عبارة عن القرآن لقوله تعالى (وإنه لذكر لك ولقومك) وقوله تعالى (أأنزل عليه الذكر من بيننا (٢)) سمي به لأنه لا يزال يذكر ويذكر به وأما عبارة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم أهلهما على التقديرين عن عبد الرحمن بن كثير قال قلت لأبي عبد الله (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) قال الذكر محمد ونحن أهله المسؤولون قال قلت قوله (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون (٣)) قال إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون (وعن الباقر عليه السلام) في الآية قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النحل آية ٤٣.

(٢) : سورة ص آية ٨.

(٣) : سورة الزخرف آية ٤٤.


وأولي الأمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذكر أنا والأئمة أهل الذكر وقوله عز وجل (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) (١) قال أبو جعفر نحن قومه ونحن المسؤولون (وعن محمد بن مسلم) عن أبي جعفر قال إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل (فاسألوا هل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (٢) إنهم اليهود والنصارى قال إذا يدعونكم إلى دينهم ثم قال بيده إلى صدره نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.

(وأولي الأمر) الذين أمر الله بطاعتهم في قوله (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (٣)) ففي الكافي عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفر عن قوله عز وجل (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فكان جوابه (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون اللذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا (٤)) يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا (أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أم لهم نصيب من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الزخرف آية ٤٤.

(٢) : سورة النحل آية ٤٣.

(٣) : سورة النساء آية ٥٩.

(٤) : سورة النساء آية ٥١.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الملك (١)) يعني الإمامة والخلافة (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا (٢)) نحن الناس الذين عني الله والنقير النقطة التي في وسط النواة (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله (٣)) نحن الناس المحسودون على ما أتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) (٤) يقول جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون به في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) (٥) (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما (٦)) وعن أبي الصباح الكناني قال قال أبو عبد الله نحن قوم فرض الله عز وجل طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال ونحن الراسخون في العلم ونحن المحسودون الذين قال الله (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) وعن الحسين بن أبي العلا قال ذكرت لأبي عبد الله قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة فقال نعم هم الذين قال الله عز وجل (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (٧)) وهم الذين قال الله عز وجل (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (٨))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١ ـ ٦) : سورة النساء آية ٥٢ ـ ٥٦.

(٧) : سورة النساء آية ٥٩.

(٨) : سورة المائدة آية ٥٥.


وبقية الله وخيرته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وبقية الله) أي بقية خلفاء الله وحججه في الأرض من الأنبياء والأوصياء ولعله إشارة إلى قوله تعالى (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) (١) وتأتي البقية بمعنى الرحمة أي هم رحمة الله التي من بها على عباده ويحتمل أن يكون المعنى الذين بهم أبقى الله عليه العباد ورحمهم فالحمل للمبالغة فيكون إشارة إلى قوله تعالى أو لو بقية وقيل أي أو لو تمييز وطاعة في فلان بقية أي فضل مما يمدح به.

(وخيرته) إذ هم الذين اختارهم الله من العالمين واصطفاهم على الملائكة المقربين (في الكافي) عن الصادق عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة قال فيها فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين من عقب كل إمام يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما علما بينا وهاديا نيرا وإماما قيما وحجة عالما أئمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه يدين بهداهم العباد وتستهل بنورهم البلاد وينموا ببركتهم التلاد وجعلهم صفوة للأنام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للإسلام جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها فالإمام هو المنتخب المرتضى والهادي المنتجى والقائم المرتجى اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه وفي البرية حين برأه ظلا قبل خلق نسمة عن يمين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة هود آية ٨٦.

 
وحزبه وعيبة علمه وحجته وصراطه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عرشه محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده اختاره بعلمه وانتجبه لطهره بقية من آدم وخيرة من ذرية نوح ومصطفى من آل إبراهيم وسلالة من إسماعيل وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الحديث.

(وحزبه) بالكسر فالسكون الطائفة والجماعة من الناس والجنود والإضافة إليه تعالى لمزيد الاختصاص وفيه إشارة إلى قوله تعالى (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (١)).

(وعيبة علمه) العيبة هي الصندوق أو مستودع أفضل الثياب (وعيبة علمه) على الاستعارة أي هم خزنة علم الله ومستودع سره كلما تقدم.

(وحجته) التي يحتج بها على خلقه كما تقدم.

(وصراطه) إشارة إلى وقوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه (٢)) روى الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصراط فقال هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل وهما صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة من عرفه في الدنيا واقتدى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة المجادلة آية ٢٢.

(٢) : سورة الأنعام آية ١٥٣.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم وفي تفسير الإمام العسكري الصراط المستقيم صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل وأما الصراط في الآخرة فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة (وقال الصدوق في الاعتقادات) اعتقادنا في الصراط أنه حق وأنه جسر جهنم وأن عليه ممر جميع الخلق قال الله عز وجل (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا (١)) والصراط في وجه آخر اسم حجج الله فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرائيل على الصراط فلا يجوز على الصراط إلا من كانت معه براءة بولايتك (وقال الشيخ المفيد) في شرحه الصراط في اللغة هو الطريق فلذلك سمي الدين صراطا لأنه طريق إلى الثواب وله سمي الولاء لأمير المؤمنين والأئمة من ذريته عليهم السلام صراطا ومن معناه قال أمير المؤمنين عليه السلام أنا صراط الله المستقيم وعروته الوثقى التي لا انفصام لها يعني أن معرفته والتمسك به طريق إلى الله سبحانه وقد جاء الخبر بأن الطريق يوم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة مريم آية ٧١.


ونوره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القيامة إلى الجنة كالجسر تمر به الناس وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله وعن شماله أمير المؤمنين ويأتيهما النداء من الله تعالى (القيا في جهنم كل كفار عنيد (١)) وجاء في الخبر أنه لا يعبر الصراط يوم القيامة إلا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب من النار.

(ونوره) النور كيفية ظاهرة بنفسها مظهرة لغيرها والمراد بكونهم نور الله أنهم الذين نوروا العالم بعلم الله وهدايته أو بنور الوجود لأنهم علل غائية بوجود الأشياء أو الأعم منهما أو لأنهم الأدلة الواضحة والأنوار اللائحة التي تلوح لبصائر الخلق فيقتدى بهم (وفي الكافي عن أبي خالد الكابلي) قال سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا (٢)) فقال يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء ويظلم قلوبهم الحديث وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة ق آية ٢٤.

(٢) : سورة التغابن آية ٨.


وبرهانه ورحمة الله وبركاته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) إلى قوله (واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (١) قال عليه السلام النور في هذا الموضع أمير المؤمنين والأئمة (وعن الباقر عليه السلام) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به) (٢) يعني إماما تأتمون به (وعن محمد بن الفضيل) عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم) (٣) قال يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم قلت قوله تعالى (والله متم نوره) (٤) قال يقول والله متم الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) (٥) قال النور هو الإمام.

(وبرهانه) فإنهم براهين الله الدالة على كمال ذاته وآياته المبينة لأفعاله وصفاته عن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ما لله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأعراف آية ١٥٧.

(٢) : سورة الحديد آية ٢٨.

(٣) : سورة التوبة آية ٣٢.

(٤) : سورة الصف آية ٨.

(٥) : سورة التغابن آية ٨.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عز وجل آية أكبر مني ولا لله من بناء أعظم مني.

(ورحمة الله وبركاته)


أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته وأولو العلم من خلقه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(أشهد أن لا إله) معبودا بحق (إلا الله) المستجمع لجميع الكمالات لذاته.

(وحده لا شريك له) تأكيد لما تقدمه.

(كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته) إشارة إلى أن توحيده تعالى بالتوحيد الحقيقي والإخلاص التحقيقي ليس مما تطيقه القدرة البشرية والقوة الإنسانية فنشهد له تعالى بالذات والصفات كما شهد تعالى لنفسه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم سبحانك لا أصفك إلا بما وصفت به نفسك وفيه إشارة إلى قوله تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة (١)).

(وأولوا العلم من خلقه) من الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين والموحدين والعارفين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة آل عمران آية ١٨.


لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده المنتجب المرتضى أرسله بالهدى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(لا إله إلا هو العزيز) كرر إما للتأكيد أو لأجل التوصيف بالعزيز وهو الغالب القاهر الذي لا يصل أحد إلى كبريائه.

(الحكيم) أي العليم الفاعل للأشياء المحكمة المتقنة بحسب المصالح.

(وأشهد أن محمدا عبده) الإضافة للاختصاص إشارة إلى قوله تعالى : (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) (١) أي عبده الذي عبده حق العبادة أو قام بوظائف العبودية وأدى بحسب القدرة البشرية وظائف الربوبية.

(المنتجب) الذي انتجبه من النبيين واصطفاه من المرسلين ففاق الخلائق أجمعين.

(ورسوله المرتضى) الذي ارتضاه لرسالته.

(أرسله) مقرونا (بالهدى) فجعله هاديا إلى الله وبشيرا ونذيرا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الإسراء آية ٦٥.


ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد إنكم الأئمة الراشدون الهادون المهديون المعصومون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ودين الحق) أي دين الله فإن الله هو الحق أو الدين الحق القائم إلى يوم القيامة الذي لا يعتريه نسخ ولا تبديل.

(ليظهره) ويغلبه (على) جنس (الدين كله ولو كره المشركون) وهذا الوعد والاستيلاء إنما يتحقق في الرجعة عند ظهور القائم.

(وأشهد إنكم الأئمة الراشدون) إلى الدين الحق المبين

(الهادون) إلى شريعة سيد المرسلين (وروى العامة) عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فإن صح فالمراد به هم كما رووا عنه صلى الله عليه وآله وسلم مستفيضا أنه قال إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنه قال مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى وغير ذلك.

(المهديون) بهدى الله فإن الهدى هدى الله.

(المعصومون) من الذنوب المبرؤون من الأدناس والعيوب للدلائل العقلية والبراهين النقلية المذكورة في كتب أصحابنا الكلامية منها أنه لو لم يكن النبي أو الإمام معصوما لانتفى الوثوق بقوله ووعده ووعيده فلا يطاع فيكون نصبه عبثا (ومنها) أنه لو لم
...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يكن معصوما لكان محل إنكار ومورد عتاب كما في قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم (١)) وقوله تعالى (لم تقولون ما لا تفعلون (٢)) فيجب أن يكون مؤتمرا بما يأمر به ومنتهيا عما ينهي عنه (ومنها) أنه لو كان يخطئ لاحتاج إلى من يسدده ويمنعه عن أخطائه فإما أن يكون معصوما فيثبت المطلوب أو غير معصوم فيتسلسل (ومنها) أنه يقبح من الحكيم أن يكلف الناس باتباع من يجوز عليه الخطأ (ومنها) أنه يجب صدقه لأنه لو كذب والحال أن الله تعالى أمرنا بطاعته لوجب علينا أن نطيعه في الكذب وهو محال (ومنها) أنه لو عصي لأقيمت عليه الحدود ووجب إنكار الرعية عليه فيسقط محله عن القلوب إلى غير ذلك من الأدلة (والعصمة) عبارة عن قوة العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا على المعاصي كلها كجائز الخطأ وليس معنى العصمة أن الله يجبره على ترك المعصية بل يفعل به ألطافا يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها كقوة العقل وكمال الذكاء والفطنة وصفاء النفس وكمال الاعتناء بطاعة الله تعالى ولو لم يكن قادرا على المعاصي لكان غير مكلف واللازم باطل فالملزوم مثله والنبي أولى من كلف حيث قال (فإنا أول العابدين (٣)) وقال تعالى (واعبد ربك حتى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البقرة آية ٤٤.

(٢) : سورة الصف آية ٢.

(٣) : سورة الزخرف ٨١.


المكرمون المقربون المتقون الصادقون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يأتيك اليقين) (١) ولأنه لو لم يكن قادرا على المعصية لكان أدنى مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين على المعاصي التاركين لها.

(المكرمون) الذين كرمهم الله تعالى ذاتا وصفاتا وأقوالا وأفعالا وأحوالا وأكرمهم بالكرامات الصورية والمعنوية والدنيوية والأخروية.

(المقربون) عند الله تعالى قربا معنويا فإن لهم المحل الأعلى عنده بحيث لا يدانيهم ملك مقرب ولا نبي مرسل عدا جدهم.

(المتقون) أصل التقوى الخوف من الله تعالى بملاحظة جلاله وعظمته وقبح مخالفته وشدة عقوبته والمتقي من يجعل بينه وبين ما يخاف منه وقاية تقيه ومنه اتقوا النار ولو بشق تمرة وأعلا مراتب التقوى الإعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر.

(الصادقون) في جميع أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم الذين قال الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الحجر آية ٩٩.


المصطفون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعالى فيهم (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (١) إذ ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من أحد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر والله سبحانه لا يأمر بالكون معه بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم وأخبارهم وأعمالهم وشرائعهم في جميع أحوالهم وأزمانهم وليس ذلك متحققا في غيرهم اتفاقا إذ كل من سواهم لا يخلوا من الكذب في الجملة فتعين أن يكونوا هم والآية تدل على عصمتهم إذ يقبح الأمر بمتابعة غير المعصوم كما قرر في محله (وعن بريد العجلي) قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال أيانا عني (وعن البزنطي) عن الرضا عليه السلام قال سألته عن قول الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال الصادقون هم الأئمة والصديقون بطاعتهم.

(المصطفون) الذين اصطفاهم الله واجتباهم واختارهم على العالمين وهم مصطفى آل إبراهيم في وقوله تعالى (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (٢) وفي قراءتهم (وآل محمد) (وعن أبي حمزة الثمالي) قال سمعت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة التوبة آية ١١٩.

(٢) : سورة آل عمران آية ٣٣.


المطيعون لله القوامون بأمره العاملون بإرادته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله تبارك وتعالى يقول استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي ووالى أعدائه وأنكر فضله وفضل الأوصياء من بعده فإن فضلك فضلهم وطاعتك طاعتهم وحقك حقهم ومعصيتك معصيتهم وهم الأئمة الهداة من بعدك جرى فيهم روحك وروحك جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الأنبياء قبلك وهم خزاني على علمي من بعدك حق علي لقد اصطفيتهم واجتبيتهم وأخلصتهم وارتضيتهم ونجى من أحبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ولقد أتاني جبرائيل بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم.

(والمطيعون لله) في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم حتى بذلوا أنفسهم وأموالهم وأبدانهم وأرواحهم في سبيله وصبروا على جميع ذلك لرضاه.

(القوامون بأمره) الذي هو أمر الإمامة أو الأعم من ذلك أو المقيمون لغيرهم على الطاعة بأمره تعالى.

(العالمون بإرادته) أي أعمالهم على وفق إرادته تعالى لإرادتهم بل ليس لهم إرادة إلا إرادته تعالى وإرادتهم إرادته تعالى.


الفائزون بكرامته اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الفائزون بكرامته) في الدنيا بوجوب إطاعة الناس وانقيادهم إليهم وكونهم مخزن العلم ومعدن الحكمة وفي الآخرة بالشفاعة والرضا والقرب من الله تعالى وغير ذلك.

(اصطفاكم بعلمه) أي عالما بأنكم مستأهلون لذلك الاصطفاء أو اصطفاكم بسبب أن جعلكم خزان علمه أو لأن يجعلكم كذلك ويؤيده ما في بعض النسخ من اللام موضع الباء.

(وارتضاكم لغيبه) أي لسبب أن جعلكم مخزن عيبه وفي بعض النسخ باللام وهو أظهر وفيه إشارة إلى قوله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول (١)) ودخلوهم في الآية إما لكون الرسول في الآية شاملا لهم على التغليب أو يكون المراد به معنى آخر أعم من المعنى المصطلح أو أن علمهم عليهم السلام إنما هو بتوسط من الرسول (عن سدير الصيرفي) قال سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عن قول الله عز وجل (بديع السماوات والأرض (٢)) فقال أبو جعفر عليه السلام إن الله عز وجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون أما تسمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الجن آية ٢٦.

(٢) : سورة البقرة آية ١١٧.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقوله تعالى وكان عرشه على الماء فقال له حمران أرأيت قوله جل ذكره (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (١)) فقال له أبو جعفر عليه السلام (إلا من ارتضى من رسول) (٢) وكان والله محمد ممن ارتضاه وأما قوله عالم الغيب فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يقضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنه إليه فيه المشية فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل ويقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم إلينا (وعن معمر بن خلاد) قال سأل أبا الحسن رجل من أهل فارس فقال له أتعلمون الغيب قال فقال أبو جعفر يبسط لنا العلم فنعمل ويقبض عنا فلا نعلم وقال سر الله عز وجل أسره إلى جبرائيل وأسره جبرائيل إلى محمد وأسره محمد إلى من يشاء الله (وعن الصادق) بأسانيد عديدة قال إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك (وعن أبي بصير) قال قال أبو عبد الله أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة الله على خلقه (وعن الكاظم) عن أبيه عن جده أنه أتى علي بن الحسين عليه السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال يا أبت أشرب هذا فقال يا بني إن هذه الليلة التي أقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله (وعن حمران

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الجن آية ٢٦.

(٢) : سورة الجن آية ٢٧.


واختاركم لسره واجتباكم بقدرته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بن أعين) عن أبي عبد الله قال أتى رسول الله برمانتين فأكل رسول الله إحداهما وكسر الأخرى بنصفين فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان قال لا قال أما الأولى فالنبوة ليس لك فيها نصيب وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه فقلت أصلحك الله كيف كأن يكون شريكه فيه قال لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم علما إلا وأمره أن يعلم عليا (وفي رواية عن محمد بن مسلم) عن الباقر عليه السلام فلم يعلم والله ورسول الله حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليها ثم انتهى العلم إلينا ثم وضع يده على صدره.

(واختاركم لسره) فإنهم خزنة سر الله كما تقدم (في البصائر عن أبي الجارود) عن أبي جعفر عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله علي وآله وسلم دعا عليا في المرض الذي توفي فيه فقال يا علي أدن مني حتى أسر إليك ما أسر الله إلي وائتمنك على ما ائتمنني الله عليه ففعل ذلك رسول الله بعلي وفعله علي بالحسن وفعله الحسن بالحسين وفعله الحسين بأبي وفعله أبي بي صلوات الله عليهم أجمعين (وعن جابر) عن أبي عبد الله عليه السلام قال أن أمرنا سر مستسر وسر لا يفيده إلا سر وسر على سر وسر مقنع بسر.

(واجتباكم بقدرته) إشارة إلى علو مرتبة اجتبائهم حيث نسبه إلى قدرته موميا إلى أن مثل ذلك من غرائب قدرته تعالى أو لإظهار


وأعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم بنوره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قدرته ويحتمل أن يكون المرد أعطاكم قدرته وأظهر منكم الأمور التي هي فوق طاقة البشر بقدرته كما روى عن أمير المؤمنين أنه رؤي بيده كسرة خبز من شعير يابسة يريد أن يكسرها فلا تنكسر فقيل له يا أمير المؤمنين أين تلك القوة التي قلعت بها باب خيبر فقال تلك قوة ربانية وهذه قوة جسمانية.

(وأعزكم بهداه) أي جعلكم أعزة بالهداية للناس أو بالاهتداء منه تعالى كما تقدم.

(وخصكم ببرهانه) الذي هو القرآن الكريم أو بالحجج الظاهرات والدلايل النيرات والمعجزات الباهرات والآيات الواضحات أو الأعم من جميع ذلك.

(وانتجبكم بنوره) الذي هو الهداية الربانية والعلوم الفرقانية والكمالات القدسية فاهتدى الناس بأنوارهم وعلومهم وكمالاتهم كما تقدم أنهم أنوار الله عز وجل في الأرض أو تكون الباء بمعنى من أي اجتباكم وأوجدكم من نوره أو اجتباكم متلبسين بنوره (كما روى محمد بن مروان) عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن الله خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل لأحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للأنبياء ولذلك صرنا نحن وهم الناس وسائر الناس همج للنار وإلى النار
وأيدكم بروحه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وعن أمير المؤمنين عليه السلام) إن لله نهرا دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور نوره وأن في حافتي النهر روحين مخلوقين روح القدس وروح من أمره وأن لله عشر طينات خمسة من الجنة وخمسة من الأرض ففسر الجنان وفسر الأرض ثم قال ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدى الروحين وجعل النبي من إحدى الطينتين قلت لأبي الحسن ما الجبل فقال الخلق غيرنا أهل البيت فإن الله تعالى عز وجل خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الروحين جميعا فاطب بها طينا.

(وأيدكم بروحه) أي الروح الذي اختاره وهو روح القدس الذي هو معهم ويسددهم (ففي الكافي عن أبي بصير في الصحيح) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان (١)) قال خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة من بعده (وعن أسباط بن سالم) قال سأله رجل من أهل هيت وأنا حاضر عن قول الله عز وجل (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) فقال منذ أنزل الله عز وجل ذلك الروح على محمد ما صعد إلى السماء وأنه لفينا (وعن أبي بصير) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الشورى آية ٥٢.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عز وجل (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي (١)) قال خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول وهو مع الأئمة وهو من الملكوت وعنه في الآية قال خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد وهو مع الأئمة يسددهم وليس كلما طلب وجد وعن أبي حمزة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العلم أهو شئ يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرأونه فتعلمون منه قال الأمر أعظم من ذلك وأوجب أما سمعت قول الله عز وجل (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان (٢)) ثم قال أي شئ يقول أصحابكم في هذه الآية أيقرأون أنه كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان فقلت لا أدري جعلت فداك ما يقولون فقال بلى قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان حتى بعث الله تعالى الروح التي ذكر في الكتاب فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم وهي الروح التي يعطيها الله تعالى من يشاء فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم وفي خبر آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام أن ليس من الملائكة ويدل على ذلك أيضا مضافا إلى التصريح أنه أعظم من جبرائيل وميكائيل ولم يثبت أن أحدا من الملائكة أعظم منهما ولأن الملائكة لم يعلموا جميع الأشياء كما اعترفوا به حيث قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا وهذا الخلق عالم بجميعها فيحتمل أن يكون نورا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الإسراء آية ٨٥.

(٢) : سورة الشورى آية ٥٢.


ورضيكم خلفاء في أرضه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلهيا صرفا مجردا عن العلائق عارفا بالله وصفاته ومعلولاته إلى آخرها متعلقا بالنفوس البشرية إذا صفت وتخلصت عن الكدورات كلها واتصفت بالقوة القدسية المذكورة تعلقا تاما يوجب إشراقها وانطباع ما فيه من العلوم الكلية والجزئية فيها والمراد بإنزاله إليه هو هذا التعلق وبتسديده هو هذا الإشراق أو أن يكون عبارة عن تنوير نفوسهم القدسية وعقولهم الملكوتية بالعلوم الإلهية والأسرار الربانية والإفاضات العلوية إلا أنه لا حاجة إلى هذا الحمل ولا بعد في إبقائه على ظاهره من كونه خلقا من خلق الله متصفا بتلك الصفات والنعوت.

(ورضيكم خلفاء في أرضه) كما قال تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) (١) وكمال الاستخلاف الذي وعده الله به يكون في زمن القائم عليه السلام (فعن عبد الله بن سنان) قال سألت أبا عبد الله عن قول الله تبارك وتعالى : (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات) الآية قال هم الأئمة (وعن الجعفري) قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول الأئمة خلفاء الله عز وجل في أرضه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النور آية ٥٥.


وحججا على بريته وأنصارا لدينه وحفظة لسره وخزنة لعلمه ومستودعا لحكمته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وحججا على بريته) كما تقدم أنهم حجج الله على الخلق (وعن أبي بصير) قال قال أبو عبد الله الأوصياء هم أبواب الله تعالى التي يؤتى منها ولولا هم ما عرف الله تبارك وتعالى وبهم احتج الله تبارك وتعالى على خلقه (وعن بعد الله بن أبي يعفور) قال قال أبو عبد الله يا بن أبي يعفور إن الله واحد متوحد بالوحدانية متفرد بأمره فخلق خلقا فقدرهم لذلك الأمر فنحن هم يا بن أبي يعفور فنحن حجج الله في عباده وخزانه على علمه والقائمون بذلك.

(وأنصارا لدينه) حتى أنهم بذلوا مهجهم ونفوسهم في نصرة دين الله وإعلاء كلمته.

(وحفظة لسره) حيث أن حديثهم لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن إلا هم كما تقدم.

(وخزنة لعلمه) عن الباقر عليه السلام قال والله إنا لخزان الله في سمائه وأرضه لا على ذهب ولا فضة إلا على علمه.

(ومستودعا لحكمته) فإنهم هم الذين أوتوا الحكمة وفصل الخطاب كما تقدم.
وتراجمة لوحيه وأركانا لتوحيده وشهداء على خلقه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وترجمة لوحيه) التراجمة بكسر الجيم جمع ترجمان بالضم والفتح وهو الذي يفسر الكلام بلسان آخر والمراد بالوحي هنا إما القرآن أو سائر ما أوحي إلى نبينا وإلى سائر الأنبياء عليهم السلام كما تقدم سابقا.

(وأركانا لتوحيده) أي لا يقبل الله تعالى التوحيد من أحد إلا إذا كان مقروبا باعتقاد ولايتهم كما ورد في جملة من الأخبار أن مخالفيهم مشركون وأن كلمة التوحيد في القيامة تسلب من غير شيعتهم فولايتهم بمنزلة الركن للبيت الذي لا قوام له إلا به أو المعنى أنهم لو لم يكونوا لم يتبين توحيده تعالى جعلهم أركانا للأرض لأجل أن يوحده الخلق (فعن الصادق عليه السلام) في وصف الأئمة جعلهم الله أركانا الأرض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.

(وشهداء على خلقه) كما قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (١) وفي قراءتهم أئمة بدل أمة (فعن الصادق عليه السلام) نحن الأمة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه ثم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البقرة آية ١٤٣.


وأعلاما لعباده ومنارا في بلاده

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال فرسول الله هو الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عز وجل ونحن الشهداء على الناس فمن صدق صدقناه يوم القيامة ومن كذب يوم القيامة كذبناه (وعن سماعة) قال قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (١)) قال نزلت في أمة محمد خاصة في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم شاهد علينا وعن أبي الحسن عليه السلام في قوله تعالى : (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (٢) قال أمير المؤمنين عليه السلام الشاهد على رسول الله ورسول الله على بينة من ربه (وعن الباقر عليه السلام في الصحيح) قال نحن الأمة الوسطى ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه وحججه في أرضه.

(وإعلاما لعباده) أي يعلمون بهم أمور دنياهم وآخرتهم ومعاشهم ومعائهم أو مرادفة لقوله.

(ومنارا في بلاده) أي يهتدي بهم أهل البلاد وتنور أخبارهم وآثارهم قلوب العباد كما يهتدي بالمنار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النساء آية ٤١.

(٢) : سورة هود آية ١٧.


وأدلاء على صراطه عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس وأذهب عنكم الرجس أهل البيت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وأدلاء على صراطه) أي على دينه القويم في الدنيا والصراط المعروف في الآخرة.

(عصمكم الله من الزلل) أي من الخطأ والسهو والنسيان لطهارتهم الأصيلة وأنفسهم القدسية ولكونهم مخلوقين من نور الله وتأيدهم بروح القدس وصفاء قلوبهم وشدة عزمهم على طاعة الله وذلك كله مانع من الخطاء.

(وآمنكم من الفتن) في الدين بصدور صغيرة أو كبيرة أو اختلاج شك وشبهة.

(وطهركم من الدنس) أصل الدنس الوسخ وهو هنا كناية عما يدنس القلب من الأعمال الردية.

(وأذهب عنكم الرجس) أي الشرك والشك والمعاصي كلها صغيرها وكبيرها.

(أهل البيت) منصوب على الاختصاص.


وطهركم تطهيرا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وطهركم تطهيرا) وفي الآية من التأكيدات للتطهير من الرجس ما لا يخفى حيث أكد ذلك بأنما واللام والاختصاص وتقديم الجار ونصب المصدر والتعبير بالإذهاب وإنما عبر تعالى بالإرادة وهي لا تقتضي الوقوع لأن إرادته تعالى مستلزمة للوقوع وأطلق السبب هنا وأراد المسبب لا يقال لعل المراد بالطهارة العفة ونقاء الذيل وبالرجس ما يقابل ذلك فلا تكون دليلا على العصمة لأنا نقول للرجس معنيان لا ثالث لهما (الأول) ما يستخبث من النجاسات والأقذار (والثاني) ما يستخبث من الأقوال والأفعال (والأول) غير مراد قطعا فتعين (الثاني) على أن اللام في الرجس للطبيعة والماهية وذهاب الماهية إنما يتحقق بذهاب جميع أفرادها على أن طهارتهم عليهم السلام بمعنى عفتهم ونقاء ذيلهم لم يكن محل ريبة ولم يكن عزيزا في الناس حتى يؤكد بهذه التأكيدات تنويها بشأنه فتعين ما قلنا وقد تواترت الأخبار من طرقنا وطرق المخالفين أن أهل البيت هم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (فروى الثعلبي وغيره عن أبي سعيد الخدري) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال نزلت في وفي علي وفاطمة والحسن والحسين (وروى ابن حنبل) في مسنده بثمانية طرق متفقة المعنى أنها نزلت في الخمسة (وروى في مسنده عن أنس والحميدي) وفي الجمع بين الصحيحين والثعلبي أن رسول الله كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول يا أهل البيت (إنما يريد الله) (١) الآية وأما ما ذهب إليه بعض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأحزاب آية ٣٣.


فعظمتم جلاله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعاندين لله ولرسوله من أن المراد بأهل البيت الأزواج بقرينة السياق فهو خرق للإجماع ورد على الله ورسوله فإن الالتفات شايع في كلام الفصحاء ولو كان الخطاب للأزواج لقال عنكن على النمط السابق واللاحق والتغليب إنما يحسن لوقوع هذا ابتداء أما بعد أن يكون الكلام في خصوص الأزواج فلا على أنهم رووا أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما أخذ كسائه ووضعه عليه وعلى علي وفاطمة والحسنين عليهم السلام وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي (فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) وكان ذلك عند أم سلمة فأدخلت رأسها في البيت وقالت أنا معكم يا رسول الله فقال صلى الله عليه وآله وسلم إنك إلى خير وكأنهم ذهبوا إلى عصمة عائشة لما اتفق لها من الخروج على أمير المؤمنين الذي قال فيه النبي يا علي حربك حربي وقتل ستة عشر ألف من أولادها وإثارتها الفتنة ولعلهم زعموا أن ذلك جهاد في سبيل الله فلهذا فضلوها على فاطمة لجلوسها في بيتها حين غصبها حقها وظلمها تراثها وقد قال الله (وفضل الله المجاهدين على القاعدين (١)).

(فعظمتم جلاله) جلال الله عظمته والجليل من أسمائه تعالى راجع إلى كمال الصفات كما أن الكبير راجع إلى كمال الذات والعظيم راجع إلى كمال الذات والصفات والمراد إنكم عظمتم عظمة الله بمعرفتكم وقولكم وعملكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النساء آية ٩٥.

 
وأكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وأدمتم ذكره ووكدتم ميثاقه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وأكبرتم شأنه) كما تقدم أي عظمتم أمره تعالى.

(ومجدتم كرمه) أي عظمتم كرامته التي أكرمكم بها الدنيوية والأخروية فعرفتم قدرها وعظمتم مقدارها شكرا له تعالى والمعنى عظمتم ذاته الكريمة المشتملة على الصفات المجيدة.

(وأدمتم) من الادمان وهو المداومة (ذكره) باللسان والجنان (عن الصادق عليه السلام) قال ما من شئ إلا وله حد ينتهى إليه إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه ثم قال وكان أبي كثير الذكر لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله ولقد كان يحدث القوم ما يشغله ذلك عن ذكر الله عز وجل ولقد كنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول (لا إله إلا الله) وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر.

(ووكدتم ميثاقه) أي الميثاق الذي أخذه الله تعالى على الأرواح على عالم الذر بقوله (ألست بربكم (١)) كما قال تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم (٢)) ويحتمل أن يراد بالميثاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأعراف آية ١٧٢.

(٢) : سورة الأعراف آية ١٧٢.


وأحكمتم عقد طاعته ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم أنفسكم في مرضاته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الميثاق المأخوذ عليهم من التبليغ وإعلاء الكلمة كما قال تعالى (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) (١) أي تبليغ الرسالة والدعاء إلى التوحيد.

(وأحكمتم عقد طاعته) بالمواعظ الشافية والنصائح الكافية وبإظهار الدين المبين وإعلان شريعة سيد المرسلين والترغيب في ثوابه والتخويف والتهديد من عقابه.

(ودعوتم) الخلق (إلى سبيله) القويم وصراطه المستقيم.

(بالحكمة) فكلمتم كلا على ما يوافق علقه وفهمه فإنهم كانوا يكلمون الناس على قدر عقولهم.

(والموعظة الحسنة) الجاذبة للقلوب المقربة للمطلوب كما قال تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن (٢)).

(وبذلتم أنفسكم في مرضاته) بالمداومة على العبادات وبإظهار الطاعات وإبداء الشريعة الحقة وتعليم الفرقة المحقة وإعلاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأحزاب آية ٧.

(٢) : سورة العنكبوت آية ٤٦.


وصبرتم على ما أصابكم في جنبه وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة الله وتشييد دين الله سرا وجهرا وإن أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر وغيرهما.

(وصبرتم على ما أصابكم) من الإهانة والخوف والقتل.

(في جنبه) أي في أمره أو رضاه أو طاعته أو حقه كما قيل في قوله تبارك وتعالى : (على ما فرطت في جنب الله) (١).

(وأقمتم الصلاة) إقامة الصلاة عبارة عن تهذيب أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في أفعالها من أقام العود إذا قومه وقيل من قامت السوق إذا أنفقت فمعنى أقمتها جعلتها نافقة فإنها إذا حوفظ عليها كانت كالنافق الذي يرغب فيه وإذا ضيعت كانت كالكاسد المرغوب عنه وقيل إقامتها عبارة عن التشمير لا دائها من غير فتور ولا توان من قولهم قام بالأمر إذا جد فيه وتجلد وضده قعد فيه تقاعد وعلى كل حال فالمراد أنكم أقمتموها حق إقامتها من الخضوع والخشوع والإخلاص وحضور القلب وجميع ما هو شرط للقبول والكمال وكذا الكلام في قوله : (وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده) لسانا وجنانا وأركانا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الزمر آية ٥٦.


حتى أعلنتم دعوته وبينتم فرائضه وأقمتم حدوده ونشرتم شرائع أحكامه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(حتى أعلنتم دعوته) وأظهرتموها على الملأ

(وبينتم فرائضه) أي واجباته أو أحكامه التي قدرها فإن الفرض يرد بمعنى التقدير أو المراد بالفرائض المواريث

(وأقمتم حدوده) ببيانها وتعليمها أو إقامتها بالنسبة إلى بعضهم أو إقامتها في كل زمان بحسبه

(ونشرتم شرائع أحكامه) والإضافة إما بيانية من قبيل خاتم فضه أو المراد بالشرائع أدلة الأحكام من الكتاب الذي فيه تبيان كل شئ وانتشار الأحكام قد صدر منهم وإن كان من الصادقين أكثر (وقد ذكر الشيخ المفيد) في الإرشاد (وابن شهرآشوب) في معالم العلماء (والطبرسي) في إعلام الورى وغيرهم أن الذين رووا عن الصادق عليه السلام خاصة من الثقات على اختلافهم في الآراء كانوا أربعة آلاف رجل وذكر (المحقق) في أوائل المعتبر في حق جعفر بن محمد عليه السلام أنه روى عنه من الرجال ما يقارب أربعة آلاف رجل وبرز بتعليمه من الفقهاء الأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين وأخويه بكير وحمران وجميل بن دراج ومحمد بن مسلم ويزيد بن معاوية والهشامين وأبي بصير وعبد الله ومحمد وعمران الحلبين وعبد الله بن سنان وأبي الصباح الكناني وغيرهم من أعيان الفضلاء حتى كتبت من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف سموها أصولا وفي حق


وسننتم سننه وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم له القضاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجواد عليه السلام قد كان تلامذته فضلاء كالحسين بن سعيد وأخيه الحسن وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي وأحمد بن محمد بن خالد البرقي وشاذان بن الفضل القمي وأيوب بن نوح بن دراج وأحمد بن محمد بن عيسى وغيرهم ممن يطول تعدادهم وكتبهم الآن منقوله بين الأصحاب دالة على العلم الغزير وانتهى وقد ذكر جملة من الأصحاب أن أبان بن تغلب قد روى عن (الصادق عليه السلام) ثلاثين ألف حديث

(وسننتم) أي بينتم (سنته) أي طريقته التي سنها

(وصرتم في ذلك) أي في الجهاد أوفى كل من الأمورات المذكورة وكلمة (في) تحمل السببية (منه) تعالى (إلى الرضا) أي رضاء الله عنكم أو رضاكم عنه (رضي الله عنهم ورضوا عنه (١)).

(وسلمتم له القضاء) في جميع أموركم حتى في القتل عن حمران عن (الباقر عليه السلام) قال قلت له جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين من الله عز ذكره وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا فقال أبو جعفر عليه السلام يا حمران (إن الله تبارك وتعالى) قد كان قدر ذلك عليهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البينة آية ٨.


وصدقتم من رسله من مضى فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في حقكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقضاه بهم وأمضاه وحتمه على سبيل الاختبار ثم أجراه فبتقدم علم إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام علي والحسن والحسين عليهم السلام وبعلم صمت من صمت منا ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من أسر الله عز وجل وإظهار الطواغيت عليهم (سألوا) الله عز وجل أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة تلك الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغوها فلا تذهبن بك المذاهب فيهم.

(وصدقتم من رسله من مضى) أي جميعهم مفصلا حسبما أخبركم الله تعالى بأحوالهم مفصلا.

(فالراغب عنكم) مع ظهور هذه الأوصاف والأحوال منكم.

(مارق) عن الدين المبين ضال عن طريقة سيد المرسلين

(واللازم لكم) بإمامتكم والأخذ بأقوالكم والمتابعة لأعمالكم.

(لاحق) بكم في الدنيا والآخرة أو لاحق بالدرجات العالية بالطريق الحق.

(والمقصر في حقكم) وإمامتكم أو رتبتكم العالية أو متابعتكم أو الجميع.


زاهق والحق معكم وفيكم ومنكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(زاهق) يقال زهق الباطل أي اضمحل وزهق السهم إذا جاوز الهدف

(والحق معكم) كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحق مع علي وعلي مع الحق يدور معه حيثما دار وقال اللهم أدر الحق معه حيثما دار

(وفيكم) أي في متابعتكم وفي أقوالكم

(ومنكم) فإن كل ما لم يخرج منهم فهو باطل وكل ما صدر منهم فهو حق عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حق إلا ما خرج منا أهل البيت وإذا تشعبت بكم الأمور كان الخطأ كنهمك والصواب من علي عليه السلام وعن (زرارة) قال كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله (عن) قول أمير المؤمنين عليه السلام سلوني عما شئتم فلا تسألوني عن شئ إلا نبأتكم به قال إنه ليس أحد عنده علم إلا شئ خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلام فليذهب الناس حيث شاؤوا فوالله ليس الأمر إلا من هاهنا وأشار بيده إلى بيته وعن (أبي مريم) قال قال أبو جعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عيينة شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت وفي رواية أخرى فليشرق الحكم أو ليغرب أما والله لا


وإليكم وأنتم أهله ومعدنه وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل

(وإليكم) أي كل حق في أيدي الناس فمرجعه إليكم لأنه منكم أخذ أو أنكم الباعث على وصوله إلى الخلق وكلمات الحكمة التي توجد في كلام المخالفين كالحسن (البصري) ومن يحذوا حذوه كلها مأخوذة من (كلام) أمير المؤمنين عليه السلام كما لا يخفى على الماهر البصير والمتتبع الخبير.

(وأنتم أهله) لأن جميع علوم الأنبياء والأوصياء انتهت إلى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ومنه انتهت إليهم عليهم السلام بأجمعها

(ومعدنه) حسبما تقدم

(وميراث النبوة عندكم) كألواح موسى وعصاه وحجره وصحف إبراهيم موسى وسلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحو ذلك حسبما تقدم مفصلا

(وإياب) بكسر الهمزة أي رجوع

(الخلق) في الدنيا لأمور دينهم ودنياهم وأحكام شرائعهم وإصلاح معادهم ومعاشهم أو في القيامة لأجل الحساب والشفاعة


إليكم وحسابهم عليكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(إليكم) أو إلى كلامكم أو إلى مشاهدكم

(وحسابهم عليكم) فقوله تعالى (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم (١)) أي إلى أوليائهم كما يشعر به صيغة الجمع والاستبعاد في ذلك فقد وكل تعالى بالعذاب والحساب والكتاب جمعا من الملائكة وهم أفضل من الملائكة (عن جابر عن) أبي جعفر عليه السلام قال يا جابر إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين لفصل الخطاب ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعا أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن قال ثم يصوران ثم يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس فنحن والله ندخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار (الحديث) وعن سماعة قال كنت قاعدا مع أبي الحسن الأول والناس في الطواف في جوف الليل فقال يا سماعة (إلينا) إياب هذا الخلق (وعلينا حسابهم الحديث) وعن (قبيصة) عن أبي عبد الله في قوله تعالى (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم) قال فينا قلت إنما أسألك عن التفسير قال نعم يا قبيصة إذا كان يوم القيامة جعل الله حساب شيعتنا إلينا فما كان بينهم وبين الله استوهبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الله وما كان فيما بينهم وبين الناس من المظالم أداه محمد صلى الله عليه وآله وسلم عنهم وما كان فيما بيننا وبينهم وهبناه لهم حتى يدخلوا الجنة بغير حساب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الغاشية آية ٢٥ ـ ٢٦.


وفصل الخطاب عندكم وآيات الله لديكم وعزائمه فيكم ونوره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وفصل الخطاب عندكم) أي الخطاب الفاصل بين الحق والباطل.

(وآيات الله لديكم) أي معرفة آيات الله عندكم فإنهم أهل الذكر العالمون بتنزيله وتأويله ومحكمه ومتشابهه كما تقدم أو المعجزات التي أعطيت جميع الأنبياء لديكم أو مطلق براهين الله وآياته لديكم.

(وعزائمه فيكم) أي الجد والاجتهاد والاهتمام في التبليغ والصبر على المكاره والصدق بالحق فيكم وردت وعليكم وجبت أو الواجبات اللازمة التي لم يرخص في تركها للعباد إنما هي فيكم كوجوب متابعتكم والاعتقاد بإمامتكم وجلالتكم وعصمتكم أو المعنى العزائم التي أقسم الله بها في القرآن كالشمس والقمر والضحى والتين والزيتون والبلد الأمين ونحوها إنما هي فيكم وأنتم المقصودون بها أو القيم بها إنما هو لكم أو السور العزائم أو سائر الآيات في المدح نزلت فيكم أو المعني أنتم الآخذون بالعزائم دون الرخص أو المعني أن قبول الواجبات اللازمة إنما هو بمتابعتكم أو الوفاء بالمواثيق والعهود إنما هو بمتابعتكم

(ونوره) من العلوم الإلهية والمعارف الربانية والهدايات السبحانية


وبرهانه عندكم وأمره إليكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وبرهانه) من الدلائل الظاهرة والمعجزات الباهرة.

(عندكم) فإنهم مظاهر آيات الله وعلومه كما تقدم.

(وأمره) من الإمامة أو إظهار العلوم.

(إليكم) كما ورد في جملة من الأخبار إن الله فرض عليكم السؤال ولم يفرض علينا الجواب فعن الوشا قال سألت الرضا عليه السلام فقلت له جعلت فداك (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (١)) فقال نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون قلت فأنتم المسؤولون ونحن السائلون قال نعم قلت حقا علينا أن نسألكم قال نعم قلت حقا عليكم أن تجيبونا قال لا ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل أما تسمع قول الله تبارك وتعالى (هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب (٢)) والأخبار بهذا المضمون كثيرة وكان السر في ذلك أن بعض السائلين قد يكون منكرا لفضلهم ورادا لقولهم فقد يكون ترك الجواب أولى من الجواب وقد يكون الجواب على وجه التقية متعينا وبعضهم قد يكون مقرا بفضلهم ولكن في ترك جوابه مصلحة يعرفها الإمام دونه فيجوز لهم ترك الجواب تحصيلا لتلك المصلحة كما ورد في سؤالهم عن تعيين ليلة القدر والاسم الأعظم والقضاء والقدر والآية وإن كانت خطابا لسليمان إلا أنها جارية في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النحل آية ٤٣.

(٢) : سورة ص آية ٣٩.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويكون المعنى فيها هذا عطاؤنا من الملك والعلم فاعط من شئت وامنع من شئت حال كونك غير محاسب على الإعطاء والمنع وظاهر الفقرة تؤدي إلى التفويض إليهم كما ورد في الجامعة الرجبية فيما إليكم التفويض ودلت عليه أخبار كثيرة مروية في الكافي وبصائر الدرجات وغيرهما ومنها ما رواه في الكافي بإسنادين عن أبي إسحاق النحوي قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسمعته يقول إن الله عز وجل أدب نبيه على محبته فقال (إنك لعلى خلق عظيم (١)) ثم فوض إليه فقال عز وجل (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (٢)) وقال عز وجل (من يطع الرسول فقد أطاع الله (٣)) ثم قال وإن نبي الله فوض إلى علي عليه السلام وائتمنه فسلمتم وجحد الناس فوالله إن تقولوا إذا قلنا وإن تصمتوا إذا صمتنا لنحبكم ونحن فيما بينكم وبين الله عز وجل ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا وفي رواية أخرى فما فوض الله إلى رسوله فقد فوضه إلينا وعن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى (هذا عطاؤنا فمنن أو أمسك بغير حساب) (٤) قال أعطي سليمان ملكا عظيما ثم جرت هذه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة القلم آية ٤.

(٢) : سورة الحشر آية ٧.

(٣) : سورة النساء آية ٨٠.

(٤) : سورة ص آية ٣٦.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الآية في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان له أن يعطي ما شاء من شاء ويمنع من يشاء وأعطاه أفضل مما أعطى سليمان لقوله تعالى (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (١) وقد عقد الكليني والصفار لهذا المضمون بابا على حده وقد أوضحنا الكلام في هذه (الأخبار) بما لا مزيد في مقدمة شرح المفاتيح وفي مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار وملخص القول هنا أن للتفويض معان (بعضها) صحيح وبعضها باطل والثاني عبارة عن تفويض الخلق والإيجاد والرزق والإحياء والإماتة إليهم كما روي عن الرضا عليه السلام أنه (قال) اللهم من زعم أننا أرباب (فنحن) منه براء ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق (فنحن) منه براء ومن كبراءة عيسى بن مريم من النصارى (وعن) زرارة قال (قلت للصادق عليه السلام) أن رجلا من ولد عبد المطلب بن سبا يقول بالتفويض فقال عليه السلام فما التفويض فقلت إن الله عز وجل خلق محمدا وعليا ثم فوض الأمر إليهما فخلقا ورزقا وأحيى وأماتا فقال عليه السلام كذب عدو الله إذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار (٢)) فانصرفت إلى الرجل فأخبرته ما قال (الصادق عليه السلام) فكأنما ألقمته حجرا أو قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الحشر آية ٧.

(٢) : سورة الرعد آية ١٦.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فكأنما خرس ومن هذا القسم القول بتفويض أفعال العباد إليهم بمعنى أنه تعالى لو شاء أن يصرفهم عنها لما قدر أمر التفويض إليهم بمعنى ما شاؤوا وافعلوا أو التفويض إليهم من دون مدخليته تعالى في التوفيق والخذلان كما قالوا عليهم السلام لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين (وأما التفويض الصحيح) فهو أقسام منها تفويض أمر الخلق إليهم بمعنى وجوب طاعتهم في كل ما أمروا به ونهوا عنه سواء علموا وجه الصحة أم لا بل الواجب عليهم الانقياد والإذعان ويمكن حمل كثير من أخبار التفويض على هذا المعنى ومنها تفويض الأحكام والأفعال بأن يثبتوا ما رأوه حسنا ويردوا ما رأوه قبيحا فيجيزه الله تعالى كما ورد في أن الني صلى إليه عليه وآله وسلم هو الذي زاد في الصلاة الركعتين الأخيرتين فأجازه الله تعالى ومنها تفويض الإرادة بأن يريد شيئا لحسنه ولا يريد شيئا لقبحه فيجيزه الله تعالى لإرادته وهذه الأقسام الثلاثة لا تنافي ما ثبت من أنه صلى الله عليه وآله وسلم (ما ينطق عن الهوى (١)) (إن هو إلا وحي يوحى (٢)) لأن كل واحد منها ثبت من الوحي إلا أن الوحي نابع لإرادة ذلك فأوحى إليه كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم أرد تغيير القبلة وزيادة الركعتين في الرباعية والركعة في الثلاثية وغير ذلك فأوحى الله تعالى إليه بما أراد والمقام لا يخلو من إشكال والله العالم بحقيقة الحال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النجم آية ٣ ، ٤.


من والاكم فقد والى الله ومن عاداكم فقد عادى الله ومن أحبكم فقد أحب الله من أبغضكم فقد أبغض الله ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(من والاكم فقد والى الله ومن عاداكم فقد عادى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم فقد أبغض الله ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله) والسر في ذلك أن الله تعالى هو الأمر بموالاتهم ومحبتهم والاعتصام بهم والناهي عن معاداتهم وبغضهم فالموالي لهم موال له تعالى وهكذا وأيضا أنهم لما كانوا متخلقين بأخلاق الله ومتصفين بصفاته جرى لهم عليهم السلام حكمه تعالى في الأشياء المذكورة ونحوها كما قال تعالى (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم (١)) (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (٢)) (فلما أسفونا انتقمنا منهم (٣)) من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة قوله صلى الله عليه وآله وسلم من رآني فقد رآى الحق يا علي حربك حربي وحرب علي حرب الله وفاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني فقد آذى الله ونحو ذلك فعن حمزة بن بزيع عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى (فلما أسفونا انتقمنا منهم) فقال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الفتح آية ١٠.

(٢) : سورة البقرة آية ٥٧.

(٣) : سورة الزخرف آية ٥٥.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضاء نفسه وسخطهم سخط نفسه لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه فلذلك صاروا كذلك وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه لكن هذا معنى ما قال من ذلك وقد قال من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها وقال (من يطع الرسول فقد أطاع الله (١)) وقال (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم (٢)) وكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك والرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك الحديث وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (٣)) قال إن الله أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكن خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته حيث يقول (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (٤)) يعني الأئمة منا ثم قال في موضع آخر (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) ثم ذكر مثله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النساء آية ٨٠.

(٢) : سورة الفتح آية ١٠.

(٣) : سورة البقرة آية ٥٧.

(٤) : سورة المائدة آية ٥٥.


أنتم السبيل الأعظم والصراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(أنتم السبيل الأعظم) الذي من سلكه نجا ومن تخلف عنه ضل وغوى

(والصراط الأقوم) فإنهم الصراط المستقيم القويم في الدنيا كما تقدم وطريق متابعتهم في العقائد والمعارف والأفعال والأحوال أقوم الطرق وأمتنها بل هو الطريق

(وشهداء دار الفناء) أي شهداء الله على خلقه في دار الدنيا كما تقدم في قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا (١))

(وشفعاء دار البقاء) فعن الصادق والباقر عليهما السلام قالا والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعدائنا (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم (٢)) الحديث وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (فما لنا من شافعين) (ولا صديق حميم) قال الشافعون الأئمة والصديق من المؤمنين وعنهم للنبي شفاعة في أمته ولنا شفاعة في شيعتنا ولشيعتنا شفاعة في أهل بيتهم (وقال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البقرة آية ١٤٣.

(٢) : سورة الشعراء آية ١٠١.


والرحمة الموصولة والآية المخزونة والأمانة المحفوظة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصادق عليه السلام) من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا المعراج والمسائلة في القبر والشفاعة.

(والرحمة الموصولة) أي المتصلة الغير المقطعة فإن كل إمام منهم بعده إمام وكل منهم رحمة للعالمين كجدهم خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم وبذلك فسر قوله تعالى (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون (١)) في بعض الأخبار أو المعنى الرحمة الموصولة من الله إلى الخلق.

(والآية المخزونة) أي هم علامات قدرة الله تعالى وعظمته ولكن معرفة ذلك كما ينبغي مخزونة إلا عن خواص أوليائهم وفيه إشارة إلى أن الآيات هم الأئمة الهداة عليهم السلام وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام مالله آية أكبر مني.

(والأمانة المحفوظة) أي التي يجب حفظها على العالمين (وأن يبذلوا أنفسهم) وأموالهم في حراستها وحفظها لأن قوامهم بها ونظام أمور دينهم ودنياهم بها (أيضا) أو المراد ذوو الأمانة بمعنى أن ولايتهم هي (الأمانة المحفوظة) المعروضة على السماوات والأرض فقد وردت أخبار كثيرة أن الأمانة المعروضة هي الولاية أو المعنى أن أمانة كل من اللاحق محفوظة عند السابق يؤديها إليه عند الوفاة كما روى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة القصص آية ٥١.


والباب المبتلى به الناس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحمد بن عمر قال سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل (إن الله يأمركم إن تؤدوا الأمانات إلى أهلها (١)) قال هم الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يؤدي الإمام الإمامة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه وفي (رواية) أخرى عن (الصادق عليه السلام) قال أمر الله الإمام الأول أن يدفع إلى الإمام الذي بعده كل شئ عنده وفي (رواية) أخرى إيانا عني أن يؤدي الأول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعم والسلاح

(والباب المتلى به الناس) إشارة إلى وقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل أهل بيتي مثل باب حطة يعني الباب الذي ابتلا الله بني إسرائيل بدخوله سجد وأن يقولا حطة أي هو حطة لذنوبنا أو حط عنا ذنوبنا فدخلها قوم منهم كذلك فنجوا (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم (٢)) فهلكوا وهم كذلك من دخل في باب متابعتهم نجى ومن لم يدخل هلك ويكن أن يكون إشارة إلى قوله (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ومن أراد المدينة فليأتها من بابها أو إلى قوله (وآتوا البيوت من أبوابها (٣))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النساء آية ٥٨.

(٢) : سورة البقرة آية ٥٩.

(٣) : سورة البقرة آية ١٨٩.


من أتاكم فقد نجى ومن لم يأتكم فقد هلك إلى الله تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله تسلمون وبأمره تعلمون وإلى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون سعد والله من والاكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(من أتاكم فقد نجى ومن لم يأتكم فقد هلك) إذ الطريق إلى النجاة منحصر فيكم.

(إلى الله تدعون) بالحكمة والموعظة الحسنة.

(وعليه تدلون) بالمعارف الحقانية والبراهين النورانية.

(وبه) دون غيره.

(تؤمنون) الإيمان الحقيقي الخالي من شوائب الشرك الجلي والخفي.

(وله) دان غيره.

(تسلمون) بالتشديد أموركم وتفوضونها أو بالتخفيف.

(وبأمره تعملون) لا بإرادتكم بل ليس لكم أمر إلا أمره ولا إرادة إلا إرادته تعالى.

(وإلى سبيله) القويم وصراطه المستقيم.

(ترشدون) الخلق كمال الإرشاد.

(وبقوله تحكمون) لا بالآراء والاستحسانات والقياسات.

(سعد والله من والاكم) في الدارين وفاز في النشأتين


وهلك من عاداكم وخاب من جحدكم وضل من فارقكم وفاز من تمسك بكم وأمن من لجأ إليكم وسلم من صدقكم وهدي من اعتصم بكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وهلك من عاداكم) بالخلود في النار وبئس المصير.

(وخاب) أي خسر وهلك.

(من جحدكم) ولم يؤمن بإمامتكم.

(وضل من فارقكم) وترك متابعتكم ولعله عبر بالضلال هنا للإشارة إلى المستضعفين المفارقين لهم من دون نصب وعناد فإنهم الضالون ولله فيهم المشيئة إن يشأ يعذبهم وإن يشأ يعف عنهم كما ورد عنهم.

(وفاز من تمسك بكم) فوزا عظيما.

(وأمن) من عذاب الله وغضبه.

(من لجأ إليكم) بالاعتقاد والمتابعة والاستشفاع.

(وسلم) من الهلاك والعذاب.

(من صدقكم) في الإمامة وغيرها.

(وهدي) إلى طريق النجاة.

(من اعتصم بكم) كما قال تعالى (واعتصموا بحبل

 
من اتبعكم فالجنة مأواه ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك ومن رد عليكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الله (١)) والمراد به الأئمة كما روي في الأخبار.

(من اتبعكم فالجنة مأواه ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم) وأنكر إمامتكم.

(كافر) وقد دلت أخبار كثيرة على كفر المخالفين يحتاج جمعها إلى كتاب مفرد والجمع بينها وبين ما علم من أحوالهم عليهم السلام من معاشرتهم ومؤاكلتهم ومجالستهم ومخالطتهم يقتضي الحكم بكفرهم وخلودهم في الآخرة وجريان حكم الإسلام عليهم في الدنيا رأفة ورحمة بالطائفة المحقة لعدم إمكان الاجتناب عنهم.

(ومن حاربكم مشرك) بالله تعالى وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم يا علي حربك حربي ومن حاربه فقد حارب الله تعالى ويجري لآخرهم ما يجري لأولهم.

(ومن رد عليكم) شيئا من أقوالكم أو أخباركم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة آل عمران آية ١٠٣.


في أسفل درك من الجحيم أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي وأشهد أن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(في أسفل درك من الجحيم أشهد أن هذا) أي وجوب متابعتكم أو كل واحد من المذكورات

(سابق لكم فيما مضى) أي جار لكم فيمن مضى وتقدم منكم

(وجار لكم فيما بقي) منكم وما تستعمل في أولي العقول كثيرا أو المعنى سابق لكم فيما مضى من الأزمنة السالفة أو الكتب المتقدمة (وجار لكم فيما بقي) منها

(وأشهد أن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة) مخلوقة من أعلا عليين وأبدانهم من عليين وعلومهم وكمالاتهم واحدة

(طابت) تلك الأرواح

(وطهرت) تلك الأبدان

(بعضها من بعض) كما قال تعالى (ذرية بعضها من بعض (١)) أي من طينة واحدة مخلوقة من نور عظمته تعالى (فعن الصادق عليه السلام) قال إن الله خلقنا من عليين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة آل عمران آية ٣٤.


خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وخلق أرواحنا من فوق ذلك وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا

(خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين) بالحاء والدال المهملتين أي مطيفين به والمراد بالعرش إما العلم وهم مستنهضون من علمه تعالى أو المراد به الجسم المحيط وكانوا أشباحا أو في أجساد مثالية يطوفون به أو هم الآن كذلك

(حتى من علينا بكم) بأن جعلكم أئمتنا وسادتنا وقادتنا في الدنيا والآخرة

(فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) إشارة إلى الآيات التي في سورة النور وأن أولها فيهم كما أن الذين بعدها في أعدائهم والآيات هكذا (الله نور السماوات والأرض (١)) إلى قوله (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال (٢)) (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) (٣)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١ ـ ٢ ـ ٣) : سورة النور آية ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧.


وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ليجزيهم الله أحسن ما علموا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب (١)) (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب (٢)) (أو كظلمات في البحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور (٣)) (عن الصادق عليه السلام) أو كظلمات الأول وصاحبه ويغشاه موج الثالث من فوقه موج ظلمات الثاني بعضها فوق بعض معاوية وفتن بني أمية إذا أخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا إماما من ولد فاطمة فما له من نور إمام يوم القيامة الحديث والمراد بالبيوت التي (أذن الله أن ترفع) أما البيوت المعنوية التي هي بيوت العلم والحكمة وغيرهما أو البيوت الصورية التي هي بيوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام في حياتهم ومشاهدهم بعد وفاتهم.

(وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا) مفعول ثان لجعل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١ ـ ٢ ـ ٣) : سورة النور آية ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠.


لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا فكنا عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إياكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(لخقنا) بالفتح إشارة إلى ما استفاض في الروايات من أن ولايتهم وحبهم عليهم السلام علامة طيب الولادة أو بالضم أي جعل صلواتنا عليكم وولايتنا لكم سببا لتزكية أخلاقنا.

(وطهارة لأنفسنا) من الرذائل وسببا لتحليتها بالفضائل.

(وتزكية لنا) من الاعتقادات الفاسدة والمذاهب الباطلة الكاسدة.

(وكفارة لذنوبنا) الكبائر والصغائر.

(فكنا عنده) أي في علمه تعالى.

(مسلمين) بالتسليم القلبي الحقيقي.

(بفضلكم) على العالمين وفي بعض النسخ مسمين وهو الأظهر ويكون إشارة إلى ما روى أن عندهم كتابا فيه أسماء شيعتهم وأسماء آبائهم وبلدانهم فعن الرضا عليه السلام قال في جملة حديث وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق وأن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم الحديث.

(ومعروفين بتصديقنا إياكم) بالإمامة والفضيلة وفرض


فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين وأعلى منازل المقربين وأرفع درجات المرسلين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطاعة واعلم أن جملة وجعل الخ يحتمل أن تكون خبرية وأن تكون إنشائية دعائية وأيما كان فهي معطوفة على أذن وعطف الإنشائية على الأخبارية جايز سيما إذا كانت بصورتها كما في قوله تعالى حسبنا الله ونعم الوكيل.

(أشرف محل المكرمين) وأفضل مراتبهم.

(وأعلى منازل المقربين) من الأنبياء والمرسلين.

(وأرفع درجات المرسلين) وهي درجات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فيلزم أفضليتهم على الأنبياء كما يدل عليه قوله تعالى (وأنفسنا وأنفسكم (١)) وقوله من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في عبادته وإلى إبراهيم في خلته وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في زهده وإلى يحيى في ورعه فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فإن فيه سبعين خصلة من خصال الأنبياء وعن الزيارات (قال قال لي) أبو عبد الله عليه السلام أي شئ تقول الشيعة في موسى وعيسى وأمير المؤمنين عليهم السلام قلت يزعمون أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة آل عمران آية ٦١.


حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موسى وعيسى أفضل من أمير المؤمنين عليهم السلام قال أيزعمون أن أمير المؤمنين عليه السلام علم ما علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت نعم ولكن لا يقدمون على أولي العزم من الرسل أحدا قال أبو عبد الله عليه السلام فخاصمهم بكتاب الله قلت في أي موضع منه (قال قال) الله لموسى (وكتبنا له في الألواح من كل شئ (١)) وقال الله لعيسى (لأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه (٢)) وقال تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم (وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (٣)) ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وعن الصادق عليه السلام قال إن الله خلق أولي العزم من الرسل وفضلهم بالعلم وأورثنا علمهم وفضلنا عليهم في علمهم وعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يعلموا وعلمنا علم الرسول وعلمهم إلى غير ذلك من الأخبار والفقرات الآتية مسوقة لذلك وهي قوله :

(حيث لا يلحقه لاحق) ممن هو دونكم.

(ولا يفوقه فائق) منهم على الأنبياء كأولي العزم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأعراف آية ١٤٥.

(٢) : سورة الزخرف آية ٦٣.

(٣) : سورة النساء آية ٤١.


ولا يسبقه سابق ولا يطمع في إدراكه طامع حتى لا يبقى لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دني ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مستثنيان بالأدلة

(ولا يسبقه سابق) في فضيلة من الفضائل.

(ولا يطمع في إدراكه طامع) أي لا يطمع طامع من الأنبياء أو الأوصياء أو الملائكة في الوصول والإدراك لذلك المقام الذي وصلتموه لأنهم يعلمون أنها موهبة خاصة من الله تبارك وتعالى لكم ولا يمكن الوصل إليها بالسعي والاجتهاد.

(حتى لا يبقى) أي حتى لم يبق أحد في عالم الأرواح ولا في عالم الأجساد.

(لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دني ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد) أي عالم أو حاضر.

(إلا عرفهم) في الكتب الإلهية والصحف السماوية أو على ألسنة الأنبياء والمرسلين وبالنسبة إليهم بالوحي.


جلالة أمركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وتمام نوركم وصدق مقاعدكم وشرف محلكم وثبات مقامكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم لديه وقرب منزلتكم منه بأبي أنتم وأمي وأهلي ومالي وأسرتي أشهد الله تعالى وأشهدكم أني مؤمن بكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(جلالة أمركم وعظم خطركم) خطر الرجل بالتحريك قدره ومنزلته.

(وكبر شأنكم) بالهمزة الأمر والحال.

(وتمام نوركم وصدق مقاعدكم) أي أنكم صادقون في هذه المرتبة وأنها حقكم ولعله إشارة إلى قوله تعالى (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) (١).

(وشرف محلكم وثبات مقامكم) أي مقام مرضي قيامكم في طاعة الله ومرضاته ومعرفته.

(ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم لديه وقرب منزلتكم منه بأبي أنتم) أي أفديكم أو أنتم مفديون بأبي.

(وأمي وأهلي ومالي وأسرتي) الأسرة بالضم من الرجل الرهط الأدنون.

(أشهد الله تعالى وأشهدكم أني مؤمن بكم) أي بإمامتكم ووجوب طاعتكم وفضلكم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة القمر الآية الأخيرة.


وبما آمنتم به كافر بعدوكم وبما كفرتم به مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم وموال لكم ولأوليائكم مبغض لأعدائكم ومعاد لهم سلم لمن سالمكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وب‍) أي بجميع.

(ما آمنتم به) مجملا وإن لم أعلم تفصيله.

(كافر بعدوكم وبما كفرتم به) مجملا وإن لم أعرف تفصيلة وفيه إشارة إلى أن الإيمان بهم لا يتم إلا مع الكفر بعدوهم والبراءة منه وأن حبهم لا يجتمع مع حب أعدائهم فإن الحب من يحب أولياء المحبوب ويبغض أعدائه وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) (١).

(مستبصرا بشأنكم) أي طالب للبصيرة بمعرفة أمركم وحالكم وفيه إشارة إلى الاعتراف بالعجز عن ادعاء البصيرة في معرفة مرتبتهم فإن القوة البشرية لا تطيق الإحاطة بمعرفتها إذ هم أنوار الله جل جلاله ومظاهر صفاته ويمتنع الإحاطة بمعرفة كنه صفاته تعالى

(وبضلالة من خالفكم موال لكم ولأوليائكم مبغض لأعدائكم ومعاد لهم سلم لمن سالمكم) السلم بالكسر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة البقرة آية ٢٥٦.


وحرب لمن حاربكم محقق لما حققتم مبطل لما أبطلتم مطيع لكم عارف بحقكم مقر بفضلكم محتمل لعلمكم محتجب بذمتكم معترف بكم مؤمن بإيابكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصالحة والانقياد أي أني منقاد لمن أنقاد لكم ومصالح من صالحكم أو أني محب لمن أحبكم.

(وحرب لمن حاربكم محقق لما حققتم) أي أعتقد أن ما حققتموه حق أو أسعى في بيان حقيته وكذا قوله :

(مبطل لما أبطلتم مطيع لكم) في الجملة أو معترف بوجوب إطاعتكم وإن صدر مني مخالفة في بعض الأحيان.

(عارف بحقكم) الواجب علي.

(مقر بفضلكم محتمل لعلمكم) أي لا أرد ما ورد عنكم وإن لم يحتمله عقلي القاصر واعلم أنه حق وإن لم يصل إليه فكري الفاتر.

(محتجب بذمتكم) أي مستتر من المهالك بدخولي في ذمتكم وإمامتكم بأن أجعل الدخول في حجابكم وأمانكم مانعا من دخول النار ومن وسوسة الشياطين أو أني مستتر وداخل في الداخلين تحت أمانكم.

(معترف بكم) بإمامتكم وفضلكم.

(مؤمن بإيابكم) أي معتقد برجوعكم في الدنيا لإعلاء


مصدق برجعتكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدين والانتقام من الكافرين والمنافقين وقصم شوكة المعاندين قبل يوم القيامة والدين.

(مصدق برجعتكم) تفسير لم قبلها وهاتان الفقرتان تدلان على رجعة جميع الأئمة وقد تظافرت الأخبار وتواترت الآثار وأجمعت الشيعة الأبرار على الرجعة في الجملة وأنهم يرجعون إلى الدنيا في زمان المهدي عجل الله فرجه جماعة من خلص المؤمنين وأشقياء المخالفين وقد أنكر المخالفون ذلك علينا أشد إنكار وشنعوا بذلك علينا مع أن الآيات القرآنية ناطقة بذلك فقد ذكر الله تعالى رجعة عزير وأصحاب الكهف والملأ من بني إسرائيل فقال تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم (١)) كانوا سبعين ألف بيت وكان يقع فيهم الطاعون كل سنة فيخرج الأغنياء لقوتهم ويبقى الفقراء لضعفهم فيقل الطاعون في الذين يخرجون ويكثر في الذين يقيمون فيقول المقيمون لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ويقول الخارجون لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم فأجمعوا على أن يخرجوا جميعا من ديارهم وقت الطاعون فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شط بحر فلما وضعوا رحالهم ناداهم الله موتوا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البقرة آية ٢٤٣.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فماتوا جميعا فكنستهم المارة عن الطريق فبقوا بذلك ما شاء الله ثم مر بهم أرمينا النبي عليه السلام فقال لو شئت يا رب لأحييتهم فيعمروا بلادك ويلدوا عبادك ويعبدوك مع من عبدك فأوحى الله إليه أفتحب أن أحييهم قال نعم فأحياهم الله له وبعثهم معه فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلى الدنيا ثم ماتوا بآجالهم وقال تعالى (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أني يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مئة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال اعلم أن الله على كل شئ قدير (١)) وهو عزير مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها ثم مات بأجله وقال تعالى في قصة المختارين من قوم موسى (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (٢)) وذلك أنهم لما سمعوا كلام الله لموسى وقالوا لموسى لا نؤمن لك أنه كلام الله (حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة) (٣) فماتوا فقال موسى يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم فأحياهم الله له

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البقرة آية ٢٥٩.

(٢) : سورة البقرة آية ٥٦.

(٣) : سورة البقرة آية ٥٥.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فرجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء وولدوا الأولاد ثم ماتوا بآجالهم وقال الله لعيسى (وإذ تخرج الموتى بإذني) (١) وجميع الموتى الذين أحياهم عيسى بإذن الله رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثم ماتوا وقال تعالى في أصحاب الكهف (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا (٢)) ثم بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا وقصتهم معروفة وقد روى مخالفونا بأسانيد متظافرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال يكون في هذه الأمة مثل ما يكون في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة فيجب (ح) أن يكون في هذه الأمة رجعة كما كان سالفا وروى مخالفونا أنه إذا خرج المهدي عجل الله فرجه نزل عيسى بن مريم فصلى خلفه ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته لأن الله تعالى يقول (إني متوفيك ورافعك إلي (٣)) وقال تعالى (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا (٤)) مع قوله تعالى (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا (٥)) واليوم الذي فيه الجمع غير اليوم الذي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة المائدة آية ١١٠.

(٢) : سورة الكهف آية ٢٥.

(٣) : سورة آل عمران آية ٥٥.

(٤) : سورة الكهف آية ٤٧.

(٥) : سورة النمل آية ٨٣.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يحشر فيه الفوج وهو الرجعة وقال تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا (١)) يعني في الرجعة لقوه تعالى بعد ذلك (ليبين لهم الذي يختلفون فيه (٢)) والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة وقال تعالى (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا (٣)) ومن المعلوم أنه لم يتحقق ذلك إلا في الرجعة وقال تعالى (قالوا ربنا أمتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل) (٤) وقال تعالى (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا (٥)) والكرة الموعود بها إنما هي الرجعة وأما الأخبار التي وردت من طرقنا فهي قريبة التواتر بل لعلها متواترة وقد رواها جم غفير من ثقات علمائنا الأعلام وجمع كثير من الثقات العظام قريبا من مائتي حديث ومنهم الكليني والصدوق والمفيد والطوسي والمرتضى والنجاشي والكشي والعياشي وعلي بن إبراهيم وسليم الهلالي والكراجكي والنعماني والصفار وسعد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النحل آية ٣٨.

(٢) : سورة النحل آية ٣٩.

(٣) : سورة غافر آية ٥١.

(٤) : سورة غافر آية ١١.

(٥) : سورة الإسراء آية ٦.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابن عبد الله وابن قولويه وابن طاوس وولده وفرات بن إبراهيم وأمين الإسلام أبو الفضل الطبرسي وأبو طالب الطبرسي والبرقي وابن شهرآشوب والقطب الراوندي والعلامة والفضل بن شاذان والشهيد الأول وغيرهم وقد ألف جملة من قدماء الأصحاب فيها رسائل وكتبا كأحمد بن داود بن سعيد الجرجاني قال الشيخ في الفهرست له كتاب المتعة والرجعة والحسن بن علي بن أبي حمزة البطايني عد النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة والفضل بن شاذان النيشابوري ذكر الشيخ في الفهرست والنجاشي أن له كتابا في إثبات الرجعة والصدوق فقد عد النجاشي من كتبه كتاب الرجعة ومحمد بن مسعود العياشي ذكر الشيخ والنجاشي كتابه في الرجعة وغيرهم ومن الأخبار فيها ما في الكتاب الاختصاص عن الصادق عليه السلام قال أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليه السلام وأن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا وعن الباقر عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليا عليه السلام سيرجعان وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (ويوم نحشر من كل أمة فوجا (١)) قال ليس أحد من المؤمنين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النمل آية ٨٣.

 
...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قتل إلا سيرجع حتى يموت ولا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل وعن الباقر عليه السلام في قوله تعالى (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم (١)) مثل ذلك عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين (٢)) الآية قال ليؤمنن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولينصرن عليا أمير المؤمنين عليه السلام قال نعم والله من لدن آدم فهلم جرا فلم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب عليه السلام وعن (سليمان الديلمي) إنه سأل الصادق عليه السلام عن قوله تعالى (إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا) (٣) فقال الأنبياء رسول الله وإبراهيم وإسماعيل وذريته والملوك الأئمة قال فقلت وأي ملك أعطيتم فقال ملك الجنة وملك الكره وعن الصادق عليه السلام فيملك حتى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر وقال في قوله تعالى (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد (٤)) نبيكم راجع إليكم وفي تفسير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة آل عمران آية ١٥٧.

(٢) : سورة آل عمران آية ٨١.

(٣) : سورة المائدة آية ٢٠.

(٤) : سورة القصص آية ٨٥.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القمي عن الصادق عليه السلام قال ما بعث الله نبيا من لدن آدم فعلم جرا ألا يرجع إلى الدنيا وينصر أمير المؤمنين عليه السلام وهو قوله (لتؤمنن به) يعني برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولتنصرن أمير المؤمنين عليه السلام وعن (المفضل بن عمر) قال ذكرنا القائم عجل الله فرجه ومن مات من أصحابنا ينتظره فقال لنا أبو عبد الله عليه السلام إذا قام أتى المؤمن في قبره يقال له يا هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم (واعلم) أن للمخالفين شبهات ركيكة في الرجعة منها أنها لو كانت حقا فما الذي يمنع من توبة يزيد والشمر وابن ملجم فيها ويرجعون عن كفرهم وضلالهم فلا يجوز حينئذ لعنهم وفيه أنه حيث ورد عن أئمة الهدى لعنهم علمنا أنهم لا يختارون الإيمان وممن قال الله فيهم (لو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله (١)) أي إلا أن يحثهم الله وأيضا إن الله تعالى إذا رد الكافرين في الرجعة للانتقام منهم لا يقبل لهم توبة وجروا مجرى فرعون لما أدركه الغرق وقال (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الأنعام آية ١١١.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المسلمين (١)) فقال له الله (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (٢)) وقد روى عنهم في قوله تعالى (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا (٣)) إنها عند ظهور القائم عجل الله فرجه إذا تاب المخالف لم تقبل توبته (وأوردوا) أيضا بأنه كيف يعود الكفار والمخالفين إلى طغيانهم بعد الرحمة وقد عاينوا عذاب الله والجواب ما تقدم من أنهم ممن قال فيهم تعالى (فلما رأو بأسنا قالوا آمنا (٤)) أو ممن قال فيهم تعالى (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (٥)) فقال تعالى (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه (٦)) وقال السيد ابن طاوس في الطرائف روى مسلم في صحيحه في أوائل الجزء الأول بإسناده إلى الجراح بن مليح قال سمعت جابرا يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تركوها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة يونس آية ٩٠.

(٢) : سورة يونس آية ٩١.

(٣) : سورة الأنعام آية ١٥٨.

(٤) : سورة غافر آية ٨٤.

(٥) : سورة الأنعام آية ٢٧.

(٦) : سورة الأنعام آية ٢٨.


مرتقب لدولتكم منتظر لأمركم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلها ثم ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمد بن عمر الرازي قال سمعت حريزا يقول لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنه كان يؤمن بالرجعة فانظر رحمك الله كيف حرموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم برواية أبي جعفر الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسك بهم ثم إن أكثر المسلمين أو كلهم قد رووا أحياء الأموات في الدنيا وحديث إحياء الله الأموات في القبور للمسألة وقد تقدمت روايتهم عن أصحاب الكهف وهذا كتابهم يتضمن (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم (١)) والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة مع موسى فأي فرق بين هؤلاء وبين ما رواه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم من الرجعة وأي ذنب كان لجابر في ذلك حتى يسقط حديثه انتهى كلامه رضي الله عنه.

(مرتقب) أي منتظر.

(لدولتكم) في الرجعة.

(منتظر لأمركم) أي غلبتكم على الأعادي في زمن المهدي عجل الله فرجه أو منتظر لظهور إمامتكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة البقرة آية ٢٤٣.


آخذ بقولكم عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم عائذ بكم لائذ بقبوركم مستشفع إلى الله عز وجل بكم ومتقرب بكم إليه ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأموري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(آخذ بقولكم عامل بأمركم) في الجملة أو معتقد لذلك أو عازم على ذلك.

(مستجير بكم) أي بولايتكم أو بمحبتكم أو بزيارتكم أو الأعم.

(زائر لكم) راجيا بذلك الفوز بالثواب والنجاة من العقاب.

(عائذ بكم لائذ بقبوركم) يقال لاذ به إذا التجأ وانضم واستغاث.

(مستشفع إلى الله عز وجل بكم) أي أجعلكم شفعائي إلى الله تعالى.

(ومتقرب بكم إليه ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأموري) أي أسأله بحقكم واستشفع بكم قبل ذلك حتى يحصل تنجيز الأمور أو المراد أني أقدم الصلاة عليكم قبل ذلك ليستجاب الدعاء (ففي الصحيح عن) هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وآل محمد وعنه (قال) من دعا ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم


مؤمن بسركم وعلانيتكم وشاهدكم وغائبكم وأوّلكم وآخركم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رفرف الدعاء على رأسه فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفع الدعاء وعن مرازم عن الصادق عليه السلام قال أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله إني جعلت ثلث صلواتي لك (فقال) له خيرا (فقال) يا رسول الله إني جعلت نصف صلواتي لك (فقال) له ذاك أفضل (فقال) إني جعلت كل صلواتي لك فقال إذن يكفيك الله عز وجل ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك فقال له رجل أصلحك الله كيف يجعل صلاته له (فقال) لا يسأل الله عز وجل إلا بدأ بالصلاة على محمد وآله.

(مؤمن بسركم وعلانيتكم) أي بما استتر عن أكثر الخلق من غرائب أحوالكم وبما علن منها أو مؤمن باعتقاداتكم السرانية وبأعمالكم وأقوالكم العلانية

(وشاهدكم) من الأئمة الأحد عشر

(وغائبكم) المهدي

(وأولكم) علي بن أبي طالب عليه السلام

(وآخركم) القائم لا كما يقول العامة بإمامة أولكم دون الأخير أو الواقفة الذين وقفوا دون آخركم


ومفوض في ذلك كله إليكم ومسلم فيه معكم وقلبي لكم مسلم ورأيي لكم تبع ونصرتي لكم معدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ومفوض في ذلك كله إليكم) أي لا أعترض عليكم في شئ من أموركم بل أعلم أن كلما تأتون به فهو بأمره تعالى أو المعنى أسلم جميع أموري إليكم لكي تصلحوا خللها وفاسدها فإن أعمال الخلائق تعرض عليهم.

(ومسلم فيه) أي في ذلك كله

(معكم) إلى الله تعالى فلا أعترض على الله تعالى في عدم استيلائكم وغيبتكم وغير ذلك بل أسلم لأمره وأرضى بقضائه معكم أي كما سلمتم ورضيتم

(وقلبي لكم مسلم) أي منقاد مطيع مذعن لأموركم وأفعالكم لا يختلج فيه شئ من أقوالكم وأفعالكم وأحوالكم وفي بعض النسخ سلم بالكسر بالمعنى المتقدم أو بمعنى الصلح أي لا اعتراض له وإن لم يصل عقلي القاصر وفكري الفاتر إلى وجه الحكمة فيما صدر منكم

(ورأيي لكم تبع) أي رأي تابع لرأيكم ولا رأي لي مع رأيكم كما لأعدائكم يقول قال علي وأقول أنا

(ونصرتي لكم معدة) ومهيأة فها أنا منتظر لخروجكم والجهاد في خدمتكم مع أعدائكم أو المعنى نصرتي معدة لبيان دينكم وإعلاء كلمتكم بالبراهين والأدلة بحسب الإمكان.


حتى يحيى الله تعالى دينه بكم ويردكم في أيامه ويظهركم لعدله ويمكنكم في أرضه فمعكم معكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(حتى يحيى الله تعالى دينه) بعد الاندراس والانطماس.

(بكم) أي بتمكنكم وظهوركم واستيلائكم.

(ويردكم في أيامه) أي أيام ظهور دينه واستيلاء كلمته وهي أيام الرجعة وفيه إشارة إلى ما ورد في جملة من الأخبار في تفسير قوله تعالى (وذكرهم بأيام الله (١)) أن المراد بها أيام قيام القائم.

(ويظهركم) في الرجعة.

(لعدله) أي لإقامة عدله وإظهاره.

(ويمكنكم في أرضه) كما قال تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعلموا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) (٢) الآية.

(فمعكم معكم) أي بالقلب واللسان أو في الدنيا والرجعة أو في الدنيا والآخرة أو كرر لمجرد التأكيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة إبراهيم آية ٥.

(٢) : سورة النور آية ٥٥.


لا مع عدوكم آمنت بكم وتوليت آخركم بما توليت به أولكم وبرئت إلى الله عز وجل من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقكم والغاصبين لإرثكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(لا مع عدوكم) وفي بعض النسخ لا مع غيركم.

(آمنت بكم) قلبا ولسانا وفي عالم الذر وفي هذا العالم

(وتوليت آخركم بما توليت به أولكم) أي أتولى وأعتقد آخركم وهو المهدي عجل الله فرجه بنحو ما كنت أتولى أولكم أمير المؤمنين عليه السلام أو أتولى كل واحد منكم بنحو ما كنت أتولى به أولكم فإن كل واحد منهم عليهم السلام آخر بالنسبة إلى سابقة.

(وبرئت) حال كوني ملتجئ (إلى الله عز وجل) تعالى.

(من أعدائكم) الضالين والناصبين والجاحدين

والمعاندين (ومن الجبت والطاغوت) ...

(والشياطين) سائر خلفاء الجور والسلاطين.

(وحزبهم) اتباعهم.

(الظالمين لكم والجاحدين لحقكم والغاصبين لإرثكم) من الإمامة والفئ وفدك والعوالي والخمس والأنفال وصفو المال وغيرها.


والشاكين فيكم المنحرفين عنكم ومن كل وليجة دونكم وكل مطاع سواكم ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الشاكين فيكم) أي في إمامتكم كأنهم وإن لم يقولوا بإمامتهم ولكنهم يحتملونها وفي بعض النسخ بالواو وهو أظهر

(المنحرفين) أي المايلين والعادلين

(عنكم) إلى غيركم من أعداء الدين ومردة المنافقين

(ومن كل وليجة دونكم) الوليجة الدخيلة وخاصتك من الرجال

(ومن) تتخذه معتمدا عليه من غير أهلك والرجل يكون في القوم وليس منهم والمعنى أني لا أتخذ من غيرهم من أعتمد عليه في ديني وسائر أموري وأبرء من كل من أدخلوه معكم في الإمامة والخلافة وليس منكم وفيه إشارة إلى أن المؤمنين في قوله تعالى : (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) (١) هم الأئمة كما ورد في الأخبار وفسرها بعض المفسرين بالدخل قال أي دخلا وبطانة من المشركين يخالطوهم ويودونهم.

(ومن كل مطاع سواكم ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار) إشارة إلى قوله تعالى (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار (٢)) أي إلى الاعتقادات والأعمال الموصلة إلى النار أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة التوبة آية ١٦.

(٢) : سورة القصص آية ٤١.


فثبتني الله أبدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم ووفقني لطاعتكم ورزقني شفاعتكم وجعلني ممن يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن تلك الاعتقادات التي اعتقدوها في الدنيا والأعمال التي عملوها تكون نارا في القيامة يعذبون بها كما قال إنما هي أعمالكم

(فثبتني الله) تعالى

(أبدا) جملة دعائية

(ما حييت) أي مدة حياتي

(على موالاتكم) متعلق يثبتني

(ومحبتكم) وهي مرادفة للموالاة أو المراد بالموالاة المتابعة في الأقوال والأفعال والأعمال

(ودينكم ووفقني لطاعتكم) في الأقوال والأعمال في الدنيا

(ورزقني شفاعتكم) في الآخرة

(وجعلني ممن يقتص) أي يتبع

(آثاركم) قولا وفعلا

(ويسلك سبيلكم) وطريقكم الذي تسلكوه


ويهتدي بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكر في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكن في أيامكم وتقر عينه غدا برؤيتكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ويهتدي بهداكم) الذي هو هدى الله فإن الهدى هدى الله.

(ويحشر في زمرتكم) الزمرة بالضم الفوج والجماعة.

(ويكر في رجعتكم) الفعل كر يكر كمد يمد والكر الرجوع يقال كر وكر يتعدى بنفسه ولا يتعدى وفيه إشارة إلى رجوع خواص الشيعة في رجعتهم عليه السلام أي جعلني الله من خواص شيعتكم حتى أكر في رجعتكم.

(ويملك في دولتكم) أي جعلني الله ممن يصير ملكا لإعلاء كلمته وإظهار دينه في دولتكم فإن خواص شيعتهم يصيرون ملوكا في دولتهم.

(ويشرف في عافيتكم) بالقاف أو الفاء أي من يصير شريفا معظما في عاقبة أمركم وهي دولتكم وأيام ظهوركم أو في زمان سلامتكم من الأعادي.

(ويمكن في أيامكم) أي يجعل له التمكين والاستيلاء.

(وتقر عينه غدا برؤيتكم) وفيه إشارة إلى نهاية قربه كما قال تعالى (إنهم يرونه بعيدا) (ونراه قريبا) (١).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة المعارج آية ٦ ـ ٧.


بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي من أراد الله بدء بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم إليه موالي لا أحصي ثنائكم)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(بأبي أنتم) أي مفديون أو أفديكم بأبي.

(وأمي ونفسي وأهلي ومالي من أراد الله بدأ بكم) أي من لم يبدأ بكم فلم يرد الله بل أراد الشيطان إذ لا يمكن الوصول إلى معارفه تعالى ومرضاته إلا باتباعكم في العقائد والأقوال والأعمال.

(ومن وحده قبل عنكم) أي من لم يقبل عنكم فليس بموحد بل هو مشرك وإن أظهر التوحيد أو كل من يقول بتوحيد الله يقبل قولكم فإن البرهان كما يدل على التوحيد يدل على وجوب إمامتكم وخلافتكم أو أن حقيقة التوحيد إنما عرفت منكم فمن لم يقبل العلوم منكم لم يعرف التوحيد.

(ومن قصده توجه بكم إليه) إذا أنتم وجه الله الذي به يتوجه به وباب الله الذي منه يؤتى.

(موالي) منادى جمع مولى.

(لا أحصي ثنائكم) كما أنه لا يمكن إحصاء الثناء على الله كما قال (سبحانك لا أحصي ثنائي عليك أنت كما أثنيت على نفسك) إذ هم مظاهر صفات الله وأسمائه ولا يمكن لغيرهم معرفة كمالاتهم كما (روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم


ولا أبلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال) يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت وما عرفني إلا الله وأنت وما عرفك إلا الله وأنا وكذا الكلام في قوله.

(ولا أبلغ من المدح كنهكم ولا من الوصف قدركم) في حديث الرضا عليه السلام في وصف الإمام الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب من له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره هيهات هيهات ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وخسأت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وحصرت الخطباء وجهلت الألباء وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعيت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله وأقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف بكله أو ينعت بكنهه أو يفهم شئ من أمره أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه بلا كيف وأنى وهو بحيث النجم من يد المتناولين ووصف الواصفين الحديث.

(وأنتم نور الأخيار) أي كيف أحصي ثنائكم وأمدحكم كنه مدحكم واصف قدركم والحال.

(إنكم نور الأخيار) أي معلموهم وهادوهم مع أنه لا يمكن معرفة الأخيار من النبيين والمرسلين والملائكة المقربين أو أنتم كالشمس من بينهم فكما أن البصر عاجز عن رؤية الشمس


وهداة الأبرار وحجج الجبار بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كذلك البصيرة عاجزة عن إدراك مراتب شمس كمالكم وصفاتكم.

(وهداة) الشيعة.

(الأبرار وحجج الملك الجبار بكم فتح الله) الوجود أو الخلافة أو جميع الخيرات والإفاضات أو بكم خلق الله إذ لو لاكم لما خلقت سماء (مبنية ولا أرض مدحية ولا شمس مضيئة ولا قمر منير ولا ريح تسير) ولا غير ذلك والباء تحتمل السببية والصلة.

(وبكم ينزل الغيث) كما ورد في الأخبار أو بدعائهم.

(وبكم يختم) أي دولتكم آخر الدول أو الدولة في الآخرة أيضا لكم.

(وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض) مع حصول أسباب ذلك من أقوال الخلق وأفعالهم الموجبة لذلك من أداء الولد والصاحبة لله تعالى واتخاذ الآلهة الباطلة كما قال تعالى (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا (١)) (أن دعوا للرحمن ولدا (٢)).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١ ـ ٢) : سورة مريم آية ٩٠ ـ ٩١.


إلا بإذنه وبكم ينفس اللهم ويكشف الغم ويرفع الضر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله (إلا بإذنه) يعني عند قيام الساعة أو في كل وقت يريده تعالى ويأذن فيه.

(وبكم ينفس الهم ويكشف الغم ويرفع الضر) وفي بعض النسخ وبكم يكشف الضر وروى الصدوق في الإكمال بإسناده عن الرضا عليه السلام قال نحن حجج الله في أرضه وخلفائه في عباده وأمنائه على سره ونحن كلمة التقوى والعروة الوثقى ونحن شهداء الله وأعلامه في بريته بنا يمسك السماوات والأرض أن تزولا وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة لا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهل وعن الصادق عليه السلام قال إن الكواكب جعلت في السماء أمانا لأهل السماء فإذا ذهبت نجوم السماء جاء أهل السماء (ما كانوا يوعدون) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل أهل بيتي أمانا لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمتي (ما كانوا يوعدون) وعن السجاد عليه السلام قال نحن أئمة المسلمين وحجج الله على العالمين وسادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين وموالي المؤمنين ونحن أمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبنا يمسك الأرض أن تمور بأهلها وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة وتخرج بركات الأرض الحديث.
وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته وإلى جدكم بعث الروح الأمين أتاكم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وعندكم ما نزلت به رسله) من الصحف الإلهية والكتب السماوية والعلوم الربانية والأسرار الحقانية

(وهبطت به ملائكته) تفسير لما قبلها كما تقدم في أحوالهم

(وإلى جدكم بعث الروح الأمين) جبرائيل وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقل (وإلى أخيك بعث الروح الأمين

(أتاكم الله) من العلوم الربانية والمعارف الحقانية والأسرار الإلهية والفضائل النفسانية والأخلاق الملكوتية

(ما لم يؤت أحدا من العالمين) عدا جدكم سيد المرسلين إن لم يكن داخلا في الخطاب فيهم (عن) يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل (اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون (١)) قال هم الأئمة وعن الزيات قال قلت للرضا عليه السلام ادع لي ولأهل بيتي فقال أولست أفعل والله إن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة التوبة آية ١٠٥.


...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعمالكم لتعرض علي كل يوم وليله قال فاستعظمت ذلك فقال لي أما تقرأ كتاب الله عز وجل (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام وفي قرائتهم إنها والمأمونون وعنهم إن عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى والزبور الذي أنزل على داود وكل كتاب نزل فهو عند أهل البيت ونحن هم وعن الباقر عليه السلام قال إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة العين وعندنا نحن من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف عند الله تبارك وتعالى استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وعن الصادق عليه السلام قال إن عيسى بن مريم أعطي حرفين كان يعمل بهما وأعطي موسى أربعة أحرف وأعطي إبراهيم ثمانية أحرف وأعطي نوح خمسة عشر حرفا وأعطي آدم خمسة وعشرين حرفا وإن الله تبارك وتعالى جمع ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وإن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا أعطى محمدا صلى الله عليه وآله وسلم اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرفا واحدا وعن الباقر عليه السلام قال لو كان
...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لألسنتكم أوكية لحدثت كل امرء بما له وعليه وعن ابن جبل عن الصادق عليه السلام قال كنا ببابه فخرج علينا أقوام شبه الزط عليهم أزر وأكسية فسألنا أبا عبد الله عليه السلام فقال هؤلاء إخوانكم من الجن وفي رواية أخرى يأتوننا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم وعن خيثمة الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول نحن جنب الله ونحن صفوته ونحن خيرته ونحن مستودع مواريث الأنبياء ونحن أمناء الله عز وجل ونحن حجة الله ونحن أركان الإيمان ونحن دعائم الإسلام ونحن رحمة الله على خلقه ونحن من بنا يفتح وبنا يختم ونحن أئمة الهدى ونحن مصابيح الدجى ونحن منار الهدى ونحن السابقون ونحن الآخرون ونحن العلم المرفوع للخلق من تمسك بنا لحق ومن تأخر عنا غرق ونحن قادة الغر المحجلين ونحن خيرة الله ونحن الطريق الواضح والصراط المستقيم إلى الله ونحن من نعمة الله عز وجل على خلقه ونحن المنهاج ونحن معدن النبوة ونحن موضع الرسالة ونحن الذين إلينا تختلف الملائكة ونحن السراج لمن استضاء بنا ونحن السبيل لمن اهتدى بنا ونحن الهداة إلى الجنة ونحن عرى الإسلام ونحن السنام الأعظم ونحن الذين أنزل الله عز وجل بنا الرحمة وبنا تسقون الغيث ونحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب فمن


طأطأ كل شريف لشرفكم وبخع كل متكبر لطاعتكم وخضع كل جبار لفضلكم وذل كل شئ لكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عرفنا وأبصرنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا.

(طأطأ) أي خضع وخفض (كل شريف لشرفكم) أي لأجله إذ لم يصل إليه يقال طأطأ رأسه أي خفضه.

(وبخع) بالباء الموحدة والخاء المعجمة أي خضع.

(كل متكبر لطاعتكم) أي فيها أو لأجلها أو لأجل إطاعتكم الله تعالى يقال بخع بالحق بخوعا أقر به وخضعه به كبخع بالكسر بخاعة وفي بعض النسخ بالنون يقال نخع لي بحقي كمنع أي أقر.

(وخضع كل جبار) أي متجبر (لفضلكم) أي لأجله.

(وذل كل شئ لكم) بقدرة الله تعالى وخضوع الخلفاء الجبارة لهم وتذلل الأسود والحيوانات بين يديهم في الآثار مشهورة وفي كتب الأخبار مسطورة وقد ذكرنا جملة منها في كتابنا جلاء العيون في بيان أحوالهم عليهم السلام (ومن) ذلك ما روى أن الرشيد لما أراد قتل موسى الكاظم عليه السلام أرسل إلى عماله في الأطراف فقال التمسوا لي قوما لا يعرفون الله استعين بهم في مهم لي فأرسلوا إليه قوما يقال لهم العبدة فلما قدموا عليه وكانوا خمسين رجلا أنزلهم في بيت من داره قريب من المطبخ ثم حمل إليهم المال


وأشرقت الأرض بنوركم وفاز الفائزون بولايتكم بكم يسلك إلى الرضوان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والثياب والجواهر والأشربة والخدم ثم استدعاهم وقال من ربكم فقالوا ما نعرف ربا وما سمعنا بهذه الكلمة فخلع عليهم ثم قال للترجمان قل لهم إن لي عدوا في هذه الحجرة فادخلوا إليه وقطعوه فدخلوا بأسلحتهم على الكاظم عليه السلام والرشيد ينظر ماذا يفعلون فلما رأوه رموا أسلحتهم وخروا له سجدا فجعل موسى عليه السلام يمر يده على رؤوسهم وهم منكسون وهو يخاطبهم بألسنتهم فلما رأى الرشيد ذلك غشي عليه وصاح بالترجمان أخرجهم فأخرجهم يمشون القهقري إجلالا لموسى عليه السلام ثم ركبوا خيولهم وأخذوا الأموال ومضوا.

(وأشرقت الأرض بنوركم) أي بنور وجودكم فإنه لولاكم لما أوجدت هي وغيرها من الموجودات أو أشرقت قلوب أهل الأرض بنور هدايتكم وأفرد النور لأنهم نور واحد كما تقدم أو يكون إشارة إلى قوله تعالى (وأشرقت الأرض بنور ربها (١)) فإنهم نور الله تعالى كما سبق.

(وفاز الفائزون بولايتكم) أي لسبب اعتقاد إمامتكم ومحبتكم ومتابعتكم (بكم) دون غيركم (يسلك) إلى الطريق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الزمر آية ٦٩.


وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي ذكركم في الذاكرين وأسماؤكم في الأسماء وأجسادكم في الأجساد وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الرضوان) أي رضاء الله تعالى الذي هو أعظم الدرجات كما قال تعالى : (ورضوان من الله أكبر) (١).

(وعلى من جحد ولايتكم) وأنكر إمامتكم وخلافتكم ووجوب طاعتكم (غضب الرحمن) الذي هو أعظم أنواع العذاب.

(بأبي أنتم) أي مفديون أو أفديكم.

(بأبي وأمي ونفسي وأهلي ومالي ذكركم في الذاكرين وأسمائكم في الأسماء وأجسادكم في الأجساد وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور) هذه الفقرات تحتمل معان الأول أن يكون المعنى أن ذكركم وإن كان في الظاهر مذكورا بين الذاكرين بأن يذكروكم ويذكروا غيركم وتذكر أسمائكم في أسمائهم بأن يقولوا محمدا وعلي وهكذا وكذا البواقي إلا أنه لا نسبة بين ذكركم وذكر غيركم ولا بين أسمائكم وأسماء غيركم وكذا البواقي بقرينة قوله بعد ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة التوبة آية ٧٢.


فما أحلى أسمائكم وأكرم أنفسكم وأعظم شأنكم وأجل خطركم وأوفى عهدكم وأصدق وعدكم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(فما أحلى أسمائكم وأكرم أنفسكم وأعظم شأنكم) أي رتبتكم وأمركم.

(وأجل خطركم) أي قدركم وعظمتكم.

(وأوفى عهدكم وأصدق وعدكم) ويمكن تطبيق هذه الفقرات على الفقرات الأولى بأدنى تكلف مع أنه لا حاجة إلى ذلك إذ مجموع هذه الفقرات في مقابلة مجموع تلك وبالجملة فحاصل المعنى أن ما يذكر ويسمى ويتكلم به فهو غير خارج عن خالق ومخلوق وأسمائكم وأنفسكم وأرواحكم وأجسادكم وسائر أفعالكم وأحوالكم وأطواركم وأخلاقكم وإن كانت من جملة المخلوقات وداخلة في جملتها إلا أن لها كمال الامتياز والسمو والعلو والرفعة والقدر والمنزلة بحيث لا نسبة بينها وبين غيرها وكونها من جملة غيرها لا تقتضي مساواتها لها كما قال من قال :

فإن تفق الأنام وأنت منهم

فإن المسك بعض دم الغزال

وهذا المعنى أحسن المعاني وأوضحها (الثاني) أن يكون المعنى إذا ذكر الذاكرون الله بمدح أو ثناء فأنتم داخلون فيهم لأنكم سادات الذاكرين وكذا إذا ذكرت الأسماء الشريفة والأوصاف المنيفة والأرواح الطيبة والأجساد الطاهرة والأنفس
...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السليمة والعقول المنيفة والأرواح الطيبة والأجساد الطاهرة والأنفس السليمة والعقول المستقيمة ونحو ذلك فأسمائكم وأرواحكم وأجسادكم ونفوسكم داخلة في ذلك لأنكم سادة السادات وقادة الهداة (الثالث) أن يكون المعنى أنه ينبغي أن يكون ذكركم مذكورا في السنة الذاكرين وكذا أسمائكم والباقي بمعنى أن من أراد أن يذكر أحدا بمدح فينبغي أن لا يذكر غيركم ومن أراد الثناء على الأسماء والأرواح والأجساد والنفوس فليس له أن يتجاوزكم إلى غيركم كما قال من قال :

إليكم وإلا تشد الركائب

ومنكم وإلا لا تصح المواهب

وفيكم وإلا فالحديث مزخرف

وعنكم وإلا فالمحدث كاذب

وهذا المعنى لا يخلو من لطف إلا أنه بعيد من اللفظ

(الرابع) أن يكون المعنى أن ذكركم وأسمائكم وأرواحكم وسائر ما ذكر بمنزلة المظروف وجميع ذلك من غيركم بمنزلة الظرف فشرافة هذه الأشياء منكم كشرافة المظروف على الظرف وامتيازه ولا يخلو من بعد (الخامس) أن يقرأ وأسمائكم وأرواح الخ مجرورا معطوفا على ضمير
كلامكم نور وأمركم رشد ووصيتكم التقوى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخطاب المجرور في ذكركم أي يذكركم الله تعالى في جنب الذاكرين فيكون من إضافة المصدر إلى المفعول فإذا ذكر الناس الذاكرين ذكركم الله تعالى في جنبهم وذكر أسمائكم ومدحها وكذا أرواحكم وأجسادكم في جنب ذكرهم لها كما ورد في تفسير قوله تعالى (ولذكر الله أكبر (١)) أي ذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه وهو العبد والله العالم بحقائق كلام أوليائه وأصفيائه وأحبائه وهم عليهم السلام.

(كلامكم نور) أي علم وهداية من الله أوله امتياز عن غيره كامتياز النور من الظلمة فإن كلامكم تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوق وما ترى في كثير من الروايات من عدم سلاسة الألفاظ وجزالة المعاني والتكرار ونحو ذلك فأما لأنه نقل بالمعنى أو لأنهم يكلمون الناس على قدر عقولهم وأفهامهم.

(وأمركم رشد) أي هداية إلى الصواب.

(ووصيتكم التقوى) كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار الواردة في وصيتهم حين وفاتهم فلم يزل كل منهم يقول لأهل بيته أوصيكم بتقوى الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة العنكبوت آية ٤٥.


وفعلكم الخير وعادتكم الإحسان وسجيتكم الكرم وشأنكم الحق والصدق والرفق وقولكم حكم وحتم ورأيكم علم وحلم وحزم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وفعلكم الخير) أي منحصر فيه فلا يصدر منهم شر أبدا.

(وعادتكم الإحسان) إلى البر والفاجر والصديق والعدو.

(وسجيتكم) أي طبيعتكم (الكرم) فإنهم أكرم الخلق طرا حتى صار الكرم لهم طبيعة وسجية.

(وشأنكم الحق) في المعارف والأحوال.

(والصدق) في الأقوال (والرفق) في المعاشرات والأفعال.

(وقولكم حكم) أي حكمة لأنكم أهل الحكمة ومنكم صدرت.

(وحتم) يجب اتباعه.

(ورأيكم علم) لا بظني وتخمين بل رأيكم علم إلهي وأهل الرأي هم المعولون على الظنون والقياسات والاستحسانات والتخمين والمصالح المرسلة كالحنفية ونحوهم.

(وحلم) لا سفه أو صادر عن عقل سليم يقال ذووا الأحلام أي ذوو العقول أي رأيكم رأي أولي العلم والحلم.

(وحزم) أي مضبوط متقن متيقن.


إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه بأبي أنتم وأمي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم وأحصي جميل بلائكم وبكم أخرجنا الله من الذل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(إن ذكر الخير كنتم أوله) لأن ابتداءه بكم ومنكم.

(وأنتم أصله) وأصل الوجود الذي هو مبدأ الخيرات ولولاكم لما خلقت الموجودات (وفرعه) حيث إن وجودكم نشأ من خير الله تعالى وفضله على عباده ورأفته بخلقه فأنتم فرع ذلك الخير وأن كمالاتكم العلية وأفعالكم المرضية فرع وجودكم الذي هو الأصل فأنتم الأصل والفرع.

(ومأواه) أي لا يوجد لا عندكم ولا يصدر إلا منكم.

(ومنتهاه) لأن كل خير يرجع بالآخرة إليكم لأنكم سببه أو أن الخيرات الكاملة النازلة من الله تعالى تنتهي إليكم وتنزل عليكم.

بأبي أنتم وأمي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم) أي كيف أقدر على وصف حسن وصفكم بأن يكون إضافة الحسن إلى الثناء من إضافة الصفة إلى الموصوف أي كيف أصف ثنائكم الحسن أو المعنى كيف أصف حسن ثنائكم على الله وتمجيدكم له.

(وأحصي جميل بلائكم) أي نعمتكم التي أنعم الله بها علينا والحال (إن بكم) أي بسببكم وبسبب وجودكم. إمامتكم وخلافتكم (أخرجنا الله من الذل) أي ذل الكفر
وفرج عنا غمرات الكروب وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار بأبي أنتم وأمي ونفسي بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والجهل إلى عز الإسلام والإيمان والعلم أو من ذل العذاب الدنيوي والأخروي.

(وفرج عنا غمرات) أي شدائد (الكروب) ومزدحماته من الكفر والظلم والجهل ونحوها.

(وأنقذنا) أي خلصنا ونجانا.

(من شفا جرف الهلكات) وشفا كنوى بالشين المعجمة والقصر الطرف والجانب والجرف بضم الجيم أو مع الراء الموضع الذي تجرفته السيول أي أكلت ما تحته والهلكات المهالك وأريد بها هنا الكفر والضلال والفسق والمعنى أنقذنا بكم حين كنا مشرفين على المهالك الكفر والضلال والفسق فهدانا بكم وخلصنا من تبعاتها.

(ومن النار بأبي أنتم وأمي ونفسي بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا) بأخباركم وآثاركم وأقوالكم وأفعالكم وأحوالكم وكل ما لم يخرج من بيتكم ومن عندكم فهو باطل عاطل.

(وأصلح ما كان فسد من دنيانا) فإن معرفة أمور الدين التي تتعلق بالمعاملات والمعاشرات بها ينتظم أمور الدنيا وبها يصلح نظام الخلق وأمور المعاش فضلا عن المعاد.


وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وبموالاتكم تمت الكلمة) أي كلمة التوحيد كما روى عن الرضا عليه السلام من قال (لا إله إلا الله دخل الجنة بشرطها وشروطها وأنا من شروطها) أو كلمة الإيمان إشارة إلى قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم).

(وعظمت النعمة علينا) إشارة إلى قوله تعالى حين نصب النبي وصيه امتثالا لقوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (١) (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (٢).

(وائتلفت الفرقة) الحاصلة بالآراء الفاسدة والمذاهب الكاسدة فحصل الائتلاف والاتفاق بوجوب الرجوع إليهم والأخذ عنهم والرد إليهم ومتابعتهم في أقوالهم وأفعالهم.

(وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة) علي بناء المفعول يقال افترضه الله أي أوجبه فإن طاعتهم من أصول الدين ولا يقبل الفرع بدون الأصل وقد تقدمت الأخبار الدالة على أن الأعمال لا تقبل بدون ولايتهم ومنها قول الباقر عليه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة المائدة آية ٦٧.

(٢) : سورة المائدة آية ٣.


ولكم المودة الواجبة والدرجات الرفيعة والمقام المحمود

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام كل من دان لله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله عز وجل فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئ لعمله الحديث.

(ولكم المودة الواجبة) إشارة إلى قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وقوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا (١)) فعن الباقر عليه السلام في قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (٢)) قال هم الأئمة وورد في (الآية الثانية) أنها نزلت فيهم.

(والدرجات الرفيعة) في الآخرة.

(والمقام المحمود) إشارة إلى قوله تعالى (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (٣) وهو مقام الشفاعة الكبرى كما روي عن الصادق عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخر ساجدا في القيامة فيمكث ما شاء الله فيقول الله عز وجل ارفع رأسك واشفع تشفع واسأل تعط وذلك قوله (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة مريم آية ٩٦.

(٢) : سورة الشورى آية ٢٣.

(٣) : سورة الإسراء آية ٧٩.


والمقام المعلوم عند الله عز وجل والجاه العظيم والشأن الكريم والشفاعة المقبولة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(والمقام المعلوم) وفي بعض النسخ والمكان المعلوم أي المعلوم في القرب والكمال إشارة إلى قوله تعالى (وما منا إلا له مقام معلوم) (١).

(والجاه العظيم والشأن الكريم والشفاعة المقبولة) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال أتاني جبرائيل وهو فرح مستبشر فقلت حبيبي جبرائيل مع ما أنت فيه من الفرح ما منزلة أخي وابن عمي علي ابن أبي طالب عليه السلام عند ربه فقال والذي بعثك بالنبوة واصطفاك بالرسالة ما هبطت في وقتي هذا إلا لهذا يا محمد الله العلي الأعلى يقرئكما السلام (وقال) محمد نبي رحمتي وعلي مقيم حجتي لا أعذب من والاه وإن عصاني ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني (ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرائيل ومعه لواء الحمد وهو سبعون شقة الشقة منه أوسع من الشمس والقمر وأنا على كرسي من كراسي الرضوان فوق منبر من منابر القدس فأخذه وادفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فوثب الثاني وقال يا رسول الله وكيف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة الصافات آية ١٦٤.


ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يطيق علي حمل اللواء وقد ذكرت أنه سبعون شقه الشقة منه أوسع من الشمس والقمر فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليا من القوة مثل قوة جبرائيل ومن النور مثل نور آدم ومن الحلم مثل حلم رضوان ومن الجمال مثل جمال يوسف ومن الصوت ما يداني صوت داود لولا أن يكون داود خطيبا لعلي في الجنان لأعطي مثل صوته وأن عليا أول من يشرب من السلسبيل والزنجبيل لا يجوز لعلي قدم على الصراط إلا وثبتت له مكانها أخرى وأن لعلي وشيعته من الله مكانا يغبطه به الأولون والآخرون.

(ربنا آمنا بما أنزلت) في علي من الولاية إشارة إلى قوله تعالى (بلغ ما أنزل إليك) (١) أو الأعم من ذلك (واتبعنا الرسول) في ما أمرنا به من ذلك وفي بعض النسخ وآل الرسول (فاكتبنا مع الشاهدين) الذين آمنوا بذلك عن شهود وحضور أو اكتبنا مع أئمتنا فإنهم شهداء الله على خلقه كما تقدم.

(ربنا لا تزغ) أي لا تمل (قلوبنا) إلى الباطل (بعد إذ هديتنا) إلى الحق (وهب لنا من لدنك رحمة) في الدنيا والآخرة وأن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة المائدة آية ٦٧.


سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا يا ولي الله إن بيني وبين الله عز وجل ذنوبا لا يأتي عليها إلا رضاكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كنا غير مستوجبين لذلك وغير مستحقين لما هنالك (إنك أنت الوهاب) بلا استحقاق (وفي حديث الكاظم عليه السلام) مع هشام يا هشام إن الله حكى عن قوم صالحين إنهم قالوا ربنا لا تزغ قلوبنا الخ حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عمائها وردائها.

(سبحان ربنا) أي منزه ربنا تنزيها عمالا يليق به فسبحان منصوب على المصدرية لفعل محذوف.

(إن كان) أن مخففة من المثقلة.

(وعد ربنا لمفعولا) أي ما وعده ربنا لنا من إجابة الدعوات وتضعيف المثوبات مفعول واقع (لا يخلف الله وعده.

(يا ولي الله) المخاطب هو الإمام الحاضر الذي يزوره أو يقصده بالزيارة أو المراد جميع الأئمة بشمول الجنس له ويؤيد الإتيان بلفظ الجمع بعد ذلك (أن بيني وبين الله عز وجل ذنوبا لا يأتي عليها إلا رضاكم) أي لا يذهبها ولا يمحوها إلا رضاكم عنا وشفاعتكم لنا يقال أتى عليه الدهر أي أهلكه أي لا يهلكها ولا يمحوها إلا رضاكم.


فبحق من ائتمنكم على سره واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(فبحق من ائتمنكم) أي جعلكم أمناء (على سره) من العلوم الإلهية والمعارف الربانية والمكاشفات الغيبية والحقائق الحقانية.

(واسترعاكم أمر خلقه) أي جعلكم أئمة ودعاة لأمور الخلائق من المعارف والأعمال وجعل الخلق رعية لكم.

(وقرن طاعتكم بطاعته) حيث قال (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (١)) وقال تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله (٢)) والنكتة في تكرار الفعل في الآية الأولى بالنسبة إلى الرسول وعدم تكراره بالنسبة إلى أولي الأمر أنه لما كان بين الله والرسول كمال المباينة مباينة الخالق والمخلوق فصل بينهما بالفعل ولما كان بين الرسول وأولي الأمر كمال المناسبة والاتحاد لم يفصل بينهما بالفعل ومن المعلوم أن الله سبحانه لا يأمر المؤمنين وسيما العلماء الفضلاء الصلحاء الأتقياء بإطاعة كل ذي أمر وحكم لأن فيهم الفساق والظلمة ومن يأمر بمعاصي الله وينهى عن طاعته فيجب أن يكون المراد بأولي الأمر الذين أمر الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النساء آية ٥٩.

(٢) : سورة النساء آية ٨٠.


لما استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي فإني لكم مطيع من أطاعكم فقد أطاع الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بطاعتهم الأئمة المعصومين من الزلل المفطومين من الخلل الذين هم مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومثل هذا لا يكون منصوبا إلا من الله العالم بالسرائر المطلع على الضمائر وليس ذلك متحققا في غيرهم اتفاقا.

(لما استوهبتم ذنوبي) كلمة لما يحتمل أن تكون مشددة إيجابية بمعنى إلا أي أسألكم وأقسم عليكم في جميع الأحوال إلا حال استيهاب الذنوب الذي هو وقت حصول المطلوب ويحتمل أن يكون مخففة واللام لتأكيد القسم وما زائدة للتأكيد.

(وكنتم شفعائي) في الدنيا والآخرة.

(فإني لكم مطيع) في الجملة أو قائل مقر معتقد بوجوب طاعتكم وإن صدرت مني مخالفتكم.

(من أطاعكم فقد أطاع الله) لأن الله تعالى هو الذي أمر بطاعتكم وأوجب علينا متابعتكم فمن أطاعكم فقد أطاعه كما قال تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله (١)) وكذا الكلام في قوله :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) : سورة النساء آية ٨٠.


ومن عصاكم فقد عصى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم فقد أبغض الله اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ومن عصاكم فقد عصى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم فقد أبغض الله اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك) وأعظم عندك منزلة وأقرب لديك مرتبة (من محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المصطفين الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي (إليك ولكني لم أجد أحدا من العالمين أفضل منهم عندك وأقرب منهم لديك لا من ملك مقرب ولا من نبي مرسل فلهذا أقدمهم طلبتي وحوائجي دون غيرهم فروي عنهم أنهم قالوا نزهونا عن الربوبية وادفعوا عنا حظوظ البشرية يعني الحظوظ التي تجوز عليكم فلا يقاس بنا أحد من الناس فإنا نحن الأسرار الإلهية المودعة في الهياكل البشرية والكلمة الربانية الناطقة في الأجساد الترابية وقولوا بعد ذاك ما استطعتم فإن البحر لا ينزف وعظمة الله لا توصف وعن ابن عباس قال رأيت جابر بن عبد الله متوكئا على عصى يدور في سكك الأنصار ويقول يا معاشر الأنصار أدبوا أولادكم بحب علي فمن أبى فانظروا في حال أمه وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا علي من أحبك فقد أحبني ومن سبك فقد سبني يا
...........................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علي أنت مني وأنا منك روحك من روحي وطينتك من طينتي وإن الله سبحانه خلقني وإياك واصطفاني وإياك واختارني للنبوة واختارك للإمامة فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي يا علي أنت وصيي وخليفتي أمرك أمري ونهيك نهي أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنك حجة الله على خلقه وأمينه على وحيه وخليفته على عباده وأنت مولى كل مسلم وإمام كل مؤمن وقائد كل تقي وبولايتك صارت أمتي مرحومة وبعداوتك صارت الفرقة المخالفة منها ملعونة وأن الخلفاء من بعدي اثنا عشر أنت أولهم وآخرهم القائم عجل الله فرجه الذي يفتح الله به مشارق الأرض ومغاربها كأني أنظر إليك وأنت واقف على عجز جهنم وقد تطاير شررها وعلا زفيرها واشتد حرها وأنت آخذ بزمامها فتقول لك جهنم أجرني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي فتقول لها قري يا جهنم خذي هذا واتركي هذا وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله عز وجل أمرني أن أقيم عليا إماما وحاكما وخليفة وأن اتخذه أخا ووزيرا ووليا وهو صالح المؤمنين أمره أمري وحكمه حكمي وطاعته طاعتي فعليكم بطاعته واجتناب معصيته فإنه صديق هذه الأمة وفاروقها ومحدثها وهارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها وباب حطتها وسفينة نجاتها وطالوتها وذو قرنيها ألا وإنه محنة الورى والحجة العظمى والعروة الوثقى وإمام أهل الدنيا


فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإنه مع الحق والحق معه وإنه قسيم الجنة فلا يدخلها عدو له ولا يزحزح عنها ولي له وقسيم النار فلا يدخلها ولي له ولا يزحزح عنها عدو له ألا وإن ولاية علي ولاية الله وحبه عبادة الله واتباعه فريضة الله وأولياءه أولياء الله وأعداءه أعداء الله وحربه حرب الله وسلمه سلم الله وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال يوما ما بال قوم إذا ذكر إبراهيم وآله إبراهيم استبشروا وإذا ذكر آل محمد اشمأزت قلوبهم فوالذي نفس محمد بيده لو جاء أحدكم بأعمال سبعين نبيا ولم يأت بولاية أهل بيتي لدخل النار صاغرا وحشر في جهنم خاسرا أيها الناس نحن أصل الإيمان وتمامه ونحن وصية الله في الأولين والآخرين ونحن قسم الله الذي أقسم بنا فقال : (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين) ولولانا لم يخلق الله خلقا ولا جنة ولا نارا.

(فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك) من عدم رد شفاعتهم ومن استجابة دعائهم بل استجابة دعاء من توسل واستشفع بهم (أسألك أن تدخلني في جملة العارفين) كمال المعرفة الممكنة في حقي (بهم) أي بإمامتهم (وبحقهم) من وجوب محبتهم ومتابعتهم وإطاعتهم.

(وفي زمرة) أي جماعة.


المرحومين بشفاعتهم إنك أرحم الراحمين صلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله نعم الوكيل)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(المرحومين بشفاعتهم إنك أرحم الراحمين) إشارة إلى أن ذلك غير واجب لي باستحقاق بل برحمتك وكرمك.

(وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل) ولنقصر الكلام في هذا المقام حامدين لله مصلين على سيد أنبياء الله وعترته الطاهرين صفوة الله معترفين بالتقصير والقصور عن أداء أقل ما ينبغي في هذا الشرح من الواجب المقدور فإني كتبت هذه الوريقات مع تبلبل البال وتفاقم الأحوال وقصور الباع في أيام قلائل وقلة التتبع والاطلاع وحقارة البضاعة وكثرة الإضاعة وأسأل الله العفو عن زلاتي والمسامحة لخطيئاتي والغفران لذنوبي والستر لعيوبي والحشر مع أئمتي وساداتي وأن لا يفرق بيني وبينهم طرفة عين في الدنيا والآخرة بحق محمد وآله الخيرة المصطفين.

الأنوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

المؤلف:
الصفحات: 204