• الفهرس
  • عدد النتائج:

بدل. قال الزمخشري : وإذ بدل اشتمال منه. وقرأ الجمهور : (أَنِّي) بفتح الهمزة ، وعيسى : بكسرها ، وجاء بضمير التكلم حكاية لكلامه الذي ناداه بسببه ، ولو لم يحك لقال : إنه مسه ، لأنه غائب ، وأسند المس إلى الشيطان. قال الزمخشري : لما كانت وسوسته إليه وطاعته له فيما وسوس سببا فيما مسه الله به من النصب والعذاب ، نسبه إليه وقد راعى الأدب في ذلك حيث لم ينسبه إلى الله في دعائه ، مع أنه فاعله ، ولا يقدر عليه إلا هو. وقيل : أراد ما كان يوسوس به إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به البلاء ، فالتجأ إلى الله في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء ، أو بالتوفيق في دفعه ورده بالصبر الجميل. وذكر في سبب بلائه أن رجلا استغاثه على ظالم ، فلم يغثه. وقيل : كانت مواشيه في ناحية ملك كافر ، فداهنه ولم يفده. وقيل : أعجب بكثرة ماله. انتهى.

ولا يناسب مناصب الأنبياء ما ذكره الزمخشري من أن أيوب كانت منه طاعة للشيطان فيما وسوس به ، وأن ذلك كان سببا لما مسه الله به من النصب والعذاب ، ولا أن رجلا استغاثه على ظالم فلم يغثه ، ولا أنه داهن كافرا ، ولا أنه أعجب بكثرة ماله. وكذلك ما رووا أن الشيطان سلطه الله عليه حتى أذهب أهله وماله لا يمكن أن يصح ، ولا قدرة له على البشر إلا بإلقاء الوساوس الفاسدة لغير المعصوم. والذي نقوله : أنه تعالى ابتلى أيوب عليه‌السلام في جسده وأهله وماله ، على ما روي في الأخبار. وروى أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أن أيوب بقي في محنته ثماني عشرة سنة يتساقط لحمه حتى مله العالم ، ولم يصبر عليه إلا امرأته ، ولم يبين لنا توالي السبب المقتضي لعلته. وأما إسناده المس إلى الشيطان ، فسبب ذلك أنه كان يعوده ثلاث من المؤمنين ، فارتد أحدهم ، فسأل عنه فقيل : ألقى إليه الشيطان أن الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين ، فحينئذ قال : (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) ، نزل لشفقته على المؤمنين.

مس الشيطان ذلك المؤمن حتى ارتد منزلة مسه لنفسه ، لأن المؤمن الخير يتألم برجوع المؤمن الخير إلى الكفر ؛ ولذلك جاء بعده : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) ، حتى يغتسل ويذهب عنه البلاء ، فلا يرتد أحد من المؤمنين بسبب طول بلائه ، وتسويل الشيطان أنه تعالى لا يبتلي الأنبياء. وقيل : أشار بقوله : (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) إلى تعريضه لامرأته ، وطلبه أن تشرك بالله ، وكأنه بتشكي هذا الأمر كان عليه أشدّ من مرضه. وقرأ الجمهور : (بِنُصْبٍ) ، بضم النون وسكون الصاد ، قيل : جمع نصب ، كوثن ووثن ؛ وأبو جعفر ، وشيبة ، وأبو عمارة عن حفص ، والجعفي عن أبي بكر ، وأبو معاذ عن نافع : بضمتين ،