الحوادث التي جرت على جده أمير المؤمنين وعلى أبيه الإمام الحسين وعلى عمه الإمام الحسن عليهمالسلام ، وقد رأى خذلان الناس عن نصرة أبيه وحيدا ، فريدا ، عطشانا على شط الفرات هذه التجربة أثرت في نفسه وتعلم منها دروسا واقعية مؤلمة واستخلص عبرا كثيرة في معرفة نفوس الناس وأحوالهم وأسلوبهم ، ولم يكن للأئمة المعصومين : علي والحسن والحسين عليهمالسلام من سبيل أفضل مما فعلوه مع هذه الأمة ، فالأساليب التي اتبعوها والمواقف التي اتخذوها مع الناس لم يكن أمامهم غيرها ...
ولذلك لم يستجب الإمام زين العابدين لدعوة أهل العراق بالثورة ، وقد بيّن ذلك واتخذ موقفا حاسما واضحا تجاههم. نتلمس السبب في خطبته (ع) أمام أهل الكوفة بعد مقتل أبيه الإمام الحسين (ع) قال : « رحم الله امرءا قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله ورسوله وأهل بيته فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة. فقالوا بأجمعهم : نحن كلنا سامعون ، ومطيعون ، حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ، ولا راغبين عنك ، فمرنا بأمرنا يرحمك الله فإنّا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا ، فقال (ع) : هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم أتريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى آبائي من قبل!؟ كلا! فإن الجرح لما يندمل ، قتل أبي بالأمس وأهل بيتي معه ، ولم ينسني ثكل رسول الله (ص) وثكل أبي وبني أبي ، وجده بين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصصه تجري في فراش صدري ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا ثم قال :
لا غرو أن قتل الحسين فشيخه |
| قد كان خيرا من حسين وأكرما |
فلا تفرحوا يا أهل كوفان بالذي |
| أصاب حسينا كان ذلك أعظما |
قتيل بشط النهر روحي فداؤه |
| جزاء الذي أرداه نار جهنما |
كما نرى في عبارات الإمام السجاد (ع) :