وأرسلها إلى إسلامبول كأنه أمر بذلك من طرف الدولة العلية.
ثم شرع المترجم يقري الصحيح يوم الاثنين في الجامع الأموي لا يقرر إلا بالتركية خلافا لعادته في المدرسة الرضائية ، فقيل له في ذلك فقال : عندكم في هذه البلدة قوم من الطلبة يقصدون إظهار فضلهم بين العوام فيوردون بعض إشكالات ، فإن أجبتهم لا يقنعون فيقع القيل والقال واللغط والجدال ، فسددناه بذلك الباب وقلنا : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. ولعمري لقد أصاب.
ولما كان أواخر ذي القعدة سنة إحدى وستين ومائة وألف يوم الخميس ختم تفسير سورة الفرقان وحصل له بكاء كثير حالة القراءة ، ثم ودع الجماعة الحاضرين وأوصاهم بتقوى الله وأن لا ينسوه من قراءة الفاتحة ، وذهب إلى بيته وما به بأس ، فانقطع في بيته ذلك اليوم وثانيه ، وصبيحة السبت حضر إلى المدرسة فلم يستطع القراءة ، فعاد إلى بيته ولازم الفراش ثمانية أيام ، وفي اليوم التاسع توفي إلى رحمة الله تعالى ودفن في الجبيل في أعلى مكان بقرب السور.
وأعقب أربعة أولاد ذكور منهم الأديب عبد الله الملقب بذهني الشاعر المشهور ، ومحمد فإنه ذهب إلى الروم ومنها لمصر وهو بها الآن جندي ، ومحمود وهو الآن ببلاد المغرب ، وإبراهيم. ا ه.
١٠٧٠ ـ عبد اللطيف الإدلبي الرمّال المتوفى سنة ١١٦٢
عبد اللطيف الحنفي الإدلبي الكاتب العارف بصنعة الرمل.
مولده تقريبا بعد العشرين من هذا القرن في إدلب الصغرى ونشأ بها ، ورحل إلى طرابلس الشام.
قدم حلب سنة خمس وخمسين ومائة وألف وقرأ على فضلائها ، منهم الشيخ طه الجبريني ، والسيد علي العطار وغيرهما. وكان يكتسب بالرمل لضعف حاله ، وله فيه معرفة تامة ، وشوهد له فيه أمور عجيبة ، منها أنه كان له انتساب ومحبة مع ابن الخنكارلي أحد أعيان حلب ، وكان المذكور مع مخدوم الوزير عبد الله باشا بجزيرة قبرس ، وصاحب الترجمة أراد أن يسبر من القواعد حال المذكور ، فظهر له أن محلا بمنزله في الجزيرة المذكورة متهدم