فصل
لأبي علي البصير
إن الله قال وله المثل الأعلى ، خلق العباد وهو غني عنهم ، ليحسن إليهم ، وينعم ، ويتفضل عليهم ، وعرّفهم مصالحهم ، وحاطهم بالمكاره (١) التي يرونها (٢) مبثوثة جلالا لهم ، وجعل ما في الأرض مسخّرا لهم ، ثم رضي على ثواب ذلك بأن يحمدوه عليه ، وينسبوا الإحسان منه إليه ، ولم يرض لشاكر نعمته بما قدّم عنده منها دون أن أوجب له مزيدا. فقال : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (٣). فسمي التارك لشكره كافرا ، وأوعده على تركه عذابا شديدا.
وقرأت لابن عباد فصلا من كتاب له إلى فخر الدولة (٤) استحسنه جدا ، وهو :
لعل مولانا ـ أعز الله نصره وحفظ على الدنيا حلمه ـ تأمل في خادمه (٥) ـ وما أزال إليه ـ قول الله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) (٦). وإلّا فأين استحقاق (٧) الخدم من هذه النعم التي تغشي ناظر الفرقد ، وترد الثريا بطرف الأرمد.
وله من كتاب :
__________________
(١) في الأصل : (في المكاره).
(٢) في الأصل : (يدونها).
(٣) إبراهيم : ٧.
(٤) فخر الدولة : هو علي ابن ركن الدولة أمير تولى الري سنة ٣٦٦ ه انظر : معجم الأسرات الحاكمة ٢٧ ، طبقات سلاطين الإسلام ١٣٧.
(٥) في الأصل : (ظلمة).
(٦) الزخرف : ٥٩.
(٧) في الأصل : (استحقا).