• الفهرس
  • عدد النتائج:

عطية : وإذا تأملت حال أبي جهل ونظرائه ، وما ثبت لهم في الدنيا من سوء الأخروية ، رأيت أنهم قد وسموا على الخراطيم. انتهى. وقال أبو العالية ومقاتل ، واختاره الفراء : يسود وجهه قبل دخول النار ، وذكر الخرطوم ، والمراد الوجه ، لأن بعض الوجه يؤدي عن بعض. وقال أبو عبد الله الرازي : إنما بالغ الكافر في عداوة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسبب الأنفة والحمية ، فلما كان شاهد الإنكار هو الأنفة والحمية ، عبر عن هذا الاختصاص بقوله : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ). انتهى كلامه. وفي استعارة الخرطوم مكان الأنف استهانة واستخفاف ، لأن حقيقة الخرطوم هو للسباع. وتلخص من هذا أن قوله : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) ، أهو حقيقة أم مجاز؟ وإذا كان حقيقة ، فهل ذلك في الدنيا أو في الآخرة؟ وأبعد النضر بن شميل في تفسيره الخرطوم بالخمر ، وأن معناه سنحده على شربها.

ولما ذكر المتصف بتلك الأوصاف الذميمة ، وهم كفار قريش ، أخبر تعالى بما حل بهم من الابتلاء بالقحط والجوع بدعوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» الحديث ، كما بلونا أصحاب الجنة المعروف خبرها عندهم. كانت بأرض اليمن بالقرب منهم قريبا من صنعاء لرجل كان يؤدي حق الله منها ، فمات فصارت إلى ولده ، فمنعوا الناس خيرها وبخلوا بحق الله تعالى ، فأهلكها الله تعالى من حيث لم يمكنهم دفع ما حل بهم. وقيل : كانت بصوران على فراسخ من صنعاء لناس بعد رفع عيسى عليه‌السلام ، وكان صاحبها ينزل للمساكنين ما أخطأه المنجل وما في أسفل الأكراس وما أخطأه القطاف من العنب وما بقي على السباط تحت النخلة إذا صرمت ، فكان يجتمع لهم شيء كثير. فلما مات قال بنوه : إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر ونحن أولو عيال ، فحلفوا (لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) في السدف خفية من المساكين ، ولم يستثنوا في يمينهم ؛ والكاف في (كَما بَلَوْنا) في موضع نصب ، وما مصدرية. وقيل : بمعنى الذي ، وإذ معمول لبلوناهم ليصر منها جواب القسم لا على منطوقهم ، إذ لو كان على منطوقهم لكان لنصر منها بنون المتكلمين ، والمعنى : ليجدن ثمرها إذا دخلوا في الصباح قبل خروج المساكين إلى عادتهم مع أبيهم. (وَلا يَسْتَثْنُونَ) : أي ولا ينثنون عن ما عزموا عليه من منع المساكين. وقال مجاهد : معناه : لا يقولون إن شاء الله ، بل عزموا على ذلك عزم من يملك أمره. وقال الزمخشري : متبعا قول مجاهد : ولا يقولون إن شاء الله. فإن قلت : لم سمي استثناء ، وإنما هو شرط؟ قلت : لأنه يؤدي مؤدّى الاستثناء من حيث أن معنى قولك : لأخرجن إن شاء الله ، ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد. انتهى.